رِجالكم (وَقَوله تَعَالَى) وشاهِد ومشهود (الشّاهد - النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام والمشهود - يَوْم الْقِيَامَة. أَبُو زيد: ألَته - يألتِه ألْتاً - سَأَلَهُ شَهَادَة مُحلّفاً لَهُ بِاللَّه وَالشُّهُود المَقانع - العُدول. أَبُو عبيد: كميتُ الشَّهَادَة - كتمْتُها. وَقَالَ: ضرحْت عني شَهَادَة الْقَوْم أضرَحُها ضرْحاً - إِذا جرّحْتها وألقَيتها عَنْك. أَبُو زيد: الضّرْح - الرميُ بالشَّيْء وَمِنْه الضّرْح باليدِ وَهُوَ كالرمح بالرِجل واضطرَحْت الشيءَ - رميت بِهِ. وَقَالَ: بلح بِشَهَادَتِهِ يبلَح بلْحاً - كتمها.
3 - (طلب الوضيعة فِي الْحق)
أَبُو زيد: استوضعته من حَقه واستسقَطْتُه واستخليته واستسلمته سَوَاء. وَقَالَ: هضم لَهُ من حَقه يهضِم هضْماً - ترك لَهُ مِنْهُ شَيْئا عَن طيبَة نفس.
3 - (السُّؤَال)
سَأَلَهُ يسْأَله سُؤالاً وَحكى أَبُو زيد اللَّهُمَّ أعطِنا سألاتِنا رَوَاهُ أَبُو عَليّ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وبلغنا أَن سِلْت تسال لُغَة فَأَما قَول حسّان: سالَتْ هذَيل رَسُول الله فَاحِشَة ضلّت هذَيل بِمَا سالَتْ وَلم تُصِب فَهَذَا على التخيف البدلي الضَّرُورِيّ وَلَيْسَ على سِلْت تسْأَل لِأَن هَذَا لَيْسَ من لغته. أَبُو زيد: سَأَلَهُ مسئلة والسؤْل - مَا سألْت. وَقَالَ: هما يتساوَلان. سِيبَوَيْهٍ: رجل سُوَلة من هَذِه اللُّغَة فَأَما قَوْلهم سلْ فعلى حذف الْهمزَة ورمْي حركتها على السَّاكِن واعتدّوا بالحركة الْعَارِضَة فبدءوا بهَا وَحكى أَبُو عُثْمَان أَنه سمع من الْعَرَب من يَقُول إسَلْ لم يعتَدّ بالحركة لِأَنَّهَا عارضة فاجتلب لَهَا ألف الْوَصْل كَمَا كَانَ يفعل لَو كَانَت الْفَاء سَاكِنة لأنهافي نِيَّة السّكُون. ابْن جني: من قَرَأَ) فإنّ لكُم مَا سئلْتم (أَخذه من لُغَة من قَالَ سِلْت تسال فِيمَن قَالَ هما يتساولان وَمن لُغَة من قَالَ سَأَلت تسْأَل فالكسرة للغة الأولى والهمز للغة الثَّانِيَة. ابْن السّكيت: النّقّاف - السَّائِل وخصّ بَعضهم بِهِ سَائل الْإِبِل وَالشَّاء وَأنْشد: إِذا جَاءَ نقّاف يعُدّ عِياله طَوِيل العَصا نكّبته عَن شِياهِيا أَبُو زيد: رغِبت إِلَيْهِ وَهِي الرّغْباء والرَغْبى والرُغْبى. الْأَصْمَعِي هِيَ الرّغَبوت والرّغبة والرُغْب. ابْن السّكيت: هُوَ الرُغب والرَغَب. أَبُو زيد: وَقد رغِبت فِي الْأَمر ورغّبَني فِيهِ حُسنه فَأَما رغِبت عَنهُ - فكرهْت ورغِب عَنهُ بِنَفسِهِ - رَأْي لَهُ عَلَيْهِ فضلا والرّغيبة - الْأَمر المرغوب فِيهِ وَمِنْه رغائب العطايا وَسَيَأْتِي ذكره. أَبُو عبيد: الهبَنْقع - الَّذِي يجلسُ على أَطْرَاف أَصَابِعه يسْأَل النَّاس. وَقَالَ: تعرّضتُ معروفَه ولمعروفه وعرضَ لَهُ الْخَيْر يعرِض عرْضاً وَأعْرض - بدا وكل مَا بدا فقد عرَض. وَقَالَ: جَاءَ فلَان يتضرّع لي ويتأرّض ويتأتّى ويتصدّى - أَي يتعرّض لي. ابْن السّكيت: تبرّيت لمعروفه - تعرّضْت وَأنْشد: وأهلةِ ودٍّ قد تبرّيْت ودّهُم وأبليتُهم فِي الْحَمد جُهدي ونائلي صَاحب الْعين: عشَوْت إِلَيْهِ - أَتَيْته طَالبا معروفه. أَبُو عبيد: فَإِن ألحّ عَلَيْك السَّائِل حَتَّى يُبرِمَك ويُملّك قلت أخجأني. صَاحب الْعين: الإلحاف - الإلحاح وَفِي التَّنْزِيل) لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافاً (. ابْن دُرَيْد: فلَان يزَغْدِب على النَّاس - إِذا كَانَ يُلحِف فِي المسئله. أَبُو زيد: أحفَيته - سَأَلته فَأَكْثَرت سؤالَه حَتَّى(3/412)
يشُقّ عَلَيْهِ وَالِاسْم الحَفوة. وَقَالَ: نحضْت الرجلَ أنحضُه نحْضاً - ألححت عَلَيْهِ فِي السُّؤَال من قَوْلهم نحضْت العظْم - إِذا قشَرْت مَا عَلَيْهِ من اللَّحْم. أَبُو عبيد: فَإِن أَكثر الأخْذ قلتَ أبلطَني فَإِن أَكثر عَلَيْهِ حَتَّى نفِد مَا عِنْده قيل رُغِثَ وثُمِد وشُفِه. ابْن السّكيت: نَحن نشفَه عَلَيْك المرتَع وَالْمَاء - أَي نشغَله عَنْك أَي هُوَ قَدرنَا لَا فضل فِيهِ وَمِنْه قَول قُتَيْبَة حِين اعتذر إِلَى رؤبة المالُ مشفوهُ الجُند. صَاحب الْعين: طَعَام مشفوه - قَلِيل. أَبُو زيد: ركيّة مشفوهة - كَثِيرَة الشاربة وَقد شُفِه مَا عندنَا شفْهاً وشُفِه - أَي شُغِل. أَبُو عبيد: المضعوف كالمشفوه - تضافّوا على المَاء - كَثُرُوا عَلَيْهِ. أَبُو زيد: عُجِز الرجل - مثل ثُمِد. صَاحب الْعين: رجل مكثور عَلَيْهِ - إِذا كثُر من يطْلب مِنْهُ الْمَعْرُوف. أَبُو زيد: رجل محْسور كَذَلِك وَقد حسروه يحسِرونه حسْراً. أَبُو عبيد: المرهَّق - الَّذِي يَغْشَاهُ السّؤال والضيفان وَأنْشد غَيره: خيرُ الرِّجَال المرهّقون كَمَا خيرُ تِلاع الْبِلَاد أكلأها وَفِي التَّنْزِيل) وَلَا يرهَق وجوهَهم قَتر وَلَا ذِلّة (أَي يَغْشَاهَا. أَبُو عبيد: الْعَافِي - السَّائِل وَقد عَفا يعْفُو. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا: عافٍ وعُفّى. أَبُو عُبَيْدَة: المعترّ والعاري والمعتَري - السَّائِل. ابْن دُرَيْد: عرَوْته وعرَيْته. أَبُو عبيد: قنع يقنَع قُنوعاً - سَأَلَ. صَاحب الْعين: هُوَ يتصحّن النَّاس - يسألهم فِي قَصْعَة وَغَيرهَا. الْأَصْمَعِي: الهُلاّك - الَّذين ينتابون النَّاس ابْتِغَاء معروفهم والمهتلِك - الَّذِي لَيْسَ لَهُ همّ إِلَّا أَن يتضيّف النَّاس يظل نهارَه فَإِذا جَاءَ اللَّيْل أسْرع إِلَى من يكفُله. صَاحب الْعين: رجل مستمطِر - طَالب للخير وَيُقَال مَا مطَرْت مِنْهُ خيرا وَمَا مُطِرْت مِنْهُ خيرا كَذَلِك وَمَا مُطِرت مِنْهُ بِخَير - أَي مَا أصبته وَمَا مطرَني مِنْهُ خير وَقد مطرني بِخَير. قَالَ أَبُو عَليّ: اللّجّاذ - السَّائِل المُلحّ. أَبُو عبيد: لجذني يلجذُني - إِذا أَعْطيته ثمَّ سَأَلَك فَأكْثر وَمِنْه لُجِذ الْكلأ. ابْن دُرَيْد: لجذَ الكلبُ الْإِنَاء يلجذُه لجْذاً - لحِسَه. أَبُو عَليّ: الجادي - السَّائِل وَأنْشد أَحْمد بن يحيى: إِلَيْهِ تلجأ الهضّاء طُرّاً فَلَيْسَ بقائل هُجْراً لجادي الهضّاءُ - الْجَمَاعَة. ابْن دُرَيْد: جدَيْته واجتديته - إِذا جِئْت تطلب معروفه. قطرب: الْخبط والاختباط -(3/413)
طلب الْمَعْرُوف. صَاحب الْعين: خبطني بِخَير يخبِطُني خبْطاً واختبطني وَأنْشد فِي نَحْو من ذَلِك: وَفِي كل حيّ قد خبطْت بنعمةٍ فحُقّ لشأس من نَداك ذَنوب وَقيل المختبِط - الَّذِي يَسْأَلك بِلَا معرفَة وَلَا وَسِيلَة وَالْأول أصوب. ابْن الْأَعرَابِي: استكفّ السَّائِل - بسط كفّه يسْأَل. اللحياني: وَكَذَلِكَ تكفّف. أَبُو زيد: تنصّفته - طلبت معروفَه. وَقَالَ: إِذا أَتَى الرجل القومَ فَسَأَلَهُمْ وهم كَارِهُون لعطيته فقد جردَهُم جرْداً أَعْطوهُ أَو منعُوهُ وَيُقَال للرجل إِذا طلب الْحَاجة فألحّ فِي طلبَهَا أدِرْها وَإِن أَبَت. أَبُو عبيد: أنّبته - جبَهْته فِي المسئلة. صَاحب الْعين: جَاءَ يتصتْ إِلَيْنَا بِلَا زَاد وَلَا نفَقة - أَي يتردّد. غَيره: عزْوى ويعزى - كلمة يُتلطّف بهَا. ابْن الْأَعرَابِي: فلَان يستودِف معروفَ فلَان - أَي يستقطِره.
3 - (العِدَة)
وعدت الرجلَ وعْداً وموعوداً وموعداً وموعدَة وعِدَة وَيكون الْموعد والموعدة والعِدَة أَسمَاء ومصادر فَأَما الميعاد فَلَا يكون إِلَّا وقْتاً أَو موضِعاً وَقَالُوا وعدْته ذَلِك ووعدته بِهِ وَقد ذهب قوم إِلَى أَن أصل التَّعَدِّي بِالْبَاء وَالْوَجْه مَا تقدم والوعد من المصادر الْمَجْمُوعَة قَالُوا وُعود حَكَاهَا ابْن جني وَقَالُوا وعدْته خيرا وشراً وأوعدته فِي الشَّرّ خَاصَّة إيعاداً ووعيداً وَإِذا قَالُوا أوعدته بِالشَّرِّ فأدخلوا الْبَاء جاؤوا بِالْألف قَالَ الراجز: أوعدَني بالسجْن والأداهِم وواعدني فلَان منزِلة وواعدَني فوعدْته - كنت أكثرَ وعْداً مِنْهُ وَقد تواعدوا واتّعدوا. صَاحب الْعين: نجز الْوَعْد ينجُز نجْزاً ونجِز - حضر. ابْن السّكيت: نجِز - فني ونجَز - قضى حَاجته. ابْن دُرَيْد: وعْد ناجِز ونجيز وَقد أنجزته ونجّزْته واستنجزْته العِدَة وتنجّزته إِيَّاهَا وَقد نجزْت الْحَاجة وأنجزْتها - قضيتها. أَبُو عبيد: أَنْت على نجْز حَاجَتك ونُجزِها - أَي قَضَائهَا. صَاحب الْعين: الضِمار منِ العِدات - مَا كَانَ ذَا تسويف.
(بَاب الإدارة عَن الشَّيْء)
أَبُو عبيد: أدَرْته عَن الشَّيْء وألصْتُه وأرغْته - ظلفْته عَنهُ وبعثْته على الشَّيْء أبعثه بعْثاً أوزعته.
3 - (الْحَاجة وأسماؤها)
ابْن السّكيت: هِيَ الْحَاجة وَجَمعهَا حاجات وحاجٌ وحَوائج وحِوَج وَأنْشد: لقد طَال مَا ثبّطتِني عَن صَحَابَتِي وَعَن حِوَج قِضاؤها من شِفائيا ويروى مَا لبّثْتني وَقد حُجْت وَأنْشد: غنيت فَلم أردُدْكُم عَن بغيّة وحُجت فَلم أكدُدْكُم بالأصابع وَرجل مُحْتَاج ومحوِج وحائج. وَقَالَ: مَا بقيت فِي صَدْرِي حوجاء وَلَا لوجاء إِلَّا قضيتها. ابْن دُرَيْد: لي حائجة وَهِي وَاحِدَة الْحَوَائِج. قَالَ مُحَمَّد بن يزِيد: أما قَوْلهم فِي حَاجَة حوائج فَلَيْسَ من كَلَام الْعَرَب على كثرته على ألسُن المولدين وَلَا قِيَاس لَهُ وَهُوَ فِي هَذَا القَوْل متّبِع الأصمَعي لِأَن الْأَصْمَعِي قَالَ خرجَت الْحَوَائِج عَن الْقيَاس فردّها وَقد غلِطا مَعًا على أَن الْأَصْمَعِي رَجَعَ عَن هَذَا القَوْل فِيمَا حكى عَنهُ ابْن أَخِيه والرِياشي وذكرا أَنه قَالَ هِيَ جمع حائجة. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فِي نَفسِي مِنْهُ حَاجَة وحائجة وحوْجاء وَالْجمع حاجات(3/414)
وحوائج وحاج وحوَج وَأنْشد: صريعَي مُدام مَا يفرّق بَيْننَا حوائج من إلفاج مَال وَلَا بُخل وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة للشماخ: تقطّع بَيْننَا الْحَاجَات إِلَّا حوائجَ يعتسِفْن مدى الجريّ وَأنْشد غَيره فِي نَحْو مِنْهُ: يَا ربّ ربّ القُلُص النّواعج الخُنُف الضّوابِع الهَمالِج مستعجلات بذوي الْحَوَائِج وَلَو تشاغل أَبُو الْعَبَّاس بمُلَح الْأَشْعَار ونُتَف الْأَخْبَار وَمَا يعرِفه من النّحو كَانَ خيرا لَهُ من القَطْع على كَلَام الْعَرَب وَأَن يَقُول لَيْسَ هَذَا من كَلَامهم فَلهَذَا رجال غَيره وَيَا ليتَهم يسلَمون أَيْضا. الزجاجي: قَالُوا الْحَاجة والدّاجة قيل الدّاجة الْحَاجة نَفسهَا وكُرِّرت لاخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ وَقيل الدّاجة أخفّ شَأْنًا من الْحَاجة وَقيل الداجة اتِّبَاع. صَاحب الْعين: حَاجَة حائجة على الْمُبَالغَة والتحوّج - طلب الْحَاجة بعد الْحَاجة، ابْن السّكيت: لي فِيهِ إرب وإربَة ومأرَبة ومأرُبة ومأرَب وَفِي الْمثل) أرَبٌ لَا حَفاوة (يضرَب للرجل يتملّقك - أَي إِنَّمَا بك حَاجَتك لَا حفاوة وَقد أرِبْت إِلَى الشَّيْء أرَباً وَمِنْه مَا أرَبُك إِلَى كَذَا - أَي مَا حَاجَتك. ابْن دُرَيْد: جمع الإرْب آرَاب. غَيره: أخذت قَروني من هَذَا الْأَمر - أَي حَاجَتي. ابْن السّكيت: اللُبانة - الْحَاجة وَأنْشد: تجور بِذِي اللُبانة عَن هَوَاهُ إِذا مَا راقها حَتَّى يَلينا والتُّلاوة - بقيّة الْحَاجة يُقَال تتلّيْت الْحَاجة - تتبّعتها والتّلونَة والتّلُنة والتُلُنّة - الْحَاجة. قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَجَاء على فَعُلّة وَهُوَ قَلِيل قَالُوا تلُنّة وَهُوَ اسْم وَأَقُول إِن الدَّلِيل على أَنه فعُلّة كَمَا ذكره وَلَيْسَ بتفعُلة أَمْرَانِ أَحدهمَا أَن التَّاء لَا يحكم بزيادتها أَولا حَتَّى يقوم عَلَيْهِ ثبَت وَالْآخر أَنهم قَالُوا تَلونة فِي معنى تلنّة فاشتُقّ مِنْهُ بِنَاء علمنَا مِنْهُ أَن التَّاء فِيهِ فَاء فعل وَلَيْسَت زَائِدَة رويْنا ذَلِك عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي. أَبُو بكر: يجوز أَن تكون الضمة فِي تُلُنّة لِلِاتِّبَاعِ وَالْأَصْل الْفَتْح. أَبُو عَليّ: لَا يَنْبَغِي أَن يكون الإتْباع فِي هَذَا النَّحْو وَلَا يحكم بِهِ إِلَّا أَن يُعْلَم أَن أحد البناءين زَائِد نَحْو مَا جَاءَ فِي معلوق ومُعلوق ويَسروع ويُسروع فَلَو كَانَ فُعُلّة لم يجِئ فِي الْكَلَام أمكن أَن تكون الضمة لِلِاتِّبَاعِ فَأَما وَقد جَاءَ نَحْو أُفرّة وحُذُنّة وحُزُقّة فَإِن الضمة لِلِاتِّبَاعِ. ابْن السّكيت: الشّهْلاء - الْحَاجة وَأنْشد: لم أقضِ حِين ارتحلوا شهْلائي من الكَعاب الطَّفلة الْحَسْنَاء أَبُو عبيد: لنا قِبَله رُوبَة وصارّة وأشكلة - أَي حَاجَة. ابْن دُرَيْد: الشّكْلاء - الْحَاجة. أَبُو عبيد: فَإِذا كَانَت الحاجةُ مقاربة فَهِيَ - اللُماسة والوطَر - الْحَاجة وَالْجمع أوطار والخَلّة - الْحَاجة وَقد اختللْت إِلَى الشَّيْء - احتجْت إِلَيْهِ وَمِنْه حَدِيث ابْن مَسْعُود تعلّموا العِلم فإنّ أحدكُم لَا يدْرِي مَتى يفخْتَلّ إِلَيْهِ - أَي يحْتَاج إِلَيْهِ والشّجَن - الْحَاجة وَالْجمع أشجان وشُجون وَقد شجنتْني - أَي عنتْني وأحوجتْني. ابْن دُرَيْد: تشجُنُني شجْناً وَأنْشد ثَعْلَب: لي شَجَنان شجَن بنجْد وَآخر لي بِبِلَاد الهِند(3/415)
ابْن السّكيت: البسَر - طلب الْحَاجة فِي غير مَوضِع طلب وَقيل فِي غير أوانها بسرها يبسُرها بسْراً وابتسرها. ابْن دُرَيْد: أصبْت سمّ حاجتِك - أَي وجهَها. أَبُو عبيد: أَنا على صِير حَاجَتي - أَي على طرَف مِنْهَا. أَبُو زيد: أَنا على صُمان حَاجَتي - أَي على إشراف من قَضَائهَا وَأنْشد: وحاجة بِتّ على صُماتها ابْن دُرَيْد: الرّوبة - الْحَاجة. ابْن السّكيت: الحَوْبة والحِيبة - الْحَاجة والهمّ.
3 - (الْوَسِيلَة)
صَاحب الْعين: الْوَسِيلَة - مَا تقرّبْت بِهِ وَقد توسّلت بِهِ إِلَيْهِ وَمِنْه توسّل إِلَى الله تَعَالَى بِعَمَل - تقرّب. وَقَالَ: متتُّ بالشَّيْء أمتّ متّاً - توسّلت والمَتات - مَا متتّ بِهِ وَقد متتّه - طلبت إِلَيْهِ المتاتَ. أَبُو عبيد: الأُدْمة - الْوَسِيلَة. أَبُو زيد: وَهِي الأدمة وَقد أدَمَه يأدِمُه - كَانَ وسيلته. صَاحب الْعين: السّبب - مَا توسلْت بِهِ إِلَى شَيْء وَقد تسبّبت بِهِ. أَبُو زيد: فلَان ودَج فلَان إِلَى حَاجته - أَي سَببه. صَاحب الْعين: الشّفاعة - الطّلب لغيرك شفع لَهُ إِلَيْهِ يشفَع شَفاعة واستشْفع بِهِ عَلَيْهِ وتشفّع لَهُ إِلَيْهِ فشفّعه واستشفعته - طلبت مِنْهُ الشَّفَاعَة وشفّعه - أسعفه بالشفاعة وَرجل شَافِع وشَفيع وهم الشُفْع والشُفَعاء والذّريع والذّريعة - الْوَسِيلَة. وَقَالَ: حملْت فلَانا وتحمّلت بِهِ عَلَيْهِ - فِي الشَّفَاعَة وَالْحَاجة.
3 - (العِناية بِالْأَمر)
عَناه يعنيه عِناية فَهُوَ مَعني بِهِ - همّه واعتنيت بأَمْره وعُنيت بِهِ عِناية وَلَا يُقَال - مَا أعناني بِأَمْرك لِأَنَّك تَقول عُنيت فَهُوَ مفعول بِهِ وَتقول كَيفَ منْ تُعنى بأَمْره وَلَا يُقَال تَعني لِأَن الْمُخَاطب مفعول بِهِ إِذا قلت كَيفَ مَن يَعنيك أمره أَلا ترى أَنه معنيّ وَالْأَمر عَناه كَمَا تَقول أهمّني أمره.
3 - (الطّلب)
أَبُو عبيد: طلبتُ الشيءَ أطلبُه طلَباً وتطلّبته وَرجل مَطْلُوب بدَيْن أَو ذَحل وطَلوب وطَلاب - طالِب. وَقَالَ: أطلبت الرجل - أَعْطيته مَا طلب وأطلبْته - ألجأته إِلَى أَن يطْلب. ابْن دُرَيْد: طلبت حَاجَة وألصْتُها وأرغتُها وغاولتُها وَأنْشد: تُليص العَشاءَ بأذنابِها وَفِي مدَرِ الأَرْض عَنْهَا فُضول
الْإِرْسَال
صَاحب الْعين: الْإِرْسَال - التَّوْجِيه وَقد أرسلْت إِلَيْهِ وَهِي الرسَالَة والرَسالة وَقد تراسل الْقَوْم - أرسل بعضُهم إِلَى بعض والرّسول - الرِسالة والمرسَل وَالْجمع أرسُل ورُسُل. قَالَ ابْن جني: وَقَول الْهُذلِيّ: قد أتتْها أرسُلي أرْسُل جمع رَسُول وَقِيَاسه رُسل إِلَّا أَنه لما أَرَادَ بالرُسل هُنَا النِّسَاء كسّره تكسير المؤنّث فَأَما قَول أبي ذُؤَيْب: ألِكْني إِلَيْهَا وخيرُ الرسو لِ أعملُهُم بنواحي الخبَرْ(3/416)
قَالَ السكرِي الرّسول هُنَا فِي مَوضِع جمع كَقَوْلِك كثُر الدِّينَار والدِرهم. قَالَ ابْن جني: أرى بَينهمَا فرْقاً وَذَلِكَ أَن الدِّينَار وَالدِّرْهَم هُنَا جِنسان وهما فِيعال وفِعلَل وَلَيْسَ وَاحِد من هذَيْن المثالين من المُثُل الَّتِي تصلح للْوَاحِد وَالْجمع والمذكر والمؤنث وَرَسُول فَعول وفَعول قد يَأْتِي للْوَاحِد والجميع والمذكر والمؤنث قَالَ الله سُبْحَانَهُ) فإنّهم عَدوّ لي (يُرِيد أَعدَاء وَقَالَ تَعَالَى) فَمِنْهَا رَكوبهم (فالرّكوب هَهُنَا جمَاعَة وَقَالُوا رجل صَبور وَامْرَأَة صَبور وَرجل كَنود وَامْرَأَة كَنود وَرجل كَفور وَامْرَأَة كَفور وَرجل عَجول وَامْرَأَة عجول فسوّوا بَينهمَا فِي فَعول وَذَلِكَ لمشابهة فَعول لفُعول الَّتِي هِيَ الْمصدر أَلا ترى أَن لَيْسَ بَينهمَا إِلَّا فَتْحة الأول وضمته لَا غير والمصدر يُفِيد الْجِنْس وَيَقَع على آحاده وجموعه وَلَيْسَ الدِّينَار والدِرهم من هَذَا الطَّرِيق فِي قَبيل وَلَا دَبير أَلا ترى أَنه لَا نِسْبَة بَينهمَا وَبَين الْمصدر كنسبة فَعول إِلَى فُعول. صَاحب الْعين: البعْث - الْإِرْسَال بعثته أبعَثه بعْثاً - أَرْسلتهُ وحْدَه فَإِن كَانَ مَعَ غَيره قلت بعثْت بِهِ وَبعث بِهِ الْأَمِير رسولَه وَالْجمع بُعْثان والبعْث - الْقَوْم يُبعَثون فِي أَمر وَمِنْه قيل للجُند يُبعَثون بعْث والتّسريح - إرسالك فِي حَاجَة سَراحاً والجريّ - الرّسول وَقد أجريته فِي حَاجَتي. وَقَالَ: أشرَط الرَّسُول وأفرطَه - أعجله والبَريد - الرَّسُول على الْبَرِيد وَهُوَ فرسَخان من الأَرْض وَالْجمع بُرُد وَقد بردْت بَريداً - أَرْسلتهُ. ابْن دُرَيْد: التَّوْر - الرَّسُول بَين الْقَوْم وَأنْشد ابْن جني: والتّوْر فِيمَا بَيْننَا مُعمَل يرضى بِهِ المأتيُّ والمُرسِل أَبُو زيد: ألَكْته الْخَبَر آلِكُه وآلُكه ألْكاً - أبلغته إِيَّاه وَهِي المألَكة والمألُكة فَأَما المألُك فِي قَول عدي: أبلِغ النّعمان عني مألُكا أَنه قد طَال حبسي وانتظاري فَذهب صَاحب الْعين إِلَى أَن الْهَاء حذِفت من مألُكة كَذَا أطلقهُ ساذَجاً مغْسولاً وَذهب أَبُو الْعَبَّاس إِلَى أَنه نَادِر كمكُرم ومَعون فِيمَن لم يجعلهما جمعا وَذهب أَبُو عَليّ إِلَى أَنه جمع مألُكة كمكرُم ومَعون فِيمَن جعله جمعا فَأَما الملَك فأصله ملأك فَأَجْمعُوا على تَخْفيف الْهمزَة وَلم يلفظوا بِهِ على أَصله إِلَّا ي الشّعْر فَأَما قَوْلهم ألِكْني فأصله عِنْد بَعضهم ألئكْني وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَيْسَ على لفظ مَا تقدم لكنه مقلوب عَنهُ ثمَّ مخفف والألُوك - الرسَالَة كالمألُكة.
3 - (الْعَطاء)
صَاحب الْعين: الْعَطاء - نَوْل رجل السّمْح اسْم جَامع فَإِذا أفردت قلت العطيّة وَقد أَعْطيته الشَّيْء وَالعطَاء - المُعطى وَالْجمع أعطِية وأعطِيات جمع الْجمع. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلم يكسَّر على فُعُل كَرَاهِيَة الإعلال وَمن قَالَ أزر لم يقل عُطْيٌ لِأَن الأَصْل عِنْدهم إِنَّمَا هُوَ الْحَرَكَة والإعطاء والمعاطاة - المُناولة عاطيْته مُعاطاة وعِطاء وَقد وضعُوا العَطاء مَوضِع الْإِعْطَاء كَقَوْلِه: وبعْدَ عطائك الْمِائَة الرِّتاعا وَهُوَ يستعطي النَّاس بكفّه وَفِي كَفه - أَي يطْلب إِلَى النَّاس ويسألهم. سِيبَوَيْهٍ: رجل مِعطاء وَالْجمع مَعاط أَصله معاطيّ فاستثقلوا الياءين وَإِن لم يَكُونَا بعد ألف يلِيانها وَنَظِيره أثافٍ وَلَا يمْتَنع أَن يَجِيء على(3/417)
الأَصْل معاطيّ كأثافيّ. صَاحب الْعين: أنْطَيْت لُغَة فِي أَعْطَيْت وَقد قرئَ) أنّا أنْطَيْناك الكوثَر (. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وهَبْت لَك وَلَا يُقَال وهبْتك. قَالَ أَبُو عَليّ: وَقد حَكَاهَا غَيره ذكر أَبُو عَمْرو أَنه سمع أَعْرَابِيًا يَقُول لآخر انطَلِقْ معي أهبْك نَبْلاً حَكَاهُ أَبُو سعيد السيرافي. صَاحب الْعين: وهبت لَك الشَّيْء أهبه وهْباً وهِبَة وَرجل واهِب ووهّاب ووَهوب وتواهَب النَّاس - وهب بَعضهم بَعْضًا واتّهبْت - قبِلْت الهِبة وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لقد هممْت أَن لَا أتّهِب إِلَّا من قُرَشي أَو أَنْصَارِي أَو ثقَفي (وواهبَني فَوَهَبته أهَبه وأهِبه - أَي كنت أَكثر هِبة مِنْهُ. قَالَ ابْن جني: فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام) الراجعُ فِي هِبته (مَعْنَاهُ فِي موهوبه لِأَن الْأَفْعَال لَا يُمكن المخلوقين الرُّجُوع فِيهَا. أَبُو عبيد: الشُكْد - الْعَطاء شكدْته أشكُده شكْداً. أَبُو زيد: الشُكْد - مَا يزوّده الْإِنْسَان من لبن أَو أقِط أَو سمن أَو تمر فَيخرج بِهِ من مَنَازِلهمْ وَجمعه أشكاد وَجَاء يستشْكِد - أَي يطْلب الشُكْد. صَاحب الْعين: أشْكَدْت الرجلَ - أطعمته أَو سقيته اللَّبن بعد أَن يكون مَوْضُوعا وَاسم ذَلِك الشَّيْء الشُكْد والشُكْد أَيْضا - مَا يعطاه من التَّمْر عِنْد صِرام النّخل. أَبُو عبيد: الشُكم - الْعَطاء وَالْجَزَاء والعِوَض وَقد شكَمْته أشكُمه شكْماً وَهِي الشُكْمى. ابْن دُرَيْد: الشُكْب لُغَة فِي الشُكْم. أَبُو عبيد: الأوْس - العوَض وَقد أُسْته أوْساً وَأنْشد: وَكَانَ الْإِلَه هُوَ المُستَشاسا وَكَذَلِكَ عُضْتُه عَوْضاً. ابْن دُرَيْد: وَالِاسْم المَعوضة والعِوَض. وَقَالَ: عاضَه خيرا وأعاضه وعوّضه واستعاضه - طلب مِنْهُ العِوض وَقد تقدم ذَلِك فِي بَاب الْبَدَل والعوض بِأَكْثَرَ من هَذَا الشَّرْح. وَقَالَ: ثوّبْت فلَانا من كَذَا - مثل عوّضته وَهُوَ الثّواب والمَثوبة. ابْن السّكيت: شبَرته أشبُره شَبْراً وأشبرته - أَعْطيته وَهُوَ الشّبْر والشّبَر. وَقَالَ مرّة: أشبَرته مَالا وسيْفاً وشبّرته. أَبُو زيد: الشّبَر - الْخَيْر والعطيّة. أَبُو عبيد: من الْعَطِيَّة الزَبْد وَقد زبَدْته أبِده زَبداً فَإِن أطعمته الزُبْد قلت أبُده زَبداً والجَزْح - العطيّة جزَحْت لَهُ. ابْن السّكيت: الجزْح - أَن يُعطي فَلَا يمّن وَلَا يشاور أحدا كَالرّجلِ يكون لَهُ الشَّرِيك فيغيب عَنهُ فيُعطى من مَاله وَلَا ينتظره. صَاحب الْعين: جزخ لنا من مَاله - قطع. أَبُو عبيد: الصّفَد - العطيّة وَقد أصفَدْته وَكَذَلِكَ أوجبته. وَقَالَ: أخمرْته الشيءَ - أَعْطيته إِيَّاه والفَرْض - الْعَطِيَّة وَقد أفرَضْته. صَاحب الْعين: هُوَ - مَا أَعْطيته بِغَيْر قرْض. أَبُو عبيد: فَإِن كَانَت الْعَطِيَّة يسيرَة قَالَ برَضْت لَهُ أبرِض برْضاً. ابْن دُرَيْد: تبرّض حاجتَه - أَخذهَا قَلِيلا قَلِيلا. أَبُو عبيد: بضضْت أبِضّ بضّاً. ابْن السّكيت: أَصله من الْبِئْر البَروض والبَضوض وَهِي - الَّتِي يَأْتِي مَاؤُهَا قَلِيلا قَلِيلا وَيُقَال هُوَ يتبرّضها - أَي كلما اجْتمع من مَائِهَا شَيْء قَلِيل غرَفه وَفُلَان يتبرّض مَا عِنْد فلَان - أَي يَأْخُذ مِنْهُ الشيءَ بعد الشَّيْء. صَاحب الْعين: أَعْطيته ضَهْلة من مَال - أَي نزْراً. وَقَالَ: صرّد العطاءَ - قلّله ومصّره كَذَلِك. أَبُو عبيد: حتَرْت لَهُ شَيْئا - مثل برضْت فَإِذا قَالَ أقَلّ وأحترَ قَالَ بِالْألف وَالِاسْم مِنْهُ الحِتْر وَأنْشد: إِذا النُفَساء لم تُخرّسْ ببكرِها غُلاماً وَلم يُسْكَت بحِتر فَطيمُها ابْن دُرَيْد: الحاترُ - الَّذِي يقتّر على عِيَاله النَّفَقَة حترَهم يحتِرهم ويحتُرهم حَتراً وحُتوراً وَقيل هُوَ إِذا كساهم ومأنَهم وحتَرْت الرجل - أقللت إطعامه. صَاحب الْعين: النُّكْد - قلَّة الْعَطاء وَأَن لَا تهنِئه من تُعطيه وَأنْشد: وأعْطِ مَا أَعْطيته طيّباً لَا خيْرَ فِي المنْكود والنّاكِد وَقد أنكَدْته - وجدته عسيراً. ابْن دُرَيْد: قرّط عَلَيْهِ - أعطَاهُ قَلِيلا قَلِيلا وَمِنْه الفِرّاط - الَّذِي يُسمى القيراط. وَقَالَ: رضخ لَهُ رضيخة من مَاله - أعطَاهُ قَلِيلا من كثير وَهِي الرُضاخة. أَبُو زيد: الرُضاخة والرّضيخة - الْعَطِيَّة مَا كَانَت رضَخ يرْضَخ رضْخاً. صَاحب الْعين: راضخْنا مِنْهُ شَيْئا - أَي نِلنا وَقيل المُراضخة - الْعَطاء(3/418)
على كُره. وَقَالَ: عششْت الْمَعْرُوف أعُشّه عَشّاً - قلّلته وسَقى سَجْلاً عشّاً - أَي قَلِيلا. الْأَصْمَعِي: خوّصْت الْعَطاء - قلّلْته وَمِنْه قَول الْأَعْشَى: لقد نالَ خَيْصاً من عُفَيْرَة خائِصا قَالَ خيصاً على المُعاقبة وَأَصله الْوَاو. وَقَالَ: كدى الرجل يكدي وأكدى - قلل عطاءه. صَاحب الْعين: أوجز عطاءه - قلله. ابْن دُرَيْد: وَكَذَلِكَ القَوْل وَقَول وجيز ووجِز. وَقَالَ: دهَق لي دهقة من المَال - أَعْطَانِي مِنْهُ صدْراً ومِدْت الرجلَ مَيْداً - أَعْطيته وأمددته بِخَير وَمِنْه اشتقاق الْمَائِدَة لِأَنَّهَا تَميد أَصْحَابهَا - أَي تُمِدّهم. أَبُو عبيد: حفَنْت لَهُ من مَالِي حفْنَة - أَعْطيته إِيَّاهَا. أَبُو زيد: هضَم لَهُ من مَاله يهضِم هضماً - كسر وَهِي الهضيمة والهَضوم والهَضام - المُنفِق لمَاله وَقد تقدم فِي السخاء. صَاحب الْعين: فرزَ لَهُ من مَاله شَيْئا - أعطَاهُ والفرْزة - الْقطعَة مِنْهُ وَالْجمع أفراز وفُروز. أَبُو زيد: النّوْل والنَّيْل والنال والنائل - الْعَطاء وَقد نِلْت الشَّيْء نَيْلاً ونالاً ونالة وأنلته إِيَّاه وأنلْت لَهُ ونِلْته ونِلته بِهِ ونلته إِيَّاه ونوّلته. سيبوه: شَيْء مَنول ومَنيل. ابْن دُرَيْد: مَا أصبت مِنْهُ نَيْلاً وَلَا نَيلة وَلَا نولة وَرجل نالٌ - جواد وَهُوَ قبل ذَلِك لَا خير فِيهِ وَقد نَالَ ينَال نائلاً ونَيلاً - صَار نالاً وَمَا أنوله - أَي مَا أَكثر نائلَه. أَبُو زيد: أبان الرجل ابْنه بِمَال فَبَان بِهِ بيْناً وبُيوناً وَطلب فلَان إِلَى أَبَوَيْهِ البائنة - أَي أَن يُبيناه بِمَال وَلَا تكون البائنة إِلَّا من الْأَبَوَيْنِ أَو أَحدهمَا. أَبُو عبيد: قعَثْت لَهُ قعثة كَذَلِك وَقيل أقعثت الْعَطِيَّة - أكثرتها والقَعيث - الْكثير من الْمَعْرُوف وَغَيره وعمّ بعضُهم بالاقععاث والقعْث وَمِنْه قعثت الشَّيْء أقعثه قعثاً - استأصلته واستوعبته. أَبُو عبيد: هِثت لَهُ هَيثاً وهيَثاناً. ابْن السّكيت: فلذ لَهُ من مَاله يفلِذ فلْذاً وَأَصله من الفِلذ وَهُوَ - كبد الْبَعِير. أَبُو زيد: هُوَ العَطاء الجزل وَقيل هُوَ - الْعَطاء بِلَا تَأْخِير وَلَا عِدَة. ابْن السّكيت: عَطاء مُزَلّج - تافه ووتْح ووتِح ووتيح وشقْن وشقِن وشَقين وَقد وتُحَت عطيته وشقُنت. أَبُو عبيد: قَلِيل وتْح وشقْن ووعْت وَهِي الوُتوحة والشُقونة والوعورة وَقد أوتح عطيّته وأشقَنها وأوعرَها فَإِن أَكثر لَهُ من الْعَطِيَّة قَالَ أجزلت لَهُ وَعَطَاء جزل وجزيل وقدمت وغثمت وقثمت. ابْن السّكيت: مدَش لَهُ من الْعَطاء شَيْئا قَلِيلا يمدُش - أعطَاهُ. أَبُو عبيد: عذَمْت لَهُ مثل قذمْت. غَيره: أصَاب من معروفه غُذْمة. وَقَالَ: نُشْت الرجل نوشاً - أنلته وأشْوَيْته - أَعْطيته شَاة أَو غَيرهَا. وَقَالَ: أجدْتك دِرهماً وأسقتُك إبِلا وأقدتُك خيْلاً والرِفد - الْعَطِيَّة والرّفد الْمصدر. ابْن السّكيت: رفدته من الرفد وأرفدته - أعنته على ذَلِك. غَيره: رفدته وأرفدته وترافدوا - تعاونوا والمافِد - المعاون وَاحِدهَا مرْفَد والرِفادة - شَيْء كَانَ فِي قُرَيْش ترافد بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّة فَيخرج كل إِنْسَان قدر طاقته فَيجْمَعُونَ من ذَلِك مَالا عَظِيما أَيَّام الموسِم فيشترون بذلك الجزُر وَالطَّعَام وَالزَّبِيب للنبيذ فَلَا يزالون يُطعمون النَّاس حَتَّى قنقضي الْمَوْسِم. أَبُو عبيد: الإبْداد - الْهِبَة وَاحِدًا وَاحِدًا والقِران - الْهِبَة اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فَمَا زَاد. صَاحب الْعين: نعشْت الرجل وأنعشته - جبرْته ونعشَه الله وأنعشه - سدّ فقرَه وَمعنى نعشه الله رَفعه وَقد انْتَعش وأصل الانتعاش رفْع الرَّأْس والرْبيع ينعَش النَّاس ويهبّهم. أَبُو عبيد: اللُها - العطايا واحدتها لُهْوة. صَاحب الْعين: هِيَ أفضل العطايا وأجزلها واحدتها لُهية. ابْن السّكيت: أعطَاهُ لُهوة من المَال - أَي دفْعَة وأصل اللهوة القُبضة من الطَّعَام تُلقى فِي الرّحى تَقول ألْه رَحاك أَي ألْق فِيهَا لُهوة والزّعبة كاللهوة(3/419)
وَقد زعب لَهُ من المَال ويروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لعَمْرو بن الْعَاصِ) أزعَب لَك من المَال زعبة أَو زعبتين (. أَبُو عبيد: النّوفَل - الْعَطِيَّة تشبّه بالبحر وَأنْشد: يَأْبَى الظُلامة مِنْهُ النّوفَل الزُفَرُ أَبُو عَليّ: من هَهُنَا للْجِنْس النَّفْسِيّ كَقَوْلِك بللْت مِنْهُ بِشُجَاعٍ. صَاحب الْعين: النّوفل - الْكثير الْعَطِيَّة والنافلة - الْعَطِيَّة عَن يَد وَهِي أَيْضا - مَا يَفْعَله الْإِنْسَان مِمَّا يجب عَلَيْهِ من عَطاء وَغَيره. ثَعْلَب: أتيت أنتفِله - أَي أطلب مِنْهُ. ابْن دُرَيْد: الجوائز من العطايا مَعْرُوفَة واحدتها جَائِزَة وَزعم بعض أهل اللُّغَة أَنَّهَا كلمة إسلامية محدَثة وَأَصلهَا أَن أَمِيرا من أُمَرَاء الجيوش واقفَ العدوّ وَبَينه وَبينهمْ نهر فَقَالَ من جَازَ هَذَا النَّهر فَلهُ كَذَا وَكَذَا فَكَانَ كل من جازه أَخذ مَالا فَيُقَال أَخذ فلَان جَائِزَة فسمّيت جوائز. غَيره: عَاد عَلَيْهِ بمعروفه عوْداً - أحسن ثمَّ زَاد وَأنْشد: فَأحْسن سعدٌ فِي الَّذِي كَانَ بَيْننَا فَإِن عَاد بِالْإِحْسَانِ فالعوْد أَحْمد والعائدة - الْمَعْرُوف. صَاحب الْعين: حذفْته بجائزة - وصلته بهَا. أَبُو زيد: الجَدا والجدوى - الْعَطِيَّة وَقد جدوْته وجديته - طلبت جدْواه وجَدا عَلَيْهِ وأجْدى وَرجل جادٍ ومجْتد - طَالب للجدوى. ابْن السّكيت: نفل السُّلْطَان فلَانا - أعطَاهُ سلب قَتِيل قَتله ونفّله فصيحتان والسّيْب - الْعَطِيَّة. وَقَالَ: أحذيته من الْغَنِيمَة - أَعْطيته وَالِاسْم الحذيّة والحِذوة والحُذَيّا. سِيبَوَيْهٍ: وَهِي الحُذيا والحِذْية وَقَالُوا) أَخذه بَين الحُذَيا والخُلسة (أَي بَين الهِبة والاستِلاب وحُذياي من هَذَا الْأَمر - أَي أَعْطِنِي والحُذَيّا أَيْضا - هديّة الْبشَارَة. ابْن السّكيت: وأحذَيْته نَعلاً - أَعْطيته إِيَّاهَا. وَقَالَ: أجزرت الْقَوْم - أَعْطيته جزَرة يذبحونها وَهِي الشَّاة السّمينة وَالْجمع جزَر وَلَا يُقَال أجزَرْته نَاقَة. ابْن دُرَيْد: بقّ يبُقّ بقّاً - أوسع من الْعَطِيَّة وبقّت السَّمَاء ? جَاءَت بمطر شَدِيد. وَقَالَ: حفاه حَفْواً - أعطَاهُ. أَبُو عبيد: أَعْطيته عَن ظهر يَد - يَعْنِي تفضّلاً لَيْسَ من بيع وَلَا قرْض وَلَا مُكَافَأَة. ابْن دُرَيْد: مِحتُه ميْحا - أَعْطيته. صَاحب الْعين: كل من أعْطى مَعْرُوفا فقد ماح والميح يجْرِي مجْرى الْمَنْفَعَة. وَقَالَ: نَصره ينصره نصرا - أعطَاهُ. ثَعْلَب: النّصائر - العطايا والمستنصِر - السَّائِل ووقف أَعْرَابِي على قوم فَقَالَ انصُروني نصركم الله. النَّضر: اغْضِر لَهُ من دراهمِك - أَي اقطَع لَهُ قِطْعَة. صَاحب الْعين: القَفْلة - إعطاؤك إنْسَانا الشيءَ بمرّة. الْمَازِني وقَشْت من فلَان وقْشاً - أصبْت مِنْهُ عَطِيَّة. صَاحب الْعين: حلِيَ مِنْهُ بِخَير وحلا - أصَاب. وَقَالَ: أَعْطيته شِقْصاً من مَالِي - أَي طَائِفَة. أَبُو زيد: أعطَاهُ حزباً من مَاله - أَي نَصِيبا. وَقَالَ: أفَضّ العطاءَ - أجزله أَي أَكْثَره. وَقَالَ: ضوى إليّ مِنْك خير ضيّا - إِذا سَالَ إِلَيْك مِنْهُ خير. غَيره: المجّان - عَطِيَّة شَيْء بِلَا مِنّة وَلَا ثمن. أَبُو عبيد: هنأته - أَعْطيته وَفِي الْمثل) إِنَّمَا سُميت هانئاً لتَهنئ (. غَيره: أهنئه وأهنأه وَقيل هنأته - أطعمته وَقد جَاءَ بهما الشِعر كثيرا. ابْن دُرَيْد: الهِنْء - الْعَطِيَّة واستهنأته - استعطيته. وَقَالَ: سوّغت فلَانا كَذَا -(3/420)
أَعْطيته إِيَّاه. وَقَالَ: حبوْت حِباء - أَعْطيته وَالِاسْم الحُبوة والحِباء وَمِنْه المُحاباة وَهُوَ - نُصرة الْإِنْسَان والميل إِلَيْهِ. وَقَالَ: أنحل وَلَده ونَحله ينحَله نُحْلاً - خصّه بِشَيْء من مَاله وَالِاسْم النِحْلة والنُحْلى وَقد يُسمى الْمُعْطى النُحْلان والنُحْل وَقد تقدّمت النِحلة فِي المهْر. صَاحب الْعين: النُحْل - إعطاؤك شَيْئا بِلَا استعاضة. وَقَالَ: نفحات الْمَعْرُوفَة - دفَعُه وَقد نفحه بِالْمَالِ وَرجل نفّاح بِالْمَعْرُوفِ. ابْن دُرَيْد: مُلته - أَعْطيته مَالا. ثَعْلَب: الطّوْل - الْفضل وَقد طَال عَلَيْهِم. وَقَالَ: أفصصْت عَلَيْهِ - أَنْعَمت. أَبُو عبيد: أفصصت إِلَيْهِ من حقّه شَيْئا - أَعْطيته. وَقَالَ: لزأت الرجل - أَعْطيته. صَاحب الْعين: العصْر - العطيّة عصَرَه يعصِره - أعطَاهُ وَهُوَ كريم المعتصَر والعُصارة - أَي جواد عِنْد المسئلة والاعتِصار - أَن تخرِج من الْإِنْسَان مَالا بِأَيّ وَجه وَأَصله من الاعتصار وَهُوَ الْإِصَابَة قَالَ: وَأَنت من أفنانِه معتصِرْ وَقَالَ طرفَة فِي الْعَطاء: لَو كَانَ فِي أملاكِنا وَاحِد يعصِر فِينَا كَالَّذي تعصِرُ وَقَالَ: تبرّع بالشَّيْء - أعطَاهُ من غير أَن يُسأله والعارِفة والعُرْف وَالْمَعْرُوف - الْعَطاء. أَبُو عَليّ: والمعْن - الْمَعْرُوف وَمِنْه الماعون وَهُوَ - الزّكاة وَقد أنعَمْت شَرحه فِي بَاب الْمِيَاه وَقيل المعن - الْيَسِير قَالَ: فإنّ ضَياع مالِك غيرُ معنٍ
الإتحاف والمهاداة
صَاحب الْعين: التُحفة - الطرفة من الْفَاكِهَة تاؤه مبدلة من وَاو إِلَّا أَنَّهَا لَازِمَة لجَمِيع تصاريف فعلهَا إِلَّا فِي يتفعّل يُقَال أتحفت الرجلَ وَهُوَ يتوحّف وَكَأَنَّهُم كَرهُوا لُزُوم الْبَدَل هَهُنَا لِاجْتِمَاع المثلين فردّوه إِلَى الأَصْل. أَبُو زيد: الهديّة - مَا أتحفت بِهِ وَالْجمع هَدَايَا وهداوى فَأَما هَدَايَا فعلى الْقيَاس أَصْلهَا هدائي ثمَّ كُرهت الضمة على الْيَاء فأُسكنت فَقيل هدائي ثمَّ قلبت الْيَاء ألفا اسْتِخْفَافًا لمَكَان الْجمع فَقيل هداءا كَمَا أبدلوها فِي مدارَى وَلَا حرف عِلّة هُنَاكَ إِلَّا الْيَاء ثمَّ كَرهُوا همزَة بَين أَلفَيْنِ لِأَن الْألف بِمَنْزِلَة الْهمزَة إِذْ لَيْسَ حرف أقرب إِلَيْهَا مِنْهَا فتصوّروها ثَلَاث همَزات فأبدلوا من الْهمزَة يَاء خَفِيفا لِأَنَّهُ لَيْسَ حرف بعد الْألف أقرب إِلَى الْهمزَة من الْيَاء وَلَا سَبِيل إِلَى الْألف فلزمت الْيَاء بَدَلا وَأما هَداوى فكأنهم أبدلوا من الْهمزَة واواً لأَنهم قد يبدلونها مِنْهَا كثيرا كبوس وأومِن هَذَا كُله كَلَام سِيبَوَيْهٍ وزدته أَنا إيضاحاً وَقد يكون من بَاب أشاوى وَقد أهدَيت الهديّة وهدّيتها والمِهدَى - الْإِنَاء الَّذِي يُهْدى فِيهِ وَامْرَأَة مِهْداء - كَثِيرَة الهديّة وَكَذَلِكَ الرجل والهِداء - أَن تَجِيء هَذِه بطعامها وَهَذِه بطعامها فتأكلا فِي مَوضِع وَاحِد. صَاحب الْعين: أطرفت الرجل - أذا أَعْطيته مَا لم يُعطِه أحد قبلك وَالِاسْم الطُرْفة وَالْجمع طرَف وَشَيْء طريف غَرِيب وَقد طرفْت الشَّيْء واستطرفته - رَأَيْته طريفاً وتطرّفته واطّرفته - استفدته والطِرْف والطّريف والطّارف - المَال الْمُسْتَفَاد وَقد طرُف طرافة. وَقَالَ: ألطَفته - أتحفْته وَالِاسْم اللطف واللطَف.
3 - (المنحة)
ابْن السّكيت: منحه - أعطَاهُ وَأَصله من المِنحة وَهُوَ - أَن يُمنح الرجل النَّاقة أَو الشَّاة لينْتَفع بلبنها فَإِذا انْقَطع درها ردّها وَهِي المَنيحة. ابْن دُرَيْد: وَقيل لَا تكون الشَّاة منيحة. قَالَ: وَسَأَلت أَبَا حَاتِم عَن ذَلِك فأنشدني:(3/421)
أعبْدَ بني سهم أَلَسْت براجع منيحتَنا فِيمَا تُرَدّ المنائحُ وَقَالَ: يَعْنِي شَاة أَلا ترَاهُ يَقُول: لَهَا شعر داجٍ وجيدٌ مقلّص وجسم خُداريّ وضرْع مُجالِح أَبُو عبيد: منحته أمنحه وأمنِحه. صَاحب الْعين: المنيحة - الشَّاة الممنوحة والمِنحة - منفعتك إِيَّاه بِمَا تمنحه وكل مَا قُصِد بِهِ وَجه شَيْء فقد مُنِحه كَمَا تمنح الْمَرْأَة وَجههَا الْمرْآة وَمِنْه المنيح للمستعار من القِداح وَسَيَأْتِي ذكره. ابْن السّكيت: أعرْته الشَّيْء إِعَارَة وعارة وَهِي العاريّة وتعوّرنا العواريّ بَيْننَا وَقيل هُوَ من التّداول وَقد تعاورْنا الشَّيْء - تداولناه وَمِنْه تعاور الرّيح الْأَثر قَالَ: مسْح الأكفّ تعاوَرُ المِنديلا وَقيل العاريّة من الْيَاء لِأَن صَاحبهَا يعدَمُهافيدلّ ذَلِك مِنْهُ على عوَز فَهِيَ عارٌ عَلَيْهِ لذَلِك وَقد تعيّروها بَينهم واستعاروها وَفِي الْمثل) رِجْلا مستعيرٍ أسْرع من رجلَيْ مؤدٍ (يَقُول إِذا استعارك إِنْسَان عاريّة أسْرع فِي الِاسْتِعَارَة وَإِذا ردّها أَبْطَأَ فِي ردهَا. أَبُو عبيد: أكفأت إبلي فلَانا - جعلت لَهُ أوبارَها وَأَلْبَانهَا والإخبال كالإكفاء وَمِنْه قَوْله: هُنَالك إِن يُستَخبَلوا المالَ يُخبِلوا وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يرويهِ: هُنَالك إِن يُستخوَلوا المالَ يخوِلوا. أَخذه من الخوَل أحب إليّ. ابْن السّكيت: أخبَله فرَساً - أَعَارَهُ إِيَّاه يَغْزُو عَلَيْهِ وَأنْشد: وَلَقَد أغدو وَمَا يُعدِمُني صَاحب غير طَوِيل المختبَل وروى الْأَصْمَعِي غير طَوِيل المحتبل. قَالَ: يُرِيد طَوِيل الرُسْغ وَهُوَ الْموضع الَّذِي يعلَق من الظّبي فِي الحِبالة. قَالَ: وَسمعت أَبَا عَمْرو يَقُول أبعيْتُه فرَساً فِي معنى أخبلته. أَبُو حَاتِم: البعْو - العاريّة وَقد استبعَيت مِنْهُ - استعرت. ابْن السّكيت: أفقرَه بَعِيرًا - أَعَارَهُ إِيَّاه يركب ظَهره وَهِي الفُقْرى وَقد أفحلْته فحْلاً وأطرَقته - إِذا أعرته فحلاً يضرِب فِي إبِله وَقد فحلْت إبلي فحلاً كَرِيمًا. وَقَالَ: أعريته نخْلاً - وهبْت لَهُ ثَمَرهَا وَقد تقدم. وَقَالَ: أعمرْته إبِلا وَغنما - إِذا جَعلتهَا لَهُ عمرَه فَإِن مَاتَ رجعْت إِلَيْك وَهِي العُمرَى. أَبُو عبيد: الإعمار - الشَّيْء تُعمِره صاحبَك. ابْن دُرَيْد: الرُقْبى - أَن يُعْطِيهِ دَارا أَو أَرضًا فَإِن مَاتَ قبله رجعَتْ إِلَى ورثته سميت بذلك لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يراقب موت صَاحبه. وَقَالَ: رجل مركّب - إِذا اسْتعَار فرسا يُقَاتل عَلَيْهِ فَيكون نصف الْغَنِيمَة لَهُ وَنِصْفهَا لصَاحب الْفرس. وَقَالَ: ألسَنْته فصيلا - أعرته إِيَّاه ليُلقيه على نَاقَته فتدرّ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ أَعَارَهُ لِسَان صيله والإنعاء فِي الْخَيل - أَن يستعير الرجل فرسا يراهِن عَلَيْهِ وذِكره لصَاحبه وَلَا أحُقّه.
3 - (التَّحْكِيم فِي المَال وَالتَّمْلِيك)
صَاحب الْعين: حكّمْته فِي مَالِي فاحتكَم - أَي جَازَ فِيهِ حُكمُه وَالِاسْم الأُحكومة والحكومة وَأنْشد: ولمثلُ الَّذِي جمعت لريب الد دَهْر يَأْبَى حُكومةَ المُقْتالِ يَعْنِي لَا تنفُذ حُكُومَة مَن يحتكِم عَلَيْك من الْأَعْدَاء وَمَعْنَاهُ حُكومة المحتكم فَجعل المحتكم المُقتال وَهُوَ(3/422)
المفتعل من القَوْل حَاجَة مِنْهُ إِلَى القافية وَقيل هَذَا كَلَام مُسْتَعْمل يُقَال اقتَلْ عليّ - أَي احتكم وَكَذَلِكَ حَكَاهُ أَبُو زيد. أَبُو عبيد: سوّمت الرجل - حكّمته فِي مَالِي وسوّفته أَمْرِي - ملّكته إِيَّاه وقدتقدم أَن التسويف - الارتضاء بالحكم. صَاحب الْعين: اقترح عليّ بِكَذَا - احتكم. أَبُو زيد: حُكمك مسمّطاً - أَي متمماً مَعْنَاهُ لَك حُكمك وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا محذوفاً.
3 - (إِطْلَاق الْإِنْسَان على مَا يُرِيد)
ابْن السّكيت: أجررته رسَنَه - تركته يصنع مَا يَشَاء. أَبُو عبيد: حبلُك على غارِبك - أَي أَنْت مملّك أمرَك وَمِنْه قَول عَائِشَة مَاتَت فُلَانَة وَتركت حبلَك على غاربك.
3 - (التبذير والإنفاق)
صَاحب الْعين: بذّر مَاله - أفْسدهُ وأنفقه وَرجل تِبذارة - يبذّر مَاله. ابْن السّكيت: أسرف فِي مَاله - عجل فِي أكله. صَاحب الْعين: السّرف والإسراف - نقيض القصْد. ابْن السّكيت: وَكَذَلِكَ أوعَث. وَقَالَ: طأطأ الرّكْض فِي مَاله وأقعث فِيهِ - أفسد. أَبُو عبيد: عاث فِي مَاله عيثاً وعيّث وَقد يكون التّعييث فِي غير المَال. سِيبَوَيْهٍ: رجل عيْثان وَامْرَأَة عيثى. صَاحب الْعين: أسْحت مَاله - استأصله وأفسده وَأنْشد: وعضّ زمَان يَا ابْن مروانَ لم يدَع من المَال إِلَّا مستحتّاً أَو مجلّف أَبُو زيد: هاث فِي مَاله هيثاً - أفسد وَأصْلح فَهُوَ من الأضداد. صَاحب الْعين: أنفقت المَال واستنفقته - أذهبته والنّفقة - مَا أنفقت وَالْجمع نِفاق. ابْن السّكيت: مَا يَلِيق بكفّه ِرْهم - أَي يحتبس وَمَا يُليقه هُوَ - أَي مَا يحْبسهُ مِنْهُ وَمِنْه قَول الْأَصْمَعِي للرشيد مَا ألاقتني أَرض حَتَّى أَتَيْتُك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. صَاحب الْعين: التّشذيب - التَّفْرِيق والتمزيق فِي المَال وَنَحْوه. وَقَالَ: المبرّض والبرّاض - الَّذِي يَأْكُل مَاله ويفسده. ابْن دُرَيْد: أربدَ الرجل - أفسد مَاله ومتاعه وأتلف مَاله كَذَلِك وَرجل مِتلاف ومِتلَف.
3 - (النِّعْمَة يُسديها الْإِنْسَان إِلَى صَاحبه)
غير وَاحِد: أحسَنت إِلَيْهِ وَرجل مِحسان - كثير الْإِحْسَان. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَا يُقَال مَا أحْسنه يَعْنِي من هَذِه الصِّيغَة لِأَن هَذِه الصِّيغَة عِنْده قد اقْتَضَت التكثير فأغْنت عَن صِيغَة التَّعَجُّب. صَاحب الْعين: أيْدَيت عِنْده يدا - من الْإِحْسَان. قَالَ أَبُو عَليّ: هُوَ من بَاب استجعَر الطين وأشعر الْجَنِين - أَي أَنه لم يسْتَعْمل بِغَيْر الزِّيَادَة. قَالَ: يَد وأيْدٍ وأيادٍ جمع الْجمع. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو جمع اليدِ من الْإِحْسَان أيادٍ وَمن الْعُضْو أيدٍ فذُكِر ذَلِك لأبي الْخطاب فَقَالَ لم يسمع أَبُو عَمْرو قَول عديّ: ساءَها مَا تأمّلت فِي أياد ينا وإشناقُها إِلَى الْأَعْنَاق أَبُو عبيد: جمع اليدِ من الْإِحْسَان يديُّ وَأنْشد:(3/423)
فإنّ لَهُ عِنْدِي يديّاً وأنعُما وَقد تقدم تَعْلِيل هَذَا فِي أول الْكتاب. أَبُو زيد: أزللت إِلَيْهِ نعْمَة - أسديتها. صَاحب الْعين: اتّخذْت عِنْده زلّة - أَي صَنِيعَة. غير وَاحِد: هِيَ النِعمة وجمعُها نِعَم وأنعُم وَهُوَ من الْجمع الْعَزِيز وَنَظِيره شدّة وأشُدّ وَيُقَال النُعْمى والنَّعْماء وَأنْشد: وَإِن كَانَت النّعماءُ فيهم جزَوا بهَا وَإِن أنعموا لَا كدّروها وَلَا كدّوا صَاحب الْعين: منّ عَلَيْهِ يمنّ منّاً - أحسن إِلَيْهِ وأنعم وَالِاسْم المنّة وَالْجمع منن ومنّ عَلَيْهِ منّاً وامتنّ - قرّعه بمنّ وَهِي المِنّينَى. أَبُو عبيد: الآلاء - النّعم وَأنْشد: همُ المُلوك وأبناءُ الْمُلُوك لَهُم فضلٌ على النَّاس فِي الآلاء والنِعَم وَحكى أَبُو عَليّ عَن ثَعْلَب فِي وَاحِدهَا ألْي وإلْي وَإِلَى وَنَظِيره مِعيٌ ومعًى وإنْي وإنَى وَحكى كرَاع حِسْي وحسًى. صَاحب الْعين: صنعت إِلَيْهِ عُرْفاً أصنعه واصطنعته لنَفْسي - اتخذته وَفُلَان صَنِيعَة فلَان - إِذا اصطنعه وخرّجه. أَبُو عَليّ: جبرْت الرجل - أغنيته بعد فقر وَقد استجبر واجتبر. صَاحب الْعين: الفواضِل - الأيادي الجميلة وَقد تفضّلْت عَلَيْهِ وأفضلت وَرجل مِفضال - كثير الْفضل. وَقَالَ: النِّعْمَة الْبَاطِنَة - الْخَاصَّة وَالظَّاهِرَة - الْعَامَّة. وَقَالَ: رففت الرجل أرفّ رفاً - أَحْسَنت إِلَيْهِ وأسديْت عِنْده يدا وَفِي الْمثل) مَن حفّنا أَو رفّنا فليتْرِك (. أَبُو عبيد: فلَان يحففّنا ويرُفّنا - أَي يُعْطِينَا.
3 - (كُفر النِّعْمَة وشكرها)
قَالَ أَبُو عَليّ: الْكفْر - خلاف الشُكر كَمَا أَن الذّم خلاف الْحَمد فالكفر - ستر النِّعْمَة وإخفاؤها وَالشُّكْر - نشرها وإظهارها وَفِي التَّنْزِيل) واشكروا لي وَلَا تكفرون (وَفِيه) لَئِن شكرتُم لأزيدنّكم وَلَئِن كفرتُم إنّ عَذَابي لشديد (وَقَالَ: فِي لَيْلَة كفَر النّجوم غَمامُها وَقَالَ: كفر كُفراً وكُفوراً كَمَا قيل شكر شُكراً وشُكوراً وَفِي التَّنْزِيل) لمنْ أَرَادَ أَن يذّكّر أَو أَرَادَ شُكورا (وَفِيه) اعْمَلُوا آل داودَ شُكْرا (وَقَالَ) فَأبى أَكثر النَّاس إِلَّا كُفورا (وَقَالُوا الكُفْران وَفِي التَّنْزِيل) فَلَا كُفران لسَعْيه (. ابْن دُرَيْد: رجل كافِر - جاحِد لأنعم الله وَالْجمع كفّار وكفَرة وَرجل كفّار وكَفور وَكَذَلِكَ الْأُنْثَى بِغَيْر هَاء وكفّرْت الرجل - نسبته إِلَى الكُفْر وَرجل مكفّر - مجحود النِّعْمَة وَقد كافَرْته حقّّه - جحدته إِيَّاه. أَبُو عَليّ: الشُكْران كالكفران. ثَعْلَب: الشّكور - السَّرِيع القَبول للسِمَن. قَالَ أَبُو عَليّ: فكأنّ سرعَة قبُوله لذَلِك إِظْهَار للإحسان إِلَيْهِ وَالْقِيَام عَلَيْهِ. وَقَالَ: أشكَر من بَروقة لِأَنَّهَا تخضرّ للغيم. صَاحب الْعين: الْحَمد - نقيض الذّم حمِدته فَهُوَ مَحْمُود وَحميد وحمِدته وأحمدْته - وجدته مَحْمُودًا. أَبُو عبيد: أحمدْت الأَرْض - وَجدتهَا حميدة هَذِه اللُّغَة الفصيحة وَقد يُقَال حمِدتها وَقيل أَحْمد الرجل - فعل مَا يُحمَد عَلَيْهِ. سِيبَوَيْهٍ: حمِدته - جزيته وَقَضيته وأحمدته - استبنْت أَنه مُسْتَحقّ للحمد. عَليّ: وَهَذَا معنى قَوْلهم وجدته كَذَا وَطَعَام لَيست لَهُ محمدة - أَي لَا يحمد والتحميد - حمدُك الله مرّة بعد مرّة وَأحمد إِلَيْك الله - أَي أشكُره عنْدك. وَقَالَ بَعضهم: أَحْمد إِلَيْكُم غسْل الإحليل - أَي أرضاه والشُكْد بلغَة أهل الْيمن كالشكر إِنَّه لَك شاكد. غَيره: غمط نعْمَة الله غمْطاً وغمِطَها - كفرها. صَاحب الْعين: قهِل الرجل(3/424)
قهَلاً - اسْتَقل العطيّة وَكفر النِّعْمَة. وَقَالَ: كند يكنُد كُنوداً - كفر النِّعْمَة وَرجل كنّاد وكَنود. أَبُو عبيد: امْرَأَة كُنُد - كفور للمواصلة. صَاحب الْعين: بطِر النِّعْمَة فَهُوَ بطِر - إِذا لم يشكرها. أَبُو زيد: جدّف بِنِعْمَة الله - كفرها.
3 - (الْمُكَافَأَة والإثابة)
الْأَصْمَعِي: كافأه الرجل بِفِعْلِهِ مُكَافَأَة وَفِي الحَدِيث) الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ (. أَبُو عبيد: مانيْته - كافأته. أَبُو زيد: إِذا فعل بك الرجل فِعْلاً من خير أَو شَرّ فأردْت مكافأته قلت لَك هُديّاها - أَي مثلهَا وَرمى بسهمٍ ثمَّ رمى بآخر هُدَيّاه - أَي مثله. أَبُو عبيد: آزيْت على صَنِيع فلَان - أضعفْت عَلَيْهِ وَأنْشد: نغرِف من ذِي غيِّث ونؤزي صَاحب الْعين: الجُعْل - مَا جعلْت الْإِنْسَان على عمله وَهُوَ الجِعال والجَعالة وَقد أجعلت لَهُ - من الجُعْل فِي الْعَطِيَّة وتجاعلْنا الشَّيْء - جَعَلْنَاهُ بَيْننَا والجَعالات - مَا يتجاعلونه عِنْد البُعوث أَو الْأَمر يحزُبُهم من السُّلْطَان وَجعلت لَهُ كَذَا على كَذَا - شارطْته بِهِ عَلَيْهِ. غَيره: هُوَ من الْوَضع جعلت الشيءَ أجعله جعْلاً - وَضعته. وَقَالَ: الحرْث - الثّواب والنّصيب وَفِي التَّنْزِيل) منْ كَانَ يُرِيد حرْث الدُّنْيَا (. صَاحب الْعين: الْجَزَاء - الْمُكَافَأَة على الشَّيْء وَقد جزيته عَلَيْهِ جَزَاء. أَبُو حَاتِم: جازيته مُجازاة وجِزاء. صَاحب الْعين: جزتْك عني الجوازي خيرا. أَبُو عَليّ: الجازية - الْجَزَاء اسْم للمصدر كالعاقِبة وجزى عَنْك الشَّيْء - قضى. صَاحب الْعين: رصدْته بِالْخَيرِ أرصده رصْداً - ترقّبته بالمكافأة. ابْن الْأَعرَابِي: أرصدْت لَهُ بِالْخَيرِ وَالشَّر لَا يُقَال إِلَّا بِالْألف. أَبُو زيد: رصدته - ترقّبته وأرصدْت لَهُ الْأَمر - أعددته. أَبُو عبيد: الدِين - الْجَزَاء وَقد دِنته وَيَوْم الدّين - يَوْم الْجَزَاء مِنْهُ والدّيّان - الله جلّ وعزّ لِأَنَّهُ المُجازي وَفِي الْمثل) كَمَا تَدين تُدان (. ابْن دُرَيْد: ماتَنته وواتنتُه - إِذا فعلت بِهِ مثل مَا يفعل بك. وَقَالَ: أَعْطيته ثَوَابه ومَثوبتَه - أَي جَزَاء عمله. أَبُو زيد: ومَثوبَته كَذَلِك. ابْن جني: أما مثوبة فمُعتلّة وَأما مثْوبة فعلى الأَصْل وَإِنَّمَا حقّه مَثابة وَنَظِيره عِنْدهم الفُكاهة مَقْوَدة إِلَى الْأَذَى وَقد أثابه الله وأثوبَه وثوّبه وَقد تقدم أَن الثّواب والمَثوبة الْعَطاء. ابْن دُرَيْد: لأنبُلنّك بنَبالتك - أَي لأجزينّك جزاءك. أَبُو حَاتِم: أجره الله بأجِرُه أجْراً وآجَره وَهُوَ الْأجر وَالْجمع أجور. أَبُو زيد: أُجِر فلَان ابنَه - إِذا مَاتَ.
(بَاب النَّفْع والضّر)
نَفعه يَنْفَعهُ نفعا وانتفع بِهِ. ابْن الْأَعرَابِي: مَا لَك فِيهِ نفيعة - أَي منتفَع. ابْن السّكيت: غارَني يغيرني ويَغورني - نَفَعَنِي وَأنْشد: ونهديّة شَمْطَاء أَو حارثيّة تؤمل نهْباً من بَنيها يَغيرفها والغيرة - الْميرَة مِنْهُ وَالْجمع غير وَقد تقدم أَن الْغيرَة الدِية. أَبُو عبيد: الضّر - ضد النّفع ضرّه يضرّه ضرّاً وضرراً ومضرّة. أَبُو زيد: ضرّ بِهِ وأضرّ بِهِ. الْأَصْمَعِي: ضارّه مُضارّة وضِراراً. أَبُو عبيد: لَيْسَ عَلَيْك ضَرَر وَلَا ضارورة فَأَما الضُرّ فسوء الْحَال. ثَعْلَب: الضُرّ والضّرر والتّضِرّة - سوء الْحَال. أَبُو عبيد: الضّرّاء - الشدّة وَكَذَلِكَ الضّرارة. ابْن السّكيت: ضارَه يَضيره ضيْراً ويَضوره كَذَلِك.
3 - (منع العطيّة وارتجاعها)
أَبُو عبيد: صفحْت الرجل وأصفحْته - إِذا سَأَلَك فمنعته وحكمْته - منعته مِمَّا يُرِيد. ابْن دُرَيْد: حكّمته(3/425)
وأحكمْته - منعته وَمِنْه اشتقاق حِكْمَة الدَّابَّة. قَالَ: وكل شَيْء منعته فقد أحكمته وَأنْشد: أحكم الجُنثيّ من صنعتِها كل حِرباء إِذا أُكرِه صَلّ يرْوى الجِنثي بِالرَّفْع وَالنّصب فَمن نَصبه جعله السّيف فَيَقُول هَذِه الدِرْع لأحكام صنعتها تمنع السَّيْف أَن يمْضِي فِيهَا وَمن رفع جعله الحدّاد والزّرّاد أحكم صَنْعَة هَذِه الدِرع. صَاحب الْعين: وكل مَا منعْته من الْفساد فقد حكّمْته وأحكمته. أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ حضنْته عَنهُ أحضُنه حضْناً وحَضانة واحتضنْته وأعدَبته وَكَذَلِكَ عَذبته وأعذَبْت عَنهُ - أضربت. ابْن دُرَيْد: استعذبْت عَنْك - انْتَهَيْت. أَبُو عبيد: أوكحَ عطيّته - قطعهَا. وَقَالَ: صرَيْته - منعته وَمِنْه قَول ابْن مقبل: وَلَيْسَ صاريَه من ذكرِها صاري وَقيل صَراه الله - وَقَاه. ابْن دُرَيْد: نكدَني حَاجَتي - مَنَعَنِي إِيَّاهَا. أَبُو زيد: خبّ الرجل - منع مَا عِنْده وخبّ - نزل مَكَانا خفيّاً وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي: فقومي يعلمُونَ فسائليهم إِذا مَا خبّ أَرْبَاب الفِراع قيل من زعم أَن خبّ منع جعل الفِراع الْإِبِل وَمن زعم أَن خبّ نزل جعل الفراع مَا ارْتَفع من الأَرْض لِأَنَّهُ يصِف الجدْب وَلَيْسَ كل أحد ينزِل فِي الجدب من الْموضع الْمُرْتَفع مَخَافَة أَن يُقْصَد والمقصّر - الَّذِي يخسّ الْعَطِيَّة ويُقِلّ قصّرْت بِهِ - أَعْطيته مَخْسوساً. أَبُو عَليّ: والمُقطَع - الَّذِي يعْطى أَصْحَابه وَلَا يُعطى هُوَ أَو يُفرَض لَهُم وَلَا يفرَ لَهُ كَأَنَّهُمْ خُصّوا بالعطاء دونه أَو خُصّ بالحرمان دونهم من قَوْلهم هُوَ مُنْقَطع القَرين فِي الْخَيْر وَالشَّر - أَي لَا نَظِير لَهُ وَقَالُوا عكصْته عَن حَاجته - رَددته عَنْهَا وعكصْت الشيءَ أعكِصه عكْصاً كَذَلِك. صَاحب الْعين: الحِرمان - ضد الْإِعْطَاء. ابْن السّكيت: حرمْته الشيءَ أحرِمه حرِماً وحِرماناً. أَبُو عُبَيْدَة: حرمْته حريماً. ثَعْلَب: حرِمته حِرماً وحِرمة وحرِمة وحريمة. ابْن السّكيت: وَقَوْلهمْ للرجل إِذا رُدّ عَن حَاجته) رَجَعَ بخُفّي حُنين (قَالَ كَانَ حنين رجلا شَرِيدًا ادّعى إِلَى أَسد بن هَاشم بن عبد منَاف فَأتى عبدَ المطّلب وَعَلِيهِ خُفّان أَحْمَرَانِ فَقَالَ يَا عمّ أَنا ابْن أسَد بن هَاشم فَقَالَ عبد الْمطلب لَا وَثيَاب هَاشم مَا أعرف شمائل هَاشم فِيك فَارْجِع فَقَالُوا رَجَعَ حُنين بخفّيه فَصَارَ مثلا فَإِذا رُدّ رجل عَن حَاجته قيل رَجَعَ بخفّي حنين. قَالَ أَبُو عبيد: كَانَ حنين إسكافاً من أهل الْحيرَة ساومَه أَعْرَابِي فِي خُفَّيْنِ فأغضبه فَأَرَادَ حنين غيظه فَأخذ خفّيه وَجعل لَهُ أَحدهمَا على طَرِيقه ثمَّ وضع لَهُ الثَّانِي بعد مَسَافَة فَلَمَّا قدِم الْأَعرَابِي رَأْي الخفّ فَقَالَ مَا أشبه هَذَا الخفّ بخف حنين وَلَو كَانَ لَهُ صَاحب لَأَخَذته فَلَمَّا وجد الثَّانِي نزل عَن نَاقَته وَانْصَرف وَتركهَا برحلها وحُنين يرَاهُ فبدر إِلَى نَاقَته فركبها وأتى الْأَعرَابِي بالخف الثَّانِي فَلم يجد نَاقَته فَأتى قومه فَقَالُوا بِمَاذَا جِئْت من سفرك قَالَ جِئتُكُمْ بخفّي حنين. أَبُو عبيد: ارتجع المَال - رجعه بعد إِعْطَائِهِ وَرجع فِي هِبته كَذَلِك وَذَلِكَ كَمَا يرجِع الْكَلْب فِي قيئه. صَاحب الْعين: كل مَا منعْته فقد عصرْته واعتصرْته وَفِي الحَدِيث) يعتصر الْوَالِد على وَلَده فِي مَاله (أَي يحبِسه عَنهُ ويمنعه. غَيره: عزرْته عَن الْأَمر - منعته. صَاحب الْعين: حظرت الشَّيْء أحظره حظْراً - منعته وحظرت عَلَيْهِ كَذَلِك وَفِي التَّنْزِيل) وَمَا كَانَ عَطاء ربّك مَحْظُورًا (والحظْل - الْمَنْع حظل يحظِل ويحظُل حظْلاً وحظَلاناً والحظْل - غيرَة الرجل على الْمَرْأَة وَمنعه إِيَّاهَا من التَّصَرُّف من ذَلِك وَقَالُوا بلغ النَّاس كُدية فلَان - إِذا أعْطى ثمَّ منع.(3/426)
3 - (اسْتِقْلَال الْعَطِيَّة وردهَا)
ابْن السّكيت: ازدهدْت عطاءه - استقللته وَعَطَاء زهيد - قَلِيل وَرجل مزهِد - يُزهَد فِي مَاله لقلّته. أَبُو زيد: وفرْتُه عطاءَه - إِذا رددْتَه عَلَيْهِ وَأَنت راضٍ أَو مستقلّ.
3 - (الحُبّ والمصادقة والصحبة)
ابْن السّكيت: أَحْبَبْت الرجل إحْباباً ومحبّة وَأَنا محبّ وَهُوَ محَب وَأنْشد: وَلَقَد نزلْتِ فَلَا تظنّي غيرَه مني بِمَنْزِلَة المحبّ المكرم ولغة أُخْرَى حببْته أحبّه حبا وحِباً وَحكى بَعضهم مَا هَذَا الحِب الطارق وَهُوَ مَحْبُوب وحبِيب وَأنْشد: أحِبّ أَبَا مَرْوَان من أجل تمرِه وَأعلم أَن الرِفْق بالجار أرفَقُ وَوَاللَّه لَوْلَا تمرُه مَا حببته وَلَا كَانَ أدنى من عُبيدٍ ومُشرِق سِيبَوَيْهٍ: أحب وإِحِب أتبَعوا وَهُوَ شَاذ. عَليّ: إِنَّمَا قضى عَلَيْهِ بالشذوذ لِأَن الضمة فِي أحب وَأَخَوَاتهَا لِمَعْنى الْإِشْعَار بأحببت وَلَيْسَ كنِحِيف لِأَن تِلْكَ مضارعة. ابْن السّكيت: أَنْت من حُبّة نَفسِي وحُمّتها - أَي مِمَّن تحبّه نَفسِي. أَبُو عبيد: أحبّه الله فَهُوَ مَحْبُوب. قَالَ: وَذَلِكَ لأَنهم يَقُولُونَ فِيهِ قد فُعِل بِغَيْر ألف ثمَّ بُني مفعول على هَذَا وَإِلَّا فَلَا وَجه لَهُ. وَقَالَ: امْرَأَة محبّ لزَوجهَا كَمَا يَقُولُونَ عاشق وَيُقَال حبّ بفلان - يَعْنِي مَا أحبّه إليّ. قَالَ: وَقَالَ الْفراء مَعْنَاهُ حبُبَ بفلان ثمَّ أدغِم. صَاحب الْعين: المحبّة - الحبّ. الْأَصْمَعِي: اخترْ حِبّتَك وحُبّتك من النَّاس وَغَيرهم - أَي من تحبّّ وَمَا تحبّه والحِب - المحبوب وَالْأُنْثَى بِالْهَاءِ وَجمع الحِبّ حِبّان وحُبوب وحُبّ وحِببَة وأحباب. أَبُو عبيد: حبيب وأحباب للمحبوب وحبّبْتُ إِلَيْهِ الْأَمر - جعلته يحبّه وهما يتحابّان - أَي يُحب كل وَاحِد مِنْهُمَا صاحبَه وحبّ إليّ هَذَا الشَّيْء يحَبّ حُبّاً وحبابُك أَن يكون ذَلِك - أَي غَايَة حُبِّك والتحبّب - إِظْهَار الْحبّ وَحكى غَيره: فِي سَاعَة يحبّها الطَّعَام - أَي يحبّ فِيهَا وَحكى ابْن جني حَبُبْت إِلَيْهِ وَلَا نَظِير لَهُ إِلَّا شررْت ولَببت. وَقَالَ السكرِي: الحِباب - الحُب وَأنْشد لصخر الغَي: إِنِّي بدهْماء عزّ مَا أجِد عاودَني من حِبابها الزّؤدُ صَاحب الْعين: الملَق - شدَّة لُطْف الودّ ملِق ملَقاً وتملّق وَرجل ملِق وملاّق. ابْن السّكيت: تملّقته كَذَلِك. صَاحب الْعين: كلِفْت بالشَّيْء كلَفاً وكلِفْته فَأَنا كلِف بِهِ ومكلّف - أَي أحببته. وَقَالَ: صادَقته مصادقة وصِداقاً وَالِاسْم الصّداقة وَهُوَ الصّديق وَالْجمع صدَقاء وصُدْقان وأصدقاء وأصادِق وَقد يكون الصّديق وَاحِدًا وجمعاً. ابْن السّكيت: ومِقْته مِقَة. أَبُو عَليّ: ومِقْته ومْقاً. ابْن جني: رجل وامِق ووميق وَأنْشد: سقى دارَ سلمى حَيْثُ حلّت بهَا النّوى جزاءَ حبيب من حبيب وميقِ ابْن السّكيت: ودِدته وُدّاً ومودّة وودادة ووِداداً ومودّة. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: المودّة جَاءَ فِيهِ الْمصدر على مفعلة وَلم يُشاكل بَاب موجِل فِيمَن كسر الْجِيم لِأَن وَاو يوجَل قد تعتلّ بقلبها ألفا فَأَشْبَهت وَاو يعِد فكسروها كَمَا كسروها الْموعد وَإِن اخْتلف التغييران فَكَانَ تَغْيِير ياجَلُ قلْباً وتغيير يعِد حذفا. ابْن السّكيت: هم وُدّي وأوُدي(3/427)
وأودّائي ووديدُك - الَّذِي يوادُّك. سِيبَوَيْهٍ: رجل ودود وَالْجمع وُدداء شبّهوها بفعيل لِأَنَّهُ مثلُ فِي الزِنة وَالزِّيَادَة وَلم ينفوا التَّضْعِيف لِأَن هَذَا اللَّفْظ فِي كَلَامهم نَحْو خُششاء وَكَانَ لي ودّاً وخُلاً ووِداً وخِلاً وَقد خالَلته وبيني وَبَينه خلُّ وخَلالة وخِلالة وخُلولة وخُلّة وَهُوَ خُلّتي وخَليلي والخُلّة تقع على الْوَاحِد والجميع والخليل كَذَلِك أما الخِلال فقد يكون مصدر خاللته وَقد يكون جمع خُلّة لِأَن فُعْلة مِمَّا يُكسّر على فِعال وَهَذَا مَذْهَب أبي إِسْحَاق حَكَاهُ عَنهُ أَبُو عَليّ وَأنْشد ابْن السّكيت: ويخبرهُم مَكَان النُّون مني وَمَا أُعطيته عرَق الخِلال ويروى وتخبرهم بِالتَّاءِ النُّون سيف وعرَق الخِلال - أَي لم يعرَق لي بِهِ عَن مودّة وَإِنَّمَا أَخَذته غصْباً والخليل - الصّديق وَالْجمع أخِلاّء وخُلاّن وَالْأُنْثَى خَلِيلَة. أَبُو زيد: فَأَما الْخَلِيل يَعْنِي إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَالَّذِي سَمِعت فِيهِ أَن معنى الْخَلِيل أصْفى المودّة هَذَا لَفظه وَالصَّحِيح أَن يَقُول إِن مَعْنَاهُ الصّفيّ المودّة. أَبُو زيد: الأخُ - الصّديق وَحكى فِي جمعه إخْوَان وأُخوان وَهِي الأُخوّة والإخاء. ابْن السّكيت: آخيته مؤاخاة وإخاء وَحكى بَعضهم واخَيته وتأخّيت الرجلَ - اتخذته أَخا. ابْن دُرَيْد: صافيته مُصافاة - صادَقته. ابْن السّكيت: هم صِفيّتي وهم أصفِيائي وَهُوَ سَجيري وهم سُجرائي وَأنْشد: سُجَراء نَفسِي غير جمْعِ أُشابة حُشُدٍ وَلَا هُلُكِ المفارِش عُزّل أَبُو عبيد: السّجير - الصّديق والخِدْن والشّجير - الْغَرِيب. أَبُو زيد: حفَش لَهُ الودّ - إِذا أخرج كلّ مَا عِنْده وحفشَت الْمَرْأَة الودّ لزَوجهَا - اجتهدت فِيهِ. وَقَالَ: باحَتَ الرجل الرجلَ الودَّ - أخلصَه لَهُ وباحتَه أَيْضا - كاشفَه. ابْن السّكيت: هُوَ خُلْصاني وهم خُلصاني. الْأَصْمَعِي: أخلَصْته الودّ وأخلصْته لَهُ وهم يتخالصون - أَي يخلِص بَعضهم بَعْضًا وَمِنْه أخلصْت لله ديني - أَي أمحضْته لَهُ وَكلمَة التَّوْحِيد يُقَال لَهَا كلمة الْإِخْلَاص وكلّ مَا محُض ونَجا فقد خلص يخلُص خُلوصاً وخَلاصاً. ابْن السّكيت: حواريّ الرجل - خُلصانُه وَمِنْه قيل للزُبير حَواريّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَي خُلصانه. صَاحب الْعين: حَواريّ الرجل - نصيره وَأَصله فِي أنصار عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ كَانُوا قصّارين والحَواريّ - القصّار لتحويره الثّوب أَي تبييضه إِيَّاه ثمَّ صَار كل نصير حوارياً وخصّ بَعضهم بِهِ أنصار الْأَنْبِيَاء والخاصّة والخُصّان - من تختصّه لنَفسك وَقد خصصته بودي أخُصّه خصّاً وخُصوصاً واختصصْته وَالِاسْم الخصوصية والخَصوصية والخِصّيصَى والخِدْن والخَدين - الصاحب المحدّث وَالْجمع أخْدان. ابْن دُرَيْد: وخُدَناء والمخادنة - المصاحبة. أَبُو زيد: واصلْته مواصَلة ووِصالاً - صاحبته يكون فِي عَفاف الحبّ ودَعارته. ابْن السّكيت: لَفيف الرجل - صديقه وَيُقَال هُوَ دُخلَلُه ودُخلُلُه. صَاحب الْعين: ودَخيله وَقد دَاخله مُداخلة - باطنَه. ابْن السّكيت: الخِلْم الصّديق وَالْجمع أخلام. أَبُو زيد: وَقد خالمْته.(3/428)
ابْن السّكيت: والصّرْد - الحبّ الْخَالِص والصّرَح - الْخَالِص وَقيل الصّرَح - الْخَالِص من كل شَيْء. أَبُو عبيد: أمحَضْته الودّ والنّصيحة - صدقْته إِيَّاه وأخلَصْتُه لَهُ. أَبُو زيد: أمحضْته إِيَّاه وأمحضْته لَهُ. الْأَصْمَعِي: أفرَشَني بطْن أمره وظهرَه - أَي سرّه وعلانيته. ابْن السّكيت: الشّراشِر - الْمحبَّة وَأنْشد: وَمن غَيّة تُلقى عَلَيْهَا الشّراشِرُ وَقد تقدم أَنه النَّفس. أَبُو عبيد: ألْقى عَلَيْك شراشِرَه وأرواقَه وَهُوَ - أَن تحبّه حَتَّى تستهلك فِي حبه. ابْن السّكيت: الحبْل - الوِصال. وَقَالَ: غرِضْت إِلَى لقائك غرَضاً - اشتقْت وَيُقَال نعم وحُبّاً وكُرماً وَنعم وحباً وكرامة وحباً وكُرمة. قَالَ: وحُكي عَن زِيَاد بن أبي زِيَاد لَيْسَ ذَلِك لَهُم وَلَا كرمة. ابْن دُرَيْد: ألْقى عَلَيْهِ رخمته - أَي محبته. أَبُو زيد: رخِمَه رخْمة كرحمه رَحْمَة. ابْن دُرَيْد: شاخَلْت الرجل - صافيتُه وشخْل الرجل - صفيّه. صَاحب الْعين: الشّخْل - الغُلام الحَدِيث يصادِق رجلا. ابْن دُرَيْد: مِطْو الرجل - صديقه وَنَظِيره وسَرَويّة وَأَشد: ومِطْوايَ مُشتاقان لَهُ أرِقانِ وَقَالَ: صبوْت إِلَيْهِ صُبُوّاً وصَبْواً - حننْت وَكَانَت قُرَيْش تسمي أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصُباة. أَبُو عبيد: بلِلْت بفلان بللاً - مُنيت بِهِ وعلِقته وبلِلْت بِهِ - ظفِرت. الْكسَائي: طويته على بُللَته وبُلولَته وبُلّته - أَي عَليّ مَا فِيهِ من عيب وَقيل على بَقِيَّة ودّه. صَاحب الْعين: قيّض الله لَهُ قريناً - هيّأه لَهُ وَفِي التَّنْزِيل) وَمن يعْشُ عَن ذِكر الرّحمنِ نقيّض لَهُ شَيْطَانا (والدّرْدَجة - ترافُق الرجلَيْن بالمودّة. وَقَالَ: فلَان مَجْرس لفُلَان - مَعْنَاهُ أَنه إِنَّمَا ينشرِح للْكَلَام مَعَه وعندَه وَأنْشد: أَنْت لي مجْرَس إِذا مَا نَبا كلّ مجْرَس ابْن دُرَيْد: ناموس الرجل - صَاحب سِرّه وَقد نمَس ينمِس نمْساً ونامَس صاحبَه - سارّه وَمِنْه الحَدِيث) لَئِن كنتِ صدَقْتِني إِنَّه ليَأْتِيه النّاموس الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى بنَ عِمران عَلَيْهِ السَّلَام (. صَاحب الْعين: وليجة الرحلِ - بِطانتُه ودِخْلَته. أَبُو عبيد: مَا بيني وَبَين فلَان مُثْر - أَي أَنه لم يَنْقَطِع وأصل ذَلِك أَن يَقُول لم ييْبَس الثّرى بَين وَبَيْنكُم وَأنْشد: فَلَا تُوبِسوا بيني وبينَكُم الثّرى فإنّ الَّذِي بيني وبينكُمُ مُثري وَقَالَ: لاطَ حُبّه بقلبي يلوط ويَليط - أَي لصِق وَإِنِّي لأجِد لَهُ لوْطاً ولَيْطاً. صَاحب الْعين: المعاشرة - المداخلة وَقد عاشرَه وَالِاسْم العِشْرة والعَشير والمعاشِر مِنْهُ وَقيل للبَعْل عَشير وتعاشَروا - عَاشر بَعضهم بَعْضًا. ثَعْلَب: عاشَرْته واعتشرْته. صَاحب الْعين: الصُحبة - المعاشرة صحِبَه صُحبة وصَحابة وصِحابة وَصَاحبه والصاحب - المعاشِر. قَالَ أَبُو عَليّ: غلب غلَبة الْأَسْمَاء وبَعُد عَن الْوَصْف أَلا ترى أَنَّك لَا تَجِد الظّرْف والحالَ عَنهُ فَصَارَ من بَاب لله درُّك فِي أَنه قد غلب غَلَبَة الِاسْم والى هَذَا ذهب سِيبَوَيْهٍ وجمعُ الصاحب أَصْحَاب وصُحْبان وصِحاب وصَحابة وصِحابة وأصاحِيب جمع أَصْحَاب. سِيبَوَيْهٍ: فَأَما أَصْحَاب فَمن بَاب مَا كُسِّر على غير بِنَاء واحده وَأما صفحْبان فَلِأَنَّهُ قد غلب غَلَبَة الْأَسْمَاء فَأجرى فِي التكسير مجْرى حاجر وحُجْران لِأَن فَاعِلا اسْما مِمَّا يكسّر على فُعْلان كثيرا. صَاحب الْعين: فَأَما الصُحبة والصَّحْب فاسمان للْجَمِيع. أَبُو عَليّ: وَقَالُوا فِي النِّسَاء هنّ صواحِبات يُوسُف وَهَذَا كَقَوْلِه:(3/429)
فهنّ يعلُكْن حدائِداتِها صَاحب الْعين: اصطحَب الرّجلَانِ وتصاحبا وأصحَب الرجل - صَار ذَا صَاحب وأصْحَب - بلغ ابنُه مبلغَ الرِّجَال فَصَارَ مثلَه فَكَأَنَّهُ صاحِبه وكل مَا لاءم شَيْئا فقد استصحبه وَأنْشد: إنّ لَك الفضلَ على صحبتي والمِسْك قد يستصحِب الرّامِكا وَحكى غَيره أصحبْت الرجل - حفِظْته وَقَوله تَعَالَى) وَلَا هُم منّا يُصحَبون (مَعْنَاهُ يُحفَظون. صَاحب الْعين: التّماسُح - التّصادق.
3 - (التحوّل عَن الإخاء)
صَاحب الْعين: الخيْدَع والعَزوف - الَّذِي لَا يثبت على إخاء وَحكى الْفَارِسِي عَن ثَعْلَب ذُو خبنات وخنَبات فِي هَذَا الْمَعْنى وَأما أَبُو عبيد: فَقَالَ هُوَ الَّذِي يُصلِح مرّة ويُفسد أُخْرَى. أَبُو زيد: رجل إمّعة - لَا يثبت على إخاء يَقُول لكل أحدٍ أَنا مَعَك وَيُقَال للرجل إِذا تحوّل عَن الإخاء مَا شمّ خِمارك - أَي مَا أَصَابَك.
3 - (المؤانسة)
أَبُو عبيد: أنِسْت بِهِ وأنَسْت أُنسا. ابْن دُرَيْد: أنِس بِهِ وأنَس وأنُس. أَبُو زيد: أنِست بِهِ إنساً فَأَما الإنْس فَحَدِيث النِّسَاء. أَبُو عبيد: أَهِلْت بِهِ - استأنست. صَاحب الْعين: كل شَيْء من الدَّوَابّ ألِف مَكَانا فَهُوَ أهِل وأهليّ. أَبُو عبيد: ودَقْت بِهِ - استأنَست. قَالَ أَبُو عَليّ: وَأَصله القُرب. أَبُو عبيد: بسِئت بِهِ وبسأت. ابْن دُرَيْد: أبسأ بسئاً وبُسوءاً. أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ بهأت بِهِ. ابْن دُرَيْد: أبْهأ بهئاً وبُهوءاً. ابْن السّكيت: بهِئت بِهِ وبهأت. أَبُو زيد: بهُؤت بِهِ بَهاءً. قَالَ أَبُو عَليّ: وَمِنْه اشتقاق البَهاء وَهِي - النَّاقة الَّتِي تستأنِس إِلَى الحالب. غَيره: بهيت بِهِ بهْياً كَذَلِك. صَاحب الْعين: اللهَع واللهِع واللهيع من الرِّجَال - المسترسل إِلَى كل أحد وَقد لهِع لهَعاً ولَهاعة وَبِه سمي لَهيعة وَقيل هِيَ مُشْتَقَّة من الهلَع مَقْلُوبَة وَقد قدمت أَنَّهَا من اللهَع وَهُوَ التفيْهُق فِي الْكَلَام. وَقَالَ: أدْلَلت عَلَيْهِ وتدلّلت - انبسطت والدّالّة - مَا تُدِلّ بِهِ على حَميمك ودلّ الْمَرْأَة ودَلالُها - تدللها على زَوجهَا. أَبُو زيد: تبكّلت عَلَيْهِ - تدلّلت.
3 - (المخالطة)
قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ أَحْمد بن يحيى خالطْته خُلطة وَهِي الخِلّيطَى تُمدّ وتُقْصر وَقَالُوا الخُلَيطاء الْمَدّ فِيهَا أَكثر. أَبُو زيد: مَال الْقَوْم خِلّيطَى وخُليْطى وخُليْطى. قَالَ أَبُو عَليّ: فَأَما قَوْلهم وَقَعُوا فِي خُلّيطى فمقصور. أَبُو زيد: وَهُوَ الخَليط وَالْجمع خُلُط. صَاحب الْعين: الخليط - الَّذين أمرُهم وَاحِد. قَالَ أَبُو عَليّ: هُوَ وَاحِد وَجمع. أَبُو زيد: الخليط - المفاوض المشارك فِي المَال وَالْجمع خُلَطاء. أَبُو عبيد: الخِلاط - أَن يكون بَين الخليطين مائَة وَعِشْرُونَ شَاة لأَحَدهمَا ثَمَانُون وَللْآخر أَرْبَعُونَ فَإِذا جَاءَ المصدّق فَأخذ مِنْهَا شَاتين ردّ صَاحب الثَّمَانِينَ على صَاحب الْأَرْبَعين ثلث شَاة فَيكون عَلَيْهِ شَاة وَثلث وعَلى الآخر ثلثا شَاة وَإِن أَخذ المصدّق من الْعشْرين وَالْمِائَة شَاة وَاحِدَة ردّ صَاحب الثَّمَانِينَ على صَاحب الْأَرْبَعين ثُلثي شَاة فَيكون على صَاحب الثَّمَانِينَ ثُلثا شَاة وعَلى صَاحب الْأَرْبَعين ثلث شَاة وَمِنْه الحَدِيث) لَا خِلاط وَلَا وِراط (الوِراط - الخديعة والغشّ وَقيل لَا ِوراط وَلَا خِلاط - لَا يُجمَع بَين متفرق وَلَا يُفرّق بَين مُجْتَمع وَقد خلط القومَ خلْطاً وخالطهم - داخلهم(3/430)
والخَلِط - الْمُخْتَلط بِالنَّاسِ الَّذِي يتملّقهم ويتحبب إِلَيْهِم وَقيل هُوَ - الَّذِي يُلقي نِسَاءَهُ ومتاعه بَين النَّاس وَالْأُنْثَى خلِطة. السيرافي: وَهُوَ الخُلُط. ابْن دُرَيْد: أمرُهم فوضي بَينهم وفَيْضُوضى وفوضوضى - إِذا كَانُوا مشتركين فِيهِ وَقد تفاوَضا - اشْتَركَا. صَاحب الْعين: متاعُهم بَينهم فضاً كَذَلِك وَمِنْه ألقيت ثوبي فضاً - أَي لم أودعهُ. أَبُو عبيد: بَينهم المُلتَبية غير مَهْمُوز - أَي هم متفاوضون لَا يكْتم بعضُهم بَعْضًا. غير وَاحِد: العِشْرة - المخالَطة وَقد عاشرْته وتعاشَروا واعتشروا وَقد تقدم أَنَّهَا الصّداقة. ابْن دُرَيْد: تخالى الْقَوْم خلاء - إِذا كَانُوا حُلفاء ثمَّ تباينوا. أَبُو حَاتِم: شرِكْتك فِي الأر - إِذا كَانَ شَرِيكا لَهُ وأشركتُك معي. صَاحب الْعين: الشِرْك وَالشَّرِكَة والشّرِكة - مُخَالطَة الشّريكين واشتركنا فِي معنى تشاركْنا. وَقَالَ: شريك وشُرَكاء وأشْراك وَتقول هَذِه شريكتي وَفِي الْمُصَاهَرَة رغِبْنا فِي شرككم وصهرِكم وكل مَا كَانَ الْقَوْم فِيهِ سَوَاء فَهُوَ مشترَك كالفريضة وَمِنْه الطَّرِيق مُشْتَرك. صَاحب الْعين: المحاوزة - المخالطة وَأنْشد: فلمّا اطمأنت فِي يَدَيْهِ رَأْي غِنى أحَاط بِهِ وازورّ عمّا يحاوِز والضّيْزن - الشَّرِيك. ابْن السّكيت: أَمْوَالهم سَويطة بَينهم - أَي مختلطة. ابْن دُرَيْد: لابَسْته - خالطته. ابْن كيسَان: المُبادّة فِي السّفر - أَن يُخرِج كل إِنْسَان شَيْئا من النَّفَقَة ثمَّ يجمعوها فيُنفِقوها بَينهم.
3 - (الْإِيدَاع)
أَبُو عبيد: استودعْته مَالا وأودعته - إِذا دَفعته إِلَيْهِ يكون عِنْده وأودعته - إِذا سَأَلَك أَن تقبَل مَا يودِعُكَه فقبلته وَاسم مَا استودعْته الْوَدِيعَة وَالْجمع الودائع وَقَوله تَعَالَى) فمستقَرّ ومستودَع (المستودَع - مَا فِي الْأَرْحَام. صَاحب الْعين: استحفظته مَالا وسراً - استودعته إِيَّاه فحفِظه عليّ حِفظاً - أَي رعاه وَفِي التَّنْزِيل) بِمَا استُحفِظوا من كتاب الله (.
(بَاب الثِّقَة)
صَاحب الْعين: وثِقْت بِهِ وثاقة وثِقة وَرجل ثِقة وَكَذَلِكَ الإثنان والجميع وَقد يجمع على ثِقات.
3 - (الْمُشَاورَة والاستبداد)
قَالَ أَبُو زيد: استرأيته - استدعيت رَأْيه. وَقَالَ: رَأْي وآراء ورُئي وَلم يحْك سِيبَوَيْهٍ إِلَّا آراء. أَبُو عبيد: شاورته فِي الْأَمر وَهِي الشّورى. سِيبَوَيْهٍ: وَهِي المشورة مفعُلة وَلَيْسَت مفعولة لِأَنَّهَا مصدر وَلَيْسَ فِي المصادر مفعولة وَقد استشرْته. ابْن السّكيت: مالأته على الْأَمر - واطأته وجامعْته عَلَيْهِ مجامعة وجِماعاً وَقد تمالئوا عَلَيْهِ وتواطئوا. أَبُو زيد: استبدّ بِرَأْيهِ - انْفَرد. أَبُو عبيد: عكل يعكِل عكْلاً - استبدّ بِرَأْيهِ وعشنَ واعتشن وحدَس يحدِس حدْساً. قَالَ أَبُو عبيد: عكل وحدَس - قَالَ بقوله عشن واعتشن - رأى بِرَأْيهِ وكِلا الْقَوْلَيْنِ قريب. أَبُو زيد: الانتياط - اقتضاب الشَّيْء بِرَأْيِك من غير مُشاورة. وَقَالَ: رجل سُكاكة فِي رجال سُكاكات وَهُوَ - الَّذِي يمْضِي لرأيه لَا يشاور أحدا وَلَا يُبالي كَيفَ وَقع رَأْيه. وَقَالَ: ارتحلْت برأيي - تفرّدت بِهِ ومضيت لَهُ وانخزلْت بِهِ كَذَلِك. أَبُو زيد: تركته وخيدَبته - أَي أمره. أَبُو عبيد: فنكَ فِي أمره - ابتزه وَأنْشد: إِذْ فنكَتْ فِي فسادٍ بعْد إصْلَاح والفتْك مثله سَوَاء. أَبُو عبيد: من أحدث دونَك شَيْئا فقد فاتك بِهِ وافتاتَ عَلَيْك فِيهِ وَفِي حَدِيث عبد(3/431)
الرَّحْمَن بن أبي بكر أمِثلي يُفْتات عَلَيْهِ فِي بناتِه.
3 - (النَّصِيحَة والوَصاة)
صَاحب الْعين: نصحت لَهُ ونصحته أنصح نُصحاً ونصيحة فيهمَا وَفِي التَّنْزِيل) وأنصح لكم (وَأنْشد: نصحْت بني عوفٍ فَلم يتقبّلوا رَسُولي وَلنْ تنجح لديهم وسائلي وَرجل نَاصح الجيب - أَي نقي الصّدر لَا غِشّ عِنْده كَقَوْلِهِم طَاهِر الثَّوْب والنّصاحة - النُصْح والتنصّح - كَثْرَة النُصح وَمِنْه قَول أكثَم لِبَنِيهِ إيّاكُم وَكَثْرَة التنصّح فَإِنَّهُ يُورث التُهَمة. أَبُو زيد: هُوَ مجهد لَك - أَي محتاط. صَاحب الْعين: وصّيْت الرجلَ وأوصيته وَالِاسْم الوَصاية والوِصاية والوصيّة والوصيّ - الْمُوصى والموصي.
3 - (الْمُبَايعَة)
البيع - ضد الشِّرَاء وَقيل هما سَوَاء يسْتَعْمل كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي معنى صَاحبه وَقد بِعْت بيعا فيهمَا وَقد بِعته الشَّيْء وبعته مِنْهُ وابتعته - اشْتَرَيْته والبَيِّعان - البَائِع وَالْمُشْتَرِي وَالْبيع أَيْضا - اسْم الْمَبِيع وَالْجمع بُيوع والبِياعات - الْأَشْيَاء الَّتِي تُبتاع للتِّجَارَة والبَيعة - الصّفْقة على إِيجَاب البيع. سِيبَوَيْهٍ: رجل بَيوع وبيّاع من البَيع. ابْن السّكيت: أبَعْت الشيءَ - عرّضته للْبيع وَأنْشد: ورضيت أفْلاء الكُمَيت فمَن يُبِع فرسا فَلَيْسَ جَوادُنا بمُباع وَالرِّوَايَة ورضيت آلَاء الْكُمَيْت وآلاؤه - خِصاله الجميلة. صَاحب الْعين: عارضْته فِي البيع فعرضته أعرُضُه عرْضاً - غبنْته وعرضْت لَهُ من حَقه نوْباً أعرِضه عرْضاً - أَعْطيته إِيَّاه مَكَان حَقه واعرِض لي بِأَيّ مَالك شِئْت حَتَّى آخذَه مَكَان حَقي وَمَا عرض عوّضْتك قَالَ: هَل لكِ والعارضُ منكِ عائِضف فِي هجْمة يُسْئر منهاالقابِض وَقد تقدم تَفْسِير هَذَا الْبَيْت. وَقَالَ: شريْت الشَّيْء شِرًى وشِراء - بِعته واشتريته وشارَيته مُشاراة وشِراء - بايعته وعَلى هَذَا وجّه بَعضهم مدّ الشِراء والشُراة - الحَرورية من ذَلِك لأَنهم اشْتَروا أنفسهم ابْتِغَاء مَرضاة الله وَقيل لأَنهم غضِبوا واستطاروا. أَبُو عبيد: بايعْته بدداً وباددْته وغايرْته وقايَضْته كل هَذَا - عاوضْته بِالْبيعِ وهما قيّضان وَكَذَلِكَ عارضته. أَبُو زيد: خاوصْته بالصَّاد. أَبُو عبيد: المَجْر - أَن يُشترى الْبَعِير بِمَا فِي بطن النَّاقة وَقد أمجَرْت. أَبُو عَمْرو: المجْر - الرِبا. أَبُو عبيد: الغدَويّ بِالدَّال والذال - أَن تبيع الشاةَ بنتاج مَا نَزا بِهِ الكبشُ ذَلِك الْعَام وَأنْشد: ومُهور نِسوتِهم إِذا مَا أُنكِحوا غدَويّ كل هبنْقَع تِنْبال أَبُو زيد: الغذوي - كل مَا فِي بطُون الْحَوَامِل وَقوم يجعلونه فِي الشَّاء خَاصَّة وَهُوَ - أَن يُباع الْبَعِير أَو غَيره بِمَا يضرِب الْفَحْل. أَبُو عبيد: بَاعَ إبلَه فارتجع مِنْهَا رِجعة صَالِحَة. ابْن دُرَيْد: قيل لقوم من الْعَرَب بمَ كثُرَت أموالُكم فَقَالُوا أوصانا أَبونَا بالنُجَع والرِجَع فالنُجَع - طلب الْكلأ والرِجع - أَن تبَاع الذُّكُور ويشترى بِثمنِهَا الْإِنَاث. ابْن السّكيت: الرّجيعة - بعير ارتجَعْته أَي اشْتَرَيْته من أجلاب النَّاس لَيْسَ هُوَ من الْبَلَد الَّذِي هُوَ بِهِ وَأنْشد:(3/432)
عَليّ حِين مَا بَين من رياض لصَعبة وبرّح بِي أنقاضُهنّ الرّجائع أَبُو عبيد: لَيْسَ هَذَا البيع مرجوع - أَي لَا يُرجَع فِيهِ. وَقَالَ: مَتَاع مرجِع - لَهُ مرجوع والرّجعة والرِجعة - إبل تشتريها الْأَعْرَاب لَيست من نتاجهم وَلَيْسَت عَلَيْهَا سماتهم وَالْجمع الرِجَع وَقد أرجع إبِلا. صَاحب الْعين: الشّرط - إِلْزَام الشَّيْء والتزامه فِي البيع وَنَحْوه وَالْجمع شُرُوط وَهِي الشّريطة وَجَمعهَا شَرَائِط وَقد شارطه. ابْن السّكيت: أشْرَط من إبِله وغنمة - أعدّ مِنْهَا شَيْئا للْبيع وَقد أشرط نفسَه لكذا وَكَذَا - أعلمها لَهُ وأعدّها. أَبُو زيد: أوذَمْت طَائِفَة من إبلي كَذَلِك. ابْن قُتَيْبَة: وجَب البيع جِبَة واستوجبْت الشيءَ - استحققته. ابْن السّكيت: الوجيبة - أَن توجب البيع على أَن تَأْخُذ مِنْهُ بَعْضًا فِي كل يَوْم أَو فِي كل أَيَّام فَإِذا فرغ قيل استوفَى وجيبته. صَاحب الْعين: الْمُنَابذَة فِي التّجْر - أَن يَقُول الرجل لصَاحبه انبِذْ إليّ الثَّوْب أَو غَيره من الْمَتَاع أَو أنبِذه إِلَيْك فقد وَجب البيع. ابْن دُرَيْد: اشْتريت الشيءَ صُبْرة بِلَا كيل وَلَا وزن بعتُه واشتريته بالجُزافة والجزاف. أَبُو عبيد: غذمرتُ الشيءَ وغذرمته - بِعته جِزافاً وَأنْشد: فتوفيه بالصّاعِ كَيْلا غُذارِما وَهُوَ عِنْده مقلوب. وَقَالَ: سمْت بالسلعة - غاليت وَكَذَلِكَ أرهنْت وَأنْشد: عيديّة أرهِنَت فِيهَا الدّنانير ورهنْت فِي الْبَيْت والقَرْض بِغَيْر ألف لَا غير. أَبُو عبيد: قوّمْت الْمَتَاع واستقمْته - قدّرته قِيمَته. أَبُو عَليّ: الوخْط فِي البيع - أَن يربح مرّة ويخسر أُخْرَى وَأنْشد: فِي وخْط بيعٍ لَيْسَ بالتّغبيش والتّغبيش - التَّدْلِيس مَأْخُوذ من غبشِ اللَّيْل. صَاحب الْعين: ثمن بخْس - دون مَا يجب وَفِي التَّنْزِيل) وشرَوْه بِثمن بخس (. ابْن دُرَيْد: تباخس الْقَوْم - تغابنوا. أَبُو عبيد: رجل مِهزار وَذُو هزَرات - يغبَن فِي كل شَيْء وَأنْشد: إلاّ تدَع هزَراتٍ لسْت تاركَها تُخلَع ثيابَك لَا ضأنٌ وَلَا إبلُ وَذُو كسَرات كَذَلِك. صَاحب الْعين: الوَكْس فِي البيع - اتّضاع الثّمن يَقُول لَا تكِسْني فِي الثّمن. أَبُو عبيد: وُكِسَ فِي بَيْعه وأوكِس وَكَذَلِكَ وضِع وأوضع. غَيره: وضِع فِي تِجَارَته وسِلعته وضيعة وضَعة ووضِع وضَعاً ووضِعْت فِي متاعي مائَة من رَأس المَال وَالِاسْم الوضيعة. أَبُو عبيد: فلحْت بالرحل أفلَح فلْحاً وَهُوَ - أَن يطمئنّ إِلَيْك رجل فَيَقُول لَك بِع لي عبدا أَو مَتَاعا أَو اشترِه لي فتأتي التُّجَّار فتشتريه بالغلاء وتبيع بالوَكْس وتصيب من التَّاجِر وَهُوَ الْفَلاح وفلحْت بالقوم أَفْلح فَلاحة - إِذا زيّنْت البيع وَالشِّرَاء للْبَائِع وَالْمُشْتَرِي. صَاحب الْعين: المَكْس - انتقاص الثّمن فِي البِياعة وَمن أخِذَت المماكسة لِأَنَّهُ يستنقصه وَأنْشد: أَفِي كل أسواق العِراق إتاوة وَفِي كل مَا بَاعَ امْرُؤ مكْسُ دِرهَمِ وَقيل المَكْس - دَرَاهِم كَانَت تُؤْخَذ من بَائِع السّلع فِي أسواق الْجَاهِلِيَّة وَيُقَال للعَشّار صَاحب المكْس. ابْن السّكيت: أبعَط فِي السَّوْم - غلا وَقد تقدّم أَن الإبعاط الغُلوّ فِي الْجَهْل. أَبُو عبيد: غاضَ ثمن السِلعة يغيض وغِضْته وَهَبَطَ هُبوطاً وهبطْته أَنا أهبِطه هبْطاً كِلاهما - نقص وَكَذَلِكَ هَبَط الرجل من بلد إِلَى بلد وهبطْته(3/433)
وَبَعْضهمْ يَقُول أهبطْته وَقد تقدم. صَاحب الْعين: أغمضْت فِي السِلعة - استحططْت من ثمنهَا لرداءتها وَفِي التَّنْزِيل) إِلَّا أَن تُغمِضوا فِيهِ (. أَبُو زيد: إِذا كَانَ الْغُلَام أَو الْجَارِيَة أَو الدَّار أَو الدَّابَّة بَين الرجلَيْن فقد يتقاويانِها وَذَلِكَ إِذا قوّماها فَقَامَتْ على شَيْء فهما فِي التّقاوي سَوَاء فَإِذا اشْتَرَاهَا أَحدهمَا فَهُوَ المُقتوي دون مصاحبه وَلَا يكون اقتواؤهما وَهِي بَينهمَا إِلَّا أَن تكون بَين ثَلَاثَة فَأَقُول للإثنين من الثَّلَاثَة إِذا اشترَيا نصيب الثَّالِث اقتوَياها وأقواهُما البَائِع والمُقْوي - البَائِع الَّذِي بَاعَ وَلَا يكون الإقواء إِلَّا من البَائِع وَلَا التّقاوي بَين الشُّرَكَاء وَلَا الاقتواء مِمَّن يَشْتَرِي من الشُّرَكَاء إِلَّا وَالَّذِي بيعَ من العَبْد أَو الْجَارِيَة أَو الدَّابَّة بَين اللذَين تقاويا فَأَما فِي غير الشركاءفليس اقتِواء وَلَا تقاوٍ وَلَا إقواء وَأنْشد: تى كنّا لأمِّك مُقتَوينا ابْن دُرَيْد: انْقَطع قُوَيّ من قاوية، خَفِيف - إِذا انْقَطع مَا بَين الرجلَيْن لوُجُوب بيع أَو غَيره. أبوزيد: بيع السُّوق ناجِزاً بناجِز - أَي يدا بيد. صَاحب الْعين: النّجْش لَا يحسُن فِي الْإِسْلَام وَهُوَ - أَن يُرِيد الْإِنْسَان أَن يَبِيع بِياعة فتساومَه بهَا بِثمن كثير لينظُر إِلَيْك نَاظر فيَقع فِيهَا وَكَذَلِكَ فِي الْأَشْيَاء كلهَا. أَبُو عبيد: وَهُوَ التّناجُش. ابْن دُرَيْد: يَقُول الرجل للرجل بيع فَيَقُول نِظْر - أَي أنظِرْني حَتَّى أَشْتَرِي مِنْك. أَبُو حَاتِم: بعتُه بنظرة - أَي تَأْخِير واستنظرته - طلبت مِنْهُ النّنظِرة ونظرْت الشَّيْء - بِعته بنَظِرة. ابْن دُرَيْد: النّقْد - خلاف النّسيئة. صَاحب الْعين: بيع المُلامَسة - أَن يَشْتَرِي الْمَتَاع بِأَن يلمِسه وَلَا ينظر إِلَيْهِ وَقد نُهي عَنهُ. وَقَالَ: قِلته البيعَ قَيْلاً وأقلْته واستقالَني - طلب إليّ أَن أُقيله وتقايَل البَيِّعان - إِذا فسخا صفقتهما. أَبُو زيد: المُزابَنة - بيع التّمر فِي رُؤُوس النّخل بالتّمر وَقد كُرِه. أَبُو عبيد: المُخاضرة - بيع الثِّمَار خُضراً قبل أَن يَبْدُو صلاحُها. صَاحب الْعين: الطّنى - شِرَاء الشّجر وَقيل هُوَ - بيع النّخل وَقد أطنَيتها - بعتُها وشريتها وأطنيته - بِعْت عَلَيْهِ نخله. وَقَالَ: الدّلاّل - الَّذِي يجمع بَين البَيّعَين وَالِاسْم الدَّلالة والدِلالة والدِلالة أَيْضا - مَا جعلت لَهُ وَقد تقدم أَنَّهَا أُجْرَة الدَّلِيل. صَاحب الْعين: الطّخوخ - سوء الْمُعَامَلَة.
3 - (الإصفاق والتّعريب)
أَبُو عبيد: صفَقْت يدَه بالبيعة أصفِق صَفْقاً وَأما أصفق النَّاس لَهُ فَاجْتمعُوا. وَقَالَ: هُوَ الأُرْبان والأُربون(3/434)
والعُربان والعُربون وَقد أعربْت وعرّبت. ثَعْلَب: وَهُوَ العُربون والعَربون بِالْفَتْح.
3 - (الإبضاع)
البِضاعة - مَا أبضعْتَه من مَال وَقد أبضعْته وابتضَعْته.
3 - (السُّوق)
ابْن دُرَيْد: السُّوق مُشْتَقَّة من سَوق النَّاس بضائعَهم. أَبُو عبيد: وَهِي تذكر وتؤنث وَالْجمع أسواق. غير وَاحِد: نفقَت السُّوق تنفُق نَفاقاً ونُفوقاً - غلت ورُغِب فِيهَا وَكَذَلِكَ السّلْعَة وأنفقتها ونفّقتها. أَبُو عبيد: أنْفق الْقَوْم - نفقَتْ سوقُهم. صَاحب الْعين: السِعْر - الَّذِي يقوم عَلَيْهِ الثّمن وَهِي الأسعار وَقد أسعروا وسعّروا - اتّفقوا على سِعر والغلاء - نقيض الرُخْص. أَبُو زيد: غلا السّعر يغلو غلاءً وأغليته - جعلته غالياً وغاليت بِهِ - سُمْت فأبْعَطْت. أَبُو زيد: قطّ السِعر يقِطّ قُطوطاً - غلا. ابْن السّكيت: قطّ قطّاً وَأنْشد: أَشْكُو إِلَى الله الْعَزِيز الجبّارْ ثمَّ إليكَ اليومَ بُعدَ المُستار وحاجة الحيّ وقطّ الأسعار أَبُو زيد: السّعر مقطوط. أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ ارتفَص. غير وَاحِد: كسدت السُّوق تكسُد كساداً. ابْن دُرَيْد: كسدَ الشَّيْء وكسُد وأكسَد الْقَوْم - كسدت سوقُهم والرُخْص - ضد الغلاء رخُص السّعر رُخْصاً فَهُوَ رخيص واسترخصته - رَأَيْته رخيصاً وارتخصْته - اشْتَرَيْته رخيصاً وأرخصْته - جعلته رخيصاً وَمِنْه رخّصْت لَهُ فِي الْأَمر - أذِنْت لَهُ فِيهِ بعد النَّهْي عَنهُ وَالِاسْم الرُخْصة والرخُصة. وَقَالَ: سعر سعبَر - رخيص. ابْن دُرَيْد: بارَت السُّوق - أفرط رُخْص سلعها. أَبُو زيد: ماق البيع موْقاً - رخُص. وَقَالَ: لسوقِنا غِرار - إِذا لم يكن للمتاع نَقاق وَأنْشد: دنوتُ لَهُ لمّا دنا بِيَمِينِهِ وللسوق يَوْمًا دِرّة وغِرار أَي كساد ونفاق. وَقَالَ: السُّوق مغفورة وَذَلِكَ أَن تقدَم إبل أَو غنم فترخص السُّوق لذَلِك وَقد غفر السُّوق الجلَب يغفِرها غفْراً. أَبُو زيد: قصَر السِعر يقصُر قُصوراً - غلا وَنقص ضد. أَبُو عبيد: نَامَتْ السُّوق - كسدت. ثَعْلَب: رقدَت السُّوق كنامَت. أَبُو عبيد: حمُقَت وانحمقت - كسدت. أَبُو زيد: خاس البيعُ والطعامُ - كسَد من قَوْلهم خاس الشَّيْء - إِذا فسد وَقد تقدم. وَقَالَ: خِسْت الرجل خيْساً - أَعْطيته بسِلْعته ثمنا ثمَّ أَعْطيته أنقص مِنْهُ وَكَذَلِكَ إِذْ وعدته بِشَيْء فأعطيته أنقص مِمَّا وعدته بِهِ. أَبُو عبيد: خدعَتِ السُّوق - قَامَت وخُلُق فلَان خادِع - إِذا تخلّق بِغَيْر خلُقه. أَبُو زيد: درّت السُّوق - نفَق متاعُها وَالِاسْم الدِرّة وَحكى أَبُو عَليّ عَن ثَعْلَب أَنه قَالَ يُقَال للسّوق دَرار - أَي دِرّي. قَالَ: وَهَذَا مَوْقُوف عِنْد أبي الْعَبَّاس مطّرد عِنْد سِيبَوَيْهٍ. ابْن دُرَيْد: رافأني فِي السِعر - حاباك فِيهِ.
3 - (الْعَمَل والصناعات)
الْعَمَل - إِحْدَاث الشَّيْء عمِلَه عمَلاً وَالْجمع أَعمال وأعملته فِي الْأَمر واستعملته وَهُوَ يُعمِل فكره وَنَظره وَقد اعتمل - عمِل لنَفسِهِ وَغَيره والعمَلة والعُمّال - الَّذين يعمَلون بِأَيْدِيهِم والباني يسْتَعْمل اللّبِن - يَبْنِي بِهِ والعمِلة - الْعَمَل وَإنَّهُ لخبيثُ العِملة - أَي الدِخْلة وَذَاكَ إِذا كَانَ ذَا شرّ وغيلة وعاملْته مُعامَلة - طلبت إِلَيْهِ الْعَمَل(3/435)
وآجرته عَلَيْهِ والعُمالة والعُملة أُجْرَة الْعَامِل وأعطِه عملته - أَي أجر عمله وَإنَّهُ لخبيث العمِلة - أَي الْعَمَل وَمَا لَهُ عملة إِلَّا كَذَا - أَي عمل. صَاحب الْعين: المُراوحة - عملان فِي عمل يعْمل ذَا مرّة وَذَا أُخْرَى وَمِنْه تراوحتْه الأمطار والرياح. وَقَالَ: صنع الشيءَ يصنعه صُنعاً فَهُوَ مَصْنُوع وصنيع - عمِله وَمَا أحسن صُنع الله عنْدك واستصنعت الْأَمر - دَعَوْت إِلَى صنعه والصناعة - مَا تستصنع من أَمر وَقد صَنعته فَهُوَ صناعتي - أَي اتّخذته صناعَة والصُنّاع - الَّذين يصنعون بأيديه وَرجل صنع الْيَد وصَناع الْيَد من قوم صنَعي الْأَيْدِي وصُنُع وصُنْع وصِنْع الْيَد من قوم صِنعي الْأَيْدِي وأصناعي الْأَيْدِي وَأما سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ لَا يُكسّر الصّنَع البتّة استُغْني بِالْوَاو عَن التكسير وَامْرَأَة صَناع الْيَد وتُفرَد فِي الْمَرْأَة فَيُقَال صَناع من نسْوَة صُنُع الْأَيْدِي وَلَا يفرَد صناع الْيَد فِي المذكّر وَفِي الْمثل) لَا تعدَم صناع ثَلّة (وَرجل صنع اللِّسَان ولسان صنع وَهُوَ على الْمثل. ابْن دُرَيْد: رجل صَناع فَإِذا ذكرُوا الْيَد قَالُوا صنع الْيَد. أَبُو زيد: حِرفة الرجل - صَنعته وَقد تقدم أَنَّهَا ضيعته. أَبُو عبيد: الإسكاف - الصَّانِع وَأنْشد: وشُعبتا ميسٍ براها إسْكاف ابْن دُرَيْد: وَهُوَ السَيْكَف. السيرافي: وَهُوَ الأُسكوف. صَاحب الْعين: الإسكاف مصدره السِكافة وَلَا فعل لَهَا وَهِي الأُسْكُفّة وَهُوَ الإسكاف والأسكوف. أَبُو حَاتِم: القالَب - الإسكاف وَقيل هُوَ فَارسي. أَبُو عبيد: المِخرَش والمِخراش - خَشَبَة يخُطّ بهَا الإسكاف. ابْن دُرَيْد: حفَوْت الشَّيْء - صَنعته. ابْن السّكيت: هم الصّوّاغة والصّيّاغة وَهِي معاقبة وَأَصله من الْوَاو. صَاحب الْعين: التِلام - الصاغة الْوَاحِد تِلْم والتِلام والحملاج - منفاخ الصَّائِغ. أَبُو عبيد: الهِبْرِقيّ - الصَّائِغ وَقيل الحدّاد. ابْن دُرَيْد: القَيْن أَصله الحدّاد ثمَّ صَار كل صانع قيْناً وَقد قان الحديدة قيْناً - ضربهَا بالمطرقة وَجمع القَيْن أقْيان وقُيون. ابْن السّكيت: مَا كَانَ قينا وَلَقَد قان قِيانة. أَبُو عبيد: الجِنثيّ - الحدّاد وَقيل الزّرّاد. ابْن دُرَيْد: وَالضَّم لُغَة وَقد تقدم أَنه السَّيْف. أَبُو عبيد: الهالِكيّ - الحدّاد سمي بذلك لِأَن أول من عمل الْحَدِيد من الْعَرَب الْهَالِك بنُ أسَد بن خُزَيمة وَلذَلِك قيل لبني أَسد القُيون. أَبُو زيد: الهالكيّ - الصّيقَل. وَقَالَ: ابترك الصّيقَل - مَال على المِدوَس فِي أحد شقّيه. ابْن دُرَيْد: النِهاميّ - الحدّاد وَأنْشد: وأدفَع عَن أعراضِكم وأعيرُكم لِسَانا كمقراضِ النهامي مِلْحَبا وَهُوَ النّهامي وَقيل النّهامي - النّجار والمَنهَمة - مَوضِع النّجر. غير وَاحِد: المطرقة للحدّاد فَأَما أَبُو عبيد: فخصّ بهَا الصَّائِغ. قَالَ أَبُو عبيد: طرق النّجّاد الصُّوف - إِذا ضربه بِهِ وَيُقَال للعود الَّذِي يضرِب بِهِ النّجّاد مطرقة وَبِه سمّيت مطرقة الصَّائِغ والفِطّيس - المطرقة الْعَظِيمَة. ابْن دُرَيْد: هِيَ إِمَّا سريانية وَإِمَّا رُومِية إِلَّا أَن الْعَرَب قَالَت فِطّيسة الْخِنْزِير يُرِيدُونَ أَنفه وَمَا وَالَاهُ والكتيفة - كلبة الحدّاد. ابْن السّكيت: الكِير - الزِقّ الَّذِي ينفُخ فِيهِ الحدّاد وَالْجمع كيَرة. أَبُو عبيد: العَلاة - الحديدة الَّتِي يضرِب عَلَيْهَا الحدّاد. قَالَ أَبُو عَليّ: وَجَمعهَا علا وَأنْشد: ابْن قُتَيْبَة: وَهِي السّندان. ابْن دُرَيْد: القُرزوم - سَنْدان الحدّاد. قطرب: وَهِي القصَرة. غَيره: عدَكَه(3/436)
يعدِكه عدْكاً - ضربه بالمِعدَكة وَهِي المطرقة. وَقَالَ: المشَرْجَع من مَطارِق الحدّادين - مَا لَا حُروف لنواحيه وَكَذَلِكَ من الْخشب إِذا كَانَت مربّعة فَأَمَرته أَن ينْحَت من حروفها قلت شرْجِعْها. وَقَالَ: رجل زرّاد وسرّاد لُغَتَانِ لَيْسَ بقلب للمضارعة وَرجل درّاع - يصنع الدّروع. وَحكى أَبُو عَليّ: لأم. أَبُو عبيد: الهاجري - الْبناء وَأنْشد: كعَقْرِ الهاجريّ إِذا ابتناه بأشْباه حُذينَ على مِثَال أَبُو زيد: الهاجري - الحاذق بالاستقاء وَيُقَال هَذَا أَهجر من هَذَا - أَي أفضل مِنْهُ وكلّ فاضِل مُهجِر وَقد قدمت الهاجِر من النّخل وَالْإِبِل وَمن آلاته المطْمَر وَهُوَ - الْخَيط الَّذِي يقدّر بِهِ يُقَال لَهُ الشّز بِالْفَارِسِيَّةِ. أَبُو حَاتِم: هُوَ المِطْمار ونسميه الزّيج. ابْن دُرَيْد: هُوَ الإِمَام بِالْعَرَبِيَّةِ والمِسْيَعة - الْخَشَبَة الَّتِي يُطَيّن بهَا. صَاحب الْعين: العتَلة - حَدِيدَة كَأَنَّهَا رَأس فأس عريضة فِي أَسْفَلهَا خَشَبَة يُحفَر بهَا الأَرْض والحيطان لَيست بمعقّفة كالفأس وَلكنهَا مُسْتَقِيمَة مَعَ الْخَشَبَة وَقيل العتَلة - الْعَصَا الضّخْمة من حَدِيد لَهَا رزس مفلطَح مثل قَبيعة السَّيْف تكون مَعَ البنّاء يهدِم بهَا الْحِيطَان والعتلة أَيْضا - الهِراوة الغليظة من الْخشب وَقبل هِيَ المِجْثاث وَهِي الحديدة الَّتِي يقطع بهَا فَسيل الكرْم وَالنَّخْل وَقيل هِيَ بيْرَم النّجّار وَالْجمع عتَل. أَبُو عبيد: العصّاب - الغزّال وَأنْشد: طيَّ القَساميّ بُرودَ العصّاب القَساميّ - الَّذِي يطوي الثِّيَاب على أوّل طيّها حَتَّى تُكسَر على طيّه. أَبُو زيد: الضِنّارة - الحديدة الدقيقة الَّتِي فِي رَأس المغزل. ابْن دُرَيْد: الجَحْشة - صوف كالحلْقة يَجْعَلهَا الرجل فِي ذراعه ويغزلها. السيرافي: القُرْناس - شَيْء يلَفّ عَلَيْهِ الصُّوف والقطن ثمَّ يُغزل. ابْن السّكيت: السّليلة - الشّعر يُنفَش ثمَّ يُطوى ويُشدّ ثمَّ تَسُلّ مِنْهُ الْمَرْأَة الشيءَ بعد الشَّيْء تغزِله. ابْن دُرَيْد: الرّدَن - الغزْل يُفتَل إِلَى قُدّام وثوب مردون - منسوج بالرّدَن والمِردَن - المغزَل الَّذِي يغزَل بِهِ والدّجاجة - الكُبّة من الغزْل ونصل الغزْل - مَا يخرج من المغزَل. أَبُو حنيفَة: كفَن الرجل - غزَل الصُّوف. الْأَصْمَعِي: أدرّت الْمَرْأَة المغزَل - إِذا فتلتْه فتْلاً شَدِيدا فرأيته كَأَنَّهُ وَاقِف والدّرّارة - المغزَل الَّذِي يغزِل بِهِ الرَّاعِي الصُّوف. صَاحب الْعين: الشّوكة - طِينَة تُدار رطْبة ويغمَز أَعْلَاهَا حَتَّى ينبسط ثمَّ يُغرَز فِيهَا سُلاّء النّخل ليخلّص بهَا الكتّان وَتسَمى شُواكة الْكَتَّان. أَبُو عبيد: الحَواريّ - القَصّار وَقد تقدم اشتقاقه وَهُوَ النّجّاد والحائك والنّسّاج وهم الحاكة والحَوَكة وَقد حاك الثوبَ يحوكه حوْكاً وحِياكة وحِياكاً ويَحيكه حيْكاً. صَاحب الْعين: الشَّاعِر يحوك الشِعْر حوْكاً - يلائم بَين أَجْزَائِهِ. وَقَالَ: نسج الحائك الثَّوْب ينسجه نسجاً وَهُوَ النّسّاج وحرْفته النِساجة وَرُبمَا سمي الدّرّاع نسّاجاً وأصل النّسْج ضمّ الشَّيْء بعضه إِلَى بعض وَمِنْه نسج الكذّاب الزورَ - لفّقه وَقد توسّعوا فِي الْمثل حَتَّى قَالُوا نسج الْغَيْث النَّبَات ونسجت النَّاقة فِي سَيرهَا - أسرعت رفْع قَوَائِمهَا والمِنسَج والمنسَج والمَنسِج - الْخَشَبَة والأداة الَّتِي يُنسج عَلَيْهَا والوشّاء - النّسّاج. أَبُو عبيد: وَمن آلاته المِنوال والنّول وَجمعه أنوال وَهِي - الْخَشَبَة الَّتِي يلُف عَلَيْهَا الحائك الثَّوْب وَقيل هَذِه الْخَشَبَة هِيَ الحفّة وَالَّذِي يُقَال لَهُ الحفّ هُوَ المِنسَج. الْأَصْمَعِي: حفّ الحائك - الْخَشَبَة العريضة الَّتِي ينسّق بهَا اللُحمة بَين السّدى وَقيل الحفّ - القصبة الَّتِي تَجِيء وَتذهب وَهِي الحُفوف. أَبُو زيد: وَفِي الْمثل) مَا أَنْت بحفّة وَلَا نيرَة (فالحفّة - القصبات الثَّلَاثَة والنّيرة - الْخَشَبَة المعترضة يُضرب لمن لَا ينفع وَلَا يضر. صَاحب الْعين: الحِلْو - حفّ صَغِير يُنسج بِهِ وَشبه الشماخ بِهِ لِسَان الْحمار فَقَالَ: قوَيرح أعوامٍ كَأَن لِسَانه إِذا صَاح حِلو زلّ عَن ظهر منْسِج(3/437)
أَبُو عبيد: والمِخَطّ - الْعود الَّذِي يخطّ بِهِ الحائك الثَّوْب والوشيعة - القصبة الَّتِي يَجْعَل النّسّاج فِيهَا لُحمة الثَّوْب للنسج. ابْن دُرَيْد: صيصيَة الحائك - الشّوكة الَّتِي يمدّها على الثَّوْب وَأنْشد: كوقع الصّياصي فِي النسيج الممدّد قَالَ أَبُو عَليّ: أصل الصّيصية القرْن وَإِنَّمَا سمّيت هَذِه صَياصي لِأَنَّهَا متخذة مِنْهَا وَمِنْه قَول الشَّاعِر: فأصبحتِ الثّيران غرْقى وأصبحت نِساء تَمِيم يلتقِطْن الصّياصيا يعيّرِهم بِأَنَّهُم حاكَة. أَبُو زيد: نحزْت النّسيجة - إِذا جذَبْت إِلَيْك الصّيصية لتُحكِم اللُحْمة. أَبُو عَمْرو: المتأمة - أَن يكون النّسْج على خيْطين خيطين. ابْن دُرَيْد: القصيّ - الخيوط الَّتِي يَطْرَحهَا الحائك من أَطْرَاف الثَّوْب إِذا فرغ يَمَانِية. وَقَالَ: ستّيت الثوبَ وسدّيته. الْأَصْمَعِي: هِيَ سَتاته وسَداته. أَبُو زيد: سَداة وسَدًى كمَهاة ومهًى وَفِي الْمثل) مَا أَنْت بلُحمة وَلَا سَتاة (يُضرب هَذَا لمن لَا ينفع وَلَا يضر والسّدى - الْأَسْفَل من الثَّوْب. الْأَصْمَعِي: سمعْت يُسَدّي وَلم أسمع يُستّي. صَاحب الْعين: لُحمة الثَّوْب - أَعْلَاهُ وَهُوَ مَا سُدّي بَين السّدَيين. أَبُو عبيد: هِيَ لُحمة الثّوب ولحْمَته وَقد لحَمْته ألحَمه وألحمْته. صَاحب الْعين: الإسْتاج والإستيج - الَّذِي يُلَفّ عَلَيْهِ الْغَزل للنسج بالأصابع. أَبُو زيد: النّير - القصَب والخيوط إِذا اجْتمعت وَالْجمع أنْيار ونِرْت الثّوب نيْراً ونيّرته - جعلت لَهُ نِيراً. ابْن السّكيت: النّير - علَم الثَّوْب والنّصّاح - الخيّاط والمِنصَح - المِخْيط وَقد تقدم تصريف فعله. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا مِخيَط فأصحّوه لِأَنَّهُ مَقْصُور من مفعال وَهَذَا مطّرد. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَهَذَا الضَّرْب مِمَّا يفعتمَل بِهِ مكسور الأول كَانَت فِيهِ الْهَاء أَو لم تكن. وَقَالَ: خيط وأخياط وخُيوط وخُيوطة. أَبُو عبيد: الفَيْتَق - النّجّار وَأنْشد: كَمَا سلك السّكّي فِي الْبَاب فيتَق السّكّي - المِسمار. صَاحب الْعين: الكُوس - خَشَبَة مُثَلّثَة تكون مَعَ النّجار يقيس بهَا تربيع الْخشب.
3 - (التِّجَارَة)
صَاحب الْعين: تجَر يتجُر تِجارة. غير وَاحِد: تاجِر وتجّار وتِجار كصاحب وصِحاب وتجْرٌ فَأَما قَول الشَّاعِر: إِذا ذُقت فاها قلت طعم مُدامة معتّقة مِمَّا تَجِيء بِهِ التُجُر فقد يكون جمع تِجار على أَن سِيبَوَيْهٍ لَا يطرد جمع الْجمع وَنَظِيره على رَأْي أبي الْحسن قَرَأَهُ من قَرَأَ) فرُهُنٌ مَقْبُوضَة (قَالَ هُوَ جمع رِهان الَّذِي هُوَ جمع رَهْن وحملَه أَبُو عَليّ على أَنه جمع رهْن كسَحْل وسُحُل وَإِنَّمَا ذَلِك لما ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ من التحجير على جمع الْجمع وَقد يجوز أَن يكون التُجُر فِي الْبَيْت من بَاب:(3/438)
أَنا ابنُ ماويّة إِذْ جدّ النقُرْ على نقْل الْحَرَكَة وَقد يجوز أَن يكون تُجُر جمع تاجِر كشارفٍ وشُرُف وبازِل وبُزُل إِلَّا أَنه لم يُسمَع إِلَّا فِي الْبَيْت فَأَما التّجْر فَهُوَ اسْم للْجمع والمداخلة - المتاجرة. ابْن دُرَيْد: الضّيّاط والضّيْطار - تَاجر يكون فِي مَكَانَهُ لَا يبرَح والدِهقان والدُهقان - فَارسي معرّب وهم الدّهاقنة والدّهاقين وَأنْشد: إِذا شئتُ غنّتني دهاقين قَرْيَة وصنّاجة تجْذو على كل منسِم صَاحب الْعين: هُوَ - القويّ على التَّصَرُّف مَعَ حدّة وَالْأُنْثَى دِهْقانة وَقد تدهقَن. صَاحب الْعين: البَنادِرة - تجّار يلزَمون الْمَعَادِن والربْح - النّماء فِي التِّجَارَة ربِح رِبحاً ورَباحاً ومتجر رابح ورَبيح وأربَحْته بمتاعه وبيْع مربِح وأعطيته مَالا مُرابحة - أَي على أَن الربْح بَين وَبَينه وتجارة رابحة وخاسرة وَكَذَلِكَ الصّفْقة من البيع وَقد صفَق الْقَوْم وأصفَقوا كَذَلِك حكى أَبُو عَليّ فَأَما أَبُو عبيد: فَقَالَ صفَقْت إِلَيْهِ بالبيعة وأصفَق النَّاس لَهُ. ابْن السّكيت: الشِّفّ - الرّبْح. أَبُو عبيد: شففْت - ربِحت. صَاحب الْعين: خسِر التَّاجِر - وُضِع فِي تِجَارَته وغُبِن وَرجل خيْسَرى - خاسر وصفقة خاسرة - غير رابحة وَمِنْه كرّة خاسِرة وَفِي التَّنْزِيل) تِلْكَ إِذا كرّة خاسرة (. ابْن دُرَيْد: الصّعافِق - الَّذين يتّجرون بِغَيْر رُؤُوس أَمْوَالهم. غَيره: هم الصّعافِقة واحدهم صَعْفَق وصَعْفوق وَفِي حَدِيث) مَا جَاءَك عَن أَصْحَاب محمّد فخُذه ودع مَا يَقُول هَؤُلَاءِ الصّعافِقة (أَرَادَ أَن هَؤُلَاءِ لَيْسَ عِنْدهم فِقْه فهم بِمَنْزِلَة أُولَئِكَ الَّذين لَيْسَ لَهُم رُؤُوس أَمْوَال. أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ كلّ من لم يكن لَهُ رَأس مَال فِي شَيْء كَقَوْلِه: وآبتِ الخيلُ وقضّينَ الوطَر من الصّعافيق وأدرَكْنا المِئَر أَرَادَ أَنهم لَا شجاعة لَهُم وَقَالُوا ضارَب فلَان لفُلَان فِي مَاله - إِذا تجَر فِيهِ. وَمن الصناعات الْجَارِيَة مجْرى النّسَب وَلَيْسَ بِشَيْء يعالج. أَبُو عبيد: يُقَال صَاحب اللُّؤْلُؤ لَثّاء وكرِه قولَ النَّاس لأّل. ابْن دُرَيْد: رجل لأّل. أَبُو عبيد: رجل ألاّء وَهُوَ - الَّذِي يَبِيع الألية. غير وَاحِد: رجل تمّار ولبّان وسمّان وفكّاه فَأَما سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ لَا أَقُول لصَاحب الْفَاكِهَة فكّاه وَقَالُوا شَعيريّ ودقيقي وَلم يَقُولُوا دقّاق وَقَالُوا لصَاحب الثِّيَاب ثوّاب وَلِصَاحِب العاج عوّاج. قَالَ أَبُو عَليّ: الحضّان - بَائِع الحضَن وَهُوَ العاج.
3 - (الموازين)
وزنْت الشيءَ وزْناً وزِنة. سِيبَوَيْهٍ: اتّزنْته - اتخذته لنَفْسي مَوْزُونا وحُكي على المطاوعة يَعْنِي وزنْته فاتّزن وَإنَّهُ لحسن الوِزنة جاؤوا بِهِ على صِيغَة الْهَيْئَة لِأَنَّهُ لَيْسَ بمصدر إِنَّمَا هُوَ هَيْئَة الْحَال وَالْمِيزَان - مَا وزنْت بِهِ والوزْن - المِثْقال وَالْجمع أوزان. أَبُو عبيد: العَقُد الَّتِي فِي أَسْفَل الْمِيزَان هِيَ - السّعْدانات والحلْقة الَّتِي تَجْتَمِع فِيهَا الخيوط فِي طرَفي الحديدة هِيَ - الكِظامة. غَيره: الكِظامة - المِسمار الَّذِي يَدُور فِيهِ. أَبُو عبيد: والحديدة الَّتِي فِيهَا هِيَ - اللِّسَان وَيُقَال لما يكْتنِف اللِّسَان مِنْهَا الفِياران واحِدهما فِيار والحديدة المعترضة الَّتِي فِيهَا اللِّسَان - المِنجَم وَالْخَيْط الَّذِي يُرفع بِهِ الْمِيزَان هُوَ - العذَبة. وَقَالَ: هِيَ كفّة الْمِيزَان وكفّته وَالْكَسْر أَعلَى وَلَا يضم. وَقَالَ: عالَ الميزانُ يَعيل - جَار وَأنْشد: بميزانِ صِدْقٍ لَا يغُلّ شَعيرة لَهُ شاهدٌ من نفسِه غير عائل صَاحب الْعين: الرَّاجِح - الوازن. أَبُو عبيد: رجح يرْجَح ويرجُح. ابْن دُرَيْد: رجح الشَّيْء على الشَّيْء(3/439)
يرجَح ويرجُح ويرجِح رُجوحاً ورجَحاناً ورُجحاناً ورجحْت الشَّيْء بيَدي - رزَنْته ونظرْت ثِقَله وأرجَحْت الْمِيزَان - أثقلته حَتَّى مَال وأرجَحْت للرجل - أَعْطيته راجِحاً. صَاحب الْعين: الخُسْر والخُسْران - النّقْص خسَرْت الْوَزْن والكيْل خسْراً وأخسَرْته - نقصْته. أَبُو عبيد: بخسْت الْمِيزَان - نقَصْته. صَاحب الْعين: مِثقال الشَّيْء - مَا وازن وزنَه. أَبُو عبيد: صنجة الْمِيزَان وسنجَته فارسية معرّبة. صَاحب الْعين: شال الْمِيزَان - ارتفعَت إِحْدَى كِفّتيه. ابْن السّكيت: فِي الْمِيزَان عين - إِذا رجحَت إِحْدَى كفّتيه على الْأُخْرَى. ابْن دُرَيْد: البُهار - اسْم وَاقع على شَيْء يوزَن بِهِ كالوَسْق وَشبهه. صَاحب الْعين: هُوَ ثلثمِائة رِطْل بالقبطية والقُسْطاس والقِسطاس - الْمِيزَان روميّ مُعرب وَقيل القُسْطاس والقِسْطاس - أقوَم الموازين وَبَعض يفسّره الشاهين والقَرَسْطون - القَفّان. ابْن دُرَيْد: الشّقْفَلة - أَن يزِن دِينَارا بِإِزَاءِ دِينَار لينظُر أيهّما أثقل وَلَا أحسِبها عَرَبِيَّة مَحْضَة. صَاحب الْعين: الدانِق والدّانَق من الأوزان مَعْرُوف وَالْجمع دَوانِق ودوانيق والطّسّوج - حبتان من الدّانق. السيرافي: ... . الْمِيزَان وَقد تقدم أَنه المنجنيق.
3 - (المكاييل)
كِلْت الطعامَ وغيرَه كيْلاً واكتَلْته وكِلْته طَعَاما وكِلته لَهُ. سِيبَوَيْهٍ: اكتَلْه - اتّخذه لنَفسك وَقد يكون على المطاوعة وَقد تقدم مثل هَذَا فِي الْوَزْن. قَالَ: الكيّال - الْكثير الْكَيْل وَقيل هُوَ على النّسَب وَالِاسْم الكِيلة والكَيْل والمِكيال - مَا كِلت بِهِ. سِيبَوَيْهٍ: وَهُوَ المِكْيَل. أَبُو زيد: الجِمام والجَمام والجُمام - الكَيْل إِلَى رَأس المِكيال وَفِيه جِمامه وجمَعه. قَالَ أَبُو عَليّ: والقُباع - كيل دون البُهار. أَبُو عبيد: عايرْت المكاييل وعاورْتها كَقَوْلِهِم عيّرتها وَقد تقدم ذكر التطفيف والإيفاء. ابْن دُرَيْد: الذّهب - مكيال بِالْيمن وَالْجمع أذهاب. صَاحب الْعين: الجَريب - مكيال قدر أَرْبَعَة أقفِزة والجَريب من الأَرْض - قدر مَا يُزرَع فِيهِ ذَلِك. ابْن دُرَيْد: وَلَا أَحْسبهُ عَرَبيا وَالْجمع أجرِبة وجُرْبان. صَاحب الْعين: الرِطْل - قدرُ نِصف مَنًى والجميع أَرْطَال وَقد رطَلْته رطْلاً - رُزْته. قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ أَبُو الْحسن من الأكيال المنّ وَفِيه لُغَتَانِ مَنّ ومنّان وأمْنان وَمنا ومَنوان وأمْناء وَقد رَأَيْته جعلَه الْمِيزَان فِي كتاب الْمسَائِل. صَاحب الْعين: الفالِج والفِلْج - مكيال ضخم وَقيل هُوَ - القَفيز. أَبُو عبيد: أَصله بالسُّرْيَانيَّة فالفا. صَاحب الْعين: الطّسْق مكيَل والصاع مكيال لأهل الْمَدِينَة يَأْخُذ أَرْبَعَة أَمْدَاد يذكر وَيُؤَنث وَالْجمع أصوُع وأصْواع وصيعان والصّواع والصّيوع - الْإِنَاء الَّذِي يشرب بِهِ مُذَكّر فَأَما قَوْله تَعَالَى) ثمّ استخرجَها من وِعاء أَخِيه (بعد ذكر الصُّواع فَإِن الضَّمِير رَاجع إِلَى السِّقَايَة والمُدّ - رُبْع الصَّاع وَالْجمع أَمْدَاد ومِداد ومِدَدة والمِحفَد - شَيْء يعلَف فِيهِ وَقيل هُوَ - مكيال يُكال بِهِ. غَيره: الهيْس من الكيْل - الجُزاف وَقد هاس من الشَّيْء هيْساً - أَخذ مِنْهُ بِكَثْرَة وَكَذَلِكَ هاث هيثاً وهالَ هيْلاً وَقد تقدم ذَلِك فِي التُّرَاب. صَاحب الْعين: الخَطْر - مكيال لأهل الشَّام والدّورَق - مِقْدَار لما يُشرَب معرّب. ابْن دُرَيْد: الفرَق والفرْق - مكيال ضخم لأهل الْمَدِينَة. أَبُو زيد: وَهُوَ أَرْبَعَة أَربَاع. صَاحب الْعين: الكُرّ - مكيال لأهل الْعرَاق والمَكاكيك - مكيال لأهل الْعرَاق وَاحِدهَا مكّوك والسّنْدَرة - ضرب من الكَيْل غُِراف جُِراف ... ... . .) أَوْفوا الكيْل وَلَا تَكُونُوا من المُخسِرين (وَقد تقدم فِي الموازين والتطفيف - النّقْص وإناء طفّان - بلغ الْكَيْل طِفافه وَقد تقدم ذَلِك فِي طوائف أواني الْخمر وَغَيرهَا. ابْن الرماني: فِي قَوْله جلّ وَعز(3/440)
(ويل لِلْمُطَفِّفِينَ) والمطفّفون - المنقصون للكيل وسُئِل مَالك عَمَّا يجب على الكيّال فِي الكَيل يطفّف الْمِكْيَال أَو يصُبّ فِيهِ ويجلُب فَقَالَ لَا يُطفّف إِن الله تَعَالَى يَقُول) ويلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (فَلَا خير فِي التطفيف وَلَكِن يصُبّ عَلَيْهِ ويمسك أَعْلَاهُ بيدَيْهِ حَتَّى يجنبِذَه فَإِذا جنبَذَه أرسل يَدَيْهِ معنى يجنبِذه يزِيدهُ على مُنْتَهى أصْباره من الجُنبُذة وَهُوَ - مَا ارْتَفع من كل شَيْء وَمعنى يجلُب يحرّك لِأَن الجلبة التحريك.
(بَاب الْمَقَادِير)
صَاحب الْعين: مِقْدَار كل شَيْء وقدْره - مقياسه وَقد قدرْت الشيءَ بالشَّيْء أقدِره قدْراً وقدّرته - قِسْته. أَبُو حَاتِم: قِسْت الشيءَ قيْساً وقِياساً واقتسْته - قدّرته والمِقياس - مَا قِسْت بِهِ والقِيسُ والقاسُ - القَدْر. ابْن السّكيت: قِسْته وقُسْته. صَاحب الْعين: قِراب الشَّيْء وقُرابه وقُرابته - مَا قَارب قدْرَه. ابْن دُرَيْد: القِيد والقاد - القَدْر. وَقَالَ: الشّاقول - خَشَبَة قدْر ذراعين فِي رَأسهَا زُجّ تكون مَعَ الزّرّاع يَجْعَل أحدهم فِيهَا رَأس الْحَبل ثمَّ يرزّها فِي الأَرْض حَتَّى يمد الْحَبل.
3 - (مِقْدَار مَا يُحمل ويوزن)
صَاحب الْعين: الوسْق والوِسْق - حِمل بعير وَقيل هُوَ - سِتُّونَ صَاعا بِصَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل هُوَ - العِدْل وَقيل - العِدْلان وَالْجمع أوسُق ووُسوق وَقد أوسَقْت الْبَعِير ووسَقْته - أوقرْته والقِنْطار - وزن أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة من ذهب وَقيل ألف وَمِائَتَا دِينَار. أَبُو عبيد: هُوَ ألف وَمِائَتَا أُوقِيَّة وَقيل هُوَ سَبْعُونَ ألف دِينَار وَهُوَ بلغَة بربر ألْف مِثْقَال من ذهب أَو فضَّة. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: ثَمَانُون ألف دِرْهَم. وَقَالَ: السدى مائَة رَطْل من ذهب أَو فضَّة وَهُوَ بالسُّرْيَانيَّة ملْء مَسْك ثَوْر ذَهَبا أَو فضَّة. أَبُو عبيد: فَلم يُقَيِّدهُ بالسُّرْيَانيَّة. سِيبَوَيْهٍ: القِنْطار عَرَبِيّ وَهُوَ رباعي وقِنْطار مقَنْطَر - مكمَّل على الْمُبَالغَة. أَبُو زيد: النّواة من الْعدَد - عشرُون وَقيل هِيَ الأوقيّة من الذَّهَب وَقيل أَرْبَعَة دَنَانِير. ابْن دُرَيْد: النّشّ - وزن نواة من ذهب وَقيل هُوَ وزن عشْرين درهما وَقيل هُوَ رُبُع أُوقِيَّة وَالْأُوقِية - أَرْبَعُونَ درهما. أَبُو عَمْرو: البُهار - سِتّمائَة رَطْل وَقيل أَرْبَعمِائَة رَطْل. قَالَ ابْن جني: يَنْبَغِي أَن يكون فُعالاً من بهَرني الْأَمر لِأَن الثِقْل يبْهَر حامله.
3 - (الدَّيْن والسّلَم)
صَاحب الْعين: الدَّين - كل شَيْء غير حَاضر وَالْجمع دُيُون. أَبُو عبيد: دِنْت الرجلَ - أقرضْته وَمِنْه قَالُوا رجل مَدين ومَديون وأدنْته - أقرضْته وَقد ادّان - صَار عَلَيْهِ الدّين وَمِنْه قَول عمر رَضِي الله عَنهُ فادّان معرِضاً. صَاحب الْعين: المعرِض - الَّذِي يستدين من أمكنه ودِنْته - استقرضت مِنْهُ وَأنْشد: نَدين وَيَقْضِي اللهُ عنّا وَقد نرى مصارِعَ قومٍ لَا يدينون ضُيّعا صَاحب الْعين: رجل مُدان كمَدين. الْأَصْمَعِي: دائن كَذَلِك. أَبُو زيد: الِاسْم مِنْهُ الدِّينة. صَاحب الْعين: القرْض - مَا يتجازى بِهِ النَّاس بَينهم وَالْجمع قُروض والقِراض - المُضارَبة حجازية. ابْن السّكيت: أقرضْته قرْضاً وقِرضاً. صَاحب الْعين: عسرْت الْغَرِيم أعسِره وأعسَرْته واستعسَرْته - طلبت معسوره وَلم أرفُق بِهِ إِلَى ميسوره. أَبُو عبيد: أعسِره وأعسُره. صَاحب الْعين: التّبِعة والتِباعة والمُتابعة - الشَّيْء لَك فِيهِ بُغية شبه(3/441)
ظُلامة وَنَحْوهَا وتابعته بِمَال - طالبته والتّبيع - المتابع بِهِ وأتبعْته عَلَيْهِ - أحلته. أَبُو عبيد: التُّلاوة - بقيّة الدّين وَقد تقدم تصريف فعله. غير وَاحِد: أسلمْت إِلَيْهِ فِي كَذَا وَكَذَا وسلّمت وَهُوَ السّلَم وتسلْمَه مني - قَبضه وَكَذَلِكَ أسلَفْت وسلّفْت وَهُوَ السّلَف. أَبُو زيد: أكلأت فِي الطَّعَام وكلأت واكتلأت كَذَلِك والكُلأة - مَا قدّمت فِيهِ من دَرَاهِم وَنَحْوهَا. ابْن السّكيت: أوعزت فِي كَذَا ووعّزت - قدّمت. صَاحب الْعين: الوَعْز الْقَدِيم فِي الْأَمر أوعزت إِلَيْهِ فِي الْأَمر أَن لَا يَفْعَله ووزعَزْت. ابْن السّكيت: أَعْطيته مَالا مُضاربة - أَي مُقارضة. وَقَالَ: أنعثَ فِي مَاله - قدّم. أَبُو زيد: العِينة - السّلَف تعيّن فلَان عِينة وعيّنه فلَان وَقيل إِن العِينة مَأْخُوذَة من عين الْمِيزَان والعِينة فِي الرِبا اشتقّ من أَخذ الْعين بالربْح. ابْن السّكيت: أوْعَب فِي مَاله - أسلم وأسْلَف. صَاحب الْعين: الحَوالة - إحالتك الغريمَ. وَقَالَ: قضيْت الغريمَ دَيْنه قَضَاء - أدّيته إِلَيْهِ واستقضيته - طلبت إِلَيْهِ أَن يقضيني وتقاضيْته الدَّيْن - قبضْته. سِيبَوَيْهٍ: وَهِي أحد مَا جَاءَ من تفاعَلْت للْوَاحِد. صَاحب الْعين: الضِمار من الدّين - مَا كَانَ بِلَا أجل مَعْلُوم. أَبُو عبيد: الضِمار - خِلاف العِيان. أَبُو زيد: لاطَ الرجل صَاحبه لاطاً - إِذا تقاضاه دَيْناً فألحّ عَلَيْهِ. أَبُو عبيد: تمكّكْت على الْغَرِيم - ألححت وَفِي الحَدِيث) لَا تمكّكوا (. أَبُو زيد: بَرِئت من الدّين بَراءة وَهِي - البَراءات.
3 - (فكّ الرّهْن)
أَبُو عبيد: فكَكْت الرّهَن أفُكّه فكّاً وَهُوَ فَكاك الرّهن وفِكاكه وفككْت الشيءَ أفكّه فكّاً - فصلْته وَهُوَ مِنْهُ. الْأَصْمَعِي: فدَيْت الرَّهْن وَغَيره فَدًى وفِداء وَهِي الفِدية وفادَيتُه.
3 - (الكَفالة والوَكالة)
الكافِل والكَفيل - الضَّامِن وَالْجمع كُفّل وكُفَلاء. ابْن دُرَيْد: وَقد يُقَال للْجمع كَفيل وَكَذَلِكَ الْأُنْثَى. أَبُو عبيد: أكْفَلْت فلَانا المَال - ضمّنْته إِيَّاه وكفَل بِهِ هُوَ يكفُل كُفولاً وكفْلاً. ابْن دُرَيْد: الكافِل والكَفيل - الَّذِي يكفَل بك وَالْجمع كُفَلاء وَقد كفَلْت الرجل أكْفُله كَفْلاً - تكفّلت مؤونته من قَوْله تَعَالَى) وكَفَلها زكريّا (. أَبُو زيد: كفَل بِهِ وكفُل. أَبُو عبيد: صبرْت بِهِ أصبُر صبْراً فَأَنا بِهِ صَبير - كفَلْت وحملْت بِهِ حَمالة وَهُوَ الحَميل. صَاحب الْعين: الحَمالة - الدِّية يحمِلها قوم عَن قوم وَقد تُطْرَح الْهَاء من الحَمالة والهَديّ - الرجل ذُو الحُرْمة وَهُوَ أَن يَأْتِي الْقَوْم يستجيرهم أَو يَأْخُذ عهْداً فَهُوَ هديّ مَا لم يَأْخُذ العَهْد. صَاحب الْعين: الضّمين - الكَفيل وَالْجمع ضُمَناء وَقد ضمنْت الشيءَ وَبِه ضمْناً وضَماناً وضمّنْته إِيَّاه وضمّنْت الشيءَ الشيءَ - أودعته إِيَّاه وَقد تضمّنه هُوَ. ابْن السّكيت: البُرْكة - الحَمالة ورجالها الَّذين يسعَون فِيهَا. أَبُو عبيد: قبلْت بِهِ أقبُل وأقبِل قَبالة وَهُوَ القَبيل وزعمْت بِهِ أزعم زَعامة وزَعْماً وَهُوَ الزّعيم. النّضْر: الأذين - الكَفيل. أَبُو عبيد: اكْتَنْت بِهِ وَالِاسْم الكِيانة وكنتُ عَلَيْهِم كوْناً مثله. ابْن دُرَيْد: فلَان قُنْعان لي - أَي رِضاً أَن أُخِذ بكفالة أَو دَمٍ وَأنْشد: فبُؤ بامرئٍ أُلفيتَ لستَ كمثله وَإِن كنتَ قُنْعاناً لمَن يطلبُ الدّما وَرجل مَقنَع - يُقنَع بِحكمِهِ ويُرضى بِهِ. قَالَ أَبُو عَليّ: القُنعان لَا يُثنى وَلَا يجمع فَأَما المَقْنَع فيُثنّى ويُجمَع. أَبُو زيد: أَنا غرير فلَان - أَي كفيله وَقيل أَنا غريرك من فلَان - أَي لَا يَأْتِيك مِنْهُ مَا تكره كَأَنَّهُ يَقُول أَنا القيّم لَك بذلك. الْأَصْمَعِي: أَنا لَك رهْن بِكَذَا - أَي كَفِيل وَأنْشد: إِنِّي ودَلْوَيّ مَعًا وصاحبي وحوضَها الأفيَح ذَا النّصائب(3/442)
رهْنٌ لَهَا بالرِيّ دون الْكَاذِب
الغُرْم
صَاحب الْعين: غَرِم غُرْماً ومَغرَماً وغَرامة وأغرَمْته وغرّمته والغُرْم - الدَّين وَرجل غارِم عَلَيْهِ دين والغَريم - الغارِم وَالْجمع غُرَماء.
3 - (المؤاجرة والاكتراء)
أَبُو عبيد: عاملْته مساوَعة ومُحايَنة ومياوَمة وملايلة ومُزامنة ومُداهرَة ومشاتاة ومُصايفة ومُرابَعة ومخارفة ومُساناة ومسانهة من السَّاعَات والحين وَالْأَيَّام والليالي وَالزَّمَان والدهر والشتاء والصيف وَالربيع والخريف والسَّنة والعزْرُ والعَزير - ثمن الْكلأ إِذا حُصِد وبيعَت مزارِعه. أَبُو حَاتِم: أجَرْت الْمَمْلُوك وآجرْته وَقد أَعْطيته أجرَته وإجارتَه وأجارته وَهُوَ المستأجَر والأجير والكِراء - أجْر المستأجَر وَقد كارَيته مُكاراة وكِراء واكتريته وأكراني دابّته أَو دَاره وَالِاسْم الكِرْوة والكُرْوة وَقيل الكِرْوة - الْأُجْرَة والمُكاري والكَريّ - الَّذِي يُكريك دابّته وَالْجمع أكرياء والفلاّح - المُكاري وَأنْشد: لَهَا رِطل تكيل الزّيتَ فِيهِ وفلاّح يَسُوق لَهَا حِمارا أَبُو زيد: الماقِط والمقّاط - أجِير الكَريّ وَقيل هُوَ - المُكترَى من منزل إِلَى منزل. أَبُو حَاتِم: بارأت الكريّ - فارقته. أَبُو عبيد: العُمالة - رِزْق الْعَامِل وأجرُه.
3 - (الكسْب)
صَاحب الْعين: الكسْب - طلب الرزق كسَب يكسِب كسْباً وتكسّب واكتسب. سِيبَوَيْهٍ: كسبَ - أصَاب واكتسب - تصرّف واجتهد. الْأَصْمَعِي: فلَان طيّب الكسْب والمَكسَب والمكْسَبة والكسِبة وَلَا يُقَال الكِسْب. أَبُو زيد: إِنَّه لَطيّب الكسْب والكَسيبة وَالِاسْم الكِسْبة. ابْن دُرَيْد: كسَبت الرجلَ مَالا فكسَبه وَهُوَ أحد مَا جَاءَ على فعلته فَفعل وأكسَبته خطأ. صَاحب الْعين: أكسبته خيرا وَرجل كَسوب وكسّاب والكُزْب بِضَم الْكَاف - الكُسب وَنَحْو الكُزبُرة فِي الكُسْبُرة. أَبُو عبيد: مشَع يمشَع مشْعاً - كسب وَجمع. الْأَصْمَعِي: مشع مُشوعاً وَرجل مَشوع - كسوب وَأنْشد: فلسْت بِخَير منْ أبٍ غير أنّه إِذا اغْبرّ آفاقُ البِلاد مَشوعُ صَاحب الْعين: العُسوم - الْكسْب. أَبُو عبيد: عسمْت أعسِم - كسبْت وأعسَمْت - أَعْطَيْت. وَقَالَ: قشَب الرجل واقتشَب - اكْتسب حمْداً أَو ذماً والتّرقّح - الِاكْتِسَاب وَالِاسْم الرّقاحة وَمِنْه قَوْلهم فِي تَلْبِيَة الْجَاهِلِيَّة) جِئناك للنّصاحه وَلم نأتِ للرّقاحه (وَرجل رَقاحيّ قَالَ أَبُو ذُؤَيْب يصف الدُّرة: بكفّي رَقاحيٍ يُرِيد نماءَها لِيُبرزَها للبَيع فهْيَ فريجُ بِعني بارزة ظَاهِرَة. صَاحب الْعين: الرّقاحي - التَّاجِر ورقّح معيشتَه - أصلحها. ابْن الْأَعرَابِي: عيشٌ(3/443)
رقيح - مرقّح. ابْن دُرَيْد: ... . صيعته تشدد عَلَيْهَا. صَاحب الْعين: السامِل - السَّاعِي فِي إصْلَاح الْمَعيشَة. أَبُو عبيد: التقرّش كالتّرقّح. قَالَ: وَبِه سفمّيت قُريش. ابْن السّكيت: قرشَ يقرِش كضرب - جمع. ابْن دُرَيْد: القَرْش - الْجمع وَقد تقرّش الْقَوْم وسمّيت قُرَيش بذلك لِأَن قُصيّاً كَانَ يُجمّعها فَلذَلِك سمي مُجمِعاً وَقيل قُرَيش - دابّة من دَوَاب الْبَحْر وَقيل تقرّش - تنزّه عَن مدانِس الْأُمُور. صَاحب الْعين: رجل قَثوم - جمّاع لِعِيَالِهِ. ابْن السّكيت: رجل قرْثَع - إِذا كَانَ يدنّي وَلَا يُبالي مَا كسب وَقد جأب جأباً - كسب وَأنْشد: واللهُ راعٍ عمَلي وجأبي أَبُو زيد: فلَان جارِح أهلِه وجارحَتُهم - أَي كاسِبُهم وسمّيت الطير الصّوائد وَالْكلاب جوارِح لِأَنَّهَا تجرَح لأَهْلهَا أَي تكسِب لَهُم وجوارح الْإِنْسَان من هَذَا لِأَنَّهُنَّ يجترحن لَهُ الْخَيْر أَو الشَّرّ أَي يكتسبه بِهن. ابْن السّكيت: جرَم يجرِم - كسب. ابْن دُرَيْد: فلَان جريمة أَهله - أَي كاسِبُهم وَيُقَال كدح يكدَح كدْحاً - اكْتسب وكدَح لدنياه وآخرته وَقيل الكَدْح - عامّة الْكسْب وَقيل هُوَ - السّعي فِي مشقّة. صَاحب الْعين: احتجنْت الشيءَ - اختزنْته وَالِاسْم الحُجْنة. أَبُو عبيد: مهدَ لنَفسِهِ يمهَد مهْداً - كسب وعمِل. صَاحب الْعين: مهدْت لنَفْسي خيرا وامتهدْته - هيّأته وَمِنْه المِهاد للْفراش وَالْجمع مُهُد وأمهِدة ومَهْد الصّبي - موضِعه الَّذِي يُهيّأ لَهُ ويوطّأ. أَبُو عُبَيْدَة: مأن أهلَه يمأنَهم مأناً ومانَهم يمونهم مَوناً وَهِي المؤونة والموونة. ابْن دُرَيْد: الحِرفة - المَكْسَب وَمِنْه المُحارَف وَهُوَ - الَّذِي قد حورِف كسبُه فميلَ بِهِ عَنهُ وَقيل المحارَف - المُقتَّر عَلَيْهِ مَأْخُوذ من المِحراف وَهُوَ - الميلُ الَّذِي يسبَر بِهِ الجُرْح والحَكْر من قَوْلهم رجل حكِر وَقد حكِر حكَراً وَهُوَ - المحتجِن للشَّيْء المستبدّ بِهِ وَالِاسْم الحُكْرة. صَاحب الْعين: الاحتِكار - جمع الطَّعَام وَنَحْوه مِمَّا يُؤْكَل واحتباسه وانتظار وَقت الغلاء بِهِ. ابْن دُرَيْد: الحَكْش كالحَكْر وَالرجل حكِش وَبِه سُمّي الرجل حوْكَشاً والذُخْر - مَا ذخَرْته من مَال وَجمعه أذْخار ذخَره يذخَره ذُخْراً واذّخَره وَهِي الذّخائر. وَقَالَ: احتقب خيرا أَو شرّاً واستحقبه - ادّخره والخَرْش - الطّلب للرزق والكسْب فلَان يخترِش لِعِيَالِهِ وَفُلَان خَبِيث الطُعْمة - إِذا كَانَ رَدِيء الكسْب. وَقَالَ: أثّل مَالا - جمعه ووثّله كَذَلِك وَقد نثّلت الشيءَ - أصّلته ومكّنْته. السكرِي: مَال أثيل - مؤثّل وَيُقَال وثْل الرجل مَالا - جمعه والعصْف الكسْب عصَفْت أعصِف عصْفاً واعتصَفْت. أَبُو عبيد: اقترفْت الشيءَ - اكتسبته من قَوْله تَعَالَى) ومَن يقترِف حَسَنَة نزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا (. أَبُو زيد: كدَش يكدِش كدْشاً - اكْتسب وأصل الكدْش الحثّ وَذَلِكَ أَن يغْنَم القومُ غنيمَة فيحثّونها وَأنْشد: شلاً كشَلّ الطّرَدِ المكْدوش وَيُقَال مَا كدَشْت شَيْئا - أَي مَا أخذت. صَاحب الْعين: ارتفَدْت مَالا - أصبْته من كسْب. أَبُو عبيد: الهُباشة - مَا تهبّشْت لأهْلك - أَي جمعته وكسبْته. ابْن دُرَيْد: هبَشْت الشيءَ أهبِشُه هبْشاً - جمعته وهبّشت واهتبَشْت كَذَلِك والخَبش كالهَبْش. صَاحب الْعين: خُباشات الْعَيْش - مَا يُتناول من طَعَام وَغَيره تخبّش من هُنَا وَمن هُنَا. وَقَالَ: هُوَ يقرِد لأَهله - أَي يجمع. أَبُو عبيد: هِيَ القُنية والقُِنوة وَقد قنوْت الْغنم وقنَيْتها واقتنيتها. أَبُو حنيفَة: قنوْت قُنوّاً وقُنْواناً وَاسم المكسوب القُنْيان والقنوان. أَبُو زيد: قنّاه الله - أغناه وَقيل رضّاه. أَبُو عبيد: قنيّ الْغنم - مَا يتّخذ مِنْهَا للْوَلَد وَاللَّبن وَفِي الحَدِيث) نهى عَن ذبْح قَنيّ الْغنم (. صَاحب الْعين: عقَب يعقُب عقْباً - طلب مَالا أَو شَيْئا. وَقَالَ: سعى يسْعَى سعياً - كسب وَهُوَ يسْعَى على عِيَاله - أَي(3/444)
يكسِب لَهُم وَقد تقدم فِي الْمَشْي والحرْث - الكسْب حرثَ يحرُث حرْثاً والحرْث أَيْضا - مَتَاع الدُّنْيَا. ابْن الْأَعرَابِي: احترث كحرَث حَكَاهُ مُتَعَدِّيا. ابْن دُرَيْد: الهابِل والمهتَبِل - المكتسب والمغتنِم وَهُوَ يهْبِل لأَهله ويتهبّل - أَي يكسِب وسمعْت كلمة فاهتبلْتها - أَي اغتنمتها. صَاحب الْعين: الهبّال والمهتبِل - الْمُحْتَال لصيد وَغَيره وَمَا لَهُ هابِل وَلَا آبِل فالهابل - الْمُحْتَال والآبِل - الَّذِي يُحسن الْقيام على الْإِبِل وَإِنَّمَا هُوَ الأبِل بِالْقصرِ ومُدّ ليطابق الهابل هَذَا قَول بَعضهم وَالصَّحِيح أَنه فَاعل من أبَل يأبُل إبالة - إِذا حذَق مصلحَة الْإِبِل. ابْن دُرَيْد: التّلْد والتِلاد والتّليد والاتّلاد - مَا وُلِد عنْدك من مَالك أَو نُتج وَقيل هُوَ - كل مَال قديم يورَث عَن الْآبَاء. أَبُو عبيد: تلَد المالُ يتْلِد ويتْلُد تُلوداً وأتلَدْته وَفِي حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود فِي سُورَة بني إِسْرَائِيل والكهف وَمَرْيَم وطه والأنبياء) هنّ من العِتاق الأُوَل وهنّ من تِلادي (- أَي من قديم مَا أخذْت من الْقُرْآن شبّهن بتِلاد المَال. ابْن جني: الطّارِف والطّريف والمطروف والمستَطْرَف - مَا استحدث من المَال. صَاحب الْعين: ارتَفَدْت المَال - اكتسبته. أَبُو عبيد: اتّخذْت الشيءَ وتخِذته - أعددته. الْفَارِسِي: ذهب بَعضهم إِلَى أَن تَاء اتّخَذْت بدل من الْيَاء المبدلة من الْهمزَة فِي أَخذ وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن تِلْكَ لَيست فِي حكم الْبَدَل وَإِنَّمَا تبدل التَّاء من الْيَاء الْمَحْضَة كاتّسر واتّأس وَإِنَّمَا اتّخذ افتَعل من تخِذ وَأنْشد: وَقد تخِذْت رِجلي إِلَى جنبِ غرْزِها نسيفاً كأُفحوصِ القَطاةِ المُطرِّق وَعَلِيهِ قِرَاءَة بَعضهم) لَو شِئتَ لتخذْت عَلَيْهِ أجرا (. سِيبَوَيْهٍ: استخذَ - استفعَل من تخِذ فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ. أَبُو عبيد: الإسفاف والدّقاعة والإدْقاع - سوء المكسبة.
3 - (الإسحات فِي المكاسب)
أَبُو عبيد: أسْحَت فِي تِجَارَته وأسحت تِجَارَته - إِذا اكْتسب السُحْت. قَالَ أَبُو إِسْحَق: هُوَ من قَوْلهم سحتّ الشيءَ أسحته سحْتاً وأسْحَتّه - إِذا أَخَذته قَلِيلا قَلِيلا وكل شَيْء غير مبارك فِيهِ - سُحْت. صَاحب الْعين: السُحْت والسُحُت - مَا خبُث من المكاسب وحرُم فلزِم عَنهُ الْعَار وقبيح الذِكْر كثمَن الْكَلْب والخمْر وَنَحْوهمَا وَالْجمع أسحات والإسحات - الاستئصال مِنْهُ وأسحتّ الرجل - استأصَلت مَا عِنْده وَمِنْه الإسحاق فِي الخِتان وَقد تقدم وَكَذَلِكَ الإسحاق فِي المَال والربا - الادّيان بِالزِّيَادَةِ يثنى بِالْوَاو وَالْيَاء وَقد رَبا المَال - زَاد بالرِبا والمُرْبي - الَّذِي يَأْتِي الرِبا. أَبُو عبيد: الرُبْية من الرِبا وَفِي الحَدِيث) لَيْسَ عَلَيْهِم رُبْيَة وَلَا دَم (. صَاحب الْعين: المؤْكِل - الْمُعْطِي بالرِبا وَهُوَ يستأكل أَمْوَال النَّاس - يطْلبهَا للْأَكْل. أَبُو عبيد: اللِياط - الرِبا من قَوْلهم لُطْت الشَّيْء - ألصقْته وأخفَيْته وَمِنْه الحَدِيث فِي الرِبا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة) فَإِنَّهُ لِياط مُبرّأ من الله جلّ وعزّ (.
3 - (الاختزان والادّخار)
خزَنْت الشيءَ أخزُنُه خَزْنا واختزنْته والخِزانة - الْموضع الَّذِي يُخْزَن فِيهِ الشَّيْء وَجَمعهَا خَزَائِن وَفِي التَّنْزِيل) وإنْ منْ شَيْء إِلَّا عندَنا خزَائنه (والخِزانة - عمَل الخازن. صَاحب الْعين: خِزانة الْإِنْسَان - قلبه وخازِنه - لِسَانه على المثَل وَقَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ) إِذا كَانَ خازِنُك حفيظاً وخزانتُك أمينةً رشدْت فِي أَمر دُنياك وآخرَتك (يَعْنِي اللِّسَان وَالْقلب. ابْن دُرَيْد: المِقْلاد - الخِزانة وَفِي التَّنْزِيل) لَهُ مَقاليد السّموات وَالْأَرْض (. قَالَ أَبُو صَالح: هِيَ المفاتيح وَاحِدهَا مِقلَد. صَاحب الْعين: كنَزْت الشَّيْء أكنزه واكتنزْته يَعْنِي ادّخرته وَالِاسْم الكَنْز وَالْجمع كُنوز والكُلأة - الذّخيرة من الزَّاد وَقد تقدم أَنَّهَا السَّلَم. أَبُو زيد: بأرْت الْمَتَاع أبأرَه - ذخرْته وَهِي البِئيرة.(3/445)
3 - (الْغَنِيمَة)
غنِمْت الشيءَ غُنْماً وتغنّمته واغتنمْته وَقد يَقع الغُنْم على الغَنيمة. صَاحب الْعين: المَغْنَم - الفَيْء وَقد غنِمْت الشيءَ غنْماً - فُزْت بِهِ وتغنّمته واغتنَمته - انتهزْت غُنْمه. أَبُو عبيد: التّبَكّل - الغَنيمة وَأنْشد: على خيْر مَا أبصَرْتها من بِضاعة لمُلْتَمِس بَيْعاً لَهَا أَو تبَكُّلا ابْن جني: وَهِي البَكْل والبَكيلة كَذَلِك لاختلاطها والبَكيلة - دقيقة يُخلط بسَويق. ابْن دُرَيْد: اهتَبَلْت الشيءَ - اغتنَمته والحُذَيأ - مَا يقسمهُ الرجل من غنيمَة أَو جَائِزَة إِذا قدِم مَقْصُور والنّشيطة من الْغَنِيمَة - مَا أصَاب الرئيس فِي الطَّرِيق قبل أَن يصير إِلَى بيضَة الْقَوْم. أَبُو زيد: السَّيِّقة - مَا اختلَسْتَ من اختلسْت من الشَّيْء فسُقتَه وَالْجمع سَيائق. صَاحب الْعين: القبَض - مَا أَخذ الْأُمَرَاء من مَتَاع العدوّ أَو مَاله. ابْن السّكيت: ربَع فِي الْجَاهِلِيَّة وخمَس فِي الْإِسْلَام وَهُوَ المِرْباع وَأنْشد: لَك المِرْباعُ مِنْهَا والصّفايا وَقد تقدم. أَبُو عبيد: خبَسْت الشيءَ أخبِسُه خبْساً وتخبّسْته واختبسْته - أخذْته وغنمْته والاختِباس - أخْذ الشَّيْء مغالبة وَمِنْه أَسد خَبوس وخبّاس - يختَبِس الفَريسة. أَبُو عبيد: الخُباسة - مَا تخنّسْت من شَيْء أَي أَخَذته وغنِمته يُقَال مِنْهُ رجل خبّاس وَهِي الخُباساء. ابْن دُرَيْد: الجُدافى - الْغَنِيمَة. صَاحب الْعين: النّفَل - الْغَنِيمَة والهِبة والجَمع أنْفال وَقد نفَلْته نفَلاً وأنفَلْته إِيَّاه ونفّلته. ابْن السّكيت: ضبَع لي من الغَنيمة يضْبَع ضبْعاً - قسم وَقد تقدم أَنه الحظّ من الطَّرِيق. أَبُو زيد: النّهْب - الْغَنِيمَة وَالْجمع نِهاب ونهَبْت الشَّيْء أنهَبه نهْباً وانتهَبْته - أخذْته والنُهْبة والنُهْبى والنُهَيْبى والنُهَّيْبى كُله - اسْم الانتهاب وَكَانَ للفِرز بَنون يرعَوْن مِعزاه فتَوا كلوا يَوْمًا أَي أبَوا أَن يسرَحوها فساقها فأخرجها ثمَّ قَالَ للنَّاس هِيَ النُهّيْبى - أَي لَا يحِلّ لأحد أَن يَأْخُذ مِنْهَا أَكثر من وَاحِدَة وأنهَبْته النّهْب. صَاحب الْعين: الْإِبَاحَة - النُهْبى واستباح الشيءَ - انتهَبه.
(بَاب الرزق)
صَاحب الْعين: الرّيحان - الرِزْق وَفِي التَّنْزِيل) والحَبّ ذُو العَصْفِ والرّيْحان (وَأنْشد: سَلامُ الْإِلَه ورَيْحانُه ورحْمَته وسَماءٌ دِرَرْ وَقَوْلهمْ سُبحان الله وريحانَه ذهب سِيبَوَيْهٍ إِلَى أَنه بِمَعْنى استِرزاقَه وَهُوَ عِنْده من الْأَسْمَاء الْمَوْضُوعَة مَوضِع المصادر.
3 - (كَثْرَة المَال)
المَال - مَا ملكْتَه من جَمِيع الْأَشْيَاء. سِيبَوَيْهٍ: وَالْجمع أَمْوَال لَا يُكَسّر على غير ذَلِك. ابْن السّكيت: رجل مَيِّل وَمَال - كثير المَال وَقد مَال يمّال. ابْن دُرَيْد: ويَمول ومُلْت تَمال. قَالَ أَبُو عَليّ: رجل مالٌ يصحل أَن يكون فَاعِلا ذهبت عينه وَأَن يكون فَعِلاً وعَلى أَي الْوَجْهَيْنِ حقّرْته فتحقيره بِالْوَاو وَهَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والخليل. أَبُو حَاتِم: رجل مَال ومالٌ الأول مقلوب. أَبُو عَليّ: امْرَأَة مالَة وضَيْعَةُ الرجل - أرضُه المُغِلّة وَالْجمع ضِيَع وضِياع. ابْن دُرَيْد: ضَيْعَة الرجل - مِهنَته وعَقاره. ابْن السّكيت: رجل مُضِيع - كثير الضّيْة. ابْن دُرَيْد: فلَان أضْيَع من فلَان - أَي أَكثر ضِياعاً. ابْن السّكيت: فشَت عَلَيْهِ ضيعَته - كثُرَت فَلم يُطِق خَيالَتها وَقد(3/446)
تقدم هَذَا فِي الرجل يدْخل فِيمَا لَا يعنيه، صَاحب الْعين: الغَلّة - فَائِدَة الضّيعة وَالدَّار والغلام وَقد أغَلّت. أَبُو عبيد: الكُثر من المَال - الْكثير وَكَذَلِكَ الدّبْر يُقَال رجل كثير الدّبْر وَعَلِيهِ مَال دَبْر وَرجل ذُو دَبْر - إِذا كَانَ كثير الضّيْعة وَالْمَال والحِلْق - المَال الْكثير والإحراف مثله وَقد أحرَف - نما مالُه وَصلح. صَاحب الْعين: وَالِاسْم الحِرْفة. أَبُو زيد: حِرفة الرجل - ضيعته وصنعَته. صَاحب الْعين: حَريبة الرجل - مَاله الَّذِي يعِيش بِهِ. ابْن السّكيت: أضعَف الرجل - فشَتْ ضيعته وَكَثُرت والمقدر - الَّذِي غلبَتْه ضيعته تكون لَهُ إبل وغنم وَلَا مُعين لَهُ عَلَيْهَا أَو يسْقِي إبِله وَلَا ذائد لَهُ يذودها. صَاحب الْعين: الدّخْل - مَا دخل على الرجل من ضيعته من المَنالة. أَبُو عبيد: النّدْهة - الْكَثْرَة من المَال وَأنْشد: وَلَا مالُهم ذُو نَدْهة فيَدوني من الدِّيَة. ابْن السّكيت: عِنْده نَدْهة ونُدْهة من صَامت أَو مَاشِيَة وَهِي الْعشْرُونَ من الْإِبِل وَنَحْو ذَلِك وَالْمِائَة من الْغنم أَو قرابتُها وَالْألف من الصَّامِت أَو نَحْو. أَبُو زيد: ... ... ... ... . ابْن السّكيت: الورَق - المَال من الْإِبِل وَالْغنم. أَبُو عبيد: الدّثْر - المَال الْكثير وَجمعه دُثور وَمِنْه الحَدِيث) ذهب أهلُ الدّثور بِالْأُجُورِ (. صَاحب الْعين: الغَنيّ - ذُو الوَفْر والغِنى - ضد الفَقْر غَنيَ غِنًى مَقْصُور. قَالَ أَبُو إِسْحَق: الغِنى مَقْصُور فَإِذا فُتِح مُدّ فَأَما قَوْله: سيُغنيني الَّذِي أغناكَ عنّي فَلَا فقْرٌ يَدُوم وَلَا غَناء فَإِن الرِّوَايَة غَناء بِالْفَتْح وَمن رَوَاهُ بِالْكَسْرِ جعله مصدر غانَيْت. صَاحب الْعين: استغنَيْت وتغنّيْت كغنيت وَأنْشد: وكُنت امْرأ زَمناً بالعِراق عَفيفَ المُناخ طويلَ التّغَن ثَعْلَب: وَقد أغناه وغنّاه. أَبُو زيد: أغناه الله فِي الْخَبَر وغنّاه فِي الدُّعَاء. قَالَ أَبُو عَليّ: فَأَما مَا حَكَاهُ أَبُو زيد أَن الغِنى اسْم لمِائَة من الضَّأْن فَغير مَعْرُوف فِي اللُّغَة إِنَّمَا أُرِيد أَن هَذَا الْعدَد غِنًى لمَالِكه كَمَا قيل عِنْد ذَلِك وَمَا مائَة من الْإِبِل فَقَالَت مُنى وَمَا مائَة من الْخَيل فَقَالَت لَا تُرى فمُنى وَلَا تُرى ليسَا باسمين للمائة من الْإِبِل وَالْمِائَة من الْخَيل والتّغاني والاغتِناء - الاستِغْناء وَالِاسْم الغُنْية. أَبُو عبيد: هاثَ من المَال مَا شَاءَ هيْثاً - أَي أصَاب فَإِذا كثُرت غنَمه وسَخْله فَهُوَ مقترِد وقُتارِد وقِتْرِد. ابْن السّكيت: استوثَج من المَال واستوثَن - إِذا استكثر وَيُقَال إِنَّه لمُترِب - أَي مَال مثلُ التُّرَاب وَقيل أتْرَب - قلّ مالُه. أَبُو زيد: الثّراء والثّروة - المَال الْكثير والثّروة أَيْضا - كَثْرَة الْعدَد. ابْن السّكيت: أثْرى الرجل وَهُوَ - مَا فَوق الِاسْتِغْنَاء. أَبُو عبيد: ثَرا الْقَوْم ثَراءَ - كَثُرُوا ونَمَوْا وأثْروا - كثُرت أموالُهم وثَرا المالُ نَفسه يثْرو - كثُر وثَرَوْنا الْقَوْم - كُنَّا أكْثر مِنْهُم. وَقَالَ: ثَريتُ بفلان فَأَنا ثريّ بِهِ - أَي غنيّ عَن النَّاس بِهِ. ابْن دُرَيْد: وَرُبمَا سمي الغَدير ثَرْوة. وَقَالَ: الفروة كالثّروة فِي بعض اللُّغَات. وَقَالَ: تفهّر الرجل فِي المَال - اتّسع فِيهِ. صَاحب الْعين: المَال ... . كَذَلِك وَقد تقدم فِي الْعلم. أَبُو زيد: الوَفْر - الْكثير من المَال وَالْمَتَاع وَقيل هُوَ - الْكثير من كل شَيْء وَالْجمع وُفور وَقد وَفَر المالُ والمتاعُ والنبات وفْراً ووُفوراً وفِرَة ووَفَرْته ووفّرْته - كثّرْته. ابْن السّكيت: التخرّق - أَن تكون لَهُ الْإِبِل وَالْغنم وَالرَّقِيق. الْأَصْمَعِي: لفُلَان ظهْر - أَي مَال من إبل وغنم وظهَرة المَال - كثرته. ابْن(3/447)
السّكيت: أمِرَ مالُه أمَراً وأمَرةً وآمَره الله وَأنْشد: أمِّ جَوارٍ ضِنْؤُها غيرُ أمِر وَفِي مثل) فِي وَجه مالِك تعرِف أمَرَته (وَيُقَال) خيرُ المَال سِكّة مأبوره أَو مُهْرة مأموره (والسِكّة - السّطْر المستطيل من النّخْل والمأبورة - قد أُبِرَتْ وأُصلِحت ولقِحت والمأمورة - الْكَثِيرَة الْوَلَد من آمَرَها الله أَي كثّرها وَأَرَادَ مؤمَرة فَقَالَ مأمورة مثل مزْكومة ومحْمومة وَيُقَال مَا أحسَن أَمارَة بَني فلَان - أَي مَا يكثُرون ويكثُر أَوْلَادهم وعددهم. وَقَالَ: ضَفا فلَان ضَفْواً وضُفّوا - كثُر وثَوْب ضافٍ - سابغ وَفُلَان ضافي الفَضْل على قومه - أَي سابِغ وَأنْشد: إِذا الهدَف المِعزاب صوّب رأسَه وَأَعْجَبهُ ضَفْو من الثّلّة الخُطْلِ وَمِنْه ضَفا الشّعْر ضَفْواً وضُفُوّاً - كثر وَطَالَ وَفرس ضافي السّبيب. ابْن دُرَيْد: وَكَذَلِكَ كل شَيْء وَاسع. وَقَالَ: فلَان فِي ضَفوة من المَال - أَي سَعة. ابْن السّكيت: أضْنأ المالُ وأضنى وأضْنى الْقَوْم - كثرت ماشيتهم والماشية تكون من الْإِبِل وَالْغنم وَقد مشَت الْمَاشِيَة - كثُرَت أَوْلَادهَا والمَشاء والوَشاء والفَشاء - تناسُل المَال يُقَال أمشى الْقَوْم وأوْشَوا وأفْشَوا وَأنْشد: ويُمشي أَن أريدَ بِهِ المَشاءُ وَقَالَ: مَشى على آل فلَان مَال - أَي تناتَج وكثُر وَمَال ذُو مَشاء - أَي ذُو نَماء يتناسل. أَبُو عبيد: أراعَتِ الإبلُ كثُرت - أَوْلَادهَا. ابْن السّكيت: أتَت الْمَاشِيَة إتاه - كثرت. وَقَالَ: ارتَعج المَال - كثُر وَإِن لَهُ مَالا جمّاً - أَي كثيرا وَإِن لَهُ لمالاً عُكامِساً وعُكَمِساً وعُكابِساً وعُكَبِساً وَهُوَ فِي الْمَاشِيَة وَالْإِبِل وكل مُتراكب عُكامِس وإنّ لَهُ لَمالاً ذَا مِزّ والمِزّ - الشَّيْء لَهُ فضل. وَقَالَ مرّة: المِزّ - الفضْل نفسُه وَإِن لَهُ لغَنماً عُلَبِطة وَلَا يُقَال إِلَّا فِي الْغنم وَيُقَال لَهُ من المَال عائِرَة عينين - أَي مَال يعيرُ فِيهِ الْبَصَر هَهُنَا وَهَهُنَا من كثرته يَعْنِي يذهب وَعَلِيهِ مالٌ عائرة عينين يُقَال هَذَا للكثير المَال لِأَنَّهُ من كثرته يمْلَأ الْعَينَيْنِ حَتَّى يكَاد يفقأهما. ابْن دُرَيْد: جَاءَ من المَال بطارفة عيْن كَذَلِك. قَالَ أَبُو عَليّ: كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّه إِذا كَانَ لرجل مِنْهُم ألف بعِير فَلم يفْقأ عين بعير مِنْهَا إنّ الْغَارة والسُّواف يأتيان على إبِله فَإِن زَادَت على ألف فقَأ عَيْنَيْهِ جَمِيعًا فَذَلِك المُفَقّأ والمُعمّى. أَبُو عبيد: جَاءَ بكُحْل عينين - يُرِيد الْكَثْرَة. أَبُو عبيد: وَالْعين - الدّنانير والنّاضّ - مَا كَانَ مَتاعاً فتحولّ عينا وَقيل العَيْن - المَال العَتيد الْحَاضِر يُقَال إِنَّه لَعَين غيرُ دَيْن. وَقَالَ: رجل أكرَش - عَظِيم المَال وَقد تقدم أَنه الْعَظِيم الْبَطن. صَاحب الْعين: البرَكة - النّماء والزِيادة والتّبريك - الدُّعَاء بالبرَكة وَبَارك الله فِيهِ - وضع فِيهِ البرَكة وَطَعَام بَريك - مبارَك فِيهِ وَمَا أبرَكه والرّغْس - النَّمَاء وَالْبركَة رغَسه اللهُ رغْساً وَأنْشد ابْن السّكيت: حَتَّى أَرَانِي وجهَك المرْغوسا - أَي ذَا البرَكة وَالْخَيْر وَرجل مرغوس - كثير المَال وَالْولد وَأنْشد: أَمَام رَغْس فِي نِصاب رَغْس أَبُو زيد: رغَسَه يرغَسه. صَاحب الْعين: رغَسَه الله مَالا - أعطَاهُ وَامْرَأَة مرغوسة - وَلود وَقد تقدم فِي كتاب النِّسَاء. ابْن السّكيت: وَإنَّهُ لَذو أُكْلٍ من الدُّنْيَا - يَعْنِي حظّاً وَفُلَان من ذَوي الآكال - أَي من ذَوي القِسْم الْوَاسِع وَرجل مُرغِب - كثير المالُ ومَغْضور - إِذا كَانَ ينبُت عَلَيْهِ المَال ويصلُح. أَبُو عَليّ: إِنَّه لواسع(3/448)
العطَن ورَحْب الذِراع - أَي كثير المَال وَاسع الرَّحْل. ابْن السّكيت: مالٌ جِبْل - كثير وَأنْشد: حَتَّى افتدَوا منّا بِمَال جِبْل وَيُقَال مَال صتْم وأموال صُتْم وصُتُم وَألف صَتْم - تَامّ. صَاحب الْعين: مَال لُبَد - كثير لَا يُخاف فناؤه. أَبُو عبيد: خير مَجنَب - كثير. ابْن السّكيت: وَكَذَلِكَ الشَّرّ. وَقَالَ: أَتَانَا بطعامٍ مَجنَب وطَيْس - أَي كثير وَيُقَال إنّ فلَانا لمُخضَمٌ - أَي موسّع عَلَيْهِ من الدُّنْيَا وَحكى عَن أَعْرَابِي أَنه قَالَ لِابْنِ عَم لَهُ قدِم عَلَيْهِ مَكَّة إِن هَذِه أَرض مَقْضَم وَلَيْسَت بِأَرْض مَخضَم. قَالَ: وكل شَيْء صُلْب يُقَضم وكل شَيْء ليّن يخضَم وَيُقَال القَضْم يُدني إِلَى الخَضْم وَقيل فِي مَعْنَاهُ قد يُبلَغ الخَضْم بالقَضْم يُقَال اخْضِموا بِكَسْر الضَّاد فَإنَّا سنَقْضَم بِفَتْحِهَا - أَي سَوف نصبر على أكل الْيَابِس. وَقَالَ: إِنَّه لمُرْكِح ومُرْزٍ إِلَى غِنًى - مَعْنَاهُ مُتّكئ. وَقَالَ: تجبّر فلَان مَالا - إِذا عَاد إِلَيْهِ من مَاله مَا كَانَ ذهب وتجبّر الشّجر - نبت فِيهِ شَيْء وَهُوَ يَابِس. صَاحب الْعين: المُحرّف - الَّذِي ذهب مالُه ثمَّ عَاد إِلَيْهِ. ابْن السّكيت: جَاءَ بالطِّم والرِم - إِذا جَاءَ بالكثير والطِمّ - الرَّطْب والرِمّ - الْيَابِس. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أصل الطِمّ المَاء والرِّم التُّرَاب كَأَنَّهُ أَرَادَ جَاءَ بِكُل شَيْء لِأَن كل شَيْء يجمعه المَاء وَالتُّرَاب لِأَنَّهُمَا أصل لما فِي الدُّنْيَا وَقيل الطِمّ - مَا حمله المَاء والرِمّ - مَا حَملته الرّيح وَقيل الطمّ البحْر والرمّ الثرى. ابْن السّكيت: جَاءَ بالضِّح والرّيح يُقَال ذَلِك فِي مَوضِع التكثير والضِّح - البرَاز الظَّاهِر من الأَرْض للشمس والتأويل جَاءَ بِمَا طلع عَلَيْهِ الشَّمْس وَجَاء بالخطر الرّطْب وَالرِّيح والضِح والهَيْل والهَيلَمان والبَوْش البائش ودَبا دُبَي ودَبا دُبَيّن ودَبَيبنّ - إِذا جَاءَ بالشَّيْء الْكثير. ابْن دُرَيْد: جَاءَ بالرَّقِم والرّقْم - أَي الْكثير وَجَاء بالهوش - أَي بِالْجمعِ الْكثير وَلذَلِك سمّي مَا يُنتهَب فِي الْغَارة هُواشاً. ابْن السّكيت: جَاءَ يقثّ الدُّنْيَا - أَي يجرّها. أَبُو عَليّ عَن ثَعْلَب. قدِم فلَان مستعرِضاً - إِذا قدم بعرَض من الدُّنْيَا من مَال أَو خيل. ابْن السّكيت: الفَنَع - كَثْرَة المَال وَأنْشد: وَقد أجودُ وَمَا مَالِي بِذِي فنَع وأكتُم السرّ فِيهِ ضَرْبَة العُنُق - أَي وَمَا مَالِي بالكثير. أَبُو زيد: ذُو فَنًّا كفَنع. ابْن السّكيت: يُقَال للَّذي أصَاب مَالا وافراً وَاسِعًا لم يُصِبْه أحد - أصَاب قرْن الْكلأ وَذَلِكَ لِأَن قرْن الْكلأ وأنفَه الَّذِي لم يُؤْكَل مِنْهُ شَيْء. وَقَالَ: فلَان عريض البِطان يُقَال لَهُ ذَلِك - إِذا أثْرى وكثُر مالُه وَمثله هُوَ رخيّ اللّبَب - إِذا كَانَ فِي سَعَة يصْنَع مَا شَاءَ وَيُقَال هُوَ مَلِيء زُكاة - أَي حَاضر النَّقْد وَقد زكأتُه - عجّلت لَهُ نقدَه. وَقَالَ: عَفا المالُ عُفوّاً ووفى وَفَاء ونمى ينْمى نَماء كل ذَلِك فِي الْكَثْرَة وَحكي عَن أبي زيد أَنه سمع ردّاداً الْكلابِي يَقُول تأبّل إبِلا وتغنّم غنَماً - إِذا اتّخذَهما. وَقَالَ: إِن فلَانا لَفي ضَرّة مَال يعْتَمد عَلَيْهِ - وَذَلِكَ أَن يعتمِد على مَال غَيره من أَقَاربه وَرجل مُضرّ - لَهُ ضَرّة من مَال - أَي قِطعة وَأنْشد: بحسْبِك فِي القوْم أَن يعْلَموا بأنّك فيهِم غنيّ مُضِرُّ غَيره: عَلَيْهِ غُدّة من مَال - أَي قِطْعَة. وَقَالَ: عَلَيْهِ حُزّة من مَال - أَي قِطْعَة وَعَلِيهِ غَثَرة من مَال مثله وَأصَاب من دُنْيَاهُ غثَرة - أَي كَثْرَة. أَبُو زيد: عَلَيْهِ بقرة من مَال وعيال - أَي جمَاعَة وَقد تبقّر فيهمَا وتبيْقر - توسّع مَأْخُوذ من البَقْر الَّذِي هُوَ الشّقّ. ابْن دُرَيْد: أسْجَل الرجل - كثُر خَيره. ابْن السّكيت: يُقَال تأثّل فلَان مَالا - اتّخذه وَمَال أثيلٌ ومؤثّل - مكثّر وَأنْشد: وَلَا يُجدي امْرأ ولَد أحمّتْ مَنيّته وَلَا مالٌ أثيل(3/449)
أَبُو عبيد: كل شَيْء لَهُ أصلٌ قديم أَو جُمِع حَتَّى يَصير لَهُ أصل فَهُوَ مؤثّل ومتأثّل. أَبُو عَمْرو: مَال حِيَر وَأهل حيَر - كثير وَأنْشد: أعوذ بالرّحمن من مالٍ حِيَر يُصليني اللهُ بِهِ حرّ سَقَر وَقَالَ: الخجَل - التّخرّق فِي الغِنى وَقيل هُوَ - سوء احْتِمَال الغِنى وَقد خجِل خجَلاً. وَقَالَ عَليّ بن حَمْزَة: بَنو قَدْراء - المَياسير. صَاحب الْعين: الوُجْد - اليَسار. ابْن السّكيت: هُوَ الوجْد والوِجْد وَقُرِئَ) أسكِنوهنّ من حيثُ سكنْتم من وِجْدِكم ووُجدِكم ووَجْدِكم (والواجد - الْغَنِيّ وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أوجدَني بعدَ فقْر أَي أغناني. وَقَالَ: أصبْت من المَال حَتَّى فقِمْت فَقَماً. أَبُو زيد: فقِم مالُه فقَماً - كثُر. ابْن دُرَيْد: أصَاب كنْزَ النّطِف. ابْن السّكيت: فادَلَه مَال فَيْداً - ثَبت لَهُ وَالِاسْم الْفَائِدَة وَهُوَ - مَا استفدْتَ طَريفة مَال من ذهَب أَو فضّة أَو مَمْلُوك أَو مَاشِيَة وَقد اسْتَفَادَ مَالا وكرِهوا أَن يُقَال أفادَ غير أَن بعض الْعَرَب قَالَ أَفَادَ - إِذا اسْتَفَادَ. وَقَالَ: نبَتت لبَني فلَان نابِتة - إِذا نَشأ لَهُم نشأٌ صِغار والنابِت من كل شَيْء - الطّريّ حِين ينبُت صَغِيرا من النّبْت وَغَيره يُقَال مَا أحسَن نابتة بَني فلَان - أَي مَا تنْبُت عَلَيْهِ أموالُهم وأولادُهم والأثاث - الوَرِق والمالُ أجمَع الإبلُ والغنمُ وَالْعَبِيد وَالْمَتَاع. صَاحب الْعين: تأثّث - أصَاب رِياشاً وَخيرا. الكلابيون: الأثاث مذكّر وَلَا يُجمع وَهُوَ - الْمَتَاع كلّه وَقيل الأثاث والأثاثة والأثوث - الكثْرة والعِظَم من كل شَيْء. ابْن السّكيت: مَا أحْسَن أهرَتَهُم وغَضارتهم وغضْراءهم - أَي هيئتهم وحالهم وَمَا أحسَن ريشَهُم - أَي لِباسَهم وَهُوَ مَا رأيْت وَظهر. ابْن دُرَيْد: الرِّياش - حُسْن المَلْبَس. أَبُو زيد: الريش والرِياش - المَال والأثاث وحُسْن الملْبَس وَقد ارْتاش الرجل - أصَاب خيرا وراشَه الله رَيْشاً وريّشُه - نعشَه وَرجل أرْيَش وراش. ابْن دُرَيْد: مَا أحسنَ أوراقه وورَقَه - إِذا كَانَ حسن الْهَيْئَة واللِّبْسة. صَاحب الْعين: الأصيلة - جَمِيع مَا يملِك الرجل من الْإِبِل والغنَم وَالْمَال. ابْن السّكيت: رجل حسن الشّارة - أَي البِزّة. وَقَالَ: اشْتارَت الْإِبِل - لبِسَت سِمَناً وحُسْناً وَهُوَ شارَتُها وَيُقَال للرجل إِذا كثر مَاله وعدده قد انتشرت حجرَته وارتعج مالُه وعدده وكثُر قبْصُه وحَصاه. ابْن دُرَيْد: جَاءَ فلَان بِحَوْث بَوث - أَي بالشَّيْء الْكثير والمنْشَبة - المَال يجمَع الصَّامِت والناطق. وَقَالَ: جَاءَ بِمَال كرفْغ التُّرَاب فِي كثرته والهَوْغ - الشَّيْء الْكثير وَالْمَال المنْفِس - النّفيس عِنْد أَهله. وَقَالَ: رجل مدَثّر - كثير الدَّنَانِير. أَبُو عَليّ: رجل مدَرْهَم - كثير الدّراهم وَلَيْسَ لَهُ فعل. صَاحب الْعين: اليَسار والميْسَرة - الغِنى. سِيبَوَيْهٍ: وَهِي الميسرة لَيست على الْفِعْل وَلكنهَا كالمَسْرُبة والمشرَبة فِي أَنَّهُمَا ليستا على الْفِعْل وَفِي التَّنْزِيل) فنَظِرة إِلَى ميسُرة (. صَاحب الْعين: أيسَر - صَار ذَا يَسار واليُسْر - ضد العُسْر وَقد تيسّر الشيءُ واستيْسَر ويسّرته أَنا والميسور - مَا يُسّر هَذَا قَول أهل اللُّغَة وَأما سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ هُوَ من المصادر الَّتِي جرت على لفظ مفعول لتوهم تعدِي الْفِعْل إِلَيْهِ وَنَظِيره المَعْسور. عليّ: هَذَا هُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ لَا فعل لَهُ إِلَّا مزيداً لم يَقُولُوا يسَرْته فِي هَذَا الْمَعْنى والمصادر الَّتِي على مِثَال مفعول لَيست على الْفِعْل الملفوظ بِهِ لِأَن فعَل وفعِل وفعُل إِنَّمَا مصادرُها المطّردة بِالزِّيَادَةِ مَفْعَل كالمَضْرَب وَمَا زَاد على هَذَا فعلى لفظ الْمَفْعُول كالمُسرَّح فِي قَوْله: ألم تعْلَمْ مُسرّحي القَوافي وَإِنَّمَا يَجِيء الْمَفْعُول فِي الْمصدر على توهّم الْفِعْل الثلاثي وَإِن لم يُلْفَظ بِهِ كالمَجْلود من تجلّد وَلذَلِك يحمل سِيبَوَيْهٍ الْمَفْعُول فِي الْمصدر إِذا وجدَ لَهُ فعلا ثلاثياً على غير لَفظه أَلا ترَاهُ قَالَ فِي المعْقول كَأَنَّهُ حُبِس لَهُ عقلُه. أَبُو زيد: رجل بطِن - كثير المَال. صَاحب الْعين: زَجا الخَراج يزْجو زَجاءً - تيسّرَتْ جِبايته. أَبُو عبيد: أثْمرَ الرجل - كثُر مَاله. صَاحب الْعين: البِضاعة - الْقطعَة من المَال. أَبُو زيد: الفرَع - المَال الطائل وَأنْشد:(3/450)
فمنّ واستبقى وَلم يعتصِر من فرْعِه مَالا وَلَا المكْسِر المكْسِر - مَا يُكْسَر من أصل المَال.
3 - (القلّة من المَال)
صَاحب الْعين: الْقُوت والقِيتَة - المُسْكة من الرزْق وَقد قاتَه ذَلِك قوْتاً. سِيبَوَيْهٍ: وقُوتاً. صَاحب الْعين: تقوّت بالشَّيْء واقْتَتّ بِهِ واقتتّه - جعلته قوتي. ابْن السّكيت: فلَان قِيتُه اللّبن - أَي قوته. صَاحب الْعين: الكَفيت - الْقُوت من الْعَيْش. الْأَصْمَعِي: الكُفْيَة - مَا يَكْفِيك من الْعَيْش. أَبُو عبيد: البَهْل من المَال - الْقَلِيل. وَقَالَ: فِي مَاله رقَق - أَي قلّة. قَالَ أَبُو عَليّ: رققٌ من الرِّقّة وَهِي القِلّة وَقد يُقَال رفَق بِالْفَاءِ وأرقّ مالُه فِي رقة الْحَال. صَاحب الْعين: البِضاعة - اليَسير من المَال وَقد تقدم أَنَّهَا القِطعة مِنْهُ من غير تَحْدِيد. أَبُو زيد: أخفقَ الرجل - قلّ مالُه. أَبُو عبيد: المُرْمَقّ - الْعَيْش الْقَلِيل الْيَسِير وَأنْشد: نُعالجُ مُرْمَقّاً من الْعَيْش بَالِيًا لَهُ حارِك لَا يحمِل العبءَ أجزَلُ ابْن السّكيت: يُقَال) موتٌ لَا يجرّ إِلَى عَار خيرٌ من عيشٍ فِي رِماق (- أَي قدر مَا يفمسِك الرّمَق وَيُقَال هَذِه نَخْلة تُرامِق بعِرْق - أَي لَا تحيا وَلَا تَمُوت وَيُقَال للحَبل إِذا كَانَ ضَعِيفا أرْماق وَقد ارماقّ. ابْن دُرَيْد: ارمقّ الشيءُ - ضعُف. ابْن السّكيت: عَيْش مُزلّج ومدَبّق - لم يتمّ وَيُقَال مَاله شِسْع مالٍ وحِذْل مَال وَهُوَ - الْقَلِيل. ابْن دُرَيْد: الزّبْعرُ - قَلِيل المَال وأحسَبُه من الزعَر. وَقَالَ: مَا بَقِي مِنْهَا شَيْء. صَاحب الْعين: تضعضع مالُه - قلّ. وَقَالَ: مابقي من مَاله إِلَّا عُنصُوة - أَي قَلِيل وَقيل العَناصي من المَال - مَا بَين النّصْف إِلَى الثُّلُث أقل ذَلِك وأصل العَناصي الْأَشْيَاء المتفرقة وعَناصي الْكلأ - مَا تفرّق مِنْهُ. ابْن السّكيت: الشّويّة والشّواية - البقيّة من المَال أَو الْقَوْم الهَلْكى وَقد أشْوى من الشَّيْء - أبقى. وَقَالَ: ترك فلَان عيالَه فُقَراء يتكفّفون - أَي يسْأَلُون. ابْن دُرَيْد: الضّيْقَة - الْفقر. أَبُو زيد: المُخِفّ - الْقَلِيل المَال. ابْن الْأَعرَابِي: خفّ وأخَفّ. أَبُو زيد: إِنَّه لَفي قتْرٍ من عيشه وقُترة - أَي ضِيق وَقد قتَر يقتِر ويقتُر قتْراً. أَبُو عبيد: قتَر وأقْتَر وقتّر والقتْر والتّقتير - الرُمْقة من الْعَيْش. ابْن دُرَيْد: الشّفَف - رِقة الْحَال والشّفف أَيْضا - الرقّة والخِفّة وَهُوَ الأَصْل. صَاحب الْعين: الجُهد - الشَّيْء الْقَلِيل يعِيش بِهِ المقِلّ وَفِي التَّنْزِيل) وَالَّذين لَا يجِدون إِلَّا جُهدَهم (والمُسْكَة - مَا يُتبلّغ بِهِ من طَعَام وشراب.
3 - (ذهَاب المَال ونفاده)
أَبُو عبيد: أنزَف الْقَوْم وأنقَدوا وأنفَقوا - ذهبت أَمْوَالهم. ابْن السّكيت: أنْفق الرجل - ذهب طَعَامه فِي سفر أَو حضر. أَبُو عبيد: نفِق المَال نفسُه نفَقَاً - ذهب وأنفَضوا - مثل أَنْفقُوا. ابْن السّكيت: أنفض الْقَوْم - إِذا ذهب طعامُهم من اللّبن وَغَيره وَالِاسْم مِنْهُ النُفاض ومثَل)) النُّفاض يقطّر الجلَب (يَقُول إِذا ذهب طَعَام الْقَوْم أَو ميرَتُهم قطّروا إبلهم الَّتِي كَانُوا يضنّون بهَا فحلبوها للْبيع. ابْن دُرَيْد: أنفض الْقَوْم وأنفضوا زادَهم كَذَلِك.(3/451)
أَبُو عبيد: أكْرى الرجلُ وأجحَد وجحِد مثله. ابْن السّكيت: وَأَرْض جحِدة وَهِي - الْيَابِسَة الَّتِي لَيْسَ بهَا خير وَقد جحِد النّبت جحَداً - إِذا قل وَلم يطُل. أَبُو زيد: الجحْد والجُحْد - قلّة الْخَيْر وَقد جحِد جحَداً فَهُوَ جحد وأجحَد وجحِدت الأَرْض لَا غير وَقيل الجحَد - الْقلَّة من كل شَيْء وخصّ بِهِ بعضُهم قلّة المَال. أَبُو عبيد: أكدى الرجل كأجحَد وَقيل المُكْدي - الَّذِي لَا يثوب لَهُ مَال وَلَا ينمي. ابْن السّكيت: ألْفَج بِالْأَرْضِ - لزِق بهَا إِمَّا من كرْب أَو من حَاجَة وَأنْشد: ومستلْفِج يَبْغِي الملاجئَ نفسَه يعوذ بجَنْبَيْ مَرْخة وجلائل والمُلفِج بِالْكَسْرِ - الَّذِي قد أفلس وَعَلِيهِ الدّين. قَالَ: وَقد جَاءَ رجل إِلَى الْحسن فَقَالَ أيُدالِكُ الرجل امرأتَه - أَي يماطِلها بمهرها قَالَ نعم إِذا كَانَ ملفِجاً، وَحكى أَيْضا ملفَج بِالْفَتْح وَجَاء فِي الحَدِيث) أطعِموا مُلفَجيكم (بِالْفَتْح وَلَيْسَ من الصِّفَات الَّتِي لَا أَفعَال لَهَا. ابْن دُرَيْد: ألْفَج الرجل فَهُوَ ملفَج نَادِر. ابْن السّكيت: أُبلِط بِهِ وَقَالَ بَعضهم أبلَط وَهُوَ - الهالِك الَّذِي لَا يجد شَيْئا وَيُقَال أَيْضا أبْلَط - إِذا لزِق بِالْأَرْضِ والبَلاط - الأَرْض الملْساء. أَبُو عبيد: خلّ الرجل وأُخِلّ بِهِ من الخَلّة وَهِي - الفقْر والفاقَة والخلل والاختلال - الْحَاجة وَقد اختللْتُ إِلَى كَذَا - احتجت وَمِنْه قَول ابْن مَسْعُود تعلّموا الْعلم فَإِن أحدكُم لَا يدْرِي مَتى يُختَلّ إِلَيْهِ، والخليل فِي مَوضِع الْمَفْعُول - الَّذِي قد أَصَابَته الضّرورة فِي مَاله. ابْن دُرَيْد: رجل أخَلّ - أَي مختلّ. ابْن السّكيت: المعوِز - قريب من المختل وَهُوَ أسوأهما حَالا يُقَال أعوزَ الرجل وَالِاسْم العوَز. صَاحب الْعين: العوَز - أَن يعجِزَك الشَّيْء وَأَنت مُحْتَاج إِلَيْهِ ترومُه وَلَا يتهيّأ لَك وَقد عازَني وأعوزَني وأعوزَه الدّهر - أحلّ عَلَيْهِ الْفقر. ابْن السّكيت: وَكَذَلِكَ المعدِم. صَاحب الْعين: وَهُوَ العَديم. ابْن السّكيت: هُوَ العُدْم والعَدَم. قَالَ أَبُو عَليّ: هَذَا مطّرد فِي المصادر. صَاحب الْعين: وَهُوَ العُدُم وأصل العدَم الْفقر عدِمْت الشيءَ عدَماً وأعدمَنيه الله. أَبُو عبيد: عُصِب الرجل - إِذا عصبته السِنون - أَي أكلت مالَه وعصبتْهم السنون - أجاعتهم والمعصَّب - الَّذِي يتعصّب بالخِرَق من الْجُوع والمجلّف - الَّذِي قد ذهب أَكثر مَاله والمجلّف - الَّذِي قد ذهب مَاله أَكْثَره والمجلّف - الَّذِي قد ذهب مَاله وَيُقَال أَصَابَتْهُم جَليفة عَظِيمَة - إِذا اجتلفَتْ أموالَهم وَقوم مجتلَفون. أَبُو عبيد: الجالِفَة - السّنة الَّتِي تذْهب بِالْمَالِ وَيُقَال أصرَم وأحوَج - إِذا أفَلّ. ابْن السّكيت: أحوَج وأقْتَر وأقلّ - شَيْء وَاحِد وَهُوَ من الْفقر وفيهنّ بَقِيَّة من نشَب لَا يغمُره وَلَا يغمر عيالَه وَيُقَال للمُقتِر إنّ بِهِ لَخصاصة - أَي فقرا. ابْن دُرَيْد: خصاصاء - فقر. ابْن السّكيت: إِن بِهِ لَفاقة - أَي حَاجَة وَإنَّهُ لمُفتاق وَإِن بِهِ لحَاجَة وَإنَّهُ لمحتاج. غَيره: الصّلقَعة والصّلْقَع - الإعدام وَقد صلْقَع. أَبُو عبيد: أَصَابَتْهُم حوْبَة - إِذا ذهب مَا عِنْدهم فَلم يبْق عِنْدهم شَيْء وأفَلّ - ذهب مَاله مَأْخُوذ من الأَرْض الفِلّ وَأقوى الرجل - ذهب طَعَامه ونُقِد. ابْن السّكيت: أقوى الرجل وأرْمل - إِذا ذهب طَعَامه فِي سفر أَو حضر وَيُقَال للرجل ولولده إِذا كَانُوا مُحْتَاجين هم أرمَلة وأرامِل وأرامِلة وَرجل أرْمل وَيُقَال بَات فلَان القواء يُرِيد بَات فِي القَفْر وَبَات الرجل الوحشَ اللَّيْلَة. قَالَ الْأَصْمَعِي: فَلَا أَدْرِي كَيفَ سمعته أبات فِي الْفقر مستوحشاً أم بَات وحْشاً من الْجُوع. أَبُو عبيد: أقْفر - بَات فِي القفْر وأقفر الرجل - إِذا لم يبْق عِنْده طَعَام. ابْن دُرَيْد: رجل صِفْر الْيَد وَامْرَأَة صِفْر الْيَد - إِذا خلتْ أَيْدِيهِمَا من الْخَيْر. ابْن دُرَيْد: الضّيْكَل - الْفَقِير وَالْجمع ضَياكِلة. ابْن السّكيت: الفَقير - الَّذِي يكون لَهُ بعض مَا يقيمه والمِسْكين - الَّذِي لَا شَيْء لَهُ وَأنْشد: أما الْفَقِير الَّذِي كَانَت حَلوبَته وفْقَ العِيال فَلم يُتْرَك لَهُ سَبَد قَالَ: وَقيل لأعرابي أفَقير أَنْت أم مِسكين قَالَ لَا وَالله بل مِسْكين، وَلَيْسَ من المِسكين فعل وَحكي(3/452)
عَن الْفراء وَهُوَ يتمسكن لربّه. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَأما مِسْكين فمِن تسكّن وَقَالُوا تمسْكن على قَوْلهم تمدْرَع فِي المِدرَعة. قَالَ أَبُو عَليّ: يَعْنِي أَن قَوْلهم تمسْكن لَيْسَ بِدَلِيل فِي بادئ النّظر على أَن مِيم مِسكين أصل كَمَا أَن ثبات الْمِيم فِي قَوْلهم تمدْرَع لَيْسَ يدل على أَن الْمِيم فِي مِدْرَعة أصل. سِيبَوَيْهٍ: الْجمع مَساكين. قَالَ: وَإِن شِئْت مِسكينون كَمَا تَقول فقيرون يَعْنِي أَن مِفعيلاً يَقع للمذكر والمؤنث بِلَفْظ وَاحِد وَإِنَّمَا يكون ذَلِك مادامت الصِّيغَة للْمُبَالَغَة فَلَمَّا قَالُوا مِسكينة يعنون الْمُؤَنَّث وَلم يقصدوا فِيهِ الْمُبَالغَة شبّهوها بفَقيرة وَلذَلِك سَاغَ جمع مذكّره بِالْوَاو وَالنُّون. ابْن الْأَعرَابِي: الفَقير - الَّذِي لَا شَيْء لَهُ البتّة والمسكين مثلُه وَأما بَيت الرَّاعِي فَمَعْنَاه أَنه كَانَت لَهُ حَلوبة لِعِيَالِهِ قبل أَن يُقَال لَهُ فَقير ثمَّ صَار فَقِيرا لما ذهبت لَيْسَ أَنه كَانَ يُقَال لَهُ فَقير وَله حَلوبة. غَيره: فَقير وَقير - يصفه بالذُلّ لِأَن الوَقْر ضعْف وَقيل هُوَ اتِّبَاع وَقيل وَقير - موقَر بالدّين وفَقير نَقير كَأَنَّهُ نُقِر وَقيل نَقير اتِّبَاع. ابْن السّكيت: هُوَ الفقْر والفُقْر. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلم يَقُولُوا فقُر استغْنَوا عَنهُ بافتقَر. صَاحب الْعين: المعسِر - خلاف الموسِر والعُسْرة والمعْسَرة والمعسُرة والعُسْرى - خلاف الميسَرة وَأما العُسْر فخلاف اليُسر عسِر عسَراً وعسُر فَهُوَ عَسير وَقد عسرْته - ضيّقْت عَلَيْهِ. صَاحب الْعين: تعسّر وتعاسَر واستعْسَر - اشتدّ وَقيل المُعْسر - الْفَقِير وَقد أعْسر - صَار ذَا عُسْر والمعسور - خلاف الميسور واستعسرْته - طلبت معسوره وَمِنْه استعسار الْغَرِيم. ابْن السّكيت: الصّعْلوك - الَّذِي لَيْسَ لَهُ شَيْء وَلَيْسَ فِيهَا فِعل وَقد قيل تصعْلَك والسُّبْروت - مثل الصُعلوك وَامْرَأَة سُبْروتة وحُكي عَن بعض بني قُرَيْش رجل سِبريت وَحكى ابْن دُرَيْد سُبروت. ابْن جني: رجل سِبريتة كسِبريت وسِبْرات كَذَلِك وَأَصله فِي الأَرْض الَّتِي لَا تُنبِت. ابْن السّكيت: وَمِنْهُم الكانِع وَهُوَ - الَّذِي ينزِل بك بِنَفسِهِ وَأَهله طمَعاً فِي فضلك يُقَال كنَعْت أكنَع كُنوعاً وَرجل كانع - إئا خضع والمُكنّع - الَّذِي قد تقفّعَتْ أَصَابِعه من غُلّ أَو ضرْب وَمِنْهُم المُدقِع وَهُوَ - الَّذِي لَا يتكرّم عَن شَيْء أخذَه وَإِن قلّ وأدْقَع إِلَى فلَان فِي الشّتيمة أَو فِي أَي فعل مَا كَانَ وأدقَع لَهُ - بالَغ والمدقِع أَيْضا - الَّذِي قد لصِق بالدّقْعاء وَهِي التُّرَاب وَمِنْهُم القانِع وَهُوَ - الَّذِي يتعرّض لما فِي أَيدي النَّاس يُقَال قد قنع فلَان قُنوعاً وَهُوَ ذمّ وَهُوَ الطّمَع حَيْثُ كَانَ والقانِع - السَّائِل والقُنوع المسئلة وَأنْشد: لَمال المرءِ يُصلحه فيُغني مفاقِره أعفّ من القُنوع أَي أعفّ من المسئلة ... ... . . المُمْلِق والملق وهما الْفَقِير. غَيره: هُوَ الَّذِي لَا شَيْء لَهُ أخِذ من ملَقات الْحِجَارَة لِأَنَّهَا مُلْس لَا يتَعَلَّق بهَا شَيْء. صَاحب الْعين: الإملاق - إناق المَال حَتَّى يورِث حَاجَة. ابْن السّكيت: الضّريك - الْفَقِير وَقد ضرُك ضراكة والمُسيف - الَّذِي قد ذهب مالُه والسُواف - الْمَوْت بِالضَّمِّ وَالْفَتْح والمعتَرّ - الَّذِي يعتريك ويتعرّض لَك وَهُوَ الْفَقِير وَيُقَال إِنَّه لمُخِفّ ومخفِق وَيُقَال عَال عيْلة - إِذا افْتقر. أَبُو عبيد: ومَعيلاً. صَاحب الْعين: الأعقَف - الْفَقِير الْمُحْتَاج وَالْجمع عُقْفان والمُفقِع - الْفَقِير وَقيل هُوَ - أَسْوَأ مَا يكون من الْحَال. اللحياني: مَا بقيَتْ لَهُم عبْقة من مَالهم - أَي شَيْء. ابْن السّكيت: الرّامك - المجهود الَّذِي يرمُك فِي مَكَانَهُ فَلَا يبرَح. وَقَالَ: أمعَر الرجل - ذهب مَاله) وَمَا أمعَر من أدْمن الحجّ والعُمرة (- أَي مَا أفلس وحُكي عَن رؤبة أَنه وردَ مَاء لعُكل وَعَلِيهِ فُتيّة تَسْقِي صِرمة لأبيهافأُعجب بهَا فَخَطَبَهَا فَقَالَت أرى سنّاً فَهَل من مالٍ قَالَ نعم قِطعة من إبل قَالَت فَهَل من وَرِق قَالَ لَا قَالَت يَا لَعُكلٍ أكِبَراً وإمعاراً فَقَالَ رؤبة: لمّا ازدرَتْ نقدي وقلّت إبلي تألقَت واتصلَت بعُكل(3/453)
خِطبي وهزّت رأسَها تستبلي تَسْأَلنِي عَن السّنين كم لي وَيُقَال خُفّ معِر - لَا شعر عَلَيْهِ ومعِر رأسُه - إِذا ذهب شعره وَيُقَال أمْعَر الرجل - إِذا ذهب مَا فِي يَدَيْهِ وَيُقَال زمِر فلَان زمَراً وقَفِر قَفَراً وهما وَاحِد وَذَلِكَ - إِذا قلّ مالُه وَيُقَال فلَان فِي الحِفاف - أَي فِي قدر مَا يَكْفِيهِ. وَقَالَ: بذّ الرجل يبَذّ بذَذاً وبَذاذة وبُذوذة وَهُوَ رجل باذّ وَذَلِكَ - إِذا رثّت هَيئته وَسَاءَتْ حَاله. ابْن السّكيت: وَفُلَان يبعَث الكلابَ من مرابضها - يَعْنِي فِي شدّة الْحَاجة يُثيرها وَيُقَال بهْصَله الدّهر من مَاله - أخرجه مِنْهُ وَيُقَال ترِب الرجل فَهُوَ ترِب - إِذا لزِق بِالتُّرَابِ وَإِذا دعوْت عَلَيْهِ قلت ترِبَتْ يداك وَجَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) عَلَيْك بذاتِ الدِّين ترِبَتْ يَداك (لم يدْع عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذهاب مَاله وَلكنه أَرَادَ المثَل ليُرى المآمورَ بذلك الجِدّ وَأَنه إِن خَالفه فقد أَسَاءَ والعُلْقَة من الْعَيْش - الَّذِي يُتبلّغ بِهِ وَمِنْه المثَل) لَيْسَ المتعلّق كالمتأنّق (يَقُول لَيْسَ مَنْ عيشُه قَلِيل يتعلّق بِهِ كمَن عيشُه ليّن يخْتَار مِنْهُ مَا شَاءَ وَيُقَال تكفيه غُفّة من الْعَيْش وَهِي - البُلْغة وَأنْشد: لَا خير فِي طمع يُدني إِلَى طبَع وغُفّة من قَوام الْعَيْش تكفيني ابْن دُرَيْد: الغُفّة - الْقُوت وَإِنَّمَا سمّيت الْفَأْرَة غُفّة لِأَنَّهَا قوت السِّنّور. أَبُو زيد: الغُبّة كالغفّة. ابْن السّكيت: يُقَال قوم عضارِطة واحدهم عُضْروط وهم - الصّعاليك الَّذين لَيست لَهُم أَمْوَال يتبَعون النَّاس والمُفْرَح - المغلوب الْمُحْتَاج وَجَاء فِي الحَدِيث) لَا يُترَك فِي الْإِسْلَام مُفرَح (- أَي لَا يترَك فِي أخلاف الْمُسلمين حَتَّى يوسّع عَلَيْهِ ويُحسَن إِلَيْهِ. ابْن دُرَيْد: الطُّمْلول - الَّذِي لَا يملك شَيْئا وَقيل الطّملول والطِمليل والطِملال والطِّمْل - السَّيئ الْحَال وَأكْثر مَا يُوصف بِهِ القانِص وَأنْشد: أطلَسُ طُملول عَلَيْهِ طِمْر وَكَذَلِكَ الطُمْرور. ابْن السّكيت: يُقَال الحَوْر بعدَ الكَوْر - أَي الْقلَّة بعد الْكَثْرَة ومثَل تَقوله الْعَرَب) العُتوق بعدَ النّوق (يُقَال أتقِلّ بَعْدَمَا كَانَت تكْثر وَإِذا دَعَا الرجل على الرِّجَال قَالَ ألْقى الله فِي مَاله النّقيصة وَيُقَال قد خُوّع مَال فلَان - إِذا أخِذ مِنْهُ فنقص وَيُقَال أسْحَتّ الرجل وَهُوَ - استئصالُك كل شَيْء لَهُ وَيُقَال أسْحَتَ فلَان مَاله - إِذا أفْسدهُ وَذهب بِهِ وَقد تقدم الإسحات فِي التِّجَارَة. أَبُو عبيد: أصابتْني خُطوب تنبّلتْ مَا عِنْدِي وَأنْشد: لمّا رَأَيْت العُدْمَ قيّد نائلي وأملَقَ مَا عِندي خُطوب تنبّل والإفلاس يُكْنى أَبَا عمْرة قَالَ الراجز: حلّ أَبُو عَمرة وسْط حجْرتي وحلّ نِسجُ العنكبوت برمتي صَاحب الْعين: المحرَّف - الَّذِي ذهب مالُه والمُحارَف - الَّذِي لَا يُصِيب خيرا من وَجه توجّه لَهُ والمصدر الحِراف والحُرْف - الحِرمان. ابْن جني: وَهُوَ المُحارِف. صَاحب الْعين: بَنو غَبْراء - المحاويج لتغبّر ألوانهم وَقد تقدم أَنهم الفُقَراء وَأَنَّهُمْ الْقَوْم يَجْتَمعُونَ للشراب من غير تعارف وَلَا اتّعاد. أَبُو زيد: تَركه على غُبَيْراء الظّهر - أَي لَيْسَ لَهُ شَيْء. صَاحب الْعين: الأبْتَر - المعدِم.
3 - (الخِصب والسِعة فِي الْعَيْش)
صَاحب الْعين: الخِصْب - سَعَة الْعَيْش رجل خَصيب بيّن الخِصب - رحب الجَناب كثير الْخَيْر. أَبُو(3/454)
عبيد: هم فِي عَيْش رَخاخ وَهُوَ - الْوَاسِع اللين. صَاحب الْعين: الرّخاء - سَعَة الْعَيْش وَقد رخُو ورَخا يرْخو ويرخى فَهُوَ راخٍ ورِخيّ وَهُوَ رَخي البال - إِذا كَانَ فِي نعْمَة. ابْن السّكيت: إِنَّه لرَخي اللّبب - إِذا كَانَ رخيّ البال. ابْن دُرَيْد: الغمَيْدَر - المتنعّم وَكَذَلِكَ الغميذر. أَبُو حنيفَة: إِنَّهُم لَفي خفْضٍ وغَفْلة وسَلوة ودَعَة. صَاحب الْعين: الدّعة - الخفْض فِي الْعَيْش وَقد ودُع وَداعة وتودّع واتّدع فَهُوَ متّدِع ومتّدَع ووديع وَذُو تُدَعة وَقد تقدّم نَحْو ذَلِك فِي السّكُون. أَبُو عبيد: عَيْش عُفاهِم ودغْفَلي - وَاسع. أَبُو حنيفَة: عَيْش دغْفَل وغدْفَل وغِدَفْل وَأنْشد: تعمّدا بالخُلُق الغِدَفْل أَبُو عبيد: هم فِي إمّة من الْعَيْش ورُفَهْنية ورَفاهية. أَبُو حنيفَة: عَيْش رافِه - لَا أذيّة فِيهِ. صَاحب الْعين: الرّفاهة - خِصْب الْعَيْش وَلينه وَقد رَفُه عيشُه فَهُوَ رَفيه وأرفَهَهم الله ورفههم ورفهْنا نرْفَه رفْهاً ورفهاً ورُفوهاً. أَبُو عبيد: هم فِي رَفاغية ورفاغة ورفْغ. أَبُو حنيفَة: أرفغ الْقَوْم - وَقَعُوا فِي خِصْب. ابْن السّكيت: عَيْش رفيغ - وَاسع. ابْن دُرَيْد: عَيْش رافِخ فِي معنى رافِغ. أَبُو عُبَيْدَة: الإمتياث - الرَّفَاهِيَة وَقد امتثْت. أَبُو عبيد: هم فِي بلهنية من الْعَيْش. أَبُو حنيفَة: عيشُ أبْلَه - لَا أذيّة فِيهِ. ابْن السّكيت: عَيْش غَرير - لَا يفزَع أَهله وعيش أغرل وأرغَل وأغضف. صَاحب الْعين: غضف غُضوفاً - نعِم بالُه. أَبُو حنيفَة: عَيْش غاضِف وأغضَف وأوطَف وأغلَف - مخْصِب وَكَذَلِكَ عَيْش رغْد مَغْد. قَالَ أَبُو عَليّ: مغْد اتِّبَاع. أَبُو عبيد: أرغَد الْقَوْم - صَارُوا فِي عيشٍ رغْد. أَبُو حنيفَة: رغِد الْقَوْم ورغد عيشُهم رغَداً ورَغادة وهم فِي الرّغْد والرغَد. ابْن دُرَيْد: عَيْش راغِد ورغْد ورغيد. صَاحب الْعين: وأصل الرّغد كَثْرَة الْغَيْث يُقَال غيث رغَد وَقوم رغد ونسوة رغَد - مُرغِدون. ابْن السّكيت: معيشة رَفْلة - وَاسِعَة وَيُقَال نَشأ فلَان فِي عَيْش رَقِيق الْحَوَاشِي - أَي ناعم وعيش خُرّم - ناعم عَرَبِيَّة. غير وَاحِد: النُعْمى والنَّعْماء والنّعيم والنِعْمة - الخفضُ والدَعَة وَالْمَال وجمْع النِعمة أنعُم كشدّة وأشُدّ وَقد تنعّم والنَعْمة - التنعّم والنِعمة - الْغنى وَالْمَال. سِيبَوَيْهٍ: نعِم ينعَم وينعِم وينعُم كِلَاهُمَا شَاذ. الْخَلِيل: النّعيم - التنعّم وَقد نعّم نفسَه وتنعّم وتناعَم وَامْرَأَة ناعمة ومنعّمة ومُناعَمة - حَسَنَة الْعَيْش والغِذاء والنَّعْمة - المسرّة ونعِم الله بك عيْناً وأنعَم بك عينا - أَي أقرّ بك عيْنَ مَنْ يحبّك وَقَالُوا نعْم ونَعْمة عين ونُعمة عين ونُعمى عين ونُعام عين. وَقَالَ بَعضهم: نعِمَك الله عينا - أَي نعِم بك عينا. أَبُو حنيفَة: الْقَوْم فِي غُدْنة من عيشهم - إِذا كَانُوا فِي نَعْمة وكل ناعِم لين مُغَدْوِدن وَأنْشد: بعد غُداني الشّباب الأبلَه ابْن السّكيت: إِن فِيهِ لغَدَناً - إِذا كَانَ فِيهِ لين ونَعمة. أَبُو حنيفَة: عَيْش مَريع رَفيع - أَي مخصِب وَيُقَال عيشٌ أقْلَف وراهٍ وأهلب ورخيّ وأزَبّ ودَغْفَق. ابْن دُرَيْد: عَيْش خفْض وخافض ومخفوض وخَفيض - خصيب فِي دَعة وَقد خفُض وَمِنْه قَوْلهم خفِّض عَلَيْك - أَي سهّل. صَاحب الْعين: سَرِير الْعَيْش - خفْضه وَمَا استقرّ عَلَيْهِ. ابْن دُرَيْد: التّرَف - التنعّم والتنريف - حُسن الْغذَاء - وَرجل مُترَف - منعّم موسّع عَلَيْهِ. صَاحب الْعين: مترّف والتُرْفة - الطَّعَام الطيّب. الْأَصْمَعِي: الأراضة - الخِصب وحُسن الْحَال. ابْن دُرَيْد: عَيْش يَديّ - وَاسع. غَيره: يَديّ - ضيّق وَهُوَ من الأضداد. أَبُو عبيد: زَكا الرجل زُكُوّاً - إِذا تنعّم وَكَانَ فِي خِصْب وَيُقَال إِنَّه ملَفي غضْراء مغضرة من الْعَيْش وغَضارة وَقد عضرهم الله. أَبُو زيد: غضرَهم الله يَغضُرُهم غضْراً وَقد غضِر الرجل بِالْمَالِ والسَّعة والأهل غضَراً - إِذا أخصب بعد إقْتار وَرجل مغضور - مبارك وَقد تقدم أَن المغضور الَّذِي ينبُت عَلَيْهِ المَال. ابْن دُرَيْد: عَيْش غضِر مضِر غضِرّ - ناعمٌ رافِه ومَضِرٌ اتِّبَاع. أَبُو عبيد: إِنَّه(3/455)
لَذو طَثْرة. ابْن السّكيت: فلَان فِي حبرَة فِي الْعَيْش - أَي سرُور. صَاحب الْعين: وَقد حُبِر حبْراً وَفِي التَّنْزِيل) فهُم فِي رَوْضَة يُحْبَرون (وَشَيْء حبِر - ناعم. ابْن السّكيت: إِنَّه لَفي قمْأة - أَي فِي خِصب وسَعة من الْعَيْش ودَعَة. ابْن الْأَعرَابِي: إِنَّه لفي قُمْأة. ابْن السّكيت: الطّلَح - النِّعْمَة وَأنْشد: ورأينا الملْك عَمْراً بطَلَح ابْن دُرَيْد: الفنَق - النّعْمة فِي الْعَيْش جَارِيَة فُنُق - منعّمة وتفنّق فِي عيشه - تنعّم والفُناق - التفنّق. أَبُو عبيد: هُوَ فِي سِيّ رَأسه وَهِي - النّعمة. ابْن السّكيت: هُوَ فِي سيّ رَأسه من الخيْر - أَي فِيمَا يغمُر رأسَه من الْخَيْر. وَقَالَ: أصَاب ظِلْفَه - أَي مَا يُوَافقهُ وَيُقَال لمن أخصب وأثرى وَقع فِي الأهيَغيْن أَي الطَّعَام وَالشرَاب. ابْن دُرَيْد: تركته فِي الأهيغَيْن أَي الشَّرَاب وَالنِّكَاح. أَبُو حنيفَة: عَيْش أهيَغ - خِصْب وَاسع وَقد أهْيَغ الْقَوْم - إِذا كَانُوا مُخصِبين موسّعاً عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ أغدَقوا وهم فِي غدَق من الْعَيْش. ابْن السّكيت: يُقَال لَو كَانَ فِي الهِيء والجِيء مَا نَفعه الهيء - الطَّعَام والجيءُ - الشَّرَاب على وزن الهيع والجيع وَيُقَال لَو كَانَ فِي التِخْلِئِ مَا نَفعه بِالْخَاءِ مُعْجمَة وَهِي الدُّنْيَا. ابْن دُرَيْد: عَيْش عِذْلاج - ناعم وعيش مُدَغْفَق - وَاسع. وَقَالَ: نَحْو فِي رَسْلة من الْعَيْش - أَي فِي عَيْش صَالح. أَبُو زيد: هُوَ فِي لَيان من الْعَيْش - أَي فِي رخاء. وَقَالَ: إِنَّه لفي سَبْغة عَيْش - أَي سَعَة. صَاحب الْعين: إِنَّه لفي سِبْغة من الْعَيْش كَذَلِك وكلّ مَا اتّسع وَطَالَ فقد سبَغ يسبُغ سُبوغاً وأسبغْته أَنا وأسبَغ الله عَلَيْهِ النِّعْمَة. ابْن دُرَيْد: أَسْبغ الله عَلَيْهِ نعمتَه وأصبغَها. أَبُو زيد: نضرَهم الله ينضُرهم نضْراً وَالِاسْم النّضْرة وَهِي - النّعيم والعيش والغِنى. وَقَالَ: راشَه الله رَيْشاً - حسُنَت هَيئته وَأصَاب خيرا فَرَأَوْا ذَلِك عَلَيْهِ. صَاحب الْعين: البال - رخاوة الْعَيْش وَيُقَال طِرْز فلَان حسن - أَي زِيّه وَيسْتَعْمل ذَلِك فِي جيّد كل شَيْء. صَاحب الْعين: إِن فلَانا لَذو مالٍ يَيْدي بِهِ ويَبوع - إِذا بسط بِهِ يَدَيْهِ وباعَه. أَبُو حنيفَة: أمّ خَنّور - النِّعْمَة وَهِي - مِصر أَيْضا سمّيت بذلك لرفاغَتِها وخِصبها وَفِي الحَدِيث) أم خَنّور يُساق إِلَيْهَا القِصار الْأَعْمَار (. وَقَالَ: رجل عاضٍ بيّن العُضُوّ - طاعم كاسٍ مكْفيّ لَا يهتمّ لِمَعَاش وَرجل قاهٍ - مُخصِب فِي رحْله وَهُوَ فِي عَيْش قاهٍ بيّن القَهْو والقهوة. أَبُو زيد: عَيْش مخرْفَج - وَاسع وَقد تقدّمت فِي السّراويل. صَاحب الْعين: الغِبْطة - فضْل الْحَال. ابْن دُرَيْد: مَغْبوط وَقد اغتبَطَ والغِبطة - المسرّة وَقد اغتبط - سفرّ. أَبُو عبيد: وَفِي بعض الحَدِيث) اللهمّ غَبْطاً لَا هَبْطاً (يَعْنِي نَسْأَلك الغِبْطة ونعوذ بك أَن نهبِط عَن حَالنَا. ابْن دُرَيْد: والرّيف - الخصْب والسّعة فِي المأكل وَالْمشْرَب.
3 - (الضُرّ وَشدَّة الْعَيْش)
أَبُو عبيد: أَصَابَهُم من الْعَيْش ضفَف وحفَف - أَي شدَّة. ابْن دُرَيْد: الضّفَف والحفَف - أَن يقِلّ الطَّعَام وَيكثر آكلوه. سِيبَوَيْهٍ: رجل ضفِف الْحَال وَقوم ضفِفو الْحَال جَاءَ على الأَصْل فِي بَاب التَّضْعِيف لمشابهة الكسرة الْألف يَعْنِي لمشابهة الكسرة الْيَاء الَّتِي هِيَ أشبه الْحُرُوف بِالْألف. ابْن السّكيت: مَا رُؤي عَلَيْهِم حفَف وَلَا ضفَف - أَي أثر عوَز وَطَعَام حفَف قَلِيل. ثَعْلَب: معيشة حفَف كَذَلِك. ابْن السّكيت: حفّتْهم الْحَاجة تحفّهم حفّاً. أَبُو حَاتِم: عِنْده حفّة من مَتَاع أَو مَال - أَي قوت قَلِيل لَيْسَ فِيهِ فضْل عَن أَهله وَكَانَ الطَّعَام حِفاف مَا أكلُوا - أَي قدْره. ابْن السّكيت: الحُفوف - اليُبس عَن غير دسَم وسَويق حافّ - يَابِس غير ملتوت. أَبُو زيد: حفّ بطْن الرجل - إِذا لم يجِد دسَماً وَلَا لحْماً وَقد تقدم الحُفوف فِي يبيس البقل. أَبُو عبيد: أَصَابَهُم قشَف ووَبَد كَذَلِك. صَاحب الْعين: وَقد وَبِدَت حَاله. ابْن السّكيت: أَصَابَهُم بؤس مثله. أَبُو حنيفَة:(3/456)
وَمثله البَئيس والبأساء وَقد بئسوا بؤساً وبؤسى وهم بئسون. ابْن دُرَيْد: رجل بَؤوس - ظَاهر الْبُؤْس وَقد بَئس بَأْسا وبئيساً وَمِنْه اشتقاق البأساء. أَبُو عبيد: أَصَابَهُم شظَف مثل ذَلِك وَأنْشد: وأصبْت فِي شظَف الْأُمُور شِدادَها أَبُو زيد: شظِف شظَفاً فَهُوَ شظِف. ابْن السّكيت: شظِفَتْ يدُه - خشُنَت. وَقَالَ: فلَان فِي رتب من الْعَيْش أَي غلظ وَأنْشد أَبُو عبيد: مَا فِي عيشِه رَتَبُ قَالَ: والعوْصاء - الشدَّة. ابْن دُرَيْد: تعوّصْت بِهِ - ركبْت بِهِ العوْصاء وَأمر مُعوِص - ملتوٍ على غير استقامة. غَيره: العَوْصاء والعَيْصاء والعوْص والعائِص والعَويص - الشدَّة وَالْحَاجة إِلَى النَّاس وَأَصله من العوَص وَهُوَ - ضد الْإِمْكَان واليُسْر يُقَال أَمر أعوَص وعَويص وَقد اعتاص وَمِنْه أعوصْت فِي الْمنطق. صَاحب الْعين: الوشَز - الشدّة فِي الْعَيْش وَالْجمع أوشاز وأوشازُ الْأُمُور - شدائِدُها. أَبُو عبيد: العسْكرة واللّزْن - الشدَّة وَأنْشد: فِي لَيْلَة هِيَ إِحْدَى اللزَنْ ابْن دُرَيْد: اللّزْن الضّيق مَال لَزين ومَلزون - قَلِيل. أَبُو عبيد: الأزْل - الشدَّة أزَله يأزِله أزْلاً - ضيّق عَلَيْهِ وَقد تقدم أَنه الْحَبْس والأشصاب - الشدائد وَاحِدهَا شِصْب وَقد شصِب عيشُه شَصَباً وشصْباً. غَيره: شصَب شُصوباً فَهُوَ شَصِب وشاصب وأشصَبه الله. أَبُو حنيفَة: هِيَ الشّصائب واحدتها شَصيبة. ابْن دُرَيْد: شصَبْت الشَّاة - سلحْتُها والشّصْب والشصَب - اليُبْس والضُرّ. أَبُو عبيد: هم فِي أَمر ميَر - أَي شَدِيد والصّرّة - الشدَّة من الكرْب وَغَيره وَأنْشد: جواحِرُها فِي صَرّة لم تزَيّل وَقد تقدم أَن الصَّرّة الْجَمَاعَة. ابْن السّكيت: الشّصاصاء - اليُبْس والحُفوف. ابْن دُرَيْد: الشّصَص والشِصاص - اليُبس والغِلَظ. صَاحب الْعين: شصّت معيشتُهم شُصوصاً. غَيره: شصّت تشِصّ شصّاً وشِصاصاً. صَاحب الْعين: إِنَّهُم لفي شَصاصاء - أَي يُبْس ونكد والنّبَرُّض والابتِراض - التبلّغ فِي الْعَيْش وتطلّبه من هُنَا وَهنا. ابْن السّكيت: البَوازِم - الشدائد واحدتها بازِمة وَأنْشد: وَنحن الأكرمون إِذا غُشينا عِياذاً فِي البوازم واعتِرارا أَبُو عبيد: فِي الحَدِيث) اخشَوشِنوا وتمعْدَدوا (. قَالَ: والتمعدد - الغلظ فِي الْعَيْش من قَوْلهم تمعدَد الْغُلَام - إِذا غلظ وشب ... . الصَّبْر على الشدائد والتشبّه بهم وَرُوِيَ اخشَوشِبوا - أَي تخشّبوا من الْجَبَل الأخشَب وَهُوَ الخشِن والأعرف مَا تقدم واللأواء - الشدَّة. أَبُو حنيفَة: اللولاء واللأواء - القحْط(3/457)
والشدة. وَقَالَ: ألأى الْقَوْم - وَقَعُوا فِي لأواء وَكَذَلِكَ الضّار وَرَاء والهُلْبة والكُلْبة - شدَّة الزَّمَان. قَالَ: وكلٌ شدَّة كُلبة من قِبَل القحْط وَالسُّلْطَان وَغَيره. ابْن دُرَيْد: عَيْش ضنْك بيّن الضّنوكة والضّناكة والضّنْك وَمَكَان ضنْك بيّن الضنّك - ضيق والعزّاء - شدَّة الْعَيْش وغلظه والخطْرَبة والحطْربة - الضّيق فِي المَعاش. أَبُو عبيد: أَصَابَتْهُم كادية من الدَّهْر وكُدية - أَي شدَّة. ابْن دُرَيْد: عَيْش ذُو منصَبة - أَي شدَّة. صَاحب الْعين: الأكْتَل - من أَسمَاء الشَّدِيدَة من شَدائد الدَّهْر واشتقاقه من الكَتال وَهُوَ - سوء الْعَيْش وضيقه وَأنْشد: إِن بهَا أكْتَل أَو رِزاما خُوَيرِبَيْن ينْقُفان الهاما رِزام أَيْضا - اسْم شَدِيدَة والكِرزيم فِي بعض اللُّغَات - شَدَائِد الدَّهْر وَأنْشد: إِن الدهورَ علينا ذاتُ كِرزيم واللّزوب - القحْط والضيق. قَالَ أَبُو عَليّ: أَصله الصّلابة والشدة وَهِي اللّزْبة. ابْن الْأَعرَابِي: وَجَمعهَا لِزَب. ابْن دُرَيْد: فلَان بمنكَزة من عَيْش - أَي ضيق.
3 - (الحُظوظ والجُدود)
أَبُو عبيد: هُوَ الحظّ وَالْجمع أحُظّ وحُظوظ وحِظاء وَلَيْسَ على الْقيَاس وَقد حظظْت فِي الْأَمر حظّاً وَهَذَا أحظّ من هَذَا وأحظَيْت فلَانا على فلَان من الحُظْوة والتفضيل وَرجل محظوظ وحظيظ - إِذا كَانَ ذَا حَظّ. صَاحب الْعين: وَقوم يَقُولُونَ حنْظ فِي حَظّ وَلَيْسَ هَذَا بمقصود إِنَّمَا هِيَ غُنّة تلحقُهم فِي المُشدد بِدَلِيل أَنهم إِذا جمعُوا قَالُوا حُظوظ فَرَجَعُوا إِلَى الأَصْل. أَبُو عبيد: رجل مجدود وجَديد وَهَذَا أجدّ من هَذَا. ابْن السّكيت: الجَدّ - الحظّ والبخْت من ذَلِك قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَلَا ينفَع ذَا الْجد مِنْك الجدّ (- أَي من كَانَ لَهُ حَظّ فِي الدُّنْيَا لم يَنْفَعهُ ذَلِك عنْدك فِي الْآخِرَة وَأما قَوْله) وَأَنه تَعَالَى جَدّ ربِّنا (فَإِن الجَدّ هَهُنَا العظمة. سِيبَوَيْهٍ: جمع الجَد أجداد وأجُدّ. سِيبَوَيْهٍ: رجل جُدّ كَذَلِك. ابْن السّكيت: فلَان جَدُّ حَظّ وجديّ حظيّ - إِذا كَانَ لَهُ جَد. أَبُو زيد: وَقد جدّ يجَدّ جَداً وَقد جددْت بِالْأَمر جَداً - حظيت بِهِ خيرا كَانَ أَو شرا. وَقَالَ: حظي بِالْخَيرِ أَو بِالشَّرِّ. ابْن دُرَيْد: البخْت - الجدّ وَرجل بخيت - ذُو خير وَلَا أحسبها فصيحة. السيرافي: الكُرْكمان - الرِزْق وَأنْشد: كل امْرِئ ميسّر لشانِه لرزقِه الغادي وكُركُمانه قَالَ والكُركُم مثله. صَاحب الْعين: السّعد - ضد النحس وَالْجمع سُعود وَهِي السَّعَادَة وَقد سعِد وسعدَه الله وأسعدَه وَرجل سعيد - مَسْعُود من قوم سعَداء والشّقاء - ضد السَّعَادَة وَهُوَ يمد وَيقصر شقِي شقاءً وشقى(3/458)
وشقاوة وشقْوة وشِقوة. أَبُو عبيد: شاقاني فشقَوْته - أَي كنت أشدّ شقاءً مِنْهُ. صَاحب الْعين: النّصيب - الحظّ وَالْجمع أنصِباء وأنصِبة والنِصْب لُغَة فِيهَا وَقد أنصبْته - جعلت لَهُ نَصِيبا وهم يتناصبونه - أَي يقتسمونه. ابْن دُرَيْد: السّهم - النّصيب وَجمعه سُهْمان. أَبُو عبيد: وَهِي السُهْمة. ابْن دُرَيْد: لي فِي المَال شِقْص - أَي سهْم وشَقيص - أَي قَلِيل من كثير وَالْجمع أشْقاص والكِفْل - النّصيب وَكَذَا فُسِّر فِي التَّنْزِيل) يؤتِكم كِفْلَيْن من رَحمته (وخصّ بَعضهم بِهِ الْأجر وَالْإِثْم. قَالَ أَبُو إِسْحَق: هُوَ من قَوْلهم اكتفَلْت الْبَعِير - إِذا أدَرْت على سَنامه أَو موضِع ظَهره كِساءً وَذَلِكَ الكساء كفْل لِأَنَّهُ لم يُستعْمل الظّهر كُله إِنَّمَا اسْتعْمل نصيب مِنْهُ. صَاحب الْعين: الخَلاق والحظّ - النَّصِيب من الْخَيْر وَمِنْه رجل لَا خَلاق لَهُ - أَي لَا رغْبة لَهُ فِي الْخَيْر. أَبُو زيد: الحِزْب - النَّصِيب من المَال وَجمعه أحزاب. صَاحب الْعين: الضّريب - النَّصِيب. أَبُو عبيد: إِنَّه لعَظيم الْأكل فِي الدُّنْيَا - أَي عَظِيم الرزق وَمِنْه قيل للْمَيت انْقَطع أُكْله. أَبُو زيد: القِسْم - الحظّ والنصيب وَالْجمع أَقسَام وَقَالَ بعض الْعَرَب هُوَ القَسيم وَالْجمع أقسِماء نَادِر. الْأَصْمَعِي: هُوَ المَقْسَم. صَاحب الْعين: الأقاسيم - حُظوظ مُخْتَلفَة بَين النَّاس وَاخْتلفُوا فَقَالُوا الْوَاحِدَة مِنْهَا أقسومة وَيُقَال هِيَ جمَاعَة الْجَمَاعَة مثل أظْفار وأظافير. وَقَالَ: اقتسموه وتقسّموه وكلّ مَا جزّأته فقد قسّمتَه واستقسَموا بالقِداح - اقتسموا الجَزور على مِقدار حُظوظهم مِنْهَا. وَقَالَ: أُفرِز لَهُ نصِيبه - أَي عُزِل. وَقَالَ: حَصاة القَسْم ونواة القَسْم سَوَاء وَقد تقدم ذكرهمَا فِي بَاب اقتِسام المَاء والنّصيب - الحظّ وَالْجمع أنصِباء. ثَعْلَب: الحصّة - النَّصِيب وَالْجمع حِصَص وتحاصّ الْقَوْم - اقتسموا حِصَصَهم وحاصصْته مُحاصّة وحِصاصاً - قاسمْته. أَبُو عبيد: أحصصْت الْقَوْم - أَعطيتهم حِصصهم. صَاحب الْعين: خَابَ خيْبَة - حُرِم وخيّبه الله تَعَالَى وجُعِل سعْيُه فِي خيّاب بن هيّاب - أَي فِي خَسار. أَبُو عبيد: أخفَقَ - الرجل وأورق - طلب حَاجَة فَلم يظفَر بهَا. صَاحب الْعين: الفسْخ - الَّذِي لَا يظفر بحاجته. ابْن دُرَيْد: أَنا أعرِف تزبِرَتي - أَي حظي. وَقَالَ: فلَان يهبِط فِي سَفال - إِذا كَانَ يرجِع إِلَى خُسران. صَاحب الْعين: التّعْس - أَن لَا ينتعش من عثرته وينكَر فِي سَفال وَقد تعِس تعساص فَهُوَ تعس وتعَس تعْساً فَهُوَ تاعِس وتعسَه الله وأتعسه والتّعْس أَيْضا الْهَلَاك وَالْفِعْل كالفعل وَقد تقدم وَيُقَال تعْساً لَهُ يُدْعى عَلَيْهِ بذلك والجَدّ التّعِس مِنْهُ وَقيل التّعْس - السّقوط على أَي وَجه كَانَ والنّكْس - أَن لَا يستقلّ بعد سقطَتِه حَتَّى يسقُط ثَانِيَة وَهِي أَشد من الأولى وَلذَلِك قيل تعسَ وانتكَس وَلَا انْتَعش - أَي لَا رُفِع بعدَ ذَلِك وَقيل التّعْس - العثْر وطائر الْإِنْسَان - رِزْقه وَقيل حظّه من الْخَيْر وَالشَّر وَقَوله تَعَالَى) وكل إنسانٍ ألْزمناه طائرَه فِي عُنُقه (قيل حظّه وَقيل مَا عمِل من خير وَشر قَضَاهُ الله فَهُوَ لَازم عُنُقَه وَقيل طَائِره - صَحِيفَته المنشورة وَإِنَّمَا قيل للحظّ من الْخَيْر وَالشَّر طَائِر لقَوْل الْعَرَب جرى الطَّائِر بِكَذَا من الشرّ على طَرِيق التفاؤل وَقد قرئَ) ألزَمْناه طَيْرَه (. أَبُو عبيد: أخسّ الله حظّه وأختّه فَهُوَ خَسيس وختيت.
3 - (أَسمَاء الْحَال)
الْحَال - كينَة الْإِنْسَان وَمَا هُوَ عَلَيْهِ من خير أَو شرد يُذكّر وَيُؤَنث وَالْجمع أَحْوَال وَهِي الْحَالة أَيْضا وحالات الدَّهْر - صُروفه والهيئة - حَال الشَّيْء وكيفيّته وَرجل هيّئ - حسن الْهَيْئَة. ابْن السّكيت: هُوَ ببيئة سَوء وبِكينة سَوء وبِحِيبة سوء - أَي بِحَال سوء كَذَلِك. ثَعْلَب: هُوَ بتِلّة سوء كَذَلِك. صَاحب الْعين: بَات(3/459)
بحِسّة سوء كَذَلِك. أَبُو زيد: الأُثْرة - الْحَال غير المرضيّة. قَالَ أَبُو عَليّ: الحاذ - الْحَال السَّيئَة فَأَما أَبُو عبيد فعمّ بِهِ فَقَالَ وَيُقَال للْحَال من الْإِنْسَان أَيْضا حاذ وَمِنْه الحَدِيث) الْمُؤمن خَفِيف الحاذ (والعذير - الْحَال وَجمعه عُذُر وَمِنْه قَول حَاتِم: وَقد عذرَتني فِي طِلابِكم العُذْر احْتَاجَ إِلَى تَخْفيف عُذُر. ابْن دُرَيْد: الْآلَة - الْحَالة. وَقَالَ: أصبح فلَان بعوْف سوء وعَوْف خير - أَي بِحَال سوء وَحَال خير وَقيل لَا يُقَال بعوف خير إِنَّمَا بعَوف سَوء. ابْن دُرَيْد: الشّفَف - الرقّة والخفّة فِي الْحَال. صَاحب الْعين: الدُبّة - حَال الرجل فِي فَعاله ركِب فلَان دُبّة فلَان وَأخذ بدبّته - أَي عمل بِعَمَلِهِ. النّضْر: الدّين - الْحَال. أَبُو زيد: دَعه على أذلاله - أَي حَاله وَلَا وَاحِد لَهُ. صَاحب الْعين: الطّبَق والطّبقة - الْحَال.
3 - (شكوى الْحَال)
قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ أَبُو زيد شكوْت إِلَيْهِ شكْواً وشِكاية وشكْوى واشتكيت وتشكّيت والشكوى مصدر على قَوْلهم دعْوى ورَهْبى. الْفراء: شكا شَكاوة وشِكاية. السيرافي: إِنَّمَا قلبت الْوَاو فِي الشِكاية يَاء لِأَن أَكثر مصَادر فِعالة من المُعتَلّ إِنَّمَا هُوَ من قسم الْيَاء نَحْو الجِراية والوِلاية والوصاية فحُمِلت الشكاية عَلَيْهِ لقلَّة ذَلِك فِي الْوَاو. أَبُو عبيد: أشْكَيت الرجل - أتيت إِلَيْهِ مَا يشكوني فِيهِ وأشكيته - إِذا رجعْت لَهُ من شكايته إِلَى مَا يحبّ وأعتَبْته وَأنْشد: تمدّ بالأعناق أَو تثنيها وتشتكي لَو أننا نُشكيها أَبُو زيد: أشكيت فلَانا من فلَان - أخذْت لَهُ مِنْهُ مَا يرْضى. قَالَ أَبُو عَليّ: ... ... . . حستي - أخْبرته بهَا. ابْن دُرَيْد: أمْسسْته شكوى - أَي شَكَوْت إِلَيْهِ. غير وَاحِد: بثثته دِخْلتي ودخيلتي ودخيلي وأبثثْته. أَبُو زيد: أبثثْته شُقوري - شَكَوْت إِلَيْهِ. الْأَصْمَعِي: شَقوري بِالْفَتْح.
3 - (الاستغاثة)
ابْن السّكيت: استغثْته فأغاثني وَالِاسْم الغَواث والغُواث والغِياث. أَبُو عبيد: الصَّارِخ - المستغيث والصّارخ - المغيث وَقيل الصَّارِخ - المستغيث والمُصرِخ - المغيث وَهُوَ أَجود لقَوْله تَعَالَى) مَا أَنا بمُصرِخكُم وَمَا أَنْتُم بمُصرخيّ (ابْن السّكيت: المَنجود - المستغيث وَأنْشد: صادياً يستغيث غيرَ مُغاث وَلَقَد كَانَ عصْرةَ المنجود فَأَما أصوات الاستغاثة فقد تقدم ذكرهَا.
3 - (الملجأ والاستناد)
ابْن دُرَيْد: لجأت إِلَيْهِ ألجأ لجْئاً - اعتصمت بِهِ وألجأته - عصمته واللّجأ - الْموضع المَنيع من الْجَبَل وَالْجمع أَلْجَأَهُ وَبِه سُمّي الرجل والملجأ - كل مَا لجأت إِلَيْهِ من مَكَان أَو إِنْسَان. ابْن السّكيت: لجأت إِلَيْهِ(3/460)
ولجِئت. أَبُو زيد: لجْئاً ولجَئاً ولُجوءاً. أَبُو عبيد: العصَر والعُصْرة - الملجأ وَقد اعتصرت بِهِ والوزَر والوعْل والمعقِل - الملجأ وَقد عقَل يعقِل عُقولاً - امْتنع ولجأ وَبِه سمّي الظّبي عاقِلاً. ابْن دُرَيْد: هُوَ من معاقِل الْجبَال - للمواضع المنيعة فِيهِ. أَبُو عَليّ: العقْل - الحصْن وَالْجمع عُقول وَأنْشد: لَو انّ المرءَ تنفَعه العُقول وَفُلَان معقِل لِقَوْمِهِ - أَي ملْجأ. أَبُو عبيد: التّكنّع - التحصّ. صَاحب الْعين: اعتصمت بِهِ واستعصَمْت وأعصمت - امْتنعت وعصمْته أعصِمه عصْماً - منعته وأعصَمْته - جعلت لَهُ مَا يعتِصم بِهِ والعِصمة - مَا اعتصمت بِهِ والوعِل يعتصم بِالْجَبَلِ ويستعصِم - يلوذ بِهِ من الرُماة والكِلاب وعصم الْإِلَه العبدَ يعصِمه - مَنعه من الْقَبِيح وحماه وَقَوله عز وَجل) لَا عاصِم الْيَوْم من أَمر الله إِلَّا مَن رحم (جعله سِيبَوَيْهٍ من الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَذهب أَبُو عَليّ إِلَى أَن الْمَعْنى لَا ذَا عِصمة وَذهب غَيرهمَا إِلَى أَنه فَاعل بِمَعْنى مفعول أَي لَا مَعْصُوم. صَاحب الْعين: عذْت بِهِ عوذاً وعِياذاً ومَعاذاً وَمِنْه معَاذ الله - أَي عِياذاً بِهِ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا عائذاً من شرّها فوضعوا الِاسْم مَوضِع الْمصدر وتعوّذْت بِاللَّه واستعذْت فأعاذني وعوّذني. ابْن السّكيت: عوْذ بِاللَّه مِنْك - أَي أعوذ بِاللَّه مِنْك وَأنْشد: قَالَت وفيهَا حَيْدة وذُعْر عَوذ بربي منكُم وحُجْرُ تَقول الْعَرَب عِنْد الْأَمر تُنكِره حُجْراً لَهُ - أَي دَفْعاً وَهُوَ استعاذة من الْأَمر والعَوَذ - مَا ليذ بِهِ من كل شَيْء. أَبُو عبيد: أضّتني إِلَيْك الْحَاجة تؤضّني أضّاً - ألجأتْني وَقد ائتضضْت وَأنْشد: وهْيَ ترى ذَا حَاجَة مؤتَضّا أَي مضطرّاً مُلجأ. ابْن دُرَيْد: أضّتْني تئَّني. وَقَالَ: ؤألَ إِلَى الْمَكَان - بَادر إِلَيْهِ. وَقَالَ: زكأت إِلَى فلَان - لجأت. الْأَصْمَعِي: أجرَذْته إِلَى الشَّيْء - ألجأته. أَبُو عبيد: زنأتُ إِلَى الشَّيْء أزنأ زُنوءاً - لجأت وأنأت غَيْرِي. وَقَالَ: حدِئْت إِلَيْهِ حدءاً - لجأت. ابْن دُرَيْد: وَيُقَال مَا لي إِلَّا فلَانا علنْدَد ومعلَنْدَد - أَي ملْجأ. أَبُو عبيد: تخفّرت بفلان - استجرْت بِهِ وسألتُه أَن يكون لي خَفيراً. وَقَالَ: خفَرْت بِهِ وخفّرْته مَعْنَاهُمَا أَن يكون لَهُ خفيراً يمنَعه وَأنْشد: يُخَفّرني سَيفي إِذا لم أخفّر وَقَالَ: أخفرْت الرجل - بعثت مَعَه خفيراً وَالِاسْم الخَفارة والخُفارة وَهَذَا خُفَرَتي - أَي خفيري. أَبُو زيد: الخُفارة - جُعل الخَفير. أَبُو عبيد: أحْرم الرجل - إِذا كَانَت لَهُ ذمّة وَأنْشد: قتلوا ابنَ عفّان الْخَلِيفَة مُحرِما صَاحب الْعين: الحصانة - المنعة وَقد حصُن المكانُ حصانةً وأحصَنْته وحصّنْته والحِصْن - كل مَوضِع حُصَيْن لَا يوصَل إِلَى مَا يَأْتِيهِ وَالْجمع حُصون. وَقَالَ: الحِرْز - مَا أحرَزته من مَوضِع أَو غَيره واحترزْت من فلَان وتحرّزْت - أَي جعلْت نَفسِي مِنْهُ فِي حِرْز وَمَكَان حريز وَقد حرُز حرازة وحرَزاً. وَقَالَ: حرِج إِلَيْهِ - لَجأ وَإنَّهُ لحرِج وأحرَجْته إِلَيْهِ - ألجأته وأحْرَجَت الْكلاب الصّيد - ألجأتْه إِلَى مضيق فَحمل عَلَيْهَا وأحجرْته إِلَى الشَّيْء - ألجأته. ابْن دُرَيْد: راط الوحشيّ بالأكمة روْطاً - لَاذَ. أَبُو عبيد: إِنَّه لفي كوفان من ذَلِك - أَي حِرْز ومنَعة. وَقَالَ: أركيْت إِلَيْهِ وأهدَفْت وأرفأت وضبَأْت كُله - لجأت إِلَيْهِ. وَقَالَ: سَنَدْت إِلَى الشَّيْء أسنُد سُنوداً(3/461)
واستندْت إِلَيْهِ وأسْندْت غَيْرِي. وَقَالَ: إِنَّه ليُعاجِز إِلَى ثِقَة - إِذا مَال إِلَيْهِ. وَقَالَ: إِنَّه ليُكصاحب العينارِز إِلَى ثِقَة كَذَلِك. ابْن دُرَيْد: أرغَلْت إِلَيْهِ وأرْغَنْت - مِلت. أَبُو عبيد: أرْزَيت إِلَيْهِ - استندت وأركَيْت - تأخّرت. صَاحب الْعين: لَاذَ بِهِ لوْذاً ولِياذاً ولاوَذ مُلاوذَة ولِواذاً ولِياذاً - إِذا استتر بِهِ ولاذ بِهِ ولاوَذَ وألاذ - إِذا امْتنع والملاذ والمَلْوَذة - الحِصْن.
3 - (الرّكون)
صَاحب الْعين: ركِن إِلَى الدُّنْيَا رَكْناً - مَال إِلَيْهَا واطمأنّ بهَا ولُغة سفلى مُضر ركَن يركُن رُكوناً وناس أخذُوا من اللغتين فَقَالُوا ركن يركَن رَكانة. ابْن السّكيت: ركِن يركُن نَادِر. ابْن دُرَيْد: ضغِن إِلَى الدُّنْيَا - ركِن وأصل الضّغَن النِزاع يُقَال دابّة ضغِنة - إِذا نزعَت إِلَى أَهلهَا.
3 - (التّوخّي والاعتماد)
ابْن السّكيت: تعمّدت الرجل واعتمدْته وعمَدْته أعمِده عمْداً - قصدْت لَهُ وَأَنت عُمدتُنا - أَي الَّذِي نقصد إِلَيْهِ فِي حوائجنا وعميد الْقَوْم - سيدهم المعتمَد عَلَيْهِ والعمْد - ضد الخطا مِنْهُ لِأَنَّهُ مَقْصُود وَالْفِعْل كافلع. وَقَالَ: صمدْت لَهُ أصمُد صُموداً - قصدتْ. صَاحب الْعين: صمدْت صَمْدَه - أَي قصدت قصدَه. ابْن السّكيت: تصمّد لَهُ بالعصا - قصد لَهُ بهَا والصّمَد - السَّيِّد الَّذِي يصمَد إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِج - أَي يُقصَد وَأنْشد: أَلا بكَر الناعي بِخَير بني أسَد بعَمْرو بن مسعودٍ وبالسّيد الصمَدْ وَرَوَاهُ أَبُو عَمْرو بخَيرَيْ بني أَسد. ابْن دُرَيْد: صتأت الشَّيْء أصتأه صتْئاً فِي معنى صمدْت. ابْن السّكيت: اعتمرْته ? ? قصدْت لَهُ وَأنْشد: لقد غَزا ابنُ مَعْمَر حِين اعتَمَر مغزًى بَعيدا من بعيدٍ وضبَر أَبُو عبيد: المعتمِر - الزائر وَأنْشد: وراكب جَاءَ من تثليث معتمِر ابْن السّكيت: حججْت فلَانا - أَتَيْته وَفُلَان محجوج - يُكثِر النَّاس قصدَه وَهُوَ الْحَج والحِج وَأنْشد: وَأشْهد من سعدٍ حُلولاً كَثِيرَة يحجّون سِبّ الزِبرِقان المُزَعْفَرا السِبُّ - العِمامة أَي كَأَنَّهُمْ ينظرُونَ إِلَيْهِ لجمالِه ود تسمّتُّه - قصدْت لَهُ وَأَصله من سمْت الطَّرِيق. ابْن دُرَيْد: سمَتّ سمْتَ الْقَوْم - قصدْت قصدَهم. صَاحب الْعين: السّمْت - النَّاحِيَة الْمَقْصُودَة. أَبُو عبيد: تآيَيْت مثل تفاعَلْت - تعمّدْت وتوخّيت أُخِذ من آيَة الشَّيْء - أَي علامته. ابْن السّكيت: انتبْتُه - أَتَيْته وَقد انتجعْته وَأَصله من انتِجاع الغيْث - أَي طلبِه. أَبُو عبيد: المنتجَع - المقصِد والمنزِل فِي طلب الْكلأ. ابْن السّكيت: تيممْته ويمّمْته وأمّمته - قصدْت لَهُ وَمِنْه التّيمم بِالتُّرَابِ وَهُوَ مسْح الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ. ابْن جني: أمَمْته ويمَمْته مُخفّفان والأمّ والأمْت - القصْد وَقد توخّيته وَنحن على وَخْي الطَّرِيق. ابْن الْأَعرَابِي: مَا أَدْرِي أَيْن وخْيُهم - أَي قصدهم وَقد وخَيْته. ابْن السّكيت: ضلّ وِجهة أمره - أَي قصدَه وَقد توجّهْت إِلَيْهِ ووجّهْته. ثَعْلَب: وَهِي الوِجهة. أَبُو عبيد: الحَمّ - الْقَصْد وَأنْشد:(3/462)
جعلَتْه حَمّ كلكَلها من ربيعٍ ديمَة تثِمُهْ أَي تدقّه. ابْن دُرَيْد: النّحْو - الْقَصْد وَمِنْه اشتقاق النّحو فِي الْكَلَام كَأَنَّهُ قصد الصّواب وَالْجمع أنحاء ونُحُوّ قد انتحيْت لَهُ - اعتمدْته وَقد تقدم أَن ... ... ... ابْن دُرَيْد: قرَوْت إِلَيْهِ قرْواً - قصدت وَأنْشد: أقْرو إِلَيْهِم أنابيبَ القَنا قِصَدا صَاحب الْعين: وكَدْت وكْدَه - قصدْت قصْدَه. أَبُو زيد: شطْر كل شَيْء - قصْده. وَقَالَ: سَدا سَدْوَه - أَي قصَد قصْدَه. ابْن السّكيت: تسدّيت الشيءَ - علَوْته وركبْته. ابْن دُرَيْد: نوَيْت الشيءَ نيّة وانتويْته - قصدْته واعتقدْته وانتويْت المنزِل ونويتُه كَذَلِك. أَبُو زيد: فلَان على مجر ذَلِك - أَي على نَحوه. صَاحب الْعين: تحرّيت الشيءَ - تعمّدْته وَمِنْه تحرّيت مسرّته. ابْن دُرَيْد: غبأتُ لَهُ أغْبأ غبئاً - قصدت وَلم يعرِفها الرِياشي.
3 - (الْإِتْيَان وأوقاته وحالاته)
ابْن السّكيت: أتيت الرجلَ وأتوته وَأنْشد: كنتُ إِذا أتوْتُه من غيْب يشَمّ عِطْفي ويمَسّ ثوبي كَأَنَّمَا أربْته برَيْب قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إتْيانَة وَاحِدَة. ابْن جني: أَتَيْته أتْياً وإتياناً ومأتىً ومأتاة. سِيبَوَيْهٍ: جِئْته أجيئه جَيئاً ومجيئاً وَفِي التَّعَدِّي جِئْته وأجأته. وَقَالَ: أَنا أجوؤك على المضارعة كَمَا قَالُوا أنبُؤك فِي أنبئك وَهُوَ منحدر من الْجَبَل. قَالَ: أَنبأَنَا بذلك يُونُس. أَبُو عبيد: الْإِلْمَام - أَن تَأتي الرجل فِي الْحِين. ابْن دُرَيْد: ألمّ بِهِ ولمّ وَأنكر بَعضهم لمّ وَحكى ابْن جني التَمّ. أَبُو عبيد: الفَرط - أَن تَأتيه فِي الْأَيَّام وَلَا يكون أقل من ثَلَاثَة وأثكره خمسَ عشرَة. صَاحب الْعين: الفرْط - الْحِين بعد الْحِين يُقَال إِنَّمَا آتيه الفَرْط وَفِي الفرط. أَبُو عبيد: مَا آتيه إِلَّا فِي فرط أشهر - أَي بعْدهَا. أَبُو عُبَيْدَة: تفارَطَتْه الهُموم - أَتَتْهُ فِي الفرْط وَقيل تسابقَتْ إِلَيْهِ. أَبُو عبيد: الغِبّ - يكون فِي الْيَوْمَيْنِ وَأكْثر وَقد أغَبّنا فلَان - أَتَانَا غِباً ... . غابّاً وغَبّ عندنَا - بَات. وَقَالَ: عرَوْته عَرْواً - ألممْت بِهِ واعتريته كَذَلِك وَمِنْه عراني الْأَمر - غشيني وأصابني واعتراه همّ - نزل بِهِ وَهَذَا اللَّفْظ عَام فِي كل شَيْء حَتَّى قَالُوا الذّلَف يعتري المَلاحة وَقَالُوا مَا من مُؤمن إِلَّا لَهُ ذَنْب يَعْتَرِيه. أَبُو عبيد: أَتَيْته على حَبالة ذَاك - أَي حِينه وإبّانه وَقد تقدم أَن الحَبالّة الانطلاق. ابْن السّكيت: زُرْته زَوراً وزيارة وزُوارة وازدرْته - أَتَيْته وَرجل زَوْر وَقوم زَور يكون للْوَاحِد والجميع والمذكر والمؤنث بِلَفْظ وَاحِد لِأَنَّهُ مصدر وَرجل زائر وَالْجمع زُوّار. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَأكْثر هَذَا الْجمع فِي فَاعل وَقد تزاوروا والتّزوير - إكرام المَزور الزائر. ابْن دُرَيْد: جئتُك زَفّة أَو زفّتين - أَي مرّة أَو مرَّتَيْنِ. وَقَالَ: ستَل الْقَوْم سَتْلاً وانسَتَلوا - جَاءَ بعضُهم على إِثْر بعض وَجَاء الرجل سِرَعاً أَي سَرِيعا. وَقَالَ: أغْتَمتُ الزِّيَارَة - أكثرتها وَقَالُوا كَانَ العجّاج يُغتِم الشِعر - أَي يكثره. وَقَالَ: جِئْت على إفّان ذَلِك وهِفّانه - أَي على أَثَره وعَلى حِفافه وحففَه وحَفّه كَذَلِك وَمِنْه هُوَ على حفَف أَمر - أَي نَاحيَة مِنْهُ وشرَف. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: جَاءَ على تئفّة ذَاك وَهِي عِنْده فعِلّة. قَالَ أَبُو عَليّ: ذكر سِيبَوَيْهٍ تئفّة قَالَ وَهَذِه حِكَايَة لَفظه وَيكون(3/463)
على فَعِلّة وَهُوَ قَلِيل قَالُوا تئفّة وَهُوَ اسْم. قَالَ أَبُو بكر: قَالَ أَبُو عمر وَزعم سِيبَوَيْهٍ أَنهم يَقُولُونَ تئفّة وَلم أرَه مَعْرُوفا وَإِن صحت فَهِيَ فعلّة. قَالَ أَبُو بكر: هَذَا الْحَرْف فِي بعض النّسخ قد ذكر فِي بَاب زِيَادَة التَّاء وَجعل عَليّ مِثَال تفْعِلة. قَالَ: وَالَّذِي أَخَذته عَن أبي الْعَبَّاس تئفّة فعِلّة وَأَقُول أَنا إِن الصَّحِيح فِي زِنة هَذِه الْكَلِمَة أَن تكون تفعِلة وَلَا تكون فعِلّة. قَالَ أَبُو عَليّ: وَالصَّحِيح فِيهِ عَن سِيبَوَيْهٍ إِن شَاءَ الله هُوَ مَا يَقُول أَبُو بكر من أَنه فِي بعض النّسخ فِي بَاب زِيَادَة التَّاء وَالدَّلِيل على زيادتها اشتقاقهم من الْكَلِمَة مَا يسْقط مِنْهُ التَّاء وَهَذِه دلَالَة لَا مَدفَع فِيهَا وَلَا معتَرَض عَلَيْهَا روينَا عَن أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال أَتَانِي فِي إفّان ذَاك وأفّان ذَاك وإفِّ ذَاك وتئفّة ذَاك وتفِئة ذَاك فَقَوْلهم إف يدل على أَن التَّاء فِي تئفّة زَائِدَة وكما دلّت على زِيَادَة التَّاء كَذَلِك تدل على زِيَادَة النُّون فِي إفان وَأَنَّك إِذا سميت بِهِ شَيْئا لم يجُزْ صرْفُه معرفَة كَمَا لَا يجوز صَرْف سِرحان معرفَة لِأَن الْهمزَة فِي إفّان فَاء كَمَا أَنَّهَا إفّ كَذَلِك وَأكْثر ظَنِّي أَن الْأَصْمَعِي قد ذكر هَذِه الْكَلِمَة أَيْضا فِي الْكتاب المترجم بالألفاظ وَأما قَوْلهم إبّان فالهمزة فِيهِ أَيْضا فَاء وَكَانَ أَبُو بكر يَقُول هُوَ مَأْخُوذ من أبّ لكذا - إِذا تهيّأ لَهُ وعزَم عَلَيْهِ كَأَنَّهُ يَقُول أَتَانِي فِي تهيّؤ ذَلِك. أَبُو زيد: ضفَنْت إِلَى الْقَوْم أضفِن ضَفْناً - إِذا أتيتَ إِلَيْهِم فجلسْت مَعَهم. ابْن دُرَيْد: دغَرْت على الْقَوْم - دخلْت. وَقَالَ: دمَر على الْقَوْم يدمُر دمْراً ودُموراً وَفِي الحَدِيث) من نظر فِي دَار قوم بِغَيْر إذنِهم فقد دمَر (. أَبُو عبيد: هجمْت على الْقَوْم - دخلت وهجمْت غَيْرِي عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ دهَمْته أدهَمفهم. وَقَالَ: جَاءَ على عُقب رَمَضَان وعُقْبانه وعقِبه ? ? إِذا جَاءَ وَقد مضى الشَّهْر كُله وَجَاء على عُقْب رَمَضَان وَفِي عُقْبه - إِذا جَاءَ وَقد بقيت أَيَّام من آخِره. ابْن السّكيت: جَاءَ فلَان معقّباً - أَي فِي آخر النَّهَار. صَاحب الْعين: طرقْت الْقَوْم أطرُقُهم طرْقاً وطُروقاً - جئتهم لَيْلًا. أَبُو عبيد: فلَان يأتينا فِي النَّهَار طرْقَتين - أَي مرّتين. سِيبَوَيْهٍ: بيّتناه - أتيناه بَياتاً. أَبُو زيد: جَاءَ الرّجلَانِ حِذْيَتَين - جَاءَا جَمِيعًا كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى جنْب صَاحبه. الكلابيون: مَا آتِيك إِلَّا الخَيْطة بعد الخيْطة - أَي المرّة بعد المرّة. أَبُو عبيد: أغار إِلَى بني فلَان - أَتَاهُم لينصُرهم أَو ينصُروه. أَبُو زيد: جاءأُخْريّاً وأخيراً وآخرياً وأخَرة. اللحياني: جَاءَنَا بأُخَرة وأخَرَة ورده الْأَصْمَعِي. أَبُو زيد: جَاءَ دَبَريّاً كَذَلِك. أَبُو عبيد: لَا يصلّي الصَّلَاة إِلَّا دَبَريّاً والمحدّثون يَقُولُونَ دُبُريّاً. وَقَالَ: جَاءَ توّاً - إِذا جَاءَ قَاصِدا لَا يعرّجه شَيْء فَإِن أَقَامَ بِبَعْض الطَّرِيق فَلَيْسَ بتوّ. ابْن دُرَيْد: جَاءَ تواً - أَي فَردا. ابْن السّكيت: عَاده عَوْداً. ابْن جني: عَيادة وعِياداً وَأنْشد: د: أغار إِلَى بني فلَان - أَتَاهُم لينصُرهم أَو ينصُروه. أَبُو زيد: جاءأُخْريّاً وأخيراً وآخرياً وأخَرة. اللحياني: جَاءَنَا بأُخَرة وأخَرَة ورده الْأَصْمَعِي. أَبُو زيد: جَاءَ دَبَريّاً كَذَلِك. أَبُو عبيد: لَا يصلّي الصَّلَاة إِلَّا دَبَريّاً والمحدّثون يَقُولُونَ دُبُريّاً. وَقَالَ: جَاءَ توّاً - إِذا جَاءَ قَاصِدا لَا يعرّجه شَيْء فَإِن أَقَامَ بِبَعْض الطَّرِيق فَلَيْسَ بتوّ. ابْن دُرَيْد: جَاءَ تواً - أَي فَردا. ابْن السّكيت: عَاده عَوْداً. ابْن جني: عَيادة وعِياداً وَأنْشد: أَلا لَيْت شِعري هَل تنظّرَ خالدٌ عِيادي على الهِجرانِ أم هُوَ يائس قَالَ: وَقد يجوز أَن يكون أَرَادَ عِيادتي فَحذف الْهَاء كَمَا قَالُوا شعرْت بِهِ شِعرة ثمَّ قَالُوا لَيْت شِعري. ابْن السّكيت: والعَوْد - العُوّاد. أَبُو زيد: ندوْت القومَ - إِذا أتيت ناديَهُم - أَي مجلسهم. سِيبَوَيْهٍ: غشيتُهُ غِشياناً - أَتَيْته. صَاحب الْعين: وغاشية الرّجل - الَّذين يأتونه ويرجونه. وَقَالَ: وفَدْت عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ وفْداً ووفوداً. سِيبَوَيْهٍ: وَهِي الوِفادة والإفادة على الْبَدَل. أَبُو عبيد: أوفدته عَلَيْهِ ... ... ... ... للْوَاحِد ومَثابة النَّاس - مجتمعهم بعد التفرّق.
3 - (الرُّجُوع)
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: رَجَعَ فلَان أدراجه - أَي طَرِيقه الَّذِي جَاءَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ عوْدَه على بدئه - أَي أَن بدْأه مَوْصُول بِهِ رُجوعه. أَبُو عبيد: أتيت فلَانا ثمَّ رجَعْت على حافرتي - أَي فِي طريقي الَّذِي أصْعَدْت فِيهِ وَقَالُوا)(3/464)
النّقْد عندَ الحافرة (- أَي عِنْد أول كلمة. ابْن السّكيت: النّقْد عِنْد الْحَافِر كَذَلِك. وَقَالَ بَعضهم: إِن الْخَيل كَانَت عزيزة فَكَانَت لَا تُؤْخَذ من بَائِعهَا حَتَّى يُنقَد عِنْد حَوافرها. ابْن السّكيت: التقى الْقَوْم فَاقْتَتلُوا عِنْد الحافرة - أَي عِنْد أول مَا الْتَقَوْا قَالَ الله عز وَجل) أثنّا لمَردودون فِي الحافرة (- أَي فِي أول أمرنَا وَأنْشد: أحافِرَة على صلَع وشَيْب معاذَ الله من سفَهٍ وعارِ كَأَنَّهُ قَالَ أأرجِع إِلَى صِباي وأمري الأول بعد أَن صلِعْت وشِبت. صَاحب الْعين: الحافرة - العودة فِي الشَّيْء حَتَّى يرَدّ آخِره على أَوله وَفِي الحَدِيث) إِن هَذَا الْأَمر لَا يُترَك حَتَّى يُردّ على حافرته (- أَي أول تأسيسه. ابْن دُرَيْد: رَجَعَ الشيخُ على حافرته - إِذا خرِف. وَقَالَ: رَجَعَ على زلزه - أَي على الطَّرِيق الَّذِي أَتَى مِنْهُ. أَبُو عبيد: انْصَرف الْقَوْم ببَلَلضتِهم وبُلُلَتِهم وبُلولَتهم - أَي وَفِيهِمْ بَقِيَّة وَزعم أَبُو عَليّ أَنه لَا يسْتَعْمل إِلَّا هَكَذَا أَي لَا يُقَال جا الْقَوْم ببُلُلَتهم. ابْن دُرَيْد: آد الشَّيْء أوْداً - رَجَعَ وباء يَبوء - رَجَعَ والمَباءة - الْمرجع. أَبُو زيد: أبأْت عَلَيْهِ مالَه إباءة - إِذا أرحْت عَلَيْهِ إبلَه وغنمه. وَقَالَ: آب يؤوب أوْباً - رَجَعَ.
3 - (الرُّجُوع إِلَى الشَّيْء بعد النّزوع عَنهُ)
صَاحب الْعين: حارَ إِلَى الشَّيْء وَعنهُ حَوْراً ومَحاراً ومَحارة - رَجَعَ عَنهُ وَإِلَيْهِ كل شَيْء تغيّر من حَال إِلَى حَال فقد حارَ حَوْراً وَأنْشد: وَمَا المرءُ إِلَّا كالشِهاب وضوئِه يحور رَماداً بعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِع
اللِّقَاء وأوقاته وحالاته
ابْن السّكيت: لقيتُه لِقاءً ولِقياناً ولُقياناً ولُقِيّاً. ابْن جني: ولِقيّاً. ابْن السّكيت: ولُقًى ولِقْيانة وَاحِدَة ولَقْية وَاحِدَة ولِقاءة وَاحِدَة وَلَا تقُلْ لَقاةً فَإِنَّهَا مولّدة وَقد حَكَاهَا ابْن جني واستضعفها. سِيبَوَيْهٍ: التِلْقاء - اللِقاء اسْم لَا مصدر. أَبُو عبيد: تلقّيته والتقيته. غَيره: تلاقيْنا والتقيْنا واللِقْيان - المُلتَقيان وَرجل لَقيّ ومَلْقيّ ولَقّاء يكون ذَلِك فِي الْخَيْر وَالشَّر وَهُوَ فِي الشَّرّ أَكثر. أَبُو عبيد: لَقيته مُصارحة وصِراحاً وُمقارحة وصِقاباً وكِفاحاً وكَفْحاً - أَي مُوَاجهَة أُخِذ من المكافح وَهُوَ - الْمُبَاشر بِنَفسِهِ. ابْن الْأَعرَابِي: كافحْته مكافحة وكِفاحاً وكفحْته كفْحاً - لَقيته مُوَاجهَة. صَاحب الْعين: لَقيته قِبَلاً - أَي مُوَاجهَة. أَبُو عبيد: رَأَيْته قِبَلاً وقُبُلاً وقَبَلاً. غَيره: قبَليّاً وقَبيلاً ومقابلة كَذَلِك وَقد استقْبَلْت الشَّيْء وقابلته مُقابلة - إِذا حاذيته بِوَجْهِك وَهُوَ قُبالَك وقُبالتَك - أَي تجاهك. صَاحب الْعين: لَقيته قُبَلاً - أَي مُوَاجهَة. غَيره: لَقيته عارضاً وغارضاً - أَي باكراً. أَبُو عبيد: لَقيته نِقاباً - أَي مُوَاجهَة. وَقَالَ: لَقيته أوّل وهْلة. ابْن السّكيت: لَقيته أوّل وَهَلة. ابْن دُرَيْد: وواهِلة. أَبُو عبيد: لَقيته أوّل عين وعائِنة كَذَلِك. ابْن السّكيت: لَقيته أدنى عائنة - أَي أدنى شَيْء تدرِكه الْعين. أَبُو عبيد: لَقيته أوّل صوْك وبَوْك. ابْن السّكيت: وعَوْك. أَبُو عبيد: لَقيته أدنى ظلَم - أَي أول شَيْء وَقيل أدنى ظَلَم - الْقَرِيب. أَبُو زيد: خرجْت فأوّلُ ظلَم لَقينَا فُلان - أَي شخص. صَاحب الْعين: لَقيته عَرْكَة بعد عرْكة - أَي مرّة بعد مرّة ولقيته عرَكات - أَي مَرَّات. أَبُو عبيد: لَقيته صحْرَة بحْرَة - إِذا لم يكن بَيْنك وَبَينه شَيْء. ابْن دُرَيْد: أخبرْته بالْخبر صُحْرَة بُحرة وصُحْرة بُحرة - أَي كِفاحاً لَيْسَ بَيْنك وَبَينه شَيْء. أَبُو عبيد: لَقيته بوَحْشِ إصْمِت وبلَد إصْمِت وَهُوَ - الَّذِي لَا أحد بِهِ. ابْن جني: قَوْلهم لَقيته بوحْش إصْمت مَعْنَاهُ أَن المرءَ يُسكِت فِيهَا صَاحبه فَيَقُول لَهُ إصْمت إِلَّا أَنه(3/465)
جُرّد من الضَّمِير فأُعرِب وَلم يُصرف للتعريف والتأنيث أَو وزن الْفِعْل وَنَظِيره قَول أبي ذُؤَيْب: على أطرِقا بالِياتُ الخِيا م إِلَّا الثُّمام وَإِلَّا العِصيّ سمّي بقوله أطرِقْ أَي اسْكُتْ كَأَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَة فِي مَفازة فَقَالَ وَاحِد لصاحبيه أطرِقا فَسمى بِهِ الْبَلَد. أَبُو عبيد: لَقيته قبل كلّ صيْح ونفْرٍ الصّيْح - الصِياح والنّفْر - التفرّق. وَقَالَ: لَقيته أول ذَات يدين - أَي أول شَيْء. ابْن السّكيت: أَي سَاعَة غدوْت. وَقَالَ: اعمَل كَذَا وَكَذَا أول ذَات يدين - أَي اجعلْه أول شَيْء تطرَح يدك فِيهِ. أَبُو زيد: فجأتُه فجئاً وفجِئتُه فُجاءة - إِذا لَقيته وَهُوَ لَا يشعرُ بك وَقد فجأ يفجأ فُجاءة وفاجأ وفجئ لُغَة. أَبُو عبيد: لَقيته نِقاباً والتِقاطاً - أَي فجاءة. الْأَصْمَعِي: لَقيته بُلْطة كَذَلِك. صَاحب الْعين: لقيَني فِلاطاً - أَي بغْتة وَفِي الحَدِيث) أأُضْرَب فِلاطاً (- أَي مفاجأة. أَبُو عبيد: وَيُقَال فِي هَذَا الْمَعْنى أُشِبّ لي الرجل - إِذا رفَعْت طرْفَك فرأيته من غير أَن ترجوه أَو تحتسبه. ابْن دُرَيْد: أصْبأت على الْقَوْم - إِذا هجمْت عَلَيْهِم وَأَنت لَا تَدْرِي وَأنْشد: هوى عَلَيْهِم مُصبئاً منقَضّاً فَعَاد وَالْجمع بِهِ مُرْفَضّا أَبُو عبيد: لقيتُه بَين الظّرانَين والظهرَيْن مَعْنَاهُ فِي الْيَوْمَيْنِ أَو فِي الْأَيَّام. وَقَالَ: لقيتُه عَن عُفْر - بعد شهر وَنَحْوه وَقيل عَن عُفْر - بعد حِين ولقيتُه عَن هجْر - بعد الْحول وَنَحْوه. وَقَالَ: لَقيته بُعَيْدات بيْن - إِذا لقيتَه بعد حِين ثمَّ أمسكْت عَنهُ ثمَّ أَتَيْته. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا ظرفا. أَبُو عبيد: لقيتُه صكّة عُمَيّ وَقد تقدم ولقيته ذَات يومٍ وَذَات لَيْلَة وَذَات الزُّمَيْن وَذَات العُوَيْم - أَي مُنْذُ ثَلَاثَة أَعْوَام أَو أَرْبَعَة ولقيته ذَا غَبوق وَذَا صَبوح قَالَ وَلم أسمعهُ بِغَيْر تَاء إِلَّا فِي هذَيْن الحرفين. أَبُو زيد: لَقيته ذَات المِرار - أَي مِراراً كَثِيرَة وجئتُه مَرّاً أَو مرّين - أَي مرّة أَو مرّتين. أَبُو عبيد: لَقيته النّدَرَى وَفِي النّدَرى وَفِي النَّدْرة - يَعْنِي بَين الْأَيَّام. أَبُو زيد: لَقيته النّدَرَى ونَدَرى. ابْن السّكيت: مَا أَلْقَاهُ إِلَّا الفَيْنة بعد الفَيْنة - أَي الْمرة بعد الْمرة. أَبُو زيد: مَا أَلْقَاهُ إِلَّا فَيْنَة والفَيْنة بعد الفينة. ابْن دُرَيْد: مَا أَلْقَاهُ إِلَّا الحِينة بعد الحينة. صَاحب الْعين: مَا آتِيه إِلَّا الخَيْطة - أَي الفَيْنة وَقد خاط إِلَيْهِ خيْطةً واختاط - مرّ مرّاً لَا يكَاد يَنْقَطِع. ابْن السّكيت: مَا أَلْقَاهُ إِلَّا عدّة الثُريّا القمَر وَإِلَّا عِدادَ الثريّا الْقَمَر - أَي إِلَّا مرّة فِي السّنة. قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ ثَعْلَب مَا أَلْقَاهُ إِلَّا عِقْبة الْقَمَر وَيسْتَعْمل فِي غير اللِّقَاء وَأنْشد: لَا تطْعَم الغِسْل والأدهان لِمْتُه وَلَا الذّريرة إِلَّا عِقْبة الْقَمَر غَيره: مَا أَلْقَاهُ إِلَّا خَطْرة - أَي فِي الأحيان. ابْن السّكيت: لَقيته نئيشاً - أَي بأخَرَة وَأنْشد: تمنى نئيشاً أَن يكون أَطَاعَنِي وَقد حدثَتْ بعد الْأُمُور أُمُور وَقَالَ: لَقيته ذَات صبْحة - أَي حِين أَصبَحت ولقيته حِين وارى رِيّ رِيّاً بِغَيْر همز - أَي حِين اخْتَلَط الظلام يعن اللذَين يتراءَيان إِذا وارى الظلام أَحدهمَا عَن صَاحبه. صَاحب الْعين: لَقيته بصَراً - أَي حِين تباصَرت الْأَعْيَان وَرَأى بَعْضهَا بعضاًوقيل هُوَ فِي أول الظلام إِذا بَقِي من الضَّوْء قدرُ مَا يتباين بِهِ الأشباح. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَا يسْتَعْمل إِلَّا ظرفا. ابْن السّكيت: لَقيته حِين قلت أأخوك أمِ الذِّئْب ولقيته غِشاشاً - أَي على عجَلة وَقيل عِنْد الْمسَاء وَأنْشد: يُقحِّم عَنْهَا الصّف ضرْبٌ كَأَنَّهُ أجيج إجامٍ حِين حَان التهابُها(3/466)
بأيدي العُقَيْليين والشّمسُ حيّة غِشاشاً وَقد كَادَت يغيب حجابُها وَقَالَ: لَقيته وَلَيْسَ بيني وَبَينه وِجاح - أَي سِتر وَأنْشد: أسودُ شَرًى لقين أسود ترْج ببَرز لَيْسَ بَينهم وِجاح وَحكى لَقيته بَين سمْع الأَرْض وبصرِها - أَي بِأَرْض خلاءٍ لَا أحد بهَا. وَقَالَ: لَقيته كفّة كفّة منصوبَين بِغَيْر تَنْوِين لِأَنَّهُمَا اسمان جُعِلا اسْما وَاحِدًا فَإِذا قَالُوا لَقيته كفّة لكفّة نوّنوا. وَحكى سِيبَوَيْهٍ: لَقيته كفّة كفّة على الْإِضَافَة. ابْن السّكيت: ولقيته أول أول وَأدنى أدنى - أَي أول شَيْء. وَقَالَ: افعَل ذَلِك إثْر ذِي أثير وإثْرَة ذِي أثير - أَي آخِر شَيْء. ابْن دُرَيْد: درَهْت إِلَى الْقَوْم - جِئْت إِلَيْهِم وَلم يشعروا. أَبُو زيد: هجمْت على الْقَوْم - دخلْت وهجمْت غَيْرِي عَلَيْهِم والتّكبيس والتكبُّس - الاقتحام على الْإِنْسَان وَقد تكبّسوا عَلَيْهِ. أَبُو زيد: هجمْت على الْقَوْم بضنانَتهم - أَي تفرّقوا. صَاحب الْعين: دَرأ علينا ودرَه - هجم. أَبُو زيد: خرّ علينا - هجم من مَكَان لَا نعرفه. وَقَالَ: نجَهْت على الْقَوْم - طلعْت. الْأَصْمَعِي: جبأت على الْقَوْم - طلعت. أَبُو زيد: صبأْت على الْقَوْم أصْبأ صبْأً وأصبأْتُ - هجمْت. ابْن الْأَعرَابِي: مَا أَدْرِي من أَيْن صَبأ وصمأ وصبعَ - أَي طلع. صَاحب الْعين: الغَفْق - الهجوم على الشَّيْء والإياب من الغَيبة فَجْأَة والمصادفة - الْمُوَافقَة. غَيره: احبَج لنا العلَمُ وَالنَّار - بدا بَغْتَة والمساحَنة - المُلاقاة. ابْن دُرَيْد: دغَش عَلَيْهِم - هجم يَمَانِية. أَبُو زيد: البغْت والبَغْتة - الْفجأَة وَقد باغتّه مباغتة وبِغاتاً - فاجأته.
3 - (ذكر مَا يُلفى عَلَيْهِ الْمَقْصُود والمعارَض من الْحَال)
أَبُو عبيد: أَتَيْنَا فلَانا فأبْخَلناه وأجْبَنّاه وأحمقْناه وأنْوَكْناه وأهوَجْناه - أَي وجدْناه كَذَلِك وأقهرناه - وَجَدْنَاهُ مقهوراً وَأنْشد: تمنّى حُصَيْن أَن يسود جِذاعَه فأمْسى حُصَيْنٌ قد أُذِلّ وأُقهِرا والأصمعي يرويهِ قد أذلّ وأقْهَر - أَي صَار أَصْحَابه أذلاّء مقهورين ورَهْط الزِبْرِقان يُقَال لَهُم الجذاع. وَقَالَ: أتيناه فأحْمدناه وَقد يُقَال أذممْناه وَهِي أقلّهما. ابْن السّكيت: أخلَيْت الْمَكَان - صادَفْته خَالِيا وَأنْشد: أتيتُ مَعَ الحُدّاث ليْلى فَلم أُبِن فأخْلَيْت فاستعجمْت عِنْد خلائيا وَقَالَ: شاعَرْته فأفْحَمْته - صادفته مُفْحَماً لَا يَقُول الشّعْر. أَبُو عبيد: أصعَبْت الْأَمر - وافقْته صعْباً وَأنْشد: لَا يُصْعِب الأمرَ إِلَّا ريْثَ يركَبُه - أَي قدْرَ مَا يركبه.
3 - (التَّسْلِيم)
قَالَ أَبُو عَليّ: السّلامُ من قَوْلهم السلامُ عَلَيْك مُشْتَقّ من السَّلَام وَهُوَ اسْم الله عز وَجل من قَوْله) لهُم دارُ السَّلَام (فَأَما قَول أبي عُبَيْدَة إِن السّلام جمع سَلامة كاللّذاذة واللّذاذ والرَّضاعة وَالرّضَاع فَلَا يَصح وَإِنَّمَا الصَّحِيح أَن السَّلَام والسلامة بِمَعْنى كَمَا أنّ اللّذاذ واللّذاذة بِمَعْنى قَالَ:(3/467)
تحَيي بالسّلامة أمّ عَمرو وَهل لَك بعد قومِك من سَلام فَأَما قَوْلهم سلامٌ عَلَيْك فَإِنَّمَا استجازوا حذف الْألف وَاللَّام مِنْهُ والابتداء بِهِ وَهُوَ نكرَة لِأَنَّهُ فِي معنى الدُّعَاء فَفِيهِ وَإِن رفعْت معنى الْمَنْصُوب. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَأما قَوْله تَعَالَى) وَإِذا خاطبَهم الجاهلون قَالُوا سَلاماً (فَمَعْنَاه تسلّمْنا مِنْكُم تسلّماً لَا خير بَيْننَا وَبَيْنكُم وَلَا شَرّ. صَاحب الْعين: التحيّة - السّلام. سِيبَوَيْهٍ: حييْته - استقبلْته بالتحية كَقَوْلِك فسّقْته وزيّنْته - إِذا قلت لَهُ يَا فَاسق وَيَا زاني وَمن تَحِيَّة المَزور للزائر قَوْلهم أَهلا ومرْحباً وَإِن تأتِني فأهلَ اللّيل وأهلَ النَّهَار على معنى أَنَّك تَأتي من يكون أَهلا لَك بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَقد قدّره سِيبَوَيْهٍ كَأَنَّهُ صَار بَدَلا من رحُبَت بلادُك وأهِلَت وَهَذَا التَّقْدِير إِنَّمَا قدّره بِالْفِعْلِ لِأَن الدُّعَاء إِنَّمَا يكون بفِعل فردّه إِلَى فِعل من لفظ الشَّيْء المدعوّ بِهِ كَمَا يقدرُونَ تُرباً وجندَلاً بتَرِبْت وجُندِلْت وَإِنَّمَا الناصب لَهُ أصبْت تُرباً وجندَلاً وأُلزِمْت تُرْباً وجندَلاً على مَا تحسُن الْعبارَة بِهِ عَن الْمَعْنى الْمَقْصُود بِهِ وَهَذَا إِنَّمَا يُستعمل فِيمَا لَا يُستعمل الْفِعْل فِيهِ وَلَا يحسُن فِي مَوضِع الدُّعَاء بِهِ أَلا ترى أَن الْإِنْسَان الزائر إِذا قَالَ لَهُ المزور مرْحَبًا وَأهلا فَلَيْسَ يُرِيد رحُبْت بلادك وأهلَت وَإِنَّمَا يُرِيد أصَبْت سَعة عندنَا وأُنساً لِأَن الْإِنْسَان إِنَّمَا يأنَس بأَهْله وَمن يألَفه وَقد مثّله الْخَلِيل بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة رجل رَأَيْت قد سدّد سَهْما فَقلت القِرْطاس أَي أصبْت القرطاس أَي أَنْت عِنْدِي مِمَّن سيُصيبه وَإِن أثبَت سهمَه قلت القرطاس أَي استحقّ وُقُوعه بالقرطاس. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَإِنَّمَا رَأَيْت رجلا قَاصِدا إِلَى مَكَان أَو طَالبا أمرا فَقلت مرْحَبًا وَأهلا أَي أدْركْت ذَلِك وأصبت فحذفوا الْفِعْل لِكَثْرَة استعمالهم إِيَّاه. قَالَ: وَيَقُول الرّادّ وبِك وَأهلا وسهلاً وبِك أَهلا فَإِذا قَالَ وَبِك وَأهلا فَكَأَنَّهُ قد لفظ بمرْحباً بك وَأهلا وَإِذا قَالَ وَبِك أَهلا فَهُوَ يَقُول وَلَك الْأَهْل إِذا كَانَ عنْدك الرُحْب والسَّعة فَإِذا رددْت فَإِنَّمَا تَقول أَنْت عِنْدِي مِمَّن يُقَال لَهُ هَذَا لَو جئتَني وَإِنَّمَا جِئْت ببك لتُبيّن مَنْ تَعْنِي بعد مَا قلت مرْحَبًا كَمَا قلت لَك بعد سَقْياً وَهَذَا الْكَلَام تَقْدِيره أَن الدَّاخِل الَّذِي يدْخل فَيَقُول لَهُ الْمَدْخُول عَلَيْهِ مرْحَبًا وَأهلا يرد ذَلِك فَيَقُول وَبِك وَأهلا كَأَنَّهُ قَالَ وَبِك مرْحَبًا وَأهلا وَإِنَّمَا هَذِه نحيّة المزور من يدْخل عَلَيْهِ فيحيّي بهَا الزائرَ المزورُ على معنى أَنَّك أصبت عِنْدِي سَعَة وأنساً فَإِذا قَالَ الزائر وَبِك وَأهلا فالحال لَا تَقْتَضِي من الزائر أَن يُصَادف المزورُ عِنْده ذَلِك فيُحمَل على معنى أَنَّك لَو جئتني لَكُنْت بِهَذِهِ الْمنزلَة وَإِذا قَالَ وَبِك أَهلا فَإِنَّمَا اقْتصر فِي الدُّعَاء لَهُ على الْأَهْل فَقَط من غير أَن يعطِفه على شَيْء قبله كأنّ الرُّحْب والسَّعة قد استعدّا لَهُ استعدادً يُغْنِيه عَن الدُّعَاء وَأما مَجِيئه ببِك فلبيان أَنه المعنيّ بِهِ لِأَنَّهُ مُتَّصِل بِالْفِعْلِ الْمُقدر كَمَا كَانَ على قَوْلك سَقْياً تَقْدِيره سَقاك الله سَقْياً وَلَك كَأَنَّهُ قَالَ هَذَا الدُّعَاء لَك على غير تَقْدِير سقاك الله. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمِنْهُم من يرفع فَيجْعَل مَا يُضمِر هُوَ مَا أظْهَر على معنى هَذَا مرْحَب أَو لَك مرحَب أَو أحل أَو نَحْو ذَلِك من الْإِضْمَار قَالَ الشَّاعِر: وبالسّهْبِ مَيْمُون النّقيبة قولُه لمُلتَمِس الْمَعْرُوف أهلٌ ومرحَبُ - أَي هَذَا أهل ومرحَب وَقَالَ آخر: إِذا جِئْت بوّاباً لَهُ قَالَ مرحَباً أَلا مرحَب واديك غيرُ مضيَّق
3 - (المصافحة والاعتناق)
ابْن الْأَعرَابِي: خاصَرْت الرجلَ - وضعت يَدي فِي يَده وَقد تقدم قَوْلهم تخاصَر الْقَوْم إِذا أَخذ بَعضهم بيد بعض وَيجوز أَن تكون المِخصَرة الَّتِي هِيَ الْعَصَا من هَذَا. ابْن الْأَعرَابِي: والمصافحة كالمُخاصَرة. أَبُو عبيد: عانَشْت الرجل - عانقته.(3/468)
3 - (الإيواء والتّضَيّف)
أَبُو عبيد: أوَيْتُه وآويْتُه وأوَيْت إِلَى فلَان مَقْصُور. وَقَالَ: ضِفْت الرجلَ وتضيّفْته - إِذا نزلتَ بِهِ وصِرْت ضيْفاً لَهُ وأضَفْته - إِذا أنزلته عَلَيْك وقرَيْته. ابْن دُرَيْد: ضِفْته وتضيّفته - طلبت مِنْهُ الضِيافة والضّيف يكون للْوَاحِد والجميع وَقد يكسّر على أضْياف وضُيوف. سِيبَوَيْهٍ: وضيفان. ابْن دُرَيْد: وَالْأُنْثَى ضَيْفة واستضفْته فضافَني. أَبُو عبيد: الضَّيْفَن - الَّذِي يَجِيء مَعَ الضَّيْف وَقد ضفن مَعَه يضفِن ضفْناً - جَاءَ. ثَعْلَب: امْرَأَة ضَيْف. قَالَ الْكسَائي: ضيفة وَقد استقْراني واقتراني وأقراني - طلب منّي القِرى. صَاحب الْعين: إِنَّه لمِقْرًى للضيه ومِقراء وَالْأُنْثَى مِقراة والمِقْراة - الْقَصعَة الَّتِي يُقْرى فِيهَا الضَّيْف والقَفيّ - الضّيف المُكْرَم. أَبُو عبيد: القفيّ - مَا يُكرَم بِهِ الضّيف من الطَّعَام وَالِاسْم القَفاوة. صَاحب الْعين: النُّزْل - مَا يُهيّأ للضيف والوظيفة - مَا يُقرر فِي كل يَوْم من رزق أَو طَعَام أَو علَف وَقَوله: أبْقَتْ لنا وقَعات الدّهْر تكرِمة مَا هبّت الرّيح والدُنيا لَهَا وُظُفُ يَعْنِي دوَلاً. ثَعْلَب: أثْعَل عَلَيْهِ الضيفان - كثُروا. وَقَالَ: أفرَعْت بِهِ فَمَا أحمَدْته - أَي نزلْت والعَوْف - الضّيف. صَاحب الْعين: أَبُو مَثْواك - ضيفُك الَّذِي تُضيفه وَقد أثويته - أضفته وَأَبُو المثوى - ربّ الْبَيْت وَأم المَثْوى - تبّته والثّويّ - الْبَيْت المهيّأ للضيف والثّويّ أَيْضا - الضَّيْف نَفسه.
3 - (الحِراسة والحِمْية)
صَاحب الْعين: حرسْت الشيءَ أحرُسه وأحرِسُه حرْساً - حفظْته وهم الحُرّاس والحرَس اسمٌ للْجمع كالعَسس والأحراس - الحُرّاس وَقد احترسْت مِنْهُ - أَي تحرّزْت.
3 - (التثقيل على النَّاس)
صَاحب الْعين: الثِقَل - نقيض الخِفّة وَقد ثَقُل ثِقَلاً وثَقالة فَهُوَ ثَقيل وَالْجمع ثِقال. أَبُو عبيد: ألْقى عَلَيْهِ بَعاعَه - أَي ثِقْله وَنَفسه. ابْن دُرَيْد: بَعاعه وبعَعُه كَذَلِك وَقيل بععه - مَتَاعه وَمَا مَعَه. أَبُو عبيد: رماني بأرواقه وجراميزِه وكُبّته وَألقى عَلَيْهِ لَطاتَه وعبالّته وأوقَه - أَي ثِقْله. ابْن السّكيت: آقَني أوْقاً وآدني أوْداً. ابْن دُرَيْد: وأيْداً. غَيره: أصبح فلَان بَعْلاً على أَهله - أَي ثِقْلاً. ابْن السّكيت: فدَحَني يفدَحُني فدْحاً - أثقلَني. صَاحب الْعين: أما قَوْلهم مُفْدَح فَلَا وَجه لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُقَال أفْدَح. الْأَصْمَعِي: الفادِحة - النَّازِلَة. ابْن السّكيت: بهظَني يبهظُني بهْظاً وأفرَحَني وَأنْشد: إِذا أَنْت لم تبرَح تؤدّي أَمَانَة وتحمِل أُخْرَى أفرَحَتْك الودائع وأصل المُفرَح الْفَقِير وَقد تقدم والعِبْء - الثِقْل وَجمعه أعباء وَأنْشد: كَمَا نيط بجوزِ المحمَّل الأعباءُ وَهُوَ كل مَا أثقلَك مَا غُرْم أَو حَمالة والعِبءُ أَيْضا - العِدْل الْوَاحِد وَمَا عبأتُ بِهِ عبْأً - لم يُثقِلْني وَلَا باليتُه. ابْن دُرَيْد: كل ثقيل - دِلَّخْم. ابْن السّكيت: القِرَة - الثَقْل وَأنْشد: لمّا رأتْ حليلَتي عَيْنَيْهِ ولِمّتي كَأَنَّهَا حَليّهْ تَقول هَذَا قِرةٌ عليّهْ(3/469)
وَقَالَ: إِن عليّ مِنْهُ لكَتالاً. قَالَ: وَحكى ابْن الْأَعرَابِي أَنه يُقَال زوّجناك امْرَأَة على أَن تُقيم لَهَا كَتالها - أَي مَا يصلحها من عيشها وَيُقَال تكاءَدَني الْأَمر وتكأّدَني - إِذا ثقُل عَلَيْك وشقّ وَيُقَال للعَقَبة الشاقّة المصْعَد كؤود وتصعّدَني الْأَمر مثله. وَقَالَ: ناء بِي الحِمْل - إِذا أثقلك وَأنْشد: إِلَّا عَصا أرْزَن طارَت بُرايَتُها تنوءُ ضربتُها بالكفّ والعضُد أَبُو عبيد: لطثَه الحِمل - لهدَه وثقُل عَلَيْهِ. وَقَالَ: غنَظْته أغنِظُه غنْظاً - جهدْتُه وشققْت عَلَيْهِ. ابْن دُرَيْد: هُوَ الغَنْظ والغنَظ. أَبُو زيد: الغِناظ - المشقّة والجَهْد. أَبُو عبيد: الغَنْظ - أَن يُشرِف الرجل على الْمَوْت ثمَّ يفلِت والغَنْظ والغنَظ - الهمّ اللَّازِم وَقد غنَظَه الهمّ وأغنَظَه - لزِمَه. وَقَالَ: تجشّمْت الْأَمر - تكلّفْته على مشقّة. ابْن دُرَيْد: جشْمُه وجشَمه - ثِقلُه وَقد جشِمْت الْأَمر جشْماً وجَشامة - تكلّفْته وأجشَمْته غَيْرِي وجشّمته. ابْن دُرَيْد: ألْقى عَلَيْهِ جشْمَه وجشَمه - أَي ثقله. صَاحب الْعين: وَإِذا ثقُل على الْقَوْم أَمر واغتمّوا بِهِ فَهُوَ جِنازة عَلَيْهِم. أَبُو عَمْرو: ألْقى عَلَيْهِ شراشِرَه - أَي أثقاله وَقد تقدم أَنَّهَا المحبّة والنّفْس. ابْن السّكيت: تجسّمْت الْأَمر - ركبْت جسيمَه وَكَذَلِكَ تجسّمت الرّمْل والجبل - أَي ركبْت أعظَمه. ابْن دُرَيْد: كظّني الْأَمر كظّاً وكَظاظة - بهظَني. صَاحب الْعين: رجل كظّ - تبْهظه الْأُمُور. ابْن جني: الكِظاظ - الشدَّة والتعب. صَاحب الْعين: ألْقى عَلَيْهِ كَلّه - أَي ثِقْله وناقة مطبّعة - أَي مُثقَلة بحِملها. وَقَالَ: ركوْت على الْبَعِير الحِمْل - ضاعَفْته عَلَيْهِ والعَوْل - الثِقْل من قَوْلهم عالَني الْأَمر عَوْلاً وَمِنْه قَوْلهم ويْلَه وعوْلَه وَمن ذَلِك قَوْلهم عوِّلْ عليّ مَا شِئت - أَي حمّلْني. وَقَالَ: أجْأثَه حِملُه - أثقَله. وَقَالَ: أرْكَيْت على فلَان قولا أَو حِملاً - ضاعَفْته عَلَيْهِ وأثقَلْته بِهِ. قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ أَحْمد بن يحيى وَمِنْه ارتِكاء السّحاب - إِذا امْتَلَأَ وثَقُل بِالْمَاءِ وَأنْشد فِي صفة سَحَاب: وخيّم بالسّكران يَوْمَيْنِ وارتكى يجرّ كَمَا جرّ المكيثَ المسافرُ ابْن السّكيت: الوِقْر - الثقْل يُحمَل على ظهر أَو رَأس. ابْن دُرَيْد: جمعه أوْقار. ابْن السّكيت: امْرَأَة موقَرَة - إِذا حملَتْ حَمْلاً ثقيلاً. غَيره: استوقَر وِقْرَه طَعَاما - أَخذه. وَقَالَ: أوسَقْت البعيرَ - أوقرته. صَاحب الْعين: الوَسْق - العِدْل. أَبُو زيد: الوَسْق - العِدْلان لِأَن الوَسْقَين أَرْبَعَة أعدال. قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ أَبُو حَاتِم وَمِنْه قيل للطائر الميساق لِأَن جناحَيْه لَهُ كالوَسْق وَقد قدمت ذَلِك. أَبُو زيد: لأضْطرنّك إِلَى ترك وقُحاحك وجهدِك ومجهودِك. أَبُو زيد: أفرَطْت عَلَيْهِ - حمّلته مَا لَا يُطيق. صَاحب الْعين: أبطَرْته ذرْعه كَذَلِك والسّخْر - شدّة المشقّة والعَناء. أَبُو زيد: فلَان ضمنٌ على أَصْحَابه وَأَهله - أَي كَلّ. وَقَالَ: رجل ذُو مذمّة ومذِمّة - أَي كل على النَّاس.
3 - (التجهّم والقُطوب)
ابْن دُرَيْد: رجل جَهْم بيّن الجهامة والجُهومة وَبِه سمّي الْأسد جَهْماً. أَبُو بعيد: جهَمْت الرجل مثل تجهّمْته وَأنْشد: لَا تجهَمينا أمّ عَمْرو فإننا بِنَا داءُ ظَبي لم تخنْه عواملُهْ قَالَ: وَقَالَ الأُمَوي داءُ الظّبي أَنه إِذا أَرَادَ أَن يثِب مكثَ ثمَّ وثب. أَبُو عَمْرو: إِنَّمَا أَرَادَ أَنه لَيْسَ بِنَا دَاء كَمَا أَن الظّبي لَيْسَ بِهِ دَاء. قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا التَّأْوِيل أحب إليّ. ابْن السّكيت: قطَب يقطِب قُطوباً - جمع مَا بَين عَيْنَيْهِ. ابْن دُرَيْد: قطَب قطْباً فَهُوَ قاطب وقَطوب وقطّب. ابْن السّكيت: وَيُقَال لذَلِك الْموضع المقطَّب(3/470)
وَمِنْه قيل النَّاس قاطِبة - أَي جَمِيعًا وَمِنْه قطَب شَرابَه - أَي مزجه فَجمع بَين المَاء وَالشرَاب وَمِنْه قَول طرفَة: رَحيبٌ قِطابُ الجيْب مِنْهَا رَفِيقَة بجَسّ النّدامى بضّةُ المتجرّد وَقَالَ: عبَس يعبِس عبْساً وعُبوساً وعبْس فَهُوَ عابِس وعَبوس. وَقَالَ: بسرَ يبسُر بسْراً وبُسوراً كَذَلِك قَالَ الله تَعَالَى) ثمَّ عبس وبسَر (وَرجل باسل وبَسيل - أَي كريه المنْظَر وَقد تبسّل فِي عَيْنَيْهِ - كَرُهَتْ مرآته وَأنْشد: فكنتُ ذَنوبَ الْبِئْر لمّا تبسّلَت وسُربِلْت أكفاني ووسِّدت ساعدي وَقَالَ: اكفهرّ فِي وَجهه ولقيَه بِوَجْه مكفهرّ ومقْفَهرّ ومكرَهفّ - أَي غليظ متربّد. وَقَالَ: كلحض يكلَح كُلوحاً وكُلاحاً وَأنْشد: لقد أصبح الْأَحْيَاء منّا أذلّة وَفِي النَّار موْتاها كُلوحاً سِبالُها صَاحب الْعين: الكُلوح والكُلاح - بُدوّ الْأَسْنَان عِنْد العُبوس كلحَ يكلَح وأكلحَه الْأَمر وَأنْشد: رقميّات عَلَيْهَا ناهضٌ تكلِح الأرْوَق منهُم والأيلْ ودهر كالِح. صَاحب الْعين: رجل كاسف الْوَجْه - عابِسه وَقد كسف كُسوفاً وأكسَفه الْحزن. أَبُو حَاتِم: كسف بالُه - إِذا حدّثَتْه نَفسه بِالشَّرِّ. ابْن السّكيت: كهَرَه يكهَره كهْراً ونهرَه ينهَره نهْراً - أغْلظ لَهُ الْمقَالة وَيُقَال جبَهه يجْبَهه جبْهاً وَالِاسْم الجَبيهة ونجَهَه ينجَهه نجْهاً وَهُوَ - أسْوأ الزّجْر. ابْن دُرَيْد: كرّش الوجهه - قبّضه وبلسَم وجرْشَم وخرْشَم وطلْسَم - كرّه وَجهه. صَاحب الْعين: رجل أنيس الْوَجْه - كريه عابِس وَأنْشد: فأُدرِك ثَأْرِي أَو يُقَال أصابَه جَمِيع السِلاح أنيسُ الْوَجْه باسِرُهْ وَقَالَ: التهزّع - القُطوب والعُبوس من قَوْلهم مضى هزيع من اللَّيْل وَهِي سَاعَة وحْشية. وَقَالَ: تمعّر لونُه - تغيّر من قُطوب وَوجه مزْمَهرّ - كالح. غَيره: رَأَيْته كامِدَ الْوَجْه وكمِدَه - إِذا رَأَيْته واجِماً عابِساً.
3 - (الْكَرَاهِيَة والثقل)
سِيبَوَيْهٍ: أَبى الشَّيْء يأباه إباءً ضارعوا بهَا حسِب يحسِب فتحُوا كَمَا كسَروا وَإِن شِئْت قلتَ جعلُوا الْألف بِمَنْزِلَة الْهمزَة فِي قَرَأَ يقْرَأ. وَقَالَ: هُوَ يِئبى. عَليّ: فَهَذَا شهذا من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن مَا كَانَ من فعل يفعل لم يُكسَر أَوله فِي الْمُضَارع فكُسر هَذَا لِأَن مضارعه مشاكل لمضارع فعِل فَكَمَا كسروا مضارع فعِل فِي جَمِيع اللُّغَات إِلَّا فِي لُغَة أهل الْحجاز كسرا أول تِفعِل هُنَا وَالْوَجْه الثَّانِي من الشذوذ أَنهم لم يجوّزوا الْكسر فِي الْيَاء من يِئْبَى وَلَا تُكسَر البتّة إِلَّا فِي نَحْو يِيجَل وَإِنَّمَا استجازوا هَذَا الشذوذ فِي يَاء يِئْبى لِأَن الشذوذ قد كثر فِي هَذِه الْكَلِمَة. صَاحب الْعين: الكَرْه - الإباء والمشقّة تكلّفها فتحتملها والكُرْه - المشقّة تحتملها من غير أَن تُكلّفها. ابْن السّكيت: هُوَ الكرْه والكُره. الفَراء: أقامني على كُره وكَره - أَي مشقّة. الْأَصْمَعِي: كرِهْت الْأَمر كَراهةً وكراهية ومَكرَهة ومَكْرَهاً وأكرهته على ذَلِك. أَبُو زيد: كرهْته كرْهاً وكَراهين وَفِي الْمثل) أَسَاءَ كارِه مَا عمِل (وَأَصله أَن رجلا أكرَه آخر على عمل فأساء عمله وَشَيْء مَكْرُوه وكريه وأكرهَني عَلَيْهِ فتكارهْت وتكرّهْت الأمرَ - كرهْته وكرّهْت إِلَيْهِ الْأَمر - صيّرته كريهاً وكرُهَ الْأَمر كَراهة وفعَلْته على الكَراهين - أَي الكَراهة. أَبُو عَمْرو: النّضّ - الْأَمر الْمَكْرُوه. أَبُو عبيد: المُبتئس - الكاره وَأنْشد:(3/471)
مَا يَقسِم الله أقبَل غيرَ مُبتئس مِنْهُ وأقعُدْ كَرِيمًا ناعِم البال وَقَالَ: اعتنَفْت الشيءَ - كرهْته وَخص مرّة بِهِ كَرَاهِيَة الْبِلَاد وَقد تقدم وعِفْت الشيءَ عيْفاً وعِيافاً وعَيَفاناً وعِيافة - كرهْته وَقد غلب على الطَّعَام وَالشرَاب وَرجل عيْفان وعَيوف - عائف وَقيل العِياف الْمصدر والعِيافة - الِاسْم. الْأَصْمَعِي: الرّغْم والرُغم والرِغْم - الكُره وَقد رغِمت ورغَمت أرغَم وَمَا أرغَم من ذَلِك شَيْئا - أَي مَا أكرهه ورغّم فلَان أنفَه - خضع وأرغَمْته - حَملته على مَا لَا يقدر أَن يمْتَنع مِنْهُ. غَيره: رغّمْته - قلت لَهُ رَغْماً دَغْماً كَمَا تَقول سقّيته ورعّيته - أَي قلت لَهُ سَقياً ورعْياً وَهُوَ راغِم داِغم وَمِنْه الرُغْم الَّذِي هُوَ الذّل رغَم أنفي لله يرغَم ويرغُم رَغماً ورُغماً وأرغَمه الله وَفِي الدُّعَاء فأرْغَم الله أنفَه - ألزَقه بالرَّغام وَهُوَ التُّرَاب وَقد تقدم. قَالَ أَبُو عَليّ: تداءَمْت الشيءَ - كرهْته فَأَما أَبُو عبيد فَقَالَ تداءمه الْأَمر مثل تداعَمه - إِذا تراكم عَلَيْهِ وتكسّر بعضه على بعض. وَقَالَ: هرَرْت الشيءَ هَريراً - كرهْته. أَبُو زيد: هرّه يهُرّه ويهِرّه هَرّاً وهَريراً. ابْن قُتَيْبَة: مَا يعرِف هِرّاً من بِرٍّ مَعْنَاهُ - مَا يعرف مَنْ يهُرّه - أَي من يكرَهه مِمَّن يبَرّه وَقد تقدم قَول من قَالَ فِيهِ إِن الهِر السِنّور وَإِن البِرّ الفأر وَمن قَالَ إِنَّه من هِرْهِر وَهُوَ - سوق الْغنم وبِرْبِر وَهُوَ - دعاؤها. ثَعْلَب: نفسٌ حَمْضَة - تنفِر من الشَّيْء أوّل مَا تسمَعه. ابْن دُرَيْد: سخِط الشيءَ - كرِهَه. ابْن السّكيت: وَهُوَ السُخْط والسَّخَط. صَاحب الْعين: قمَد يقمُد قُموداً وقمْداً - أَبى الشيءَ والمَقْت - شَنؤك الْإِنْسَان لقبيح أَتَاهُ مقُت مَقاتة ومقتَه مقْتاً فَهُوَ ممقوت ومَقيت وَمَا أمقَتَه. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: مَا أمقتَني لَهُ تُرِيدُ أَنَّك ماقت لَهُ وَمَا أمقَته عِنْدِي تُرِيدُ أَنه ممقوت وَلم يجِئ على مَقُت. أَبُو عُبَيْدَة: نقِمْت الشَّيْء ونقَمْته - أنكَرْته. أَبُو زيد: فعل بِهِ مَا شَراه - أَي مَا سَاءَهُ. ابْن دُرَيْد: طرْمَس الشيءَ - كرهه. صَاحب الْعين: وجَمْت الشَّيْء وجْماً ووجوماً - كرهْته. أَبُو زيد: جوِيت الشَّيْء جوًى واجتوْيتُه - كرهته وجويت الطَّعَام جوًى واجتويْتُه واستجويتُه - إِذا كرِهته فَلم يوافقك وَقد جويَت نَفسِي مِنْهُ وَعنهُ.
(بَاب السَّآمَة)
صَاحب الْعين: ملِلت الشيءَ مَللاً ومَلالاً ومَلالة وأملّني وأمَلّ عليّ. أَبُو عَليّ: وَقَالُوا لَا أمْلاه - أَي لَا أملّه وَهَذَا عِنْدِي عَليّ تَحْويل التَّضْعِيف ورجُل مَلول ومَلولة وملاّلة وَذُو مَلّة وَرجل مذِقٌ ومَذّاق - مَلول وَهُوَ المِذاق. صَاحب الْعين: بضَعْت من صَاحِبي أبضَع بُضوعاً - إِذا لم يأتمِرْ لَك فسئمت مِنْهُ. وَقَالَ: رجل طرِف - لَا يثبت على شَيْء وَامْرَأَة مطروفة - لَا تثبت على رجل وَاحِد.
(بَاب التُهمة والشّك)
التُهَمَة - الظّن وَقد اتّهمته. ابْن السّكيت: أتهَم - أَتَى مَا يُتّهَم عَلَيْهِ وَهُوَ مُتهِم وتَهيم وَأنْشد: هما سَقَياني السُمّ من غير بِغضة على غير جُرْمٍ فِي إِنَاء تهيم وَقد اتّهمَه اتّهاماً وتُهَمة. أَبُو عبيد: التُهَمة - مَا اتّهَمْت بِهِ الرجل. سِيبَوَيْهٍ: الْجمع تُهَم. ابْن السّكيت: ظننْته - اتّهَمته والظِنّة - التُهَمة وَرجل ظنين - متّهم قَالَ الله تَعَالَى) وَمَا هُوَ على الْغَيْب بظِنين (-(3/472)
أَي بمتّهم وَيُقَال لَا تجوز شَهَادَة ظَنين فِي وَلَاء. وَقَالَ: أظْنَنْت بِهِ الناسَ - عرّضْته للتُهَمة وَأنْشد: وَمَا كل من يظنّني أَنا معتِب وَمَا كل مَا يُروى عليّ أَقُول أَبُو زيد: خِلْت الشيءَ خيْلاً وخَيْلة وخَيلاناً وخالاً ومَخالة وخِيلاً - ظننته وخيّل عَلَيْهِ - شبّه وخيّلْت عَلَيْهِ - وجّهْت التُهمة إِلَيْهِ. ابْن السّكيت: أزنَنْته بِخَير وبشرّ - اتّهمْته وهُرْته بِكَذَا - أزنْته وَأنْشد فِي حسن الْقيام على الْفرس: رأى أنني لَا بالكثير أهوره وَلَا أَنا عَنهُ فِي الْمُوَاسَاة ظاهِرُ ابْن دُرَيْد: هُرْت بِهِ خيرا - أزْنَنْتُه بِهِ. أَبُو زيد: هُؤعتُ بِهِ خيرا هَوْءاً كَذَلِك. ابْن السّكيت: فلَان يُشْكى بِكَذَا - أَي يُزنّ بِهِ ويُتّهَم وَأنْشد: قَالَت لَهُ بيضاءُ من أهلِ مَلَل رَقْراقَة الْعَينَيْنِ تُشْكى بالغزَل أَبُو عبيد: أبَنْته آبِنُه وآبُنُه - اتّهمته والأُبنة - التُهمة. ابْن السّكيت: هُوَ مأْبون بِخَير وَشر فَإِذا أُفرِد فَقيل مأبون لم يكن إِلَّا بالشّر. أَبُو عبيد: مَن قِرْفَتُك من النَّاس - أَي من تتّهم. وَقَالَ: قرَفْته بالشَّيْء - اتّهمته بِهِ. ابْن السّكيت: قارَف شَيْئا من ذَلِك الْأَمر - واقعَه وأقرَف - داناه وخالطَ أَهله. وَقَالَ: هُوَ قرَف من ثَوبي وبَعيري. وَقَالَ: أراب - أَتَى مَا يُستراب بِهِ مِنْهُ. ابْن دُرَيْد: الرّيْب - التُهمة. أَبُو زيد: وَهِي الرِيبة. ابْن دُرَيْد: رابَني وأرابَني وَقد فصَل قوم بَين هَاتين اللغتين فَقَالُوا رابَني - علِمْت مِنْهُ الرِيبة وأرابَني - ظَنَنْت ذَلِك بِهِ. سِيبَوَيْهٍ: أرَبْته - جعلت فِيهِ رِيبة ورِبْته - أوصَلْت إِلَيْهِ الرِّيبَة. أَبُو عَليّ: أصل الرَّيْب والرِيبة الشّكّ وارتَبْت بِهِ - اتّهمْته. ابْن السّكيت: المِرية والمُرْية - الشّكّ وَقد امترَيْت فِيهِ. سِيبَوَيْهٍ تمارَيْت فِي ذَلِك من الْأَفْعَال الَّتِي تكون للْوَاحِد. وَقَالَ: أدأت وأدْوأْت - أَي اتُهِمت وَأَصله من الدَّاء وَلَكِن يُقَال من الدَّاء داءَ يَداءُ وَأَدَاء ورحِم مُديئة. صَاحب الْعين: الشّكّ - نقيضُ اليَقين وَجمعه شُكوك وَقد شكّ فِي الْأَمر يشُكّ شَكّاً وشكّكْته فِيهِ وصُمْت الشّهْر الَّذِي شكّه النَّاس يُرِيدُونَ شكّ فِيهِ النَّاس. ابْن دُرَيْد: سدَج بالشَّيْء - ظنّه. أَبُو عبيد: الرَّجْم - الظّنّ. ابْن دُرَيْد: وَكَلَام مُرَجَّم على غير يَقِين والظِنّة - التُهَمة. وَقَالَ: فلَان قِفْوَتي - أَي تُهمَتي. أَبُو عبيد: إِن فلَانا ليُجْلَد بِكُل خير - إِذا ظُنّ بِهِ كل خير. أَبُو زيد: لَصا فلَان فلَانا يلصوه ويلصو إِلَيْهِ - لزمَه لرِيبة ويَلْصي أعرَبهما وَبَعض يَقُول لَصِيَ. صَاحب الْعين: الطّنَف - نفس التُهَمة رجل مطنّف - أَي متّهم. أَبُو عبيد: الإعْوار - الرِّيبَة وَكَذَلِكَ الدّخَل. وَقَالَ مرّة: الدّخَل - الدَّاء. ابْن دُرَيْد: أسْبأتُ على الْأَمر - إِذا خبُثَ لَهُ قلبُك. صَاحب الْعين: الرّهَق - التُهَمة والمرَهّق - المتّهم فِي دينه. أَبُو عبيد: الضّيق والضّيْق - الشّك يكون فِي الْقلب من قَوْله تَعَالَى) وَلَا تكُ فِي ضيْقٍ مِمَّا يمكرون (.
3 - (الْخَبَر والْحَدِيث)
الْأَصْمَعِي: ضوَى إِلَيْنَا مِنْهُ خبر - أيا أَتَانَا لَيْلًا والضّاوي - الطارق. ابْن السّكيت: خُبْر وخَبَر يُقَال لأخبُرَنّ خُبرَك وخَبرك. غير وَاحِد: الْخَبَر - مَا أُخبِر بِهِ والخُبْر - الْمعرفَة. ابْن دُرَيْد: لي بفلان خِبرة وخُبرة(3/473)
وَمَا لي بِهِ خِبر وخُبر. أَبُو زيد: خبَر وأخبار وأخابير. وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: أخبرتُ بالخَبر وخبّرت. ابْن السّكيت: خبَرْت الخبَر وتخبّرته واختبرْته وَرجل خبِر وخُبْر - عَالم بالأخبار. صَاحب الْعين: الخَبير - المُخبِر واستخبَرْته - سَأَلته أَن يُخبِرَني. ابْن دُرَيْد: أخْبرته خُبوري - إِذا أخْبرته بِمَا عنْدك والخُبْر والخِبْر والخِبرة والخُبرة والمَخبَرة - العِلم بالشَّيْء وَلَيْسَ الخِبْر بثبت والنّبأ - الخَبر وَجمعه أنْباء وَقد أنبأت ونبّأت وَمِنْه اشتقاق النبيء. قَالَ أَبُو إِسْحَق: فِي قَوْله تَعَالَى) ويقتُلون النّبيئين بِغَيْر حق (الْقِرَاءَة الْمُجْتَمع عَلَيْهَا فِي النَّبِي طرح الْهمزَة وَجَمَاعَة من أهل الْمَدِينَة يهمِزون جَمِيع مَا فِي الْقُرْآن من هَذَا يقرؤون النبيئين والأنبِئاء واشتقاقه من نبّأ وأنبأ - أَي أخبر والأجود ترك الْهمزَة لِأَن الِاسْتِعْمَال يُوجب أَن مَا كَانَ صَحِيحا أَو مهموزاً من فَعيل فجمعُه فُعَلاء مثل ظريف وظُرفاء ونَبيء ونُبئاء فَإِذا كَانَ من ذَوَات الْيَاء فَجَمعه أفعلاء نَحْو غَني وأغنياء وَنَبِي وأنبياء وَقد جَاءَ أفعِلاء فِي الصَّحِيح وَهُوَ قَلِيل قَالُوا خَميس وأخمِساء وَنصِيب وأنصِباء فَيجوز أَن يكون نبيّ من أنبأت مِمَّا تُرِك همزَة لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَيجوز أَن يكون من نَبا ينْبو - إِذا ارْتَفع فَيكون فَعيلاً من الرِّفعة. قَالَ الْفَارِسِي: لَا يَخْلُو قَوْلهم النبيّ من أَن يكون مأخوذاً من النّبأ أَو من النّبْوة الَّتِي هِيَ ارْتِفَاع أَو يكون مأخوذاً مِنْهُمَا فيُحمَل الْأَمر مرّة على أَنَّهَا يَاء منقلبة عَن الْوَاو ومرّة على أَنَّهَا همزَة فَلَا يجوز أَن يكون مأخوذاً من النّبْوة لِأَن سِيبَوَيْهٍ حكى أَن جَمِيع الْعَرَب يَقُولُونَ تنبّأ مُسَيلِمة فَلَو جَازَ أَن يكون من النُّبُوَّة الَّتِي هِيَ بِمَعْنى الِارْتفَاع لما أجمع الْجَمِيع على الهمْز فِيهِ فإجماعهم جَمِيعًا على همز اللَّام من تنبّأ دَلِيل على أَن اللَّام همزَة وَلَا يجوز أَن يكون مأخوذاً من النُّبُوَّة إِذْ لَو كَانَ مأخوذاً مِنْهُ لَكَانَ همزُه غلَطاً كَمَا أَن من قَالَ وَلَا أدْراكم بِهِ غلط فقد بَطل بِهَذَا أَن يكون مأخوذاً من النَبْوة وَلَا يجوز أَيْضا أَن تكون لامه على وَجْهَيْن مرّة يَاء منقلبة عَن الْوَاو وَمرَّة همزَة لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لما أجمع الْجَمِيع على تنبّأ مُسَيْلِمة ولقال الْبَعْض تنبّى كَمَا أَن الْبَعْض يَقُولُونَ مُساناة وَبَعض يَقُولُونَ مُسانَهة فإجماع الْجَمِيع على الْهَمْز فِي تنبّأ مُسَيْلمَة دَلِيل على أَن اللَّام همزَة وَلَا يجوز أَن تكون واواً على حَال أَلا ترى أَنه لَو أجمع الْجَمِيع فِي العِضَة والسّنَة على بعير عاضِه ومُسانَهة وَسَائِر جَمِيع تصاريف هَذَا لَقلت إِن اللَّام هَاء وَلم يجُز على حَال أَن تكون اللَّام حرف لين وَكَذَلِكَ إِذا أَجمعُوا على الْهَمْز من تنبّأ علمت أَن اللَّام لَا يجوز أَن تكون غير الْهمزَة فقد ثَبت بِمَا ذَكرْنَاهُ أنّ نَبيا لَا يجوز أَن تكون لامُه حرفَ لين على حَال وَأَنَّهَا همزَة أُلزِمت التَّخْفِيف فَإِن قلت قد جَازَ فِي جمعه أَنْبيَاء وَهَذَا الْجمع فِي أَكثر الْأَمر للمعتل اللَّام كصَفيّ وأصْفياء وغنيّ وأغنياء فَالْقَوْل فِيهِ إِن الأَصْل فِي اللَّام الْهَمْز كَمَا تقدم وَلَكِن لما أُبدِل وأُلزِم الْإِبْدَال جُمِع جمْع مَا أصل لامه حرْف الْعلَّة كَمَا أَن عيداً لما أُزِم الْبَدَل جمع على أعياد وَخَالف ريحًا وأرْواحاً فأنبياء لَا تدل على أَن أصل اللَّام من نَبِي حرف عِلّة كَمَا أَن أعْياداً لَا يدل على أَن عيداً أصل عينه يَاء لَكِن الأَصْل الْهَمْز وألزِم الْإِبْدَال كَمَا أَن أصل عيد الْوَاو وألزِم إبدالها يَاء وَمَعَ ذَلِك فقد قرئَ أنبئاء بِالْهَمْز فَهَذَا يدلّك على أَن الأَصْل الْهَمْز وَلَو كَانَ حرف عِلّة مَا جَازَ همزه فأنبِئاء نَظِير أخمِساء وأنصِباء فِي جمع نصيب وخميس. قَالَ: وَهَذَا الَّذِي أذهب إِلَيْهِ فِي أَن النبيّ أَصله الْهمزَة مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ الصَّحِيح الَّذِي لَا يجوز غَيره فَإِن قلت كَيفَ حكى أَن بعض أهل الْحجاز يَقُول النّبِئ فيهمز وَقَالَ فِيهِ إنهاليست بجيّدة وَلَو كَانَ الأَصْل عِنْده الْهَمْز لَكَانَ النبئ عِنْده إِذا همز هُوَ الجيّد فَالْقَوْل فِيهِ أَنه إِنَّمَا لم يستجِدْه لشذوذه عَن الِاسْتِعْمَال وَإِن كَانَ مطّرداً فِي الْقيَاس فَمن هُنَا لم يستَجِدْه كَمَا لَا يستجيد ودَع ووذَر فِي ماضي يدَع ويذَر لشذوذه عَن الِاسْتِعْمَال وَإِن كَانَ مطّرداً فِي الْقيَاس فمِن أجل هَذَا قَالَ فِي قَول مَن هَمز النبيّ أَنه غير يجد لَا أَن الأَصْل عِنْده غير الْهَمْز وَهُوَ لَا يُجيز فِي تحقير النُبوّة إِلَّا الْهَمْز وَإِن لم يكن فِي تكبيره. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلَو حقّرتْ لهَمزت وَذَلِكَ قَوْلهم) كَانَ مُسَيْلمَة نُبوّته نبيئة سَوء (لِأَن تحقير النّبوّة على الْقيَاس عندنَا لِأَن هَذَا الْبَاب لَا يلْزمه الْبَدَل وَلَيْسَ من الْعَرَب أحد إِلَّا وَهُوَ يَقُول تنبّأ مُسَيْلمَة فَإِنَّمَا هِيَ من أنبأت وَأما قَول ابْن همّام: النُبوّة إِلَّا الْهَمْز وَإِن لم يكن فِي تكبيره. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلَو حقّرتْ لهَمزت وَذَلِكَ قَوْلهم) كَانَ مُسَيْلمَة نُبوّته نبيئة سَوء (لِأَن تحقير النّبوّة على الْقيَاس عندنَا لِأَن هَذَا الْبَاب لَا يلْزمه الْبَدَل وَلَيْسَ من الْعَرَب أحد إِلَّا وَهُوَ يَقُول تنبّأ مُسَيْلمَة فَإِنَّمَا هِيَ من أنبأت وَأما قَول ابْن همّام:(3/474)
محْض الضّريبة فِي الْبَيْت الَّذِي وُضِعَتْ فِيهِ النّباوةُ حُلو غير ممذوق فَإِنَّهُ إِن قَالَ لم لَا يستدلّون بقوله النّباوة على أَن النّبيّ يجوز أَن يكون من الْوَاو قيل هَذَا لَا يدل لِأَنَّهُ يجوز أَن تكون النّباوة يُرِيد بهَا وُضِعَت فِيهِ الرِفعة وَذَلِكَ أشبه بِهِ لِأَن مَا تقدم هَذَا الشّعْر قَوْله: يَا لَيتني حِين يممت القَلوص لَهُ يمّمْته هاشميّاً غير ممذوق فَكَانَ الرّفْعَة بِهَذَا أشبه لِأَن ذَاك عَام فيهم وَلَيْسَ الرسَالَة كَذَلِك فَإِذا أمكن هَذَا ثَبت بقَوْلهمْ نُبَيّئ أَن اللَّام همزَة. أَبُو زيد: القصّة - الْخَبَر وَالْجمع قِصَص وَهُوَ القَصَص وَقد قصّ عليّ خَبره يقُصّه قصاً وقصَصاً وتقصّصْت كَلَامه - حفظْته وتقصّصت الخبرَ - تتبّعته والقَصيصة - الْبَعِير أَو الدابّة يُتتبّع بهَا الْأَثر والقَصيصة أَيْضا - الزاملة الضّيفة والمثَل - الحَدِيث وَهِي الْأَمْثَال وَقد تمثّلت بِهِ ومثّلت بِهِ والْحَدِيث - الْخَبَر. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَالْجمع أَحَادِيث وَهُوَ أحد مَا شذّ من هَذَا الضّرْب وَذَلِكَ لِأَنَّك لَو كسّرْته إِذا كَانَت عِدّته أَرْبَعَة أحرف بِالزِّيَادَةِ الَّتِي فِيهَا لكَانَتْ فعائل وَلم تكن لتُدخِل زِيَادَة تكون فِي أول الْكَلِمَة كَمَا أَنَّك لَا تُكسّر جدْوَلاً وَنَحْو الْأَعْلَى مَا يُكسَّر عَلَيْهِ بَنَات الْأَرْبَعَة فَكَذَلِك هَذَا إِذا كسّرْته بِالزِّيَادَةِ لَا تدخله زِيَادَة وَنَظِيره عَروض وأعاريض وقَطيع وأقاطيع. صَاحب الْعين: حدّثْته الخبَر وحدّثْته بِهِ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمِمَّا سُمِع من الْعَرَب مُدْغَماً مُخلَصاً قَوْلهم حدّتّه فِي حدثته وَنَظِيره فِي الْإِخْلَاص قَوْلهم حُتّهم فِي حُظْتهم. صَاحب الْعين: وَسمعت حِدّيثَ حَسَنَة - أَي حَدِيثا وَالْقَوْم يتحدّثون ويتحادثون. أَبُو عبيد: حدّثته أُحدوثة - أَي حَدِيثا. ابْن السّكيت: رجل حَدِث وحَدُث - إِذا كَانَ كثير الحَدِيث حسن السِياق لَهُ. غَيره: وَكَذَلِكَ حِدْث وحدّيث وَهُوَ حِدْث مُلُوك وَنسَاء - يُحَدِّثهُمْ. صَاحب الْعين: سرد الحديثَ يسرُده سرْداً - تَابعه. ابْن السّكيت: حكَوْت عَنهُ الْكَلَام - أَي حكيت. وَقَالَ: نثَوْت الحَدِيث ونثيْت. وَقَالَ: رجل نشيان للْخَبَر ونشْوان هُوَ الْكَلَام الْمُسْتَعْمل. الْأَصْمَعِي: أَقرَأته الْخَبَر - حدّثته. أَبُو إِسْحَق: وَمِنْه أَقرَأته السَّلَام وقرأته عَلَيْهِ. أَبُو عبيد: نقعْت بالْخبر - اشتَفيْت وَقد تقدم فِي الشَّرَاب. صَاحب الْعين: مَا نقَعْت بِخَبَرِهِ - أَي مَا عُجْت بِهِ وَلَا صدّقْته. أَبُو زيد: حِدّثْته بالْخبر صَحْرة بحْرة - أَي مُجاهرة وَقد تقدم فِي اللِّقَاء وَأرَاهُ مَا فِي نَفسه صَحاراً - أَي جِهارا وَمَا جَاءَتْنِي عَنهُ مَحورة - أَي خبر. غَيره: وقّفْت الحديثَ - بيّنْته. الْأَصْمَعِي: ساقطْتُه الحديثَ سِقاطاً - إِذا سقط مِنْهُ إِلَيْك ومنك إِلَيْهِ.
3 - (الْأَخْبَار يعمّيها الرجل على صَاحبه ويخلّطها)
عمّيت عَلَيْهِ الْأَمر - لبّسْته وَقد عمِي عَلَيْهِ. صَاحب الْعين: أوطأني عَشْوة وعِشوة وعُشوة - إِذا لبّس عَلَيْك الْأَمر وغطّى عَنْك وجهَ الْخَبَر. أَبُو عبيد: همرَجْت عَلَيْهِ الْخَبَر ولحْوَجْته ودغمَرْته - خلّطته ولحّجْته - إِذا أظهر غير مَا فِي نَفسه وَقد نغَمْت أنغَم نغْماً وَهُوَ - الْكَلَام الْخَفي. قَالَ: فَإِن عمّى عَلَيْهِ الْخَبَر قيل قد لاتَه لَيْتاً - إِذا أخبرهُ بِغَيْر مَا سَأَلَهُ وَهُوَ مثل التلحيج. ابْن السّكيت: لاتَه يليته ويَلوته. أَبُو عبيد: فَإِن كتَمه البتّة قَالَ دمَسْت عَلَيْهِ الْأَمر ورمَسْته وَإِن جهل الرجل الْخَبَر قَالَ كمئْت عَن الْأَخْبَار وغَبيت عَنْهَا. ابْن دُرَيْد: التّعميش(3/475)
والنّعامُش - التّغافُل. أَبُو عبيد: فَإِن أخبرهُ بِشَيْء لَا يستيقِنه قَالَ لغَمْت لَغْماً ووغَمْت وغْماً فَإِن أخْبرت بِبَعْض الْخَبَر وكتَمْت بَعْضًا قلت مذَعْت أمذَع مَذْعاً. غَيره: هُوَ أَن يُخبرهُ بِشَيْء من الْخَبَر ثمَّ يقطعهُ وَيَأْخُذ فِي غَيره وَهِي المَذْعة. أَبُو عبيد: مِثْت ومِشْت - خلطْت فَإِن أخْبرته بطَرَف من الْخَبَر وكتمت الَّذِي يُرِيد قلت جمهَرْت عَلَيْهِ وَيُقَال بلغَني رَسٌّ من خبر وذَرْه من خبر وَهُوَ - الشَّيْء مِنْهُ. وَقَالَ: شمطْت الشيءَ بالشَّيْء - خلطْته فَهُوَ شَميط. ابْن السّكيت: يُقَال للصبح شَميط لِأَن فِيهِ بَقِيَّة من سَواد اللَّيْل وَبَيَاض النَّهَار قَالَ الشَّاعِر: وأعجَلَها عَن حَاجَة لم تفُهْ بهَا شَمط يُتَلّي آخرَ اللَّيْل ساطعُ وَأنْشد لطُفيل فِي وصف فرس: شَميط الذُّنابى جوّفَتْ وَهِي جوْنة بنُقْبة ديباج ورَيْط مقطَّع جوّفت - بلغ بياضُها بطْنَها وَمِنْه سمي الأشْمط أشمط. قَالَ: وَكَانَ أَبُو عَمْرو ابْن الْعَلَاء يَقُول لأَصْحَاب هاشمِطوا - أَي خُذُوا فِي شِعر مرّة وَفِي غَرِيب مرّة وَفِي حَدِيث أُخْرَى. صَاحب الْعين: الهَلْج - مَا لم تُوقِن بِهِ من الْأَخْبَار هلَجْت أهلِج هلْجاً. أَبُو عبيد: ساحنْتُك الشيءَ - خالطْتك فِيهِ وفاوَضْتك والمَخشوب - الْمَخْلُوط قَالَ الْأَعْشَى: لَا مُقرِف وَلَا مخشوب يَعْنِي الْفرس. قَالَ أَبُو عبيد: بَلغنِي عَن الْأَصْمَعِي قَالَ قانَيْت الشيءَ - خالطته وكل شَيْء خالَطَ شَيْئا فقد قاناه وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس: كبِكر المُقاناة الْبيَاض بصُفْرة غذاها نَمير المَاء غير المُحَلّل وَيُقَال مَا يُقانيني الشَّيْء وَمَا يُقاميني - أَي مَا يوافقني. ابْن السّكيت: لبَكْت الْأَمر لَبْكاً وبكَلْته بكْلاً - إِذا خلطته وَأنْشد: أحاديثُ مغرورين بَكْل من البَكْل وَقَالَ زُهَيْر: إِلَى الظّهيرة أَمر بينَهم لبِكُ قَالَ: وَسَأَلَ الْحسن رجل عَن شَيْء فَقَالَ لَهُ أعِدْ عليّ فَأَعَادَ كَأَنَّهُ أعَاد خلاف الأول فَقَالَ الْحسن لبَكْت عليّ وَيُقَال مرِج أَمر النَّاس - أَي اخْتَلَط وَفَسَد وَقد مرِجتْ أماناتُ النَّاس مرَجاً - أَي فَسدتْ قَالَ أَبُو دواد: مرِجَ الدينُ فأعددْتُ لَهُ مُشرف الحارك محبوك الكَتَدْ وَقد مرِج الخاتمُ فِي يَدي - قلِق قَالَ الله تَعَالَى) فِي أمرٍ مَريج (وَيُقَال مرِج السهْم وأمرجه الدَّم - إِذا أقلقه حَتَّى يسْقط. ابْن دُرَيْد: يُقَال هَل جَاءَك جائبة خبرٍ هَل جَاءَك مُغربة خبر - يَعْنِي الْخَبَر الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ من بلد سوى بَلَده. وَقَالَ: سَبْرَج فلَان عليّ هَذَا الْأَمر - أَي عمّاه. قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ ثَعْلَب العَسمَطة والعَفْلَطة - تَخْلِيط الْخَبَر أنبأني بذلك عَنهُ مُحَمَّد بن السّري فَأَما ابْن دُرَيْد فَقَالَ عسْمَطْت الشيءَ -(3/476)
خلطته وَقَالَ عفْلَطت الشيءَ وعفطَلْته بِالتُّرَابِ. وَقَالَ: أخْبرته خُبوري وفُقوري وشُقوري - إِذا أخْبرته مَا عنْدك. أَبُو عبيد: ألوَيْت عَنهُ الْخَبَر - إِذا أخْبرته بِهِ على غير وَجهه. أَبُو زيد: مَا جَاءَنِي عَنهُ مَحورة بِضَم الْحَاء - أَي خبر والرّضْخ والرّضْخة والرُضْخة من الْخَبَر - الشَّيْء تسمعه لم تستبنْ عَنهُ. الْأَصْمَعِي: اشتكنْت وَلَيْسَ بِمَعْرُوف وَأَحْسبهُ فارسياً وَالنَّاس يضعون الإشْتكان مَوضِع التّعامُس والتجاهل يتعامى عَلَيْك فِي الشَّيْء يُرِيك أَنه لَا علم عِنْده مِنْهُ. أَبُو عبيد: خجخَج الرجل - إِذا لم يُبْد مَا فِي نَفسه وجخجخ كَذَلِك.
3 - (استخبار الْخَبَر والبحث عَنهُ والحسّ بِهِ)
صَاحب الْعين: تنحّسْت الْخَبَر واستنْحَسْت عَنهُ. أَبُو عبيد: استنحَست الْخَبَر وتحسّبت كَلَام أهل الْحجاز وتحسّسْت. غَيره: حسَسْت الْخَبَر وأحسَسْته - علمت وَفِي التَّنْزِيل) فَلَمَّا أحسّ عِيسَى مِنْهُم الكُفر (وأصل الحِس الشِعْر بالشَّيْء حسَسْت الشَّيْء أحُسّه حَسّاً وحسَسْت بِهِ وأحسَست وحسيته وحسِيت بِهِ - شَعرت وَالِاسْم الحسّ وَقَالُوا لَا حَساس من ابنَيْ موقِد النَّار زَعَمُوا أَن رجلَيْنِ كَانَا يوقدان بِالطَّرِيقِ نَارا فَإِذا مرّ بهما قوم ضافاهم فمرّ بهما قوم وَقد ذَهَبا فَقَالَ رجل لَا حَساس من ابنَيْ موقِد النَّار وَقيل مَعْنَاهُ لَا وجود وَهُوَ أحسن والحَسيس - الشَّيْء تسمعه مِمَّا يمرّ قَرِيبا مِنْك وَلَا ترَاهُ وَهُوَ عَام فِي الْأَشْيَاء كلهَا. ابْن السّكيت: وَكَذَلِكَ تبحّرته. وَقَالَ: تندّسْت عَن الْخَبَر وَهُوَ رجل ندِس وندُس - إِذا كَانَ عَالما بالأخبار. وَقَالَ: بحثْت عَنهُ أبحَث بحْثاً. أَبُو عبيد: بحثْته وبحثْت عَنهُ واستبحثْت عَنهُ. ابْن السّكيت: وفَحصْت أفحص فحْصاً وَكَذَلِكَ نقّبْت عَنهُ وَأنْشد: فلئن بَنَيت لي المُشَقِّرَ فِي صعْبٍ يقَصّر دونَه العُصْم لتُنقِّبْن عني الْمنية أَن الله لَيْسَ كعلمِه عِلمُ وَقَالَ: فليت الْأَمر فَلياً - بحثت عَنهُ وَمِنْه فلَيت الشِعْر - إِذا تدبّرته واستخرجت مَعَانِيه. وَقَالَ: تنطّست وَهِي الْمُبَالغَة فِي الاتخبار وَغَيره وَأنْشد: ولَهوة اللاهي وَلَو تنطّسا وَمِنْه قيل للطبيب نِطاسيّ ونَطاسي لمبالغته فِي الْأُمُور وَأنْشد: فَهَل لكُمُ فِيهَا إليّ فإنني طَبِيب بِمَا أعْيا النِطاسيّ حِذْيَما وَهُوَ طَبِيب كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة يُقَال لَهُ ابْن حِذْيَم. وَقَالَ: رجل نَطِس ونطُس. ابْن الْأَعرَابِي: التقزّز - التنطّس وَرجل قزوز نَطيس. صَاحب الْعين: اللحْص والتّلحيص - استقصاء خبر الشَّيْء وَبَيَانه ولحَص لي فلَان خبرَك - بيّنه شَيْئا بعد شَيْء. ابْن دُرَيْد: الهَنبَسة - التجسّس عَن الْأَخْبَار وَقد هنْبَس وتهنْبَس. أَبُو زيد: لأشأننّ شَأْنهمْ - أَي لأخبُرنّ أمرَهم. ابْن السّكيت: اسُبرْ لي مَا عِنْد فلَان وَأَصله من سَبْر الجُرْح يُقَال سَبَرْت الجُرْح أسبُرُه سَبْراً - إِذا نظرت مَا قَدْره وَيُقَال للمُلمول الَّذِي يُسْبَر بِهِ المِسْبار والسِّبار وَيُقَال للفتيلة الَّتِي تُدخَل فِي الْجرْح السِبار وَأنْشد: تردّ السِبار على السابر(3/477)
واحتَسَبْت مَا فِي نَفسه - اختبرته وَأنْشد: يَقُول نساءٌ يحتسِبْن مودّتي ليَعْلَمْن مَا أُخفي ويعلَمْنَ مَا أبدي وَقَالَ: بُرْ لي مَا فِي نَفسه - أَي اعلَمْه وَيُقَال عجَمْت الرجل أعجُمُه عجْماً - إِذا رُزْته. أَبُو عبيد: التمحيص - الاختبار والابتلاء. صَاحب الْعين: محصَه يمحَصَه محْصاً ومحّصه - اختبره. وَقَالَ: الدّحْس - التّحسيس لِلْأَمْرِ تطلبه بأخفى مَا تقدر عَلَيْهِ والمِحْنة - الخِبرة وَقد امتحنْته وامتحنْت القَوْل - نظرْت فِيهِ ودبّرته. وَقَالَ: استوضِح عَن هَذَا الْأَمر - ابحَث وَقد تقدّم الاستيضاح فِي النّظر. ابْن دُرَيْد: رجل مِنكَشٌ - نقّاب عَن الْأُمُور. وَقَالَ: استنبَطْت مِنْهُ خَبرا ومالاً وعلماً - استخرْجته مِنْهُ. صَاحب الْعين: أبثَثْته الحَدِيث - أطلَعته عَلَيْهِ واستبْثَثْته إِيَّاه - طلبت إِلَيْهِ أَن يَبُثّنيه. غَيره: فررْت الْأَمر وفررْت عَنهُ - بحثت. أَبُو عبيد: منَوْت الرجل ومنَيتُه - أبليْته واختبرته. ابْن السّكيت: استَوْخ لنا بَني فلَان مَا خبَرهم - أَي استخبِرهم. صَاحب الْعين: تجسّسْت الْخَبَر - بحثت عَنهُ. ابْن دُرَيْد: جاسوس كلمة عَرَبِيَّة فاعول من تجسّس. قَالَ: والدّسيس - شَبيه بالمتَجسس. وَقَالَ: ندَش يندُش ندْشاً - بحث. وَيُقَال نقّرت عَن الْخَبَر - فتّشْت عَنهُ وتنقّرته وانتقَرْته. أَبُو عبيد: أَتَانِي نجيثُ الْقَوْم - أَي أَمرهم الَّذِي كَانُوا يُسرّونه وَخرج ينجُث بني فلَان - أَي يستعويهم ويستغيث بهم. ابْن دُرَيْد: هَذَا أَمر لَهُ نجيث - أَي عَاقِبَة سوء مُشْتَقّ مِنْهُ. أَبُو زيد: تنجّثْت حَدِيثا بَلغنِي لأنظُر أحقُّ هُوَ أم بَاطِل - تفهّمته. ابْن السّكيت: نجيثةُ الْخَبَر - مَا ظهر من قبيحه. أَبُو زيد: رجل نجّا عَن الْأَخْبَار - بحّاث. وَقَالَ: توجّسْت عَن الْأَخْبَار - إِذا كنت تُريغُ أَخْبَار النَّاس لتَعلَمها من حَيْثُ لَا يعلمُونَ. أَبُو زيد: وَرجل نقّار ومنَقِّر - بحّاث عَن الْأُمُور وَالْأَخْبَار. أَبُو عبيد: اعترَفت الْقَوْم - سَأَلتهمْ وَأنْشد: أسائله عُمَيْرةُ عَن أَبِيهَا خِلال الْجَيْش تعترِف الرِكابا ابْن السّكيت: أئتِ فلَانا فاستَعْرِفْ إِلَيْهِ حَتَّى يُعَرّفَك. صَاحب الْعين: نذِرْت بِالْأَمر - علمْته وأنذَرته وتناذَر الْقَوْم - أنذر بعضُهم بَعْضًا وَالِاسْم النُذْر والنّذير - المُنذر وَالْجمع نُذُر وَقد تعقّبْت الْخَبَر - تتبّعته وَأما قَوْله) لَا مُعَقّب لحُكْمِه (فَمَعْنَاه لَا رادّ لَهُ. غَيره: العَين الَّذِي تبعثه يتجسّس لَك الْخَبَر - يُسَمِّي ذَا العُيَيْنَتَين وعيْن الْقَوْم - رَبيئتهم الَّذِي ينظر لَهُم. أَبُو عبيد: استوشيت الحَدِيث - أَخَذته بالبحث وَالْمَسْأَلَة كَمَا يستوشي الرجل جرْي الْفرس.
3 - (حَقِيقَة الْخَبَر)
ابْن السّكيت: جَاءَ بِالْأَمر من فَصِّه - يَعْنِي من حَقِيقَته. غَيره: جَاءَ بِالْأَمر من عَيْنه كَذَلِك وَجَاء بالحقّ بعَينه - أَي خَالِصا وَاضحا وَجَاء بِهِ مِن عِيصِه كَذَلِك وَقيل من حَيْثُ كَانَ وَلم يكن.
3 - (الحَدِيث عَن غَيره وَالزِّيَادَة فِيهِ وإفساده)
أَبُو عبيد: رسَوْت عَنهُ حَدِيثا رَسْواً - حدّثت. وَقَالَ: رسَسْت الحَدِيث أرُسّه رسّاً فِي نَفسِي - حدّثتها بِهِ. صَاحب الْعين: بلغَني رَسّ مِن خبر - أَي طرَف. ابْن دُرَيْد: الهَساهِس - حَدِيث النَّفس وَقد هسّ يهِسّ هسّاً. صَاحب الْعين: سوّلَتْ لَهُ نفسُه حَدِيثا - زيّنته لَهُ. أَبُو عبيد: دبّرْت الحديثَ عَن فلَان - حدّثْت بِهِ عَنهُ وأثَرْته عَنهُ أثِرُه أثْراً وَأنْشد: إِن الَّذِي فِيهِ تَمارَيتُما بيَّن للسّامع والآثر(3/478)
ويروى بُيِّن. ابْن دُرَيْد: نصَصْت الحَدِيث أنُصّه نصّاً - عزَوْته إِلَى محدّثه وأظهرته ونصَصْت العَروس - أقعَدْتها على المنصّة وَهِي المِظهَرة وانتصّت هِيَ وكل شَيْء أظهَرْته فقد نصَصْتَه. وَقَالَ: زَمَرْت بِالْحَدِيثِ - بثثته. ابْن دُرَيْد: نثَوْت الحَدِيث نَثْواً وَالِاسْم النّثا. قَالَ: وَقَالَ بعض أهل اللُّغَة يكون فِي الْخَيْر وَالشَّر. أَبُو عبيد: نمَيْت الحديثَ - رفعْته أياً كَانَ فَإِن أردْت أَنَّك رفعْته على وَجه النّميمة والإشاعة لَهُ قلت نمّيته. صَاحب الْعين: أسنَدْت الحَدِيث - إِذا رفعْتُه عَن غَيْرك. ابْن دُرَيْد: هُوَ يُزلّف فِي حَدِيثه ويزرِّف - إِذا زَاد فِيهِ. أَبُو زيد: أزهَفْت إِلَيْهِ حَدِيثا - أسندت إِلَيْهِ قولا بحسَن وأزْهَف فِي الْخَبَر - زَاد. وَقَالَ: لغَبْت القومَ أغلَبُهم لَغْباً - حدّثْتهم حَدِيثا خَلْفاً. الْأَصْمَعِي: كَلَام لَغْب - فَاسد غير قَاصد وَلَا صائب. أَبُو عبيد: أغَثّ حديثُ الْقَوْم - فسد. تمّ الْجُزْء الثَّانِي عشر ويليه الْجُزْء الثَّالِث عشر وأوله نعوت الحَدِيث فِي الإيجاز وَالْحسن والقبح الطول. وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه(3/479)
بِسم الله الرّحمن الرّحيم السّفر الثَّالِث عشر من كتاب
نعوت الحَدِيث فِي الإِيجاز
والحُسْن والقُبْح والطّول
الْوَجِيز فِي الحَدِيث مثلُه فِي القَوْل وَقد قدمتُ تصريف فعله فِي بَاب الْقبُول. أَبُو عُبَيْد: حَدِيث طَوِيل العَوْلَق أَي الذَّنَب. ابْن السّكيت: أكْرى فلَان الحَدِيث البارحة: أَي أطاله. أَبُو عُبَيْد: الخُلابِس: الحَدِيث الرّقيق وَأنْشد: وأشهدُ منهنَّ الحديثَ الخُلابِسا وَقد تقدم أَنه الْكَذِب، صَاحب الْعين: الخُرافة: الحَدِيث المُسْتَمْلَح من الْكَذِب. ابْن الْكَلْبِيّ: قَوْلهم حَدِيث خرافة: هُوَ رجل من بني عُذرة أَو من جُهَيْنَة اختطفته الْجِنّ ثمَّ رَجَعَ إِلَى قومه فَكَانَ يحدث بِأَحَادِيث يُعْجَبُ مِنْهَا فَجرى على ألسن النّاس.
3 - (الْوَحْي بالْقَوْل واللحن)
أَبُو عُبَيْد: وَحَيْتُ إِلَيْهِ بالشّيء وَحيا وأوحيت: وَهُوَ أَن تُكلِّمه بِكَلَام يفهمهُ عَنْك وَيخْفى على غَيره وَكَذَلِكَ لَحَنْتُ لَهُ لحناً. ابْن دُرَيْد: وَدَصَ إِلَيْهِ بِكَلَام لم يَسْتَتِمُّه. أَبُو زيد: ألْوَيْتُ بالْكلَام: خَالَفت بِهِ عَن جِهَته.
3 - (الْإِشْعَار بِالْأَمر)
الإحذار، الإِنذار والحُذارِيات، الْقَوْم يُنْذَرونَ بِالْأَمر.
3 - (انتشار الْأَمر وظهوره)
ابْن السّكيت: هَذَا حَدِيث مستفيض: أَي منتشر وَلَا يُقَال مُستَفاض إلاّ إِن أخذُوا فِيهِ. صَاحب الْعين: حَدِيث مُسْتَفاض وَقد اسْتَفاضُوه: أخذُوا فِيهِ. الْأَصْمَعِي: أفاضوا فِي الحَدِيث كَذَلِك. ابْن السّكيت: عَلِنَ الْأَمر وعَلَنَ يعلُن. أَبُو عُبَيْد: جَهَرْتُ الْكَلَام وأجْهَرْتُه: أعلنته وكل مَا أظهرته فقد جهرت بِهِ. صَاحب الْعين: بَقَّ الْخَبَر فِي النّاس: فَرَّقه وَأَكْثَره. أَبُو زيد: بَلغنِي الشّيء يبلُغُني بُلوغاً: وصل إليّ وأبلغته إِيَّاه والبلاغ: مَا بلغك والبلاغ أَيْضا الإِبلاغ وَفِي التّنزيل: (مَا على الرّسول إلاّ الْبَلَاغ) وَمِنْه أَمر بَالغ وبَلْغ: نَافِذ. ابْن السّكيت: سَمْعٌ لَا بَلْغٌ وسِمْعٌ لَا بِلْغٌ وَقد ينصب وَذَلِكَ إِذا سَمِعت أمرا مُنْكرا أَي يُسمع بِهِ وَلَا(4/5)
يَبْلُغ. أَبُو زيد: فَشا خَبره فُشُوّاً وفَشْواً وفُشِيّاً: انْتَشَر وانْضاع.
3 - (الهجاء)
صَاحب الْعين: الهِجاء: تقطيع اللَّفْظَة بحروفها. ابْن دُرَيْد: هَجَوت الْحَرْف وتَهَجَّيْتُه.
3 - (الْكتاب وآلاته)
أَبُو عُبَيْد: كتبت الشّيء أكتبه كتبا. سِيبَوَيْهٍ: وكتاباً. صَاحب الْعين: رجل كَاتب وَالْجمع كُتّاب وكَتَبَة وحرفته الْكِتَابَة. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: كتب كتابا كَمَا قَالُوا حجب حِجَابا وَقيل الْكتاب الِاسْم وَالْكِتَابَة الْمصدر. سِيبَوَيْهٍ: جمع الْكتاب كُتُب وَهُوَ مِمَّا استُغني فِيهِ بِبِنَاء أَكثر الْعدَد عَن أَقَله والكِتْبَة والاكتتاب فِي الْفَرْض والرزق والكتْبَة أَيْضا اكتتابك كتابا تنسخه واستكتبتُه إِذا أَمرته أَن يكْتب لَك أَو اتخذته كَاتبا وَرجل مُكْتِب: لَهُ أجراء يَكْتُبُونَ عِنْده. ابْن دُرَيْد: المُكْتِب: الَّذِي يُعلّم الْكِتَابَة. الْأَصْمَعِي: اكْتَتَبْتُه: خَطَطْتُه وَقيل اكْتَتَبْتُه اسْتَمْلَيْتُه. صَاحب الْعين: والمَكْتَب والكُتّاب: مَوْضِع تعلم الكِتاب. ابْن دُرَيْد: رجل حسن الكِتْبَة وَالْكِتَابَة. صَاحب الْعين: الخَطّ: الْكتاب خَطٌ يخُطُّ خَطاً والتّخْطيط التّسْطير والماشي يَخُطَّ الأَرْض برجليه على المَثَل. قَالَ أَبُو عَليّ: وَلذَلِك قيل فِي هَذَا الْمَعْنى كَتَبَ بِرجلِهِ وَأنْشد: تخطُّ رِجلايَ بخطٍّ مختلفْ تُكَتِّبان فِي الطّريق لامَ ألفْ صَاحب الْعين: السّفَرَة: الكتبة وأحدهم سَافر أَصله بالنّبطية سافِرا وَقيل هم كتبة الْمَلَائِكَة. أَبُو عُبَيْد: نَمَقْتُه أَنْمُقُه نَمْقاً ونَمَّقْتُه ولَمَقْتُه أَلْمُقُه لَمْقاً: كَتَبْتُه. غَيره: المَحْمِل: الْكتاب الأول. أَبُو عُبَيْد: عَنْوَنْتُ الْكتاب وعَنَّنْتُه وَهُوَ عُنْوان الْكتاب وعُنْيانُه وعُلْوانُه وعُلْيانه. ابْن السّكيت: عَلْوَنْتُ الْكتاب وعَنَّيْتُه. غَيره: عَنَيْتُه عَنْياً. ابْن دُرَيْد: وَكَذَلِكَ عَلَّنْتُه وَهُوَ العِلْيان والعِنْيان والعِلْوان. صَاحب الْعين: دَرَسَ الْكتاب يَدْرُسُه دَرْساً ودِراسَة: قَرَأَه ليحْفَظَه ودارَسَه وَقد قرئَ: (وليقولوا دارَسْتَ، ودَرَسْت) والمِدْراس: الْموضع الَّذِي يُدرس فِيهِ. أَبُو عُبَيْد: زَبَرْتُ الْكتاب أزْبِرُه وأزْبُرُه. ابْن دُرَيْد: وأعرفه النّقش فِي الْحجر والزَّبور الْكتاب وَالْجمع زُبُر وَقد غلب على كتب دَاوُد. أَبُو عُبَيْد: زَبَرْتُه أزبُره زَبْراً وأزبِره: كتبته. ابْن دُرَيْد: هُذَيْل تجْعَل الذَّبْر الْكِتَابَة والزَّبْر الْقِرَاءَة. صَاحب الْعين: الذَّبْر: نَقْط الْكتاب. ابْن دُرَيْد: كتابٌ ذَبِرٌ وزَبِر: سهل الْقِرَاءَة والقَرْمَدَة والقَرْمَطَة دِقَّة الْكِتَابَة وَقد قَرْمَدَهُ وقَرْمَطَه. أَبُو عُبَيْد: قَرْصَعْتُ الْكتاب: قَرْمَطْتُه. ابْن دُرَيْد: كتاب: منَمَّل مُتَقَارب الْخط وَقَالَ نمنمت الْكتاب قرمطته والنّمنمة الْخط وَكَذَلِكَ النّقش نقشه ينقشه نقشاً. ابْن السّكيت: مَشَق يمْشُق مشقاً: وَهُوَ سرعَة الْكِتَابَة. الْخَلِيل: الرّشْق والرَّشَق: صَوت الْقَلَم وَقَالَ النّحاسين: الغليظ من الْكتاب وَقَالَ كتاب نَاطِق: بيِّن. ابْن السّكيت: سَطْرٌ وسَطَرٌ فَمن قَالَ سَطْر جَمَعَه أَسْطُراً وسُطوراً وَمن قَالَ سَطَر جَمَعَه أسْطاراً. أَبُو حَاتِم: وَقد سَطَرْتُه أسْطُره سَطْراً وسَطَّرْتُه واسْتَطَرْتُه. ابْن دُرَيْد: رَتَمْتُ الْكتاب: قارَبْتُ بَين سُطوره. صَاحب الْعين: التّرْقِيش: الْكِتَابَة والتّسْطير فِي الصُّحُف. وَقَالَ تَرْقين الْكتاب: تَزْيِينُه وَكَذَلِكَ تَزْيين الثّوبِ بالزَّعْفَران أَو الوَرْس وَأنْشد: دارٌ كَرَقْمِ الكاتبِ المُرَقِّنِ والرُّقون: النّقوش. ابْن دُرَيْد: رَقَنَ الْكتاب: قارَبَ بَين سطوره والرَّقْم: الخَطُّ فِي الْكتاب وَبِه سمي رَقيماً مَرْقوماً وَقيل الرّقيم: الدّوَاة وَلَا أَدْرِي مَا صِحَّتُه. صَاحب الْعين: رَقَم الْكتاب يَرْقُمه رَقْماً ورَقَّمْته. أَبُو(4/6)
عُبَيْد: نَبَقْتُ الْكتاب ونبَّقته: سَطَّرْته وكَتَبْتُه. صَاحب الْعين: التّرْجيع: وَشِيُ الْكتاب والنّقْش. ابْن دُرَيْد: المُسْنَد: خطُّ حِمْيَر والنّقْر: الْكتاب فِي الْحجر والنّقَّار النّقَّاش. صَاحب الْعين: شَكَلْتُ الْكتاب أشْكُلُه شكلاً: أعْجَمْتُه. وَقَالَ التّباشير: كتابٌ للغِلْمان فِي الكُتّاب. صَاحب الْعين: نَسَخْتُ الْكتاب أنْسَخُه نَسْخاً: كتبته عَن مُعَارضَة وَمِنْه نَسَخْت الشّيء بالشّيء أزَلْته بِهِ وأَدَلْته والشّيء يَنْسَخُ الشّيء نَسْخاً أَي يُزيله وَيكون مَكَانَهُ وَمِنْه تَناسُخ الدّول والملل. ابْن دُرَيْد: وَحَى الْكتاب وَحْياً: كَتَبه وَكَذَلِكَ أَوْحاه وَقَالَ عَرَّض كَتَبَ وَأنْشد: كَمَا خَطّ عِبرانيّةً بِيَمِينِهِ بتَيْماءَ حَبْرٌ ثمَّ عَرَّضَ أسْطُرا ابْن السّكيت: نَبَرْتُ الْحَرْف نَبْراً: هَمَزْتُه. صَاحب الْعين: نَقَط الْكتاب يَنْقُطه وَالِاسْم النّقْطَة. الْأَصْمَعِي: وَكَتَ الْكتاب وَكْتَاً: نَقَطَه. صَاحب الْعين: النّوْقيع: أَن يُلحِق فِي الْكتاب شَيْئا بعد الْفَرَاغ مِنْهُ. وَقَالَ: القَلَم: الَّذِي يُكْتَب بِهِ وَالْجمع أَقْلام والمِدَاد الَّذِي يُكتب بِهِ وَقد مَدَدْت الدّوَاة وَأَمْدَدْتها: جعلت فِيهَا مِداداً وَمَدَدْته مِداداً وأَمْدَدْتُه: أَعْطيته إِيَّاه والحِبر المِدَاد والزَّاج من أخْلاط الحِبْر. وَقَالَ: لِقْتُ الدّوَاة لَيْقاً وألَقْتُها فلاقت: لَزِقَ المِدَاد بصوفها وَهِي لِيقَة الدّوَاة. ابْن السّكيت: النِّقْس: المِدَاد وَالْجمع أنقاس، النّضر: أتربت الْكتاب وتَرَّبْتُه: هِلت عَلَيْهِ التّراب وسَحَوْتُه وسَحَيْته عملت لَهُ سَحاءةً والسّحاءة والسَّحاية مَا شُدّ بِهِ وطِنْتُه طَيْناً وطيَّنته: ختمته وطِينَتُه خاتَمُه الَّذِي يُطان بِهِ. ثَعْلَب: طبعت الْكتاب طبعا وَهُوَ الطّابِع والطّابَع. صَاحب الْعين: الخَتْم: الفِعل خَتَمَ يَخْتِم أَي طَبَعَ والخاتَم مَا يُوضَع على الطّينة وَهُوَ اسْم مثل الخاتِم والخِتام الطّين الَّذِي يُختم بِهِ على الْكتاب. ابْن دُرَيْد: القِرْقِس: طين يخْتم بِهِ فَارسي مُعرب يُقَال لَهُ الجِرْجِشْت. صَاحب الْعين: أبْرَزْتُ الكتابَ: نَشَرْتُه وَهُوَ مَبْروز شَاذ.
3 - (الْقِرَاءَة وَالْجَوَاب)
قَرَأْتُ الْكتاب أقْرَؤُه قَرْأً وقِراءَةً وقُرْآناً، حكى سِيبَوَيْهٍ: أَقرَأته فِي معنى قرأته وَحكى أَبُو زيد قَرَيْته أقراهُ وَقد بيّنت فَسَاد هَذِه اللُّغَة فِي أول الْكتاب. ابْن جني: أَجَبْتُه إِجَابَة وَالِاسْم الجابَة والجِيبَة والمَجوبة وَالْجَوَاب وَالْجمع أَجْوِبَة. سِيبَوَيْهٍ: أجَاب من الْأَفْعَال التّي استغني فِيهَا بِمَا أفعل فِعله وَهُوَ افْعَل فعلا عَمَّا أَفعلهُ وأفعِل بِهِ وَعَن هُوَ أفعل مِنْك فَيَقُولُونَ مَا أَجْوَد جَوَابه وَهُوَ أَجْوَد جَواباً وَلَا يُقَال مَا أََجْوَبه وَلَا هُوَ أَجْوَب مِنْك وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ أَجْوِد بجَوابِه وَلَا يُقَال أَجْوِب بِهِ. أَبُو عُبَيْد: عَبَرْتُ الْكتاب أعبره عبرا إِذا تدبرته فِي نَفسك وَلم ترفع بِهِ. صَاحب الْعين: تمنيت الْكتاب: قرأته. أَبُو عُبَيْد: هَل جاءتك رُجْعَة كتابك ورُجْعانه: أَي جَوَابه. غَيره: رَجَع الْجَواب: رده على صَاحبه والرَّجعة والمَرْجوعة جَوَاب الرّسالة وَأنْشد فِي وصف دَار: سأَلْتُها عَن ذَاك فاسْتَعْجَمَتْ لم تَدْرِ مَا مَرْجوعة السّائل
3 - (التّاريخ)
ابْن السّكيت: أرَّخْتُ الْكتاب وورَّخْتُه.
3 - (الإملال)
أَبُو عَليّ: أَمْلَلت الشّيء وَأْمَليته: كُتبَ عنِّي وَهُوَ من مُحوَّل التّضعيف.(4/7)
3 - (محو الْكتاب وإفساده)
أَبُو عُبَيْد: مَحَوْت الْكتاب أمْحاه وأَمْحوه ومَحَيْتُه. وَقَالَ: امَّحَى الْكتاب وَلَا يُقَال امْتَحى. صَاحب الْعين: المَحْو لكل شَيْء يذهب أَثَره قَالَ: وطيِّيء تَقول مَحَيْتُه مَحْياً وامَّحى وامْتَحى ذهب أَثَره. ابْن دُرَيْد: طَرْمَسْت الْكتاب: مَحَوْتُه والطِّلْس الَّذِي مُحي ثمَّ كُتب. ابْن جني: طَلَسْتُه طَلْساً وطلَّسْته. صَاحب الْعين: الطّلْخ: إِفْسَاد الْكتاب وَنَحْوه والطّلْخ اللطخ بالقذر وجَرَنَ الْكتاب يجْرُن جُروناً: دَرَس والتّرْميج إِفْسَاد السّطُور بعد تسويتها وكتابتها يُقَال رمَّجَه بالتّراب حَتَّى فسد والخَرْمَشَة: إِفْسَاد السّطُور وَالْكتاب وَنَحْوه والمَجْمَجَة: تَخليط الْكتاب وإفساده بالقلم حَتَّى يُقَال كَفَلٌ مُتَمَجْمِج وَأنْشد: وكَفَلٍ رَيَّانَ قد تَمَجْمَجا ابْن دُرَيْد: كتاب مُمَجْمَج: مَضروبٌ عَلَيْهِ.
3 - (أَسمَاء الصَحِيفَة)
صَاحب الْعين: الصَحِيفَة: التّي يُكتب بهَا وَالْجمع صَحائِف وصُحُف وَفِي التّنزيل: (صُحُف إِبْرَاهِيم ومُوسَى) يَعْنِي الْكتب المُنْزَلَة عَلَيْهِم. عَليّ: أما صَحَائِف فعلى بَابه وصحف دَاخل عَلَيْهِ لِأَن فُعُلاً فِي مثل هَذَا قَلِيل وَإِنَّمَا شبهوه بقَليب وقُلُب وقضيب وقُضُب كَأَنَّهُمْ كسَّروا صَحيفاً حِين علمُوا أَن الْهَاء ذَاهِبَة شبهوها بحفرة وحِفار حِين أجروها مُجرى جُمْد وجِماد والمُصحف: الْجَامِع للصحف الْمَكْتُوبَة بَين الدّفتين كَأَنَّهُ أُصْحِف أَي جُمعت فِيهِ الصُّحُف بِكَسْر الْمِيم وَضمّهَا وَفتحهَا والمُصَحَّف والصَّحَفي: الَّذِي يروي الْخَطَأ على قِرَاءَة الصُّحُف باشتباه الْحُرُوف. وَقَالَ: صفَحت ورق المُصْحَف: عرَضتها وَاحِدَة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ صفحت الْقَوْم وتصفَّحت الْأَمر نظرت فِيهِ. صَاحب الْعين: الْوَرق: صَحَائِف الْمُصحف وَنَحْوه واحدته ورقة والورَّاق مُعاني كتَابَتهَا وحِرفته الوِراقة والفُنْداق: صَحِيفَة الْحساب والكراريس من الْكتب واحدتها كُرّاسة: سميته بذلك لتكرُّسها أَي انضمام بَعْضهَا إِلَى بعض. الْأَصْمَعِي: الإِضبارة: الحزمة من الصُّحُف وَقد ضَبَرْتُ الكُتُب وَغَيرهَا جَمَعْتُها. الْأَصْمَعِي: السّفْر: الْكتاب وَجمعه أسفار والدّيوان مَجْمَع الصُّحُف. أَبُو عُبَيْد: هُوَ فَارسي مُعرب. ابْن السّكيت: هُوَ بِالْكَسْرِ لَا غير. الْكسَائي: الْفَتْح لُغَة مولدة وَقد حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ قَالَ: وَإِنَّمَا صحّت فِي ديوَان وَإِن كَانَت بعد الْيَاء وَلم تعتل كَمَا اعتلت فِي سَيِّد لِأَن الْيَاء فِي ديوَان غير لَازِمَة وَإِنَّمَا هُوَ فِعّال من دوَّنت والدّليل على ذَلِك قَوْلهم دواوين فَدلَّ ذَلِك على أَنه فِعّال وَأَنَّك إِنَّمَا أبدلت الْوَاو يَاء بعد ذَلِك قَالَ وَمن قَالَ دَيْوان فَهُوَ عِنْده بِمَنْزِلَة بَيْطار. ابْن دُرَيْد: السّجِّيل: الْكتاب: فَارسي مُعرب وَهُوَ سِكِلٌّ أَي ثَلَاثَة خُتوم. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَالْجمع سِجلات وَلم يُكَسَّر وَهَذَا أحد مَا جُعلت فِيهِ التّاء عوضا من التّكسير. صَاحب الْعين: الصَكّ الْكتاب. سِيبَوَيْهٍ: وَجمعه أَصُك وصُكوك وصِكاك. صَاحب الْعين: والوَصيرَة: الصَكّ: فَارسي معرّب. ابْن دُرَيْد: الترس: الْكتاب وَالْجمع طُروس وأَطْراس وَقيل الترس الصَحِيفَة بِعَينهَا وَقيل الترس الصَحِيفَة التّي مُحي مَا فِيهَا ثمَّ كتب وَالْفِعْل التَّطْريس. ابْن دُرَيْد: الطّامور والطُّومار: الصَحِيفَة قَالَ وَلَيْسَ بعربي وَقد اعْتد سِيبَوَيْهٍ الطّومار عَرَبيا. سِيبَوَيْهٍ: هُوَ القِرطاس والقُرطاس. ابْن جني: وَهُوَ القَرْطَس. صَاحب الْعين: المُهْرَق الصَحِيفَة الْبَيْضَاء. ابْن السّكيت: هُوَ ثوب جَدِيد أَبيض يُسقى الصمغ ويُصقل ثمَّ يُكتب فِيهِ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ مُهْرَه وَقيل مُهْرَكِرْد لِأَن الخرزة التّي يصقل بهَا يُقَال لَهَا ذَلِك.(4/8)
3 - (الِاسْتِمَاع)
قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ أَبُو زيد أَذِنت لَهُ استمعت. أَبُو عُبَيْد: أرْعَيْتُه سَمْعي: إِذا أنصتّ لَهُ. صَاحب الْعين: انْظُرْني يَا فلَان: أَي اسْمًع، من قَوْله تَعَالَى: (لَا تَقولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا) أَبُو عُبَيْد: اشْتَأَيْت: استمعت وَقَالَ أصاخ اسْتمع. صَاحب الْعين: رَغَن إِلَيْهِ وأرْغَن: أصغى رَاضِيا بقوله. أَبُو عُبَيْد: صَغَوْت إِلَيْهِ أَصْغو صَغْواً وصُغُوّاً وصَغى مَقْصُور وأصغيت إِلَيْهِ برأسي: إِذا مِلت إِلَيْهِ. الْكسَائي: صَغَوْت إِلَيْهِ وصغَيْت. أَبُو زيد: صغى إِلَيْهِ سَمْعِي يصغو صغىً قَالَ وأصغيت إِلَيْهِ سَمْعِي أملته وَمِنْه أصغيت الإِناء إِذا حرفته على جنبه ليجتمع مَا فِيهِ.
3 - (الْحِفْظ)
ابْن السّكيت: حفِظت الشّيء حِفظاً وتَحَفَّظْته وَرجل قُفَلة: حَافظ. أَبُو عُبَيْد: وَعَيْت الشّيء: حفظته وأوعيت الْمَتَاع فِي الْوِعَاء وَأما غَيره فَحكى فِي الْحِفْظ وَعَيْته وأوعيته.
(بَاب الملاهي والغناء)
غير وَاحِد: الغِناء من الصَّوْت مَمْدُود. قَالَ الْفَارِسِي: سَمِعت أَبَا إِسْحَاق ينشد: عجبت لَهَا أنّى يكون غنَاؤُهَا فصِبحاً وَلم تفغر بمنطِقِها فَمَا وَقَالُوا غنَّيْته بِكَذَا وتغنّيت أَنا. أَبُو عُبَيْد: تغنّيت أُغنية قَالَ غَيره فَأَما قَول النّبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم: (من لم يتغنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ منا) فقد اخْتلف فِي تَأْوِيله فَقَالَ سُفْيَان بن عُيينة إِنَّه من الِاسْتِغْنَاء وذُكر ذَلِك لأبي عَاصِم عَن سُفْيَان فَقَالَ مَا صنع شَيْئا قَالَ حَدثنَا عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ أَنه كَانَت لداود نَبِي الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم مِعْزَفَة إِذا قَرَأَ ضرب بهَا فيبكي ويُبكي. قَالَ أَبُو طَال ذهب أَبُو عَاصِم إِلَى أَن التّغنّي بِالْقُرْآنِ مدُّ الصَّوْت فِيهِ وتحسينه وَذهب سُفْيَان إِلَى الِاسْتِغْنَاء أَنه يُسْتَغْنى بِهِ عَن كل دَوَاء والتَّغَنِّي يُقَال فِي الشّعر وَفِي المَال فَمن الشّعر قَول حسان بن ثَابت: تغنَّ بالشّعر إِمَّا كنتَ قَائِله غن الْغناء لهَذَا الشّعر مِضمارُ الْمِضْمَار هَهُنَا مثلٌ لِأَن الْمِضْمَار للخيل إصلاحها وتَعْريقُها ورياضتها حَتَّى تستوي فشبّه إصْلَاح الْغناء لوزن الشّعر بذلك وَقَالَ غير حسان بن ثَابت فِي التّغني من المَال: كم من غَنِي رَأَيْت الْفقر أدْركهُ وَمن فَقير تغنى بعد إقلالِ صَاحب الْعين: اللّحن: من الْأَصْوَات المصوغة الْمَوْضُوعَة وَالْجمع ألحان ولُحونٌ ولحَّن فِي قِرَاءَته: طرَّب فِيهَا بألحان وَقَالَ بعض المتفلسفين المهرة باللُّحون وَأرَاهُ المَوْصِلِيّ أَنه قَالَ الإِيقاع: حركات مُتَسَاوِيَة الأدوار لَهَا عَوْدات مُتَوَالِيَة واللحن صَوت ينْتَقل من نَغمَة إِلَى نَغمَة أَشد وأحط والطّبقة: حدٌّ مُخْتَار للصوت يَنْبَغِي أَن تُوضَع الألحان فِيمَا شاكَلَها من الْأَشْعَار فَمِنْهَا مَا يبكي ويُرقِّق وَهُوَ لما كَانَ من الشّعر فِي الْغَزل والتّشوق إِلَى الوطن والبكاء على الشّباب والمرائي والزهد وَمِنْهَا مَا يطرب وَهُوَ لما كَانَ فِي نعت الشَّراب وذِكْرِ النُّدَماء والمجالس والصَّبوح والدَّساكِر وَمِنْهَا مَا يشوّق وترتاح لَهُ النّفس مثل صفة الْأَشْجَار والزهر والمتنزهات وَالصَّيْد وَمِنْهَا مَا يسر ويُفرّح ويحث على الْكَرم وَهُوَ لما كَانَ فِي المديح وَالْفَخْر وَصفَة المُلك وَمِنْهَا مَا يشجع وَهُوَ لما كَانَ فِي الْحَرْب وَذكر الوقائع والغارات والأسرى وَغير ذَلِك وَهَذَا كُله يدعى غناء.(4/9)
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَيُقَال إِن الْغناء إِنَّمَا سمي غناء لِأَنَّهُ يَسْتَغْنِي بِهِ صَاحبه عَن كثير من الْأَحَادِيث ويفر إِلَيْهِ مِنْهَا ويؤثره عَلَيْهَا وفُرق بَينه وَبَين الْغنى من المَال بِأَن هَذَا مَقْصُور وَذَاكَ مَمْدُود وَنَظِير تسميتهم لَهُ غناء من جِهَة أَنه يُغني عَن كثير من الْأَحَادِيث تسميتهم الْعَسَل السّلوى قَالَ الْفَارِسِي لِأَنَّهُ يسلّي عَن غَيره من الطّعام مِمَّا يُعالج بطيخ ولتٍّ وتركيب وَبِذَلِك ردّ على أبي إِسْحَاق حِين أنكر على خَالِد بن زُهَيْر تَسْمِيَته الْعَسَل سلوى فِي قَوْله: وقاسَمَها باللهِ جَهْداً لأنتُمُ ألَذُّ من السَّلْوى إِذا مَا نَشُورُها فَقَالَ غلط خَالِد حِين سمى الْعَسَل سلوى وَإِنَّمَا السّلوى طَائِر فنصره أَبُو عَليّ بِمَا ذكرت لَك. قَالَ أَبُو طَالب: وللألحان لصوص يسرقون النّغم كلصوص الشّعر فَمن الشّعراء المُفْتَضِح كالسّارق للقصيدة وَالْبَيْت كُله وَمِنْهُم دون ذَلِك كالسّارق للكلمتين والثّلاث والسّارق للمعنى ويكسوه كلَاما آخر وَكَذَلِكَ المغنّون فَمنهمْ السّارق المفتضح الَّذِي يسرق اللّحن كَمَا هُوَ وينقله إِلَى شعر آخر كَفعل الطّنبوريين فِي زَمَاننَا هَذَا وَغَيرهم من مقاربي أَصْحَاب العيدان وَمِنْهُم من يسرق بعض اللّحن بِصفة لَهُ أَو صَيْحَة مِنْهُ أَو ردةٍ أَو نشيد وَمِنْهُم من تخفى سَرقته مثل من يسرق تأليف لحن فِي الثّقيل الأول وينقله إِلَى إِيقَاع آخر إِمَّا ثَانِي ثقيل أَو رمل أَو هزج وَمِنْهُم من يَجِيء إِلَى ثَلَاثَة أصوات أَو أَرْبَعَة فِي الثّقيل الأول على إِصْبَع وَاحِدَة فيسرق جُزْءا من هَذَا وجزءاً من هَذَا وصيحةً من هَذَا وردةً من هَذَا فيصوغ صَوتا من أصوات وَيكون فِي ذَلِك مثل من ينظم عقدا من جَوْهَر لَيْسَ مِنْهُ غير حسن التّأليف والنّظم وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُسمى المُوَشِّي فَأَما الْخَلِيل فَقَالَ الْأَصْوَات التّي تصاغ مِنْهَا الأَلحان ثَلَاثَة: فَمِنْهَا الأجش: وَهُوَ صَوت من الرّأس يخرج من الخياشيم فِيهِ غِلَظ ومُحّة فيُتبع بشدٍ وموضوع على ذَلِك الصَّوْت بِعَيْنِه يُقَال لَهُ الوَشْي ثمَّ يُعاد ذَلِك الصَّوْت بِعَيْنِه ثمَّ يُتبع بوشي مثل الأول فَهِيَ صاغِيَتُه فَهَذَا الصَّوْت الأجش وَالِاسْم الجَشَش والجُشّة وَقيل الجَشَش والجُشّة شدَّة الصَّوْت وَمِنْه رعد أَجَشّ وَقد تقدم. أَبُو عَليّ: المطرب ينشِج نشيجاً: إِذا فصل بَين الصوتين وَمد. صَاحب الْعين: صَوت مُجَسَّد: مرقوم على مِحنة ونغمات. أَبُو عُبَيْد: تهكَّمت: تَغَنَّيْت وهَكَّمْتُ غَيْرِي غَنَّيْتُه والمُمَرَّق من الْغناء الَّذِي تُغَنّيه السَّفَلَة وَالْإِمَاء والمُغَنِّي المُمَرِّق. صَاحب الْعين: رجل لَعَّاعة: يتَكَلَّف الألحان من غير صَوَاب. ابْن دُرَيْد: طرَّب: تغنّى.
3 - (أَسمَاء الصنج وَالْعود)
ابْن السّكيت: الصنج فَارسي مُعَرّب وَبِه سمي أعشى بني قيس صَنَّاجة الْعَرَب لجودة شعره. صَاحب الْعين: الكِران: الصَّنْج والكَرينة: الضّاربة للصنج وَالْعود فَأَما أَبُو عُبَيْد فَقَالَ الكرينة الْمُغنيَة والكِران الْعود. ابْن دُرَيْد: وَجمعه أكْرِنة. أَبُو عُبَيْد: وَهُوَ المِزْهَر. الْأَصْمَعِي: وَيُسمى أَيْضا البَرْبَط وَأنْشد: وبَرْبَطُنا مُعملٌ دائبٌ فأيُّ الثّلاثةِ أزرى بهَا ثَعْلَب: وَهُوَ المُوَتَّر وَأنْشد: بموَتَّرٍ تَأْتالُهُ إبْهامُنا وَمن أسمائها التّي جَاءَت فِي الحَدِيث وَلم تأت فِي الشّعر: العَرْطَبَة والعُرطُبة وَيُقَال لأوتاره المَحابِض، الْوَاحِد مِحْبَض وَهِي الشّرَع الْوَاحِد شِرْعَة. فَأَما أَبُو عَليّ فَخص بالمحابض أوتار قِسيِّ الدّساتين. وَأما أَبُو عُبَيْد(4/10)
فَخص بالشّرع أوتار القسيِّ المرمي عَنْهَا. فَأَما قَول ابْن هَرْمة: كَمَا لعبتْ قَيْنةٌ بالشّراعْ لأُسْوارها علَّ مِنْهَا اصطباحا فَإِن الشّراع جمع شرعة وَشرع ثمَّ جمع شرع شراعاً وَيكون جمع شرعة وَمن أوتار الْعود الزّير وَالَّذِي يَلِيهِ المَثْنى وَمِنْهُم من يُسَمِّيه الثّاني والمَثْلَث وَمِنْهُم من يُسَمِّيه البَمّ. صَاحب الْعين: البمُّ يدعى الأَبَحّ لغِلَظِ صَوْتِه وعُودٌ أَبَحٍّ غَليظ الصَّوْت وحَنَّانُ مُطْرِبٌ من الحَنين وَهُوَ الطّرب وَيُقَال للَّتِي تسميها الْفرس الدّساتين العَتَب. قَالَ الْأَعْشَى: ثنى الكفَّ على ذِي عَتَبٍ يصل الصوتَ بِذِي زيرٍ أبَحْ فَأَما قَول الْهُذلِيّ: إِذا سَوَّت الزّيرينِ والمثلث الَّذِي يُرى دون بيتِ البمِّ والبمُّ يُضربُ رأيتَ ليُمناها على البمِّ سرعَة وتحسَبُ يُسراها على العَتْبِ تَحْسُبُ فَإِنَّهُ أَرَادَ العَتَبَ فَخفف للضَّرُورَة. ابْن دُرَيْد: المعازف: الملاهي وَقيل هُوَ اسْم يجمع الْعود والطّنبور وَمَا أشبههما والعزف: اخْتِلَاط الْأَصْوَات فِي لَهو وطرب. أَبُو عُبَيْد: الكِنَّارات يُختلف فِيهَا فَيُقَال إِنَّهَا العيدان وَيُقَال هِيَ الدّفوف وَمِنْه حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: (إِن الله تَعَالَى أنزل الْحق ليُذهب بِهِ الْبَاطِل ويُبطل لَهُ اللّعب والزَّفْنَ والزَّمّارات والمزاهر والكِنّارات) ابْن دُرَيْد: الوَنَج: المِعزفة أَو الْعود فَارسي مُعرب. صَاحب الْعين: بظَّ يبُظُّ بظّاً وَهُوَ تَحْرِيك الضّارب أوتاره ليهيئها وَقد يُقَال بالضّاد فِي لُغَة وَالْأول أحسن. غَيره: الوَعْس: شجر يُعمل مِنْهُ العيدان التّي يُضرب بهَا. وَقَالَ: عودٌ هَزِجٌ: مُتقارب الضّرب والطّرق: ضرب من أصوات الْعود.
3 - (وَمن أَسمَاء الطّنبور)
ابْن السّكيت: هُوَ الطُّنْبور والطِّنْبار وَلَيْسَت فِي رِوَايَة ابْن الْأَنْبَارِي وَلكنهَا فِي رِوَايَة أبي سعيد فِي بَاب فِعْلال وفُعْلول فِي آخر الْبَاب بعد ذكر العِنْقاد والعُنقود وَهِي عَرَبِيَّة وَأنْشد الْأَصْمَعِي قَول ذِي الرّمة يصف قَفْراً: يُضحي بِهِ الأرقش الجَوْنُ القَرَى غَرِداً كَأَنَّهُ زَجِلُ الأوتار مَخْطومُ من الطّنابير يزهى صوتَه ثملٌ فِي لحنه عَن لُغَات العُرب تَعْجيمُ وَيُقَال للطنبور أَيْضا الدِّرِّيج والدُّرَّيْج حَكَاهُمَا الْفَارِسِي وَقَالَ: هما على مِثَال بِطّيخ وجُمَّيْز. ابْن دُرَيْد: الدّرِّيج: شَيْء يُضرب ذُو أوتار كالطّنبور وَيُسمى أَيْضا الوَنّ. غَيره: الطّنطنة: صَوت الطّنبور وَضرب الْعود ذِي الأوتار وَقد تسْتَعْمل فِي الذُّباب. الزّجاجي: القِنِّين من أَسمَاء طنبور الْحَبَشَة.
3 - (المزامير)
يُقَال المِزمار والمِزْمَر والزَمّارة، قَالَ الشّاعر: قد طرِبنا وحَنّت الزّمّارة وَقَالَ: زَمَرَ يزمِر ويزمُر زمراً وزَميراً وزَمَراناً. ابْن دُرَيْد: الِمْزمار والزَّمَّارة وَرجل زَمَّار وَامْرَأَة زامِرَة. ابْن(4/11)
السّكيت: رجل زامر وزمّار وَأنكر بَعضهم زامراً. أَبُو عُبَيْد: القُصَّاب: المزامير واحدتها قُصّابة وَأنْشد: وشاهِدُنا الجُلُّ والياسِمي نُ والمُسمِعاتُ بقُصّابها والقَصّاب الزّمّار وَأنْشد: فِي جَوْفه وحْيٌ كوحي القَصّاب والزَّمْخَرة: الزّمارة. صَاحب الْعين: الزّمْخَر: المزمار الْكَبِير الْأسود والرَّمَّاثة: الزّمارة. غَيره: وَمن أَسْمَائِهِ النّاي قَالَ الشّاعر: ويَراعٌ وصوتُ دفٍّ ونايٌ ومِزهرُ وَمن أَسْمَائِهِ العِران، قَالَ الشّاعر: وعِران كَأَنَّهُ بيدقُ الشّط رنجِ يفْتَنُّ بِهِ قالٌ وَقيل يفتنُّ يَأْخُذ فِي فنون مِنْهُ وَهِي الضّروب وَمن أَسْمَائِهِ المُسْتَق وَيُقَال لَهُ مُستقٌ سيسمن أَي يُؤْخَذ بِالْيَدِ وَهُوَ مُعرب كَأَن أَصله مُشْتَه. قَالَ الْأَعْشَى: ومُستقَ سَيْسَمْنٍ وَوَنَّاً وبَرْبَطاً يجاوبه صنج إِذا مَا ترنما وَمن اسمائه اليراع وَهُوَ الْمَعْمُول من قصب قَالَ الشَّاعِر يصف سحاباً: وَإِن حركته الرّيح أسبل صَوبه وَحقّ كَمَا حق اليراع المثقب وَقد يُسمى الكعب من الْقصب قبل التّثقيب والزَّمر فِيهِ يراعاً. قَالَ أَبُو عَليّ: وإياه عني أَبُو ذُؤَيْب بقوله: أرِقْتُ لذكره من غير نَوْب كَمَا يهتاج مَوْشِيٌّ ثَقيبُ سَبِيٌّ من يراعته نَفَاهُ أَتَى مدَّه صُحَرٌ ولوبُ ويروى مَوْشِيٌّ قَشيبُ فثَقيبٌ مَثْقوبٌ أَي مُثَقّب للزَّمْر فِيهِ وقَشيبٌ جَديد وسَبِيٌّ فَعيل بِمَعْنى مفعول واليراعة هَهُنَا عِنْده عَامَّة القصبة وَقيل اليراعة القَصْباء وَلِهَذَا قالتّ الخنساء: تُرَجِّعُ فِي أُنبوب غابٍ مُثَقَّبِ صَاحب الْعين: قَصَبة مُهَضَّمة ومَهْضومة للَّتِي يُزمر فِيهَا والهاضم مَا كَانَت فِيهِ رخاوة هضمتْه فانهضم وَقَالَ: نفخ الإِنسان فِي اليراعة وَغَيره صوَّت بِهِ وَمِنْه النّفخ فِي الصُّور وَفِي التّنزيل: (فَإِذا نُفخ فِي الصُّور نفخةٌ وَاحِدَة) والشِّياع: صَوت يَراعٍ يَزْمُرُ فِيهِ الرّاعي وَقد شَيَّع فِي اليراع وَمن أَسْمَائِهِ الزّنبق. قَالَ الشّاعر: وحنَّتْ بِقاعِ الشّامِ حَتَّى كَأَنَّمَا لأصواتها فِي منزلِ القومِ زَنْبَقُ وَمن أَسْمَائِهِ الهُنْبوقَة قَالَ كثير يصف بَعِيرًا: ورجَّع فِي خَيْزومِهِ غَيْرَ باغِمٍ رُغاءً من الأَحْشاء جُوفاً هَنابِقُهُ غَيره: الهَيْرَعة: القصبة التّي يزمر فِيهَا الرّاعي. صَاحب الْعين: الكَهْكَهَة: حِكَايَة صَوتِ الزَّمْرِ، وَأنْشد:(4/12)
يَا حَبَّذا كَهْكَهَةُ الغَوانِي وَقَالَ البُوق: شِبه مِثقابٍ ينْفخ فِيهِ الطّحان وَيُقَال للَّذي لَا يكتم السّر إِنَّمَا هُوَ بوق مُثِّلَ بِهِ وَمن الملاهي الطَّبل يُقَال: طَبْل وأَطْبال وطُبول، حَكَاهُمَا ابْن دُرَيْد. صَاحب الْعين: الطّبّال: صَاحب الطّبل وحِرْفَته الطّبالة وَقد طَبَل يطبُل وَمن أَسْمَائِهِ الكَبَر والكوبة وَمِنْه حَدِيث عبد الله بن عمر: (نهى رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم عَن الْخمر وَالْميسر والكوبة والغُبَيْراء وكل مُسكِر) وَقَالَ الشّاعر فِي الكَبَر: وَإِذا حَنَّت المزامير والمِزْ هَرُ تسمو بصونه الأوْتارُ وتغَنَّى الشّادي المُغَرِّد لمّا جاوبتْها الدّفوفُ والأكبارُ وَيُقَال هُوَ الدَّفُّ والدُّفُّ وَالْجمع دُفوف والدَّفَّاف صَاحبهَا والمُدَفِّفُ صانِعُها والمُدَفْدِف ضارِبُها والدّفْدَفَة استعجال ضَرْبها. صَاحب الْعين: الضَّفاطَة: الدَّفُّ. ابْن دُرَيْد: الضَّفَّاط: اللعَّاب بالدّف. صَاحب الْعين: القَلْس والتّقْليس: الضّرب بالدّف. أَبُو عُبَيْدة: الدَّرْداب: صَوت الطّبل. غَيره: الدّف يُكَرْكِر ويُقَهْقِه وَهِي حِكَايَة صَوته.
3 - (أَسمَاء عَامَّة اللَّهْو والملاهي)
ابْن السّكيت: لَهَوْت لهواً. أَبُو عُبَيْد: بَينهم أُلْهِيَّة. ابْن دُرَيْد: وألْهُوَة. صَاحب الْعين: اللَّهْو: مَا شغلك من هوى وطرب وَنَحْوهمَا، لَهَا لهواً والْتَهى وألهاه الْأَمر وتلاهى بِهِ والملاهي آلَات اللَّهْو. السّيرافي: التّلْهية: الحَدِيث يُلهى بِهِ وَقد مَثَّل بِهِ سِيبَوَيْهٍ. ابْن دُرَيْد: السّامِد: اللاهي، سمد يسمُد سُموداً وَقد تقدم. أَبُو عُبَيْد: الدَّد: اللَّهْو وَهُوَ الدّدا والدَّدَن والدَّيْدَبون من اللَّهْو أَيْضا وَقَالَ هُنَا اللَّهْو وَأنْشد: وَحَدِيث الرّكب يَوْم هُنا وَالَّذِي لَا يلهو. غير وَاحِد: عَزَفَتْ نَفسِي عَن اللَّهْو تعزِف عزفاً: تركته وعزَفْتها أعزفها وَرجل عازف وعَزوف. أَبُو عُبَيْد: رجل عِنْزَهْوَة وعِزْهاة: كِلَاهُمَا العازف عَن اللَّهْو. ابْن دُرَيْد: رجل عِزْهىً وعِزْهاة وَرجل عَزِهٌ لَا يقرب النّساء وَلَا يتحدث إلَيْهِنَّ. وَحكى الْفَارِسِي عِنْزَهْوٌ وَذهب إِلَى أَنه إنْفَعَل إنزهوٌ من الزّهْو كَأَنَّهُ مكبِّر نَفسه عَنْهَا وَحكى ابْن جني عِزْهاء بِالْمدِّ وعِزْه كبِكْر. أَبُو عَليّ: وَعَلِيهِ قَالُوا عِزْهيٌّ. صَاحب الْعين: رجل أَلْوَد: لَا يمِيل إِلَى غزل.
(بَاب الرّقص)
ابْن دُرَيْد: الزّفْن: شَبيه بالرقص، زَفَن يزْفِن زفناً.
3 - (اللّعب)
اللّعب: ضد الجِد، لعب يلْعَب لعِباً ولِعْباً تَلْعيباً على الْقيَاس وتَلْعاباً حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ وَهِي صِيغَة تدل على التّكثير كَمَا أَن فعَّلْت كَذَلِك وتَلاعَب وَهُوَ لاعب على المضارعة عَن سِيبَوَيْهٍ وَلَا يُعتدّ بِهِ لُغَة وَإِنَّمَا ذكرته لأعلِم أَنه مُطَّرِد فِي كل مَا كَانَ ثَانِيه حرف من حُرُوف الْحلق وَقد تقدم تَعْلِيله فِي نَظَائِره لما فِيهِ من اللُّغَات المطردة وتَلْعاب والعابة وتِلِعَّاب وتِلِعَّابة وَقد لاعَبْتُه مُلاعَبَةً ولِعاباً وَجَارِيَة لَعوب: حَسَنَة الدَّل وَالْجمع لَعائِب والأُلْعُبان اللعَّاب مَثَّل بِهِ سِيبَوَيْهٍ وَفَسرهُ السّيرافي والمَلْعَبَة: ثَوبٌ لَا كُمَّ لَهُ يلْعَب بِهِ الصَّبِي واللَّعَّاب الَّذِي حِرْفَتُه اللَّعِب،(4/13)
واللُّعَب تماثيل من عاج وَبينهمْ أُلعوبة من اللُّعَب واللعبة مَا يُلعب بِهِ كالشّطرنج وَنَحْوه ولعبت الرّيح بالمنزل دَرَسَته ومَلاعب الرّيح مَدَارِجها وَتركته فِي ملاعب الجِن: أَي حَيْثُ لَا يُدرى أَيْن هُوَ ومُلاعب الأسنة: عَامر بن مَالك. صَاحب الْعين: عَزَف يعزِف عزفاً وَقد تقدم أَن العزف اللَّهْو. أَبُو عُبَيْد: المُقَلِّس: الَّذِي يلْعَب بَين يَدي الْأَمِير إِذا قدم المِصْر وَأنْشد: كَمَا غنّى المُقلّس بِطْريقاً بأُسوار والمِقلاة والقُلَة: عودان يلْعَب بهما الصِّبْيان فالعود الَّذِي يُضرب بِهِ هُوَ المقلاة والقلة خَفِيفَة: الْخَشَبَة الصَّغِيرَة التّي تنصب وَيُقَال لَهَا أَيْضا المِقلاء والقال وَأنْشد: كَأَن نَزْوَ فِراخِ الهامِ بَيْنَهُم نَزْوُ القُلاتِ زَهاهاً قَالَ قالينا وَقد قَلَوْت. صَاحب الْعين: القَلْو: رميك ولعبك بالقُلَة وَذَلِكَ أَن ترمي بهَا فِي الجو ثمَّ تضربها بمقلاء فِي يدك وَهِي خَشَبَة قدر ذِرَاع فتستمر الْقلَّة مَاضِيَة وَإِذا وَقعت كَانَ طرفاها ناتئين على الأَرْض فَتضْرب أحد طرفيها فتستدير وترتفع ثمَّ تعترضها بالمقلاء فتضربها فِي الْهَوَاء فتستمر مَاضِيَة فَذَلِك القَلْو. سِيبَوَيْهٍ: وَجمع الْقلَّة قُلون وَالْكَسْر أَعلَى. أَبُو زيد: المِطَثَّة والمِطَخَّة: خَشَبَة عريضة يُدقَّق أحد رأسيها يلْعَب بهَا الصِّبْيان نَحْو الْقلَّة والطَّثُّ ضربك الشّيء بِيَدِك حَتَّى تزيله عَن مَوْضِعه وَقد طَثَثْتُه أطُثُّه والمِقَثَّة: خُشَيْبَةٌ مستديرة على قدر قُرْص يلْعَب بهَا الصِّبْيان تشبه الخَرَّارة. ابْن الأَعْرابِي: اطَّثَثْناها واقْتَثَثْناها. صَاحب الْعين: حَمَص الْغُلَام حَمْصاً: ترجّح على الأرجوحة من غير أَن يُرجحه أحد. ابْن دُرَيْد: والبَوْصاء: لعبة يلْعَب بهَا الصِّبْيان يَأْخُذُونَ عوداً فِي رَأسه نَار فيديرونه على رُؤْسهمْ. أَبُو عُبَيْد: الجُمَّاح: تَمْرَة تُجعل على رَأس خَشَبَة يلْعَب بهَا الصّبيان. ابْن دُرَيْد: الجُمَّاح: شَيْء يُتخذ من الطّين أَو من التّمر والرماد فيُصلَّب وَتَكون فِي رَأس المِعْراض يُرمى بِهِ الطّير وَأنْشد: أصابَتْ حَبَّةَ القَلْبِ ولمْ تُخْطِئْ بجُمَّاحِ وَقيل هُوَ سهم يُجعل على رَأسه طين كالبُنْدُقَة يَرْمِي بِهِ الصِّبْيان البندقة. ابْن دُرَيْد: المِنْجار: لعبة للصبيان يَلْعَبُونَ بهَا وَقَالَ تَجامَحَ الصِّبْيان رموا كَعْبًا بكعب حَتَّى يُزيله عَن مَوْضِعه وَقَالَ: جَمَخَ الصِّبْيان بالكعاب وجمحوا. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: انْجَمَخَ الكَعْب: انْتَصَب. صَاحب الْعين: جَبَخوا بكعابهم: رموا بهَا لينظروا أَيهمْ يخرج فائزاً والجَبْخ صَوت الكعاب والقداح إِذا أجلتها. والإخطار: الإِحراز فِي لعب الْجَوْز. ابْن دُرَيْد: تخاسى الرّجلان: لعبا بالزَّوْج والفَرْد وخَسا: كلمة مَعْنَاهَا أفْراد الشّيء والخَسا الفَرْد وَهِي المخاسي. صَاحب الْعين: الشّذَق: الكعب الَّذِي يُلعب بِهِ وَقَالَ أرْتَب الْغُلَام الكعب: أثْبته. ابْن دُرَيْد: الأُنْبوثة: لعبة يحْفر الصِّبْيان حَفيراً ويَدْفِنون فِيهِ شَيْئا فَمن استخرجه فقد غلب. غَيره: الدّعْلَجة: لعبة للصبيان يَخْتَلِفُونَ فِيهَا للجَيْئَة والذَّهاب وَأنْشد: باتَتْ كِلابُ الحَيِّ تَسْنَحُ بَيْنَنا يَأْكُلْنَ دَعْلَجَةً ويَشْبَعُ مَن عَفا دَعْلَجَةً تذْهب وتجيء يَعْنِي الْكلاب وَذكر كَثْرَة اللَّحْم فَقَالَ: ويَشْبَعُ مَن يَعْفونا: أَي يأتينا. أَبُو عُبَيْد: الفَيال: لعبة الصِّبْيان بالتّراب وَأنْشد: كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ المُفايِلُ باليدِ ابْن دُرَيْد: البُقَّيْرى: لعبة لَهُم يبقرون الأَرْض ويخبئون فِيهَا خَبيئاً وَهُوَ التَّبْقير والمُبَيْقِر والبَقَّار: تُرَاب يُجمع قُمراً قُمْراً وَهِي لعبة أَيْضا. ابْن دُرَيْد: وَمثله البَرْحَيَّا والحَجُّورة: لعبة يلْعَب بهَا الصِّبْيان يخُطُّون خَطّاً(4/14)
مُستَديراً وَيقف فِيهِ صبي ويجتمع فِيهِ الصِّبْيان ليأخذوه. صَاحب الْعين: الطِّبْن والطُّبْن: لعبة يلْعَب بهَا الصِّبْيان يخطونها مستديرة كالرحى. أَبُو زيد: الحَوالِس: لعبة لَهُم بالحَصى وَأنْشد: فأسلمَني حِلمي فبِتُّ كأنني أَخُو خَرَقٍ يُلهيه ضربُ الحوالس ابْن دُرَيْد: الخُذْروف: طين يُعجن ويُعمل شَبِيها بالسّكْر يلْعَب بِهِ الصّبيان. صَاحب الْعين: الخُذْروف: عُوَيْد مشقوق يُقرض فِي وَسطه ثمَّ يُشَدُّ بخيط ويُمدّ فيُسمع لَهُ حنين وَهُوَ الَّذِي يُسمى الخَرَّارة. ابْن دُرَيْد: الحَدَبْدَبى: لعبة يلْعَب بهَا النَّبيط. صَاحب الْعين: الكُرة: مَعْرُوفَة وَهِي التّي يلْعَب بهَا وكل مَا أدرت من شَيْء كُرة وَقد كروت بهَا. ابْن دُرَيْد: والميجار: الصَّولجان الَّذِي تُضرب بِهِ الكرة. مَقَطْتُ الكرة مَقطاً ضربت بهَا الأَرْض ثمَّ أَخَذتهَا. ابْن دُرَيْد: الدِّكْر: لعبة يُلعب بهَا كلعب الزّنْج والحَبَش، والمِهْزَم: لعبة للصبيان مثل الدَّسْتَبيذ وعَظْمُ وَضَّاح: لعبة لصبيان الْأَعْرَاب يطرحون بِاللَّيْلِ قِطْعَة عظم فَمن وجدهَا فقد غلب أَصْحَابه ويصغرونه فَيَقُولُونَ: عُظَيْم وَضَّاحٍ ضِحَنَّ اللَّيْلَهْ لَا تَضِحَنَّ بعْدهَا من لَيْلَهْ والدِّرْكِلَة: لعبة يلْعَب بهَا الصِّبْيان وَقيل هِيَ لعبة للحبش، وقَلَوْبَع: لعبة للصبيان، والطّريدة: لعبة يُقَال لَهَا المَسَّة والماسة. أَبُو عُبَيْد: المِخْراق: مِنديل أَو نَحوه يُلوى فيُضرب بِهِ أَو يُلف فيُفزع بِهِ وَهُوَ لقب يُلقب بِهِ الصِّبْيان وَأنْشد أَبُو عَليّ: أرِقْتُ لَهُ ذَات الْعشَاء كَأَنَّهُ مَخاريقُ يُدعى وَسْطَهُنَّ خَريجُ خَريج: لعبة، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: خَراج: لعبة معدولة عَن اخْرُجُوا ونظيرها من بَنَات الْأَرْبَعَة عَرْعار وَهِي لعبة أَيْضا. قَالَ أَبُو عَليّ: وَلَا نَظِير لَهَا إلاّ قَرْقار وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ: قالتّ لَهُ ريحُ الصِّبا قَرْقارِ أَي قَرْقِر بالرعد للسحاب. غَيره: وَهِي الخَراج والتّخريج والجَناباء والجُنابى لعبة لَهُم يَتَجانَبان فيَعْتَصِم كلُّ وَاحِد من الآخر، والهَبْهاب: لعبة لصبيان الْعرَاق والكُرَّج: الَّذِي يُلعب بِهِ فَارسي مُعرب. ابْن دُرَيْد: الهَبَّاط: الفَظُّ اللَّعَّاب وَيُقَال للِعابِ الدَّفِ والصَّنج الضَّفاطة لحَدِيث بعض التّابعين: (فَأَيْنَ ضَفاطَتُكم) أَي لُعَبُكم. ابْن جني: الشّطرنج: من اللّعب فَارسي مُعَرَّب وَقد كَانَ قِيَاسه إِذا عُرّب كسر الشّين ليَكُون كجِرْدَحْل. صَاحب الْعين: الرّخ: من أَدَاة الشّطرنج وَالْجمع رِخاخ ورِخَخَة والفِرْزان من قطعه والكوبة: الشِّطْرَنْجَة وَقد تقَدَّمَ أنّها الطَّبْل والنّرْد: شَيْء يُلعب بِهِ فَارسي مُعَرَّب وَهُوَ النَّرْدَشير والكوبة عِنْد بَعضهم. وَقَالَ إِبْرَاهِيم: تَجاحَف الفتيان الكرة بَينهم بالصَّوالِجَة: تَدافَعوها أخذا. صَاحب الْعين: السّحْر: شَيْء يلْعَب بِهِ الصِّبْيان إِذا مُد من جَانب خرج على لون وَإِذا مُد من جَانب آخر خرج على لون آخر مُخالف وَهِي السّحَّارة وكل مَا أشبهه سحارة.
3 - (المِزاح والفُكاهة)
صَاحب الْعين: المَزْح: نَقيض الجِدّ، مَزَحَ يَمْزَح مَزْحاً ومُزاحاً ومازَحْتُه مُمازَحَةً ومِزاحاً وَالِاسْم المُزاح والمُزاحة. سِيبَوَيْهٍ: مزح مُزاحاً كسَكَتَ سُكاتاً. ابْن دُرَيْد: مَزَهَ مَزْهاً كمزح. صَاحب الْعين: المُداعبة: المُضاحكة، دَعَبَ يَدْعَب دَعْباً وداعَبَه وَالِاسْم الدُّعابَة وتَداعَب القَوم داعب بَعضهم بَعْضًا وأَدْعَب الرَّجُل: جَاءَ بِشَيْء يُستملَح والمِلْحة والمُلحة: الْكَلِمَة المَليحة وَالْجمع مُلَح، وأمْلَح: جَاءَ بِكَلِمَة مليحة، والفاكِه: المَزَّاح والتّفاكُه: التّمازُح، وفَكَهْتُ الْقَوْم بمُلَحِ الْكَلَام، وَالِاسْم الفَكيهَة والفُكاهة والمصدر الفَكاهة. أَبُو حَاتِم: الهَزْل: نقيض(4/15)
الْجد. أَبُو زيد: هَزَل يهزِل هزْلاً وهازَلَني وَرجل هزيل: كثير الْهزْل، والهُزالة: الفُكاهة. صَاحب الْعين: بَطَل فِي حَدِيثه بَطالة: هزل. أَبُو حَاتِم: أبْطل وَالِاسْم البُطْل والباطِل.
3 - (الميسر والأزلام)
أَبُو عُبَيْد: من أسمائها القِدْح وَالْجمع أقداح. سِيبَوَيْهٍ: وقِداح. أَبُو عُبَيْدة: وَهُوَ السّهم وَالْجمع أسْهم وسِهام. أَبُو عُبَيْد: أَسمَاء القِداح التّي كَانُوا يقتسمون بهَا الفَذّ والتّوأم والرقيب والحِلْس والنّافِس والمُصْفَح والمُعَلّى فَهَذِهِ التّي كَانَت لَهَا أنْصِباء وَهِي سَبْعَة. ابْن دُرَيْد: المُصفَح: هُوَ الضَّريب والمُسْبِل. أَبُو عُبَيْد: والسّهام التّي لَا أنصباء لَهَا السَّفيح والمَنيح والوَغْد. ابْن دُرَيْد: الرّقيب لَا نصيب لَهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْد: سألتّ الْأَعْرَاب عَن أَسمَاء القداح فَلم يعرفوا مِنْهَا غير المَنيح وَلم يعرفوا كَيفَ يَفْعَلُونَ فِي الميسر. قَالَ أَبُو عُبَيْد: كَانُوا يجْعَلُونَ الجَزور عشرَة أَجزَاء ثمَّ يتقامرون عَلَيْهَا. الْأَصْمَعِي: الأيْسار، واحدهم يَسَر وهم الَّذين يتقامرون والياسِرون الَّذين يلون قسْمَة الجَزور وَأنْشد: والجاعلو الْقُوت على الياسِرِ يَعْنِي الجازر وَأنْشد: أَقُول لَهُم بالشّعْبِ إِذْ يَأْسُرونَني ألم تَيْأَسوا أنِّي ابنُ فارسِ زَهْدَمِ ويروى يَيْسِرونني وَقَوله: يأسرونني من الأَسْر ويَيْسِرونني من المَيْسِر أَي يَجْتَزِرونني ويَقْتَسِمونَني. قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَقد رَأَيْتهمْ يُدخلون الياسر فِي مَوْضِع اليَسَر واليسر فِي مَوْضِع الياسر. صَاحب الْعين: ضرب بِالْقداحِ والضَّريبُ المُوَكّل بِالْقداحِ وَالْجمع ضُرَباء. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: الضَّرِيب: فَعِيل بِمَعْنى فَاعل. أَبُو عُبَيْد: الَبرَم الَّذِي لَا ييْسِر. سِيبَوَيْهٍ: الْجمع أبرام، وَلَا يكسَّر على غير ذَلِك. أَبُو عُبَيْد: ومَثْنى الأيادي: هِيَ الأَنْصِباء التّي كَانَت تَفْضُل من الجَزور فِي الميسر عَن التّهام فَكَانَ الرَّجُل الْجواد يَشْتَرِيهَا فيُطعمها الإِبرام وَقيل مثنى الأيادي أَن يَأْخُذ القَسْم مرّة بعد مرّة، والبَدْأة: النّصيب من أَنْصِباء الجَزور وَأنْشد: فمنحتُ بدْأتها رقيباً جانحاً والنّار تلفح وَجهه بأُوارِها قَالَ أَبُو عَليّ: فَأَما قَوْله: وهم أَيْسارُ لُقْمانَ إِذا أغْلَتِ الشّتْوةُ أبْداءَ الجُزُر فالأبداء جمع بُدْء وَهُوَ المَفْصِل قبل التّجليد وَبعده. أَبُو زيد: الحُرْضّة: الرَّجُل الَّذِي يضْرب بِالْقداحِ سمي بذلك لرذالتّه. أَبُو عُبَيْد: الرّبابة: جمَاعَة السّهام وَيُقَال إِنَّه الشّيء الَّذِي يُجمع فِيهِ السّهام، وَأنْشد: وكأنهنَّ رِبابةٌ وَكَأَنَّهُ يَسَرٌ يُفيضُ على القِداحِ ويَصْدَعُ يصدع: يتَكَلَّم بِالْحَقِّ ويعدِل. صَاحب الْعين: فَازَ القِدْح فوزاً: خرج قبل صَاحبه. ابْن دُرَيْد: المُجْمِد: هُوَ الَّذِي يفوز قِدْحه فِي الميسر وَقيل هُوَ الْبَخِيل المُتشدد. ابْن السّكيت: قَمَرْتُ الرَّجُل أقمِره وأقمُره: غلبته. غَيره: بَعَوْتُه بَعْواً: أصبت مِنْهُ وقَمَرْته، وَأنْشد: مَا بَال سلمى وَمَا مَبْعاة مِبشارِ(4/16)
مِبْشار فرسه. أَبُو عُبَيْد: أحْرَمْت الرَّجُل: قَمَرْتُه، وَخرج هُوَ حَرِماً لم يَقْمُر. أَبُو زيد: ويُخَطُّ خطٌّ فَيدْخل فِيهِ غلْمَان وَتَكون عدتهمْ خَارِجين من الْخط فيدنو هَؤُلَاءِ من الْخط ويصافح أحدهم الآخر فَإِن مسّ الدّاخل الْخَارِج فَلم يضبطه الدّاخل قيل للداخل حَرِمَ وأحْرَم الْخَارِج الدّاخل فَإِن ضَبطه الدّاخل فقد حَرِم الْخَارِج والدّاخل أحرمهُ. ابْن السّكيت: قِدحٌ مُزَلَّم وزَليم: إِذا طُرَّ وأُجيد قدُّه وصَنعته وعصاً مُزَلَّمة وَأنْشد: كأرحاءِ رَقْدٍ زلَّمَتْها المناقِرُ أَي أخذت من حروفها وسوَّتْها وَرجل مُزَلَّم مُخَفَّف الْهَيْئَة. ابْن دُرَيْد: الزَّلَم والزُّلَم: القِدْح يُستقْسَم بِهِ وَالْجمع أزلام، والبُجّ: القداح وَأنْشد: قَرَوا أضيافهم رَبَحاً بِيُجٍّ يعِيش بِفَضْلِهِنَّ الحَيُّ سُمْرِ الْأَصْمَعِي: قَرَمْتُ الْقدح: عَجَمْتُه. ابْن دُرَيْد: قوم مَغاليق: تَغلِق القداح على أَيْديهم: أَي يفوزون بهَا، واحدهم مِغلاق، وقدح مغلاق: كثير الْفَوْز. ابْن الأَعْرابِي: الحَوِير: فوز الْقدح، وَأنْشد: وأَصْفرَ مَضْبوحٍ نَظَرْتُ حَويرَهُ على النَّارِ واسْتَوْدَعْتُه كَفَّ مُجَمَّدِ صَاحب الْعين: الوَرْسِيُّ من القداح: النّضار وَقد تقدم أَنه ضرب من الْحمام والجَمْخ: صَوت إجالتّك القداح وَقد تقدم فِي الكعاب والشّجير: الْقدح يكون فِي القداح لَيْسَ من شجرتها التّي تكون مِنْهَا والص ... . تَسْوِيَة السّهمين فِي الْكَفّ ثمَّ تضرب بهما يُقَال ... وَلَا تصئي والخَليع: الْقدح الفائز والخليع المُلازم للقمار والقَرْن: الَّذِي يلْزم المَياسِر وَلَا يَبْرَح الجَزور أَو يُطعَم. الْأَصْمَعِي: المَهاء: عيب أَو وأد يكون فِي الْقدح، وَأنْشد: يُقيم مَهاءَهُنَّ بأُصبُعَيْه صَاحب الْعين: الْقَلَم: السّهم الَّذِي يُجال بَين الْقَوْم فِي الْقمَار وَجمعه أَقْلَام وقدح غُفْلٌ لَا خَرَّ فِيهِ وَكَذَلِكَ كل مَا لَا سِمَة عَلَيْهِ وَلَا نصيب لَهُ وَلَا غُرْم عَلَيْهِ وَقد تقدم فِي الإِبل.
3 - (الْخطر والمراهنة)
أَبُو زيد: أخطرتهم من المَال مَا يرضونه وأخطرته لَهُم: بذلته وَالِاسْم الخَطَر وَالْجمع أخطار وهم َيَتخاطَرُون على الْأَمر. ابْن السّكيت: السّبَق والنّدَب الْخطر وَأنْشد: وَلم أُقِم على نَدَبٍ يَوْمًا ولي نفسُ مُخطِرِ ابْن دُرَيْد: رجل مُناحِب: مُخاطِر على الشَّيء، والنَّحْب: الخَطَر العَظيم. أَبُو زيد: الرّهْن: مَا وُضع على الإِنسان مِمَّا يَنُوب مناب مَا أخذت مِنْهُ وَقد رهنته الشّيء أرهنه رهنا ورهنته عِنْده وارتهنت مِنْهُ رهنا وأَرْهَنْتُه الثّوبَ دَفعته إِلَيْهِ ليَرْهَنَه. أَبُو عُبَيْد: أَرْهَنْتُهُم ولَدِي: أَخْطَرْتُهم بهم خطراً أَي جعلتهم رَهينة، وَأنْشد: عِيدِيَّةً أُرهِنَتْ فِيهَا الدّنانيرُ(4/17)
وأنكرها الْأَصْمَعِي وَقَالَ: أَرْهَنْتُ هَهُنَا بِمَعْنى أسْلَفْتُ وقَدَّمْتُ وَقَول ابْن هَمَّام: فَلَمَّا خَشيتُ أظافيرَهُمْ نَجَوْتُ وأَرْهَنْتُهُمْ مالِكا رَوَاهُ الْأَصْمَعِي وأَرْهَنُهُم مالِكا كَقَوْلِهِم قُمْت وأصُكُّ عينه. ابْن دُرَيْد: رهْنٌ ورِهان ورُهون ورُهُن وَفُلَان رَهين بِكَذَا ومُرْتَهَن ومَرْهون أَي مَأْخُوذ بِهِ. قَالَ أَبُو عَليّ: رهْن ورُهُن هُوَ من الْجمع الْعَزِيز وَفِي التّنزيل: (وَإِن كُنْتُم على سفر وَلم تَجدوا كَاتبا فرِهانٌ مَقْبوضَة) وَلَا يجوز أَن تكون على جمع الْجمع كَانَ يكون رهن كُسِّر على رِهان ثمَّ كُسِّر رهان على رُهُن حِين طابق الْوَاحِد فِي الْوَزْن وَإِن كَانَ فِي الْقِرَاءَة الْأُخْرَى رهان لِأَنَّهُ لَيْسَ كل جمع يُجمع وَلم يقل أحد أَن هَذَا من جمع الْجمع والرِّهان والمُراهنة: المخاطرة وَقد راهنهم وهم يتراهنون وأَرْهَنوا بَينهم خَطَراً بذلوا مِنْهُ مَا يرضى بِهِ الْقَوْم بَالغا مَا بلغ فَيكون لَهُم سَبَقاً والمُراهنة والرهان المُسابقة على الْخَيل وَنَحْوهَا. صَاحب الْعين: قامرت الرَّجُل مُقامرة وقِماراً: راهنته وَهُوَ التّقامر. ابْن جني: وقَميرك: الَّذِي يُقامرك وَالْجمع أقْمار. أَبُو عَليّ: وَقد قَمَرْته أَقْمُره قَمْراً. ابْن دُرَيْد: تَقَمَّر الرَّجُل: غلب من يقامره وَقَالَ تخاطر الْقَوْم: تراهنوا فِي الرّمي وَقَالَ: أبْسَل وَلَده وَغَيرهم: رهنهم أَو عَرَّضهم لهلَكَة. صَاحب الْعين: غَلِقَ الرّهْنُ غَلَقَاً وغُلوقاً إِذا لم يُفَكّ. أَبُو زيد: ضربتُ فِي يَده بَقَّيْتُ رهنا. الزّجاجي: الوَجْب: السّبَق فِي الرّمي وَقد أوجبته: أخذت مِنْهُ ذَلِك.
3 - (الاقتراع)
صَاحب الْعين: القُرعة السُّهْمَة. اقْتَرَع الْقَوْم وتَقارَعُوا وقارَعْتُ بَينهم وأَقْرَعْتُ وقارَعْتُ فُلاناً فقَرَعْتُه أَقْرَعُه: أَي أَصَابَته القُرْعة دوني. ابْن السّكيت: قارعته من القُرعة وَقد أَقْرَعُوه خير نهبهم أَي أَعْطوهُ إِيَّاه وَحَقِيقَته الِاخْتِيَار والمساهمة المقارَعة. أَبُو عُبَيْد: ساهمت الْقَوْم فسَهَمْتُهم أَي قرعتهم. قَالَ الْفَارِسِي: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: تَساهَمَ الْقَوْم واسْتَهَمُوا: اقْتَرَعُوا وَفِي الحَدِيث: (وَلَكِن اذْهَبَا فاسْتَهِما) . وَفِي التّنزيل: (فساهَمَ فَكَانَ من المُدْحَضِيْن) . صَاحب الْعين: وَهِي السّهْمَة.
3 - (التّطَيُّر والفأل)
ابْن السّكيت: هِيَ الطّيَرَة. ابْن دُرَيْد: وَهِي الطُّوَرَة. صَاحب الْعين: وَهِي الطِّيَرَة، قَالَ يُونُس: وَهِي قَليلَة. صَاحب الْعين: وَقد تَطَيَّرْت بِهِ واطَّيَّرْت. ابْن السّكيت: طائرُ اللهِ لَا طائِرُك وَلَا تقل لَا طَيرُك وحكاها غَيره، قَالَ الْخَلِيل: رَفَعُوهُ على إِرَادَة هَذَا طير الله وَفِيه معنى الدّعاء. ابْن دُرَيْد: تفاءلت بالشّيء تبرَّكت بِهِ أَو تشاءمت. ابْن السّكيت: تفاءلت. أَبُو عُبَيْد: هُوَ الفأل وَجمعه فؤول وَقيل الفأل فِي الْخَيْر والطّيَرة فِي الشّر. أَبُو عُبَيْد: القَعيد: الَّذِي يجيئك من ورائك وَمِنْه قَوْله: تَيْسٌ قَعيدٌ كالوَشيجةِ أعْضَبُ الوشيجة: عِرق الشّجرة شبه التّيس من ضُمره بهَا. أَبُو زيد: وَهُوَ الكادِس. صَاحب الْعين: وَهُوَ الكُداس. ثَعْلَب: الكادس كالنّاثر والنّافر. أَبُو عُبَيْد: الكَوادِس: مَا تُطُيِّرَ مِنْهُ كالفأل والعُطاس وَنَحْوه. وَقَالَ: كَدَس يكدِس كدْساً وَأنْشد: وَلَو أنني كنت السّليم لعُدتني سَرِيعا وَلم تحبِسْكَ عني الكوادسُ(4/18)
أَبُو زيد: عِفت الطّير عِيافة: زجرته فتشاءمت بِهِ أَو تبرَّكت. سِيبَوَيْهٍ: قَالُوا عِيافةً فِراراً من الفُعول وَقد يكون للظبي إِذا سنح وَيكون بالحدس وَإِن لم تَرَ شَيْئا. أَبُو زيد: حَزَوْنا الطّير حزواً وحَزَيْناها حَزْياً وزَجَرْناها نَزْجُرُها زَجْراً وَهُوَ عِنْدهم أَن ينعِق الْغُرَاب مُستقبِل الرَّجُل وَهُوَ يُرِيد حَاجَة فَيَقُول هَذَا خير فَيخرج أَو يَنْعِقَ مُسْتَدْبِرَه فَيَقُول هَذَا شَرّ فَلَا يخرج فَهَذَا الحَزْو والزجر وَإِن سنح لَهُ شَيْء عَن يَمِينه فيتيمن بِهِ أَو عَن يسَاره فيتشاءم بِهِ فَهُوَ الحزو والزجر. قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَسَأَلَ يُونُس رؤبة عَن السّانح والبارح فَقَالَ السّانح مَا ولاّك مَياسِرَه. صَاحب الْعين: سنح يسنَح سُنوحاً وسُنُحاً وسُنْحاً والسَّنيح السّانح. أَبُو حَاتِم: الْعَرَب تخْتَلف فِي عِيافة ذَلِك فَمنهمْ من يتيمن بالسّانح ويتشاءم بالبارح وَمِنْهُم من يُخَالف ذَلِك وَجَرت الطّير سُنُحاً أَي سوانح وَحَقِيقَته السّهولة. صَاحب الْعين: سنحتْ لَهُ الظّباء وسنحت عَلَيْهِ وسنح لَهُ قَريضٌ وَنَحْوه عَرَض. صَاحب الْعين: بَرَحَت الظّباء تبْرُح بُروحاً وَأنْشد: فهنَّ يبْرُحْنَ لَهُ بُروحاً وَتارَة يأتينه سُنوحا أَبُو عُبَيْد: من أمثالهم: من لي بالسّانح بعد البارح. يضْرب للرجل يُسيء الرَّجُل فَيُقَال لَهُ سَوف يُحسن إِلَيْك فيُضرب هَذَا الْمثل حِينَئِذٍ وَأَصله أَن رجلا مرت بِهِ ظباء بارحة فَقيل إِنَّهَا سَوف تسنح فَقَالَ ذَلِك وَقَالَ: إِنَّه لكبارِحِ الأروى قَلِيلا مَا يُرى. يَضرب للرجل إِذا أَبْطَأَ عَن الزّيارة وَذَلِكَ أَن الأروى تكون فِي الْجبَال فَلَا يقدر أحد عَلَيْهَا أَن تسنح لَهُ. ابْن دُرَيْد: الجابِه: الَّذِي يلقاك بِوَجْهِهِ من الطّير والوحش يُتشاءم بِهِ وَهُوَ النّاطح والنّطيح أَيْضا. صَاحب الْعين: العاطِس: الظّبي الَّذِي يستقبلك من أمامك. وَقَالَ: عَيْثَرْتُ الطَّيْرَ: إِذا جَرَتْ لَك فزَجَرْتَها، وَأنْشد: لَعَمْرُ أَبِيك يَا صَخْر بن ليلى لقد عيثَرْت طَيرَك لَو تَعيفُ أَبُو عُبَيْد: يُقَال للرجل الَّذِي يتطير الخُثارِم وَأنْشد: وَلَيْسَ بهَيَّابٍ إِذا شدَّ رَحله يَقُول عَدَاني اليومَ واقٍ وحاتمُ وَلكنه يمْضِي على ذَاك مُقدماً إِذا صدّ عَن تِلْكَ الهَنَاتِ الخُثارِمُ الواقي: الصُّرَد والحاتم: الْغُرَاب. ابْن دُرَيْد: الخُطْرُب والخُطارِب: التّفَؤُّل بِمَا لم يكن جَاءَ وَقد تَخَطْرَب. صَاحب الْعين: التّفؤُّل بِمَا لم يكن جَاءَ وَقد تَخَطْرَب. صَاحب الْعين: يُقَال فِي الطّيرة عِنْد انصباب الإِناء دافقُ خَسير. أَبُو عُبَيْد: ذَبَائِح الْجِنّ أَن تُشترى الدّار أَو يُستخرج مَاء الْعين وَمَا أشبه ذَلِك فيُذبح لَهَا ذَبِيحَة للطيرة. وَفِي الحَدِيث نهى عَن ذَبَائِح الْجِنّ.
3 - (التّكَهُّن والفِراسة)
صَاحب الْعين: كَهَن لَهُ يَكْهَن ويَكهُن كَهانَة: قَضى لَهُ بِالْغَيْبِ. ابْن دُرَيْد: كهُن كهَانَة، وتَكَهَّن تَكَهُّناً وتَكْهيناً نادرٌ. صَاحب الْعين: رجل كَاهِن من قوم كهنة وكهّان وحرفته الكهانة، وَقَالَ: خطَّ الزّاجر فِي الأَرْض(4/19)
يخُطُّ خطَّاً: إِذا عمل فِيهَا خطّاَ، ثمَّ زجر، وَأنْشد أَبُو عَليّ: عشيَّةَ مَالِي حيلةٌ غير أنّني بلَقط الْحَصَى والخطِّ فِي التّرب مولعُ أَبُو عُبَيْد: والطّرٍقُ: الضّرب بالحصى للتكهن، وَأنْشد: لعَمرُكَ مَا تَدْرِي الطّوارق بالحصى وَلَا زاجرات الطّير مَا الله صانعُ غَيره: استطرَقْتُهُ: استجلبت مِنْهُ الطّرْق. أَبُو زيد: العرّاف: الكاهن وَقد تقدم أَنه الطّبيب. ابْن دُرَيْد: الماقط: الَّذِي يتكهَّن ويطرُق بالحصى، والماقط والمَقَّاطُ: الَّذِي يُكرى من منزل إِلَى منزل. غَيره: حزَى حَزْياً وتحزَّى: تكهّن وحزا حزواً كَذَلِك. ابْن السّكيت: حَلَوْتُ الكاهن حُلواناً، قَالَ أَبُو عَليّ: الحُلوان: أُجْرَة الكاهن خَاصَّة، وَقد يسْتَعْمل فِيمَا سواهُ وَهَذَا هُوَ الأَصْل وَأنْشد: أَلا رجُلاً أحلوهُ رَحلي وناقتي يُبَلِّغُ عنّي الشّعرَ إِذْ مَاتَ قَائِله وَأنْشد: كأنّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ يَومَ مَدَحْتُه صَفا صَخرةٍ صَمّاءَ يبْسٍ بِلالُها فَأَما أَبُو الْعَبَّاس فَقَالَ: الحُلوان للكاهن خَاصَّة وَلَا يسْتَعْمل فِي غَيره وَمِنْه الحَدِيث: نهى رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم عَن حُلوان الكاهن. ابْن السّكيت: النّشْغُ: جُعْلُ الكاهن وَقد نَشَغْتُه، قَالَ العجاج: قَالَ الحَوازي واستحَتْ أَن يُنْشَغا الحَوازي: الكاهن، وَقَوله: واستحت أَن يُنشَغا: أَي استحت من قبُول مَا أُعْطِيَتْه. ابْن دُرَيْد: خمَنتُ الشّيء: أخمُنُه خَمْناً وخمَّنْتُه، قلت فِيهِ بالحدس قَالَ وَلَا أَحْسبهُ إلاّ مولدا. صَاحب الْعين: تفرَّست فِيهِ الشّيء: توسَّمْتُه وَالِاسْم الفراسة، وَفِي الحَدِيث: (اتَّقوا فِراسة الْمُؤمن) . أَبُو عُبَيْد: عكَلَ يعكُلُ عَكلاً مثل حدَسَ يحدُسُ، إِذا قَالَ بِرَأْيهِ، وَمثله: عشَنَ بِرَأْيهِ واعْتَشَن. أَبُو زيد: أخَلْتُ فِيهِ خالاً من الْخَيْر وتخيَّلْتُه عَلَيْهِ: تفرَّسْتُه. صَاحب الْعين: الجِبْت: الكاهن.
3 - (التّقدير)
صَاحب الْعين: خرَصَ العددَ والكيلَ يخرُصُه ويخرِصه خَرْصاً وخِرصاً حزرَهُ، والخرَّاص: الحَزَّار. أَبُو زيد: قتَرْتُ مَا بَين الأمريْن وقَتَّرْت: قَدَّرْت. أَبُو زيد: أمَتُّ الْقَوْم آمِتُهم أمْتاً: حَزَرْتُهم وأمتُّ المَاء، إِذا قدَّرت مَا بَيْنك وَبَينه.
3 - (المحاجاة)
أَبُو عُبَيْد: بَينهم أُحجيَّة يتحاجَوْن بهَا وَقد حاجيتُه وَهُوَ من قَوْلهم أخرِجْ مَا فِي يَدي وَلَك كَذَا وَكَذَا وَنَحْو هَذَا. ابْن دُرَيْد: أُحْجِيَّة وأُحْجُوَّة. أَبُو زيد: حُجْ حُجَيَّاكَ: أَي أنبئ عَنْهَا. قَالَ أَبُو عَليّ: وَهُوَ مقلوب مَوْضِع اللَّام إِلَى الْعين. صَاحب الْعين: حاجيته محاجاة وحِجاءً فحجَوْتُه وَهِي الحَجوى مَقْصُور وحُجَيّاك مَا كَذَا أَي أحاجيك. أَبُو عُبَيْد: بَينهم أُدعِيَّة يتداعون بهَا: أَي أحجيَّة وَأنْشد: أُداعيكَ مَا مستَصحَباتٌ مَعَ السُّرى حِسانٌ وَمَا آثارُها بحِسان(4/20)
يَعْنِي السّيوف. ابْن دُرَيْد: أُدْعِيَّة وأُدْعُوَّة وأُعْيِيَّة يَتَعايَوْن بهَا، وَقيل: الأُعْيِيَّة من الْكَلَام: مَا لَا يُهتدَى لَهُ إلاّ عَن نظر وعيَّيتُه بِالْأَمر سَأَلَني عَنهُ فَلم أُبِنْهُ والتّعْيِيَة أَن تلقي عَلَيْهِ مَا يعيا بِهِ. أَبُو عُبَيْد: لحَنْتُ لَهُ أَلحن لحناً: إِذا قلتَ لَهُ قولا يفهمهُ عَنْك وَيخْفى على غَيره، وألْحَنْتُه القولَ: أفهمتُه إِيَّاه فلحَنَه لَحْنَاً أَي فهمه ورجلٌ لاحِنٌ وَلَا يُقَال لَهُ لَحَّانٌ ولاحنْتُ النّاس: فاطَنْتُهُم. قَالَ أَبُو بكر: عجبتُ لمن لاحَنَ النّاس كَيفَ لَا يعرف جَوَامِع الْكَلم. أَبُو عُبَيْد: أُغْلوطَةٌ كأُحجيَّة. أَبُو زيد: وَقد غالطّتُه وتغالطّ الْقَوْم والمَغلطة كالأُغلوطة والغَلَط أَن يَعْيا بالشّيء، والغَلَط الوَهْم فِي الْحساب وَغَيره، والغَلَتُ فِي الْحساب خَاصَّة. قَالَ أَبُو إِسْحَاق: غَلِتَ فِي الْحساب وَلَا يُقَال غلِطَ وَأَجَازَهُ ثَعْلَب. أَبُو عُبَيْد: ألقيت عَلَيْهِ أُلْقِيَّة. ابْن دُرَيْد: أُطروحة، مَسْأَلَة يَطْرَحهَا الرَّجُل على الرّجل. صَاحب الْعين: ألغَزْتُ الْكَلَام وألغزت فِيهِ: عمَّيته وأضمرتُه على خلاف مَا أظهرتُ وَالِاسْم اللغْز واللغَز وَالْجمع ألغازٌ. سِيبَوَيْهٍ: وَهِي اللُّغَّيْزَى.
3 - (التّمائم وَالْخَيْط يستذكر بِهِ والرُّقية)
أَبُو زيد: التّميمة: خرَزة رقْطاء تُنظَم فِي السّير ثمَّ يُعقَد فِي الْعُنُق، وَقيل: هِيَ قلادة يُجعَل فِيهَا سُيورٌ وعُوَذٌ وَالْجمع تمائم، وَحكى ابْن جنّي تَمِيم وَأنْشد لسَلمَة ابْن الخُرْشُب: تُعَوَّذُ بالرُّقى من كلِّ عينٍ وتُعقَدُ فِي قلائدها التّميمُ ثَعْلَب: تمَّمْتُ الْمَوْلُود: جعلت لَهُ تَمِيمَة. أَبُو عُبَيْد: أَرْتَمْتُ الرَّجُل: جعلت فِي إصبعه خيطاً يستذكر بِهِ حَاجَتك وَاسم ذَلِك الْخَيط الرّتَمة والرَّتيمة، وَأنْشد: هَل يَنْفَعَنْكَ اليومَ أَن هَمَّتْ بهم كثرةُ مَا توصي وتَعْقادُ الرّتَمْ جمع وَتَمَة. ابْن دُرَيْد: وَهُوَ الرّتَمُ وَقد ارْتَمَمْتُ وتَرَتَّمْتُ. والحِقاب خيطٌ يُشَدُّ فِي حَقْوِ الصَّبِي تُدفَع بِهِ الْعين. صَاحب الْعين: رَصَعْتُ الصَّبِي أَرْصَعُه رَصْعاً ورَصَّعْتُه: إِذا شَدَدْتُ فِي يَده أَو رِجله خَرَزَةً تَدفعُ عَنهُ الْعين وَهُوَ الرّصَعُ وَقد قيل بالغين، وَأنْشد: مُرَصِّعَةٌ وسْطَ أرساغِه بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغِي أرْنبا ويروى مُلَسِّعة. أَبُو عَليّ وَهُوَ كمرصِّعة. ابْن دُرَيْد: الرّعب: رقية من السّحر وَهُوَ شَيْء تَفْعَلهُ الْعَرَب وكلامٌ تسجيعٌ فِيهِ يَرْعَبون بِهِ من السّحر رعَبَ الرّاقي يرعَب رَعباً وَهُوَ راعبٌ ورعّابٌ. صَاحب الْعين: الجِبْتُ: السّحر وَقد تقدم أَنه الكاهن، والنِّيْرَج أُخَذٌ تشبه السّحر وَلَيْسَت بحقيقته. ابْن دُرَيْد: الرّقية: العُوذَة وَقد رقَيْتُهُ رَقياً ورُقِيَّا، وَرجل رَقَّاء: صَاحب رُقىً، وَقَالَ: نَشَرْتُ عَن الْمَرِيض: رَقَيْتُه حَتَّى يُفيق وَهُوَ النّشْرَة، وَقيل هِيَ خرزة تحبَّب بهَا الْمَرْأَة إِلَى زَوجهَا، والمَعاذة والعُوذة: الرّقية يُرقى بهَا الإِنسان من جُنُون أَو فزع، وَقد عوَّذته، والمعوِّذتان: قل أعوذ بربِّ الفلق، وَقل أعوذ بربِّ النّاس. والتِّوَلة: مَعاذة أَو رُقْيَة تُعلَّق على الإِنسان. أَبُو عُبَيْد: الجلْبَة: العُوذة. صَاحب الْعين: النّجْسُ: اتِّخَاذ العُوَذ للصَّبِيّ وَقد نجَّس لَهُ، وَأنْشد: وجاريةٍ مَلْبونةٍ ومُنَجِّسٍ وطارقةٍ فِي طَرْقِها لم تُسَدِّدِ وَقَالَ: عزائم الْقُرْآن: التّي تقْرَأ على أَصْحَاب الْآفَات رَجَاء الْبُرْء، وَقد عزَم يعزِم، والعزيمة من الرّقى التّي يُعزَم بهَا على الجنّ وَهُوَ من قَوْلهم: عزمت عَلَيْك لتفعلَنَّ أَي أَقْسَمت كَأَن الرّاقي يقسم على الجنّ، والحوّاء(4/21)
يقسم على الحيَّة، والسّحر أَن تقرَّب من الشّيطان، وَمِنْه الأُخَذُ التّي تَأْخُذ الْعين حَتَّى يُظَنَّ أنَّ الْأَمر كَمَا يُرى، وَلَيْسَ كَذَلِك سحره يسحره سَحراً وسِحراً وأسحره، وَجمع السّحر أسحار وسُحور، وَرجل سَاحر وسَحَّارٌ من قوم سَحَرَة، والسِّحْر: البَيان فِي فِطْنَة، وَفِي الحَدِيث: (إنَّ من الْبَيَان لسِحرا) . قَالَ أَبُو حنيفَة: فَأَما قَول النّبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم: (من تعلَّم بَابا من النّجوم فقد تعلم بَابا من السّحر) فقد يكون على الْمَعْنى الأول أَي أَن علم النّجوم محرَّم وَهُوَ كفر كَمَا أَن علم السّحر كَذَلِك وَيكون على الْمَعْنى الثّاني أَي أَنه فطنة وَحِكْمَة وَذَلِكَ مَا أُدرك مِنْهُ بطرِيق الْحساب كالكسوف وَنَحْوه. أَبُو عُبَيْد: الطّبُّ: السّحر قَالَ وَأرى أَنه كني بِهِ عَن السّحر والتّفَوُّل قَالَ والمؤَخِّذُ: المُحدِثُ للبِغْضَة بالسّحر، والتّوَلة: الْمُحدث للحُبِّ بذلك، ورجلٌ مؤَخَّذٌ عَن النّساء: محبوسٌ. ابْن الأَعْرابِي: الطّلاوة: السّحر وَأَصله فِي الْحسن وَالْقَبُول. أَبُو عُبَيْد: البُسَلَة: أُجْرَة الرّاقي خَاصَّة.
3 - (العَقْدُ والحَلُّ)
العقد: نقيض الْحل، عقدتُه أعقِدُه عَقداً وعقَّدته فانعقد وتعقَّد والعقدة حجم العَقد. أَبُو عُبَيْد: الأُرْبَة: العُقْدَة وَهِي التّي لَا تَنْحَلُّ حَتَّى تُحَلَّ حَلاًّ، وأرَبْتُ العُقْدَة: شَدَدْتُها، وتَأَرَّبْتُ فِي حَاجَتي تشدّدت. صَاحب الْعين: شدَّ الشّيء يشُدُّه ويشِدُّه شدّاً فاشتدَّ وكلُّ مَا أوثقتَه وأحكمتَه فقد شددتَه وشدَّدتَه، وَقَالَ ربطت الشّيء أربطه رَبطاً شددته والرباط مَا ربطْتَه بِهِ الْجمع ربُطٌ والأُنْشوطة: الرِّباط السَّريع الانحلال وَهِي العُقْدَة التّي إِذا مُدَّت انحلَّت. أَبُو عُبَيْد: أَنْشَطْتُ الأُنْشوطة حَلَلْتُها، ونَشَطْتُها: عَقَدْتُها. قَالَ أَبُو عَليّ: نشَطْتُها ونَشَّطْتها: عَقَدْتُها، وَقيل نَشَطْتُها وأَنْشَطْتُها: عقدتُها. صَاحب الْعين: يُقَال أَنْشَطْتُ العِقال ونشَطْتُه وانْتَشَطْتُه: مَدَدْتُ أُنْشوطَتَه فانْحَلَّت، وَيُقَال للآخِذِ بِسُرْعَة فِي أيِّ عمل كَانَ أَو للْمَرِيض إِذا برأَ كَأَنَّمَا أُنشِطَ من عقال ونُشط. أَبُو عَليّ: وَكُعَ سَماطُكَ فَهُوَ وَكيع: اشتدَّ. أَبُو عَليّ: أَحْكَأْتُ العُقْدَة: شَدَدْتُها. صَاحب الْعين: حَكَأْتها حَكْئاً وأَحْكَأْتُها فاحْتَكَأَت وَمِنْه احْتَكَأَ الشّيء فِي صَدْرِي: ثَبت. واحْتَكَأ العقد فِي عُنُقه: نَشِب. وأَحْكَأتُه أَنا. الْأَصْمَعِي: أَزَمْتُ الشّيء آزِمُه أزْماً: شددته. أَبُو عُبَيْد: الرَّتْو: الشَّدُّ والإرخاء، وَأنْشد: فخمةٌ ذَفراءُ تُرْتا بالعُرَى يَعْنِي الدّرع تشدُّ إِلَى فَوق لتُشْمَرَ عَن لابِسَها، وَقد رَتَوْتُ الشّيء شددته وأرخيته. ابْن دُرَيْد: رَتَأْتُه: شَدَدْتُه، وَقَالَ أحْتَرْتُ العُقْدَة وحَتَرْتُها: أَحْكَمْت عَقْدَها، والحَتِيْرَة: عَقدٌ لَيْسَ بالعريض، وَقَالَ: عَكَوْتُ الشّيء عَكْواً: شددته وَأنْشد: شُمُّ العَرانينِ لَا يَعْكونَ بالأُزُرِ أَي لَا يَأْتَزِرُونَ بالأُزر الْغِلَاظ الجافية فيشدُّونها فِي أوساطه شدّاً، وَقَالَ حَتَأْتُ العُقْدَة واحْتأْتُها: شددتها.
3 - (الصَّرُّ)
ابْن السّكيت: صررت الصرَّة أصُرَّها صرَّاً، شددتها. أَبُو عُبَيْد: أَخْرَطْتُ الخَريطَة: أَشْرَطْتُها وشَرَّجْتُها. ابْن السّكيت: الشّرَج: رِبَاط العَيْبَة.
3 - (المدّ)
أَبُو عُبَيْدة: المَدُّ والمَتُّ والمَطُّ سَواء، وَقد مَدَّه يَمُدُّه مَدّاً ومَدَّ بِهِ فامْتَدَّ وتَمَدَّد. صَاحب الْعين: شيءٌ مديد:(4/22)
مَمْدُود. ابْن الأَعْرابِي: تَمادَدْناه بَيْننَا مَدَدْناه وَحكى غَيره مَتَّ يمُتُّ متّاً ومطَّ يمطُّ مطّاً. ابْن دُرَيْد: كلُّ شيءٍ مددتَه فقد مطَلتَه مطْلاً كالذهب وَالْفِضَّة وَالْحَبل وَمَا أشبهه. وَقَالَ: مَتَأْتُ الحبلَ أَمْتَؤُه مَتْئاً ومَتَوْتُه: مَدَدْتُه. أَبُو عُبَيْد: جذبت الشّيء أجذبه جذباً. مددته وَقد انجذب وَهُوَ الجاذب وجبَذَ لُغَة فِي جذَبَ. صَاحب الْعين: النَّتْر: الجَذْب بجَفاء، نَتَرَه يَنْتُره نَتْراً فانْتَتَر. وَقَالَ: مَتَرْتُ الحبلَ أَمْتُرَه: جَذَبْتُه. الْأَصْمَعِي: النّتْلُ: الجذب إِلَى قدّام وَقد استَنْتَلَ. أَبُو عُبَيْد: بُعْت الْحَبل بَوْعاً: إِذا مَدَدْتَ يَدَيْكَ مَعَه حَتَّى يصير باعاً. أَبُو زيد: المَغْطُ: مدُّ الشّيء تَسْتَطيلُه وخَصَّ بعضُهم بِهِ مَدَّ الشَّيء اللَّيِّن كالمُصْران وَنَحْوه، مَغَطَه يَمْغُطُه مَغْطاً فامَّغَطَ وامْتَغَطَ. غَيره: نَطَطْتُ الشَّيء أَنُطُّه نَطّاً: مَدَدْتُه وَمِنْه أَرض نَطيطَة بعيدَة وَقد تقدم ونَطَوْتُه كنَطَطْتُه. صَاحب الْعين: مَطَوْتُ الشَّيء مَطْواً مَدَدْتُه، وتَمَطّى الرَّجُل تمدّد وَالِاسْم المُطَوَاء، والمَشْقُ جذب الشّيء حَتَّى يلين وَمِنْه مشق الوَتر وَقد تقدم. قطرب: أدَدْت الشّيء: مدَدْته.
3 - (الْقطع للأشياء)
الْقطع إبانة بعض أَجزَاء الجرم عَن بعضه قَطَعْته أَقْطَعه قَطْعَاً وقَطَّعْته وشئٌ قَطيع مَقْطوع والقِطْعة والقُطْعَة مَا قطَعْت من الشّيء وأَقْطَعْتُه الشّيء أَذِنْت لَهُ فِي قَطْعِه وَسيف قَاطع وقَطُوع وقَطَّاع ومِقْطَع ومِقْطاع وتقاطع الرّجلان بسيفيهما: نظرا أَيهمَا أقطع وَقد انْقَطع الشّيء وتقطع وتقاطع: تبَاين بعضه من بعض، وقُطَعات الشّجر وقُطُعاته: أَطْرَاف أُبَنِه وَمَا قطعتَ مِنْهُ، والمِقْطَع والمِقْطاع: مَا قَطَعْتَ بِهِ والقَطيعة اسْم القَطْع وَبَعْضهمْ يَجعله مصدرا والقِطْعُ اسْم الْغُصْن المَقْطوع وَقد تقدم مَا هُوَ من السِّهام والنِّصال وَالْجمع أقْطُع وأقْطِعَة وقُطوع وأقاطيع وَهِي القِطاع والمقاطيع وَلَا وَاحِد للمقاطيع وَكَلَام قَاطع على الْمثل كَقَوْلِهِم كَلَام نَافِذ والأقْطَع: المَقْطوع الْيَد وَالْأُنْثَى قَطْعاء وَالْجمع قُطْع وقُطْعان وَيَد قَطْعاء مَقْطوعة والقُطْعَة والقَطَعة مَوْضِع القَطْع من الْيَد وَقيل بَقِيَّة الْيَد المقطوعة وَقد قَطِعَ قَطعاً وقَطُعَ ومقطع كل شَيْء ومُنقطِعَه آخِره كمقاطع الرّمال والأودية وشراب لذيذ المقطَع أَي الآخر وَانْقطع كَلَامه: إِذا وقف فَلم يمض وَانْقطع لِسَانه إِذا ذهبت سلاطته وَكَذَلِكَ قَطِعَ وقَطُعَ قَطاعَة فَهُوَ قَطيع وأقْطَع وَقد تقدم وقَطَعْته قَطْعاً وأَقْطَعْته بَكَّتُّه وأقْطَعَ الشّاعر انْقَطع شعره وأقْطَعَت الدَّجاجة انْقَطَع بَيْضها وقَطَعْتُ لِسَانه أَقْطَعُه: أسْكَتُّه بإحساني إِلَيْهِ والقِطْع والقَطيعة الصَّريمة. قَطَعَه يَقْطَعُه قَطْعاً وتقاطَعَ الْقَوْم: تَصارَموا، والأُقْطوعة: مَا يُتقاطع بِهِ فيُجعل عَلامَة للْقطع والصريمة وَقطع رَحمَه مِنْهُ وَرجل قُطَعَة وقَطَّاع ومُقْطِع يقطع رَحمَه وَمَا جرى من هَذَا على الْمثل كثير وَقد تقدم والمِقْطَع والقاطع مِثَال يُقطع عَلَيْهِ الْأَدِيم وَغَيره وقاطعته على الْعَمَل أَي قطعت الْكَلَام بيني وَبَينه. أَبُو عُبَيْد: جَذَفْتُ الشّيء: قطعته وَأنْشد: قَاعِدا عِنْده النّدامى فَمَا ين فكُّ يُؤتى بمُوكَرٍ مَجْذوفِ وَقَالَ: جَذَمْت يَده: قَطَعْتها والأَجْذم المَقْطوع الْيَد. صَاحب الْعين: الجَذَم مصدر الأَجْذم يُقَال مَا الَّذِي جَذَمَ يَده وأَجْذَمَه حَتَّى جَذِم والجَذَم انْقِطَاع الْيَد فَإِن قطعتها أَنْت قلت أَجْذَمْتها. وَقَالَ: جَذَمْتُها أَجْذِمها جَذْماً وجَذَّمْتُها فانْجَذَمَتْ وتَجَذَّمَتْ والجِذْمة: الْقطعَة مِنْهَا والجَذْم الْقطع عَامَّة وَرجل مِجْذام ومِجذامة قَاطع للأمور. ابْن السّكيت: حَذَى بِيَدِهِ حَذْيَةً: قطعهَا وخبلها إِذا أشلها واقْتَبَّها والاقتِباب كل قطع لَا يدع شَيْئا. أَبُو عُبَيْد: قَبَّ يَده يقُبُّها: قطعهَا. ابْن السّكيت: صَدَف يَد فلَان فأطَنَّها وأخَرَّها وأطَرَّها وأتَرَّها كل ذَلِك إِذا أندرها وَقد طَنَّت هِيَ وخَرَّت وطَرَّت وتَرَّت. أَبُو زيد: تَطِرُّ وتَطُرُّ وتتِرّ وتتُرّ طَرَّاً وتَرَّاً وتُروراً فيهمَا. ابْن دُرَيْد: وَقد تَرَرْتُها أَنا وَأنكر غَيره ذَلِك وَقَالَ الصَّوَاب: أتْرَرْتُها وتَرَّتْ هِيَ. الْأَصْمَعِي: كل شَيْء بَان فانفصل فقد تَرَّ. أَبُو عُبَيْد: خَرْبَقْتُ(4/23)
الشّيء: قطعته وَكَذَلِكَ قَرْضَبْتُه ولَهْذَمْتُه وَمِنْه السّيوف قَراضِبة ولَهاذِمة وَقَالَ قَصْمَلْتُه وجَذَرْته أَجْذُرُه جَذْراً: قطعته واسْتَنْجَيْت الشّجر قطعته من أُصُوله وأنْجَيت قَضِيبًا من الشّجر قطعته والقَضْب الْقطع وَقد قَضَيْتُه، وَأنْشد: وَلَا الْحَبل مُنحَلٌّ وَلَا هُوَ قاضِبُهْ يَعْنِي الْبَعِير النّازع، والمُخَذَّع: المُقطّع. غَيره: خَذَع اللَّحْم والشّحم يَخْذَعُه خَذْعاً وخَذَّعه: حَزَّز فِي مَوَاضِع مِنْهُ فِي غير عَضٍّ والخُذْعونة: الْقطعَة من القِثَّاء والقَرْع وَنَحْوهمَا. هُوَ الْميل. ابْن دُرَيْد: قَطَبْت الشّيء أقطِبه قطباً: قطعته. صَاحب الْعين: الخَذْم: سرعَة الْقطع والسّير. خَذَمه يَخْذِمه خَذْماً وخَذَّمه والخُذامة الْقطعَة وَمِنْه سيف مِخْذَم وَقد تقدم. أَبُو عُبَيْد: المِلْحَب نَحْو من المِخذَم وَقَالَ: هَرْمَلْتُه: قطعته ونَتَفْتُه. وَأنْشد: قد هَرْمَلَ الصيفُ عَن أعناقها الوبَرا ابْن دُرَيْد: الهُرمول: الْقطعَة من الْوَبر. أَبُو عُبَيْد: صَرَيْت الشّيء: قطعته. صَاحب الْعين: صَرَّيْته كَذَلِك. أَبُو عُبَيْد: غَرَفتُ ناصيتي: قطعتها وَقد انْغَرَفَت، وَقَالَ شَرْشَرْت الشّيء: قطعته قِطَعاً. ابْن دُرَيْد: بَرْشَط اللَّحْم: شَرْشَرَه، وقَرَّط الكُرَّاث قطعه فِي الْقدر. أَبُو زيد: كَسَفْت الشّيء أكْسِفه كَسْفاً وكَسَّفْته: قطعته وخصّ بَعضهم بِهِ الثّوب والأديم والكَسيفة والكِسْف والكِسْفة: الْقطعَة مِمَّا قطعت وَالْجمع كُسَف وَمِنْه كِسَف السّحاب وَقد تقدم وكَسَف عُرْقُوبه يَكْسِفه كَسْفاً: قطع عَصَبَتَه دون سائره. أَبُو عُبَيْد: الهِبَب: القِطَع، وَأنْشد: على جناجِنِه من ثَوْبه هِبَبُ ابْن السّكيت: بَتَكَهُ يَبْتُكُه بَتْكاً: قَطَعَه. ابْن دُرَيْد: البِتْكَةُ والبَتكَة وَجَمعهَا بِتَكٌ: الْقطعَة من كل شَيْء. صَاحب الْعين: أَن تقبض على شعر أَو ريش أَو نَحْو ذَلِك ثمَّ تجذبه إِلَيْك فينبَتِكَ من أَصله أَي يَنْقَطِع أَو يَنْتَتِف، فَكل طَائِفَة من ذَلِك صَارَت فِي يدك فاسمها بِتْكة، وَفِي التّنزيل: (فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الأنْعام) . أَبُو زيد: حَرَتُّ الشَّيء أَحْرِتُه حَرْتاً: قَطَّعته قطعا مستديراً كالفَلْكَة وَنَحْوهَا. صَاحب الْعين: الحذْف: قطع الشّيء من طرفه، حَذَفه يَحْذفُه حَذْفاً، والحَجَّام يَحْذِف الشّعر من ذَلِك والحُذافة مَا حذفته فطرحتَه، والحِذْفَة: الْقطعَة من الثّوب وَقد احْتَذَفْتُها، وحَذَفَ رَأسه: ضربه فَقطع مِنْهُ قِطْعَة. ابْن السّكيت: الحَذْمُ: القَطْع الوَحِيُّ، حَذَمَه يَحْذِمُه حَذْماً، وسيفٌ حاذِمٌ وحِذيَمٌ وحَذِمٌ. صَاحب الْعين: القطْلُ: الْقطع قَطَلَه يَقْطُلُه قَطْلاً فَهُوَ مَقْطول وقَطيل، وَأنْشد لأبي ذُؤَيْب:(4/24)
عَلَيْهَا ثِقالُ الصَّخر والخشَبِ القَطيلِ وَبِهَذَا الْبَيْت سمّي القطيل. ابْن دُرَيْد: وَمِنْه نخلةٌ قَطيلٌ: إِذا قطعت من أَصْلهَا فَسَقَطت، وجِذعٌ قُطُلٌ مَقْطُوع والمِقْطَلة: حَديدة يُقطع بهَا. صَاحب الْعين: قَطَفْتُ الشّيء أَقْطِفُه قَطْفاً: قطَعْتُه، وَقَالَ: قرْتُ الشّيءَ قَوْراً وقوَّرْتُه: إِذا قطعت من وَسطه حرفا مستديراً وَمِنْه تَقْوير الجَيْب. أَبُو عُبَيْد: القُوارَة: مَا قوَّرْتَ مِنْهُ. ابْن دُرَيْد: قرْطَمْتُ الشّيء: قطعته. الْأَصْمَعِي: الجَبُّ: الْقطع، جبَّه يجبُّه جَبّاً واجتبَّه. ابْن دُرَيْد: جَزَرْتُ الشّيء: أجزُرُه وأجزِرُه جَزْراً: قطعته، وَقَالَ: جزَمْتُ الشّيء: أجزِمُه جَزماً، قطعته وكل مَا قطعته قطعا لَا عودة فِيهِ فقد جَزَمْته. أَبُو عُبَيْد: شبْرَقْتُه: قطعته، وَقَالَ فِي المقلوب شَبْرَقْتُه وشَرْبَقْتُه. ابْن السّكيت: جرمَه يجرِمُه جَرْماً: قطعه. صَاحب الْعين: الجَثُّ: قَطعك الشّيء من أَصله، والاجتثاث أوحى مِنْهُ جَثَثْتُه أَجُثُّه جَثّاً واجْتَثَثْتُه فانْجَثَّ واجْتَثَّ. أَبُو عُبَيْد: القَطُّ: الْقطع مُعْتَرضًا. ابْن السّكيت: قطَّه يقُطُّه قطّاً واقْتَطَّه وجَذَّه وجلَمَه يجلِمُه جَلْماً وهَذَأَه: قطعه. صَاحب الْعين: الحَذُّ: الْقطع الوحِيُّ المُسْتَأْصِل. ابْن دُرَيْد: هذأت العدوَّ هَذْءَاً: أبَرْتُهم. ابْن السّكيت: وَكَذَلِكَ قَصَلَه يقصِلُه قَصْلاً، وَهُوَ سيفٌ مِقصَلٌ وقَصَّالٌ أَي قطّاعٌ وَمِنْه سمّي القَصيل قَصيلاً، وَقَالَ بتَلَه يبتِله بَتلاً وبلَتَه يبلِته بَلْتاً مثل بتله، وَمِنْه صدَقةٌ بَتَّة بتلَة: أَي بَائِنَة من صَاحبهَا وَمِنْه فسيلة بَتيلة أَي بَانَتْ عَن أمّها، وَقَالَ: قَضاه يَقْضيه قَضاءً: قطعه، وَأنْشد: وَعَلَيْهِمَا مسرودتان قضاهما داودُ أَو صَنعُ السّوابغِ تُبَّعُ وَقيل قضاهما صنعهما وَفرغ مِنْهُمَا، قَالَ تَعَالَى: (فقضاهُنَّ سبعَ سماواتٍ) أَي فرغ من خَلقهنَّ، وَقَالَ قددت السّير أقُدُّه قَدّاً: قطَعته. ابْن جني: هُوَ الْقطع طولا. ابْن دُرَيْد: هذَّه يهُذُّه هذّاً وتبدل الْهَاء همزَة وَهِي شفرةٌ هَذوذ والهَذَذُ سرعَة الْقطع. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هَذَا ذَيْكَ: أَي هذّا بعد هذٍّ يَعْنِي قَطْعاً بعد قَطْعٍ. صَاحب الْعين: فَرَصْتُ الجِلد فَرْصاً: قطعته والمِفْراص: الحديدة التّي يقطع بهَا. ابْن دُرَيْد: السّبُّ: الْقطع وَأنْشد: فَمَا كَانَ ذنبُ بني مالِكٍ بِأَن سُبَّ مِنْهُم غلامٌ فسَبّْ(4/25)
بأبيضَ ذِي شُطَبٍ باترٍ يقُطُّ الْعِظَام ويبري العَصَبْ وَمِنْه السّبّ فِي الشّتم وَقَالَ تمتّى فِي الحبْل: اعْتمد فِيهِ ليقطعه أَو يمدّه وتمتّى: تمطّى فِي بعض اللُّغَات وَقَالَ سبَتَ الشّيء: قطعه، وَقَالَ أكلت لقْمَة فسبَّتْ حلقي أَي قطعته، وسَلَتَ أنفَه يسلِتُه ويسلُته سَلتاً: قطعه من أَصله، وَقَالَ خذلت اللَّحْم وَالْحَبل: قطعته قطعا سَرِيعا، وتبَعْرَصَ الشّيءُ: إِذا قُطِع فَوَقع يضطرب نَحْو الْعُضْو من الْأَعْضَاء، وَقَالَ خَتْرَفْتُ الشّيء: ضَربته فقطعته أَعْضَاء، وخَذْعَلَه بالسّيف: قطَّعه، وَقَالَ قَرْمَطْتُه: قطعته وزُعْتُ لَهُ زَوْعةً من الْبِطِّيخ وَمَا أشبهه قطعت لَهُ قِطْعَة مِنْهُ. أَبُو عُبَيْد: أَطْحَرَ الحَجَّام الخِتان: استأصله. ابْن دُرَيْد: انْجَزَع الْحَبل: انْقَطع بنصفين وَقيل لَا يُقَال إِذا انْقَطع من طرفه انجزع، وَقَالَ جُزْت الشّيء جَوزاً: قطعته وَمِنْه اشتقاق الجوزاء لِأَنَّهَا تعترض جوز السّماء، والجلْف: الْقطع جلَفَ يَجْلِف وكلّ مَا قطعته فَلم تستأصله فقد جلَفْتَه، وَقَالَ خنَفْتُ الأُتْرُجَّة بالسّكين: قطعتها والقطعة مِنْهُ خَنَفَةٌ، وَيُقَال كشَدْتُ الشّيء أكشِدُه كَشْداً: إِذا قطعته بأسنانك كَمَا يقطع القثاء، والزُّرْمُ: الْقطع زرَمَه يزرِمُه، وزرِمَ الصَّبِي: انْقَطع بَوْله، وَقَالَ النّبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم: (لَا تَزْرِموا ابْني) يَعْنِي الْحسن عَلَيْهِ السّلام أَي لَا تقطعوا عَلَيْهِ بَوْله، وكل شَيْء انْقَطع فقد زَرِم، وازرأمَّ الشّيء فِي معنى زرِمَ، والصَّلم: قَطعك الْأنف وَالْأُذن حَتَّى تستأصلهما، صَلَمَ يصلِم صَلماً واصْطَلَم، والتَّصْليم: الاسْتِئْصال. صَاحب الْعين: قلَمْتُ الظّفر وَالْعود والحافر: قطعته بالقلمين وهما المِقْراضان وَاسم مَا قطعت مِنْهُ القُلامَة، وَقَالَ: قَصْمَلْتُ الشّيء: قطعته، والجَدُّ: الْقطع جَدَّ الشّيء يجُدُّه جَدّاً: قطعه، وحبلٌ جديدٌ: مقطوعٌ، ومِلحَفَةٌ جديدٌ وجديدةٌ حِين جدَّها الحائك وأجدَّ ثوبا واستجدَّه: لبسه جَدِيدا، وأصل ذَلِك كُله الْقطع، فَأَما مَا جَاءَ مِنْهُ فِي غير مَا يقبل الْقطع فعلى الْمثل بذلك كَقَوْلِهِم جدَّدْتُ الْوضُوء. غَيره: شدَفْتُ الشّيء أشدِفُه شَدْفاً: قطعته شُدْفة شدفة، والشّدفة: الْقطعَة من الشّيء. صَاحب الْعين: الشّرذِمة: قِطْعَة من السّفرجل وَنَحْوه، والبَتْر: استئصال الشّيء تقطعه وكل قطعٍ بترٌ، بترْتُه أبتُرُه بَتْراً فانْبَتَر وتَبَتَّر والأَبْتَر: الْمَقْطُوع الذنَب من أيّ مَوْضِع كَانَ، والأَبْتَر: الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ. أَبُو زيد: منَّه يمُنُّه مَنّاً: قطعه. صَاحب الْعين: الْقَرْض: الْقطع بالنّاب، قرضَه يقرِضُه قرضا والقُراضَة مَا قرضْتَه مِنْهُ والمِقراضان مَا قرضتَه بِهِ، وَلَا يعرف لَهُ وَاحِد. ابْن دُرَيْد: وَمِنْه قرضت الشّعر أقرِضُه قَرْضاً كَأَنَّك قطعته من الْكَلَام. أَبُو زيد: المقَرَّض: المقَطَّع بَين شَيْئَيْنِ وَقد قرَضتُه وقرَّضْتُه وَأَصله من أقْرض وَهُوَ التّخميش. أَبُو عُبَيْد: القصْب: القطعُ عامَّة. ابْن الأَعْرابِي: الخَمُّ والاخْتِمام: الْقطع وَأنْشد: يَا ابنَ أخي كيفَ رأيْتَ عَمَّكا أردتَ أَن تَخْتَمَّه فاخْتَمَّكا أَبُو زيد: أفْرَيْتُ أوْداجَه: قطعتها. ابْن السّكيت: سيف أحذُّ: سريع الْقطع وأمرأ حذ: سريع المضيّ، وحاجةٌ حذَّاء: خَفِيفَة سريعة النّفاذ وَمِنْه قَوْله: إِن الدّنيا قد آذَنَتْ بصُرْمٍ وولَّت حذّاءَ فَلم يبقَ مِنْهَا إلاّ صُبابة كصُبابة الإِناء، وَقَالَ: الخَلْبُ: الْقطع وَقد خلبتُه أخلِبُه، وَمِنْه قيل للمنجل مخلَبٌ. أَبُو عُبَيْد: هُوَ الَّذِي لَا أَسْنَان لَهُ. صَاحب الْعين: مزَقَ الْجلد بالنّاب وَقد خلَب يخلِب. قطرب: اللَّخْم: الْقطع وَقد لَخَمْتُه. صَاحب الْعين:(4/26)
المَتْر: الْقطع، وَقد متَرْتُه. الْأَصْمَعِي: المِخْصَلُ: القطّاع. ابْن دُرَيْد: ختْرَبْتُ الشّيء خَتْرَبَةً: قطعته. غير وَاحِد: الجدْعُ: قطع الْأنف وَالْأُذن وَنَحْوهمَا، جَدَعْتُه أجْدَعُه جَدْعاً وجَدَّعْتُه فَهُوَ أجْدع وَالْأُنْثَى جَدْعاء وَقد جَدِع جَدَعاً. صَاحب الْعين: لَا يُقَال جَدِع وَلَكِن جُدِع، وَقيل الجَدع قطع كل شَيْء بيِّن من أذن وَنَحْوهَا، والجدَعَة مَوْضِع الجَدْع، والجدع مَا انْقَطع من مقاديم الْأنف إِلَى أقصاه. غَيره: المُكَعْبَر: الْمَقْطُوع الرّأس أَو الْيَد أَو الرّجل، وكَعْبَرْت الشّيء: قطعته، وبَعْكَرْته كَذَلِك. صَاحب الْعين: حَذَقَت الشّيءَ أَحْذِقه حَذْقاً فَهُوَ مَحْذوق وحَذيق ومطاوعه انْحَذَق وَهُوَ أَن تمدّه وتقطعه بمنجل وَنَحْوه حَتَّى لَا يبْقى مِنْهُ شَيْء، وحذَقَ الْغُلَام الْقُرْآن يحذِقُه وحذَقَه مِنْهُ.
3 - (? وَمن الْقطع الَّذِي هُوَ خلاف المواصلة)
أَبُو عَليّ: قطعت مواصَلَتَه وقطَّعتُها وَهِي القَطيعة. أَبُو عُبَيْد: تَقاطَع الْقَوْم وتَقَطَّعوا وتَناءَوا، وَقد تقدّم أنَّ التَّنائي التَّباعد، وَقَالَ: كنتُ آتيكم فأجفَرْتُكم: أَي قطعتكم. ابْن السّكيت: صَرَمَه يَصْرِمُه صَرْماً وَالِاسْم الصُّرْم وَهِي القطيعة، وَمِنْه سيفٌ صارِمٌ أَي قاطِعٌ، والصريمة: الْعَزِيمَة وَقطع الْأَمر. صَاحب الْعين: الصرة: الْقطع الْبَائِن، رمه ورمه فانْصَرَم وتصر. أَبُو عُبَيْد: رجُلٌ الباتر: وَهُوَ الَّذِي يبتر رَحمَه يقطعهَا وَقد تقدم أَنه الَّذِي لَا نسل لَهُ وَأَنه الْقصير. ابْن السّكيت: رجلٌ أحَصُّ كَذَلِك وَقد أحص رَحمَه يحُصُّها حصاي، وَقَالَ بيني وَبَينه رحم حساء أَي مَقْطُوعَة. صَاحب الْعين: الْجفَاء: نقيض الصِّلَة، وَقد جفاه جفَاء أَو جفواً. ابْن السّكيت: فَأَما قَوْله: مَا أَنا بالجافي وَلَا المجفي فَإِنَّهُ بناه على فُعِلَ، ورجلٌ فِيهِ جَفوةٌ وجِفوةٌ وَأَنه لبَيِّنُ الجِفوة فَإِذا كَانَ هُوَ المَجْفوُّ قيل بِهِ جَفوةٌ وَمِنْه جَفا الشّيء جَفاءً وتجافى: إِذا لم يلْزم مَكَانَهُ، وجفا جنبه عَن الْفراش وتجافى نبا، والصَدُّ: الإِعراض، صدَّ عَنهُ يصِدُّ ويصُدُّ صَدّاً وصدوداً وصدَدْته عَنهُ وأصدَدْتُه وصدَّدْتُه. صَاحب الْعين: التَّزايُل: التَّقاطُع وَقد زايَلْتُه مُزايَلَةً وزِيالاً. الْأَصْمَعِي: تَدابَر الْقَوْم: تَعادَوا، وَقيل لَا يكون ذَلِك إلاّ فِي بني الْأَب. أَبُو عُبَيْد: هجرت الرَّجُل أهجره هَجراً وهِجراناً: صرمته وهما يتهاجران. ابْن جني: ويَهْتَجِران. أَبُو عُبَيْد: وَالِاسْم الهِجرة. صَاحب الْعين: وَقَوله عز وَجل: (لأَرْجُمَنَّكَ) مَعْنَاهُ لأهْجُرَنَّك.
3 - (الشّق)
الشّقُّ: مصدر شَقَقْتُ أشُقُّ، والشّقُّ: نصف الشّيء، وَقَالَ بِيَدِهِ وَرجله شقوق وَلَا تقل شُقاق، أما الشّقاق فدَاء يكون فِي الدّواب يكون فِي الْحَافِر صُدوعٌ فِي الرّسغ. ابْن الأَعْرابِي: الشّقُّ: الصَّدع الْبَائِن وَقيل غير الْبَائِن وَقيل هُوَ الصَّدع عامَّة شقَّه يشقُّه شّقّاً فانشقَّ وشقَّقه فتشقَّق، والشّق: الْموضع المشقوق وَالْجمع شقوق، والشّقة: الْقطعَة المشقوقة من لوح أَو غَيره. ابْن السّكيت: الفَلْقُ: الشّقُّ فلقَه يفلِقُه فَلْقاً وفلَّقه فانفلق وتفلَّق، والفِلق مَا تفلَّق مِنْهُ واحدتها فِلْقَة، وَقد يُقَال لَهَا فِلق بطرح الْهَاء، وفلق الله الحبَّ بالنّبات: شقَّه فانفلق بِهِ: انْشَقَ. ابْن الأَعْرابِي: نجَلْتُ الشّيءَ أَنْجُلُهُ نَجلاً: شَقَقْته. ثَابت: بَزَلْت الشَّيء أَبْزُلُه بَزْلاً: شققته فتَبَزَّل. ابْن دُرَيْد: وتبزَّل الْجَسَد: تشقّق بالدّم. ابْن السّكيت: فطرت الشّيء أفطُرُه فَطراً: شققته. صَاحب الْعين: وَقد انفطر وتفطَّر. ابْن دُرَيْد: والفطور: الشّقوق. أَبُو عُبَيْد: الشَّرْم: الشَّقّ وَبِه قيل الأَشْرَم وَقد شرَمْتُه فتَشَرَّم وانْشَرَم وَأنْشد:(4/27)
وَقد شرموا جِلدَه فانشَرَم ابْن دُرَيْد: شرَمت عين الرَّجُل: شققت جفنها الْأَعْلَى قَالَ وكل شقّ فِي جبل أَو صَخْرَة لَا ينفذ فَهُوَ شَرْم. أَبُو عُبَيْد: العَبْطُ: الشّقُّ حَتَّى يَدمَى وَأنْشد: وظلَّت تعبِطُ الأَيْدي كُلوما الْأَصْمَعِي: العَبْط: شَقُّ الْجَدِيد من كل شَيْء عَبَطَه يَعْبِطُه عَبْطاً. صَاحب الْعين: الهَرْتُ: الشّقُّ للشَّيْء لتوسيعه. أَبُو عُبَيْد: العَقُّ: الشّقُّ. ابْن السّكيت: كلُّ انْشِقاقٍ انْعِقاقٌ وكل خَرْقٍ وشقٍّ عَقٌّ وَمِنْه يُقَال للبَرْقَة إِذا انْشَقَّتْ عَقيقة. ابْن دُرَيْد: وَيُقَال عقَّه وَقَالَ عقَّ الأَرْض يعُقُّها عَقّاً: شقَّها وَمِنْه الْوَادي الْمَعْرُوف بالعقيق، والعَقُّ: حَفْرٌ مستطيل فِي الأَرْض، والعَقَق: الانشقاق. أَبُو عُبَيْد: انْضَرَجَ الشّيء وضَرَّجتُه: شَقَقْته وَأنْشد: وانْضَرَجَتْ عنهُ الأكاميمُ والمَخْروب: المَشْقوق وَمِنْه قيل للمَشْقوق الأُذُن أَخْرَب وَقد خَرَبْتُه أخْرُبُه. ابْن السّكيت: بعجت بَطْنه أبعجُه بعجاً وَهُوَ خرق الصِّفاق واندِيالُ مَا فِيهِ والانديال زَوَاله من مَوْضِعه متعلِّقاً. أَبُو عُبَيْد: أَفْرَنْتُ الكَرِش: نثرت مَا فِيهَا. أَبُو زيد: انْثَدَق بَطْنه: انْشَقَّ فتَدَلَّى مِنْهُ شيءٌ فقد انْبَعَج. ابْن السّكيت: الذَّبح: الشّقُ وَأنْشد: كانَّ بَين فكِّها والفكِّ فارةَ مِسكٍ ذُبِحت فِي سُكِّ أَي شقَّت وفتقت، والفَطر: الشّق وَجمعه فطور، والسّلْع: الشّق فِي الْقدَم وَجمعه سُلوع. أَبُو زيد: البُذوح: الشُّقوق. أَبُو عُبَيْد: بَذَحْت لِسَانه بَذْحاً: فَلَقْتُه. ابْن السّكيت: عَلَمت شفته أعلِمها عَلْماً وَهُوَ الشّق فِي الشّفة الْعليا وَيُقَال أفْرى الذِّئْب بطن الشّاة: شقَّه. أَبُو عُبَيْد: فَرَيْت الشّيء فَرياً: شققته وأفسدته وأَفْرَيْتُه أصلحته وَقيل أمرت بإصلاحه وتَفَرَّى جلده وانْفَرى انْشَقَّ وأَفْرَيْتُ أوْداجًه: شَقَقْتُها، وكل مَا شققته فقد أفريته. الْأَصْمَعِي: جلد فَرِيّ: مشقوق، وَكَذَلِكَ الْقرْبَة بِغَيْر هَاء لِأَنَّهُ فعيل بِمَعْنى مفعول. ابْن السّكيت: جُبْت الصَّخْرَة: خرقتها. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة سُمي رجل من بني كلاب جَوَّاباً لِأَنَّهُ كَانَ لَا يحْفر صَخْرَة وَلَا بِئْرا إلاّ أماهَهَا. أَبُو زيد: وكل مُجوّف خرقت وَسطه فقد جُبْته. ابْن السّكيت: نَاقَة بَقير: إِذا شُق بَطنهَا عَن وَلَدهَا. ابْن دُرَيْد: بَقَرْت الشّيء أبْقُره بَقراً فَهُوَ مبقور وبَقير: شققته. أَبُو حَاتِم: بَقَرْتُه فانْبَقَر وتَبَقَّر. ابْن دُرَيْد: عَطَّ الشّيء يعُطُّه عَطَّاً: شقَّه وَهُوَ عَطيط ومَعطوط. صَاحب الْعين: العَطّ: شقّ الثّوب وَغَيره طولا أَو عرضا من غير بينونة، عَطَطْتُه أعُطّه عَطاً فَهُوَ مَعْطوط واعْتَطَطْتُه وَقد انْعَطّ والشّرْعَبَة: شقّ اللَّحْم والأديم طولا وَقد شَرْعَبْتُه. ابْن دُرَيْد: بَجَسْت الشّيء أبْجِسه وأَبْجُسه: شققته وانْبَجَس هُوَ. صَاحب الْعين: البَجْس: انْشِقَاق فِي قِربة أَو بِئْر أَو أَرض يَنْبع مِنْهُ المَاء فَإِن لم يَنْبع فَلَيْسَ ببجس. ابْن دُرَيْد: البَطْر: الشّق فِي جلد أَو غَيره بَطَرَت الْجرْح أبطِره وأبطُره بطراً فَهُوَ مَبْطور وبَطير وَهُوَ أصل بِنَاء البَيْطار وَرجل بَيْطَر ومُبَيْطِر وكل مَا شققته بنصفين فقد فَلَجْته وَمِنْه فُلِج الرَّجُل: ذهب نصفه. ابْن السّكيت: الشّرْط: الشّق، شَرَط يشرِط ويشرُط شَرطاً وَكَذَلِكَ الحَجَّام. ابْن دُرَيْد:(4/28)
فَأَما الشّريطة فَإِنَّهُ إِذا وضعت النّاقة ولدا شَرَطوا أُذُنه فَإِن خرج مِنْهُ دم أكلوه وَإِن لم يخرج تَرَكُوهُ. صَاحب الْعين: الفَصْد: شقّ العِرق لاستخراج الدّم، فَصَده يفصِده فَصْداً وفِصاداً فَهُوَ مَفصود وفَصيد وفَصَد النّاقة: شقّ عرقها ليستخرج دَمه فيشربه. سِيبَوَيْهٍ: وَمن أمثالهم: لم يُحْرَم من فُصد لَهُ.
3 - (الْكسر والدّق وَشدَّة الْوَطْء)
ابْن السّكيت: كسرت الشّيء أكسِر كَسراً. صَاحب الْعين: فانكسر وكَسَّرته فتكَسَّر. سِيبَوَيْهٍ: كَسرته انكساراً وانكسر كَسْراً وَذَلِكَ لِاتِّفَاق معنييهما إلاّ بِحَسب التّعدي. صَاحب الْعين: وَشَيْء مكسور وكَسير وَكَذَلِكَ الْأُنْثَى بِغَيْر هَاء وَالْجمع كَسارى وكَسْرى والكِسْرَة الْقطعَة الْمَكْسُورَة وَالْجمع كِسَر والكُسارة والكُسار مَا تكسَّر من الشّيء والمَكْسِر مَوْضِع الْكسر من كل شَيْء. ابْن السّكيت: رَتَمْت أرتِم رَتماً وَشَيْء رَتيم ورَتْم ودَقَقْت أَدُقُّ دَقَّاً وحَطَمْت أَحْطِم حَطْماً فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَع جماع الكَسْر فِي كل وُجُوه الْكسر. صَاحب الْعين: الحَطْم فِي الْيَابِس خَاصَّة، حَطَمْته أحْطِمه حَطْماً فانْحَطَم وحَطَّمْته فتَحَطَّم والحُطام مَا تَحَطَّم مِنْهُ وحُطام الْبيض قِشْرُه مِنْهُ. أَبُو عُبَيْد: هَضَضْت الْحجر وَغَيره أهُضّه هَضّاً فَهُوَ هَضيض ومَهْضوض: كَسرته ودققته. صَاحب الْعين: الهَضّ: كسر دون الهدّ وَفَوق الرّضّ والهَضْهَضَة كَذَلِك إلاّ أَنه فِي عجلة، والهضُّ فِي مهلة وفحلٌ هَضْهاض يهُضّ أَعْنَاق الفحول وَقد هَضْهَضَها والهَضَض: التَّكَسُّر. ابْن دُرَيْد: الأَضُّ كالهَضّ. أَبُو عُبَيْد: أجْشَشْت الحَب: دققته وجَشْشْت الشّيء جَشَّاً دققته وَهُوَ جَشيش. ابْن السّكيت: جَشَشْتُه أَجُشُّه جَشَّاً والجَشّ مَا جُشّ بَين الرّحَيَيْن. أَبُو المضاء: الجَشيش من الحَبّ حِين يُدق قبل أَن يُطبخ فَإِذا طُبخ فَهُوَ جَشيشة وَهَذَا فرق لَيْسَ بِالْقَوِيّ. قَالَ أَبُو عَليّ: الجَشيشة وَاحِدَة الجَشيش كالسّوِيقة والسّوِيق. صَاحب الْعين: المِجَشَّة: الرّحا. أَبُو عُبَيْد: وَهَسْته وَهْساً: دققته وَهُوَ وَهيس وهُسْته: كَسرته وَأنْشد: إنَّ لنا هَوَّاسةً عَريضا ابْن السّكيت: الوَهْس: دَقُّك الشّيء وَبَينه وَبَين الأَرْض وِقاية لَا تباشرها بِهِ. أَبُو زيد: الرّهِيك: مَا جُشّ بَين حجرين. رَهَكْته أرهَكُه رَهْكاً والهَصْم: الْكسر. نابٌ هَيْصَم: يكسر كل شَيْء وَمِنْه أسدٌ هَيْصَم وَقد تقدم. ابْن دُرَيْد: مَدَقت الصَّخْرَة أمْدُقها مدقاً: كسرتها. أَبُو عُبَيْد: قَرْصَمْت الشّيء: كَسرته وَكَذَلِكَ أصَرْته آصِره وَقَالَ: وَقَصْت عُنُقه وَقْصاً وَلَا يكون وَقَصَتْ الْعُنُق نَفسهَا. ابْن السّكيت: مَقَط عُنُقه مَقْطاً: كسرهَا ومَقَرها يمْقُرها: دقها. أَبُو عُبَيْد: المُعَثْلَب: المكسور، وَقَالَ: فضضت الشّيء: كَسرته. ابْن دُرَيْد: فضضته أفُضّه فَضّاً: إِذا كَسرته وفرّقته وَلَا يكون إلاّ الْكسر بالتّفرقة والانفضاض: التّفرّق وكل شَيْء تفرّق من شَيْء فَهُوَ فُضاضٌ وَفِي الحَدِيث: (إِنَّه قيل لفُلَان إِن رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم لعن أَبَاك وَأَنت فِي صُلبه فَأَنت فَضَضٌ من لعنة الله) . الْأَصْمَعِي: شَيْء فَضيض مَفضوض. سِيبَوَيْهٍ: الفَضاضة: مَا انفضّ من الشّيء. ابْن دُرَيْد: القَصْقَصَة: الْكسر وَبِه سُمي الْأسد قُصاقِصاً وَكَذَلِكَ القَضْقَضَة وَبِه سمي الْأسد قَضقاضاً. صَاحب الْعين: القَضْقَضَة: كسر الْعِظَام والأعضاء عِنْد الْفرس وَالْأَخْذ وأسدٌ قَضْقاض يُقَضْقِض فريسَته، وَأنْشد: كم جاوزتْ من حَيّةٍ نَضْناضِ وأسدٍ فِي غِيله قَضْقاضِ أَبُو عُبَيْد: قضضت اللؤلؤة أقُضّها: ثقبتها، وَمِنْه اقتِضاض الْمَرْأَة. وَقَالَ: دَهْدَهْت الشّيء: قلبت بعضه(4/29)
على بعض والدَّوْك: الدّق والمِدْوَك: الْحجر يُدق بِهِ. صَاحب الْعين: الاضْطِغان الدّوْك بالكَلْكَل. أَبُو عُبَيْد: صَيَّحت الشّيء وتصيّح: تكسر وتشقق، وَأنْشد: وَحَتَّى أَتَى يومٌ يكَاد من اللظى بِهِ التُّومُ فِي أُفْحوصِهِ يتصَيَّحُ التُّوم: البَيْض. وَقد هَصَرت وهُسْت ووَطَسْت: كسرت، وَأنْشد: تَطِسُ الإِكام بِذَات خُفٍّ مِيْثَمِ وَقَالَ قصدت العَود وَغَيره قصْداً: كسرْته، وَمِنْه قيل: والقَنا قِصَدٌ: أَي كِسَرٌ، وَقَالَ هِضْته هَيْضَاً مثله والفَصْم نَحوه. ابْن دُرَيْد: انفصم الشّيء: انصدع ولمَا ينكسر، وَكَذَا فُسِّر قَوْله تَعَالَى: (لَا انفِصامَ لَهَا) ، وَقَالَ رفضْت الشّيء أرفضُه رفضاً فَهُوَ مرفوض ورَفيض: كسرتُه ورُفاض الشّيء ورفضُه مَا تحطَّم مِنْهُ وتفرَّق. ابْن السّكيت: قصَمت أقصِم قصماً والقصَم: أَن تَنْقَسِم السّنُّ من عرضهَا يُقَال أقصَم الثّنيَّة بيِّن القصَم. أَبُو زيد: قَصِمَتْ سِنُّه فَهِيَ قَصِمَة كَذَلِك والقِصْمَة الْقطعَة من السّواك، وَفِي الحَدِيث: (وَلَو بقِصْمَة السّواك) . ابْن السّكيت: فصمْت أفصِم فَصماً وقصفت الْعود أقصِفه قصفاً: إِذا كسَرْته، وعودٌ قَصِف: بيِّن القصف إِذا كَانَ خوارا، وَقَالَ: عفَتُّ أعفِتُ عَفْتاً فَهَؤُلَاءِ الثّلاثة فِي الرّطب واليابس وَهُوَ الْكسر لَيْسَ فِيهِ ارفضاض وَقد تقدم العَفْتُ فِي كسر الْكَلَام. ابْن دُرَيْد: إِنَّه لَمِعْفَتٌ مِلْفَت: إِذا كَانَ يَعْفِتُ كل شَيْء، ويَلْفِتُه أَي يَثْنيه ويَعْطِفه ويَدُقُّه ويَكْسِره. صَاحب الْعين: الجَذُّ: الْكسر للشَّيْء الصلب جذذته أجُذُّه جَذّاً وجذذته فانْجَذَّ وتَجَذَّذ والجُذاذ القِطَع المنكسرة. ابْن السّكيت: غضَفت أَغْضِف غَضْفاً وَالِاسْم الغَضَف وخَضَدْت أخضِد خَضْداً وغرَضْت أَغْرِض غَرْضاً فَهَؤُلَاءِ الثّلاث الْكسر الَّذِي لم يبن من رطب أَو يَابِس. وَقَالَ: تمَّمْت الْكسر وَذَلِكَ إِذا كَانَ عَفِتاً فأبَنْتَه، وَقَالَ: شَدَخْتُ شَدْخاً وثمَغْت أَثْمَغ ثَمْغاً وفَدَغْت أَفْدغَ فَدْغاً وفَدَخْت أَفْدَخ فَدْخاً وثَلَغْت أَثْلَغ ثَلْغاً كَذَلِك. صَاحب الْعين: شَلَغ رأسَه كثَلَغه. ابْن السّكيت: ورضَحْت أرضَح رَضْحاً فَهَؤُلَاءِ السّتُّ يكنَّ فِي الرّطب من كل شَيْء. صَاحب الْعين: الرّضْح: كسرك النّوى والعظم وَغَيرهمَا من الشّيء الْيَابِس بِالْحجرِ، رَضَحْتها أرْضَحُها رَضْحاً وَاسم الْحجر المِرْضاح وَالْخَاء فِيهِ لُغَة، والرَّضْخ كسر الشّيء الْيَابِس وَأنْشد: خبطناهم بكلِّ أَرَحَّ لَدْنٍ كمِرصاخ النّوى عَبْلٍ وقاح والرَّضَخَة: النّواة التّي تطير من تَحت الْحجر. غَيره: سمعتُ صَخَّ الصَّخْرَة وصَخيخَها: إِذا ضربتَها بِحجر أَو غَيره فسمعتَ لَهَا صَوتا وكلُّ صوتٍ من وَقع صَخْرَة وَنَحْوه صخّ. صَاحب الْعين: الشّدْخ: كسر الشّيء الأَجوف، شَدَخَه يَشْدَخُه شَدْخاً فانْشَدَخَ وتَشَدَّخ. أَبُو زيد: الشّدْخ كسر كل شَيْء رطب. ابْن السّكيت: رضَضْتُ الأَرْض رضّاً كرفضْتُ. أَبُو حَاتِم: رَضاض كل شَيْء كُسارُه وشيءٌ مَرْضوض ورَضِيض. أَبُو زيد: ارتضَّ الشّيء: تكسَّر. ابْن دُرَيْد: الرَّضْرَضَة: كَسْرُك الشّيء، والرَّضْراض: الْحَصَى الصغار. ابْن السّكيت: هرَسْت أهرُس هرساً: وَهُوَ الدّقُّ فِي المِهراس. أَبُو زيد: هُوَ دَوْكُ الشّيء بالشّيء العريض، وَاسم الْآلَة المِهراس، والهريس مَا هُرِس. أَبُو المضاء: الهريس: الحَبُّ المهروس قبل أَن يُطبخ فَإِذا طبخ فَهُوَ الهريسة وَمِنْه هَذِه الهريسة المتَّخذة. ابْن دُرَيْد: سَحقْت أسحَق سَحقاً وَهُوَ أشدُّ الدّقِّ، وسحَقَت الرّيح الأَرْض: إِذا(4/30)
عفَّت الْآثَار وانتسفَت الدّقاق، وَمثل السّحق الدّق، السّهْك: سهَكْت أسهَك سهْكاً، وَالرِّيح تسهَك كَمَا تسحَق، والسّهْج كالسّهْك سهجتُه أسهَجُه سهْجاً. ابْن السّكيت: كزَمَ الشّيء يكْزِمُه كَزْماً: كَسره بمقدَّم فِيهِ، والعَيْر يكزم من الحَدَج. وَقَالَ: ردَيْتُ الْحجر بصخرة أَو بمعولٍ: إِذا ضربْتَه بهَا لتكسِرَه، والمِرادة: الصَّخرة التّي تكسر بهَا الْحِجَارَة. ابْن دُرَيْد: تكَّ الشّيء يتُكُّه تَكّاً: وطِئَه حَتَّى شدخَه وَلَا يكون إلاّ من شَيْء ليِّن نَحْو الرّطب والبِطِّيخ، وَقَالَ: هتَّ الشّيء يهُتُّه هَتّاً: إِذا وطِئَه وطئا شَدِيدا حَتَّى يكسرهُ وَهُوَ مهتوت وهَتيت، وتركهم هتَّاً بتَّاً أَي كسرهم وقطعهم، وَسمعت هتَّ قَوَائِم الْبَعِير أَي صَوت وقعها، وهتْهَته كَهَتَّه والكَسُّ: الدّقُّ، وَقد كسَسْت أكُسُّ وَمِنْه الكَسيس وهولحم يجفّف على الْحِجَارَة فَإِذا يبس دُقَّ حَتَّى يصير كالسّويق ويُتَزوَّد فِي الأَسفار، وخبزٌ كَسيس ومَكْسوسٌ ومُكَسْكَسٌ: مكسورٌ، وَقَالَ: هَصَّ الشّيء يَهُصُّه هَصّاً: وطِئَه فشدَخَه فَهُوَ مهصوصٌ وهَصيص وَبِه سُمِّي الرَّجُل هُصَيصاً، وَقَالَ: هكَكْت الشّيء أهُكُّه هَكّاً: سحقته وَهُوَ مهكوك وهَكيكٌ، وَقَالَ: رفَتُّ الشّيء أرفُتُه وأرفِتُه رَفْتاً ورُفاتاً: كَسرته، ورفَتَ الْعظم نَفسه يرفُت رَفتاً، وعظمٌ رُفاتٌ، وَكَذَلِكَ الْجمع، وَيُقَال وهَتُّه وهْتاً: دُسْتُه دَوْساً شَدِيدا، والوَكْح: الْوَطْء الشّديد وَقد وكحه. غَيره: هَفَت يهفِت هَفتاً: دّقَّ وكل مَا تناثر فقد تهافت كقِطع الثّلج والبرَد إِذا تساقط قطعا وَمِنْه تهافت الفَراش فِي النّار. صَاحب الْعين: فتَتُّ الشّيء أفُتُّه فَتّاً: دققْته وَقد انفتَّ وتفتَّتَ والفُتات مَا تفتَّت مِنْهُ والفَتيت والفَتوت المفتوت وَقد غلب على مَا فُتَّ من الْخبز. وَقَالَ: انقاصَ الشّيءُ وتقيَّص: انصدع وَلم يبِن، وانقاض: تكسَّر فَبَان ويروى بَيت الهُذَلي بالصَّاد والضّاد فِراقٌ كقَيضِ السّنِّ فالصَّبرَ أنَّه لكلِّ أُناسٍ عَثرَةٌ وجُبورُ وَقَالَ: قصْمَلْتُ الشّيء: كَسرته وَكَذَلِكَ كسمته وانْجَزَعَت العَصا انْكَسَرَت بنصفَيْن، وَقد تقدم أَن الإِنجزاع انْقِطَاع الْحَبل بنصفين، وَقد تقدّمت اشتقاق الإِنجزاع وعامَّة مَعْنَاهُ. والهَتْم: دقُّكَ الشّيء حَتَّى يُسْحَق هتمْتُه أهتِمه هَتماً. أَبُو عُبَيْد: الهُتامة: مَا يُهْتَم من الشّيء وَيكسر مِنْهُ. ابْن دُرَيْد: هتَمْتُه أهتِمُه هَتماً، كَذَلِك وَقَالَ: وهَثْتُ الشّيء وَهْثاً: وطِئته وطئا شَدِيدا، وكلُّ شيءٍ لم تبالغ فِي دَقِّه فَهُوَ جريش وَقد جرشته أجرُشُه جَرْشاً إِذا حككتَه بحديدة أَو غَيرهَا حَتَّى يتحاتّ فَمَا سقط مِنْهُ فَهُوَ الجُراشة. والرُّحْضُ: دقُّ النّوى بِالْحِجَارَةِ حَتَّى ينفتّ فتعلفَه الإِبل، وَقَالَ: فحَضْت الشّيء أفحَضُه فَحضاً: شدخته يَمَانِية وَأكْثر مَا يسْتَعْمل ذَلِك فِي الرّطْب نَحْو القِثّاء والبطيخ. صَاحب الْعين: الفَضْخ: لكل شَيْء أجوف فضَخْته أفضَخُه فَضخاً وافتضخته. ابْن دُرَيْد: فضخت الرّطَبة وَنَحْوهَا من الرّطب، أَفْضَخُها فَضْخاً: شَدَخْتها. أَبُو عُبَيْد: بطَطْت الشّيء: شدختُه. ابْن دُرَيْد: خشَفت رَأس الرَّجُل بِالْحجرِ: فضخته بِهِ، وكل شَيْء فضختَه فقد خشَفته، وَقَالَ رَدَسْت الْحجر بِالْحجرِ أردُسُه وأردِسُه رَدْساً وَمِنْه اشتقاق مِرداس، وَقَالَ رهدْت الشّيء أرهَدُه رَهْداً: سقته سحقاً شَدِيدا، والمَدْق: الْكسر مدقتُه أَمْدُقُه، والهَدْق: الْكسر هدَق يهدِق، والدّهك: السّحق، دَهَك يَدْهَك، وَقَالَ مهَكْت الشّيء أمهَكُه مَهكاً ومهَّكْته: سحقته فبالغت. صَاحب الْعين: الرّدْخ: الْقطع. ابْن دُرَيْد: فتَغت الشّيء أفتَغُه فَتغاً: وطِئته لينشدخ وَهُوَ كالفدغ أَو نَحوه. صَاحب الْعين: قصمَلْت الشّيء قصْمَلَة: كَسرته وَقد تقدم انه الْقطع. ابْن دُرَيْد: الكَسْم: تفتيت الشّيء الْيَابِس بِيَدِك، كسَمْتُه أكسِمُه كَسماً، وَقَالَ دفَضَه دَفْضاً: كَسره يَمَانِية، قَالَ وأحسبهم يستعملونها فِي لحاء الشّجر إِذا دُقَّ بَين حجرين، والضّغْر: الْوَطْء الشّديد يَمَانِية مُماتٌ، وَقَالَ ضهَزْت الشّيء أضهَزُه ضَهزاً كَذَلِك وَلَيْسَ بثَبَتٍ، وَيُقَال هزَعْت الشّيء أهزَعُه هَزعاً وهزَّعْته: كَسرته، وَيُقَال طُسْت الشّيء طَوْساً وطِستُه: كَسرته، والوَطْس: الْوَطْء الشّديد، وَيُقَال هطَسْته أهطِسُه هَطْساً: كَسرته وَلَيْسَ بثَبَت، وَقَالَ هدَقت الشّيء فانهدَق: كَسرته. صَاحب الْعين: القَفْخُ: كسر الشّيء عَرْضاً، قفَخْت العَرْمَض قَفخاً: كَسرته عَن وَجه المَاء. ابْن دُرَيْد: فدَشْت الشّيء فَدْشاً:(4/31)
شدخته، وَقَالَ هسَمتة أهسِمُه هَسْماً وفَشَقْته أَفْشِقه فَشْقاً: كَسرته، والقَصْع: قَطْعك الشّيء بَين ظفريك حَتَّى يَنْفَضِح، وَقَالَ فَهَضْت الشّيء أفهَضُه فَهْضاً: شدخته، وَيُقَال مهَكْت الشّيء أمهكُه مَهْكاً: بالغت فِي سحقه أَو وطْئه، وهتا الشّيء هَتواً: كَسره وطْئاً برجلِه، والحِضاء تفتُّت الشّيء الرّطب خَاصَّة وانشداخه وَلَيْسَ بثُبت، والفجْش: وطئك الشّيء حَتَّى يَنْفَسِخ. أَبُو عُبَيْد: القَفْصَلة: الْكسر وَبِه سمي القَفْصَلان وهما بَابَانِ لِأَنَّهُمَا يكسران. صَاحب الْعين: الدّكْم: دقُّ الشّيء بعضه على بعض وكسره دَكَم يَدْكُم دَكْماً وعمَّ بِهِ بَعضهم. ابْن السّكيت: الرّهيك: مَا جُشَّ بَين حجرين، رهَكت الشّيء أرهَكُه رَهكاً وطحنت أطحن طحناً، والطّحن: الدّقيق نَفسه، وهشَمتُ أهشِم وَلَا يكون إلاّ فِي يَابِس أَو فِي الرّأس من الْجَسَد أَو فِي بيض. صَاحب الْعين: الهَشْم: كسرك الشّيء الأَجوف أَو الْيَابِس، هشَمته أهشِمه هَشماً فَهُوَ مهشوم وهشيم وَقد تهشَّم وانهَشَم، والهزم: كسرك الشّيء الأَجوف كالقثاء وَنَحْوه هزمته أهزِمه هزْماً فَانْهَزَمَ وكل مَوْضِع مُنْهَزِم من ذَلِك فَهُوَ الهَزمة وَالْجمع هَزمٌ وهُزومٌ. ابْن السّكيت: وهَطَه وَهْطاً: كَسره. ابْن دُرَيْد: الهَقْع: ضربك الشّيء الْيَابِس على الأَرْض حَتَّى تسمع صَوته وَهِي الهَيْقعة، والقَخْر كَذَلِك قخرَه يقخرُه قخراً. صَاحب الْعين: الدّعق لُغَة فِي الدّق. غَيره: وضعت الحَبَّ: دققته بَين حجرين وَاسم مَا يُتَّخذ من ذَلِك الحَبِّ الوضيعة، وانْحَسَف الشّيءُ فِي يدك: انفَتَّ. صَاحب الْعين: نحَزْت الشّيء أنحزُه نحزاً: دققته، والمِنحاز: المُدُقُّ وَمِنْه النّحائز وَهِي المضروبة من الإِبل وَقد تقدم أَن النّحز كالنّخْس وَأَنه الضّرب فِي الصَّدْر وَالرجل ينحز بصدره وَاسِطَة الرّحل أَي يضْربهَا. أَبُو زيد: دَغَم أَنفه يدغَمُه دَغماً: كَسره من بَاطِن.
3 - (الوَطْء والعَرْك)
غير وَاحِد: وطِئَه وَطئاً وَهُوَ الوِطاء والوَطاء وَقد أَوْطَأْته إِيَّاه، ورجُلٌ وَطِئٌ بيِّن الوَطاءة والوُطوءة والطَّأَة والطِّئَة. صَاحب الْعين: الغَمْز: الْعَصْر بِالْيَدِ، غمزه يغمِزُه غَمزاً. ابْن دُرَيْد: ضَكَّه يَضُكُّه ضَكّاً وضَكْضَكَة: غَمَزَه غَمْزاً شَدِيدا وضَكَزَه يَضْكُزُه ضَكْزاً كَذَلِك. غَيره: المُتَوَزِّم: الشّديد الْوَطْء. ابْن دُرَيْد: المَثْطُ: غمزُكَ الشّيء بِيَدِك، والهَتْهَتَة: الْوَطْء الشّديد وَكَذَلِكَ الضَّهْت والضَّهْز، ضَهَتَه يَضْهَتُه ضَهْتاً وضَهَزه يَضْهَزُه ضَهْزاً. غَيره: وهَتَه وَهْتاً كَذَلِك، والخَبْط: الْوَطْء الشّديد. صَاحب الْعين: هُوَ من أَيدي الدّوابّ، والخبط مَا خبَطَته الدّواب: أَي كسرتْه. ابْن دُرَيْد: رَخَّ الشّيء وطِئَه فأرخاه وَأنْشد: فلبَّده مشي القطار ورَخَّه نِعاجُ رُؤافٍ قبل أَن يتشدّدا أَبُو زيد: الرّخاء: الأَرْض المنتفخة تُكسر تَحت الْوَطْء وَجَمعهَا الرّخاخيّ. أَبُو زيد: الضّعْز: الْوَطْء الشّديد. ابْن دُرَيْد: الرّتْع: الْوَطْء الشّديد يَمَانِية. وَقَالَ: رهَسَه يَرْهَسُه رَهْساً كَذَلِك. صَاحب الْعين: الْهَمْز: الْعَصْر وَقد همَزْت رَأسه وهَمَزْت الجوزةَ بيَدي أَهْمِزُها هَمْزاً وَأنْشد: وَمن هَمَزْنا رأسَه تهشَّما وَبِه سميت الْهمزَة من الْحُرُوف لِأَنَّهَا تُهمَز فتُهَتُّ فتَنْهَمِز عَن مخرجها، والوَهْس: شدَّة الْوَطْء بالرِّجل، والغمز وَقد تقدم أَنه الْكسر. أَبُو عُبَيْد: الوَهْس: شدَّة الْوَطْء وَقد وهسَه وَهساً. صَاحب الْعين: رَجلٌ وَهْسٌ: موطوءٌ بِالْيَدِ. ابْن دُرَيْد: دحَجَه دَحجاً وذحَجَه: عرَكَه كَمَا يُعرَك الأَديم. وَقَالَ: ساك الشّيء سَوْكاً: دَلَكَه.
3 - (العَضُّ)
صَاحب الْعين: العضُّ: الشّدُّ بالأسنان على الشّيء وَقد عضِضْتُه وعضِضْت عَلَيْهِ وعضَضْت أعَضُّ بِالْفَتْح(4/32)
فيهمَا حَكَاهُمَا سِيبَوَيْهٍ قَالَ وَهُوَ نَادِر وَلَيْسَت بمعروفة يذهب إِلَى أَن حرف الْحلق أوّلا لَا يُسَهِّل فتحَ الْعين فِي يفعل. ابْن السّكيت: عضَضْت عضّاً وعَضيضاً وعِضاضاً. صَاحب الْعين: العَظُّ لُغَة فِي العضِّ وَقد أَفَظَّه الله وأَعَظَّه: أَي جعله فَظّاً لَا يحب أحدٌ قُرْبه وَجعله ذَا عِظاظ من سوء خلُقه أَي ذَا مشقَّة. أَبُو عُبَيْد: الزّرُّ: العَضُّ زَرَرْتُه أزُرُّه زَرّاً، وَسَأَلَ أَبُو الأَسود الدّؤلي عَن رجل فَقَالَ مَا فعلت امْرَأَته التّي كَانَت تُشارُّه وتُهارُّه وتُزارُّه وتمارُّه: يَعْنِي تلوّى عَلَيْهِ وَهُوَ من الشّيء الممرّ المفتول. والعَذْم: العضُّ. صَاحب الْعين: عَذَم يَعْذِم عَذْماً وَفرس عَذِمٌ وعَذوم. ابْن دُرَيْد: المِسْحَجُ: العضّاض والمساحج آثَار العضّ. أَبُو عُبَيْد: المُسَحَّج: المُعضَّض. وَقَالَ: كَدَمَ يكدِم ويكدُم كَدْماً: عضَّ. ابْن السّكيت: الكَدْم بالفم وَهُوَ التّمشُّش أَو التّعرُّق وَأَصله فِي تعرُّق الْعظم، والكَدَم: أثر العضّ. صَاحب الْعين: حمارٌ مُكَدَّمٌ. أَبُو عُبَيْد: الكُدامة: مَا يُكدم من الشّيء وَقيل هُوَ بَقِيَّة كل شَيْء أُكِل، والدّواب تكادِم الْحَشِيش بأفواهها إِذا لم تستمكن مِنْهُ، والكُدَمُ: الْكثير الكَدْم وَقد يسْتَعْمل الكدم فِي عض الْجَرَاد وأكلها للنبات. صَاحب الْعين: الكَدْح: الكدم وحمارٌ مُكَدّح. أَبُو عُبَيْد: أزَمَ عَلَيْهِ: إِذا قبض بفمه. أَبُو زيد: أزَمْتُ يَده وعَلى يَده. صَاحب الْعين: الأَزْم: الْقطع بالأنياب، والأوازم والأُزُم: الأَنياب. ابْن السّكيت: أَزَمْت عَلَيْهِ آزِم أَزْماً وأُزوماً وَذَلِكَ أَن يمْلَأ فَاه ثمَّ يَكْرِزَ عَلَيْهِ وَلَا يرسلَه قَالَ وَقَالَ عِيسَى بن عمر كَانَت لنا بطة تأزم: أَي تعَضُّ وَمِنْه قيل للسّنة الجديدة أزِمَة وأزْمة وأزوم وأزامِ بِكَسْر الْمِيم. وَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ للحرث بن كلدة: مَا الطّبُّ ? فَقَالَ: الأَزْم: يَعْنِي الحمية وإمساك الْفَم عَن الطّعام فَإِن عضّه بِفِيهِ فقد نَهَسَه يَنْهَسُه نَهْساً. أَبُو زيد: النّهْش: تناولك الشّيء بفمك لتعَضَّه فتؤثر فِيهِ وتجرحه نهَش ينهِش وينهَش نهْشاً وَكَذَلِكَ نهْش الحيَّة وَقد تقدم، فَأَما نهش السّبع فَأن يتَنَاوَل الطّائفة من الدّابة فَيقطع مَا اخذ مِنْهُ فوهُ، وَقد يكون النّهش أَيْضا بِاللِّسَانِ إِذا أخذت صَاحبك بلسانك. ابْن السّكيت: انتهشه الْكَلْب وَالذِّئْب والحيَّة وَهِي عضَّة سريعة المَيْش. أَبُو عُبَيْد: بزَم الشّيء: عضَّه بِمقدم فِيهِ. ابْن السّكيت: بزَمْت بِهِ أبزِم بَزماً: وَهُوَ العضُّ بالثّنايا دون الأَنياب والرَّباعيّات أُخذ ذَلِك من بَزْم الرّمي وَهُوَ أخذك الوترَ بالإبهام والسّبّابة ثمَّ ترسل السّهم. ابْن دُرَيْد: وزَمَه وَزْماً وضَهَسَه يضهسُه ضَهساً: عضَّه بِمقدم فِيهِ، وَفِي الدّعاء: (لَا يَأْكُل إلاّ ضاهِساً وَلَا يشرب إلاّ قارساً وَلَا يحلُب إلاّ جَالِسا) يُرِيدُونَ لَا يَأْكُل مَا يتَكَلَّف مضغه إِنَّمَا يَأْكُل النّزر الْيَسِير من نَبَات الأَرْض يَأْكُلهُ بِمقدم فِيهِ والقارس الْبَارِد أَي لَا يشرب إلاّ المَاء القَراح وَلَا يحلب إلاّ جالسّاً يُدعى عَلَيْهِ بحلْب الْغنم وَعدم الإِبل. أَبُو عُبَيْد: الهَمْس: العَضُّ وَقد تقدم أَنه سرعَة الأَكل. ابْن السّكيت: قطَمت الشّيء أقطِمُه إِذا عضِضْته بأطراف أسنانك لتنظر مَا طعمه. ابْن دُرَيْد: القُطامة: مَا قطمته بفيك ثمَّ أَلقيته وَمِنْه قطم الفصيل النّبت إِذا أَخذه بمقدّم فِيهِ قبل أَن يستحكم أكله، وَقَالَ كَزَمْت الشّيء أكزِمُه كَزْماً: إِذا كَسرته بِمقدم فِيك. ابْن السّكيت: ضغَمت بِهِ أضغَم: وَهُوَ أَن تملأ فَاك مِمَّا أهويت قَصده مِمَّا يُؤْكَل أَو يُعَضُّ وَمِنْه قيل للأسد ضَيْغَمٌ. أَبُو حَاتِم: الضّغْم: العضُّ عامَّة، والضّيغم الأَسد الْوَاسِع الشّدق مِنْهُ. ابْن دُرَيْد: الضّغامة مَا ضغمته ولفظتَه. ابْن السّكيت: عَجَمْت الْعود أَعْجُمُه عَجْماً: إِذا عَضَضْته بأسنانك لتنظر أصُلْب هُوَ أم خَوّار. صَاحب الْعين: الخَدْب بالنّار: شَقُّ الْجلد. ابْن دُرَيْد: كشَوت الشّيء كَشْواً إِذا عضضته فانتزعته بفيك. أَبُو عُبَيْد: أضَزَّ الْفرس على فأس اللِّجام: أزَم، وعقَّ بِفِيهِ: عضَّ، وَقَالَ ضرست الرَّجُل أضرُسُه ضَرساً: إِذا عضِضته بأضراسك. ابْن السّكيت: الضّرْس أَن يعلّم الرَّجُل قِدحَه بِأَن يعَضَّه بِأَسْنَانِهِ فيؤثّر فِيهِ وَأنْشد: وأصفر من قِداح النّبع فَرْع بِهِ عَلَمان من عقْبٍ وضَرْس والضّرَس: أَن يضرَسَ الإِنسان من شيءٍ حامض. ابْن دُرَيْد: ضرَّس فريسته: مضغها وَلم يبتلعها. أَبُو(4/33)
عُبَيْدة: وَقَالُوا ضرَّستْه الْحَرْب كَمَا قَالُوا عضَّته على الْمثل وَهِي حَرْب ضروس لِأَنَّهَا سَاءَ خلُقها كَمَا قَالُوا نَاقَة ضَروس. أَبُو عُبَيْد: يُقَال للحمار يكْدِم الحُمُرَ ترك فِيهَا نَسيفاً: يَعْنِي آثَار العضّ. صَاحب الْعين: القَصملة: شدَّة العضّ وَالْأكل، وَقَالَ الْفرس يصكُمُ: إِذا عضَّ على لجامه ثمَّ مدَّ رَأسه كَأَنَّمَا يُرِيد أَن يغالبه، والضّرزمة: شدَّة العضِّ والتّصميم عَلَيْهِ، وأفعى ضِرْزَمٌ: شَدِيدَة العضِّ وَقد تقدم، والنّجذ: شدَّة العضِّ بالنّاجذ وَهِي السّن بَين النّاب والأضراس، وَقَالَ شَصَّ الإِنسان يشِصُّ شصيصاً: عضَّ بنواجذه على شَيْء صبرا، وأصمى الْفرس على لجامه: عضَّ وَمضى. أَبُو زيد: الثَّغْثَغَة: عضُّ الصبيّ قبل أَن يُثغِرَ، قيل هُوَ أَن يبلَّه بريقه فَلَا يُؤثر فِيهِ.
3 - (الْقلب والكَبُّ)
الْأَصْمَعِي: كببت الشّيء أكُبُّه كَبّاً وكَبْكَبْته: قَلَبْته فانْكَبَّ. ابْن دُرَيْد: بكْبَكْته كَذَلِك. صَاحب الْعين: الرّكْس: قلب الشّيء على رَأسه أَو ردُّ أوَّله على آخِره وَقد ركسه يركُسُه رَكْساً فَهُوَ مركوسٌ وركيسٌ وأرْكَسَه فارتكس والنّكس كالرَّكس نكَسَه ينكُسُه نكساً فانتكس. ابْن دُرَيْد: كبا كَبْواً وكُبُوّاً: انكبَّ على وَجهه يكون ذَلِك لكل ذِي روح، وَقَالَ ثَلَبْت الشّيء: قلبته. أَبُو عُبَيْد: كفأت الإِناء: كبَبْته. ابْن الأَعْرابِي: أكْفأه كَفْأً وأكفأته لُغَة. أَبُو عُبَيْد: كَوَّسْت الرَّجُل: كببته على رَأسه وكاسَ هُوَ. ابْن السّكيت: ثلَبْتُه مثلُه وَكَذَلِكَ الخُبْزَة وَقد أقْلَبَتْ: حَان لَهَا أَن تُقلب.
3 - (العِثارُ)
عثَر الرَّجُل يعثِر ويعثُر عَثراً وعثوراً، وعثر الْفرس يعثُر عَثراً وعِثاراً، والعاثور: الْموضع يُعثَر فِيهِ، وَأَرْض ذَات عاثور: أَي مَتالِف، وكَبا كَبْواً: عَثَرَ وَقد تقدم فِي الانْكِباب.
3 - (آلَات الدّق)
أَبُو عُبَيْد: المُدقُّ والمِدَقُّ والمِدقَّة: الشّيء يُدق بِهِ وَأنْشد: يضربن جأباً كمُدقِّ المِعْطير قَالَ أَبُو عَليّ: المُدُقُّ جَعَلُوهُ اسْما للحجارة كالجلود. أَبُو عُبَيْد: المِيجَنَة: المِدقَّة وَجَمعهَا مواجن وَأنْشد: رِقابٌ كالمَواجِنِ خاظِياتٌ وأستاهٌ على الأَكوارِ كُومُ خاظيات: سمان غِلَاظ وَمِنْه قيل لَحْمه خظّاً بظّاً. أَبُو زيد: المِيجَنَة تُهمَز وَلَا تهمز وَالْجمع ماجن ومياجنُ. أَبُو عُبَيْد: بَيْزر القصّار: الَّذِي يدق بِهِ. ابْن السّكيت: هِيَ الإِرزَبَّة الَّتِي يُضرب بهَا فَإِذا قالوها بِالْمِيم خففوا الْبَاء وَأنْشد: ضربَكَ بالمِرزَبَة العودَ النّخِرْ ابْن دُرَيْد: المِحْضَجة والمِحْضاج والمِرْحاض والمِعْفاج: خَشَبَة صَغِيرَة تضرب بهَا الْمَرْأَة الثّوب إِذا غسلته. صَاحب الْعين: المِيْقَعة: خَشَبَة القصّار. أَبُو عُبَيْد: طرق النّجّاد الصُّوف: ضربه وَيُقَال للعود الَّذِي يضْرب بِهِ النّجاد مِطْرَق وَبِه سُميت مِطرقة الصَّائِغ. ابْن دُرَيْد: العَدْك: ضرب الصُّوف بالمطرقة يَمَانِية،(4/34)
والمِقْصَرة: خَشَبَة الْقصار وَيُقَال للقصار النّفْرَج وَالْجمع النّفاريج. أَبُو زيد: العُنْبُلَة: الْخَشَبَة التّي يُدق عَلَيْهَا بالمِهراس.
3 - (الرَّحى وَمَا فِيهَا)
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: رحى وأرْحاء، قَالَ: وَلَا نعلمهُ كُسِّر على غير ذَلِك وَحكى غَيره: أَرْحَيْته ورُحِّي. ابْن السّكيت: رَحَيَان ورَحَوان، وَقَالَ: رَحَيْت الرّحى ورَحَوْتها. أَبُو عُبَيْد: اللُّهْوة: مَا ألقيت فِي حجر الرّحى وَقد ألهَيْت الرّحى. أَبُو زيد: ألهيت فِيهَا مثله. أَبُو عُبَيْد: الرّائد: الْعود الَّذِي يقبض عَلَيْهِ الطّاحن. صَاحب الْعين: طَحَنْت أَطْحَن طَحْناً والطَّحْن والطّحين: الدّقيق، والطّاحونة: التّي تَدور بِالْمَاءِ وَهِي الطّحّانة والطّحان: الَّذِي يَلِي الطّحين وحرفته الطِّحانة. أَبُو عُبَيْد: طحنت بالرحى شَزْراً: وَهُوَ الَّذِي يذهب بِيَدِهِ عَن يَمِينه وبَتَّاً عَن يسَاره، وَأنْشد: ونطحن بالرحى شَزْراً وبَتَّاً وَلَو نُعطى المغازل مَا عَيِينا والثّفال: الْجلد الَّذِي يُبسط تَحت الرّحى. أَبُو زيد: وَهُوَ الثّفْل. الْأَصْمَعِي: وَهِي رحى مُثَفَّلَة. أَبُو زيد: إِذا جعلت بَين الأَرْض وَبَين الثّفال ثوبا أَو شَيْئا يَقِيه فَهُوَ الوِفاض وَهِي الوُفُض وَقد وَفَضْت الرّحى. أَبُو عُبَيْد: القُطْب: الْقَائِم الَّذِي تَدور عَلَيْهِ الرّحى، يُقَال قُطب وقَطب وقِطب. أَبُو عَليّ: الْجمع فِي لُغَة من ضم أَو كسر الأَقطاب وَفِي لُغَة من فتح قُطوب. ابْن دُرَيْد: الدّمْك: الطّحن، دمكت أدمُك دَمْكاً ورحى دَمُوك ودَمَكْمَك: سريعة الطّحن، والهِلال: الْقطعَة تنكسر من الرّحى، والقَعْسَرِيّ: الْخَشَبَة التّي تُدار بهَا رحى الْيَد، وَقد تقدم أَن القعسريّ الشّديد، قَالَ: الزمْ بقعسريِّها، وأَلْهِ فِي خُرْتِيِّها، تُطعمك من نَفِيِّها خُرْتِيِّها نَفْيها وأله: ألق فِي لُهوتها، والنّفي: مَا تلقيه الرّحى. أَبُو زيد: رحى مُخَذْرَفَة: وَهِي التّي يُجعل عود معروض فِي خَرْقها الأَعلى وَاسم الْعود الخُذروف. ابْن السّكيت: سَمِعت سَحيف الرّحى وحَفيفها وجَعْجَعَتها: كلهَا صَوتهَا إِذا طحنت، وَقد تقدم أَن الجعجعة الْقعُود على غير طمأنينة. صَاحب الْعين: رحى مُرْجَحِنَّة: ثَقيلَة وَأنْشد: إِذا زحفتْ فِيهِ رحى مُرجحنَّةٌ تبعَّجَ ثَجَّاجاً غزير الحوافِلِ ابْن السّكيت: زَلَّمت الرّحى: أدرتها، وَأنْشد: كأرحاءِ رقدٍ زلّمتها المناقِرُ وَقد تقدم فِي القِدْج.
3 - (التّناول وَأخذ الشّيء)
أَبُو عُبَيْد: التَّناوُش والنَّوْش: التَّناوُل. ابْن السّكيت: ناشه: تنَاوله ليَأْخُذ بِرَأْسِهِ. ابْن دُرَيْد: نَشْت الشّيء نَوْشاً: طلبته، ونَأَشْته أنْأَشُه نَأْشاً: تناولته. أَبُو حنيفَة: النّوْش: أَن تتطاول الإِبل والظباء والمعزى بأعناقها لأعالي الشّجر وأصل النّوْش: التّناول. قَالَ أَبُو عَليّ: وَقد قرئَ: (وأنّى لَهُم التّناوش) . فَمن لم(4/35)
يهمز فَهُوَ من النّوش كَمَا قُلْنَا وَمن همز فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن يكون من أَمريْن أَحدهمَا أَنه همز الْوَاو لانضمامها، الثّاني أَن يكون من النّأش وَهُوَ الطّلب والهمزة مِنْهُ عين، قَالَ رؤبة: أفحمني جارُ أبي الخاموش إليكَ نأْشَ القدَر النّؤْش فسره أَبُو عُبَيْدة بِطَلَب القدَر وَحَكَاهُ أَبُو الْحسن أَيْضا عَن يُونُس وَلم أر الْعَرَب تعرفه. ابْن السّكيت: بَهَش إِلَيْهِ بِيَدِهِ مثل نأش. أَبُو زيد: بَهَشَه بِيَدِهِ يَبْهَشُه بَهْشاً وبَهَش إِلَيْهِ بهَا: تنَاوله قصرت عَنهُ أَو نالتّه، وَقيل البَهْش: المُسارعة إِلَى أَخذ الشّيء وَرجل باهِش وبَهوش. صَاحب الْعين: النّهْز: التّناول بِالْيَدِ والنّهوض للتناول، وَقَالَ ناهزت الشّيء وانتهزته: تناولته من قرب وباذَرته وَهِي النّهْزة وَالْجمع نُهَز. ابْن دُرَيْد: هَمْلَط الشّيء: أَخذه وَجمعه. صَاحب الْعين: اللَّبْخ: الاحتيال للأخذ وَقَالَ: عافَصْته مُعافصةً وعِفاصاً: أَخَذته على غرَّة. أَبُو زيد: الفُرصة: النّهزة وَالْجمع فُرَص وَقد فَرَصْتها أَفْرِصها فَرْصاً وافْتَرَصْتها وتَفَرَّصتها: أصبتها وَقد أفْرَصْتك الفرصة: أمكنتك مِنْهَا. أَبُو عُبَيْد: أَفْرَصْتُك: أَمْكَنْتُك. والعَطْو: التّناول، وَقد عطوت، وَأنْشد: أَو الأُدْم المُوَشَّحَة العَواطي بأيديهِنَّ من سَلَمِ النِّعاف يصف الظّباء والموشحة التّي لَهَا طُرتان من جانبيها. ابْن جني: عطوت الشّيء بِغَيْر حرف. أَبُو زيد: عَطا بِيَدِهِ إِلَى الإِناء عطواً: إِذا تنَاوله وَهُوَ مَحْمُول قبل أَن يوضع على الأَرْض وَلَا يكون العطو إلاّ قبل أَن يوضع وَقد قدمت العَطُوّ من الجِداء والظباء، والعَطاء: نَوْل الرَّجُل السّمْح مِنْهُ فَإِذا أفردت قلت العَطِيَّة، وَالعطَاء المُعطى وَقد تقدم عَامَّة ذَلِك فِي بَاب الْعَطاء فتعاطَيْنا من اثْنَيْنِ وتَعَطَّيْنا كغَلَّقْت الأَبواب. صَاحب الْعين: تعاطيت الْأَمر: ركبته بِغَيْر حِلّة والتّعاطي: التّجرؤ من ذَلِك وَفِي التّنزيل: (فتعاطى فعقر) . وعاطَيْتَه الشّيء: ناوَلْته إِيَّاه، وَهُوَ يَتَعاطى مَعالي الأَمور وَقيل هُوَ يتعاطى الرّفعة ويتعَطَّى الْقَبِيح وَهُوَ يُعاطيني ويُعطيني: يناولني ويخدمني. أَبُو عُبَيْدة: مَا ازْدَهَفْت مِنْهُ شَيْئا: أَي مَا أخذت، وَأنْشد: سائلُ نُمَيْراً غَداةَ النّعْفِ من شَطِبِ إِذْ فُضَّتِ الخيلُ من ثَهلان مَا ازدهَفوا ابْن دُرَيْد: دَهَفْت الشّيء أَدْهَفه دَهْفاً وأدهَفْته: أَخَذته كثيرا، وَقَالَ: هُوَ يُقَرْضِم كل شَيْء: أَي يَأْخُذهُ، وَرجل قِرْضَم وقُراضِم يُقرضم كل شَيْء. ابْن السّكيت: القَبْض: تنَاول الشّيء بأطراف أصابعك وَقد قبَصْت والقَبْصَة دون القبضة. أَبُو زيد: الضّبْث: قبضك على الشّيء، والضّبث أَيْضا: إلفاؤك يدك بجِدٍّ فِيمَا تعمله وَقد ضبث بِهِ يضبِث بِهِ ضَبْثاً. أَبُو زيد: أهوتْ يَدي للشَّيْء وهوت: تناولته. ابْن دُرَيْد: بَشَشْت إِلَى الشّيء بيَدي: مددتها إِلَيْهِ لتتناوله، وتناهد الْقَوْم الشّيء: تناولوه بَينهم والرَّمِش: التّناول بأطراف الأَصابع واللمس بِالْيَدِ، رَمَشْته أرمُشه. والمَرْش: كالقَرْص مَرَشَه يمرُشُه والنّرْش: التّناول بِالْيَدِ وَلَا أعرف ذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامهم رَاء قبلهم نون وَقَالَ مَلَشْت الشّيء أملُشه ملشاً: إِذا فَتَّشْته بِيَدِك كَأَنَّك تطلب فِيهِ شَيْئا واللمص أَن تَأْخُذ الشّيء بِطرف أصابعك فتَلْطَغه كالعسل وَمَا أشبهه لَمَصَه يلمُصه. صَاحب الْعين: ذَوْقَل الشّيء: أَخذه وَأكله. أَبُو زيد: تَزَّوْلت الشّيء وزَوَّلته: أَخَذته. أَبُو عُبَيْد: أرجَع يَده: أَهْوى بهَا إِلَى كِنَانَته ليَأْخُذ سَهْما. صَاحب الْعين: الخَطْف: الْأَخْذ فِي سرعَة واستِلاب: خطِفَه وخطَفه يخطِفه وتَخَطَّفه واختطفه وَفِي التّنزيل: (فتَخْطَفُه الطّير) . وَفِيه: (ويُتَخَطَّف النّاس من حَولهمْ) . سِيبَوَيْهٍ: خطفه واختطفه كَمَا قَالُوا نَزعه وانتزعه. صَاحب الْعين: القَمْط: الْأَخْذ والقَمَّاط: اللص مِنْهُ. ابْن دُرَيْد: لَقَثْت الشّيء لَقْثاً: أَخَذته أخذا سَرِيعا مُستوعباً(4/36)
وَلَيْسَ بثبت، والجَذْب: الْأَخْذ بِكَثْرَة وَهِي المُجاذَبة وَهُوَ يرجع إِلَى المُساهلة، والدّغْف: الْأَخْذ الْكثير، دَغَف يدغَف، والقَذْم: الْأَخْذ الْكثير. رجل قُذَم: كثير الْأَخْذ لما وجد. صَاحب الْعين: ضرب بِيَدِهِ إِلَى كَذَا: أَي أَهْوى. أَبُو عُبَيْد: المُعْتَصِر: الَّذِي يُصيب من الشّيء يَأْخُذهُ مِنْهُ، وَأنْشد: يَعْصِر فِينَا كَالَّذي تَعْصِرُ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (وَفِيه يعصِرون) . صَاحب الْعين: دَحَقْت يَده دَحْقاً: قصرت عَن تنَاول الشّيء. ابْن دُرَيْد: خَثْلَمْت الشّيء: أَخَذته فِي خُفية.
3 - (التّعلق)
أَبُو عُبَيْدة: تعلَّقت بالشّيء واعْتَلَقْت بِهِ وتَعَلَّقْته واعْتَلَقْته وعَلِقْته، وَأنْشد: إِذا عَلِقَت قِرْناً خطاطيفُ كفّه رأى الْمَوْت رَأْي العينِ أسودَ أحمرا وَقد يُقَال فِي الْعِشْق عَلِقته وعَلِقت بِهِ أَيْضا. أَبُو عُبَيْد: عَلَّقْت الشّيء بالشّيء وَمِنْه وَعَلِيهِ، والعِلاقة: مَا عَلَّقْته عَلَيْهِ وَبِه وأعلقت الشّيء جعلت لَهُ عِلاقة، والعَلَق: كل مَا عُلِّق. صَاحب الْعين: صَاحب الْعين: المِعْلاق والمُعْلوق: كل مَا عُلق من عِنَب أَو غَيره، ومَعاليق العقد: الشّنوف يُجعل فِيهَا من كل مَا يحسن فِيهِ. أَبُو زيد: مَا بَينهمَا عَلاقة: أَي شَيْء يتَعَلَّق بِهِ أَحدهمَا على الآخر ولي فِي هَذَا الْأَمر عُلوق ومُتَعَلَّق، فَأَما قَوْله: عَلِقَتْ من أسامةَ العَلاَّقَه فَإِنَّهُ عَنى الحيّة لتعلقها، وعَلِق بِهِ عَلَقاً وعُلوقاً: تعلّق، والعَلوق: مَا يَعْلُق بالإنسان. أَبُو عُبَيْدة: النّوْط: التّعليق، وَقد نُطُّته، والأنواط: العلائق، وَاحِدهَا نَوْط، وَفِي المثَل: عاطٍ بِغَيْر أنواط. وَقَالُوا هُوَ مِنْك مَناط الثّرَيَّا: أَي مُعَلَّقُها، وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ: وَإِن بَني حَرْبٍ كَمَا قد عَلِمْتُم مَناطَ الثُّريَّا قد تَعَلَّتْ نُجومُها أَبُو عُبَيْد: هَدَلْت الشّيء أهدِله هدلاً: أَرْسلتهُ إِلَى أَسْفَل. أَبُو حَاتِم: وَقد تهَّدل. أَبُو عُبَيْد: أغْدَفْت الثّوب كَذَلِك. أَبُو زيد: شَمَّرْته: أَرْسلتهُ، والأعرف قَلَصْته فَهُوَ ضِد. ابْن دُرَيْد: الشّانِص: الْمُتَعَلّق بالشّيء، شَنَص يشنُص شُنوصاً. صَاحب الْعين: تَطَوَّح فِي الْهَوَاء: ذهب وَجَاء.
3 - (الْملك)
ابْن السّكيت: هُوَ فِي مِلْكي ومَلكي وَقد مَلَكَه يملِكه مِلكاً، وَقد أبنتُ هَذَا فِي بَاب الْملك والسّلطان. أَبُو عُبَيْد: هُوَ لي بَرْدَة يَمِيني: إِذا كَانَ لَك مَعْلوماً. وَهِي لَك بَرْدَةُ نفسِها: أَي خَالِصَة.
3 - (الرِّفْق بالشّيء والسّياسة لَهُ وإخراجه وإظهاره)
ابْن دُرَيْد: رَفَق بِهِ يرْفُق رِفقاً ورَفُق ورَفِق. أَبُو زيد: رَفَقْت بِهِ وَله وَعَلِيهِ ورَفِقْت رِفْقاً: لَطَفْت وَهُوَ بِهِ رَفيق وأوْلاه رافِقَةً أَي رِفْقاً. أَبُو عُبَيْد: رَفَقْت بِهِ وأرْفَقْته، وَقَالَ: ضَحَّيْت عَن الشّيء وعَشَّيْت: رفقت بِهِ. ابْن(4/37)
دُرَيْد: أرْه على نَفسك: أَي ارفُق بهَا. أَبُو عُبَيْد: ضاهَأْت الرَّجُل وَغَيره: رفقت بِهِ. صَاحب الْعين: ضاهأت الرَّجُل بِمَعْنى ضاهَيْته وَلَا أعرف صِحَّتهَا. ابْن دُرَيْد: لم تفعل بِهِ المِهرة وَلم تعطه المهرة وَذَلِكَ إِذا عَالَجت شَيْئا فَلم ترفق بِهِ وَلم تحسن عمله وَكَذَلِكَ إِذا غذَّى إنْسَانا أَو دَابَّة فَلم يُحسِن. أَبُو عُبَيْد: آل رعيَّته أَوْلاً وإيالاً: أحسن سياستها، وَفِي الْمثل: قد أُلْنَا وإيلَ علينا. يَقُول وَلِينا ووُلِي علينا، وَقَالَ: خَزَوْت الرَّجُل: سُسْتُه. وَأنْشد: واخْزُها بالبِرِّ لله الأَجلّ أَبُو زيد: رَفَّهت عَنهُ: رفقت بِهِ وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ فِي ضيق فنَفَّسْت عَنهُ. صَاحب الْعين: الهَوْن والهُوَيْنا: التّؤدة والرفق والسّكينة، رجل هَيِّن وهَيْن وَالْجمع هَيْنون وَفرق بَعضهم بَين الهَيِّن والهَيْن، فَقَالَ: الهيِّن من الهَوان والهيْن من اللين وَتكلم على هِيْنَته: أَي على رِسله. أَبُو زيد: فَرَّطت الرَّجُل: كَفَفْت عَنهُ وأمهلته. ابْن السّكيت: انْنُ أؤُن أَوْناً: وَهُوَ الرّفق فِي السّير وَالْعَمَل. أَبُو عُبَيْد: الإِيشاء: إِخْرَاج الشّيء بالرِّفْق، وَقَالَ: انْتَجَفْت الشّيء: استخرجته، والمَنْجوف: المَحفور، وَأنْشد: إِلَى جَدَثٍ كالغار مَنْجوفِ أَبُو عُبَيْد: النّجاشِي: المُستخرِج للشَّيْء وَقد نجش الشّيء ينجُشُه نَجْشاً: استخرجه، والنّجْش: استثارة الشّيء. ابْن دُرَيْد: نجشت الصَّيْد وَغَيره أنجُشه نجشاً: استخرجته. أَبُو عُبَيْد: عَنَوْت الشّيء: أخرجته، وَأنْشد: تَعْنو بمَخروبٍ لَهُ ناضحٌ ذُو رَونقٍ يغذو وَذُو شلشلِ قَالَ أَبُو عَليّ هَذِه رِوَايَة المُصَنّف لمخروب وَرِوَايَة الْأَصْمَعِي فِي شعر المُتنخِّل الْهُذلِيّ المخروت، فالمخروب: المرقوع، والمخروت: المثقوب. أَبُو عُبَيْد: تنَصَّلْت الشّيء: أخرجته. أَبُو زيد: بحثت الشّيء أبحَثُه بحثا وتبحَّثْته: استخرجته. وَمِنْه تبحَّثْت الأَخبار. ابْن دُرَيْد: نبشت الشّيء نبشاً: استخرجته بعد الدّفن وَمِنْه نبش الْمَوْتَى والنّبَّاش فَاعل ذَلِك وحرفته النّباشَة. صَاحب الْعين: انتَشْت الشّيء: استخرجته، وَأنْشد: وانتاشَ عانِيَه من أهل ذِي قارِ ابْن دُرَيْد: خاشَ مَا فِي الْوِعَاء: أخرج مَا فِيهِ جَرْفاً وَقد انْسَلَت عَنَّا فلَان: انسلّ وهم لَا يعلمُونَ بِهِ.(4/38)
وَقَالَ: مَسَرْت الشّيء أمسُره مَسراً: استللته وأخرجته من ضيق. صَاحب الْعين: بَرِح الخَفاء: ظهر وَمِنْه الأَرْض البَراح الظّاهرة الواسعة وَقد تقدم، وَقَالَ: فعلت الْأَمر ضاحِيَةً: أَي بيِّناً وَقد وَضَح الشّيء وُضوحاً وضِحَة وتوَضَّح وأوضح وأوضحته ووضَّحته وأمرٌ واضِح ووضَّاح. أَبُو عُبَيْد: جَهَر الشّيء: عَلَن وجهرته أَنا وأجهرته. صَاحب الْعين: نَهَج الْأَمر وأنهج: وضح. والشّهرة: ظُهُور الشّيء فِي شُنْعَة، وَقد شَهَرْته أشهَره شَهْراً وشَهَّرْته واشتهرته وَرجل مَشْهُور وشَهير، وَأمر مَشْهُور ومُشْتَهِر. ابْن السّكيت: أشْرَرْت الشّيء: أظهرته، وَأنْشد: فَمَا برحوا حَتَّى رأى الله صبرهم وَحَتَّى اُشِرَّتْ بالأكفِّ المَصاحِفُ صَاحب الْعين: نَدَر الشّيء يندُر نُدوراً: سقط من جَوف شَيْء أَو من بَين أَشْيَاء فَظهر وَمِنْه نَوَادِر الْكَلَام لما شَذَّ مِنْهُ لظُهُوره. الْأَصْمَعِي: بدا الشّيء بَدْواً وبُدُوَّاً وبَداءً: ظهر وابْتَدَيْته أَنا وَقَالَ: مَرَيْت الشّيء وامْتَرَيْته: استخرجته. أَبُو زيد: بَان الشّيء واستبان وتبَيَّن وَأَبَان وبَيَّن. أَبُو حَاتِم: نَقَشْت الشّوكة بالمِنْقاش: استخرجتها. الْأَصْمَعِي: صَوَّأْت عَن هَذَا الْأَمر: استخرجته.
3 - (إخفاء الشّيء)
صَاحب الْعين: الخافِيَة: نقيض الْعَلَانِيَة وَقد خَفِي الشّيء خَفاءً فَهُوَ خافٍ وخَفِيّ والخَفاء: الشّيء الخَفيّ. ابْن السّكيت: فعله خَفْيَاً وخِفٍيَة وخُفْيَة. صَاحب الْعين: استخفيت مِنْهُ: استترت وَكَذَلِكَ اختفيت واختفيت الشّيء كخَفَيْته، والخِفاء: رِدَاء تلبسه الْعَرُوس على ثوبها تستره بِهِ وكل مَا سترت بِهِ شَيْئا فَهُوَ لَهُ خِفاء وَالْجمع أَخْفِيَة. أَبُو زيد: الغَفْر: السّتر، غفره يغفِره غفراً، وَقَالَ اصبغ ثَوْبك فَإِنَّهُ أَغفر للوسخ: أَي أستر لَهُ. ابْن دُرَيْد: غفرت الْمَتَاع فِي الْوِعَاء أغفِره غفراً: أدخلته فِيهِ. أَبُو زيد: كَنَنْت الشّيء أكُنُّه كَنَّاً وكُنوناً وأكْنَنْته: سترته والكِنّ والكِنان والكِنَّة: ستر كل شَيْء ووقاؤه وَالْجمع أكِنّة، وكننت الشّيء فِي صَدْرِي أكنه كُنَّا وأكننته كَذَلِك، وكننت عَنهُ أَمْرِي: أخفيته، وَقيل: أَكْنَنْت الشّيء: سترته، وكننته: صنته، واستَكَن الرَّجُل واكتَنّ صَار فِي كِنٍّ، واكْتَنَّت الْمَرْأَة: غطت وَجههَا حياءاً وَمِنْه الكانون المُصطلى كَأَن النّار اكتنّت فِيهِ. ابْن دُرَيْد: سترت الشّيء أستُره وأستِره سَتراً والسّتارة: مَا سترك من شمس وَغَيرهَا وَهِي السّترة والسّتْر وَالْجمع أَسْتَار وسُتور وَكَذَلِكَ حَجَبته أحجبه حجباً وحِجاباً واحتجب هُوَ والحاجب: البوّاب مِنْهُ وَجمعه حَجَبَة وخطته الحِجابة، وكل مَا حَال بَين الشّيئين حِجاب وَجمعه حُجُب، وَقَالَ: جَنَزْته أجنِزه جَنزاً: سترته، وَمِنْه اشتقاق الجَنازة. أَبُو زيد: دَبَأْت الشّيء: واريته. ابْن دُرَيْد: الجَلْهَزَة: إغْضاؤك على الشّيء وكتمانك إِيَّاه وَلَيْسَ بثبت، وَقَالَ: خَمَرْت الشّيء: غطيته وسترته وَكَذَلِكَ دَرْمَسْته وقَلْنَسْته: النّون زَائِدَة وَيُمكن أَن يكون اشتقاق القَلَنْسُوَة مِنْهُ، وَذكر عَن الْخَلِيل أَنه قَالَ: القَلْنَسَة: أَن يجمع الرَّجُل يَدَيْهِ فِي صَدره وَيقوم كالمتذلل. ثَعْلَب: هُوَ يُزَغْزِغ أمرا أَي يخفيه. أَبُو زيد: خَبَنْت الشّيء أخبِنُه خَبْناً: أخفيته. أَبُو عُبَيْد: أَضْبَأ على الشّيء: سكت عَلَيْهِ وكتمه. ابْن السّكيت: أَضَبًّ عَلَيْهِ وَقد ضَبَّ وضَبَّبَ. أَبُو عُبَيْد: ضَبَاْت: استخفيت. ابْن دُرَيْد: الخَمْن: الْأَخْذ فِي خُفْيَة، قَالَ: وَلَا أَحْسبهُ عَرَبيا مَحْضا، واللَّوِيَّة: مَا خبأته من غَيْرك وأخفيته. ابْن السّكيت: التّوَت الْمَرْأَة لَوِيَّة: ادخرت ذخيرة. صَاحب الْعين: والكُمون: الاستخفاء، كَمَنْت لَهُ أكمُن كُموناً وكمِنت وأكمَنْت غَيْرِي. ابْن دُرَيْد: وكل شَيْء استتر فقد كَمَن. صَاحب الْعين: مَحَاجِر الْقَوْم: مكامنهم والسّرّ: مَا أخفيت، وَالْجمع أسرار، وَهِي السّرِيْرَة. وَقد أسْرَرْته: كتمته وأظهرته. وسارَرْته مُسَارَّة: أعلمته بسري. ابْن دُرَيْد: لَطَّ على الشّيء وأَلَطَّ: ستر عَلَيْهِ وَالِاسْم اللَّطَط. صَاحب الْعين: طَمَر الشّيء طَمْراً:(4/39)
خبأه، والمَطمورة: حُفْرَة تَحت الأَرْض يُخبأ فِيهَا الطّعام. أَبُو زيد: كَمَيْت الشّيء كَمْياً وأكميته: سترته، وَمِنْه كمى شَهَادَته، وكل مَا سترك فقد كماك، ونَكَمَتْهُم الفِتن: غشيتهم. صَاحب الْعين: أضمرت السّر: أخفيته والضّمير: السّر وداخل الخاطر، وَقَالَ: جَنَنْت الشّيء، أجُنُّه جَنَّاً: سترته. ابْن السّكيت: وَمِنْه جَنَّه اللَّيْل يجُنّه جَنّاً وجُنوناً وجَنّ عَلَيْهِ وأجَنّه واجتننت عَنهُ واستجننت: استترت. صَاحب الْعين: ضَبَن الرَّجُل: إِذا خبأ شَيْئا فِي كَفه، والتّطْبيس: التّطبيق، وَقَالَ: وَرَّيْت الشّيء وَعنهُ: أظهرت خِلَافه وأرَّيْت لُغَة. أَبُو زيد: سَرِق الشّيء سَرَقاً: خَفِي. أَبُو حَاتِم: خبأت الشّيء: أخبأه خَبْئاً: أخفيته واختبأت مِنْهُ: استخفيت وَمِنْه الخَبيئة. صَاحب الْعين: الخُبْأَة: مَا خبأت من ذخيرة ليَوْم مَا. أَبُو زيد: ضَبَأْت فِي الأَرْض ضُبوءاً وضَبْئاً: اخْتَبَأْت، وَقَالَ: تَخَبَّأْت على الشّيء: إِذا أَخَذته فواريته وَكَذَلِكَ تَلَمَّأْت عَلَيْهِ وألمأت. الأَموي: بَأَرْت الشّيء وابتأرته: خبأته.
3 - (انتزاع الشّيء واجتذابه وغمزه)
صَاحب الْعين: نَزَعت الشّيء أنزِعه نَزعاً فَهُوَ مَنْزوع ونَزيع وانتزعته: يَعْنِي أزلته. سِيبَوَيْهٍ: انتزع: اسْتَلَبَ، وَأم نزع: فَهُوَ تحويلك للشَّيْء وَإِن كَانَ على نَحْو الاستلاب. صَاحب الْعين: وَنزع الأَمير عَاملا عَن عمله: أزاله مِنْهُ وَهُوَ على الْمثل، والقَلْع: انتزاع الشّيء من أَصله، قلعته أقلَعه قَلعاً وقَلَّعْته واقتلعته فانقلع وتقَلَّع واقتلع. سِيبَوَيْهٍ: قلعه: نَزعه وحوّله، واقتلعه: استلبه. صَاحب الْعين: قُلِع الْوَالِي قَلعاً وقُلعَة: عُزل وَهُوَ مِنْهُ والدّنيا دَار قُلْعة: أَي اقتلاع وَغَيرهَا منزل قُلَعَة وَهُوَ الْمنزل الَّذِي لَا تملكه والقُلْعة من المَال مَا لَا يَدُوم وَكله على الْمثل. ابْن السّكيت: رَمَاه بقُلاعة خَفِيفَة اللَّام: وَهُوَ مَا اقتلعه من الأَرْض. أَبُو عُبَيْد: صَلْمَعْت الشّيء: قلعته من أَصله، وَأنْشد: أَصَلْمَعَةُ بنَ قَلْمَعَةَ بنِ فَقْعٍ لَهِنَّكَ لَا أَبَا لَك تزدريني وَقَالَ: احتفيت الشّيء: اقتلعته من الأَرْض، وَقَالَ: أتيناه فارتَدَفْناه: أَي أخذناه أخذا. ابْن دُرَيْد: قَثْقَثْت الوتد وَغَيره: إِذا أرَغْته لتنتزعه. صَاحب الْعين: زعزعته: حركته. ابْن دُرَيْد: عَتَشْت الشّيء أعتِشُه عَتْشاً: اجتذبته، وَقَالَ: مَلَتُّ الشّيء أمْلُته مَلْتاً ومَتَلْتُه مَتلاً: زَعْزَعْته وحَرَّكْته، وَقَالَ: تَقَوَّب الشّيء: انْقَطع من أَصله وَمِنْه اشتقاق القُوباء وَمثل: تخلصَتْ قائبة من قُوب. أَي بَيْضَة من فرخ وَأَصله انْحِلاق الشّعر عَن الْجلد وَقَالَ: نَتَخْت الشّيء أنتَخه نتخاً: انتزعته من مَوْضِعه وَبِه سمي المِنتاخ. صَاحب الْعين: نتخت الشّوكة أنتِخها: استخرجتها والمِنتاخ مَا تُخرج بِهِ. ابْن دُرَيْد: مَتَسَه يمتِسه مَتساً: أراغه لينتزعه من نبت أَو غَيره والعَرْت: الانتزاع، وَقد عَرَتَهُ وَهُوَ الدّلْك أَيْضا والخَلْج: الانتزاع، خَلَجَه يخلِجه خَلجاً. صَاحب الْعين: اخْتَلَجْته وتَخَلَّجْته. ابْن السّكيت: وَمِنْه نَاقَة خَلوج: إِذا جُذب عَنْهَا وَلَدهَا بِمَوْت أَو ذبح فتحن إِلَيْهِ، وَقيل: هِيَ التّي تخْلِج السّير من سرعتها أَي تجذبه وَمِنْه الخَليج: الْحَبل لِأَنَّهُ يَخْلِج مَا شُدّ بِهِ أَي يجذبه واختلج الرَّجُل رمحه من مركزه: انتزعه. غَيره: انْقَعَب الشّيء: انقلع من أَصله، والقَعْثَرَة: اقتلاع الشّيء من أَصله. صَاحب الْعين: مَصَخْت الشّيء أمصخُه مَصخاً وامتصخته: جذبته من جَوف شَيْء آخر، وامتصخ الشّيء من الشّيء: انْفَصل. ابْن دُرَيْد: مر فلَان برمحه مَركوزاً فامْتَغَطَه وامتخطه: أَي انتزعه، والماخط: الَّذِي ينتزع الْجلْدَة الرّقيقة عَن الحُوار، وَقَالَ: مَعَدْت الرّمح أمعَده: انتزعته من مركزه. غَيره: زُحْت الشّيء زَوْحاً: أزحته عَن مَوْضِعه ونزعته، وزاح الشّيء يزوح ويَزيح زَيْحاً وزَيَحاناً: زَالَ عَن مَكَانَهُ، وأزحته أَنا. صَاحب الْعين: مَلَخْت الشّيء أملخُه مَلخاً وامتلخته: اجتذبته فِي استلال: يكون ذَلِك قبضا وعضّاً وامتلخت اللجام من رَأس الدّابة: انتزعته. ابْن دُرَيْد:(4/40)
امتلخت البُسرة من قشرها واللحمة من عظمها كَذَلِك. صَاحب الْعين: نَتَفْت الشّيء أنتُفه نتفاً وأنتِفه: جذبته واقتلعته. النّضر: كَدَدْت الشّيء أكُدُّه كَدَّاً: نَزَعته بيَدي. ابْن دُرَيْد: داقَه دَيْقاً: أراغه لينتزعه، وَقَالَ: عَرَزْت الشّيء أعرِزه عرزاً: انتزعته انتزاعاً عنيفاً. والعَشْط: اجتذابك الشّيء مُنتزعاً لَهُ. عشطته أعشِطه وَمِنْه اشتقاق العَشَنَّط وَهُوَ الطّويل. صَاحب الْعين: الجَرّ: الجذب جرّه يجُرّه جَرّاً واستجرّه واجتَرَّه. ابْن دُرَيْد: الجذب النّشْع: انتزاعك الشّيء بعنف، والنّشاعة: مَا انتشعته، وَقد عَلَضْت الشّيء أعلِضه علضاً: إِذا حركته لتنتزعه كالوتد وَمَا أشبهه، وهَلَضْته أهلِضه هلضاً: انتزعته، وَقَالَ: نُضْت الشّيء نَوْضاً: إِذا عالجته لتنتزعه كالغصن والوتد، وَيُقَال جَفَأْت الشّيء أجفأه جَفئاً: انتزعته، وأصل ذَلِك أَن تنتزع الشّجيرة من أَصْلهَا. أَبُو حنيفَة: كل شَيْء قلعته من أَصله فقد اقْتَعَفْتَه. ابْن الأَعْرابِي: زَحَّ الشّيء يزُحُّه زحّاً: جذبه فِي عجلة، وَقَالَ: لصلصت الوتد وَغَيره: إِذا حركته لتنتزعه وَكَذَلِكَ السّنان من الرّمح والضّرس. أَبُو عُبَيْد: الشّغْزَبَة: الْأَخْذ بالعنف وَمن ذَلِك اعتقله الشّغزبية. ابْن دُرَيْد: والغَسْلَبة: انتزاعك الشّيء من يَد الإِنسان كالمغتصب لَهُ، والقَعْثَرة: اقتلاعك الشّيء من أَصله، والفَفْثَلَة: جرفك الشّيء بِسُرْعَة، وَقَالَ: خَرْفَج الشّيء: أَخذه أخذا كثيرا وَأنْشد: خَرْفَجَ مَيَّادُ أبي ثُمامه إِذْ أمكنتْه سُوقها اليمامه والدّعْلَجَة: الْأَخْذ الْكثير، وَأنْشد: يأكلْنَ دَعْلَجَةً ويشبع من عَفا وَقَالَ: قَفْطَلَه من يَدي: اختطفه. غَيره: خَرْبَقْت الشّيء: جذبته نَحْو شَيْء تجذبه من شَيْء فتشقه طولا. ابْن السّكيت: نزع ضرسه وامتلَخ ضرسه. ابْن دُرَيْد: رَكَكْت الشّيء بيَدي فَهُوَ مَرْكوك ورَكيك: غمزته لأعرف حجمه. وحَثْرَفْته: زعزعته وَلَيْسَ بثبت، وَقَالَ: ضَبَكْت الرَّجُل وضَبَّكْته: غمزت يَده يَمَانِية، والمَثْط والنّثْط: غمزك الشّيء بِيَدِك على الأَرْض وَلَيْسَ بثبت، والوَحْص: السّحب عنفاً، وَقد وحصه يَمَانِية، وَقَالَ: فَصَعْت الشّيء أفصعُه فَصعاً: إِذا دلكته بأصبعيك ليلين فينفتح عَمَّا فِيهِ. صَاحب الْعين: سَفَع بناصيته وَيَده وَرجله يسفَع سَفْعاً: جَبَذ، وسفع قَفاهُ يسفعُها سفعاً: ضربهَا.
3 - (قلَّة الرّفق بالشّيء)
صَاحب الْعين: العنف: قلَّة الرّفق بالشّيء وَقد عَنُفَ بِهِ عُنْفاً فَهُوَ عَنيف وَالْجمع عُنُف وَقد أعْنَفَه وعَنَّفَه واعتنفت الشّيء: أَخَذته فِي شدَّة، وَقيل: العنيف: الأخرق بِمَا عمل وَولي، عَنُفَ بِهِ عُنْفاً وأعنفه وعَنَّفَه.
3 - (أَخذ مَا ارْتَفع للْإنْسَان من شَيْء)
أَبُو عُبَيْد: مَا يُوجِف لَهُ شيءٌ إلاّ أَخذه: أَي مَا يرْتَفع، وَكَذَلِكَ مَا يُشْرِف ويُطِفّ، وَقَالَ: خُذ مَا طَفّ لَك وأطَفّ واستطَفّ. وَقَالَ: ذَفّ الْأَمر يذِفّ واستذف: تهَيَّأ. ابْن دُرَيْد: نَضّ الشّيء ينِضّ نَضّاً: وَهُوَ أَن يمكنك بعضه وَأكْثر مَا يسْتَعْمل أَن يُقَال مَا نَضّ لي مِنْهُ إلاّ الْيَسِير وَلَا يومأ بذلك إِلَى كَثْرَة، وَقَالَ: هَذَا الْأَمر على حَبل ذراعك: أَي مُمكن لَك، وَقَالَ: راج الْأَمر رَوْجاً ورواجاً: جَاءَك فِي سرعَة وَكَذَلِكَ زَجا يزجو زَجاءً. أَبُو زيد: مَا يعوز لَهُ شَيْء إلاّ أَخذه وَمَا يعوز لَهُ كَذَلِك.(4/41)
3 - (بسط الشّيء)
صَاحب الْعين: بَطَحْت الشّيء أبطَحُه بطحاً فانبطح وتَبَطَّح. والرَّدْح: بَسَط الشّيء على الأَرْض حَتَّى يَسْتَوِي، وَقد جَاءَ فِي الشّعر مُرَدَّح بِمَعْنى مَرْدوح.
3 - (أَخذ الشّيء برمّته وأوله)
ابْن السّكيت: وعَبْت الشّيء وَعْباً وأوعبته واستوعبته: أَخَذته أجمع. أَبُو عُبَيْد: أوْعَب بَنو فلَان لبني فلَان: إِذا لم يبْق مِنْهُم أحد إلاّ جَاءَهُم وَقَالَ: أَخذ الشّيء بزَغْبَره وزَوْبَره وزَأْبَره. السّيرافي: بزابَرِه غير مَهْمُوز. أَبُو عُبَيْد: وجَلْمَته وزَأْبَجه وزَأْمَجِه وطَلِيفَته وحَذافيره. ابْن دُرَيْد: الحذْفار والحُذفور: أعالي الشّيء وَأنْشد: وَقد مَلأ السّيل حِذْفارها وَمِنْه قَوْلهم: أعطَاهُ الدّنيا بحذافيرها: أَي جَمِيعهَا. أَبُو عُبَيْد: أَخذه بجَرَامِيزه وجَذَاميره وحَذاميره ورَبَّانه ورُبَّانه وصِنايته وسِنايته، كل ذَلِك إِذا أَخذه فَلم يدع مِنْهُ شَيْئا. أَبُو زيد: أخذت الْأَمر بضنانته: إِذا أَخذه وَهُوَ طري لم يتَغَيَّر وَلم يتفرق وأخذته بغَراضَته مثلهَا. ابْن دُرَيْد: قَحَثْت الشّيء أقحَثُه قَحثاً: أَخَذته عَن آخِره، والاقتحاف: أَخذ الشّيء والذهاب بِهِ وَقَالَ: أدْرك الْأَمر بسِكَّنِه: أَي فِي حِين إِمْكَانه. ابْن السّكيت: أَخذه بأجْمَعِه وأجْمُعِه وصُبْرَته وأصْباره وأصِيلته وزَبوبَرِه ورَبْغِه وحَداثته وأزْمَله. صَاحب الْعين: الازْدِمال: احْتِمَال الشّيء كُله بِمرَّة وَاحِدَة. أَبُو زيد: خرج بأزْمَله: يَعْنِي جمَاعَة الْأَهْل وَالْمَال، وَقَالَ: أكل الضّبّ بقَلِيَّته: أكله كُله بعظامه وَجلده، وَخرج الْقَوْم بقَلِيَّتِهم: إِذا لم يتْركُوا أحدا. وَقَالَ: جَاءَ الْقَوْم القِمّة: إِذا جاؤا جَمِيعًا كلهم. وَقَالَ: جَاءَ بَنو فلَان بقُثاثَتِهم: أَي بِكُل شَيْء. ابْن السّكيت: جَاءَ الْقَوْم قَضُّهم بقَضيضهم وجاؤا على بكرَة أَبِيهِم. ابْن دُرَيْد: جَاءَ بَنو فلَان بحَفيلهم: أَي بأجمعهم. وَقَالَ: جَاءَ الْقَوْم جَمَّ الغَفير. قَالَ: والغَفير وصف لَازم. أَبُو زيد: أَخذ الْأَمر بقَوابله: أَي اسْتقْبل وَجه الْأَمر. ابْن دُرَيْد: اللَّمْء: أَخذ الشّيء بأجمعه، ولَمَأَه يلمأُه، والهَيْس: أخذك الشّيء بِكَثْرَة، وَقد هاس. ابْن السّكيت: أَخذه مُكَهْمَلاً: أَي بِجَمِيعِهِ. أَبُو زيد: خُذْهُ بجِنِّه: أَي كُله. ابْن دُرَيْد: أَخذ الْأَمر بجِنِّه، وجِنُّ كل شَيْء أَوله. صَاحب الْعين: الحافِرَة: الخِلْقَة الأولى، وَفِي التّنزيل: (أئنّا لمردودون فِي الحافرة) . أَبُو عُبَيْد: الرّيْعان: أول الشّيء، والعُنْفوان مثله. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: ونونه الْأَخِيرَة وواوه زائدتان لِأَنَّهُ من الاعتناف وَخص بَعضهم بِهِ أول الْخمر والنّبات والشّباب. أَبُو عُبَيْد: الرّيِّق مثله. أَبُو زيد: البُداهة: أول كل شَيْء وَمَا يَفجأ مِنْهُ بَدَهْته أَبْدَهه بَدْهاً. أَبُو عُبَيْدة: هِيَ البَديهة والبَديئة والبُداهة والبُداءة والبُدْهة والبُدأة. صَاحب الْعين: فلَان صَاحب بديهة: أَي يُصِيب الرّأي فِي أول مَا يُفاجأ بِهِ. وَقَالَ: بِكْرُ كل شَيْء أَوله وكل فَعلة لم يتقدمها مثلهَا فَهِيَ بِكْر، وَمِنْه يُقَال هَذَا بِكر أَبَوَيْهِ أَي أول ولد أَبَوَيْهِ. أَبُو زيد: أَشْرَاط الشّيء: أَوَائِله. ابْن دُرَيْد: فُرَّ الْأَمر جَذَعاً: استُقبل من أَوله. أَبُو حَاتِم: أَتَانَا على إبّان ذَلِك وتَئِفَّة ذَلِك: أَي أَوله. ابْن السّكيت: أَخَذته من رأسٍ وَلَا تقل من الرّأس. أَبُو زيد: خُذْهُ من الرّأس. ثَعْلَب: افْعَل ذَلِك آَثِراً مَّا: أَي أول شَيْء. قَالَ أَبُو عَليّ: افْعَل هَذَا أثِراً مَّا فَمَا هَهُنَا زَائِدَة لَازِمَة فِيمَا ذكر سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ غَيره: افعله أثِراً مّا فَمَا لَازِمَة للْأولِ للعوض المعاقب للْفِعْل وَهِي لَازِمَة هُنَا للتَّأْكِيد الَّذِي يَقْتَضِي آثِراً لَهُ على وَجه من الْوُجُوه فَصَارَت تقوم مقَام هَذَا الْكَلَام لَو قَالَ افعله أثِراً التّوجّه فِيهِ أَن يكون آثراً لَهُ على الْوَجْه الَّذِي ذكرته لَك فَكَانَ يُوهم هَذَا الْمَعْنى فَإِذا قَالَ مَا زَالَ الإِبهام كَمَا أَنه لَو قَالَ آثراً لَهُ على وَجه من الْوُجُوه زَالَ الإِبهام فَمَا هَهُنَا قد أفادت هَذَا الْمَعْنى وَإِن أشبهت التّأكيد فَهِيَ لَازِمَة الإِبهام بِخِلَاف الْمَعْنى الْمَقْصُود.(4/42)
3 - (الْأَخْذ وهيئته)
صَاحب الْعين: قَبِلْت الشّيء قُبولاً وتقَبَّلْته: أَخَذته، وَالله يتقَبَّل الْأَعْمَال من عباده وعنهم ويقْبَلُها. أَبُو زيد: اللَّقْط: أَخذ الشّيء من الأَرْض لَقَطته ألقطه لقطاً والتّقطته وَشَيْء مَلْقوط ولَقيط وَمِنْه قيل للمنبوذ لَقيط وَالِاسْم اللِّقَّاط واللُّقْطَة واللُّقَطَة واللُّقاطة واللَّقَط: مَا التّقطت. صَاحب الْعين: اللَّقْف: سرعَة الْأَخْذ لما يُرمى إِلَيْك بِالْيَدِ أَو بِاللِّسَانِ، لَقِفْته لَقفاً والتّقفته وتلَقَّفْته. ابْن السّكيت: لَقِفْته لَقفاً. ابْن دُرَيْد: قَفْطَل الشّيء من يَدي: اختطفه. صَاحب الْعين: البَطْش: الْأَخْذ مُغافَسةً، وَقَالَ: قَفَسْت الشّيء أقْفسُه قَفْساً: أَخَذته أَخذ انتزاع وغصب. صَاحب الْعين: ذَرَرْت الشَّيْء أذُرّه ذَرّاً: أَخَذته بأطراف أصابعك ثمَّ نثرته على الشّيء، والذُّرور: مَا ذَرَرْت، والذُّرارَة: مَا تناثر من الشّيء المَذرور.
3 - (إِحْدَاث الشّيء)
البَدْع: إِحْدَاث وَقد ابتدعته وبَدَعْته وَشَيْء بَديع مُبْتَدَع وَمِنْه بَدَعْت الرّكِيَّة أَي استنبطتها وَقد تقدم. والبِدْع: الشّيء الَّذِي يكون أَولا ولستُ ببِدْعٍ فِي كَذَا أَي لست بِأول من أصَاب هَذَا، وَفِي التّنزيل:: مَا كنت بِدْعاً من الرّسل (. والبِدْعَة: مَا ابْتُدع من الْأَدْيَان والآراء والأهواء والبّديع المُحْدَث العجيب والبَديع: المُبْدِع وَمِنْه:) بَديع السّماوات وَالْأَرْض (أَي مُبْتَدِعهما، والبِدْع والبَديع: المُبتدَع من كل شَيْء وَقد خُصِّصت بِبَعْض ذَلِك فِيمَا تقدم وكوَّنت الشّيء: أحدثته، والكَوْن: الحَدَث، وَالله مُكوِّن الْأَشْيَاء.
3 - (مُعْظَم الشّيء وجماعته)
العِظَم: ضد الصِّغَر، يَقع على الأجرام وَمَا تتجسم عَنهُ وَقد عَظُم عِظَماً وعَظامةً وعُظْماً وَقيل العُظْم الِاسْم وَشَيْء عَظِيم وعُظام: كثير وَالْأُنْثَى بِالْهَاءِ واستعظمت الشّيء رَأَيْته عَظِيما وتعاظَمَني عَظُم عِنْدِي وعَظَّمْته: كَبَّرْته وَمِنْه تَعْظِيم الله تَعَالَى وعَظَّمته: أنكرته لعِظَمه، والعَظيمة: الْأَمر الْعَظِيم المُنكر والتّاء للْمُبَالَغَة بمنزلتها فِي الدّاهية وَقد يجوز أَن يُعنى بهما النّكبة أَو الْحَالة والهَنة وَنَحْوهَا ومُعْظَم الشّيء وعُظْمُه: أكبره وأجلّه وَقيل عُظْمُه جُلّه وعَظٍمُه: نَفسُه، وأعظَمت بِهَذَا الْأَمر: جعلته عَظِيما وأعظمت بِهِ أَيْضا أنكرته. أَبُو عُبَيْد: الكَوْكَب من كل شَيْء: معظمه. ابْن دُرَيْد: خُضُمَّة الشّيء: معظمه وَكَذَلِكَ رُونَته وَمِنْه يومٌ أرْوَنان: إِذا بلغ الْغَايَة فِي فَرح أَو حزن. السّيرافي: أُسْطُمَّة الشّيء وسُطُمَّتُه: وَسطه ومعظمه، وَقَالَ: أُصْتُمَّة الشّيء: معظمه تميمية التّاءُ فِيهِ بدل من طاء. ابْن دُرَيْد: جَمْهَرْت الشّيء: أخذت جُمهوره وَهُوَ معظمه. أَبُو عُبَيْدة: الكَبْكَبَة: الْجَمَاعَة، ورُبّان الشّيء ورَبَّانه: جماعته وَقد تقدم. صَاحب الْعين: كَبِد كل شَيْء: معظمه ووسطه وَمِنْه كبد الرّمل والسّماء وَقد تقدم. وكِبْرُ الشّيء: معظمه وَكَذَلِكَ كُبْرُه والكِبَر نقيض الصِّغَر وَقد كَبُر فَهُوَ كَبير وكُبار وكُبَّار وَالْجمع كِبار وكُبَّرون، والمَكْبوراء: الكِبار، وَيُقَال: سادوك كَابِرًا عَن كابِر: أَي كَبِيرا عَن كَبِير، فَأَما قَوْلهم: الله أكبر: فَإِن بَعضهم يَجعله بِمَعْنى كَبِير، وَحمله سِيبَوَيْهٍ على الْحَذف كَمَا تَقول أَنْت أفضل، تُرِيدُ: من غَيْرك. وَقد كَبَّرْت: قلت: الله أكبر. وكَبَّرت الْأَمر: جعلته كَبِيرا، واستكبرته: رَأَيْته كَبِيرا.
3 - (الشّيء الْكثير)
ابْن دُرَيْد: كُثْر وكَثير. وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: كَثَّرْت الشّيء: جعلته كثيرا وأكثَرت يَا هَذَا: أتيت بِكَثِير، وأكثَر الله فِينَا مثلك: أَي أدخَل. قَالَ: وَقد قَالُوا: كَثَّرت فِي معنى أكْثَرت، والكُثْر: الْكثير وَقيل هُوَ مصدر الْكثير. غير وَاحِد:(4/43)
كثُرَ كَثَارَةً وَهُوَ كثير وكُثار: والكَثْرَة والكِثْرَة. ابْن السّكيت: هِيَ الكَثْرَة وَلَا تقل الكِثْرَة وحكاها غَيره. أَبُو زيد: كاثَرْناهم فكَثَرْناهم نكْثُرهم: أَي كُنَّا أَكثر مِنْهُم، والكَوْثَر: فَوْعَلٌ مِنْهُ وَبِه سمي النّهر وكل كثير كوثر حَتَّى إِنَّهُم ليقولون غُبَار كوثر، قَالَ أُميَّة بن أبي عَائِذ يصف الْحمار: يُحامي الحَقيقَ إِذا مَا احتدَمْنَ وحَمْعَمَ فِي كَوْثَرٍ كالجِلالِ أَبُو زيد: الجَخيف: الْكثير من كل شَيْء. أَبُو عُبَيْد: كثيرٌ بَذيرٌ وبَجيرٌ اتِّبَاع. ابْن دُرَيْد: البَرْخ: الْكثير الرّخيص، عُمانية وَقيل هِيَ بالعبرانية أَو السّريانية، والجَمَم والجَمّ: الْكثير من كل شَيْء، جَمَّ يجِمّ ويجُمّ جُموماً واستجمّ. صَاحب الْعين: أبَرَّ الرَّجُل: كثر وَلَده وأبرّ الْقَوْم كَثُرُوا وَكَذَلِكَ أعَرُّوا فأبرّوا فِي الْخَيْر وأعرّوا فِي الشّر. ابْن دُرَيْد: الأربَغ: الْكثير من كل شَيْء وَالِاسْم الرّباغة، والهَوْغ: الْكثير، وَلَيْسَ باللغة المستعملة. صَاحب الْعين: الكُنافِج: الْكثير من كل شَيْء. ابْن السّكيت: أَدَى الشّيء: كثر. أَبُو عُبَيْد: وَفَر الشّيء ووَفَرْته وَقيل وَفَّرْته. ابْن السّكيت: وَفَرْته عِرضَه وَمَاله وَفْراً، وَقَالَ: هَذِه أَرض فِي نبتها فِرَةٌ ووَفْر: إِذا كَانَ وافِراً تَاما لم يُرْع. صَاحب الْعين: العَميم: مَا اجْتمع من كل شَيْء وَكثر. غَيره: القَعْثَب والقَعْثَبان: الْكثير وَقد تقدم أَنَّهَا دُويبة شبه الخنفساء، والنّدْح: الكَثْرَة.
(بَاب الزّيادة)
قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ أَبُو زيد: زادَ الشّيء زَيْداً وزِيداً وزِيادَة ومَزيداً ومَزاداً وتَزَيَّد وتَزاَيَد وازداد وزِدته أَنا فاستزادني: طلب مني الزّيادة. وَيُقَال للأسد ذُو زَوائد لتَزَيُّده فِي زئيره، ولغة نادرة يَقُولُونَ: أعْمَد من كَذَا: أَي هَل زَاد عَلَيْهِ. وَمِنْه قَول أبي جهل حِين صُرع أعْمَد من سيدٍ قَتله قومه: أَي هَل زَاد، وَأنْشد لِابْنِ مَيَّادة: وأعمدُ من قومٍ كفاهم أخوهم صِدام الأعادي حَيْثُ فُلَّت نُيوبها أَي هَل زِدنا على أَن كَفينا قَومنَا. صَاحب الْعين: الفَضْل: ضد النّقصان، وَالْجمع فُضول والفَضيلة: الدّرجة الرّفيعة فِي الْفضل. أَبُو زيد: الفِضال والتّفاضُل: التّماري فِي الْفضل وَقد فاضَلَني ففضَلْته أَفْضُله فَضلاً: أَي كنت أفضل مِنْهُ، والمِزّ: الْفضل وَشَيْء مِزّ ومَزيز وأمَزّ وَقد مر يمَزّ مَزازَة. أَبُو زيد: المَزْو والمَزْي والمَزِيَّة: التّمام والكمال، وَقد تمازى الْقَوْم: تفاضَلوا. أَبُو حَاتِم: رَبا الشّيء رُبُوَّاً ورَباءً: زَاد ونما وأربَيْته: نَمَّيْته، وَفِي التّنزيل: (ويُربي الصَّدقَات) . أَبُو زيد: النّيْف والنّيِّف: الزّيادة، والنّيِّف: مَا بَين الْعقْدَيْنِ مِنْهُ يُقَال لَهُ عَشَرة ونَيِّف وَكَذَلِكَ سَائِر الْعُقُود، وَقد أنافت الدّراهم على كَذَا: زَادَت. وأناف الشّيء على غَيره: ارْتَفع.
3 - (الشّيء الْقَلِيل وَالصَّغِير)
قَلَّ الشّيء يَقِلُّ قِلَّة فَهُوَ قَليل وقُلال. أَبُو زيد: وَمِنْه رجل قَلِيل وقُلُل: أَي قصير دَقِيق الجثة، وَلذَلِك قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقد يُقَال للْإنْسَان قَلِيل كَمَا يُقَال قصير وَافق ضِدّه وَهُوَ الْعَظِيم. على. أَوْمَأ سِيبَوَيْهٍ بالضّد هُنَا إِلَى الْخلاف فتَفَهَّمه. أَبُو زيد: وَالْجمع قَلِيلُونَ وقُلُلون وَالْأُنْثَى قَليلَة وَقد استقللت الشّيء جعلته قَلِيلا، وأقللته صادفته كَذَلِك وقاللت لَهُ المَاء مُقالَةً إِذا خِفْت الْعَطش فأقللت لَهُ. ابْن دُرَيْد: القُلُل: الْقَلِيل. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: قلَّلْت الشّيء: جعلته قَلِيلا وأقللت: أتيت بِقَلِيل، قَالَ: وَقد يُقَال قَلّلت فِي معنى أقللت، وَقد تقدم مثل هَذَا فِي كَثَّرْت وأكْثَرت. ابْن السّكيت: القُلّ: القِلّة وَأنْشد:(4/44)
وَقد يقْصُرُ القُلُّ الْفَتى دون همّه وَقد كَانَ لَوْلَا القُلُّ طَلاّعَ أنْجُدِ أَبُو عُبَيْد: هَذَا شَيْء تافِه: أَي قَلِيل وحَقير نَقير. ابْن دُرَيْد: الشّدْو: كل قَلِيل من كثير وَمِنْه شَدَوْت من الْعلم والغناء وَغَيرهمَا شَيْئا شَدْواً: إِذا أَحْسَنت مِنْهُ طرفا. والأُفّ والأفّف: القِلَّة. صَاحب الْعين: الأمَم: الشّيء الْيَسِير. ابْن السّكيت: قَلِيل طَفيف ومَمنون وَأَصله من القَطْع ويُروى فِي قَوْله تَعَالَى: (وإنّ لَك لأجراً غير مَمْنون) . أَي غير مَقْطُوع، وَقَالَ: فلَان يَزْدَهِد عطاءنا: أَي يعدّه زَهيداً قَلِيلا. غَيره: القِرْطِط: الشّيء الْيَسِير. ابْن دُرَيْد: قليلٌ نَزورٌ ونَزير ومَنْزور بيِّن النّزارة والنّزورة وَمِنْه اشتقاق نِزار وَقد نَزُر، والوَفْل: الشّيء الْقَلِيل، والعَنْفَق: قلَّة الشّيء وخفّته، وَمِنْه اشتقاق العَنْفَقَة، وخَرْبَسيس يومأ بِهِ إِلَى الْقلَّة وَهِي فِي النّفي بالصَّاد، والشّقْن والشّقِن والشّقين: الْقَلِيل وَمَا أعطَاهُ حَبَرْبَرَاً _ ودَوَرْوَراً مثل حَوَرْوَر _ وَهُوَ الشّيء الْقَلِيل، والوَقْع: كلمة يُشار بهَا إِلَى الشّيء الحقير يَمَانِية وَلَيْسَ بثبت والرُّؤْبة: الشّيء الْيَسِير، يَمَانِية، والمَعْن: الشّيء الْيَسِير، وَأنْشد: فإنَّ هَلاكَ مالِكَ غيرُ مَعْنٍ وَمِنْه اشتقاق الماعون فِي الزّكاة وَقد تقدم تَعْلِيله. أَبُو عُبَيْد: الخَتيت: الحقير من الْأَشْيَاء، وَقَالَ: قَلِيل شَقِن ووَتِح ووَعِر وَهِي الشّقونة والوُتوحة والوُعورة، وَقد قلّت عَطِيَّته وشَقُنَت ووَتَحَت ووَعُرَت وأقللتها وأشقَنتها وأوتحتها وأوعرتها. صَاحب الْعين: قَلِيل وَشِغ كَذَلِك وَقد أوشَغته، وبضاعة مُزْجاة: قَليلَة. أَبُو عُبَيْد: كل شَيْء مَهَه ومَهاهٌ مَا خلا النّساء وذِكرهنّ مَعْنَاهُمَا يسير خَسيس إلاّ النّساء فَنَصَب على هَذَا وَالْهَاء فيهمَا أصل. أَبُو زيد: تَفِه الشّيء تَفَهاً وتُفوهاً: قلّ وخَسّ فالتّافِه الحقير من كل شَيْء. أَبُو عُبَيْد: تافِه نافِه اتْباعٌ. قَالَ: وَفِي حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود وذَكَر الْقُرْآن: لَا يَتْفَه وَلَا يَتَشانُّ. يتشانّ: يبْلى من الشّنِّ، والوَخْز: الشّيء الْقَلِيل عَن الْأَصْمَعِي والصِّغَر والصَّغارة: خلاف العِظَم وَقيل الصِّغَر فِي الجِرم والصَّغارة فِي القدْر وَقد صَغُر صَغارَةً وصِغْراً فَهُوَ صَغير وصُغار وَالْجمع صِغار. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلم يَقُولُوا صُغَراء استغنوا عَنهُ بصِغار. أَبُو عُبَيْد: المَصْغوراء: الصِّغار اسْم للْجَمِيع. سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا الْأَصْغَر والأصاغِرَة. على. وَإِنَّمَا ذكرت هَذَا لِأَنَّهُ مِمَّا لَا تلْحقهُ الْهَاء فِي حد الْجمع إِذْ لَيْسَ مَنْسُوبا وَلَا أعجمياً وَلَا أهل أَرض وَنَحْو ذَلِك من الْأَسْبَاب التّي تدْخلهَا الْهَاء فِي حد الْجمع لَكِن الْأَصْغَر لما خُرِّج على بِنَاء القَشْعَم وَكَانُوا يَقُولُونَ القَشاعِمَة ألحقوه الْهَاء وَقَالُوا الأصاغر بِغَيْر هَاء إِذْ قد يَفْعَلُونَ ذَلِك فِي الأعجمي نَحْو الجَوارِب والكَرابِج وَلَا يمْتَنع ذَلِك أَن يكون يُجمع بِالْوَاو والنّون. أَبُو عُبَيْد: صَغَّرْته: جعلته صَغِيرا. ابْن السّكيت: أرضٌ مُصْغِرَة: نبتها صَغِير. سِيبَوَيْهٍ: تَصْغِير الصَّغِير صُغَيِّير على غير قِيَاس.
3 - (الرَّدِيء من الْأَشْيَاء)
الرَّديء: الدّون من الْأَشْيَاء. أَبُو زيد: رجل رَدِيء من قوم أردِئاء ورُدآء وَقد رَدُؤَ. صَاحب الْعين: أردأ الرَّجُل: أصَاب رديئاً أَو فعله، وَحكى أَبُو زيد عَن بعض الْعَرَب: رَأَيْت فلَانا يتتبع أرادِئ التّمر. أَبُو عُبَيْد: الحُثالَة والحُفالة: الرّديء من كل شَيْء وَكَذَلِكَ الخَشارة، وَقَالَ: مرّة الخُشارة: مَا بَقِي على الْمَائِدَة مِمَّا لَا خير فِيهِ. وَقد خَشَرْت أخْشِر خَشْراً وَكَذَلِكَ القُشامة وَقد قَشَمت أقْشِم قَشماً، والنّفاية: الرّديء المَنْفِيّ من كل شَيْء. صَاحب الْعين: يُقَال للشَّيْء الخسيس الدّون مَا هُوَ بطائل وَقَالَ: الخابِث: الرّديء من كل شَيْء، والخَبيث: ضد الطّيِّب من الرّزق وَالْولد. ابْن دُرَيْد: طَعَام مَخْبَثَةٌ تَخْبُثُ عَنهُ النّفس وَهُوَ الَّذِي من غير حِلِّه. ابْن السّكيت:(4/45)
المُقارِب من الْأَشْيَاء: الَّذِي لَيْسَ بجيّد، مَتاعٌ مُقارب وَرجل مُقارب. صَاحب الْعين: الشّفَق: الرّديء من الْأَشْيَاء الْوَاحِد والجميع والمذكر والمؤنث فِيهِ سَوَاء وَقد أشْفَقْت الْعَطاء وشَفَّقْت الثّوب: جعلته شَفَقَاً.
3 - (اخْتِيَار الشّيء واستجادته وتهذيبه)
أَبُو زيد: خِرْت الرَّجُل على صَاحبه خِيْرَةً وخيَرَة وخِيَراً وخيَّرته عَلَيْهِ: فضَّلته واخترته الكلابيون لَك خِيَار هَذِه الإِبل وخِيرتها وَالْجمع الخِيرات. أَبُو زيد: فُلَانَة خَيْرَة الْمَرْأَتَيْنِ بِفَتْح الْخَاء والخَيرة من الْمَرْأَتَيْنِ والخُورى ورجُلٌ خيِّر وَامْرَأَة خيِّرة وخيْرة وَالْجمع أخيار وخِيار. ابْن دُرَيْد: وَقد يكون الْخِيَار للْوَاحِد. أَبُو زيد: الخَيِّرة فِي الدّين وَالصَّلَاح والخيْرة فِي الْجمال والمِيسَم، وخايرته فخِرته: أَي كنت خيرا مِنْهُ، وَمَا أخير فلَانا واخترت الشّيء وتخيَّرته: انتقيته وَالِاسْم الْخيرَة وَفِي الحَدِيث: (مُحَمَّد صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم خِيرة الله من خلقه) . سِيبَوَيْهٍ: اخْترتُه القومَ وَمِنْهُم. أَبُو زيد: استخَرْت الله: سَأَلته الخِيرة. وخار الله لَك ذَلِك الْأَمر: أَي جعل لَك فِيهِ الخِيرة، وَقَالَ خار الشّيء خَيراً مثله. سِيبَوَيْهٍ: وَفِي الْمثل: إِنَّك مَا وخَيراً، أَي إِنَّك مَعَ خير يُرِيد أنّك ستصيب خيرا. أَبُو زيد: مَا خيرَ فلَانا وَمَا شرَّه يحكيه عَن الْعَرَب وأنكرها الْأَصْمَعِي، وَتقول أَنْت بالمختار وَأَنت بِالْخِيَارِ سَوَاء، والخِيَر: الْهَيْئَة وَقد تقدم أَنه الْكَرم. أَبُو عُبَيْد: إِذا اخْتَار الرَّجُل الشّيء قيل قد اعتام واعتمى وَهُوَ عِنْده مقلوب وَهِي العِيمَةُ. أَبُو زيد: وَهِي العِمْية من اعتمى وَقَالَ استمى مثل اعتمى. أَبُو عُبَيْد: وَكَذَلِكَ امتخَرَ وَهِي المِخْرَة. ابْن دُرَيْد: والمُخْرة. أَبُو زيد: مخَرت الْبَيْت أمخَرُه مخْراً: أخذت خِيار مَتَاعه فذهبْت بِهِ. الْأَصْمَعِي: الجَيِّد: نقيض الرّديء وَقد جاد جَوْدة. صَاحب الْعين: صميم الشّيء: خالِصُه. أَبُو عُبَيْد: انتصَى الشّيء: اخْتَارَهُ وَهِي النّصِيَّة. ابْن دُرَيْد: النّصِيَّة: الْجَمَاعَة المختارون. أَبُو عُبَيْد: انْتَضَلْت نضلَةً واجْتلْتُ جَوْلاً ومعناهما الِاخْتِيَار. أَبُو زيد: أَخذ جوالةَ مالِه أَي خِياره. أَبُو عُبَيْد: اقترَعْتُ: اخْتَرْت وَمِنْه سمي القَريعُ لِأَنَّهُ اختِير يَعْنِي بالقريع الْفَحْل الْمُخْتَار. ابْن السّكيت: أقرعوه خير مَالهم وَخير نهبهم: إِذا أَعْطوهُ قرعتهم وَهِي الخِيار. أَبُو عُبَيْد: اقتفيت: اخْتَرْت وَهِي القِفوَة. غَيره: وتقفَّيْته. أَبُو عُبَيْد: والعِينة والعَين من الْمَتَاع: خِياره. الطّوسي: وَقد اعْتَنْته. صَاحب الْعين: الطّرْز والطّراز: الجيِّد من كل شَيْء والطّيِّب من كل شَيْء أفضله وَقد طَابَ طِيباً وطاباً فَهُوَ طيِّب، واستطبتُه: وجدته طيِّباً، وأطَبْته وطيَّبته: جعلته طيِّباً. أَبُو عُبَيْد: مَا أطيبَه وأيْطَبه وأطيِب بِهِ وأيطِب، والاستِراءُ: الِاخْتِيَار من السّرو وَأنْشد: فقد أُخرِجُ الكاعبَ المُستَرا ةَ من خِدرها وأُشيعُ الفخارا ابْن السّكيت: هِيَ سرِيُّ إبلِه وسراة مالِه. غَيره: وَكَذَلِكَ سراء مَاله وسرَواته، قَالَ سِيبَوَيْهٍ السّراة اسْم للْجَمِيع. قَالَ أَبُو عَليّ: وَهَذَا بِدَلِيل قَوْلهم سرَوات فِي جمعه قَالَ وَأما قَول بعض الْعَرَب وَإِذا اقتدح بزَنْدِ كَذَا فقد اخْتَار واستار فعلى الْقلب. ابْن دُرَيْد: البُصاق: خِيَار الإِبل الْوَاحِد وَالْجمع فِيهِ سَوَاء، وحرَزَة المَال وحَرِيزته: خِيَاره، وَقَالَ أخذت جراهية مَاله: أَي خِيَاره. ابْن السّكيت: الحميمة: كرام المَال. صَاحب الْعين: زعامة المَال: أَكْثَره وأفضله من الْمِيرَاث وَنَحْوه وَقد تقدم أَنَّهَا الرّياسة وَالْكَفَالَة. ابْن دُرَيْد: المُحُّ: الْخَالِص من كل شَيْء. السّيرافي: الصَّمَخْدَدُ: الْخَالِص من كل شَيْء. صَاحب الْعين: الفاخر: الْجيد من كل شَيْء وَقد فخَر فُخوراً، واستفخرت الشّيء: اشْتَرَيْته أَو تزوجته فاخراً. أَبُو زيد: انتخبت الشّيء: اخترته، والنّخبة مَا اخْتَرْت مِنْهُ وَالْجمع نُخَبٌ. الْأَصْمَعِي: نخبة الْقَوْم: خِيارهم. صَاحب الْعين: اسْتَصْفَيْت الشّيء واصْطَفَيْته: اخترته، وَقَالَ فرَزْت الشّيء أفرِزه فرزاً وأفرزْته: مُزْتُه، وَقَالَ زِلْتُ الشّيء زَيْلاً وأزلتُه وزيَّلته: فرَّقته وميَّزته. ابْن(4/46)
السّكيت: زِلته فَلم ينزل ومِزته فَلم ينمَزْ. أَبُو زيد: مِزْت الشّيء مَيْزاً وميَّزته: فصلت بعضه من بعض وَقد تميَّز ومازَ وامتاز. صَاحب الْعين: البتْل: تَمْيِيز الشّيء من الشّيء. أَبُو عُبَيْد: تخيَّلْت عَلَيْهِ: اخترته وتفرَّست فِيهِ الْخَيْر، وَقَالَ انتقى الشّيء وانتاقه: اخْتَارَهُ وَهُوَ عِنْده مقلوب وَأنْشد: مِثلَ القِياسِ انتاقَها المنَقِّي قَالَ وَقَالَ الْفراء كَانَ الْكسَائي يَقُول هُوَ من النّيقة. أَبُو زيد: انتقيته وتنقَّيته: وَقد نقي الشّيءُ نقاوةً فَهُوَ نقيٌّ وَالْجمع نِقاء. صَاحب الْعين: تنوَّق الرَّجُل فِي أُمُوره وتنيَّق: بَالغ فِي إجادتها. ابْن الأَعْرابِي: الخشِب: الْمَخْلُوط، والمنتقى ضدّان. ابْن السّكيت: هِيَ النّقاوة والنّقاية، الكلابيون، وَهِي النّقاءة. غَيره: جاد مَا انتَقَشَه لنَفسِهِ: أَي اخْتَارَهُ، وَيُقَال خردَلْت اللَّحْم: أكلت خِيَاره وأطايبه. أَبُو عُبَيْد: أكلنَا عَقْوة الطّعام: أَي خِيَاره وَيكون فِي الشّراب أَيْضا. أَبُو زيد: عَفْوة المَال وَغَيره: خِيَاره وَمِنْه عفوة المَاء: صفوُه وَمَا جَمَّ مِنْهُ، وَقَالَ اقتمعْت خير الْقَوْم وَالْمَتَاع: اخترته وَالِاسْم القُمْعة، وَله قُمعة هَذَا: أَي خِيَاره، وتنطَّع فِي شهواته: تأنَّق. غَيره: كلُّ جيد من كل شَيْء هاجِرِيٍّ. أَبُو زيد: غُرَّة الْمَتَاع: خِيَاره وَرَأسه وَالْجمع غُرَر. صَاحب الْعين: نخَلت الشّيء أنخُلُه نَخلاً وانتخَلْته: اخترته وصفَّيته وكل مَا صفَّيتَه لتعزل لبابه فقد انتخلتَه وتنخَّلته، والمُنخَل والمُنخُل: مَا نخلته بِهِ، وَحكى سِيبَوَيْهٍ منغُل فِي منخُل على الْبَدَل.
3 - (التّتبع والتّتلي فِي النّظر وَغَيره)
غير وَاحِد: هُوَ يَتَتَبَّعُه ويَتَتَلاّه ويَتَقَصَّاه ويَتَبَيَّنه. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: بانَ وبِنته وَأَبَان وأبنتُه واستبان واستبنته. قَالَ أَبُو عَليّ: وأصل هَذِه الْكَلِمَة الانكشاف والامِّيازُ قَالَ وَالْعرب تَقول قد بيَّن الصُّبح لذِي عينين أَي تبيَّن وَقد تقدم تَعْلِيل هَذِه الْكَلِمَة بأشد من هَذَا وَقَالُوا هُوَ يتبيَّنه ويستبينه ويُعَدَّى بالحرف وَهُوَ يتنقَّحُه ويُنقِّحه ويمحِّصه فَإِذا أصَاب قيل قد صاب وَأصَاب وَالِاسْم الصَّوَاب. قَالَ أَبُو عَليّ: وكل مَا اسْتعْمل فِي الإِصابة بالسّهم وَالرمْح وَالْحجر فَهُوَ مُسْتَعْمل فِي الإِصابة بالذهن وكل مَا اسْتعْمل فِي الأخطاء بذلك فَهُوَ مُسْتَعْمل فِي الأخطاء بِهِ.
3 - (حفظ الشّيء وصونه)
صَاحب الْعين: احتفظت الشّيء لنَفْسي وَهُوَ خُصُوص الْحِفْظ، والتّحَفُّظ: قلَّة الْغَفْلَة فِي الْكَلَام والأمور مِنْهُ، والحوْط: الْحِفْظ حاطَه حَوطاً وحِياطة وتحوَّطه وَمِنْه الْحَائِط للجدار لِأَنَّهُ يحوط مَا فِيهِ، وحُوَّاط الْأَمر: قوامه. غَيره: حاذ حَوْذاً كحاط حَوْطاً. صَاحب الْعين: الازدهار بالشّيء: الاحتفاظ بِهِ وَأنْشد: فإنكَ قَيْنٌ وَابْن قَيْنَيْن فازْدَهِر بِكيرِكَ إنَّ الكيرَ للقَينِ نافعُ أَبُو عُبَيْد: هُوَ مُعَرَّب من نبطيٍّ أَو سرياني، ورَقبت الشّيء وراقبته: حرسته والرقيب الحارس، امقِهِ مِقْيَتَكَ مَالك وابْقُه بَقْوَتَكَ مالَك وبُقاوَتَك مالَك وابْقِه بِقْيَتَك مالَك: أَي احفظه. أَبُو زيد: وقيتُه وَقياً ووِقاية: صنته، والوِقاء والوَقاء والوِقاية والواقية: مَا وقيته بِهِ والتّوقية: الْحِفْظ. صَاحب الْعين: صنت الشّيء صَوناً وصِيانة وصِياناً وثوب مصونٌ ومصوون وصَونٌ وصف بِالْمَصْدَرِ والصِّوَّان والصُّوان: مَا صنت بِهِ الشّيء وَهَذِه ثِيَاب الصون والصِّينة وصان عرضه صَوناً على الْمثل.(4/47)
3 - (التّضييع والإهمال)
ابْن السّكيت: أضاع الشّيء وضيَّعه وَضاع هُوَ ضَيْعَة وضياعاً وأساعه وسيَّعه وساع هُوَ، وناقة مِسياعٌ: تصبر على الإِضاعة والجفاء، وَقَالَ ضائع سائع ومُضيع مُسيع. الْفراء: تيَّهت الشّيء: ضيَّعته. أَبُو زيد: تركتُه بهَوْبٍ دابرٍ وهُوب دابر أَي بِحَيْثُ لَا يُدرَى أَيْن هُوَ. صَاحب الْعين: أخللت بِالْمَكَانِ غبت عَنهُ وَتركته، وأخلَّ الْوَالِي بالثّغور: قلَّل الْجند بهَا وضيَّعها، وأخللت بالشّيء: أجحفت. غَيره: أسجلْت لَهُم الْأَمر: أطلقتُه، وَقَالَ سيَّبت الشّيء: تركته، وكل دابَّة تركتهَا وسَوْمها فَهِيَ سائبة. أَبُو عُبَيْد: فرَّطْت الشّيء وفرَّطت فِيهِ: ضيعته. صَاحب الْعين: بطَل الشّيء يبطُل بُطْلاً وبُطولاً وبُطلاناً: ذهب ضَياعاً وخسراً وأبطلته أَنا. ابْن السّكيت: أذال الشّيء: استهان بِهِ وَلم يقم عَلَيْهِ وَقد ذال هُوَ يَذيل، وَجَاء فِي الحَدِيث: (نهى رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم عَن إذالة الْخَيل) . أَبُو زيد: طرحْت الشّيء وطرحْت بِهِ أطرح طَرحاً واطَّرَحته وشيءٌ مُطَّرَح ومطروح وطريح وطرَحٌ وَهِي الأطروحة.
3 - (الضّالة ووجودها)
صَاحب الْعين: النّبَه: الضّالَّةُ تُوجد عَن غَفلَة وجدته نَبَهاً أَي من غير طلب وأضللتُه نَبَهاً: أَي لم أدر مَتى ضل وَأنْشد: كأنَّه دَمْلَجُ من فضَّة نَبَهٌ فِي ملعب من عَدارى الحَيِّ مَفصومِ
3 - (النّسيان والتّغافل)
نسِيتُ الشّيء نِسياناً وأَنْسانيه كَذَا وتَناسَيْتُ: طلبت النّسيان وأظهرْتُه: والنَّسْيُ: الشّيء المَنْسِيُّ، والنّسِيُّ: الْكثير النّسيان. ابْن جني: يجوز أَن يكون فَعيلا وفعولا كَمَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو عُثْمَان فى نفيٍّ وَنَحْوه قَالَ ابْن جني الَّذِي عِنْدِي أَنه فعيل وَلَو كَانَ فعولًا لقيل نَسُوٌّ وَإِن كَانَ من الْبَاء تقلب ياؤه واواّ خلافاّ على الْقيَاس المنقاد يدل على ذَلِك قَوْلهم شربت مَشُوّاً وَهُوَ فَعول من المشِيِّ، وَقَالُوا رجل نَهُوٌّ عَن الْمُنكر، وَقَالَ روينَا عَن ابْن الأَعْرابِي: وَلَا يسرقُ الكلبُ السّرُوُّ نِعالنّا ولانَنْتقي المُخَّ الَّذِي فِي الجماجم السّرُوُّ من سرى يسري. ابْن دُرَيْد: نسيت نِسيانا ونَسيا ونِساوةً ونِسْوَةً. صَاحب الْعين: غفَلْتُ عَنهُ أغفُلُ غُفولاً، وأغفلتُه: سهوتُ عَنهُ وَالِاسْم الغَفْلة والغَفَل والتّغافل تَعَمُّد ذَلِك، والتّغفُّل: خَتْلٌ فِي غَفلَة، والمغَفَّل: الَّذِي لَا فِطنة لَهُ. سِيبَوَيْهٍ: غَفَلْت: صرت غافلاً وأغفلته عَنهُ، وضَّلْت غفلتي إِلَيْهِ وَتركته. صَاحب الْعين: السّهو: نِسْيَان الشّيء والغفلة عَنهُ، وَقد سَهَا يسهو سَهواً وسُهُوّاً، والسّهو فِي الصَّلَاة: الْغَفْلَة عَن شَيْء مِنْهَا. سِيبَوَيْهٍ: رجلٌ سهوان وَامْرَأَة سهوى. أَبُو زيد: من أمثالهم أَن المُوَصين بَنو سهوان. أَي إِنَّمَا يوصَّى من(4/48)
يسهو عَن الْحَاجة فَأَنت لَا توصَّى لِأَنَّك لَا تسهو. أَبُو عُبَيْد: وهِمت فِي الصَّلَاة: سَهَوْت، ووهمت إِلَى كَذَا: ذهب وهمي إِلَيْهِ، وأوهمت فِي الْحساب: أسقطت مِنْهُ. وَقَالَ: وهِلت فِي الشّيء ووهِلت عَنهُ: نَسِيته ووَهَلْت إِلَيْهِ وهلا: إِذا ذهب وهمُك إِلَيْهِ، وَقَالَ غبيت الشّيء وغبى عني: إِذا لم تعرفه. صَاحب الْعين: الَّلهو: الْغَفْلَة والنّسيان، لهوت عَن الشّيء وَبِه ولَهَيت لُهِيّاً ولِهياناً وتلهَّيت، وَفِي التّنزيل: (فأنتَ عَنهُ تلَهّى) . أَبُو عُبَيْد: لَهيت عَنهُ لُهِيّاً كَذَلِك. غَيره: هفا هفواً: سَهَا. أَبُو عُبَيْد: أفسخت الْقُرْآن: نَسِيته. ابْن دُرَيْد: العَبْش: الغباوة وَمِنْه رجل بِهِ عَبشة. ابْن السّكيت: غلِط فِي الشّيء غلَطاً وغلِتَ فِي الْحساب، ورجلٌ غلوت: كثير الغلت. قَالَ أَبُو عَليّ وَلَا يسْتَعْمل فِي التّاء إلاّ فِي الْحساب فِي قَول الْأَكْثَر، وَبَلغنِي عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ هما لُغَتَانِ غلِطَ وغلِت والطّاء أَعلَى. غَيره: تختَّم عَن الشّيء: تغافل وَسكت. الْأَصْمَعِي: استكَنْتُ: تغافلت وتجاهلت قَالَ وَلَا أحسبها عَرَبِيَّة. ابْن السّكيت: بلِهت بلَهاً وتبلَّهت. صَاحب الْعين: رجلٌ ابلَه: غافل. أَبُو عُبَيْد: والأمَهُ: النّسيان، وَفِي التّنزيل: (وادَّكَرَ بعدَ أمَّة) . وَقد تقدم أَن الأمهَ الإِقرار، وَقَالَ أفرطت الشّيء: نَسِيته، وَفِي التّنزيل: (وأنَّهم مُفْرَطون) .
3 - (سبق الشَّيْء إِلَى الْقلب)
صَاحب الْعين: الخَلَد: البال. ابْن دُرَيْد: هُوَ الْقلب. أَبُو زيد هُوَ الخاطر وَالْجمع أخلاد. صَاحب الْعين: دَخلَة الرَّجُل ودَخيلته ودَخيله ودُخلُلُه: خَلَدُه ونيَّتُه، وَقَالَ بصر الْقلب: نظره وخاطره، والبصيرة: عقيدة الْقلب وَقد استبصر فِي رَأْيه وتبصَّر وبصُر بَصارة: صَار ذَا بَصِيرَة. ابْن السّكيت: وَقع ذَلِك الْأَمر فِي نَفسِي وضميري ورُوعي وخَلَدي وخجيفي وصَفري وَمِنْه يُقَال لَا يلتاط هَذَا الشّيء بصفري: أَي لَا يلصق بِهِ وَلَا تقبله نَفسِي وَكَذَلِكَ يُقَال لَا يَلِيق بصفري، وَقيل الصَّفر لبُّ الْقلب وَقيل الْعقل. صَاحب الْعين: خطر الْأَمر ببالي وَعَلِيهِ يخطِر خُطوراً: ذكرته بعد نِسْيَان وأخطره ببالي أَمر كَذَا. ابْن دُرَيْد: الخاطر: الفِكر وَالْجمع الخواطر. صَاحب الْعين: خطَر الشّيطان بَين الإِنسان وَقَلبه: أوصل إِلَيْهِ وسواساً، وَمَا وجدت لَهُ ذُكْرةً إلاّ خَطرةً، وَقَالَ هجَس الْأَمر فِي نَفسِي يهجِس هَجْساً: إِذا وَقع فِي خَلَدك، والهاجس: الخاطر، وَقَالَ همز الشّيطان الإِنسان يهمزه همزاً: إِذا همز فِي قلبه وسواساً، وَالوهم من خطرات الْقلب وَالْجمع أَوْهَام وَقد توهَّمت الشّيء. غَيره: وَقع ذَلِك فِي هَوئي وهَوئي: أَي ظنّي. صَاحب الْعين: الفكرة: إِعْمَال الخاطر فِي الشّيء وَالْجمع فِكَرٌ وَهُوَ الْفِكر. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلَا يجمع الْفِكر وَلَا الْعلم وَلَا النّظر. ابْن دُرَيْد: الْجمع أفكار وَقد فكَر فِي الشّيء وأفكر وتفكَّر ورجلٌ فِكِّيرٌ: كثير الْفِكر، وَقَالَ عرفت ذَلِك فِي لحن كَلَامه: أَي فِيمَا يمِيل إِلَيْهِ وَفِي التّنزيل: (ولَتَعْرِفَنَّهم فِي لحن القَوْل) . أَبُو عُبَيْد: حاك الشّيء فِي قلبِي حَيْكاً، واحتكى: أَخذ. أَبُو حَاتِم: عرفت ذَلِك فِي فحوى كَلَامه وفحوائه كَذَلِك. صَاحب الْعين: هُوَ يفحّي بِكَلَامِهِ إِلَى كَذَا: أَي يذهب، وَقَالَ عَرفته فِي مَعْنَاهُ ومعناته.
3 - (الضّلال وَالْبَاطِل)
ابْن دُرَيْد: الضّلال: ضد الْهدى وَقد ضَلَّ يضِلُّ وَفُلَان ضُلُّ بن ضَلٍّ: إِذا كَانَ منهمكاً فِي الضّلال وَمن أمثالهم: يَا ضُلُّ مَا تجْرِي بِهِ الْعَصَا، والعصا فرس لبَعض الْعَرَب لَهُ حَدِيث. ابْن السّكيت: هُوَ ضَلُّ بن ضَلٍّ: إِذا كَانَ لَا يُعرَف وَلَا يُعرف أَبوهُ. ابْن دُرَيْد: فعل ذَلِك ضِلَّةً: أَي فِي ضلال، وَذهب ضِلَةً: أَي لم يدر أَيْن يذهب، وَذهب دَمه ضِلَّة: إِذا لم يُثأر بِهِ وَأنْشد:(4/49)
لَيْت شِعري ضِلَّةً أيُّ شيءٍ قتلَكْ وضلَّ الشّيءُ: خَفِي وَغَابَ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (أئذا ضللنا فِي الأَرْض) وضلِلْت الشّيء: أُنسيتُه وَكَذَلِكَ فُسِّر: (وَأَنا من الضّالِّين) . ابْن السّكيت: ضلِلْتَ وضلَلْت تضِلُّ. أَبُو عُبَيْد ضلِلت الدّار وَالْمَكَان ضلالا وضلالةً وَكَذَلِكَ كل شَيْء مُقيمٍ لَا تهتدي لَهُ، وأضللت الشّيء: ضيَّعتُه. صَاحب الْعين: التّضليل: تصيير الإِنسان إِلَى الضّلال والتّضلال كالتّضليل. الْأَصْمَعِي: رجلٌ ضِلِّيل: كثير الضّلال ومضلَّلٌ لَا يوفَّق لخير. الْأَصْمَعِي: الأضلولة: الضّلال. ابْن دُرَيْد: هُوَ الضّلال بن الإِلال وَابْن التّلاّل. أَبُو عُبَيْد: هُوَ ضالٌّ تالٌّ وَهُوَ عِنْده إتباع. صَاحب الْعين: الْبَاطِل: نقيض الْحق. سِيبَوَيْهٍ: الْجمع أباطيل على غير قِيَاس كُله جمع أبطال أَو إبطيل. أَبُو حَاتِم: وَاحِد الأَباطل أُبطولة. ابْن دُرَيْد: واحدتها إبطالة. صَاحب الْعين: أبطل: جَاءَ بِالْبَاطِلِ، وَرجل بطّالٌ ذُو بَاطِل. أَبُو عُبَيْد: أَنْت فِي الضّلال بن السّبَهلل: يَعْنِي الْبَاطِل. السّيرافي: وأصل السّبهلل: الفارغ، والسّبغلل: السّبهلل. ابْن دُرَيْد: لَا يَهْتَدِي لوجهة أمره. أَبُو عُبَيْد: هُوَ الضّلال بن فهلل وَابْن بهلل كُله لَا ينْصَرف. قَالَ أَبُو عَليّ: وَظهر فِيهِ التّضعيف لِأَنَّهُ علم وَهُوَ شَاذ عَن حد مَا يجتمله مثله من أَسمَاء الجناس إلاّ تراهم قَالُوا ثهلل ومَكْوَزَة وَمَرْيَم ورجاء بن حَيْوَة وَقَالُوا فِي الْحِكَايَة من زيدا وَمن زيدٌ وَمن زيدٍ. صَاحب الْعين: العَشوة والعُشوة والعِشوة: أَن تركب أمرا على غير هِدَايَة، وَقَالَ حَار وتحيَّر واستحار: إِذا لم يهتد فَهُوَ حيران من قوم حيارى وحيَّره المر والحيَر والحيْرة: التّحَيُّر. أَبُو عُبَيْد: وَقع فِي وَادي تُضُلِّلَ وتُهُلِّكَ وتُخُيِّبَ: مَعْنَاهُ الْبَاطِل وَلَا ينْصَرف. أَبُو زيد: وَقع فِي وَادي تُغُلِّس كَذَلِك. أَبُو عُبَيْد: فِي وَادي تُغُلِّس مثله. ابْن دُرَيْد: الخسْر والخسار والخسران: الضّلال. صَاحب الْعين: خسِر خَسْراً وخَسَراً وخَسارَةً. أَبُو زيد: وَهُوَ الأَصْل ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى قَالُوا خسر التّاجر إِذا وُضع وَرجل خنسريّ فِي مَوْضِع الخسران، والخناسر جمع خَنسَر وَهُوَ كالخنسَريّ، وَقَالَ فلَان فِي غمزة: أَي ضلال. صَاحب الْعين: الحَوْر: الضّلال، والحَور: الرّجوع عَن الشّيء وعَلى الشّيء. أَبُو عُبَيْد: الغواية: الضّلال، وَقد غوى غَيّاً وغَوِيَ غَواية فَهُوَ غاوٍ: إِذا اتَّبع الغَيَّ وَأنْشد أَحْمد بن يحيى: فَمن يلقى خيرا يحمد النّاس أمرَه وَمن يغْوَ لَا يعدَم على الغَيِّ لائما ابْن جني: وَكَذَلِكَ غَيّان وَقد أغويته واستغويته، والمَغواة: المَضلَّة. ابْن دُرَيْد: دسَّاه: أغواه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (وَقد خَابَ من دسّاها) وَقَالَ العِمِّيت: الَّذِي لَا يَهْتَدِي لجِهَة، وَقد تقدم أَن العمِّيت: الظّريف. الْأَصْمَعِي: استحوذ عَلَيْهِ الشّيطان واستحاذ: غلب عَلَيْهِ وَجَاء على أَصله بِالْوَاو، وَفِي التّنزيل: (استحوذ عليهمُ الشّيطانُ) . ابْن الأَعْرابِي: المَتَه والتَّمَتُّه: الْأَخْذ فِي الغَواية وَالْبَاطِل، والتّمتُّه أَيْضا أَن لَا يدْرِي أَيْن يقْصد وَيذْهب. ابْن دُرَيْد: يُقَال للباطل وَالْكذب دُهْدُرَّين سّعْدُ القَينْ. أَبُو عُبَيْد: أَعْطيته الدّهْدُنَّ: أَي الْبَاطِل وَأنْشد: لأجعلَنَّ لابنَة عمرٍ وفنّا حَتَّى يكون مهرُها دُهْدُنَّا الفنُّ: العناء، فننته أفُنُّه فَنّاً. ابْن دُرَيْد: ويَخَفَّف الدّهدنّ. صَاحب الْعين: التّرَّهات: الأباطيل وَالْكذب. ابْن السّكيت: هِيَ التّرَّهات والتّرُّهات واحدتها تَرَّهة. صَاحب الْعين: وَهِي التّرَّهُ وَالْجمع التّرارِهُ. أَبُو عُبَيْد: التّرَّهات: البسابس، والتّرَّهات الصحاصح وَهُوَ من أَسمَاء الْبَاطِل وَكَذَلِكَ التَّهاتِه وَأنْشد: وَلم يكن مَا ابتلَينا من مواعدها إلاّ التّهاته والأمنيَّة السّقَما(4/50)
والهواهي مثله وَأنْشد: وَفِي كل يَوْم يدعوان أطِبَّةً إليَّ وَمَا يُجدون إلاّ هواهِيا يُجدون: يغنون، والبوق: الْبَاطِل وَأنْشد: إِلَّا الَّذِي نطقوا فِيمَا أَتَّوا بوقا وَقَالَ: تَهاتَر الْقَوْم: ادّعى كل وَاحِد مِنْهُم على صَاحبه بَاطِلا. صَاحب الْعين: أَمر حَدَد: بَاطِل مُمْتَنع وَكَذَلِكَ دَعْوَة حَدَد. السّيرافي: الخُزَعْبيل: الْبَاطِل والمِزاح وَقد مثَّل بِهِ سبيويه، واليَسْتَعور: الْبَاطِل والمزاح وَقد مثل بِهِ أَيْضا. أَبُو زيد: الزّلْخ: الْبَاطِل. صَاحب الْعين: السّمَّهى: الْبَاطِل. غَيره: السّمَّه والسّمَّيْهى كَذَلِك. صَاحب الْعين: الجُفاء: الْبَاطِل وَعَلِيهِ فُسر قَوْله عز وَجل: (فَأَما الزّبد فَيذْهب جُفاءً) . ابْن دُرَيْد: مَلَخ فِي الْبَاطِل ملخاً: انهمك فِيهِ، وَفِي الحَدِيث: يملَخ فِي الْبَاطِل ملخاً. واليَهْيَرَّى: الْبَاطِل. صَاحب الْعين: انقشعت عَنهُ دُجَم الْبَاطِل وَإنَّهُ لفي دُجَم الْعِشْق والهوى: أَي فِي غمراته وظلمته، والوَهث: الانهماك فِي الْبَاطِل وَقَالَ العَمَه: التّردد فِي الضّلال والتّحير فِي طَرِيق أَو فِي مُنَازعَة وَقد عَمِه وعَمَه عَمَهاً وعُموهاً وعُموهةً وعَمَهاناً فَهُوَ عامِه وعَمِه وهم عَمِهون وعُمْه. غَيره: رجل مُخَدَّع: ذَاهِب فِي الْبَاطِل، والخَداعة: الدّعارة. والعثر: الْبَاطِل، وَقَالَ: هُوَ يخْبِط فِي عَمْيائه وعَمايَته: أَي غوايته لَا يُبَالِي مَا صنع، والعِمِّيَة والعُمِّيَّة: الضّلالة وَقد تقدم أَنه الكِبر. أَبُو زيد: التّغَشْمُر: ركُوب الإِنسان رَأسه فِي حق أَو فِي بَاطِل لَا يُبَالِي مَا صنع وَفِيه غَشْمَرِيَّة. صَاحب الْعين: الهُدى: ضد الضّلال. أَبُو حَاتِم: هِيَ أُنْثَى وَقد حكى فِيهَا التّذكير هّدّيْته هدى وهَدْياً وهِداية. أَبُو زيد: هداه الله للطريق هِداية وهداه للدّين هدى وَقد اهْتَدَى وتَهَدَّى وهديته الطّريق وَإِلَى الطّريق وَفِي التّنزيل: (اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم) . وَفِيه: (وهُدوا إِلَى الطّيب من القَوْل وهُدوا إِلَى صِرَاط الحميد) . وَفُلَان لَا يهدي الطّريق وَلَا يَهْتَدِي وَلَا يهدي وَلَا يهِدِّي وَذهب على هِدْيَته: أَي على قَصده فِي الْكَلَام وَغَيره وَخذ فِي هِدْيَتك: أَي فِيمَا كنت فِيهِ من الحَدِيث وَالْعَمَل. ابْن دُرَيْد: ضَلَّ هِدْيَته وهُدْيَته: أَي وَجهه، وَأنْشد: نبذ الجُؤار وضَلَّ هُدْيَةً رَوْقِه لمّا اخْتَلَلْتُ فؤادَهُ بالمِطْرَدِ
3 - (الذنْب)
صَاحب الْعين: الذَّنْب: الإِثم. أَبُو زيد: الْجمع ذُنوب وذُنوبات وَقد أذْنَب. أَبُو عُبَيْد: الجُرْم والجَريمة: الذَّنب. ابْن دُرَيْد: أجرم وجَرَم يجْرِم جُرماً واجترم وَالِاسْم الجُرْم وَبِه سُمي الرّجل. صَاحب الْعين: الْجمع أجْرام. الْأَصْمَعِي: جُروم. ابْن دُرَيْد: رجل مُجْرِم وَقد اجتَرَم عَلَيْهِ وتَجَرَّم: أقدمَ. وجَرَمَ جَريمةً: جناها. أَبُو عُبَيْد: الخاطِئ: المُذنب، خَطِئ خِطْئاً وَقَالَ: خَطِئ الشّيء خَطَأ: إِذا لم يُرده فَأَصَابَهُ وَمِنْه قتل الْخَطَأ وَتَكون خَطِئ تعمّد الْخَطَأ وَأَخْطَأ إِذا لم يتَعَمَّد الْخَطَأ. أَبُو زيد: وَهُوَ الْخَطَأ والخَطاء والخَطيئة وَجَمعهَا خَطائي يحكيه عَن الرّعب وأباه سِيبَوَيْهٍ. ابْن السّكيت: لِأَن تُخْطِئ فِي الْعلم أَهْون من خَطأٍ فِي الَّذين. سِيبَوَيْهٍ: خَطَّأته: نسبته إِلَى الخطا. ابْن جني: قِرَاءَة من قَرَأَ: (وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إلاّ خَطأ) . على مِثَال قَفا على حذف الْهمزَة البتّة كيَجيك ويَسوك، قَالَ: وَهَذَا ضَعِيف لَيْسَ بمطرد وَإِنَّمَا جَاءَ فِي أحرف مَحْفُوظَة. قَالَ: وَيجوز أَن يكون أبدل الْهمزَة إبدالاً كلياً حَتَّى ألحقها بحروف الْعلَّة فَكَأَنَّهُ إلاّ خطياً وَنَظِيره قَرَيْته فِي قرأته ثمَّ قَلبهَا ألفا قَالَ: وَأما قِرَاءَة من قَرَأَ:(4/51)
(وَلَا تتبعوا خطؤات الشّيطان) . بِالْهَمْز فِي جمع خُطاة فعله من الْخَطَأ عرفهَا أَحْمد بن يحيى. صَاحب الْعين: الحِنْث: الذَّنب الْعَظِيم حَنِث يحنَث حنثاً وَفِي التّنزيل: (وَكَانُوا يصرون على الحِنْث الْعَظِيم) وَقَوْلهمْ بلغ الْغُلَام الحِنْث: أَي مبلغا يجْرِي فِيهِ عَلَيْهِ الْقَلَم بالطّاعة وَالْمَعْصِيَة وَقد تقدم فِي الْأَسْنَان وَقَالَ ركب الذَّنْب وارتكبه: اجترمه وَكَذَلِكَ ركب مِنْهُ أمرا قبيحاً: إِذا سبَّه. ابْن السّكيت: قَرَف الرَّجُل بالسّوء: رَمَاه بِهِ وَقَالَ: قَرَفْت الرَّجُل بالذنب قَرْفاً. أَبُو عُبَيْد: الإِصْر: الذَّنب. ابْن دُرَيْد: الإِصر: الْكَلَام والشّر يَأْتِيك من إِنْسَان بعيد. صَاحب الْعين: الوَتَغ: الإِثم وَفَسَاد الدّين وَقد أوْتَغ دينه، والمُوجِبَة: الْكَبِيرَة من الذُّنُوب التّي يسْتَوْجب بهَا الْعَذَاب وَقد أوجب الرَّجُل وَقيل الموجِبة من الْحَسَنَات والسّيئات. ابْن السّكيت: اللَّمَم دون الْكَبِيرَة من الذُّنُوب. غَيره: وَهُوَ الإِلمام. صَاحب الْعين: جَنَيْت الذَّنب جِناية وتَجنَّيْت عَلَيْهِ: ادَّعيت ذَلِك عَلَيْهِ وَهُوَ يُجاني عَلَيْهِ أَي يتجنّى. أَبُو عُبَيْد: بَعَوْت أبْعو وأبْعي بَعْواً: اجترمت عَلَيْهِم وجنيت وَأنْشد: وإبسالي بنيَّ بِغَيْر جُرْمٍ بَعَوْناه وَلَا بدمٍ مُراقِ ويُروى جَنيناه. ابْن دُرَيْد: بَعا بَعْواً وبَعْياً: جنى. أَبُو زيد: بَاء بالذنب بَوءاً وأبات الرَّجُل إباءة: إِذا قَرّرته حَتَّى يبوء على نَفسه بالذنب. جَرَرْت ذَنبا: جنيته، وَقَالَ: أَجَلْت عَلَيْهِم آجل أَََجَلًا: جررت، وَقيل جَلَبْت، وَأنْشد: وأهلِ خِباءٍ صالحٍ ذَات بَينهم قد احتربوا فِي عاجلٍ أَنا آجِلهُ أَي جالبه. غير وَاحِد: هُوَ الإِثم وَجمعه آثام وَهُوَ الإِثام. قَالَ أَبُو عَليّ: فَأَما قَوْله تَعَالَى: (فإنْ عُثر على أَنَّهُمَا استحقا إثْماً) . فَإِن الإِثم هَهُنَا الشّيء الَّذِي أُثِم بِفِعْلِهِ كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي المَظْلَمة أَنَّهَا اسْم مَا أُخذ مِنْك. أَبُو زيد: رجل أَثْوَم من قوم أُثُم وَقد أَثِم. صَاحب الْعين: الإِثام: عُقُوبَة الإِثم وَفِي الْقُرْآن: (يلقَ أثاما) . والأثيم الْكثير ركُوب الإِثم. أَبُو عُبَيْد: الحُوب والحاب: الإِثم. ابْن دُرَيْد: وَهُوَ الحَوْب وَقد حاب حَوْبَةً. صَاحب الْعين: هُوَ الإِثم الْكَبِير وَقد تَحَوَّب. أَبُو عُبَيْد: الحِيبة: الإِثم. أَبُو زيد: التّبِعَة: مَا فِيهِ إِثْم يُتبع بِهِ. ابْن دُرَيْد: عَنِت عَنَتَاً: اكْتسب مأثماً، والعَنَت: العَسف أَو الْحمل على الْمَكْرُوه وَقد أعْنَتَه والفُجور: الانبعاث فِي الْمعاصِي، فَجَر يفجُر فُجوراً وَرجل فَاجر من قوم فَجَرَة وفُجَّار وَيُقَال للْمَرْأَة يَا فَجار معدول عَن فاجرة. أَبُو عُبَيْد: الحَرَج: الإِثم. ابْن السّكيت: لَيْسَ فِي هَذَا الْأَمر حَرَج ومَحرَج. صَاحب الْعين: الحارِج: الإِثم والمُتَحَرِّج: الكافُّ عَن الإِثم. والحرج: الضّيق مِنْهُ. ابْن السّكيت: وقُرئ: (يَجْعَل صَدره ضيقا حَرِجاً وحَرَجاً) . أَبُو عَليّ: الحَرِج صفة والحرَج مصدر. صَاحب الْعين: الجُناح: الإِثم. ابْن دُرَيْد: وَهُوَ الْميل إِلَى الإِثم ذهب إِلَى اشتقاقه من الجُنوح وَهُوَ الْميل قَالَ والحُنْزوب والحِنْزاب: الجريء على الْفُجُور وَقَالَ: عثا يعثو وعَثِي: أفسد. أَبُو عُبَيْد: فِي فلَان رَهَق: أَي يغشى الْمَحَارِم. والرَّهَق: الإِثم. والمُرَهَّق: المتَّهَم فِي دينه. صَاحب الْعين: الوِزْر: الذَّنب وَجمعه أوزار وَقد وَزَر وِزْراً: حمله ووُزِر الرَّجُل رُمي بوزر وَفِي الحَدِيث: (ارجِعن مَأْزُورَات غير مَأْجُورَات) . أَصله موزورات وَلكنه أتبع. أَبُو عُبَيْد: والإصْر: الذَّنب والثّقل. قَالَ أَبُو عَليّ: الإِصر مصدر يَقع على الْكَثْرَة مَعَ إِفْرَاد لَفظه يدل على ذَلِك قَوْله عز وَجل: (وَيَضَع عَنْهُم إصْرَهم) . فأُضيف وَهُوَ مُفْرد إِلَى الْكَثْرَة وَلم يُجمع وَمن قَرَأَ آصارهم كَأَنَّهُ أَرَادَ ضُروباً من المآثم مُخْتَلفَة فَجمع لاختلافها والمصادر قد تُجمع إِذا اخْتلفت ضروبها كَمَا يُجمع سَائِر الْأَجْنَاس وَإِذا كَانُوا قد جمعُوا ضربا وَاحِدًا كَقَوْلِه: هَل من جُلومٍ لأقوامٍ فتُنذرهم مَا جرب النّاس من عَضِّي وتَضْريسي(4/52)
فَأن يُجمع مَا اخْتلف من المآثم أَجْدَر فَجعل إصراً وآصاراً بِمَنْزِلَة عِدْل وأعدال ويقوّي ذَلِك قَوْله عز وَجل: (وليحمِلُنَّ أثقالهم وأثقالاً مَعَ أثقالهم) . والثّقَل مصدر كالشّبَع والصِّغَر والكِبَر. صَاحب الْعين: كَبائرُ الإِثم: جِسامها وَقد قُرئ كبائرَ الإِثم وكبير الإِثم. قَالَ أَبُو عَليّ: حجَّة الْجمع قَوْله تَعَالَى: (إِن تجتنبوا كَبائِرَ مَا تُنهون عَنهُ نُكفر عَنْكُم) . يُراد بهَا تِلْكَ الْكَبَائِر الْمَجْمُوعَة التّي يُكفَّر باجتنابها السّيئات التّي هِيَ الصَّغَائِر ويُقوي الْجمع أَن المُرَاد هُوَ اجْتِنَاب تِلْكَ الْكَبَائِر الْمَجْمُوعَة فِي قَوْله كبائرَ مَا تُنهون عَنهُ. وَإِذا أُفرد جَازَ أَن يكون المُرَاد وَاحِدًا وَلَيْسَ الْمَعْنى على الْأَفْرَاد وَإِنَّمَا الْمَعْنى على الْجمع ... . بِمَا أفرد فَإِنَّهُ يجوز أَن يُرِيد الْجمع وَإِن جَازَ أَن يكون وَاحِدًا فِي اللَّفْظ وَقد جَاءَت الْآحَاد فِي الإِضافة يُرَاد بهَا الْجمع كَقَوْلِه عز وَجل: (وَإِن تعدوا نِعْمَة الله لَا تُحصوها) . وَفِي الحَدِيث: (مَنَعَتِ العراقُ قَفيزها ودِرهمها) . الْأَصْمَعِي: الوَكَف: الإِثم وَقيل العَيْب وَمَا فِي هَذَا الْأَمر وَكَفٌ: أَي عيب. صَاحب الْعين: أصَرَّ على الذَّنب: إِذا لم يُقلع عَنهُ وَقَالَ ران الذَّنب على قلبه رَيْناً ورُيوناً: غطاه وكل مَا غطّى شَيْئا فقد ران عَلَيْهِ وَمِنْه رانت عَلَيْهِ الْخمر: غلبته. صَاحب الْعين: عاقبه بِذَنبِهِ مُعاقَبة وعِقاباً: آخذه بِهِ وَالِاسْم العُقوبة وَقَالَ: احذر عَقْب الله وعُقْبَه وعِقابه: أَي عُقوبته. والعُقْب الْعَاقِبَة وَكَذَلِكَ العُقْبَى والعُقْبان وَمِنْه العُقبى إِلَى الله: أَي المَرْجِع. أَبُو عُبَيْد: تَعَقَّبْت الرَّجُل واعتقَبْته: آخذته بذنب كَانَ مِنْهُ.
3 - (الِاعْتِذَار)
العُذْر: مَا أدليت بِهِ من حجّة تذْهب بهَا إِلَى إِسْقَاط المَلامة وَهِي الْأَعْذَار عَذَرْته أعْذِره عُذْراً ومَعْذِرَةً ومَعذَرَةً بِالْفَتْح حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ قَالَ: فتحُوا على الْقيَاس وَالِاسْم المَعْذُرَة عَنهُ أَيْضا وعِذْرَة وعُذْرَى وأعْذَرْته، قَالَ الأخطل: فإنْ تكُ حربُ بني نِزارٍ تَواضعَتْ فقد أعْذَرَتْنا فِي كلابٍ وَفِي كعبِ وَقد اعتذَر إِلَيْهِ وعذَرْته من فلَان: أَي لُمت فلَان وَلم ألمه والعَذير المَعذرة وَالْجمع عُذُر، وعَذيري من فلَان أَي هَلُمّ مَعذرَتك إيَّايَ مِنْهُ وعَذَّر الرَّجُل: قصَّر عُذره وأعذَر: ثَبت عُذره. وعَذَّر فِي حَاجته: لم يُبالغ فِيهَا وَأظْهر الْمُبَالغَة وأعْذَرَ: بَالغ وقرئت: طوجاء المُعَذِّرون من الْأَعْرَاب (والمُعْذِرون. فالمُعذِّرون الَّذين لَا عذر لَهُم والمعذِرون ذَوُو الْأَعْذَار وَقَرَأَ بَعضهم المُعِذِّرون على الإِدغام والتّحريك لالتقاء السّاكنين. والعَذير: مَا يُحاوله الإِنسان وَيلْزمهُ والعَذير أَيْضا الْحَال مِنْهُ وكل مَا يُعْذَر عَلَيْهِ عذير وَالْجمع عُذُر وَأنْشد: وَقد أعْذَرَتْني فِي طِلابكم العُذْرُ احْتَاجَ إِلَى تخفيفه، هَذَا قَول أَبُو عُبَيْد وَهُوَ خطأ بل التّخفيف جَاءَ على اللُّغَة التّميمية وأعْذَرَ إِلَيْهِ: قدّم إِلَيْهِ عُذره، وَفِي الْمثل: قد أعْذَرَ من أنذَر. وَالِاعْتِرَاف الإِقرار بالذنب والخضوع وَفِي التّنزيل:) فَاعْتَرفُوا بذنبهم (. ثَعْلَب: عرَّفه بِذَنبِهِ فاعترف. صَاحب الْعين: تَنَصَّلْت إِلَيْهِ من الذَّنب: تبرَّأت وَقَالَ: أبلَيْته عُذراً: أديته إِلَيْهِ فَقبله وَكَذَلِكَ أبْلَيْته جُهدي.(4/53)
3 - (الْعَفو وَالْعِقَاب)
عَفَوْت عَن فلَان عفوا وَفُلَان عَفُوٌّ عَن الذَّنب والاستِعفاء: طلب الْعَفو وأعْفَيْته من الْأَمر: برّأته مِنْهُ والاستعفاء طلب ذَلِك. صَاحب الْعين: حَطَّ الله وِزْرَه يحُطُّه حطَّاً: وَضعه وَالِاسْم الحِطِّيطَى والحِطَّة وَفِي التّنزيل: (وَقُولُوا حِطَّة) . إِنَّمَا أُمروا بقولِهَا لتُحَطَّ بهَا ذنوبهم، واسْتَحْطَطْتُه: سَأَلته الحَطّ وكل مَا وَضَعْته فقد حَطَطْته وانْحَطّ هُوَ وَمِنْه الحَطوط الَّذِي هُوَ ضد الصعُود وَالْفِعْل كالفعل متعديه ولازمه. صَاحب الْعين: صَفَحت عَنهُ أصفَح صَفحاً: عَفَوْت. وَرجل صَفوح وصَفَّاح. ابْن جني: اسْتَصْفَحْته ذَنبي: استغفرته إِيَّاه، والإسحاج: حسن الْعَفو، تَقول الْعَرَب ملكْتَ فأسْحِج. قَالَ أَبُو عَليّ: وَحَقِيقَته التّسهيل وَقد تقدم مَا يؤنس بذلك من قَوْلهم خَدٌّ أسْحَج ومِشية سُحُج. صَاحب الْعين: تَمْحيص الذُّنُوب: تطهيرها. ابْن السّكيت: تَجَوَّزْت عَنهُ وتجاوزت. غَيره: غَمَّضْت عَنهُ كَذَلِك وَقَالَ: تَغَمَّده الله برحمة مِنْهُ: غمره فِيهَا. أَبُو زيد: وَمِنْه تغمَّدت الرَّجُل: إِذا أَخَذته بخَتْلٍ حَتَّى تغطيه. صَاحب الْعين: غَفَر ذَنبه يغفِره غَفْراً وغُفراناً ومَغفِرةً وغَفيراً وغَفيرةً واستغفرته ذَنبي وهما يتغافران: أَي يَدْعُو كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه بالمغفرة. أَبُو عُبَيْد: العِقاب: الْأَخْذ بالذنب، وَقد عاقبته وتَعَقَّبْته وَالِاسْم العُقوبة. الْأَصْمَعِي: النّقْمَة والنّقْمَة: المُكافأة بالعقوبة وَالْجمع نِقَم ونَقِم وَقد نقَمتُ مِنْهُ أنقِم. غَيره: نَقِم ينقَم وانتقَم. الْأَصْمَعِي: آخذْته بِذَنبِهِ وواخَذْته: عاقبته.
3 - (التّنسك وَذكر أَعمال البرّ)
صَاحب الْعين: الشّريعة والشّرْعة: مَا سنّ الله من الدّين وَأمر بالتّمسك بِهِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَالْحج وَقد شَرَعَها الله يَشْرَعها شَرْعاً.
3 - (الْإِيمَان)
التّصديق وَقد آمَن وَزنه أفْعَل وَلَا يكون فاعَل. قَالَ الْفَارِسِي: لَا تَخْلُو الْألف فِي آمن من أَن تكون زَائِدَة أَو منقلبة وَلَيْسَ فِي الْقِسْمَة أَن تكون أصلا فَلَا يجوز أَن تكون زَائِدَة لِأَنَّهَا لَو كَانَت كَذَلِك لكَانَتْ فاعَلَ وَلَو كَانَ فاعَلَ لَكَانَ مضارعه يُفاعِل مثل يُقاتِل ويُضارب فِي مضارع ضارَب وقاتَل فَلَمَّا كَانَ مضارع أَمن يُؤْمِن دلّ ذَلِك على أَنَّهَا غير زَائِدَة وَإِذا لم تكن زَائِدَة كَانَت منقلبة وَإِذا كَانَت منقلبة لم يخل انقلابها من أَن يكون عَن الْيَاء أَو عَن الْوَاو أَو عَن الْهمزَة فَلَا يجوز أَن تكون منقلبة عَن الْوَاو لِأَنَّهَا فِي مَوْضِع سُكُون وَإِذا كَانَت فِي مَوْضِع سُكُون وَجب تصحيحها وَلم يجز انقلابها وبمثل هَذِه الدّلالة لَا يجوز أَن تكون منقلبة عَن الْيَاء فَإِذا لم يجز انقلابها عَن الْوَاو وَلَا عَن الْيَاء ثَبت أَنَّهَا منقلبة عَن الْهمزَة وَإِنَّمَا انقلبت عَنْهَا ألفا لوقوعها سَاكِنة بعد حرف مَفْتُوح فَكَمَا أَنَّهَا إِذا خففت فِي راس وفاس وباس انقلبت ألفا لسكونها وانفتاح مَا قبلهَا كَذَلِك قلبت فِي نَحْو آمَن وآجَر وآتَى وَفِي الْأَسْمَاء نَحْو آدَر وآخَر وآدَم إلاّ أَن الانقلاب هَهُنَا لَزِمَهَا لِاجْتِمَاع الهمزتين والهمزتان إِذا اجتمعتا فِي كلمة لزم الثّانية مِنْهُمَا الْقلب بِحَسب الْحَرَكَة التّي قبلهَا إِذا كَانَت سَاكِنة نَحْو آمَن أُوتُمِن، إيذَن إيثماناَ. صَاحب الْعين: الاحتساب: طلب الْأجر وَالِاسْم الحِسْبَة. ابْن السّكيت: احتَسَب فلانٌ بَنِينَ: إِذا مَاتُوا لَهُ كبارًا واحتسب الْأجر بصبره. أَبُو عُبَيْد: المَسيح: الصِّدِّيق وَبِه سُمي عِيسَى بن مَرْيَم وَقد تقدم وُجُوه الِاخْتِلَاف فِي ذَلِك. أَبُو زيد: القارِية: الصالحون من النّاس. أَبُو عُبَيْد: وَفِي الحَدِيث: (النّاسُ قَواري الله فِي الأَرْض) . أَي شهداؤه، أُخذ من أَنهم يَقْرون النّاس أَي يتتبعونهم فَيَنْظُرُونَ إِلَى أَعْمَالهم.(4/54)
3 - (الرشد وَالْهِدَايَة)
صَاحب الْعين: الرّشْد والرَّشَد والرَّشاد: نقي الغَيّ، وَقد رَشَد يرشُد رُشْداً ورَشِد رَشَداً ورَشاداً فَهُوَ راشِد ورَشيد وأرشَدته إِلَى الْأَمر ورَشَدته واسترشدته: طلبت مِنْهُ الرّشد. أَبُو زيد: الرّشَدى: اسْم للرشاد.
3 - (الْوضُوء)
أَبُو عُبَيْد: التّوَضُّؤ: التّنظُّف وَقد تَوَضَّأت وَضوءاً حسنا وَحكى غَيره الوُضوء بالضّم. قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: الوَضوء الِاسْم والوُضوء الْمصدر وَقيل الوَضوء الْفِعْل والوُضوء المَاء الَّذِي يُتوضأ بِهِ على مِثَال وَقَدت النّار وَقوداً عَالِيا والوُقود بالضّم الْحَطب. ابْن الْكَلْبِيّ: واشتقوا من الوَضوء اسْما للوَضِئ فَقَالُوا: وَضيء: بيِّن الوَضاءة، وَقد وَضُؤَ. صَاحب الْعين: المِيضَأة: المِطهرة التّي يُتوضأ فِيهَا وَمِنْهَا. أَبُو عُبَيْد: تَطَهَّرت طَهوراً كتوضأت وَضوءاً والطّهْر الِاسْم فَأَما الطّهارَة فمصدر قَوْلهم طَهُر وطَهَر والطّهور قد يكون الْمصدر كَمَا تقدم وَيكون الْوَصْف، قَالُوا مَاء طَهور بِمَعْنى طَاهِر كَمَا قَالُوا قَتول بِمَعْنى قَاتل وَقَالُوا تَطَهَّر واطَّهَر واطَّاهر مُدغم عَن تَطاهر كادّارك مدغم عَن تدارَك وَقيل الطّهور والوَضوء اسْم المَاء كالغَسول والقَرور فالغَسول المَاء الَّذِي يُغتسل بِهِ أياً كَانَ والقَرور المَاء الَّذِي يُتَقَرَّر بِهِ أَي يُتبرّد. أَبُو حَاتِم: المَطْهَرَة: الْبَيْت الَّذِي يُتَطَهَّر فِيهِ والمِطْهَرة وعَاء المَاء الَّذِي يُتطهَّر بِهِ. صَاحب الْعين: الطّهارة: فَضْل مَا تُطُهِّر بِهِ. ابْن السّكيت: غَسَلَه غَسْلاً والغُسْل الِاسْم، وَقيل: مَا يُغتَسَل بِهِ والتّيمم فِي الْوضُوء أَصله من الأمّ وَهُوَ الْقَصْد، يُقَال: تأَمَّمْت وتَيَمَّمْت. أَبُو عُبَيْد: تَمَسَّحْت بالتّراب: تيمَّمْت.
3 - (الْأَذَان)
الْأَذَان: الإِشعار بِوَقْت الصَّلَاة. سِيبَوَيْهٍ: أَذَّنْت وآذَنْت من الْعَرَب من يجعلهما بِمَعْنى وَمِنْهُم من يَقُول: أَذَّنْت للنداء والتّصويت بإعلانٍ وآذَنْت أعلمْتُ. الْأَصْمَعِي: التّثْوِيب: تَرجيع الْأَذَان. ابْن السّكيت: زَعْقَة المؤذِّن: صَوته.
3 - (الصَّلَاة)
قد أَكثر النّاس فِي شرحها والتّعبير عَنْهَا وَأَنا أورد فِي ذَلِك أحسن مَا سقط إِلَيّ من لفظ الشّيخ أبي عَليّ الْفَارِسِي، قَالَ: الصَّلَاة فِي اللُّغَة الدّعاء، قَالَ الْأَعْشَى فِي الْخمر: وقابَلها الرّيحُ فِي كِنِّها وصلّى على دَنِّها وارتسمْ فَكَانَ معنى قَوْله عز وَجل: (وصلِّ عَلَيْهِم إِن صَلَاتك سَكنٌ لَهُم) . وادع لَهُم فَإِن دعاءك لَهُم تسكن إِلَيْهِ نُفُوسهم وتطيب بِهِ فإمَّا قَوْلهم صلّى الله على رَسُوله وعَلى مَلَائكَته فَلَا يُقَال فِيهِ إِنَّه دُعَاء لَهُم من الله كَمَا لَا يُقَال فِي نَحْو وَيْل للمكذبين أَنه دُعَاء عَلَيْهِم وَلَكِن الْمَعْنى فِيهِ أَن هَؤُلَاءِ مِمَّن يسْتَحق عنْدكُمْ أَن يُقَال فيهم هَذَا النّحو من الْكَلَام، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: (بل عَجِبْتَ ويسخرون) . فِيمَن ضم التّاء وَهَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَإِذا كَانَت الصَّلَاة مصدرا وَقع على الْجَمِيع والمفرد على لفظ وَاحِد كَقَوْلِه: (لصوت الْحمير) فَإِذا اخْتلف جَازَ أَن يجمع لاخْتِلَاف ضروبه كَمَا قَالَ عز وَجل: (إِن أنكر الْأَصْوَات) وَمِمَّا جَاءَ بِهِ الصَّلَاة مُفردا يُرَاد بِهِ الْجمع قَوْله تَعَالَى: (وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام إلاّ مُكاءً وتصديةً) . وَقَوله: (وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزّكاة)(4/55)
فالزكاة فِي هَذَا كَالصَّلَاةِ وَكَأن الْمَفْرُوض والمتنفَّل بهَا سميت صَلَاة لما فِيهَا من الدّعاء إلاّ أَنه اسْم شَرْعِي فَلَا يكون الدّعاء على الِانْفِرَاد حَتَّى تنضم إِلَيْهَا خِلالٌ أُخَر جَاءَ بهَا الشّرع كَمَا أَن الْحَج الْقَصْد فِي اللُّغَة فَإِذا أُرِيد بِهِ النّسك لم يتم بِالْقَصْدِ وَحده دون خِصَال أخر تنضم إِلَى الْقَصْد كَمَا أَن الِاعْتِكَاف لُبْثٌ وَإِقَامَة والشّرعي يَنْضَم إِلَيْهِ معنى آخر وَكَذَلِكَ الصَّوْم وحسَّن ذَلِك جمعهَا حَيْثُ جُمعت لِأَنَّهَا صَارَت فِي التّسمية بهَا وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال لَهَا كالخارجة من حكم المصادر وَإِذا جُمعت المصادر نَحْو قَوْله: إِن أنكر الْأَصْوَات فَأن يُجمع مَا صَار بالتّسمية كالخارج عَن حكم المصادر أَجْدَر. إلاّ ترى أَن سِيبَوَيْهٍ جعل دّرَّاً من قَوْلك لله دَرُّك بِمَنْزِلَة لله بلادك وَجعله خَارِجا عَن حكم المصادر فَلم يُعمله إعمالها مَعَ أَنه لم يُخص بالتّسمية بِهِ شَيْء وَجعله بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال خَارِجا عَن حكم المصادر، وَلم يُجز أَن يُضيف دَرّ إِلَى الْيَوْم من قَوْله: لله دَرُّ اليومَ مَن لامَها على حد قَوْله: (بل مكر اللَّيْل والنّهار) فَهَذَا قَول من جمع فِي نَحْو قَوْله: (حَافظُوا على الصَّلوات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى) . فَإِن قلت فَهَلا جعل بِمَنْزِلَة دَرّ فَلم يجز فِيهِ إلاّ الإِفراد إلاّ أَن تخْتَلف ضروبه كَمَا لم يجز فِي درّ الْأَعْمَال قيل لَيْسَ كل شَيْء كثر اسْتِعْمَاله يُغير عَن أَحْوَال نَظَائِره فَلم تُغير الصَّلَاة عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ فِي الأَصْل من كَونهَا مصدرا وَإِن كَانَ قد سمي بِهِ لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ قد انْضَمَّ إِلَى الدّعاء غَيره لم يخرج من أَن يكون الدّعاء مرَادا بهَا وَمثل ذَلِك من كَلَامهم قَوْلهم أَرَأَيْت زيدا مَا فعل. فَلم يُخرجه عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ دُخُول معنى فالتّسمية بِهِ مِمَّا يُقوي الْجمع فِيهِ إِذا عُني بِهِ الرّكعات لِأَنَّهَا جَارِيَة مجْرى الْأَسْمَاء والإفراد لَهُ فِي نَحْو: (وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت) يُجوِّزه أَنه فِي الأَصْل مصدر فَلم يُغير عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي الأَصْل وَمن أفرد فِيمَا يُرَاد بِهِ الرّكعات كَانَ جَوَازه على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا على أَنه فِي الأَصْل مصدر من جنس المصادر لِأَنَّهَا أَجنَاس مِمَّا يفرد فِي مَوْضِع الْجَمِيع إلاّ أَن تخْتَلف فتجمع من أجل اختلافها وَالْآخر أَن الْوَاحِد قد يَقع فِي مَوْضِع الْجمع كَقَوْلِه: يُخرجكم طفْلا، وَقَوله: قد عضّ أَعْنَاقهم جِلدُ الجواميسِ صَاحب الْعين: قد يكون التّسبيح بِمَعْنى الصَّلَاة وَفِي التّنزيل: (فلولا أَنه كَانَ من المُسبِّحين) . أَي المُصلين قبل ذَلِك، وَأنْشد: وسَبِّح على حينِ العشيَّةِ والضّحى أَي صلِّ بالصباح والمساء وَهُوَ معنى قَوْله عز وَجل: (فسبحان الله حِين تُمسون وَحين تُصبحون) وَقيل: السّبْحَة: الدّعاء وَصَلَاة التّطوع وَسَيَأْتِي ذكر سُبْحَانَ الله بِمَعْنَاهُ وتعليله وافتتاح الصَّلَاة التّكبيرة الأولى وفواتح السّوَر أوائلها مِنْهُ وفاتحة الْقُرْآن الْحَمد وَقَالَ التّثويب: الدّعاء للصَّلَاة وَغَيرهَا وَأَصله أَن الرَّجُل إِذا جَاءَ مُستصرخاً لوَّح بِثَوْبِهِ فَكَانَ ذَلِك كالدّعاء. ابْن السّكيت: هِيَ صَلَاة الوِتْر. صَاحب الْعين: وَقد أوْتَرْت: صليت الوِتر. أَبُو عُبَيْد: أَحرمت بِالصَّلَاةِ وأحرمت فِيهَا وأحرمتها وَالْإِحْرَام عقدُها ودخولها الِاسْم والمصدر فِي ذَلِك سَوَاء وَقد قيل الإِحرام الْمصدر والحُرْم الِاسْم. قَالَ أَبُو عَليّ: الإِحرام الِاسْم والمصدر. أَبُو عُبَيْد: حَرُمَت الصلاةُ على الْمَرْأَة حُرْماً وحُرُماً لُغَتَانِ وحَرِمَت عَلَيْهَا حَرَماً وحَراماً والهَيْنَمة: الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة بالسّر والجهر وَقد تقدم أَنَّهَا الْأَصْوَات المختلطة فَأَما القَنْت والقُنوت فقد قيل هُوَ الْقِرَاءَة فِيهَا وَقيل الدّعاء وَقيل إطالتّها. صَاحب الْعين: القُنوت: الطّاعة لله تَعَالَى وَقيل هُوَ الإِمساك عَن الْكَلَام والخشوع وَمِنْه(4/56)
قَنَتَتِ الْمَرْأَة لبعلها انقادت والإقنات الانقياد، قَنَت يقنُت قُنوتاً. صَاحب الْعين: أقنع الرَّجُل يَدَيْهِ فِي القُنوت: مدهما واسترحم ربه وَقَالَ: صلينَا أعْقاب الْفَرِيضَة وَهُوَ إِذا صلى عقب الظّهر وَهُوَ وَاحِد الأعقاب وَقَالَ نحر الرَّجُل فِي الصَّلَاة ينحَر إِذا انتصب ونَهد صَدره وَقَوله تَعَالَى: (فصلِّ لِرَبِّك وانحر) . قيل مَعْنَاهُ وانحر البُدْن وَقيل هُوَ وضع الْيَمين على الشّمال فِي الصَّلَاة. ابْن دُرَيْد: ركَع يركَع رَكْعاً ورُكوعاً فَهُوَ رَاكِع والراكع: الَّذِي يكبو على وَجهه وَمِنْه الرّكوع فِي الصَّلَاة، قَالَ الشّاعر: وأفلتَ حاجبٌ فَوْتَ العوالي على شَقَّاءَ تركعُ فِي الظّرابِ والرُّكْعَة: الهُوَّة فِي الأَرْض لُغَة يَمَانِية. صَاحب الْعين: كل قَوْمَة من الصَّلَاة رَكْعَة وكل شَيْء ينكبُّ لوجهه فتمَسُّ رُكبته الأَرْض أَو لَا تمس بعد أَن يُطأطئ رَأسه فَهُوَ رَاكِع، قَالَ لبيد: أُخَبِّرُ أَخْبَار الْقُرُون التّي مَضَت أَدِبُّ كَأَنِّي كلما قُمت راكعُ وَالْجمع رُكَّع ورُكوع ورَكَع الشّيخ: انحنى. أَبُو عُبَيْد: التّحْنِيَة: وضع الْيَدَيْنِ على الرّكبتين وَالْأَرْض فِي الصَّلَاة. صَاحب الْعين: السّاجد: المنتصب. أَبُو عُبَيْد: حَقِيقَة السّجود الخضوع، سَجَد يسجُد سُجوداً: إِذا وضع جَبهته بِالْأَرْضِ وأسجَد الْبَعِير طأطأ رَأسه وانحنى وَأنْشد: وقُلن لَهُ أسْجِد ليلى فأسجَدا وَجمع السّاجد سُجود. قَالَ الْفَارِسِي: وَإِذا حُقِّر رُدّ إِلَى واحده كَمَا يُفعل بالقُعود والبُكِيّ جمع قَاعد وَبَاكٍ وَأما المَسْجِد فَإِنَّهُ أحد الْحُرُوف الشّاذة التّي جَاءَت من فَعَلَ يفْعُل على مَفْعِل وَهَذَا إِذا عُني الْموضع الَّذِي يُسجَد فِيهِ فَأَما من جعله اسْما للبيت فعلى من جعل المَضْرِب اسْما للحديدة فَلَا يكون على هَذَا شاذاً إِنَّمَا هُوَ اسْم كالمُدِقِّ حِين جَعَلُوهُ اسْما كالجُلمود. أَبُو حَاتِم: المِسْجَدَة: الخُمرة المَسجود عَلَيْهَا. صَاحب الْعين: قَوْله عز وَجل: (وَأَن الْمَسَاجِد لله) قيل هِيَ مَوَاضِع السّجود من الإِنسان الْجَبْهَة وَالْيَدَانِ وَالركبَة وَالرجلَانِ فَأَما الإِسجاد فِي النّظر فقد قيل إِنَّه الإِدامة وَقيل الفُتور وَهَذَا أشبه لِأَنَّهُ مَيل وانخفاض وَلَيْسَ السّجود. أَبُو زيد: حَرِجَت الصَّلَاة على الْمَرْأَة: حَرُمَت زمن الْحيض وَقَالَ حانت الصَّلَاة حَيْناً وحَيْنونة: وَجَبت. صَاحب الْعين: التّرْويحة فِي شهر رَمَضَان: سميت بذلك لاستراحة الْقَوْم بعد كل أَربع رَكْعَات وَقَالَ: رَهِقَتنا الصَّلَاة رَهَقاً: حانت، وَقَالَ: التّشَهُد: قِرَاءَة التّحيات، واشتقاقه من أشهد أَن لَا إِلَه إلاّ الله وَأَن مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله. غَيره: الذِّكْر: الصَّلَاة لله والدّعاء إِلَيْهِ والثّناء عَلَيْهِ وَفِي الحَدِيث: (كَانَت الْأَنْبِيَاء إِذا حَزَبَهُم حازِبٌ فَزِعوا إِلَى الذِّكر) أَي الصَّلَاة يقومُونَ فيُصلون والذِّكر أَيْضا الْكتاب الَّذِي فِيهِ تَفْصِيل الدّين وَوضع المِلَّة.
3 - (الدّعاء)
طَلَب الطّالب للْفِعْل من غَيره وَقد دَعَوْت. سِيبَوَيْهٍ: الدّعْوّى: الدّعاء. قَالَ: وَفِي الدّعاء اللَّهُمَّ أشْرِكنا فِي دَعْوى الْمُسلمين، وَأنْشد: وَلَّتْ ودَعْواها شديدٌ صَخَبُهْ والأُدْعُوَة: أُفْعولة من دَعَا يَدْعُو، صحَّت الْوَاو لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَا يقلبها إلاّ ترى أَنَّك إِذا بنيت مِثَال أُفْعولة من غَزَوْت قلت أُغْزُوَّة وَمن قَالَ أُدْعِيَّة فلخفة الْيَاء على حد مَسْنِيَّة. ابْن الرّماني: الدّعاء إِلَى الله على وَجْهَيْن: الأول طلب فِي مَخرج اللَّفْظ وَالْمعْنَى على التّعظيم والمدح. والثّاني: الطّلب لأجل الغفران أَو عَاجل الإِنعام. ابْن(4/57)
دُرَيْد: الابتهال: الِاجْتِهَاد فِي الدّعاء وإخلاصه لله عز وَجل وَبِه سميت باهلةُ أمُّ هَذِه الْقَبِيلَة. صَاحب الْعين: وَقَوله: إياك أَدْعُو فتقبَّل مَلَقي أَي دُعائي وتضرّعي، وَقَالَ: التّسْمِيَت: ذكر الله على الشّيء والتّسْميت الدّعاء للعاطس وحُكيت بالشّين. أَبُو عُبَيْد: ألَّ يؤُلُّ إلاّ وأَلَلاً وأُليلاً: رفع صَوته بالدّعاء قَالَ الْكُمَيْت: وَأَنت مَا أَنْت فِي غَبراءَ مظلمةٍ إِذا دَعَتْ أللَيْها الكاعِبُ الفُضُلُ وَقد يكون ألليها أَنه أَرَادَ الألل ثمَّ ثنّاه كُله يُرِيد صَوتا بعد صَوت وَقد يكون ألليها أَن يُرِيد حِكَايَة أصوات النّساء بالنّبطية إِذا صَرَخْن.
3 - (الزَّكَاة)
حَقِيقَة الزّكاة الزّيادة، يُقَال: زَكا يَزْكو زَكاءً وزكى وتَزَكَّى وزَكَّاه. صَاحب الْعين: الزّكاة زَكَاة المَال وتطهيره وَالْفِعْل مِنْهُ زكَّى وَالزَّكَاة زَكَاة الصّلاح، تَقول رجل تقيٌّ زَكيّ وَرِجَال أتقياء أزْكياء وَالزَّرْع يزكو زَكاءً وكل شَيْء يزِيد وينمى فَهُوَ يزكو زكاءاً وَهَذَا الْأَمر لَا يزكو بفلان أَي يَلِيق بِهِ وَالزَّكَاة: الْجُزْء من المَال الَّذِي يجب إِخْرَاجه على سَبِيل الصداقة بِمَا جَاءَت بِهِ الشّريعة من مِقْدَار وَوَقته والماعون الزّكاة. قَالَ أَبُو إِسْحَاق: المَعْن: الشّيء الْقَلِيل وَمِنْه اشتقاق الماعون الَّذِي هُوَ الزّكاة وَإِنَّمَا سميت الزّكاة بالشّيء الْقَلِيل لِأَنَّهُ يُؤْخَذ من المَال رُبع عُشْره فَهُوَ قَلِيل من كثير فَهَذَا قَول أبي إِسْحَاق وَقد قدمت مَا رد بِهِ عَلَيْهِ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي فِي كتاب الْمِيَاه عِنْد ذكر نعوت المَاء من قِبَل جَرْيِه. ابْن دُرَيْد: الخَرَاج والخَرْج: شَيْء يُخرجه الْقَوْم فِي السّنة من مَالهم بِقدر مَعْلُوم والخَرْج وَالْخَرَاج أَيْضا: الإِتاوة تُؤْخَذ من أَمْوَال النّاس وَفِي التّنزيل: (أمْ تَسْأَلُهُم خَراجاً فَخَراجُ رَبِّك خَيْر) . صَاحب الْعين: الفَريضة من الإِبل وَالْبَقر وَالْغنم: مَا بلغ عَدَدُه الزَّكَاة. أَبُو عُبَيْد: أفْرَضَت الماشيَة: وَجَبَت فِيهَا الْفَرِيضَة. صَاحب الْعين: فَرَضْت الشّيء أفْرِضُه فرضا: أوجبته وَالِاسْم الْفَرِيضَة. صَاحب الْعين: وَالْجمع فَرَائض وفرائض الله حُدُوده التّي أَمر بهَا. أَبُو عُبَيْد: الثّنَى فِي الصَّدَقَة أَن تُؤْخَذ فِي الْعَام مرَّتَيْنِ وَقيل الثّنى أَن تُؤْخَذ ناقتان مَكَان نَاقَة. صَاحب الْعين: الصَّدَقَة: مَا أَعْطيته فِي ذَات الله وَقد تَصَدَّقت عَلَيْهِ وصدَّقْت والمُصَدِّق: الْقَابِل للصدقة.
(بَاب النّذور)
صَاحب الْعين: نَذَر على نَفسه ينْذِر نَذراً وَالِاسْم النّذيرَة. أَبُو عُبَيْد: النّحْب: النّذر نَحَبَ ينْحُبُ وَقد قضى نَحْبَه وَقد تقدم أَنه الْمَوْت.
3 - (الصَّوْم)
ابْن دُرَيْد: الصَّوْم: الإِمساك عَن المأكل والمشرَب وكل شَيْء سَكَنَت حركته فقد صَامَ صَوماً، قَالَ النّابغة: خَيلٌ صِيامٌ وخيلٌ غير صائمةٍ تَحت النّعاج وخيلٌ تَعْلُكُ اللُّجُما صَاحب الْعين: الصَّوْم: الصَّمْت من قَوْله تَعَالَى: (إِنِّي نذرت للرحمن صوما) أَي صمتا.(4/58)
وَالصَّوْم قيام بِلَا عمل. صَامَ الْفرس على آرِبِه إِذا لم يعتلِف، وصامت الرّيح إِذا ركدت، وصامت الشّمس حِين تستوي فِي منتصف النّهار وَيُقَال تَقَّبل صامَتي، قَالَ الرّاجز: وصمتُ يومي فتقبَّل صامَتي ابْن السّكيت: قومٌ صُوَمٌ وصُيَّم. سِيبَوَيْهٍ: أَصله الْوَاو وَإِنَّمَا قلبت فِيهِ يَاء للخفة وقربها من الطّرف وَمِنْهُم من يَقُول صِيَّم يُشبّهها بعِصِيّ. أَبُو زيد: التّسَحُّر الْأكل بالسّحَر للصيام وَاسم الطّعام السّحور. ابْن السّكيت: وَهُوَ الفَلَح وَحَقِيقَته الْبَقَاء. صَاحب الْعين: وَهُوَ الفَلاح. أَبُو زيد: حَرِج السّحور علينا حَرَجاً: إِذا أصبح فحَرُم علينا. أَبُو عُبَيْد: الكافِل: الَّذِي يصِل الصّيام. صَاحب الْعين: الفِطْر: نقيض الصَّوْم وَهُوَ من المصادر التّي يُوصف بهَا الْوَاحِد والجميع بِلَفْظ وَاحِد. أَبُو الْحسن: لَيْسَ بمصدر وَإِنَّمَا هُوَ اسْم مَوْضُوع مَوْضِع مصدر. سِيبَوَيْهٍ: فَطَّرْته فأفْطَر وَمثل هَذَا قَلِيل: يَعْنِي أَن يكون التّفعيل لما مُطاوِعه أَفْعَل.
3 - (العكوف)
أَبُو عُبَيْد: عَكَف بِالْمَكَانِ يعْكِف ويعكُف عُكوفاً واعتَكَف أعْكَف: إِذا أَقَامَ، وَقَالُوا: عاكفٌ عَلَيْهِ وَالْقَوْل فِيهِ كالقول فِي السّجود، وَحكى أَبُو زيد: عَكَفْته أعْكُفه عَكْفاً.
3 - (الْجِهَاد)
أَبُو عُبَيْد: جاهده مُجاهَدَةً وجِهاداً، والمُكاوِح: المُجاهِد. صَاحب الْعين: الغَزْو: السّير إِلَى قتال الْعَدو وانتهابه، وَقد غزا غَزْواً، وَرجل غازٍ من قوم غُزَّىً وغُزاة والغَزِيّ اسْم للْجَمِيع عِنْد سِيبَوَيْهٍ، وأغْزَيْت الرَّجُل وغَزَّيْته: حَملته على أَن يَغْزُو، وَقَالُوا: غَزاة وَاحِدَة: يُرِيدُونَ عمل وَجه وَاحِد كَمَا قَالُوا حجَّة وَاحِدَة يُرِيدُونَ عمل سنة وَاحِدَة وَالْقِيَاس غَزْوَة. أَبُو عُبَيْد: النّسَب إِلَى الْغَزْو غَزْوَى وَهُوَ من نَادِر المعدول، والمَغازي الغَزَوات والمَغازي مَوَاطِن الْغَزْو والمَغازي أَيْضا مناقبهم، وأغزت الْمَرْأَة فَهِيَ مُغْزِيَة: إِذا غزا بَعْلهَا.
3 - (المُطَّوِّعَة)
المُطَّوِّعَة: الْقَوْم الَّذين يتطوعون بِالْجِهَادِ، وَحَكَاهُ أَحْمد بن يحيى بتَخْفِيف الطّاء وَشد الْوَاو ورد ذَلِك عَلَيْهِ أَبُو إِسْحَاق.
3 - (الحجّ)
الحَجّ: القَصْد والتّوجه إِلَى الْبَيْت بِالْأَعْمَالِ الْمَشْرُوعَة فرضا وسُنّةً وَحَقِيقَته الزّيارة، يُقَال حجَّه يحُجُّه حَجَّاً. ابْن السّكيت: هُوَ الحَج والحِجّ لُغَتَانِ. أَبُو عَليّ: حَجّ يحُجّ حَجّاً والحِجّ الِاسْم، فَأَما سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ: حَجَّه يحُجُّه حِجَّاً مثل ذَكَرَه يذْكُرُه ذِكْراً، وَقَالُوا: فِي الْجَمِيع الحاجّ فجعلوه اسْما للْجمع كالجامِل والباقِر، وَقَالُوا: الحاجّ على مِثَاله وَقد قَالُوا: الحَجيج فِي هَذَا الْمَعْنى على مِثَال الكَليب والعَبيد، والحِجّ أَيْضا الحَجيج، قَالَ: وكأنَّ عافِيَةَ النّسورِ عليهمُ حِجٌّ بأسفلِ ذِي المَجازِ نُزولُ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا حَجة وَاحِدَة يُرِيدُونَ عمل سنة وَاحِدَة كَمَا قَالُوا غَزَاة وَاحِدَة يُرِيدُونَ عمل وَجه وَاحِد وَذُو الحِجَّة: شهر الحَجّ. صَاحب الْعين: الهَدْيُ: مَا أُهدي إِلَى مَكَّة من البُدن، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: واحدته هَدْيَة.(4/59)
ابْن الأَعْرابِي: وَهُوَ الهَدِيّ، واحدته هَدِيَّة، وَأنْشد: حَلَفتُ بربِّ مكّةَ والمُصلّى وأعناق الهَدِيِّ مُقَلَّداتِ وَهُوَ من الإِهداء. صَاحب الْعين: بلغ الهَدْي محِلَّه يَعْنِي الْموضع الَّذِي حل فِيهِ نَحره وَوَجَب وَقيل المَحِلّ هَهُنَا مصدر وَهُوَ أحد مَا جَاءَ من المصادر على مَفْعِل كالمَرْجِع فِي قَوْله تَعَالَى: (إِلَيْهِ مَرْجِعُكم جَمِيعًا) . وَقَالَ أحْرَم الرَّجُل: دخل فِي الْحرم. أَبُو عُبَيْد: وَكَذَلِكَ حَرَم وَقَالَ غَيره: أحْرَم وحَرَم: دخل فِي الشّهر الْحَرَام. ابْن السّكيت: الحُرْم: الإِحرام، وَفِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: كنت أُطيبه لِحِلِّه وحُرْمِه. أَبُو عَليّ: الحَريم: مَا يرميه المُحْرِم عَن نَفسه من الثّياب وَقَالَ رجل حَرام وَقوم حَرام مُحرِمون. صَاحب الْعين: أَهَلَّ بالحجّ والعُمرة: رفع صَوته بهما وَأَصله من أَهَلَّ الرَّجُل إِذا نظر إِلَى الْهلَال وكبّر لأَنهم أَكثر مَا كَانُوا يُحرمون إِذا أهلّ الْهلَال. أَبُو عُبَيْد: طَاف طَوْفاً وطَوافاً وطَوَفاناً ومَطافاً وأطاف فَأَما يُطيف فَفِي الخيال وَقيل طَاف بالشّيء جَاءَ من نواحيه وأطاف بِهِ طَرَقه لَيْلًا. ابْن دُرَيْد: طُفْت بِالْبَيْتِ أُسْبوعاً وسُبوعاً. ابْن السّكيت: استَلأَم الْحجر وَهُوَ أحد مَا هُمز وَلَيْسَ أَصله الْهَمْز كحلأت السّويق وَقَوْلهمْ الذِّئْب يستنشِئ الرّيح وَهُوَ من السّلام التّي هِيَ الْحِجَارَة فَأَما التّلبية فالدّعاء، وَسَيَأْتِي ذكر تَثْنِيَة لبَّيْك فِي مُثَنَّيَات المصادر إِن شَاءَ الله تَعَالَى. ابْن دُرَيْد: الجَمَرات والجِمار: الحَصَيات التّي تُرمى بمِنى واحدتها جَمْرَة، والمُجَمَّر: مَوْضِع رميها هُنَالك. صَاحب الْعين: والإفاضة: الدّفع من عَرَفَات إِلَى مِنى بالتّلبية وَمِنْه الإِفاضة وَهُوَ الضّرب بِالْقداحِ وأفاض فِي الحَدِيث انْدفع فِيهِ وَمِنْه أَفَاضَ الْبَعِير بجَرَّتِه وأصل الْبَاب الفَيْض والانصباب عَن الامتلاء فَمِنْهُ الإِفاضة فِي الحَدِيث كفَيض الإِناء وَكَذَلِكَ الإِفاضة من عَرَفَة لأَنهم يَجْتَمعُونَ بهَا ثمَّ يندفعون إِلَى المَشْعَر كفيض الإِناء عَن الامتلاء وَحَدِيث مُسْتَفيض: إِذا ظهر فِي النّاس كظهور الفَيْض عَن الإِناء. ابْن السّكيت: نَفَر النّاس من منى ينفِرون نَفْراً أَو نَفَراً وَهُوَ يَوْم النّفْر والنّفر والنّفور والنّفير وَقَالَ: حَلَّ من إِحْرَامه يحِلّ حِلاًّ وأحَلّ خرج وَهُوَ حَلالٌ وَلَا يُقَال حالٌّ وَهُوَ الْقيَاس والحِلّ مَا جَاوز الحَرَم وَيُقَال للرجل الَّذِي لَا يرى للشهر الْحَرَام حُرمة وَلَا يتدَيَّن باجتناب مَا يُجتنَب فِيهِ رجل مُحِلّ: أَي أحَلّ الحَرَم وَفِي الحَدِيث: (أحِلَّ بِمن أحَلَّ بك) أَي من ترك الإِحرام وَأحل بقتالك فأحْلِل أَنْت أَيْضا بِهِ وقاتله وَإِن كنت مُحرماً وَأَصله من الحِل والحَلال والحَليل وَهُوَ نقيض الْحَرَام، حَلّ الشّيء يحِلّ حِلاًّ وأحَلَّه الله واستحللته: اتخذته حَلَالا، والمَشْعَر الْحَرَام: المَعْلَم والمُتَعَبَّد، والمَشْعَر الْحَرَام: هُوَ مُزْدَلِفَة وَهُوَ جمع بِلَا خلاف بَين أهل الْعلم وَالْفرق بَين المَشْعَر والمِشْعَر مَا قَالَه المُبرِّد وَذَلِكَ أَنه قَالَ: المَشعر بِالْفَتْح لمَكَان الشّعور كالمَدخل لمَكَان الدّخول، والمِشعر بِالْكَسْرِ الحديدة التّي يُشعَر بهَا أَي يُعلم فكُسرت لِأَنَّهَا آلَة كالمِخرَز والمِقطَع. غَيره: شعائِر الحجّ واحدتها شَعيرة وشِعارَة وَهِي البَدَنة تُهدى، وَقد أشْعَرْتُ البَدَنة: إِذا جعلت لَهَا عَلامَة وأشعَرْتها إِذا طعنتها حَتَّى يسيل دَمهَا وَقيل شَعائر الْحَج ومَشاعره مَناسِكه وَجَمِيع عمله من طَواف أَو سعي أَو نحر أَو حلق أَو رمي بالجمار وأنصاب الحَرم: حُدُوده، وَقَالَ: أيْدَع حَجّاً: أوجبه، وَأنْشد: بشُعْثٍ أيْدَعُوا حجا تَمامًا فَأَما قَوْله: كَمَا اتَّقى مُحرِمُ حجٍّ أيْدَعا فالأيْدَع هُنَا: الزّعفران لِأَن الْمحرم ينتقي أَن يمس الطّيب وَقَالَ أوْذَم على نَفسه حجا أوجبه وعمَّ بِهِ أَبُو عُبَيْد فَقَالَ: أوْذَم على نَفسه سفرا: أوجبه. صَاحب الْعين: القِلادَة: مَا جُعل فِي عنُق البدَنَة التّي تُهدى وَجَمعهَا(4/60)
قلائد وَهِي أَيْضا مَا يُجعل فِي عنق الإِنسان وَالْكَلب وَقد قَلَّدته قلادة وتَقَلَّدها هُوَ والتّقْليد هُنَا أَن يُجعل فِي عنق البُدن شِعار يُعلم بِهِ أَنَّهَا هَدْي.
3 - (التّقى والتّقوى سَوَاء)
والتّاء فِي التّقوى والتّقى بدل من الْوَاو وَالْوَاو فِي التّقوى بدل من الْيَاء وَسَيَأْتِي شرح هَذَا فِي بَاب المصادر وأذكر هَهُنَا شَيْئا من أَصله واشتقاقه: أصل الاتِّقاء الحَجْز بَين الشّيئين، يُقَال: اتَّقاه بالتّرس أَي جعله حاجزاً بَينه وَبَينه، واتقاه بحَقِّه أَيْضا كَذَلِك وَمِنْه الوِقاية وَيُقَال وَقاه وَمِنْه التّقِيَّة وتَوَقَّى وأصل مُتَّقِ موتَقٍ قلبت الْوَاو تَاء لِأَنَّهَا أسكنت وَبعدهَا تَاء مُفْتَعِل إِذْ كَانُوا يفرون إِلَيْهَا فِي مثل تُجاه وتُراث كَرَاهِيَة للحركة فِي حرف الْعلَّة. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا: هُوَ أتْقاهما فأبدلوا التّاء من الْوَاو السّاكنة وَإِن لم يكن بعْدهَا تَاء لِأَنَّهَا الْوَاو التّي تعتلُّ مَعَ التّاء وتَقِيّ وزَكِيّ وبَرّ وعَدْل وَمُؤمن ومُحسن نَظَائِر إلاّ أَن تَقِيّ أمدح من مُتَّقِ لِأَن بناءه عُدل عَن الصّفة الْجَارِيَة على الْفِعْل للْمُبَالَغَة. الْأَصْمَعِي: رجل مَخموم الْقلب: أَي تقيٌّ من الْغِشّ والدّغْل.
3 - (البِر والصِّلة وَالْإِحْسَان نَظَائِر)
تَقول هُوَ بار: وَصولٌ مُحسِن ونقيض البِرّ العُقوق. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الْبر ضد العقوق، رجل بَرّ وبارّ وبَرَّت يَمِينه بِراً: إِذا لم يَحنث. صَاحب الْعين: البَرّ بذوي قرَابَته، يُقَال فلَان بَرٌّ بوالدّيه وَقوم بَرَرَة وأبرار وَبِهَذَا اسْتدلَّ سِيبَوَيْهٍ على أَن وَزنه فَعِل لِأَن فَعِلاً مِمَّا يُكسَّر على أَفعَال كثيرا فِي الِاسْم وَالْوَصْف والمصدر البِرّ تَقول صَدَق وبَرَّ وبَرَّت يَمِينه: أَي صدقت، وبَرَّ الله حجك ونُسُكك وحَجّة مبرورة وَرجع مَبْروراً مأجوراً وَيُقَال بَرَّ عَمَلك وبَرَّ حَجك وبُرَّ حجك، فَإِذا قَالُوا أبَرّ الله حجك قَالُوا بِالْألف وَحج مبرور من أبَرّ وَهُوَ شَاذ وَله نَظَائِر سنذكرها فِي بَاب المصادر إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَفُلَان يَبَرّ فلَانا وَالله يَبَرُّ عباده، وَقد كَانَت الْعَرَب تَقول فلَان يَبَرُّه أَي يطيعه، وَأما قَول النّابغة: عَلَيْهِنَّ شُعْثٌ عامدون بحجهم صَاحب الْعين: أبَرَّ بِيَمِينِهِ: أمْضاها على الصدْق.
3 - (الْوَرع)
الوَرَع: التّأثُّم والتّحَرُّج. قَالَ ابْن السّكيت: رجل وَرِع: مُتحرِّج. سِيبَوَيْهٍ: وَقد وَرِع يَرِع ووَرَع وَرَعاً. قَالَ غَيره: أصل هَذِه الْكَلِمَة الْخُشُوع والاستكانة يُقَال رجل وَرَع إِذا كَانَ ضَعِيفا، حَكَاهُ ابْن السّكيت وَغَيره قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابنَا يذهبون بالورَع إِلَى الجبَان وَلَيْسَ كَذَلِك إِنَّمَا الورَع الضّعيف يُقَال إِنَّمَا مَال فلَان أوْراع أَي صِغار. غَيره: ورَع يَرَع رِعَةً ووَرُعَ وُرُوعاً ووُرُعاً ووَراعةً وتَوَرَّع وَمَا أحسن رِعَتَهم ورِيعَتهم. صَاحب الْعين: التّطَهُّر: التّنزُّه والكفُّ عَن الإِثم وَمَا لَا يَجْمُل، وَإنَّهُ لطاهر الثّياب أَي لَيْسَ بِذِي دَنَس فِي الْأَخْلَاق وَقَوله تَعَالَى: (وثيابك فطَهِّر) . مَعْنَاهُ قَلْبك فطهِّر والتّوبة التّي تكون بِإِقَامَة الْحَد كالرجم وَغَيره طَهور للمذنب وَقد طَهَّرَه الحدُّ، وَقَوله: (لَا يمسّه إلاّ المُطَهَّرون) يَعْنِي الْمَلَائِكَة، وَقَالَ: خَزَوْت النّفس خَزْواً: ملكتها عَن الْهوى، وَأنْشد:(4/61)
واخْزُها بالبِرِّ للهِ الأجَلّْ
3 - (الْوَعْظ)
الوَعْظ والعِظَة والمَوْعِظَة: تذكِرَتك الإِنسان بِمَا يُليّن قلبه من ثَوَاب وعقاب، وَعَظْته وَعْظاً فاتَّعَظ.
التّوبة والإنابة والإقلاع نَظَائِر فِي اللُّغَة
ونقيض التّوبة الإِصرار وَتَابَ تَوبةً وتَوْباً واستِتابة وَالله التّوَّاب يقبل التّوبة عَن عباده. صَاحب الْعين تَابَ إِلَى الله تَوْبَة ومَتاباً، فَالله التّائب يَتُوب على عَبده وَالْعَبْد تائب إِلَى الله، وَقَوله عز وَجل (وقابل التّوْب) أَرَادَ بِهِ التّوبة. قَالَ الْفَارِسِي قَالَ مُحَمَّد بن يزِيد جمع تَوْبَة مثل لَوزة ولَوْز. سِيبَوَيْهٍ التّتْوِبَة من التّوْبة. غَيره استتبت فلَانا عرضت عَلَيْهِ التّوبة. وأصل التّوبة فِي اللُّغَة النّدم فَالله التّائب على عَبده يقبل ندمه وَالْعَبْد تائب إِلَى الله ينْدَم على مَعْصِيَته، والتّوبة رُجُوع عَمَّا سلف بالنّدم عَلَيْهِ والتّائب صفة مدح لقَوْله (التّائِبون العابِدون) فَلَا يُطلق اسْم تائب إلاّ على مُستحق للمدح من الْمُؤمنِينَ وَقيل حَقِيقَة التّوبة الرّجوع والأوَّاب الرّاجع عَن ذَنبه والأوْبَة الرّجوع. ابْن دُرَيْد يُقَال اللَّهُمَّ تقبّل تَوْبَتِي وتابَتي وَارْحَمْ حَوبتي وحابتي وعَلى مِثَاله قمتي وقَومتي، قَالَ الرّاجز قد قُمتُ ليلِي فتقبّل قامَتي صَاحب الْعين: الإِرْعِواء: الإِقلاع عَن الْجَهْل، وَهِي الرّعْوَى والرُّعْيا.
3 - (الْعِبَادَة)
أصل الْعِبَادَة فِي اللُّغَة التّذليل من قَوْلهم: طَرِيق مُعَبَّد: أَي مُذّلَّل، بِكَثْرَة الْوَطْء عَلَيْهِ، قَالَ طَرَفة: تُباري عِتاقاً ناجِياتٍ وأتبعَتْ وَظيفاً وظيفاً فَوق مَوْرٍ مُعَبَّد المَوْر: الطّريق وَمِنْه أُخذ العَبْد لذلته لمَوْلَاهُ وَالْعِبَادَة والخضوع والتّذلل والاستكانة قرائب فِي الْمعَانِي، يُقَال: تَعَبَّ فلَان لفُلَان: إِذا تذلل لَهُ، وكل خضوع لَيْسَ فَوْقه خضوع فَهُوَ عبَادَة، طَاعَة كَانَ للمعبود أَو غيرَ طَاعَة. وكل طَاعَة لله على جِهَة الخضوع والتّذلل فَهِيَ عبَادَة وَالْعِبَادَة نوع من الخضوع لَا يسْتَحقّهُ إلاّ المُنعِم بِأَعْلَى أَجنَاس النّعم كالحياة والفهم والسّمع وَالْبَصَر والشّكر، وَالْعِبَادَة لَا تُستحق إلاّ بالنّعمة لِأَن الْعِبَادَة تنفرد بِأَعْلَى أَجنَاس النّعم لِأَن أقل الْقَلِيل من الْعِبَادَة يكبُر عَن أَن يسْتَحقّهُ إلاّ من كَانَ لَهُ أَعلَى جنس من النّعمة إلاّ الله سُبْحَانَهُ فَلذَلِك لَا يسْتَحق الْعِبَادَة إلاّ الله، وَقد قَالُوا: عَبَد الله يعبُده عِبادة وَرجل عابِد من قوم عَبَدَة وعُبُد وعُبَّد وعُبَّاد، وقرئت هَذِه الْآيَة على سَبْعَة أوجه: (وعَبَدَ الطّاغوت) مَعْنَاهُ أَنه عَبَدَ الطّاغوت من دون الله، وعُبِد الطّاغوت وَهُوَ بيِّن، وعَبُدَ الطّاغوت أَي صَار معبوداً كَقَوْلِك ظَرُفَ أَي صَار ظريفاً، وعُبَّدَ الطّاغوت أَي عُبّاده، وعَبَد الطّاغوت أَرَادَ عَبَد لَهَا، وعُبُدَ الطّاغوت جمَاعَة عَابِد، والمُعَبَّد: المُكرّم المُعظّم كَأَنَّهُ عُبد وَكَأن هَذِه الْكَلِمَة لموضوع مَعْنَاهَا ضد. صَاحب الْعين: السّياحَة: الذّهاب فِي الأَرْض لِلْعِبَادَةِ والتّرَهُّب وَمِنْه الْمَسِيح ابْن مَرْيَم كَانَ يذهب فِي الأَرْض فأينما أدْركهُ اللَّيْل صَفَّ قَدَمَيْهِ وَصلى حَتَّى الصَّباح وَقد ساحَ وَهُوَ مفعول بِمَعْنى فَاعل، وسِياحة هَذِه الأُمَّة الصّيام وَلُزُوم الْمَسَاجِد، وَفِي الحَدِيث: (أُولَئِكَ أمّةُ الْهدى لَيْسُوا بالمساييح) يَعْنِي الَّذِي يسيحون فِي الأَرْض بالنّميمة والشّر.(4/62)
3 - (التّألُّه والزُّهد)
قَالَ الْفَارِسِي: رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ فِي قَوْله عز وَجل: (ويذَرَك وآلِهَتَك) أَنه قَالَ عبادتك، وَقَوْلنَا إِلَه من هَذَا كَأَنَّهُ ذُو الْعِبَادَة أَي إِلَيْهِ يُتوجه وَإِلَيْهِ يُقصد، قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: تألَّه الرَّجُل: نَسَك، وَأنْشد: سَبَّحْنَ واستَرْجَعْنَ من تأَلُّهِي قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي يحْتَمل ضَرْبَيْنِ من التّأويل: يجوز أَن تكون كتعَبَّد والتّعَبُّد وَيجوز أَن يكون مأخوذاً من الِاسْم دون الْمصدر على حد قَوْلك استَحْجَر الطّين واسْتَنْوَق الْجمل، فَيكون الْمَعْنى أَنه يفعل الأَفعال المُقرّبة إِلَى الإِله الْمُسْتَحق بهَا الثّواب، وتُسمى الشّمس الإِلاهة وإلاهَة، وَأنْشد: تَرَوَّحْنا من اللعباء عَصْراً وأعجلْنا إلاهةَ أَن تَؤبا فكأنهم سَموهَا إلاهة على نَحْو تعظيمهم لَهَا وعبادتهم إِيَّاهَا وعَلى ذَلِك نَهَاهُم الله عز وَجل وَأمرهمْ بالتّوجه فِي الْعِبَادَة إِلَيْهِ دون مَا خلقه وأوجده بعد أَن لم يكن فَقَالَ: (وَمن آيَاته اللَّيْل والنّهار والشّمس وَالْقَمَر لَا تسجدوا للشمس وَلَا للقمر واسجدوا لله الَّذِي خلقهنّ) . صَاحب الْعين: الزّهْد فِي الدِّين خَاصَّة والزَّهادة فِي الْأَشْيَاء كلهَا ضد الرّغبة. ابْن السّكيت: زَهُدَ وزَهَد زُهْداً وزَهادة. صَاحب الْعين: زَهَّدْته فِي الْأَمر: رغّبته فِيهِ، وَقَالَ المُتقرِّئ: المُتنسّك والمُتبتّل: الْمُنْقَطع إِلَى الله عز وَجل. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمِمَّا جَاءَ فِيهِ الْمصدر على غير فعله قَوْله تَعَالَى: (وتَبَتَّل إِلَيْهِ تَبْتيلا) .
3 - (الْخُشُوع)
صَاحب الْعين: خَشَع الرَّجُل يخشَع خَشوعاً فَهُوَ خاشِع: إِذا رمى ببصره إِلَى الأَرْض واخْتَشَع: طأطأ رَأسه كالمتواضع، والخشوع قريب الْمَعْنى من الخضوع إِلَّا أَن الخضوع فِي الْبدن وَالْإِقْرَار بالاستخذاء، والخشوع فِي الصَّوْت وَالْبَصَر، قَالَ الله تَعَالَى: (خاشعةً أَبْصَارهم) . وَقَالَ: (وخَشَعَتِ الأَصوات للرحمن) . أَي سكنتْ وَيُقَال اختَشَع فلَان وَلَا يُقَال اختشع بَصَره، والخُشْعَة من الأَرْض: قُفٌّ قد غلبت عَلَيْهِ السّهولة، وَيُقَال: قُفٌّ خاشِع وأكمة خاشِعة: مُلتزقة لاطِئة بِالْأَرْضِ، وَيُقَال: الخاشع من الأَرْض مَا لَا يُهتدى لَهُ، وَفِي الحَدِيث: (كَانَت الْكَعْبَة خَشْعَةً على المَاء فدُحِيَت من تحتهَا الأَرْض) . والتّضَرُّع والتّخَشُّع: مجراهما وَاحِد، وَقَالَ: ومُدَجَّجٍ يحمي الكَتيبة لَا يُرى عِنْد البَديهة ضارِعاً يتَخَشَّعُ وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الخاشع: المُستكين والخاشع فِي بعض اللُّغَات: الرّاكع، وخشع الإِنسان خَراشِيَّ صَدره: إِذا ألْقى من صَدره بُصاقاً لزجاً، وخشع ببصره: غَضَّه، وَهُوَ خاشع، والخاشع والمُخْبِت سَوَاء. ابْن دُرَيْد: الإِخْبات: التّوَقِّي للمأثَم، وَيُقَال: أسْبَأْت لأمر الله: إِذا أخْبَتَ لَهُ قَلْبك.
3 - (النّسُك)
ابْن دُرَيْد: أَصله ذَبَائِح كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة تُذبح، وَفِي الإِسلام اخْتلفُوا فِيهِ فَقيل هُوَ نُسُك الْحَج، وَقيل هُوَ الزّهد فِي الدّنيا من قَوْلهم رجل ناسِك. ابْن السّكيت: هُوَ النُّسْك والنَّسْك والمَنْسَك والمَنْسِك. صَاحب الْعين: النّسُك: الْعِبَادَة، رجل ناسِك وَقد نَسَك ينسُك نَسْكاً، والنّسُك: الذَّبِيحَة، يُقَال من صنع كَذَا فَعَلَيهِ نُسُك(4/63)
أَي دم يُهريقه بِمَكَّة، وَاسم تِلْكَ الذَّبِيحَة: النّسيكة والمَنْسَك النّسْك والمَنْسِك: الْموضع الَّذِي تُذبح فِيهِ النّسائك ويُعَدّى فَيُقَال: نَسَك المَنْسَك ونَسَك فِيهِ، وَفِي التّنزيل: (لكل أمّةٍ مَنْسَكاً هم ناسِكوه) . ابْن دُرَيْد: القُرْبان: مَا تقرَّبْت بِهِ إِلَى الله عز وَجل. صَاحب الْعين: الشّبَر: شَيْء يتعاطاه النّصارى كالقربان. ابْن السّكيت: العَتِيرَة: النّسيكة. الْأَصْمَعِي: أصل العَتْر: الذّبْح، عَتَرَها يعتِرها عَتراً، والعَتيرة: الشّاة المَعتورة، والعِتْر: الصَّنَم الَّذِي يُعتر لَهُ، قَالَ: فزَلَّ عَنْهَا وأوفى رَأس مَرْقَبَةٍ كمَنْصِبِ العِتْرِ دَمَّى رَأسه النّسُكُ فَأَما قَوْله: فخَرَّ صَريعاً مثل عاتِرَةِ النّسُكْ فعلى أَنه وضع فَاعِلا مَوْضِع مفعول، وَله نَظَائِر سأحددها فِي فصل المصادر من هَذَا الْكتاب، وَقَوله: عَنَناً بَاطِلا وظلماً كَمَا تُعْتَرُ عَن حَجْرَةِ الرّبيضِ الظّباءُ كَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة يَقُول إِذا بلغت غنمي مائَة عَتَرْتُ عَنْهَا شَاة، فَإِذا بلغت هَذِه العِدّة شَحّ بالغنم، وصاد ظَبْيًا فذبحه مَكَان الشّاة، وَرَوَاهُ المُفضَّل: تُعْنَز، وَهُوَ تَصْحِيف. صَاحب الْعين: ضَحَّيْت بالشّاة: ذبحتها ضُحىً. ابْن السّكيت: هِيَ الأُضْحِيَة والإضحِيَة والضّحِيَّة والأضْحاة، وَالْجمع أضْحى، وَبِذَلِك سمي يَوْم الأَضحى، والأضحى: اسْم الْيَوْم يُذكَّر ويُؤنث، والتّذكير على معنى الْيَوْم، وَأنْشد: رأيتكم بني الخَذْواءِ لمّا دنا الأَضحى وصَلَّلَتِ اللِّحامُ قَالَ أَبُو عَليّ: أما الأَضحى جمع أضْحاء فَمن الْجمع الَّذِي يُساير واحده إِلَى الْهَاء وكل جمع ذَلِك كَذَلِك فَهُوَ يُذكّر ويؤنّث، هَذَا قَول أبي الْحسن. أَبُو حَاتِم: الإِضْحاة بِالْكَسْرِ: لُغَة فِي الأَضحاة. أَبُو عَليّ: فَأَما قَول الشّاعر يرثي عُثْمَان رَحمَه الله: ضَحُّوا بأشْمَطَ عُنْيانُ السّجود بِهِ يُقَطِّعُ اللَّيْل تَسبيحاً وقُرآنا فَأَنَّهُ استعاره، فَأَما لفظ الذَّبيحة فقد تقدم فِي ذبح الْغنم لِأَن ذَلِك غير مَقْصُور على القربان. ابْن دُرَيْد: البَدَنَة من الإِبل وَالْبَقر كالأُضحية من الْغنم، تُهدى إِلَى مَكَّة، وَالْجمع بُدُن وبُدْن. أَبُو عُبَيْد: الفَرَع: ذِبْحٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة، وَأنْشد: وشُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبام من الأقوام سَقْباً مُجَلَّلاً فَرَعا
3 - (التّحرُّج والعفّة)
التّحَرُّج: التّأثّم، وَأَصله من الحَرَج، وَهُوَ الضّيق، وَمِنْه الحَرَجَة: وَهِي الغَيْضَة والشّجر المتداخل المُتضامّ. ابْن السّكيت: الحِرْج والحَرَج: الإِثم، وَقد قرئَ: (يَجْعَل صَدره ضيّقاً حَرَجَاً) وحَرِجاً. وَقَالَ: ابْتار عِنْد الله خيرا: ادَّخَره. أَبُو عُبَيْد: التّهَوُّد: التّوبة وَالْعَمَل الصَّالح، وَأنْشد: سِوَى رُبُعٍ لم يَأْتِ فِيهِ مَخانةً وَلَا رَهَقاً من عائذٍ مُتَهّوِّدِ وَقد هُدْتُ. قَالَ الله تَعَالَى: (إنّا هُدْنا إِلَيْك) . صَاحب الْعين: هادَ هَوْداً وتَهَوَّد: تَابَ. وَفِي التّنزيل: (إنّا هدنا إِلَيْك) . وَبِه سُميت الْيَهُود، وَيُقَال لَهُم أَيْضا الهُود، وَقيل يَهود اسْم(4/64)
للقبيلة كعُمان وَإِنَّمَا أدخلُوا الْألف وَاللَّام عَلَيْهَا على إِرَادَة النّسب يُراد اليهوديون، وَقيل: سُميت هَذِه الْقَبِيلَة يَهوذ فعُرِّبت. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: عَفَّ عِفَّةً كَمَا قَالُوا: قَلَّ قِلَّةً، وَرجل عَفيف وَالْأُنْثَى بِالْهَاءِ. أَبُو زيد: رجلٌ عَفٌّ عَفيفٌ. صَاحب الْعين: الحِجْر: الرَّجُل الْعَفِيف الطّاهر.
3 - (الرَّحْمَة)
أَبُو عُبَيْد: الرّحْم والرَّحْمة، وَأنْشد: وَمن ضَريبته التّقوى ويعصمه من سيئ العَثَراتِ اللهُ والرُّحُمُ وَكَانَ أَبُو عَمْرو يقْرَأ وَأقرب رُحُما. ابْن دُرَيْد: الرّحْم والرُّحُم وَاحِد، رَحِمَه رَحْمَةً ورُحْماً ومَرْحَمَةً. أَبُو عُبَيْد: وَهِي الرّحْمى، والرَّحْموت.
3 - (الرهبانية وَنَحْوهَا)
صَاحب الْعين: الرّهْبانِيَّة: التّأبُّد والانقطاع عَن النّكاح وَلَا تكون فِي الإِسلام وَلَيْسَت مَأْمُورا بهَا. قَالَ الْفَارِسِي: وَلِهَذَا نصبنا رَهْبَانِيَّة فِي قَوْله عز وَجل: (وَجَعَلنَا فِي قُلُوب الَّذين اتَّبعُوهُ رأفةً وَرَحْمَة ورهبانيةً) . بِفعل مُضمر دلّ عَلَيْهِ هَذَا الظّاهر، فَكَانَ كَقَوْلِك ضربت زيدا وعمراً أكرمته وَلَا يكون عطفا على قَوْله رأفة وَرَحْمَة لِأَن مَا وَضعه فِي الْقُلُوب من الرّأفة وَالرَّحْمَة لَا يُوصف بالبدعة، أَولا ترى أَنَّك لَا تَقول جعل الله فِي قلبه رأفة ابتدعها لِأَن الابتداع الشّرعي إِنَّمَا هُوَ فعل لم يُؤمر بِهِ وَهُوَ فِي اللُّغَة الِابْتِدَاء والجِدَّة، يُقَال بِئْر بَديع: أَي جَدِيد الْحفر وَمِنْه بديع السّموات وَالْأَرْض أَي مُبتدئ خلقهما ومُكونهما بِلَا مِثَال وموجدهما بعد أَن لم يَكُونَا. صَاحب الْعين: الرّاهب: المُتعبِّد الْمُنْقَطع فِي الصومعة وَالْجمع رُهْبان، والقَسّ والقِسِّيس: المُترهِّب، وَهُوَ أَيْضا قَائِم الْكَنِيسَة، وَالْجمع قَساوِسَة. غَيره: الِاسْم القُسوسة والقِسِّيسِيَّة. ابْن دُرَيْد: الواهِف: سادِن الْبيعَة وَفِي الحَدِيث: (فَلَا يُزالَنَّ واهِفٌ عَن وَهافَتِه) . صَاحب الْعين: الوافِه: القَيِّم على بَيت النّصارى، ورتبته الوَفهِيَّة بلغَة أهل الجزيرة. ابْن دُرَيْد: هُوَ مقلوب عَن الواهف. صَاحب الْعين: الصُّوفَة: كل من ولي شَيْئا من عمل الْبَيْت، وهم الصُّوفان. ابْن دُرَيْد: الأبيل: القَسُّ الْقَائِم فِي الدّير الَّذِي يضْرب بالنّاقوس وَأنْشد: كَمَا صَكَّ ناقوسَ النّصارى أبيلُها سِيبَوَيْهٍ: الْجمع آبال: كَسّروا فَعيلا على أَفعَال كَمَا كسّروا فاعِلاً عَلَيْهِ حِين قَالُوا: شاهِد وأشْهاد. قَالَ الْفَارِسِي: أنشدنا من نثق بروايته عَن الدّمشقي عَن قُطْرب للأعشى: وَمَا أيْبُلِيُّ على هيكلٍ بناه وصلَّب فِيهِ وصارا قَالَ أَبُو عَليّ: فَقَوله أيْبُلِيُّ لَا يَخْلُو من أحد أَمريْن: إِمَّا أَن يكون الِاسْم أعجمياً أَو عَرَبيا فَإِن كَانَ أعجمياً فَلَا إِشْكَال فِيهِ لِأَن الأعجمي إِذا أُعرب لَا يُوجب تعريبه أَن يكون مُوَافقا لأبنية الْعَرَبِيّ، وَلَو كَانَ عَرَبيا لجَاز أَن يكون أيْبُلِيٌّ: فَيْعُلِيَّاً من قَوْله أبَلَت شَهري ربيع وَنَحْوه إِذا اجتزأت بالرُّطْب عَن المَاء فَكَذَلِك هَذِه الرّاهب قد(4/65)
اقْتصر بِمَا على هيكله واجتزأ بِهِ وَانْقطع عَن غَيره فغن قلت قد قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَيْسَ فِي الْكَلَام فَيْعُل فَكيف يَصح مَا ذكرته من أيْبُلِيُّ، قُلْنَا يجوز أَن يكون لم يعتدّ بِهَذَا الْحَرْف لقلته وَقد فعل مثل ذَلِك فِي حُرُوف وَأَيْضًا فِي النّسبة مثل نَحَوِيّ إِذا أضفته إِلَى تَحِيَّة فهنالك فِي بعض الِاسْتِئْنَاس أَنه قد يَجِيء فِي بِنَاء النّسبة مَا لَا يَجِيء بِغَيْرِهِ وَلَا يبعد هَذَا كَمَا جَاءَ مَعَ الْهَاء بِنَاء لم يَجِيء بِلَا هَاء والتّاء وياء النّسبة أَخَوان، إلاّ ترى أَن زَنْجِيَّاً وزَنْجاً كشعيرة وشعير فَكَمَا جَاءَ مَفْعَلَة مَعَ الْهَاء وَلم يَجِيء بِلَا هَاء كَذَلِك يجوز أَن يكون مَعَ يَاء النّسب مَا لَا يَجِيء مَعَ غَيرهَا لتشابههما فِيمَا ذَكرْنَاهُ. صَاحب الْعين: المُحَرَّر والنّذيرة: الابْن أَو الِابْنَة يَجعله أَبَوَاهُ قَيِّماً وخادماً للكنيسة وَإِنَّمَا كَانَ يفعل ذَلِك بَنو إِسْرَائِيل، كَانَ رُبمَا ولدا لأَحَدهم ولد فحرره أَي جعله نذيرة فِي خدمَة الْكَنِيسَة مَا عَاشَ لَا يَسَعه تَركهَا فِي دينه. ابْن دُرَيْد: تَنَحَّس النّصارى: تركُوا أكل الْحَيَوَان. أَبُو عَليّ: الهَرابِذَة: قَوَمَة بَيت نَار الْهِنْد ومشيتهم الهِرْبِذَى وكل مشْيَة أشبهت مِشيتهم فَهِيَ الهِربذى. ابْن دُرَيْد: العَسَطوس: رَأس النّصارى وَقد تقدم أَنه الخيزران. صَاحب الْعين: الشّمَّاش: من رُؤْس النّصارى يحلق وسط رَأسه وَيلْزم الْبيعَة وَلَيْسَ بعربي صَحِيح وَالْجمع شمامِسة، ألْحقُوا الْهَاء للعُجمة. غَيره: النّهامِي: الرّاهب لِأَنَّهُ ينْهُم: أَي يَدْعُو. الزّجاجي: الرّبيط: الرّاهب. أَبُو عُبَيْد: وَقَوله عَلَيْهِ السّلام: (لَا صَرورة فِي الإِسلام) . مَعْنَاهُ التّبَتُّل وَترك النّكاح، جعله اسْما للْحَدَث. على يقويه قَوْله: (لَا رَهْبانِيَّة فِي الإِسلام) .
3 - (مَوَاقِيت النّسك)
الْأَيَّام المعلومات: عَشْرُ ذِي الْحجَّة، والمَعدودات ثَلَاثَة أَيَّام بعد يَوْم النّحر وَهِي أَيَّام التّشْريق لتشريقهم اللَّحْم فِيهَا وَقيل لأَنهم كَانُوا يَقُولُونَ أشْرِق ثَبير كَيْما نُغير، والعيد: مَا يعود على الْمُسلمين من أيامهم المعظَّمة، وَالْجمع أعياد، وَإِن كَانَ من العَوْد لِأَن بعض الْبَدَل قد يكون لَازِما. ابْن السّكيت: عَيَّد الْقَوْم: شهدُوا الْعِيد وَقد قدمت أَن كل عَائِد من همٍّ أَو مرض عيد. ابْن السّكيت: الفِصْح: عيد النّصارى إِذا أكلُوا اللَّحْم وأفطروا. أَبُو عُبَيْد: أفْصَح النّصارى: جَاءَ فِصحهم. الْأَصْمَعِي: السّباسِب والسّعانِين: من أعياد النّصارى. ابْن دُرَيْد: الدّنْح: عيد من أعيادهم وَلَا أحسبها عَرَبِيَّة وَقد تَكَلَّمت بهَا الْعَرَب، وهِنْزَمْر: من أعياد النّصارى. ثَعْلَب: وَهُوَ هِنْزَمْن. ابْن دُرَيْد: الباغوث: أعجمي معرَّب: عيد النّصارى.
3 - (مَوَاضِع التّنسك)
قد قدمت أَن المنسَك والمنسِك مَوْضِع التّنسك وَأَن المسجِد اسْم للبيت على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ، كَمَا أَن مَضرِبة السّيف اسْم للحديدة، فَأَما الْمَسَاجِد من قَوْله تَعَالَى: (وأنَّ المساجِد لله) فقد قيل إِنَّهَا الْبيُوت فَإِن كَانَ كَذَلِك فواحدها مَسْجِد وَقد قيل إِنَّهَا مَا أصَاب الْمَكَان من الْأَعْضَاء المُتعاون بهَا فِي السّجود والمُعملة فِيهِ فغن كَانَ كَذَلِك فواحدها مَسْجَد بِالْفَتْح لأَنهم لم يصرحوا أَن الْمَسْجِد اسْم للعضو كَمَا صَرَّحُوا بِأَنَّهُ اسْم للبيت. صَاحب الْعين: المِحْراب فِي الْمَسْجِد: الَّذِي يُقيمه النّاس مقَام الإِمام، ومَحارِب بني إِسْرَائِيل مَسَاجِدهمْ التّي كَانُوا يَجْلِسُونَ فِيهَا، وَأنْشد:(4/66)
وَترى مجلِساً يغَصُّ بِهِ المِحْرابُ مِلْقَوْمِ والثّيابُ رِقاقُ أَبُو حنيفَة: وَقَول الشّاعر فِي صفة الْأسد: مُتْخِذٍ، فِي الغيلِ فِي جَانب العِرِّيسِ مِحْرابا جعله كالمجلِس، والبِيعة: مَوْضِع المُترهِّب، وَقد تقدم الْكَلَام على الهياكل المبنية للمنفرد بِالْعبَادَة وَقيل هِيَ كَنِيسَة الْيَهُود. ابْن دُرَيْد: فُهْرُ الْيَهُود: مَوْضِع مدارسهم وَلَا أَحْسبهُ عَرَبيا مَحْضا. صَاحب الْعين: صَلوات الْيَهُود: كنائسهم وواحدتها صَلوتى فأُعربت، وَفِي التّنزيل: (لهُدِّمت صوامِعُ وبِيَعٌ وصَلَواتُ ومساجِد) . والصَّوْمَعَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هِيَ فَوْعَلَة من الأصْمَع. قَالَ أَبُو عُبَيْدة: كل حَدِيد الطّرف فَهُوَ أصمع وَمِنْه قيل للمؤَلَّل الْأُذُنَيْنِ أصمع، وَلِهَذَا قيل للبُهمى إِذا ارْتَفَعت ونمت من قبل أَن تتفقأ الصَّمْعاء، والقُلَّيْس: بِيعة كَانَت بِصَنْعَاء للحبشة هدمتها حِمْيَر. صَاحب الْعين: الهَيْكَل: بَيت النّصارى، فِيهِ صُورَة مَرْيَم عَلَيْهَا السّلام وَقد تقدم أَن الهيكل: الضّخم من كل شَيْء وَرُبمَا سمي بِهِ ديرهم. أَبُو عُبَيْد: القُوس: مَوْضِع الرّاهب، وَقيل هُوَ رَأس الصومعة. غَيره: السّعيدة: بَيت كَانَت تحجه ربيعَة فِي الْجَاهِلِيَّة، والأُكَيْراح: بيُوت ومواضع تخرج إِلَيْهَا النّصارى فِي بعض أعيادهم وَهُوَ مَعْرُوف، وَأنْشد: يَا دير حَنَّةَ من ذَات الأُكَيْراحِ من يَصْحُ عنكَ فَإِنِّي لستُ بالصاحي والرُّكْح: أَبْيَات النّصارى، قَالَ: وَلست من هَذِه الْكَلِمَة على ثِقَة.
3 - (الْكفْر وَنَحْوه)
أما الكُفْر والشّرْك فقد تقدم ذكرهمَا وأذكر الْآن مَا فِي هَذِه الطّريقة من النّحَل. أَبُو عُبَيْدة: اليَهود من التّهَوُّد: أَي التّوبة وَقد تقدم تَعْلِيله. صَاحب الْعين: النّصارى: منسوبون إِلَى قَرْيَة من قرى الشّام تسمى نَصْرى واحدهم نَصْراني ونَصْران وَالْأُنْثَى نَصرانَة. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: الْألف فِي النّصارى مثلهَا فِي الصحارى. أَبُو زيد: التّنَصُّر: الدّخول فِي دين النّصارى، وَقَالَ صبأَ الرَّجُل يصبَأُ صُبُوءاً: خرج من دينه إِلَى غَيره. ابْن دُرَيْد: النّسْطُورِيَّة: قوم من النّصارى يُخالفون سَائِرهمْ وهم بالرومية نَسْطورِس. صَاحب الْعين: الرّكُوسِيَّة: قوم لَهُم دين بَين النّصارى وَالصَّابِئِينَ، وَقَالَ: الفِسْق: الْخُرُوج عَن أَمر الله، وَرُوِيَ عَن مَالك أَن الْفسق فِي قَوْله عز وَجل: (أَو فسقاً أُهِلَّ لغير الله بِهِ) الذِّبْح. صَاحب الْعين: الخُرْبَة والخَرْبَة والخُرْب والخَرْب: الْفساد فِي الدّين وَهِي الخُرَب، والرُّجْز والرِّجْز: الشّرك بِاللَّه، وَقيل عبَادَة الْأَوْثَان، وَقَوله عز وَجل: (والرُّجز فاهجُر) . قيل وَالله أعلم أَنه صنم.
3 - (الْأَصْنَام)
أَبُو عَليّ: الطّاغوت: مَا يُعبد من دون الله وَهُوَ اسْم وَاحِد مؤنث يَقع على الْجَمِيع كَهَيْئَته للْوَاحِد، وَفِي التّنزيل: (وَالَّذين اجتنبوا الطّاغوت أَن يعبدوها) . ابْن دُرَيْد: الجِبْت: كل مَا عُبد من دون الله. صَاحب الْعين: الصَّليب: الَّذِي يَتَّخِذهُ النّصارى، وَالْجمع صُلْبان. الزّجاجي: البَعْل: الصَّنَم. ابْن دُرَيْد: الضّيْزَن: صنم كَانَ يُعبد من دون الله فِي الْجَاهِلِيَّة والضّيزنان: صنمان كَانَا للمنذر الْأَكْبَر كَانَ اتخذهما بِبَاب الْحيرَة ليسجد لَهما من دخل الْحيرَة امتحاناً للطاعة. والجَلْسَد: صنم. والوثن: صنم صَغِير وَقيل هُوَ كل صنم(4/67)
وَالْجمع أوثان ووُثُن، وَحكى سِيبَوَيْهٍ: وُثْن: وَزعم أَنَّهَا قِرَاءَة. ابْن دُرَيْد: ذُو الخَلَصَة: صنم كَانَ يعبد فِي الْجَاهِلِيَّة. والفِلْس: صنم كَانَ لِطَيِّئٍ فِي الْجَاهِلِيَّة، وعَبْعَب: صنم كَانَت قُضاعة تعبده وَيُقَال بالغين مُعْجمَة. وباجِر: صنم. ابْن دُرَيْد: شمس: صنم قديم كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَبِه سمي عبد شمس وَهُوَ سبأ بن يشجب. أَبُو عُبَيْد: الزّور والزَّون: كل شَيْء يتَّخذ رَبًّا ويُعبد، وَأنْشد: جاؤا بزورَيْهِم وَجِئْنَا بالأصَمّْ الأصمّ: رجل وَكَانُوا جاؤا ببعيرين فعقلوهما وَقَالُوا لَا نفر حَتَّى يفر هَذَانِ. ابْن دُرَيْد: الزّون والزونة: بَيت الْأَصْنَام الَّذِي يُتخذ ويُزيّن. صَاحب الْعين: البُدّ: بَيت فِيهِ أصنام وتصاوير. غَيره: العُزَّى: صنم كَانَ طُلي بِدَم. صَاحب الْعين: نَصَّر: صنم، وَذَات أنْواط: شَجَرَة كَانَت تعبد فِي الْجَاهِلِيَّة. أَبُو عُبَيْد: هُبَل: اسْم صنم، والنّصُب والنّصْب: كل شَيْء نصبته، وَأنْشد: وَذَا النّصُبَ المنصوبَ لَا تَنْسِكَنَّهُ لعاقبةٍ واللهَ ربَّكَ فاعبدا صَاحب الْعين: النّصُب: كل مَا عبد من دون الله وَالْجمع أنْصاب، وَقيل الأنصاب حِجَارَة كَانَت تُنصب فيُهلّ عَلَيْهَا لغير الله. ابْن دُرَيْد: الشّارِق: صنم وَبِه سمي عبد الشّارق. وشَرِيق: صنم أَيْضا. غَيره: الأُقَيْصِر: صنم. صَاحب الْعين: إساف: اسْم صنم كَانَ لقريش وَيُقَال إِن إسافاً ونائلةً كَانَا رجلا وَامْرَأَة دخلا الْبَيْت فوجدا خَلوةً فَوَثَبَ إساف على نائلة فمسخهما الله حجرين، والكُسْعَة: وثن كَانَ يعبد، وَسعد: صنم كَانَت تعبده هُذَيْل، ويَغوث ويَعوق: اسْما صنمين، وعَوْض وسُواع ووَدْع ونُهْم: وَبِه سمي عبد نُهْم. أَبُو عَليّ: نَسْر والنّسْر: صنم، وَفِي التّنزيل: (وَلَا يَغوث ويَعوق ونَسْرا) . وَأنْشد: أمَا ودماءٍ لَا تزَال كَأَنَّهَا على قُنَّةِ العُزَّى وبالنّسرِ عِنْدَمَا
3 - (الْحَلَال وَالْحرَام)
صَاحب الْعين: الْحَلَال ضد الْحَرَام وَهُوَ الحِلّ والحَليل، حَلّ الشّيء يحِلّ حِلاًّ وأحَلَّه الله سُبْحَانَهُ، واستحللته: اتخذته حَلَالا، وَمِنْه حَلَلْت الْيَمين تَحليلاً وتَحِلَّة وتَحِلاًّ شَاذ، وضربته ضربا تَحليلاً أَي شبه التّعزيز مِنْهُ. ابْن السّكيت: الطّلْق: الْحَلَال، وَقَالَ: هُوَ لَك حِلٌّ وبِلّ. الْأَصْمَعِي: كنت أرى أَن بلاًّ اتِّبَاع حَتَّى زعم الْمُعْتَمِر أَنه مُبَاح. صَاحب الْعين: الْحَرَام: ضد الْحَلَال وَالْجمع حُرُم. ابْن السّكيت: هُوَ الحِرْم. أَبُو زيد: حَرَمْته حَرِماً وحِرْماناً. أَبُو عُبَيْد: وَكَذَلِكَ أحْرَمْته وَهِي رَدِيئَة. أَبُو زيد: حَرُم عَلَيْهِ الشّيء حُرْماً وحَراماً وحَرَّمْته عَلَيْهِ، وحَرُمَت الصَّلَاة على الْمَرْأَة حُرْماً وحُرُماً وحَرِمَت عَلَيْهَا حَراماً وحَرَماً وحَرَم مَكَّة وَالْمَدينَة مِنْهُ وهما الحَرَمان، واحْرَم الْقَوْم: دخلُوا فِي الحَرَم، وَرجل حَرام لَا يُثَنّى وَلَا يُجمع وَلَا يؤنث وَقد جُمع على حُرُم، وَرجل حِرْمِيّ: مَنْسُوب إِلَى الحَرَم على غير قِيَاس، وَقَالُوا فِي الثّواب: حَرَمِيٌّ على الْقيَاس، وبلد حَرام وَمَسْجِد حَرام وَشهر حرَام وَأشهر حُرُم، وَهِي رَجَب وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم، وَسمي الْمحرم بِهَذَا الِاسْم لأَنهم كَانُوا لَا يسْتَحلُّونَ الْقِتَال فِيهِ، وحَريمة الرّبّ: مَا حَرَّمَه على العَبْد. صَاحب الْعين: فِي قَوْله: (وحَرامٌ على قَرْيَة أهلكناها) قيل مَعْنَاهَا حَرام، وَقيل وَاجِب، والحِجْر والحَجْر والحُجْر والمَحْجَر: كل ذَلِك الْحَرَام، حَجَرْته وحَجَّرْته، وَفِي التّنزيل: (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجورا) أَي حَرَامًا مُحَرَّماً، وَكَذَلِكَ الحاجور وأصل الحَجْر المَنْع، وَقَالَ: أَبَحْت الشّيء: أطلقته. أَبُو عُبَيْد: البَسْل: الْحَلَال وَالْحرَام ضد. أَبُو حَاتِم: الْوَاحِد والجميع والمذكر والمؤنث فِيهِ سَوَاء.(4/68)
3 - (المِلَل والنّحَل)
المِلَّة: الشّريعة، وَالْجمع مِلَل، وَقد تَمَلَّل، وامتلّ: دخل فِي الْملَّة. أَبُو عُبَيْد: الأُمَّة: المِلَّة. ابْن السّكيت: عَن اللحياني: هِيَ الأُمَّة والإمَّة، وَحكى: (إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أُمَّةٍ وإمَّة) . والأُمَّة: الاسْتقَامَة، والأُمّة: الرَّجُل الصَّالح كَقَوْلِه: (إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أُمَّةً) . وكل من تَسَنَّنَ بسُنّة من غير نَبِي كأمية ووَرَقة وَابْن عَمْرو فَهُوَ أُمَّة، وَالْجمع من كل ذَلِك أُمَم، والأُمَّة: القَرْن على دين وَاحِد، والأُمَّة: الجامعة، وكل صنف من شَيْء أُمّة، وَفِي الحَدِيث: (وَلَوْلَا أَنَّهَا أمةٌ تُسبح لقتلتها أَو أمرت بقتلها وَلَكِن اقْتُلُوا مِنْهَا كل أسود بهيم) . يَعْنِي الْكلاب. صَاحب الْعين: الدّين الحَنيف: الإِسلام، وَفِي الحَدِيث: (أحَبُّ الْأَدْيَان إِلَى الله الحَنيفِيَّة السّمْحَة) . والحَنيف: الْمُسلم الَّذِي يسْتَقْبل قِبلة الْبَيْت على مِلّة إِبْرَاهِيم وَجمعه حُنَفاء، وَقيل الحنيف: من أسلم فِي أَمر الله فَلم يلتوِ فِي شَيْء وَقيل إِنَّمَا قيل لَهُ حنيف لِأَنَّهُ تَحَنَّف عَن الْأَدْيَان: أَي مَال إِلَى الْحق.
3 - (الْحيَاء)
أَبُو عُبَيْد: حَيِيت مِنْهُ حَياءً واستَحْيَيت. قَالَ أَبُو عَليّ: ذكر سِيبَوَيْهٍ: اسْتَحَيْت، فَقَالَ عَن الْخَلِيل أَنه جَاءَ على حايا وَلم يسْتَعْمل فَعَل مِنْهُ وَكَذَلِكَ استَحَيْت أسكَنوا الْيَاء الأولى مِنْهُمَا كَمَا سكنت فِي بِعْت وسكنت الثّانية لِأَنَّهَا لَام الْفِعْل فحذفت الأولى لِأَنَّهُ لَا يلتقي ساكنان وَإِنَّمَا فعلوا هَذَا حَيْثُ كثر كَلَامهم وكانتا ياءين حذفوها وألقوا حركتها على الْحَاء كَمَا ألزموا يَرى الْحَذف وكما قَالُوا لم يَكُ وَلَا أَدْرِ. قَالَ أَبُو عُثْمَان: استحيت: حذفوا الْيَاء التّي هِيَ عين وألقوا حركتها على الْحَاء وَلم تحذف لالتّقاء السّاكنين وَلَو كَانَ حذفهَا لَهُ لردها إِذا قَالَ هُوَ يفعل يَقُول هُوَ يَسْتَحْيِي، وَقد قَالَ قوم حذفوا لالتّقاء السّاكنين وَلم يردوا فِي يفعل لأَنهم لَو ردوا فِي يفعل رفعوا مَا لَا يرْتَفع مثله فِي كَلَامهم وَذَلِكَ أَن الْأَفْعَال المضارعة إِذا كَانَ آخرهَا مُعْتَلًّا لم يدخلهَا الرّفع فِي شَيْء من الْكَلَام ويُقوّي أَنه لَيْسَ لالتّقاء السّاكنين قَوْلهم فِي الِاثْنَيْنِ اسْتَحَيا لِأَن اللَّام لَا ضمة فِيهَا وَلَكِن هَذَا حذف لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال كَمَا قَالُوا فِي أَشْيَاء كَثِيرَة الْحَذف مثل: أَحَسْتُ وظِلْت ومِسْت، وَلم يستعملوا الْفِعْل من استحييت إلاّ بِالزِّيَادَةِ كَرَاهِيَة أَن يلْزمهُم فِيهِ مَا يلْزمهُم فِي آيَة وَأَخَوَاتهَا وَالْقَوْل فِيهِ عِنْدِي أَن المثلين والمُتقاربين إِذا اجْتمعَا خفف بِأحد ثَلَاثَة أَشْيَاء بِالْإِدْغَامِ نَحْو ردَّ وشدّ وحَيَّة وقُوَّة أَو الإِبدال نَحْو أمْلَيْت، وذوائِب جمع ذُؤابة فَأَما الْحَذف فعلى وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يحذف الْحَرْف مَعَ جَوَاز الإِدغام وإمكانه نَحْو قَوْلهم بَخٍ فِي بَخٍ وَالْآخر أَن يحذف لِامْتِنَاع الإِدغام لسكون الْحَرْف المدغم فِيهِ وَلُزُوم ذَلِك لَهُ كَقَوْلِهِم عَلْماء بَنو فلَان وبَلْحارِث أَو لما يلْزم من تَحْرِيك حرف غير مدغم فِيهِ يلْزمه السّكون كَقَوْلِهِم يسطيع وحذفهم التّاء لما كَانَ يلْزم من تَحْرِيك السّين فِي استفعال لَو أدغمت فِي مقاربها وَقَوْلهمْ استحيت مِمَّا حذف لِامْتِنَاع جَوَاز الْحَرَكَة فِي المدغم فِيهِ وَامْتِنَاع تحركه من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا أَن هَذِه اللَّام يلْزمهَا السّكون كَمَا يلْزم سَائِر اللامات إِذا اتَّصل بهَا ضمير الْفَاعِل وَالْأُخْرَى أَنه لَو أدغم فِي الْمَاضِي مَعَ اتِّصَال الضّمير بِهِ فِي اللُّغَة القليلة التّي حَكَاهَا عَن الْخَلِيل من قَوْلهم رَدَّتُ ورَدَّنَ للَزِمَ أَن يتبعهُ الْمُضَارع فِي الإِدغام كَمَا تبع يشقيان شَقِي فَتحَرك مَا لم يُحَرك مثله وَهَذَا الإِدغام إِنَّمَا كَانَ يلْزم فِي الْمَاضِي إِذا اتَّصل بضمير الْفَاعِل فَإِذا لم يتَّصل لم يلْزم الإِدغام لانقلاب الْحَرْف الثّاني ألفا وَزَوَال المثلية بانقلابه فَلَمَّا كَانَ الإِدغام فِيهِ يُؤَدِّي إِلَى تَحْرِيك مَا لَا(4/69)
يَتَحَرَّك لما ذكرنَا وَكَانَت الْكَلِمَة مستعملة بحروف زَائِدَة خفف بالحذف كَمَا خفف عَلْماء بَنو فلَان ويسطيع وبَلْحارث وبَلْعنبر وَنَحْو ذَلِك فحذفت الْعين حذفا كَمَا حذفت هَذِه الْحُرُوف لَا لالتّقاء السّاكنين لِأَنَّهُ لَو حذف لَهُ لردّ فِي استِحاء ثمَّ ألْقى حَرَكَة الْحَرْف للتَّخْفِيف على الْفَاء وَإِن لم يكن الْحَذف لالتّقاء السّاكنين كَمَا ألْقى حَرَكَة الْمَحْذُوف من ظَلِلْت ومَسِسْت على الْفَاء فِي قَوْلهم ظِلْت وَإِن لم تحذف الْعين لالتّقاء السّاكنين فَهَذَا القَوْل عِنْدِي فِي حذف الْعين من استحيت وَالْقَوْل فِي حذفهم لَهَا من يستحي كالقول فِي الْحَذف من استحيت فِي أَن الْمَحْذُوف الْعين للتَّخْفِيف. أَبُو زيد: استَحْيَيْته واستحْيَيْت مِنْهُ وَكَذَلِكَ استحَيْت فيهمَا، وَرجل حَيْيّ: ذُو حَيَاء، وَالْأُنْثَى حَيِيَّة، وَقَالَ: خَجِل الرَّجُل خَجلاً: فعل فِعْلاً يُستحى مِنْهُ، وأخْجَله الْأَمر، وخَجَّلْته. أَبُو عُبَيْد: خَمَرْت الرَّجُل أخْمِره: استحيت مِنْهُ، والتُّؤَبَة: الاستحياء، وَقد أتأَب، وَأنْشد: من يلق هَوْذَةَ يسجدْ غير مُتَّئِبٍ إِذا تعمّم فَوق التّاج أَو وضعا ابْن السّكيت: وَأَبَ يَئِب إبَةً: استحيا. أَبُو زيد: أوْأَبْت الرَّجُل وأتْأَبْته: أخجلته. وَقَالَ: قلت لَهُ قولا فَمَا لاحَ بِهِ: أَي مَا استحيا مِنْهُ. ابْن دُرَيْد: إِنَّه ليتَصَحَّت عَن مُجالسَتنا: أَي يستحي. صَاحب الْعين: أَخَتَّ الرَّجُل: استحيا وَقيل لَهُ كَلَام فَأَخَتَّ مِنْهُ: أَي استحيا مِنْهُ، وَأنْشد: فَمن يَك من أَوَائِله مُخِتَّاً فَإنَّك يَا وليد بهم فخورُ ابْن السّكيت: اخْتَنَأْت مِنْهُ: استحيت. أَبُو زيد: هُوَ أَن تخَاف أَن يلحقك مِنْهُ شَيْء وَقد تقدم أَنه الفَرَق. ابْن السّكيت: خَزِي خَزَايَة: استحيا. سِيبَوَيْهٍ: خَزِي خِزْياً وخَزىً. ابْن السّكيت: خَزِيت فلَانا وخَزِيت مِنْهُ: استحييت. سِيبَوَيْهٍ: رجل خَزْيان وَامْرَأَة خَزْيا، وَالْجمع خَزايا. أَبُو عُبَيْد: خازاني فخَزَيْته: أَي كنت أَشد خِزْياً مِنْهُ. غَيره: وَفِي الدّعاء اللَّهُمَّ احشرنا غير خَزايا وَلَا نادمين: أَي غير مُستحيِين من الإِعمال، وخَزِي خِزْياً وَقع فِي بليَّة. صَاحب الْعين: الحِشْمَة: الْحيَاء والانقباض، وَقد احتشمت مِنْهُ وَعنهُ وَلَا يُقَال احتشمته، وَمَا الَّذِي حَشَّمك وأحْشَمك. أَبُو عُبَيْد: حشمته أحشِمه وأحشُمه: وَهُوَ أَن يجلس إِلَيْك فتؤذيه وتُسمعه مَا يكره، وَقد تقدم أَن الحِشْمة الْغَضَب. ابْن دُرَيْد: تَضَرَّج الخدّ عِنْد الخجل: احمرّ. أَبُو حنيفَة: قَنِيَ حَياؤه قَنْوً: لزمَه وَقيل أَصَابَهُ حَيَاء. الكلابيون: القَزازة: الْحيَاء، رجل قَزٌّ من قوم أقِزَّاء. أَبُو حَاتِم: الرّجْب: الْحيَاء وَالْعَفو، وَأنْشد: فغيرك يستحيي وَغَيْرك يَرْجُبُ الْكسَائي: ضَبَأْت مِنْهُ: استحييت. أَبُو عُبَيْد: اضْطَنَأْت مِنْهُ كَذَلِك.
(بَاب الوقاحة)
صَاحب الْعين: رجل وَقَاح الْوَجْه: صُلبه. أَبُو عُبَيْد: الْأُنْثَى بِغَيْر هَاء. ابْن دُرَيْد: رجل وَقيح وَقد وَقُح وَقاحةً وقِحَةً. أَبُو زيد: وَقِح وَقحاً ووقَحَ واستَوْقح وأوْقَحَ.
3 - (المحالفة والمعاهدة)
الحِلْف: الجِوار وَالْإِجَارَة وَقد حالَف فيهم وحالفهم وحَليفك: الَّذِي يُحالِفك، وَقد تَحالفوا. صَاحب الْعين: الِاسْم الحِلاف والحِلْف: المُحالف وهم الحلفاء والأحلاف وَأَصله فِي الاحلاف التّي فِي العشائر والقبائل ثمَّ اسْتعْمل فِي كل مَا لزم شَيْئا فَلم يُفَارِقهُ حَتَّى قيل حَليف الْجُود والإكثار، وحِلْفهما والعَهْد كالحِلف(4/70)
وَالْجمع عهود وَهِي المُعاهَدة، وَقد عَاهَدت الذِمِيّ معاهَدَةً وَقيل مُعاهدته: مُبايعته لَك على إعطائك الْجِزْيَة وكفِّك عَنهُ، وَأهل الْعَهْد: أهل الذِّمَّة وعَهيدك: الْمعَاهد لَك، قَالَ: فلَلتُّرْكُ أوفى من نزارٍ بعَهْدِها فَلَا يأمننَّ الْغدر يَوْمًا عَهيدُها وكل تقدمٍ فِي أمرٍ عهد، وَمِنْه الْعَهْد فِي الْوَصِيَّة، وَقد عَهِد إِلَيْهِ عهدا وَمِنْه الْعَهْد وَهُوَ الْكتاب الَّذِي يُكتب للوالي والعُهْدَة: كتاب الْعَهْد والشّراء، والعَقْد: الْعَهْد وَالْجمع عُقود وَقد عَقَدْته أعقِده عقدا وتعاقدوا: تَعَاهَدُوا، والتّكَلُّع: التّحالف والتّجمع. ابْن السّكيت: الحَبْل: الْعَهْد والوصل. غير وَاحِد: أجَرْت الرَّجُل: منعته، واستجارَني: سَأَلَني أَن أجيره وجارُك المُستَجير بك. صَاحب الْعين: الذِمَّة: الْعَهْد وَالْجمع ذِمَم وَهُوَ الذِّم، وأذْمَمْت لَهُ عَلَيْهِ: أخذت لَهُ عَلَيْك الذِّمَّة، والوَلْث: عقد الْعَهْد بَين الْقَوْم. أَبُو زيد: وَهُوَ ضَعْفُ العُقْدَة يُقَال: وَلَثَ لي وَلْثاً وَلم يُحكمه: أَي عاهدني. ابْن دُرَيْد: الرّبابَة: الْعَهْد، والأَرِبَّة: المعاهَدون. أَبُو زيد: الإِصْر: الْعَهْد وَالْجمع آصار. أَبُو عُبَيْد: وَفَيْت بالعهد وأوفيت. صَاحب الْعين: رجل وَفِيّ ومِيْفاء وَقد وَفى وَفَاء. أَبُو زيد: وَزَّأْته بِعَهْد الله: أَي حَلّفته بِيَمِين غَلِيظَة. صَاحب الْعين: الخَفير: المُجير، خَفَرَه يخفِره. أَبُو زيد: هُوَ المُجير والمُجار جَمِيعًا. أَبُو عُبَيْد: خفَرته وخفَرت بِهِ وَعَلِيهِ أخفِر خَفْراً وخَفَّرْت بِهِ وخَفَّرْته: منعته وأجرته. أَبُو زيد: وَالِاسْم الخُفْرَة. ابْن دُرَيْد: الخَفارَة والخِفارة والخُفارة: جُعلُ الخفير. صَاحب الْعين: الْمِيثَاق: الْعَهْد. ابْن السّكيت: الْجمع مَواثِق ومَياثِق والمُواثَقَة: المعاهدة. غَيره: وَكَّدْت الْعَهْد: أوثقته، والهمز لُغَة.
(بَاب نقض الْعَهْد)
صَاحب الْعين: النّكْث: نقض الْعَهْد والبَيعة وكل شَيْء نَكَثَه ينكُثه فانتَكَث ونَكَث الْقَوْم عَهدهم، وأمْرَج عَهده: نقضه، ومَرِج الْعَهْد: فسد، وَكَذَلِكَ الدّين وَالْأَمَانَة.
(هَذَا بَاب حُرُوف الإِضافة إِلَى الْمَحْلُوف بِهِ وسقوطها)
وللقَسَم والمُقسَم بِهِ أدوات فِي حُرُوف الْجَرّ فأكثرها الْوَاو ثمَّ التّاء وَتدْخل فِيهِ اللَّام وَمن وَأَنا أرتِّب ذَلِك غن شَاءَ الله: اعْلَم أَن القَسَم هُوَ يَمِين يُقسِم بهَا الْحَالِف ليؤكد بهَا شَيْئا يُخبر عَنهُ من إِيجَاب أَو جحد وَهُوَ جملَة يُؤَكد بهَا جملَة أُخْرَى فالجملة المؤكَّدة هِيَ المُقْسَم عَلَيْهِ وَالْجُمْلَة المؤكِّدة هِيَ القسَم وَالِاسْم الَّذِي يدْخل عَلَيْهِ حرف القسَم هُوَ المُقْسَم بِهِ، مِثَال ذَلِك: أحلِف بِاللَّه أَن زيدا قَائِم. فقولك إِن زيدا قَائِم هِيَ الْجُمْلَة المُقسم عَلَيْهَا، وقولك أحلِف بِاللَّه هُوَ القسَم الَّذِي وكَّدت بِهِ أَن زيدا قَائِم، والمُقسَم بِهِ اسْم الله عز وَجل، وَكَذَلِكَ كل اسْم ذكر فِي قسَم لتعظيم المُقسَم بِهِ فَهُوَ المُقسَم بِهِ. وأصل هَذِه الْحُرُوف الْبَاء وَالْيَاء صلَة للْفِعْل الْمُقدر وَلَك الْفِعْل أَحْلف أَو أقسم أَو مَا جرى مجْرى ذَلِك فَإِذا قَالَ بِاللَّه لأضربَنَّ زيدا فَكَأَنَّهُ قَالَ أَحْلف بِاللَّه، وَجعلُوا الْوَاو بَدَلا من الْبَاء وخصّوا بهَا الْقسم لِأَنَّهَا من مخرج الْبَاء واستعملوا الْوَاو أَكثر من استعمالهم الْبَاء لِأَن الْبَاء تدخل فِي صلَة الْأَفْعَال فِي الْقسم وَغَيرهَا فَاخْتَارُوا الْوَاو فِي الِاسْتِعْمَال لانفرادها بالقسم وَقد تدخل الْبَاء فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع من الْقسم لَا تدْخلهَا الْوَاو وَلَا غَيرهَا: أَحدهَا أَن تُضمر المُقسم بِهِ كَقَوْلِك إِذا أضمرت اسْم الله بك: لاجتهدَنَّ يَا ربِّ، وَإِذا ذُكر اسْم الله فَأَرَدْت أَن تكني عَنهُ قلت بِهِ لألزمنَّ الْمَسْجِد كَمَا نقُول: بِاللَّه لألزمن الْمَسْجِد، والموضع الثّاني أَن تحلف على إِنْسَان كَقَوْلِك إِذا حملت عَلَيْهِ: بِاللَّه إلاّ زرتني، وَبِاللَّهِ لما زرتني، وَلَا تدخل الْوَاو هَهُنَا،(4/71)
والموضع الثّالثّ أَن تُظهر فعل الْقسم كَقَوْلِك أَحْلف بِاللَّه وَلَا تَقول أَحْلف وَالله. وَأما التّاء فَإِنَّهَا بدل من الْوَاو كَمَا أُبدلت مِنْهُ فِي اتَّعَدَ واتَّزَن وَأَصله وَعَد ووَزَن وَلم تدخل إلاّ على اسْم الله وَحده لِأَن قَوْلك الله هُوَ الِاسْم فِي الأَصْل وَالْبَاقِي من أَسْمَائِهِ صِفَات، والتّاء أَضْعَف هَذِه الْحُرُوف لِأَنَّهَا بدل من الْوَاو وَالْوَاو بدل من الْبَاء فبعدت فَلم تدخل إلاّ على اسْم الله عز وَجل، وَفِي التّاء معنى التّعجب وَكَذَلِكَ اللَّام تدخل فِي الْقسم للتعجب، كَقَوْل أُميَّة بن أبي عَائِذ: للهِ يبْقى على الْأَيَّام ذُو حَيَدٍ بمُشْمَخِرٍّ بِهِ الطّيَّان والآسُ ويروى حِيَدٍ بِكَسْر الْحَاء وَيجوز حذف حرف الْجَرّ من الْمقسم بِهِ فَإِذا حذفته نصبته كَقَوْلِك: اللهَ لأفعلَنَّ، ويمينَ الله لَأَفْعَلَنَّ، وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك تعلّقت بزيد وتعلّقت زيدا إِذا لم تدخل الْبَاء لِأَنَّهُ يُقدّر للقسم فِعْلٌ وَإِن حُذف فَإِذا حذفت حرف الْجَرّ وصل الْفِعْل إِلَى الْمقسم بِهِ، وَشبهه سِيبَوَيْهٍ بقَوْلهمْ: إِنَّك ذَاهِب حَقًا، وَقد يجوز أَنَّك ذَاهِب بحقٍّ فَإِذا حذفت الْبَاء نصبته، وَأنْشد قَول ذِي الرّمة: أَلا رُبَّ من قلبِي لَهُ اللهَ ناصحٌ ومَن قلبه لي فِي الظّباء السّوانحِ بِنصب الله، وَقَالَ الآخر: إِذا مَا الخُبْزُ تأدِمهُ بلحمٍ فَذَاك أمانةَ اللهِ الثّريدُ بِنصب أَمَانَة الله وَلَا يجوز حذف التّاء من تالله وَلَا اللَّام من لله لِأَنَّهُ لما دخله معنى التّعجب بِإِدْخَال التّاء وَاللَّام كَرهُوا إِسْقَاط حرف الْمَعْنى، وَرُبمَا اسْتعْمل تالله فِي غير معنى التّعجب إلاّ أَنَّك إِذا أردْت التّعجب لم يجز إِسْقَاط التّاء. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمن الْعَرَب من يَقُول اللهِ فيفِض الِاسْم ويحذفه تَخْفِيفًا لِكَثْرَة الإِيمان فِي كَلَامهم، وشبّه ذَلِك بِحَذْف رُبّ فِي مثل قَوْلهم: وجَدَّاءَ مَا يُرجى بهَا ذُو قَرابَةٍ لعَطْفٍ وَمَا يخْشَى السّماةَ ربيبها إِنَّمَا يُرِيد رُبّ جَدّاء، وجداء فِي مَوْضِع خفض لَكِنَّهَا لَا تُضَاف وَهِي الصَّحرَاء التّي لَا نَبَات بهَا وَالْوَاو فِيهَا وَاو الْعَطف لَا وَاو الْقسم وَمعنى قَوْله وَمَا يخْشَى السّماة ربيبها: السّماة: الصيادون فِي نصف النّهار، وربيبها: وَحْشُها، ثمَّ قوّى سِيبَوَيْهٍ حذف حرف الْجَرّ بقول الْعَرَب: لاهِ أبوكَ، وَأَصله: للهِ أبوكَ. فَحذف لَام الْجَرّ وَلَام التّعريف. وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاس المُبرّد يُخَالِفهُ فِي هَذَا وَيَزْعُم أَن الْمَحْذُوف لَام التّعريف وَاللَّام الْأَصْلِيَّة من الْكَلِمَة وَأَن الْبَاقِي لَام الإِضافة فَقيل لَهُ لَام الإِضافة مَكْسُورَة وَلَام لاه مَفْتُوحَة فَقَالَ أصل لَام الْجَرّ الْفَتْح وَمَعَ ذَلِك فَلَو جعلناها مَكْسُورَة لانقلبت الأَلِف يَاء، وَكَانَ الزّجاج يذهب إِلَى قَول سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن أَبَا الْعَبَّاس إِنَّمَا حمله على ذَلِك فِرَارًا من حذف اللَّام لَام الْجَرّ فَيُقَال لَهُ قد حُذفت لَام التّعريف وَهِي غير مُستغنى عَنْهَا وَإِنَّمَا احتُمل الْحَذف الْكثير فِي الْقسم والتّغيير لكثرته فِي كَلَامهم حَتَّى حُذف فعل الْقسم وَلَا يكادون يذكرُونَهُ بل لَا يُذكر فِيهِ مَعَ الْوَاو والتّاء وَقَالَ بعض الْعَرَب لَهْى أبوكَ فبناه على الْفَتْح وَهُوَ مقلوب من لاهِ أَبوك. فَقيل لأبي الْعَبَّاس إِذا كَانَت اللَّام لَام الْخَفْض فَهَلا كسروها فِي لَهْى فَقَالُوا لَهْى بِكَسْر اللَّام فَكَانَ جَوَابه لما قلبوا كَرهُوا إِحْدَاث تَغْيِير آخر مَعَ الْحَذف الَّذِي فِي لاه وَالْقلب وَإِنَّمَا بني لهى لِأَنَّهُ حذف مِنْهُ لَام الْجَرّ وَلَام التّعريف ثمَّ قُلب فَاخْتَارُوا لَهُ لفظا وَاحِدًا من أخف مَا يُستعمل وَهُوَ أَن يكون على ثَلَاثَة أحرف أوسطها سَاكن وَآخِرهَا مَفْتُوح وَمِمَّا يُقَال فِي ذَلِك أَنهم لما قلبوا وضعُوا الْهَاء مَوْضِع الْألف فسكَّنوها كَمَا كَانَت الْألف سَاكِنة ثمَّ قلبوا الْألف يَاء لِاجْتِمَاع السّاكنين لأَنهم لَو تركوها ألفا وَقبلهَا الْهَاء سَاكِنة لم يُمكن النّطق بهَا فردّوها إِلَى(4/72)
الْيَاء وَهِي أخف من الْوَاو ثمَّ فتحوها لِاجْتِمَاع السّاكنين كَمَا فتحُوا آخِرَأَيْن وَاعْلَم أَن من الْعَرَب من يَقُول رَبِّي لَأَفْعَلَنَّ ذَاك وَمِنْهُم من يَقُول مُنْ ربّي إِنَّك لأَشِر، وَلَا يُستعمل مُن بِضَم الْمِيم فِي غير الْقسم وَذَلِكَ لأَنهم جعلُوا ضمهَا دلَالَة على الْقسم كَمَا جعلُوا الْوَاو مَكَان الْبَاء دلَالَة على الْقسم وَلَا يدْخلُونَ من فِي غير رَبِّي لَا يَقُولُونَ: من الله لَأَفْعَلَنَّ. وَإِنَّمَا لَك لِكَثْرَة الْقسم تصرفوا فِيهِ وكثّروا الْحُرُوف واستعملوا فِيهِ أَشْيَاء مُخْتَلفَة. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلَا تدخل الضّمة فِي من إلاّ هَهُنَا كَمَا لَا تدخل الفتحة فِي لَدُن إلاّ مَعَ غُدْوَةً إِلَى العَشِي، وَلَا تَقول لدُن زيدا مالٌ فَأَرَادَ أَن يُعرفك أَن بعض الْأَشْيَاء تخْتَص بِموضع لَا تُفَارِقهُ وَقَالَ: لَا أفعل ذَلِك بِذي تَسْلَم، أُضيفت فِيهِ ذُو إِلَى الْفِعْل، وَكَذَلِكَ بِذِي تَسْلَمان وبذي تسلمون. وَالْمعْنَى لَا أفعل ذَلِك بِذِي سَلامتك، وَذُو هُنَا الْأَمر الَّذِي يُسلِّمك لَا يُضاف ذُو من الْأَفْعَال إلاّ إِلَى تَسْلم، كَمَا أَن لدُن لَا تنصِب إلاّ فِي غُدوة.
(هَذَا بَاب مَا يكون قبل الْمَحْلُوف بِهِ عوضا من اللَّفْظ بِالْوَاو)
وَذَلِكَ فِي أَشْيَاء مِنْهَا قَوْلهم: إِي هَا الله ذَا: وَمعنى إِي: نعم، وَقَوْلهمْ: هَا الله مَعْنَاهُ واللهِ، وَجعل هَا عوضا من الْوَاو وَلَا يجوز أَن يُقَال هَا وَالله ذَا، وَفِي هَا الله لُغَتَانِ مِنْهُم من يَقُول هاللهِ ذَا فيُثبت الْألف فِي هَا ويُسقط ألف الْوَصْل من الله وَيكون بعد ألف هَا لَام مُشَدّدَة كَقَوْلِه الضّالّين ودابّة وَمَا أشبه ذَلِك، وَمِنْهُم من يحذف ألف هَا لِاجْتِمَاع السّاكنين فَيَقُول هاللهِ لَيْسَ بَين الْهَاء وَاللَّام ألف فِي اللَّفْظ وَلَيْسَ ذهَاب الْوَاو فِي الله كذهابها من قَوْلهم ألله لَأَفْعَلَنَّ لِأَن قَوْلهم ألله لَأَفْعَلَنَّ حذفت الْوَاو اسْتِخْفَافًا وَلم يدْخل مَا يكون عوضا من الْوَاو وَيجوز أَن تدخل عَلَيْهَا الْوَاو، وَاخْتلفُوا فِي معنى الْكَلَام، فَقَالَ الْخَلِيل: قَوْلهم ذَا هُوَ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ كَأَنَّهُ إِي واللهِ لِلْأَمْرِ هَذَا. كَمَا تَقول: إِي وَالله زيد قَائِم، وحُذف الْأَمر لِكَثْرَة استعمالهم هَذَا فِي كَلَامهم، وقُدِّم هَا كَمَا قدّم قوم هَا هُوَ ذَا وَهَا أَنا ذَا، وَقَالَ زُهَيْر: تَعَلَّمْنَ هالَعَمْرُ اللهِ ذَا قَسَماً فاقصدْ بذَرْعِكَ وَانْظُر أَيْن تنْسَلِكَ أَرَادَ تَعَلَّمْنَ هَذَا قسما وَمعنى تَعَلَّمْنَ: اعلَمَنْ وَقَالَ الْأَخْفَش قَوْلهم ذَا لَيْسَ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ الْمَحْلُوف بِهِ وَهُوَ من جملَة الْقسم والدّليل على ذَلِك أَنهم قد يأْتونَ بعده بِجَوَاب قسم وَالْجَوَاب هُوَ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ هَا اللهِ ذَا لقد كَانَ كَذَا وَكَذَا، كَأَنَّهُمْ قَالُوا واللهِ هَذَا قسمي لقد كَانَ كَذَا وَكَذَا، فَقيل للمُحتجّ بِهَذَا إِذا كَانَ الْأَمر كَمَا قلت فَمَا وَجه دُخُول ذَا قَسمي وَقد حصل لَهُ الْقسم بقوله وَالله وَهُوَ المُقسم بِهِ، فَقَالَ: ذَا قسمي عبارَة عَن قَوْله وَالله وَتَفْسِير لَهُ، وَكَانَ الْمبرد يرجح قَول الْأَخْفَش ويُجيز قَول الْخَلِيل وَمن ذَلِك قَوْلهم آللهِ لتفعلنّ، صَارَت ألف الِاسْتِفْهَام هَهُنَا بَدَلا بِمَنْزِلَة هَا، إلاّ ترى أَنَّك لَا تَقول أوَالله كَمَا لَا تَقول هَا وَالله فَصَارَت ألف الِاسْتِفْهَام وَهَا تُعاقبان وَاو الْقسم وَمن ذَلِك أَيْضا قَوْلهم: أفأللهِ لتفعلن، بِقطع ألف الْوَصْل فِي اسْم الله وَالْألف قبل الْفَاء للاستفهام وَالْفَاء للْعَطْف وَقطع ألف الْوَصْل فِي اسْم الله عوض من الْوَاو وَلَو جَاءَ بِالْوَاو وَسَقَطت ألف الْوَصْل، وَقَالَ: أفَوَالله وَإِنَّمَا يكون هَذَا إِذا قَالَ قَائِل لآخر أبعت دَارك فَقَالَ لَهُ نعم فَقَالَ السّائل: أفألله لقد كَانَ ذَلِك، فالألف للاستفهام وَالْفَاء للْعَطْف وَقطع ألف الْوَصْل للعوض وَلَو أَدخل الْفَاء من غير اسْتِفْهَام لجَاز أَن تَقول فألله لقد كَانَ ذَلِك إِذا لم تستفهم فَهَذِهِ الْمَوَاضِع الثّلاثة التّي ذَكرنَاهَا تسْقط وَاو الْقسم فِيهَا للعوض كَمَا وَصفنَا وَلَا تسْقط فِي غير ذَلِك لعوض، وَتقول: إِي وَالله، ونَعَمْ وَالله، وَمعنى إِي معنى نعم، فَإِذا سَقَطت الْوَاو نصبتَ فَقلت نَعَمِ اللهَ لَأَفْعَلَنَّ وإيَ اللهَ لَأَفْعَلَنَّ. وَفِي لَفظه ثَلَاثَة أوجه مِنْهُم من يَقُول إيَ اللهَ(4/73)
لَأَفْعَلَنَّ فَفتح الْيَاء لِاجْتِمَاع السّاكنين وَمِنْهُم من يَقُول إِي اللهَ لَأَفْعَلَنَّ فيُثبت الْيَاء سَاكِنة وَبعدهَا اللَّام مُشَدّدَة كَمَا قَالَ هَا اللهِ، وَمِنْهُم من يُسقط الْيَاء فَيَقُول إللهَ لَأَفْعَلَنَّ بِهَمْزَة مَكْسُورَة بعْدهَا لَام مُشَدّدَة.
3 - (أَفعَال الإِيمان)
غير وَاحِد: أقْسَم وآلى وائتَلى وحَلَف يحلِف حَلفاً. أَبُو عُبَيْد: ومَحلوفاً وَهُوَ أحد مَا جَاءَ من المصادر على مفعول. ابْن دُرَيْد: حلف عليّ أُحْلوفة صدق. صَاحب الْعين: حلف حَلْفاً وحِلفاً وحَلِفاً وَقَالَ مَحلوفةً بِاللَّه مَا قَالَ ذَلِك، على إِضْمَار يحلف، وَرجل حَلاّف وحَلاّفة: كثير الحَلِف، واستحلفته ابلله وأحلفْتُه وحَلَّفْته وكل شَيْء مُحْتَلَفٌ فِيهِ مُحْلِفٌ لِأَنَّهُ دَاع إِلَى الحَلِف وَلذَلِك قيل حَضار وَالْوَزْن مُحْلِفان لِأَنَّهُمَا نجمان يطلعان قبل سُهيل فيظن النّاس بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا أَنه سُهَيْل فَيحلف الْوَاحِد أَنه ذَاك وَيحلف الآخر أَنه لَيْسَ بِهِ، وَقد تقدم الاحلاف فِي إِدْرَاك الْغُلَام وسِمن النّاقة وألوان الْخَيل. غَيره: وَهُوَ الْقسم والأَلِيَّة والأُلْوَة والإلْوَة والحَلِف وَقد تقاسم الْقَوْم وتألَّوا: تحالفوا. واستقسمته بِاللَّه: اسْتَحْلَفته. صَاحب الْعين: أُنْشِدُك بِاللَّه إلاّ فعلت: أَي أستحلفك، وأنْشَدْتُك الله كَذَلِك وَقد ناشَدته مناشَدة ونِشاداً. أَبُو عُبَيْد: أحْلَط الرَّجُل واحتلط: اجْتهد وَحلف. أَبُو زيد: حَلِط حَلَطاً كَذَلِك. ابْن دُرَيْد: جَذَمت الْيَمين جَذْماً: أمضيتها، وَحلف يَمِينا حَتماً جَذماً. أَبُو زيد: سَبَأ على يَمِين كَاذِبَة: حلف. صَاحب الْعين: بَسَأ عَلَيْهَا كَذَلِك. أَبُو عُبَيْد: الْيَمين: الحِلْف وَجمعه أيْمُن. أَبُو عَليّ فِي التّذكرة: استيمنته: اسْتَحْلَفته. ابْن دُرَيْد: عَتَك على يَمِين فاجرة: أقدم. وَقَالَ: حَلفت يَمِينا مَا فِيهَا ثَنِيَّة وَلَا ثُنْياً وَلَا مَثْنَوِيَّة. وَقَالَ: حلف بَتاتاً وبَتَتاً: حلف يَمِينا بَتَّاً فقطعها. ابْن السّكيت: عَتَقَتْ عَلَيْهِ يَمِين: أَي تقدّمت وَوَجَبَت، وَأنْشد: عليَّ أَلِيَّةٌ عَتَقَتْ قَدِيما فَلَيْسَ لَهَا وَإِن طلبت مَرامُ غَيره: يَمِين سَمْهَجَة: شَدِيدَة، وَقد سمهجها، وأصل السّمْهَجَة: شدَّة الفتل. ابْن دُرَيْد: التّهْويل: شَيْء كَانَ يُفعل فِي زمن الْجَاهِلِيَّة إِذا أَرَادوا أَن يستحلفوا الرَّجُل: أوقدوا نَارا وألقوا فِيهَا مِلحاً وَالَّذِي يُحلّف المُهَوِّل. أَبُو عُبَيْد: المِحاش: الْقَوْم يحالفون غَيرهم من الْحلف عِنْد النّار وَهُوَ من المَحْش: أَي الإِحراق.
(هَذَا بَاب مَا عمل بعضه فِي بعض وَفِيه معنى القَسَم)
قد تقدم قبل هَذَا أَن الْقسم إِنَّمَا هُوَ جملَة من ابْتِدَاء وَخبر أَو فعل وفاعل يُؤَكد بهَا جملَة أُخْرَى فَمن الِابْتِدَاء وَالْخَبَر قَوْلهم لَعَمْرُ الله الْمقسم بِهِ فعَمْرُ مُبْتَدأ والمقسم بِهِ المُقدّر خَبره وَلَا يسْتَعْمل فِي الْقسم إلاّ مَفْتُوحًا لخفته وَالْقسم مَوْضِع استخفاف وَلَأَفْعَلَن هُوَ جَوَابه وَهُوَ المُقسم عَلَيْهِ وَمن ذَلِك قَوْلهم أَيْم الله وأَيْمُنُ الله وأيمُن الْكَعْبَة فألف أيم وأيمن فِيمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ عَن يُونُس ألف مَوْصُولَة وحكاها يُونُس عَن الْعَرَب وَأنْشد: فَقَالَ فريقُ القومِ لمّا نَشَدْتهم نعم وفريقٌ لَيَمْنُ اللهِ مَا نَدْرِي وَيُقَال إِن أيمُن لم يُوجد مُضَافا إلاّ إِلَى اسْم الله عز وَجل وَإِلَى الْكَعْبَة وَفِي النّحويين من يَقُول إِنَّه جمع يَمِين وألفه ألف قطع فِي الأَصْل وَإِنَّمَا حُذف تَخْفِيفًا لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَقد كَانَ الزّجّاج يذهب إِلَى هَذَا وَهُوَ(4/74)
مَذْهَب الْكُوفِيّين، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَسَمعنَا فُصحاء الْعَرَب يَقُولُونَ فِي بَيت امْرِئ الْقَيْس: فَقلت يمينُ اللهِ أبرحُ قَاعِدا وَلَو قطعُوا رَأْسِي لديكَ وأوصالي رُفع الْيَمين كَمَا رُفع أيمُن الله، والتّقدير يمينُ الله قسمي وَمن روى يمينَ الله بالنّصب أَرَادَ أَحْلف بِيَمِين الله وَحذف الْيَاء فنصب وَرَفعه كَقَوْلِهِم أيمُن اللهِ وأيمن الْكَعْبَة وأيم الله وَفِيه معنى الْقسم وَكَذَلِكَ قَوْلهم أمانةَ الله. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وحَدثني هَارُون الْقَارئ أَنه سمع من الْعَرَب: فذاكَ أمانةُ اللهِ الثّريدُ بِالرَّفْع على مَا فسرنا وَمن ذَلِك قَوْلهم عليَّ عهدُ اللهِ فعهدُ مُبْتَدأ وعليّ خَبره وَمثل ذَلِك قَوْلهم يعلمُ اللهُ لأفعلنّ، وَإِعْرَابه كإعراب يذهبُ زيدٌ وَالْمعْنَى واللهِ لَأَفْعَلَنَّ، وَذَا بِمَنْزِلَة يَرْحَمك الله لَفظه لفظ الْخَبَر وَفِيه معنى الدّعاء وَمن الْمَنْصُوب قَوْلهم عَمْرَكَ اللهَ لَأَفْعَلَنَّ ذَاك، بِمَعْنى عَمَّرْتُك اللهَ وعَمْرَ اللهِ لَا أفعل ذَلِك أَبُو عُبَيْد: قَسَماً لَأَفْعَلَنَّ ذَاك وَكَذَلِكَ إِن أدخلت فِيهَا اللَّام فَهِيَ نصبٌ على حَالهَا لقَسَماً وليميناً لَأَفْعَلَنَّ ذَاك إلاّ فِي لَحَقُّ خَاصَّة فَإِنَّهُم يَقُولُونَ لَحَقُّ لَأَفْعَلَنَّ ذَاك رفع بِغَيْر نون، قَالَ: وعُقَيْل تَقول حَرامَ اللهِ لَا آتِيك، كَقَوْلِهِم يَمِين اللهِ، وَكَذَلِكَ كل يَمِين لَيْسَ فِي أَولهَا وَاو فَهِيَ نصبٌ إلاّ قَوْلهم اللهِ لَا آتِيك، فَإِنَّهُ خفضٌ أبدا، وَقد قدمت تَعْلِيله قبل هَذَا.
3 - (بِرُّ الْيَمين وكذبها وَالْمُبَالغَة فِيهَا)
أَبُو زيد: الْيَمين الحَذَّاء: التّي يُقتطع بهَا الْحق، وَأنْشد: تَزَوَّدَها حَذَّاءَ يعلم أَنه هُوَ الآثم الْآتِي الأُمور ألب جَارِيا صَاحب الْعين: حَنِث فِي يَمِينه يحنَث حِنْثاً وحَنثاً: إِذا لم يبرّ فِيهَا، والغَموس: الْيَمين التّي تُقطع بهَا الْحُقُوق، وَقيل هَب التّي لَا اسْتثِْنَاء فِيهَا. ابْن قُتَيْبَة: هِيَ التّي تغمس صَاحبهَا فِي النّار. صَاحب الْعين: يَمِين الصَّبْر: التّي يُمسك الْحَاكِم عَلَيْهَا حَتَّى تُحلف وَقد حَلَفَ صبرا وَحلف حَلْفةً غير ذَات مَثْنَوِيَّة: أَي غير مُحلَّلة.
3 - (نَوَادِر الْقسم)
أَبُو عُبَيْد: جَيْرِ لَا آتِيك: خفضٌ بِغَيْر تَنْوِين: مَعْنَاهَا نعم وَأجل وَهِي مَكْسُورَة عِنْد سِيبَوَيْهٍ لالتّقاء السّاكنين. أَبُو عُبَيْد: عَوْضُ لَا آتِيك وعوضَ لَا آتِيك رفع وَنصب بِغَيْر تَنْوِين ومِن ذِي عَوْض. قَالَ أَبُو عَليّ: الضّم وَالْفَتْح وَالْكَسْر فِي ذَلِك جَائِز. أَبُو عُبَيْد: أجِدَّك وأجَدَّك: مَعْنَاهُمَا مالَكَ، وَقيل مَعْنَاهَا أجِدَّاً مِنْك، وقدّره النّحويين بقَوْلهمْ أحَقّاً مِنْك، وَبِهَذَا ردّ بَعضهم على من أنكر تَقْدِيم حَقًا فِي قَوْلهم زيدٌ أَخُوك حَقًا، فَقَالَ لم يمْنَع سِيبَوَيْهٍ تَقْدِيم حَقًا إلاّ ترَاهُ قَالَ أجِدَّك لَا تفعل أَي حَقًا مِنْك لَا تفعل فقدّمه، وللمُحتج الَّذِي لم ير تَقْدِيم حَقًا أَن يَقُول إِن أجِدّك لَيست هَهُنَا مُقدّمة لِأَن حرف الِاسْتِفْهَام يَقْتَضِي الْفِعْل فَإِذا كَانَ كَذَلِك لم تكن أجِدَّك مُقدمة لِأَنَّهَا بعد الْفِعْل. أَبُو عُبَيْد: وَمثل أجِدَّك: قِعْدَكَ لَا آتِيك، وقَعيدَك، وَأنْشد: قَعيدَكِ أَن لَا تُسمعيني مَلامةً وَلَا تَنْكِئي قَرْحَ الْفُؤَاد فيِيجعا وَسَيَأْتِي شرح نَصبه فِي بَاب تقديس الله عز وَجل. ابْن دُرَيْد: عَزَمْتُ عَلَيْك لتفعلن: أَقْسَمت عَلَيْك،(4/75)
وَقَالَ عَزَم الرّاقي كَأَنَّهُ أقسم على الدّاء، وعزم الحَوَّاء: استخرج كَأَنَّهُ يُقسم عَلَيْهَا ويعاهدها، والقَسَامَة: الْجَمَاعَة يشْهدُونَ على الشّيء أَو يحلفُونَ لأَنهم يقسمون عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَا جَرَم لَأَفْعَلَنَّ كَذَا: مَعْنَاهُ حَقًا لَأَفْعَلَنَّ، وَأما لَا جرم أَن لَهُم النّار: فَإِن الْخَلِيل وسيبويه وَمن تبعهما من الْبَصرِيين يجْعَلُونَ جَرَم فعلا مَاضِيا ويجعلون لَا دَاخِلَة عَلَيْهَا فَمنهمْ من يجعلهما جَوَابا لما قبلهمَا وهم الْخَلِيل وَمن تَابعه وَمثله يَقُول الرَّجُل كَانَ كَذَا وَفعل كَذَا فَيَقُول لَا جَرَم أَنهم سيندمون، وبيَّن الْخَلِيل أَنه ردٌّ على أهل الْكفْر فِيمَا قدّروه من اندفاع عُقُوبَة الْكفْر ومَضَرّته عَنْهُم يَوْم الْقِيَامَة وَاخْتلفُوا فِي معنى جرم إِذا كَانَ فعلا مَاضِيا، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: حقَّ أَن لَهُم النّار، وَاسْتدلَّ على ذَلِك بقول الْمُفَسّرين: مَعْنَاهُ حَقًا أَن لَهُم النّار، وَبقول الشّاعر: جَرَمَتْ فَزارَةَ بعْدهَا أَن يغضبوا أَي حَقَّتهم بِالْغَضَبِ ورد على ذَلِك من بعده من الْبَصرِيين وَقَالَ غَيره: جَرَم بِمَعْنى كسب وَاسْتدلَّ على ذَلِك بقوله عز وَجل: (لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقي أَن يُصيبكم مثل مَا أصَاب قوم نوح) . أَي لَا يكسِبَنّكم، وَبِقَوْلِهِ عز وَجل: (لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شنآن قوم أَن صدّوكم عَن الْمَسْجِد الْحَرَام أَن تَعْتَدوا) أَي لَا يكسِبَنّكم، وَبقول الشّاعر: جَريمةُ ناهضٍ فِي رأسِ نِيقٍ ترى لعِظام مَا جمعت صَليبا جريمة: كاسبة، يَعْنِي عُقاباً وناهض فرخ، فالعُقاب تكسب لفرخها مَا يَأْكُلهُ وعَلى ذَلِك تَأَول، جَرَمَت فَزارة: أَي كسبت فَزَارَة الْغَضَب وَاخْتلفُوا فِي فَاعل جَرَم إِذا كَانَ فعلا مَاضِيا فَقَالَ المبرّد إِن فِي مَوْضِع رفع بجرم كَأَنَّهُ قَالَ حَقٌّ كَون النّار لَهُم ووَجَب كَون النّار لَهُم وَنَحْو ذَلِك، وَأما الْفراء وَأَصْحَابه فَذَهَبُوا إِلَى أَن جَرَم اسْم مَنْصُوب بِلَا على التّبرئة فَقَالَ الْفراء لَا جَرَم كلمة كَانَت فِي الأَصْل وَالله أعلم بِمَنْزِلَة لَا بُدّ أَنَّك قَائِم وَلَا مَحالَة أَنَّك ذَاهِب فحُرِّك على ذَلِك وَكثر استعمالهم إِيَّاهَا حَتَّى صَارَت بِمَنْزِلَة حَقًا وَحقا عِنْده فِي منزلَة قسم وَاسْتدلَّ على ذَلِك لما ذكر عَن الْعَرَب من قَوْلهم لَا جرم لأتينك لَا جرم لقد أَحْسَنت. قَالَ: وَكَذَلِكَ فَسرهَا الْمُفَسِّرُونَ بِمَعْنى الحقّ وأصل جَرَمْتُ كسبت وَرَأَيْت بعض الْكُوفِيّين يَجْعَل أنّ فِي مَوْضِع نصب فِي لَا بُدّ وَلَا محَالة وَلَا جرم، وَقَالَ بعض الْكُوفِيّين جرم أَصله الْفِعْل الْمَاضِي فحوّل عَن طَرِيق الْفِعْل وَمنع التّصرّف فَلم يكن لَهُ مُسْتَقْبل وَلَا دَائِم وَلَا مصدر وجُعل مَعَ لَا قسما وَتركت الْمِيم على فتحهَا الَّذِي كَانَ لَهَا فِي الْمَاضِي كَمَا نقلوا حاشَى وَهُوَ فعل مَاض ومستقبله يُحاشي وفاعله مُحاشٍ ومصدره مُحاشاة من بَاب الْأَفْعَال إِلَى بَاب الأدوات لمّا أزالوه عَن التّصرف فَقَالُوا قَامَ الْقَوْم حاشا عبد الله فخفضوا بِهِ وَلَو كَانَ فعلا مَا عمل خفضاً وأبقوا عَلَيْهِ لفظ الْفِعْل الْمَاضِي وَمن أَيْمَانهم لَا وقائت نَفسِي الْقصير لَا وَالَّذِي يَقوتني نَفسِي مَا كَانَ إلاّ كَذَا، لَا وَالَّذِي لَا أتَّقيه إلاّ بمَقْتَلِهِ، لَا ومُقَطِّعِ القَطْرة، لَا وفالق الإِصباح، لَا ومُهِبِّ الرّياح، لَا ومُنْشِر الْأَرْوَاح، لَا وَالَّذِي سبحتُ أيْمَنَ كعبته. لَا وَالَّذِي جَلَّد الإِبل جلودها، لَا وَالَّذِي شقَّ الْجبَال للسيل وَالرِّجَال للخيل، لَا وَالَّذِي شقَّهُنَّ خمْسا من وَاحِد، قَالَ أَحْمد بن يحيى: يُرِيدُونَ الْأَصَابِع من الْكَفّ. قَالَ الْفَارِسِي: وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: (بلَى قَادِرين على أَن نُسَوِّيَ بَنانَه) . أَي نجعلهما مَعَ كَفه صَحِيحَة مستوية لَا شقوق فِيهَا كخف الْبَعِير ويعدم الارتفاق بِالْأَعْمَالِ اللطيفة كالخياطة وَالْكِتَابَة والخِرازة والصباغة وَنَحْو ذَلِك من لطيف الإِعمال التّي يستعان عَلَيْهَا بالأصابع، لَا وَالَّذِي وَجْهي زَمَمَ بَيته: أَي مُقَابل بَيته ومواجهته، يُقَال مُرَّ بهم فَإِنَّهُم على زَمَمٍ من طريقك، لَا وَالَّذِي هُوَ أقرب إليّ من حَبل الوَريد. لَا وَالَّذِي يراني من حَيْثُ مَا نظر، لَا وَالَّذِي رَقَصْن ببطحائه، لَا والراقصات لَهُ ببطنِ جمعٍ، لَا وَالَّذِي نَادَى الحجيج لَهُ، لَا وَالَّذِي أمدّ إِلَيْهِ بيدٍ قَصِيرَة، لَا وَالَّذِي يراني وَلَا أرَاهُ، لَا وَالَّذِي كل الشّعوب تَدينه. قَالَ عَليّ بن حَمْزَة: قَالَ السّيرافي: وإي مستعملة فِي ذَلِك كُله، يذهب إِلَى أَن كل وَاحِد من هَذِه الْأَقْسَام بِلَا(4/76)
وإي. غَيره: وكلمةٌ لأهلِ الشّحْرِ يَقُولُونَ: بعِزَّى لقد كَانَ كَذَا وَكَذَا وبِعِزِّك كَمَا نقُول، نَحن لَعَمْري ولَعَمْرُك.
3 - (تَحْلِيل الْيَمين)
صَاحب الْعين: حَلَّلْت الْيَمين تَحليلاً وتَحِلَّةً وتَحِلاًّ شَاذ وضربته ضربا تَحليلاً: أَي شبه التّعزير مُشْتَقّ من تَحْلِيل الْيَمين، ثمَّ أجري فِي سَائِر الْكَلَام، حَتَّى قيل فِي وصف الإِبل إِذا بَركت، وَأنْشد: نَجائبٌ وَقْعُهُنَّ الأَرْض تَحليلُ أَي هّيِّن، وَكَذَلِكَ كَفَّرْت الْيَمين حَلَّلتها، وَكَذَلِكَ الذَّنْب والكَفّارة: مَا كَفَّرت بِهِ من صَدَقَة أَو صَوْم.
3 - (قُصارُك أَن تفعل ذَاك وَنَحْوه)
أَبُو عُبَيْد: قَصارُك أَن تفعل ذَاك وقَصْرُك وعُناناك: أَي جُهدك وغايتك فِي هَذَا كُله، كَأَنَّهُ من المُعانَّة من عَنَّ يعُِنُّ من الِاعْتِرَاض. ابْن السّكيت: وَمِنْه قيل اشْتَركَا شركةَ عِنانٍ أَي اشْتَركَا فِي شَيْء خَاص كَأَنَّهُ عَنَّ لَهما شيءٌ أَي عَرَض فاشترياه واشتركا فِيهِ، فَأَما المُفاوضة فَأن يُشَارِكهُ فِي كل شَيْء من مَاله وَقد تقدم. ابْن دُرَيْد: عَنَّ يعِنُّ عَنَّاً وعُنوناً: اعْترض. أَبُو عُبَيْد: حَنانَك أَن تفعل ذَاك وغايتك وغُناماك وحُماداك. ابْن دُرَيْد: وحُمادِيَ وَمِنْه اشتق مُحَمَّد صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم كَأَنَّهُ حُمد مرّة بعد مرّة. وَقَالَ: جَمالَكَ أَن لَا تفعل كَذَا وَكَذَا أَي لَا تَفْعَلهُ، والزم الْأَمر الأجمل. ابْن السّكيت: بَلَغ بِهِ الحِداس: أَي الْغَايَة التّي يجْرِي إِلَيْهَا وَأبْعد وَلَا تقل الإِداس. ابْن دُرَيْد: كَانَ حَفيلَتُه دِرهماًُ: أَي جهده ومبلغ مَا أعْطى، وَتقول هُذَيْل: لَا آلُو كَذَا وذكا: أَي لَا أستطيعه، وَجَمِيع الْعَرَب يَقُولُونَ: لَا آلو: لَا أدع جهداً. غَيره: مَا دَهري كَذَا: أَي غايتي وهمّي وَأنْشد: لَعَمْري وَمَا دَهري بتأبينِ هالكٍ وَلَا جَزَعاً مِمَّا أصَاب فأوجعا
3 - (المَحْك واللجاج)
أَبُو زيد: لَجَجْت فِي ذَلِك الْأَمر لَجَجاً ولَجاجاً ولَجاجةً. أَبُو عُبَيْد: رجل لَجوج ولَجوجة ولُجَجَة. صَاحب الْعين: المَحْك: اللَّجاج، مَحَك يمحًك مَحْكاً، وَقيل المحك: التّمادي فِي اللجاجة عِنْد المساومة وَالْغَضَب وَنَحْو ذَلِك، وَقد مَحِك مَحَكاً وتَماحَك البيِّعان والخصمان: تلاجَّا. والصَّريمة: اللجاج، والعَزيمة وَقَالَ: انهَمَك فِي أمرِ كَذَا: لجَّ وَتَمَادَى، وَمَا الَّذِي هَمَكَه ابْن الأَعْرابِي: لجَّ. ابْن دُرَيْد: الحَرْدَمَة: اللجاج زَعَمُوا. غَيره: الغَوايَة: اللجاج.
3 - (الْغَضَب)
أَبُو عُبَيْد: غَضِبْت لَهُ إِذا كَانَ حَيا فَإِن كَانَ مَيتا قيل غضِبت بِهِ، وَأنْشد: فَإِن تُعقِبِ الْأَيَّام والدّهرُ فاعلموا بني قاربٍ أنّا غِضابٌ بمَعْبَدِ وَإِن يكُ عبد الله خلَّى مَكَانَهُ فَمَا كَانَ طَيَّاشاً وَلَا رَعِشَ اليدِ(4/77)
فَقَالَ: مَعْبَد: وَإِنَّمَا هُوَ عبد الله بن الصمّة. وَقَالَ رجل غُضُبَّة: يغْضب سَرِيعا. ابْن دُرَيْد: وغَضَبَّة، وَقَالَ: فصل قوم من أهل اللُّغَة بَين الغَيْظ وَالْغَضَب فَقَالُوا: الغيظ أَشد من الْغَضَب، وَقَالَ قوم: سَوْرَة الْغَضَب أَوله. صَاحب الْعين: رجل غَضِبٌ وغُضُب وغَضوب. سِيبَوَيْهٍ: هُوَ غَضْبان وَالْجمع غِضاب وَقد أغضَبَه ذَلِك. وَقَالَ ابْن جني: الْغَضَب مُشْتَقّ من غَضَبة الرّأس وَهِي جلدته: أَي صَار حَمْيُ قلبه إِلَى جلدَة رَأسه كَمَا قيل أَنِفَ: أَي حمي أَنفه غَضبا. صَاحب الْعين: رجل غَضوب وَامْرَأَة غَضوب. عَبوس مِنْهُ. الْأَصْمَعِي: وَقد تَغَضَّ وأغضَبته وغاضَبْت الرَّجُل: أوصلت إِلَيْهِ غَضَباً، والمَغضوب عَلَيْهِم: هم الْيَهُود فِي التّنزيل، وغَضَب الإِله نقيض رِضَاهُ وَالْفِعْل كالفعل وَله تَحْدِيد لَا يَلِيق بِهَذَا الْكتاب. أَبُو زيد: غِظْتُه وغَيَّظْته فاغتاظ وتَغَيَّظ وَفعلت ذَلِك غِياظَك وغِياظَتك. أَبُو عُبَيْد: حَرِب: غَضِب، وحَرَّبته: أغضبته. صَاحب الْعين: الحَرَب: شدَّة الْغَضَب، رجل حَرِب وَقوم حَرْبى، وَأنْشد: وشيوخٍ حَرْبى بشَطَّي أريكٍ ونساءٍ كأنهن السّعالي أَبُو عُبَيْد: التّزَعُّم: الْغَضَب وَأنْشد: على خير مَا يُلقى بِهِ من تَزَعَّما ويروى بالزاي وَالرَّاء والتّزعم بِكَلَام والتّرغّم بِكَلَام وَغير كَلَام، وَقَالَ: وَمِدْتُ عَلَيْهِ، ووَبِدْت وَمَداً ووَبَداً: كِلَاهُمَا من الْغَضَب، وأَمِدَ وأَبِدَ، وَقَالَ: أرَدَّ الرَّجُل: انتفخ غَضبا، وَقَالَ: عَبِدت عَلَيْهِ عَبَداً مثله، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (فَأَنا أول العابدين) . ابْن السّكيت: الِاسْم العَبَدَة وَهُوَ غضب نَحْو المأْنِف. غَيره: وَقيل: عَبِدٌ وعابِد: آنِف، وَكَذَا فسر قَوْله فَأَنا أول العابدين كَمَا تقدم عَن أبي عبيد وَقيل جمع عَابِد وَهُوَ المُتَأَلِّه أَي كَمَا أَنه لَيْسَ لَهُ ولد فَأَنا لست بِأول من عَبَد الله بِمَكَّة. ابْن السّكيت: أَسِفَ عَلَيْهِ والتّهَب مثله. الْأَصْمَعِي: وَقد آسَفْته وألْهَبته. أَبُو عُبَيْد: الأَضَم: الْغَضَب وَقَالَ: هُوَ مُضِنٌّ غَضَباً: أَي ممتلئ، والمُحْبَنْجِر: المنتفخ من الْغَضَب، والمُحْبَنْطِئ: الممتلئ غيظاً، يُهمز وَلَا يهمز وَقد تقدم أَنه الْعَظِيم الْبَطن، وَفِي الحَدِيث: (إنّ الشّقْطَ يظل مُحْبَنْطِئاً على بَاب الْجنَّة) . وَقَالَ: أحْمَشَني وحَمَشَني وَالِاسْم الحِمْشَة. ابْن السّكيت: مَحَشَني: أَغْضَبَنِي، وَقد امتحشت. أَبُو عُبَيْد: أشْكَعَني وأذْرَأني وأحْفَظَني: كُله أَغْضَبَنِي. غَيره: هِيَ الحَفيظة والحِفْظَة وَقد احتَفَظ. أَبُو عُبَيْد: أوْأَبْته: أغضبته وَالِاسْم الإِبَة، وَقَالَ: نَغِر نَغَراً. ابْن السّكيت: نَغَر ينغِر نَغْراً ونَغَرَاناً: إِلَى من الْغَضَب وَقد تَنَغَّر عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أُخذ من نَغَران القِدر وَهُوَ غليها. أَبُو عُبَيْد: هُوَ نَغِرٌ عَلَيْك: أَي غَضبان. ابْن السّكيت: نَقِرَ عليّ نَقَراً: غضب. أَبُو عُبَيْد: الْغَضَب المُطِرُّ: الشّديد، وَأنْشد: هَا إنَّ ذَا غضبٌ مُطِرٌّ ابْن السّكيت: غضبٌ مُطِرٌّ جَاءَ من أطرار الأَرْض: لَا أعرفهُ، وَقَالَ مُطرّ فِي إدلال. أَبُو عُبَيْد: رَمَع أنف(4/78)
الرَّجُل يرمَع رَمَعاناً: تحرّك من غضب. صَاحب الْعين: الحِدَّة: الْغَضَب، حَدَدْت عَلَيْهِ أَحِدُّ واحتددت واستحددت وَقد تقدم ذَلِك فِي اللِّسَان والفهم، وحادَدْته: غاضبته، وَفِي التّنزيل: (إِن الَّذِي يُحادُّون الله وَرَسُوله) . ابْن السّكيت: ظلّ يتَذَمَّر عَلَيْهِ ويتغير ويتنَمَّر لَهُ: إِذا تنكّر لَهُ وأوعده. صَاحب الْعين: نَمِر نَمَراً وتَنَمَّر: غضب وَمِنْه قيل لبس جلد النّمِر. ابْن السّكيت: ضَمِد ضَمَداً: غضب وَأنْشد للنابغة الذبياني: وَمن عَصاكَ فعاقبه معاقبةً تنْهى الظّلومَ وَلَا تقعد على ضَمَدِ ابْن دُرَيْد: الضّمَد: أَن تغْضب على من تقدر عَلَيْهِ. ابْن السّكيت: حَرِد حَرَداً: هاج وَغَضب. صَاحب الْعين: حرَد يحرِد حرْداً وحرِد حَرَداً، فَمَا سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ: حَرِدَ حَرْداً وَرجل حَرِدٌ وحارِد، أدخلهُ فِي أَبَا الْعَمَل وَقَوْلهمْ حارِد دَال على ذَلِك. عَليّ: يَعْنِي أَنهم جَعَلُوهُ بِمَنْزِلَة الْمُتَعَدِّي كحَمِده حَمْداً وَإِلَّا فقد كَانَ حكمه حرِد حَرَداً لِأَنَّهُ غير متعدّ كغضِب غضَباً وَقَوله حارِد دَلِيل على ذَلِك يَعْنِي أَنه لَو كَانَ على بَاب مَا لَا يتَعَدَّى بكان حَرِداً أَو حَرْدان كضَجِر وغَضبان. ابْن السّكيت: خَرَّشْته وهَيَّجْته: أغضبته، وَيُقَال أغَدَّ عَلَيْهِ وَأَصله من غُدَّة الْبَعِير وَهُوَ مُغْدٌّ ومُسْمَغِدٌّ: إِذا انتفخ من الْغَضَب، وَقد وَرِم وضَرِم ضَرَماً، واحتدم عَلَيْهِ وتَحَدَّم: إِذا تحرّق وَأَصله من احتدام الحرّ. غَيره: مَا أَدْرِي مَا أحْدَمه والحَدَمَة: صَوت فِي الْجوف من التّغيّظ. أَبُو حَاتِم: يُقَال للرجل إِذا انتفخت أوداجه من الْغَضَب: احْرَنْفَش حُفَّاثُه. صَاحب الْعين: الرّمَض: حُرقة الغيظ، وَقد أرمَضني الْأَمر ورَمِضْت لَهُ. أَبُو زيد: ذَئِر الرَّجُل ذَأَراً فَهُوَ ذَئِر: غضب. ابْن السّكيت: إِنَّه لَيَنْفِطُ غَضبا، وَقَالَ: ازْمَأَكَّ واهْمَأَكَّ واضْفادَّ: انتفخ من الْغَضَب وَيُقَال شَرِي: وَهُوَ أَن يتمادى ويتتابع فِي غَضَبه وَقد شري الْبَرْق: كثر لمعانه. قَالَ أَبُو عَليّ: وَمِنْه سميت الشّراة لأَنهم لجّوا وغضبوا فَأَما هم فَقَالُوا نَحن الشّراة من قَوْله عز وَجل: (وَمن النّاس من يَشْري نَفسه ابْتِغَاء مرضات الله) وَإِلَى ذَلِك ذهب قَطَرِيُّ فِي قَوْله: رأتْ فتية باعوا الإِلهَ نُفُوسهم بجناتِ عدنٍ عِنْده ونعيمِ صَاحب الْعين: وَجِدْت عَلَيْهِ أجِدُ وأجُدُ وَجْداً ومَوْجِدةً: غضِبت. سِيبَوَيْهٍ: حَمِس حَمَساً: هاج غَضَبه، وَهُوَ أحْمَس وحَمِس، بُني على ذَلِك لِأَنَّهُ هيجانٌ وتحركٌ وَقَالَ: غَلِق غَلَقاً: خف وطاش. ابْن السّكيت: تَلَظَّى: تلهّب، وَقَالَ: استَحْصَد عَلَيْهِ: انْفَتَلَ غَضبا، واستحصد حبله: إِذا غضب، وَقَالَ: غضِب من غير صَيْح وَلَا نَفْر: أَي من غير شَيْء، وَأنْشد: كَذوبٌ مَحولٌ يَجْعَل الله جُنَّةً لأيمانه من غير صَيْح وَلَا نَفْرِ وَقَالَ: استشاط عَلَيْهِ: تلهّب وثار بِهِ الْغَضَب. صَاحب الْعين: التّحْميج: تغير الْوَجْه من الْغَضَب وَنَحْوه، وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لرجل: مَا لي أَرَاك مُحَمِّجاً وَقد تقدم أَن التّحميج تَحْدِيد النّظر وَأَنه الإِعجاب بالشّيء. ابْن السّكيت: السّخْط والسّخَط: ضد الرّضا، سخِط سَخَطاً وتَسَخَّط. سِيبَوَيْهٍ: سَخِطه سَخَطاً كغضب غَضبا. أَبُو زيد: المَأَق: عجلة غضبك، وَقيل هُوَ الحقد. ابْن السّكيت: امْتَأَق: بَكَى من الغيظ، يُقَال بَات صبيها على مَأْقةٍ: وَهُوَ بكاء يقلعه من الْجوف قلعاً، وَفِي الْمثل: أَنْت تَئِقٌّ وَأَنا مَئِقٌ فَكيف نتفق. التّئِق: الممتلئ من كل شَيْء، والمَئق: السّريع الْبكاء، يَقُول إِذا كنت أَنْت ممتلئاً من شَيْء فِي نَفسك وَأَنا أبْكِي سَرِيعا فَكيف نتفق، وَرجل تئق ولَزِق ولَقِس. صَاحب الْعين: هُوَ يتَمَزَّع من الغيظ: أَي يتقطّع. ابْن السّكيت: فلَان يتميَّز من الغيظ: أَي يتقطع. ابْن السّكيت: وَقد تَمَيَّز لَحْمه: تفرّق. أَبُو مَالك: جَهَث الرَّجُل يجهَث جَهْثاً: استخفه الْغَضَب أَو الْفَزع وَقد تقدم. ابْن السّكيت: أَرَدَّ الرَّجُل: انتفخ وَجهه من الْغَضَب. ابْن دُرَيْد: تَرَبَّد وَجهه: احمرّ حمرَة(4/79)
فِيهَا سَواد عِنْد الْغَضَب. ابْن السّكيت: اسْتغْرب فِي الحِدَّة: إِذا مضى فِيهَا وَكَذَلِكَ فِي الضّحك وَقَالَ: رجل فِيهِ غَرْب: أَي عجلة وحِدّة وَيُقَال: أخَذَه قِلٌّ من الْغَضَب كَأَنَّهُ يستقِلّ من مَوْضِعه، وَقَالَ: احْتُمِل الرَّجُل: إِذا غضب، وَأنْشد: لَا أعرفنّك إنْ جَدَّتْ عداوتنا والتّمس النّصر عَوْضُ واحْتُمِلوا ويروى يُحْتَمَلوا، وَقَالَ: شالتّ نَعامة فلَان ثمَّ سكن: وَذَلِكَ إِذا غضب وَإِذا خفّ الْقَوْم من منزلهم، قيل: شالتّ نَعامتهم. صَاحب الْعين: تَسَبَّخ الْغَضَب: سكن، وأصل التّسبيخ التّخفيف والتّسكين، يُقَال سَبَّخ الله عَنْك الشّدة، وَفِي الحَدِيث: (لَا تُسَبِّخي عَنهُ) . ابْن السّكيت: تَأَطَّم: تكَسَّر من الغيظ، وتأَجَّم: توهج، وَقَالَ: فِيهِ ازدِهاق: أَي استعجال. وَقَالَ: جَاءَ مُبَرْطِماً: إِذا تزغَّم عَلَيْهِ وَغَضب، وَقَالَ: ثار ثائره وفار فائره وهاج هائجه: إِذا تشقق غَضبا. غَيره: كل مَا تحرّك لضُرٍّ أَو شرٍ فقد هاج هَيْجاً وهَيَّجْته أَنا. ابْن السّكيت: حَشِم حَشَماً: غضب، وَهَؤُلَاء حَشَم فلَان الَّذين يغْضب لَهُم، وَأنْشد: وَلم يُعَبِّس ليمانٍ حَشَماً يَعْنِي لم يغْضب لَهُم بِهِ. صَاحب الْعين: أحْشَمته: أغضبته، وَالِاسْم الحِشْمَة وَقد تقدم أَن الحشمة الْحيَاء. ابْن السّكيت: الْغَضَب الحَميت: المتين وَيُقَال للتمرة إِذا كَانَت أَشد حلاوة من صاحبتها هَذِه أحْمَتُ حَلاوةً من هَذِه، والمُتَهَكِّم: الَّذِي يتهدّم عَلَيْك من شدَّة الْغَضَب كالمُتَحَمِّق وَمن ثمَّ قيل تَهَكَّمت الْبِئْر: تهدمت وَقد تقدم أَن المُتهكِّم المُتَغَنِّي، والحُمَيَّا: شدَّة الْغَضَب وحُمَيّا الكأس سَورتها. صَاحب الْعين: حَميت من الشّيء حَمِيَّة ومَحْمِيَّة: أنفت. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَا يَجِيء مصدر هَذَا الضّرب من المصادر على مَفْعِل إلاّ وَفِيه الْهَاء لِأَنَّهُ إِن جَاءَ على مفْعِل بِغَيْر هَاء اعتلّ فعدلوا إِلَى الأخف وَكَذَلِكَ الْمعْصِيَة. صَاحب الْعين: وَرجل حَمِيّ: لَا يحْتَمل الضّيم، وأنْفٌّ حَمِيٌّ من ذَلِك، وَإنَّهُ لذُو بادِرَة: إِذا كَانَ لَهُ حّدٌّ ووُثوب عِنْد الحِدَّة، وَرجل هَزَنْبَر: أَي حَدِيد، والحُتْروش: الْحَدِيد النّزِق وَالصَّغِير الْجِسْم. ابْن دُرَيْد: وَهُوَ الحِتْرِش. ابْن دُرَيْد: الضّبَد: الغيظ، وَقد ضَبَدته: ذكرته بِمَا يُغضبه. ابْن السّكيت: السّدَم: الغَمُّ مَعَ غضب وَمِنْه قيل نادِم سادِم، وَرجل شُحْدود: حَدِيد، وَقَالَ: اقْرَمَّطَ الرَّجُل: غضب، وَقَالَ إِنَّه لطَيُّور فَيُّور للحديد السّريع الرّجعة. أَبُو عَليّ: طَيْرَة الْغَضَب: شدته، قَالَ يحْتَمل ضَرْبَيْنِ: أَن يكون مصدرا: طَار طَيْرَة، وَالْآخر أَن يُسَمِّي الطّائر باسم الْمصدر وَذَلِكَ أَنهم أثبتوا للغضب طائراً فِي قَوْله: طارت عصافير رَأْسِي. صَاحب الْعين: الشّذاة: الحِدَّة، وَجَمعهَا شَذَوات وشَذاً. ابْن السّكيت: إِنَّه لذُو شاهِقٍ وصاهِل: إِذا اشْتَدَّ غَضَبه، والمُخْطَئِب: السّريع الْغَضَب، والازْمِهرار: الْغَضَب، وَأنْشد: أبصرتُ ثَمَّ جائعاً قَدْ هَرّا ونثر الجَعْبَة وازمَهَرّا وَكَانَ مثل النّار أَو أحَرّا أَبُو عُبَيْد: زَمْهَرَت عَيناهُ: إِذا اشتدت حمرتهما وَغَضب، والمُخْشَئِن: الغضبان، وَقَالَ: حَنَشْته: أغضبته، وَقد(4/80)
تقدم أَنه عَطَفته ونَحَّيْته. أَبُو زيد: سَنَحْت بِالرجلِ وَعَلِيهِ: أحرجته وأصبته بشر. أَبُو زيد: حَبِن عَلَيْهِ: امْتَلَأَ غَضبا. غَيره: الكَتيت فِي صدر الرَّجُل: صَوت يشبه صَوت البِكارة من شدَّة الغيظ. أَبُو زيد: يُقَال للرجل إِذا غضب يَا فَشَاشِ فُشِّيه من أسته إِلَى فِيهِ، وَقَالَ: ازْرَأَمَّ الرَّجُل: غضب. ابْن السّكيت: قَرْطَب: غضب، وَأنْشد: إِذا رَآنِي قد أتيت قَرْطَبا وَقد اشْتَأَوْا غَضبا: اشْتَدَّ غضبهم، وَقَالَ: اخْرَنْطَم: غضب وَأنْشد: ترى لَهُ حِين سما فاخْرَنْطَما لَحْيَيْن سَقْفَيْن وخَطماً سَلْجَما السّقفان الطّويلان العريضان. ابْن دُرَيْد: وَكَذَلِكَ خَرْطَم، وَقيل هُوَ أَن يعوّج خُرطومه ويسكت على غَضَبه. ابْن السّكيت: رجل زَبَعْبَك وزبَعْبَق: حَدِيد، وَقَالَ: إِن فِيهِ لسَوْرَة: أَي حدّة، وَيُقَال للرجل الْحَدِيد: مِلحُه على رُكبَتَيْه وَأنْشد: لَا تلُمها إِنَّهَا من نِسوةٍ مِلحُها موضوعةٌ فوقَ الرّكَبْ وَيُقَال للرجل إِذا فَتَر غَضَبه: تَشَيَّأ غَضَبه وباخ وفَثِئ وفَثَأ وانفثأ وفثَأته أفْثَأه وسُرِّي عَنهُ: إِذا انْكَشَفَ، والحَرَد: الغيظ. غَيره: كَظَم غيظه يكظِمه كَظْماً: ردّه. ابْن دُرَيْد: كظم عَلَيْهِ غيظه يكظِم كَظماً فَهُوَ كاظِم وكَظيم: سكت، وَقَالَ: جَاءَ مُتَلَغِّداً: أَي متغيظاً، والزَّهْف: الخفّة والنّزق، زَهِف وأزْهَفته وازدهفته، والهَزَق: النّزق والخفة. غَيره: الهَنَق: شَبيه بالضّجر وَقد أهنَقْته، وَقد أنْهَلْت الرَّجُل: أغضبته. ابْن دُرَيْد: ثأثأْت غضبك: إِذا سكّنته، وَمَا ثأثأت قدمي: أَي لم أحركها، والصَّرْبَخَة: الخفة والنّزق، وَقَالَ رجل ضَمْضَم: غَضْبَان، وَلَا أَدْرِي مَا صِحَّته، وَرجل حَطَوْطَى: نزق. أَبُو حَاتِم: رجل مَحْمَح ومُحامِح: نزق، وَقيل ضَيِّق خُنْبُق. ابْن دُرَيْد: التّرْش: خفَّة وتنزّق، وَقد تَرِش تَرَشاً وتَرْشاً فَهُوَ تَرِش وتارِش. صَاحب الْعين: الدّقْظ: الغضبان، وَأنْشد: من كَانَ مكتئباً من سُنّتي قِظاً فرابَفي صَدره مَا عَاشَ دَقْظانا غَيره: يُقَال للْإنْسَان عِنْد الْغَضَب احتَدَّ فَصَارَت مِنْهُ شِقَّة فِي الأَرْض وشِقَّة فِي السّماء. صَاحب الْعين: الحَنَق: شدَّة الغيظ، حَنِق حَنَقاً وحَنِقاً. ابْن دُرَيْد: رجل حَنِق وحَنيق، وَأنْشد: وَبَعْضهمْ على بعضٍ حَنيقُ وَقد أحنقته. غَيره: رجل حَبْلان: ممتلئ غَضبا وَقد تقدم أَنه الممتلئ مَاء وَأَن أصل الحَبَل المَاء. صَاحب الْعين: يُقَال للغضبان هَرِقْ على جَمْرِك: أَي اصبب على غضبك. أَبُو زيد: نَخَسْت الرَّجُل: هيّجته. صَاحب الْعين: خَمِط الرَّجُل وتَخَمَّط: غضب وثار. ابْن دُرَيْد: المُقْطَئِر: الغضبان الْمُنْتَشِر. أَبُو زيد:(4/81)
الفَطِم: الغضبان. غَيره: مَقَطت الرَّجُل أمقُطُه مَقْطاً: غظته. الكلابيون: السّكاكة والزَّمَكَة: السّريع الْغَضَب الْعجل وَمثله رجل صَرامة من رجال صَرامات وَقد تقدم أَن السّكاكة والصَّرامة المُتفرِّد بِرَأْيهِ المستبد بِهِ. صَاحب الْعين: رجل فَرْفار والفَرْفَرَة: الطّيش والخفة. أَبُو زيد: حَدِئْت عَلَيْهِ حَدَأً: غضِبت لَهُ وَأَنا حَدِئ وَقد تقدم أَن حَدِئت: لجأت. ابْن دُرَيْد: الزّغْزَغَة: الخفة والنّزق وَرجل زَغْزَغ. أَبُو عُبَيْد: الزّخَّة: الْغَضَب والحقد، وَقَالَ: حَسِك عَلَيْهِ: غضب. غَيره: إِنَّه ليَجْرِض الرّيق غيظاً: أَي يبتلعه. ابْن السّكيت: هُوَ يكسِر عَلَيْهِ الإِرعاظ: الَّذِي يتوعد الرَّجُل ويغتاظ عَلَيْهِ، والرُّعْظ وَاحِد الإِرعاظ وَهُوَ الَّذِي يدْخل سِنْخ نصل السّهم فِيهِ من السّهم وَمثله فلَان يحرُق عَلَيْهِ الأُرَّم ويحرِق وَهِي الْأَسْنَان يحرُق بَعْضهَا بِبَعْض يصرفهَا ويحكها، يُقَال هُوَ يحرُق أَسْنَانه من شدَّة الغيظ وَأنْشد: أُنْبِئتُ أحماءَ سُليمى إِنَّمَا ظلوا غِضاباً يَحرُقون الأُرَّما صَاحب الْعين: حرَج الرَّجُل أنيابه يحرُجُها حَرْجاً: حكّ بَعْضهَا إِلَى بعض من الحَرَد، وَأنْشد: ويومٍ تُحرَجُ الأضراس فِيهِ لأبطال الكُماة بِهِ أُوامُ أَبُو عَليّ: سكت عَنهُ الْغَضَب سُكوتاً: سكن، وكل شَيْء كفّ فقد سكت، وَمِنْه سكت فَلم ينْطق. ابْن دُرَيْد: جَاءَ مُرِدَّ الْوَجْه: أَي غَضْبَان. والحَرْدَبَة: خفَّة ونزق. أَبُو زيد: المُرْغاد: الْمُتَغَيّر اللَّوْن غَضبا وَقيل هُوَ الغضبان الَّذِي لَا يجيبك. صَاحب الْعين: نَتَّ مَنخِر الرَّجُل: انتفخ من غضب. أَبُو عُبَيْد: أُهْرِع الرَّجُل: إِذا كَانَ يُرعَد من غضب أَو حُمّى أَو غَيره، وَقَالَ: حَميت عَلَيْك: غضِبت. صَاحب الْعين: بَخَع نَفسه يبخَعها بَخْعاً وبُخوعاً: قَتلهَا غيظاً وغمّاً، وَفِي التّنزيل: (لَعَلَّك باخِعٌ نَفسك) . وَقَالَ: مَعِض من ذَلِك مَعَضاً وامْتَعَض: غضب وتوجع وَقد أمْعَضته ومَعَّضْته ومَعَضَه الْأَمر وأمْعَضَه، والتّزَبُّع: التّغيظ وَقد تقدم أَنه سوء الخُلق والعربدة. غَيره: الثّعْلول: الغضبان. ابْن دُرَيْد: وَرُبمَا قَالُوا للغضبان داحِق. أَبُو زيد: قلبٌ حامِض: إِذا فسد وَتغَير من الْغَضَب وفؤاد حَمْض وَنَفس حَمْضَة: تنفر من الشّيء أول مَا تسمعه. أَبُو عُبَيْد: الأُحاح: الغيظ.
3 - (التّهيؤ للغضب والقتال وَنَحْوهمَا)
ابْن دُرَيْد: هِئْت أَهاء وأَهيء: أخذت لَهُ هَيئته وتَهَيَّأت لَهُ كَذَلِك , أَبُو زيد: تهايأنا على كَذَا مثله. أَبُو عُبَيْد: إِذا تهَيَّأ للغضب والشّر قيل احْرَنْفَش. أَبُو زيد: وَكَذَلِكَ الدّيك والهر وَالْكَلب وَقَوْلهمْ فِي وصف الكلا واحرنفشت العَنْز: احرِنْفاشها ازْبِئْرارُها وتنصُّب شعرهَا وَقد تقدم فِي ذكر الخِصْب وَمَا يُوصف عَن الرّوّاد. أَبُو عُبَيْد: احْرَنْبى واحرنْبأ وازْبَأرّ واجْثَأَلّ وافْذَحَرّ: تهَيَّأ للسباب، وَقَالَ: تَقَطَّر وتَقَتَّر وتشدَّد: تهَيَّأ لِلْقِتَالِ وَقيل: تَشَذَّر وَمِنْه قَول سُلَيْمَان بن صُرد بَلغنِي عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ ذَرْءٌ من قولٍ تَشَذَّر لي بِهِ من شتم وإيعاد فسرت إِلَيْهِ جَواداً. ابْن دُرَيْد: فَرَشْت لَهُ: تهيأت وَأَرَدْت وَرجل جِرْهام ومُجْرَهِمّ إِذا كَانَ جاداً فِي أمره، وَمِنْه اشتقاق جُرْهُم، وَقَالَ: زَحَف الْقَوْم: تهيؤا لِلْقِتَالِ. أَبُو عُبَيْد: أَبَبْت الشّيء أَؤُبّ أَبَّاً: تهيأت لَهُ، وَخص مرّة بِهِ(4/82)
الذّهاب والتّأَتِّي: التّهيؤ لِلْقِتَالِ. ابْن السّكيت: اشْرَحَفّ الرَّجُل: تهَيَّأ لِلْقِتَالِ والدّابة كَذَلِك وتَشَرْحَف لَهُ مثله. أَبُو زيد: تَغَشْمَرَ لي: تنمّر وأخذته بالغِشْمِير. صَاحب الْعين: نَصَبْت لَهُ الْحَرْب نَصْباً وناصَبْته الشّر. أَبُو عُبَيْد: ابْرَنْذَعْتُ لِلْأَمْرِ واسْتَنْتَلْت وابْرَنْتَيْت: كُله استعددت لَهُ. صَاحب الْعين: أعْدّدت الشّيء واعتددته واستعددته وأعتدته: أحضرته وَالِاسْم العُدّة. الْأَصْمَعِي: أخذت لِلْأَمْرِ أُهْبَتُه: أَي عدته، وَالْجمع أُهَب وأُهْبات وتأهَّبْت لَهُ كَذَلِك. ابْن دُرَيْد: تَقَتَّل لِحَاجَتِهِ: تهَيَّأ. أَبُو زيد: مالتّ لِلْأَمْرِ مَأْلاً: تهيأت لَهُ. ابْن السّكيت: تَاَدَّيْت لِلْأَمْرِ: تهيأت لَهُ. ابْن دُرَيْد: أوْهَبت لَك كَذَا: أَعدَدْت، وَقد تقدم أَن أوهبت أَدَمْت، والحَذافير: المتهيؤون لِلْقِتَالِ.
3 - (الحقد والبغضة)
صَاحب الْعين: الحِقْد: إمْسَاك الْعَدَاوَة فِي الْقلب والتّربص بفرصتها. ابْن دُرَيْد: الْجمع أحقاد وحُقود. ابْن السّكيت: حَقَدْت عَلَيْهِ وحَقِدت. الْأَصْمَعِي: حَقِدت عَلَيْهِ حَقَداً وحِقْداً، وَأنكر حَقَدت أحقِد وَعرفهَا أَبُو زيد. ابْن دُرَيْد: وَقد أحْقَدت غَيْرِي، وَرجل حَقود: كثير الحقد. أَبُو عُبَيْد: الوَجْد: الحقد، وَأنْشد: فَلَا تقعدنَّ على زَخَةٍ وتضمر فِي الْقلب وَجْداً وخِيفا الْخيف جمع خِيفة، والحِشْنَة: الحقد وَأنْشد: أَلا لَا أرى ذَا حِشْنَةٍ فِي فؤادهِ يُجمجِمها إلاّ سيبدو دَفينها والإحْنة مثله وَالْجمع إحَن، وَقد أحِنْت عَلَيْهِ أحَنأً وأحَنْته. ابْن السّكيت: إِن فِي صدرك لوَغْرَة وَأَصله من وَغْرَة الحرّ وأوْغَر صَدره عَلَيْهِ: أحماه من الغيظ وأوْقَره. ابْن دُرَيْد: وَغِر ووَغَر. سِيبَوَيْهٍ: وَغِر صَدره يغِر وَغَراً ووَغْراً ويَوْغَر أَكثر على الْقيَاس. أَبُو زيد: وَهُوَ الوَغْر. ابْن السّكيت: إِن فِي صَدره لوَحَراً: أَي حقداً. صَاحب الْعين: الوَحْر والوَحْرَة كالوَغْرَة من الْعَدَاوَة. سِيبَوَيْهٍ: وَحَر صَدره يَحَر وَحَراً ويَوْحَر أَعلَى وَهُوَ الْقيَاس كَمَا تقدم فِي وَغِر. أَبُو عُبَيْد: هُوَ الحَنَق والحَنِق بِمَعْنى الحقد بغضب وَقَالَ دَوِيَ دوىً فَهُوَ دوٍ وضَغِنَ ضَغَناً. ابْن السّكيت: وضِغْناً. صَاحب الْعين: وَهِي الأَضْغان والضّغينة كالضّغْن وَهِي الضّغائن واضَّطَغَنْت عَلَيْهِ كضَغِنْت وضِغْن الدّابة عَسَرَه والتّواؤه، وَفرس ضاغِن وضَغِن: لَا يُعْطي كل مَا عِنْده من الجري حَتَّى يُضرب، وَقَول بشر بن أبي خازم: كذات الضّغْنِ تمشي فِي الرّفاقِ مَعْنَاهُ ذَات النّزع، يُقَال دَابَّة ضَغِنَة: إِذا نزعت إِلَى وطنها، وَقد ضَغِنَت ضَغَناً وَرُبمَا استُعير فِي الإِنسان. أَبُو عُبَيْد: الضّب: مثل الضّغن. غير وَاحِد: الذَّحْل: الحقد وَقيل طلب مُكَافَأَة بِجِنَايَة جُنيت عَلَيْك أَو عَدَاوَة أُتيت إِلَيْك وَقيل هُوَ الثّأر وَجمعه ذُحول. أَبُو عُبَيْد: الأُحاح والأَحيحة: الضّغن. غَيره: وَهُوَ الأَحيح وَقد تقدم أَن الأُحاح: الغيظ، والدّاغِلَة: الحقد. أَبُو عُبَيْد: المِئْرَة: الذحل وَجَمعهَا مِئَر وَقد مأرْته وَكَذَلِكَ الدّمْنَة وَجَمعهَا دِمَن وَقد دَمِنْت عَلَيْهِ. صَاحب الْعين: الشّحْناء: الحقد. أَبُو عُبَيْد: شاحَنته من الشّحناء وشحِنْت عَلَيْهِ شَحَناً وَقَالَ: أَرِيَ صَدره: وَغِر. والكَتيفة: الضّغينة، وَكَذَلِكَ الحَسيفة والحَسيكة. ابْن دُرَيْد: وَهِي الحَسَكة. صَاحب الْعين: حَسَك الصَّدْر وحَسَكته: الحقد وَإنَّهُ لحَسِك الصَّدْر وصدره عليَّ حَسِكٌ وحَسِك عَلَيْهِ غضب. ابْن الأَعْرابِي: خَمِرْت عَلَيْهِ خَمْراً: حقدت. أَبُو عُبَيْد: السّخيمة: كالحسيكة. ابْن دُرَيْد: رجل مُسَخَّم: فِي قلبه سَخيمة. صَاحب الْعين: السّخم مصدر السّخيمة وَهِي المَوْجِدة وَقد سخَّمْت بصدره. أَبُو زيد: تَسَخَّم(4/83)
عليّ: تغْضب وَهِي السّخْمَة. ابْن دُرَيْد: المِحال بَين النّاس: الْعَدَاوَة وَهِي من الله عز وَجل الْعقَاب. غَيره: ماحَلْتُه: عاديته. أَبُو عُبَيْد: الضّمَد: الحقد. صَاحب الْعين: الحقد المُلازِق بِالْقَلْبِ وَقد تقدم أَنه الْغَضَب. أَبُو عُبَيْد: الوَغَم نَحوه وَقد وَغِم. ابْن دُرَيْد: وَغِم وَغَماً ووَغْماً ووَغَم، والجميع أوْغام. أَبُو عُبَيْدة: وَقد أوْغَمْت صَدره وَرجل وَغْم: حقود. ابْن السّكيت: إِن فِي صَدره عليّ لغِلاًّ: أَي حقداً. الكلابيون: غَلَّ صَدره يغِلُّ غِلاًّ. أَبُو عُبَيْد: قَول النّبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم: (ثلاثٌ لَا يغِلُّ عَلَيْهِنَّ قلب مُؤمن) . فَإِنَّهُ يرْوى لَا يَغِلُّ وَلَا يُغِلّ، فَمن قَالَ يَغِلّ جعله من الغِلّ وَهُوَ الضّغن والشّحناء وَمن قَالَ يُغِلّ جعله من الْخِيَانَة. الكلابيون: غَشَّ قلبه يغُشُّه غَشاً إِذا لم يُمحِض لَهُ النّصيحة. ابْن السّكيت: إِن فِي قلبه عليّ لغِمْراً وغَمَراً وأغْماراً وَقد غَمِر صَدره عَليّ. صَاحب الْعين: الغِبْر كالغِمْر. ابْن السّكيت: لفُلَان عِنْد فلَان وتْرٌ وطائلةٌ وتَبْل. صَاحب الْعين: الْجمع تُبول وَقد تَبَلَني يتْبُلُني. ابْن السّكيت: شَفَنه يشفِنه شُفوناً: نظر فِي نَاحيَة من البُغْض لَهُ، وَقَالَ: بيني وَبَينه شِنْءٌ بِكَسْر الشّين: أَي عَدَاوَة، وَقد شَنِئْته شَنْئاً وشِنْئاً وشُنْئاً وشَنَآناً وشُنوءاً. أَبُو زيد: وشَنْأةً ومَشْنَأةً وَرجل شَنآن وَالْأُنْثَى بِالْهَاءِ وشَنْآن وَالْأُنْثَى شَنْأى. ابْن السّكيت: رجل مَشْنوء: إِذا كَانَ مُبغضاً وَإِن كَانَ جميلاً ومَشْنَأ مُبغِض وَكَذَلِكَ الِاثْنَان والجميع والمؤنث. أَبُو عُبَيْد: المِشْناء: الَّذِي يُبغضه النّاس، والشّنَف: البغضة، شَنِفْت لَهُ: إِذا أبغضته. غَيره: شَنِْته كَذَلِك والشّنِف: المبغِض. ابْن دُرَيْد: شَئِفْت لَهُ شَأَفاً كَذَلِك. أَبُو زيد: شَئِفت صَدره شَاَفاً: حقد. ابْن دُرَيْد: أبغَضْتُه إبغاضاً وبِغْضَة وبَغاضَة يَمَانِية. أَبُو عُبَيْد: قَلَيْته قِلىً وقَلاءً ومَقْلِيَة. ابْن دُرَيْد: قَلَيْته وقَلَوْته فَمن قَالَ قليته فالمصدر قِلى وَمن قَالَ قلوته فتح الْقَاف ومدَّ ? عَليّ: هَذَا فرق ضَعِيف إِنَّمَا هُوَ من الصِّنْف الَّذِي إِذا كُسر قُصر وَإِذا فُتح مُد لِأَن الْيَاء وَالْوَاو لَا يوجبان مدا وَلَا قصراً. سِيبَوَيْهٍ: قَلى يقْلَى نَادِر، وحملوا الْألف على الْهمزَة فِي قَرَأَ، قَالَ: وَلَيْسَت بمعروفة. ابْن السّكيت: إِن فِي نَفسه عليّ أَكْةً: أَي حقداً، والنّائِرة: الْعَدَاوَة. ابْن دُرَيْد: تَكاظَّ الْقَوْم كِظاظاً تجاوزوا الْقدر فِي الْعَدَاوَة، والدّعْث: الحقد فِي الْقلب وَجمعه أدعاث وَيُسمى الرَّجُل دَعْثَة. غَيره: وَهُوَ الدِّئْث. ابْن الأَعْرابِي: ازْدَهَفْت الْعَدَاوَة: اكتسبتها. ابْن دُرَيْد: تَشاجَر الْقَوْم: تباغضوا وتعادوا، وَبَين الْقَوْم خُماشات: أَي عداوات وَدِمَاء. وَقَالَ: تناكَر الْقَوْم: تعادوا وَبَين الرّجلين مُغالَظة وغِلْظَة: أَي عَدَاوَة. ابْن السّكيت: غِلْظَة وغُلظة وغَلظة. صَاحب الْعين: البُغْض والبِغْضَة والبَغْضاء: نقيض الحُب، وَقد بَغُضَ بَغاضَة وبَغَضَ فَهُوَ بَغيض، وَحكى ابْن جني بَغوض ويقوّيه مَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ: فَرَغْنَ فَلَا رد لما بُتَّ فانقضى ولكنْ بَغوضٌ أَن يُقَال عَديمُ عَليّ: إِن ابْن جني رَوَاهُ تَعَوَّض على قَول جَرير: سِيرُوا بَني الْعم فالأهواز منزلكم ونهر تيرى وَلَا تعرفكمُ العَربُ صَاحب الْعين: رجل مُبَغَّض وَقد بُغِّضَ إِلَيْهِ الْأَمر وَمَا أبغضه إليّ وَلَا يُقَال مَا أبغضني لَهُ وَلَا مَا أبغضه لي وَقد أجَاز سِيبَوَيْهٍ مَا أبغضني لَهُ وَمَا أبغضه إِلَيّ وَفرق بَين معنييهما فَقَالَ: إِذا قلت مَا أبغضني لَهُ فَإِنَّمَا تخبر أَنَّك مُبْغِض وَإِذا قلت مَا أبغضه إليّ فَإِنَّمَا تخبر أَنه مُبْغَض، قَالَ: وَكَأَنَّهُ على بَغَض وَإِن لم يُتكلم بِهِ وَقد تقدم أَنه نتكلَّم بِهِ. صَاحب الْعين: نَعِمَ الله بك عَيْناً وَأبْغض بعدوِّك عينا، وَأهل الْيمن يَقُولُونَ: بَغُضَ جَدُّك، كَمَا يَقُولُونَ عَثُر جَدُّك.(4/84)
3 - (الْغِشّ)
صَاحب الْعين: المُماسَحَة: المُلاينة بالْقَوْل والقُلوب غير صَافِيَة والتّمْسَح: الَّذِي يُلاينك بالْقَوْل وَهُوَ يغشّك وَقد تقدم أَنه المارد الْخَبيث.
3 - (الْأَعْدَاء)
العدوّ ضد الصّديق، يكون للْوَاحِد والاثنين والجميع وَالْأُنْثَى بِلَفْظ وَاحِد. قَالَ الله عز وَجل: (فَإِنَّهُم عدوٌّ لي) . ويثنى وَيجمع إِذا جعلته نعتاً أخرجته على الْعدة والتّأنيث والتّذكير وَالْجمع أعْداء. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلم يُكسّر على فُعُل كَرَاهِيَة الإِخلال والاعتلال وَإِن كَانَ كصَبور يَعْنِي كَرَاهِيَة أَن يُصيّرهم ذَلِك إِلَى بَاب أدْلٍ وَلم يُكسّر على فِعْلان كَرَاهِيَة الكسرة قبل الْوَاو لِأَن السّاكن لَيْسَ بحاجز حُصَيْن، قَالَ: وعدُوّ صفة وَلكنه ضارع الِاسْم يَعْنِي بمضارعته الِاسْم كَثْرَة وُقُوعه وَأَن الْهَاء تلْحق مؤنثه فَخَالف بِهَذَيْنِ الْحكمَيْنِ بَاب الصّفة وَأعَاد جمع الْجمع فَأَما عِدى فَزعم سِيبَوَيْهٍ أَنه اسْم للْجمع كرَكْب وسَفْر وَلَا نَظِير لَهُ عِنْده فِي الصّفة وَقد حكى غَيره مكانٌ سِوَى. ابْن السّكيت: قوم عِدى وعُدى بِالْكَسْرِ والضّم فَإِذا أدخلُوا الْهَاء ضمُّوا أَوله فَقَالُوا عُداة، أَحْمد بن يحيى: العُدى بالضّم الْأَعْدَاء الَّذين تقَاتلهمْ وبالكسر الْأَعْدَاء الَّذين لَا تقَاتلهمْ، حَكَاهُ عَنهُ ابْن جني. غَيره: وَقد يجوز فِي الشّعر: هنّ عَداياك، وعادَيْته مُعاداة وَالِاسْم العَداوة وتعادى الْقَوْم عادى بَعضهم بَعْضًا. صَاحب الْعين: عدوٌ أخْزَر: وَهُوَ الَّذِي ينظر بمؤخر عينه. ابْن دُرَيْد: تَشاوَس الْقَوْم: تعادوا، وتَضارَس الْقَوْم تعادوا وتحاربوا. صَاحب الْعين: الظّنين: المُعادي. أَبُو عُبَيْد: يُقَال للأعداء صُهْب السّبال وسود الأكباد وَإِن لم يَكُونُوا صهب السّبال فَكَذَلِك يُقَال لَهُم وَأنْشد: فظلال السّيوف شَيَّبْن رَأْسِي ونِزالي فِي الْقَوْم صُهب السّبالِ ويروى واعتِناقي. ابْن دُرَيْد: قَول عنترة: تنفِر عَن حِياضِ الدّيْلَمِ فَإِنَّهُ أَرَادَ الْأَعْدَاء كَمَا قَالُوا صهب السّبال. صَاحب الْعين: الدّيْلم: الْأَعْدَاء من كَانُوا. غَيره: قيل للأعداء صهب السّبال: أَي أَن عداوتهم كعداوة الرّوم وَالروم صهب السّبال والشّعور وَقَالَ: سُقِي قلبه عَدَاوَة: أُشرِبها. أَبُو عُبَيْد: الأَقتال: الْأَعْدَاء واحدهم قِتْل، وَكَذَلِكَ الإِقران والكاشِح والمُشاحِن: الْعَدو. ابْن السّكيت: عَدو أَزْرَق وَأنْشد: فَقل لأعداء أَرَاهُم زُرْقا غَيره: أجْهَد الْقَوْم فِي الْعَدَاوَة أَي أجَدّوا، وجاهدت الْعَدو مجاهدة وجهاداً: قَاتلته. صَاحب الْعين: هُوَ يَشْفَع عَليّ بعداوة: أَي يُعين وَأنْشد: كَأَن من لامني لأصرمها كَانُوا علينا بلَومهم شَفَعوا(4/85)
ابْن دُرَيْد: ضربه ضَرْبَة نَقَم: إِذا ضربه عَدو لَهُ.
الشّماتة بالأعداء
ابْن السّكيت: شَمَتُّ بالعدو أَشْمِت شَماتاً وشَماتةً. أَبُو عُبَيْد: أَشْمَتَ الله عادِيَك: أَي عَدوك.
3 - (الْحَسَد)
ابْن دُرَيْد: حَسَده يحسُده ويحسِده حَسَداً، وَرجل حاسِد من قوم حُسَّد وحُسَّاد وحَسَدَة وحَسود وحَسَّاد: وَالْأُنْثَى حَسود. ابْن السّكيت: هُوَ أَن تتمنى أَن يُسلب مَا عِنْده ويُحوّل إِلَيْك. ثَعْلَب: حَسَدْتك الشّيء وحَسَدْتك عَلَيْهِ وهم يتَحاسَدون، يحسُد بَعضهم بَعْضًا. ابْن السّكيت: الغّبْط: أَن يتَمَنَّى مَاله على أَن لَا يتَحَوَّل عَنهُ، غَبَطْته أغبِطه غَبْطاً. أَبُو عُبَيْد: الغَبْط: هُوَ الْحَسَد.
3 - (الْفَرح والإعجاب بالشّيء)
صَاحب الْعين: الْفَرح: نقيض الْحزن. ابْن السّكيت: رجلٌ فرِح وفرُح. ابْن دُرَيْد: رجل فرِح وفرحان من قوم فرحى وفَراحى وَامْرَأَة فرِحة وفَرحانة وفرْحى. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فرِح وأفرَحته وفرَّحته. ابْن السّكيت: لَك فَرحة وفُرحة إِن كنت صَادِقا. صَاحب الْعين: رجل مفراح: كثير الْفَرح وَقَالَ مَا يسرُّني بِهِ مُفرِح ومفروحٌ بِهِ. ابْن قُتَيْبَة: والعامَّة تسْقط بِهِ وَهُوَ لحن. ابْن جني: رجل مفروح وفرِح. عَليّ: لَا يسوغ إلاّ أَن يكون على وضع مفعول مَوْضِع فَاعل. صَاحب الْعين: المرَح: شدَّة الْفَرح حَتَّى يُجَاوز الْقدر وَقد مرِح مرَحاً ومِراحاً فَهُوَ مَرِح من قوم مرحى ومراحى ومِرِّيحين، وَرجل ممراح: كثير المرح. غَيره: الفَرَه كالفرح وَقَوله تَعَالَى: (وتنحِتونَ من الْجبَال بُيُوتًا فَرِهين) قيل مَعْنَاهُ أشرين، وَقد تقدم أَن الفره والفاره الحاذق. أَبُو عُبَيْد: البجَحُ: الْفَرح وَقد بجِح يبجَح وبجَحَ. ابْن جني: وابتجح. ابْن دُرَيْد: بجَّعني الْأَمر وأبجعني: فرَّحني، ومحَجَ فِي بحَجَ. ابْن جني: يَمْجَح مَجْحاً. أَبُو زيد: فلَان يتبجَّح لفُلَان ويتمجَّح. أَبُو عُبَيْد: الجاذِل والجَذلان مثله. ابْن دُرَيْد: وَالْأُنْثَى جذلانة وَقد جذِل جذَلاً وَهُوَ جَذِلٌ. ابْن السّكيت: رجل مِجْذَلٌ: جَذلٌ. صَاحب الْعين: السّرُّ والسّرّاء والسّرور: الْفَرح، سرَّه يسُرُّه وَامْرَأَة سَرَّة وسارَّة. أَبُو زيد: أردتُ سُرَّك ومسرَّتك وسرورك. ابْن السّكيت: بشِشْت بِهِ بشاشة وَقَالَ حَبَرَه يحبُرُه حَبْراً: سرَّه، والحبْر والحبَر والحُبور: السّرور قَالَ تَعَالَى: (فِي روضةٍ يُحْبَرون) أَي يُسَرّون وَأنْشد: الْحَمد لله الَّذِي أعْطى الحَبَرْ ابْن دُرَيْد: أحبّرَني الْأَمر: سرَّني. أَبُو عَليّ: اليَحبور: الرَّجُل المسرور. أَبُو عُبَيْد: ثرِيَ بذلك الْأَمر ثرىً: فَرح بِهِ، وَيُقَال إِذا فَرح فَرحا شَدِيدا استخفَّه الْفَرح وازدهاه، وَيُقَال فِي الْغَضَب مثل ذَلِك. غَيره: ارتعت لِلْأَمْرِ كارتحت. ابْن السّكيت: البِشْر: الطّلاقة. أَبُو عَليّ: بشَرْتُه بِالْأَمر أبشُرُه بَشْراً وبشِرْته وبشَّرْته وأبشرتُه فتبشَّرَ واستبشَر وأبشَر وبشِر وبشَر، والتّبشير يكون بِالْخَيرِ والشّر كَقَوْلِه تَعَالَى: (فبشِّرهم بعذابٍ أليمٍ) وَقد يكون على قَوْلهم تحيَّتك الضّرب وعتابك السّيف، وَالِاسْم: الْبشر والبِشارة والبُشارة سميت بذلك لِأَن الَّذِي يبشَّر بِمَا يسرُّه تَحسُن بشَرَة وَجهه، والبشير: المبشِّر، والبشارة: مَا يُعطاه، وهم يتباشرون بِالْأَمر أَي يبشُر بَعضهم بَعْضًا. ابْن دُرَيْد: البَهْثُ: البِشر وَحسن اللِّقَاء. لقِيه فبَهَث إِلَيْهِ وتباهث وَمِنْه قيل أبهجني الشّيء، وبَهَجَني: سرَّني وَالْألف أَعلَى. ابْن الأَعْرابِي: بهِجْت بالشّيء بَهاجةً: فرحت وَكَذَلِكَ ابتهجت.(4/86)
صَاحب الْعين: رجل بهِجٌ: مبتهج، وَقَالَ تهلَّل وَجهه فرَحاً، والطّرب: خِفَّة تعتري عِنْد الْفَرح وَقيل هِيَ خفَّة الْفَرح والحزن وَقد طرِب طرَباً فَهُوَ طرِبٌ من قومٍ طِرابٍ، وَرجل مطروب ومِطراب: كثير الطّرب، وَقد استطرب: طلب الطّرب وطرَّبته. الْأَصْمَعِي: شآني الشّيء: أعجبني. أَبُو عُبَيْد: المُبْرَنْشِق: الفرِح المسرور، وَقَالَ حجِئت بِالْأَمر: فرحت بِهِ وَقيل لزِمتُه وَيُقَال طرَّفت الشّيء بِمَعْنى استطرفته. صَاحب الْعين: رجل بَلْجٌ مثل طَلْقٍ، وَقَالَ رجل بسيط الْوَجْه: متهلِّل، وَإنَّهُ ليبسطني مَا بسطك: أَي يسرُّني مَا يسرُّك. ابْن دُرَيْد: آنَقَني الْأَمر إيناقاً ونِيقاً: أعجبني. صَاحب الْعين: أنِقْتُ بِهِ أنَقاً وشيءٌ أنيقٌ مؤنِقٌ. أَبُو عُبَيْد: رجل أنِقٌ: يُري مَا يُعجبهُ وَأنْشد: لَا آمِنٌ جَليسُهُ وَلَا أنِقْ وَقد تقدم أَن الأَنَقَ: النّبات المُؤنِق. ثَعْلَب: يُقَال فلَان وَاسع الكُمِّ: إِذا كَانَ رخِيَّ البال قَلِيل الاكتراث وَأنْشد: وَقد أرى وَاسع جيب الكُمِّ أُسفِرُ من عِمامة المُعْتَمِّ عَن قصَبٍ أسحَمَ مُدْلَهِمِّ
3 - (الْحزن والاغتمام)
ابْن السّكيت: حزَنني الشّيء يحزُنُني حُزْناً وحَزَناً وأحزَنني أتحزنني أَكثر. سِيبَوَيْهٍ: وَقد حزِنت، وَإِذا قلت حَزَنْته فَإنَّك لم تَعرِض لحَزِنَ وَلَكِنَّك أردْت جعلتُ فِيهِ حُزناً كَمَا تَقول كحَلْتُه ودهَنْتُه وَلَو عرَضت لِحَزِن لقلتَ أحزَنتُه وَنَظِيره فتَنْتُه. ثَعْلَب: الحرانة: مَا تحزَّنت بِهِ، وَحكى سِيبَوَيْهٍ رجل حزنان. أَبُو عُبَيْدة: ومِحزانٌ. قَالَ أَبُو عَليّ: والحزْن والحزَن من المصادر الْمَجْمُوعَة وهما يكسّران على أَفعَال. أَبُو عُبَيْد: حُزانة الرَّجُل: عِيَاله الَّذين يتحزَّن لَهُم. صَاحب الْعين: حزِن حزَناً وتحَزَّن وتحازن وَقد حزَنه الْأَمر يحزُنُه حُزْناً وأحزنَه فَهُوَ محزون ومُحزَن وحزين وحزِن. سِيبَوَيْهٍ: لم يَأْتِ حَزِين على الْفِعْل. صَاحب الْعين: حِزانٌ وحُزَناء، وَفِي قلبِي عَلَيْك حُزانة، وَتسَمى قَدمة الْعَرَب على الْعَجم التّي استحقّوا بهَا من الدّور والضّياع حُزانة، وَقَالَ الهمُّ: الحُزن وَجمعه هموم وَقد أهمَّه الْأَمر فاهتمَّ. ابْن دُرَيْد: الكَرب: الحُزن الَّذِي يَأْخُذ بالنّفس وَجمعه كروب. ابْن السّكيت: كرَبني إلاّ مر يكْرُبني كَرْباً: حزَنني. غَيره: اكْتربت لَهُ: اغتممت. صَاحب الْعين: هُوَ مكروب وكَريب وَالِاسْم الكُرْبة وَالْجمع كُرَبٌ. أَبُو عُبَيْد: المَوقومُ والموكوم: الشّديد الْحزن وَقد وقَمَه الْأَمر ووكَمه وَقيل الموقوم والموكوم إِذا رَددته عَن حَاجته أشدَّ الرّدّ. ابْن السّكيت: الغمُّ: الكرب، غمَّه يغُمُّه غَمّاً فاغتمَّ، وَهُوَ فِي غُمَّة من أمره: أَي لَبْسٍ يغتمُّ بِهِ وَأمره عَلَيْهِ غُمَّةٌ وَقَالَ مَا أغمَّك لي وإليَّ وعليَّ. أَبُو عُبَيْد: فَإِذا اشْتَدَّ حزنه حَتَّى يُمسك عَن الْكَلَام فَهُوَ الواجم وَقد وجَم. ثَعْلَب: وَهُوَ وجِمٌ وَقد وجِم وجْماً ووجوماً. سِيبَوَيْهٍ: وجَمَ وأجَمَ على الْبَدَل وَلَيْسَ بدل الْهمزَة من الْوَاو الْمَفْتُوحَة بمطرد. صَاحب الْعين: الوُجوم والأجوم: السّكوت على همٍّ وغيظ، والحرارة: حُرْقةٌ فِي الْقلب من التّوجُّع، وَامْرَأَة حَريرة: حزينة محرَقة الكبد. أَبُو عُبَيْد: المُحْتَمُّ: نَحْو من المهتمّ، وَبَعْضهمْ يَقُول الإِحتمام بِاللَّيْلِ من الهمّ. صَاحب الْعين: أحَمَّني الْأَمر: أهمَّني. أَبُو عُبَيْد: المبتئس: الحزين قَالَ وَإِذا كَانَ سريع الْحزن رَقِيقا فَهُوَ الأَسيف الغضبان مَعَ الْحزن فَإِذا تغيّر لَونه من حزن أَو فزع فَذَلِك الامتقاع وَقد امتُقِع لَونه وانتُقِع واهتُقِع وتحشَّف واحتشف. ابْن دُرَيْد: وَكَذَلِكَ التّمِع والتّهِم. صَاحب الْعين: كسوتُه كَسْواً. الْأَصْمَعِي: السّهوم: العبوس من الهمّ. أَبُو عُبَيْد: شفَّني المر يشُفُّني شَفّاً وشُفوفاً: إِذا أحزنك. صَاحب الْعين: الشّجو: الْحزن وَقد شجاني وأشجاني. أَبُو عُبَيْد: شجاني شَجْواً. وَقَالَ مرّة: شجاني: طرَّبني وهيَّجني، وأشجاني: أحزنني وأغضبني. ابْن السّكيت: أسِيتُ(4/87)
على الشّيء أسىً: حزنت، وَرجل أسيان وأسوان. أَبُو عُبَيْد: هُوَ أسوان أتْوان: أَي حَزِين. الْأَصْمَعِي: سؤْتُه مساءةً وسوائيةً وسواءَ ةً. أَبُو زيد: سُؤته مسائية مشدَّد. سِيبَوَيْهٍ: سوائية فعالية بِمَنْزِلَة عَلَانيَة وَالَّذين قَالُوا سَواية حذفوا الْهَمْز كَمَا حذفوا همزَة هارٍ ولاثٍ، قَالَ وَأما مسائيةٌ فَهِيَ مَقْلُوبَة وَإِنَّمَا كَانَ حدُّها مَساوئَةً فكرهوا الْوَاو مَعَ الْهمزَة لِأَنَّهُمَا حرفان مستثقلان. وَقَالَ: سُؤْته سُؤاً كشغلته شُغلاً. ابْن السّكيت: حسِر حسَراً وحسْرة وَهُوَ حسِير: تلهَّف على مَا فَاتَهُ، وَقد شجبت الرَّجُل: حزَنتُه، وشجِبَ شجَباً: حزِن. غَيره: أوَّه بالمدِّ وأوَّه بِالْقصرِ وآووه وأوُِهُ وأَوْهَ وآهٍ: كلمة مَعْنَاهَا التّحزُّن، وأوْه لفُلَان وَمن فلَان إِذا اشْتَدَّ عَلَيْك فَقده، ورجلٌ أوَّاهٌ: شَدِيد الْحزن وَقيل هُوَ الدّعاء إِلَى الْخَيْر وَفِي التّنزيل: (إنَّ إِبْرَاهِيم لأوّاهٌ حَلِيم) . ابْن السّكيت: وَقَوْلهمْ آهةً وأَمِيهةً: ألآهة من التّأَوُّه وَهُوَ التّوجُّع قَالَ تأوَّهْت آهاً وآهةً وَأنْشد: إِذا مَا قُمْت أرْحَلُها بلَيْلٍ تأوَّه آهة الرَّجُل الحزين وتهوَّه كتأوَّه. أَبُو عُبَيْد: هِيَ كلمة مَعْنَاهَا الأسف على الشّيء يفوت. ابْن دُرَيْد: أفَّ يئفُّ ويؤفُّ أفّاً: إِذا تأفَّف من كرب أَو ضجر فَأَما سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ لَا فعل لَهُ وَأما قَوْلهم أفّف فَإِنَّهَا عِنْده كسبَّح ودعدع وهلَّل: إِذا قَالَ دَعْ دَعْ وَلَا إِلَه إلاّ الله. غَيره: وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ حِين نظر إِلَى طَلْحَة مقتولاً: إِلَى الله أَشْكُو عُجَري وبُجَري. وَمن أمثالهم: أطلعته على عجري وبُجري. صَاحب الْعين: اعتلج الهمُّ فِي صَدره تَشْبِيها باعتلاج الموج وَهُوَ تلاطمه، والعميد: المحزون الكمِد. وَقَالَ: التّرح: ضد الْفَرح وَقد ترِح ترَحاً وَالِاسْم التّرْحة والدّلَه: ذهَاب الْفُؤَاد من همٍّ أَو نَحوه، دلَهَه الهمُّ فتدلَّه، وتدلَّهت امْرَأَة على وَلَدهَا: وَلِهَت لفقده. ابْن دُرَيْد: دُلِه الرَّجُل فَهُوَ مدلوه: تحيَّر. أَبُو زيد: المدلَّه: الَّذِي لَا يحفظ مَا فعل وَلَا مَا فُعِل بِهِ. أَبُو عُبَيْد: رِينَ بِهِ رَيْناً: وَقع فِي غمٍّ أَو انقُطِع بِهِ، وكل مَا علا شَيْئا فقد رانَ بِهِ وَعَلِيهِ، وَمِنْه أران الْقَوْم: هَلَكت ماشيتهم وهُزِلت لِأَن ذَلِك مِمَّا غلبهم. صَاحب الْعين: الشّجَن: الحزْن وَالْجمع أشجان وشُجون وَقد شجِنت شَجَناً وشُجوناً وشَجُنت وتشجَّنت وشجنني الْأَمر يشْجُنني شَجْناً وشُجوناً وأشجَنني. ابْن دُرَيْد: صكَّه الْأَمر: ضَاقَ عَلَيْهِ وكرَبَه، ومضَّه الشّيء وأمضَّني مَضّاً: إِذا بلغ من قلبه الْحزن وَهُوَ المضض، والحزْحَزة: الْأَلَم من حزن أَو خوف، والآليلة: التّذلُّل، والحَوْبة: الْحزن بَات بحَوْبةِ سَوءٍ وحِيبة سَوء، وَقَالَ بخَع نَفسه يبخعُها بَخْعاً وبُخوعاً: قَتلهَا غمّاً، وَقَالَ قَرِتَ الرَّجُل: تغيَّر وَجهه من حزن وغيظ، ودُهِم دَهماً: حزِن، واللَّهَق: تغيُّر الْوَجْه من حزن واغتمام وَقد زهِق. وَقَالَ خَنَطَه يخنِطُه: كرَبَه، والسّدَم: الْحزن، والسّادم: المهموم، وَلذَلِك قَالُوا سادِمٌ نادِمٌ، وَقيل السّدَم: همٌّ مَعَ نَدم وَقيل: غيظ مَعَ حزن، وَقَالُوا سدمان ندمان وَقيل بل السّادم مَأْخُوذ من الْمِيَاه الأَسْدام أَي المتغيِرة لطول المُكْث يُوصف بِهِ الْوَاحِد والجميع وَقد قيل ماءٌ سُدُمٌ. غَيره: ندِمت على الشّيء ندَماً وندامة، وتندَّمت: أسفت، وَرجل سادم نادم وندمان سَدمان ونُدّامٌ سُدَّامٌ ونُدامٌ سِدامٌ ونَدامى سَدامى. ابْن دُرَيْد: معَضني الْأَمر وأمْعضَني: مضَّني، والهُقاع: غَفلَة تصيب الإِنسان من همٍّ أَو مرض، والهَكَع: شَبيه بالجزَع أَو الإِطراق من حجزن أَو غضب هكِع هكَعاً. الْأَصْمَعِي: اللهَفُ: الأسى على الشّيء يفوتك بعد مَا تشرف عَلَيْهِ. ابْن دُرَيْد: لهِف لهَفاً وتلهَف وَهُوَ لاهفٌ ولَهيفٌ. ابْن السّكيت: لهِف لهَفاً ولهَفاناً وَهُوَ لهِفٌ ولهْفانُ وامرأةٌ لهْفى. سِيبَوَيْهٍ: الْجمع لِهافٌ ولَهافى. صَاحب الْعين: الوَلَه: الْحزن وَقيل ذهَاب الْعقل من الْحزن وَقد ولِه يلِه ويولَه ووَلَه يلِه. ابْن دُرَيْد: ولِهَت الْمَرْأَة ولَها فَهِيَ والِهٌ ووالهَةٌ وولهى وَالْجمع ولاهى إِذا استخفَّها وأوْلَهها الْحزن وولَّهها وَأنْشد: مَلأى من المَاء كعين المُولَه(4/88)
وَرجل ولهان وولِه. أَبُو عُبَيْد: أهمَّني الْأَمر. ابْن السّكيت: همَّك مَا أهمَّك: يَعْنِي أذابك مَا أحزنك. ابْن دُرَيْد: الرّسيس: بَاقِي الْحزن فِي الْقلب، وَقَالَ كبا وجهُهك كَمِد لَونه، وكبا لون الصُّبْح والشّمس: أظلم، وَيُقَال عَاده عِيدٌ أَي همٌّ، وكَئِب كآبةً: حزِن. ابْن السّكيت: أكأب الرَّجُل: وَقع فِي كآبة. ابْن دُرَيْد: بَرْشَمَ: وجَمَ وَأظْهر الْحزن وَقيل صغَّر عَيْنَيْهِ لِيُحِدَّ النّظر وَقد تقدم. وَقَالَ أصنع بك مَا كنَّك وعنَّك وعَظاك وشَراك وأورمَك وأرعمَك وأدغمك: أَي مَا يسوءُك. وَقَالَ تفكَّن الْقَوْم وتفكّهوا: تندّموا وَلَيْسَ بثبت فَأَما تفكَّهوا وتعجّبوا ففصيح وَكَذَلِكَ فسّر فِي التّنزيل: (فظلْتُمْ تَفَكَّهون) أَي تعجَّبون، وَقَالَ تهكَّن مثل تفكَّن. غَيره: تعقَّب من أمره: نَدم. أَبُو عُبَيْد: ألحمت الرَّجُل: غممته. صَاحب الْعين: مَا انحاشُ لهَذَا الْأَمر: أَي مَا أكترث. ابْن دُرَيْد: وجدْتُ على قلبِي طخْفاً وطخَفاً: أَي غَمّاً. أَبُو عُبَيْد: أُشْعِر همّاً: لزق بِهِ كلزوق الشّعار من الثّياب بالجسد، وعبَر الرَّجُل عبْراً وعَبْرَةً، واستعبر: حزِن، وَرَأى فلَان عُبْرَ عَيْنَيْهِ: أَي مَا يسخِّن عينه. ابْن السّكيت: لأُمِّه العُبْر والعَبَر. صَاحب الْعين: سخِنَت عينُه سخَناً وسُخْنَة وسُخوناً وَرجل سخين الْعين. وَقَالَ: خبَلَه الْحزن واختبله وخبِل خَبالاً فَهُوَ أخبَلُ وخَبِلٌ، ودهرٌ خبِلٌ: ملتوٍ على أَهله مِنْهُ، وَقَالَ أدغمه الْأَمر: سَاءَهُ وأرغمه، وَمن دُعَائِهِمْ: رَغْماً دَغْماً شِنَّغْماً، ويروى بِالْعينِ غير مُعْجمَة، والبلبلة والبلابل: شدَّة الهمِّ والوساوس والمصدر البِلبال. ابْن الأَعْرابِي: اختلج فِي صَدْرِي همٌّ وغَمٌّ، وتخالجتني الهموم: تنازعتني. صَاحب الْعين: مَا كرَثني هَذَا الْأَمر: أَي مَا بلغ مني مشقَّة، وَالْفِعْل المجاوز أَن تَقول كرَثتُه أكرِثه كَرْثاً وَقد اكترث. ابْن دُرَيْد: أكرثني الْأَمر وَهُوَ كارثٌ وكريثٌ. صَاحب الْعين: الكَنْظ بُلُوغ المشقَّة من الإِنسان تَقول إِنَّه لَمكنوظٌ مَغنوظٌ وكَنَظَه الْأَمر يكنُظُه كَنْظاً وتكنَّظَه، والكَمِدُ: الحزين. أَبُو زيد: الكَمَد: أَشد الْحزن، والكمَد والكُمْدَة: تغيُّر لون يبْقى التّغير فِيهِ وَيذْهب مَاؤُهُ وصفاؤه، والكمد أَشد الْحزن وَقد كمِد كمَداً وأكمده الْحزن. أَبُو زيد: رجل كاسف الْوَجْه: عَابس من سوء الْحَال والبال وَقد كسَف فِي وَجهه يكسِف، وَقَالَ كظمني الْأَمر: كربني، وَرجل مكظوم وكظيم، والكظَم مجْرى النّفَس. الْأَصْمَعِي: اخذ فلَان بكَظَمه وَلَا يُقَال غير ذَلِك وَلَكِن كُظِم عَلَيْهِ أَي ضُيِّق فَهُوَ مكظوم وكظيم وَمِنْه اشتقَّت الكِظامة من كظائم الْمِيَاه بالحجاز. صَاحب الْعين: الجِرياض والجَريض: الشّديد الغمِّ وَأنْشد: وخانِقٍ ذِي غُصَّةٍ جِرْياض وَالْجمع: جَرْضى، وَإنَّهُ ليَجْرَض الرّيق على همٍّ وحزن، وَأنْشد أَبُو عُبَيْد: يَا فيءَ مَالِي من يُعَمَّرْ يُفْنِه مَرُّ الزّمان عَلَيْهِ والتّقليبُ ويروى يَا هيءَ مَالِي وَهِي كلمة مَعْنَاهَا السّف والتّلهُّف على الشّيء يفوت، والعِلَه: الحزين، وَامْرَأَة عاله، وَحكى سِيبَوَيْهٍ رجل علهان وَامْرَأَة علْهى. غَيره: الهَلِع: الحزين، والشّحُّ الهالع: المحزن مِنْهُ، والجزع نقيض الصَّبْر وَقد جزِع جزَعاً فَهُوَ جازع وجزِعٌ وجَزوعٌ، وَقَالَ زَعَجَني الْأَمر وأزعجني: أقلقني. صَاحب الْعين: هُوَ يتفجَّع للمصيبة: أَي يتوجَّع لَهَا وَالِاسْم: الفجيعة، وَقد فجَعتُه أفجَعُه فجْعاً، وفجَّعْتُه: رزأتُه، والفجيعة: الرّزِيَّة، وَرجل فاجع وفجِعٌ: لهفان متأسِّفٌ، ودهر فاجع وَمَوْت فاجع: يفجع بِالْمَالِ وَالْولد، وَبَيت فاجع ومُفجِع. وَقَالَ: بَشِعْتُ بِهَذَا الْأَمر بَشَعاً: ضِقْت. غَيره: يُقَال للمغموم والنّادم هُوَ يفُتُّ اليَرْمع: وَهُوَ حجر نَخِرٌ أَبيض يتلألأ فِي الشّمس، وَقَالَ عضاهُ الْأَمر يعضيه: سَاءَهُ وَكَذَلِكَ عظاه. ابْن دُرَيْد: خَثا الرَّجُل خَثواً: انْكَسَرَ من حزن أَو تغيَّر من فزع.(4/89)
3 - (الْبكاء)
قَالَ الْخَلِيل: من مدَّ الْبكاء ذهب بِهِ إِلَى الصَّوْت المعبَّر بِهِ عَن الْحزن وَمن قصَره ذهب بِهِ إِلَى معنى نفس الْحزن وَكِلَاهُمَا مصدر بَكَى بكاء وبُكاً. قَالَ أَبُو عَليّ: والمدُّ أَقيس لِأَنَّهُ على بَاب الْأَصْوَات فالفُعال فِي الصَّوْت أَكثر من الْفِعْل فِي الْأَمْرَاض وَالْأَحْزَان وَلَو جَاءَ على الْقيَاس الْغَالِب والمثال الْمُعْتَاد فِي هَذَا الْبَاب لقيل بكِيَ بَكىً كجَوِيَ جَوىً. أَبُو عُبَيْد: بكَيْت الرَّجُل وبكَّيتُه: بكّيْتُ عَلَيْهِ وأبكيتُه: صنعت بِهِ مَا يبكيه. ابْن السّكيت: إِذا رفع الرَّجُل صَوته بالبكاء قيل نحَب ينحِب نحيباً وَأنْشد: زيّافةٌ لَا يُضيعُ الحيُّ مَبْرَكَها إِذا نعَوها لِراعي أهلهم نَحَبا ذكر أَنه نحر نَاقَة كَرِيمَة عَلَيْهِم وَقد عرف مبرَكها كَانَت تُؤتى مرَارًا فتُحْتلب للضيف وللصبي. صَاحب الْعين: انتحب كَذَلِك. أَبُو زيد: النّحْب والنّحيب: أَشد الْبكاء. ابْن السّكيت: وَإِذا بَكَى الرَّجُل فتردَّد بكاؤه فِي فِيهِ وَصَارَت فِي صَوته غُنَّة قيل ظلَّ يخِنُّ خَنيناً. أَبُو زيد: الخنين والحنين وَقد يكون من الطّرَب. صَاحب الْعين: الخنين من بكاء النّساء دون الانتحاب. ابْن السّكيت: هَنَّ بهِنَّ هَنيناً: بَكَى وَأنْشد: لمّا رأى الدّار خّلاءً هَنّا والزُّقاء: بكاء الصَّبِي زقا يزقو وَمثله الرّغاء وَقد رغا يرغو وَقيل هُوَ أَشد مَا يكون من بكائه. غَيره: استخرط الرَّجُل فِي الْبكاء: اشْتَدَّ بكاؤه ولجَّ فِيهِ وَهُوَ الخراطَة والخُرَّيْطى. أَبُو زيد: النّشيج: أَشد الْبكاء وَقد تقدم أَنَّهَا مأقةٌ تَأْخُذ بالنّفوس. ابْن دُرَيْد: هُوَ تردد الْبكاء فِي الصَّدْر وَقد نشَجَ ينشِجُ نشيجاً، والنّحْطُ والنّحاط: تردد الْبكاء فِي صَدره من غير أَن يظْهر كبكاء الصَّبِي إِذا حزن. أَبُو عُبَيْد: فحُمَ الصبيّ وفحَم يفحُم فُحوماً: إِذا بَكَى حَتَّى يَنْقَطِع صَوته. ابْن السّكيت: بَكَى الصَّبِي حَتَّى فُحِم فَحْماً. ابْن دُرَيْد: فحِم الصَّبِي: إِذا بَكَى يَبَحَّ وَبِه فُحامٌ، وَقَالَ شحَر الرَّجُل: تهيّأ للبكاء. أَبُو عُبَيْد: أجهَشَ: تهيّأ للبكاء وَأنْشد: بَكَى جزَعاً من أَن يَمُوت وأجهَشَت إِلَيْهِ الجِرِشَّى وأرْمَعَلَّ حَنينُها وَقَالَ مرَّةً جَهَشَت نَفسِي وَزَاد أَبُو زيد جهَشْت للحزن والشّوق. ابْن دُرَيْد: جهَش يجهَش جَهْشاً. أَبُو زيد: أجْهَشَت إليَّ نَفسِي وجهِشَت جُهوشاً: نهضت إِلَيْك وفاضت. أَبُو عُبَيْد: أشحن مثل أجهش. ابْن دُرَيْد: شخَم الرَّجُل وأشخم: تهيّأ للبكاء. أَبُو عُبَيْد: أهنف مثل أجهش. ابْن دُرَيْد: بهَشْت إِلَى الرَّجُل وبهَشَ إليَّ: تهيَّأنا للبكاء. صَاحب الْعين: بهَشَ إِلَيْهِ فَهُوَ باهشٌ وبَهِشٌ: حنَّ. ابْن دُرَيْد: الشّهيق والشّهاق: تردد الْبكاء فِي الصَّدْر. أَبُو عُبَيْد: شهَق يشهِق ويشهَق. أَبُو زيد: ندبت الميْتَ أندُبُه نَدْباً: بكَيت عَلَيْهِ وأندبتُه وَالِاسْم: النّدْبة. صَاحب الْعين: التّغْبيض: أَن يُرِيد الإِنسان الْبكاء فَلَا تجيبه الْعين، وَقَالَ: خَبَع الصَّبِي خَبْعاً وخُبوعاً: انْقَطع نفَسه من الْبكاء. صَاحب الْعين: ضَاعَ الصَّبِي ضَوْعاً، وتَضَوَّع: تضوَّر فِي بكائه، وضربته حَتَّى تضوَّع أَي تضوَّر. غَيره: أعْوَل الرَّجُل وَالْمَرْأَة: رفعا صوتهما بالبكاء وَالِاسْم العَويل والعَوْلَة وَقد تكون العولة فِي حرارة الْحزن وَالْحب من غير صَوت، وَقَالُوا: وَيْلَه وعَوْلَه وَسَيَأْتِي ذكره فِي أَبْوَاب المصادر التّي لَا أَفعَال لَهَا وَقَالَ: ضَربته حَتَّى أنْهَج: أَي بَكَى.(4/90)
3 - (السّلُوُّ عَن الْحزن)
ابْن السّكيت: سَلَوْت سُلُوَّاً وسَلِيت سُلِيَّاً، وَأنْشد: لَو أشْرب السّلْوان مَا سَليتُ قَالَ أَبُو عَليّ: وَمِنْه اشتقاق السّلوى وَهِي الْعَسَل وَقد تقدم ذكره وَقَالَ: أسْلَيْته وسَلَّيْته وَهُوَ السّلوان. أَبُو زيد: سَلَوته وسَلَوت عَنهُ وسَلِيته وسَليت عَنهُ. صَاحب الْعين: تَسَلَّيْته وتسلَّيْت عَنهُ، والسّلوان مَاء يشرب فيُسلي. أَبُو عَليّ: وعَزَّيْته وَهُوَ من مُحَوّل التّضعيف أَصله عَزَّزْته أَي صلَّيْت صبره وجلَّدت قلبه على الْمُصِيبَة من العزاز وَهِي الأَرْض الغليظة الصلبة، وَهُوَ العَزاء وتَعَزَّى هُوَ والتّحويل كالتّحويل. غير وَاحِد: أَسَّيْته: عزّيته وَقد ائْتَسى وتأسّى. ابْن السّكيت: لَك فِي هَذَا إسْوَة وأُسْوَة. أَبُو عُبَيْد: ذَهِلْت عَنهُ وذَهَلْت: فَأَما أَبُو الْعَبَّاس فَقَالَ ذهِلت فِي الْحزن وذهَلت فِي كل شَيْء أذهَل ذُهولاً وَقد أذهَلني كَذَا فيهمَا. صَاحب الْعين: الذَّهْل: تَركك الشّيء على عمد أَو نسيانك إِيَّاه بشغل وَقد ذهَلْته وذَهَلت عَنهُ وذَهِلته وذَهِلت عَنهُ ذَهْلاً وذُهولاً وَقيل: الذَّهْل: السّلو وطِيب النّفس عَن الْألف وَقد أذْهَلْته الْأَمر وأذْهَلْته عَنهُ. أَبُو زيد: ناهَت نَفسِي عَن الشّيء نَوْهاً: انْتَهَت عَنهُ. أَبُو عُبَيْد: سَرَّيْت عَنهُ الشّيء: أذهبت من حزنه. أَبُو زيد: الدّلُوهُ: السّلو، دَلَهْت أَدْلَه دُلوهاً. ابْن دُرَيْد: فَرَّجْت عَنهُ رِبْقَته: أَي كُربته. صَاحب الْعين: ثَلِج صدر الرَّجُل: برد قلبه عَن الشّيء.
3 - (الصَّبْر)
صَاحب الْعين: الصَّبْر: نقيض الجَزَع، صبَر يصبِر صَبْراً فَهُوَ صابِر وصَبور وتَصَبَّر واصطَبر وأصْبَرته وصَبَّرْته: أَمرته بِالصبرِ، وأصبرته: جعلت لَهُ صبرا، وَقَالَ: وَطَّنْت نَفسِي على الشّيء فتَوَطَّنَت عَلَيْهِ وَله. أَبُو عُبَيْد: العارِف: الصابر، يُقَال نَزَلَت بِهِ مُصِيبَة فوُجد صَبوراً عارِفاً. وَقَالَ مرّة: رجل عَارِف وعَروفة: صابر، قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ أَحْمد بن يحيى: العِرْف: الصًّبر، وَأنْشد: قل لِابْنِ قيسٍ أخي الرّقَيَّات مَا أجمل العِرْفَ فِي المصيباتِ غَيره: نفس عَروف: صابرة مطمئنة مُوَطّنة. ابْن دُرَيْد: فلَان كُؤْصَة: صبور. صَاحب الْعين: استَرْجَع الرَّجُل عِنْد الْمُصِيبَة: قَالَ: إنّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، وَقَالَ: رَبَط الله على قلبه بِالصبرِ: شده وَهُوَ على الْمثل. صَاحب الْعين: العَزاء: الصَّبْر وَقد عَزَّيْته. أَبُو زيد: وَهِي التّعْزُوَة، حَكَاهَا عَنهُ ابْن جني وَأَصلهَا الْيَاء وَلَكِن قلبتها الضّمة كَمَا قلبتها فِي الفُتُوّة.
3 - (جِلاء الشّيء وكشفه)
أَبُو زيد: جَلَوْت الْأَمر وجَلَّيْته وجَلَّيْت عَنهُ: كشفته وأظهرته وَقد انْجَلى وتَجَلَّى. ابْن دُرَيْد: أَمر جَلِيّ: وَاضح وَمِنْه جَلَوْت السّيف والمرآة وَنَحْوهمَا جَلْواً وجِلاء، وَقَالُوا للواضح الْأَمر هُوَ ابنُ جَلا وَابْن أَجْلى، وَأنْشد: أَنا ابْن جَلا وطلاّع الثّنايا مَتى أَضَع الْعِمَامَة تعرفوني(4/91)
هَذَا قَول ابْن جِلا اللَّيْثِيّ وَكَانَ صَاحب فتك يطلع فِي الغارات من تَثْنِيَة الْجَبَل على أَهلهَا فَضربت الْعَرَب الْمثل بِهَذَا الْبَيْت وقالتّ: أَنا ابْن جلا: أَنا ابْن الْوَاضِح الْأَمر الْمَشْهُور. سِيبَوَيْهٍ: بَان وأبَنْته واستبان واستبنته وبَيَّن وببيَّنته وَهُوَ التّبْيان بِالْكَسْرِ اسْم لَا مصدر لِأَن الْمصدر من هَذَا النّحو إِنَّمَا يكون مَفْتُوح الأول. أَبُو عُبَيْد: حَفَلْت الشّيء: جلوته وَأنْشد: رأى دُرّةً بَيْضَاء يَحْفِل لَوْنهَا سُخامٌ كغربان البرير مُقَصَّبُ يحفِل لَوْنهَا: يَعْنِي يزِيدهُ بَيَاضًا لسواده. قَالَ أَبُو عَليّ: اختُلف فِي غربان البرير فَقيل إِنَّه رؤسه وَقيل ثمره وَقيل الْغرْبَان التّي تقع عَلَيْهِ فتأكل ثمره. أَبُو عُبَيْد: المَشُوف: المجلو، وَقد شُفْته شَوْفاً وَمِنْه تَشَوَّفت الْمَرْأَة: تزينت وَأنْشد ابْن السّكيت: وَلَقَد شربت من المدامة بعد مَا ركد الهواجر بالمَشوفِ المُعْلَمِ يَعْنِي الدّينار المجلو. وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: المشوف: المسبوك بَائِن النّقش. أَبُو عُبَيْد: شَفَّ الثّوب على الْمَرْأَة يَشِفّ شُفوفاً وشَفيفاً. ابْن السّكيت: شَبَّ لونَ الْمَرْأَة خمارٌ أسود: أَي زَاد فِي بياضها وَحسنه. ابْن دُرَيْد: شَحَذْت السّيف أشْحّذُه شَحْذاً: جلوته، وشحذ لجوع معدته: ضرَّمها وقوّاها على الطّعام. ابْن السّكيت: مَقَوْت الطّسْت ومَقِيتها: جلوتها. ابْن دُرَيْد: وَكَذَلِكَ الْمرْآة والسّيف، وَقَالَ: أُمْقُ هَذَا مَقْوَكَ مَالك: أَي صُنه صيانتك مَالك. غَيره: الصَّقْل: الْجلاء. أَبُو حَاتِم: صقلت وسقلت. أَبُو زيد: صَقْلاً وصِقالاً، قَالَ أَبُو عَليّ:(4/92)
الصقل الْمصدر والصِقال الِاسْم كالطّبع والطّباع. ابْن دُرَيْد: السّجْعَلَة: صقلك الشّيء ودلكك إِيَّاه. صَاحب الْعين: الكَشْف: رفعك عَن الشّيء مَا يواريه ويغطيه، كَشَفَه يكشِفه كَشْفاً فانكشف وتكَشَّف وكشفت الْأَمر أكْشِفه كَشْفاً: أظهرته. ابْن دُرَيْد: كشفته عَن الْأَمر: أكرهته على إِظْهَاره.
3 - (اعتلاء الشّيء والإشراف عَلَيْهِ)
عُلْو كل شَيْء وعَلْوُه وعُلاوَته: أرفعه، وَقد قعد عُلاوة الرّيح وبعُلاوتها وأخذته من عَلُ مضموم غير منوّن وَمن عَلٍ وَمن عَلاً منوّنين، وَمن عَلْوُ وَمن عَلْوَ وعَلْوِ وعَلْوٍ وَمن عالٍ ومُعالٍ، قَالَ: ظمأى النّسَا من تحتُ رَيَّا من عالْ وَقَالَ ذُو الرّمة: فرّج عَنهُ حَلَقُ الأغلال جَذبُ العُري وجِرْيَةُ الحِبالِ ونَغَضَانُ الرّحْل من مُعالِ أَي فرّج عَن جَنِين النّاقة حَلَق الأغلال يَعْنِي حلق الرّحم سيرنا ورميت بِهِ من عَلِ الْجَبَل أَي من فَوْقه، والعَلاء: الرّفْعَة، وَقد ذهب عَلاء وعُلْوا والعُلُوّ: العظمة والتّجبر وَالله العَلِيّ المُتعالي وَقد تَعالى: أَي جلّ ونبا عَن كل ثَنَاء، وعَلَوْت فِي الْجَبَل وعَلى الْجَبَل وكل شَيْء، وعَلَوْته عُلُوَّاً وعَلِيت فِي المكارم والرفعة والشّرف، وَيُقَال اعْلُ على الوسادة وعالِ عَنْهَا واعْلُ عَنْهَا: أَي تنحّ وَقد عَلَوْت بِهِ وأعْلَيْته: جعلته عَالِيا وعالِيَة كل شَيْء أَعْلَاهُ، وَقد تقدم عَامَّة ذَلِك فِي أبوابه، وَقَالُوا عَلا الشّيء واعْتلاه واستعلاه واستعلى عَلَيْهِ: استولى وَمِنْه استعلى الْفرس على الْغَايَة. والعَلْياء: رَأس كل جبل مُشرف. أَبُو عُبَيْد: أشْرَفت على الشّيء: عَلَوْته، وأشرَفْت عَلَيْهِ: طلعت من فَوْقه. أَبُو عُبَيْد: أوْفَدْت على الشّيء: أشرفت وَقَالَ: سَمَدْت أسمُد سُموداً: عَلَوْت. صَاحب الْعين: سَمَد سُموداً: رفع رَأسه. أَبُو عُبَيْد: المُقْلَوْلي: المُشرف. غَيره: اقْلَوْلَيْت فِي الْجَبَل: صعدت أَعْلَاهُ وكل مَا عَلَوْت ظَهره فقد اقلوليته. صَاحب الْعين: رَقِيت إِلَى الشّيء رُقِيَّاً ورُقُوَّاً وارتَقَيْت وتَرَقَّيْت: صعدت. أَبُو زيد: سَنَدْت فِي الْجَبَل أسنُد سُنوداً: ترقيت. ابْن قُتَيْبَة: سنَدْت وأسْندت. ابْن السّكيت: أَطَلَّ عَلَيْهِ: أشرف، وَكَذَلِكَ أشاف وأشفى. أَبُو عُبَيْد: الشّفا: حرف الشّيء. ابْن السّكيت: يُقَال أطْلَعْت من فَوق الْجَبَل واطَّلَعْت. أَبُو عُبَيْد: طَلِعْت الْجَبَل أطْلَعه. أَبُو عُبَيْدة: طَلَعته أطلُعُه وطَلَعْت عَلَيْهِ طُلوعاً. أَبُو عُبَيْد: طلعت على الْقَوْم أطْلُع عَلَيْهِم: إِذا أَقبلت حَتَّى يروك، وَقَالَ: المُطَّلِع من الأضداد يكون من فَوق إِلَى أَسْفَل وَمن أَسْفَل إِلَى فَوق. صَاحب الْعين: طَلَع الرَّجُل على الْقَوْم يطْلَع ويطلُع طُلوعاً: هجم عَلَيْهِم، وكل بادٍ لَك من عُلْوٍ فقد طَلَع عَلَيْك وَفِي الحَدِيث: (هَذَا بُسْرٌ قد طَلَعَ الْيمن) أَي قَصدهَا من نجد، وأطْلَع رَأسه: أشرف على الشّيء وَكَذَلِكَ اطَّلَع وَالِاسْم الطّلاع، وأطلعته أَنا وأطلعته على أَمر لم يكن علمه. قَالَ أَبُو عَليّ: وَهُوَ على الْمثل وَالِاسْم الطّلْع. سِيبَوَيْهٍ: أطْلَعت عَلَيْهِم: هجمت. غَيره: اطَّلعت على هَذَا الْأَمر وأطلعني فلَان طِلْعَة حَتَّى طلَعت عَلَيْهِ أطلُع طُلوعاً: عَلمته كُله، وطالعت فلَانا: أَتَيْته فَنَظَرت مَا عِنْده واستطلعت رَأْيه: نظرت مَا رَأْيه، والطّليعة: الْقَوْم يُبعثون لمُطالَعة خبر الْعَدو، وَقد يُسمى الْوَاحِد طَليعة وَقد يُسمى الْجَمِيع طَلِيعَة أَيْضا والطّلائِع: الْجَمَاعَات فِي السّريّة تُوجّه لمُطالعة الْعَدو أَيْضا وَقد تقدم وَنَفس طُلَعَة ومُتَطَلِّعَة: نازعة إِلَى الشّيء تُرِيدُ الإِطِّلاع عَلَيْهِ، وَقَالَ الْحسن: إنّ هَذِه النّفوس طُلَعَةٌ فاقدعوها بالمواعظ وَإِلَّا(4/93)
نزعت بكم إِلَى شَرّ غَايَة. وَقد تقدم الطّلَعَة من النّساء وَهِي المُتَطَلِّعَة وطَلْعَة الإِنسان: مَا طَلَع عَلَيْك مِنْهُ وَقد تقدم، وطِلْع الأَرْض: كل مطمئن بَين رَبْوين إِذا اطَّلعت عَلَيْهِ رَأَيْت مَا فِيهِ وعَلَوْت طِلْع الأكمة: عَلَوْت مِنْهَا مَكَانا يشرف على مَا حوله، وَرجل طَلاّعُ أنْجُدٍ: غالبٌ للأمور وَكَذَلِكَ طَلاّع الثّنايا، قَالَ: أَنا ابْن جَلا وطَلاّع الثّنَايا مَتى أَضَع العَمامَة تعرفوني ابْن دُرَيْد: أَوْفَيْت على الْموضع وَفِيه، وَإنَّهُ لمِيفاءٌ على كَذَا، وَقَالَ: نَجَهْت على الْقَوْم: طلعت عَلَيْهِم وعلوت طِلْع الأكمة: إِذا عَلَوْت مِنْهَا مَكَانا يشرف مِنْهَا على مَا حولهَا، وسَمَكْت فِي الشّيء أَسْمُك: صعدت، وَقَالَ: جَبَأْت على الْقَوْم وأجْبَأت: أشرفت، وفَرَعْت الْجَبَل: صرت فِي ذروته. أَبُو عُبَيْد: فَرَّعْت فِي الْجَبَل: صعدت وانحدرت، وَكَذَلِكَ أفْرَعت، وَأنْشد: فَإِن كرهتَ هِجائي فاجتنبْ سَخطي لَا يُدْرِكَنَّكَ إفْراعي وتَصْعيدي أَي انحداري. وَقَالَ: تَفَرَّعْت الشّيء: علوته. أَبُو زيد: سَنَّمْت الشّيء وتَسَنَّمْته: علوته. أَبُو زيد: وَشَعْت الْجَبَل وَشْعاً: علوته. غَيره: وشعته ووَشْعت فِيهِ. صَاحب الْعين: وَقَل فِي الْجَبَل وَقلاً وتَوَقَّل: صعد، ووَعِل وقلٌ ووَقُل ووَقَل وَكَذَلِكَ الْفرس وكل صاعد فِي شَيْء مُتَوَقِّل، وَقد يجوز فِي الشّعر واقِل. صَاحب الْعين: فاقَ الشّيء: علاهُ وَمِنْه فاق قومه. أَبُو عُبَيْد: على الشّيء أشرفت عَلَيْهِ أَن يُظفر بِهِ. صَاحب الْعين: تَلَع الرَّجُل: إِذا أخرج رَأسه واطّلع، وتلع رَأسه وأتلعه: أطلعه، وأتلعت الظّبية وَالْبَقَرَة: إِذا أطلعت رَأسهَا من كِناسها. الْأَصْمَعِي: من أَيْن وَضَح الرّاكب: أَي طلع. ابْن دُرَيْد: الشّخَوص: ضد الهبوط. ابْن جني: أحْزى الشّيء أشرف، وَأنْشد: كعُوذِ المُعَطَّفِ أحْزى لَهَا بمَصدرةِ المَاء رأمٌ رَذِي وألفه وَاو لقَولهم حَزَوْت الشّيء.
3 - (التّقدم والسّبق)
أَبُو عُبَيْد: قَدَمْت الْقَوْم أقدُمهم قَدْماً: تقدّمتهم. صَاحب الْعين: القُدوم: المُضيّ أَمَام أَمَام وَهُوَ يمشي القُدُم. ابْن دُرَيْد: استقدمت: تقدّمت. وَقَالَ: مضى الْقَوْم اليَقْدُمِيَّة: تقدمُوا فِي الْحَرْب، فَأَما مُقَدِّمَة الْعَسْكَر فمُفَعِّلَة فِي معنى مُتَفَعِّلَة وَقد تقدم ذكر ذَلِك. أَبُو حَاتِم: القَدَم والقُدْمَة: السّابقة فِي الْأَمر، وَقَوله عز وَجل: (وبشِّر الَّذين آمنُوا أَن لَهُم قَدَمَ صدقٍ عِنْد رَبهم) أَي سَابق خير. سِيبَوَيْهٍ: رجلٌ قَدَم وَامْرَأَة قَدَمَ يَعْنِي أَن لَهَا قَدَم صدق فِي الْخَيْر. أَبُو عُبَيْد: الدّلَف: التّقدم، وَقد دَلَفْنا لَهُم: تقدمنا، والزَّلَف والتّزَلُّف: التّقدم وَأنْشد: دنا تَزَلُّفَ ذِي هِدْمَيْن مَقرورِ ابْن دُرَيْد: الزّليف: التّقدم من مَوْضِع إِلَى مَوْضِع وَبِه سمي المُزْدَلِف. وَقَالَ: سُلاَّف الْقَوْم: مُتقدموهم فِي حَرْب أَو سفر. صَاحب الْعين: السّلَف: من يتقدمك، اسْم للْجَمِيع. سَلَف يسلُف سُلوفاً، وَقد سَلَفونا وتَسَلَّفونا: سبقُونَا. أَبُو عُبَيْد: المُضَواء: التّقدم وَأنْشد:(4/94)
فَإِذا خَنَسْنَ مضى على مُضَوائِهِ ابْن دُرَيْد: الجَهيز: السّريع السّابق. أَبُو عُبَيْد: نَضَوْت الْقَوْم: سبقتهم. ابْن السّكيت: نَضا الفرسُ الخيلَ نَضْواً: تقدمها وانسلخ مِنْهَا. أَبُو عُبَيْد: التّمَهُّل: السّبق والتّقدم، والرُّعْف: السّبق، رَعَفْته رَعْفاً، وَأنْشد: بِهِ ترْعُفُ الأَلْفُ إِذْ أُرسِلَتْ غَداة الصَّباحِ إِذا النَّقعُ ثارا ابْن دُرَيْد: كَأَن الرّعاف الَّذِي هُوَ الدّم مَأْخُوذ مِنْهُ لِأَنَّهُ دم تقدم وَسميت الرّماح رَواعِف لِأَنَّهَا تقدم لِلطَّعْنِ وَإِن قلت سميت بذلك لِأَنَّهَا ترعُف بالدّم أَي يقطر مِنْهَا كَانَ عَرَبيا. أَبُو عُبَيْد: الفارِط: الْمُتَقَدّم السّابق، فرَطْت أفرُط فُروطاً وفَرْطاً وفَرَّطْت غَيْرِي: قَدمته. ابْن السّكيت: وَمِنْه قَوْلهم فِي الدّعاء للطفل الْمَيِّت: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لنا فَرَطاً: أَي أجرا يتقدمنا حَتَّى نرد عَلَيْهِ، وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ السّلام: (أَنا فَرَطُكم على الْحَوْض) . أَبُو عُبَيْدة: الألب: الفَوْت. أَبُو عُبَيْد: عَتَقَتِ الْفرس: سبقت الْخَيل وَفُلَان مِعتاق الوَسيقة: إِذا أنجاها وَسبق بهَا. وَقَالَ: رَهَق فلَان بَين أَيْدِينَا يرهَق رُهوقاً: سبقهمْ وَكَذَلِكَ الدّابة وَلَا يُقَال زَهَق. ابْن دُرَيْد: انزَهَق كَذَلِك. صَاحب الْعين: المُواكَبَة: الْمُبَادرَة والسّباق، وَقد واكَبْت الْقَوْم: بادرتهم، وَقَالَ: فتَني الْأَمر فَوْتاً وفَواتاً: ذهب عني. ابْن السّكيت: تَفَوَّت الشّيء وتفاوَت تَفاوُتاً وتَفاوَتاً وتفاوِتاً، وَقد قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَيْسَ فِي المصادر تَفاعَل وَلَا تَفاعِل، وَهَذَا الْأَمر لَا يَفْتات: أَي لَا يَفوت، وَهُوَ مني فَوْت الْيَد: أَي قدر مَا يفوت الْيَد، وَقَالَ أَعْرَابِي لصَاحبه: جعل الله رزقك فَوْت فمك: أَي قدر مَا يفوت فمك. الكلابيون: تَخاسَسْنا ذَاك وتخاسسنا فِيهِ: وَهِي الْمُسَابقَة إِلَى الشّيء، كَأَنَّهُ غلب فِي الشّراء. أَبُو زيد: التّناطِي: التّسابق فِي الْأَمر. أَبُو عُبَيْد: وَقد ناطَيْته وتَناطَيْته: مارسته. أَبُو زيد: إِذا خالطّ الفرسُ الخيلَ ثمَّ سبقها قيل اعْتَرَفها، والسّبق القُدْمَة فِي الجري وَفِي كل أَمر يُقَال لَهُ فِيهِ سَبْق وسُبْقَة وسابِقَة: أَي سبق النّاس إِلَيْهِ. أَبُو زيد: يُقَال للرجلين إِذا استَبَقا: سِبْقان، وهم سِبْقي وأَسْباقي وسابَقَه مُسابَقة وسِباقاً، وَقَالَ: استبقْنا البَدَرَي وَهُوَ الْمُبَادرَة إِلَى أَي شَيْء كَانَ، الْأَصْمَعِي: الدّابة تَقْلو بصاحبها قَلْواً: وَهُوَ تقدمها بِهِ فِي السّير فِي سرعَة، وَيُقَال: تَطَلَّعت الرَّجُل: غلبته وأدركته. ابْن السّكيت: نَزَق الْفرس سنْزِق نَزْقاً ونُزوقاً: تقدم. ابْن دُرَيْد: نَتَل عَن أَصْحَابه، ينْتِل نَتْلاً ونَتَلاناً ونُتولاً واسْتَنْتَل: تقدم. أَبُو عُبَيْد: اسْتَنَعْتُ الْقَوْم: إِذا تقدمتهم ليتّبعوك. وَقَالَ مرّة: اسْتَناع واسْتَنْعى: إِذا تقدم وَهُوَ عِنْده مقلوب.
3 - (التّأخر وَالْعجز)
أَبُو عُبَيْد: المُقْعَنْسِس: الْمُتَأَخر. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلَا يُستعمل إلاّ مَزيداً. أَبُو عُبَيْد: أَزَح يأْزِح أُزوحاً: تخلف، وَقَالَ: بَنَّسْت: تَأَخَّرت. أَبُو زيد: خَنَس من أَصْحَابه يخنِس خِناساً وانخَنَس: انقبض وَتَأَخر، وأخْنَسْته. صَاحب الْعين: خَنَس يخنِس خُنوساً وَمِنْه الْكَوَاكِب الخُنَّس لِأَنَّهَا تخْنِس أَحْيَانًا حَتَّى تخفى تَحت ضوء الشّمس. أَبُو عُبَيْد: حَزَّم الْقَوْم: عجزوا، وَأنْشد: ولكنّي مَضَيت وَلم أُحَزِّمْ وَكَانَ الصَّبْر عادةَ أوَّلينا
3 - (الِاتِّبَاع)
أَبُو عُبَيْد: أَتْبَعت القومَ: إِذا كَانُوا سبقوك فلحقتهم واتَّبَعْتَهم إِذا مروا بك فمضيت مَعَهم وتَبِعْتهم تَبَعاً مثله، يُقَال مَا زلت أَتْبَعهم حَتَّى اتَّبَعْتهم، قَالَ: وَكَانَ أَبُو عَمْرو يقْرَأ: (ثمَّ اتَّبَع سَببا) . وَكَانَ الْكسَائي يقْرَأ ثمَّ أتْبَع سَببا. فَمَعْنَى قِرَاءَة أبي عَمْرو تَبِع وَمعنى قِرَاءَة الْكسَائي لَحِق وَأدْركَ. غَيره: تَبِعْت الشّيء تَباعاً وأتْبَعته:(4/95)
قفوته. ابْن جني: تَتَبَّعْته وتَبَّعْته وَمن أمثالهم: أتْبِع الْفرس لجامَها وأتْبِع الدّلو الرّشاء. وَذَلِكَ إِذا أَعْطَاك رجل عطيّة وَأعْطى غَيْرك، فاستزدته أَو استزاده غَيْرك، واستَتْبَعْته فتَبِعَني: طلبت إِلَيْهِ أَن يتَّبِعني، والتّبَع والأتْباع: المُتَّبِعون الْوَاحِد تَبَع، وَفِي الحَدِيث: (القادة والأتْباع) . فالقادة: السّادة، والأتباع: المُتبِعون، وَهُوَ يُتابِع بَين الْأَشْيَاء: يعْمل بَعْضهَا فِي إِثْر بعض، والتّبَع والتّوابِع: القوائم يتْبَع بَعْضهَا بَعْضًا، ورميته بسهمين تِباعاً: أَي وِلاءً وكل مَا واليت بَينه فقد تابَعْته، وتَتَبَّعت الشّيء: طلبته فِي مهلة، والتّابِعة: جِنِّيَّة تتبَع الإِنسان، وتَتابَعت الْأَشْيَاء تَبِع بَعْضهَا بَعْضًا، وَهُوَ تِبْعُ نساءٍ يتبَعْهُنَّ، والمُتْبِع من الإِناث مَا تَبِعَه وَلَده، يكون فِي النّاطق وَغَيره، وَقد قدمت عَامَّة ذَلِك مقسَّماً على مَا يتجاذبه من الْأَنْوَاع. صَاحب الْعين: قَرَوْت الْأَمر، واقتَرَيْته: تتبّعته، وَهُوَ يَقْرو الأَرْض ويقْتَرِيها ويَتَقَرَّاها ويَسْتَقْريها: أَي يتتبعها، وَقَوْلهمْ: النّاس قَواري الله فِي الأَرْض: أَي شهداؤه مَعْنَاهُ أَنهم يَقْرون النّاس فَيَنْظُرُونَ إِلَى عَمَلهم. أَبُو زيد: قَفَوْته قَفْواً وقُفُوَّاً واقْتَفَيْته وتَقَفَّيْته: تَبعته، وقَفَّيْته غَيْرِي: أتبعته إِيَّاه. ابْن دُرَيْد: مرَّ يَذْنِبُه ويذنُبُه. أَبُو زيد: ويسْتَذْنِبه. ابْن دُرَيْد: وَكَذَلِكَ يكْتِفه ويكتُفه، وسَتَهه يسْتَهه بِفَتْح التَّاء إِذا مر خَلفه لَا يُفَارِقهُ. قَالَ أَبُو عَليّ: مر يَثِفُه: أَي يتبعهُ، وَبِهَذَا نستدل على أَن أُثْفَيَّةً أُفْعولة، وَمر يَكْسَأُه كَذَلِك. صَاحب الْعين: الرّدْف: مَا تبع الشّيء، وَالْجمع أرْداف وتَرادَف الشّيء: تبع بعضه بَعْضًا. ابْن السّكيت: أَلْحَحْت على فلَان فِي الإِتِّباع حَتَّى أَخْلَفْتُه: أَي جعلته خَلْفي. أَبُو زيد: وَكَذَلِكَ خَلَّفْته واختَلَفْته وخَلَفْته: صرت خَلفه. الأَثْرَم: جَاءَ فلَان يَقْذُل فلَانا: أَي يتبعهُ، غَيره: تَلَوْته تُلُوَّاً: تَبعته، وأتْلَيْته إِيَّاه، وَقيل تلوته وتلوت عَنهُ تُلُوّاً: خذلته. ابْن السّكيت: مَا زلت أتْلوه حَتَّى أتْلَيْته: أَي تقدمته وَصَارَ خَلْفي، وَقَالَ: أَثَفْت الرَّجُل آثِفُه أَثْفاً: تَبعته. أَبُو عُبَيْدة: حَدا الشّيء حَدْواً: تبعه، والحَوادي: الأرجل لِأَنَّهَا تَتلو الْأَيْدِي والريش يَحْدُو السّهم مِنْهُ. صَاحب الْعين: رَهِق فلَان فلَانا رَهَقاً: إِذا تبعه فقارب أَن يلْحقهُ، وأرْهَقناهم الخيلَ، والرَّهَق: غِشيان الشّيء ورَهِقَت الْكلاب الصَّيْد رَهَقاً: غَشيته. أَبُو زيد: تبِعت صَاحِبي دَبَرِيَّاً: إِذا كنت مَعَه فتخلفت عَنهُ ثمَّ تَبعته وَأَنت تحذر أَن يفوتك، وَقد دَبَرَه يدبِره ويدبُره: تَلا دُبُرَه. الْأَصْمَعِي: التّواتُر: التّتابع بفترة، وَقَالَ: أوْتَرْت كتبي وواتَرْتها وواتَرْت بَينهَا وَمِنْه جاؤا تَتْرَى: أَي بَعضهم فِي إِثْر بعض، وَقد حُكيت مَصروفة وتاؤها بدل من وَاو وَقد حملهَا بَعضهم على الْقلب. أَبُو زيد: اتَّبَعْت صَاحِبي: نَئيشاً: إِذا كنت مَعَه فتخلفت عَنهُ ثمَّ اتبعته وَأَنت تخَاف فَوته.
3 - (الطّلب والنّية)
أَبُو زيد: طَلَبْت الشّيء أطلُبه طَلَباً: حاولت وجوده وَأَخذه. أَبُو عُبَيْدة: اطَّلَبْته كَذَلِك. سِيبَوَيْهٍ: تَطَلَّبْته: طلبته فِي مهلة. ابْن دُرَيْد: طالَبْته مُطالَبَة وطِلاباً: طلبته بِحَق وَالِاسْم الطّلْبَة والطّلْبَة والطّلَب: الرّغبة. صَاحب الْعين: أدْرَكَه الطّلَب: أَي الطّلاّب. أَبُو عُبَيْد: أطلبته: أَعْطيته مَا طلب، وأطلبته: ألجأته إِلَى أَن يطْلب. ابْن السّكيت: ماءٌ مُطْلِب: بعيد يُكلِّف أَن يُطلب، وَأنْشد أَبُو عُبَيْد: أضَلَّه رَاعيا كلبِيَّةٍ صَدَرا عَن مُطْلِبٍ قارِبٍ وُرَّادُهُ عُصَبُ يَقُول بعد المَاء عَنْهُم حَتَّى ألجأهم إِلَى طلبه. أَبُو زيد: الرّائد: الَّذِي يُرسل فِي التّماس النّجعة، وَالْجمع رُوَّاد، وَفِي شعر هُذيل رادٌ أَي رائد، وَنَحْو هَذَا كثير فِي لغتها فإمَّا أَن يكون فَاعِلا ذهبت عينه وَإِمَّا أَن يكون فَعَلاً كَمَا اطَّرد سِيبَوَيْهٍ فِي هَذَا الضّرب وَقد رادَ أَهله منزلا وكَلأً ورادَه لَهُم رَوْداً ورياداً وارْتاد واسْتَراد. صَاحب الْعين: رُمْت الشّيء رَوْماً: طلبته، والمَرام: المَطْلَب، وَقَالَ: بَغَيْت الشّيء بُغاءً وابتغيته. أَبُو زيد: وَكَذَلِكَ تَبَغَّيْته.(4/96)
ثَعْلَب: وَهُوَ الطّلب فِي حَثّ. أَبُو حَاتِم: البُغْيَة والبِغية: الإِرادة، والبَغِيَّة: الْمَطْلُوب. وَقَالَ: أبْغِني الشّيء: اطلبه لي أَو أعنّي عَلَيْهِ. وَقَالَ بَعضهم: بَغَيْتُك الشّيء: طلبته لَك، وأبْغَيْتُك إِيَّاه: أعنتك عَلَيْهِ. أَبُو عُبَيْد: ذهبت أتَهَمَّمُه: أطلبه. صَاحب الْعين: هَمَمْت بالشّيء أهُمُّ هَمَّاً: نويته وعزمت عَلَيْهِ، والهَمّ: مَا هَمَمْت بِهِ فِي نَفسك، والهِمَّة: مَا هَمَمْت من أَمر لتفعله. ابْن السّكيت: إِنَّه لبعيد الهِمّة والهَمّة، وَقَالَ: تَفَقَّدت الشّيء، وافتقدته: طلبته. أَبُو عُبَيْد: أَغْبَرت فِي طلب الشّيء: انكمشت. ابْن دُرَيْد: تَرَبَّسْت: طلبت طلبا حثيثاً. أَبُو عُبَيْد: نَشَدت الضّالة أنشُدُها وأنْشَدْتها: عرّفتها، وَأنْشد: ويُصيخ أَحْيَانًا كَمَا اسْتمع المُضلُّ لصوتِ ناشِدْ وَقيل النّاشد هَهُنَا: المُعَرِّف، وَقيل: بل الطّالب لِأَن المضلّ يَشْتَهِي أَن يجد مُضلاً مثله ليتعزّى بِهِ. ابْن دُرَيْد: النّشيد: الضّالة. صَاحب الْعين: التّتَلُّه: تطلُّب الضّالة. أَبُو زيد: كَدَمْت غير مَكْدَم: أَي طلبت غير مَطْلَب. صَاحب الْعين: الفَتْش والتّفْتيش: الطّلب. أَبُو زيد: أَشَدْت بالضّالة: عرّفتها، وَمِنْه أشدت ذِكره وبذكره. ابْن دُرَيْد: نُشْت الشّيءَ نَوْشاً: طلبته.
3 - (اللحق والادراك)
أَبُو عُبَيْد: لَحِقْت الرَّجُل وألْحَقْته من قَوْله (إِن عذابك من الْكفَّار مُلْحِق) أَي لاحِق واللَّحَق مَا ألْحَقْت من شَيْء وَمِنْه قيل لخلفه الْحُبُوب والتّمر اللَّحَق وَقد تقدم. أَبُو زيد: لَحِقْتُه لَحاقاً ولُحوقاً وألْحَقْتُه إِيَّاه وَبِه وتَلاحَقَ الْقَوْم لَحِق بَعضهم بَعْضًا. صَاحب الْعين: اللَّحَق: كل شَيْء لَحِقَ شَيْئا من الْحَيَوَان والنّبات، والدّرَك: اللَّحاق، وَقد أدْرَكْته: لَحِقْته وبَلَغْته، وتَدارَك الْقَوْم: لَحِق أوّلهم آخِرهم، والدّراك: لَحاق الْفرس الْوَحْش وَغَيرهَا، والدّرِيْكة: الطّريدة. أَبُو عُبَيْد: المُشايِع اللاّحق، وَأنْشد: كَمَا ضم أُخْرَى التّاليات المُشايِعُ وَقَالَ: هَلْهَلْت أُدرِكُه: أَي كدت أدْركهُ. ابْن دُرَيْد: هُوَ بصمَاتِه: إِذا أشرف على قَصده. صَاحب الْعين: هُوَ على شَرَفٍ من أمره: أَي على قُرب من إِدْرَاكه.
3 - (الظفر والوجود)
صَاحب الْعين: الظّفَر: الْفَوْز بالمطلوب. أَبُو زيد: ظَفِرت بِهِ وَعَلِيهِ وظَفِرْته ظَفَراً وأظْفَرَه الله بِهِ وَعَلِيهِ وظَفَّره، وَرجل مُظَفَّر وظَفِر وظَفير: لَا يحاول أمرا إلاّ ظفر بِهِ من غير كَبِير تأهّب وَالظفر الْمُعْتَاد لَهُ عَن شدّة وتأهّب وَقد ظَفَّرته دَعَوْت لَهُ بالظفر. صَاحب الْعين: الفَوْز: الظّفر والنّجاح وَقد فَازَ بِهِ فَوْزاً ومَفازَة وفَوَّزْته. أَبُو زيد: النّجْح والنّجاح: الظّفر بالحوائج والفوز بهَا وَقد نَجَحَتْ حَاجَتك، وأنْجَحَها الله: أسعفك بإدراكها، وَقَالَ: أزْحَف الرَّجُل: بلغ مَا يُرِيد. صَاحب الْعين: أفْلَح الرَّجُل: ظفر وفاز وَأنْشد: أفْلِحْ بِمَا شِئْت فقد يبلغ بالنّو ك وَقد يخدّع الأريب والظُّهور: الظّفر، ظَهَرْت عَلَيْهِ، أظْهَر ظُهوراً وأظْهَرني الله. ابْن دُرَيْد: ثَقِفْت الرَّجُل: ظَفرت بِهِ. صَاحب الْعين: وَجَدْت الشّيء أجِدُه وأجُدُه وَجداً ووُجْداً ووُجوداً ووِجْداناً. ابْن دُرَيْد: أصَاب سَمَّ حَاجته: أَي مطلبه. أَبُو زيد: بلغ أَطْوَرَيْه: أَي غَايَة مَا يَطْلُبهُ. ابْن السّكيت: لَك ذَلِك على الثّمَّة: يُضرب مثلا فِي(4/97)
النّجاح. الْأَصْمَعِي: أَنْت على رأسِ أمركَ وَلم يعرف رِئاسَ أَمرك وعرفه أَبُو زيد. صَاحب الْعين: تَأَتَّى لفُلَان: أمره تهَيَّأ، وأَتَّاهُ الله.
3 - (الْحمل)
صَاحب الْعين: حَمَلْت الشّيء أَحْمِله حَمْلاً وحُمْلاناً واحْتَمَلْته وحَمَلْته على الدّابة أَحْمِله حَمْلاً والحُمْلان: مَا يُحْمَل عَلَيْهِ من الدّواب فِي الْهِبَة خاصّة. ابْن السّكيت: وَاسم مَا يَحْمِلُه من ذَلِك الحِمْل. سِيبَوَيْهٍ: وَالْجمع أحْمال وحُمُول. صَاحب الْعين: واسْتَحْمَلْته نَفسِي: حَمَّلته حوائجي وأموري، وحَمَّلته الْأَمر تَحْميلاً وحِمَّالاً. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: جاؤا بِهِ على الفِعَّال لتناسُب فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ. صَاحب الْعين: تَحَمَّله تَحَمُّلاً وتِحِمَّالاً: جاؤا بِهِ على قِيَاس حِمَّالاً وَمَا عَلَيْهِ مَحْمِل: من تَحْميل الْحَوَائِج، والحَمَّال: حَامِل الْأَحْمَال وحِرْفته الْحمالَة، وَمَا على الْبَعِير مَحْمِل من ثقل الحِمْل، والحِمْلان: شِقّان على الْبَعِير يُحمل فيهمَا العديلان. أَبُو عُبَيْد: أحْمَلْتُه الحِمل: أعنته عَلَيْهِ، وحَمَّلْته: فعلت ذَلِك بِهِ، وناقة مُحَمَّلة: مُثقلة. ابْن السّكيت: الحِمْل: مَا يحملهُ الإِنسان على ظَهره. وَقد تقدّم ذكر الْحمل. أَبُو عُبَيْد: زَقَنْت الْحمل أَزْقُنه: حَملته، وأزْقَنْت غَيْرِي: أعنته عَلَيْهِ. قَالَ الْفَارِسِي: قَالَ أَحْمد بن يحيى: كل حِمْلٍ وِزْرٌ، وَبِذَلِك سميت الذُّنُوب أَوْزاراً، كَمَا سميت أثقالاً. أَبُو عُبَيْد: الْحَال: الشّيء يحملهُ الرَّجُل على ظَهره، وَقد تَحَوَّلْت حَالا، وَالْحَال: العجلة التّي يدبّ عَلَيْهَا الصَّبِي، وَهُوَ قَول عبد الرّحمن بن حسان: مازال يَنْمي جَدُّه صاعداً مُنْذُ لدن فَارقه الحَالُ ابْن دُرَيْد: الشّغْنَة: الكارة، وَيُمكن أَن نَكُون الكارة عربيّة من قَوْلهم كَوَّرْت الشّيء: لففته، وَقَالَ: كُرْتُ الكارة على ظَهْري: جمعتها، وكارة الْقصار من ذَلِك سميت كارةً لِأَنَّهُ يكوّر ثِيَابه فِي ثوب وَاحِد. أَبُو عُبَيْد: زَأَبَ حِمله: حَمَله. ابْن دُرَيْد: ازْدَأَب: حمل مَا يُطيق، وَأنْشد: وازْدَأَبَ القِربة ثمّ شمّرا أَبُو زيد: زَأَبْتُ الْقرْبَة أزْأَبها زَأْباً: حملتها ثمَّ أَقبلت بهَا مسرعاً. أَبُو عُبَيْد: ازْدَبَيْت الشّيء وزَبَيْته: حَملته، وَأنْشد: أهمدان مهلا لَا يصبح بُيُوتكُمْ يجرمكم حمل الدُّهَيْم وَمَا تَزْبَى صَاحب الْعين: الثّقْل: الْحمل الثّقيل، وَالْجمع أثقال، والثّقْل: الذَّنب، مُثّل بذلك، وَقد ثَقَّلْت الشّيء: جعلته ثقيلاً، وأثْقَلْتُه: حمّلته ثقيلاً، واسْتَثْقَلْته: رَأَيْته ثقيلاً. أَبُو عُبَيْدة: بَزَمَ بالعبء: نَهَضَ بِهِ. أَبُو زيد: شَطَأْته بِالْحملِ: أثقلته بِهِ، وَقَالَ: نُؤْت بِالْحملِ أنوء بِهِ: نهضت، وناءَ بِي الْحمل، ونؤْت بِهِ وأنأت الرَّجُل: أنهضته وَعَلِيهِ حمله. وَقَالَ: رَهْيا الْحمل: جعل أحد العِدلين أثقل من الآخر. صَاحب الْعين: خَطَر بالرَّبيعة: يخطِر خُطوراً، والربيعة: الْحجر الَّذِي يرفعهُ النّاس، وَقَالَ: تَجاذَبْت الْحجر: رفعته، وَقد تجاذَبْناه. أَبُو زيد: سَرَى مَتاعه، يَسْرِ بِهِ: أَلْقَاهُ على ظهر دَابَّته. أَبُو عُبَيْد: الزّفْر: كل شَيْء حَملته على ظهرك. الْأَصْمَعِي: جمعه أزْفار، والزَّافِر: الْحَامِل، وَقد ازْدَفَرْته. والزَّوَافِر: الإِماء اللواتي يحملن الأَزْفار.
3 - (الْمُوَالَاة فِي الصَّيْد والعدو والطّلب)
أَبُو عُبَيْد: عادَيْت وغارَيْت بَين اثْنَيْنِ: أَي واليت، وَأنْشد:(4/98)
إِذا قلتُ أسلو غارت الْعين بالبُكا غِراءً ومدتها مَدامع حُفَّلُ قَالَ: معنى غارت فاعَلَت من هَذَا يَعْنِي الغِراء، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: هِيَ فاعَلَت من قَوْلك غَرَيْت بالشّيء.
الْمُجَاوزَة
صَاحب الْعين: جُزْت الْموضع جَوْزاً وجُؤوزاً وجَوازاً ومَجازاً وجاوَزْته جِوازاً وأجَزْته وأجَزْت غَيْرِي، وَقيل جُزْته: سرت فِيهِ، وأجزته: خلفته وقطعته، وأجزت غَيْرِي: أنفذته، والجَواز: صك الْمُسَافِر، وتَجاوَزْتُ بهم الطّريق جَوازاً، وجَوَّزْت لَهُم إبلهم: إِذا قُدتها بَعِيرًا بَعِيرًا حَتَّى تَجوز، والمَجاز: الطّريق إِذا قُطعت من أحد جانبيها إِلَى الآخر. أَبُو عُبَيْد: أَنْفَذْت الْقَوْم: تَخَلَّلْتُهم وصِرْت بَينهم فَإِذا جاوَزْتهم قلت: نَفَذْتهم بِغَيْر ألف، وَقد تقدَّم الخَوْض والعُبور فِي المَاء.
3 - (الْعَلامَة)
ابْن السّكيت: الإِمارَة: الْعَلامَة. أَبُو عُبَيْد: السّيما والسِّمياء والسِّمَة والسُّومَة: الْعَلامَة، فَأَما المِيسَم: فاسم للحديدة عِنْد سِيبَوَيْهٍ، وَقد وَسَمْتُه وَسْماً. أَبُو عُبَيْد: الشّعار: الْعَلامَة، وَمِنْه شعار الْقَوْم فِي السّفر، وإشْعار الْبدن، ومَشاعِر الْحَج، وَمِنْه قَول أم معبد الجُهنية لِلْحسنِ: إِنَّك قد أَشْعَرْت ابْني فِي النّاس. أَي جعلته عَلامَة وَكَانَ عابَه.
3 - (الْبَرَاءَة من الْأَمر)
يُقَال: بَرِئْت من هَذَا الْأَمر وتَبَرَّأْت وَأَنا بَريء. وَقَالَ الْفَارِسِي: ويُجمع بَريء على بُرَآء وبُراء، وَهُوَ من الْجمع الْعَزِيز، وَفِي التّنزيل: (إنّا بُرآءُ مِنْكُم) . ابْن السّكيت: أَنا من هَذَا الْأَمر فالِجُ بنُ خَلوَة معرفَة: أَي بَرِيء. أَبُو زيد: تَخَلَّيْت عَن الْأَمر وَمِنْه: تَبرّأت، وخَلَّيْت عَن الشّيء: أَرْسلتهُ وَهُوَ مِنْهُ. أَبُو عُبَيْد: انْتَفَيْت من الشّيء وانْتَفَلْت سَوَاء.
3 - (التّتابع على الْأَمر)
قَالَ الْفَارِسِي: تآدَى الْقَوْم على الشّيء وتَعادَوا وتَقارَعوا: تتابعوا، فَأَما أَبُو عُبَيْد فخصّ بِهِ الْمَوْت، فَقَالَ: تَقارَع الْقَوْم وتَعادَوا: مَعْنَاهُمَا أَن يَمُوت بَعضهم فِي إِثْر بعض، وَأنْشد: فمالك من أروى تَعادَيْتِ بالعمى ولاقَيْتِ كَلاّباً مُطِلاًّ ورامِيا
الْإِيمَاء
أَبُو عُبَيْد: وَمَأْتُ إِلَيْهِ وَمْأً وأَوْمَأْت، وَأنْشد: فَمَا كَانَ إلاّ ومؤُها بالحواجب ووبّأت كأومأْتُ. ابْن جني: وبّأت وأَوْبَأْت وَقيل الإِيماء أَن يكون أمامك فتشير إِلَيْهِ بِيَدِك تَأمره بالإقبال إِلَيْك، والإيباء أَن يكون خَلفك فتفتح أصابعك إِلَى ظهر يدك تَأمره بالتّأخر عَنْك. أَبُو عُبَيْد: رتا بِرَأْسِهِ رُتوّاً مثل الإِيماء وَقد تقدم أَن الرّتو: الشّدُّ والإرخاء. ابْن السّكيت: خلَجَه بِعَيْنِه وحاجبه يخلِجُه ويخلُجُه خَلْجاً. ابْن دُرَيْد: وَالْعين تختلج: أَي تضطرب وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَعْضَاء، وَقَالَ أَحْمد بن يحيى رَفَفْت إِلَيْهِ أرِفُّ رَفّاً: أَوْمَأت(4/99)
فَأَما أَبُو عَليّ فَقَالَ رَفَّ إِلَيْهِ يرِفُّ أَي اختلج وَأنْشد: لم أدْر إلاّ الظّنَّ ظنَّ الْغَائِب أَبِكَ أم بِالْغَيْبِ رفَّ حاجبي أَبُو عُبَيْد: التّكفير: إِيمَاء الذِّمّي بِرَأْسِهِ لَا يُقَال سجد فلَان لفُلَان وَلَكِن يُقَال كفَّر. ابْن السّكيت: أشرْت إِلَيْهِ وشوَّرْت: أَوْمَأت. صَاحب الْعين: المُشيرة: الإِصبع التّي تسمى السّبَّابة. أَبُو زيد: أَوْمَضْتُ بعيني: أَوْمَأْت. صَاحب الْعين: الرّمْز: الإِيماء بالحاجب وَغَيره وَقد تقدم أَنه الْكَلَام الخفيّ، وَجَارِيَة رمّازة. غَيره: الاعتزاز: الإِيماء من الاعتزاء الَّذِي هُوَ الشّعار فِي الْحَرْب وَحَقِيقَة الاعتزاء الانتماء وَأنْشد: فَكيف وأصلي من تميمٍ وفَرْعُها إِلَى أصل فَرعي واعتزائي اعتِزاؤها أَبُو عُبَيْد: وَحَيْت إِلَيْهِ وأوحيت: أَوْمَأت وَقد تقدم فِي اللّحن بالْقَوْل. صَاحب الْعين: الغَمْز: الإِشارة بِالْعينِ والحاجب، غمزَه يغمِزُه غمْزاً وَجَارِيَة غمّازة: حَسَنَة الغَمز.
3 - (المع بالثّوب)
أَبُو عُبَيْد: لمَعَ فلَان بِثَوْبِهِ يَلْمَع. ابْن دُرَيْد: وألْمع وَكَذَلِكَ بالسّيف: لمَع بِهِ. أَبُو عُبَيْد: ألاح بالسّيف: لمَع بِهِ، وَقَالَ أخفق بِثَوْبِهِ وألوى ولوَّح بِهِ كلُّه سَوَاء.
3 - (الزَّلل والسّقوط والصَّرْع)
ابْن السّكيت: زلِلْت وزلَلْت أزِلُّ. أَبُو زيد: زَليلاً وزَلَلاً، قَالَ وَقعت عَن الشّيء وَمِنْه أقع وقْعاً ووُقوعاً: سقطْت، وَوَقع ربيع فِي الأَرْض وَلَا يُقَال سقط وَقد حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ: وَكَذَلِكَ الْفَاء غير أَنَّهَا تجْعَل ذَلِك جَمِيعًا بعضه فِي إِثْر بعض، وَذَلِكَ قَوْلك مَرَرْت بزيد فعمر وخَالِد وَسقط الْمَطَر مَكَان كَذَا فمكان كَذَا. صَاحب الْعين: الدّهْوَرَة: جمعك الشّيء وقذفك بِهِ فِي مَهواةٍ، ودهورْت الْحَائِط: دفَعْته فَسقط، والهَفْوة: السّقطة والزَّلّة، وَقَالُوا خرَّ الرَّجُل لوجهه يخِرُّ خَرّاً وخُروراً: وَقع من علوٍّ إِلَى سُفْلً وَفِي التّنزيل: (ويخِرّون للأَذقان يَبْكُونَ) وَكَذَلِكَ الْحَائِط ونحوُه. صَاحب الْعين: التّقْتقة: الهَوِيُّ من فَوق إِلَى أَسْفَل على غير طَرِيق وَقد تَتَقْتَق. أَبُو عُبَيْد: هوَيت أهوي هُوِيّاً: إِذا سَقَطت من فَوق إِلَى أَسْفَل. ابْن دُرَيْد: وَكَذَلِكَ أَهْوَيْت. أَبُو عَليّ: هويت هُوِيّاً وهَوَياناً وانهَوَيت كَذَلِك وأهواني غَيْرِي. أَبُو عُبَيْد: أُهْوِية أفعولة من ذَلِك. صَاحب الْعين: القَحْدَمَة والتّقَحْدُم: الهُوِيُّ على الرّأس فِي بِئْر أَو من جبل. ابْن دُرَيْد: الدّحْلمة كَذَلِك، وَقَالَ انقحم الرَّجُل واقتحم: هوى من عُلُوٍّ إِلَى سُفْل وَبِذَلِك سميت المهالك قُحَماً. الْأَصْمَعِي: االتّقحيم: رمي الْفرس فارسه على وَجهه وَأنْشد: يُقَحِّمُ الفارسَ لَوْلَا قَبْقَبُه ابْن دُرَيْد: هدْهَدْت الشّيء: رميته من علوٍّ إِلَى سُفل، وَقد تقدم أَنه التّحريك، ودهْدَهْته دِهداهاً ودَهْدَهَة وَقد تدهْدَهَ هُوَ، ودَهْدَهْتُه: قلبت بعضه على بعض. أَبُو عُبَيْد: وزَّأت النّاقة براكبها: صرعتْه. غَيره: اجْرَعَنَّ الرَّجُل: صُرِع عَن دابّته. أَبُو زيد: قَحَزَ الرَّجُل عَن ظهر الْبَعِير يقحَز قُحوزاً: سقط. وَقَالَ حضَجَ الْبَعِير حِمْله وبِحِمله حَضْجاً: طَرحه وَإِذا مالتّ أداته أَو سقطَت عَنهُ قيل: انحَضَجَت وحَضَجَت بِهِ الأَرْض حَضْجاً: صرَعتْه وَقد تقدم. ابْن دُرَيْد: ارحَجَنَّ الشّيء: سقط بمَرَّة، والكبكبة: الرّمي فِي الهُوَّة وَقد كَبْكَبَه، والكَرْكَسَة: تَدَحْرُج(4/100)
الإِنسان من علوٍّ إِلَى سفل وَقد تَكَرْكَس، وَقَالَ اجْرَنْثَم الرَّجُل وتجَرْثَم: سقط من علوٍّ إِلَى سفل. صَاحب الْعين: رَدِيَ فِي الهُوَّة ردَى وترَدّى: تهوَّر وأرداه الله.
3 - (اطِّراح الشّيء وتفريقه)
أَبُو عُبَيْد: رميت الشّيء رمياً ورميت بِهِ: ابْن دُرَيْد: طَسْطَسْت الشّيء: إِذا طرحته من يدك. صَاحب الْعين: ألقيت الشّيء: طرحته والَّلقى: الشّيء المُلْقى وَالْجمع ألقاءٌ. قَالَ ابْن جني: لَام اللَّقى يَاء من وَجْهَيْن قِيَاسا واشتقاقاً أما الْقيَاس فَلِأَن اللَّام إِذا كَانَت حرف علّة وأعوزت الْأَدِلَّة فِي بَابهَا من ضروب تصاريفه حكم بِأَنَّهَا يَاء وَذَلِكَ لغَلَبَة الانقلاب إِلَى الْيَاء فِي مَوْضِع اللَّام فمرَّ أَغْزَيْت ومغزيان قَالَ وَكَذَلِكَ استقريته فِي اللُّغَة فَوَجَدته على مَا ذكرت وَأما الِاشْتِقَاق فَلِأَن الشّيء إِنَّمَا يلقيه غَيره إِذا صادمه ولاقاه، فألقيت إِذا من لفظ لقِيْتُ وَمَعْنَاهُ، وَلَقِيت من الْيَاء بِدَلِيل اللُّقيان واللُّقْية. أَبُو عُبَيْد: الأُلْقِية: مَا ألقيت. ابْن دُرَيْد: ذرْذَرْت الشّيء: فرَّقته وَكَذَلِكَ بدَّدْته. صَاحب الْعين: ذَعْذَعْت الشّيء: فرَّقته. ابْن دُرَيْد: ذُحْت الشّيء ذَوْحاً: فرَّقته وَجمعته وَقد تقدم هُنَالك. وَقَالَ تحَثْرَف الشّيء من يَدي: تبدَّد. أَبُو عُبَيْد: طحَّرت الشّيء أطحَرُه طَحْراً: رميته. ابْن دُرَيْد: طهَرَه كطحره: إِذا أبعده الْهَاء بدل من الْحَاء كَمَا قَالُوا مدهه بِمَعْنى مدحه. أَبُو عُبَيْد: فسخت الشّيء: فرَّقته. ابْن دُرَيْد: هبَثَ مالَه يهْبِثُه هَبْثاً: فرَّقه. وَقَالَ: حَفَضْت الشّيء: إِذا أَلقيته من يدك. أَبُو عُبَيْد: حفضْته كَذَلِك. وَقَالَ: زَجَلْت الشّيء أزجُل: رميت. ابْن دُرَيْد: وَكَذَلِكَ زجَجْت بِهِ أزُجُّ. صَاحب الْعين: بدَحْت الشّيء أبدَحُه بَدْحاً: رميت بِهِ وهم يتبادحون أَي يترامون بالبِطِّيخ والرُّمّان وَنَحْوه، وتبادحوا بالكُرين: ترامَوا. ابْن دُرَيْد: طخَّ الشّيء يطُخُّه طَخّاً: أَلْقَاهُ من يَده فَأَبْعَده، وَقَالَ توحَّش الرَّجُل: رمى بِثَوْبِهِ. صَاحب الْعين: قذفت بالشّيء أقذِف قَذْفاً: رميت، وَقَالَ فرَقت الشّيء أفرُقُه فَرْقاً وفرَّقته فانفرق وتفرَّق وافترق، والفِرق والفِرقة والفَريق: الطّائفة من الشّيء المتفرِّق. أَبُو عُبَيْدة: بكَّ الشّيء يبكُّه بَكّاً: فرَّقه. صَاحب الْعين: النّجْل: الرّمي بالشّيء وَقد نجلته، والنّاقة تنجُل الْحَصَى بخفِّها: أَي ترميه. وَقَالَ نفض الشّيء ينفُضُه نفْضاً فانتفض، والنّفاضة: مَا سقط من الشّيء إِذا نفض، والنّفْض: مَا انتفض من الشّيء. ابْن دُرَيْد: فزَرْت الشّيء أفزِرُه فَزْراً: فرَّقته. صَاحب الْعين: بذَرْت الشّيء بَذْراً: فرَّقته. ابْن دُرَيْد: بذر الله الْخلق بَذراً: بثَّهم وفرَّقهم مِنْهُ وبُذُرَّى فُعُلَّى من ذَلِك وَقيل من الْبذر الَّذِي هُوَ الزّرع. الْأَصْمَعِي: النّبْذ: طرحك الشّيء أمامك أَو وَرَاءَك وكلّ طَرح نبذٌ نبذَه ينبِذُه نَبْذاً، والنّبيذ: الشّيء المنبوذ. أَبُو زيد: ثَرَرْت الشّيء من يَدي أثُرُّه ثرَّاً: فرَّقته وَكَذَلِكَ ثرثرته. صَاحب الْعين: بثَّ الشّيء يبثُّه بَثّاً: فرَّقه، والنّثر: رميك الشّيء متفرِّقاً، نثرتُه أنثُرُه وأنثِرُه نَثراً ونِثاراً فانتثر وتنثَّر وتناثر والنّثارة مَا تناثر مِنْهُ وشيءٌ نثْرٌ منتثر وَكَذَلِكَ الْجَمِيع، وَقَالَ لفَظْت بالشّيء ألفِظُ لَفْظاً فَهُوَ ملفوظٌ ولَفيظٌ رميت.
3 - (الْحَط)
صَاحب الْعين: حطَطْت الشّيء أحُطُّه حَطّاً فانحطَّ وَمِنْه الحِطَّة وَقد تقدم فِي الذَّنب، وَكَذَلِكَ حدَرْته حَدراً وحدَّرته فتحَدَّر وَهَذَا منحَدَرٌ من الْجَبَل ومنحدُر وَمِنْه حَدور الرّمل وَالْأَرْض لما انحدر مِنْهُمَا وَقد تقدم.
3 - (الاقتران)
ابْن دُرَيْد: لَزَزْتُ الشّيءَ بالشّيءِ أَلُزُّه لَزّاً: قرنته بِهِ، والزَّوُّ: القرينان، جَاءَ فلَان زَوَّاً إِذا جَاءَ هُوَ وَصَاحبه.(4/101)
3 - (المقاربة فِي الشّيء والخَلاقة)
ابْن السّكيت: إِنَّه لخليق أَن يفعل كَذَا وَكَذَا وَقد خَلُقَ خَلاقةً ومَخلقةُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وَإنَّهُ لجدير أَن يفعل وَقد جَدُرَ جَدارةً ومجدَرَةٌ مِنْهُ أَن يفعل كَذَا أَي هُوَ جدير بِفِعْلِهِ ومِئَنَّة مِنْهُ أَن يفعل كَذَا وَجَاء فِي الحَدِيث: (قصر الْخطْبَة وَطول الصَّلَاة مَئِنَّة من فقه الرّجل) وَهِي فَعِلَة عِنْد سِيبَوَيْهٍ، وَيُقَال إِنَّه لحَرٍ أَن يفعل ذَاك وحريٌّ وحرىً وقمِنٌ وقمينٌ وقمَنٌ ومَقْمَنَةٌ قَالَ فَمن بناه على فَعِلَ أَو فعيلٍ ثنَّى وَجمع وأنَّث وَمن بناه على فعَلٍ وحَّد وَلم يؤنث وَإنَّهُ لحَجٍ أَن يفعل وَمَا أحجاه وأحْراه وأقْمَنَه. أَبُو عُبَيْد: هَذَا الْأَمر مَقْمَنَة مِنْهُ ومَحراةٌ كَقَوْلِك مَخلَقةٌ. صَاحب الْعين: بالحَرَى أَن يكون ذَاك، وحَرىً أَن يكون أَي عَسى. الْأَصْمَعِي: هُوَ أهل ذَاك وأهلٌ لذاك. أَبُو زيد: هم أهْلَة ذَاك. سِيبَوَيْهٍ: هُوَ أهلٌ أَن يفعل: أَي مستحِق وأهلٌ عاملة فِي أَن. صَاحب الْعين: أهَّلْته لهَذَا الْأَمر تأهيلاً. ابْن دُرَيْد: هُوَ مَعساةٌ بِهِ وعسِيٌّ وقَرِبٌ بِهِ وَيُقَال فِي كُله مَا أَفعلهُ وأفْعِل بِهِ إلاّ فِي قرِب وَقَالَ نَالَ أَن أفعل كَذَا وأنال وآن لَك وأنَى لَك. غَيره: حَرَى أَن يكون كَذَا كَقَوْلِك عَسى.
3 - (الإمتاع والتّملّي)
أمْتَعْتُ بأهلي وَمَالِي وَغير ذَلِك: تمتَّعت. وَقَالَ: طالما أُمْتِع بالعافية فِي معنى مُتِّع وتمتَّع. ابْن السّكيت: أمتعْت عَن فلَان: اسْتَغْنَيْت عَنهُ وَقَول الرّاعي: خليطين من شعبين شتَّى تجاورا قَفيلاً وَكَانَا بالتّفرُّق أمتَعا مَعْنَاهُ أَن لَيْسَ من أحد يُفَارق صَاحبه إلاّ أمتعه بِشَيْء يذكرهُ بِهِ فَكَانَ مَا أمتع بِهِ كل وَاحِد من هذَيْن صَاحبه أَن فَارقه.
3 - (الْبَحْث عَن الْأَمر)
يُقَال مَا بَال هَذَا وَمَا شَأْنه. ابْن دُرَيْد: مَا هيَّانُ هَذَا: أَي مَا أمره.
3 - (بُلُوغ الشّيء وأناه)
صَاحب الْعين: بلغ الشّيء يبلُغ بلوغاً: وصل وانْتهى وأبلغْتُه أَنا وبلَّغْته. وَقَالَ: الْأَجَل: غَايَة الْوَقْت فِي الْمَوْت ومحِلِّ الدّين ونحوِه آجِل الشّيء يأجَل.
3 - (صيرورة الْأَمر ومصيره وعاقبته)
صَاحب الْعين: صَار الْأَمر إِلَى كَذَا صيْراً ومَصِيراً وصَيرورة وصيَّرْته إِلَيْهِ، ومصير الْأَمر: مَا يصير إِلَيْهِ، وصِيرُه وصَيُّوره: آخِره. وَقَالَ: أفرح الْأَمر وفرَّح: ظَهرت عاقبته. غير وَاحِد: غِبُّ الْأَمر ومَغَبَته: عاقبته وَآخره، وَقد غَبَّ الْأَمر: صَار إِلَى آخِره، وجِئتُه غِبَّ الْأَمر: أَي بعده.
3 - (النّقصان)
أَبُو عُبَيْد: نقص الشّيء ونقصْته أنقُصُه. صَاحب الْعين: النّقصان يكون مصدرا وَيكون اسْما للمقدار النّاقص. غَيره: تنقَّصْته وانتقَصْته واستنقصْته وَاسم الْمصدر النّقيصة والمنقوص على مِثَال مفعول، وَقد نقص(4/102)
الشّيء نَقصاً ونُقصاناً ونقيصةً وأنقصته. الْفَارِسِي: الصَّحِيح نقَصَ ونقَصته وجاؤا بضدِّه على بنائِهِ فَقَالُوا زَاد وزِدْته. النّضر: لَا أغُضُّك مِنْهُ درهما: أَي لَا أنقصك وَلَيْسَ عَلَيْك فِي هَذَا الْأَمر غَضَاضَة: أَي نَقْصٌ. صَاحب الْعين: النّهْك: التّنَقُّص. ابْن السّكيت: الضّرر: النّقصان يدْخل فِي الشّيء وَكَذَلِكَ الضّرارة. صَاحب الْعين: وتَرْتُه مالَه: نقصته إِيَّاه وَفِي التّنزيل: (وَلنْ يتِرَكُمْ أَعمالكُم) . أَبُو عُبَيْد: الخَسْف: النّقصان. ابْن السّكيت: وَكَذَلِكَ الشّفُّ وَقيل هُوَ الرّبح وَقيل هُوَ ضِدُّ، قَالَ والغَرْضُ: النّقصان وَأنْشد: لقد فدى أعمالهنَّ المَحْضُ والدّأظُ حَتَّى مالَهُنَّ غَرْض والحَوْر: النّقصان وَيُقَال فِي مثل: حَوْرٌ فِي مَحارة، أَي نُقْصَان فِي نُقْصَان وَأنْشد: واستعجلوا عَن خَفِيف المضغ فازدردوا والذَّمُّ يبْقى وَزَاد الْقَوْم فِي حُور وَقد حَار حوْراً: رَجَعَ يُقَال نَعُوذ بِاللَّه من الحَوْر بعد الكَوْر: أَي من النّقصان بعد الزّيادة. أَبُو زيد: أصغيت الإِناء: نقصْتُه وَأنْشد: إنّ ابْن أُخْت الْقَوْم مُصْغىً إناؤه إِذا لم يُزاحم خالَه بأبٍ جَلْدِ غَيره: آل الشّيء: نقص. أَبُو عُبَيْد: حرَى الشّيء حَرْياً: نقص وأحراه الزّمان وَيُقَال للأفعى التّي كَبرت وَنقص جسمها حاريَةٌ وَهِي أَخبث مَا تكون. ابْن دُرَيْد: الوَلْت: النّقصان، ولَتَه حقَّه ولاته لَيْتاً. ابْن السّكيت: يلوتُه لَوْتاً وألاتَه. أَبُو زيد: الضّيْز: النّقصان، ضازني حقّي: بخَسَني إِيَّاه، وَمِنْه قسْمَة ضِيزى، وَمن الْعَرَب من يَقُول: ضِئْزى، وَقيل الضّيْز: الاعوجاج وَقد أزى مالُه وَأنْشد: وَأَن أزى مالُه لم يأزِ نائلُهُ وَإِن أصَاب غنى لم يُلْفَ غضبانا أَبُو عُبَيْد: التّخوُّف: التّنقُّص من قَوْله: (أَو يأخذَكم على تَخَوُّفٍ) . الْأَصْمَعِي: وَهُوَ التّخويف والتّخوُّل، والتّخوُّن: التّنقُّص وَقد تخوَّنه وَأنْشد أَبُو عُبَيْدة بَيت طرفَة: وجامِلٍ خَوَّف من نِيبِه أَي نقص وَرَوَاهُ غَيره خوَّع وَمَعْنَاهُ أَيْضا نقص. أَبُو عُبَيْد: الاستجراح: النّقصان، وَفِي خطْبَة عبد الْملك وعظتكم فَلم تزدادوا على الموعظة إلاّ استجراحا.
3 - (انْقِضَاء الشّيء وَتَمَامه)
ابْن دُرَيْد: ذهبت هَيْف لأديانها يُقَال ذَلِك للشَّيْء إِذا انْقَضى. أَبُو عُبَيْد: نجِزَ الشّيء: فنِي وَأنْشد: فمُلْكُ أبي قَابُوس أضحى وَقد نجِزْ ابْن السّكيت: نجِزَ ونجَزَ وَكَأن نجِز فني وَكَأن نجَز قضى حَاجته. أَبُو عُبَيْد: أَنْت على نجَز حَاجَتك ونجْزِها: أَي على قَضَائهَا. صَاحب الْعين: نفِد الشّيء نفاداً: ذهب، وأنفدته أَنا واستنفدته، وأنفد الْقَوْم: نفِد زادهم. ابْن السّكيت: فرَغْت من حَاجَتي فُروغاً وفَراغاً. صَاحب الْعين: نكَشْت الشّيء أنكُشُه نكْشاً: أتيت عَلَيْهِ وفرَغت مِنْهُ، وبحر لَا يُنكَش: أَي لَا يُفرغ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْبِئْر. صَاحب الْعين: خلا الشّيء خُلُوّاً: مضى وَمِنْه الْقُرُون الخالية. ابْن دُرَيْد: خَتَمْت الشّيء أَخْتِمه خَتْماً: بَلَغْت آخِره. صَاحب الْعين: خاتِمُ كلِّ شَيءٍ(4/103)
وخاتِمَتُه: آخِره وَمِنْه خِتام كلِّ مشروبٍ لآخره، وانقضاء الشّيء وتقضِّيه: فناؤه، وَأدْركَ الشّيء فَني وَأدْركَ أَيْضا: بلغ وانْتهى ضِدُّ وَرُوِيَ عَن الْحسن أَنه فسَّر قَوْله عزّ وَجل: (بل ادَّاركَ عِلْمُهم فِي الْآخِرَة) بِأَنَّهُ لَا علم عِنْدهم فِي أَمر الْآخِرَة وَأَنَّهُمْ جهِلوا، والدّرَك والدّرْك: أقْصَى قَعْر الشّيء وَمِنْه الدّرْك الْأَسْفَل فِي جَهَنَّم وَالْجمع أدراكٌ. وَقَالَ: مضى الشّيء مُضِيّاً: خلا وأمضيته أَنا.
3 - (إتْمَام الشّيء وإحكامه)
صَاحب الْعين: تمَّ الشّيء يتِمُّ تَمامًا وتِماماً، وَتَمام الشّيء وتتمَّته: مَا تمَّ بِهِ. أَبُو عَليّ: تَمام الشّيء مَا تمَّ بِهِ بِالْفَتْح لَا غير يحكيه عَن أبي زيد وَقد أتممت الشّيء وتمَّمته: جعلته تامّاً. صَاحب الْعين: تمَمت على الشّيء: أَكْمَلْتُه، واسْتَتْمَمْت الحاجةَ: سأَلْتُ إتْمامَها وجعلتُه لَهُ تِمّاً: أَي تَمامًا. أَبُو عُبَيْد: المُصَتَّم والصَّتم: الشّيء الْمُحكم، وَقَالَ رصنت الشّيء: أَكْمَلْتُه، وأَرْصَنْتُه: أكملته وَكَذَلِكَ أَتْرَصْته. ابْن دُرَيْد: تَرُصَ هُوَ تَراصةً فَهُوَ تَريصٌ وتلَصْته كَذَلِك وأَتْقَنْتُه مثله وَرجل تقِنٌ وتِقْنٌ: متقنٌ للأشياء. أَبُو عُبَيْد: احترْت الشّيء: أحكمته. أَبُو زيد: جادَما أحودَ قصيدته: أَي أحكمها. ابْن دُرَيْد: هذَبت الشّيء أهْذِبه هَذْباً وهذَّبته: نقَّيته وخلَّصته، وَمِنْه المهذَّب من الرّجال: المخلَص من الْعُيُوب وَقَوله عز وَجل: (وقرْآناً فرَقْناه) أَي أحكمناه وفصَّلناه. صَاحب الْعين: الْوَثِيقَة: إحكام الشّيء وَقد أوثقته ووثَّقْته ووثُق هُوَ وَثاقةً فَهُوَ وثيقٌ وَالْأُنْثَى وثيقةٌ فَإِن لم تُحكِمه قلتَ أَنْهَأتُه وأَخْلَلْت بِهِ وأَمر مُخْتَلٌّ: واهنٌ ضَعِيف وَالِاسْم: الْخلَل. ابْن دُرَيْد: كمَلَ الشّيء وكمُل. أَبُو عُبَيْد: كمَل يكمُل وكمُل كمالاً وكُمولاً وأكملته. سِيبَوَيْهٍ: شيءٌ كميلٌ: كاملٌ وَقد كمَّلته واستكملته: أكملته أَو أصبته كَامِلا. صَاحب الْعين: أَعْطيته المَال كَمَلاً: أَي كَامِلا لَا يُثنَّى وَلَا يُجمع. غَيره: أسْنَفْت الْأَمر: أحكمته. أَبُو حَاتِم: تأنَّقت فِي الشّيء: تجوَّدْت وتنوَّقت لغةٌ وَهِي النّيقَة وَلم يعرفهَا الْأَصْمَعِي وَقَالَ تَابع عَمَلَه متابَعةً: والاهُ وأَتْقَنَه، وَرجل مُتَتابِع الْعَمَل: مُحْكَمُه يُشبه بعضهُ بَعضاً وَكَذَلِكَ مُتَتابعُ الْكَلَام وَقد تقدم. ابْن جني: أبرمْت الشّيء وبَرَمْته: أحكمته.
3 - (إحصاء الشّيء والإحاطة بِهِ)
أحصيت الشّيء: أحطت بِهِ وَالِاسْم الْحَصَاة وَقد تقدم أَن الْحَصَاة التّي هِيَ الْعقل مُشْتَقّ من ذَلِك.
3 - (إِفْسَاد الشّيء ونقضه)
عثَى فِي الأَرْض عَثَياناً وعُثِيّاً وعاث عَيثاً وعثا عَثْواً وعُثُوّاً: أفسد. ابْن دُرَيْد: الطّهْش: اخْتِلَاط الرَّجُل فِيمَا أَخذ فِيهِ من عمل بِيَدِهِ فيفسده وَمِنْه اشتقاق طَهْوَش، وَقَالَ فسخت الشّيء أفسخُه فسْخاً فانفسخ: أَي نقضته، وانفسخت الْأَقَاوِيل: تناقضت. صَاحب الْعين: فِي أمره دَغَلٌ: أَي فَسَاد وَمِنْه قَول الْحسن اتَّخَذوا كتاب الله دَغَلاً، وأدغلت فِي الْأَمر: أدخلت فِيهِ مَا يُفْسِدهُ.
(بَاب التّرك)
صَاحب الْعين: التّرك: ودْعُكَ الشّيء، تركتُه أتركُه تُرْكاً وأتركْتُه وتَتارَك الْأَمر بَينهم وَيُقَال تَراكِ: أَي اترك، سِيبَوَيْهٍ: يطرده، وَأَبُو الْعَبَّاس: يقفه، وتركة الرَّجُل: مَا يتْركهُ من التّراث، والتّريكة: الرّوضة التّي يُغفِلُها النّاس فَلَا يرْعَوْنها، وَقَالُوا ودَعَه: أَي تَركه. سِيبَوَيْهٍ: هُوَ يدعُه ويَذرُه وَلَا ماضي لَهما استغنوا عَنْهُمَا بتَرَك. أَبُو زيد:(4/104)
رفَضْتُه أرْفُضُه رَفْضاً: تركته. أَبُو عُبَيْد: رجلٌ قُبَضَةٌ رُفَضَة: يتَمَسَّك بالشّيء ثمَّ لَا يلبث أَن يَدعه. صَاحب الْعين: أَضْرَبت عَن الشّيء: كَفَفْت وأعرضت.
3 - (الحاجز بَين الشّيئين)
أَبُو عُبَيْد: حَجَزتُ بَين الشّيئين، أحْجِزُ حَجْزاً وَهُوَ الحِجازُ. أَبُو زيد: حَجَزْتُ بَينهمَا أحْجِزُ حِجازَةً وَبِه سمي الحِجاز لِأَنَّهُ فَصَل بَين الغَوْر والشّام وَقيل لِأَنَّهُ حَجزَ بَين نَجْدٍ والسَّراة وَقيل لِأَنَّهُ احْتَجز بالحِرار الخَمْس وَقد تقدَّم، وحَجَازَيْك كحَنانَيْك: أَي احجُزْ بَينهم. أَبُو عُبَيْد: فَصَلْت بَين الشّيئين أفصِل فَصْلاً وَالِاسْم كالمصدر. ابْن السّكيت: المِصْر: الحاجز بَين الشّيئين، قَالَ أميّة بن أبي الصَّلْت: وَجعل الشّمسَ مِصْراً لَا خَفاءَ بِهِ بينَ النَّهارِ وبينَ الليلِ قد فَصَلا أَبُو عُبَيْد: البَرْزَخ: مَا بَين كل شَيْئَيْنِ. صَاحب الْعين: البرزخُ: مَا بَين الدّنيا وَالْآخِرَة قبل الحَشْر، وبَرازِخ الإِيمان: مَا بَين الشّك وَالْيَقِين، وَقَوله تَعَالَى: (بيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يبْغِيان) يَعْنِي حاجزاً من قدرَة الله. صَاحب الْعين: كل مَا حَال بَين شَيْئَيْنِ فَهُوَ خِطار، والمَوْبِق: الْحَائِل بَين الشّيئين. ابْن دُرَيْد: فَصَيْت الشّيء من الشّيء فَصْياً: فصلته، وتَفَصَّى هُوَ مِنْهُ: انفَصل وتخلَّصَ، والفارُوقُ كلُّ شَيْء فَرَقَ بَين شَيْئَيْنِ وَبِه سمي عمر رَضِي الله عَنهُ فاروقاً. صَاحب الْعين: الحَدّ: الْفَصْل بَين الشّيئين وَجمعه حُدود، وَقد حَدَدْته أَحُدُّه حَدّاً: فصلته من غَيره، وحَدُّ كل شَيْء: منتهاه، وحدود الله جلّ وَعز مِنْهُ وَهِي الْأَحْكَام التّي نَهَى أَن تُتَعَدى السّنة على الْجَانِي مِنْهُ حَدَدْته أَحُدُّه حَدّاً وحُدودُ الدُّور وَالْأَرضين مِنْهُ وَقد تَحادَّتِ الدّاران، وداري حَديدَةُ دارِكَ: أَي تُحادُّها.
3 - (الْمسَافَة)
صَاحب الْعين: بَينهمَا بَطْحَةٌ: أَي مَسَافَة.
3 - (مَا يُقَال فِيهِ فعلته لكذا)
ابْن السّكيت: فعلت ذَلِك من أَجْلِك وإِجْلِك وَمن إجْلالِك، وَحكى الْفَارِسِي: فعلت ذَلِك إجْلَك وأَجْلَك، وَزَاد من جَلالِك. أَبُو زيد: من جَلَلِك وتَجِلَّتِك. أَبُو عَليّ: من جَرَّائك كَذَلِك. ابْن دُرَيْد: فعلت ذَاك من جَفَر كَذَا: أَي من أجلِهِ، وَفعلت كَذَا وَكَذَا رَجاتَك: أَي رَجاءَك.
3 - (? ضروب الْأَشْيَاء)
ابْن السّكيت، وَأَبُو زيد: هَذَا جِنْسٌ من كَذَا، وَالْجمع أَجْناس وجُنوس، وَكَانَ الْأَصْمَعِي يدْفع قَول الْعَامَّة هَذَا مُجانِس لهَذَا أَي من شكله وَيَقُول لَيْسَ بعربي، وضَرْب وشَكْل وزَوْج ونَوْع ولَوْن، وَالْجمع أَلْوان وصِنْف وصَنْف وَالْجمع أصْناف وصُنوف وصَنَّفْت الشّيء: جعلته أصنافاً. صَاحب الْعين: الفَنّ: الضّرب وَالْجمع(4/105)
أفْنانٌ وفُنونٌ وَهُوَ الأُفْنونُ، وَقد افْتَتَنْتُ: أخذتُ فِي فُنون القَوْل. أَبُو عُبَيْد: الصِّرْع: الضّرب، وَالْجمع أَصْرُع وصُروع، وَقد تقدَّم أَن الصِّرْعَ المِثلُ. ابْن دُرَيْد: الأَخْيافُ: الضّروب الْمُخْتَلفَة فِي الأَخْلاق والأشْكال. السّيرافي: الفِلْج: الصِنف. صَاحب الْعين: كل صنف من الخَلق على حِدَة جُنْدٌ، وَفِي الحَدِيث: (الأَرواحُ جنودٌ مُجَنَّدَةٌ) . والنّمَط من الْعلم والمَتاع وكلِّ شيءٍ نوعٌ مِنْهُ.
(? بَاب الْوَصْف)
النّعْت: الوَصْفُ، وَالْجمع نُعُوتٌ، نَعَتَهُ، وتَنَعَّتَهُ: إِذا وصَفَه، واسْتَنْعَتَه: استوْصَفَهُ، وكلُّ جيِّد بالِغٍ نَعْتٌ ونَعِتٌ ونَعِيتٌ وَالْأُنْثَى نَعِتَةٌ ونَعْتَةٌ ونَعِيتٌ بِغَيْر هَاء، وَقد نَعُتَ نَعاتةً، وللنَّعْتِ تحديدٌ لَا يَلِيق بغرضنا فِي هَذَا الْكتاب.
3 - (أَسمَاء النّاس وكُناهم)
أَبُو عُبَيْد: مِغْوَل: اسْم رجل، وَكَذَلِكَ مِخْنَف ومِسْطَح ومِرْبَع فَأَما مَزْيَد ومَوْهَب فبالفتح. قَالَ الْفَارِسِي: قَالُوا: مَوْهَب ومَوْرَق من حَيْثُ قَالُوا مَزْيَد ومَكْوَزَة ومَرْيَم وَكَانَ حكمه مَوْهِباً ومَوْرِقاً على بَاب مَوْعِد وَلَكنهُمْ مِمَّا يَخُصُّون الأسماءَ الأَعلامَ بالشّذوذ عَن الْقيَاس كثيرا. أَبُو عُبَيْد: مُكْنِفٌ بِضَم الْمِيم وَكسر النّون وسَكَنٌ بِفَتْح الْكَاف وجزمها، ونِصاحٌ بِكَسْر النّون وَأَصله الخَيْط لِأَنَّهُ يُنصَحُ بِهِ الثّوب أَي يُخاط، وَقَالُوا: شِجْنَة بِالْكَسْرِ وجَزْءٌ بِالْفَتْح مِثَال كَمْء وحَرِيٌّ مشدد الرّاء كَأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى الحَرّ، وذِبيان وذُبيانُ وظَبيانُ وعَلوانُ بِالْفَتْح والشِّخِّير بِالْكَسْرِ. قَالَ: وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب فَعِّيل وَلَا فُعِّيل. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: قد جَاءَ فُعِّيل: قَالُوا مُرِّيق حَكَاهُ عَن أبي الْخطاب. قَالَ أَبُو عَليّ: هُوَ اسْم رجل وَأَصله العُصْفُر الَّذِي يُصْطَبَغُ بِهِ وَقَالُوا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ وَقد تقدَّم، ابْن السّكيت: هُوَ أَبُو الأَسود الدُّؤَلِي مَهْمُوزَة مَفْتُوحَة وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى الدّئِل من كِنانة والدّول فِي حنيفَة ينْسب إِلَيْهِم الدّولي، والدّيل فِي عبد الْقَيْس ينْسب إِلَيْهِم الدِّيلي وَهُوَ أَبُو مِجْلَز مُشْتَقّ من جَلْز السِّنان وَهُوَ أغلظُه وَمن جَلْز السّوط وَهُوَ مَقْبِضُه وهلالُ بنُ إِسافٍ مَكْسُورَة وَهُوَ دِحْيَة الْكَلْبِيّ. الْأَصْمَعِي: دَحْيَة بِالْفَتْح. أَبُو عَمْرو: هُوَ الرّئيس فِي قومه، وفُرافِصَةُ: اسْم رجل وكل مَا فِي الْعَرَب فُرافِصَة بِضَم الْفَاء إلاّ فَرافِصَةَ أَبَا نائلة امْرَأَة عُثْمَان وكل مَا فِي الْعَرَب مِلْكان بِكَسْر الْمِيم إلاّ مَلكان فِي جَرْم بن زَبّان فَإِنَّهُ بِفَتْحِهَا، وكل مَا فِي الْعَرَب أَسْلَم بِفَتْح الْهمزَة وَاللَّام إلاّ أَسْلُم بن إلحاف من قُضاعة. غَيره: مِمَّا سَمَّوا بِهِ الرّجال: صَعْصَعَةُ، وعَسْعَس، وعَبْعَب ومِهْجَع وهُزَيْع ومِهْزَع وهَوْهَع والعَلهان وعَيْهَمان ومَخضَع وقَزَعة وقُزْبَع ومَقزوع ومُعَقِّر وعَقّار وعُقْران ومَقروع، والرّ ? ُقَيْع: اسْم رجل من بني تَمِيم وعِقال وعُقَيْل وعَقِيلٌ وعِلْقةُ، والعَنْقاء: مَلِكٌ، وعِفاق وعَفّاق(4/106)
ومِعْفاق ومِعْفَق، وعُكاشة وعَكْش وعُكَيْش كُله من العَكْش، وعُكَيْز وعاكز وعُكَيْز، ومِعْكَر وعَكّارٌ، وعِراكٌ ومُعارِكٌ ومِعْرَكٌ ومِعراكٌ وكَوْعرٌ، وكنعان بن سَام بن نوح وَإِلَيْهِ يُنسب الكنعانيون وَكَانُوا أمَّةً يَتَكَلَّمُونَ بلغَة تضارع الْعَرَبيَّة. وعُكَيْف: اسْم، وعِكَبٌّ وعُكابَةُ وبَعْكَكٌ وكَيْعومٌ ومَشْجَعة ومُجاشِع وعَنجَدٌ وجُدَيعٌ وأجْدَعُ، وعُجْرَةُ وعُجَيْرٌ وأعْجَرُ وعاجِرٌ ورَجْعٌ ومَرْجَعة وجُعَيْلٌ وجَعَوْنَةُ وجامِعٌ وجَمّاعٌ ومُجَمِّعٌ ومَجّاعٌ وعُرْشان وعُنَيْشٌ: مُشْتَقّ من عَنَشْتُ أَي عَطَفْتُ، وشُعَيْثٌ وشَفيعٌ وشافعٌ وشُعَيْبٌ وعارِضٌ وعَرِيضٌ ومُعرِضٌ ومُعتَرِضٌ وعَوْرِضَة وأصْعَرُ وصُعَيْرٌ وصَعرانُ وصَيْعَرٌ وعاصِمٌ وعُصَيْم وعُصَيْمة ومَعصومٌ وعصامٌ وعَدّاسٌ وعُدَيْسٌ وسعْدٌ وسَعيدٌ وسُعَيْدٌ ومسْعودٌ ومَسْعَدَةُ وسِعْرٌ وسُعَيْرٌ ومِسْعَرٌ وسَعْرانُ وعَلَسٌ وعُلَيْسٌ وسُعْنةُ وساعِفَةُ وسافِع وسُفَيْعٌ ومُسافعٌ وعباسٌ وعابِسٌ وعَبْسٌ وسَبِيعٌ وسُبَيْعٌ وسِباعٌ وسُبَيْعةُ ابْن غزال: رجل من الْعَرَب لَهُ حَدِيث، وعُسامة وعُمَيْس ومِسْمع وَهُوَ أَبُو قَبيلَة يُقَال لَهُم المَسامعة، وسُمَيْع وسَمَاعة وسِمعان وعَيْزارة وعَيْزار وعَزْرة وعَيْزرة وعازِر وعَزرانُ وزَعْوَرٌ وزُرْعةُ وزُرَيْعٌ وزَرْعانُ وعُزَيْلٌ وزَعْلٌ وزُعَيْلٌ وعَنْزٌ وعِنازٌ وعَرِيبٌ وعُرَيْبٌ وفِزْعٌ وفَزّاعٌ وفُزَيعٌ وزُعَيْبٌ وزِنْباعٌ: وَهُوَ مُشْتَقّ من زَوْبَعَة الرِّيَاح وَهِي التّي تَدور فِي الأَرْض لَا تقصِدُ وَجها وَاحِدًا، وزاعِمٌ وزُعيم وماعز وزُمَيع وزَمّاع وزَمْعة وعُطَيرٌ وعَطْرانُ وعَطالَةُ وعُلْبَةُ ولَعْوَطٌ وعَطّافٌ وعُطَيفٌ وطُعمة وطُعَيمة ومُطْعِم وماعط ومُعَيط وعُدْثان وعُدار والأدْرَعُ وعَدنان: أَبُو مَعَدٍّ، ودافِعٌ ودَفّاعُ ومُدافعٌ وعَبّودٌ: اسْم رجل ضُرب لَهُ الْمثل فَقيل: نَام نوْمَةَ عبّودٍ، وَكَانَ رجلا تماوتَ على أَهله وَقَالَ اندُبِيني لأَعْلَمَ كَيفَ تَنْدُيبني إِذا مِتُّ فندبتْه فَمَاتَ على تِلْكَ الْحَال. وأعْبُدٌ ومَعبَدٌ وعُبيدةُ وعبْدٌ وعُبادةُ وعَبّادٌ وعِبْديدٌ وعَبْدانُ وعَبْدةُ وعَبَدَةُ: كلهَا مُشْتَقّ من التّذلل إلاّ عُبادة فَإِنَّهُ من الأنفة، ودِعامة ودِعام ومَعَدِّيّ ومَعْدي ومَعْدان ومِعْتَر وعُتَير وعَتّاب وعِتْبان ومُعَتِّب وعُتبَةُ وعُتَيْبة ومانع: اسْم وَذُو الأذعارِ: جَدُّ تُبَّع وَكَانَ سَبَا سَبْياً من التّرك فذعِرَ النّاسُ مِنْهُم، وعَرّام وعَوْثَبان والبَعيث وباعث وَعُثْمَان وعَثّام وعَثّامة وعَثْمة ومَعْرونٌ وعُرّان وعُفَير وعَفَارٌ ويَعْفورٌ ويَعْفُرُ ورافِعٌ وفارِعٌ وفُرَيْعٌ وعَرِيبٌ وعَرابَةُ والبَعَّارُ: لقب رجل مَعْرُوف، وَرَبِيعَة بن مَالك: وَهُوَ ربيعَة الْجُوع وَرَبِيعَة بن حَنْظَلَة، ورَبِيعٌ ورُبَيْعٌ ومِرْباعٌ ومِرْبَعٌ وعارم وعُرام وعَرْمان: أَبُو قَبيلَة، وعَميرة: أَبُو بطن من الْعَرَب والنّسب إِلَيْهِ عَمِيري شَاذ، ويَعْمُر وعَمْرَوَيْه وَعمر وعمار ومَعْمر وعُمارة وعُمَير وعُوَيمر ورَعْمان ورُعَيْم وعُلَيم: أَبُو بطن مِنْهُم عُلَيم بن جَناب الْكَلْبِيّ، وعَلاّم وَأعلم وَعبد الأَعْلَم. قَالَ ابْن دُرَيْد: وَلَا أَدْرِي إِلَى أَي شَيْء نُسب، ونُفَيع وَنَافِع ونَفّاع وناعم ونُعَيم ومُنَعَّم وأنعَم ونُعْمى ونُعْمانُ ونُعَيْمانٌ وَأَبُو نَعامة: قَطَري، ومانع ومَنيعٌ ومُنَيعٌ وأمْنَعُ وعايشٌ من تَيْم اللاّت وعيَّاش ومُعَيِّش ومَعيصٌ وعِيصُو بن إِسْحَاق أَبُو الرّوم، والعَيْرُ: اسْم رجل كَانَ لَهُ وَاد مخصب وَقيل بل كَانَ(4/107)
موضعا خصيباً غيّره الدّهر فأقفره فَكَانَت الْعَرَب تستوحشه، قَالَ: َعَدِّيّ ومَعْدي ومَعْدان ومِعْتَر وعُتَير وعَتّاب وعِتْبان ومُعَتِّب وعُتبَةُ وعُتَيْبة ومانع: اسْم وَذُو الأذعارِ: جَدُّ تُبَّع وَكَانَ سَبَا سَبْياً من التّرك فذعِرَ النّاسُ مِنْهُم، وعَرّام وعَوْثَبان والبَعيث وباعث وَعُثْمَان وعَثّام وعَثّامة وعَثْمة ومَعْرونٌ وعُرّان وعُفَير وعَفَارٌ ويَعْفورٌ ويَعْفُرُ ورافِعٌ وفارِعٌ وفُرَيْعٌ وعَرِيبٌ وعَرابَةُ والبَعَّارُ: لقب رجل مَعْرُوف، وَرَبِيعَة بن مَالك: وَهُوَ ربيعَة الْجُوع وَرَبِيعَة بن حَنْظَلَة، ورَبِيعٌ ورُبَيْعٌ ومِرْباعٌ ومِرْبَعٌ وعارم وعُرام وعَرْمان: أَبُو قَبيلَة، وعَميرة: أَبُو بطن من الْعَرَب والنّسب إِلَيْهِ عَمِيري شَاذ، ويَعْمُر وعَمْرَوَيْه وَعمر وعمار ومَعْمر وعُمارة وعُمَير وعُوَيمر ورَعْمان ورُعَيْم وعُلَيم: أَبُو بطن مِنْهُم عُلَيم بن جَناب الْكَلْبِيّ، وعَلاّم وَأعلم وَعبد الأَعْلَم. قَالَ ابْن دُرَيْد: وَلَا أَدْرِي إِلَى أَي شَيْء نُسب، ونُفَيع وَنَافِع ونَفّاع وناعم ونُعَيم ومُنَعَّم وأنعَم ونُعْمى ونُعْمانُ ونُعَيْمانٌ وَأَبُو نَعامة: قَطَري، ومانع ومَنيعٌ ومُنَيعٌ وأمْنَعُ وعايشٌ من تَيْم اللاّت وعيَّاش ومُعَيِّش ومَعيصٌ وعِيصُو بن إِسْحَاق أَبُو الرّوم، والعَيْرُ: اسْم رجل كَانَ لَهُ وَاد مخصب وَقيل بل كَانَ موضعا خصيباً غيّره الدّهر فأقفره فَكَانَت الْعَرَب تستوحشه، قَالَ: ووادٍ كجوف العَيْرِ قفرٍ مَضِلَّةٍ وعَيْلان وَقد تقدَّم أَنه اسْم لفرس، وعُيَيْنَةُ وعُوقٌ والأكْوَعُ وعِياض وَأَبُو العَسَى مقصورٌ، ووادِعٌ ومَوْدوع ووَدْعانُ ووَداعٌ ووَديعةُ ووادِعَةُ: أَبُو بَطْنٍ من همدانَ وعُوَيْر، وعُورانُ الْعَرَب خَمْسَة: تَمِيم بن أبي مُقبل والراعي والشّ ? مّاخ بن ضرار وَابْن أَحْمَر وَحميد بن نور الْهِلَالِي ومُوَرِّعٌ ووَريعَةُ اسمانِ وبَعْلَى وعَلِيّ وعُلوانُ ومُعَلّى والنّسب إِلَيْهِ مُعَلَّوِيّ والعَوّال وعَوْن وعُوَين وعَوانة وعَوْف وعُويف والعوّام وعَزْهلٌ وعِزْهالٌ وعَبْهَلٌ والهُلابِعُ ومَخْضَع وبَخْثَعٌ وجَعْثَقٌ ودَعْشَقٌ وعُشارِق وعَنْشَقٌ ووَعَبْشَقٌ والقَشْعَم: اسْم ربيعَة بن نزار، وقَعْضَبٌ رجل كَانَ يعْمل الأَسِنّة، وقَعْطَلٌ وقَرْعَثةُ: من التّقرْعُث: وَهُوَ التّجمُّع، وقَرْثع وعُرقوب وقَعْبل.
(كتاب المكَنَّياتِ والمُبَنَّيات والمثَنَّيات)
? بَاب الآباءاعلم أَن أَبَا اسْم مَحْذُوف ذهبت لامه لِأَنَّهُ لَا يكون اسْم على حرفين إلاّ وَقد ذهب مِنْهُ حرف وَأَنت تقف على ذَلِك من كَلَام سِيبَوَيْهٍ فِي الْأَبْنِيَة الدّليل على أَن أَبَا فَعَلٌ قولُهم فِي الْجمع آباءٌ وأفعالٌ جمع فَعَلٍ بالأغلب وَلَام هَذِه الْكَلِمَة وَاو، حكى ابْن السّكيت وَغَيره أَنه يُقَال أَبَوْت الرَّجُل: إِذا كنت لَهُ أَبَا وَمَاله أبٌ يأْبُوه وَيُقَال أَب بيِّن الأُبوَّة. أَبُو عُبَيْد: مَا كنت أَبَا وَلَقَد تأَبَّيْت أُبُوَّة، حكى ابْن الأَعْرابِي: اسْتَئْبِ أَبَا واسْتَئِب أَبَا وَهَذَا شَاذ، وَيُقَال أَيْضا تأَبَّى الرَّجُل أَبَا، وَقد اخْتلفُوا فِي الْوَاو من قَوْلهم أَبوك وَنَحْوه من الْأَسْمَاء التّي يُرَدُّ مَا ذهب مِنْهَا فِي الإِضافة إِلَى المُظهَر والمضمَر كَقَوْلِهِم أَبُو زيد وَأَبُوك وأخو عَمْرو وأخوك فَقيل إِنَّهَا دَلِيل الإِعراب وَقيل إِنَّهَا حرف الإِعراب الْمَحْذُوف رُد فِي الإِضافة وكُرهت فِيهِ الضّمة فأسكن وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح. قَالَ الْفَارِسِي: الدّليل على أَن الْوَاو فِي أَبِيك وَنَحْوه من حرف الإِعراب الَّذِي هُوَ لَام الْفِعْل وَلَيْسَ بعلامة الإِعراب وَلَا دلالتّه قَوْلهم امْرُؤْ وابْنُم فأتبعوا مَا قبل حرف الإِعراب فَكَمَا أَن الْهمزَة فِي امْرُؤ وَالْمِيم فِي ابنُم حرفا إِعْرَاب ليسَا بدلالتي إِعْرَاب كَذَلِك حرف اللِّين فِي أَخِيك وَنَحْوه حرف إِعْرَاب، فَإِن قَالَ إِن الْهمزَة ثَابِتَة فِي كل أَحْوَال الِاسْم التّي هِيَ الإِعراب وَلَا تنْقَلب إِلَى حرف آخر وَلَيْسَ الْحَرْف فِي أَبِيك وَنَحْوه كَذَلِك لِأَنَّهَا تنْقَلب وَلَا يلْزم على هَذَا أَن تكون الْهمزَة مثل حرف اللين قيل لَهُ اللين فِي هَذَا الضّرب مثل الْهمزَة فِي أَنه حرف إِعْرَاب وَإِنَّمَا يقلب الْحَرْف فِي أَبِيك وَنَحْوه وَتثبت الْهمزَة على حَالَة وَاحِدَة وَالْمِيم فِي ابنم لوُجُوب(4/108)
سُكُون الْحَرْف فِي أَخِيك وبابه بِالْقِيَاسِ المطرد وَذَلِكَ أَنه وَجب أَن تكون متحركة بالحركة التّي تستحقها بالإعراب وَمَا قبلهَا أَيْضا متحرك وحرف اللين إِذا كَانَ كَذَلِك انْقَلب وَلم يثبت وَسكن وَلم يَتَحَرَّك فَإِذا سُكِّن لما ذكرنَا مِمَّا أوجب لَهُ السّكون وَجب أَن يتبع مَا قبله من الْحَرَكَة كاتباع سَائِر حُرُوف الْعلَّة المسكنة لما قبلهَا من الحركات تحو ميزَان وضِيفان فالحرف فِي أَخِيك لَام مثل الَّذِي فِي ابنم انْقَلب لما ذكرنَا وَلَيْسَ لمن دفع أَن يكون ذَلِك حرف عِلّة إِعْرَاب حجَّة تثبت إِذْ قد وجدنَا امْرَءًا وابنماً فيهمَا حرفا إِعْرَاب ثابتان وَلم يجز الثّبات فِي أَخِيك وَنَحْوه وَغير الانقلاب بِالْقِيَاسِ المطرد فقد صَحَّ وجود حرف إِعْرَاب مُنْقَلب غير التّثنية وَالْجمع وَيدل أَيْضا على أَن ذَلِك حرف الإِعراب وَلَيْسَ بعلامة الإِعراب قَوْلهم فُوك وذُو مَال أَلا ترى أَن قَوْلنَا ذُو لَا يَخْلُو من أَن يكون الْحَرْف فِيهِ كَمَا قَالُوا للإعراب أَو حَرْب إِعْرَاب كَمَا يذهب إِلَيْهِ من يَقُول بقول سِيبَوَيْهٍ فَلَا يجوز أَن تكون عَلامَة الإِعراب دون أَن تكون حرفه لِأَنَّهُ يلْزم من ذَلِك أَن يكون الْحَرْف يبْقى على حرف وَاحِد وَذَلِكَ غير مَوْجُود فِي شَيْء من كَلَامهم وَإِن قَالَ وَلَيْسَ فِي شَيْء من كَلَامهم اسْم على حرفين أَحدهمَا حرف لين فَلَيْسَ أحد من الْفَرِيقَيْنِ أسعد بِهَذِهِ الْحجَّة من الآخر قيل لَهُ الْعلَّة التّي لَهَا لم يجز أَن يكون الِاسْم على حرفين أَحدهمَا حرف لين منفية هَهُنَا وَهُوَ بَقَاء الِاسْم على حرف وَاحِد لسُقُوط حرف اللين من أجل انقلابه وسكونه ولحاق التّنوين إلاّ ترى أَن ذَلِك مَأْمُون هَهُنَا من أجل الإِضافة فَإِذا أفردوا قَالُوا فَمٌ فأبدلوا الْمِيم من الْوَاو وَمن كَانَ عِنْده أَن حرف اللين فِي أَخِيك للإعراب وَلَيْسَ بِحرف الإِعراب يلْزمه أَن يكون الْحَرْف فِي ذُو أَيْضا للإعراب دون أَن يكون حرف الإِعراب فَإِذا كَانَ كَذَلِك فقد حصل الِاسْم على حرف وَاحِد وَذَلِكَ فَاسد عِنْد الْجَمِيع لِأَنَّهُ إِذا لم يجز أَن يكون اسْم على حرفين أَحدهمَا حرف لين فَأن لَا يجوز أَن يكون على حرف أولى إِذْ الْعلَّة التّي لَهَا لم يجز أَن يكون على حرفين أَحدهمَا حرف لين مصيره إِلَى حرف وَاحِد وَقد أجمع الْجَمِيع على أَنه إِذا رُخِّمَ شِيَةٌ على من قَالَ ياحارُ رَدَّ الْفَاء فقد ثَبت بذلك أَن الْحَرْف فِي فُوك وذُو مَال حرفُ إِعْرَاب وَإِذا كَانَ حرف إِعْرَاب كَأَن فِي أَخِيك أَيْضا مثله وَإِذا سميت رجلا قلت فِي جمعه أبونَ هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَأنْشد: فَلَمَّا تبيَّن أصواتَنا بكَيْنَ وفَدَّيْننا بالأَبِينا وَهَذَا نَص قَوْله إِذْ قَالَ إِذا سميت بأبٍ قلت فِي التّثنية أَبَوان، وَقلت فِي الْجمع السّالم أبُون وَفِي المُكسّر آبَاء وَكَذَلِكَ فِي أَخ، وَأما أَبُو عمر الْجرْمِي فَكَانَ لَا يُجِيز فِيهِ الْجمع السّالم إلاّ فِي الضّرورة وَالْبَيْت الَّذِي أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ وفدّيننا بالأَبِينا عِنْده ضَرُورَة وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَن الْقيَاس هُوَ الأبُونَ وَأَن نُقْصَان الْحَرْف الذَّاهِب من أبٍ لَيْسَ يُوجب أَن يجْتَنب فِي الْجمع السّالم ذَلِك الْحَرْف لأَنا نقُول فِي رجل اسْمه يدٌ ودَمٌ يَدونَ ودَمُونَ بل عِنْده أَن قَوْلهم أبَوان وأخَوان إتْباعٌ للْعَرَب لَا على الْقيَاس وَهُوَ معنى قَوْله إلاّ أَن تحدث الْعَرَب شَيْئا كَمَا بنوه على غير بِنَاء الحرفين يَعْنِي فِي التّثنية وَفِي بعض النّسخ كَمَا ثنوه على غير بِنَاء الحرفين إِن شَاءَ الله تَعَالَى. قَالَ: وَإِذا نسبت إِلَى أَب قلت أَبَوِي لِقَوْلِك فِي التّثنية أَبَوَانِ وَذَلِكَ أَنه عقد هَذَا الْبَاب بقوله اعْلَم أَن كل مَا كَانَ على حرفين والسّاقط مِنْهُ لَام الْفِعْل وَكَانَت اللَّام السّاقطة ترجع فِي التّثنية أَو فِي الْجمع بِالْألف والتّاء فَإِن النّسبة إِلَيْهِ برد الْحَرْف السّاقط لَا يجوز غير ذَلِك فَأَما مَا يرجع فِي التّثنية فكقولك فِي أبٍ أبَوَانِ وَفِي أَخٍ أخَوَانِ وَأما مَا يرجع بِالْألف والتّاء فكقولك فِي سَنَة سَنَوات فَإِذا نسبت إِلَى أَخ أَو أَب أَو سنة قلت أبَوَيُّ وأَخَوِيُّ وسنوي لَا يجوز غير ذَلِك، وَإِنَّمَا يجوز رد الذَّاهِب لأننا رَأينَا النّسبة قد ترد الذَّاهِب الَّذِي لَا يعود فِي التّثنية كَقَوْلِك فِي يَد يدوي وَفِي دم دموي وَأَنت تُرِيدُ يدان وَدَمَانِ فَلَمَّا قويت النّسبة على رد مَا لَا ترده التّثنية صَارَت أقوى من(4/109)
التّثنية فِي بَاب الرّد. غير وَاحِد: هِيَ الأُمّ وَالْجمع الأُمَّات والأُمَّهات وَلذَلِك قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِذا سميت امْرَأَة بأمٍّ ثمَّ جمعت جَازَ أُمَّهَات وأمات لِأَن الْعَرَب قد جمعتها على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ، قَالَ الشّاعر: كَأَن نَجَائِب مُنذِرٍ ومُحرِقٍ أُمَّاتِهِنَّ وطَرْقُهُنَّ فَحيلا وَلَو سميت بِهِ رجلا لَقلت: أُمّون. وَإِن كسّرته فَالْقِيَاس أَن تَقول إِمَام، غَيره: أُمَّهَة وأُمَّم، وَأنْشد: تقبَّلْتَها من أُمَّةٍ لَك طالماتُنوزِع فِي الْأَسْوَاق عَنْهَا خِمارُها وَأنْشد: أُمَّهَتي خِنْدِفُ واليأس أبي ابْن دُرَيْد: الْأُم لُغَة فِي الْأُم وَيُقَال مَا كنت أُماً وَلَقَد أَمِمْت وأمَمْت أُمومة وَمَاله أم تَؤُمُّه وتَئِمُّه وَحكى استَئِم أما وتأمَّم أما وَحكى: اسْتَأْم الرَّجُل: اتخذ أما وَلم أسمع هَذَا فِي النّسب إلاّ فِي شَيْء حَكَاهُ أَبُو عُبَيْد: قَالَ: استَعَمّ الرَّجُل إِذا اتخذ عَمَّا وتَعَمَّمْت الرَّجُل دَعوته عَمَّا وَأما وَيْل أمه فقد قدمت ذكره عِنْد ذكر الوَيْلَمة فِي بَاب الشّدة والدّهاء فَأَما قَوْلهم فِي النّداء يَا أمة وَيَا أَبَة فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: سأَلتُ الْخَلِيل عَن قَوْلهم يَا أمة وَيَا أَبَة لَا تفعل وَيَا أبتاه وَيَا أمتاه فَزعم الْخَلِيل أَن هَذِه الْهَاء مثل الْهَاء فِي عمَّة وَخَالَة وَزعم الْخَلِيل أَنه سمع من الْعَرَب من يَقُول يَا أمة لَا تفعلي ويدلك على أَن الْهَاء بِمَنْزِلَة الْهَاء فِي عمَّة وَخَالَة أَنَّك تَقول فِي الْوَقْف يَا أمه وَيَا أبه كَمَا تَقول يَا عَمه وَيَا خَاله وَتقول يَا أمتاه كَمَا تَقول يَا خالتّاه وَإِنَّمَا يُلزمون هَذِه الْهَاء فِي النّداء إِذا أضفت إِلَى نَفسك خَاصَّة كَأَنَّهُمْ جعلوها عوضا من حذف الْيَاء وَأَرَادُوا أَن لَا يُخلّوا بِالِاسْمِ حِين اجْتمع فِيهِ حذف الْيَاء وَأَنَّهُمْ لَا يكادون يَقُولُونَ يَا أَبَاهُ وَيَا أُمَّاهُ وَصَارَ هَذَا مُحْتملا عِنْدهم لما يدْخل النّداء من التّغيير والحذف فأرادوا أَن يعوضوا هذَيْن الحرفين كَمَا قَالُوا أَيْنَق لما حذفوا الْعين جعلُوا الْيَاء عوضا فَلَمَّا ألْحقُوا الْهَاء فِي أبه وَأمه صيروها بِمَنْزِلَة الْهَاء التّي تلْزم الِاسْم فِي كل مَوْضِع نَحْو عَمه وخاله واختص النّداء بذلك لكثرته فِي كَلَامهم كَمَا اخْتصَّ النّداء بيا أَيهَا الرَّجُل وَلَا يكون هَذَا فِي غير النّداء لأَنهم لما جعلُوا هَا فِيهَا بِمَنْزِلَة يَا وأكدوا بهَا التّنبيه لم يجز لَهُم أَن يسكتوا على أَي وَلَزِمَه التّفسير، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: قلت فَلم دخلت الْهَاء فِي الْأَب وَهُوَ مُذَكّر، قَالَ قد يكون الشّيء الْمُذكر يُوصف بالمؤنث وَيكون الشّيء الْمُؤَنَّث يُوصف بالمذكر وَقد يكون الشّيء الْمُؤَنَّث لَهُ الِاسْم الْمُذكر وَيكون الشّيء الْمُذكر لَهُ الِاسْم الْمُؤَنَّث فَمن ذَلِك رجل رَبْعة وَغُلَام يَفَعَة فَهَذِهِ الصِّفَات والأسماء قَوْلهم ثَلَاث أنفس وَثَلَاثَة أنفس وَقَوْلهمْ مَا رَأَيْت عينا يَعْنِي عين الْقَوْم وَكَأن أبه اسْم مؤنث يَقع لمذكر لِأَنَّهُمَا والدّان كَمَا تقع الْعين للمذكر والمؤنث لِأَنَّهُمَا شخصان فكأنهم إِنَّمَا قَالُوا أَبَوَانِ لأَنهم جمعُوا بَين أَب وأبة إلاّ أَنه لَا يكون مُسْتَعْملا إلاّ فِي النّداء إِذا عينت الْمُذكر واستغنوا بِالْأُمِّ فِي الْمُؤَنَّث عَن أَبَة وَكَانَ ذَلِك عِنْدهم فِي الأَصْل على هَذَا فَمن ثمَّ جاؤا عَلَيْهِ بالأبوين وجعلوه فِي غير النّداء أَبَا بِمَنْزِلَة والدّ وَكَأن مؤنثه أَبَة كَمَا أَن مؤنث الوالدّ والدّة وَمن ذَلِك قَوْلهم أَيْضا للمؤنث هَذِه امْرَأَة عَدْل وَمن الْأَسْمَاء فرس وَمَا أشبه ذَلِك وَحدثنَا يُونُس أَن بعض الْعَرَب يَقُول يَا أم لَا تفعلي، جعلُوا هَذِه الْهَاء بِمَنْزِلَة هَاء طَلْحَة إِذْ قَالُوا يَا طلحُ أقبل(4/110)
لأَنهم رأوها متحركة بِمَنْزِلَة هَاء طَلْحَة فحذفوها وَلَا يجوز ذَلِك فِي غير الْأُم من الْمُضَاف وَإِنَّمَا جَازَت هَذِه الْأَشْيَاء فِي الْأُم وَالْأَب لكثرتهما فِي النّداء كَمَا قَالُوا يَا صَاح فِي هَذَا الِاسْم وَلَيْسَ كل شَيْء يكثر فِي كَلَامهم يُغير عَن الأَصْل لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْقِيَاسِ عِنْدهم فكرهوا ترك الأَصْل. قَالَ أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن حَمْزَة الْكُوفِي: إِن كَانَ صَحَّ قَول النّبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم لعَلي: (يَا عليّ أَنا وَأَنت أبَوا هَذِه الآمة) . فَمَعْنَاه أَنا وَأَنت القائمان بِأَمْر هَذِه الْأمة لِأَن الْعَرَب تَقول لكل من قَامَ بِشَيْء وتكفل بِهِ هُوَ أَبُو كَذَا وَكَذَا وَرُبمَا قَالُوا أم كَذَا وَرُبمَا قَالُوا ابْن كَذَا وسأوسعك من قَوْلهم مَا يدلك على صِحَة قَوْلنَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى، قَالَ تَمِيم بن مقبل يرثي عُثْمَان بن عَفَّان: وملجأ مهروئين يُلفى بِهِ الحَيا إِذا جَلَّفتْ كَحْلٌ هُوَ الْأُم والأبُ المَهْروء: الَّذِي قد أنضجه الْبرد. هرأَه يهرأَه هَرْءاً. وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْل الَّذِي هجا باهلة فَقَالَ: قومٌ قُتيبةُ أمّهم وأبوهم لَوْلَا قتيبةُ أَصْبحُوا فِي مَجْهَلِ وَإِنَّمَا أَرَادَ لؤم أصل باهلة وخسة فرعها وَأَنَّهَا لَا فَخر لَهَا سوى قُتَيْبَة وَأَنَّهَا مَتى سُئِلت عَن مفخر لم تأت إلاّ بقتيبة وَقَالَ الحُطيئة لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: أمُّ بُعثتَ لنا وَمَاتَتْ أمّنا من قيلِ عادٍ حِين مَاتَ النّبعُ وَأنْشد ابْن الأَعْرابِي: أَبَا نزارٍ كَرْمَ مَا أَتَيْتنَا يَا معنُ قد شَفيتَ واشتفيتا رفعت بَيْتا وَوضعت بَيْتا علّمت أهل حَضرمَوْت الموتا قَالَ: وَإِنَّمَا مدح مَعْناً بِهَذَا الشّعر وَكَانَ معن يكنى أَبَا الْوَلِيد فَأَرَادَ أَنَّك تَكْفِي نزاراً أمرهَا أَنْت لَهَا كَالْأَبِ وَهَذَا قريب الْمَعْنى من قَول رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم: (نِعْمَتِ العَمَّةُ لكم النّخلة) . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: رُئي فَارس يَوْم الْكلاب من بني الْحَارِث يشد على النّاس فيردهم وَيَقُول: أَنا أَبُو شَدَّاد. فَإِذا كرّوا عَلَيْهِ ردهم، وَقَالَ: أَنا أَبُو رَدّاد. وَهَذَا كَقَوْل الرّاجز وَذكر غنما: وجَفْرة تُدارِك التّحوبا تنَّخِذ الرّمثة أما وَأَبا وَهَذَا معنى قَول الْمَسِيح عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِمَا السّلام وَكَانَ فِي يَده الْيُمْنَى مَاء وَفِي يَده الْيُسْرَى خبز: هَذَا أبي وَهَذَا أُمِّي، فَجعل المَاء أَبَا وَجعل الطّعام أما لِأَن المَاء من الأَرْض يقوم مقَام النّطفة من الْمَرْأَة هَذِه تنْبت عَن هَذَا وَهَذِه تحبل عَن هَذَا، وَقَالَ نَهَار بن تَوْسِعة: أبي الإِسلامُ لَا أبَ لي سواهُ إِذا افْتَخرُوا بقيسٍ أَو تميمِ وَتقول للمُضيف لَك أَبُو مَثواي: أَي الْقَائِم بِي والسّائس لأمري، وَنَحْو هَذَا كثير من الْعُمُوم فَأَما من الْخُصُوص فَزعم أَبُو سعيد السّيرافي أَن أَبَا نُخيلة وُلد عِنْد أصل نَخْلَة فسُمي أَبَا نخيلة وكني أَبَا الجُنيد، وَقَالَ الرّاجز: أحبُّ أمَّ العَمْرِ حبا صَادِقا حبَّ أبي جُوالِقٍ جُوالِقا يُرِيد المَيّار والجُوالق الَّذِي يُمتار فِيهِ، فَجعله أَبَاهُ، وكنى الْهُذلِيّ الثّور أَبَا الْعجل فَقَالَ:(4/111)
أواقِدُ لَا آلوكَ إلاّ مهنّداً وجِلد أبي العِجْلِ الشّديدِ القبائلِ ويروى: جلد أبي عجل شَدِيد الْقَبَائِل: يَعْنِي تُرساً عُمل من جلد ثَوْر مُسنٍّ شَدِيد قبائل الرّأس، وَقَالَ أَبُو النّجْم: يُعْثِرْنَ أسراب القطا البُيَّاضِ عَن كلٍ أُدحيٍّ أبي مَقاضِ أَي فرّخت فِيهِ مرَارًا فَهَذَا كَقَوْلِه ذُو مقاض أَي مَوْضِع قيض وعَلى هَذَا الْمَذْهَب دَعوا الْعَبَّاس بن عَليّ أَبَا قِربة وسَمَّوْهُ السَّقَّاء لأخْذِه القِربة حِين عَطش الْحُسَيْن عَلَيْهِ السّلام وتوجهه إِلَى الْفُرَات وَاتبعهُ أخوته لأمه بَنو عَليّ عُثْمَان وجعفر وَعبد الله فقُتل إخْوَته قبله وَجَاء بالقربة يحملهَا إِلَى الْحُسَيْن فَشرب مِنْهَا ثمَّ قُتل الْعَبَّاس بعد، وعَلى الْمَذْهَب دُعي عَليّ بن أبي طَالب صلوَات الله عَلَيْهِ بِأبي تُرَاب وَذَلِكَ لِأَن النّبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم رَآهُ رَاقِدًا فِي التّراب فناداه يَا أَبَا تُرَاب وَقد ذهب قوم إِلَى أَنه كُني أَبَا تُرَاب على الْمَعْنى الأول، وَالله وَرَسُوله أعلم، وعَلى هَذَا الْمَذْهَب كنى رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم أنسا أَبَا حَمْزَة والحمزة بَقلة كَانَ أنس يُكثر جنيها فكناه عَلَيْهِ السّلام بهَا، قَالَ وعَلى هَذَا كَنَوا أَبَا الحكم بن هِشَام بِأبي جهل وَقَالَ تَعَالَى: (تبَّتْ يدا أبي لَهَبٍ) . وَهَذَا كَقَوْلِه: (وأمُّهُ هاويه) وَالله أعلم، وكنية أبي لَهب أَبُو عتبَة وَقد جَاءَ فِي شعر أَخِيه أبي طَالب أَبُو عتبَة وَأَبُو معتب وَقَالَ أَبُو الْيَقظَان كَانَ يُقَال لعبد الْملك بن مَرْوَان أَبُو الذُّبَاب لشدَّة بَخَرِه يُرِيدُونَ أَن الذُّبَاب يسْقط إِذا قَارب فَاه، وَقَالَ غَيره هُوَ أَبُو الذِّبان، وَأنْشد الثّابت بن كَعْب الْعَتكِي: لَعَلِيَّ إِن مالَتْ بيَ الرّيحُ مَيْلةً على ابنِ أبي الذِّبانِ أَن يَتَنَدَّما أَمَسْلَم إِنْ تَقْدِرْ عليكَ رِماحُنا نُذِقْكَ بهَا سَمَّ الأَساوِدِ مَسْلَما يَعْنِي مَسلمة بن عبد الْملك، قَالَ الزّبير بن بُكّار وَكَانَ عمر وبن الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط أبان يُعرف بِأبي قَطيفة لِكَثْرَة شَعره وَقد تقدَّم من هَذَا الثّاني مَا فِيهِ الْكِفَايَة ونأتي الْآن بِمَا أردنَا ذكره من الإِباء.
(بَاب الإِباء)
قَالَ أَبُو رياض: أَبُو دِثار: الكِلَّة، وَأنْشد: لَنِعمَ البيتُ بيتُ أبي دِثارٍ إِذا مَا خَافَ بعضُ القومِ بَعْضاً يُرِيد الكِلَّة وَالْبَعْض الثّاني من قَرْصِ البَعوض. يُقَال بُعِضْتُ بَعضاً: إِذا قرصه البعوض فَأَرَادَ لنعم الْبَيْت الكِلّة إِذا كَانَ البعوض مَخوفاً والبعوض: البقّ الْوَاحِدَة بعوضة وَقد قدمت قَوْلهم أَرض مَبْعَضَة ومَبَقَّة للكثيرة البعوض والبقّ، وَأَبُو قُبَيْس: جبل بِمَكَّة مَعْرُوف، وَقد جعل الكُميت أَبَا قُبيس أَبَا قَابُوس فَقَالَ: بسفحِ أَبَا قابوسَ يندبْنَ هَالكا يُخَفِّضُ ذَات الوُلدِ مِنْهَا رَقوبها وَقَالَ ابْن دُرَيْد: قد احتاجوا فِي الشّعر حَتَّى قَالُوا أَبُو قُبيس يُرِيدُونَ أَبَا قَابُوس، وَأنْشد للنابغة يهجو يزِيد بن عَمْرو بن خويلد بن الصَّعق: فَإِن يقدرْ عَلَيْك أَبُو قُبيسٍ يَحُطُّ بك المعيشةَ فِي هَوانِ(4/112)
ويروى: يمُطّ، فيحط يَحْطَط ويمُط يمُدُّ، وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِي يمَطُّ بِفَتْح الْمِيم والطّاء قَالَ وَأَرَادَ بِأبي قبيس أَبَا قَابُوس وَهُوَ النّعمان بن الْمُنْذر، وَأَبُو قُدامَة: جبل يُشرف على المُعَرِّف، وَقَالَ اليزيدي: يُقَال داهية خِنْثِر وخناثير وَأَبُو خناثير، وَقَالَ غَيره: أَبُو خناسير، قَالَ الشّاعر: أَنا لمنْ أنكر أَو تأمّلا أَبُو خَناسيرَ أَقُود الجَملا يُقَال: مَا استتر من قاد جملا: أَي أَنه بارز مُصْحِر، كَمَا قَالَ أَنا ابْن جَلا. ابْن السّكيت: الخَناسير: الْهَلَاك، وَأنْشد: مَتى مَا نُتِجْنا أَرْبعا عَام كُفْأَةٍ بغاها خَناسيراً فأهلَكَ أَرْبعا وَقَالَ فِي كتاب المكني: أَبُو عَمْرَة: الْجُوع، وَأنْشد: إنَّ أَبَا عَمْرَةَ شرٌّ جارِ يجُرُّني بِاللَّيْلِ والنّهار جَرِّ الذئاب جِيفةَ الحمارِ حَرَّقه الله بحرِّ النّارِ وَقد قيل أَبُو عَمْرَة: الْفقر، وَهُوَ الصَّحِيح لقَوْل الشّاعر: إنَّ أَبَا عَمرةَ قد زارني فشقَّ سِربالي وشقَّ الرّدا وَقَالَ الْأَحول: أَبُو مالِك: السّغَب: وَهُوَ الهَقَم وَشدَّة الْجُوع، وَقيل: أَبَا مالكٍ إِن الغواني هجَرْنني أَبَا مالكٍ إِنِّي أظنكَ دائبا وَقد قيل هُوَ الكِبَر، وَأنْشد: بئسَ قرينَا اليَفَنِ الهالكِ أمُّ عُبَيْدٍ وَأَبُو مالكِ وَقَالَ المُفَجَّع عَن أَحْمد بن يحيى فِي هَذَا الْبَيْت أَن أَبَا مَالك الْجُوع وَأنْشد: أَبُو مالكٍ ينتابُنا بالظَّهائِرِ وسترى أم عبيد فِي بَاب الْأُمَّهَات إِن شَاءَ الله، وَأَبُو جَابر: الْخبز وَيُقَال لَهُ أَيْضا جَابر ابْن حَبَّة معرفَة لَا ينْصَرف أَعنِي حبّة، وَأَبُو سعد: الهرَم وَيُقَال أَخذ رُمَيْحَ أبي سعد، وَقيل أَبُو سعد: لُقْمَان الْحَكِيم، وَقيل هُوَ وَفد عَاد، رُمَيحه هُنَا: عَصَاهُ. قَالَ أَبُو سعد السّيرافي: يُقَال للشَّيْخ الْكَبِير مَشى على الْعَصَا أَو لم يمش أَخذ رُمَيح أبي سعد ورَقع الشّنَّ وهاديه الْعَصَا وَقد قاد العَنْزَ وَشرح ذَلِك كُله قد تقدم فِي بَاب السّن والكِبر قَالَ الشّاعر: وأنتَ كَبِير تَرْقَع الشّنَّ عُنْجُشُ قَالَ السّيرافي أما قَوْلهم: رقع الشّنَّ فَمَعْنَاه أَنه ضَعُفَ عَن التّصرُّف وَلزِمَ الْبَين فَهُوَ يرقع الشّنان وَيصْلح مَا أمكنه إِصْلَاحه من مَتَاع الْبَيْت، وَقَوْلهمْ قاد العنز: مَعْنَاهُ أَنه ضَعُف عَن قَوْد الخَيْل وسَوْق الإِبل فقاد العنز وتشاغل بهَا، وَأَبُو جُعدة: الذِّئْب معرفَة وَهُوَ أَبُو عسْلَة وَأَبُو مذْقَة، وَقَالَ بَعضهم إِنَّمَا سمي أَبَا عسْلة من العَلان وَهُوَ الخَبَب. وَقَالَ ابْن الأَعْرابِي: إِنَّمَا قيل للذئب أَبُو مذْقَة لِأَن لَونه كلون المَذْق، يُقَال أَتَانَا بمَذْقة كَأَنَّهَا قرُبُ الذِّئْب، وَإِذا مُذِق اللَّبن اخضرَّ فَكَانَ كأقراب أبي مَذْقة يَعْنِي الذِّئْب، قَالَ الرّاجز:(4/113)
يُبَاشر المِعْزى إِذا جَاءَت تئِطُّ يمسح أدنَبِهِ وطَوْراً يَمْتَخِطْ فِي لبَنٍ خَثُرَ مِنْهَا أَو أقِطْ حَتَّى إِذا كَاد الظّلام يخْتَلط جاؤا بِضَيْحٍ هَل رَأَيْت الذِّئْب قطْ الضَّيْح والضَّياح: اللَّبن الْكثير المَاء، وَأَبُو جعادة أَيْضا الذِّئْب، قَالَ الشّاعر: فَقلت لَهُ أَبَا جَعادَة إِن تمُت يمت سيِّءُ الْأَخْلَاق لَا يُتَقَبَّلُ وَأَبُو جعدة أَيْضا ضرب من الدّبْر وَكَذَلِكَ أَبُو ترابة، وَأَبُو ذؤالة: الذِّئْب وذؤالة اسْمه مأخوذٌ من الذّألان: وَهُوَ الْمَشْي الْخَفِيف وَقد ذأل يذأَل قَالَ الشّاعر: لي كلّ يَوْم من ذؤاله ضِغْثٌ يزِيد على إبَالَهْ وَقد أبنت ذَلِك فِي كتاب الذئاب، وَأَبُو قيس: كنية القرد، وَذكر أَن يزِيد بن مُعَاوِيَة كَانَ لَهُ قرد يلْعَب بِهِ فلامه النّاس على اتِّخَاذه فَأمر بِهِ فشُدَّ على أتانٍ وحشيَّة ثمَّ أُطْلِقت وَأمر أَن تطلبه الْخَيل فركض الْخَيل وتنادت الفرسان فِي طلبه وَقَالَ يزِيد: تمسَّك أَبَا قيسٍ على أرحَبِيَّةٍ فَلَيْسَ علينا إِن هلَكَت ضمانُ فَقلت من الشّخص الَّذِي سبَقَتْ بِهِ جيادَ أَمِير الْمُؤمنِينَ أتانُ فنجا وَلم يُدرك، وَأهل الْيمن يدعونَ الدّبسيَّ أَبَا قيس، والثّعلب يكنى أَبَا الحصَين وَأَبا الحِصْن وَأَبا الحِنْبِص وَأَبا الِهِجْرِس وَقد كنّوا الرَّجُل أَبَا الهجرس وَقد تقدم أَن الهجرس الثّعلب، قَالَ الرّاجز: فهِجرِسٌ مسكَنُه الفَدافِدُ والضّبُّ يكنّى أَبَا الحِسْل وَأَبا الحُسَيْل، والحِسل: ولد الضّبّ، وَقد قدمت وَجه الِاخْتِلَاف فِي أَسْنَان أَوْلَاد الضّباب وأسمائها، والشّرْخُ نِتاج المَال فِي الْعَام مرًّة، والفَحْلُ: أَبُو شَرْخَين إِذا ضَرَبَ فِي النّوقِ مرَّتين قَالَ الشّاعر: سِبَحْلاً أَبَا شَرْخَين أَحْيَا بَنانِه مَقاليتُها فهْيَ اللُبابُ الحَبائسُ ابْن السّكيت: يُقَال للأبيض: أَبُو الجَوْن، وللأسود: أَبُو الْبَيْضَاء، والجَوْن من الأضداد وَسَيَأْتِي ذكره فِي صنف الأضداد من هَذَا الْكتاب، والنّمِرُ يكنَّى أَبَا الجَوْن لما فِيهِ من السّواد، قَالَ الشّاعر يذكر نمِراً ألِفَهُ فِي سَفَره وَكَانَ يرد مَعَه ويأوي حَيْثُ يأوي فَقَالَ: ولي صاحبٌ فِي الْغَار هَدَّكَ صاحبا أَبُو الجَوْن إلاّ أَنه لَا يُعَلَّلُ وَقَالَ بعض أهل الْعَرَبيَّة يُقَال للرَّبيل حَفْصٌ ولولد الْأسد حَفصٌ، والأسد يكنى أَبَا حَفْص، وَأَبُو البَطين: فرَسٌ من خيل الْعَرَب دُعِي بذلك لِأَنَّهُ كَانَ بَطيناً وَلَيْسَ بِأبي البَطين الفَرَس الْمَعْرُوف، وَأَبُو الْحَارِث: الْأسد،(4/114)
وَأَبُو عُثْمَان: الثّعبان، يُقَال لفرخ الثّعبان وفرخ الحُبارى: عُثْمَان، وَلِهَذَا سمي الرَّجُل عُثْمَان، وَقيل بل هُوَ من العَثْمِ فِي الجَبْرِ وَالْقَوْل هُوَ الأول، وَيُقَال للمضَعَّف: أَبُو ليلى يُرَاد أَنه أَبُو امْرَأَة وَلذَلِك قَالُوا لخَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة أَبُو ليلى أَرَادوا أَنه أَحمَق. قَالَ الْأَخْفَش: الَّذِي صحَّ عِنْدِي أَنه مُعَاوِيَة بن يزِيد كُني أَبَا ليلى. وَقَالَ الْمَدَائِنِي: إِن القُرَشيَّ إِذا كَانَ ضَعِيفا قيل لَهُ أَبُو ليلى، وَأَبُو دَغْفاء: المُحَمَّق وَقد شرحت مَعْنَاهُ، وَقد قيل أَبُو ليلى كنية ذَكر الإِنسان وَقد كنّاه المُفَجَّع أَبَا لُبَيْنٍ وَقَالَ: فَلَمَّا غَابَ فِيهِ رفعتُ رَأْسِي أُنادي يَا لَثارات الحُسَينِ وَنَادَتْ غُلْمَتي يَا خيلَ ربّي أمامك وابشري بالجَنَّتين وأفْزَعَهُ تَجاسُرُنا فأقعى وَقد أثْفَرْتُهُ بِأبي لُبَينِ وَأَبُو عُمَيْر: كنية العُجارِم. قَالَ أَبُو زِيَاد: فِي بعض كتبه معبِّراً عَن البَظْرِ ويسْلُكُ أَبُو العُمَيْر تَحت مَقطعِه حَيْثُمَا قُطِع. صَاحب الْعين: الْحمار يُكْنى أَبَا العُمَير، وَأَبُو أدراسٍ: المُحَمَّق، والدّرْصُ: ولد الفأر فكأنهم قَالُوا لَهُ أَبُو فأر، وَقيل أَبُو أدراسٍ بالسّين اسمٌ للفرْج وَهُوَ مأخوذٌ من الدّرْس وَهُوَ الحَيْض قَالَ الشّاعر: الَّلاتِ كالبَيضِ لمّا تَعُدْ أَن دَرَسَتْ صُفْرُ الأنامل من قرْع القواريرِ وتَيْسُ بني حِمّانَ يُكْنى أَبَا مَرْزُوق، وَأَبُو قيس: مكيالٌ صَغِير وَقيل هُوَ الذَّكَر وَقد رُدَّ على ابْن دُرَيْد وَقيل هُوَ تَصْحِيف وَالْقَوْل قَول ابْن دُرَيْد لِأَن القيسَ الشّدَّة، وَقد تقدم أَن أَبَا قيس: القرد، وَأَبُو عاطف: مكيال لَهُم يكون نِصفَ وَيْبَةٍ، وَقد قيل أَبُو قيس: المِرداسُ الَّذِي يُرْدَسُ بِهِ فِي الْبِئْر لِيُعْلَمَ أفيها مَاء أم لَا حَكَاهَا الشّيباني، وَأَبُو زَنَّة: ضرب من القردة وَهِي مولدة أظنُّ، وَأَبُو جُخادِباءَ وَأَبُو حُباحِبٍ من الأحناش وَأَبُو صَبْرة وَأَبُو صُبَيرة: طائرٌ أَحْمَر الْبَطن أسود الرّأس والجناحين والذَّنَب وسائره أَحْمَر بلون الصبِر، وَأَبُو دُخْنَةَ: طَائِر يشبه لَونه لون القُنْبُرة، وَأَبُو حَذَرٍ: الحِرباء، وَأَبُو ذَرَحْرَحٍ وَأَبُو رِياحٍ: طَائِر قد قدمت تحليَتَه، وَأَبُو ذُرَحْرِحَةَ معرفَة لَا ينْصَرف: طَائِر أَيْضا، وَأَبُو خَدْرَة: طَائِر، وَأَبُو بَراقِشَ: طَائِر يكون فِي العِضاة أبْرَقُ لونُه سوادٌ وبياضٌ وَقد حلَّيتُه أَيْضا فِي كتاب الطّير بِأَكْثَرَ من هَذَا، وَأَبُو عَوْف: الطّحَنُ حَكَاهَا الشّيباني وَقَالَ أَبُو حَاتِم أَبُو عُوَيْف: ضرب من الجِعلان، وَأَبُو سلمَان: أعظم الجِعلان وَقيل هُوَ الوَزَغة. وَقَالَ الكَراع: يُقَال للجُعَلِ أَبُو جَعْران بِفَتْح الْجِيم، وَيُقَال للجُعَل أَبُو وَجْرة بلغَة طَيء. ابْن الأَعْرابِي: أَبُو الحِدَّة: كنية الْجَهْل، وَأَبُو كَيسان: كنية الغَدْر، وَأَبُو سريع: كنية العَرْفَج لسرعة التّهابه، وكنية الشّيطان: أَبُو لُبَينى وَقيل هِيَ كنية شَيْطَان الفرزدق فَقَط، والمُخَنْثُ يكنى أَبَا المثنَّى وكَنَى الفرزدق ابْن هُبَيْرَة أَبَا المثنَّى لِأَنَّهُ كَانَ بِهِ تكسُّر فَقَالَ: تبَنَّكَ بالعراق أَبُو المُثَنَّى وعلَّم قومَهُ أكلَ الخَبيصِ(4/115)
وَمَا أشدَّ مُطَابقَة هَذِه الكنية للمخنث لِأَن الإِنخناث هُوَ التّثني والتّكسر وَلذَلِك قَالَ أَبُو عُبَيْد فِي مُصَنفه أطراقُ القِرْبَةِ أثناؤها إِذا انخَنَثَتْ وتكسَّرت وَاحِدهَا طَرَقٌ والانخناث: التّكسُّر، وَقَالَ بَعضهم أَبُو السّبِّ: المأبونُ وَقد قيل فِي قَوْله وأشهَدُ من عَوفٍ حُلولاً كَثِيرَة يجُعُّونَ سِبَّ الزّبْرِقانِ المُزَعْفَرا أَنه عَنى أستَهُ كَانَ يُزَعْفِرُها وَزَعَمُوا أَنه كَانَ مأبوناً وَهَكَذَا حكى قُطْرُبٌ فِي كتاب الِاشْتِقَاق، وَأَبُو الخاموش: الدّهر المُسْكِتُ وَقيل هُوَ الْفقر وَقيل هُوَ الْجُوع وَقَالَ رؤبة: أقحَمني جارُ أَبُو الخاموشِ وَأَبُو المُعافى: الخِنزير بلغَة عرب الجزيرة، وجَبلٌ أَيْضا يكنى أَبَا الْمعَافى، وَأَبُو خُنَيْسٍ: الجِرِّيُّ، وَأَبُو حُدَيْجٍ: اللقلق، وَأَبُو عرّام: كثيب رملٍ بالجِفار، وَأَبُو رياحٍ: صنمُ نحاسٍ على قُبَّة قِبلة جَامع حِمص، وَأَبُو رياحٍ أَيْضا: ضَربٌ من هَيْئَة النّكاح وَقيل هُوَ أَن يجلس الرَّجُل ويُقعِدَ المرأةَ على هَنِنه ويرُدَّ ظهرَها إِلَيْهِ، وَأَبُو قُشورٍ: التّمساح، وَأَبُو عُروقٍ: مَوْضِع وَقد كُني الْأَعْشَى أَبَا بصيرٍ على الْقلب وَقيل تفاؤلاً، كَمَا كَنَوا ملَكَ الْمَوْت أَبَا يحيى، وَقَالُوا للغراب: أعْوَرُ كَقَوْلِهِم للأعشى أَبُو بصيرٍ وَإِن كَانَ المرادان مُخْتَلفين، وَتقول بَأْبَأَ فُلانٌ فلَانا: إِذا قَالَ لَهُ بِأبي أَنْت. قَالَ الرّاجز: وان يُبَأبَأْنَ وَأَن يُفَدَّيْن وَمن شاذِّ هَذَا الْبَاب: أَبُو خَالِد: الْكَلْب، وَأَبُو مَرْيَم: صيّاد السّمك ويكنى أَبَا الْحُسَيْن، وَأَبا عَبَايَة وَأَبا إِسْحَاق وَأَبا مودود وَأَبا البلايا، ويدعى الْخُرَاسَانِي: أَبَا ذُلَيْعٍ لأنّ الذَّلَعَ يعتري كثيرا مِنْهُم والذَّلع فِي النّاس مثل الهَدَلِ فِي الإِبل وَهُوَ استرخاءٌ فِي الشّفة، وَأَبُو صوفة: ضرب من خَشاش الأَرْض على شكل الخنفساء قد وصفتها فِي كتاب الهوامِّ وضربٌ من العِقِّير يسْتَعْمل للباءة يكنى أَبَا زَيْدَانَ، والسّلحفاة تكنى أَبَا فَكرون، وَأَبُو مَيْمُون: عِقيرٌ يسْتَعْمل للشحم يُقَال عِقِّير وعقّار، وَأَبُو مَرينا وَأَبُو مرينٍ: ضربٌ من دوابّ الْبَحْر، قَالَ بعض حكماء الْعرَاق أَخْبرنِي جمَاعَة من أهل صقلّية أنَّ حِذاءه يشبه السّبْتَ وَأَنه باقٍ بَقَاء طَويلا وَأَنَّهُمْ يستعملونه بجزيرتهم وَيكثر صَيْده ببحرهم وَأَن لَحْمه من شَاءَ أكلَه وَمن شَاءَ عابه، وبصقلّية جبل يدعى أَبَا ناجِيَّة. غَيره: يُكنى الثّور المُنْكر القرنين والفيل: أبوَي مُزاحِمٍ.
(بَاب الْأُمَّهَات)
ابْن السّكيت والأحول: أُمُّ الْكتاب: الْحَمد وَهِي فَاتِحَة الْكتاب لِأَنَّهُ يبْدَأ بهَا فِي الْمَصَاحِف قبل سَائِر الْقُرْآن وَيبدأ بِقِرَاءَتِهَا قبل كل سُورَة وَهِي السّبعُ المثاني. وَقَالَ غَيرهمَا: أمُّ الْكتاب: عِلم الْكتاب، قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: (يمحو الله مَا يشاءُ ويُثْبِتُ وَعِنْده أمُّ الْكتاب) ، وَحكي عَن أبي عُبَيْدَة أَنه قَالَ أم الْكتاب: الْكتاب كلُّه وَذَلِكَ معنى قَوْله وَالله أعلم: (وإنَّه فِي أمِّ الْكتاب لدينا) ، وَقيل: أمُّ الْكتاب: الْمُحكم من آيِهِ واحتجَّ بقوله عز وجلّ: (منهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هنَّ أمُّ الْكتاب وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) ، وَقد قيل فِي أمِّ الْكتاب أَنه اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَهَذَا أشبه الْأَقْوَال وَالْعرب تَقول أصل كلِّ شيءٍ أُمُّه وَلذَلِك قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إنْ أمُّ الْجَزَاء والألِفُ أمُّ الِاسْتِفْهَام وإلاّ أمُّ الِاسْتِثْنَاء وَالْوَاو أمُّ حُرُوف الْعَطف يُرِيد أَنَّهَا أصُول هَذِه الْأَبْوَاب وَكَذَلِكَ كل حرف كَانَ مُشْتَمِلًا على الْبَاب الَّذِي هُوَ فِيهِ، وأمُّ كل شيءٍ: معظَمُه، وَيُقَال لكل شيءٍ اجْتمع إِلَيْهِ شيءٌ فضمَّه هُوَ أمٌّ لَهُ وَمِنْه قَول الله تَعَالَى: (فأُمُّه هاويةٌ وَمَا أدراكَ مَا هِيَهْ(4/116)
نارٌ حامِيَةٌ) وَمِنْه قَول أميَّة بن أبي الصَّلت: والأرضُ مَعْقِلُنا وَكَانَت أُمَّنا فِيهَا معايِشُنا وَمِنْهَا نَوْلَدُ وَقَالَ أميّة يذكر دَار عبد الله بن جدعَان فَجَعلهَا أمَّ الْأَسْوَاق وخاطب ناقتَه: وتَنْزِلي فِي ذَرَى دارٍ مُعَمَّدَةٍ عُمْدَ تِجارٍ أّمِّ أَسواقِ وَأنْشد الشّيباني: مُؤَيَّمّةٌ أَو فاركٌ أُمُّ ثالثّ لَهَا بدِماثِ الواديين رُسومُ المؤيَّمة: التّي لَا زوج لَهَا، وأمُّ ثالثّ: أَرَادَ أم ثَلَاثَة أَزوَاج أَي قد تزوجت ثَلَاثَة أَزوَاج، وَقَالَ الحطيئة فِي عمر بن الخطّاب رَضِي الله عَنهُ وأرضاه: أُمٌّ بُعِثْتَ لَهُم وَمَاتَتْ أُمُّهم من قبل عادٍ حِين مَاتَ التّبَّعُ وَأَرَادَ بِالْأُمِّ التّي مَاتَت قبل عَاد حوّاء عَلَيْهَا السّلام. ابْن السّكيت: أمُّ النّجوم: المَجَرَّة وَهِي أَيْضا أم السّماء، وَقيل أم النّجوم: الثّريّا، وَقَالَ تأبَّطَ شرّا: يرى الوَحْشَةَ الأُنْسَ الأَنِيسَ ويَهْتَدي بحيثُ اهْتَدَتْ أمُّ النُّجومِ الشَّوابِكِ قَالَ وأمُّ الْقرى: مكَّة قَالَ الله تَعَالَى: (لِتُنْذِرَ أُمَّ القُرى وَمن حَولَها) وَقَالَ: (هُوَ الَّذِي بعثَ فِي الأُمِّيّينَ رَسُولا مِنْهُم) إِنَّمَا أَرَادَ وَالله أعلم بالأمِّيين أهل مَكَّة لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السّلام بُعث وبمكة من يكْتب وَمن لَا يكْتب وَقد قيل فِيهِ غير هَذَا وَهَذَا أعجب إليَّ مِنْهُ، وَيُقَال لمَكَّة بَكَّة ومكَّة والنّساسةُ وأمُّ الرّحْمِ وصَلاحِ مبنيَّة على مِثَال قَطامِ قَالَ: أَبَا مطَرٍ هلُمَّ إِلَى صلاحِ فتَكْنُفَكَ النّدامى من قُرَيشِ قَالَ وَإِنَّمَا سميت مَكَّة أم الْقرى بِالْكَعْبَةِ، وَجَاء فِي الحَدِيث: (إنَّ الْكَعْبَة كَانَت خُشْعَةً على المَاء فدَحى الله تبَارك وَتَعَالَى الأَرْض من تحتهَا) والخُشعة: الْقطعَة الغليظة من الأَرْض، وَقَالَ المنتجِع بن نَبهَان الخُشَع: الخُروق واحدتها: خُشْعَةُ وَأما قَوْلهم مَكَّة فَهُوَ من قَوْلهم تمكَّكْتُ العَظْمَ إِذا استخرجت مُكاكَتَهُ وَهِي مُخُّه، وَأما بَكَّة فسُمِّيت بِهِ لأنّ النّاس يتباكُّونَ فِيهَا أَي يتزاحمون، وَأما النّساسة فَمن النّسِّ وَهُوَ اليُبْسُ، قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال جَاءَنَا بخبزةٍ ناسَّةٍ وَقد نسَّ الشّيءُ ينِسُّ نَسّاً: يبِسَ، قَالَ العجاج: وبَلَدٍ تُمْسي قَطاهُ نُسّا يَعْنِي يابسة من الْعَطش، وَأما صلاحِ وأمُّ رُحْمٍ فبَيِّنٌ، فَهَذَا شيءٌ عرَضَ، ثمَّ نعود إِلَى غرضنا فِي هَذَا الْبَاب، وَيُقَال للنهر الْكَبِير الَّذِي تحمل السّواقي مِنْهُ الْأُم وتسمَّى سواقيه الرّواضِعَ كَأَنَّمَا ارتَضَعَتْ من الأمّ وعَلى ذَلِك قَالَ عبد الله بن سُبْرَة الجَرَشيُّ: أضحَت لنا الشّامُ أُمّاً فَهِيَ تُرْضِعُنا لَا أحَقَّتْ لَا وَلَا أّزْرَتْ بهَا عُقَمُ وأمُّ كلِّ نَاحيَة أعظم بلدةٍ وأكثرُها أَهلا، وأمُّ خُراسانَ مرْوُ قَالَ جَامع بن مُرْخِيَةَ: فأزرى بأمِّ الحَيِّ أنَّ أباهُمُ لَهُ حاوياءُ لَا تكادُ تثوبُ(4/117)
وَقد قيل إِنَّه على نَحْو هَذَا من التّعظيم قيل لِأَزْوَاج رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم أمَّهاتُ الْمُؤمنِينَ قَالَ الله تَعَالَى: (وأزواجُهُ أُمَّهاتُهم) ، قَالَ الْفَارِسِي هَذَا على قَوْلك أَبُو يُوسُف أَبُو حنيفَة أَي مثله فِي الْفِقْه، وعَلى هَذَا أجَاز أنبأ الله زيدا عمْرأً خَالِدا أَي مثل خَالِد. غَيره: أمُّ الرّأس: الهامَةُ، وأمُّ الدّماغ: الجِلْدَة التّي حَولي الدّماغ. ابْن السّكيت: أمُّ الرّأس: الهامة وَأنْشد: بطيءٌ نُصول الشّمس فِي أُمِّ رأسِها وَقاحٌ أظلاّها إِذا مَا علَت صُلْبا وَقد سمى الفرزدق أم الدّماغ أمَّ الجماجم فَقَالَ: وَنحن ضربنا من شُتَيْرِ بن خَالِد على حَيْثُ تستسقيه أمُّ الجَماجم ويروى أمُّ العمائم وَقد قدَّمت شرح ذَلِك كُله بأقصى النّهاية فِي أوّل الْكتاب عِنْد ذكر طوائف الرّأس وذكرتُ مَا ألْغَزوا بِهِ فِي ذَلِك الْمَعْنى وعلّلوه بِهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدة: المأمومة فِيهَا ثُلُثُ الدّية وَفِي هَذَا خُلْف بَين الْفُقَهَاء والضّربة آمَّةٌ وأمُّ الدّماغ مأمومَةٌ وَأنْشد: يَحُجُّ مأمومَةً فِي قعرها لَجَفٌ فاسْتُ الطّبيبِ قَذاها كالمغاريدِ ويروى كالغَماريد وَهُوَ مقلوب عَن المغاريد وَهُوَ جمع مَغْرودٍ وَهُوَ ضرْبٌ من الكَمْأة وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب مُفعول وَلَا فُعلول مَوْضِع الْفَاء مِنْهُ ميمٌ سوى مُغرود ومُغفور وَهُوَ صَمْغٌ حُلْو ينقع وَيشْرب مَاؤُهُ ومُغْثور ومُعْلوقٌ ومُنْخور وَهُوَ المُنْخُرُ قَالَ أَبُو ذُؤَيْب: وصُبَّ عَلَيْهَا الطّيبُ حتّى كأنَّها أّسِيٌّ على أمِّ الدّماغ حَجيجُ وَقَالَ جَامع الكِلابيّ: وخِرْقٍ كريم الوالدّينِ كأنَّه على الرّحْل من طول النّعاس أميمُ والأميم: المَدْموغ وَقد يعِيش حينا ثمَّ يَمُوت إِمَّا مِنْهَا وَإِمَّا من غَيرهَا، والآمَّة أَن يُضرَب الإِنسان على رَأسه فتَهَشَّم أُمُّ الدّماغ وَهِي الجمجمة فتنزع الْعِظَام التّي تهشَّمت وَهِي خرْق لَيْسَ بَينه وَبَين أم الدّماغ التّي فِيهَا الدّماغ شَيْء فَإِن كَانَت أمُّ الدّماغ قد جرحها شَيْء من الْعِظَام فخَلَصَ إِلَى الدّماغ فقد مَاتَ الرَّجُل وَإِن لم يَمَسَّ أمَُّ الدّماغ شَيْء وَبَقِي ذَلِك الخَرْق حَتَّى لَا يستطيعوا أَن يرتُقوه لَا تزَال عَلَيْهِ خِرْقة فَهُوَ الأَميم وَالْأول الْمَأْمُوم وَقد تَوادَى الْعَرَب فِيهَا فَإِذا أَبى القومُ إلاّ أَن يقتصُّوها اعْترض رجلٌ من الْقَوْم فَرضِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء بِهِ وقلَّما يحملونها إِذا كَانَت كَمَا أخبرتُك الْأمة لأَنهم ينزلون صَاحبهَا بِمَنْزِلَة الْمَيِّت لِأَنَّهُ لَيْسَ مُقَاتِلًا مَعَ الْقَوْم وَلَا حَامِلا على رَأسه وَإِذا سمع الرّعدَ جعل أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ وطرحوا عَلَيْهِ كل شَيْء مَخَافَة أَن يسمع صَوت الرّعد ويفرَّ من كل صَوت شَدِيد لِأَن كل صَوت يسمعهُ فَكَأَنَّهُ فِي أمِّ دماغه فَهَذَا الأَميم وَالْأول الْمَأْمُوم وَمَا علمت أَن أحدا فرَق بَين الأَميم وَالْمَأْمُوم بأحسنَ من هَذَا الَّذِي ذكره أَبُو زِيَاد فَأَما قَول الشّاعر: قلْبي من الزّفَرات صدَّعَه الْهوى وحَشايَ من حرِّ الفِراق أميمُ فَإِنَّهُ استعاره للحشا وَإِنَّمَا الْأمة الدّماغ وَيُقَال لَهَا أَيْضا أم الشّؤون قَالَ الشّاعر: وهُمْ ضَربوكَ أمَّ الرّأس حَتَّى بَدَتْ أمُّ الشّؤون من الْعِظَام وَيُقَال للدماغ: أمّ الهامة قَالَ العجاج:(4/118)
يَفُضُّ أمَّ الْهَام والتّرائكا هَشْمُكَ حوْلَيَّ الهَبيدَ الرّاتِكا ويروى حوليَّ الهبيد آرِكا، وَيُقَال للدماغ أَيْضا أمُّ الصَّدى، وَيُقَال إِن الصَّدى طائرٌ يخرج من رَأس الْمَيِّت يَقُول اسقوني اسقوني حَتَّى يُدرك بثأره وَهَذَا من خرافات الإِعراب وتكاذيبهم، وَالْعرب تَقول مَاله أصَمَّ الله صداه: أَي أعطَشَ هامته، وَالْعرب تزْعم أَن الْعَطش يكون فِي الدّماغ وَهُوَ معنى قَول ذِي الإِصبع: أضْرِبْكَ حَيْثُ تَقول الهامةُ اسقوني وَمعنى قَول الآخر: قد علِمَتْ أنّي مُرَوِّي هامِها وَيُقَال ضربه على أمِّ رَأسه وأمِّ قَفاهُ. ابْن السّكيت: أُمُّ الطّعام: المعِدَة. أَبُو رياش: أمُّ الحرْب: الرّاية، وأمُّ الرّنا: الْغَايَة، والغاية الرّاية تكون للملوك وللخَمّار وذواتُ الرّاياتِ البَغايا كَانَت الْوَاحِدَة تجْعَل على بَابهَا راية ليعرفها العهّار فيَقصِدونها، وأمُّ الْحَرْب: الْحَرْب الْعَظِيمَة وَقد كَنى رؤبة الْحَرْب أُمَّ الحَرْشَفِ، والحرشفُ: الْجَرَاد شبَّه الرّجالة بِهِ وَأنْشد: والحرْبُ أُمُّ الحَرْشَفِ المُنْبَسِّ المنبَسّ: المتفرِّق، وأمُّ الْوقُود: الْحَرْب، وأمُّ الفوارس: التّي ولَدَتِ الفُرْسان وَقيل هُوَ على جِهَة التّعظيم، وأمُّ الْعِيَال: الْعَجُوز التّي ولَدَتهم، وفلانٌ أُمُّ الْقَوْم: إِذا قلَّدوه أَمرهم كَأَنَّهُمْ يجعلونه لَهُم بِمَنْزِلَة أمّهم وَهَذَا كَمَا قدمت فِي الْأَب، وأمُّ مَثواك: امرأتُك. الكَراع: أمُّ المَثوى: الجارة وصاحبة الْمنزل وأظُنُّه يَعْنِي بالجارة الزّوجة فَإِن كَانَ أَرَادَ ذَلِك فَهُوَ صَحِيح لِأَن الْأَعْشَى يَقُول: أيا جارتا بِينِي فإنَّكِ طالِقَه وَقَالَ ابْن الأَعْرابِي: نزل بعض الْعَرَب بِامْرَأَة مِنْهُم فأحسنتْ ضيافته فَقَالَ مَا رأيتُ أُمَّ بيتٍ أحسنَ ثغراً مِنْك وراودَها على القُبَل فزَبَنَتْهُ فَقَالَ: تَقول أمُّ عامرٍ بالغَمْزِ قلْ فَإِن تَقُلْ فعندنا ماءٌ وظِلّْ وَإِن أبَيْتَ فالطّريقُ معتدِلْ أمّا الَّذِي سأَلْتَنا فَلَا يَحِلّْ أَبُو عَمْرو: أمُّ الْمنزل: الْمَرْأَة التّي يُنْزَلُ بهَا وَأنْشد: صادَفْتَ أُمَّ منزلٍ حَصانا كسَتْكَ من أمِّكَ طَيْلَسانا والأمُّ الثّانية: أم رَأسه أَي دقَّت رَأسه فكَسَتْه طَيلسانا من دَمه، وأمُّ خُرْمان: مُلتقى طريقِ حاجِّ الْبَصْرَة وحاجِّ الْكُوفَة وَهِي بِرْكَةٌ إِلَى جَانبهَا أكَمَةٌ حَمْرَاء على رَأسهَا نارٌ موقَدَةٌ حَكَاهَا ابْن السّكيت: وَأنْشد: يَا أُمَّ خُرْمانَ ارفعي الوَقودا ترَي رجَالًا وقِلاصاً قُودا فقد أطالتّ نارُكِ الخُمودا أنِمْتِ أم لَا تجِدينَ عُودا أَبُو صاعد الْكلابِي: أمُّ صَبّارٍ: قُنَّةٌ فِي حَرَّة بني سُلَيم، وَقيل أم صبّار حَرَّة ليلى وحَرَّة النّار قَالَ النّابغة: تدافع النّاسَ عنّا حِين نرْكَبُها من المَظالم تُدْعى أمَّ صَبّارِ(4/119)
وَالْقَوْل قَول أبي صاعد لِأَن نَزيعَ بن سُلَيْمَان الضّبابي قَالَ فِي حربهم لبني سُلَيم بعد قَوْله: إِن كَانَ قولُكُمُ قَولاً تَفونَ بِهِ فأسهِلوا من نواحي أمِّ صَبّار قَالَ عَليّ بن حَمْزَة: وَمَعَ هَذَا فقد روى قَاسم بن سَلام الصَّبُرُ: الأَرْض التّي فِيهَا حَصى وَلَيْسَت بغليظة وَمِنْه قيل للحَرَّة أمُّ صَبّار. الشّيباني: وَقع فِي أمِّ صَبّورٍ: أَي فِي أمرٍ مُلْتَبَسٍ لَيْسَ لَهُ منفَذٌ، وَقيل أمُّ صَبّورٍ: هضبةٌ لَا منفذ فِيهَا فشُبِّه بهَا الْأَمر الْعَظِيم الَّذِي لَا منفذ لَهُ، قَالَ أَبُو الْغَرِيب: أوقَعَهُ اللهُ لِسُوء سَعْيِهِ فِي أمِّ صَبّورٍ فأوْدى ونَشِبْ ابْن السّكيت: أُمُّ أوْعال: هَضْبَة بِعَينهَا وَأنْشد: وأُمُّ أوْعالٍ كَها أَو أقْرَبا وَيُقَال أَيْضا لكل هَضْبة فِيهَا أوعال، قَالَ الصنقوب الْعقيلِيّ: وَلَا أبوحُ بشَرٍّ كُنتُ أكتمُهُ مَا كَانَ لحِمى مَعصوباً بأوصالي حَتَّى تبوحَ بِهِ عَصْماءُ عاقلةٌ من عُصْمِ بَزْوَةَ وحشِ أمِّ أوعالِ قَالَ عَليّ بن حَمْزَة: الَّذِي عِنْدِي أَن العَصْماء هِيَ أم أوعال فِي هَذَا الْموضع وَأَنه كَقَوْل امْرِئ الْقَيْس: وَيَوْما على صَلْتِ الجَبينِ مُسَحَّجٍ وَيَوْما على بَيْدانةٍ أُمِّ تَوْلَبِ وكقول ابْن مُقبل: رَآهَا الفؤادُ أُمُّ خِشْفٍ خَلالها بقُورِ الوِراقَيْنِ السّرَاءُ المُصَنِّفُ وَأم الطّريق: مُعظمه ووَسُطه وَأنْشد لكُثَيِّر: يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيِّ وناصحٍ تَخُصُّ بِهِ أُمُّ الطّريقِ عِيالَها وَهَذَا قَول الْأَحول، وَقيل إِن أم الطّريق هَهُنَا الضّبْع وَالْقَوْل قَول الْأَحول يشْهد لَهُ قَول الشّاعر: تَخُصُّ بِهِ الطّريقَ إِذا اعتراها عَلَيْهِ مَا تَفوتُ من العِيالِ وأوضح من هَذَا قَول الطّرماح: إِذا مَا أمْتَحَتْ أمُّ الطّريقِ تَرَسْمَتْ رَتيمَ الْحَصَى من مُلكها المُتَوَضِّحِ مَلِك الطّريق وسَطه. والرتيم المَرتوم والمُتوضِّح: المُتَبيِّن. وَقَالَ الْأَحول أم الظّباء: الفَلاة، وَأنْشد: وهانَ على أم الظّباءِ بحاجَتي إِذا أرسَلَتْ يَوْمًا عليكَ سَحوقُ وَذَلِكَ لريِّها الظّباء كَأَنَّهَا أمٌّ لَهَا، وَمن هَهُنَا سمّاها الرّاعي أم الوَحْش فِي شعره فَقَالَ: وعارِيةِ المَحاسر أمِّ وَحشٍ تَرى قِطَعَ السّمامِ بهَا عِزينا عِزين: جماعات، والمحاسر: الْمَوَاضِع الظّاهرة، والسّمام: طير شَبَّه الإِبل بهَا فِي سرعتها وَالْعَارِية البارزة وَقد سمّوا المرأةَ أم الظّباء، قَالَ الْحَارِثِيّ:(4/120)
أَرَأَيْتَكَ إِن أُمُّ الظّباءِ نجا بهَا نَوالٌ وحَقَّ البيعُ مَا أَنْت صانِعُ وَقَالَ آخر: أَلا طَرَقَتْ أمُّ الظّباءِ صَحابتي قَالَ ابْن السّكيت: قَالَ أَبُو صاعد: غَدَوْتُ غَدْوَةً فِي الْوَادي فَوجدت أم عُبَيْد تَعْرُك أَدَمَها، يُقَال ذَلِك للخَطيطة، وَهِي الأَرْض التّي يُمطر مَا حولهَا وَهِي لم تُمطَر، وَكَانَت سنة، وَأنْشد غَيره: بِئسَ قَرينُ اليَفَنِ الهالِكِ أم عُبَيْدٍ وَأَبُو مالِكِ وَقَالَ: أم عُبَيد: الفلاة اللَّماعة. الشّيباني: هِيَ الخالية من الأَرْض وَهِي السّنة التّي لَا عائِنة بهَا وَلَا كلأ، والعائنة: النّاس وَرَوَاهَا بَعضهم أم عَبيد، وَالْأول أعرف وَأَصَح. ابْن السّكيت: أمُّ سَخْل: جبل مَعْرُوف فِي النّيرنير غاضرة، وأمُّ عِرْس: رَكِيَّةٌ لعبد الله بن قُرَّة المَنافي لَا تَنْزَح وَلَا تُواري عَراقي الدّلو، دائمةٌ على ذَلِك وَاسِعَة السّحْوَة قريبَة القَعر، وَأنْشد: رَكِيَّةٌ ليستْ كأُمِّ عِرْسِ وَأم العَرب: قَرْيَة من عمل الفَرَما بالجِفار، مِنْهَا هَاجر أم إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِمَا، وَأم العِيال: مَوْضِع قريب من مَكَّة وَقد قدمت أَنَّهَا الْعَجُوز. ابْن السّكيت: وَقعوا فِي أمِّ حَبَوْكَرى: إِذا ضلّوا، وَأم حَبَوْكَرَى أَرض مَعْرُوفَة بِأَعْلَى حَائِل من بِلَاد قُشَيْر ذَات وِهاد ونِقاب كلما خرجتَ من وَهْدة سرت إِلَى أُخْرَى فيَسري الرَّجُل نَهَاره لم يقطع كَبِير شَيْء وَهِي أَرض مَدِرَة بَيْضَاء وَجَاء بِأم حَبَوْكرى وَهِي الدّاهية، وَقيل هِيَ رَمْلة مَعْرُوفَة مستديرة بَين يَذْبُل والقَعاقِع والعُرُف وَهُوَ مَوْضِع أَيْضا، قَالَ الْكُمَيْت: أهاجَكَ بالعُرُفِ المَنزلُ وَمَا أنتَ والطّلَلُ المُحْوِلُ وَيُقَال للداهية حَبَوْكَر، وَأم حَبَوْكران، حَكَاهَا الكُراع، ابْن السّكيت: وَقَعُوا فِي أوِّ أدْراص مُضَلِّلَة: إِذا وَقَعُوا فِي شدّة، وَهِي الدّاوهي، وَأَصلهَا حِجَرَة الفأر. أَبُو عُبَيْدة: وَقع فِي أم أدراص مُضلِّلة: أَي فِي مَوَاضِع استحكام الهَلَكة، لِأَن أم أدراص حِجَة مَحْشِيَّة: أَي ملأى تُرَابا، وَقد يُقَال للداهية أم فأر، قَالَ الشّاعر: بأنَّا سقَطْنا من وَليدٍ خِلافَهمْ وَمن أَنَسٍ فِي أُمِّ فأرٍ مُسَبَّدِ ابْن السّكيت: وأمُّ قَشْعَم: الدّاهية، وَأنْشد: لدي حيثُ ألْقَتْ رَحْلَها أُمُّ قَشْعَمِ أَبُو عُبَيْد: أم قَشْعَم: المَنِيَّة. أَبُو عُبَيْدة: أم قَشْعم: العنكبوت. ابْن الأَعْرابِي: إِنَّه لوَيْلُ أمٍِّ من الرّجال: إِذا كَانَ داهياً. أَبُو رِياش: وَقع الْقَوْم فِي أمِّ دَأْكاء: إِذا وَقَعُوا فِي شَرٍّ مُستَقبَل، وأُمّ صَاحب: الدّاهية، قَالَ الشّاعر: تُزَيَّنُ للأقوامِ ثمَّ يَرَوْنَها بعاقِبةٍ إِذْ بَيَّنَتْ أُمّ صاحبِ ابْن الأَعْرابِي: أُمّ جُنْدُب: الْغدر والدّاهية، الْأَحول: وَقع الْقَوْم فِي أُمّ جُندب: أَي الظّلم، وركبوا أُمّ جُنْدُب. ابْن السّكيت: أُمّ الرّبَيْق: الدّاهية، وَقيل أَصْلهَا الحَيَّة. الكراع: أُمّ الرّبَيْق: الدّاهية وَهِي أَيْضا الحَيَّة، شُبِّهتْ برِبْقَة الْغنم، وأُمّ اللُّهَيْم: المَنِيَّة. وَقَالَ الْأَحول: أُمّ اللُّهَيْم وأُمّ الدّهَيْم وأُمّ نآد، بِمَعْنى. أَبُو زيد: أُمّ(4/121)
الهَمَّرِش: الدّاهية ويروون أَن أَصْلهَا الحيّة، وأنشدوا: إنَّ الجِراءَ تَهْتَرِشْ فِي بَطنِ أُمِّ الهَمَّرِشْ وَقَالَ خَالِد بن كُلْثُوم: أُمّ الضّاحِيَة: الدّاهية، وَكَذَلِكَ أُمّ البَليل، وأُمّ الرّقَم، وأُمّ الرّقْم، وأُمّ الرّقوب، وأُمّ خَشَّاف، وأُمّ خَنْشَفير: كلهَا الدّواهي. الْأَحول: لقيض مِنْهُ أُمّ الرّبيس: وَهِي من قَوْلهم داهيةٌ رَبْساء ورَبيس وَقد كَنّوا الرَّجُل أَبَا رُبَيْس وأصل الرّبْس الضّرب باليدين. الْأَحول: وَقَعُوا فِي أُمّ خَنُّور: أَي داهية، وَبَعض الْعَرَب يَجعله النّعيم. قَالَ غَيره: وَلذَلِك دُعيَت مِصر أُمّ خَنُّور، وَجَاء فِي الحَدِيث: أُمّ خَنُّور يُساقُ إِلَيْهَا القِصار الْأَعْمَار (. ابْن السّكيت: وَيُقَال للدنيا أُمّ خَنُّور، وَمِنْه قَول سُلَيْمَان بن عبد الْملك: لقد وَطِئنا أُمّ خَنُّور بقُوَّة: يَعْنِي الدّنيا، فَمَا مَضَت بعْدهَا جُمُعَة حَتَّى مَاتَ. أَبُو عُبَيْد: أُمّ خَنُّور: الضّبُع، وَقد حُكي: أُمّ خَنُّور بالزاي. ابْن السّكيت: وَيُقَال للدنيا أُمّ دَفْر: والدّفْر النّتْن، وَيُقَال للْأمة إِذا شُتمت يَا دَفار. قَالَ الْأَحول: وَيُقَال مَا عملَتْ دَفْر بالنّاس، ودَفار: يُرِيدُونَ الدّنيا، وَيُقَال للدنيا: أُمّ دَرْزَة، وللأرذال بَنو دَرْزَة، وَأَوْلَاد دَرْزَة: قوم خيّاطون. ابْن السّكيت: يُقَال للدنيا أُمّ شَمْلَة. وَقَالَ الحَنْظَلي: هِيَ الشّمال الْبَارِدَة. ابْن السّكيت: أُمّ مِلْدَم: الحُمّى، قَالَ الْأَحول: أُمّ مِلْذَم بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، يُقَال لَذِم بِهِ إِذا لزمَه، فَكَأَنَّهَا سميت بذلك لملازمتها إِيَّاه ومُداورتها عَلَيْهِ. قَالَ الْأَخْفَش: لم أسمعها بِالذَّالِ إلاّ من الْأَحول، إِنَّمَا هِيَ بالدّال من اللَّدْم وَهُوَ الضّرب. الكراع: أُمّ الهِبْرِزِيّ: الحُمّى، وأُمّ كَلْبَة: الحُمّى، عَن أبي رياشٍ وأُمّ الكُمَيْهاء: لفظةٌ يستعملونها فِي لعبهم يَقُولُونَ أُمّ الكُمَيْهاء أبْصِري وَلَا أبْصَرْتِ، وَهِي الغُمُيْضا، وأُمّ الْحَارِث: اللَّبُؤَة، حَكَاهَا أَبُو زِيَاد. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وأُمّ رُعْم: الضّبُع، وَهِي أُمّ زُعْم بالزاي مُعْجمَة. أَبُو عَمْرو: وَهِي أَيْضا أُمّ رِمال، وكناها الكُمَيْت أُمّ العَسابِر، والعَسابُر أَوْلَادهَا، فَقَالَ: كأنَّها عَلَّقَتْ أَجْرِيَها أُمُّ العَسابِر فِي كَشْحٍ وَفِي قَرَبِ ابْن السّكيت: أُمّ عامِر: الضّبُع، وَقَالَ الْهِلَالِي: هِيَ أُمّ رَشْم: لِأَنَّهَا تَرْشُم الطّريق لَا تُفارقه. الكراع: أُمّ عِتاب: الضّبُع. غَيره: وَهِي أُمّ عُوَيْمِر، قَالَ ابْن عَيْزارة الهُذَلي: فإنَّكَ إذْ تَحْدوكَ أُمُّ عُوَيْمِرٍ لَذو حاجةٍ حافٍ مَعَ القومِ ظالِعُ الْأَحول: هِيَ أم عَمْرو. أَبُو زِيَاد: هِيَ أُمّ جَعور، وَأنْشد: وَإِنَّا لَصَيَّادون للبِيضِ كالدّمى ولسنا بصَيَّادينَ أمّ جَعورِ الكراع: وَهِي أُمّ جَعار، وَلم يحكها غَيره. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَهِي أُمّ عَنْثَل. أَبُو عُبَيْد: أُمّ الهِنْبَر: الضّبُع، وَقيل هِيَ الأتان. ابْن دُرَيْد: أُمّ الهِنَّبْر، وأُمّ الهُنَيْبِر: الضّبُع، وَخص أَبُو عُبَيْد بِأم الهِنَبْر لُغَة فَزارة وَقَالَ: إِنَّمَا قيل للأتان أُمّ الهِنْبِر لِأَن الجَحش يُقَال لَهُ الهِنْبِر، وَحكى بَعضهم أَن الفَرَّاء أنْشد يَوْمًا: يَا قاتَلَ اللهُ أَوْلَادًا تجيءُ بهمْ أُمّ الهُنَيْنِنِ من زَنْدٍ لَهَا واري فَقيل إِنَّمَا هُوَ أُمّ الهُنَيْبِر فاسْتحيا، وَقَالَ يرحمُ الله الْكسَائي، رُبمَا أنْشد مَا لَا حَاصِل لَهُ. أَبُو عُبَيْدة: أُمّ حِلْس: الأتان، قَالَ الفرزدق: فأسْلَمْتُم وَكَانَ كأُمّ حِلْسٍ أقْرَتْ بعد نَزْوَتِها فغابا(4/122)
صَاحب الْعين: أُمّ نَافِع: الأتان. وَقَالَ الكراع: أُمّ جِعْران: الرّخَمة. أَبُو عُبَيْد: أُمّ حُبَيْن: دَابَّة على قدر كفِّ الإِنسان. ابْن السّكيت: أُمّ عُوَيْف: الجَرادة. أَبُو حَاتِم: أُمّ الحُباحِب: مثل الجُندب رَقْطاء صفراء خضراء تطير. الْأَحول: أُمّ حُمارِش: دَابَّة فِي المَاء كَثِيرَة القوائم، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: تكون فِي المَاء سَوْدَاء، لَهَا قَوَائِم كَثِيرَة. وَحكى الْفراء أَن الْعَقْرَب أُمّ العِرْيَط، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَحول. أَبُو حَاتِم: أُمّ الْأَوْلَاد: الشّبَث. ابْن السّكيت: أُمّ القِرْدان: النّقْرة التّي فِي مُؤخر فرْسِنِ الْبَعِير. الْأَحول: أُمّ القِرْدان من الْخَيل وَالْإِبِل: هِيَ الوَطْأة التّي من وَرَاء الخُفِّ والحافر دون الثّنَّة. قَالَ: وَيُقَال للإست أُمّ عَزْمَل وعِزْمِل وأُمّ عِزْمَة وأُمّ العَزْم. ابْن السّكيت: أُمّ سُوَيْد: الإِست. أَبُو مَالك: وَهِي أُمّ عَزوم. أَبُو حَاتِم: أُمّ رَباح: طَائِر مثل الضّوِيْطة. أَبُو حَاتِم: أُمّ رِسالة وأُمّ قَيْس: الرّخَمة. صَاحب الْعين: يُقَال للدجاجة أُمّ حَفْصَة. وَقَالَ الْأَحول: أُمّ الهَدير: الشّقْشِقَة، وَقَالَ غَيره: وأُمّ البَيْض: النّعامة، وَقَالَ الشّاعر: لَا مالَ إلاّ العِطافُ تُوزِرُهُ أُمّ ثلاثينَ وابنةُ الجَبَلِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بأُمّ ثَلَاثِينَ كِنانةً فِيهَا ثَلَاثُونَ سَهْما، وَقَالَ العجاج وَذكر المَنْجَنيق فَجَعلهَا أُمّاً للصَّخْر: أوْ رَدَحُذّاً تَسْبُقُ الأَبْصارا وكلَّ أُمٍّ جَمَعَتْ أحجارا وَقَالَ الطّرْماح يَهجو بني تَميم: وَلَو أنَّ أُمّ العَنكبوتِ بَنَتْ لَهَا مِظَلَّتَها يومَ النّدى لَا كَنَّتِ يُرِيد بذلك القِلَّة. وَقَالَ الْأَحول: أُمّ جَابر: إياد، وَقيل بَنو أَسد، وَقيل إِنَّمَا سُموا بذلك لأَنهم زرّاعون، وَجَابِر: الخُبْز، وَلذَلِك قَالَ الشّاعر: لسنا كمنْ جَعَلَتْ إياد دارها تَكْريتَ تمنَعُ حَبَّها إِن يُحْصَدا وَلِهَذَا الْمَعْنى دَعَوا الْخبز: جَابر بن حَبّة، وكَنُّوه أَبَا جَابر، وَقَالَ بَعضهم: أعنى بعض الرّواة: أُمّ الصِّبْيان: الغُول، وَهِي عِنْد الْعَرَب سَاحِرَة الْجِنّ، وأُمّ فَساد: الْفَأْرَة، والأزْد تَدْعُو رُكبة الإِنسان أُمّ كَيْسان. ابْن السّكيت: أُمّ زَنْبَق: الخَمْر. الْأَحول: وَهِي أُمّ حَنين، وأُمّ الخَلّ، وَقَالَ ابْن الأَعْرابِي: إنَّ عِقالاً الكاهِلي وَكَانَ صَالحا اجتاز بمِرْداس بن حَزام الْبَاهِلِيّ فاستسقاه خمرًا حَلَب عَلَيْهِ لَبَنًا، قَالَ: سَقَيْنا عِقالاً بالثّوِيَّةِ شَرْبَةً فمالتّ بعَقْلِ الكاهِليِّ عِقالُ فقلتُ اصْطَحِبها يَا عِقالُ فإنَّما هِيَ الخَمرُ خَيَّلْنا لَهَا بخيالِ رَمَيْتُ بأمِّ الخَلِّ حَبَّةَ قلبِهِ فَلم ينتَعِشْ مِنْهَا ثلاثَ لَيالِ فَأَما قَول الشّاعر: فِي كُلِّ يَوْم ظَعْنَةٌ وحَلَّهْ ونحنُ أهلُ وَبَرٍ وثَلَّهْ بالعَيْرِ والشّاةِ وأُمّ الخَلَّهْ ندفعُ عَنْهَا السّنَةَ المُطِلَّهْ فَإِن الخَلَّة هَهُنَا بنتُ الْمَخَاض وَبنت اللَّبون، وَيَقُولُونَ هَذِه قَلوصٌ خَلَّة، وَقَالَ الدّينوري: فَإِذا كَانَت الْخمر سَوْدَاء قيل لَهَا أُمّ لَيْلى، كَمَا كَنَوا الأحمق أَبَا لَيْلى، وأُمّ الدّرين: حَطَب الدّرِين: وَهُوَ مَا يَبِس من النّبات، وأُمّ الهَشِيمة: الحَطَبة، قَالَ الفرزدق:(4/123)
إِذا أُطعِمَتْ أُمَّ الهَشيمةِ أرْزَمَتْ يَعْنِي قِدْراً: أَي يُوقد تحتهَا بالحطب الجَزْل. غَيره: أُمّ قُراشِماء: شَجَرَة، وَلم يذكرهَا أَبُو حنيفَة. ثَعْلَب: أُمّ الجَرْدَق: الدّقيق، حَكَاهَا فِي أَمَالِيهِ، وَأنْشد فِي وصف ثوب نسج وَهُوَ لأبي فَنَن: وحَسَّهُ حَسَّةً باللِّيفِ مُشْتَملاً وَقد سقَاهُ من أُمِّ الجَرْدَقِ اللَّجِنِ والجَرْدق: الْخبز، عَرَبِيّ صَحِيح، وَقيل إِنَّه مُعرب وَقد استعملته الْعَرَب، وَأنْشد أَبُو زِيَاد: أَنا الَّذِي أَكْرَيْتُ من جُنوني كَرِيْنَتَيْنِ تأكُلانِ دوني تَمراً بذاكَ الجَرْدَقِ المَدْهونِ وَأنْشد ابْن الأَعْرابِي: فاللَّصُّ خَيْرٌ من أميرٍ سارقِ قد ذاقَ طَعمَ الخَمرِ والجَرادِقِ مِن بعدِ عَيشٍ قد مضى مُرامِقِ ابْن السّكيت: أُمّ جِرْذان: نَخْلَة بِالْمَدِينَةِ، وَرُوِيَ أَن النّبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم دَعَا لأُمّ جِرْذان مرَّتَيْنِ، وَقد حَلَّيْتُ أُمّ جِرذان هَذِه فِي أَبْوَاب النّخل من كتابي هَذَا عِنْد ذكري أَجنَاس النّخل والتّمر فاستغنيت عَن إِعَادَتهَا بذلك الشّرح هُنَا. أَبُو حَاتِم: أُمّ جِرْذان: من نخيل جبل طَيْئٍ، وَهِي لَونان، وَهِي بُسْرة صفراء وتمرةٌ صفراء، وأُمّ أَلْوان وَهِي بًسْرة حَمْرَاء وَتَمْرَة سَوْدَاء. ابْن الأَعْرابِي: أُمَّهاتُ النّخْل: الْحَوَامِل من النّخل، وَقد جعل بعض الْعَرَب النّخلَ أُمّ العِيال، فَقَالَ: تعالَ إِلَى أُمّ العِيالِ فحُلَّها وَلَا تُجْلِ عَنْهَا خَشيةَ الموتِ والغَدْرِ أَبُو حنيفَة: أُمّ كَلْب: شُجَيْرة جَبَلية خَشْناء شاكةٌ جَلَدِيَّة، وَقد قدمت تَحليتها فِي أَبْوَاب النّبات من هَذَا الْكتاب، وأُمّ وَجَع الكبد: بَقْلَةٌ من دِقِّ البَقْل، تَشفي من وجع الكبد، وَقد حَلَّيْتها هُنَاكَ أَيْضا، والطّلْح يُقَال لَهَا أُمّ غَيْلان، وَيُقَال لَهَا أُمّ أَسْلَم، وَيُقَال لَهَا أُمّ السّلَم: وَهِي السَّمُرَة، ويُعنى بحَيْضِها الدّوَدِم الَّذِي يخرج مِنْهَا وَهُوَ شَيْء أَحْمَر مثل الدّم تَنْضَح بِهِ فَتَقول قد حَاضَت السّمُرة. وَقد ذكرت ذَلِك أَيْضا فِي بَاب اللَّثى والصَّمغ والمَغافير والعُلوك، وَقَالَ بعض الرّواة: أُمّ الصَّبِيَّيْن: الكِنانة، وَأنْشد لتأبط شرا: إِذا قَرَعوا أُمّ الصَّبِيَّيْن نَفَّضوا عَفاريَ شُعْثا وَيُقَال للْمَرْأَة أم الصَّبِيَّيْن وأُمّ الصَّبِي، وأُمّ الغُلام، وأُمّ الوَليد، وأُمّ ذِي الوَرْع، وَإِن لم يكن لَهَا ولد، وَإِن كَانَت لَهَا بنت أَو بَنَات لَا يَقُولُونَ لَهَا أُمّ ذَات الوَرْع وَلَا أُمّ الصًّبِيَّة وَلَا أُمّ الوَليدة، فَأَما قَوْلهم أُمّ جَوَار، فَإِنَّمَا يَقُولُونَهُ على الذَّمِّ، فَمن ذَلِك قَوْله: أُمّ جَوارٍ ضَنْؤها غَيرُ أَمِرْ وَقَول الآخر: يأوي إِلَى أُمّ جَوارٍ دَرْدَقِ إلاّ يَؤبْها بِشِواءٍ تَحْنَقِ(4/124)
وَيُقَال للْقَوْم المتفقين على الْأَمر: بَنو أُمّ، وللمختلفين: بَنو عَلَّة، قَالَ عديُّ بن زيد: إنَّ ابنَ أُمِّكَ لم تُنْتَظَرْ قَفِيَّتُه لمّا تَوارى ورمَى النّاسُ بالكَلِمِ يُخَاطب النّعمان بن الْمُنْذر، وَلم يكن أَخَاهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ مُوَافَقَته لَهُ ومَيله إِلَيْهِ، وقَفِيَّته: كرامته، وَالْمعْنَى أَنه لم تُؤخَّر قَفِيَّته ليُكرَم، وَإِنَّمَا أُخِّر ليُقتَل، تَوارى: حُبِس، ورامى النّاس بالكَلِم: ظنُّوا بِهِ، وَقَالَ القُطامي: كأنَّ النّاسَ كُلُّهُمُ لأمٍّ وَنحن لِعَلَّةٍ عَلَتِ ارتفاعا والعَلّة: الضّرة، وَالْجمع العَلاَّت، وَيُقَال لبني الضّرائر بَنو العَلاّت، ولبني الْأُم الْوَاحِدَة بَنو أم، وَيَقُولُونَ للحامل: هِيَ أُمّ ثالثٍ، وأُمّ رَابِع، وأُمّ خَامِس، قَالَ الفرزدق: جَهِيضُ فَلاةٍ أعجَلَتْه يَمامةٌ هَبوبُ الضّحى خَطَّارةٌ أُمّ رابِع أَي حَملته أَرْبَعَة أشهر، وَكَذَلِكَ يُقَال لَهَا إِذا ولدت، قَالَ: أَنْشدني أَحْمد بن يحيى ثَعْلَب: إِذا كانتِ السّتُّونَ أُمَّكَ لم يكنْ لدائكَ إلاّ أنْ تَموتَ طَبيبُ وإنَّ امْرأ قد سارَ سِتِّينَ حِجَّةً إِلَى مَنْهَلٍ من وِرْدِهِ لَقَريبُ قَالَ أَبُو حنيفَة: وَمَا من ريح من الرّياح أُمّهاتها وَلَا نُكْبها إلاّ وَقد رأيتُ بهَا الغُيوث الغِزار، وَإِن كَانَ مَا رأيتُ من أمطار الْجنُوب والصَّبا والنّكْباء التّي بَينهمَا أكثرَ يَعْنِي بأمهات الرّياح الصِّبَا والجنوبَ والشّمالَ والدّبُور وأُمّ وأُمَّهات وأُمَّاتٌ فِي النّاس، وأُمَّهاتٌ وأماتٌ أَيْضا فِي الْبَهَائِم، وَقد زعم بعض الرّواة أَنه لَا يُقَال فِي النّاس أمّات، وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن الشّعر قد جَاءَ بِخِلَافِهِ، قَالَ الشّاعر: وأُمَّتُنا أكْرِمْ بهنَّ عَجائزاً وَرِثْنَ العُلا عَن كابرٍ بعدَ كابِرِ وَقَالَ ذُو الرّمة فأوقع الْأُمَّهَات على غير الْآدَمِيّين: وهامٍ تَزِلُّ الشّمسُ عَن أمَّهاته وأَلْحٍ تَراها فِي المَثاني تَقَعْقَعُ المَثاني: جمع مَثْناة: وَهِي الْحَبل، ولعامل البَثَنِيَّة مَكْسٌ يُؤْخَذ من كل من بَاعَ شَيْئا شيءٌ من ذَلِك الشّيء، ويُحمل إِلَيْهِ فِي طبق، فعرب الشّام يدعونَ ذَلِك الطّبق لُبَيْناً.
(بَاب الْأَبْنَاء)
وأبدأ بتعليل الابْن وأُري وَجه الِاخْتِلَاف فِيهِ ثمَّ أُرَجِّح بِمَا سقط إليّ من تَعْلِيل أبي عَليّ الْفَارِسِي، وأُتبع ذَلِك ذِكرَ بِنْتٍ، بل أُجَسِّمه بِهِ للاحتياج إِلَيْهِ، وَلَيْسَ للمُتَعَقِّب علينا فِي ذَلِك حُجّة لِأَنَّهُ إِنَّمَا حَمَلَنا على ذكره مَعَه مَا أحوَجَنا إِلَيْهِ من احْتج على أَن ابْنا فعلٌ بِدلَالَة قَوْلهم بِنْت، وَمن هُنَا احتجنا إِلَى تَعْلِيل أَخ وَأُخْت فِي تَعْلِيل هَذِه الْمَسْأَلَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. بِسم الله الرّحمن الرّحيم، صلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا، غير وَاحِد: هُوَ الابْن، وَهُوَ أحد الْأَسْمَاء التّي فِيهَا ألف الْوَصْل من غير المصادر، وَقد قيل إِن الذَّاهِب مِنْهُ يَاء وَإِن الذَّاهِب مِنْهُ وَاو، وكل ذَلِك سأبين إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَجمع الابْن بَنون وَأَبْنَاء، وتصغيره: أبَيْنون، على غير قِيَاس، وَالْأُنْثَى ابْنَة، وبِنْت، والمصدر: البُنُوَّة. فَأَما وزن ابْن فقد ذكر أَبُو إِسْحَاق فِي كِتَابه الموسوم بمعاني الْقُرْآن عِنْد ذكره تَعْلِيل: (يُذَبِّحون أَبْناءَكُم)(4/125)
أَن أَبنَاء جمع ابْن، وَالْأَصْل كَأَنَّهُ إِنَّمَا جمع بَناً وبِنْو، فَهُوَ يصلح أَن يكون فَعَلاً وفِعْلاً كَأَن أَصله بَناً، وَالَّذين قَالُوا بَنون كَأَنَّهُمْ جمعُوا بَناً وأبْناء جمع فَعَل أَو فِعْل، وَبنت يدل على أَنه يَسْتَقِيم أَن يكون فِعْلاً وَيجوز أَن يكون فَعَلاً نقلت إِلَى فِعْل كَمَا نقلت أُخْت من فَعَل إِلَى فُعٍل، فَأَما بَنَات فَلَيْسَ جمع بِنت على لَفظهَا إِنَّمَا رُدّت إِلَى أَصْلهَا فَجمعت بَنات على أَن أصل بِنْت فَعَلَة مِمَّا حُذفت لامُه والأخفش يخْتَار أَن يكون الْمَحْذُوف من ابْن الْوَاو قَالَ: لِأَن الْعَرَب مِمَّا تحذف الْوَاو لثقلها، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَالْيَاء تحذف أَيْضا لِأَنَّهَا تَثقل، الدّليل على ذَلِك أَن يَد قد أَجمعُوا أَن الْمَحْذُوف مِنْهُ الْيَاء وَلَهُم دَلِيل قَاطع مَعَ الْإِجْمَاع يُقَال يديت إِلَيْهِ يَداً، ودَم مَحْذُوف مِنْهُ الْيَاء يُقَال دم ودَمَيان، وَأنْشد: جَرَى الدّمَيانِ بالخَبر اليَقينِ والبُنُوَّة لَيْسَ بِشَاهِد قَاطع فِي الْوَاو لأَنهم يَقُولُونَ الفُتُوَّة والتّثنية فَتَيان فَابْن يجوز أَن يكون الْمَحْذُوف مِنْهُ الْوَاو أَو الْيَاء وهما عِنْدِي متساويان، قَالَ الْفَارِسِي: فِي هَذَا الْفَصْل إغفال فِي غير مَوضِع، فَمن ذَلِك قَوْله فِي ابْن: يصلح أَن يكون فِعْلاً وفَعَلاً وَلَا يجوز فِي ابْن أَن يكون وَزنه فِعْلاً لِأَنَّهُ لَا دلَالَة على أَن الْفَاء مِنْهُ مَكْسُورَة بل الدّليل قَامَ على أَن الْفَاء مَفْتُوحَة وَذَلِكَ فِي قَوْلهم: بَنون، فَلَو كَانَ أَصله فِعْلاً لم تفتح الْفَاء فَإِن اسْتدلَّ على أَنه فِعْل مكسور الْفَاء بقَوْلهمْ أَفعَال وأفعال تكون جمعا لفِعْل نَحْو عِدْل وأعدال وقِنْو وأقْناء، لزمَه أَن يُجِيز فِي بنائِهِ فُعْلً وفِعلاً وَغير ذَلِك لِأَن هذَيْن البناءين يجمعان على أَفعَال أَيْضا فَإِن حكم على ابْن أَنه فِعْل بِهَذَا الدّليل فليحكم أَيْضا بِأَنَّهُ يجوز أَن يكون فُعْلاً وفَعِلاً بِهَذَا الدّليل نَفسه لِأَن دلالتّه لَيْسَ على أحد ذَلِك دون الآخر فَإِذا اسْتَوَى فِعْل وَغَيره فِي أَنه يجمع على أَفعَال لم يجز أَن يَجْعَل لأحد هَذِه الْأَبْنِيَة دون الآخر إلاّ أَن يغلب أَفعَال على بِنَاء من هَذِه الْأَبْنِيَة فَيكون بَابه أَن يجمع عَلَيْهِ فَلَيْسَ أَفعَال بِدَلِيل على أَن ابْنا أَصله فِعْل لما أعلمتك فقد ثَبت أَن الْفَاء مَفْتُوحَة لقَولهم بَنون فاما الْعين فالدّليل على أَنَّهَا مَفْتُوحَة أَيْضا قَوْلهم فِي جمعه أَفعَال وأفعال بَابه أَن يكون لفَعَل نَحْو جَبَل وأجبال وَلَيْسَ يجب أَن يُعدل بالشّيء عَن بَابه وَأَصله حَتَّى يقوم دَلِيل يُسوِّغ ذَلِك وَلم نعلم شَيْئا دلَّ على أَن الْعين سَاكِنة من ابْن وَعلمنَا أَنه يَنْبَغِي أَن تكون متحركة وَلِأَن أفعالاً بَابه فَعَل كَمَا أَن فَعْلاً المعتل الْعين بَابه أَفعَال مثل حَوْض وأحْواض وسَوْط وأسواط وَلذَلِك قُلْنَا فِي فَم إِن أصل بنائِهِ فَعْل وكما أَن فَعْلاً نَحْو فَرْخ حكمه أفْعُل، وَهَذَا الَّذِي ذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِي ذَلِك مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَقِيَاس قَوْله وَمذهب أبي الْعَبَّاس ومالا يجوز غَيره فَإِن قَالَ قَائِل فأجِز فِي ابنٍ أَن يكون وَزنه فِعْلاً وفُعلاً لجمعِك لَهُ على أفعالٍ كَمَا أجزتَ فِي اسْم أَن يكون فُعْلاً وفِعْلاً لجمعك لَهُ على أَفعَال لِأَن أفعالا بناءٌ تجمع بِهِ الصِّنفين فَالْجَوَاب أَنا لم نقل فِي اسْم أَنه يحْتَمل أَن يكون فِعلاً وفُعلاً لقَولهم أَسمَاء وَلَكِن لما سمعناهم يَقُولُونَ سِمُهُ وسُمُه حملنَا الْكَلِمَة على الوزنين جَمِيعًا وَلَو حمَّلنا الْفَاء حَرَكَة ثالثّة لَكَانَ خطأ أَو مُخَالفَة للفظ الْعَرَب فِيهِ كَمَا أَن من حمَّل الْفَاء من ابنٍ حَرَكَة غير الفتحة كَانَ مُخَالفا للفظ الْعَرَب بذلك، وَلَا يجوز إِذا سمع الْفَاء من حَبْلٍ وغَيْلٍ وَمَا أشبهه مَفْتُوحًا أَن يجوز فِيهِ غير الْفَتْح المسموع فَإِنَّمَا أجزنا فِي اسْم أَن يكون فِعْلاً وفُعلاً لما ذكرت لَك فَأَما قَوْله وبِنْتٌ يدل على أَنه يَسْتَقِيم أَن يكون ابْن فِعلاً فَلَا دِلالة فِي قَوْلهم بنتٌ على أَن ابْنا وَزنه فِعْلٌ لِأَن بِنْتا من ابنٍ لَيْسَ كصَعْبَةٍ من صَعْبٍ فَيحكم بِأَن الْفَاء من ابْن مَكْسُورَة كَمَا أَنَّهَا فِي بنت مَكْسُورَة لِأَن هَذَا الْبناء صِيغَ(4/126)
للتأنيث على غير بِنَاء التّذكير فَهُوَ كحمراء من أَحْمَر وَلَيْسَ كصعبةٍ من صَعْبٍ وغُيِّر الْبناء عمّا كَانَ يجب أَن يكون عَلَيْهِ فِي أصل التّذكير وأُبدِل من الْوَاو تَاء فاُلحِق الِاسْم بِهِ بشِكْسٍ ونِكْسٍ وَمَا أشبه ذَلِك فَلَا دلَالَة فِي بنت إِذا على أَن ابْنا أصل وَزنه فِعلٌ وَهُوَ أَنا وجدناهم يَقُولُونَ أُخْتُ فَلَو كَانَ ابنُ فِعلاً لقَولهم بنتٌ لَكَانَ أخٌ فُعْلاً لقَولهم أختٌ فَكَمَا لَا يجوز أَن يكون أخُ فُعلاً وَإِن جَاءَ أختٌ كَذَلِك لَا يجوز أَن يكون ابنٌ فِعلاً وَإِن قيل بنتُ، وكما لَا يجوز لقَائِل أَن يَقُول إِن أَخا فُعْلٌ لفتحة الْفَاء مِنْهَا كَذَلِك لَا يجوز أَن يُقَال فِي ابْن إِنَّه فِعْلٌ لفتحة الْفَاء مِنْهَا فِي قَوْلهم بنونَ وكما دلَّ قَوْلهم آخاءٌ فِيمَا أنشَدَناهُ أَبُو بكر عَن أبي الْعَبَّاس عَن أبي عمر: وَجَدْتُمْ بَنيكم دُوننَا إِذْ نُسِبْتُم وأيُّ بني الآخاء تَنْبو مَناسبُه على أَن أَخا فَعَلٌ كَذَلِك يدل أَبنَاء على أَن ابْنا أصل وَزنه فَعَل لما ذكرنَا من أَن بَاب أَفعَال فَعَل كَمَا أَن أيْدٍ حُكِمَ من أَجله أَن يدا فَعْلٌ للْحَمْل على الْأَكْثَر كَذَلِك يُحكم لأبناء أَن واحده فَعَلٌ لِأَن أفْعُلاً بَابه فَعْلٌ كَمَا أفعالا بَابه فَعَلٌ، فَأَما قَوْلهم بناتُ فِي جمع بنتٍ فَهُوَ مِمَّا يدل على مَا قُلْنَا من أَن أصل الْفَاء من ابنٍ الفتْح ورُدَّ فِي الْجمع إِلَى أصل بِنَاء الْمُذكر كَمَا ردَّ أُخْت إِلَى أصل بِنَاء الْمُذكر فَقيل بناتٌ كَمَا قيل أخَواتٌ لِأَن أصل بِنَاء الْمُذكر من كل وَاحِد مِنْهُمَا فَعَلٌ لما قدَّمنا وَهَذَا الضّرب من الْجمع أَعنِي الْجمع بِالْألف والتّاء قد يُرَدُّ فِيهِ الشّيء إِلَى أَصله كثيرا كردِّهم الّلاماتِ السّاقطة فِي الْوَاحِد لَهُ كَقَوْلِهِم فِي عِضَّة عِضَوات وأُختٍ أخَوات وكما ردُّوا الْحَرْف الْأَصْلِيّ فِيهِ كَذَلِك رُدَّتِ الْحَرَكَة التّي كَانَت فِي الأَصْل فِي بِنَاء الْمُذكر فقد تبيَّن مِمَّا ذكرنَا أَن ابْنا أصل بنائِهِ فَعَلٌ، أما الدّلالة على حَرَكَة الْفَاء بالفتحة فَقَوْلهم بنُونَ، وَأما الدّلالة على حَرَكَة الْعين بِالْفَتْح فأفعال فَتبين أَن تجويزه فِي ابْن أَنه فِعْلٌ خطأٌ وَكَذَلِكَ تبين أَن استدلاله بقَوْلهمْ بنتٌ على أَن أصل وزنِ ابْن يجوز أَن يكون فِعْلاً خطأٌ، فَأَما قَوْله فِي اللَّام المحذوفة أَنه يحْتَمل أَن يكون عِنْده واواً أَو يَاء وأنهما عِنْده متساويان فِي الْحَذف فَلَيْسَ الْأَمر عِنْدِي كَمَا قَالَ والمحذوف الْوَاو دون الْيَاء لما أذكرهُ الدّليل على أَن الْمَحْذُوف من ابْن وَاو أَن هَذِه الْأَشْيَاء المحذوفة إِذا أُرِيد علم الْمَحْذُوف مِنْهُ أهوَ وَاو أَو يَاء أَو غير ذَلِك وَجب أَن يُنْظَر فِي تثنيته أَو جمعه بالتّاء أَو فِعْلٍ مَأْخُوذ مِنْهُ أَو جمعه المكسر فَإِن وجد فِي أحد ذَلِك يَاء أَو وَاو أَو غير ذَلِك حكم أَن الْمَحْذُوف فِي الْوَاحِد هُوَ مَا يظْهر من أحد هَذِه الْأَشْيَاء كَمَا حكمت بأخْوة على أَن الْمَحْذُوف وَاو بغَدَوْتُ وبدَمَيانِ أَن الْمَحْذُوف من دمٍ يَاء وَمن غدٍ وَاو وبعِضَوات أَن الْمَحْذُوف من عِضَةٍ واوٌ وَلَيْسَ فِي ابْن وَاو أَو يَاء فيستدلّ مِنْهُ على أَن الْمَحْذُوف مِنْهُ الْوَاو أَو الْيَاء فَإِذا لم يكن شيءٌ من هَذَا كَانَ أولى الْأَشْيَاء أَن يحمل على نَظِيره فَيجْعَل الْمَحْذُوف كالمحذوف فِي نَظِيره وَنَظِيره أُخْتٌ لِأَنَّهُ صفة قد أُلْحِقَت فِي التَّأْنِيث بقُفْل كَمَا ألحقت بنتٌ بعِدْل، فالمحذوف من أختٍ الْوَاو لقَولهم إخْوَة، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن يكون الْمَحْذُوف من بنت واوا، وَشَيْء آخر يدل على أَن الْمَحْذُوف مِنْهُ الْوَاو دون الْيَاء وَهُوَ قَوْلهم بنتٌ وإبدالهم التّاء من لامه وَهَذِه التّاء لَا تَخْلُو أَن تكون بَدَلا من لَام الْفِعْل أَو عَلامَة للتأنيث فَلَو كَانَت عَلامَة للتأنيث لَا نفتح مَا قبلهَا كَمَا ينفتح مَا قبلهَا فِي غير هَذَا الْموضع، فَلَمَّا لم ينفتح علمنَا أَنَّهَا بدل وَأَنه لَيْسَ على حَدِّ طَلْحة وثُبةٍ، وَإِذا كَانَ بَدَلا فَلَا يَخْلُو أَن يكون من يَاء أَو وَاو وَلَا يجوز أَن يكون من الْيَاء لأَنا لم نجدهم أبدلوا التّاء من الْيَاء إلاّ فِي افتعل من الْيَسَار وَنَحْوه وَفِي حرف وَاحِد قَوْلهم أسنتوا، وَأما أصل إِبْدَال التّاء من الْوَاو دون الْيَاء فَذَلِك كثير جدا فَعلمنَا بذلك أَن التّاء فِي بنت بدل من وَاو كَمَا كَانَت فِي أُخْت كَذَلِك وكما كَانَت فِي هنة كَذَلِك والدّليل على أَن التّاء فِي هَنَةٍ بَدلٌ من الْوَاو قَوْله: على هَنَواتٍ شأنُها مُتَتابع(4/127)
فالتّاء بدل من الْوَاو وَذَلِكَ فِيهِ وَفِي أُخْت بَين لأَخَواتٍ وهَنَواتٍ، وَكَذَلِكَ فِي بنت تَقول فِي بنت أَنَّهَا بدل من الْوَاو قِيَاسا على هَذَا الْكثير، وَكَذَلِكَ فِي كِلْتا تَقول أَنَّهَا بدل من الْوَاو وَأَن الأَلِف فِي كلا منقلبة عَن وَاو لإبدالك التّاءَ مِنْهَا فِي كِلتا وَلذَلِك مثَّلَه سِيبَوَيْهٍ بشَرْوَى فَإِن قَالَ قَائِل إِذا كَانَت التّاء فِي أختٍ وَمَا أشبهه للإلحاق كَمَا ذكرتَ دون التّأنيث فَهَلا أَثْبَتَت فِي الْجمع بالتّاء نَحْو أخواتٍ وبناتٍ وَلم تحذف كَمَا لَا يحذف سَائِر الْحُرُوف الملحقة بِمَا فِيهَا فِي الْجمع وَلَا فِي الإِضافة فَالْجَوَاب أَن هَذِه التّاء للإلحاق كَمَا قُلْنَا والدّليل عَلَيْهِ مَا قدمنَا وَإِنَّمَا حذف للإضافة وَهَذَا الضّرب من الْجمع لِأَن هَذَا الْبناء الَّذِي وَقع الإِلحاق فِيهِ إِنَّمَا وَقع فِي بِنَاء الْمُؤَنَّث دون الْمُذكر فَصَارَ الْبناء لما اخْتصَّ بِهِ الْمُؤَنَّث بِمَنْزِلَة مَا فِيهِ عَلامَة التّأنيث فحذفت التّاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ لذَلِك لَا لِأَنَّهُ للتأنيث وغُيِّر الْبناء فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ ورُد إِلَى التّذكير من حَيْثُ حُذفت عَلَامَات التّأنيث فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ لِأَن الصِّيغَة قَامَت مقَام الْعَلامَة فَكَمَا نميِّز مَا فِيهِ عَلامَة لحذفها كَذَلِك غُيِّرت هَذِه الصِّيغَة بردهَا إِلَى الْمُذكر إِذْ كَانَت الصِّيغَة قد قَامَت مقَام الْمُذكر فَمن حَيْثُ وَجب أَن يُقَال طَلَحات وطَلْحِيّ وَجب أَن يُقَال أخَوات وأَخَوِيّ وَأما قَول يُونُس فِي الإِضافة إِلَى أُخْت أُخْتِيّ فَلَا يجوز كَمَا لَا يجوز فِي الإِضافة إِلَى طَلْحَة إلاّ الْحَذف لمعاقبة الياءين تَاء التّأنيث فِي مثل قَوْلهم زِنْجِيّ وزِنْج ورُومِيّ ورُوم فَصَارَ بِمَنْزِلَة تَمر لِأَن حذفهَا يدل على التّكثير وإثباتها يدل على التّوحيد فَلهَذَا لم تثبت التّاء مَعَ يَاء الإِضافة وحذفت علامتا التّأنيث الأخريان فأُزيلتا فِي الإِضافة كَمَا حذفت هِيَ فَأَما حذف هَذِه العلامات فِي الْجمع بِالْألف والتّاء، فلئلا تَجْتَمِع علامتان للتأنيث، فَإِن قَالَ قَائِل: فقد قَالُوا: ثِنْتَانِ، وَقد أنْشد سِيبَوَيْهٍ: ظَرْفُ عَجوزٍ فِيهِ ثِنْتا حَنْظَلِ فأبدلوا التّاء من الْيَاء التّي هِيَ لَام لِأَنَّهَا من ثَنَيْت فَهَلا جَازَ عنْدك على هَذَا أَن تكون التّاء فِي بنت بَدَلا من الْيَاء كَمَا أَنَّهَا فِي أسْنَتوا بدل مِنْهَا فَالْجَوَاب أَنه لَا يلْزم أَن تكون التّاء فِي بنت بَدَلا مِنْهَا وَإِن أجَاز مجيز لهَذَا كَانَ غير مُصيب لتَركه الْأَكْثَر إِلَى الْأَقَل والشّائع إِلَى النّادر إلاّ ترى أَن إِبْدَال التّاء من الْوَاو قد كثر فحملُ بِنْتٍ على الْأَكْثَر أولى من حمله على الْأَقَل إلاّ ترى أَن الْقيَاس يجب أَن يكون على الْأَكْثَر حَتَّى يَمنع مِنْهُ شَيْء وَلم يمْنَع شَيْء فِي بنت من حمل لامه فَأَما اسنتوا فالتّاء مبدلة من يَاء منقلبة من وَاو فَلَيْسَ إِبْدَال التّاء من الْيَاء بِكَثِير فيسوغ أَن يحمل عَلَيْهِ هَذَا الْحَذف فَإِن قَالَ: فقد قَالُوا: كَانَ من الْأَمر كَيَّه وكَيَّه، وذَيَّه وذَيَّه، ثمَّ خففوا فَقَالُوا: كَيْتَ وكَيْت، فأبدلوا التّاء من الْيَاء، فَهَلا أجزته فِي بنت على هَذَا فَالْجَوَاب أَن ذَلِك لَا يجوز من أَجله فِي بنت إِبْدَال التّاء من الْيَاء لِأَن هَذِه أَسمَاء لَيست متمكنة فحملُ المتمكن على المتمكن أولى من حمله على غير المتمكن لِأَنَّهُ أقرب إِلَيْهِ وأشبه بِهِ، فَأَما حِكَايَة أبي إِسْحَاق عَن الْأَخْفَش من أَنه يخْتَار أَن يكون الْمَحْذُوف من ابْن الْوَاو فَمَا أعلم الْأَخْفَش نَص هَذِه الْمَسْأَلَة أَن الِاخْتِيَار عِنْده أَن يكون الْوَاو وَأَنه يُجِيز أَن الْمَحْذُوف الْيَاء لكنه قَالَ فِي جملَة المحذوفات أَن الِاخْتِيَار أَن يحمل على أَنه الْوَاو لِأَنَّهَا أثقل وحذفها أولى وَلَا أعلمهُ أجَاز فِي نفس هَذِه الْمَسْأَلَة الْأَمريْنِ جَمِيعًا فَإِن أجَازه فَإِنَّمَا قاسه على هَذَا الَّذِي قُلْنَا إِن الْقيَاس لَا يَنْبَغِي أَن يكون عَلَيْهِ فَأَما قَوْله الْيَاء تحذف أَيْضا لِأَنَّهَا تثقل فَغير مَدْفُوع فَأَما مَا اسْتدلَّ بِهِ على ذَلِك من قَوْله لأَنهم قد أَجمعُوا أَن الْمَحْذُوف من يَد الْيَاء وَأَن لَهُم مَعَ الْإِجْمَاع دَلِيلا قَاطعا وَهُوَ يديت إِلَيْهِ يدا فالإجماع مِنْهُم لم يسْبق هَذَا الدّليل وَإِنَّمَا الْإِجْمَاع عَنهُ وَقع وَلَوْلَا هَذِه الدّلالة مَا وَقع هَذَا الْإِجْمَاع فَلَا وَجه لتقديم الْإِجْمَاع على السّبب الَّذِي عَنهُ وَقع وَمَا لَو خَالف مَعَه مُخَالف لم يَسُغ لَهُ الْخلاف من أَجله، فَإذْ قد شرحت وزن الابْن وَالْبِنْت وبالغت فِي تَعْلِيل(4/128)
ذَلِك فلآخذ فِي ذكر الْأَبْنَاء كَمَا فعلت فِي الإِباء والأمهات، قَالَ عَليّ بن حَمْزَة: قَالَ الْأَحول: ابْن السّبيل: المُنقطِع بِهِ، وَقَالَ قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: (والغارمين وَفِي سَبِيل الله وابْن السّبيل) . ابْن السّبيل الضّيف. وَقَالَ الوَهْبِيّ: ابْن السّبيل: الْغَرِيب الَّذِي أَتَاك بِهِ الطّريق، وَأنْشد: ومَنْسوبٍ إِلَى من لم يَلِدْهُ كَذَاك اللهُ نَزَّلَ فِي الكتابِ وَقَالَ: أَرَادَ ابْن السّبيل، وَالْجمع: أبْناء السّبيل، وَأنْشد: حُبَّ بكِ يَا جَرادُ أرْضاً وإنْ جاعتْ بك الأكباد وضاقَتْ الأمعاء والأَوْرادُ وَلم يكنْ فيكِ لنا عَتادُ وَلَا لأبْناءِ السّبيلِ زادُ وَالْقَوْل فِي ابْن السّبيل: قَول الْوَهْبِي أَنه الْغَرِيب الَّذِي أَتَى بِهِ الطّريق، لِأَن الرّاعي يَقُول: عَلى أكْوارِهِنَّ بَنو سبيلٍ قَليلٌ نَوْمُهُم إلاّ غِرارا وَقَالَ الآخر: سأبْغي الغِنى إمّا نَديمَ خَايفة يَقولُ سَواءً أَو مُخيفَ سبيلِ وقالتّ جُمْل بنت أسْوَد: تَطَلُّ لأبناءِ السّبيلِ مُناخةً على الماءِ يُعطى دَرُّها ورقابها وَمن هُوَ على المَاء فَلَيْسَ بمنقطع بِهِ وَالصَّدَََقَة فَلَيْسَتْ للأضياف، وَقد قَالَ الله تَعَالَى (إِنَّمَا الصَّدقَات للفُقراءِ والمساكينِ والعامِلينَ عَلَيْهَا والمُؤَلَّفَةِ قُلوبهُم وَفِي الرّقابِ والغارِمين وَفِي سَبيلِ الله وابْن السّبيلِ) . فَقَوْل الْوَهْبِي أشبَهُ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ، وَيُقَال مَا أَنا فِي هَذَا لأمر بابْن دَأْثاء، وابْن ثَأْداء وَهِي الأَمَة إِذا لم تكن فِيهِ عَاجِزا، وكَلَّم بهَا أَبُو مُسلم رُؤْبة فَلم يَدْرِ مَا قَالَ لَهُ فَسَأَلَ عَنْهَا فِي الحَيِّ فأُخبِر بهَا. ابْن السّكيت ابْن ثَأْداء أَي ابْن أَمةٍ، وابْن ثَأْطاء أَي إِنَّه رِخْوٌ كالحَمْأَة، عَن أَبُو عُبَيْدة وَكَذَلِكَ قد يُقَال ثَأْطاء، وَرَوَاهُ بعض الرّواة، وَكَذَلِكَ مَا هُوَ بابْن ثَأْطان وثَأَطان، وَهُوَ مَأْخُوذ من الثّأْطَة وَهِي الرّدَغَة، وَهِي الوَحَل، وَلست أَثِق بقول هَذَا الرّاوي فِي التّحريك وَلَا فِي إِيرَاد النّون فِي ثأطان، وَالله أعلم. وَقَالَ الْأَحول إِذا لَؤُمَ الرَّجُل قيل هُوَ ابْن تُرْنى، وابْن فَرْتَنى، وَأنْشد الْأَخْفَش فإنَّ ابْن تُرْنى إِذا جِئْتُكُم أرَاهُ يُدافِعُ قَوْلاً عَنيفا أَي قولا غير حسن، وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: ابْن تُرْنى وابْن فَرْتَنى: ابْن أَمَة، وَأنْشد لأبي ذُؤَيْب: فإنَّ ابْن تُرْنى إِذا جئتُكم أرَاهُ يُدافعُ قَوْلاً بَريحا بَريح: تبلغ مِنْهُ المَشَقَّة، وَحكى الْأَحول أَن فَرْتَنى عِنْد مَعَدٍ الْأمة، وَعند أهل الْيمن: الْفَاجِرَة. وَقَالَ الْأَشْهب بن رُمَيْلة:(4/129)
أتانيَ مَا قالَ البَعيثُ ابْن فَرْتَنى ألم تَخشَ إنْ واعَدْتَها أَن تُكَذَّبا وَقَالَ جرير: مَهْلاً بَعيثُ فإنَّ أُمَّكَ فَرْتَنى حَمراءُ أَثْخَنَتِ العُلوجَ رُداما قَالَ أَبُو عُبَيْدة: أَرَادَ الْأمة، وَكَانَت أُمُّ البَعيثِ حمراءَ من سَبْي أصْبهان وَكَانَ القَعْقاع بن مَعْبَد بنِ زُرارة وَهبها لِأَبِيهِ ولجُمْرَتها، قَالَ جرير: أُنْبِئْتُ أَنَّكَ يَا ابْن وَرْدَةَ آلِفٌ لبَني حُدَيَّةَ مَقْعَداً ومَقاما وَقَالَ الْأَحول: وابْن ضَوْطَرى: سَبٌّ. قَالَ الْأَشْهب بن رُمَيْلة: تَعُدُّونَ عَقْرَ النّيبِ أفْضَلَ مَجْدِكُمْ بَني ضَوْطَرى لَوْلَا الكَمِيِّ المُقَنَّعا يُرِيد: هَلاّ تَعُدّون الكَميَّ المُقَنَّع، فنَصَب، وَيُقَال لابْن الأَمَة: ابْن لَكاع، قَالَ الشّاعر: تَبَغَّيْتَ الذُّنوبَ عَلَيَّ عَمْداً جُنوناً مَا جُنِنْتَ ابْن اللَّكاع وَيُقَال للأَمَة: لَكاع ولَكِيعَة، قَالَ ابْن الرّقَيَّات: لَو لم يَخونوا عَهْدَهُ أَهْلُ العراقِ بَنو اللَّكِيعَهْ وَيُقَال للحُمَّق: لَكاع ابْن لَكاع، ولَكَّاع ابْن لَكَّاع، قَالَ زِيَاد الْأَعْجَم: أَنْبَأَتْني أنَّ عبد الله مُنْتَزَعٌ مِنّي عَطاياهُ لَكَّاع ابْن لَكَّاع وَيُقَال للرجل إِذا شُتِم وصَغَّرتَهُ: ابْن اسْتِها، وَمِنْه قَول أبي الْغَرِيب النّصْرِي: مَا غَرَّكُمْ بالأسَدِ الغَضَنْفَرِ بَني استِها والجُنْدُعِ الزّبَنْتَرِ وَقَالَ جُرثومةُ العَنَزي: عَلَيْكُم بتَلْقيحِ النّخيلِ بَني استِها فلستُمْ يَقيناً من رِجالِ المَنابِرِ وَقَالَ بعض الرّواة: يُقَال للمسبوب: يَا ابْن اسْتِها، وَيَا ابْن خَجْعَبخ، وَيَا ابْن حُقْرَى، قَالَ جرير بن عَطِيَّة:(4/130)
دَنَوْتَ من المَعَرَّة يَا ابْن حُقْرى وقَنَّعَكَ الفَرَزْدَقُ ثَوْبَ زانِ وَقَالَ الْأَحول: يُقَال لابْن الْأمة: ابْن مَدينة، وَأنْشد للأخطل: رَبَتْ ورَبا فِي حَجْرِها ابْن مَدينةٍ يَظَلُّ على مِسْحاتِهِ يَتَرَكَّلُ وَقَالَ ابْن الأَعْرابِي: ابْن مَدينة: ابْن أمة قد دِينَت: أَي مُلِكَت، وَقَالَ: ابْن مَدِينَة: رجل من أهل الْقرى وَأهل الْأَمْصَار وَأعلم من غَيرهم. وَقَالَ الْأَحول: يُقَال للفَطِن: هُوَ ابْن مدينَتها، وابْن بَلْدَتها، وابْن بَجْدَتِها، وابْن بِجْدَتها، وبُجْدَتها، وابْن بُعْثُطِها، وابْن سُرْسُروها، وابْن سوبانها بِمَعْنى وَاحِد. وَقَالَ الْكلابِي: إِنَّه لابْن أرْضهَا. ابْن السّكيت: إِنَّه لابْن إِحْدَاهَا: إِذا كَانَ قَوِيا على الْأَمر عَالما بِهِ، وَقَالَ الْأَحول: لَا يَقوم بِهَذَا الْأَمر إلاّ ابْن أَجْداها، بِالْجِيم: يُرِيد كريمَ الإِباء والأمهات، وَقَول ابْن السّكيت أعرفُ، وَيُقَال للذليل: مَا هُوَ إلاّ ابْن أرضٍ: يُراد بِهِ أَنه لازمَ الأَرْض ذُلاًّ، قَالَ رؤبة بن العجاج: مِنِّي وإنْ كانَ ابْن أرْضٍ أطْرقا وَهَذَا كَقَوْل الآخر وَهُوَ جرير: كَيفَ الحديثُ إِلَى بَني دَاوِيَّةٍ مُتَعَصِّبِينَ على خَوامِسَ هِيمِ وابْن غَبْراء: ابْن الأَرْض، والغبراء: اسْم للْأَرْض عَلَم، كَمَا أَن الخَضراء اسْم للسماء. وَقَالَ الْمبرد: بَنو غَبْراء: اللُّصوص، وَلَا أعرف هَذَا القَوْل عَن غَيره، وَقد قيل إِنَّه يُقَال لأهل البِيدِ: بَنو غَبْراء، وَلأَهل الْأَمْصَار: بَنو مَدْراء، وَقد قيل فِي قَول طرفَة: رأيتُ بَني غَبْراءَ لَا يُنْكِرونَني وَلَا أهلُ هذاكَ الطّرافِ المُمَدَّدِ إِن بني غَبْراء الْفُقَرَاء، وَأهل الطّراف الْأَغْنِيَاء، وَقد قيل فِيهِ إِنَّه أَرَادَ أَنه مَشْهُور لَا يُنكره أهل البدو وَلَا أهل الْأَمْصَار، وَيُقَال للنَّاس: بَنو التّراب، وَهُوَ الطّين، وَبَنُو الإِنسان وبَنو آدم وَبَنُو الأَرْض وَبَنُو غَبْراء وَبَنُو الدّهر وَبَنُو الدّنيا، وسُئل بعض الْعَرَب عَن نَسَبِه فَقَالَ: أَنا ابْن غَبْراء على سَفْراء بيَدي سَمْراء. ابْن السّكيت: كَيفَ وجدتَ ابْن أُنْسِك وإنْسِك: أَي كَيفَ وجدت صَاحبك. وَقَالَ أَبُو عَمْرو بنُ الْعَلَاء: تَقول الْعَرَب: أَيْن ابْنِكَ ابْنُكَ وابْن عَمِّكَ ابْنُكَ وابْنُكَ ابْن بُوحِك فاصْطَبِح من صَبوحِك، يَقُول هَؤُلَاءِ لَيْسُوا بِابْن نَفْسِك فأقْبِل على ابْن نَفْسِك ودَع هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ خالِصُكَ دون هَؤُلَاءِ، وَرَوَاهُ غَيره ابْن بُوحِكَ يشربُ من صَبوحِك، وَيُقَال للمجتمعين على الشّراب: بَنو نَكْرا وَبَنُو نُكْر، وَأنْشد: وبَنو نُكْرٍ قُعودٌ يَتَعاطَوْنَ الصِّحافا وَقَالَ بعض الرّواة: بَنو المَفاوِز: ذَوُو الْهِدَايَة، وذَوو السّيْر فِيهَا، وَأنْشد: مَفاوِزٌ تَرْمي بَينهَا بالنّصَبْ قَالَ: وَذَلِكَ معنى قَول الشّاعر: وكائِنْ قَطَعْنا دُونَكُمْ من مَفازة حَماها ابنُها أنْ جَفَّ عَنْهَا ثَميلُها أَرَادَ أنّ ابنَها الْعَالم بهَا امْتنع أَن يسْلُكَها لقِلَّة مَائِهَا. وَقَالَ غَيره: بَنو الفَلاة: ذَوو الدّلالة والمعرفة بهَا، وابْن الفَلاة: الدّليل، وابْن الفَلاة: الحِرْباء، قَالَ الطّرماح:(4/131)
وانْتَمى ابْن الفَلاةِ فِي طَرَفِ الجِذْ لِ وأعْيا عَلَيْهِ مُلْتَحَدُهْ انْتَمَى: ارْتَفع، والمُلتَحَد: المَلْجأ، وَقد سمّى أُميّة بن أبي عَائِذ الهُذَلي الصَّائِد: ابْن الدُّجى. فَقَالَ: فأَسْلَكَها من صَدىً حافِظاً بِهِ ابْن الدّجى لاطئاً كالطّحالْ والدّجى جمع دُجْيَة، وَهِي قُتْرةُ الصَّائِد، وَقَالَ الطّرماح: مُنْطَوٍ فِي مستَوى دُجْيَةٍ كانْطِواءِ الحُرِّ بَيْنَ السّلامِ الحُرُّ: الْأَبْيَض من الحَيّات، والسّلام: الحِجارة. ابْن السّكيت: إِنَّه لابْن لَيْل: إِذا كَانَ صَاحب سُرىً قَويّاً عَلَيْهَا، وَمِنْه قَول أم تأبط شرا وابْناه وابْنَ اللَّيْلِ، وَأنْشد للعنبري: مَاذَا يُريني اللَّيْلُ من أهْوالِهِ أَنا ابْن عَمِّ اللَّيْلِ وابْن خالهِ إِذا دَجا دَخَلْتُ فِي سِرْبالِهِ لَسْتُ كَمَنْ يَفْرَقُ من خَيالِهِ وَهَذَا كَقَوْل أبي النّجم، ووصَفَ أُتُناً: وظَلَّ يُوفي الأَجْمَدَ ابْنُ خالِها مُسْتَبْطِئاً للشمسِ فِي إقْبالِها أَرَادَ بِابْن خالِها فحلَها وَهَذَا قَالَه ضَرُورَة للقافية، وَيُقَال لكل من ركب اللَّيْل وَإِن لم يكن ذَا نجدةٍ ابنُ اللَّيْل، وعَلى هَذَا الْمَذْهَب قَالُوا لكل من أُضيف إِلَى شَيْء أَو علم شَيْئا أَو أطَاق شَيْئا أَو تشهَّر بِهِ أَو نُسِبَ إِلَيْهِ هُوَ ابْن كَذَا. قَالَ عَليّ بن حَمْزَة: فَمن ذَلِك مَا أخبرنَا بِهِ الهِرَّانيُّ عَن الرّياشيّ عَن الْأَصْمَعِي عَن الْعَدوي أَنه قَالَ أَنا ابْن التّاريخ وَكنت عَام الْهِجْرَة لَا أحسنُ الرّطانَةَ وَلَا أرْضى العِشْرَة وَلَا أرهب من رصّاصَةٍ وَمَا قَرْقَمَني إلاّ الكرَمُ وَقَالَ جرير: وَلَقَد تركت بني النّقاض كأنَّهم أنقاضُ صائِفَةٍ بِقاعٍ قَرْقَرِ وَمن ذَلِك قَول الشّاعر: أيّامَ أبدتْ لنا عَيْناً وسالِفَةً فقلتُ أنَّى لَهَا جِيدُ ابنِ أَجيادِ وأجياد: مَوْضِع بِالْحرم، أَي كَيفَ أعطِيَتْ جيد الظّبي الَّذِي بِالْحرم، وَمِنْه قَول ابْن حَرْبَة فِي هجاء بني حنيفَة:(4/132)
أبناءُ نَخْلٍ وحيطانٍ ومَزْرَعةٍ سيوفهم خَشَبٌ فِيهَا مَساحيها وَمِنْه قَول ابنِ الرّقَيّات: أَنْت ابنُ مُسْلَنْطِحِ البِطاحِ وَلم تُطْرَقْ عليكَ الحُنِيُّ والوَلَجُ وَمِنْه قَوْلهم فِي بعض النّحويين ابنُ النّحو قَالَ عَليّ بن حَمْزَة هُوَ مَسْلَمَةُ بن عبد الله بن سعد الفِهْرِيُّ وَهُوَ ابْن أُخْت عبد الله بن أبي إِسْحَاق الحَضرَمي النّحوي، وعَلى هَذَا قَالَ اليزيدي أَنا ابْن القَماطِرِ وَهَذَا معنى الحَدِيث: (لَا يدخلُ الجَنَّةَ ولَدُ ابنِ الزّنا) يُرَاد بِهِ الملازم لَهُ وَالله أعلم وَالله تبَارك وَتَعَالَى أعدَلُ من أَن يُطالِبَ العَبْد بذنبِ غَيره وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَقُول: (وَلَا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ، وَمِنْه قَول الآخر أنشدناه ابْن الأَعْرابِي: رَحَلْنا من الطّوْد اليَماني كأنَّنا بَنو سَفَرٍ أهلُ الشّريفِ لنا أهلُ وَمن الْمعَانِي عَن الشّيباني: وذاتَ بنينَ لم تَلْقَحْ لِزَوْجٍ وَلَا يدْرِي بنوها مَن أَبوهَا وَلَا يُغْنونَ فِي الهَيْجاء شَيئاً غَداةَ الرّوْعِ حَتَّى يركبوها وَقَالُوا بَنو الْحَرْب والهيجاء والوغى وَهَذَا فِي أشعارهم كثير وَقَالُوا بَنو النّعمة الَّذين لَا يعْرفُونَ التّقَلُّبَ إلاّ فِيهَا. وَقَالَ الْأَحول: فلانُ ابنُ هَمٍّ: إِذا كَانَ لَا يقدر على دفع الهمِّ عَن نَفسه، وَقيل بَنو الهَمِّ: الصُّبُرُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْبَاهِلِيّ: بَنو الشّرَطِ: أعوانُ الشّرَط. غَيره: بَنو الصُّحُفِ: الشّهودُ، وَقَالَ وَبْرَة السّارق: بَيْنا أُنازِعُهُمْ ثَوْبي وأَجْحَدُهُمْ إِذا بَنو صُحُفٍ بالحَقِّ قد وَرَدُوا وَأنْشد السّكري: وعرجَلَةٍ شُعْثِ الرّؤوس كأنَّهم بَنو الطّوْدِ لم تُطْبَخْ بنارٍ قُدورُها قَالَ أَرَادَ كَأَنَّهُمْ الْحِجَارَة ويروى كَأَنَّهُمْ بَنو الجِنِّ وَمثله قَول الآخر: دَعَوْتُ خُلَيْداً دَعْوَة فكأنَّما دعوتُ بِهِ ابنَ الطّوْدِ أَو هُوَ أسْرَعُ أَرَادَ كَأَنَّهُ جبلٌ تدَهْدَى من جبل كَقَوْلِه:(4/133)
كجُلمود صَخْرٍ حَطَّهُ السّيْلُ من عَلِ ابْن السّكيت: ابْنا طِمِرٍّ: جبلان متقابلان بنخلة الشّامية. غَيره: هما ابْنا طِمِرٍّ وابنا طِبِرٍّ وَقيل ابْنا طمِرٍّ ثَنِيَّتان فِي جبل من جبال دمشق وهما ابنتا طَمار وَأنْشد: ابْنا طِمِرٍّ وابنتا طَمارِ وَالْقَوْل فِي ابْني طِمِرٍّ قَول ابْن السّكيت: وَقَالَ أَيْضا ابْنا شَمامٍ: جبلان فِي شاكلة دَار بني نُمَيْرٍ مِمَّا يَلِي دَار عَمْرو بن كلاب، وَقَالَ أَبُو زِيَاد: شَمامٌ جبالٌ سودٌ فِي وَسطهَا جبلان مقترنان طويلان يراهما النّاظِر من ارضٍ نائيةٍ. قَالَ أَبُو زِيَاد: شَمامِ مَبْنِيّ كَحذامِ وقَطامِ، وَلَو كَأَن مبنيّا كَمَا قَالَ لم يقل جرير: فَإِن أصْبَحْتَ تَطْلُبُ ذاكَ فانْقُلْ شَماماً والمَقرَّ إِلَى وُعالِ وُعالٌ والمَقَرُّ: موضعان بِالْبَصْرَةِ. أَبُو زِيَاد: ابنُ دُخْنٍ: جبل بِأَرْض بني نُمَير عِنْده الشّبكة شبكة ابْن دُخن والشّبكة من مِيَاههمْ. وَقَالَ الهَجري: ابنُ فِهْدٍ بِالْكَسْرِ: نَقْبٌ كَانَت بِهِ وقْعَة لبني سُلَيم على عِجْلٍ. أَبُو عَمْرو: ابنِ مِيحٍ: جبَل. أَبُو عُبَيْدة: ابْن الحِمارة: جبَلٌ مُطِلٌّ على الحِمارة وَهِي حَرَّة وَأنْشد: ستُدْرِكُ مَا تَحمي الحِمارَةُ وابنُها قَلائِصُ رَسْلاتٌ وشُعْثٌ بلابِلُ ابْن السّكيت: ابْن بَسيلٍ: قَرْيَة بالشّام، وَقَالَ الْأَصْمَعِي تَقول الْعَرَب على لِسَان الرّمَّة وَهُوَ قاعٌ عظيمٌ بنجدٍ تنصَبُّ فِيهِ جمَاعَة أوديةٍ، كلُّ بَنِيٍّ يُحْسيني إلاّ الجَريبَ فَإِنَّهُ يَكْفِينِي: الجريب وادٍ عَظِيم، قَالَ ابْن دُرَيْد: يُحسيني يحْتَمل أَن يكون من الحَسْوِ أَي الجَرْع وَيحْتَمل أَن يكون من الحِسي وَهُوَ المَاء الْقَلِيل وَهُوَ أجوَدُ، قَالَ عَليّ بن حَمْزَة: وَهَذَا عِنْدِي سهوٌ مِنْهُ وَالْأول أَجود، وَابْن مناهِلَ: طريقٌ وَأنْشد ابْن الأَعْرابِي: قَلِيلا ثمَّ ثُرْنَ وهُنَّ شُدْفٌ على ابنِ مَناهلٍ يَرِدُ العِدادا وَقَالَ ابْن الأَعْرابِي فِي قَول الأَسديّ: يَا سعدُ يَا ابْنَ عَمِلي يَا سَعْدُ أَي يَا من يعْمل عَمَلي. ابْن السّكيت: هُوَ صَاحب الْعَمَل الجادُّ فِيهِ، وَيُقَال للَّذين يجيئون حُجَّاجاً من قبَل الْيمن: بَنو عَمَلٍ وَمن ذَلِك قَول عمر بن الخطّاب رَضِي الله عَنهُ: لقد هممتُ أَن أُحَرِّمَ تضييفَ بني عَمَلٍ وَذَلِكَ أَن قوماص من مشَاة أهل الْيمن أَتَوا حُجَّاجاً فمرّوا بِأبي خِراشٍ الهُذَليّ فَقَالَ هَذِه شاةٌ وَهَذِه قِدْرٌ وَبِذَلِك الشّعْب ماءٌ قَالُوا فَمَا وفَّيْتَنا قِرانا فَأخذ الْقرْبَة فتقَلَّدها وَانْطَلق يسقيهم فنهَشَتْه حيَّةٌ فَمَاتَ فأُخْبِرَ بذلك عمر فَقَالَ مَا حكيناه. ابْن الأَعْرابِي: يُقَال للمُعاودِ للرُّكوب ابنُ سَرْج وَأنْشد: أَنا ابنُ سَرْجٍ وهِيَ الدّلوجُ تَقطَعُ أرْضاً رأسُها مَعْنوجُ كأنَّ فاها قَتَبٌ مَفروجٌ وَفِي الْمثل: إنَّ المُوَصَّيْنَ بَنو سَهْوانَ، أَي إِن الإِنسان قد ينسى وَإِن وصَّيتَه. ابْن السّكيت: أَنا من هَذَا الْأَمر فالِجُ بنُ خَلاوَةَ، وَقَالَ الْوَهْبِي: هُوَ رجل وَله حَدِيث، قَالَ ابْن الأَعْرابِي: الْعَرَب تَقول لكل حاذقٍ: ابنُ تِقْنٍ(4/134)
وَأنْشد لبَعض بني فَقْعَس أتَجْمَعُ إِن كنتَ ابنَ تِقْنٍ فَطانَةً وتُغْبَنُ أَحْيَانًا هَناتٍ هَواهيا أَرَادَ تجمع حِذْقاً وتَغابياً وهَناتٍ هَواهٍ دواهٍ، وَقيل ابْن تقنٍ رجلٌ من عادٍ وَأنْشد ابْن السّكيت: يرْمي بهَا أَرْمَى منَ ابنِ تِقْنِ وَقَالَ إِنَّه لاَبنُ أَحْذارٍ: إِذا كَانَ حَذِراً وَأنْشد: أبلِغْ زياداً وحَيْنُ الْمَرْء مُدْرِكه وَإِن تكَيَّسَ أَو كَانَ ابنَ أحْذار وَإنَّهُ لاَبن أَقْوَال إِذا كَانَ جيِّد القَوْل. غَيره: وَإنَّهُ لِابْنِ أكياس قَالَ الشّاعر: قَالَ المُهدْهِدُ نَمْ عَنْهَا فقلتُ لهُ مَا مَن ينَام عَلَيْهَا بِابْن أكياسِ ابْن السّكيت: تركتُه صَلْمَعَة بنَ قَلْمَعة: أَي لَيْسَ مَعَه قَلِيل وَلَا كثير وَأنْشد أَبُو عُبَيْد: أصَلْمَعة بنَ قلْمَعةَ بنِ فَقْع لَهِنَّكَ لَا أَبَا لكَ تزدريني وَلم يفسِّر صلمعة بن قلمعة غير أَنه قَالَ صلْمَعْتُ الشّيءَ قلعتُه من أَصله، وَقَالَ الْأَحول: يُقَال للرجل الَّذِي لَا يُعْرَفُ صلمعة بن قلمعة وَأنْشد الْبَيْت الَّذِي تقدم عَن أبي عبيد، وَيُقَال للرجل الَّذِي لَا يُعرف: هَيّانُ بنُ بيَّان وهَيُّ بن بَيٍّ قَالَ ابْن أبي عُيَيْنَة: بفَرْضٍ من بني هَيِّ بنِ بيٍّ وأنذالِ المَوالي والعَبيدِ وَهَذَا كَمَا قَالَ بَعضهم وَقد خلَّصَتْه العامَّة من يَد الْوَالِي وَأَرَادَ ضَربه: وَلَوْلَا بَنو دَعْني وأولادُ خَلِّني لأوْجَبْتُ للسُّلطان فِي كَتِفي حّدَّا وَيُقَال فلانٌ ابْن لؤمٍ: إِذا كَانَ لئيماً، وَابْن شُحَّى: الشّحيح، قَالَ الْأَشْهب بن رُمَيْلَة للبَعيث: أبوكَ الأبانِيُّ الَّذِي فِي مُجاشِعٍ وأنتَ ابنُ شَحَّى تَسْتَدِرُّ لِتَحْلِبا وَقَالَ المَرَّار لمُساوِرِ بنِ هِند: لستَ إِلَى الْأَمر من عبْسٍ وَمن أسَدٍ وَإِنَّمَا أنتَ دينارُ ابْن دينارِ أَي أَنْت عبدٌ ابْن عبدٍ لِأَن دِينَارا من أَسمَاء العبيد. ابْن السّكيت: فلانٌ ضُلٌّ بنُ ضُلٍّ وقُلٌّ بن قُلٍّ: إِذا كَانَ لَا يُعرف وَلَا يُعرَف أَبوهُ. غَيره: ذُلُّ بن ذُلٍّ كَذَلِك، وَيُقَال للمحتقَر بَهْلُ بن بَهْلانَ قَالَ الشّاعر: لكنَّ قاتِلَهُ بَهْلُ بن بهلانا وأصل البهلِ: الشّيء الْقَلِيل وخصَّ أَبُو عُبَيْد بِهِ المَال. غَيره: تَقول الْعَرَب إِنَّه الضّلال بنُ الأَلاَلِ أَي ابْن ضَلالٍ مثلِهِ للَّذي لَا يعرف هُوَ وَلَا أَبوهُ وَأنْشد أَبُو عَمْرو لأبي نُخَيْلة: أصبحتَ تنهضُ فِي ضلالكَ سادِراً إِن الضّلالَ ابنُ الأَلالِ فأَقصِرِ(4/135)
وَقَالَ غَيره: يَقُولُونَ لِلغَوِيِّ هُوَ الضّلال بن الأَلال والضّلال بنُ التّلاَل والضّلال ابْن فَهْلَلٍ وثَهْلَلٍ، وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْد: ثَهلل وفَهلل غير مَصْرُوف، قَالَ الْفَارِسِي: وَظهر فِيهِ التّضعيفُ على نَحْو مَا يلْحق بعض الْأَسْمَاء الإِعلام دون غَيرهَا من الْأَسْمَاء كَقَوْلِهِم رجاءُ بنُ حَيْوَةَ ومريمَ ومَزينَ فِيمَن جعله عَرَبيا ومَزيدة ومَكوَزَة ومَن زيدا فِي الْحِكَايَة وَنَحْو هَذَا كثير. أَبُو عُبَيْد: أنتَ فِي الضّلال بنِ السّبَهْلَلِ يَعْنِي الْبَاطِل. غَيره: هُوَ الضّلال بنُ السّبَهْلَلِ: إِذا كَانَ لَا يعرف أَبوهُ. أَبُو عَمْرو: هُوَ الضُّلُّ بن الضّلال: إِذا كَانَ لَا يعرف وَلَا أَبوهُ قَالَ حَارِثَة بن بَدْر: أَتَانِي من عطِيَّةَ ذَرْءُ قَوْلٍ يرَشِّحُهُ أَضَلُّ بن الضّلالِ وَيُقَال للمحتَقَر بِهِ: ابنُ لَا شيءَ، وَيُقَال للمحتقَر بِهِ: مَا هُوَ إلاّ طامِرُ بنُ طامِرٍ، وَيُقَال للبرغوث طامر بن طامر، ابْن تَمْرَةَ: عصفورٌ صَغِير وهُنَّ بناتُ تَمْرَة. ابْن السّكيت: ابْن قِتْرَة: ضرب من الحيّات دَقِيق صَغِير شُبِّه بالقِتْرَة وَهِي نَصْلٌ دقيقٌ قَالَ الْأَصْمَعِي: سالتّ أَبَا مَهْدِيٍّ مَا ابْن قِتْرَةَ فَقَالَ هُوَ بِكْرُ الأفعى، ابْن دأيَةَ: الغُرابُ. قَالَ ابْن السّكيت: قالتّ غَنِيَّة يَقُول الإِنسان إِذا كذب حدَّثه ابْن دأيَةَ والغراب لَا يُخْبِر بشيءٍ أبدا، قَالَ الْأَحول: إِنَّمَا قيل للغراب ابْن دأية لِأَنَّهُ يَقع على دأيات الإِبل من ظُهُورهَا، والدّأية طرف مَوْضِع آخر الطّلْف من القَتَبِ، والرَحْل: وَهِي فقرة من ضلوع الجوانح حِيال مَوْضِع المِرْفَق. وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: يُقَال للغراب ابنُ بَريحٍ. قَالَ غَيره: اشتقاقه من البَرْح هَكَذَا قَالَ الْأَخْفَش، وَابْن عَنَزٍ: سبُعٌ فِي قدر ابنِ عِرْسٍ يدْخل فِي حَيَاء النّاقة فيتغلغل إِلَى رحِمِها فيقتلُها وَالْعرب تزعُم أَنه شَيْطَان لِأَنَّهُ قلَّما يُرى فَأَما ابْن دُرَيْد فَقَالَ هِيَ العَنَزَة وَهِي دُوَيْبَةٌ أَصْغَر من الْكَلْب دَقِيق الخَطْمِ وَهِي من السّباع تَأْخُذ الْبَعِير من قِبَل دُبُرِه وقلَّما يُرى ويزعمون أَنه شَيْطَان. غَيره: ابْن أنْقَدَ: الْقُنْفُذ وَأنْشد أَبُو حَاتِم: فَبَاتَ يقاسي ليلَ أنقدَ دائباً ويَحْدُرُ بالقُفِّ اختلافَ العُجاهِنِ وَابْن ماءٍ: طَائِر يكون فِي المَاء وَهُوَ نكرَة وسأشرح من هَذِه الْأَجْنَاس معرفَة ونكرةً إِن شَاءَ الله، ابْن عُرْس: دابَّة مَعْرُوفَة وَالْجمع بَنَات عِرسٍ، وَكَذَلِكَ ابْن آوى معروفٌ وَقد بيّنت وزن آوى فِي بَاب الْوَحْش من هَذَا الْكتاب. ابْن الأَعْرابِي: أولادُ عُرْجٍ: الضّباع وَأنْشد: أَفَكَانَ أوَّلَ مَا أتيتَ تهارَشَتْ أبناءُ عُرْجَ عليكَ عِنْد وِجارِ أجْرى الْجَمِيع مُجرى الْوَاحِد الْمعرفَة الْمُؤَنَّث فَلم يصرِف، وَقيل فِي قَول عنترة: ويكونُ مَرْكَبُكِ القَعودَ ورَحْلَهُ وابنُ النّعامة يَوْم ذَلِك مرْكَبي ابْن النّعامة فرَسُه وَقيل ابْن النّعامة: بَاطِن الْقدَم، وَمِنْه تنعَّم الرَّجُل: إِذا مَشى حافياً، وروى أَبُو زيد عَن أبي خضيْرَة أَن ابْن النّعامة خَطٌّ فِي بَاطِن الْقدَم فِي وَسطهَا وَيَقُولُونَ تنعَّمت زيدا: طلبته، وتنعمت إِلَيْك: مشيت حافياً، وتنعَّمت القومَ: إِذا كَانُوا بَعيدا منكَ فطلَبتَهم على رجليك، وتنعَّمْتُ الطّريق: ركبتُهُ، وَهَذَا كُله صَحِيح إلاّ أَن قَول ابْن الأَعْرابِي فِي الْبَيْت هُوَ الصَّحِيح. ابْن السّكيت: يُقَال للحمار الأهلي: ابْن شُنَّة وَإِنَّمَا سمي بذلك لِأَنَّهُ يحمل الشّنَّةَ. وَقَالَ: ابْن زَاذَان وَابْن آذان وَيُقَال بَنَات آذان للطِّوال الْأَذَان، وَابْن أحقَبَ: حمَار الْوَحْش الَّذِي فِي حَقْوِه بَيَاض. ابْن الأَعْرابِي: لَا آتيهِ مَا خَبَجَ ابنُ أتانٍ يَعْنِي ضَرِطَ، وابنُ المَراغة: الْحمار، لذَلِك دَعَا الفرزدق جَرِيرًا ابْن المَراغة، وَقيل إِنَّمَا سمّاه ابنَ المَراغة لِأَن كُلَيباً أَصْحَاب حَميرٍ وَلَيْسَ هَذَا القَوْل بِشَيْء. ابْن السّكيت: ابنُ مِقْرَضٍ: دُوَيبة أطحلُ اللَّوْن لَهُ خُطَيْم طويلٌ وَهُوَ أَصْغَر من الْفَأْرَة. غَيره: ابْن ذارِعٍ وَابْن زارِعٍ وَابْن وازِعٍ:(4/136)
الْكَلْب، وَابْن السّليل وَابْن المَخاضِ وَابْن اللَّبون من أَسْنَان الإِبل معروفٌ. أَبُو عَمْرو: وَابْن دِرارٍ وَابْن مَخاضٍ. قَالَ الْأَحول: ابْن مِخْدَشٍ: الكاهلُ. غَيره: هُوَ ابْن مَخادِش. أَبُو عُبَيْد: ابْنا مِلاطَيِ الْبَعِير: كَتِفاهُ. غَيره: ابْنا مِلاطَيْهِ: عضُداهُ. ابْن الأَعْرابِي: المِلاطُ: الكَتِفُ، والعضُدان: ابْنا مِلاطٍ. غَيره: ابْنا مِلاطٍ: الجَنْبان وَالْوَاحد ابْن مِلاطٍ. قَالَ غَيره: وَلَا يُقَال ابْن المِلاطِ إلاّ فِي الشّعر. ابْن السّكيت: ابْن مِلاطٍ: الهِلالُ يرويهِ عَن أبي عُبَيْدَة، وَيُقَال نِعْمَ ابنُ الليلةِ فُلانٌ: يَعْنِي اللَّيْلَة التّي وُلِدَ فِيهَا، وَيُقَال للْإنْسَان وَغَيره هُوَ ابْن سَاعَته ويومه وَلَيْلَته وشهره وعامه وَمِنْه مَا قَدمته فِي بَاب الْقَمَر حِين قيل لَهُ مَا أَنْت ابْن لَيْلَتَيْنِ مَا أَنْت ابْن ثَلَاث مَا أَنْت ابْن أَربع مَا أَنْت ابْن خمس مَا أَنْت ابْن ستٍّ مَا أَنْت ابْن سبع مَا أَنْت ابْن ثمانٍ مَا أَنْت ابْن تسع مَا أَنْت ابْن عشر، وَيُقَال للَّيلة التّي لَا يطلُعُ فِيهَا الْقَمَر ظُلْمة ابْن جَمِير وَيُقَال لَا يَأْتِيهِ مَا أجمرَ ابْنا جَمير وجُمَيرٍ وَيُقَال لَهما ابْنا سَميرٍ لِأَنَّهُ يُسْمَرُ فيهمَا وَيُقَال ابْنا سَميرٍ وابنا نُمَيْرٍ. أَبُو عُبَيْد: ابْنا سُباتٍ: اللَّيْل والنّهار. ابْن السّكيت: ابْن ذُكاء: الصُّبْح، وذُكاء هِيَ الشّمس، وَأنْشد: فَوَرَدَتْ قبلَ انْبِلاجِ الفَجْرِ وابْن ذُكاءَ كامِنُ فِي كَفْرِ وابْن أَجْلى: الصُّبْح، وَأنْشد: بِهِ ابْن أَجْلى وافَقَ الإِسْفارا وَمِنْه قيل للرجل البارز الْأَمر الَّذِي لَيْسَ بِهِ خَفاء هُوَ ابْن جَلا. وابْنا شَميط: مُنقطَع اللَّيْل من الصُّبْح، وَقيل ابْنا شُمَيْط بِضَم الشّين رجلَانِ. ابْن السّكيت: ابْنا عِيان: الفأل، فَيُقَال يَا ابْنَيْ عِيان أسرِعا البَيان، ثمَّ يَزجُر فَيَقُول: مَا أَرَادَ أَن يَقُول، قَالَ الْأَخْفَش: أرِياني مَا أُرِيد عِياناً، وَهَذَا كَقَوْل ذِي الرّمة: عَشِيَّةَ مَا لي حِيلةٌ غَيرَ أننَّي بلَقْطِ الحَصى والخَطِّ فِي الدّار مُولَعُ أَخُطُّ وأمْحو كُلَّ شيءٍ خَطَطْتُهُ بِكَفِّيَ والغِرْبانُ حَولي وُقَّعُ قَالَ: وَهَذَا يُصيب المُتَحَيِّر فِي أُمُوره، وَأَصله قَول امْرِئ الْقَيْس: ظَلِلْتُ رِدائي فوقَ رأسيَ قاعِداً أَعُدُّ الحَصى مَا تَنْقضي عَبَراتي قَالَ عَليّ بن حَمْزَة: وَهَذَا سوء تَمْيِيز من الْأَخْفَش وَقلة معرفَة بنَقْد الشّعر، لَيْسَ كَمَا ظن لِأَن الأول طَرْقٌ وزَجْر، وَهَذَا عبثٌ وفِكْر، ألم تَرَ إِلَى الرّاعي كَيفَ قَالَ وَوصف قِدْحاً: وأصفَرَ عَطَّافٍ إِذا رَاح ربُّه جَرى ابْنا عِيانٍ بالشّواء المُضَهَّبِ يَقُول إِذا رَاح بِهِ صَاحبه علم أَنه فائز كَمَا يُعلَم بالطّرْق بابنَي عِيان. وَقَالَ أَبُو عُثْمَان فِي ذكر الْكتب: وخَطٌّ آخر وَهُوَ خطُّ الحازي والعَرّاف والزّاجِر وَكَانَ مِنْهُم حُلَيْس الخَطّاط الأَسَدي، وَلذَلِك قيل فِي هجائهم: وأنتمْ عَضاريطُ الخَميس إِذا غَزَوْا غَناؤُكُمُ تلكَ الأَخاطيطُ فِي التّرْبِ وخطوط أُخَر تكون مُستراحاً للأسير والمَهموم والمُفكِّر كَمَا يعتري النّادمَ من قَرْع السّن والغَضبان من تصفيق الْيَد وتَجْحيظ العَين، قَالَ تأبط شرا: لتَقْرَعَنَّ عليَّ السّنَّ من نَدَمٍ إِذا تَذَكَّرْتِ منّي بعضَ أخلاقي(4/137)
وَقَالَ فِي خطّ الحَزين فِي الأَرْض، فَقَالَ وَقَول ذِي الرّمة: عَشِيَّة مَا لي حِيلَة. وَقد تقدَّم وَأنْشد الْبَيْت الثّاني وَذكر النّابغة فَزَع النّساء إِلَى ذَلِك إِذا أُسِرْن ففَكَّرْن: يُخَطِّطْنَ بالعِيدانِ فِي كلِّ مَنْزِلٍ ويَخْبأْنَ رُمَّانَ الثّدِيِّ النّواهِدِ وَقد يفْزَع إِلَى ذَلِك البَخَلُ الخَجِل كَقَوْل الْقَاسِم بن أُميَّة: لَا يَنْقُرون الأَرْض عندَ سُؤالِهِمْ لتَلَمُّسِ العِلاَّتِ بالعِيدانِ وَقَالَ غَيره من الرّواة: وخَطُّ آخَرُ وَهُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الشّاعر بقوله: تَشينُ صِحاحَ البِيدِ كلَّ عَشِيَّةٍ بعُودِ السّراءِ عِنْد بابٍ مُحَجَّبِ يُرِيد تَعديد المَفاخِر وخَطَّها فِي الأَرْض بالقِسِيّ على بَاب المَلِك، وَلَو ضَبَط الْأَخْفَش هَذَا التّفصيل لم يقُل مثل مَا قَالَ. ابْن السّكيت: ابْن يَوْأَم: البُعْد. ابْن الأَعْرابِي: يَوْأَم: قَبيلَة من الحَبَش، وَأنْشد: وأنتمُ قَبيلةٌ من يَوْأَمْ جاءتْ بكم سَفينةٌ من اليَمْ وَقَالَ آخر، وَجعل ابْن الدّهْر المَوت، فَقَالَ: أَنْعَتْ نَضْناضاً كَثيرَ الصَّقْرِ مَوْلِدُهُ كمَوْلِدِ ابْن الدّهْرِ كَانَا جَمِيعًا وُلِدا فِي شَهْرِ أَرَادَ بصَقره: لُعابه أَي سَمَّه، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تَقول الْعَرَب: ابْن عَشْر سِنين ضاربُ قُلِين وابْن عشْرين أسْعى ساعِين وابْن ثَلَاثِينَ أَنْظَرُ ناظِرين وابْن أَرْبَعِينَ أَبْطَش باطِشين وابْن خمسين ليثُ عِفِرِّين وابْن سِتِّينَ أحْكَمُ ناطِقين وابْن سبعين أَحْلَمُ جالسّين وابْن ثَمَانِينَ أَدْلَفُ دالفِين وابْن تسعين لَا إنْسٌ وَلَا جِنِّين، فِعِّيل من الجِنّ وابْن مائَة أَسْلَحُ سالحِين، وَتقول للَّذي أمُّه من قوم أَبِيه: هُوَ ابْن حُرَّة، وللذي أمُّه من غير قوم أَبِيه هُوَ ابْن غَريبة، وللذي أمّه سَبِيَّة هُوَ ابْن أَخيدَة وابْن سَبِيَّة وابْن غَريبة وابْن نَزيعة، وَلابْن المَمْلوك: ابْن جَليبَة، وَقَالَ بعض الرّواة يُقَال هم بَنو الْأَعْيَان إِذا كَانُوا لآباء متفرّقين وهم بَنو الْآحَاد إِذا كَانُوا لأبٍ وَاحِد. ابْن السّكيت: لَا أَدْرِي أيُّ بَني الرَّجُل هُوَ يَعْنِي آدم عَلَيْهِ السّلام. قَالَ أَبُو زِيَاد: سَأَلَ رجلٌ رجلا عَن بلدٍ فَقَالَ: كم بِهِ من النّاس، فَقيل لَهُ: بِهِ القِبْضُ كلُّه وَبِه بَنو الرَّجُل كلُّهم، وَلَيْسَ هَذَا مثل قَول الرّائد لِأَبِيهِ بِهِ بَنو الرَّجُل لَا يُعرَف أثَرهم، ذَاك يَعْنِي لَهُ بَنو رجلٍ من الرّجال قَلِيل عَددهمْ، وَالَّذِي حَكَاهُ أَبُو زِيَاد يَعْنِي آدم عَلَيْهِ السّلام، وَكَثْرَة العَدَد، وَيُقَال للْقَوْم: لَيْسُوا من أمٍّ وَاحِدَة: هم بَنو عَلاَّتٍ، وَإِنَّمَا سميت عَلَّة لِأَنَّهَا تُعَلُّ بعد صاحبتها وَهُوَ من العَلَل. ابْن السّكيت: جَابر بن حَبَّة: الخُبْز، وَإِنَّمَا سُمي جابِر لِأَنَّهُ يَجبُر النّاس، وَأنْشد الْأَحول: فَلَا تَلوماني ولُوما جابِرا فجابرٌ كَلَّفَني الهَواجِرا ابْن السّكيت: ابْن طابٍ: عِذْق بِالْمَدِينَةِ، وَيُقَال أَيْضا عذق ابْن حُبيْن، كَذَا رُوِيَ عَن ابْن السّكيت. قَالَ ابْن السّكيت: وَمن ردئ تمر الْحجاز الجُعْرور ومُصْران الْفَأْرَة وعِذْق ابْن حُبَيْق بِالْقَافِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو نصر وَلم يكن أَبُو يُوسُف رَحمَه الله ليُصَحِّفَ وَلَا يَخْلُو أَن يَكُونَا اثْنَيْنِ وَيكون الرّواي عَنهُ صَحَّف، وَهَذَا نَصُّ عَليّ بن(4/138)
حَمْزَة لِابْنِ السّكيت، ثمَّ قَالَ وَالْقَاف الْمَشْهُورَة وأسْنَد فَقَالَ أَبُو حَاتِم حَدثنِي الْأَصْمَعِي قَالَ سَمِعت مَالك بن أنس يحدّث عَن الزّهري قَالَ: لَا يَأْخُذ المُصَدِّق الجُعرور وَلَا مصْران الْفَأْرَة وَلَا عِذْق ابْن الحُبَيْق، قَالَ الْأَصْمَعِي: لِأَنَّهُ من أَرَادَ إتمرهم يَقُول فليأخذ وَسَطاً من ذَلِك، قَالَ وَأَنا إِن نَفَيْت التّصحيفَ عَن أبي يُوسُف فلست أنفي عَنهُ الغَلَط وَأَنه غَلِط فِي إِيرَاده عِذْق ابْن حُبَيْق مَعَ عِذْق ابْن طَابَ، لأنّ عذق ابْن طَابَ غير مَنْسُوب إِلَى إِنْسَان وَهُوَ دَاخل فِيمَا أوردهُ وأوردناه، وعِذْق ابْن حُبَيْق مَنْسُوب إِلَى رجل كَمَا قَالُوا عِذْق ابْن زَيْد، وَهِي نَخْلَة بِالْمَدِينَةِ أَيْضا تمرتها عَظِيمَة. ابْن السّكيت: ابْن أَوْبَر: ضرب من الكَمْأَة مُزَغَّب، وَهُوَ معرفَة.
(بَاب الْبَنَات)
قَالَ الْأَحول: بَنَات السّحابَة: البَرَد. أَبُو عُبَيْد: بَنَات مَخْرٍ وبَنَات بَخْر: سَحائب يَأْتِين قُبُل الصَّيف مُنتَصِبات رِقاق، وبَنَات المُزْن: البَرَد، وَقيل البَرق، وبَنَات نَعْش: كواكب مَعْرُوفَة. وَقَالَ بعض الرّواة: بَنَات الشّمس: شُعاعها الَّذِي يَمنع من النّظَر إِلَيْهَا، وَقد قيل فِي قَوْلهَا: نحنُ بناتُ طارِق نَمشي على النّمارِقِ أَنَّهَا أَرَادَت بَنَات الْأَمر الواضِح المُضيء كإضاءة النّجم، وَذَلِكَ من قَوْله عز وَجل: (والسّماء والطّارِق) . ابْن السّكيت: بَنَات اللَّيْل: الأحلام. الشّيباني: بَنَات اللَّيْل: أهواله، وَأنْشد: وارْمِ بَنَاتِ اللَّيْلِ والسّباسِبا وَقَالَ الْأَحول: بَنَات الصَّدْر، وبَنَات النّفْس: الهُموم، وَيُقَال إِنِّي لأعرف ذَلِك ببَنَات أَلْبُبي عَن أَبُو عُبَيْدة وَإِظْهَار التّضْعيف فِيهِ شَاذ نَادِر كَمَا قدَّمتُ من الضّلال ابنِ ثَهْلَل وابنِ فَهْلَل، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: قد علمتْ ذَاك بَنَاتُ أَلْبَبِه: يعنون لُبَّه. غَيره: أُحِبُّكَ ببَنَات قَلبي وبَنَات فُؤَادِي، قَالَ الشّاعر: ولمَّا رأيتُ البِشْرَ أعرَضَ دونَنا وحالتّ بَنَاتُ الشّوْقِ يَحْنِنَّ نُزَّعا ابْن السّكيت: مَا كلَّمْتُه ببِنْتِ شَفَة: أَي بِكَلِمَة، والنّحويون يَقُولُونَ هَذِه الْكَلِمَة من بَنَات الْيَاء وبَنَات الْوَاو وَكَذَلِكَ هُوَ من بَنَات الثّلاثة وبَنَات الْأَرْبَعَة: عَرَبِيّ فصيح، الْفراء: بَنَات غَيْر: الكَذِب. وَقَالَ الرّياشي: بَنَات يَهْيَرَّى: الكَذِب، وَقد أَبَنّا تَعْلِيله فِي بَاب الْكَذِب، وبَنَات الكُرَّج: اللَّعب. الْأَحول: بَنَات المُسْنَد: مَا يَأْتِي بِهِ الدّهر. غَيره: بَنَات الدّهر: نوائبه وحِدْثانه. ابْن السّكيت: ضَرَبَهُ ضَرْبَ بَنَات اقْعُدي: أَي ضربه ضربا شَدِيدا. وَقَالَ أَبُو رياش: بَنَات صَمَام: الدّواهي. ابْن السّكيت: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل: يُقَال عِنْد الْأَمر يُسْتَفْظَع، وَقَالَ: أَرَادوا بابنة الْجَبَل: الصَّدَى، كَقَوْلِهِم: صَمَّتْ حَصاةٌ بدَمٍ: يُرِيدُونَ أَن القَتْلى كَثُروا حَتَّى جَرَت الدّماء، واسْتَنْقَعَت وتَحَيَّرَت، فَإِذا أُلقيت حَصاة حالَ الدّم بَينهَا وَبَين الأَرْض فَلم يكن لَهَا صَوت. غَيره: ابْنَة الجَبل: القَوْس لِأَنَّهَا تُعمل من شجر الْجَبَل، وَفِي الحَدِيث انه صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم: (دخل على عَائِشَة وَهِي تلعب ببنت مٌقَضِّمَة) هِيَ لعبة تتَّخذ من جُلُود بِيضٍ يُقَال لَهَا بِنتُ قُضامة، وَقيل بنتُ قُضَّامة، وَهِي مُشْتَقَّة من القَضيم وَهِي الصَحِيفَة الْبَيْضَاء أَو الجِلد الْأَبْيَض وَقيل النّطَ الْأَبْيَض. الْأَحول: بَنَات بِئْسَ وبَنَات أَوْدَك وبَنَات مِعْيَر: كلُّه الدّواهي. أَبُو عُبَيْدة: بَنَات طَبَق: الدّواهي تَخُصُّ الرّجل. ابْن السّكيت: إِحْدَى بَنَات طَبَق يُضرَب مثلا للداهية، وَأَصلهَا الحَيَّة، وَأنْشد غَيره:(4/139)
قد عَضَّلَتْ ببَيْضِها أُمُّ طَبَقْ ابْن السّكيت: لقيتُ مِنْهُ بَنَات بَرْحٍ وبَني بَرْح، وَقد سمي الكُميتُ النّبْل بَنَات القَوْس فَقَالَ: وبَنَاتٍ لَهَا وَمَا وَلَدَتْهُنّ إناثاُ طَوْراً وطَوْراً ذُكورا أَي يُقَال مَرَّةً سَهْم وَهُوَ مُذَكّر، ومرَّة مِعْبَلَة وَهِي مُؤَنّثَة. وَقَالَ الْأَحول: يُقَال للسياط بَنَات بَحْنَة: وبَحْنَة: نَخْلَة طَوِيلَة شبهت السّياط فِي طولهَا بهَا، وَيُقَال لَهَا أَيْضا: ابْنَةُ بَحْنَة. ابْن الأَعْرابِي: بَنَات النّخيل: الفَسيل، وَأنْشد ثَعْلَب لرجل وَصَف حائكاً نسج ثوبا: بَيْتا فِيهِ بَنَاتُ الغِيل يَعْنِي بِهِ القَصَب والغِيل الأجمة. وَقَالَ الْأَحول: بَنَات دَمٍ: نَبْتٌ يَضْرِب إِلَى الحُمرة، وَأنْشد غَيره: كأنَّ ريشها يُسقى بَنَاتِ دَمٍ إِلَى أنابيبَ قد حَمَّمْنَ خُضْرانِ ابْن السّكيت: بنتُ نُخَيْلَة: التّمْرَة معرفَة، وَبنت الأَرْض: نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي الرّبيع والصيف وَقَالَ الْأَحول: بنت الأَرْض: بقلة من الرّبَّة، وَاحِدهَا وَجَمعهَا سَوَاء، وَقَالَ هُوَ وَابْن السّكيت: بَنَات الأَرْض: مَوَاضِع تَخْفى. غَيره: بَنَات نَيْسَبِها: الطّريق، وَهِي التّرَّهات، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح. أَبُو زِيَاد: بُنَيَّات الجِبال: الصُّوى، وبِنْتا هَيْدَة: هَضْبَتان فِي نَاحيَة بني كلاب. وَقَالَ بعض الرّواة: بَنَات قَيْن: هِضاب مَعْرُوفَة، وقَيْن: جَبَل بعَيْنه، وبَنَات قُراسِن: هَضَبات مَعْرُوفَة مَأْخُوذ من القَرْس وَهُوَ البَرْد، وَقد جَاءَ فِي الشّعر: بَنَات قَراس، وَهَذَا على الضّرورة. وَقَالَ الهجري: بِنتُ ثَبْرَة: هَضْبَة. غَيره: بَنَات القَفْر: وَحْشُها، وبَنَات الرّمْل: الوَحْش أَيْضا، وَقيل: هِيَ المَها فَقَط. ابْن السّكيت: بَنَات النّقا: دَوابٌ صِغار أَصْغَر من العَظاءة تكون فِي الرّمل. ابْن السّكيت: بنتُ الْمَطَر: دُوَيْبَة حَمْرَاء تظهر غِبَّ الْمَطَر فَإِذا نَضَب الثّرى مَاتَت. الْأَحول: بَنَات المَاء: الطّيْر وَمَا يألف المَاء من الضّفادع وَنَحْوهَا، وَقَالَ مرَّةً: ابنَةُ مَاء: طَائِر من طيور المَاء، وَأنْشد: وَلَا الحَجَّاجُ عَيْنَيْ بنتِ ماءٍ تُقَلِّبُ طَرْفَها حَذَرَ الصُّقورِ وَقَالَ بعض الرّواة: بَنَات الْهَام: الأدمغة، وبَنَات وَرْدان: دَوَاب مَعْرُوفَة، وَقيل فِي قَول الرّاجز: كلُّ امرِئٍ يَحمي بَنَاتِ طَوْقِهِ أَنَّهَا الْأَوْدَاج، وبَنَات اللَّبَن: الحَوايا، وبنتُ اللَّبَن: المَأْنةُ وبَنَات الجَوْف: الأحشاء، وبَنَات أَمَرَّ: المَصارين وَهِي بَنَات المَعي، وبَنَات الفَحْل: الإِبل وَكَذَلِكَ بَنَات العَوْد وَكَذَلِكَ بَنَات الفَنيق وبَنَات الجَمَل وبَنَات السّرى. ابْن الأَعْرابِي: بَنَات أَسْفَع: المِعْزى، وأَسْفَع: فَحْلٌ من الغَنَم. ابْن السّكيت: بَنَات صَعْدَة: الحُمُر الْأَهْلِيَّة، وبَنَات أَخْدَر: ضَرْبٌ من حُمُر الْوَحْش، وَكَذَلِكَ بَنَات الأَكْدَر، وَقَالَ غَيره: بَنَات الكُداد: من الحُمُر الْأَهْلِيَّة. ابْن السّكيت: بَنَات شَحَّاج: البِغال، وبَنَات صَهَّال: الخَيْل. وَقَالَ الْأَحول: بَنَات سَعْسَان: السّعالي، الْوَاحِدَة سِعْلاة وسِعْلاء، وَقَالَ أبي دَاوُد:(4/140)
وَلَقَد ذَعَرْتُ بَنَاتِ عَم المُرْشِقاتِ فسره ابْن السّكيت بالبقر، وَقَالَ: أَرَادَ أَن يَقُول الْبَقر فَلم يستقم لَهُ، وَلَا تكون الْبَقر مُرْشِقات لِأَنَّهَا وُقْص، وبَنَات نَقَرى: النّساء، لِأَنَّهُنَّ يَنْقُرْنَ: أَي يَعِبْنَ، وَمِنْه قَول امْرَأَة لبَعْلِها: مُرَّ بِي على بَني نَظَرن، وَلَا تَمُرَّ بِي على بَنَات نَقَرى: أَي مُرّ بِي على الرّجال الَّذِي ينظرُونَ إليّ وَلَا تمرّ بِي على النّساء اللواتي يعِبْنَني، وبَنَات الغُراب، وبَنَات الوَجيه، وبَنَات لاحِق، وبَنَات أَعْوَج: كلُّها الخَيْل، وإياه عَنى الشّاعر بقوله: أَحْوى من العُوجِ وَقاحُ الحافِرِ قَالَ الْفَارِسِي: وَهَذَا على قَول الْأَعْشَى: أَتَانِي وعِيد الحُوص وَقد تقدَّم تَعْلِيله، وَأَنا أذكر الْآن شَيْئا من أَحْكَام هَذِه الْأَسْمَاء المضافة والمضاف إِلَيْهَا ومجراها فِي التّثنية وَالْجمع، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِذا جمعت اسْما مُضَافا إِلَى شَيْء وَكَانَ الَّذِي أضيف إِلَيْهِ كل وَاحِد مِنْهُمَا غير الَّذِي أضيف إِلَيْهِ الآخر فَلَا خلاف فِي جمع الأول والثّاني كرجال جمَاعَة لكل وَاحِد مِنْهُم ابْن يُقَال لَهُ زيد فَجَمعهُمْ هَؤُلَاءِ آبَاء الزّيدين لَا خلاف فِي ذَلِك بَين النّحويين وَإِذا كَانَ الَّذِي أضيف إِلَيْهِ كل وَاحِد مِنْهُم هُوَ الَّذِي أضيف إِلَيْهِ الآخر فَلَا خلاف أَيْضا فِي توحيده كَقَوْلِنَا عبد الله وَعبيد الله وَعباد الله فقد ظهر الْآن الِاخْتِيَار عِنْد سِيبَوَيْهٍ أَن يوحد الِاسْم الْمُضَاف من الكنية وَلَا يثنى وَلَا يجمع فَتَقول فِي أبي زيد هَؤُلَاءِ آبَاء زيد، وَذكر أَنه قَول يُونُس وَأَنه أحسن من آبَاء الزّيدين وَهَذَا يدل على أَن آبَاء الزّيدين قَول قد قيل وَذكر قوم من النّحويين هَذَا القَوْل أَعنِي آبَاء الزّيدين ونسبوه إِلَى يُونُس وَالَّذِي حكى سِيبَوَيْهٍ عَنهُ مَا ذكرنَا وَإِنَّمَا اخْتَار سِيبَوَيْهٍ تَوْحِيد الِاسْم الْمُضَاف إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لشَيْء بِعَيْنِه مَجْمُوع وَذكر أَن هَذَا مثل قَوْلهم بناتُ اللّبُون لأَنهم أَرَادوا بِهِ السّنَّ المضافة إِلَى هَذِه الصّفة وَكَذَلِكَ ابْنا عمٍّ وابنا خَالَة وبَنو خَالَة، كَأَنَّهُ قَالَ هما ابْنا هَذَا الِاسْم تُضيف كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى هَذِه الْقَرَابَة وَكَذَلِكَ آبَاء زيد وَكَأَنَّهُ آبَاء هَذَا الِاسْم، ذكر السّيرافي من أَسمَاء الضّبع أمَّ رَسْم، وأمَّ نَوْفَل، وَمن كُنى الذِّئْب أَبُو عَسَلَة، وَأَبُو ثُمامة وَأَبُو بَصير: الْأَعْمَى، وَابْن عَجلان: طَائِر أسود أبيضُ أصلِ الذّنَب من تَحْتَهُ وَرُبمَا كَانَ أَحْمَر. السّيرافي: يُقَال للمعَز: بَنَات نَغْوَة وللضأن: بَنَات خُورِيا. وَأَنا أذكر الْآن أمرَ مَا كَانَ من الْأَب وَالأُم وَالِابْن وَالْبِنْت جِنْساً وأُري مَرتَبَته فِي بَاب الْمعرفَة ليَكُون هَذَا الصِّنْف من كتَابنَا أَعنِي صنف الإِباء والأمهات وَالْأَبْنَاء فائقاً فِي كل مَا صنف فِي هَذَا الْمَعْنى فَأَقُول: إِن هَذِه أَسمَاء الجِنْسِيَّة كَانَت كُنىً أَو أَسمَاء كَابْن بَريح وَأبي الْحَارِث وأمِّ عَنْثَل وأمِّ عامِر وَأبي الحُصَيْن وثُعالَة وسَمْسَم معارف وَإِنَّمَا يضْطَر إِلَى ذكر الْأَسْمَاء هَهُنَا من قِبَل كناها وَإِلَّا فغرضنا الكُنى والحَيِّزان مُتقاربان مُتجانسان فَلذَلِك أذكرهما مَعًا فَأَقُول إِن هَذِه الْأَسْمَاء معارف كزيد وَعَمْرو وهِنْد ودَعْد إلاّ أَن اسْم زيد وَهِنْد يخْتَص شخصا بِعَيْنِه دون غَيره من الْأَشْخَاص وَأَسْمَاء الْأَجْنَاس يخْتَص كلُّ اسْم مِنْهَا جِنْسا كل شخص من الْجِنْس يَقع عَلَيْهِ الِاسْم الْوَاقِع على الْجِنْس، وَمِثَال ذَلِك أَن زيدا وَطَلْحَة فِي أَسمَاء النّاس لَا تُوقِعُه على كل وَاحِد من النّاس وَإِنَّمَا توقعه على الشّخص الَّذِي يُسمى بِهِ لَا يتجاوزه وَأُسَامَة وَأَبُو الْحَارِث على من حُدِّث عَنهُ من الْأسد وَكَذَلِكَ سَائِر الكُنى والأسماء الجنسية وَالْفرق بَينهمَا أَن النّاس تقع أَسمَاؤُهُم على الشّخوص لكل وَاحِد مِنْهُم اسْم يخْتَص شَخْصَه دون سَائِر الْأَشْخَاص لِأَن لكل وَاحِد مِنْهُم حَالا مَعَ النّاس ينْفَرد بهَا فِي مُعَامَلَته وأسبابه وَمَا لَهُ وَعَلِيهِ وَلَيْسَت لغيره فَاحْتَاجَ إِلَى اسْم يخْتَص شخصه وَكَذَلِكَ مَا يَتَّخِذهُ النّاس ويستعملونه فيألفونه من الْخَيل وَالْكلاب وَالْغنم وَرُبمَا خصوها بأسماء يعرف بِكُل اسْم مِنْهَا(4/141)
شخص بِعَيْنِه لما يخصونه من الِاسْتِعْمَال وَالِاسْتِحْسَان نَحْو أَسمَاء خيل الْعَرَب كأَعْوَج والوَجيه ولاحِق وقَيْد وحَلاَّب وللكلاب نَحْو ضَمْران وكَسَاب وَغير ذَلِك مِمَّا يخصونه بِالْأَلْقَابِ وَهَذِه السّباع وَمَا لَا يألفه النّاس لَا يخُصُّون كلَّ وَاحِد مِنْهَا بِشَيْء دون غَيره يَحْتَاجُونَ من أَجله إِلَى تَسْمِيَته فَصَارَت التّسمية للْجِنْس بأسره فَيصير الْجِنْس فِي حكم اللَّفْظ كالشّخص فَيجْرِي أُسَامَة وَسَائِر مَا ذكر من الْأَسْمَاء المفردة مجْرى زيد وَعَمْرو وَطَلْحَة وَيجْرِي مَا كَانَ مُضَافا نَحْو أبي الحُصَيْن وَأبي الْحَارِث وَابْن عِرْس وَابْن بَريح كَعبد الله وَأبي جَعْفَر وَمَا أشبه ذَلِك وَمَا كَانَ لَهُ اسْم وكنية نَحْو أُسَامَة وَأبي الْحَارِث وثُعالة وَأبي الْحصين وذَأْلان وَأبي جَعْدَة فَهُوَ كَرجل لَهُ اسْم وكنية وَنَحْو إِنْسَان اسْمه طَلْحَة وكُنيَتُه أَبُو سعيد وَإِن كَانَت من شَأْنهَا اسْم وكنية فَهِيَ كامرأة لَهَا اسْم وكنية وَذَلِكَ نَحْو الضّبع اسْمهَا حَضاجِر وجَعار وجَيْئَل وقَثام وكُنيتها أم أَحْمد وَقد يكون فِي هَذِه الْأَجْنَاس مَا يعرف لَهُ اسْم مُفْرد وَلَا يعرف لَهُ كنية وَمِنْه مَا تعرف كنيته وَلَا يعرف لَهُ اسْم عَلَم وَمِنْه مَا يكون اسْمه عَلَماً مُفردا وَلَا تعرف لَهُ كنية نَحْو قُثَم ذَكَر الضّبُع وَلَا كنية لَهُ وَأما مَا لَهُ كنية وَلَا اسْم لَهُ علما فنحو أبي بَراقِش وَأما الْمُضَاف فنحو ابنِ عِرْس وابنِ مِقْرَض وَفِي هَذِه الأَسماء مَا لَهُ اسمٌ جنسٌ واسمٌ علم كأسد وَلَيْث وثعلب وذئب هَذِه أَسمَاء أجناسها كَرجل وَفرس وَلها أَعْلَام نَحْو أُسَامَة وثُعالة وسَمْسَم وذَأْلان وَهِي كزيد وَعَمْرو وَطَلْحَة فِي أَسمَاء النّاس وَمِنْهَا مَا يعرف لَهُ اسْم غير الْعلم نَحْو ابْن مِقْرَض وحِمار قَبَّان وَأبي بَراقِش إِذا كَانَ لشَيْء مِنْهَا اسْم فَلَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ الْكثير وَإِنَّمَا ذكرتُ لَك هَذِه الْأَشْيَاء لتعلم اتساع الْعَرَب فِي تَسْمِيَة ذَلِك وعَلى مِقدار مُلابستهم لجنس من هَذِه الْأَجْنَاس وَكَثْرَة إخبارهم عَنهُ مَا يكثر بحضرتهم فِي تَسْمِيَته وافتنانهم فِيهَا كالأسد وَالذِّئْب والثّعلب والسّبع فَإِن لَهَا عِنْدهم آثاراً يكثر بهَا إخبارهم عَنْهَا فَيَفْتَنُّونَ فِي أسمائها وكناها وَأَسْمَاء أجناسها لِأَن إقامتهم فِي الْبَوَادِي وكَونهم فِي البراري قد تقع كنيتهم على طَائِر غَرِيب ووحش ظريف ويرَوْن أَن دوابَّ الأَرْض وهوامَّها وأحناشها لَهُ عِنْدهم فيسمونه بأسماء يشتقونها من خليقته أَو قبيلته أَو بعض مَا يُشبههُ أَو غير ذَلِك أَو يضيفونه إِلَى شَيْء من ذَلِك الْمِنْهَاج ويلقبونه كفعلهم بِمن يُلَقَّب من النّاس فَيجْرِي ذَلِك مجْرى الْأَسْمَاء والأعلام والألقاب فِي الإِخبار عَنهُ من غير مَا قصد لمثل مَا يكون مِنْهُ كالعِيانِ فِي الفَراش وَغَيره من الْحَيَوَانَات مِمَّا لم يسموه كثير وَفِي هَذَا الخَلْق من الْعَجَائِب مَا لَا يُحاط بِهِ. قَالَ السّيرافي: وَلَقَد حَدثنِي أَبُو مُحَمَّد السّكري عَن خَفِيف السّمرقندي حَاجِب المعتضد بِاللَّه أَنه كثر الفَراشُ على الشّمْع المُسْرَج بِحَضْرَة المعتضد فِي بعض اللَّيَالِي فَأمر بجمعه وتمييزه فجُمِع فَكَانَ مَكُّوكاً ومُيِّز فَكَانَ اثْنَان وَسَبْعُونَ لوناً وَلذَلِك صَار مَا يكنى من ذَلِك بِالْآبَاءِ والأمهات معارف لأَنهم ذَهَبُوا بهَا مَذْهَب كُنى الرّجال والنّساء وَكَذَلِكَ مَا يُضَاف إِلَى شَيْء غير مَعْرُوف باستيجاب تِلْكَ الإِضافة واستحقاقها كنحو ابْن عِرْس وَابْن قِتْرة وَابْن آوى وحِمار قَبَّان لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ من ذَلِك لَا يُعَرًّف بِاسْتِحْقَاق إِضَافَة مَا أضيف إِلَيْهِ فنحو ابْن لَبون وَابْن مَخاض وبنتِ لبون وَبنت مَخَاض وَابْن مَاء وَذَلِكَ أَن النّاقة إِذا ولدت ولدا ثمَّ حُمِل عَلَيْهَا بعد وِلَادَتهَا فليستْ تصير مخاضاً إلاّ بعد سنة أَو نَحْو ذَلِك والمخاضُ الحاملُ المُقْرِبُ فولدُها الأول إِن كَانَ ذكرا فَهُوَ ابْن مَخَاض وَإِن كَانَت أُنْثَى فَهِيَ بنت مَخَاض وَإِن ولدت وَصَارَ لَهَا لبن صَارَت لبوناً فأضيف الْوَلَد إِلَيْهَا بِإِضَافَة معرفَة الِاسْتِحْقَاق والاستيجاب فَإِن نكرت مَخَاض ولبون فَمَا أضيف إِلَيْهِمَا نكرَة نَحْو ابْن مَخَاض وَابْن لبون وَإِن عرّفتهما بِإِدْخَال الْألف وَاللَّام فَمَا أضيف إِلَيْهِمَا معرفَة نَحْو ابْن الْمَخَاض وَابْن اللَّبُون وَكَذَلِكَ ابْن مَاء طَائِر نُسب إِلَى المَاء للزومه لَهُ إِن نَكَّرت المَاء تَنَكَّر، فَقلت ابنُ ماءٍ وَإِن عَرَّفته تَعَرَّف فَقلت: ابْن المَاء، وَدَلِيل الْمعرفَة فِيمَا تقدم من الْأَسْمَاء تركُ الصّرْف كأسامة وذَأْلان والكُنى امْتنَاع الْألف وَاللَّام من الدّخول عَلَيْهِ كَابْن بَريح وأمّش عامِر فاما بَنَات أوْبَر فقد ذهب مُحَمَّد بن يزِيد إِلَى أَنه نكرَة وَالَّذِي حمله على ذَلِك وجود الْألف وَاللَّام فِيهَا فِي الشّعر، قَالَ: اً فنحو أبي بَراقِش وَأما الْمُضَاف فنحو ابنِ عِرْس وابنِ مِقْرَض وَفِي هَذِه الأَسماء مَا لَهُ اسمٌ جنسٌ واسمٌ علم كأسد وَلَيْث وثعلب وذئب هَذِه أَسمَاء أجناسها كَرجل وَفرس وَلها أَعْلَام نَحْو أُسَامَة وثُعالة وسَمْسَم وذَأْلان وَهِي كزيد وَعَمْرو وَطَلْحَة فِي أَسمَاء النّاس وَمِنْهَا مَا يعرف لَهُ اسْم غير الْعلم نَحْو ابْن مِقْرَض وحِمار قَبَّان وَأبي بَراقِش إِذا كَانَ لشَيْء مِنْهَا اسْم فَلَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ الْكثير وَإِنَّمَا ذكرتُ لَك هَذِه الْأَشْيَاء لتعلم اتساع الْعَرَب فِي تَسْمِيَة ذَلِك وعَلى مِقدار مُلابستهم لجنس من هَذِه الْأَجْنَاس وَكَثْرَة إخبارهم عَنهُ مَا يكثر بحضرتهم فِي تَسْمِيَته وافتنانهم فِيهَا كالأسد وَالذِّئْب والثّعلب والسّبع فَإِن لَهَا عِنْدهم آثاراً يكثر بهَا إخبارهم عَنْهَا فَيَفْتَنُّونَ فِي أسمائها وكناها وَأَسْمَاء أجناسها لِأَن إقامتهم فِي الْبَوَادِي وكَونهم فِي البراري قد تقع كنيتهم على طَائِر غَرِيب ووحش ظريف ويرَوْن أَن دوابَّ الأَرْض وهوامَّها وأحناشها لَهُ عِنْدهم فيسمونه بأسماء يشتقونها من خليقته أَو قبيلته أَو بعض مَا يُشبههُ أَو غير ذَلِك أَو يضيفونه إِلَى شَيْء من ذَلِك الْمِنْهَاج ويلقبونه كفعلهم بِمن يُلَقَّب من النّاس فَيجْرِي ذَلِك مجْرى الْأَسْمَاء والأعلام والألقاب فِي الإِخبار عَنهُ من غير مَا قصد لمثل مَا يكون مِنْهُ كالعِيانِ فِي الفَراش وَغَيره من الْحَيَوَانَات مِمَّا لم يسموه كثير وَفِي هَذَا الخَلْق من الْعَجَائِب مَا لَا يُحاط بِهِ. قَالَ السّيرافي: وَلَقَد حَدثنِي أَبُو مُحَمَّد السّكري عَن خَفِيف السّمرقندي حَاجِب المعتضد بِاللَّه أَنه كثر الفَراشُ على الشّمْع المُسْرَج بِحَضْرَة المعتضد فِي بعض اللَّيَالِي فَأمر بجمعه وتمييزه فجُمِع فَكَانَ مَكُّوكاً ومُيِّز فَكَانَ اثْنَان وَسَبْعُونَ لوناً وَلذَلِك صَار مَا يكنى من ذَلِك بِالْآبَاءِ والأمهات معارف لأَنهم ذَهَبُوا بهَا مَذْهَب كُنى الرّجال والنّساء وَكَذَلِكَ مَا يُضَاف إِلَى شَيْء غير مَعْرُوف باستيجاب تِلْكَ الإِضافة واستحقاقها كنحو ابْن عِرْس وَابْن قِتْرة وَابْن آوى وحِمار قَبَّان لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ من ذَلِك لَا يُعَرًّف بِاسْتِحْقَاق إِضَافَة مَا أضيف إِلَيْهِ فنحو ابْن لَبون وَابْن مَخاض وبنتِ لبون وَبنت مَخَاض وَابْن مَاء وَذَلِكَ أَن النّاقة إِذا ولدت ولدا ثمَّ حُمِل عَلَيْهَا بعد وِلَادَتهَا فليستْ تصير مخاضاً إلاّ بعد سنة أَو نَحْو ذَلِك والمخاضُ الحاملُ المُقْرِبُ فولدُها الأول إِن كَانَ ذكرا فَهُوَ ابْن مَخَاض وَإِن كَانَت أُنْثَى فَهِيَ بنت مَخَاض وَإِن ولدت وَصَارَ لَهَا لبن صَارَت لبوناً فأضيف الْوَلَد إِلَيْهَا بِإِضَافَة معرفَة الِاسْتِحْقَاق والاستيجاب فَإِن نكرت مَخَاض ولبون فَمَا أضيف إِلَيْهِمَا نكرَة نَحْو ابْن مَخَاض وَابْن لبون وَإِن عرّفتهما بِإِدْخَال الْألف وَاللَّام فَمَا أضيف إِلَيْهِمَا معرفَة نَحْو ابْن الْمَخَاض وَابْن اللَّبُون وَكَذَلِكَ ابْن مَاء طَائِر(4/142)
نُسب إِلَى المَاء للزومه لَهُ إِن نَكَّرت المَاء تَنَكَّر، فَقلت ابنُ ماءٍ وَإِن عَرَّفته تَعَرَّف فَقلت: ابْن المَاء، وَدَلِيل الْمعرفَة فِيمَا تقدم من الْأَسْمَاء تركُ الصّرْف كأسامة وذَأْلان والكُنى امْتنَاع الْألف وَاللَّام من الدّخول عَلَيْهِ كَابْن بَريح وأمّش عامِر فاما بَنَات أوْبَر فقد ذهب مُحَمَّد بن يزِيد إِلَى أَنه نكرَة وَالَّذِي حمله على ذَلِك وجود الْألف وَاللَّام فِيهَا فِي الشّعر، قَالَ: وَلَقَد جَنَيْتُكَ اكْمُؤاً وعَساقِلاً وَلَقَد نَهَيْتُكَ عَن بَنَاتِ الأَوْبَرِ فَلَو كَانَ ابنُ أوْبَر معرفَة لما دخلت الأَلفُ وَاللَّام عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو سعيد السّيرافي رادّاً عَلَيْهِ: إِنَّمَا أَدخل الْألف وَاللَّام مُضطرّاً كَمَا قَالَ أَبُو النّجم: باعَدَ أُمَّ العَمْرِ من أَسيرِها وَأنْشد: ومِن جَنى الأَرْض مَا تَأتي الرّعاءُ بِهِ من ابْنِ أوْبَرَ والمَغْرودِ والفِقَعَهْ فَحمل المَغرود والفِقَعَة على ابْن أوْبَر حِين رَآهُ معرفَة وَلَو كَانَ ابْن أوْبَر نكِرَةً لحَمَلَه على المَغرود والفِقَعَة بِإِدْخَال الْألف وَاللَّام فَقَالَ: من ابنِ الأَوْبَرِ على تَخْفيف الْهَمْز وَلما فضَّل أَبُو عَليّ الفارسيُّ مذهبَ أبي الْحسن من أَن الْألف وَاللَّام زَائِدَة فِي قَوْلهم مَا يَحْسُنُ بالرجلِ مِثْلِك أَن يفعل كَذَا وَكَذَا على مَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه من أَن الْألف وَاللَّام متوهمة فِي مثلك ذَهَابًا مِنْهُ إِلَى تَفْضِيل الدّلالة الحسية على الدّلالة الاستنباطية فَقَالَ: فَلَا يوحِشَنَّكَ زيادةُ الْألف وَاللَّام فقد أَخذ بِهِ الْخَلِيل وسيبويه فِي قَوْلهم: مَرَرْت بهم الجماءَ الغَفير، وَأنْشد مُؤْنساً بِدُخُول الْألف وَاللَّام زائدتين: وَلَقَد نَهَيْتُكَ عَن بَنَاتِ الأَوْبَرِ وَقَالَ: ورُوي لي عَن أَحْمد بن يحيى أَنه أنْشد: يَا لَيْتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي وَهَذَا من أدَقِّ الْفَوَائِد فِي هَذَا الْبَاب وأَلْطَفها فافهَمْه وقِف عَلَيْهِ فَأَما حِكَايَة سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم هَذَا ابْن عِرْسٍ مُقْبِلٌ فقد يكون على التّنكير بعد التّعريف كَمَا تَقول هَذَا زيدٌ مُقبِلٌ وَأَنت تُرِيدُ زيدا من الزّيدين. وَقد يكون على اسْتِئْنَاف الْخَبَر وَقد يكون على قَوْلهم هَذَا حُلْوٌ حامِضٌ وَلم يذكر سِيبَوَيْهٍ هَذَا الْوَجْه هُنَا، قَالَ: ابنُ أَفْعَلَ نكرةٌ إِذا كَانَ لَيْسَ باسم لشَيْء: يَعْنِي ابنُ أَفْعَلَ وَإِن كَانَ لَا ينْصَرف فَهُوَ نكرَة إِذا لم يَجْعَل علما لشَيْء كَابْن أَحْقَب، وَقد قدمت أَنه الحِمار، وَهُوَ نكرَة، وَقد يدْخل الأَلِف وَاللَّام عَلَيْهِ فَيصير معرفَة، كَقَوْلِك: مَرَرْت بابنِ الأَحْقَب، وَقَالَ نَاس: كلُّ ابنِ أَفْعَلَ فَهُوَ معرفَة لَا ينْصَرف، فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: هَذَا خطأ، لِأَن أَفْعَلَ لَا ينْصَرف وَهُوَ نكرَة، إلاّ ترى أَنَّك تَقول هَذَا أحْمَرُ قُمُدلٌ فترفعه إِذا جعلته صفة للأحمر، فَلَو كَانَ مَعْرُوفا كَانَ نصبا، فالمضاف إِلَيْهِ بِمَنْزِلَتِهِ، وَأنْشد: كأنَّا على أولادِ أَحْقَبَ لاحَها ورَمْيُ السّفا أنْفاسها بسَهامِ جَنوبٌ ذَوَتْ عَنْهَا التّناهي وأنزلَتْ بهَا يومَ ذَبَّابِ السّبيبِ صِيامِ الشّاهد من الْبَيْتَيْنِ أَن صِيَام الَّذِي فِي آخر الْبَيْت الثّاني صفة لأولادها، فأولاد أَحْقَبَ نكرَة فَعلم أَن(4/143)
أحقب نكرَة وَمعنى الْبَيْت كأنا على حُمرٍ قد لاحها: أَي تَحَطَّمَها جَنوبٌ ذَوَتْ عَنْهَا التّناهي: أَي جَفَّتْ على الْجنُوب، وَقَوله أنفاسها: يَعْنِي أُنوفها، لِأَن الأنوف مَوَاضِع الأنفاس.
(بَاب أَسمَاء الْوَلَد)
قَالَ الْفَارِسِي: قَالَ أَبُو الْحسن: الوَلَد: الابْن والابنَة والوُلْد: هم الْأَهْل والوَلَد، وَقَالَ بَعضهم: بَطْنه الَّذِي هُوَ مِنْهُ. قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي: الوُلْد: هُوَ مَا ذكر فِي التّنزيل فِي غير مَوْضِع مَعَ المَال، قَالَ الله تَعَالَى: (المالُ والبَنونَ زِينَةُ الحياةِ الدّنيا) . وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّمَا أموالُكم وأولادُكُم فِتْنَة) . وَقَالَ: (إنَّ من أزْواجِكُم وأولادِكُم عدوّاً لكم) . وروى مُحَمَّد بن السّريِّ عَن أَحْمد بن يحيى عَن الْفراء قَالَ: من أَمْثَال بني أسَد: وُلْدُكِ من دَمِّي عَقِبَيْكِ. قَالَ الْفراء: وَكَانَ معاذٌ يعي الهَرَّاء يَقُول: لَا يكون الوُلْد إلاّ جِماعاً، وَهَذَا وَاحِد، يَعْنِي الَّذِي فِي الْمثل، رَجْعٌ إِلَى المَثَل. أَي لَا تقولي لكل إِنْسَان ابْني ابْني، وَأنْشد: فليتَ فُلاناً كانَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وليتَ فُلاناً كَانَ وُلْدَ حِمارِ قَالَ أَبُو عَليّ: الَّذِي قَالَ معَاذ وَجْه، يجوز أَن يكون جمعا كأسَد وأُسْد، والفُلْك يجوز أَن يكون وَاحِدًا وجمعاً، فَيكون وَلضد ووُلْد كبَخَلٍ وبُخْلٍ وعَرَب وعُرْب، فَيكون لفظ الْوَاحِد موفقاً للفظ الْجَمِيع كَمَا كَانَ الفُلْك كَذَلِك فَلَا يكون القَوْل فِيهِ كَمَا قَالَ معَاذ أَنه لَا يكون إلاّ جمعا، وَلَكِن على مَا ذكرنَا، فَأَما قَوْله عز وَجل: (واتَّبَعوا من لم يزِدْهُ مالُهُ ووُلْدُه) . فَيَنْبَغِي أَن يكون جمعا وَإِنَّمَا أضيف إِلَى ضمير الْمُفْرد لِأَن الضّمير يعود إِلَى من وَهُوَ كثرةٌ فِي الْمَعْنى وَإِن كَانَ اللَّفْظ مُفردا وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَنهم عصوني واتَّبَعوا الْكفَّار الَّذين لم تزدهم أَمْوَالهم وَأَوْلَادهمْ إلاّ خَساراً فأضيف إِلَى لفظ الْمُفْرد وَهُوَ جمع وَقد حكى الْكسَائي أَو غَيره من البغداديين لَيْتَ هَذَا الجرادَ قد ذهَبَ فأراحنا من أنْفُسِه، فوُلْدٌ فِي أَنه جمع مثل الأَنْفُس وَمَا أنْشدهُ من قَوْله: وليتَ فُلاناً كانَ وُلْدَ حِمارِ يدل على أَنه وَاحِد لَيْسَ بِجمع وَأَنه مثل مَا ذكرنَا من قَوْلهم الفُلْك الَّذِي يكون مرّة جمعا وَمرَّة وَاحِدًا، وَقَالُوا: والدّ ووالدّةٌ، وَقد وَلَدته وِلادةً، وَقد قدمتُ هَذَا فِي أول الْكتاب. ابْن السّكيت: هُوَ الوِلْد والوُلْد وَالْجمع وِلْدَةٌ والدّة، قَالَ أَبُو عَليّ: وِلْدةٌ عِنْدِي جمع وَلَد لِأَن الوَلَد وَإِن كَانَ قد يسْتَعْمل للكثرة فَلَا يُنكَر أَن يَقع على الْوَاحِد فجُمِع على فِعْلَة، كَمَا جُمع أَخٌ على إخْوَة فِي الْعدَد الْقَلِيل وَفِي الْكثير على فِعْلان فِي قَوْله تَعَالَى: (يجعَلُ الوِلْدانَ شِيباً) ، كإخوان فِي قَوْله تَعَالَى: (إخْوَانًا على سُرُرٍ) . وَإِن كَانَ كَذَلِك لم يكن للاعتلال عَلَيْهِ طَرِيق لِأَنَّهُ لَيْسَ بمصدر فاما لِدَةٌ فمصدرٌ وَقيل لِدُونَ لِأَنَّهُ من المصادر التّي كثر اسْتِعْمَالهَا فجُمِعَ الشّيء بِعَيْنِه كَمَا قَالُوا عَدْلَةٌ فَكَمَا أَنهم فِي قَوْلهم عَدْلَة قد جَعَلُوهُ بِمَنْزِلَة قَائِمَة كَذَلِك فِي قَوْلهم لِدات ولِدُون على هَذَا الحدّ. أَبُو عُبَيْد: الضّنْء والضّنْء: الوَلَد، والأعرَف أَن الضّنْء الوَلَد والضّنْء الأَصْل. غير وَاحِد: هُوَ النّسْل وَجمعه أنْسال، وَقد أنْسَلَه أَبَوَاهُ، وَهُوَ السّليل والسّلالَة. أَبُو عُبَيْد: النّجْل: الوَلَد، وَقد نَجَل بِهِ أَبوهُ ينْجُلُ نَجْلاً ونَجَلَه، وَأنْشد: أنْجَبَ أيَّامَ والدّاهُ بِهِ إذْ نَجَلاهُ فَنِعْمَ مَا نَجَلا ويروى أنْجَبَ أيامُ والدّيه بِهِ: أَرَادَ أنْجَبَتْ بِهِ الْأَيَّام إِذْ نَجَلَه والدّاه، ويروى أُنْجِبَ أيامَ والدّيْه بِهِ، فَأَما أنْجَبَ أيامَ والدّاه بِهِ فَإِنَّهُ أَرَادَ أنْجَبَ والدّاه بِهِ إذْ نَجلاه. قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي: يَقُول: أنْجَبَ أيامَ والدّاه بِهِ: أَرَادَ أنْجَبَ(4/144)
حِين كَانَ استعانةُ أبوَيْه، كَمَا تَقول: أَنا بِاللَّه وَبِك: أَي قيامي بمَعونة الله ومَعونتك، وَهَذَا أحسن مَا يُقَال فِيهِ، وَيُقَال للرجل إِذا شُتِم: قَبَّحَ اللهُ ناجِلَيْه: أَي والدّيْه، والعَقِب: الْوَلَد يبْقى بعد الإِنسان وَهُوَ العَقْب، وَالْجمع أعْقاب، غَيره: هُوَ الْعَاقِبَة وَكَذَلِكَ وَلَد الْوَلَد يبْقى بعده، وَقَول الْعَرَب: لَا عَقِبَ لَهُ: أَي لم يبقَ لَهُ وَلَدٌ ذَكَر، وَقد أعْقَب: تركَ عَقِباً وعَقَبَ مكانَ أبيهِ عَقْباً: خَلَفَه، وكلُّ شَيْء جَاءَ بعد شَيْء وخَلَفه فَهُوَ عَقْبُه، مثل ماءِ الرّكِيَّة إِذا جَاءَ كَانَ شَيْئا بعد شَيْء وهُبوب الرّيح وطيران القَطا وعَدْوِ الْفرس.
(بَاب الْأُخوة)
غير وَاحِد: هُوَ الْأَخ وَزنه فَعَلٌ بِدلَالَة قَوْلهم فِي الْجمع آخاء، وَقد علَلت أُخْتا مَعَ تَعْلِيل بِنتٍ، وَحكى سِيبَوَيْهٍ أَخونَ فِي جمع أَخ قَالَ الشّاعر: فَقُلْنَا يَا اسْلَمُوا إنَّا أخوكم فقد برِئَتْ من الإِحَنِ الصُّدورُ أَبُو عُبَيْد: أخٌ بيِّنُ الأُخُوَّةِ وَقَالَ مَا كنتُ أَخا وَلَقَد تأخَّيْتُ وآخَيْتُ مثالَ فاعَلْتُ. ابْن السّكيت: إخوةٌ وأُخوةٌ يَعْنِي جمع أخٍ، وَإِذا حرَّرْت القولَ فإخوةٌ جمع أخٍ كَفَتىً وفِتية ووَلَدٍ ووِلدة وأُخْوةٌ اسْم للْجمع، وَزعم أَبُو سعيد السّيرافي أَنه وجد فِي بعض نسخ كتاب سِيبَوَيْهٍ فِي بَاب مَا هُوَ اسْم يَقع على الْجَمِيع وَمثل ذَلِك إخْوَة قَالَ وَهَذَا خطأ لِأَن فِعْلَةً من أبنية الجموع وَإِنَّمَا هُوَ أُخوة لِأَن فُعلة لَيست من أبنية الجموع وَإِنَّمَا هُوَ اسْم للْجَمِيع كَفُرْهَة وصُحْبَة. ابْن السّكيت: آخيتُ الرَّجُل وَلَا تَقول واخَيْتُ يَعْنِي من أخوَّة الصَّداقة، فَأَما مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم إِن الَّذِي فِي الدّار أَخُوك قَائِما فَإنَّك إِن ذهبتَ بِهِ مذهبَ أُخُوَّة النّسب لم يجز لِأَنَّهُ لَا يكون أَخَاهُ فِي حَال دون حَال، وَإِن أردْت أُخُوَّة الصَّداقة جَازَ لِأَن هَذَا ينْتَقل، قَالَ الْفَارِسِي قد يجوز هَذَا وَأَنت تُرِيدُ اُخوَّة النّسب وَذَلِكَ على معنى الْمُمَاثلَة والمشابهة فَيكون الْعَامِل فِي الْحَال هَذَا الْمَعْنى يُرِيد معنى الْمُمَاثلَة كَمَا تَقول عدِيٌّ حاتمٌ جُوداً وكعبٌ زُهَيْرٌ شِعراً يُرِيد معنى الْمثل وَلَا يكون الْعَامِل فِيهِ قَوْلك فِي الدّار لِأَن فِي الدّار من صلَة الَّذِي وَقَائِمًا على هَذَا مُتَعَلق بقوله فِي الدّار فَهُوَ إِذا جزءٌ من صلَة الَّذِي فَلَا يجوز أَن يؤتَى بالْخبر الَّذِي هُوَ أَخُوك إلاّ بعد فرَاغ صلَة الَّذِي بكمالها كَمَا لَا يُؤْتى بِخَبَر إِن إلاّ بعد تَمام اسْمهَا كَمَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى. غير وَاحِد: هُوَ صِنْوُهُ وشقيقُه، والطّريد: الرَّجُل يُولد بعد أَخِيه فالثّاني طريد الأول. ابْن السّكيت: هُوَ أَخُوهُ بلِبان أُمِّه وَلَا تقل بلَبَن أُمِّه وَأنْشد: وأُرْضِعُ حَاجَة بلِبان أُخرى كَذَلِك الحاجُ تُرْضَعُ باللِّبانِ وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ: فَإِن لَا يكُنْها أَو تكُنْهُ فَإِنَّهُ أَخُوها غَذَتْهُ أُمُّهُ بلِبانِها يَعْنِي الخَمر وَالزَّبِيب لِأَنَّهُمَا من شَجَرَة وَاحِدَة، إلاّ ترَاهُ يَقُول فِي الْبَيْت الَّذِي قبله: دَعِ الخَمْرَ يَشرَبْها الغُواةُ فإنني رأيتُ أخاها مَعْنِياً بمَكانِها غَيره: الْأَعْيَان: الإِخْوَة يكونُونَ لأَب وَأم وَلَهُم إخْوة لعَلاَّتٍ يُقَال هَؤُلَاءِ أَعْيان إخْوَتِهم.
(بَاب)
يُقَال: تركتُه أخَا الخَيْر: أَي هُوَ بِخَير، وَتركته أَخا الشّر: أَي هُوَ بشَّر، قَالَ الْأَصْمَعِي: وَقَول امْرِئ الْقَيْس:(4/145)
عَشِيَّةَ جاوَزْنا حَماةً وسَيْرُنا أَخُو الجَهْدِ لَا يَلوي على مَن تَعَذَّرا أَي وسَيْرُنا جَاهد، وَقَالَ: وَلما نزلت: (لَا تَرفعُوا أصواتُكم فَوقَ صَوتِ النّبِيّ) . قَالَ عبد الله بن مَسْعُود: وَالله لَا كلمتُ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم إلاّ أَخا السّرّ: أَي سِراراً، وَيُقَال تركته أَخا الفِراش: أَي مَرِيضا. وَهُوَ أَخُو رَغائب: إِذا كَانَ يَرغَبُ فِي العَطاء، قَالَ أعشى باهلة: أَخُو رَغائبَ يُعطيها ويُسألُها يَأْبَى الظّلامَةَ مِنْهُ النّوْفَلُ الزّفَرُ وَتركته أَخا الْمَوْت: أَي تركته بِالْمَوْتِ، وَتركته أَخا سَفَر، وأخو عَزَمات، وأخو قِفار، وأخو خَمْر وأخو لذَّة.
(بَاب ذُو)
اعْلَم أَن ذُو اسْم صِيغ ليوصلَ بِهِ إِلَى وَصْفِ الْأَسْمَاء بأسماء الْأَجْنَاس كَمَا جِيءَ بأيّ ليوصل بِهِ إِلَى نِدَاء الِاسْم الَّذِي فِيهِ الْألف وَاللَّام وَالْقَوْل فِي الْوَاو وَالْألف وَالْيَاء من ذُو مَال وَذَا وَذي كالقول فِي الْوَاو وَالْألف وَالْيَاء من الْأَسْمَاء الْخَمْسَة المضافة أَعنِي أَخُوك وَأَبُوك وحَموك وفُوك وهَنوك، وَلَا يُضاف إِلَى الْمُضْمرَات لِأَنَّهُ لَا معنى للوصف فِي الْمُضمر وَلذَلِك لم يجز الإِخبار عَن المَال من قَوْلك زيد ذُو مَال والتّثنية ذَوَان وَالْجمع ذَوُون، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِن سميت رجلا بِذِي مُضَافا قلت هَذَا ذُو مَال ورأيتُ ذَا مَال، ومررت بِذِي مَال، وَلَو سميته بِذِي مُفردا قلت هَذَا ذَوىً ومررت بذوً فِي قَول سِيبَوَيْهٍ، وَقَالَ الْخَلِيل: هَذَا ذَوُّ ورأيتُ ذَوَّاً ومررت بذَوٍّ لِأَن الإِضافة قد منعته من التّنوين وَاسْتعْمل اسْما فِي الإِضافة دون إِفْرَاد، قَالَ: إلاّ تراهم قَالُوا: ذُو يَزَنٍ مُنْصَرفاً فَلم يغيروه يَعْنِي لم يُغيرُوا ذُو عَن لَفظه بِسَبَب الإِضافة وجعلوه كأبو زيد لأَنهم أمِنوا التّنوين وَصَارَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مُنْتَهى الِاسْم، قَالَ: واحتملت الإِضافة ذَا كَمَا احتملت أَبَا زيد وَلَيْسَ مفردٌ آخِره هَكَذَا فاحتملته كَمَا احتملت الْهَاء عَرْقوة يَعْنِي أَن الإِضافة قد تُغيِّر لفظَ الْمُضَاف حَتَّى لَا يكون لَفظه فِي الإِفراد كلفظه فِي الإِضافة إلاّ ترى أَن قَوْلنَا أَبُو زيد وَأَبا زيد وَأبي زيد لَو أفردنا الْأَب لم تدخله الْألف وَالْوَاو وَالْيَاء وَكَذَلِكَ أَيْضا إِذا أضفنا ذُو لم يكن على حرفين الثّاني مِنْهُمَا من حُرُوف الْمَدّ واللين وَإِذا أفردنا احْتَاجَ إِلَى ثَلَاثَة ثمَّ مَثَّل المضافَ إِلَيْهِ بهاء التّأنيث فِي قَوْلنَا عَرْقُوة لِأَن عُرْقُوةً بِالْوَاو فَإِذا أفردنا وحذفنا الْهَاء قُلْنَا عَرْق لِأَنَّهُ لَا يكون اسْم آخِره وَاو قبلهَا حرف مضموم، وَقَالُوا فِي الْملاك الذَّوُون وَذَلِكَ إِذا أَرَادوا جمَاعَة كلُّ وَاحِد مِنْهُم يُدعى ذُو كَذَا كَقَوْلِهِم ذُو يَزَن وَذُو رَعين وَذُو فائِش، قَالَ الْكُمَيْت: فَلَا أَعْني بذلِكَ أَسْفَلِيكُمْ وَلَكِنِّي أُريدُهُ الذَّوِينا وأُنثى ذُو ذَات، تَقول هَذِه ذاتُ مالٍ، ووزنها فَعَلَة، إلاّ ترى أَنَّك تَقول فِي التّثنية ذَواتا مالٍ وَفِي الْمثل: لَو ذاتُ سِوارٍ لَطَمَتْني. وَالْجمع ذَوَات، فَأَما ذُو التّي بِمَعْنى الَّذِي فَسَيَأْتِي ذكرهَا وَلَيْسَ هَذَا موضعهَا إِنَّمَا قصدُنا فِي هَذَا الْبَاب ذُو التّي بِمَعْنى صَاحب. ابْن السّكيت: يُقَال: ضَرَبه حَتَّى أَلْقى ذَا بَطْنِه: أَي حَتَّى سَلَخ، وَيُقَال للْمَرْأَة: وضعتْ ذَا بَطْنِها: أَي وضعت حملهَا. وَيُقَال: مَا فُلانٌ بِذِي طَعْم: إِذا لم تكن لَهُ نَفْس، ومَثَل: الذِّئبُ مَغْبوطٌ بِذِي بَطْنِه. أَي بِمَا فِي بَطْنه يُضرب للَّذي يُغبَط بِمَا لَيْسَ عِنْده، وَقد تَأتي ذُو حَشْواً فِي الْكَلَام، قَالَ الشّاعر: تَمَنَّى شَبيبٌ مُنْيَةً سَفَلَتْ بهِ وَذُو قَطَرِيٍّ مَسَّهُ مِنْكَ وابِلُ(4/146)
أَرَادَ وقَطَرِيٌّ مَسَّه مِنْك وابل، وَقَالَ الآخر: إِذا مَا كنتُ مثلَ ذَوي عُوَيْفٍ ودينارٍ فقامَ عليَّ ناعِ أَرَادَ إِذا كنتُ مثلَ عُوَيْف ودينار. وَقَالَ الْفَارِسِي: افْعَلْهُ أَوَّلَ ذِي أَثيرٍ: أَي أوَّلَ وَهْلَة، وَقَالَ ذُو أثير: أول تباشير الصُّبْح، وَيُقَال: لَقيتُه ذَا غَبوقٍ وَذَا صَبوحٍ وَذَا صَباحٍ: أَي فِي وقتٍ على ذَلِك، وَقد يسْتَعْمل ذُو صَباح غَيْرَ ظَرفٍ، أنْشد سِيبَوَيْهٍ: عَزَمْتُ على إقامةِ ذِي صَباحٍ لأمرٍ مَا يُسَوَّدُ مَنْ يَسودُ وَيُقَال لَقيته أوَّلَ ذاتِ يَدَيْن: أَي لَقيته أوّلَّ شَيْء، قَالَ: وَيُقَال: افْعَل ذلكَ أَوَّل ذاتِ يَدَيْن: أَي افعَلْهُ قبلَ كل شَيْء، وَيُقَال: لقيتُه ذاتَ العُوَيْم: أَي أَوَّلَ من عامِ أَوَّل، وَرُبمَا كَانَت أَربع سِنِين أَو خمْسا، ولقيته ذاتَ الزّمَيْن: أَي قبلَ ذَاك، وَيُقَال: لَقيته ذاتُ صُبْحةٍ: أَي بُكْرةً، وَلَا يُقَال: ذَات غَبْقَةٍ، وَيُقَال: إنّي لأَلْقى فلَانا ذاتَ مرَّةٍ، وذاتَ مِرار: أَي أَحْيَانًا المرَّة بعد المَرَّة، قَالَ: وَيُقَال: لَقيته ذاتَ العِاء: أَي مَعَ غَيْبوبة الشّمس، وَقَالَ ثَعْلَبَة بن أَوْس وَهُوَ أحد بني كَعْب بن عبد الله أَرِقْتُ وَلم يأْرَقْ من النّاسِ لَيْلَةً لِبَرْقٍ كبَطْنِ الحَيَّةِ المُتَقَلِّبِ قَعَدْتُ لَهُ ذاتَ العِشاءِ ودونَهُ شَماريخُ من ذاتِ الدّخولِ ومَنْكِبِ قَوْله ذَات الدّخول: هِيَ هَضْبة فِي بِلَاد بني سُلَيْم، وَقَالَ الرّاعي: لمَّا رأتْ قَلَقي وطولَ تَقَلُّبي ذاتَ العِشاءِ ولَيْليَ المَوْصولا ولقيته ذاتَ الْغَدَاة، وَذَات يَوم وذاتَ لَيلةٍ وَقَالُوا: اللَّهُمَّ أصلِحْ ذاتَ بيْنِهم: أَي الكلمةَ المُفَرِّقة لآرائهم وَإِن كَانَت مُجْمِعة لَهُم قيل لَهَا ذاتُ بَينهم أَيْضا، وذاتُ العَراقي: الدّاهية، وذاتُ الجَنْب: دَاء يأخُذُ فِي الجَنْب. وَقَالَ أَبُو صاعد: ذاتُ أَوْعال: جبلٌ بَين العَلَمَيْن: عَلَمَيْ بني سَلول، وَهِي الْيَوْم لعَمْرو بن كلاب بحاقِّ سُرَّة نجد، وَهِي من أوطان الضّباع وَقد تدخل فِيهَا الأروى، وَكَذَلِكَ ذُو أوْعال وذاتُ الرّداة: هَضْبَةٌ حَمْرَاء فِي بِلَاد بني نَصْر، وذاتُ المَداق: صحراء فِي بِلَاد بني أَسد حِذاء الأَجْفَر بهَا حِجَارَة مدحرجة، وذاتُ المَزاهِر: هِضابٌ حُمرٌ بِبِلَاد بني أبي بكر، وذاتُ آرام: أَكَمَةٌ بِبَطن خَنْثَل دون الحَوْأَب لبني أبي بكر، وذاتُ فِرْقَيْن بالهَضْبِ هَضْبِ القَليب: هِيَ لبني بكر الْيَوْم، وَكَانَت لبني سُلَيْم، وذاتُ العَراقيب: ضَفِرَةٌ فِي بِلَاد عَمْرو بن تَمِيم بحِذاءِ قارةِ بَوْلان القَصيم والعَراقيب: جبالٌ تَنْسابُ مِنْهَا فتَشْتَبِك بَينهَا وَبَين الضّفِرةِ الْأُخْرَى، وَرُبمَا تَبَتَّرَتْ، وذاتُ الشّميط: رملةٌ، النّقا والأَرْطى والغَضا فِيهَا بِموضع وَاحِد وَهِي فِي بِلَاد بني تَمِيم، وذاتُ أَرْحاء: قارةٌ تُقْطَعُ مِنْهَا الأرحاء بَين السّلَيْمَيْن وهما قَرْيتان لبني حُرَيث من بني حَنْظلة ولبني مَخْزُوم فِيهَا نَخْل يُقَال لَهَا سُلَيْم وسَلامان، وكَلَّمته فَمَا رَدَّ عليَّ ذاتَ شَفَة: أَي كلمة، وَذُو مُعاهِر: قَيْلٌ من أقيالِ حِمْيَر، وَذُو الكَلاع: مَلِك مِنْهُم مُشتقٌّ من التّكَلُّع: وَهُوَ التّجمُّع والتّحالُف. تمّ كتاب المُبَيَّنات بِحَمْد الله وعونه وَصلى الله على مُحَمَّد وَآله.(4/147)
صفحة فارغة.(4/148)
(كتاب المُثَنَّيات)
(بَاب مَا جَاءَ مُثَنَّىً من أَسمَاء الْأَجْنَاس وصفاتها)
ابْن السّكيت: المَلَوان: اللَّيْل والنّهار، وَأنْشد: أَلا يَا ديار الحَيِّ بالسّبْعانِ أَمَلَّ عَلَيْهَا بالبِلى المَلَوانِ وهما الفَتَيان والرِّدْفان والأَجَدان. أَبُو عُبَيْد: الجَديدان: اللَّيْل والنّهار، وهما ابْنا سُباتٍ، وَأنْشد: فكُنَّا وهمْ كابنَيْ سُباتٍ تَفَرَّقا سِواً ثُمَّ كَانَا مُنْجِداً وتَهامِيا وَقَالَ: مَا رَأَيْته مُذْ أَجْرَدان وجَريدان وأَبْيَضان: يُرِيد يَوْمَيْنِ أَو شَهْرَيْن. ابْن السّكيت: العَصْران: اللَّيْل والنّهار، أَبُو عُبَيْد: هما الغَداة والعَشِيّ، ابْن السّكيت: الصَّرْعان: الْغَدَاة والعَشِيّ، وأنْشَد: كأنَّني نازِعٌ يَثْنيه عَن وَطَنٍ صَرْعانِ رائِحةً عَقْلٌ وتَقْييدُ وهما الكَرَّتان والقَرَّتان، وأنْشَد: يَعْدوا عَلَيْهَا القَرَّتَيْنِ غُلامُ وهما البَردان والأَبْردان، قَالَ غَيره: دَعَا أَعْرَابِي فَقَالَ: أذاقَكَ اللهُ البَرْدَيْنِ وجَنَّبَكَ الأمريْنِ وكفاكَ شَرَّ الأَجْوَفَيْن: البَرْدان: بَرْدُ الغِنى وبَرْدُ الْعَافِيَة، والأمران: الفَقْرُ والعُرْي، والأَجْوفان: البَطْن والفَرْج. ابْن السّكيت: القَمَران: الشّمس وَالْقَمَر، وهما الأَزْهَران. أَبُو عُبَيْد: الأَسْوَدان: التّمر وَالْمَاء، ابْن السّكيت: ضافَ قومٌ مُزَبِّداً المَدَنِيَّ فَقَالَ لَهُم: مَا لكم عِنْدِي إلاّ الأَسْوَدان، قَالُوا: إِن فِي ذَلِك لمَقْنَعاً التّمر وَالْمَاء، قَالَ: مَاذَا كُم عَنَيْتُ، إِنَّمَا أردتُ الحَرَّة وَاللَّيْل. أَبُو عُبَيْد: الأَبْيَضان: الخُبْز وَالْمَاء، وَقيل: الشّحْم والشّباب. ابْن السّكيت: هما اللَّبَن وَالْمَاء وأنْشَد: ولكِنَّهُ يَأتي ليَ الحَوْلُ كامِلاً وماليَ إلاّ الأَبْيَضَيْنِ شَرابُ أَبُو عُبَيْد: الأَصْفَران: الذَّهبُ والزَّعْفَران، وَقيل: الوَرْس والزعفران، والأَحْمَران: الخَمْر وَاللَّحم. ابْن السّكيت: فَإِذا قلتَ الأَحامَرة فَفِيهَا الخَلوق وأنْشَد: إنَّ الأَحامِرةَ الثّلاثةَ أَهْلَكَتْ مَالِي وكنتُ بهَا قَديماً مُولَعا الخَمْرَ واللحمَ السّمينَ وأَطَّلي بالزعفرانِ فَلَا أوالُ مُوَلَّعا(4/149)
أَبُو عُبَيْد: الأَطْيَبان: الفَم والفَرْج، وَقيل: الطّعام والنّكاح، وَقيل: النّوم والنّكاح. ابْن السّكيت: تركته فِي الأَهْيَغَيْن: أَي الطّعام والشّراب، وَقد تقدَّم والحَجَران: الذَّهَب وَالْفِضَّة، والأَصْمَعان: القلبُ الذكِيُّ والرأي العازم. وَقَوْلهمْ إِنَّمَا المَرْء بأَصْغَرَيْه: يَعْنِي بِقَلْبِه وَلسَانه، وَقَوْلهمْ: مَا يَدري أَيُّ طَرَفَيْه أطول: يَعْنِي نَسَبَه من قِبَل أَبِيه ونَسَبَه من قِبَل أمِّه، وَيُقَال: لَا يملك طَرَفَيْه: يَعْنِي فَمه واسْتَه إِذا شرب الدّواء وسَكِر، والغاران: البَطْن والفَرْج، وَيُقَال للرجل: إِنَّمَا هُوَ عَبْدُ غارَيْه، وأنْشَد: ألم تَرَ أنَّ الدّهْرَ يومٌ وليلةٌ وَأَن الْفَتى يَسْعى لغارَيْهِ دائبا وهما الأَجْوَفان والأَصْرَمان: الذِّئب والغُراب: لِأَنَّهُمَا انْصَرَما من النّاس وأنْشَد: على صَرْماءَ فِيهَا أَصْرَماها وخِرِّيتُ الفَلاةِ بهَا مَليلُ والأَبْهَمان عِنْد أهل الْبَادِيَة: السّيْل والجَمَل الهائج يتعوّذ مِنْهُمَا، وهما الأَعْمَيان، وَعند أهل الْأَمْصَار السّيْل والحَريق، والفَرْجان: سِجِسْتان وخُراسان، وَقيل: السّنْد وخُراسان وأنْشَد: على أَحَدِ الفَرْجَيْنِ كانَ مُؤَمِّرِي والأَقْهَبان: الْفِيل والجاموس وأنْشَد: والأَقْهَبَيْنِ الفيلَ والجاموسا والمَسْجِدان: مَسْجِد مَكَّة وَمَسْجِد الْمَدِينَة وأنْشَد: لكم مَسْجِدا اللهِ المَزورانِ والحَصا لكم قِبْصُهُ من بَيْنِ أَثْرَي وأَقْتَرا أَرَادَ من أَثْرَي وَمن أَقْتَر، والحَرَمان: مَكَّة وَالْمَدينَة، والخافقان: المَغْرِب والمَشْرِق لِأَن اللَّيْل والنّهار يَخْفِقان فيهمَا، أَبُو عُبَيْد: الحِيرَتان: الحِيرة والكوفة وأنْشَد: نحنُ سَبَيْنا أُمَّكُم مُقْرِضاً يومَ صَبَحْنا الحيرَتَيْنِ المَنون أَرَادَ الْحيرَة والكوفة، والبَصْرَتان: البَصرة والكوفة، وأنْشَد: فقُرى العِراقِ مِقيلُ يَومِ واحدٍ والبَصْرَتانِ وواسِطٌ تَكْميلُهُ تَكْميلُهُ: الْهَاء لليوم كأنَّ ذَلِك يُسار كلُّه فِي يومٍ وَاحِد، ابْن السّكيت: المصْران: الْكُوفَة والبَصْرة وهما العِراقان، وَقَوله تَعَالَى: (لَوْلَا نُزِّل هَذَا القُرآنُ على رجلٍ من القَرْيَتَيْنِ عَظيم) . يَعْنِي مَكَّة والطّائف، والرَّافِدان: دِجْلَة والفُرات وأنْشَد: بَعَثْتُ على العِراقِ ورافِدَيْه فَزارِيَّاً أَحَذَّ يدِ القَميصِ والنّسْران: النّسْر الطّائر والنّسر الْوَاقِع، والسّماكان: السّماك الأعزل والسّماك الرّامح، وَسمي رامحاً لِأَن قُدَّامَه كوكباً وَسمي أَعْزَل لِأَنَّهُ لَيْسَ قُدَّامه شَيْء، والخَراتان: نجمان، والشّعْرَيان: الشّعْرى العَبور والشّعْرى الغُمَيْصاء، والذِّراعان: نجمان، والهِجْرَتان: هِجْرَة إِلَى الْحَبَشَة وهجرة إِلَى الْمَدِينَة. والمُحِلَّتان: القِدْر والرَّحى، فَإِذا قيل المُحِلاَّت فَهُوَ القِدر والرّضحى والدّلو والشّفرة والفأس: أَي من كَانَ عِنْده هَذَا حَلَّ حَيْثُ شَاءَ وَإِلَّا فَلَا بُد لَهُ من أَن يُجاوِر النّاس ليستعير مِنْهُم بعض هَذِه الْأَشْيَاء وأنْشَد:(4/150)
لَا يَعْدِلَنْ أَتاوِيُّونَّ تَضْرِبُهُمْ نَكْباءُ صِرٌّ بأَصْحابِ المُحِلاَّتِ الأَتاوِيُّون: الغُرباء: أَي لَا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّونَ أحدا بأصحاب المُحِلاّت، قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي: هَذَا على حذف الْمَفْعُول كَمَا قَالَ تَعَالَى: (يومَ تُبَدَّلُ الأَرْض غيرَ الأَرْض والسّموات) . غَيره: وَمن المُحِلاَّت: القِرْبَة والجَفْنَة والزَّنْد. ابْن السّكيت: الأَبْتَران: العَيْر وَالْعَبْد: سُميا أَبْتَرَيْن لقِلَّةِ خَيْرِهما. غَيره: وهما الإِحَصَّان لِأَنَّهُمَا يُماشِيان سِنَّهُما حَتَّى يَهرما فيُنْقَصُ أثمانهما. وَقَالَ: اشْوِ لنا من بَريمَيْها: من الكَبِد والسّنام. قَالَ أَبُو عَليّ: سُميا بَريمين لأَنهم كَانُوا يَأْخُذُونَ الكَبِد فيَشُقُونها ويَضْفِرون بهَا شَحم السّنام والكَبِد سَوْداء وشحم السّنام أَبيض فسميا بَريمَين لاخْتِلَاف ألوانهما لِأَن البَريم الحَبْل المَفْتول يكون فِيهِ لونان. ابْن السّكيت: الحاشيتان: ابنُ المَخاض وَابْن اللَّبون، وَقَالَ: أرسلَ بَنو فلَان رائداً فَانْتهى إِلَى أرضٍ قد شَبِعَتْ حاشِيَتاها، والصُّرَدان: عِرْقان مُكْتَنِفا اللِّسَان، وأنْشَد: وأَيُّ النّاسِ أَغْدَرُ من شآمٍ لَهُ صُرَدانِ مُنْطَلِقُ اللِّسانِ والصَّدْمتان: جَانب الجَبين، والنّاظِران: عِرْقان فِي مَجرى الدّمع على الْأنف من جانبيه، وأنْشَد: قليلةُ لَحمِ النّاظِرَيْنِ يَزينُها شابٌ ومَخْفوضٌ من العَيْشِ بارِدُ والشّأْنان: عِرْقان ينحدران من الرّأس إِلَى الحاجبين ثمَّ الْعَينَيْنِ، والقَيْنان: مَوْضِع القَيْد من وَظيفَي الْبَعِير، وأنْشَد: دانى لَهُ القَيْدُ فِي دَيْمومةٍ قُذُفٍ قَيْنَيْهِ وانْحَسَرَتْ عَنهُ الأَناعيمُ وَقَالَ: جَاءَ يَنْفُضُ مِذْرَوَيْه: إِذا جَاءَ يتَوَعَّد، وَجَاء يضْرب أَزْدَرَيْه: إِذا جَاءَ فَارغًا، والنّاهِقان: عظمان ينْدُران من ذِي الحافِر فِي مَجرى الدّمع، وَيُقَال لَهما أَيْضا النّواهِق وأنْشَد: بِعاري النّواهِقِ صَلْتِ الجَبينِ يَسْتَنُّ كالتّيْسِ ذِي الحُلَّب والجَبَلان: جَبلا طَيِّيء: سَلمى وأَجَأ ويُنسَب إِلَيْهِمَا الأَجَئِيُّون، وَيُقَال إِنَّهَا الحَسَنَة وهما الْوَجْه والقَدَم، وَقَالَ: ابْتُعتُ الغَنَم اليَدَيْن بثَمَنَيْن بعضُها بِثمن وَبَعضهَا بِثمن آخر، قَالَ بعض الْعَرَب: إِذا حَسُن من الْمَرْأَة خَفِيَّاها حَسُن سائرُها: يَعْنِي صَوتهَا وأَثَر وَطْئِها لِأَنَّهَا إِذا كَانَت رَخيمة الصَّوْت دلَّ على خَفَرِها وَإِذا كَانَت مُقارِبة الخُطا وتَمَكَّنَ أَثَر وَطْئِها دَلَّ ذَلِك على أَن لَهَا أردافاً وأوْراكاً، قَالَ: وسُئل ابنُ لِسان الحُمَّرِة عَن الضّأن فَقَالَ: مالُ صِدْقٍ قُرَيَّةٌ لَا حُمَّى بهَا إِذا أفلَتَتْ من حَزَّتَيْها: يَعْنِي من المَجَر فِي الدّهْر الشّديد وَمن النّشَر وَهُوَ أَن تنتشِر بِاللَّيْلِ فتأتي عَلَيْهَا السّباع، والمُتَمَنِّعان: البَكْرة والعَناق يتَمَنَّعان على السّنَة بفَتائهما وانهما يَشْبعان قبلَ الجِلَّة وهما المُقاتِلَتان عَن أَنفسهمَا، وَقَالَ: رِعْيُ بني فلَان المُرَّتان: يَعْنِي الأَلاء والشّيح، وَيُقَال: مَا لَهُم الفَريضَتان والفُرْضَتان: وهما الجَذَعة من الْغنم والحِقَّة من الإِبل. ابْن السّكيت: همْ حَوْله وحَوْلَيْه وحَوالَيْه وَلَا تقلْ حَوَالِيه، وَقد أفرده سِيبَوَيْهٍ وأنْشَد: أَهَدَموا بيتَك لَا أَبَا لَكا وَأَنا أَمشي الدّألى حَوالَكا(4/151)
(بَاب الاسمين يُضم أَحدهمَا إِلَى صَاحبه فيسميان جَمِيعًا بِهِ)
أَبُو عُبَيْد: إِذا كَانَ أخَوان أَو صاحبان فَكَانَ أحدُهما أَشْهَر من الآخر سُمِّيا جَمِيعًا باسم الْأَشْهر، وأنْشَد: أَلا من مُبْلِغُ الحُرَّيْنِ عَنِّي مُغَلْغَلَةً وخُصَّ بهَا أَبِيَّا وَاسم أَحدهمَا حُرّ وَالْآخر أُبَيّ وَقَالَ الحُرَّيْن وهما أخَوان، وَمن ذَلِك قَول قيس بن زُهَيْر جَزاني الزّهْدمانِ جَزاءَ سَوْءٍ وكُنتُ المَرْءَ يُجْزى بالكَرامهْ فأحدهما زَهْدَم وَالْآخر قَيْس ابْنا جَزْء بن سَعد العَشيرة، وَقيل هما زَهْدَم وكَرْدَم قَالَ وَمن هَذَا قَوْلهم سِيرة العُمَرَيْن إنَّهُمَا أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: وَقَالَ معاذٌ الهَرَّاء لقد قيل سِيرة العُمَرَيْن قبلَ خِلافة عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: أما قَوْلهم أُعطيكم سُنَّة العُمرين فَإِنَّمَا أدخلُوا الْألف وَاللَّام عَلَيْهِمَا وهما نكرَة وكأنهما جُعِلا من أُمَّةٍ كلُّ وَاحِد مِنْهَا عمر واختصا كَمَا اختصَّ النّجم بِهَذَا الِاسْم فَصَارَ بِمَنْزِلَة النّسْرَيْ إِذا كُنتَ تَعْنِي النّجمين وبمنزلة الغَرِيَّيْن المشهورَيْن بِالْكُوفَةِ، وَقَالَ أَبُو عَليّ: وهما بناآن حَسنان وكلُّ حَسَنٍ غَرِيٌّ فغُلِّبَ النّجم والدّبَران. ابْن السّكيت: العَمْران: عَمرو بن جابِر بن هِلال بن عُقَيْل بنِ سُمَيّ بنِ مَازِن بن فَزارة وبَدْر بن عَمرو بن جِؤَيَّة بن لَوْذان بن ثَعْلَبَة بن عَدِيّ بن فَزارة وهما رَوْقا فَزارة، قَالَ قُراد بن حَنَشٍ الصَّارِديُّ من بني الصَّادِر بن مُرَّة: إِذا اجتمعَ العَمْرانِ عَمرو بن جابِرٍ وبَدْرُ بنُ عَمروٍ خِلْتَ ذُبْيانَ تُبَّعا وأَلْقَوا مَقاليدَ الْأُمُور إليهمُ جَميعاً قَماءً كارِهينَ وطُوَّعا والأَحْوَصان: الأَحْوَص بن جَعْفَر بن كِلاب، واسْمه رَبيعة وَكَانَ صَغِير الْعَينَيْنِ، وعَمرو بن الأَحوص وَقد رَأَس، وَقَول الْأَعْشَى: أَتاني وَعيدُ الحُوصِ من آلِ جَعفرٍ فيا عَبْدَ عَمروٍ لَو نَهَيْتَ الأَحاوِصا يَعْنِي عَبْدَ عَمرو بن شُرَيْح بن الأَحوَص، وعنى بالأحاوِص مَنْ وَلَده الأَحوَص مِنْهُم: عَوْف بن الأَحوص، وشُرَيْح بن الأَحْوَص وَقد رأَس وَهُوَ الَّذِي قتل لَقيط بن زُرارة يَوْم جَبَلَة، وَرَبِيعَة بن الأَحوص، وَكَانَ عَلْقَمَة بن عُلاثَة بن عَوف بن الأَحْوَص نافَر عامِرَ بن الطّفَيْل بن مَالك بن جَعْفَر فهجا الْأَعْشَى عَلْقَمَة ومدح عَامِرًا ومدح الحُطَيْئة عَلْقَمَة. قَالَ أَبُو عَليّ: أما قَوْله الحُوص فقد يكون على انه جعل كلَّ وَاحِد مِنْهُم حُوصِيَّاً وَقد يجوز أَن يكون جمع الأَحْوَص على التّسمية فِي لُغَة من قَالَ الْحَارِث وَالْعَبَّاس وَكَذَلِكَ الأَحاوِص وَقد يكون على النّسَب كالمَهالِبة وَإِن لم تلْحقهُ الْهَاء، وَيكون جمع أحوص على التّسمية فِيمَن قَالَ حَارِث وعباس واجتماع اللغتين فِي هَذَا الْبَيْت دَلِيل على صِحَة تَأْوِيل الْخَلِيل فِي هَذَا الْفَصْل. ابْن السّكيت: الأَبَوان: الْأَب وَالأُم.(4/152)
قَالَ أَبُو عَليّ: وَلَا تَقول أأبت وَيَا أَبَتِ فِي النّداء مَعْرُوف التّعليل. ابْن السّكيت: الحَنْتَفان: الحَنْتَف وَأَخُوهُ سَيْفٌ ابْنا أوسِ بنِ حِمْيَرِيِّ بن رَباح بن يَرْبوع، والمُصْعَبان: عبد الله بن الزّبير وَأَخُوهُ مُصعب بن الزّبير. غَيره: هما مُصعب وَابْنه، والخُبَيْبان: عبد الله بن الزّبير وَأَخُوهُ، وَكَانَ يُقَال لعبد الله بن الزّبير أَبُو خُبَيْب، وأنْشَد: وَمَا أَتَيْتُ أَبَا خُبَيْبٍ وافِداً يَوْمًا أُريدُ لبَيْعَتِي تَبْديلا والأَقْرَعان: الأَقْرَع بن حابِس وَأَخُوهُ مَرْثَد، والطّلَيْحَتان: طُلَيْحة بن خُوَيْلِد الأَسَدي وَأَخُوهُ، والحَزيمتان والزَّبيبَتان من باهِلة بن عَمْرو بن ثَعْلَبَة وهما حَزيمة وزَبيبة، وَقَالَ أَبُو مَعْدان الْبَاهِلِيّ: جاءَ لحَزائمُ والزَّبائِنُ دُلْدُلاً لَا سابقين وَلَا معَ القُطَّانِ قَوْله: دُلْدُلاً: أَي يَتَدَلْدَلون بَين النّاس لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ.
وَمِمَّا يَجري هَذَا المَجرى من أَسمَاء الْمَوَاضِع
أَبُو عُبَيْد: البَصْرَتان: الْكُوفَة وَالْبَصْرَة، وأنْشَد: فقُرى العِراقِ مَقيلُ يَومٍ واحدٍ والبَصْرَتانِ وواسطٌ تَكْميلُه والدُّحْرُضان: موضعان أَحدهمَا وَشيعٌ وَالْآخر دُحْرُض، قَالَ عنترة: شَرِبَتْ بماءِ الدّحْرُضَيْنِ فأصْبَحَتْ زَوْراءَ تنفِرُ عَن حِياضِ الدّيْلَمِ
(بَاب مَا جَاءَ مُثَنَّى من النّاس لِاتِّفَاق الاسمين)
ابْن السّكيت: الثّعْلَبَتان: ثعلبةُ بن جَدْعاء بن ذُهْل بن رُومَان بن جُنْدُب بن خارِجة بن سَعد بن فُتْرَة بن طَيِّيء، وثعلبة بن رُومَان بن جُنْدُب، وأمُّ جُندب جَديلة بنت سُبَيْع بن عمروٍ من حِمْيَر إِلَيْهَا ينسبون. والقَيْسان: من طَيء قَيْسُ بن عَنَّاب بن أبي حارِثَة بن حُدَيِّ بن تَدول بن بُحْتُر بن عِتْوَد، وقَيْس بن هَذَمَة بن عَنَّاب بن أبي حَارِثَة. والكَعْبان: كَعْبُ بن كِلاب، وكَعْبُ بن ربيعَة بن عُقَيْل بن كَعْب بن ربيعَة بن عَامر. والخالدان: خَالِد بن نَضْلَة بن الأَشْتَر بن حَجْوان بن فَقْعَس، وخَالِد بن قَيْس بن المُضَلِّل بن مَالك بن الأَصْغَر بن مُنقِذ بن طَريف بن عَمْرو بن قُعَيْن وأنْشَد: وقَبْلي ماتَ الخالدانِ كِلَاهُمَا عَميدُ بَني حَجْوانَ وابنُ المُضَلِّلِ والذُّهْلان: ذُهْل بن ثَعْلَبَة، وذُهْل بن شَيْبان. والحارثان: الْحَارِث بن ظَالِم بن جَذيمَة بن يَرْبوع بن عَيْظ(4/153)
بن مُرَّة، والْحَارث بن عَوْف بن أبي حَارِثَة بن مُرَّة بن نُشْبَة بن غَيْظ بن مُرَّة صَاحب الحَمَالَة. والعامِران: عامِر بن مَالك بن جعفَر وَهُوَ مُلاعِبُ الأسنة وَهُوَ أَبُو بَراءٍ، وعامر بن الطّفَيْل بن مَالك بن جَعْفَر. والحارثان فِي باهلة: الْحَارِث بن قُتَيبة، والْحَارث بن سَهْم بن عَمرو بن ثَعلبة بن غَنْم بن قُتَيْبة، وَفِي بني قُشَيْر سَلَمتان: سَلَمَة بن قُشَيْر وَهُوَ سَلَمة الشّر وأمُّه لُبَيْنى بنت كَعْب بن كِلاب، وسَلَمَة بن قُشَيْر وَهُوَ سَلَمة الخَيْر وَهُوَ ابْن القَشَيْرِيَّة، وَفِيهِمْ العَبْدان: عبد الله بن قُشَيْر وَهُوَ الْأَعْوَر وَهُوَ ابْن لُبَيْنى، وَعبد الله بن سَلَمة بن قُشَيْر وَهُوَ سَلمَة الْخَيْر. وَفِي عُقَيْل رَبيعتان: رَبيعة بن عُقَيْل وَهُوَ أَبُو الْخُلَفَاء، ورَبيعة بن عَامر بن عُقَيْل وَهُوَ أَبُو الأبرص وقُحافَة وعَرْعَرَة وقُرَّة وهما يُنسبان إِلَى الرّبيعتين. والعَوْفان فِي سعد: عَوْف بن سعد وعَوْف بن كَعْب بن سعد. والمالِكان: مَالك بن زيد، وَمَالك بن حَنْظَلة. والعُبَيْدَتان: عُبَيْدة بن مُعَاوِيَة بن قُشَيْر، وعُبَيْدة بن عَمْرو بن مُعاوية. غَيره: القَلْعان من بني نُمَيْر: صَلاءةُ وشُرَيْح ابْنا عَمرو بن خُوَيْلِفَة.
3 - (وَمِمَّا جَاءَ مثنى مِمَّا هُوَ صفةٌ لَقَبٌ لَيْسَ باسم)
الحَليفان: أٍسَد وغَطَفان. ابْن السّكيت: الحُرَقَتان: تَيْمٌ وسَعْد ابْنا قَيٍس بن ثَعْلَبَة. وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: الكُرْدوسان: من بني مَالك بن زيدِ مَناةَ بن تَمِيم: قَيْسٌ ومُعاوية ابْنا مَالك بن حَنْظَلة بن مَالك بن زيد مَناة وهما فِي بني فُقَيْم بن جَرير من دارِم. والمَزوعان: من بني كَعْب بن سعد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم: كعبُ بن سعد وَمَالك بن كَعْب بن سعد، وَيُقَال لبني عَبْس وذُبْيان الأَجْرَبان، وأنْشَد: وَفِي عُضادَتِهِ اليُمْنى بَنو أَسَدٍ والأَجْرَبانِ بَنو عَبْسٍ وذُبْيانِ والأَنْكَدان: مَازِن بن مَالك بن عَمْرو بن تَمِيم، ويَرْبوع بن حَنْظَلة، وأنْشَد: والأَنْكَدان مازنٌ ويَرْبوعْ هَا إنَّ ذَا اليومَ لشَرُّ مَجْموعْ والكَرِشان: الأَزْد وعبدُ القَيْس، والجُفَّان بَكْر وَتَمِيم، والقَلْعان: من بني نُمَيْر صَلاءة وشُرَيْح ابْنا عَمْرو بن خُوَيْلِفة بن عبد الله بن الْحَارِث بن نُمير وأنْشَد: رَغِبْنا عَن دِماءِ بني قُرَيْع إِلَى القَلْعَيْنِ أَنَّهُمَا اللُّبابُ وقُلنا للدَّليلِ أَقِمْ إِلَيْهِم فَلَا تَلْغى لغيرهمُ كِلابُ
3 - (وَمن أَسمَاء الْمَوَاضِع التّي جَاءَت مُثَنَّاة)
الشّيْطان: واديان فِي أَرض بني تَمِيم فِي دَار بني دارِم فِي إِحْدَاهمَا طُوَيْلِع. والشّيْفان: أبَيْرَقان من أَسْفَل وَادي خَنْثَل، وعَصانان: أَمْعَران مُتقابِلان أبيضان يمرُّ بَينهمَا طريقُ أهل الْيَمَامَة إِلَى مَكَّة. وقَنَوان: جَبَلان بَين فَزارة وطَيِّيء، قَالَ الرّاجز: والليلُ بينَ قَنَوَيْنِ رابِضُ النّابِغان: جُبَيْلان صغيران متقابلان فِي بِلَاد بني جَعْفَر بِأَسْفَل الحِمى، قَالَ الشّاعر:(4/154)
لَا عَهْدَ لي بعدَ أيمِ الحِمى بِهمُ والنّابِغَيْنِ سَقى اللهُ الحِمى المَطَرا والأَدْنَيان: واديان مُنَصَّبان من حَزْمِ دَمْخٍ ودَمْخٌ جَبَل لعَمْرو بن كلاب. والبَكْرَتان: هَضْبَتان حَمراوان لبني جَعْفَر وَبِهِمَا مَاء يُقَال لَهُ البَكْرَة أَيْضا. وأُرَيْكَتان: هَضْبَتان حمراوان فِي بِلَاد كَعب بن عبد الله وماؤهما أُرَيْكة. وقُرابَتان: أَبْرَقان متقابلان أُرَيكتان بَينهمَا وَبَين بطن اللِّوى لبني الأَقْفَد من بني عبد الله بن أبي بكر. والأَقْعَسان: جَبلان طويلان أَحْمَرَانِ أَحدهمَا بالوَضَح وَضَحِ الشّطون وَبِه الحَفيرة حَفيرة خَالِد موْلَى لبني وَقَّاص من بني أبي بكر بن كلاب، وَالْآخر أَقْعَسُ الهُجول من وَرَاء الهَضْب هَضْب القَليب فِي بِلَاد بني سُلَيْم والشّطون رَكايا كَثِيرَة فِي جبل يُقَال لَهُ شِعْرى والوَضَح أرضٌ سميت وَضَحاً من حُسْنها وَطيب أرْضهَا. والغَضَفان: بلدان فِي بِلَاد بني عَامر من نَاحيَة الْيمن فَإِذا رَأَيْت هَذِه اللَّفْظَة مثناة فَإِنَّمَا يَعْنِي بهَا ذانِكَ الْبلدَانِ وَإِذا رَأَيْتهَا مُفْردَة فقد يُعنى بهَا العَقيق الَّذِي هُوَ وَاد بالحجاز وَيَعْنِي بهَا أحد هذَيْن البلدين لِأَن مثل هَذَا قد يفرد. وأبانان: جبلان معروفان وَقد أُفرِد على حدّ إِفْرَاد العَقيقَيْن وَإِن كَانَت التّثنية فِي مثل هَذَا أَكثر من الإِفراد أَعنِي بِمَا تقع عَلَيْهِ التّسمية من أَسمَاء الْمَوَاضِع لتساويهما فِي الْبَيَان والخِصْب والقَحْط وَأَنه لَا يشار إِلَى أَحدهمَا دون الآخر وَلِهَذَا ثَبت فِيهِ التّعريف فِي حَال تثنيته وَلم يَجْعَل كزيدين فَقَالُوا هَذَانِ أبانانِ بَيّنَيْنِ وَنَظِير هَذَا إفرادهم لفظ عَرفات فَأَما ثباتُ الْألف وَاللَّام فِي العَقيقَيْن فعلى حدِّ ثباتهما فِي العقيق. والغَرِيَّان: بناآن حَسنان بِالْكُوفَةِ، ثبتَتْ الْألف وَاللَّام فيهمَا فِي التّثنية لِأَنَّهُمَا سميا بِالصّفةِ وكلُّ حَسَنٍ غَرِيٌّ، وَبِهِمَا مثل سِيبَوَيْهٍ العُمَرَيْن فَقَالَ: كَأَنَّهُمَا جُعلا من أمةٍ كلُّ وَاحِد مِنْهَا عمر واختصا كَمَا اخْتصَّ النّجم بِهَذَا الِاسْم يَعْنِي بالنّجم الثّريا، قَالَ: فَصَارَ بِمَنْزِلَة الغَرِيَّيْن الْمَشْهُورين بِالْكُوفَةِ، وكقولك النّسْرَيْن إِذا كنتَ تَعْنِي النّجمين.
(بَاب مَا جَاءَ مثنى من المصادر)
وَذَلِكَ قَوْلك لبَّيك وسَعدَيك وحَنانيك ودوالَيك وهذاذَيْك وحَجازَيْك وخيالَيك. وَأَنا أذكر تعليلها وَوجه نصبها وتثنيتها وَمَا الَّذِي يجوز فِيهَا. الَّذِي يجوز فِي الْمصدر الْمثنى الْمَحْمُول على الْفِعْل الْمَتْرُوك إِظْهَاره إِذا كَانَت الْحَال حَال تَعْظِيم فِي خطاب رئيسٍ وَكَانَ اللَّفْظ يُنبئ عَن جنس الْفِعْل حَمْلُ الْمصدر على الْفِعْل الْمَتْرُوك إِظْهَاره للْمُبَالَغَة فِي التّعظيم إِلَى أَعلَى منزلَة على طَرِيق الْمَعْنى النّادر فأُجري اللَّفْظ على مَا يَقْتَضِيهِ ذَلِك الْمَعْنى من ترك التّصرف والتّثنية لتضعيف فعل التّعظيم حَالا بعد حَال كَقَوْلِهِم لبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ فَفِيهِ مُبَالغَة تَعْظِيم مِمَّا عومل بِهِ مِمَّا يَقْتَضِي ذَلِك مَعَ أَن مَعْنَاهُ من طَرِيق حَقِيقَته يَقْتَضِي التّعظيم وَتَقْدِير نَصبه كتقدير مُتَابعَة لأمرِكَ وإسعاداً لكَ إلاّ أَنه جعل لبَّيك وَسَعْديك مَوْضِع تَقْدِير المصدرين وعومل بِمَا يَقْتَضِي الْمُبَالغَة من التّثنية وَترك التّصرف على طَرِيق النّادر لينبئ عَن علوّ الْمنزلَة وَلَا يجوز فِي مثل هَذَا أَن يكثر فِي التّقدير لِأَنَّهُ يُنَافِي الْمَعْنى الَّذِي هُوَ حَقه من مَجِيئه نَادرا فِي بَابه ليدل على الْخُرُوج إِلَى علو الْمنزلَة والانفراد بجلالة الْحَالة وَإِنَّمَا جَازَت التّثنية للْمُبَالَغَة وَلم يجز الْجمع لِأَن التّثنية أولى بالتّفضيل شَيْئا بعد شَيْء من الْجمع إِذْ كَانَت التّثنية لَا تكون إلاّ على الْوَاحِد وَالْجمع قد يكون على غير الْوَاحِد نَحْو نفَر ورَهْطٍ فَهَذِهِ الْمُبَالغَة تَقْتَضِي تضعيفَ الْمَعْنى كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي حَنانَيْكَ كَأَنَّهُ قَالَ تَحَنُّنا بعد تَحَنُّنٍ وحَناناً بعد حنانٍ والتّثنية أدلُّ على هَذَا التّفضيل من الْجمع لما بيَّنّا فكلّما قلّ النّظير فِي معنى التّعظيم فَهُوَ أشدُّ مُبَالغَة لِأَنَّهُ إِذا قلَّ النّظير قلَّ من يُسْتَغنَى بِغَيْرِهِ عَنهُ أَي من يُحتاج إِلَيْهِ وَلَا يُسْتَغنى بِغَيْرِهِ عَنهُ فَهُوَ أجلُّ فِي التّعظيم مِمَّا لَيْسَ فَوق تَعْظِيمه تَعْظِيم، وَهَذِه الصّفة لَا تكون إلاّ لله تَعَالَى، وَهَذَا الَّذِي شرحنا يكْشف لَك عَن النّادر فِي الْمَعْنى وَأَن لَفظه يَنْبَغِي أَن يُعامَلَ مُعَاملَة(4/155)
تُشْعِر بِهَذَا الْمَعْنى فسبحان من طَبَع نفوس الْعُقَلَاء على هَذِه الحِكَم والفِطَن، وَلَا تجوز هَذِه الْمُبَالغَة إلاّ بِالْإِضَافَة لأمرين أَحدهمَا طلب الأعرف فِي هَذَا الْمَعْنى النّادر لِأَنَّهُ يصير كالمَثَل وَالْآخر أَن الإِضافةَ إِلَى المعظَّم أخَصُّ بِمَعْنى التّعظيم من الِانْفِصَال فَلهَذَا لم يجز حَنانَيكَ ولبَّيْكَ وسَعديك وَمَا جرى مَجراها إلاّ بِالْإِضَافَة، وعلّة الإِضافة فِيهِ كعلّة لُزُوم الإِضافة فِي سُبْحَانَ الله ومَعاذ الله وَقَالَ طَرفة: أَبَا مُنْذِرٍ أَفْنَيْتَ فاسْتَبْقِ بَعْضَنا حَنانَيْكَ بعضُ الشّرِّ أَهْوَنُ من بَعْضِ كَأَنَّهُ قَالَ تَحَنُّناً بعد تَحَنُّنٍ وَوضع حنانيك مَوْضِع تحنُّن وَتقول سُبْحَانَ الله وحَنانَيه كَأَنَّك قلتَ ورَحْمَتَه على الْمُبَالغَة فِي طلب الرّحمة مِنْهُ بعد الرّحمة على مَا تَقْتَضِيه التّثنية وتقوله بالنّصب وَالرَّفْع وَلَا يجوز حَذارَيْكَ لِأَن التّحذير لَيْسَ مِمَّا يحْتَاج فِيهِ إِلَى الْمُبَالغَة وَقَالَ عبد بني الحَسْحاس: إِذا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بالبُرْدِ مِثلُه دَوالَيْكَ حتَّى لَيْسَ للبُرْدِ لابِسُ وَقَالَ دَوالَيكَ لِأَن المداولة على معنى المُداومَة مَوْضِع مُبَالغَة وتعظيم كَأَنَّهُ قَالَ مُداوَلَتَكَ وَجعل دوالَيك فِي مَوْضِعه، فَأَما قَول النّحويين سِيبَوَيْهٍ وَغَيره أَنه فِي مَوْضِع الْحَال فَإِنَّهُم يعنون أَنه متعلِّق بشُقَّ بالبُرْدِ مُداوَلةً فَالْمَعْنى على هَذَا ووجهُ نَصبه على مَا فسَّرنا من الْفِعْل الْمَتْرُوك إِظْهَاره وَقَالَ الشّاعر: ضَرْباً هَذَاذَيْكَ وطَعْناً وخْضا أَي هَذّاً بعد هَذٍّ فَبَالغ فِي الْكَثْرَة وَهِي مَوْضِع مُبَالغَة وَكَذَلِكَ المداولة وَلَيْسَ كلُّ معنى تصلح فِيهِ المُبالغةُ كمعنى القُعود وَالْقِيَام وَنَحْو ذَلِك، فَأَما لبيْك فَزعم يُونُس فِيمَا حَكَاهُ عَنهُ سِيبَوَيْهٍ أَنه اسْم وَاحِد بِمَنْزِلَة عَلَيْك وَهُوَ خلاف قَول الْخَلِيل الَّذِي فسرناه قبلُ من معنى التّثنية، وَوجه قَول يُونُس أَن المصادر تقبل فِيهَا التّثنية وَالْجمع وَقد وجد لَهُ نظيراً من الْوَاحِد وَهُوَ عَلَيْك فَحَمله عَلَيْهِ، وَقَول الْخَلِيل هُوَ الصَّوَاب من ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا إِفْرَاد حَنانٍ تَارَة وتثنيته تَارَة فِي حَنانَيك، والثّاني الإِضافة إِلَى الظّاهر مَعَ وجود الْيَاء خلاف قَوْلهم على ذَلِك وَذَلِكَ على لبّى زيد وسعدى زيد، وَالْوَجْه الثّالثّ مَا تَقْتَضِيه الْمُبَالغَة من التّثنية على مَا بيَّنَّا قبل، وَلَا يجوز فِي حَوالَكَ وحَوالَيْكَ إلاّ الإِفراد والتّثنية للإشهار بِأَنَّهُمَا فِيمَا يلْزم فِيهِ تثنيته لَا على مَا توهّم يُونُس أنّه وَاحِد، وَكَذَلِكَ إِفْرَاد حَنانٍ من الإِضافة إِنَّمَا هُوَ للإشعار بِأَنَّهَا إِضَافَة أَصْلهَا الِانْفِصَال لَزِمت لعِلَة قد بينَّاها قَالَ الرّاجز: أَهَدَموا بيْتَكَ لَا أَبَا لَكا وَأَنا أَمْشي الدّأَلَى حَوالَكا فَهَذَا شَاهد فِي حَوالك أَنه يجوز مَعَ جَوَاز حَوالَيكَ وَقَالَ: دَعَوْتُ لِما نابني مِسْوَراً فَلَبَّى فَلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ فَهَذَا شَاهد على أَن التّثنية مَعَ الإِضافة إِلَى الظّاهر وَقد بيّنت بِهِ أَيْضا أَن التّثنية تكون للْمُبَالَغَة فَهُوَ شَاهد فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: (مَا مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) وَأَنا أذكر من معنى لبيْك وَسَعْديك وَأبين من معنى التّثنية مثل مَا ذكرت فِي حنانيك وَأَخَوَاتهَا من المصادر الْمُثَنَّاة وأُري وجهَ الضّرورة فِي التّثنية وأُعلِم كَيفَ تكتسي هَذِه الأَلِفاظ معنى التّعظيم والإجلال وَالْمُبَالغَة وَكَيف يكون وُقُوعهَا على الله تَعَالَى فَمَن(4/156)
دونَه. أمّا لبَّيك فأصلها مأخوذٌ من الْأَلْبَاب وَهُوَ لُزُوم الشّيء، يُقَال ألبَّ بِالْمَكَانِ إِذا لزمَه فَلم يُفَارِقهُ، ولَبِّ التّي أجراها الْخَلِيل مُجرى أَمْسِ وغاقِ هِيَ المفردة من لبَّيكَ، وَبِهَذَا استدلَّ الْفَارِسِي أَن هَذِه الأَلِفاظ الْجَارِيَة مجْرى الْأَصْوَات كَهَلُمَّ قد تُشْتَقُّ مِنْهَا أفعالٌ وَبِهَذَا قَالَ إنّ الْآن من قَوْله تَعَالَى: (قَالُوا الْآن جِئْتَ بالحَقِّ) وَمن حَيْثُ مَا تصَرَّفَتْ مأخوذةٌ من القرْب وَلِهَذَا استجاز قولَهم لَا أُهَلُمُّ على أَنه مَأْخُوذ من هَلُمَّ، وَأما سَعديْكَ فمأخوذ من الإِسعاد، فالإلباب والإسعادُ دُنُوٌّ ومتابعةٌ وَكِلَاهُمَا راجعان إِلَى اللُّزُوم فَإِذا قَالَ الإِنسان فِي دُعَاء الله جلّ وعزّ لبَّيْكَ وسَعدَيْكَ فَمَعْنَاه مُتَابعَة لأمرِكَ وإسعاداً لأوليائك، وَلذَلِك قَالَ سِيبَوَيْهٍ: أَي ربِّ لَا أنأى عَنْك فِيمَا تَأْمُرنِي بِهِ، فَإِذا فعل ذَلِك فقد تقرَّب إِلَى الله تَعَالَى بهواه، وَإِذا قَالَ سعديك فَكَأَنَّهُ قَالَ أَي ربِّ أَنا مُتابِعٌ أمْرَكَ وأولياءَكَ غير مُخَالف لَهُم فَإِذا فعل ذَلِك فقد تَابع وطاوَعَ وأطاعَ، وَإِنَّمَا فسَّر سِيبَوَيْهٍ معنى لبَّيك وسَعديك وَهِي لغةٌ فِي بَاب من أَبْوَاب النّحو لينكشف لَك وجهُ نصبها ووجهُ إعرابها إِذا كَانَ لَا يظْهر إلاّ بِظُهُور مَعْنَاهُ وَلَوْلَا ذَلِك لم يصلح تَفْسِير الْغَرِيب فِي أَبْوَاب النّحو. ابْن دُرَيْد: حَجَازَيْكَ: من المُحاجَزَة، وخَيالَيْكَ: من الخَيال.
(بَاب مَا جَاءَ مجموعا وَإِنَّمَا هُوَ اثْنَان أَو وَاحِد فِي الأَصْل)
قَالَ الْأَصْمَعِي يُقَال: ألْقاهُ فِي لَهَواتِ اللَّيْثِ وَإِنَّمَا لَهُ لَهاةٌ واحِدَةٌ، وَكَذَلِكَ وَقع فِي لَهَوات اللَّيثِ، وَقَالَ العجاج: عُوداً دُوَيْنَ اللَّهَوات مُولَجاً وَقَالَ: هُوَ رجلٌ عَظِيم المناكب وَإِنَّمَا لَهُ مَنكِبانِ، وَيُقَال: هُوَ رجلٌ عَظِيم الثّنادي، والثّنْدُوَةُ: وَاحِد وَهِي مَغْرِزُ الثّدي، وَيُقَال: رجلٌ ذُو أَلَيَاتٍ وَرجل غليظ الحواجب وشديد المرافِق، وَيُقَال هُوَ يمشي على كَراسيعِه وَهُوَ رجل ضخم المناخِر وعظيم البآدِلِ، والبأدَلَةُ: أصل لحم الْفَخْذ مَهْمُوزَة، قَالَ أَبُو الْقَاسِم الْبَصْرِيّ: إِنَّمَا البأدلة لحْمَة فَوق الثّدي وَدون التّرقوة، فَأَما لحم أصُول الفخذين فَالَّذِي من باطنهما لَّرَبَلاتُ وَالَّذِي من مؤَخَّرهما الكاذَتانِ وَلم يقل الَّذِي قَالَ أَبُو يُوسُف أحدٌ غَيره، وَإنَّهُ لغليظُ الوَجَناتِ وَإِنَّمَا لَهُ وَجْنتان، وَيُقَال: امرأةٌ ذاتُ أوراكٍ وإنَّها لليِّنَةُ الأَجياد، قَالَ الْأسود: فَلَقَد أََرُوحُ إِلَى التّجارِ مُرَجَّلاً مَذِلاً بِمَالي لَيِّناً أجيادي وَإِنَّمَا لَهُ جيدٌ فعنَى جِيدَه وَمَا حوله يَقُول لم أكْبَرْ أَنا شابٌّ، وَيُقَال هُوَ مُذِلٌّ بمالِه أَي مُسْتَرْخٍ بِمَالِه ليِّنٌ بِهِ، وَامْرَأَة حَسَنةُ المآكم وَقَوله: رُكِّبَ فِي ضَخْمِ الذَّفارَى قَنْدَلِ وصف جملا وَإِنَّمَا لَهُ ذِفْرَيانِ والقَنْدَلُ الْعَظِيم الرّأس وَقَالَ: تَمُدُّ للمَشْيِ أوصالاً وأصلابا يَعْنِي نَاقَة وَإِنَّمَا لَهَا صُلْبٌ واحدٌ وَقَالَ العجاج: على كَراسيعي ومِرْفَقَيَّهْ وَإِنَّمَا لَهُ كُرْسوعان وَقَالَ أَيْضا:(4/157)
من باكِر الأَشْراط أشْراطِيُّ وَإِنَّمَا هما شَرْطان وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب: فالعينُ بَعْدَهُم كأنَّ حَداقَها سُمِلَتْ بِشَوْكٍ فَهْيَ عُورٌ تَدْمَعُ فَقَالَ الْعين ثمَّ قَالَ حِداقها، وَقَالَ فَهِيَ عُورٌ. قَالَ أَبُو عَليّ: هُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى: (وَإنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عليهِم مُصْبِحينَ وباللَّيل) ، وَيُقَال للْأَرْض العرَمَة سميت وَمَا حولهَا العَرَمات، والقُطَبِيَّة: بِئْر وَيُقَال لَهَا وَمَا حولهَا القُطَبِيَّات، وَلذَلِك يُقَال لكاظِمَةَ وَمَا حولهَا الكواظم وَإِنَّمَا هِيَ بِئْر، وعِجْلِز: اسْم كثيب وَيُقَال لَهُ وَمَا حوله: العَجالِزُ قَالَ زُهَيْر: عفى من آلِ ليلى بَطْنُ ساقٍ فأَكْثِبةُ العَجالِز فالقَصيمِ والعِجْلِزَةُ: النّاقة وَالْفرس الشّديدتا اللَّحْم، قَالَ مُحرِزُ بنُ مُكَعْبَرٍ الضّبِّيُّ: ظَلَّتْ ضِباعُ مُجيراتٍ يَلُذْنَ بهم فألحَموهُنَّ مِنْهُم أيَّ إلْحام أَرَادَ موضعا يُقَال لَهُ مجيرَة فَجَمعه بِمَا حوله، وَكَذَلِكَ أَذْرِعات إِنَّمَا هِيَ أذرعة، قَوْله فألحموهنَّ أَي أطعموهن اللَّحْم، يُقَال فلَان يُلْحِمُ عِياله: أَي يُطعمهُمْ اللَّحْم، وَقَالَ أَبُو كَبِير: ذهبَتْ بَشاشتُهُ وأصبحَ واضِحاً حَرِقَ المَفارِقِ كالبُراء الأَعفَرِ أَرَادَ بالمفارق: المَفرِقَ وَمَا حوله، والبُراءُ: جمع بُرايَةٍ وَهِي مَا نُحِتَ من القَوس، وَقَالَ العجاج: وبالحُجورِ وَثَنى الوَلِيُّ الحُجورُ مَوْضِع يُقَال لَهُ: حُجْرُ بُجَيْرٍ، والوليُّ: الْمَطَر، أَي ثنى مرَّةً بعد مرَّة. الْبَاهِلِيّ: الأَفاكِلُ: جبَلٌ وَإِنَّمَا هُوَ أفْكَلٌ فجُمِع بِمَا حوله، وَكَذَلِكَ المناصِعُ إِنَّمَا هُوَ مَنْصَعةٌ: وَهُوَ ماءٌ لِبَلْحارِث بن سهْمِ بنِ باهِلَة، والأفاكلُ لبني حِصْنٍ ووادِ اسْمه المِيرادُ فَيُقَال لَهُ ولمائه الَّذِي يصُبُّ فِيهِ المَواريد بِأَرْض باهلة، وحَماطُ: جبل فَيُقَال لَهُ وَمَا حوله أُحَيْمِطَةُ وأُحَيمِطاتٌ قَالَ الشّاعر: تَذَكُّرُ مَرْتَعٍ بأُحَيْمِطاتٍ وشِرْبٍ لم يكن وَشَلاً مَعينا وزَلَفَةٌ: مَاء لبني عُصَيْم بن باهلة فَيُقَال لَهَا ولأحساءٍ تَقْرُب مِنْهَا الزّلَفُ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا للبعير ذُو عَثانِينَ وعَلى هَذَا وُجِّهَ قَوْلهم باناتُ الشّمس وعُشَيّانات وَسَيَأْتِي ذكره فِي نَوَادِر التّحقير.
الاسمان يكون أَحدهمَا مَعَ صَاحبه فيسمى باسم صَاحبه وَيتْرك اسْمه
أَبُو زيد: الظّعائن: الهَوادِج وَإِنَّمَا سميت النّساء ظَعائنَ لأنهنَّ يكنَّ فِي الهوادج، والرَّاوية: الْبَعِير الَّذِي يستسقى عَلَيْهِ المَاء وَالرجل المستقي يُقَال لَهُ رَوَيْتُ على أَهلِي رّيَّةً، والوعاء الَّذِي فِيهِ المَاء إِنَّمَا هُوَ المَزادة فسميت راوية لمَكَان الْبَعِير الَّذِي يحملهَا، والحَفَضُ: مَتَاع الْبَيْت إِذا هُيِّءَ ليُحْمَلَ عَلَيْهِ فَسُمي الْبَعِير الَّذِي يحملهُ حَفَضاً بِهِ وَأنْشد:(4/158)
وَنحن إِذا عِمادُ الحَيِّ خَرَّت على الأَحْفاضِ نَمْنَعُ مَا يَلينا فَهِيَ هَهُنَا الإِبل وَإِنَّمَا هُوَ مَا عَلَيْهَا من الْأَحْمَال وَقد حَفَضْتُ الشّيءَ وحفَّضْتُه: ألقيتُه وَمِنْه قَول رؤبة: إِمَّا تَرَى دَهْري حَناني حَفْضا أَي ألقاني، والعَذِرَةُ: فِناء الدّار وَأنْشد: لَعَمْري لقد جَرَّبْتُكُمْ فوَجَدْتُكُم قِباحَ الوُجوه سَيِّئي العَذِراتِ وَإِنَّمَا سميت العَذِرَة لِأَنَّهَا كَانَت تُلقى فِي الأفنية، والغائطُ: الأَرْض المطمئنة وَإِنَّمَا قيل للخَلاء غائطٌ لأَنهم كَانُوا يأْتونَ إِلَى الْغَائِط فَسُمي بذلك.
(أَبْوَاب النّسب)
النّسَبُ على ضَرْبَيْنِ مِنْهُ مَا يَجِيء على غير قِيَاس وَمِنْه مَا يُعدَلُ وَهُوَ الْقيَاس الْجَارِي فِي كَلَامهم. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: قَالَ الْخَلِيل كلّ شَيْء من ذَلِك عدَلَتْه الْعَرَب ترَكَتْه على مَا عدَلَتْه عَلَيْهِ وَمَا جَاءَ تَاما لم تُحدث الْعَرَب فِيهِ شَيْئا فَهُوَ على الْقيَاس فَأَما المعدول الَّذِي يَجِيء على الْقيَاس فَلَيْسَ من غَرَض هَذَا الْكتاب، وَأما المعدول الَّذِي يَجِيء على غير قِيَاس فَإنَّا نذْكر مِنْهُ شَيْئا هَهُنَا ليَكُون الْكتاب مكتفياً بِنَفسِهِ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: من المعدول الَّذِي هُوَ على غير قِيَاس قَوْلهم فِي هُذَيْلٍ هُذَلِيُّ وَفِي فُقَيْمِ كِنانةَ فُقَمِيُّ وَفِي مليح خُزاعةَ مُلَحِيُّ وَفِي ثقيفٍ ثَقَفيٌّ وَفِي زَبينَةَ زَبانِيُّ وَفِي طيءٍ طائيُّ وَفِي الْعَالِيَة عُلْوِيٌّ والباد بِهِ بَدَوِيٌّ وَفِي البصرَة بَصْرِيٌُّ وَفِي السّهل سُهْلِيٌّ وَفِي الدّهر دُهْرِيُّ وَفِي حيّ من بني عَديٍّ يُقَال لَهُم بَنو عَبيدَةَ عُبَدِيُّ فضمّوا الْعين وفتحوا الْبَاء، قَالَ وحدَّثنا من نثق بِهِ أَن بَعضهم يَقُول فِي بني جَذيمَةَ جُذَمِيّ فيضم الْجِيم ويُجريه مُجرى عُبَدِيّ، وَقَالُوا فِي بني الحُبْلَى من الْأَنْصَار حُبَليّ وَقَالُوا فِي صنعاءَ صنعانيّ وَقَالُوا فِي شتاءٍ شَتَوِيّ وَفِي بهراء قَبيلَة من قُضاعة بَهْرانِيّ وَفِي دَسْتَواءَ دَسْتَوانيّ مثل بَحرانيّ، وَزعم الْخَلِيل رَحمَه الله أَنهم كَانُوا بنوا الْبَحْر على فَعْلان وَإِنَّمَا كَانَ الْقيَاس أَن يَقُولُوا بَحْرِيّ، وَقَالُوا فِي الْأُفق أَفَقِيّ، وَمن الْعَرَب من يَقُول أُفُقِيّ فَهُوَ على الْقيَاس، وَقَالُوا فِي حَروراءَ وَهُوَ مَوْضِع حَرورِيّ وَفِي جَلولاء جَلولِيّ كَمَا قَالُوا فِي خُراسانَ خُرْسِيّ وخُراسانيّ أَكثر وخُراسِيّ لُغَة. وَقَالَ بَعضهم: إبِلٌ حَمَضِيَّةٌ إِذا أكلت الحمْضَ وحمْضِيَّة أجوَد وأقيس وَأكْثر فِي كَلَامهم، وَقد يُقَال بعيرٌ حامِضٌ وعاضِهٌ إِذا أكل العِضاهَ وَهُوَ ضرْبٌ من الشّجر، وَقَالَ بَعضهم خَرْفِيّ أضَاف إِلَى الخريف وَحذف الْيَاء، والخَرفيّ فِي كَلَامهم أَكثر من الخريفيّ إِمَّا إِضَافَة إِلَى الخَرْفِ وَإِمَّا بنى الخريفَ على فَعْلٍ، وَقَالُوا إبلٌ طُلاحِيَّةٌ: إِذا أكلت الطّلْحَ، وَقَالُوا فِي عِضاهٍ عِضاهِيّ فِي قَول من جعل الْوَاحِدَة عِضاهَةً مثل قتادةٍ وقَتاد، والعِضاهة بِكَسْر الْعين على الْقيَاس فَأَما من جعل جَمِيع العِضَةِ عِضَواتٍ وَجعل الَّذِي ذهب الْوَاو فَإِنَّهُ يَقُول عِضَوِيّ، وَأما من جعله بِمَنْزِلَة الْمِيَاه وَجعل الْوَاحِدَة عِضاهَةً قَالَ عَضاهِيّ، قَالَ وَسَمعنَا من الْعَرَب أمَوِيّ فَهَذِهِ الفتحة كالضّمّة فِي السّهْل إِذا قَالُوا سُهْلِيُّ وَقَالُوا رَوْحانيُّ فِي الرّوْحاء، وَمِنْهُم من يَقُول رَوْحاويّ كَمَا قَالَ بَعضهم بَهْراوِيّ، حَدثنَا بذلك يُونُس، وروحاويّ أَكثر من بَهراويّ وَقَالُوا فِي القُفِّ قِفِيُّ. قَالَ الْفَارِسِي: هَكَذَا وَقع فِي بعض النّسخ وَالَّذِي قرأته على أبي بكر بن السّرِيّ فِي هَذَا الْبَاب من كتاب سِيبَوَيْهٍ فِي القِفافِ قُفِّيُّ، فقِفْافٌ على هَذَا اسْم للْوَاحِد فإمَّا أَن يكون أضَاف إِلَى رجل يُسمى كَذَلِك وَلَا يجوز أَن يكون عنَى بالقِفاف جمعَ قُفٍّ لِأَن هَذَا إِنَّمَا يُضَاف إِلَيْهِ قُفِّيّ إِذْ هُوَ جمع وَالْجمع إِذا أُضيف إِلَيْهِ وَقعت الإِضافة إِلَى وَاحِدَة، فَإِن كَانَ قُفِّيّ مُضَافا إِلَى القِفاف وَهُوَ جمع فَلَيْسَ من(4/159)
المعدول الَّذِي يَجِيء على غير قِيَاس، وَقد أدخلهُ هُوَ فِي هَذَا الْقسم أَعنِي المعدولَ الَّذِي يَجِيء على غير قِيَاس فثبتَ أَن القِفافَ وَاحِد فَكَانَ حكمه إِذا نسب إِلَيْهِ أَن يُقَال قِفافِيّ كَقَوْلِنَا فِي الإِضافة إِلَى مثالٍ وكتابٍ مِثاليّ وكتابيّ وَلكنه شذَّ فَهُوَ على هَذَا من الْقسم الَّذِي أومأَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا فِي الإِضافة إِلَى طُهَيَّة طُهْوِيُّ وَقَالَ بَعضهم طُهَوِيّ على الْقيَاس كَمَا قَالَ الشّاعر: بكُلِّ قُرَيْشيٍّ إِذا مَا لَقيتهُ سَريعٍ إِلَى دَاعِي النّدى والتّكَرُّم وَمِمَّا جَاءَ محدوداً عَن بنائِهِ محذوفةً مِنْهُ إِحْدَى الياءين ياءَي الإِضافة: قولُك فِي الشّأْم شآمٍ وَفِي تِهامة تَهامٍ وَمن كسر التّاء قَالَ تِهامِيّ وَفِي اليَمَن يَمانٍ وَزعم الْخَلِيل رَحمَه الله أَنهم أَلْحَقوا هَذِه الأَلِفات عِوَضاً من ذهَاب إِحْدَى الياءين وكأنَّ الَّذِي حَذَفوا الْيَاء من ثَقيف وأشباهه جعلُوا الياءين عوضا مِنْهَا. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فقلتُ أرأيتَ تِهامَ أَلَيْسَ فِيهَا الأَلِفُ، فَقَالَ إِنَّهُم كَسَّروا الِاسْم على أَنهم جَعَلُوهُ فعَلِيَّاً أَو فَعْلِيَّاً فَلَمَّا كَانَ من شَأْنهمْ أَن يحذفوا إِحْدَى الياءين ردوا الْألف كَأَنَّهُمْ بنوه تَهَمِيٌّ أَو تَهْمِيٌّ فكأنَّ الَّذين قَالُوا تِهام هَذَا الْبناء كَانَ عِنْدهم فِي الأَصْل وفَتْحَهم التّاءَ فِي تِهامة حَيْثُ قَالُوا تَهام يدلك على أَنهم لم يَدَعوا الِاسْم على بنائِهِ وَمِنْهُم من يَقُول تَهامِيّ ويَمانِيّ وشآمِيّ فَهَذَا كبَحْرانِيّ وأشباهه مِمَّا غُيِّر بِنَاؤُه فِي الإِضافة وَإِن شئتَ قلتَ يَمَنِيّ وَزعم أَبُو الخطّاب أَنه سمع من يَقُول فِي الإِضافة إِلَى الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ جَمِيعًا رُحانِيّ أُضيف إِلَى الرّوح وللجميع رأيتُ رُوحانِيِّين وَزعم أَبُو الْخطاب أَن الْعَرَب تَقوله لكل شَيْء فِيهِ الرّوح من النّاس والدّواب وَالْجِنّ وَزعم أَبُو الخطّاب أَنه سمع من الْعَرَب من يَقُول شَأمِي وَجَمِيع هَذَا إِذا صَار اسْما فِي غير هَذَا الْموضع فأضيف إِلَيْهِ جرى على الْقيَاس كَمَا يجْرِي تحقير لَيْلَة وإنسان وَنَحْوهمَا إِذا حوّلتهما فَجَعَلتهمَا اسْما علما وَإِذا سميت رجلا زَبِيْنَة لم تقل زَبانِيٌّ أَو دَهْراً لم تقل دُهْرِيٌّ وَلَكِن تَقول فِي الإِضافة إِلَيْهِ زَبَنِيٌّ ودَهْرِيٌّ. وَأَنا أشرح هَذَا العَقْدَ كُلَّه أما مَا ذكر من النّسبة إِلَى هُذَيْل هُذَلِيّ فَهَذَا الْبَاب لكثرته كالخارج عَن الشّذوذ وَذَلِكَ خَاصَّة فِي الْعَرَب الَّذين بتهامة وَمَا يَقْرُب مِنْهَا لأَنهم قد قَالُوا قُرَشيّ وهُذَلِيّ وَفِي فُقَيْم كنَانَة فُقَمِيّ وَفِي مُلَيْح خُزاعة مُلَحِيّ، وَفِي خُثَيْمٍ وقُرَيْمٍ وجُرَيْب وهم من هُذَيْل قُرَمِيّ وخُثَمِيّ وجُرَبِيّ وَهَؤُلَاء كلهم متجاورون بتهامة وَمَا يدانيها، وَالْعلَّة فِي حذف الْيَاء أَنه يجْتَمع ثَلَاث ياءات وكسرة إِذا قَالُوا قرَيْشِيّ فعدَلوا إِلَى الْحَذف لذَلِك، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي ثقفيّ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي فُقَيْمِ كِنانةَ لِأَن فِي بني تَمِيم فُقيم بن جَرير بن دارِم والنّسبة إِلَيْهِ فُقَيْميّ، وَقَالَ فِي مٌلَيْح خُزاعةَ لِأَن فِي الْعَرَب مُلَيْح بنَ الهُونِ بن خُزَيمة وَفِي السّكون مُلَيْحَ بن عَمْرو بن ربيعَة وَيَنْبَغِي أَن تكون النّسبة إِلَيْهِمَا مٌلُيْحِيّ وَهَذَا الشّذوذ يَجِيء على ضرب مِنْهَا الْعُدُول عَن خَفِيف إِلَى مَا هُوَ أخف مِنْهُ وَمِنْهَا الْفرق بَين نسبتين إِلَى لفظ وَاحِد وَمِنْهَا التّشبيه بِشَيْء فِي مَعْنَاهُ، فَأَما قَوْلهم زَبانيُّ فِي زَبينَةَ فَكَانَ الْقيَاس فِيهِ زَبَنيّ بِحَذْف الْيَاء غير أَنهم كَرهُوا حذفهَا لتوفية الْكَلِمَة حروفها وكرهوا الاستثقال أَيْضا فأبدلوا من الْيَاء ألفا، وَأما النّسبة إِلَى طَيِّءٍ فَكَانَ الْقيَاس فِيهِ طيئيّ كَمَا ينْسب إِلَى ميتٍ مَيْتيّ وَإِلَى هيْنٍ هَيْنيّ فكرهوا اجْتِمَاع ثَلَاث ياءات بَينهَا همزَة، والهمزة من مخرج الْألف وَهِي تناسب الْيَاء وَهِي مَعَ ذَلِك مَكْسُورَة فقلبوا الْيَاء ألفا، وَيجوز أَن يكون نسبوا إِلَى مَا اشتق مِنْهُ، ذكر بعض النّحويين أَن طَيِئاً مُشْتَقّ من الطّاءة والطّاءة بُعْدُ الذَّهاب فِي الأَرْض وَفِي المرعى، ويروى أَن الْحجَّاج قَالَ لصَاحب خيله أَبْغِني فرسا بعيدَ الطّاءةِ، وَفِي بعض الأَخبار: فَكيف بكم إِذا انطاءَتِ الأَسْعار، أَي إِذا عَلَتْ وبَعُدَتْ عَن المُشترين، وَأما قَوْلهم فِي الْعَالِيَة عُلْوِيٌّ فَإِنَّمَا نسبوا إِلَى العُلْوِ لِأَنَّهُ فِي معنى الْعَالِيَة، والعالية بِقرب الْمَدِينَة مَوَاضِع مُرْتَفعَة على غَيرهَا، والعُلْوُ: الْمَكَان العالي، وَيجوز أَن يَكُونُوا أَرَادوا الْفرق بَين النّسبة إِلَيْهَا والنّسبة إِلَى امْرَأَة تسمى بِالْعَالِيَةِ، وَإِذا نسب إِلَى الْعَالِيَة على الْقيَاس قيل عاليُّ أَو عالَوِيّ، وَأما قَوْلهم فِي الْبَادِيَة بَدَوِيّ(4/160)
فنسبوا إِلَى بَدا وَهُوَ مصدر وَالْفِعْل مِنْهُ بدا يَبْدو إِذا أَتَى الْبَادِيَة وفيهَا مَا يُقَال لَهُ بَدا قَالَ الشّاعر: وأنتِ التّي حَبَّبْتِ شَغْباً إِلَى بَداً إليَّ وأوطاني بلادٌ سواهُمَا والنّسبة إِلَيْهَا على الْقيَاس بادِيّ أَو بادَوِيّ، وَقَالُوا فِي البَصرة بِصْرِيّ وَالْقِيَاس بَصْرِيّ وَإِنَّمَا كسروا الْبَاء فَمن النّاس من يَقُول نسبوه إِلَى بِصْرٍ وَهِي حِجَارَة بيض تكون فِي الْموضع الَّذِي سمي بِالْبَصْرَةِ فَإِنَّمَا نسبوه إِلَى مَا فِيهَا قَالَ الشّاعر: إِن تَكُ جُلْمودَ بِصْرٍ لَا أُؤبِّسُه أوقِدْ عَلَيْهِ فأحْمِيهِ فيَنْصَدِعُ وَبَعض النّحويين قَالَ كسروا الْبَاء إتباعاً لكسرة الرّاء لِأَن الحاجز بَينهمَا سَاكن وَهُوَ غير حُصَيْن كَمَا قَالُوا مِنْتِنٌ ومِنْخِرٌ وَالْأَصْل مَنخِرٌ فكسروا الْمِيم لكسرة الْخَاء، وَقَوْلهمْ فِي السّهْل سُهْلِيّ وَفِي الدّهْرِ دُهْرِيّ قَالَ فِيهِ بعض النّحويين غُيِّرَ للْفرق وَذَلِكَ أَن الدّهريّ هُوَ الَّذِي يَقُول بالدّهر من أهل الإِلحاد، والدّهْرِيُّ: هُوَ الرَّجُل المُسِنُّ الَّذِي أَتَت عَلَيْهِ الدّهور، والسّهلِيّ هُوَ الرَّجُل الْمَنْسُوب إِلَى السّهل الَّذِي هُوَ خلاف الْجَبَل، والسّهلِيّ هُوَ الرَّجُل الْمَنْسُوب إِلَى سَهْلٍ اسْم رجل وحَيٌّ من بني عديّ يُقَال لَهُم بَنو عَبيدَة يُنسب إِلَيْهِم عُبَدِيّ كَأَنَّهُمْ أَرَادوا الْفرق بَينهم وَبَين عَبيدَةَ من قوم أُخَر، وَكَذَلِكَ بَنو الحُبلَى من الْأَنْصَار وَمن وَلَده عبد الله بن أُبَيّ بن سَلول رَأس الْمُنَافِقين يُقَال فِي النّسبة إِلَيْهِ حُبَلِيّ للْفرق بَينه وَبَين آخر، وَإِنَّمَا قيل لَهُ الحُبْلَى لعظم بَطْنه وَلَيْسَ اسْمه بالحُبلَى، وَقَالُوا فِي جَذِيمَةَ جُذَمِيّ لِأَن فِي الْعَرَب جمَاعَة اسمهم جَذيمَةُ، فَفِي قُرَيْش جَذيمة بن مَالك بن حِسْلٍ بن عَامر بن لؤَيّ، وَفِي خُزاعة جَذيمة وَهُوَ المصطَلِق، وَفِي الأَزدِ جَذيمةُ بن زَهران بن الحُجْر بن عمرَان، وَأما قَوْلهم فِي صنعاء صَنعانيّ وَفِي بهراء بَهرانيّ وَفِي دَسْتَواء دَسْتَوانيّ فَإِن الْألف والنّون تجْرِي مجْرى ألفي التّأنيث، وَقَالُوا فِي شتاء شَتْوِيّ كَأَنَّهُمْ نسبوه إِلَى شَتْوَةٍ. قَالَ أَبُو سعيد: قَالَ بعض أَصْحَابنَا أَنه لَيْسَ بشاذّ لِأَن شتاءً جمع شَتْوةٍ كَقَوْلِنَا صحْفَةٍ وصِحافٍ، وَإِذا نسب إِلَى جمع فحقه أَن ينْسب إِلَى وَاحِدَة فنسب إِلَى شتوة لذَلِك وَهُوَ قِيَاس مطرد، وَأما النّسبة إِلَى الْبَحْر بحرانيّ فَالْقِيَاس أَن تحذف عَلامَة التّأنيث فِي النّسبة كَمَا تحذف هَاء التّأنيث غير أَنهم كَرهُوا اللَّبسَ ففرّقوا بَين النّسبة إِلَى الْبَحْر والبحرَيْن لما سمَّوا بِهِ على مِثَال سعْدانَ وسكْرانَ ونسبوا إِلَيْهِ على ذَلِك، وَقَوْلهمْ فِي النّسبة إِلَى الْأُفق أَفَقِيُّ فلأنّ فُعْلاً وفَعَلاً يَجْتَمِعَانِ كثيرا، وَأما قَوْلهم فِي ثَقيفٍ ثَقَفيٌّ وَفِي سُلَيْمٍ سُلَميٌّ فتغييره لما يلْزم آخِره الكسرة وَهُوَ الْفَاء من ثَقِيف وَالْمِيم من سُليم فَإِذا فعلنَا ذَلِك اجْتمع يَاء النّسبة والكسرة التّي قبلهَا اللَّازِمَة وياء فَعِيْل وفُعَيْل وكل ذَلِك جنس وَاحِد فحذفوا الْيَاء التّي فِي فَعيل وفُعَيْل استثقالاً وَإِن كَانَ الْقيَاس عِنْد سِيبَوَيْهٍ إِثْبَاتهَا فَيُقَال قُرَيْشِيّ وسُلَيْمِيّ فَإِذا كَانَ فِي آخِره هَاء التّأنيث وَجب حذفهَا ثمَّ لزم الكسرة للحرف الَّذِي قبل يَاء النّسبة فَصَارَ مَا فِيهِ يلْزمه تَغْيِير الْحَرَكَة وَحذف حرف فَكَانَ ذَلِك دَاعيا إِلَى لُزُوم حذف الْيَاء لِأَن الْكَلِمَة كلما ازْدَادَ التّغيير لَهَا كَانَ الْحَذف لَهَا الزّم فِيمَا يستثقل مِنْهَا وَإِن ساواها فِي الاستثقال غَيرهَا مِمَّا لَا يلْزم فِيهِ تَغْيِير كتغييرها وَجعل سِيبَوَيْهٍ فَعُولة فِي التّغيير بِمَنْزِلَة فَعيلة فأسقط الْوَاو كَمَا أسقط الْيَاء وَفتح عَيْنَ الْفِعْل المضمومة وَذهب فِي ذَلِك إِلَى أَن الْعَرَب قالتّ فِي النّسبة إِلَى شَنُوءة شَنَئِيٌّ وَتَقْدِيره شَنوعة وشَنَعِيّ وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد يَرُدُّ الْقيَاس على هَذَا وَيَقُول شَنَئيٌّ من شَاذ النّسبة الَّذِي لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَاحْتج فِي ذَلِك بأَشْيَاء يفرق بهَا بَين الْوَاو وَالْيَاء فَمن ذَلِك أَنه لَا خلاف بَينهم أَنَّك تَنْسُب إِلَى عَديّ عَدَوِيّ وَإِلَى عَدُوّ عَدُوِّيّ ففصلوا بَين الْيَاء وَالْوَاو وَلم يُغيرُوا فِي الْوَاو وَمن ذَلِك أَنهم يَقُولُونَ فِي النّسبة إِلَى سَمُرةٍ وسَمُرٍ سَمُرِيّ وَإِلَى نَمِر نَمَرِيّ فغيروا فِي نمر من أجل الكسرة وَلم يُغيرُوا فِي سًمُر لأَنهم إِنَّمَا استثقلوا اجْتِمَاع الياآت والكسرات فَلَمَّا خَالَفت الضّمة الكسرة فِي نَمِر وسَمُر وَالْيَاء الْوَاو فِي عَدِيّ وعَدُوّ وَجب(4/161)
أَن يُخالِف الياءُ فِي فَعيلة الْوَاو فِي فَعولة وَقد شَذَّ من هَذَا الْبَاب مَا جَاءَ على الأَصْل ذكر سِيبَوَيْهٍ أَنهم قَالُوا فِي سَلِيمَة سَلِيمِيّ وَفِي عَميرَةِ كَلْب عَميريّ وَفِي خُرَيْبَة خُرَيْبِيّ وَقَالُوا سَليقِيّ للرجل يكون من أهل السّليقة وَهُوَ الَّذِي يتَكَلَّم بِأَصْل طَبْعه ولغته وَيقْرَأ الْقُرْآن كَذَلِك وأظُنُّه من الإِعراب الَّذين لَا يقرؤن على سُنّة مَا يَقْرَؤُهُ القُرّاء وعَلى طَبْع القُرّاء وَيقْرَأ على طبع لغته وَقد جَاءَ أَيْضا رِماحٌ رُدَيْنِيَّة وَإِذا كَانَ أَيْضا فَعيلة أَو فَعيل أَو فُعَيْل عينُ الْفِعْل فِيهِ ولامه من جنس وَاحِد وَكَانَ عين الْفِعْل واواً لم يحذفوا كَقَوْلِك فِي النّسب إِلَى شَديدة أَو جَليلة شَديدِيّ وجَليلِيّ وَإِلَى بَني طَويلَة طَويليّ لِأَنَّك لَو حذفت الْيَاء وَجب أَن تَقول شَدَدِيٌّ فيجتمع حرفان من جنس وَذَلِكَ يستثقل وَلَو قلتَ طَوَلِيّ لَصَارَتْ الْوَاو على لفظ مَا يُوجب قلبَها ألفا لِأَن فعل إِذا كَانَ عين الْفِعْل مِنْهُ واواً وَجب قَلبهَا ألفا فَكَانَ يلْزم أَن يُقَال طالِيٌّ وَقد قالتّ الْعَرَب فِي بني حُوَيْزَة حُوَيْزِيّ وهم من تَيْم الرّباب قَبيلَة مَشْهُورَة. وَلَيْسَت من قوانين النّسَب مِمَّا نَعْتَرِضُه فِي كتَابنَا هَذَا غير أنّي أذكُرُ مِنْهُ مَا شذّ كنحو مَا قدَّمتُ وآخُذُ بعد ذَلِك فِيمَا شابه اللُّغَة مِنْهُ على حسب الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ فأذكر النّسبَ إِلَى الاسمين اللَّذين يجعلان اسْما وَاحِدًا والنّسبَ إِلَى الْمُضَاف وَإِلَى الْحِكَايَة وَإِلَى الْجَمَاعَة. فمما شَذَّ مِمَّا لم يذكرهُ سِيبَوَيْهٍ قَوْلهم فِي النّسب إِلَى الرّيْ رازِيّ وَإِلَى مَرْو مَرْوَزِيّ وَإِلَى درا بِجِرْد دَرا وَرْديّ وَإِلَى الْعَظِيم الفَخِذ فُخاذِيّ وَإِلَى عَظِيم الرّأس رُؤاسِيٌّ وَإِلَى الجُمَّة جُمَّانِيّ وَإِلَى الرّقَبة رَقَبانيّ وَإِلَى الْأنف أُنافيّ وَإِلَى اللِّحْيَة لِحْيانيّ وَإِلَى العَضُد عُضادِيّ وعَضادِيّ وَإِلَى الْأَيْدِي أَيادِيّ وَقد حكى بعض اللغويين أَن الإِضافة إِلَى عِظَم كل عُضْو على هَذَا مُطَّرد أَعنِي فُعاليَّاً وَقَالُوا فِي النّسب إِلَى البَلْغَم بَلْغَمانِيّ وحى أَبُو عُبَيْد: إِلَى لَحْيٍ لَحَوِيّ وَإِلَى الغَزْو غزَوِيّ، قَالَ وَقَالَ اليَزيدِيُّ سالنّي وَالْكسَائِيّ المَهْديّ عَن النّسبة إِلَى البَحْرَيْن وَإِلَى حِصْنَين لم قَالُوا حِصْنِيّ وبَحْرانِيّ، فَقَالَ الْكسَائي: كَرهُوا أَن يَقُولُوا حِصْناني لِاجْتِمَاع النّونين وَقلت أَنا كَرهُوا أَن يَقُولُوا بَحْرِيّ لئلاّ يُشبه النّسبةَ إِلَى البَحْر، قَالَ ونَسَبوا القصيدة التّي قوافيها على الْيَاء ياوِيَّة وعَلى التّاء تاوِيَّة وَإِلَى مَاء قلت ماوِيَّ وينسب إِلَى ذِرْوَة ذَرَوِيّ وَإِلَى بني لِحْيَة لَحَوِيّ وأدخلَ هُوَ فِي هَذَا الْبَاب النّسبَ إِلَى أَعْمى وأعْشى أَعْمَوِيّ وأَعْشَوِيّ وَقَالَ فِي كِسْرى كِسْرِيّ وكِسْرَوِيّ وَفِي مُعَلَّى مُعَلَّوِيّ. قَالَ أَبُو عَليّ: رجل مَنْظَرانِيّ ومَخْبَرانِيّ، وكَوْكَبٌ دِرِّيٌّ بِالْكَسْرِ ودَرِّيٌّ بِالْفَتْح يجوز أَن يكون مَنْسُوبا إِلَى الدّرِّ، فَيكون من شَاذ النّسب. صَاحب الْعين: الإِنسان قِبْطِيّ، والثّوب قُبْطِيّ. ة طَويليّ لِأَنَّك لَو حذفت الْيَاء وَجب أَن تَقول شَدَدِيٌّ فيجتمع حرفان من جنس وَذَلِكَ يستثقل وَلَو قلتَ طَوَلِيّ لَصَارَتْ الْوَاو على لفظ مَا يُوجب قلبَها ألفا لِأَن فعل إِذا كَانَ عين الْفِعْل مِنْهُ واواً وَجب قَلبهَا ألفا فَكَانَ يلْزم أَن يُقَال طالِيٌّ وَقد قالتّ الْعَرَب فِي بني حُوَيْزَة حُوَيْزِيّ وهم من تَيْم الرّباب قَبيلَة مَشْهُورَة. وَلَيْسَت من قوانين النّسَب مِمَّا نَعْتَرِضُه فِي كتَابنَا هَذَا غير أنّي أذكُرُ مِنْهُ مَا شذّ كنحو مَا قدَّمتُ وآخُذُ بعد ذَلِك فِيمَا شابه اللُّغَة مِنْهُ على حسب الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ فأذكر النّسبَ إِلَى الاسمين اللَّذين يجعلان اسْما وَاحِدًا والنّسبَ إِلَى الْمُضَاف وَإِلَى الْحِكَايَة وَإِلَى الْجَمَاعَة. فمما شَذَّ مِمَّا لم يذكرهُ سِيبَوَيْهٍ قَوْلهم فِي النّسب إِلَى الرّيْ رازِيّ وَإِلَى مَرْو مَرْوَزِيّ وَإِلَى درا بِجِرْد دَرا وَرْديّ وَإِلَى الْعَظِيم الفَخِذ فُخاذِيّ وَإِلَى عَظِيم الرّأس رُؤاسِيٌّ وَإِلَى الجُمَّة جُمَّانِيّ وَإِلَى الرّقَبة رَقَبانيّ وَإِلَى الْأنف أُنافيّ وَإِلَى اللِّحْيَة لِحْيانيّ وَإِلَى العَضُد عُضادِيّ وعَضادِيّ وَإِلَى الْأَيْدِي أَيادِيّ وَقد حكى بعض اللغويين أَن الإِضافة إِلَى عِظَم كل عُضْو على هَذَا مُطَّرد أَعنِي فُعاليَّاً وَقَالُوا فِي النّسب إِلَى البَلْغَم بَلْغَمانِيّ وحى أَبُو عُبَيْد: إِلَى لَحْيٍ لَحَوِيّ وَإِلَى الغَزْو غزَوِيّ، قَالَ وَقَالَ اليَزيدِيُّ سالنّي وَالْكسَائِيّ المَهْديّ عَن النّسبة إِلَى البَحْرَيْن وَإِلَى حِصْنَين لم قَالُوا حِصْنِيّ وبَحْرانِيّ، فَقَالَ الْكسَائي: كَرهُوا أَن يَقُولُوا حِصْناني لِاجْتِمَاع النّونين وَقلت أَنا كَرهُوا أَن يَقُولُوا بَحْرِيّ لئلاّ يُشبه النّسبةَ إِلَى البَحْر، قَالَ ونَسَبوا القصيدة التّي قوافيها على الْيَاء ياوِيَّة وعَلى التّاء تاوِيَّة وَإِلَى مَاء قلت ماوِيَّ وينسب إِلَى ذِرْوَة ذَرَوِيّ وَإِلَى بني لِحْيَة لَحَوِيّ وأدخلَ هُوَ فِي هَذَا الْبَاب النّسبَ إِلَى أَعْمى وأعْشى أَعْمَوِيّ وأَعْشَوِيّ وَقَالَ فِي كِسْرى كِسْرِيّ وكِسْرَوِيّ وَفِي مُعَلَّى مُعَلَّوِيّ. قَالَ أَبُو عَليّ: رجل مَنْظَرانِيّ ومَخْبَرانِيّ، وكَوْكَبٌ دِرِّيٌّ بِالْكَسْرِ ودَرِّيٌّ بِالْفَتْح يجوز أَن يكون مَنْسُوبا إِلَى الدّرِّ، فَيكون من شَاذ النّسب. صَاحب الْعين: الإِنسان قِبْطِيّ، والثّوب قُبْطِيّ.
(بَاب الإِضافة إِلَى الاسمين اللَّذين ضم أَحدهمَا إِلَى الآخر فَجعلَا اسْما وَاحِدًا)
نَحْو مَعْدِ يَكْرِب وخَمْسَة عَشَر وبَعْلَبَكّ وَمَا أشبهه كَانَ الخليلُ يَقُول ينْسب إِلَى الأول مِنْهُمَا لِأَنَّهُ جعل الثّاني كالهاء فَيَقُول فِي حَضْرَمَوْت حَضْرِيّ وَفِي خَمْسَة عَشَر خَمْسِيّ وَفِي مَعْدِ يَكْرِب مَعْدِيّ، وَلم يكن اجْتِمَاع الاسمين مُوجبا أَنَّهُمَا قد صُيِّرا اسْما وَاحِدًا فِي التّحقيق كَمَا صُيِّر عَنْتَرِيْسٌ وعَيْطَموس وَمَا أشبه ذَلِك مَعَ الزّيادة اسْما وَاحِدًا فِيهِ زِيَادَة كَمَا لم يكن الْمُضَاف إِلَيْهِ زِيَادَة فِي الْمُضَاف كَمَا يُزَاد فِي الِاسْم بعض الْحُرُوف إلاّ ترى أَنه قد قيل أيادي سَبَا وَلَيْسَ فِي الْأَسْمَاء اسْم سُداسيّ توالتّ فِيهِ سِتّ حركات وَكَذَلِكَ الْمُضَاف نَحْو صَاحب جَعْفَر وقَدَمِ عُمًر وَرُبمَا ركَّبوا من حُرُوف الاسمين اسْما ينسبون إِلَيْهِ قَالُوا حَضْرَمِيّ كَمَا ركبُوا فِي الْمُضَاف فَقَالُوا فِي عبد الدّار وعَبد القَيْس عَبْدَرِيّ وعَبْقَسِيّ وَقد جَاءَت النّسبة إِلَيْهِمَا جَمِيعًا منفردين، قَالَ الشّاعر: تَزَوْجْتُها رامِيَّةً هُرْمُزِيَّةً بفَضْلِ الذِّي أَعْطَى الْأَمِير من الرّزْقِ(4/162)
نَسَبها إِلَى رامَ هُرْمُز وَكَانَ الجَرْمِيّ يُجِيز النّسبة إِلَى أيِّهِما شئتَ فَيَقُول فِي بَعْلَبَكّ بَعْلِيّ وَإِن شئتَ بَكِّيّ وَفِي حَضْرَمَوْت إِن شئتَ حَضْرِيّ وَإِن شِئْت مَوْتِيّ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَسَأَلته يَعْنِي الْخَلِيل عَن الإِضافة إِلَى رجل اسْمه اثْنَا عشر فَقَالَ ثَنَوِيّ فِي قَول من قَالَ بَنَوِيّ فِي ابْن وَإِن شِئْت قلتَ اثْنِيٌّ فِي اثْنَيْن كَمَا قلت ابْنِيٌّ فتشبه عشر بالنّون كَمَا شبهت عشر فِي خَمْسَة عشر بِالْهَاءِ يُرِيد أَن قَوْلنَا اثْنَا عشر قد وقعتْ عشر موقع النّون من اثْنَان وَاثْنَانِ إِذا نسب إِلَيْهِمَا وَجب حذف الأَلِف والنّون كَمَا يُحذف فِي النّسب إِلَى رَجُلان فَلذَلِك قلتَ اثْنِيٌّ وثَنَوِيّ وَأما اثْنَا عشر التّي للعدد فَلَا تُضاف وَلَا يُضَاف إِلَيْهَا فَأَما إضافتها فلأنك لَو أضفتها وَجب أَن تحذف عشر لِأَن مَحل عشر مَحل نون الِاثْنَيْنِ وَإِذا أضفنا الِاثْنَيْنِ إِلَى شَيْء حذفناه كَقَوْلِك غلاماك وثَوْباك وَلَو أضفنا وَجب أَن يُقَال اثْناك كَمَا يُقَال ثوباك وَلَو فعلنَا ذَلِك لم يُعرف أَنَّك أضفت إِلَيْهِ اثْنَيْنِ أَو اثْنَي عشر وَأما الإِضافة إِلَيْهَا وَهُوَ يَعْنِي النّسبة فلأنك لَو نسبتَ إِلَيْهَا وَجب أَن تَقول اثْنِيٌّ أَو ثَنَوِيّ فَكَانَ لَا يُعرَف هَل نسبتَ إِلَى اثْنَيْنِ أَو اثْنَيْ عَشَر فَإِن قَالَ قَائِل فقد أَجَزْتُم النّسبةَ إِلَى رجل اسْمه اثْنَا عشر فقلتم ثَنَوِيّ أَو اثْنِيّ وَيجوز أَن يلتبس بالنّسبة إِلَى رجل اسْمه اثْنَان فَالْفرق بَينهمَا أَن الْأَسْمَاء الإِعلامَ لَيست تقع لمعانٍ فِي المُسَمَّيْن فَيكون التّباسهما يُوقع فصلا بَين مَعْنيين وَقد يَقع فِي الْمَنْسُوب إِلَيْهِ تَغْيِير لَا يُحفَل بِهِ لعِلْم الْمُخَاطب بِمَا ينْسب إِلَيْهِ كَقَوْلِنَا فِي رَبيعة رَبَعِيٌّ وَفِي حنيفَة حَنَفِيّ وَإِن كُنَّا نجيز أَن يكون فِي الْأَسْمَاء حَنَفٌ ورَبَعٌ لعِلم الْمُخَاطب بِمَا ينْسب إِلَيْهِ وَلِأَن اللّبْس يَبْعُد فِي ذَلِك وَاثنا عَشَر وَاثْنَانِ كثيران فِي الْعدَد فالنّسبة إِلَى أَحدهمَا بِلَفْظ الآخر يُوقِع اللَّبْس وَقد أجَاز أَبُو حَاتِم السّجِسْتاني فِي مثل هَذَا النّسبة إِلَيْهِمَا منفردين لِئَلَّا يَقع لبس فَقَالَ ثوب أَحَدِيُّ عَشْرِيّ وإحْدَوِيُّ عَشْرِيّ إِذا نسبتَ إِلَى ثوب طوله إِحْدَى عشرَة ذِرَاعا وعَلى لفة من يَقُول إِحْدَى عَشرة يَقُول إحْدَوِيُّ عَشَرِيّ كَمَا تَقول فِي نَمِر نَمَرِيّ وَقَالَ فِي النّسبة إِلَى اثْنَى عَشَر كَذَلِك اثْنِيُّ عَشَرِيّ أَو ثَنَوِيُّ عَشَرِيّ وَكَذَلِكَ الْقيَاس إِلَى سَائِر ذَلِك.
(بَاب الإِضافة إِلَى الْمُضَاف من الْأَسْمَاء)
اعْلَم أَن الْقيَاس فِي هَذَا الْبَاب أَن يُضَاف إِلَى الِاسْم الأول مِنْهُمَا لِأَن الِاسْم الثّاني بِمَنْزِلَة تَمام الأول وواقعاً موقع التّنوين مِنْهُ وَلَا تجوز النّسبة إِلَيْهِمَا جَمِيعًا فتُلحِق علامةَ النّسبة الِاسْم الثّاني وَالْأول مضافٌ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا فُعِل ذَلِك بَقَّيْنا الإِضافةَ على حَالهَا وأعربنا الِاسْم الأول بِمَا يسْتَحقّهُ من الإِعراب وخفضنا الثّاني على كل حَال بِإِضَافَة الأول إِلَيْهِ فَكَانَ يلْزمنَا إِذا نسبنا إِلَى رجل يُقَال لَهُ غُلَام زيد هَذَا علام زَيْدِيٍّ وَرَأَيْت غلامَ زَيْدِيّ ومررت بغلامِ زَيْدِيّ فَيصير كأنا نسبنا إِلَى زيد وَحده ثمَّ أضفنا غُلَام إِلَيْهِ كَمَا تضيف غُلَام إِلَى بِصْريٍّ فَتَقول هَذَا غلامُ بِصْرِيّ وَرَأَيْت غُلَام بِصْرِيّ وَلَيْسَ ذَلِك القصدَ فِي النّسبة إِلَى الْمُضَاف لِأَن هَذَا نِسْبَة إِلَى الْمُضَاف إِلَيْهِ وَإِنَّمَا قصدنا النّسبة إِلَى الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ بعضُه وَأَيْضًا فَلَو نسبنا إِلَى الثّاني وأدخلنا الإِعراب عَلَيْهِ لدَخَل فِي الِاسْم إعرابان إِذا قُلْنَا هَذَا غُلَام زيدِيّ لِأَن الْغُلَام فِي حَال الإِضافة عَامل فِيمَا بعده وَيعْمل فِيهِ مَا قبله فيستحيل أَيْضا ذَلِك لِأَن إِضَافَته إِلَى مَا بعده توجب إعرابه بالعوامل التّي تدخل عَلَيْهِ وتوجب خفض مَا بعده بإضافته إِلَيْهِ فَكَانَ الَّذِي يسْتَحق الْخَفْض مِنْهُمَا بِالْإِضَافَة يعرب بِالرَّفْع والنّصب وَلَو نسبنا إِلَى الأول ثمَّ أضفناه لتَعَلَّلَ الْمَعْنى لأَنا لَو قُلْنَا غُلامِيُّ زيد وَنحن نُرِيد بِالْإِضَافَة إِلَى غُلَام زيد فَقُلْنَا غُلامِيّ فقد نسبنا إِلَى الْغُلَام وأضفنا الْمَنْسُوب إِلَى زيد والمنسوب إِلَى الْغُلَام غير الْغُلَام فأضفنا غير الْغُلَام إِلَى زيد وَلَيْسَ ذَلِك معنى الْكَلَام فَوَجَبَ إِضَافَته إِلَى الأول على كل حَال فِيمَا أوجبه الْقيَاس إلاّ أَن يَعْرِضَ لَبسٌ يُوجب الإِضافة إِلَى الثّاني لطلب الْبَيَان فَمَا أضيف إِلَى الأول قَوْلهم فِي عَبْد القَيْس عَبْدِيّ وَفِي امرِئ القَيٍ مَرَئي وَمِمَّا أضيف(4/163)
إِلَى الثّاني من أجل اللّبْس مَا كَانَ يعرف من الْأَسْمَاء بِابْن فلَان وبأبي فلَان فَأَما ابْن فلَان فقولك فِي النّسب إِلَى ابنِ كُراع كُراعِيّ وَإِلَى ابنِ مُسلم مُسْلِمِيّ وَقَالُوا فِي النّسب إِلَى أبي بَكْر بن كلاب بَكْرِيّ وَقَالُوا فِي ابنِ دَعْلَج دَعْلَجِيّ وَإِنَّمَا صَار كَذَلِك فِي ابْن فلَان وَأبي فلَان لِأَن الكُنى كلُّها مُشْتَقَّة متشابهة فِي الِاسْم الْمُضَاف ومختلفة فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ وباختلاف الْمُضَاف إِلَيْهِ يتَمَيَّز بعض من بعض كَقَوْلِنَا أَبُو زيد وَأَبُو جَعْفَر وَأَبُو مُسلم وَمَا جرى مجْرَاه فَلَو أضفنا إِلَى الأول لَصَارَتْ النّسبة فِيهِ كأَبَوِيّ وَلم يُعرف بعضٌ من بعض وَكَذَلِكَ فِي الابْن لَو نسبا إِلَى الأول فَقُلْنَا ابْنِيّ وَقع اللّبْس فعدلوا إِلَى الثّاني من أجل ذَلِك وَكَانَ الْمبرد يَقُول إِن مَا كَانَ من الْمُضَاف يعرف أوّل الاسمين مِنْهُ بالثّاني وَكَانَ الثّاني مَعْرُوفا فَالْقِيَاس إِضَافَته إِلَى الثّاني نَحْو ابْن الزّبير وَابْن كُراع وَمَا كَانَ الثّاني مِنْهُ غير مَعْرُوف فَالْقِيَاس الإِضافة إِلَى الأول مثل عبد الْقَيْس وامرئ الْقَيْس لِأَن القَيْس لَيْسَ بِشَيْء مَعْرُوف معِين يُضاف إِلَى الأول لِأَن الثّاني غير مَعْرُوف كَأبي مُسلم وَأبي بكر وَأبي جَعْفَر وَلَيْسَت الْأَسْمَاء الْمُضَاف إِلَيْهَا أَبُو بأسماء مَعْرُوفَة مَقْصُود لَهَا وَلَا كُنى النّاس مَوْضُوعَة على ذَلِك لِأَن الإِنسان قد يُكنَّى وَلَا ولد لَهُ وَلَو أضافوا إِلَى الأول لوقع اللّبْس على مَا ذكرتُ لَك فَالْأَصْل أَن يُضَاف إِلَى الأول فِيهِ كلِّه وَمَا أضيف إِلَى الثّاني مِنْهُ فلِلَّبْس الْوَاقِع وَرُبمَا ركبُوا من حُرُوف الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ مِمَّا يَنسِبون إِلَيْهِ كَقَوْلِهِم عَبْشَمِيّ وعَبْدَرِيّ وَهَذَا لَيْسَ بِالْقِيَاسِ كَمَا أَن عُلْوِيّ وزَبَانِيّ لَيْسَ بِقِيَاس وَاحْتج سِيبَوَيْهٍ للإضافة إِلَى الثّاني بعد أَن قدم أَن الْقيَاس الإِضافة إِلَى الأول فَقَالَ وَأما مَا يحذف مِنْهُ الأول فنحو ابْن كُراع وَابْن الزّبير تَقول كُراعِيّ وزُبَيْرِيّ تجْعَل ياءي الإِضافة فِي الِاسْم الَّذِي صَار بِهِ الأول معرفَة فَهُوَ أبين وَأشهر وَلَا يخرج الأول من أَن يكون المُضافونَ أُضيفوا إِلَيْهِ وَأما قَوْلهم فِي النّسبة إِلَى عبد مَناف مَنَافِيّ فَهُوَ على مَذْهَب ابْن فلَان وَأبي فلَان لما كثر عبد مُضَافا إِلَى مَا بعده كَعبد قيس وَعبد منَاف وَعبد الدّار وَغير ذَلِك أضافوا إِلَى الثّاني مَخَافَة اللّبْس.
هَذَا بَاب الإِضافة إِلَى الْحِكَايَة
وَذَلِكَ قَوْلك فِي تأبَّطَ شَرَّاً: تَأَبَّطِيّ، قَالَ: وَسَمعنَا من الْعَرَب من يَقُول كُونِيّ حَيْثُ أضافوا إِلَى كُنتُ وَقَالَ أَبُو عمر الجَرْمي: يَقُول قوم كُنْتِيٌّ فِي الإِضافة إِلَى كنتُ قَالَ إِن قَالَ قَائِل لمَ أضافوا إِلَى الْجُمْلَة وَالْجُمْلَة لَا يدخلهَا تَثْنِيَة وَلَا جمع وَلَا إِضَافَة وَلَا إِعْرَاب وَلَا تُضافُ إِلَى الْمُتَكَلّم وَلَا إِلَى غَيره وَلَا تصغر وَلَا تجمع فَكيف خُصَّتْ النّسبةُ بذلك، قيل لَهُ: إِنَّمَا خصت النّسبة بذلك لِأَن الْمَنْسُوب غير الْمَنْسُوب إِلَيْهِ إلاّ ترى أَن الْبَصْرِيّ غير الْبَصْرَة والكوفيّ غير الْكُوفَة والتّثنية وَالْجمع وَالْإِضَافَة إِلَى الِاسْم الْمَجْرُور والتّصغير لَيْسَ يخرج الِاسْم عَن حَاله فَلَمَّا كَانَ كَذَلِك وَكَانَ الْمَنْسُوب قد ينْسب إِلَى بعض حُرُوف الْمَنْسُوب إِلَيْهِ نسبوا إِلَى بعض حُرُوف الْجُمْلَة وَأما قَوْلهم فِي كنتُ كُونِيٌّ فَلِأَنَّهُ حذف التّاء التّي هِيَ الْفَاعِل وَنسب إِلَى كُنْ وَكَانَت الْوَاو سَقَطت لِاجْتِمَاع السّاكنين النّون وَالْوَاو فَلَمَّا احْتَاجَ إِلَى كسر النّون لدُخُول يَاء النّسبة ردّ الْوَاو، وَالَّذِي قَالَ كُنْتِيٌّ شبهه باسم وَاحِد لما اخْتَلَط الْفَاعِل بِالْفِعْلِ وَرُبمَا قَالُوا كُنْتُنِيٌّ كَأَنَّهُ زَاد النّون ليَسْلَم لفظُ كنتُ، أنْشد ثَعْلَب: وَمَا أَنا كُنْتِيٌّ وَمَا أَنا عاجِنٌّ وشَرُّ الرّجالِ الكُنْتَنِيُّ وعاجِنُ
(هَذَا بَاب الإِضافة إِلَى الْجَمِيع)
اعْلَم أَنَّك إِذا أضفت إِلَى جَمِيع فَإنَّك توقع الإِضافة على واحده الَّذِي كسِّر عَلَيْهِ ليُفْرَقَ بَين مَا كَانَ اسْما لشَيْء وَاحِد وَبَينه إِذا لم تُرِد بِهِ إلاّ الْجمع وَذَلِكَ قَوْلك فِي رجل من الْقَبَائِل قبَلِيّ وللمرأة قَبَلِيَّة لِأَنَّك رَددتهَا(4/164)
إِلَى وَاحِد الْقَبَائِل وَهُوَ قَبيلَة، وَكَذَلِكَ إِذا نسبت إِلَى الْفَرَائِض تَقول فرَضيّ تردُّه إِلَى الْفَرِيضَة وَإِلَى الْمَسَاجِد مَسْجِدِيّ وَإِلَى الجُمَع جُمْعِيّ، وَقَالُوا فِي أَبنَاء فارسَ بَنَوِيّ، وَفِي الرّباب رُبِّي لِأَن الرّباب جِماعٌ واحدته رُبَّةٌ، والرُّبَّة: الفِرْقَةُ من النّاس وَإِنَّمَا الرّباب اسْم لقبائل وكل قَبيلَة مِنْهُم رُبَّةٌ وَرُبمَا أضيف إِلَى الرّباب تجعلُ هَذِه الْقَبَائِل باجتماعهم كشيء واحدٍ وَإِن أضفت إِلَى عرفاء قلت عريفِيُّ لِأَن الْوَاحِد عريفٌ وَإِنَّمَا اخْتَارُوا النّسب إِلَى الْوَاحِد لِأَن الْمَنْسُوب مُلابِسٌ لوَاحِد وَاحِد من الْجَمَاعَة وَلَفظ الْوَاحِد أخف فنسبوه، وَزعم الْخَلِيل أَن نَحْو ذَلِك قَوْلهم فِي المَسامِعَةِ مِسْمَعيّ والمَهالِبَةِ مُهَلَّبيّ لِأَن المَسامِعة والمَهالِبة جمع فتردُّه إِلَى الْوَاحِد، وَالْوَاحد مَسمَعي ومُهَلَّبيّ فَإِذا نسبت إِلَى الْوَاحِد حذفت يَاء النّسبة ثمَّ أحدثت يَاء للنسبة، وَإِن شِئْت قلت واحدُ المَهالبة والمسامعة مُهلَّب ومِسمَع فأضفت إِلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: قد قَالُوا فِي الإِضافة إِلَى العَبَلاتِ وهم حيٌّ من قُرَيْش عَبْلِيٌّ، قَالَ أَبُو عَليّ: العَبَلاتُ من بني عبد شمس وهم أُميَّة الْأَصْغَر وعبدُ أُمَيَّة ونَوفلٌ وأُمُّهم عَبلة بنت عُبَيدٍ من بني تَمِيم من البراجم فنسب إِلَى الْوَاحِد وَهُوَ أمُّهم عبلة، وَإِنَّمَا قيل لَهُم عبَلاتٌ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُم سُمِّي باسم أمِّه ثمَّ جُمِعوا، وَإِذا كَانَ الْجمع الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه مُسْتَعْمل نسب إِلَى الْجمع تَقول فِي النّسبة إِلَى نَفَرٍ نَفَرِيّ وَإِلَى رَهْطٍ رَهْطِيٌّ لِأَنَّهُ اسْم للْجمع وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَلَو قَالَ قَائِل: انسُبْ إِلَى رجل لِأَن وَاحِد الرّهط والنّفر رجل لقيل إِن جَازَ أَن تَقول رَجُلِيٌّ لِأَنَّهُ وَاحِد النّفر وَإِن لم يكن من لَفظه لجَاز أَن تَقول فِي النّسبة إِلَى الْجمع واحِدِيٌّ وَلَيْسَ يَقُول هَذَا أحدٌ، وَتقول فِي الإِضافة إِلَى أناسٍ أناسِيٌّ، وَمِنْهُم من يَقُول إنسانيّ، أما من يَقُول إنسانيّ فَإِنَّهُ يَجْعَل أُناساً جمع إنسانٍ كَمَا قَالُوا فِي تَوْأَم تُؤَامٌ وَفِي ظِئْرٍ ظُؤَارٌ وَفِي فَريرٍ فُرارٌ، وسأذكر هَذَا فِي مَوْضِعه من الْجمع، وَأما من قَالَ أُناسِيٌّ فَإِنَّهُ جعل اسْما للْجَمِيع وَلم يَجعله مكسّراً لَهُ إنسانٌ فَصَارَ بِمَنْزِلَة نَفَرٍ وَهَذَا هُوَ الأَجود عِنْدهم. وَقَالَ أَبُو زيد: النّسب إِلَى محاسِنَ مَحاسِنِيٌّ، وعَلى قِيَاس قَوْله النّسبُ إِلَى مَشابِهَ مَشابِهِيّ وَإِلَى مَلامِحَ مَلامِحيّ وَإِلَى مَذاكِيرَ مَذاكيريّ، وَكَذَلِكَ كل جمع لم يسْتَعْمل واحده على اللَّفْظ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْجمع لِأَن هَذِه الجموع فِي أَولهَا ميماتٌ وَلَيْسَ فِي وَاحِدهَا مِيم وَلَا يُقَال مَحْسَنٌ وَلَا مَشْبَهٌ وَلَا مَلْمَحَةٌ وَلَا مِذكارٌ، وَتقول فِي الإِضافة إِلَى نساءٍ نِسْوِيٌّ لِأَن نسَاء جمع مكسَّر لنِسوة، ونسوة جمع غير مكسَّر لامْرَأَة وَإِنَّمَا هِيَ اسْم للْجمع، وَكَذَلِكَ لَو أضفت إِلَى أنفارٍ لَقلت نَفَرِيٌّ لِأَن أنفاراً جمع لنفر مكسَّر كَمَا قلت فِي الأنباط نَبَطِيٌّ، وَإِن أضفت إِلَى عباديدَ قلت عَباديديٌّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَاحِد يلفظ بِهِ وواحده فِي الْقيَاس يكون على فُعلولٍ أَو فِعليلٍ أَو فِعْلال أَو نَحْو ذَلِك فَإِذا لم يكن لَهُ وَاحِد يُلفَظُ بِهِ لم يُجاوَزْ لفظُه حَتَّى يُعلَم ذَلِك الْوَاحِد بِعَيْنِه فيُنسب إِلَيْهِ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتَكون النّسبة إِلَيْهِ على لَفظه أقوى من أَن أُحدِثَ شَيْئا لم تَكَلَّم بِهِ الْعَرَب. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتقول فِي الإِعراب أعرابيٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَاحِد على هَذَا الْمَعْنى، إلاّ ترى أَنَّك تَقول العَرَبُ فَلَا يكون على ذَلِك الْمَعْنى فَهَذَا يُقَوّيه يَعْنِي أَن الْعَرَب من كَانَ من هَذَا الْقَبِيل من الْحَاضِرَة والبادية والأعراب إِنَّمَا هم يسكنون البّدْوّ من قبائل الْعَرَب فَلم يكن معنى الإِعراب معنى الْعَرَب فَيكون جمعا للْعَرَب فَلذَلِك نُسب إِلَى الْجمع. قَالَ الْفَارِسِي: لَو قلت فِي النّسب إِلَى أعرابٍ عربيٌّ زدتَ الِاسْم عُمُوما وَإِذا جَاءَ لفظ الْجمع المكسَّ اسْما لوَاحِد نسب إِلَى لَفظه وَلم يغيّر، قَالُوا فِي أنمارٍ أنماريٌّ لِأَنَّهُ اسْم رجل، وَقَالُوا فِي كِلاب كَلابيٌ لِأَنَّهُ رجل بِعَيْنِه، وَلَو سمَّيتَ رجلا ضَرَباتٍ لَقلت ضَربيٌّ لَا تغيِّر المتحرِّك لِأَنَّك لَا تُرِيدُ أَن توقع الإِضافة على الْوَاحِد، يُرِيد أَن الرَّجُل الَّذِي اسْمه ضَرَبات لَا يُرَدُّ إِلَى الْوَاحِد لِأَنَّهُ جمع سمي بِهِ وَاحِد فَلَا يُرَاعِي واحدُ ذَلِك الْجمع بل يُضَاف إِلَى لَفظه، وَإِذا أضفنا إِلَى لَفظه حذفنا الأَلِف والتّاء وَالرَّاء مَفْتُوحَة فنسبنا إِلَيْهِ، وَأما قَوْلنَا فِي العَبَلاتِ عَبْلِيّ فهم جمَاعَة واحدهم عبلة على مَا ذكرته، وَمثل ذَلِك قَوْلهم مَدائِنيٌّ لِأَنَّهُ اسْم بلد بِعَيْنِه، وَقَالُوا فِي الضّبابِ ضِبابِيٌّ لِأَنَّهُ رجل بِعَيْنِه، وَقَالُوا فِي مَعافِرَ معافِرِيّ وَهُوَ فِيمَا يَزْعمُونَ مَعافِرُ بنُ مُرٍّ أَخُو تَمِيم بن مُرّ، وَقَالُوا فِي الْأَنْصَار(4/165)
أنصاريّ لِأَن هَذَا اللَّفْظ وَقع لجماعتهم وَلَا يسْتَعْمل مِنْهُ وَاحِد يكون هَذَا تكسيره، وَقَالُوا فِي قبائل من بني سعد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم أبناءٌ والنّسبة إِلَيْهِم أَبْناوِيٌّ كَأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ اسْم الحيِّ والحيُّ كالبلد وَهُوَ وَاحِد يَقع على الْجَمِيع، قَالَ أَبُو سعيد: وَالْأَبْنَاء من بني سعد على مَا أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد السّكَري عَن عَليّ بن عبد الْعَزِيز عَن أبي عبيد أَن الْأَبْنَاء هم وَلَدُ سَعْدٍ إلاّ كَعباً وعمراً، وَقَالَ عَليّ بن عبد الْعَزِيز عَن أبي إِسْحَاق العباسي وَكَانَ أَمِير مَكَّة وعالماً بأنساب الْعَرَب أَن الْأَبْنَاء هم خَمْسَة من بني سعد عَبْشَمْس وَمَالك وعوفٌ وعُوافَةُ وجُشَم وَسَائِر ولد سعد لَا يُقَال لَهُم الْأَبْنَاء وَوَلَدُ سعد نَحْو الْعشْرَة. أَنه جمع سمي بِهِ وَاحِد فَلَا يُرَاعِي واحدُ ذَلِك الْجمع بل يُضَاف إِلَى لَفظه، وَإِذا أضفنا إِلَى لَفظه حذفنا الأَلِف والتّاء وَالرَّاء مَفْتُوحَة فنسبنا إِلَيْهِ، وَأما قَوْلنَا فِي العَبَلاتِ عَبْلِيّ فهم جمَاعَة واحدهم عبلة على مَا ذكرته، وَمثل ذَلِك قَوْلهم مَدائِنيٌّ لِأَنَّهُ اسْم بلد بِعَيْنِه، وَقَالُوا فِي الضّبابِ ضِبابِيٌّ لِأَنَّهُ رجل بِعَيْنِه، وَقَالُوا فِي مَعافِرَ معافِرِيّ وَهُوَ فِيمَا يَزْعمُونَ مَعافِرُ بنُ مُرٍّ أَخُو تَمِيم بن مُرّ، وَقَالُوا فِي الْأَنْصَار أنصاريّ لِأَن هَذَا اللَّفْظ وَقع لجماعتهم وَلَا يسْتَعْمل مِنْهُ وَاحِد يكون هَذَا تكسيره، وَقَالُوا فِي قبائل من بني سعد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم أبناءٌ والنّسبة إِلَيْهِم أَبْناوِيٌّ كَأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ اسْم الحيِّ والحيُّ كالبلد وَهُوَ وَاحِد يَقع على الْجَمِيع، قَالَ أَبُو سعيد: وَالْأَبْنَاء من بني سعد على مَا أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد السّكَري عَن عَليّ بن عبد الْعَزِيز عَن أبي عبيد أَن الْأَبْنَاء هم وَلَدُ سَعْدٍ إلاّ كَعباً وعمراً، وَقَالَ عَليّ بن عبد الْعَزِيز عَن أبي إِسْحَاق العباسي وَكَانَ أَمِير مَكَّة وعالماً بأنساب الْعَرَب أَن الْأَبْنَاء هم خَمْسَة من بني سعد عَبْشَمْس وَمَالك وعوفٌ وعُوافَةُ وجُشَم وَسَائِر ولد سعد لَا يُقَال لَهُم الْأَبْنَاء وَوَلَدُ سعد نَحْو الْعشْرَة.
(أَبْوَاب النّفي)
النّفي ضدُّ الإِيجاب، نفيتُه نَفْياً وَأهل الْمنطق يسمونه سَلْباً. صَاحب الْعين: الجُحودُ: نقيض الإِقرار جحَدَه يجحَده جَحْداً، وحروف السّلب: لَا وَمَا وَلَيْسَ ولات فِي مَعْنَاهَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ قَالَ وعملها فِي الإِخبار خَاصَّة وَلها اسمان عِنْده مرفوعٌ مُضمَرٌ لَا يظْهر وَخبر مَنْصُوب وَهُوَ لفظ الْحِين الَّذِي يَخُصهَا، والكوفيون يطردونها فِي الْعَمَل اطِّرادَ لَيْسَ فيُعمِلونها فِي جَمِيع مَا يُعملون فِيهِ لَيْسَ، وَالْعَمَل على هَذَا القَوْل فِي الْمُضمر والمظهر إلاّ أَنَّهَا لَا تظهر فِيهَا تَثْنِيَة وَلَا جمع، وسنبيّن حَقِيقَة وَضعهَا فِي أصل التّذكير والتأنيث من هَذَا الْكتاب.
3 - (النّفي فِي الْمَوَاضِع)
أَبُو عُبَيْد: مَا بالدّار عَرِيبٌ الذّكر وَالْأُنْثَى فِي ذَلِك سَوَاء. غَيره: مَا بهَا مُعرب كَذَلِك. أَبُو عُبَيْد: مَا بهَا دِبِّيجٌ قَالَ أَبُو عَليّ هُوَ من الدّبْجِ وَهُوَ أرقُّ مَا يكون من النّقْش وَقد صحف من رَوَاهُ بِالْحَاء. أَبُو عُبَيْد: مَا بهَا طُورِيٌّ. غَيره: مَا بهَا هَلْبَسيسٌ: أَي أحد يُسْتأنس بِهِ. ابْن دُرَيْد: وَلَا طُورانِيُّ. أَبُو عُبَيْد: وَلَا دورِيٌّ وَلَا دَيّارٌ. ابْن السّكيت: وَلَا دَيّور. اللحياني: مَا بهَا دارِيٌّ وَحَقِيقَة الدّاريّ الَّذِي لَا يبرح منزله وَلَا يطْلب معاشا فَهُوَ مَنْسُوب إِلَى الدّار. أَبُو عُبَيْد: وَلَا وابِرٌ وَلَا نافخ ضَرْمَةٍ وَلَا صافِرٌ وَلَا أَريمٌ وَلَا أَرمٌ مِثَال فَعِلٍ. ابْن السّكيت: مَا بهَا آرِمٌ مِثَال فاعِل وأَيْرَمِيٌّ وإرَمِيٌّ. أَبُو عُبَيْد: مَا بهَا شَفْرٌ. ابْن السّكيت: شَفْرٌ وشُفْرٌ لُغَتَانِ فَأَما شُفر الْعين والفرج فبالضّمِّ لَا غير. أَبُو عُبَيْد: مَا بهَا تأمورٌ مهموزٌ مثله وَيُقَال أَيْضا مَا فِي الرّكِيَّة تامورٌ يَعْنِي المَاء وَهُوَ قِيَاس على الأول. ابْن السّكيت: مَا بهَا تُؤْمُرِيٌّ وَقَالَ مَا رَأَيْت تُؤمُرِيّاً أحسن مِنْهَا للْمَرْأَة الجميلة أَي لم أرَ خلْقاً. اللحياني: مَا بهَا عائِنٌ وَمَا بهَا عائِنَةٌ. أَبُو عُبَيْد: مَا بهَا عائِنٌ وَلَا عَيْنٌ. ابْن السّكيت: مَا بهَا عَيَنٌ والعَيَنُ: أهل الدّار وأنْشَد: تَشْرَبُ مَا فِي وَطْبِها قبلَ العَيَنْ غَيره: مَا بهَا عَيَنٌ وعائنَةٌ. اللحياني: مَا بهَا عائِرَةُ عَيْنٍ وَإِن لَهُ من المَال عائرةَ عينين. أَبُو عُبَيْد: مَا بهَا دُعْوِيٌّ وَلَا دُبِّيٌّ من الدّعاء والدّبيب. ابْن السّكيت: مَا بهَا طُوئِيٌّ وَلَا لاعِي قَرْوٍ وَمَا بهَا طُؤَوِيٌّ وطُوَوِيٌّ. اللحياني: مَا بهَا طاوِيٌّ غير مَهْمُوز. ابْن السّكيت: مَا بهَا كَرَّابٌ وَلَا كَتيعٌ وَلَا طارِفٌ وَلَا أنيسٌ: أَي مَا بهَا أحد، وَمَا بهَا صوَّاتٌ وَلَا داعٍ وَلَا مُجيبٌ وَلَا مُعَرَّب وَلَا ناخِرُ وَلَا نابحٌ وَلَا ثاغٍ وَلَا راغٍ. ابْن دُرَيْد: مَا بهَا نُمِّيٌّ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: أما أحد وكَرَّابٌ وأَرِمٌ وكَتيعٌ وعَريبٌ وَمَا أشبه ذَلِك فَلَا يقعنَ واجباتٍ وَلَا حَالا وَلَا اسْتثِْنَاء وَلَا يسْتَخْرج بهَا نوع من الْأَنْوَاع فيَعملُ مَا قبله فِيهِ عَمَلَ الْعشْرين فِي الدّرهم إِذا قلت عشرُون درهما ولكنهن يقعن فِي النّفي مَبْنِيا عَلَيْهِنَّ ومبنيةٌ على غَيْرهنَّ فَمن ثمَّ تَقول مَا فِي النّاس مِثلُه أَحَدٌ حملت أحدا على مَا(4/166)
حملت عَلَيْهِ مِثْلاً وَكَذَلِكَ مَا مَرَرْت بمِثْلِكَ أحدٍ.
3 - (النّفي فِي الطّعام)
أَبُو عُبَيْد: مَا ذُقْتُ أَكالاً وَلَا لَماجاً. ابْن السّكيت: مَا تَلَمَّجْنا بِلَماج ولَموجٍ ولَمْجَةٍ وَمَا تلَمَّكَ عندنَا بِلَماكٍ. أَبُو عُبَيْد: مَا ذُقْتُ شَماجاً وَلَا ذَواقاً وَلَا لَماقاً قَالَ واللّماقُ يصلح فِي الْأكل والشّرب وأنْشَد: كبَرْقٍ لاحَ يُعْجِبُ من رآهُ وَلَا يَشفي الحَوائمَ من لَماقِ وَقَالَ مَا عندنَا عَضاضٌ وَلَا مَضاغٌ وَلَا لَماظٌ وَلَا قَضامٌ: أَي مَا يُعَضُّ عَلَيْهِ ويُمْضَغُ ويُتَلَمَّظ ويَقْضَمُ. أَبُو زيد: مَا للحيِّ قَضيمٌ وَلَا قُضْمَةٌ: إِذا لم يكن لَهُم طَعَام. أَبُو عُبَيْد: مَا ذُقْتُ عَلُوساً. ابْن السّكيت: مَا عَلَسْنا عَلوساً وَلَا عَلَّسوا ضيفهم بِشَيْء. صَاحب الْعين: العَلوس: الذَّوَاق. وَقَالَ: مَا عَلَسْتُ عِنْده عَلْساً. أَبُو عُبَيْد: مَا ذُقْتُ أَلُوساً. ابْن السّكيت: مَا لُسْنا عِنْده لَؤُوساً وَلَا لَواساً. أَبُو عُبَيْد: مَا ذُقْتُ عَدُوفاً وَلَا عُدافاً وَلَا عَدُوفَةً وَلَا عُذافاً. ابْن السّكيت: مَا زلت عاذِفاً وعادِباً: إِذا لم يَأْكُل شَيْئا، والعَذوبُ: الَّذِي لَا يَأْكُل وَلَا يشرب. أَبُو عُبَيْد: مَا ذُقْتُ عِنْده أَوْجَسَ: يَعْنِي الطّعام. ابْن السّكيت: مَا ذُقتُ لَواكاً وَلَا عَلاكاً وَلَا عَلاقاً وَلَا لَواقاً. ابْن دُرَيْد: مَا ذقت لَبَكَةً وَلَا حَبَكَةً وَقَالُوا عَبَكَةً فاللبكة اللُّقْمَة من الثّريد، والحَبَكة: مَا سَفِفْتَه من السّويق وشِبهِه، والعَبَكَة: من العَبْكِ أَي الخَلْطِ، وَقَالَ مَا ذقت عِنْده لُحْسَةً وَلَا لُعْقَةً وَلَا ذِفافاً: أَي شَيْئا. أَبُو عُبَيْد: مَا فِي رَحْله حُذافَةٌ: يَعْنِي من الطّعام، وَمَا فِي النّحِيِّ عَبَقَةٌ: أَي الرّبُّ. ابْن السّكيت: مَا فِي الْوِعَاء خَرْبَصيصَةٌ وَلَا قُذَعْمِلَةٌ وَمَا فِي الإِناء زُبالَةٌ وَكَذَلِكَ فِي السّقاء والبئر. ابْن دُرَيْد: مَا أصبْتُ من فلانٍ زُبالاً وَلَا زِبالاً: أَي لم أُصِبْ مِنْهُ طائلا، وَقَالَ قومٌ من قَيس يَقُولُونَ إِذا قيل لَهُ هَل بَقِي عنْدك من طَعَامك شَيْء فَيَقُول هَمْهَامِ: مَعْنَاهُ لم يبْق شَيْء. ابْن السّكيت: مَا ثَمَلْتُ شرابي بِشَيْء: مَعْنَاهُ مَا أكلت قبل أَن أشْرب طَعَاما وَذَلِكَ يُسمى الثّميلة. غَيره: مَا فِي النّحْيِ طَحَرَةٌ: أَي شَيْء.
3 - (النّفي فِي اللبَاس والحلي)
أَبُو عُبَيْد: مَا عَلَيْهِ فِراصٌ وَلَا جُدَّة: أَي ثوب، وَمَا عَلَيْهِ طَحْرَبَةٌ وطَحْرِبَةٌ بِكَسْر الرّاء يَعْنِي من اللبَاس. ابْن السّكيت: مَا عَلَيْهِ قِرْطَعْبَةٌ: أَي قِطْعَة خِرْقَةٍ. أَبُو عُبَيْد: مَا عَلَيْهِ قُرُطْعُبَةٌ: أَي شَيْء. ابْن دُرَيْد: قِرْطَعْبَةٌ وقُرَطْعَبَةٌ. ابْن السّكيت: مَا عَلَيْهِ نِصاحٌ: أَي خيط وَمَا عَلَيْهِ طَحَرَة: إِذا كَانَ عَارِيا، وَكَذَلِكَ مَا بَقِي على الإِبل طَحَرَةٌ: إِذا سَقَطت أوبارها، وَمَا على السّماء طَحَرَة: أَي شَيْء من غيم، وَقَالَ مَا عَلَيْهِ طُحْرورٌ وَلَا نِفاضٌ وَلَا قِزاعٌ. أَبُو عُبَيْد: مَا عَلَيْهَا هَلْبَسيسَةٌ وَلَا خَرْبَصيصةٌ وَلَا حَرْبَصيصة: أَي شَيْء من الحُلِيّ وَقد تقدم فِي الطّعام.
3 - (النّفي فِي المَال)
أَبُو عُبَيْد: مَا لَهُ سَعْنَةٌ وَلَا مَعْنَة: أَي لَيْسَ لَهُ شَيْء، وَقيل السّنة المشئُوومةُ والمَعْنة: الميمونة. غَيره: مَا(4/167)
لَهُ سَعْنٌ وَلَا مَعْنٌ، السّعن: الوَدَكُ، والمَعْنُ: الْمَعْرُوف. أَبُو عُبَيْد: مَا لَهُ سَبَدٌ وَلَا لَبَدٌ. ابْن السّكيت: السّبد من الشّعر واللبد من الصُّوف، وَقَالَ سبَّدَ الفرخُ: ظهر ريشه وسبَّد رَأسه بعد الحلْقِ. أَبُو عُبَيْد: مَا عِنْده قُذَعْمِلَةٌ. ابْن السّكيت: مَا أعطَاهُ قُذَعْمِلَةً: يَعْنِي المَال والثّياب. أَبُو عُبَيْد: مَا لَهُ هِلَّعٌ وَلَا هِلَّعة: أَي مَا لَهُ جَديٌ وَلَا عَناق، وَمَا لَهُ شامةٌ وَلَا زَهراء: يَعْنِي نَاقَة سَوْدَاء وَلَا بَيْضَاء وأنْشَد: فَلم ترْ جِعْ شامَةٌ وَلَا زَهراءُ ابْن السّكيت: مَاله صامتٌ وَلَا ناطقٌ، الصَّامِت: الذَّهَب والفِضَّة، والنّاطق: الإِبل وَالْغنم وَالْخَيْل. أَبُو زيد: مَاله صِرِّي: أَي مَاله دِرْهَم وَلَا دِينَار. ابْن السّكيت: مَاله دارٌ وَلَا عَقارٌ، وَالْعَقار من النّخل وَيُقَال أَيْضا فِي الْبَيْت عَقارٌ حَسَنٌ: أَي مَتَاع وأداة، وَمَاله حانَّة وَلَا آنَّة: أَي نَاقَة وَلَا شَاة، وَمَاله ثاغِيَة وَلَا راغِيَة وَقَالَ أَتَيْته فَمَا أثغَى لي وَلَا أَرْغى: أَي مَا أَعْطَانِي إبِلا وَلَا غَنماً، وَقَالَ مَاله دقيقة وَلَا جَليلَة: أَي مَاله نَاقَة وَلَا شاةٌ، قَالَ وَحكى ابْن الأَعْرابِي أتيت فلَانا فَمَا أجلَّني وَلَا أحشاني: أَي أَعْطَانِي جَليلة وَلَا حَاشِيَة، والحواشي: صغَار الإِبل وَقد تقدم، وَقَالَ مَاله ضَرْعٌ وَلَا زَرْع وَمَاله هاربٌ وَلَا قاربٌ: أَي صادرٌ عَن المَاء وَلَا وارِدٌ، وَمَاله أَقَذُّ وَلَا مَريشٌ، فالأقَذّ: السّهم الَّذِي لَا قُذَذَ عَلَيْهِ، والمَريش: الَّذِي عَلَيْهِ الرّيش، وَقَالَ مَاله هُبَعٌ وَلَا رُبَعٌ وَقد تقدم تَفْسِيره، وَقَالَ مَاله سارِحَةٌ وَلَا رائِحَةٌ السّارحة: المتوجِّهة إِلَى المرعى، والرَّائحة: التّي تروح بالعشيِّ إِلَى مُراحِها، وَمَاله إمَّرٌ وَلَا إمَّرَةٌ، الْأَمر: الصَّغِير من ولد الضّأن، وَمَاله عافِطة وَلَا نافِطَة، العافطة: الضّائنة، والنّافطة: الماعزة، قَالَ وَقَالَ أَعْرَابِي العافطة: الماعزة إِذا عطَسَتْ. أَبُو عُبَيْد: مَاله عافطة وَلَا نافطة العافطة: العنز لِأَنَّهَا تَعْفِطُ تَضْرِطُ والنّافطة إتباع. صَاحب الْعين: العافطة: النّعجة والنّافطة الماعزة أَو النّاقة، وَقيل العافطة: الْأمة لِأَنَّهَا تعفط فِي كَلَامهَا إِذا تكلَّفت الْعَرَبيَّة فَلم تفهمها، والنّافطة: الشّاة، والعَفْطة مِمَّا تفعل الرّعاءُ إِذا رَعَتِ الشّاء، وَيُقَال للرجل إِذا شُتِم يَا ابْن العافطة: أَي الرّاعية. غَيره: مَا عِنْده هَلْبَسيسة: أَي شَيْء. ابْن السّكيت: مَاله عاوٍ وَلَا نابِحٌ وَمَاله قَدٌّ وَلَا قِحْفٌ، القدُّ: جلد السّخلة وَالْجمع الْقَلِيل أَقَدُّ وَالْكثير قِدادُ، والقِحْفُ كِسرَة القَدَح، وَمَاله ناطِحٌ وَلَا خابِطٌ، النّاطح: الْكَبْش والتّيس والعنز، والخابط: الْبَعِير، وَمَاله نازلة: أَي لَيْسَ عِنْده شَيْء من مَال، يُقَال لَا ترك الله عِنْده نازلَةً وَيُقَال لم يعطِهم نازِلةً: أَي شَيْئا، وَمَاله حُمٌّ وَلَا رُمٌّ: أَي قَلِيل وَلَا كثير. أَبُو زيد: مَا يملكُ حذر فوتا: أَي قُلامةَ ظُفْرٍ. ابْن دُرَيْد: مَا يملك حذر فوتا: أَي شَيْئا وَقَالُوا هُوَ قلامة الظّفر.
(بَاب النّفي فِي الْقُوَّة وَالْحَرَكَة)
أَبُو عُبَيْد: لَيْسَ بِهِ طِرْقٌ. ابْن السّكيت: مَا بالبعير هُنانَةٌ. أَبُو زيد: مَا بِهِ هانَّةٌ كَذَلِك. غَيره: يُقَال للبخيل مَا بِهِ هانَّة: أَي لَيْسَ عِنْده شَيْء من الخَيْر. ابْن السّكيت: وَمَا بِهِ صُهارَة: أَي مَا بِهِ طِرْق، وَمَا بِهِ شَقَذٌ وَلَا نَقَذٌ وَمَا بِهِ حَبَضٌ وَلَا نبَضٌ وَلَا نَطيشٌ: أَي مَا بِهِ حَراكٌ، وَمَا بِهِ نَويصٌ: أَي قوَّة. غَيره: مَا بِهِ عَوْكٌ وَلَا بَوْكٌ: أَي حَرَكَة.
3 - (النّفي فِي النّاس)
أَبُو عُبَيْد: مَا أَدْرِي أيُّ الطّمْشِ هُوَ وأيُّ الدّهْدَإ هُوَ مَقْصُور، وأيُ تُرْخُمٍ وتَرْخُمٍ وتُرْخَمٍ هُوَ وأيُّ البَرْنَساء(4/168)
هُوَ. ابْن السّكيت: مَا أَدْرِي أيُّ بَرْنَساءَ هُوَ، وَبَعْضهمْ يَقُول: أيُّ البَرْنَاساءِ هُوَ. أَبُو عُبَيْد: مَا أَدْرِي أيُّ الطّبْنِ هُوَ وأيُّ الأَوْرَمِ هُوَ: مَعْنَاهُ أَي النّاس هُوَ. وَقَالَ: مَا أَدْرِي أيُّ النّخْطِ هُوَ. ابْن السّكيت: مَا أَدْرِي أيُّ الوَرى هُوَ وَمَا أَدْرِي أيُّ عادٍ هُوَ وَمَا أَدْرِي أيُّ خالِفَةٍ هُوَ وأيُّ الخَوالف هُوَ وَمَا أَدْرِي أيُّ وَلَدِ الرَّجُل هُوَ: يَعْنِي آدم عَلَيْهِ السّلام، وَمَا أَدْرِي أيُّ الهُوْنِ هُوَ وَأي الهُوزِ هُوَ بالزاي والنّون، وَمَا أَدْرِي أيُّ من وجَّنَ الجِلدَ هُوَ، وَمَا أَدْرِي أيُّ من مرَّنَ الْجلد هُوَ، وَمَا أَدْرِي أيُّ الطّبل هُوَ، وَمَا أَدْرِي أيُّ البَرْشاء هُوَ، وَمَا أَدْرِي أيُّ خابط اللَّيْل هُوَ، وَمَا أَدْرِي أَي الْجَرَاد هُوَ وَحكى أيُّ الْجَرَاد عارَهُ أَي أيُّ النّاس أَخذه وَلَا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ بيَفْعَلُ، وَقَالَ مرَّةً عَن أبي شَنْبَلٍ يَعيرُهُ ويَعورُه، وَمَا أَدْرِي أيُّ أوْدَكَ هُوَ. أَبُو حَاتِم: مَا أَدْرِي أيُّ الوَمَى هُوَ: أَي أيُّ النّاس هُوَ، وَمَا أَدْرِي أيُّ من لَقَطَ الْحَصَى هُوَ، وَمَا أَدْرِي أيُّ ... هُوَ، وأيُّ البَرَى هُوَ وأيُّ الطّهْم هُوَ أَي أيُّ النّاس.
3 - (النّفي فِي قَوْلهم مَالك مِنْهُ بُدٌّ)
أَبُو عُبَيْد: مَا بِي عَن ذاكَ بُدٌّ وَلَا عُنْدَدٌ وَلَا مُعْلَنْدَدٌ. ابْن دُرَيْد: وَلَا عَلَنْدَدٌ. أَبُو عُبَيْد: وَلَا وَعْيٌ. غَيره: لَا وعي لَهُ عَن ذَاك مَقْصُور أَي لَا تماسُكَ وَلَا حُنْتَألٌ. ابْن السّكيت: حُنْتَألٌ وحُنْتَأْنٌ. ابْن دُرَيْد: وَلَا حِنْتَأْلَةٌ وَلَا حُنْتالٌ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَيْسَ حُنتأل وحُنتأنٌ خُماسيّاً لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام مثل جُرْدَحْلٍ. صَاحب الْعين: مَالِي عَنهُ حَدَدٌ: أَي بُدٌّ. أَبُو عُبَيْد: مَالِي عَنهُ مُحْتَدٌّ وَلَا مُلْتَدٌّ: أَي مَالِي مِنْهُ بدّ. ابْن دُرَيْد: ويخففان. أَبُو عُبَيْد: مَالِي مِنْهُ حُمٌّ وَلَا رُمٌّ وَيُقَال حَمٌّ ورَمٌّ. ابْن السّكيت: مَالك عَنهُ مَنْدوحَةٌ وَلَا وَعْلٌ وَلَا مُراغَمٌ وَلَا حجْرٌ وَلَا حَدَدٌ: أَي لَا دفع عَنهُ وَلَا منع وأنْشَد: فَإِن تَسْأَلُونِي بِالْبَيَانِ فإنَّه أَبُو مَعْقِلٍ لَا حجْرَ عَنهُ وَلَا حَدَدْ وَقَالَ مَالِي عَنهُ مُنْتَفَذٌ وَلَا منتَفَدٌ: أَي مَصرِف وَمَالِي عَنهُ مُتَّسَعٌ. ابْن دُرَيْد: مَالِي عَنهُ غِنىً وَلَا مَغنىً وَلَا غُنْيانٌ. صَاحب الْعين: مَا عَن هَذَا الْأَمر عَكومٌ: أَي لابدَّ من مُواقَعته. غَيره: مَاله عَنهُ مَعْلٌ: أَي بُدٌّ. صَاحب الْعين: لَا جَرَمَ: أَي لَا بدَّ وَقد تقدم أَن مَعْنَاهُ حَقّاً.
3 - (مَا لبث أَن فَعَلَ ذَاك)
أَبُو عُبَيْد: مَا عبَّدَ أَن فَعَل ذَاك، وَمَا كذَّبَ وَمَا عتَّمَ: أَي مَا لبث والعاتم: البطيءُ وَمِنْه قيل الْعَتَمَة. ابْن دُرَيْد: العَتَمة: رُجُوع الإِبل من المرعى بَعْدَمَا تُمسي وَبِه سميت صَلَاة العَتَمة.
(بَاب)
أَبُو عُبَيْد: مَا اكْتَحَلْتَ غَماضاً: يَعْنِي النّوم، ابْن السّكيت: مَا جَعَلْتُ فِي عَيْني غَمْضاً وَمَا مَضْمَضْتُ عَيْني بنَوم. أَبُو عُبَيْد: مَا اكتحلتُ حَثاثاً وَلَا حِثاثاً وَمَا نَبَس بِكَلِمَة وَمَا عَلَيْهِ مُزْعَةُ لحمٍ وَمَا نَتَشْتُ مِنْهُ شَيْئا: أَي مَا أخذت. ابْن دُرَيْد: مَا أخذت إِلَّا نَتْشاً: أَي قَلِيلا. غَيره: مَا خَرَشْتُ مِنْهُ شَيْئا: أَي مَا أخذت. ابْن دُرَيْد: وَمَا بَضَضْتُه بِشَيْء: أَي مَا أَعْطيته شَيْئا. أَبُو عُبَيْد: مَا عَصَيْتُك وَشْمَةً: أَي طَرْفَة عين، وَقَالَ: أَتَانَا فِي جَيْشٍ مَا يُكَتُّ: أَي مَا يُعلَم عددُهم وَلَا يُحسَب، وَقد استُعمل فِي الْوَاجِب. قَالَ ابْن دُرَيْد: كَتَتُّ القومَ أَكُتُّهم(4/169)
كَتَّاً: عدَدْتُهم فأَحْصَيتُهم، وَفِي الْمثل: لَا تَكُتُّه أَو تَكُتَّ النّجومَ. وَمَا بَينهمَا دَناوَة: أَي قَرابة. وَمَا لَك بِهِ بَدَدٌ وَمَا لَك بِهِ بِدَّة: أَي مَا لَك بِهِ طَاقَة، وَقَالَ: مَا أَدْرِي أَيْن سَقَع وبَقَع وسَكَع. ابْن دُرَيْد: وهَكَع. أَبُو عُبَيْد: مَا أصبتُ مِنْهُ قِطْميراً وَلَا فَتيلاً، وأنْشَد: ثُمَّ لَا يَرْزَأُ العَدُوَّ فَتيلا يهجو بِهِ النّعْمان. ابْن السّكيت: مَا عصيته زَأْمَةً: أَي كَلمة. أَبُو عُبَيْد: مَا لَهُ سَمٌّ وَلَا حَمٌّ غيرُك، وَمَا لَهُ سُمٌّ وَلَا حُمٌّ: أَي مَا لَهُ هَمٌّ غَيْرك. ابْن السّكيت: مَا لَهُ هَمٌّ وَلَا وَسَن. أَبُو عُبَيْد: مَا لَك بِهَذَا الْأَمر بَدَدٌ كَقَوْلِك مَا لَك بِهِ يَدان. ابْن السّكيت: مَا بالبعير كَدَمَة: إِذا لم يكن بِهِ أُثْرَة وَلَا وَسْم والأُثْرَة أَن يُسحى بَاطِن الخُفِّ بحديدة، وَيُقَال مَا بِالْأَرْضِ عَلاق وَمَا بهَا لَماق: أَي مَرْتَع، وَيُقَال للرجل إِذا برأَ من مَرضه مَا بِهِ قَلَبَة وَمَا بِهِ وَذْيَة. غَيره: مَا بِهِ خَرَشَة: أَي قَلَبةٌ. ابْن السّكيت: وَتقول مَا لفُلَان مَضْرِب عَسَلة: يَعْنِي من النّسَب، وَمَا أعرف لَهُ مَضْرِب عَسَلَة: يَعْنِي أعراقه. وَقَالَ: مَا تَرْتَقِع منّي بِرِقاع: أَي لَا تَقبَلُ مِمَّا أَنْصَحُكَ بِهِ شَيْئا وَلَا تُطيعني، وَقَالَ: مَا أَغْنى عَنهُ عَبَكَةً وَلَا لَبَكَةً وَمَا أغْنى عَنهُ نُقْرَةً وَلَا زِبالاً وَلَا قِبالاً وَلَا فَتيلاً وَلَا فُوفاً: أَي مَا أغْنى عَنهُ شَيْئا، وأنْشَد: وأَنْتِ لَا تُغنينَ عَنّي فُوفا وَقَالَ: لَا يَضُرُّك عَلَيْهِ رجلٌ: أَي لَا يزيدك عَلَيْهِ، وَلَا يَضُرُّكَ عَلَيْهِ جَمَل، وَقَالَ: مَا زِلتُ وَمَا فَتِئْتُ وَمَا بَرِحْتُ وَمَا فِصْتُ كَمَا تَقول مَا بَرِحْتُ وَلَا يتَكَلَّم بِهن إلاّ بالجَحْد، وَقَالَ: كَلمته فَمَا رَدَّ عَليَّ سوداءَ وَلَا بَيْضَاء: أَي كلمة قبيحة وَلَا حَسَنة، وَمَا ردَّ عليّ حَوْجاء وَلَا لَوْجاء، وَقَالَ: أكل الذئبُ الشّاةَ فَمَا ترك مِنْهَا تاموراً: أَي شَيْئا. وأنْشَد: أُنْبِئتُ أنَّ سُحَيْمٍ أَدْخَلوا أبياتهم تامورَ نَفْسِ المُنْذِرِ أَي مُهْجَة نفسِه وَكَانُوا قَتَلُوهُ، وَقَالَ: مَا فِيهِ هَزْبَليلَة: إِذا لم يكن فِيهِ شَيْء وَمَا رَأَيْت لَهُ أَثَراً وَلَا عِثْبَراً، وَقَالَ: أَصَابَهُ جُرْحٌ فَمَا تَمَقَّقَه: أَي لم يَضُرَّه وَلم يُباله. وَقَالَ: عَلَيْهِ من المَال مَا لَا يُسْهى وَلَا يُنْهى: أَي لَا تُبْلَغ غَايَته. وَيُقَال: طلبتُ مِنْهُ حَاجَة فانصرفتُ وَمَا أَدْرِي على أَيِّ صِرْعَيْ أمرِهِ هُوَ: أَي لم يُبَيِّن لي أمره، وأنْشَد: فَرُحْتُ وَمَا وَدَّعْتُ ليلى وَمَا دَرتْ على أيِّ صِرْعَيْ أَمْرِها أَتَرَوَّحُ وَقَالَ: مَا أَدْرِي أَيْن وَدَّس من بِلَاد الله: أَي ذهب، وَقَالَ: ذهب ثوبي فَمَا أَدْرِي مَا كانتْ وامِئَتُه وَلَا أَدْرِي من أَلْمأ بِهِ مَهْمُوز وَهَذَا قد يُتكلم بِهِ بِغَيْر جَحْد سَمِعت الطّائي يَقُول كَانَ بِالْأَرْضِ مَرْعى أَو زَرْع فهاجتْ بِهِ دوابٌّ فأَلْمَأَتْه: أَي ترَكَتْهُ صَعيداً لَيْسَ فِيهِ شَيْء، وَقَالَ: إِنَّك لَا تَدْرِي علامَ يُنْزَأُ هَرْمك وَلَا تَدْرِي بمَ يُولَعُ هَرِمك. ابْن دُرَيْد: مَا جادلنا بقِرْطيط: أَي بِشَيْء يسير، وَقَالَ: مَا بِهِ عَوْكٌ وَلَا بَوْك: أَي حَرَكَة، وَقَالَ: جَاءَ فلَان وَمَا مَأْنْتُ مَأْنَه وَلَا شَأْنْتُ شَأْنه وَمَا تَحَلَّسَ مِنْهُ بِشَيْء: أَي مَا أصَاب مِنْهُ شَيْئا وَإنَّهُ لحَلوس: أَي حَريص وَقَالَ: مَا بَقِي فِي سَنامِ بَعيرِكَ أَهْزَع: أَي بَقيَّة شَحْم. وَقَالَ: مَا يَظهرُ على فلَان أحدٌ: أَي مَا يُسَلِّمُ، وَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْك عَوْل: أَي مُعَوَّل، قَالَ: وسمعتُ عامرِيَّاً يَقُول: نقُول إِذا قيل لنا أَبَقِيَ عنْدكُمْ شَيْء حَمحام ومَحْماح وبَحْباح: أَي لم يبْق شَيْء. ابْن السّكيت: مَا لَك فِي هَذَا رَوِيحَة وَلَا راحنة. أَبُو عُبَيْد: كلَّمْته فَمَا رَجَع إليَّ حُوَاراً وحِواراً ومَحورة وحَويرا. ابْن السّكيت: سَمِعت أَحَادِيث فَمَا احْتَكأَ فِي صَدري مِنْهَا شَيْء: أَي مَا تَخالَج. غَيره: مَا بِهِ خَرَشَة: أَي قَلَبة. صَاحب الْعين: مَا راجعت فلَانا كتْمةً: أَي كلمة وَمَا أَشَكْتُه شَوْكَةً وَلَا شُكْتُه بهَا وَهَذَا(4/170)
مثل معنى لم أُوذِه. ابْن السّكيت: مَا عَصَيْته وَشْصَة، وَقَالَ: مَا وَجَدنا لَهَا الْعَام مَصْدَة وتُبْدل الصَّاد زاياً فَيُقَال: مَزْدَة. وَيُقَال مَا أصابَتْنا العامَ قَطرة وَمَا أصابتنا الْعَام هانَّةٌ مُشَدّدَة بِمَعْنى وَاحِد وَمَا سمعنَا الْعَام لَهَا رعداً يذهب إِلَى الصَّوْت. وَقَالَ: ذهب الْبَعِير فَمَا أَدْرِي من مَطَرَ بِهِ وَمَا أَدْرِي من قَطَرَه وأُخِذَ ثوبي فَمَا أَدْرِي مَن قَطَرَه وَلَا من مَطَرَ بِهِ وَلَا أَدْرِي مَا والِعَتُه، وَقَالَ: فَقَدْنا غُلَاما لنا مَا أَدْرِي مَا وَلَعَه: أَي مَا حَبَسَه. أَبُو عُبَيْد: مَا بِهِ وَذْيَةٌ مثلُ حَرَّة، وَلَا ظَبْظاب: أَي شَيْء من الوجع، وأنْشَد: كأنَّ بِي سِلاًّ وَمَا بِي ظَبْظابْ وَقَالَ: مَا رَمَيْتُه بكُثاب: أَي بسَهم وَهُوَ الصَّغِير من السّهام، وَيُقَال: مَا دونه وُجاج: أَي سِتْر، وأنْشَد: لم يَدَعِ الثّلْجُ بِهِ وِجاجا أَلا تَرى مَا غَشيَ الأَرْكاحا الأَرْكاح: الأفنية. ابْن السّكيت: مَا يَعيشُ بأَحْوَر: أَي مَا يعِيش بعَقْلٍ. أَبُو عُبَيْد: لَيْسَ بِهِ طِرْق. ابْن دُرَيْد: مَا بالنّاقة طَلٌّ: أَي مَا بهَا طِرْق، وَمَا بالبعير هانَّةٌ كَذَلِك، قَالَ أَبُو عَليّ: هُوَ من الهُنانَة وَهِي الشّحْمَة. ابْن دُرَيْد: مَا يَسُرُّني بذلك طِلاعُ الأَرْض ذَهَباً: أَي مِلؤها، وَقَالَ: مَا لَك فِي هَذَا الْأَمر نَفيعة: أَي نَفْع، وَقَالَ: مَا اسْتَأْخَذْتُ بِهَذَا الْأَمر: أَي لم أَشْعُر بِهِ. أَبُو عُبَيْد: ضَربوه فَمَا وَطَّشَ إِلَيْهِم: أَي لم يَدْفَع عَن نَفسه، وَقَالَ: فَعَلَ فلَان شَيْئا مَا رَبأْتُ رَبْأَه: أَي مَا ظننته. ابْن السّكيت: مَا تَرْتَقِعُ مني بِرِقاع: أَي مَا تُطيعُني وَلَا تَقبلُ مِمَّا أنْصَحُكَ بِهِ شَيْئا. غَيره: مَا ارْتَقَعْتُ بِهِ: أَي مَا باليت، وأنْشَد: ناشَدْتُها بكتابِ اللهِ حَرَمَتْنا وَلم تَكُنْ بِكِتَاب اللهِ تَرْتَقِعُ
وَمِمَّا غلب عَلَيْهِ النّفي
مَا عِجْت بِكَلَامِهِ عَيْجاً وعَيْجوجَة: أَي لم أكْتَرِث، وشَرِبتُ دَوَاء فَمَا عِجْتُ بِهِ: أَي مَا انتفعت، وربَّما قَالُوا: الإِبلُ تَعيجُ بِالْمَاءِ المالح: أَي تَرْوَى. أَبُو زيد: مَا حَفَلْتُ بِهِ، وَمَا حَفَلْتُهُ أَحْفِلُ حَفْلاً.
(بَاب مَا الأبدية)
ابْن السّكيت: لَا أَفعلهُ مَا وَسَقَتْ عَيني المَاء: أَي حَمَلَتْ، وَقَالَ: نَاقَة واسِق ونوقٌ مَواسِق: إِذا حملن، وَمَا ذَرَفَتْ عَيْني المَاء، وَلَا أَفعلهُ مَا أَرْزَمَت أُمُّ حَائِل: أَي حَنَّتْ فِي إثْر ولَدها، وَهِي الرّزَمة، وَقد تقدَّم ذكر الْحَائِل فِي أَسْنَان الإِبل، وَقَالَ: لَا أَفعلهُ مَا أَن فِي السّماء نَجْماً: أَي مَا كَانَ فِي السّماء نجم، وَمَا عَنَّ فِي السّماء نَجْم: أَي مَا عَرَضَ، وَمَا أَن فِي الفُرات قَطْرَة: أَي مَا كَانَت فِي الْفُرَات قَطْرَة، وَلَا أَفعلهُ حَتَّى يَؤُبَ المُنَخَّلُ وَحَتَّى يَحِنَّ الضّبُّ فِي أثر الإِبل الصادرة وَلَا أَفعلهُ مَا دَعَا اللهَ دَاع، وَمَا حَجَّ للهِ راكبٌ وَلَا أَفعلهُ مَا أنَّ السّماءَ سماءٌ، وَلَا أَفعلهُ مَا دَامَ للزَّيتِ عاصر، وَلَا أَفعلهُ مَا اخْتَلَفَتْ الدّرَّة والجِرَّة: واختلافهما أنَّ الدّرَّة تَسْفُل والجِرَّة تَعلو، وَلَا أَفعلهُ مَا اختلَف المَلَوان والفَتَيان والعَصْران والجَديدان والأَجَدَّان: يَعْنِي اللَّيْل والنّهار، وَلَا أَفعلهُ مَا سَمَر بِنَا سَمير، وَلَا أَفعلهُ سَجيسَ عُجَيٍ وسَجيسَ الأَوْجِس والأَوْجَس، وَمَا غَبا غُبَيْس، وأنْشَد: وَفِي بَني أُمِّ دُبَيْرٍ كَيْسُ على الطّعامِ مَا غَبا غُبَيْسُ وَلَا أَفعلهُ مَا حَنَّتِ النّيبُ، وَمَا أَحَلَّت الإِبل، وَمَا غَرَّدَ راكبٌ وَمَا غَرَّدَ الحَمام، وَمَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَة، وَلَا أَفعلهُ أُخْرَى اللَّيَالِي، وأُخْرى المَنون: أَي آخر الدّهر، وَلَا أَفعلهُ يَدَ الدّهر وَقفا الدّهر وحَيْرى دَهْر. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: من(4/171)
الْعَرَب من يَقُول لَا أفعل ذَلِك حِيْرِي دهر، وَقد زَعَمُوا أَن بَعضهم ينصب الْيَاء وَمِنْهُم من يثقل الْيَاء أَيْضا. قَالَ أَبُو عَليّ: أما قَوْلهم لَا أُكلمك حِيري دَهْري فَإِن شئتَ قلتَ إِن الْيَاء للإضافة فَلَمَّا حذفتَ المدغم فِيهَا بقيت الأولى على السّكون كَقَوْلِك أيُّهما عليَّ من الغَيْث، وَإِن شِئْت قلت إِنَّه لما حذف الثّانية جعل الأولى كالتّي فِي أَيدي سبا وَلم يَجعله مثل مَا رَأَيْت ثمانيا وَإِن شِئْت جعلته فِعْلَى وَكَانَ فِي مَوْضِع نصب، فَإِن قلت إِنَّه قد قَالَ فِعْلِي وَهَذَا الْبناء لَا يكون إلاّ بِالْهَاءِ فغن شِئْت جعلته مثل القَحْل وَإِن شِئْت قلت إِن الْهَاء حذفت للإضافة كَمَا حذفت مَعهَا حَيْثُ لم تحذف مَعَ غَيرهَا وَأَن يَجْعَلهَا للنسب أَوْلى لأَنهم قد شدّدوها وكما شُبهت الْيَاء بِالْألف فِي هَذَا كَذَلِك شبهت الْألف بِالْيَاءِ فِي نَحْو مَا أنْشدهُ أَبُو زيد: إِذا العَجوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ وَلَا تَرَضَّاها وَلَا تَمَلَّقِِ ابْن السّكيت: لَا أَفعلهُ سَمير اللَّيَالِي، وأنْشَد: هُنالِكَ لَا أَرْجو حَيَاة تَسُرُّني سَميرَ اللَّيَالِي مُبْسَلاً بالجَرائر مُبْسَلاً من قَول الله تَعَالَى أُبْسِلوا بِمَا كَسَبوا. وَلَا أَفعلهُ مَا لأْلأَتِ الفُور: وَهِي الظّباء وَلَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا، ولأْلأَت: بَصْبَصَت بأذنابها، وَلَا أَفعلهُ حَتَّى تَبْيَضَّ جَوْنةُ القار، وَلَا أَفعلهُ حَتَّى يَرِد الضّبّ: والضّب لَا يشرب مَاء، وَمن كَلَامهم الَّذِي يضعونه على السّنَة الْبَهَائِم قَالُوا: قالتّ السّمكة للضَّبِّ وِرْداً يَا ضَبُّ، فَقَالَ: أَصْبَح قَلْبي صَرِداً، لَا يَشْتهي أَن يَرِدا، إلاّ عَراداً عَرِدا وصِلْياناًَرَدا، وعَنْكَثاًمُلْتَبِدا ابْن دُرَيْد: لَا آتِيك جَدا الدّهر، وأَلْوَةَ بنَ هُبَيْرَة وهُبَيْرَة بن سعد وَأَبُو هُبَيْرَة هُوَ سعد بن زيد مناةَ بن تَمِيم، وَلَا آتِيك القارِظ العَنَزِيَّ فأخْرَجوها مخارج الصِّفَات وَالْأَفْعَال وَهِي أَسمَاء لَا يجوز ذَلِك فِي غَيرهَا لِأَنَّهَا مشهورات، وَقَالَ: لَا أَفعلهُ أبَدَاً الأبدية، وأَبَدَ الأَبيد، وأَبَد الآبِدين والآبدين كالأرضين.(4/172)
(كتاب الأضداد)
وأُقَدِّمُ فصلا دَقِيقًا نَافِعًا فِي هَذَا الْبَاب على مَا ذكر سِيبَوَيْهٍ فِي أوّل كِتَابه حِين قَالَ: اعْلَم أَن من كَلَامهم اختلافَ اللَّفْظَيْنِ لاخْتِلَاف الْمَعْنيين وَاخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ وَالْمعْنَى وَاحِد واتفاق اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَاف الْمَعْنيين وَأَنا أشرح ذَلِك كُله فصلا فصلا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وأَتَحَرَّى فِيهِ أَشْفى مَا سَقَط إليَّ من تَعْلِيل أبي عَليّ الْفَارِسِي: اعْلَم أَن اخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ لاخْتِلَاف الْمَعْنيين هُوَ وَجه الْقيَاس الَّذِي يجب أَن يكون عَلَيْهِ الأَلِفاظ لِأَن كل معنى يخْتَص فِيهِ بِلَفْظ لَا يَشْرَكُه فِيهِ لفظ آخر فتنفصل الْمعَانِي بألفاظها وَلَا تَلْتَبِس وَاخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ والمعاني بعد واحدةٌ للْحَاجة إِلَى التّوسُّع بالألفاظ وبَيِّنٌ أَن هَذَا الْقسم لَو لم يُوجد من الاتساع مَا يُوجد بِوُجُودِهِ إلاّ ترى أَنه إِذا سَجَع فِي خُطبة أَو قَفى فِي شِعر فرَكَّبَ السّين قَالَ فجَاء بِهِ مَعَ مَا يشاكله وَلَو لم يقل فِي هَذَا الْمَعْنى إلاّ بعد ضَاقَ الْمَذْهَب فِيهِ، وَمن هُنَا جَاءَت الزّيادات فِيهِ لغير الْمعَانِي فِي كَلَامهم نَحْو حَباب وعَجوز وقَضيب فِيمَا حُكيَ لنا عَن مُحَمَّد بن يزِيد وَأَيْضًا فَإِذا أَرَادَ التّأكيد قَالَ: قَعَد وجَلَس فَتكون الْمُخَالفَة بَين الأَلِفاظ أسهل من إِعَادَتهَا أَنْفسهَا وتكريرها إلاّ ترى فِي التّنزيل: (وغَرابيبُ سُود) والغرابيب هِيَ السّود عِنْد أهل اللُّغَة فحَسُن التّكرير لاخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ وَلَو كَانَ غرابيب لم يكن سهلاً وَأما الْقسم الثّالثّ وَهُوَ اتِّفَاق اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَاف الْمَعْنيين فَيَنْبَغِي أَن لَا يكون قصدا فِي الْوَضع وَلَا أصلا لَهُ وَلكنه من لُغات تَداخلت أَو تكون كل لَفْظَة تسْتَعْمل بِمَعْنى ثمَّ تستعار لشَيْء فتكثر وتغلب فَتَصِير بِمَنْزِلَة الأَصْل، قَالَ: وَقد كَانَ أحد شُيُوخنَا يُنكر الأضداد التّي حَكَاهَا أهل اللُّغَة وَأَن تكون لفظةٌ واحدةٌ لشَيْء وضِدُّه وَالْقَوْل فِي هَذَا أَنه لَا يَخْلُو فِي إِنْكَار ذَلِك وَدفعه إِيَّاه من حجَّة من جِهَة السّماع أَو الْقيَاس وَلَا يجوز أَن تقوم لَهُ حجةٌ تُثبت لَهُ دلَالَة من جِهَة السّماع بل الْحجَّة من هَذِه الْجِهَة عَلَيْهِ لِأَن أهل اللُّغَة كَأبي زيد وَغَيره وَأبي عُبَيْدَة والأصمعي وَمن بعدهمْ قد حكوا ذَلِك وصُنِّفت فِيهِ الْكتب وذكروه فِي كتبهمْ مجتمعاً ومفترقاً فالحجة من هَذِه الْجِهَة عَلَيْهِ لَا لَهُ فَإِن قَالَ الحجةُ تقوم من الْجِهَة الْأُخْرَى وَهِي أَن الضّد بِخِلَاف ضِدّه فَإِذا اسْتعْملت لَفْظَة وَاحِدَة لَهما جَمِيعًا وَلم يكْسب كل وَاحِد من الضّدين لفظا يتَمَيَّز من هَذِه ويتخلص بِهِ من خِلَافه أَشْكَلَ وأَلْبَس فعٌلِم الضّدُّ شكلاً والشّكلُ ضداً والخلافُ وِفاقاً وَهَذِه نِهَايَة الإِلباس وَغَايَة الْفساد، قيل لَهُ: هَل يجوز عنْدك أَن تَجِيء لفظتان فِي اللُّغَة متفقتان لمعنيين مُخْتَلفين فَلَا يَخْلُو فِي ذَلِك أَن يجوّزه أَو يمنعهُ فَإِن مَنعه وردّه صَار إِلَى ردِّ مَا يعلم وجوده وقبولُ الْعلمَاء لَهُ وَمنع مَا ثَبت جَوَازه وشُبِّهت عَلَيْهِ الأَلِفاظ فَإِنَّهَا أَكثر من أَن تُحصى وتُحصَر نَحْو وَجَدْتُ الَّذِي يُرَاد بِهِ الْعلم والوِجْدان والغَضَب وجَلَسْت الَّذِي هُوَ خلاف قمتُ وجَلَسْتُ الَّذِي هُوَ بِمَعْنى أتيتُ نَجْداً ونَجْدٌ يُقَال لَهَا جَلْس فَإِذا لم يكن سَبِيل إِلَى الْمَنْع من هَذَا ثَبت جَوَاز اللَّفْظَة الْوَاحِدَة للشَّيْء وخلافه وَإِذا جَازَ وُقُوع اللَّفْظَة الْوَاحِدَة للشَّيْء وخلافه جَازَ وُقُوعهَا للشَّيْء وضدّه إِذا الضّدُّ ضَرْبٌ من الْخلاف وَإِن لم يكن كل خلاف ضدَّاً وَأما كَون اللَّفْظَيْنِ الْمُخْتَلِفين لِمَعْنى وَاحِد فقد كَانَ مُحَمَّد بن السّرِيّ حكى عَن أَحْمد بن يحيى أَن ذَلِك لَا(4/173)
يجوز عِنْده ودَفْعُ ذَلِك أَيْضا لَا يَخْلُو من أحد الْمَعْنيين اللَّذين قَدَّمنا فَإِن كَانَ من جِهَة السّمع فقد حكى أهل اللُّغَة فِي ذَلِك مَا لَا يكَاد يُحصى كَثْرَة وصنفوا فِي ذَلِك كالأصمعي فِي تصنيفه كتاب الأَلِفاظ الَّذِي هُوَ خلاف كِتَابه المترجم بالأبواب وَذَلِكَ فِي كتبهمْ أشهر وَأظْهر من أَن يحْتَاج إِلَى تَنْبِيه عَلَيْهِ، فَإِن قَالَ إِن فِي كل لَفْظَة من ذَلِك معنى لَيْسَ فِي اللَّفْظَة الْأُخْرَى فَفِي قَول مَضَى معنى لَيْسَ فِي قَول ذَهَب وَكَذَلِكَ جَمِيع هَذِه الأَلِفاظ قيل لَهُ نَحن نوجدك من اللَّفْظَيْنِ الْمُخْتَلِفين مَا لَا تَجِد بُدَّاً من أَن تَقول أَنه لَا زِيَادَة معنى فِي وَاحِدَة مِنْهُمَا دون الْأُخْرَى بل كل وَاحِد يُفهِم مَا يُفهِم صاحبُه وَذَلِكَ نَحْو الْكِنَايَات إلاّ ترى أَن قَوْلك ضربتُك وَمَا ضربت إلاّ إياك وجئتني وَمَا جَاءَنِي إلاّ أَنْت وجاآني وَمَا جَاءَنِي إلاّ هما وقمنا وَمَا قَامَ إلاّ نَحن وَمَا أشبه ذَلِك يفهم من كل لَفْظَة مَا يفهم من الْأُخْرَى من الْخطاب والغيبة والإضمار والموضع من الإِعراب لَا زِيَادَة فِي ذَلِك وَلَا مَذْهب عَنهُ فَإِذا جَازَ ذَلِك فِي فِي الْكَثْرَة فَثَبت بِصِحَّة ذَلِك صِحَة الْأَقْسَام التّي ذكرهَا سِيبَوَيْهٍ وَذهب إِلَيْهَا وَيدل على جَوَاز وُقُوع اللَّفْظَة لمعنيين مُخْتَلفين قَوْلهم ظَنَنْتُ والظَنُّ بِمَعْنى الحِسْبان وَخلاف الْعلم وَاسْتعْمل أَيْضا لِمَعْنى الْيَقِين وَذَلِكَ فِي قَوْله: (الَّذين يَظُنُّونَ أنَّهم مُلاقو رَبِّهم) . فَإِن قَالَ إِن معنى الظّن هَهُنَا وَفِيمَا حَكَاهُ الله تَعَالَى عَن الْمُؤمنِينَ فِي قَوْله: (إنِّي ظَنَنْتُ أَنّي مُلاقٍ حِسابِيَه) الحِسبان فَهُوَ عَظِيم لِأَن الشّك فِي لِقَاء الحِساب كُفرٌ لَا يجوز أَن يَمدَحَ اللهُ بِهِ، فَإِذا لم يَجُز ذَلِك ثَبَت أَنه عِلم ويقين فَهَذَا مُسْتَعْمل فِي الْكَلَام وخِلافه لَا يَشُكُّ فِي ذَلِك مُسلِم وَمِمَّا يدل على فَسَاد قَول من دَفَع أَن اللَّفْظ يَقع لمعنيين قَوْله تَعَالَى فِي وصف الْجنَّة: (لم يَدْخُلوها وهُمْ يَطْمَعون) وطَمَعُهم هَذَا لَا يَخْلُو من أَن يكون على معنى الْيَقِين أَو الطّمع لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآخِرَة شكّ فِي شَيْء من أُمُور الْجنَّة والنّار والعلمُ بذلك كُله اضْطِرار وَيدل على أَن الطّمع بِمَعْنى الْيَقِين مَا اخبر الله تَعَالَى بِهِ عَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السّلام فِي قَوْله: (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغفِر لي خَطيئتي يومَ الدّين) فَهَذَا الطّمع لَا يكون شكا وَلَا يتَوَجَّه على غير الْيَقِين لِأَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السّلام لَا يكون شاكاً فِي الله عز وَجل بل كَانَ عَالما بِأَن الله سيغفر لَهُ ذَلِك. أَبُو عُبَيْد: النّاهل فِي كَلَام الْعَرَب: العطشان، والنّاهل: الَّذِي قد شرب حَتَّى رَوِي، قَالَ الرّاجز: الْكَثْرَة فَثَبت بِصِحَّة ذَلِك صِحَة الْأَقْسَام التّي ذكرهَا سِيبَوَيْهٍ وَذهب إِلَيْهَا وَيدل على جَوَاز وُقُوع اللَّفْظَة لمعنيين مُخْتَلفين قَوْلهم ظَنَنْتُ والظَنُّ بِمَعْنى الحِسْبان وَخلاف الْعلم وَاسْتعْمل أَيْضا لِمَعْنى الْيَقِين وَذَلِكَ فِي قَوْله: (الَّذين يَظُنُّونَ أنَّهم مُلاقو رَبِّهم) . فَإِن قَالَ إِن معنى الظّن هَهُنَا وَفِيمَا حَكَاهُ الله تَعَالَى عَن الْمُؤمنِينَ فِي قَوْله: (إنِّي ظَنَنْتُ أَنّي مُلاقٍ حِسابِيَه) الحِسبان فَهُوَ عَظِيم لِأَن الشّك فِي لِقَاء الحِساب كُفرٌ لَا يجوز أَن يَمدَحَ اللهُ بِهِ، فَإِذا لم يَجُز ذَلِك ثَبَت أَنه عِلم ويقين فَهَذَا مُسْتَعْمل فِي الْكَلَام وخِلافه لَا يَشُكُّ فِي ذَلِك مُسلِم وَمِمَّا يدل على فَسَاد قَول من دَفَع أَن اللَّفْظ يَقع لمعنيين قَوْله تَعَالَى فِي وصف الْجنَّة: (لم يَدْخُلوها وهُمْ يَطْمَعون) وطَمَعُهم هَذَا لَا يَخْلُو من أَن يكون على معنى الْيَقِين أَو الطّمع لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآخِرَة شكّ فِي شَيْء من أُمُور الْجنَّة والنّار والعلمُ بذلك كُله اضْطِرار وَيدل على أَن الطّمع بِمَعْنى الْيَقِين مَا اخبر الله تَعَالَى بِهِ عَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السّلام فِي قَوْله: (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغفِر لي خَطيئتي يومَ الدّين) فَهَذَا الطّمع لَا يكون شكا وَلَا يتَوَجَّه على غير الْيَقِين لِأَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السّلام لَا يكون شاكاً فِي الله عز وَجل بل كَانَ عَالما بِأَن الله سيغفر لَهُ ذَلِك. أَبُو عُبَيْد: النّاهل فِي كَلَام الْعَرَب: العطشان، والنّاهل: الَّذِي قد شرب حَتَّى رَوِي، قَالَ الرّاجز: يَنْهَلُ مِنْهُ الأَسَلُ النّاهِلُ والأُنثى ناهلة: أَي يَروى العطشان يَنْهَلُ يَشْرب مِنْهُ الأَسَل الشّارب قَالَ: والنّاهل هَهُنَا الشّارِب وَإِن شئتَ كَانَ العطشان. غَيره: النّهْلى: العَطْشى والرَّيا. أَبُو عُبَيْد: السّدْفَة: اخْتِلَاط الضّوْء والظُّلْمَة مَعًا كوقت مَا بَين صَلَاة الْفجْر إِلَى الإِسفار، وَقَالَ: طَلَعْتُ على الْقَوْم أَطْلُع طُلوعاً: إِذا غبْتَ عَنْهُم حَتَّى لَا يرَوْكَ وطَلَعْتُ عَلَيْهِم: إِذا أَقبلت إِلَيْهِم حَتَّى يروك، وَيُقَال: لَمَقْتُ الشّيء ألْمُقُه لَمْقاً: كَتبته عُقَيْلِيَّةٌ، ولَمَقْتُه: مَحَوْتُه قَيسِيَّة، وَقَالَ: اجْلَعَبَّ الرَّجُل: اضطَجَع سَاقِطا، واجْلَعَبَّت الإِبل: مضَتْ جادَّةً، وبِعْتُ شَيْئا: إِذا بِعْتَه من غَيْرك، وبِعْتُه: اشْتَرَيْته وشَرَيْت: بعتُ واشتريت، وأنْشَد: وَبَاعَ بَنيه بَعْضُهم بخُشارَةٍ وبِعْتُ لِذِبْيانَ العَلاءَ بمالِكا(4/174)
أَي اشْتريت وَكَانَ جَرير بن الخَطَفَى يُنشِد لطرفة بن العَبْد: ويأتيك بالأنْباءِ مَنْ لم تَبِعْ لَهُ بَتاتاً وَلم تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ يُرِيد من لم تَشْتَرِ لَهُ، قَالَ أَبُو عَليّ: والبَتات الزّاد. أَبُو عُبَيْد: شَعَبْتُ الشّيء: أصلحته وشَعَبْتُه: شَقَقْتُه، وشَعوبُ مِنْهُ وَهِي المَنِية لِأَنَّهَا تُفَرِّقُ، وأنْشَد: وَإِذا رأيتَ المَرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَهُ شَعْبَ العَصا ويَلَجُّ فِي العِصْيانِ شَيْء وشيئين وَثَلَاثَة جَازَ فِيمَا زَاد على هَذِه العِدَّة وجاوزها فاعْمِدْ لما تَعلو فمالَكَ بالَّذي لَا تستطيعُ من الْأُمُور يَدانِ قَوْله: يَشْعَبُ أمره: يُفَرِّقُه ويُشَتِّتُه، وَقَوله لما تعلو يَقُول تَكَلَّفْ من الْأُمُور مَا تَقْهَرَه وتُطيقُه. ابْن دُرَيْد: دُحْتُ الشّيء دَوْحاً: جمعته وفرَّقْته. أَبُو عُبَيْد: والجَوْن: الْأسود والأبيض، قَالَ: وأُتي الْحجَّاج بدِرْعٍ وَكَانَت صَافِيَة بَيْضَاء فَجعل لَا يرى صَفاءً فَقَالَ لَهُ فلَان وَكَانَ فصيحاً إنَّ الشّمسَ لجَوْنَةٌ: يَعْنِي شَدِيدَة البَريق والصَّفاء فقد غلب صَفاؤها بياضَ الدّرْع، وأنْشَد: يُبادِرُ الجَوْنَةَ أنْ تَغيبا وَأنْشد أَيْضا: طُولُ اللَّيَالِي واختلافُ الجَوْن وَقَالَ الفرزدق يصف قَصراً أَبيض: وجَوْنٍ عَلَيْهِ الجِصُّ فِيهِ مَريضةٌ تَطَلَّعُ مِنْهُ النّفْسُ والموتُ حاضِرُهْ الجَوْن هَهُنَا الْأَبْيَض، والتّلاع: مَجاري المَاء من أعالي الْوَادي، والتّلاع: مَا انْهَبَط من الأَرْض، وَقَالَ: أَفَدْتُ المَال: أَعْطيته واستفدته، وأنْشَد: بَكْرَتهُ تَعْثُر فِي النّقالِ مُهْلِكُ مالٍ ومُفيدُ مالِ أَي مُستفيد، وَقَالَ: فاد المَال يَفيد: ثَبَت لصَاحبه وَالِاسْم الْفَائِدَة وَيُقَال أوْدَعته مَالا: إِذا دَفَعْته إِلَيْهِ ليَكُون وَديعةً عِنْده، وأوْدَعته: إِذا سَأَلَك أَن تَقْبَل وديعته فقَبِلْتها، وَقَالَ: لَيْلَةٌ غاضِبة: شَدِيدَة الظّلمة، ونارٌ غاضبة:(4/175)
عَظِيمَة، والمُشيح: الجادُّ والحَذِر وَقد شايَحْتُ، والجَلَل: الصَّغِير والعظيم والصَّارِخ: المستغيث، والصارخ المُغيث، وَيُقَال إِنَّه المُصْرِخ وَهُوَ أَجْوَد لقَوْل الله تَعَالَى: (مَا أَنا بمُصْرِخِكُم وَمَا أَنْتُم بمُصْرِخِيَّ) . وَقَالَ: أخْلَفْتُ الرَّجُل فِي مَوْعده وأخلفته: وافَقْتُ مِنْهُ خُلْفاً، وأنْشَد: أثْوي وقَصَّرَ لَيْلَة ليُزَوَّدا فمَضى وأَخْلَفَ من قُتَيْلةَ مَوْعِدا وَقَالَ الحيُّ خُلوفٌ: غُيَّبٌ وحُضور، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (رَضوا بأنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوالِف) أَي النّساء وَأنْشد فِي الغُيَّب: أَصْبَح البَيْتُ بيتُ آلِ بَنانٍ مُقْشَعِرَّاً والحَيُّ حَيٌّ خُلوفْ أَي لم يبْق مِنْهُم أحد، والماثِل: الْقَائِم واللاطي بِالْأَرْضِ. ابْن دُرَيْد: مَثَل ومَثُل والهاجِد: المُصَلِّي بِاللَّيْلِ والنّائم، وأنْشَد: فَحَيَّاكَ وُدٌّ مَا هَداكِ لِفِتْيةٍ وخُوصٍ بأَعْلى ذِي طُوالَة هُجَّدِ والصَّريم: الصُّبح وَاللَّيْل، فَمن الصَّباح قَوْله: فباتَ يقولُ أَصْبِحْ لَيلُ حَتَّى تَجَلَّى عَن صَريمته الظّلامُ وَمن اللَّيْل قَوْله تَعَالَى: (فأصْبَحَتْ كالصَّريم) أَي احترقت فَصَارَت سَوْدَاء مثل اللَّيْل وَقَالَ: أعطيتُه عَطاءً بَثْراً: أَي كثيراُ وقليلاً، والظَّنُّ: يقينٌ وشكّ، فَمن الْيَقِين قَوْله: ظَنِّي بهم كعَسى وهم بتَنُوفةٍ يَتَنازَعون جَوائزَ الْأَمْثَال وجَوائب أَيْضا يَقُول الْيَقِين مِنْهُم كعَسى وعَسى شكّ. قَالَ أَبُو عَليّ: فِي قَوْله عز وَجل: (وَلَقَد صَدَقَ عَلَيْهِم إبليسُ ظَنَّه، وصَدَّق) معنى التّخفيف أَنه صَدَق ظَنُّه الَّذِي ظَنَّه بهم من متابعتهم إِيَّاه إِذْ أغواهم وَذَلِكَ نَحْو قَوْلهم: فبِما أَغْوَيْتَني لأَقْعُدَنَّ لهمْ صِراطَك المُستَقيم (فَهَذَا ظَنُّه الَّذِي صَدَقوه لِأَنَّهُ لم يَقُل ذَلِك على تَيَقُّنٍ فظَنَّه على هَذَا ينْتَصب انتصاب الْمَفْعُول بِهِ وَيجوز أَن ينْتَصب انتصاب الظّرف أَي صَدَق عَلَيْهِم إِبْلِيس فِي ظَنّه وَلَا يكون صدق مُتَعَدِّيا إِلَى مفعول وَقد يُقَال أصابَ الظّنُّ وَأَخْطَأ الظّنُّ وَيدل على ذَلِك قَوْله: الأَلْمَعِيُّ الَّذِي يَظُنُّ بك الظ نَّ كأنْ قد رأى وَقد سَمِعا فَهَذَا يدل على إِصَابَة الظّن ووَجْهُ من قَالَ صَدَّق على التّشديد أَنه نُصِب الظّنُّ على أَنه مفعول بِهِ وعُدِّي صَدَّق إِلَيْهِ، وأنْشَد: وإنْ لم أُصَدِّقْ ظَنَّكم بتَيَقُّنٍ فَلَا سَقَت الأوصال مني الرّواعِدُ والرَّهْوَة: الِارْتفَاع والانحِدار، قَالَ: وَقَالَ النّميري: دَلَّيْتُ رِجْلَيَّ فِي رَهْوةٍ(4/176)
فَهَذَا انحدارٌ، وَقَالَ عَمْرو بن كُلثوم: نَصَبْنا مِثلَ رَهْوَةَ ذاتَ حَدٍّ مُحافظَةً وَكُنَّا السّابِقينا فَهَذَا ارْتِفَاع. ووَراء: يكون خلْف وقُدَّام وَكَذَلِكَ دون وَقَالَ: فَرَّع الرَّجُل فِي الْجَبَل: صَعَّد وانْحَدر، وأنْشَد:
فَسَارُوا فَأَما حَيُّ جُمْلٍ ففَرَّعوا جَمِيعًا وَأما حَيُّ دَعْد فصَعَّدوا ويروى فأفْرَعوا وأَفْرَع فِي الْحَالين جَمِيعًا، وَقَالَ: أَشْكَيْتُ الرَّجُل: أتيتُ إِلَيْهِ مَا يَشْكوني وأَشْكَيْته: رَجَعْتُ لَهُ من شِكايته وأعْتَبْتُه، وأنْشَد: تَمُدُّ بالأعناقِ أَو تَثْنيها وتَشْتًكي لَو أننا نُشْكيها وَقَالَ الْفَارِسِي فِي قَوْله تَعَالَى: (حتّى إِذا فُزِّعَ عَن قُلوبِهم) أَي أُذْهِبَ الفَزَع عَنْهَا أَو سِيقَ إِلَيْهَا الْفَزع وعادَل بهَا أَشْكَيْتُ وَقَالَ: سَواء الشّيء: غَيره، وَهُوَ نَفسه ووَسَطه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (فَرَآهُ فِي سَواءِ الجَحيم) أَي فِي وَسَطه، قَالَ أَبُو عَليّ: وَمِنْه قَول عِيسَى بن عمر: مازلتُ أكتبُ حَتَّى انقطَعَ سَوائي: أَي وَسَطي. ابْن دُرَيْد: العَكَوَّك: الْمَكَان الصُّلب والسّهْل. أَبُو حنيفَة: الزّاهِق: المُتناهي السّمَن. صَاحب الْعين: هُوَ الشّديد الهُزال. أَبُو عُبَيْد: أَطْلَبْتُ الرَّجُل: أَعْطيته مَا طَلَب وأَلْجَأْته إِلَى أَن يَطلُب، وأنْشَد: أَضَلَّه راعِيا كَلْبِيَّةٍ صَدَرا عَن مُطَّلِبٍ قارِبٍ وُرَّادُه عُصَبُ يَقُول: بَعُدَ الماءُ مِنْهُم حَتَّى ألجَأَهم إِلَى طَلَبه، وَقَالَ: أَسْرَرْتُ الشّيء: أخْفَيْتُه وأَعْلَنْتُه، قَالَ تَعَالَى: (واَسَرُّوا النّدامةَ لمّا رأَوْا العَذابَ) . أَي أَظْهَروها وَالله أعلم، والخَشيب: السّيْف الَّذِي لم يُحكَ عمله، وَهُوَ أَيْضا الصَّقيل، وَقد خَشَبْتُه أخْشِبُه. ابْن السّكيت: الخَشْب مصدر خَشَبْتُ الشّعْرَ أَخْشِبُه: إِذا قلته كَمَا يَجِيء وَلم تتَعَمَّل لَهُ. أَبُو عُبَيْد: تَهَيَّبْتُ الشّيء وتَهَيَّبَني سَواء، وأنْشَد: وإنْ أنتَ لاقَيْتَ فِي نَجْدَةٍ فَلَا تَتَهَيَّبْكَ أنْ تُقْدِما أَي لَا تتهيبها، والإهماد: السّرعة فِي السّير وَالْإِقَامَة، وَأنْشد فِي السّرعة: مَا كَانَ إلاّ طَلَقُ الإِهْماد وَأنْشد فِي الإِقامة: لما رأَتْني راضِياً بالإهْمادْ كالكُرَّزِ المَرْبوطِ بينَ الْأَوْتَاد والأقْراء: الحِيَض والأطْهار، وَقد أَقْرَأَتْ وَأَصله من دُنُوِّ وَقت الشّيء، والخَناذيذ الخِصْيان والفُحولة، وأنْشَد: وخَناذيذَ خِصْيةً فُحولا وَقَالَ: خَفَيْتُ الشّيء: أظْهَرْتُه وكتمتُه، وأخْفَيْتُه: كتمتُه، وَيُقَال للرَّكِيَّة خَفِيَّة لِأَنَّهَا استُخرِجت وَقَالَ: شِمْتُ السّيف: أغْمَدتُه وسَلَلْتُه، ورَتَوْتُ الشّيء: شدَدْتُه وأَرْخَيْتُه، وغَبيتُ الْكَلَام وغَبيَ عَنِّي. ابْن السّكيت: أكْرى الشّيءُ: نَقَصَ وَزَاد، وأنْشَد: نُقَسِّمُ مَا فِيهَا فإنْ هيَ قَسَّمَتْ فذاكَ وإنْ أَكْرَتْ فعنْ أهلِها تُكْري(4/177)
أَي وَإِن هِيَ نَقَصَت فَعَن أَهلهَا تَنْقُص وَقَالَ: أَكْرَيْنا الحديثَ: أَطَلْناه وأَكْرَيْنا الشّيء أَخَّرْناه، وأنْشَد: وأَكْرَيْتَ العَشاءَ إِلَى سُهَيْلٍ أَو الشّعْرى فطالَ بيَ الإِناءُ ابْن دُرَيْد: خَفَقَ النّجمُ يَخفِق خُفوقاً: أَضَاء تَلألأ وخَفَق النّجم وَالْقَمَر انْحَطَّا فِي الْمغرب. ابْن السّكيت: عَسْعَس اللَّيْل: أقبَلَتْ ظَلْماؤه، وعَسْعَس وَلَّى، وأنْشَد: حتّى إِذا الصُّبْحُ لَهَا تَنَفَسَّا وانْجابَ عَنْهَا ليلُها وعَسْعَسا والمُقوي: الَّذِي لَا زَاد مَعَه وَلَا مَال لَهُ، والمُقْوي: المُكْثِر، يُقَال أَكْثِر من فلَان فَإِنَّهُ مُقوٍ، والمُقْوي: الَّذِي ظَهْرُه قوي وَقَالَ: عَفا الشّيء يَعْفو عَفاء: دَرَس وعَفا يَعْفو عُفُوَّاً: كَثُر، قَالَ تَعَالَى: (حتّى عَفَوْا) أَي كَثُروا. والمَسْجور: المَمْلوء والفارغ، قَالَ الله تَعَالَى: (والبَحْرِ المَسْجور) أَي المَلآن. والضّرَاء: الخَمْر يُقَال هُوَ يمشي الضّرَاء أَي البَراز. وَقَالَ قَسَط: جارَ وعَدَل، وأَقْسَط عَدَل. والحَزَوَّر: الْغُلَام اليافع الَّذِي قد قَارب الِاحْتِلَام وَهُوَ أَيْضا الَّذِي قد انْتهى شبابه، وَيُقَال غَفَر الرَّجُل: بَرَأَ ونُكِس. وَقَالَ رَجَوْتُ فلَانا: خِفْتُه وأَمَّلْته. وفَزِعْتُ: ارْتَعْت وأَغَثْت. والقَنيص: الصَّائِد والصَّيْد. والغَريم: الْمَطْلُوب بالدّيْن، والغَريم: الطّالبُ دَيْنه. والكَرِيُّ: المُستأجِر والمُستأجَر، وَفرس شَوْهاء: حَسَنَة وَلَا يُقَال للذكَر، وَيُقَال لَا تُشَوِّه: أَي لَا تَقُل مَا أحْسَنه فتُصيبني بِالْعينِ، وَأما فِي القُبح فَيُقَال: قد شَوَّه الله خَلْقَه ورجلٌ أَشْوَه وَامْرَأَة شَوْهاء. قَالَ: وسَمُّوا القَفْرَةَ مَفازةً من فازَ يَفوز: إِذا نَجا وَهِي مَهْلَكَة وَكَذَلِكَ قَوْلهم للملدوغ سَليم وَإِنَّمَا السّليم المُعافى، وَيُقَال للبعير إِذا لم يُغِدَّ بعير قُرْحان، وَامْرَأَة قُرْحانٌ. والشّفُّ: الفَضْل والنّقْصان. والمُنَّة: القُوّة والضّعْف. والمَنون: الدّهْر لِأَنَّهُ يُبْلي ويُضعِف وَكَذَلِكَ المَنِيَّة تُسمى مَنوناً. والذَّفْر: كلُّ ريح ذَكِيَّةٍ من طيبٍ أَو نَتْن. والخَلُّ: السّمين والمَهزول. والسّاجِد: المُنْحَني وَفِي لُغَة طَيء المُنتَصِب. والعَيَّن: القِربة التّي قد تهيأت مِنْهَا مَوَاضِع للتَّثَقُّب من الْأَخْلَاق. والعَيَّن فِي لُغَة طَيء الجَديد. والمُقْوَرُّ: السّمين والمهزول. والقَشيب: الْجَدِيد والخَلَق. وَقَالَ: وَثَبَ الرَّجُل: اسْتَوَى قَائِما أَو قَفَزَ وَفِي لُغَة حمير جَلَسَ ونُؤْتُ بالحِمْل: نَهَضْتُ بِهِ مُثْقَلاً، وناءَ بِي الْحمل: أثقلني وغلبني. وناقةٌ ثِنْي: إِذا ولدتْ بَطْنَيْن، وَإِذا ولدت وَاحِدًا. والمَوْلى: المُعتِق والمُعتَق، والمَوْلى فِي الدّين: الوَلِيّ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (وَأَن الْكَافرين لَا مَوْلَى لهمْ) والقانِع والقَنِع: الرّاضي بِمَا قُسِم لَهُ ومصدره القَناعة والقانِع: السّائل ومصدره القُنوع. والأمين: المؤْتَمَن والمؤتَمِن. والنّبَل من الإِبل: القليلة وَقيل الخِيار. وَقَوله عز وَجل: (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهون) : أَي تنَدَّمون، وتَفَكَّهون أَيْضا: تَلَذّذون. والرَّبيب: المُربّى والمُربّي. والبَيْن: الوَصْل. والمُتَظَلِّم: الظّالم وَهُوَ أَيْضا الَّذِي يَشكو ظُلامَته. وَإِذا قيل للشاعر مُغَلَّب فَمَعْنَاه مغلوب وَرجل مُغَلَّب: لَا يزَال يُغلَب، وأنْشَد: وَلم يَغْلِبْكَ مِثلُ مُغَلَّبِ(4/178)
قَالَ أَبُو عَليّ: المُغَلَّب: الَّذِي غَلَّبَه حَكَمُه على خَصْمِه بَاطِلا. ابْن السّكيت: فَرَىَ الْأَدِيم فَرْياً: قَطَعَه وَفَرَى المَزادرةَ فَرْياً: خَرَزَها. والزُّبْيَة: الحُفرة للأسد، والزُّبْيَة: مَكَان مُرْتَفع. والقَدوع: الَّذِي يَقْدَع ويَكُفُّ وَهُوَ أَيْضا المَقْدوع. والفجوع: الفاجِع والمَفْجوع. والذَّعور: الذاعِر والمَذعور. والرَّكوب: الَّذِي يَرْكَب والرَّكوب مَا يُركَب. ابْن دُرَيْد: تَظَاَهر الْقَوْم: تَعَاَونوا وَتَدَابروا. قَالَ أَبُو سعيد السّيرافي: الإِيراق من الأضداد: يُقَال أَوْرَق الْقَوْم: طَلَبَوا حَاجَة فَلم يَقْدِروا عَلَيْهَا: هَذَا الْمَعْرُوف، وَقد يُقَال: أوْرَقوا: إِذا ظَفِروا وغَنِموا، فَمن الأول قَول الشّاعر: إِذا أَوْرَقَ العَبْسِيُّ جاعَ عِيالُه وَلم يَجِدوا إلاّ الصَّعاريرَ مَطْعَما وَمن الآخر قَول أُمُّ بَيْهَس الملقب بنعامة حِين قُتل إخْوَته وأَفْلَت هُوَ فاستَفْهَمته عَن حَالهم فقالتّ: أَمُورِقين أم مُخْفِقين، فالإخفاق: الخَيْبَة بِإِجْمَاع فَحَصَل من هَذَا أَن الإِيراق هَهُنَا الظّفَر. أَبُو عُبَيْد: نَصَلَ السّهم: ثَبَتَ فَلم يخرج وَنَصَل: خَرَجَ. ثَعْلَب: الطّخاء: السّحاب الَّذِي لَيْسَ بكَثيف وَهُوَ الكَثيف أَيْضا. وَيُقَال: ناقةٌ مُذائِر: وَهِي التّي تَرْأَم والتّي لَا تَرْأَم. الْأَصْمَعِي: الحامَّة: العامّة والخاصّة. أَبُو زيد: أمْعَن بحَقِّه: أقرَّ بِهِ وَجَحَده. ابْن السّكيت: الحَرِج: الجبان، واللازِمُ لِلْقِتَالِ لَا يُفارقه. وَقَالَ: نَحَضَ الرَّجُل ونَحُضَ نَحاضَةً: قَلَّ لحمُه، وَإِذا كَثُر، وَقيل نَحَضَ: كثر لَحْمه، ونُحِضَ: قَلَّ لَحْمه. صَاحب الْعين: حَصْباء الْحَصَى: صِغارُها وكِبارُها.
3 - (وَمِمَّا هُوَ فِي طَرِيق الضّد)
سَنَحَ عَلَيْهِ الشّيء يَسْنَح سُنوحاً: سَهُل، وسَنَحْتُ بِالرجلِ: أَحْرَجْتُه. ابْن السّكيت: مَا دونه إجاجٌ وأُجاجٌ ووِجاجٌ ووُجاج: أَي سِتْر. صَاحب الْعين: وَضَحَ الطّريقُ: ظَهَرَ، وأَوْضَحْت النَّار: تلأْلأَتْ واتَّضَحَتْ، وَكَذَلِكَ غُرَّة الفَرَس. أَبُو زيد: الحُورِيُّ: الَّذِي لَا يُخالطّ النّاس. صَاحب الْعين: المُحاوَرة: المُخالطّة.
(? بَاب الْبَدَل)
حَدُّ الْبَدَل: وضعُ الشّيء مَكَان غَيره وحَدُّ القَلْب: تصييره على نقيض مَا كَانَ عَلَيْهِ. وحَدُّ الزّيادة: إِلْحَاق الشّيء مَا لَيْسَ مِنْهُ وَهَذِه حُدُود عَامَّة لما يجْرِي فِي النّحو وَغَيره. وحَدُّ النّقصان: إِسْقَاط الشّيء عَمَّا كَانَ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّك لَو أسقطته عَمَّا كَانَ فِيهِ كَانَ نُقْصَانا والفرقُ بَين الْبَدَل وَالْقلب فِي الْحُرُوف أَن الْقلب يجْرِي على التّقدير فِي حُرُوف الْعلَّة ومناسبة بَعْضهَا لبَعض وشِدَّة تقارُبها فكأنَّ الْحَرْف نَفسه انْقَلب من صُورَة إِلَى صُورَة إِذا قلت قَامَ وَالْأَصْل قَوَمَ فَكَأَنَّهُ لم يُؤْت بِغَيْرِهِ بَدَلا مِنْهُ وَلم يخرج عَنهُ لِأَن شدَّة المقاربة للنَّفس بِمَنْزِلَة النّفس فَهَذَا فِي حُرُوف الْعلَّة فَأَما فِي غَيرهَا فَيجْرِي على الْبَدَل لتباعد مَا بَين الحرفين فَلم يجب أَن يجْرِي مجْرى مَا يتقارب التّقارب الشّديد بل وَجب فِيمَا تقَارب أَن يُقَدَّر أَنه لم يخرج من التّغيير عَنهُ فَلذَلِك أجري على طَريقَة الْقلب فَأَما مَا تبَاعد فَيَقْتَضِي الْخُرُوج عَنهُ فِي التّغيير وَهَذِه الفروق الدّقيقة بَين هَذِه الْمعَانِي لَا تكَاد تَجِد من يقفُ عَلَيْهَا ويُذاكِرُك بهَا فَلَا يُوحِشْك ذَلِك مِنْهَا فَإِن من جهل شَيْئا عَادَاهُ.
3 - (? حُرُوف الإِبدال ثَلَاثَة عشر)
ثَمَانِيَة من حُرُوف الزّيادة التّي يجمعها قَوْلك الْيَوْم تنساه تسْقط السّين وَاللَّام من الْحُرُوف الْعشْرَة وَخَمْسَة من غَيْرهنَّ وَهِي الطّاء والدّال وَالْجِيم وَالصَّاد وَالزَّاي وَنحن نبين عِلَل هَذِه الْحُرُوف فِي الإِبدال وَلم كَانَت أحقَّ(4/179)
بِهِ من غَيرهَا من حُرُوف المعجم فَنَقُول إِن حُرُوف الْعلَّة أحقُّ بالإبدال من كل مَا عَداهَا من الْحُرُوف لِاجْتِمَاع ثَلَاثَة أَسبَاب: طلَبِ الخِفَّة، وَالْكَثْرَة، والمناسبة بَين بَعْضهَا وَبَعض وَمن جِهَة أَنه يُتَمكن بهَا أَو بِبَعْضِهَا من إِخْرَاج الْحُرُوف وَمن جِهَة مَا فِيهَا من المدّ واللين وَمن جِهَة مَا تمكن بهَا فِي الشّعر من التّلحين وَمن جِهَة اتساع مَخْرجها على اشتراكها فِي ذَلِك أَجْمَع وكل وَاحِد من الْمعَانِي الثّلاثة يُطالِب بِجَوَاز الإِبدال أما طلبُ الخِفَّة فَإِنَّهُ إِذا كَانَ قلب الْوَاو إِلَى الْيَاء فِي مِيقَات أخَفَّ من الأَصْل الَّذِي هُوَ مِوْقات فَهُوَ أولى مِنْهُ فالخِفّة تطالب بِهِ وَأما الْكَثْرَة فَإِن مَا كثُر فِي الْكَلَام أحقُّ بالتّخفيف وَلها كَثْرَة لَيست لغَيْرهَا من الْحُرُوف لِأَنَّهُ لَا تَخْلُو كلمة مِنْهُم أَو من بَعضهنَّ إِذْ لَو أشبَعْتَ الضّمةَ لَصَارَتْ واواً وَلَو أشبعت الفتحة لَصَارَتْ ألفا وَلَو أشبعت الكسرة لَصَارَتْ يَاء فالكثرة تطلب التّخفيف على مَا بَينا وَأما الْمُنَاسبَة فتطْلُب جوازَ قلب بعض إِلَى بعض من غير إخلال بِالْكَلِمَةِ من قِبَل أَن المُقارِب للحرف يقوم مقَام نفس الْحَرْف فَكَأَنَّهُ قد ذُكِّر بِذكرِهِ نفس الْحَرْف وَلَيْسَ كَذَلِك المُتباعِد مِنْهُ فلهذه الْعلَّة من اجْتِمَاع الْأَسْبَاب الثّلاثة كَانَت أحقَّ بالإبدال من غَيرهَا ثمَّ الْهمزَة فَهِيَ أَحَق بِالزِّيَادَةِ مِمَّا لَا يُزَاد من حُرُوف المعجم لشبهها بحروف الْعلَّة من جِهَات الْحَذف وجَعْلِها بَيْنَ بَيْن وقلبِها على حَرَكَة مَا قبلهَا وَمن أجل أَنَّهَا من أقْصَى الْحلق فَإِذا أُبْدِلَتْ أوّلاً جَرَىَ اللِّسَان إِلَى جِهَة القُدّام فَهَذَا يَطَّرِدُ عَلَيْهِ الإِبدال فلاجتماع الشّيئين من مُنَاسبَة حُرُوف الْعلَّة وَأَنَّهَا من أقْصَى الْحلق يستمرُّ بهَا اللسانُ لإِخْرَاج الْحَرْف جَازَ أَن تبدل من غَيرهَا فَهَذِهِ الْأَرْبَعَة الأحرف لَهَا فِي الإِبدال مَا ذَكرْنَاهُ فالتّاء تبدل من الْوَاو لشبهها بهَا فِي المقاربة لاتساع الْمخْرج فَلذَلِك جَاءَ تُراث وتخمة وتَفِيَّة وَمَا أشبه ذَلِك ثمَّ النّون لِأَنَّهُ أشبَهَ حُرُوف الْعلَّة فِي التّرنم بهَا كالتّلحين لحروف الْعلَّة وَمَا فِيهَا من الغُنّة كَمَا فِي حُرُوف الْعلَّة من المَدّ ثمَّ الْمِيم لِأَنَّهَا مؤاخِيَة للهمزة لِأَنَّهَا من مخرجها وَهَذِه الْحُرُوف من حُرُوف الزّيادة قد بَانَتْ مراتبها ثمَّ الطّاء تبدل من التّاء فِي افتعل من الصَّبْر فَتَقول اصْطَبَر لِأَنَّهَا من حرفٌ وَسَطٌ بَين الحرفين إِذْ كَانَت تُواخي التّاء بالمخرج والصادَ بالاستعلاء والإطباق ثمَّ الدّال تبدل مَعَ الزّاي فِي افتعل من الزّينة فَتَقول ازْدان لِأَنَّهَا تواخي الزّاء بالجهر والتّاء بالمخرج، ثمَّ الْجِيم تبدل من الْيَاء فِي تميمي وَنَحْوه تَميميجّ لِأَنَّهَا تواخي الْيَاء بالمخرج مَعَ الطّلب لحرف أَجْلَد من الْيَاء فِي الْوَقْف إِذْ كَانَت الْيَاء تخفى فِي الْوَقْف لاتساع مخرجها فأبدل مِنْهَا الْجِيم لِأَنَّهَا وَالْيَاء والشّين من مخرج وَاحِد وَهُوَ وَسَط اللِّسَان ثمَّ الصَّاد تبدل من السّين مَعَ الطّاء فِي الصِّرَاط لِأَنَّهَا مَعَ الطّاء أعدلُ من السّين فَهِيَ تُواخي الطّاءَ بالإطباق والاستعلاء وتواخي السّين بالمخرج ثمَّ الزّاي تبدل من السّين فِي الزّراط أَيْضا لِأَنَّهَا تواخي الطّاء بالجهر وَهِي من مخرج السّين أَيْضا فقد بينتُ لَك حروفَ الْبَدَل وَعلة الإِبدال ومراتب هَذِه الْحُرُوف فِي الْقُوَّة والضّعف ليُجرى كلُّ شَيْء من ذَلِك على حَقه إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَأَنا آخُذُ فِي ذَلِك كُله ومؤثر للإيجاز والاختصار فِي شَرحه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
هَذَا بَاب حُرُوف الْبَدَل من غير أَن تُدْغَم حرفا فِي حرف وترفع لسَانك من مَوْضِع وَاحِد
وَهِي ثَمَانِيَة أحرف من الْحُرُوف الأول كَمَا بيّنت وَثَلَاثَة من غَيرهَا فالهمزة تبدل من الْيَاء وَالْوَاو إِذا كَانَتَا لامين فِي قَضَاءٍ وشَقَاء وَنَحْوهمَا وَإِذا كَانَت الْوَاو عينا فِي أَدْؤُر وأَنْؤُر والنّؤُور وَنَحْو ذَلِك وَإِذا كَانَت فَاء نَحْو(4/180)
أُجُوه وإسادَة وأَعَدَ وَالْألف تكون بَدَلا من الْيَاء وَالْوَاو إِذا كَانَت لامين فِي رَمَىَ وَعَدَا وَنَحْوهمَا وَإِذا كَانَتَا عينين فِي قالََ وباعَ والْعابِ وَالْمَال ونحوهن وَإِذا كَانَت الْوَاو فَاء فِي ياجَل وَنَحْوه والتّنوين فِي النّصب تكون بَدَلا مِنْهُ فِي الْوَقْف والنّون الْخَفِيفَة إِذا كَانَ مَا قبلهَا مَفْتُوحًا نَحْو رَأَيْت زيدا واضربا وَأما الْهَاء فَتكون بَدَلا من التّاء التّي يؤنث بهَا الِاسْم فِي الْوَقْف كَقَوْلِك هَذِه طلحهْ وَقد أبدلتْ من الْهمزَة فِي هَرَقْتُ وهَمَرْتُ وهَرَحْتُ الفرسَ تُرِيدُ أَرَحْتُ وأبدلت من الْيَاء فِي هَذِه وأبدلت من الْألف وَذَلِكَ فِي كَلَامهم قَلِيل إِنَّمَا جَاءَ فِي أَنا وحَيَّهَلا فَأَما الْيَاء فتبدل مَكَان الْوَاو فَاء أَو عينا نَحْو قِيلَ ومِيزان وَمَكَان الْوَاو وَالْألف فِي النّصب والجر فِي مُسْلِمَيْن ومُسْلِمِين وَمن الْوَاو وَالْألف إِذا حَقَّرْتَ أَو جَمَعْت فِي بَهاليل وقَراطيس وبُهَيْليل وقريطيس وَنَحْوهمَا فِي الْكَلَام وتبدل إِذا كَانَت الْوَاو عينا نَحْو لَيَّةٍ وتبدل فِي الْوَقْف من الْألف فِي لُغَة من يَقُول أَفْعى وحُبْلى وتبدل من الْهمزَة وَمن الْوَاو وَهِي عين فِي سَيِّد وَنَحْوه وَقد تبدل من مَكَان الْحَرْف المدغم نَحْو قِيرَاط إلاّ تراهم قَالُوا قُرَيْرِيط، ودِينار إلاّ تراهم قَالُوا دُنَيْنير، وتبدل من الْوَاو إِذا كَانَت فَاء فِي يَبْجَل وَنَحْوه وتبدل من الْوَاو لاماً فِي قُصْيا ودُنْيا وَنَحْوهمَا وتبدل مَكَان الْوَاو فِي غازٍ وَنَحْوه وتبدل مَكَانهَا فِي شَقيتُ وغَبيتُ وَنَحْوهمَا وَأما التّاء فتبدل مَكَان الْوَاو فَاء فِي اتَّعَدَ واتَّهَمَ واتَّلَجَ وتُراث وتُجاه وَنَحْو ذَلِك وَمن الْيَاء فِي افتعلتُ من يَئِسْتُ وَنَحْوهَا وَقد أبدلت من الدّال والسّين فِي سِتٍّ وَمن الْيَاء إِذا كَانَت لاماً فِي أَسْنَتُوا وَذَلِكَ قَلِيل وَأما الدّال فتبدل من التّاء فِي افْتَعَلَ إِذا كَانَت بعد الزّاي فِي ازْدَجَر وَنَحْوهَا والطّاء فِي افتعل إِذا كَانَت بعد الضّاد فِي افتعل نَحْو اضْطَهَد وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت بعد الصَّاد فِي مثل اصْطَبَر وَبعد الظّاء فِي هَذَا وَقد أبدلت الظّاءُ من التّاء فِي فعلتُ إِذا كَانَت بعد هَذِه الْحُرُوف وَهِي لُغَة تَمِيم قَالُوا: فَحَصْطَ برِجْلِك وحِصْطَ يُرِيدُونَ حِصْتَ وفَحَصْت والطّاء كالصاد فِيمَا ذَكرْنَاهُ وَقَالُوا فُزْد يُرِيدُونَ فُزْت كَمَا قَالُوا فحَصْطُ والذال إِذا كَانَت بعْدهَا التّاء فِي هَذَا الْبَاب بِمَنْزِلَة الزّاي وَالْمِيم تكون بَدَلا من النّون فِي عَنْبَر وشَنْباء وَنَحْوهمَا إِذا سكنت وَبعدهَا بَاء وَقد أبدلت من الْوَاو فِي فَمٍ وَذَلِكَ قَلِيل كَمَا أَن بدل الْهمزَة من الْهَاء بعد الأَلِف فِي مَاء وَنَحْوه قَلِيل أبدلوا الْمِيم مِنْهَا إِذْ كَانَت من حُرُوف الزّيادة كَمَا أبدلوا التّاء من الْوَاو وأبدلوا الْهمزَة مِنْهَا لِأَنَّهَا تشبه الْيَاء وأبدلوا الْجِيم من الْيَاء الْمُشَدّدَة فِي الْوَقْف نَحْو عَلِجّ وعَوْفِجّ يُرِيدُونَ عليّ وعوفي، والنّون تكون بَدَلا من الْهمزَة فِي فَعْلان فَعْلى كَمَا أَن الْهمزَة بدل من ألف حمرا وَقد أبدلوا اللَّام من النّون وَذَلِكَ قَلِيل جدا قَالُوا أُصَيْلال وَإِنَّمَا هُوَ أصيلان وَأما الْوَاو فتبدل مَكَان الْيَاء إِذا كَانَت فَاء فِي مُوقِنٍ ومُوسِر وَنَحْوهمَا وتبدل مَكَان الْيَاء فِي عَمَىً إِذا أضيف نَحْو عَمَوِيّ وَفِي رَحَىً رَحَوِيّ وتبدل مَكَان الْهمزَة فِي جُونَةٍ وسوت وتبدل مَكَان الْيَاء إِذا كَانَت لاماً فِي شَرْوَى وتَقْوى وَنَحْوهمَا وَإِذا كَانَت عينا فِي كُوسى وطُبى وَنَحْوهمَا وتبدل مَكَان الْألف فِي الْوَقْف وَذَلِكَ قَول بَعضهم أَفْعَوْ وحُبْلَوْ كَمَا جعل بَعضهم مَكَانهَا الْيَاء وَبَعض الْعَرَب يَجْعَل الْيَاء وَالْوَاو ثابتتين فِي الْوَصْل وَالْوَقْف وَتَكون بَدَلا من الْألف فِي ضُورِب وتُضورِب وَنَحْوهمَا وَمن الْألف الثّانية الزّائدة إِذا قلت ضُوَيْرِب ودُوَيْنِق فِي ضارِبٍ ودانِقٍ وضَوارِب ودوانِق إِذا جمعت ضاربةً ودانقاً وَتَكون بَدَلا من ألف التّأنيث الممدودة إِذا أضفتَ أَو أثْنَيْتَ وَذَلِكَ قَوْلك حَمْراوان وحَمْراوي وتبدل مَكَان الْيَاء فِي فُتُوٍّ وفِتْوَة تُرِيدُ جمع الفَتَى وَذَلِكَ قَلِيل كَمَا أبدلوا الْيَاء مَكَان الْوَاو فِي عُتِيّ وعُصِيّ وَنَحْوهمَا وتبدل مَكَان الْهمزَة المبدلة من الْيَاء وَالْوَاو فِي التّثنية وَالْإِضَافَة وَقد بَين ذَلِك فِي التّثنية وهما كِساوان وعَطاوِيٌّ وَزعم الْخَلِيل أَن الفتحة والكسرة والضّمة زَوَائِد وَهن يلحقن الْحَرْف ليُصَل إِلَى التّكلم بِهِ وَالْبناء هُوَ السّاكن الَّذِي لَا زِيَادَة فِيهِ فالفتحة من الْألف والكسرة من الْيَاء والضّمة من الْوَاو فَكل وَاحِدَة شَيْء مِمَّا ذكرت لَك.(4/181)
هَذَا بَاب الْحَرْف الَّذِي يُضارَع بِهِ حرفٌ من مَوْضِعه والحرف الَّذِي يُضارَع بِهِ ذَلِك الْحَرْف وَلَيْسَ من مَوْضِعه
فَأَما الَّذِي يُضارَع بِهِ الْحَرْف الَّذِي من مخرجه فالصادُ السّاكنة إِذا كَانَت بعْدهَا الدّال وَذَلِكَ نَحْو أَصْدَرَ ومَصْدَر والتّصْدير لِأَنَّهُمَا قد صارتا فِي كلمة وَاحِدَة كَمَا صَارَت مَعَ التّاء فِي افتعل فِي كلمة وَاحِدَة فَلم تُدْغَم الصَّاد فِي التّاء وَلم تُدْغَم الدّال فِيهَا وَلم تبدل لِأَنَّهَا لَيست بِمَنْزِلَة اصطبر وَهِي من نفس الْحَرْف فَلَمَّا كَانَتَا من نفس الْحَرْف أجريتا مجْرى المضاعف الَّذِي هُوَ من نفس الْحَرْف من بَاب مَدَدْتُ فَجعلُوا الأول تَابعا للْآخر فضارعوا بِهِ أشبهَ الْحُرُوف بالدّال من مَوْضِعه وَهِي الزّاي لِأَنَّهَا مجهورة غير مُطْبَقَةٍ وَلم يبدلوها زاياً خَالِصَة كَرَاهَة الإِجحاف بهَا للإطباق كَمَا كَرهُوا ذَلِك فِيمَا ذكرت لَك من قبل هَذَا. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَسَمعنَا الْعَرَب الفصحاء يجعلونها زاياً خَالِصَة كَمَا جعلُوا الإِطباق ذَاهِبًا فِي الإِدغام وَذَلِكَ قَوْلنَا فِي التّصدير التّزدير وَفِي القَصْد القَزْد وَفِي أَصْدَرْت أَزْدَرْت وَإِنَّمَا دعاهم إِلَى أَن يُقَرِّبوها ويبدلوها إِرَادَة أَن يكون عَمَلهم من وَجه وَاحِد وليستعملوا ألسنتهم فِي ضرب وَاحِد إِذْ لم يصلوا إِلَى الإِدغام وَلم يَجْسُروا على إِبْدَال الدّال صاداً لِأَنَّهَا لَيست بزائدة كالتّاء فِي افتعل والبيانُ عربيٌّ فَإِن تحركن الصَّاد لم تبدل لِأَنَّهُ قد وَقع بَينهمَا شيءٌ فَامْتنعَ من الإِبدال إِذْ كَانَ يُترَك الإِبدال وَهِي سَاكِنة وَلَكنهُمْ قد يُضارعون بهَا نَحْو صَاد صَدقْتَ وَالْبَيَان فِيهَا أحسن وَرُبمَا ضارعوا بهَا وَهِي بعيدَة نَحْو مَصَادر والصراط لِأَن الطّاء كالدّال والمضارعة هُنَا وَإِن بَعُدت الدّال بِمَنْزِلَة قَوْلهم صَوِيقٌ ومَصاليق فأبدلوا السّين صاداً كَمَا أبدلوها حَيْثُ لم يكن بَينهمَا شَيْء فِي صُقْتُ وَنَحْوه وَلم تكن المضارعة هُنَا الوجهَ لِأَنَّك تُخِلُّ بالصَّاد لِأَنَّهَا مُطْبَقَة وَأَنت فِي صُقْتُ تضعُ فِي مَوْضِع السّين حرفا أَفْشى فِي الْفَم مِنْهَا للإطباق فَلَمَّا كَانَ الْبَيَان هُنَا أحسن لم يجز الْبَدَل فَإِن كَانَت السّين فِي مَوْضِع الصَّاد وَكَانَت سَاكِنة لم يجز إلاّ الإِبدال إِذا أردْت التّقريب وَذَلِكَ قَوْلك فِي التّسْدير والتّزدير وَفِي يَسْدُلُ ثَوْبَه يَزْدُل ثَوْبه لِأَنَّهَا من مَوَاضِع الزّاي وَلَيْسَت بمطبقة فَيبقى لَهَا الإِطباق وَالْبَيَان فِيهَا أحسن لِأَن المضارعة فِي الصَّاد أَكثر واعرف مِنْهَا فِي السّين وَالْبَيَان فِيهَا أَكثر وَأما الْحَرْف الَّذِي لَيْسَ من مَوْضِعه فالشّين لِأَنَّهَا استطالتّ حَتَّى خالطّتْ أَعلَى الثّنيتين وَهِي فِي الهمس والرّخاوة كالصاد والسّين وَإِذا أجريتَ فِيهَا الصوتَ وجدتَ ذَلِك بَين طَرَف لسَانك وانفراج أَعلَى الثّنِيَّتَيْن وَذَلِكَ قَوْلك أَشْدَقُ فتُضارَعُ بهَا الزّاي وَالْبَيَان فِيهَا أعرف وَأكْثر وَهَذَا عَرَبِيّ كثير وَالْجِيم أَيْضا قد قَرُبتْ مِنْهَا فجُعِلت بِمَنْزِلَة الشّين من ذَلِك قَوْلهم فِي الأجدر أَشْدَر وَإِنَّمَا حملهمْ على ذَلِك أَنَّهَا من مَوْضِع حرفٍ قد قَرُب من الزّاي كَمَا قلبوا النّون ميماً مَعَ الْبَاء إِذْ كَانَت الْبَاء فِي مَوْضِع حرف تقلب مَعَه النّون ميماً وَذَلِكَ الْحَرْف الْمِيم يَعْنِي إِذا أدغمتَ النّون فِي الْمِيم وَقد قَرَّبوها مِنْهَا فِي افْتَعَلوا حِين قَالُوا اجْدَمَعوا أَي اجتَمَعوا واجْدَرَؤا أَي اجْتَرَؤا لما قَرَّبها مِنْهَا فِي الدّال وَكَانَ حرفا مجهوراً قرَّبها مِنْهَا فِي افتعل لتُبدَل الدّال مَكَان التّاء وليكون الْعَمَل من وَجه وَاحِد وَلَا يجوز أَن تجعلها زاياً خَالِصَة وَلَا الشّين لِأَنَّهُمَا ليسَا من مخرجهما فاعلمه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
(هَذَا بَاب مَا تقلب فِيهِ السّين صاداً فِي بعض اللُّغَات)
تقلبها القافُ إِذا كَانَت بعْدهَا فِي كلمة وَاحِدَة وَذَلِكَ نَحْو صُقْتُ وصَبَقتُ والصَّمْلَق وَذَلِكَ أَنَّهَا من أقْصَى(4/182)
اللِّسَان فَلم تنحدرا انحدار الْكَاف إِلَى الْفَم وتَصَعَّدَتْ إِلَى مَا فَوْقهَا من الحنك الْأَعْلَى والدّليل على ذَلِك أَنَّك لَو جافَيْتَ بَين حَنَكَيْك فبالغتَ ثمَّ قلتَ قَقْ قَقْ لم تَرَ ذَلِك مخلاًّ بِالْقَافِ وَلَو فعلته بِالْكَاف وَمَا بعْدهَا من حُرُوف اللِّسَان أخَلَّ ذَلِك بهنّ فَهَذَا يدلك على أَن مُعتَمَدَها على الحنك الْأَعْلَى فَلَمَّا كَانَت كَذَلِك أبدلوا من وضع السّين أشبه الْحُرُوف بِالْقَافِ ليَكُون الْعَمَل من وَجه وَاحِد وَهِي الصَّاد لِأَن الصَّاد تصعد إِلَى الحنك الْأَعْلَى للإطباق فشبهوا هَذَا بإبدالهم الطّاء فِي مُصْطَبِر والدّال فِي مُزْدَجِر وَلم يبالوا مَا بَين السّين وَالْقَاف من الحواجز وَذَلِكَ لِأَنَّهَا قلبتْها على بُعْدِ المخرجين فَكَمَا لم يبالوا بُعد المخرجين لم يبالوا مَا بَينهمَا من الْحُرُوف إِذْ كَانَت تَقوى عَلَيْهِمَا والمخرجان متفاوتان ومثلُ ذَلِك قَوْلهم هَذَا حِلِبْلاب فَلم يبالوا مَا بَينهمَا وجعلوه بِمَنْزِلَة عَالم وَإِنَّمَا فعلوا هَذَا لِأَن الْألف قد تمال فِي غير الْكسر نَحْو صارَ وطارَ وغَزا وَأَشْبَاه ذَلِك فَكَذَلِك الْقَاف لما قَوِيَتْ على البُعد لم يبالوا بحاجز والغين وَالْخَاء بِمَنْزِلَة الْقَاف وهما من حُرُوف الْحلق بِمَنْزِلَة الْقَاف من حُرُوف الْفَم وقُربُهما من الْفَم كقرب الْقَاف من الْحلق وَذَلِكَ قَوْلهم صالِغ فِي سالِغ وصَلَخَ فِي سَلَخَ فَإِذا قلت زَقَاَ أَو زَلَقَ لم تغيرها لِأَنَّهَا حرف مجهور وَلَا تَتَصَعَّد كَمَا تَصَعَّدت الصَّاد من السّين وَهِي مهموسة مثلُها فَلم يبلغُوا هَذَا إِذْ كَانَ الأعرف الأَجودُ الْأَكْثَر فِي كَلَامهم تَركُ السّين على حَالهَا وَإِنَّمَا يَقُولهَا من الْعَرَب بَنو العَنْبَر وَقد قَالُوا صاطِع فِي سَاطِع لِأَنَّهَا فِي التّصعد مثل الْقَاف وَهِي أولى بذا من الْقَاف لقُرب المخرجين والإطباق وَلَا يكون هَذَا فِي التّاء إِذا قلتَ نَتَقَ وَلَا فِي التّاء إِذا قلتَ ثَقَبَ فتخرجها إِلَى الطّاء لِأَنَّهَا لَيست كالطّاء فِي الجَهر والفُشُوّ فِي الْفَم والسّينُ كالصاد فِي الهَمس والصَّفير والرَّخاوة فَإِنَّمَا تخرج من الْحَرْف إِلَى مثله فِي كل شَيْء إلاّ الإِطباق فَإِن قيل هَل يجوز فِي ذَقَطَها أَن تجْعَل الذَّال ظاءً لِأَنَّهُمَا مَجْهوران ومِثْلان فِي الرّخاوة، فَإِنَّهُ لَا يكون لِأَنَّهَا لَا تَقْرُب من الْقَاف وَأَخَوَاتهَا قُربَ الصَّاد وَلِأَن الْقلب أَيْضا فِي السّين لَيْسَ بِالْأَكْثَرِ لِأَن السّين قد ضارعوا بهَا حرفا من مخرجها وَهُوَ غير مُتَقَارب لمخرجها وَلَا حَيِّزِها وَإِنَّمَا بَينهَا وَبَين الْقَاف مخرج وَاحِد فَلذَلِك قربوا من هَذَا الْمخْرج مَا يَتَصَعَّدُ إِلَى الْقَاف وَأما التّاء والثّاء فَلَيْسَ يكون فِي موضعهما هَذَا وَلَا يكون فيهمَا مَعَ هَذَا مَا يكون فِي السّين من الْبَدَل قبل الدّال فِي التّسدير إِذا قلت التّزدير إلاّ ترى أَنَّك إِذا قلت التّثدير لم تجْعَل الثّاء ذالاً لِأَن الظّاء لَا تقع هُنَا. قَالَ قطرب: يعْتَمد من هَذَا كُله على الْمَحْفُوظ وَلم يكن يرى المضارعة اطِّراداً وَقَالَ: تدخل الزّاي على السّين وَرُبمَا دخلت على الصَّاد أَيْضا إِذا كَانَ فِي الِاسْم طاء أَو غين أَو قَاف أَو خاء كَقَوْلِهِم الصِّرَاط والزراط والبُصاق والبُزاق والصندوق والزندوق والمِصْدغة والمِزْدغة وصَنِخ الطّعام وزَنِخ. قَالَ أَبُو حَاتِم: لَيست الزّاي الْخَالِصَة فِي مثل هَذَا بمعروفة وَلذَلِك أنكر أَبُو بكر مَا حَكَاهُ الْأَصْمَعِي عَن أبي عَمْرو من أَنه قَرَأَ الزّراط بالزاي الْخَالِصَة وَلم يكن الْأَصْمَعِي نحوياً وَإِنَّمَا سمع أَبَا عَمْرو يقْرَأ بالمضارعة وَمِمَّا هُوَ عِنْد قطرب لُغَة وَلَيْسَت بمضارعة قَوْلهم سَغْصَغْت وصَغْسَغْتُ وسَغْبَلْتُ وصَغْبَلْتُ وسَوَّاغ وصَوَّاغ وأسْغة وأَصْغى، وَأَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى يحمل ذَلِك كُله على المضارعة وَالْقلب ليَكُون الْعَمَل من وَجه وَاحِد. قَالَ أَبُو عَليّ: المضارعةُ فِي جَمِيع مَا سكن فِيهِ حرفُ الصفير من هَذَا الحيز الَّذِي تقدم ذكره قياسٌ مطرد وَلم يكن يرى قَوْلَ قُطْرب فِي هَذَا النّحو صَوَابا.
(بَاب الإِبدال)
بَاب مَا يَجِيء مقولاً بحرفين وَلَيْسَ بَدَلا
أما مَا كَانَ جَارِيا على مقاييس الإِبدال التّي أَبَنْتُ فَهُوَ الَّذِي يُسمى بَدَلا وَذَلِكَ كإبدال الْعين من الْهمزَة(4/183)
والهمزة من الْعين وَالْهَاء من الْحَاء والحاء من الْهَاء وَالْقَاف من الْكَاف وَالْكَاف من الْقَاف وَالْفَاء من الثّاء والثّاء من الْفَاء وَالْبَاء من الْمِيم وَالْمِيم من الْبَاء فَأَما مَا لم يتقارب مخرجاه البتةَ فَقيل على حرفين غير متقاربين فَلَا يُسمى بَدَلا وَذَلِكَ كإبدال حرف من حُرُوف الْفَم من حرف من حُرُوف الْحلق. الْأَصْمَعِي: آدَيْتُه على كَذَا وأَعْدَيْتُه: قَوَّيْتُه وأَعَنْتُه، وَقد استَأْدَيْتُ الْأَمِير على فلَان: أَي استَعْدَيْتُ وَيُقَال كَثَّأَ اللَّبَن وكَثَّع وَهِي الكَثْأَة والكَثْعَة: وَذَلِكَ إِذا علا دَسَمُه وخُثورتُه رَأْسَه، وَيُقَال موتٌ زُؤاف وزُعاف وذُؤاف وذُعاف: إِذا كَانَ يُعْجِلُ القَتْل، وَيُقَال أردتَ أَن تفعلَ كَذَا وَكَذَا وَبَعض الْعَرَب يَقُول أردتَ عَنْ تفعل. وَقَالَ ابْن السّكيت: لألَّني: يُرِيد لعَلَّني. وَيُقَال التُمِئ لونُه والْتُمِع، وَهُوَ السّأْف والسّعْف. أَبُو عَمْرو: الأُسْن: قديمُ الشّحْم وَبَعْضهمْ يَقُول العُسْن. وَيُقَال طاروا عَباديد وأباديد، والخَبْع لغةٌ فِي الخَبْء. أَبُو عُبَيْد: تَرَيَّع السّراب وتَرَيَّه: إِذا جَاءَ وَذَهَب، وهاثَ فِيهِ وعاث. قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للصَّبا: إيرٌ وأَيِّرٌ وهِيرٌ وهَيِّرٌ، وَيُقَال للقشور التّي فِي أصل الشّعر إبْرِيَة وهِبْرِيَة، وَيُقَال أيا فلَان وهَيَا فلَان. وَيُقَال أَرَقْتُ المَاء وهَرَقْتُه. وَيُقَال إياك أَن تفعل وهَيَّاكَ. وَيُقَال اتْمَهَلَّ السّنامُ واتْمَأَلَّ: إِذا انتصب. وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ حَسَنَ الْقَامَة إِنَّه لمُتْمَهِلٌّ. وَيُقَال أَرَحْتُ دابَّتي وهَرَحْتُها. وأَنَرْتُ لَهُ وهَنَرْت. وَقَالَ الْفَارِسِي: هُوَ ذُو تُدْرَئِهِم وتُدْرَهِهِم وَقد دَرَأَه وَدَرَهه. والمِدْرَه الَّذِي هُوَ لِسَان الْقَوْم ورأسُهم والمتكلم عَنْهُم الْهَاء فِيهِ مبدلة من الْهمزَة. الْأَصْمَعِي: يُقَال: اطْرَخَمَّ واطْرَهَمَّ: إِذا كَانَ مُشْرِفاً طَويلا وَأنْشد لِابْنِ أَحْمَر: أُرَجِّي شَباباً مُطْرَهِمَّاً وصِحَّةً وكيفَ رجاءُ الشّيخِ مَا لَيسَ لاقِيا وروى أَبُو عُبَيْد: عَن أبي زيد الْكلابِي المُطْرَخِمُّ: الشّباب المعتدل التّام وَيُقَال بَخٍ بَخٍ وبَهٍ بَهٍ: إِذا تَعَجَّب من شَيْء، وَيُقَال: صَخَدَتْهُ الشّمسُ وَصَهَدته: إِذا اشتدَّ وقعُها عَلَيْهِ. وَيُقَال هاجِرَةٌ صَيْخود: أَي شَدِيدَة الْحر، وصَخرةٌ صَيْخود: أَي صُلبة، وصيهود فيهمَا. الْأَصْمَعِي: إِنَّه لَعِفْضاجٌ وحِفْضاج: إِذا تَفَتَّق وكثُر لَحْمه، وَيُقَال رجل عُفاضِج، وَيُقَال إِن فلَانا لمَعْصوبٌ مَا حُفْضِج وَيُقَال بَحْثَروا مَتَاعهمْ وبَعْثَروه أَي فرَّقوه. وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا كَانَت تَبْذُؤ وتجيء بالْكلَام الْقَبِيح والفُحْش هِيَ تُعَنْظي وتُحَنْظي وتُحَنْذي وَقد عَنْظى الرَّجُل وحَنْظى، وَيُقَال نَزَلَ حَراه وعراه: أَي قَرِيبا مِنْهُ، والوَحي والوَعي: الصَّوْت. أَبُو عُبَيْدة: يُقَال: ضَبَحَت الخيلُ وَضَبَعتْ سَوَاء، وَقَالَ بَعضهم ضَبَحَتْ بِمَنْزِلَة نَحَمَتْ، كَذَا حكى عَنهُ يَعْقُوب، وَيُقَال رجلٌ دَعْداع ودَحْداح: قصير. الْفراء: سمعتُ وَعاهم ووَغاهُم: وَهِي الضّجَّة، وَمَا لَهُ عَن ذَاك وَعْلٌ ووَغْل: فِي معنى ملْجأ. اللحياني: ارْمَعَلَّ دَمعُه وارْمَغَلَّ: إِذا قَطَرَ وتتابَع. الشّيباني: نُشِعْتُ بِهِ ونُشِغْتُ بِهِ: أَي أُولِعتُ وَإنَّهُ لمَنْشوعٌ بِأَكْل اللَّحْم، ونَشَعْتُه ونَشَغْتُه: إِذا سَعَطْتُه، والنّشوع والنّشوغ: السّعوط. الْأَصْمَعِي: غَلَثَ طعامَه وَعَلَثه، وَقد اعْتَلَثَ واغْتَلَث، والعُلاثة: أَقِطٌ وسَمْن يُخلَط أَو رُبٌّ وأَقِطٌ، وَفُلَان يَأْكُل الغَليث: إِذا أكل خُبزاً من شعير وحنطة. قَالَ: وَفِي لَعَلَّ لُغَات بعض الْعَرَب يَقُول لَعَلِّي وَبَعْضهمْ لَعَلَّني وَبَعْضهمْ عَلِّي وَبَعْضهمْ عَلَّني وَبَعْضهمْ لَعَنِّي وَبَعْضهمْ لَغَنِّي وَأنْشد للفرزدق: هَل أَنْتُم عائجون بِنَا لَعَنَّا نرى العَرَصاتِ أَو أَثَر الخِيامِ وَقَالَ أَبُو النّجم: أُغْدُ لَعَلْنا فِي الرّهانِ نُرْسِلُهْ يُرِيد لَعَلَّنا، وَبَعْضهمْ يَقُول لأَنَّني وَبَعْضهمْ لأَنِّي وَبَعْضهمْ لَوَنِّي، وَقَالَ رجل من يدْعو إليَّ المرأةَ الضَّالة فَقَالَ أَعْرَابِي: لَوَنَّ عَلَيْهَا خِماراً أسْودا، يُرِيد لَعَلَّ عَلَيْهَا، وَيُقَال اغْبِن من ثَوْبِك واخْبِن: أَي كُفَّ، وَقيل اكْبِن، وَيُقَال كَدَحَهُ وَكَدَههُ وَوَقَع من السّطح فتَكَدَّجَ وتَكَدَّه، وَأنْشد لرؤبة:(4/184)
يَخافُ صَقْعَ القارِعاتِ الكُدَّه الصَّقْع: كلُّ ضَرْبٍ على يَابِس كُدَّهٍ أَي كُسَّر، والمقارعة: كلُّ هَنةٍ شَدِيدَة القَرْع وَيُقَال هَبَشَ لَهُ وَحَبَش: أَي جَمَعَ، وَهُوَ يَهْتَبِش ويَحْتَبِش، والأُحْبوش: الْجَمَاعَات، وَيُقَال قَهَلَ جِلده وَقَحَل، والمُتَقَهِّل: الْيَابِس الْجلد، وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ يَتَيَبَّس فِي الْقِرَاءَة مُتَقَهِّل ومُتَقَحِّل، وَيُقَال جَلِهَ وجَلِحَ وَهُوَ الجَلَه والجَلَح وَهُوَ انحسار الشّعر من مُقدَّم الرّأس فَوق الصَّدْغَيْن، وَيُقَال نَحَمَ يَنْحِم وَنَهَم ينْهِم وَأَنَح يأْنِح وَأَنَه يأْنِه، قَالَ رؤبة: رَعَّابَةٌ يُخْشِي نفوسَ الأُنَّهِ يصف فحلاً يَقُول: يَرْعَبُ نفوسَ الَّذين يأْنِهون، وَقَالَ غير الْأَصْمَعِي: فِي صَوته صَحَلٌ وصَهَلٌ أَي بُحوحة، وَيُقَال هُوَ يَتَفَيْهَق فِي كَلَامه ويَتَفَيْحَق: إِذا توسَّع فِي الْكَلَام وتَنَطَّع وَأَصله من الفَهَقِ وَهُوَ الامتلاء، وَيُقَال الحَقْحَقَة والهَقْهَقَة: السّير المُتعِب، قَالَ: وَقَالَ رؤبة: يُصْبِحْنَ بعدَ القَرَبِ المُقَهْقِه إِنَّمَا أَصله من الحَقْحَقَة فقلبوا الْحَاء هَاء لِأَنَّهَا أُخْتهَا وقلبوا الهَقْهَقَة إِلَى الهَقْهَقَة، وَمن أمثالهم: شَرُّ السّيْرِ الحَقْحَقَة، وَقَالَ مُطَرِّفُ بن الشّخِّيْر لِابْنِهِ: يَا عبد الله عليكَ بالقَصْدِ وإياكَ وسَيْرَ الحَقْحَقَة: يُرِيد الأتعاب، والحَفيف والهَفيف: الصَّوْت، وَقد قيل الأَفيف. أَبُو عُبَيْد: أَهَمَّني الْأَمر وأَحَمَّني، وَقَالَ: قَمَحَ البعيرُ يقْمَحُ قُموحاً وَقَمَهَ يقْمَهُ قُموهاً: إِذا رَفَعَ رَأسه وَلم يشرب المَاء. ابْن دُرَيْد: طَحَرَه وَطَهَرهُ: أَبْعَده، وَمَدَهَ بِمَعْنى مَدَحَ وَذكروا أَن النّبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم قَالَ لعمّار: (وَيْهَكَ يَا ابنَ يُمَيَّة) بِمَعْنى وَيْحَك. أَبُو عُبَيْد: فَأَما قَوْلهم مَهَمٌّ ومَحَمٌ فإبدال قياسي لَا حَاجَة بِنَا إِلَى ذكره هُنَا. الْأَصْمَعِي: الحَشِيُّ والخَشِيّ: الْيَابِس، وَأنْشد للعجاج: والهَدَبُ النّاعمُ والحَشِيُّ والخَشِيُّ: النّاعم الرّطْب، وأنْشَد: وإنَّ عِنْدي لَوْ رَكِبْتَ مِسْحَلي سَمَّ ذَراريحَ رِطابٍ وخَشِي وَقَالَ: حَبَجَ وَخَبَجَ: إِذا خرجتْ مِنْهُ ريح، وَقَالَ: سَمِعت أَعْرَابِيًا يَقُول حَبَجَ بهَا ورَبِّ الْكَعْبَة، وَيُقَال فاحتْ مِنْهُ ريحٌ طيبَة وفاخَتْ. أَبُو زيد: خَمَصَ الجُرْح يخْمُص خُموصاً وَحَمَصَ يحْمُص حُموصاً، وانْحَمَص وانْخَمَص: إِذا ذَهَبَ وَرَمُه. أَبُو عُبَيْد: المَخْسول والمَحْسول: المَرْذول، وَقد خَسَلْتُه وحَسَلْتُه. الشّيباني: الخُجادِيّ والحُجادي: الضّخم. وَيُقَال: طُخْرور وطُحْرور للسحاب، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الطّخارير: قِطَع من السّحاب مُسْتدقة رِقاق، الْوَاحِدَة طُخْرورة، وَالرجل طُخْرور: إِذا لم يكن جَلْداً وَلَا كثيفاً وَلم يعرف بِالْحَاء. اللحياني: يُقَال: شَرِبَ حَتَّى اطْمَعَرَّ واطْمَخَرَّ: أَي حَتَّى امْتَلَأَ، وَيُقَال: دَرْبَخ ودَرْبَح: إِذا كَانَ حَنى ظَهره، وَيُقَال: هُوَ يَتَخَوَّف مَالِي ويَتَحَوَّفُه: أَي يَتَنَقَّصُه، قَالَ الله تَعَالَى: (أَو يأْخُذَهُمْ على تَخَوُّفٍ) أَي تَنَقُّص، قَالَ الشّاعر: تَخَوَّفَ السّيْرُ مِنْهَا تامِكاً فَرِداً كَمَا تَخَوَّفَ عُودَ النّبْعَةِ السّفَنُ السّفَن: المِبْرَد. غَيره: سَبْحاً فراغاً وسَبْخاً نوماً وَيُقَال: قد سَبَحَ الْجَرَاد وَسَبَخَ إِذا حَار وانْكسر، وَيُقَال:(4/185)
اللَّهُمَّ سَبِّخْ عَنهُ الحُمّى: أَي خَفِّفْها، وَقَالَ النّبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا حِين دَعَتْ على سارقٍ سَرَقهَا: (لَا تُسَبِّخي عنهُ بدُعائِكِ) أَي لَا تُخفّفي عَنهُ إثمه، وَيُقَال لما سَقَطَ من ريش الطّائر: سَبيخ. غَيره: الخَبيب فِي الحَبيب، والرَّخْمَة فِي الرّحْمة، وَيُقَال: إِنَاء قَرْبان وكَرْبان: إِذا دنا أَن يمتلئ، وَيُقَال عَسِقَ بِهِ وعَسِك بِهِ: إِذا لَزِمه، والأَقْهَب والأَكْهَب: لونٌ إِلَى الغُبْرة، وَيُقَال: دَقَمَه وَدَكَمهُ: إِذا دَفَعَ فِي صَدره، وَيُقَال للصَّبِيّ والسّخْلةِ قد امْتَكَّ مَا فِي ضَرْعِ أُمِّه وامْتَقّ: إِذا شَرِبَه كلَّه، وَيُقَال قانَعَه اللهُ وكانعه الله فِي معنى قاتَلَه الله. الشّيباني: عَرَبِيٌّ كُحٌّ وعَربيةٌ كُحَّة، وَقَالَ أَبُو زيد: أعرابيٌّ قُحٌ وأعرابٌ أقْحاح: أَي مَحْضٌ خَالص وَكَذَلِكَ عبدٌ قُحّ: أَي مَحْض خَالص. الْأَصْمَعِي: القُحّ: الْخَالِص من كل شَيْء وَيُقَال للَّذي يُتَبَخَّر بِهِ قُسْط وكُسْط. أَبُو عُبَيْدة: كافورٌ وقافور، غَيره: كَشَطْتُ عَنهُ جِلده وقَشَطْت. قَالَ: وقُرَيش تَقول: كَشَطت، وَقيس وَتَمِيم وَأسد تَقول: قَشَطت، وَفِي مصحف عبد الله بن مَسْعُود قُشِطَتْ، قَالَ: وَيُقَال قَحَطَ القِطار وَكَحَطَ وقَهَرْتُ الرَّجُل أَقْهَرُه وكَهَرْته أكْهَرُه، وسمعتُ بعض غَنْمِ بن دودان يَقُول فَلَا تَكْهَر. أَبُو عُبَيْد: حَزَكْته بالحبل أحْزِكه وحَزَقْته. الْأَصْمَعِي: ممرَّ يَرْتَكُّ ويَرْتَجُّ: إِذا تَرَجْرَج، وَيُقَال أَصَابَهُ سَكٌ وسَجٌّ إِذا لانَ عَلَيْهِ بطنُه، وَيُقَال الزّمْجِيّ والزِّمْكِيّ لزِمْكِيِّ الطّائر، وَيُقَال ريح سَيْهَكٌ وسَيْهَج وسَيْهوك وسَيْهوج: وَهِي الشّديدة، والسّهْك والسّهْج: السّحْق، يُقَال سَحَقَهُ وَسَهَكهُ وَسَهَجهُ. الشّيباني: السّهْك والسّهْج: مَرُّ الرّيح. الْأَصْمَعِي: جاحَشْتُه وجاحَسْتُه وجاحَفْتُه: إِذا زاحَمْتُه. وَبَعض الْعَرَب يَقُول للجِحاش فِي الْقِتَال الجِحاس. أَبُو زيد: مَضى جَرْسٌ من اللَّيْل وجَرْش. أَبُو عَمْرو: سَئِفَتْ رِجْلُه وشَئِفَتْ وَهُوَ تَشَقُّقٌّ يكون فِي أصل الأَظفار، وَيُقَال الشّوْذَق والسّوْذَق للصقر. اللحياني: حَمٍض الشّرُّ وحَمِشَ واحْتَمَش الدّيكان واحْتَمَسا: إِذا اقتتلا، وَيُقَال تَنَسَّمْتُ مِنْهُ عِلماً وتَنَشَّمْت، والغَبَس والغَبَش: السّواد، وَقد غَبَسَ اللَّيْل وأغْبَس وَغَبَشَ وأغْبَش، وَيُقَال عَطَسَ فلَان فشَمَّتُّه وسَمَّتُّ. الْفراء: أَتَانَا بسُدْفَةٍ وسَدْفَةٍ وشَدْفَة وشُدْفَة وَهُوَ السّدَفُ والشّدَف. ابْن السّكيت: يُقَال: جُعْسوس وجُعْشوش وكلُّ ذَلِك إِلَى قَماءةٍ وصِغَرٍ وقِلَّة، وَيُقَال: هُوَ من جَعاسيس النّاس، وَلَا يُقَال هَذَا فِي الشّين. أَبُو عُبَيْد: الجُعْشوش: الطّويل الرّقيق، والجُعْسوس: اللَّئِيم، وَقيل الجُعسوس الْقَبِيح اللَّئِيم الخُلُق. أَبُو زيد: يُقَال: هِدْمٌ مُلَدَّم ومُرَدَّم: أَي مُرَقَّع، وَقد رَدَّم ثوبهَ: أَي رَقَّعه، وَيُقَال اعْرَنْكَس واعْلَنْكَس الشّيءُ: إِذا تراكم وكثُر، وَهَدَلَ الحمامُ يهْدِلُ هديلاً وَهَدَرَ يهْدِرُ هديراً، وطِلِمْساء وطِرِمْساء للظُّلْمَة، وَيُقَال للدِّرْع نَثْلَة ونَثْرَة: إِذا كَانَت وَاسِعَة، وَيُقَال امْرَأَة جِلِبَّانَة وجِرِبَّانَة: وَهِي الصَّخَّابَة السّيئة الخُلُق، وَقَالَ حميد بن نور: جِرِبَّانَةٌ وَرْهاءُ تَخْصي حِمارها بفي مَنْ بغى خَيْراً إِلَيْهَا الجَلامِدُ وَيُقَال: عُودٌ مُتَقَطِّل ومُتَقَطِّر ومُنْقَطِل ومُنْقَطِر: أَي مَقْطُوع. أَبُو عُبَيْدة: يُقَال سهْمٌ أَمْرَط وأَمْلَط: إِذا لم يكن عَلَيْهِ ريش، وَقد تَمَلَّط ريشُه وتَمَرَّط، وَجَلَمهُ وَجَرَمهُ: إِذا قَطَعَهُ، يُقَال لكل وَاحِدَة من الحديدتين الجَلَم فَإِذا اجْتمعَا فهما جَلَمان وَكَذَلِكَ مِقْراضان كلُّ وَاحِد مِنْهَا مِقْراض والتّلاتِل والتّراتِر: الهَزاهِز. أَبُو زيد: الشّرْخ والشّلْخ: الأَصْل. الْأَصْمَعِي: جاءتنا زِمْزِمَة من بني فلَان وصِمْصِمَة: أَي جمَاعَة وأنْشَد: إِذا تَدانى زِمْزِمٌ لزِمْزِم قَالَ: ويروى صِمْصِم، وَيُقَال نَشَصَتْ الْمَرْأَة على زَوجهَا وَنَشَزتْ وَهُوَ النّشوص والنّشوز، وَمِنْه نَشَصَتْ ثَنِيَّتُه: إِذا خرجتْ من موضعهَا. قَالَ الْأَعْشَى: تَقَمَّرَها شَيْخٌ عِشاءً فأصْبَحَتْ قُضاعِيَّةً تَأتي الكَواهِنَ ناشِصا(4/186)
أَي ناشِزاً. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يَعْنِي تقمرها غَفلَة وأخرجها من قَومهَا فَأَصْبَحت فِي قُضاعة غَرِيبَة تَأتي الكواهن تسْأَل عَن حَالهَا هَل يَرَيْنَ لَهَا الرّجوعَ إِلَى أَهلهَا أم لَا والنّشاص: الْغَيْم الْمُرْتَفع، وَيُقَال: فَصَّ الجُرحُ يَفِصُّ فَصيصاً، وفَزَّ يَفِزُّ فَزيزاً: إِذا سَالَ. ابْن السّكيت: رَجَعَ إِلَى ضِئْضِئِه وصِئْصِئِه: وَهُوَ الأَصْل. أَبُو عَمْرو: مَا يَقْدِرُ أَن يَنوصَ لحَاجَة وَأَن يَنوض: أَي يَتَحَرَّك وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (ولاتَ حينَ مَناص) . ومَناص ومَناض واحدٌ، وَقَالَ: انْقاضَ وانْقاص بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ الْأَصْمَعِي: المُنْقاض: المُنْقَعِر من أَصله، والمُنْقاص: المُنْشَقُّ طولا. يُقَال انْفاضَت الرّكِيَّة وانْفاضَت السّنُّ: إِذا تشققت طولا. والقَيْص: الشّقّ، وأنْشَد: فِراقٌ كقَيْصِ السّنِّ فالصَّبْر إِنَّه لكُلِّ أُناسٍ عَثْرَةٌ وجُبورُ الْأَصْمَعِي: مَضْمَض لِسَانه فِيهِ ومَصْمَصَه: حَرَّكه، وَكَذَلِكَ مَضْمَض إناءه ومَصْمَصه إِذا غسله. اللحياني: تَضافُّوا على المَاء وتَصافُّوا، وصَلاصِل المَاء وضَلاضِله: بقاياه، وقَبَضْتُ قَبْضةً وقَبَصْتُ قَبْصَةً وَقيل إِن القَبْصة أقلُّ من القَبْضة وَقيل القبصُ بأطراف الْأَصَابِع والقبضُ بالكف كلهَا. قَالَ اللحياني: سَمِعت أَبَا زيد يَقُول: تَضَوَّكَ بخُرْئِه وتَصَوَّك. أَبُو عُبَيْدة: صَاَفَ السّهمُ يَصيفُ وَضَاَفَ يَضيف: عَدَلَ عَن الهدف، وتَضَيَّفَتْ الشّمس للغروب وتَصَيَّفَتْ: إِذا مالتّ، وَمِنْه اشتقاق الصَّيف. اللحياني: إِنَّه لَصِلُّ أَصْلال وضِلُّ أَضْلال. الْأَصْمَعِي: يُقَال تَسَلَّع جِلدةً وتَزَلَّع: أَي تشقق، وَيُقَال خَسَقَ السّهمُ وَخَزَقَ: إِذا قَرْطَسَ، وسهمٌ خازِقٌ وخاسِق، يُقَال: مَكَان شَأْسٌ وشَأْز: وَهُوَ الغليظ، وَيُقَال نَزَغَه وَنَسَغهُ وَنَدَغهُ: إِذا طَعَنَهُ بيد أَو بِرُمْح، وَقَالَ غَيره: الشّاسِب والشّزِب: الضّامِر. وَقَالَ أَعْرَابِي: مَا قَالَ الحطيئةُ أَيْنُقاً شُزُباً إِنَّمَا قَالَ أَعْنُزاً شُسُباً، قَالَ: ويروي بَيت أبي ذُؤَيْب: أَكَلَ الجَميمَ وطاوَعَتْهُ سَمْحَجٌ مِثلُ القَناةِ وأَزْعَلَتْهُ الأمرعُ والزَّعَل: النّشاط، ويروى: أَسْعَلَتْه. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: يُقَال: مَعْجِسُ الْقوس وعَجْس وعِجْس ومَعْجِز وعَجْز وعِجْز: للمَقْبِض. الْأَصْمَعِي: يُقَال: أَتَانَا مَلَسَ الظّلام وَمَلَث الظّلام: أَي اختِلاطَه، وساخَتْ رِجْلُه فِي الأَرْض وثاخَتْ: إِذا دَخَلَتْ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْب: قَصَرَ الصَّبوحَ لَهَا فَشَرَّجَ لَحْمَها بالنّيِّ فَهْيَ تَثوخُ فِيهَا الإِصْبَعُ الْأَصْمَعِي: الوَطْس والوَطْث: الضّرب الشّديد بالخُفّ، وَيُقَال: فُوه يجْرِي سَعابيبَ وثَعاليب: وَهُوَ أَن يجْرِي مِنْهُ ماءٌ صافٍ، وَيُقَال: ناقةٌ فاسِج وفاثِج: وَهِي الفَتِيَّة الْحَامِل، وَأنْشد الْأَصْمَعِي: والبَكَراتِ اللُّقَّحَ الفَواثِجا الْأَصْمَعِي: يُقَال لتراب البِئْر: النّبيثة والنّبيذَة، وَيُقَال قَرَبٌ حَذْحاذ وحَثْحاث: إِذا كَانَ سَرِيعا، وَقَثَم لَهُ من مَاله وَقَذَمَ وَغَذَم لَهُ من مَاله وَغَثَمَ: إِذا دَفَعَ إِلَيْهِ دُفعة وَأكْثر، وَيُقَال قَرَأَ فَمَا تَلَعْثَم وَمَا تَلَعْذَم، وَيُقَال جَثَاَ يَجثو وَجَذَا يَجْذو: إِذا قَامَ على أَطْرَاف أَصَابِعه، وَقَالَ غير الْأَصْمَعِي: جَثْوَة وجُثْوة وجِثْوة وجَذْوة وجُذْوة وجِذْوة. الشّيباني: يَلوثُ ويَلوذ سَوَاء. غَيره: يُقَال: خرجتْ غَثيثةُ الجُرح وغَذيذتُه: وَهِي مِدَّتُه، وَقد غَثَّ يَغِثُّ وغَذَّ يَغِذُّ. الْأَصْمَعِي: هُوَ السّتي والسّدي والأُسْديُّ والأُسْنِيُّ: لِسَدى الثّوب، قَالَ الحطيئة: مُستلِك الوِرْدِ كالأُسْدِيِّ قد جَعَلَتْ أَيْدي المَطيِّ بِهِ عادِيَّةً رُكُبا ويروى رُغُباً رُكُبٌ جمع رَكوب وَهُوَ الطّريق الَّذِي فِيهِ آثَار والرُّغُب الواسعة وَأما السّدى من النّدى فبالدّال لَا غير يُقَال: سَدِيَتِ الأَرْض: إِذا نَدِيّتْ من السّماء كَانَ النّدى أَو من الأَرْض. أَبُو عُبَيْدة: السّدى: مَا(4/187)
كَانَ فِي أوّل اللَّيْل، والنّدى: مَا كَانَ فِي آخِره، وَيُقَال للبَلَح إِذا وَقَعَ وَقد اسْتَرْخَتْ تَفاريقُه ونَدِيَ بَلَحٌ سَدٍ وَقد أسْدى النّخلُ وَيُقَال أَعْتَدَه وأَعَدَّه، قَالَ الشّاعر: إثْماً وغُرْماً وعَذاباً مُعْتَدا وَيُقَال التّوْلَج والدّوْلَج للكِناس وَيُقَال السّبَنْتاة والسّبَنْداة للجَريئة، وَيُقَال للنمر سَبَنْدى وسَبَنْتى وَهَرَت القصارُ الثّوبَ وَهَرَده: إِذا خَرَقَه وَكَذَلِكَ هَرَدَ عِرْضَه وَهَرَته، وَحكى سِيبَوَيْهٍ: اتَّغَر وادَّغَر: إِذا نَبَتَتْ أَسْنَانه. غَيره: متَّ ومَدَّ وَحكى أَبُو عُبَيْد: مَطَّ وَقد بَدِغ بسَلْحِه وبَطِغ: إِذا تَلَطَّخ بِهِ وأنْشَد: لَولا دَبوقاءُ اسْتِه لم يَبْطَغِ غَيره: مَا لكَ عِنْدِي إلاّ هَذَا فقَطْ وفقَدْ والإبْعاطُ والإبْعاد. الْأَصْمَعِي: الأقطار والأَقْتار: النّواحي، يُقَال وَقَعَ على أحَدِ قُطْرَيْه وأحدِ قُتْرَيْه: أَي إِحْدَى ناحيَتَيْه، وقَتَّره وقَطَّره: إِذا طَعَنَه فَأَلْقَاهُ على أحدِ قُطْرَيْه، وَيُقَال رجل طَبِنٌ وتَبِن: أَي فَطِن حاذِق وَيُقَال مَا أَسْتَطِيع وَمَا أسْتَتيع وَمَا أسْطيع وَمَا أسْتيع. الْأَصْمَعِي: يُقَال للناقة إِذا أَلْقَت ولَدَها وَلم يُشعِر أَي لم ينبُتْ شَعرَهُ قد أمْلَصَتْ وأمْلَطَتْ وَهِي مُمْلِص ومُمْلِط وإبل مماليص ومَمماليط فَإِذا كَانَ ذَلِك من عَادَتهَا قيل مِمْلاط ومِمْلاص وَقد أَلْقَتْهُ مَليطاً ومَليصاً، وَيُقَال اعْتاطَتْ رَحِمُها واعْتاصَت: إِذا لم تحمِل أعواماً. أَبُو عُبَيْد: اللِّصُّ واللِّصْت، وَقَالَ مرّة اللِّصُّ فِي لُغَة طَيء وَغَيرهم اللِّصْت وهم يَقُولُونَ طَسٌّ وَغَيرهم طَسْت. الْأَصْمَعِي: رأيتُ فِي أَرض بني فلَان نُعاعةً حَسَنَةً ولعاعة: وَهُوَ نبتٌ ناعم فِي أول مَا يَبْدُو رَقِيق ثمَّ يَغْلُظ، وَيُقَال بعيرٌ رَفِنٌ ورَفِلٌ: إِذا كَانَ سابِغَ الذَّنَب، وَهَتَنتِ السّماءُ وَهَتَلَتْ تَهْتِنُ تَهْتاناً وتَهْتِلُ تَهْتلاً، وَهِي سحائب هُتَّنٌ وهُتَّلٌ وَهُوَ فَوق الهَطْل. والسّدون والسّدول: مَا جُلِّلَ بِهِ الهَوْدَج، قَالَ الرّاجز: كأنَّما عَلَّقْنَ بالأسْدالِ يانِعَ حُمَّاضٍ وأُقْحُوانِ وَقَالَ حميد بن نور: فَرُحْنَ وَقد زايَلْنَ كلَّ صَنيعَةٍ لَهُنَّ وباشَرْنَ السّديلَ المُرَقَّما والكَتَنُ والكَتَل: التّلَزُّج ولزوق الْوَسخ بالشّيء، وأنْشَد: تَشْرَبُ مِنْهُ نَهَلاتٍ وتَعُلّْ وَفِي مَراغِ جِلْدِها مِنْهُ كَتَلْ وَقَالَ ابْن مقبل: ذَعَرْتُ بِهِ العَيْرَ مُسْتَوْزِياً شَكيرُ جَحافِلِه قد كَتِنْ مُستوزياً: مرتفعاً منتصباً، والشّكير: الشّعر الضّعيف. كَتِن: أَي لَزِق بِهِ أَثَرُ خُضْرة العُشب. وَيُقَال طَبَرْزَل وطَبَرْزَن: للسُّكَّر. والرَّهْدَنة والرَّهْدَلة وَهِي الرّهادِل والرَّهادِن وَهُوَ طُوَيْرٌ يُشبه القُبَّرة إلاّ أَنه لَيست لَهُ قُنْزُعَة. وَقَالَ الطّوسي: الرّهْدل والرَّهْدَن: الضّعيف. والرَّهْدل والرَّهْدَن: طُوَيْرٌ أَيْضا. ولَقيتُه أُصَيْلالاً وأُصَيْلاناً: أَي عَشِيَّاً. والغِرْبَل والغِرْيَن: مَا يبْقى من المَاء فِي الْحَوْض أَو الغدير الَّذِي تبقى فِيهِ الدّعاميص لَا يُقدَر على شربه. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الغِرْيَن: إِذا جَاءَ السّيل فَثَبَتَ فِي الأَرْض فجَفَّ فترى الطّين قد جَفَّ ورَقَّ فَهُوَ الغِرْيَن. أَبُو عَمْرو: الدّمال والدّمان السّرْجِين. وَقَالَ الْفراء: هُوَ شَثْنُ الْأَصَابِع وشَثْلُها وَهُوَ كَبْنُ الدّلْو وكَبْل الدّلو والكَبْن مَا ثُني من الجِلْد عِنْد شَفَة الدّلو. قَالَ: وكلُّ كَفٍّ كَبْنٌ. يُقَال قد كَبَنْتُ عنكَ بعضِ لساني: أَي كَفَفْتُ وَقد كَبَنْتُ ثوبي فِي(4/188)
معنى غَبَنْتُه وَلم يَعرِفها بِاللَّامِ وَيُقَال: رجلٌ كُبُنَّة: إِذا كَانَ متقبضاً عَن النّاس. وَقَالَ الْفراء: يُقَال أَتَنَ يأتِنُ وَأَتَلَ يأتِلُ وَهُوَ الأَتَلان والأَتَلال وَهُوَ تقارُب الخَطْوِ فِي غَضَبٍ، وأنْشَد: أَراني لَا آتيكَ إلاّ كأنَّما أَسَأْتُ وَإِلَّا أنتَ غَضبانُ تأْتِلُ قَالَ الْفراء: الْعَرَب تجمع ذَأَلانَ الذئبِ ذَآليل. اللحياني: أَتَانِي هَذَا الْأَمر وَمَا مَأَنْتُ مَأْنَه وَمَا ومَالتّ مَأْلَه: أَي مَا تَهَيَّأت لَهُ، وَهُوَ حَنَكُ الغُراب وحَلَكُه: لسواده، وقلتُ لأعرابي أَتَقول مثل حَنَكِ الْغُرَاب أَو حَلَكِه فَقَالَ: لَا أَقُول مِثلَ حَلَكِه وَقَالَ أَبُو زيد: الحَلَك: اللَّوْن، والحَنَك المِنْسَر والمِنْسار المِنْقار. أَبُو عُبَيْد: أَسْوَدُ حالِكٌ وحانِكٌ، وَقَالَ: هُوَ العَبدُ زُنْمَة وَزَنَمة وزُلْمَة وَزَلَمة. ابْن السّكيت: زُنْمة وزَنْمة وزُلْمة وزَلْمة: أَي قَدُّه قَدُّ العَبد. أَبُو عُبَيْد: هُوَ عُنْوان الْكتاب وعُلْوان وعُنْيان وعُلْيان وَقد عَنْوَنْتُه وعَلْوَنْتُه. وَقَالَ اللحياني: أبَّنْتُه وأَبَّلْته: إِذا أثنَيْتُ عَلَيْهِ بعد مَوته. وَيُقَال: هُوَ على آسالٍ من أَبِيه وآسان وَقد تَأَسَّن أَبَاهُ وتَأَسَّله: إِذا نَزَعَ إِلَيْهِ فِي الشّبه وعَتَلْتُه إِلَى السّجْن وعَتَنْتُه أعْتِله وأَعْتُلُه وأَعْتِنه وأَعْتُنُه وَيُقَال ارْمَعَلَّ الدّمعُ وارْمَعَنَّ: إِذا تَتابَع وَيُقَال لابِنٌ ولابِلٌ واسْماعينُ واسْماعيل، وميكائين وَمِيكَائِيل وإسرافيل وإسرافين وَإِسْرَائِيل وإسرائين، وأنْشَد: قد جَرَتِ الطّيْرُ أيامِنينا قالتّ وكُنتُ رَجُلاً فَطينا هَذَا ورَبِّ البيتِ إسرائينا قَالَ ابْن دُرَيْد: هَذَا أَعْرَابِي أدْخَلَ قِرْداً إِلَى سوق الحِيرة ليَبِيعهُ فنظرتْ إِلَيْهِ امْرَأَة فقالتّ مِسْخٌ فَقَالَ هَذِه الأبيات وشَراحيل وشَراحين وجِبْريل وجِبْرين وَيُقَال أَلَصْت الشّيء أُليصُه وأَنَصْتُه أُنيصُه إناصة: إِذا أَدَرْته يَعْنِي مثلَ إدارتك الوَتِدَ لتقتلعه والدّحِل والدّحِن: الخَبُّ الخَبيث، والدّحَن أَيْضا الْكثير اللَّحْم وبَعير دِحَنَّة إِذا كَانَ عريضاً كثير اللَّحْم، وأنْشَد: أَلا ارْخَلوا دِعْكِنَةٍ دِحَنَّهْ بِمَا ارْتَعى مُزْهِيَةً مُغِنَّهْ وقُنَّة الْجَبَل وقلته وشَلَّتِ العينُ الدّمعَ وشَنَّت، وذَلاذِل القَميصُ وذَناذِنه لأسافِلِه وَاحِدهَا ذُلْذُل وذُنْذُن. أَبُو زيد: وَاحِدهَا ذُلَذِل. اللحياني: هُوَ خامِل الذِّكْر وخامِن الذِّكْر. وَقَالَ: مَا بهَا وابرٌ ووابِن. أَبُو عُبَيْدة: ريح سَاكِنة وساكرة. والزُّون والزُّور: كل شَيْء يُتخذ رَبَّاً ويُعبَد، وأنْشَد: جاؤا بزُوربْهِم وجِئْنا بالأصَمّْ وَكَانُوا جاؤا ببعيرين فعقلوهما وَقَالُوا لَا نَفِرُّ حَتَّى يَفِرَّ هَذَانِ فعابَهم بذلك وَجَعَلهما رَبَّيْن لَهُم. وَيُقَال: شَيْخٌ قَحْرٌ وقَحْم. الْأَصْمَعِي: وَيُقَال: الكَرَمُ من سُوسه وتُوسِه: أَي من خَليقته. وَقَالَ: رجل حَفَيْسَأ وحَفَيْتَأْ: إِذا كَانَ ضخم الْبَطن إِلَى القِصَر مَا هُوَ، وَأنْشد الْفراء: يَا قَبَّحَ اللهُ بَني السّعْلاتِ عَمْرو بنَ يَربوعِ شِرارِ النّاتِ لَيْسُوا أَعِفَّاءَ وَلَا أَكْياتِ أَرَادَ النّاس وأكياس، وَيُقَال: أَخَسَّ اللهُ حَظَّه وأَخَتَّه فَهُوَ خَسيس وخَتيت. الشّيباني: أَسْودُ قاتِمٌ وقاتِن. أَبُو عُبَيْد: طانَهُ اللهُ على الْخَيْر وطامَه: يهني جَبَلَهُ اللهُ، وأنْشَد: أَلا تلكَ نَفْسٌ طِينَ مِنْهَا حَياؤها(4/189)
الْأَصْمَعِي: يُقَال للحَيَّة أَيْمٌ وأَيْنٌ وَالْأَصْل أَيِّم فَخفف كَمَا يُقَال لَيِّن ولّيْن وَيُقَال الغَيْم والغَيْن. ابْن السّكيت: الغَيْن: إلباسُ الغَيْم وَمِنْه إِنَّه لَيُغانُ عَلَيْهِ: أَي يُغَطَّى ويُلْبَس وَيُقَال قد غِينَ على قلبه ورِين: أَي غُطِّيَ، قَالَ رؤبة: أَمْطَرَ فِي أكنافِ غَيْنٍ مُغينِ أَي مُلْبِسٍ، وَأنْشد الْأَصْمَعِي لعوف بن الخَرِع: وتَشْرَبُ أَسْآرَ الحِياضِ تَسوفُها وَلَو وَرَدَتْ ماءَ المُرَيْرِةِ آجِما أَظُنُّه أَرَادَ آجِناً. وَيُقَال للشَّمال: نِسْعٌ ومِسْع، والحُلاّن والحُلاّم: فُوَيْق الجَدْي، وَأنْشد لِابْنِ أَحْمَر: تُهْدى إِلَيْهِ ذِراعُ الجَدْيِ تَكْرِمَةً إمّا ذَبيحاً وَإِمَّا كَانَ حُلاّنا فالذبيح الَّذِي يَصلح للنُّسُك والحُلاّن الصَّغِير الَّذِي لَا يصلح للنسك. يُقَال انْتُقِع لَونه وامْتُقِع وَهُوَ مُمْتَقَع. وَقَالَ: نَجِرَ من المَاء نَجْراً ومَجِرَ مَجْراً: إِذا أكثرْتَ من شُرب المَاء فَلم تكد تَرْوى. وَيُقَال: مَخَجْتُ الدّلو ونَخَجْت: إِذا جذَبْتَها لتمتلئَ، والمَدَى والنّدى: الْغَايَة. الْأَصْمَعِي: النّدى: بُعدُ ذهَاب الصَّوْت وَيُقَال مُرْ فلَانا أَن يُنادي فَإِنَّهُ أَنْدى منكَ صَوتا. ورُطَبٌ مُحَلْقِم ومُحَلْقِن. والحَزْم والحَزْن: مَا بَعُد من الأَرْض. وبَعير دُهامِج ودُهانِج، ودَهْمَج دَهْمَجَةً ودَهْنَجَ دَهْنَجَةً، وأنْشَد: وعَيْرٍ لَهَا من بَناتِ الكُدادْ يُدَهْمِجُ بالقَعْبِ والمِزْوَدِ فَأَما مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ من نَحْو قَوْلهم: عَمْبَر وشَمْباء فِي عَنْبر وشَنْباء فمُطَّرِد، وَكَذَلِكَ المُنْفَصِل كَقَوْلِهِم: مَمْ بَكى ومَمْ بِكَ فِي مَنْ بَكَى ومَنْ بِكَ. أَبُو عُبَيْد: السّاسِب والسّاسِم: شَجَر. اللحياني: أَتَانَا وَمَا عَلَيْهِ طِحْرَبَة وَلَا طِحْرِمة: أَي لَطْخٌ من غَيْم. وَمَا فِي نِحْيِ فلانٍ عَبَقَةٌ وَلَا عَمَقَةٌ: أَي لَطْخٌ وَلَا وَضَر. الشّيباني: مَا زلتُ راتِباً على هَذَا الْأَمر وراتِماً: أَي مُقيماً. الْأَصْمَعِي: بَناتُ مَخْرٍ وبَناتُ بَخْر: سَحائب يَأْتِين قُبُل الصَّيف مُنتَصِباتٌ رِقاق، وهنَّ بناتُ البَخْر والمَخْر وَكَانَ الغنويُّ يَقُول بَسْمُكَ: يُرِيد مَا اسمُكَ، وَقَالَ ظَليمٌ أرْبَدٌ وأَرْمَد وَهُوَ لون الغُبْرة، وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ بَعضهم لَيْسَ هَذَا من الإِبدال وَمعنى أَرْمَد يُشبِه لونَ الرّماد، وَيُقَال سمعتُ ظَأْبَ تَيْسِ بني فلَان، وظَأْمَ تَيْسِهم بِالْهَمْز وَهُوَ صياحه عِنْد هَياجِه، وأنْشَد: يَصوغُ عُنوقَها أَحْوى زَنيمٌ لَهُ ظَأْبٌ كَمَا صَخِبَ الغَريمُ وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: ظابَ التّيْس وظامُه لَا يهمزان وَهُوَ فِي المُصَنّف غير مَهْمُوز وظَأْمُ الرَّجُل وظَأْبُه: بِالْهَمْز سلْفُه. يُقَال قد تَظاءَما وتَظاءَبا إِذا تَزَوَّجا أُخْتَيْنِ، وَيُقَال للرجل الْعَجُوز قَحْمَة وقَحْبَة وَكَذَلِكَ لكل مُسِنّة وَيُقَال سابَّ فلانٌ فلَانا فأرْمى عَلَيْهِ وأَرْبى عَلَيْهِ: أَي زَاد. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: الرّجْبَة الرّجْمَة: الدّكَّان الَّذِي يُبنى تَحت النّخلة إِذا مالتّ لتعتمد عَلَيْهِ وَيكون أَيْضا أَن يُجعَل حول النّخلة الشّوْكُ وَذَلِكَ إِذا كَانَت غَرِيبَة طَريفة لِئَلَّا يَصْعَدَها أَحَد. أَبُو عُبَيْد: سَمَّدَ رأسَه وسَبَّده، والتّسْبيد: أَن يحلِقَ رأسَه حَتَّى يُلْصِقَه بالجِلْد. وَيكون التّسْبيد أَيْضا أَن يحلقَ الرّأس ثمَّ ينْبُتَ الشّيءُ الْيَسِير من الشّعر وَيُقَال للفَرْخ إِذا نبت ريشه فغطّى جِلْده وَلم يَطُل قد سَبَّد وسَمَّد. اللحياني: هُوَ يَرمي من كَثَبٍ وَمن كَثَم: أَي من قُرْب وتمكنٍ، وضَرْبة(4/190)
لازِم ولازِب، وَقَالَ بعض أهل اللُّغَة لَيْسَ اللُّزوب كاللُّزوم، اللُّزوب: تَداخُلُ الشّيءِ بعضه فِي بعض، واللُّزوم: المُماسَّة والمُلاصَقة. ابْن السّكيت: ضَرْبَة لازِمٍ ولازِبٍ ولاتِبٍ. غَيره: طِينٌ لازِب ولازِم. اللحياني: ثوبٌ شَبَارِق وشَمارِق ومُشَبْرَق ومُشَمْرَق: إِذا كَانَ مُمَزَّقاً وَيُقَال وَقع فِي بناتِ طَمَار وطَبار: أَي داهية، والعُبْرِيّ والعُمْرِيّ: السّدْر الَّذِي ينْبت على الْأَنْهَار والعَجْم والعَجْب: أصل الذَّنَب. وأَدْهَقْتُ الكأسَ إِلَى أَصْبارِها وأَصْمارِها: إِذا ملأتَها إِلَى رَأسهَا الْوَاحِد صُبْرٌ وصُمْر وَرجل دِنّضبَة ودِنَّمَة: للقصير. وأخذتُ الْأَمر بأَصْبارِه: أَي بكلِّه، وأخذتُها بأَصْبارِها: أَي تامَّةً بجميعها. وَيُقَال: صَئِم من المَاء وصَئِب: إِذا امْتَلَأَ ورَوِيَ مِنْهُ. أَبُو عُبَيْدة: عِقْمَة وعِقْبَة: لضَرْبٍ من الوَشْي، وَيُقَال: اضْمَأَكَّت الأَرْض واضْبَأَكَّت: إِذا اخْضَرَّت. وَيُقَال: كَبَحْتُه وكَمَحْته وأكْبَحْتُه وأكْمَحْته. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أكْمَحْته: إِذا جذبتَ عِنانَه حَتَّى ينتَصِب رأسُه وَمِنْه قَوْله: والرَّأْسُ مُكْمَح. وكَمَحْتُها: إِذا تَلَقَّيْتَ فاهاً باللجام لضربها. ابْن السّكيت: يُقَال: ذَأَبْتُه وذَأَمْتُه: إِذا طَرَدْتَه وحَقَّرْته، وَيُقَال رَأَمْتُ القَدَح ورَأَبْتُه: إِذا شَعَبْتَه. وَيُقَال: زَكَبَ بنُطْفَتِه وَزَكَمَ بهَا: إِذا نَزَفَ بهَا. وَيُقَال هُوَ ألأم زَكْبَةً وزَكْمَة، وَيُقَال عَبِدَ عَلَيْهِ وأَبِدَ وأَمِدَ: أَي غَضِب، وَيُقَال وقَعْنا فِي بَعْكوكاء ومَعْكوكاء: أَي فِي غُبار وجَلَبة، وَقَالَ أَحْمد بن يحيى فِي بَعْكوكاء أَي فِي اخْتِلَاط. وَقَالَ الْفراء: يُقَال جَرْدَبْتُ فِي الطّعام وجَرْدَمْتُ وَهُوَ أَن يستر بِيَدِهِ على مَا بَين يَدَيْهِ من الطّعام كَيْلا يتَنَاوَلهُ أحد. وَقَالَ غَيره: يُقَال مَهْلاً وبَهْلاً فِي معنى وَاحِد، وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشّيباني: مَهْلاً وبَهْلاً إتْباع، والقَرْهَم والقَرْهَب: السّيِّد والقَرْهَب أَيْضا الثّور المُسِنّ وَقد رَأَيْت فِي هَذَا الْبَاب حرفا قيل بِالْبَاء وَالْمِيم غير أَنه جَاءَ على بناءين مُخْتَلفين فِي حَال إِبْدَاله وَهُوَ وَبَّأْتُ إِلَيْهِ وأوْمَأْت حَكَاهُ أَبُو عُبَيْد. غَيره: وَيُقَال عَلَيْهِ أوْشاج من غَزْل وأَمْشاج: أَي ضُروب مختلطة متداخِلة، وَمَلَقهُ بالسّيف وَوَلَقهُ. الْأَصْمَعِي: الدّفينة والدّثينة: منزل والدّثينة لبني سُلَيم. واغْتَفَّت الخيلُ واغْتَثَّت: أصابتْ شَيْئا من الرّبيع وَهِي الغُفَّة والغُثَّة، قَالَ طُفَيل: وكنّا إِذا مَا اغْتَفَّتِ الخيلُ غُفَّةً تَجَرَّدَ طَلاَّبُ التّراثِ مُطَلَّبُ وَفَلَغَ رأسهَ وَثَلَغهُ: إِذا شَدَخَه وَيُقَال جَدَفٌ وجَدَث: للقبر. والدّفيء والدّثيء من الْمَطَر ووَقْته إِذا قاءت الأَرْض الكَماةَ فَلم يبْق فِيهَا شيءٌ والحُفالَة والحُثالة واحدٌ من التّمر والشّعير وَمَا أشبههما: القُشارَة. أَبُو عَمْرو: فِناء الدّار وثِناء الدّار، وحُكي غلامٌ فَوْهَد وثَوْهَد: أَي ناعم وَهِي الأُرْثَة والأُرْفَة: للحدّ بَين الأرضيْن. اللحياني: هِيَ الأَثافيُّ ولغة تَمِيم الأَثاثيّ. وتُوفَر وتُحْمَد وتُوثَر وتُحْمَد، والمَغافير والمَغاثير: شيءٌ يُنضِجه الثّمام والرِّمْث والعُشَر كالعسل. قَالَ: وَسمعت الْكسَائي يَحْكِي عَن الْعَرَب مَغافِر وَاحِدهَا مُغْفُر ومِغْفار ومُغْفور والثّاء مقولة فِي ذَلِك كُله والفوم والثّوم وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: (وثومها وعَدَسِها) . وثوب فُرْقُبِيّ وثُرْقُبِيّ ووقعوا فِي عافور شَرٍّ وعاثور شّرٍّ. قَالَ ابْن السّكيت: نرى أَنه من قَوْلهم عَثَرَ يعْثُر إِذا وَقَعَ فِي الشّر والنّفِيُّ والنّثِيّ وثُمَّ وفُمَّ فِي النّسَق وَهُوَ الْعَطف، والنّكاف والنّكاث: دَاء يَأْخُذ الإِبلَ وفُروغ الدّلْو وثُروغها: مَصَبُّ مَائِهَا وَيُقَال للشَّيْخ يَدْلِف ويَدْلِث: إِذا مَشى مَشْياً ضَعِيفا، وعَفَنْتُ فِي الْجَبَل وعَثَنْتُ: إِذا صَعَّدْتُ فِيهِ وَهُوَ الضّلالُ بنُ فَهْلَل وثَهْلَل وَهُوَ اللِّفام واللِّثام. قَالَ الْفراء: اللِّفام على الْفَم واللِّثام على الأرنبة، وَفُلَان ذُو فَرْوَةٍ وثَرْوَة: أَي كَثْرَة من المَال. ابْن الأَعْرابِي: انْفَجَر الجُرحُ وانْئَجَر وظَلَّف على الثّمانين وظَلَّثَ: زَاد. ابْن السّكيت: المَعْكول والمَعْكود: المَحْبوس، وَيُقَال مَعَلَهُ وَمَعَدهُ: إِذا اخْتَلَسَه، وأنْشَد:(4/191)
إنّي إِذا مَا الْأَمر كَانَ مَعْلا وأَوْخَفَتْ أَيْدي الرّجالِ الغِسِلا ابْن دُرَيْد: الكَثْحُ لغةٌ فِي الكَفْح: كفحْتُ الشّيء وكَثَحْتُه: كشفتُ عَنهُ غطاءه. أَبُو عُبَيْد: هُوَ قادُ رُمْحٍ وقابُ رُمح وقِيد رُمْح وقِيبُ رُمْح.
وَمِمَّا يجْرِي مجْرى الْبَدَل
يُقَال: تَفَكَّه وتَفَكَّن: تَنَدَّم، وشاكَلَه وشاكَهَه وَعَكَدة اللِّسَان وَعَكَرته: أَصله. والهِزَفّ والهِجَفّ: الجافي. وبَطَّ الجرحَ وبَجَّه، ولُبِطَ بِهِ ولُبِج: إِذا ضَرَبَ بِنَفسِهِ الأَرْض، وَمَرَتَ خُبزَةً بِالْمَاءِ وَمَرَده، وَنَبضَ العِرْق ينْبِضُ وَنَبَذ ينْبِذُ. ووَصَّيْتُ الشّيءَ ووَصَّلْته وانْتَفَيْتُ من الشّيء وانْتَفَلْتُ. وَنَفَر وَنَفَز، قَالَ الشّاعر: وَأي رِيعَ مِنْهَا أَسْلَمْتُه النّوافِزُ يَعْنِي القوائم لِأَنَّهَا تنْفِزُ أَي تنفر وَقد أَدخل أَبُو عُبَيْد فِي هَذَا الحَيِّز ألفاظاً لَيست جَارِيَة على هَذَا الإِحكام وَلَكِن نذكرها لِئَلَّا يُظَنَّ بِنَا إغفالٌ فَمن ذَلِك هَدْهَدْتُ الحَجَر ودَهْدَيْتُه. زعم الْفَارِسِي أَنَّهُمَا لُغَتَانِ الْهَاء فِي تَمِيم وَالْيَاء فِي أهل الْعَالِيَة وَمن ذَلِك قَوْلهم قشَوْتُ العُودَ وقَشَرْتُه ونَشَرْته بالمِنْشار ووَشَرْته وأَشَرْته، فَأَما أَشَرْتُ فَلَيْسَتْ مبدلة من وَشَرْت على حَدِّ وَحَد وَأحد ولكنهما يقالان مَعًا وَزعم الْفَارِسِي أَن تميماً تهمز المِئشار وَغَيرهم لَا يهمزه وَقَالُوا: صُرْتُ إِلَيْهِ وثُرْت: مِلْت، ورَبَّيْت ورَبَّبْت فَأَما ربَّيْت فَمن قَالَ إِنَّه من ربَّيْت فَهُوَ من بَاب قَصَّيْت أظفاري وَحكى ابْن السّكيت: رَبَوْتُ فِي حَجْرِه ورَبيت فَإِذا كَانَ ذَلِك فَلَيْسَ من مُحَوَّل التّضعيف إِنَّمَا هُوَ على نقل الْفِعْل من غير التّعدي وَعَسَى أَن يكون رَبَّيْت من هَذَا الَّذِي حَكَاهُ ابْن السّكيت ورَبَّيْت من أَرَبَّ الْمَكَان أَو من الرّبِّ وَإِن قلتَ إِنَّه من المحوّل فَجَائِز حسن وَقد أَبَنْت أحكامَ المحوّل من التّضعيف وَقَالُوا جَمَسَ الوَدَكُ وَجَمَدَ الماءُ وَلَا يُقَال جَمَسَ المَاء وَلَا جَمَدَ الودَك، وَكَانَ الْأَصْمَعِي يُخطئ ذَا الرّمة فِي قَوْله: ونَقْري سَديفَ الشّحْم والماءُ جامِس وَيُقَال: عانَقْتُ الرَّجُل وعانَجْتُه وعانَشْتُه وَمِمَّا يُقَال بالدّال والذال. أَبُو عُبَيْد: مَا ذُقْتُ عَدوفاً وَلَا عَدافاً وَلَا عَذوفاً وَلَا عَذافاً: أَي مَا ذقتُ شَيْئا، وَقَالَ خَرْدَلْتُ اللحمَ وخَرْذَلْتُه: قطَّعْته وفرَّقْته. وادْرَعَفَتِ الإِبل واذْرَعَفَت: إِذا مَضَت على وجوهها. واقْدَحَرَّ واقْذَحَرَّ: إِذا تَهَيَّأ للسِّباب، ورجلٌ مدْلٌ ومِذْل: وَهُوَ الخَفِيُّ الشّخص الْقَلِيل اللَّحْم. غَيره: الدّحْداح والذَّحْذاح: الْقصير، فَأَما هُوَ فَقَالَ: شَكَّ أَبُو عَمْرو فِي الدّحْداح بالدّال أَو بِالذَّالِ ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ بالدّال. قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَالصَّوَاب عندنَا بالدّال وَكَذَلِكَ اخْتلف فِي قَوْلنَا أَتَتْنا قادِيةٌ من النّاس فَقَالَهَا بَعضهم بِالذَّالِ وَكَذَلِكَ اخْتلف فِي فعلهَا فَقيل قَدَتْ تَقْدي وَقيل قَذَت تَقْذي قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَالْمَحْفُوظ عندنَا بالدّال والقادية: أول من يَطْرأ عَلَيْك كالطّحْمة. غَيره: طَبَرْزَد وطَبَرْذَد: للسُّكَّر، وَمِمَّا يجْرِي هَذَا المجرى فِي الِاخْتِلَاف قَوْلهم زَبَرَ وَذَبَرَ فَأَما أَبُو عُبَيْد فَقَالَ: زَبَرَهُ يَزْبِرُه ويَزْبُره وَذَبَرهُ يَذْبِره ويَذبُره: مَعْنَاهُمَا كَتَبَه. قَالَ الْفَارِسِي الْمَعْرُوف زَبَرَه: كَتَبَه وَذَبَره: قَرَأَه. أَبُو عُبَيْدة: زَبَرْته وذَبَرْته: قرأته قِرَاءَة خُفْيَة وَقَالَ حِمْيَرِيٌّ: أَنا أعرِفُ تَزْبِرَتي: أَي كتابي. الْأَصْمَعِي: قُرْطاط وقُرْطاة وَحَجَر أَصَرُّ وأَيَرّ: إِذا كَانَ صَلاَّداً صُلباً، وَقَالُوا هُوَ يَحوسُهم ويَجوسُهم: أَي يطْلب فَيْئَهم وَيُقَال أَحَمَّ ذَلِك الشّيءُ وأَجَمَّ: إِذا دنا وَحَضَر، ورجلٌ مُحارَف ومُجارَف وهم يُحْلِبون عَلَيْك ويُجْلِبون. فَأَما قَوْلهم أَحْلَبْتَ أم أَجْلَبْت فَلَيْسَ من هَذَا الحَيِّز وَكَيف يكون ذَلِك وَأم لَا يكون(4/192)
الآخر فِيهَا إلاّ غَيْرَ الأول وَإِنَّمَا قَوْلهم أَحْلَبْتَ: أَي ولدتْ إبلُك إِنَاثًا وأَجْلَبْتْ: أَي ولدتْ إبلك ذُكُورا.
(بَاب المحول من المضاعف)
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هَذَا بَاب مَا شَذَّ فإبدال مَكَان اللَّام يَاء كَرَاهِيَة التّضعيف وَلَيْسَ بمطرد عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَذَلِكَ تَسَرَّيْتُ وتَظَنَّيْت وتَقَصَّيْت وأَمْلَيْت وَزعم أَن التّاء فِي أَسْنَتَ مبدلة من الْيَاء وَزَادُوا حرفا هُوَ أخفُّ عَلَيْهِم وأَجْلَد كَمَا فعلوا ذَلِك فِي أَتْلَج وبدلها شَاذ هُنَا بِمَنْزِلَتِهِ فِي سِتٍّ وكل هَذَا التّضعيف جيد كثير وَأما كلا وكُلُّ فكلُّ واحدٍ من لفظ إلاّ ترى أَنَّك تَقول كِلا أَخَوَيْك فَيكون مثل مِعاً وَلَا يكون فِيهِ تَضْعِيف وَزعم أَبُو الْخطاب أَنهم يَقُولُونَ هنانان يُرِيدُونَ معنى هَنَيْن فَهَذَا نَظِيره يَجْعَل الْوَاحِد هَنان. قَالَ أَبُو عَليّ: ذكر سِيبَوَيْهٍ أَن بدل الْيَاء فِي هَذِه الأحرف شَاذ وَقد جَاءَ غَيرهَا مِمَّا لم أر أحدا حَصَرَه فَمِنْهُ قَوْله عز وَجل: (قد أفْلَحَ من زَكَّاها وَقد خابَ من دَسَّاها) . وأبدل الْيَاء من السّين الْأَخِيرَة ثمَّ قَلبهَا ألفا لانفتاح مَا قبلهَا وَبَعض مَا قيل فِي قَوْله تَعَالَى: (إِلَى طَعامِكَ وشَرابِكَ لم يَتَسَنَّه) . من أَن تَقْدِيره لم يَتَسَنَّن فقلبت النّون الثّانية يَاء ثمَّ قلبت ألفا لتطرّفها وانفتاح مَا قبلهَا وحذفها للجزم ثمَّ جعل مَكَانهَا هَاء للْوَقْف كَمَا قَالَ عز وَجل: (فبُهداهُم اقْتَدِه) . وَقَالَ العجاج: تَقَضِّي الْبَازِي إِذا الْبَازِي كَسَرْ يُرِيد تَقَضَّضَه من الانقضاض وَيُقَال تَقَصَّيْت من القِصَّة وَقد رُوِيَ فلانٌ آمى من فلَان من قَوْلك أمَمْتُ، وَهَذَا مثل أَمْلى فِي معنى أَمْل وَذَكَر التّاء المنقلبة من الْيَاء وَقد ذكر فِي غير هَذَا الْموضع أَن التّاء مبدلة من الْوَاو وكلا الْقَوْلَيْنِ صَحِيح وَذَلِكَ أَن أصل أسْنَتَ هُوَ من السّنة وَهُوَ القَحْط وَمَعْنَاهَا أَصَابَهُم الْقَحْط وأصل سَنةٍ سَنْوَة فِيمَن قَالَ سَنَوات فَإِذا بَنَوا مِنْهَا أَفْعَلَ وَجب أَن يُقَال أَسْنَيْنا فقلبت الْوَاو يَاء كَمَا يُقَال أَغْزَيْنا وأَدْنَيْنا وَهُوَ من الغَزْو والدّنُوّ وَقد مَضَت عِلَّة ذَلِك فَاخْتَارُوا التّاء كَمَا قَالُوا أَتْلَج فِي معنى أَوْلَج وتُجاه وتُراث وَهَذَا كُله شَاذ لِأَنَّك لَا تَقول فِي تَحَبَّبَ تَجَبَّى وَلَا فِي تَحَسَّسَ تَحَسَّى وأصل سِتٍّ سِدْسٌ وَبدل التّاء فِيهِ شَاذ لِأَنَّك لَا تَقول سُتٌّ وَلَا فِي سِدْس من الإِظماء سِت وَقَوله وكل هَذَا التّضعيف فِيهِ عربيٌّ كثير: يَعْنِي بذلك أَن ترك الْقلب إِلَى الْيَاء عَرَبِيّ جيد إِذا قلتَ تَظَنَّيْت وتَسَرَّيْت وَقد جعل سِيبَوَيْهٍ الْيَاء فِي تَسَرَّيْت بَدَلا من الرّاء وَأَصله تَسَرَّرْت وَهُوَ من السّرور فِيمَا قَالَه أَبُو الْحسن الْأَخْفَش لِأَن السّرِّيَّة يُسَرُّ بهَا صَاحبهَا وَقَالَ أَبُو بكر بن السّرِي هُوَ عِنْدِي من السّر لِأَن الإِنسان كثيرا مَا يُسِرُّها ويَسْتُرها. قَالَ أَبُو سعيد السّيرافي وَأَبُو عَليّ الْفَارِسِي: الأولى أَن يكون من السّرّ الَّذِي مَعْنَاهُ النّكاح وَهُوَ عِنْدهمَا من شَاذ النّسب. وَقَالَ غير سِيبَوَيْهٍ: لَيْسَ الأَصْل فِيهِ تَسَرَّرْت وَإِنَّمَا هُوَ تَسَرَّيْت بِمَعْنى رَكبت سَراتَها أَي أَعْلَاهَا وسَراة كل شَيْء أَعْلَاهُ وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا هُوَ من سَرَيْت وَالْقَوْل مَا تقدم من انه تَسَرَّرْت وَأما كِلا وكلُّ فَلَيْسَ أحدُ اللَّفْظَيْنِ من الآخر لِأَن موضعيهما مُخْتَلِفَانِ فكِلا للتثنية وكلُّ للْجَمِيع فَهَذَا من جِهَة الْمَعْنى فَأَما من جِهَة اللَّفْظ فكِلا معتل وَإِنَّمَا هُوَ كمِعاً وكلُّ من المضاعف كدًرٍّ وكُرِّ وَلَا يجوز أَن تجْعَل الأَلِف فِي كِلا بَدَلا من إِحْدَى اللامين فِي كلٍّ إلاّ بثَبَتٍ وَلَا دليلَ على ذَلِك هَذِه مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وكِلا واحدٌ مُضَاف إِلَى اثْنَيْنِ كَقَوْلِك حِجا أَخَوَيْك ومِعا صاحِبَيْك وَاسْتَدَلُّوا على ذَلِك بِقَوْلِك كِلا أخويك قَائِم فيوَحِّدون خَبَرَه وكلّ يُضاف إِلَى الْمعرفَة والنّكرة ويُفرد كَقَوْلِك كل الْقَوْم وكل رجل وكل قد قَالَ ذَاك وَلَا يُضَاف كِلا إلاّ إِلَى معرفَة مثناة وَلَا يفرد وَإِنَّمَا ذكر سِيبَوَيْهٍ كلا وكل فِي حيّز التّضعيف النّادر المحوّل ليُري أَن ألف كِلا لَيست محوّلة من لَام كَمَا أَن يَاء تظنيت وَأَخَوَاتهَا محوّلة من نون وَاخْتلف النّحويين فِي ألف كلا هَل(4/193)
هِيَ ألف تَثْنِيَة أَو من بنية الْوَاحِد فَقَالَ البصريون كلا موَحَّدٌ وَهِي فِعَلٌ بِمَنْزِلَة مَعًا على مَا تقدم وأضيف إِلَى اثْنَيْنِ وَالْألف عِنْد أبي عَليّ منقلبة من وَاو بِدلَالَة قَوْلهم كِلْتَي فالتّاء بدل من الْوَاو وَالْألف عَلامَة التّأنيث فكِلْتى كشَرْوى وَهُوَ أَيْضا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَلَو كَانَت الأَلف عَلامَة التّثنية لَقلت رأيتُ كِلَى أَخَوَيْك. تمّ السّفر الثّالثّ عشر ويليه السّفر الرّابع عشر وأوله بَاب مَا يهمز فَيكون لَهُ معنى الخ وَالْحَمْد لله وَحده.(4/194)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم السّفر الرَّابِع عشر من كتاب الْمُخَصّص
تأليف أبي الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الأندلسي الْمَعْرُوف بِابْن سَيّده المتوفي سنة 458 تغمده الله برحمته.(4/195)
صفحة فارغة.(4/196)
(بَاب مَا يُهمَز فَيكون لَهُ معنى فَإِذا لم يُهمَز كَانَ لَهُ معنى آخَر)
يُقَال: قد رَوَّأْت فِي الْأَمر وَقد رَوَّيْت رَأْسِي بالدُّهْن وَقد تَمَلأْت من الطَّعام والشَّراب وَقد تَمَلَّيْت العَيْش: إِذا عِشْتُ مَلِيَّاً: أَي طَويلا، وَتقول: قد تَخَطَّأْت لَهُ فِي هَذِه المَسْأَلَة وَقد تَخَطَّيْت القومَ لأنَّه من الخُطْوة وَقد قَرَأْت القُرآن وَمَا قَرَأَت لناقةُ سَلاقطٌّ: أَي لم تُلْقِ ولَداً: أَرَادَ أَنَّهَا لم تَحمِل وَقد قَرَيْت الضَّيْف وَقد سَوَّأْت عَلَيْهِ مَا صَنَعَ: إِذا قلت لَهُ أَسَأْتَ وَقد سَوَّيْت الشَّيْء وَالْعرب تَقول إِن أصبْتُ فَصَوِّبْني وَإِن أَخْطَأْت فخَطِّئْني وَإِن أَسَأْت فَسَوِّئْ عَليّ، وَقد خَبَأَ الشَّيْء يَخْبَأ خَبْئاً وَقد خَبَتِ النارُ خُبُوَّاً: إِذا ذهبَ لَهَبُها وَقد بَرَأْت من المَرَض أَبْرأُ بَرْءاً وَقد بَرَيْت القَلَم وَقد بارَأْت شَرِيكي: إِذا فارَقْتُه، وَقد بارَأَ الرجلُ امرأتَه وبارَيْت فلَانا إِذا كُنت تَفْعَل مَا يَفْعَل وفلانٌ يُباري الرِّيح سَخاءاً وَتقول جَنَأْت: إِذا انْحَنَيْت على الشَّيْء وَقد جَنَيْتُ الثمَرَةَ وَقد جَرَّأْتُكَ على فلانٍ حَتَّى اجْتَرَأْتَ عَلَيْهِ جُرْءَةً وَقد جَرَّيت جَرِيَّاً: أَي وكَّلْت وَكيلاً، والجَرِيُّ: الرَّسول، وَقد كَفَأْتُ الْإِنَاء: إِذا قَلَبْتُه وَقد كَفَيْتُه مَا أَهَمَّه وهَمَّه، وَقد كَلأْتُ الرجلَ أكْلأُه كِلاءَةً: إِذا حرسْتَه، وَقد كَلَيْتُه إِذا أَصَبْتَ كُلْيَته، وَقد رَقَأَ الدَّمع والدَّمُ يَرْقَأ رُقوءاً والرَّقُوء: الدَّواء الَّذِي يُرْقِئ الدَّم وَيُقَال: لَا تَسُبُّوا الإبِلَ فإنَّ فِيهَا رَقوءَ الدَّم. أَي تُعْطى فِي الدِّيات فتحقَن بهَا الدِّماء وَقد رَقَيَ يَرْقَى من الرُّقْية، وَقد رَقِيَ فِي الدَّرَجَة رُقِيَّاً وَقد نَكَأْت القُرْحة نَكْئَاً: إِذا قَرَفْتها وَقد نَكَيْت فِي العَدْوِّ نِكايَةً: إِذا قَتَلْت فيهم وَجَرَحْت وَقد سَبَأْت الخَمْرَ أسْبَؤُها سَبْئَاً وَمْسَبأً والسِّباء: الِاسْم: إِذا اشْتَرَيْتها، قَالَ الشَّاعِر: يَغْلو بأَيْدي التِّجارِ مَسْبَؤُها وَقد سَبَيْتُ العدُوَّ سَبْيَاً وَقد رَفَأْتُ الثوبَ أَرْفَؤُه رَفْئَاً، قَوْلهم بالرِّفاء والبَنين: أَي بالالتِئام والاجتِماع، وَأَصله الْهَمْز وَإِن شِئت كَانَ مَعْنَاهُ بالسُّكون والطُّمَأْنينة فبكون أصلُه غَيْرَ الْهَمْز، يُقَال: رَفَوْتُ الرجلَ: إِذا سَكَّنته، قَالَ الْهُذلِيّ: رَفَوْني وَقَالُوا يَا خُوَيْلِدُ لَا تُرَعْ فقُلتُ وأَنْكَرْتُ الوُجوهَ هُمُ هُمُ وَيُقَال قد زَنَّأَ عَلَيْهِ: إِذا ضَيَّقَ عَلَيْهِ، والزَّناء: الضِّيق، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي: لَا هُمّ إنَّ الحرِثَ بْنَ جَبَلَهْ زَنَّا على أبيهِ ثمَّ قَتَلَهْ وَكَانَ أَصله زَنَّأ على أَبِيه بِالْهَمْز فَتَركه للضَّرُورَة وَقد زَنَّاه من التَّزْنِيَة يُقَال زَنَأَ يَزْنَأ زَنْئَأً: إِذا صَعِدَ فِي(4/197)
الْجَبَل، قَالَت امرأةٌ من الْعَرَب وَهِي تُرقِّص ابْنا لَهَا: أَشْبِه أَبَا أُمِّكَ أَو أَشْبِه عَمَلْ وَلَا تَكونَنَّ كَهِلَّوْفٍ وَكَلْ يُصْبِحُ فِي مَضْجَعه قد انْجَدَلْ وارْقَ إِلَى الخَيْراتِ زَنْأً فِي الجَبَلْ وَقد حَلأّْت الإبلَ عَن المَاء: إِذا طَرَدْتَها عَنهُ ومَنَعْتها من أَن تَرِدَه وَقد حَلَّيْت الشيءَ فِي عين صَاحبه وَقد رَبَأْتَ القومَ: إِذا كنتَ لَهُم رَبيئةً وَقد رَبَوْت من الرَّبْو وَقد ذَرَأَ اللهُ الخَلْقَ يذْرَؤُهُم: أَي خَلَقَهم، وَقد ذرا الشَّيْء ذَرْواً: نَسَفَه، وَقد ذَرَاَ يَذْرو أَيْضا بِغَيْر همز: إِذا أَسْرَع فِي عَدْوِه، قَالَ العجاج: ذارٍ وَإِن لَاقَى العَزازَ أَحْصَفا وَتقول: دَرَأْتهُ عنّي: إِذا دَفَعْته دَرْءَاً وَمِنْه: (ادْرَؤُا الحُدودَ بالشُّبُهات) وَقد دَرَيْته: إِذا خَتَلْته، وَقد دَاْرَأْته إِذا دَاْفَعتَه عَنْك بخُصومة أَو غَيرهَا، وَقد دارَيْته: إِذا خاتَلْته، وَأنْشد فِي الخَتْل: فَإِن كنتُ لَا أَدْري الظِّباءَ فإنّني أَدُسُّ لَهَا تحتَ التُّرابِ الدَّواهِيا ويروى تحتََ العِضاهِ والمَكاويا، وَقَالَ الراجز: كيفَ تَراني أَذَّري وأدَّري غِرَّاتِ جُملٍ وتَدَرَّى غَررِي أذَّري أفْتَعِل: من ذَرَّيْت وَكَانَ يُذَرِّي تُراب المَعْدِن ويَخْتِل هَذِه المرأةَ بِالنّظرِ إِلَيْهَا: إِذا اغْترَّتْ وَقد تبَرَّأْتُ مِنْهُ وتَبَرَّيْت لمَعْروفه: إِذا تَعَرَّضْت لَهُ، وأنْشَد: وأهْلِة وُدٍّ قد تَبَرَّيْتُ وُدَّهُمْ وأَبْلَيْتُهم فِي الحَمْد جُهْدي ونائِلي وَيُقَال أَبْرَأْتُه مِمَّا عَلَيْهِ من الدَّيْن وَقد أَبْرَيْت الناقةَ: إِذا عَمِلْت لَهَا بُرَّةً وَقد بَدَأَت بالشَّيْء، وَقد بَدَوَت لَهُ: إِذا ظَهَرْت وَقد أَبْدَأنا من مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا وَقد أَبْدَيتُ الشَّيْء: إِذا أَظْهَرته، وَقد أَرْدَأت الرجلَ: إِذا أَعَنْته، قَالَ الله تَعَالَى: (فأرْسِلْه مَعِيَ رِدْءاً) . وَقد أرْدَيْتُه: إِذا أهْلَكْتَه، وَقد أمْلأَت النَّزْع فِي القَوْس: إِذا شَدَدْت النَّزْع فِيهَا، وَقد أَمْلَيت لَهُ فِي غَيِّه: إِذا أَطَلْت لَهُ وَقد أَمْلَيت للبَعير فِي قَيْدِه: إِذا وَسَّعْتَ لَهُ فِي قَيْده، وَقد نَدَأْت القُرْص فِي النَّار: إِذا مَلَلْته وَقد نَدَوْت القومَ: إِذا أَتَيْت ناديَهم أَي مَجْلِسَهم، وَقد نَشَأْت فِي نِعْمة ونَشِيت مِنْهُ رِيحاً طَيِّبَةً وَقد نَسَأْت فِي ظِمْء الْإِبِل: إِذا زِدْتَ فِي ظِمْئِها يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ وَقد نَسِيتَ الشَّيْء: إِذا لم تَذْكُره، وَقد نَسِيَ الرجلُ: إِذا اشْتَكى نَساه وَقد أَنْسَأته البَيْعَ: إِذا أَخَّرْت ثمنَه عَلَيْهِ، وَقد أَنْسَيته مَا كَانَ يَحْفَظه وَقد جَزَأْت الشيءَ أَجْزَؤه: إِذا جَزَّأْته وَجَزَيْتُه بِمَا صَنَعَ جّزاءاً وَقد نَبَأْت من أرْضٍ إِلَى أَرض: إِذا خَرَجْت مِنْهَا إِلَى أُخْرى، وَقد نَبَوْتُ عَن الشَّيْء، وَقد نَبَاَ جَنْبي عَن الفِراش: إِذا لم يَطْمَئِنَّ عَلَيْهِ، قَالَ الشَّاعِر فِي ذَلِك: إنَّ جَنْبي عَن الفِراشِ لَناب كَتَجافي الأَسِرَّ فَوقَ الظِّرابِ(4/198)
أَبُو عُبَيْدَة: قد ادَّرَأْت للصَيْد: اتَّخْذْت لَهُ دَريئَةً وَهُوَ أَن تَسْتَتِر بِبَعِير أَو غَيْره فَإِذا أَمْكَنك الرميُ رَمَيْته وَيُقَال ادَّرَيْت غير مَهْمُوز وَهُوَ من اَلْخَتْل، قَالَ سُحَيْم فِي ذَلِك: وماذا يَدَّري الشُّعراءُ منِّي وَقد جاوَزْتُ حَدَّ الأرْبَعينِ وَيُقَال قد هَدَأْتُ أَهْدَأُ هُدوءاً: إِذا سَكَنْت، وَقد هَدَيْت الرجلَ من الضَّلالة، وَهَدْيته الطَّريقَ هِدايَةً، وَقد أَهْدَأتُ الصَّبِيّ: إِذا جَعَلْتَ تَضْرِب عَلَيْهِ بيدِك رُوَيْداً لينام، قَالَ عَدِيٌّ: شَئِزٌ جَنْبي كَأَنِّي مُهْدَأٌ جَعَلَ القَيْنُ على الدَّفِّ إبَرْ وَقد أَهْدَيتُ الهَدِيَّ وَكَذَلِكَ أَهْدَيت الهَدْيَ إِلَى بيتِ الله وَقد جَفَأَتِ القِدْرُ بزَبَدها: إِذا أَلْقَته عِند الغَلَيان، وَقد جَفَت الْمَرْأَة ولَدَها، وَقد نَزَأَ الشَّيْطَان بينَهم: إِذا أَلْقَى بَينهم الشَّرَّ، وَقد نَزا الدَّابَّةُ نَزْوَاً ونُزاءاً وَقد هَذَأْته بالسَّيْف هَذْءَاً: إِذا قَطَعْته بِهِ وَقد هَذَيْت فِي الكلامِ هَذَيَاناً وَقد هَذَأَ الكلامَ يَهْذَؤُه: إِذا أَكْثَر مِنْهُ فِي خَطأٍ، وَقد هَرَأَه البردُ: إِذا اشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى كَاد يَقْتُله، وَقد هَراه بالهِراوَة هَرْوَاً وتَهَرَّاه: إِذا ضَرَبَه بهَا، قَالَ: يَكْسَى وَلَا يَغْرَثُ مَمْلوكُها إِذا تَهَرَّتْ عَبْدَها الهارِيَهْ وَقد حَشَأَ الرجلُ امرأتَه حَشْئَاً: إِذا نَكَحَها وَقد حَشْأَته بسَهم: إِذا أَصَبْت بِهِ جَوْفَه وَقد حَشا الوِسادَةَ حَشْوَاً وَقد صَبَأَ يَصْبأُ: إِذا خَرَجَ من دِينٍ إِلَى دين، وَقد أَصْبَأ النجمُ: إِذا طَلَعَ وَقد صَبَاَ يَصْبو من الصِّبا وَقد أَصْبَى الرجلُ المرأةَ، وَقد بَكَأَتِ الشاةُ: إِذا قَلَّ لبنُها بَكْئاً وبُكاءً وَقد بَكَىَ يبْكي، وَقد زَكَاَ الرجلُ صاحِبَه: إِذا عَجَّلَ نَقْدَه وَقد زَكَاَ الزَّرْع زكاءً، وَكَذَلِكَ العملُ، وَقد جَأَبَ يَجْأَب جَأْبَاً: إِذا كَسَبَ، قَالَ الشَّاعِر: واللهُ واعِي عَمَلي وَجَأْبي وجابَ يَجوب: إِذا خَرَقَ وَقَطَع وَقَالَ عز وَجل: (وثَمودَ الَّذينَ جابُوا الصَّخْرَ بالواد) . وَيُقَال قد اَبْتَأرَ فلانٌ عِند اللهِ خَيْراً: إِذا ادَّخَرَه، وَقد اَبْتَار الرجلُ الناقَةَ وبارَها: إِذا نَظَرَ إِلَيْهَا ألاقِحٌ هِيَ أم غير لاقِح، وَقد بَأَرَ فلانٌ بِئْراً: إِذا حَفَرَها، وَقد بارَ فلانٌ مَا عِنْدَ فلَان، يُقَال بُرْ لي مَا نَفْسِ فلَان: أَي اعْلَم لي مَا فِي نَفسه.
أَبْوَاب نوادِر الهَمْز
(بَاب مَا هُمِز وَلَيْسَ أصْلُه الهَمْز)
ابْن السّكيت: مِمَّا هَمَزت العربُ وَلَيْسَ أَصله الْهَمْز قَوْلهم استلأمْتُ الحَجَرَ وَإِنَّمَا هُوَ من السِّلام وَهِي الْحِجَارَة وَكَانَ الأَصْل استَلَمْت، وَقَالُوا حَلأّتُ السَّويقَ وَإِنَّمَا هُوَ من الْحَلَاوَة، وَقَالُوا لبَّأتُ بالحَجِّ وَأَصله لبَّيْتُ من قَوْلهم لبَّيْك وَسَعْديك: أَي إلباباً بعد إلباب وَقد بيَّنّا مَعْنَاهُ واشتقاقه وتثنيته ووجهَ نصْبِه فِي مثنَّيات المصادر قبل هَذَا، وَقَالُوا الذِّئب يستَنْشئ الرِّيحَ وَإِنَّمَا هُوَ من نَشِيت الرّيح: أَي شَمِمتُها قَالَ الْهُذلِيّ: ونَشيتُ ريحَ المَوْتِ من تِلْقائهم وخَشيتُ وَقْعَ مُهَنَّدٍ قِرْضابِ وَقَالَت امْرَأَة من الْعَرَب رَثَأتُ زَوجي بأبياتٍ وَكَانَ رؤبة يهمز سِئة الْقوس وَسَائِر الْعَرَب لَا يهمزها، كَذَلِك حكى ابْن السّكيت فِي بَاب مَا همزت العربُ وَلَيْسَ أَصله الهمزَ وَلَا أَدْرِي مَا دَلِيله على أنّه لَيْسَ أصلُه الهَمزَ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَجْعَل دَلِيله على ذَلِك إِجْمَاع الْعَرَب غير رؤبة على عدم همزه وَإِن كَانَ على مَا حَكَاهُ أَبُو عَليّ(4/199)
الْفَارِسِي من أَنه يُقَال أسْأيْتُ الْقوس: جعلتُ لَهَا سِئَةً فاصلُه الهمزُ على عكس مَا ذهب إِلَيْهِ ابْن السّكيت فَلَا يُقَال إِذا إنّ سِيَةَ هُمِزَت وَلَيْسَ أَصله الْهَمْز كَمَا لَا يُقَال ذَلِك فِي مائةٍ، وَأما قَول المنخل: عدَوْتُ على زَيازِئَةٍ وخَوْفٍ وأخشى أَن أُلاقيَ ذَا سِلاطِ فَزعم ابْن جني أَن السكرِي قَالَ زَيازِئَةٍ: عجلة رَوَاهُ عَن الجُحَى. قَالَ: وَقَالَ ابْن حبيب الزَّيازِئُ: الغِلَظْ من الأَرْض ورؤوس الآكام. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد تَزَأْزَأْت من الرّجل تَزَأْزُؤَاً شَدِيدا: إِذا فَرِقْت مِنْهُ. قَالَ ابْن جني: فالفعللة من هَذَا الزّأزأة ثمَّ كسَّرها وَجَاء بِالْهَاءِ لتوكيد الْجمع فَصَارَ آزِئَة ثمَّ أبدل الْهمزَة الأولى للتكرير والهمزة جَمِيعًا فَصَارَت زَيازِئَة وَإِذا كَانَت الغِلَظ ورؤوس الآكام فواحدتها زِيزاء ثمَّ كسِّر فَصَارَ فِي التَّقْدِير زَيازِئَّ كعِلْباءٍ وعلابِيَّ ثمَّ حذف الْيَاء الأولى وعوَّض مِنْهَا الْهَاء كَمَا حذفهَا فِي فرازين وعوَّض مِنْهَا الْهَاء فِي فَرازِنة فَصَارَت زَيازِية ثمَّ أبدل الْيَاء الْأَخِيرَة همزَة على غير قِيَاس كحَلأّْت السَّويق ولبَّأت بالحجِّ واسْتَنْشَأْت الرّيح فَصَارَت زَيازِئة وَهَذَا الْبَدَل لَيْسَ عَن ضَرُورَة لِأَنَّهُ لَو لم تبدل لَكَانَ الْوَزْن وَاحِدًا لكنه ضرْبٌ من التصرُّف فِي اللُّغَة.
(بَاب مَا تركتِ العربُ همزَة وَأَصله الهَمز)
من ذَلِك قَوْلهم لَيْسَ لَهُ رَوِيَّةٌ وَهِي من روَّأت فِي الْأَمر لم يهمزْهُ أحدٌ، وَلَو كَانَ قياسيّاً كخطيئةٍ لهُمِزَ مرَّةً وخُفِّف أُخْرَى، وَسَيَأْتِي ذكر شُرُوط التَّخْفِيف البدَليِّ وَكَذَلِكَ البرِيَّة وَهُوَ من يَرأ الله الخَلْقَ: أَي خلقهمْ. قَالَ الْفراء: إِن أُخِذَت البرِيَّةُ من البَرَى: وَهُوَ التُّرَاب فأصلها غير الْهَمْز، وَكَذَلِكَ النبيُّ وَهُوَ من نبَّأت: أَي أخْبرت لِأَنَّهُ أنبأ عَن الله وأُنبئ وَهُوَ أَيْضا تَخْفيف بدَلِيٌّ، وَمن زعم أَن أَصله غير الْهَمْز لِأَنَّهُ من النَّبْوَة وَهِي الِارْتفَاع من الأَرْض: أَي أَنه شُرِّفَ على سَائِر الخَلق فقد أَخطَأ، لِأَن سِيبَوَيْهٍ قَالَ وَلَيْسَ أحد من الْعَرَب إِلَّا وَهُوَ يَقُول تنبّأ مُسيلمةُ فَلَو كَانَ من النَّبوة كَمَا ذهب إِلَيْهِ غير سِيبَوَيْهٍ لقالوا تَنَبَّى مُسَيْلمَة، وَلَو كَانَ من النَّبأ عِنْد قوم وَمن النَّبوة عِنْد آخَرين لَكَانَ بعض الْعَرَب يَقُول تنبّأ مُسَيْلمَة وَبَعْضهمْ يَقُول تنبّى مُسَيْلمَة، كَمَا أَن سَنَة لما كَانَت من الْهَاء عِنْد قوم وَمن الْوَاو عِنْد آخَرين قَالُوا: سَنَهات وسنوات، وَكَذَلِكَ عِضَة قَالُوا مرَّة عِضاهٌ ومرّة عِضَوات قَالَ: هَذَا طريقٌ يأزِمُ المَأَزِما وعِضَواتٌ تَقطعُ اللهازِما فَكَذَلِك النَّبيُّ لَو كَانَ من النَّبْوة وَمن النّبأ لهُمز مرّة وتُرِكَ همزُهُ أُخْرَى، وَمِمَّا يدل أَن تخفيفه بدلي لَيْسَ على الْقيَاس قَوْلهم فِي جمعه أَنْبيَاء فجمعوه جمع مَا لَا يكون واحده إلاّ مُعْتلاًّ نَحْو غنِيٍ وأغنياءً وشقِيٍّ وأشقياءً وَإِن قَالَ قَائِل لَو كَانَ اصله الهمزَ لقيل فِي جمعه أَنْبِئاء لِأَن التكسير مِمَّا تُرَدُّ فِيهِ الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا كَمَا يُفعَل ذَلِك فِي التحقير، قُلْنَا إِن هَذَا بدلٌ لازمٌ أوَلا تراهم قَالُوا أعيادٌ فِي جمع عيد وَقد زَالَت العِلَّة الَّتِي من أجلهَا أبدلت الْوَاو فِي عيدٍ يَاء لِأَن العلَّة الَّتِي من أجلهَا قلبت إِلَى الْيَاء الانكسار فَإِنَّمَا أَصله الْوَاو إِذْ هُوَ من عادَ يعودُ فَلَيْسَ كلُّ بدَلٍ غيرَ لازمٍ وَلَا كلُّ بدل لازمٌ إِنَّمَا يُنتَهى فِي ذَلِك عِنْدَمَا انْتَهَت الْعَرَب، وَقد شرحت هَذَا أنعَمَ شرح فِي بَاب الخَبَر من هَذَا الْكتاب، وَزعم سِيبَوَيْهٍ أَن بعض أهل الْحجاز يهمزون النَّبِئ وَهِي لُغَة رَدِيئَة وَلم يستردئها سِيبَوَيْهٍ ذَهَابًا مِنْهُ إِلَى أَن أَصله غير الْهَمْز وَإِنَّمَا استردأها من حَيْثُ كثُرَ اسْتِعْمَال الْجُمْهُور من الْعَرَب لَهَا من غير همز. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ يُونُس أهل مَكَّة يخالفون غَيرهم من الْعَرَب يهمزون النَّبِئَ والبريئَة وَذَلِكَ قَلِيل فِي الْكَلَام. ابْن السّكيت: وَمن هَذَا الْبَاب الذرِّيَّة من ذَرأ الله الخَلقَ: أَي خلَقَهم، والخابيةُ غير مَهْمُوز من خبَأْت الشيءَ وَيَقُولُونَ رأيتُ فَإِذا صَارُوا إِلَى الْفِعْل المستقبَل قَالُوا أَنْت ترى وَنحن نَرى وَهُوَ يَرى وَأَنا أرَى فَلم(4/200)
يهمزوا فقد أجمل سِيبَوَيْهٍ ذَلِك فَقَالَ فِي بعض استثناآته فِي بَاب الْهَمْز غير أَن كل شيءٍ كَانَ فِي أوَّله زائدةٌ سوى ألف الْوَصْل من رَأَيْت فقد أَجمعت الْعَرَب على تَخْفيف همْزِه وَذَلِكَ لِكَثْرَة استعمالهم إِيَّاه جعلُوا الْهمزَة تُعاقِب، وَأَنا أشرح هَذَا الْفَصْل بغاية الشَّرح إِذْ كَانَ من أدقِّ فُصُول اللُّغَة وَكَانَت هَذِه الْكَلِمَة من اندر الْكَلَام فِي الْحَذف فَأَقُول إِن سِيبَوَيْهٍ يَعْنِي أَن الْعَرَب اجْتمعت على حذف الْهَمْز فِي أرى ويَرَى وتَرى ونَرى كَأَنَّهُمْ عوَّضوا همزَة أَرى الَّتِي للمُضارَعة من الْهَمْز. قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَإِذا أردتَ تخفيفَ همزةِ إرْءَوْهُ قلت رَوْه تُلْقي حَرَكَة الْهمزَة على السّاكن وتُلقي ألف الْوَصْل حِين حرَّكت الَّذِي بعْدهَا لِأَنَّك إِنَّمَا ألحقْت ألف الْوَصْل لسكون مَا بعْدهَا ويدلُّك على ذَلِك: رَ ذَاك وسَلْ، خفَّفوا إرْءَ واسْئَلْ وَقد مضى الْكَلَام فِي نَحْو هَذَا، وَهَذَا كُله تَخْفيف قياسي وَإِنَّمَا أوردناه فِي الحِفْظِيّات وَإِن كَانَ قياسيّاً لِأَن القياسيَّ هُنَا قد ضارَعَ البَدَلِيَّ من حَيْثُ جَرى فِي كَلَامهم مُخَفَّفاً وَلم يهمزه أحد إِلَّا أَن أَبَا الخطّاب حكى أَن من الْعَرَب من يَقُول قد أرْأَهم يَجِيء بِالْهَمْز من رأيتُ على الأَصْل رَوَاهُ سِيبَوَيْهٍ عَنهُ وأنْشَد غَيره: أَحِنُّ إِذا رأيتُ بلادَ نَجْدٍ وَلَا أَرْءَى إِلَى نجد سَبِيلا قَالَ فَأَما مَا انشده النَّحويّون من قَوْله: وتَضْحَكُ منّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ كَأَن لم تَرى قَبلي أَسيراً يمانِيا فقد رُوِيَ كَأَن لم تَرَيْ قبلي وَكَأن لم تَرَى، زعم ذَلِك الْفَارِسِي وعلّل الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ فَمن أنْشدهُ تَرَيْ بِالْيَاءِ كَانَ مثل إياك نعْبد بعد الْحَمد لله وَقد يكون على هَذَا قَول الْأَعْشَى: حتّى تُلاقي مُحَمَّدا، بعد قَوْله: فآليت لَا أَرْثي لَهَا. وَقد يكون على معنى تَفْعَلُ إِلَّا أَنه سكَّن اللَّام فِي مَوضِع نصب، وَمن أنْشدهُ كَأَن لم تَرَى كَانَ مثل مَا أنْشدهُ أَبُو زيد من قَوْله: إِذا العجوزُ غَضِبَتْ فطَلِّقِ وَلَا تَرْضاها وَلَا تَمَلَّقِ فَإِن قلت فَلم لَا يكون على التَّخْفِيف على قِيَاس من قَالَ المَراة والكَمَاة قيل إِن التَّخْفِيف على ضَرْبَيْنِ تَخْفيف قِيَاس وقلب على غير قِيَاس وَهَذَا الضَّرب حكم الْحَرْف فِيهِ حكم حُرُوف اللِّين الَّتِي لَيست أصولهن الْهَمْز أَلا ترى أَن من قَالَ أرجَيْت قَالَ: (وآخَرونَ مُرْجَوْنَ لأمْرِ الله) مثل مُعْطَوْن وَمن لم يقلب جعلهَا بَين بَين فَكَذَلِك لم ترى إِذا لم يكن تخفيفه تَخْفيف قياسٍ كَانَ كَمَا قُلْنَا فَلَا يجوز لتوالي الإعلالَينِ أَلا ترى أَنهم قَالُوا طَوَيْت ولَوَيْت وحَيِيت فأجْرَوا الأول فِي جَمِيع هَذَا مُجرى الْعين من اخْشَوا وَقَالُوا قُوىً وحَياً فجعلوه بِمَنْزِلَة قطاً، وَقَالُوا آيَةٌ فَأَما استحييت فشاذٌّ وَلَا يُقاس عَلَيْهِ وَقد أبنّاه فَإِن قلت فلِمَ لَا تجعلُه مثلَ لم يَكُ وَلم أُبَلْ كَأَنَّهُ حذَف أوّلا اللَّام للجزْم كَمَا حذَف الْحَرَكَة من يكونُ ثمَّ خُفِّفت على تَخْفيف الكمأة وَالْمَرْأَة وأُقِرَّ الألفُ كَمَا أُقِرَّ فِيمَا أنْشدهُ أَبُو زيد من قَوْله: إِذا العجوزُ غَضِبَتْ فطَلِّقِِ وَلَا ترَضَّاها وَلَا تَمَلَّقِ فَإِن ذَلِك يعرض فِيهِ مَا ذكرنَا من توالي الإعلالين، فَأَما مَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ: عَجِبْتُ من لَيلاكَ وانتِيابِها من حيثُ زارَتْني وَلم أُورا بِها(4/201)
فَذهب قوم إِلَى انه تخفيفٌ بدلِيٌّ كَمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي قَوْله: كأنْ لم تَرَى قبْلي أَسيراً يمَانِيا وَقد أبان أَبُو عَليّ وجهَ الْفساد هُنَاكَ فَلذَلِك نستغني عَن كشفه هُنَا وأشرح الْبَيْت لما فِيهِ من الْإِشْكَال الأَصْل فِي أُوْرا بهَا: أُوْرَاْ بهَا وَلَا يجوز الْهَمْز فِي الْبَيْت لِأَن القصيدة مُرْدَفة لَا بدَّ من ألف قبل حرف الرَّوِيِّ وَهُوَ الْبَاء وَلَو همز لم يجُزْ أَن تكون الْهمزَة رِدْفاً، وَمعنى قَوْله لم أُورا بهَا: لم أعلَمْ بهَا، قَالَ لبيد يصف النَّاقة: تَسْلُبُ الكانِسَ لم يؤْرا بهَا شُعْبَةَ السّاقِ إِذا الظِّلُّ عَقَلْ وَهَذَا الْبَيْت يجوز فِيهِ أَرْبَعَة أوجه، يجوز لم أُورأ بهَا مِثَال لم أُورَعْ بهَا مَعْنَاهُ لم يشْعر بهَا وَهُوَ من الوراءِ اشتقاقه كَأَنَّهُ قَالَ لم يشْعر بهَا من وَرَائه وَهَذَا على مَذْهَب من يَجْعَل الْهمزَة فِي وَرَاء أصلا وَيَقُول فِي تصغيره وُرَيِئّة تَقْدِيره وُرَيِعّة، وَتقول فِي تصريف الْفِعْل مِنْهَا وَرَّأْتْ بِكَذَا وَكَذَا كَأَنَّهُ قَالَ ساتَرْت بِكَذَا وَكَذَا وَمِنْه الحَدِيث: (أَن النبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم كَانَ إِذا أَرَادَ سفرا ورَّأَ بِغَيْرِهِ) وَأَصْحَاب الحَدِيث لم يضبطوا الْهَمْز فِيهِ، وَالْوَجْه الثَّانِي من هَذَا الْمَعْنى أَن تجعَلَ الهمزةَ غير أصليّة وتجعلها منقلبة من واوٍ أَو ياءٍ تَقول لم يُورَ بهَا وَتجْعَل وراءِ مثلَ عطاءِ والهمزة منقلبة، وَمن قَالَ هَذَا قَالَ فِي تَصْغِير وَراء وُرَيَّة وَأَصله وُرَيِّيَة وَتسقط وَاحِدَة مِنْهَا كَمَا قلت فِي عطاءٍ عُطَيٌّ وَالْأَصْل عُطَيِيٌّ وَفِي عَظاءةَ عُظَيَّة وَالْأَصْل عُظَيِيَّة وَتقول وَرَّيْت عَن كَذَا وَكَذَا بِغَيْر همز وَيجوز أَن يُقَال يوأَرْ بهَا تَقْدِيره يوعَرْ بهَا وَفَاء الْفِعْل مِنْهُ واوٌ وَمَعْنَاهُ لم يُذْعَرْ بهَا وَهُوَ مشتقٌّ من الإرَة والإرَة: النَّار وَهِي مثل عِدَّة وَأَصلهَا وِئْرَة وحذفت الْوَاو وأُبقِي كسرتها مَعَ الْهمزَة وَمَعْنَاهَا أَنه لم يُصبْه حَرُّ الذُّعْر وَيجوز أَن يُقَال تسلب الكانسَ لم يُؤَرْ بهَا تَقْدِيره لم يُعَرْ بهَا وَهُوَ مأخوذٌ من الأُوار: وَهُوَ حَرُّ الشَّمْس وَفَاء الْفِعْل من هَذَا همزَة وعينه أَو لامه راءٌ كَأَن فعله آرَ يَؤورُ وَمَا لم يُسَمَّ فَاعله إيرَ يُؤَار مثل قيل يُقَال فَهَذَا مَا سقط إليَّ من تَعْلِيل أبي عَليّ وَأبي سعيد رحمهمَا الله هَذَا شَيْء عرَضَ. قَالَ ابْن جني: فَأَما قَوْله: يُريدُ أَن يأخُذَ بالجِزاف فكانَ ذُو العَرْشِ بِنَا أَرافي فوجهه عِنْدِي أَنه أَرَادَ أرْأَفُ ثمَّ زَاد الياءَ على مَا نَحن بسبيله فَصَارَ أرْأفِيُّ ثمَّ خفَّف الْهمزَة على مَا تقدم فَصَارَ أرافِيُّ ثمَّ خفف الْيَاء كَمَا خفّفها الآخر فِي قَوْله: بَكِّي بعينِكِ واكِفَ القَطْر ابنَ الحَوارِي العاليَ الذِّكْرِ أَرَادَ الحواريَّ فَحذف الْيَاء الأولى لَا الْآخِرَة هَذَا الْوَجْه وَقد يُمكن أَن يكون حذف الثَّانِيَة وَالْأولَى أقوى وَبَقِي الْيَاء بعد الْفَاء وَصلا وإطلاقهما فَصَارَ أرافي ثمَّ نعود إِلَى الْبَاب وَأما قَوْلهم المَلَك فَإِن أَصله الهمزُ لِأَنَّهُ من الأَلُوك والمألُكَة: وَهِي الرسَالَة وَإِنَّمَا أَصله مَلأَك تخفيفه قياسيّ وَإِنَّمَا ذكرته لمُضارَعته مُضارعَ رَأَى فِي أنَّ اسْتِعْمَاله جَرى بتَرْك الْهَمْز فِي الْأَكْثَر والأغلب، وملَكٌ أَصله مألَك على نظم حُرُوف الأَلوك ثمَّ قلبت الْهمزَة الَّتِي هِيَ الْفَاء إِلَى مَوضِع الْعين.
وَمِمَّا هَمَزَه بعض الْعَرَب وَترك هَمْزَه بَعضهم وَالْأَكْثَر الْهم
ز قَالُوا عَظاءةٌ وعَظايَةٌ وصَلاءة وصلايَة وعباءَ ةٌ وعبايَةٌ وسَقّاءَ ةٌ وسقّايَةٌ وامرأةٌ رَثّايَة ورَثّاءَ ةٌ فَمن همز فعلى(4/202)
حكم التَّذْكِير بناه عَلَيْهِ وَمن لم يهمز فَإِنَّهُ عِنْده تأنيثٌ لحِق آخر الِاسْم فتغيَّر حكمه تَقول شَقاءٌ وعَظاءٌ وصلاءٌ لَا يجوز غير الْهَمْز فِي شيءٍ من ذَلِك وَأَصله شقاوٌ وعَظايٌ وصلايٌ فَوَقَعت الْوَاو وَالْيَاء طرفين وقبلهما ألف ثمَّ قَالُوا شَقَاوة وعَظايَة فجعلوه يَاء لِأَنَّهُ لما اتَّصل بِهِ حرف التَّأْنِيث وَلم يَقع الْإِعْرَاب على الْيَاء صارَتا كَأَنَّهُمَا فِي وسط الْكَلِمَة كَقَوْلِهِم مِذْرَوان وَسَنذكر هَذَا فِي تَثْنِيَة الْمَقْصُور إِن شَاءَ الله.
3 - (وَمِمَّا يُقَال بِالْهَمْز مرّة وبالواو أُخرى)
هَذَا الْبَاب على ضَرْبَيْنِ اطِّراديّ وسماعيّ وَأَنا أبيِّن ذَلِك بِمَا سقط إليَّ من تَعْلِيل أبي عَليّ رَحمَه الله. قَالَ أَبُو عَليّ: اعْلَم أَن الواوات فِي هَذَا النَّحْو تكون على ضَرْبَيْنِ أوّلا وغيرَ أوّل فَإِذا كَانَت أوّلا فعلى ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا أَن تكون مُفْردَة وَالْآخر أَن تكون مكرّرةولا حَاجَة بِنَا إِلَى ذكر المكرّرة أوّلا لعلمنا باطِّراده فَأَما المفردة فعلى ثَلَاثَة أضْرب مضموم ومكسور ومفتوح فالمضموم نَحن وُعِدَ ووُزِنَ ووجوه وقلب الْهمزَة فِي هَذَا الضَّرْب مطَّرد إِذا كَانَ غير أوّل كَمَا يكون مطَّرداً إِذا كَانَ أوّلا وَإِن كَانَ قلبه أوّلا أقوى أَلا تراهم قَالُوا أثؤُب فقلبوه عيْنا كَمَا قلبوه فَاء فِي أُقِّتَت وأُجوه وَنَحْوه قَالَ: لكلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْؤُبا فَهَذِهِ المضمومة فَأَما الْمَكْسُورَة فنحو إسادةٍ فِي وِسادة وإفادَةٍ فِي وِفادة وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ: إلاّ الإفادَةَ فاستولَتْ رَكائبُنا عندَ الجَبابيرِ بالبأساء والنِّعَمِ وَأما الْمَفْتُوحَة فالبدل فِيهَا قَلِيل جدّاً أَنَاة فِي وَناة، وأحَد وَهُوَ من الوَحْدة، أَلا ترى أَن أحدا وَعشْرين كواحدٍ وَعشْرين، فَأَما أَنَاة فاستدلَّ سِيبَوَيْهٍ على أَنَّهَا من الْوَاو بِأَن الْمَرْأَة تُجعل كَسولاً فَجعله من الوَنْيِ دون الأناء الَّذِي مَعْنَاهُ التمكُّث والانتظار، وَلم نعلم غير هذَيْن وَهَذَا غير مطَّرد، فَأَما المكسور فقد اختُلِف فِيهِ فبعضهم يطرده وَبَعْضهمْ لَا يطْرده. قَالَ أَبُو عَليّ: ذكر أَبُو بكر عَن أبي الْعَبَّاس أَن أَبَا عَمْرو لَا يرى إِبْدَال الْهمزَة من الْوَاو الْمَكْسُورَة مطَّرداً كَمَا يَقُول غَيره إِذا كَانَت أول حرف وَيَزْعُم أَن قَوْلهم إسادةٌ وإشاح وإفادة من الشَّواذّ وَالْقِيَاس عِنْدِي قَول أبي عَمْرو لِأَن الاطِّراد فِي المضموم إِنَّمَا هُوَ لاشتباهها بالواوين والمكسورة لَا نشبه الواوين إِلَّا أَنه يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن يكون الْبَدَل فِيهَا أكثرَ من الْبَدَل فِي الْمَفْتُوحَة لِأَن الْيَاء بِالْوَاو وأشبه وَإِنَّمَا يَحسُن البدلُ وَلَا يَنْبَغِي أَن يجوز الْبَدَل فِي الْمَكْسُورَة غير أوَّل من حَيْثُ جَازَ فِي الأول لِأَن الْبَدَل أوّلاً أقوى لكثرته يدلُّك على ذَلِك امْتنَاع الواوين من الْوُقُوع أَولا وَجَوَاز وقوعهما وسطا وَكَأن فِي قَول سِيبَوَيْهٍ أَيْضا فِي هَذَا كالدلالة على مَا يَقُوله أَبُو عَمْرو من أَنه لَيْسَ بمطَّرد. قَالَ وَلَيْسَ بالمطَّرد يَعْنِي الْمَفْتُوحَة إِذا أُبدِلَت مِنْهَا الْهمزَة ولكنَّ نَاسا كَثِيرُونَ يُجْرونَ الواوَ إِذا كَانَت مَكْسُورَة مُجراها مَضْمُومَة فَقَوله نَاسا كثيرا فِيهِ دلَالَة على أَنه لَيْسَ بعامٍّ فِي الْكل. فقد أبنْت قوانين بدل الْهمزَة من الْوَاو وآخُذ فِي ذكر الْمَحْفُوظ والمختَلَف فِيهِ، وَأما القياسي فَلَا حَاجَة بِنَا إِلَى ذكره لاطِّراده فَمن الْمَحْفُوظ المُجمَع على أَنه لَيْسَ بمطّرد وَهُوَ قسم الْمَفْتُوحَة قَوْلهم أكَّدت العهدَ ووكَّدْته وأرَّخت الْكتاب وورَّخته وَقد أسِنَ الرجل ووَسِنَ: إِذا غُشِيَ عَلَيْهِ من نَتْن ريحِ الْبِئْر، وأرَّشْت بَين الْقَوْم ووَرَّشْت. غَيره: مَا وَبِهت لَهُ وَمن المكسور وِسادة وإسادة ووِفادة وإفادة ووِشاح وإشاح ووِعاء وإعاء وإلاف ووِلاف ووِكاف وإكاف وعَلى هَذَا قَالُوا أوْكَفْت البغْلَ وآكَفْته ووِقاء وإقاء وَقَالُوا وِلْدَة وإلْدة، وَمن الْبَدَل أَيْضا قَوْلهم أوصَدْت البابَ وآصَدْته: إِذا أغلقته وأوسَدْت الْكَلْب(4/203)
وآسَدْته: إِذا أغريته، وَمن طَرِيق بدل الْهمزَة من الْوَاو أَن تكون الْوَاو سَاكِنة وَمَا قبلهَا مضموم فتهمز على أَنه لَا أصل لَهَا فِي الْهَمْز كَقَوْلِهِم سُؤْق فِي سوق ومُؤْق فِي مُوْق. وَزعم الفارسيّ عَن بعض الْأَشْيَاخ أرَاهُ مُحَمَّد بن يزِيد أنّ أَبَا حَيَّة النُّمَيريّ كَانَ يهمز كلَّ واوٍ ساكنةٍ قبلهَا ضمَّةٌ وَإِن لم يكن لَهَا أصل فِي الْهَمْز وَكَانَ ينشد: لحُبَّ المُؤْقِدانِ إليَّ مُؤْسَى وَعَلِيهِ وُجِّه قِرَاءَة من قَرَأَ: (فاسْتَغْلَظَ فاسْتَوى على سُؤْقِهِ) وعاداً الُّلؤلَى وتعليله عِنْده أَن يتوهَّم الضمة الَّتِي على الْحَرْف الَّذِي قبل الْوَاو وَاقعَة على الْوَاو كَمَا أَن الَّذِي يَقُول الكَمَاة والمَرَاة يتوَهَم الفتحة الَّتِي فِي الْهمزَة وَاقعَة على الْمِيم فَكَأَنَّهَا كَماة وَإِذا كَانَت الْهمزَة سَاكِنة وَمَا قبلهَا مَفْتُوح فَأُرِيد تخفيفها قلبَتْ ألفا فَهَذَا نَظِير مَا تقدّم ذكره وَإِن كَانَ التوهُّم فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالْعَكْسِ وَهَذَا من أدقِّ النَّحْو وأظرف اللُّغَة فافهمه واحفظه إِن شَاءَ الله تَعَالَى. ابْن السّكيت: حَزاه يحزوهُ وحَزَأه يحْزَأُهُ: أَي رَفعه، وَلَا تأجَلْ وَلَا توْجَلْ وَلم أسمع ببدلها فِي الْمَاضِي.
وَأَنا أحبُّ أَن أضَعَ للتَّخْفِيف البدَلِيِّ عَقداً ملخَّصاً وجيزا
اعْلَم أَن الْهمزَة الَّتِي يُحَقّق أَمْثَالهَا أهل التَّحْقِيق من بني تميمٍ وأهلِ الْحجاز وتُجعَل فِي لُغَة أهل التَّخْفِيف بَين بينَ قد يُبْدَل مَكَانهَا الْألف إِذا كَانَ مَا قبلهَا مَفْتُوحًا وَالْيَاء إِذا كَانَ مَا قبلهَا مكسورا وَالْوَاو إِذا كَانَ مَا قبلهَا مضموما وَلَيْسَ ذَا بِقِيَاس مُتْلَئِبٍّ وَإِنَّمَا يُحفظ عَن الْعَرَب كَمَا يحفظ الشيءُ الَّذِي تُبدل التَّاء من واوه نَحْو أَتْلَجْت وَلَا تجْعَل قِيَاسا فِي كل شَيْء من هَذَا الْبَاب وَإِنَّمَا هِيَ بدل من وَاو أَوْلَجْت أَوَلا تَرى أَنه لَا يُقَال أَتْلَعْت فِي أولَعْت فَمن ذَلِك قَوْلهم مِنسأةٌ وَهِي الْعَصَا وَإِنَّمَا أَصْلهَا مِنْسَأَة لِأَنَّهُ يُقَال نَسَأتها: أَي ضربتها، ونَسأتها: أَي أخَّرتها، ونَسَأتها: أَي طردتُها فَيحْتَمل أَن تكون الْعَصَا من هَذِه الْوُجُوه. قَالَ: وَقد يجوز فِي ذَا كُله الْبَدَل حَتَّى يكون قِيَاسا إِذا اضْطر الشَّاعِر. قَالَ أَبُو عَليّ: مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَن كل همزَة متحركة إِذا كَانَ قبلهَا فتحةٌ جَازَ قلبُها ألِفاً فِي الشِّعر وَإِن لم يكن مسموعاً فِي الْكَلَام وكل همزَة متحركة وَقبلهَا كسرة يجوز قَلبهَا يَاء فِي الشِّعر وَإِن لم يكن مسموعاً فِي الْكَلَام قَالَ الشَّاعِر وَهُوَ الفرزدق: راحَتْ بمَسْلَمَةَ البِغالُ عَشِيَّةً فارْعى فَزارَةُ لَا هَناكِ المَرْتَعُ وَإِنَّمَا كَانَ الْوَجْه أَن يُقَال لَا هَنَأَك المَرْتَعُ، فأبدل الألفَ مكانَها وَلَو جعلهَا بَيْنَ بَيْنَ لانْكَسَر لِأَن همزَة بَيْنَ بَيْنَ متحرِّكة وَلَا يَتَّزِنُ البيتُ بحرفٍ متحرِّك، وَقَالَ حسان: سَأَلَتْ هُذَيْلٌ رسولَ اللهِ فاحِشةً ضَلَّتْ هُذَيْل بِمَا قَاَلَتْ وَلم تُصِبِ وَقَالَ القُرشِيُّ وَقيل إِنَّه لبَعض السَهْمِيِّين: سَأَلَتاني الطَّلاقَ أنْ رَأَتَاني قَلَّ مَالِي قد جِئْتُماني بنُكْرِ فَهَؤُلَاءِ لَيْسَ من لغتهم سِلْت وَلَا يَسَاَل وبلغنا أَن سَلْتَ تَسال لغةٌ وَأكْثر الْعَرَب يَقُولُونَ سَأَلَ يَسْأَل بِالْهَمْز وَمِنْهُم من يَقُول سَال يَسَاَل كَمَا يَقُول خَافَ يخَاف وَالْألف منقلبة من الْوَاو وَقد حُكي هما يَتَسَاولان وَالشَّاهِد(4/204)
أَن هذيْنِ الشاعِريْن لغتُهما سَأَلَ بِالْهَمْز وَإِنَّمَا اضطُرَّ إِلَى تحويله مثل لَا هَنَاَكِ المرتَعُ، وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن حسان: وكنتَ أَذَلَّ من وَتَدٍ بِقاعٍ يُشَجِّج رأسْهَ بالفِهْرِ واجي يُرِيد الواجئ وَهَذَا أيسر لِأَنَّهُ لَا يجوز فِي الْكَلَام أَن تَقول هَذَا واجي إِذا وقفت لِأَن الْهمزَة تسكن إِذا وقفْتَ عَلَيْهَا وَقبلهَا كَسْرة فتقلَبُ يَاء كَمَا يُقَال فِي بِئْر بِيْر. قَالَ: ونَبِيٌّ وبَرِيَّةٌ ألزمها أهل التَّحْقِيق البَدَل وَلَيْسَ كُلُّ شَيْء نَحْوهمَا يُفعَل بِهِ ذَا إِنَّمَا يُؤْخذ بالسَّمْع وَقد بلغنَا أَن قوما من أهل الْحجاز من أهل التَّحْقِيق يحققون نَبيء وبَريئة وَذَلِكَ قَلِيل رَديء وَالْبدل هَا هُنَا كالبدل فِي مِنْساة وَلَيْسَ بدل التَّخْفيف وَإِن كَانَ اللَّفْظ وَاحِدًا وَقد قدمت تَعْلِيل النبِي والبَرِيَّة. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَاعْلَم أَن من الْعَرَب من يَقُول فِي أَوْأَنتَ أَوَنْتَ يُبدل وَيَقُول أرْمِيَّ باكَ وأبُوَّيُّوب يُرِيد أَبُو أيُّوب وَرَأَيْت غُلامَيَّ بِيكَ وَكَذَلِكَ المنفصِلة كُلُّها إِذا كَانَت الْهمزَة مَفْتُوحَة. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِنَّمَا أبدلوا الْمَفْتُوحَة إِلَى لفظ مَا قبلهَا وأدغموه فِيهِ لِأَنَّهُ أخَفُّ فِي اللَّفْظ من المكسور والمضموم وَلَا يُبْدلون الهمزةَ المضمومةَ والمكسورةَ فِي مثل ذَلِك وَقد أنْشد بعض النحوِيِّين: هَلَ نْتَ مُحْيِّي الرِّبْع أوَّنْت سائِلُهْ قَالَ: وَإِن كَانَت فِي كلمة وَاحِدَة نَحْو سَوْأَة وَمْوَألة حذفوا فَقَالُوا سَوَةٌ وَمَوَلةٌ وَقَالُوا فِي حَوْأَب حَوَب فَهَذَا هُوَ الْقيَاس. قَالَ: وَقد قَالَ بعض هَؤُلَاءِ سَوَّة وضَوٌّ فَجعل الواوات فِيهَا بِمَنْزِلَة حُروف المدِّ وشبَّهه أَيْضا بأوَّنْتَ وَإِن خَفَّفْت أحْلِبْني إبِلَكَ وَأَبُو أمِّك لم تُثَقِّل كَرَاهَة لِاجْتِمَاع الواوات والياآت والكَسَرات يَعْنِي أَنَّك تَقول أحلِبْني بِلَكَ بكَسْر الْيَاء من غير تَشْدِيد وأبومِّكَ بضمِّ الْوَاو من غير تَشْدِيد وَالَّذين شدَّدوا أوَّنت وأَرْمِيَّ باكَ وأبوَّيُّوب لم يشَدَّدِوا على هَذَا لِأَنَّهُ يكون مَعَ التَّشْدِيد كسرةٌ أَو ضمة فيثقُل. قَالَ: وَمن قَالَ سَوَّة قَالَ مَسُوٌّ وسِيَّ وَإِنَّمَا حسُن ذَلِك وَإِن كَانَت الهمزةُ مَضْمُومَة لِأَنَّهَا ضمة إِعْرَاب غير ثَابِتَة. قَالَ: وَهَؤُلَاء يَقُولُونَ أَنا ذُونْسِه يُرِيدُونَ ذُو أُنْسِه فألْقَوا حركةَ الْهمزَة على الْوَاو وحذفوها. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلم يجعلوها همزَة تُحذف وَهِي مِمَّا يَثْبُت، يَقُول لم يحذفوها وَهِي تثبُت بَيْنَ بَيْنَ كَمَا ثبتَتْ بعد الْألف وَمَعْنَاهُ إِنَّمَا حذفوها فِي التَّخْفِيف بإلقاء الحركةِ على مَا قَبْلَها لِأَنَّهَا لَا تثبت بَيْنَ بَيْنَ وَلَا يجوز أَن تقلبَ واواً فتُدغَم الواوُ الأولى فِيهَا فَيُقَال فِيهَا أَنا ذوُّنْسه على قَول من قَالَ سَوّة استِثقالاً للضمة عَلَيْهَا كَمَا لَا يجوز أُبُّومِّك. قَالَ: وَقَالَ بعضُ هَؤُلَاءِ يقولونَ يُرِيد أَن يجيَكَ ويَسوَك وَهُوَ يَجيِكَ ويَسوكَ بحذفِ الْهمزَة ويُكْرَه الضمُّ مَعَ الْيَاء وَالْوَاو فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ فِي حَال الجَزْم لم يَجِ ويُرْوى أَن بعض العربَ قَالَ من أَرَادَ أَن يأتِينا فَلْيَجِ، وَتقول فِي أسَاتُ فِي حَال الْجَزْم لم تُسِ يَا هَذَا وَفِي المر سُهْ يَا هَذَا وَهَؤُلَاء حذفوا الْهمزَة تَخْفِيفًا على غير النَّحْو الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي الْقيَاس أَن تَقول إِذا خفَّفت الْهمزَة هُوَ يَرْمِي خْوانَه يثبتُ الياءَ ويَكْسِرُها ويطرحُ حركةَ الْهمزَة عَلَيْهَا على مَا ذكرنَا فِي قِيَاس التَّخْفِيف وَلكنه استثقل كسرة الْيَاء فَحذف الْهمزَة الْبَتَّةَ ثمَّ حذف الْيَاء لِاجْتِمَاع الساكِنَيْن الياءِ والخاءِ.
3 - (وَمِمَّا جَاءَ من الشاذ الَّذِي لم يذكُرْه سِيبَوَيْهٍ حذف الْهمزَة بعد المتَحَرِّك المَبْنيِّ وإلقاء حركَتِها عَلَيْهِ.)
من ذَلِك قَوْلهم قالِ سْحقُ وقالُ سامة يُرِيدُونَ إِسْحَاق وَأُسَامَة تسكَنَّ اللَّام لِأَنَّهَا مَبْنِيَّة على الْفَتْح وَلَيْسَت بمعربة ثمَّ يُلقى عَلَيْهَا كسرةُ الْهمزَة وضمَّتُها وتُحذَف الْهمزَة وَلَو كَانَ هَذَا فِي معْرَب لم يجز أَن يَقُول يقولِ(4/205)
سْحقُ وَلَا أَن يَقُول يقولُ سامةُ لِأَن المعرب تخْتَلف حركاته فَإِن ألقيت حَرَكَة الْهمزَة على المعرب وَقع اللّبْس وَمِنْهُم من لَا يلقِي حَرَكَة الْهمزَة ويحذفها البتَّة فَيَقُول قالَ سْحقُ وقالَ سامةُ وَالْأول أَجود وَأما قَول حُميد بن ثَوْر فَإِنَّهُ يُنشد: فَلم أَرَ مَحْزُونا لَهُ مِثْلُ صوْتِه وَلَا عَرَبِيَّاً شاقَهُ صوتُ أعجَما كمثْلي غَداتِذٍ ولكِنَّ صوتَهُ لَهُ غَوْلَةٌ لَو يفقَهُ العودُ أرْزَما ويروى كمِثلي غَداتِذٍ وَالْأَصْل فِي هَذَا غداةَ إذٍ فَهِيَ مَبْنِيَّة لإضافتها إِلَى إدْ يجوز أَن تَقول فِي خِزْيِ يَوْمِئِذٍ يَومَئِذ وَمن عيشِ يومِئِذ وساعةِ إذٍ فَمن كسر أعربه لِأَنَّهُ اسْم مُتَمَكن وَمن فَتحه بناه لِأَنَّهُ أُضيف إِلَى غير مُتَمَكن وَهُوَ على تسكين الْهمزَة وقلبها فَيجوز أَن تدع مَا قبل الْهمزَة على فَتحه وَيجوز إِلْقَاء حَرَكَة الْهمزَة على مَا قبلهَا كَمَا قَالَ: قالِ سْحقُ وَمن ذَلِك أَنهم يحذفون الْهمزَة إِذا وقعَت بعد ألفٍ من كَلِمَتَيْنِ فغن كَانَ مَا بعد الْهمزَة سَاكِنا حذفوا الْألف أَيْضا لِاجْتِمَاع الساكنَيْن فَإِن كَانَ متحركاً حذفوا مِنْهُ الْهمزَة وَتركُوا الْألف على حَالهَا يَقُولُونَ مَحْسَنَ زَيْداً ومَمْرُك يَا زيدُ يُرِيد: مَا أحسَنَ زيدا، وَمَا أمرُك، فتحذف الْهمزَة البتَّةَ فَيبقى الْألف والساكن الَّذِي بعْدهَا فَيسْقط لِاجْتِمَاع الساكنين وَيَقُولُونَ مَا شَدَّ زيدا وَمَا جَلَّ زيداُ يُرِيدُونَ مَا أشَدَّ زيدا وَمَا أَجَلَّ زيدا، فتُحذَفُ الْهمزَة وَحدهَا وَلَا تُحذَف الْألف لن مَا بعْدهَا متحرِّك، قَالَ الشَّاعِر: مَا شَدَّ أنْفُسَهُم وأَعْلَمَهُمْ بِمَا يَحمي الذِمار بِهِ الكريمُ المُسْلِمُ وربَّما حذفوا لغير عِلَّة لِكَثْرَة دَوْرها وَقد زعم بَعضهم أنَّ سامةَ بنَ لُؤيٍّ إِنَّمَا هُوَ أُسَامَة فحُذفت الْهمزَة مِنْهُ تَخْفِيفًا وَقَالَ بَعضهم ناسٌ وَأَصلهَا أُناس فحذفت الْهمزَة تَخْفِيفًا وَقَالَ بَعضهم فِي سامةَ وناسٍ إِن الْهمزَة لم تكُن فِي أَصْلهَا وَإِن ناسٌ من ناسَ يَنوس وسامةَ من سامَ يَسوم وَالْأَكْثَر الأول وَعَلِيهِ قَالُوا القُحْوان فِي الأُقْحُوان، وَمِمَّا يدل على أَن سامة أَصله أُسامة ثمَّ حُذِف جمع الشَّاعِر بَينهمَا قَالَ: عَيْنُ بَكِّي لِسامةَ بنِ لُؤَيٍّ عَلِقَتْ من أُسامةَ العَلاَّقَهْ لَا أَرَىَ مِثْلَ سامةَ بن لُؤَيٍّ حَمَلَتْ حَتْفَهُ إليْه النَّاقَهْ وَقَالُوا فِي أَرَأَيتْ أَرَيْتَ فحذفت الْهمزَة البتَّة من غير أَن يَبْقَى لَهَا أثرٌ وَهِي فِي قراءةِ الكِسائي فِي جَمِيع مَا أوَّلَهُ ألف اسْتِفْهَام فِي أَرَيْتَ كَمَا قَالَ الشَّاعِر: صاحِ هلْ رَيْتَ أَو سَمِعْتَ بِراعٍ رَدَّ فِي الضَّرْع مَا قَرَىَ فِي الحِلابِ وربَّما قدَّموا الهمزةَ الَّتِي إِذا أخَّروها فِي التَّخْفِيف وَجب حذفهَا كَقَوْلِهِم فِي يَسْئَلون يَأْسَلون وَذَلِكَ أَنه إِذا خفف يَأْسَلون لم يَلْزَمه حذفُ الْهمزَة وَإِنَّمَا يلْزمه قَلبهَا ألفا كَمَا تَقول فِي رَأْس راس وَلَو لم يَقْلِبْها للزمه أَن يَقُول يَأْسَلُون، قَالَ الشَّاعِر: إِذا قَامَ قَوْمٌ يَأْسَلُون مَليكَهُمْ كَذَلِك أُنشِد وَمن نَحْو هَذَا قَوْلهم يَئِسَ ثمَّ يَقُولُونَ أَيِسَ على القلْب وَالْأَصْل يَئِس وَالدَّلِيل على أَن الأَصْل يَئِس أَنه لَو لم يكن كَذَلِك للزمهم قلب الْيَاء فِي أَيِسَ ألِفاً لِأَن الْيَاء إِذا وقعتْ فِي مَوضِع الْعين من الفِعْل فِي مِثْل هَذَا وَجب قلْبُها ألفا كَمَا قَالُوا هَاَبَ وَالْأَصْل فِيهِ هَيِبَ وَيَقُولُونَ فِي مصدر الْفِعْلَيْنِ يَأْس وَلَا يَقُولُونَ أَيْس.(4/206)
(بَاب)
وَمِمَّا يُقَال بِالْهَمْز وَالْيَاء أَعْصُر ويَعْصُر اسْم ويَلَمْلَمُ وأَلَمْلَم: اسْم وادٍ من أوْدِية الْيمن، وطيرٌ أَنادِيد ويَناديد: متفرّقة، وَهُوَ اليَرَقان والأَرَقان: وَهِي آفَة تُصيب الزَّرْع، وَهُوَ زَرْع مَأْروق ومَيْروق، وَهِي الأَرَنْدَج واليَرَنْدَج: للجُلود السُّود، وَهُوَ رجل أَلَنْدَد ويَلَنْدَد: للشديد الخُصومة، وَرجل أَلْمَعِيٌّ ويَلْمَعِيّ: للذَكِيّ المتَوقِّد، ويَبْرِينُ وأَبْرِيْن: اسْم رملٍ، ويُسْروع وأُسْروع: وَهِي دُودةٌ تكون فِي البَقْل ثمَّ تَنْسَلِخُ فَتكون فَرَشةً، وَهُوَ عودٌ أَلَنْجوج ويَلَنْجوج وَأَلَنْجَج ويَلَنْجَج: للعود الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ، وحُكي فِي أَسْنَانه يَلَلٌ وأَلَلٌ: وَهُوَ أَن تُقْبِلَ الأسنانُ على باطِن الفَم، وحُكي قطع الله أَدَيْه: يُرِيد يَدَيْه وَيُقَال ثوبٌ أَدِيٌّ ويَدِيٌّ: إِذا كَانَ وَاسِعًا. اللحياني: رجل يَدِيٌّ وأَدِيٌّ: أَي صَنَعٌ. ابْن السّكيت: وَيُقَال رُمْحٌ يَزَنِيٌّ وأَزَنِيٌّ ويَزْأَنِيّ وأَزْأَنِيّ: مَنْسُوب إِلَى ذِي يَزَن: ملكٍ من مُلوك حِمْيَر، وَيُقَال مَا فِي سَيْرِه أَتَمٌ وَلَا يَتَمٌ: أَي إبطاء. وَقَالَ الطوسي: اليَتَم: الغَفْلة، وَمِنْه الْيَتِيم كَأَنَّهُ أُغْفِل فضاعَ وَالْإِجْمَاع أَن اليَتيمَ الفَرْد ويَتِمَ: إِذا انْفَرَد مِنْهُ وَمِنْه الدُّرَّة الْيَتِيمَة، وَقَالَ: نَصْلٌ يَثْرِبِيٌّ وأَثْرَبِيّ: مَنْسُوب إِلَى يَثْرِب، وأنْشَد: وأَثْرَبِيّ سِنْخُهُ مَرْصوفُ وَأنْشد أَيْضا: تَعَلَّمَنْ يَا زَيْدُ يَا ابْنَ زَيْنِ لأُكْلَةٌ من أَقِطٍ بِسَمْنِ وشَرْبَتانِ مِن عَكِيِّ الضَّأْنِ أَلْيَنُ مَسَّاً فِي حَوايا البَطْنِ من يَثْرِبِيَّاتٍ قِذاذٍ خُشْنِ يَرْمي بهَا أرْمى من ابْنِ تَقْنِ وَأنْشد أَبُو حنيفَة: يُكَلِّفُني الحَجَّاجُ دِرْعاً ومِغْفَرا وطِرْفاً جَواداً رائِعاً بثَلاثِ وخَمْسينَ سَهْما صِيغةً يَثْرِبِيَّةً وقَوْساً طَروحَ النَّبْل غَيْرَ لَباثِ قَالَ: وَيُقَال: قوسٌ لَباث: أَي بَطيئة، وَقَالُوا أَمَّمته ويَمَّمته، وأَذْرِعات ويَذْرِعات، وولَدْته أُمُّه يَتْناً وأَتْناً.
3 - (? ? وَمِمَّا يُقَال بِالْيَاءِ مرّة وبالهمز مرّة وبالواو مرّة)
اللحياني: وَلَدَتهُ أُمُّه يَتْنَاً وأَتْناً ووَتْناً: وَهُوَ أَن تَخرُج رِجلاه قبل رأسِه.(4/207)
3 - (? وَمِمَّا يُقَال بِالْهَمْز مرّة وبالياء مِمَّا لَيْسَ بأوّل)
أَبُو عبيد: نَاَوَأتُ الرجلَ وناوَيْتُه: يَعْنِي نَاَهَضتُه وهاوَأْتُه وهاوَيْتُه: مَعْنَاهُ كَالْأولِ وَلم يُفسِّره. ودارَأْتُه ودارَيْته: هَذِه حكايته وَالْمَعْرُوف دارَأْته: دافتُه، ودارَيْته: لاينْتُه وَرَفَقتُ بِهِ من قَوْله: فَإِن كنتُ لَا أَدْري الظِّباء. وَقد تقدَّم الْبَيْت، وَقَالَ: احْبَنْطَأْتُ واحْبَنْطَيْتُ واجْلَنْظَأْت واجْلَنْظَيْت واطْلَنْفَأْت لَا غير. وَقَالَ: الرِّئْبال: هُوَ الأسَد يُهمَز وَلَا يُهمَز وَلم يحكِ أحدٌ هَذَا غيرُ أبي عبيد اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكونَ على التَّخْفِيف الَّذِي لَيْسَ بِبَدَلِيّ، انْتَهَت أَبْوَاب الْهَمْز.
3 - (? وأذكُر الآنَ شَيْئا من المُعاقَبة)
وأُري كيفَ تَدخلُ الياءُ على الواوِ والواوُ على الياءِ من غيرِ عِلَّةٍ إمّا لمُعاقَبةٍ عِند القَبيلة الْوَاحِدَة من الْعَرَب وإمَّا لافتراق القَبيلتين فِي اللُّغَتَيْن فأمَّا مَا دَخَلَتْ فِيهِ الواوُ على الياءِ والياءُ على الواوِ لعلَّة فَلَا حاجةَ بِنَا إِلَى ذِكْره فِي هَذَا الْكتاب لِأَنَّهُ قانونٌ من قَوانين التصريف، قَالَ الْأَصْمَعِي: سألتُ المفَضَّل عَن قَول الْأَعْشَى: لَعَمْري لَمَنْ أَمْسَى من القومِ شاخِصا لقد نالَ خَيْصَاً من عُفَيْرةَ خائِصا فَقلت: مَا معنى خَيْصَاً خائصاً فَقَالَ: أُراه من قَوْلهم فلانٌ يُخَوِّص العطاءَ فِي بَني فلانٍ: أَي يُقَلِّلُه، فكأنَّ خَيْصَاً شيءٌ يسيرٌ ثمَّ بَالغ بقوله خائصاً كَمَا قَالُوا هُوَ مَوْتٌ مائت، قلت لَهُ: فَكَانَ يجب أَن يَقُول لقد نَالَ خَوْصَاً إِذْ هُوَ من قَوْلهم هُوَ يُخَوِّص العَطاء فَقَالَ: هُوَ على المُعاقَبة وَهِي لُغَة لأهل الْحجاز وَلَيْسَت بمًطَّرِدَةٍ فِي لغتهم وَأَنا أذكر مِنْهَا بحسَب مَا يحضُرني إِن شَاءَ الله. قَالَ ابْن السّكيت: أهلُ الْحجاز يُسمُّون الصَّوَّاغ الصَّيَّاغ، قَالَ: وَيَقُولُونَ: المَياثر والمَواثر والمَواثق والمَياثق، وَأنْشد لأعرابي: حِمىً لَا يُحلُّ الدَّهْر إِلَّا بإذْنِنا وَلَا نَسْألُ الأقوامَ عَقْدَ المَيَاثِقِ وَيُقَال: هُوَ المُتَأَوِّب والمُتَأَيِّب، وشَيَّطَه وشَوَّطَه وَقد دَوَّخوا الرجلَ ودَيَّخوه وَقد فادَ يَفود ويَفيد فِي الْمَوْت، وَقَالُوا مَا أَدْري أيُّ الجَرادِ عارَه، وَقَالُوا فِي المُستقبَل يَعورُه ويَعيرُه. غَيره: وَكَذَلِكَ عَار يَعير ويَعور: إِذا ذَهَبَ هَهُنَا وههُنا وَيُقَال غرْتُ فلَانا وقومٌ يَقُولُونَ غُرْتُه: أَي نَفَعْته، وأنْشَد: مَاذَا يَغيرُ ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَوِيلُهُما لَا تَرْقُدانِ وَلَا بوسى لِمَن رَقَدَا وَيُقَال ذهب فلانٌ يَغيرُ أهلَه: أَي يَميرُهم ويَنفعُهم، وأنْشَد: ونَهْدِيَّةٍ شَمْطاءَ أَو حارِثيَّةٍ تُؤَمِّلُ نَهْبَاً من بَنيها يَغيرُها وَكَذَلِكَ غارَني الرجلُ يَغيرُني ويَغورُني: إِذا أَعْطَاك الدِّيَة وَالِاسْم الغِيرَة وَجَمعهَا غِيَر، وَيُقَال مَا لَك تَتَحَوَّز مِنِّي كَمَا تَتَحَوَّز الحَيَّة وَيُقَال قد تَحَيَّزْتَ إِلَى حِصْنٍ أَو إِلَى فِئَة: أَي انْحَزْت إِلَيْهَا وَقد تَحَوَّزْت: أَي تَلَبَّثْتَ وَيُقَال تَوَّهْت الرجلَ وتَيَّهْته وَكَذَلِكَ طَوَّحْته وطَيَّحْته. أَبُو عبيد: مَا أَتْوَهَه وَأْتَيهَه وَأْطَوحَه معاقبة وَهِي عِنْد سِيبَوَيْهٍ من الْوَاو وَلِهَذَا قَالَ إنَّ طِحْت تَطيح مثل حَسِبَ يَحْسِب. ابْن السّكيت: ساغَ الرجلُ طعامَه يَسيغه وَبَعْضهمْ يَقُول يَسوغه والجَيِّد أساغَ الطعامَ بِالْألف وماهَتِ الرَّكِيَّة تَموه هَذَا الأَصْل لِأَنَّك تَقول أَمْواه وَقد قيل تَميه وتَماه وَيُقَال طالَ طِوَلُك وَطَالَ طِيَلُك مَكْسُورَة الأوّل جَمِيعًا فَأَما الحبْلُ فَلم نسْمَعه إِلَّا بِكَسْر الأول(4/208)
وفَتْح الثَّانِي وَيُقَال ضاره يَضيره وَزعم الْكسَائي أَنه سَمِعَ بِعْ أهل العالِيَة يَقُول لَا يَنْفَعُني ذَلِك وَلَا يَضوِرُني وَيُقَال إِن بَينهمَا لَبَوْناً فِي الفَضْل وبَيْناً فَأَما فِي البُعْد فَيُقَال إِن بَينهمَا لَبَيْناً لَا غير، وَيُقَال إنَّ فلَانا لسريعُ الأَوْبَة وقومٌ يحوِّلونَ الْوَاو يَاء فَيَقُولُونَ سريع الأَيْبَة وَقوم يَقُولُونَ لاتَهُ يَليتُه ولغةٌ أُخْرَى يَلوتُه، ومعناهما: حَبَسَه عَن وَجهه، قَالَ رؤبة: وَلم يَلِتْني عَن سُراها لَيْتُ تَقْدِيره لم يَبِعْني بَيْع، وَفِي الْقُرْآن: (لَا يَلِتْكُمْ من أعمالِكُم شَيْئاً) . وَقُرِئَ يَأْلِتْكم من أَلَتَ يألِت وقومٌ يَقُولُونَ ذهب فِي هَذَا الْمَعْنى أَلتَهُ وَيُقَال ماثَ الشيءَ فَهُوَ يَموثُه وَمَعْنَاهُ أذابه والمصدر مَوَثَاناً وَيُقَال أصابَتْهُم مُصيبةٌ ومَصاوِب ومَصايِب فَهُوَ على الأَصْل وَحكى سِيبَوَيْهٍ أَن بَعضهم قَالَ فِي جمع مُصِيبَة مَصائب فيهمز وَهَذَا غلط وَإِنَّمَا هُوَ مُفعِلة وتوهَّموها فَعيلة. قَالَ: وَمِنْهُم من يَقُول مَصاوِب فَيَجِيء بِهِ على الأصلِ والقياسِ وَقَول سِيبَوَيْهٍ توهَّموها فَعيلة أَي توهَّموا الياءَ الَّتِي فِي مُصيبة وَهِي مُنقَلِبة عَن الْعين الَّتِي هِيَ واوٌ الياءَ الَّتِي تُزاد للمدِّ فِي نَحْو سَفينة فهمزوا الْيَاء المنقلبة عَن الْوَاو الَّتِي هِيَ عين الْفِعْل كَمَا هَمَزوا الياءَ الَّتِي للمَدِّ فِي نَحْو سَفائِن وصَفائِح وَلَا تُشبِه هَذِه الْيَاء تلكَ أَلا ترى أَن هَذِه منقلبة عَن واوٍ هِيَ عينٌ أصلُها الحركةُ وتلكَ زائدةٌ للمدِّ لَا حَظَّ لَهَا فِي الْحَرَكَة. قَالَ الْفَارِسِي: وَمثل هَذَا ممّا حمله أَب وَالْحسن على الغَلَط قولُ بَعضهم فِي جمع مَسيل مُسْلان فمَسيل مَفْعَل وَالْيَاء فِيهِ عينُ الفِعل فتوَهَّم فِيهِ من قَالَ فِي جمع مَسيل مُسْلان أَنَّهَا زَائِدَة للمدّ فَجَمعه على فُعْلان كَمَا يجمع قَضيبٌ على قُضْبان. قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي إِنَّمَا يكون غَلَطَاً إِذا أُخذ من سَالَ فَإِذا أُخذ من مَسَل كَانَ كمَصير ومُصْران، قَالَ: ومثلُ هَذَا من الشَّواذ والغلط لَا يُعْتَرَضُ بِهِ على الشَّائِع المُطَّرِد وَلَا يُحْمَل عَلَيْهِ غيرُه وَإِنَّمَا حكمه أَن يُعرَف أصلُه ويبيَّنَ وجهُ الصَّواب فِيهِ وَمن أينَ وَقَعَ التشبيهُ الَّذِي جاءَ من أَجْلِه الغلَط فمُسْلان فِيمَن أَخَذَه من سَاَلَ خَطَأ وَإِن كَانَ قد قيلَ ونَظيرُ غلطِهم فِي همز مَصايب غَلَطُ من قَرَأَ معائِش بِالْهَمْز لِأَن الياءَ فِيهَا عينٌ فَلَا تهمز كَمَا لَا تُهمَز مَقَاَوِم جمع مَقَامٍ، قَالَ الفرزدق: وإنِّي لَقَوَّام مَقَاوِمَ لم يكُنْ جَريرٌ وَلَا مَوْلى جَريرٍ يَقومُها(4/209)
قَالَ الْفَارِسِي: قَالَ أَبُو عُثْمَان: إِنَّمَا أصل أخْذِ هَذِه الْقِرَاءَة عَن نَافِع وَلم يكن لَهُ علمٌ بِالْعَرَبِيَّةِ وَقد حمل الْهمزَة فِي مَصائب على الْهمزَة فِي إسادةٍ أَي أَنَّهَا بدل من الْوَاو كَمَا أَنَّهَا فِي إسادة بدلٌ من الْوَاو وَقد أريتُك حكم بدل الْهمزَة من الْوَاو كيفَ هُوَ وأعْلَمْتُك أَن أَبَا عَمْرو يذهبُ إِلَى أَن بدل الْهمزَة من الْوَاو الْمَكْسُورَة لأوّلاً غير مُطَّرِد وأعلمتك كَيفَ استدَلَّ الفارسيُّ على صِحَة مَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو عَمْرو من كَلَام سِيبَوَيْهٍ وَإِذا لم يكن هَذَا مطَّرِداً فِي الْوَاو أوّلاً فَحكمه أَن لَا يجوز فِيمَا لم يكن أوَّلاً لِأَن التغايير أشدُّ اعتقاباً على الأول فِي هَذَا الْبَاب وَبِهَذَا ردَّ الْفَارِسِي على الزَّجّاج هُنَا وَقد لخَّصْنا جَمِيع ذَلِك آنِفاً فَهَذَا شيءٌ عرض فِي مصائب ثمَّ نعود إِلَى ذكر المعاقبة. ابْن السّكيت: تَبَوَّغ الرجلُ بِصَاحِبِهِ: غَلَبَه، وَتَبَوَّغ الدَّمُ بِصَاحِبِهِ: قَتَلَه وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث: (إِذا تَبَيَّغ الدَّمُ بصاحِبه فلْيَحْتَجِم) . يَعْنِي إِذا هاجَ فكاد يقْهَرُه، وحُكي مَا أَعِيج من كَلَامه بِشَيْء: أَي مَا أَعْبَأ بِعْ وَبَنُو أَسد يَقُولُونَ مَا أَعْوَجُ بِكَلَامِهِ: أَي مَا أَلْتَفتُ إِلَيْهِ، أَخَذُوهُ من عُجتُ الناقةَ وَيُقَال هُوَ فِي صُيَّابة قومِه وصُوَّابة قومِه، وَحكى ثَوْرٌ وثِوَرَة وثِيَرَة وثِيْرَة وَحكى أَبُو عَمْرو وَقد تَصَيَّح البقلُ: إِذا هاج وتَصَوَّح وَصَاح. وَقَالَ الْعَنْبَري: تصَيَّع البَقْلُ مثله وَقد يكون أَيْضا تَصَوَّع، قَالَ: وَقَالَ أَبُو صَخْر: فإنْ يَعْذِرِ القلبُ العَشِيَّةَ فِي الصِّبا فُؤادَك لَا يَعْذِرْكَ فِيهِ الأَقاوِمُ ويروى الأقايم: يَعْنِي الْقَوْم يُقَال أَقَاوِم وأقايِم، وَيُقَال تَهَيَّرَ الجُرُف وأكثرُهم تَهَوَّر الجُرُف. غَيره: هَوَّرْته وهَيَّرْته وفاحتْ رِيحُه تَفيح فَيْحاً وَفِي الحَدِيث الَّذِي جَاءَ: (شِدَّةُ الحَرِّ من فَيْحِ جَهَنَّم) . وفاحَتْ رِيحه فَوْحَاً، وَيُقَال فاحَ المِسْكُ يَفِيح وفاح يَفوح وَقد فاخَ بِالْخَاءِ يَفوخ ويَفيخ مثل فاحَ وثاخَتْ رِجْلُه فِي الوَحَل تَثوخ وتَثيخ وَقد قِسْتُه وقُسْتُه قَوْسَاً وَقَيْساً، ويُقال لاطَ حُبُّه بقَلبي يَلوطُ ويَليط: أَي لَصِقَ وإنِّي لأجِدُ لَهُ لَوْطَاً ولَيْطَاً وَهُوَ أَلْوَطُ بقلبي وأَلْيَط، ويُقال صُرْتُ عنُقَه أَصُورُه وصِرْته أَصِيرُه: إِذا أَمَلْته وَقد صَوِرَ هُوَ ويُقال هُوَ أَحْوَل مِنْك وأَحْيَل مِنْك من الحِيلة وَهِي الضِّيْقى والضُّوْقى والكِيْسى والكُوسى وجِئْتُ من حَيْثُ لَا يَعْلَمُ وحَوْثُ وتتَضَيَّع ريحُه وتتضَوَّع وقومٌ صُوَّم وصُيَّم ونُوَّم ونُيَّم. غَيره: الطَّوْع والطَّيْع وَقَالُوا: دَامَ المَطَر يَدوم ثمَّ قَالُوا مَا زالتِ السماءُ دَيْمَاً دَيْمَاً ويُقال باتَتْ بِلَيْلَةٍ شَيْباءَ وَهُوَ من الْوَاو وَإِنَّمَا يُقَال إِذا افْتَضَّها بعلُها من لَيْلَتها وَإِنَّمَا قيل إنّها مُعاقبة لِأَنَّهَا من الْوَاو وَذَلِكَ أَن مَاء الرجل يُشابُ فِيهَا بِمَاء الْمَرْأَة: أَي يُخلَط والشَّوْب: الخَلْط فَهَذِهِ المعاقبة فِي الْعين. وَأَنا أذكر الْآن المُعاقَبة فِي اللَّام إِن شَاءَ الله تَعَالَى. ابْن السّكيت: يَقُول بَعضهم حَكَوْت عَنهُ الكلامَ: أَي حَكَيْت ويُقال طما المَاء يَطْمي طُمِيَّاً ويَطْمو طُمُوَّاً: إِذا ارْتَفع وَمِنْه يُقَال طَمَتِ المرأةُ بزوجها: أَي ارتفَعَتْ بِهِ وَكَذَلِكَ يَنمي ويَنمو. وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: الفُصْحى يَنْمي بِالْيَاءِ. أَبُو عبيد: عَن الْكسَائي نَمَىَ الشَّيْء يَنْمي بِالْيَاءِ. وَقَالَ الْكسَائي: لم أسمع يَنْمو بِالْوَاو إِلَّا من أَخَوَين من بني سُلَيْم. قَالَ: ثمَّ سألتُ عَنهُ جماعةَ بني سُلَيم فَلم يعرفوه بِالْوَاو. ابْن السّكيت: نَمَيَتُ إِلَيْهِ الحَدِيث فَأَنا أَنْموه وأَنْميه وَكَذَلِكَ يَنْمي إِلَى الحسَب ويَنْمو. أَبُو عبيد: نَمَيَت الحديثَ أَنْميه: إِذا رَفَعْته فَإِن أردْت أَنَّك أَبْلَغته على وجْه الإشاعة والنَّميمة قلت نَمَّيْته. ابْن السّكيت: مَقَاَ الطَّسْت: أَي جَلاها يَمْقوها ويَمْقيها وَمَقَوْت أسناني وَمَقَيْتها وَقد نَثَوْت الحديثَ وَنَثَيْت وَقد سَخَتْ نفسُه تَسْخو بَعضهم يَقُول سَخِيَت تَسْخى ويُقال فَلَيْت رأسَه بالسَّيْف وَفَلَوْت. قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ ضَرَبْت رأسَه، وأنْشَد: أَفْلِيه بالسَّيْف إِذا اسْتَفْلاني ابْن السّكيت: قَلَوْت البُرَّ والبُسْرُ وَبَعْضهمْ يَقُول قَلَيْت وَلَا يكون فِي البُغْض إِلَّا قَلَيْت وَفَأَوْت رأسَه وَفَأَيْت: أَي صَدَعْت وَقد انْفَأى القدَح وَقد حَلَيْتَ الْمَرْأَة: إِذا جَعَلْت لَهَا حَلياً وَبَعْضهمْ يَقُول حَلَوْتها(4/210)
فِي هَذَا الْمَعْنى، قَالَ: وَيَقُول بَعضهم هَذِه قَوْسٌ مَغْرِيَّة يُرِيدُونَ مَغْرُوَّة ويُقال داهِيَةٌ دَهْياء ودَهْوَاء وَله غَنَمٌ قُنْوة وقِنْوَة وقِنْيَة وقُنْيان وقُنْوان وقِنْيان. أَبُو عبيد: قَنَوْت الغنمَ وقَنَيْتها من القِنْية. ابْن السّكيت: خَرَيْت الطيرَ وخَرَوْتها: إِذا زَجَرْتها وَهِي النُّقاية والنُّقاوَة من كل شَيْء: خِياره. أَبُو عبيد: على مِثَاله نُفاية ونُفاوَة وَهِي النِّفْوة والنِّفْية. ابْن السّكيت: عَزَيْته إِلَى أَبِيه: نَسَبْته إِلَيْهِ أشَدَّ العَزْي وَبَنُو أَسد يَقُولُونَ عَزَوْته إِلَى أَبِيه ويُقال اعْتَزى فلانٌ إِلَى فلانٍ: إِذا انْتَسَب إِلَيْهِ، وَقَالَ: حَثَيْت عَلَيْهِ التُّراب وحَثَوْت حَثْيَاً وحَثْوَاً، قَالَ الشَّاعِر: الحُصْنُ أَدْنى لَو تُريدينَهُ من حَيْثِكِ التُّرْبَ على الرَّاكِبِ ويُقال مَا كَانَ مَرْضُوَّاً ومَرْضِيَّاً، قَالَ أهل الْعَالِيَة القُصْوى وَأهل نَجْد يَقُولُونَ القُصْيا ويُقال مَضَيْت على الْأَمر مُضِيَّاً وَهَذَا أمرٌ مَمْضُوٌّ عَلَيْهِ وَحكى الفرّاء عَن الْكسَائي قد سَناها الغيثُ يَسْنوها فَهِيَ مَسْنُوَّة ومَسْنِيَّة: يَعْنِي سَقاها، ويُقال سَحَوْتُ السِّحاءة وسَحَيْتها وَقد سَحَوْت الطِّين عَن الأَرْض وسَحَيْته: إِذا قَشَرْته عَنْهَا وَقد أَتَيْت بِهِ وأَتَوْت بِهِ إتاوةً وإتايَةً: إِذا وَشَيْت بِهِ إِلَى السُّلْطان، ويُقال كَنَيْته وكَنَوْته، وَأنْشد: وإنِّي لأكْني عَن قَذورَ بغَيْرها وأُعْرِبُ أَحْياناً بهَا فأُصارِحُ ويُقال نَقَوْت العظْمَ ونَقَيْته: إِذا استَخْرَجت مخَّه ويُقال رَثَوْت زَوْجي ورَثَيْته ورَثَأْته ويُقال رُغايَة اللبَن ورُغاوة ورِغاية. أَبُو عبيد: العُجاوة والعُجاية لُغَتَانِ: وهما قَدْر مُضْغَةٍ من لَحْم تكون مَوْصُولَة بَعَصَبة تَنْحَدر من رُكبة البَعير إِلَى الفِرْسِن. ابْن السّكيت: ويُقال فِي السَّكْران نَشْوَانُ قد اسْتبانَتْ نَشْوَتهُ وَزعم يُونُس أَن سَمِعَ نِشْوَته بِكَسْر النُّون. وَقَالَ الْكسَائي: يُقَال رجل نَشْيَان للخبير ونَشْوَان هُوَ الْكَلَام المستعمَل ويُقال من أينَ نَشِيت هَذَا الْكَلَام وَهَذَا الخبَر ويُقال سَخَوْت النَّار أَسْخاها سَخْوَاً ويُقال أَيْضا سَخَيْت أَسْخَى سَخْيَاً وَذَلِكَ إِذا أُوقِدَتْ فَاجْتمع الْجَمْر والرماد ففرَّجْته، يُقَال اسْخَ نارَك: أَي اجْعَل لَهَا مَكَانا توقَدُ عَلَيْهِ، وأنْشَد: ويُرْزِمُ أَن يَرَىَ المَعْجونَ يُلْقى بسَخى النَّارِ إرْزامَ الفَصيلِ ويُقال مَحَوْت أمْحُو ومَحَيْت أمْحى وجَبَوْت الماءَ وجَبَيْته: إِذا قَرَىَ الماءَ فِي الحَوْض أَي جَمَعَه. أَبُو عبيد: جَبَوْت الخَراجَ وجَبَيْته جِبايَةً وجِباوًةً. قَالَ الْفَارِسِي: جَبَيْته جِباوَةً من بَاب أشاوى فِي الشُّذوذ وَمثله عِنْده إنْيٌ من اللَّيْل وإنْوٌ يرفع ذَلِك إِلَى أبي زَيْد وَأحمد بن يحيى. ابْن السّكيت: لَخَيْته ولَخَوْته: إِذا أسْعَطْتُه، واللَّخا: المُسْعُط وأَلْخَيت لُغَة وَسَيَأْتِي ذكرهَا فِي بَاب فَعَلْت وأَفْعَلت. ابْن السّكيت: عَن الْكسَائي سمعتُ من يَقُول: اشتَدَّ حَمْوُ الشمسِ وحَمْيُ الشَّمْس وَهُوَ بِلْو سَفَر وبِلْيُ سَفَر: للَّذي قد بَلاَّهُ السّفر وحُكي لم تَعْنُ بلادُنا بِشَيْء وَلم تَعْنِ: يُرِيد لم تُنْبِت شَيْئا. وَقَالَ: مَا أَحْسَنَ أَتْوَ يَدي النَّاقة وأَتْيَ يَديهَا: يَعْنِي رَجْعَ يَديهَا فِي سَيْرِها وأَتَيْتُه أَتْيَةً وأَتْوَةً، وأنْشَد: يَا قَومِ مَا بالُ أبي ذُؤَيْبِ كُنتُ إِذا أَتَوْتُه من غَيْبٍ يَشَمُّ عِطْفي ويَمَسُّ ثَوْبي كأنّما أَرَيْتهُ بِرَيْبِ ويُقال طَبَاَني الشيءُ يَطْبِيني ويَطْبُوني: إِذا دعاكَ وَقد طَلَوْت الطَّلا وطَلَيْت: يَعْنِي رَبَطْته برِجله. أَبُو عبيد: مَأَوْت السِّقاء ومَأَيْتُه: إِذا مَدَدْته حَتَّى يَتَّسِع، وَقَالَ: طَغَوْتَ يَا رجلُ وطَغَيْت هَذَوْت وهَذَيْت وزَقَوْت يَا طائرُ وزَقَيْت ومَنَوْت الرجل ومَنَيْته: إِذا ابْتَلَيْته واخْتَبَرْته، ولَحَوْت الْعَصَا ولَحَيْتها: إِذا قَشَرْتها ولَحَيْت الرجلَ من اللَّوْم لَا غيرُ وشَأَوْت القومَ شَأْوَاً وشَأَيْتُهم شَأْيَاً: سَبَقْتهم، وَقد طَهَوْتُ اللحمَ وطَهَيْته: إِذا طَبَخْته، وَقد صَغَوْت وصَغِيت ولَغَوْت ألْغو ولَغِيت أَلْغَى لَغْيَاً ويُقال عَلَوْت وعَلِيت وسَلَوْت وسَلِيت وَقد حَلِيَتْ بصدْري وَحَلَت فِي(4/211)
عَيْني وَقد حَلاَ يَحْلو الطَّيْع لغةٌ فِي الطَّوْع وعَزَوْته وعَزَيْته إِلَيْهِ. وَمن التَّثْنِيَة نَسَيَان وَنَسَوان لتثنية النَّسا وَنَقَيان وَنَقَوان لتثنية نَقَا الرملِ وَرَحَوان وَرَحَيان. قَالَ وَزعم الْكسَائي أَنه سَمِعَ فِي تَثْنِيَة الرِّضا والحِمى رِضْوان وحِمْوان وَالْوَجْه رِضَيَان وحِمَيَان. وَمن الْجمع المسلَّم يُقَال هُوَ ذُو دَغَيَاتٍ ودَغَوَات، وأنْشَد: ذَا دَغَوَاتٍ قُلَّب الأَخْلاقِ أَي ذَا أَخْلَاق رَديئة. قَالَ الْكسَائي: إِنَّمَا قَالُوا قَطَيَات ولَهَوَات ولَهَيَات لِأَن فَعَلْت لَيْسَ مِنْهُمَا بِكَثِير فيجعلون الألفَ الَّتِي أصلُها وَاو يَاء لقِلَّتِها وَلَا يَقُولُونَ فِي غَزَوَاتٍ غَزَيَات لِأَن غَزَوْت أَغْزَو مَعروف كثيرٌ فِي الْكَلَام. وَمِمَّا اعْتَقَب عَلَيْهِ فَعول وفَعيل. ابْن السّكيت: ماءٌ شَروبٌ وشَريبٌ وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْقَابِلَة قَبول وقَبيل، وَقَالَ الشَّاعِر: كَصَرْخةِ حُبْلى أسْلَمتْها قَبيلُها وَقَالُوا قَبولها وَكَذَلِكَ أَكيلةُ الْأسد وأَكولة الْأسد ويُقال أَسْمَحت قَرونه وقَرينه وقَرونته وقَرينَته: أَي تَبِعَته نفسُه وَهُوَ الفَتوت والفَتيت وَهُوَ الكَذَّاب الأَثوم والأَثيم ويُقال أَتانٌ وَدوق ووَديق: للَّتِي قد اشْتهتِ الْفَحْل. قَالَ: والحَصير: الَّذِي لَا يَشْرَب الشَّراب مَعَ الْقَوْم من بُخْلِه وَهُوَ الحَصور وَأنْشد عَن بَعضهم للأخطل: وشارِبٍ مُرْبِحٍ بالكاسِ نادَمني لَا بالحَصيرِ وَلَا فِيهَا بسَوَّارِ وَإنَّهُ لنَجِيء الْعين على مِثَال فَعيل ونَجوء الْعين على مِثَال فَعول وَقد تقدَّم نَجئُ الْعين ونَجَؤُ الْعين على مِثَال يَقِظ القلبِ ويَقُظ الْقلب: يَعْنِي شَدِيد الْعين. وَقَالَ: جزورٌ طَعيمٌ وطَعوم: إِذا كَانَت بَين الغَثَّة والسَّمينة ويُقال شَرِبْت مَشُوَّاً وَقَالَ الْكَلْبِيّ مَشِيَّاً. وَمِمَّا اعتقب عَلَيْهِ الْيَاء وَالْوَاو زائدتين من بَنَات الْأَرْبَعَة: ابْن السّكيت: جَعَلْته على حِنْديرة عَيْني وحِنْدَوْرَة عَيْني: إِذا جَعَلْته نُصْبَ عَيْنَيْك. أَبُو عبيد: الحِنْديرة والحِنْدَوْرَة: الحَدَقَة والحِنْديرة أجودُ ويُقال لبَنٌ صَمْكيك وصَمْكوك: وَهُوَ اللَّزِج. وَمِمَّا جَاءَ نَادرا مِمَّا قُلبت فاءُ الْفِعْل مِنْهُ واواً: اسْتَيْدهتِ الإبلُ واسْتَوْدَهَتْ: إِذا اجْتَمَعَت وانساقَتْ وَقد اسْتَيْدَه الخَصْم: إِذا غُلبَ ومُلكَ عَلَيْهِ أمرُه، وَمن النَّادِر قَوْلهم هُوَ يَمشي الخَيْزَلى والخَوْزَلى والخَوْزَرى والخَيْزَرى: وَهِي مِشْيَة فِيهَا تَفَكُّك، وأنْشَد: والنَّاشِئات الماشيات الخَوْزَرَى وَهُوَ العَبَيْثَران والعَبَوْثَران: لضَرْبٍ من النَّبْت طَيِّب الرِّيح. قَالَ: وَأنْشد بَعضهم: وَمَا أُمِّي وأُمُّ الوَحْشِ لَمَّا تَفَرَّعَ فِي مَفارِقي المَشيبُ فَمَا أَرْمي فأَقْتُلُها بسَهْمٍ وَلَا أَعْدو فأُدْرِكَ بالوَثيبِ يَعْنِي الوُثوب وَقَالُوا ناقةٌ وأَنْوُق وأَيْنُق وأَوْنُق وَقد قدمت تعليلَ هَذِه الْكَلِمَة وأبَنْتُه فِي كتاب الْإِبِل بغاية الشَّرح.
(بَاب مَا يَجِيء بِالْوَاو فَيكون لَهُ معنى فَإِذا جَاءَ بِالْيَاءِ كَانَ لَهُ معنى آخَر)
ابْن السّكيت: حَنَوْتُ عَلَيْهِ: عَطَفْت عَلَيْهِ وحَدِبْت وَقد حَنَيْت ظهْري وحَنَيْت العُودَ وحَنَوْته وَقد قَرَوْت الأرضَ: إِذا تَتَبَّعْتَها تخرج من أرضٍ إِلَى أرضٍ قَرْوَاً وقَرَيْت الضَّيْف قِرىً وقَرَاْءً وَقد غَلَوْت فِي القَوْل فَأَنا أَغْلَو(4/212)
غُلُوَّاً وَقد غَلَوْت بالسَّهم وَقد غَلَيْت عَلَيْهِ من شِدَّة الغَيْظ غَلْيَاً وغَليَاناً وَقد خَلَوْت بِهِ بِالْوَاو لَا غير وَقد خَلَيْت دابّتي خَلْيَاً: إِذا جَزَزْت لَهَا الخَلا وَهُوَ الرُّطْب وَسميت المِخْلاةَ مِخْلاةً لِأَنَّهُ يُجعَل فِيهَا الخَلا والمِخْلى بالقصْر: مَا يُخْتَلى بِهِ وَقد عَنَوْت لَهُ: خَضَعْت وَقد عَنَوْت فِي بني فلَان: إِذا كُنتَ فيهم عانياً: أَي أَسِيرًا. وَقد عَنَتِ الأرضُ بالنبات تَعْنو: إِذا ظَهَرَ نبْتُها فَهَذَا بِالْوَاو لَا غير وَقد عَنَيْت فلَانا بِكلامي وَقد حَزَاَه السَّرابُ يَحْزوه: إِذا رَفَعَه وَقد حَزَى الشيءَ حَزْيَاً خَرَصَه وَتقول قد أَبَوْت الرجلَ إِذا كنتَ لَهُ أَبَا يُقَال مَا لَهُ أبٌ يَأْبوه كَمَا يُقَال مَا لَهُ أُمٌّ تَؤُمُّه، وَقد أَبَيْت الشيءَ آباه إباءً وَقد سَرَوْت ثوبي سَرْوَاً إِذا أَلْقَيته. وسَرَوْت عني دِرْعي بِالْوَاو لَا غيرُ، وَقد سَرَيْت باللَّيْل وأسْرَيْتُ: إِذا سرتَ لَيْلًا.
المقلوب
أَبُو عبيد: أَنْبَضتُ القَوْس وأَنْضَبْتها: إِذا جَذَبْتَ وَتَرَها لتُصَوِّت ودَقَمْته دَقْمَاً: ضَرَبْت فاهُ ودَمَقْته دَمْقَاً كَفَفْت، وطَمَسَ الطَّرِيق وطَسَمَ: دَرَسَ وقاعَ الفحلُ على النَّاقة وقَعَاَ يَقْعو: ضَربها ومَحُتَ يومُنا وحَمُتَ: اشْتَدَّ حرُّه واضْمَحَلَّ الشيءُ وامْضَحَلَّ: ذَهَبَ، وشَفَنْت إِلَيْهِ شَفْناً وشَنَفْت شَنْفَاً: نَظَرَت، وأنْشَد: وقَرَّبوا كلَّ صِهْميمٍ مَناكِبُه إِذا تَداكَأَ مِنْهُ دَفْعُه شَنَفَا وَقَالَ: صُعق الرجلُ وصُقِع، وعُقابٌ عَقَنْباةٌ وَقد تندم قلبُها ثَلَاثًا: قَعَنْباة وعَبَنْقاة وبَعَنْقاة، وَقَالَ: مَا أَطْيَبه وأَيْطَبه وَقد أشاف الرجلُ على الأمرِ وأَشْفَى: أَشْرَف واعْتام واعْتَمى: اخْتَار، واعْتاقَه الشيءُ واعْتقاه: حَبَسَه ويُقال بَتَلْت الشيءَ وبَلَتُّه أبْلِتُه: قَطَعَته، وأنْشَد: وإنْ تُخاطِبْكَ تَبْلِتِ أَي تَنْقَطِع، وَقَالَ: هَجْهَجت بالسَّبُع وجَهْجَهت: صِحْتُ بِهِ وزَجَرْته، وَقَالَ: جَحْجَحت عَن الْأَمر وحَجْحَجت: كَفَفْت، ويُقال لَفَتَ الرجلُ وَجْهَه عَن الْقَوْم وَفَتَل: صَرَفَه عَنْهُم وشاءَني الأمرُ وشآني: حَزَنَني، وأنْشَد: مَرَّ الحُمولُ فَمَا شَأَوْنكَ نَقْرَةً وَلَقَد أراكَ تُشاءُ بالأَظْعانِ فجَاء باللغتين جَمِيعًا، وَقَول عَدِيّ بن زيد: وَشَأْيي بِهِ مَا ذَاك. هُوَ من هَذَا: فلَيْتَ سُوَيْداراء من فَرَّ منهُمُ ومَنْ خَرَّ إذْ يَحْدونَهمْ بالكتائِبِ(4/213)
ويروى كالجَلائِب: ويُقال جَخْجَخ الرجلُ وخَجْخَج: إِذا لم يُبْد مَا فِي نَفسه. ابْن السّكيت: هُوَ البِطِّيْخُ والطِّبِّيخ وَهِي المَبْطَخة والمَطْبَخَة والمَبْطَخَة والمَطْبُخَة وَقد أَدَوْت لَهُ ودَأَوْت: أَي خَتَلْتُ. ابْن دُرَيْد: دَهْدَهتُ الشيءَ وهَدْهَدته: حَدَرْته من عُلْوٍ إِلَى سُفْل، ورَبَضَ ورَضَبَ ولَعَمْري ورَعَمْلي وَحكى الْفَارِسِي رَعَمْري على اعْتِقَاد القَلْبَيْن. ابْن دُرَيْد: لَبَكْت الشيءَ وبَكَلْته: خَلَطْته وأَسيرٌ مكَلَّب ومُكَبَّل وسَبْسَب وبَسْبَس وسَحابٌ مُكْفَهِرٌّ ومُكْرَهِفّ وناقةٌ ضِمْرِزٌ وضِمْزِر وقافَ الأثرَ وَقَفَاه وقوسٌ عُلُطٌ وعُطُل وناقةٌ عُلُط وعُطُل وجارِيَةٌ قَتين وقَنيت: وَهِي القليلة الرُّزْء، وَفِي الحَدِيث: (إنَّها حَسْنَاءُ قَتين) . وشرْخُ الشَّباب وشَخْرُه: أوّله ويُقال تَنَح عَن لَقَم الطَّرِيق وَلَمَقه وَهَفَا فُؤادُه وفَها ولَفَحْته بجُمْع يَدي ولَحَفْته: ضَرَبْته بهَا، وماءٌ سَلْسَال ولَسْلاَس ومُسَلْسَل ومُلَسْلَس: صافٍ، وفَثَأْت القِدْر وثَفَأْتها: سَكَّنْتُ غَلَيَانها، وبَكْبَكت الشيءَ وكَبْكَبته: طَرَحْت بعضَه على بعضٍ، ثَكَمُ الطريقِِ وكَثَمه: وجْهُه. وجاريةٌ قُبَعة وبُقَعة وكَعْبَره بالسَّيْف وبَعْكَره بِهِ، وتَقَرْطب على قَفاهُ وتَبَرْقط: سَقَطَ. صَاحب الْعين: النَّفَكَة: لُغَة فِي النَّكَفَة. ابْن السّكيت: أعطيتُه ألفا مُصَمَّتاً ومُصَتَّماً، وأَهْذَب فِي مِشْيَته وأَهْبَذ وعَلى هَذَا قَالُوا مُهابِذ، قَالَ أَبُو خِراش: يُبادِرُ جُنْحَ اللَّيْلِ فَهُوَ مُهابِذٌ يَحُثُّ الجَناحَ بالتَّبَسُّط والقَبْضِ وغَرَسَ الشَّيْء ورَغَسَه، هَذِه حِكَايَة ابْن الْأَعرَابِي والمَعْروف أَن الغَرْس فِي الشجَير كالزَّرْع فِي الحَبِّ وأنَّ الرَّغْس النَّماء وَالْبركَة وَقد رَغَسَه الله. غَيره: كَنَعَه ونَكَعَه: حَبَسَه، والعَفَك والفَكَع: الحُمْق.
(بَاب الاتْباع)
الِاتِّبَاع على ضَرْبَين: فَضَرْبٌ يكون فِيهِ الثَّانِي بِمَعْنى الأول فيُؤْتى بِهِ تَوْكيداً لِأَن لَفظه مُخالِفٌ للفظ الأول وضَرْبٌ فِيهِ معنى الثَّانِي غيرُ معنى الأول فَمن الِاتِّبَاع قَوْلهم أَسْوَانُ أَتْوَان فِي الحُزْن فأسْوان من قَوْلهم أَسِيَ الرجل أسىً: إِذا حَزِنَ وَرجل أَسْيان وأسْوان: أَي حَزِين وأتْوان من قَوْلهم أَتَوْته أَتْوَةً بِمَعْنى أَتَيْته أَتْيَةً وَهِي لُغَة لهذيل، قَالَ خَالِد بن زُهَيْر: يَا قومِ مَا بالُ أبي ذُؤَيْبِ كنتُ إِذا أَتَوْته من غَيْبِ يَشَمُّ عِطْفي ويَمَسُّ ثوبي كأنَّني أرَبْتُه بَرَيْبِ وَيَقُولُونَ مَا أحسنَ أَتْوَ يدَي النَّاقة وأَتْيَ يَديهَا يعنون رَجْعَ يَديهَا فَمَعْنَى قَوْلهم أَسْوَان أَتْوَانُ حَزينٌ متردِّد يذهب ويجيءُ من شِدَّة الحُزن وَيَقُولُونَ: عَطْشَان نَطْشَان فنَطْشان مَأْخُوذ من قَوْلهم مَا بِهِ نَطيش أَي مَا بِهِ حركةٌ فَمَعْنَاه عَطْشَانٌ قلِقٌ، وَيَقُولُونَ خَزْيَان سَوْآَنُ فسَوْآن مَأْخُوذ من قَوْلهم سَوْءَة سَوْآَء: أَي أَمر قَبِيح، ورجلٌ أَسْوَأُ وَامْرَأَة سَوْءَآء: إِذا كَانَا قَبيحَيْن وَفِي الحَدِيث: (سَوْءَآءُ وَلود خَيْرٌ من حَسْناءَ عَقيم) . وَيَقُولُونَ: شَيْطَانٌ لَيْطَان مَأْخُوذ من قَوْلهم لاطَ حُبُّه بقلبي يَلوطُ ويَليط: أَي لَصِقَ ويُقال لاطَ القَاضِي فلَانا بفُلان: أَي أَلْحَقه بِهِ فَمَعْنَى قَوْلهم شَيْطَان لَيْطَان: شَيْطَانٌ لَصوق، وَيَقُولُونَ: هَنِئٌ مَرِئٌ وَهُوَ من قَوْلهم هَنَأَني الطعامُ ومَرَأَني فَإِذا أردوا لم يَقُولُوا لَا أمْرأني. وَيَقُولُونَ: عَيِيٌّ شَوِيٌّ: فالشَوِي مَأْخُوذ من الشَّوى: وَهُوَ رُذال المالِ ورديئه، قَالَ الشَّاعِر:
(أكلنَا الشوى حَتَّى إِذا لم نَدع ... أَشَرنَا إِلَى خيراتها بالأصابع)
فَمَعْنَاه عيي رذل وَيُمكن أَن يكون مأخوذا من الشوية - وهم بَقِيَّة قوم هَلَكُوا وَجَمعهَا شوايا قَالَ الشَّاعِر:(4/214)
فهُمْ شَرُّ الشَّوايا من ثَمودٍ وعَوفٌ شَرٌّ متَعِلٍ وحافِ وَيَقُولُونَ: عَيِيٌّ شَيِيٌّ وَأَصله شَوِيّ وَلكنه أُجْرِيَ على لفظ الأول ليَكُون مثله وَيَقُولُونَ: عَريض أَريض فالأريض: الخَليق للخَير الجَيِّدُ النَّبات، يُقَال أَرض أَريضة، قَالَ الشَّاعِر: بلادٌ عَريضةٌ وأرضٌ أَريضةٌ مَدافِعُ غَيثٍ فِي فَضاءٍ عَريض قَالَ الْفَارِسِي: وَيَقُولُونَ: امرأةٌ عَريضة أَريضة: أَي كَامِلَة وَلود فلي أَريضة إتْباعاً لعريضة لِأَن ابْن الْأَعرَابِي حكى أرضٌ أَريضة: كَرِيمَة تَطْرَح بَال وَلَقَد شَرِبْتُ الخمرَ فِي حانوتِها وشَرِبْتها بأَريضةٍ مِحْلالِ وَيَقُولُونَ: غَنِيٌّ مَلِيٌّ وَهُوَ بِمَعْنى غَنِيّ وَيَقُولُونَ: خَبيثٌ نَبيث: فالنَّبيث يُمكن أَن يكون الَّذِي يَنْبُث أمورَ النَّاس: أَي يسْتَخرِجها وَهُوَ مَأْخُوذ من قَوْلهم نَبَثَ البِئْر أَنْبُثُها: إِذا أخرجت نَبيثها وَهُوَ تُرابها وَكَانَ قِيَاسه أَن يَقُول خَبيثٌ نابِث فَقيل نَبيث لمجاورته لخَبيث وَيَقُولُونَ: خَبيث مَجيث كَذَا حكى ابْن الْأَعرَابِي بِالْمِيم وَأَحْسبهُ لُغَة فِي نَجيث أُبْدِل من النُّون وخَفيفٌ ذَفيف، والذَّفيف: السَّريع وَمِنْه سُمي الرجل ذُفافة وَيُقَال ذَفَّفَ على الجَريح: إِذا أَجْهَز عَلَيْهِ، وَيَقُولُونَ: قَسيمٌ وَسيم: فالقَسيم الْجَمِيل الحَسَن ويُقال رجل قَسيم وَامْرَأَة قَسيمة والقَسام: الحُسْن وَالْجمال، وَأنْشد يَعْقُوب: يُسَنُّ على مَراغِمها القَسامُ وَقَالَ العجاج: ورَبِّ هَذَا البَلَدِ المُقَسَّمِ أَي المُحَسَّن، قَالَ الشَّاعِر: ويَوْماً تُوافينا بَوْجهٍ مُقَسَّمِ كأنْ ظَبْيَه تَعْطو إِلَى وارِقِ السَّلَمْ أَي مُحَسَّن والوَسيم: الحَسَن الجميلُ أَيْضا يُقَال رجلٌ وَسيم وَامْرَأَة وَسيمة، والمَيْسَم: الحُسْن والجَمال، قَالَ الشَّاعِر: لَو قٌلتَ مَا فِي قَومِها لم تِيثَمِ يَفْضُلُها فِي حَسَبٍ ومِيسَم قَالَ الزّجاج: لَيْسَ وسَيِمٌ إتباعاً لقَسيم كَمَا أَن قَوْلهم مَليح صَبيح لَيْسَ صَبيح إتباعاً لمَليح وَإِنَّمَا يكون اللَّفْظ مَقْضِيَّاً عَلَيْهِ بالاتباعإذا لم يكن كَقَوْلِهِم عَطْشان نَطْشَان فنَطْشان لَا يُفصَل من عَطْشَان وَلذَلِك قيل فِي نَحْو هَذَا إتباع لِأَنَّهُ لَا معنى لَهُ إِذا جيءَ بِهِ وحدَه فَأَما وَسيم فقد جَاءَ دونَ قَسيم وَيَقُولُونَ: قَبيح شَقيح فالشَّقيح مَأْخُوذ من قَوْلهم شَقَّح البُسْرُ: إِذا تَغَيَّرت خُضرتُه بحُمْرة أَو صُفْرة وَهُوَ حينئذٍ أَقْبَحُ مَا يكون وَتلك البُسْرَة تسمَّى شَقْحَة وحينئذٍ يُقَال أَشْقَح النخلُ فَمَعْنَى قَوْلهم قَبيح شَقيح: مُتناهي القُبْح وَيُمكن أَن يكون بِمَعْنى مَشْقوح من قَول الْعَرَب لأَشْقَحَنَّكَ شَقْحَ الجوْزِ بالجَنْدَل: أَي لأُكَسِرَنَّكَ، فَيكون مَعْنَاهُ قَبيحاً مَكسوراً. وَقَالَ اللحياني: شَقيح لَقيح فالشَّقيح هَهُنَا: المَكسور على مَا ذكرْنا واللَّقيح مَأْخُوذ من قَوْلهم لَقِحَت الناقةُ ولَقِحَ(4/215)
الشجَرُ ولَقِحَت الحربُ فَمَعْنَاه مكسور حَامِل للشر. قَالَ: وَحكى عَن يُونُس: شَقيح نَبيح فالنَّبيح مَأْخُوذ من النُّباح وَمَعْنَاهُ مكسور كثيرُ الكلامِ وَيَقُولُونَ: كَثير بَثير، والبَثير: هُوَ الْكثير مَأْخُوذ من قَوْلهم ماءٌ بَثْر: أَي كثير فَقَالُوا بَثير لموضِع كَثير كَمَا قَالُوا مُهْرة مَأْمورة وسِكَّةٌ مَأْبورة وَإِنِّي لآتيه بالغَدايا والعَشايا وَيَقُولُونَ: كَثير بَذير عَفير: فالبّذير: المّبْذور، والعَفير: المُفَرَّق فِي العَفَر وَهُوَ التُّراب أَو المجعول فِي العَفَر، ويُقال كَثير نَثير كَأَنَّهُ نُثِر من كثْرته وَيَقُولُونَ: كَثير بَجير عَفير أَيْضا وَيَقُولُونَ: ضَئيل بَئيل فالبَئيل: هُوَ الضَّئيل. قَالَ أَبُو زيد: يُقَال بَؤُلَ الرجلُ بآلَة: إِذا ضَؤُل، وَيَقُولُونَ: شَحيح نَحيح فالنَّحيح الَّذِي إِذا سُئل الشيءَ تَنَحْنح من لُؤْمه، وَبَعْضهمْ يَقُول أَنِيح وَهُوَ أقيسُ لِأَن الأَنْوَح صَوْت مَعَ تَنَحْنُح يُقَال: رجل آنِح على مِثَال فَاعل: وَهُوَ الَّذِي إِذا سُئلَ الشيءَ تَنَحْنحَ وَذَلِكَ من البُخْل، وَقد أَنَحَ يَأْنِح. ابْن دُرَيْد: وَقيل: شَحيح بَحيح، وَقَالَ: بَحيح من قَوْلهم بَحَّ بحِمْلِه وأبَحَّ: ضَعُف عَن حَمْله وَيُمكن أَن يكون بَحيح من البُحَّة وَيَقُولُونَ: سَليخٌ مَليخ: الَّذِي لَا طَعْمَ لَهُ، قَالَ الشَّاعِر: سَليخ مَليخ كَطَعْمِ الحُوارْ فَلَا أنْتَ حُلْوٌ وَلَا أَنْتَ مرّْ نَّبات وتَرُبُّه وَأنْشد قَول الأخطل: السَّليخ: المَسْلوخ الطَّعْم، والمَليخ: المَمْلوخ وَهُوَ المَنْزوع الطعمِ مَأْخُوذ من قَوْلهم مَلَخْتُ اللِّجام من فَمِ الدَّابَّة ومَلَخْت اليَرْبوع من الحُجْر ومَلَخْت قَضيباً من الشجرةِ: إِذا نَزَعته نَزْعَاً سَهْلاً، والمَلْخ فِي السَّيْر السَّهْل مِنْهُ وَيَقُولُونَ: فَقيرٌ وَقير فالوَقير المَوقور من قَوْلهم وَقَرْت العظمَ أَقِرُه والوَقْرة: الهَزْمَة فِي العَظْم وَيَقُولُونَ: مَليحٌ قَزيح وأصل هذَيْن الحرفين فِي الطَّعَام قَزيح فالقزيح: المَقْزوح والمَقْزوح الَّذِي فِيهِ الأقزاح وَهِي الأبزار واحدُها قِزْح ومَليح بِمَعْنى مَمْلوح من قَوْلهم مَلَحْت القِدْر أَمْلِحُها: إِذا جعلتَ فِيهَا المِلْحَ بقَدَر فَمَعْنَى قَوْلهم مَليح قَزيح: كامِلُ الحُسْن لِأَن كمالَ طِيبِ القِدْر أَن تكون مَقْزوحة وَيَقُولُونَ: مُضيع مُسيع، والإساعَة: الإضاعة، وناقةٌ مِسياع: إِذا كَانَت تَصْبِر على الإضاعة والجَفاء وَمعنى أساعَ ألقيَ فِي السَّياع: وَهُوَ الطّين، قَالَ الْقطَامِي: كَمَا بَطَّنتَ بالفَدَنِ السَّياعا فَالْأَصْل فِيهِ مَا أَنْبَأْتُك ثمَّ كَثُر حَتَّى قيل لكل ضَياع سَياع وَلكُل مُضيع مُسيع. قَالَ الزّجاج: لَيْسَ مُسيع إتباعاً لمُضيع وَلَا سائِع إتباعاً لضائع فَإِنَّهُم وَيَقُولُونَ: ضاعَت الناقةُ وساعَتْ وناقة مِضْياع ومِسْياع وَقد ساعَت تَسوع وَإِنَّمَا غرَّ من قَالَ إِنَّه إتباع قولُهم مِسْياع وأصلُه من الْوَاو فتوهموا أَنَّهَا قلَبوها يَاء إتباعاً لمِضْياع وَكَيف ذَلِك وهم وَيَقُولُونَ: نَاقَة مِسْياع مِضْياع فيقدّمون مِسْياعاً على مِضْياع وَإِنَّمَا قَالُوا مِسْياع وَأَصله مِسْواع لِأَنَّهُ من ساعَ يَسوع على وَجهَين إِمَّا أَن يكون معاقبة فقد سمعنَا بِنَاقَة مِسْواع وَإِمَّا أَن يكون شاذَّاً وَيَقُولُونَ: وَحيد قَحيد وواحِدٌ قاحِد وَهُوَ من قَوْلهم قَحَدَت الناقةُ: إِذا عَظُم سَنامُها والقَحَدة السَّنام ويُقال أَقْحَدت أَيْضا فَمَعْنَاه أَنه واحدٌ عظيمُ القَدْر والشأْن فِي شَيْء وَاحِد خاصّةً. ابْن دُرَيْد: واحدٌ قاحدٌ وَقَالُوا فارِدٌ وَيَقُولُونَ: أَشِرٌ أفِرٌ فالأَشِر: البَطِر المَرِح وَكَذَلِكَ الأَفِر عِنْد ابْن الْأَعرَابِي فَأَما اَفْر والأُفور فالعَدْو يُقال أَفَرَ يَأْفِر أَفْرَاً وَقد قَالُوا أَشْرَانُ أَفْرَان وَيَقُولُونَ: هَذِرٌ مَذِر فالهَذِر: الْكثير الْكَلَام، والمَذِر: الفسدُ، مَأْخُوذ من قَوْلهم مَذِرت البيضةُ تَمْذَر مَذَرَاً: إِذا فسدتْ ومَذِرتْ معدته أَيْضا، وَيَقُولُونَ: حَقِرٌ نَقِرٌ وحَقير نَقير وَحَقْر نَقْرٌ وأصل هَذَا فِي الغَنَم فالنَّقْر: الَّذِي بِهِ النُّقَرة وَهُوَ داءٌ يأخذُ الشاةَ فِي شاكِلتِها ومُؤخَّر فَخْذَيْها فيُثْقَبُ عُرْقوبُها ويُدخَل فِيهِ خَيطٌ من عِهْن ويُترَك معَلَّقاً، وَإِذا كَانَت الشَّاة كَذَلِك كَانَت هَيِّنَ على أَهلهَا، قَالَ المَرَّار العَدَوِيّ: وحَشَوْتُ الغَيْظَ فِي أضْلاعِهِ فَهُوَ يَمْشي حَظَلاناً كالنَّقِر(4/216)
الحَظَلان: أَن يَمشي رُوَيْداً ويَظْلَع، يُقَال حَظَلَت تَحْظُل حَظْلاً: إِذا ظَلَعَت. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: شاةٌ حَظْوَل: إِذا وَرِمَ ضَرْعُها من عِلَّة فمشَتْ رُوَيْداً وظَلَعَت وأصل الحَظْل المنْع، وَأنْشد يَعْقُوب: تُعَيِّرُني الحِظْلانَ أُمُّ مُحلِّم فقُلت لَهَا لمْ تَقْذِفيني بدائِيا ويُقال حَظَلْت عَلَيْهِ وحَجَرْت عَلَيْهِ وحَظَرْت عَلَيْهِ، وَقَالَ: الحَظَلان: مَشْي الغضْبان. وَقَالَ: قَالَ الغَنَوِيُّ: عَنْزٌ نَقِرَةٌ وتَيْسٌ نَقِرٌ وَلم أر كَبْشَاً نَقِرَاً: وَهُوَ ظُلاع يأخُذ الغَنَم ثمَّ قيل لكل حَقير مُتهاوَنٍ بِهِ جَقِرٌ نَقِرٌ وحَقير نَقير وحَقْر نَقْر وَيجوز أَن يُراد بِهِ النقير الَّذِي فِي النواة فَيكون مَعْنَاهُ حَقيراً لَا قَدْرَ لَهُ مُتناهياً فِي الحَقارة والمذهَب الأول أجودُ، ابْن دُرَيْد: تَقول الْعَرَب استَبَّتِ الوَبْرةُ والأرنَب فَقَالَت الوَبْرة للأرنب عَجْز وأذُنان وصَدْر وسائِرُك حَقْر نَقْر فَقَالَت الأرنب خَطْم ويَدان وسائِرُك صَلتان: أَي مُنْجرِد من الشَّعر واللَّحْم وَيَقُولُونَ: ذَهَبَ دمُه خِضْراً مِضْراً وخَضِراً مَضِراً: أَي بَاطِلا، فالخَضِر: الأخْضر ويُقال مكانٌ خَضِر وَيُمكن أَن يكون مَضِرٌ لُغَة فِي خَضِر فَيكون معنى الْكَلَام أَن دمَه بَطَلَ كَمَا يبْطُل الْكلأ الَّذِي يَحْصُده كلُّ من قَدَرَ عَلَيْهِ وَيُمكن أَن يكون خَضِر من قَوْلهم عَيْش خَضِرٌ: إِذا كَانَ رَطْباً ومَضِرٌ أَبْيَضُ لأنَّ مُضَراً إِنَّمَا سُمِّيَ مُضَراً لبياضه وَمِنْه مَضيرة الطَّبيخ فَيكون مَعْنَاهُ أَن دمَه بَطَلَ طَريَّاً فَكَأَنَّهُ لمَّا لم يُثَأْر بِهِ فيُراق لأَجله الدمُ بَقِي أَبْيَض وَقَالَ بعض اللغويين الخَضِرة: بَقْلَة وَجَمعهَا خَضِر وَأنْشد فِيهِ بَيْتا لِابْنِ مقبل: تَعْتادُها قُرَّحٌ مَلْبُونَةٌ خُنُفٌ يَنْفُخْنَ فِي بُرْعُمِ الحَوْذانِ والخَضِرِ وَيَقُولُونَ: شَكِسٌ لَكِس فالشَّكِس: السَّيِّئُ الخُلُق واللَّكِس العَسِر وَيَقُولُونَ: رُطَب صَفِر مَقِرٌ فالصقر: الْكثير الصَّقْر وصَقْره: عَسَلُه، والمَقِر: المَنْقوع فِي العَسَل ليَبْقى وكلُّ شَيْء أَنْقَعْته فِي شيءٍ فقد مَقَرْته وَهُوَ مَمْقور ومَقير وَمِنْه السَّمَك المَمْقور: وَهُوَ الَّذِي قد أُنْقِع فِي الخَلِّ وَيَقُولُونَ: سَغِل وَغِلٌ فالسَّغِل: المُضْطَرِب الْأَعْضَاء السيّئ الخُلُق كَذَا قَالَ الْأَصْمَعِي، وَقَالَ غَيره: السَّغِل: السيئُ الغِذاء والوَغِل فِي قَول الْأَصْمَعِي: الداخِلُ فِي قومٍ لَيْسَ مِنْهُم وَيَقُولُونَ: سَمِجٌ لَمِج فاللَّمِج: الكثيرُ الأكلِ الَّذِي يَلْمُج كلَّ مَا وَجَده: أَي يَأْكُلهُ، قَالَ لبيد: يَلْمُجُ البارِضَ المجافي النَّدى من مَرابيعِ رِياضِ ورِجَلْ وَيَقُولُونَ: ثَقِفٌ لَقِف وثَقْف لَقْف، واللَّقِف: الجَيِّد الالتقاف. ابْن دُرَيْد: وَقد لقَّفوه وَيَقُولُونَ: وَتِحٌ شَقِنٌ ووَتْحٌ شَقْن ووَتيح شَقين، فالوَتِح: القليلُ والشَّقِن: مثله يُقَال وَتَحْتُ عَطِيَّتُه وشَقُنت وأَشْقَنتها أَنا وَيَقُولُونَ: عابِسٌ كابِسٌ فالعابس: من عُبوس الْوَجْه وكابِس يَكْبِس وَيَقُولُونَ: حائِرٌ بائِر فالحائر: المتحَيِّر والبائر: الْهَالِك، والبَوار: الهَلاك. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: رجل بائرٌ وبُورٌ بِضَم الباءِ: أَي هالِكٌ، قَالَ ابْن الزِّبَعْرى: يَا رسولَ المَليلكِ إنَّ لِساني راتِقٌ مَا فَتَقْتُ إِذْ أَنا بُورُ وَيكون البائرُ الكاسدَ من قَوْلهم بارَتِ السُّوقُ: إِذا كَسَدَت وَيَقُولُونَ: حاذِقٌ باذِق: فباذِق يُمكن أَن يكون لُغَة فِي باثق كَمَا قَالُوا قَرَبٌ حَثْحَاثٌ وحَذْحَاذ ونَبيثة ونَبيذَة: لتراب الْبِئْر فَكَأَن الأَصْل وَالله أعلم أَن رجلا سَقَىَ فأجادَ وأكْثَر فَقيل حاذق باذق: أَي حاذقٌ بالسَّقْي باثقٌ للْمَاء وَيَقُولُونَ: حارٌّ يارٌّ وحَرَّانُ يَرَّان وحارٌّ جارٌّ والجارُّ الَّذِي يَجُرُّ الشيءَ الَّذِي يُصيبه من شِدَّة حَرارته كَأَنَّهُ ينْزِعه ويَسْلَخه مثل اللَّحْم إِذا أصابَهُ أَو مَا أشبَهَه وَيُمكن أَن يكون يارٌّ لُغَة فِي جارٍّ كَمَا قَالُوا الصَّهاريجُ والصَّهاريُّ، وصِهْريجٌ وصِهْرِيٌّ وصِهْرِيٌّ لغةُ تَمِيم وكما قَالُوا شِيَرة لشَجَرَة وحَقَّروه فَقَالُوا شِيَيْرَة. قَالَ الرياشي: قَالَ أَبُو زيد: كُنَّا يَوْمًا عِنْد المفضَّل وعِنْده أعرابٌ فَقلت إِنَّهُم(4/217)
يَقُولُونَ شِيَرة فقالوها فَقلت لَهُم كَيفَ تُحَقِّرونها فَقَالُوا شِيَيرة وَيُمكن أَن يَكُونُوا أبدلوا من الْحَاء هَاء كَمَا قَالُوا مَدَحْته وَمَدَهْته والمَدْه والمَدح ثمَّ أبدلوا من الْهَاء يَاء كَمَا أبدلوا فِي هَذِه وهذي وَهَذَا الْإِبْدَال قليلٌ فِي كَلَامهم وَقد حكى الرؤاسيُّ عَن الْعَرَب أَنهم يَقُولُونَ باقِلاءٌ هارٌّ وَيَقُولُونَ: خاسرٌ دابِرٌ وخاسِرٌ دامِرٌ وخَسِرٌ دَمِر وخَسِر دَبِر فالدَّابِر يُمكن أَن يكون لُغَة فِي الدَّامِر: وَهُوَ الْهَالِك وَيُمكن أَن يكون الدَّابر الَّذِي يَدْبُر الأمْرَ: أَي يتبعُه ويطلبُه بعد مَا فاتَ وأدْبَر وَمِنْه قيل لهَذَا الْكَوْكَب الَّذِي بعْدَ الثُّرَيَّا الدَّبَران لِأَنَّهُ يَدْبُر الثُّرَيَّا وَمِنْه الرَّأْي الدَّبَرِيُّ: وَهُوَ الَّذِي لَا يَأْتِي إِلَّا عَن دُبُر ويُقال فلانٌ لَا يَأْتِي الصلاةَ إِلَّا دَبَرِيَّاً: أَي فِي آخرِها وَيُمكن أَن يكون الدابر الْمَاضِي الذَّاهِب كَمَا قَالَ الشَّاعِر: وَأبي الَّذِي تَرَكَ المُلوكَ وجَمْعَهم بصُهابَ هامِدةً كأمْسِ الدَّابِر أَي الْمَاضِي الذَّاهِب وَيَقُولُونَ: ضالٌّ تالٌّ فالتالُّ: الَّذِي يَتُلُّ صاحِبَه: أَي يَصْرَعه كَأَنَّهُ يُغْويه فيُلْقيه فِي هَلَكَة لَا يُنْفَذ مِنْهَا وَمِنْه قَوْله عز وَجل: (وتَلَّهُللجَبين) . وَقَالَ ابْن دُرَيْد: كلُّ شيءٍ ألْقَيْتَه على الأَرْض مِمَّا لَهُ جُثَّة فقد تَلَلْته وَمِنْه سمِّي التَّلُّ من التُّراب. قَالَ: وَقَالَ بعض أهل الْعلم رُمْح مِتَلٌّ إِنَّمَا هُوَ مِفْعَل من التَّلِّ وأنْشَد: فَرَّ ابنُ قَهْوَسٍ الشُّجا عُ بكَفِّهِ رُمْحٌ مِتَلُّ يَعْدو بِهِ خاظي البَض - يعِ كَأَنَّهُ سِمْع أزَلُّ الخاظي: الْكثير اللَّحْم والبَضيع: اللَّحْم، قَالَ الْفَارِسِي: لَا يفِرُّ الشجاع وَإِنَّمَا قَالَ فرَّ ابنُ قَهْوَسٍ الشُّجاعُ هُزْؤاً بِهِ وَهَذَا لجَعْفَر بن عُلبة الْحَارِثِيّ وَهَذَا مثل قَوْله: أَلَهْفى بِقُرَّي سَحْبَلٍ حِين أَجْلَبتْ علينا الوَلايا والعَدُوُّ المُباسِلُ وَصفهم بالبَسالة هُزْؤاً بهم أَيْضا ويُقال جَاءَ بالضَّلالة والتَّلالة وَيَقُولُونَ: جائعٌ نائعٌ فالنَّائع فِيهِ وَجْهَان يكون المُتمايل، قَالَ الراجز: مَيَّلة مِثْل القَضيب النائع وَيكون العَطْشان، قَالَ الْقطَامِي: لَعَمْرُ بني سِهابٍ مَا أَقَامُوا صُدورَ الْخَيل والأَسَلَ النِّياعا يَعْنِي الرِّماح العِطاشَ وَيَقُولُونَ: نادمٌ سادِمٌ فالسَّادم: المَهْموم ويُقال الحَزين ويُقال السَّدَم الغَضَب مَعَ هَمٍّ ويُقال غَيْظٌ مَعَ حُزْن وَيَقُولُونَ: تافهٌ نافهٌ، فالتافه: الْقَلِيل والنافه: الَّذِي يُعْيي، أنْشد أَبُو زيد: ولنْ أعودَ بعدَ مَا كَرِيَّا أُمارِسُ الكَهْلَةَ والصَّبِيَّا(4/218)
والعَزَبَ المُنَفَّهَ الأُمِّيَّا وَقَالَ: الأُمِّيُّ: العَيِيّ الْقَلِيل الْكَلَام والمُنَفَّه الَّذِي نَفَّهه السيرُ: أَي أعياهُ وَيكون النَّافه المُعيي فِي هَيْئَته وَيَقُولُونَ: أَحْمَقٌ تاكٌّ وفاكٌّ، فَتاكٌّ من قَوْلهم تَكَّ الشيءَ يَتُكُّه: إِذا وَطِئَه حَتَّى شَدَخَه وَلَا يكون ذَلِك الشيءُ إلاّ لَيِّناً مثل الرُّطَب والبِطِّيخ وَمَا أشبههُما والأحمقُ مُولَعٌ بِوَطْء أمثالهما وفاكٌّ من الفَكَّة: وَهُوَ الضَّعْف، قَالَ الشَّاعِر: الحَزْمُ والقُوِّةُ خيْرٌ من الإدهانِ والفَكَّة والهاعِ وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: شيخٌ تاكٌّ وفاكٌّ فَمَعْنَاه أَن الشيخَ لضَعْفِه إِذا وَطِئَ لم يقدر أَن يَشْدَخ غير الشَّيْء اللَّيِّن وفاكٌ: هَرِم وَقد فَكَّ يَفُكُّ فَكَّاً وفُكوكاً فَهُوَ فاكّ وَيُقَال عَنْزٌ فاكَّةٌ ونَعْجَةٌ فاكَّةٌ وَقَالُوا تائِك فِي معنى تاكٍّ وفائك فِي معنى فاكٍّ وَيَقُولُونَ: سائغٌ لائِغ وسَيِّغ لَيِّغ فاللائِغ الَّذِي لَا يَتَبَيَّن نُزوله فِي الْحلق من سُهولته. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَلْبَغ: الَّذِي لَا يُبين الكلامَ وَامْرَأَة لَيْغاء فأصلها من لاغَ يَليغ وَيَقُولُونَ: مائِقٌ دائِقٌ، فالدَّائِق: الْهَالِك حُمْقاً كَذَا قَالَ أَبُو زيد، فَأَما الدانِق بالنُّون فالساقِطُ المَهْزول من الرِّجَال كَذَا قَالَ أَبُو عَمْرو وأنْشَد: إنَّ ذَواتِ الدَّلِّ والبَخانِق قَتَلْنَ كلَّ وامِقٍ وعاشِقِ حتَّى تَراه كالسَّليمِ الدانِق وَقد صَرَّفوه من المائق الدائق فَقَالُوا ماقَ وداقَ مَواقةً ودواقةً ومُؤُوقاً ودُؤوقاً وَيَقُولُونَ: عَكٌّ أَكٌّ فالعَكُّ والعكة والعَكيك: شِدَّة الحرِّ والأَكَّ والأَكَّة: الحرُّ المحتدم ويُقال يومٌ ذُو أَكٍّ والأَكُّ أَيْضا: الضِّيق، قَالَ رؤبة: تَفَرَّجتْ أَكَّاتُه وغُمَمُه عَن مُسْتَنير لَا يُرَدُّ قَسَمُه ويُقال أَكَّه يَؤُكُّه أَكَّاً: إِذا زَحَمَه والزِّحام: تَضْيِيق وَيَقُولُونَ: كَزٌّ لَزٌّ واللَّزُّ: اللاصقُ بالشَّيْء من قَوْلهم نَزَرْت الشيءَ بالشيءِ: إِذا أَلْصَقته بِهِ وقَرَّبْته إِلَيْهِ وَالْعرب تَقول هُوَ لِزاز شَرٍّ ولَزيز شَرّ وَيَقُولُونَ: فَدْم لَدْم فالفدْم: العَيِيُّ البَليد ويُقال الجَبان واللَّدْم: المَلْدوم وَهُوَ المَلْطوم كَمَا قَالُوا مَاء سَكْب: أَي مَسْكوب ودِرْهَم ضَرْب أَي مَضْروب أُبدِلت الطاءُ دَالا لتَشاكُل الكلامِ وَيَقُولُونَ: رَغْمَاً دَغْمَاً شِنَّغْماً فالدَّغْم والدُّغْمَة: أَي يكونَ وَجْهُ الدابَّة وجَحافِلُها تَضْرِبُ إِلَى السَّواد وَيكون وَجْهُها مِمَّا يَلِي جَحافِلَها أشدَّ سَواداً من سَائِر جَسدِها فَكَأَنَّهُ قَالَ أرغَمَه الله وسَوَّد وَجْهَه وَيُمكن أَن يكون الدَّغْم: الدُّخولُ فِي الأَرْض فَيكون من قَوْلهم أَدْغَمْت الحرفَ فِي الحَرفِ وأدغمتُ اللِّجام فِي فَمِ الفَرَس وَيَقُولُونَ: فعلت ذَلِك على رَغْمِه وشِنَّغْمه وَقد رَوَاهُ بَعضهم فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ سِنَّغْما وَهُوَ تَصْحِيف وَيَقُولُونَ: رُطَب ثَعْد مَعْد فالثَّعْد: اللَّيِّن، والمَعْد: الْكثير اللحمِ الغليظ وَكَانَ أَبُو بكر بن دُرَيْد يَقُول: اشتقاق المَعِدَة من هَذَا وَيُمكن أَن يكون المَعْد المَمْعود: وَهُوَ المَنْزوع الْمَأْخُوذ فأقيم المصدرُ مقَام الْمَفْعُول كَمَا قَالُوا دِرْهم ضَرْبُ الْأَمِير: أَي مَضْروبُ الأميرِ وَيكون من قَوْلهم مَعَدْت الشيءَ إِذا نَزَعْته وقَلَعْته وَيَقُولُونَ: مَرَرْت بالرُّمْح وَهُوَ مَرْكوز فامْتَعَدْتُه فَيكون مَعْنَاهُ على هَذَا رُطَب لَيِّن أَي مَنْزوع من الشَّجَرَة لوَقْتِه وَيَقُولُونَ: أحمقُ بِلْغ مِلْغ. قَالَ أَبُو زيد: البِلْغ: الَّذِي لَا يسقُط فِي كَلَامه كثيرا، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال بِلْغ وبَلْغ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: البَلْغ: البَليغ بِفَتْح الْبَاء. وَقَالَ غَيره: البِلْغ والبَلْغ: الَّذِي يبلُغ مَا يُرِيد من وَقل أَو فعلٍ، والمِلْغ: الَّذِي لَا يُبالي مَا قَالَ وَمَا قيلَ لَهُ كَذَا قَالَ أَبُو زيد. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المِلْغ: الشاطِر وَأَبُو مهْدي الْأَعرَابِي هُوَ الَّذِي سمَّى عَطاء مِلْغاً وَيَقُولُونَ: حَسَنٌ بَسَنٌ. ابْن دُرَيْد: سألتُ أَبَا حَاتِم عَن بَسَن فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ وَيَقُولُونَ: حَسَن قَسَن وَمن الِاتِّبَاع قَوْلهم خَظاً بَظاً وبَظاً بِمَعْنى خَظاً: وَهُوَ كَثْرَة اللَّحْم يَقُولُونَ بظا يَبْظو: إِذا كَثُر لحمُه فَأَما قَول الرجل لأبي الْأسود حَظِيَت وبَظِيَتْ فَيمكن أَن يكون من هَذَا أَي زادَتْ عِنْده وَيَقُولُونَ:(4/219)
أَجْمَعُون أَكْنَعون فأكْنَعُون بِمَعْنى أَجْمَعِينَ. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: كَتِعَ الرجل: إِذا انْقَبَض وانْضَمّ، قَالَ: ويُقال كَتِعَ كَتَعَاً إِذا شَمَّر فِي أمره فَيجوز أَن يكون جاؤا أَجْمَعُونَ أَبْصَعون فأَبْصعون من قَوْلهم تَبَصَّع الْعرق: إِذا سالَ ورَشَحَ وَقد رُوي عَن أبي ذُؤَيْب: إلاَّ الحَميمَ فإنَّه يَتَبَصَّعُ أَي يَسيل سَيلاناً فَكَأَنَّهُ قَالَ أَجْمَعُونَ مُتتابعون لَا يَنْقَطِع بعضُهم من بعضٍ كالشيءِ السائلِ وَيَقُولُونَ: ضَيِّقٌ لَيِّق فاللَّيِّق: اللاصق لما تَضَمَّنه من ضِيقه مَأْخُوذ من قَوْلهم لاقَتِ الدَّواة: إِذا التَصَقَت ولاقَتِ الْمَرْأَة عِنْد زَوْجها: إِذا لَصِقَت بِقَلْبِه. قَالَ الْأَصْمَعِي: وَلَا أعرف ضَيِّق عَيِّق فَإِن كَانَ قيل ضَيِّق عَيِّق فَهُوَ صَوَاب لأَنهم يَقُولُونَ مَا لاقَتِ المرأةُ عِنْد زوجِها وَلَا عاقَتْ: أَي لم تَلْتَصق بِقَلْبِه، ويُقال عِفْريتٌ نِفْريت وعِفْرِيَة نِفْرِيَة فعِفْريت فِعْليت من العَفَر: وَهُوَ التُّرَاب كأنّه شَدِيد التَّعْفير لغيره أَي التَّمْريغ ونِفْريت فِعْليت من النُّفور يُمكن أَن يكون أَرَادوا شديدَ النُّفور وَيُمكن أَن يَكُونُوا أَرَادوا شَدِيد التَّنْفير لغيره ويُقال عَفَتَ عَظْمَه: إِذا كَسَرَه والمِلْفت مثله فِي الْمَعْنى يُقَال لَفَتَ عَظْمَه: إِذا كَسَرَه وَيجوز أَن يكون المِلْفَتُ الَّذِي يَلْفِتُ الشيءَ: أَي يَلْوِيه، يُقَال لَفَتُّ رِدائي على عُنُقي وَأنْشد ابْن دُرَيْد: أَسْرَع من لَفْتِ رِداءِ المُرْتَدي ويُقال لَفَتُّ الشيءَ: إِذا عَصَدْته وكل مَعْصود مَلْفوت وَمِنْه اللَّفيتة وَهِي العَصيدة والعَصْد: اللَّيُّ ويُقال عِفِتَّان صِفِتَّان وعِفِّتان صِفِّتان فالصِفِتَّان: الْقوي الشَّديد وَهُوَ أَيْضا اللَّوَّاء والعِفِتَّان: الشَّديد الْكسر فَكَأَنَّهُ كَسَّار لَوَّاء وَيَقُولُونَ: سِبَحْل رِبَحْل، والسِّبَحْل: الضَّخْم ويُقال سِقاء سَحْبَل وسِبَحْل وسَبَحْلَلٌ، قَالَ الْأَصْمَعِي: ونَعَتَتِ امرأةٌ من الْعَرَب ابْنَتهَا فَقَالَت سِبَحْلَةٌ رِبَحْلَة تَنْمي نباتَ النَّخْلة. وَقَالَ أَبُو زيد: الرِّبَحْلة: الْعَظِيمَة الجَيِّدة الخَلْق فِي طول وَقيل لابنةِ الخُسِّ أَي الإبلِ خَيْرٌ فَقَالَت العَيْلَمُ السِّبَحْل الرِّبَحْل الرَّاحِلة الفَحْل والرِّبَحْل مثل السِّبَحْل فِي الْمَعْنى وَمِنْه قَول عبد المُطَّلِب لسَيْفٍ ومَلِكاً رِبَحْلاً يُعطي عَطاءً جَزْلاً يريدُ مَلِكاً عَظيماً، وَيَقُولُونَ: فِي صِفة الذِّئْب: سَمَلَّع هَمَلَّع: فالهَمَلَّع: السَّرِيع وَكَذَلِكَ السَّمَلَّع، قَالَ الراجز: مِثْلي لَا يُحسِنُ مَشْياً فَعْفَعي والشاةُ لَا تَمْشي على الهَمَلَّعِ تمشي: تَنْمي، والفَعْفَعَة: زَجْر من زَجْر الغَنَم وَيَقُولُونَ: هُوَ لكَ أبَداً سَمَداً سَرْمَداً وَمَعْنَاهَا كلهَا واحدٌ ويُقال لَا بارَكَ اللهُ فِيهِ وَلَا تارَكَ وَلَا دارَك. ابْن دُرَيْد: وَهَذَا مِمَّا لَا يُفْرَد. أَبُو عبيد: وَقَالُوا لَا دَرَيْت وَلَا ائْتَلَيْت وَلَا أَلَيْت مِثَال فعلت. ابْن السّكيت: وَلَا أَتْلَيتَ يَدْعُو عَلَيْهِ بِأَن لَا تُتْلي إبلُه: أَي لَا يكون لَهَا أولادٌ، ويُقال مكانٌ عَمِير بَجير من العِمارة وفلانٌ يَحُفُّنا ويَرُفُّنا: أَي يُعطينا ويَميرُنا ويُقال هُوَ سَهْدٌ مَهْد: أَي حَسَنٌ وَمَا بِهِ حَبَضٌ وَلَا نَبَض: أَي مَا يَتَحَرَّك وَجَاء بِالْمَالِ من حَسِّه وبَسِّه وعَسِّه وحِسِّه وبِسِّه ويُقال ذَهَبَتْ تميمٌ فَلَا تُسْهى وَلَا تُنْهى ويُقال وَلَا تُنْعى: أَي لَا تُذْكَر ويُقال لَهُ عَيْنٌ حَدْرَة بَدْرَة: أَي عَظِيمَة وثِقَةٌ نِقَة وكِنٌّ لِنٌّ وخابٌ هائِب وَهُوَ مِمَّا لَا يُفرد وَمَاله عالٌ وَلَا مالٌ وَقَالَ جئْ بِهِ من عِيصِك وإيصِك وجِنْثِك وجِنْسِك وقِنْسِك: أَي جئْ بِهِ من حيثُ كَانَ وَإنَّهُ لأَصيص كَصيص: أَي متَقَبِّض. ابْن دُرَيْد: جئْ بِهِ من حَوْثَ بَوْثَ وحَوْثُ بَوْثُ: أَي من حَيْثُ كَانَ وَلم يكن وَقد باثَ الشيءَ بَوْثَاً: بَحثه، وَمَاله تُلَّ وغُلَّ: تَدْعُو عَلَيْهِ. غَيره: أَجْمَعُ أَكْتَع(4/220)
وجَمْعَاءُ كَتْعَاءُ، ورأيتُ المالَ جَمْعَاً كَتْعَاً وَقد قيل أَكْتَعُ كأجْمَعَ وسأبيِّن تعليلَ هَذَا الضرْب عِنْد تَحْدِيد الأسْوار من هَذَا الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقَالَ: واحِدٌ قاحِدٌ: إتباع. ابْن دُرَيْد: رجل شَغِبٌ جَغِبٌ إتباع لَا يُتَكَلَّم بِهِ مُفْرَداً.
(بَاب مَا أُعرِب من الْأَسْمَاء الأعجمية)
اعْلَم أَنه قَالَ سِيبَوَيْهٍ: اعْلَم أَنهم مِمَّا يُغَيِّرون من الْحُرُوف الأعجمية مَا لَيْسَ من حروفهم البتّة فربّما ألحقوه ببِناء كلامِهم وَرُبمَا لم يُلحقوه فَأَما مَا ألحقوه بِبِنَاء كَلَامهم فدِرْهم ألحقوه بِبناء هِجْرَع وبَهْرَج ألحقوه بسَلْهَب ودينار ألحقوه بديماس وديباج ألحقوه بذلك وَقَالُوا: إِسْحَاق ألحقوه بإعصار ويَعقوب ألحقوه بيَرْبوع وجَوْرَب ألحقوه بفَوْعَل وَقَالُوا آجور فألحقوه بعاقول وَقَالُوا شُبارِقٌ فألحقوه بعُذافِر ورُسْتاق ألحقوه بقُرْطاس لما أرداوا أَن يُعَرِبوه ألحقوه بِبِنَاء كَلَامهم كَمَا يُلحقون الْحُرُوف بحروف الْعَرَبيَّة وَرُبمَا غيَّروا حالَه عَن حالِه الأعجمية مَعَ إلحاقهم بالعربيّة غير الْحُرُوف العربيّة فأبدلوا مكانَ الْحَرْف الَّذِي هُوَ للْعَرَب عربيّاً غَيْرَه وغيّروا الحركةَ وأبدلوا مَكَان الزِّيَادَة وَلَا يبلُغون بِهِ بناءَ كلامهِم لِأَنَّهُ أعجميُّ الأَصْل فَلَا تبلغ قوَّتُه عِنْدهم أَن يبلغ بناءَهم وَإِنَّمَا دعاهم إِلَى ذَلِك أَن الأعجمية يغيُّرها دخولُها العربيَّةَ بإبدال حروفها فحملهم هَذَا التَّغْيِير على أَن أبدلوا وغَيَّروا الحركةَ كَمَا يُغيِّرون فِي الْإِضَافَة إِذا قَالُوا هَنَئِيٌّ نَحْو زَبانِيٌّ وثَقَفِيٌّ وَرُبمَا حذفوا كَمَا يحذفون فِي الْإِضَافَة ويَزيدون كَمَا يزِيدُونَ فِيمَا يَبْلغون بِهِ الْبناء وَمَا لَا يَبْلُغون بِهِ بناءهم وَذَلِكَ نَحْو آجُرٍّ وإبْرَيْسَم وَإِسْمَاعِيل وَسَرَاويل وفَيْروز والقَهْرَمان فقد فعلوا ذَلِك بِمَا أُلحق ببنائهم وَمَا لم يُلحق من التَّغْيِير والإبدال وَالزِّيَادَة والحذف لما يلْزمه من التَّغْيِير وَرُبمَا تركُوا الاسمَ على حَاله إِذا كَانَت حُرُوفه من حروفهم كَانَ على بنائهم أَو لم يكُن نَحْو خُراسان وخُرَّم والكُرْكُم وَرُبمَا غَيَّروا الْحَرْف الَّذِي لَيْسَ من حروفهم وَلم يغيروه عَن بنائِهِ فِي الفارسية نَحْو فِرِنْد وبَقَّم وآجُرٍّ وجُرْبُز.
هَذَا بَاب اطِّراد الْإِبْدَال فِي الفارسيَّة
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: يبدلون من الْحَرْف الَّذِي بَين الْكَاف وَالْجِيم الجيمَ لقربها مِنْهَا وَلم يكن من إبدالها بُدٌّ لِأَنَّهَا لَيست من حروفهم وَذَلِكَ نَحْو الجُرْبُز والآجُرِّ والجَوْرَب وَرُبمَا أبدلوا القافَ لِأَنَّهَا قريبةٌ أَيْضا قَالَ بَعضهم: قُرْبُز وَقَالُوا قُرْبُق ويبدلون مَكَان آخر الْحَرْف الَّذِي لَا يثبت فِي كَلَامهم الجيمَ وَذَلِكَ نَحْو كُوسَه ومُوزَه لِأَن هَذِه الْحُرُوف تُبدّل وتحذف فِي كَلَام الفُرس هَمزةً مرّة وياءً مرّة أُخْرَى فَلَمَّا كَانَ هَذَا الآخر لَا يُشبه آخر كَلَامهم صَار بِمَنْزِلَة حرف لَيْسَ من حروفهم وأبدلوا الجيمَ لِأَن الْجِيم قريبةٌ من الياءِ وَهِي من حُرُوف البَدَل وَالْهَاء قد تُشبه الْيَاء وَلِأَن الْيَاء أَيْضا قد تقع آخِرَة فَلَمَّا كَانَ كَذَلِك أبدلوا مِنْهَا كَمَا أبدلوها من الكافِ وَجعلُوا الجيمَ أوْلى لِأَنَّهَا قد أُبدلت من الْحَرْف الأعجمي الَّذِي بَين الْكَاف وَالْجِيم فَكَانُوا عَلَيْهَا أمضى وَرُبمَا أُدخِلت القافُ عَلَيْهَا كَمَا أُدخلت عَلَيْهَا فِي الأول فأُشرك بَينهمَا وَقَالَ بَعضهم كَوْسَق وَقَالُوا كُرْبَق وقُرْبَق وَقَالُوا كِيلَقة ويُبدِلون من الْحَرْف الَّذِي بَين الْفَاء وَالْبَاء الفاءَ نَحْو الفِرِنْد والفُنْدُق وَرُبمَا أبدلوا الباءَ لِأَنَّهُمَا قريبتان جَمِيعًا، قَالَ بَعضهم بِرِنْد فالبدل مُطَّرد فِي كل حرف لَيْسَ من حروفهم يُبدل مِنْهُ مَا قَرُب مِنْهُ من حُرُوف الأعجميّة ومثلُ ذَلِك تغييرُهم الحركةَ الَّتِي فِي زَوْرْ وآشوب فَيَقُولُونَ زُورٌ وآشُوبٌ وَهُوَ التخليطُ لِأَن هَذَا لَيْسَ من كَلَامهم وَأما مَا لَا يَطَّرِد فِيهِ البدلُ فالحرفُ الَّذِي هُوَ من حُرُوف الْعَرَب نَحْو سينِ سَروايل وعيْنِ إِسْمَاعِيل أبدلوا للتغيير الَّذِي قد لَزِمَ فغيَّروه لما ذكرتُ من التَّشْبِيه بِالْإِضَافَة وأبدلوا من السِّين نحوَها فِي الهَمْس والانْسِلال من بَين الثنايا وأبدلوا(4/221)
من الْهمزَة العينَ لِأَنَّهَا أشبه الْحُرُوف بِالْهَمْزَةِ وَقَالُوا قَفْشَليل فأتبعوا الآخِر الأوّلَ لقُرْبه فِي الْعدَد لَا فِي المُخْرَج فَهَذِهِ حَال الأعجمية فعلى هَذَا فوجِّهه إِن شَاءَ الله فَهَذِهِ قوانين الفارسيّة فِي تَصْريف التعريب من الزِّيَادَة والنُّقصان والإبدال وأذكر الْأَلْفَاظ الَّتِي داخَلَت كلامَ الْعَرَب من كَلَام فَارس وَغَيره، أَبُو عبيد: مِمَّا دَخَلَ فِي كَلَام العَرب من كَلَام فَارس المِسْح: تُسمِّيه العربُ البِلاس وَجمعه بُلُس والأكارِع عِنْد الْعَرَب هِيَ البالِغاء ممدودٌ هِيَ بالفارسيّة بابْها: يَعْنِي الأرجُل والمُقَمْجِر مِثَال مُقَرْمِد: القَوَّاس وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كَمَا نْكَر وَأنْشد للأخزر: مِثْل القِسِيِّ عاجَها المُقَمْجِرُ ابْن دُرَيْد: القَمْجَرَة: إصلاحُ القِسِيّ فَارسي، والقَمَنْجَر: القَوَّاس. أَبُو عبيد: وَمن هَذَا قَول الْأَعْشَى: وبَيْداءَ تَحْسِب آرامَها رِجالَ إيادٍ بأجْيادِها أَرَادَ الجُودِ ياءَ بالنبطية أَو بِالْفَارِسِيَّةِ: وَهُوَ الكِساء، والمُهْرَق: الصَّحِيفَة، قَالَ الشَّاعِر: لآل أسماءَ مِثْلُ المُهْرَق الْبَالِي وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ مُهْره. ابْن دُرَيْد: تَفْسِير مُهْر كَرْد: أَي صُقِلَتْ بالخَرَز وَكَذَلِكَ اليَلْمَق: وَهُوَ القَباء هُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ يَلْمَه، وأنْشَد: كأنَّهُ مُتَقَبِّي يَلْمَقٍ عَزَبُ قَالَ: وَكَذَلِكَ قَول لبيد: قُرْدُمانِيَّاً وتَرْكاً كالَصَل والقُرْدُماني: سلاحٌ كَانَت الأكاسِرةُ تَدِّخِرُه فِي خَزائِنها يُسمُّونه كَرْدَمانَدْ مَعْنَاهُ عُمِل وبَقي وَمِنْه قَول أبي ذُؤَيْب: كأنَّ عَلَيْهَا بالَةً لَطَمِيَّةً لَهَا من خِلالِ الدَّأْيَتَيْنِ أَريجُ البالَة: الجِراب وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ باله. قَالَ والفَصافِص واحدتها فِصْفِصَة وَهُوَ قَول الْأَعْشَى: وَنَخْلاً نابِتاً وفَصافِصا وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ اسْبَسْت، قَالَ: والنُّمِّيُّ: الفَلْس بالرُّومية، قَالَ أَوْس: وقارفَتْ وَهِي لم تَجْرَبْ وباعَ لَهَا من الفَصافِصِ بالنُّمِّيِّ سِفْسيرُ يَعْنِي السِّمسار وَقَوله باعَ لَهَا: أَي اشْترى لَهَا. غَيره: الفَيْج: مشتَقٌّ من الفارسية: وَهُوَ رَسُول السُّلطان على رِجْليه وَالْجمع الفُيوج وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ السِّفْسير. أَبُو عبيد: والقُمْقُم بالرُّومية، قَالَ عنترة: حَشَّ الإماءُ بِهِ جَوانِبَ قُمْقُم وَكَذَلِكَ الطَّسْت والتَّوْر. قَالَ: فَأَما الطَّاجَن فَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ تابه وَكَذَلِكَ الطابَق وَكَذَلِكَ الهاوَن فَارسي. قَالَ والدَّيابوذ: ثوبٌ يُنسَج بنيرَبَيْن، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ دُوبود، قَالَ الْأَعْشَى يصف الثور: عَلَيْه دَيابُوذٌ تَسَرْبلَ تَحْتَهُ يَرَنْدجَ إسْكافٍ يُخالِطُ عِظْلِما(4/222)
واليَرَنْدج أَيْضا بِالْفَارِسِيَّةِ رَنْده: وَهُوَ جِلد أسوَد والجُدَّاد نبطيّة: الخيوط المعَقَّدة يُقَال لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ كُداد، قَالَ الْأَعْشَى: والليلُ غامِرُ جُدَّادِها والبُوْرِياء بِالْفَارِسِيَّةِ وَهِي بِالْعَرَبِيَّةِ بارِيٌّ وبُورِيٌّ. قَالَ: والأُلُوَّة: العُود وأصلُها بِالْفَارِسِيَّةِ والأَلُوَّة أَيْضا. ابْن السّكيت: البَرَق: الحَمَل وَأَصله فارسيٌّ معرَّب هُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بَرَه. وَقَالَ: هِيَ الرُّزْداق والرُّسْداق وَلَا تقُل الرُّسْتاق. ابْن دُرَيْد: الهَمَقيق: نَبْت أعجميٌّ معرَّب وَهُوَ الحَمَقيق والسُّلاَّق: عيدُ النَّصَارَى أعجمي مُعرب، والسَّبِيجة: البَقيرة وَأَصله شَبي: وَهُوَ القَميص، وأنْشَد: كالحَبَشِيِّ الْتَفَّ أَو تَسَبَّجا والكَرْد: العُنُق وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كَرْدَن والبُوصِيُّ والبُوزِيُّ: السَّفينة وَقَالَ: عَكْفَ النَّبيط يَلْعَبونَ الفَنْزَجا وَهُوَ بَنْجَكانْ وَقَالَ: يَومَض خَراجٍ يُخرِجُ السَّمَرَّجا وَهُوَ سُمَرَّه أَي ثَلَاث مِرار، وَقَالَ: مَيَّاحة تَميحُ مَشْيارَ هَوْجا أَي رَهْوَار: وَهُوَ الهِمْلاج، وَقَالَ: وكانَ مَا اهْتَضَّ الجِحافُ بَهْرَجا والبَهْرَج: الباطِل وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ نَبَهْره والكُرَّز: الطَّائِر الَّذِي يَحول عَلَيْهِ الحَولُ وَهُوَ من الطُّيُور الجوارِح وَأَصله كُرَّه: أَي حاذق وَقد كُرّز، وَقَالَ: فِي جِسْمِ شَخْتِ المَنْكِبَيْنِ خُوشِ أَرَادَ كُوحَكْ ويُسمّي أهلُ الْعرَاق ضَرباً من الْحَرِير السَّرَق أَرَادَ سَرَه فأعرب والدَّرابِنَة: البَوَّابون، قَالَ الشَّاعِر: فأبْقى باطِلي والجِدُّ مِنْهَا كدُكَّانِ الدَّرابِنَةِ المَطِينِ أَرَادَ الدَّرْبان وَقَالُوا الدَّيْدَبان أَرَادوا الربيئة وَقَالُوا البَهْرَمان: لونٌ أَحْمَرُ وَكَذَلِكَ الأُرْجُوان فَارسي، وَقَالُوا قِرْمِز وَإِنَّمَا هُوَ دُودٌ يُصْبَغ بِهِ وَقَالُوا الدَّشْت، وأنْشَد: قد عَلِمَتْ حِمْيَرٌ وفارِسُ والأع راب ُبالدَّشْت أَيُّهُمْ نَزَلا(4/223)
وَقَالُوا البُسْتان وَهُوَ معرَّب وأنْشَد: يَهَبُّ الجِلَّة الجَراجِر كالبُسْتانِ تَحْنو لِدَرْدَقٍ أطفالِ وَمِمَّا أَخَذُوهُ من الرومية قَوْمَس وَهُوَ الْأَمِير، والسَّجَنْجَل رومي معرَّب وَهِي المِرآة، والقَراميد الآجور وَهُوَ بالرومية قِرْمِيدَى، والخُزْرانِق: ضَرْب من الثِّيَاب فارسيٌّ معرَّب، والخَوْرَنْق: كَانَ يُسمى خَرانكه: موضِعُ الشُّرب والسَّدير سِدَلي: أَي ثَلَاث قِبابٍ بَعْضهَا فِي بعض. والبِرْزيق: الْفَارِس بِالْفَارِسِيَّةِ، والبِرْزين: الْقطعَة من الْخَيل، والمِرْعِزِيُّ: نبطيَّتُه مِرْضِزَّى، والصَّيْق: الْغُبَار وَهُوَ بالنبطية زَنْقَا وقُزْبُر بِالْفَارِسِيَّةِ كُزْبُر والتَّمور: صِبْغٌ أَحْمَر وَرُبمَا جَعَلُوهُ موضِعَ السِّر سُرْيانِيَّة، والرَّزْدَق: السَّطْر من النّخل وَغَيره، والفُرْس تُسمّيه رَسْتَه: أَي سَطْر والجَوْسَق فَارسي وَهُوَ كُوشَك والجَرْدَق من الخُبْز كَرْدَه والأُبُلَّة كَانَت تسمى بالنبطيَّة بِامْرَأَة كَانَت تسكُنها يُقَال لَهَا هُوْب خَمَّاره فَمَاتَتْ فجَاء قومٌ من النَّبَط يَطْلبونها فَقيل لَهُم هُوب ليكا أَي لَيْسَ فغَلِطت الفُرْس فَقَالُوا هُوبَلَت فعرَّبتها الْعَرَب فَقَالُوا الأُبُلَّة والعَسْكَر فَارسي معرَّب وَإِنَّمَا هُوَ لَشْكَر وفُرانِق البَريد بَرْوانَهْ والمُوزَج والمُوق بِالْفَارِسِيَّةِ مُوزَهْ وَقد تقدم أَن المُوق عربيٌّ والاسْتَبْرَق إسْتَرْوهْ: ثيابُ حريرٍ غلاظٌ صِفاق نَحْو الدِّيباج، وبَرْنَكان: وَهُوَ الكساء بر بِالْفَارِسِيَّةِ. وَمِمَّا أَخَذتهَا الْعَرَب عَن الْعَجم من الْأَسْمَاء قَابُوس وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كاؤوس وبِسْطام وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ ... . ودَخْتَنوس يُرِيد دَخْتَنوش، وَمِمَّا أخذُوا من السُّرْيانيّة شَراحيلُ وشُرَحْبِيل وعادِياء وَحَيَا مَقْصُور وسَمَوْءَل وَهُوَ أَشْموِيل والتَّنُّور فَارسي معرَّب لَا تعرِف لَهُ العربُ اسْما غير هَذَا، واللَّوْز والجَوْز: وَهُوَ الباذام والكُوز وعبدُ الْقَيْس تسمي النَّبِقَ الكُنار والمِلْحَفَة الشَّوْذَر وَهُوَ جاذَر، وَمِمَّا أعربوه التِّرْياق والدِّرْياق رومِيَّان وَيُسمى الحَمَل عُمْروساً وأحسَبه رومِيَّاً والخُرْدِيق: طعامٌ يعملُ شَبيه بالحَساء أَو الحَريرة والزِّنْديق فَارسي معرَّب كَانَ أَصله عِنْدهم زِنْدَكْر: أَي يَقُولُونَ بِبَقَاء الدَّهْر. أَبُو عبيد: فَلَجَت الجزيةَ على الْقَوْم: فَرَضْتها عَلَيْهِم وَهُوَ مَأْخُوذ من القفِيز الفالِج وَأَصله بالسُّريانية فالْغا ويُقال أَيْضا فِلْج. صَاحب الْعين: الجاموس دَخيل تسمِّيه العَجَم كاوْمِيش. قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي: وَمن هَذَا الْبَاب قَول رؤبة: بارِكْ لَهُ فِي شُرْبِ إذْرِ يطُوسا قَالَ: هُوَ ضَرْب من الدَّواء وَقيل هِيَ السَّقَمونيا وَأَصلهَا دَريطاؤوس فَأَما الإسْوار من أساوِرَة الفرْس: وَهُوَ الجَيِّد الرَّمْي أَو الثَّبات على ظَهْر الفرَس فقد قَدمته عِنْد ذكر إسْوار الْيَد بغاية الشَّرْح. صَاحب الْعين: الزانِكيُّمعرَّب: وَهُوَ الشاطر والقُنْذُع والقُنْذوع والقُنْذَع: الدُّيُّوث: سرياني معرَّب.
(بَاب مَا خالفتِ الْعَامَّة فِيهِ لُغاتِ الْعَرَب من الْكَلَام)
أَبُو عبيد: هُوَ الإذْخُر بِكَسْر الْألف واحدته إذْخِرَة وَهُوَ القَرْقَل بِاللَّامِ لقَرْقَر المرأةِ وَهُوَ الطَّيْلَسان بِفَتْح اللَّام والمَرْقاة بِفَتْح الْمِيم والإجَّاص بِغَيْر نون وَهِي الأُبُلَّةُ مَضْمُومَة الْألف للَّتِي بِالْبَصْرَةِ، ابْن السّكيت: الأُبُلَّة أَيْضا الفِدْرة من التَّمْر، وأنْشَد: فيأكُلُ مَا رُضَّ من زادِنا ويَأْبَى الأُبُلَّة لم تُرْضَضِ(4/224)
دبل بضَمِ الْقَاف وَهُوَ بَثْق السيلِ بِفَتْح الْبَاء وَهِي البالوعة. ابْن دُرَيْد: وَكَذَلِكَ سَتُّوق وَهِي قاقوزة وقازوزة: للَّتِي تسمَّى قاقُزَة وَهُوَ الرَّصاص بِالْفَتْح وَهُوَ الإبْرِيسَم وَهُوَ الحَوْأَب: للمَنْهل الَّذِي يُقَال لَهُ الحَوَب وأنشدنا هُوَ وَأَبُو الْجراح: ولأنتْ كلُّ أقلَّ بِأَرْض نائلٍ عِندَ المَسائِل من جَماد الحَوْأَبِ وَقَالَ: هُوَ القُرْطُم والقِرْطِم والمِرْعِزَّى إِن شدَّدت الزايَ قَصَرْت وَإِن خَفَّفت مَدَدْت وَالْمِيم مَكْسُورَة على كل حَال، غَيره: فِي الباقٍلِّي إِذا شدَّدته أَعنِي اللَّام قَصَرْت وَإِذا خفَّفت مددت وَكَذَلِكَ القُبَّيْطى: للنَّاطِف. الْأَحْمَر: هِيَ الإبْرِدَة بِالْكَسْرِ وَكَذَلِكَ الإطْرِيَة وإهْلِيلَجَة وإهْليِلَج وإرْمينيَة، وَقَالَ: هِيَ الطِّنْفِسَة والطِّنْفَسَة والسِّرْداب والدِّهْليز وَقَالُوا عَلَيْك إمرةٌ مُطاعة.
حُرُوف الْمعَانِي
ذكرُ عِدَّة مَا تَجِيء عَلَيْهِ الحروفُ الَّتِي يسمِّيها النحويُّون حروفَ الْمعَانِي: وَهِي الْحُرُوف الَّتِي تربُط الأسماءَ بالأفعال والأسماء بالأسماء وتبينُ العِلَّة الَّتِي من أجلهَا وَجَبْتْ قِلَّتُها فِي الْكَلَام مَعَ أَنَّهَا أكثرُ فِي الِاسْتِعْمَال وأقوَمُ دَوْرَاً فِيهِ ولنبدأ أَولا بشرح العِلَّة الَّتِي من أجلهَا قَلَّت إِذْ هِيَ من أهمِّ مَا نقصِدُ لَهُ فِي هَذَا الْبَاب فَنَقُول إِنَّه إِنَّمَا وَجَبَ أَن تكونَ حُرُوف الْمعَانِي أقلَّ أقسامِ الكلامِ مَعَ أَنَّهَا أكثرُها فِي الِاسْتِعْمَال من قِبَل أَنَّهَا إِنَّمَا يُحتاج إِلَيْهَا لغَيْرهَا من الِاسْم أَو الْفِعْل أَو الْجُمْلَة وَلَيْسَ كَذَلِك غبرُها لِأَنَّهَا يُحتاج إِلَيْهَا فِي أَنْفسهَا فَصَارَت هَذِه الْحُرُوف كالآلة وَصَارَ القِسْمان الْآخرَانِ اللَّذَان هما الِاسْم وَالْفِعْل كالعَمَل الَّذِي هُوَ الْغَرَض فِي إعداد الْآلَة وأعمالها وَهَذِه عِلّة ذكرهَا أَبُو عَليّ الْفَارِسِي وَهِي حَسَنَة وغرضنا الْآن أَن نذْكر أقلَّ مَا تَجِيء عَلَيْهِ هَذِه الْحُرُوف وأكثرَ مَا تَجِيء عَلَيْهِ بِزِيَادَة وَغير زيادةٍ مَا يَجِيء على حرفٍ واحدٍ وَهُوَ القسمُ الَّذِي يَكثُر فِي أَعلَى مرتبَة الكَثرة لِأَن كَونه حَرْفَاً يَقْتَضِي لَهُ ذَلِك من حيثُ هُوَ كالجُزء من الْكَلِمَة وَكَونه كثيرا فِي أَعلَى مرتبةٍ يَقْتَضِي لَهُ ذَلِك أَيْضا فَلَمَّا اجْتمع فِيهِ السَببان الموجبان للإيجاد وقَويا وَجَبَ لَهُ أقلُّ مَا يُمكن أَن ينْطق بِهِ من الْحُرُوف وَهُوَ الْحَرْف الْوَاحِد فقد قدمنَا ذكر أقلِّ مَا يَجيء عَلَيْهِ واستوفيناه. وعدَّةُ مَا يكونُ على حرفٍ واحدٍ من هَذِه الْحُرُوف ثَلَاثَة عشر حَرْفَاً حرفان من حُرُوف الْعَطف وهما الْوَاو وَالْفَاء وخمسةٌ من حُرُوف الجرِّ وَهِي الْبَاء وَاللَّام وَالْكَاف وَالْوَاو وَالتَّاء الداخلةُ عَلَيْهَا وحرفٌ من حُرُوف الِاسْتِفْهَام وَهُوَ الْألف وواحدٌ من حُرُوف الجَزْم وَهُوَ لَام الْأَمر وحرفان فِي جَوَاب الْقسم وهما لَام الِابْتِدَاء ولامُ الْقسم الَّتِي تلزمُها النونُ فِي الْمُضَارع وحرف التَّعْرِيف وَهُوَ لَام الْمعرفَة الساكنةُ المتوصَّلُ إِلَيْهَا باجتلاب ألفِ الوَصْل والسِّينُ الَّتِي مَعْنَاهَا التَّنْفيس فِي قَوْلك سيَفْعَل فَهَذَا جمعُ مَا جَاءَ على حرف وَاحِد مِنْهَا، مَا يَجِيء على حَرْفَين وَهُوَ فِي الْمرتبَة الثَّانِيَة من كَثرة الِاسْتِعْمَال وعدَّةُ ذَلِك ثلاثةٌ وَثَلَاثُونَ حرفا من عشرَة أَقسَام: أربعةٌ من حُرُوف الْجَرّ وَهِي: مِنْ وعَنْ وَفِي ومُذْ. وَمثلهَا من حُرُوف الْعَطف وَهِي: أَمْ وبَلْ وأوْ وَلَا. وخمسةٌ من حُرُوف الِاسْتِفْهَام وَهِي: هَل وأمْ وكَمْ ومَنْ وَمَا الاستفهاميتان. وثلاثةٌ من حُرُوف الْجَزَاء وَهِي: إنْ ومَنْ وَمَا وَمثلهَا من حُرُوف النداء وَهِي: يَا ووا وأيْ. وحرفان من حُرُوف الْجَزْم وَهِي: لم وَلَا الناهية. وَقد حكى أَبُو عُبَيْدَة أَن من الْعَرَب من يَجْزِم بلَنْ كَمَا يجزِم بلَمْ فَإِذا(4/225)
صَحَّ ذَلِك فَهِيَ ثَلَاثَة وَثَلَاثَة أحرف من حُرُوف النصب للْفِعْل وَهِي: أَن ولنْ وكي، وحرفان للجواب وَهِي: قد وإي. وحرفان للتّنْبِيه وَهِي: هَا ووا، فَهَذِهِ تِسْعَة وَعِشْرُونَ حرفا مَأْخُوذَة من الْقِسْمَة من حُرُوف الْمعَانِي وَأَرْبَعَة أحرف مفردةٌ وَهِي: لَو وصَهْ ومَهْ وقَطْ. فَذَلِك ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ حرفا مِمَّا يَجِيء على حرفين وَهُوَ أصل فِي بَابه لم يحذف مِنْهُ شَيْء وَالْأَصْل فِي الحرفين للحروف كَمَا أَن الأَصْل فِي الْحَرْف الْوَاحِد لَهَا وَلم يحذف مِنْهَا فَأَما الْأَسْمَاء الَّتِي تَأتي على هَذِه العِدَّة فمشبَّهة بهَا وَلَيْسَ ذَلِك فِيهَا أصلا البتَّة وَإِنَّمَا كَانَت الْحُرُوف أَوْلى بذلك وأحقَّ بِهِ لِأَنَّهَا كبعض الْكَلِمَة وَلِأَنَّهَا لَا تقوم بأنفُسها فِي الْبَيَان عَن مَعْنَاهَا فَوَجَبَ فِيهَا تقليل اللفظِ لذَلِك أَعنِي لِأَنَّهَا لَا يُتكلَّم بهَا على حِدَتها وَهَذِه العِلَّة هِيَ الَّتِي سَوَّغتْ فِي الضَّمِير المتَّصل أَن يَأْتِي على حرفٍ وَاحِد إِذْ كَانَ لَا يُتكلَّم بِهِ على انْفِرَاده وَلذَلِك لم يُجز أحدٌ من النحويِّين إثباتَ التَّنْوِين مَعَ اسْم الْفَاعِل إِذا كَانَ مَفْعُوله الكِناية المتَّصلة فَأَما الِاسْم المتمكن فَلَا يَجِيء على حرفين إِلَّا وَقد حُذف مِنْهُ حرفٌ أَو أَكثر ذَلِك فِي حُرُوف العِلَّة لِأَنَّهَا متهيِّئة لقبُول الْحَذف والتغيير وَقد قدمنَا ذكرَ ذَلِك مستَقْصىً فِي غير هَذَا الْكتاب وَأما الآخر فَلِأَنَّهُ حرف إِعْرَاب تعتَقِب عَلَيْهِ الحركات باعتقاب العوامل وَأما الثَّالِث فلتكثر بِهِ الأبنِيَة على مَا يَقْتَضِيهِ يمكنُه وَهَذَا هُوَ قانون الِاعْتِدَال فِي الْأَسْمَاء وَلذَلِك قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَأما الْأَسْمَاء المتمكنة فَأكْثر مَا تَجِيء على ثَلَاثَة أحرف لِأَنَّهَا كَأَنَّهَا هِيَ الأول فِي كَلَامهم، فَهَذَا شَيْء عرضَ ثمَّ نعود إِلَى ذكر مَا بدأنا بِهِ من شرح عِدَّة مَا تَجِيء عَلَيْهِ الْحُرُوف الرابطة ثمَّ مَا كَانَ فِي الْمرتبَة الثَّالِثَة من كثرته فِي نَفسه لِأَن مَا كَانَ أَكثر فِي نَفسه من الْحُرُوف فحقُّه أَن يجيءَ على حرفٍ وَاحِد ثمَّ يَلِيهِ مَا ينقُص عَنهُ بمرتبتين فَيكون على ثَلَاثَة أحرفٍ وَهُوَ ثَلَاثُونَ حرفا لحروف الجرِّ خمسةٌ: إِلَى وعَلى وخلا وَعدا ومُنْذُ وَفِي الْجَزَاء مثلهَا وَهِي: أيُّ وأينَ وَمَتى مُفْردَة وَإِذا فِي الشّعْر وحيثُ مَعَ مَا ولحروف الْعَطف ثمَّ ولحروف الِاسْتِفْهَام كيفَ ولحروف النداء أَيا وهَيا وللتنبيه والاستفتاح أَلا ولحروف الْجَواب نعمْ وأجلْ وبَلى وللحروف الدَّاخِلَة للابتداء أَرْبَعَة أحرف إنّ وأنّ وكأنَّ وليتَ ولحروف النصب إِذا وللحروف المفردة سَوْف وقَطُّ وحَسْب وبَجَلْ وإيهٍ. وَأما مَا جَاءَ على أربعةٍ فقليل كَقَوْلِهِم حَتَّى وأمَّا ولكِنْ الْخَفِيفَة ولَعَلَّ وكقولهم إمَّا فِي الْعَطف وإلاّ فِي الِاسْتِثْنَاء، وَمَا جَاءَ على خَمْسَة أقلُّ مِمَّا جَاءَ على أَرْبَعَة نَحْو لكنَّ مشدّد وَلَا يعرف فِي الْخَمْسَة غَيرهَا وَنحن آخذون الآنَ فِي تَفْسِير مَعَاني هَذِه الْحُرُوف إِذْ قد بينّا قوانينَها فِي العِدَّة. ءَ على حرفٍ وَاحِد ثمَّ يَلِيهِ مَا ينقُص عَنهُ بمرتبتين فَيكون على ثَلَاثَة أحرفٍ وَهُوَ ثَلَاثُونَ حرفا لحروف الجرِّ خمسةٌ: إِلَى وعَلى وخلا وَعدا ومُنْذُ وَفِي الْجَزَاء مثلهَا وَهِي: أيُّ وأينَ وَمَتى مُفْردَة وَإِذا فِي الشّعْر وحيثُ مَعَ مَا ولحروف الْعَطف ثمَّ ولحروف الِاسْتِفْهَام كيفَ ولحروف النداء أَيا وهَيا وللتنبيه والاستفتاح أَلا ولحروف الْجَواب نعمْ وأجلْ وبَلى وللحروف الدَّاخِلَة للابتداء أَرْبَعَة أحرف إنّ وأنّ وكأنَّ وليتَ ولحروف النصب إِذا وللحروف المفردة سَوْف وقَطُّ وحَسْب وبَجَلْ وإيهٍ. وَأما مَا جَاءَ على أربعةٍ فقليل كَقَوْلِهِم حَتَّى وأمَّا ولكِنْ الْخَفِيفَة ولَعَلَّ وكقولهم إمَّا فِي الْعَطف وإلاّ فِي الِاسْتِثْنَاء، وَمَا جَاءَ على خَمْسَة أقلُّ مِمَّا جَاءَ على أَرْبَعَة نَحْو لكنَّ مشدّد وَلَا يعرف فِي الْخَمْسَة غَيرهَا وَنحن آخذون الآنَ فِي تَفْسِير مَعَاني هَذِه الْحُرُوف إِذْ قد بينّا قوانينَها فِي العِدَّة.
شرح الْوَاو
فَأَما مَا يكون قبل الْحَرْف الَّذِي يُجاءُ بِهِ لَهُ فالواو إِذا لم تكن بَدلاً من الْحَرْف الْجَار لَزِمته الدّلَالَة على الِاجْتِمَاع كلُزوم الْفَاء للدلالة على الاتْباع وَهِي مَعَ ذَلِك تجيءُ على ضَرْبَين أحدُهما أَن تَأتي دَالَّة على الِاجْتِمَاع متَعَرِّيةً من معنى الْعَطف فِي نَحْو مَا حَكَاهُ النحويون من قَوْلهم مَا فعلتَ وأباكَ وَقَوله تَعَالَى: (فأجْمِعوا أمرَكُم وشُركاءَكم) . وَقَول الشَّاعِر: كونُوا أنتُم وبَني أبيكُم مَكانَ الكُلْيَتَيْنِ من الطِّحالِ وجميعُ مَا ذكره سِيبَوَيْهٍ فِي هَذَا الْبَاب وَمَا يتَّصل بِهِ قَالَ أَبُو عَليّ أَبُو الْحسن لَا يَطْرُده وسيبويه يطْرُدُه وَالْآخر أَن تَأتي عاطفةً مَعَ دِلالتها على الِاجْتِمَاع فِي نَحْو مَرَرْت بزيدٍ وعمروٍ فَهَذَا الضَّرْبُ يُوافق الأولَ فِي(4/226)
الدِّلالة على الجمْع ويُفارِقه فِي العَطْف لِأَن الْوَاو هُنَاكَ لم تُدخِل الِاسْم الآخر فِي إِعْرَاب الأول كَمَا فعلت ذَلِك فِي الْبَاب الثَّانِي فَإِذا كَانَ كَذَلِك علم أَن الْمَعْنى الَّذِي يُخَصُّ بِهِ الْوَاو الِاجْتِمَاع ويدلُّك على أَنَّهَا غيرُ عاطِفة فِي الْبَاب الأول وَأَنَّهَا فِيهِ للاجتماع دونَ الْعَطف أَنَّهَا لَا تَخلو عاطفةً من أحد أَمريْن إِمَّا أَن تَعطِف مُفْرداً على مُفْرد فتُشْركه فِي إعرابه وَإِمَّا أَن تعطف جملَة على جملةٍ وَلَيْسَ لَهَا فِي الْعَطف فسم ثَالِث فبَيِّنٌ أَن الِاسْم بعد الْوَاو فِي قَوْلهم مَا فَعَلْتَ وأباكَ وَجَمِيع الْبَاب الَّذِي يسمَّى المفعولَ مَعَه غيرُ مَعْطُوف على مَا قبله لِأَنَّهُ غير دَاخل مَعَه فِي جِنْسِيَّة إعرابه وَإِنَّمَا هُوَ مَعْمُول الْفِعْل الَّذِي قبل الْوَاو بتوسُّط الْوَاو كَمَا أَن الْمُسْتَثْنى منتصبٌ عَن الْجُمْلَة الَّتِي قبل إلاّ بتوسُّط إِلَّا عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَمن تَابعه فبَيِّن إِذا أَن الِاسْم الْمُفْرد المنتصب بعد الْوَاو غيرُ معطوفٍ على مَا قبلهَا لمُفارَقته إِيَّاه فِي إعرابه وَلَا هُوَ جملَة فتكونَ الْوَاو عاطفةً جملَة على جملَة فعُلِم أَن الْوَاو فِي هَذَا الموضِع بِمَعْنى الِاجْتِمَاع دونَ الْعَطف وَإِنَّمَا سمى النحويون هَذِه الْوَاو بِمَعْنى مَعَ الِاجْتِمَاع لِأَن معنى معَ الصُّحبةُ والصحبة اجتماعٌ وسَمَّوا المنتصب بعده مَفْعُولا مَعَه وَقد تَجِيء الْوَاو غيرَ عاطفةٍ على غير هَذَا الْوَجْه فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى: (يَغْشى طائِفَةً منكُم وطائفةٌ قد أهمَّتهُم أنْفُسُهم) . فَهِيَ لغير الْعَطف فِي هَذَا الْموضع أَيْضا وَذَلِكَ أَن الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا غير دَاخِلَة فِي إِعْرَاب الِاسْم الَّذِي قَبْلَها وَلَا هِيَ معطوفةٌ على الْجُمْلَة الَّتِي قبلهَا وَإِنَّمَا الكلامُ مَجْمُوعه فِي موضِع نصب بِوُقُوعِهِ موقِعَ الْحَال فَهَذَا مَا يُنْبِئُك عَن استحكام الْوَاو فِي بَاب الدِّلالة على الِاجْتِمَاع إِذْ كَانَ حكم الْحَال أَن تكون مصاحبةً لذِي الْحَال فَإِن جَاءَ شَيْء ظاهرُه على خلاف الِاجْتِمَاع رَدُّ تأويلُه إِلَيْهِ نَحْو قَول أهل الْعَرَبيَّة فِيمَا حُكي من قَوْلهم مَرَرْت بِرَجُل مَعَه صَقْرٌ صائِداً بِهِ غَداً أَن مَعْنَاهُ مقَدِّراً بِهِ الصيدَ غَدا فلمّا كَانَ حَال الْوَاو وَمَا وصفتُ لَك وَكَانَ حكم الحالِ مَا ذكرتُ وَقعت الجملُ بعدَها وَصَارَت هِيَ مَعهَا فِي مَوضِع الْحَال ولِما ذكرنَا من تعلُّق هَذِه الْجُمْلَة الَّتِي دخلت الْوَاو عَلَيْهَا بِمَا قَبْلها فِي قَوْله تَعَالَى: (يَغْشى طائِفَةً منكُم وطائفةٌ قد أهمَّتهُم أنْفُسُهم) . وَكَونهَا مَعهَا فِي مَوضِع نصب مثَّلها سِيبَوَيْهٍ بإذ فَقَالَ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ إِذْ طَائِفَة يُرِيد أَن تعلُّقَ هَذِه الْوَاو مَعهَا ودخولَها عَلَيْهَا بِمَا قبلهَا كتعلُّق إِذْ مَعَ مَا اتصلتْ بِهِ بِمَا قَبْلَها وَأَنَّهَا مَعَ مَا بعْدهَا فِي مَوضِع نَصْب كَمَا أَن تِلْك مَعَ مَا بعْدهَا فِي مَوضِع نصب فِي ذَلِك الْموضع.
شرح الْفَاء
وَالْفَاء تضُمُّ الشيءَ إِلَى الشيءِ فَهِيَ تُوافِق الواوَ فِي ضَمِّ الشيءِ إِلَى الشيءِ وتُفارقها فِي الِاجْتِمَاع وَهِي لَازِمَة للدلالة على الاتْباع كلُزوم الْوَاو للدلالة على الِاجْتِمَاع وَذَلِكَ اعني الِاتِّبَاع أعمُّ فِيهَا من الْعَطف كَمَا أَن الِاجْتِمَاع فِي الْوَاو أعمُّ من الْعَطف والفرقُ بينَ العَطْف فِي بَاب الْفَاء وَبَين الِاتِّبَاع وَإِن كَانَ كلُّ يعود إِلَى معنى الِاتِّبَاع أَنَّك إِذا قلت ائْتِني فأُكْرِمَك وزُرْني فأَعرِفَ لَك ذَلِك فَإِنَّمَا وَجب الثَّانِي بِوُقُوع الأول وَلَيْسَ كَذَلِك العطفُ وَإِنَّمَا يدلُّك على أَن الْفَاء مَوْضُوعَة للدلالة على الِاتِّبَاع استعمالُهم إيّاها فِي جَوَاب الشرطِ إِذا لم يحسُن ارتباطه بِالشّرطِ وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْكَلَام جملَة من مُبْتَدأ وَخبر أَو فعلٍ وفاعل وَكَانَت غيرَ خَبَرِيَّة كَقَوْلِه تَعَالَى: (فإمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البشَرِ أحدا فَقولِي إنِّي نَذَرْتُ للرَّحْمن) فَلَو استعملوا الواوَ موضعَ الفاءِ على مَا فِيهَا من الدّلَالَة على الِاجْتِمَاع لأدّى ذَلِك إِلَى خِلاف مَا وُضِع لَهُ الشرطُ كَمَا أَنهم لَو وضَعوا الْفَاء موضِع الْوَاو فِي الْعَطف على الِاسْم الْمُضَاف بَيْنَ إِلَيْهِ إِذا كَانَ مُفرداً لَا يدل على أكثرَ من وَاحِد أَو فِي الْعَطف فِي بَاب الْأَفْعَال الَّتِي لَا تكونُ إِلَّا من اثْنَيْنِ فصاعِداً لبَقِيَت بَيْنَ مُضافةً إِلَى مُفْرد لَا يدُلُّ على أكثرَ من وَاحِد وَكَانَت هَذِه الْأَفْعَال مستَنِدةً إِلَى فاعلٍ واحدٍ وَكِلَاهُمَا ممتنعٌ فَثَبت أَن الْمَعْنى الَّذِي تَخُصُّ بِهِ الْفَاء الِاتِّبَاع والعطفُ داخلٌ(4/227)
عَلَيْهِ كَمَا أَن الْمَعْنى الَّذِي تُخَصُّ بِهِ الواوُ الِاجْتِمَاع والعطف داخلٌ عَلَيْهِ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَالْفَاء وَهِي تضُمُّ الشيءَ إِلَى الشَّيْء كَمَا فَعَلَتِ الواوُ غيرَ أنّها تجْعَل ذَلِك متَّسِقاً بعضُه فِي إثْر بعض وَذَلِكَ قَوْلك مررتُ بزَيْدٍ فعمروٍ فخالدٍ وَسقط المطرُ بمكانِ كَذَا فمكانِ كَذَا وَإِنَّمَا يَقْرو أحدَهما بعدَ الآخر.
شرح الْكَاف
وكاف التَّشْبِيه الَّتِي تَأتي لإيصال الشَّبَه إِلَى المشَبَّه بِهِ وَذَلِكَ قَوْلك أنتَ كزيد والتشبيه يَأْتِي على ضَرْبَين: تشبيهٌ حَقِيقَة وتشبيهٌ بلاغةً فتشبيه الْحَقِيقَة قولُك هَذَا الدِّرْهم كَهَذا الدِّرْهم لَا يُغادِر مِنْهُ شَيْئا وَهَذَا المَاء كَهَذا المَاء وَأما تَشْبِيه البلاغة وَهُوَ التَّشْبِيه غير الْحَقِيقِيّ فنحو قَوْله عز وَجل: (أعْمالُهمْ كسَرابٍ بِقِيعَةٍ) . وَقد استُعمِلَت هَذِه الْكَاف اسْما وساغَ لَهُم ذَلِك لتَضَمُّنها معنى مِثل كَمَا ساغَ لَهُم ذَلِك فِي سَواء لتضمُّنها معنى غير وَذَلِكَ فِي نَحْو مَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ من قَوْله: وصالِياتٍ كَكَما يُؤَثْفَيْنْ وكقول الأخطل: على كالقَطا الجُونِيِّ أَفْزَعهُ الزَّجْرُ وَقد تكون الْكَاف زَائِدَة فِي مَوضِع لَو سَقَطْتْ فِيهِ لم يُخِلَّ سقوطُها بِمَعْنى وَذَلِكَ نَحْو قَوْله تَعَالَى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) . أَلا ترى أَن من جعلَ الكافَ هُنَا دالَّة على مثل مَا دَلَّت عَلَيْهِ فِي قَوْلك أَنْت كَذَلِك فقد أثبتَ الشَّبَهَ لِمَن لَا شَبَهَ لَهُ كَمَا أَنَّك إِذا قُلتَ مَا زَيْد كَعَمْرو وَلَا شَبيهٍ بِهِ فقد أثبَتَّ لَهُ الشَّبيه كأنّك قلت وَلَا تَشبيه بِهِ فَإِذا لم يحسُنْ ذَلِك فِي الْإِثْبَات لم يكن بُدٌّ من أَن يُحكَم بِالزِّيَادَةِ على الكافِ أَو على مثل فَلَا يجوز أَن يُحكَم بهَا على مِثْل لكونِها اسْما وَلم نَعلم اسْما زِيدَ فَلم يُحكَم لَهُ بِموضع إِلَّا المُضمَراتِ الموضوعاتِ للفصل نَحْو هُوَ وَأَخَوَاتهَا وَقد اسْتَطْرَف الخليلُ ذَلِك وعَجِبَ مِنْهُ فَقَالَ فِي قِرَاءَة من قَرَأَ: (هؤُلاءِ بَناتي هُنَّ أَطْهَرَ لكم) وَجَمِيع بَاب الْفَصْل وَالله إنَّه لعَظيم جعْلُهم هُوَ فَصْلاً بَين الْمعرفَة والنكرة وتصييرُهم إيّاها بِمَنْزِلَة مَا إِذا كَانَت مَا لَغْوَاً لأنّ هُوَ بِمَنْزِلَة أَبوهُ ولكنّهم جعلوها فِي ذَلِك الْموضع لَغوا كَمَا جعلُوا مَا فِي بعض الْمَوَاضِع بِمَنْزِلَة لَيْسَ وَإِنَّمَا قياسها أَن تكون بِمَنْزِلَة إِنَّمَا وكأنما انْتهى قَول الْخَلِيل فَكَأَن الَّذِي آنسهم بذلك شدَّةُ مطابَقةِ المضمَر للحرف وجهةُ استِحكام المشابَهة أَن المضمَر غيرُ أول وَأَنه لم يُوضع اسْما ليعيِّن نَوْعَاً أَو شَخْصَاً من شخصٍ وَأَنه غيرُ معرَب فَهَذِهِ جِهَة استحكام مشابَهة المضمَر الحرْفَ وَلَيْسَ مِثْل مضمَراً فيَلْزمنا إجازةُ هَذَا الحكم عَلَيْهِ وَلَو كَانَ مضمَراً لما أُعرِب ولَما دخلت الكافُ عَلَيْهِ لِأَن الْعَرَب لم تسْتَعْمل دُخُول الْكَاف على الْمُضمر فِيمَا حكى سِيبَوَيْهٍ إِلَّا فِي الضَّرُورَة لتضَمُّنها معنى مِثْل وَهَذَا أَبْيَن من أَن نَحْتَاج إِلَى دَلِيل عَلَيْهِ أَو تَنْبِيه بأكثَرَ من هَذَا فَلَمَّا كَانَت مِثْل من التَّرَتُّب فِي بَاب الاسمية والتمَكُّن فِيهِ بحيثُ وصَفْنا وَكَانَت الكافُ حرفا شخصا لَا تخرج إِلَى الِاسْم إِلَّا بتضمُّنها معنى مثل كَانَت هِيَ أَعنِي الكافَ أَولى بِالزِّيَادَةِ وَإِنَّا رَأينَا الحرفَ كثيرا مَا يُزاد والأسماء لَا تُزاد إِلَّا مَا وصَفْنا فِي بَاب الْفَصْل للعِلَّة الَّتِي ذَكرنَاهَا وَقد نصصنا لفظ الْخَلِيل فِي اسْتِطْرافه ذَلِك وَعَجَبِه مِنْهُ وذكرْنا جِهة المُناسبة بَين المُضمَر والحرف.
لَام الْجَرّ
وَهِي على خَمْسَة أضْرُب لامُ الِاخْتِصَاص ولامُ المِلْك ولامُ الاستغاثة ولامُ العلّة وَلَام العاقِبة وَهَذَا كُله(4/228)
رَاجع إِلَى معنى واحدٍ وَهُوَ الِاخْتِصَاص كَقَوْلِك الْحَمد للهِ والقُدْرَة لَهُ والإرادة، وَلَام المِلْك كَقَوْلِك المَال لعبْدِ الله ولامُ الاستغاثة كَقَوْلِه: يالَ بَكْرٍ أنْشِروا لي كُلَيْبا وَلَام الْعلَّة كَقَوْلِهِم صَلَّيت لأَدْخُل الجنةَ وكلّمته ليأمرَ لي بِشَيْء وَجَمِيع اللامات الملفوظ بهَا والمُقَدَّرة فِي بَاب الْمَفْعُول لَهُ وَأما لَام الْعَاقِبَة فكقوله تَعَالَى: (فالْتَقَطَه آلُ فرعَوْنَ ليَكونَ لهُمْ عَدُوَّاً وَحَزَناً) . وكقولهم للموتِ مَا تَلِدَ الوالِدةُ وَهَذَا كُله راجعٌ إِلَى معنى الِاخْتِصَاص لِأَن مَعْنَاهُ دائر فِي سَائِر الْأَقْسَام. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: معنى اللَّام الملكُ والاستحقاق للشَّيْء ففرّق بَين الْملك والاستحقاق لِأَن بعض مَا تدخلُ عَلَيْهِ اللَّام يحسُن أَن يَمْلِك مَا أُضيف إِلَيْهِ كَقَوْلِك الدارُ لِعَبْد اللهِ والغلامُ لَهُ وبَعْضُه لَا يحسُن أَن يُقَال فِيهِ إنَّ مَا أُضيف إِلَيْهِ يملكهُ وَلكنه يَسْتَحِقُّه كَقَوْلِك اللهُ ربُّ للخَلْق وَلَا يحسُن أَن يُقَال إِن الخَلْق يمْلِكون الربَّ ولكنّهم يُسْتَحَقُّونه ولِما تَضمَّنت اللَّام من معنى الْملك والاستحقاق قَوِيت قِرَاءَة من قَرَأَ مالِكِ يومِ الدِّين، والأمرُ يَوْمَئِذٍ للهِ.
وباء الْإِضَافَة
وَالْغَرَض مِنْهَا تَعْلِيق الشيءِ بالشَّيْء وَهِي تَأتي على ثَلَاثَة أضْرُب اخْتِصَاص الشيءِ بالشَّيْء واتصالُ الشيءِ بالشَّيْء وعملُ الشَّيْء بالشَّيْء وَهَذَا كُله رَاجع إِلَى معنى التَّعْلِيق كتعليق الثَّوْب بيدِك للاتصال بِهِ وَتَعْلِيق الذِّكْر بالمذكور للاختصاص بِهِ وَتَعْلِيق الْفِعْل بالقُدرة والآلة يوصَل بهَا إِلَى عمل الشَّيْء. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمعنى الْبَاء الإلزاق والاختلاط كَقَوْلِك بِهِ داءٌ وَخَرجْت بزيد ودَخَلْت بِهِ وضربته بالسَّوط ألزقت ضربك إِيَّاه بالسَّوط فَإِن اتَّسع الْكَلَام فَهَذَا أَصله أَي أَنَّك إِذا قلت مررْت بزيد فالمرور لم يتعلَّق بزَيْد وَإِنَّمَا يتَعَلَّق بموضعه وَقد تكون الْبَاء زَائِدَة فِي نَحْو قَوْلهم بحَسْبِك هَذَا وَكفى باللهِ شَهيداً فَأَما الْبَاء الَّتِي للقسَم فَزعم الْخَلِيل أَنَّهَا لَا تَأتي لإيصال الْحلف إِلَى الْمَحْلُوف بِهِ كَمَا أَنَّك إِذا قلت مَرَرْت بزيد فقد أوصلت الْمُرُور إِلَى المَمْرور بِهِ وَهِي أصل لأخواتها من حُرُوف الْقسم كالواو وَالتَّاء وَمن أجل كَونهَا أصلا تمكنت فِي بَابهَا فَدخلت على كل اسْم ظَاهر ومُضمَر وَذَلِكَ أَنه لَو قيل لَك اكْنِ عَن اسْم الله تَعَالَى من قَوْلك عَن هَيْئَتها فَأَما واوُ القسَم فِي قَوْلك ... . فَإِنَّهَا بدل من الْبَاء لِأَنَّهَا من بَين الشَّفَتَيْن كَمَا أَن الْبَاء كَذَلِك وهم مِمَّا يُبْدِلون الحروفَ إِذا تقاربَتْ مخارِجُها نَحْو مَا فَعَلُوهُ فِي بَاب الْبَدَل والإدغام فِي التصريف ولكونها فِي المَرْتَبة الثَّانِيَة من الأَصْل نقصتْ عَنهُ دَرَجَة فدخلَتْ على كل اسمٍ ظَاهر وَلم تدخل على المضمَر وَذَلِكَ أَنه لَو قيل لَك اكْنِ عَن اسْم الله من قَوْلك وَالله لَأَفْعَلَنَّ لقتَ بكَ لأجْتَهِدَنّ لأَنهم مِمَّا يَرُدُّون الشَّيْء فِي المضمَر إِلَى أَصله كنحو لامِ الْخَفْض الْمَفْتُوحَة فِي الْإِضْمَار وردِّهم الواوَ فِي قَوْلهم أعطَيْتُكُموه إِذا كنيتَ عَن دِرْهَم من قَوْلك أعطيتكُمْ دِرْهَماً بِحَذْف الْوَاو من أعطيتكموه فَأَما مَا حَكَاهُ يُونُس من قَوْلهم أعطيْتُكُمْه فشاذ غير مَأْخُوذ بِهِ لردّهم الأشياءَ إِلَى أُصولها فِي الْإِضْمَار وَكَذَلِكَ الواوُ إِذا دخلت على اسْم(4/229)
مضمرٍ ردّت إِلَى أَصْلهَا وَهُوَ الْبَاء فَقيل بِهِ لأَفْعَلَنَّ، أنْشد أَبُو زيد: رأى بَرْقاً فأوضَعَ فَوق بَكْرِ فَلَا بِكَ مَا أسالَ وَلَا أغاما وَأنْشد أَيْضا: أَلا نادَتْ أُمامةُ باحتمالِ غَداةَ غدٍ فَلَا بِكَ مَا أُبالي
شرح ألف الِاسْتِفْهَام
أما الْألف فَإِنَّهَا أمُّ الِاسْتِفْهَام وَلذَلِك قَوِيتْ وتمَكَّنَتْ فِي بَابهَا، وَلم تَدُلَّ إِلَّا على طَريقَة الِاسْتِفْهَام.
شرح لَام الْأَمر
ولامُ الْأَمر موضوعةٌ ليُتوصَّل بهَا إِلَى الْأَمر من الْفِعْل وَفِيه حروفُ الزِّيَادَة وَهِي تَنْقَسِم إِلَى ضربيْن: ضَرْبٌ يُجاء بهَا فِيهِ من غير اضْطِرار إِلَيْهَا وَذَلِكَ إِذا أمرتَ الحاضرَ كَقَوْلِك لِتَضْرِبْ وضَرْبٌ يجاء بهَا فِيهِ اضطراراً وَذَلِكَ إِذا كَانَ بينَك وَبَين مأمورك وَسيط وَلم يكُ هُوَ حَاضرا كَقَوْلِه تَعَالَى: (ثمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُم) . فَأَما لَام الِابْتِدَاء ولامُ القسَم الَّتِي هِيَ فِي الْجَواب فثِنتان فَأَما الَّتِي للابتداء فللإعلامِ بالقَطْع والاستئناف وَأما الَّتِي للقسم فلِرَبْط الحَلفِ بالمَحلوف عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ لَهَا من النُّون فِي الْمُضَارع الموجِب للتَّأْكِيد فَإِن رأيتَ لاماً لم يتقدَّمها قسَم وَلم يَجُز أَن تكونَ لامَ ابتداءٍ فالقسَم مضمرٌ كنحو مَا نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ من قَوْله تَعَالَى: (ولَئِنْ أرْسَلْنا ريحًا فَرَأَوهُ مُصْفَرَّاً لَظَلُّوا) فَهَذَا على إِضْمَار الْقسم. قَالَ أَبُو عَليّ: وَمثله قَوْله تَعَالَى: (لَئِنْ بَسَطْتَ إليَّ يَدَكَ لتَقْتُلَني) . فَأَما لَام التَّعْرِيف وسِينُ التَّنْفِيس: فقد أبنتهما فِي العَقْد لِقِلَّة مَا يَقْتَضِيانه من التَّفْسِير.
3 - (تَفْسِير مَا جَاءَ مِنْهَا على حَرْفَين شرح مِن)
أما مِنْ فتكونُ على أَرْبَعَة أوْجُه ابتداءُ الْغَايَة والتبعيضُ والتَّبْيينُ وزائدةٌ فابتداء الْغَايَة نَحْو خَرَجْت من بَغْدَاد إِلَى الْكُوفَة والتبعيض هَذَا من الدَّراهِم والتبيين اجْتَنِبوا الرِّجْس من الْأَوْثَان وَمن هَذَا الْبَاب الثِّياب من الخَزِّ والأبواب من الْحَدِيد وَهَذَا تَبْيِين يخصِّص الجملةَ المتقدّمة قبلَ هَذَا وَأما الزَّائِدَة فَتكون فِي غير الْوَاجِب خاصّة من نَحْو النَّفي والاستفهام كَقَوْلِك مَا جَاءَنِي من رجل فَمن هَهُنَا زائدةٌ لاستغراق الجِنس وَتقول مَا أَتَانِي من أحدٍ فَتكون زَائِدَة للتَّأْكِيد وَالْأَصْل أَن تكونَ لابتداء الغايةِ لِأَنَّهُ ابْتِدَاء فصل الْجُمْلَة فِي نَحْو قَوْلك أخذتُ من الطَّعام قَفيزاً فابتدأ القَفيزَ وَلم يَنْتَهِ إِلَى آخر الطَّعَام فالقَفيز ابتداءُ الْأَخْذ إِلَى أَن لَا يبْقى مِنْهُ شَيْء وَفِي كلِّ تبعيض معنى الِابْتِدَاء بِالْبَعْضِ الَّذِي انتهاؤُه الكُلُّ وَأما الَّتِي للتَّبيين فَهِيَ مُخَصَّص الْجُمْلَة الَّتِي قبلهَا كَمَا أَنَّهَا فِي التَّبْعِيض تخصص الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا فَأَما زيادتها لاسْتغراق الجِنس فِي قَوْلك مَا جَاءَنِي مِنْ رجل فَإِنَّمَا جعلت الرجل ابتداءَ غَايَة نَفْي الْمَجِيء إِلَى آخر الرِّجَال فَمن هَهُنَا دَخلهَا معنى استغراق الْجِنْس وَأما زيادتها للتَّأْكِيد فِي مَا جَاءَنِي مِنْ أحد فَلِأَنَّهَا لمَّا كَانَت لاستغراق الْجِنْس وَكَانَ أحدٌ أَيْضا جِنْسا كَذَلِك صَارَت بِمَنْزِلَة مَا جَاءَنِي أحدٌ للتَّأْكِيد.(4/230)
3 - (شرح مذ)
... . مُذِ اليومِ ومُذِ الشَّهْر ومُذ السَّنَة كل ذَلِك على الْوَقْت الْحَاضِر فَإِذا كَانَت اسْما فَهِيَ على وَجْهَيْن الأَمَد وأوَّل الْوَقْت كَقَوْلِك مَا رَأَيْته مُذْ يومانِ وَمَا رأيتُه مُذْ يومُ الجمعةِ.
شرح عَن
وَأما عَنْ لما عَدَاَ الشيءَ نَحْو قَوْلك رَمَيْت عَن القَوْس: أَي جاوَزَت الرَّميةُ القوسَ وَقد تكون لابتداء الْغَايَة نَحْو مَا يكون من قَوْلك هَذَا الحديثُ عَن زَيْد وَهَذَا الفِعلُ ظهَر عَن عَمرو وَمن عَمرو.
3 - (شرح فِي)
أمَّا فِي فَهِيَ للوِعاء وَمَا قُدِّر تقديرَ الوِعاء نَحْو قَوْلك الماءُ فِي الْإِنَاء وزيدٌ فِي الدَّار فَأَما قَوْلك فِي هَذِه الْمَسْأَلَة شَكٌّ فَإِنَّمَا تَقْدِيره تقديرُ الْوِعَاء وَأما قَوْله أَفِي الله شَكٌّ فَإِنَّمَا يرجع فِي التَّحْقِيق إِلَى معنى الِاخْتِصَاص أَي شَكٌّ مُخْتَصّ بِهِ إِلَّا أَنه أُخرِج على طَرِيق البَلاغة هَذَا المُخْرَج كَأَنَّهُ قيل أَفِي صفاتِه شَكٌّ ثمَّ أُلْقِيَت الصِّفات للإيجاز وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِأَنَّهُ لَا يجوز عَلَيْهِ جلَّ وَعز تشبيهٌ حَقِيقَة وَلَا بَلاغةً.
3 - (? شرح أم وأو)
أمَّا أَمْ فمعناها الاستفهامُ فِي العَطْف وَهِي على ضَرْبَيْنِ عَديلةٌ ومُنْقَطِعة فَأَما العَديلة فالمُعادِلة لحرف الِاسْتِفْهَام الثانيةُ مِنْهُ كَقَوْلِك أَزَيْدٌ فِي الدَّار أم عَمرو، وَأما المُنْقَطِعة فالتي لَا تُعادِل حرفَ الِاسْتِفْهَام وَإِنَّمَا تَجِيء بعد الخَبَر كَأَن يُوضَع شيءٌ على سَبِيل الوَهْم أَو الحِسِّ ثمَّ يَتَبَيَّن للحاسِّ أَو المُتوَهِّم خلافُ ذَلِك أَو يُشَكُّ وَذَلِكَ نَحْو مَا حَكَاهُ النحويون من قَوْلهم إنَّها لإبل أمْ شاءٌ
3 - (وَأما أَو)
إِذا قلت أزيدٌ عِنْدك أَو عَمْرو أَو خَالِد فمحتوية لِمَعْنى قَوْلك أحد هَؤُلَاءِ ... . كَقَوْلِك رَأَيْت زيْداً أَو عمروا وَتَكون ... . أَو لَحْمًا وَمَا حَكَاهُ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم من قَوْلهم جالِسِ الحسَنَ أَو ابنَ سِيرِين والزَمِ الْفُقَهَاء أَو الأخْيار وأتِ المَسْجِد أَو السُّوق وَمعنى هَلْ الِاسْتِفْهَام وَمعنى لِمَ الِاسْتِفْهَام عَن العِلَّة وَمعنى لَمْ نفي الْمَاضِي وَمعنى لَنْ نفي الْمُسْتَقْبل وإنْ تكون على أَرْبَعَة أوجه جَزَاء وجَحْداً ومخفَّفةً من الثَّقِيلَة وزائدةً فِيهَا فَتَقول إنْ أَتَيْتني أَكَرْمتُك وَفِي التَّنْزِيل: (إنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرور) . وَفِيه: (وإنْ كُلٌّ لَما جميعٌ لدينا مُحضَرون) . وَتقول مَا إِن أَتَانِي أحدٌ وأنْ تكون على أَرْبَعَة أوجه أَيْضا ناصِبةً للْفِعْل بِمَعْنى الْمصدر بِمَنْزِلَة كي ومفَسِّرةً ومخفِّفة من الثَّقيلة وزائدةً وَفِي التَّنْزِيل: (وأنْ تَصوموا خَيْرٌ لكُمْ) . وَفِيه: (وانْطَلَقَ الملأُ مِنْهُم أَن امْشوا) . (وآخِرُ دَعْواهُم أنِ الحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمين) . (ولَمَّا أنْ جاءتْ رًسُلُنا) . مَا: تكون على خَمْسَة أوجه حروفاً وَأَسْمَاء(4/231)
فالحروف مَا للجَحْد وكافَّةٌ لِلْعَامِلِ وَمَا مُسَلَّطةٌ وَمَا مُغَيِّرة لِمَعْنى الْحَرْف وَمَا صِلَة وَفِي التَّنْزِيل: (مَا كَانَ محمَّدٌ أَبَا أحَدٍ منْ رِجالِكُم) . وَتقول حيثُما تكُنْ آتِكَ وَفِي التَّنْزِيل: (لوْ مَا تأْتينا بالمَلائِكَة) . بِمَعْنى هَلاّ وَفِيه: (فَبِما نَقْضِهِم مِيثاقَهم) . وَأما الْأَسْمَاء فَمَا استفهامٌ وجزاءٌ وموصولةٌ بِمَعْنى الَّذِي وموصوفةٌ وتعجُّبٌ وَفِي التَّنْزِيل: (مَاذَا أنْزلَ ربُّكُم قَالُوا خَيْرَا) . وَفِيه: (مَا يَفْتَحِ اللهُ للناسِ من رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا) . وَفِيه: (وَلَنَجْزِيَنَّهُم أَجْرَهُمْ بأَحْسَنِ مَا كَانُوا يعْملُونَ) . وَفِيه: (هَذَا مَا لَدَيَّ عَتيدٌ) . وَفِيه: (فَمَا أَصْبَرهُم على النَّار) . وَلَا: وَهِي تكون على خَمْسَة أوجُه النَّفي والعطفُ والنهيُ وجوابُ القسَم وزائدة مؤكِّدة وَفِي التَّنْزِيل: (لَا رَيْبَ فِيهِ) . وَتقول قَامَ زيدٌ لَا عمروٌ وَفِي التَّنْزِيل: (لِئَلاّ يَعْلَمَ أهلُ الكتابِ) . (وَمَا مَنَعَكَ أَن لَا تَسْجًد) . وَمعنى كَيْ الغرضُ وَمعنى بَلْ الإضراب عَن الشيءِ الأولِ ويوَضِّحه قولُ أبي ذُؤَيْب: بَلْ هَلْ أُريكَ حُمولَ الحَيِّ غادِيةً كالنَّخْلِ زَيَّنَها يَنْعٌ وإفْضاحُ لِأَنَّهُ أضربَ عَن الأولِ واستأنفَ الكلامَ بالاستفهام وَمعنى قَدْ: جوابُ التوقُّع لأمر يكون مَعَ التَّقْرِيب من الْحَال وَقد تكون بِمَنْزِلَة ربَّما كَقَوْل الْهُذلِيّ: قد أترك القِرْنَ مُصْفَرَّاً أنامُله كأنَّ أثوابَهُ مُجَّت بفِرْصادِ وَإِنَّمَا خَرَجَتْ إِلَى معنى ربَّما لِأَنَّهَا تقريبٌ من الْحَال والتقريب تقليلُ مَا بينَ الشَّيْئَيْنِ وَمعنى لَو: تَقْدِير الثَّانِي وَالْأول على أَنه يجبُ بِوُجُوبِهِ وَيمْتَنع الأول بامتناعه، وَمعنى يَا: النداءُ والتنبيهُ كَقَوْل الشماخ: أَلا يَا اسْقِياني قبْلَ غارَةِ سِنْجالِ وَمعنى كَمْ: السَّؤال عَن عددٍ وَتَكون بِمَعْنى رُبَّ. وَمعنى مَنْ: تكون على أَرْبَعَة أوجه: اسْتِفْهَام وجَزاء وموصولة ومَوْصوفة، تَقول مَنْ أخوكَ ومَن يأتيني أُكْرِمْه، وكلُّ من أَتَانِي فِي الدَّار ومررتُ بمَنْ غَيْرِك، وَمعنى قَطْ: حَسْب وَمعنى معَ: المصاحبة، وَمعنى إذْ: الوقتُ الْمَاضِي وَقَالُوا إذٍ نكَّروها وَكَسَروا الذالَ لالتقاء الساكنين، وَقَول أبي ذُؤَيْب: نَهَيْتُك عَن طِلابِكَ أُمَّ عَمْرو بعاقِبةٍ وأنتَ إذٍ صحيحُ قَالَ ابْن جني: لما حُذف مَا يُضاف إِلَيْهِ إِذْ عُوِّض مِنْهُ التَّنْوِين بعْدهَا وَنَحْو مِنْهُ قَوْلهم لَدَنْ غُدْوة وَذَلِكَ أَن أَصله لدُنْ فأُسْكِنت الدالُ لضمِّها فَلَمَّا سَكَنَت وَسَكَن التَّنْوِين بعْدهَا حُرِّكت بِالْفَتْح لالتقائهما فَإِن قيل هَلاَّ كُسِرت كَمَا كُسرت ذالُ إِذْ قيل إِنَّمَا أُسكِنت الدَّال هَرَبَاً من ثِقَل الضَّمة فَلم يَكُونُوا ليُحدثوا نَحوا مِمَّا هربوا مِنْهُ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو الْحسن فِي قَوْله وأنتَ إذٍ صَحِيح أَرَادَ حينئذٍ فسألتُ أَبَا عَليّ فَقلت أتعتَقِدُ أَن أَبَا الْحسن يرى كسرةَ الذَّال علامةَ الْجَرّ الَّذِي أحدثَت الإضافةُ إِلَيْهِ هَذَا مَا لَا يُظَنُّ بِهِ بل بِأَكْثَرَ المبتدئين قَالَ إِنَّمَا أَرَادَ أَن حينَ مرادةٌ فِي الْمَعْنى الْمَعْرُوف فِي الِاسْتِعْمَال وَالْعَادَة فَأَما على أَنَّهَا أَحَدَثتْ فِي إذْ جرا ظَاهرا فَلَا، قَالَ: وَالْأَمر عِنْدِي على مَا ذَكَرَ وَقَول أبي ذُؤَيْب أَيْضا: تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لِنَنْزِلَنْه وَلم تَشْعُرْ إِذا أنّي خَليفُ قَالَ ابْن جني: قَالَ خَالِد إِذا لُغَة هُذَيْل وغيرُهم يَقُول إِذْ وَيَنْبَغِي أَن يكون فتحةُ ذال إِذا فِي هَذِه اللُّغَة لسُكونها(4/232)
وسُكون التَّنْوِين كَمَا أَن من قَالَ إذٍ إِنَّمَا كسرهَا لذَلِك وَشبه ذَلِك بمِنْ فهرب إِلَى الفتحة استنكاراً لتوالي الكسرتين.
شرح مَا جَاءَ على ثَلَاثَة أحرف من حُرُوف الْمعَانِي
وَمَا جرى مجْراهَا من الظروف والأسماء الَّتِي لَيست بظرف ونبيِّن العِلَّة الَّتِي من أجلهَا فسِّرت مَعَاني هَذِه الْحُرُوف والأسماء المبهمة إِبْهَام الْحُرُوف ولِمَ صَار تَفْسِير مَا كثر اسْتِعْمَاله من الْحُرُوف وَمَا جرى مَجراها يُحتاج فِيهِ إِلَى النّظر وَالِاسْتِدْلَال وَلَا يُحتاج إِلَى ذَلِك فِي تَفْسِير الْغَرِيب، وَهل ذَلِك أَكْثَره بشغف أَحدهَا بالمواقع الَّتِي تقع فِيهَا على اخْتِلَاف وجوهها وَلم صَار تَفْسِير التَّفْسِير أشدَّ من التَّفْسِير الأوّل وَهل ذَلِك لِأَنَّهُ يوجَد التَّفْسِير الأول بَيانٌ فَإِذا طُلب بَيَان الْبَيَان أعوزَ التفسيرُ، وَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَن الَّذِي جَاءَ على ثَلَاثَة أحرف من حُرُوف الْمعَانِي وَمَا جرى مجْراهَا فِي الْبناء من الْأَسْمَاء هُوَ مَا كَانَ فِي الْمرتبَة الثَّالِثَة لِأَنَّهُ فِي بَابه ونظائره إِذْ مَا كَانَ أكثرَ فِي نَفسه من الْحُرُوف فحقّه أَن يكون على حرفٍ وَاحِد ثمَّ يَلِيهِ مَا ينقُص عَنهُ فِي الكَثرة بمرتبة فَيكون على حرفين ثمَّ مَا نقص بمرتبتين فَيكون على ثَلَاثَة أحرف وَهِي تسعةٌ وَثَلَاثُونَ قسما تُؤخذ من أَبْوَاب الْحُرُوف للمعاني كَمَا قد بيَّنت وَإِنَّمَا أذكر هُنَا مِنْهُ شَيْئا للتّنْبِيه، وَأَنا آخذ فِي تَفْسِير مَا جَاءَ فِي هَذَا النَّحْو على ثلاثةِ أحرفٍ كَمَا فسَّرت بِبَاب الْحَرْف والحرفين. معنى (على) استعلاء الشَّيْء وَيجوز أَن يكون حرفا واسماً وفِعلا، فَمَا يتصرَّف على طَريقة فَعَلَ يَفْعَلُ وسيَفْعَل فَهُوَ فِعل كَقَوْلِك عَلا زَيْدٌ رَأسَ عَمروٍ بِسَيْفِهِ وَمَا كَانَ مِنْهَا اسْما فكقوله: غَدَت من عَلَيْهِ بعد مَا تمَّ خِمْسُها تَصِلُّ وَعَن قَيْضٍ ببَيْداءَ مَجْهَلِ فَهَذَا بِمَنْزِلَة من فَوْقه، وَمَا كَانَ مِنْهَا مَعْنَاهُ فِي غَيره فَهُوَ حَرٍف كَقَوْلِك: على زَيْدٍ مالٌ. و (إِلَى) مَعْنَاهَا الِانْتِهَاء وَالْفرق بَينهَا وَبَين حتَّى فِي معنى الْغَايَة أَن إِلَى على معنى الْغَايَة فِي الْمُفْرد لابتداء الْغَايَة بِمن. وَمعنى (حَسْبُ) اكْتَفِ وأكتفي، وَلذَلِك كَانَ جَوَاب حسب كجواب الْفِعْل وَلذَلِك قَالَ سِيبَوَيْهٍ هَذَا بَاب الْحُرُوف الَّتِي تجْرِي مجْرى الْأَمر وَالنَّهْي وَذَلِكَ قَوْلك حَسْبُكَ يَنَمِ النَّاس. قَالَ الفارسيّ: حَقِيقَة هَذِه الْكَلِمَة الاكتفاءُ تَقول أحْسبَني الشيءُ: أَي كفاني وَأنْشد: ونُقْفي وَليدَ الحَيِّ إِن كَانَ جائعاً ونُحْسِبُهُ إِن كَانَ لَيْسَ بجائع قَالَ: وَلذَلِك مثل سِيبَوَيْهٍ قَوْلهم هَذَا عربِيُّ حِسْبَةً حِين أَرَادَ إيضاحَ المصدَر فَقَالَ أَي اكتِفاءً، وَمن هَذَا الحَسَبُ عِنْده كأنَّه اكتفاءٌ بالمقدار وَقد تُوضَع هَذِه الْكَلِمَة فِي مَوضِع الْأَمر ثمَّ يُعبَّر عَنْهَا بِفعل لفظُه لفظُ الخبَر كَمَا يفعل ذَلِك فِي الْأَفْعَال الصَّرِيحَة وجعلوه اسْما فَقَالُوا حَسْبُكَ هَذَا، وَإِنَّمَا ذكرت هَذَا القسمَ الاسميََّّ الْأَخير وَإِن لم يكن من هَذَا الْبَاب لأُريكَ تصريفَ حَسْب. وَمعنى (قَطْ) معنى فِي الزَّمَان الْمَاضِي. ابْن السّكيت: مَا رأيْتُه قَطْ وقَطُّ وَقد أبنت ذَلِك فِيمَا تقدم وَحَقِيقَته الْقطع فِيمَا رَوَاهُ الْفَارِسِي. قَالَ: وَلذَلِك زعم النَّحويُّون أنّ قَطْ مخفَّفة من قَطُّ أَو لأنَّهم إِذا حقَّروه قَالُوا قُطَيْط فردّوا مَا ذهب مِنْهُ كَمَا يعتادون ذَلِك ويحافظون عَلَيْهِ فِي المعتلِّ والمخفَّف كَقَوْلِهِم فِي تَصْغِير دَمٍ دُمَيٌّ وبَخٍ بُخَيخ ورُبَّ رُبيب وَنَحْو هَذَا كثير. وَمعنى (غير) بدَلٌ واستثناء. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: اعْلَم أنَّ غير أبدا سوى الْمُضَاف إِلَيْهِ وَلكنه يكون فِيهِ معنى إلاّ وَهِي فِي بَاب الِاسْتِثْنَاء مَكَان إلاّ وَقد أبنت حَالهَا فِي بَاب الْبَدَل. وَمعنى (سوى) كمعنى غير إلاّ أَن غيرا اسمٌ وَسوى حرف وَمن حَيْثُ كَانَ مَعْنَاهَا معنى غيرٍ أُطلِق للشاعر أَن يَضَعهَا مَوضِع الِاسْم كَمَا أنْشد سِيبَوَيْهٍ: وَلَا ينطِقُ الفَحشاءَ مَن كانَ منهمُ إِذا جَلَسُوا مِنّا وَلَا من سِوائنا(4/233)
أوَلا ترى سِيبَوَيْهٍ قَالَ فعلوا ذَلِك إِذْ كَانَ معنى سَواء معنى غَير. وَمعنى (كُلّ) عمومٌ وجَمعٌ. وَمعنى (كِلا) تَثْنِيَة. وَمعنى (بعضٍ) اختصاصٌ وجُزءٌ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: كلٌّ وبعضٌ مَعرِفةٌ وَلَا توصَف وَلَا تكون وَصفا وَذَلِكَ إِذا حذفت مِنْهَا الْإِضَافَة وَلَا يُعَوَّض مِمَّا حُذف مِنْهَا لدلالتها بأنفُسِها على الْإِضَافَة إِذا لكُلُّ كُلٌّ لشيءٍ والبعضُ بعضٌ لشيءٍ وأنثوا فَقَالُوا كُلَّتُهُنَّ منطلقة وَلم يؤنثوا بَعْضًا لم يَقُولُوا بعضَتُهُنَّ. وَمعنى (بَلْهَ) زيدٍ تَرْكَ زيدٍ. قَالَ الفارسيّ: بَلْهَ كلمة استثنائيّة يُخفضُ بهَا ويُنْصَب بهَا فَمن خفض بهَا جعلهَا مصدرا كَقَوْلِك ضَرْبَ الرِّقاب، وَمن نصب مَا بعْدهَا جعلهَا فِعلا وَهَذَا قولٌ مَجازيٌّ وَلَيْسَ بحقيقيٍّ وَلَوْلَا الإشفاق من الإطالة لأبنت كَيفَ هُوَ غير حَقِيقِيّ وَمن لطَّف النَّظر أدنى شيءٍ أدْركهُ. وَمعنى (عِنْدَ) حُضورُ الشَّيْء. ابْن السّكيت: هُوَ عِندي وعُندي وعَنْدي قَالَ النَّحويُّون وَلَا تحقَّر لِأَنَّهَا نِهَايَة القُرْب وَهِي من الْقسم الَّذِي لَا يتَمَكَّن من قسمي الظُّروف. وَمعنى (نَوْلُكَ) كَذَا يَنْبَغِي لَك كَذَا وَحَقِيقَة التَّنَاوُل الأخذُ للشَّيْء. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَا نَوْلُكَ أَن تفعل جَعَلُوهُ بدَلاً من قَوْلهم يَنْبَغِي لَك مُعاقِباً لَهُ وَقد حُكِي لم يَكُ نَولك أَن تفعل، قَالَ النَّابِغَة: فَلم يَكُ نَوْلُكُم أَن تُشْقذوني ودُوني عاذِبٌ وبِلادُ حَجْرِ وَأنْشد الْفَارِسِي: أَءَنْ حَنَّ أَجْمالٌ وفارقَ جيرَةٌ عُنِيتَ بِنَا مَا كَانَ نَوْلُكَ تَفْعَلُ وَمعنى (إِذا) الْوَقْت فِي معنى الْجَزَاء وَتَكون للمفاجأة كَقَوْلِك نَظَرت فَإِذا الأسدُ وتأمَّلْت فَإِذا الضَّوْء. وَمعنى (سوفَ) الِاسْتِقْبَال. قَالَ الْفَارِسِي: وَلذَلِك سمِّي المَطْلُ تسويفا، وَقَالَ فِي بعض كتبه مَعْنَاهُ التَّسويف والتَّنفيس ونظيرها السِّين الْمُتَقَدّم ذكرهَا. وَمعنى (قَبْل) أوَّلٌ وَلها تَعْلِيق لَا يَلِيق ذكره بِهَذَا الْكتاب. وَمعنى (بَعْد) آخِرٌ. وَمعنى (كيْف) اسْتِفْهَام عَن حالٍ. وَمعنى (أَيْنَ) اسْتِفْهَام عَن مَكَان. وَمعنى (مَتى) اسْتِفْهَام عَن زمَان. وَمعنى (حَيْثُ) مكانٌ مُبْهَمٌ يحتوي الجُملة وَقد يُقَال حَوْثُ وحَوْثَ حَكَاهُمَا الْفَارِسِي عَن أبي الْحسن. و (خَلْف) نقيض قُدّام وأَمام. وَمعنى (فَوْق) مكانٌ عالٍ وتبنى فَيُقَال من فَوق. وَمعنى (تَحْت) مكانٌ سافلٌ وتبنى فَيُقَال من تحتُ ويُمَكَّنان ويُعْرَبان ويُصرَفان فَيُقَال من فوقٍ وَمن تحْتٍ. و (أَسْفَلَ) كتحت تكون ظَرفاً وَتَكون اسْما وَفِي التَّنْزِيل: (والرَكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) . وَمعنى (ليسَ) النَّفي لما فِي الْحَال. وَمعنى (إنَّ) توكيد. و (أنَّ) كأنَّ فِي الْمَعْنى وَلَا فرق بَينهمَا إِلَّا أنّ إنَّ حرف وأنَّ اسمٌ. و (لَيْتَ) تَمَنٍّ. وَمعنى (عَسَى) طَمَعٌ وإشفاق وَلَا مُضارعَ وَلَا مَصدَرَ وَلَا اسمَ مكانٍ وَلَا اسمَ فاعلٍ وَلَا اسْم مفعولٍ لَهُ، وَحكى أَحْمد بن يحيى وَابْن السّكيت: عَسَيت أَن تفعَلَ، وَحكى غيرُهما عَسِيت. و (إِذا) جوابٌ وجزاءٌ وَبَعْضهمْ يعتقدها مركَّبة من إِذْ وإنْ وَهَذَا عِنْدِي غلط لِأَنَّهَا لَو كَانَت كَذَلِك لثَبتت فِي الْخط نوناً إِلَى عِلَل لَا يَلِيق ذكرهَا بِهَذَا الْموضع. وَمعنى (لَدُنْ) عَندَ، ولدُ محذوفةٌ من لَدُن كَمَا أنْشد سِيبَوَيْهٍ: من لَدُ لَحٍييه إِلَى مُنْحُوره فَأَما قَوْلهم لدُنّي فَإِنَّمَا دخلت النُّون الْأَخِيرَة لتسلم الأُولى لِأَنَّهَا لَو وَلِيَتْها يَاء الْإِضَافَة للَزِمَ كسرُها وَإِنَّمَا كَرهُوا ذَلِك لئلاّ تكون بِمَنْزِلَة الْأَسْمَاء المتمكِّنة نَحْو دَمٍ ويَدٍ وَكَانَ الاسمُ أحملَ للتغيير لقوَّته فِي ذَاته فخَصّوا بالإجحاف الِاسْم لذَلِك. ولَدَى كَلَدُنْ. وَمعنى (دُون) تَقْصِير عَن الْغَايَة وصفُوا بِهِ مَا لَيْسَ برفيع فَقَالُوا رجلٌ دونٌ وثوبٌ دُونٌ. و (رُبَّ) مَعْنَاهَا التقليل والعِزَّة ويخفف فَيُقَال رُبَ وَإِذا حقَّروها ردّوها إِلَى الأَصْل كَمَا فعلوا ذَلِك فِي قطْ وبَخٍ وَهَذَا مطَّرد. وَمعنى (قُبالَة) مُقابلة (. وَمعنى) تِجاه (مُواجَهة وتاؤه مبدَلة من وَاو. وَمعنى) بَلَى (جَوَاب النَّفْي بِالْإِيجَابِ وَهُوَ حرف لِأَنَّهُ نقيض لَا فِي الْجَواب. وَمعنى) حَسْبُ (كُفَّ، وَهَذِه غير حَسْب الَّتِي هِيَ الِاسْم وَإِن كَانَ مَعْنَاهُمَا متقاربين، وَهِي مبنيَّة على الضَمِّ. وَمعنى) بَجَلْ (حَسْبُ. وَمعنى)(4/234)
نَعَمْ (جوابٌ، وأجلْ كَنَعم. وَمعنى) أَلاَ (تنبيهٌ وَإِنَّمَا فسَّرنا مَعَاني الْحُرُوف والأسماء الَّتِي تجْرِي مجْراهَا فِي الْإِبْهَام لِأَنَّهُ مِمَّا يُحتاج فِي إِدْرَاك الحقِّ فِي مَعَانِيهَا إِلَى قياسٍ ونظيرٍ كَمَا يحْتَاج فِي سَائِر أَبْوَاب النَّحْو إِلَى قياسٍ ونظيرٍ لتمييز الصَّواب من الْخَطَأ وَلَيْسَ ذَلِك على وضع تَفْسِير الْغَرِيب بالنحو وَمَعَ ذَلِك فتفسيرها يصعب لِأَنَّهَا تدورُ بَين المُوَلَّدين وَالْعرب على معنى واحدٍ لشدَّة الْحَاجة إِلَى مَعَانِيهَا وَأَنَّهَا يبيَّن بهَا غيرُها كالآلات الَّتِي يُحتاج إِلَيْهَا لغَيْرهَا، فتفسيرها أشدُّ من تَفْسِير الْغَرِيب لِأَن الْغَرِيب لَهُ مَا يُسَاوِيه من اللَّفْظ الْمَعْرُوف للمعنى الْوَاحِد، فَإِذا طُلب ذَلِك وُجد مَا يقوم مقَامه فيفسَّر بِهِ وَلِأَنَّهُ قد كَانَ يسْتَغْنى بِهِ عَن الْغَرِيب فِي كَلَام الْعَرَب وَلَيْسَ كَذَلِك الْحُرُوف لِأَنَّهَا فِي كَلَام الْعَرَب والمولَّدين سواءٌ فَلَيْسَ فِي كَلَام المولَّدين مَا يسْتَغْنى بِهِ عَنْهَا كَمَا كَانَ فِي الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال فَإِذا طلب لَهَا مَا يُفَسر بِهِ أعوَزَ ذَلِك لما بيَّنَّا وَلَيْسَ كَذَلِك الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال وَبَيَان الْبَيَان أشدُّ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أَعلَى الْأَعْلَى فِي الِامْتِنَاع من الْيَد إِذْ كَانَت تَنالُ الْأَدْنَى وَلَا تنالُ الْأَعْلَى وكلَّما زَاد العُلُوُّ كَانَ أشدَّ وَكَذَلِكَ منزلَة الْبَيَان والأبْيَن إِذا تُرِكا على هَذَا الْمِنْهَاج. وَيصْلح أَن تفسَّر) أَيَّانَ (بمتى لِكَثْرَة اسْتِعْمَال مَتى وقِلَّة اسْتِعْمَال أيَّانَ وَإِن كَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا. وَأما الَّذِي جَاءَ من الْحُرُوف على أَرْبَعَة فقليل كَقَوْلِهِم: أمّا وحتَّى وَلَكِن الْخَفِيفَة ولعلَّ وكلاَ وأَنَّى ولمّا وَلَوْلَا وكأنّ. وكقولهم إمّا فِي الْعَطف وإلاّ فِي الِاسْتِثْنَاء، أما تَفْصِيل مَا أجملت: ف) أَمّا (فِيهَا معنى الْجَزَاء كَقَوْل الْقَائِل فِي الْجَواب لمَن قَالَ إخوَتُك فِي الدَّار فَيَقُول أمّا زَيد مِنْهُم فَفِي الدَّار وأمّا عَمْرو فَلَيْسَ فِي الدَّار.) حتّى (على احْتِمَال الْوُجُوه الْمُخْتَلفَة فِي الْغَايَة فَتَارَة تكون فِي المفردة بِمَنْزِلَة إِلَى وَتارَة تكون فِي الجُمَل حرْفاً من حُرُوف الِابْتِدَاء وَيجوز قُمْت إِلَيْهِ وَلَا يجوز قُمْت حَتّاه، لَا تكون حتّى فِي الْمُضمر لِأَنَّهَا أُضْعِفت فِي حُرُوف الجرِّ وجعلوها حرفا من حُرُوف الِابْتِدَاء فَقطعُوا بهَا واستأنفوا كَقَوْلِهِم: وحتّى الجِيادُ مَا يُقَدْنَ بأرسانِ وَكَقَوْلِه: فيا عَجَباً حتَّى كُلَيْبٌ تَسُبُّني وجعلوها مرَّةً عاطفةً كَقَوْلِه: والزّادَ حتّى نَعْلَهُ أَلْقَاهَا فأدخلوا بهَا الثَّانِي فِي إِعْرَاب الأول حَتَّى صَارَت تجْرِي مجْرى الْحُرُوف المخلَّصة للْعَطْف فَلم تَقْوَ قوَّة إِلَى حينَ لزِمَت إِلَى بَابا وَاحِدًا وَمَا لزم حيِّزاً أقوى مِمَّا اعتقب على حَيِّزَيْن وَلذَلِك لم تُضَف حتّى إِلَى المُضمَر كَمَا أضيفت إِلَى وَلذَلِك لم يَرَ حُذّاق النَّحْو أَن يجْعَلُوا للجملة الَّتِي بعد حَتَّى موضعا من الْإِعْرَاب أَعنِي أَن تكون مُنجَرَّةَ الْموضع بعْدهَا إِذْ الْمُضمر نائبٌ مَناب المُظْهَر فِي السَّعة وَالِاخْتِيَار وَالْجُمْلَة أوْلَى من ذَلِك فَلَمَّا امْتنع الْمُضمر أَن يَقع موقع المُظهَر بعد حَتَّى كَانَت الْجُمْلَة أَحْرى أَن تمْتَنع وَلذَلِك إِذا رَأينَا بعدَ حَتَّى جملَة قُلْنَا إِن حتّى حَرْفٌ مِمَّن حُروف الِابْتِدَاء وَلم نقل إِنَّهَا جارَّة وَقد كَانَ لحتى مَوضِع آخَرُ يَقْتَضِي هَذَا الْبَيَان بَينهمَا وَبَين حَيْثُ اشتركتا فِي انْتِهَاء الْغَايَة وَنَظِير حَتَّى وَإِلَى فِي أنَّ إِلَى تضافُ إِلَى المُضمَر والمُظهَر وأنّ(4/235)
حَتَّى إِنَّمَا تُضَاف إِلَى المُظهَر، حَتَّى إِذا جَاءَ الْمُضمر أدَّت الْإِضَافَة إِلَى إلَى قولُهم بِاللَّه وَبِه وَلم يجز وَهو وَلَا تَهُو، وَقد قدمت شرح ذَلِك وَإِنَّمَا أعدته هَهُنَا للتنظير والتنبيه على جِهَة الإطباق فِي الِاخْتِلَاف والاتفاق. (لَكِن) إثباتٌ، وَقد زعم قومٌ أَنَّهَا تَدارُكٌ بعد النَّفي وَذَلِكَ غلط وَإِنَّمَا الْإِثْبَات لِلكِنْ. (لعلَّ) طَمَعٌ وإشفاقٌ فالطَّمع كَقَوْلِك لعلَّ الله يرحمُنا، والإشفاق كَقَوْلِك لعلَّ العدوَّ يُدْرِكُنا. وَمعنى (كَلاّ) رَدْع وزَجْر. وَمعنى (أَنّى) كيْفَ وأيْنَ. (لمّا) تكون على وَجْهَيْن أما أَبُو عُثْمَان فَقَالَ هِيَ تدلّ على وُقُوع الشَّيْء لوُقوع غَيره وَهِي مَنْصُوبَة الْموضع بالظرف وَهِي مُضارعة للجزاء. وَهَذَا إِذا كَانَت مُفْردَة، فَأَما إِذا كَانَت مركَّبة فَهِيَ دَاخِلَة فِي حُرُوف الْجَزْم إِنَّمَا هِيَ لَمْ ضُمَّتْ إِلَيْهَا مَا، هَذَا قَول الْخَلِيل. معنى (لَوْلَا) امْتنَاع الشَّيْء لوُقُوع غَيره كَقَوْلِك لَوْلَا زيدٌ لأتيتُكَ، وَتَكون لَوْلَا ولوما بِمَعْنى هَلاَّ كَقَوْلِه تَعَالَى: (لَوْما تَأْتِينَا بالمَلائِكَةِ) (ولَوْلا إذْ سَمِعْتُموهُ ظَنَّ المُؤمنونَ والمُؤْمِناتُ بأنْفُسِهِمْ خَيراً) . (كأَنَّ) تشبيهٌ. وَمَا جَاءَ على خمسةٍ أقلُّ من الْأَرْبَعَة نَحْو (لكنَّ) مشدَّدة وَلَا يعرف فِي الْحُرُوف غيرُها وَالْقَوْل فِي لكنَّ كالقول فِي لكِنْ.
حَسْبُ وأشباهُها
أَبُو عبيد: هَذَا رجل حسبُكَ من رجلٍ، وَقد أحْسَبَني الشيءُ: كفاني، وَلِهَذَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ: حِين مثَّل انتصاب الْمصدر فِي قَوْله هَذَا عربيٌّ حِسْبَةً بقوله اكتِفاءً. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِذا قلت مَرَرْت برجُلٍ حَسْبِك من رجل فَهُوَ نعتٌ لَهُ بِكَمَالِهِ وبذِّه غَيره. صَاحب الْعين: أَحْسَبْتُ الرَّجُلَ: أطعمتُه وسَقيْتُه حَتَّى يشْبع ويَروى وكلّ من أرضيته فقد أحسَبْته، وَفِي التَّنْزِيل: (عَطاءً حِساباً) أَي كثيرا كَافِيا وَقد تقدم فِي الْعَطاء. أَبُو عبيد: ناهِيكَ وكافِيكَ وجازِيكَ ونَهيُكَ وهَدُّكَ وشَرْعُكَ كُله بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ: فَإِذا قلت القومُ فِيهِ شَرَعٌ سَواءٌ نصبتَ الرّاءَ وَلَيْسَ هُوَ من الأوّل. غَيره: بَجَلُكَ وبَجْلُكَ أَيْضا دِرْهَم وَقد أبْجَلَني وَأنْشد: إِلَيْهِ مَوارِدُ أهْلِ الخَصاصِ ومَن عِندَهُ الصَّدرُ المُبْجِلُ وَقَدْكَ وقَطْكَ. ابْن السّكيت: قَطْنٌ فِي معنى حَسْب يُقَال قَطْني من كَذَا وَكَذَا: أَي حسبي وَأنْشد: امتلأَ الحَوْضُ وَقَالَ قَطْني مَهلاً رُوَيْداً قد ملأتَ بَطْني قَالَ الْفَارِسِي: إِن كَانَ غَرّ ابْن السّكيت: هَذَا الْبَيْت فقد وهم لَيست قَطْنٌ حَسْبا إِنَّمَا يُقَال قَطني من كَذَا وَكَذَلِكَ قَدْني وَإِنَّمَا هُوَ قَطِي وقَدِي وَدخلت عَلَيْهِمَا النُّون كَمَا دخلت على من وعَن فِي حَال الْإِضَافَة حِين قَالُوا منّي وعَنِّي ليَسْلَم الْحَرْف السّاكن من الْكسر أوَلا تَرى أَن سِيبَوَيْهٍ قَالَ سألتُه رَحمَه الله عَن قَوْلهم قَطْني وقَدْني ومِنّي ولَدُنِّي مَا بالهم جعلُوا عَلامَة الْمَجْرُور هَهُنَا كعلامة الْمَنْصُوب قَالَ من قِبَل أَنه لَيْسَ من حرف تلحَقُه يَاء الْإِضَافَة إِلَّا كَانَ متحرّكاً مكسوراً وَلم يُرِيدُوا أَن يكسروا الطَّاء الَّتِي فِي قَطْ وَلَا الدالَ الَّتِي فِي قد فَلم يكن لَهُم بُدٌّ من أَن يجيئوا قبل يَاء الْإِضَافَة بحرفٍ متحرِّكٍ مكسور. قَالَ أَبُو عَليّ: واختصار ذَلِك أَنهم كَرهُوا أَن يُجْروها مَجرى الْأَسْمَاء المتمِّكنةنحو يَدٍ ودَمٍ إِذا أضفتَ فقلتَ يَدي ودَمي وَكَانَ الاسمُ أقبلَ للتّغيير لقوَّته فِي ذَاته فخَصّوا الِاسْم بالإجحاف وخَصّوا هَذَا الْحَرْف بحفظِ ونظامِ حُرُوفه وحركاته. قَالَ أَبُو عَليّ: كلّ هَذَا الْبَاب إِذا وُصف بِمَا يصلُح أَن يكون مِنْهُ وَصفا كَانَ نكرَة لِأَن النيَّة فِيهِ الانفصالُ فَمَتَى أَتَى مِنْهُ على لفظ فَاعل نَحْو ناهيكَ وكافيكَ وجَازِيكَ جرى مجْرى أَسمَاء الفاعلين المُرَاد بهَا الِاسْتِقْبَال أَو الحالُ كَقَوْلِه تَعَالَى: (هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا) (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعيْهِ بالوَصيدِ) وَمَا أَتَى مِنْهُ على لفظ الْمصدر نَحْو حسبُك ونَهيُكَ وشَرْعُكَ مَوْضُوع مَوضِع الِاسْم كَمَا تكون المصادر مَوْضُوعَة مَوضِع الْأَسْمَاء فِي قَوْلهم دِرْهَمٌ ضرْب وَقَوله:(4/236)
والمَشْرَبُ البارِدُ والظِّلُّ الدَّوُمْ وَهَذَا على ضَرْبَيْنِ: إِمَّا أَن يكون الْفِعْل المتكوِّنُ عَن هَذَا الْمصدر ملْفوظاً بِهِ كَقَوْلِهِم أَحْسَبني من حَسْب وكفاني من كَفْيَك وَإِمَّا أَن يكون متوَّهماً كَفعل شَرْعٌ وَقَالُوا هَذَا رجل هَدُّك من رجل. قَالَ: وَذَلِكَ لَا يثنّى وَلَا يجمع وَلَا يؤنَّث وَحكى سِيبَوَيْهٍ أَن من الْعَرَب من يَجْعَل هَدَّ فِعالاً فَيَقُول مَرَرْت بِرَجُل هَدَّك من رجلٍ وبامرأة هَدَّتْك من امْرَأَة.
دُخُول بعض الصِّفَات على بعض
تدخل مِن على عِنْد تَقول جِئْت مِن عِندك، وَتدْخل على على، أنْشد الْكسَائي: بانَتْ تَنوشُ الحوضَ نَوْشَاً مِنْ على وَدخل على عَنْ، قَالَ ذُو الرمة: إِذا نَفَحَتْ مِن عَنْ يَمينِ المَشارِقِ وَتقول: كنت مَعَ أصحابٍ فأقْبَلْت مِن مَعِهم وَكَانَ مَعَهَا فانتزعه مِن مَعِها، وَقَالَ: مِنْ تدخل على جَمِيع حُرُوف الصِّفَات إِلَّا على الْبَاء وَاللَّام، قَالَ الْفراء: وَلَا تدخل أَيْضا عَلَيْهَا نفسِها. قَالَ: وامْتَنَعَتِ العربُ من إدخالها على الباءِ واللامِ لِأَنَّهُمَا قَلَّتا فَلم يتوَهَّموا فيهمَا الأسماءَ لِأَنَّهُ لَيْسَ من أَسمَاء الْعَرَب اسْم على حَرْف وأُدخِلت على الْكَاف لِأَنَّهَا فِي معنى مِثْل وَالْبَاء تدخُل على الْكَاف، قَالَ الشَّاعِر: وَزَعْتُ بِكالهِراوةِ أَعْوَجِيٍّ إِذا وَنَتِ الرِّكابُ جَرَىَ وَثابا وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ: وصَالِياتٍ كَكما يُؤَثْفَيْنْ فَأدْخل الكافَ على الْكَاف وجملةُ هَذَا الْبَاب أنَّ حروفَ الجرِّ على ضَرْبَين فضربٌ يكون حَرْفَاً واسماً كعلى وعَنْ وضربٌ لَا يكون إِلَّا حرفا كالباء وَاللَّام وَإِلَى وَفِي فَمَا كَانَ مِنْهُ حرفا لم يدْخل عَلَيْهِ الْحَرْف وَمَا كَانَ مِنْهُ اسْما دخل عَلَيْهِ الحرفُ فَأَما الْكَاف فَإِنَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا الحرفُ لِأَن مَعْنَاهَا معنى مِثْل وَإِنَّمَا أدخلَ هَذَا سِيبَوَيْهٍ فِيمَا يُضْطَرُّ إِلَيْهِ الشَّاعِر، ثمَّ قَالَ: فعلوا ذَلِك لِأَن معنى الكافِ معنى مِثْل وعادلَ بِهِ سِوى حِين قَالَ وَجعلُوا مَا لَا يجْرِي فِي الكلامِ إِلَّا ظَرْفَاً بِمَنْزِلَة غَيره من الْأَسْمَاء، ثمَّ أنْشَد: وَلَا يَنْطِقُ الفَحْشاءَ مَنْ كَانَ منهُمُ إِذا جَلَسُوا مِنَّا وَلَا مِنْ سِوائِنا وكما استُجيز ذَلِك فِي الْكَاف إِذْ كَانَ مَعْنَاهَا معنى مِثْل استُجيز ذَلِك فِي سِوى إذْ كَانَ مَعْنَاهَا معنى غَيْرَ. أَبُو عبيد: جِئْتُ مِن عَلَيْك: أَي من عِنْدك، وَقَالَ الشَّاعِر: غَدَتْ مِن عَلَيْه بَعْدَما تَمَّ خِمْسُها وَكَذَلِكَ مِنْ مَعِهم: أَي مِن عِندِهم
دُخُول بعض الصِّفَات مَكَان بعض
فِي مَكَان على: تَقول لَا يدخُ الْخَاتم فِي إصْبِعي: أَي على إصْبِعي، قَالَ الله تَعَالَى: (لأَصَلِّبَنَّكُم فِي(4/237)
جُذوعِ النَّخْل) . أَي على جُذُوع، وَقَالَ الشَّاعِر: هُمُ صَلَبوا العَبْدِيَّ فِي جِذْعِ نَخْلَةٍ فَلَا عَطَسَتْ شَيْبانُ إلاّ بأَجْدَعا وَقَالَ غَيره: بَطَلٌ كأنَّ ثِيابَهُ فِي سَرْحَةٍ أَي على سَرْحَة من طوله وَمِنْه قَوْله لَا يدخُل الخاتَم فِي إصْبعي: يُريد على إصبعي فَأَما أَبُو عَليّ فَقَالَ: هُوَ على السَّعة كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ أَدْخَلتُ فِي رَأْسِي القَلَنْسُوة، وَحكى بَعضهم: أُلْقِمَ فاهُ الحَجَ. إِلَى مَكَان فِي: قَالَ النَّابِغَة: فَلَا تَتْرُكَنِّي بالوَعيدِ كأنَّني إِلَى النَّاس مَطْلِيٌّ بِهِ القارُ أَجْرَبُ يُرِيد فِي النَّاس، قَالَ الْفَارِسِي: أما قَوْله مَطْلِيٌّ بِهِ القار فعلى الْقلب وَهَذَا نَحْو قَوْلهم أُدِخِلَ القَبْرُ زّيْداً، ويُقال جَلَسْتُ إِلَى الْقَوْم: أَي فيهم. على مَكَان عَن: يُقَال رَضيت عليكَ بِمَعْنى عَنْكَ، وأنْشَد: إِذا رضِيَتْ عليَّ بَنو قُشَيْرٍ لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبني رِضاها ورميت على الْقوس بِمَعْنى عَنْهَا، قَالَ الراجز: أَرْمي عَلَيْها وهْيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ عَن مَكَان من: يُقَال عَنْكَ جاءَ هَذَا يُردي مِنْك، وأنْشَد: أَفَعَنكِ لَا بَرْقٌ كأنَّ وَميضَهُ غابٌ تَسَنَّمَهُ ضِرامٌ مُثَقَّبُ مِن مَكَان عَن: يُقَال حدَّثني فلانٌ من فلَان بِمَعْنى عَنهُ ولَهيت من فلَان بِمَعْنى عَنهُ. وَقَالَ الشَّيْبَانِيّ: لَهيتُ عَنهُ لَا غيرُ ويُقال أَخَذْته مِنْكم مَكَان عَن. الْبَاء مَكَان عَنْ: تَأتي الباءُ مكانَ عَن بعدَ السُّؤال، قَالَ الله تَعَالَى: (فاسْئَلْ بهِ خَبيرا) . أَي عنهُ، ويُقال أَتَيْنا فلَانا فَسَأَلنا بِهِ: أَي عَنهُ، قَالَ عَلْقَمَة: فإنْ تَسْأَلوني بالنِّساءِ وَقَالَ ابْن أَحْمَر: تُسائِلُ بابْنِ أَحْمَرَ مَنْ رآهُ أعارَتْ عينُه أمْ لم تَعارا وَقَالَ الأخطل أَيْضا: دّعِ المُعَمَّرَ لَا تَسْأَلْ بِمَصْرَعِه واسْأَل بمَصْقَلَةَ البَكْرِيِّ مَا فَعلا فَمَهْما رأيتَ الباءَ بعد مَا سَأَلْت أَو ساءَلت أَو مَا تصرَّف مِنْهُمَا فَاعْلَم أَنَّهَا مَوْضُوعَة موضِعَ عنْ. عَن مَكَان الْبَاء: رَمَيْت عَن القوسِ بِمَعْنى بالقَوْس، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:(4/238)
تَصُدُّو تُبْدي عَن أسيلٍ وتَتَّقي أَي تصُدُّ بأسيل، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فِي قَوْله تَعَالَى: (وَمَا ينْطِقُ عَنِ الهَوى) . أَي بالهَوى. فِي مَكَان إِلَى، قَالَ الله تَعَالَى: (فَرَدُّوا أيْدِيَهُم فِي أفْواهِهِم) . أَي إِلَى أَفْوَاههم. فِي مَكَان الْبَاء: قَالَ زيد الْخَلِيل: وَيَرْكبُ يَوْمَ الرَّوْعِ فِيهَا فَوارِسٌ يَصيرونَ فِي طَعْنِ الأَباهِرِ والكُلى وَقَالَ آخر فِي مثل ذَلِك: وَخَضْخضْنَ فِينَا البَحْرَ حَتَّى قَطَعْنه على كلِّ حالٍ من غِمارٍ ومِنْ وَحَلْ أَي خَضْخَضنَ بِنَا، وَقَالَ آخر: نَلوذُ فِي أُمِّ لَنَا مَا تَعَتْصِب أَي نَلوذُ بأمٍّ، وَقَالَ الْأَعْشَى: وَإِذا تُنوشِدَ فِي المَهارِقِ أَنْشَدا أَي إِذا سُئل بكتُب الْأَنْبِيَاء أجَاب. على مَكَان اللَّام: قَالَ الشَّاعِر: رَعَتْه أشْهُراً وخَلا عَلَيْهَا فطارَ الثَّنيُّ فِيهَا واسْتطارا أَي خلا لَهَا. اللَّام مَكَان على: يُقَال سَقَطَ لفيه بِمَعْنى على فيهِ، وأنْشَد: فخَرَّ صَريعاً لليَدَيْنِ وللفَمِ أَي على اليَدَيْنِ والفَم، وَقَالَ آخر: كأنَّ مُخَوَّاها على ثَفِناتِها مُعَرَّسُ خَمْسٍ وَقَّعَتْ للجَناجِنِ أَي وَقَعَت على الجَناجِن. إِلَى مَكَان من: قَالَ ابْن أَحْمَر: أَيُسْقى فَلَا يَرْوَى إليَّ ابنُ أَحْمَرا أَي منِّي. إِلَى مَكَان عِنْد: يُقَال هُوَ أَشْهَى إليَّ من كَذَا وَكَذَا: أَي عِنْدِي، قَالَ أَبُو كَبِير: أمْ لَا سَبيلَ إِلَى الشَّبابِ وذِكْرُه أَشْهَى إليَّ من الرَّحيقِ السَّلْسَلِ أَي عنْدي، وَقَالَ الرَّاعِي: صَناعٌ فقدْ سادَتْ إليَّ الغَوانِيا عَن مَكَان على: قَالَ ذُو الإصْبع العَدْواني: لاهِ ابنُ عمِّكَ لَا أَفْضَلْتَ فِي حَسَبٍ عنِّي وَلَا أنتَ دَيَّاني فتَخْزوني(4/239)
يُرِيد عليَّ، وَقَالَ قيس بن الخَطيم: تَدَحْرجَ عَن ذِي سامِهِ المُتقارِبِ أَي على ذِي سامِهِ. عَن مَكَان بعْد: مِنْهُ: لَقِحَت حرْبُ وائِلٍ عَن حِيالِ أَي بعد حِيال، وَمِنْه: نَؤومُ الضُّحى لم تَنْتَطِقْ عَن تَفَضُّل وَمِنْه: ومَنْهَلٍ وَرَدْتُهُ عَن مَنْهَلِ أَي بعد منهل، ويُقال أَنا فاعلٌ ذَلِك عَن قَلِيل: أَي بعد قَلِيل، قَالَ الْجَعْدِي: واسْئَلْ بهِم أُسْداً إِذا جَعَلَتْ حربُ العدُوِّ تَشول عَن عُقْمِ أَي بعد عقْم. على مَكَان فِي: قَالَ الله تَعَالَى: (واتَّبَعوا مَا تَتْلو الشياطينُ على مُلْكِ سُلَيْمان) . أَي فِي مُلك سُلَيْمَان، ويُقال كَانَ كَذَا على عَهْدِ فلَان: أَي فِي عَهده. عَن مَكَان مِن أجْل: قَالَ لبيد: لوِرْدٍ تَقْلِصُ الغِيطانُ عَنْه أَي من أَجله، وَقَالَ النمر بن تَوْلَب: وَلَقَد شَهِدْتُ إِذا القِداحُ توحَّدَتْ وشَهِدْتُ عِنْدَ اللَّيْلِ مُوقِدَ نارِها عَنْ ذاتِ أوْلِيَةٍ أُساوِدُ رَبَّها وكأنَّ لَوْنَ المِلْحِ فَوْقَ شِفارِها أَي من أجل. الْبَاء بِمَعْنى من: قَالَ أَبُو ذُؤَيْب: شَرِبْنَ بِماءِ البحْرِ ثمَّ تَصَعَّدَتْ مَتى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئيجُ أَي من مَاء الْبَحْر، وَمثله قَول عنترة: شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأصْبَحَتْ زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عَن حِياضِ الدَّيْلَمِ الْبَاء بِمَعْنى فِي: قَالَ الْأَعْشَى: مَا بُكاءُ الكَبيرِ بالأطْلالِ أَي فِي الأطلال. إِلَى بِمَعْنى مَعَ: يُقَال إنّ فلَانا ظَريف عاقلٌ إِلَى حَسَبٍ ثاقِبٍ: أَي مَعَ حَسَب، وَقَالَ الله(4/240)
تَعَالَى: (وَلَا تأْكُلوا أمولَهُم إِلَى أمْوالِكُم) أَي مَعَ أَمْوَالكُم، وَقَالَ: (مَنْ أنْصاري إِلَى الله) : أَي مَعَ الله، وَقَوْلهمْ الذَّوْد إِلَى الذَّوْد إبِلٌ: أَي مَعَ، وَقَالَ ابْن مُفَرِّغ: شَدَخَتْ غُرَّةُ السَّوابِقِ فيهمْ فِي وُجوهٍ إِلَى اللِّمامِ الجِعادِ اللَّام بِمَعْنى إِلَى: هديْتُه لَهُ وَإِلَيْهِ قَالَ تَعَالَى: (الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) . (وَأَوْحى ربُّكَ إِلَى النَّحْلِ) . وَفِي موضعٍ آخر: (بأنَّ ربَّكَ أَوْحَى لَهَا) . وَفِي مَوضِع آخر: (وَهَدَيْناهُم إِلَى صِراطٍ مُستَقيم) . على مَكَان الْبَاء: تَقول: اركَبْ على اسمِ الله: أَي باسمِ الله، ويُقال عَنُفَ عَلَيْهِ وبِهِ وخَرُق عَلَيْهِ وبِهِ، وَقَول الشَّاعِر: شَدُّوا المَطِيَّ على دَليل دائِبٍ وَقَول أبي ذُؤَيْب: وكأنَّهُنَّ رِبابةٌ وكأنَّهُ يَسَرٌ يُفيضُ على القِداج ويَصْدَع أَي بالقِداح. على بِمَعْنى مَعَ: قَالَ لبيد: كأنّ مُصَفَّحاتٍ فِي ذُراهُ وَأَنْواحاً عَلَيْهِنَّ المَآلي أَي كأنّ مُصَفَّحات على ذُرى السَّحاب وأنواحاً معهُنَّ المآلي، وَقَالَ الشماخ: وبُرْدانِ من خالٍ وسبْعونَ دِرْهَما على ذاكَ مَقْروظٌ من القِدِّ ماعِزُ أَي مَعَ ذَاك. على بِمَعْنى مِن: قَالَ الله تَعَالَى: (إِذا اكْتالوا على النَّاسِ يَسْتَوْفون) : أَي من النَّاس، وَقَالَ صَخْر الغيّ: مَتى مَا تُنْكِروها تَعْرِفوها على أقْطارِها علَقٌ نَفيثُ أَي من أقطارها. على بِمَعْنى اللَّام: يُقَال صِفْ عَليَّ وصِفْ لي. فِي بِمَعْنى مِن: قَالَ امْرُؤ الْقَيْس: وهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ أَحْدَثُ عَهدِه ثلاثينَ شَهْرَاً فِي ثلاثةِ أَحْوَالِ أَي من ثَلَاثَة أَحْوَال. فِي بِمَعْنى مَعَ: يُقَال فلانٌ عاقلٌ فِي حِلْم: أَي مَعَ حِلْم، قَالَ الْجَعْدِي: وَلَوْحُ ذِراعَيْنِ فِي بِرْكَةٍ أَي مَعَ بِركة، وَقَالَ آخر: أوْ طَعْمُ غادِيَةٍ فِي جَوْفِ ذِي حَدَبٍ مِن ساكِبِ المُزْنِ يَجْري فِي الغَرانيقِ أَي مَعَ الغرانيق: وَهِي طَيْرُالماء. اللَّام بِمَعْنى مَعَ: قَالَ مُتَمِّم: فَلَمَّا تفرَّقْنا كأنّي ومالِكاً لِطولِ اجتماعٍ لم نَبِتْ لَيْلَةً مَعَاً أَي مَعَ طول اجْتِمَاع. اللَّام بِمَعْنى بعد: قَوْلهم كُتِبتْ لِثلاثٍ خَلَوْن: أَي بعد ثلاثٍ خَلَوْن، قَالَ الرَّاعِي: حتَّى وَرَدْن لِتِمِّ خِمْسٍ بائصٍ أَي بعد تَمام خِمْس. اللَّام بِمَعْنى من أجْل: تَقول: فَعَلْت ذَلِك لكَ: أَي من أجلِك، وفَعَلْت ذَلِك لعيون(4/241)
النَّاس: أَي من أجلِ عيونهم، وَقَالَ العجاج: تَسْمَعُ للجَرْع إِذا اسْتُحيرا للماءِ فِي أجْوافِها خَريرا أَرَادَ تسمع فِي أجوافها خَريرا من أجل الجَرْع. الْبَاء بِمَعْنى على: قَالَ عَمْرو بن قَميئة: بِوُدِّك مَا قوْمِي على أَن تَرَكْتهم سُلَيْمى إِذا هبَّت شَمالٌ وريحُها أَرَادَ على وُدِّك قوْمي وَمَا زَائِدَة. الْبَاء بِمَعْنى من أجل: قَالَ لبيد: غُلْبٍ تشَذَّرُ بالذُّحول كأنَّها جِنُّ البَدِيِّ رواسِياً أَقْدَامُها أَي من أجل الذُّحول. مِن مَوضِع مُذْ: قَالَ الشَّاعِر: أَقْوَيْنَ من حِجَجٍ ومِن دَهْرِ وَذَلِكَ إِذا أُريد بهَا الحَرْفِيَّة فَأَما مَتى فَلَيْسَتْ بموضوعة موضِعَ فِي وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنى فِي وَإِنَّمَا يُقَال كَذَا فِي مَوضِع كَذَا من هَذِه الْحُرُوف إِذا كَانَت الكَلِمتان إمّا مُتَضادَّتين وإمّا مختلفتين فالمُتضادَّتان كمِن وَإِلَى فَإِن مِن للابتداء وَإِلَى للانتهاء وَأما المختلفتان فكمِنْ وَفِي فَإِن من لأحد طَرَفَي الْغَايَة وَفِي لِمَعْنى الوِعاء فَأَما مَتى فمعناها معنى فِي وَوَسَط، قَالَ أَبُو ذُؤَيْب: شَرِبْنَ بماءِ البحْرِ ثمَّ ترفَّعتْ مَتى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئيج وتوضع دون مَكَان مِن فَيُقَال ادْنُ دوني: أَي منّي، وَقَوله: فقُلتُ لَهَا فِيئي إليكِ فإنَّني حَرامٌ وإنّي بَعْدَ ذاكِ لَبيبُ مَعْنَاهُ معَ ذاكِ.
3 - (زيادةُ حُرُوف الصِّفات)
قَالَ تَعَالَى: (تُنْبِتُ بالدُّهْن) . وَقَالَ: (اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ) . وَقَالَ: (عَيْنَاً يَشْرَبُ بهَا عِبادُ اللهِ) : أَي يشربُها، وَقَالَ أُميَّة: إِذْ يَسَفُّون بالدَّقيق. وَقَالَ الرَّاعِي: سُودُ المَحاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ وَقَالَ الْأَعْشَى: ضَمِنَتْ برِزْقِ عِيالِنا أرْماحُنا وَقَالَ الله تَعَالَى: (وهُزِّي إليْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَة) . وَقَالَ: (فسَتُبْصِرُ ويُبْصِرون بأيِّكُمُ المّفْتون) أَي أيُّكم، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس: هَصَرْتُ بِغُصْنٍ ذِي شَماريخَ مَيَّالِ(4/242)
أَي غُصْناً، وَقَالَ آخر: نَضْرِب بالسَّيْفِ ونَرْجو بالفَرَجْ أَي نرجو الفَرَج، وَقَالَ حُمّيد: أَبى اللهُ إِلَّا أنَّ سَرْحَةَ مالِكٍ على كُلِّ أفنانِ العِضاهِ تَروقُ أَرَادَ تَروقُ كلَّ. مَا يتعدَّى بصِفَتين مختَلِفتَيْن: حَلَمَ بِهِ وَعَنْه: هَجَرَ بِهِ فِي نَوْمِه.
(بَاب مَا يصل إِلَيْهِ الْفِعْل بِغَيْر توسُّط حرفِ جَرٍّ بعد أَن كَانَ يصلُ إِلَيْهِ بتوسُّطه)
الْأَفْعَال فِي التَّعَدِّي على ضَرْبَين فعلُ متعدٍّ إِلَى مَفْعُوله بِغَيْر توسُّط كَقَوْلِنَا ضَرَبْتُ زيدا وضربٌ يتعدّى إِلَيْهِ بتوسُّط حرفٍ كَقَوْلِهِم مَا فَعَلْتَ وأباكَ فَهَذَا فِي الْفِعْل الْمُتَعَدِّي إِلَى مفعول وَاحِد وَالْفِعْل الْمُتَعَدِّي إِلَى مفعوليْن يجْرِي هَذَا المَجْرى فِي هذَيْن القِسمين مثالُ الَّذِي يتعدّى إِلَى مفعولَيْن قولُهم: كَسَوْتُ عبد الله ثوبا وأعطيتُ زيدا دِرهماً: فَهَذَا الْمَفْعُول الأول فِي الْحَقِيقَة فَاعل لِأَن مَعْنَاهُ لَبِسَ عبد الله ثوبا وقَبِل زيدٌ الدِّرهمَ فَأَما الْقسم الَّذِي يتَعَدَّى فِيهِ الْفِعْل إِلَى الْمَفْعُول الأول بوَسيط فَقَوْلهم اخْتَرت من الرِّجال زيدا ثمَّ تُحذَف مِن فَيُقَال اختَرْت الرِّجالَ زيدا، وَفِي التَّنْزِيل: (واخْتارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعينَ رَجُلا) وَهَذَا الْقسم الثَّانِي من هذَيْن الْقسمَيْنِ من الْبَابَيْنِ هُوَ الَّذِي نَعْتَرِض ونُعنى بإحصائه وتعليله إِذْ كَانَ بَابا غير مُطِّرد وَإِنَّمَا يُقتصَر فِيهِ على المسموع. قَالَ أَبُو عَليّ: حينَ قَسَّم هَذَا البابَ بعد فرغِه بِذكر الْقسم الأول وَالْوَجْه الثَّانِي من وجْهيْ مَا يشْتَمل عَلَيْهِ الْبَاب أَن يتعدَّى الفعلُ إِلَى مفعولٍ بِغَيْر حرف جرِّ وَلم يكن الْمَفْعُول فِي الأَصْل فاعِلاً بِالَّذِي فِيهِ حرفُ الجرِّ من الثَّانِي فيُنزَع حرفُ الجرِّ من الثَّانِي فيصل الفعلُ إِلَيْهِ وَذَلِكَ قَوْلك اخْتَرْت الرِّجالَ عبد الله وَالْأَصْل اخْتَرْت عبد الله من الرِّجالِ وحُذفت مِن، فوصل الفعلُ إِلَى الرِّجَال وَلم يكنْ عبد الله فَاعِلا بِالرِّجَالِ شَيْئا كَمَا فعل زيدٌ بالدِّرهم الأخذَ ومثلُ ذَلِك سَمَّيته زيدا وكنَيْت زيدا أَبَا عبد الله وَالْأَصْل سمَّيته بزيدٍ وكَنَيْت زيدا بِأبي عبد الله وَلم يكُن زيدٌ فَاعِلا بِأبي عبد الله شَيْئا، فَإِن قَالَ قَائِل إِنَّك تَقول تَكَنَّى زيدٌ أَبَا عبد الله تجعلُه فاعِلاً وتنصب أَبَا عبد الله فتجعله مَفْعُولا بِهِ فهلاّ جعلته من الْقسم الأول قيل لَهُ لَيْسَ قولُنا تَكَنَّى زيدٌ أَبَا عبد الله وتَسَمَّى أخوكَ زيدا دِلالةً على أَن أَحدهمَا فَاعل بِالْآخرِ إِنَّمَا هُوَ من بَاب قَبول الْفِعْل الَّذِي أُوقِعَ بِهِ وَهُوَ كَقَوْلِك حَرَّكته فتحرّك وكَسَّرته فتَكَسَّر والنِّيَّةُ فِيهِ حرف الجرِّ كَأَنَّك قلت تَسَمَّى زيدٌ بِعَمْرو وَلم يكن من بَاب الْفِعْل الَّذِي بَيَّنت بِهِ مَنْ أدخلَه فِي الْأَخْذ وسَهَّله لَهُ فَقلت أعْطى عبد الله زيدا دِرهماً، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتقول دعوتُه زيدا إِذا أردتَ دعوتُه الَّتِي يَجْري مَجْرَى سَمَّيْته فإنَّ الدُّعاء فِي الْكَلَام على ثَلَاثَة معَان أَحدهَا التَّسْمِيَة وَالْآخر أَن تستدعيه إِلَى أَمر يَحضُره وَالثَّالِث فِي معنى المَسْئَلة للهِ فَإِذا كَانَ الدُّعَاء بِمَعْنى التَّسْمِيَة جَرَىَ مَجْرَى التَّسْمِيَة فَقلت دَعوتُ أخاكَ زيدا ودعوت أخاكَ بِزَيد كَمَا تَقول سَمَّيت أخاكَ زيدا وَسميت أَخَاك بزيد وَهُوَ الَّذِي يدْخل فِي هَذَا الْبَاب دونَ معنى الاستدعاء وَهُوَ الَّذِي قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَإِن عَنَيْت الدُّعَاء إِلَى أَمر لم يُجاوِزْ مَفْعُولا وَاحِدًا يَعْنِي الاستدعاء إِلَى أَمر أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول اسْتَدْعيتُ أخاكَ بزيدٍ وَأما قَول الشَّاعِر: أَسْتَغْفِرُ اللهَ ذَنْبَاً لستُ مُحْصِيَه رَبَّ العبادِ إِلَيْهِ الوجْهُ والعمَلُ(4/243)
فإَّنه أَرَادَ: أستغفِرُ اللهَ من ذنبٍ وَهَذَا هُوَ الْقسم الثَّانِي وَقَالَ عَمْرو بنُ معدي كَرِبَ: أَمَرْتُكَ الخَيْرَ فافْعَلْ مَا أُمِرْت بِهِ فقد تَرَكْتُكَ ذَا مالٍ وَذَا نَشَبِ فَالْمَعْنى أَمرتك بِالْخَيرِ وَهُوَ أَيْضا من الْقسم الثَّانِي، قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَإِنَّمَا فَصَلَ هَذَا أَنَّهَا أفعالٌ توصَل بحروف الْإِضَافَة فَتَقول اخترتُه من الرِّجال وسمَّيته بفلان كَمَا تَقول عرَّفته بِهَذِهِ العَلامةِ وأوْضَحته بهَا وأستَغْفِر اللهَ من ذَلِك فَلَمَّا حَذَفوا حَرْفَ الجرِّ عمِلَ الفعلُ يَعْنِي هَذِه الأفعالَ الَّتِي تتعدّى إِلَى مفعولَيْن ممّا كَانَ فِي الأَصْل متعدّياً إِلَى واحدٍ بِغَيْر حرف جرٍّ وَإِلَى الثَّانِي بِحرف جرِّ مِمَّا جَعَلْنَاهُ القسمَ الثَّانِي وَجَعَلنَا أحد المفعولين غيرَ فَاعل بالآخرِ فِي الأَصْل وَإِنَّمَا فَصَلَه من الْقسم الأول اختلافُ مَعْنَاهُمَا فِي الأَصْل فَأَما قَوْله سمَّيته بفلانٍ كَمَا تَقول عرَّفته بِهَذِهِ الْعَلامَة فَإِن عرَّفته على ضَرْبَيْنِ فَإِن أردْت شَهَّرته حَتَّى عُرف فَإِنَّهُ يَجري مَجْرَى التَّسْمِيَة لِأَنَّك إِذا شَهَّرته بِشَيْء فعُرف بِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَة تسميتِك لَهُ بالاسمِ الَّذِي يُعرف لَهُ وَالْوَجْه الآخر أَن تكون عرَّفته بِمَعْنى أعلمته أمرا كَانَ يجهلُه فَتَقول فِي الْوَجْه الأول عَرَّفت أخاكَ بزيد كَمَا تَقول عَرَّفت أخاكَ بالعمامة السَّوْدَاء إِذا جَعلتهَا عَلامَة لَهُ يعْرِفُه غيرُه بهَا وَتقول فِي الْوَجْه الثَّانِي عَرَّفت أخاكَ زيدا إِذا أعلمتَه إِيَّاه وَلم يكن عارِفاً بِهِ من قَبْلُ وَهُوَ من الْقسم الأول لِأَن الأَصْل عَرَفَ أَخُوك زيدا كَمَا تَقول أَخذ زيدٌ دِرْهماً فقولنا عَرَّفت أَخَاك بزيد لَا يجوز حذفُ حرفِ الجرِّ مِنْهُ كَمَا جَازَ فِي سَمَّيت لئلاّ يَلْتَبِس بِالْوَجْهِ الآخر من وَجْهَيْ عرَّفت وَلَيْسَ لسمَّيت إِلَّا طريقةٌ وَاحِدَة. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: مثل ذَلِك قَول المتَلَمِّس: آليْتَ حَبَّ العِراقِ الدَّهْرَ أطعَمُهُ والحَبُّ يأكلُهُ فِي القَرْيَةِ السُّوسُ وَهَذَا شاهدٌ لجَوَاز حذفِ حرفِ الجرِّ لَا للَّذي يتضمَّنه البابُ من تَعدّي الفعلِ إِلَى مفعولين. قَالَ أَبُو عَليّ: قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي هَذَا الْبَاب من كِتَابه مستشهداً لجَوَاز حذف حرفِ الجرِّ كَمَا قَالَ: نُبِّئتُ زيْداً يُرِيد عَن زيد. قَالَ: وَلَيْسَت عَن وعَلى هَهُنَا بِمَنْزِلَة الْبَاء فِي قَوْله كَفَىَ باللهِ وَلَيْسَ بزيد لِأَن عَليّ وَعَن لَا يُفْعَل بهما ذَلِك وَلَا بمِن فِي الْوَاجِب. اعْلَم أَن الحروفَ الَّتِي يجوزُ حذفُها على ضَرْبَيْنِ: مِنْهَا مَا يُحذَف وَهُوَ مقدَّر لصحَّة معنى الكلامِ وَمِنْهَا مَا يكونُ زَائِدا لِضَرْب من التَّأْكِيد وَالْكَلَام لَا يُحْوِج إِلَيْهِ فَإِذا حذف لم يقدَّر فَأَما الَّذِي يكون زَائِدا وَالْمعْنَى لَا يُحْوِج إِلَيْهِ فنحو قَوْلك كفى باللهِ وَالْمعْنَى كفى اللهُ وَلَيْسَ أَخُوك بزيد لِأَن الْمَعْنى لَيْسَ أَخُوك زيدا وَمَا قَامَ مِن أحدٍ مَعْنَاهُ مَا قَامَ أحدٌ وَإِذا حذفنا هَذَا الحرفَ لم يختلَّ معنى الكلامُ وَلم يُحوجِ الْمَعْنى إِلَى تقديرها وَأما الَّذِي يَقْتَضِيهِ معنى الْكَلَام فنحو قَوْلك نُبِّئْت زيدا فَعَلَ كَذَا وَكَذَا تَقْدِيره نُبِّئْت عَن زيدٍ لِأَن نُبِّّئْت فِي معنى أُخبِرت وَالْخَبَر يَقْتَضِي عَن فِي الْمَعْنى وَكَذَلِكَ أَمَرْتكَ الخيرَ الْبَاء مقدرَة لِأَن الْأَمر لَا يصل إِلَى الْمَأْمُور بِهِ إِلَّا بِحرف لَا غير. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلَيْسَ أستغفرُ الله ذَنْبَاً وأمرتك الخيرَ أكثرَ فِي كَلَامهم جَمِيعًا وَإِنَّمَا يتَكَلَّم بِهِ بعضُ الْعَرَب وَلَيْسَ كلُّ مَا كَانَ متعديّاً إِلَى الْفِعْل بِحرف جرٍّ جازَ حذفُه إِلَّا مَا كَانَ مسموعاً أَلا ترى أَنَّك تَقول مررْت بزيدٍ وتكلَّمت فِي زيدٍ وَلَا تَقول مَرَرْت زيدا وَلَا تكلّمت عَمْرَاً كَمَا قلت أمرتُك الخيرَ ودخلْتُ البيتَ فِي معنى أَمرتك بالخيرِ وَدخلت فِي الْبَيْت. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فِي هَذَا الْبَاب من كِتَابه وَلَيْسَ كلُّ فعل يُفعَل بِهِ هَذَا كَمَا أَنه لَيْسَ كلُّ فعل يتعدَّى الفاعلَ وَلَا يتعدَّى إِلَى مفعولين يَعْنِي لَيْسَ كلُّ مَا كَانَ مُتَعَدِّيا بِحرف جرٍّ يجوز حذفه بل(4/244)
المتعدى بِحرف جرٍّ على قسمَيْنِ أحدُهما يجوز حذفُه كمررت بزيدٍ وتكلَّمت فِي عَمْرو وكما كَانَ الْفِعْل فِي الأَصْل على ضَرْبَيْنِ مِنْهُ مَا يتعدَّى نَحْو ضَرَبَ زيدٌ عَمْرَاً وَمِنْه مَا لَا يتعدّى نَحْو جَلَسَ وَقَامَ وَهَذَا معنى قَوْله كَمَا انه لَيْسَ كلُّ فعل يتعدَّى الفعلَ وقولِهِ لَا يتعدّى إِلَى مفعولَيْن فقد أوضحتُ هَذَا القانون وأذكر مَا حكى أهلُ اللُّغَة من هَذَا الْقسم الثَّانِي أَعنِي الْفِعْل الَّذِي تعدَّى بحذْف حرفِ الجرِّ مِمَّا يتعدَّى إِلَى مفعولٍ أَو مفعولين. ابْن السّكيت: شَكَرْتك وشَكَرْت لكَ ونَصَحْتك وَنَصْحت لَك وَفِي التَّنْزِيل: (أنِ اشْكُر لي ولِوالِدَيْكَ) . وَفِيه: (أُبَلِّغُكُم رِسالاتِ رَبِّي وأنْصَحُ لكم) . وأنْشَد: نَصَحْت بَني عَوْفٍ فَلم يَتَقَبَّلوا رَسولي وَلم تُنْجَحْ لدَيْهِم وَسائلي ومَكَّنْتك ومَكَّنت لَك، قَالَ الله عز وَجل: (وَلَقَد مَكَّنَّاكمْ فِي الأَرْض) . واشتَقْتك واشتَقْت إِلَيْك وبَلَّغْتك وبلَّغْت إِلَيْك وهدَيْته الطَّرِيق وَإِلَى الطَّرِيق وعَدَدْتك مائَة وعَدَدْت لَك وسَرَقْت زيدا مَالا وسرَقْت من زيدٍ، وَكَذَلِكَ سَلَبْت، قَالَ عنترة: وَلَقَد أبيتُ على الطَّوى وأظَلُّه حَتَّى أنالَ بِهِ كَريمَ المَأْكَلِ أَي أظَلُّ عَلَيْهِ ويُقال جَمَّلكَ الله وجَمَّل عَلَيْك، وَقَالَ الله تَعَالَى: (إنَّما ذلكُمُ الشَّيْطان يُخَوِّفُ أولِياءَه) . أَي يُخوِّفُكم بأوليائه، وَقَوله تَعَالَى: (ليُنْذِرَ بَأْسَاً شَدِيدا) . أَي ليُنْذِركم ببأسٍ شَدِيد. أَبُو عبيد: شَغَبْت عَلَيْهِم وَشَغَبتهم ورُحتُ الْقَوْم ورُحتُ إِلَيْهِم. ابْن دُرَيْد: تَرَوَّحت أَهلِي وتَرَوَّحت إِلَى أَهلِي: أَي قَصَدْتهم متَرَوِّحاً. أَبُو عبيد: تَعَرَّضت معروفَهم ولمعروفِهم ونأيتهم ونَأَيْتُ عَنْهُم وحَلَلْتهم وَحَلَلْت بهم ونَزَلْتهم ونَزَلْت بهم وأَمْلَلتهم وأَمْلَلت عَلَيْهِم من المَلالة ونَعمِ اللهُ بكَ عَيْنَاً ونَعِمَك عَيْنَاً. ابْن دُرَيْد: وأنعَمَ اللهُ لكَ عَيْنَاً وكلُّ ذَلِك حَكَاهُ الْفَارِسِي وَذَادَ وأَنْعَمك اللهُ عَيْنَاً. قَالَ: وجميعُ ذَلِك كَرِهَه بعضُ الْفُقَهَاء لِأَن النَّعيم لَا يقبَلُه إِلَّا قابلُ البأْساء. أَبُو عبيد: طَرَحْت الشيءَ وطَرَحْت بِهِ ومَدَدْته ومَدَدْت بِهِ وأَثْمَنت الرجلَ بمتاعه وأَثْمَنت لَهُ وَقد شَيَّب الحزنُ رَأسه وبرأسِه وأشابَ الْحزن رأسَه وبرأسه. قَالَ الْفَارِسِي: وَلَا أعرِف لأشابَ بِرَأْسِهِ نَظيراً إِلَّا قِرَاءَة من قَرَأَ: (يكادُ سَنا بَرْقِه يُذْهِبُ بالأبْصار) . فَأَما قَوْله تَعَالَى: (وإنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ آتَيْنا بهَا) . فَلَيْسَ من هَذَا الْبَاب إِنَّمَا وزْنُ آتَيْنَا فاعَلْنا والدليلُ على ذَلِك معادَلتُنا إِيَّاه بكافأنا وجازَيْنا. أَبُو عبيد: بِتُّ القومَ وبِتُّ بهم وحُقَّ فلانٌ أَن يفعَلَ ذَلِك وحُقَّ لَهُ. أَبُو زيد: أَفْطَرت الشَّهْرَ الَّذِي شَكَّهُ الناسُ يُرِيد الَّذِي شَكَّ فِيهِ النَّاس. ابْن دُرَيْد: هَذَا أَمر لَا أحْفِلُ بِهِ وَلَا أحْفِلُه. وَقَالَ: حَسَدْته على الشَّيْء وحَسَدْتُه الشيءَ. أَبُو حنيفَة: جَنَيْتك وجَنَيْت لكَ وصِدْتُك وصِدْتُ لَك. ابْن دُرَيْد: ظَفِرْت بِالرجلِ وظَفِرْته وأَوَيْت إِلَى الرجل وأَوَيْته أُوِيَّاً: نزأت بِهِ. قَالَ الْفَارِسِي: فَأَما قَوْلهم وَعَدْته كَذَا فأُراه متعدّياً فِي أوّليته بِغَيْر وَسيط وَقد زعم قومٌ أَنه لَا يُقَال وَعَدْته كَذَا إِلَّا على نِيَّة إِسْقَاط الوَسيط وَقد تَصَرَّف التَّنْزِيل باللُّغتين وَقد أَدخل أَبُو عبيد فِي هَذَا الْبَاب شَبِعْت خُبْزاً ولَحْمَاً وَمن خبز ولَحم ورَوِيْت مَاء وَمن ماءٍ ولبنٍ وَلَيْسَ من هَذَا الْبَاب لِأَن هَذَا البابَ إِنَّمَا نذكُر فِيهِ مَا كَانَ خَارِجا من حَيِّز التَّمْيِيز وَكَانَ منتصباً بإيصال الْفِعْل إِلَيْهِ بعدَ إِسْقَاط الْوَسِيط وكلُّ ذَلِك منتصب عَن تَمام الْكَلَام فَأَما هَذَا فمنتصبٌ عَن تَمام الِاسْم وَمِنْه مَا يكون منتصباً عَن تَمام الْكَلَام غيرَ أنّه ضُورع بِهِ مَا ينْتَصب عَن تَمام الِاسْم كعِشرين دِرْهماً وَنَحْوه فأمّا قَوْلهم رَشِدْت أمْرَك ووَفِقْت أَمْرَك وبَطِرْتَ عَيْشَكَ وغَبِنْت رَأْيَكَ وأَلِمْت بَطْنَكَ وسَفِهْتَ نَفْسَكَ فَزعم الْفَارِسِي أَنه على إِسْقَاط الوَسيط وَهُوَ فِي وَقيل إِنَّه على معنى رَشَّدْتَ أَمْرَك وسَفَّهْتَ رَأْيَك وَكَذَلِكَ ينقُل سائرَ الْأَفْعَال. وَقَالَ الْكسَائي: كَانَ(4/245)
الأَصْل رَشِدَ أمْرُك ووَفِقَ وغَبِنَ رأيُك ثمَّ حُوِّل الْفِعْل إِلَى الرجل فانتَصَب مَا بعدهَ نَحْو قَوْلك ضِقْتُ ذَرْعَاً وطِبْتُ بِهِ نَفْسَاً الْمَعْنى ضاقَ بِهِ ذَرْعي وطابَتْ بِهِ نَفسِي. ابْن دُرَيْد: غَاَلَيْت السِّلْعة وغالَيْت بهَا وثَوَيْت بِالْبَصْرَةِ وثَوَيْتها وأَسْتَيقنْت الخبرَ وبالخبر وجَاَوَرْت فِي بني فلَان وجاوَرْتهم وكِلْتُ لَك وكِلْتُكَ ووَزَنْت لَك ووَزَنْتك ورَهَنْت عِنْده رَهْنَاً ورَهَنْته رَهْنَاً وخذلَ القومُ عني يَخْذُلون خَذْلاً وخِذْلاناً وخَذَلُوني خِذْلاناً وخَذْلاًَ وَيَأْتِي عليَّ اليومان لَا أذوقُهما طَعاماً: أَي لَا أَذُوق فيهمَا وكنتُ آتيكَ كلَّ يومٍ طَلَعْته الشَّمْس، وأنْشَد: يَا رُبَّ يومٍ فيهِ لَا أُظَلِّلُه أَي لَا أُظَلَّل فِيهِ، وَقَالَ بَعضهم: فِي ساعةٍ يُحِبُّها الطَّعامُ أَي يُحِبُّ فِيهَا وَهَذَا فِي المَواقيت جَائِز ثمَّ قَالَ رأيتُ العربَ قد أَلِفَت المَحالَّ حَتَّى جرى الكلامُ بالغائبِ المتَّصِل فَقَالُوا خَرَجْت الشامَ وذَهَبْت الكوفةَ وَاْنَطلقتُ الغَوْرَ فأنفذَتْ هَذِه الْحُرُوف فِي البُلدان كلِّها للمضمَر فِيهَا وَمن هَذَا لم تقُل ذَهَبْتَ عَبْدَ اللهِ وَلَا كَتَبْتُ زيدا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَاحِيَة وَلَا محَلِّ هَذَا قَول الْكُوفِيّين وَأما البَصْريون فأنكروا ذَلِك فِيمَا كَانَ مَخْصُوصًا وَإِنَّمَا يَفْعَلون مثلَ هَذَا فِي المُبْهَم كالمَذْهب وَالْمَكَان والطُّروف الَّتِي لَا حُدُود لَهَا وَلَا نِهَايَة وَهِي فِي الأقطار السِّتَّة خَلْفَ وأمام وفَوْق وأَسْفَل ويَمين وشِمال، فَأَما قَوْله تَعَالَى: (واقْعُدوا لهُمْ كلَّ مَرْصَدْ) . فَإِن أَبَا إِسْحَاق حكى أَن أَبُو عُبَيْدَة قَالَ: الْمَعْنى اقعُدوا لَهُم كلَّ طَرِيق، وأنْشَد: نُغالي اللَّحْمَ لِلأَضْيافِ نِيئاً أَي بِاللَّحْمِ فحذفَ الباءَ وَكَذَلِكَ حَذَفَ على ثمَّ قَالَ أَبُو إِسْحَاق كلَّ مَرْصَد ظَرْف كَقَوْلِك ذَهَبْت مَذْهَباً وذَهَبْت طَرِيقا وذَهَبْت كلَّ طَرِيق فلستَ تحتاجُ أَن تَقول فِي هَذَا إِلَّا مَا تَقوله فِي الظَّرف نَحْو خَلْف وقُدَّام. قَالَ أَبُو عَليّ: القولُ فِي هَذَا عِنْدِي كَمَا قَالَ وَلَيْسَ يُحتاج فِي هَذَا إِلَى تَقْدِير على إِذا كَانَ المَرْصَد اسْما للمكان كَمَا أَنَّك إِذا قلت ذَهَبْت مَذْهَباً ودَخَلْت مَدْخَلاً فَجعلت المذْهب والمَدْخل اسْمَيْنِ للمكان لم تَحْتَج إِلَى على وَلَا إِلَى تَقْدِير حرفِ جرِّ إِلَّا أنّ أَبَا الْحسن ذهب إِلَى أَن المرْصَد اسمٌ للطريق كَمَا فسره أَبُو عُبَيْدَة وَإِذا كَانَ اسْما للطريق كَانَ مخْصوصاً وَإِذا كَانَ مَخْصُوصًا وَجب أَن لَا يصل الْفِعْل الَّذِي لَا يتعدّى إِلَيْهِ إِلَّا بِحرف نَحْو ذَهَبْت إِلَى زيد ودَخَلْت بِهِ وخَرَجْت بِهِ وقَعَدْت على الطَّرِيق إِلَّا أَن يَجِيء فِي شيءٍ من ذَلِك اتساعٌ فَيكون الحرفُ مَعَه محذوفاً كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم ذَهَبْت الشامَ ودَخَلْت البيتَ فالأسماءُ المخصوصةُ إِذا تعدَّت إِلَيْهَا الْأَفْعَال الَّتِي لَا تتعدّى فَإِنَّمَا هُوَ على الاتساع والحُكْمُ فِي تعدِّيها إِلَيْهَا والأصلُ أَن يكونَ بالحرف وَقد غَلِطَ أَبُو إسحاقَ فِي قَوْله كلُّ مَرْصَد ظَرْف كَقَوْلِك ذَهَبْت مَذْهَباً وذَهَبْت طَريقاً وذَهَبْت كلَّ طَرِيق فِي أَن جعلَ كلَّ طَرِيق ظَرْفَاً كالمَذْهب وَلَيْسَ الطريقُ بظرف أَلا ترى أَنه مكانٌ مخصوصٌ كَمَا أَن البيتَ والمسجدَ مخصوصان وَقد نصَّ سِيبَوَيْهٍ على اختصاصِه والنصُّ بِهِ لَيْسَ كالمَذْهب والمكانِ أَلا ترى أَنه حَمَلَ قَول سَاعِدَة: لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُه فِيهِ كَمَا عَسَلَ الطريقَ الثَّعْلَبُ على أَنه قد حُذف الحرفُ مَعَه اتساعاً كَمَا حُذف عِنْده من ذَهَبْت الشامَ وَقد قَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي هَذَا الْمَعْنى خلافَ مَا قَالَ هُنَا أَلا ترى أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: (لأَقْعُدَنَّ لهُم صِراطَكَ المُستَقيم) أَي على طريقك. قَالَ: وَلَا اختلافَ بَيْنَ النَّحْوِيين أَن على محذوفةٌ وَمثل ذَلِك ضُرِبَ زيدٌ الظَّهرَ والبَطْنَ(4/246)
مَعْنَاهُ على الظهرِ والبطنِ مَخْصُوص من قَوْلهم الظَّهْر والبَطْن وَذهب إِلَى أَن على محذوفة وَأَنه لَا اختلافَ بَين النَّحْوِيين فِي ذَلِك فَإِذا كَانَ كَذَلِك بِلَا خلاف لم يجز أَن تجعلَه مثل مَا هُوَ مبهَمٌ ظَرْف بِلَا خلاف من قَوْله ذَهَبْت مَذْهَباً فَإِذا كَانَ الصِّراطُ اسْما للطريق وَكَانَ اسْما مَخْصُوصًا وَمِمَّا لَا يصِحُّ أَن يكونَ ظَرْفَاً لاختصاصه والمرْصَد مثلُه أَيْضا فِي الِاخْتِصَاص وَأَنه عبارةٌ عَنهُ كَمَا أَن الصِّراط عبارةٌ عَنهُ وَجَبَ أَن يكون مثلَه فِي الِاخْتِصَاص وَأَن لَا يكونَ ظَرْفَاً كَمَا لم يكن الصِّراطُ والطريقُ ظَرْفَيْن. غَيره: تَعَلَّقْتكَ وتَعَلَّقت بك وكَلِفْتُك وكَلِفْت بك وَإِنَّمَا سَهُل فِي الْبَاء لِأَنَّهَا أصلٌ لجَمِيع مَا وَقعت عَلَيْهِ الأفاعيل إِذا كَنَيْت عَنْهَا بفعَلْت أَلا ترى أَنَّك تَقول ضَرَبْت أَخَاك فَإِذا كَنَيْت عَن ضَرَبْت قلتَ فَعَلْت بِهِ، قَالَ الله تَعَالَى: (وزَوَّجْناهُم بحُورٍ عينٍ) أَي زوَّجناهم حوراً عينا وَهَذِه لُغَة لأزْد شَنوءةَ تَقول زوَّجته بهَا وغيرُهم يَقُول زوَّجته إيَّاها وَلذَلِك اجتزأتِ العربُ عَن المَحالِّ فأسقطوها من الْأَسْمَاء وأوقعوا الأفاعيل عَلَيْهَا، وأنْشَد: نجا عامرٌ والنَّفْس مِنْهُ بشِدْقِه وَلم يَنْجُ إِلَّا جَفْنَ سيفٍ ومِئْزَرا وَزعم يُونُس أَن مَعْنَاهُ وَلم يَنْجُ إِلَّا بِجَفْن سَيفٍ ومِئزر، وَقد نُصب هَذَا على الِاسْتِثْنَاء، وأنْشَد: مَا شُقَّ جَيْبٌ وَلَا قامَتْكَ نائحةٌ وَلَا بَكَتْكَ جِيادٌ عِندَ أسْلافِ وَكَانَ الْأَصْمَعِي يَدْفَع هَذَا ويُنشِد مَا ناحَتْك نائحةٌ وفلانٌ بِلِصْقِ الْحَائِط وبلِزْقِ الحائِطِ وَلَا يُقَال بِغَيْر حرف الصّفة وفلانٌ بِطِلْع الْوَادي وطِلْعَ الْوَادي وبسِقْطِ الأكَمَة وسِقْطَ الأكمَة وَهُوَ بقَفا الأكمَة والثَّنيَّة وَقفا الثنيَّة وبلَبَب الْوَادي وَلَا يُقَال بِغَيْر حرف الجرِّ وحاطَهُم قَصاهُم وضرَبَه مَقَطَّ شَراشيفِه وعَلى مَقَطِّ شَراشيفِه وشَجَّهُ قُصاصَ شَعْرِه وعَلى قُصاص شَعرِه وَهُوَ عُلاوة الرّيح وبعُلاوة الرِّيح وبسُفالةِ الرّيح وَهُوَ بِمَبْدَء ذَاك ومَبْدءَ ذَاك وإزاءَ ذاكَ وبإزاءِ ذَاك وحِذاءَه وبحِذائِه ووِزانَه وبوِزانِه وساوَيْت ذَاك وبذاك. ثَعْلَب: أَمْحَضْته الحديثَ والنَّصيحة وأَمْحَضته لَهُ فَأَما أَبُو عبيد فأمحضْته الحديثَ والنَّصيحةَ لَا غيرُ: أَي صَدَقْته وَحَقِيقَة الامحاض الْإِخْلَاص، وأنْشَد: قُلْ للغَواني أما فِيكُنَّ فاتِكةٌ تَعْلو للَّئيمِ بضَرْب فِيهِ إمحاضُ وعَلى هَذَا الْبَاب وجَّه الفارسيُّ قِرَاءَة من قَرَأَ مِن فِضَّةٍ قُدِّروها تَقديرا: أَي قُدِّروا عَلَيْهَا، وأنْشَد: كأنَّه لاحِقُ الأقْرابِ فِي لُقُجٍ أَسْمَى بِهِنَّ وعَزَّتْه الأناصيلُ أَرَادَ عَزَّتْ عَلَيْهِ الأناصيل فَأَما مَا رَوَاهُ أَبُو الْحسن من قِرَاءَة الْأَعْمَش لَنُثْوِيَنَّهم مِنَ الجَنَّة غُرَفاً فَإِنَّهُ قَالَ لَا يُعجِبُني لِأَنَّك لَا تَقول أَثْوَيْتُه الدارَ. قَالَ أَبُو عَليّ: هَذَا الَّذِي رَوَاهُ أَبُو الْحسن يَدُلُّ على أَن ثَوَيَ لَيْسَ بمتعَدِّ وَكَذَلِكَ تَفْسِير أبي عبيد أنَّه النازلُ فيهم وَوَجهه أَنه كَانَ فِي الأَصْل لَنُثْوِيَنَّهم فِي غُرَف كَمَا تَقول أَثْوَاهم من الْجنَّة فِي غُرَف وحُذف الجارُّ كَمَا حُذف من قَوْله أَمَرْتُك الخيرَ ويُقوِّي ذَلِك أَن الغُرَف وَإِن كَانَت أَمَاكِن مختصَّةً فقد أُجرِيَت المختصةُ من هَذِه الظُّروف مُجْرى غير المختصَّةِ نَحْو قَوْله: كَمَا عَسَلَ الطَّريقَ الثعلبُ وَنَحْو ذَهَبْت الشامَ عِند سِيبَوَيْهٍ ويُقوِّي الوجهَ الأول قولُه تَعَالَى: (نَتَبَوَّأُ من الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاء) وعَلى هَذَا قِرَاءَة من قَرَأَ تَعْتَدونَها بِالتَّخْفِيفِ وَلَيْسَ هَذَا الْبَاب بمُطَّرِد فيُحمَل عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: (إنَّا أَخْلَصناهُم بخالِصَةٍ ذِكْرى الدّار) . يجوز أَن تكون الدارُ هَهُنَا دارَ الدُّنيا ودارَ الآخرةِ فَإِن كَانَت(4/247)
دارَ الآخرةِ فَمَعْنَاه أَنهم يَذْكُرون دارَ الآخرةِ ويَزْهَدون فِي الدُّنْيَا وَإِن كَانَ يُعنى بهَا دَار الدُّنْيَا فَإِنَّمَا يُريد طِيبَ الثناءِ عَلَيْهِم فِي الدُّنْيَا والدارُ هَهُنَا منتصب بِإِسْقَاط حرفِ الجرِّ كَمَا قَالَ ذَهَبْت الشامَ و: كَمَا عَسَلَ الطريقَ الثعلبُ. وَقَالَ: حاشَيْتُه القومَ: أَي من القومِ وجَعْجَعت الإبلَ وجَعْجَعت بهَا: حرَّكتها للإناخة والنُّهوضِ وعَضِضْته وعَضِضْت عَلَيْهِ وعَضَضْت لُغتان واعْتَرَّه واعْتَرَّ بِهِ: تَعَرَّض لمعروفه أَقَطْعتُه النهرَ وأَقْطَعته بِهِ: جاوزته بِهِ. أَقْذَعت الرجلَ وأَقْذَعت لَهُ: رَمَيْته بالفُحش، علَّقْت الدابَّةَ وعلَّقت عَلَيْهَا من العَليق، وعَشَوْت النارَ وعَشَوْت إِلَيْهَا، أطاعه وأطاع لَهُ: لم يَعْصِه، حَطَّ الرجلُ الْبَعِير وحَطَّ عَنهُ: وَذَلِكَ إِذا طَنِيَ فالْتَوَتْ رِئَتُه بجَنْبِه، فحَطَّ الرحْلَ عَن جنْبِه بساعِدِه دَلْكَاً على حِيال الطَّنى حَتَّى يَنْفَصل عَن الجَنْب، حكى هَذَا صَاحب الْعين أَحْمَشت القِدْرَ وأَحْمَشت بهَا: أَكْثَرت وَقودها وحَضَنَ الطائرُ بَيْضَه وعَلى بيضِه يَحْضُن حَضْنَاً وحِضانةً وحُضوناً وحِضاناً وحَضَنْت بَيْنَ القومِ وحَضَنْتهم: أَصْلَحت بَيْنَهم وحَدَسَ الرجلُ ناقَتَه وحَدَسَ بهَا: إِذا أضجعها ثمَّ وَجَأَ بشَفْرَته فِي مَنْحَرِها واستَنْحَسْت الخبرَ واستنحست عَنهُ ومَسَحَ عنقَه ومَسَحَ بهَا: ضَرَبَها، وَحَظْرت الشيءَ وحَظَرْت عَلَيْهِ وَمَا حَفَلْت بِهِ وَمَا حَفَلْته. ابْن جني: عَطَوْت الشيءَ وعَطَوْت إِلَيْهِ، وأعشَشْت القومَ وأَعْشَشت بهم: أَعْجَلتهم عَن أمرِهم، وتعَمَّدته وتعمَّدت لَهُ: وَهُوَ ضِدُّ الخطا، وعَرَمَنا صبِيُّك وعَرَمَ علينا: أَشِرَ ومَرِحَ علينا، وَقَاع الفحلُ الناقةَ وقاعَ عَلَيْهَا: ضَرَبَها، ووَشَعْت الجبلَ ووَشَعْت فِيهِ: عَلَوْتُه، وأَبْضَعته الكلامَ وبالكلامِ: بَيَّنْته لَهُ، وبِعته الشيءَ وبِعتُه مِنه: اشتَرَيته، ووَزَعْتُه ووَزَعْت بِهِ: كَفَفْته، وزُعْت الناقةَ وزُعت بِزِمامها كَذَلِك وزُعْتُ الرجلَ وزُعْت بِهِ: قدَّمته، وعطا الشيءَ وعطا إِلَيْهِ: تَناوَله، ووَعَدْته ذلكَ ووَعَدْته بِهِ، وحَسِيت الشيءَ وحَسيتُ بِهِ: أَحْسَسته، وحَفُّوا بِهِ وحَفُّوه: أَحْدَقوا بِهِ، وحَضَجَ البعيرُ حِملَه وبحِملهِ: طَرَحَه وحَدَجَه ببَصَرِه وحَدَجَ إِلَيْهِ بِهِ: رَمَاه بِهِ، وحَدَّثته الحديثَ وحدَّثْته بِهِ، ومَتَحْت الدَّلْو ومَتَحْت بهَا: جَبَذْتها مَلأى وبَحَثْت عَن الْخَبَر وبَحَثْته: كَشَفْت، وَكَذَلِكَ اسْتَحَثْته واسْتَحَثْت عَنهُ، وأَحْبَرتِ الضَّربةُ جِلْدَهُ وبجِلْدِه: أثَّرَت فِيهِ، واسْتَحْيَيْت الرجلَ واسْتَحْيَيْت مِنْهُ، وطوَّحته وطَوَّحت بِهِ: حَمَلْته على ركُوب مَكارِه يخافُ هَلَاكه فِيهَا، وثَأَرَه وثَأَرَ بِهِ: أَدْرَكَ ثَأْرَه، وناحَتْه المرأةُ وناحَتْ عَلَيْهِ، وهَجْهَجتُ السَّبُع وهَجْهَجت بِهِ: صِحْتُ بِهِ وزَجَرْته، وهَشِشْته وهَشِشْت بِهِ: بَشِشْت، ومَذَقْته ومَذَقْت لَهُ: لم أُخْلِصْه، واقْتَتُّ الشيءَ واقتَتُّ بِهِ: جَعَلْته قُوتِي، وأَوْفَقْت السَّهمَ وأَوْفَقت بِهِ: وَضَعْته فِي الوَتَر لأرمي بِهِ، وكَتَّبْتُ الناقةَ وعلَيْها: صَرَّرتها وأَوْكَيْت القِرْبَةَ وأَوْكَيْت عَلَيْهَا: رَبَطْتها بالوِكاء، ورَجَزْت بِهِ ورَجَزْته: أَنَشْدته أُرْجوزة، وزَجَلْت الشيءَ وزَجَلْت بِهِ: رميتُه، ونَجَلَ بِهِ أَبوهُ ونَجَلَه، وجَأْجَأت الإبلَ وجَأْجَأت بهَا: دَعَوْتها للشُّرب. وأَشْرَفْت الشيءَ وأَشْرَفْت عَلَيْهِ: عَلَوْته، وشَرَفْته وشَرَفْت عَلَيْهِ: فَضَلْته. وأشاطَ دَمَه وبدمِه: أَذْهَبه، وأَشَدْت ذِكْرَه وبذِكرِه: أَشَعْته، وضَبَطَ على الشيءِ وضَبَطَه، وصَفَقْت الجابَّةَ وصَفَقْتُ لَهَا: عَمِلْت لَهَا صُفَّة، وأَنْصَتُّه وأَنْصَتُّ لَهُ: سَكَتُّ، وذَهَلْت الشيءَ وذَهَلْت عَنهُ. ونوَّهْت بِهِ ونوَّهته: رَفَعْت ذِكْرَه، وخَفَرْت الرجلَ وخَفَرْت بِهِ وَعَلِيهِ: أَجَرْته، وأَلْغَزت الكلامَ وأَلْغَزت فِيهِ: عَمَّيْته، وقَزَّت نَفسي عَن الشيءِ وقَزَّته: أَبَتْه. وتَكَلَّم فَمَا أَسْقَط كَلِمَةً وَمَا أَسْقَط فِي كَلِمَة. ن الشيءِ وقَزَّته: أَبَتْه. وتَكَلَّم فَمَا أَسْقَط كَلِمَةً وَمَا أَسْقَط فِي كَلِمَة.
ذِكرُ المبْنِيَّات
الْبناء ضدُّ الْإِعْرَاب فِي الْمَعْنى ومثلُه فِي اللَّفْظ أَلا ترى أَن سِيبَوَيْهٍ قَالَ هَذَا بَاب مجاري أَوَاخِر الْكَلم من الْعَرَبيَّة وَهِي تجْرِي على ثَمَانِيَة مَجارٍ على النَّصب والرَّفع والجّرِّ والجَزْم وَالْفَتْح والضَّمِّ والكَسر وَالْوَقْف، ثمَّ(4/248)
قَالَ وَهَذِه المجاري الثَّمَانِية يجمعهنَّ فِي اللَّفْظ أَرْبَعَة أضْرب فالنَّصب وَالْفَتْح فِي اللَّفْظ ضَرْبٌ وَاحِد، وَالْكَسْر والجَرُّ فِيهِ ضربٌ وَاحِد، وَكَذَلِكَ الرَّفعُ والضمُّ والجزم وَالْوَقْف. قَالَ: وَإِنَّمَا ذكرت لَك ثَمَانِيَة مجار لأَفْرُقَ بَين مَا يدْخلهُ ضرب من هَذِه الْأَرْبَعَة لما يُحدِث فِيهِ الْعَامِل وَلَيْسَ شيءٌ مِنْهَا إلاّ وَهُوَ يَزُول عَنهُ وَبَين مَا يُبنى عَلَيْهِ الْحَرْف بِنَاء لَا يَزُول عَنهُ لغير شيءٍ أحدَثَ ذَلِك فِيهِ من العوامل الَّتِي لكل عاملٍ مِنْهَا ضَربٌ من اللَّفْظ بالحرف وَإِنَّمَا أوردت قَول سِيبَوَيْهٍ لأُريكَ اتِّفاقَ الْإِعْرَاب وَالْبناء فِي اللَّفْظ وافتراقَهما فِي الْمَعْنى وَلَوْلَا مُضادَّةُ الْبناء الإعرابَ من وَجه وموافقتُه لَهُ من وَجه لما احتجنا إِلَى الْإِعْرَاب لأنَّ غرضَنا إِيضَاح المبنِيَّات فِي هَذَا الْبَاب، وَلَكِن الضدّ لَا يتبيَّن إِلَّا بضدِّه، فالإعراب مبيَّن بِالْبِنَاءِ وَالْبناء مبيَّن بالإعراب، وَذَلِكَ كَمَا يَقُول أهل الْكَلَام السَّواد ضدّ الْبيَاض وَالْبَيَاض ضدّ السَّواد، وَقد يُذكَر الشَّيْء فِي بَاب ضدّه لِأَن التَّعْبِير عَنهُ إِنَّمَا هُوَ بِهِ، وَأَنا أذكر جملَة أدُلُّ بهَا على عِلَّة الْمَبْنِيّ وأتحرّى فِي ذَلِك إنجاز القَوْل وتسهيله وتقريبه من الأفهام بغاية مَا يُمكن وأعتمد فِي ذَلِك على عقد ذكره الفارسيّ فِي كِتَابه الموسوم بالإغفال عِنْد ردِّه على أبي إِسْحَاق فِي تَعْلِيل بعض المبنيّات. قَالَ أَبُو عَليّ: الْأَسْمَاء فِي الْإِعْرَاب وَالْبناء على ضَرْبَيْنِ: مُعْرَبٌ ومبنيٌّ والمعرب على ضَرْبَيْنِ مُنْصَرِفٌ وَغير منصرف فَغير المنصرف مَا شابه الْفِعْل من وَجْهَيْن وَأما المنصرف مِنْهَا فَمَا كَانَ بِخِلَافِهِ، والمبنيُّ على ضَرْبَيْنِ مَبْنِيّ على حَرَكَة ومبني على سُكُون فالمبني مِنْهَا على الْحَرَكَة على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا مَا كَانَ بِنَاؤُه على الْحَرَكَة لتمكُّنه قبلَ حَاله المُفْضِيَة بِهِ إِلَى الْبناء وَذَلِكَ من علُ وأوَّل وَيَا حَكَمُ وَمَا أشبه ذَلِك وَالْآخر أَن يكون بِنَاؤُه على الْحَرَكَة لالتقاء الساكنين نَحْو كَيفَ وَأَيْنَ وأيّانَ وثَمَّ وأُولاءِ وحَذار ومُنذُ وحركة ذَلِك تَنْقَسِم إِلَى الحركات الثَّلَاث كَمَا يتبيَّن لَك فِي هَذِه، فَأَما المبنيُّ على السُّكون فنحو كَمْ ومُذْ وإذْ وكلُّ هَذِه الْأَسْمَاء المبنيَّة مَعَ اختلافها فالعِلَّة الْمُوجبَة لبنائها مشابهتُها للحروف ومُضارعتُها فَهَذِهِ جملَة العلَّة الْمُوجبَة للْبِنَاء وَلَيْسَ تَقَصّي هَذَا من غَرَض هَذَا الْكتاب وَإِنَّمَا أوردت هَذِه العلَّة لِأَنَّهَا جِنسٌ عالٍ فِي علل هَذَا الْبَاب، وَأَنا أذكر المبنيّات لأُعيِّنها حرفا حرفا إِن شَاءَ الله تَعَالَى بأوجز مَا أقدر عَلَيْهِ ليُغني الملتمس لعلم المبنيّات عَن كثير من النّظر فِي كَلَام النّحويين وإطالتهم فِي شرح هَذَا القَبيلَ أما حُرُوف الْمعَانِي فقد قدّمت ذكرهَا وَأَنا آخذٌ الْآن فِيمَا سواهَا من المبنيّات. أما الْأَصْوَات فَإِنَّهَا تجْرِي على ضَرْبَيْنِ معرفَة ونكرة، والمعرفة مِنْهَا مبنيَّة على السّكون إلاّ أَن يلتقي فِي آخِره ساكنان فيحرَّك على قدر مَا يستوجبه التقاء الساكنين فمما جَاءَ مِنْهُ سَاكِنا وَلم يلتق فِي آخِره ساكنان صَهْ وَمَعْنَاهُ اسكُتْ، ومَهْ وَمَعْنَاهُ انتَهِ وكُفَّ، وعدَسْ وحَدَسْ: وَهُوَ زَجر للبغل قَالَ الشَّاعِر: عَدَسْ مَا لِعَبّادٍ عليكِ إمارةٌ أَمِنْتِ وَهَذَا تَحْمِلينَ طَليقُ وَمَا التقى فِي آخِره ساكنان فحُرِّك فنحو: إيه وغاقِ قَالَ الشَّاعِر: وَقَفنا فقُلنا إيهِ عَن أُمِّ سالِمٍ وَمَا بالُ تَكليمِ الدِّيار البَلاقِع وَكَانَ الْأَصْمَعِي يُخَطِّئ ذَا الرِّمَّة فِي هَذَا الْبَيْت وَيَزْعُم أَن الْعَرَب لَا تَقول إِلَّا إيهٍ بِالتَّنْوِينِ والنَّحويّون البَصريّون صوَّبوا ذَا الرمة وقسّموا إيهٍ على ضَرْبَيْنِ فَقَالُوا إِنَّمَا إيهٍ استزادةٌ فَإِذا استزادوا منكوراً كَانَ منوَّناً وَكَانَ التَّنْوِين عَلامَة للتنكير غير أَن التَّنْوِين ساكنٌ فتكسر لَهُ الْهَاء وَإِذا كَانَ استزادة معرَّفاً زَالَ التَّنْوِين فَبَقيَ الْحَرْف الْأَخير سَاكِنا فَالتقى ساكنان فِي آخِره فكُسِر الْأَخير مِنْهُمَا لالتقاء الساكنين فَإِذا نكَّرت شَيْئا من الْأَصْوَات نَوَّنت لعلامة التنكير ثمَّ كسرت آخِره لسُكونه وَسُكُون التَّنْوِين كَقَوْلِهِم صَهٍ ومَهٍ وَرُبمَا لم يكسروا آخِره لعلَّةٍ عارضةٍ(4/249)
فَمن ذَلِك قَوْلهم إِيهاً فِي الكَفِّ أدخلُوا التَّنْوِين للتنكير ثمَّ فتحُوا آخِره لالتقاء الساكنين لئلاّ يلتبس بإيهٍ الَّذِي هُوَ للاستزادة غير أَن هَذِه الْأَصْوَات مِنْهَا مَا يسْتَعْمل معرفَة وَلَا يُنَكَّر كنحو عدسْ وتُشُؤْ للحمار إِذا دَعوته ليشْرب، وَمِنْهَا مَا يسْتَعْمل نكرَة كنحو إيهاً ووَيهاً، وَمِنْهَا مَا يسْتَعْمل نكرَة وَمَعْرِفَة نَحْو غاقِ وغاقٍ وإيهِ وإيهٍ وكنحو قَوْلهم أُفُّ وأُفَّ وأُفِّ وَهِي كلمة للضُّجْرة غير منوَّنة فِي الْمعرفَة وَفِي النكرَة أُفٌّ وأُفّاً وأُفٍّ فَمن قَالَ أُفُّ فضَمَّ أتبع الْحَرَكَة الْحَرَكَة كَمَا تَقول مُدُّ وَمن قَالَ أُفِّ كَسر لالتقاء الساكنين على حَسَب مَا يُوجِبهُ التقاء الساكنين وَمن قَالَ أُفَّ فتح استثقالا للتضعيف وضَمَّةِ الْهمزَة كَمَا تَقول مُدَّ يَا هَذَا، وَإِذا نكّرت أدخلتَ التنوينَ على اخْتِلَاف هَذِه الحركات للعلل الَّتِي ذَكرنَاهَا وَمَا أَتَاك من الْأَصْوَات فَهَذَا قِيَاسه.
وَمن المَبنِيّات قَوْلهم
أَيّانَ تقوم فِي معنى مَتى تقوم وَهِي مبنيَّة على الْفَتْح وَقد كَانَ اصلها أَن تكون سَاكِنة لِأَنَّهَا وَقعت موقع حرف الِاسْتِفْهَام غير أَنَّهَا التقى فِي آخرهَا ساكنان فآثروا تَحْرِيك آخرهَا بِالْفَتْح لِأَن قبلهَا يَاء وَهِي مَعَ ذَلِك مشدَّدة وَبَينهَا وَبَين الْيَاء الْألف وَلَيْسَت حاجزاً حصيناً فَلم يحفِلوا بِكَوْنِهَا أَعنِي كَون الْألف ففتحوا النونَ كَأَنَّهَا وَقعت بعد ياءٍ مضاعَفة، وعِلَّةٌ أُخْرَى وَهِي أَن الْأَسْمَاء الَّتِي يستفهم بهَا كلّ مَا وجبَ التّحريك فِيهِ مِنْهَا مفتوحٌ نَحْو أينَ وكيفَ فأتبعوها أيّانَ إِذْ كَانَت مستَحِقَّةً لتحريك الآخر حَتَّى لَا تخرج من جملتِها، وَمِنْهَا قَول الشَّاعِر: طَلبوا صُلْحَنا ولاتَ أَوانٍ فأجَبنا أَن لَيْسَ حِينَ بَقاءٍ فكَسر أوانٍ ونوَّن. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: إِنَّمَا نوَّن من قبل أَن الأوان من أَسمَاء الزَّمَان وَأَسْمَاء الزَّمَان قد تكون مضافاتٍ إِلَى الجُمل كَقَوْلِك هَذَا يومُ يقومُ زيدٌ، وأتيتُكَ زَمَنَ الحجّاجُ أميرٌ، فَإِذا حُذِفت الْجُمْلَة عوَّضت مِنْهَا التَّنْوِين كَمَا فعلْتَ فِيمَا أُضيف إِلَى غير مُتَمَكِّن كَقَوْلِك يومئذٍ وحينَئذٍ فَهَذَا معنى مَا قَالَ أَبُو الْعَبَّاس وأظنّني قد زِدْت فِيهِ شرحَ دُخُول التَّنْوِين لِأَن الغالبَ فِي ظَنّي عَن أبي الْعَبَّاس وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ أَصْحَابه أَنه بِمَنْزِلَة قبلُ وبعدُ حِين بُنِيا لما حُذِف مِنْهُمَا من الْمُضَاف إِلَيْهِ فَرَأَيْت هَذَا القَوْل يختلُّ من جِهَة أنّ قَبْلُ وبعدُ وَمَا جرى مجراهما مَتى نُحِّيَ عَنْهُمَا الْمُضَاف إِلَيْهِ لم يخلُ من أَن يكون معرفَة أَو نكرَة فَإِذا كَانَ معرفَة كَانَ مبنيّاً على حالةٍ واحدةٍ كَقَوْلِك جِئتُكَ قَبلاً وجئتكَ من قبلُ، وَالصَّحِيح فِي أوانٍ عِنْدِي أَنه نُوِّن وبُنِي لِعلَّتين إِحْدَاهمَا أَنه كَانَ مُضَافا إِلَى جملَة حُذفت عَنهُ فاستحقَّ التَّنْوِين عوضا من حذفهَا بِمَنْزِلَة إِذْ وَلم يكن بِمَنْزِلَة قبلُ وبعدُ لِأَن قبلُ وبعدُ كَانَا مُضَافا إِلَى اسْم وَاحِد وبُنِي إِذْ قد صُيِّرَت فِي معنى إِذْ حِين حذفت الْجُمْلَة مِنْهَا وَبَقِي فِيهَا عوضُها وَهُوَ التَّنْوِين فَصَارَ كاسمً حُذِف بعضه وَبَقِي بعضُه والتقى فِي آخِره ساكنان التَّنْوِين الَّذِي دخل عوضا وَالنُّون الَّتِي يَنْبَغِي إسكانها للْبِنَاء فكُسرت وَالْعلَّة الثَّانِيَة فِي كَسرَة أوانٍ أنّا رَأينَا لاتَ قد تقع بعْدهَا الْأَزْمِنَة مَنْصُوبَة ومرفوعةً إِذا لم تكن محذوفا مِنْهَا شيءٌ فَلَو قيل لاتَ أواناً أَو لاتَ أوانٌ كَانَا مُعربين وَلم يكن دَلِيل على حذف شيءٍ وَصَارَ بِمَنْزِلَة لاتَ حينا ولاتَ حينٌ بِلَا تَقْدِير حذفٍ من حينٍ فنوَّنوا لما ذكرنَا وكسروا لِأَن يخرج هَذَا من الَّلبْس. وَمن ذَلِك هُنَا وَهُوَ إشارةٌ إِلَى مَا حضر من الْمَكَان وَفِيه ثلاثُ لُغَات هُنا وهَنَّا وهِنَّا وَهِي أرْدَؤها، قَالَ ذُو الرمة فِي التَّشْدِيد: هَنَّا وهِنَّا وَمن هُنَّا لهُنَّ بهَا ذاتَ الشَّمائِلِ والأيمانِ هَيْنُومُ وَيجوز إدخالُ حرفِ التَّنْبِيه عَلَيْهِ كَمَا تُدْخِلُه على ذَا إِذا أشرتَ إِلَيْهِ تَقول ههُنا وههُنَّا واستحقَّ البناءَ للإشارةِ والإبهامِ كَمَا استحقَّ هَذَا وَهَؤُلَاء وَمَا يَجري مجْراهما وَلَا تجوزُ الإشارةُ بِهِ إِلَى شيءٍ غير الْمَكَان إِلَّا(4/250)
أَن تجريه مُجْرى المكانِ مَجازاً كَقَوْلِك قِفْ هُنا حيثُ أمركَ اللهُ وَإِنَّمَا حيثُ للمكان وَمثله زيدٌ دونَ عَمْرو فِي مرتَبتِه وفوقَه ودونَ وفَوْقَ يُستعمَلان فِي حَقِيقَة اللُّغةِ لما علا شَيْئا أَو انحطَّ عَنهُ وَقد جَاءَ فِي الشّعْر للزمان قَالَ الشَّاعِر: لاتَ هَنَّا ذِكْرى جُبَيْرةَ أَو مَنْ جَاءَ مِنْهَا بطائِفِ الأهوالِ أَرَادَ أَنه لَيْسَ هَذَا أَوَان ذِكرى جُبَيْرة وَهِي امْرَأَة. فَإِذا أَشرت إِلَى مَكَان متَنَحٍّ متباعِد قلت ثَمَّ إِذا وَصَلْت الكلامَ فَإِذا وقَفْت عَلَيْهِ وقفت بِالْهَاءِ فَقلت ثَمَّهْ وَإِنَّمَا أَلْحَقت الهاءَ إِذا وَقَفْت لِأَن كل متحرِّك لَيست حركته إعراباً جَازَ أَن تُلْحِق آخرَه هَاء فِي الوقْف نَحْو كَيْفَ وأَيْنَ وهُوَ وهيَ فَتَقول كَيْفَهْ وأَيْنَه وهَيَهْ وهُوَهْ قَالَ حسان: إِذا مَا تَرَعْرعَ فِينَا الغُلام فَمَا إنْ يقالُ لَهُ مَنْ هُوَهْ وَيجوز أَن لَا تُلحِق هَاء فَتَقول جئْتُك من ثَمّْ وَإِنَّمَا وَجب أَن يُفتَح آخرُه من قِبَل أَن ثمَّ يُشارُ بِهِ إِلَى متباعدٍ فَوَجَبَ بِنَاؤُه على السّكُون للْإِشَارَة الَّتِي فِيهِ ولإبهامه على مَا تقدم فِي المبهَمات فالْتَقى فِي آخِره ساكنان ففُتح للتشديد الَّذِي فِيهِ وَلَا يستعمَلُ إِلَّا للمكان المتنحِّي أَو مَا أُجريَ مُجْراه فَإِن قَالَ قائلٌ فهَلاّ زادوا على إِشَارَة الْحَاضِر من الْمَكَان كافاً فيكونُ إِشَارَة إِلَى المتنحَّى مِنْهُ كَقَوْلِهِم ذَا إِذا أشاروا إِلَى حاضِر فَإِذا أشاروا إِلَى متَنَحٍّ زادوا كافاً للمخاطب وجعلوه عَلامَة لتَباعُد المشارِ إِلَيْهِ فَقَالُوا ذاكَ بِزِيَادَة الْكَاف على الْمَكَان المتنحَّى الْمشَار إِلَيْهِ ثمَّ جعلُوا للمكان المتباعد لفظا يدلُّ على صورته على تباعدِه فَلم يحتاجوا إِلَى الْكَاف وَهُوَ قولُهم رأيتُه ثَمَّهْ فثَمَّهْ صورتُها تدلُّ على تَباعُد الْمَكَان فَإِذا قَالُوا رأيتُه هُناك ذلت الْكَاف على مثل مَا دلَّتْ عَلَيْهِ ثَمَّهْ بِغَيْر كافٍ وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنهم لَو نزعوا الْكَاف فَقَالُوا رأيتُه هُنَا بِغَيْر كافٍ صَارَت الإشارةُ إِلَى مَكَان حاضِرٍ فقد علمت أَن الْكَاف مَعَ هُنَا بِمَنْزِلَة ثَمَّ بصيغَتِها ويُدخِلون اللامَ لتأكيد التباعُد فَيَقُولُونَ هُنالِك كَمَا يَقُولُونَ ذلكَ وَلَا فرقَ بينَهما فِي الْإِشَارَة غير أَن هُنالِك وبابَها إشارةٌ إِلَى المكانِ وَذَلِكَ إشارةٌ إِلَى كل شَيْء فاعْرفه إِن شَاءَ الله.
وَمن ذَلِك الْآن
وَهِي مبنِيَّةٌ على الْفَتْح، قَالَ المُبَرد: الَّذِي أَوْجَبَ البِناءَ أَنَّهَا وقعتْ فِي أولِ أحوالها بِالْألف واللامِ وحُكمُ الْأَسْمَاء أَن تكونَ منكورةً شائعةَ فِي الْجِنْس ثمَّ يدْخل عَلَيْهَا مَا يُعَرِّفُها من إِضَافَة أَو ألف وَلَام فخالفت الآنَ أخواتها من الْأَسْمَاء بأنْ وقعتْ معرفَة فِي أوّل أحوالها ولزِمت موضِعاً وَاحِدًا فبُنِيتْ لذَلِك هَذَا الْمَعْنى قَالَه أَبُو الْعَبَّاس أَو نَحوه وَأَقُول إِن لزومَها لهَذَا الموضِع فِي الْأَسْمَاء قد ألحَقها بشبَه الْحُرُوف وَذَلِكَ أَن الْحُرُوف لازمةٌ لمواضِعها الَّتِي وَقَعْت فِيهَا فِي أوّلَّيتها غيرُ زائِلة عَنْهَا وَلَا بارحةً مِنْهَا واختاروا الفتحَ لِأَنَّهُ أخفُّ الحركاتِ وأشكلُها بِالْألف وأتْبعوها الألفَ الَّتِي قبلَها كَمَا أتبعوا ضمةَ الذَّال فِي مُنْذُ ضمةَ الْمِيم وَإِن كَانَ حقٌّ الذَّال أَن تُكسَر لالتقاء الساكنين وَقد يجوز أَن يَكُونُوا أتبعوا فتحةَ النونِ فتحةَ الهمزةِ وَلم يَحْفِلوا بِالْألف كَمَا لم يحْفِلوا بالنُّون الَّتِي بَين الْمِيم والذال فِي مُنْذُ وَقد يجوز فِي فتحهَا وجهٌ آخرُ وَهُوَ مَا ذَكَرْنا من أَمر الظُّروف المستَحِقَّة لبِنَاء أواخِرها على حركةٍ لالتقاء الساكنَيْن كأَيْنَ وأيَّانَ وَقد بُنيا على الْفَتْح وأحدُهما من ظروف الزَّمَان والآخرُ من طروف المكانِ وشاركتْهما الآنَ فِي الظرفِية وَآخِرهَا مستَحِقٌّ للتحريك لالتقاء الساكنَيْن ففُتح تَشْبِيها بهما، وَمعنى(4/251)
الآنَ أَنه الزمانُ الَّذِي كَانَ يَقع فِيهِ كلامُ المتكلِّم وَهُوَ الزَّمَان الَّذِي هُوَ آخرُ مَا مضى وأوّلُ مَا يَأْتِي من الْأَزْمِنَة. قَالَ الْفراء: فِيهِ قَولَانِ: أحدُهما أَن أَصله من قَوْلك آنَ الشيءُ يَئين: إِذا أَتَى وقتُه كَقَوْلِك آنَ لَك أَن تفعلَ وأنى لكَ وأنالَ لَك أَن تفعل: أَي أنَى وقتُه وآخرُ آنَ مَفْتُوح لِأَنَّهُ فعل ماضٍ فَزعم الْفراء أَنهم أدخلُوا الألفَ واللامَ على آنَ وَهُوَ مَفْتُوح فَتَرَكُوهُ على فتحِه كَمَا يُروى عَن النَّبِي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم أَنه نهى عَن قِيلَ وقالَ. وقيلَ وقالَ فِعلان ماضِيانِ فأدخلَ عَلَيْهِمَا الخافِضَ وتركَهُما على مَا كَانَا عَلَيْهِ، وَالْقَوْل الثَّانِي أَن الأَصْل أوانَ ثمَّ حذفوا الْوَاو فَبَقيَ آنَ كَمَا قَالُوا رَياحٌ وراحٌ وَالَّذِي قَالَه الْفراء خطأ أَعنِي الْوَجْه الأول من الْوَجْهَيْنِ لِأَن الْألف واللامَ إِن كَانَتَا للتعريف كدخولهما فِي الرجل فَلَيْسَ لآنَ الَّذِي هُوَ فِعلٌ فاعلٌ وَإِن كَانَتَا بِمَعْنى الَّذِي لم يجُز دخولهما إِلَّا فِي ضرورةٍ كاليُجَدَّع فَإِن قَالَ قَائِل يكونُ فِيهِ ضميرُ المصدَر كَمَا أُضمِر فِي قِيلَ وقالَ فالجوابُ فِي ذَلِك أَن مَا يُحكى تدخل عَلَيْهِ العواملُ وَلَا تدخلُ عَلَيْهِ الألفُ واللامُ لِأَن العواملَ لَا تغيّر معانيَ مَا تدخلُ عَلَيْهِ كتغيير الْألف وَاللَّام أَلا ترى أَنا نقُول نصبْنا اسمَ إِن بأنَ ورفعنا بكانَ وَلَا تَقول نصبْناه بالإنَّ ورَفَعْناه بالكانَ وَأما مَا شبَّهه بِهِ من نَهيه عَلَيْهِ السَّلَام عَن قِيلَ وقالَ فَغير مُشَبَّه بِهِ لِأَنَّهُ حكايةٌ والحكاياتُ تدخلُ عَلَيْهَا العواملُ فتُحكى وَلَا يدخلُ عَلَيْهَا الْألف واللامُ أَلا ترى أَنا نقُول مَرَرْت بتأبطَّ شرَّاً وببرَقَ نحْرُه وَلَا تَقول هَذَا التأبَّطَ شرَّاً وَإِنَّمَا حُكي قيلَ وقالَ عِندي من قِبَل أَن فيهمَا ضميراً قد أُقيم مُقامَ الفاعلِ وَمَتى وَرَدَ الفعلُ وَمَعَهُ فاعلُه حُكي لَا غيرُ كَمَا ذكرْنا فِي تأبَّط شرَّاً وبرَقَ نحرُه وَأما مَا ذكره من الرَّاح والرَّياح وَأَن أصلَه أوانَ فَلَيْسَ ذَلِك تعليلاً لبنائه على الْفَتْح وَإِنَّمَا كلامُنا فِي بنائِهِ. وَمن ذَلِك شَتَّانَ وَمَعْنَاهُ بَعُدَ من الشَّتِّ: وَهُوَ التفرُّق والتباعُدُ، يُقَال: شَتَّانَ زيدٌ وَعَمْرو وشَتَّان مَا زيدٌ وعمروٌ فَمَعْنَاه تَباعَد وتفرَّق أمرُهما، قَالَ الشَّاعِر: شَتَّانَ هَذَا والعِناقُ والنَّوْمْ والمَشْرَبُ البرِدُ والظِّلُّ الدَّوْمْ ويروى فِي الظِّلُّ الدَّوْمْ، قَالَ الْأَعْشَى: شَتَّانَ مَا يَوْمِي على كُورِها ويَوْمُ حَيَّانَ أخي جابِرِ وَكَانَ الْأَصْمَعِي يَأْبَى شَتَّان مَا بَيْنَ زيدٍ وَعَمْرو ويُنشِد بيتَ الْأَعْشَى الَّذِي ذَكرْنَاهُ ويردّ قولَ رَبيعةَ الرَّقِّيِّ وَيَقُول لَيْسَ بِحجَّة وَهُوَ قَوْله: لَشَتَّانَ مَا بَيْنَ اليَزيدَيْنِ فِي النَّدى يَزيدِ سُلَيْمٍ والأغَرِّ بنِ حاتِمِ وَزعم الزجّاجُ أَن الَّذِي أَوْجَب لَهُ البناءَ أَنه مصدر جَاءَ على فَعْلاَن َ فَخَالف أخواته فبُني لذَلِك، قَالَ: وَقد وَجَدْنا فَعْلاَنَ فِي المصادر قَالُوا لَوَىَ يلْوِي لَيَّاناً، قَالَ الشَّاعِر: تُطيلينَ لَيَّانِي وأنْتِ مَلِيَّةٌ وأُحْسِنُ يَا ذاتَ الوِشاح التَّقاضِيا فلقائلٍ أَن يقولَ إِن لَيَّناً مصدرُ فعل مستَعْمَلٍ لَهُ وَهُوَ قَوْلك لَوَىَ يلْوي لَيَّناً وَلَيْسَ كَذَلِك شَتَّانَ لِأَنَّك لَا تَقول شَتَّ يَشُتُّ شَتَّاناً فَهُوَ مَعَ خُرُوجه من أَمْثِلَة المصادرِ غيرُ منطوقٍ بِالْفِعْلِ الْمَأْخُوذ مِنْهُ وَذكر بعضُ أهل العلمِ باللغة أَن شَتَّ الَّذِي شَتَّانَ فِي مَعْنَاهُ إِنَّمَا هُوَ فَعُلَ كَانَ أَصله شَتُتَ فنَزَعوا الضمةَ وأدغموا وَمثله قَوْلهم سَرْعَانَ ذَا إهالةَ يريدونَ سَرُع ذَا إهالةَ فَجرى سَرْعَانَ مَجْرَى سَرُع ففُعل بِهِ مَا فُعل بشَتَّانَ حِين كَانَ فِي معنى شَتَّ وسَرْعَانَ ذَا إهالةَ مثل أَن أحد حمقى الْعَرَب فِيمَا روى اشْترى شَاة فَسَأَلَ رعامها فتوهمه شحما مذابا فَقَالَ(4/252)
لبَعض أَهله خُذ من شتنا إهالتها إِلَى مخاطها فَقَالَ سرعَان ذَا إهالة والإهالةُ: الشَّحْم المُذاب. أَبُو حَاتِم السِّجِسْتاني: وَقد ذكر شَتَّانَ فَزعم أَنه بمنزِلة سُبْحانَ وَهَذَا وهمٌ لِأَن سُبْحانَ عِنْد النَّحْوِيين منصوبٌ مُعرَب إِلَّا أَنه لَا يَنْصَرِف لِأَنَّهُ معرفَة وَلِأَن فِي آخِره نوناً وألفاً زائدتَيْن وانتصبَ لِأَنَّهُ مصدرٌ وَلم يُنوَّن لِأَنَّهُ لَا ينْصَرف، قَالَ أميَّةُ بن أبي الصَّلْت: سُبْحانَهُ ثمَّ سُبْحاناً يعودُ لَهُ وقَبْلَنا سَبَّح الجُودِيُّ والجُمُد الجودِيُّ والجُمُد: جبلان، وسُبْحاناً فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا أَن يكونَ نُوِّن للضَّرُورَة كَمَا يُصْرَف مَا لَا ينْصَرِف فِي الشّعْر وَالْآخر أَن يكون نكرَة فأعربَه. وَأما إبَّانَ ذَلِك وإفَّانَ ذَلِك وَالْمعْنَى فيهمَا مُتَقَارب فهما مُعْرَبان مضافان إِلَى مَا بعدهمَا كَقَوْلِك جِئت على إفَّانِ ذَلِك وجِئت فِي إبَّانِه: أَي فِي وقْتِه وَإِذا لم تُدخلِ الجارَّ نصبْتَ على الظّرْف فقلتَ جِئت إبَّانَ ذَلِك. وَمن ذَلِك هَلُمَّ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هَلُمَّ وَمَا أشبَهها من أَسمَاء الْفِعْل لَا تدخُلُها النُّون الثَّقِيلَة وَلَا الْخَفِيفَة. قَالَ أَبُو عَليّ: اعْلَم أَن فِي هَلُمَّ لغتين إِحْدَاهمَا وَهُوَ قولُ أهل الْحجاز ولغةُ التَّنْزِيل أَن تكون فِي جَمِيع الْأَحْوَال الْمُذكر والمؤنث والواحدِ والاثنين وَالْجَمَاعَة من الرجالِ والنساءِ على لفظٍ واحدٍ لَا تظهر فِيهِ علامةٌ لتثنيةٍ وَلَا جمعٍ كَقَوْلِه تَعَالَى: (هَلُمَّ إلَيْنا) . فَيكون بِمَنْزِلَة رُوَيْدَ وصَهْ ومَهْ ونحوِ ذَلِك من الْأَسْمَاء الَّتِي سُمِّيَت بهَا الأفعالُ وتستعمل للْوَاحِد والجميع والتأنيث والتذكير على صورةٍ واحدةٍ وَالْأُخْرَى أَن تكون بِمَنْزِلَة رُدَّ فِي ظُهُور عَلَامَات الفاعلينَ على حسَب مَا يظْهر فِي رُدَّ وسائرِ مَا أشبههَا من الْأَفْعَال وَهِي فِي اللغةِ الأُولى وَفِي اللُّغَة الثانيةِ إِذا كَانَت للمخاطَب مبنِيَّةٌ مَعَ الْحَرْف الَّذِي بعْدهَا على الْفَتْح كَمَا أنّ هَل تفعَلَنّ مبنيٌّ مَعَ الْحَرْف على الْفَتْح وَإِن اخْتلف موقِعُ الحرفين فِي الْكَلِمَتَيْنِ فَكَانَ الْحَرْف فِي إِحْدَاهمَا مقدَّماً وَفِي الأُخرى مؤخرَّاً وَلم يمنعهما من الِاجْتِمَاع فِيمَا اجْتمعَا لَهُ من كَونهمَا مَعَ الحرفين مبنِيَّيْن على الْفَتْح فَأَما الْهَاء اللاحِقُ لَهَا أَولا فَهِيَ من هَا الَّتِي للتّنْبِيه لَحِقَت أوّلاً لأنَّ لَفْظَ الْأَمر قد يحْتَاج إِلَى أَمر المأمورِ واستدعائِه لإقبالِه على الأمرِ فَهُوَ لذَلِك مثل المنادى وَمن ثَمَّ دخل حرفُ التَّنْبِيه فِي قَوْله تَعَالَى: (ألاّ يَسْجُدوا) . أَلا ترى أَنه أَمر كَمَا أَن هَذَا أَمر وَقد دخل هَذَا الحرفُ فِي جمل أُخَر نَحْو: (هَا أنتُم هؤلاءِ جادَلْتُم عَنْهُم) . فَكَمَا دخل فِي هَذِه الْمَوَاضِع كَذَلِك لَحِقَ لُمَّ إِلَّا أَنه كَثُر الِاسْتِعْمَال مَعهَا فغُيِّر بالحذف لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال كأشياء تُغَيَّر لذَلِك بالحذف نَحْو لم لأُبَلْ وَلَا أَدْرِ وَلم يَكُ وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا يُغيَّر للكثرةِ وَقد قَرَأَ بعض الْقُرَّاء هَأَنْتم هَؤُلَاءِ فَحذف هَذِه الألفَ فَإِذا حذفَها فِي هَذَا الْموضع مَعَ أَنه لم يكثُر كثرةَ مَا علمتك كَانَ حذفُه هُنَاكَ أجدَرَ وَلَا يستقيمُ لمن ضَعُف نظرُه أَن يستدلَّ بِحَذْف هَذِه الْألف على أَنَّهَا فِي الْحُرُوف زائدةٌ أَلا ترى أَن الْحَذف قد لَحِقَ مَا أعلمتك من الأُصول لكثرةِ الاستعمالِ وَمَا مُحال أَن يكون زَائِدا فَكَذَلِك الألفُ هُنَا وَمِمَّا حَسَّن حذفَ الألفِ من هَا فِي هَلُمَّ أَنَّهَا فِي موضِعٍ كَانَ يجب أَن تسقُطَ فِي الأَصْل لالتقاء الساكنين أَلا ترى أَن فاءَ افْعُلْ كَانَت فِي موضِع سكونٍ قبل الإدغامِ وَقد نجِد الْحَرَكَة الَّتِي تُلْقى عَن الْحَرْف لحرف غَيره لَا يخرجُ الْحَرْف بهَا عَن أَن يكون فِي نِيَّة سكونٍ يدُلُّك على ذَلِك تركُهم قلبَ الْوَاو فِي مَوَلةٍ فحسُن الحذفُ لسُكون الألفِ وَلِأَن الْفَاء كأنَّها ساكنةٌ كَمَا كَانَت الْوَاو فِي مَوَلَةٍ كَأَنَّهَا ساكنةٌ وَلَوْلَا ذَلِك لوجَبَ الإعلال والقلبُ فَمن حيثُ لم يجِبِ القلبُ حسُن الحذفُ فِي الْألف من هَلُمَّ وحسُن الحذفُ فِيهَا أَيْضا لِكَوْنِهِمَا كالكلمة الْوَاحِدَة كَأَنَّهُمَا لما بُنيا على الْفَتْح صَارا من الْأَسْمَاء كخمسةَ عشرَ وَمِمَّا يدل على أَنَّهُمَا كالكلمة الواحة أَنهم اشتَقُّوا مِنْهُمَا جَمِيعًا فِعلاً كَمَا يُشْتَقُّ من الْحَرْف المفرَد. قَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا قَالَ لكَ هَلُمَّ فَقل لَا(4/253)
أُهَلُمَّ أَلا ترى أَنهم قد أجروها مُجْرى مَا هُوَ شيءٌ وَاحِد حَيْثُ اشتقُّوا مِنْهُمَا فَإِن قلت وكيفَ يكونُ أُهَلُمَّ هَذَا الَّذِي حَكَاهُ الْأَصْمَعِي فِعلاً وَهل جَاءَ مِثَال من كَلَامهم يُؤْنَسُ بِهِ فقد قَالُوا أَنا أُهَريقُ وَهُوَ مضارع هَرَقْت وَلَيْسَ بمضارع أَرَقْت أَلا ترى أَن الوزنين واحدٌ وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ الْأَصْمَعِي غيرُ خارجٍ مِمَّا هُوَ فِي كَلَامهم سائغٌ. قَالَ: إِن شِئْت جعلت أُهَلُمَّ من بَاب هَلَّل ولَبَّى فَيكون انتظامك فِي اشتقاقٍ مِنْهُ من الحرفين كَهَذا الضَّرْب ويدُلُّك على حُسْن هَذَا الْوَجْه واستقامته أَنهم قد أَجْرَوا هَلُمَّ مُجْرى الْأَصْوَات بدِلالة نركِهم لَهَا على صورةٍ واحدٍ فِي الْأَحْوَال كلهَا وَهَذِه الْأَصْوَات يشتَقُّون مِنْهَا كَمَا يشتقُّون من الْكَلِمَتَيْنِ وَمَا جرى مَجْرَاهما. قَالَ: وحُكي عَن الْفراء أَنه قَالَ فِي هَلُمَّ إنّ أَصله هلْ أُمَّ وأُمَّ من قَصَدْت وَالدَّلِيل على فَسَاد هَذَا القولِ وفَسالتِه أَنه لَا يَخْلُو من أحد أمريْن إِمَّا أَن تكون هَل بِمَعْنى قَدْ وَهَذَا يخُل فِي الْخَبَر وَإِمَّا أَن تكونَ بِمَعْنى الِاسْتِفْهَام وَلَيْسَ لوَاحِد من الحرفين متعَلَّق بهَلُمَّ وَلَا مدخَلٌ أَلا ترى أَنَّهَا يرادُ بهَا الأمرُ دونَ غَيره وَالدَّلِيل على ذَلِك تثنيةُ من ثنَّاها وجمعُ من جَمَعَها وَلَا وَجْهَ لهَلْ هَهُنَا أَلا ترى أَنه لَا يكونُ هلِ اضْرِبْ وَأَنت تَأمر كَمَا لَا تَقول قد اضْرِبْ وَلَا هَل اقْتُلْ وَنَحْوه وَلَا يجوز أَن تكون بِمَعْنى فُعِل لِأَن ذَلِك للْخَبَر والخبرَ لَا وَجْهَ لَهُ هُنَا لِأَن المُرَاد الْأَمر فَإِن قَالَ قَائِل مَا تُنْكِر أَن يكونَ اللفظُ لفظَ الْخَبَر وَالْمعْنَى معنى الْأَمر مثلُ رحِم اللهُ زيدا وَنَحْوه فإنَّ كَوْنَ الكلمةِ واستعمالَهم إيَّاها فِي الْأَمر يمنَع ذَلِك أَلا ترى أَن من قَالَ رَحِمَ اللهُ زيدا فَأَرَادَ بِهِ الدُّعاءَ لم يُدخِل هلْ عَلَيْهِ فَلم يقلْ هَلْ رَحِمَ اللهُ وَلَا هَل لَقِيتَ خيرا وَهُوَ يُريد الدعاءَ وَهَذَا قولٌ فاسدٌ جِدَّاً لَا يجب أَن يُعرَّج عَلَيْهِ وَالْقَوْل فِيهِ مَا قد تقدم ذكره. ابْن السّكيت: إِذا قَالَ لكَ هَلُمَّ إِلَى كَذَا وَكَذَا قلتَ إلامَ أَهَلُمَّ، وَإِذا قَالَ هَلُمَّ كَذَا وَكَذَا قلت لَا أَهَلُمُّه مفتوحةَ الْألف وَالْهَاء: أَي أُعْطيكه. ابْن دُرَيْد: هَلْمَمْت بِالرجلِ: قلت لَهُ هَلُمَّ حَيْ هَلْ. أَبُو عبيد: يُقَال حَيَّ هَلْ بفلانٍ بجزم اللامِ وحَيَّ هَلَ بفلان وحَيَّ هَلاّ بفلان. قَالَ: وَسمع أَبُو مَهْديةَ رجلا يَقُول بِالْفَارِسِيَّةِ لرجل زُوذْ زوذْ فَقَالَ مَا يَقُول فَقيل يَقُول: عَجِّل عَجِّل، قَالَ: أَفلا يَقُول حيَّ هَلَكَ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: أما حَيَّهَلَ الَّتِي لِلْأَمْرِ فَمن شَيْئَيْنِ يدُلُّك على ذَلِك حَيَّ على الصَّلَاة وَزعم أَبُو الْخطاب أَنه سمع مرّة بعضَ الْعَرَب يَقُول حَيَّ هَلَ الصَّلَاة والدليلُ على أَنَّهُمَا جُعلا اسْما وَاحِدًا قَول الشَّاعِر: هلِ اضْرِبْ وَأَنت تَأمر كَمَا لَا تَقول قد اضْرِبْ وَلَا هَل اقْتُلْ وَنَحْوه وَلَا يجوز أَن تكون بِمَعْنى فُعِل لِأَن ذَلِك للْخَبَر والخبرَ لَا وَجْهَ لَهُ هُنَا لِأَن المُرَاد الْأَمر فَإِن قَالَ قَائِل مَا تُنْكِر أَن يكونَ اللفظُ لفظَ الْخَبَر وَالْمعْنَى معنى الْأَمر مثلُ رحِم اللهُ زيدا وَنَحْوه فإنَّ كَوْنَ الكلمةِ واستعمالَهم إيَّاها فِي الْأَمر يمنَع ذَلِك أَلا ترى أَن من قَالَ رَحِمَ اللهُ زيدا فَأَرَادَ بِهِ الدُّعاءَ لم يُدخِل هلْ عَلَيْهِ فَلم يقلْ هَلْ رَحِمَ اللهُ وَلَا هَل لَقِيتَ خيرا وَهُوَ يُريد الدعاءَ وَهَذَا قولٌ فاسدٌ جِدَّاً لَا يجب أَن يُعرَّج عَلَيْهِ وَالْقَوْل فِيهِ مَا قد تقدم ذكره. ابْن السّكيت: إِذا قَالَ لكَ هَلُمَّ إِلَى كَذَا وَكَذَا قلتَ إلامَ أَهَلُمَّ، وَإِذا قَالَ هَلُمَّ كَذَا وَكَذَا قلت لَا أَهَلُمُّه مفتوحةَ الْألف وَالْهَاء: أَي أُعْطيكه. ابْن دُرَيْد: هَلْمَمْت بِالرجلِ: قلت لَهُ هَلُمَّ حَيْ هَلْ. أَبُو عبيد: يُقَال حَيَّ هَلْ بفلانٍ بجزم اللامِ وحَيَّ هَلَ بفلان وحَيَّ هَلاّ بفلان. قَالَ: وَسمع أَبُو مَهْديةَ رجلا يَقُول بِالْفَارِسِيَّةِ لرجل زُوذْ زوذْ فَقَالَ مَا يَقُول فَقيل يَقُول: عَجِّل عَجِّل، قَالَ: أَفلا يَقُول حيَّ هَلَكَ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: أما حَيَّهَلَ الَّتِي لِلْأَمْرِ فَمن شَيْئَيْنِ يدُلُّك على ذَلِك حَيَّ على الصَّلَاة وَزعم أَبُو الْخطاب أَنه سمع مرّة بعضَ الْعَرَب يَقُول حَيَّ هَلَ الصَّلَاة والدليلُ على أَنَّهُمَا جُعلا اسْما وَاحِدًا قَول الشَّاعِر: وهَيَّجَ الحَيَّ من دارٍ فظَلَّ لهُمْ يومٌ كَثيرٌ تناديهِ ووحَيَّهَلُهْ والقوافي مَرْفُوعَة. قَالَ: أنشدناه هَكَذَا أعرابيٌّ من أفْصح النَّاس وَزعم أَنه شعرُ أَبِيه، قَالَ أَبُو عَليّ: فَأَما قَوْله: بحَيَّهَلاً يُزْجونَ كلَّ مَطِيَّةٍ أَمامَ المَطايا سيرْها المتقاذِفُ فَإِنَّهُ جعله اسْما للكلمة المزجور بهَا. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمن الْعَرَب من يَقُول حَيَّهَلَ حَيَّهَلَ إِذا وصلَ وَإِذا وقف أثبتَ الألفَ وَمِنْهُم من لَا يثبتُ الْألف فِي الْوَقْف والوصل، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: تَقول: رُوَيْداً زيدا وَإِنَّمَا تُرِيدُ أرْوِدْ زيدا، قَالَ الْهُذلِيّ: رُوَيْدَ عَلِيَّاً جُدَّ مَا ثَدْيُ أمِّهِمْ إِلَيْنَا ولكنْ وُدُّهُمْ مُتمايِنُ قَالَ: وَسَمعنَا من الْعَرَب من يَقُول وَالله لَو أَرَدْت الدَّراهم لأعطيتُكَ رُوَيْدَ مَا الشِّعْرَ يُرِيد أروِد الشِّعْرَ كَقَوْل الْقَائِل لَو أَرَدْتَ الدراهمَ لأعطيتُكَ فَدَعِ الشِّعرَ وَقد تكون رُوَيْداً أَيْضا صفة كَقَوْلِك سَارُوا سَيْرَاً رُوَيْداً. أَبُو عبيد: تكبيره رُود وأنْشَد:(4/254)
كأنَّها مِثْلُ من يَمشي على رُودِ وَلَيْسَ هَذَا الْقسم من غَرَض هَذَا الْبَاب وتلحق رُوَيْداً الكافُ وَهِي فِي مَوضِع أَفْعَل وَهَذِه الْكَاف إِنَّمَا لَحِقَت لتبيين المخاطَب الْمَخْصُوص وَلَيْسَت باسمٍ وَإِنَّمَا هِيَ ككاف النجاءَكَ وكافِ أرأيتَكَ زيدا مَا حالُه وكاف ذَلِك وللنحويين فِيهِ تَعْلِيل لَا يَلِيق ذكره بِهَذَا الْكتاب لطوله، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقد حدَّثنا من لَا نتَّهِم أَنه سَمِعَ من الْعَرَب من يَقُول رُوَيْدَ نفسِه جعله مصدرا بِمَنْزِلَة ضَرْبَ الرِّقاب وعَذيرَ الحَيِّ وَنَظِير الْكَاف فِي رُوَيْد فِي الْمَعْنى لَا فِي اللَّفْظ لَكَ الَّتِي تجيءُ بعد هَلُمَّ فِي قَوْلك هَلُمَّ لَك فالكاف هَهُنَا اسمٌ مجرور بِاللَّامِ وَالْمعْنَى فِي التوكيد والاختصاص بِمَنْزِلَة الْكَاف الَّتِي فِي رُوَيْد وَمَا أشبههَا كَأَنَّهُ قَالَ هَلُمَّ ثمَّ قَالَ إرادتي هَذَا لكَ فَهُوَ بمنزلةِ سَقْيَاً لَك وَإِن شئتَ هَلُمَّ لي بِمَنْزِلَة هاتِ لي. أَبُو عبيد: حاءِ بكَ علينا وخاءِ بكُما وخاءِ بكم: أَي اعْجَلْ، وأنْشَد: بخاءِ بكَ الحَقْ يَهتِفونَ وحَيَّهَلْ وَكَذَلِكَ للمؤنث. ابْن دُرَيْد: كلمةٌ للْعَرَب يَقُولُونَ للرجل عِنْد إِمْكَان الأمرِ والإغراء بِهِ هَيْسِ هَيْسِ وَتقول هَيْكَ هَيْكَ: أَي أسْرِعْ فِيمَا أنتَ فِيهِ، وَقَالَ: جمالَكَ أَن تفعلَ كَذَا: أَي لَا تَفْعَله، والزَمِ الأمرَ الأجملَ.
وَمِمَّا يُؤمر بِهِ من المبنيات قولُهم
هاءَ يَا فَتى وَمَعْنَاهُ تَناوَلْ ويفتحون الْهمزَة ويجعلون فتحهَا عَلَمَ المذكَّر كَمَا تَقول هاكَ يَا فَتى فتجعل فَتْحة الكافِ علامةَ المذكَّر ويُصَرِّفونها تصريفَ الكافِ فِي التَّثْنِيَة والجمعِ والمؤنَّث وَيَقُولُونَ للاثنين المذكَّرين هاؤُما وللجميع هاؤُموا وهاؤُمْ قَالَ الله تَعَالَى: (هاؤٌمْ اقْرَؤا كِتابِيَهْ) . وللمؤنثة الْوَاحِدَة هاءِ يَا امرأةُ بِهَمْزَة مَكْسُورَة بِغَيْر يَاء ولجماعة المؤنَّث هاؤُنَّ يَا نِسوةُ وَهِي أجودُ اللُّغات وأكثرُها وَبهَا جَاءَ الْقُرْآن وَمِنْهُم من يَقُول للرجل هاءِ يَا رجل على وزن عاطِ يَا رجل وَالْأَصْل هاءِيْ بِالْيَاءِ ومثاله من الْفِعْل فاعلْ كَمَا تَقول قاتِلْ يَا رجل وَسَقَطت الياءُ لِلْأَمْرِ وَمثله هاتِ يَا رجل وتتصرف كَمَا تتصرف هاتِ تَقول للاثنين هائِيا كَمَا تَقول هاتِيا وللجماعة المذكَّرين هاؤُا كَمَا تَقول هاتوا وللمرأة هاءِي يامرأةُ وللجماعة من النِّسَاء هائينَ يَا نِسوةُ فَأَما مَا يرْوى أَن عليَّاً رَضِي الله عَنهُ قَالَ: (أفاطِمَ هاءِ السَّيْفَ غَيْرَ مُذَمَّمِ) . فَيحْتَمل أَن يكون من هَذِه اللُّغَة وسقطَتِ الياءُ مِنْهَا لمجيء اللامِ الساكنةِ بعْدهَا وَمِنْهُم من يَقُول هاكَ يَا رجل وهاكُما يَا رجلَانِ وهاكُما يامرأتان وهاكُموا يَا رجالُ وهاكُمْ وهاكِ يامرأةُ وهاكُنَّ يَا نِسوةُ وَمِنْهُم من يَقُول هَأْ يَا رجلُ وهَآ يَا رجلَانِ كَمَا تَقول طَأْ يَا رجلُ وطَآ يَا رجلانِ وهَبْ يَا رجل، وهَبا يَا رجلَانِ وهَأُوا يَا رجال كَمَا تَقول هَبوا يَا رجالُ ... . وَهَذِه اللُّغة يُشبه أَن يكون فاءُ الْفِعْل فِيهَا واواً مثل وَهَبَ يهَبُ وَمِنْهُم من يَقُول هَا مهموزاً وَغير مَهْمُوز يَا رجلُ وَيَا رجلَانِ وَيَا رجال وَهَا يامرأةُ وَهَا يَا نِسْوةُ جَعَلُوهُ صَوْتَاً لم يُلحِقوا فِيهِ عَلَامَات الْخطاب كَقَوْلِهِم طَهْ يَا رجلُ وطَهْ يَا رجلَانِ وَكَذَلِكَ الْجَمَاعَة والمؤنَّث وجماعتُها.
وَمن المبنيات العَدَد
من أحد عشرَ إِلَى تِسعةَ عَشَرَ يكون النَّيِّف والعَشَر مفتوحين جَمِيعًا تَقول أحد عَشَرَ وثلاثةَ عَشَرَ وَالَّذِي أوجبَ بناءهما أَن التقديرَ فيهمَا خمسةٌ وعشرةٌ فحذفت الواوُ وتضمنتا مَعْنَاهَا فاختير لَهما الفتحُ(4/255)
لِأَنَّهُ أخفُّ الحركاتِ وبعضُ الْعَرَب يَقُول أَحَدَ عْشَرَ لِأَنَّهُ قد اجْتمع فِيهِ سِتٌّ متحرِّكاتٍ وَلَيْسَ فِي كَلَامهم أكثرُ من ثلاثِ حركاتٍ مُتوالياتٍ إِلَّا مَا كَانَ مُخَفَّفاً وَالْأَصْل غَيره كَقَوْلِهِم عُلَبِطٌ وجَنَدِلٌ وذُلَذِلٌ وَلَيْسَ أكثرُ من أَربع حركات متوالياتٍ فِي كلمة كَانَت أصلا أَو مخفَّفة فَلَمَّا صَار أحد عَشَرَ بِمحل اسمٍ واحدٍ خفَّفوا الْحَرْف الرابعَ الَّذِي يتحرَّكُه يكون الْخُرُوج عَن تَرْتِيب حركاتِ الْأُصُول فِي كَلَامهم وَمن يُسكِّنِ العينَ فِي اللُّغَة الَّتِي ذَكرنَاهَا لَا يسكِّنها فِي اثنَيْ عَشَرَ لِئَلَّا يجْتَمع ساكنانِ وَلَيْسَ فِي كَلَامهم جمعٌ بَين ساكنين إِلَّا أَن يكون الساكنُ الثَّانِي بعد حرفٍ من حُرُوف المدِّ واللِّين مُدْغَماً فِي مثله نَحْو دابَّة وَمَا أشبههَا فَإِن قَالَ قَائِل هلاَّ بَنَيْتُم اثنيْ عَشَرَ على حدٍّ واحدٍ فَلَا تتغيَّر فِي نصْب وَلَا رفْع وَلَا جرٍّ كَمَا فَعلْتُمْ ذَلِك فِي أخواته قيل لَهُ من قِبَل أَن الِاثْنَيْنِ قد كَانَ إعرابهما بِالْألف والياءِ وَكَانَت النونُ على حالةٍ واحدةٍ فيهمَا جَمِيعًا كَقَوْلِك هذانِ الاثنانِ وَرَأَيْت الاثنينِ ومررت بالاثنينِ فَإِذا أَضَفْتَ سَقَطت النونُ وَقَامَ المضافُ إِلَيْهِ مَقامَه وَدخل حرفَ التَّثْنِيَة من التَّغْيِير فِي حَال الرّفْع والنصبِ والجرِّ مَعَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَا كَانَ يدْخلهُ مَعَ النُّون فَلَمَّا كَانَ عَشَرَ فِي قَوْلك اثْنَا عَشَرَ حَلَّ محلَّ النُّون صَار بِمَنْزِلَة الْمُضَاف إِلَيْهِ وَلم يَمْنَع تغييرَ الْألف إِلَى الْيَاء فِي النصب والجرِّ وَتقول فِي الْمُؤَنَّث إحْدى عَشْرَةَ بِفَتْح الْيَاء وَهُوَ الِاخْتِيَار عِنْد النَّحْوِيين وَقد يجوز ثمانيْ عَشْرَةَ بتسكين الْيَاء فَأَما مَا فتحَها فَإِنَّهُ أجراها على أخَواتها لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا فِي عِدَّةٍ واحدةٍ وترتيبٍ واحدٍ وَأما من سكَّنَها فشبَّهها بمعدِيْ كَرِبَ وأيادِيْ سَبَا وقالي قَلا وَأَشْبَاه ذَلِك وَقد قيل ثمانَ عَشْرَةَ. وَاعْلَم أَنَّك إِذا سمَّيْت رجلا بخمسةَ عَشَرَ جَازَ أَن تضم الراءَ فَتَقول هَذَا خمسةَ عشرُ وَرَأَيْت خمسةَ عشَرَ ومررت بخمسةَ عشرَ تُجْريه مُجْرى اسمٍ لَا ينْصَرف وَلَك أَن تحْكيَه فتفتَحه على كل حالٍ والأخفشُ كَانَ يرى إعرابها إِذا أضَفْتها وَهِي عدد فَيَقُول هَذِه الدَّراهِمُ خَمسة عشَرُك وَقد ذكر سِيبَوَيْهٍ أَنَّهَا لُغَة رَدِيئَة وَالْعلَّة فِي ذَلِك أَن الإضافةَ ترُدُّ الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَقد علمت أَن خمسةَ عشرَ دِرهماً هِيَ فِي تَقْدِير التَّنْوِين وَبِه عمل فِي الدِّرْهم فَمَتَى أضفْتها إِلَى مالِكها لم يصلُح تقديرُ التنوينِ فِيهَا لمعاقَبة التَّنْوِين الإضافةَ فَصَارَت بِمَنْزِلَة اسمٍ لَا ينصرفُ فَإِذا أُضيف انصرفَ وأُعرِب بِمَا كَانَ يمْتَنع بِهِ من الْإِعْرَاب قَبْل حالِ الْإِضَافَة. وَقَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: مَن يَقُول هَذَا خَمسةَ عَشَرُك لم يقلْ هَذَا اثْنَا عشرُك فِي الْعدَد من قِبَل أَن عشَر قد قَامَ مقَام النُّون والإضافةُ تُسقط النونَ وَلَا يجوز أَن يثبُت مَعهَا مَا قامَ مقَام النُّون فَإِن قَالَ قَائِل فأضِفْ وأسْقِطْ عَشَرة كَمَا تُسقِط النُّون قيل هَذَا لَا يجوز من قِبَل أنّا لَو أَسْقَطناه كَمَا نُسقط النونَ لم يَنْفَصل فِي الإضافةِ اثنانِ من اثْنَيْ عشَر لِأَنَّك تَقول فِي اثْنَيْنِ هَذَا اثْناكَ فَلَو قلت فِي اثنَيْ عَشَر هَذَا اثناكَ لالتَبسا فَإِذا كَانَ اسْم رجل جازتْ إضافتُه بِإِسْقَاط عَشَر. وَاعْلَم أَن الفرَّاء وَمن وَافقه يُجيز إضافةَ النَّيِّفِ إِلَى الْعشْرَة فَيَقُول هَذَا خمسةُ عَشَرٍ وأنشدوا فِيهِ: ? كُلِّف من عَنائِه وشِقْوَتِهْ بِنْتَ ثَماني عَشْرَةٍ من حِجَّتِهْ وَهَذَا لَا يُجِيزهُ البصريُّون وَلَا يعْرفُونَ الْبَيْت. وَاعْلَم أَن الْعَرَب تَقول هَذَا ثَانِي اثنيْنِ وثالثُ ثلاثةٍ وعاشرُ عشرةٍ وَقد يُقَال ثَانِي واحدٍ وثالثُ اثْنَيْنِ وعاشِرُ تِسعةٍ لِأَنَّهُ مَأْخُوذ من ثَنَّى الواحدَ وثَلَثُ الاثنينِ وعَشْرَ التسعةَ فَإِن نوَّنْت فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك ضارِبٌ زيدا وَإِن أضفْتَ فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك ضارِبُ زيدٍ وَلَا يجوز التَّنْوِين فِي الْوَجْه الأول إِذا قلت ثالثُ ثلاثةٍ لِأَنَّك أردتَ بِهِ أحدَ ثلاثةٍ وبعضَ ثلاثةٍ وَلَا يجوز التنوينُ مَعَ هَذَا التَّقْدِير فِي قَول أكثرِ النحويّين لِأَنَّهُ لَا يكون مأخوذاً من فِعْل عَامل وَإِذا قلت هَذَا عاشرُ عَشرةٍ قلت هَذَا حادِيْ عَشَرَ بتسكين الْيَاء وَمِنْهُم من يَقُول هَذَا حاديَ عَشَرَ(4/256)
بِفَتْح الْيَاء فَأَما من سكَّن الْيَاء من حاديْ فتقديرُه هَذَا حادي أَحَدَ عَشَرَ كَمَا تَقول هَذَا قَاضِي بَغْدَاد وحَذَفَ أَحَدَ تَخْفِيفًا لدلَالَة الْمَعْنى عَلَيْهِ وَأما من فتح فَإِنَّهُ بنى حاديَ عَشَرَ حينَ حذف أحدَ فَجعل حاديَ قَائِما مقَامه فَإِن قَالَ قَائِل فَلم قيل حاديْ عَشَرَ وَهُوَ فَاعل من واحدٍ وهلا قَالُوا واحدَ عَشَرَ وآحِدَ عشرَ من لفظ أحَد فَفِي ذَلِك جوابانِ أحدُهما أَنه مقلوبٌ من واحدٍ وَالْوَاو من واحدٍ فِي مَوضِع الْفَاء مِنْهُ فجُعلت الفاءُ مِنْهُ فِي مَوضِع اللَّام فَانْقَلَبت الواوُ يَاء لانكسارِ الدالِ وتقديرُه من الْفِعْل عالفٌ والقَلْب فِي كَلَامهم كثير كَقَوْلِهِم شائِكُ السلاحِ وشاكي السِّلَاح، وكقولهم لائِثٌ ولاثٍ وكما قَالَ الشَّاعِر: خَيلانِ من قوْمي وَمن أعدائِهِمْ خفَضوا أسِنَّتَهُمْ فكُلُّ ناعي قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَرَادَ نائِع: أَي مائلٌ أَو عَطْشَان من قَوْلك جائِعٌ نائِع، قَالَ الْأَصْمَعِي: إِنَّمَا أَرَادَ الناعي من نَعَىَ يَنْعَى. وَالْقَوْل الثَّانِي فِي حادي أَنه يَتْبَع العَشرةَ ويَحْدوها مثلُ حادي الْإِبِل: وَهُوَ الَّذِي يَتْبَعُها فيَسوقُها وَتقول فِي المؤنَّث مِن هَذَا هَذِه حاديةَ عَشْرَةَ وحاديةٌ عَشْرَةً وحاديةُ إحْدى عَشْرَةَ بِالضَّمِّ لَا غير إِلَى تِسعَ عَشْرَةَ على هَذَا المِنْهاج وَعلة وُجوهِ الْإِعْرَاب كعلة المذكَّر فَإِذا دخلتِ الألفُ واللامُ فِي شَيْء من هَذَا تَرَكُوهُ على حَاله تَقول الحاديْ عَشَرَ وَالْحَادِي أَحَدَ عَشَرَ لَا غيرُ كَمَا لَا تُزيل الخازِ بازِ عَن بنائِهِ إِذا قلت هَذَا الخازِ بازِ فَاعْلَم وسأذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى فأمّا من يَقُول هَذَا ثالثُ اثْنَيْن وعاشِرُ تِسعةٍ فَإِن كثيرا من النَّحْوِيين يمْنَعُونَ أَن يُقَال فِيمَا جَاوز العشرةَ من هَذَا وَذَلِكَ أَن الْقَوْم إِذا كَانُوا تِسْعَة فصِرْت عاشِرَهم جَازَ أَن تَقول عَشَرتهم وَإِذا كَانُوا عَشَرَة فكمَّلَهم أحد عَشَرَ كَمَا كَانَ لَك فِعْل مشتَقٌّ فِي تكميلك التسعةَ عشرَةَ فَلم يكن لَك اسمُ فَاعل فِيمَا جاوَزَ العشرةَ وَهَذَا هُوَ الْقيَاس وَمِنْهُم من يُجيزُه ويشتقُّه من لفظ النَّيِّف فَيَقُول هَذَا ثانٍ أحدَ عَشَرَ وثالثٌ اثْنَي عشرَ وينونه وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ أَن يشتقَّ من لفظ النَّيِّف من قِبَل أَن الْعشْرَة معطوفةٌ على النيِّف فَإِذا قلت ثلاثةَ عَشَرَ فَمَعْنَاه ثلاثةٌ وعشرةٌ ويشتقُّه من الأوّل وَيجْعَل الثَّانِي عطفا عَلَيْهِ وَقد حُكي نحوٌ من هَذَا عَن الْعَرَب، قَالَ الراجز: أَنْعَتُ عَشْرَا والظَّلِيمُ حادِي أَرَادَ الظليم حادي عشر: وَمن ذَلِك لعَدَدُ من واحدٍ إِلَى عشرَة تَقول وَاحِد اثْنَان ثَلَاثَة أرْبَعة بتسكين أَوَاخِر الْأَعْدَاد إِلَى العشَرة، فَإِن قَالَ قَائِل وَلم سُكِّنَتْ فَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَن هَذِه الْأَعْدَاد إِذْ عُدَّ بهَا لم تقع فاعلةً وَلَا مفعولةً وَلَا مُبتَدأَة وَلَا خبَراً وَلَا فِي جملَة كَلَام آخر، وَالْإِعْرَاب فِي أَصله للْفرق بَين اسْمَيْنِ فِي كلامٍ واحدٍ أَو لفظين مُجْتَمعين فِي قصَّة لكل وَاحِد مِنْهُمَا غير معنى صَاحبه ففُرِقَ بَين إعرابيهما للدلالة على اخْتِلَاف مَعْنَاهُمَا أَو يكون الْإِعْرَاب لشيءٍ محمولٍ على مَا ذكرنَا، فَلَمَّا لم تكن هَذِه الْأَعْدَاد على الحدّ الَّذِي يُحمل على مَا اسْتوْجبَ الْإِعْرَاب سُكِّنَ وصُيِّرْنَ بِمَنْزِلَة الْأَصْوَات كَقَوْلِك صَهْ ومَهْ وبَخْ بَخْ، وَيجوز أَن تَقول وَاحِد اثْنَان فتكسر الدالَ من وَاحِد، فَإِن قَالَ قَائِل لم كُسِرَت الدَّال لالتقاء الساكنين أم أُلقيَت كسرة الْهمزَة على الدَّال وَلَا يجوز أَن تكون الكسرة لالتقاء الساكنين من قِبَلِ أنَّ كلمة من هَذِه القضيَّة يُقضى عَلَيْهَا بِالْوَقْفِ واستئناف مَا بعْدهَا كَأَن لم يتقدَّمه شيءٌ وألفُ القطْع والوصل يستويان فِي الِابْتِدَاء ويَثْبُتان وَألف اثْنَان ثابتةٌ إِذْ كَانَ التَّقْدِير فِيهَا أَن تكون مُبتَدأَة فَهِيَ بِمَنْزِلَة ألف الْقطع وألِفُ الْقطع يجوز إِلْقَاء حركتها على السَّاكِن قبلهَا فَلذَلِك كَانَت الكسرة فِي الدَّال من وَاحِد هِيَ الكسرة الَّتِي أُلقيتْ عَلَيْهَا من همزَة اثْنَان ويدلُّ على صحَّة هَذَا أَنهم يَقُولُونَ فِي هَذَا إِذا حذفوا الْهمزَة ثَلَاثَة أَرْبَعَة فيحذفون الْهمزَة من أربعةٍ وَلَا يقلبون الْهَاء فِي ثَلَاثَة تَاء من قِبَلِ أَن الثَّلَاثَة عِنْدهم فِي حكم الْوَقْف وَالْأَرْبَعَة فِي حكم الْكَلَام المستأنَف(4/257)
وَإِنَّمَا تنْقَلب هَذِه الْهَاء تَاء إِذا وُصِلَت فَلَمَّا كَانَت مقدَّرة على الْوَقْف بقيتْ هَاء، وَإِن أُلقيتْ عَلَيْهَا حَرَكَة مَا بعْدهَا كَمَا تكون هَاء إِذا لم يكن بعْدهَا شيءٌ، فَإِن قَالَ قَائِل لم قَالُوا اثْنَان فأثبتوا النُّون فِي الْعدَد وَمن قَوْلكُم إِنَّمَا تدخل النُّون عوضا من الْحَرَكَة والتنوينِ وَهَذَا مَوضِع يُسَكَّن فِيهِ العددُ فإنَّ الجوابَ فِي ذَلِك أنَّ اثْنَان لفظٌ صِيغَ تَثْبُتُ النُّون على مَعْنَاهُ وَلم يقصِد إِلَى لفظ اثْنٍ يضُمُّه إِلَى مثله إِذْ كَانَ لَا ينطَقُ باثْنٍ وَلكنه لما كَانَ حكم التَّثْنِيَة فِي الْأَشْيَاء الَّتِي يُنطَقُ بواحدها مَتى ثُنِّيَت أَن تُزاد النُّون فِيهَا عوضا من الْحَرَكَة والتنوين وَقد جَاءَ اثْنَان وَإِن لم يُنطَق باثْنٍ حُملَ على مَا يَجِيء عَلَيْهِ الشيءُ الْمَنْطُوق بواحده وَإِن لم يكن لَهُ وَاحِد فِيهِ حركةٌ وتنوينٌ وثبتتْ هَذِه النونُ على كل حَال إلاّ أَن تعاقِبَها الإضافةُ. وَمن ذَلِك حُرُوف التَّهَجِّي إِذا تهجَّيت تَقول ألف كَمَا تَقول وَلَو بواو بعد ألِفٍ وَمِنْهُم من يَقُول زيْ وَإِنَّمَا وُقِفَت هَذِه الْحُرُوف إِذا قطَّعتها على هَذَا النَّحْو لِأَنَّهَا تشبه الأصواتَ ولأنَّك لم تحدِّث عَنْهَا وَلم تحدِّث بهَا وَلَا جعلتَ لَهَا حَالَة تستحقُّ الإعرابَ بهَا كَمَا فعلنَا فِي الْعدَد، وَإِن تهجَّيْتَ اسْما فإنَّك تُقطِّع حُرُوفه وتبنيها على الْوَقْف كَقَوْلِك إِذا تهجَّيت عَمْرا عينْ ميمْ راءْ وَإِن كَانَ شيءٌ من هَذِه الْحُرُوف بعد همزةٍ جازَ أَن تُلقِيَ حَرَكَة الْهمزَة عَلَيْهِ وتحذفها كَقَوْلِك فِي هجاء عامِرٍ عَيْنْ ألِفْ مِيم راءْ وَيجوز أَن تَقول عينْ ألفْ مِيم راءْ فتحذف الْهمزَة وتحرِّك النُّون من عين قَالَ الراجز: أقبلْتُ من عندِ زيادٍ كالخَرِفْ تَخُطُّ رِجلايَ بخَطٍّ مختلِفْ تُكَتِّبان فِي الطَّرِيق لامَ ألِفْ ويروى تَكَتَّبانِ فَألْقى حَرَكَة الْهمزَة من ألف على الْمِيم من لَام وَحذف الْهمزَة فَمن روى تُكَتِبان أَرَادَ تَكتبان: يَعْنِي تُؤَثِّرانِ لَام ألف، وَمن روى تُكَتَّبان أَرَادَ تَتَكَتَّبان: أَي تصيران هما كَلَام ألف. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِذا قلت فِي بَاب الْعدَد وَاحِد اثْنَان جَازَ أَن تُشِمَّ الْوَاحِد الضمَّ فَتَقول وَاحِد اثْنَان وَلَا يجوز فِي الْحُرُوف إِذا قلت لامْ ألف أَو نَحْوهمَا. قَالَ: والفصل بَينهمَا أَن الْوَاحِد متمكِّن فِي أَصله والحروف أصواتٌ متقطِّعةٌ فَاحْتمل الْوَاحِد من إشمام الْحَرَكَة لما لَهُ من تمكُّن الأَصْل مَا لم يحْتَملهُ الحرفُ فَإِذا جعلت هَذِه الحروفَ أَسمَاء وأخبرتَ عَنْهَا وعَطَفْت بَعْضهَا على بعضٍ أعرَبْتَها ومدَدت مِنْهَا مَا كَانَ مَقْصُورا وشدَّدت الياءَ من زَيْ فِي قَول من لَا يثبت الألفَ قَالَ الشَّاعِر يذكر النَّحويين: إِذا اجْتَمعُوا على ألِفٍ وباءٍ وتاءٍ هاجَ بينهمُ قِتالُ وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك من قِبل أَنَّهَا إِذا صُيِّرت أَسمَاء فَلَا بدَّ من أَن تجريَ مجْراهَا وتُعطَى حكمَها وَلَيْسَ فِي الْأَسْمَاء المعربة الَّتِي يدخلهَا الْإِعْرَاب اسمٌ على حرفين الثَّانِي من حُرُوف المَدِّ والّلينِ وَاو أَو يَاء أَو ألف لِأَن التَّنْوِين إِذا دخله أبطلَهُ لالتقاء الساكنين فَيبقى الِاسْم على حرف وَاحِد وَهُوَ إجحافٌ شديدٌ، وَقد جَاءَ من الْأَسْمَاء المعربة مَا هُوَ على حرفين وَالثَّانِي من حُرُوف المَدِّ والّلين غير أنّ الإضافةَ تلزمُه هَذَا فُو زيدٍ وَرَأَيْت فا زيدٍ وربَّما اضطرَّ الشَّاعِر فَيَجِيء بِهِ غير مُضَاف قَالَ العجاج: خالَطَ من سَلْمى خَياشيمَ وفَا فَلَمَّا كَانَ الْأَمر على مَا وَصفنَا وجُعلت هَذِه الْحُرُوف أَسمَاء زِيدَ فِي كل واحدٍ مِنْهَا مَا يكمُل بِهِ اسْما وَجعلت الزِّيَادَة مشاكلةً لآخر الْمَزِيد فِيهِ تَقول فِي يَا ياءٌ وَتَكون الْهمزَة مشاكلةً الْألف وَفِي زَيْ زَيٌّ وَمِمَّا يدل على صِحَة هَذَا الْمَعْنى قَول الشَّاعِر فِي لَوِ الَّتِي هِيَ حرف حينَ جعلهَا اسْما:(4/258)
لَيتَ شِعري وأينَ مِنِّي لَيْتٌ إنّ لَيْتا وإنّ لَوّاً عَناءُ ويُجيز الفرّاء فِي هَذِه الْحُرُوف إِذا جُعِلت أَسمَاء القَصرَ والمَدَّ فَيَقُول هَذِه حا فَاعْلَم وَيَا فَاعْلَم ويثنّي فَيَقُول حَيانِ ويَيَانِ فَلَا يزِيد فِيهَا شَيْئا، وَقد بيّنّا صحَّة القَوْل الأوّل، ويفرُق الْفراء بَين هَذِه الْأَسْمَاء المنقولة عَن أحوالٍ لَهَا هِيَ غيرُ متمكِّنة فِيهَا وَبَين مَا يصاغ من الْكَلَام متمَكِّنا فِي أوّل أَحْوَاله وَالْقَوْل الأوّل أقوى. وَمن ذَلِك خازِ بَازِ وَفِيه سبعُ لغاتٍ وَله خَمْسَة معانٍ، فَأَما اللُّغَات الَّتِي فِيهَا فَيُقَال خازِ بازِ وخازَ بازَ وخازَ بازُ وخأْزُ بأْزُ وخازُ بازٍ وخازِ باءُ مثل قاصِعاءَ ونافِقاءَ وخِزْبازٌ مثل كِرْباس، وَأما مَعَانِيهَا: فخازِبازِ: عُشْب، وَهُوَ أَيْضا داءٌ يكون فِي الْأَعْنَاق والّلهازم، والخازبازِ أَيْضا: الذُّباب، وَقَالُوا الخازِباء: السِّنَّوْر وَهُوَ أعرف فِيهِ فالحجّة على أَنه العشب قَول الشَّاعِر: والخازَ بازَ السَّنِمَ المَجودا وَقَالَ آخر: تَفَقَّأ فوقَه القَلَعُ السَّواري وجُنَّ الخازِ بازِ بِهِ جُنونا فَهَذَا يحْتَمل أَن يكون العشبَ وَيحْتَمل أَن يكون الذُّبابَ، يُقَال جُنَّ النَّبْتُ إِذا خرج زهرُه، وجُنّ الذّباب: إِذا طَار وهاج وَقَالَ المتلمس: فَهَذَا أوانُ العِرْضِ جُنَّ ذُبابُهُ زَنابيرُهُ والأزْرَقُ المُتَلَمِّس ويروى حَيَّ ذُبابُه وَقَالَ فِي الدَّاء: مثلُ الكلابِ تَهِرُّ عِنْد دِرابِها وَرِمَتْ لَهازِمُها من الخِزبازِ وَأما من قَالَ خازِ بازِ فَإِنَّهُ جَعلهمَا اسْمَيْنِ وَكسر كلَّ وَاحِد مِنْهُمَا لالتقاء الساكنين وضَمَّ آخِره حِين صيَّرهما كشيءٍ وَاحِد كَمَا تَقول مَعْدي كربُ إلاّ أَنه اضطرَّ إِلَى تَحْرِيك الأوّل للساكنين وَلم يكن ذَلِك فِي معدِي كربَ لتحرُّكِ مَا قبل الْيَاء الساكنة فِي معدِي كَرِبَ، وَمن قَالَ خازُ بازٍ أضَاف الأوّل إِلَى الثَّانِي كَمَا تَقول بَعْلُ بَكٍّ. وَإِذا دخلت الخازِ بازِ الْألف واللامُ فِي هَذِه الْوُجُوه الَّتِي تُبنى فِيهَا تُرِك على بنائِهِ كَمَا قَالَ وجُنَّ الخازِ بازِ، وَأما من قَالَ الخازِباءُ فَإِنَّهُ بناه اسْما كالقاصِعاء والنافِقاء، وَمن قَالَ الخِزْباز فَإِنَّهُ عِنْدِي ككِرْباس وَيكون منصرفاً فِي جَمِيع وُجُوه الْإِعْرَاب كَمَا يكون الكِرباس. وَمن ذَلِك قَوْلهم عِنْد الدُّعَاء وسؤال الْحَاجة آمين وأُمينَ يُخَفِّفان مقصورٌ وممدودٌ قَالَ الشَّاعِر: أَمينَ فَزَاد اللهُ مَا بَيْننَا بُعْدا فقَصَرَ وَقَالَ آخر فِي المَدِّ: يَا ربِّ لَا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أبدا ويرحمُ اللهُ عبْداً قَالَ آمينا وَإِنَّمَا بُنيا وفُتِح آخرهما من قِبَل أَنَّهُمَا صوتان وَقعا مَعًا موقعَ فِعْل الدُّعَاء وَهُوَ أَنَّك إِذا قلت أَمينَ فَمَعْنَاه(4/259)
استجب يَا ربَّنا كَمَا وَقع صَهْ ومَهْ فِي معنى اسكتْ وكُفَّ وَفتح لالتقاء الساكنين وَلم يُكْسر استثقالاً للكسرة مَعَ الْيَاء كَمَا قَالُوا مُسلمينَ. وَمِمَّا جَاءَ من الاسمين اللَّذين جُعِلا اسْما وَاحِدًا وَآخر الأوّل مِنْهُمَا يَاء مكسورٌ مَا قبلهَا مَعْدي كَرِبَ وأيادي سَبا وقالي قَلا وثماني عشْرَةَ وبادي بَدا فَأَما معدي كَرِبَ فاسمٌ علَمٌ وَفِيه لُغَات يُقَال مَعدي كَرِبُ ومَعْدي كَرِبٍ ومَعدي كَرِبَ فَأَما من قَالَ معدي كَرِبُ فَإِنَّهُ جعله اسْما وَاحِدًا وَجعل الْإِعْرَاب فِي آخِره وَمنعه الصّرف للتعريف والتركيب وَسَوَاء فِي هَذَا الْوَجْه قدَّرته مُذَكَّراً أَو مؤَنَّثاً، وَمن قَالَ معدي كَرِبٍ أضَاف معدي إِلَى كَرِبٍ وَجعل كرِباً اسْما مذكّراً، وَمن قَالَ معدي كَرِبَ على كلّ حالٍ فَإِنَّهُ على وَجْهَيْن الأوّل أَن يجعلهما اسْما وَاحِدًا فَيكون مثل خمسةَ عشَرَ كَانَا مبنِيَّيْن على الْفَتْح قبل التَّسْمِيَة ثمَّ حُكِيا فِي التَّسْمِيَة وَالثَّانِي أَن يُجعلَ مَعدي مُضافاً إِلَى كَرِبَ وَيجْعَل كَرِبَ اسْما مؤَنَّثاً معرفَة. وَأما قالي قَلا فإنَّك تَجْعَلهُ غير منوَّن على كلِّ حَال إلاّ أَن تجْعَل قالي مُضَافا إِلَى قَلا وتجعلَ قلا اسْم مَوضِع مذكّر فتُنَوِّنه. وَأما أيادي، وَأما أيادي سَبا فَفِيهِ لُغَتَانِ أيادي سَبا وأيْدي سَبَا وَقد تقدم مني الشَّرْح فِيهِ بِمَا فِيهِ كفايةٌ. وَأما ثَمَانِي عشْرَةَ فقد تقدّمت فِي مبنيات الْعدَد. وَأما بَادِي بدا فَيُقَال بدديْ بَدَا وبادي بِدا وبادِئَ بَدْءٍ وبادِئَ بَدِئٍ وبادي بَدِيٍّ لَا يهمز وَمَعْنَاهُ أوّلَ كلِّ شيءٍ وَإِنَّمَا سكِّنت الْيَاء من أَوَاخِر هَذِه الْأَسْمَاء لِأَن الاسمين إِذا جُعلا اسْما وَاحِدًا وَكَانَ الأول مِنْهُمَا صَحِيح الآخر بُنيا على الْفَتْح لأنَّه أخفُّ الحركات وَقد علمْتَ أَن الْيَاء َ المكسورَ مَا قبلهَا أثقل من الْحُرُوف الصَّحِيحَة فأُعطِيَت أخفَّ مِمَّا أُعطِيَ الْحَرْف الصَّحِيح وَلَا أخفَّ من الفتحة إِلَّا السكونُ فاعرفه. وَمن ذَلِك قَوْلهم وقَع النَّاس فِي حَيْصَ بيْصَ وحيصِ بيصِ وحِيصَ بِيصَ وَقد حُكيَ فِي هَذَا كُله التَّنْوِين مَعَ كسرة الصَّاد وَيجوز أَن يكون حيص مُشتقّاً من قَوْلهم حاصَ يحيصُ: إِذا فرَّ، وبَيْصَ من باصَ يبوصُ: إِذا فاتَ لِأَنَّهُ إِذا وَقع الِاخْتِلَاط والفتنة فَمن بَين من يحيص عَنْهَا أَو يبوصُ مِنْهَا فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يُقَال حَيْصَ بوْصَ غير أَنهم أَتبعوا الثانيَ الأوَّلَ وَله نَظَائِر وَقد قدّمتها. وَالَّذِي أوجبَ بِنَاء حَيصَ بَيْصَ تَقْدِير الْوَاو فِيهَا كَأَنَّك قلت فِي حَيْصٍ وبَيْصٍ وَالْكَسْر لالتقاء الساكنين فِيمَن قَالَ حَيْصِ بَيْصِ وَإِن شِئْت قلت هِيَ صوتٌ ضُورِعَ بِهِ غاقِ. وَمن ذَلِك قَوْلهم ذهب النَّاس شَغَرَ بَغَرَ: إِذا تفرّقوا تفرُّقاً لَا اجْتِمَاع بعده، وَذهب النَّاس شَذَرَ مَذَرَ وشِذَرَ مِذَرَ وشَذَرَ بَذَرَ وشِذَرَ بِذَرَ وكلُّه فِي معنى التفرُّق الَّذِي لَا اجْتِمَاع بعده وَإِنَّمَا بنيت هَذِه الْحُرُوف لِأَن فِيهَا معنى الْوَاو كَأَنَّهُ فِي الأَصْل ذهب النَّاس شَغَراً وبَغَراً فَلَمَّا حذفت الْوَاو بنيا على الْفَتْح مثل خمسةَ عشَر، وشَغَرَ بَغَرَ مشتقٌّ من قَوْلهم شَغَرَ الكلبُ: إِذا رفع إِحْدَى رجلَيْهِ فباعدها من الْأُخْرَى، وبَغَرَ من قَوْلهم بغَرَ الرجل: إِذا شرب فَلم يَرْوَ لما بِهِ من شدَّة الْحَرَارَة فجُعل مَعَ شغَرَ فِي التَّفَرُّق الَّذِي لَا اجْتِمَاع بعده كَمَا يكون البَغَر فِي الْعَطش الَّذِي لَا رِيَّ مَعَه، وَسَائِر هَذِه الْحُرُوف فِيهَا معنى الْوَاو على مَا قدَّرت لَك فِي شغَرَ بَغَر. وَمن ذَلِك قَوْلهم ذهب فلانٌ بينَ بينَ وَالْمعْنَى بَين هَذَا وَبَين هَذَا فَلَمَّا أُسقِطت الْوَاو بُنِيا. وَمن ذَلِك قَوْلهم لَقِيتُه صباحَ مساءَ ولستَ تَعْنِي صباحاً بِعَيْنِه وَمَعْنَاهُ صباحاً وَمَسَاء فَلذَلِك بُنيا حِين تضمَّنا الْوَاو، وَإِن شِئْت فقلتَ صباحَ مساءٍ وَإِنَّمَا سوَّغ الْإِضَافَة فِيهِ أَن الْمَعْنى صباحاً مقترناً بمساءٍ فَوَقَعت الْإِضَافَة على هَذَا فَإِن أدخلت حرف الجرِّ لم يكن إِلَّا الجرُّ وَلَيْسَ كَذَلِك خَمْسَة عشَرَ وأخَواتها لِأَن الْوَاو فِي تِلْكَ مَنْوِيَّة على كل حَال دخله حرفُ الجرِّ أَو لم يدْخلهُ، وصباحَ مساءَ قد كَانَ يضافُ قبل حرف الجرِّ فَلَمَّا(4/260)
دخل حرف الجرِّ تمكَّن وَخرج من حيِّزِ الظروف إِلَى حيِّزِ الْأَسْمَاء. وَمن ذَلِك قَوْله لقِيته يومَ يومَ وعِلَّة الْبناء تضَمن الْوَاو. وَمن ذَلِك قَوْلهم لَقيته كَفَّةَ كَفَّةَ: أَي كَفَّةً لِكَفَّةٍ، وَإِن شِئْت قدَّرْت بكفَّة عَن كفَّة، وكَفَّةٍ على كَفَّةٍ: أَي متكافَّيْنِ وَذَلِكَ أَن كلَّ وَاحِد من المتلاقيين يكُفُّ صَاحبه عَن أَن يجاوزَه إِلَى غَيره فِي دُفعة تلاقيهما. وَتقول هُوَ جاريْ بيتَ بيتَ وَالْمعْنَى بيتٌ لبيْتٍ حذفت حرف الجرِّ وضمَّنته مَعْنَاهُ فبُنيا لذَلِك وَجعلا اسْما وَاحِدًا فِي مَوضِع ملاصقاً كَأَنَّك قلت هُوَ جاري ملاصقاً، وَالْعَامِل فِي مَوضِع بيتَ بيتَ قَوْلك جاري لتضَمُّنه معنى مُجاوري، وَمن النَّحويين من يَقُول لَقيته يومُ يومُ وَهُوَ شاذٌّ وَتَفْسِيره أَنه يَجْعَل يومُ الأول بِمَعْنى مذْ واليومُ الثَّانِي مَعْلُوما قد حذف مِنْهُ مَا أُضيف إِلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ لم أرَهُ مُذْ يومَ تعلَمُ ويبنيه كَمَا بُنِي قبلُ وبعدُ حِين حُذِفَ مَا أُضيفا إِلَيْهِ. وَمن ذَلِك لَدُنْ وَفِيه ثَمَانِي لغاتٍ وَهِي لَدُنْ ولُدُنْ ولَدَى ولَدُ ولَدْنِ ولُدْنِ وَلْد ولَدىً وَمَعْنَاهَا عِنْد وَهِي مَبْنِيَّة مَعَ دُخُول حرف الجرِّ عَلَيْهَا، فَإِن قَالَ قَائِل فهَلاَّ أُعْرِبَتْ كَمَا أُعربتْ عِنْد فَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَن عِنْد قد تصرَّفوا فِيهَا فأوقعوها على مَا بحضرتك وَمَا يبعد وَإِن كَانَ أَصْلهَا للحاضر فَقَالُوا عِنْدِي مالٌ وَإِن كَانَ بخراسانَ وَأَنت بِمَدِينَة السَّلَام وفلانٌ عِنْده مالٌ وَإِن لم يَعنوا بِهِ الحضرةَ وَقد كَانَ حكمُ عندَ من الْبناء حكم لَدُنْ لَوْلَا مَا لحقها من التصريف الَّذِي ذَكرْنَاهُ، ولَدُنْ لَا يتَجَاوَز بهَا حضرةُ الشيءِ فَلذَلِك بُنِيَ، فَأَما من قَالَ لَدُن ولُدُنْ ولَدَى فَهُوَ يَبْنِي آخِره على السّكُون من جِهَة الْبناء، وَأما من قَالَ لَدُ فَهُوَ مَحْذُوف النُّون من لَدُنْ، فَإِن قَالَ قَائِل فَلم زعمتم ذَلِك وهَلاّ كَانَت حرفا على حياله وَلم تكن مخفَّفة من لَدُنْ قيل لَو كَانَت غير مُخَفّفَة من لَدُنْ لكَانَتْ مَبْنِيَّة على السّكُون لَا غيرُ لحكم الْبناء الَّذِي ذَكرْنَاهُ وَمثل ذَلِك قَوْلهم رُبَّ ورُبَ مخفَّفةً ومشدَّدة لَو كَانَت المخففة كلمة على حِيالِها لكَانَتْ سَاكِنة لَا غير إِذْ كَانَت حرفا لِمَعْنى، وَمثل ذَلِك مُنْذُ ومُذْ مخفَّفةٌ مِنْهَا وَعَلِيهِ دليلان أَحدهمَا أَن من الْعَرَب من يَقُول مُذُ وَالثَّانِي تَحْرِيك الذَّال لالتقاء الساكنين بالحركة الَّتِي كَانَت فِيهَا مَعَ النُّون فِي قَوْلك منذُ، وَأما من قَالَ لَدْنِ ولُدْنِ بِكَسْر النُّون فلالتقاء الساكنين، وأمّا من سكَّن الدَّال فَإِنَّهُ بنى باقيَ الْكَلِمَة بعد الحذفِ والتَّخفيف. وَاعْلَم أنّ حكم لَدُنْ أَن تخْفض بهَا على الْإِضَافَة إِلَّا أَنهم قد قَالُوا لَدُنْ غُدْوَةَ فنصبوا بهَا فِي هَذَا الْحَرْف وَحده، فَأَما أَسمَاء الزَّمَان المضافة كَقَوْلِنَا هَذَا يومَ قَامَ زَيدٌ وعَلى حِين عاتبْت المَشيبَ على الصِّبا وغيْر فِي قَوْله: لم يَمْنَعِ الشُّرْبَ مِنْهَا غير أَن نطَقَتْ فبابٌ مطَّرِدٌ فِي حيِّزه وعلَّة بنائِهِ الْإِضَافَة إِلَى غير متمكِّن، وَجَمِيع مَا ذكرته من علل هَذِه المبنيّاتِ وشروح مَعَانِيهَا قَول أبي عَليّ الفارسيّ وَأبي سعيد السّيرافي بعد قصْد اخْتِصَار الْكَلَام وتسهيله وتقريبه من الأفهام بغاية مَا أمكنني.
وَمن المبنِيّات فَعالِ
... . أقْسامها ومعانيها والموجب لبنائها وصَرْفها وَترك ووَجْه اختلافِ التميميين(4/261)
والحِجازيِّين فِي الْإِعْرَاب وَالْبناء وَاخْتِلَافهمْ فِيمَا آخِره رَاء وتمييز مَا يطَّرِد مِنْهَا مِمَّا لَا يطَّرِد وَاخْتِلَاف سِيبَوَيْهٍ وَأبي الْعَبَّاس فِي ذَلِك.
مَا جَاءَ فِي المُبهمات من اللُّغات
أُولاء فِيهَا ثلاثُ لُغَات أشهرُها أُولاء ممدودٌ ومكسور وأُلى مقصورٌ على وزن هُدىً وَقد زادوا فِيهَا هَا فَقَالُوا هاؤلاء وهَؤلاء وَكَانَ أَصله هاؤلاء هَا للتّنْبِيه فقصَروا لمَّل كثُر فِي كَلَامهم حَتَّى صَار كالكلمة الواحدةِ وواحدُ أُولاءِ للمذكَّر ذَا وللمؤنَّث تا وتي وتيكَ وتِلْكَ وَذي وذِه وَهِي مَبْنِيَّة كلُّها وَتقول فِي تَثْنِيَة ذَا ذانِ وَفِي تا تانِ وَفِي ذِي وذِهْ أَيْضا تانِ يجتَمِعْن فِي التَّثْنِيَة وتسٌطُ الألفُ لالتقاء الساكنيْن هِيَ وألفُ التَّثْنِيَة وأُلاء وهاؤلاء يُشار بِهِ إِلَى كلِّ جمْعٍ مذكرَّاً كَانَ أَو مؤنثاً مِمَّا يَعْقِل وَمِمَّا لَا يعقِل، قَالَ جرير: ذُمّ المنازلَ بعد مَنْزِلةِ اللَّوى والعَيشَ بعد أولئكَ الأيَّامِ وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب: يَا مَا أُمَيْلِحَ غِزْلاناً شَدَنَّ لنا من هؤلَيَّائكُنَّ الضَّالِ والسَّمُرِ فجَاء بأولاء للأيام وللضال والسَّمُر وَيُقَال هَذَا وَلَا يُضاف هَذَانِ واللذانِ وغيرُهما من الْمُبْهم وَلَا تسقطُ النونُ للإضافة ويُقال ذانِ أَيْضا مثل هَذَانِ واللذان وَفِيه وَجه آخرٌ وَذَلِكَ أَن الَّذِي يَقُول فِي الْوَاحِد ذَلِك فيُدخل اللامَ للزِّيَادَة والبُعد يَقُول فِي التَّثْنِيَة ذانِك وَالَّذِي يَقُول ذاكَ فِي الْوَاحِد يَقُول ذانِك فِي التَّثْنِيَة وكلُّ مَا جَاءَ فِي التَّنْزِيل فَهُوَ بِاللَّامِ وَحكى ابْن السّكيت: أُولالِكَ بِمَعْنى أُولئك.
3 - (مَا جَاءَ فِي الَّذِي وَأَخَوَاتهَا من اللُّغات)
الَّذِي عِنْد البَصْريين أَصله لَذٍ مثل عَمٍ لزِمَتْه الألفُ واللامُ فَلَا تُفارقانه ويُثنَّى فيُقال اللَّذان واللذَيْن على حدِّ مَا يُقَال فِي غَيره من الْأَسْمَاء الْقَابِلَة للتثنية ويجمعُ فَيُقَال الَّذيِن فِي الرّفْع والَّذين فِي الخفْض والنَّصْب على حدِّ الْأَسْمَاء التامَّة فَأَما الْألف وَاللَّام اللَّتَان فِي الَّذِي فَزعم الفارسيُّ أَنَّهَا زَائِدَة توهُّماً وَقِيَاسًا مِنْهُم وَهُوَ صَحِيح وَلم يَجْعَل تعرُّفَ الَّذي بِالْألف وَاللَّام وَلَكِن بالصِّلَة وَلَو كَانَ الَّذي إِنَّمَا حصل لَهُ التَّعْرِيف من أجل الْألف واللامِ لَا بالصلَة لوجَب أَن تكون مَنْ وَمَا الموصولتان نَكِرَتَيْن لِأَنَّهُ لَا ألفَ ولامَ فيهمَا وَإِن كَانَ الظاهرُ من كلامِ سِيبَوَيْهٍ غيرَ مَا ذهب إِلَيْهِ الفارسيُّ وَذَلِكَ أَن سِيبَوَيْهٍ قَالَ فِي بَاب الْحِكَايَة فِي آخر أَبْوَاب مَا لَا يَنْصَرف وَلَو سمَّيْت رجلا الَّ ? ذِي لم يجُزْ أَن تناديَه وَإِنَّمَا مَنَعَ سِيبَوَيْهٍ ذَلِك لِأَن الْألف وَاللَّام المعرَّفة لَا تَجْتَمع مَعَ النداء لِأَنَّهُمَا كِلاهما معرَّف فَلَا يجْتَمع تعريفان فنتجَ من ذَلِك أَن اللَّام فِي الَّذِي معرفةٌ لَيست زَائِدَة فقد ألزَم أَبُو عَليّ نَفسه هَذِه الحجَّة ثمَّ انْفَصل مِنْهَا بِمَا أذكُره لَك وَذَلِكَ أَنه قَالَ إِن قَالَ قائلٌ إِن اللَّام فِي الَّذِي معرفةٌ لَا زَائِدَة بِدَلِيل مَنْع سِيبَوَيْهٍ من نِدائه إِذا سمِّي بِهِ فإمَّا أَن تقولَ إِنَّهَا زَائِدَة فتدعَ قولَ سِيبَوَيْهٍ إِنَّهَا معرفَة وَإِمَّا أَن تَقول إِنَّهَا معرفَة فتدع قولَك إِنَّهَا زائدةٌ فَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَن قَول سِيبَوَيْهٍ هُوَ الصَّحِيح وَإِنَّمَا اَمْتَنع من نداءِ الَّذِي وَإِن كَانَت اللامُ فِيهِ غَيْرَ معرفَة لِأَنَّهَا نائبةٌ مَنابَ اللامِ المعرفَة وَذَلِكَ أَن قَوْلنَا هَذَا الَّذِي ضَرَبَ زيدا محَال من قَوْلنَا هَذَا الضاربُ زيدا فَكَمَا لَا يجوز نِدَاء الضَّارِب وَفِيه الْألف وَاللَّام كَذَلِك لَا يجوز نداءُ الَّذي الَّتِي هِيَ نائبةٌ(4/262)
مَنابَ الْألف وَاللَّام وَلَو كَانَت الَّذِي إِنَّمَا تعرُّفُها بِالْألف وَاللَّام فَمَا كَانَت ذُو الَّتِي بِمَعْنى الَّذِي معرفَة لِأَنَّهُ لَا لَام فِيهَا وَهِي معرفةٌ لأَنا وجدْناهم يَصفون بهَا المعارف فصحَّ من هَذَا أَن تَعَرُّفَ هَذِه المَوْصولاتِ بصلاتها أَوَلا تَرى أَنَّك إِذا خَلَعْت الصِّلَة من مَنْ ووضعتَ مكانَها الصّفة كَانَتَا نكرتين كَقَوْلِه تَعَالَى: (هَذَا مَا لَدَيَّ عَتيدٌ) . على أحد الْوَجْهَيْنِ اللَّذين ذكرهمَا سِيبَوَيْهٍ وكقول الشَّاعِر: كَمَنْ بِواديهِ بَعْدَ المَحْلِ مَمْطورِ وَنَظِير الَّذِي فِي أَن الْألف وَاللَّام زَائِدَة فِيهَا قولُهم الآنَ الْألف وَاللَّام فِيهِ زائدةٌ وَلَيْسَت على حدِّ: (إنَّ الإنسانَ لَفي خُسْر) . وَذهب النَّاس بالدِّينار والدِّرْهم وَإِنَّمَا أوردت هَذِه المسئلة لغُموضها ودقَّتها ولُطْفها فِي الْعَرَبيَّة وليكون دارسُ هَذَا الكتابِ مُلْتمِساً لجَسيمٍ من الْفَائِدَة، وَفِي الَّذِي لُغاتٌ: الَّذي بِإِثْبَات الياءِ، والَّذِ بِكَسْر الذَّال بِغَيْر يَاء، واللَّذْ بِإِسْكَان الذَّال، والَّذيُّ بتَشْديد الْيَاء وَفِي التَّثْنِيَة اللَّذانِّ بتَشْديد النونِ وتخفيفها، واللَّذا بِحَذْف النُّون، وَفِي الْجَمِيع الَّذينَ والَّذونَ واللأُونَ وَفِي النصب والخفض اللائين واللاؤا بِلَا نون واللائي بِإِثْبَات الْيَاء فِي كل حَال والأُلى وللمؤنَّث اللائي واللاءِ بِالْكَسْرِ واللاتي واللَّتِ بِالْكَسْرِ بِغَيْر يَاء واللَّتْ بِإِسْكَان التَّاء واللَّتانِ واللَّتا بغيرِ نونٍ واللَّتانِّ بتَشْديد النونِ وَجمع التِّي اللاَّتي واللاَّتِ بِغَيْر يَاء واللَّواتي واللَّواتِ بالكسْر بِغَيْر يَاء واللَّوا والَّلاء بهمزةٍ مَكْسُورَة واللآتِ مكسورةَ التَّاء مثل اللَّعات، وطيّيء تَقول هَذَا ذُو قالَ ذاكَ يُرِيدُونَ الَّذِي ومررت بذو قالَ ذاكَ وَرَأَيْت ذُو قالَ ذَاك وللأنثى ذاتُ قالتْ ذاكَ فِي الرفْع والنصْب والخفْض فَأَما أَبُو حَاتِم فَقَالَ ذُو هَذِه للْوَاحِد والاثنين والجميع والمذكر والمؤنَّث بلفظٍ وَاحِد وإعرابها بِالْوَاو فِي كلِّ موضِع وَإِن كَانَ لَيْسَ بإعراب لِأَنَّهُ اسمٌ موصولٌ كَالَّذي. قَالَ أَبُو حَاتِم: سَوَّوْا هَذِه اللفظةَ كَمَا فعلوا ذَلِك بمَنْ وَمَا فَأَما التَّثْنِيَة فِي ذوُ فِي ذُو وذاتُ فَلَا يجوزُ فِيهِ إِلَّا الإعرابُ فِي كل الْوُجُوه وَحكى أَنه قد سُمع فِي ذاتٍ وذواتٍ الرفعُ فِي كل حَال على الْبناء. وَقَالَ غير الْبَصرِيين: أصلُ الَّذِي هَذَا وَهَذَا عِنْدهم أَصله ذَيْ وَهَذَا بعيدٌ جِدَّاً لِأَنَّهُ لَا يجوزُ أَن يكونَ اسمٌ على حرفٍ فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا المضمَر الْمُتَّصِل وَلَو كَانَ أَيْضا الأصلُ حرفا وَاحِدًا لما جَازَ أَن يُصَغَّر والتصغير لَا يدخُلُ إِلَّا على اسمٍ ثُلاثيٍّ والموجودُ والمسموعُ مَعًا أَن الأصولَ من الَّذي ثَلَاثَة أحرفٍ لامٌ وذالٌ وياءٌ وَلَيْسَ لنا أَن ندفع الموجودَ إِلَّا بالدَّليل الْوَاضِح والحُجَّة البيِّنة على أنّي لَا أَدْفَعُ أنَّ ذَا يجوزُ أَن يُستعمَل فِي موضعِ الَّذي فيشارُ بِهِ إِلَى الْغَائِب ويُوضَّح بالصِّلة لِأَنَّهُ نُقل من الإشارةِ إِلَى الْحَاضِر إِلَى الإشارةِ إِلَى الْغَائِب فاحتاجَ إِلَى مَا يوضِّحه لِما ذكرْنا. وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: إنّ ذَا يجْري بمنزلةِ الَّذي وَحْدَها وَيجْرِي معَ مَا بمنزلةِ اسمٍ واحدٍ فَأَما إجراؤهم ذَا بِمَنْزِلَة الَّذِي فَهُوَ قولُهم مَاذَا رَأَيْت فَتَقول متاعٌ حسنٌ، وَقَالَ لبيد: أَلا تَسْأَلانِ المَرْءِ مَاذَا يُحاوِلُ أَنَحْبٌ فيُقْضى أم ضَلالٌ وباطِلُ وأمَّا إجراؤهم إيَّاه مَعَ مَا بمنْزلة اسمٍ واحدٍ فَهُوَ قَوْلك مَاذَا رأيتَ فَتَقول خَيْرَاً كأنَّك قلتَ مَا رَأَيْتَ وَمثل ذَلِك قَوْلهم مَاذَا ترى فَتَقول خَيْرَاً وَقَالَ تَعَالَى: (مَاذَا أَنْزَلَ ربُّكُمْ قَالُوا خَيْرَا) . فَلَو كَانَ ذَا لَغْوَاً لما قَالَت العربُ عَمَّا ذَا تَسْأَلُ ولقالوا عَمَّ ذَا تَسْأَل وَلَكنهُمْ جعلُوا مَا وَذَا اسْما وَاحِدًا كَمَا جعلُوا مَا وإنَّ حرفا وَاحِدًا حينَ قَالُوا إِنَّمَا ومثلُ ذَلِك كأنَّما وحيثُما فِي الجَزاء وَلَو كَانَ ذَا بمنزلةِ الَّذِي فِي هَذَا الْموضع البتَّة لَكَانَ الْوَجْه فِي مَاذَا رَأَيْتَ إِذا أردتَ الْجَواب أَن تَقول خيرٌ فَهَذَا الَّذِي ذكره سِيبَوَيْهٍ بَيِّنٌ وَاضح من استعمالِهم ذَا بمنْزلة الَّذِي فأمَّا أَن تكونَ الَّذِي هِيَ ذَا فبعيدٌ جدا أَلا ترى أَنهم حِين استعملوا ذَا بمنْزلة الَّذي استعملوها بلفظها وَلم يُغيِّروها والتغيير لَا يبْلُغ هَذَا الَّذِي ادَّعوه كلَّه.(4/263)
(بَاب تحقير الأسماءِ المبهَمة)
اعْلَم أنَّ التحقير يضُمُّ أوائلَ الْأَسْمَاء إِلَّا هَذِه الأسماءَ فَإِنَّهَا تُتركُ أوائلُها على حَالهَا قَبْلَ أَن تُحقَّر وَذَلِكَ أنّ لَهَا نَحْوَاً فِي الْكَلَام لَيْسَ لغَيْرهَا فأرادوا أَن يكونَ تحقيرُها على غيرِ تحقيرها مَا سِواها وَذَلِكَ قَوْلك فِي هَذَا هذَيَّا وذاكَ ذَيَّاك وَفِي أُلى أُلَيَّا خالَفوا بَيْنَ تَصْغِير المبهَمِ وَغَيره بِأَن تركُوا أوّله على لفظِه وَزَادُوا فِي آخِره ألفا عِوضاً من الضمِّ الَّذِي هُوَ علامةُ التصغيرِ فِي أوّله وَقَوله ذَيَّا وَهُوَ تَصْغِير ذَا ياءُ التصغير مِنْهُ ثانيةٌ وحقُّ ياءِ التصغيرِ أَن تكونَ ثَالِثَة وَإِنَّمَا ذَلِك لأنّ ذَا على حرفَينِ فلمّا صغَّروا احتاجوا إِلَى حرفٍ ثالثٍ فَأَتَوا بياءٍ أُخرى لتِمامِ حُرُوف المصغَّر ثمَّ أَدْخَلوا ياءَ التصغيرِ ثَالِثَة فَصَارَ ذَيَيُّ ثمَّ زادوا الْألف الَّتِي تُزاد فِي الْمُبْهم المصغَّر فَصَارَ ذَيَيَّا فَاجْتمع ثلاثُ ياآتٍ وَذَلِكَ مُسثقَل فحذفوا وَاحِدَة مِنْهَا فَلم يكن سَبِيل إِلَى حذف يَاء التصغير لِأَن بعدَها ألفا وَلَا يكون مَا قبلَ الألفِ إِلَّا متحرِّكاً فَلَو حذَفوها حرَّكوا يَاء التصغير وَهِي لَا تُحرَّك فحذفوا الياءَ الأولى فَبَقيَ ذَيَّا وَيُقَال فِي الْمُؤَنَّث تَيَّا على لُغَة من قَالَ هذهِ وهذي وتا وتي يَرْجِعْنَ فِي التصغير إِلَى التاءِ لِئَلَّا يَقَعَ لَبْس بَين المذكَّر والمؤنَّث وَإِذا قُلْنَا هَذَيَّا أَو هَتَيَّا للمؤنث فها للتّنْبِيه والتصغيرُ واقعٌ بذَيَّا وبتَيَّا وَكَذَلِكَ إِذا قُلْنَا ذَيَّالك وذَيَّاكَ وتَيَّاك فِي تَصْغِير ذاكَ وتلكَ فَإِنَّمَا الكافُ علامةُ المخاطَبةِ وَلَا يُغيِّر حكمَ المصغَّر وَإِذا صغَّرت أُلاءِ فيمَنْ مَدَّ قلت أُلَيَّاء كَقَوْل الشَّاعِر: مِنْ هؤليَّئِكُنَّ الضَّالِ والسَّمُرِ هَا للتّنْبِيه وكُنَّ لمخاطبة جَمِيع الْمُؤَنَّث والمُصغَّر أُلَيَّاء وَقد اختلفَ أَبُو العبّاس المبرّد وَأَبُو إِسْحَاق الزجَّاجُ فِي تَقْدِير ذَلِك فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد أَدْخَلوا الألفَ الَّتِي تُزاد فِي تَصْغِير الْمُبْهم قبل آخرِه ضَرُورَة وَذَلِكَ أَنهم لَو أَدْخَلوها فِي آخرِ المصغَّر لوقَع اللَّبْسُ بَين ألى الْمَقْصُور الَّذِي تَقْدِيره هُدىً وتصغير أُلَيَّا يَا فَتى وَذَلِكَ انهم إِذا صغَّروا الممدودَ لزِمَهُم أَن يُدخلوا يَاء التصغيرِ بَعْدَ اللامِ ويَقلِبوا الألفَ الَّتِي قبل الْهمزَة ويَكْسروها فتنْقَلِبُ الهمزةُ يَاء فتصيرُ أُلَيَّيٌّ كَمَا تَقول فِي غُراب غُرَيِّب ثمَّ تُحذف إِحْدَى الياآتِ كَمَا حُذف من تَصْغِير عَطاء ثمَّ تُدخلُ الألفَ فتصيرُ أُلَيَّا على لفْظِ الْمَقْصُور فتُرك هَذَا وأُدخِل الألفُ قبل آخِره بَين الْيَاء المشدَّدة وَالْيَاء المنقلبةَ إِلَى الْهمزَة فَصَارَ أُلَيَّا لِأَن أُلاء وزنُه فُعال فَإِذا أُدْخِلَت الألفُ الَّتِي تدخل فِي تَصْغِير المُبهَم طَرَفَاً صَارَت فُعالى وَإِذا صُغِّرتْ سَقَطت الألفُ لِأَنَّهَا خامسةٌ كَمَا تسقُط فِي حُبارى وَإِذا قدَّمناها صارتْ رَابِعَة واللِّين لم يسقُطْ، وَمِمَّا يُحتجُّ بِهِ لأبي الْعَبَّاس أَنه إِذا أُدخِلتِ الألفُ قبل آخرهِ صَار بمنْزلةِ حمراءَ لِأَن الْألف تدخل بعد ثَلَاثَة أحرف قبل الْهمزَة للطَّرَف وحَمْراءُ إِذا صُغِّر لم يُحذَف مِنْهُ شيءٌ. وَأما أَبُو إِسْحَاق فَإِنَّهُ يقدِّر أَن الْهمزَة فِي أُلاءِ ألف فِي الأَصْل وَأَنه إِذا صَغَّر أدخلَ ياءَ التصغيرِ بعد اللَّام وأدخلَ الألفَ المَزيدةَ للتصغير بَعْدَ الْأَلفَيْنِ فَتَصِير ياءُ التصغير بعدَها ألف فتَنقَلِب يَاء كَمَا تنْقَلب الْألف فِي عَناقٍ وحِمار إِذا صُغِّرتا يَاء كَقَوْلِنَا عُنَيِّق وحُمَيِّر وبقيَ بعْدهَا أَلفَانِ فِي اللَّفْظ وَمَتى اجتمعتا فِي التَّقْدِير قلبت الثَّانِيَة مِنْهُمَا همزَة كَقَوْلِنَا حَمْراءَ وصَفْراءَ وَمَا أشبَه ذَلِك. وَمَا يدْخل عَلَيْهِ من هَا التَّنْبِيه أَو كافِ الْمُخَاطب مثل قَوْلك هَؤُلَاءِ وأُلاكَ وأُولئِكَ لَا يُعتدُّ بِهِ، وَتقول فِي تَصْغِير الَّذي والَّتي اللَّذَيَّا واللَّتَيَّا وَإِذا ثنَّيْت قلت اللَّذَيَّانِ واللَّتَيَّانِ(4/264)
فِي الرّفْع واللَّذَيَّيْنِ واللَّتَيَّيْن فِي النصب والجر، وَاخْتلف مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والأخفش فِي ذَلِك: فَأَما سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ يحذفُ الْألف المَزيدةَ فِي تَصْغِير الْمُبْهم وَلَا يُقدِّرُها وَأما الْأَخْفَش فإنّه يقدِّرُها ويحذِفُها لِاجْتِمَاع الساكنَيْن وَلَا يتغيَّر اللفظُ فِي التَّثْنِيَة فَإِذا جُمع تبيَّن الخلافُ بَينهمَا يَقُول سِيبَوَيْهٍ فِي جمع اللَّذَيَّا اللَّذَيَّوْن واللَّذَيَّيْن بِفَتْح الْيَاء وعَلى مذْهبه يكون لفظُ الْجمع كلفظِ التَّثْنِيَة لِأَنَّهُ يحذف الْألف الَّتِي فِي اللَّذَيَّا لِاجْتِمَاع الساكنين وهما الْألف فِي الَّلذَيَّا وياءُ الْجمع كَمَا تَقول فِي المُصْطَفَيْن والأَعْلَيْنَ وَفِي مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَنه لَا يقدِّرُها ويُدخلُ علامةَ الجمعِ على الياءِ من غير تقديرِ حرفٍ بَين الياءِ وَبَين عَلامَة الجمعِ وَإِلَى مَذْهَب الْأَخْفَش يذهب المبرّد وَالَّذِي يحتجُّ لسيبويه يَقُول إِن هَذِه الألفَ تُعاقِب مَا يُزادُ بعْدهَا فَتسقط لأجل هَذِه المعاقَبة وَقد رَأينَا مثلَ هَذَا مِمَّا يجْتَمع فِيهِ الزيادتان فتحذفُ إِحْدَاهمَا كَأَنَّهَا لم تكُن قطُّ فِي الْكَلَام كقولِك وَا غُلامَ زَيْدَاهْ فتحذفُ النُّون من زَيْدٍ كَأَنَّهُ لم يكن قطُّ فِي زيْدٍ وَلَو حَذَفْناه لاجتماعِ الساكنين لجَاز أَن تَقول وَا غُلامَ زَيْدِناهْ وَلِهَذَا نَظائرُ كرِهنا الإطالةَ فتركناها. وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: الَّتي لَا تُحقَّر اسْتَغْنَوا بِجمع الْوَاحِد يَعْنِي أَنهم استَغْنَوا بِجمع الْوَاحِد المحقَّر السالمِ إِذا قلتَ اللَّتَيَّاتُ وَقَول سِيبَوَيْهٍ يدلُّ أَن الْعَرَب تَمْتَنع من ذَلِك وَقد صَغَّر الْأَخْفَش اللَّاتِي واللاَّئي فَقَالَ فِي تَصْغِير اللاَّتي اللُّوَيْتا واللاَّئي اللُّوَيَّا وَقد حذف مِنْهُ حرفا لِأَنَّهُ لَو صُغِّر على التَّمام لصارَ المصغَّر بِزِيَادَة الْألف فِي آخرِه على خمسةِ أحرُف سِوى يَاء التصغيرِ وَهَذَا لَا يكون فِي المصغَّر فحذفَ حرفا مِنْهُ وَكَانَ الأَصْل لَو جَاءَ بِهِ على التَّمام اللُّوَيْتِيا واللُّوَيْئِيا وَجعل الْحَرْف المُسقَط الْيَاء الَّتِي فِي الطرَف قبل الألفِ، وَقَالَ الْمَازِني: إِذا كنّا محتاجينَ إِلَى حذْفِ حرفٍ من أجل الْألف الداخلةِ للإبهام فحذفُ الْحَرْف الزَّائِد أوْلى وَهُوَ الألفُ الَّتِي بعدَ اللامِ من اللاَّتي واللاَّئي لِأَنَّهُ فِي تقديرِ ألِفِ عَامل فَيصير على مذْهبه اللَّتَيَّا وَقد حكوا أنّه يُقَال فِي اللَّتَيَّا واللَّذَيَّا بِالضَّمِّ والقياسُ مَا ذَكرْنَاهُ أوّلاً وَاسْتشْهدَ سِيبَوَيْهٍ فِي اسْتِغنائِهم باللَّتَيَّا عَن تَصْغِير اللَّاتِي باستغنائهِم بقَوْلهمْ أَتَانَا مُسَيَّناً وعُشَيَّناً عَن تحقير القَصْر فِي قَوْلهم أَتَانَا قَصْرَاً وَهُوَ العَشِيُّ. كرناه أوّلاً وَاسْتشْهدَ سِيبَوَيْهٍ فِي اسْتِغنائِهم باللَّتَيَّا عَن تَصْغِير اللَّاتِي باستغنائهِم بقَوْلهمْ أَتَانَا مُسَيَّناً وعُشَيَّناً عَن تحقير القَصْر فِي قَوْلهم أَتَانَا قَصْرَاً وَهُوَ العَشِيُّ
هَذَا بابُ مَا يَجْري فِي الأعْلامِ مُصَغَّراً وتُرِك تكبيرهُ لِأَنَّهُ عِندهم مُستصغرٌ فاستُغني بتصغيره عَن تَكْبيره
وَذَلِكَ قَوْلهم: جُمَيْل وكُعَيْت: وَهُوَ البُلْبُل، وحُكيَ عَن أبي الْعَبَّاس المبرِّد أَنه قَالَ يُشْبِه البلبل وَلَيْسَ بِهِ ولكنْ يُقارِبُه وَقد يُصغَّر الشيءُ لمُقارَبة الشيءِ كَقَوْلِهِم دُوَيْنَ ذَلِك وفُوَيْقه وَيَقُولُونَ فِي جمْعه كِعْتان وجِمْلان لِأَن تقديرَ مكبَّرهِ أَن يكون على جُمَل وكُعَتٍ كَقَوْلِك صَرَد وصِرْدانٌ وجُعَل وجِعْلانٌ وَلَا يُكسَّر الاسمُ المصغَّر وَلَا يُجمَع إِلَّا بالألفِ والتاءِِ لِأَن التصغيرَ مُضارِعٌ للجمْع فِيمَا يُزادُ فيهمَا من الزَّوائِد وَلِأَن ألف الْجمع تقع ثَالِثَة كَمَا أَن ياءَ التصغيرِ تقع ثَالِثَة كَقَوْلِك دَراهِم ودُرَيْهِم وَإِن شِئْت قلت لِأَن الجمعَ تَكْثِير والتصغير تقليلٌ وَلَا يجمع إِلَّا جَمْعَ السَّلامةِ الَّذِي بالواوِ والنُّون أَو الألفِ والتاءِ كَقَوْلِك ضاربٌ وضُوَيْرِبٌ وضُوَيْرِبُون ورجلٌ ورُجَيْلُون ودِرْهَم ودُرَيْهمات لِأَن جَمْعَ السلامةِ كالواحد لسلامةِ لفظِ الواحدِ فِيهِ فَلذَلِك قَالُوا كِعْتانٌ وجِمْلانٌ فردُّهما إِلَى كُعَتٍ وجُمَلٍ وأمّا قَوْلهم كُمَيْت فَهُوَ تَصْغِير أُكْمتَ لِأَن الكُمْتة لونٌ يَقْصُر عَن سَوادِ الأدْعمِ وَيزِيد على حُمْرة الأضقَرِ وَهُوَ بَيْنَ الحُمرة والسَّوادِ وتصغيرُه على حذفِ الزَّوائِد وَهُوَ للذكّر وَالْأُنْثَى وَيجمع على كُمتٍ كَمَا يُقَال شُقْر ودُهْم جمع أَشْقَر وَشَقْراء ويُقال لما يَجِيء آخر الخَيْل سُكَّيْت وسُكَيْت فَأَما سُكَّيْت فَهُوَ فُعَّيْل مثلُ جُمَّيْز ومُلَّيْق وَلَيْسَ بتصغير وأمّا سُكَيْت المخفَّف فَهُوَ تَصْغِير سُكَّيْت على التَّرْخِيم لِأَن الياءَ وَإِحْدَى(4/265)
الكافَيْن فِي سُكَّيْت زائدتان فحذفوهما فبقيَ سُكَت فصُغِّر سُكَيْت وَلَو صَغَّرت مُبَيْطِراً ومُسَيْطراً على لفظ مُكبَّرِه لِأَن فيهمَا زائدتين: الميمُ والياءُ وهما على خَمْسَة أحرف وَلَا بُد من حذْف إِحْدَى الزائدتين وأوْلاهما بالحذْف الياءُ فَإِذا صَغَّرناه وجِئنا بياء التصغير وَقَعَت ثَالِثَة فِي موقع الياءِ الَّتِي كَانَت فِيهِ وَهِي غيرُ تلكَ الياءِ واللفظُ بهما واحدٌ وَلَو صغَّرتهما تصغيرَ التَّرْخِيم لَقلت بُطَيْر وسُطَيْر لِأَنَّك تحذف الميمَ وَالْيَاء جَمِيعًا فاعرِفه. وأذكر الآنَ من الأشياءِ الَّتِي لم تَقَعْ فِي كَلَامهم إِلَّا مُحقَّرَة فَمن ذَلِك الثُّرَيَّا: وَهُوَ النجمُ المَعْلوم كَأَنَّهُ تَصْغِير الثَّرْوى وَمِنْه الحُمَيَّا وَهِي دَبيبُ الخمْرِ، والحُبَيَّا: موضعٌ وَقَالُوا لَك عِنْدِي مِثْلُها هُدَيَّما، وَحكى الْفَارِسِي عَن أبي زيد: احْجُ حُجَيَّاك ويُقال رماهُ بسَهْمٍ ثمَّ رماهُ بآخرَ هُدَيَّاه أَي على إثْرِه، والحُدَيَّا: من التَّحَدي ويُقال أَنا حُدَيَّاكَ على هَذَا الْأَمر: أَي أُخاطِرُك. والحُذَيَّا: العَطِيَّة، وَقَالُوا لضَرْبٍ من نَباتِ السَّهل: الغُبَيْراء: وَهُوَ اسمٌ يجمع شجرَتها وثمرتَها وَلَيْسَت بالغَبْراء الَّتِي تُستعمَل مكبَّرة وَقد أَبَنْت الفرقَ بَيْنَهما فِي صِنْفِ النباتات من هَذَا الْكتاب، وعَلى مِثَال الغُبَيْراء الشُّوَيْلاء: وَهِي أَيْضا نَبْتَةٌ سُهْلِيَّة وَهِي موضعٌ أَيْضا، وَقَالُوا لضَرْبٍ من العَناكِب الرُّتَيْلى. والكُدَيْراء: حَليبٌ يُنقَع فِيهِ تَمرٌ بَرْنِيٌّ، والعُزَيْزاء: طَائِر، والعُزَيْزاء من الفَرَس: وَهُوَ العَظْم الَّذِي على فَقْحَته، والمُلَيْساء: نصفُ النَّهار، ويُقال للنهر الَّذِي تنقطِع فِيهِ المِيرَة: المُلَيْساء، قَالَ الشَّاعِر: أَفينا تَسومُ الشَّاهِرِيَّةَ بَعْدَما بدا لكَ منْ شَهْرِ المُلَيْساء كَوْكَبُ والغُمَيْصاء: من النُّجُوم، قَالَ أَحْمد بن يحيى: هِيَ إِحْدَى الشِّعْرَيَيْن، وَقَالَ أَبُو عبيد: الشِّعْرَيَان: إِحْدَاهمَا العَبور: وَهِي الَّتِي خَلْفَ الجَوْزاء، والأُخرى الغُمَيْصاء وَهِي فِي الذِّرَاع أحدُ الكَوْكَبَيْن والغُمَيْصاء أَيْضا: مَوضِع، والعُرَيْجاء: أَن تَرِد الإبلُ يَوْمَاً نِصْفَ النهارِ وَيَوْما غُدْوةَ وَإِذا وَلَدَت الغنمُ بعضُها بَعْدَ بعضٍ قيل قد وَلَّدْتها الرُّجَيْلاء مَمْدُود وَقَالُوا فِي الطَّعَام رُعَيْداء ومُرَيْراء: وهما مَا يُخرَج من الطَّعَام فَيُرْمى بِهِ، والحُجَيْلاء: موضعٌ والقُطَيْعاء من الشِّهْريز، والقُرَيْناء: لِضَرْب من اللُّباب على شَكْل اللُّوبيا وَقَالُوا القُبَّيْطاء فِي القُبَّيْطى والقُصَيْرى: أَسْفَلُ الأضْلاع، والهُيَيْماء: موضعٌ، فأمّا سُوَيْداءُ الْفُؤَاد فأكثرُ مَا استعملوه مصَغَّراً وَقد قَالُوا سَوْدَاء الفؤاء، وَأما السُّوَيْداء اسْم أرضٍ فمصَغَّر لَا غيرُ وخُلَيْفاء: المَتْنِ الْأَكْثَر فِيهَا التصغير، وَقد قيل ضَرَبَه على خَلْقَاء متْنِه، والخُلَيْقاء من الفرَس: كموضِعِ العِرْنينِ من الْإِنْسَان وَهُوَ مَا لانَ من الْأنف والسُّوَيْطاء: ضَرْبٌ من الطَّعَام، والمُرَيْطاء: جِلْدة رقيقةٌ بَيْنَ السُّرَّة والعانة، والهُوَيْنا: السُّكون والخَفْض، والعُقَّيْب: ضَرْب من الطَّيْر، والحُمَيْميق أَيْضا: طَائِر، والرُّغَيْم بالغين مُعْجمَة: طَائِر، والأدَُيْبِر: دُوَيْبَّةٌ، والأُعَيْرِج: ضَرْب من الحيَّات، والأُسَيْلِم: عِرْق فِي الجَسَد، والأُنَيْعِم: موضعٌ، والأُبَيْرِد: اسْم رجل، والكُحَيْل: القَطِران، والشُّرَيْف: مَوضِع، وخُوَيٌّ: مَوضِع وَذُو الخُلَيْص والخُلَيْصة: مَوضِع والقُطَيْعة: الحَجَلَة، وسُهَيْل: كَوْكَب، وقُعَيْن وهُذَيْل: قَبيلتانِ، والعُذَيْب: موضعٌ وَكَذَلِكَ حُنَيْن واللُّجَيْن: الفِضَّة، والسُّمَيْط: الآجُرُّ القائمُ بعضُه فَوْقَ بعضٍ وَجَاء بأمِّ الدُّهَيْم وأُمِّ اللُّهَيْم وَجَاء بأُرَيْق على رُبَيْق ويُصْرفانِ ويُقلبانِ فَيُقَال جَاءَ برُبَيْقٍ على أُرَيْقٍ وَجَاء بأمِّ الرُّبَيْق علىأُرَيْق وكل هَذَا الداهيةُ، والخُوَيْخِيَة: الداهية، وَقَالُوا أفلَتَ جُرَيْعةَ الذَّقْنِ. أَبُو عبيد: دَبَلْتهُم الدُّبَيْلة: وَهِي الداهية. غَيره: الضُّوَيْطة: الأحمق، وقُعَيْقِعان: مَوضِع.(4/266)
3 - (وَمِمَّا جَاءَ على لفْظ التصغير وَلَيْسَ بمصغَّر إِنَّمَا ياؤُه بِإِزَاءِ واوِ مُحَوْقِلٍ)
قَالَ الْفَارِسِي: هِيَ أربعةٌ: مُهَيْمِن فِي صِفة الْقَدِيم سبحانَه، ومُبَيْقِر: يَعْنِي الَّذِي يلعبُ. البُقَّيْري: وَهِي لُعبة، ومُبَيْطِر: للبَيْطار، ومُسَيْطِر: يَعْنِي الوَكيلَ وَحكى غَيره مُهَيْنِم فأمّا مُجَيْمِر اسْم مَوضِع فقد تكونُ ياؤهُ للتحقير والإلْحاق.
(بَاب مَا لَا يجوز أَن يُصغَّر وَمَا يُختلَف فِي تصغيره أجائزٌ أم غيرُ جائزٍ)
فمما لَا يجوز تصغيرُه علامةُ الْإِضْمَار. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَا تصَغَّر علامةُ الْإِضْمَار نَحْو هُوَ وَأَنا ونحنُ من جِهَتين: إِحْدَاهمَا أَن الْإِضْمَار يجْري مَجْرَى الحروفِ وَلَا تُحقَّر الحروفُ والأُخرى أَن أكثرَ الضَّمائرِ على حرْفٍ أَو حَرْفَين وَلَيْسَت بثابتةٍ اسْما للشَّيْء الَّذِي أُضمِر فَإِن قَالَ قَائِل فقد حقَّروا المُبهَمات وَهِي مَبْنِيَّات تجْري مَجْرَى الْحُرُوف وفيهَا مَا هُوَ على حَرْفَين وَكَذَلِكَ الَّذي وتثنيتها وجمعُها فَالْجَوَاب أَن المُبهم قد يجوز أَن يُبتدأ بِهِ كَقَوْلِك هَذَا زيدٌ وَمَا أشبه ذَلِك وَلَيْسَ فِيهِ شيءٌ يتَّصل بِالْفِعْلِ وَلَا يجوز فصْلُه كالكاف فِي ضربتُك وَالتَّاء فِي قمتُ وقُمتُما وَمَا أشبهَ ذَلِك فَأشبه المبهمُ الظاهرَ لقِيَامه بنَفٍه. وَلَا يُصغَّر غيْرٌ وسِوىً وسُوىً اللَّذَان فِي معنى غَيْر وَلَيْسَ بمنْزلةِ مِثْلٍ لأنَّ مِثْلاً إِذا صَغَّرته قلَّلت المُماثلةَ والمماثلة تَقِلُّ وتكْثُرُ وتُفيد بِالتَّصْغِيرِ معنى يتفاضَلُ وغَيْرٌ هُوَ اسمٌ لكلِّ مَا لم يكُنْ المضافَ إِلَيْهِ وَإِذا كَانَ شيءٌ غيرَ شيءٍ فَلَيْسَ فِي كَونه غَيْرَه معنى يكون أنقَصَ من معنى كَمَا كَانَ فِي الْمُمَاثلَة أَلا ترى أَنه يجوز أَن تَقول هَذَا أكثرُ مماثلةً لذا من غيرِه وَهَذَا أقلُّ مماثلةً وَلَا تقُلْ هَذَا أكثرُ مغايَرَةً وَقد احتجَّ لَهُ سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ: غيْرٌ لَيْسَ باسمٍ متَمَكِّنٍ أَلا ترى أَنَّهَا لَا تكونُ إلاّ نكرَة وَلَا تُجمَع وَلَا تدخلُها الألفُ واللامُ فَهَذِهِ أَيْضا فروق بَيْنَها وبَيْنَ مِثْل. وَلَا يُصغَّرُ أَيْنَ وَلَا مَتَى وَلَا مَنْ وَلَا مَا وَلَا أيُّهم لأنَّ هَذِه أسماءٌ يُستَفْهَم بهَا عَن مُبهَمات لَا يَعرفُها وَيجوز أَن يكونَ ذَلِك الشيءُ الَّذِي استَفْهَمَ عَنهُ قَلِيلا أَو كثيرا ويلزمك أَن تُبْهِم لترُدَّ الجوابَ عَنهُ على مَا عِنْد المَسؤل فِيهِ، وَلَا يصَغَّر حيثُ وَلَا إذْ لِأَنَّهُمَا غير متمَكِّنين ويحتاجان إِلَى إِيضَاح وَإِنَّمَا حَيْثُ اسمُ مكانٍ يُوضِّح بِمَا وَقَعَ فِيهِ وَلَا ينْفَرِد وإذْ اسمُ زمانٍ يُوضِّح بِمَا وَقع فِيهِ وَلَا ينْفَرد وَلَيْسَ الْغَرَض ذِكر حالٍ فِيهَا يختصُّ بهَا فَإِن قَالَ قَائِل قد صَغَّرْتمُ الَّذي وَهِي مُحتاجةٌ إِلَى إِيضَاح فَهَلا صَغَّرتم إذْ وحَيْثُ ومَنْ وَمَا وأيُّهم إِذا كَانَ بِمَعْنى الَّذِي قيل لَهُ لِلَّذي مَزِيَّة عليهِنَّ لِأَنَّهَا تكونُ وَصْفَاً وَتَكون مَوْصُوفَة كَقَوْلِك مَرَرْت بِالرجلِ الَّذِي كلَّمك ومَرَرْت بِالَّذِي كلَّمك الفاضِلِ وتثَنَّى وتجمَع وتُؤنَّث(4/267)
وليسَ ذَلِك فِي شَيْء مِمَّا ذَكَرْناه فتمكَّنتِ الَّذِي فِي التصغير. وَلَا يصغَّر عِنْدَ لِأَن تصغيرها لَو صُغِّرت إِنَّمَا هُوَ تقريب كَمَا تقرِّب فُوَيْق وتُحَيْت وَهِي فِي نِهَايَة التَّقْرِيب لأنّ عِند زيدٍ لَا يكون شيءٌ أقربَ إِلَيْهِ مِمَّا عِنده فَلَمَّا كَانَت مَوْضُوعَة لما يُوجِبُه التصغيرُ فِي غيرِها من الظُّروف إِذا صُغِّرت لم تُصغَّر، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: اعْلَم أنّ الشهرَ والسَّنَة واليومَ والسَّاعةَ واللَّيْلَةَ يُحَقَّرْنَ وَأما أمْسِ وغَدٌ فَلَا يُحقَّران لِأَنَّهَا ليسَا اسْمَيْنِ لليوْمَيْن بِمَنْزِلَة زيدٍ وَعَمْرو وَإِنَّمَا هما لليَوْم الَّذِي قبل يومِكَ وَالْيَوْم الَّذِي بَعْدَ يومِك وَلم يتمَكَّنا كزيْد واليومِ والساعةِ وأشباهِهنّ أَلا ترى أَنَّك تقولُ هَذَا الْيَوْم وَهَذِه الليلةُ فتكونُ لِما أنتَ فِيهِ وَلما لم يَأْتِ وَلما مضى وَتقول هَذَا زيدٌ وَذَاكَ زيدٌ فَهُوَ اسْم مَا يكونُ مَعَك وَمَا يتراخى عَنْكَ وأمْسِ وغَدٌ لم يتمَكَّنا تمكُّنَ هَذِه الْأَشْيَاء فكَرِهوا أَن يُحقِّروهما كَمَا كَرهُوا تحقيرَ أَيْنَ واستَغْنَوا بِالَّذِي هُوَ أشدُّ تمكُّناً وَهُوَ اليومُ والليلةُ والساعةُ وأوّلُ من أمْسِ كأمْسِ فِي أَنه لَا يُحقَّر. قَالَ أَبُو سعيد: أمّا اليومُ والشهرُ والسَّنةُ والليلةُ والساعةُ فأسماءٌ وُضِعْنَ لمقاديرَ من الزمانِ فِي أوّل الوَضْع وتصغيرُهنّ على وَجْهَيْن أَنَّك إِذا صغَّرت الْيَوْم فقد يكون التصغير لَهُ تقليلاً ونقصاناً عَمَّا هُوَ أطولُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قد يكونُ يومٌ طويلٌ ويومٌ قصيرٌ وَكَذَلِكَ الساعةُ تكون ساعةٌ طويلةٌ وساعةٌ قصيرةٌ وَالْوَجْه الآخر أَنه قد يَقِلُّ انتفاعُ المصغِّر بشيءٍ فِي يومٍ أَو ليلةٍ أَو فِي شهر أَو فِي سنةٍ أَو فِي سَاعَة فيحقِّرَه من أجل انتفاعه بِهِ فَإِن قَالَ قَائِل فَلَا يكونُ شهرٌ أطولَ من شهر وَلَا سنَةٌ أطولَ من سنة لِأَن مَا ينقُص من أيّام الشَّهْر يَزيد فِي لَياليه وَمَا يَنقُص من لَياليه يزيدُ فِي أيَّامه حَتَّى تَتعادل الشُّهورُ كلُّها قيل لَهُ قد يكون التحقيرُ على الْوَجْه الآخرِ الَّذِي هُوَ قِلَّة الِانْتِفَاع وَقد قَالَ بعض النَّحْوِيين إِن المعتمَدَ على أيّام الشَّهْر لَا على اللَّيَالِي لِأَن التصرُّفَ فِي الأيّام يَقع وَأما أمْسِ وغَدٌ فهما لمَّا كَانَا مُتعَلِّقين باليومِ الَّذِي انتَفيه صَارا بمنْزلة الضَّمير لاحتياجِهما إِلَى حُضُور اليومِ كَمَا أَن الضميرَ يحْتَاج إِلَى ذِكْرٍ يجْرِي للمضمَر أَو يكونُ المضمرُ المتكلِّمَ أَو المخاطبَ وَقَالَ بعض النَّحْوِيين أمّا غَدٌّ فَإِنَّهُ لَا يُصغَّر لِأَنَّهُ لم يُوجَدْ بعدُ فيستحِقُّ التصغير وَأما أمْسِ فَمَا كَانَ مِنْهُ مِمَّا يُوجب التصغير قد عرّفه المتكلِّم أَو المخاطبُ فِيهِ قبل أَن يصيرَ أمْسِ فَإِذا ذَكَروا أمْسِ فَإِنَّمَا يَذْكًرونه على مَا قد عَرفوه فِي حالِ وجودِه بِمَا يستحقُّه من التصغير فَلَا وَجْهَ لتصغيره. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: والثَّلاثاءُ والأَرْبِعاءُ والبارِحةُ وأشباهُهُنَّ لَا يُحقَّرْنَ وَكَذَلِكَ أسماءُ الشُّهور نَحْو المُحرَّم وَصَفَر إِلَى آخر الشُّهُور وَذَلِكَ أَنَّهَا أسماءٌ أعلامٌ تتكرَّر على هَذِه الْأَيَّام فَلم تتمكَّن وَهِي معارفُ كتمكُّن زيدٍ وَعَمْرو وسائرِ الأسماءِ الأعلامِ لِأَن الاسمَ العَلَم إِنَّمَا وُضِع للشيءِ على أَنه لَا شَريكَ لَهُ فِيهِ وَهَذِه الأسماءُ وُضِعتْ على الأُسْبوع وعَلى الشُّهُور ليُعلَم أَنه الْيَوْم الأولُ من الأُسْبوع أَو الثَّانِي أَو الشهرُ الأولُ من السنةِ أَو الثَّانِي وَلَيْسَ مِنْهُمَا شيءٌ يختصُّ فيعبَّر بِهِ فَيلْزمهُ التصغير وَكَانَ الكوفيُّون يَرَوْن تصغيرَها وَأَبُو عثمانَ المازنِيُّ وَقد حُكي عَن الجَرْمِيِّ أَنه كَانَ يرى تصغيرَ ذَلِك وَكَانَ أَبُو الْحسن بنُ حسَّانَ يخْتَار مذهبَ سِيبَوَيْهٍ فِي ذَلِك للعِلَّة الَّتِي ذَكَرْنا وَكَانَ بعضُ النَّحْوِيين يفرِّق بَيْنَ أَن يقولَ اليومَ الجمعةُ واليَوْمَ السبتُ فينصِبُ اليومَ وَبَين أَن يَقُول اليومُ الجمعةُ واليومُ السبتُ فيرفع اليومَ فَلَا يُجيز تصغيرَ الجُمعة فِي النَّصْب وَلَا تصغيرَ السبت قَالَ: لِأَن السبْتَ والجُمُعة إِنَّمَا هما اسمانِ لمَصْدَرَي الاجتماعِ والراحةِ وَلَيْسَ الغرضُ تصغيرَ هذَيْن المصدرَيْن وَلَا أحدَ يقصِد إِلَيْهِمَا فِي التصغير ويُجيزُ إِذا رُفِع اليومانِ لِأَن الْجُمُعَة والسبتَ يَصيران اسمَيْنِ ليوْمَيْنِ وَلَا يُجيز فِي النصب تصغيرَ اليومِ لِأَن الِاعْتِمَاد فِي الْخَبَر على وَقَعَ ويقَعُ وهما لَا يُصغَّران وَلَا يُقْصَد إِلَيْهِمَا بالتصغيرِ وَقد حُكي عَن بَعضهم أَنه أجازَ التصغيرَ فِي النصبِ وأَبْطَلَ فِي الرّفْع وَكَانَ المازنِيُّ يُجيزُه فِي ذَلِك كلِّه. ويين إِن المعتمَدَ على أيّام الشَّهْر لَا على اللَّيَالِي لِأَن التصرُّفَ فِي الأيّام يَقع وَأما أمْسِ وغَدٌ فهما لمَّا كَانَا مُتعَلِّقين باليومِ الَّذِي انتَفيه صَارا بمنْزلة الضَّمير لاحتياجِهما إِلَى حُضُور اليومِ كَمَا أَن الضميرَ يحْتَاج إِلَى ذِكْرٍ يجْرِي للمضمَر أَو يكونُ المضمرُ المتكلِّمَ أَو المخاطبَ وَقَالَ بعض النَّحْوِيين أمّا غَدٌّ فَإِنَّهُ لَا يُصغَّر لِأَنَّهُ لم يُوجَدْ بعدُ فيستحِقُّ التصغير وَأما أمْسِ فَمَا كَانَ مِنْهُ مِمَّا يُوجب التصغير قد عرّفه المتكلِّم أَو المخاطبُ فِيهِ قبل أَن يصيرَ أمْسِ فَإِذا ذَكَروا أمْسِ فَإِنَّمَا يَذْكًرونه على مَا قد عَرفوه فِي حالِ وجودِه بِمَا يستحقُّه من التصغير فَلَا وَجْهَ لتصغيره. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: والثَّلاثاءُ والأَرْبِعاءُ والبارِحةُ وأشباهُهُنَّ لَا يُحقَّرْنَ وَكَذَلِكَ أسماءُ الشُّهور نَحْو المُحرَّم وَصَفَر إِلَى آخر الشُّهُور وَذَلِكَ أَنَّهَا أسماءٌ أعلامٌ تتكرَّر على هَذِه الْأَيَّام فَلم تتمكَّن وَهِي معارفُ كتمكُّن زيدٍ وَعَمْرو وسائرِ الأسماءِ الأعلامِ لِأَن الاسمَ العَلَم إِنَّمَا وُضِع للشيءِ على أَنه لَا شَريكَ لَهُ فِيهِ وَهَذِه الأسماءُ وُضِعتْ على الأُسْبوع وعَلى الشُّهُور ليُعلَم أَنه الْيَوْم الأولُ من الأُسْبوع أَو الثَّانِي أَو الشهرُ الأولُ من السنةِ أَو الثَّانِي وَلَيْسَ مِنْهُمَا شيءٌ يختصُّ فيعبَّر بِهِ فَيلْزمهُ التصغير وَكَانَ الكوفيُّون يَرَوْن تصغيرَها وَأَبُو عثمانَ المازنِيُّ وَقد حُكي عَن الجَرْمِيِّ أَنه كَانَ يرى تصغيرَ ذَلِك وَكَانَ أَبُو الْحسن بنُ حسَّانَ يخْتَار مذهبَ سِيبَوَيْهٍ فِي ذَلِك للعِلَّة الَّتِي ذَكَرْنا وَكَانَ بعضُ النَّحْوِيين يفرِّق بَيْنَ أَن يقولَ اليومَ الجمعةُ واليَوْمَ السبتُ فينصِبُ اليومَ وَبَين أَن يَقُول اليومُ الجمعةُ واليومُ السبتُ فيرفع اليومَ فَلَا يُجيز تصغيرَ الجُمعة فِي النَّصْب وَلَا تصغيرَ السبت قَالَ: لِأَن السبْتَ والجُمُعة إِنَّمَا هما اسمانِ لمَصْدَرَي الاجتماعِ والراحةِ وَلَيْسَ الغرضُ تصغيرَ هذَيْن المصدرَيْن وَلَا أحدَ يقصِد إِلَيْهِمَا فِي التصغير ويُجيزُ إِذا رُفِع اليومانِ لِأَن الْجُمُعَة والسبتَ يَصيران اسمَيْنِ ليوْمَيْنِ وَلَا يُجيز فِي النصب تصغيرَ اليومِ لِأَن الِاعْتِمَاد فِي الْخَبَر على وَقَعَ ويقَعُ وهما لَا يُصغَّران وَلَا يُقْصَد إِلَيْهِمَا بالتصغيرِ وَقد حُكي عَن بَعضهم أَنه أجازَ التصغيرَ فِي النصبِ وأَبْطَلَ فِي الرّفْع وَكَانَ المازنِيُّ يُجيزُه فِي ذَلِك كلِّه. وَاعْلَم أَنَّك لَا تُحقِّر الاسمَ إِذا كَانَ بِمَنْزِلَة الْفِعْل أَلا ترى أَنه قَبيح هُوَ ضُوَيْرِبٌ زيدا وضُوَيْرِبُ زيدٍ إِذا أردْت بضارب زيدٍ التنوينَ وغن كَانَ ضارِبُ زيدٍ لِما مضى فتصغيره جَيِّد لِأَن ضاربَ إِذا نوَّنَّاه ونصبْنا مَا بعده فمَذْهَبه مَذْهَبُ الفِعل وَلَيْسَ التصغير مِمَّا يَلْحَق الْفِعْل إِلَّا فِي التعجُّب وَإِذا كَانَ فِيمَا مضى فَلَيْسَ يجوز تنوينه(4/268)
ونصبُ مَا بعدَه ومُجْراه مُجْرى غُلام زيدٍ فَلَمَّا جَازَ تصغيرُ غُلام زيدٍ جَازَ تَصْغِير ضاربُ زيدٍ فِيمَا مضى فاعْرِفه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
(هَذَا بابُ شَواذِّ التَّحقير)
من ذَلِك قولُ العربِ فِي مَغْرِب الشَّمْس مُغَيْرِبان الشَّمْس وَفِي العشيِّ عُشّيَّان، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وسَمِعنا من الْعَرَب من يَقُول فِي عَشِيَّة عُشَيْشِيَة كَأَنَّهُمْ حقَّروا مَغْرِبانٌ وعَشْيَانٌ وعَشَّاة لِأَن عُشَيَّان تَصْغِير عَشْيانٍ كَمَا تَقول فِي تَصْغِير سَعْدَان سُعَيْدان وَكَأن عُشَيْشِيَة تَصْغِير عَشَّاة بشِينَيْنِ تفصِلُ بَينهمَا ياءُ التصغير فَأَما قَوْلهم أَتَيْتُكَ أُصَيْلالاً فَزعم الْخَلِيل أَنه أُصَيْلاناً وتصديقُ ذَلِك قولُ الْعَرَب أَتَيْتكَ أُصَيْلاناً، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وسألتُه عَن قولِ بعضِ الْعَرَب أَتَيْتُك عُشَيَّاناتٍ ومُغَيْرِباناتٍ فَقَالَ: جعل ذَلِك الحينَ أَجزَاء لِأَنَّهُ حينٌ كلَّما تصوَّبَت فِيهِ الشمسُ ذهبَ مِنْهُ جُزءٌ فَقَالُوا عُشَيَّانات كَأَنَّهُمْ سمَّوا كلَّ جزءٍ مِنْهُ عَشِيَّة، وشذوذ هَذَا الْبَاب من غَيْرِ وَجْه فَمِنْهُ مَا هُوَ على غير حروفِ مُكَبَّرِه وَمِنْه مَا يُصغَّر على لفْظ الجمعِ ومُكَبَّرُه واحدٌ وَمِنْه مَا يُصغَّر على جَمْع لَا يُصغَّر مثلُه وَمن طَريف هَذَا الْبَاب أَن جميعَ مَا وَقع فِيهِ هَذَا الشذوذُ من أَسمَاء العَشايا فقطْ فَأَما تَصْغِير البِناء فَقَالَ فِيهِ بعض النَّحْوِيين إِنَّه لمَّا خالَف معنى التصغيرِ فِيهِ معنى التصغير فِي غيرِه من الأيَّام خُولِف لفْظِه كَمَا فعلِل ذلكَ فِي بَاب النِّسْبَةِ ومُخالفةُ مَعْنَاهُ لغيره أَن تصغيرَ الْيَوْم فِيمَا ذَكرْنَاهُ يَقع لأحدِ أمرَيْنِ إِذا قُلنا يُوَيْم أَو إِذا قُلْنَا عُوَيْم أَو سُوَيْعةٌ لتصغير عامٍ أَو ساعةٍ أَو سُنَيَّةٌ لتصغير سَنَة إِنَّمَا هُوَ أَن يُريد بيُوَيْم قِصَرَه أَو يُرِيد قِلَّة الِانْتِفَاع بِهِ وَقد ذكرنَا هَذَا فِيمَا مضى مشروحاً وقولُهم مُغَيْرِبانٌ إِنَّمَا تصغيرُه للدِّلالة على قُرْبِ بَاقِي النهارِ من اللَّيْل كَمَا أنَّك لَو نَسَبْت إِلَى رجل اسْمه جُمَّة أَو لِحْية أَو رَقَبَة لقلتَ جُمِّيٌّ ولِحْيِيٌّ ورَقَبِيٌّ فَإِن كَانَ طَوِيل الجُمَّة أَو اللِّحْيَة أَو غليظَ الرقبةِ وَأَرَدْت العِبارةَ عَن ذَلِك بِلَفْظ النِّسْبَة لقلتَ جُمَّانِيٌّ ولِحْيانِيٌّ ورَقَبانِيٌّ فَفَصَلوا بَيْنَ لَفْظَي النِّسبة لاختلافِ المَعْنَيَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي التصغير وَأما مَا جمعُ ذَلِك فَكَمَا ذكره سِيبَوَيْهٍ فِي هَذَا الْبَاب من كِتَابه من جَعْلهم إيَّاه أجْزاءَ كأنهمجعلواكلَّ جُزء مِنْهُ عَشِيَّةً إذْ كَانَ أجزاؤها تَنقضي أوّلَ فَأول فَيكون الْبَاقِي مِنْهَا على غير حُكم الأول ثمَّ شبَّه ذَلِك بأشياءَ مِمَّا يجمعُ فِيهِ الواحدُ كَقَوْلِهِم فلانٌ شابَتْ مَفارِقُه وَإِنَّمَا لَهُ مَفْرِقٌ واحدٌ وكما قَالُوا جَمَل ذُو عَثانَيْن كَأَنَّهُ جَعَلَ كلَّ جُزء عُثْنوناً فَجَمعه، وَأنْشد قَول جَرير: قالَ العواذِلُ مَا لِجَهْلِكَ بَعْدَ مَا شابَ المَفارِقُ واكْتَسَيْنَ فَتيرا وَأما قَوْلهم أُصَيْلالٌ فَفِيهِ شذوذ من ثَلَاثَة أوجه أحدُها أَنه أبدلَ اللامَ من النُّون فِي أُصَيْلانٍ وأُصَيْلانٌ تصغيرُ أُصْلانٍ وأًصلان جمع أَصيلٍ كَمَا تَقول رَغيف ورُغْفان وقَفيز وقُفْزان وفُعْلانٌ من أبنيَة الجمعِ الْكثير الَّذِي لَا يُصغَّر لفظُه وَإِنَّمَا يُردُّ إِلَى واحده أَلا ترى أَنا لَو صَغَّرنا سُودانٌ وحُمْرانٌ وقُضْبان لم يجُز أَن تَقول قُضَيْبانٌ وَإِنَّمَا تَقول قُضَيِّبات فتردُّه إِلَى واحدِه وَهُوَ قَضيب فتصغرُه قُضَيِّب ثمَّ تُدخلُ عَلَيْهِ الْألف والتاءَ للْجمع وَكَانَ حَقُّ أَصيل إِذا صُغِّر أَن يُقَال أُصَيِّل على لفظ الْوَاحِد فَصَارَ فِيهِ من الشُّذوذ نَقْلُ لفظِ الواحدِ إِلَى الجمعِ وتصغيرُ الجمعِ الَّذِي لَا يُصغَّر مثلُه وإبدالُ اللامِ من النُّون ثمَّ ذكر سِيبَوَيْهٍ غُدْوَةً وسَحَراً وضُحىً وتصغيرَهُنَّ على مَا يوجِبهُ القياسُ ليُريَك أَنه من غير بابِ مُغَيْرِبانٍ وعُشَيَّانٍ فَقَالَ تحقيرها غُدَيَّة وسُحَيْراً وضُحَيَّاً، وَأنْشد قَول النَّابِغَة الجَعْدي: كأنَّ الغُبارَ الَّذِي غَاَدَرتْ ضُحَيَّاً دَواخِنُ من تَنْضُبِ وبيَّن أَن تصغيرَ هَذِه الأحيانِ والساعاتِ لَيست تُرِيدُ بهَا تحقيرَها فِي نَفْسها وَإِنَّمَا تُرِيدُ أَن تقرِّبَ حِيناً من حينٍ وتُقلِل الَّذِي بَيْنَهما كَمَا فَعَلْت ذَلِك فِي الأماكنِ حينَ قلتَ دُوَيْنَ ذاكَ وفُوَيْقَ ذَاك وَقد مضى ذَلِك وَمضى(4/269)
الكلامُ فِي قَبْلُ وبَعْدُ وَنَحْو ذَلِك. وَمِمَّا يحقَّر على غير بِنَاء مُكَبَّره المستعمَل فِي الكلامِ إنسانٌ تَقول فِيهِ أُنَيْسِيان وَفِي بَنون أُبَيْنون وَفِي لَيْلَة لُيَيْلية كَمَا قَالُوا ليالٍ وَقَوْلهمْ فِي رجل: رُوَيْجِل أما أُبَيْنون فقد تقدَّم الكلامُ فِيهِ قبل هَذَا الْبَاب وَأما أُنَيْسِيان فَكَأَن الأصلَ إنْسِيانٌ على فِعْلِيان وتصغيره أُنَيْسِيانٌ ولُيَيْلِيَة تَقْدِيره لَيْلاَةٌ والألفُ زائدةٌ فَإِذا جَمَعْت قلتَ لَيالٍ وَإِذا صغَّرت قلت لُيَيْلِيَة كَمَا تَقول فِي سِعْلاة سَعالٍ وُسَعْيلِيَة وَقَوْلهمْ فِي رجل رُوَيْجِل أَرَادوا راجِلاً لِأَنَّهُ يُقَال للرجل راجِلٌ وَإِن سمَّيْت رجلا أَو امْرَأَة بشيءٍ من ذَلِك ثمَّ صغَّرته جرى على القياسِ فَقلت فِي إنسانٍ أُنَيْسانٌ وَفِي لَيْلَة لُيَيْلة وَفِي رجل رُجَيْل. وَمن الشُّذوذ قولُهم فِي صِبْيَة أُصَيْبِيَة وَفِي غِلْمة أُغَيْلِمَة كَأَنَّهُمْ حقَّروا أَغْلِمة وأَصْبِيَة لِأَن غُلَاما فُعال مثل غُراب وصَبِيّ فَعيل مثل قَفيزٍ وبابهما فِي أدْنى العَددِ أَفْعِلَة كأغْرِبَة وأَقْفِزَة فرُدَّ فِي التصغير إِلَى البابِ وَمن الْعَرَب من يُجْريه على الْقيَاس فَيَقُول صُبَيَّة وغُلَيْمة، قَالَ الراجز: صُبَيَّةٌ على الدُّخانِ رُمْكا مَا إِن عَدَا أَصْغَرُهم أنْ زَكَّا زَكَّ يزِكُّ: إِذا قارَبَ الخَطْؤَ، وَقَالَ الْمبرد: إنّما هُوَ مَا إِن عَدا أَكْبَرُهم أَن زَكَّا كأنّ الْمَعْنى يُوجب ذَلِك لِأَنَّهُ أَرَادَ تصْغيرهم فَإِذا كَانَ أكبرُهم بلَغ إِلَى الزَّكيك من المَشْي فَمَنْ دُونهُ لَا يقدِر على ذَلِك.
(بابُ شَواذِّ الجمْع)
من ذَلِك قولُهم عَرَوضُ وأعاريضُ وحَديثٌ وأحاديثُ وقَطيع وأَقاطيعُ وباطِلٌ وأباطيلُ ومَديح وأَماديحُ ووادٍ وأوادِيَةُ على ذَلِك جَمَعَه الشَّاعِر فَقَالَ: وأَقْطَعُ الأبْحُرَ والأوادِيَهْ جمع وادِياً على أودِيَةٍ ثمَّ جمع أَوديَة على أوادٍ كأسقِيَة وأساقٍ وألْحَق الهاءَ فِي أفاعِلَ عِند أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى للوَقْف وَعند أبي عليٍّ على حدِّ إلحاقها فِي أَفْعِلَة. وَمن شَاذ الجمعِ عِندَ بعض اللغويين سِوار وسُوار وأساوِر وَهُوَ عِنْد حُذَّاق النَّحْوِيين سِيبَوَيْهٍ فَمَنْ دونَه جمعُ جمعٍ كأسقِيَة وأساقٍ يُقَال سِوار وأَسْوِرَة ثمَّ يكَسَّر على أساوِر وَقد أَوَضْحت هَذَا وَأَبْنته وَلم يحكِ أحدٌ أَن بعض اللغويين قَالَ إِنَّه من شَاذ الجمعِ غير أبي عَليّ فَإِنَّهُ حَكَاهُ وردَّه. وَمن الشاذِّ تكسيرُهم فَعْلاً على فُعُل وَذَلِكَ قَوْلهم سَحْلٌ وسُحُل، قَالَ الشَّاعِر: كالسُّحُل البِيضِ جَلا لَوْنَها سَحُّ نِجاءِ الحَمَلِ الأَسْوَلِ وَقَالُوا سَقْفٌ وسُقُف ورَهْنٌ ورُهُنٌ وَفِي التَّنْزِيل: (فرُهُنٌ مَقْبوضَةٌ) . قَالَ أَبُو عَليّ: فَإِن قَالَ قَائِل فهلاَّ أَجَزْت أَن يكون رَهْن كُسِّر على رِهان ثمَّ كُسِّر رِهانٌ على رُهُن قيل لَهُ لَيْسَ كلُّ جمعٍ يُجمع كَمَا أنَّه لَيْسَ(4/270)
كلُّ مصدَر يجمع أَلا ترى أَنَّك لَا تجمع العِلْم وَلَا الفكْر وَلَا النَّظَر. وَمن الشاذِّ قولُهم دُخانٌ ودَواخِنُ وعُثانٌ وعَواثِن، أنْشد سِيبَوَيْهٍ: كأنَّ الغُبارَ الَّذِي غادَرَتْ ضُحَيَّاً دَواخِنُ من تَنْضُبِ وَمن الشاذِّ قولُهم كَرَوَانٌ وَإِنَّمَا حقُّه كَراوين كَمَا أنْشد بعضُ البغداديين فِي صِفَةِ صَقْر: حَتْف الحُبارِيَّاتِ والكَراوِينْ قَالَ أَبُو عَليّ: حقيقتُه أَنهم ردُّوا كَرواناً إِلَى كراً ثمَّ كسَّروا كَرا على كِرْوانٍ كَمَا قَالُوا أَخٌ وإخْوانٌ وَنَظِير قَوْلهم كَرَوَانٌ وكِرْوانٌ فِي الشذوذ قَوْلهم وَرشانٌ ووِرْشانٌ وَلم يحْكِه سِيبَوَيْهٍ إِلَّا على الْقيَاس قَالُوا وَراشين. وَمن الشاذِّ قولُهم أهْلٌ وأَهالٍ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: ومثلُ أَراهِطٍ قولُهم أَهْلٌ وأَهال ولَيْلَة وَلَيَالٍ يَعْنِي أنَّ لَيالٍ لَيْسَ بجمعِ لَيْلَة على لفظِها وَلَا أَهالٍ جمع أَهْل وَإِنَّمَا هُوَ على تَقْدِير لَيْلاةٍ وأَهْلاةٍ وَإِن لم يستَعْمل وَقَالُوا لُيَيْليَة فجاءتْ على لَيْلاَةٍ فِي التصغير كَمَا جَاءَت عَلَيْهِ فِي التكسير. وَمن الشاذِّ قولُهم أرضٌ وآراضٌ أفْعالٌ كَمَا قَالُوا أهْلٌ وآهالٌ حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ عَن أبي الخطَّاب، وَهَذَا نَص مَوْضُوع نَقَلَه كَمَا وَضَعْناه وَالَّذِي عِند أبي سعيد وَأبي عَليّ وَابْن السرِيِّ أنَّ هَذَا غلط وَقَعَ فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا أَن سِيبَوَيْهٍ ذكر فِيمَا تقدَّم أَنهم لم يَقُولُوا آراضٌ وَلَا آرُضٌ والأُخرى أَن هَذَا البابَ إِنَّمَا ذُكر فِيهِ مَا جَاءَ جمعُه على غيرِ واحدِه وَنحن إِذا قُلنا أرضٌ وآراضٌ وأهْل وآهالٌ فَهُوَ على الْوَاحِد كَمَا يُقَال زَنْدٌ وأَزْنَادٌ وفَرْخٌ وأَفْرَاخٌ وَإِن كَانَ الْأَكْثَر فِيهِ أفْعُلاً وَقد ذكر سِيبَوَيْهٍ مثل هَذَا فِيمَا تقدَّم من الجموع قبْل هَذَا الْبَاب من كِتَابه، قَالَ أَبُو سعيد السيرافي: وأظنُّه أرضٌ وأراضٍ كَمَا قَالُوا أهْلٌ وأَهالٍ فَيكون مثلَ لَيْلَة ولَيالٍ فيشاكِلُ البابَ. وَمن الشاذِّ قولُهم مكانٌ وأَمْكُنٌ حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ وَيكون التَّقْدِير أَنه جمع مَكْن بِحَذْف الألفِ من مَكَان لأنَّا لم نرَ فَعيلاً وَلَا فَعَالاً وَلَا فِعالاً وَلَا فُعالاً يُكسَّرْن مذكَّراتِ على أفْعُلٍ. وَمن الشاذِّ قولُهم شاةٌ رُبَّى وَغَنَم رُباب وظِئْرٌ وظُؤار وفَرير وفُرّار وثِنْيٌ وثُناء ورِخْل ورُخال وَإِنَّمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ: كَأَنَّهُمْ كسَّروا عَلَيْهِ لِأَن الْبَاب عِنْده فِي فُعال أَن يكون جمع فِعْل لِأَن أكثرَه جَمْع فِعْل وَذَلِكَ ظِئْر وظُؤار ورِخْل ورُخال وثِنْيْ وثُناء وَهَذَا نَظِير مَا حَكَاهُ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي فِي قراءَة من قَرَأَ إنَّا بُراءٌ مِنكمْ: قَالَ هُوَ جمعُ بَريءٍ وَهُوَ فِي الوصْف مثلُ فَرير فِي الاسمِ حِين كُسِّر على فُرار. وَمن الشاذِّ قولُهم حِمار وحَمير وَمثله أصحابٌ وأطْيارٌ وفلُوٌّ وأفْلاء، قَالَ أَبُو عَليّ وَأَبُو سعيد: جعل سِيبَوَيْهٍ مَا كَانَ من جَمْع الثُّلاثيِّ مِمَّا ذُكر إِذْ جَاءَ جمعا لما كَانَ على أربعةِ أحرف فَهُوَ يُحذَف حرفٌ مِنْهُ فِي التَّقْدِير وَلَيْسَ ذَلِك بمطَّرِد كَأَنَّهُمْ قدَّروا حِماراً على حَمْر وجمعوه على حَمير كَمَا قَالُوا كَلْبٌ وكَليب وعَبْد وعَبيد وَجعلُوا صاحِباً وطائراً على صَحْب وطَيْر وجمعوه على أَصْحَاب وأطْيار كَمَا قَالُوا بَيْت وأبياتٌ وَجعلُوا فلُوُّاً على فَعْل أَو فَعُل وجمعوه على أفْعال كَمَا قَالُوا عَجُز وأعْجاز. وَمن الشاذِّ قولُهم حُرَّة وحَرائرُ وحِقَّة وحِقاق وحاجَة وحِوَج وهَضْبَة وهِضَب وبَدْرة وبِدَر وبَضْعة وبِضَع فَأَما قَول الشاعرِ:(4/271)
يَجِئْنَ من أَفِجَّةٍ مَناهِجِ فقد يكونُ من شاذِّ الجمْع وَهَذَا من العيْب أَن يكونَ فَعْل يكسَّر على أفْعِلَة وَيجوز أَن يكونَ فَجٌّ كُسِّر على فِجاج ثمَّ كُسِّر فِجاج على أَفِجَّةٍ فَيكون من بابِ جمْع الجمْعِ فأمَّا أُمَّهات فقد قَالَ أَبُو عَليّ إِنَّه جمعُ أُمٍّ على الشذوذ، وَقَالَ مرّة: رُدَّت إِلَى الأَصْل لأَنهم يَقُولُونَ أُمٌّ وأُمَّهة. وَمن الشاذِّ قَوْلهم ضَرَّة وضَرائِرُ جمعُ ضَريرة وَقَالُوا مَعِدَة ومِعَد وَهُوَ عِند أهل اللُّغة فِيمَا شذَّ. قَالَ أَبُو عَليّ: وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِك مَعِدٌ جمع مَعِدَةٌ كلِبَن جمع لَبِنة ونَبِقٍ جمع نَبِقَةٍ ومِعَدٌ جمعُ مِعْدة كفِقَر جمع فَقْرَة وكِسَر جمع كِسْرَةٍ وَنَظِيره قَول أهلِ اللُّغَة إِن نِقَماً جمع نَقِمةٍ وَالْقَوْل فِيهِ كالقول فِي المَعِدة وَقَوْلهمْ فِي سَفِلةٍ وسِفَل وَالْقَوْل فِي هَذَا كلِّه سواءٌ من أَن التكسير بَعْدَ التَّخْفِيف وإلقاءِ الحركةِ على الفاءِ وإزالةِ الحركةِ الَّتِي كانتْ عَلَيْهَا. وَمن الشاذِّ قَوْله: وأَصْبَحَتِ النِّساءُ مُسَلِّباتٍ لَهَا الوَيْلاتُ يَمْدُدْنَ الثُّدِينا وَهُوَ كالغَلَط شُبِّه الثُّدِيُّ بالقُنِيِّ. وَمن الشاذِّ بُرْد وأَبْرُد، وَامْرَأَة نَسْءٌ ونِساءٌ نُسْء، وسَهْم حَشْر وسِهامٌ حُشْرٌ. وَمن الشاذِّ قولُهم قَديم وقُدامى وتَقيٌّ وتُقَواءُ وَالْمَعْرُوف أَتْقِياءُ، وَقَالُوا أَتِيٌّ وأُتِيٌّ، وسَدوسٌ وسُدوس، فَأَما حِجارة وجِمالة فعدَّها أهلُ اللُّغَة فِي الشاذِّ وَمن لَطَّف النّظر أَدْنَى تلطيفٍ لم يَذْهَب ذَلِك عَلَيْهِ.
وأذكرُ من جمْع الجمْع شَيْئا لقُرْبه فِي القِلَّة من هَذَا الْبَاب
أما أبنية أدنى الْعدَد فكُسِّر مِنْهَا أَفْعِلَة وأَفْعُل على أَفاعلَ أَفْعُل بِزِنَةِ أَفْعَلٍ، وأفْعِلَةٌ بزِنة إفْعَلة، كَمَا أَن أَفعالا بزِنة إفعالٍ وَذَلِكَ نَحْو أَيْدٍ وأيادٍ وأوْطُب وأَواطِبَ وَقَالَ الراجز: تُحْلَبُ مِنْهَا سِتَّةُ الأَواطِبِ وأَسْقِيَةٌ وأَساقٍ: قَالَ أَبُو عَليّ وَأَبُو سعيد: اعْلَم أَن جمع الْجمع لَيْسَ بقياسٍ مطَّرد وَإِنَّمَا يُقَال فِيمَا قَالُوهُ وَلَا يُتجاوَز، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عمر الجَرْمي وَلَو قُلْنَا فِي أَفْلُسٍ أفالِسُ وَفِي أدْلٍ أدالٍ لم يَجُز. وَمَا كَانَ على أفعالٍ كُسِّر على أفاعيلَ لِأَن أفعالاً بِمَنْزِلَة إفعالٍ وَذَلِكَ نَحْو أنعامٍ وأناعيمَ وأقوالٍ وأقاويلَ، وَقد جمعُوا أَفعِلَةً بِالتَّاءِ كَمَا كسَّروها على أَفاعِلَ شبَّهوها بأَنملة وأنامل وأنْمُلاتٍ وَذَلِكَ قَوْلهم أَعطِياتٌ وأَسقِيات أَعنِي أَنهم لما استجازوا جمعَه على التكسير استجازوه على السّلامة بِالْألف وَالتَّاء وَقَالُوا جِمالٌ وجمائلُ فكسّروها على فَعائلَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة شِمال وشَمائل فِي الزِّنة كَأَنَّهُمْ جعلُوا جِمالا وَاحِدًا بِمَنْزِلَة شِمال الَّتِي هِيَ وَاحِد قَالَ ذُو الرِّمَّة: وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الجَمائلَ بَعْدَمَا تَقوَّبَ عَن غِرْبانِ أوراكها الخَطْر وَقَالُوا جِمالاتٌ ورجالاتٌ وكِلابات وبيوتات لِأَنَّهَا جُموع مكسَّرة مُؤَنّثَة فجمعوها بِالْألف وَالتَّاء كَمَا يُجمع الْمُؤَنَّث وَمثل ذَلِك الحُمُرات والطُّرُقات والجُزُرات لجمع الحُمُر والطُّرُقِ والجُزُر وَقد قَالُوا مَواليات(4/272)