الْعَاقِبُ أَيضاً وَمَعْنَاهُ آخِرُ الأَنبياء. وأَعطاني خَتْمي أَي حَسْبي، قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمّة:
وإِني دَعَوْتُ اللَّهَ، لَمَّا كَفَرْتَني، ... دُعاءً فأَعطاني عَلَى ماقِطٍ خَتْمِي
وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن حَسْبَ الرَّجُلِ آخرُ طَلَبِهِ. وخَتَم زَرْعَهُ يَخْتِمُه خَتْماً وخَتَم عَلَيْهِ: سَقَاهُ أَولَ سَقْيَةٍ، وَهُوَ الخَتْم، والخِتام اسْمٌ لَهُ لأَنه إِذا سُقِيَ خُتِم بالرَّجاء، وَقَدْ خَتَمُوا عَلَى زُروعِهم أَي سَقَوْها وَهِيَ كِرابٌ بَعْدُ؛ قَالَ الطَّائِفِيُّ: الخِتام أَن تُثار الأَرض بالبَذْر حَتَّى يَصير البَذْر تحتَها ثُمَّ يَسقونها، يَقُولُونَ خَتَمُوا عَلَيْهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَصل الخَتْم التَّغْطِيَةُ، وخَتْم الْبَذْرِ تغطيتُه، وَلِذَلِكَ قِيلَ للزَّرَّاع كَافِرٌ لأَنه يُغطّي الْبَذْرَ بِالتُّرَابِ. والخَتْم: أَفواه خَلايا النَّحْل. والخَتْم: أَن تَجمع النحلُ مِنَ الشَّمَع شَيْئًا رَقِيقًا أَرقّ مِنْ شَمَع القُرْص فَتَطْليَه بِهِ، والخاتَمُ أَقلُّ وضَحِ الْقَوَائِمِ. وَفَرَسٌ مُخَتَّم: بأَشاعِرِه بَياضٌ خفيٌّ كاللُّمَع دُونَ التَّخْدِيمِ. وخاتَمُ الفَرَسِ الأُنثى: الحلْقَة الدُّنْيا مِنْ ظَبْيَتها «2» . ابْنُ الأَعرابي: الخُتُمُ فُصُوص مَفاصِل الخَيل، وَاحِدُهَا خِتام وخَتام. وتَختَّم عَنِ الشَّيْءِ: تَغافَل وسَكَتَ. والمِخْتَم: الجَوْزَةُ الَّتِي تُدْلَكُ لِتَمْلاسَّ فَيُنْقَدَ بِهَا، تُسمّى التِّير بِالْفَارِسِيَّةِ. وَجَاءَ مُتَخَتِّماً أَي مُتَعمِّماً وَمَا أَحسن تَخَتُّمَهُ؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، وَاللَّهُ أَعلم.
خترم: خَتْرَمَ: صَمَتَ عَنْ عِيٍّ أَو فَزَع.
خثم: خَثَّم الشيءَ: عَرَّضه. والخَثَم، بِالتَّحْرِيكِ: عِرَضُ الأَنف. والخَثَمُ: عِرَض رأْس الأُذن وَنَحْوِهَا مِنْ غَيْرِ أَن تَطَرّف، وأُذن خَثْماء، وَقَدْ خَثِم خَثَماً، وَهُوَ أَخْثَمُ. وأَنف أَخْثَمُ: عَرِيضُ الأَرْنَبة، وَقِيلَ: الخَثَم غِلَظُ الأَنف كلِّه؛ والأَخْثم: السَّيْفُ الْعَرِيضُ، مِنْ قَوْلِ الْعَجَّاجِ:
بِالْمَوْتِ مِنْ حَدِّ الصَّفِيحِ الأَخْثم
والأَخْثَم: الجَهازُ الْمُرْتَفِعُ الْغَلِيظُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وإِذا لمَسْتَ لَمَسْتَ أَخْثَمَ جاثِماً، ... مُتَحَيِّزاً بِمَكَانِهِ مِلْءَ الْيَدِ «3»
. ورَكَبٌ أَخْثَم إِذا كَانَ مُنْبَسِطًا غَلِيظًا. ونَعْل مُخَثَّمة: مُعرَّضة بِلَا رأْس، وَقِيلَ: عَريضة. والخُثْمة: قِصَر فِي أَنف الثَّوْرِ. اللَّيْثُ: ثَوْر أَخثم وَبَقَرَةٌ خَثْماء؛ قَالَ الأَعشى:
كأَني ورَحْلي والقُنانَ ونُمْرُقي، ... عَلَى ظَهْر طاوٍ أَسْفَعِ الخدِّ أَخْثَما
والخُثْمة: غِلَظ وقِصَر وتَفَرْطُحٌ. وَنَاقَةٌ خَثماء، وخَثَمُها: اسْتِدَارَةُ خُفها وانبساطُه وقِصَر مَناسِمِه، وَبِهِ يُشبَّه الرَّكَبُ لِاكْتِنَازِهِ، قَالَ: وَمِثْلُهُ الأَخَثّ. ثَعْلَبٌ: فَرْج أَخْثَم مُنْتَفِخٌ حُزُقَّةٌ قَصِيرُ السَّمْك خَنّاقٌ ضَيِّقٌ. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الأَبرد للنَّمر، وَيُقَالُ لأُنثاه الخَيْثَمَة. وخَيْثَم وخَيْثَمَة وخُثامة وأَخْثَم وخُثَيْمٌ، كُلُّهَا: أَسماء. وَقَدْ خَثِم المِعْوَلُ: صَارَ مُفَرْطَحاً؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
رَدّتْ مَعاوِلَه خُثْماً مُفَلّلة، ... وصادَفَتْ أَخضرَ الجالَيْنِ صَلَّالا
__________
(2) . قوله [الْحَلْقَةُ الدُّنْيَا مِنْ ظَبْيَتِهَا] هكذا هو بالأصل، وهو نص المحكم، وفي نسخة القاموس تحريف له فليتنبه له
(3) . في ديوان النابغة: أجثم بدل أخثم(12/165)
خثرم: الخُثارم، بِالضَّمِّ: الرَّجُلُ الْمُتَطَيِّرُ؛ قَالَ خُثَيْمُ بْنُ عَدِيّ:
وَلَسْتُ بَهيّاب، إِذا شدَّ رَحلَه، ... يَقُولُ: عَداني اليومَ واقٍ وحاتِمُ
وَلَكِنَّهُ يَمضي عَلَى ذَاكَ مُقْدِماً، ... إِذا صَدَّ عَنْ تِلْكَ الهَناة الخُثارِمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ السِّيرَافِيِّ هُوَ للرَّقّاص الْكَلْبِيِّ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ وَصَوَابُهُ:
وَلَيْسَ بِهيّاب إِذا شدَّ رَحلَه
بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ:
وَلَكِنَّهُ يَمْضِي عَلَى ذَاكَ مُقْدِماً
قَالَ: وَالضَّمِيرُ فِي وَلَيْسَ يَعُودُ عَلَى رَجُلٍ خَاطَبَهُ فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ فِي فَصْلِ حَتْمٍ، وَهُوَ:
وجدتُ أَباكَ الْخَيْرَ بَحْراً بنَجدة، ... بَنَاهَا لَهُ مَجْداً أَشَمُّ قُماقِمُ
وَرَجُلٌ خُثارِم وحُثارم: غَلِيظُ الشَّفَةِ. والخِثْرِمة، بِالْخَاءِ وَالْحَاءِ: الدَّائِرَةُ تَحْتَ الأَنف. والخِثْرمة: طَرَف الأَرنبة إِذا غَلُظَتْ؛ رَوَاهُ أَبو حَاتِمٍ بِالْخَاءِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ، بِالْحَاءِ، حِثْرِمة؛ قَالَ: وَهِيَ لُغَتَانِ الدَّائِرَةُ الَّتِي عِنْدَ الأَنف وسْط الشَّفَةِ الْعُلْيَا. وعَمرو بْنُ الخُثارِم البَجَليُّ.
خثعم: خَثْعَم: اسمُ جَبَلٍ، فَمَنْ نَزَلَهُ فَهُمْ خَثْعَمِيُّونَ. وخَثْعَمٌ: اسْمُ قَبِيلَةٍ أَيضاً، وَهُوَ خَثْعَمُ بْنُ أَنمار مِنَ الْيَمَنِ، وَيُقَالُ: هُمْ مِنْ مَعَدٍّ صَارُوا بِالْيَمَنِ، وَقِيلَ: خَثْعَمٌ اسْمُ جَمَلٍ، سُمي بِهِ خَثْعَمٌ. والخَثْعَمة: تَلَطُّخُ الْجَسَدِ بِالدَّمِ، وَقِيلَ: بِهِ سُمِّيَتِ هَذِهِ الْقَبِيلَةُ لأَنهم نَحَرُوا بَعِيرًا فَتَلَطَّخُوا بِدَمِهِ وتَحالفوا. والخَثْعَمَةُ: أَن يُدخِل الرَّجُلَانِ إِذا تَعَاقَدَا كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِصبعاً فِي مَنْخِر الجَزُور المَنحور، يَتعاقدان عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ، قَالَ قُطْرُبٌ: الخَثْعمة التَّلَطُّخُ بِالدَّمِ؛ يُقَالُ: خَثعموه فَتَرَكُوهُ أَي رَمَّلوه بِدَمِهِ. وتَخَثْعم القومُ بِالدَّمِ: تَلَطَّخُوا بِهِ، وَقِيلَ: الخثْعمة أَن يَجْتَمِعَ النَّاسُ فيَذبَحوا ويأْكلوا ثُمَّ يَجمَعوا الدَّمَ ثُمَّ يَخلطوا فِيهِ الزعفَران والطِّيبَ، ثُمَّ يَغمِسوا أَيديهم وَيَتَعَاقَدُوا أَن لا يَتخاذلوا.
خثلم: خَثْلَم الشيءَ: أَخذه فِي خُفْية. وخَثْلَمٌ:؛ اسْمٌ. والخَثْلَمَةُ: الاختلاط.
خجم: الخِجامُ: المرأَة الواسِعةُ الهَنِ، وَهُوَ سَبٌّ عِنْدَ الْعَرَبِ، يَقُولُونَ: يَا ابْنَ الخِجام وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ صِفَةِ النِّسَاءِ مِنَ الْجِمَاعِ:
بِذَاكَ أَشفي النَّيْزَجَ الخِجاما
وَيُقَالُ لَهَا الخُجارِمُ أَيضاً. الأَزهري: النَّيْزَجُ جَهاز المرأَة إِذا نَزا بَظْرُه.
خدم: الخَدَم: الخُدَّمُ. والخادِمُ: واحدُ الخَدَمِ، غُلَامًا كَانَ أَو جَارِيَةً؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ قَوْمًا:
مُخَدَّمون ثِقالٌ فِي مَجالسهم، ... وَفِي الرِّجال، إِذا رافقتَهم، خَدَمُ
وتَخَدَّمْتُ خادِماً أَي اتَّخَذْتُ. وَلَا بُدَّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خادمٌ أَن يَخْتَدِم أَي يَخْدُم نفسه. وَفِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ وَعَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: اسأَلي أَباكِ خادِماً تَقِيكِ حَرَّ مَا أَنتِ فِيهِ
؛ الخادِمُ: وَاحِدُ الخَدَم، وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى لإِجرائه مُجرى الأَسماء غَيْرِ المأْخوذة مِنَ الأَفعال كَحَائِضٍ وعاتِق. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنه طَلَّقَ امرأَته فَمَتَّعها بِخَادِمٍ سَوداء
أَي جَارِيَةٍ. وَهَذِهِ خادِمُنا، بِغَيْرِ هَاءٍ، لِوُجُوبِهِ،(12/166)
وَهَذِهِ خادِمتُنا غَدًا. ابْنُ سِيدَهْ: خَدَمَه يَخْدُمه ويَخدِمه؛ الْكَسْرُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، خَدْمةً، عَنْهُ، وخِدْمة، مَهَنَهُ، وَقِيلَ: الْفَتْحُ الْمَصْدَرُ، وَالْكَسْرُ الِاسْمُ، وَالذَّكَرُ خَادِمٌ، وَالْجَمْعُ خُدَّام. والخَدَمُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ كالعَزَبِ والرَّوَح، والأُنثى خادِم وخادِمة، عَرَبيَّتان فَصِيحَتَانِ، وخدَم نفسهَ يَخْدُمُها ويَخْدِمُها كَذَلِكَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لَا بدَّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ أَن يَختَدِم أَي يخدُم نَفْسَه. واستخدَمَه فأَخدَمَه: استوهَبَه خادِماً فَوَهَبَه لَهُ. وَيُقَالُ: اخْتَدَمْتُ فُلَانًا واسْتَخْدَمْتُه أَي سأَلتُهُ أَن يَخْدُمني. وقومٌ مُخَدَّمُون أَي مَخْدُومُون، يُرَادُ بِهِ كثرةُ الخَدَم والحَشَم. وأَخدمتُ فُلَانًا: أَعطيتُه خَادِمًا يَخدُمُه، يَقَعُ الخادِمُ عَلَى الأَمة وَالْعَبْدِ. وَرَجُلٌ مَخْدُوم: لَهُ تَابِعَةٌ مِنَ الْجِنِّ. والخَدَمة: السَّيْرُ الْغَلِيظُ المحكمُ مثل الحَلْقة، يُشدّ فِي رُسْغ الْبَعِيرِ ثُمَّ يُشَدّ إِليها سَرائحُ نَعْلِها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَعشى:
وطايَفْنَ مَشْياً فِي السَّرِيح المُخَدَّم
وَالْجَمْعُ خَدَمٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: خِدامٌ، وَقَدْ خَدَّم الْبَعِيرَ. والخَدَمةُ: الخَلْخالُ. هو مِنْ ذَلِكَ لأَنه رُبَّمَا كَانَ مِنْ سُيُورٍ يُرَكَّبُ فِيهَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَالْجَمْعُ خِدامٌ، وَقَدْ تُسمَّى الساقُ خَدَمَةً حَمْلًا عَلَى الخَلْخال لِكَوْنِهَا مَوْضِعَهُ، وَالْجَمْعُ خَدَمٌ وخِدامٌ؛ قَالَ:
كَيْفَ نَوْمِي عَلَى الفراشِ، ولمَّا ... تَشْمَلِ الشأْمَ غارةٌ شَعْواءُ
تُذْهِلُ الشيخَ عَنْ بَنيهِ، وتُبْدي ... عَنْ خِدامِ العَقِيلَةُ العَذْراءُ
أَراد وتُبْدِي عَنْ خِدامٍ الْعَقِيلَةَ، وخِدام هَاهُنَا فِي نِيَّةٍ عَنْ خِدامها؛ وعدَّى تُبْدِي بعَنْ لأَن فِيهِ مَعْنَى تَكْشِفُ كَقَوْلِهِ:
تَصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أَسيلٍ وتَتَّقِي
أَي تَكْشِفُ عَنْ أَسيلٍ أَو تُسْفِرُ عَنْ أَسيلٍ. والمُخَدَّمُ: مَوْضِعُ الخَدَمَة مِنَ الْبَعِيرِ والمرأَة؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
وَفِي الظَّاعِنينَ القَلْبُ قَدْ ذَهَبَتْ بِهِ ... أَسيلَةُ مَجْرى الدَّمْعِ، رَيَّا المُخَدَّمِ
والمُخَدَّمُ مِنَ الْبَعِيرِ: مَا فَوْقَ الْكَعْبِ. غَيْرُهُ: والمُخَدَّم والمُخَدَّمة مَوْضِعُ الخِدام مِنَ السَّاقِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَدَمِ نِسائكم شيءٌ
، جَمْعُ خَدَمَةٍ، يَعْنِي الْخَلْخَالَ، وَيُجْمَعُ عَلَى خِدامٍ أَيضاً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كُنَّ يُدْلِجْنَ بالقِرَبِ عَلَى ظُهُورِهِنَّ ويَسْقِينَ أَصحابه باديَةً خِدامُهُنَّ.
وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ: أَنه كَانَ عَلَى حِمار وَعَلَيْهِ سَراويلُ وخَدَمَتاه تَذَبْذَبانِ
؛ أَراد بخَدَمَتَيْه ساقَيْه لأَنهما مَوْضِعُ الخَدَمتين وَهُمَا الخَلْخالانِ، وَقِيلَ: أَراد بِهِمَا مَخْرَجَ الرِّجْلَيْنِ مِنَ السَّرَاوِيلِ. أَبو عَمْرٍو: الخِدام الْقُيُودُ. وَيُقَالُ لِلْقَيْدِ: مِرْمَلٌ ومِحْبَسٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والمُخَدَّم رِباطُ السَّراويل عِنْدَ أَسفل رِجْلِ السَّراويل. أَبو زَيْدٍ: إِذا ابْيَضَّت أَوْظِفَةُ النَّعْجَةِ فَهِيَ حَجْلاءُ وخَدْماءُ، والخَدْماءُ مِثْلُ الحَجْلاء: الشَّاةُ الْبَيْضَاءُ الأَوْظِفَةِ أَو الوَظيفِ الْوَاحِدِ، وَسَائِرُهَا أَسود، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي فِي سَاقِهَا عِنْدَ مَوْضِعِ الرُّسْغِ بَيَاضٌ كالخَدَمةِ فِي سَوَادٍ أَو سَوَادٌ فِي بَيَاضٍ، وَكَذَلِكَ الوُعُولُ مُشَبَّهٌ بالخَدَم مِنَ الْخَلَاخِيلِ، وَالِاسْمُ الخُدْمةُ، بِضَمِّ الْخَاءِ، وَيُسَمُّونَ مَوْضِعَ الخَلْخال مُخَدَّماً؛ وَقَوْلُ الأَعشى:(12/167)
وَلَوْ أَنَّ عِزَّ الناسِ فِي رأْس صَخْرَةٍ ... مُلَمْلَمَةٍ، تُعْيِي الأَرَحَّ المُخَدَّما
لأَعطاك ربُّ الناسِ مِفْتاحَ بابِها، ... وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بابٌ لأَعطاكَ سُلَّمَا
يُرِيدُ وَعْلًا ابْيَضَّتْ أَوْظِفَتُهُ. وَفَرَسٌ مُخَدَّمٌ وأَخْدَمُ: تحجيلُه مُسْتَدِيرٌ فَوْقَ أَشاعره، وَقِيلَ: فَرَسٌ مُخدَّمٌ جَاوَزَ البياضُ أَرساغه أَو بَعْضَهَا، وَقِيلَ: التَّخْديمُ أَن يَقْصُرَ بَيَاضُ التَّحْجِيلِ عَنِ الوَظيف فَيَسْتَدِيرَ بأَرساغ رِجْلَيِ الْفَرَسِ دُونَ يَدَيْهِ فَوْقَ الأَشاعر، فإِن كَانَ بِرجْلٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ أَرْجَلُ، وَقَدْ تُسَمَّى حَلْقَةُ الْقَوْمِ خَدَمَةً. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلى مَرازِبةِ فَارِسَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّ خَدَمَتَكُمْ
؛ قَالَ: فَضَّ اللَّهُ خَدَمَتهم أَي فَرَّقَ جَمَاعَتَهُمْ؛ الخَدَمة، بِالتَّحْرِيكِ: سَيْرٌ غَلِيظٌ مَضْفُورٌ مِثْلُ الحَلْقة يُشَدُّ فِي رُسْغِ الْبَعِيرِ، ثُمَّ يُشَدُّ إِليها سَرائِحُ نَعْلِهِ، فإِذا انْفَضَّتِ الخَدَمَة انْحَلَّت السَّرائِحُ وَسَقَطَتِ النَّعْلُ، فَضَرَبَ ذَلِكَ مَثَلًا لِذَهَابِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ وتفَرُّقِهِ، وشَبَّه اجْتِمَاعَ أَمر العَجَمِ وَاتِّسَاقَهُ بِالْحَلْقَةِ الْمُسْتَدِيرَةِ، فَلِهَذَا قَالَ: فَضَّ خَدَمَتكُم أَي فَرَّقَهَا بَعْدَ اجْتِمَاعِهَا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَذَا مَثَلٌ، وأَصل الخَدَمَةِ الحلقةُ الْمُسْتَدِيرَةُ المُحْكَمَةُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْخَلَاخِيلِ خِدامٌ؛ وأَنشد:
كانَ مِنَّا المُطارِدون على الأُخْرى، ... إِذا أَبْدَتِ العَذَارَى الخِدامَا
قَالَ: فَشَبَّهَ خَالِدٌ اجْتِمَاعَ أَمرهم كَانَ وَاسْتِيثَاقَهُمْ بِذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ: فَضَّ اللَّهُ خَدَمَتَكُمْ أَي فَرَّقَهَا بَعْدَ اجْتِمَاعِهَا. وَابْنُ خِدامٍ: شَاعِرٌ قَدِيمٌ، وَيُقَالُ: ابْنُ خِذامٍ، بالذال المعجمة.
خذم: الخَذَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: سُرْعَةُ السَّيْرِ، وظَلِيْمٌ خَذُومٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ ظَليماً:
مِزْعٌ يُطَيِّره أَزَفُّ خَذُومُ
وَقَدْ خَذِمَ الفرسُ خَذَماً فَهُوَ خَذِمٌ، وَفَرَسٌ خَذِمٌ: سَرِيعٌ، نَعْتٌ لَهُ لَازِمٌ، لَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فِعْلٌ. وَقَدْ خَذَمَ يَخْذِمُ خَذَماناً، وَبِهِ سُمِّي السيفُ مِخْذَماً. والخَذْمُ: سُرْعَةُ الْقَطْعِ. خَذَمَهُ يَخْذِمُه خَذْماً أَي قَطَعَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِذا أَذَّنْتَ فاستَرْسِلْ، وإِذا أَقمت فاخْذِمْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَخرجه الزَّمَخْشَرِيُّ وَقَالَ: هُوَ اخْتِيَارُ أَبي عُبَيْدٍ وَمَعْنَاهُ التَّرْتيلُ كأَنه يَقْطَعُ الْكَلَامَ بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالَ: وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أُتيَ عَبد الحَميد وَهُوَ أَمير عَلَى الْعِرَاقِ بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ قَدْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ وخَذَمُوا بالسُّيوف
أَي قَطَعُوا وَضَرَبُوا النَّاسَ بِهَا فِي الطَّرِيقِ. وَفِي حَدِيثُ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، بمَواسيَ خَذِمَةٍ
أَي قَاطِعَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَضَرَبَا حَتَّى جَعَلَا يَتَخَذَّمانِ الشجرةَ
أَي يَقْطَعَانِهَا. والتَّخْذيمُ: التَّقْطِيعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
تَخَذَّمَ مِنْ أَطرافِه مَا تَخَذَّما
وَقَالَ حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:
وخَذَّمَ السَّريحَ مِنْ أَنْقابِهِ
وثَوْبٌ خَذِمٌ وخَذاويمُ «4» بِمَنْزِلَةِ رَعابِيل، وخَذَّمه فتَخَذَّمَ، وتَخَذَّمَهُ هُوَ أَيضاً؛ قَالَ عَدِيّ بْنُ الرِّقاع:
عامِيَّة جَرَّتِ الرِّيحُ الذُّيولَ بِهَا، ... فَقَدْ تَخَذَّمها الهِجْرانُ والقِدَمُ
__________
(4) . قوله [وخذاويم] هكذا في الأصل، وصوبه شارح القاموس وخطأ ما فيه وهو خذاريم بالراء، ولكن الذي في التهذيب والتكملة مثل ما في القاموس(12/168)
وخَذِمَ الشيءُ: انْقَطَعَ؛ قَالَ فِي صِفَةِ دَلْوٍ:
أَخَذِمَتْ أَم وَذِمَتْ أَمْ ما لَها؟ ... أَم صادَفَتْ فِي قَعْرِها حِبالَها؟
والمِخْذَمُ: السَّيْفُ الْقَاطِعُ. وَسَيْفٌ خَذِمٌ وخَذُومٌ ومِخْذَمٌ: قَاطِعٌ. ومِخْذَمٌ ورَسُوبٌ: اسمان لسَيْفَي الحرثِ بْنَ أَبي شَمِرٍ، وَعَلَيْهِ قَوْلُ عَلْقَمَةَ:
مظاهِرُ سِرْبالَيْ حَديدٍ، عَلَيْهِمَا ... عَقِيلا سُيوفٍ: مِخْذَمٌ ورَسُوبُ
والخُذُم: الآذانُ المقطَّعة. وَفِي الْحَدِيثِ:
كأَنكم بالتُّرْكِ وَقَدْ جَاءَتْكُمْ عَلَى بَراذِين مُخَذَّمةِ الْآذَانِ
أَي مُقَطَّعَتِها. وأُذن خَذيمةٌ: مَقْطُوعَةٌ؛ قَالَ الكَلْحَبة:
كأَن مَسِيحَتَيْ وَرِقٍ عَلَيْهَا، ... نَمَتْ قُرْطَيْهِما أُذُنٌ خَذِيمُ
قَالَ ثَعْلَبٌ: شَبَّهَ صَفاءَ جِلْدِهَا بِفِضَّةٍ جُعِلَتْ فِي الأُذن. وَيُقَالُ: خَذِمَت النعلُ خَذَماً إِذا انْقَطَعَ شِسْعُها. قَالَ أَبو عَمْرٍو: وأَخْذَمْتُها إِذا أَصلحت شِسْعَها. والخُذامَةُ: الْقِطْعَةُ. والخَذْماءُ مِنَ الشَّاءِ: الَّتِي شُقَّتْ أُذنها عَرْضًا وَلَمْ تَبِنْ. التَّهْذِيبُ: الخَذْمةُ مِنْ سِمات الشَّاءِ شقُّه مِنْ عَرْض الأُذن فَتَتْرُكُ الأُذن نَائِسَةً. وَنَعْجَةٌ خَذْماءُ: قُطِعَ طَرَفُ أُذنها. والخَذْمةُ: مِنْ سِمات الإِبل مُذْ كَانَ الإِسلام. وخَذَمه الصَّقْرُ «1» : ضربَه بمِخْلَبه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَبِهِ فَسَّرَ قَوْلَهُ:
صَائِبُ الخَذمة مِنْ غَيْرِ فَشَلْ
قَالَ: وَيُرْوَى الجَذْمة، يَعْنِي بِكُلِّ ذَلِكَ الخَطْفة والضَّرْبَة. ابْنُ السِّكِّيتِ: الإِخْذامُ الإِقرار بالذُّلِّ وَالسُّكُونِ؛ وأَنشد لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسد فِي أَولياء دَمٍ رَضُوا بالدِّيَةِ فَقَالَ:
شَرى الكِرْشُ عَنْ طُولِ النَّجِيِّ أَخاهُمُ ... بمالٍ، كأَن لَمْ يَسْمعوا شِعْرَ حَذْلَمِ
شَرَوْهُ بِحُمْرٍ كالرِّضام، وأَخْذموا ... عَلَى الْعَارِ، مَنْ لَمْ يُنْكِرِ العارَ يُخْذِمِ
أَي بَاعُوا أَخاهم بإِبل حُمْرٍ وَقَبِلُوا الدِّيَةَ وَلَمْ يَطْلُبُوا بِدَمِهِ. والخُذُمُ: السَّكارى. والخَذيمةُ: المرأَة السَّكْرى، وَالرَّجُلُ خَذيم. قَالَ الأَزهري: وقرأْت شَمِرٍ سَكَتَ الرَّجُلُ وأَطِمَ وأَرْطَمَ وأَخْذَم واخْرَنْبَقَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَرَجُلٌ خَذِمٌ: سَمْحٌ طَيْبُ النَّفْسِ كَثِيرُ الْعَطَاءِ، وَالْجَمْعُ خَذِمون، وَلَا يُكَسَّر. وَرَجُلٌ خَذِمُ الْعَطَاءِ أَي سَمْحٌ. وخِذامٌ: بَطْنٌ مِنْ مُحارب؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
خِذامِيَّة آدتْ لَهَا عَجْوَةُ القُرى، ... وتأْكل بالمَأْقوط حَيْساً مُجَعَّدا
أَراد عَجْوَةَ وَادِي القُرى. المُجَعَّدُ: الغليظُ، رَمَاهَا بِالْقَبِيحِ. وخِذامُ: اسْمُ فَرَسِ حَاتِمِ بْنِ حَيَّاش؛ قَالَ:
أَقْدِمْ خِذامُ إِنها الأَساوِرهْ، ... وَلَا تَهُولَنَّكَ ساقٌ نادِرَهْ
وَابْنُ خِذامٍ: رَجُلٌ جَاهِلِيٌّ مِنَ الشُّعَرَاءِ فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
عُوجا عَلَى الطَّلَلِ المُحيلِ لأَنَّنا ... نَبْكي الدِّيَارَ، كَمَا بَكى ابنُ خِذامِ
__________
(1) . قوله [وخذمه الصقر إلخ] هكذا بضبط الأصل والمحكم(12/169)
قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: خِذامٌ مَنْقُولٌ مِنَ الخِذامِ، وَهُوَ الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ، قَالَ: وَيُقَالُ للحَمام ابْنُ خِذام وَابْنُ شَنَّة «1» ، ولأَننا هَاهُنَا بِمَعْنَى لَعَلَّنا؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
أَريني جَواداً مَاتَ هَزْلًا، لأَنَّني ... أَرى مَا تَرَيْنَ، أَو بَخِيلًا مُكَرَّما
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ.
خذلم: خَذْلَمُ: أَسرع، وَالْحَاءُ المهملة لغة.
خرم: الخَرْمُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ خَرَمَ الخَرَزَةَ يَخْرِمُها، بِالْكَسْرِ، خَرْماً وخَرَّمَها فَتَخرَّمَتْ: فَصَمَها وَمَا خَرَمْتُ مِنْهُ شَيْئًا أَي مَا نَقَصْتُ وَمَا قَطَعْتُ. والتَّخَرُّمُ والانْخِرامُ: التَّشَقُّقُ. وانْخَرَمَ ثَقْبُه أَي انْشَقَّ، فإِذا لَمْ يَنْشَقَّ فَهُوَ أَخْزَمُ، والأُنثى خَزْماءُ، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنْهُ الخَرَمَةُ: اللَّيْثُ: خَرِمَ أَنفُه يَخْرَمُ خَرَماً، وَهُوَ قَطْعٌ فِي الوَتَرَةِ وَفِي الناشِرتَيْنِ أَو فِي طَرَفٍ الأَرْنَبة لَا يَبْلُغُ الجَدْعَ، وَالنَّعْتُ أَخْرَمُ وخَرْماءُ، وإِن أَصاب نَحْوَ ذَلِكَ فِي الشَّفَةِ أَو فِي أَعلى قُوف الأُذن فَهُوَ خَرْمٌ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: فِي الخَرَماتِ الثلاثِ مِنَ الأَنف الدِّيَة فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا ثُلُثُهَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الخَرَماتُ جَمْعُ خَرَمَةٍ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْمِ مِنْ نَعْتِ الأَخْرَمِ، فكأَنه أَراد بالخَرَمات المَخْرُومات، وَهِيَ الحُجُبُ الثَّلَاثَةُ: فِي الأَنف اثْنَانِ خَارِجَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ، وَالثَّالِثُ الوَتَرَةُ، يَعْنِي أَن الدِّيَة تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْحُجُبِ الثَّلَاثَةِ. وخَرِمَ الرَّجُلُ خَرَماً فَهُوَ مَخْروم وَهُوَ أَخْرَمُ: تَخَرَّمَتْ وَتَرَةُ أَنفه وَقُطِعَتْ وَهِيَ مَا بَيْنَ مَنْخِرَيْه، وَقَدْ خَرَمه يَخْرِمه خَرْماً. والخَرَمةُ: مَوْضِعُ الخَرْمِ مِنَ الأَنف، وَقِيلَ: الَّذِي قُطِعَ طَرَفُ أَنفه لَا يَبْلُغُ الجَدْعَ. والخَوْرَمةُ: أَرنبة الإِنسان. وَرَجُلٌ أَخْرَمُ الأُذن كأَخربها: مَثْقُوبُهَا. والخَرماءُ مِنَ الْآذَانِ: المُتَخَرِّمةُ. وَعَنْزٌ خَرْماءُ: شُقَّت أُذنها عَرْضًا. والأَخْرَمُ: الْمَثْقُوبُ الأُذن، وَالَّذِي قُطِعَتْ وتَرَةُ أَنفه أَو طَرَفُهُ شَيْئًا لَا يَبْلُغُ الجَدْعَ، وَقَدِ انْخَرَمَ ثَقْبُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيت رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى نَاقَةٍ خَرْماء
؛ أَصل الخَرْمِ الثَّقْبُ وَالشَّقُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى أَن يُضَحَّى بالمُخَرَّمةِ الأُذنِ
، يَعْنِي الْمَقْطُوعَةَ الأُذن، قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد الْمَقْطُوعَةَ الأُذن تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بأَصله، أَو لأَن المُخَرَّمةَ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ كأَن فِيهَا خُرُوماً وشُقوقاً كَثِيرَةً. قَالَ شَمِرٌ: والخَرْمُ يَكُونُ فِي الأُذن والأَنف جَمِيعًا، وَهُوَ فِي الأَنف أَن يُقْطَع مُقَدَّمُ مَنْخِرِ الرَّجُلِ وأَرْنَبَتِه بَعْدَ أَن يُقْطَعَ أَعلاها حَتَّى يَنْفُذَ إِلى جَوْفِ الأَنف. يُقَالُ رَجُلٌ أَخْرَمُ بيِّن الخَرَمِ. والأَخْرَمُ: الْغَدِيرُ، وَجَمْعُهُ خُرْمٌ لأَن بَعْضَهَا يَنْخَرِمُ إِلى بَعْضٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يُرَجِّعُ بَيْنَ خُرْمٍ مُفْرَطات، ... صَوافٍ لَمْ تُكَدِّرْها الدِّلاءُ
والأَخْرَمُ مِنَ الشِّعْرِ: مَا كَانَ فِي صَدْرِهِ وَتِدٌ مجموعُ الحركتينِ فَخُرِمَ أَحدهما وطُرِحَ كَقَوْلِهِ:
إِنَّ امْرأً قَدْ عَاشَ عِشرِينَ حِجَّةً، ... إِلى مِثلها يَرْجو الخُلودَ، لجاهِلُ «2» .
__________
(1) . قوله [وابن شنة] هكذا بالأصل مضبوط
(2) . قوله [عشرين حجة] كذا بالأصل، والذي في التهذيب والتكملة: تسعين؛ وقوله إِلى مثلها، الذي في التكملة: إِلى مائة، وقد صحح عليه(12/170)
كَانَ تَمَامُهُ: وإِنَّ امْرَأً؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مِنْ عِلَلِ الطَّويل الخَرْمُ وَهُوَ حَذْفُ فَاءِ فَعُولُنْ وَهُوَ يُسَمَّى الثَّلْمَ، قَالَ: وخَرْمُ فَعولُنْ بَيْتُهُ أَثْلَمُ، وخَرْمُ مَفاعِيلن بَيْتُهُ أَعْضَبُ، وَيُسَمَّى مُتَخَرِّماً ليُفْصَلَ بَيْنَ اسْمِ مُنْخَرم مَفاعِيلن وَبَيْنَ مُنْخَرِمِ أَخْرَم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الخَرْمُ فِي العَروض ذَهَابُ الْفَاءِ مِنْ فَعولن فَيَبْقَى عولُنْ، فَيُنْقَلُ فِي التَّقْطِيعِ إِلى فَعْلُنْ، قَالَ: وَلَا يَكُونُ الخَرْمُ إِلا فِي أَول الْجُزْءِ فِي الْبَيْتِ، وَجَمَعَهُ أَبو إِسحاق عَلَى خُرُوم، قَالَ: فَلَا أَدري أَجَعَله اسْمًا ثُمَّ جَمَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَم هُوَ تسمُّح مِنْهُ. وإِذا أَصاب الرَّامِي بِسَهْمِهِ القِرْطاسَ وَلَمْ يَثْقُبْه فَقَدْ خَرَمَهُ. وَيُقَالُ: أَصاب خَوْرَمَته أَي أَنفه. والخَرْمُ: أَنف الْجَبَلِ. والأَخْرمانِ: عظمانِ مُنْخَرِمانِ فِي طَرَفِ الحَنَك الأَعلى. وأَخْرَما الْكَتِفَيْنِ: رُؤُوسُهُمَا مِنْ قِبَلِ الْعَضُدَيْنِ مِمَّا يَلِي الوابِلة، وَقِيلَ: هُمَا طَرَفَا أَسفل الْكَتِفَيْنِ اللَّذَانِ اكْتَنَفَا كُعْبُرة الْكَتِفِ، فالكُعْبُرَةُ بَيْنَ الأَخْرَمَين، وَقِيلَ: الأَخْرَمُ مُنْقَطَعُ العَيْرِ حَيْثُ يَنْجَدِعُ وَهُوَ طَرَفُهُ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ يَذْكُرُ فَرَسًا يُدْعى قُرْزُلًا:
تَاللَّهِ لَوْلَا قُرْزُلٌ، إِذْ نَجا، ... لَكَانَ مَثْوَى خَدِّكَ الأَخْرَما
أَي لقُتِلْتَ فَسَقَطَ رأْسُكَ عَنْ أَخْرَمِ كَتِفِكَ. وأَخْرَمُ الْكَتِفِ: طَرَفُ عَيْره. التَّهْذِيبُ: أَخْرَمُ الْكَتِفِ مَحَزٌّ فِي طَرَفِ عَيْرِها مِمَّا يَلِي الصَّدَفة، وَالْجَمْعُ الأَخارِمُ. وخُرْمُ الأَكَمَةِ ومَخْرِمُها: مُنْقَطَعُها. ومَخْرِمُ الْجَبَلِ والسَّيْل: أَنفه. والخَرْمُ: مَا خَرَمَ سَيْلٌ أَو طريقٌ فِي قُفّ أَو رأْس جَبَلٍ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِذا اتَّسَعَ مَخْرِمٌ كمَخْرِم العَقَبةِ ومَخْرِم المَسِيلِ. والمَخْرِمُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: مُنْقَطَعُ أَنف الْجَبَلِ، وَالْجَمْعُ المَخارِمُ، وَهِيَ أَفواه الفِجاجِ. والمَخارِمُ: الطُّرُق فِي الْغِلَظِ؛ عَنِ السُّكَّريّ، وَقِيلَ: الطُّرُقُ فِي الجبالِ وأَفواه الفِجاجِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بِهِ رُجُماتٌ بَيْنَهُنَّ مَخارِمٌ ... نُهُوجٌ، كَلَبَّات الهَجائِنِ، فِيحُ
وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
مَرَّا بأَوْسٍ الأَسْلَمِيِّ فَحَمَلَهُمَا عَلَى جَمَلٍ وَبَعَثَ مَعَهُمَا دَليلًا وَقَالَ: اسْلُكْ بِهِمَا حيثُ تَعْلَمُ مِنْ مَخارِمِ الطُّرُق، وَهُوَ جَمْعُ مَخْرِم
، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَهُوَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ أَو الرَّمْلِ، وَقِيلَ: هُوَ مُنْقَطَعُ أَنف الْجَبَلِ؛ وَقَوْلُ أَبي كَبِيرٍ:
وإِذا رَمَيْتَ بِهِ الفِجاجَ رأَيْتَهُ ... يَهْوِي مَخارِمَها هُوِيَّ الأَجْدَلِ
أَراد فِي مَخارِمِها فَهُوَ عَلَى هَذَا ظَرْفٌ كَقَوْلِهِمْ ذهبتُ الشأْمَ وعَسَلَ الطريقَ الثَّعْلَبُ، وَقِيلَ: يَهْوِي هُنَا فِي مَعْنَى يَقْطَعُ، فإِذا كَانَ هَذَا فَمَخارِمَها مَفْعُولٌ صَحِيحٌ. وَمَا خَرَمَ الدليلُ عَنِ الطَّريقِ أَي مَا عَدَلَ. ومَخارِمُ اللَّيْلِ: أَوائلُه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مَخارِمُ اللَّيْلِ لَهُنَّ بَهْرَجُ، ... حِين ينامُ الوَرَعُ المُزَلَّجُ
قَالَ: وَيُرْوَى مَحارِمُ اللَّيْلِ أَي مَا يَحْرُمُ سُلوكه عَلَى الجَبانِ الهِدانِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ويَمِينٌ ذَاتُ مَخارِمَ أَي ذاتُ مَخارِجَ. وَيُقَالُ: لَا خَيرَ فِي يَمِينٍ لَا مَخارِمَ لَهَا أَي لَا مَخارِجَ، مأْخوذ مِنَ المَخْرِمِ وَهُوَ الثَّنِيَّةُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ. وَقَالَ(12/171)
أَبو زَيْدٍ: هَذِهِ يَمينٌ قَدْ طَلَعَتْ فِي المَخارِمِ، وَهِيَ الْيَمِينُ الَّتِي تَجْعَلُ لِصَاحِبِهَا مَخْرَجاً. والخَوْرَمةُ: أَرْنَبةُ الإِنسانِ. ابْنُ سِيدَهْ: الخَوْرَمَةُ مُقَدَّمُ الأَنف، وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ المَنْخِرَيْنِ. والخَوْرَمُ: صُخور لَهَا خُرُوقٌ، وَاحِدَتُهَا خَوْرَمَةٌ. والخَوْرَمُ: صَخْرَةٌ فِيهَا خُروق. والخَرْمُ: أَنف الْجَبَلِ، وَجَمْعُهُ خُرُومٌ، وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ المَخْرِم. وضَرْعٌ فِيهِ تَخريمٌ وتَشْريمٌ إِذا وَقَعَ فِيهِ حُزُوزٌ. واخْتُرِمَ فلانٌ عَنَّا: مَاتَ وَذَهَبَ. واخْتَرَمَتْهُ المَنِيَّةُ مِنْ بَيْنِ أَصحابه: أَخَذَتْهُ مِنْ بَيْنِهِمْ. واخْتَرَمَهُم الدهرُ وتَخَرَّمَهُم أَي اقْتَطَعَهُمْ واستأْصلهم. وَيُقَالُ: خَرَمَتْهُ الخَوارِمُ إِذا مَاتَ، كَمَا يُقَالُ شَعَبَتْهُ شَعُوبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يُرِيدُ أَن يَنْخَرِمَ ذَلِكَ القَرْنُ
؛ القَرْنُ: أَهلُ كلِّ زمانٍ، وانْخِرامُهُ: ذهابُهُ وَانْقِضَاؤُهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: كِدْتُ أَن أَكون السوادَ المُخْتَرَمَ
، مِنِ اخْتَرَمَهُم الدهرُ وتَخَرَّمهم استأْصلهم. والخَرْماءُ: رابِيةٌ تَنْهَبِطُ فِي وَهْدَةٍ، وَهُوَ الأَخرمُ أَيضاً. وأَكَمَةٌ خَرْماءُ: لَهَا جَانِبٌ لَا يُمْكِنُ مِنْهُ الصُّعودُ. وَرِيحٌ خارِمٌ: بَارِدَةٌ؛ كَذَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ بِالرَّاءِ، وَرَوَاهُ كُرَاعٌ خازِمٌ، بِالزَّايِ، قَالَ: كأَنها تَخْزِمُ الأَطْراف أَي تُنَظِّمُهَا، وسيأْتي ذِكْرُهُ. والخُرَّمُ: نباتُ الشَّجرِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَعَيْشٌ خُرَّمٌ: ناعِمٌ، وَقِيلَ: هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلة فِي صِفَةِ الإِبل:
قاظَتْ مِنَ الخُرْمِ بقَيْظٍ خُرَّمِ
أَراد بقَيْظٍ نَاعِمٍ كَثِيرِ الخَيْرِ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: كَانَ عَيْشُنا بِهَا خُرَّماً؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي. والخُرْمُ وكاظِمَة «3» : جُبَيْلاتٌ وأُنوفُ جبالٍ؛ وأَما قَوْلُ جَرِيرٍ:
إِنَّ الكَنِيسة كانَ هَدْمُ بِنَائِهَا ... نَصْراً، وَكَانَ هَزيمةً للأَخْرَمِ
فإِنَّ الأَخْرَمَ اسمُ مَلك مِنْ مُلوك الرُّوم. والخَريمُ: الماجِنُ. والخارِمُ: التارِكُ. والخارِمُ: المُفْسِدُ. والخارِمُ: الرِّيحُ الباردةُ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: لَمَّا شَكَاهُ أَهل الْكُوفَةِ إِلى عُمَرَ فِي صِلَاتِهِ قَالَ مَا خَرَمتُ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَيْئًا
أَي مَا تركْتُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَمْ أَخْرِمْ مِنْهُ حَرْفاً
أَي لَمْ أَدَعْ. والخُرّامُ: الأَحداث المُتَخَرِّمونَ فِي الْمَعَاصِي. وَجَاءَ يَتَخَرَّمُ زَنْدُه أَي يَرْكبُنا بِالظُّلْمِ والحُمْق؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ قَنَانٍ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَتَوَعَّدُهُ: وَاللَّهِ لَئِنِ انْتَحَيْتُ عَلَيْكَ فإِني أَراك يَتَخَرَّمُ زَنْدُك، وَذَلِكَ أَن الزَّنْدَ إِذا تَخَرَّمَ لَمْ يُورِ القادِحُ بِهِ نَارًا، وإِنما أَراد أَنه لَا خَيْرَ فِيهِ كَمَا أَنه لَا خَيْرَ فِي الزَّنْدِ المُتَخَرِّم. وتَخَرَّمَ زَنْدُ فُلَانٍ أَي سَكَنَ غضبُه. وتَخَرَّمَ أَي دانَ بدينِ الخُرَّمِيَّة، وَهُمْ أَصحاب التَّناسُخِ والإِباحةِ. أَبو خَيْرَةَ: الخَرْوَمانةُ بقلةٌ خبيثةُ الرِّيحِ تنبُتُ فِي العَطَنِ «4» ، وأَنشد:
__________
(3) . قوله [والخرم وكاظمة إلخ] كذا بالأَصل ومثله في التكملة، والذي في ياقوت: والخرم في كاظمة إلخ
(4) . قوله [تنبت في العطن] هكذا في الأَصل ويؤيده ما في مادة ش ق ذ من الأَصل والمحكم من التعبير بالإِعطان وصوبه شارح القاموس وخطأ ما فيه وهو تنبت في القطن ولكن الذي في التهذيب والتكملة هنا مثل ما في القاموس(12/172)
إِلى بَيْتِ شِقْذانٍ، كأَنَّ سِبالَهُ ... ولِحْيَتَهُ فِي خَرْوَمانٍ منوِّرِ
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ خُرَيْمٍ، هو مُصَغَّرٌ ثَنِيَّةٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ والرَّوْحاء، كَانَ عَلَيْهَا طَرِيقِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُنْصَرَفَهُ مِنْ بَدْرٍ. ومَخْرَمَةُ، بِالْفَتْحِ، ومُخَرَّمٌ وخُرَيْمٌ: أَسماء. وخُرْمانُ وأُم خُرْمانَ «1» : مَوْضِعَانِ. والخَرْماءُ: عَيْنٌ بالصَّفْراء كَانَتْ لِحَكيم بْنِ نَضْلَةَ الغِفارِيِّ ثُمَّ اشْتُرِيَتْ مِنْ وَلَدِهِ. والخَرْماءُ: فَرَسٌ لِبَني أَبي رَبيعةَ. والخُرَّمانُ: نبْتٌ. والخُرْمانُ، بِالضَّمِّ: الكذِبُ؛ يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بالخُرْمانِ أَي بِالْكَذِبِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مَا نَبَسْتُ فِيهِ بخَرْماءَ، يَعْنِي بِهِ الْكَذِبَ.
خرثم: خَرْثَمةُ النَّعْلِ وخِرْثِمَتُها: رأْسها.
خرشم: الخُرْشُومُ: أَنف الْجَبَلِ الْمُشْرِفِ عَلَى وادٍ أَو قاعٍ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَبَلُ الْعَظِيمُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا غَلظ مِنَ الأَرض. وخَرْشَمَ الرجلُ: كَرَّه وجهَه. والمُخْرَنْشِمُ: الْمُتَعَظِّمُ الْمُتَكَبِّرُ فِي نَفْسِهِ؛ وَقِيلَ: الْغَضْبَانُ الْمُتَكَبِّرُ. ابْنُ الأَعرابي: اخْرَنْشَمَ الرجلُ إِذا انْقَبَضَ وَتَقَارَبَ خَلْقُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ؛ وأَنشد:
وفَخِذٍ طَالَتْ وَلَمْ تَخْرَنْشِمِ
والمُخْرَنْشِمُ كَذَلِكَ. والمُخْرَنْشِمُ: المتغيرُ اللونِ الذَّاهِبُ اللَّحْمِ الضَّامِرُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْحَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: أَنا وَاقِفٌ فِي هَذَا الْحَرْفِ فإِنه رُوِيَ بِالْجِيمِ أَيضاً، قَالَ: وَقَدْ جَاءَتْ حُرُوفٌ تَعاقبَ فِيهَا الْخَاءُ وَالْجِيمُ كالزَّلَخان والزلَجانِ. وانْتَجَبْتُ الشيءَ وانْتَخَبْتُه إِذا اخْتَرْتَهُ. وأَرض خِرْشَمَّةٌ: يَابِسَةٌ صُلْبَةٌ، وَجَبَلٌ خِرْشَمٌ كَذَلِكَ.
خرطم: الخُرْطومُ: الأَنف، وَقِيلَ: مُقَدَّمُ الأَنف، وَقِيلَ: مَا ضَمَّ الرَّجُلُ عَلَيْهِ الحَنَكَيْنِ. أَبو زَيْدٍ: الخُرْطومُ والخَطْمُ الأَنف. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ
؛ فَسَّرهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: يَعْنِي عَلَى الْوَجْهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه الأَنف وَاسْتَعَارَهُ للإِنسان لأَن فِي المُمْكن أَن يُقَبِّحَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَجْعَلَهُ كخُرْطومِ السَّبع، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سَنَجْعَلُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ العَلَم الَّذِي بِهِ يُعْرَفُ أَهلُ النَّارِ مِنِ اسْوِدَادِ وُجُوهِهِمْ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الخُرْطومُ وإِن خُصَّ بالسِّمَةِ فإِنه فِي مَذْهَبِ الوجهِ، لأَن بعضَ الْوَجْهِ يُؤَدِّي عَنْ بعضٍ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: هُوَ مِنَ السِّباع الخَطْمُ والخُرْطومُ، وَمِنَ الْخِنْزِيرِ الفِنْطِيسَةُ، وَمِنْ ذِي الجَناح المنْقارُ، وَمِنْ ذَوَاتِ الخُفِّ المِشْفَرُ، وَمِنَ النَّاسِ الشَّفَةُ، وَمِنَ الْحَافِرِ الجَحافلُ. والخُرْطُوم للفِيل وَهُوَ أَنفه، وَيَقُومُ لَهُ مَقَامَ يَدِهِ ومَقام عُنُقِهِ؛ قَالَ: والخُروقُ الَّتِي فِيهِ لَا تَنْفُذُ وإِنما هُوَ وِعاءٌ إِذا ملأَه الفيلُ مِنْ طَعَامٍ أَو مَاءٍ أَوْلَجَهُ فِي فِيه، لأَنه قَصِيرُ العُنُق لَا يَنَالُ مَاءً وَلَا مَرْعىً، قَالَ: وإِنما صَارَ ولدُ البُخْتِيِّ مِنَ البُخْتِيَّةِ جَزُورَ لحمٍ لِقِصَرِ عُنقه، وَلِعَجْزِهِ عَنْ تَنَاوُلِ الْمَاءِ والمَرْعى، قَالَ: وللبَعُوضة خُرْطومٌ وَهِيَ شبيهةٌ بِالْفِيلِ، وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خالَوَيْهِ: فُلَانٌ خُرْطُمانيٌّ عَلَيْهِ خُفّ قُرْطُمانيٌّ؛ خُرطُمانيٌّ: كَبِيرُ الأَنف، والقُرْطُمانيُّ: الْخُفُّ لَهُ مِنْقارٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ وَذَكَرَ أَصحاب الدَّجَّالِ قَالَ: خِفافُهُمْ مُخَرْطَمةٌ
أَي ذَاتُ خَراطيِمَ وأُنوفٍ، يَعْنِي أَن صُدورها وَرُؤُوسَهَا مُحَدَّدَةٌ؛ فأَما قَوْلُهُ أَنشده
__________
(1) . قوله [وأم خرمان] بضم فسكون كما في ياقوت والتكملة(12/173)
ابْنُ الأَعرابي:
أَصْبَحَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ أُمِّه: ... مِنْ عِظَمِ الرأْسِ وَمِنْ خُرْطُمِّه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَدْ يَكُونُ الخُرْطُمُّ لُغَةً فِي الخُرْطومِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد الخُرْطُمَ فشَدَّدَه لِلضَّرُورَةِ وحَذَفَ الْوَاوَ لِذَلِكَ أَيضاً. والخَراطِيم لِلسِّبَاعِ بِمَنْزِلَةِ المناقيرِ لِلطَّيْرِ. وخَرْطَمَهُ: ضَرَبَ خُرْطومَهُ. وخَرْطَمَهُ: عَوَّجَ خُرْطومَهُ. واخْرَنْطَمَ الرجلُ: عَوَّجَ خُرْطومَهُ وَسَكَتَ عَلَى غَضَبِهِ، وَقِيلَ: رَفَعَ أَنفَهُ وَاسْتَكْبَرَ. والمُخْرَنْطِمُ: الْغَضْبَانُ الْمُتَكَبِّرُ مَعَ رَفْعِ رأْسه؛ وَقَالَ جَنْدَل يَصِفُ فُحولًا:
وهُنَّ يَعْمِينَ مِنَ المَلامِجِ ... بقَرَدٍ مُخْرَنْطمِ المَتَاوِجِ،
عَلَى عُيونٍ لجإِ المَلاحِجِ «1»
. مَلامِجُها: أَفواهها، والقَرَدُ: اللُّغامُ الجَعْدُ، والمَتاوِجُ تَتَتَوَّجُ بالعِمامة أَي صَارَ الزَّبَدُ لَهَا تَاجًا، والمَلاحِجُ: مَداخِلُ الْعَيْنِ، لجأٌ: قَدْ غَابَتْ. وَذُو الخُرْطومِ: سَيْفٌ بِعَيْنِهِ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ، وأَنشد:
تَظَلُّ لِذِي الخُرْطُومِ فيهِنَّ سَوْرَةٌ، ... إِذا لَمْ يُدافِعْ بعضَها الضَّيْفُ عَنْ بَعْضِ
وَمِنْ أَسماء الْخَمْرِ الخُرْطومُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فغَمَّها حَوْلَيْنِ ثُمَّ استَوْدَفا ... صَهْباءَ خُرْطوماً عُقاراً قَرْقَفا
والخُرْطومُ: الْخَمْرُ السريعةُ الإِسكارِ، وَقِيلَ: هُوَ أَول مَا يَجْرِي مِنَ العِنَبِ قَبْلَ أَن يُداسَ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
وفِتْيَة غَيْرُ أَنْذالٍ دَلَفْتُ لَهُمْ ... بِذِي رِقاعٍ، مِنَ الخُرطُومِ، نَشَّاجِ «2»
. يَعْنِي بِذِي الرِّقاعِ الزِّقَّ. ابْنُ الأَعرابي: الخُرْطُومُ السُّلافُ الَّذِي سَالَ مِنْ غَيْرِ عَصْرٍ. وخَراطِيمُ الْقَوْمِ: سَادَاتُهُمْ ومُقَدَّموهُمْ فِي الأُمور. والخُراطِمُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي دَخَلَتْ فِي السِّنِّ. والخُرْطُومان: جُشَمُ بْنُ الخَزْرَجِ، وَعَوْفُ بْنُ الخَزْرَجِ.
خزم: خَزَمَ الشيءَ يَخْزِمُهُ خَزْماً: شَكَّهُ. والخِزامَةُ: بُرَةٌ، حَلقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَحد جانِبَيْ مَنْخِرَي الْبَعِيرِ، وَقِيلَ: هِيَ حَلقةٌ مِنْ شَعَرٍ تُجْعَلُ فِي وَتَرَةِ أَنفه يُشَدُّ بِهَا الزِّمامُ؛ قَالَ اللَّيْثُ: إِن كَانَتْ مِنْ صُفْرٍ فَهِيَ بُرَة، وإِن كَانَتْ مِنْ شَعَرٍ فَهِيَ خِزامةٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ شَيْءٍ ثَقَبْتَهُ فَقَدْ خَزَمْتَهُ: قَالَ شَمِرٌ: الخِزامَةُ إِذا كَانَتْ مِنْ عَقَبٍ فَهِيَ ضانَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا خِزامَ وَلَا زِمامَ
؛ الخِزامُ جَمْعُ خِزامةٍ وَهِيَ حَلْقَةٌ مِنْ شَعَرٍ تُجْعَلُ فِي أَحد جانِبَيْ مَنْخِرَي الْبَعِيرِ، كَانَتْ بَنُو إِسرائيل تَخزِمُ أُنوفها وتَخْرِقُ تَراقِيَها وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ أَنواع التَّعْذِيبِ، فَوَضَعَهُ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، أَي لَا يُفْعَلُ الخِزامُ فِي الإِسلام، وَفِي الْحَدِيثِ:
وَدَّ أَبو بَكْرٍ أَنه وجَدَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَهْداً وأَنه خُزِمَ أَنفُه بخِزامَةٍ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: اقْرَأْ عَلَيْهِمُ السَّلام ومُرْهُمْ أَن يُعْطوا الْقُرْآنَ بخَزائمهم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ جَمْعُ خِزامةٍ، يريد
__________
(1) . قوله [لجأ] هكذا بالأَصل بدون ضبط
(2) . قوله [أَنْشَدَ أَبو حَنِيفَةَ وَفِتْيَةٌ إلخ] كذا بالأَصل، وعبارة المحكم: أنشد أَبو حنيفة:
وكأن ريقتها إِذا نبهتها ... بعد الرقاد تعل بالخرطوم
وقال الراعي وفتية إلخ(12/174)
بِهِ الانقيادَ لِحُكْمِ الْقُرْآنِ وإِلقاءَ الأَزِمَّةِ إِليهِ، ودخولُ الْبَاءِ فِي خَزائمهم مَعَ كَوْنِ أَعطى يتعدَّى إِلى مَفْعُولَيْنِ كَقَوْلِهِ أعْطى «1» بِيَدِهِ إِذا انْقَادَ ووَكَلَ أَمْرَهُ إِلى مَنْ أَطَاعَهُ وعَنَا لَهُ، قَالَ: وَفِيهَا بيانُ مَا تضَمَّنَتْ مِنْ زِيَادَةِ الْمَعْنَى عَلَى مَعْنَى الإِعطاء المُجَرَّدِ، وَقِيلَ: الْبَاءُ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ: يَعْطوا، بِفَتْحِ الْيَاءِ، مِنْ عَطا يَعْطُو إِذا تَنَاوَلَ، وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَن يأْخذوا الْقُرْآنَ بِتَمَامِهِ وحَقّه كَمَا يُؤخَذُ البعيرُ بِخزامَتِه، قَالَ: والأَول الوَجْهُ. والمُخَزَّمُ: مِنْ نَعْتِ النَّعام، قِيلَ لَهُ مُخَزَّمٌ لثَقْب فِي مِنْقارِهِ، وَقَدْ خَزَمَهُ يَخْزِمُهُ خَزْماً وخَزَّمَه. وإِبل خَزْمَى: مُخَزَّمَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنها خَزْمَى وَلَمْ تُخَزَّمِ
وَذَلِكَ أَن النَّاقَةَ إِذا لقِحَتْ رَفَعَتْ ذَنَبَها ورأْسها، فكأَنَّ الإِبل إِذا فَعَلَتْ ذَلِكَ خَزْمَى أَي مشدودةُ الأُنوف بالخِزامةِ وإِن لَمْ تُخَزَّمْ. والخَزْماءُ: النَّاقَةُ الْمَشْقُوقَةُ المَنْخِرِ. ابْنُ الأَعرابي: الخَزْماءُ النَّاقَةُ الْمَشْقُوقَةُ الخِنَّابَةِ وَهِيَ المَنْخِرُ، قَالَ: والزَّخْماءُ المُنْتِنَةُ الرَّائِحَةِ، وَكُلُّ مَثْقُوبٍ مَخزُومٌ. وخَزَمْتُ الجَرادَ فِي العُود: نَظَمْتُهُ. وخَزَمْتُ الْكِتَابَ وَغَيْرَهُ إِذا ثَقَبْتَهُ، فَهُوَ مَخْزُومٌ. ابْنُ الأَعرابي: الخُزُمُ الخَرَّازونَ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيفة: إِن اللَّهَ يَصْنَعُ صانِعَ الخَزَمِ وَيَصْنَعُ كلَّ صَنْعَةٍ
؛ يُرِيدُ أَن اللَّهَ يَخْلُقُ الصِّناعة وصانِعها سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِي قَوْلِ حُذَيْفَةَ تَكذيبٌ لِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ إِن الأَعمال لَيْسَتْ بِمَخْلُوقَةٍ، وَيُصَدِّقُ قولَ حُذَيْفَةَ قولُ اللَّهِ تَعَالَى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ؛ يَعْنِي نَحْتَهُمْ للأَصنام يَعْمَلُونَهَا بأَيديهم، وَيُرِيدُ بِصَانِعِ الخَزَمِ صانِعَ مَا يُتَّخَذُ مِنَ الخَزَمِ، وَالطَّيْرُ كُلُّهَا مَخْزُومَةٌ ومُخَزَّمَةٌ لأَن وَتَراتِ أُنوفِها مَثْقُوبَةٌ، وَكَذَلِكَ النَّعامُ؛ قَالَ:
وأَرْفَعُ صَوْتِي لِلنَّعَامِ المُخَزَّمِ
وخِزامةُ النعلِ: السَّيْرُ الدَّقِيقُ الَّذِي يَخْزِمُ بَيْنَ الشِّراكَيْنِ، وشِراك مَخْزُومٌ ومَشْكوكٌ. وتَخَزَّمَ الشوكُ فِي رِجْلِهِ: شَكَّها وَدَخَلَ فِيهَا؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
سَرَى فِي جَلِيدِ اللَّيْلِ، حَتَّى كأَنما ... تَخَزَّمَ بالأَطْراف شَوْكُ العَقارِبِ
وخازَمَه الطريقَ: أَخذ فِي طَرِيقٍ وأَخذ غَيْرَهُ فِي طَرِيقٍ حَتَّى الْتَقَيَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، قَالَ: وَهِيَ المُخاصَرَةُ. والمُخازَمَةُ: المعارضةُ فِي السَّيْرِ؛ قَالَ ابْنُ فَسْوَةَ:
إِذا هُوَ نَحَّاها عَنِ القَصْدِ خازَمَتْ ... بِهِ الجَوْرَ، حَتَّى يَسْتَقِيمَ ضُحَى الغَدِ
ذَكَرَ نَاقَتَهُ أَن رَاكِبَهَا إِذا جارَ بِهَا عَنِ الْقَصْدِ ذهبَتْ بِهِ خِلَافَ الجَوْر حَتَّى تَغْلِبَهُ فتأْخذ عَلَى القَصد؛ وأَما قَوْلُهُ:
قطعتُ مَا خازَمَ مِنْ مُزْوَرِّهِ
فَمَعْنَاهُ مَا عَرَضَ لِي مِنْهُ. وَرِيحٌ خازِمٌ: بَارِدَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وأَنشد:
تُراوِحُها إِمَّا شَمالٌ مُسِفَّةٌ، ... وإِمَّا صَباً، مِنْ آخِرِ الليْلِ، خازِمُ
__________
(1) . قوله [كقوله أعطى إلخ] أَي كدخولها في قوله أعطى إلخ وقد عبر به في النهاية(12/175)
وَالَّذِي حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ خارِمٌ، بِالرَّاءِ. والخَزَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: شَجَرٌ لَهُ ليفٌ تُتَّخذ مِنْ لِحَائِهِ الْحِبَالُ، الْوَاحِدَةُ خَزَمَةٌ؛ وأَنشد قَوْلَ أُميَّة:
وانْبَعَثَتْ حَرْجَفٌ يَمانِيَةٌ، ... يَيْبَسُ مِنْهَا الأَراكُ والخَزَمُ
وَقَالَ ساعِدَةُ:
أَفْنادُ كَبْكَبَ ذاتِ الشَّثِّ والخَزَمِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
مِثْلَ رِشاء الخَزَمِ المُبْتَلِ
التَّهْذِيبُ: الخَزَمُ شَجَرٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:
فِي مِرْفَقَيْهِ تَقارُبٌ، ولَهُ ... بِرْكَةُ زَوْرٍ كجَبْأَة الخَزَمِ
أَبو حَنِيفَةَ: الخَزَمُ شَجَرٌ مِثْلُ شَجَرِ الدَّوْمِ سَوَاءٌ، وَلَهُ أَفنان وبُسْرٌ صِغَارٌ، يَسْوَدّ إِذا أَيْنَعَ، مُرٌّ عَفِصٌ لَا يأْكله النَّاسُ وَلَكِنَّ الغرْبان حَرِيصَةٌ عَلَيْهِ تَنْتابُهُ، وَاحِدَتُهُ خَزَمَةٌ. والخَزَّامُ: بَائِعُ الخَزَمِ، وَسُوقُ الخَزَّامينَ بِالْمَدِينَةِ مَعْرُوفٌ. والخَزَمةُ: خُوصُ المُقْل تُعمَلُ مِنْهُ أَحْفاشُ النِّسَاءِ. والخُزامَى: نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ، وَاحِدَتُهُ خُزاماة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخُزامى عُشْبَةٌ طَوِيلَةُ الْعِيدَانِ صَغِيرَةُ الْوَرَقِ حَمْرَاءُ الزَّهْرَةِ طَيِّبَةُ الرِّيحِ، لَهَا نَوْرٌ كنَوْرِ البَنَفْسَجِ، قَالَ: وَلَمْ نَجِدْ مِنَ الزَّهْرِ زَهْرةً أَطيبَ نَفْحَة مِنْ نَفْحَةِ الخُزامَى؛ وأَنشد:
لَقَدْ طَرَقَتْ أُمُّ الظِّباءِ سَحَابَتِي، ... وَقَدْ جَنَحَتْ للغَوْرِ أُخْرى الكواكبِ
بريحِ خُزامَى طَلَّةٍ مِنْ ثِيابِها، ... ومِنْ أَرَجٍ مِنْ جَيِّدِ المِسْكِ ثاقِبِ
وَهِيَ خِيرِيُّ البَرِّ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَن المُدامَ وصَوْبَ الغَمام، ... ورِيحَ الخُزامَى ونَشْرَ القُطُرْ
والخَزُومَةُ: الْبَقَرَةُ، بِلُغَةِ هُذَيْلٍ؛ قَالَ أَبو دُرَّةَ الهُذَليّ «1» :
إِن يَنْتَسِبْ يُنْسَبْ إِلى عِرْقٍ وَرِبْ: ... أَهْلِ خَزُوماتٍ وشَحَّاجٍ صَخِبْ
وَقِيلَ: هِيَ المُسِنَّةُ الْقَصِيرَةُ مِنَ الْبَقَرِ، وَالْجَمْعُ خَزائمُ وخُزُمٌ وخَزُومٌ، وَقِيلَ الخَزُومُ وَاحِدٌ؛ وَقَوْلُهُ:
أَرْبابُ شاءٍ وخَزُومٍ ونَعَمْ
يَدُلُّ عَلَى أَنه جَمْعٌ عَلَى حدِّ السَّعَةِ وَالِاخْتِيَارِ، وإِن كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ وَاحِدًا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ دارَةَ:
يَا لعنةَ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ الرَّقَمْ، ... أَهلِ الوَقِيرِ والحَميرِ والخُزُمْ
والأَخزم: الحَيَّةُ الذَّكَرُ. وذكَرٌ أَخْزَمُ: قَصِيرُ الوَتَرَةِ، وكَمَرَةٌ خَزْماءُ كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّيْثُ فِي الكَمَرَةِ الخَزْماءِ لَا أَعْرِفُهُ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع الأَخْزَمَ فِي اسْمِ الحيَّات، وَقَدْ نَظَرْتُ فِي كُتُبِ الحيَّات فَلَمْ أَر الأَخْزَمَ فِيهَا؛ وَقَالَ
__________
(1) . قوله [أَبو درة الهذلي] كذا هو بالأَصل بهذا الضبط وبالدال المهملة، وعبارة القاموس في مادة ذ ر ر: وأَبو ذرة الهذلي الصاهلي شاعر، أَو هو بضم الدال المهملة(12/176)
رَجُلٌ لبُنَيٍّ لَهُ أَعجبه:
شِنْشِنَةٌ أَعْرفُها مِنْ أَخْزَمِ
أَي قَطَران الْمَاءِ «2» مِنْ ذَكر أَخْزَمَ، وَقِيلَ: أَخْزَمُ قِطْعَةٌ مِنْ جَبَلٍ. وأَبو أَخْزَمَ: جَدُّ أَبي حاتِمِ طَيِءٍ أَو جَدُّ جَدِّهِ، وَكَانَ لَهُ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ أَخْزَمُ فَمَاتَ أَخْزَمُ وَتَرَكَ بَنين فَوَثَبُوا يَوْمًا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ عَلَى جَدِّهِمْ أَبي أَخْزَمَ فأَدْمَوْه فَقَالَ:
إِنَّ بَنِيَّ رَمَّلُوني بالدَّمِ، ... شِنْشِنَةٌ أَعْرِفها مِنْ أَخْزَمِ،
مَنْ يَلْقَ آسادَ الرجالِ يُكْلَمِ
كأَنه كَانَ عَاقًّا، والشِّنْشِنةُ: الطَّبِيعَةُ أَي أَنهم أَشبهوا أَباهم فِي طَبِيعَتِهِ وخُلُقِه. والخَزْمُ، بِالزَّايِ، فِي الشِّعْرِ: زِيَادَةُ حَرْفٍ فِي أَول الْجُزْءِ أَو حَرْفَيْنِ أَو حُرُوفٍ مِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي نَحْوَ الْوَاوِ وَهَلْ وَبَلْ، والخَرْمُ: نُقْصَانٌ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وإِنما جَازَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي أَوائل الأَبيات كَمَا جَازَ الخَرْمُ، وَهُوَ النُّقْصَانُ فِي أَوائل الأَبيات، وإِنما احْتُمِلَتِ الزيادةُ والنقصانُ فِي الأَوائل لأَن الْوَزْنَ إِنما يَسْتَبِينُ فِي السَّمْعِ وَيَظْهَرُ عَوارُهُ إِذا ذهبتَ فِي الْبَيْتِ، وَقَالَ مُرَّةُ: قَالَ أَصحاب الْعَرُوضِ جَازَتِ الزِّيَادَةُ فِي أَول الأَبيات وَلَمْ يُعْتَدَّ بِهَا كَمَا زِيدَتْ فِي الْكَلَامِ حروفٌ لَا يُعْتَدُّ بِهَا نَحْوَ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ؛ وَالْمَعْنَى فبرحمةٍ مِنَ اللَّهِ، وَنَحْوَ: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ، مَعْنَاهُ لأَنْ يَعْلَمَ أَهلُ الْكِتَابِ، قَالَ: وأَكثر مَا جَاءَ مِنَ الخَزْمِ بِحُرُوفِ الْعَطْفِ، فكأَنك إِنما تَعْطِفُ بِبَيْتٍ عَلَى بَيْتٍ فإِنما تَحْتَسِبُ بِوَزْنِ الْبَيْتِ بِغَيْرِ حُرُوفِ الْعَطْفِ؛ فالخَزْمُ بِالْوَاوِ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وكأَنَّ ثَبِيراً، فِي أَفانينِ وَدْقِهِ، ... كبيرُ أُناسٍ فِي بِجادٍ مُزَمَّلِ
فَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَقَدْ رُوِيَتْ أَبيات هَذِهِ الْقَصِيدَةِ بِالْوَاوِ، وَالْوَاوُ أَجود فِي الْكَلَامِ لأَنك إِذا وَصَفْتَ فَقُلْتَ كأَنه الشمسُ وكأَنه الدُّرُّ كَانَ أَحسن مِنْ قَوْلِكَ كأَنه الشمسُ كأَنه الدُّرُّ، بِغَيْرِ وَاوٍ، لأَنك أَيضاً إِذا لَمْ تَعْطِفْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنك وصفتَه بِالصِّفَتَيْنِ، فَلِذَلِكَ دَخَلَ الخَزْمُ؛ وَكَقَوْلِهِ:
وإِذا خَرَجَتْ مِنْ غَمْرَةٍ بَعْدَ غَمْرَةٍ
فَالْوَاوُ زَائِدَةٌ. وَقَدْ يأْتي الخَزْمُ فِي أَول المِصْراعِ الثَّانِي؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
بَلْ بُرَيْقاً بِتُّ أَرْقُبُهُ، ... بَلْ لَا يُرى إِلا إِذا اعْتَلَما
فَزَادَ بَلْ فِي أَول الْمِصْرَاعِ الثَّانِي وإِنما حَقُّه:
بَلْ بُرَيْقاً بِتُّ أَرقبه، ... لَا يُرى إِلا إِذا اعْتَلَما
وَرُبَّمَا اعْتَرَضَ فِي حَشْوِ النِّصْفِ الثَّانِي بَيْنَ سَببٍ ووَتِدٍ كَقَوْلِ مَطرِ بْنِ أَشْيَمَ:
الفَخْرُ أَوَّلُهُ جَهْلٌ، وَآخِرُهُ ... حِقْدٌ إِذا تُذُكِّرَتِ الأَقوالُ والكَلِمُ
فإِذا هُنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ السَّبَبِ الْآخَرِ الَّذِي هُوَ تَفْ وَبَيْنَ الْوَتِدِ الْمَجْمُوعِ الَّذِي هُوَ عِلُنْ؛ وَقَدْ زَادُوا الْوَاوَ فِي أَول النِّصْفِ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ:
كُلَّما رابَكَ مِنِّي رائبٌ، ... ويَعْلَمُ العالِمُ مِني ما عَلِمْ
__________
(2) . قوله [أَي قطران الماء إلخ] كذا في الأَصل والتكملة، وعبارة التهذيب: أَي قطرة ماء من ذكرى الأَخزم(12/177)
وَزَادُوا الْبَاءَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
والهَبانِيقُ قِيامٌ مَعَهُمْ ... بكُلِّ مَلْثومٍ، إِذا صُبَّ هَمَل
وَزَادُوا يَاءً أَيضاً؛ قَالُوا:
يَا نَفْسِ أَكْلًا واضْطِجاعاً، ... يَا نَفْسِ لَسْتِ بخالِدَه
وَالصَّحِيحُ:
يَا نفسِ أَكْلًا وَاضْطِجَاعًا، ... نَفْسِ لَسْتِ بِخَالِدَهْ
وَكَقَوْلِهِ:
يَا مَطَرُ بْنَ ناجِيةَ بْنِ ذِرْوَةَ إِنني ... أُجْفى، وتُغْلَقُ دُونَنَا الأَبْوابُ
وَقَدْ يَكُونُ الخَزْمُ بِالْفَاءِ كَقَوْلِهِ:
فَنَرُدّ القِرْنَ بالقِرْنِ ... صَريعَيْنِ رُدافى
فَهَذَا مِنَ الهَزَجِ، وَقَدْ زِيدَ فِي أَوله حَرْفٌ؛ وخَزَمُوا بِبَلْ كَقَوْلِهِ:
بَلْ لَمْ تَجْزَعُوا يَا آلَ حُجْرٍ مَجْزَعا
وَقَالَ:
هَل تَذَكَّرُونَ إِذْ نُقاتِلكُمْ، ... إِذ لَا يَضُرُّ مُعْدِماً عَدَمُهْ «1»
وخَزَمُوا بنَحْنُ قَالَ:
نَحْنُ قَتَلْنا سَيِّدَ الخَزْرَجِ ... سَعْدَ بْنَ عُبادَهْ
وَنَظِيرُ الخَزْمِ الَّذِي فِي أَول الْبَيْتِ مَا يُلْحِقُونَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْبِنَاءِ مِنَ التَّعدِّي والمُتَعَدِّي، والغُلُوّ وَالْغَالِي. والأَخْزَمُ: قِطْعَةٌ مِنْ جَبَلٍ. وخُزام: مَوْضِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَقْوَى فَعُرِّيَ واسِطٌ فبَرامُ، ... مِنْ أَهله، فصُوائِقٌ فَخُزامُ
ومَخْزُومٌ: أَبو حَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُوَ مَخْزُوم بْنُ يَقَظَةَ بْنُ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ. وبِشْرُ بْنُ أَبي خازِمٍ: شَاعِرٌ مِنْ بَنِي أَسَد.
خشم: خَشِمَ اللحمُ خَشَماً وأَخْشَمَ: تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ. والخَيْشُوم مِنَ الأَنف: مَا فَوْقَ نُخْرَتِهِ مِنَ القَصَبة وَمَا تَحْتَهَا مِنْ خَشارِمِ رأْسه، وَقِيلَ: الخَياشِيمُ غَراضيف فِي أَقصى الأَنف بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّمَاغِ، وَقِيلَ: هِيَ عُروق فِي بَاطِنِ الأَنف، وَقِيلَ: الخَيْشُومُ أَقصى الأَنف. والخَشْمُ: كسْر الخَيْشُومِ؛ خَشَمَهُ يَخشِمُهُ خَشْماً: كَسَرَ خَيشومَهُ. وخَياشِيمُ الْجِبَالِ: أُنوفها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّة:
مِنْ ذِرْوَةِ الصَّمَّان خَيْشُومُ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقِيلَ لِابْنَةِ الخُسِّ أَيُّ البلادِ أَمْرَأُ؟ قَالَتْ: خَياشِيم الحَزَنِ أَو جِواءُ الصَّمَّانِ. والخَشَمُ والخُشوم: سَعَةُ الأَنف، خَشِمَ خَشَماً وخُشوماً وَهُوَ أَخْشَمُ. والخَشَمُ: دَاءٌ يأْخذ فِي جَوْفِ الأَنف فَتَتَغَيَّرُ رَائِحَتُهُ؛ والخُشامُ: دَاءٌ يأْخذ فِيهِ وسُدَّةٌ، وَصَاحِبُهُ مَخْشومٌ. وَرَجُلٌ أَخْشَمُ بَيِّنُ الخَشَمِ: وَهُوَ دَاءٌ يَعْتَرِي الأَنف. وَفُلَانٌ ظَاهِرُ الخَيْشومِ أَي وَاسِعُ الأَنف؛ وأَنشد:
أَخْشَم بادي النَّعْوِ والخَيْشومِ
__________
(1) . قوله [وقال هل تذكرون إلخ] هكذا بالأَصل وفيه سقط يعلم من عبارة شارح القاموس وعبارة صاحب التكملة فإنهما قالا وبهل كقوله هل تذكرون إلخ(12/178)
والخَشَمُ: سُقُوطُ الخَياشيم وانسدادُ المُتَنَفِّس وَلَا يَكَادُ الأَخْشَمُ يَشُمُّ شَيْئًا. والخُشامُ: كالخَشَمِ. وَفِي الأَنف ثَلَاثَةُ أَعظم فإِذا انْكَسَرَ مِنْهَا عَظْمٌ تَخَشَّمَ الخَيْشومُ فَصَارَ مَخشوماً. والأَخْشَمُ: الَّذِي لَا يَجِدُ رِيحَ طِيبٍ وَلَا نَتْنٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ أَخْشَمُ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَن مَرْجانةَ ولِيدتَهُ أَتت بولدِ زِناً، فَكَانَ عمرُ يَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ ويَسْلِتُ خَشَمَهُ
؛ الخَشَمُ: مَا يَسِيلُ مِنَ الخَياشِيم أَي يَمْسَحُ مُخاطه وَمَا سَالَ مِنْ خَيْشومِه. وَرَجُلٌ مَخْشُوم ومُتَخَشّمٌ ومُخَشَّمٌ، بِفَتْحِ الشِّينِ مُشَدَّدَةً: سَكْرَانُ، مُشْتَقٌّ مِنَ الخَيْشُومِ؛ قَالَ الأَعشى:
إِذا كَانَ هِنْزَمْنٌ ورُحْتُ مُخَشَّماً
وخَشَّمَه الشرابُ: تَثَوَّرَتْ رِيحُهُ فِي الخَيْشُومِ وَخَالَطَتِ الدِّمَاغَ فأَسكرته، وَالِاسْمُ الخُشْمَةُ، وَقِيلَ: المُخَشَّمُ السَّكْرَانُ الشَّدِيدُ السُّكر مِنْ غَيْرِ أَن يُشْتَقَّ مِنَ الخَيْشُوم. التَّهْذِيبُ: والتَّخَشُّم مِنَ السُّكر، وَذَلِكَ أَن رِيحَ الشَّرَابِ تَثُور فِي خَيْشُومِ الشَّارِبِ ثُمَّ تُخَالِطُ الدِّمَاغَ فَيَذْهَبُ الْعَقْلُ، فَيُقَالُ: تَخَشَّمَ وخَشَّمَه الشرابُ؛ وأَنشد:
فأَرْغَمَ اللهُ الأُنوفَ الرُّغَّمَا، ... مَجْدوعَها والعَنِتَ المُخَشَّما
أَي المكسَّر. والخُشامُ: الْعَظِيمُ مِنَ الأُنوف وإِن لَمْ يَكُنْ مُشْرِفاً. وَيُقَالُ: إِن أَنف فُلَانٍ لَخُشامٌ إِذا كَانَ عَظِيمًا. وَرَجُلٌ خُشامٌ، بِالضَّمِّ: غَلِيظُ الأَنف، وَكَذَلِكَ الجبَل الَّذِي لَهُ أَنف غَلِيظٌ. والخَيْشُومُ: سَلائلُ سُود ونَغَفٌ فِي الْعَظْمِ، والسَّلِيلَةُ هَنَةٌ رَقِيقَةٌ كَاللَّحْمِ. وخَياشِيم الْجِبَالِ: أُنوفها. والخُشامُ: الْعَظِيمُ مِنَ الْجِبَالِ؛ وأَنشد:
ويَضْحَى بِهِ الرَّعْنُ الخُشامُ كأَنَّه، ... وَرَاءَ الثَّنايا، شَخْصُ أَكْلَفَ مُرْقِلِ
أَبو عَمْرٍو: الخُشامُ الطَّوِيلُ مِنَ الْجِبَالِ الَّذِي لَهُ أَنف. وَابْنُ الخُشامِ: مِنْ فُرسانهم؛ قَالَ مُرَقِّشٌ:
أَبَأْتُ، بثَعْلَبَةَ بن الخُشامِ، ... عَمْرَو بنَ عَوْفٍ فَزاحَ الوَهَلْ
خشرم: الخَشْرَمُ: جَمَاعَةُ النَّحْلِ وَالزَّنَابِيرِ، لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي صِفَةِ كِلَابِ الصَّيْدِ:
وكأَنَّها، خَلْفَ الطَّريدةِ، ... خَشْرَمٌ مُتَبَدِّدُ
الأَصمعي: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّحْلِ يُقَالُ لَهَا الثَّوْلُ والخَشْرَمُ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنَ أَسماء النَّحْلِ الخَشْرَمُ، وَاحِدَتُهَا خَشْرَمَةٌ. والخَشْرَمُ أَيضاً: أَمير النَّحْلِ. والخشرَمُ أَيضاً: مأْوى الزَّنَابِيرِ وَالنَّحْلِ وبيتُها ذُو النَّخاريب. وَفِي الْحَدِيثِ:
لتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا خَشْرَم دَبْرٍ لَسَلَكْتُمُوهُ
؛ هُوَ مأْوى النَّحْلِ وَالزَّنَابِيرِ والدَّبْرِ، قَالَ: وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَنفسها؛ والدَّبْرُ: النَّحْلُ؛ وَقَوْلُ أَبي كَبِيرٍ يَصِفُ صَائِدًا:
يأْوي إِلى عُظْمِ الغَريفِ، ونَبْلُهُ ... كسَوامِ دَبْر الخَشْرَمِ المُتَثَوِّرِ
أَضاف الدَّبْرَ إِلى أَميرها أَو مأْواها، وَلَا يَكُونُ مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ. وخَشارِمُ الرأْس: مَا رَقَّ مِنَ السِّحاء الَّذِي فِي خَياشيمه، وَهُوَ مَا فَوْقَ نُخْرَتِه إِلى قصَبة أَنفه. والخَشارِمُ، بِالضَّمِّ: الأَصواتُ، وخَشْرَمَتِ(12/179)
الضَّبُع: صَوَّتَتْ فِي أَكلها؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وَقَالَ: سَمِعْتُ أَعرابياً يَقُولُ: الضَّبْعُ تُخَشْرِمُ وَذَلِكَ صَوْتُ أَكلها إِذا أَكلت. ابْنُ شُمَيْلٍ: الخَشْرَمَةُ أَرض حِجَارَتُهَا رَضْراضٌ كأَنها نُثِرَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرض نَثْراً، فَلَا تَكَادُ تَمْشِي فِيهَا، حِجَارَتُهَا حُمٌّ، وَهُوَ جَبَلٌ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ الْغَلِيظِ، فِيهِ رَخاوة مَوْضُوعٌ بالأَرض وَضْعًا، وَهُوَ مَا اسْتَوَى مَعَ الأَرض، وَمَا تَحْتَ هَذِهِ الْحِجَارَةِ المُلقاة عَلَى وَجْهِ الأَرض أَرضٌ فِيهَا حِجَارَةٌ وَطِينٌ مُخْتَلِطَةٌ، وَهِيَ فِي ذَلِكَ غَلِيظَةٌ، وَقَدْ تَنْبُتُ الْبَقْلَ وَالشَّجَرَ؛ وَقِيلَ: الخَشْرَمَةُ رَضْمٌ مِنْ حِجَارَةٍ مَرْكوم بعضُه عَلَى بعضٍ، والخَشْرَمةُ لَا تَطُولُ وَلَا تَعْرُضُ، إِنما هِيَ رَضْمَةٌ وَهِيَ مُسْتَوِيَةٌ؛ وَزَادَ اللَّيْثُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنه قَالَ: حِجَارَةُ الخَشْرَمةِ أَعظمها مِثْلُ قَامَةِ الرَّجُلِ تَحْتَ التُّرَابِ، قَالَ: وإِذا كَانَتِ الخَشْرَمةُ مُسْتَوِيَةً مَعَ الأَرض فَهِيَ القِفافُ، وإِنما قَفَّفَها كثرةُ حِجَارَتِهَا؛ قَالَ أَبو أَسلم: الخَشْرَمةُ مِنْ أَعظم القفِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الخَشْرَمُ مَا سَفُلَ مِنَ الْجَبَلِ، وَهِيَ قُفٌّ وَغِلْظٌ، وَهُوَ جَبَلٌ غَيْرُ أَنه مُتَوَاضِعٌ، وَجَمْعُهُ الخَشارِمُ. ابْنُ سِيدَهْ: الخَشارِمَةُ قِفافٌ حِجَارَتُهَا رَضْراضٌ، وَاحِدَتُهَا خَشرَمٌ وخَشْرمة. والخَشْرَمُ: الْحِجَارَةُ الرَّخْوَةُ الَّتِي يُتَّخَذُ مِنْهَا الجِصُّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي النَّجْمِ:
ومُسُكاً مِنْ خَشْرَمٍ ومَدَرا
وخَشْرَمٌ: اسْمٌ. وَابْنُ خَشْرَمٍ: رَجُلٌ، وَهُوَ أَيضاً ابْنُ الخَشْرَمِ.
خشسبرم: الخَشَسْبَرَمْ: شَبِيهٌ بالمَرْوِ، وَهُوَ مِنْ رَيَاحِينِ الْبَرِّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ بِسُكُونِ آخِرِهِ، وَعَزَاهُ إِلى الأَعراب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه غَيْرُ عَرَبِيٍّ «1» .
خصم: الخُصومَةُ: الجَدَلُ. خاصَمَه خِصاماً ومُخاصَمَةً فَخَصَمَهُ يَخْصِمهُ خَصْماً: غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ، والخُصومَةُ الِاسْمُ مِنَ التَّخاصُمِ والاخْتِصامِ. والخَصْمُ: مَعْرُوفٌ، واخْتَصَمَ القومُ وتَخاصَموا، وخَصْمُكَ: الَّذِي يُخاصِمُكَ، وَجَمْعُهُ خُصُومٌ، وَقَدْ يَكُونُ الخَصْمُ لِلِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ
؛ جَعَلَهُ جَمْعًا لأَنه سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الخَصْمِ:
وخَصْم يَعُدُّونَ الدُّخولَ، كأَنَّهُمْ ... قرومٌ غَيارى، كلَّ أَزهَرَ مُصْعَبِ
وَقَالَ ثَعْلَبُ بْنُ صُعَيْرٍ المازِنيّ:
ولَرُبَّ خَصْمٍ قَدْ شَهِدت أَلِدَّةٍ، ... تَغْلي صُدُورُهُمْ بِهِتْرٍ هاتِرِ
قَالَ: وَشَاهَدُ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ والإِفراد قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
أَبَرُّ عَلَى الخُصُومِ، فَلَيْسَ خَصْمٌ ... وَلَا خَصْمانِ يَغْلِبُه جِدالا
فأَفرد وثَنّى وجَمع. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: عَنى الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الفَريقين خَصْمٌ؛ وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الْيَهُودَ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: دِينُنا وكِتابُنا أَقدم مِنْ دِينِكُمْ وكِتابكم، فأَجابهم الْمُسْلِمُونَ: بأَننا آمَنَّا بِمَا أُنْزِلَ إِلينا وَمَا أُنْزِلَ إِليكم وآمَنَّا
__________
(1) . قوله [قَالَ وَعِنْدِي أَنه غَيْرُ عربي] قال شارح القاموس قلت: وهو كما قال وأصله بالفارسية هكذا خوش سبرم بضم الخاء وسكون الواو والشين وفتح السين المهملة وسكون الباء العجمية وفتح الراء وسكون الميم(12/180)
بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورسُله وأَنتم كَفَرْتُمْ بِبَعْضٍ، فظهرتْ حُجَّةُ الْمُسْلِمِينَ. والخَصِيمُ: كالخَصْمِ، وَالْجَمْعُ خُصَماءُ وخُصْمانٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا تَخَفْ خَصْمانِ
؛ أَي نَحْنُ خَصْمانِ، قَالَ: والخَصْمُ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالذَّكَرِ والأُنثى لأَنه مَصْدَرُ خَصَمْتُهُ خَصْماً، كأَنك قُلْتَ: هُوَ ذُو خَصْم، وَقِيلَ للخَصْمَيْنِ خَصْمان لأَخذ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي شِقٍّ مِنَ الحِجاج والدَّعْوى. قال: هَؤُلَاءِ خَصْمي، وَهُوَ خَصْمِي. وَرَجُلٌ خَصِمٌ: جَدِلٌ، عَلَى النَّسَبِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ
، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَخِصِّمُونَ
، فِيمَنْ قرأَ بِهِ، لَا يَخْلُو «1» . مِنْ أَحد أَمرين: إِما أَن تَكُونَ الْخَاءُ مُسَكَّنَةً البَتَّة، فَتَكُونُ التَّاءُ مِنْ يَخْتَصِمُونَ مُخْتَلَسة الْحَرَكَةِ، وإِما أَن تَكُونَ الصَّادُ مُشَدَّدَةً، فَتَكُونُ الخاءُ مَفْتُوحَةً بِحَرَكَةِ التَّاءِ الْمَنْقُولِ إِليها، أَو مَكْسُورَةً لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الصَّادِ الأُولى. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: خاصِمِ المَرْءَ فِي تُراثِ أَبيه أَي تَعَلَّقْ بِشَيْءٍ، فإِن أَصبتَه وإِلَّا لَمْ يَضُرَّكَ الْكَلَامُ. وخاصَمْتُ فُلَانًا فَخصَمْتُه أَخْصِمهُ، بِالْكَسْرِ، وَلَا يُقَالُ بِالضَّمِّ، وَهُوَ شَاذٌّ؛ وَمِنْهُ قرأَ حَمْزَةُ:
وَهُمْ يَخْصِمونَ
، لأَن مَا كَانَ مِنْ قَوْلِكَ فاعَلْتُه ففعَلْتُه، فإِن يَفْعِلُ مِنْهُ يُرَدُّ إِلى الضَّمِّ إِذا لَمْ يَكُنْ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ مِنْ أَي بَابٍ كَانَ مِنَ الصَّحِيحِ، عالَمْتهُ فَعَلَمْتُه أَعْلُمُهُ، بِالضَّمِّ، وفاخَرْته فَفَخَرْته أَفْخَرُه، بِالْفَتْحِ، لأَجل حَرْفِ الْحَلْقِ، وأَما مَا كَانَ مِنَ الْمُعْتَلِّ مِثْلُ وَجَدْتُ وبِعتُ وَرَمَيْتُ وخَشِيتُ وسَعَيْتُ فإِن جَمِيعَ ذَلِكَ يُرَدُّ إِلى الْكَسْرِ، إِلَّا ذَوَاتَ الْوَاوِ فإِنها تُرَدُّ إِلى الضَّمِّ، تَقُولُ راضَيْتُهُ فَرَضَوْتُه أَرْضُوهُ، وخاوَفَني فخُفْتُه أَخُوفهُ، وَلَيْسَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ ذَلِكَ، لَا يُقَالُ نازعْتُه فنَزعْتُه لأَنهم يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ بِغَلَبْتُهُ، وأَما مَنْ قرأَ: وَهُمْ يَخَصِّمونَ؛ يُرِيدُ يَخْتَصِمونَ، فيَقْلِبُ التَّاءَ صَادًا فَيُدْغِمُهُ وَيَنْقُلُ حَرَكَتَهُ إِلى الْخَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَنْقُلُ وَيَكْسِرُ الْخَاءَ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ، لأَن السَّاكِنَ إِذا حُرِّك حُرِّكَ إِلى الْكَسْرِ، وأَبو عَمْرٍو يَخْتَلِسُ حَرَكَةَ الْخَاءِ اخْتِلَاسًا، وأَما الْجَمْعُ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ فَلَحْنٌ، وَاللَّهُ أَعلم. وأَخْصَمْتُ فُلَانًا إِذا لقَّنْته حُجته عَلَى خَصْمِهِ. والخُصْمُ: الْجَانِبُ، وَالْجَمْعُ أَخْصامٌ. والخَصِمُ، بِكَسْرِ الصَّادِ: الشَّدِيدُ الخُصُومَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَقُولُ خَصِمَ الرجلُ غَيْرُ مُتَّعَدٍّ، فَهُوَ خَصِمٌ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ
، وَقَدْ يُقَالُ خَصِيم؛ قَالَ: والأَظهر عِنْدِي أَنه بِمَعْنَى مُخاصِمٍ مِثْلَ جَلِيسٍ بِمَعْنَى مُجالِسٍ وعَشيِرٍ بِمَعْنَى مُعاشرٍ وخَدِينٍ بِمَعْنَى مُخادنٍ، قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وتعالى: لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً
؛ أَي مُخاصِماً، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَن يُقْرَأَ عَلَى هَذَا خَصِماً لأَنه غَيْرُ مُتَعَدّ، لأَن الخَصِمَ الْعَالِمُ بالخُصومَةِ،
__________
(1) . قوله [يَخِصِّمُونَ فِيمَنْ قَرَأَ بِهِ لا يخلو إلخ] في زاده على البيضاوي: وفي قوله تعالى يَخِصِّمُونَ سبع قراءات، الأَولى عن حمزة
يخصمون
بسكون الخاء وتخفيف الصاد، والثانية
يختصمون
على الأَصل، والثالثة
يخصمون
بفتح الياء وكسر الخاء وتشديد الصاد أسكنت تاء يختصمون فأدغمت في الصاد فالتقى ساكنان فكسر أَولهما، والرابعة بكسر الياء إِتباعاً للخاء، والخامسة
يخصمون
بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد المكسورة نقلوا الفتحة الخالصة التي في تاء يختصمون بكمالها إِلى الخاء فأدغمت في الصاد فصار يخصمون بإخلاص فتحة الخاء وإِكمالها، والسادسة
يخصمون
بإِخفاء فتحة الخاء واختلاسها وسرعة التلفظ بها وعدم إِكمال صوتها نقلوا شيئاً من صوت فتحة تاء يختصمون إِلى الخاء تنبيهاً على أَن الخاء أصلها السكون، والسابعة
يخصمون
بفتح الياء وسكون الخاء وتشديد الصاد المكسورة والنحاة يستشكلون هذه القراءة لاجتماع ساكنين على غير حدهما إِذ لم يكن أَول الساكنين حرف مد ولين وإِن كان ثانيهما مدغماً(12/181)
وإِن لَمْ يُخاصِمْ، والخَصيم: الَّذِي يُخاصِمُ غَيْرَهُ. والخُصْمُ: طرَف الرَّاوِيَةِ الَّذِي بِحِيال العَزْلاءِ فِي مُؤَخَّرِها، وَطَرَفِهَا الأَعلى هُوَ العُصْمُ، وَالْجَمْعُ أَخْصامٌ، وَقِيلَ: أَخْصامُ المَزادَةِ وخُصُومُها زَوَايَاهَا. وخُصُومُ السَّحَابَةِ: جَوَانِبُهَا؛ قَالَ الأَخطل يَصِفُ سَحَابًا:
إِذا طَعَنَتْ فِيهِ الجَنُوبُ تَحامَلَتْ ... بأَعْجازِ جَرَّارٍ، تَداعَى خُصومُها
أَي تَجاوبَ جَوَانِبُهَا بِالرَّعْدِ، وطَعْنُ الجَنُوب فِيهِ: سَوْقُها إِياه، والجَرَّار: الثَّقِيلُ ذُو الْمَاءِ، تَحاملتْ بأَعجازه: دَفَعَتْ أَواخرَهُ خُصومُها أَي جوانُبها. والأَخْصامُ: الَّتِي عِنْدَ الكُلْيَةِ وَهِيَ مِنْ كُلِّ شيءٍ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الحَذْلَمِيُّ يَصِفُ الإِبل:
واهْتَجَمَ العِيدانُ مِنْ أَخْصامِها
والأُخْصُومُ: عُرْوَةُ الجُوالِقِ أَو العِدْل. والخُصْمُ، بِالضَّمِّ: جَانِبُ العِدْلِ وزاوِيَتُه؛ يُقَالُ لِلْمَتَاعِ إِذا وَقَعَ فِي جَانِبِ الوِعاء مِنْ خُرْج أَو جُوالِقٍ أَو عَيْبَةٍ: قَدْ وَقَعَ فِي خُصْمِ الوِعاءِ، وَفِي زَاوِيَةِ الْوِعَاءِ؛ وخُصْمُ كلِّ شَيْءٍ: طرفُه مِنَ المَزادَة والفِراش وَغَيْرِهِمَا، وأَما عُصُمُ الرَّوايا فَهِيَ الْحِبَالُ الَّتِي تُثْبَتُ فِي عُراها ويُشَدُّ بِهَا عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ، وَاحِدُهَا عِصامٌ. وأَعْصَمْتُ المَزادة إِذا شَدَدْتَهَا بالعِصاميْنِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدًا عَلَى خُصْمِ كُلِّ شَيْءٍ جَانِبُهُ وَنَاحِيَتُهُ للطِّرمّاح:
تُزَجِّي عِكاكَ الصَّيْفِ أَخْصامُها العُلا، ... وَمَا نَزَلَتْ حَوْلَ المَقَرِّ عَلَى عَمْدِ
أَخْصامها: فُرَجُها. وَقَالَ الأَخطل: تَداعى خُصُومُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَتْ لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ أَراك ساهِمَ الوجْهِ أَمِنْ عِلَّةٍ؟ قَالَ: لَا ولكنَّ السبعةَ الدَّنانير الَّتِي أُتِينا بِهَا أَمْسِ نسيتُها فِي خُصْمِ الفِراش فبِتُّ وَلَمْ أَقسمها
؛ خُصْمُ الْفِرَاشِ: طَرَفُهُ وَجَانِبُهُ. وخُصْمُ كلِّ شَيْءٍ: طَرَفُهُ وَجَانِبُهُ. والخَصْمَة: مِنْ خَرَزِ الرِّجَالِ يَلْبِسُونَهَا إِذا أَرادوا أَن يُنَازِعُوا قَوْمًا أَو يَدْخُلُوا على سلطان، قربما كَانَتْ تَحْتَ فَصِّ الرَّجُلِ إِذا كَانَتْ صَغِيرَةً، وَتَكُونُ فِي زِرِّه، وَرُبَّمَا جَعَلُوهَا فِي ذُؤابة السَّيْفِ. وخَصَمْتُ فُلَانًا: غَلَبْتُهُ فِيمَا خاصَمْتُهُ. والخُصُومَةُ: مَصْدَرُ خُصَمْتُه إِذا غَلَبْتُهُ فِي الخِصام. يُقَالُ خَصَمْته خِصاماً وخُصُومَةً. وَفِي حَدِيثِ
سَهْل بْنِ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ لَمَّا حُكِّمَ الحَكَمان: هَذَا أَمر لَا يُسَدُّ مِنْهُ خُصْمٌ إِلا انْفَتَحَ عَلَيْنَا مِنْهُ خُصْمٌ
؛ أَراد الإِخبار عَنِ انْتِشَارِ الأَمر وَشِدَّتِهِ وأَنه لَا يَتَهَيَّأُ إِصلاحُه وتَلافيه، لأَنه بِخِلَافِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الإِتفاق. وأَخْصامُ العينِ: مَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ الأَشْفارُ. وَالسَّيْفُ يَخْتَصِمُ «2» جَفْنَه إِذا أَكله من حِدَّتِه.
خضم: الخَضْمُ: الأَكل عَامَّةً، وَقِيلَ: هُوَ مَلءُ الْفَمِ بِالْمَأْكُولِ، وَقِيلَ: الخَضْمُ الأَكل بأَقْصى الأَضراس والقَضْمُ بأَدْناها؛ قَالَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْم يَذْكُرُ أَهل الْعِرَاقِ حِينَ ظَهَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى مُصْعَبٍ: رَجَوْا بالشِّقاقِ الأَكل خَضْماً، فَقَدْ رَضُوا، أَخيراً مِنْ أَكْلِ الخَضْمِ، أَن يأْكلوا القضْمَا وَقِيلَ: الخَضْمُ أَكلُ الشَّيْءِ الرَّطْب خَاصَّةٌ كالقِثَّاء وَنَحْوِهِ، وكلُّ أَكل فِي سَعَة ورَغَد خَضْمٌ، وقيل:
__________
(2) . قوله [والسيف يختصم] كذا ذكره الجوهري هنا وغلطه صاحب القاموس وصوب أَنه بالضاد المعجمة وأَقره شارحه وعضده بأن الأَزهري أَيضاً ضبطه بالمعجمة(12/182)
الخَضمُ للإِنسان بِمَنْزِلَةِ القَضْم مِنَ الدَّابّة، خَضِم يَخْضَمُ خَضْماً، وقَضِمَ يَقْضَمُ قَضْماً. والخُضامُ: مَا خُضِمَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه مَرَّ بمَرْوانَ وَهُوَ يَبْنِي بُنياناً لَهُ فَقَالَ: ابْنوا شَدِيدًا، وأَمِّلُوا بَعِيدًا، واخْضَمُوا فَسَنَقْضَمُ.
الْجَوْهَرِيُّ: خَضِمت الشيءَ، بِالْكَسْرِ، أَخْضَمُه خضْماً؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ الأَكل بِجَمِيعِ الْفَمِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَقَامَ إِليه بَنُو أُميَّة يَخْضَمونَ مَالَ اللَّهِ خَضْمَ الإِبل نَبْتَةَ الرَّبِيعِ
؛ الخَضْمُ: الأَكل بأَقصى الأَضراس والقَضْمُ بأَدْناها، خَضِمَ يَخْضَمُ خَضْماً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: تأْكلون خَضْماً ونأْكل قَضْماً.
وَفِي حَدِيثِ
المُغِيرَة: بِئس، لعَمْرُ اللهِ، زَوْجُ المرأَةِ الْمُسْلِمَةِ خُضَمَةٌ حُطَمَةٌ
أَي شَدِيدُ الخَضْم، وَهُوَ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ. أَبو حَنِيفَةَ: الخَضِيمة النَّبْتُ إِذا كَانَ رَطْباً أَخضر، قَالَ: وأَحسبه سُمِّيَ خَضِيمةً لأَن الرَّاعِيَةَ تَخْضِمُهُ كَيْفَ شَاءَتْ. والخَضِيمةُ مِنَ الأَرض: مِثْلُ الخُضُلَّة، وَهِيَ النَّاعِمَةُ المِنباتُ. ورجلُ مُخْضَمٌ: مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا. وخَضَم لَهُ مِنْ مَالِهِ: أَعطاه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ورَدَّ ذَلِكَ ثَعْلَبٌ وَقَالَ: إِنما هُوَ هَضَمَ. والخِضَمُّ، عَلَى وَزْنِ الهِجَفِّ: السَّيِّدُ الحَمُولُ الجَوادُ المِعْطاءُ الْكَثِيرُ المعروفِ والعطيةِ، وَلَا تُوصَفُ بِهِ المرأَة، وَالْجَمْعُ خِضَمُّونَ، وَلَا يُكَسَّرُ. والخِضَمُّ: الْبَحْرُ لِكَثْرَةِ مَائِهِ وَخَيْرِهِ، وَبَحْرٌ خِضَمٌّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
رَوافِدُهُ أَكْرَمُ الرَّافِدات، ... بَخٍ لكَ بَخّ لبَحْرٍ خِضَمّ
والخِضَمُّ أَيضاً: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فاجْتَمَع الخِضَمُّ والخِضَمُّ، ... فَخَطَمُوا أَمْرَهُمُ وزَمُّوا
خَطَموا أَمرهم: أَحكموه، وَكَذَلِكَ زَمُّوا، وأَصلها مِنَ الخِطام والزِّمامِ. والخِضَمُّ: الْفَرَسُ الضَّخْمُ الْعَظِيمُ الوَسَطِ. وخَضَمَه يَخْضِمُه خَضْماً: قَطَعَهُ. والسيفُ يَختَضِمُ العظمَ إِذا قَطَعَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
إِنَّ القُساسِيَّ، الَّذِي يُعْصَى بِهِ، ... يَخْتَضِمُ الدَّارِعَ فِي أَثوابه
واخْتَضَمَ الطريقَ إِذا قَطَعَهُ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ إِبل ضُمّرٍ:
ضَوابِعٌ مِثْلُ قِسِيِّ القَضْبِ، ... تَخْتَضِمُ البِيد بِغَيْرِ تَعْبِ «1»
. وَسَيْفٌ خِضَمٌّ: قَاطِعٌ. والخِضَمُّ: المِسَنُّ لأَنه إِذا شَحَذَ الحديدَ قَطَعَ؛ قَالَ أَبو وَجْزَة:
حَرَّى مُوَقَّعَةٌ ماجَ البَنانُ بِهَا، ... عَلَى خِضَمّ، يُسَقَّى الماءَ، عَجَّاجِ
وَفِي الصِّحَاحِ: الخِضَمُّ فِي قَوْلِ أَبي وَجْزَةَ المُسِنُّ مِنَ الإِبل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ المِسَنُّ الَّذِي يُسَنّ عَلَيْهِ الحديدُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأُمَويّ، وَذَكَرَ الْبَيْتَ الَّذِي ذَكَرَهُ لأَبي وَجْزَةَ، وَقَدْ أَورده ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: شَبَّهَهَا بِسَهْمٍ مُوَقَّعٍ قَدْ مَاجَتِ الأَصابع فِي سَنِّه عَلَى حَجَرٍ خِضَمٍّ يأْكل الْحَدِيدَ، عَجَّاج أَي بِصَوْتِهِ عَجِيج، والحَرَّى: المِرْماة العَطْشَى.
__________
(1) . قوله [بغير تعب] كذا هو مضبوط في التهذيب وكذا في التكملة بسكون العين وعليه علامة صح(12/183)
الأَصمعي: الخُضُمَّةُ، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، عَظْمَةُ الذِّرَاعِ وَهِيَ مُسْتَغْلَظُهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
خُضُمَّة الذِّراعِ هذا المُخْتَلا
وخُضُمَّة الذِّرَاعِ: مُعْظَمُها. وطَعَنَ فِي خُضُمَّته أَي فِي وَسَطِهِ. وَفُلَانٌ فِي خُضُمَّةِ قَوْمِهِ أَي أَوساطهم. وَيُقَالُ: إِن الخُضُمَّةَ مُعْظَمُ كُلِّ أَمر. والخَضِيمةُ: حِنْطة تُؤْخَذُ فتُنَقَّى وتُطَيَّبُ ثُمَّ تُجْعَلُ فِي الْقِدْرِ وَيَصُبُّ عَلَيْهَا مَاءٌ فَتُطْبَخُ حَتَّى تَنْضَجَ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ الرطْبُ الأَخضر مِنَ النَّبَاتِ. والمُخْضِمُ: الْمَاءُ الَّذِي لَا يَبْلُغُ أَن يَكُونَ أُجاجاً يَشْرَبُهُ الْمَالُ وَلَا يَشْرَبُهُ النَّاسُ. والخَضَّم: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ:
حَوْلي أُسَيِّدُ والهُجَيمُ ومازنٌ، ... وإِذا حَلَلْتُ فَحَوْلَ بَيْتيَ خَضَّمُ
وخَضَّم: اسْمُ بَلَدٍ. والخَضَّمُ، وَفِي الصِّحَاحِ خَضَّمٌ عَلَى وَزْنِ بَقَّمٍ: اسْمُ العَنْبَر بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الْقَبِيلَةِ، يَزْعُمُونَ أَنهم إِنما سُموا بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ الخَضْمِ، وَهُوَ الْمَضْغُ بالأَضراس لأَنه مِنْ أَبنية الأَفعال دُونَ الأَسماء؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ طَريف بْنِ مَالِكٍ العَنْبري:
حَوْلي فَوارِسُ مِنْ أُسَيِّدَ شَجْعَةٌ، ... وإِذا نَزَلْتُ فَحَوْلَ بَيتيَ خَضَّمُ
وخَضَّمٌ: اسْمُ مَاءٍ، زَادَ الأَزهري: لِبَنِي تَمِيمٍ، وَقَالَ:
لَوْلَا الإِلَهُ مَا سَكَنَّا خَضَّمَا، ... وَلَا ظَلِلْنا بالمَشائي قُيَّمَا
وَفِي الصِّحَاحِ: بالمَشاء «1» قُيَّما، قَالَ: وَهُوَ شَاذٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَقَّم. أَبو تُرَابٍ: قَالَ زَائِدَةُ الْقَيْسِيُّ خَضَفَ بِهَا وخَضَمَ بِهَا إِذا ضَرط، وَقَالَهُ عَرَّامٌ؛ وأَنشد للأَغْلَب:
إِن قابَلَ العِرْسَ تَشَكّى وخَضَمْ «2»
. الأَزهري: وحَصَمَ مِثْلُهُ، بِالْحَاءِ وَالصَّادِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: الدَّنَانِيرُ السَّبْعَةُ نَسِيتُهَا فِي خُضْمِ الفِراش
أَي جَانِبِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: حَكَاهَا أَبو مُوسَى عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: وَذَكَرَ الْجُمْعَةَ فِي نَقِيعٍ يُقَالُ لَهُ نَقِيعُ الخَضِماتِ
«3» ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بِنَوَاحِي المدينة. والخُضُمَّانِ: موضع.
خضرم: بِئْرٌ خِضْرِمٌ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ. وَمَاءٌ مُخَضْرَمٌ وخُضارِمٌ: كَثِيرٌ؛ وَخَرَجَ العَجَّاج يُرِيدُ اليَمامة فَاسْتَقْبَلَهُ جَريرُ بْنُ الخَطَفى فَقَالَ: أَين تُرِيدُ؟ قَالَ: أُريد الْيَمَامَةَ، قَالَ: تَجِدُ بِهَا نَبيذاً خِضْرِماً أَي كَثِيرًا. والخِضْرِمُ: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وكلُّ شَيْءٍ كَثِيرٌ وَاسِعٌ خِضْرِمٌ. والخِضْرِمُ، بِالْكَسْرِ: الجَواد الْكَثِيرُ الْعَطِيَّةِ، مُشَبَّهٌ بِالْبَحْرِ الخِضْرِمِ، وَهُوَ الْكَثِيرُ الْمَاءِ، وأَنكر الأَصمعي الخِضْرِمَ فِي وَصْفِ الْبَحْرِ، وَقِيلَ السَّيِّدُ الحَمولُ، وَالْجَمْعُ خَضارِمُ وخَضارِمَةٌ، الْهَاءُ لتأْنيث الْجَمْعِ، وخِضْرِمُونَ، وَلَا تُوصَفُ بِهِ المرأَة. والخُضارِمُ: كالخِضْرِمِ. والمُتَخَضْرِمُ مِنَ الزُّبْد: الَّذِي يَتَفَرَّقُ فِي الْبَرْدِ ولا يجتمع.
__________
(1) . قوله [وَفِي الصِّحَاحِ بِالْمَشَّاءِ قُيَّمَا] كذا هو بالأَصل
(2) . قوله [إِن قابل إلخ] تمامه كما في التكملة:
وإِن تولى مدبراً عنها خضم
(3) . قوله [الخضمات] كفرحات كما ضبطه السيد السمهودي وضبطه الجلال بالتحريك وضبطه صاحب القاموس في تاريخ المدينة بالكسر، أَفاده شارح القاموس(12/184)
وَنَاقَةٌ مُخَضْرَمَةٌ: قُطعَ طرَف أُذنها. والخَضْرَمةُ: قَطْعُ إِحدى الأُذنين، وَهِيَ سِمَةُ الْجَاهِلِيَّةِ. وخَضْرَمَ الأُذن: قَطَعَ مِنْ طَرَفِهَا شَيْئًا وَتَرَكَهُ يَنُوسُ، وَقِيلَ قَطَعَهَا بِنِصْفَيْنِ، وَقِيلَ: المُخَضْرَمَةُ مِنَ النُّوقِ وَالشَّاءِ الْمَقْطُوعَةُ نِصْفِ الأُذن؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
خَطَبَنا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ مُخَضْرَمَةٍ
، وَقِيلَ: المُخَضْرَمَةُ الَّتِي قُطِعَ طَرَفُ أُذنها، وَكَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يُخَضْرِمونَ نَعَمَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسلامُ أَمرهم النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، أَن يُخَضرِموا مِنْ غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُخَضْرِمُ مِنْهُ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ، وأَصل الخَضْرَمَةِ أَن يُجْعَلَ الشَّيْءُ بَيْنَ بَيْنَ، فإِذا قُطِعَ بَعْضُ الأُذن فَهِيَ بَيْنَ الوافِرَةِ والناقِصة، وَقِيلَ: هِيَ الْمَنْتُوجَةُ بَيْنَ النَّجَائِبِ والعُكاظِيَّات، وَمِنْهُ قِيلَ لِكُلٍّ مَنْ أَدْرَكَ الجاهلية والإِسلام: مُخَضْرَمٌ لأَنه أَدرك الخَضْرَمَتَيْنِ. وامرأَة مُخَضْرَمَةٌ: أَخطأَت خافِضَتُها فَأَصَابَتْ غَيْرَ مَوْضِعِ الخَفْضِ. وامرأَة مُخَضْرَمَةٌ أَي مَخْفُوضَةٌ. قَالَ إِبراهيم الْحَرْبِيُّ: خَضْرَمَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ نَعَمَهُمْ أَي قطعُوا مِنْ آذَانِهَا فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي خَضْرَمَ فِيهِ أَهلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَانَتْ خَضْرَمَةُ أَهل الإِسلام بَائِنَةً مِنْ خَضْرَمَةِ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ:
أَن قَوْمًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ بُيِّتُوا لَيْلًا وسِيقَ نَعَمُهُمْ، فَادَّعَوْا أَنهم خَضْرَمُوا خَضْرَمَةَ الإِسلام وأَنهم مُسْلِمُونَ، فَرَدُّوا أَموالهم عَلَيْهِمْ
، فَقِيلَ لِهَذَا الْمَعْنَى لِكُلِّ مَنْ أَدرك الْجَاهِلِيَّةَ والإِسلام: مُخَضْرَمٌ، لأَنه أَدرك الخَضْرَمتَينِ: خضْرمة الْجَاهِلِيَّةِ وخَضْرمة الإِسلام. وَرَجُلٌ مُخَضْرَمٌ: لَمْ يَخْتَتِنْ. وَرَجُلٌ مُخَضْرَمٌ إِذا كَانَ نصفُ عُمْرِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَنِصْفُهُ فِي الإِسلام. وَشَاعِرٌ مُخَضْرَمٌ: أَدرك الْجَاهِلِيَّةَ والإِسلام مِثْلَ لَبيدٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَدركهما؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِلى ابنِ حَصانٍ، لَمْ تُخَضْرَمْ جدودُه، ... كثيرِ الثَّنا والخِيم والفَرْعِ والأَصْلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَكثر أَهل اللُّغَةِ عَلَى أَنه مُخَضْرِمٌ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، لأَن الْجَاهِلِيَّةَ لَمَّا دَخَلُوا فِي الإِسلام خَضْرَمُوا آذَانَ إِبلهم لِيَكُونَ عَلَامَةً لإِسلامهم إِن أُغِيرَ عَلَيْهَا أَو حُورِبوا. وَيُقَالُ لِمَنْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ والإِسلام: مُخَضْرِمٌ، وأَما مَنْ قَالَ مُخَضْرَمٌ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، فَتَأْوِيلُهُ عِنْدَهُ أَنه قُطِعَ عَنِ الْكُفْرِ إِلى الإِسلام. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: خَضْرَمَ خَلَّطَ، وَمِنْهُ المُخَضْرِمُ الَّذِي أَدرك الْجَاهِلِيَّةَ والإِسلام. وَرَجُلٌ مُخَضْرَمٌ: أَبوه أَبيض وَهُوَ أَسود. وَرَجُلٌ مُخَضْرَمٌ: نَاقِصُ الحَسَبِ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ بِكَرِيمِ النَّسَبِ. وَرَجُلٌ مُخَضْرَمُ النَّسَبِ أَي دَعِيٌّ، وَقَدْ يُتْرَكُ ذِكْرُ النَّسَبِ فَيُقَالُ: المُخَضْرَمُ الدَّعِيُّ، وَقِيلَ: المُخَضْرَمُ فِي نَسَبِهِ الْمُخْتَلِطِ مِنْ أَطرافه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَعْرِفُ أَبواه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي وَلَدَتْهُ السَّراري؛ وَقَوْلُهُ:
فَقُلْتُ: أَذاكَ السَّهمُ أَهْوَنُ وَقْعَةً ... عَلَى الخُضْرِ، أَم كَفُّ الهَجينِ المُخَضْرَمِ؟ «1»
إِنما هُوَ أَحد هَذِهِ الأَشياء الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الحَسَب والنسبِ. وَلَحْمٌ مُخَضْرَم، بِفَتْحِ الرَّاءِ: لَا يُدْرَى أَمن ذَكَرٍ هُوَ أَم من أُنثى. وطام مُخَضْرَمٌ: حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه الَّذِي لَيْسَ بحُلْوٍ وَلَا مُرّ، وَفِي التَّهْذِيبِ: بَيْنَ الثَّقِيلِ وَالْخَفِيفِ. وَمَاءٌ مُخَضْرَمٌ: غَيْرُ عَذْبٍ؛ عَنْهُ أَيضاً. وَمَاءٌ خُضَرِمٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ: بَيْنَ الحلو والمِلْحِ.
__________
(1) . قوله [الخضر] هكذا في الأَصل(12/185)
والخُضَرِمُ، مِثَالُ العُلَبِطِ: فَرْخُ الضَّبِّ يَكُونُ حِسْلًا ثُمَّ خُضَرِماً؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَهُوَ حِسْلٌ ثُمَّ مُطَبِّخٌ ثُمَّ خُضرِمٌ ثُمَّ ضَبٌّ، وَلَمْ يَذْكُرِ الغَيْداقَ وَذَكَرُهُ أَبو زَيْدٍ. والخُضارِمةُ: قَوْمٌ بِالشَّامِ، وَذَلِكَ أَن قَوْمًا مِنَ الْعَجَمِ خَرَجُوا فِي أَول الإِسلام فَتَفَرَّقُوا فِي بِلَادِ الْعَرَبِ، فَمَنْ أَقام مِنْهُمْ بِالْبَصْرَةِ فَهُمُ الأَساوِرَةُ، وَمَنْ أَقام مِنْهُمْ بِالْكُوفَةِ فهو الأَحامِرةُ، وَمَنْ أَقام مِنْهُمْ بِالشَّامِ فَهُمُ الخَضارِمةُ، وَمَنْ أَقام مِنْهُمْ بالجَزيرة فَهُمُ الجَراجِمةُ، وَمَنْ أَقام مِنْهُمْ بِالْيَمَنِ فَهُمُ الأَبْناءُ، وَمَنْ أَقام مِنْهُمْ بالمَوْصِلِ فَهُمُ بالمَوْصِلِ فَهُمُ الجَرامِقَةُ، وَاللَّهُ أَعلم.
خطم: الخَطْمُ مِنْ كُلِّ طَائِرٍ: مِنْقارُهُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ قَطاةٍ:
لأَصْهَبَ صَيْفيّ يُشَبَّهُ خَطْمُه، ... إِذا قَطَرَتْ تَسْقِيه، حَبَّةَ قِلْقِلِ
والخَطْمُ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ: مُقَدَّمُ أَنفها وَفَمِهَا نَحْوَ الْكَلْبِ وَالْبَعِيرِ، وَقِيلَ: الخَطْمُ مِنَ السَّبْعِ بِمَنْزِلَةِ الجَحْفَلَةِ مِنَ الْفَرَسِ. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ مِنْ السَّبْعِ الخَطْم والخُرْطومُ، وَمِنَ الْخِنْزِيرِ الفِنْطِيسةُ، وَمِنْ ذِي الْجَنَاحِ غَيْرِ الصَّائِدِ المِنْقارُ، وَمِنَ الصَّائِدِ المَنْسِرُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الخَطْمُ مِنَ الْبَازِيِّ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْقارُهُ. أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: الأُنوف يُقَالُ لَهَا المَخاطِمُ، وَاحِدُهَا مَخْطِمٌ، بِكَسْرِ الطَّاءِ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْب: يَبْعَثُ اللَّهُ مِنْ بَقيعِ الغَرْقَدِ سَبْعِينَ أَلفاً هُمْ خيارُ مَن يَنْحَتُّ عَنْ خَطْمه المَدَرُ
أَي تَنْشَقُّ عَنْ وَجْهِهِ الأَرضُ، وأَصل الخَطْمِ فِي السِّبَاعِ مَقَادِيمُ أُنوفها وأَفواهها فَاسْتَعَارَهَا لِلنَّاسِ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
كأَنَّ مَا فاتَ عَيْنَيْها ومَذْبَحها، ... مِنْ خَطْمِها وَمِنَ اللَّحْيَيْنِ، بِرْطيلُ
أَي أَنفها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يصلِّ أَحدُكم وثوبُهُ عَلَى أَنفه، فإِن ذَلِكَ خَطْمُ الشَّيْطَانِ.
وَفِي حَدِيثِ
الدَّجَّالِ: خَبَأتُ لَكُمْ خَطْمَ شاةٍ.
ابْنُ سِيدَهْ: وخَطْمُ الإِنسان ومَخْطِمُهُ ومِخْطَمُهُ أَنفه، وَالْجَمْعُ مَخاطِم. وخَطَمَهُ يَخْطِمُهُ خَطْماً: ضَرَبَ مَخْطِمَهُ. وخَطَمَ فلانٌ بِالسَّيْفِ إِذا ضَرَبَ حاقَّ وسْطِ أَنفِهِ. وَرَجُلٌ أَخْطَمُ: طَوِيلُ الأَنف. رَوَى
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبيه قَالَ: أَوْصى أَبو بَكْرٍ أَن يكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْنِ كَانَا عَلَيْهِ وأَن يُجْعَلَ مَعَهُمَا ثوبٌ آخَرُ، فأَرادت عَائِشَةُ أَن تَبْتَاعَ لَهُ أَثواباً جُدُداً فَقَالَ عُمَرُ: لَا يُكَفَّنُ إِلَّا فِيمَا أَوْصَى بِهِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا عُمَرُ وَاللَّهِ ما وُضِعَتِ الخُطُمُ على آنُفِنا فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: كَفِّنِي أَباك فِيمَا شِئْتِ
؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَى قَوْلِهَا ما وُضِعَت الخُطُمُ على آنُفِنا أَي مَا مَلَكْتَنا بعدُ فَتَنْهَانَا أَن نَصْنَعَ مَا نُرِيدُ فِي أَملاكنا. والخُطُمُ: جَمْعُ خِطامٍ، وَهُوَ الْحَبَلُ الَّذِي يُقَادُ بِهِ الْبَعِيرُ. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا غَلَبَ أَن يُخْطَمَ: مَنَعَ خِطامَهُ؛ وَقَالَ الأَعشى:
أَرادوا نَحْتَ أَثْلَتِنا، ... وَكُنَّا نَمْنَع الخُطُمَا
والخَطْمَةُ: رَعْنُ الْجَبَلِ «2» . والخِطامُ: الزِّمامُ. وخَطَمْتُ الْبَعِيرَ: زَممْتُهُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الخِطامُ كُلُّ حَبْلٍ يُعَلَّقُ فِي حَلْقِ الْبَعِيرِ ثُمَّ يُعْقَدُ عَلَى أَنفه، كَانَ مِنْ جِلْدٍ أَو صُوفٍ أَو لِيفٍ أَو قِنَّبٍ، وَمَا
__________
(2) . قوله [والخطمة رعن الجبل] ضبط في الأَصل والمحكم والنهاية بفتح الخاء وسكون الطاء، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ بضم الخاء(12/186)
جَعَلْتَ لشِفار بَعِيرِكَ مِنْ حَبَلٍ فَهُوَ خِطامٌ، وَجَمْعُهُ الخُطُمُ، يُفْتَلُ مِنَ اللِّيف وَالشَّعْرِ والكَتَّان وَغَيْرِهِ، فإِذا ضُفِرَ مِنَ الأَدَمِ فَهُوَ جَريرٌ، وَقِيلَ: الخِطامُ الْحَبْلُ يُجْعَلُ فِي طَرَفِهِ حَلْقَةٌ ثُمَّ يُقَلَّدُ الْبَعِيرَ ثُمَّ يُثَنَّى عَلَى مَخْطِمِه، قَالَ: وخَطَمَهُ بالخِطامِ إِذا عُلِّقَ فِي حَلْقِه ثُمَّ ثُنِّيَ عَلَى أَنفه وَلَا يُثْقَبُ لَهُ الأَنف. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والخِطامُ كلُّ مَا وُضِع فِي أَنف الْبَعِيرِ ليُقاد بِهِ، وَالْجَمْعُ خُطُمٌ. وخَطَمَه بالخِطامِ يَخْطِمُه خَطماً وخَطَّمَه، كِلَاهُمَا: جَعَلَهُ عَلَى أَنفه، وَكَذَلِكَ إِذا حَزَّ أَنفه حَزّاً غَيْرَ عَمِيقٍ لِيَضَعَ عَلَيْهِ الخِطامَ، وَنَاقَةٌ مَخْطومةٌ، وَنُوقٌ مُخَطَّمةٌ: شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
فَخَطَمَ الأُخرى دُونَهَا
أَي وضَعَ الخِطامَ فِي رأَسها وأَلقاه إِليه ليَقُودَها بِهِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: خِطام الْبَعِيرِ أَن يَأْخُذَ حَبْلًا مِنْ لِيفٍ أَو شَعْرٍ أَو كَتَّانٍ، فَيَجْعَلُ فِي أَحد طَرَفَيْهِ حَلْقَةً ثُمَّ يُشَدُّ فِيهِ الطَّرَفُ الْآخَرُ حَتَّى يَصِيرَ كَالْحَلْقَةِ، ثُمَّ يُقَلَّدُ الْبَعِيرَ ثُمَّ يُثَنَّى عَلَى مُخَطَّمِه، وأَما الَّذِي يُجْعَلُ فِي الأَنف دَقِيقًا فَهُوَ الزِّمامُ؛ وَاسْتَعَارَ بَعْضُ الرُّجَّازِ الخِطامَ فِي الحَشَرات فَقَالَ:
يَا عَجَبا، لَقَدْ رأَيْتُ عَجَبا: ... حِمار قَبَّانٍ يَسُوقُ أَرْنَبَا
عاقِلَها خاطِمَها أَن تَذْهَبَا ... فَقُلْتُ: أَرْدِفْني فَقَالَ: مَرْحَبَا
أَراد لِئَلَّا تَذْهَبَ أَو مَخَافَةَ أَن تَذْهَبَ؛ وَرَوَاهُ ابْنُ جِنِّي:
خاطِمَها زأَمّها أَن تَذْهَبَا
أَراد زامَّها؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
تِلْكُمْ لُجَيْمٌ فَمَتَى تَخْرِنْطِمْ، ... تَخْطِمْ أُمور قَوْمِهَا وتَخْطِمْ
يُقَالُ: فُلَانٌ خاطِمُ أَمر بَني فلانٍ أَي هُوَ قَائِدُهُمْ ومُدَبِّرُ أَمرهم، أَراد أَنهم القادةُ لِعِلْمِهِمْ بالأُمور. وَفِي حَدِيثِ
شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ: مَا تكلمتُ بِكَلِمَةٍ إِلَّا وأَنا أَخْطِمُها
أَي أَربطها وأَشدُّها، يُرِيدُ الِاحْتِرَازَ فِيمَا يَقُولُهُ وَالِاحْتِيَاطَ فِيمَا يَلْفِظُ بِهِ. وخِطامُ الدَّلوِ: حَبْلُهَا. وخِطامُ القَوْس: وتَرُها. أَبو حَنِيفَةَ: خَطَمَ القَوْسَ بالوَتَرِ يَخْطِمُها خَطْماً وخِطاماً عَلَّقَهُ عَلَيْهَا، وَاسْمُ ذَلِكَ المُعَلَّقِ الخِطامُ أَيضاً؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
يَلْحَسُ الرَّصْفَ، لَهُ قَضْبَةٌ، ... سَمْحَجُ المَتْنِ هَتُوفُ الخِطام
وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُ الرُّجَّازِ للدَّلْوِ فَقَالَ:
إِذا جَعَلْت الدَّلْوَ فِي خِطامِها ... حَمْراءَ مِنْ مَكَّةَ، أَو إِحْرامِها
وخَطَمَهُ بِالْكَلَامِ إِذا قَهره وَمَنَعَهُ حَتَّى لَا يَنْبِسُ وَلَا يُحِيرُ. والأَخْطَمُ: الأَسود، وخَطْمُ الليلِ: أَول إِقباله كَمَا يُقَالُ أَنف اللَّيْلِ؛ وَقَوْلُ الرَّاعِي:
أَتتنا خُزامَى ذاتُ نَشْرٍ، وحَنْوَةٌ ... وراحٌ وخَطَّامٌ مِنَ المِسْكِ يَنْفَحُ
قَالَ الأَصمعي: مِسْكٌ خَطَّامٌ يَفْعَمُ الخَياشيم. وَرَوَى
ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُرْسَلًا: أَنه وَعَدَ رَجُلًا أَن يَخْرُجَ إِليه فأَبطأَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لَهُ: شَغَلَنِي عَنْكَ خَطْمٌ
أَي خَطْبٌ جَلِيلٌ، وكأَن الْمِيمَ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُحْتَمَلُ أَن يُرَادَ بِهِ أَمر خَطَمَه أَي مَنَعَهُ مِنَ الْخُرُوجِ. والخِطامُ: سِمَةٌ دُونَ الْعَيْنَيْنِ؛ وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: الخِطامُ سِمَةٌ عَلَى أَنف الْبَعِيرِ(12/187)
حَتَّى تَنْبَسِطَ عَلَى خَدَّيْهِ. النَّضِرُ: الخِطامُ سِمَةٌ فِي عُرْضِ الْوَجْهِ إِلى الْخَدِّ كَهَيْئَةِ الخَطِّ، وَرُبَّمَا وُسِمَ بِخِطامٍ، وَرُبَّمَا وُسِمَ بخِطامَيْنِ. يُقَالُ: جَمَلٌ مَخْطُومُ خِطامٍ ومَخْطُومُ خِطامَيْنِ، عَلَى الإِضافة، وَبِهِ خِطامٌ وخِطامانِ. وَفِي حَدِيثِ
حُذيفة بْنِ أَسِيدٍ قَالَ: تَخْرُجُ الدَّابَّةُ فَيَقُولُونَ قَدْ رأَيناها، ثُمَّ تَتَوارى حَتَّى تعاقَبَ ناسٌ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ تَخْرُجُ الثَّانِيَةُ فِي أَعظم مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِكُمْ، فَتَأْتِي المسلمَ فتُسَلِّمُ عَلَيْهِ وتأْتي الْكَافِرَ فتَخْطِمُه وتَعَرِّفُهُ ذُنُوبَهُ
؛ قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ فَتَخْطِمُهُ، الخَطْمُ الأَثَرُ عَلَى الأَنف كَمَا يُخْطَمُ الْبَعِيرُ بالكَيّ. يُقَالُ: خَطَمْتُ الْبَعِيرَ، وَهُوَ أَن يُوسَمَ بخَطّ مِنَ الأَنف إِلى أَحد خَدَّيْه، وَبَعِيرٌ مَخْطومٌ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَخْطِمُه أَي تسِمُه بِسِمَةٍ يُعْرفُ بِهَا؛ وَفِي رِوَايَةٍ: تَخْرُجُ الدَّابَّةُ وَمَعَهَا عَصا مُوسَى وخاتَمُ سُلَيْمَانَ فَتُحَلِّي وَجْهَ الْمُؤْمِنِ «1» . بِالْعَصَا وتَخْطِمُ أَنف الْكَافِرِ بالخاتَمِ أَي تسِمُهُ بِهَا، مَنْ خَطَمْتُ الْبَعِيرَ إِذا كَوَيْتَهُ خَطّاً مِنَ الأَنف إِلى أَحد خَدَّيْهِ، وَتُسَمَّى تِلْكَ السِّمَةُ الخِطام، وَمَعْنَاهُ أَنها تُؤثِّرُ فِي أَنفه سِمَة يُعرف بِهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ قِيلَ فِي قَوْلِهِ: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ
. وَفِي حَدِيثِ
لَقيطٍ فِي قِيَامِ السَّاعَةِ والعَرْضِ عَلَى اللَّهِ: وأَما الْكَافِرُ فَتَخْطِمُهُ بِمِثْلِ الحُمَمِ الأَسود
أَي تُصِيبُ خَطْمَه، وَهُوَ أَنفه، يَعْنِي تُصِيبُهُ فَتَجْعَلَ لَهُ أَثَراً مِثْلَ أَثر الخِطام فتردُّه بصُغْرٍ، والحُمَمُ: الْفَحْمُ. والمُخَطَّمُ مِنَ الأَنف: مَوْضِعُ الخِطام؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَيْسَ عَلَى الْفِعْلِ لأَنا لَمْ نَسْمَعْ خَطَّمَ إِلَّا أَنهم تَوَهَّمُوا ذَلِكَ. وَفَرَسٌ مُخَطَّمٌ: أَخذ البياضُ مِنْ خَطْمِه إِلى حَنَكِهِ الأَسفل، وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الأَول. وَتَزَوَّجَ عَلَى خِطامٍ أَي تَزَوَّجَ امرأَتين فَصَارَتَا كَالْخِطَامِ لَهُ. وخَطَمَ الأَديمَ خَطْماً: خَاطَ حواشِيَهُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والمُخَطَّمُ والمُخَطِّمُ: البُسْرُ الَّذِي فِيهِ خُطُوطٌ وَطَرَائِقُ؛ الْكَسْرُ عَنْ كُرَاعٍ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وَإِذْ حَبَا مِنْ أَنفِ رَمْلٍ مَنْخِرُ، ... خَطَمْنَهُ خَطْماً، وهُنَّ عُسَّرُ
قَالَ الأَصمعي: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ خَطَمْنَه مَرَرْنَ عَلَى أَنف ذَلِكَ الرَّمْلِ فقَطَعْنَهُ. والخِطْمِيُّ والخَطْمِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ يُغْسَلُ بِهِ. وَفِي الصِّحَاحِ: يُغْسَلُ بِهِ الرأَسُ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ، وَمَنْ قَالَ خِطْمِيّ، بِكَسْرِ الْخَاءِ، فَقَدْ لَحَنَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَغْسِلُ رأَسه بالخِطْمِيّ وَهُوَ جُنُبٌ يَجْتَزِئُ بِذَلِكَ وَلَا يصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ
أَي أَنه كَانَ يَكْتَفي بِالْمَاءِ الَّذِي يَغسل بِهِ الخِطْمِيَّ، وَيَنْوِي بِهِ غُسْلَ الجَنابة، وَلَا يَسْتَعْمِلُ بَعْدَهُ مَاءً آخَرَ يَخُصُّ بِهِ الْغُسْلَ. وقَيْسُ بْنُ الخَطِيم: شاعِرٌ مِنَ الأَنصار. وخَطِيمٌ وخِطامٌ وخُطامَةُ: أَسماء. وَبَنُو خُطامَة: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ قَوْمٌ مَعْرُوفُونَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: حَيٌّ مِنَ الأَزْدِ. وخَطْمَةُ: بَطْنٌ مِنْ أَوْسِ اللَّاتِ، وَفِي الصِّحَاحِ: وخَطْمَةُ مِنَ الأَنصار، وَهُمْ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ. والخَطْمُ وخَطْمةُ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ:
غداةَ دَعَا بَنِي شِجْعٍ، ووَلَّى ... يَؤُمُّ الخَطْمَ، لَا يَدْعُو مُجِيبَا
وأَنشد ابن الأَعرابي:
__________
(1) . قوله [فتحلي وجه المؤمن] كذا في الأَصل والتكملة بالحاء، وفي نسختين من النهاية بالجيم، وفي التهذيب: فتجلو(12/188)
نَعاماً بخَطْمَةَ صُعْرَ الخُدودِ، ... لَا تَرِدُ الماءَ إِلَّا صِياما
يَقُولُ: هِيَ صَائِمَةٌ مِنْهُ لَا تَطْعَمُهُ، قَالَ: وَذَلِكَ لأَن النَّعام لَا تَرِدُ الْمَاءَ وَلَا تَطْعَمُهُ. وَذَاتُ الخَطْماء «1» : مِنْ مَسَاجِدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ الْمَدِينَةِ وتَبوكَ. وخِطامُ الكَلْبِ: من شعرائهم.
خعم: الخَوْعَمُ: الأَحْمق. والخَيْعامة: كِنَايَةٌ عَنِ الرَّجُلِ السَّوْءِ، وَقِيلَ: هُوَ نَعْتُ سَوْءٍ. والخَيْعامةُ: المأْبون؛ والخَيْعَمُ والخَيْعامةُ والمَجْبُوسُ والجَبيس والمأْبونُ والمُتَدَثِّرُ والمِثْفَرُ والمِثْفارُ والمَمْسوحُ وَاحِدٌ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الضَّمَجُ هَيَجانُ الخَيْعامَةِ، وَهُوَ المأْبون. وَفِي حَدِيثِ
الصَّادِقِ: لَا يُحِبُّنا، أَهْلَ البيتِ، الخَيْعامةُ
؛ قِيلَ: هُوَ المأْبون، وَالْيَاءُ زائدة والهاء للمبالغة.
خقم: خَيْقَم: حِكَايَةُ صَوْتٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يَدْعُو خَيْقَماً وخَيْقَما «2»
. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ورأَيت فِي دِيَارِ بَنِي تَمِيمٍ رَكِيَّةً عادِيَّةً تُسَمَّى خَيْقَمانَةَ؛ قَالَ: وأَنشدني بَعْضُهُمْ وَنَحْنُ نَسْتَقِي مِنْهَا:
كأَنَّما نُطْفَةُ خَيْقَمانِ ... صَبيبُ حِنَّاءٍ وزَعْفَرانِ
وَكَانَ مَاءُ هَذِهِ الرَّكِيَّةِ أَصفر شَدِيدَ الصُّفْرَةِ.
خلم: الخِلْمُ، بِالْكَسْرِ: الصَّديقُ الْخَالِصُ. وَهُوَ خِلْمُ نساءٍ أَي تِبْعُهُنَّ، وَالْجَمْعُ أَخْلامٌ وخُلَماءُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن خُلَماءَ إِنما هُوَ عَلَى تَوَهُّمِ خَلِيم. والمُخالَمَةُ: المُصادقةُ والمُغازَلَةُ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ حِكَايَةً عَنِ الْبَصْرِيِّينَ: كَانُوا لَا يَعُدُّونَ الْمُتَفَنِّنَةَ حَتَّى يَكُونَ لَهَا خِلْمان سِوَى زَوْجِهَا. أَبو عَمْرٍو: الخِلْمُ شَحْمُ ثَرْبِ الشَّاةِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي بَابِ فُعُلٍ: الخُلُمُ شُحوم ثَرْبِ الشَّاةِ، والخُلُمُ الأَصْدِقاءُ، والأَخْلام الأَصحاب؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذا ابتَسَرَ الحَرْبَ أَخْلامُها ... كِشافاً، وهُيِّجَتِ الأَفْحُلُ
والخِلْمُ: مَرْبِضُ الظَّبْيَةِ أَو كِناسُها لإِلْفِها إِياه، وَهُوَ الأَصل فِي ذَلِكَ، تَتَّخِذُهُ مَأْلَفاً وتَأْوِي إِليه، ويُسَمَّى الصَّدِيقُ خِلْماً لأُلْفَتِه، وَفُلَانٌ خِلْمُ فلانٍ. والأَخْلامُ: مَرابِضُ الْغَنَمِ. والخِلْمُ أَيضاً: العظيم.
خلجم: الخَلْجَمُ والخَلَيْجَمُ: الجَسيم الْعَظِيمُ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ المُنْجَذِبُ الخَلْقِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ فَقَطْ؛ قَالَ رُؤْبَةُ: خَدْلاء خَلْجَمَة «3» .
خمم: خَمَّ البيتَ والبئرَ يَخُمُّهما خَمّاً واخْتَمَّهما: كَنَسَهُمَا، والاخْتِمامُ مِثْلُهُ. والمِخَمَّةُ: المِكنسَةُ. وخُمامَةُ البيتِ وَالْبِئْرِ: مَا كُسِحَ عَنْهُ مِنَ التُّرَابِ فأُلقِيَ بعضُه عَلَى بعضٍ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والخُمامَةُ والقُمامَةُ: الكُناسةُ، وَمَا يُخَمُّ مِنْ تُرَابِ الْبِئْرِ. وخُمامةُ الْمَائِدَةِ: مَا يَنْتَثِرُ مِنَ الطَّعَامِ فَيُؤْكَلُ ويُرْجَى عَلَيْهِ الثَّوَابُ.
__________
(1) . قوله [وذات الخطماء] كذا بالأَصل ومثله في المحكم. وعبارة ياقوت: ذات الخطمى موضع فيه مسجد لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، بناه فِي مَسِيرِهِ إِلى تَبُوكَ من المدينة
(2) . قوله [يدعو خيقماً إلخ] أَوله كما في التكملة:
وَلَمْ يَزَلْ عِزُّ تَمِيمٍ مدعما ... للناس يدعو خَيقماً وخيقما
(3) . قوله [خدلاء خلجمة] كذا بالأَصل وشرح القاموس، والذي في التهذيب جلالًا خلجمة وضبط جلالًا بوزن غراب(12/189)
وَقَلْبٌ مَخْمومٌ أَي نَقِيٌّ مِنَ الغِلِّ وَالْحَسَدِ. وَرَجُلٌ مَخمُومُ الْقَلْبِ: نَقِيٌّ مِنَ الْغِشِّ والدَّغَلِ، وَقِيلَ: نَقِيُّهُ مِنَ الدَّنَسِ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ النَّاسِ المَخْمومُ الْقَلْبِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا المَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: الَّذِي لَا غِشَّ فِيهِ وَلَا حَسَدَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
سُئِلَ أَيُّ الناسِ أَفضلُ؟ قَالَ: الصادقُ اللسانِ المَخْمومُ الْقَلْبِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
ذُو الْقَلْبِ المَخْمومِ وَاللِّسَانِ الصَّادِقِ
، وَهُوَ مِنْ خَمَمْتُ الْبَيْتَ إِذا كَنَسْتَهُ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ مَالِكٍ: وَعَلَى السَّاقي خَمُّ الْعَيْنِ أَي كَنْسُهَا وَتَنْظِيفُهَا، وَهُوَ السُّمُّ لَا يَخِمُّ، وَذَلِكَ إِذا كَانَ خَالِصًا؛ ومَثَلٌ يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ إِذا ذُكِرَ بِخَيْرٍ وأُثْنِيَ عَلَيْهِ: هُوَ السَّمْنُ لَا يَخِمُّ. والخَمُّ: الثَّنَاءُ الطَّيِّبُ: وَفُلَانٌ يَخُمُّ ثِيَابَ فُلَانٍ إِذا كَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ خَيْرًا. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ خَمَّه بِثَناءٍ حسَنٍ يَخُمُّه، وطَرَّهُ يَطُرُّه طَرّاً، وبَلَّه بِثَنَاءٍ حَسَنٍ ورَشَّه، كلُّ هَذَا إِذا أَتبعه بِقَوْلٍ حَسَنٍ. وخَمَّ الناقةَ: حَلَبَهَا. وخَمَّ اللحمُ يَخِمُّ، بِالْكَسْرِ، ويَخُمُّ خَمّاً وخُموماً وَهُوَ خَمٌّ وأَخَمَّ: أَنتن أَو تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ. وَلَحْمٌ خامٌّ ومُخِمٌّ أَي مُنْتِنٌ. اللَّيْثُ: اللَّحْمُ المُخِمُّ الَّذِي قَدْ تَغَيَّرَتْ رِيحُهُ وَلَمَّا يفسدْ كَفَسَادِ الجِيَفِ. وَقَدْ خَمَّ اللحمُ يَخِمُّ، بِالْكَسْرِ، إِذا أَنتن وَهُوَ شِواءٌ أَو طَبِيخٌ. وَفِي حَدِيثُ
مُعَاوِيَةَ: مَنْ أَحب أَن يَسْتَخِمَّ الناسُ لَهُ قِيَامًا
، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، يُرِيدُ أَن تَتَغَيَّرَ رَوَائِحُهُمْ مِنْ طُولِ قِيَامِهِمْ عِنْدَهُ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: خَمَّ اللحمُ أَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَطْبُوخِ والمَشْويّ، قَالَ: فأَما النِّيءُ فَيُقَالُ فِيهِ صَلَّ وأَصَلَّ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي الأَمثلة: خَمَّ اللحمُ وأَخَمَّ إِذا تَغَيَّرَ وَهُوَ شواءٌ أَو قَديرٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُنْتِنُ بَعْدَ النُّضْج. وإِذا خَبُثَ ريحُ السِّقاء فأَفسد اللبنَ قِيلَ: أَخَمَّ اللبنُ، قَالَ: وخَمَّ مِثْلُهُ؛ وأَنشد الأَزهري:
أَخَمَّ أَو قَدْ هَمَّ بالخُمُوم «1»
. والخَمِيمُ: اللَّبَنُ سَاعَةَ يُحْلَبُ. وخَمّ اللبنُ وأَخَمَّ: غَيَّره خُبْثُ رَائِحَةِ السِّقاء، وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَ الخُمُومُ فِي الإِنسان؛ قَالَ ذِرْوَة بْنُ خَجْفَةَ الصَّمُوتي:
يَا ابْنَ هشامٍ عَصَرَ المظلومِ، ... إِليك أَشْكُو جَنَفَ الخُصومِ
وشَمَّةً مِنْ شارِفٍ مَزْكومِ، ... قَدْ خَمَّ أَو زَادَ عَلَى الخُمومِ
وأَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ بجَرّ شَمَّةٍ وَالْمَعْرُوفُ وشَمَّةً لِقَوْلِهِ إِليك أَشكو؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
كأَنَّ صوتَ شَخْبِها إِذا خَمى
إِنما أَراد خَمَّ فأَبدل مِنَ الْمِيمِ الأَخيرة يَاءً، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ لَا أَمْلاه أَي لَا أَمَلُّه. والخَمُّ: تَغَيُّرُ رَائِحَةِ القُرْصِ إِذا لَمْ يَنْضَجْ. والخُمُّ: قَفَصُ الدَّجَاجِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى ذَلِكَ لِخُبْثِ رَائِحَتِهِ. وخُمَّ إِذا جُعل فِي الخُمِّ وَهُوَ حَبْسُ الدَّجَاجِ، وخُمَّ إِذا نُظِّفَ. والخَمِيمُ: الْمَمْدُوحُ. والخَمِيمُ: الثَّقِيلُ الرُّوحِ. والخَمُّ: البُكاء الشَّدِيدُ، بِفَتْحِ الْخَاءِ. والخِمامةُ: رِيشَةٌ فَاسِدَةٌ رَدِيئَةٌ تَحْتَ الرِّيشِ. والخَمُّ والاخْتِمامُ: الْقَطْعُ. واخْتَمَّه: قَطَعَهُ؛ قَالَ:
يَا ابْنَ أَخِي، كَيْفَ رأَيْتَ عَمَّكا؟ ... أَرَدْتَ أَن تَخْتَمَّهُ فاخْتَمَّكا
__________
(1) . قوله [أَخم أَو قد إلخ] الذي في التهذيب: قد حم أَو قد إلخ(12/190)
وخَمَّانُ النَّاسِ: خُشارَتُهُمْ، وَقِيلَ: جَمَاعَتُهُمْ. ابْنُ الأَعرابي: خَمَّانُ النَّاسِ ونُتَّاشُ النَّاسِ وعَوَذُ النَّاسِ وَاحِدٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رأَيت خَمَّاناً مِنَ النَّاسِ أَي ضُعَفاء. وَيُقَالُ: ذَاكَ رَجُلٌ مِنْ خُمَّانِ النَّاسِ وخَمَّانِ النَّاسِ، عَلَى فُعْلان وفَعْلان، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، أَي مِنْ رُذالهم: وخُمّانُ الْبَيْتِ: رَدِيءُ مَتَاعِهِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هَكَذَا رَوَى عَنْ أَبي الْخَطَّابِ. والخِمُّ: الْبُسْتَانُ الْفَارِغُ. وخُمّان: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ حَسَّان بْنُ ثَابِتٍ:
لِمَنِ الدَّارُ أَوْحَشَتْ بَمغانِ، ... بَيْنَ أَعْلى اليَرْمُوكِ فالخَمّانِ «1»
؟ وخَمَّانُ الشَّجَرِ: رَدِيئُهُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
رَأْلَةٌ مُنْتَتِفٌ بُلْعُومُها، ... تأْكل القَتَّ وخَمَّانَ الشَّجَرْ
والخَمَّانُ أَيضاً مِنَ الرِّماح: الضَّعِيفُ. وخَمٌّ: غَديرٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ بالجُحْفةِ، وَهُوَ غَدِيرُ خَمّ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: إِنما هُوَ خُمٌّ، بِضَمِّ الْخَاءِ؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْسٍ: عَفا وخَلا ممَّنْ عَهِدْتَ بِهِ خُمُّ، وشاقَك بالمَسْحاء مِنْ سَرِفٍ رَسْمُ وَوَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ تَصُبُّ فِيهِ عَيْنٌ هُنَاكَ، وَبَيْنَهُمَا مَسْجِدُ سَيِّدِنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ
خُمّى
، بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ، وَهِيَ بِئْرٌ قَدِيمَةٌ كَانَتْ بِمَكَّةَ. وإِخْمِيمُ: مَوْضِعٌ بِمِصْرَ. وخُمَّام، عَلَى مِثْلِ خُطَّاف: أَبو بطن. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى ابْنَ دُرَيْد إِنما قَالَ خُمام، بِالتَّخْفِيفِ. والخَمْخَمَةُ والتَّخَمْخُمُ: ضَرْبٌ مِنَ الأَكل قَبِيحٌ، وَبِهِ سُمِّي الخَمْخامُ، وَمِنْهُ التَّخَمْخُمُ. والخِمْخِمُ، بِالْكَسْرِ: نَبَاتٌ تُعْلَفُ حَبَّه الإِبلُ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
مَا راعَني إِلا حَمُولَةُ أَهْلِها، ... وَسْطَ الدِّيارِ، تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ
وَيُقَالُ: هُوَ بِالْحَاءِ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخِمْخِمُ والحِمْحِمُ وَاحِدٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَهُوَ الشُّقّارى. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ ثَغَرَ: والثَّغْرُ مِنْ خِيَارِ العُشْبِ، وَلَهَا زَغَبٌ خَشِنٌ، وَكَذَلِكَ الخِمْخِمُ، وَيُوضَعُ الثَّغْرُ والخِمْخِمُ فِي الْعَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
فكأَنَّما اشْتَمَلَتْ مَواقي عَيْنِهِ، ... يَوْمَ الفِراقِ، عَلَى يَبِيسِ الخِمْخِمِ
والخَمْخَمَةُ: مِثْلُ الخَنْخَنَةِ، وَهُوَ أَن يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ كأَنه مَخْنُونٌ مِنَ التِّيه والكِبْر. وضَرْعٌ خِمْخِمٌ: كَثِيرُ اللَّبَنِ غَزيرُه؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
وحَبَّبَتْ أَسْقِيَةً عَواكِما، ... وفَرَّغَتْ أُخْرى لَهَا خَماخِما
والخَمْخامُ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَدُوس، سُمِّيَ بالخَمْخَمَةِ الخَنْخَنَةِ، وكلُّ مَا فِي أَسماءِ الشُّعَرَاءِ ابْنُ حُمام، بِالْحَاءِ، إِلا ابْنَ خُمام، وَهُوَ ثَعْلَبَةُ بْنُ خُمام بْنِ سَيَّارٍ، فإِنه بِالْخَاءِ. والخُمْخُمُ: دُوَيْبَّةٌ فِي البحر؛ عن كراع.
خنم: تَخْنِمُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَهَلْ يَشْتاقُ مِثْلُك مِنْ رُسُومٍ ... دَوارِسَ، بَيْنَ تَخْنِمَ والخِلالِ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى تَائِهِ بِالزِّيَادَةِ لأَنها لو
__________
(1) . وفي رواية: فالصَّمَّان بدل فالخمّان(12/191)
كَانَتْ أَصلية لَكَانَ فَعْلِلًا، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ جَعْفِرٍ.
خندم: الخِنْدِمانُ: اسْمُ قَبِيلَةٍ: وخِنْدِم: اسْمُ مَوْضِعٍ بِنَاحِيَةِ مَكَّةَ. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ حِينَ أَسَرَهُ أَبو اليَسَرِ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ: إِنه لأَعظم فِي عَيْنِي مِنَ الخَنْدَمَةِ
؛ قَالَ أَبو مُوسَى: أَظنه جَبَلًا، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ مَكَّةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَمِنْهُ يَوْمُ الخَنْدَمَةِ، وَكَانَ لَقِيَهُمْ خَالِدُ بْنُ الوَليد فهَزَمَ الْمُشْرِكِينَ وقَتَلَهم؛ وَقَالَ الرَّاعِشُ لامرأَته وَكَانَتْ لامَتْهُ عَلَى انْهِزَامِهِ:
إِنَّكِ لَوْ شاهَدْتِ يومَ الخَنْدَمَهْ، ... إِذ فَرَّ صَفْوانُ وفَرَّ عِكْرِمَهْ،
ولَحِقَتْنا بالسُّيوف المُسْلِمَهْ، ... يَفْلِقْنَ كلَّ ساعِدٍ وجُمْجُمَهْ
ضَرْباً، فَلَا تُسْمَعُ إِلا غَمْغَمَهْ، ... لَهُمْ نَهِيتٌ، حَوْلَهُ، وحَمْحَمَهْ،
لَمْ تَنْطِقِي بِاللَّوْمِ أَدنى كَلِمهْ
وَكَانَ قَدْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ:
إِن يُقْبِلُوا اليومَ فَمَا بِي عِلَّهْ، ... هَذَا سِلاحٌ كامِل وأَلَّهْ،
وَذُو غِرارَيْنِ سَريعُ السِّلَّهْ
رأَيت هُنَا حَاشِيَةً أَظنها بِخَطِّ الشَّيْخِ الشَّاطِبِيِّ اللُّغَوِيِّ صَاحِبِنَا، رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: هَذَا الرَّجَزُ نَسَبَهُ ابْنُ السَّيِّدِ البَطَلْيُوسِيّ فِي المُثَلَّث للرَّاعِشِ الهُذَليّ وأَنشده السِّلَّة، بِكَسْرِ السِّينِ، قَالَ: وأَنشده الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ سَلَلَ بِفَتْحِهَا، وَلَمْ يُسَمِّ الرَّاجِزَ، وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ هُنَاكَ أَنه حِماسُ بْنُ قَيْس بْنِ خَالِدٍ الكنائي، قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ الْحَاشِيَةُ، وَكَذَلِكَ شاهدتُ فِي حَاشِيَةِ المُثَلَّثِ مَا مِثاله:
كَانَ حِماسُ بن قَيْس ابن خَالِدٍ أَحَدِ بَنِي بَكْرِ بْنِ كِنانة يُعِدُّ سِلَاحًا وَيُصْلِحُهُ قَبْلَ قُدُومِ سَيِّدِنَا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَالَتْ لَهُ امرأَته: لِمَاذَا تُعِدُّهُ؟ فَقَالَ: لِمُحَمَّدٍ وأَصحابه وإِني لأَرجو أَن أُخْدِمَكِ بعضَهُمْ؛ ثُمَّ قَالَ:
إِن يَلْقَني الْيَوْمَ فَما بِيَ علَّه ...
الأَبيات. وَلَقِيَهُمْ خَالِدٌ وَقَتَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أُناساً، ثُمَّ انْهَزَمُوا فَخَرَجَ حِماسُ بْنُ قَيْس مُنْهَزِمًا
، قَالَ: وَقِيلَ إِن هَذَا الرَّجَزَ لهُرَيْم بْنِ الحَطيم، قَالَهُ وَهُوَ يُحَارِبُ بَنِي جَعْفَرٍ، وَكَانُوا قَتَلُوا أَخاه فحَمَلَ هُرَيْمٌ عَلَى قَاتِلِهِ فَقَتَلَهُ، وَجَعَلَ يَرْتَجِزُ بِهَا، وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ فِي سِيرة سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الرَّاعِشَ وحِماساً وَلَمْ يَذْكُرْ هُريماً، وَهَذَا اخْتِلَافٌ ظَاهِرٌ.
خوم: أَرض خامَةٌ أَي وخِيمةٌ؛ حَكَاهُ أَبو الجَرَّاحِ، وَقَدْ خامَتْ تَخِيمُ خَيَماناً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ الْفَرَّاءُ لَا أَعرف ذَلِكَ، قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْفَرَّاءُ مِنْ أَنه لَا يَعْرِفُهُ صَحِيحٌ، إِذ حُكْمُ مِثْلِ هَذَا خامَتْ تَخُومُ خَوَماناً. والخامةُ: الغَضَّةُ الرِّطْبَةُ مِنَ النَّبَاتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ الخامَةِ مِنَ الزَّرْعِ تُمَيِّلُها الريحُ مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا
؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
إِنما نَحْن مِثْلُ خامةِ زَرْعٍ، ... فمَتى يَأْنِ يَأْتِ مُحْتَصِدُهْ
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ الطَّاقةُ اللِّينَةُ، وأَلفها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ.(12/192)
خيم: الخَيْمَةُ: بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الأَعراب مُسْتَدِيرٌ يَبْنِيهِ الأَعراب مِنْ عيدانِ الشَّجَرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَو مَرْخَة خَيَّمَتْ «2»
فَلَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وابن الأَعرابي أَعْرَفُ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ أَبي سَعِيدٍ، وَقَدْ جَعَلَ الْخَامَةَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ بِمَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، والخامُ مِنَ الْجُلُودِ: مَا لَمْ يُدْبغ أَو لَمْ يُبالَغْ فِي دَبْغِهِ. والخامُ: الدِّبْسُ الَّذِي لَمْ تَمسه النَّارُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ: وَهُوَ أَفضله. والخِيمُ: الحَمْضُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: وخِيماءُ اسْمُ ماءةٍ؛ عَنِ الْفَرَّاءِ: وخِيَمٌ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَقْبَلْت مِن نَجْران أَو جَنْبَيْ خِيَمْ
وخِيمٌ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ. والمَخِيمُ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
ثُمَّ انْتَهى بَصَري عنهُمْ، وقَدْ بَلَغُوا ... بطنَ المَخِيم، فَقَالُوا الجَرّ أَو راحُوا(12/193)
قَالَ ابْنُ جِنِّي: المَخِيمُ مَفْعِلٌ لِعَدَمِ م خ م، وعِزَّة بَابُ قَلِقَ. وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ: خَامَتِ الأَرض تَخِيمُ خَيَماناً، وَزَعَمَ أَنه مَقْلُوبٌ مِنْ وَخُمَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إِنما هُوَ فِي مَعْنَاهُ لَا مَقْلُوبٌ عَنْهُ. وخِمْتُ رِجْلي خَيْماً إِذا رَفَعْتَهَا؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
رَأَوْا وَقْرَةً فِي السّاقِ مِنّي فَحَاوَلُوا ... جُبُورِيَ، لَمَّا أَن رأَوْني أُخِيمُها
الفراء وابن الأَعرابي: الإِخامَةُ أَن يصيِب الإِنسانَ أَو الدابةَ عَنَتٌ فِي رِجْله، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمَكّنَ قَدَمَهُ مِنَ الأَرض فيُبْقِي عَلَيْهَا؛ يُقَالُ: إِنه ليُخِيم إِحدى رجْليه. أَبو عُبَيْدٍ: الإِخامَةُ لِلْفَرَسِ أَن يَرْفَعَ إِحدى يَدَيْهِ أَو إِحدى رِجْلَيْهِ عَلَى طَرَفِ حَافِرِهِ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ مَا أَنشده ثَعْلَبٌ أَيضاً:
رَأَوْا وَقْرَةً فِي السَّاقِ مِنِّي فَحَاوَلُوا ... جُبُوريَ، لَمَّا أَن رأَوْني أُخِيمُها
فصل الدال المهملة
دأم: دَأَمَ الحائطَ عَلَيْهِ دَأَماً: دَفَعَهُ. قَالَ اللَّيْثُ: الدَّأْمُ إِذا دَفَعْتَ حائِطاً فَدَأَمْتَهُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى شَيْءٍ فِي وَهْدَةٍ، تَقُولُ: دَأَمْتُهُ عَلَيْهِ. ودَأَمْتُ الْحَائِطَ أَي رَفَعْتُهُ مِثْلُ دعَمْتُهُ. وتَداءَمَتْ عَلَيْهِ الأُمور والأَهْوالُ والهمومُ والأَمواج، بِوَزْنِ تَفاعَلَتْ، وتَدَأَّمَتْهُ؛ الأَخيرة مُعَدَّاةٌ بِغَيْرِ حَرْفٍ: تَرَاكَمَتْ عَلَيْهِ وَتَزَاحَمَتْ وتَكَسَّرَ بعضُها عَلَى بَعْضٍ. وتَدَأّمَهُ الماءُ: غَمَرَهُ، وَهُوَ تَفَعَّل؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
كَمَا هَوى فِرْعَوْنُ، إِذْ تَغَمْغَما، ... تَحْتَ ظِلال المَوْجِ، إِذ تَدَأّما
الأَصمعي: تَداءَمَهُ الأَمرُ مِثْلُ تَداعَمَهُ إِذا تَرَاكَمَ عَلَيْهِ وتكسَّر بعضُه فَوْقَ بَعْضٍ. وتَدَأّمَ الفحلُ الناقةَ أَي تَجَلَّلها. والدَّأْمُ: مَا غَطَّاك مِنْ شَيْءٍ. وَجَيْشٌ مِدْأَمٌ: يَرْكبُ كلَّ شَيْءٍ. أَبو زَيْدٍ: تَدَأّمْتُ الرَّجُلَ تَدَؤُّماً إِذا وَثَبْت عَلَيْهِ فَرَكِبْتَهُ. أَبو عُبَيْدٍ: والدَّأْماء الْبَحْرُ، عَلَى فَعْلاء؛ قَالَ الأَفوَهُ الأَوْديّ:
واللَّيْل كالدَّأَماءِ مُسْتَشْعِرٌ، ... مِنْ دُونِهِ، لَوْناً كلَوْنِ السَّدُوس
دجم: دُجَمُ العِشْقِ وَالْبَاطِلِ: غَمَراتُه؛ يُقَالُ: انْقَشَعَتْ دُجمُ الأَباطيل. وإِنه لَفِي دُجَمِ الهَوى أَي فِي غَمَراتِهِ وظُلَمِهِ، الْوَاحِدَةُ دُجْمَةٌ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ قِيلَ دِجْمَةٌ ودِجَمٌ لِلْعَادَاتِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: دَجَمَ الليلُ دُجْمَةً ودَجْماً أَظلم. والدِّجْمُ: الخُلُق. وَيُقَالُ: إِنك عَلَى دِجْمٍ كَرِيمٍ أَي خُلُقٍ، ودجملٌ كَرِيمٌ مِثْلُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
واعْتَلَّ أَدْيانُ الصِّبا ودِجَمُهْ
ودِجْمُ الرَّجُلِ: صَاحِبُهُ. ودَجِمَ الرجلُ ودُجِمَ: حَزِنَ، والدَّجْمُ مِنَ الشَّيْءِ: الضَّرْبُ مِنْهُ؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
وكَلَّ مِنْ طُولِ النِّضالِ أَسْهُمُهْ، ... واعْتَلَّ أَدْيانُ الصِّبا ودِجَمُهْ
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: دِجَمُهُ أَخْدانُه وأَصحابه، الْوَاحِدُ دِجْمٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خطأٌ لأَن فِعْلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فِعَلٍ إِلا أَن يَكُونَ إِسماً لِلْجَمْعِ، وَالْمَعْنَى أَن الَّذِي كَانَ يُتَابِعُنِي فِي الصِّبا اعْتَلّ عَلَيَّ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: أَمِنْ هَذَا الدَّجْمِ أَنت أَي مِنْ هَذَا الضَّرْبِ. ابْنُ الأَعرابي: الدُّجُومُ وَاحِدُهُمْ دِجْمٌ، وَهُمْ خَاصَّةُ(12/195)
الْخَاصَّةِ، وَمِثْلُهُ قِدْرٌ وقُدور، والصَّاغِيَةُ والحُزانة والحُزابة مِثْلُهُ، والحُزانة: مَنْ حَزَنَهُ أَمْرُهُ، والحُزابة: مَنْ حَزَبَهُ، وَفُلَانٌ مُداجِمٌ لِفُلَانٍ ومُدامِجٌ لَهُ، وَمَا سَمِعْتُ لَهُ دَجْمَةً وَلَا دُجْمَةً أَي كَلِمَةً. أَبو زَيْدٍ: هُوَ عَلَى تِلك الدُّجْمَةِ والدُّمْجَةِ أَي الطريق.
دحم: الدَّحْمُ: الدَّفْعُ الشَّدِيدُ. ابْنُ الأَعرابي: دَحَمَهُ دَحْماً إِذا دَفَعَهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مَا لَمْ يُبِجْ يَأْجُوجَ رَدْمٌ يَدْحَمُهْ
أَي يَدْفَعُهُ؛ وَمِنْهُ سُمِّي الرَّجُلُ دَحْمانَ ودُحَيْماً. والدَّحْمُ: النِّكَاحُ. ودَحَمَ المرأَة يَدْحَمُها دَحْماً: نَكَحَهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه قِيلَ لَهُ أَنَطَأُ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي نَفْسِي بيده دَحْماً دَحْماً، فإِذا قَامَ عَنْهَا رَجعَتْ مُطَهَّرَةً بِكْراً
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ النِّكَاحُ وَالْوَطْءُ بِدَفْعٍ وإِزعاج، وَانْتِصَابُهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أَي يَدْحَمُونَ دَحْماً يُجَامِعُونَ، وَالتَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ، هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ لَقِيتُهُمْ رَجُلًا رَجُلًا، أَي دَحْماً بَعْدَ دَحْمٍ. وَفِي حَدِيثِ:
أَبي الدَّرْدَاءِ: وَذَكَرَ أَهل الْجَنَّةِ فَقَالَ إِنما يَدْحَمُونَهُنَّ دَحْماً.
وَهُوَ مِنْ دِحْمِ فُلَانٍ أَي مِنْ أَصله وشَجَرته؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَدْ سَمّتْ دَحْماً ودُحَيْماً ودَحْمانَ. ودَحْمَةُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
لَمْ يَقْضِ أَن يَمْلِكَنا ابْنُ الدَّحَمَهْ
حَرَّكَ احْتِيَاجًا، يَعْنِي يَزيدَ بْنَ المُهَلَّبِ.
دحسم: اللَّيْثُ: الدُّحْسُمُ والدُّماحِسُ الْغَلِيظَانِ. ابْنُ سِيدَهْ: الدُّحْسُمُ والدُّحْمُسُ والدُّماحِس والدُّحْسُمانيُّ والدُّحْمُسانيُّ كُلُّ ذَلِكَ الْعَظِيمُ مَعَ سواد. الدُّماحِسُ: السيِء الْخُلُقِ. والدُّحْسُمانيُّ والدُّحْمُسانيُّ: السَّمِينُ الْحَادِرُ فِي أُدْمةٍ. الدُّحْسُمان، بِالضَّمِّ: قَلْبُ الدُّحْمُسانِ، وَهُوَ الآدَمُ السَّمِينُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُبايِعُ الناسَ وَفِيهِمْ رجل دُحْسُمانٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الدُّحْسُمانُ والدُّحْمُسانُ الأَسود الْغَلِيظُ، وَقِيلَ: السَّمِينُ الصَّحِيحُ الْجِسْمِ، وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِمَا يَاءُ النَّسَبِ كأحْمَرِيّ.
دحلم: الدَّحْلَمَةُ: دَهْوَرَتُك الشَّيْءَ مِنْ جَبَلٍ أَو بِئْرٍ؛ وأَنشد:
كَمْ مِنْ عَدُوّ زَالَ أَو تَدَحْلَمَا، ... كأَنه فِي هُوَّةٍ تَقَحْذَمَا
تَدَحْلَمَ إِذا تَهَوَّرَ فِي بِئْرٍ أَو مِنْ جبل.
دخم: الدَّخْمُ: ضَرْبٌ مِنَ النِّكَاحِ، قِيلَ: هُوَ دَفْعٌ فِي إِزعاج، دَخَمَها يَدْخَمُها دَخْماً، وَالْحَاءُ الْمُهْمَلَةُ لُغَةٌ.
دخشم: دَخْشَمٌ: اسْمَ رَجُلٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والدَّخْشَم الْقَصِيرُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا ثَنَتْ أَسْحَجَ غَيْرَ دَخْشَمِ، ... وأَرْجَفَتْهُ رَجَفانَ الكَرْزَمِ
والكَرْزَمُ والكَرْزَنُ جَمِيعًا: الفأْس؛ عَنْ أَبي عمرو.
ددم: الدُّوادِمُ والدُّوَدِمُ، عَلَى وَزْنِ الهُدَبِدِ: شَيْءٌ شِبْهُ الدَّمِ يَخْرُجُ مِنَ السَّمُرَةِ، وَخَاصَّتُهُ مَذْكُورَةٌ فِي بَابِ الصُّموغِ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ الحُذالُ. يُقَالُ: قَدْ حَاضَتِ السَّمُرَةُ إِذا خَرَجَ ذَلِكَ مِنْهَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الدِّمْدِمُ مَا يَبِسَ مِنَ الكلإِ وَالشَّجَرِ، وَقِيلَ: هُوَ الدِّنْدِنُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو زِيَادٍ الحُذالُ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرَ الدُّوَدِمِ(12/196)
يُشْبِهُهُ، يَأْكُلُهُ مَنْ يَعْرِفُهُ ومنْ لَا يَعْرِفُهُ يَظُنُّهُ دُوَدِماً.
درم: اللَّيْثُ: الدَّرَمُ اسْتِوَاءُ الْكَعْبِ وعَظْم الحاجِب وَنَحْوِهِ إِذا لَمْ يَنْتَبِرْ فَهُوَ أَدْرَمُ، وَالْفِعْلُ دَرِمَ يَدْرَمُ فَهُوَ دَرِمٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّرَمُ فِي الْكَعْبِ أَن يوازِيَهُ اللحمُ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ حَجْمٌ. ابْنُ سِيدَهْ: دَرِمَ الكعبُ والعُرْقوب وَالسَّاقُ دَرَماً، وَهُوَ أَدْرَمُ، اسْتَوَى. وَمَكَانٌ أَدْرَمُ: مستوٍ، وَكَعْبٌ أَدْرَمُ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
قامَتْ تُرِيكَ، خَشْيَةً أَن تَصرِمَا، ... سَاقًا بَخَنْداةً، وكَعْباً أَدْرَمَا
ومَرافقها دُرْمٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ أَن العَجَّاجَ أَنشده:
سَاقًا بَخَنْداةً وكَعْباً أَدْرَمَا
قَالَ: الأَدْرَمُ الَّذِي لَا حَجْمَ لعِظامه؛ وَمِنْهُ الأَدْرَمُ الَّذِي لَا أَسنان لَهُ، وَيُرِيدُ أَن كَعْبَهَا مُسْتَوٍ مَعَ السَّاقِ لَيْسَ بِناتٍ، فإِن اسْتِوَاءَهُ دَلِيلُ السِّمَنِ، ونُتُوُّهُ دليلُ الضَّعْفِ. ودَرِمَ العظمُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ حَجْمٌ. وامرأَة دَرْماء: لَا تَسْتَبِينَ كُعُوبُها وَلَا مَرافِقُها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
وَقَدْ أَلهُو، إِذا مَا شِئتُ، يَوْماً ... إِلى دَرْماءَ بَيْضاء الكُعُوبِ
وَكُلُّ مَا غَطَّاهُ الشحمُ واللحمُ وَخَفِيَ حَجْمُهُ فَقَدْ دَرِمَ. ودَرِمَ المِرْفَقُ يَدْرَمُ دَرَماً. ودِرْع دَرِمَةٌ: مَلْسَاءُ، وَقِيلَ: لَيِّنَةٌ مُتَّسِقة؛ قَالَتْ:
يَا قائدَ الخَيْلِ، ومُجْتابَ ... الدِّلاصِ الدَّرِمَه
شَمِرٌ: والمُدَرَّمَةُ مِنَ الدُّرُوع اللينةُ المستويةُ؛ وأَنشد:
هاتِيكَ تَحْمِلُني وتَحْمِلُ شِكَّتي، ... ومُفاضَةً تَغْشَى البَنانَ مُدَرَّمَهْ
وَيُقَالُ لَهَا الدَّرِمَةُ. ودَرِمَتْ أَسنانه: تحاتَّتْ، وَهُوَ أَدْرَمُ. والأَدْرَمُ: الَّذِي لَا أَسنان لَهُ. وَدَرِمَ البعيرُ دَرَماً، وَهُوَ أَدْرَمُ إِذا ذَهَبَتْ جِلْدَةُ أَسنانه وَدَنَا وُقُوعُهَا. وأَدْرَمَ الصبيُّ: تَحَرَّكَتْ أَسنانه ليَسْتَخْلِفَ أُخَرَ. وأَدْرَمَ الفصيلُ للإِجْذاعِ والإِثْناءِ، وَهُوَ مُدْرِمٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، إِذا سقطتْ رَواضِعُهُ. أَبو الجَرَّاح العُقَيليّ: وأَدْرَمَت الإِبلُ للإِجْذاعِ إِذا ذَهَبَتْ رَوَاضِعُهَا وَطَلَعَ غَيْرُهَا، وأَفَرَّتْ للإِثْناء، وأَهْضَمَتْ للإِرْباعِ والإِسْداس جَمِيعًا؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ مِثْلَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ؛ قَالَ شَمِرٌ: مَا أَجودَ مَا قَالَ الْعُقَيْلِيُّ فِي الإِدْرامِ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَيُقَالُ للقَعُود إِذا دَنا وقوعُ سِنِّه فَذَهَبَ حِدَّةُ السِّنِّ الَّتِي تُرِيدُ أَن تَقَعَ: قَدْ دَرِمَ، وَهُوَ قَعُودٌ دارِمٌ. ابْنُ الأَعرابي: إِذا أَثْنى الفرسُ أَلقى رواضِعهُ، فَيُقَالُ أَثنى وأَدْرَمَ للإِثناء، ثُمَّ هُوَ رَباعٌ، وَيُقَالُ: أَهْضَمَ للإِرْباعِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الإِدْرامُ أَن تَسْقُطَ سِنُّ الْبَعِيرِ لِسِنٍّ نَبَتَتْ، يُقَالُ: أَدْرَمَ للإِثْناء وأَدْرَمَ للإِرْباعِ وأَدْرَمَ للإِسْداسِ، فَلَا يُقَالُ أَدْرَمَ للبُزول لأَن البازِلَ لَا يَنْبُتُ إِلا فِي مَكَانٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سِنٌّ قَبْلَهُ. ودَرَمَتِ الدابةُ إِذا دَبَّتْ دَبيباً. والأَدْرَمُ مِنَ العَراقيب: الَّذِي عَظُمَتْ إِبْرَتُه. ودَرَمَتِ الفأْرة والأَرنبُ والقُنْفُذُ تَدْرِمُ، بِالْكَسْرِ، دَرْماً ودَرِمَتْ دَرَماً ودَرِماً ودَرَماناً ودَرامةً: قَارَبَتِ الخَطْوَ فِي عَجَلَةٍ؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ دارِمُ بْنَ مَالِكِ بْنِ(12/197)
حَنظَلَة بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ مَناةَ بْنِ تَمِيمٍ، وَكَانَ يُسَمَّى بَحْراً، وَذَلِكَ أَن أَباه لَمَّا أَتاه قوم فِي حَمالَةٍ فَقَالَ لَهُ: يَا بَحْرُ ائْتِني بخَريطة، فَجَاءَهُ يَحْمِلُها وَهُوَ يَدْرِمُ تَحْتَهَا مِنْ ثِقْلِهَا وَيُقَارِبُ الخَطْوَ، فَقَالَ أَبوه: قَدْ جَاءَكُمْ يُدارِمُ، فسمِّي دارِماً لِذَلِكَ. والدَّرْماءُ: الأَرنب؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
تَمَشَّى بِهَا الدَّرْماءُ تَسْحَبُ قُصْبَها، ... كأَنْ بَطْن حُبْلى ذَاتِ أَوْنَيْنِ مُتْئِم
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَصِفُ رَوْضَةً كَثِيرَةَ النَّبَاتِ تَمْشِي بِهَا الأَرنب سَاحِبَةً قُصْبها حَتَّى كأَن بَطْنَهَا بَطْنُ حُبْلَى، والأَوْنُ: الثِّقْلُ، والدَّرِمَةُ والدَّرَّامَةُ: مِنْ أَسماء الأَرنب والقُنفُذ. والدَّرَّامُ: الْقُنْفُذُ لدَرَمانه. والدرَمانُ: مِشْيَةُ الأَرنب والفأْرِ والقُنْفُذِ وَمَا أَشبهه، وَالْفِعْلُ دَرَمَ يَدْرِمُ. والدَّرَّامُ: الْقَبِيحُ المِشْيَةِ والدَّرَامةِ. والدَّرَّامةُ مِنَ النِّسَاءِ: السَّيِّئَةُ الْمَشْيِ القصيرةُ مَعَ صِغَرٍ؛ قَالَ:
مِنَ البِيضِ، لَا دَرَّامَةٌ قَمَلِيَّةٌ، ... تَبُذُّ نِساء النَّاسِ دَلًّا ومِيسَمَا
والدَّرُومُ: كالدَّرَّامَةِ، وَقِيلَ: الدَّروم الَّتِي تَجِيءُ وَتَذْهَبُ بِاللَّيْلِ. أَبو عَمْرٍو: الدَّرُومُ مِنَ النُّوق الْحَسَنَةُ المِشْية. ابْنُ الأَعرابي: والدَّرِيمُ الْغُلَامُ الفُرْهُدُ النَّاعِمُ. ودَرَمَتِ الناقةُ تَدْرِمُ دَرْماً إِذا دَبَّت دَبيباً. والدَّرْماءُ: نَبَاتٌ سُهْليٌّ دسْتيّ، لَيْسَ بِشَجَرٍ وَلَا عُشْب، يَنْبُتُ عَلَى هَيْئَةِ الكَبِد وَهُوَ مِنَ الحَمْض؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لَهَا وَرَقٌ أَحمر، تَقُولُ الْعَرَبَ: كُنَّا فِي دَرْماء كأَنها النَّهَارُ. وَقَالَ مُرة: الدَّرْماء تَرْتَفِعُ كأَنها حُمَةٌ، وَلَهَا نَوْرٌ أَحمر، وَرَقُهَا أَخضر، وَهِيَ تُشْبِهُ الحَلَمَة. وَقَدْ أَدْرَمَتِ الأَرض. والدَّارِمُ: شَجَرٌ شَبِيهٌ بالغَضَا، وَلَوْنُهُ أَسود يَسْتاك بِهِ النِّسَاءُ فَيُحَمِّرُ لِثاتهن وشِفاهَهُنَّ تَحْمِيرًا شَدِيدًا، وَهُوَ حِرِّيف، رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
إِنما سَلّ فُؤادي ... دَرَمٌ بالشَّفَتين
والدَّرِمُ: شَجَرٌ تُتَّخَذُ مِنْهُ حِبَالٌ لَيْسَتْ بالقَويَّةِ. ودارِمٌ: حيٌّ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فِيهِمْ بَيْتُهَا وَشَرَفُهَا، وَقَدْ قِيلَ: إِنه مُشْتَقٌّ مِنَ الدَّرَمان الَّذِي هُوَ مُقَارَبَةُ الخطوِ فِي الْمَشْيِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. ودَرِمٌ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ بَني شَيْبانَ. وَفِي الْمَثَلِ: أَوْدَى دَرِم، وَذَلِكَ أَنه قُتِلَ فَلَمْ يُدْرَكْ بثَأْره فَصَارَ مثلًا لِما يُدْرَكْ بِهِ؛ وَقَدْ ذَكَرَهُ الأَعشى فَقَالَ:
وَلَمْ يُودِ مَنْ كُنْتَ تَسْعَى لَهُ، ... كَمَا قِيلَ فِي الْحَرْبِ: أَوْدى دَرِمْ
أَي لَمْ يَهْلِكْ مَن سَعَيْتَ لَهُ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ دَرِمُ بْنُ دُبِّ «3» بْنِ ذُهْلِ بْنِ شَيْبانَ؛ وَقَالَ المؤَرِّج: فُقِدَ كَمَا فُقدَ القارِظ العَنَزِي فَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ مَنْ فُقِدَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كَانَ دَرِمٌ هَذَا هَرَبَ مِنَ النُّعْمانِ فَطَلَبَهُ فأُخِذَ فَمَاتَ فِي أَيديهم قَبْلَ أَن يَصِلُوا بِهِ، فَقَالَ قَائِلُهُمْ: أَوْدَى دَرِمٌ، فَصَارَتْ مَثَلًا. وعِزٌّ أَدْرَمُ إِذا كَانَ سَمِينًا غَيْرَ مَهْزُولٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَهْوُونَ عَنْ أَركانِ عِزٍّ أَدْرَما
وَبَنُو الأَدْرَمِ: حَيٌّ مِنْ قُرَيْشٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَبَنُو الأَدْرَمِ قبيلة.
__________
(3) . قوله [ابن دب] هو هكذا في الأَصل بتشديد الباء، والذي في التهذيب: درب، براء بعد الدال وبتخفيف الباء(12/198)
درخم: الْجَوْهَرِيُّ: الدُّرَخْمِينُ الدَّاهِيَةُ، بِوَزْنِ شُرَحْبِيلٍ؛ قَالَ دَلَمٌ وَكُنْيَتُهُ أَبو زُغْبَةَ العَبْشَمِيّ:
أَنْعَتُ مِنْ حَيَّاتِ بُهْلٍ كشحين، ... صِلَّ صَفاً داهية دُرَخْمِينْ
دردم: مَرَةٌ دِرْدِمٌ: تَذْهَبُ وَتَجِيءُ بِاللَّيْلِ. الْجَوْهَرِيُّ: الدِّرْدِمُ الناقة المسنة.
درعم: الدِّرْعِمُ كالدِّعْرِمِ، وَسَيَأْتِي ذكره.
درقم: الدِّرْقِمُ: السَّاقِطُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَسماء الرِّجَالِ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
درهم: المُدْرَهِمُّ: السَّاقِطُ مِنِ الكِبَرِ، وَقِيلَ: هُوَ الكبيرُ السِّنِّ أَيّاً كَانَ. وَقَدِ ادْرَهَمَّ يَدْرَهِمُّ ادْرِهْماماً أَي سَقَطَ مِنِ الْكِبَرِ؛ وَقَالَ القُلاخُ:
أَنا القُلاخُ فِي بُغائي مِقْسَما، ... أَقْسمْتُ لَا أَسْأَمُ حَتَّى يَسْأَما،
ويَدْرَهِمَّ هَرَماً وأَهْرَما
وادْرَهَمَّ بصرُه: أَظلم. والدِّرْهَمُ والدِّرْهِمُ: لُغَتَانِ، فارِسِيّ مُعَرَّبٌ مُلْحَقٌ بِبِنَاءِ كَلَامِهِمْ، فدِرْهَمٌ كهِجْرَعٍ، ودِرْهِمٌ، بِكَسْرِ الْهَاءِ، كحِفْرِدٍ، وَقَالُوا فِي تَصْغِيرِهِ دُرَيْهِيم، شَاذَّةٌ، كأَنَّهم حَقَّرُوا دِرْهاماً، وإِن لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ؛ هَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ دِرْهام، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا قَالُوا دِرْهام؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَوْ أَنَّ عِنْدي مِائَتَيْ دِرْهامِ، ... لَجَازَ فِي آفاقِها خَاتَامِي «1»
. وَجَمْعُ الدِّرْهَمِ دَراهِمُ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَجَاءَ فِي تَكْسِيرِهِ الدَّراهِيمُ؛ وَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَن الدَّراهِيمَ إِنما جَاءَ فِي قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
تَنْفِي يَداها الحَصى فِي كلِّ هاجِرَةٍ، ... نَفْيَ الدَّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّياريفِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَبَّهَ خُرُوجَ الْحَصَى مِنْ تَحْتِ مَناسِمِها بِارْتِفَاعِ الدَّرَاهِمِ عَنِ الأَصابع إِذا نُقِدَتْ. وَرَجُلٌ مُدَرْهَمٌ، وَلَا فِعْلَ لَهُ، أَي كَثِيرُ الدَّراهِمِ؛ حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ، قَالَ: وَلَمْ يَقُولُوا دُرْهِمَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَكِنَّهُ إِذا وُجِدَ اسْمُ الْمَفْعُولِ فَالْفِعْلُ حاصِلٌ. ودَرْهَمَتِ الخُبَّازى: اسْتَدَارَتْ فَصَارَتْ عَلَى أَشكال الدَّراهِمِ، اشْتَقُّوا مِنَ الدراهِمِ فِعْلًا وإِن كَانَ أَعجميّاً. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وأَما قَوْلُهُمْ دَرْهَمَتِ الخُبَّازى فَلَيْسَ مِنْ قولهم رجل مُدَرْهَمٌ.
دسم: الدَّسَمُ: الوَدكُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: كُلُّ شَيْءٍ لَهُ ودَكٌ مِنَ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ، وَشَيْءٌ دَسِمٌ وَقَدْ دَسِمَ، بِالْكَسْرِ، يَدْسَمُ فَهُوَ دَسِمٌ وتَدَسّمَ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ لِابْنِ مُقْبِلٍ:
وقِدْر ككَفِّ القِرْدِ لَا مُسْتَعِيرُها ... يُعارُ، وَلَا مَنْ يَأْتِها يَتَدَسَّمُ
والدِّسَمُ: الوَضَرُ والدَّنَسُ؛ قال:
لاهُمَّ، إِنَّ عامِرَ بْنَ جَهْمِ ... أَوْذَمَ حَجّاً فِي ثِيابٍ دُسْمِ
يَعْنِي أَنه حَجَّ وَهُوَ مُتَدَنِّسٌ بِالذُّنُوبِ، وأَوْذَمَ الحَجَّ: أَوجبه. وتَدْسِيم الشَّيْءِ: جَعْلُ الدَّسَمِ عَلَيْهِ. وَثِيَابٌ دُسْمٌ: وَسِخَةٌ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تَدَنَّسَ بمَذامِّ الأَخلاق: إِنه لَدَسِمُ الثوبِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ أَطْلَسُ الثوبِ. وفلان أَدْسَم
__________
(1) . قوله [لو أَن عندي إِلخ] في التكملة ما نصه: هذا الإِنشاد فاسد، والرواية:
لَوْ أَن عِنْدِي مِائَتَيْ درهام ... لابتعت داراً في بني حرام
وعشت عيش الملك الهمام ... وسرت في الأَرض بلا خاتام(12/199)
الثَّوْبِ ودَنِسُ الثَّوْبِ إِذا لَمْ يَكُنْ زَاكِيًا؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ يَصِفُ سَيْحَ ماءٍ:
مُنْفَجِرَ الكَوْكَبِ أَو مَدْسُوما، ... فَخِمْنَ، إِذْ هَمَّ بأَنْ يَخِيما
المُنْفَجِرُ: المُنْفَتِحُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ، وكَوْكَبُ كلِّ شَيْءٍ: مُعْظَمُهُ، والمَدْسُومُ: المَسْدُودُ، والدَّسْمُ: حَشْوُ الْجَوْفِ. ودَسَمَ الشيءَ يَدْسُمُهُ، بِالضَّمِّ، دَسْماً: سَدَّهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ جُرْحاً:
إِذا أَرَدْنا دَسْمَهُ تَنَفَّقا، ... بناجِشات المَوْتِ، أَو تَمطَّقا
وَيُرْوَى: إِذا أَرادوا دَسْمَهُ، وتَنَفَّقَ: تَشَقَّقَ مِنْ جَوَانِبِهِ وعَمِل فِي اللَّحْمِ كَهَيْئَةِ الأَنْفاقِ، الْوَاحِدُ نَفَقٌ، وَهُوَ كالسَّرَبِ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ نافِقاءُ اليَرْبُوع، والناجِشاتُ: الَّتِي تُظْهِرُ الموتَ وَتَسْتَخْرِجُهُ، وناجِشُ الصَّيد: مُسْتَخْرِجُهُ مِنْ مَوْضِعِهِ، والتَّمَطُّقُ: التَّلَمُّظُ. والدِّسامُ: مَا دُسِمَ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الدِّسامُ، بِالْكَسْرِ، مَا تُسَدُّ بِهِ الأُذن وَالْجُرْحُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، تَقُولُ مِنْهُ: دَسَمْتُهُ أَدْسُمُهُ، بِالضَّمِّ، دَسْماً. والدِّسامُ: السِّدادُ، وَهُوَ مَا يُسَد بِهِ رأْس الْقَارُورَةِ وَنَحْوُهَا. وَفِي بَعْضِ الأَحاديث:
إِن لِلشَّيْطَانِ لَعُوقاً ودِساماً
؛ الدِّسامُ: مَا تُسَدُّ بِهِ الأُذن فَلَا تَعِي ذِكْراً وَلَا مَوْعِظَةً، يَعْنِي أَن لَهُ سِداداً يَمْنَعُ بِهِ مِنْ رُؤْيَةِ الْحَقِّ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ سَدَدْتَهُ فَقَدْ دَسَمْتَهُ دَسْماً، يَعْنِي أَن وَساوِسَ الشَّيْطَانِ مهْما وَجَدتْ مَنْفَذاً دخلتْ فِيهِ. ودَسَمَ الْقَارُورَةَ دَسْماً: شدَّ رأْسها. والدُّسْمَةُ: مَا يُشَدُّ بِهِ خَرْقُ السِّقاء. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ فِي المُسْتَحاضة: تَغْتَسِلُ مِنَ الأُولى إِلى الأُولى وتَدْسُمُ مَا تَحْتَهَا
، قَالَ أَي تَسُدّ فَرْجَها وَتَحْتَشِي مِنَ الدِّسامِ السِّدادِ. والدُّسْمَةُ: غُبْرَةٌ إِلى السَّوَادِ، دَسِمَ وَهُوَ أَدْسَمُ. ابْنُ الأَعرابي: الدُّسْمَةُ السَّوَادُ، وَمِنْهُ قِيلَ للحَبشيّ: أَبو دُسْمَةَ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: رأَى صَبِيّاً تأْخذه العينُ جَمالًا، فَقَالَ: دَسِّمُوا نُونَتَهُ
أَي سَوِّدُوها لِئَلَّا تُصِيبَهُ الْعَيْنُ، قَالَ: ونُونَتُهُ الدَّائِرَةُ المَليحةُ الَّتِي فِي حَنَكه، لِتَرُدَّ الْعَيْنَ عَنْهُ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه خَطَبَ وَعَلَى رأْسه عِمَامَةٌ دَسْماء
أَي سَوْدَاءَ؛ وَفِي حَدِيثِ آخَرَ:
خَرَجَ وَقَدْ عَصَبَ رأْسه بِعِمَامَةٍ دَسِمَةٍ.
وَفِي حَدِيثِ
هِنْدٍ: قَالَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ لأَبي سُفْيان اقْتُلُوا هَذَا الدَّسِمَ الأَحْمَشَ
أَي الأَسود الدَّنِيءَ. والدُّسْمَةُ: الرَّديء مِنَ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: الدَّنيء مِنَ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: الدُّسْمَةُ الرَّديء الرَّذْلُ؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو لِبَشِيرٍ الفِرَبْريّ:
شَنِئْتُ كلَّ دُسْمَةٍ قِرْطَعْنِ
ابْنُ الأَعرابي: الدَّسِيمُ القليلُ الذِّكْرِ، وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْداء: أَرَضِيتمْ إِن شَبِعْتُمْ عَامًا لَا تَذْكرون اللَّهَ إِلا دَسْماً
، يُرِيدُ ذِكْراً قَلِيلًا، مِنَ التَّدْسِيم وَهُوَ السَّوَادُ الَّذِي يُجْعَلُ خَلْفَ أُذن الصبيِّ لِكَيْلَا تُصِيبَهُ الْعَيْنُ، وَلَا يَكُونُ إِلا قَلِيلًا؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ مِنْ دَسَمَ المطرُ الأَرْضَ إِذا لَمْ يَبْلُغْ أَن يَبُلَّ الثَّرَى. والدَّسِيمُ: الْقَلِيلُ الذِّكْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ
لَا تَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا دَسْماً
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يَكُونُ هَذَا مَدْحاً وَيَكُونُ ذَمًّا، فإِذا كَانَ مَدْحًا فَالذِّكْرُ حَشْوُ قلوبِهِمْ وأَفواهِهِمْ، وإِن كَانَ ذَمًّا فإِنما هُمْ يَذْكُرُونَ اللَّهَ ذِكْرًا قَلِيلًا مِنَ التَّدْسِيم، قَالَ: وَمِثْلُهُ
أَن رَجُلًا ذُكِر بَيْنَ يَدَيْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ،(12/200)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ
؛ يَكُونُ هَذَا أَيضاً مَدْحًا وَذَمًّا، فَالْمَدْحُ أَنه لَا يَنَامُ اللَّيْلَ فَلَا يَتَوَسَّدُ فَيَكُونُ الْقُرْآنُ مُتَوَسَّداً مَعَهُ، وَالذَّمُّ أَنه لا يَحْفَطُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا، فإِذا نَامَ لَمْ يَتَوَسَّدْ مَعَهُ الْقُرْآنُ، قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ هُوَ الأَول، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا دَسْماً أَي مَا لَهُمْ هَمٌّ إِلا الأَكل ودَسْم الأَجواف، قَالَ: وَنَصَبَ دَسْماً عَلَى الْخِلَافِ. ودَسَمَ المطرُ الأَرضَ: بَلَّها وَلَمْ يُبالِغْ. وَيُقَالُ: مَا أَنت إِلَّا دُسْمَةٌ أَي لَا خَيْرَ فِيهِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا غَشِيَ جاريَتَهُ: قَدْ دَسَمها. ودَسَم المرأَة دَسْماً: نَكَحَهَا؛ عَنْ كُرَاعٍ. ودُسْمانُ: مَوْضِعٌ. والدَّيْسَمُ: الثَّعْلَبُ، وَقِيلَ: وَلَدُ الثَّعْلَبِ مِنَ الكَلْبَة. والدَّيْسَمُ: وَلَدُ الذئْب مِنَ الْكَلْبَةِ، وَقِيلَ: وَلَدُ الدُّبِّ، وَقِيلَ: فَرْخُ النَّحْلِ «2» ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الدَّيْسَمُ الدُّبُّ؛ وأَنشد:
إِذا سَمعَتْ صَوْتَ الوَبِيل، تَشَنَّعَتْ ... تَشَنُّعَ فُدْسِ الغارِ، أَو دَيْسَمٍ ذَكَر
وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: الدَّيْسَمُ وَلَدُ الْكَلْبَةِ مِنَ الذِّئْبِ، والسَّمْعُ وَلَدُ الضَّبْعِ مِنَ الذِّئْبِ. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّيْسَمُ وَلَدُ الدُّبِّ، قَالَ: وَقُلْتُ لأَبي الغَوْث يُقَالُ إِنه وَلَدُ الذِّئْبِ مِنَ الْكَلْبَةِ فَقَالَ: مَا هُوَ إِلا وَلَدُ الدُّبِّ. ودَسَمَ الأَثَرُ: مِثْلُ طَسَمَ. والدَّيْسَمُ: الظُّلْمةُ. ودَيْسَم: اسْمٌ؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
أَخشى عَلَى دَيْسَمَ مِنْ بَردِ الثَّرَى، ... أَبى قَضاءُ اللَّهُ إِلا مَا تَرَى
تَرَكَ صَرْفه لِلضَّرُورَةِ. وسُئِلَ أَبو الْفَتْحِ صاحِبُ قُطْرُبٍ، وَاسْمُ أَبي الْفَتْحِ دَيْسَم، فَقَالَ: الدَّيْسَمُ «3» الذُّرَة. وَفِي الصِّحَاحِ: الدَّيْسمَةُ الذرة. والدَّيْسَمُ: نبات.
دشم: الدُّشْمَةُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ.
دعم: دَعَمَ الشيءَ يَدْعَمُه دَعْماً: مَالَ فأَقامه. والدِّعْمَةُ: مَا دَعَمَهُ بِهِ. والدِّعامُ والدِّعامَةُ: كالدِّعْمَةِ؛ قَالَ:
لَمَّا رأَيْتُ أَنَّهُ لَا قامَهْ، ... وأَنَّني ساقٍ عَلَى السَّآمَهْ،
نَزَعْتُ نَزْعاً زَعْزَعَ الدِّعامَهْ
اللَّيْثُ: الدَّعْمُ أَن يميلَ الشَّيْءُ فَتَدْعَمَهُ بدِعامٍ كَمَا تَدْعَمُ عُروشَ الكَرْمِ وَنَحْوِهِ، والدِّعامَةُ: اسْمُ الْخَشَبَةِ الَّتِي يُدْعَمُ بِهَا، والمَدْعُومُ: الَّذِي يَمِيلُ فتَدْعَمُهُ لِيَسْتَقِيمَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادَةَ: فَمَالَ حَتَّى كَادَ ينْجَفِلُ فأَتيته فَدَعَمْتُهُ
أَي أَسندته؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الدِّعَمُ والدَّعائِمُ الخُشُبُ الْمَنْصُوبَةُ لِلتَّعْرِيشِ، وَالْوَاحِدُ كَالْوَاحِدِ. ابْنُ شُمَيْلٍ دَعَمَ الرجلُ المرأَة بأَيْره يَدْعَمُها ودَحَمَها، والدَّعْمُ والدَّحْمُ: الطَّعْنُ وإِيلاجُهُ أَجْمَعَ، ويُسَمَّى السيدُ الدِّعامَةَ. ودِعامَةُ العَشيرة: سَيِّدُهَا، عَلَى المَثَلِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فَتىً مَا أَضَلَّتْ بِهِ أُمُّهُ، ... مِنَ القَوْمِ، لَيْلةَ لَا مُدَّعَمْ
لَا مُدَّعَم: لَا مَلْجَأَ وَلَا دِعامَة. والدِّعْمَتانِ والدِّعامَتان: خَشَبَتَا البَكَرَةِ، فإِن كَانَتَا من
__________
(2) . قوله [فرخ النحل] بالحاء المهملة كما في القاموس والتكملة والمحكم
(3) . قوله [ديسم فقال ديسم إِلخ] هكذا في الأَصل ومثله في التهذيب، وعبارة التكلمة: وَاسْمُ أَبي الْفَتْحِ دَيْسَمٌ ما الديسم؟ فقال إِلخ(12/201)
طين فهما زُرْنُوقانِ؛ وأَنشد:
لَمَّا رأَيتُ أَنَّهُ لَا قامَهْ، ... وأَنَّني مُوفٍ عَلَى السَّآمَهْ،
نَزَعْتُ نَزْعاً زَعْزَعَ الدِّعامَهْ
الْقَامَةُ: البَكَرَةُ، وَقِيلَ جَمْعُ قائِمٍ كحائكٍ وحاكَةٍ، أَي لَا قَائِمِينَ عَلَى الْحَوْضِ فَيَسْتَقُونَ مِنْهُ. أَبو زَيْدٍ: إِذا كَانَتِ زَرانِيقُ الْبِئْرِ مِنْ خَشَبٍ فَهِيَ دِعَمٌ. والدَّعْمُ: الْقُوَّةُ وَالْمَالُ. يُقَالُ: لِفُلَانٍ دَعْمٌ أَي مَالٌ كَثِيرٌ. والدُّعْمِيُّ: الْفَرَسُ الَّذِي فِي لَبَّتِه بَيَاضٌ. أَبو عَمْرٍو: إِذا كَانَ فِي صَدْرِ الْفَرَسِ بَيَاضٌ فَهُوَ أَدْعَمُ، فإِذا كَانَ فِي خَواصره فَهُوَ مُشَكَّلٌ. والدُّعْمِيُّ: النَّجّارُ. والدُّعْمِيُّ: الشديد. يقال للشي الشَّدِيدِ الدِّعامِ: إِنه لدُعْمِيٌّ؛ وأَنشد:
أَكْتَدَ دُعْمِيَّ الحَوامي جَسْرَبا
والدِّعامَةُ: عِمَادُ الْبَيْتِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ. وَقَدْ أَدعَمْتُ إِذا اتكأْت عَلَيْهَا، وَهُوَ افْتَعَلْتُ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لِكُلِّ شَيْءٍ دِعامَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ
عَنْبَسَةَ: يَدَّعِمُ عَلَى عَصاً لَهُ
؛ أَصله يَدْتَعِمُ، فأَدغم التَّاءَ فِي الدَّالِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
الزُّهْرِيِّ: أَنه كَانَ يَدّعِمُ عَلَى عَسْرائه
أَي يَتَّكِئُ عَلَى يَدِهِ؛ العَسْراء تأْنيث الأَعْسَرِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَصَفَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ: دِعامَةُ الضَّعِيفِ.
وَجَارِيَةٌ ذَاتُ دَعْمٍ إِذا كَانَتْ ذَاتَ شَحْمٍ وَلَحْمٍ. وَلَا دَعْمَ بِفُلَانٍ إِذا لَمْ تَكُنْ بِهِ قُوَّةٌ وَلَا سِمَنٌ؛ وَقَالَ:
لَا دَعْمَ بِي، لكِنْ بلَيْلى دَعْمُ، ... جَارِيَةٌ فِي وَرِكَيْها شَحْمُ
قَالَ: لَا دَعْمَ بِي أَي لَا سِمَنَ بِي يَدْعَمُني أَي يُقَوّيني. ودُعْمِيُّ الطَّرِيقِ: مُعْظَمُهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ إِبلًا:
وصَدَرَتْ تَبْتَدِرُ الثَّنِيّا، ... تَرْكَبُ مِنْ دُعْمِيِّها دُعْمِيّاً
دُعْمِيّها: وَسَطُهَا، دُعْمِيّاً أَي طَرِيقًا موطوءاً. ودُعْمِيٌّ: اسْمُ أَبي حَيّ مِنَ رَبِيعَةَ. ودُعميٌّ: مِنْ إِيادٍ. ودُعْمِيٌّ: مِنْ ثَقيفٍ. ودِعامَة ودِعام: اسْمَانِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: دُعْمِيٌّ قَبِيلَةٌ، وَهُوَ دُعْمِيُّ بْنِ جَديلةَ بْنِ أَسد بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ نِزارِ بْنِ مَعدٍّ.
دعرم: الدَّعْرَمَةُ: قِصَرُ الخَطْوِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ عَجِلٌ. والدِّعْرِمُ: الرَّدِيءُ البَذيّ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا الدِّعْرِم الدِّفْناسُ صَوَّى لِقاحَهُ، ... فإِنَّ لنا ذَوْداً ضِخامَ المَحالِبِ
لهُنَّ فِصالٌ لَوْ تَكَلَّمْنَ لاشْتَكَتْ ... كُلَيْباً، وَقَالَتْ: ليْتَنا لِابْنِ غالِبِ
والدِّعْرِمُ: الْقَصِيرُ الدَّميم؛ أَنشد أَبو عَدْنان:
قَرَّبَ رَاعِيهَا القَعُودَ الدِّعْرِمَا
وَقَالَ: الدِّعْرِمُ الْقَصِيرُ. والدَّعْرَمَةُ: لُؤْمٌ وخِبٌّ. وقَعُود دِعْرِمٌ أَي تَرَبُوتٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مُتَّكِئاً عَلَى القَعود الدِّعْرِمِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الدِّرْعِمُ كالدِّعْرِمِ
دعسم: دَعْسَمٌ: اسم.
دغم: دَغَمَ الغيثُ الأَرض يَدْغَمُها وأَدْغَمَها إِذا غَشِيَهَا وَقَهَرَهَا. والدَّغْمُ: كَسْرُ الأَنف إِلى بَاطِنِهِ(12/202)
هَشْماً. دَغَمَ أَنفه دَغْماً: كَسَرَهُ إِلى بَاطِنِهِ هَشْمًا. والدُّغْمَةُ والدَّغَمُ مِنْ أَلوان الْخَيْلِ: أَن يَضْرِبَ وجْهُه وجَحافِلُهُ إِلى السَّوَادِ مُخَالِفًا لِلَوْنِ سَائِرِ جَسَدِهِ، وَيَكُونُ وَجْهُهُ مِمَّا يَلِي جَحافله أَشدّ سَوَادًا مِنْ سَائِرِ جَسَدِهِ، وَقَدِ ادْغَامَّ، وَفَرَسٌ أَدْغَمُ، والأُنثى دَغْماءُ بَيِّنة الدَّغَمِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الأَعاجم دِيزَجْ. والدَّغْماءُ مِنَ النِّعاج: الَّتِي اسْوَدَّتْ نُخْرتُها، وَهِيَ الأَرْنَبَةُ، وحَكَمَتُها وَهِيَ الذَّقَنُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ضَحَّى بِكَبْشٍ أَدْغَمَ
؛ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ أَدنى سَوَادٍ وَخُصُوصًا فِي أَرْنَبَته وَتَحْتَ حَنَكِه؛ وَقَالُوا فِي المَثَل: الذِّئْبُ أَدْغَمُ، لأَن الذِّئْبَ وَلَغَ أَو لَمْ يَلَغْ فالدُّغْمَةُ لَازِمَةٌ لَهُ، لأَن الذِّئاب دُغْمٌ، فَرُبَّمَا اتُّهِمَ بالوُلوغِ وَهُوَ جَائِعٌ، يُضْرَبُ هَذَا مَثَلًا لِمَنْ يُغْبَطُ بِمَا لَمْ يَنَلْه. والأَدْغَمُ: الأَسود الأَنف، وَجَمْعُهُ الدُّغْمانُ؛ قَالَ أَعرابي:
وضَبَّة الدُّغْمانِ، فِي رُوسِ الأَكَمْ، ... مُخْضَرَّةٌ أَعْيُنُها مثلُ الرَّخَمْ
والدُّغْمانُ، بِالضَّمِّ: الأَسود، وَقِيلَ: الأَسود مَعَ عِظَمٍ. وَرَجُلٌ راغِمٌ داغِمٌ: إِتباع، وَقَدْ أَرْغَمَهُ اللَّهُ وأَدْغَمَهُ؛ وَقِيلَ: أَرْغَمَهُ اللَّهُ أَسخطه، وأَدْغَمَه سَوَّدَ وجهَه. وَفِي الدُّعَاءِ: رَغْماً دَغْماً شِنَّغْماً، كلُّ ذَلِكَ إِتباع. يُقَالُ: فَعَلْتُ ذَلِكَ عَلَى رَغْمِه ودَغْمِه وشَغْمِه، وَيُقَالُ: شِنَّغْمِه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ وسِنَّغْمه، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ: الدُّغامُ والشُّوالُ «1» وَجَعٌ يأْخذ فِي الحلَق. ودَغِمَهُم الحَرُّ والبَرْدُ يَدْغَمُهُمْ دَغْماً ودَغَمَهُمْ دَغَماناً: غَشِيَهُمْ، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَدْغَمَهُمْ أَي غَشِيَهُمْ. وأَدْغَمَهُ الشيءُ: سَاءَهُ وأَرْغَمَهُ. والإِدْغامُ: إِدخال حَرْفٍ فِي حَرْفٍ. يُقَالُ: أَدْغَمْت الْحَرْفَ وادَّغَمْته، عَلَى افْتَعَلْتُه. والإِدْغامُ: إِدخال اللِّجَامِ فِي أَفواه الدَّوابِّ. وأَدْغَمَ الفرسَ اللجامَ: أَدخله فِي فِيهِ، وأَدْغَمَ اللِّجامَ فِي فَمِهِ كَذَلِكَ؛ قَالَ ساعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
بمُقْرَباتٍ بأَيْدِيهِمْ أَعِنَّتُها ... خُوصٍ، إِذا فَزِعُوا أُدْغِمْنَ باللُّجُمِ
قَالَ الأَزهري: وإِدغامُ الْحَرْفِ فِي الْحَرْفِ مأْخوذ مِنْ هَذَا؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ الإِدْغامِ في الحروف، وقيل: بَلِ اشتقاقُ هَذَا مِنْ إِدْغامِ الحُروفِ، وَكِلَاهُمَا لَيْسَ بعَتيق، إِنما هُوَ كَلَامٌ نَحْوِيّ. وأَدْغَمَ الرجلُ: بَادَرَ القومَ مَخافَة أَن يَسْبِقُوهُ فأَكل الطعامَ بِغَيْرِ مَضْغٍ. ودَغَمَ الإِناء دَغْماً: غَطَّاهُ. ودُغْمان ودُغَيْمٌ: اسمان.
دقم: الدَّقَمُ: الضَّزَزُ. دَقِمَ دَقَماً وَهُوَ أَدْقَمُ: ذَهَبَ مُقَدَّمُ فيهِ. ودَقَمَهُ يَدْقُمُهُ ويَدْقِمُهُ دَقْماً وأَدْقَمَهُ، مِثْلُ دَمَقَهُ عَلَى الْقَلْبِ، أَي كسَرَ أَسنانه. أَبو زَيْدٍ: دَقَمْتُ فَاهُ ودَمَقْتُهُ دَقْماً ودَمْقاً إِذا كَسَرْتَ أَسنانه. والدِّقِمُّ: الْمَكْسُورُ الأَسنان، وَزَعَمَ كُرَاعٌ أَنه مِنَ الدَّقِّ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا قَوْلٌ لَا يُلْتَفَتُ إِليه إِذ قَدْ ثَبَتَ دَقَمْتُهُ. والدَّقْمُ: دفعكَ شَيْئًا مُفاجأَة، تَقُولُ: دَقَمْتُه عَلَيْهِمْ دَقْماً. ودَقَمَهُ دَقْماً: دَفَعَ فِي صَدْرِهِ؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
مُمارِسُ الأَقْرانِ دَقْماً دَقْما
ودَقَمَتْ عَلَيْهِمُ الريحُ والخيلُ وانْدَقَمَتْ:
__________
(1) . قوله [والشوال] كذا هو بالأَصل وشرح القاموس، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ: الشواك(12/203)
دخلتْ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مَرّاً جَنُوباً وشَمالًا تَنْدَقِمْ
والدَّقْمُ: الْغَمُّ الشَّدِيدُ مِنَ الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ. والمُدْقِمَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي يَلْتَهِمُ فَرْجُها كُلَّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَسْمَعُ لِفَرْجِهَا صَوْتًا عِنْدَ الْجِمَاعِ. ودُقَيْمٌ ودُقْمان: اسْمَانِ.
دكم: دَكَمَ الشيءَ يَدْكُمُه دَكْماً: كَسر بعضَه فِي إِثر بَعْضٍ، وَقِيلَ: الدَّكْمُ دَوْسُ بعضِه عَلَى بعضٍ. الْجَوْهَرِيُّ: دَكَمَ الشَّيْءَ دَكْماً جَمَعَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. ودَكَمَ فَاهُ دَكْماً: دَقَّهُ. ودَكَمَه دَكْماً: زَحَمَهُ. ودَكَمَهُ دَكْماً ودَقَمَه دَقْماً إِذا دَفَعَ فِي صَدْرِهِ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن كَافَهُ بَدَلٌ مِنْ قَافِ دَقَمَ. وانْدَكَمَ عَلَيْنَا فلانٌ وانْدَقَمَ إِذا انْقَحَمَ. ورأَيتهم يَتَداكَمُون أَي يتدافعون.
دلم: الأَدلَمُ: الشَّدِيدُ السَّوَادِ مِنَ الرِّجَالِ والأُسْدِ وَالْحَمِيرِ وَالْجِبَالِ والصَّخرِ فِي مُلُوسَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ الآدَمُ، وَقَدْ دَلِمَ دَلَماً. التَّهْذِيبُ: الأَدْلَمُ مِنَ الرِّجَالِ الطويلُ الأَسْودُ، وَمِنَ الْجَبَلِ كَذَلِكَ فِي مُلُوسَةِ الصَّخْر غَيْرُ جِدّ شَدِيدِ السَّوَادِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ فِيلًا:
كَانَ دَمْخاً ذَا الهِضابِ الأَدْلَمَا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الأَدْلَمُ مِنَ الأَلوان الأَدْغَمُ. وَقَالَ شِمْرٌ: رَجُلٌ أَدْلَمُ وَجَبَلٌ أَدْلَمُ، وَقَدْ دَلِمَ دَلَماً، وَقَدِ ادْلامَّ الرجلُ وَالْحِمَارُ ادْلِيماماً؛ وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ:
وَلَقَدْ هَمَمْتُ بِغارةٍ فِي ليلةٍ ... سَوْداءَ حالِكةٍ، كلَوْنِ الأَدْلَمِ
قَالُوا: الأَدْلَمُ هَاهُنَا الأَرَنْدَجُ. وَيُقَالُ لِلِحْيَةِ الأَسود: أَدْلَمُ. وَيُقَالُ: الأَدْلامُ أَولاد الْحَيَّاتِ، وَاحِدُهَا دُلْمٌ. وَمِنْ أَمثالهم: أَشدُّ مِنْ دَلَمٍ؛ يُقَالُ: إِنه يشبه الحيَّة يكون بِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ؛ الدَّلَمُ يُشَبِّهُ الطَّبُّوعَ وَلَيْسَ بِالْحَيَّةِ. والدَّلْماءُ: لَيْلَةُ ثَلَاثِينَ مِنَ الشَّهْرِ لِسَوَادِهَا. والدَّلامُ: السَّوَادُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. والدَّلامُ: الأَسود؛ قَالَ: وإِياه عَنَى سِيبَوَيْهِ بِقَوْلِهِ: انْعَتْ دَلاماً. ودَلَمٌ: مِنْ أَسماء شُعَرَائِهِمْ، وَهُوَ دَلَمٌ أَبو زُغَيْبٍ، وإِليه عَزَا ابْنُ جِنِّيٍّ قَوْلَهُ:
حَتَّى يقولَ كلُّ رَاهٍ إِذْ راهْ: ... يَا وَيْحَهُ مِنْ جَمَلٍ، مَا أَشْقاهْ!
أَراد إِذْ رَآه، فأَلقى «1» حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ عَلَى الْهَاءِ وَكَسَرَهَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَحَذَفَ الْهَمْزَةَ البَتَّة كَقِرَاءَةِ مَنْ قرأَ:
أَنِ ارْضِعيه
، بِكَسْرِ النُّونِ وَوَصْلِ الأَلف، وَهُوَ شَاذٌّ. والدَّيْلَمُ: الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ مِنَ النَّاسِ. والدَّيْلَمُ: الحَبَشِيّ مِنَ النَّمْلِ، يَعْنِي الأَسود، وَقِيلَ الدَّيْلَمُ مُجْتَمَعُ النَّمْلِ والقِرْدانِ فِي أَعْقارِ الحِياض وأَعْطان الإِبل، وَقِيلَ هِيَ الْجَمَاعَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ:
يُعْطِي الهُنَيْداتِ ويُعْطِي الدَّيْلَمَا
اللَّيْثُ: الدَّيْلَمُ جيلٌ مِنَ النَّاسِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُمْ مِنْ وَلَدِ ضَبَّةَ بْنَ أُدٍّ، وَكَانَ بَعْضُ مُلوك الْعَجَمِ وضَعهم فِي تِلْكَ الْجِبَالِ فَرَبَلُوا بِهَا. ابْنُ الأَعرابي: الدَّيْلَم النَّمْلُ والدَّيْلَمُ السُّودان. ابْنُ سِيدَهْ: والدّيْلَمُ جِيلٌ مِنَ النَّاسِ مَعْرُوفٌ يُسَمَّى التُّرْكَ، عَنْ كُرَاعٍ.
__________
(1) . 1 قوله «أَراد إذ رآه إِلى قوله البتة» هكذا في الأصل.(12/204)
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَميرُكم رَجُلٌ طُوالٌ أَدْلَمُ
، الأَدْلمُ الأَسود الطَّوِيلُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَجَاءَ رَجُلٌ أَدْلَمُ فاستأْذن عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، قِيلَ: هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ فِي ذِكْرِ أَهل النَّارِ: لَسَعَتْهم عقارِبُ كأَمثال البِغال الدُّلْمِ
أَي السُّودِ، جَمْعُ أَدْلَم. والدَّيْلَمُ: الإِبل، وأَما قَوْلُ رُؤْبَةَ:
فِي ذِي قُدامَى مُرْجَحِنٍّ ديْلَمُه
فإِن أَبا عَمْرٍو قَالَ: كَثْرَته كَكَثْرةِ النَّمْلِ، وَهُوَ الدَّيْلَمُ، قَالَ: وَيُقَالُ لِلْجَيْشِ الْكَثِيرِ دَيْلَم، أَراد فِي جَيش ذِي قُدامَى، والمُرْجَحِنُّ: الثَّقِيلُ الْكَثِيرُ. والدَّيْلَمُ: الأَعداء. والديْلَمُ: مَاءٌ مَعْرُوفٌ بأَقاصي البَدْوِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الدَّيْلَمُ مَاءَةٌ لِبَنِي عَبْسٍ، وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ:
شَرِبَتْ بِمَاءِ الدُّحْرُضَيْنِ، فأَصْبَحَتْ ... زَوْراءَ، تَنْفِرُ عَنْ حِياضِ الدَّيْلَمِ
يُفَسَّرُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، وَقِيلَ فِيهِ: عَنْ حِياض الأَعْداء، وَقِيلَ: الدَّيْلَمُ حِيَاضٌ بالغَوْرِ، وَقِيلَ: عَنْ حِيَاضِ ماءٍ لِبَنِي عَبْسٍ، وَقِيلَ: أَراد بالدَّيْلَمِ بَنِي ضَبَّة، سُمُّوا دَيْلَماً لدُغْمَةٍ فِي أَلوانهم. يُقَالُ: هُمْ ضَبَّة لأَنهم أَو عامَّتَهُمْ دُلْمٌ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سأَل أَبو مُحَلّم بَعْضَ الأَعراب عَنِ الدَّيْلَمِ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَقَالَ: هِيَ حِياض بالغَوْر، قَالَ: وَقَدْ أَورد بِهَا إِبلًا وأَراد بِذَلِكَ تَخْطِئَةَ الأَصمعي، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَن الدَّيْلَمَ رَجُلٌ مِنْ ضَبَّةَ، وَهُوَ الدَّيْلَمُ بن ناسِكِ ابن ضَبَّةَ، وَذَلِكَ أَنه لَمَّا سَارَ ناسِك إِلى أَرض الْعِرَاقِ وأَرض فارِسَ اسْتَخْلَفَ الدَّيْلَمَ ولَده عَلَى أَرض الْحِجَازِ، فَقَامَ بأَمر أَبيه وحَوَّضَ الحِياض وحَمَى الأَحْماء، ثُمَّ إِن الدّيْلَمَ لَمَّا سَارَ إِلى أَبيه أَوْحَشَتْ دَارُهُ وَبَقِيَتْ آثَارُهُ، فَقَالَ عَنْتَرَةُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَ. والدُّحْرُضانِ: هُمَا دُحْرُضٌ ووَسِيعٌ مَاءَانِ: فدُحْرُضٌ لِآلِ الزِّبْرِقانِ بْنِ بَدْرٍ، ووَسِيعٌ لِبَنِي أَنْف النَّاقةِ، وَقِيلَ: أَراد عَنْتَرَةُ بِالْبَيْتِ أَن عَدَاوَتَهُمْ كَعَدَاوَةِ الدَّيْلَمِ مِنَ الْعَدُوِّ لِلْعَرَبِ، وَلَمْ يُرِدِ النملَ وَلَا القِرْدان كَمَا قال:
جاؤوا يَجُرُّونَ البُرُودَ جَرّا، ... صُهْبَ السِّبالِ يَبْتَغُون الشَّرّا
أَراد أَن عَدَاوَتَهُمْ كَعَدَاوَةِ الرُّومِ لِلْعَرَبِ، والرُّومُ صُهْبُ السِّبال وأَلوانُ الْعَرَبِ السُّمْرَةُ والأُدْمَةُ إِلّا قَلِيلًا. والدّيْلَمُ: ذَكَر الدُّرّاج، عَنْ كُرَاعٍ. ودَلَمٌ ودُلَمٌ ودُلامٌ ودُلامَةُ ودُلَيْمٌ كُلُّهَا: أَسماء، قَالَ:
إِن دُلَيْماً قَدْ أَلاحَ بعَشِي ... وَقَالَ: أَنْزِلْني، فَلَا إِيضاع بِي
أَراد لَا قُوَّةَ بِي عَلَى الإِيضاع. وأَبو دُلامةَ: كُنْيَةُ رَجُلٍ. وأَبو دُلامَة: اسْمُ الْجَبَلِ المُطِلِّ عَلَى الحَجُونِ، وَقِيلَ: كَانَ الحَجُون هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ أَبو دُلامَة. والدّيْلَمُ: الدَّاهِيَةُ، أَنشد أَبو زَيْدٍ يَصِفُ سَهْماً، وَقِيلَ: هُوَ للمَيْدانِ الفَقْعَسِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ للكُمَيْتِ بْنِ مَعْرُوفٍ، وَيُرْوَى لأَبيه:
أَنْعَتُ أَعْياراً رَعَيْنَ كِيرَا، ... مُسْتَبْطناتٍ قَصَباً ضُمُورَا
يَحْمِلْنَ عَنْقاءَ وعَنْقَفِيرَا، ... وأُمَّ خَشَّافٍ وخَنْشَفيرَا،
والدَّلْوَ والدَّيْلَمَ والزَّفيرَا(12/205)
وَكُلُّهَا دواهٍ، وأَعْيار النُّصُول هِيَ النَّاتِئَةُ فِي وَسَطِهَا، ورَعْيُهنّ كِيرَ الحَدّادِ كونُهن فِي النَّارِ ثُمَّ رُكِّبْنَ فِي قَصَبِ السِّهَامِ. والدَّيْلَمُ: الْمَوْتُ، وَقَالَ ابْنُ السِّيرَافِيِّ: أَراد بالأَعْيارِ حُمُرَ الْوَحْشِ، وكيرٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ، وأَراد بِقَوْلِهِ يَحْمِلْنَ عَنْقاء وعنْقفيرا وَنَحْوَهَا مِنَ الدَّوَاهِي كَمَراً وجَرادينَ تُهْدَى لامرأَة وأَنها تَصْلُحُ لَهَا، يَهْجُو بِذَلِكَ سالم بن دارَةَ، ودارةُ أُمُّه، وَالَّذِي ذَكَرَهُ أَبو زَيْدٍ مِنْ أَنه وَصَفَ سِهَامًا أَقرب وأَبين مِنْ هَذَا. التَّهْذِيبُ: ابْنُ شُمَيْلٍ السَّلامُ شَجَرَةٌ تَنْبُتُ فِي الْجِبَالِ نُسَمِّيهَا الدَّيْلَمَ.
دلثم: الدَّلْثَمُ والدَّلاثِمُ: السَّرِيعُ.
دلخم: نَوْمٌ دِلَّخْمٌ: خَفِيفٌ، وَقِيلَ: طَوِيلٌ، والدِّلَّخم: الدَّاءُ الشَّدِيدُ، وَكُلُّ ثَقِيلٍ دِلَّخْمٌ. يُقَالُ: رَمَاهُ اللَّهُ بالدِّلَّخْم. ابْنُ شُمَيْلٍ: القِلَّخْمُ والدِّلَّخْمُ، اللَّامُ مِنْهُمَا شَدِيدَةٌ، وَهُمَا الْجَلِيلُ مِنَ الجِمال الضَّخمُ العظيمُ؛ وأَنشد:
دِلَّخْمَ تِسْعِ حَجِيجٍ دَلَهْمَسَا «1» .
دلظم: الدَّلْظَمُ والدِّلَظْمُ: الهَرِمَةُ الفانيةُ، وَقِيلَ: الدِّلَظْمُ الْجَمَلُ الْقَوِيُّ. وَرَجُلٌ دِلَظْمٌ: شَدِيدٌ قوي.
دلعثم: الدَّلَعْثَمُ: الْبَطِيءُ مِنَ الإِبل، وَرُبَّمَا قَالُوا دِلِعْثام.
دلقم: امرأَة دِلْقِمٌ: هَرِمَةٌ، وَهِيَ مِنَ النُّوق الَّتِي تَكَسَّرَتْ أَسنانها فَهِيَ تمجُّ الْمَاءَ مِثْلَ الدَّلُوقِ؛ وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمُذَكَّرِ فَقَالَ:
أَقْمَرُ نَهَّامٌ يُنَزِّي وفْرَتِجْ، ... لَا دِلْقِمُ الأَسنان، بَلْ جَلدٌ فَتِجْ
قَالَ الأَصمعي: الدِّلْقِمُ النَّاقَةُ الَّتِي انْكَسَرَ فُوها وَسَالَ مَرْغُها: وَيُقَالُ: الدِّلْقِمُ الَّتِي أَكلت أَسنانها مِنَ الكِبَرِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي الْقَافِ.
دلهم: المُدْلَهِمُّ: الأَسود. وادْلَهَمَّ الليلُ وَالظَّلَامُ: كَثُفَ واسْودّ. وَلَيْلَةٌ مُدْلَهِمَّة أَي مُظْلِمَةٌ. وأَسود مُدْلَهِمّ: مُبالَغٌ بِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفَلَاةٌ مُدْلَهِمَّةٌ: لَا أَعْلام فِيهَا. ودَلْهَمٌ: اسم رجل.
دمم: دَمَّ الشيءَ يَدُمُّه دَمّاً: طَلَاهُ. والدَّمُّ والدِّمامُ مَا دُمَّ بِهِ. ودُمَّ الشيءُ إِذا طُليَ. والدِّمامُ، بِالْكَسْرِ: دَوَاءٌ تُطْلى بِهِ جبهةُ الصَّبِيِّ وظاهرُ عَيْنَيْهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ طُليَ بِهِ فَهُوَ دِمامٌ؛ وَقَالَ يَصِفُ سَهْماً:
وخَلَّقْتُهُ، حَتَّى إِذا تَمَّ واسْتَوَى، ... كمُخَّةِ ساقٍ أَو كمتْنِ إِمامِ،
قَرَنْتُ بحِقْوَيْهِ ثَلَاثًا، فَلَمْ يَزِغْ ... عَنِ القَصْدِ، حَتَّى بُصِّرَتْ بدِمامِ
يَعْنِي بالدِّمامِ الغِراءَ الَّذِي يُلَزَقُ بِهِ ريشُ السَّهْمِ، وعَنى بِالثَّلَاثِ الرِّيشَاتِ الثَّلَاثَ الَّتِي تُرَكَّبُ عَلَى السَّهْمِ، وَيَعْنِي بالحِقْو مُسْتَدَقَّ السَّهْمِ مِمَّا يَلِي الرِّيشَ، وبُصِّرَتْ: يَعْنِي رِيشَ السَّهْمِ طُلِيَتْ بالبَصِيرةِ، وَهِيَ الدَّمُ. والدِّمامُ: الطِّلاءُ بِحُمْرَةٍ أَو غَيْرِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُهُ فِي الْبَيْتِ الأَول وخَلَّقته: مَلَّسْته، والإِمامُ الْخَيْطُ الَّذِي يُمَدُّ عَلَيْهِ البناءُ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاح فِي الدِّمامِ الطِّلاءِ أَيضاً:
كُلُّ مَشْكُوكٍ عَصافِيره، ... قَانِئُ اللَّوْنِ حَديث الدِّمام
__________
(1) . هذا الشطر مختلّ الوزن(12/206)
وَقَالَ آخَرُ:
مِنْ كُلِّ حَنْكَلةٍ، كأَنَّ جَبِينها ... كَبِدٌ تَهَيَّأَ للبِرامِ دِماما
وَفِي كَلَامُ الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وتَطْلي المُعْتَدَّةُ وَجْهَهَا بالدِّمامِ وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا. والدِّمامُ: الطِّلَاءُ؛ وَمِنْهُ دَمَمْتُ الثوبَ إِذا طَلَيْتَهُ بالصِّبْغِ. ودَمَّ النبتَ: طَيَّنَهُ. ودَمَّ الشيءَ يَدُمُّهُ دَمّاً: طَلَاهُ وجَصَّصَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: دَمَمْتُ الشيءَ أَدُمُّهُ، بالضم، كذا طَلَيْتَهُ بأَيّ صِبْغٍ كَانَ. والمَدْمُومُ: الأَحمر. وقِدْرٌ دَمِيمٌ ومَدْمومةٌ ودمِيمةٌ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: مَطْلِيَّةٌ بالطِّحالِ أَو الكَبدِ أَو الدَّمِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: دَمَمْتُ القِدْرَ أَدُمُّها دَمّاً إِذا طَلَيْتَهَا بِالدَّمِ أَو بالطِّحال بَعْدَ الجَبْرِ، وَقَدْ دُمَّت الْقِدْرُ دَمّاً أَي طُيِّنت وجُصِّصَتْ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّم نَبَاتٌ، والدُّمُّ القُدور المَطْلِيَّةُ، والدُّمُّ الْقَرَابَةُ، والدِّمَمُ الَّتِي تُسَد بِهَا خَصاصاتُ البِرامِ مِنْ دَمٍ أَو لِبَإٍ. ودَمَّ العينَ الوَجِعةَ يَدُمُّها دَمّاً ودَمَّمها، الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: طَلَى ظَاهِرَهَا بدمامٍ. ودَمَّتِ المرأَة مَا حَوْلَ عَيْنِهَا تَدُمُّهُ دَمّاً إِذا طَلَتْه بِصَبْرٍ أَو زَعْفران. التَّهْذِيبُ: الدَّمُّ الْفِعْلُ مِنَ الدِّمامِ، وَهُوَ كُلُّ دَوَاءٍ يُلْطَخُ عَلَى ظَاهِرِ الْعَيْنِ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَجْلُو، بقادِمَتَيْ حَمامَةِ أَيْكَةٍ، ... بَرَداً تُعَلُّ لِثاتُهُ بدِمامِ
يعني النَّؤُور وَقَدْ طُلِيَتْ بِهِ حَتَّى رَشَّحَ. والمَدْمُومُ: الْمُمْتَلِئُ شَحْماً مِنَ الْبَعِيرِ وَنَحْوِهِ. وَقَدْ دُمَّ بالشَّحم أَي أُوقِرَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَخضر بْنِ هُبَيْرَةَ:
حَتَّى إِذا دُمَّتْ بِنِيٍّ مُرْتَكِمْ
والمدْموم: الْمُتَنَاهِي السِّمَنِ الْمُمْتَلِئُ شَحْمًا كأَنه طُلِيَ بِالشَّحْمِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الْحِمَارَ:
حَتَّى انْجَلى البَرْدُ عَنْهُ، وَهُوَ مُحْتَفِرٌ ... عَرْضَ اللِّوَى زَلِقُ المَتْنَيْنِ مَدْمُومُ
ودُمَّ وجهُهُ حُسْناً: كأَنه طُليَ بِذَلِكَ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي المرأَة وَالرَّجُلِ وَالْحِمَارِ والثَّوْرِ وَالشَّاةِ وَسَائِرِ الدوابِّ، وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ السَّمِينِ: كأَنَّما دُمَّ بِالشَّحْمِ دَمّاً، وَقَالَ عَلْقَمَةُ:
كأَنه مِنْ دَمِ الأَجْواف مَدْمُومُ
ودُمَّ الْبَعِيرُ دَمّاً إِذا كَثُرَ شَحْمُهُ وَلَحْمُهُ حَتَّى لَا يَجِدَ اللامِسُ مَسَّ حَجْم عَظْمٍ فِيهِ، ودَمَّ السَّفِينَةَ يَدُمُّها دَمّاً: طَلَاهَا بِالْقَارِ. ودَمَّ الصَّدْعَ بِالدَّمِ وَالشَّعْرِ المُحْرَقِ يَدُمُّه دَمّاً ودَمَّمَهُ بِهِمَا، كِلَاهُمَا: جُمِعا ثُمَّ طُلِيَ بِهِمَا عَلَى الصَّدْعِ. والدِّمَّةُ: مَرْبِضُ الْغَنَمِ كأَنه دُمَّ بِالْبَوْلِ وَالْبَعْرِ أَي طُليَ بِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
إِبراهيم النَّخَعِيِّ: لَا بأْس بِالصَّلَاةِ فِي دِمَّةِ الْغَنَمِ
؛ قَالَ بَعْضُهُمْ؛ أَراد فِي دِمْنَةِ الْغَنَمِ، فَحَذَفَ النُّونَ وَشَدَّدَ الْمِيمَ، وَفِي النِّهَايَةِ: فَقَلَبَ النُّونَ مِيمًا لِوُقُوعِهَا بَعْدَ الْمِيمِ ثُمَّ أَدغم، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَكَذَا سَمِعْتُ الفَزاريّ يُحَدِّثه، وإِنما هُوَ فِي الْكَلَامِ الدِّمْنَةُ بِالنُّونِ، وَقِيلَ: دِمَّةُ الْغَنَمِ مَربضُها كأَنه دُمَّ بِالْبَوْلِ وَالْبَعْرِ أَي أُلْبِسَ وطُليَ. ودَمَّ الأَرضَ يَدُمُّها دَمّاً: سَوَّاهَا. والمِدَمَّةُ: خَشَبَةٌ ذَاتُ أَسنان تُدَمُّ بِهَا الأَرضُ بَعْدَ الكِرابِ. وَيُقَالُ لليَرْبُوعِ إِذا سَدَّ فا جُحْرِهِ بنَبِثته: قَدْ دَمَّه يَدُمُّه دَمّاً، وَاسْمُ الجُحْرِ الدَّامَّاء، مَمْدُودٌ، والدُّمَّاءُ والدُّمَّةُ والدُّمَمَةُ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَيُقَالُ الدُّمَماءُ والقُصَعاء فِي جُحْر اليَرْبوع. الْجَوْهَرِيُّ:(12/207)
والدَّامَّاء إِحدى جِحَرَةِ اليَرْبوع مِثْلُ الرَّاهِطاء؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَسماء جِحَرَة الْيَرْبُوعِ سَبْعَةٌ: القاصِعاءُ والنافِقاءُ والراهِطاءُ والدَّامَّاءُ والعانِقاءُ والحاثِياءُ واللُّغَزُ، وَالْجَمْعُ دَوامُّ عَلَى فَواعِل، وَكَذَلِكَ الدُّمَّةُ والدُّمَمَةُ أَيضاً عَلَى وَزْنِ الحُمَمَةِ. ودَمَّ اليربوعُ جُحْرَهُ أَي كَنَسَهُ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: لَمْ أَسمع أَحداً يُثَقِّلُ الدَّمَ؛ وَيُقَالُ مِنْهُ: قَدْ دَمِيَ الرجلُ أَو أُدْمِيَ. ابْنُ سِيدَهْ: ودَمَّ اليَرْبوعُ الجُحْر يَدُمُّهُ دَمّاً غطَّاه وسوَّاه. والدُّمَمَةُ والدّامَّاءُ: تُرَابٌ يَجْمَعُهُ الْيَرْبُوعُ ويُخْرِجُهُ مِنَ الجُحْر فَيَدُمُّ بِهِ بَابَهُ أَي يُسَوِّيهِ، وَقِيلَ هُوَ تُرَابٌ يَدُمُّ بِهِ بَعْضَ جِحَرَتهِ كَمَا تُدَمُّ العينُ بالدِّمامِ أَي تُطْلى. ودَمَّ يَدُمُّ دَمّاً: أَسرع. والدِّمّةُ: القَمْلَةُ الصَّغِيرَةُ أَو النَّمْلةُ. والدِّمَّةُ: الرَّجُلُ الْحَقِيرُ الْقَصِيرُ، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. وَرَجُلٌ دَمِيمٌ: قَبِيحٌ، وَقِيلَ: حَقِيرٌ، وَقَوْمٌ دِمامٌ، والأُنثى دَمِيمةٌ، وَجَمْعُهَا دَمائِمُ ودِمامٌ أَيضاً. وَمَا كَانَ دَمِيماً وَلَقَدْ دَمَّ وَهُوَ يَدِمُّ دَمامةً، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: دَمَمْتَ بَعْدِي تَدُمُّ دَمامَةً، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الدَّمِيمُ، بِالدَّالِ، فِي قَدِّه، والذَّمِيمُ فِي أَخلاقه؛ وَقَوْلُهُ:
كضَرائرِ الحَسْناءِ قُلْنَ لِوجهِها، ... حَسَداً وبَغْياً: إِنَّه لدَمِيمُ
إِنما يَعْنِي بِهِ الْقَبِيحَ، وَرَوَاهُ ثَعْلَبٌ لذَميم، بِالذَّالِ، مِنَ الذَّمِّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْمَدْحِ، فرُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَقَدْ دَمَمْتَ تَدِمُّ وتَدُمُّ ودَمِمْتَ ودُمِمْتَ دَمامة، فِي كُلِّ ذَلِكَ: أَسأْتَ. وأَدْمَمْتَ أَي أَقْبَحْت الفعْلَ. اللَّيْثُ: يُقَالُ أَساء فُلَانٌ وأَدَمَّ أَي أَقبح، وَالْفِعْلُ اللَّازِمُ دَمَّ يَدِمُّ. وَالدَّمِيمُ: الْقَبِيحُ. وَقَدْ قِيلَ: دَمَمْتَ يَا فُلَانُ تَدُمُّ، قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْمُضَاعَفِ مِثْلُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: دَمَمْتَ يَا فُلَانُ تَدِمُّ وتَدُمُّ دَمامة أَي صِرْت دَميماً؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
وإِني، عَلَى مَا تَزْدَري مِنْ دَمَامَتي، ... إِذا قيسَ ذَرعي بالرِّجال أَطُولُ
قَالَ: وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي دَمِيمٌ مَنْ دَمُمْتَ عَلَى فَعُلْتَ مِثْلُ لَبُبْتَ فأَنت لَبِيبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
: كَانَ بأُسامة دَمامَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ أَحْسَنَ بِنَا إِذ لَمْ يَكُنْ جارِيةً
؛ الدَّمامةُ، بِالْفَتْحِ: القِصَرُ والقُبْحُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
المُتْعَةِ: هُوَ قَرِيبٌ مِنَ الدَّمامةِ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَا يُزَوِّجَنَّ أَحدُكم ابْنَتَهُ بدَميم.
ودَمَّ رأْسَه يَدُمُّهُ دَمّاً: ضَرَبَهُ فَشَدَخه وشَجَّهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَن تَضْرِبَهُ فتَشْدَخَهُ أَو لَا تَشْدَخهُ. ودَمَمْتُ ظَهْرَهُ بآجُرَّةٍ أَدُمُّهُ دَمّاً: ضَرَبته. ودمَّ الرَّجُلُ فُلَانًا إِذا عَذَّبه عَذَابًا تَامًّا، ودَمْدَمَ إِذا عَذَّبَ عَذَابًا تَامًّا. والدَّيْمومةُ: الْمَفَازَةُ لَا مَاءَ بِهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ:
إِذا التَخَّ الدَّياميمُ
والدَّيْمُومُ والدَّيْمومةُ: الْفَلَاةُ الْوَاسِعَةُ. ودَمْدَمْتُ الشَّيْءَ إِذا أَلْزَقْتَهُ بالأَرض وطحْطحْته. ودَمَّهُمْ يَدُمُّهُمْ دَمّاً: طَحَنَهُمْ فأَهلكهم، وَكَذَلِكَ دَمْدَمَهُمْ ودَمْدَمَ عَلَيْهِمْ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ
؛ أَي أَهلكهم، قَالَ: دَمْدَمَ أَرْجَفَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: دَمْدَمَ أَي غَضِب. وتَدَمْدَمَ الجرحُ: برأَ؛ قَالَ نُصَيْبٌ:(12/208)
وإِن هَواها فِي فُؤَادِي لقُرْحَةٌ ... دَوىً، مُنذُ كَانَتْ، قَدْ أَبَتْ مَا تَدَمدَمُ
الدَّمْدَمَةُ: الغَضَب. ودَمْدَمَ عَلَيْهِ: كَلَّمَه مُغْضَباً؛ قَالَ: وَتَكُونُ الدَّمْدَمَةُ الْكَلَامَ الَّذِي يُزْعج الرجلَ، إِلَّا أَن أَكثر الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا فِي دَمْدَمَ عَلَيْهِمْ أَي أَرْجَفَ الأَرضَ بِهِمْ؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَى دَمْدَمَ عَلَيْهِمْ أَي أَطبق عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ. يُقَالُ: دَمَمْتُ عَلَى الشَّيْءِ «2» . أَي أَطبقت عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ دَمَمْت عَلَيْهِ الْقَبْرَ وَمَا أَشبهه. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ يُدْفَنُ: قَدْ دَمْدَمْتُ عَلَيْهِ أَي سوَّيت عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ: نَاقَةٌ مَدْمُومة أَي قَدْ أُلبِسَها الشحمُ، فَإِذَا كرّرتَ الإِطْباقَ قُلْتَ دَمْدَمْتُ عَلَيْهِ. والدَّمْدامَةُ: عُشْبة لَهَا وَرَقَةٌ خَضْرَاءُ مُدَوّرة صَغِيرَةٌ، وَلَهَا عِرْق وأَصل مِثْلُ الجَزَرة أَبيض شَدِيدُ الْحَلَاوَةِ يأْكله النَّاسُ، وَيَرْتَفِعُ مِنْ وَسَطِهَا قَصَبة قَدْرُ الشِّبْرِ، فِي رأْسها بُرْعُومةٌ مِثْلُ بُرْعومة الْبَصَلِ فِيهَا حَبٌّ، وَجَمْعُهَا دَمْدامٌ؛ حَكَى ذَلِكَ أَبو حَنِيفَةَ. والدُّمادِمُ: شَيْءٌ يُشْبِهُ القَطِرانَ يَسِيلُ مِنَ السَّلَمِ والسَّمُرِ أَحمرُ، الْوَاحِدُ دُمَدِمٌ، وَهُوَ حَيْضَةُ أُمِّ أَسْلَمَ يَعْنِي شجرَةً. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الدِّمْدِمُ أُصول الصِّلِّيانِ المُحِيل فِي لُغَةِ بَنِي أَسَد، وَهُوَ فِي لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ الدِّنْدِنُ. شِمْرٌ: أُمُّ الدَّيْدَمِ هِيَ الظَّبْيَةُ؛ وأَنشد:
غَرَّاء بَيْضاء كأُمِّ الدَّيْدَمِ
والدُّمَّةُ: لُعْبَةٌ. والدُّمَّةُ: الطَّرِيقَةُ. والدِّمَّةُ، بِالْكَسْرِ: الْبَعْرَةُ. والدُّمادِم مِنَ الأَرض: روابٍ سهلةٌ. والمُدَمَّمُ: الْمَطْوِيُّ مِنَ الكِرارِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرَبَّعُ بالفَأْوَيْنِ ثُمَّ مَصِيرُها ... إِلى كلِّ كَرّ، مِنْ لَصاف، مُدَمَّمِ
دنم: الدِّنَّامَةُ والدِّنَّمَةُ: الْقَصِيرُ مِثْلُ الدِّنَّابَة والدِّنَّبة؛ أَنشد يَعْقُوبُ لأَعرابي يَهْجُو امرأَة:
كأَنَّها غُصْنٌ ذَوَى مِنْ يَنَمَهْ، ... تُنْمَى إِلى كلِّ دَنيءٍ دِنَّمَهْ
دندم: الدِّنْدِمُ: النَّبْتُ الْقَدِيمُ الْمُسْوَدُّ كالدِّنْدِنِ، بِلُغَةِ بَنِي أَسَد؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَوْلَا أَنه قَالَ بِلُغَةِ بَنِي أَسد لجَعَلْتُ مِيمَ الدِّنْدِمِ بَدَلًا مِنْ نُونِ الدِّنْدِنِ.
دهم: الدُّهْمَةُ: السَّوَادُ. والأَدْهَمُ: الأَسْود، يَكُونُ فِي الْخَيْلِ والإِبل وَغَيْرِهِمَا، فَرس أَدْهَمُ وَبَعِيرٌ أَدْهَمُ، قَالَ أَبو ذؤيب:
أَمِنْكِ البَرْقُ أَرْقُبُهُ فهَاجَا، ... فبتُّ إِخالُهُ دُهْماً خِلاجَا؟
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مُلُوكُ الْخَيْلِ دُهْمُها، وَقَدِ ادْهامَّ، وَبِهِ دُهْمَةٌ شَدِيدَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: ادْهَمَّ الفرسُ إِدْهِماماً أَي صَارَ أَدْهَمَ، وادْهامَّ الشَّيْءُ ادْهيماماً أَي اسْوَادَّ، وادْهامَّ الزَّرْعُ: عَلاه السَّوَادُ رِيّاً. وحديقةٌ دَهْماءُ مُدْهامَّةٌ: خَضْرَاءُ تَضْرِب إِلى السَّوَادِ مِنْ نَعْمَتِها ورِيِّها. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مُدْهامَّتانِ أَي سَوْدَاوَانِ مِنْ شِدَّةِ الْخُضْرَةِ مِنَ الريِّ؛ يَقُولُ: خَضْراوانِ إِلى السواد مِنَ الرِّيّ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يَعْنِي أَنهما خَضْراوان تَضْرِب خُضْرتُهما إِلى السَّوَادِ، وَكُلُّ نَبْتٍ أَخضر فتَمامُ خِصْبِهِ ورِيِّهِ أَن يَضْرِبَ إِلى السَّوَادِ. والدُّهْمةُ عِنْدَ الْعَرَبِ:
__________
(2) . قوله [دممت على الشيء إلخ] كذا بالأَصل، والذي في التهذيب: دمدمت على الشيء ودمدمت عليه القبر. وفي التكملة: إن دمم ودمدم بمعنى واحد(12/209)
السَّوَادُ، وإِنما قِيلَ للجَنَّة مُدْهامَّة لِشِدَّةِ خُضْرَتِهَا. يُقَالُ: اسودَّت الْخُضْرَةُ أَي اشتدَّت. وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: ورَوْضة مُدْهامَّة
أَي شَدِيدَةُ الْخُضْرَةِ الْمُتَنَاهِيَةِ فِيهَا كأَنها سَوْدَاءُ لِشِدَّةِ خُضْرَتِهَا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ أَخضر أَسْودُ، وَسَمِّيَتْ قُرَى الْعِرَاقِ سَوَادًا لِكَثْرَةِ خُضْرَتِهَا؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ نَخْلٍ:
دُهْماً كأَنَّ اللَّيْلَ فِي زُهَائِها، ... لَا تَرْهَبُ الذِّئْبَ عَلَى أَطْلائها
يَعْنِي أَنها خُضْرٌ إِلى السَّوَادِ مِنَ الرِّيّ، وأَن اجْتِمَاعَهَا يُرِي شُخوصَها سُودًا وزُهاؤها شُخُوصُهَا، وأَطلاؤها أَولادها، يَعْنِي فُسْلانَها، لأَنها نَخْلٌ لَا إِبِلٌ. والأَدْهَمُ: الْقَيْدُ لِسَوَادِهِ، وَهِيَ الأَداهِمُ، كسَّروه تَكْسِيرَ الأَسماء وإِن كَانَ فِي الأَصل صِفَةً لأَنه غَلَبَ غَلَبةَ الِاسْمِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
هُوَ القَيْنُ وَابْنُ القَيْنِ، لَا قَيْنَ مثلُهُ ... لبَطْحِ المَساحي، أَو لِجَدْلِ الأَداهِمِ
أَبو عَمْرٍو: إِذا كَانَ القَيدُ مِنْ خَشب فَهُوَ الأَدْهَمُ والفَلَقُ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لِلْقَيْدِ الأَدْهَمُ؛ وَقَالَ:
أَوعَدَني، بالسِّجنِ والأَداهِمِ، ... رِجْلي، ورِجْلي شَثْنَةُ المَناسِمِ
والدُّهْمَةُ مِنْ أَلوان الإِبل: أَن تَشْتَدَّ الوُرْقَةُ حَتَّى يَذْهَبَ البياضُ. بَعِيرٌ أَدْهَمُ وَنَاقَةٌ دَهْماءُ إِذا اشْتَدَّتْ وُرْقَتُهُ حَتَّى ذَهَبَ الْبَيَاضُ الَّذِي فِيهِ، فإِن زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى اشْتَدَّ السوادُ فَهُوَ جَوْنٌ، وَقِيلَ: الأَدْهمُ مِنَ الإِبل نَحْوَ الأَصفر إِلا أَنه أَقلُّ سَوَادًا، وَقَالُوا: لَا آتِيكَ مَا حَنَّت الدَّهْماء؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقَالَ: هِيَ النَّاقة، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه مِنَ الدُّهْمَةِ الَّتِي هِيَ هَذَا اللَّوْنُ، قَالَ الأَصمعي: إِذا اشْتَدَّتْ وُرْقَةُ الْبَعِيرِ لَا يُخَالِطُهَا شَيْءٌ مِنَ الْبَيَاضِ فَهُوَ أَدْهَمُ. وَنَاقَةٌ دَهْماءُ وَفَرَسٌ أَدْهَمُ بَهِيمٌ إِذا كَانَ أَسود لَا شِيَةَ فِيهِ. والوطأَةُ الدَّهْماءُ: الْجَدِيدَةُ، والغَبْراءُ: الدارِسَةُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة:
سِوَى وَطْأَةٍ دَهْماءَ، مِنْ غَيْرِ جَعْدَةٍ، ... ثَنَى أُخْتَها عَنْ غَرْزِ كَبْداء ضامِرِ
أَراد غَيْرَ جَعْدَة. وَقَالَ الأَصمعي: أَثَرٌ أَدْهَمُ جَديد، وأَثر أَغْبرُ قَديم دارِسٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَثرٌ أَدْهَمُ قَدِيمٌ دارِس. قَالَ: الوَطْأَة الدَّهْماءُ الْقَدِيمَةُ، وَالْحَمْرَاءُ الْجَدِيدَةُ، فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنَ الأَضداد؛ قَالَ:
وَفِي كلِّ أَرْضٍ جِئْتَها أَنت واجدٌ ... بِهَا أَثَراً منها جَديداً وأَدْهَمَا
والدَّهْماءُ: لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ. والدُّهْمُ ثَلَاثُ لَيَالٍ مِنَ الشَّهْرِ لأَنها دُهْمٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَمْ يَمْنَعْ ضَوْءَ نُورِها ادْهِمامُ سَجْفِ اللَّيْلِ المظلمِ
؛ الادْهِمامُ: مَصْدَرُ ادْهَمَّ أَي اسْوَدَّ. والادْهِيمامُ: مَصْدَرُ ادْهامَّ كالاحْمرار والاحْمِيرار فِي احْمَرَّ واحْمارَّ. والدَّهْماء مِنَ الضأْنِ: الحمراءُ الْخَالِصَةُ الحُمْرةِ. اللَّيْثُ: الدَّهْمُ الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ. وَقَدْ دَهَمُونا أَي جاؤونا بِمَرَّةٍ جَمَاعَةٌ. ودَهَمَهُمْ أَمرٌ إِذا غَشِيَهُمْ فاشِياً؛ وأَنشد:
جِئْنا بدَهْمٍ يَدْهَمُ الدُّهُومَا
وَفِي حَدِيثِ
بَعْضِ الْعَرَبِ وسَبَقَ إِلى عَرَفَاتٍ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مِنْ قَبْلِ أَن يَدْهَمَك الناسُ
أَي يَكْثُرُوا عَلَيْكَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ أَن يُسْتَعْمَلَ فِي الدعاء إِلَّا لمن يقول بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ. الأَزهري: وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ؛(12/210)
قَالَ أَبو جَهْلٍ: مَا تَسْتَطِيعُونَ يَا مَعشر قُرَيْشٍ، وأَنتم الدَّهْمُ، أَن يَغْلِبَ كلُّ عَشَرَةٍ مِنْكُمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَي وأَنتم الْعَدَدُ الْكَثِيرُ؛ وَجَيْشٌ دَهْمٌ أَي كَثِيرٌ. وَجَاءَهُمْ دَهْمٌ مِنَ النَّاسِ أَي كَثِيرٌ. والدَّهْمُ: الْعَدَدُ الْكَثِيرُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مُحَمَّدٌ فِي الدَّهْمِ بِهَذَا القَوْر
، وَحَدِيثُ
بَشير بْنِ سَعْد: فأَدركه الدَّهْمُ عِنْدَ اللَّيْلِ
، وَالْجَمْعُ الدُّهوم؛ وَقَالَ:
جئْنا بدَهْمٍ يَدْهَمُ الدُّهُوما ... مَجْرٍ، كأَنَّ فوقَهُ النُّجوما
ودَهِمُوهُمْ ودَهَمُوهُمْ يَدْهَمُونَهُمْ دَهْماً: غَشُوهُمْ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازِمٍ:
فَدَهَمْتُهُمْ دَهْماً بِكُلِّ طِمِرَّةٍ ... ومُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِّحالَة مِرْجَمِ
وَكُلُّ مَا غَشِيَكَ فَقَدْ دَهَمَكَ ودَهِمَكَ دَهْماً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لأَبي مُحَمَّدٍ الحَذْلَمِيِّ:
يَا سعدُ عَمَّ الماءَ وِرْدٌ يَدْهَمُهْ، ... يَوْمَ تَلاقَى شاؤُه ونَعَمُهْ
ابْنُ السِّكِّيتِ: دَهِمَهم الأَمر يَدْهَمُهُمْ ودَهِمَتْهم الْخَيْلُ، قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ ودَهَمَهُمْ، بِالْفَتْحِ، يَدْهَمُهُمْ لُغَةً. وأَتتكم الدُّهَيْماءُ؛ يُقَالُ: أَراد بالدُّهَيماء السَّوْدَاءِ الْمُظْلِمَةِ، وَيُقَالُ: أَراد بِذَلِكَ الدَّاهِيَةَ يَذْهَبُ إِلى الدُّهَيْمِ اسْمُ نَاقَةٍ، وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: وَذَكَرَ الْفِتْنَةَ فَقَالَ أَتتكم الدُّهَيْماءُ تَرْمي بالنَّشَفِ ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا تَرْمِي بالرَّضْفِ
؛ وَفِي حَدِيثٍ
آخَرَ: حَتَّى ذكرَ فِتْنَةَ الأَحْلاس ثُمَّ فِتْنَةَ الدُّهَيْماءِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: قَوْلُهُ الدُّهَيْماءُ نَرَاهُ أَراد الدَّهْماء فصَغَّرها، قَالَ شِمْرٌ: أَراد بالدَّهْماء الْفِتْنَةَ السَّوْدَاءَ الْمُظْلِمَةَ وَالتَّصْغِيرُ فِيهَا لِلتَّعْظِيمِ، وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
لتكونَنَّ فِيكُمْ أَربع فِتَنٍ الرَّقْطاءُ والمظْلِمةُ وَكَذَا وَكَذَا
؛ فالمُظْلِمةُ مِثْلُ الدَّهْماءِ، قَالَ: وَبَعْضُ النَّاسِ يَذْهَبُ بالدُّهَيْماء إِلى الدُّهَيْمِ وَهِيَ الدَّاهِيَةُ، وَقِيلَ لِلدَّاهِيَةِ دُهَيْمٌ أَن نَاقَةً كَانَ يُقَالُ لَهَا الدُّهَيْمُ، وَغَزَا قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ قَوْمًا فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعَةُ إِخْوة فحُمِلوا عَلَى الدُّهَيْمِ، فَصَارَتْ مَثَلًا فِي كُلِّ داهيةٍ. قَالَ شِمْرٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَرْوِي عَنِ المُفَضَّل أَن هَؤُلَاءِ بَنُو الزَّبَّان بْنِ مُجالِدٍ، خَرَجُوا فِي طَلَبِ إِبل لَهُمْ فَلَقِيَهُمْ كَثِيفُ بْنُ زُهَيْرٍ، فَضَرَبَ أَعناقهم ثم حمل رؤوسهم فِي جُوالِقٍ وعَلَّقه فِي عُنق نَاقَةٍ يُقَالُ لَهَا الدُّهَيْمُ، وَهِيَ نَاقَةُ عَمْرِو بْنِ الزَّبَّان، ثُمَّ خَلّاها فِي الإِبل فَرَاحَتْ عَلَى الزَّبَّان فَقَالَ لَمَّا رأَى الجُوالِقَ: أَظن بَنِيَّ صَادُوا بَيْضَ نَعام، ثُمَّ أَهوى بِيَدِهِ فأَدخلها فِي الجُوالِقِ فإِذا رَأْسٌ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: آخِرُ البَزِّ عَلَى القَلُوصِ، فَذَهَبَتْ مَثَلًا، وَقِيلَ: أَثقل مِنْ حِمْل الدُّهَيْمِ وأَشأَم مِنَ الدُّهَيْمِ؛ وَقِيلَ فِي الدُّهَيمِ: اسْمُ نَاقَةٍ غَزَا عَلَيْهَا سِتَّةُ إِخوة فقُتِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ وحُمِلوا عَلَيْهَا حَتَّى رَجَعَتْ بِهِمْ، فَصَارَتْ مَثَلًا فِي كُلِّ دَاهِيَةٍ، وَضَرَبَتِ الْعَرَبُ الدُّهَيْمَ مَثَلًا فِي الشَّرِّ وَالدَّاهِيَةِ؛ وَقَالَ الرَّاعِي يَذْكُرُ جَوْرَ السُّعَاةِ:
كتبَ الدُّهَيْمُ مِنَ العَداءِ لِمُسْرِفٍ ... عادٍ، يُريدُ مَخانةً وغُلولا
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
أَهَمْدانُ مَهْلًا لَا يُصَبِّح بُيوتَكمْ ... بِجُرْمِكُمُ حِمْلُ الدُّهَيْمِ، وَمَا تَزْبي
وَهَذَا الْبَيْتُ حَجَّةٌ لِمَا قَالَهُ الْمُفَضَّلُ. والدَّهْماء: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ(12/211)
دَخَلْتُ فِي خَمَرِ النَّاسِ أَي فِي جَمَاعَتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ، وَفِي دَهْماء النَّاسِ أَيضاً مِثْلُهُ؛ وَقَالَ:
فَقَدْناك فِقْدانَ الربِيع، وليْتَنا ... فَدَيْناكَ، مِنْ دَهْمائِنا، بأُلوفِ
وَمَا أَدري أَيُّ الدَّهْمِ هُوَ وأَيُّ دَهْمِ اللَّهِ هُوَ أَي أَيّ خَلْقِ اللَّهِ. والدَّهْماءُ: الْعَدَدُ الْكَثِيرُ. ودَهْماءُ النَّاسِ: جَمَاعَتُهُمْ وَكَثْرَتُهُمْ. والدُّهَيْماءُ، تَصْغِيرُ الدَّهْماء: الدَّاهِيَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لإِظْلامِها، والدُّهَيْم أُمّ الدُّهَيْمِ الدَّواهي، وَفِي الْمُحْكَمِ: الدَّاهِيَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَراد أَهل الْمَدِينَةِ بدَهْمٍ
أَي بِغَائِلَةٍ مِنْ أَمر عَظِيمٍ يَدْهَمُهُمْ أَي يَفْجَؤُهُمْ. وَيُقَالُ: هَدَمَهُ ودَهْدَمَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَمَا سُؤالُ طَلَلٍ وأَرْسُمِ ... والنُّؤْيِ، بَعْدَ عَهْدِهِ المُدَهْدَم
يَعْنِي الْحَاجِزَ حَوْلَ الْبَيْتِ إِذا تَهَدَّمَ؛ وَقَالَ:
غَيْرَ ثَلاثٍ فِي المَحَلِّ صُيَّمِ ... رَوائم، وهُنَّ مِثْلُ الرُّؤَّمِ،
بَعْدَ البِلى، شِبْه الرَّمادِ الأَدْهَمِ
ورَبْعٌ أَدْهَمُ: حَدِيثُ الْعَهْدِ بالحَيِّ، وأَرْبُعٌ دُهْمٌ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ أَيضاً:
أَلِلأَرْبُعِ الدُّهْمِ اللَّواتي كأَنَّها ... بَقِيَّةُ وَحْيٍ فِي بُطونِ الصَّحائف؟
الأَزهري: المُتَدَهَّمُ والمُتَدَأّمُ والمُتَدَثِّرُ هُوَ المَجْبوسُ المأْبونُ. والدَّهْماءُ: القِدْرُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الدَّهْماء السَّوْدَاءُ مِنَ القُدور، وَقَدْ دَهَّمَتْها النارُ. والدَّهْماء: سَحْنَةُ الرَّجُلِ. وفَعَلَ بِهِ مَا أَدْهَمَهُ أَي ساءَه وأَرْغَمَهُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والدَّهْماءُ: عُشْبَة ذَاتُ وَرَقٍ وقُضُبٍ كأَنها القَرْنُوَةُ، وَلَهَا نَوْرَةٌ حَمْرَاءُ يُدْبَغُ بِهَا، ومَنْبِتُها قِفافُ الرَّمْلِ. وَقَدْ سَمَّوْا داهِماً ودُهَيْماً ودُهْماناً. والدُّهَيْم: اسْمُ نَاقَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. ودُهْمان: بَطْنٌ مِنْ هُذَيْلٍ؛ قَالَ صَخْرُ الغَيِّ: ورَهْط دُهْمانَ ورَهْطُ عادِيَهْ والأَدْهَمُ: فَرَسُ عَنْتَرَةَ بْنِ مُعاوية «3» ، صفة غالبة.
دهثم: الدَّهْثَمُ: الْمَكَانُ الوَطيءُ السَّهْلُ الدَّمِثُ. وأَرض دَهْثَمَةٌ ودَهْثَمٌ: سَهْلَةٌ. وَرَجُلٌ دَهْثَم الخُلُقِ: سَهْلُهُ. وامرأَة دَهْثَمَةٌ: سَهْلَةٌ دَمِثَةُ الأَخْلاق؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ لَجَإٍ:
ثُمَّ تَنَحَّتْ عَنْ مَقامِ الحُوَّمِ ... لِعَطَنٍ رَابِي المَقامِ، دَهْثَمِ
وسُمّي الرَّجُلُ دَهْثَماً بِذَلِكَ. الأَصمعي: الْعَرَبُ تَقُولُ للصَّقْرِ الزَّهْدَمُ، وَلِلْبَحْرِ الدَّهْثَمُ. والدَّهْثَمُ: الرَّجُلُ السَّخِيُّ. ودَهْثَمٌ: اسْمٌ.
دهدم: دَهْدَم الشيءَ: قلَب بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. وتَدَهْدَمَ الحائطُ وتَجَرْجَمَ: سَقَطَ. وَيُقَالُ: دَهْدَمْتُ الْبِنَاءَ إِذا كَسَرْتَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
والنُّؤيِ، بَعْدَ عَهْده، المُدَهْدَمِ
دهقم: الدَّهْقَمَةُ: الكَيْسُ.
دهكم: الدَّهْكَمُ: الشَّيْخُ الْفَانِي. والتَّدَهْكُمُ: الِاقْتِحَامُ فِي الأَمر الشَّدِيدِ. وتَدَهْكَمَ عَلَيْنَا: تَدَرَّأَ.
دَوَمَ: دامَ الشيءُ يَدُومُ ويَدامُ؛ قَالَ:
يَا مَيّ لَا غَرْوَ وَلَا مَلامَا ... فِي الحُبِّ، إِن الحُبَّ لن يَدامَا
__________
(3) . المشهور أَنه عنترة بن شدّاد(12/212)
قَالَ كُرَاعٌ: دامَ يَدُومُ فَعِلَ يَفْعُلُ، وَلَيْسَ بقَوِيّ، دَوْماً ودَواماً ودَيْمومَةً؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ نَظَرٌ، ذَهَبَ أَهل اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِمْ دِمْتَ تَدُومُ إِلى أَنها نَادِرَةٌ كمِتَّ تَموتُ، وفَضِلَ يَفْضُلُ، وحَضِرَ يَحْضُرُ، وَذَهَبَ أَبو بَكْرٍ إِلى أَنها مُتَرَكِّبَةٌ فَقَالَ: دُمْتَ تَدُومُ كقُلْتَ تَقُولُ، ودِمْتَ تَدامُ كخِفْتَ تَخافُ، ثُمَّ تَرَكَّبَتِ اللُّغَتَانِ فَظَنَّ قَوْمٌ أَن تَدُومُ عَلَى دِمْتَ، وتَدامُ عَلَى دُمْتَ، ذَهَابًا إِلى الشُّذُوذِ وإِيثاراً لَهُ، والوَجْه مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَن تَدامُ عَلَى دِمْتَ، وتَدُومُ عَلَى دُمْتَ، وَمَا ذَهَبُوا إِليه مِنْ تَشْذيذ دِمْتَ تَدومُ أَخف مِمَّا ذَهَبُوا إِليه مِنْ تَسَوُّغِ دُمْتَ تَدامُ، إِذ الأُولى ذَاتُ نَظَائِرَ، وَلَمْ يُعْرَفْ مِنْ هَذِهِ الأَخيرة إِلَّا كُدْتَ تَكادُ، وَتَرْكِيبُ اللُّغَتَيْنِ بَابٌ وَاسِعٌ كَقَنَطَ يَقْنَطُ ورَكَنَ يَرْكَنُ، فَيَحْمِلُهُ جُهَّالُ أَهل اللُّغَةِ عَلَى الشُّذُوذِ. وأَدامَهُ واسْتَدامَهُ: تأَنَّى فِيهِ، وَقِيلَ: طَلَبَ دوَامَهُ، وأَدْومَهُ كَذَلِكَ. واسْتَدَمْتُ الأَمر إِذا تأَنَّيْت فِيهِ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ للمَجْنون وَاسْمُهُ قَيسُ بْنُ مُعاذٍ:
وإِنِّي عَلَى لَيْلى لَزارٍ، وإِنَّني، ... عَلَى ذاكَ فِيمَا بَيْنَنا، مُسْتَدِيمُها
أَي مُنْتَظِرٌ أَن تُعْتِبَني بِخَيْرٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد ابْنُ خَالَوَيْهِ فِي مُسْتَديم بِمَعْنَى مُنْتَظِر:
تَرَى الشُّعراءَ مِنْ صَعِقٍ مُصابٍ ... بصَكَّتِه، وَآخَرَ مُسْتَدِيمِ
وأَنشد أَيضاً:
إِذا أَوقَعْتُ صاعِقةً عَلَيْهِمْ، ... رأَوْا أُخْرَى تُحَرِّقُ فاسْتَدامُوا
اللَّيْثُ: اسْتِدامَةُ الأَمرِ الأَناةُ؛ وأَنشد لقَيْسِ ابن زُهَيرٍ:
فَلَا تَعْجَلْ بأَمرِكَ واسْتَدِمْهُ، ... فَمَا صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ
وتَصْلِيةُ الْعَصَا: إِدارتها عَلَى النَّارِ لِتَسْتَقِيمَ، واسْتدامتها: التَّأَنِّي فِيهَا، أَي مَا أَحْكَمَ أَمْرَها كالتَّأَنِّي. وَقَالَ شِمْرٌ: المُسْتَدِيمُ المُبالِغُ فِي الأَمر. واسْتَدِمْ مَا عِنْدَ فُلَانٍ أَي انْتَظِرْهُ وارْقُبْهُ؛ قَالَ: وَمَعْنَى الْبَيْتِ مَا قَامَ بِحَاجَتِكَ مثلُ مَنْ يُعْنى بِهَا وَيُحِبُّ قَضَاءَهَا. وأَدامه غيرهُ، والمُداومَةُ عَلَى الأَمر: الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهِ. والدَّيُّومُ: الدائِمُ مِنْهُ كَمَا قَالُوا قَيُّوم. والدِّيمةُ: مَطَرٌ يَكُونُ مَعَ سُكُونٍ، وَقِيلَ: يَكُونُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَو سِتَّةً وَقِيلَ: يَوْمًا وَلَيْلَةً أَو أَكثر، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَةَ: الدِّيمةُ مِنَ الْمَطَرِ الَّذِي لَا رَعْدَ فِيهِ وَلَا بَرْقَ تَدُومُ يَوْمَها، وَالْجَمْعَ دِيَمٌ، غُيِّرَت الْوَاوُ فِي الْجَمْعِ لتَغَيُّرِها فِي الْوَاحِدِ. وَمَا زَالَتِ السماءُ دَوْماً دَوماً ودَيْماً دَيْماً، الْيَاءُ عَلَى الْمُعَاقَبَةِ، أَي دَائِمَةَ الْمَطَرِ؛ وَحَكَى بَعْضُهُمْ: دامَتِ السماءُ تَدِيمُ دَيْماً ودَوَّمَتْ وديَّمَتْ؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ مِنَ الْوَاوِ لِاجْتِمَاعِ الْعَرَبِ طُرّاً عَلَى الدَّوامِ، وَهُوَ أَدْوَمُ مِنْ كَذَا، وَقَالَ أَيضاً: مِنَ التدريج في اللغة قولهم دِيمةٌ ودِيَمٌ، وَاسْتِمْرَارُ الْقَلْبِ فِي الْعَيْنِ إِلى الْكَسْرَةِ قَبْلَهَا «1» ، ثُمَّ تَجَاوَزُوا ذَلِكَ لَمَّا كَثُرَ وَشَاعَ إِلى أَن قَالُوا دَوَّمَتِ السماءُ ودَيَّمَتْ، فأَما دَوَّمَتْ فَعَلَى الْقِيَاسِ، وأَما دَيَّمَتْ فَلِاسْتِمْرَارِ الْقَلْبِ فِي دِيمَةٍ ودِيَمٍ؛ أَنشد أَبو زَيْدٍ:
هُوَ الجَوادُ ابنُ الجَوادِ ابنِ سَبَل، ... إِنْ دَيَّمُوا جادَ، وإِنْ جادُوا وَبَلْ
__________
(1) . قوله [إِلى الكسرة قبلها] هكذا في الأَصل(12/213)
وَيُرْوَى: دَوَّمُوا. شِمْرٌ: يُقَالُ دِيمةٌ ودِيْمٌ؛ قَالَ الأَغْلَبُ:
فَوارِسٌ وحَرْشَفٌ كالدِّيْمِ، ... لَا تَتَأَنَّى حَذَرَ الكُلُومِ
رُوِيَ عَنْ أَبي العَمَيْثَلِ أَنه قَالَ: دِيمَة وَجَمْعُهَا دُيومٌ بِمَعْنَى الدِّيمةِ. وأَرض مَدِيمَةٌ ومُدَيَّمَةٌ: أَصابتها الدِّيَمُ، وأَصلها الْوَاوُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى الْيَاءَ مُعَاقِبَةً؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
عَقِيلَةُ رَمْلٍ دافعَتْ فِي حُقوفِهِ ... رَخاخَ الثَّرَى، والأُقْحُوانَ المُدَيَّمَا
وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي دَيَمَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنها سُئِلَتْ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُفَضِّلُ بَعْضَ الأَيام عَلَى بَعْضٍ؟
وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنها ذكرَتْ عَمَل رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً
؛ شبهتْه بالدِّيمَةِ مِنَ الْمَطَرِ فِي الدَّوامِ وَالِاقْتِصَادِ. وَرُوِيَ
عَنْ حُذَيْقَة أَنه ذَكَرَ الْفِتَنَ فَقَالَ: إِنها لآتِيَتُكُمْ دِيَماً
، يَعْنِي أَنها تملأَ الأَرض مَعَ دَوامٍ؛ وأَنشد:
دِيمَةٌ هَطْلاءُ فِيهَا وَطَفٌ، ... طَبَّقَ الأَرْضَ، تَحَرَّى وتَدُرّ
والمُدامُ: المَطر الدَّائِمُ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. والمُدامُ والمُدامَةُ: الْخَمْرُ، سُمِّيَتْ مُدامَةً لأَنه لَيْسَ شَيْءٌ تُستطاع إِدامَةُ شُرْبِهِ إِلا هِيَ، وَقِيلَ: لإِدامتها فِي الدَّنِّ زَمَانًا حَتَّى سكنتْ بعد ما فارَتْ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ مُدامَةً إِذا كَانَتْ لَا تَنْزِفُ مِنْ كَثْرَتِهَا، فَهِيَ مُدامَةٌ ومُدامٌ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ مُدامَةً لِعتْقها. وَكُلُّ شَيْءٍ سَكَنَ فَقَدْ دامَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَاءِ الَّذِي يَسْكن فَلَا يَجْرِي: دائِمٌ.
وَنَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن يُبالَ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يُتَوضَّأَ مِنْهُ
، وَهُوَ الْمَاءُ الرَّاكِدُ الساكنُ، مِنْ دامَ يَدُومُ إِذا طَالَ زَمَانُهُ. ودامَ الشيءُ: سَكَنَ. وَكُلُّ شَيْءٍ سكَّنته فَقَدَ أَدَمْتَه. وظلٌّ دَوْمٌ وَمَاءٌ دَوْمٌ: دَائِمٌ، وصَفُوهُما بِالْمَصْدَرِ. والدَّأْماءُ: الْبَحْرُ لدَوامِ مَائِهِ، وَقَدْ قِيلَ: أَصله دَوْماء، فإعْلاله عَلَى هَذَا شَاذٌّ. ودامَ البحرُ يَدُومُ: سَكَنَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَجَاءَ بِهَا مَا شِئْتَ مِنْ لَطَمِيَّةٍ، ... تَدُومُ البحارُ فَوْقَهَا وتَمُوجُ
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: يَدُومُ الفُراتُ، قَالَ: وَهَذَا غَلَطٌ لأَن الدُّرَّ لَا يَكُونُ فِي الْمَاءِ الْعَذْبِ. والدَّيْمومُ والدَّيْمومَةُ: الْفَلَاةُ يَدُومُ السَّيْرُ فِيهَا لِبُعْدِهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَبي عَلِيٍّ أَنها مِنَ الدَّوامِ الَّذِي هُوَ السَّخُّ «1» . والدَّيْمُومةُ: الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ الَّتِي لَا أَعلام بِهَا وَلَا طَرِيقَ وَلَا مَاءَ وَلَا أَنيس وإِن كَانَتْ مُكْلِئَةً، وهنَّ الدَّيامِيمُ. يُقَالُ: عَلَوْنا دَيْمومةً بَعِيدَةَ الغَوْرِ، وعَلَوْنا أَرضاً دَيْمومة مُنكَرةً. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الدَّيامِيمُ الصَّحاري المُلْسُ الْمُتَبَاعِدَةُ الأَطرافِ. ودَوَّمَتِ الكلابُ: أَمعنت فِي السَّيْرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَتَّى إِذا دَوَّمَتْ فِي الأَرض راجَعَهُ ... كِبْرٌ، وَلَوْ شَاءَ نَجّى نفسَه الهَرَبُ
أَي أَمعنت فِيهِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَدامَتْهُ، وَالْمَعْنَيَانِ مُقْتَرِبَانِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الأَصمعي دَوَّمَتْ خطأٌ مِنْهُ، لَا يَكُونُ التَّدْويم إِلا في
__________
(1) . قوله: السخَّ، هكذا في الأَصل(12/214)
السَّمَاءِ دُونَ الأَرض؛ وَقَالَ الأَخفش وَابْنُ الأَعرابي: دَوَّمَتْ أَبعدت، وأَصله مِنْ دامَ يَدُومُ، وَالضَّمِيرُ فِي دَوَّمَ يَعُودُ عَلَى الْكِلَابِ؛ وَقَالَ عليُّ بْنُ حَمْزَةَ: لَوْ كَانَ التَّدْويمُ لَا يَكُونُ إِلا فِي السَّمَاءِ لَمْ يَجُزْ أَن يُقَالَ: بِهِ دُوامٌ كَمَا يُقَالُ بِهِ دُوارٌ، وَمَا قَالُوا دُومَةُ الجَنْدَلِ وَهِيَ مُجْتَمِعَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
الْجَارِيَةِ الْمَفْقُودَةِ: فَحَمَلني عَلَى خافيةٍ ثُمَّ دَوَّمَ بِي فِي السُّكاك
أَي أَدارني فِي الْجَوِّ. وَفِي حَدِيثِ
قُسّ والجارُود: قَدْ دَوَّمُوا الْعَمَائِمَ
أَي أَداروها حول رؤوسهم. وَفِي التَّهْذِيبِ فِي بَيْتِ ذِي الرُّمَّةِ: حَتَّى إِذا دَوَّمَتْ، قَالَ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشيًّا وَيُرِيدُ بِهِ الشَّمْسَ، قَالَ: وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يَقُولَ دَوَّتْ فدَوَّمَتْ اسْتِكْرَاهٌ مِنْهُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: ذَكَرَ الأَصمعي أَن التَّدْويمَ لَا يَكُونُ إِلا مِنَ الطَّائِرِ فِي السَّمَاءِ، وَعَابَ عَلَى ذِي الرُّمَّةِ مَوْضِعَهُ؛ وَقَدْ قَالَ رُؤْبَةُ:
تَيْماء لَا يَنْجو بِهَا مَنْ دَوَّما، ... إِذا عَلاها ذُو انْقِباضٍ أَجْذَما
أَي أَسرع. ودَوَّمَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِد السَّمَاءِ. ودَوَّمَت الشَّمْسُ: دَارَتْ فِي السَّمَاءِ. التَّهْذِيبُ: وَالشَّمْسُ لَهَا تَدْويمٌ كأَنها تَدُورُ، وَمِنْهُ اشْتُقَّتْ دُوّامَةُ الصَّبِيِّ الَّتِي تَدُورُ كدَوَرانها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ جُنْدَباً:
مُعْرَوْرِياً رَمَضَ الرَّضْراض يَرْكُضُهُ، ... والشَّمْسُ حَيْرى لَهَا فِي الجَوّ تَدْوِيمُ
كأَنها لَا تَمْضِي أَي قَدْ رَكِبَ حَرَّ الرَّضْراض، والرَّمَضُ: شِدَّةُ الْحَرِّ، مَصْدَرُ رَمِضَ يَرمَضُ رَمَضاً، ويركُضُهُ: يَضْرِبُهُ بِرِجْلِهِ، وَكَذَا يَفْعَلُ الجُندَبُ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: مَعْنَى قَوْلِهِ وَالشَّمْسُ حَيْرى تَقِفُ الشَّمْسُ بالهاجِرَةِ عَلَى المَسير مِقْدَارُ سِتِّينَ فَرْسَخًا «1» . تَدُورُ عَلَى مَكَانِهَا. وَيُقَالُ: تَحَيَّرَ الْمَاءُ فِي الرَّوْضَةِ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ جِهَةٌ يَمْضِي فِيهَا فَيَقُولُ كأَنها مُتَحَيِّرَة لدَوَرانها، قَالَ: والتَّدْويمُ الدَّوَرانُ، قَالَ أَبو بَكْرٍ: الدَّائِمُ مِنْ حُرُوفِ الأَضداد، يُقَالُ لِلسَّاكِنِ دَائِمٌ، وللمتحرِّك دَائِمٌ. وَالظِّلُّ الدَّوْمُ: الدَّائِمُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للَقِيط بْنِ زُرارَةَ فِي يَوْمِ جَبَلَة:
يَا قَوْمِ، قدْ أَحْرَقْتُموني باللَّوْمْ، ... وَلَمْ أُقاتِلْ عامِراً قبلَ اليَوْمْ
شَتَّانَ هَذَا والعِناقُ والنَّوْم، ... والمَشْرَبُ البارِدُ والظِّلُّ الدَّوْم
وَيُرْوَى: فِي الظِّلِّ الدَّوْم. ودَوَّمَ الطَّائِرُ إِذا تَحَرَّكَ فِي طَيَرانه، وَقِيلَ: دَوَّمَ الطَّائِرُ إِذا سَكَّنَ جَنَاحَيْهِ كَطَيَرَانِ الحِدَإِ والرَّخَم. ودَوَّمَ الطائرُ واستدامَ: حَلَّقَ فِي السَّمَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُدَوِّمَ فِي السَّمَاءِ فَلَا يُحَرِّكُ جَنَاحَيْهِ، وَقِيلَ: أَن يُدَوِّمَ وَيَحُومَ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ التَّدوِيمِ والتَّدْوِيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّدْويمُ فِي السَّمَاءِ، والتَّدْوِيَةُ فِي الأَرض، وَقِيلَ بِعَكْسِ ذَلِكَ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ جَوَّاسٌ، وَقِيلَ هُوَ لِعَمْرِو بْنِ مِخْلاةِ الحمارِ:
بيَوْمٍ تَرَى الرَّايَاتِ فِيهِ، كأَنها ... عَوافي طيورٍ مُسْتَديم وواقِع
وَيُقَالُ: دَوَّم الطائرُ فِي السَّمَاءِ إِذا جَعَلَ يَدُور، ودَوَّى فِي الأَرض، وَهُوَ مِثْلُ التَّدْويمِ فِي السَّمَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: تَدْويمُ الطَّائِرِ تَحْلِيقُهُ فِي طَيَرانِهِ لِيَرْتَفِعَ فِي السَّمَاءِ، قَالَ: وَجَعَلَ ذو الرمة التَّدْوِيمَ
__________
(1) . قوله [مقدار ستين فرسخاً] عبارة التهذيب مقدار ما تسير ستين فرسخاً(12/215)
فِي الأَرض بِقَوْلِهِ فِي صِفَةِ الثَّوْرِ: حَتَّى إِذا دَوَّمَتْ في الأَرض «1» وأَنكر الأَصمعي ذَلِكَ وَقَالَ: إِنما يُقَالُ دَوَّى فِي الأَرض ودَوَّمَ فِي السَّمَاءِ، كَمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ، قَالَ: وَكَانَ بَعْضُهُمْ يُصَوِّبُ التَّدْويم فِي الأَرض وَيَقُولُ: مِنْهُ اشْتُقَّتِ الدُّوَّامَةُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ، وَهِيَ فَلْكَةٌ يَرْمِيهَا الصَّبِيُّ بِخَيْطٍ فتُدَوِّمُ عَلَى الأَرض أَي تَدُورُ، وَغَيْرُهُ يَقُولُ: إِنما سُمِّيَت الدُّوَّامَةَ مِنْ قَوْلِهِمْ دَوَّمْتُ القِدْرَ إِذا سكَّنْتَ غَلَيَانَهَا بِالْمَاءِ لأَنها مِنْ سُرْعَةِ دَورَانها قَدْ سكنتْ وهَدَأَتْ. والتَّدْوامُ: مِثْلُ التَّدْويمِ؛ وأَنشد الأَحمر فِي نَعْتِ الْخَيْلِ:
فَهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائِداتِها، ... جُنْحَ النَّواصِي نحْوَ أَلْوِياتها،
كَالطَّيْرِ تَبْقي مُتَداوِماتِها
قَوْلُهُ تَبْقي أَي تَنْظُرُ إِليها أَنت وتَرْقُبُها، وَقَوْلُهُ مُتَداوِمات أَي مُدَوِّمات دَائِرَاتٍ عَائِفَاتٍ عَلَى شَيْءٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَدْويمُ الْكَلْبِ إِمعانُهُ فِي الهَرَبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَيُقَالُ لِلطَّائِرِ إِذا صَفّ جَنَاحَيْهِ فِي الْهَوَاءِ وسَكَّنهما فَلَمْ يُحَرِّكْهُمَا كَمَا تَفْعَلُ الحِدَأُ والرَّخَمُ: قَدْ دَوَّمَ الطَّائِرُ تَدْوِيماً، وسُمِّي تَدْوِيمًا لِسُكُونِهِ وَتَرْكِهِ الخَفَقان بِجَنَاحَيْهِ. اللَّيْثُ: التَّدْويمُ تَحْلِيقُ الطَّائِرِ فِي الْهَوَاءِ ودَوَرانه. ودُوَّامة الْغُلَامِ، بِرَفْعِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ: وَهِيَ الَّتِي تَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ فَتُدار، وَالْجَمْعُ دُوَّامٌ، وَقَدْ دَوَّمْتُها. وَقَالَ شِمْرٌ: دُوَّامةٌ الصَّبِيِّ، بِالْفَارِسِيَّةِ، دَوَابُّهُ وَهِيَ الَّتِي تَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ تُلَفُّ بِسَيْرٍ أَو خَيْطٍ ثُمَّ تُرْمى عَلَى الأَرض فتَدور؛ قَالَ المُتَلَمِّسُ فِي عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ:
أَلَك السَّدِيرُ وبارِقٌ، ... ومَرابِضٌ، ولَكَ الخَوَرْنَقْ،
والقَصْرُ ذُو الشُّرُفاتِ مِنْ ... سِنْدادَ، والنَّخْلُ المُنَبَّقْ،
والقادِسِيَّةُ كلُّها، ... والبَدْوُ مِنْ عانٍ ومُطْلَقْ؟
وتَظَلُّ، فِي دُوَّامةِ ... المولودِ يُظْلَمُها، تَحَرَّقْ
فَلَئِنْ بَقيت، لَتَبْلُغَنْ ... أَرْماحُنا مِنْكَ المُخَنَّقْ
ابْنُ الأَعرابي: دامَ الشيءُ إِذا دَارَ، وَدَامَ إِذا وقَف، وَدَامَ إِذا تَعِبَ. ودَوَّمَتْ عينُه: دَارَتْ حَدَقَتُهَا كأَنها فِي فَلْكةٍ، وأَنشد بَيْتَ رُؤْبَةَ:
تَيْماء لَا يَنْجُو بِهَا مَنْ دَوَّمَا
والدُّوامُ: شِبْهُ الدُّوارِ فِي الرأْس، وَقَدْ دِيمَ بِهِ وأُدِيمَ إِذا أَخذه دُوارٌ. الأَصمعي: أَخذه دُوَامٌ فِي رأْسه مِثْلُ الدُّوارِ، وَهُوَ دُوارُ الرأْس. الأَصمعي: دَوّمَتِ الْخَمْرُ شَارِبَهَا إِذا سَكِرَ فدارَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَنها كَانَتْ تَصِفُ مِنَ الدُّوامِ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةٍ فِي سَبْعِ غَدَواتٍ عَلَى الرِّيقِ
؛ الدُّوامُ، بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ: الدُّوارُ الَّذِي يَعْرِضُ فِي الرأْس. ودَوَّمَ المرقةَ إِذا أَكثر فِيهَا الإِهالة حَتَّى تَدُور فَوْقَهَا، وَمَرَقَةٌ داوِمة نَادِرٌ، لأَن حَقَّ الْوَاوِ فِي هَذَا أَن تُقْلَبَ هَمْزَةً. ودَوَّمَ الشَّيْءَ: بَلَّةُ، قَالَ ابْنُ أَحمر:
هَذَا الثَّناءُ، وأَجْدِرْ أَن أُصاحِبَهُ ... وَقَدْ يُدَوِّمُ ريقَ الطامِعِ الأَمَلُ
__________
(1) . البيت(12/216)
أَي يبلُّه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَقُولُ هَذَا ثَنَائِي على النُّعْمان ابن بَشِيرٍ، وأَجْدر أَن أُصاحبه وَلَا أُفارقه، وأَملي لَهُ يُبْقي ثَنَائِي عَلَيْهِ ويُدَوِّمُ رِيقِي فِي فَمِي بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: والتَّدْويمُ أَن يَلُوكَ لسانَه لِئَلَّا يَيْبَسَ ريقُه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ بَعِيرًا يَهْدِرُ فِي شِقْشِقتِه:
فِي ذَاتِ شامٍ تَضْرِبُ المُقَلَّدَا، ... رَقْشَاءَ تَنْتاخُ اللُّغامَ المُزْبِدَا،
دَوَّمَ فِيهَا رِزُّه وأَرْعَدَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُهُ فِي ذَاتِ شامٍ يَعْنِي فِي شِقْشِقَةٍ، وشامٌ: جَمْعُ شامةٍ، تَضْرب المُقَلَّدَا أَي يُخْرِجُهَا حَتَّى تَبْلُغَ صَفْحَةَ عُنُقِهِ؛ قَالَ: وتَنْتاخُ عِنْدِي مِثْلُ قَوْلِ الرَّاجِزِ:
يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ حُرَّةٍ
عَلَى إِشباع الْفَتْحَةِ، وأَصله تَنْتَخ وتَنْبَعُ، يُقَالُ: نَتَخَ الشَّوْكَةَ مِنْ رِجْلِهِ إِذا أَخرجها، والمِنْتاخُ: المِنْقاش، وَفِي شِعْرِهِ تَمْتاخ أَي تَخْرُجُ، والماتِخُ: الَّذِي يُخْرِجُ الْمَاءَ مِنَ الْبِئْرِ. ودَوَّمَ الزعفرانَ: دافَهُ؛ قَالَ اللَّيْثُ: تَدْوِيمُ الزَّعْفَرَانِ دَوْفُه وإِدارَتُه فِي دَوْفِه؛ وأَنشد:
وهُنَّ يَدُفْنَ الزَّعفران المُدَوَّمَا
وأَدامَ القِدْرَ ودَوَّمَها إِذا غَلَت فَنَضَحَهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ لِيَسْكُنَ غَلَيانها؛ وَقِيلَ: كَسَرَ غَلَيَانَهَا بِشَيْءٍ وسكَّنَهُ؛ قَالَ:
تَفُورُ عَلَيْنَا قِدْرُهُمْ فنُدِيمُها، ... ونَفْثَؤُها عَنَّا إِذا حَمْيها غَلَى
قَوْلُهُ نُدِيمُها: نُسَكِّنها، ونَفْثَؤُها: نَكْسِرُهَا بِالْمَاءِ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
سَعَرْتُ عليكَ الحَربَ تَغلي قُدورُها، ... فهَلَّا غَداةَ الصِّمَّتَيْنِ تُدِيمُها
يُقَالُ: أَدام القِدْرَ إِذا سكَّن غَلَيانها بأَن لَا يُوقدَ تَحْتَهَا وَلَا يُنزِلَها، وَكَذَلِكَ دَوَّمَها. وَيُقَالُ لِلَّذِي تُسَكَّنُ بِهِ الْقِدْرُ: مِدْوامٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الإِدامةُ أَن تَتْرُكَ الْقِدْرَ عَلَى الأَثافيِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ، لَا يُنْزِلُهَا وَلَا يُوقِدُهَا. والمِدْوَمُ والمِدْوامُ: عُودٌ أَو غَيْرُهُ يُسَكَّنُ بِهِ غَلَيَانُهَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. واسْتَدامَ الرجلُ غَرِيمَهُ: رفَق بِهِ، واسْتَدْماهُ كَذَلِكَ مَقْلُوبٌ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا بأَنه مَقْلُوبٌ لأَنَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ مَصْدَرًا؛ واسْتَدْمَى مَوَدَّته: تَرَقَّبَهَا مِنْ ذَلِكَ، وإِن لَمْ يَقُولُوا فِيهِ اسْتَدام؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
وَمَا زِلْتُ أَسْتَدْمِي، وَمَا طَرَّ شارِبي، ... وِصالَكِ، حَتَّى ضَرَّ نَفْسِي ضَمِيرُها
قَوْلُهُ وَمَا طَرَّ شارِبي جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسانَ فِي بَابِ كَانَ وأَخواتها: أَما مَا دامَ فَمَا وَقتٌ، تَقُولُ: قُمْ مَا دَامَ زيدٌ قَائِمًا، تُرِيدُ قُمْ مُدَّةَ قِيَامِهِ؛ وأَنشد:
لَتَقْرَبَنَّ قَرَباً جُلْذِيَّا، ... مَا دَامَ فيهِنَّ فَصِيل حَيَّا
أَي مدَّة حَيَاةِ فُصْلانها، قَالَ: وأَما صَارَ فِي هَذَا الْبَابِ فإِنها عَلَى ضَرْبين: بُلُوغٌ فِي الْحَالِ، وَبُلُوغٌ فِي الْمَكَانِ، كَقَوْلِكَ صَارَ زَيْدٌ إِلى عَمْرٍو، وَصَارَ زَيْدٌ رَجُلًا، فإِذا كَانَتْ فِي الْحَالِ فَهِيَ مِثْلُ كَانَ فِي بَابِهِ، فأَما قَوْلُهُمْ مَا دَامَ فَمَعْنَاهُ الدَّوامُ لأَن مَا اسْمُ مَوْصُولٍ بدامَ وَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلا ظَرْفاً كَمَا تُسْتَعْمَلُ الْمَصَادِرُ(12/217)
ظُرُوفًا، تَقُولُ: لَا أَجلس مَا دُمْتَ قَائِمًا أَي دَوامَ قيامِكَ، كَمَا تَقُولُ: ورَدْتُ مَقْدَمَ الْحَاجِّ. والدَّوْمُ: شَجَرُ المُقْلِ، وَاحِدَتُهُ دَوْمَةٌ، وَقِيلَ: الدَّوْمُ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ ثَمَرُهُ المُقْلُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيت النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي ظِلِّ دَوْمة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ وَاحِدَةُ الدَّوْمِ وَهُوَ ضِخَامُ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: شَجَرُ المُقْلِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الدَّوْمَةُ تَعْبُلُ وتَسْمُو ولها خُوصٌ كخُوصِ النحل وتُخرِجُ أَقْناءً كأَقْناء النَّخْلَةِ. قَالَ: وَذَكَرَ أَبو زِيَادٍ الأَعرابي أَن مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُسَمِّي النَّبْقَ دَوْماً. قَالَ: وَقَالَ عُمَارَةُ الدَّوْمُ العظامُ مِنَ السِّدْرِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الدَّوْمُ ضِخام الشَّجَرِ مَا كَانَ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
زَجَرْنَ الهِرَّ تَحْتَ ظِلَالِ دَوْمٍ، ... ونَقَّبْنَ العَوارِضَ بالعُيونِ
وَقَالَ طُفَيْلٌ:
أَظُعْنٌ بِصَحْراء الغَبيطَينِ أَم نَخْلُ ... بَدَتْ لَكَ، أَمْ دَومٌ بأَكمامِها حَمْلُ؟
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والدَّوْمُ شَجَرٌ يُشْبِهُ النَّخْلَ إِلَّا أَنه يُثْمِر المُقْلَ، وَلَهُ لِيفٌ وخُوص مِثْلُ لِيفِ النَّخْلِ. ودُومَةُ الجَنْدَلِ: مَوْضِعٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: حِصْنٌ، بِضَمِّ الدَّالِ، وَيُسَمِّيهِ أَهل الْحَدِيثِ دَوْمَة، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ خطأٌ، وَكَذَلِكَ دُوماء الجَنْدَلِ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: دَوْمَةُ الجَنْدَلِ فِي غَائِطٍ مِنَ الأَرض خَمْسَةُ فراسِخَ، وَمِنْ قِبَلِ مَغْرِبِهِ عَيْنٌ تَثُجُّ فَتَسْقِي مَا بِهِ مِنَ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ، قَالَ: ودَوْمَةُ ضاحِيَةٌ بَيْنَ غَائِطِهَا هَذَا، وَاسْمُ حِصْنِهَا مارِدٌ، وَسُمِّيَتْ دَوْمَةَ الجَنْدَلِ لأَن حِصْنَهَا مَبْنِيٌّ بِالْجَنْدَلِ، قَالَ: والضاحِيةُ مِنَ الضَّحْل مَا كَانَ بَارِزًا مِنْ هَذَا الغَوْطِ والعينِ الَّتِي فِيهِ، وَهَذِهِ الْعَيْنُ لَا تَسْقِي الضَّاحِيَةَ، وَقِيلَ: هُوَ دُومة، بِضَمِّ الدَّالِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ، وَتُضَمُّ دَالُهَا وَتُفْتَحُ، وَهِيَ مَوْضِعٌ؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ بَنَاتَ الدَّهْرِ:
وأَعْصَفْنَ بالدُّومِيِّ مِنْ رأْس حِصْنِهِ، ... وأَنْزَلْنَ بالأَسباب ربَّ المُشَقَّرِ
يَعْنِي أُكَيْدِر، صَاحِبَ دُومَةِ الجَنْدَلِ. وَفِي حَدِيثِ قَصْرِ الصَّلَاةِ:
وَذَكَرَ دَوْمِين
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ حِمْص. والإِدامَةُ: تَنْقيرُ السَّهْمِ عَلَى الإِبْهام. ودُوِّمَ السَّهْمُ: فُتِل بالأَصابع؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ لِلْكُمَيْتِ:
فاسْتَلَّ أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّلُهُ، ... عِنْدَ الإِدامَةِ، حَتَّى يَرْنُوَ الطَّرِبُ
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَتْ لليَهُود عَلَيْكُمُ السامُ الدامُ
أَي الْمَوْتُ الدَّائِمُ، فَحَذَفَتِ الْيَاءَ لأَجل السَّامِ. ودَوْمانُ: اسْمُ رَجُلٍ. ودَوْمانُ: اسْمُ قَبِيلَةٍ. ويَدُومُ: جَبَلٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وَفِي يَدُومَ، إِذا اغْبَرَّتْ مَناكِبُهُ، ... وذِرْوة الكَوْر عَنْ مَرْوانَ مُعْتزل
وَذُو يَدُومَ: نَهْرٌ مِنْ بِلَادِ مُزَيْنَة يَدْفَعُ بِالْعَقِيقِ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
عَرَفْتُ الدَّارَ قَدْ أَقْوَتْ بِرِئْمٍ ... إِلى لأْيٍ، فمَدْفَعِ ذِي يَدُومِ
وأَدام: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو المُثَلَّمِ:
لَقَدْ أُجْرِي لمصْرَعِهِ تَلِيدٌ، ... وساقَتْهُ المَنِيَّةُ مِنْ أَداما(12/218)
قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَكُونُ أَفْعَلَ مِنْ دامَ يَدُومُ فَلَا يُصْرَفُ كَمَا لَا يُصْرَفُ أَخْزَمُ وأَحمر، وأَصله عَلَى هَذَا أَدْوَم، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ مِنْ د م ي، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَاللَّهُ أَعلم.
دَيَمَ: الديمةُ: الْمَطَرُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ رَعْد وَلَا بَرْقٌ، أَقله ثُلْثُ النَّهَارِ أَو ثُلْثُ اللَّيْلِ، وأَكثره مَا بَلَغَ مِنَ العِدَّة، وَالْجَمْعُ دِيَمٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
باتَتْ وأَسْبَلَ والِفٌ من دَيمَةٍ ... تَرْوي الخَمائِلَ، دَائِمًا تَسْجامُها
ثُمَّ يُشَبَّه بِهِ غَيْرُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَسُئِلَتْ عَنِ عَمَلِ سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِبَادَتِهِ فَقَالَتْ: كَانَ عملُه دِيمةً
؛ الدِّيمةُ الْمَطَرُ الدَّائِمُ فِي سُكُونٍ، شَبَّهَتْ عَمَلَهُ فِي دَوَامِهِ مَعَ الِاقْتِصَادِ بِدِيمَةِ الْمَطَرِ الدَّائِمِ، قَالَ: وأَصله الْوَاوُ فَانْقَلَبَتْ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: وَذَكَرَ الْفِتَنَ فَقَالَ إِنها لآتِيَتُكُم دِيَماً دِيَماً
أَي أَنها تملأُ الأَرض فِي دَوامٍ، ودِيَمٌ جَمْعُ دِيمَةِ الْمَطَرُ، وَقَدْ دَيَّمَت السماءُ تَدْيِيماً؛ قَالَ جَهْم بْنُ سَبَلٍ يَمْدَحُ رَجُلًا بالسَّخاء:
أَنا الجَواد ابْنُ الجَواد ابْنِ سَبَلْ، ... إِن دَيَّمُوا جادَ، وإِن جَادُوا وَبَل «2»
. والدَّيامِيمُ: المفاوِزُ. وَمَفَازَةٌ دَيْمومَةٌ أَي دَائِمَةُ الْبُعْدِ. وَفِي حَدِيثِ
جُهَيْشِ بْنِ أَوْس: ودَيْمومَةٍ سَرْدَحٍ
؛ هِيَ الصَّحْرَاءُ الْبَعِيدَةُ، وَهِيَ فَعْلُولة مِنَ الدَّوامِ، أَي بَعِيدَةُ الأَرْجاء يَدُومُ السَّيْرُ فِيهَا، وَيَاؤُهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ، وَقِيلَ: هِيَ فَيْعُولة مِنْ دَمَمْتُ الْقِدْرَ إِذا طَلَيْتُهَا بِالرَّمَادِ أَي أَنها مُشْتَبِهَةٌ لَا عَلَمَ بِهَا لِسَالِكِهَا. وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ عَنِ الْفَرَّاءِ: مَا زَالَتِ السَّمَاءُ دَيْماً دَيْماً أَي دَائِمَةَ الْمَطَرِ، قَالَ: وأَراها مُعَاقِبَةً لِمَكَانِ الْخِفَّةِ، فإِذا كَانَ هَذَا لَمْ يُعْتَدّ بِهِ فِي الْيَاءِ، وَقَدْ رُوِيَ: دامَتِ السَّمَاءُ تَديمُ مَطَرَتْ دِيمةً، فإِن صَحَّ هَذَا الْفِعْلُ اعْتُدَّ بِهِ فِي الْيَاءِ. وأَرض مَديمةٌ ومُدَيَّمةٌ: أَصابتها الدِّيمةُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي دَوَمَ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
رَبيبةُ رَمْلٍ دافعَتْ فِي حُقوفِهِ ... رَخاخَ الثَّرى، والأُقحُوانَ المُدَيَّما
وَقَالَ كُرَاعٌ: اسْتَدامَ الرَّجُلُ إِذا طأْطأَ رأْسه يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ، مَقْلُوبٌ عن اسْتَدْمى.
فصل الذال المعجمة
ذأم: ذَأَمَ الرجلَ يَذْأَمُهُ ذَأْماً: حقَّره وذَمَّهُ وَعَابَهُ، وَقِيلَ: حَقَّرَهُ وَطَرَدَهُ، فَهُوَ مَذْؤُومٌ، كَذَأَبهُ؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
فإِن كُنْتَ لَا تَدْعُو إِلى غَيْرِ نافِعٍ ... فذَرْني، وأَكْرِمْ مِنْ بَدَا لَكَ واذْأَمِ
وذَأَمَهُ ذَأْماً: طَرَدَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً
؛ يكون مَعْنَاهُ مَذْمُومًا وَيَكُونُ مَطْرُودًا. وقال مجاهد: مَذْؤوماً مَنْفِيًّا، ومَدْحوراً مَطْرُودًا. وذأَمَه ذَأْماً: أَخزاه. والذَّأْمُ: الْعَيْبُ، يُهْمَزُ وَلَا يَهْمَزُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَتْ لليَهُود عَلَيْكُمُ السامُ
__________
(2) . قوله [أَنا الْجَوَادُ ابْنُ الْجَوَادِ إِلخ] قد تقدم في المادة قبل هذه هو الجواد. وكذلك الجوهري أَورده في مادة سبل وقال: إِن سبلًا فيه اسم فرس، وقد تقدم للمؤلف هناك عن ابن بري أَن الشِّعْرُ لِجَهْمِ بْنِ سَبَلَ وأَن أَبا زياد الكلابي أَدركه يُرْعَدُ رأْسه وَهُوَ يَقُولُ: أَنا الجواد إِلخ انتهى. فظهر من هذا أَن سبلًا ليس اسم فرس بل اسم لوالد جهم القائل هذا الشعر يمدح به نفسه لا رجلًا آخر(12/219)
والذَّأْمُ
؛ الذَّأْمُ: الْعَيْبُ، وَلَا يُهْمَزُ، وَيُرْوَى بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. أَبو الْعَبَّاسِ: ذَأَمْتُه عِبْتُهُ، وَهُوَ أَكثر من ذَمَمْتُهُ.
ذحلم: ذَحْلَمَهُ وسَحْتَنَه إِذا ذَبَحَهُ. وذَحْلَمَهُ فَتَذَحْلَمَ إِذا دَهْوَرَهُ فَتَدَهْوَرَ. وَمَرَّ يَتَذَحْلَمُ كأَنه يَتَدَحْرَجُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنَّهُ فِي هُوَّةٍ تَذَحْلَما
وذَحْلَمْتُهُ: صَرَعْتُهُ وَذَلِكَ إِذا ضربته بحجر ونحوه.
ذلم: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي قَالَ الذَّلَمُ مَغِيضُ مَصَبِّ الوادي.
ذمم: الذَّمُّ: نَقِيضُ الْمَدْحِ. ذَمَّهُ يَذُمُّهُ ذَمّاً ومَذَمَّةً، فَهُوَ مَذْمُومٌ وذَمٌّ. وأَذَمَّهُ: وَجَدَهُ ذَمِيماً مَذْمُوماً. وأَذَمَّ بِهِمْ: تَرَكَهُمْ مَذْمُومينَ فِي النَّاسِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَذَمَّ بِهِ: تَهَاوَنَ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ ذَمَّ يَذُمُّ ذَمّاً، وَهُوَ اللَّوْمُ فِي الإِساءة، والذَّمُّ والمَذموم وَاحِدٌ. والمَذَمَّة: الْمَلَامَةُ، قَالَ: وَمِنْهُ التَّذَمُّمُ. وَيُقَالُ: أَتيت مَوْضِعَ كَذَا فأَذْمَمْتُهُ أَي وَجَدْتُهُ مَذْمُومًا. وأَذَمَّ الرجلُ: أَتى بِمَا يُذَمُّ عَلَيْهِ. وتذامَّ القومُ: ذَمَّ بعضُهم بَعْضًا، وَيُقَالُ مِنَ التَّذَمُّمِ. وَقَضَى مَذَمَّةَ صَاحِبِهِ أَي أَحسن إِليه لِئَلَّا يُذَمَّ. واسْتَذَمَّ إِليه: فَعَلَ مَا يَذُمُّهُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: افْعَلْ كَذَا وَكَذَا وخَلاكَ ذَمٌّ أَي خلاكَ لَوْمٌ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا يُقَالُ وخَلاكَ ذَنْبٌ، وَالْمَعْنَى خَلَا مِنْكَ ذَمٌّ أَي لَا تُذَمُّ. قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: لَمْ أَر كَالْيَوْمِ قَطُّ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ مثلُ هَذَا الرُّطَبِ لَا يُذِمُّونَ أَي لَا يَتَذَمَّمُونَ وَلَا تأْخذهم ذمامةٌ حَتَّى يُهْدُوا لِجِيرانهم. والذَّامُّ، مُشَدَّدٌ، والذامُ مُخَفَّفٌ جَمِيعًا: الْعَيْبُ. واسْتَذَمَّ الرجلُ إِلى النَّاسِ أَي أَتى بِمَا يُذَمُّ عَلَيْهِ. وتَذَمَّمَ أَي اسْتَنْكَفَ؛ يُقَالُ: لَوْ لَمْ أَترك الْكَذِبَ تأَثُّماً لِتَرَكْتُهُ تَذَمُّماً. وَرَجُلٌ مُذَمَّمٌ أَي مذْمُومٌ جِدًّا. وَرَجُلٌ مُذِمٌّ: لَا حَراك بِهِ. وَشَيْءٌ مُذِمٌّ أَي مَعيب. والذُّموم: العُيوب؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ لأُمَيَّةَ بْنِ أَبي الصَّلْتِ:
سَلَامُكَ، رَبَّنا، فِي كُلِّ فَجْرٍ ... بَريئاً مَا تَعَنَّتْكَ الذُّمُومُ
وَبِئْرٌ ذَمَّةٌ وذَميمٌ وذَميمةٌ: قَلِيلَةُ الْمَاءِ لأَنها تُذَمُّ، وَقِيلَ: هِيَ الغَزيرة، فَهِيَ مِنَ الأَضداد، وَالْجَمْعُ ذِمامٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة يَصِفُ إِبلًا غارتْ عُيُونُهَا مِنَ الكَلالِ:
عَلَى حِمْيَرِيّاتٍ، كأَنَّ عُيونَها ... ذِمامُ الرَّكايا أَنْكَزَتْها المَواتِحُ
أَنْكَزَتها: أَقَلَّتْ ماءَها؛ يَقُولُ: غَارَتْ أَعينها مِنَ التَّعَبِ فكأَنَّها آبَارٌ قَلِيلَةُ الْمَاءِ. التَّهْذِيبُ: الذَّمَّةُ الْبِئْرُ الْقَلِيلَةُ الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ ذَمٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ الصلاة والسلام، مَرَّ بِبِئْرٍ ذمَّة فَنَزَلْنَا فِيهَا
، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها مَذْمومة؛ فَأَمَّا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
نُرَجِّي نَائِلًا مِنْ سَيْبِ رَبّ، ... لَهُ نُعْمَى، وذَمَّتُهُ سِجالُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَدْ يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ الْغَزِيرَةَ وَالْقَلِيلَةَ الْمَاءِ أَي قَلِيلُهُ كَثِيرٌ. وَبِهِ ذَمِيمةٌ أَي عِلَّةٌ مِنْ زَمانَةٍ أَو آفَةٌ تَمْنَعُهُ الْخُرُوجَ. وأَذَمَّتْ رِكَابُ الْقَوْمِ إِذْماماً: أَعيت وَتَخَلَّفَتْ وتأَخرت عَنْ جَمَاعَةِ الإِبل وَلَمْ تَلْحَقْ بِهَا، فَهِيَ مُذِمَّةٌ، وأَذَمَّ بِهِ بَعيرهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَنشد أَبو الْعَلَاءِ:(12/220)
قَوْمٌ أَذَمَّتْ بِهِمْ رَكائِبُهُمْ، ... فاسْتَبْدَلوا مُخْلِقَ النِّعالِ بِهَا
وَفِي حَدِيثِ
حَليمة السَّعْدِيَّةِ: فخرجْتُ عَلَى أَتاني تِلْكَ فَلَقَدْ أَذَمَّتْ بالرَّكْبِ
أَي حَبَسَتْهُمْ لِضَعْفِهَا وَانْقِطَاعِ سَيْرِهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
المِقْدادِ حِينَ أَحْرَزَ لِقاحَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وإِذا فِيهَا فَرَسٌ أَذَمُ
أَي كالٌّ قَدْ أَعيْا فَوَقَفَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدْ طَلَعَ فِي طَرِيقٍ مُعْوَرَّةٍ حَزْنَةٍ وإِنَّ رَاحِلَتَهُ أَذَمَّتْ
أَي انْقَطَعَ سَيْرُهَا كأَنها حَمَلَت النَّاسَ عَلَى ذَمِّها. وَرَجُلٌ ذُو مُذَمَّةٍ ومَذِمَّةٍ أَي كلٌّ عَلَى النَّاسِ، وإِنه لَطَوِيلُ المَذَمَّةِ، التَّهْذِيبُ: فأَما الذَّمُّ فَالِاسْمُ مِنْهُ المَذَمَّةُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: المَذِمَّةُ، بِالْكَسْرِ، مِنَ الذِّمامِ والمَذَمَّةُ، بِالْفَتْحِ، مِنَ الذَّمِّ. وَيُقَالُ: أَذهِبْ عَنْكَ مَذِمَّتَهُمْ بِشَيْءٍ أَي أَعطهم شَيْئًا فإِن لَهُمْ ذِماماً. قَالَ: ومَذَمَّتهم لغةٌ. والبُخل مَذَمَّةٌ، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ، أَي مِمَّا يُذَمُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ خِلَافُ المَحْمَدَةِ. والذِّمامُ والمَذَمَّةُ: الْحَقُّ والحُرْمة، وَالْجُمَعُ أَذِمَّةٌ. والذِّمَّة: الْعَهْدُ والكَفالةُ، وَجَمْعُهَا ذِمامٌ. وَفُلَانٌ لَهُ ذِمَّة أَي حَقٌّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: ذِمَّتي رَهِينُه وأَنا بِهِ زَعِيمٌ
أَي ضَمَانِي وَعَهْدِي رَهْنٌ فِي الْوَفَاءِ بِهِ. والذِّمامُ والذِّمامةُ: الحُرْمَةُ؛ قَالَ الأَخطل:
فَلَا تَنْشُدُونا مِنْ أَخيكم ذِمامةً، ... ويُسْلِم أَصْداءَ العَوِير كَفِيلُها
والذِّمامُ: كُلُّ حُرْمَةٍ تَلْزمك إِذا ضَيَّعَتْها المَذَمَّةُ، وَمِنْ ذَلِكَ يُسَمَّى أَهلُ الْعَهْدِ أَهلَ الذِّمَّةِ، وَهُمُ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كُلِّهِمْ. وَرَجُلٌ ذِمِّيٌّ: مَعْنَاهُ رَجُلٌ لَهُ عَهْدٌ. والذِّمَّةُ: الْعَهْدُ مَنْسُوبٌ إِلى الذِّمَّةِ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الذِّمَّةُ أَهل الْعَقْدِ. قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ الذِّمّةُ الأَمان فِي
قَوْلِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَيَسْعَى بذِمَّتِهِمْ أَدناهم.
وَقَوْمٌ ذِمَّةٌ: مُعاهدون أَي ذَوُو ذِمَّةٍ، وَهُوَ الذِّمُّ؛ قَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:
يُغَرِّدُ بالأَسْحار فِي كلِّ سُدْفَةٍ، ... تَغَرُّدَ مَيَّاحِ النَّدَى المُتَطَرِّب «1»
. وأَذَمَّ لَهُ عَلَيْهِ: أَخَذَ لَهُ الذِّمَّة. والذَّمامَةُ والذِّمامة: الْحَقُّ كالذِّمّة؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تكُنْ عَوْجةً يَجزِيكما اللَّهُ عِنْدَهَا ... بِهَا الأَجْرَ، أَو تُقضى ذِمامةُ صَاحِبِ
ذِمامة: حُرْمَةٌ وَحَقٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الذِّمَّة والذِّمامِ، وَهُمَا بِمَعْنَى العَهْد والأَمانِ والضَّمانِ والحُرْمَةِ وَالْحَقِّ، وسُمِّيَ أَهل الذِّمَّةِ ذِمَّةً لِدُخُولِهِمْ فِي عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ وأَمانهم. وَفِي الْحَدِيثِ فِي دُعَاءِ الْمُسَافِرِ:
اقْلِبْنا بذِمَّةٍ
أَي ارْدُدْنا إِلى أَهلنا آمِنِينَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّة
أَي أَن لِكُلِّ أَحد مِنَ اللَّهِ عَهْدًا بِالْحِفْظِ والكِلايَةِ، فإِذا أَلْقى بِيَدِهِ إِلى التَّهْلُكَةِ أَو فَعَلَ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ أَو خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ خَذَلَتْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى. أَبو عُبَيْدَةَ: الذِّمَّةُ التَّذَمُّمُ مِمَّنْ لَا عَهْدَ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمُسْلِمُونَ تَتَكافأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بذِمَّتهم أَدناهم
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الذِّمَّةُ الأَمان هَاهُنَا، يَقُولُ إِذا أَعْطى الرجلُ مِنَ الْجَيْشِ الْعَدُوَّ أَماناً جَازِ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَن يُخْفِروه وَلَا أَن يَنْقُضوا عَلَيْهِ عَهْدَهُ كَمَا أَجاز عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَمان عبدٍ عَلَى أَهل الْعَسْكَرِ جَمِيعِهِمْ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ
سَلْمان ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ
؛ فالذِّمَّةُ هِيَ الأَمان، وَلِهَذَا سُمِّيَ المُعاهَدُ ذِمِّيّاً، لأَنه أُعْطيَ
__________
(1) . هكذا ورد هذا البيت في الأصل، وليس فيه أَيّ شاهد على شيء مما تقدم من الكلام(12/221)
الأَمان عَلَى ذِمَّةِ الجِزْيَة الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً
؛ قَالَ: الذِّمَّةُ الْعَهْدُ، والإِلّ الحِلْف؛ عَنْ قَتَادَةَ. وأَخذتني مِنْهُ ذِمامٌ ومَذَمَّةٌ، وَلِلرَّفِيقِ عَلَى الرَّفِيقِ ذِمامٌ أَي حَقٌّ. وأَذَمَّهُ أَي أَجاره. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ: قِيلَ لَهُ مَا يَحِلُّ مِنْ ذِمَّتِنا؟
أَراد مِنْ أَهل ذِمَّتِنا فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَشْتَرُوا رَقيق أَهل الذمَّة وأَرَضِيهِمْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْمَعْنَى أَنهم إِذا كَانَ لَهُمْ مَماليكُ وأَرَضُونَ وحالٌ حَسَنَةٌ ظَاهِرَةٌ كَانَ أَكثر لجِزْيتهم، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَن الجِزْية عَلَى قَدْرِ الْحَالِ، وَقِيلَ فِي شِرَاءِ أَرَضِيهْم إِنه كَرِهَهُ لأَجل الخَراج الَّذِي يَلْزَمُ الأَرض، لِئَلَّا يَكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِ إِذا اشْتَرَاهَا فَيَكُونَ ذُلًّا وصَغاراً. التَّهْذِيبُ: والمُذِمُّ المَذْموم الذَّمِيمُ. وَفِي حَدِيثِ
يُونُسَ: أَن الْحُوتَ قاءَهُ رَذِيّاً ذَمّاً
أَي مَذْموماً شِبْهَ الْهَالِكِ. ابْنُ الأَعرابي: ذَمْذَمَ الرَّجُلُ إِذا قَلَّلَ عَطِيَّتَهُ. وذُمَّ الرجلُ: هُجِيَ، وذُمَّ: نُقِص. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُرِيَ عبدُ المُطَّلب فِي مَنَامِهِ احْفِرْ زَمْزَمَ لَا يُنْزَفُ وَلَا يُذمُ
؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقوال: أَحدها لَا يُعَابُ مِنْ قَوْلِكَ ذَمَمْتُهُ إِذا عِبْتَه، وَالثَّانِي لَا تُلْفَى مَذْمومة؛ يُقَالُ أَذْمَمْتُه إِذا وَجَدْتَهُ مَذْموماً، وَالثَّالِثُ لَا يُوجَدُ مَاؤُهَا قَلِيلًا نَاقِصًا مِنْ قَوْلِكَ بِئْرٌ ذَمَّة إِذا كَانَتْ قَلِيلَةَ الْمَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سأَل النبيَّ «2» ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَمَّا يُذهبُ عَنْهُ مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ فَقَالَ: غُرَّة عَبْدٍ أَو أَمَة
؛ أَراد بمَذَمَّةِ الرَّضَاعِ ذِمامَ الْمُرْضِعَةِ بِرِضَاعِهَا. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَ يُونُسُ يَقُولُونَ أَخذَتني مِنْهُ مَذِمَّةٌ ومَذَمَّةٌ. وَيُقَالُ: أَذهِبْ عَنْكَ مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ بِشَيْءٍ تُعْطِيهِ للظِّئْر، وَهِيَ الذِّمامُ الَّذِي لَزِمَكَ بإِرضاعها وَلَدَكَ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ: المَذَمَّةُ، بِالْفَتْحِ، مَفْعَلة مِنَ الذَّمِّ، وَبِالْكَسْرِ مِنَ الذِّمَّةِ والذِّمامِ، وَقِيلَ: هِيَ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ الحقُّ وَالْحُرْمَةُ الَّتِي يُذَمُّ مُضَيِّعُها، وَالْمُرَادُ بمَذَمَّة الرَّضَاعِ الْحَقُّ اللَّازِمُ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ، فكأَنه سأَل: مَا يُسْقِطُ عَنِّي حَقَّ المُرضعة حَتَّى أَكون قَدْ أَديته كَامِلًا؟ وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَن يَهَبُوا للمرضِعة عِنْدَ فِصَالِ الصَّبِيِّ شَيْئًا سِوَى أُجرتها. وَفِي الْحَدِيثِ:
خِلال المَكارم كَذَا وَكَذَا والتَّذَمُّمُ لِلصَّاحِبِ
؛ هُوَ أَن يَحْفَظَ ذِمامَهُ ويَطرح عَنْ نَفْسِهِ ذَمَّ النَّاسِ لَهُ إِن لَمْ يَحْفَظْهُ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى والخَضِر، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: أَخَذَتْهُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَمامَةٌ
أَي حَيَاءٌ وإِشفاق مِنَ الذَّمِّ وَاللَّوْمِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ صَيّادٍ: فأَصابتني مِنْهُ ذَمامَةٌ.
وأَخذتني مِنْهُ مَذَمَّة ومَذِمَّة أَي رِقَّةٌ وَعَارٌ مِنْ تِلْكَ الحُرْمة. والذَّمِيمُ: شَيْءٌ كالبَثْرِ الأَسود أَو الأَحمر شُبِّهَ بِبَيْضِ النَّمْلِ، يَعْلُو الْوُجُوهَ والأُنوف مِنْ حَرٍّ أَو جَرَب؛ قَالَ:
وَتَرَى الذَّمِيم عَلَى مَراسِنِهم، ... غِبَّ الهِياجِ، كمازِنِ النملِ
وَالْوَاحِدَةُ ذَمِيمةٌ. والذَّمِيم: مَا يَسِيلُ عَلَى أَفخاذ الإِبل وَالْغَنَمِ وضُرُوعها مِنْ أَلبانها. والذَّمِيمُ: النَّدى، وَقِيلَ: هُوَ نَدىً يَسْقُطُ بِاللَّيْلِ عَلَى الشَّجَرِ فَيُصِيبُهُ التُّرَابُ فَيَصِيرُ كقِطَعِ الطِّينِ. وَفِي حَدِيثِ الشُّؤْم والطِّيَرَةِ:
ذَرُوها ذَمِيمةً
أَي مَذْمومةً، فَعِيلةٌ بِمَعْنَى مفعولةٍ، وإِنما أَمرهم بِالتَّحَوُّلِ عَنْهَا إِبطالًا لِمَا وَقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ أَن الْمَكْرُوهَ إِنما أَصابهم بِسَبَبِ سُكْنى الدَّارِ، فإِذا تَحَوَّلُوا عَنْهَا انْقَطَعَتْ مَادَّةُ ذَلِكَ الْوَهْمِ وَزَالَ مَا خَامَرَهُمْ مِنَ الشبهة. والذَّمِيمُ:
__________
(2) . قوله [سأل النبي إِلخ] السائل للنبي هو الحجاج كما في التهذيب(12/222)
الْبَيَاضُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى أَنف الجدْي؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ ابْنُ سيده: فأَما قَوْلُهُ أَنشدَناه أَبو الْعَلَاءِ لأَبي زُبَيْدٍ:
تَرى لأَخْفافِها مِنْ خَلْفِها نَسَلًا، ... مِثْلَ الذَّمِيمِ عَلَى قُزْمِ اليَعامِيرِ
فَقَدْ يَكُونُ البياضَ الَّذِي عَلَى أَنف الجَدْي، فأَما أَحمد بْنُ يَحْيَى فَذَهَبَ إِلى أَن الذَّمِيمَ مَا يَنْتَضحُ عَلَى الضُّرُوعِ مِنَ الأَلبان، واليَعاميرُ عِنْدَهُ الجِداء، وَاحِدُهَا يَعْمور، وقُزْمُها صِغارُها، والذَّمِيمُ: مَا يَسِيلُ عَلَى أُنوفها مِنَ اللَّبَنِ؛ وأَما ابْنُ دُرَيْدٍ فَذَهَبَ إِلى أَن الذَّمِيم هَاهُنَا النَّدى، وَالْيَعَامِيرُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ. ابْنُ الأَعرابي: الذَّمِيمُ والذَّنينُ مَا يَسِيلُ مِنَ الأَنف. والذَّمِيمُ: المُخاط وَالْبَوْلُ الَّذِي يَذِمُّ ويَذِنُّ مِنْ قَضيب التَّيْسِ، وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ مِنْ أَخلاف الشَّاةِ، وأَنشد بَيْتَ أَبي زُبَيْدٍ. والذَّمِيمُ أَيضاً: شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ مَسامِّ المارِنِ كَبَيْضِ النَّمْلِ؛ وَقَالَ الحادِرَةُ:
وَتَرَى الذَّمِيمَ عَلَى مَراسِنِهم، ... يَوْمَ الْهِيَاجِ، كمازِنِ النَّمل
وَرَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ: كَمَازِنِ الجَثْلِ، قَالَ: والجَثْلُ ضَرْبٌ مِنَ النَّمْلِ كِبَارٌ؛ وَرُوِيَ:
وَتَرَى الذَّميم عَلَى مَناخرهم
قَالَ: والذَّميم الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الأَنف مِنَ القَشَفِ، وَقَدْ ذَمَّ أَنفُه وذَنَّ. وَمَاءٌ ذَميم أَي مَكْرُوهٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي للمَرَّارِ:
مُواشِكة تَسْتَعْجِلُ الرَّكْضَ تَبْتَغي ... نَضائِضَ طَرْقٍ، ماؤُهُنَّ ذَمِيمُ
قَوْلُهُ مواشِكة مُسْرِعَةٌ، يَعْنِي القَطا، ورَكْضُها: ضَرْبُهَا بِجَنَاحِهَا، والنَّضائض: بَقِيَّةُ الْمَاءِ، الْوَاحِدَةُ نَضِيضة. والطَّرْقُ: المَطْروق.
ذيم: الذَّيْمُ والذامُ: الْعَيْبُ؛ قَالَ عُوَيْفُ القَوافي:
أَلَمَّتْ خُناسُ، وإِلمامُها ... أَحاديث نَفْسٍ وأَسْقامُها
وَمِنْهَا:
يَرُدُّ الكَتِيبة مَفْلولةً، ... بِهَا أَفْنُها وَبِهَا ذامُها
وَقَدْ ذامَهُ يَذيمه ذَيْماً وَذَامًا: عَابَهُ. وذِمْتُه أَذيمُه وذأَمْتُهُ وذَمَمْتُهُ كُلُّهُ بِمَعْنًى؛ عَنِ الأَخفش، فَهُوَ مَذيم عَلَى النَّقْصِ، ومَذْيُومٌ على التمام، ومَذْؤُومٌ إِذا هَمَزْتَ، ومَذْمومٌ مِنَ الْمُضَاعَفِ؛ وَقِيلَ: الذَّيْمُ والذامُ الذَّمُّ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا تَعْدَمُ الحَسْناءُ ذَامًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَنَسِ بْنِ نُواسِ المُحارِبيّ:
وكُنْتَ مُسَوَّداً فِينَا حَميداً، ... وَقَدْ لَا تَعْدَمُ الحَسْناء ذَامَا
وَفِي الْحَدِيثِ:
عَادَتْ مَحاسنهُ ذَامًا
؛ الذامُ والذَّيْمُ الْعَيْبُ، وَقَدْ يَهْمَزُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَتْ لِلْيَهُودِ عَلَيْكُمُ السَّامُ والذامُ
، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذكره، والله أَعلم.
فصل الراء المهملة
رأم: رَئِمتِ الناقةُ وَلَدَهَا تَرْأَمُهُ رَأْماً ورَأَماناً: عطفتْ عَلَيْهِ وَلَزِمَتْهُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: رِئْماناً أَحَبَّتْهُ؛ قَالَ:
أَم كَيْفَ يَنْفَعُ مَا تُعْطي العَلُوقُ بِهِ ... رئْمانُ أَنْفٍ، إِذا مَا ضُنَّ بِاللَّبَنِ؟(12/223)
وَيُرْوَى رِئْمانَ ورِئْمانُ، فَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى الْمَصْدَرِ، وَمِنْ رَفَعَ فَعَلَى الْبَدَلِ مِنَ الهاء. والناقة رؤوم ورائِمَةٌ ورائِمٌ: عَاطِفَةٌ عَلَى وَلَدِهَا، وأَرْأَمَها عَلَيْهِ: عَطَّفها فَتَرأّمتْ هِيَ عَلَيْهِ تعطَّفت، ورَأْمُها ولدُها الَّذِي تَرْأَمُ عَلَيْهِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بمَصْدَرِه الماءَ رَأْمٌ رَذِيّ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه سَمَّاهُ بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ كأَنه مَرْؤُوم رَذيّ. والرُّؤَامُ والرُّؤَالُ: اللُّعاب. ابْنُ الأَعرابي: الرَّأْمُ الْوَلَدُ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ للبَوّ وَالْوَلَدِ رَأْمٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الرَّأْمُ البَوُّ أَو وَلَدٌ ظُئِرَتْ عَلَيْهِ غَيْرُ أُمّه؛ وأَنشد:
كأُمهات الرِّئْم أَو مَطافِلا
وَقَدْ رَئِمَتْه، فَهِيَ رائِمٌ ورَؤومٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والرَّأْم البَوّ. وَكُلُّ مَنْ لَزِمَ شَيْئًا وأَلِفَهُ وأَحبَّه فَقَدْ رَئِمَهُ؛ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَة:
أَبى اللهُ والإِسلامُ أَن تَرْأَمَ الْخَنَى ... نفوسُ رِجالٍ، بالخَنَى لَمْ تُذَلَّلِ
ابْنُ السِّكِّيتِ: أَرْأَمْتُهُ عَلَى الأَمر وأَظْأَرته إِذا أَكرهته. والرَّوائم: الأَثافِيُّ لرِئمانها الرمادَ، وَقَدْ رَئِمَتِ الرمادَ، فَالرَّمَادُ كَالْوَلَدِ لَهَا. وأَرْأَمْنا النَّاقَةَ أَي عَطَّفناها عَلَى رَأْمِها. الأَصمعي: إِذا عُطِّفت النَّاقَةُ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا فَرَئِمَتْه فَهِيَ رَائِمٌ، فإِن لَمْ تَرْأَمْهُ وَلَكِنَّهَا تشَمُّهُ وَلَا تَدرّ عَلَيْهِ فَهِيَ عَلوق. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: تَرْأَمُهُ ويأْباها، تُرِيدُ الدُّنْيَا
أَي تَعْطِف عَلَيْهِ كَمَا تَرْأَمُ الأُم وَلَدَهَا وَالنَّاقَةُ حُوارَها فَتَشُمُّهُ وتَتَرشَّفُه. وكلُّ مَنْ أَحبَّ شَيْئًا وأَلِفَهُ فَقَدْ رَئِمَهُ. ورَئِم الجُرْحُ رَأْماً ورِئْماناً حَسَنًا: التَأَم، وَفِي الْمُحْكَمِ: انْضَمَّ فُوه للبُرْء؛ وأَرْأَمَهُ إِرآماً: دَاوَاهُ وَعَالَجَهُ حَتَّى رَئِمَ، وَفِي الصِّحَاحِ: حَتَّى يبرأَ أَو يَلْتَئِمَ. وأَرْأَمَ الرجلَ عَلَى الشَّيْءِ: أَكرهه. ورَأَمَ الحبلَ يَرْأَمُه وأَرْأَمَه: فَتَلَهُ فَتْلًا شَدِيدًا. والرُّومَةُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ: الغِراء الَّذِي يُلصَقُ بِهِ رِيشُ السَّهْمِ، وَحَكَاهَا ثَعْلَبٌ مَهْمُوزَةً. الْجَوْهَرِيُّ: الرُّؤمَة الغِراء الَّذِي يُلْصَقُ بِهِ الشَّيْءُ. والرِّئْمُ: الْخَالِصُ مِنَ الظِّباء وَقِيلَ: هُوَ وَلَدُ الظَّبي، وَالْجَمْعُ أَرْآم، وَقَلَبُوا فَقَالُوا آرَامٌ، والأُنثى رِئْمَة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
بِمِثْلِ جِيد الرِّئْمة العُطْبُلِ
شَدَّدَ لِلضَّرُورَةِ كَقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا:
ببازلٍ وَجْناء أَو عَيْهَلِ
أَراد أَو عَيْهَلٍ فشدَّد. الأَصمعي: مِنَ الظِّباء الْآرَامِ وَهِيَ الْبِيضُ الْخَالِصَةُ الْبَيَاضِ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ مِثْلَهُ، وَهِيَ تَسْكُنُ الرِّمال. والرَّؤُوم مِنَ الْغَنَمِ: الَّتِي تَلْحَسُ ثِيَابَ مَنْ مرَّ بِهَا. ورَأَمَ القَدَحَ يَرْأَمُهُ رَأْماً ولأَمَهُ: أَصلَحَه كَرأَبَهُ. الشَّيْبَانِيُّ: رأَمْتُ شَعْب القَدَح إِذا أَصلحته؛ وأَنشد:
وقَتْلى بِحِقْفٍ مِنْ أُوارَةَ جُدِّعَتْ، ... صَدَعْنَ قُلُوبًا لَمْ تُرَأّمْ شُعوبها
والرُّئِمُ: الِاسْتُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، حَكَّاهَا بالأَلف وَاللَّامِ، وَلَا نَظِيرَ لَهَا إِلَّا الدُّئِل وَهِيَ دُوَيْبَّةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ذَلَّ وأَقْعَتْ بالحَضِيضِ رُئِمُه
ورِئام: مَوْضِعٌ. وَقِيلَ: هِيَ مَدِينَةٌ مِنْ مَدَائِنِ حِمْير يَحُلُّها أَولادُ أَوْدٍ، قَالَ الأَفْوَه الأَوْدي:
إِنَّا بَنُو أَوْدِ الَّذِي بِلِوائه ... مُنِعَتْ رِئامُ، وَقَدْ غَزاها الأَجْدع(12/224)
ربم: التَّهْذِيبُ: أَهمله اللَّيْثُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرِّبَمُ الكَلأُ المتصل.
رتم: رَتَمَ الشيءَ يَرْتِمُهُ رَتْماً: كَسَرَهُ وَدَقَّهُ. وشيءٌ رتِيمٌ ورَتْمٌ، عَلَى الصِّفَةِ بِالْمَصْدَرِ: مَكْسُورٌ، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بالرَّتْم كَسْرَ الأَنف. التَّهْذِيبُ: والرَّتْمُ والرَّثْمُ، بِالتَّاءِ وَالثَّاءِ، وَاحِدٌ. وَقَدْ رَتَمَ أَنْفَه ورَثَمَهُ: كَسَرَهُ. والرَّتْمُ: المَرْتوم. والرَّتْمُ: الدَّقُّ وَالْكَسْرُ. يُقَالُ: رَتَمَ أَنفه رَتْماً؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرِ:
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاقَ الحَصَى، ... مكانَ النَّبيِّ من الكائِبِ
وَرُوِيَ بَيْتُ أَوس بْنِ حَجَرٍ بِالتَّاءِ وَالثَّاءِ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: فِي كُلِّ شَيْءٍ صَدَقَةٌ حَتَّى فِي بَيَانِكَ عَنِ الأَرْتَمِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ، فإِن كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ رَتَمْتُ الشَّيْءَ إِذا كَسَرْتَهُ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ مَعْنَى الأَرَتِّ الَّذِي لَا يُفْصح الْكَلَامَ وَلَا يُفْهِمُه وَلَا يُبِينُهُ، وإِن كَانَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فسيأْتي ذِكْرُهُ. والرُّتامُ: الْمُتَكَسِّرُ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
أَلَسْتم تَغضبون إِذا رأَيتم ... يَمِينِى وَعْثَةً، وَفِمِي رُتاما؟
وَعْثة: مُتَكَسِّرَةً. والرَّتَمَةُ: الْخَيْطُ يُعْقَدُ عَلَى الإِصبع وَالْخَاتَمِ لِلْعَلَامَةِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: خَيْطٌ يُعْقَدُ فِي الإِصبع للتَّذَكُّر، وَفِي الصِّحَاحِ: خَيْطٌ يُشَدُّ فِي الإِصبع لتُسْتذكر بِهِ الحاجةُ. وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ الرَّتْمة، ورأَيته فِي بَاقِي الأُصول الرَّتَمَةَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الرَّتَمَةُ هِيَ الرَّتِيمة، بِفَتْحِ التَّاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
النَّهْيُ عَنْ شدِّ الرَّتائِم
؛ هِيَ جَمْعُ رَتِيمةٍ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ فِي الإِصبع لِتُسْتَذْكَرَ بِهِ الْحَاجَةُ، وَالْجَمْعُ رَتَمٌ، وَهِيَ الرَّتِيمة، وَجَمْعُهَا رَتائِم ورِتام. وأَرْتَمَه إِرْتاماً: عَقَدَ الرَّتِيمة فِي إِصبعه يَسْتَذْكِرُهُ حَاجَتَهُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا لَمْ تَكُنْ حاجاتُنا فِي نُفُوسِكُمْ، ... فَلَيْسَ بمُغْنٍ عَنْكَ عَقْدُ الرَّتائم
وارْتَتَمَ بِهَا وتَرَتَّمَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
هَلْ يَنْفعَنْكَ الْيَوْمَ، إِن هَمَّتْ بِهَمْ، ... كثرةُ مَا تُوصي وتَعْقادُ الرَّتَمْ؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّتَمُ هَاهُنَا جَمْعُ رَتَمَةٍ وَهِيَ الرَّتِيمة، قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ النَّبَاتَ الْمَعْرُوفَ لأَن الرَّتائِم لَا تَخُصُّ شَجَرًا دُونَ شَجَرٍ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ وتَعْقادُ الرَّتَم قَالَ: الرَّتِيمةُ أَن يَعْقد الرجلُ إِذا أَراد سَفَرًا شَجَرَتَيْنِ أَو غُصْنين يَعْقِدُهُمَا غُصْناً عَلَى غُصْنٍ وَيَقُولُ: إِن كَانَتِ المرأَة عَلَى الْعَهْدِ وَلَمْ تَخُنْهُ بَقِيَ هَذَا عَلَى حَالِهِ مَعْقُودًا وإِلَّا فَقَدْ نَقَضَتِ الْعَهْدَ، وَفِي الْمُحْكَمِ: فإِذا رجع فوجدهما عَلَى مَا عَقَدَ قَالَ قَدْ وَفَتِ امرأَته، وإِذا لَمْ يَجِدْهُمَا عَلَى مَا عَقَدَ قَالَ قَدْ نَكَثَتْ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي تَفْسِيرِ الْبَيْتِ. والرَّتَمُ، بِفَتْحِ التَّاءِ: شَجَرٌ، وَاحِدَتُهُ رَتَمَةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرَّتَمُ والرَّتِيمَةُ نَبَاتٌ مِنْ دِقِّ الشَّجَرِ كأَنه مِنْ دِقَّتِهِ يشبَّه بالرَّتَمِ؛: قَالَ الرَّاجِزُ:
نَظَرْتُ والعَيْنُ مُبِينَةُ التَّهَمْ ... إِلى سَنا نارٍ، وَقُودُها الرَّتَمْ،
شُبَّتْ بأَعْلى عانِدَيْنِ مِنْ إِضَمْ
والرَّتَمُ: المَزادة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فتِلْكُ المَكارِمُ لَا قِيلُكُمْ، ... غَداةَ اللِّقاءِ، مَكَرَّ الرَّتَمْ «1» .
__________
(1) . قوله: تلكُ بالبناء على الضمّ، لعله أَراد تِلكُمُ المكارمُ فحذف الميم محافظة على وزن الشعر وأَبقى البناء على الضم(12/225)
ابْنُ الأَعرابي: الرَّتَمُ المَزادة الْمَمْلُوءَةُ مَاءً. والرَّتْماءُ: النَّاقَةُ الَّتِي تَحْمِلُ الرَّتَمَ، والرَّتَمُ: المحجَّةُ. والرتَم: الْكَلَامُ الْخَفِيُّ. وَمَا رَتَمَ فُلَانٌ بِكَلِمَةٍ أَي مَا تَكَلَّمَ بِهَا. والرَّتَمُ: الحَياء التَّامُّ. والرَّتَمُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ. وَمَا زِلْتُ راتِماً عَلَى هَذَا الأَمر وراتِباً أَي مُقِيمًا، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن مِيمَهُ بَدَلٌ، وَالْمَصْدَرُ الرتَمُ. ويَرْتُمٌ: جَبَلٌ بأَرض بَنِي سُلَيْمٍ؛ قَالَ:
تَلَفَّعَ فِيهَا يَرْتُمٌ وتَعَمَّما
رثم: الرَّثَمُ والرُّثْمةُ: بَيَاضٌ فِي طَرَفِ أَنف الْفَرَسِ، وَقِيلَ: هُوَ فِي جَحْفَلَةِ الْفَرَسِ الْعُلْيَا، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ بَيَاضٌ قَلَّ أَو كَثُرَ إِذا أَصاب الجَحْفَلة الْعُلْيَا إِلى أَن يَبْلُغَ المَرْسِنَ، وَقِيلَ: هُوَ الْبَيَاضُ فِي الأَنف؛ وَقَدْ رَثِمَ رَثَماً، فَهُوَ رَثِمٌ وأَرْثَمُ، والأُنثى رَثْماء. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي شِيَاتِ الْفَرَسِ: إِذا كَانَ بجَحْفَلَةِ الْفَرَسِ الْعُلْيَا بَيَاضٌ فَهُوَ أَرْثَمُ، وإِن كَانَ بالسُّفلى بَيَاضٌ فَهُوَ أَلْمظُ، وَهِيَ الرُّثْمَةُ واللُّمظَةُ، الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدِ ارْثَمَّ الْفَرَسُ ارْثِماماً صَارَ أَرْثَمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ الْخَيْلِ الأَرْثَمُ الأَقْرَحُ
؛ الأَرْثَمُ الَّذِي أَنفه أَبيض وَشَفَتُهُ الْعُلْيَا. وَنَعْجَةٌ رَثْماء: سَوْدَاءُ الأَرْنَبَة وَسَائِرُهَا أَبيض. ورَثَمَ أَنفه وَفَاهُ يَرْثِمُهُ رَثْماً، فَهُوَ مَرْثُومُ ورَثيم إِذا كَسَرَهُ حَتَّى تَقَطَّرَ مِنْهُ الدَّمُ، وَكَذَلِكَ رَتَمَه، بِالتَّاءِ. وَكُلُّ مَا لُطِخَ بِدَمٍ أَو كُسِرَ فَهُوَ رَثِيم. اللَّيْثُ: تَقُولُ الْعَرَبُ رَثَمْتُ فَاهُ رَثْماً، والرَّثْمُ تَخْديش وَشَقٌّ مِنْ طَرَفِ الأَنف حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ فَيُقَطَّرُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: بَيَانُكَ عَنِ الأَرْثَمِ صَدَقَةٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي لَا يُصَحِّح كَلَامَهُ وَلَا يُبَيِّنُهُ لآفةٍ فِي لِسَانِهِ، وأَصله مِنْ رَثيم الحَصى، وَهُوَ مَا دُقَّ مِنْهُ بالأَخْفاف أَو مِنْ رَثَمْتُ أَنفه إِذا كَسَرْتَهُ فكأَنّ فَمَهُ قَدْ كُسِرَ فَلَا يُفْصِحُ فِي كَلَامِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي رَتَمَ بِالتَّاءِ. ورَثَمَتِ المرأَة أَنفها بِالطِّيبِ: لطَخَتْهُ وطَلَتْهُ، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ. والمِرْثَمُ: الأَنف فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ مِنْ ذَلِكَ. ورَثِمَ مَنْسِمُ الْبَعِيرِ: دَمِيَ. التَّهْذِيبُ: والرَّثْمُ كَسْرٌ مِنْ طَرَفِ مَنْسِمِ الْبَعِيرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ امرأَة:
تَثْني النِّقابَ عَلَى عِرْنِينِ أَرْنَبَة ... شَمَّاء، مارِنُها بالمِسْكِ مَرْثوم
قَالَ الأَصمعي: الرَّثْم أَصله الْكَسْرُ، فَشَبَّهَ أَنفها مُلَغَّماً بِالطِّيبِ بأَنف مَكْسُورٍ مُلَطَّخٍ بِالدَّمِ، كأَنه جَعَلَ الْمِسْكَ فِي المارِنِ شَبيهاً بِالدَّمِ فِي الأَنف المَرْثوم. وخُفّ مَرْثُوم مِثْلُ مَلْثُوم إِذا أَصابته حِجَارَةٌ فَدَمِيَ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ فِي المَنْسِمِ:
بِرَثِيمٍ مَعِرٍ دَامِي الأَظَلّ
مَنْسِمٌ رَثِيم: أَدْمَتْهُ الْحِجَارَةُ. وحَصىً رَثِيمٌ ورَثْمٌ إِذا انْكَسَرَ؛ قَالَ الطَّرماح:
رَثِيم الحَصى مِنْ مَلْكِها المُتَوَضِّحِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكُلُّ كَسْرٍ ثَرْمٌ ورَتْمٌ ورَثْم؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
لأَصْبَحَ رَثْماً دُقاقَ الحَصى، ... مَكَانَ النبيِّ مِنَ الكاثِب «1»
. والرَّثِيمةُ: الفأْرة.
رجم: الرَّجْمُ: الْقَتْلُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الرَّجْمُ الْقَتْلُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وإِنما قِيلَ لِلْقَتْلِ رَجْمٌ لأَنهم كَانُوا إِذا قتلوا رجلًا رَمَوْهُ
__________
(1) . راجع البيت في مادة رتم(12/226)
بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَقْتُلُوهُ، ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ قَتْلٍ رَجْمٌ، وَمِنْهُ رَجْمُ الثيِّبَيْنِ إِذا زَنَيا، وأَصله الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: الرَّجْمُ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ. رَجَمَهُ يَرْجُمُهُ رَجْماً، فَهُوَ مَرْجُوم ورَجِيمٌ. والرَّجْمُ: اللَّعْنُ، وَمِنْهُ الشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ أَي المَرْجُومُ بالكَواكب، صُرِفَ إِلى فَعِيلٍ مِنْ مَفْعُولٍ، وَقِيلَ: رَجِيم مَلْعُونٌ مَرْجوم بِاللَّعْنَةِ مُبْعَدٌ مَطْرُودٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَهل التَّفْسِيرِ، قَالَ: وَيَكُونُ الرَّجيمُ بِمَعْنَى المَشْتُوم المَنْسوب مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ
؛ أَي لأَسُبَّنَّكَ. والرَّجْمُ: الهِجْرانُ، والرَّجْمُ الطَّرْدُ، والرَّجْمُ الظَّنُّ، وَالرَّجْمُ السَّب وَالشَّتْمُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى، حِكَايَةً عَنْ قَوْمِ نُوحٌ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ
؛ قِيلَ: الْمَعْنَى مِنَ المَرْجومين بِالْحِجَارَةِ، وَقَدْ تَراجَمُوا وارْتَجَمُوا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وأَنشد:
فَهْيَ تَرامى بالحَصى ارْتِجامها
والرَّجْمُ: مَا رُجِمَ بِهِ، وَالْجَمْعُ رُجومٌ. والرُّجُمُ والرُّجُوم: النُّجُومُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا. التَّهْذِيبُ: والرَّجْمُ اسْمٌ لِمَا يُرْجَمُ بِهِ الشَّيْءُ المَرْجوم، وَجَمْعُهُ رُجومٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الشُّهُب: وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ
؛ أَي جَعَلْنَاهَا مَرامي لَهُمْ. وتَراجَمُوا بِالْحِجَارَةِ أَي تَرامَوْا بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ: خَلَقَ اللَّهُ هَذِهِ النُّجُومَ لثلاثٍ: زِينَةً لِلسَّمَاءِ، ورُجوماً لِلشَّيَاطِينِ، وعَلاماتٍ يُهْتَدى بِهَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الرُّجُومُ جَمْعُ رَجْمٍ، وَهُوَ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا لَا جَمْعًا، وَمَعْنَى كَوْنِهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ أَن الشُّهُبَ الَّتِي تَنْقَضُّ فِي اللَّيْلِ منفصلةٌ مِنْ نَارِ الْكَوَاكِبِ ونورِها، لَا أَنهم يُرْجَمُونَ بِالْكَوَاكِبِ أَنفسها، لأَنها ثَابِتَةٌ لَا تَزُولُ، وَمَا ذَاكَ إِلا كَقَبسٍ يُؤْخَذُ مِنْ نَارٍ وَالنَّارُ ثَابِتَةٌ فِي مَكَانِهَا، وَقِيلَ: أَراد بالرُّجوم الظُّنون الَّتِي تُحْزَرُ وتُظَنُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ
؛ وَمَا يُعَانِيهِ المُنَجِّمُونَ مِنَ الحَدْسِ وَالظَّنِّ والحُكْمِ عَلَى اتِّصَالِ النُّجُومِ وَانْفِصَالِهَا، وإِياهم عَنَى بِالشَّيَاطِينِ لأَنهم شَيَاطِينُ الإِنْس، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي بعد الأَحاديث:
مَنِ اقْتَبَسَ بَابًا مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ لِغَيْرِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فَقَدِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ
، المُنَجِّمُ كاهِنٌ وَالْكَاهِنُ سَاحِرٌ والساحر كَافِرٌ
؛ فَجَعَلَ المُنَجِّمَ الَّذِي يَتَعَلَّمُ النُّجُومَ لِلْحُكْمِ بِهَا وَعَلَيْهَا وَيَنْسُبُ التأْثيرات مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِليها كَافِرًا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. والرَّجْمُ: الْقَوْلُ بِالظَّنِّ والحَدْسِ، وَفِي الصِّحَاحِ: أَن يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِالظَّنِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: رَجْماً بِالْغَيْبِ
. وَفَرَسٌ مِرْجَمٌ: يَرْجُمُ الأَرض بحَوافره، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ، وَهُوَ مَدْحٌ، وَقِيلَ: هُوَ الثَّقِيلُ مِنْ غَيْرِ بُطْء، وَقَدِ ارْتَجَمَتِ الإِبل وتَراجَمَتْ. وَجَاءَ يَرْجُمُ إِذا مَرَّ يَضْطَرِمُ عَدْوُهُ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وراجَمَ عَنْ قَوْمِهِ: ناضَلَ عَنْهُمْ. والرِّجامُ: الْحِجَارَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الْحِجَارَةُ الْمُجْتَمِعَةُ، وَقِيلَ: هِيَ كالرِّضام وَهِيَ صُخُورٌ عِظَامٌ أَمثال الجُزُرِ، وَقِيلَ: هِيَ كالقُبور العادِيَّةِ، وَاحِدَتُهَا رُجْمةٌ، والرُّجْمةُ حِجَارَةٌ مُرْتَفِعَةٌ كَانُوا يَطُوفُونَ حَوْلَهَا، وَقِيلَ: الرُّجُمُ، بِضَمِّ الْجِيمِ، والرُّجْمَةُ، بِسُكُونِ الْجِيمِ جَمِيعًا، الْحِجَارَةُ الَّتِي تُنْصَبُ عَلَى الْقَبْرِ، وَقِيلَ: هُمَا العلامةُ. والرُّجْمة والرَّجْمة: الْقَبْرُ، وَالْجَمْعُ رِجامٌ، وَهُوَ الرَّجَمُ، بِالتَّحْرِيكِ، وَالْجَمْعُ أَرْجامٌ، سُمِّيَ رَجَماً لِمَا يُجْمَعُ عَلَيْهِ مِنَ الأَحجار؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْب(12/227)
بْنِ زُهَيْرٍ:
أَنا ابنُ الَّذِي لَمْ يُخْزِني فِي حَياتِه، ... وَلَمْ أُخْزِه حَتَّى أُغَيَّبَ فِي الرَّجَمْ «2»
. والرَّجَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: هُوَ الْقَبْرُ نَفْسُهُ. والرُّجْمَة، بِالضَّمِّ، وَاحِدُ الرُّجَمِ والرِّجامِ، وَهِيَ حِجَارَةٌ ضِخامٌ دُونَ الرِّضامِ، وَرُبَّمَا جُمِعَتْ عَلَى الْقَبْرِ ليُسَنَّمَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ رُمَيْضٍ العَنْبَرِيّ:
يَسِيلُ عَلَى الحاذَيْنِ والسَّتِّ حَيضُها، ... كَمَا صَبّ فوقَ الرُّجْمةِ الدّمَ ناسِكُ
السَّتُّ: لُغَةٌ فِي الاسْتِ. اللَّيْثُ: الرُّجْمة حِجَارَةٌ مَجْمُوعَةٌ كأَنها قُبورُ عادٍ وَالْجَمْعُ رِجام. الأَصمعي: الرُّجْمةُ دُونَ الرِّضام وَالرِّضَامُ صُخُورٌ عِظام تُجْمَعُ فِي مَكَانٍ. أَبو عَمْرٍو: الرِّجامُ الهِضابُ، وَاحِدَتُهَا رُجْمة. ورِجامٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٍ:
عَفَتِ الدِّيارُ: مَحَلُّها فَمُقامُها ... بِمِنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها
والرَّجَمُ والرِّجامُ: الْحِجَارَةُ الْمَجْمُوعَةُ عَلَى الْقُبُورِ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيّ: لَا تَرْجُموا قَبْرِي
أَي لَا تَجْعَلُوا عَلَيْهِ الرَّجَمَ، وأَراد بِذَلِكَ تَسْوِيَةَ الْقَبْرِ بالأَرض، وأَن لَا يَكُونَ مُسَنَّماً مُرْتَفِعًا كَمَا قَالَ الضَّحَّاكُ فِي وَصِيَّتِهِ: ارْمُسُوا قَبْرِي رَمْساً؛ وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: مَعْنَى وَصِيَّتِهِ لبَنِيه لَا تَرْجُمُوا قَبْرِي مَعْنَاهُ لَا تَنُوحُوا عند قبري أَي لا تَقُولُوا عِنْدَهُ كَلَامًا سَيِّئاً قَبِيحًا، مِنَ الرَّجْم السَّبِّ وَالشَّتْمِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ لَا تَرْجُمُوا، مُخَفَّفًا، وَالصَّحِيحُ تُرَجِّمُوا مُشَدَّدًا، أَي لَا تَجْعَلُوا عَلَيْهِ الرَّجَمَ وَهِيَ الْحِجَارَةُ، والرَّجْماتُ: المَنارُ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الَّتِي تُجْمَعُ وَكَانَ يُطاف حَوْلَهَا تُشَبَّهُ بِالْبَيْتِ؛ وأَنشد:
كَمَا طافَ بالرَّجْمَةِ المُرْتَجِمْ
ورَجَمَ الْقَبْرَ رَجْماً: عَمِلَهُ، وَقِيلَ: رَجَمَه يَرْجُمه رَجْماً وَضَعَ عَلَيْهِ الرَّجَم، بِالْفَتْحِ وَالتَّحْرِيكِ، الَّتِي هِيَ الْحِجَارَةُ. والرَّجَمُ أَيضاً: الحُفْرَةُ وَالْبِئْرُ والتَّنُّور. أَبو سَعِيدٍ: ارْتَجَمَ الشيءُ وارْتَجَنَ إِذا رَكِبَ بعضُه بَعْضًا. والرُّجْمَةُ، بِالضَّمِّ: وِجارُ الضَّبُعِ. وَيُقَالُ: صَارَ فُلَانٌ مُرَجَّماً لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَةِ أَمره؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ المُرَجَّمُ، بِالتَّشْدِيدِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وَمَا هُوَ عَنْهَا بالحَديث المُرَجَّمِ
والرَّجْمُ: القَذْفُ بِالْغَيْبِ وَالظَّنُّ؛ قَالَ أَبو العِيال الهُذَليّ:
إِنَّ البَلاءَ، لَدَى المَقاوِسِ، مُخْرِجٌ ... مَا كَانَ مِنْ غَيْبٍ، ورَجْمِ ظُنونِ
وَكَلَامٌ مُرَجَّمٌ: عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَأَرْجُمَنَّكَ أَي لأَهْجُرَنَّكَ ولأَقولنَّ عَنْكَ بِالْغَيْبِ مَا تَكْرَهُ. والمَراجمُ: الكلِمُ القَبيحة. وتَراجَموا بَيْنَهُمْ بمَراجِمَ: تَرامَوْا. والرِّجامُ: حَجَرٌ يُشَدُّ فِي طَرَف الْحَبْلِ، ثم يُدَلَّى في البئر فتُخَضْخَض بِهِ الحَمْأَة حَتَّى تَثُورَ، ثُمَّ يُسْتَقَى ذَلِكَ الماءُ فَتُسْتَنْقَى البئرُ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذا كَانَتِ الْبِئْرُ بَعِيدَةَ الْقَعْرِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَن يَنْزِلُوا فَيُنْقُوها، وَقِيلَ: هُوَ حَجَرٌ يُشَدُّ بعَرْقوَةِ الدَّلو لِيَكُونَ أَسرع لانْحِدارها؛ قال:
__________
(2) . قوله [أَغيب] كذا في الأصل، والذي في التهذيب: تغيب(12/228)
كأَنَّهُما، إِذا عَلَوا وجِيناً ... ومَقْطَعَ حَرَّةٍ، بَعَثا رِجاما
وَصَفَ عَيْراً وأَتاناً يَقُولُ: كأَنما بَعَثَا حِجَارَةً. أَبو عَمْرٍو: الرِّجامُ مَا يُبْنى عَلَى الْبِئْرِ ثُمَّ تُعَرَّضُ عَلَيْهِ الخشبةُ لِلدَّلْوِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
عَلَى رِجامَيْنِ مِنْ خُطَّافِ ماتِحَةٍ، ... تَهْدِي صُدُورَهُما وُرْقٌ مَراقِيلُ
الْجَوْهَرِيُّ: الرِّجامُ المِرْجاس، قَالَ: وَرُبَّمَا شُدّ بِطَرَفِ عَرْقُوَةِ الدَّلْوِ لِيَكُونَ أَسرع لِانْحِدَارِهَا. وَرَجُلٌ مِرْجَمٌ، بِالْكَسْرِ، أَي شَدِيدٌ كأَنه يُرْجَمُ بِهِ مُعادِيه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
قَدْ عَلِمَتْ أُسَيِّدٌ وخَضَّمُ ... أَن أَبا حَرْزَمَ شَيْخٌ مِرْجَمُ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: دَفَعَ رَجُلٌ رَجُلًا فَقَالَ: لَتَجِدَنِّي ذَا مَنْكِبٍ مِزْحَم ورُكْنٍ مِدْعَم وَلِسَانٍ مِرجَم. والمِرْجامُ: الَّذِي تُرْجَمُ بِهِ الْحِجَارَةُ. وَلِسَانٌ مِرْجَمٌ إِذا كَانَ قَوَّالًا. والرِّجامانِ: خَشَبَتَانِ تُنْصَبَانِ عَلَى رأْس الْبِئْرِ يُنْصبُ عَلَيْهِمَا القَعْوُ وَنَحْوُهُ مِنَ المَساقي. والرَّجائم: الْجِبَالُ الَّتِي تَرْمِي بِالْحِجَارَةِ، وَاحِدَتُهَا رَجِيمةٌ؛ قَالَ أَبو طَالِبٍ:
غِفارِية حَلَّتْ بِبَوْلانَ حَلَّةً ... فَيَنْبُعَ، أَو حَلَّتْ بَهَضْبِ الرَّجائم
والرَّجْمُ: الإِخْوانُ: عَنْ كُرَاعٍ وَحْدَهُ، وَاحِدُهُمْ رَجْمٌ ورَجَمٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الرَّجْمُ الخَليل والنَّدِيم. والرُّجْمَةُ: الدُّكَّانُ الَّذِي تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ النَّخْلَةُ الْكَرِيمَةُ؛ عَنْ كُرَاعٍ وأَبي حَنِيفَةَ، قَالَا: أَبدلوا الْمِيمَ مِنَ الْبَاءِ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنها لُغَةٌ كالرُّجْبَةِ. ومَرْجُومٌ: لَقَبُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ كَانَ سيِّداً فَفَاخَرَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ إِلى بَعْضِ مُلُوكِ الحِيرة فَقَالَ لَهُ: قَدْ رَجَمْتُك بِالشَّرَفِ، فَسُمِّيَ مَرْجُوماً؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وقَبِيلٌ، مِنْ لُكَيْزٍ، شاهِدٌ، ... رَهْطُ مَرْجُومٍ ورَهْطُ ابْنِ المُعَلّ
وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ مَرْحُوم، بِالْحَاءِ خَطَأٌ، وأَراد ابْنَ المُعَلَّى وَهُوَ جَدُّ الجارودِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ المُعَلَّى. والرِّجامُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
بمِنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها
والتَّرْجُمانُ والتُّرْجُمانُ: المفسِّر، وَقَدْ تَرْجَمَهُ وتَرْجَمَ عَنْهُ، وَهُوَ مِنَ الْمِثْلِ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما تَرْجُمانُ فَقَدْ حَكَيْتُ فِيهِ تُرْجُمان، بِضَمِّ أَوله، وَمِثَالُهُ فُعْلُلان كعُتْرُفان ودُحْمُسان، وَكَذَلِكَ التَّاءُ أَيضاً فِيمَنْ فَتَحَهَا أَصلية، وإِن لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ جَعْفُرٍ لأَنهُ قَدْ يَجُوزُ مَعَ الأَلف وَالنُّونِ مِنَ الأَمثله مَا لَوْلَاهُمَا لَمْ يَجُزْ، كعُنْفُوان وخِنْذِيان ورَيْهُقان، أَلا تَرَى أَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعْلُوٌ وَلَا فِعْلِيٌ وَلَا فَيْعُلٌ؟ وَيُقَالُ: قَدْ تَرْجَمَ كلامَه إِذا فَسَّرَهُ بِلِسَانٍ آخَرَ؛ وَمِنْهُ التَّرْجَمانُ، وَالْجَمْعُ التَّراجِمُ مِثْلُ زَعْفَرانٍ وزَعافِر، وصَحْصحان وصحاصِح؛ قَالَ: وَلَكَ أَن تَضُمَّ التَّاءَ لِضَمَّةِ الْجِيمِ فَتَقُولَ تُرْجُمان مِثْلُ يَسْرُوع ويُسْروع؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ومَنْهل وَرَدْتُه التِقاطا(12/229)
لَمْ أَلْقَ، إِذْ وَرَدْتُه، فُرَّاطا ... إِلا الحمامَ الوُرْقَ والغَطاطا،
فهُنَّ يُلْغِطْنَ بِهِ إِلْغاطا، ... كالتُّرْجُمان لَقِيَ الأَنْباطا
رحم: الرَّحْمة: الرِّقَّةُ والتَّعَطُّفُ، والمرْحَمَةُ مِثْلُهُ، وَقَدْ رَحِمْتُهُ وتَرَحَّمْتُ عَلَيْهِ. وتَراحَمَ القومُ: رَحِمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والرَّحْمَةُ: الْمَغْفِرَةُ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي وَصْفِ الْقُرْآنِ: هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ*
؛ أَي فَصَّلْناه هَادِيًا وَذَا رَحْمَةٍ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
؛ أَي هُوَ رَحْمةٌ لأَنه كَانَ سَبَبَ إِيمانهم، رَحِمَهُ رُحْماً ورُحُماً ورَحْمةً ورَحَمَةً؛ حَكَى الأَخيرة سِيبَوَيْهِ، ومَرحَمَةً. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ
؛ أَي أَوصى بعضُهم بَعْضًا بِرَحْمَة الضَّعِيفِ والتَّعَطُّف عَلَيْهِ. وتَرَحَّمْتُ عَلَيْهِ أَي قُلْتَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
؛ فإِنما ذَكَّرَ عَلَى النَّسَبِ وكأَنه اكْتَفَى بِذِكْرِ الرَّحْمَةِ عَنِ الْهَاءِ، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ لأَنه تأْنيث غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، وَالِاسْمُ الرُّحْمى؛ قَالَ الأَزهري: التَّاءُ فِي قَوْلِهِ إِنَّ رَحْمَتَ
أَصلها هَاءٌ وإِن كُتِبَتْ تَاءً. الأَزهري: قَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها
: أَي رِزْقٍ، وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ
: أَي رِزقاً، وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً
: أَي عَطْفاً وصُنعاً، وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ
: أَي حَياً وخِصْباً بَعْدَ مَجاعَةٍ، وأَراد بِالنَّاسِ الْكَافِرِينَ. والرَّحَمُوتُ: مِنَ الرَّحْمَةِ. وَفِي الْمَثَلِ: رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ أَي لأَنْ تُرْهَبَ خَيْرٌ مِنْ أَن تُرْحَمَ، لَمْ يُسْتَعْمَلْ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ إِلا مُزَوَّجاً. وتَرَحَّم عَلَيْهِ: دَعَا لَهُ بالرَّحْمَةِ. واسْتَرْحَمه: سأَله الرَّحْمةَ، وَرَجُلٌ مَرْحومٌ ومُرَحَّمٌ شَدَّدَ لِلْمُبَالَغَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا
؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا مَجَازٌ وَفِيهِ مِنَ الأَوصاف ثَلَاثَةٌ: السَّعَةُ وَالتَّشْبِيهُ وَالتَّوْكِيدُ، أَما السَّعَةُ فلأَنه كأَنه زَادَ فِي أَسماء الْجِهَاتِ وَالْمَحَالِّ اسْمٌ هُوَ الرَّحْمةُ، وأَما التَّشْبِيهُ فلأَنه شَبَّه الرَّحْمةَ وإِن لَمْ يَصِحَّ الدُّخُولُ فِيهَا بِمَا يَجُوزُ الدُّخُولُ فِيهِ فَلِذَلِكَ وَضَعَهَا مَوْضِعَهُ، وأَما التَّوْكِيدُ فلأَنه أَخبر عَنِ العَرَضِ بِمَا يُخْبَرُ بِهِ عَنِ الجَوْهر، وَهَذَا تَغالٍ بالعَرَضِ وَتَفْخِيمٌ مِنْهُ إِذا صُيِّرَ إِلى حَيّز مَا يشاهَدُ ويُلْمَسُ وَيُعَايَنُ، أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْجَمِيلِ: وَلَوْ رأَيتم الْمَعْرُوفَ رَجُلًا لرأَيتموه حَسَنًا جَمِيلًا؟ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَلَمْ أَرَ كالمَعْرُوفِ، أَمّا مَذاقُهُ ... فحُلْوٌ، وأَما وَجْهه فَجَمِيلُ
فَجَعَلَ لَهُ مَذَاقًا وجَوْهَراً، وَهَذَا إِنما يَكُونُ فِي الْجَوَاهِرِ، وإِنما يُرَغِّبُ فِيهِ وَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ ويُعَظِّمُ مِنْ قَدْرِهِ بأَن يُصَوِّرَهُ فِي النَّفْسِ عَلَى أَشرف أَحواله وأَنْوَه صِفَاتِهِ، وَذَلِكَ بأَن يَتَخَيَّرَ شَخْصًا مجسَّماً لَا عَرَضاً متوهَّماً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ
؛ مَعْنَاهُ يَخْتَصُّ بنُبُوَّتِهِ مَنْ يَشَاءُ مِمَّنْ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنه مُصْطفىً مختارٌ. وَاللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ: بُنِيَتِ الصِّفَةُ الأُولى عَلَى فَعْلانَ لأَن مَعْنَاهُ الْكَثْرَةُ، وَذَلِكَ لأَن رَحْمَتَهُ وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فأَما الرَّحِيمُ فإِنما ذُكِرَ بَعْدَ الرَّحْمن لأَن الرَّحْمن مَقْصُورٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،. وَالرَّحِيمَ قَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: إِنما قِيلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمن الرَّحِيمِ فَجِيءَ بِالرَّحِيمِ بَعْدَ اسْتِغْرَاقِ الرَّحْمنِ مَعْنَى الرحْمَة لِتَخْصِيصِ(12/230)
الْمُؤْمِنِينَ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً
، كَمَا قَالَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، ثُمَّ قَالَ: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ؛ فخصَّ بَعْدَ أَن عَمَّ لِمَا فِي الإِنسان مِنْ وُجُوهِ الصِّناعة وَوُجُوهِ الحكمةِ، ونحوُه كَثِيرٌ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الرَّحْمنُ اسْمٌ مِنْ أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَذْكُورٌ فِي الْكُتُبِ الأُوَل، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهُ مِنْ أَسماء اللَّهِ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: أَراه يَعْنِي أَصحاب الْكُتُبِ الأُوَلِ، وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ ذُو الرحْمةِ الَّتِي لَا غَايَةَ بَعْدَهَا فِي الرَّحْمةِ، لأَن فَعْلان بِنَاءٌ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ، ورَحِيمٌ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فاعلٍ كَمَا قَالُوا سَمِيعٌ بِمَعْنَى سامِع وقديرٌ بِمَعْنَى قَادِرٍ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ رَحُومٌ وامرأَة رَحُومٌ؛ قَالَ الأَزهري وَلَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ رَحْمن إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وفَعْلان مِنْ أَبنية مَا يُبالَعُ فِي وَصْفِهِ، فالرَّحْمن الَّذِي وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ، فَلَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ رَحْمن لِغَيْرِ اللَّهِ؛ وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ الرَّحْمن الرَّحيم: جَمَعَ بَيْنَهُمَا لأَن الرَّحْمن عِبْرانيّ والرَّحيم عَرَبيّ؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
لَنْ تُدْرِكوا المَجْد أَو تَشْرُوا عَباءَكُمُ ... بالخَزِّ، أَو تَجْعَلُوا اليَنْبُوتَ ضَمْرانا
أَو تَتْركون إِلى القَسَّيْنِ هِجْرَتَكُمْ، ... ومَسْحَكُمْ صُلْبَهُمْ رَحْمانَ قُرْبانا؟
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمَا اسْمَانِ رَقِيقَانِ أَحدهما أَرق مِنَ الْآخَرِ، فالرَّحْمن الرَّقِيقُ والرَّحيمُ الْعَاطِفُ عَلَى خَلْقِهِ بِالرِّزْقِ؛ وَقَالَ الْحَسَنُ؛ الرّحْمن اسْمٌ مُمْتَنِعٌ لَا يُسَمّى غيرُ اللَّهِ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ رَجُلٌ رَحيم. الجوهري: الرَّحْمن والرَّحيم اسْمَانِ مُشْتَقَّانِ مِنَ الرَّحْمة، وَنَظِيرُهُمَا فِي اللُّغَةِ نَديمٌ ونَدْمان، وَهُمَا بِمَعْنًى، وَيَجُوزُ تَكْرِيرُ الِاسْمَيْنِ إِذا اخْتَلَفَ اشْتِقَاقُهُمَا عَلَى جِهَةِ التَّوْكِيدِ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ جادٌّ مُجِدٌّ، إِلا أَن الرَّحْمَنَ اسْمٌ مُخْتَصٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ أَن يُسَمّى بِهِ غَيْرُهُ وَلَا يُوصَفَ، أَلا تَرَى أَنه قَالَ: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ؟
فَعَادَلَ بِهِ الِاسْمَ الَّذِي لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَهُمَا مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ، ورَحمن أَبلغ مِنْ رَحِيمٌ، والرَّحيم يُوصَفُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَيُقَالُ رَجُلٌ رَحِيمٌ، وَلَا يُقَالُ رَحْمن. وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ الكذاب يقال له رَحْمن اليَمامة، والرَّحيمُ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى المَرْحوم؛ قَالَ عَمَلَّسُ بْنُ عقيلٍ:
فأَما إِذا عَضَّتْ بِكَ الحَرْبُ عَضَّةً، ... فإِنك مَعْطُوفٌ عَلَيْكَ رَحِيم
والرَّحْمَةُ فِي بَنِي آدَمَ عِنْدَ الْعَرَبِ: رِقَّةُ الْقَلْبِ وَعَطْفُهُ. ورَحْمَةُ اللَّهِ: عَطْفُه وإِحسانه وَرِزْقُهُ. والرُّحْمُ، بِالضَّمِّ: الرَّحْمَةُ. وَمَا أَقرب رُحْم فُلَانٍ إِذا كَانَ ذَا مَرْحَمةٍ وبِرٍّ أَي مَا أَرْحَمَهُ وأَبَرَّهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَقْرَبَ رُحْماً
، وَقُرِئَتْ:
رُحُماً
الأَزهري: يَقُولُ أَبرَّ بِالْوَالِدَيْنِ مِنَ الْقَتِيلِ الَّذِي قَتَلَهُ الخَضِرُ، وَكَانَ الأَبوان مُسْلِمَيْنِ وَالِابْنُ كَافِرًا فَوُلِدَ لَهُمَا بعدُ بِنْتٌ فَوَلَدَتْ نَبِيًّا؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
أَحْنَى وأَرْحَمُ مِنْ أُمٍّ بواحِدِها ... رُحْماً، وأَشْجَعُ مِنْ ذِي لِبْدَةٍ ضارِي
وَقَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ: وَأَقْرَبَ رُحْماً
؛ أَي أَقرب عَطْفًا وأَمَسَّ بِالْقَرَابَةِ. والرُّحْمُ والرُّحُمُ فِي اللُّغَةِ: الْعَطْفُ والرَّحْمةُ؛ وأَنشد:
فَلا، ومُنَزِّلِ الفُرْقان، ... مالَكَ عِندَها ظُلْمُ
وَكَيْفَ بظُلْمِ جارِيةٍ، ... وَمِنْهَا اللينُ والرُّحْمُ؟(12/231)
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
وَلَمْ تُعَوَّجْ رُحْمُ مَنْ تَعَوَّجا
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
يَا مُنْزِلَ الرُّحْمِ عَلَى إِدْرِيس
وقرأَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: وأَقْرَبَ رُحُماً، وبالتثقيل، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ زُهَيْرٌ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنانٍ:
وَمِنْ ضَرِيبتِه التَّقْوى ويَعْصِمُهُ، ... مِنْ سَيِء العَثَراتِ، اللهُ والرُّحُمُ «3»
. وَهُوَ مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُرٍ. وأُمُّ رُحْمٍ وأُمّ الرُّحْمِ: مَكَّةُ. وَفِي حَدِيثِ
مَكَّةَ: هِيَ أُمُّ رُحْمٍ
أَي أَصل الرَّحْمَةِ. والمَرْحُومةُ: مِنْ أَسماء مَدِينَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَذْهَبُونَ بِذَلِكَ إِلى مُؤْمِنِي أَهلها. وسَمَّى اللَّهُ الغَيْث رَحْمةً لأَنه بِرَحْمَتِهِ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ ذِي القَرْنَيْنِ: هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي
؛ أَراد هَذَا التَّمْكِينَ الَّذِي قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ، أَراد وَهَذَا التَّمْكِينُ الَّذِي آتَانِي اللَّهُ حَتَّى أَحكمْتُ السَّدَّ رَحْمَة مِنْ رَبِّي. والرَّحِمُ: رَحِمُ الأُنثى، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ تأْنيث الرَّحِم قَوْلُهُمْ رَحِمٌ مَعْقومَةٌ، وقولُ ابْنِ الرِّقاع:
حَرْف تَشَذَّرَ عَنْ رَيَّانَ مُنْغَمِسٍ، ... مُسْتَحْقَبٍ رَزَأَتْهُ رِحْمُها الجَمَلا
ابْنُ سِيدَهْ: الرَّحِمُ والرِّحْمُ بَيْتُ مَنْبِتِ الْوَلَدِ وَوِعَاؤُهُ فِي الْبَطْنِ؛ قَالَ عَبيد:
أَعاقِرٌ كَذَاتِ رِحْمٍ، ... أَم غانِمٌ كمَنْ يَخِيبُ؟
قَالَ: كَانَ يَنْبَغِي أَن يُعادِلَ بِقَوْلِهِ ذَاتِ رِحْمٍ نَقِيضَتَهَا فَيَقُولَ أَغَيْرُ ذَاتِ رِحْمٍ كَذَاتِ رِحْمٍ، قَالَ: وَهَكَذَا أَراد لَا مَحالة وَلَكِنَّهُ جَاءَ بِالْبَيْتِ عَلَى المسأَلة، وَذَلِكَ أَنها لَمَّا لَمْ تَكُنِ الْعَاقِرُ وَلُوداً صَارَتْ، وإِن كَانَتْ ذاتِ رِحْمٍ، كأَنها لَا رِحْم لَهَا فكأَنه قَالَ: أَغيرُ ذَاتِ رِحْمٍ كَذَاتِ رِحْمٍ، وَالْجَمْعُ أَرْحامٌ، لَا يُكَسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وامرأَة رَحُومٌ إِذا اشْتَكَتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ رَحِمَها، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي الْمُحْكَمِ بِالْوِلَادَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّحَمُ خُرُوجُ الرَّحِمِ مِنْ عِلَّةٍ؛ وَالْجَمْعُ رُحُمٌ «4» ، وَقَدْ رَحِمَتْ رَحَماً ورُحِمتْ رَحْماً، وَكَذَلِكَ العَنْزُ، وَكُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ تُرْحَمُ، وَنَاقَةٌ رَحُومٌ كَذَلِكَ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الَّتِي تَشْتَكِي رَحِمَها بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَتَمُوتُ، وَقَدْ رَحُمَتْ رَحامةً ورَحِمَتْ رَحَماً، وَهِيَ رَحِمَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ دَاءٌ يأْخذها فِي رَحِمِها فَلَا تَقْبَلُ اللِّقاح؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الرُّحامُ أَن تَلِدَ الشَّاةُ ثُمَّ لَا يَسْقُطُ سَلاها. وَشَاةٌ راحِمٌ: وارمةُ الرَّحِمِ، وَعَنْزٌ راحِمٌ. وَيُقَالُ: أَعْيَا مِنْ يدٍ فِي رَحِمٍ، يَعْنِي الصبيَّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا تَفْسِيرُ ثَعْلَبٍ. والرَّحِمُ: أَسبابُ الْقَرَابَةِ، وأَصلُها الرَّحِمُ الَّتِي هِيَ مَنْبِتُ الْوَلَدِ، وَهِيَ الرِّحْمُ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّحِمُ الْقَرَابَةُ، والرِّحْمُ، بِالْكَسْرِ، مثلُه؛ قَالَ الأَعشى:
إِمَّا لِطالِبِ نِعْمة يَمَّمْتَها، ... ووِصالَ رِحْمٍ قَدْ بَرَدْتَ بِلالَها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لقَيْل بْنِ عَمْرِو بْنِ الهُجَيْم:
وَذِي نَسَب ناءٍ بَعِيدٍ وَصَلتُه، ... وَذِي رَحِمٍ بَلَّلتُها بِبِلالها
__________
(3) . في ديوان زهير: الرَّحِم أَي صلة القرابة بدل الرحُم
(4) . قوله [والجمع رحم] أَي جمع الرحوم وقد صرح به شارح القاموس وغيره(12/232)
قَالَ: وَبِهَذَا الْبَيْتِ سُمِّيَ بُلَيْلًا؛ وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ:
خُذُوا حِذرَكُم، يَا آلَ عِكرِمَ، وَاذْكُرُوا ... أَواصِرَنا، والرِّحْمُ بالغَيْب تُذكَرُ
وَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَن هَذَا مُطَّرِدٌ فِي كلِّ مَا كَانَ ثانِيه مِنْ حُرُوفِ الحَلْقِ، بَكْرِيَّةٌ، وَالْجَمْعُ مِنْهُمَا أَرْحامٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَوو الرَّحِمِ هُمُ الأَقارب، وَيَقَعُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نسَب، وَيُطْلَقُ فِي الْفَرَائِضِ عَلَى الأَقارب مِنْ جِهَةِ النِّسَاءِ، يُقَالُ: ذُو رَحِمٍ مَحْرَم ومُحَرَّم، وَهُوَ مَن لَا يَحِلّ نِكَاحُهُ كالأُم وَالْبِنْتِ والأُخت وَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، وَالَّذِي ذَهَبَ إِليه أَكثر الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وأَبو حَنِيفَةَ وأَصحابُه وأَحمدُ أَن مَنْ مَلك ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عَلَيْهِ، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، قَالَ: وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الأَئمة وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إِلى أَنه يَعْتِقُ عَلَيْهِ الأَولادُ والآباءُ والأُمهاتُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ غيرُهم مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلى أَنه يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ وَالْوَالِدَانِ والإِخْوة وَلَا يَعْتِقُ غيرُهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثَلَاثٌ يَنْقُصُ بِهِنَّ العبدُ فِي الدُّنْيَا ويُدْرِكُ بِهِنَّ فِي الْآخِرَةِ مَا هُوَ أَعظم مِنْ ذَلِكَ
: الرُّحْمُ والحَياءُ وعِيُّ اللِّسَانِ؛ الرُّحْمُ، بِالضَّمِّ: الرَّحْمَةُ، يُقَالُ: رَحِمَ رُحْماً، وَيُرِيدُ بِالنُّقْصَانِ مَا يَنال المرءُ بِقَسْوَةِ الْقَلْبِ ووَقاحَة الوَجْه وبَسْطة اللِّسَانِ الَّتِي هِيَ أَضداد تِلْكَ الْخِصَالِ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الدُّنْيَا. وَقَالُوا: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا والرَّحِمُ والرَّحِمَ، بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، وَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا والقطيعَة، بِالنَّصْبِ لَا غَيْرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الرَّحِمَ شِجْنَةٌ مُعلقة بِالْعَرْشِ تَقُولُ: اللَّهُمَّ صِلْ مَنْ وَصَلَني واقْطَعْ مَنْ قَطَعني.
الأَزهري: الرَّحِمُ القَرابة تَجمَع بَني أَب. وَبَيْنَهُمَا رَحِمٌ أَي قَرَابَةٌ قَرِيبَةٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ
؛ مَنْ نَصب أَراد وَاتَّقُوا الأَرحامَ أَن تَقْطَعُوهَا، ومَنْ خَفَض أَراد تَساءَلون بِهِ وبالأَرْحام، وَهُوَ قَوْلُكَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ وبالرَّحِمِ. ورَحِمَ السِّقاءُ رَحَماً، فَهُوَ رَحِمٌ: ضَيَّعه أَهلُه بَعْدَ عينَتِهِ فَلَمْ يَدْهُنُوه حَتَّى فَسَدَ فَلَمْ يَلزم الْمَاءُ. والرَّحُوم: الناقةُ الَّتِي تَشْتَكِي رَحِمَها بَعْدَ النِّتاج، وَقَدْ رَحُمَتْ، بِالضَّمِّ، رَحامَةً ورَحِمَتْ، بِالْكَسْرِ، رَحَماً. ومَرْحُوم ورُحَيْم: اسمان.
رخم: أَرْخَمَتِ النَّعامة وَالدَّجَاجَةُ عَلَى بَيْضِهَا ورَخَمَتْ عَلَيْهِ ورَخَمَتْه تَرْخُمُهُ رَخْماً ورَخَماً، وَهِيَ مُرْخِمٌ وراخِمٌ ومُرْخِمَةٌ: حَضَنَتْهُ، ورَخَّمَها أَهلُها: أَلزموها إِياه. وأَلقى عَلَيْهِ رَخْمَتَهُ أَي مَحَبَّتَهُ وَمَوَدَّتَهُ. ورَخَمَتِ المرأَةُ وَلَدَهَا تَرْخُمُهُ وتَرْخَمُهُ رَخْماً: لَاعَبَتْهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: رَخِمَه يَرْخَمُهُ رَخْمةً، وإِنه لراخِمٌ لَهُ. وأَلْقت عَلَيْهِ رَخَمَها ورَخْمتها أَي عَطْفتها؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
مُدَلَّل يَشْتُمنا ونَرْخَمُهْ، ... أَطْيَبُ شيءٍ نَسْمُهُ ومَلْثَمُهْ
وَاسْتَعَارَهُ عَمْرُو ذُو الْكَلْبِ لِلشَّاةِ فَقَالَ:
يَا لَيْتَ شِعْري عَنْكَ، والأَمْرُ عَمَمْ، ... مَا فَعَلَ اليومَ أُوَيْسٌ فِي الغَنَمْ؟
صَبَّ لَهَا فِي الرِّيحِ مِرِّيخٌ أَشَمْ؟ ... فَاجْتَالَ مِنْهَا لَجْبةً ذاتَ هَزَمْ،
حاشِكَةَ الدِّرَّةِ وَرْهاءَ الرَّخَمْ(12/233)
اجْتَالَ لَجْبةً: أَخذ عَنْزًا ذَهَبَ لَبَنُهَا، وَرْهاء الرَّخَم: رِخْوة كأَنها مَجْنُونَةٌ. والرَّخْمَةُ أَيضاً: قَرِيبٌ مِنَ الرَّحْمَةِ؛ يُقَالُ: وقعتْ عَلَيْهِ رَخْمته أَي مَحَبَّتُهُ ولينُه وَيُقَالُ رَخْمان ورَحْمان؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَوَتَتْركونَ إِلى القَسَّيْنِ هِجْرَتَكُمْ، ... ومَسْحَكُمْ صُلْبَهُم رَخْمانَ قُرْبانا «1»
؟ ورَخِمَهُ رَخْمةً: لُغَةٌ فِي رَحِمَهُ رَحْمةً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّها أُمُّ سَاجِي الطَّرْفِ، ... أَخْدَرَها مُسْتَوْدَعٌ خَمَرَ الوَعْساءِ، مَرخُومُ
قَالَ الأَصمعي: مَرْخوم أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ رَخْمة أُمه أَي حُبُّهَا لَهُ وأُلْفَتُها إِياه، وَزَعَمَ أَبو زَيْدٍ الأَنصاري أَن مِنْ أَهل الْيَمَنِ مَنْ يَقُولُ رَخِمْتُهُ رَخْمةً بِمَعْنَى رَحِمْتُهُ. وَيُقَالُ: أَلْقى اللَّهُ عَلَيْكَ رَخْمةَ فُلَانٍ أَي عَطْفَهُ وَرِقَّتَهُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: هُوَ راخِمٌ لَهُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَرَةٌ تَرَخَّم صَبيَّها «2» . وَعَلَى صَبِيِّهَا وتَرْخَمُهُ وتَرَبَّخُهُ وتَرَبَّخُ عَلَيْهِ إِذا رَحِمَتْهُ. وارْتَخَمَتِ النَّاقَةُ فَصِيلَهَا إِذا رئِمَتْهُ. والرَّخَمُ: الْمَحَبَّةُ، يُقَالُ: رَخِمَتْهُ أَي عطفتْ عَلَيْهِ. ورخمَتْ بِي الغُرُبُ أَي صاحتْ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
مستودَعٌ خَمَرَ الوَعْساءِ، مَرْخُومُ
والرَّخَمُ: الإِشفاق. والرَّخِيم: الحَسَنُ الْكَلَامِ. والرَّخامةُ: لِينٌ فِي المَنْطِق حُسْنٌ فِي النِّسَاءِ. ورَخَمَ الكلامُ والصوتُ ورَخُمَ رَخامةً، فَهُوَ رَخِيمٌ: لانَ وسَهُلَ. وَفِي حَدِيثِ
مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ: بَلَغَنَا أَن اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لِدَاوُدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا دَاوُدُ، مَجِّدْني بِذَلِكَ الصَّوْتِ الحسنِ الرَّخِيمِ
؛ هُوَ الرَّقِيقُ الشَّجِيُّ الطيبُ النَّغْمة. وَكَلَامٌ رَخِيمٌ أَي رَقِيقٌ. ورَخُمَتِ الْجَارِيَةُ رَخامَةً، فَهِيَ رَخيمة الصَّوْتِ ورَخِيمٌ إِذا كَانَتْ سَهْلَةَ الْمَنْطِقِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذُرَيْحٍ:
رَبْعاً لواضِحةِ الجَبين غريرةٍ، ... كالشمسِ إِذْ طَلَعَتْ، رَخِيمِ المَنْطِقِ
وَقَدْ رَخُمَ كلامُها وَصَوْتُهَا، وَكَذَلِكَ رَخَمَ. يُقَالُ: هِيَ رَخِيمَةُ الصَّوْتِ أَي مَرْخومةُ الصوتِ، يُقَالُ ذَلِكَ للمرأَة والخِشْفِ. والتَّرْخِيمُ: التَّلْيِينُ؛ وَمِنْهُ الترخيمُ فِي الأَسماء لأَنهم إِنما يَحْذِفُونَ أَواخرها ليُسَهِّلُوا النُّطْقَ بِهَا، وَقِيلَ: التَّرْخيم الْحَذْفُ؛ وَمِنْهُ تَرْخيم الِاسْمِ فِي النِّدَاءِ، وَهُوَ أَن يُحْذَفَ مِنْ آخِرِهِ حَرْفٌ أَو أَكثر، كَقَوْلِكَ إِذا نَادَيْتَ حَرِثاً: يا حَرِ، ومالِكاً: يَا مالِ، سُمِّيَ تَرْخيماً لِتَلْيِينِ الْمُنَادِي صَوْتَهُ بِحَذْفِ الْحَرْفِ؛ قَالَ الأَصمعي: أَخَذَ عَنِّي الْخَلِيلُ مَعْنَى الترْخِيم وَذَلِكَ أَنه لَقِيَنِي فَقَالَ لِي: مَا تُسمي الْعَرَبُ السَّهْل مِنَ الْكَلَامِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: الْعَرَبُ تَقُولُ جَارِيَةٌ رَخِيمةٌ إِذا كَانَتْ سَهْلَةَ المَنْطِقِ؛ فَعَمِلَ بَابَ التَّرْخيم عَلَى هَذَا. والرُّخامُ: حَجَرٌ أَبيض سَهْلٌ رِخْوٌ. والرُّخْمَةُ: بَيَاضٌ فِي رأْس الشَّاةِ وغُبْرَةٌ فِي وَجْهِهَا وَسَائِرِهَا أَيّ لَوْنٍ كَانَ، يُقَالُ: شَاةٌ رَخْماءُ، وَيُقَالُ: شَاةٌ رَخْماءُ إِذا ابيضَّ رأْسها واسودَّ سَائِرُ جَسَدِهَا، وَكَذَلِكَ المُخَمَّرة، وَلَا تَقُلْ مُرَخَّمَة. وَفَرَسٌ أَرْخَمُ. والرُّخامى: ضَرب مِنَ الخِلْفة؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ غَبْرَاءُ الخُضْرةِ لَهَا زَهْرة بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، ولها
__________
(1) . راجع البيت في مادة رحم
(2) . قوله [ترخم صبيها إلخ] كذا ضبط في نسخة من التهذيب(12/234)
عِرْقٌ أَبيض تَحْفُرُهُ الحُمُرُ بِحَوَافِرِهَا، وَالْوَحْشُ كُلُّهُ يأْكل ذَلِكَ العِرْقَ لِحَلَاوَتِهِ وَطِيبِهِ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الرُّواةِ تَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ وَهِيَ مِنَ الجَنْبَةِ؛ قَالَ عَبِيد:
أَو شَبَبٌ يَحْفِرُ الرُّخامى ... تَلُفُّهُ شَمْأَلٌ هَبُوبُ «1»
. والرُّخاءُ: الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ، وَهِيَ الرُّخامى أَيضاً. والرُّخامى: نَبْتٌ تَجذُبه السَّائِمَةُ، وَهِيَ بَقْلة غَبْرَاءُ تَضْرِبُ إِلى الْبَيَاضِ، وَهِيَ حُلْوَةٌ لَهَا أَصل أَبيض كأَنه العُنْقُرُ، إِذا انْتُزِعَ حَلَب لَبَنًا، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ مِثْلَ الضَّالِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
تَعاطى فِراخَ المَكْرِ طَوْراً، وَتَارَةً ... تُثِيرُ رُخاماها وتَعْلَقُ ضالَها
وَقَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ فِي الرُّخامى، وَهُوَ نَبْتٌ، يَصِفُ فَرَسًا:
إِذا نَحْنُ قُدْناه تَأَوَّدَ مَتْنُهُ، ... كعِرق الرُّخامى اللَّدْنِ فِي الهَطَلانِ
وَقَالَ مُضَرِّسٌ:
أُصُولُ الرُّخامى لَا يُفَزَّعُ طائِرُه
. والرُّخامَةُ، بِالْهَاءِ: نَبْتٌ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. ابْنُ الأَعرابي: والرَّخَمُ اللَّبَنُ الْغَلِيظُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الرُّخُمُ كُتَلُ اللِّبإِ. والرَّخَمَةُ: طَائِرٌ أَبقع عَلَى شَكْلِ النَّسْر خِلْقةً إِلا أَنه مُبَقَّعٌ بِسَوَادٍ وَبَيَاضٍ يُقَالُ لَهُ الأَنُوقُ، وَالْجَمْعُ رَخَمٌ ورُخْمٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فلَعَمْرُ جَدِّك ذي العَواقِب حَتَّى ... انْتَ عِنْدَ جوالِبِ الرُّخْمِ
ولعَمْرُ عَرْفِكَ ذِي الصُّماحِ، كَمَا ... عَصَبَ السِّفارُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ
وخصَّ اللِّحْيَانِيُّ بالرَّخَمِ الْكَثِيرَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا إِلَّا أَن يَعْنِيَ الْجِنْسَ؛ قَالَ الأَعشى:
يَا رُخَماً قاظَ عَلَى مَطْلُوبِ، ... يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ المُطِيبِ
وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: وَذَكَرَ الرَّافِضَةَ فَقَالَ لَوْ كَانُوا مِنَ الطَّيْرِ لَكَانُوا رَخَماً
؛ الرَّخَمُ: نَوْعٌ مِنَ الطَّيْرِ، وَاحِدَتُهُ رَخَمةٌ، وَهُوَ مَوْصُوفٌ بالغَدْر والمُوقِ، وَقِيلَ بالقَذَر؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَخِمَ السّقاءُ إِذا أَنْتن. واليَرْخُوم: ذَكَرُ الرَّخَمِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَمَا أَدري أَيُّ تُرْخَمٍ هُوَ، وَقَدْ تُضَمُّ الْخَاءُ مَعَ التَّاءِ، وَقَدْ تُفْتَحُ التَّاءُ وَتُضَمُّ الْخَاءُ، أَي أَيُّ النَّاسِ هُوَ، مِثْلَ جُنْدَبٍ وجُنْدُبٍ وطُحْلَبٍ وطُحْلُبٍ وعُنْصَرٍ وعُنصُرٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تُرْخُمٌ تُفْعُلٌ مِثْلَ تُرْتُبٍ، وتُرْخَمٌ مِثْلَ تُرْتَبٍ. ورَخْمانُ: مَوْضِعٌ. ورَخْمانُ: اسْمُ غارٍ بِبِلَادِ هُذَيلٍ فِيهِ رُمِي تأبَّطَ شَرًّا بَعْدَ قَتْلِهِ؛ قَالَتْ أُخته تَرْثِيهِ «2» .
نِعْمَ الْفَتَى غادَرْتُمُ بِرَخْمانْ، ... بثابِتِ بْنِ جابِرِ بْنِ سُفْيانْ،
مَنْ يَقتل القِرن ويَرْوي النَّدْمانْ
وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ شِعْب الرَّخَمِ بِمَكَّةَ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى. وتُرْخُمٌ: حَيٌّ مِنْ حِمْيَر؛ قَالَ الأَعشى:
عَجِبتُ لآلِ الحُرْقَتَينِ، كأَنَّما ... رَأَوْني نَقِيّاً من إِيادٍ وتُرْخُمِ
__________
(1) . في قصيدة عبيد: يرتعي بدل يحفر
(2) . قوله [أُخته ترثيه] كذا في الأَصل، والذي في التكملة للصاغاني ومعجم ياقوت: أُمه(12/235)
ورُخامٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بمَشارِقِ الجَبَلَيْنِ، أَو بمُحَجَّرٍ، ... فتَضَمَّنَتْها فَرْدَةٌ فَرُخامُها
ردم: الرَّدْمُ: سَدُّكَ بَابًا كُلُّهُ أَو ثُلْمَةً أَو مَدْخَلًا أَو نَحْوُ ذَلِكَ. يُقَالُ: رَدَمَ البابَ والثُّلْمَةَ ونحوَهما يَرْدِمُهُ، بِالْكَسْرِ، رَدْماً سدَّه، وَقِيلَ: الرَّدْم أَكثر مِنَ السَّدّ، لأَن الرَّدْمَ مَا جُعِلَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَالِاسْمُ الرَّدْمُ وَجَمْعُهُ رُدُومٌ. والرَّدْمُ: السَّدُّ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ يَأْجوج ومَأْجوج. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً
. وَفِي الْحَدِيثِ:
فُتِح اليومَ مِنْ رَدْمِ يأْجوج ومأْجوج مثلُ هَذِهِ، وعَقَدَ بِيَدِهِ تِسْعِينَ
، مِنْ رَدَمْتُ الثُّلْمَة رَدْماً إِذا سَددتها، وَالِاسْمُ وَالْمَصْدَرُ سَوَاءٌ؛ الرَّدْمُ وعَقْدُ التِّسْعِينَ: مِنْ مُواضَعات الحُسّاب، وَهُوَ أَن يَجْعَلَ رأَس الإِصبع السَّبابة فِي أَصل الإِبهام وَيَضُمُّهَا حَتَّى لَا يَبين بَيْنَهُمَا إِلا خَلَلٌ يَسِيرٌ. والرَّدْمُ: مَا يَسْقُطُ مِنَ الْجِدَارِ إِذا انْهَدَمَ. وَكُلُّ مَا لُفِقَ بعضُه بِبَعْضٍ فَقَدْ رُدِمَ. والرَّدِيمةُ: ثَوْبَانِ يُخَاطُ بَعْضُهُمَا بِبَعْضٍ نَحْوَ اللِّفاق وَهِيَ الرُّدُومُ، عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الْهَاءِ. والرَّدِيمُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ. وَثَوْبٌ رَدِيمٌ: خَلَقٌ، وَثِيَابٌ رُدُمٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ الْهُذَلِيُّ:
يُذْرِينَ دَمْعاً عَلَى الأَشْفارِ مُبْتَدِراً، ... يَرْفُلْنَ بَعْدَ ثِيابِ الخالِ فِي الرُّدُمِ
ورَدَمْتُ الثَّوْبَ ورَدَّمْتُه تَرْدِيماً، وَهُوَ ثَوْبٌ رَديمٌ ومُرَدَّمٌ أَي مُرَقَّعٌ. وتَرَدَّمَ الثوبُ أَي أَخْلَقَ واسْتَرْقَعَ فَهُوَ مُتَرَدِّمٌ. والمُتَرَدَّمُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُرَقَّعُ. وَيُقَالُ: تَرَدَّمَ الرجلُ ثَوْبَهُ أَي رَقَّعَهُ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. ابْنُ سِيدَهْ: ثَوْبٌ مُرَدَّمٌ ومُرْتَدَمٌ ومُتَرَدَّمٌ ومُلَدَّمٌ خَلَقٌ مُرَقَّعٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
هَلْ غادَرَ الشُّعَراءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ، ... أَم هَلْ عَرَفْتَ الدارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ؟
مَعْنَاهُ أَي مُسْتَصْلَحٍ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَي مِنْ كَلَامٍ يَلْصَقُ بعضُه بِبَعْضٍ ويُلَبَّق أَي قَدْ سَبَقُونَا إِلى الْقَوْلِ فَلَمْ يَدَعُوا مَقَالًا لِقَائِلٍ. وَيُقَالُ: صِرتُ بَعْدَ الوَشْي والخَزِّ فِي رُدُمٍ، وَهِيَ الخُلْقان، بِالدَّالِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: الأَرْدَمُ المَلَّاحُ، وَالْجَمْعُ الأَرْدمون؛ وأَنشد فِي صِفَةِ نَاقَةٍ:
وتَهْفُو بهادٍ لَهَا مَيْلَعٍ، ... كَمَا أَقحَمَ القادِسَ الأَرْدَمُونا
المَيْلَعُ: الْمُضْطَرِبُ هَكَذَا وَهَكَذَا، والمَيْلَعُ: الْخَفِيفُ. وتَرَدَّمَتِ الناقةُ: عَطَفَتْ عَلَى وَلَدِهَا. والرَّدِيمُ: لَقَب رَجُلٌ مِنْ فُرْسان الْعَرَبِ، سُمِّي بِذَلِكَ لِعِظَمِ خَلقِه، وَكَانَ إِذا وَقَفَ مَوْقِفاً رَدَمَهُ فَلَمْ يُجَاوِزْ. وتَرَدَّمَ القومُ الأَرض: أَكلوا مَرْتَعَها مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. وأَرْدَمَتْ عَلَيْهِ الحُمَّى، وَهِيَ مُرْدِمٌ: دَامَتْ وَلَمْ تُفَارِقْهُ. وأَرْدَمَ عَلَيْهِ المرضُ: لَزِمَهُ. وَيُقَالُ: وِرْدٌ مُرْدِمٌ وَسَحَابٌ مُرْدِمٌ. ورَدَمَ البعيرُ وَالْحِمَارُ يَرْدُمُ رَدْماً: ضَرطَ، وَالِاسْمُ الرُّدامُ، بِالضَّمِّ، وَقِيلَ: الرَّدْمُ الضُّراط عامَّةً. ورَدَمَ بِهَا رَدْماً: ضَرطَ. الْجَوْهَرِيُّ: رَدَمَ يَرْدُمُ، بِالضَّمِّ، رُداماً. والرَّدْمُ: الصَّوْتُ، وَخَصَّ بِهِ بَعْضُهُمْ صَوْتَ القَوْس. ورَدَمَ الْقَوْسَ: صَوَّتها بالإِنْباض؛ قَالَ صَخْر الغَيّ يَصِفُ قَوْسًا:(12/236)
كأنَّ أُزْبِيَّها إِذا رُدِمَتْ، ... هَزْمُ بُغاةٍ فِي إِثْرِ مَا فَقَدُوا
رُدِمَتْ: صُوّتت بالإِنْباض، وَفِي التَّهْذِيبِ: رُدِمَتْ أُنْبض عَنْهَا، والهَزْمُ: الصَّوْتُ. قَالَ الأَزهري: كَأَنَّهُ مأْخوذ مِنَ الرُّدامِ، وَهُوَ الضُّرَاطُ. وَرَجُلٌ رَدْمٌ ورُدامٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ. ورَدَمَ الشيءُ يَرْدُمُ رَدْماً: سَالَ؛ هَذِهِ عَنْ كُرَاعٍ، وَرِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ وَثَعْلَبٍ: رَذَمَ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. والرَّدْمُ: مَوْضِعٌ بِتِهَامَةَ؛ قَالَ أَبو خِراش:
فَكَلّا ورَبِّي لَا تَعُودِي لِمِثْلِهِ، ... عَشِيّةَ لاقَتْهُ المَنِيّةُ بالرَّدْمِ
حَذَفَ النُّونِ الَّتِي هِيَ عَلَامَةُ رَفْعِ الْفِعْلِ فِي قَوْلِهِ تَعُودي لِلضَّرُورَةِ؛ وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
أَبيتُ أَسْرِي، وتَبِيتي تَدْلُكي ... جِسْمَكِ بالجادِيِّ والمِسْكِ الذَّكِيِّ
وَلَهُ نَظَائِرُ، وَنَصَبَ عَشِيَّةً عَلَى الْمَصْدَرِ، أَراد عَوْدَ عشيةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَن تَنْتَصِبَ عَلَى الظَّرْفِ لِتَدَافُعِ اجْتِمَاعِ الِاسْتِقْبَالِ وَالْمُضِيِّ، لأَن تَعُودِي آتٍ وَعَشِيَّةَ لاقَتْهُ مَاضٍ؛ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ جِنِّي. ورَدْمان: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ باليمن.
رذم: رَذَمَ أَنفُه يَرْذُمُ ويَرْذِمُ رَذْماً ورَذَماناً: قَطَرَ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
مَا ليَ مِنْهَا، إِذا مَا أَزْمَةٌ أَزَمَتْ، ... وَمِنْ أُوَيْسٍ، إِذا مَا أَنْفُهُ رَذَما
وَنَاقَةٌ راذِمٌ إِذا دَفَعَتْ بِاللَّبَنِ. والرَّذُومُ: السَّائِلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وقَصعة رَذُومٌ: مَلأَى تُصَبَّبُ جوانبُها حَتَّى إِن جَوَانِبَهَا لتَنْدى أَو كَأَنَّهَا تَسيلُ دَسَماً لِامْتِلَائِهَا، وَالْجَمْعُ رُذُمٌ؛ قَالَ أُمَيَّة بْنُ أَبي الصَّلْتِ يَمْدَحُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُذْعانَ:
لَهُ داعٍ بِمَكَّةَ مُشْمَعِلٌّ، ... وآخرُ فَوْقَ دارَتِه يُنَادِي
إِلى رُذُمٍ مِنَ الشِّيزَى مِلاءٍ ... لُبابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ
الْجَوْهَرِيُّ: وجِفانٌ رُذُمُ ورَذَمٌ مِثْلَ عَمُودٍ وعُمُدٍ وعَمَدٍ، وَلَا تَقُلْ رِذَمٌ، وَقَدْ رَذِمَتْ تَرْذَمُ رَذَماً وأَرْذَمَتْ، قَالَ: وَقَلَّمَا يُسْتَعْمَلُ إِلا بِفِعْلٍ مُجَاوِزٍ مِثْلَ أَرْذَمَتْ؛ وَقَوْلُهُ:
أَعني ابنَ لَيْلى عبدَ العزيزِ بِبابِ ... الْيُونِ تَغْدُو جِفانُه رَذَما
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا رَوَاهُ الأَصمعي، سَمَّاهَا بِالْمَصْدَرِ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ رُذُماً جَمْعُ رَذُوم. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الرَّذُوم القَطُور مِنَ الدَّسَم، وَقَدْ رَذَمَ يَرْذِمُ إِذا سَالَ. الْجَوْهَرِيُّ: رَذَمَ الشيءُ سَالَ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ. وَفِي حَدِيثُ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: فِي قُدور رَذِمة
أَي مُتَصَبِّبة مِنَ الامْتلاء. والرَّذْمُ: القَطر والسَّيلان. وجَفْنة رَذوم وجِفان رُذُم: كَأَنَّهَا تَسِيلُ دَسَمًا لِامْتِلَائِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ فِي الْكَيْلِ: لَا دَقَّ وَلَا رَذْم وَلَا زَلْزَلَة
؛ هُوَ أَن يملأَ المِكيال حَتَّى يجاوِز رأْسه. وكِسْر رَذُوم: يَسِيلُ وَدَكُه؛ قَالَ:
وعاذِلةٍ هَبَّت بَليلٍ تَلُومُني، ... وَفِي كفِّها كِسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ
الأَبحُّ: الْعَظِيمُ الْمُمْتَلِئُ مِنَ المُخّ، وَالْجَفْنَةُ إِذا مُلِئَتْ شَحماً وَلَحْمًا فَهِيَ جَفنة رَذُوم، وجِفان رُذُم. ابْنُ(12/237)
الأَعرابي: الرُّذُم الْجِفَانُ الملأَى، والرُّذُم الأَعضاء المُمِخَّة؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
لَا يَمْلَأُ الدلْوَ صُبابات الوَذَمْ، ... إِلّا سِجالٌ رَذَمٌ عَلَى رَذَمْ
قَالَ اللَّيْثُ: الرَّذَم هَاهُنَا الِامْتِلَاءُ، والرَّذَم الِاسْمُ، والرَّذْم الْمَصْدَرُ، والرَّذْم والرُّذام الفَسْلُ. وأَرْذم على الخمسين: زاد.
رزم: الرَّزَمَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: ضَرْبٌ مِنْ حَنين النَّاقَةِ عَلَى وَلَدِهَا حِينَ تَرْأَمُه، وَقِيلَ: هُوَ دُونَ الْحَنِينِ وَالْحَنِينُ أَشد مِنَ الرَّزَمَة. وَفِي الْمَثَلِ: لَا خَيْرَ فِي رَزَمَةٍ لَا دِرّةَ فِيهَا؛ ضُرِبَ مَثَلًا لِمَنْ يُظهر مودَّة وَلَا يُحَقِّقُ، وَقِيلَ: لَا جَدْوَى مَعَهَا، وَقَدْ أَرْزَمت عَلَى وَلَدِهَا؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الحَذْلميّ يَصِفُ الإِبل:
تُبينُ طِيبَ النفْسِ فِي إِرْزامها
يَقُولُ: تُبِينُ فِي حَنينها أَنها طَيِّبَةُ النَّفْسِ فَرِحة. وأَرْزَمت الشَّاةُ عَلَى ولَدها: حنَّت. وأَرْزَمت النَّاقَةُ إِرزاماً، وَهُوَ صَوْتٌ تُخْرِجُهُ مِنْ حَلْقها لَا تَفْتَحُ بِهِ فَاهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن نَاقَتَهُ تَلَحْلَحَتْ وأَرْزمت
أَي صوَّتت. والإِرْزامُ: الصَّوْتُ لَا يُفْتَحُ بِهِ الْفَمُ، وَقِيلَ فِي الْمَثَلِ: رَزَمَةٌ وَلَا دِرَّةٌ؛ قَالَ: يُضرب لِمَنْ يَعِد وَلَا يَفِي، وَيُقَالُ: لَا أَفْعل ذَلِكَ مَا أَرْزمت أُم حَائِلٍ. ورَزَمَةُ الصَّبِيِّ: صَوْتُهُ. وأَرْزَمَ الرَّعد: اشْتَدَّ صَوْتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ صَوْتٌ غَيْرُ شَدِيدٍ، وأَصله مِنْ إِرزام النَّاقَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّزَمة الصَّوْتُ الشديدُ. وَرَزَمَةُ السِّبَاعِ: أَصواتها. والرَّزِيم: الزَّئير؛ قَالَ:
لِأُسُودهنّ عَلَى الطَّرِيقِ رَزِيم
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
تركُوا عِمرانَ مُنْجَدِلًا، ... لِلسِّبَاعِ حَوْله رَزَمَهْ
والإِرْزامُ: صَوْتُ الرَّعْدِ؛ وأَنشد:
وعَشِيَّة مُتَجاوِب إِرْزامُها «3»
. شبَّه رَزَمَة الرَّعْد بِرَزمة النَّاقَةِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: المِرْزَم مِنَ الْغَيْثِ وَالسَّحَابِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ رعدُه، وَهُوَ الرَّزِم أَيضاً عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ تَرْثِي أَخاها:
جَادَ على قبرك غَيْثٌ ... مِن سَماء رَزِمَهْ
وأَرزمت الريحُ فِي جَوْفِهِ كَذَلِكَ. ورَزَمَ البعيرُ يَرْزِمُ ويَرْزُمُ رُزاماً ورُزُوماً: سَقَطَ مِنْ جُوعٍ أَو مَرَضٍ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَزَم البعيرُ والرجلُ وَغَيْرُهُمَا يَرْزُمُ رُزُوماً ورُزاماً إِذا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّهُوضِ رَزاحاً وهُزالًا. وَقَالَ مُرَّةً: الرَّازم الَّذِي قَدْ سَقَطَ فَلَا يَقدِر أَن يَتَحَرَّكَ مِنْ مَكَانِهِ؛ قَالَ: وَقِيلَ لِابْنَةِ الخُسّ: هَلْ يُفلح الْبَازِلُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَهُوَ رازِم؛ الْجَوْهَرِيُّ: الرَّازِم مِنَ الإِبل الثَّابِتُ عَلَى الأَرض الَّذِي لَا يَقُومُ مِنْ الهُزال. ورزَمت النَّاقَةُ تَرْزُمُ وتَرْزِمُ رُزُوماً ورُزاماً، بِالضَّمِّ: قَامَتْ مِنَ الإِعياء والهُزال فَلَمْ تَتَحَرَّكْ، فَهِيَ رازِم، وَفِي حَدِيثِ
سُلَيْمَانَ بْنَ يَسار: وَكَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ رازمٍ
أَي لَا تَتَحَرَّكُ مِنَ الهُزال. وَنَاقَةٌ رَازِمٌ: ذَاتُ رُزام كامرأَة حَائِضٍ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ: تَرَكَتِ الْمُخَّ رِزاماً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: إِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَتَكُونُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، تَقْدِيرُهُ: تَرَكَتْ ذَوَاتَ المُخِ
__________
(3) . هذا البيت من معلقة لبيد وصدره: مِنْ كُلِّ سَارِيَةٍ، وغادٍ مُدجنٍ(12/238)
رِزاماً، وَيَكُونُ رِزاماً جَمْعَ رازِمٍ، وإِبل رَزْمَى. ورَزَمَ الرَّجُلُ عَلَى قِرْنه إِذا بَرك عَلَيْهِ. وأَسد رَزامَة ورَزامٌ ورُزَمٌ: يَبْرُك عَلَى فَرِيسته؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَية:
يخْشَى عَلَيْهِمْ مِنَ الأَمْلاك نابِخَةً ... مِنَ النَّوابِخِ، مِثْل الحادِرِ الرُّزَمِ
قَالُوا: أَراد الْفِيلَ، والحادِرُ الْغَلِيظُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شَعَرِهِ الخادرُ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ الأَسد فِي خِدْرِهِ، والنَّابِخَة: المُتَجَبِّرُ، والرُّزَم: الَّذِي قَدْ رَزَم مَكَانَهُ، وَالضَّمِيرُ فِي يَخْشَى يَعُودُ عَلَى ابْنِ جُعْشُم فِي الْبَيْتِ قَبْلَهُ، وَهُوَ:
يُهْدِي ابنُ جُعْشُمَ للأَنباء نَحْوَهُمُ، ... لَا مُنْتَأَى عَنْ حِياضِ الْمَوْتِ والحُمَمِ
والأَسد يُدْعى رُزَماً لأَنه يَرْزِم عَلَى فَرِيسَتِهِ. وَيُقَالُ لِلثَّابِتِ الْقَائِمِ عَلَى الأَرض: رُزَم، مِثَالُ هُبَعٍ. وَيُقَالُ: رجلٌ مُرْزِم لِلثَّابِتِ عَلَى الأَرض. والرِّزامُ مِنَ الرِّجَالِ «1» . الصَّعْب المُتَشدِّد؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَيا بَني عَبْدِ مَناف الرِّزام، ... أَنتم حُماةٌ وأَبوكمُ حَامِ
لَا تُسلموني لَا يَحلُّ إِسْلام، ... لَا تَمْنَعُوني فضلكمْ بعدَ الْعَامِ
وَيُرْوَى الرُّزَّام جَمْعُ رازِم. اللَّيْثُ: الرِّزْمة مِنَ الثِّيَابِ مَا شُدَّ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وأَصله فِي الإِبل إِذا رَعَتْ يَوْمًا خُلَّةً وَيَوْمًا حَمْضاً. قَالَ ابْنُ الأَنباري: الرِّزْمَة فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّتِي فِيهَا ضُروب مِنَ الثِّيَابِ وأَخلاط، مِنْ قَوْلِهِمْ رازَمَ فِي أَكله إِذا خَلَط بَعْضًا بِبَعْضٍ. والرِّزمة: الكارةُ مِنَ الثِّيَابِ. وَقَدْ رَزَّمتها تَرْزِيماً إِذا شَدَدْتُهَا رِزَماً. ورَزَمَ الشَّيْءَ يَرْزِمه ويَرْزُمه رَزْماً ورَزَّمه: جَمَعَهُ فِي ثَوْبٍ، وَهِيَ الرِّزْمة أَيضاً لِمَا بَقِيَ فِي الجُلَّةِ مِنَ التَّمْرِ، يَكُونُ نِصْفَهَا أَو ثُلُثَهَا أَو نَحْوَ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه أَعطى رَجُلًا جَزائرَ وَجَعَلَ غرائرَ عَلَيْهِنَّ فِيهِنَّ مِنْ رِزَمٍ مِنْ دَقِيقٍ
؛ قَالَ شَمِرٌ: الرِّزْمة قَدَرُ ثُلُثِ الغِرارة أَو رُبُعُهَا مِنْ تَمْرٍ أَو دَقِيقٍ؛ قَالَ زبد بْنُ كَثْوة: القَوْسُ قَدْرُ رُبُعِ الجُلَّة مِنَ التَّمْرِ، قَالَ: وَمِثْلُهَا الرِّزْمة. ورازَمَ بَيْنَ ضَرْبين مِنَ الطَّعَامِ، ورازَمت الإِبلُ العامَ: رَعَتْ حَمْضاً مرَّة وخُلّة مَرَّةً أُخرى؛ قَالَ الرَّاعِي يُخَاطِبُ نَاقَتَهُ:
كُلي الحَمْضَ، عامَ المُقْحِمِينَ، ورازِمي ... إِلى قابلٍ، ثُمَّ اعْذِري بعدَ قابِل
مَعْنَى قَوْلِهِ ثُمَّ اعْذِري بَعْدَ قَابِلِ أَي أَنْتَجع عَلَيْكِ بَعْدَ قَابِلٍ فَلَا يَكُونُ لَكِ مَا تأْكلين، وَقِيلَ: اعْذِري إِن لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ كلأٌ، يَهْزَأُ بِنَاقَتِهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَقِيلَ رازَمَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأَكل وَغَيْرِهِ. ورازَمَتِ الإِبل إِذا خَلَطَت بَيْنَ مَرْعَيَيْن.
وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رازِمُوا بَيْنَ طَعَامِكُمْ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ اذْكُرُوا اللَّهَ بَيْنَ كُلِّ لُقْمَتَيْنِ.
وَسُئِلَ ابْنُ الأَعرابي عَنْ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ إِذا أَكلتم فرازِمُوا
، قَالَ: المُرازَمة المُلازَمة وَالْمُخَالَطَةُ، يُرِيدُ مُوالاة الْحَمْدِ، قَالَ: مَعْنَاهُ اخْلطوا الأَكل بِالشُّكْرِ وَقُولُوا بَيْنَ اللُّقم الْحَمْدُ لِلَّهِ؛ وَقِيلَ: الْمُرَازَمَةُ أَن تأْكل اللَّيِّنَ وَالْيَابِسَ والحامضَ والحُلو والجَشِب
__________
(1) . قوله [والرزام من الرجال] مضبوط في القاموس ككتاب، وفي التكملة كغراب(12/239)
والمَأْدُوم، فَكَأَنَّهُ قَالَ: كُلُوا سَائِغًا مَعَ جَشب غَيْرِ سَائِغٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد اخْلِطُوا أَكلكم ليِّناً مَعَ خَشِن وَسَائِغًا مَعَ جَشِب، وَقِيلَ: المُرازمة فِي الأَكل الْمُعَاقَبَةُ، وَهُوَ أَن يأْكل يَوْمًا لَحْمًا، وَيَوْمًا لَبَناً، وَيَوْمًا تَمْرًا، وَيَوْمًا خُبْزًا قَفاراً. والمُرازَمَةُ فِي الأَكل: المُوالاة كَمَا يُرازِمُ الرَّجُلُ بَيْنَ الجَراد وَالتَّمْرِ. ورازَمَ الْقَوْمُ دارَهُمْ: أَطالوا الإِقامة فِيهَا. ورَزَّمَ القومُ تَرْزيماً إِذا ضَرَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ لَا يَبْرَحون؛ قَالَ أَبو المُثَلَّمِ:
مَصاليتُ فِي يَوْمِ الهِياجِ مَطاعمٌ، ... مَضاريبُ فِي جَنْبِ الفِئامِ المُرَزِّمِ «1»
. قَالَ: المُرَزِّمُ الحَذِرُ الَّذِي قَدْ جَرَّب الأَشياء يَتَرَزَّمُ فِي الأَمور وَلَا يَثْبُتُ عَلَى أَمر وَاحِدٍ لأَنه حَذِرٌ. وأَكل الرَّزْمَةَ أَي الوَجْبَة. ورَزَمَ الشتاءُ رَزْمَة شَدِيدَةً: بَرَدَ، فَهُوَ رازِمٌ، وَبِهِ سُمِّي نَوْءُ المِرْزَمِ. أَبو عُبَيْدٍ: المُرْزَئِمُّ المُقْشَعِرّ الْمُجْتَمِعُ، الرَّاءُ قَبْلَ الزَّايِ، قَالَ: الصَّوَابُ المُزْرَئِمُّ، الزَّايُ قَبْلَ الراي، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَبَلة، وشك أَبو زيد في المقّشَعِرِّ المجتمع أَنه مزْرَئمٌّ أَو مُرْزَئمّ. والمِرْزَمان: نَجْمَانِ مِنْ نُجُومِ الْمَطَرِ، وَقَدْ يُفْرَدُ؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
أَعْدَدْتُ، للمِرْزَم والذِّراعَيْن، ... فَرْواً عُكاظِيّاً وأَيَّ خُفَّيْن
أَراد: وخُفَّيْنِ أَيَّ خُفَّيْنِ؛ قَالَ ابْنُ كُناسَةَ: المِرْزَمان نَجْمَانِ وَهَمَا مَعَ الشِّعْرَيَيْنِ، فالذِّراعُ الْمَقْبُوضَةُ هِيَ إِحدى المرْزَمَيْن، وَنَظْمُ الجَوْزاء أَحَدُ المِرْزَمَيْنِ، وَنَظْمُهُمَا كَوَاكِبُ مَعَهُمَا فَهُمَا مِرْزَما الشِّعْرَيينِ، والشِّعْرَيان نَجْمَاهُمَا اللَّذَانِ مَعَهُمَا الذِّرَاعَانِ يَكُونَانِ مَعَهُمَا. الْجَوْهَرِيُّ: والمِرْزَمان مِرْزَما الشِّعْرَيين، وَهُمَا نَجْمَانِ: أَحدهما فِي الشِّعْرى، وَالْآخُرُ فِي الذِّرَاعِ. وَمِنْ أَسماء الشَّمَالِ أُم مِرْزَمٍ، مأْخوذ مِنْ رَزَمَةِ النَّاقَةِ وَهُوَ حَنينها إِلى وَلَدِهَا. وارْزامَّ الرجلُ ارْزِيماماً إِذا غَضِبَ. ورِزامٌ: أَبو حَيٍّ مِنْ تَمِيمٍ وَهُوَ رِزامُ بْنَ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ؛ وَقَالَ الْحُصَيْنُ بْنُ الحُمَام المُرِّيّ:
وَلَوْلَا رجالٌ، مِنْ رِزامٍ، أَعِزَّةٌ ... وآلُ سُبَيْعٍ أَو أَسُوءَكَ عَلْقَما
أَراد: أَو أَنْ أَسوءَك يَا عَلْقَمةُ. ورُزَيْمَةُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ:
أَلا طَرَقَتْ رُزَيْمةُ بَعْدَ وَهْنٍ، ... تَخَطَّى هَوْلَ أَنْمارٍ وأُسدِ
وأَبو رُزْمَةَ وأُمّ مِرْزَمٍ: الرِّيحُ؛ قَالَ صَخْرُ الغَيّ يُعَيِّرُ أَبا المُثَلَّم ببَرْدِ مَحَلِّهِ:
كَأَنِّي أَراه بالحَلاءَة شَاتِيًا ... يُقَشِّرُ أَعلى أَنفه أُمُّ مِرْزَمِ
قَالَ: يَعْنِي رِيحَ الشَّمال، وَذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ أَنه الرِّيحُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بشَمال وَلَا غَيْرِهِ، والحَلاءة: مَوْضِعٌ. ورَزْمٌ: مَوْضِعٌ؛ وَقَوْلُهُ:
وخافَتْ مِنْ جبالِ السُّغْدِ نَفْسي، ... وخافتْ مِنْ جِبَالِ خُوارِ رَزْمِ
__________
(1) . قوله [المرزم] كذا هو مضبوط في الأصل والتكملة كمحدث، وضبطه شارح القاموس كمعظم(12/240)
قِيلَ: إِن خُواراً مُضَافٌ إِلى رَزْمٍ، وَقِيلَ: أَراد خُوارِزْم فَزَادَ رَاءً لإِقامة الْوَزْنِ. وَفِي تَرْجَمَةِ هَزَمَ: المِهْزامُ عَصًا قَصِيرَةٌ، وَهِيَ المِرزام؛ وأَنشد:
فشامَ فِيهَا مِثْلَ مِهْزام العَصا
أَو الْغَضَا، وَيُرْوَى: مِثْلَ مِرْزام.
رسم: الرَّسْمُ: الأَثَرُ، وَقِيلَ: بَقِيَّةُ الأَثَر، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَيْسَ لَهُ شَخْصٌ مِنَ الْآثَارِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَصِقَ بالأَرض مِنْهَا. ورَسْمُ الدَّارِ: مَا كَانَ مِنْ آثَارِهَا لَاصِقًا بالأَرض، وَالْجَمْعُ أَرْسُمٌ ورُسومٌ. ورَسَمَ الْغَيْثُ الدَّارَ: عَفّاها وأَبقى فِيهَا أَثراً لَاصِقًا بالأَرض؛ قَالَ الحُطَيئَةُ:
أَمِنْ رَسْم دارٍ مُرْبِعٌ ومُصِيفُ، ... لعَينيك من ماءِ الشُّؤُون وكِيفُ؟
رَفَعَ مُرْبِعاً بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ رَسْمٌ، أَراد: أَمن أَن رَسَمَ مُرْبِعٌ ومُصيفٌ دَارًا. وتَرَسَّمَ الرَّسْمَ: نَظَرَ إِليه. وتَرَسَّمْتُ أَي نَظَرَتْ إِلى رُسُوم الدَّارِ. وتَرَسَّمْتُ الْمَنْزِلَ: تَأَمَّلْتُ رَسْمَهُ وتَفَرَّسْتُهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَأَنْ تَرَسَّمْتَ مِنْ خَرْقاء مَنْزِلَةً ... ماءُ الصَّبابةِ، مِنْ عَيْنَيْك، مَسْجُومُ؟
وَكَذَلِكَ إِذا نَظَرْتَ وتفرسْت أَين تَحْفِرُ أَو تَبْنِي؛ وَقَالَ:
اللَّهُ أَسْقاك بِآلِ الجَبّار ... تَرَسُّم الشَّيْخِ وضَرْب المِنْقار
والرَّوْسَمُ: كالرَّسْمِ؛ وأَنشد ابْنَ بَرِّيٍّ للأَخْطل:
أَتَعْرِفُ مِنْ أَسْماءَ بالجُدِّ رَوْسَما ... مُحِيلًا، ونُؤْياً دارِساً مُتَهَدِّما؟
والرَّوْسَمُ: خَشَبَةٌ فِيهَا كِتَابٌ مَنْقُوشٌ يُخْتَمُ بِهَا الطعامُ، وَهُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيضاً. وَيُقَالُ: الرَّوْسَمُ شَيْءٌ تُجْلَى بِهِ الدَّنَانِيرُ؛ قَالَ كثيِّر:
مِنَ النَّفَرِ البِيضِ الَّذِينَ وُجُوهُهُمْ ... دَنانيرُ شِيفَتْ، مِنْ هِرَقْلٍ، برَوْسَمِ
ابْنُ سِيدَهْ: الرَّوْسَمُ الطابَعُ، وَالشِّينُ لُغَةٌ، قَالَ: وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الطابَعَ الَّذِي يُطْبَعُ بِهِ رأَس الْخَابِيَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ: قُرْحة برَوْسَمِ أَي بِوَجْهِ الْفَرَسِ. وإِن عَلَيْهِ لرَوْسَماً أَي عَلَامَةَ حسنٍ أَو قُبح؛ قَالَهُ خَالِدُ بْنُ جَبَلَةَ، وَالْجَمْعُ الرَّواسِمُ والرَّواسِيمُ؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ عَرَّاماً يَقُولُ هُوَ الرَّسْمُ والرَّشْمُ للأَثر. ورَسَمَ عَلَى كَذَا ورَشَمَ إِذا كَتَبَ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلَّذِي يُطْبَعُ بِهِ رَوْسَمٌ ورَوْشَمٌ وراسُوم وراشُوم مِثْلَ رَوْسَمِ الأَكْداسِ ورَوْسَم الأَمير؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ودِمْنة هَيَّجَتْ شَوْقي مَعالِمُها، ... كأَنها بالهِدَمْلاتِ الرَّواسِيمُ
والرَّواسيم: كُتب كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، والهِدَمْلاتُ: رِمال مَعْرُوفَةٌ بِنَاحِيَةِ الدَّهناء؛ وَنَاقَةٌ رَسُومٌ. وَثَوْبٌ مُرَسَّمٌ، بِالتَّشْدِيدِ: مخطَّط؛ وَفِي حَدِيثِ زَمْزَمَ:
فرُسِّمَتْ بالقَباطِيّ والمَطارِف حَتَّى نَزَحُوهَا
أَي حَشُوهَا حَشْوًا بَالِغًا، كأَنه مأْخوذ مِنَ الثِّيَابِ المُرَسَّمَةِ، وَهِيَ الْمُخَطَّطَةِ خُطُوطًا خَفِيَّة. ورَسَمَ فِي الأَرض: غَابَ. والرَّاسِمُ: الْمَاءُ الْجَارِي. وَنَاقَةٌ رَسُومٌ: تُؤَثِّرُ فِي الأَرض مِنْ شِدَّةِ الْوَطْءِ. ورَسَمَتِ النَّاقَةُ تَرْسِمُ رَسِيماً: أَثَّرَتْ فِي الأَرض مِنْ شِدَّةِ وَطْئِهَا، وأَرْسَمْتها أَنا؛ فأَما(12/241)
قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
والمُرْسِمون إِلى عَبْدِ العَزيز بِهَا ... مَعاً وشَتَّى، وَمِنْ شَفْعٍ وفُرَّادِ
إِنما أَراد المُرْسموها فَزَادَ الْبَاءَ وَفَصَلَ بِهَا بَيْنَ الْفِعْلِ وَمَفْعُولِهِ. والرَّسْمُ: الركِيّةُ تَدْفِنُهَا الأَرض، وَالْجَمْعُ رِسامٌ. وارْتَسَم الرَّجُلُ: كَبَّرَ وَدَعَا. والارْتِسامُ: التَّكْبِيرُ والتَّعَوُّذ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
فِي ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي المَوْتَ صاحبُهُ، ... إِذا الصَّرارِيُّ مِنْ أَهواله ارْتَسَما
وَقَالَ الأَعشى:
وقابَلَها الريحُ فِي دَنِّها، ... وصَلَّى عَلَى دَنِّها وارْتَسَمْ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ارْتَسَمَ خَتْمُ إِناءَها بالرَّوْسَمِ، قَالَ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ. والرَّوْسَبُ والرَّوْسَمُ: الدَّاهِيَةُ. والرَّسِيمُ مِنْ سَيْرِ الإِبل: فَوْقَ الذَّميل، وَقَدْ رَسَمَ يَرْسِمُ، بِالْكَسْرِ، رَسِيماً، وَلَا يُقَالُ أَرْسَمَ؛ وَقَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
أَجَدَّتْ برِجْلَيْها النَّجاءَ وكَلَّفَتْ ... بعيرَيْ غلامَيَّ الرَّسِيمَ، فأَرْسَما
وَفِي رِوَايَةٍ «2»
..... كَلَّفَتْ ... غُلَامَيَّ الرَّسِيم فأَرسما
قَالَ أَبو حَاتِمٍ: إِنما أَراد أَرسم الْغُلَامَانِ بَعِيرَيْهِمَا وَلَمْ يَرِدْ أَرْسَمَ البعيرُ. والرَّسُومُ: الَّذِي يَبْقَى عَلَى السَّيْرِ يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا بَلَغَ كُراع الغَمِيم إِذا الناسُ يَرْسِمُونَ نَحْوَهُ
أَي يَذْهَبُونَ إِليه سِرَاعًا، والرَّسِيمُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ سَرِيعٌ مُؤَثِّرٌ فِي الأَرض. والرَّسَمُ: حُسْن الْمَشْيِ. ورَسَمْتُ لَهُ كَذَا فارْتَسَمَه إِذا امتَثله. وراسِمٌ: اسم.
رشم: رَشَمَ إِليه رَشْماً: كَتَبَ. والرَّشْم: خَاتَمُ البُر وَغَيْرِهِ مِنَ الْحُبُوبِ، وَقِيلَ: رَشْمُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَامَتُهُ، رَشَمَهُ يَرْشُمُهُ رَشْماً، وَهُوَ وَضْعُ الْخَاتَمِ عَلَى فِرَاءِ البُر فَيَبْقَى أَثره فِيهِ، وَهُوَ الرَّوْشَمُ، سَوَادِيَّةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّوْشَمُ اللَّوْحُ الَّذِي يُخْتَمُ بِهِ البَيادر، بِالسِّينِ وَالشِّينِ جَمِيعًا. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ عَرَّاماً يَقُولُ الرَّسْمُ والرَّشْمُ الأَثَرُ. ورَسَمَ عَلَى كَذَا ورَشَمَ أَي كَتَبَ. وَيُقَالُ لِلْخَاتَمِ الَّذِي يَخْتِمُ البُرَّ: الرَّوْشَمُ والرَّوْسَمُ. والرَّشْم: مَصْدَرُ رَشَمْتُ الطَّعَامَ أَرْشُمُهُ إِذا خَتَمْتَهُ. والرَّوْشَمُ: الطابَعُ، لُغَةٌ فِي الرَوْسَمِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ارْتَشَمَ خَتَمَ إِناءه بالرَّوْشَم. والرَّشَمُ، بِالتَّحْرِيكِ، والرَّوْشَم: أَوَّل مَا يَظْهَرُ مِنْ النَّبْتِ. يُقَالُ: فِيهِ رَشَمٌ مِنَ النَّبَاتِ. وأَرْشَمَتِ الأَرضُ: بَدَا نَبْتُهَا. وأَرْشَمَتِ المَهاةُ: رأَت الرَّشَمَ فَرَعَتْهُ؛ قَالَ أَبو الأَخْزَر الْحِمَّانِيُّ:
كَمْ مِنْ كَعابٍ كالمَهاة المُرْشِمِ
وَيُرْوَى المُوشِم، بِالْوَاوِ، يَعْنِي الَّتِي نَبَتَ لَهَا وَشْمٌ مِنَ الكَلإِ، وَهُوَ أَوّله، يشبَّه بوَشْمِ النِّسَاءِ. وعامٌ أَرْشَمُ: لَيْسَ بجَيّد خَصيب. وَمَكَانٌ أَرْشَمُ كأَبْرَشَ إِذا اخْتَلَفَتْ أَلوانه. اللِّحْيَانِيُّ: بِرْذَوْن أَرْشَمُ وأَرْمَشُ مِثْلَ الأَبْرَشِ فِي لَوْنِهِ؛ قَالَ: وأَرض رَشْماءُ ورَمْشاء مِثْلَ البَرْشاء إِذا اختلفت
__________
(2) . قوله [وفي رواية كلفت إلخ] كذا هو بالأَصل ولعله غلامي بعيري(12/242)
أَلوان عُشْبها. وأَرْشَمَ الشجرُ: أَخرج ثَمَرُهُ كَالْحِمَّصِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَرْشَمَ الشجرُ وأَرْمَشَ إِذا أَورق. والأَرْشَمُ: الَّذِي يتشَمَّمُ الطَّعَامَ وَيَحْرِصُ عَلَيْهِ؛ قَالَ البَعِيثُ يَهْجُو جَريراً:
لَقًى حملتهُ أُمُّه، وَهِيَ ضَيْفَةٌ، ... فجاءَتْ بيَتْنٍ للضِّيافة أَرْشَما
وَيُرْوَى:
فَجَاءَتْ بنَزٍّ للنُّزالة أَرْشَما
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ هَذَا الْبَيْتَ لِجَرِيرٍ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّشَمُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ رَشِمَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، يَرْشَمُ إِذا صَارَ أَرْشَمَ، وَهُوَ الَّذِي يتشمَّمُ الطَّعَامَ وَيَحْرِصُ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ أَرْشَما قَالَ: فِي لَوْنِهِ بَرَشٌ يَشُوبُ لونَه لَوْنٌ آخَرُ يَدُلُّ عَلَى الرِّيبَةِ، قَالَ: وَيُرْوَى مِنْ نُزالة أَرْشَما؛ يُرِيدُ مِنْ مَاءِ عبدٍ أَرْشَمَ. والأَرْشَم: الَّذِي بِهِ وَشْمٌ وَخُطُوطٌ. والأَرْشَمُ: الَّذِي لَيْسَ بِخَالِصِ اللَّوْنِ وَلَا حُرِّهِ. والأَرْشَمُ: الشَّرِهُ. وأَرْشَمَ البرقُ: مِثْلَ أَوْشَمَ. وَغَيْثٌ أَرْشَم: قَلِيلٌ مَذْمُومٌ. ورَشَمَ رَشْماً «1» . كرَشَنَ إِذا تَشَمَّمَ الطَّعَامَ وحَرِصَ عَلَيْهِ. والرَّشْمُ: الَّذِي يَكُونُ فِي ظَاهِرِ الْيَدِ وَالذِّرَاعِ بِالسَّوَادِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، والأَعرف الوَشْمُ، بِالْوَاوِ. اللَّيْثُ: الرَّشْمُ أَن تُرشمَ يَدَ الكُرْدِيِّ والعِلْجِ كَمَا تُوشَمُ يدُ المرأَة بالنِّيل لِكَيْ تُعرف بِهَا، وَهِيَ كالوَشْمِ. والرُّشْمَةُ: سَوَادٌ فِي وَجْهِ الضَّبْعِ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَضَبْعٌ رَشْماءُ، والله أَعلم.
رصم: ابْنُ الأَعرابي: الرَّصَمُ الدُّخُولُ فِي الشِّعْبِ الضَّيِّقِ، بالصاد المهملة.
رضم: رَضَم الشيخُ يَرْضِمُ رَضْماً: ثَقُل عَدْوُه، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ. والرَّضَمانُ: تَقارُبُ عَدْو الشَّيْخِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ إِن عَدْوَكَ لرَضَمان أَي بَطِيءٌ، وإِن أَكْلَكَ لَسَلَجان، وإِن قَضَاءَكَ لَلِيَّان. والرَّضْمَةُ والرَّضَمَةُ: الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ مِثْلُ الجزُور وَلَيْسَتْ بِنَاتِئَةٍ، وَالْجَمْعُ رَضَمٌ ورِضام؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الرَّضَمُ والرِّضامُ صُخُورٌ عِظَامٌ يُرْضم بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ فِي الأَبنية، الْوَاحِدَةُ رَضْمة، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْجَمْعُ رَضَماتٌ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لِذِي الرُّمَّةِ:
مِنَ الرَّضَماتِ البِيضِ، غَيَّرَ لَوْنَها ... بَناتُ فِراضِ المَرْخِ، والذَّابلُ الجَزْلُ
يَعْنِي بالرَّضَماتِ الأَثافيَّ، وبَناتُ فِراضِ المَرْخ: النيرانُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الزِّناد، والذَّابِلُ: الحَطب، وَالْفِرَاضُ: جَمْعُ فَرْضٍ وَهُوَ الحَزُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا نَزَلَ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ؛ أَتى رَضْمَةَ جَبَلٍ فعَلا أَعْلاها
؛ هِيَ وَاحِدَةُ الرَّضْم والرِّضام، وَهِيَ دُونَ الهِضاب، وَقِيلَ: صُخورٌ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس فِي المُرْتد نَصْرَانِيًّا: فأَلقَوه بَيْنَ حَجَرَيْنِ ورَضَموا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي الطُّفَيْل: لَمَّا أَرادت قُرَيْشٌ بِنَاءَ الْبَيْتِ بالخَشَب وَكَانَ البِناء الأَوّلُ رَضْماً.
وَيُقَالُ: رَضَمَ عَلَيْهِ الصَّخْرَ يَرْضِم، بِالْكَسْرِ، رَضْماً، ورَضَمَ فُلَانٌ بَيْتَه بِالْحِجَارَةِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الرَّضْم الْحِجَارَةُ البِيضُ؛ وأَنشد:
إِنَّ صُبَيْح ابْنَ الزِّنا قَدْ فأَرا ... فِي الرَّضْم، لَا يَتْرُك مِنْهُ حَجَرا
__________
(1) . قوله [ورشم رشماً] هذه عبارة المحكم وهي مضبوطة فيه بهذا الضبط كالأصل، ويخالفه ما تقدم قريباً عن الجوهري وهو الذي في القاموس والتكملة(12/243)
ورَضَمَ الحجارةَ رَضْماً: جَعَلَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ. وكلُّ بِنَاءٍ بُني بصَخْر رَضِيمٌ. ورَضَدْت المَتاع فارْتَضَد ورَضَمْته فارْتَضَمَ إِذا نَضَدتَه. ورَضَمْت الشيءَ فارْتَضَمَ إِذا كَسَرْتَهُ فَانْكَسَرَ. وَيُقَالُ: بَنَى فُلَانٌ دَارَهُ فَرَضَمَ فِيهَا الْحِجَارَةَ رَضْماً؛ وَقَالَ لَبِيدٍ:
حُفِزَتْ وزايَلَها السَّرابُ، كأَنها ... أَجْزاعُ بِئشَة أَثْلُها ورِضامُها
والرِّضام: حِجَارَةٌ تُجْمَعُ، وَاحِدُهَا رَضْمةٌ ورَضْمٌ؛ وأَنشد:
يَنْصاحُ مِنْ جِبْلةِ رَضْمٍ مُدَّهِقْ
أَي مِنْ حِجَارَةٍ مَرْضُومة، وَيُقَالُ رَضْمٌ ورَضَمٌ لِلْحِجَارَةِ المَرْضومة؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
حَديِدُهُ وقِطْرُهُ ورَضَمُهْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى رَكَزَ الرَّايةَ فِي رَضَمٍ مِنْ حِجَارَةٍ.
وَبَعِيرٌ مِرْضَمٌ: يَرْمِي بَعْضَ الْحَجَرِ بِبَعْضٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
بكُلِّ مَلْمُومٍ مِرَضٍّ مِرْضَم
ورَضَمَ البعيرُ بِنَفْسِهِ رَضْماً: رَمعى بِنَفْسِهِ الأَرض. ورَضَمَ الرجلُ بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ. ورَضَم الرجلُ فِي بَيْتِهِ أَي سَقَط لَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، ورَمَأ كَذَلِكَ، وَقَدْ رَضَمَ يَرْضِمُ رُضُوماً. ورَضَمَ بِهِ الأَرض إِذا جَلَدَ بِهِ الأَرضَ. وبرْذَوْنٌ مَرْضُوم العَصب إِذا تَشَنَّجَ عَصَبُه صَارَتْ فِيهِ أَمثال العُقَد؛ وأَنشد:
مُبَيَّن الأَمْشاشِ مَرْضُوم العَصَبْ
جَمْعُ المَشَش، وَهُوَ انْتِبَارُ عَظْمِ الوَظيف. وَيُقَالُ: رَضَمَت أَي ثَبَتت. ورَضَمْتُ الأَرْضَ رَضْماً: أَثَرْتها لزرْع أَو نَحْوِهِ، يَمَانِيَّةٌ. ورُضام: اسْمُ مَوْضِعٍ. والرُّضَيِّمُ: طَائِرٌ، قَالَ النَّضْرُ: يُقَالُ طَائِرٌ رُضَمَة.
رطم: رَطَمه يَرْطُمُه رَطْماً فارْتَطَم: أَوحَله فِي أَمر لَا يَخْرُج مِنْهُ. وارْتَطَم فِي الطِّينِ: وَقَعَ فِيهِ فتَخَبَّط. ورَطَمْت الشَّيْءَ فِي الوحْل رَطْماً فارْتَطَم هُوَ فِيهِ أَي ارْتَبَكَ فِيهِ. وارتَطم عَلَيْهِ الأَمر إِذا لَمْ يَقْدِر عَلَى الخُروج مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
فارْتَطَمتْ بسُراقة فرسُه
أَي سَاخَتْ قَوائمها كَمَا تَسُوخ فِي الوَحْل. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: مَنْ اتَّجَرَ قَبْلَ أَن يَتَفَقَّه ارتَطَم فِي الرِّبا ثُمَّ ارْتَطَم ثُمَّ ارْتَطَم
أَي وَقَعَ فِيهِ وارْتَبَك. وَوَقَعَ فِي رُطمَة ورُطُومة أَي فِي أَمر يتخَبَّط فِيهِ. وارْتَطَمَ فُلَانٌ فِي أَمر لَا مخْرج لَهُ مِنْهُ إِلا بغُمّة لَزِمَتْهُ. وارْتَطَمَتْ عَلَيْهِ أُمورُه: عيَّ فِيهَا وسُدَّت عَلَيْهِ مذاهبُه. ورُطِم البعيرُ رَطْماً: احْتَبَس نَجْوه كأُرْطِم. والتَّراطُم: التَّراكُم. والارتِطام: الازدِحام. ورَطَمَ الرجلُ: نَكَحَ. ورَطَمَها يَرْطُمُها رَطْماً: نَكَحَهَا يَكُونُ فِي المرأَة والأَتان؛ قَالَ:
عَيْنا أَتانٍ تَبْتَغِي أَن تُرْطَمَا
ورَطَمَ جارِيتَه رَطْماً إِذا جامَعَها فأَدخل ذَكَرَهُ كُلُّهُ فِيهَا. وامرأَة مَرْطُومَة: مَرْمِيّة بِسُوءِ مُتَّهمَة بِشْرٍ؛ قَالَ صَالِحُ بْنُ الأَحنف:
فابْرُزْ، كِلانا أُمه لَئيمهْ، ... بِفِعل كلِّ عاهِرٍ مَرْطُومَهْ
والرَّطُوم مِنَ النِّسَاءِ: الواسعةُ الفرْج؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا ابْنَ رَطُومٍ ذاتِ فَرْج عَفْلَق(12/244)
وامرأَة رَطُوم: واسعةُ الجَهاز كَثِيرَةُ الْمَاءِ. أَبو عَمْرٍو: الرَّطُوم الضَّيِّقة الحَياء مِنَ النُّوقِ، وَهِيَ مِنَ النِّسَاءِ الرَّتْقاء، وَمِنَ الدَّجاج البَيْضاء. قَالَ شَمِرٌ: أَرْطَمَ الرجلُ وطَرْسَم وأَسبأَ «1» . واصْلَخَمَّ واخرنْبَق كُلُّهُ إِذا سَكَتَ. والرَّطُوم: الأَحمق. والراطِم: اللَّازِم لِلشَّيْءِ.
رعم: الرُّعام، بالضم: بالمُخاط، وَقِيلَ: مُخاط الْخَيْلِ وَالشَّاءِ، وَجَمْعُهُ أَرْعِمَة. ورَعَمَتِ الشَّاةُ تَرْعَمُ رُعاماً، وَهِيَ رَعُوم، وأَرْعَمَت: هُزلت فَسَالَ رُعامُها، ورَعَمَ مخاطُها رُعاماً: سَالَ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ دَاءٌ يأْخُذُها فِي أَنفها فَيَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ فَيُقَالُ لَهُ الرُّعام، بِالضَّمِّ، وَفِي الْحَدِيثِ:
صَلُّوا فِي مُراح الْغَنَمِ وَامْسَحُوا رُعامَها
؛ الرُّعام: مَا يَسِيلُ مِنْ أُنوفها. والرَّعُوم: الشَّدِيدُ الهُزال؛ قَالَ الأَزهري: الرَّعُوم، بِالرَّاءِ، مِنَ الشَّاءِ الَّتِي يَسِيلُ مُخَاطُهَا مِنَ الْهُزَالِ. وَيُقَالُ: كِسْرٌ رَعِمٌ ذُو شَحْمٍ. والرِّعْمُ: الشَّحْمُ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
فِيهَا كُسُورٌ رَعِماتٌ وسُدُف
ابْنُ الأَعرابي: الرَّعامُ واليَعْمُورُ الطَّلِيُّ، وَهُوَ العَرِيضُ. ورَعَمَ الشيءَ يَرْعَمُهُ رَعْماً: رَقَبَه ورَعاهُ. ورَعَمَ الشَّمْسَ يَرْعَمُها: رَقَبَ غَيْبوبتها وَنَظَرَ وُجُوبها مِنْهُ؛ وَهُوَ فِي شِعْرِ الطِّرِمَّاح أَورده الأَزهري:
ومُشِيح، عَدْوُهُ مِتْأَقٌ، ... يَرْعَمُ الإِيجابَ قبلَ الظَّلام
أَي يَنْتَظِرُ وُجُوبَ الشَّمْسِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلطِّرِمَّاحِ يَصِفُ عَيْراً:
مِثْلُ عَيرِ الفَلاة شاخَسَ فاهُ ... طُولُ شَرْسِ القَطا، وطولُ العِضاض
يَرْعَمُ الشمسَ أَنْ تَمِيل بمثل الجَبءِ، ... جأْبٍ مُقَذَّفٍ بالنِّحاضِ
قَوْلُهُ يَرْعَمُ أَي يَنْظُرُ، والجَبْءُ: حُفْرَةٌ فِي الصَّفا، وجَأْب: غَلِيظٌ، والنِّحاضُ: جَمْعُ نَحْضٍ وَهُوَ اللَّحْمُ، والجَبْءُ جَمْعُهُ أَجْباء، والجأْب جَمْعُهُ أَجْآب، والشَّرْسُ: الكِدام. يُقَالُ: شَرَسَهُ أَي نَحَضَهُ، وشاخَسَ فَاهُ: صَيَّرَه مُخْتَلِفًا طَوِيلًا وَقَصِيرًا، والقَطا: مَوْضِعُ الرِّدْفِ؛ يَقُولُ: إِن هَذَا العَيْرَ مِمَّا يَعَضُّ أَعجاز هَذِهِ الأُتُنِ قَدِ اخْتَلَفَتْ أَسنانه، وَشَبَّهَ عَيْنَهُ الَّتِي يَنْظُرُ بِهَا الشَّمْسَ بِحُفْرَةٍ فِي حِجَارَةٍ، يَعْنِي شدَّتها وَاسْتِقَامَتَهَا. والرُّعامَى: زِيَادَةُ الْكَبِدِ، وَالْغَيْنُ أَعلى. والرُّعامَى والرُّعامَةُ: شَجَرٌ لَمْ يُحَلَّ. ورَعُومٌ ورِعْمٌ، كِلَاهُمَا: اسْمُ امرأَة، ورَعْمان ورُعَيمٌ: اسْمَانِ. ورَعْمٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ.
رغم: الرَّغْم والرِّغْم والرُّغْمُ: الكَرْهُ، والمَرْغَمَةُ مِثْلُهُ. قَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: بُعِثْتُ مَرْغَمَةً
؛ المَرْغَمَة: الرُّغْمُ أَي بُعِثْتُ هَوَانًا وذُلًّا لِلْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ رَغِمَهُ ورَغَمَهُ يَرْغَمُ، ورَغِمَتِ السَّائِمَةُ المَرْعَى تَرْغَمُه وأَنِفَتْه تأْنَفُهُ: كرهَته؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وكُنَّ بالرَّوْضِ لَا يَرْغَمْنَ وَاحِدَةً ... مِنْ عَيْشهنّ، وَلَا يَدْرِين كَيْفَ غدُ
وَيُقَالُ: مَا أَرْغَمُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَي مَا أَنْقِمُه وما
__________
(1) . قوله [وأَسبأ] كذا هو بالأصل وشرح القاموس، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ: استبأ(12/245)
أَكرهه. والرُّغْمُ: الذِّلَّة. ابْنُ الأَعرابي: الرَّغْم التُّرَابُ، والرَّغْم الذُّلُّ، والرَّغم القَسر «1» . قَالَ: وفي الحديث
وإِن رَغَمَ أَنفُه
أَي ذَلَّ؛ رَوَاهُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: عَلَى رَغْمِ مَن رَغَمَ، بِالْفَتْحِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
مَعْقِل بْنِ يَسارٍ: رَغِم أَنفي لأَمر اللَّهِ
أَي ذَلّ وَانْقَادَ. ورَغِمَ أَنفي لله رَغْماً ورَغَمَ يَرْغَمُ ويَرْغُمُ ورَغُمَ؛ الأَخيرة عَنِ الْهَجَرِيِّ، كُلُّهُ: ذلَّ عَنْ كُرْهٍ، وأَرغَمَه الذُّلُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا صَلَّى أَحدكم فليُلْزِمْ جَبْهَتَهُ وأَنفه الأَرض حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ الرَّغْمُ
؛ مَعْنَاهُ حَتَّى يَخْضَعَ ويَذِلَّ وَيَخْرُجَ مِنْهُ كِبْرُ الشَّيْطَانِ، وَتَقُولَ: فَعَلْتُ ذَلِكَ عَلَى الرَّغم مِنْ أَنفه. ورَغَمَ فُلَانٌ، بِالْفَتْحِ، إِذا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِانْتِصَافِ، وَهُوَ يَرْغَمُ رَغْماً، وَبِهَذَا الْمَعْنَى رَغِمَ أَنفُه. والمَرْغَمُ والمَرْغِمُ: الأَنف، وَهُوَ المَرْسِنُ والمَخْطِمُ والمَعْطِسُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَهْجُو جَرِيرًا:
تَبْكِي المَراغَةُ بالرَّغامِ عَلَى ابْنِهَا، ... والناهِقات يَهِجْنَ بالإِعْوالِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: رَغِمَ أَنفُه ثَلَاثًا، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ أَدرك أَبويه أَو أَحدهما حَيًّا وَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ.
يُقَالُ: أَرْغَم اللَّهُ أَنْفَه أَي أَلزقه بالرَّغام، وَهُوَ التُّرَابُ؛ هَذَا هُوَ الأَصل، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الذُّلِّ وَالْعَجْزِ عَنِ الِانْتِصَافِ وَالِانْقِيَادِ عَلَى كُرْهٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وإِن رَغِمَ أَنف أَبي الدَّرْداء
أَي وإِن ذَلَّ، وَقِيلَ: وإِن كَره. وَفِي حَدِيثِ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ:
كَانَتَا تَرْغيماً لِلشَّيْطَانِ.
وَفِي حَدِيثِ
أَسماء: إِن أُمِّي قدِمتْ عليَّ راغِمَةً مُشْرِكَةً أَفَأَصِلُها؟ قَالَ: نَعَمْ
؛ لَمَّا كَانَ الْعَاجِزُ الذَّلِيلُ لَا يَخْلُو مِنْ غَضَبٍ، قَالُوا: تَرَغَّمَ إِذا غَضِبَ، وراغِمةً أَي غَاضِبَةً، تُرِيدُ أَنها قدِمَتْ عليَّ غَضْبَى لإِسلامي وَهِجْرَتِي مُتَسَخِّطَةً لأَمري أَو كَارِهَةً مَجِيئَهَا إِليَّ لَوْلَا مَسِيسُ الْحَاجَةِ، وَقِيلَ: هَارِبَةٌ مِنْ قَوْمِهَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً
؛ أَي مَهْرباً ومُتَّسَعاً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِن السِّقْطَ ليُراغِمُ رَبَّهُ إِن أَدخل أَبويه النَّارَ
أَي يُغَاضِبُهُ. وَفِي حَدِيثِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ:
فَلَمَّا أَرْغَمَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْغَمَ بِشْرُ بْنُ البَراءِ مَا فِي فِيهِ
أَي أَلقى اللُّقْمَةَ مِنْ فِيهِ فِي التُّرَابِ. ورَغَّمَ فُلَانٌ أَنفه: خَضَعَ. وأَرْغَمَهُ: حَمَلَهُ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ أَن يَمْتَنِعَ مِنْهُ. ورَغَّمَهُ: قَالَ لَهُ رَغْماً ودَغْماً، وَهُوَ راغِمٌ داغِمٌ، ولأَفعلنَّ ذَلِكَ رَغْمًا وَهَوَانًا، نَصَبَهُ عَلَى إِضمار الْفِعْلِ الْمَتْرُوكِ إِظهاره. وَرَجُلٌ راغِمٌ داغِمٌ: إِتباع، وَقَدْ أَرْغَمَهُ اللَّهُ وأَدْغَمَه، وَقِيلَ: أَرْغَمَهُ أَسخطه، وأَدْغَمَهُ، بِالدَّالِ: سَوَّده. وَشَاةٌ رَغْماء: عَلَى طَرَفِ أَنفها بَيَاضٌ أَو لَوْنٌ يُخَالِفُ سَائِرَ بَدَنِهَا. وامرأَة مِرْغامة: مغضِبة لبَعْلِها؛ وَفِي الْخَبَرِ:
قَالَ بَيْنا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذ رأَى رَجُلًا يَطُوفُ وَعَلَى عُنُقِهِ مِثْلُ المَهاةِ وَهُوَ يَقُولُ:
عُدْتُ لِهَذِي جَمَلًا ذَلولا، ... مُوَطَّأً أَتَّبِعُ السُّهولا،
أَعْدِلُها بالكَفِّ أَن تَمِيلا، ... أَحذَر أَن تَسْقُطَ أَو تَزُولَا،
أَرْجو بِذَاكَ نَائِلًا جَزِيلا
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ هَذِهِ الَّتِي وَهَبْتَ لَهَا حَجَّكَ؟ قَالَ: امرأَتي، يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ إِنها حَمْقَاءُ مِرْغامة، أَكول قَامَةٌ، مَا تَبْقى لَهَا خَامَةٌ قَالَ: مَا لَكَ لَا
__________
(1) . قوله [والرغم القسر] كذا هو بالسين المهملة في الأَصل، والذي في التهذيب والتكملة: القشر بالشين المعجمة(12/246)
تُطَلِّقُهَا؟ قَالَ: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ، هِيَ حَسْنَاءُ فَلَا تُفْرَك، وأُم صِبْيَانٍ فَلَا تُتْرك قَالَ: فشأَنك بِهَا إِذاً.
والرَّغامُ: الثَّرَى. والرَّغام، بِالْفَتْحِ: التُّرَابُ، وَقِيلَ: التُّرَابُ اللَّيِّنُ وَلَيْسَ بِالدَّقِيقِ؛ وَقَالَ:
وَلَمْ آتِ البُيوتَ، مُطَنَّباتٍ، ... بأَكثِبَةٍ فَرَدْنَ مِنَ الرَّغامِ
أَي انْفَرَدْنَ، وَقِيلَ: الرَّغامُ رَمْلٌ مُخْتَلِطٌ بِتُرَابٍ. الأَصمعي: الرَّغامُ مِنَ الرَّمْلِ لَيْسَ بِالَّذِي يَسِيلُ مِنَ الْيَدِ. أَبو عَمْرٍو: الرَّغامُ دُقاق التُّرَابِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: أَرْغَمْتُه أَي أَهَنْتُهُ وأَلزقته بِالتُّرَابِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: قَالَ أَبو عَمْرٍو الرَّغام رمل يَغْشى البصر، وَهِيَ الرِّغْمان؛ وأَنشد لنُصَيْب:
فَلَا شَكَّ أَنّ الْحَيَّ أَدْنَى مَقِيلِهِمْ ... كُناثِرُ، أَو رِغْمانُ بِيضِ الدَّوائر
وَالدَّوَائِرُ: مَا اسْتَدَارَ مِنَ الرَّمْلِ. وأَرْغَمَ اللَّهُ أَنفه ورَغَّمه: أَلزقه بالرَّغام. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنها سُئِلَتْ عَنِ المرأَة توضأَتْ وَعَلَيْهَا الخِضابُ فَقَالَتْ: اسْلِتِيهِ وأَرغِمِيه
؛ مَعْنَاهُ أَهِينِيه وَارْمِي بِهِ عَنْكِ فِي التُّرَابِ. ورَغَّمَ الأَنفُ نفسُه: لَزِقَ بالرَّغام. وَيُقَالُ: رَغَمَ أَنفُه إِذا خَاسَ فِي التُّرَابِ. وَيُقَالُ: رَغمَ فُلَانٌ أَنفه «2» . اللَّيْثُ: الرُّغامُ مَا يَسِيلُ مِنَ الأَنف مِنْ دَاءٍ أَو غَيْرِهِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ، وَصَوَابُهُ الرُّعام، بِالْعَيْنِ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: مِنْ قَالَ الرُّغام فِيمَا يَسِيلُ مِنَ الأَنف فَقَدْ صَحَّفَ، وَكَانَ أَبو إِسحاق الزَّجَّاجُ أَخذ هَذَا الْحَرْفَ مِنْ كِتَابِ اللَّيْثِ فَوَضَعَهُ فِي كِتَابِهِ وَتَوَهَّمَ أَنه صَحِيحٌ، قَالَ: وأَراه عَرَضَ الْكِتَابَ عَلَى الْمُبَرِّدِ وَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ ثَعْلَبٍ «3» . قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والرَّغامُ والرُّغامُ «4» . مَا يَسِيلُ مِنَ الأَنف، وَهُوَ الْمُخَاطُ، وَالْجَمْعُ أَرْغِمَةٌ، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ الغَنم والظِّباء. وأَرْغَمَتْ: سَالَ رُغامُها، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيضاً. والمُراغَمَةُ: الهِجْرانُ وَالتَّبَاعُدُ. والمُراغَمةُ: الْمُغَاضَبَةُ. وأَرْغَمَ أَهله وراغَمَهُمْ: هَجَرَهُمْ. وراغَم قَوْمَهُ: نَبَذهُم وَخَرَجَ عَنْهُمْ وَعَادَاهُمْ. وَلَمْ أُبالِ رَغْم أَنفِه «5» . أَي وإِن لَصِقَ أَنفُه بِالتُّرَابِ. والتَّرَغُّمُ: التغضُّب، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالزَّايِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الحُطَيئَةِ:
تَرى بَيْنَ لَحْيَيها، إِذا مَا تَرَغَّمَتْ، ... لُغاماً كَبَيْتِ العَنْكَبُوتِ المُمَدَّدِ
والمُراغَمُ: السَّعَةُ والمضطَرَبُ، وَقِيلَ: المَذْهب والمَهْرب فِي الأَرض، وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً
؛ مَعْنَى مُراغَماً مُهاجَراً، الْمَعْنَى يَجِدْ فِي الأَرض مُهاجَراً لأَن المُهاجِرَ لِقَوْمِهِ والمُراغِمَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وإِن اخْتَلَفَ اللَّفْظَانِ؛ وأَنشد:
إِلى بَلَدٍ غيرِ دَانِي المَحَل، ... بعيدِ المُراغَمِ والمُضْطَرَبْ
قَالَ: وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الرَّغام وَهُوَ التُّرَابُ، وَقِيلَ: مُراغَماً مُضْطَرَباً. وَعَبْدٌ مُراغِمٌ «6» . أَي مضطربٌ
__________
(2) . قوله [وَيُقَالُ رَغَّمَ فُلَانٌ أَنفه] عبارة التهذيب: وَيُقَالُ رَغَّمَ فُلَانٌ أَنفه وأَرغمه إِذا حَمَلَهُ عَلَى مَا لَا امتناع له منه
(3) . قوله [وَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ ثَعْلَبٌ] يعني أَنه بالعين المهملة كما يستفاد من التكملة
(4) . قوله [والرغام والرغام إلخ] هما بفتح الراء في الأَول وضمها في الثاني، هكذا بضبط الأصل والمحكم
(5) . قوله [وَلَمْ أَبال رَغْمَ أَنفه هو بهذا الضبط في التهذيب
(6) . قوله [وعبد مراغم] مضبوط في نسخة من التهذيب بكسر الغين وقال شارح القاموس بفتح الغين(12/247)
عَلَى مَواليه. والمُراغَمُ: الْحِصْنُ كالعَصَرِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد للجَعْدِيّ:
كَطَوْدٍ يُلاذُ بأَرْكانِهِ، ... عَزيزِ المُراغَمِ والمَهْرَبِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِسَالِمِ بْنِ دَارَةَ:
أَبْلِغْ أَبا سالمٍ أَن قَدْ حَفَرْت لَهُ ... بِئْرًا تُراغَمُ بَيْنَ الحَمْضِ والشَّجَرِ
وَمَا لِي عَنْ ذَلِكَ مَرْغَمٌ أَي مَنْعٌ وَلَا دَفْعٌ. والرُّغامى: زِيَادَةُ الْكَبِدِ مِثْلُ الرُّعامى، بِالْغَيْنِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَقِيلَ: هِيَ قَصَبَةُ الرِّئة؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْديّ:
شاكَتْ رُغامى قَذُوفِ الطَّرْف خائفةٍ ... هَوْلَ الجَنان، وَمَا هَمَّتْ بإِدْلاجِ
وَقَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ الحُمُرَ:
يُحَشرِجُها طَوْراً وطَوْراً، كأَنَّما ... لها بالرُّغامى والخَياشِم جارِزُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ الرُّغامى قَصَبُ الرئَةِ؛ وأَنشد:
يَبُلُّ مِنْ مَاءِ الرُّغامى لِيتَهُ، ... كَمَا يَرُبُّ سالئٌ حَمِيتَهُ
والرُّغامى مِنَ الأَنف؛ وَقَالَ ابْنُ القُوطِيَّة: الرُّغامى الأَنف وَمَا حَوْلَهُ. والرُّغامى: نَبْتٌ، لُغَةٌ فِي الرُّخامى. والتَّرَغُّمُ: الْغَضَبُ بِكَلَامٍ وَغَيْرِهِ والتَّزَغُّم بِكَلَامٍ؛ وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ لَبِيدٍ:
عَلَى خَيْرِ مَا يُلْقى بِهِ مَن تَرَغَّما
وَمَنْ تَزَعَّما. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ فِي قَوْلِهِ فَعَلْتُهُ عَلَى رَغْمِه: أَي عَلَى غَضَبِهِ وَمُسَاءَتِهِ. يُقَالُ: أَرْغَمْتُه أَي أَغضبته؛ قَالَ مُرَقِّشٌ:
مَا دِيننا فِي أَنْ غَزا مَلِكٌ، ... مِنْ آلِ جَفْنَةَ، حازِمٌ مُرْغَمْ
مَعْنَاهُ مُغْضَب. وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ: صَلِّ فِي مُراح الْغَنَمِ وَامْسَحِ الرُّغامَ عَنْهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد مَسْحَ التُّرَابِ عَنْهَا رِعَايَةً لَهَا وإِصلاحاً لشأْنها. ورُغَيْم: اسم.
رفم: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي الرَّفَمُ النعيم التام.
رقم: الرَّقْمُ والتَّرقيمُ: تَعْجيمُ الْكِتَابِ. ورَقَمَ الْكِتَابَ يَرْقُمُهُ رَقْماً: أَعجمه وبيَّنه. وَكِتَابٌ مَرْقُوم أَي قَدْ بُيِّنتْ حُرُوفُهُ بِعَلَامَاتِهَا مِنَ التَّنْقِيطِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: كِتابٌ مَرْقُومٌ*
؛ كِتَابٌ مَكْتُوبٌ؛ وأَنشد:
سأَرْقُم فِي الْمَاءِ القَراحِ إِليكُم، ... عَلَى بُعْدِكُمْ، إِن كَانَ لِلْمَاءِ راقِمُ
أَي سأَكتب. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ يَرْقُمُ فِي الْمَاءِ أَي بَلَغَ مِنْ حِذْقه بالأُمور أَن يَرْقُمَ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ الرَّقْمُ؛ وأَما الْمُؤْمِنُ فإِن كِتَابَهُ يُجْعَلُ فِي عِلِّيِّينَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وأَما الْكَافِرُ فَيُجْعَلُ كِتَابُهُ فِي أَسفل الأَرضين السَّابِعَةِ. والمِرْقَمُ: القَلَمُ. يَقُولُونَ: طَاحَ مِرْقَمُك أَي أَخطأَ قَلَمُكَ. الْفَرَّاءُ: الرَّقِيمةُ المرأَة الْعَاقِلَةُ البَرْزَةُ الفَطِنَةُ. وَهُوَ يَرْقُمُ فِي الْمَاءِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للفَطِنِ. والمُرَقِّمُ والمُرَقِّنُ: الْكَاتِبُ؛ قَالَ:(12/248)
دَارٌ كَرَقْم الْكَاتِبِ المُرَقّن
والرَّقْمُ: الْكِتَابَةُ وَالْخَتْمُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا أَسرف فِي غَضَبِهِ وَلَمْ يَقْتَصِدْ: طَما مِرْقَمُكَ وَجَاشَ مرْقَمُكَ وغَلى وطَفَح وفاضَ وَارْتَفَعَ وقَذَفَ مِرْقَمُكَ. والمَرْقُومُ مِنَ الدَّوَابِّ: الَّذِي فِي قَوَائِمِهِ خُطُوطُ كَيَّاتٍ. وَثَوْرٌ مَرْقُوم الْقَوَائِمِ: مُخَطَّطُها بِسَوَادٍ، وَكَذَلِكَ الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ. التَّهْذِيبُ: والمَرْقُومُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي يُكْوَى عَلَى أَوْظِفَتِهِ كَيّاتٍ صِغَارًا، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا رَقْمَةٌ، وَيُنْعَتُ بِهَا الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ لِسَوَادٍ عَلَى قَوَائِمِهِ. والرَّقْمتانِ: شِبْهُ ظُفْرَين فِي قَوَائِمِ الدَّابَّةِ مُتَقَابِلَتَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اكْتَنَفَ جاعِرتي الْحِمَارِ مِنْ كَيَّة النَّارِ. وَيُقَالُ لِلنُّكْتَتَيْنِ السَّوْدَاوَيْنِ عَلَى عَجُزِ الْحِمَارِ: الرَّقْمتان، وَهُمَا الْجَاعِرَتَانِ. ورَقْمتا الْحِمَارِ والفرسِ: الأَثَرانِ بِبَاطِنِ أَعضادهما. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَنتم فِي الأُمم إِلا كالرَّقْمة فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ
؛ الرَّقْمَةُ: الهَنَةُ النَّاتِئَةُ فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ مِنْ دَاخِلٍ، وَهُمَا رَقمتان فِي ذِرَاعَيْهَا، وَقِيلَ: الرَّقْمتان اللَّتَانِ فِي بَاطِنِ ذِرَاعَيِ الْفَرَسِ لَا تُنْبِتان الشَّعَرَ. وَيُقَالُ للصَّناعِ الْحَاذِقَةِ بالخِرازة: هِيَ تَرْقُمُ الْمَاءَ وتَرْقُمُ فِي الْمَاءِ، كأَنها تَخُطُّ فِيهِ. والرَّقْمُ: خَزّ مُوَشّى. يُقَالُ: خَزٌّ رَقْم كَمَا يُقَالُ بُرْدٌ وَشْي. والرَّقْمُ: ضَرْبٌ مِنَ البُرود؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
تَقُولُ: وَلَوْلَا أَنت أُنْكِحْتُ سَيِّدًا ... أُزَفُّ إِليه، أَو حُمِلْتُ عَلَى قَرْمِ
لَعَمْري لَقَدْ مُلِّكْتِ أَمْرَك حِقْبةً ... زَمَانًا، فَهَلَّا مِسْتِ فِي العَقْمِ والرَّقْمِ
والرَّقْمُ: ضَرْبٌ مُخَطَّطٌ مِنَ الوَشْي، وَقِيلَ: مِنَ الخَزِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتى فَاطِمَةَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ، فَوَجَدَ عَلَى بَابِهَا ستْراً مُوَشًّى فَقَالَ: مَا لَنَا وَالدُّنْيَا والرَّقْم؟
يُرِيدُ النَّقْشَ والوَشْيَ، والأَصل فِيهِ الْكِتَابَةُ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي صِفَةِ السَّمَاءِ: سَقْف سَائِرٌ ورَقِيمٌ مَائِرٌ؛ يُرِيدُ بِهِ وَشْيَ السَّمَاءِ بِالنُّجُومِ. ورَقَمَ الثَّوْبَ يَرْقُمُه رَقْماً ورَقَّمهُ: خَطَّطَهُ؛ قَالَ حُمَيْدٌ:
فَرُحْنَ، وَقَدْ زايَلنَ كُلَّ صَنِيعَةٍ ... لَهُنَّ، وباشَرنَ السَّديلَ المُرَقَّما
وَالتَّاجِرُ يَرْقُمُ ثَوْبَهُ بسِمَته. ورَقْمُ الثَّوْبِ: كِتَابُهُ، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ؛ يُقَالُ: رَقَمْتُ الثَّوْبَ ورَقَّمْتُه تَرْقِيماً مِثْلُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يَزِيدُ فِي الرَّقْمِ
أَي مَا يُكْتَبُ عَلَى الثِّيَابِ مِنْ أَثمانها لِتَقَعَ الْمُرَابَحَةُ عَلَيْهِ أَو يَغْتَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ الْمُحَدِّثُونَ فِيمَنْ يَكْذِبُ وَيَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَرْقَمُ حَيَّةٌ بَيْنَ الْحَيَّتَيْنِ مُرَقَّم بِحُمْرَةٍ وَسَوَادٍ وكُدْرَةٍ وبُغْثَةٍ. ابْنُ سِيدَهْ: الأَرْقَمُ مِنَ الْحَيَّاتِ الَّذِي فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَالْجَمْعُ أَراقِمُ، غَلَبَ غَلَبَةَ الأَسماء فكُسِّرَ تَكْسِيرَهَا وَلَا يُوصَفُ بِهِ الْمُؤَنَّثُ، يُقَالُ لِلذَّكَرِ أَرْقَم، وَلَا يُقَالُ حَيَّةٌ رَقْماء، وَلَكِنْ رَقْشاء. والرَّقَمُ والرُّقْمَةُ: لَوْنُ الأَرْقَم.
وَقَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَثَلِي كَمَثَلِ الأَرْقَمِ إِن تَقْتُلْهُ يَنْقَمْ وإِن تَتْرُكْهُ يَلْقمْ.
وَقَالَ شَمِرٌ: الأَرقَمُ مِنَ الْحَيَّاتِ الَّذِي يُشْبِهُ الجانَّ فِي اتِّقَاءِ النَّاسِ مِنْ قَتْلِهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ أَضعف الحَيّات وأَقلها غَضَبًا، لأَن الأَرْقَمَ وَالْجَانَّ يُتَّقَى فِي قَتْلِهِمَا عُقُوبَةَ الْجِنِّ لِمَنْ قَتَلَهُمَا، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ:
إِن يُقْتَل يَنْقَمْ
أَي يُثْأرْ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الأَرْقَمُ أَخبث(12/249)
الْحَيَّاتِ وأَطلبها لِلنَّاسِ، والأَرْقَمُ إِذا جَعَلْتَهُ نَعْتًا قُلْتَ أَرْقَشُ، وإِنما الأَرقَمُ اسْمُهُ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: هُوَ إِذاً كالأَرْقَمِ أَي الْحَيَّةِ الَّتِي عَلَى ظَهْرِهَا رَقْمٌ أَي نَقْشٌ، وَجَمْعُهَا أَراقِمُ. والأَراقِمُ: قَوْمٌ مِنْ رَبِيعَةَ، سُمُّوا الأَراقِمَ تَشْبِيهًا لِعُيُونِهِمْ بِعُيُونِ الأَراقِمِ مِنَ الْحَيَّاتِ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَراقِمُ حَيٌّ مَنْ تَغْلب، وَهُمُ جُشَم؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ مُهَلْهِلٍ:
زَوَّجَها فَقْدُها الأَراقِمَ فِي ... جَنْبٍ، وَكَانَ الحِباءُ مِنْ أَدَم
وجَنْبٌ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ. ابْنُ سِيدَهْ: والأَراقِمُ بَنُو بَكْرٍ وجُشَم ومالك والحرث وَمُعَاوِيَةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ غَيْرُهُ: إِنما سُميت الأَراقِمُ بِهَذَا الِاسْمِ لأَن نَاظِرًا نَظَرَ إِليهم تَحْتَ الدِّثارِ وَهُمْ صِغار فَقَالَ: كأَنّ أَعينهم أَعين الأَراقِمِ، فَلَجَّ عَلَيْهِمُ اللقبُ. والرَّقِمُ، بِكَسْرِ الْقَافِ: الدَّاهِيَةُ وَمَا لَا يُطاق لَهُ وَلَا يُقام بِهِ. يُقَالُ: وَقَعَ فِي الرقِمِ، والرَّقِمِ الرَّقْماءِ إِذا وَقَعَ فِيمَا لَا يَقُومُ بِهِ. الأَصمعي: جَاءَ فُلَانٌ بالرَّقِمِ الرَّقْماء كَقَوْلِهِمْ بِالدَّاهِيَةِ الدَّهْياء؛ وأَنشد:
تَمَرَّسَ بِي مِنْ حَيْنه وأَنا الرَّقِمْ
يُرِيدُ الدَّاهِيَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّقِم، بِكَسْرِ الْقَافِ، الدَّاهِيَةُ، وَكَذَلِكَ بِنْتُ الرَّقِم؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَرْسَلَها عَليقَة، وَقَدْ عَلِمْ ... أَن العَلِيقاتِ يلاقِينَ الرَّقِمْ
وَجَاءَ بالرَّقِمِ والرَّقْمِ أَي الْكَثِيرِ. والرَّقِيمُ: الدَّواة؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ اللَّوْحُ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ
، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ الرَّقِيمُ اسْمُ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْكَهْفُ، وَقِيلَ: اسْمُ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، وَاللَّهُ أَعلم. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الرّقِيمُ لوحُ رَصاصٍ كُتِبَتْ فِيهِ أَسماؤهم وأَنسابهم وَقِصَصُهُمْ ومِمَّ فَرُّوا؛ وسأَل ابْنُ عَبَّاسٍ كَعْبًا عَنِ الرَّقِيم فَقَالَ: هِيَ الْقَرْيَةُ الَّتِي خَرَجُوا مِنْهَا، وَقِيلَ: الرَّقِيمُ الْكِتَابُ؛ وَذَكَرَ عِكْرِمةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: مَا أَدري مَا الرَّقِيمُ، أَكتاب أَم بُنْيَانٌ، يَعْنِي أَصحاب الْكَهْفِ والرَّقيمِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: قَالَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ فِي الرَّقيم خَمْسَةُ أَقوال: أَحدهما عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه لَوْحٌ كُتِبَ فِيهِ أَسماؤهم، الثَّانِي أَنه الدَّواة بِلُغَةِ الرُّوم؛ عَنْ مُجَاهِدٍ، الثَّالِثُ الْقَرْيَةُ؛ عَنْ كَعْبٍ، الرَّابِعُ الْوَادِي، الْخَامِسُ الْكِتَابُ؛ عَنِ الضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ وإِلى هَذَا الْقَوْلِ يَذْهَبُ أَهل اللُّغَةِ، وَهُوَ فَعِيلٌ فِي مَعْنَى مَفْعول. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ الصُّفُوفِ حَتَّى يَدَعَها مِثْلَ القِدْحِ أَو الرَّقِيمِ
، الرّقِيمُ: الْكِتَابُ، أَي حَتَّى لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً كَمَا يُقَوِّم الْكَاتِبُ سُطوره. والتَّرْقِيمُ: مِنْ كَلَامِ أَهل دِيوَانِ الْخَرَاجِ. والرَّقْمةُ: الرَّوْضَةُ، والرّقْمتان: رَوْضَتَانِ إِحداهما قَرِيبٌ مِنَ الْبَصْرَةِ، والأُخرى بنَجْدٍ. التَّهْذِيبُ: والرَّقْمتانِ رَوْضَتَانِ بِنَاحِيَةِ الصَّمَّانِ؛ وإِياهما أَراد زُهَيْرٌ بِقَوْلِهِ:
وَدَارٌ لَهَا بالرّقْمَتَيْنِ، كأَنّها ... مَراجيع وَشْمٍ فِي نَواشِر مِعْصَمِ
ورَقْمةُ الْوَادِي: مجتَمَعُ مَائِهِ فِيهِ. والرَّقْمةُ: جَانِبُ الْوَادِي، وَقَدْ يُقَالُ للرّوْضة. وَفِي الْحَدِيثِ:
صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَقْمَةً مِنْ جَبَلٍ
؛ رَقمةُ الْوَادِي: جَانِبُهُ، وَقِيلَ: مُجْتَمَعُ مَائِهِ،(12/250)
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: رَقْمَةُ الْوَادِي حَيْثُ الْمَاءُ. والمَرْقُومة: أَرض فِيهَا نُبَذٌ مِنَ النَّبْتِ. والرَّقَمَةُ: نَبَاتٌ يُقَالُ إِنه الخُبّازَى، وَقِيلَ: الرَّقَمَةُ مِنَ العُشب الْعُظَامِ تَنْبُتُ مُتَسَطِّحَةً غَصَنَةً كِبَارًا، وَهِيَ مِنْ أَول العُشْب خُرُوجًا تَنْبُتُ فِي السَّهْلِ، وأَول مَا يَخْرُجُ مِنْهَا تَرَى فِيهِ حُمرة كالعِهْن النَّافِضِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ وَلَا يَكَادُ الْمَالُ يأْكلها إِلا مِنْ حَاجَةٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرَّقَمَةُ مِنْ أَحْرار البَقْل، وَلَمْ يَصِفْهَا بأَكثر مِنْ هَذَا، قَالَ: وَلَا بَلَغَتْنِي لَهَا حِلْيةٌ. التَّهْذِيبُ: الرَّقَمَةُ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ يُشْبِهُ الكَرِشَ. وَيَوْمَ الرَّقَمِ: يَوْمٌ لغَطَفان عَلَى بَنِي عَامِرٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَوْمُ الرَّقَمِ مِنْ أَيام الْعَرَبِ، عُقِرَ فِيهِ قُرْزُلٌ فَرَسُ طُفَيْلِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَنه فَرَسُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ؛ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَن قُرْزُلًا فَرَسُ طُفَيل بْنِ مَالِكٍ، شَاهِدُهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
ومِنهنَّ إِذ نَجَّى طُفَيْلَ بْنَ مالكٍ، ... عَلَى قُرْزُلٍ، رَجْلا رَكوضِ الهَزائِمِ
وَقَوْلُهُ أَيضاً:
ونَجَّى طُفَيْلًا مِنْ عُلالَةِ قُرْزُلٍ ... قَوائمُ، نَجَّى لحمَهُ مُسْتَقِيمها
والرَّقَمِيَّاتُ: سِهَامٌ تُنْسَبُ إِلى مَوْضِعٍ بِالْمَدِينَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: والرَّقَمُ مَوْضِعٌ تُعْمَلُ فِيهِ النِّصالُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فرَمَيْتُ القومَ رِشْقاً صَائِبًا، ... لَيْسَ بالعُصْلِ وَلَا بالمُقْتَعِلّ
رَقَمِيَّاتٌ عَلَيْهَا ناهضٌ، ... تُكلِحُ الأَرْوَقُ مِنْهُمْ والأَيَلّ
أَي عَلَيْهَا ريشُ ناهضٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الناهضُ. والرّقِيمُ والرُّقَيْمُ: مَوْضِعَانِ. والرَّقيمُ: فَرَسُ حِزام بن وابصة.
ركم: الرَّكْمُ: جَمْعُكَ شَيْئًا فَوْقَ شَيْءٍ حَتَّى تَجْعله رُكاماً مَرْكُومًا كَرُكَامِ الرَّمْلِ وَالسَّحَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْءِ المُرْتكِم بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. رَكَمَ الشَّيْءَ يَرْكُمُه إِذا جَمَعه وأَلقى بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَهُوَ مَرْكُومٌ بعضُه عَلَى بَعْضٍ. وارْتَكَمَ الشيءُ وتَراكَمَ إِذا اجْتَمَعَ. ابْنُ سِيدَهْ: الرَّكْمُ إِلقاء بَعْضِ الشَّيْءِ عَلَى بَعْضٍ وتَنْضيده، رَكَمَه يَرْكُمُهُ رَكْماً فارْتَكَمَ وتَراكَمَ. وَشَيْءٌ رُكامٌ: بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً
؛ يَعْنِي السَّحَابَ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّكَمُ السَّحَابُ المُتَراكِمُ. الْجَوْهَرِيُّ: الرُّكامُ الرَّمْلُ المُتَراكم، وَكَذَلِكَ السَّحَابُ وَمَا أَشبهه. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ: حَتَّى رأَيتُ رُكاماً؛ الرُّكامُ: السَّحَابُ المُتراكِمُ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ. وقَطِيعٌ رُكامُ: ضَخْمٌ كأَنه قَدْ رُكِمَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وتَحْمِي بِهِ حَوْماً رُكاماً وَنِسْوَةً، ... عَلَيْهِنَّ قَزٌّ نَاعِمٌ وحَريرُ
والرُّكْمةُ: الطِّينُ وَالتُّرَابُ الْمَجْمُوعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَ بعُودٍ وَجَاءَ بِبَعْرَةٍ حَتَّى رَكَموا فَصَارَ سَوَادًا.
ومُرْتَكَمُ الطَّرِيقِ، بِفَتْحِ الْكَافِ: جادَّتُهُ ومَحَجَّتُهُ.
رمم: الرَّمّ: إِصلاح الشَّيْءِ الَّذِي فَسَدَ بَعْضُهُ مِنْ نَحْوِ حَبْلٍ يَبْلى فتَرُمُّهُ أَو دَارٍ تَرُمُّ شأْنها مَرَمَّةً. ورَمُّ الأَمر: إِصلاحه بَعْدَ انْتِشَارِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: رَمَمْتُ الشَّيْءَ أَرُمُّهُ وأَرِمُّهُ رَمّاً ومَرَمَّةً إِذا أَصلحته. يُقَالُ: قَدْ رَمَّ شأْنه ورَمَّهُ أَيضاً بِمَعْنَى أَكله. واسْتَرَمَّ الحائطُ أَي حَانَ لَهُ أَن يُرَمَّ إِذا بَعُدَ عَهْدُهُ(12/251)
بِالتَّطْيِينِ. وَفِي حَدِيثِ
النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ: فَلْيَنْظُرْ إِلى شِسْعه ورَمِّ مَا دَثَرَ مِنْ سِلَاحِهِ
؛ الرَّمُّ: إِصلاح مَا فَسَدَ ولَمُّ مَا تَفَرَّقَ. ابْنُ سِيدَهْ: رَمَّ الشيءَ يَرُمُّهُ رَمّاً أَصلحه، واسْتَرَمَّ دَعَا إِلى إِصلاحه. ورَمَّ الحبلُ: تَقَطَّعَ. والرِّمَّةُ والرُّمَّةُ: قِطْعَةٌ مِنَ الحبْل بَالِيَةٌ، وَالْجَمْعُ رِمَمٌ ورِمام؛ وَبِهِ سُمِّيَ غَيْلانُ الْعَدَوِيُّ الشَّاعِرُ ذَا الرُّمَّةِ لِقَوْلِهِ فِي أُرجوزته يَعْنِي وَتِداً:
لَمْ يَبْقَ مِنْهَا، أَبَدَ الأَبِيدِ، ... غيرُ ثلاثٍ ماثلاتٍ سُودِ
وغيرُ مَشْجوجِ القَفا مَوتُودِ، ... فِيهِ بَقايا رُمَّةِ التَّقْليدِ
يَعْنِي مَا بَقِيَ فِي رأْس الوَتِدِ مِنْ رُمَّةِ الطُّنُبِ الْمَعْقُودِ فِيهِ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ: أَعطيته الشَّيْءَ برُمَّتِه أَي بِجَمَاعَتِهِ. والرُّمَّةُ: الْحَبْلُ يقلَّد الْبَعِيرَ. قَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ أَخذ الشَّيْءَ برُمَّتِه: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَن الرُّمَّةَ قِطْعَةُ حَبْلٍ يُشَدُّ بِهَا الأَسير أَو القاتلُ إِذا قِيدَ إِلى الْقَتْلِ للقَوَدِ،
وقولُ عَلِيٍّ يَدُلُّ عَلَى هَذَا حِينَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ ذُكِرَ أَنه رأَى رَجُلًا مَعَ امرأَته فَقَتَلَهُ فَقَالَ: إِن أَقام بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَجَاءَ بأَربعة يَشْهَدُونَ وإِلا فلْيُعْطَ برُمَّتِهِ
، يَقُولُ: إِن لَمْ يُقِم الْبَيِّنَةَ قَادَهُ أَهله بِحَبْلِ عُنُقِهِ إِلى أَولياء الْقَتِيلِ فَيُقْتَلُ بِهِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَخذت الشَّيْءَ تَامًّا كَامِلًا لَمْ يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ، وأَصله الْبَعِيرُ يُشَدُّ فِي عُنُقِهِ حَبْلٌ فَيُقَالُ أَعطاه الْبَعِيرَ برُمَّته؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَصْلُ خَرْقاءَ رُمَّةٌ فِي الرِّمام
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَصله أَن رَجُلًا دَفَعَ إِلى رَجُلٍ بَعِيرًا بِحَبْلٍ فِي عُنُقِهِ فَقِيلَ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا بِجُمْلَتِهِ؛ وَهَذَا الْمَعْنَى أَراد الأَعشى بِقَوْلِهِ يُخَاطِبُ خَمَّاراً:
فقلتُ لَهُ: هذِه، هاتِها ... بأَدْماءَ فِي حَبْل مُقْتادِها
وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ عَلِيٍّ: الرُّمَّةُ، بِالضَّمِّ، قِطْعَةُ حبْل يُشَدُّ بِهَا الأَسير أَو الْقَاتِلُ الَّذِي يُقاد إِلى الْقِصَاصِ أَي يُسلَّم إِليهم بِالْحَبْلِ الَّذِي شُدَّ بِهِ تَمْكِينًا لَهُمْ مِنْهُ لِئَلَّا يَهْرُبَ، ثُمَّ اتَّسَعُوا فِيهِ حَتَّى قَالُوا أَخذت الشَّيْءَ برُمَّتِهِ وبزَغْبَرِهِ وبجُمْلَتِه أَي أَخذته كُلَّهُ لَمْ أَدع مِنْهُ شَيْئًا. ابْنُ سِيدَهْ: أَخذه برُمَّته أَي بِجَمَاعَتِهِ، وأَخذه برُمَّتِهِ اقْتَادَهُ بِحَبْلِهِ، وأَتيتك بِالشَّيْءِ برُمَّتِهِ أَي كُلِّهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ أَصله أَن يُؤْتى بالأَسير مَشْدُودًا برُمَّتِهِ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ. التَّهْذِيبُ: والرُّمَّة مِنَ الْحَبْلِ، بِضَمِّ الرَّاءِ، مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ تَقَطُّعِهِ، وَجَمْعُهَا رُمٌّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، يَذُمُّ الدُّنْيَا: وأَسبابُها رِمامٌ
أَي بَالِيَةٌ، وَهِيَ بِالْكَسْرِ جَمْعُ رُمَّةٍ، بِالضَّمِّ، وَهِيَ قِطْعَةُ حَبْلٍ بَالِيَةٌ. وَحَبْلٌ رِمَمٌ ورِمامٌ وأَرْمام: بالٍ، وَصَفُوهُ بِالْجَمْعِ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ وَاحِدًا ثُمَّ جَمَعُوهُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه نَهَى عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بالرَّوْثِ والرِّمَّةِ
؛ والرِّمَّةُ، بِالْكَسْرِ: الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ، وَالْجَمْعُ رِمَمٌ ورِمام؛ قال لبيد:
والبيت إِن تعرَ مِنِّي رِمَّةٌ خَلَقاً، ... بَعْدَ المَماتِ، فَإِنِّي كنتُ أَثَّئِرُ
والرمِيمُ: مِثْلُ الرِّمَّةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ
؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَهِيَ رَمِيمٌ
لأَن فَعِيلًا وفَعُولًا قَدِ اسْتَوَى فِيهِمَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ، مِثْلُ رَسُول وعَدُوٍّ(12/252)
وصَديقٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي النَّهْيِ عَنِ الاستنجاءِ بالرِّمَّة قَالَ: يَجُوزُ أَن تَكُونَ الرِّمَّة جَمْعَ الرَّمِيم، وإِنما نَهَى عَنْهَا لأَنها رُبَّمَا كَانَتْ مَيْتَةً، وَهِيَ نَجِسَةٌ، أَو لأَن الْعَظْمَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْحَجَرِ لِمَلَاسَتِهِ؛ وَعَظْمٌ رَمِيمٌ وأَعظم رَمائِمُ ورَمِيمٌ أَيضاً؛ قَالَ حَاتِمٌ أَو غَيْرُهُ، الشَّكُّ مِنَ ابْنِ سِيدَهْ:
أَما وَالَّذِي لَا يَعْلَمُ السِّرَّ غَيْرُهُ، ... ويُحْيي العِظامَ البِيضَ، وَهِيَ رَمِيمُ
وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي بالرَّمِيمِ الْجِنْسَ فَيَضَعَ الْوَاحِدَ مَوْضِعَ لَفْظِ الْجَمْعِ. والرَّمِيمُ: مَا بَقِيَ مِنْ نَبْتِ عَامِ أَول؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. ورَمَّ العظمُ وَهُوَ يَرِمُّ، بِالْكَسْرِ، رَمّاً ورَمِيماً وأَرَمَّ: صَارَ رِمَّةً؛ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ مِنْهُ رَمَّ العظمُ يَرِمُّ، بِالْكَسْرِ، رِمَّةً أَي بَلِيَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ رَمَّتْ عِظَامُهُ وأَرَمَّتْ إِذا بَلِيَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تُعْرَضُ صلاتُنا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمَّتَ؟
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْحَرْبِيُّ كَذَا يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُونَ، قَالَ: وَلَا أَعرف وَجْهَهُ، وَالصَّوَابُ أَرَمَّتْ، فَتَكُونُ التَّاءُ لتأْنيث الْعِظَامِ أَو رَمِمْتَ أَي صِرْتَ رَمِيماً، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما هُوَ أَرَمْتَ، بِوَزْنِ ضَرَبْتَ، وأَصله أَرْمَمْتَ أَي بَلِيتَ، فَحُذِفَتْ إِحدى الْمِيمَيْنِ كَمَا قَالُوا أَحَسْتَ فِي أَحْسَسْتَ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ أَرْمَتَّ، بِتَشْدِيدِ التَّاءِ، عَلَى أَنه أَدغم إِحدى الْمِيمَيْنِ فِي التَّاءِ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلٌ سَاقِطٌ، لأَن الْمِيمَ لَا تُدْغَمُ فِي التَّاءِ أَبداً، وَقِيلَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ أُرِمْتَ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، بِوَزْنِ أُمِرْتَ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَرَمَت الإِبل تَأْرمُ إِذا تَنَاوَلَتِ العلفَ وَقَلَعَتْهُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَصل هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ رَمَّ الميتُ وأَرَمَّ إِذا بَليَ. والرِّمَّةُ: الْعَظْمُ الْبَالِي، وَالْفِعْلُ الْمَاضِي مِنْ أَرَمَّ لِلْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ أَرْمَمْتُ وأَرْمَمْتَ، بِإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ كَلُّ فِعْلٍ مضعَّف فإِنه يَظْهَرُ فِيهِ التَّضْعِيفُ مَعَهُمَا، تَقُولُ فِي شَدَّ: شَدَدْتُ، وَفِي أَعَدَّ: أَعْدَدْتُ، وإِنما ظَهَرَ التَّضْعِيفُ لأَن تَاءَ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ مُتَحَرِّكَةٌ وَلَا يَكُونُ مَا قَبْلَهَا إِلا سَاكِنًا، فإِذا سَكَنَ مَا قَبْلَهَا وَهِيَ الْمِيمُ الثَّانِيَةُ الْتَقَى سَاكِنَانِ، فإِن الْمِيمَ الأُولى سَكَنَتْ لأَجل الإِدغام، وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ تَحْرِيكُ الثَّانِي لأَنه وَجَبَ سُكُونُهُ لأَجل تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلا تَحْرِيكُ الأَول، وَحَيْثُ حُرِّكَ ظَهَرَ التَّضْعِيفُ، وَالَّذِي جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بالإِدغام، وَحَيْثُ لَمْ يَظْهَرِ التَّضْعِيفُ فِيهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ احْتَاجُوا أَن يُشَدِّدُوا التَّاءَ لِيَكُونَ مَا قَبْلَهَا سَاكِنًا، حَيْثُ تَعَذَّرَ تَحْرِيكُ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ، أَو يَتْرُكُوا القِياسَ فِي الْتِزَامِ سُكُونِ مَا قَبْلَ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ، قَالَ: فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ وَلَمْ تَكُنْ مُحَرَّفَةً فَلَا يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ إِلا عَلَى لُغَةِ بَعْضِ الْعَرَبِ، فإِن الْخَلِيلَ زَعَمَ أَن نَاسًا مِنْ بَكْر بْنِ وائلٍ يَقُولُونَ: رَدَّتُ ورَدَّتَ، وَكَذَلِكَ مَعَ جَمَاعَةِ الْمُؤَنَّثِ يَقُولُونَ: رُدَّنَ ومُرَّنَ، يُرِيدُونَ رَدَدْتُ ورَدَدْتَ وارْدُدْنَ وامْرُرْنَ، قَالَ: كأَنهم قَدَّرُوا الإِدْغامَ قَبْلَ دُخُولِ التَّاءِ وَالنُّونِ، فَيَكُونُ لَفْظُ الْحَدِيثِ أَرَمَّتَ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءِ. والرَّميمُ: الخَلَقُ الْبَالِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. ورَمَّتِ الشاةُ الْحَشِيشَ تَرُمُّه رَمّاً: أَخذته بِشَفَتِهَا. وَشَاةٌ رَمُومٌ: تَرُمُّ مَا مَرَّتْ بِهِ. ورَمَّتِ البهمةُ وارْتَمَّتْ: تَنَاوَلَتِ الْعِيدَانَ. وارْتَمَّتِ الشَّاةُ مِنَ الأَرض أَي رَمَّتْ وأَكلت. وَفِي الْحَدِيثِ
عَلَيْكُمْ بأَلْبان الْبَقَرِ فَإِنَّهَا تَرُمُّ مِنْ كُلِّ الشَّجَرِ
أَي(12/253)
تأْكل، وَفِي رِوَايَةٍ:
تَرْتَمُ
؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الرَّمُّ والارْتِمامُ الأَكل؛ والرُّمامُ مِنَ البَقْلِ، حِينَ يَبْقُلُ، رُمامٌ أَيضاً. الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلَّذِي يَقُشُّ مَا سَقَطَ مِنَ الطَّعَامِ وأَرْذَله ليأْكله وَلَا يَتَوَقَّى قَذَرَهُ: فلانٌ رَمَّام قَشَّاش وَهُوَ يَتَرَمَّمُ كُلَّ رُمامٍ أَي يأْكله. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَمَّ فُلَانٌ مَا فِي الغَضارَةِ إِذا أَكل مَا فِيهَا. والمِرَمَّةُ، بِالْكَسْرِ: شَفَةُ الْبَقَرَةِ وكلِّ ذَاتِ ظِلْفٍ لأَنها بِهَا تأْكل، والمَرَمَّةُ، بِالْفَتْحِ، لُغَةٌ فِيهِ؛ أَبو الْعَبَّاسِ: هِيَ الشَّفَةُ مِنَ الإِنسان، وَمِنَ الظِّلْفِ المِرَمَّة والمِقَمَّة، وَمِنْ ذَوَاتِ الْخُفِّ المِشْفَرُ. وَفِي حَدِيثِ الهِرَّة:
حَبَسَتْها فَلَا أَطْعَمَتْها وَلَا أَرسلتْها تُرَمْرِمُ مِنْ خَشاشِ الأَرض
أَي تأْكل، وأَصلها مِنْ رَمَّتِ الشَّاةُ وارْتَمَّتْ مِنَ الأَرض إِذا أَكلت، والمِرَمَّةُ مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْفِ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: كالفَم مِنَ الإِنسان. والرِّمُّ، بِالْكَسْرِ: الثَّرى؛ يُقَالُ: جَاءَ بالطِّمِّ والرِّمِّ إِذا جَاءَ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ؛ وَقِيلَ: الطِّمُّ الْبَحْرُ، والرِّمُّ، بِالْكَسْرِ، الثَّرَى، وَقِيلَ: الطِّمُّ الرَّطْبُ والرِّمُّ الْيَابِسُ، وَقِيلَ: الطِّمُّ التُّرْبُ والرِّمُّ الْمَاءُ، وَقِيلَ: الطِّمُّ مَا حَمَلَهُ الْمَاءُ والرِّمُّ مَا حَمله الرِّيحُ، وَقِيلَ: الرِّمُّ مَا عَلَى وَجْهِ الأَرض مِنْ فُتات الْحَشِيشِ. والإِرْمام: آخِرُ مَا يَبْقَى مِنَ النَّبْتِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَرْعى سُمَيْراء إِلى إِرْمامِها
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَبْلَ أَن يَكُونَ ثُماماً ثُمَّ رُماماً
؛ الرُّمامُ، بِالضَّمِّ: مُبَالَغَةٌ فِي الرَّميم، يُرِيدُ الهَشِيمَ الْمُتَفَتِّتَ مِنَ النَّبْتِ، وَقِيلَ: هُوَ حِينَ تَنْبُتُ رؤوسه فتُرَمُّ أَي تُؤْكَلُ. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ: حُمِلْتُ عَلَى رِمٍّ مِنَ الأَكرْادِ
أَي جَمَاعَةٌ نُزول كالحَيّ مِنَ الأَعراب؛ قَالَ أَبو مُوسَى: فكأَنه اسْمٌ أَعجمي، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الرِّمِّ، وَهُوَ الثَّرَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جَاءَ بالطِّمِّ والرِّمِّ. والمَرَمَّةُ: مَتَاعُ الْبَيْتِ. وَمِنْ كَلَامِهِمُ السَّائِرِ: جَاءَ فُلَانٌ بالطِّمِّ والرِّمِّ؛ مَعْنَاهُ جَاءَ بِكُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يَكُونُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، أَرادوا بالطِّمِّ الْبَحْرَ، والأَصل الطَّمُّ، بِفَتْحِ الطَّاءِ، فَكُسِرَتِ الطَّاءُ لِمُعَاقَبَتِهِ الرِّمَّ، والرِّمُّ مَا فِي الْبَرِّ مِنَ النَّبَاتِ وَغَيْرِهِ. وَمَا لَهُ ثُمٌ وَلَا رُمٌّ؛ الثُّمُّ: قُماش النَّاسِ أَساقيهم وَآنِيَتَهُمْ، والرُّمُّ مَرَمَّةُ الْبَيْتِ. وَمَا عَنْ ذَلِكَ حُمٌّ وَلَا رُمٌّ؛ حُمٌّ: مَحال، ورُمٌّ إِتباع. وَمَا لَهُ رُمٌّ غيرُ كَذَا أَي هَمٌّ. التَّهْذِيبُ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ النَّفْيِ: مَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ الأَمرِ حَمٌّ وَلَا رَمٌّ أَي بُدٌّ، وَقَدْ يضمَّان، قَالَ اللَّيْثُ: أَما حَمٌّ فَمَعْنَاهُ لَيْسَ يَحُولُ دُونَهُ قَضَاءٌ، قَالَ: ورَمٌّ صِلَة كَقَوْلِهِمْ حَسَن بَسَن؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَا لَهُ حُمٌّ وَلَا سُمٌّ أَي مَا لَهُ هَمٌّ غَيْرَكَ. وَيُقَالُ: مَا لَهُ حُمٌّ وَلَا رُمٌّ أَي لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، وأَما الرُّمُّ فإِن ابْنَ السِّكِّيتِ قَالَ: يُقَالُ مَا لَهُ ثُمٌّ وَلَا رُمٌّ وَمَا يَمْلِكُ ثُمّاً وَلَا رُمّاً، قَالَ: والثُّمُّ قُمَاشُ النَّاسِ أَساقيهم وَآنِيَتَهُمْ، والرُّمُّ مَرَمَّةُ الْبَيْتِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْكَلَامُ هُوَ هَذَا لَا مَا قَالَهُ اللَّيْثُ، قَالَ: وقرأْت بِخَطِّ شِمْرٍ فِي حَدِيثِ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ ذَكَرَ أُحَيْحَةَ بْنَ الجُلاح وَقَوْلَ أَخواله فِيهِ: كُنَّا أَهل ثُمِّه ورُمِّه حَتَّى اسْتَوَى عَلَى عُمُمِّهِ
؛ قَالَ: أَبو عُبَيْدٍ حَدَّثُوهُ بِضَمِّ الثَّاءِ وَالرَّاءِ، قَالَ وَوَجْهُهُ عِنْدِي ثَمِّه ورَمِّه، بِالْفَتْحِ، قَالَ: والثَّمُّ إِصلاح الشَّيْءِ وإِحكامه، والرَّمُّ الأَكل؛
قَالَ شَمِرٌ: وَكَانَ هَاشِمُ بْنُ عبدِ مَنافٍ تَزَوَّجَ سَلْمى بِنْتِ زَيْدٍ النَّجَّاريّة بَعْدَ أُحَيْحَةَ بْنِ الجُلاح فَوَلَدَتْ لَهُ شَيْبةَ وَتُوُفِّيَ هَاشِمٌ وشَبَّ الْغُلَامُ، فقَدِم المطَّلِب بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ فرأَى
رَمَتْني، وسِتْرُ اللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، ... عَشِيَّةَ أَحجارِ الكِناسِ، رَمِيمُ
أَراد بأَحْجار الكِناس رَمْلَ الكِناس. وأَرْمام: مَوْضِعٌ. ويَرَمْرَمُ: جَبَلٌ، وَرُبَّمَا قَالُوا يَلَمْلَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ رُمّ، بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَهِيَ بِئْرٌ بِمَكَّةَ مِنْ حَفْرِ مُرَّة بْنِ كعب.
رنم: الرَّنِيمُ والتَّرْنِيمُ: تَطْرِيبُ الصَّوْتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ أَذَنَه لِنَبِيٍّ حَسَنِ التَّرَنُّمِ بِالْقُرْآنِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
حَسَنِ الصَّوْتِ يتَرَنَّمُ بِالْقُرْآنِ
؛ التَّرنُّمُ: التَّطْرِيبُ والتغَنِّي وَتَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالتِّلَاوَةِ
__________
(7) . قوله [قال] أَي سيبويه، وقوله [سألته] يعني الخليل، وقد صرح بذلك الجوهري في مادة ر م ن(12/254)
وَيُطْلَقُ عَلَى الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ، ورَنَّمَ الحَمامُ والمُكَّاء والجُنْدُبُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ، ... إِذا تجاوَبَ مِنْ بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
وَالْحَمَامَةُ تَتَرنَّمُ، وَلِلْمُكَّاءِ فِي صَوْتِهِ تَرْنِيمٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّنَمُ، بِالتَّحْرِيكِ، الصَّوْتُ. وَقَدْ رَنِمَ، بِالْكَسْرِ، وتَرَنّمَ إِذا رَجَّعَ صَوْتَهُ، وَالتَّرْنِيمُ مِثْلُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِذا تجاوَبَ مِنْ بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
وتَرَنَّمَ الطَّائِرُ فِي هَديرِه، وتَرَنَّمَ الْقَوْسُ عِنْدَ الإِنْباضِ، وتَرَنَّمَ الْحَمَامُ وَالْقَوْسُ وَالْعُودُ، وَكُلُّ مَا اسْتُلِذَّ صَوْتُهُ وَسُمِعَ مِنْهُ رَنَمَةٌ حَسَنَةٌ «1» فَلَهُ تَرْنِيمٌ، وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ، وقال: أَراد بِبُرْدَيْهِ جَنَاحَيْهِ، وَلَهُ صَريرٌ يَقَعُ فِيهِمَا إِذا رَمِضَ فَطَارَ وَجَعَلَهُ تَرْنِيماً. ابْنُ الأَعرابي: الرُّنُمُ المُغَنِّيات المُجِيدات، قَالَ: والرُّنُمُ الْجَوَارِي «2» الكَيِّساتُ. وَقَوْسٌ تَرْنَمُوتٌ لَهَا حَنين عِنْدَ الرَّمْيِ. والتَّرْنَموت أَيضاً: تَرَنُّمها عِنْدَ الإِنْباض؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: أَنشدني الغَنَويّ فِي الْقَوْسِ:
شِرْيانَةٌ تُرْزِم مِنْ عُنْتُوتها، ... تُجاوِبُ القَوْسَ بتَرْنَمُوتِها،
تَسْتَخْرِجُ الحَبَّة مِنْ تابوتِها
يَعْنِي حَبَّةَ الْقَلْبِ مِنَ الْجَوْفِ، وَقَوْلُهُ بِتَرْنَمُوتها أَي بتَرَنُّمها. الْجَوْهَرِيُّ: والتَّرْنَموتُ التَّرَنُّمُ، زَادُوا فِيهِ الْوَاوَ وَالتَّاءَ كَمَا زَادُوا فِي مَلَكُوتٍ. الأَصمعي: مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ الحُرْبُثُ والرَّنَمَةُ والتَّرِبَةُ؛ قَالَ شَمِرٌ: رَوَاهُ المِسْعَريُّ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ الرَّنَمة، قَالَ: وَهُوَ عِنْدَنَا الرَّتَمة، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الرَّنَمَةُ مِنْ دِقِّ النَّبَاتِ مَعْرُوفٍ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرَّنَمَةُ، بِالنُّونِ، ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ يَعْرِفْ شَمِرٌ الرَّنَمَةَ فَظَنَّ أَنه تَصْحِيفٌ وَصَيَّرَهُ الرَّتَمَةَ، والرَّتَمُ مِنَ الأَشجار الْكِبَارُ ذَوَاتُ السَّاقِ، والرَّنَمَةُ من دِقِّ النبات.
رهم: الرِّهْمةُ، بِالْكَسْرِ: الْمَطَرُ الضَّعِيفُ الدَّائِمُ الصَّغِيرُ القَطْر، وَالْجَمْعُ رِهَمٌ ورِهامٌ، قَالَ أَبو زَيْدٍ: مِنَ الدِّيمة الرِّهْمَةُ، وَهِيَ أَشد وَقْعًا مِنَ الدِّيمَةِ وأَسرع ذَهَابًا. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: وَنَسْتَحِيلُ الرِّهامَ وَهِيَ الأَمطار الضَّعِيفَةُ.
وأَرْهَمَتِ السَّحَابَةُ: أَتت بالرِّهام. وأَرْهَمَتِ السَّمَاءُ إِرْهاماً: أَمطرت. وَرَوْضَةٌ مَرْهُومَةٌ، وَلَمْ يَقُولُوا مُرْهَمَةٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَو نَفْحَة مِنْ أَعالي حَنْوَةٍ مَعَجَتْ ... فِيهَا الصَّبا مَوْهِناً، والرَّوْضُ مَرْهومُ
وَنَزَلْنَا بِفُلَانٍ فَكُنَّا فِي أَرْهَمِ جَانِبَيْهِ أَي أَخصبهما. والمَرْهَمُ: طِلاء يُطْلى بِهِ الْجُرْحُ، وَهُوَ أَلين مَا يَكُونُ مِنَ الدَّوَاءِ، مُشْتَقٌّ مِنَ الرِّهْمَةِ لِلِينِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مُعَرَّبٌ. والرَّهامُ: مَا لَا يَصِيدُ مِنَ الطَّيْرِ، الأَزهري: والرُّهْم جَمَاعَتُهُ وَبِهِ سُمِّيَتِ المرأَة رُهْماً، قَالَ: وَقِيلَ الرُّهامُ جَمْعُ رُهامةٍ؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف الرُّهامَ، قَالَ: وأَرجو أَن يَكُونَ صَحِيحًا. وَبَنُو رُهْم: بَطْنٌ. الْجَوْهَرِيُّ: ورُهْمٌ، بِالضَّمِّ، اسْمُ امرأَة؛ وأَنشد الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ برعس:
__________
(1) . قوله [رنمة حسنة] كذا هو مضبوط في الأَصل بالتحريك وإِليه مال شارح القاموس وأَيده بعبارة الأَساس
(2) . قوله [والرنم الجواري] كذا هو بالأَصل بالنون، وكتب عليه بالهامش ما نصه: صوابه الرمم(12/257)
إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدائمُ، ... فاعْمِدْ بَراعِيسَ أَبوها الرَّاهِمُ
قَالَ: وراهِمٌ اسْمُ فحل.
رهسم: رَهْسَمَ فِي كَلَامِهِ ورَهْسَمَ الخبرَ: أَتى مِنْهُ بطَرَفٍ وَلَمْ يُفْصِح بِجَمِيعِهِ، ورَهْمَسه مِثْلُ رَهْسَمَه.
وأُتيَ الْحَجَّاجُ بِرَجُلٍ فَقَالَ: أَمن أَهل الرَّسِّ والرَّهْمَسَةِ أَنت؟
كأَنه أَراد المسارَّة فِي إِثارة الْفِتَنِ وشقِّ العَصا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ يُرَهْمِسُ ويُرَهْسِمُ إِذا سارَّ وساوَرَ.
روم: رَامَ الشيءَ يَرومُهُ رَوْماً ومَراماً: طَلَبَهُ، وَمِنْهُ رَوْمُ الْحَرَكَةِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَالْمَجْرُورِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما الَّذِينَ رَامُوا الْحَرَكَةَ فإِنه دَعَاهُمْ إِلى ذَلِكَ الحِرْصُ عَلَى أَن يُخرجوها مِنْ حالِ مَا لَزِمَهُ إِسكانٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وأَن يُعلموا أَن حَالَهَا عِنْدَهُمْ لَيْسَ كَحَالِ مَا سَكَنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَذَلِكَ أَراد الَّذِينَ أَشَمُّوا إِلا أَن هَؤُلَاءِ أَشد تَوْكِيدًا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: رَوْمُ الْحَرَكَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ حَرَكَةٌ مُخْتَلَسَةٌ مُخْتفاةٌ لِضَرْبٍ مِنَ التَّخْفِيفِ، وَهِيَ أَكثر مِنَ الإِشمام لأَنها تُسْمَعُ، وَهِيَ بِزِنَةِ الْحَرَكَةِ وإِن كَانَتْ مُخْتلَسة مِثْلَ هَمْزَةٍ بَيْنَ بَيْنَ كَمَا قَالَ:
أَأَن زُمَّ أَجْمالٌ وفارقَ جِيرَةً، ... وَصَاحَ غُراب البَيْنِ: أَنتَ حَزِينُ
قَوْلُهُ أَأَن زُمَّ: تَقْطِيعُهُ فَعُولُنْ، وَلَا يَجُوزُ تَسْكِينُ الْعَيْنِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: شَهْرُ رَمَضانَ، فِيمَنْ أَخفى إِنما هُوَ بِحَرَكَةٍ مُخْتَلَسَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَن تَكُونَ الرَّاءُ الأُولى سَاكِنَةً لأَن الْهَاءَ قَبْلَهَا سَاكِنٌ، فَيُؤَدِّي إِلى الْجَمْعِ بَيْنَ السَّاكِنِينَ فِي الْوَصْلِ مِنْ غَيْرِ أَن يَكُونَ قَبْلَهَا حَرْفُ لِينٍ، قَالَ: وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي شَيْءٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وأَمَّنْ لا يَهِدِّي ويَخِصِّمُونَ، وأَشباه ذَلِكَ، قَالَ: وَلَا مُعْتَبَر بِقَوْلِ القُرَّاء إِن هَذَا وَنَحْوَهُ مُدْغَمٌ لأَنهم لَا يُحَصِّلون هَذَا الْبَابَ، وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ السَّاكِنِينَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَصِحُّ فِيهِ اخْتِلَاسُ الْحَرَكَةِ فَهُوَ مُخْطِئٌ كقراءَة حَمْزَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَا اسْطاعُوا، لأَنَّ سِينَ الِاسْتِفْعَالِ لَا يَجُوزُ تَحْرِيكُهَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمَرامُ المَطْلَبُ. ابْنُ الأَعرابي: رَوَّمْتُ فُلَانًا ورَوَّمْتُ بِفُلَانٍ إِذا جَعَلْتَهُ يَطْلُبُ الشَّيْءَ. والرامُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ. والرَّوْمُ: شَحْمة الأُذن. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه أَوصى رَجُلًا فِي طَهَارَتِهِ فَقَالَ: تَعَهَّد المَغْفَلَةَ والمَنْشَلَةَ والرَّوْمَ
؛ هُوَ شَحْمَةُ الأُذن. والرُّومُ: جِيلٌ مَعْرُوفٌ، وَاحِدُهُمْ رُوميّ، يَنْتَمون إِلى عِيصُو بْنِ إِسحاق النَّبِيِّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. ورُومانُ، بِالضَّمِّ: اسْمُ رَجُلٍ، قَالَ الْفَارِسِيُّ: رُومٌ ورُومِيّ مِنْ بَابِ زَنْجِيّ وَزَنْج؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِثْلُهُ عِنْدِي فارِسيّ وفُرْسٌ، قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ إِلا الْيَاءَ الْمُشَدَّدَةَ كَمَا قَالُوا تَمْرَةٌ وَتَمْرٌ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ إِلا الْهَاءُ. قَالَ: والرُّومَة بِغَيْرِ هَمْزٍ الغِراء الَّذِي يُلْصَقُ بِهِ رِيشُ السَّهْمِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَحَكَاهَا ثَعْلَبٌ مَهْمُوزَةً. ورُومة: بِئْرٌ بِالْمَدِينَةِ. وَبِئْرُ رُومَةَ، بِضَمِّ الرَّاءِ: الَّتِي حَفَرَهَا عُثْمَانُ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: اشْتَرَاهَا وسَبَّلها. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الرُّومِيُّ شِراعُ السَّفِينَةِ الْفَارِغَةِ، والمُرْبعُ شِراع المَلأَى. ورامَةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْبَادِيَةِ؛ وَفِيهِ جَاءَ الْمَثَلُ:
تَسْألُني برامَتَيْنِ سَلْجَما(12/258)
وَالنِّسْبَةُ إِليهم رامِيّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ النِّسْبَةُ إِلى رامَهُرْمُزَ، وَهُوَ بَلَدٌ، وإِن شِئْتَ هُرْمُزِيّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو حَنِيفَةَ سَلْجَمُ مُعَرَّبٌ وأَصله بِالشِّينِ، قَالَ: وَالْعَرَبُ لَا تَتَكَلَّمُ بِهِ إِلا بِالسِّينِ غَيْرَ الْمُعْجَمَةِ؛ وَقِيلَ لرامِيٍّ: لمَ زَرَعْتُمُ السَّلْجَمَ؟ فَقَالَ: مُعَانَدَةً لِقَوْلِهِ:
تَسْأَلُني برامَتَيْنِ سَلْجَما، ... يَا مَيُّ، لَوْ سأَلتِ شَيْئًا أَمَما،
جَاءَ بِهِ الكَرِيُّ أَو تَجَشَّما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ وَالنِّسْبَةُ إِلى رَامَةٍ رامِيّ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ، قَالَ: هُوَ عَلَى الْقِيَاسِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ النَّسَبُ إِلى رامَتَيْن رامِيّ، كَمَا يُقَالُ فِي النَّسَبِ إِلى الزَّيْدَيْنِ زَيْدِيّ، قَالَ: فَقَوْلُهُ رَامِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لَا مَعْنَى لَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ النَّسَبِ إِلى رامَهُرْمُز رامِيّ عَلَى الْقِيَاسِ. ورُومَةُ: مَوْضِعٌ، بِالسُّرْيَانِيَّةِ. ورُوَيْمٌ: اسْمٌ. ورُومانُ: أَبو قَبِيلَةٍ. ورُوام: مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ رامَةُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
لِمَنْ طَلَلٌ برامَةَ لَا يَرِيمُ ... عَفَا، وخِلالُهُ حُقُبٌ قَدِيمُ؟
فأَما إِكثارهم مِنْ تَثْنِيَةِ رامَةَ فِي الشِّعْرِ فَعَلَى قَوْلِهِمْ لِلْبَعِيرِ ذُو عَثانِينَ، كأَنه قَسَّمَهَا جُزْئَيْنِ كَمَا قَسَّمَ تِلْكَ أَجزاء؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى رامَتَيْنِ أَنها تَثْنِيَةٌ سُمِّيَتْ بِهَا الْبَلْدَةُ لِلضَّرُورَةِ، لأَنهما لَوْ كَانَتَا أَرْضَين لَقِيلَ الرَّامَتَيْنِ بالأَلف وَاللَّامِ كَقَوْلِهِمُ الزَّيْدَانِ، وَقَدْ جَاءَ الرامَتان بِاللَّامِ؛ قَالَ كثيِّر:
خَلِيلَيَّ حُثَّا العِيسَ نُصْبِحْ، وَقَدْ بَدَتْ، ... لَنَا مِنْ جِبَالِ الرامَتَيْنِ، مَناكِبُ
ورامَهُرْمُزَ: مَوْضِعٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا فِيهَا مِنَ اللغات والنسب إِليها.
ريم: الرَّيْمُ: البَراحُ، وَالْفِعْلُ رامَ يَرِيمُ إِذا بَرِحَ. يُقَالُ: مَا يَرِيمُ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَي مَا يَبْرَحُ. ابْنُ سِيدَهْ: يُقَالُ مَا رِمْتُ أَفعله وَمَا رِمْتُ الْمَكَانَ وَمَا رِمْتُ مِنْهُ. ورَيَّمَ بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِلْعَبَّاسِ لَا تَرِمْ مِنْ مَنْزِلِكَ غَدًا أَنت وبَنُوكَ
أَي لَا تَبْرَح، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فَوَالكَعْبَة مَا رَامُوا
أَي مَا بَرِحُوا. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ رامَهُ يَرِيمُهُ رَيْماً أَي بَرِحَهُ. يُقَالُ: لَا تَرِمْه أَي لَا تَبْرَحْهُ؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
فأَلْقَى التِّهامِي مِنْهُمَا بلَطاتِه، ... وأَحْلَطَ هَذَا لَا أَرِيمُ مكانِيا
وَيُقَالُ: رِمْتُ فُلَانًا ورِمْتُ مِنْ عِنْدِ فُلَانٍ بِمَعْنًى؛ قَالَ الأَعشى:
أَبانا فَلَا رِمْتَ مِن عِنْدِنَا، ... فإِنَّا بخَيْرٍ إِذا لَمْ تَرِمْ
أَي لَا بَرِحْتَ. والرَّيْمُ: التَّبَاعُدُ، مَا يَرِيمُ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يَقُولُ فِي قَوْلِهِمْ يَا رمْت بكرٍ قَدْ رَمَتْ «1» ، قَالَ: وَغَيْرُهُ لَا يَقُولُهُ إِلا بِحَرْفِ جَحْدٍ؛ قَالَ وأَنشدني:
هَلْ رَامَنِي أَحدٌ أَراد خَبِيطَتي، ... أَمْ هَلْ تَعَذَّر سَاحَتِي وجَنابي؟
يُرِيدُ: هَلْ بَرِحَني، وَغَيْرُهُ يُنْشِدُهُ: مَا رَامَنِي. وَيُقَالُ: رَيَّمَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذا زَادَ عَلَيْهِ. والرَّيْمُ: الزِّيَادَةُ وَالْفَضْلُ. يُقَالُ: لَهَا رَيمٌ عَلَى هَذَا أَي فَضْلٌ؛
__________
(1) . قوله [فِي قَوْلِهِمْ يَا رِمْتَ بكر قد رمت] كذا هو بالأَصل بهذا الضبط(12/259)
قَالَ الْعَجَّاجُ:
والعَصْر قبلَ هَذِهِ العُصُورِ ... مُجَرِّساتٍ غِرَّةَ الغَرِيرِ
بالزَّجْرِ والرَّيْمِ عَلَى المَزْجورِ
أَي مَنْ زُجِرَ فَعَلَيْهِ الْفَضْلُ أَبداً لأَنه إِنما يُزْجَرُ عَنْ أَمر قَصَّرَ فِيهِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضاً:
فَأَقْعِ كَمَا أَقْعَى أَبوكَ عَلَى اسْتِهِ، ... يَرَى أَن رَيْماً فَوْقَهُ لَا يُعادِلُهْ
والرَّيْمُ: الدَّرجة والدُّكَّان، يَمَانِيَّةٌ. والرَّيْمُ: النَّصِيبُ يَبقى مِنَ الجَزورِ، وَقِيلَ: هو عظم يبقى بعد ما يُقْسَمُ لَحْمُ الجَزور والمَيْسِر، وَقِيلَ: هُوَ عَظْمٌ يَفْضُلُ لَا يَبْلُغُهُمْ جَمِيعًا فيُعْطاه الجَزَّارُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُؤْتَى بالجَزور فَيَنْحَرُها صَاحِبُهَا ثُمَّ يَجْعَلُهَا عَلَى وَضَمٍ وَقَدْ جَزَّأَها عَشَرَةَ أَجزاء عَلَى الْوَرِكَيْنِ وَالْفَخِذَيْنِ والعَجُزِ والكاهلِ والزَّوْرِ والمَلْحاء وَالْكَتِفَيْنِ، وَفِيهِمَا الْعَضُدَانِ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلى الطَّفاطِف وخَرَزِ الرقَبة فَيُقَسِّمُهَا صَاحِبُهَا عَلَى تِلْكَ الأَجزاء بِالسَّوِيَّةِ، فإِن بَقِيَ عَظْمٌ أَو بَضعة فَذَلِكَ الرَّيْمُ، ثُمَّ يَنْتَظِرُ بِهِ الْجَازِرُ مَنْ أَراده فَمَنْ فَازَ قِدْحُه فأَخذه يَثْبُتُ بِهِ، وإِلا فَهُوَ لِلْجَازِرِ؛ قَالَ شَاعِرٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ:
وَكُنْتُمْ كَعَظْمِ الرَّيْمِ، لَمْ يَدْرِ جازِرٌ ... عَلَى أَيِّ بَدْأَيْ مَقْسِمِ اللَّحْمِ يُجْعَلُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده اللِّحْيَانِيُّ، وَرِوَايَةُ يَعْقُوبَ: يُوضَعُ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ مَا أَنشده اللِّحْيَانِيُّ، وَلَمْ يَرْوِ يُوضع أَحد غَيْرَ يَعْقُوبَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لأَوْسِ بْنِ حَجَرٍ مِنْ قَصِيدَةٍ عَيْنِيَّةٍ وَهُوَ للطِرمَّاحِ الأَجَئيّ مِنْ قَصِيدَةٍ لَامِيَّةٍ، وَقِيلَ: لأَبي شَمِرِ بْنِ حُجْر، قَالَ: وَصَوَابُهُ يُجْعَلُ مَكَانَ يُوضَعُ، قَالَ: وَكَذَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُ؛ وَقَبْلُهُ:
أَبوكُمْ لَئِيمٌ غَيْرُ حُرّ، وأُمُّكُمْ ... بُرَيْدَةُ إِن ساءتْكُمُ لَا تُبَدَّلُ
والرَّيْمُ: القَبر، وَقِيلَ: وَسَطُهُ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْبِ:
إِذا مُتُّ فاعتادِي القُبورَ وسَلِّمِي ... عَلَى الرَّيْم، أُسْقِيتِ الغَمامَ الغَوادِيا
والرَّيْمُ: آخِرُ النَّهَارِ إِلى اخْتِلَاطِ الظُّلْمَةِ. وَيُقَالُ: عَلَيْكَ نَهَارٌ رَيْمٌ أَي عَلَيْكَ نَهَارٌ طَوِيلٌ. يُقَالُ: قَدْ بَقِيَ رَيْمٌ مِنَ النَّهَارِ وَهِيَ السَّاعَةُ الطَّوِيلَةُ. ورِيمَ بِالرَّجُلِ إِذا قُطِعَ بِهِ؛ وَقَالَ:
ورِيمَ بالسَّاقي الَّذِي كَانَ مَعِي
ابْنُ السِّكِّيتِ: ورَيَّمَ فُلَانٌ بِالْمَكَانِ تَرْيِيماً أَقام بِهِ. ورَيَّمَتِ السَّحَابَةُ فأَغْضَنَتْ إِذا دامَت فَلَمْ تُقْلِعْ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَيَّمَ زَادَ فِي السَّيْرِ مِنَ الرَّيْم، وَهُوَ الزِّيادة وَالْفَضْلُ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبي الصَّلْتِ:
رَيَّمَ فِي البَحْرِ للأَعداءِ أَحْوالا
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ رَيَّمَ مِنَ الرَّيْمِ وَهُوَ آخِرُ النَّهَارِ، فكأَنه يُرِيدُ أَدْأَبَ السَّيْرَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، كَمَا يُقَالُ أَوَّبَ إِذا سَارَ النَّهَارَ كُلَّهُ، وَقَدْ يَكُونُ رَيَّمَ مِنَ الرَّيْمِ وَهُوَ الْبَرَاحُ، فكأَنه يُرِيدُ أَكثر الجَوَلانَ والبَراحَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ. والرِّيمُ: الظَّبْيُ الأَبيض الْخَالِصُ الْبَيَاضِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي كِتَابِهِ يَضَعُ مِنَ ابْنِ السِّكِّيتِ: أَيُّ شَيْءٍ(12/260)
أَذْهَبُ لزَيْن وأَجْلب لغَمْر عَيْنٍ مِنْ مُعَادَلَتِهِ فِي كِتَابِهِ الإِصلاح الرَّيْمَ الَّذِي هُوَ الْقَبْرُ وَالْفَضْلُ بالرِّيم الَّذِي هُوَ الظَّبْيُ، ظَنَّ التَّخْفِيفَ فِيهِ وَضْعًا. والرَّيْمُ: الظِّرابُ وَهِيَ الْجِبَالُ الصِّغَارُ. والرَّيْمُ: الْعِلَاوَةُ بَيْنَ الفَوْدَيْنِ، يُقَالُ لَهُ الْبِرْوَازُ. ورَيْمان: مَوْضِعٌ. وتِرْيَم: مَوْضِعٌ؛ وَقَالَ:
هَلْ أُسْوَةٌ لِيَ فِي رِجَالٍ صُرِّعُوا، ... بتِلاعِ تِرْيَمَ، هامُهُم لَمْ تُقْبَرِ؟
أَبو عَمْرٍو: ومَرْيَم مَفْعَل مِنْ رَامَ يَرِيم. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ رِيمٍ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، اسْمُ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ.
فصل الزاي
زأم: زَئِمَ الرجلُ زَأَماً، فَهُوَ زَئِمٌ، وازْدَأَمَ: فَزِع وَاشْتَدَّ ذُعْرُه؛ وزَأَمَهُ هُوَ: ذَعَرَهُ: وَرَجُلٌ زئِمٌ: فَزِعٌ. وَرَجُلٌ مِزْآمٌ: وَهُوَ غَايَةُ الذُّعْر والفَزَعِ. وزَئِمَ بِهِ إِذا صَاحَ بِهِ. وزُئِم أَي ذُعِرَ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وأَزْأَمْتُه عَلَى الأَمر أَي أَكرهته، مِثْلَ أَذْأَمْتُهُ. وزَأَمَ لِي فُلَانٌ زَأْمةً أَي طَرَحَ كَلِمَةً لَا أَدري أَحقٌّ هِيَ أَم بَاطِلٌ. وَيُقَالُ: مَا يَعْصِيهِ زَأْمَةً أَي كَلِمَةً. وزأَم الرَّجُلُ يزأَمُ زَأْماً وزُؤاماً: مَاتَ مَوْتًا وَحِيّاً؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَمَوْتٌ زُؤامٌ: عَاجِلٌ، وَقِيلَ سَرِيعٌ مُجْهِزٌ، وَقِيلَ كَريه، وَهُوَ أَصح. وَقَضَيْتُ مِنْهُ زَأْمَتي كَنَهْمَتي أَي حَاجَتِي. ابْنُ شُمَيْلٍ فِي كِتَابِ الْمَنْطِقِ لَهُ: زَئِمْتُ الطَّعَامَ زَأْماً، قَالَ: والزَّأَمُ أَن يملأَ بَطْنَهُ. وَقَدْ أَخذ زَأْمَتَهُ أَي حَاجَتَهُ مِنَ الشِّبَع والرِّيِّ. وَقَدِ اشْتَرَى بَنُو فُلَانٍ زَأْمَتَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ أَي مَا يَكْفِيهِمْ سَنَتَهُمْ. وزَئِمْتُ اليومَ زَأْمَةً أَي أَكلة. والزَّأْمُ: شِدَّةُ الأَكل، وَفِي الصِّحَاحِ: والزَّأْمة شِدَّةُ الأَكل وَالشُّرْبِ؛ وَقَالَ:
مَا الشُّرْبُ إلَّا زأَماتٌ فالصَّدَرْ
وأَزْأَمْتُ الْجُرْحَ بِدَمِهِ أَي غَمَزْتُهُ حَتَّى لَزِقَتْ جِلْدَتُهُ بِدَمِهِ وَيَبِسَ الدَّمُ عَلَيْهِ، وجرحٌ مُزْأَمٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ أَزْأَمْتُ الْجُرْحَ بِالزَّايِ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْهَمْزِ: أَرْأَمْتُ الْجُرْحَ إِذا دَاوَيْتَهُ حَتَّى يبرأَ إِرْآماً، بِالرَّاءِ، قَالَ: وَالَّذِي قَالَهُ ابْنُ شُمَيْلٍ صَحِيحٌ بِمَعْنَاهُ الَّذِي ذَهَبَ إِليه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَرْأَمْتُ الرَّجُلَ عَلَى أَمر لَمْ يَكُنْ مِنْ شأْنه إِرْآماً إِذا أَكرهته عَلَيْهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وكأَنَّ أَزْأَمَ الْجُرْحَ، فِي قَوْلِ ابْنِ شُمَيْلٍ، أُخذ مِنْ هَذَا. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: وزَأَمَهُ القُرُّ، وَهُوَ أَن يملأَ جَوْفَهُ حَتَّى يَرْعُدَ مِنْهُ ويأْخذه لِذَلِكَ قِلٌّ وقِفَّة أَي رِعْدة. وَيُقَالُ: مَا عَصيته زَأْمَةً وَلَا وَشْمَةً. والزَّأْمَةُ: الصَّوْتُ الشَّدِيدُ، وَمَا سَمِعْتُ لَهُ زَأَمَةً أَي صَوْتًا. وأَصبحتْ وَلَيْسَ بِهَا زَأْمَةٌ أَي شِدَّةُ الرِّيحِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، كأَنه أَراد أَصبحت الأَرض أَو الْبَلْدَةُ أَو الدَّارُ. الْفَرَّاءُ: الزُّؤامِيُّ الرَّجُلُ القَتَّال، مِنَ الزُّؤَام وَهُوَ الْمَوْتُ.
زجم: الزَّجْمُ: أَن تَسْمَعَ شَيْئًا مِنَ الْكَلِمَةِ الْخَفِيَّةِ، وَمَا تَكَلَّمَ بزَجْمَة أَي مَا نَبَسَ بِكَلِمَةٍ، وَمَا سَمِعْتُ لَهُ زَجْمَةً وَلَا زُجْمَةً أَي نَبْسَةً. وَسَكَتَ فَمَا زَجَمَ بِحَرْفٍ أَي مَا نَبَسَ. وَمَا زَجَمَ إِليَّ كَلِمَةً يَزْجُمُ زَجْماً أَي مَا كَلَّمَنِي بِكَلِمَةٍ، وَمَا عَصَيْتُهُ زَجْمَةً مِنْهُ. وزَجَمَ لَهُ بِشَيْءٍ مَا فَهِمَهُ. والزَّجمةُ، بِالْفَتْحِ: الصَّوْتُ بِمَنْزِلَةِ النَّأْمَة. يُقَالُ: مَا عَصَيْتُهُ زَجْمةً وَلَا نَأْمَةً وَلَا زَأْمَةً وَلَا وَشْمَةً أَي مَا عَصَيْتُهُ فِي كَلِمَةٍ. وَيُقَالُ: مَا يَعْصِيهِ زَجْمَةً(12/261)
أَي شَيْئًا. والزَّجومُ: الْقَوْسُ لَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ الإِرْنانِ. وَقَوْسٌ زَجُوم: ضَعِيفَةُ الإِرْنان؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
فظَلَّ يَمْطُو عُطُفاً زَجُوما
قَالَ:
بَاتَ يُعاطي فُرُجاً زَجُوما
وَيُرْوَى: هَمَزى. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَوْس زجُومٌ حَنُونٌ، وَالْقَوْلَانِ مُتَقَارِبَانِ. وَبَعِيرٌ أَزْجَمُ: لَا يَرْغُو، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُفْصِحُ بالهَدير، وَقَدْ يُقَالُ بِالسِّينِ. الأَحمر: بَعِيرٌ أَزْيَمُ وأَسْجَمُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَرْغُو؛ قال شَمِرٌ: الَّذِي سَمِعْتُهُ بَعِيرٌ أَزْجَمُ، قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ الأَزْيَمِ والأَزْجَمِ إِلا تَحْوِيلُ الْيَاءِ جِيمًا، وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ الْجِيمَ مَكَانَ الْيَاءِ لأَن مَخْرَجَهُمَا مِنْ شَجْر الْفَمِ، وشَجْر الْفَمِ الْهَوَاءُ وَخَرْقُ الْفَمِ الَّذِي بَيْنَ الْحَنَكَيْنِ. والزَّجُومُ: النَّاقَةُ السَّيِّئَةُ الْخَلْقِ الَّتِي لَا تَكَادُ تَرْأَمُ سَقْبَ غَيْرِهَا تَرْتابُ بِشَمِّهِ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
كَمَا ارْتاب فِي أَنْفِ الزَّجُوم شَمِيمُها
وَرُبَّمَا أُكرهت حَتَّى تَرْأَمَهُ فَتدِرّ عَلَيْهِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلَمْ أُحْلِلْ لصاعِقةٍ وبَرْقٍ، ... كَمَا دَرَّتْ لِحَالِبِهَا الزَّجُومُ وأَحَلَّتْ إِذا أَصابت «2»
الرَّبِيعَ فأَنزلت اللَّبَنَ؛ يَقُولُ: لَمْ أُعطهم مِنَ الكُرْه عَلَى مَا يُرِيدُونَ كَمَا تَدِرّ الزَّجُوم عَلَى الكره.
زحم: الزَّحْمُ: أَن يَزْحَمَ القومُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ كَثْرَةِ الزِّحَامِ إِذا ازْدَحَمُوا. والزَّحْمةُ: الِّزحامُ. وزَحَمَ القومُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَزْحَمُونَهُمْ زَحْماً وزِحاماً: ضَايَقُوهُمْ. وازْدَحَمُوا وَتَزاحموا: تَضَايِقُوا. وزَحَمْتُهُ وزاحَمْتُهُ، والأَمواج تَزْدَحِمُ وتَتَزاحَم: تَلْتَطِمُ. والزِّحْمُ: المزْدَحِمُونَ؛ قال الشاعر:
جا بِزَحْم مَعَ زَحْمٍ فازْدَحَم ... تَزاحُمَ المَوْجِ، إِذا الْمَوْجُ الْتَطَمَ
ابْنُ سِيدَهْ: جَاءَ بِالْمَصْدَرِ عَلَى غَيْرِ الْفِعْلِ. وزاحَمَ فلان الخمسين وزاهَمَاها، بِالْهَاءِ، إِذا بَلَغَهَا، وَكَذَلِكَ حَبا لَهَا. وَرَجُلٌ مِزْحَمٌ: كَثِيرُ الزِّحام أَو شَدِيدُهُ، وَمَنْكِبٌ مِزْحَمٌ مِنْهُ. قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ: لتجدَنَّني ذَا مَنْكِبٍ مِزْحَمٍ وركنٍ مِدْعَمٍ ورأْسٍ مصدَم وَلِسَانٍ مِرْجَمٍ ووطءٍ مِيثم. قَالَ الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وَالْفِيلُ وَالثَّوْرُ ذُو الْقَرْنَيْنِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الْمُنْكَرُ الْقَرْنَيْنِ، يُكَنِّيَانِ بمُزاحِمٍ، وَفِي الْمُحْكَمِ: بأَبي مُزاحِمٍ. وأَبو مُزاحِمٍ: أَول خاقانَ وَليَ التُّرْكَ وقاتَل الْعَرَبَ. وزَحْمٌ ومُزاحِمٌ: اسْمَانِ. وزُحْمٌ: مِنْ أَسماء مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَحَرَسَهَا؛ حَكَاهَا ثَعْلَبٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمَعْرُوفُ رُحْم.
زخم: الزَّخَمَةُ: الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ، وَطَعَامٌ لَهُ زَخَمَةٌ. يُقَالُ: أَتانا بِطَعَامٍ فِيهِ زَخَمَةٌ أَي رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ. لَحْمٌ زَخِمٌ دَسِمٌ: خَبِيثُ الرَّائِحَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَكُونَ نَمِساً كَثِيرَ الدَّسَمِ فِيهِ زُهُومة، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ لُحُومَ السِّبَاعِ، قَالَ: لَا تكون الزَّخَمَةُ إِلا
__________
(2) . قوله [وأَحلت إِذا أَصابت إِلخ] عبارة التهذيب عقب البيت: لم أَحلل من قولك أَحلت الناقة إِذا أَصابت إِلخ(12/262)
فِي لُحُومِ السِّبَاعِ، والزَّهَمَةُ فِي لُحُومِ الطَّيْرِ كُلِّهَا وَهِيَ أَطيب مِنَ الزَّخَمَة، وَقَدْ زَخِمَ زَخَماً، وَفِيهِ زَخَمَةٌ. ابْنُ بُزُرْج: أَزْخَمَ وأَشْخَمَ. والزُّخْمَةُ: نَتَنُ العِرْض. وزَخَمَه يَزْخَمُهُ زَخْماً: دَفَعَهُ دَفْعًا شَدِيدًا. والزُّخْمُ: مَوْضِعٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ زُخْمٍ، هُوَ بِضَمِّ الزَّايِ وَسُكُونِ الْخَاءِ، جَبَلٌ قُرْبَ مَكَّةَ. الأَزهري: الخَزْماء النَّاقَةُ الْمَشْقُوقَةُ الخِنّابة، وَهُوَ المَنْخِرُ، قَالَ: والزَّخْماء الْمُنْتِنَةُ الرائحة.
زرم: الزَّرِمُ مِنَ السَّنانير وَالْكِلَابِ. مَا يَبْقَى جَعْرُه فِي دُبُرِهِ. وزَرِمَ الْكَلْبُ والسِّنَّوْرُ زَرَماً، فَهُوَ زَرِمٌ: بَقِيَ جَعْرُه فِي دُبُرِهِ، وَبِذَلِكَ سُمِّيَ السِّنَّوْرُ أَزْرَمَ. وزَرِمَ البيعُ إِذا انْقَطَعَ. وزَرَمَ الشيءَ يَزْرِمُهُ زَرْماً. وأَزْرَمهُ وزَرَّمَه: قَطَعَهُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
إِني لأَهْواك حُبّاً غيرَ مَا كَذِبٍ، ... وَلَوْ نأَيْت سِوانا فِي النوَى حِجَجا
حُبَّ الضَّريكِ تِلادَ الْمَالِ زَرَّمهُ ... فَقْرٌ، وَلَمْ يَتَّخِذْ فِي النَّاسِ مُلْتَحَجا
أَراد: قَطَعَ عَنْهُ الْخَيْرَ. وزرِمَ دمعُهُ وبولُهُ وحِلْفَتُهُ وكلامه وازْرَأَمَّ: انْقَطَعَ. وَكُلُّ مَا انْقَطَعَ فَقَدْ زَرِم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتي بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فوُضعَ فِي حجْره فَبَالَ فِي حَجْرِهِ فأُخِذَ فَقَالَ: لَا تُزْرِمُوا ابْنِي، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ
؛ قَالَ الأَصمعي: الإِزْرامُ الْقَطْعُ أَي لَا تَقْطَعُوا عَلَيْهِ بَوْلَهُ. وَمِنْهُ
حَدِيثُ الأَعرابي الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ: قَالَ لَا تُزْرِمُوه
؛ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا قَطَعَ بِوَلَهُ: قَدْ أَزْرَمْتَ بَوْلَكَ. وأَزْرَمَهُ غَيْرُهُ أَي قَطَعَهُ؛ قَالَ عَدِيّ:
أَو كَمَاءِ المَثْمود بَعْدَ جِمامٍ، ... زَرِم الدَّمْعِ لَا يَؤُوب نَزُورا
قَالَ: فالزَّرِمُ الْقَلِيلُ الْمُنْقَطِعُ. أَبو عَمْرٍو: الزَّرِمُ النَّاقَةُ الَّتِي تَقْطَعُ بَوْلَهَا قَلِيلًا قَلِيلًا، يُقَالُ لَهَا إِذا فَعَلَتْ ذَلِكَ: قَدْ أَوزَغَتْ وأَوْشَقَتْ وشلْشَلَتْ وأَنفصت وأَزْرَمَتْ. الْجَوْهَرِيُّ: زَرِمَ البولُ، بِالْكَسْرِ، إِذا انْقَطَعَ، وَكَذَلِكَ كَلُّ شَيْءٍ ولَّى، وأَزْرَمَهُ غَيْرُهُ. وازْرَأَمَّ: غَضِبَ، فَهُوَ مُزْرئِمٌّ؛ ذَكَرَهُ أَبو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْهَمْزِ. والزَّرْم: الوِلاد. وَقَدْ زَرَمَتْ بِهِ زَرْماً: وَلَدَتْهُ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي الوَرْدِ الْجَعْدِيِّ:
أَلا لَعَنَ اللهُ الَّتِي زَرَمَتْ بِهِ ... فَقَدْ وَلَدَتْ ذَا نُمْلَة وغَوائِلِ
والزَّرِيمُ: الذَّلِيلُ الْقَلِيلُ الرَّهْطِ. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ زَرِمٌ ذَلِيلٌ قَلِيلُ الرَّهْطِ؛ قَالَ الأَخطل:
لَوْلَا بَلاؤُكُمُ فِي غَيْرِ وَاحِدَةٍ، ... إِذاً لَقُمْتُ مقَام الخائِفِ الزَّرِمِ
الأَصمعي: الزَّرِمُ المضيَّق عَلَيْهِ. وَيُقَالُ لِلْبَخِيلِ: زَرِمٌ، وزَرَّمَه غَيْرُهُ، وأَنشد بَيْتَ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ. الأَصمعي: المُزْرَئِمُّ المُنْقَبِضُ، الزَّايُ قَبْلَ الرَّاءِ، وَقَدِ ازْرَأَمَّ ازْرِئْماماً؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَخطَل:
تُمْذي إِذا سُحِبَتْ مِنْ قَبْلِ أَدْرَعِها، ... وتَزْرَئِمُّ إِذا مَا بَلَّها المَطَرُ
قَالَ: وَقَالَ آخَرُ فِي المُزْرَئِمِّ السَّاكِتِ:(12/263)
أَلْفَيْتُهُ غَضْبان مُزْرَئِمَّا، ... لَا سَبِطَ الكَفِّ وَلَا خِضَمَّا
والزَّرِمُ: الَّذِي لَا يَثْبُتُ فِي مَكَانٍ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤيَّة:
مُوَكَّلٌ بشُدُوفِ الصَّوْمِ يرقُبُهُ، ... مِنَ المَغارِبِ، مَخْطوفُ الحَشا زَرِمُ
والمُزْرَئِمُّ والزُّرَأْمِيمُ: الْمُتَقَبِّضُ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: والمُرْزَئِمُّ المُقْشَعِرُّ الْمُجْتَمَعُ، الرَّاءُ قَبْلَ الزَّايِ، قَالَ: الصَّوَابُ المُزْرَئِمُّ، الزَّايُ قَبْلَ الرَّاءِ، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَبلة وشك أَبو زيد في المُقْشَعِرّ المجتمع أَنه مُزْرَئِمّ أَو مُرْزَئِمّ.
زردم: زَرْدَمَهُ: خَنَقَهُ وزَرْدَبَه كَذَلِكَ. وزَرْدَمَه: عَصَرَ حَلْقَهُ. والزَّرْدَمَةُ: الغَلْصَمَةُ، وَقِيلَ: هِيَ فَارِسِيَّةٌ، وَقِيلَ: الزَّرْدَمَهُ مِنَ الإِنسان تَحْتَ الْحُلْقُومِ واللسانُ مُرَكَّبٌ فِيهَا، وَقِيلَ: الزَّرْدَمَةُ الابتلاع، والازدرام الابتلاعُ.
زرقم: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: الأَصمعي وَمِمَّا زَادُوا فِيهِ الْمِيمَ زُرْقُمٌ لِلرَّجُلِ الأَزرق. اللَّيْثُ: إِذا اشْتَدَّتْ زُرْقَة عَيْنِ المرأَة قِيلَ: إِنها لزَرْقاءُ زُرْقُمٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: زَرْقَاءُ زُرْقُم، بِيَدَيْهَا تَرْقم، تَحْتَ القُمْقُم، وَالْمِيمُ زائدة.
ززم: ابْنُ بَرِّيٍّ خَاصَّةً قَالَ: مَاءٌ زُوَزِمٌ وزُوازِمٌ بين المِلْحِ والعَذْبِ.
زعم: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا
، وَقَالَ تَعَالَى: فَقالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ
؛ الزَّعْمُ والزُّعْمُ والزِّعْمُ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ: الْقَوْلُ، زَعَمَ زَعْماً وزُعْماً وزِعْماً أَي قَالَ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَوْلُ يَكُونُ حَقًّا وَيَكُونُ بَاطِلًا، وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لأُمَيّةَ فِي الزَّعْم الَّذِي هُوَ حَقٌّ:
وإِني أَذينٌ لَكُمْ أَنه ... سَيُنجِزُكم ربُّكم مَا زَعَمْ
وَقَالَ اللَّيْثُ: سَمِعْتُ أَهل الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُونَ إِذا قِيلَ ذَكَرَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ لأَمر يُسْتَيْقَنُ أَنه حَقٌّ، وإِذا شُكَّ فِيهِ فَلَمْ يُدْرَ لَعَلَّهُ كَذِبٌ أَو بَاطِلٌ قِيلَ زَعَمَ فُلَانٌ، قَالَ: وَكَذَلِكَ تُفَسَّرُ هَذِهِ الْآيَةُ: فَقالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ
؛ أَي بِقَوْلِهِمُ الْكَذِبَ، وَقِيلَ: الزَّعْمُ الظَّنُّ، وَقِيلَ: الْكَذِبُ، زَعَمَهُ يَزْعُمُهُ، والزُّعْمُ تميميَّة، والزَّعْمُ حِجَازِيَّةٌ؛ وأَما قَوْلُ النَّابِغَةِ:
زَعَمَ الهمامُ بأَنَّ فَاهَا بارِدٌ
وَقَوْلُهُ:
زَعَمَ الغُدافُ بأَنَّ رِحْلتنا غَداً
فَقَدْ تَكُونُ الْبَاءُ زَائِدَةً كَقَوْلِهِ:
سُود المَحاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
وَقَدْ تَكُونُ زَعَمَ هَاهُنَا فِي مَعْنَى شَهِدَ فَعَدَّاهَا بِمَا تُعدّى بِهِ شَهِدَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا. وَقَالُوا: هَذَا وَلَا زَعْمَتَكَ وَلَا زَعَماتِكَ، يَذْهَبُ إِلى رَدِّ قَوْلِهِ، قَالَ الأَزهري: الرَّجُلُ مِنَ الْعَرَبِ إِذا حدَّث عَمَّنْ لَا يُحَقِّقُ قَوْلَهُ يَقُولُ وَلَا زَعَماتِه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
لَقَدْ خَطَّ رومِيٌّ وَلَا زَعَماتِهِ
وزَعَمْتَني كَذَا تَزْعُمُني زَعْماً: ظَنَنْتني؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَإِنَّ تَزْعُمِيني كنتُ أَجهلُ فيكُمُ، ... فإِني شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَكِ بِالْجَهْلِ(12/264)
وَتَقُولُ: زَعَمَتْ أَني لَا أُحبها وزَعَمَتْني لَا أُحبها، يَجِيءُ فِي الشِّعْرِ، فأَما فِي الْكَلَامِ فأَحسن ذَلِكَ أَن يُوقَعَ الزَّعْمُ عَلَى أَنَّ دُونَ الِاسْمِ. والتَّزَعُّمُ: التَّكَذُّبُ؛ وأَنشد:
أَيها الزَّاعِمُ مَا تَزَعَّما
وتَزاعَمَ القومُ عَلَى كَذَا تَزاعُماً إِذا تَضَافَرُوا عَلَيْهِ، قَالَ: وأَصله أَنه صَارَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ زَعِيماً؛ وَفِي قَوْلِهِ مَزاعِمُ أَي لَا يُوثَقُ بِهِ، قَالَ الأَزهري: الزَّعْمُ إِنما هُوَ فِي الْكَلَامِ، يُقَالُ: أَمر فِيهِ مَزاعِمُ أَي أَمر غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِيهِ مُنَازَعَةٌ بعدُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَيُقَالُ للأَمر الَّذِي لَا يَوْثَقُ بِهِ مَزْعَمٌ أَي يَزْعُمُ هذا أَن كذا ويَزْعُمُ هَذَا أَنه كَذَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الزَّعْمُ يأْتي فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى أَربعة أَوجه، يَكُونُ بِمَعْنَى الكَفالة والضَّمان؛ شَاهِدُهُ قَوْلُ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
قُلْتُ: كَفِّي لَكِ رَهْنٌ بالرِّضى ... وازْعُمِي يَا هندُ، قَالَتْ: قَدْ وَجَب
وازْعُمِي أَي اضْمَنِي؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ «1» يَصِفُ نُوحاً:
نُودِيَ: قُمْ وارْكَبَنْ بأَهْلِكَ إِنَّ ... اللَّهَ مُوفٍ لِلنَّاسِ مَا زَعَمَا
زَعَمَ هُنَا فُسِّرَ بِمَعْنَى ضَمِنَ، وَبِمَعْنَى قَالَ، وَبِمَعْنَى وعَدَ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الوعْد، قَالَ عَمْرُو بْنُ شَأْسٍ:
وعاذِلة تَحْشَى الرَّدَى أَن يُصيبَني، ... تَرُوحُ وتَغْدُو بالمَلامةِ والقَسَمْ
تَقُولُ: هَلَكْنا، إِن هَلكتَ وإِنما ... عَلَى اللَّهِ أَرْزاقُ العِباد كَمَا زَعَمْ
وزَعَمَ هُنَا بِمَعْنَى قَالَ وَوَعَدَ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ وَالذِّكْرِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:
يَا لَهْفَ نَفْسِيَ إِن كَانَ الَّذِي زَعمُوا ... حَقّاً وَمَاذَا يَرُدّ الْيَوْمَ تَلْهِيفِي
إِن كَانَ مَغْنَى وُفُودِ النَّاسِ رَاحَ بِهِ ... قومٌ إِلى جَدَثٍ، فِي الْغَارِ، مَنْجُوفِ؟
الْمَعْنَى: إِن كَانَ الَّذِي قَالُوهُ حَقًّا لأَنه سَمِعَ مَنْ يَقُولُ حُمِلَ عثمانُ عَلَى النَّعْش إِلى قَبْرِهِ؛ قَالَ المُثَقّبُ الْعَبْدِيُّ:
وكلامٌ سَيِءٌ قَدْ وَقِرَتْ ... أُذُني عَنْهُ، وَمَا بِي مِنْ صَمَمْ
فتصامَمْتُ، لكَيْما لَا يَرَى ... جاهلٌ أَنِّي كَمَا كَانَ زَعَمْ
وَقَالَ الْجُمَيْحُ:
أَنتم بَنُو المرأَةِ الَّتِي زَعَمَ الناس ... عَلَيْهَا، فِي الْغَيِّ، مَا زَعَمُوا
وَيَكُونُ بِمَعْنَى الظَّنِّ؛ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ:
فذُقْ هَجْرَها قَدْ كنتَ تَزْعُمُ أَنه ... رَشادٌ، أَلا يَا رُبَّما كذَبَ الزَّعْمُ
فَهَذَا الْبَيْتُ لَا يَحْتَمِلُ سِوَى الظَّنِّ، وَبَيْتُ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ لَا يَحْتَمِلُ سِوَى الضَّمان، وَبَيْتُ أَبي زُبَيْدٍ لَا يَحْتَمِلُ سِوَى الْقَوْلِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ عَلَى مَا فُسِّرَ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ أَيضاً عَنِ ابْنِ خالَوَيْه: الزَّعْمُ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يُذَمّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا
؛ حَتَّى قَالَ بَعْضُ المفسرين: الزَّعْمُ
__________
(1) . هو النابغة الجعديّ لا النابغة الذبياني(12/265)
أَصله الْكَذِبُ، قَالَ: وَلَمْ يَجِئْ فِيمَا يُحْمَدُ إِلا فِي بَيْتَيْنِ، وَذَكَرَ بَيْتَ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ وَذَكَرَ أَنه رُوِيَ لأُمية بْنِ أَبي الصَّلْتِ، وَذَكَرَ أَيضاً بَيْتَ عَمْرِو بْنِ شَأْس وَرَوَاهُ لمُضَرِّسٍ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: تَقُولُ الْعَرَبُ قَالَ إِنه وَتَقُولُ زَعَمَ أَنه، فَكَسَرُوا الأَلف مَعَ قَالَ، وَفَتَحُوهَا مَعَ زَعَمَ لأَن زَعَمَ فِعْلٌ وَاقِعٌ بِهَا أَي بالأَلف مُتَعَدٍّ إِليها، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ زَعَمْتُ عبدَ اللَّهِ قَائِمًا، وَلَا تَقُولُ قُلْتُ زَيْدًا خَارِجًا إِلا أَن تُدْخِلَ حَرْفًا مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِفْهَامِ فَتَقُولُ هَلْ تَقُولُهُ فَعَلَ كَذَا وَمَتَّى تقولُني خَارِجًا؛ وأَنشد:
قَالَ الخَلِيطُ: غَداً تَصَدُّعُنا، ... فَمَتَى تَقُولُ الدارَ تَجْمَعُنا؟
وَمَعْنَاهُ فَمَتَى تَظُنُّ وَمَتَى تَزْعُمُ. والزَّعُوم مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ: الَّتِي يُشَكُّ فِي سِمنَها فتُغْبَطُ بالأَيدي، وَقِيلَ: الزَّعُوم الَّتِي يَزْعُمُ النَّاسُ أَن بِهَا نِقْياً؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وبَلْدة تَجَهَّمُ الجَهُوما، ... زَجَرْتُ فِيهَا عَيْهَلًا رَسُوما،
مُخْلِصَةَ الأَنْقاءِ أَو زَعُوما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
وإِنَّا مِنْ مَوَدَّة آلِ سَعْدٍ، ... كَمَنْ طَلَبَ الإِهالةَ فِي الزَّعُومِ
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّ قُصاراكَ عَلَى رعُومِ ... مُخْلِصَةِ العِظامِ، أَو زَعُومِ
المُخْلِصَةُ: الَّتِي قَدْ خَلَصَ نِقْيُها. وَقَالَ الأَصمعي: الزَّعُوم مِنَ الْغَنَمِ الَّتِي لَا يُدْرى أَبها شَحْمٌ أَم لَا، وَمِنْهُ قِيلَ: فُلَانٌ مُزاعَم أَي لَا يُوثَقُ بِهِ. والزَّعوم: الْقَلِيلَةُ الشَّحْمِ وَهِيَ الْكَثِيرَةُ الشَّحْمِ، وَهِيَ المُزْعَمَةُ، فَمَنْ جَعَلَهَا الْقَلِيلَةَ الشَّحْمِ فَهِيَ المَزْعُومة، وَهِيَ الَّتِي إِذا أَكلها النَّاسُ قَالُوا لِصَاحِبِهَا تَوْبِيخًا: أَزْعَمْتَ أَنها سَمِينَةٌ؛ قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: لَمْ يَجِئْ أَزْعَمَ فِي كَلَامِهِمْ إِلا فِي قَوْلِهِمْ أَزْعَمَتِ القَلُوصُ أَو الناقةُ إِذا ظُنَّ أَن فِي سَنَامِهَا شَحْمًا. وَيُقَالُ: أَزْعَمْتُكَ الشيءَ أَي جَعَلْتُكَ بِهِ زَعِيماً. والزَّعِيمُ: الْكَفِيلُ. زَعَمَ بِهِ يَزْعُمُ «2» زَعْماً وزَعامَةً أَي كَفَل. وَفِي الْحَدِيثِ:
الدَّيْن مَقْضِيّ والزَّعِيمُ غارِم
؛ والزَّعِيمُ: الْكَفِيلُ، وَالْغَارِمُ: الضَّامِنُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ
؛ قَالُوا جَمِيعًا: مَعْنَاهُ وأَنا بِهِ كَفِيلٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: ذِمَّتي رَهينة وأَنا بِهِ زعِيمٌ.
وزَعَمْت بِهِ أَزْعُمُ زَعْماً وزَعامةً أَي كَفَلْتُ. وزَعِيمُ الْقَوْمِ: رَئِيسُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ، وَقِيلَ: رَئِيسُهُمُ الْمُتَكَلِّمُ عَنْهُمْ ومِدْرَهُهُمْ، وَالْجَمْعُ زُعَماء. والزَّعامة: السِّيادة وَالرِّيَاسَةُ، وَقَدْ زَعُمَ زَعامَةً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَتَّى إِذا رَفَعَ اللِّواء رأَيْتَهُ، ... تَحْتَ اللِّواء عَلَى الخَمِيسِ، زَعِيما
والزَّعامَةُ: السِّلَاحُ، وَقِيلَ: الدِّرْع أَو الدُّروع. وزَعامَةُ الْمَالِ: أَفضله وأَكثره مِنَ الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
تَطِير عَدائِد الأَشراكِ شَفْعاً ... ووِتْراً، والزعامَةُ لِلْغُلَامِ
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: الزَّعامَةُ هُنَا الدِّرْع والرِّياسة وَالشَّرَفُ، وَفَسَّرَهُ غَيْرُهُ بأَنه أَفضل الْمِيرَاثِ، وَقِيلَ: يُرِيدُ السِّلَاحَ لأَنهم كَانُوا إِذا اقتسموا الميراث دَفَعُوا السِّلَاحَ إِلى الِابْنِ دُونَ الِابْنَةِ، وَقَوْلُهُ شَفْعًا
__________
(2) . قوله [زعم به يزعم إلخ] هو بهذا المعنى من باب قتل ونفع كما في المصباح(12/266)
ووِتراً يُرِيدُ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثيين. وأَما الزَّعامَةُ وَهِيَ السِّيَادَةُ أَو السِّلَاحُ فَلَا ينازِع الورثةُ فيها الغلامَ، إِذا هِيَ مَخْصُوصَةٌ بِهِ. والزَّعَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: الطَّمَعُ، زَعِمَ يَزْعَمُ زَعَماً وزَعْماً: طَمِعَ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
عُلّقْتُها عَرَضاً وأَقْتُلُ قَوْمَها ... زَعْماً، وربِّ الْبَيْتِ، لَيْسَ بمَزْعَمِ «1»
. أَي لَيْسَ بِمَطْمَعٍ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: كَانَ حُبُّهَا عَرَضاً مِنَ الأَعراض اعْتَرَضَنِي مِنْ غَيْرِ أَن أَطلبه، فَيَقُولُ: عُلِّقْتُها وأَنا أَقتل قَوْمَهَا فَكَيْفَ أُحبها وأَنا أَقتلهم؟ أَم كَيْفَ أَقتلهم وأَنا أُحبها؟ ثُمَّ رَجَعَ عَلَى نَفْسِهِ مُخَاطِبًا لَهَا فَقَالَ: هَذَا فِعْلٌ لَيْسَ بِفِعْلِ مِثْلِي؛ وأَزْعَمْتُه أَنا. وَيُقَالُ: زعَمَ فُلَانٌ فِي غَيْرِ مَزْعَمٍ أَي طَمِعَ فِي غَيْرِ مطمَع؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَهُ رَبَّةٌ قَدْ أَحْرَمَتْ حِلَّ ظَهْرِهِ، ... فَمَا فِيهِ للفُقْرى وَلَا الحَجِّ مَزْعَمُ
وأَمرٌ مُزْعِمٌ أَي مُطْمِعٌ. وأَزْعَمَه: أَطمعه. وشِواءٌ زَعِمٌ وزَعْمٌ «2» : مُرِشّ كَثِيرُ الدَّسَمِ سَرِيعُ السَّيَلان عَلَى النَّارِ. وأَزْعَمَتِ الأَرضُ: طَلَعَ أَول نَبْتِهَا؛ عن ابن الأَعرابي: وزاعِمٌ وزُعَيْم: إِسمان. والمِزْعامة: الْحَيَّةُ. والزُّعْمُومُ: العَييّ. والزَّعْمِيُّ: الْكَاذِبُ «3» . والزَّعْمِيّ: الصَّادِقُ. والزَّعْمُ: الْكَذِبُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذا الإِكامُ اكتَسَتْ مَآلِيَها، ... وَكَانَ زَعْمُ اللَّوامعِ الكَذِبُ
يُرِيدُ السَّراب، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَكْذَبُ مِنْ يَلْمَع. وَقَالَ شُرَيْحٌ: زَعَمُوا كُنْيَةُ الكَذِب. وَقَالَ شَمِرٌ: الزَّعْمُ والتزاعُمُ أَكثر مَا يُقَالُ فِيمَا يُشك فِيهِ وَلَا يُحَقَّقُ، وَقَدْ يَكُونُ الزَّعْمُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ، وَرُوِيَ بَيْتُ الْجَعْدِيِّ يَصِفُ نُوحًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ، فَهَذَا مَعْنَاهُ التَّحْقِيقُ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِذا قَالُوا زَعْمَةٌ صَادِقَةٌ لَآتِيَنَّكَ، رَفَعُوا، وحِلْفَةٌ صادِقةٌ لأَقومَنَّ، قَالَ: وَيَنْصِبُونَ يَمِينًا صَادِقَةً لأَفعلن. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَرَ أَيوب، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: كَانَ إِذا مَرَّ بِرَجُلَيْنِ يَتَزاعَمان فَيَذْكُرَانِ اللَّهَ كَفَّر عَنْهُمَا
أَي يَتَدَاعَيَانِ شَيْئًا فَيَخْتَلِفَانِ فِيهِ فَيَحْلِفَانِ عَلَيْهِ كَانَ يُكَفِّرُ عَنْهُمَا لآَجل حَلِفِهِمَا؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَعْنَاهُ أَنهما يَتَحَادَثَانِ بالزَّعَماتِ وَهِيَ مَا لَا يُوثَقُ بِهِ مِنَ الأَحاديث، وَقَوْلُهُ فَيَذْكُرَانِ اللَّهَ أَي عَلَى وَجْهِ الِاسْتِغْفَارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا
؛ مَعْنَاهُ أَن الرَّجُلَ إِذا أَراد المَسير إِلى بَلَدٍ والظَّعْنَ فِي حَاجَةٍ رَكِبَ مَطِيَّتَهُ وَسَارَ حَتَّى يَقْضِيَ إِرْبَهُ، فَشَبَّهَ مَا يُقَدِّمُهُ الْمُتَكَلِّمُ أَمام كَلَامِهِ وَيَتَوَصَّلُ بِهِ إِلى غَرَضِهِ مِنْ قَوْلِهِ زَعَمُوا كَذَا وَكَذَا بِالْمَطِيَّةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلى الْحَاجَةِ، وإِنما يُقَالُ زَعَمُوا فِي حَدِيثٍ لَا سَنَدَ لَهُ وَلَا ثَبَتَ فِيهِ، وإِنما يُحْكَى عَنِ الأَلْسُنِ عَلَى سَبِيلِ الْبَلَاغِ، فذُمَّ مِنَ الْحَدِيثِ مَا كَانَ هَذَا سَبِيلُهُ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: زَعِيمُ الأَنْفاس
أَي موكَّلٌ بالأَنفاس يُصَعِّدُها لِغَلَبَةِ الْحَسَدِ وَالْكَآبَةِ عَلَيْهِ، أَو أَراد أَنفاس الشُّرْبِ كأَنه يَتَجَسَّس كَلَامَ النَّاسِ ويَعِيبهم بِمَا يُسقطهم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والزَّعيمُ هُنَا
__________
(1) . في معلقة عنترة:
زعْماً، لَعَمْرُ أَبيكَ، ليسَ بمَزعَمِ
(2) . قوله [وشواه زعم وزعم] كذا هو بالأَصل والمحكم بهذا الضبط وبالزاي فيهما، وفي شرح القاموس بالراء في الثانية وضبطها مثل الأَولى ككتف
(3) . قوله [والزعمي الكاذب إلخ] كذا هو مضبوط في الأَصل والتكملة بالفتح ويوافقهما إِطلاق القاموس وإِن ضبطه فيه شارحه بالضم(12/267)
بمعنى الوكيل.
زغم: تَزَغَّمَ الْجَمَلُ: رَدَّدَ رُغاءه فِي لَهازِمه، هَذَا الأَصل، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى قَالُوا: تَزَغَّمَ الرجلُ إِذا تَكلم تَكَلُّمَ المُتَغَضِّبِ مع تَغَضُّبٍ. والتَّزَغُّمُ: التغضُّب وتَزَمْزُمُ الشَّفَةِ فِي بَرْطَمَةٍ، وتَزَغَّمت الناقةُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّزَغُّمُ التَّغَضُّبُ مَعَ كَلَامٍ، وَقِيلَ مَعَ كَلَامٌ لَا يُفهم، وَقَالَ غَيْرُهُ: التَّزَغُّمُ صَوْتٌ ضَعِيفٍ؛ قَالَ البَعِيثُ:
وَقَدْ خَلَّفَتْ أَسْرابَ جُونٍ مِنَ القَطا ... زَواحِفَ، إِلَّا أَنها تَتَزَغَّمُ
وَقِيلَ: التَّزَغُّم الْغَضَبُ بِكَلَامٍ وَغَيْرِ كَلَامٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فأَصْبَحْنَ مَا ينطِقْنَ إِلا تَزَغُّماً ... عليَّ، إِذا أَبْكى الوَليدَ وَلِيدُ
يَصِفُ جورهنَّ أَي أَنه إِذا أَبكى صَبيٌّ صَبيّاً غضبْنَ عَلَيْهِ تَجَنِّياً؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ رَجُلًا جَاءَ إِلى مَكَّةَ عَلَى نَاقَةٍ بَيْنَ نُوقٍ:
فَجَاءَ وجاءتْ بَيْنَهُنَّ، وإِنَّهُ ... ليَمْسَحُ ذِفْراها تَزَغَّمُ كَالْفَحْلِ
قَالَ الأَصمعي: تَزَغُّمُها صِيَاحُهَا وَحِدَّتُهَا، وإِنما يَمْسَحُ ذِفْرَاهَا لِيُسَكِّنَهَا. والتَّزَغُّمُ: حَنِينٌ خفيّ كَحَنِينِ الفَصيل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فأَبْلغْ بَني بَكْرٍ، إِذا مَا لَقَيْتَهَا، ... عَلَى خَيْرٍ مَا يُلْقى بِهِ مَنْ تَزَغَّما
ويروى بِالرَّاءِ. التَّهْذِيبِ: وأَما التَّرَغُّمُ، بِالرَّاءِ، فَهُوَ التَّغَضُّبُ. وإِن لَمْ يَكُنْ مَعَهُ كَلَامٌ. وتَزَغَّمَ الفَصيل: حَنَّ حَنيناً خَفِيفًا. وَرَجُلٌ زُغْمُوم: عَييُّ اللِّسَانِ. وزُغَيْمٌ: طَائِرُ، وَقِيلَ بِالرَّاءِ، وزُغْمَة: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَرَوَى الْبَيْتُ الَّذِي فِي زَغَبَ:
عليهنَّ أَطْرافٌ مِنَ الْقَوْمِ، لَمْ يَكُنْ ... طعامُهُمُ حَبّاً بزُغْمَةَ أَسْمَرا
وَهُوَ بزُغْبة، بِالْبَاءِ، في رواية ثعلب.
زغلم: لَا يَدْخُلُكَ مِنْ ذَلِكَ زُغْلُمَةٌ أَي لَا يَحِيكَنَّ فِي صَدْرِكَ مِنْ ذَلِكَ شَكٌّ وَلَا وَهْمٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ. أَبو زَيْدٍ: وَقَعَ فِي قَلْبِي لَهُ زُغْلُمَةٌ، كَقَوْلِكَ حَسَكةٌ وضَغِينةٌ.
زقم: الأَزهري: الزَّقْمُ الْفِعْلُ مِنَ الزَّقُّوم، والازْدِقامُ كَالِابْتِلَاعِ. ابْنُ سِيدَهْ: ازْدَقَمَ الشيءَ وتَزَقَّمَهُ ابْتَلَعَهُ. والتَّزَقُّمُ: التَّلَقُّمُ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الزَّقْمُ واللَّقْمُ وَاحِدٌ، وَالْفِعْلُ زَقَمَ يَزْقُمُ ولَقِمَ يَلْقَمُ. والتَّزَقُّمُ: كَثْرَةُ شُرْبِ اللَّبَنِ، وَالِاسْمُ الزَّقَمُ، ابْنُ دُرَيْدٍ: يُقَالُ تَزَقَّمَ فُلَانٌ اللَّبَنَ إِذا أَفرط فِي شُرْبِهِ. وَهُوَ يَزْقُمُ اللُّقَمَ زَقْماً أَي يَلْقَمُها. وزَقَمَ اللَّحْمَ زَقْماً بَلَعَهُ. وأَزْقَمْتُه الشَّيْءَ أَي أَبلعته إِياه. الْجَوْهَرِيُّ: الزَّقُّوم إِسم طَعَامٍ لَهُمْ فِيهِ تَمْرٌ وزُبْدٌ، والزَّقْمُ: أَكله. ابْنُ سِيدَهْ: والزَّقُّومُ طَعَامُ أَهل النَّارِ، قَالَ وَبَلَغَنَا أَنه لَمَّا أُنزلت آيَةُ الزَّقُّومِ: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ
؛ لَمْ يَعْرِفْهُ قُرَيْشٌ، فَقَالَ أَبو جَهْلٍ: إِن هَذَا لَشَجَرٌ مَا يَنْبُتُ فِي بِلَادِنَا فَمَنْ مِنْكُمْ مَنْ يَعْرِفُ الزَّقُّومَ؟ فَقَالَ رَجُلٌ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنْ إِفْريقيَةَ: الزّقُّومُ بِلُغَةِ إِفْريقيَة الزُّبْدُ بِالتَّمْرِ، فَقَالَ أَبو جَهْلٍ: يَا جَارِيَةُ هَاتِي لَنَا تَمْرًا وَزُبْدًا نَزْدَقِمُه، فَجَعَلُوا يأْكلون مِنْهُ وَيَقُولُونَ: أَفبهذا يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ فِي الْآخِرَةِ؟ فبيَّنَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَلِكَ فِي آيَةٍ أُخرى(12/268)
فَقَالَ فِي صِفَتِهَا: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ؛ وَقَالَ تَعَالَى: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ؛ الأَزهري: فَافْتَتَنَ بِذِكْرِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ جَمَاعَاتٌ مِنْ مُشْركي مَكَّةَ فَقَالَ أَبو جَهْلٍ: مَا نَعْرِفُ الزَّقُّومَ إِلَّا أَكل التَّمْرِ بِالزُّبْدِ؛ فَقَالَ لِجَارِيَتِهِ: زَقِّمِينا. وَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: كَيْفَ يَكُونُ فِي النَّارِ شَجَرٌ وَالنَّارُ تأْكل الشَّجَرَ؟ فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ؛ أَي وَمَا جَعَلْنَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ إِلَّا فِتْنَةً لِلْكُفَّارِ؛ وَكَانَ أَبو جَهْلٍ يُنْكِرُ أَن يَكُونَ الزَّقُّومُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَلَمَّا نَزَلَتْ: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ
، قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ هَلْ تَدْرُونَ مَا شجرةُ الزَّقُّومِ الَّتِي يُخَوِّفُكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ؟ قَالُوا: هِيَ العَجْوةُ، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ؛ قَالَ: وَلِلشَّيَاطِينِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَوجه: أَحدها أَن يُشْبِه طَلْعُها فِي قُبْحِهِ رؤوس الشَّيَاطِينِ لأَنها مَوْصُوفَةٌ بالقُبْحِ وإِن كَانَتْ غَيْرَ مشاهَدة فَيُقَالُ كأَنه رأْس شَيْطَانٍ إِذا كَانَ قَبِيحًا، الثَّانِي أَن الشَّيْطَانَ ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ قَبِيحُ الْوَجْهِ وَهُوَ ذُو العُرْفِ، الثَّالِثُ أَنه نبت قبيح يسمى رؤوس الشَّيَاطِينِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني أَعرابي مَنْ أَزْدِ السَّراة قَالَ: الزَّقُّومُ شَجَرَةٌ غَبْرَاءُ صَغِيرَةُ الْوَرَقِ مُدَوَّرَتُها لَا شَوْكَ لَهَا، ذَفِرَةٌ مُرَّة، لَهَا كَعابر فِي سُوقها كَثِيرَةٌ، وَلَهَا وُرَيْدٌ ضَعِيفٌ جِدًّا يجْرُسُه النَّحْلُ، ونَوْرَتُها بَيْضَاءُ، ورأْس وَرِقِهَا قَبِيحٌ جِدًّا. والزَّقُّومُ: كُلُّ طَعَامٍ يَقْتل؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والزَّقْمَةُ: الطَّاعُونُ؛ عَنْهُ أَيضاً. وَفِي صِفَةِ النَّارِ: لَوْ أَن قَطْرة مِنَ الزَّقُّوم قَطَرَتْ فِي الدُّنْيَا؛ الزَّقُّومُ: مَا وَصَفَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ؛ قَالَ: هُوَ فَعُّول مِنَ الزَّقْمِ اللَّقْم الشَّدِيدِ وَالشُّرْبِ الْمُفْرِطِ. والزُّلْقُوم، بِاللَّامِ: الحُلْقُوم.
زكم: الزُّكْمةُ والزُّكامُ: الأَرض «1» ، وَقَدْ زُكِم وزَكَمَه اللَّهُ زَكْماً. وزَكَمَ بِنُطْفَتِهِ: رَمَى بِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الزُّكامُ مَعْرُوفٌ، وزُكِمَ الرجل وأَزْكَمَهُ اللَّهُ فَهُوَ مَزْكُومٌ، بُنِيَ عَلَى زُكِمَ. أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ مَزْكوم وَقَدْ أَزْكَمَه اللَّهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الأَصمعي، قَالَ: وَلَا يُقَالُ أَنت أَزْكَمُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا جَاءَ عَلَى فُعِلَ فَهُوَ مَفْعُول، لَا يُقَالُ مَا أَزْهاكَ وَمَا أَزْكَمَكَ. والزُّكامُ: مأْخوذ مِنَ الزَّكْم والزَّكْب، وَهُوَ الملْء. يُقَالُ: زُكِم فُلَانٌ ومُلئَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والزُّكْمَةُ: آخِرُ وَلَدِ الرَّجُلِ والمرأَة. وَفُلَانٌ زُكْمَةُ أَبَوَيْه إِذا كَانَ آخِرَ وَلَدِهِمَا. والزَّكْمةُ، بِالْفَتْحِ: النَّسْلُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
زَكْمَةُ عَمَّارٍ بَنُو عَمَّار، ... مثلُ الحَراقِيص عَلَى حِمار
وأَنشده يَعْقُوبُ: زُكْمَةُ عَمَّارٍ. وَهُوَ أَلأَمُ زُكْمة فِي الأَرض أَي أَلأَمُ شَيْءٍ لفَظَهُ شَيْءٌ، كزُكْبَةٍ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ أَلأَمُ زُكْمَةٍ، كَزُكْبَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ زَكَمَتْ بِهِ أُمُّه إِذا ولدته سَرْحاً. وقِرْبَةٌ مَزْكومة: مملوءَة.
زلم: الزُّلَمُ والزَّلَمُ: القِدْح لَا رِيشَ عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ أَزْلام. الْجَوْهَرِيُّ: الزَّلَمُ، بِالتَّحْرِيكِ، القِدْحُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بَاتَ يُقاسِيها غُلامٌ كالزَّلَمْ، ... لَيْسَ بِراعي إِبلٍ وَلَا غَنَمْ
__________
(1) . قوله [الأَرض] يعني الداء المعروف، فهو يقال له الزكام والأَرض(12/269)
قَالَ: وَكَذَلِكَ الزُّلَمُ، بِضَمِّ الزَّايِ، وَالْجَمْعُ الأَزْلامُ وَهِيَ السِّهَامُ الَّتِي كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا. وزَلَّمَ القِدْحَ: سوَّاه وليَّنه. وزَلَّمَ الرَّحَى: أَدارها وأَخذ مِنْ حُرُوفِهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَفُضُّ الحَصَى عَنْ مُجْمِراتٍ وَقِيعَةٍ، ... كأَرْحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها المَناقِرُ «1»
. شَبَّهَ خُفَّ الْبَعِيرِ بالرَّحَى أَي قَدْ أَخذت المَناقِرُ والمعاوِلُ مِنْ حُرُوفِهَا وسوَّتْها. وزَلَّمْتُ الْحَجَرَ أَي قَطَعْتُهُ وأَصلحته للرَّحَى، قَالَ: وَهَذَا أَصل قَوْلِهِمْ هُوَ العبدُ زُلْمَةً، وَقِيلَ: كُلُّ مَا حُذِقَ وأُخذ مِنْ حُرُوفِهِ فَقَدْ زُلِّم. وَيُقَالُ: قِدْحٌ مُزَلَّمٌ وقِدْحٌ زَلِيمٌ إِذا طُرَّ وأُجِيدَ قَدُّه وَصَنْعَتُهُ، وعَصاً مُزَلَّمَةٌ، وَمَا أَحسن مَا زَلَّمَ سَهْمَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ
؛ قَالَ الأَزهري، رَحِمَهُ اللَّهُ: الِاسْتِقْسَامُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، والأَزْلامُ كَانَتْ لِقُرَيْشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا أَمر وَنَهْيٌ وافْعَلْ وَلَا تَفْعَلْ، قَدْ زُلّمَتْ وسُوِّيَتْ ووضعتْ فِي الْكَعْبَةِ، يَقُومُ بِهَا سَدَنَةُ الْبَيْتِ، فَإِذَا أَراد رَجُلٌ سَفَرًا أَو نِكَاحًا أَتى السادِنَ فَقَالَ: أَخْرِج لِي زَلَماً، فَيُخْرِجُهُ وَيَنْظُرُ إِليه، فَإِذَا خَرَجَ قِدْحُ الأَمر مَضَى عَلَى مَا عَزَمَ عَلَيْهِ، وإِن خَرَجَ قِدْحُ النَّهْيِ قَعَدَ عَمَّا أَراده، وَرُبَّمَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ زَلَمانِ وَضَعَهُمَا فِي قِرابِه، فإِذا أَراد الِاسْتِقْسَامَ أَخرج أَحدهما؛ قَالَ الحُطَيْئَةُ يَمْدَحُ أَبا مُوسَى الأَشعري:
لَمْ يَزْجُرِ الطَّيْرَ، إِن مَرَّتْ بِهِ سُنُحاً، ... وَلَا يُفِيضُ عَلَى قِسْمٍ بأَزْلامِ
وَقَالَ طَرَفَةُ:
أَخَذَ الأَزْلامَ مُقْتَسِماً، ... فأَتى أَغْواهما زَلَمَهْ
وَيُقَالُ: مرَّ بِنَا فُلَانٌ يَزْلِم زَلَماناً «2» ويَحْذِم حَذَماناً؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ:
...... كأَنَّها ... رَبابِيحُ تَنْزُو أَو فُرارٌ مُزَلَّمُ
قَالَ: الرَّبَابِيحُ القُرود الْعِظَامُ، وَاحِدُهَا رُبَّاح. والمُزَلَّمُ: الْقَصِيرُ الذَّنْبِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمُزَلَّمُ مِنَ الرِّجَالِ الْقَصِيرُ الْخَفِيفُ الظَّرِيفُ، شُبِّهَ بالقِدْحِ الصَّغِيرِ. وَفَرَسٌ مُزَلَّمٌ: مُقْتَدِرُ الخَلْق. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ خَفِيفَ الْهَيْئَةِ وللمرأَة الَّتِي لَيْسَتْ بِطَوِيلَةٍ: رَجُلٌ مُزَلَّمٌ وامرأَة مُزَلَّمَة مِثْلُ مُقذَّذَةٍ. وزَلَّمَ غِذاءه: أَساءه فصغُر جِرمه لِذَلِكَ. وَقَالُوا: هُوَ الْعَبْدُ زُلْماً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وزُلْمَةً وزُلَمَةً وزَلْمَةً وزَلَمَةً أَي قَدُّه قَدُّ العَبد وحَذْوُهُ حَذوُهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كأَنه يُشْبِهُ الْعَبْدَ حَتَّى كأَنه هُوَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: يُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّكِرَةِ وَكَذَلِكَ فِي الأَمة، وَفِي الصِّحَاحِ: أَي قُدَّ قَدَّ الْعَبْدِ. يُقَالُ: هَذَا الْعَبْدُ زُلْماً يَا فَتَى أَي قَدّاً وحَذْواً، وَقِيلَ: مَعْنَى كُلِّ ذَلِكَ حَقّاً. وَعَطَاءٌ مُزَلَّم: قَلِيلٌ. وزَلَّمْتُ عَطَاءَهُ: قَلَّلْتُهُ. والمُزَلَّم: الرَّجُلُ الْقَصِيرُ. ابْنُ الأَعرابي: المُزَلَّمُ والمُزَنَّمُ الصَّغِيرُ الجُثَّةِ، والمُزَلَّمُ السيِء الْغِذَاءِ. والزَّلَمَةُ: هَنَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِي حَلْقِ الشَّاةِ، فَإِذَا كَانَتْ فِي الأُذن فَهِيَ زَنَمَةٌ، وَقَدْ زَنَّمْتُها؛ وأَنشد:
بَاتَ يُقاسِيها غُلامٌ كالزَّلَمْ
__________
(1) . قوله [مجمرات وقيعة] هذا هو الصواب في اللفظ والضبط وما تقدم في مادة رقد تحريف
(2) . قوله [يزلم زلماناً] أَي يسرع(12/270)
وَقَالَ اللَّيْثُ: الزَّلَمَة تَكُونُ للمِعْزى فِي حُلُوقِهَا مُتَعَلِّقَةٌ كالقُرْط وَلَهَا زَلَمتان، وإِذا كَانَتْ فِي الأُذن فَهِيَ زَنَمَةٌ، بِالنُّونِ، وَالنَّعْتُ أَزْلَمُ وأَزْنَمُ، والأُنثى زَلْماء وزَنماء، والمُزَنَّمُ: الْمَقْطُوعُ طَرَفِ الأُذن. والمزَلَّمُ والمُزَنَّم مِنَ الإِبل: الَّذِي تُقْطَعُ أُذنه وَتُتْرَكُ لَهُ زَلَمَةٌ أَو زَنَمَةٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وإِنما يُفْعَلُ ذَلِكَ بالكِرامِ مِنْهَا. وَشَاةٌ زَلْماء: مِثْلُ زَنْماء، وَالذَّكَرُ أَزْلَمُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: ازْدَلَم فُلَانٌ رأْس فُلَانٍ أَي قَطَعَهُ، وزَلَم اللَّهُ أَنفه. وأَزْلامُ الْبَقَرِ: قَوَائِمُهَا، قِيلَ لَهَا أَزْلامٌ لِلَطَافَتِهَا، شُبِّهَتْ بأَزْلامِ القِداح. والزَّلَمُ والزُّلَمُ: الظِّلْفُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، وَالْجَمْعُ أَزْلامٌ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ أَظلاف الْبَقَرِ. والزَّلَمُ: الزَّمَعُ الَّذِي خَلْفَ الأَظلاف، وَالْجَمْعُ أَزْلام؛ قَالَ:
تَزِلُّ عَلَى الأَرض أَزْلامُهُ، ... كَمَا زَلَّتِ القَدَمُ الآزِحَهْ
الآزِحَةُ: الكثيرةُ لَحْمِ الأَخْمَص، شَبَّهَهَا بأَزْلامِ القِداحِ، وَاحِدُهَا زَلَمٌ، وَهُوَ القِدْح المَبْرِيّ؛ وَقَالَ الأَخْفش: وَاحِدُ الأَزْلامِ زُلَم وزَلَم. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
قَالَ سُراقَة فأَخرجت زُلَماً
، وَفِي رِوَايَةٍ:
الأَزْلامَ
، وَهِيَ القِداح الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَضَعُهَا فِي وِعَاءٍ لَهُ، فإِذا أَراد سَفَرًا أَو رَواحاً أَو أَمراً مُهِمّاً أَدخل يَدَهُ فأَخرج مِنْهَا زُلَماً، فإِن خَرَجَ الأَمرُ مَضَى لشأْنه، وإِن خَرَجَ النَّهْيُ كَفَّ عَنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ. والأَزْلَمُ الجَذَعُ: الدَّهْرُ، وَقِيلَ: الدَّهْرُ الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: الشَّدِيدُ الْمَرِّ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ البَلايا والمَنايا، وَقَالَ يَعْقُوبُ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن الْمَنَايَا مَنُوطة بِهِ تَابِعَةٌ لَهُ؛ قَالَ الأَخطل:
يَا بِشْرُ، لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْكُمْ بمَنزلةٍ، ... أَلْقَى عليَّ يَدَيْهِ الأَزْلَمُ الجَذَعُ
وَهُوَ الأَزْنَمُ الجَذَعُ، فَمَنْ قَالَهَا بِالنُّونِ فَمَعْنَاهُ أَن الْمَنَايَا مَنُوطَةٌ بِهِ، أَخذها مِنْ زَنَمَةِ الشَّاةِ، وَمَنْ قَالَ الأَزْلَم أَراد خِفَّتَهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مرْداسٍ:
إِني أَرَى لكَ أَكْلًا لَا يَقومُ بِهِ، ... مِنَ الأَكولة، إِلَّا الأَزْلَمُ الجَذَع
قَالَ: وَقِيلَ الْبَيْتُ لِمَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ العامِرِيّ يَقُولُهُ لأَبي خُباشة عَامِرِ بْنَ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيّ بْنِ كِلاب، وأَصل الأَزْلَمِ الجَذَعِ الوَعِلُ. وَيُقَالُ للوعِلِ: مُزَلَّم؛ وَقَالَ:
لَوْ كَانَ حَيٌّ ناجِياً لَنَجَا، ... من بومه، المُزَلَّمُ الأَعْصَمُ
وَقَدْ ذَكَرَ أَن الوُعول وَالظِّبَاءَ لَا يَسْقُطُ لَهَا سِنٌّ فَهِيَ جُذْعان أَبداً، وإِنما يُرِيدُونَ أَن الدَّهْرَ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ. وَقَالُوا: أَوْدَى بِهِ الأَزْلَمُ الجَذَعُ والأَزْنَمُ الجَذَعُ أَي أَهلكه الدَّهْرُ، يُقَالُ ذَلِكَ لِمَا ولَّى وَفَاتَ ويُئِسَ مِنْهُ. وَيُقَالُ: لَا آتِيهِ الأَزْلَمَ الجَذَعَ أَي لَا آتِيهِ أَبداً، وَمَعْنَاهُ أَن الدَّهْرَ باقٍ عَلَى حَالِهِ لَا يَتَغَيَّرُ عَلَى طُولِ إِناه فَهُوَ أَبداً جَذَعٌ لَا يُسِنُّ. والزَّلْماء: الأُرْوِيَّةُ، وَقِيلَ: أُنثى الصُّقور؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. وزَلَمَ الإِناء: ملأَه؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وزَلَمْتُ الْحَوْضَ فَهُوَ مَزْلومٌ إِذا مَلَأْتَهُ؛ وَقَالَ:
حَابِيَةٌ كالثَّغَبِ المَزْلوم(12/271)
أَبو عَمْرٍو: الأَزْلامُ الوِبارُ، وَاحِدُهَا زَلَمٌ؛ وَقَالَ قُحَيْفٌ:
يبيتُ مَعَ الأَزْلامِ فِي رأْس حالقٍ، ... ويَرْتادُ مَا لَمْ تَحْتَرِزْه المَخاوِفُ
وَفِي حَدِيثِ
سَطِيحٍ:
أَم فَادَ فازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ العَنَنْ
قَالَ ابْنُ الأَثير: فازْلَمَّ أَي ذَهَبَ مُسْرِعًا، والأَصل فِيهِ ازْلأَمَّ فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ تَخْفِيفًا، وَقِيلَ: أَصلها ازْلامَّ كاشْهابَّ، فَحَذَفَ الأَلف تَخْفِيفًا، وَقِيلَ: ازلَمَّ قَبَضَ، والعَنَنُ: الْمَوْتُ أَي عَرَضَ لَهُ الْمَوْتُ فَقَبَضَهُ. وزُلَيْم وزَلَّامٌ: اسْمَانِ. وازْلأَمَّ القومُ ازْلِئْماماً: ارْتَحَلُوا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَاحْتَمَلُوا الأُمور فازْلأَمُّوا
والمُزْلَئِمُّ: الذَّاهِبُ الْمَاضِي، وَقِيلَ: هُوَ الْمُرْتَفِعُ فِي سِيَرٍ أَو غَيْرِهِ؛ قَالَ كُثَيِّر:
تَأَرَّض أَخْفافُ المُناخَةِ مِنْهُمُ ... مَكَانَ الَّتِي قَدْ بُعِّدَتْ فازْلأَمَّت
أَي ذَهَبَتْ فَمَضَتْ، وَقِيلَ: ارْتَفَعَتْ فِي سَيْرِهَا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا نَهَضَ فَانْتَصَبَ: قَدِ ازْلأَمَّ. وازْلأَمَّ النَّهَارُ إِذا ارْتَفَعَ. وازْلأَمَّت الضُّحى: انْبَسَطَتْ. الْجَوْهَرِيُّ: ازْلأَمَّ القومُ ازْلِئماماً أَي ولَّوا سِراعاً. وازْلأَمَّ الشيءُ: انْتَصَبَ. وازْلأَمَّ النَّهَارُ إِذا ارْتَفَعَ ضَحاؤه، وَقِيلَ فِي شَأْوِ العَنَنِ: إِنه اعْتِرَاضُ الْمَوْتِ عَلَى الخَلْقِ.
زلقم: الزُّلْقُوم: الْحُلْقُومُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. والزُّلقوم: خُرْطوم الْكَلْبِ وَالسَّبُعِ. وزَلْقَمَ اللُّقْمَةَ: بَلَعَهَا. الأَصمعي: مِقَمَّةُ الشَّاةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَقَمَّة، وَهِيَ مِنَ الْكَلْبِ الزُّلْقُوم. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: زُلْقُوم الْفِيلِ خُرْطومه. ابْنُ بَرِّيٍّ: الزَّلْقَمةُ الِاتِّسَاعُ، وَمِنْهُ سُمِّي الْبَحْرُ زُلْقُماً وقُلْزُماً؛ عَنِ ابن خالوَيْهِ.
زلهم: المُزْلَهِمُّ: السَّرِيعُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: المُزْلَهِمُّ الْخَفِيفُ؛ وأَنشد:
مِنَ المُزْلَهِمِّين الَّذِينَ كأَنَّهُمْ، ... إِذا احْتَضَرَ القومُ الخِوانَ، على وِتْرِ
زمم: زَمَّ الشيءَ يَزُمُّه زَمّاً فانْزَمَّ: شَدَّهُ. والزِّمامُ: مَا زُمَّ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَزِمَّةٌ. والزِّمامُ: الْحَبَلُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي البُرَةِ وَالْخَشَبَةِ، وَقَدْ زمَّ الْبَعِيرَ بالزِّمام. اللَّيْثُ: الزَّمُّ فَعْلٌ مِنَ الزِّمام، تَقُولُ: زَمَمْتُ النَّاقَةَ أَزُمُّها زَمّاً. ابْنُ السِّكِّيتِ: الزَّمُّ مَصْدَرُ زَمَمْتُ الْبَعِيرَ إِذا علَّقْت عَلَيْهِ الزِّمام. الْجَوْهَرِيُّ: الزِّمام الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ فِي البُرَةِ أَو فِي الخِشاشِ ثُمَّ يُشَدُّ فِي طَرَفِهِ المِقْوَد، وَقَدْ يُسَمَّى المِقوَد زِماماً. وزِمام النَّعْلِ: مَا يُشَدُّ بِهِ الشِّسْع. تَقُولُ: زَمَمْتُ النَّعْلَ. وزَمَمْتُ الْبَعِيرَ: خَطَمْته. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا زِمام وَلَا خِزام فِي الإِسلام
؛ أَراد مَا كَانَ عُبَّادُ بَنِي إِسرائيل يَفْعَلُونَهُ مِنْ زمِّ الأُنوف، وَهُوَ أَن يُخْرَق الأَنفُ وَيُجْعَلَ فِيهِ زِمام كزِمام النَّاقَةِ ليُقاد بِهِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَا عَجَباً وَقَدْ رأَيتُ عَجَبا: ... حِمارَ قَبَّانٍ يَسُوق أَرْنبا
خاطِمَها زَأَمَّها أَن تَذْهبا، ... فَقُلْتُ: أَرْدِفْني، فَقَالَ: مَرْحَبا
أَراد زامَّها فَحَرَّكَ الْهَمْزَةَ ضَرُورَةً لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ،(12/272)
كَمَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ اسْوأَدَّتْ. وزُمِّمَ الجِمال، شَدَّدَ لِلْكَثْرَةِ؛ وَقَوْلُ أُمّ خَلَفٍ الخَثْعَمِيّة:
فليتَ سِماكِيّاً يَحارُ رَبابُه، ... يُقادُ إِلى أَهل الغَضَى بزِمامِ
إِنما أَرادت مِلْكَ الرِّيحِ السحابَ وَصَرْفَهَا إِياه. ابْنُ جَحْوَشٍ: حَتَّى كأَنَّ الرِّيحَ تَمْلِكُ هَذَا السَّحَابَ فَتَصْرِفُهُ بزمامٍ مِنْهَا، وَلَوْ أَسقطتْ قَوْلَهَا بزِمام لَنَقَصَ دُعَاؤُهَا لأَنها إِذا لَمْ تكُفَّه «3» ... أَمكنه أَن يَنْصَرِفَ إِلى غَيْرِ تِلْقاء أَهل الغَضى فَتَذْهَبُ شَرْقًا وَغَرْبًا وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْجِهَاتِ، وَلَيْسَ هُنَالِكَ زِمامٌ البَتَّةَ إِلّا ضربَ الزِّمام مَثَلًا لمِلْكِ الرِّيحِ إِياه، فَهُوَ مُسْتَعَارٌ إِذ الزِّمام الْمَعْرُوفُ مجسَّمٌ وَالرِّيحُ غَيْرُ مجسَّم. وزَمَّ الْبَعِيرُ بأَنفه زَمّاً إِذا رَفَعَ رأْسه مِنَ أَلَمٍ يَجِدُهُ. وزَمَّ برأْسه زَمّاً: رَفَعَهُ. وَالذِّئْبُ يأْخذ السَّخْلةَ فَيَحْمِلُهَا وَيَذْهَبُ بِهَا زَامًّا أَي رَافِعًا بِهَا رأْسه. وَفِي الصِّحَاحِ: فَذَهَبَ بِهَا زَامًّا رأْسه أَي رَافِعًا. يُقَالُ: زَمَّها الذِّئْبُ وازْدَمَّها بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: قَدِ ازْدَمَّ سَخْلَةً فَذَهَبَ بِهَا. وَيُقَالُ: ازْدَمَّ الشيءَ إِليه إِذا مدَّه إِليه. أَبو عُبَيْدٍ: الزَّمُّ فَعْلٌ مِنَ التَّقَدُّمِ، وَقَدْ زَمَّ يَزِمُّ إِذا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: إِذا تَقَدَّمَ فِي السَّيْرِ؛ وأَنشد:
أَن اخْضَرَّ أَو أَنْ زَمَّ بالأَنف بازِلُهْ «4»
. وزَمَّ الرجلُ بأَنفه إِذا شَمَخ وَتَكَبَّرَ فَهُوَ زَامٌّ. وزَمَّ وزامَّ وازْدَمَّ كُلُّهُ إِذا تَكَبَّرَ. وَقَوْمٌ زُمَّمٌ أَي شُمَّخٌ بأُنوفهم مِنَ الْكِبْرِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
إِذ بَذَخَتْ أَرْكانُ عِزّ فَدْغَمِ، ... ذِي شُرُفاتٍ دَوْسَرِيّ مِرْجَمِ،
شَدَّاخَةٍ تَقْدَحُ هَامَ الزُّمَّمِ
وَفِي شِعْرٍ: يَقْرَعُ، بالباء. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه تَلَا الْقُرْآنَ عَلَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَهُوَ زامٌّ لَا يَتَكَلَّمُ
أَي رَافِعٌ رأْسه لَا يُقْبِلُ عَلَيْهِ. والزَّمُّ: الْكِبْرُ؛ وَقَالَ الْحَرْبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: رَجُلٌ زامٌّ أَي فَزِعٌ. وزَمَّ بأَنفه يَزِمُّ زَمّاً: تَقَدَّمَ. وزَمَّت القربةُ زُموماً: امتلأَت. وَقَالُوا: لَا وَالَّذِي وَجْهِي زَمَمَ بيتِهِ مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا أَي قُبالتَه وتُجاهَه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا ظَرْفًا. وأَمْرُ بَنِي فُلَانٍ زَمَمٌ أَي هيِّن لَمْ يُجَاوِزِ القَدْرَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقِيلَ أَي قَصْدٌ كَمَا يُقَالُ أَمَمٌ. وأَمر زَمَمٌ وأَمَمٌ وصَدَدٌ أَي مُقَارِبٌ. وَدَارِي مِنْ دَارِهِ زَمَمٌ أَي قَرِيبٌ. والزُّمَّامُ، مُشَدَّدٌ: العُشبُ الْمُرْتَفِعُ عَنِ اللُّعاع. وإِزْمِيم: لَيْلَةٌ مِنْ لَيَالِي المِحاقِ. وإِزْمِيمٌ: مِنْ أَسماء الْهِلَالِ؛ حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ. التَّهْذِيبِ: والإِزْمِيمُ الْهِلَالُ إِذا دَقَّ فِي آخِرِ الشَّهْرِ واسْتَقْوس؛ قَالَ: وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ أَو غَيْرُهُ:
قَدْ أَقْطَعُ الخَرْقَ بالخَرْقاء لَاهِيَةً، ... كأَنما آلُها فِي الآلِ إِزْمِيمُ
شبَّه شَخْصَهَا فِيمَا شَخَصَ مِنَ الْآلِ بِالْهِلَالِ فِي آخِرِ الشَّهْرِ لضُمْرِها. وإِزْميم: مَوْضِعٌ. والزَّمْزَمَةُ: تَراطُنُ العُلوج عِنْدَ الأَكل وَهُمْ صُمُوت، لَا يَسْتَعْمِلُونَ اللِّسَانَ وَلَا الشَّفة فِي كَلَامِهِمْ، لَكِنَّهُ صَوْتٌ تُدِيرُهُ فِي خيَاشيمها وَحُلُوقِهَا فيَفْهم بعضُها عَنْ بَعْضٍ. والزَّمْزَمَة مِنَ الصَّدْرِ إِذا لَمْ يُفْصِح. وزَمْزَمَ العِلْجُ إِذا تَكَلَّفَ الْكَلَامَ عِنْدَ الأَكل وَهُوَ مُطْبِقٌ فَمَهُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الزَّمْزَمَةُ كلام
__________
(3) . كذا بياض بالأَصل
(4) . قوله [أَن اخضر] صدره كما في الأَساس:
خدب الشوى لم يعد في آل مخلف(12/273)
الْمَجُوسِ عِنْدَ أَكلهم. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَتَبَ إِلى أَحد عُمّالِهِ فِي أَمر الْمَجُوسِ: وانْهَهُم عَنِ الزمْزَمَة
؛ قَالَ: هُوَ كَلَامٌ يَقُولُونَهُ عِنْدَ أَكلهم بِصَوْتٍ خَفِيٍّ. وَفِي حَدِيثِ
قَباث بْنِ أَشْيَمَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا تَحَرَّكَ بِهِ لِسَانِي وَلَا تَزَمْزَمَتْ بِهِ شَفَتايَ
؛ الزَّمْزَمَةُ: صَوْتٌ خِفِيٌّ لَا يَكَادُ يُفهم. وَمِنْ أَمثالهم: حَوْلَ الصِّلِّيان الزَّمْزَمَةُ؛ والصِّلِّيانُ مِنْ أَفضل المَرْعى، يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَحُوم حَوْلَ الشَّيْءِ وَلَا يُظهر مَرامَه، وأَصل الزَّمْزَمة صَوْتُ المَجوسيّ وَقَدْ حَجا، يُقَالُ: زَمْزَمَ وزَهْزَمَ، وَالْمَعْنَى فِي الْمَثَلِ أَن مَا تَسْمَعُ مِنَ الأَصوات والجَلَب لِطَلَبِ مَا يُؤْكَلُ وَيُتَمَتَّعُ بِهِ. وزَمْزَمَ إِذا حَفِظَ الشَّيْءَ، والرَّعْدُ يُزَمْزِمُ ثُمَّ يُهَدْهِدُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَهِدُّ بَيْنَ السَّحْرِ والغَلاصِمِ ... هَدّاً كهَدِّ الرَّعْدِ ذِي الزِّمازِمِ
والزَّمْزَمَةُ: صَوْتُ الرَّعْدِ. ابْنُ سِيدَهْ: وزَمْزَمَةُ الرَّعْدِ تتابُعُ صَوْتِهِ، وَقِيلَ: هُوَ أَحسنه صَوْتًا وأَثْبَتُهُ مَطَرًا. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الزَّمْزَمَةُ مِنَ الرَّعْدِ مَا لَمْ يَعْلُ ويُفْصِح، وَسَحَابٌ زَمْزَامٌ. والزَّمْزَمَةُ: الصَّوْتُ الْبَعِيدُ تَسْمَعُ لَهُ دَوِيّاً. وَالْعُصْفُورُ يَزِمُّ بِصَوْتٍ لَهُ ضَعِيفٍ، وَالْعِظَامُ مِنَ الزَّنَابِيرِ يفعلْنَ ذَلِكَ. أَبو عُبَيْدٍ: وَفَرَسٌ مُزَمْزِمٌ فِي صَوْتِهِ إِذا كَانَ يُطَرِّبُ فِيهِ. وزَمازِمُ النَّارِ: أَصوات لَهَبِهَا؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
زَمازِمُ فَوَّار مِن النَّارِ شاصِب
وَالْعَرَبُ تَحْكِي عَزيف الْجِنِّ بِاللَّيْلِ فِي الفَلَواتِ بزيزِيم؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تُسْمَعُ لِلْجِنِّ بِهِ زِيزِيمَا
وزَمْزَمَ الأَسد: صوَّت. وتَزَمْزَمَتِ الإِبل: هَدَرَتْ. والزِّمْزِمة، بِالْكَسْرِ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: هِيَ الْخَمْسُونَ وَنَحْوُهَا مِنَ النَّاسِ والإِبل، وَقِيلَ: هِيَ الْجَمَاعَةُ مَا كَانَتْ كالصِّمْصِمَة، وَلَيْسَ أَحد الْحَرْفَيْنِ بَدَلًا مِنْ صَاحِبِهِ، لأَن الأَصمعي قَدْ أَثبتهما جَمِيعًا وَلَمْ يَجْعَلْ لأَحدهما مَزِيَّةً عَلَى صَاحِبِهِ، وَالْجَمْعُ زِمْزِمٌ؛ قَالَ:
إِذا تَدانى زِمْزِمٌ لزِمْزِمِ، ... مِنْ كُلِّ جَيْشٍ عَتِدٍ عَرَمْرَمِ
وحارَ مَوَّارُ العَجاج الأَقْتَمِ، ... نَضْرِبُ رأْس الأَبْلَجِ الغَشَمْشَمِ
وَفِي الصِّحَاحِ:
إِذا تَدانى زِمزِمٌ مِنْ زِمْزِمِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لأَبي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسي؛ وَفِيهِ:
مِنْ وَبِراتٍ هَبِراتِ الأَلْحُمِ
وَقَالَ سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ:
قَدْ صَبَّحَتْهُمْ مِنْ فارِسٍ عُصَبٌ، ... هِرْبِذُها مُعْلَمٌ وزِمْزِمُها
والزِّمزِمةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ السِّبَاعِ أَو الْجِنِّ. والزِّمْزِمُ والزِّمْزيمُ: الجماعة. والزِّمْزيمُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ الإِبل إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا صِغار؛ قَالَ نُصَيْبٌ:
يَعُلُّ بَنِيها المَحْض مِنْ بَكَرَاتها، ... وَلَمْ يُحْتَلَبْ زِمْزيمها المُتَجَرْثِمُ
وَيُقَالُ: مِائَةٌ مِنَ الإِبل زُمْزُومٌ مثل الجُرْجُور؛ وقال الشَّاعِرُ:
زُمْزُومُها جِلَّتها الكِبارُ(12/274)
وَمَاءٌ زَمْزَمٌ وزُمازِمٌ: كَثِيرٌ. وزَمْزَمُ، بِالْفَتْحِ: بِئْرٌ بِمَكَّةَ. ابْنُ الأَعرابي: هِيَ زَمْزَمُ وزَمَّمُ وزُمَزِمٌ، وَهِيَ الشُّباعةُ وهَزْمَةُ المَلَكِ ورَكْضَة جِبْرِيلَ لِبِئْرِ زَمْزَمَ الَّتِي عِنْدَ الْكَعْبَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لزَمْزَم اثْنَا عَشَرَ «1» اسْمًا: زَمْزَمُ، مَكْتُومَةُ، مَضْنُونَةُ، شُباعَةُ، سُقْيا، الرَّواءُ، رَكْضَةُ جِبْرِيلَ، هَزْمَةُ جِبْرِيلَ، شِفاء سُقْمٍ، طَعامُ طُعْمٍ، حَفيرة عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَيُقَالُ: مَاءٌ زَمْزَمٌ وزَمْزامٌ وزُوازِمٌ وزُوَزِمٌ إِذا كَانَ بَيْنَ المِلْحِ والعَذْبِ، وزَمْزَمٌ وزُوَزِمٌ؛ عَنِ ابْنِ خالوَيْهِ، وزَمْزامٌ؛ عَنِ الْقَزَّازِ، وَزَادَ: وزُمازِمٌ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ الزَّمْزامُ الْعَيْكَثُ «2» الرعَّادُ؛ وأَنشد:
سَقى أَثْلةً بالفِرْقِ فِرْقِ حَبَوْنَنٍ، ... مِنَ الصَّيْفِ، زَمْزامُ العَشِيِّ صَدُوقُ
وزَمْزَمٌ وعَيْطَلٌ: اسْمَانِ لِنَاقَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي اللَّامِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
باتَتْ تُبَارِي شَعْشَعاتٍ ذُبَّلا، ... فَهِيَ تُسَمَّى زَمْزماً وعَيْطلا
وزُمٌّ، بِالضَّمِّ: مَوْضِعٍ؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
كأَنَّ جيادَهُنَّ، برَعْنِ زُمٍّ، ... جَرادٌ قَدْ أَطاعَ لَهُ الوَراقُ
وَقَالَ الأَعشى:
ونَظْرَةَ عينٍ عَلَى غِرَّةٍ ... محلَّ الخَليطِ بصَحْراء زُمّ
يَقُولُ: مَا كَانَ هَوَاهَا إِلا عُقُوبَةً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ قَالَ ونظرةَ بِالنَّصْبِ فلأَنه مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْصُوبٍ فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ وَهُوَ:
وَمَا كَانَ ذَلِكَ إِلَّا الصَّبا، ... وإِلَّا عِقاب امْرِئٍ قَدْ أَثِمْ
قَالَ: وَمَنْ خَفَضَ النَّظْرَةَ، وَهِيَ رِوَايَةُ الأَصمعي، فَعَلَى مَعْنَى رُبَّ نظرةٍ. وَيُقَالُ: زُمٌّ بِئْرٌ بِحَفَائِرِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ. وأَنشد بَيْتُ أَوس بْنِ حَجَرٍ. التَّهْذِيبُ فِي النَّوَادِرِ: كَمْهَلْتُ الْمَالَ كَمْهَلَةً، وحَبْكَرْتُهُ حَبْكَرةً، ودَبْكَلْتُه دَبْكلةً، وحَبْحَبْتُه حَبْحَبَةً، وزَمْزَمْتُه زَمْزَمَةً، وصَرْصَرْته وكَرْكَرْتُه إِذا جَمَعْتَهُ وَرَدَدْتَ أَطراف مَا انْتَشَرَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ كَبْكَبْته.
زنم: زَنَمَتا الأُذن: هَنَتَانِ تَلِيَانِ الشَّحْمَةَ، وَتُقَابِلَانِ الوَتَرَةَ. وزَنَمَتا الفُوقِ وزُنْمتاه «3» . والأَول أَفصح: أَعلاه وَحَرْفَاهُ. الزَّنَمَتان: زَنَمَتا الفُوق، وَهُمَا شَرَجا الفُوق، وَهُمَا مَا أَشرف مِنْ حَرْفَيْهِ. والمُزَنَّمُ والمُزَلَّمُ: الَّذِي تُقْطَعُ أُذنه وَيُتْرَكُ لَهُ زَنَمَةٌ. وَيُقَالُ: المُزَلَّم والمُزَنَّمُ الْكَرِيمُ. والمُزَنَّمُ مِنَ الإِبل: الْمَقْطُوعُ طَرَفِ الأُذن؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وإِنما يُفْعَلُ ذَلِكَ بِالْكِرَامِ مِنْهَا؛ والتَّزْنيمُ: اسْمُ تِلْكَ السِّمَةِ اسْمٌ كالتَّنْبيت. الأَحمر: مِنَ السِّمات فِي قَطْعِ الْجِلْدِ الرَّعْلة، وَهُوَ أَن يُشَقَّ مِنَ الأُذن شَيْءٌ ثُمَّ يَتْرُكُ معلَّقاً، وَمِنْهَا الزَّنَمةُ، وَهُوَ أَن تَبِين تِلْكَ الْقِطْعَةُ مِنَ الأُذن، والمُفْضاة مِثْلُهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الزَّنَمَةُ شَيْءٌ يُقْطَعُ مِنْ أُذن الْبَعِيرِ فَيُتْرَكُ مُعَلَّقًا، وإِنما يُفْعَلُ ذَلِكَ بالكِرام مِنَ الإِبل. يُقَالُ: بَعِيرٌ زَنِمٌ وأَزْنَمُ ومُزَنَّم وَنَاقَةٌ زَنِمَةٌ وزَنْماء
__________
(1) . قوله [لزمزم اثنا عشر إِلخ] هكذا بالأَصل وبهامشه تجاهه ما نصه: كذا رأَيت انتهى. وذلك لأَن المعدود أَحد عشر
(2) . قوله [العيكث] كذا هو بالأَصل
(3) . قوله [وزنمتا الفوق وزنمتاه] كذا هو مضبوط في الأَصل بضم الزاي وسكون النون في الثاني، ومقتضى القاموس فتح الزاي(12/275)
ومُزَنَّمَةٌ. والزَّنَمُ: لُغَةٌ فِي الزَّلَمِ الَّذِي يَكُونُ خَلْفَ الظِّلْفِ، وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ: الضَّائِنَةُ الزَّنِمَةُ
أَي ذَاتُ الزَّنَمَةِ، وَهِيَ الْكَرِيمَةُ، لأَن الضأْن لَا زَنَمَةَ لَهَا وإِنما يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْمَعَزِ؛ قَالَ المُعَلَّى بْنُ حَمّال الْعَبْدِيُّ:
وَجَاءَتْ خُلْعَةٌ دُهْس صَفايا، ... يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوى زَنِيمُ
يُفَرِّقُ بَيْنَهَا صَدْعٌ رَباع، ... لَهُ ظَأْبٌ كَمَا صَخِبَ الغَريمُ
والخُلْعَةُ: خِيَارُ الْمَالِ. والزَّنِيمُ: الَّذِي لَهُ زَنَمَتان فِي حَلْقَةٍ، وَقِيلَ: المُزَنَّمُ صِغَارُ الإِبل، وَيُقَالُ: المُزَنَّمُ اسْمُ فَحْلٍ؛ وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:
فأَصْبَحَ يَجرِي فيهمُ، مِنْ تِلادِكُمْ، ... مَغانم شَتَّى مِنْ إِفالٍ مُزَنَّمِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ مِنْ بَابِ السِّمام المُزْعِف والحِجال المُسَجَّف لأَن مَعْنَى الْجَمَاعَةِ وَالْجَمْعِ سَوَاءٌ، فَحَمَلَ الصِّفَةَ عَلَى الْجَمْعِ، وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ إِفال المُزَنَّمِ، نَسَبَهُ إِليه كأَنه مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ
؛ قِيلَ: مَوْسُومٌ بِالشَّرِّ لأَن قَطْعَ الأُذن وَسْمٌ. وزَنَمَتا الشَّاةِ وزُنْمتها «4» : هَنَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِي حَلْقها تَحْتَ لِحْيتها، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْعَنْزَ، وَالنَّعْتُ أَزْنَمُ، والأُنْثى زَلْماء وزَنْماءُ؛ قَالَ ضَمْرَةُ بْنُ ضَمْرَةَ النَّهْشَليّ يَهْجُو الأَسود بْنَ مُنْذر بْنِ مَاءِ السَّمَاءِ أَخا النُّعْمان بْنِ المُنْذِرِ:
تَرَكْتَ بَنِي مَاءِ السماءِ وفِعْلَهُمْ، ... وأَشْبَهْتَ تَيْساً بالحِجازِ مُزَنَّما
ولَنْ أَذْكُرَ النُّعْمانَ إِلَّا بصالحٍ، ... فإِنَّ لَهُ عِنْدي يُدِيّاً وأَنْعُما
قَالَ: وَمِنْ كَلَامِ بَعْضِ فِتْيانِ الْعَرَبِ يَنْشُدُ عَنْزاً فِي الحَرَمِ: كأَنَّ زَنَمَتَيْها تَتْوا قُلَيْسِيَّة. اللَّيْثُ: وزَنَمتا الْعَنْزِ مِنَ الأُذن. والزَّنَمَةُ أَيضاً: اللَّحْمَةُ المُتَدَلِّيَةُ فِي الْحَلْقِ تُسَمَّى مَلَادَهْ «5» . والزَّنِيمُ: وَلَدُ العَيْهَرَةِ. والزَّنِيمُ أَيضاً: الْوَكِيلُ. والزُّنْمةُ: شَجَرَةٌ لَا وَرَقَ لَهَا كأَنها زُنْمةُ الشَّاةِ. والزَّنَمةُ: نَبْتَة سُهَيلية تَنْبُتُ عَلَى شَكْلِ زَنَمَةِ الأُذن، لها ورق وهي مِنْ شَرِّ النَّبَاتِ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الزَّنَمَةُ بَقْلة قَدْ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ، قَالَ: وَلَا أَحفظ لَهَا عَنْهُمْ صِفَةً. والأَزْنَمُ الجَذَعُ: الدَّهْرُ المعلَّق بِهِ الْبَلَايَا، وَقِيلَ: لأَن الْبَلَايَا مَنُوطةٌ بِهِ مُتَعَلِّقَةٌ تَابِعَةٌ لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ الْمَرِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَامَّةُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ زَلَمَ. وَيُقَالُ: أَوْدى بِهِ الأَزْلَمُ الجَذَعُ والأَزْنَمُ الجَذَعُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الدَّهْرَ:
أَفْنى القُرونَ وَهُوَ بَاقِي زَنَمَهْ
وأَصل الزَّنَمَةِ الْعَلَامَةُ. والزَّنِيمُ: الدَّعِيُّ. والمُزَنَّمُ: الدَّعيُّ؛ قَالَ:
ولكنَّ قَوْمي يَقْتنون المُزَنَّما
أَي يَسْتَعْبِدُونَهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُهُ فِي المُزَنَّمِ إِنه الدَّعِيُّ وإِنه صِغَارُ الإِبل بَاطِلٌ، إِنما المُزَنَّمُ مِنَ الإِبل الْكَرِيمُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ زَنَمةٌ عَلَامَةً لكَرَمِهِ،
__________
(4) . قوله [وزنمتها] كذا هو مضبوط في الأَصل بضم فسكون
(5) . قوله [تسمى ملاده] كذا هو في الأَصل(12/276)
وأَما الدَّعِيُّ فَهُوَ الزَّنِيمُ، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ
؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الزَّنِيمُ الدَّعِيُّ المُلْصَقُ بِالْقَوْمِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: الزَّنِيمُ الَّذِي يُعْرَفُ بِالشَّرِّ واللُّؤْم كَمَا تُعْرَفُ الشَّاةُ بزَنَمَتِها. والزَّنَمَتانِ: الْمُعَلَّقَتَانِ عِنْدَ حُلوق المِعْزَى، وَهُوَ الْعَبْدُ زُنْماً وزَنْمَةَ وزُنْمَةً وزَنَمَةً وزُنَمَةً أَي قَدُّه قَدُّ الْعَبْدِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الْعَبْدُ زُنْمَةً وزَنْمَةً وزَنَمَةً وزُنَمَةً أَي حَقّاً. والزَّنِيمُ والمُزَنَّمُ: المُسْتَلْحَقُ فِي قَوْمٍ لَيْسَ مِنْهُمْ لَا يَحْتَاجُ إِليه فكأَنه فِيهِمْ زَنَمَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ حَسَّان:
وأَنت زَنِيمٌ نِيطَ فِي آلِ هاشِمٍ، ... كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ القَدَحُ الفَرْدُ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للخَطِيم التَّمِيمِيِّ، جَاهِلِيٌّ:
زَنِيمٌ تَداعاه الرِّجالُ زِيادةً، ... كَمَا زِيدَ فِي عَرْضِ الأَدِيمِ الأَكارِعُ
وَجَدْتُ حَاشِيَةَ صُورَتِهَا: الأَعْرَفُ أَن هَذَا الْبَيْتَ لحَسَّان؛ قَالَ: وَفِي الْكَامِلِ لِلْمُبَرِّدِ رَوَى
أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ أَن نافِعاً سأَل ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ
: مَا الزَّنِيمُ؟ قَالَ: هُوَ الدَّعِيُّ المُلْزَقُ، أَما سَمِعْتَ قَوْلُ حَسَّان بْنِ ثَابِتٍ:
زَنِيمٌ تَداعاه الرِّجالُ زِيادةً، ... كَمَا زِيدَ فِي عَرْضِ الأَدِيمِ الأَكارِعُ
وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
الزَّنِيمُ وَهُوَ الدَّعِيُّ فِي النَّسَب
؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ:
بِنْتُ نَبيٍّ لَيْسَ بالزَّنِيمِ
وزُنّيْمٌ وأَزْنَمُ: بَطْنَانِ مِنْ بَنِي يَرْبوعٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وأَزْنَمُ بَطْنٌ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ؛ وَقَالَ العَوَّامُ بْنُ شَوْذَبٍ الشَّيْبانيّ:
فَلَوْ أَنَّها عُصْفُورَةٌ لَحَسِبْتُها ... مُسَوَّمَةً تَدْعُو عُبَيْداً وأَزْنَمَا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: بَنُو أَزْنَمَ بْنِ عُبَيْد بْنِ ثَعْلبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ، والإِبل الأَزْنَمِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِليهم؛ وأَنشد:
يَتْبَعْنَ قَيْنَيْ أَزْنَمِيٍّ شَرْجَبِ، ... لَا ضَرَع السِّنِّ وَلَمْ يُثَلَّبِ
يَقُولُ: هَذِهِ الإِبل تَرْكَبُ قَيْنَيْ هَذَا الْبَعِيرِ لأَنه قُدَّام الإِبل. وابن الزُّنَيْمِ، عَلَى لَفْظِ التَّصْغِيرِ: من شعرائهم.
زنكم: الزَّنْكَمَةُ: الزَّكْمَةُ.
زهم: الزُّهُومَةُ: رِيحُ لَحْمٍ سَمِينٍ مُنْتِنٍ. وَلَحْمٌ زَهِمٌ: ذُو زُهُومة. الْجَوْهَرِيُّ: الزُّهُومةُ، بِالضَّمِّ، الرِّيحُ الْمُنْتِنَةُ. والزَّهَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ زَهِمَتْ يَدِي، بِالْكَسْرِ، مِنَ الزُّهومةِ، فَهِيَ زَهِمَةٌ أَي دَسِمَةٌ. والزَّهِمُ: السَّمِينُ. وَفِي حَدِيثِ
يأْجوج ومأْجوج: وتَجْأَى الأَرضُ مِنْ زَهَمِهِمْ
؛ أَراد أَن الأَرض تُنْتِنُ مِنْ جِيَفِهِم. وَوَجَدْتُ مِنْهُ زُهُومةً أَي تَغَيُّراً. والزُّهْمُ: الرِّيحُ الْمُنْتِنَةُ. وَالشَّحْمُ يُسَمَّى زُهْماً إِذا كَانَ فِيهِ زُهُومةٌ مِثْلُ شَحْمِ الوحْشِ. قَالَ الأَزهري: الزُّهومةُ عِنْدَ الْعَرَبِ كَرَاهَةُ رِيحٍ بِلَا نَتْنٍ أَو تَغَيُّرٍ، وَذَلِكَ مِثْلُ رَائِحَةِ لحمٍ غَثٍّ أَو رَائِحَةِ لَحْمِ سَبُعٍ أَو سمكةٍ سَهِكَةٍ مِنْ سَمَكِ الْبِحَارِ، وأَما سَمَكُ الأَنهار فَلَا زُهُومة لَهَا. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ: زَهِمْتُ زُهْمَةً وخَضِمْتُ خُضْمَةً وغَذِمْتُ غُذْمةً بِمَعْنَى لَقِمْتُ لُقْمَة؛ وَقَالَ:(12/277)
تَمَلَّئي مِنْ ذَلِكَ الصَّفِيحِ، ... ثُمَّ ازْهَمِيهِ زَهْمَةً فَرُوحِي
قَالَ الأَزهري: وَرَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ:
أَلا ازْحَمِيهِ زَحْمَةً فَرُوحي
عَاقَبَتِ الْحَاءُ الْهَاءَ. والزُّهْمَةُ، بِالضَّمِّ: الشَّحْمُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ الْكَلْبَ:
يَذْكُرُ زُهْمَ الكَفَل المَشْروحا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَي يَتَذَكَّرُ شَحْمَ الكفَلِ عِنْدَ تَشرِيحه، قَالَ: وَلَمْ يَصِفْ كَلْبًا كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ وإِنما وَصَفَ صَائِدًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ لَقِيَ وَحْشاً؛ وَقَبْلَهُ:
لاقَتْ تَمِيماً سَامِعًا لَمُوحَا، ... صاحبَ أَقْناص بِهَا مَشْبوحَا
وَمِنْ هَذَا يُقَالُ لِلسَّمِينِ زَهِمٌ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ شَحْم النَّعَامِ وَالْخَيْلِ. والزُّهْمُ والزَّهَمُ: شَحْمُ الْوَحْشِ مِنْ غَيْرِ أَن يَكُونَ فِيهِ زُهُومة، وَلَكِنَّهُ اسْمٌ لَهُ خَاصٌّ، وَقِيلَ: الزُّهْمُ لِمَا لَا يَجْتَرُّ مِنَ الْوَحْشِ، والوَدَكُ لِمَا اجْتَرَّ، والدَّسَمُ لِمَا أَنبتت الأَرضُ كالسِّمْسِمِ وَغَيْرِهِ. وزَهِمَتْ يدُه زَهَماً، فَهِيَ زَهِمَةٌ: صَارَتْ فِيهَا رَائِحَةُ الشَّحْمِ. والزَّهَمُ: بَاقِي الشَّحْمِ فِي الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا. والزَّهِمُ: الَّذِي فِيهِ بَاقِي طِرْقٍ، وَقِيلَ: هُوَ السَّمِينُ الْكَثِيرُ الشَّحْمِ؛ قَالَ زُهَيْرٍ:
القائدُ الخَيْلَ، مَنْكوباً دَوابِرُها، ... مِنْهَا الشَّنُونُ، وَمِنْهَا الزاهِقُ الزَّهِمُ
وزَهَمَ العَظمُ وأَزْهَمَ: أَمَخَّ. والزُّهْمُ: الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الزَّباد مِنْ تَحْتِ ذَنَبه فِيمَا بَيْنَ الدُّبُر والمَبالِ. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ بَيْنَهُمَا مُزاهمةٌ أَي عَدَاوَةٌ ومُحاكَّةٌ. والمُزاهَمة: القُرْب. ابْنُ سِيدَهْ: والمُزاهَمَةُ المُقاربةُ وَالْمُدَانَاةُ فِي السَّيْرِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وأَزْهَمَ الأَربعين أَو الْخَمْسِينَ أَو غَيْرَهَا مِنْ هَذِهِ العُقود: قَرُبَ مِنْهَا وَدَانَاهَا، وَقِيلَ: دَانَاهَا ولَمّا يَبْلُغْها. ابْنُ الأَعرابي: زاحَمَ الأَربعين وزاهَمَها، وَفِي النَّوَادِرِ: زَهَمْتُ فُلَانًا عَنْ كَذَا وَكَذَا أَي زَجَرْتُهُ عَنْهُ. أَبو عَمْرٍو: جَمَلٌ مُزاهِمٌ. والمُزاهِمَةُ: الفُرُوط العَجِلةُ لَا يَكَادُ يَدْنُو مِنْهُ فَرَسٌ إِذا جُنِبَ إِليه، وَقَدْ زاهَمَ مُزاهَمَةً وأَزْهَمَ إِزهاماً؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
مُسْتَرْعِفات بخدَبٍّ عَيْهام، ... مُرَوْدَكِ الخَلْقِ دِرَفْسٍ مِسْعام،
للسَّابِق التَّالي قليلِ الإِزْهام
أَي لَا يَكَادُ يَدْنُو مِنْهُ الْفَرَسُ الْمَجْنُوبُ لِسُرْعَتِهِ؛ قَالَ: والمُزاهِمُ الَّذِي لَيْسَ مِنْكَ بِبَعِيدٍ وَلَا قَرِيبٍ؛ وَقَالَ:
غَرْبُ النَّوَى أَمْسى لَهَا مُزاهِما، ... مِنْ بَعْدِ مَا كَانَ لَهَا مُلازِمَا
فالمُزاهِمُ: المُفارق هَاهُنَا؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
حَمَلَتْ بِهِ سَهواً فَزاهَمَ أَنْفَهُ، ... عِنْدَ النِّكاح، فَصِيلُها بمَضِيقِ
والمُزاهَمَةُ: المُداناة، مأْخوذ مِنْ شَمِّ رِيحِهِ. وزَهْمان وزُهْمان: اسْمُ كَلْبٍ؛ عَنِ الرِّياشِيِّ. وَمِنْ أَمثالهم: فِي بَطْنِ زَهْمان زادُهُ؛ يُقَالُ ذَلِكَ إِذا اقْتَسَمَ قَوْمٌ مَالًا أَو جَزُوراً فأَعطوا رَجُلًا مِنْهَا حَظَّه
أَو أَكل مَعَهُمْ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ أَطْعِموني، أَي قَدْ أَكلت وأَخذتَ حَظَّكَ، وَقِيلَ: يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يُدْعَى إِلى الْغَدَاءِ وَهُوَ شَبْعَانُ، قَالَ: وَرَجُلٌ زُهمانيٌ(12/278)
إِذا كَانَ شَبْعَانَ؛ وَقَالَ ابْنُ كَثْوَةَ: يُضْرَبُ هَذَا المَثَلُ لِلرَّجُلِ يَطْلب الشَّيْءَ وَقَدْ أَخذ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَن رَجُلًا نَحَرَ جَزوراً فأَعطى زَهْمانَ نَصِيبًا، ثُمَّ إِنه عَادَ ليأْخذ مَعَ النَّاسِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الجَزُور هَذَا. وزُهام وزُهْمان: موضعان.
زهدم: الزَّهْدَمُ وزَهْدَمٌ: الصَّقْرُ، وَيُقَالُ فَرْخُ الْبَازِي، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. وزَهْدَمٌ: اسْمٌ. والزَّهْدَمانِ: زهْدَمٌ وكَرْدَمٌ. وزَهْدَمُ: اسْمُ فَرَسٍ، وفارِسُه يُقَالُ لَهُ: فارسُ زَهْدَم. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: زَهْدَم اسْمٌ لِفُرْسٍ لسُحَيْم بْنِ وَثِيلٍ؛ وَفِيهِ يَقُولُ ابْنُهُ جَابِرٌ:
أَقول لَهُمْ بالشِّعْبِ، إِذْ يَيْسِرُونَني: ... أَلم تَعْلَموا أَني ابنُ فارِسِ زَهْدَمِ؟
والزَّهدمانِ: أَخوان مِنْ بَنِي عبسٍ؛ قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: هُمَا زَهْدَمٌ وَقَيْسٌ ابْنا حَزْنِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عُوَيْر بْنِ رَواحة بْنِ رَبِيعةَ بن مازِنِ بن الحَرِثِ بْنِ قُطَيْعَةَ بْنِ عَبْس بْنِ بَغِيضٍ، وَهُمَا اللَّذَانِ أَدركا حاجِبَ بْنَ زُرارَةَ يَوْمَ جَبَلَةَ ليَأْسِراه فغَلَبَهُما عَلَيْهِ مَالِكٌ ذُو الرُّقَيْبَةِ القُشَيْرِيّ؛ وَفِيهِمَا يَقُولُ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ:
جَزاني الزَّهْدَمانِ جَزاءَ سَوْءٍ، ... وكُنْتُ المَرْءَ يُجْزى بالكَرامَهْ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُمَا زَهْدَمٌ وكَرْدَمٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الزَّهْدَمانِ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ ابْنا جَزْءٍ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: ابْنَا حَزْنٍ. وزَهْدَمٌ: مِنْ أَسماء الأَسد.
زهزم: الزَّهْزَمَةُ: الصَّوْتُ مِثْلُ الزَّمْزَمَةِ؛ قَالَ الأَعشى: لَهُ زَهْزَمٌ كالغَنِّ.
زوم: ابْنُ الأَعرابي: زامَ الرجلُ إِذا مَاتَ. والزَّويمُ: الْمُجْتَمَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
زيم: الزيِّمةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الإِبل أَقلها البعيرانِ والثلاثةُ وأَكثرها الخمسةَ عَشَرَ وَنَحْوُهَا. وتَزَيَّمَت الإِبلُ وَالدَّوَابُّ: تَفَرَّقَتْ فَصَارَتْ زِيَماً؛ قَالَ:
وأَصبحتْ بعاشِمٍ وأَعْشَما، ... تَمْنَعُها الكَثْرَةُ أَن تَزَيَّما
وَلَحْمٌ زِيَمٌ: مُتَعَضِّلٌ مُتَفَرِّقٌ لَيْسَ بِمُجْتَمَعٍ فِي مَكَانٍ فيَبْدُنَ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
قَدْ عُولِيَتْ، فَهِيَ مَرْفُوع جَواشِنُها ... عَلَى قَوائِمَ عوجٍ، لَحْمُهَا زِيَمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَرَكْرَكَةٌ ذَاتُ لَحْمٍ زِيَمْ
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ زِيَمٌ ضيِّق؛ وأَنشد لِلنَّابِغَةِ:
باتَتْ ثَلاثَ ليالٍ ثُمَّ وَاحِدَةً، ... بِذِي المَجازِ، تُراعي مَنْزِلًا زِيَما
وتَزَيَّمَ: صَارَ زِيَماً، وَقِيلَ فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ مَنْزِلًا زِيَماً أَي مُتَفَرِّقَ النَّبَاتِ، وَقِيلَ: أَراد تَتَفَرَّقُ عَنْهُ النَّاسُ، وأَراد بِثَلَاثِ ليالٍ أَيام التَّشْريق ثُمَّ نَفَرَت وَاحِدَةٌ إِلى ذِي المَجازِ؛ قَالَ السِّيرَافِيُّ: أَصله فِي اللَّحْمِ فَاسْتَعَارَهُ؛ وَفِي خُطْبَةِ الْحَجَّاجِ:
هَذَا أَوانُ الحَرْبِ فاشْتَدّي زِيَمْ
قَالَ: هُوَ اسْمُ نَاقَةٍ أَو فَرَسٍ وَهُوَ يُخَاطِبُهَا يأْمرها بالعَدْوِ، وَحَرْفُ النِّدَاءِ مَحْذُوفٌ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:(12/279)
سُمْرُ العُجاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصى زِيَماً، ... لم يَقِهِنَّ رؤوسَ الأُكْمِ تَنْعِيلُ
الزِّيَمُ: الْمُتَفَرِّقُ، يَصِفُ شِدَّةَ وَطْئِهَا أَنه يُفَرِّقُ الحَصى. وزِيَمُ: اسْمُ فَرَسِ جَابِرِ بْنِ حُنَيْنٍ «1» ؛ قَالَ: وإِياها عَنَى الرَّاجِزُ بِقَوْلِهِ:
هَذَا أَوانُ الشَّدِّ فَاشْتَدِّي زِيَمْ
الْجَوْهَرِيُّ: زِيَمُ اسْمُ فَرَسٍ لَا يَنْصَرِفُ لِلْمَعْرِفَةِ والتأْنيث. وزِيَم: مُتَفَرِّقَةٌ. والزِّيَمُ: الْغَارَةُ كأَنه يُخَاطِبُهَا. وَمَرَرْتُ بِمَنَازِلَ زِيَمٍ أَي مُتَفَرِّقَةٍ. وَبَعِيرٌ أَزْيَمُ: لَا يَرْغُو. والأَزْيَمُ: جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ. الأَحمر: بَعِيرٌ أَزْيَمُ وأَسْجَمُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَرْغُو. قَالَ شَمِرٌ: الَّذِي سَمِعْتُ بَعِيرٌ أَزْجَمُ، بِالزَّايِ وَالْجِيمِ، قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ الأَزْيَمِ والأَزْجَم إِلَّا تَحْوِيلُ الْيَاءِ جِيمًا، وَهِيَ لُغَةٌ فِي تَمِيمٍ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ وأَنشدنا أَبو جَعْفَرٍ الهُذَيْمِيّ وَكَانَ عَالِمًا:
مِنْ كلِّ أَزْيَمَ شائِكٍ أَنْيابه، ... ومُقَصِّفٍ بالهَدْرِ كَيْفَ يَصُولُ
وَيُرْوَى: مِنْ كُلِّ أَزْجَمَ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ الْجِيمَ مَكَانَ الْيَاءِ لأَن مَخْرَجَيْهِمَا مِنْ شَجْرِ الْفَمِ، وشَجْرُ الْفَمِ الْهَوَاءُ، وَخَرْقُ الْفَمِ الَّذِي بَيْنَ الحَنَكَين. ابْنُ الأَعرابي: الزِّيزيمُ صَوْتُ الْجِنِّ بِاللَّيْلِ. قَالَ: وَمِيمُ زِيزِيمٍ مِثْلُ دَالِ زَيْدٍ يَجْرِي عَلَيْهَا الإِعراب؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تَسْمَعُ للجِنِّ بِهَا زِيزيما
زيغم: التَّهْذِيبِ: يُقَالُ لِلْعَيْنِ العَذْبة عَيْنٌ عَيْهَم، وَلِلْعَيْنِ الْمَالِحَةِ عَيْنٌ زَيْغَمٌ.
فصل السين المهملة
سأم: سَئِمَ الشيءَ وسَئِمَ مِنْهُ وسَئِمْتُ مِنْهُ أَسْأَمُ سَأَماً وسَأْمَةً وسَآماً وسَآمةً: مَلَّ؛ وَرَجُلٌ سَؤُومٌ وَقَدْ أَسْأَمَهُ هُوَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ لَا يَسْأَمُ حَتَّى تَسْأَمُوا.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مِثْلَ قَوْلِهِ
لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا
، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ. والسآمةُ: المَلَلُ والضَّجَرُ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: زَوْجي كَلَيْلِ تِهامة لَا قُرٌّ وَلَا سَآمة
أَي أَنه طَلْقٌ معتدِل فِي خُلُوِّه مِنْ أَنواع الأَذى وَالْمَكْرُوهِ بِالْحَرِّ وَالْبَرْدِ والضَّجَر أَي لَا يَضْجَرُ مِنِّي فَيَمَلّ صُحْبَتِي. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَن الْيَهُودَ دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّأْمُ عَلَيْكَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: عَلَيْكُمُ السَّأْمُ والذَّأْمُ وَاللَّعْنَةُ
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ مَهْمُوزًا مِنَ السَّأْم، وَمَعْنَاهُ أَنكم تَسْأَمون دِينكم، وَالْمَشْهُورُ فِيهِ تَرْكُ الْهَمْزِ وَيَعْنُونَ بِهِ الْمَوْتَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَاللَّهُ أَعلم.
سأسم: السَّأْسَمُ: شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا الشِّيزُ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: هُوَ السَّاسَمُ، غَيْرُ مهموز، وسنذكره.
ستهم: الْجَوْهَرِيُّ: السُّتْهُمُ الأَسْتَهُ، والميم زائدة.
سجم: سَجَمَتِ الْعَيْنُ الدَّمْعَ والسحابةُ الْمَاءَ تَسْجِمُه وتَسْجُمُه سَجْماً وسُجُوماً وسَجَماناً: وَهُوَ قَطَران الدَّمْعِ وسَيَلانه، قَلِيلًا كَانَ أَو كَثِيرًا، وكذلك الساجِمُ مِنَ الْمَطَرِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ دَمْعٌ ساجِمٌ. وَدَمْعٌ مَسْجوم: سَجَمَتْه الْعَيْنُ سَجْماً، وقد أَسْجَمَه وسَجَّمَه. والسَّجَمُ: الدَّمْعُ. وأَعْيُنٌ سُجُومٌ: سَواجِمُ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ الإِبل بِكَثْرَةِ أَلبانها:
ذَوارِفُ عَيْنَيْها مِنَ الحَفْلِ بالضُّحى، ... سُجُومٌ كتَنْضاح الشِّنان المُشَرَّبِ
__________
(1) . قوله [ابن حنين] هكذا في الأَصل، والذي في القاموس: ابن حبي(12/280)
وَكَذَلِكَ عَيْنٌ سَجُوم وَسَحَابٌ سَجُوم. وانْسَجَمَ الماءُ وَالدَّمْعُ، فَهُوَ مُنْسَجِمٌ إِذا انْسَجَمَ أَي انْصَبَّ. وسَجَّمَتِ السَّحَابَةُ مَطَرَهَا تَسْجِيماً وتَسْجاماً إِذا صَبَّتْه؛ قَالَ:
دَائِمًا تَسجامها «1»
وَفِي شِعْرِ أَبي بَكْرٍ: فدَمْعُ الْعَيْنِ أَهْوَنُه سِجامُ سَجَمَ العينُ والدمعُ الماءَ يَسْجُمُ سُجُوماً وسِجاماً إِذا سَالَ وانْسَجَمَ. وأَسْجَمَتِ السَّحَابَةُ: دَامَ مَطَرُهَا كأَثجَمَتْ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَرض مَسْجومة أَي مَمْطُورَةٌ. وأَسْجَمَتِ السماءُ: صَبَّت مِثْلَ أَثْجَمَتْ. والأَسْجَمُ: الْجَمَلُ الَّذِي لَا يَرْغُو. وَبَعِيرٌ أَسْجَم: لَا يَرْغُو، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي زَيْمٍ. والسَّجَمُ: شَجَرٌ لَهُ وَرَقٌ طَوِيلٌ مُؤَلَّلُ الأَطرافِ ذُو عَرْضٍ تشبَّه بِهِ المَعابِلُ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ وَعِلًا:
حَتَّى أُتِيحَ لَهُ رامٍ بِمُحْدَلَةٍ ... جَشْءٍ، وبِيضٍ نَواحِيهِنَّ كالسَّجَم
وَقِيلَ: السَّجَمُ هُنَا مَاءُ السَّمَاءِ، شَبّه الرِّمَاحَ فِي بَيَاضِهَا بِهِ. والسَّاجُوم: صِبْغٌ. وَسَاجُومٌ والسَّاجوم: مَوْضِعٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كَسَا مُزْبِدَ السَّاجومِ وَشْياً مُصَوَّرا
سحم: السَّحَمُ والسُّحام والسُّحْمَةُ: السَّوَادُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: السّحْمَةُ سَوَادٌ كَلَوْنِ الْغُرَابِ الأَسْحَمِ، وَكُلُّ أَسود أَسْحَمُ. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
إِن جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَحْتَمَ
؛ هُوَ الأَسود. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: وَعِنْدَهُ امرأَة سَحْماء
أَي سَوْدَاءُ، وَقَدْ سُمِّيَ بِهَا النِّسَاءُ، وَمِنْهُ شَرِيكُ بْنُ سَحْماء صَاحِبُ اللَّعَّانِ؛ ونَصِيٌّ أَسْحَمُ إِذا كَانَ كَذَلِكَ، وَهُوَ مِمَّا تبالِغُ بِهِ الْعَرَبُ فِي صِفَةِ النَّصِيّ، كَمَا يَقُولُونَ صِلِّيانٌ جَعْدٌ وبُهْمَى صَمْعاء، فَيُبَالِغُونَ بِهِمَا، والسَّحْماء: الِاسْتُ لِلَوْنِهَا؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَذُبُّ بسَحْماوَيْنِ لَمْ تَتَفَلَّلا، ... وحَا الذِّئْبِ عَنْ طَفْلٍ مَناسمُهُ مُخْلي
ثُمَّ فَسَّرَهُمَا فَقَالَ: السَّحْماوان هُمَا القَرْنانِ، وأَنث عَلَى مَعْنَى الصِّيصِيَتَيْنِ كأَنه يَقُولُ بصِيصِيَتَينِ سَحْماوَيْنِ، وَوَحَا الذِّئْبُ: صَوْتُهُ؛ والطَّفْلُ: الظَّبْيُ الرَّخْصُ، والمَناسِم للإِبلِ فَاسْتَعَارَهُ لِلظَّبْيِ، ومُخْلٍ: أَصاب خَلاءً، والإِسْحِمانُ: الشَّدِيدُ الأُدْمَةِ «2» . والسَّحَمَةُ: كَلأَ يُشْبِهُ السَّخْبَرَة أَبيض يَنْبُتُ فِي البِراقِ والإِكامِ بِنَجْدٍ، وَلَيْسَتْ بعُشبٍ وَلَا شَجَرٍ، وَهِيَ أَقرب إِلى الطَّريفة والصِّلِّيانِ، وَالْجَمْعُ سَحَمٌ؛ قَالَ:
وصِلِّيانٍ وحَلِيٍّ وسَحَمْ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّحَمُ يَنْبُتُ نَبْتَ النَّصيِّ والصِّلِّيان والعَنْكَثِ إِلا أَنه يَطُولُ فَوْقَهَا فِي السَّمَاءِ، وَرُبَّمَا كَانَ طولُ السَّحَمَةِ طولَ الرجل وأَضخم، والسَّحَمَةُ
__________
(1) . قوله [دائماً تسجامها] قطعة من بيت للبيد وأَورده الصاغاني بتمامه وهو:
بَاتَتْ وأَسبل وَاكِفٌ مِنْ دِيمَةٍ ... يَرْوِي الْخَمَائِلَ دَائِمًا تسجامها
(2) . قوله [والإِسحمان الشديد الأَدمة] كذا هو مضبوط في المحكم بالكسر في الهمزة والحاء، وضبطه شارح القاموس في المستدركات بضمهما(12/281)
أَغلَظها أَصلًا؛ قَالَ:
أَلا ازْحَمِيهِ زَحْمَةً فَرُوحي، ... وجاوِزِي ذَا السَّحَمِ المَجْلُوحِ
وَقَالَ طَرَفة:
خَيرُ مَا تَرْعَونَ مِنْ شَجَرٍ ... يابِسُ الحَلْفاءِ أَو سَحَمهْ
ابْنُ السِّكِّيتِ: السَّحَمُ والصُّفار نَبْتَانِ؛ وأَنشد لِلنَّابِغَةِ:
إِن العُرَيْمَةَ مانِعٌ أَرْماحُنا، ... مَا كَانَ مِنْ سَحَمٍ بِهَا وصُفارِ
والسَّحْماءِ مِثْلُهُ. وَبَنُو سَحْمَةَ: حَيٌّ. والأُسْحُمانُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ؛ قَالَ:
وَلَا يَزالُ الأُسْحُمانُ الأَسْحَمُ ... تُلْقَى الدَّواهِي حَوْلَهُ، ويَسْلَمُ
وإِسْحِمان والإِسْحِمان: جَبَلٌ بِعَيْنِهِ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْحَاءِ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَزَعَمَ أَبو الْعَبَّاسِ أَنه الأُسْحُمان، بِالضَّمِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خَطَأٌ إِنما الأُسْحُمانُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: الإِسْحِمانُ الأَسود «1» ، وَهَذَا خطأٌ لأَن الأَسود إِنما هُوَ الأَسْحَمُ؛ الْجَوْهَرِيُّ: الأَسْحَمُ فِي قَوْلِ زُهَيْرٍ:
نَجاءٌ مُجِدّ، لَيْس فِيهِ وَتِيرَةٌ، ... وتَذْبِيبُها عَنْهُ بأَسْحَمَ مِذْوَدِ
بقَرْنٍ أَسْود؛ وَفِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:
عَفا آيَهُ صَوْبُ الجَنُوبِ مَعَ الصَّبَا، ... بأَسْحَمَ دانٍ، مُزْنُهُ مُتَصَوِّبُ «2»
. هُوَ السَّحَابُ، وَقِيلَ: السَّحَابُ الأَسود. وَيُقَالُ لِلسَّحَابَةِ السَّوْدَاءِ سَحْماء؛ والأَسْحَمُ فِي قَوْلِ الأَعشى:
رَضيعَيْ لِبانِ ثَدْيِ أُمٍّ، تَحالَفَا ... بأَسْحَمَ داجٍ: عَوْضُ لَا نَتَفَرَّقُ
يُقَالُ: الدَّمُ تُغْمَسُ فِيهِ الْيَدُ عِنْدَ التَّحَالُفِ، وَيُقَالُ: بالرَّحِمِ، وَيُقَالُ: بِسَوَادِ حَلَمَة الثَّدْيِ، وَيُقَالُ: بِزِقِّ الْخَمْرِ، وَيُقَالُ: هُوَ اللَّيْلُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ احْمِلْني وسُحَيْماً
؛ هُوَ تَصْغِيرُ أَسْحَمَ وأَرادَ بِهِ الزِّقَّ لأَنه أَسود، وأَوهمه أَنه اسْمُ رَجُلٍ. ابْنُ الأَعرابي: أَسْحَمَتِ السَّمَاءُ وأَثْجَمَتْ صَبَّتْ مَاءَهَا. ابْنُ الأَعرابي: السَّحَمَةُ الكُتْلَةُ مِنَ الْحَدِيدِ، وَجَمَعَهَا سَحَمٌ؛ وأَنشد لطَرَفَة فِي صِفَةِ الْخَيْلِ:
مُنْعَلات بالسَّحَمْ
قَالَ: والسُّحُمُ مَطارِقُ الحَدَّاد. وسُحامٌ: مَوْضِعٌ. وسُحَيمٌ وسُحامٌ: مِنْ أَسماء الْكِلَابِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَتَقَصَّدَتْ مِنْهَا كَسابِ، فضُرِّجَتْ ... بِدَمٍ، وغُودِرَ فِي المَكَرِّ سُحامُها
سخم: السَّخَمُ: مَصْدَرُ «3» السَّخِيمَةِ، والسَّخِيمةُ الحِقْدُ والضَّغِينةُ والمَوْجِدةُ فِي النَّفْسِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ اسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي
، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
نَعُوذُ بِكَ مِنَ السَّخِيمَةِ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الأَحْنَفِ: تَهادَوْا تَذْهَبِ الإِحَنُ والسَّخائِمُ
أَي الحُقُودُ، وَهِيَ جَمْعُ سَخِيمةٍ. وَفِي حَدِيثِ:
مَنْ سَلَ
__________
(1) . قوله [وقيل الإِسحمان الأَسود إِلخ] هكذا في المحكم مضبوطاً
(2) . قوله [صوب الجنوب] الذي في التكملة ريح الجنوب، وقوله [بأسحم] هكذا هو في الجوهري وفي ديوان زُهير وقال الصاغاني: صوابه وأَسحم، بالواو، ورفع أَسحم عطفاً على ريح
(3) . قوله [السخم مصدر] هكذا هو مضبوط في الأَصل بالتحريك، وفي نسخة المحكم بالفتح(12/282)
سَخِيمَتَهُ عَلَى طَرِيقٍ مِنْ طُرُق الْمُسْلِمِينَ لَعَنَهُ اللَّهُ
، يَعْنِي الْغَائِطَ والنَّجْوَ. وَرَجُلٌ مُسَخَّم: ذُو سَخِيمَة، وَقَدْ سَخَّمَ بِصَدْرِهِ. والسُّخْمَةُ: الْغَضَبُ، وَقَدْ تَسَخَّمَ عَلَيْهِ. والسُّخامُ مِنَ الشَّعَرِ وَالرِّيشِ وَالْقُطْنِ والخَزِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ: اللَّيِّنُ الحَسَن؛ قَالَ يَصِفُ الثَّلْجَ:
كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ، ... قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرّجَزُ لجَنْدَل بْنِ المُثَنَّى الطُّهَويّ، وَصَوَابُهُ يَصِفُ سَراباً لأَن قَبْلَهُ:
والآلُ فِي كلِّ مَرادٍ هَوْجَلِ
شَبَّهَ الْآلَ بِالْقُطْنِ لِبَيَاضِهِ، والأَنجل: الْوَاسِعُ، وَيُقَالُ: هُوَ مِنَ السَّوَادِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ رِيشِ الطَّائِرِ مَا كَانَ لَيِّناً تَحْتَ الرِّيشِ الأَعلى؛ وَاحِدَتُهُ سُخامَةٌ، بِالْهَاءِ. وَيُقَالُ: هَذَا ثَوْبٌ سُخامُ المَسِّ إِذا كَانَ لَيِّنَ المَسِّ مِثْلَ الخَزِّ. وَرِيشٌ سُخامٌ أَي لَيِّنُ الْمَسِّ رَقِيقٌ، وَقُطْنٌ سُخامٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ السَّوَادِ؛ وَقَوْلُ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
رَأَى دُرَّةً بَيْضاءَ يُحْفِلُ لَونَها ... سُخامٌ، كغِرْبانِ البَرِيرِ، مُقَصَّبُ
السخامُ: كُلُّ شَيْءٍ ليِّن مِنْ صُوفٍ أَو قُطْنٍ أَو غَيْرِهِمَا، وأَراد بِهِ شِعْرَهَا. وخَمْر سُخامٌ وسُخامِيَّةٌ: لَيِّنَةٌ سَلِسةٌ؛ قَالَ الأَعشى:
فبِتُّ كأَني شارِبٌ، بَعْدَ هَجْعَةٍ، ... سُخامِيَّةً حَمْراءَ تُحْسَبُ عَنْدَما
قَالَ الأَصمعي: لَا أَدري إِلى أَيّ شَيْءٍ نُسِبَتْ؛ وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: هُوَ مِنَ الْمَنْسُوبِ إِلى نَفْسِهِ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: شرابٌ سُخامٌ وَطَعَامٌ سُخامٌ لَيِّنٌ مُسْتَرْسل، وَقِيلَ: السُّخام مِنَ الشَّعَر الأَسودُ، والسُّخامِيّ مِنَ الْخَمْرِ الَّذِي يَضْرِبُ إِلى السَّوَادِ، والأَول أَعلى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ لَا يُقَالُ لِلْخَمْرِ إِلَّا سُخامِيَّة؛ قَالَ عَوْفُ بْنُ الخَرِعِ:
كأَني اصْطَبَحْتُ سُخامِيَّةً، ... تَفَشَّأُ بالمَرْءِ صِرْفاً عُقارا
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: السَّخِيمُ الْمَاءُ الَّذِي لَيْسَ بحارٍّ وَلَا بَارِدٍ؛ وأَنشد لِحَمْلِ بْنِ حارث المُحارِبيّ:
إِن سَخِيمَ الْمَاءِ لَنْ يَضِيرا، ... فَاعْلَمْ، وَلَا الحازِر، إِلَّا البُورا
والسُّخْمَةُ: السَّوَادُ. والأَسْخَمُ: الأَسود. وَقَدْ سَخَّمْتُ بِصَدْرِ فُلَانٍ إِذا أَغضبته وَسَلَلْتُ سَخِيمَتَهُ بِالْقَوْلِ اللَّطِيفِ والتَّرَضِّي. والسُّخامُ، بِالضَّمِّ: سَوَادُ القِدْر. وَقَدْ سَخَّمَ وجهَه أَي سَوَّدَهُ. والسُّخامُ: الفَحْمُ. والسَّخَم: السَّوَادُ. وَرَوَى
الأَصمعي عَنْ مُعْتَمِرٍ قَالَ: لَقِيتُ حِمْيَرِيّاً آخَرَ فَقُلْتُ مَا مَعَكَ؟ قَالَ: سُخامٌ
؛ قَالَ: والسُّخامُ الْفَحْمُ، وَمِنْهُ قِيلَ: سَخَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَي سَوَّدَهُ. وَرُوِيَ
عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه، فِي شَاهِدِ الزُّور: يُسَخَّم وَجْهُهُ
أَي يسوَّد. ابْنُ الأَعرابي: سَخَّمْتُ الْمَاءَ وأَوْغَرْتُه إِذا سخنته.
سدم: السَّدَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّدَمُ والحُزْنُ. والسَّدَمُ: الهَمُّ، وَقِيلَ: هَمٌّ مَعَ نَدَمٍ، وَقِيلَ: غَيْظٌ مَعَ حُزْنٍ، وَقَدْ سَدِمَ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ سادِمٌ وسَدْمان. تَقُولُ: رأَيته سادِماً نادِماً، ورأَيته سَدْمان نَدْمان، وَقَلَّمَا يُفْرَدُ السَّدَمُ مِنَ النَّدَمِ، وَرَجُلٌ سَدِمٌ نَدِمٌ. ابْنُ الأَنباري فِي(12/283)
قَوْلِهِمْ رَجُلٌ سادمٌ نادِمٌ: قَالَ قَوْمٌ السادِمُ مَعْنَاهُ الْمُتَغَيِّرُ الْعَقْلِ مِنَ الغَمّ، وأَصله مِنْ قَوْلِهِمْ مَاءٌ سُدُمٌ. وَمِيَاهٌ سُدْمٌ وأَسْدامٌ إِذا كَانَتْ مُتَغَيِّرَةً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَواجِنُ أَسْدامٌ وبعضٌ مُعَوَّرٌ
وَقَالَ قَوْمٌ: السادِمُ الْحَزِينُ الَّذِي لَا يُطِيقُ ذَهاباً وَلَا مَجيئاً، مِنْ قَوْلِهِمْ بَعِيرٌ مُسَدَّمٌ إِذا مُنع عَنِ الضِّراب وَمَا لَهُ هَمٌّ وَلَا سَدَمٌ إِلَّا ذَاكَ. والسَّدَمُ: الحِرْصُ. والسَّدَمُ: اللَّهَجُ بِالشَّيْءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّه وسَدَمَهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ
؛ السَّدَمُ: الْوَلُوعُ بِالشَّيْءِ واللَّهَجُ بِهِ. وفحل سَدَمٌ وسَدِمٌ مَسْدوم ومُسَدَّمٌ: هَائِجٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُرْسَلُ فِي الإِبل فَيَهْدِرُ بَيْنَهَا، فإِذا ضَبَعَتْ أُخْرِجَ عَنْهَا اسْتِهْجَانًا لنَسْله، وَقِيلَ: المَسْدُومُ والمُسَدَّمُ المَمْنوع مِنَ الضِّرَابِ بأَيّ وَجْهٍ كَانَ. والمُسَدَّمُ: مِنْ فَحَوْلِ الإِبل. والسَّدِمُ: الَّذِي يُرْغَبُ عَنْ فِحْلَتِهِ فَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُلّافهِ ويُقَيَّدُ إِذا هَاجَ، فَيَرْعَى حوالَي الدَّارِ، وإِن صَالَ جُعِلَ لَهُ حِجامٌ يَمْنَعُهُ عَنْ فَتْحِ فَمِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ:
قَطَعْتَ الدَّهْرَ، كالسَّدِمِ المُعَنَّى، ... تُهَدِّرُ، فِي دِمَشْقَ، وَمَا تَريمُ
وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وكلُّ رَباعٍ، أَو سَديسٍ مُسَدَّمٍ ... يَمُدُّ بِذِفْرى حُرَّةٍ وجِرانِ
وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا دَبِرَ ظَهْرُهُ فأُعْفِيَ مِنَ القَتَبِ حَتَّى صَلُحَ دَبَرُهُ مُسَدَّمٌ أَيضاً؛ وإِياه عَنَى الكُمَيْتُ بِقَوْلِهِ:
قَدْ أَصْبَحَتْ بِكَ أَحْفاضِي مُسَدَّمَةً، ... زُهْراً بِلَا دَبَرٍ فِيهَا، وَلَا نَقَبِ
أَي أَرَحْتَها مِنَ التَّعَبِ فابْيَضَّتْ ظُهُورُهَا ودَبَرُها وَصَلُحَتْ. والأَحْفاضُ: جَمْعُ حَفَضٍ وَهُوَ الْبَعِيرُ الَّذِي يَحْمَلُ عَلَيْهِ خُرْثِيُّ الْمَتَاعِ وسَقَطُه. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: بَعِيرٌ سَدِمٌ وعاشِق سَدِمٌ إِذا كَانَ شَدِيدَ الْعِشْقِ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الهَرِمَةِ: سَدِمَةٌ وسَدِرَةٌ وسادَّةٌ وكافَّةٌ. الجوهري: والسَّدِمُ الفحل القِطْيَمُّ الهائج؛ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ: كالسَّدِم المُعَنَّى؛ وَرَجُلٌ سَدِمٌ أَي مُغْتاظ. وفَنِيقٌ مُسَدَّمٌ: جَعَلَ عَلَى فَمِهِ الكِعامُ. والسَّديمُ: الضَّبابُ الرَّقِيقُ؛ قَالَ:
وَقَدْ حالَ رُكْنٌ مِنْ أُحامِرَ دونَهُ، ... كأَنَّ ذُراهُ جُلِّلَتْ بسَديمٍ
وسَدَمَ البابَ: ردَّه «1» ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَدْ سَطَمْتُ الْبَابَ وسَدَمْتُهُ إِذا رَدَدْتُهُ، فَهُوَ مَسْطومٌ ومَسْدومٌ. وَمَاءٌ سَدَمٌ «2» وسَدِمٌ وسُدُمٌ وسُدُومٌ وسَدومٌ: مُنْدَفِقٌ، وَالْجَمْعُ أَسْدام وسِدام، وَقَدْ قِيلَ: الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. ومُسَدَّمٌ: كسَدِمٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وكائِنْ تَخَطَّتْ نَاقَتِي مِنْ مَفازَةٍ ... إِليك، وَمِنْ أَحْواضِ مَاءٍ مُسَدَّمِ
وَقَوْلُهُ:
ورَّاد أَسْمالِ المِياهِ السُّدْمِ، ... فِي أُخْرَيَاتِ الغَبَشِ المِغَمِ
__________
(1) . قوله [وسدم الباب رده] هكذا في الأَصل والمحكم، والذي في التهذيب والتكملة والقاموس: ردمه، وصوب شارحه ما في المحكم
(2) . قوله [وماء سدم إِلخ] هذه عبارة المحكم، وليس فيها الرابع وهو سدوم بالضم بل هو في الأَصل فقط مضبوط بهذا الضبط، وقد ذكره شارح القاموس أَيضاً في المستدركات وضبطه بالضم(12/284)
يَكُونُ جَمْعُ سَدُومٍ كَرَسُول ورُسْل، والأَصل فِيهِ التَّثْقِيلُ. ورَكِيَّةٌ سُدْمٌ وسُدُمٌ مِثْلَ عُسْرٍ وعُسُرٍ إِذا ادَّفَنَتْ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
يَشْرَبْنَ مِنْ ماوانَ مَاءً مُرّا، ... وَمِنْ سَنامٍ مثْلَهُ، أَو شَرّا،
سُدْمَ المَساقي المُرْخِيات صُفْرا
قَالَ: وَمِثْلُهُ فِي السُّدْمِ مَا أَنشده الْفَرَّاءُ:
إِذا مَا المِياهُ السُّدْمُ آضَتْ كأَنها، ... مِنَ الأَجْنِ، حِنَّاءٌ مَعاً وصَبِيبُ
وَقَالَ الأَخطل:
حَبَسُوا المَطِيَّ عَلَى قليلٍ عَهْدُهُ ... طامٍ يَعِينُ، وَغَائِرٍ مَسْدُوم
والسَّدِيمُ: التَّعَب. والسَّدِيم: السَّدر. والسَّديمُ: الْمَاءُ المُنْدِفق. والسَّديمُ: الْكَثِيرُ الذِّكْرِ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
لَا يَذْكرون اللَّهَ إِلَّا سَدْما
قَالَ اللَّيْثُ: مَاءٌ سُدُمٌ وَهُوَ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الأَقْمِشَة والجَوْلانُ حَتَّى يَكَادَ يَنْدَفِنُ، وَقَدْ سَدَمَ يَسْدُمُ. وَيُقَالُ: مَنْهَلٌ سَدُوم فِي مَوْضِعٍ سُدُمٍ؛ وأَنشد:
ومَنْهَلًا ورَدْته سَدُوما
وسَدُومُ، بِفَتْحِ السِّينِ: مَدِينَةٌ بحِمْص، وَيُقَالُ لِقَاضِيهَا: قَاضِي سَدُومَ، وَيُقَالُ: هِيَ مَدِينَةٌ مِنْ مَدَائِنِ قَوْمِ لُوطٍ كَانَ قَاضِيهَا يُقَالُ لَهُ سَدُوم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَذَلِكَ قَومُ لوطٍ حِينَ أَمْسَوْا ... كعَصْفٍ، فِي سَدُومِهِمُ، رَميمِ
الأَزهري: قَالَ أَبو حَاتِمٍ فِي كِتَابِ المُزال والمُفْسَد إِنما هُوَ سَذُوم، بالذال المعجمة، قال: وَالدَّالُ خطأٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنه سَذُوم، بالذال المعجمة، قال وَالْمَشْهُورُ بِالدَّالِ؛ قَالَ: وَكَذَا روي بيت عمرو ابن دَرَّاكٍ الْعَبْدِيِّ:
وإِني، إِنْ قَطَعْتُ حِبال قَيْسٍ، ... وخالَفْتُ المُرُونَ عَلَى تَميمِ
«1» ، لأَعْظَمُ فَجْرَةً مِنْ أَبِي رِغالٍ، ... وأَجْوَرُ فِي الحُكومة مِنْ سَدُومِ
قَالَ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن تَحْذِفَ مُضَافًا تَقْدِيرُهُ مِنْ أَهل سَدُوم، وَهُمْ قَوْمُ لُوطٍ فِيهِمْ مَدِينَتَانِ وَهُمَا سَدُوم وعاموراءُ أَهلكهما اللَّهُ فِيمَا أَهلكه، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَن يَكُونَ سَدُوم اسْمُ رَجُلٍ، قَالَ: وَكَذَا نَقَلَ أَهل الأَخبار، قَالُوا: كَانَ سَدُوم مَلِكاً فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِاسْمِهِ، وَكَانَ مِنْ أَجور الْمُلُوكِ؛ وأَنشد ابْنُ حَمْزَةَ بَيْتَيْ عَمْرِو بْنِ درّاكٍ وَالْبَيْتُ الثَّانِي:
لأَخْسَرُ صَفْقَةً مِنْ شيخٍ مَهْوٍ، ... وأَجْوَرُ فِي الحُكومة مِنْ سَدُومِ
وَنَسَبَهُمَا إِلى ابْنِ دَارَةَ، قَالَهُمَا فِي وَقْعَةِ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو القم «2» .
سذم: الأَزهري: أُهملت السِّينُ مَعَ التَّاءِ وَالذَّالِ وَالظَّاءِ فَلَمْ يُسْتَعْمَلْ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِهَا شَيْءٌ فِي مُصاص كَلَامِ الْعَرَبِ، وأَما قَوْلُهُمْ: هَذَا قَضَاءُ سَذُوم، بالذال، فَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ إِنه أَعجمي، وَكَذَلِكَ البُسَّذُ لِهَذَا الْجَوْهَرِ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَكَذَلِكَ السَّبَذَةُ فارسي.
__________
(1) . قوله [وخالفت المرون] هكذا هو بالأَصل
(2) . قوله [عمرو القم] هكذا هو بالأصل(12/285)
سرم: رَوَى الأَزهري
عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه سَمِعَ أَعرابيّاً يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي ضِرْساً طَحوناً ومَعِدَةً هَضُوماً وسُرْماً نَثُوراً
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السُّرْمُ أُمُّ سُوَيْدٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ: السُّرْمُ بَاطِنُ طَرَفِ الخَوْرانِ. الْجَوْهَرِيُّ: السُّرْمُ مَخْرَجُ الثُّفْل وَهُوَ طرَف المِعى الْمُسْتَقِيمِ، كَلِمَةٌ مولَّدة، وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لَا يَذْهَبُ أَمر هَذِهِ الأُمة إِلا عَلَى رَجُلٍ وَاسِعِ السُّرْم ضَخْمُ البُلعُومِ
؛ السُرْمُ: الدُبرُ، والبُلعُومُ: الْحَلْقُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرِيدُ رَجُلًا عَظِيمًا شَدِيدًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ إِذا اسْتَعْظَمُوا الأَمر وَاسْتَصْغَرُوا فَاعِلَهُ: إِنما يَفْعَلُ هَذَا مِنْ هُوَ أَوسَعُ سُرْماً مِنْكَ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ أَنه كَثِيرُ التَّبْذير والإِسراف فِي الأَموال وَالدِّمَاءِ، فَوَصَفَهُ بِسِعَةِ المَدْخل والمَخْرج. ابْنُ سِيدَهْ: السُّرْمُ حَرْفُ الخَوران، وَالْجَمْعُ أَسْرامٌ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الحَذْلَمِيّ:
فِي عَطَنٍ أَكْرَسَ مِنْ أَسْرامِها
وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ ذَوَاتَ البَراثِنِ مِنَ السِّبَاعِ. ابْنُ الأَعرابي: السَّرَمُ وَجَعُ العَوَّاء وَهُوَ الدُّبُرُ. وَجَاءَتِ الإِبل مُتَسَرِّمَةً أَي مُتَقَطِّعَةً. وغُرَّةٌ مُتَسَرِّمَةٌ: غَلُظَتْ مِنْ مَوْضِعٍ ودَقَّتْ من آخر. والسُّرْمانُ: ضَرْبٌ مِنَ الزَّنَابِيرِ أَصفر وأَسود ومُجَزَّعٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: صُفْرٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُجَزَّعٌ بِحُمْرَةٍ وَصُفْرَةٍ وَهُوَ مِنْ أَخبثها، وَمِنْهَا سُودٌ عِظام، وَقِيلَ: السِّرْمانُ الْعَظِيمُ مِنَ اليَعاسِيب، وَالضَّمُّ لُغَةٌ. والسِّرْمان: دُوَيْبَّة كالحَجَل. اللَّيْثُ: السَّرْمُ ضَرْبٌ مِنْ زَجْرِ الْكِلَابِ، يُقَالُ: سَرْماً سَرْماً إِذا هيجته.
سرجم: السَّرْجَمُ: الطَّوِيلُ مِثْلُ السَّلْجَمِ.
سرطم: السَّرْطَمُ: الطويل؛ قَالَ عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ:
كربَاعٍ لاحَهُ تَعْداؤه، ... سَبِطٍ أَكْرُعُهُ، فِيهِ طَرَقْ،
أَصْمَعِ الكَعْبَيْنِ، مَهْضومِ الحَشى، ... سَرْطَمِ اللَّحْيَيْنِ، مَعّاجٍ تَئِقْ
وَرَجُلٌ سرْطَمٌ وسُرْطوم وسُراطِمٌ: طَوِيلٌ. والسَّرْطَمُ: الْبُلْعُومُ لِسِعَتِهِ. والسَّرْطَم والسِّرْطِمُ: الْوَاسِعُ الْحَلْقِ السَّرِيعُ البَلْعِ، وَقِيلَ: الْكَثِيرُ الِابْتِلَاعِ مَعَ جِسْمٍ وخَلْقٍ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَبْتَلِعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ ثُلَاثِيٌّ عِنْدَ الْخَلِيلِ. والسِّرْطِمُ: البَيِّنُ الأَقوال مِنَ الرِّجَالِ فِي كَلَامِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَبْتَلِعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سَرْطٍ لأَن بَعْضَهُمْ يجعل الميم زائدة.
سسم: السَّاسَمُ، بِالْفَتْحِ: شَجَرٌ أَسود.
وَفِي وَصِيَّتِهِ لِعَيَّاشِ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ: والأَسود البَهِيم كأَنه مِنْ ساسَمٍ
؛ قِيلَ: هُوَ شَجَرٌ أَسود، وقيل: هو الآبَنُوس. قال أَبو حَاتِمٍ: والساسَمُ، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، شَجَرٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ السهامُ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
إِذا شَاءَ طالَعَ مَسْجُورَةً، ... تَرى حَوْلَها النَّبْعَ والسَّاسَما
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ مِنْ شَجَرِ الْجِبَالِ وَهُوَ مِنَ العُتُق الَّتِي يُتَّخَذُ مِنْهَا القِسِيُّ، قَالَ: وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنه الْآبَنُوسُ، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الشِّيزُ، قال: وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ يَصْلُحُ للقِسِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: السَّاسَمُ شَجَرَةٌ تُسَوَّى مِنْهَا الشِّيزى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ناهَبْتها القومَ عَلَى صُنْتُعٍ ... أَجْرَبَ، كالقِدْح من السَّاسَم(12/286)
سطم: سَطَمَ البابَ: رَدَّهُ كَسَدَمَهُ. والسَّطْم والسِّطامُ: حَدّ السَّيْفِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْعَرَبُ سِطامُ الناس
أَي هُمْ فِي شَوْكَتِهِمْ وحِدَّتهم كَالْحَدِّ مِنَ السَّيْفِ. وسُطُمَّةُ الْبَحْرِ والحسَب وأُسْطُمَّتُهُ وأُسْطُمهُ: وَسَطُهُ وَمُجْتَمَعُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وصَلْتُ مِنْ حَنْظَلةَ الأُسْطُمَّا «3»
. وَرُوِيَ الأُصْطُمَّا، بِالصَّادِّ، بِمَعْنَاهُ، وَالْجَمْعُ الأَساطِمُ، والأُطْسُمَّةُ مِثْلُهُ، عَلَى الْقَلْبِ، قَالَ: وَتَمِيمٌ تَقُولُ أَساتِم، تُعَاقِبُ بَيْنَ الطَّاءِ وَالتَّاءِ فِيهِ. والأُسْطُمُّ: مُجْتَمَعُ الْبَحْرِ. وأُسْطُمَّةُ كُلِّ شَيْءٍ: مُعْظَمُهُ. وَهُوَ فِي أُسْطُمَّةِ قَوْمِهِ أَي فِي سِرِّهم وَخِيَارِهِمْ؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وَقِيلَ: فِي وَسَطِهِمْ وأَشرافهم، وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ إِذا كَانَ وَسَطًا فِيهِمْ مُصاصاً. والإِسطامُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من قضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخيه فَلَا يأْخُذَنَّه فإِنما أَقْطَعُ لَهُ سِطاماً مِنَ النَّارِ
أَي قِطْعَةٌ مِنْهَا، وَيُرْوَى
إِسْطاماً
، وَهُمَا الْحَدِيدَةُ الَّتِي تُحَرَّكُ بِهَا النَّارُ وتُسْعَرُ أَي أَقطع لَهُ مَا يُسْعِرُ بِهِ النارَ عَلَى نَفْسِهِ ويُشْعِلُها، أَو أَقْطعُ لَهُ نَارًا مُسَعَّرَة، وَتَقْدِيرُهُ: ذَاتُ إِسْطامٍ؛ قَالَ الأَزهري: مَا أَدْري أَعَجَمِيَّةٌ هِيَ أَم أَعجمية عُرّبَتْ «4» ، وَيُقَالُ لِلْحَدِيدَةِ الَّتِي تُحْرَثُ بِهَا النَّارُ سِطامٌ وإِسْطامٌ إِذا فُطِح طَرَفُهَا. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِسَدَادِ القِنِّينَة العِذامُ «5» . والسِّطامُ والعِفاصُ والصِّمادُ والصِّبار. ابْنُ الأَعرابي: السُّطُمُ الأُصول. وَيُقَالُ للدَّرَوَنْد: سِطام. وَقَدْ سَطَمْتُ الْبَابَ وسَدَمْتُه إِذا رَدَدْتُهُ، فَهُوَ مَسْطوم ومَسْدُوم.
سعم: السَّعْمُ: سُرْعَةُ السَّيْرِ وَالتَّمَادِي فِيهِ. سَعَمَ يَسْعَمُ سَعْماً: أَسرع فِي سَيْرِهِ وتَمادَى؛ قَالَ:
قلتُ، ولمَّا أَدْرِ ما أَسْماوُهُ: ... سَعْمُ المَهارَى والسُّرى دَواوُهُ «6»
. وَنَاقَةٌ سَعُومٌ؛ وَقَالَ:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّةً سَعُوما
قَوْلُهُ نَظَّاريَّة إِبل مَنْسُوبَةٌ إِلى بَنِي النَّظَّارِ قَوْمٌ مِنْ عُكلٍ، وَقِيلَ: السَّعْمُ ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
غَيَّرَ خِلّيك الإِداوَى والنَّجَمْ، ... وطولُ تَخْوِيدِ المَطيّ والسَّعَمْ
حَرَّك الْعَيْنَ مِنَ السَّعْمِ لِلضَّرُورَةِ، وَكَذَلِكَ فِي النَّجْمِ، وَرَوَاهُ الْمَازِنِيُّ والنَّجُمْ عَلَى النَّقْلِ لِلْوَقْفِ، وَرَوَاهُ قَوْمٌ النُّجُمْ عَلَى أَنه جَمْعُ نَجْم كَسَحْلٍ وسُحُلٍ، وقرأَ بَعْضُهُمْ:
وبالنُّجُمِ هُمْ يَهْتدون
، وَهِيَ قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ هَذَا رَجُلٌ مُسَافِرٌ مَعَهُ إِداوَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَهُوَ يَنْظُرُ كَمْ بَقِيَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ وَيَنْظُرُ إِلى النَّجْم لِئَلَّا يَضِلَّ. وَنَاقَةٌ سَعُوم: بَاقِيَةٌ عَلَى السِّيَرِ، وَالْجَمْعُ سُعُمٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنَ هَذَا قَوْلُ أَبَّاقٍ الدُّبَيْرِيِّ:
وهُنَّ، مَا لَمْ يَخْفِضِ السِّياطا، ... يَسْعَمْنَ سَعْماً يَتْرُكُ الْآبَاطَا
تَزْدادُ مِنْهُ الغُضُنُ انْبِساطا
__________
(3) . قوله [وصلت من حنظلة] كذا في الجوهري، وتقدم في مادة وس ط: وسطت من حنظلة
(4) . قوله [أَعجمية هِيَ أَم أَعجمية عربت] هكذا هو بالأصل والنهاية، والذي في نسخة التهذيب التي بأَيدينا: أَعربية محضة أَو معربة
(5) . قوله [العذام] كذا هو في الأَصل والتهذيب
(6) . قوله [أَسماوه] كذا هو بالأصل والمحكم بواو غير مهموزة فيه وفي قوله دواوه(12/287)
يريد الغُضُون. وسَعَمَه وسَعَّمَه: غذاه. وسَعَّمَ إِبله: أَرعاها. والمُسَعَّمُ: الحَسَنُ الغِذاء، وَالْغَيْنُ الْمُعْجَمَةُ لغة.
سعرم: رَجُلٌ سُعارِمُ اللِّحْيَةِ: ضخمها.
سغم: سَغَمَ الرجلَ يَسْغَمُه سَغْماً: أَوصل إِلى قَلْبِهِ الأَذى وَبَالَغَ فِي أَذاه. وسَغَّمَ الرجلَ: أَحسن غِذَاءَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: سَغَّمْتُ الطينَ مَاءً والطعامَ دُهْناً رَوَّيته وَبَالَغْتُ فِي ذَلِكَ؛ الْمُحْكَمِ: وَكَذَلِكَ سَغَّم الزرعَ بِالْمَاءِ والمصباحَ بِالزَّيْتِ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
تَسْمَعُ الرَّعْدَ فِي المُخِيلةِ مِنْهَا، ... مِثْلَ هَزْمِ القُرُومِ فِي الأَشْوالِ
وتَرَى البَرْقَ عارِضاً مُسْتَطِيلًا، ... مَرَجَ البُلْقِ جُلْنَ فِي الأَجْلالِ
أَو مَصابيح راهبٍ فِي يَفاعٍ، ... سَغَّمَ الزيتَ، ساطعاتِ الذُّبالِ
أَراد: سَغَّمَ بِالزَّيْتِ، فَحَذَفَ الجارَّ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عدَّاها إِلى مَفْعُولَيْنِ حَيْثُ كَانَ فِي مَعْنَى سَقَّاها، وسَغَّمَ الرجلُ إِبله: أَطعَمَها وجَرَّعها. وسَغَّمَ فَصِيلَهُ إِذا سَمَّنه. والمُسَغَّمُ: الحسَنُ الْغِذَاءِ مِثْلَ المُخَرْفَج. وَيُقَالُ لِلْغُلَامِ الْمُمْتَلِئِ البَدَنِ نَعْمَةً: مُفَنَّقٌ ومُفَتَّقٌ ومُسَغَّمٌ ومُثَدَّنٌ. اللَّيْثُ: فُلَانٌ يُسَغِّمُ فُلَانًا؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
وَيْلٌ لَهُ، إِن لَمْ تُصِبْه سِلْتِمُهْ ... مِنْ جُرَعِ الغَيْظ الَّذِي تُسَغِّمُهْ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُسَغِّمُهُ يُرَبِّيه. ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِ الأَلفاظ: يُقَالُ رَغْماً لَهُ دَغْماً سَغْماً، قَالَ: كُلُّهُ تَوْكِيدٌ للرغْم، بِغَيْرِ واوٍ جَاءَ بِهِ، وَقَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ: التَّعْسُ أَن يخِرَّ عَلَى وَجْهِهِ والنَّكْس أَن يخِرَّ عَلَى رأْسه، والتَّعْسُ الْهَلَاكُ، وَيُقَالُ: تَعِس وانْتَكَسَ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رغْماً له ودَغْماً وسَغْماً، بِالْوَاوِ. وفَعَل ذَلِكَ عَلَى رَغْمِهِ وسَغْمِه. وسَغَمَ الرجلُ جَارَيْتَهُ: جَامَعَهَا. والسَّغْمُ: كأَنه رَجُلٌ لَا يُحِبُّ أَن يُنْزلَ فِي المرأَة فيُدْخله الإِدْخالَة ثم يُخْرِجه.
سفم: سَيْفَمٌ: اسْمُ بَلَدٍ «1» ... ولد.
سقم: السَّقامُ والسُّقْمُ والسَّقَمُ: المَرَض، لُغَاتٌ مِثْلَ حُزْنٍ وحَزَنٍ، وَقَدْ سَقِمَ وسَقُمَ سُقْماً وسَقَماً وسَقاماً وسَقامَةً يَسْقُمُ، فَهُوَ سَقِم وسَقِيمٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالْجَمْعُ سِقامٌ جاؤوا بِهِ عَلَى فِعالٍ، يَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ إِلى الإِشعار بأَنه كُسِّر تَكْسِيرَ فاعِلٍ، وأَسْقَمَهُ الدَّاءُ. وَقَالَ إِبراهيم، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِيمَا قصَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: إِنِّي سَقِيمٌ
؛ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: مَعْنَاهُ إِني طَعِينٌ أَي أَصابه الطَّاعُونُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِني سأَسْقُمُ فِيمَا أَستقبل إِذا حَانَ الأَجلُ، وَهَذَا مِنْ مَعَارِضِ الْكَلَامِ، كَمَا قَالَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ؛ الْمَعْنَى إِنك سَتَمُوت وإِنهم سَيَمُوتُونَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ إِنه اسْتَدَلَّ بِالنَّظَرِ فِي النُّجُومِ عَلَى وَقْتِ حمَّى كَانَتْ تأْتيه، وَكَانَ زَمَانُهُ زَمَانَ نُجومٍ، فَلِذَلِكَ نُظِرَ فِيهَا، وَقِيلَ إِن مَلِكَهُمْ أَرسل إِليه أَن غَداً عِيدُنا فاخْرُجْ مَعَنَا، فأَراد التَّخَلُّف عَنْهُمْ، فَنَظَرَ إِلى نَجْمٍ فَقَالَ: إِن هَذَا النَّجْمَ لَمْ يَطْلُعْ قَطُّ إِلا أَسْقُمُ، وَقِيلَ: قال أَراد إِنِّي سَقِيمٌ
بِمَا أَرى مِنْ عِبَادَتِكُمْ غَيْرَ اللَّهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالصَّحِيحُ أَنها إِحدى كَذَباتِهِ الثَّلَاثِ، وَالثَّانِيَةُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ، وَالثَّالِثَةُ عَنْ زَوْجَتِهِ سارةَ إِنها أُخْتِي، وكلُّها كانت
__________
(1) . كذا بياض بالأصل(12/288)
فِي ذَاتِ اللَّهِ ومُكابَدَةً عن دينه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والمِسقام: كالسَّقِيمِ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ السُّقْم، والأُنثى مِسْقام أَيضاً؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وأَسْقَمَه الله وسَقَّمَه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
هامَ الفُؤادُ بِذكْراها وخامرَها، ... مِنْهَا عَلَى عُدَواء الدَّارِ، تَسْقِيمُ
وأَسْقَمَ الرجُلُ: سَقِمَ أَهْلُه. والسَّقامُ وسَقامٌ: وادٍ بِالْحِجَازِ؛ قَالَ أَبو خِراشٍ الهُذَليُّ:
أَمْسى سَقامٌ خَلاءً لَا أَنيسَ بِهِ ... إِلا السِّباعُ، ومَرُّ الرِّيحِ بالغُرَفِ
وَيُرْوَى: إِلا الثُّمامُ، وأَبو عَمْرٍو يَرْفَعُ إِلا الثمامُ، وَغَيْرُهُ يَنْصِبُهُ. والسَّوْقَمُ: شَجَرٌ يُشَبِّهُ الخِلافَ وَلَيْسَ بِهِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّوْقَمُ شَجَرٌ عِظَامٌ مِثْلُ الأَثأَبِ سَوَاءً، غَيْرَ أَنه أَطول طُولًا مِنَ الأَثْأَبِ وأَقل عَرْضًا مِنْهُ، وَلَهُ ثَمَرَةٌ مِثْلَ التِّينِ، وإِذا كَانَ أَخضر فإِنما هُوَ حَجَرٌ صَلابةً، فإِذا أَدرك اصْفَرَّ شَيْئًا ولانَ وحَلا حَلاوَةً شَدِيدَةً، وَهُوَ طَيِّبُ الرِّيحِ يُتَهادى.
سكم: السَّكْمُ: تَقارُبُ الخَطْو فِي ضَعْفٍ، سَكَمَ يَسْكُمُ سَكْماً. وسَيْكِمُ: اسْمُ امرأَة مِنْهُ. التَّهْذِيبِ: ابْنُ دُرَيْدٍ السَّكْمُ فِعْلٌ مُماتٌ. والسَّيْكَمُ: الَّذِي يُقَارِبُ خَطْوُهُ فِي ضعف.
سلم: السَّلامُ والسَّلامَةُ: الْبَرَاءَةُ. وتَسَلَّمَ مِنْهُ: تَبَرَّأَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: السَّلامة الْعَافِيَةُ، والسَّلامةُ شَجَرَةٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً
، مَعْنَاهُ تَسَلُّماً وَبَرَاءَةً لَا خَيْرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ولا شر، وليس على السَّلام المُسْتَعْمَل فِي التحيَّة لأَن الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ وَلَمْ يُؤْمَرِ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ أَن يُسَلِّمُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ، هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ وَزَعَمَ أَن أَبا رَبِيعَةَ كَانَ يَقُولُ: إِذا لقيتَ فُلَانًا فَقُلْ سَلاماً أَي تَسَلُّماً، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَلامٌ أَي أَمري وأَمرك المبارأَة والمُتاركة. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قالُوا سَلاماً أَي قَالُوا قَوْلًا يتسَلّمون فِيهِ لَيْسَ فِيهِ تَعدٍّ وَلَا مَأْثم، وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُحَيُّونَ بأَن يَقُولَ أَحدهم لِصَاحِبِهِ أَنْعِمْ صَبَاحًا، وأَبَيْتَ اللَّعْنَ، وَيَقُولُونَ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ، فكأَنه عَلَامَةُ المُسالَمَةِ وأَنه لَا حَرْب هُنَالِكَ، ثُمَّ جَاءَ اللَّه بالإِسلام فَقَصَرُوا عَلَى السَّلَامِ وأَمروا بإِفْشائِهِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: نَتَسَلَّمُ مِنْكُمْ سَلَامًا وَلَا نُجاهلكم، وَقِيلَ: قالُوا سَلاماً أَي سَداداً مِنَ الْقَوْلِ وقَصْداً لَا لَغْو فِيهِ. وَقَوْلُهُ: قالُوا سَلاماً
، قَالَ: أَي سَلِّمُوا سَلاماً، وَقَالَ: سَلامٌ أَي أَمري سَلامٌ لَا أُريد غَيْرَ السَّلامَةِ، وَقُرِئَتِ الأَخيرة:
قَالَ سِلْمٌ
، قَالَ الْفَرَّاءُ: وسِلْمٌ وسَلامٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الأَول مَنْصُوبٌ عَلَى سَلِّموا سَلاماً، وَالثَّانِي مَرْفُوعٌ عَلَى مَعْنَى أَمْري سَلامٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
، أَي لَا دَاءَ فِيهَا وَلَا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَن يَصْنَعَ فِيهَا شَيْئًا وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ السَّلامُ جَمْعُ سَلامة. والسَّلامُ: التَّحِيَّةُ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ السلامُ والسَّلامَةُ لُغَتَيْنِ كاللَّذَاذِ واللَّذاذَةِ، وأَنشد:
تُحَيِّي بالسَّلامَةِ أُمُّ بَكْرِ، ... وهَلْ لَكِ بَعْدَ قَومِكِ مِنْ سَلامِ؟
قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ السَّلامُ جَمع سَلامَةٍ، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: السَّلامُ وَالتَّحِيَّةُ مَعْنَاهُمَا(12/289)
وَاحِدٌ، وَمَعْنَاهُمَا السَّلامَةُ مِنْ جَمِيعِ الْآفَاتِ. الْجَوْهَرِيُّ: والسِّلْمُ، بِالْكَسْرِ، السَّلامُ، وَقَالَ:
وقَفْنا فَقُلْنا: إِيه سِلْمٌ! فَسَلَّمَتْ، ... فَمَا كَانَ إِلَّا وَمْؤُها بالحَواجِبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي رَوَاهُ القَنانيّ:
فَقُلْنَا: السَّلام، فاتَّقَتْ مِنْ أَسيرِها، ... وَمَا كَانَ إِلَّا وَمْؤها بالحَواجِبِ
وَفِي حَدِيثِ التَّسْلِيم:
قُلِ السَّلامُ عَلَيْكَ فإِن عَلَيْكَ السَّلامُ تحيَّة المَوْتَى
، قَالَ: هَذِهِ إِشارة إِلى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ فِي المَراثي، كَانُوا يُقَدِّمُونَ ضَمِيرَ الْمَيِّتِ عَلَى الدُّعَاءِ لَهُ كَقَوْلِهِ:
عَلَيْكَ سَلامٌ مِنْ أَميرٍ، وبارَكَتْ ... يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الأَدِيمِ المُمَزَّقِ
وَكَقَوْلِ الْآخَرِ:
عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ، قَيْسَ بْنَ عاصمٍ، ... ورَحْمَتُهُ مَا شَاءَ أَن يَتَرَحَّما
قَالَ: وإِنما فَعَلُوا ذَلِكَ لأَن المُسَلِّمَ عَلَى الْقَوْمِ يَتَوَقَّعُ الْجَوَابَ وأَن يُقَالَ لَهُ عَلَيْكَ السَّلام، فَلَمَّا كَانَ الْمَيِّتُ لَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ جَوَابٌ جَعَلُوا السَّلَامَ عَلَيْهِ كَالْجَوَابِ، وَقِيلَ: أَراد بالمَوْتَى كفَّار الْجَاهِلِيَّةِ، وَهَذَا فِي الدُّعَاءِ بِالْخَيْرِ وَالْمَدْحِ، وأَما الشَّرُّ والذَّم فَيُقَدَّمُ الضَّمِيرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي، وَكَقَوْلِهِ: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ*. والسُّنَّة لَا تَخْتَلِفُ فِي تَحِيَّةِ الأَموات والأَحيْاء، وَيَشْهَدُ لَهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ:
أَنه كَانَ إِذا دَخَلَ الْقُبُورَ قَالَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ دارَ قَومٍ مُؤْمِنِينَ.
والتَّسْلِيمُ: مُشْتَقٌّ مِنَ السَّلام اسْمِ اللَّه تَعَالَى لِسَلَامَتِهِ مِنَ الْعَيْبِ وَالنَّقْصِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن اللَّه مُطَّلِعٌ عَلَيْكُمْ فَلَا تَغْفُلوا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ اسْمُ السَّلامِ عليكَ، إِذ كَانَ اسْمُ اللَّه تَعَالَى يُذْكَرُ عَلَى الأَعمال تَوَقُّعاً لِاجْتِمَاعِ مَعَانِي الْخَيِّرَاتِ فِيهِ، وَانْتِفَاءِ عَوارض الْفَسَادِ عَنْهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سَلِمْتَ مِنِّي فَاجْعَلْنِي أَسْلَمُ مِنْكَ مِنَ السَّلامة بِمَعْنَى السَّلام. وَيُقَالُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، وسَلامٌ عَلَيْكُمْ، وسَلامٌ، بِحَذْفِ عَلَيْكُمْ، وَلَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ غَالِبًا إِلَّا مُنَكَّراً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ
، فأَمَّا فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ فَيُقَالُ فِيهِ مُعَرَّفاً ومُنَكَّراً، وَالظَّاهِرُ الأَكثر مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنه اخْتَارَ التَّنْكِيرَ، قَالَ: وأَما فِي السَّلام الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ فَرَوَى الربيعُ عَنْهُ أَنه قَالَ:
لَا يَكْفِيهِ إِلَّا مُعَرَّفاً
، فإِنه قَالَ:
أَقَلُّ مَا يَكْفِيهِ أَن يَقُولَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ
، فإِن نَقَصَ مِنْ هَذَا حَرْفًا عَادَ فسَلَّمَ، وَوَجْهُهُ أَن يَكُونَ أَراد بالسَّلام اسْمَ اللَّه، فَلَمْ يَجُزْ حَذْفُ الأَلف وَاللَّامِ مِنْهُ، وَكَانُوا يَسْتَحْسِنُونَ أَن يَقُولُوا فِي الأَوّل سلامٌ عَلَيْكُمْ وَفِي الآخِر السَّلام عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُ الأَلف وَاللَّامُ للعَهْدِ، يَعْنِي السَّلام الأَول. وَفِي حَدِيثِ
عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ: كَانَ يُسَلَّمُ عليَّ حَتَّى اكْتَوَيْتُ
، يَعْنِي أَن الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَلَمَّا اكْتَوَى بِسَبَبِ مَرَضِهِ تَرَكُوا السَّلامَ عَلَيْهِ، لأَن الكَيَّ يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ والتَّسْلِيمِ إِلى اللَّه وَالصَّبْرِ عَلَى مَا يُبْتَلى بِهِ العبدُ وطلبِ الشِّفَاءِ مِنْ عِنْدِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ قَادِحًا فِي جَوَازِ الكَيِّ، وَلَكِنَّهُ قَادِحٌ فِي التَّوَكُّلِ، وَهِيَ دَرَجَةٌ عَالِيَةٌ وَرَاءَ مُبَاشَرَةِ الأَسباب. والسَّلامُ: السَّلامةُ. والسَّلامُ: اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، اسْمٌ مِنْ أَسمائه لسَلامته مِنَ النَّقْصِ وَالْعَيْبِ وَالْفَنَاءِ، حَكَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه سَلِمَ مِمَّا يَلْحَق الْغَيْرَ مِنْ آفَاتِ الغِيَر وَالْفَنَاءِ، وأَنه الْبَاقِي الدَّائِمُ الَّذِي تَفْنى الْخَلْقُ وَلَا يَفْنى، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.(12/290)
والسَّلامُ فِي الأَصل: السَّلامةُ، يُقَالُ: سَلِمَ يَسْلَمُ سَلاماً وسَلامةً، وَمِنْهُ قِيلٌ لِلْجَنَّةِ: دار السَّلامِ لأَنها دار السَّلامةِ مِنَ الْآفَاتِ. وَرَوَى
يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ أَن أَبا بَكْرٍ قَالَ: السَّلامُ أَمانُ اللَّهِ فِي الأَرض.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ
، قَالَ بَعْضُهُمْ: السَّلامُ هَاهُنَا اللَّه وَدَلِيلُهُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ
، وقال الزَّجَّاجُ: سُمِّيَتْ دارَ السَّلامِ لأَنها دارُ السلامَة الدَّائِمَةِ الَّتِي لَا تنقَطع وَلَا تَفْنى وَهِيَ دَارُ السَّلامةِ مِنَ الْمَوْتِ والهَرَم والأَسْقام، وَقَالَ أَبو إِسحاق: أَي لِلْمُؤْمِنِينَ دَارُ السَّلَامِ، وَقَالَ: دارُ السَّلامِ الجنةُ لأَنها دارُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فأُضيفت إِليه تَفْخِيمًا لَهَا، كَمَا قِيلَ لِلْخَلِيفَةِ عَبْدُ اللَّه، وَقَدْ سلَّمَ عَلَيْهِ. وَتَقُولُ: سَلِمَ فلانٌ مِنَ الآفات سَلامةً وسَلَّمَه اللَّه مِنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثَلَاثَةٌ كلُّهم ضَامِنٌ عَلَى اللَّه أَحَدُهم مَنْ يَدْخُل بيته بسلامٍ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد أَن يَلْزَمَ بَيْتَهُ طَالِبًا لِلسَّلَامَةِ مِنَ الفِتَنِ وَرَغْبَةً فِي العُزْلَةِ، وَقِيلَ: أَراد أَنه إِذا دَخَلَ سَلَّمَ، قَالَ: والأَول الْوَجْهُ. وسَلِمَ مِنَ الأَمر سَلامةً: نَجا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى
، مَعْنَاهُ أَن مَنِ اتَّبَعَ هُدى اللَّه سَلِمَ مِنْ عَذَابِهِ وَسَخَطِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه لَيْسَ بسَلامٍ أَنه لَيْسَ ابْتِدَاءً لِقَاءٌ وَخِطَابٌ. والسَّلامُ: الِاسْمُ مِنَ التَّسْليم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ
«2» ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ أَن السَّلامَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ أَربعة أَشياء: فَمِنْهَا سَلَّمْتُ سَلاما مَصْدَرُ سَلَّمْتُ، وَمِنْهَا السَّلامُ جَمْعُ سَلامة، وَمِنْهَا السَّلامُ اسْمٌ مِنْ أَسماء اللَّه تَعَالَى، وَمِنْهَا السلامُ شَجَرٌ، وَمَعْنَى السَّلام الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ سَلَّمْتُ أَنه دُعَاءٌ للإِنسان بأَن يَسْلَمَ مِنَ الْآفَاتِ فِي دِينِهِ وَنَفْسِهِ، وتأْويله التَّخْلِيصُ، قَالَ: وتأْويل السَّلام اسْمُ اللَّه أَنه ذُو السَّلامِ الَّذِي يَمْلِكُ السَّلَامَ أَي يُخَلِّصُ مِنَ الْمَكْرُوهِ. ابْنُ الأَعرابي: السَّلام اللَّه، والسَّلامُ السلامةُ، والسَّلامةُ الدُّعَاءُ. ودارُ السَّلَامِ: دَارُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. والسَّالِمُ فِي العَرُوض: كُلُّ جُزْءٍ يَجُوزُ فِيهِ الزِّحافُ فَيَسْلَمُ مِنْهُ كَسَلامةِ الْجَزْءِ مِنَ القَبْض والكَفِّ وَمَا أَشبهه. وَرَجُلٌ سَلِيمٌ: سَالِمٌ، وَالْجَمْعُ سُلَماءُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
، أَي سَلِيمٍ مِنَ الْكُفْرِ. وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ
: وَقُرِئَ
وَرَجُلًا سالِما لِرَجُلٍ
، فَمَنْ قرأَ
سَالِمًا
فَهُوَ اسْمُ الْفَاعِلِ عَلَى سَلِم فَهُوَ سالِمٌ، وَمَنْ قرأَ
سِلْماً
وسَلْماً
فَهُمَا مَصْدَرَانِ وُصفَ بِهِمَا عَلَى مَعْنَى وَرَجُلًا ذَا سِلمٍ لِرَجُلٍ وَذَا سَلْمٍ لِرَجُلٍ، وَالْمَعْنَى أَن مَنْ وَحَّدَ اللَّه مَثَلُه مَثَلُ السَّالِمِ لِرَجُلٍ لَا يَشْرَكُه فِيهِ غَيْرُهُ، ومَثَلُ الَّذِي أَشرك اللَّه مَثَلُ صَاحِبِ الشُّرَكاء المتشاكِسينَ، والسلامُ: الْبَرَاءَةُ مِنَ العُيوب فِي قَوْلِ أُمَيَّة، وقرىء: وَرَجُلًا سَلَماً، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَعْنِي قَوْلَ أُمية:
سَلامَكَ رَبَّنا فِي كلِّ فَجرٍ ... بَرِيئاً مَا تَعَنَّتْكَ الذُّمُومُ
الذُّموم: الْعُيُوبُ أَي مَا تَلْزَقُ بِكَ وَلَا تنتسب إِليك. وسَلَّمَه اللَّه مِنَ الأَمر: وَقَاهُ إِياه. ابْنُ بُزُرْج: يُقَالُ كُنْتُ راعِيَ إِبل فأَسْلَمْتُ عَنْهَا أَي تَرَكْتُهَا. وَكُلُّ صَنِيعَةٍ أَو شَيْءٍ تَرَكْتَهُ وَقَدْ كُنْتَ فِيهِ فَقَدْ أَسْلَمْت عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيت: لَا بِذي تَسْلَمُ مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلِلِاثْنَيْنِ: لَا بِذي تَسْلَمانِ، وَلِلْجَمَاعَةِ: لَا بِذِي تَسْلَمُونَ، وَلِلْمُؤَنَّثِ: لَا بِذِي تَسْلَمِينَ، وَلِلْجَمَاعَةِ: لَا بِذي تَسْلَمْن، والتأْويل: لَا واللَّه الَّذِي يُسَلِّمُكَ مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا.
__________
(2) . الآية(12/291)
وَيُقَالُ: لَا وسَلامَتِكَ مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَيُقَالُ: اذْهَبْ بِذِي تَسْلَمُ يَا فَتَى، وَاذْهَبَا بِذِي تَسْلَمان، أَي اذْهَبْ بسَلامَتِك، قَالَ الأَخفش: وَقَوْلُهُ ذِي مُضَافٍ إِلى تَسْلَمُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الأَعشى:
بآيةِ يُقْدِمونَ الخَيْلَ زُوراً، ... كأَنَّ عَلَى سَنابِكِها مُدامَا
أَضافَ آيَةً إِلى يُقْدِمُون، وَهُمَا نَادِرَانِ، لأَنه لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الأَسماء يُضَافُ إِلى الْفِعْلِ غَيْرَ أَسماء الزَّمَانِ كَقَوْلِكَ هَذَا يومَ يُفْعَل أَي يُفْعَل فِيهِ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: لَا أَفعل ذَلِكَ بِذِي تَسْلَمُ، قَالَ: أُضيف فِيهِ ذُو إِلى الْفِعْلِ، وَكَذَلِكَ بِذِي تَسْلَمان وَبِذِي تَسْلَمُون، وَالْمَعْنَى لَا أَفعل ذَلِكَ بِذِي سَلامتك، وَذُو هُنَا الأَمر الَّذِي يُسَلِّمُكَ، وَلَا يُضَافُ ذُو إِلَّا إِلى تَسْلَمُ، كَمَا أَنَّ لَدُنْ لَا تَنْصِبُ إِلا غُدْوَةً. وأَسْلَمَ إِليه الشيءَ: دَفَعَهُ. وأَسلَمَ الرجلَ: خَذَلَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ
، قَالَ: إِنما وَقَعَتْ سَلَامَتُهُمْ مِنْ أَجلك، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصحاب الْيَمِينِ، وَقَدْ بَيَّنَ مَا لأَصحاب الْيَمِينِ فِي أَول السُّورَةِ، وَمَعْنَى فَسَلامٌ لَكَ
أَي أَنك تَرَى فِيهِمْ مَا تُحِبُّ مِنَ السَّلامة وَقَدْ علمتَ مَا أُعدَّ لَهُمْ مِنَ الْجَزَاءِ. والسَّلْمُ: لَدْغُ الْحَيَّةِ. والسلِيمُ: اللَّدِيغُ، فَعيلٌ مِنَ السَّلْمِ، وَالْجَمْعُ سَلْمَى، وَقَدْ قِيلَ: هُوَ مِنَ السَّلامة، وإِنما ذَلِكَ عَلَى التَّفَاؤُلِ لَهُ بِهَا خِلَافًا لِمَا يُحْذَر عَلَيْهِ مِنْهُ، والمَلْدُوغ مَسْلُوم وسَلِيمٌ. وَرَجُلٌ سَلِيم: بِمَعْنَى سالِمٍ، وإِنما سُمِّيَ اللَّدِيغُ سَليما لأَنهم تَطَيَّروا مِنَ اللَّدِيغ فَقَلَبُوا الْمَعْنَى، كَمَا قَالُوا للحَبَشِيّ أَبو الْبَيْضَاءِ، وَكَمَا قَالُوا لِلْفَلَاةِ مَفَازَةٌ، تَفَاءَلُوا بِالْفَوْزِ وَهِيَ مَهْلَكة، فَتَفَاءَلُوا لَهُ بِالسَّلَامَةِ، وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَ اللَّدِيغُ سَلِيماً لأَنه مُسْلَمٌ لِمَا بِهِ أَو أُسْلِمَ لِمَا بِهِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ السَّلْمُ اللَّدْغُ، قَالَ: وَهُوَ مِنْ غُدَدِه وَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ. وَقَوْلُ ابْنِ الأَعرابي: سَلِيمٌ بِمَعْنَى مُسْلَمٍ، كَمَا قَالُوا مُنْقَعٌ ونَقِيعٌ ومُوتَمٌ ويَتيم ومُسْخَنٌ وسَخِينٌ، وَقَدْ يُسْتَعَارُ السَّلِيم لِلْجَرِيحِ، أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وطِيرِي بمِخْراقٍ أَشَمَّ كأَنهُ ... سَلِيمُ رِماحٍ، لَمْ تَنَلْه الزَّعانِفُ
وَقِيلَ: السَّلِيمُ الجَريحُ المُشْفِي عَلَى الهَلَكة، أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَشْكُو، إِذا شُدَّ لَهُ حِزامُهُ، ... شَكْوَى سَلِيمٍ ذَرِبَتْ كِلامُهُ
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ السَّلِيمُ هُنَا اللَّدِيغَ، وسَمَّى مَوْضِعَ نَهْشِ الْحَيَّةِ مِنْهُ كَلْماً، عَلَى الِاسْتِعَارَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنهم مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِ سَلِيمٌ فَقَالُوا: هَلْ فِيكُمْ مِنْ راقٍ
؟ السَّلِيمُ: اللَّدِيغُ. يُقَالُ: سَلَمَتْه الْحَيَّةُ أَي لَدَغَتْه. والسَّلْمُ والسِّلْمُ: الصُّلْحُ، يُفْتَحُ وَيُكْسَرُ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، فأَما قَوْلُ الأَعشى:
أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنفاسَها، ... وَقَدْ تُكْرَهُ الحَرْبُ بَعْدَ السَّلِمْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِنما هَذَا عَلَى أَنه وقَفَ فأَلْقَى حَرَكَةَ الْمِيمِ عَلَى اللَّامِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَتْبَعَ الكَسْرَ الْكَسْرَ، وَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ إِبِلٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، لأَنه لَمْ يأْت مِنْهُ عِنْدَهُ غَيْرُ إِبلٍ. والسَّلْمُ والسَّلامُ: كالسِّلْمِ، وَقَدْ سالَمَهُ مُسالَمَةً وسِلاماً، قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
هاجُوا لِقَوْمِهِمُ السَّلامَ كأَنَّهُمْ، ... لَمَّا أُصِيبُوا، أَهْلُ دِينٍ مُحْتَرِ(12/292)
والسِّلْمُ: المُسَالِمُ. تَقُولُ: أَنا سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَني. وَقَوْمٌ سِلْمٌ وسَلْمٌ: مُسالِمونَ، وَكَذَلِكَ امرأَة سِلْمٌ وسَلْمٌ. وتَسالمُوا: تَصَالَحُوا. وَفُلَانٌ كَذَّابٌ لَا تَسايَرُ خَيْلاهُ فَلَا تَسالَمُ خَيْلاهُ أَي لَا يُصَدَّقُ فيُقْبَلُ مِنْهُ، وَالْخَيْلُ إِذا تَسالَمَتْ تَسايَرَتْ لَا يَهيج بعضُها بَعْضًا، وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ مُحارِبٍ:
وَلَا تَسايَرُ خَيْلاهُ، إِذا الْتَقَيا، ... وَلَا يُقَدَّعُ عَنْ بابٍ إِذا وَرَدا
وَيُقَالُ: لَا يَصْدُقُ أَثَرهُ يَكْذِبُ مِنْ أَين جَازَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فُلَانٌ لَا يُرَدُّ عَنْ بَابٍ وَلَا يُعَوَّجُ عَنْهُ. والسَّلَمُ: الاسْتِسْلامُ. والتَّسالُمُ: التَّصالُحُ. والمُسالَمَةُ: المُصالحة. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبِيَةِ:
أَنه أَخذ ثَمَانِينَ مِنْ أَهل مكة سَلْماً [سِلْماً]
، قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرْوَى بكسر السين وفتحا، وَهُمَا لُغَتَانِ لِلصُّلْحِ، وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَا فَسَّرَهُ الحُمَيْدِيُّ فِي غَرِيبِهِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنه السَّلَمُ، بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ، يُرِيدُ الاسْتسْلامَ والإِذْعانَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ
، أَي الِانْقِيَادَ، وَهُوَ مَصْدَرٌ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الأَشبه بالقَضيَّةِ، فإِنهم لَمْ يُؤْخَذوا عَنْ صُلْحٍ، وإِنما أُخِذُوا قَهْراً وأَسْلَمُوا أَنفسهم عَجْزاً، وللأَول وَجْهٌ، وَذَلِكَ أَنهم لَمْ يَجْرِ مَعَهُمْ حَرْبٌ، إِنما لَمَّا عَجَزُوا عَنْ دَفْعِهِمْ أَو النَّجَاةِ مِنْهُمْ رَضُوا أَن يُؤْخَذُوا أَسْرى وَلَا يُقتلوا، فكأَنهم قَدْ صُولِحُوا عَلَى ذَلِكَ، فَسُمِّيَ الِانْقِيَادُ صُلْحًا، وَهُوَ السِّلْمُ، وَمِنْهُ
كِتَابِهِ بَيْنَ قُرَيْشٍ والأَنصار: وإِن سِلْمَ الْمُؤْمِنِينَ وَاحِدٌ لَا يُسالَمُ مُؤْمِنٌ دُونَ مُؤْمِنٍ
أَي لَا يُصالَحُ وَاحِدٌ دُونَ أَصحابه، وإِنما يَقَعُ الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ بِاجْتِمَاعِ مَلَئِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: وَمِنَ الأَول حَدِيثُ
أَبي قَتَادَةَ: «1» لآتِينَّكَ بِرَجُلٍ سَلَمٍ
أَي أَسير لأَنه اسْتَسْلَم وانقاد. واستسلم أَي انْقَادَ «2» . وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَسْلَمُ سالَمَها اللَّهُ
، هو مِنَ المُسالَمَةِ وَتَرْكِ الْحَرْبِ، وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ دُعَاءً وإِخباراً، إِما دُعَاءً لَهَا أَن يُسالِمَها اللَّه وَلَا يأْمر بِحَرْبِهَا، أَو أَخبر أَن اللَّه قَدْ سالَمَها وَمَنَعَ مِنْ حَرْبِهَا. والسَّلامُ: الاسْتِسْلامُ، وَحُكِيَ السِّلْمُ والسَّلْمُ الاسْتِسْلامُ وَضِدُّ الْحَرْبِ أَيضاً، قَالَ:
أَنائِل، إِنَّني سِلْمٌ ... لأَهْلِكِ، فاقْبَلي سِلمي!
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ
، وَقَلْبٌ سَلِيمٌ أَي سَالِمٌ. والإِسْلامُ والاسْتِسْلامُ: الِانْقِيَادُ. والإِسْلامُ مِنَ الشَّرِيعَةِ: إِظهار الْخُضُوعِ وإِظهار الشَّرِيعَةِ وَالْتِزَامُ مَا أَتى بِهِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِذَلِكَ يُحْقَنُ الدَّمُ ويُسْتَدْفَعُ الْمَكْرُوهُ، وَمَا أَحسن مَا اخْتَصَرَ ثَعْلَبٌ ذَلِكَ فَقَالَ: الإِسْلامُ بِاللِّسَانِ والإِيمان بِالْقَلْبِ. التَّهْذِيبِ: وأَما الإِسلام فإِن أَبا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ قَالَ: يُقَالُ فُلَانٌ مُسْلِمٌ وَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما هُوَ المُسْتَسْلِمُ لأَمر اللَّه، وَالثَّانِي هُوَ المُخْلِصُ للَّه العبادةَ، مِنْ قَوْلِهِمْ سَلَّمَ الشيءَ لِفُلَانٍ أَي خَلَّصَهُ، وسَلِمَ لَهُ الشيءُ أَي خَلَصَ لَهُ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلمون مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ
، قَالَ الأَزهري: فَمَعْنَاهُ
__________
(1) . قوله" وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ أَبي قتادة إلخ" كذا هو بالأصل والنهاية وبهذا الضبط.
(2) . قوله" واستسلم أَي انقاد" كذا بالأصل وهو ساقط من عبارة النهاية. وقوله" ومنه الحديث أَسلم إلخ" كذا بالأصل، وعبارة النهاية: وفيه أَسلم إلخ.(12/293)
أَنه دَخَلَ فِي بَابِ السَّلامَةِ حَتَّى يَسْلَمَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَوائقه. وَفِي الْحَدِيثِ:
المُسْلِمُ أَخو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ أَسْلَمَ فلانٌ فُلَانًا إِذا أَلقاه فِي الهَلَكَة وَلَمْ يَحْمِهِ مِنْ عدوِّه، وَهُوَ عامٌّ فِي كُلِّ مَنْ أَسْلَمَ إِلى شَيْءٍ، لَكِنْ دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ وَغَلَبَ عَلَيْهِ الإِلقاء فِي الهَلَكَةِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِني وَهَبْتُ لِخَالَتِي غُلَامًا فَقُلْتُ لَهَا: لَا تُسْلِميه حَجَّاماً وَلَا صَائِغًا وَلَا قَصَّاباً
أَي لَا تُعْطِيهِ لِمَنْ يعلِّمه إِحدى هَذِهِ الصَّنَائِعِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: إِنما كَرِهَ الحَجَّامَ والقَصَّاب لأَجل النَّجَاسَةِ الَّتِي يُبَاشِرَانِهَا مَعَ تَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ، وأَما الصَّائِغُ فِيمَا يَدْخُلُ صَنْعَتَهُ مِنَ الْغِشِّ، ولأَنه يَصُوغُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَرُبَّمَا كَانَ عِنْدَهُ آنيةٌ أَو حَلْيٌ لِلرِّجَالِ، وَهُوَ حَرَامٌ، وَلِكَثْرَةِ الْوَعْدِ وَالْكَذِبِ فِي نُجَازِ مَا يُسْتَعْمَلُ عِنْدَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلَّا وَمَعَهُ شَيْطَانٌ، قِيلَ: وَمَعَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَكِنَّ اللَّه أَعانني عَلَيْهِ فأَسْلَمَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
حَتَّى أَسْلَم
أَي انْقَادَ وكَفَّ عَنْ وَسْوَسَتي، وَقِيلَ: دَخَلَ فِي الإِسْلام فَسَلِمْتُ مِنْ شَرِّهِ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ فأَسْلَمُ، بِضَمِّ الْمِيمِ، عَلَى أَنه فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ أَي أَسْلَمُ أَنا مِنْهُ وَمِنْ شَرِّهِ، وَيَشْهَدُ للأَول الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
كَانَ شيطانُ آدَمَ كَافِرًا وَشَيْطَانِيِّ مُسْلِماً.
وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا
، قَالَ الأَزهري: فإِن هَذَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلى تَفَهُّمِهِ لِيَعْلَمُوا أَين يَنْفَصِلُ الْمُؤْمِنُ مِنَ المُسْلِمِ وأَين يَسْتَوِيَانِ، فالإِسلامُ إِظهار الخُضُوعِ والقَبُول لِمَا أَتى بِهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِهِ يُحْقَنُ الدمُ، فإِن كَانَ مَعَ ذَلِكَ الإِظهار اعْتِقَادٌ وَتَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ فَذَلِكَ الإِيمان الَّذِي هَذِهِ صِفَتُهُ، فأَما مَنْ أَظْهَرَ قَبُولَ الشَّريعة واسْتَسْلَمَ لِدَفْعِ الْمَكْرُوهِ فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ مُسْلِمٌ وَبَاطِنُهُ غَيْرُ مُصَدِّقٍ، فَذَلِكَ الَّذِي يَقُولُ أَسلمت، لأَن الإِيمان لَا بُدَّ مِنْ أَن يَكُونَ صَاحِبُهُ صِدِّيقاً، لأَن الإِيمان التَّصْديقُ: فَالْمُؤْمِنُ مُبْطِنٌ مِنَ التَّصْدِيقِ مِثْلَ مَا يُظْهِرُ، والمُسْلِمُ التَّامُّ الإِسْلامِ مُظْهِرٌ لِلطَّاعَةِ مُؤْمِنٌ بِهَا، والمُسْلِمُ الَّذِي أَظهر الإِسلام تَعَوّذاً غَيْرُ مُؤْمِنٍ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا أَن حُكْمَهُ فِي الظَّاهِرِ حُكْمُ المُسْلِمِ، قَالَ: وإِنما قُلْتُ إِن الْمُؤْمِنَ مَعْنَاهُ المُصَدِّقُ لأَن الإِيمان مأْخوذ مِنَ الأَمانَة، لأَن اللَّه تَعَالَى تَوَلَّى عِلْم السَّرائر وثَبات العَقْدِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ أَمانة ائْتَمَنَ كلَّ مُسْلِمٍ عَلَى تِلْكَ الأَمانة، فَمَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ مَا أَظهره لسانُه فَقَدْ أَدَّى الأَمانة وَاسْتَوْجَبَ كَرِيمَ الْمَآبِ إِذا مَاتَ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ قَلْبُهُ عَلَى خِلَافِ مَا أَظهر بِلِسَانِهِ فَقَدْ حَمَلَ وِزْرَ الْخِيَانَةِ واللَّه حَسْبُهُ، وإِنما قِيلَ للمُصَدِّق مُؤْمِنٌ وَقَدْ آمَنَ لأَنه دَخَلَ فِي حَدِّ الأَمانة الَّتِي ائْتَمَنَهُ اللَّه عَلَيْهَا، وَبِالنِّيَّةِ تَنْفَصِلُ الأَعمال الزَّاكِيَةُ مِنَ الأَعمال الْبَائِرَةِ، أَلا تَرَى أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَعَلَ الصَّلَاةَ إِيمانا وَالْوُضُوءَ إِيمانا؟ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ
، يَعْنِي مِنْ قَوْمِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ مُوسَى: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي مؤمِني زمانِه، فإِن ابْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يَكُنْ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وإِن كَانَ مِنَ السَّابِقِينَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يَقُولُ إِذا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْني مِنْ رَمَضَانَ وسَلِّم رمضانَ لِي وَسُلِّمْهُ مِنِّي
، قَوْلُهُ سَلِّمْني مِنْهُ أَي لَا يُصِيبُنِي فِيهِ مَا يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ صَوْمِهِ مِنْ مَرَضٍ أَو غَيْرِهِ، قَالَ: وَقَوْلُهُ وسَلِّمْهُ لِي هُوَ أَن لا يُغَمَّ عليه الهلالُ فِي أَوله وَآخِرِهِ فيلتبسَ عَلَيْهِ الصومُ والفطرُ، وقوله وسَلِّمْهُ مِنِّي أَي بِالْعِصْمَةِ مِنَ الْمَعَاصِي فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ الإِفْكِ:
وَكَانَ عَليٌّ مُسَلَّماً فِي شأْنها
أَي سالِما لَمْ يَبْدُ بِشَيْءٍ(12/294)
مِنْهَا، وَيُرْوَى:
مُسَلِّماً
، بِكَسْرِ اللَّامِ، قَالَ: وَالْفَتْحُ أَشبه لأَنه لَمْ يَقُلْ فِيهَا سُوءًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا
، فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: كُلُّ نَبِيٍّ بُعِثَ بالإِسلام غَيْرَ أَن الشَّرَائِعَ تَخْتَلِفُ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ
، أَراد مُخْلِصَيْنِ لَكَ فعدَّاه باللام إِذ كَانَ فِي مَعْنَاهُ. وَكَانَ فُلَانٌ كَافِرًا ثُمَّ تَسَلَّمَ أَي أَسْلَمَ، وَكَانَ كَافِرًا ثُمَّ هُوَ الْيَوْمَ مَسْلَمَةٌ يَا هَذَا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
ادْخُلُوا فِي السَّلْمِ كافَّةً
، قَالَ: عَنى بِهِ الإِسلامَ وَشَرَائِعَهُ كلَّها، وقرأَ أَبو عَمْرٍو: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً
، يَذْهَبُ بِمَعْنَاهَا إِلى الإِسلام. والسِّلْمُ: الإِسلامُ، 1 «3» قَالَ الأَحْوصُ:
فذادُوا عَدُوَّ السِّلْمِ عَنْ عُقْرِ دارِهِمْ، ... وأَرْسَوْا عَمُودَ الدِّينِ بَعْدَ التَّمايُلِ
وَمِثْلُهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ بْنِ عابِسٍ:
فَلَسْتُ مُبَدِّلًا باللَّه رَبّاً، ... وَلَا مُسْتَبْدِلًا بالسِّلْم دِينَا
وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَخي كِنْدَةَ:
دَعَوْتُ عَشِيرتي للسِّلْمِ لَمَّا ... رَأَيْتُهُمُ تَوَلَّوْا مُدْبِرِينا
والسَّلم: الإِسلام. والسَّلْمُ: الِاسْتِخْذَاءُ وَالِانْقِيَادُ والاسْتِسْلامُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلقى إِليكم السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا، وَقُرِئَتْ: السَّلامَ، بالأَلف، فأَما السلامُ فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ التَّسْلِيم، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى السَّلَمِ، وَهُوَ الاستِسلامُ وإِلقاء المَقادة إِلى إِرادة الْمُسْلِمِينَ. وأَخذه سَلَماً: أَسَرَهُ مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَخذه سَلَماً أَي جَاءَ بِهِ مُنْقَادًا لَمْ يَمْتَنِعْ، وإِن كَانَ جَريحاً. وتَسَلَّمَه مني: قبضه. وسَلَّمْتُ إِليه الشَّيْءَ فَتَسَلَّمَه أَي أَخذه. والتَّسْلِيمُ: بَذْلُ الرِّضَا بِالْحُكْمِ. والتَّسْلِيمُ: السَّلامُ. والسَّلَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: السَّلَفُ، وأَسْلَمَ فِي الشيء وسَلَّمَ وأَسْلَف بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالِاسْمُ السَّلَمُ. وَكَانَ راعيَ غَنَمٍ ثُمَّ أَسلم أَي تَرَكَهَا، كَذَا جَاءَ، أَسْلَم هُنَا غَيْرُ مُتَعَدٍّ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: مَنْ تَسَلَّم فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْه إِلى غَيْرِهِ.
يُقَالُ: أَسْلَمَ وسَلَّمَ إِذا أَسْلَفَ وَهُوَ أَن تُعْطِيَ ذَهَبًا وَفِضَّةً فِي سِلْعةٍ مَعْلُومَةٍ إِلى أَمَدٍ مَعْلُومٍ، فكأَنك قَدْ أَسْلَمْتَ الثَّمَنَ إِلى صَاحِبِ السِّلْعَةِ وسَلَّمْتَهُ إِليه، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَن يُسْلِفَ مَثَلًا فِي بُرٍّ فَيُعْطِيَهُ المُسْتَلِف غيرَه مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَن يأْخذه، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: لَمْ أَسمع تَفَعَّل مِنَ السَّلَمِ، إِذا دَفَعَ، إِلَّا فِي هَذَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: كَانَ يَكْرَهُ أَن يُقَالَ السَّلَمُ بِمَعْنَى السَّلَفِ وَيَقُولُ الإِسْلامُ للَّه عَزَّ وَجَلَّ
، كأَنه ضَنَّ بِالِاسْمِ 1 «4» الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ للَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَن يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ، وأَن يُسْتَعْمَلَ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ وَيُذْهَبَ بِهِ إِلى مَعْنَى السَّلَف، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا مِنَ الإِخْلاصِ بَابٌ لَطِيفُ المَسْلَكِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَسْلَمَ الرَّجُلُ فِي الطَّعَامِ أَي أَسلف فِيهِ، وأَسْلَمَ أَمره للَّه أَي سَلَّمَ، وأَسْلَمَ أَي دَخَلَ فِي السِّلْمِ، وَهُوَ الاسْتِسْلامُ، وأَسْلَمَ مِنَ الإِسْلامِ. وأَسْلَمَه أَي خَذَلَهُ. والسَّلْمُ: الدَّلْوُ الَّتِي لَهَا عُرْوَةٌ وَاحِدَةٌ، مُذَكَّرٌ نَحْوَ دَلْوِ السَّقَّائين، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ لَهَا عَرْقُوَةٌ واحدة
__________
(3) . قوله والسلم الإسلام أي بالفتح والكسر كما في البيضاوي فالذي تحصل أنه بهما بمعنى الاستسلام والصلح والإسلام.
(4) . قوله [كأَنه ضَنَّ بالاسم] أي الذي هو السلم وقوله الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الطَّاعَةِ والانقياد لأن السلم اسم من الإسلام بمعنى الإذعان والانقياد فكره أن يُسْتَعْمَلَ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ اللَّهِ وإن كان يذهب به مستعمله إلى معنى السلف الذي ليس من الاستسلام(12/295)
كَدَلْوِ السَّقَّائِينَ، وَلَيْسَ ثَمَّ دَلْوٌ لَهَا عُرْوَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْجَمْعُ أَسْلُمٌ وسِلامٌ، قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
تُكَفْكِفُ أَعْداداً مِنَ الدَّمْعِ رُكِّبَتْ ... سَوانيها ثُمَّ انْدَفَعْنَ بأَسْلُمِ «1»
وأَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ إِبل سُقِيَتْ:
قَابَلَهُ مَا جَاءَ فِي سِلامِها ... برَشَفِ الذِّناب والتِهامِها
وَقَالَ الطرمَّاحُ:
أَخو قَنَصٍ يَهْفُو، كأَن سَراتَه ... ورِجلَيْهِ سَلْمٌ بَيْنَ حَبْلَيْ مُشاطِنِ
وَفِي التَّهْذِيبِ: لَهُ عُرْوَةٌ وَاحِدَةٌ يَمْشِي بِهَا السَّاقِي مِثْلَ دلاءِ أَصحاب الرَّوايا، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِي جَمْعِهَا أَسالِم، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا نَادِرٌ. وسَلَمَ الدلوَ يَسْلِمُها سَلْماً: فَرَغَ مِنْ عَمِلَهَا وأَحكمها، قَالَ لَبِيدٌ:
بمُقابَلٍ سَرِبِ المَخارِزِ عِدْلُهُ ... قَلِقُ المَحالَةِ جارِنٌ مَسْلومُ
والمَسْلُومُ مِنَ الدِّلاء: الَّذِي قَدْ فُرِغ مِنْ عَمَلِهِ. وَيُقَالُ: سَلَمْتُهُ أَسْلِمُهُ فَهُوَ مَسْلُومٌ. وسَلَمْتُ الْجِلْدَ أَسْلِمُهُ، بِالْكَسْرِ، إِذا دَبَغْتَهُ بالسَّلَمِ. والسَّلَمُ: نَوْعٌ مِنَ العِضاه وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّلَمُ سَلِبُ الْعِيدَانِ طُولًا، شِبْهُ القُضْبانِ، وَلَيْسَ لَهُ خَشَبٌ وإِن عظُم، وَلَهُ شَوْكٌ دُقاقٌ طُوالٌ حَادٌّ إِذا أَصاب رِجْلَ الإِنسان، قَالَ: وللسَّلَمِ بَرَمَةٌ صَفْرَاءُ فِيهَا حَبَّةٌ خَضْرَاءُ «2» طَيِّبَةُ الرِّيحِ، وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَرَارَةٍ وتَجِدُ بِهَا الظِّباءُ وَجْداً شَدِيدًا، وَاحِدَتُهُ سَلَمةٌ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَقَدْ يَجْمَعُ السَّلَمُ عَلَى أَسْلامٍ، قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنما هَيَّجَ، حِينَ أَطْلَقَا ... مِنْ ذَاتِ أَسْلامٍ، عِصِيّاً شِقَقا
وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: بَيْنَ سَلَمٍ وأَراكٍ
، السَّلَمُ: شَجَرٌ مِنَ العِضاه وَوَرَقُهَا القَرَظ الَّذِي يُدْبَغُ بِهِ الأَديمُ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ سَلْمَةَ، وَيُجْمَعُ عَلَى سَلَماتٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ سَلَماتٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ
، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِكَسْرِ اللَّامِ جَمْعَ سَلِمَةٍ، وَهِيَ الْحَجَرُ. أَبو عَمْرٍو: السَّلامُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، الْوَاحِدَةُ سَلامَةٌ. والسَّلامُ والسِّلامُ أَيضاً: شَجَرٌ، قَالَ بِشْرٌ:
تَعَرُّضَ جَأْبَةِ المِدْرى خَذُولٍ ... بِصاحَةَ، فِي أَسِرَّتهِا السِّلامُ
وَوَاحِدَتُهُ سِلامَةٌ. وأَرض مَسْلوماءُ: كَثِيرَةُ السَّلَمِ. وأَدِيم مَسْلومٌ: مَدْبُوغٌ بالسَّلَمِ. وَالْجِلْدُ المَسْلومُ: الْمَدْبُوغُ بالسَّلَمِ. شَمِرٌ: السَّلَمَةُ شَجَرَةٌ ذَاتَ شَوْكٍ يُدْبَغُ بِوَرَقِهَا وَقِشْرِهَا، وَيُسَمَّى وَرَقُهَا القَرَظَ، لَهَا زَهْرَةٌ صَفْرَاءُ فِيهَا حَبَّةٌ خَضْرَاءُ طَيِّبَةُ الرِّيحِ تُؤْكَلُ فِي الشِّتَاءِ، وَهِيَ فِي الصَّيْفِ تَخْضَرُّ، وَقَالَ:
كُلِي سَلَم الجَرْداءِ فِي كُلِّ صَيْفَةٍ، ... فإِن سأَلوني عَنْكِ كلَّ غَرِيمِ
إِذا مَا نَجا مِنْهَا غَرِيمٌ بِخَيْبَةٍ، ... أَتى مَعِكٌ بالدَّيْنِ غيرُ سَؤومِ
الْجَرْدَاءُ بَلَدٌ دُونَ الفَلْجِ بِبِلَادِ بَنِي جَعْدَةَ، وإِذا
__________
(1) . قوله" سوانيها" هكذا في الأَصل، والوزن مختل، إلا إذا شددت الياء، ولعل هذا من الجوازات الشعرية.
(2) . قوله" وَلِلسَّلَمِ بَرَمَةٌ صَفْرَاءُ فِيهَا حبة خضراء إلخ" هكذا في الأصل، وعبارة المحكم: وللسلم برمة صفراء وهو أطيب البرم ريحا ويدبغ بورقه، وعن ابن الأعرابي: السلمة زَهْرَةٌ صَفْرَاءُ فِيهَا حَبَّةٌ إلخ.(12/296)
دُبغَ الأَدِيمُ بورَقِ السَّلَمِ فَهُوَ مَقْروظٌ، وإِذا دُبِغَ بِقِشْرِ السَّلَمِ فَهُوَ مَسْلومٌ، وَقَالَ:
إِنَّكَ لَنْ تَرْوِيَها، فاذهَبْ ونَمْ، ... إِن لَهَا رَيّاً كمِعْصالِ السَّلَمْ
والسَّلامُ: شَجَرٌ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: زَعَمُوا أَن السَّلَامَ أَبداً أَخضر لَا يأْكله شَيْءٌ والظِّباء تَلْزَمُهُ تَسْتَظِلُّ بِهِ وَلَا تَسْتَكِنُّ فِيهِ، وَلَيْسَ مِنْ عِظام الشَّجَرِ وَلَا عِضاهِها، قَالَ الطِّرِمَّاح يَصِفُ ظَبْيَةً:
حَذَراً والسِّرْبُ أَكنافَها ... مُسْتَظِلٌّ فِي أُصول السَّلام
وَاحِدَتُهُ سَلامةٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: السَّلَمُ شَجَرٌ، وَجَمْعُهُ سَلامٌ، وَرُوِيَ بَيْتُ بِشْرٍ:
بِصاحَةَ فِي أَسِرَّتِها السَّلامُ
قَالَ: مَنْ رَوَاهُ السِّلام، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ جَمْعُ سَلَمة كأَكَمَةٍ وإِكام، وَمَنْ رَوَاهُ السَّلام، بِفَتْحِ السِّينِ، فَهُوَ جَمْعُ سَلامةٍ، وَهُوَ نَبْتٌ آخَرُ غَيْرَ السَّلَمَة، وأَنشد بَيْتَ الطِّرِمَّاح، قَالَ: وَقَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ:
حُورٌ يُعَلِّلْن العَبيرَ رَوادِعاً ... كَمَهَا الشَّقائقِ، أَو ظِباء سَلامِ
والسَّلامانُ: شَجَرٌ سُهْلِيٌّ، وَاحِدَتُهُ سَلامانة. ابْنُ دُرَيْدٍ: سَلامانُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ. والسِّلامُ والسَّلِمُ: الْحِجَارَةُ، وَاحِدَتُهَا سَلِمَةٌ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: السِّلامُ جَمَاعَةُ الْحِجَارَةِ الصَّغِيرُ مِنْهَا وَالْكَبِيرُ لَا يُوَحِّدُونَهَا. وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: السِّلامُ اسْمُ جَمْعٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ، هُوَ اسْمٌ لِكُلِّ حَجَرٍ عَرِيضٍ، وَقَالَ: سَلِيمة وسَلِيمٌ مِثْلُ سِلامٍ، قَالَ رُؤْبَةُ:
سَالَمَهُ فَوْقَكَ السَّلِيمَا «1»
التَّهْذِيبِ: وَمِنَ السَّلام الشَّجَرُ فَهُوَ شَجَرٌ عَظِيمٌ، قَالَ: أَحسبه سَمِّيَ سَلاما لِسَلَامَتِهِ مِنَ الْآفَاتِ. والسِّلامُ، بِكَسْرِ السِّينِ: الْحِجَارَةُ الصُّلْبَةُ، سُمِّيَتْ بِهَذَا سَلاماً لِسَلَامَتِهَا مِنَ الرَّخَاوَةِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
تَداعَيْنَ بِاسْمِ الشِّيبِ فِي مُتَثَلِّمِ، ... جوانِبُهُ مِنْ بَصرَةٍ وسِلامِ
وَالْوَاحِدَةُ سَلِمَةٌ، قَالَ لَبِيدٌ:
خَلَقاً كَمَا ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها «2»
والسَّلِمَةُ: وَاحِدَةُ السَّلِمِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ، قَالَ: وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ فِي السَّلِمَةِ:
ذَاكَ خَلِيلي وذُو يُعاتِبُني، ... يَرْمِي وَرَائِي بَامْسَهْمِ وامْسَلِمَهْ
أَراد والسَّلِمَة، وَهِيَ مِنْ لُغَاتِ حِمْير، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لبُجَيرِ بْنِ عَنَمَة الطَّائِيِّ، قَالَ وَصَوَابُهُ:
وإِنَّ مَوْلايَ ذُو يُعاتِبُني، ... لَا إِحْنَةٌ عِندَه وَلَا جَرِمَهْ
يَنْصُرُني مِنْكَ غيرَ مُعْتَذِرٍ، ... يَرْمِي وَرَائِي بامْسَهْمِ وامْسَلِمَهْ
واسْتَلَمَ الحَجر واسْتَلأَمَهُ: قَبَّله أَو اعْتَنَقَهُ، وَلَيْسَ أَصله الْهَمْزُ، وَلَهُ نَظَائِرُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: اسْتَلَم مِنَ السَّلام لَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الِاتِّخَاذِ، وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
__________
(1) . قوله" سالمه إلخ" كذا هو بالأصل.
(2) . قوله" خلقا كما إلخ" صدره:
فَمَدَافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَا
المدافع جمع مدفع: أماكن يندفع عنها الماء من الربى. والريان: جبل. والوحي: الكتاب والجمع الوحى. وخلقا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ وَالْعَامِلُ فيه عرى. والضمير في سلامها للوحي، يعني: غيرت رسوم هذه الديار بالسيول ولم تنمح بطول الزمان فكأَنه كتاب ضمن حجراً: شبه بقاء الآثار لقدم الأيام ببقاء الكتاب في الحجر، أَفاده الزوزني.(12/297)
بَيْنَ الصَّفا والكَعْبَةِ المُسَلَّم
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ أَراد المُسْتَلَم كأَنه بَنَى فِعْلَه عَلَى فَعَّلَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: اسْتَلأَمْتُ الْحَجَرَ، وإِنما هُوَ مِنَ السِّلام، وَهِيَ الْحِجَارَةُ، وكأَن الأَصل اسْتَلمْتُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: اسْتِلامُ الْحَجَرِ افْتِعالٌ فِي التَّقْدِيرِ مأْخوذ مِنَ السِّلام، وَهِيَ الْحِجَارَةُ، تَقُولُ: اسْتَلَمْتُ الْحَجَرَ إِذا لَمَسْتَهُ مِنَ السِّلام كَمَا تَقُولُ اكْتَحَلْتُ مِنَ الكُحْلِ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ الْقُتَيْبِيِّ، قال: وَالَّذِي عِنْدِي فِي اسْتِلَامِ الْحَجَرِ أَنه افْتِعالٌ مِنَ السَّلام وَهُوَ التَّحِيَّةُ، واستلامُه لَمْسُهُ بِالْيَدِ تَحَرِّياً لِقَبُولِ السَّلَامِ مِنْهُ تَبَرُّكًا بِهِ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: اقْتَرَأْتُ مِنْهُ السَّلام، قَالَ: وَقَدْ أَمْلى عليَّ أَعرابي كِتَابًا إِلى بَعْضِ أَهاليه فَقَالَ في آخره: اقْتَرِىءْ مِنِّي السَّلامَ، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ أَن أَهل الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الرُّكْنَ الأَسوَد المُحيَّا، مَعْنَاهُ أَن النَّاسَ يُحَيُّونه بالسَّلام، فَافْهَمْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَقْبَلَ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْحَجَرَ فاسْتَلَمَه ثُمَّ وَضع شفتَيْه عَلَيْهِ يبكي طويلًا فالتفت فإِذا هُوَ بعُمَرَ يَبْكِي، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، هَاهُنَا تُسْكَبُ العَبَراتُ.
وَرَوَى
أَبو الطُّفَيْلِ قَالَ: رأَيت رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَطُوفُ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ بمِحْجَنِه ويُقَبِّل المِحْجَنَ
، قَالَ اللَّيْثُ: اسْتِلامُ الْحَجَرِ تَنَاوُلُهُ بِالْيَدِ وبالقُبْلةِ ومَسْحُه بِالْكَفِّ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا صَحِيحٌ. الْجَوْهَرِيُّ: اسْتَلَمَ الْحَجَرَ لَمَسَهُ إِما بالقُبْلَةِ أَو بِالْيَدِ، لَا يُهْمَزُ لأَنه مأْخوذ مِنَ السِّلام، وَهُوَ الْحَجَرُ، كَمَا تَقُولُ اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ، وَبَعْضُهُمْ يَهْمِزُهُ. والسُّلامى: عظامُ الأَصابع فِي الْيَدِ والقَدَم. وسُلامَى الْبَعِيرِ: عِظَامُ فِرْسِنِه. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السُّلامى عِظامٌ صِغارٌ عَلَى طُولِ الإِصبع أَو قَرِيبٌ مِنْهَا، في كُلِّ يَدٍ وَرِجْلٍ أَربع سُلامَياتٍ أَو ثَلَاثٌ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: عَلَى كلِّ سُلامَى مِنْ أَحدكم صدقةٌ، ويُجْزئ فِي ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يُصَلِّيهِمَا مِنَ الضُّحَى
، قَالَ ابْنُ الأَثير: السُّلامَى جَمْعُ سُلامِيَةٍ وَهِيَ الأُنْمُلَةُ مِنَ الأَصابع، وَقِيلَ: وَاحِدُهُ وَجَمْعُهُ سَوَاءٌ، وَتُجْمَعُ عَلَى سُلامَياتٍ، وَهِيَ الَّتِي بَيْنَ كُلِّ مَفْصِلَيْنِ مِنْ أَصابع الإِنسان، وَقِيلَ: السُّلامَى كُلُّ عَظْمٍ مُجَوَّفٍ مِنْ صِغار الْعِظَامِ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ فِي ذِكْرِ السَّنَةِ: حَتَّى آلَ السُّلامَى
أَي رَجَعَ إِليه الْمُخُّ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: السُّلامى فِي الأَصل عَظْمٌ يَكُونُ فِي فِرْسِنِ الْبَعِيرِ، وَيُقَالُ: إِن آخِرَ مَا يَبْقَى فِيهِ الْمُخُّ مِنَ الْبَعِيرِ إِذَا عَجُفَ فِي السُّلامَى وَفِي الْعَيْنِ، فإِذا ذَهَبَ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَقيَّة بَعْدُ، وأَنشد لأَبي مَيْمُون النَّضْرِ بْنِ سَلَمَة العِجْليّ:
لَا يَشْتَكِينَ عَمَلًا مَا أَنْقَيْن، ... مَا دَامَ مُخٌّ فِي سُلامى أَو عَيْن
قَالَ: وكأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ
عَلَى كُلِّ سُلامى مِنْ أَحدكم صدقةٌ
أَن عَلَى كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظام ابْنِ آدَمَ صَدَقَةً، وَالرَّكْعَتَانِ تُجْزِيَانِ مِنْ تِلْكَ الصَّدَقَةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: السُّلامى عِظَامُ الأَصابع والأَشاجِع والأَكارعِ، وَهِيَ كَعابِرُ كأَنها كِعابٌ، وَالْجَمْعُ سُلامَياتٌ، قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: فِي الْقَدَمِ قَصَبُها وسُلامَياتُها، وَقَالَ: عِظام الْقَدَمِ كُلُّهَا سُلامَياتٌ، وقَصَبُ عِظام الأَصابع أَيضاً سُلامَياتٌ، الْوَاحِدَةُ سُلامى، وَفِي كُلِّ فِرْسِنٍ سِتُّ سُلامَياتٍ ومَنْسِمان وأَظَلُّ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ لِلْجِلْدَةِ الَّتِي بَيْنَ الْعَيْنِ والأَنف سالمٌ، وَقَالَ عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ فِي ابْنِهِ سَالِمٍ:(12/298)
يُديرُونَني عَنْ سالمٍ وأُريغُهُ، ... وجِلْدَةُ بينَ العينِ والأَنفِ سالِمُ
قَالَ: وَهَذَا الْمَعْنَى أَراد عَبْدُ المَلِكِ فِي جَوَابِهِ عَنْ كِتَابِ الحَجَّاجِ أَنه عِنْدِي كَسَالِمٍ وَالسَّلَامِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا وَهْمٌ قَبِيحٌ أَي جَعْلُهُ سالِماً اسْمًا لِلْجِلْدَةِ الَّتِي بَيْنَ الْعَيْنِ والأَنف، وإِنما سالِم ابْنُ ابْنِ عُمَرَ، فَجَعَلَهُ لِمَحَبَّتِهِ بِمَنْزِلَةِ جِلْدَةٍ بَيْنَ عَيْنِهِ وأَنفه. والسَّلِيمُ مِنَ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ الأَشْعر «1» وَبَيْنَ الصَّحْن مِنْ حَافِرِهِ. والأُسَيْلِمُ: عِرْقٌ فِي الْيَدِ، لَمْ يأْت إِلَّا مُصَغَّراً، وَفِي التهذيبِ: عِرْقٌ فِي الْجَسَدِ. الْجَوْهَرِيُّ: الأُسَيْلِمُ عِرْقٌ بَيْنَ الخِنْصِرِ والبِنْصِر. والسُّلَّمُ: وَاحِدُ السَّلالِيمِ الَّتِي يُرْتَقَى عَلَيْهَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: السُّلَّمُ الدرجةُ والمِرقاةُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
لَا تُحْرِزُ المرْءَ أَحْجاءُ البِلادِ، وَلَا ... يُبْنى لَهُ فِي السَّماواتِ السَّلالِيمُ
احْتَاجَ فَزَادَ الْيَاءَ، قَالَ الزَّجَّاجُ: سُمِّيَ السُّلَّمُ سُلَّماً لأَنه يُسْلِمُكَ إِلى حَيْثُ تُرِيدُ. والسُّلَّمُ: السَّبَبُ إِلى الشَّيْءِ، سُمِّيَ بِهَذَا الإِسم لأَنه يؤدِّي إِلى غَيْرِهِ كَمَا يؤدِّي السُّلَّمُ الَّذِي يُرْتَقى عَلَيْهِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا سُمّي الغَرْزُ بِذَلِكَ، قَالَ أَبو الرُّبَيْسِ التَّغْلَبيُّ:
مُطارة قَلْبٍ إِن ثَنى الرِّجْلَ رَبُّها ... بِسُلَّمِ غَرْزٍ فِي مُناخٍ يُعاجِلُهْ
وَقَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ الأَنباري: سُمِّيَتْ بَغْدَادُ مَدِينَةَ السَّلام لِقُرْبِهَا مِنْ دَجْلَةَ، وَكَانَتْ دَجْلَةُ تُسَمَّى نَهْرَ السَّلامِ. وسَلْمى: أَحد جَبَلَيْ طَيِءٍ. والسُّلامى: الجَنُوبُ مِنَ الرِّيَاحِ، قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
مَرَتْهُ السُّلامى فاسْتَهَلَّ وَلَمْ تَكُنْ ... لتَنْهَضَ إِلَّا بالنُّعامى حَوامِلُهْ
وأَبو سَلْمان: ضَرْبٌ مِنَ الوَزَغِ والجِعْلان. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَبو سَلْمانَ كُنْيَةُ الجُعَلِ، وَقِيلَ: هُوَ أَعظم الجِعْلان، وَقِيلَ: هُوَ دُوَيْبَةٌ مِثْلُ الجُعَلِ لَهُ جَنَاحَانِ، وَقَالَ كُرَاعٍ: كُنْيَتُهُ أَبو جَعْرانَ، بِفَتْحِ الْجِيمِ. وسَلْمان: اسْمُ جَبَلٍ وَاسْمُ رَجُلٍ. وسالِمٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وسَلامانُ: مَاءٌ لَبَنِي شَيْبَانَ. وسَلامان: بَطْنَانِ بَطْنٌ فِي قُضاعَةَ وبَطْنٌ فِي الأَزْدِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: سَلامانُ بَطْنٌ فِي الأَزْدِ وقُضاعَةَ وطيِءٍ وقَيْسِ عَيْلانَ. وسَلامانُ بْنُ غَنْمٍ قَبِيلَةٌ اسْمُ غَنْمٍ اسْمُ قَبِيلَةٍ «2» . وسُلَيْمٌ قَبِيلَةٍ مِنْ قَيْس عَيْلانَ. وَهُوَ سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ عَيْلانَ. وسُلَيْمٌ أَيضاً: قَبِيلَةٌ فِي جُذامَ مِنَ اليمن. وبنو سُلَيْمَةَ: بَطْنٌ مِنَ الأَزْدِ. وبنو سَلِيمَةَ: مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: النَّسَبُ إِلى سَلِيمَة سَليمِيٌّ، نادر. وسَلُّومُ: اسم مُرادٍ. وأَسْلَمُ: أَبو قبيلة في مُرادٍ. وبنو سَلِمَةَ: بطن من الأَنصار، وليس في العرب سَلِمَةُ غَيْرُهُمْ، بِكَسْرِ اللَّامِ، وَالنِّسْبَةِ إِليهم سَلِمِيٌّ، وَالنِّسْبَةِ إِلى بَنِي سُلَيْمٍ وإِلى سَلامَةَ سَلامِيٌّ. وأَبو سُلْمَى، بِضَمِّ السِّينِ: أَبو زُهَيْر بْنُ أَبي سُلْمى، الشَّاعِرِ المُزَنيّ، على فُعْلى، واسمه رَبيعَةُ بْنُ رَباحٍ مَنْ بَنِي مازِنٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَلَيْسَ فِي الْعَرَبِ سُلْمى غَيْرُهُ، لَيْسَ سُلْمى مِنَ الأَسْلَمِ كالكُبْرى مِنَ الأَكْبَرِ. وَعَبْدُ
__________
(1) . قوله" الأشعر" كذا بالأصل، والذي في خط الصاغاني: والسليم من الحافر بين الأمعر والصحن من باطنه.
(2) . قوله" اسْمُ غَنْمٍ اسْمُ قَبِيلَةٍ" هكذا بالأصل المعول عليه بأَيدينا.(12/299)
اللَّه بْنُ سَلامٍ، بِتَخْفِيفِ اللَّامِ، وَكَذَلِكَ سلامُ بْنُ مِشْكَم: رَجُلٌ كَانَ مِنَ الْيَهُودِ، مُخَفَّفٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا تَداعَوْا بأَسْيافِهِمْ، ... وحانَ الطِّعانُ، دَعَوْنا سَلاما
يَعْنِي دَعَوْنا سَلامَ بْنَ مِشْكَمٍ، وأَما الْقَاسِمُ بْنُ سَلّامٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ فَاللَّامُ فِيهِمَا مُشَدَّدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَر: ذَكَرَ السُّلالِم، هِيَ بِضَمِّ السِّينِ، وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا، حِصْنٌ مِنْ حُصُون خَيْبَرَ، ويقال فيه السُّلالِيمُ أَيضاً. والأُسْلُومُ: بُطُونٌ مِنَ الْيَمَنِ. وسَلْمانُ وسُلالِمُ: مَوْضِعَانِ. والسَّلامُ: مَوْضِعٌ. وَدَارَةُ السَّلامِ: موضع هنا لك. وَذَاتُ السُّلَيْمِ: مَوْضِعٌ، قَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
تَحَمَّلْنَ مِنْ ذَاتِ السُّلَيْمِ، كاَّنها ... سَفائِنُ يَمٍّ تَنْتَحِيها دَبُورُها
وسَلَمِيَّةُ: قَرْيَةٌ. وسَلَمِيَّةُ: قَبِيلَةٌ مِنَ الأَزْدِ. وسُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورٍ: قَبِيلَةٌ. وسَلَمَةُ ومَسْلَمَةُ وسَلامٌ وسَلامَةُ وسُلَيْمانُ وسُلَيْمٌ وسَلْمٌ وسَلَّامٌ وسَلَّامَةُ، بِالتَّشْدِيدِ، ومُسْلِمٌ وسَلْمانُ: أَسماء. ومَسْلَمَةُ: اسمُ مَفْعَلَةٌ مِنَ السَّلْمِ. وسَلِمَةُ، بِكَسْرِ اللَّامِ أَيضاً: اسْمُ رَجُلٍ وسَلْمى: اسْمُ رَجُلٍ. الْمُحْكَمُ: وسَلْمى اسْمُ امرأَة، وَرُبَّمَا سُمِّيَ بِهَا الرَّجُلُ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: لَيْسَ سَلْمانُ مِنْ سَلْمى كسَكْرانَ مِنْ سَكْرى، أَلا تَرَى أَن فَعْلان الَّذِي يُقَابِلُهُ فَعْلى إِنما بَابُهُ الصِّفَةُ كغَضْبان وغَضْبى وعَطْشان وعَطْشى؟ وَلَيْسَ سَلْمان وسَلْمى بِصِفَتَيْنِ وَلَا نَكِرَتَيْنِ، وإِنما سَلْمان مِنْ سَلْمى كقَحْطان مِنْ قَحْطى، ولَيْلان مِنْ لَيْلى، غَيْرَ أَنهما كَانَا مَنْ لَفْظٍ وَاحِدٍ فَتَلَاقَيَا فِي عُرْضِ اللُّغَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا إِيثار لتقاوُدِهما، أَلا تَرَى أَنك لَا تَقُولُ هَذَا رَجُلٌ سَلْمان وَلَا هَذِهِ امرأَة سَلْمى كَمَا تَقُولُ هَذَا رَجُلٌ سَكْران وَهَذِهِ امرأَة سَكْرى، وَهَذَا رَجُلٌ غَضْبان وَهَذِهِ امرأَة غَضْبى، وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ فِي العَلَمِ لَيْلان لَكَانَ مِنْ لَيْلى كسَلْمان مِنْ سَلْمى، وَكَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ فِيهِ قَحْطى لَكَانَ مِنْ قَحْطان كسَلْمى مِنْ سَلْمان، وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: سُلَيْمان تَصْغِيرُ سَلْمان، وَقَوْلُ الحُطَيْئةِ:
جَدْلاءَ مُحْكَمَةٍ مِنْ نَسجِ سَلَّامِ «3»
كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيانيّ:
ونَسْج سُلَيْم كُلَّ قَضّاء ذائِل
أَراد نَسْجَ دَاوُدَ فَجَعَلَهُ سُلَيْمانَ ثُمَّ غَيَّرَ الِاسْمَ فَقَالَ سَلَّام وسُلَيْم، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي أَشعارهم كَثِيرٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالُوا فِي سُلَيْمانَ اسْمَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُلَيْمٌ وسَلّام فَغَيَّرُوهُ ضَرُورَةً، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ الذُّبْياني، وأَنشد لِآخَرَ:
مُضاعَفَة تَخَيَّرَها سُلَيْمٌ، ... كأَن قَتِيرَها حَدَقُ الجَرادِ
وَقَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
ودَعا بمُحْكَمَةٍ أَمينٍ سَكُّها، ... مِنْ نَسْجِ داودٍ أَبي سلَّامِ
وَحَكَى الرُّؤاسي: كَانَ فُلَانٌ يُسَمّى مُحَمَّدًا ثُمَّ تَمَسْلَم أَي تَسَمَّى مُسْلِماً، الْجَوْهَرِيُّ: وسَلْمَى حَيٌّ مِنْ دَارِمَ، وَقَالَ:
تُعَيِّرُني سَلْمَى، وَلَيْسَ بقُضأَةٍ، ... وَلَوْ كنتُ مِنْ سَلْمَى تَفَرَّعْتُ دارِما
__________
(3) . قوله" جدلاء محكمة إلخ" صدره: فيه الرماح وفيه كل سابغة(12/300)
قَالَ: وَفِي بُنِيَ قُشَيْرٍ سَلَمَتان سَلَمَةُ بْنُ قُشَيٍر وَهُوَ سَلَمَة الشَّرِّ وأُمُّه لُبَيْنَى بِنْتُ كَعْبِ بْنِ كلابٍ، وسَلَمَةُ بْنُ قُشَيْرٍ وَهُوَ سَلَمَة الْخَيْرِ وَهُوَ ابْنُ القُشَيْرِيَّة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والسَّلَمَتانِ سَلَمَةُ الْخَيْرِ وسَلَمَةُ الشَّرِّ، وإِنما قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا قُرَّةَ بنَ هُبَيْرَةَ بنِ قُشَيْرٍ، ... يا سيِّدَ السَّلَماتِ، إِنك تظْلمُ
لأَنه عَنَاهُمَا وقومَهما. وَحُكِيَ أَسْلُم اسْمُ رَجُلٍ، حَكَاهُ كُرَاعٍ وَقَالَ: سُمِّيَ بِجَمْعِ سَلْمٍ، وَلَمْ يُفَسِّرْ أَيّ سَلْمٍ يَعْنِي، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه جَمَعَ السَّلْمِ الَّذِي هُوَ الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ. وسُلالِمُ: اسْمُ أَرض، قَالَ كعبُ بْنُ زُهَيرٍ:
ظَلِيمٌ مِنَ التَّسْعاء، حَتَّى كأَنه ... حَدِيثٌ بِحُمَّى أَسْأَرَتْها سُلالِمُ «1»
وسُلَّمٌ فَرَسُ زَبَّانَ بْنِ سَيَّارٍ. والسِّلامُ، بِالْكَسْرِ: مَاءٌ، قَالَ بِشْرٌ:
كأَنَّ قُتُودِي عَلَى أَحْقَبٍ ... يُريدُ نَحُوصاً تَؤُمُّ السِّلاما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ فِي شِعْرِهِ تَدُقُّ السِّلاما، والسِّلامُ، عَلَى هَذِهِ الرواية: الحجارة.
سلتم: السِّلْتِمُ، بِالْكَسْرِ: الدَّاهِيَةُ وَالسَّنَةُ الصَّعْبَةُ، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي الْهَيْثَمِ التَّغْلَبيِّ فِي الدَّاهِيَةِ:
ويَكْفَأُ الشِّعْبَ، إِذا مَا أَظْلَمَا، ... ويَنْثَني حِينَ يخافُ سِلْتِمَا
وأَنشد فِي السَّنَةُ الصَّعْبَةِ:
وَجَاءَتْ سِلْتِمٌ لَا رَجْعَ فِيهَا، ... وَلَا صَدْعٌ فَتَحْتَلِبَ الرَّعاءُ
والسِّلْتِمُ: الغُولُ.
سلجم: السَّلْجَمُ: الطَّوِيلُ مِنَ الْخَيْلِ. والسَّلْجَمُ: النَّصْلُ الطَّوِيلُ. والسَّلْجَمُ: الدَّقِيقُ مِنَ النِّصال. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّلْجَمُ مِنَ النِّصَالِ الطَّوِيلُ الْعَرِيضُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤيبٍ:
فَذَاكَ تِلادُهُ ومُسَلْجَماتٌ ... نظائِرُ كلِّ خَوَّارٍ بَرُوقِ
إِنما عَنَى سِهاماً مطوَّلات مُعَرَّضات. وَيُقَالُ لِلنِّصَالِ الْمُحَدَّدَةِ: سَلاجِمُ وسَلامِجُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَغْدُو بكَلْبَيْنِ وقَوْسٍ قارِح، ... وقَرَنٍ وصِيغَةٍ سَلاجِم
والسَّلاجِمُ: سِهامٌ طِوالُ النِّصال. والسَّلْجَمُ: الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ. وَرَجُلٌ سَلْجَمٌ وسُلاجمٌ: طَوِيلٌ، وَالْجَمْعُ فِيهِمَا سَلاجِمُ، بِالْفَتْحِ. وجَمَلٌ سَلْجَمٌ وسُلاجِم، بِالضَّمِّ: مُسِنٌّ شَدِيدٌ. ولَحْيٌ سَلْجَمٌ: شَدِيدٌ وَافِرٌ كَثيفٌ. ورأْس سَلجَمٌ: طَوِيلُ اللَّحْيَيْنِ. وَبَعِيرٌ سُلاجِمٌ: عَرِيضٌ. والسَّلْجَم: نَبْتٌ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ البُقُول؛ قَالَ:
تَسْأَلُني برامَتَيْنِ سَلْجَما، ... لَوْ أَنَّها تَطْلُب شَيْئًا أَمَمَا
وَيُرْوَى:
يَا مَيّ، لَوْ سأَلتِ شَيْئًا أَمَمَا، ... جَاءَ بِهِ الكَرِيُّ أَو تَجَشَّمَا
التَّهْذِيبِ: المأْكول يُقَالُ لَهُ سَلْجَم، وَلَا يُقَالُ لَهُ شَلْجَم وَلَا ثَلْجَم؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي الزحف:
__________
(1) . قوله" ظليم من التسعاء" الذي في المحكم: طليح.(12/301)
هَذَا ورَبِّ الرَّاقِصاتِ الرُّسَّمِ ... شِعْرِي، وَلَا أُحسِنُ أَكل السَّلْجَمِ
قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِهِ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَيُرْوَى الرَّجَزُ بِالسِّينِ وَالشِّينِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّلْجَمُ معرَّب وأَصله بِالشِّينِ، وَالْعَرَبُ لَا تَتَكَلَّمُ بِهِ إِلا بِالسِّينِ، قَالَ: وَكَذَا ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ بِالسِّينِ فِي بَابِ عِلَل مَا يَجْعَلُهُ زَائِدًا فَقَالَ: وتُجْعَل السينُ زَائِدَةً إِذا كَانَتْ فِي مِثْلِ سَلْجَم.
سلخم: الأَصمعي: إِنه لَمُطْرَخِمٌّ ومُطْلَخِمّ أَي متكبِّر مُتَعَظِّمٌ، وَكَذَلِكَ مُسْلَخِمّ.
سلطم: السَّلْطَم والسُّلاطِم: الطَّوِيلُ. والسَّلْطم أَيضاً: الَّذِي يبتلِع كلَّ شَيْءٍ.
سلعم: رَجُلٌ سِلْعام: طَوِيلُ الأَنف دقيقُه، وَقِيلَ: السِّلْعام الواسِع الفَمِ. المُفَضَّل: هُوَ أَخبث مِنْ أَبي سِلْعامةَ، وَهُوَ الذِّئْبُ؛ قَالَ الطرمَّاح يَصِفُ كِلاباً:
مُرْغِنات لأَخْلَجِ الشِّدْق سِلْعامٍ ... مُمَرٍّ مَفْتولةٍ عَضُدُهْ «1»
قَوْلُهُ مُرْغِنات أَي مُصْغِيات لدُعاء كَلْبٌ أَخْلَجِ الشِّدْقِ واسِعه.
سلغم: السَّلْغَمُ: الطويل.
سلقم: السَّلْقَمُ: الْعَظِيمُ مِنَ الإِبل، وَالْجَمْعُ سَلاقِم وسَلاقِمَة. والسِّلْقِمَةُ: الذِّئبَةُ «2» .
سلهم: اسلَهَمَّ المريضُ: عُرِف أَثَرُ مَرَضِه فِي بدَنهِ، وَقِيلَ: المُسْلَهِمُّ الَّذِي قَدْ ذَبَلَ ويَبِس إِمَّا مِنْ مَرَض، وإِمَّا مِنْ هَمٍّ، لَا يَنام عَلَى الْفِرَاشِ، يَجِيءُ ويذهَب، وَفِي جَوْفِهِ مَرَضٌ قَدْ أَيْبَسَه وغَيَّر لَوْنه، وَقَدِ اسْلَهَمَّ اسْلِهْماماً، وَقِيلَ: هُوَ الضَّامِرُ الْمُضْطَرِبُ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ. الأَصمعي: المُسْلَهِمُّ المتغيِّر اللَّوْن، وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ الَّذِي بَرَاهُ المرض والدُّؤوب فَصَارَ كأَنه مَسْلول. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: اسْلَهَمَّ الشَّيْءُ اسْلِهْماماً أَي تَغَيَّرَ رِيحُه. وسِلْهِمٌ، بِالْكَسْرِ: اسْمُ رَجُلٍ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سِلْهِم حَيٌّ مِنْ مَذْحجٍ، والله أَعلم.
سمم: السَّمُّ والسِّمُّ والسُّمُّ: القاتلُ، وَجَمْعُهَا سِمامٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام، يذُمُّ الدُّنْيَا: غِذَاؤُهَا سِمام
، بِالْكَسْرِ؛ هُوَ جَمْعُ السَّمِّ الْقَاتِلُ. وشيءٌ مَسْمُوم: فِيهِ سَمٌّ. وسَمَّتْه الهامَّة: أَصابَتْه بسَمِّها. وسَمَّه أَي سَقَاهُ السمَّ. وسَمَّ الطَّعَامَ: جَعَلَ فِيهِ السُّمَّ. والسَّامَّةُ: الموتُ، نَادِرٌ، وَالْمَعْرُوفُ السَّامُ، بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ بِلَا هَاءٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمير بْنِ أَفْصَى: تُورِدُه السَّامَّةَ
أَي الْمَوْتَ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِي الْمَوْتِ أَنه السَّامُ، بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَتْ لِلْيَهُودِ عَلَيْكُمُ السَّامُ والدَّامُ.
وأَما السَّامَّةُ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، فَهِيَ ذواتُ السُّمومِ مِنَ الهوامِّ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ إِني أَعوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وهامَّه، وَمِنْ كلِّ عَيْنٍ لامَّه، وَمِنْ شرِّ كُلِّ سامَّه.
وَقَالَ شَمِرٌ: مَا لَا يَقْتُل ويَسُمُّ فَهِيَ السَّوامُّ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، لأَنها تَسُمُّ وَلَا تَبْلُغُ أَن تقتُل مِثْلَ الزُّنْبور والعَقْرب وأَشباههما. وَفِي الْحَدِيثِ
: أُعِيذُكُما بكَلِمات اللَّهِ التامَّه مِنْ كُلِّ سامَّه.
والسَّمُّ: سَمُّ الحية. والسامَّةُ: الخاصَّة؛
__________
(1) . قوله [مرغنات] قد تقدم في مادة خلج: موعبات وهو خطأ والصواب ما هنا كما هو في التكملة
(2) . قوله [والسلقمة الذئبة] هكذا في الأَصل مضبوطاً، والذي في القاموس: السلقمة الريبة وضبطه بفتح السين، قال شارحه: هكذا في النسخ، والذي في اللسان السلقمة، بالكسر، الذئبة انتهى. لكن الذي في القاموس مثله في المحكم غير أنه ضبطت فيه بكسر السين كاللسان(12/302)
يُقَالُ: كَيْفَ السَّامَّةُ والعامَّةُ. والسُّمَّةُ: كالسامَّةِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ووُصِلَتْ فِي الأَقْربينَ سُمَمُهْ
وسَمَّه سَمّاً: خصَّه. وسَمَّتِ النِّعْمَةُ أَي خصَّت؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
هُوَ الَّذِي أَنْعَمَ نُعْمى عَمَّتِ، ... عَلَى البِلاد، رَبُّنا وسَمَّتِ
وَفِي الصِّحَاحِ: عَلَى الَّذِينَ أَسْلَموا وسَمَّتِ أَي بَلَغت الكلَّ. وأَهل المَسَمَّةِ: الخاصَّةُ والأَقارب، وأَهلُ المَنْحاة: الَّذِينَ ليسُوا بالأَقارب. ابْنُ الأَعرابي: المَسَمَّةُ الخاصَّةُ، والمَعَمَّةُ العامَّةُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ: كُنَّا نَقُولُ إِذا أَصبَحْنا: نعوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ السامَّة والعامَّة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: السَّامَّة هَاهُنَا خاصَّة الرَّجُلِ، يُقَالُ: سَمَّ إِذا خَصَّ. والسَّمُّ: الثَّقْبُ. وسَمُّ كلِّ شَيْءٍ وسُمُّه: خَرْتُه وثَقْبُه، وَالْجَمْعُ سُمُومٌ، وَمِنْهُ سَمُّ الخِيَاط. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ
؛ قَالَ يُونُسُ: أَهل الْعَالِيَةِ يَقُولُونَ السُّمُّ والشُّهْدُ، يَرْفَعُون، وَتَمِيمٌ تَفْتَحُ السَّمَّ والشَّهْدَ، قَالَ: وَكَانَ أَبو الْهَيْثَمِ يَقُولُ هُمَا لُغَتَانِ سَمٌّ وسُمٌّ لِخَرْقِ الإِبْرة. وسُمَّةُ المرأَة: صَدْعُها وَمَا اتَّصل بِهِ مِنَ رَكَبِها وشُفْرَيْها. وَقَالَ الأَصمعي: سُمَّةُ المرأَة ثَقْبة فَرْجِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئتم سِماماً وَاحِدًا
؛ أَي مَأْتىً وَاحِدًا، وَهُوَ مِنْ سِمام الإِبرة ثَقْبِها، وانْتَصَب عَلَى الظَّرْفِ، أَي فِي سِمام وَاحِدٍ، لَكِنَّهُ ظَرْفٌ مَخْصُوصٌ، أُجري مُجْرى المُبْهَم. وسُمومُ الإِنسانِ وَالدَّابَّةِ: مَشَقُّ جِلْده «1» . وسُمُوم الإِنسانِ وسِمامُه: فَمُه ومَنْخِرُه وأُذنُه، الْوَاحِدُ سَمٌّ وسُمٌّ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ السُّمُّ الْقَاتِلُ، يُضَمُّ وَيُفْتَحُ، وَيُجْمَعُ عَلَى سُموم وسِمام. ومَسامُّ الْجَسَدِ: ثُقَبُه. ومَسامُّ الإِنسان: تَخَلْخُل بَشَرَتِهِ وجلْده الَّذِي يبرُزُ عَرقُهُ وبُخار بَاطِنِهِ مِنْهَا، سمِّيت مَسامَّ لأَن فِيهَا خُروقاً خَفِيَّةً وَهِيَ السُّموم، وسُمومُ الفَرس: مَا رقَّ عَنْ صَلابة العظْم مِنْ جَانِبَيْ قصَبة أَنفه إِلى نَواهِقه، وَهِيَ مَجاري دُمُوعِهِ، وَاحِدُهَا سَمٌّ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فِي وَجْهِ الْفَرَسِ سُمومٌ، وَيُسْتَحَبُّ عُرْيُ سُمومِه، وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى العِتْق؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ الفرَس:
طِرْف أَسِيل مَعْقِد البَرِيمِ، ... عارٍ لَطيف مَوْضِعِ السُّمُومِ
وَقِيلَ: السَّمَّانِ عِرْقان فِي أَنف الْفَرَسِ. وأَصاب سَمَّ حاجتِه أَي مطلَبَه، وَهُوَ بَصِيرٌ بسَمِّ حَاجَتِهِ كَذَلِكَ. وسَمَمْت سَمَّك أَي قَصَدْتُ قَصْدَك. وَيُقَالُ: أَصبت سَمَّ حَاجَتِكَ فِي وَجْهِهَا. والسَّمُّ: كُلُّ شَيْءٍ كالوَدَعِ يخرُج مِنَ الْبَحْرِ. والسُّمَّةُ والسَّمُّ: الوَدَع المنظومُ وأَشباهُه، يستخرَجُ مِنَ الْبَحْرِ يُنْظَم لِلزِّينَةِ، وَقَالَ اللَّيْثُ فِي جَمْعِهِ السُّموم، وَقَدْ سَمَّه؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
عَلَى مُصْلَخِمٍّ مَا يَكَادُ جَسِيمُه ... يَمُدُّ بِعِطْفَيْه الوَضِينَ المُسَمَّما
أَراد: وَضِيناً مزيَّناً بالسُّموم. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِتَزاويقِ وجهِ السَّقْف سَمَّان، وَقَالَ غَيْرُهُ: سَمُّ الوَضِينِ عُرْوَتُه، وَكُلُّ خَرْق سَمٌّ. والتَّسْمِيمُ:
__________
(1) . قوله [مشق جلده] الذي في المحكم: مشاق(12/303)
أَن يَتَّخِذَ للْوَضينِ عُرىً؛ وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
عَلَى كلِّ نَابِي المَحْزِمَيْنِ تَرى لَهُ ... شَراسِيفَ، تَغْتالُ الوَضِينَ المُسَمَّما
أَي الَّذِي لَهُ ثَلَاثُ عُرىً وَهِيَ سُمُومُه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّمَّانُ الأَصْباغُ الَّتِي تُزَوَّقُ بِهَا السقُوف، قَالَ: وَلَمْ أَسمع لَهَا بِوَاحِدَةٍ. وَيُقَالُ لِلْجُمَّارة: سُمَّة القُلْب. قَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِجُمَّارة النَّخْلَةِ سُمَّة، وَجَمْعُهَا سُمَم، وَهِيَ اليَقَقَةُ. وسَمَّ بَيْنَ الْقَوْمِ يَسُمُّ سَمّاً: أَصْلَح. وسَمَّ شَيْئًا: أَصلحه. وسَمَمْت الشيءَ أَسُمُّه: أَصلحته. وسَمَمْت بَيْنَ الْقَوْمِ: أَصْلَحْت؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وتَنْأَى قُعُورُهُمُ فِي الأُمُور ... عَلَى مَنْ يَسُمُّ، ومَن يَسْمُل
وسَمَّه سَمّاً: شدَّه. وسَمَمْت القارورةَ ونحوَها والشيءَ أَسُمُّه سَمّاً: شدَدْتُه، وَمِثْلُهُ رَتَوْتُه. وَمَا لَهُ سَمٌّ وَلَا حَمٌّ، بِالْفَتْحِ، غيرُك وَلَا سُمٌّ وَلَا حُمٌّ، بِالضَّمِّ، أَي مَا لَهُ هَمٌّ غَيْرُكَ. وَفُلَانٌ يَسُمُّ ذَلِكَ الأَمر، بِالضَّمِّ، أَي يَسبُره وينظُر مَا غَوْرُهُ. والسُّمَّةُ: حَصِيرٌ تُتَّخذ مِنْ خُوصِ الغَضف، وَجَمْعُهَا سِمامٌ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. التَّهْذِيبُ: والسُّمَّةُ شِبْه سُفْرَةٍ عَرِيضَةٍ تُسَفُّ مِنَ الْخُوصِ وَتُبْسَطُ تَحْتَ النَّخْلَةِ إِذا صُرِمت ليسقُط مَا تَناثَر مِنَ الرُّطَب والتمر «1» عليهما، قَالَ: وَجَمْعُهَا سُمَمٌ. وسامُّ أَبْرَصَ: ضَرْبٌ مِنَ الوَزَغ. وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنْ كِبَارِ الوَزَغ، وسامَّا أَبرصَ، وَالْجَمْعُ سَوامُّ أَبْرصَ. وَفِي حَدِيثِ
عِياض: مِلْنا إِلى صَخْرَةٍ فإِذا بَيْض، قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: بِيضُ السامِ
، يُرِيدُ سامَّ أَبْرصَ نَوْعٌ مِنَ الوَزَغ. والسَّمُومُ: الريحُ الحارَّة، تُؤَنَّثُ، وَقِيلَ: هِيَ الْبَارِدَةُ لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارًا، تَكُونُ اسْمًا وَصِفَةً، وَالْجَمْعُ سَمائم. ويومٌ سامٌّ ومُسِمٌّ؛ الأَخيرة قَلِيلَةٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. أَبو عُبَيْدَةَ: السَّمومُ بِالنَّهَارِ، وَقَدْ تَكُونُ بِاللَّيْلِ، والحَرُور بِاللَّيْلِ، وَقَدْ تَكُونُ بِالنَّهَارِ؛ يُقَالُ مِنْهُ: سُمَّ يومُنا فَهُوَ مَسْمومٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرمَّة:
هَوْجاء راكِبُها وَسْنانُ مَسْمُومُ
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَتْ تَصُومُ فِي السفَر حَتَّى أَذْلَقَها السَّمُومُ
؛ هُوَ حرُّ النَّهَارِ. ونَبْتٌ مَسْمُومٌ: أَصابتْه السَّمومُ. ويومٌ مَسْمُومٌ: ذُو سَمومٍ؛ قَالَ:
وَقَدْ عَلَوْت قُتودَ الرَّحْل، يَسْفَعُني ... يَوْمٌ قُدَيْدِمُهُ الجَوْزاء مَسْموم
التَّهْذِيبِ: وَمِنْ دَوَائِرِ الْفُرْسِ دَائِرَةُ السَّمامةِ، وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي وَسَط العُنُق فِي عَرضها، وَهِيَ تستحبُّ، قَالَ: وسُمومُ الفَرس أَيضاً كُلُّ عظْم فِيهِ مُخٌّ، قَالَ: والسُّمومُ أَيضاً فُروجُ الفَرس، وَاحِدُهَا سَمٌّ، وفُروجُه عَيناه وأُذناه ومَنْخِراه؛ وأَنشد:
فنَفَّسْتُ عَنْ سَمَّيْه حَتَّى تَنَفَّسا
أَراد عَنْ مَنْخِريه. وسُمومُ السَّيْفِ: حُزوزٌ فِيهِ يعلَّمُ بِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ الخَوارج:
لِطافٌ بَراها الصومُ حَتَّى كأَنَّها ... سُيوف يَمانٍ، أَخْلَصَتْها سُمُومُها
يَقُولُ: بَيَّنَت هَذِهِ السُّموم عَنْ هَذِهِ السيوف أَنها
__________
(1) . قوله [والتمر] الذي في التكملة: والبسر(12/304)
عُتُق، قَالَ: وسُموم العُتُق غَيْرَ سُموم الحُدْث. والسَّمام، بِالْفَتْحِ: ضَرْب مِنَ الطَّيْرِ نَحْوَ السُّمانى، وَاحِدَتُهُ سَمامَة؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ دُونَ القَطَا فِي الخِلْقَة، وَفِي الصِّحَاحِ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ وَالنَّاقَةُ السَّرِيعَةُ أَيضاً؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدًا عَلَى النَّاقَةِ السَّرِيعَةِ:
سَمام نَجَتْ مِنْهَا المَهارَى، وغُودِرَتْ ... أَراحِيبُها والمَاطِلِيُّ الهَمَلَّعُ
وَقَوْلُهُمْ فِي المثَل: كلَّفْتَني بَيْضَ السَّماسِم؛ فسرَّه فَقَالَ: السَّماسِمُ طَيْرٌ يُشْبه الخُطَّاف، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا وَاحِدًا. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ فِي مثَل إِذا سُئل الرَّجُلُ مَا لَا يَجِد وَمَا لَا يَكُونُ: كلَّفْتني سَلَى جَمَلٍ، وَكَلَّفْتَنِي بَيْضَ السَّماسِم، وَكَلَّفْتَنِي بِيضَ الأَنُوق؛ قَالَ: السَّماسِم طَيْرٌ مِثْلَ الخَطاطيف لَا يُقْدَر لَهَا عَلَى بَيْضٍ. والسَّمامُ: اللِّوَاءُ، عَلَى التَّشْبِيهِ. وسَمامَةُ الرجُلِ وكلِّ شَيْءٍ وسَماوتُه: شخصُه، وَقِيلَ: سَماوتُه أَعلاه. والسَّمامَةُ: الشَّخْصُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وعادِيَة تُلْقِي الثِّيابَ كأَنَّما ... تُزَعْزِعُها، تَحْتَ السَّمامةِ، ريحُ
وَقِيلَ: السَّمامة الطَّلْعة. والسَّمامُ والسَّمْسامُ والسُّماسِم والسُّمْسُمانُ والسُّمْسُمانيُّ، كُلُّهُ: الْخَفِيفُ اللطيفُ السريعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ السَّمْسَمةُ. والسَّمْسامةُ: المرأَة الْخَفِيفَةُ اللَّطِيفَةُ. ابْنُ الأَعرابي: سَمْسَمَ الرجلُ إِذا مَشى مَشْياً رفِيقاً. وسَمسَمٌ وسَمْسامٌ: الذِّئب لخِفَّته، وَقِيلَ: السَّمْسَم الذِّئْبُ الصَّغِيرُ الْجِسْمِ. والسَّمْسَمَةُ: ضَرْبٌ مِنْ عَدْوِ الثَّعْلب، وسَمْسَمٌ والسَّمْسَمُ جَمِيعًا مِنْ أَسمائه. ابْنُ الأَعرابي: السَّمْسَمُ، بِالْفَتْحِ، الثَّعْلب؛ وأَنشد:
فارَقَني ذَأْلانُه وسَمْسَمُه
والسَّمامةُ والسمْسُمة والسِّمْسِمة: دُوَيْبَّة، وَقِيلَ: هِيَ النَّمْلَةُ الْحَمْرَاءُ، وَالْجَمْعُ سَماسِم. اللَّيْثُ: يُقَالُ لدُوَيْبَّة عَلَى خِلْقة الآكِلَة حَمْرَاءُ هِيَ السِّمْسِمة؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيتها فِي الْبَادِيَةِ، وَهِيَ تَلْسع فتُؤلم إِذا لَسَعَت؛ وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: هِيَ السَّماسِم، وَهِيَ هَناتٌ تَكُونُ بِالْبَصْرَةِ تَعَضُّ عَضّاً شديداً، لَهُنَّ رؤوس فِيهَا طُولٌ إِلى الْحُمْرَةِ أَلوانُها. وسَمْسَم: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجِ:
يَا دارَ سَلْمَى، يَا اسْلَمِي ثُمَّ اسْلَمِي ... بسَمْسَمٍ، أَو عَنْ يَمِينِ سَمْسَمِ
وَقَالَ طُفَيل:
أَسَفَّ عَلَى الأَفلاجِ أَيمنُ صَوْبهِ، ... وأَيْسَره يَعْلو مَخارِمَ سَمْسَمِ
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هِيَ رَمْلة مَعْرُوفَةٌ؛ وَقَوْلُ البَعِيث:
مُدامِنُ جَوعاتٍ، كأَنَّ عُروقَه ... مَسَارِبُ حَيَّات تَشَرَّبْنَ سَمْسَمَا
قَالَ: يَعْنِي السَّمَّ، قَالَ: وَمَنْ رَوَاهُ تَسَرَّبْنَ جَعَلَ سَمْسَماً رَمَلَةً، ومساربُ الْحَيَّاتِ: آثَارُهَا فِي السَّهْلِ إِذا مرَّت، تَسَرَّبُ: تَجِيءُ وَتَذْهَبُ، شبَّه عُرُوقَهُ بمَجارِي حَيَّاتٍ لأَنها مُلْتوية. والسِّمْسِمُ: الجُلْجُلانُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ بالسَّراة واليَمَنِ كَثِيرٌ، قَالَ: وَهُوَ أَبيض.(12/305)
الْجَوْهَرِيُّ: السِّمْسِمُ حَبُّ الحَلِّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى ابْنُ خَالَوَيْهِ أَنه يُقَالُ لبائعِ السِّمْسِمِ سَمَّاسٌ، كَمَا قَالُوا لِبَائِعِ اللُّؤلؤ لأْآلٌ. وَفِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ:
كأَنهم عِيدانُ السَّماسِمِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ عَلَى اخْتِلَافِ طُرْقِهِ ونُسَخِه، فإِن صحَّت الرِّوَايَةُ فَمَعْنَاهُ أَن السَّماسِم جَمْعُ سِمْسِم، وعيدانُه تَراها إِذا قُلِعت وتُرِكَتْ لِيُؤْخَذَ حَبُّها دِقاقاً سُوداً كأَنَّها مُحْتَرِقَةٌ، فَشُبِّهَ بِهَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، قَالَ: وَطَالَمَا تَطَلَّبْتُ مَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ وسأَلت عَنْهَا فَلَمْ أَرَ شَافِيًا وَلَا أُجِبْتُ فِيهَا بِمُقْنِعٍ، وَمَا أَشبه مَا تَكُونُ مُحَرَّفةً، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَتْ كأَنهم عِيدَانُ السَّاسَمِ، وَهُوَ خَشَبٌ كَالْآبَنُوسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
سنم: سَنامُ الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ: أَعلى ظَهْرِهَا، وَالْجَمْعُ أَسْنِمَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
نِسَاءٌ عَلَى رؤوسهن كأَسْنِمة البُخْت
؛ هُنَّ اللَّواتي يَتَعَمَّمْنَ بالمَقانِع على رؤوسهنَّ يُكَبِّرْنَها بِهَا، وَهُوَ مِنْ شِعار المُغَنِّيات. وسَنِمَ سَنَماً، فَهُوَ سَنِمٌ: عَظُمَ سَنامُه، وَقَدْ سَنَّمه الكَلأُ وأَسْنمه. وَقَالَ اللَّيْثُ: جَمَلٌ سَنِمٌ وَنَاقَةٌ سَنِمة ضخْمة السَّنام. وَفِي حَدِيثِ لُقْمان:
يَهَب الْمِائَةَ البكْرَةَ السَّنِمةَ
أَي الْعَظِيمَةَ السَّنَامِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُميرٍ:
هَاتُوا بجَزُورٍ سَنِمةٍ، فِي غَدَاةٍ شَبِمةٍ.
وَسَنَامُ كُلِّ شَيْءٍ: أَعلاه؛ وَفِي شِعْرِ حسَّان:
وإِنَّ سَنامَ المَجْدِ، مِنْ آلِ هاشِمٍ، ... بَنُو بِنتِ مَخْزومٍ ووالدُك العَبْدُ
أَي أَعلى الْمَجْدِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
قَضى القُضاة أَنها سَنامُها
فسَّره فَقَالَ: مَعْنَاهُ خِيارُها، لأَن السَّنام خِيارُ مَا فِي الْبَعِيرِ، وسَنَّم الشيءَ: رَفَعَه. وسَنَّم الإِناء إِذا ملأَه حَتَّى صَارَ فَوْقَهُ كالسَّنام. ومَجْدٌ مُسَنَّم: عَظِيمٌ. وسَنَّم الشَّيْءَ وتَسَنَّمه: عَلَاهُ. وتَسَنَّم الفحلُ النَّاقَةَ: رَكِبَهَا وَقاعَها؛ قَالَ يَصِفُ سَحَابًا:
مُتَسَنِّماً سَنِماتِها، مُتَفَجِّساً ... بالهَدْرِ يَملأُ أَنْفُساً وَعُيُونَا
وَيُقَالُ: تَسَنَّم السَّحابُ الأَرض إِذا جادَها. وتسنَّم الفحلُ النَّاقَةَ إِذا رَكِبَ ظهرَها؛ وَكَذَلِكَ كلُّ مَا رَكِبْتَهُ مُقْبلًا أَو مُدْبِراً فَقَدْ تَسَنَّمْته. وأَسْنم الدخانُ أَي ارْتَفَعَ. وأَسْنَمتِ النارُ: عظُمَ لَهَبُها؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
مَشْمُولةٍ عُلِثَتْ بِنابتِ عَرْفَجٍ، ... كدُخان نارٍ ساطعٍ إِسْنامُها
وَيُرْوَى: أَسنامُها، فَمَنْ رَوَاهُ بِالْفَتْحِ أَراد أَعالِيَها، وَمَنْ رَوَاهُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مَصْدَرُ أَسْنَمتْ إِذا ارْتَفَعَ لَهَبُها إِسْناماً. وأَسْنِمةُ الرَّمْلِ: ظُهورها الْمُرْتَفِعَةُ مِنْ أَثْباجِها. يُقَالُ: أَسْنِمة وأَسْنُمة، فَمَنْ قَالَ أَسْنُمة جَعَلَهُ اسْمًا لِرَمْلَةٍ بِعَيْنِهَا، ومَن قَالَ أَسْنِمة جعَلَها جَمْعَ سَنام وأَسْنِمَةٍ. وأَسْنِمةُ الرِّمَالِ: حُيودها وأَشرافُها، عَلَى التَّشْبِيهِ بسَنام النَّاقَةِ. وأَسْنُمةُ: رَمْلة ذَاتُ أَسْنِمةٍ؛ وَرُوِيَ بَيْتُ زُهَيْرٍ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، قَالَ:
ضَحَّوا قَلِيلًا قَفَا كُثْبان أَسْنُمة، [أَسْنِمة] ... ومنهمُ بالقَسُوميَّاتِ مُعْتَرَكُ
الْجَوْهَرِيُّ: وأَسْنُمة، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ النُّونِ، أَكَمَة مَعْرُوفَةٌ بقُرب طَخْفَة؛ قَالَ بشْرٌ:
أَلا بانَ الخَلِيطُ وَلَمْ يُزاروا، ... وقَلْبُك فِي الظَّعائن مُسْتعارُ(12/306)
كأَنَّ ظِباء أَسْنُمةٍ عَلَيْهَا ... كوانِسُ، قالِصاً عَنْهَا المَغارُ
يُفَلِّجْن الشِّفاهَ عَنُ [عَنِ] اقحُوانٍ ... حَلاه، غِبَّ ساريةٍ، قِطارُ
والمَغارُ: مَكانِسُ الظِّباء. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ
؛ قَالُوا: هُوَ مَاءٌ فِي الْجَنَّةِ سمِّي بِذَلِكَ لأَنه يَجْري فَوْقَ الغُرَف والقُصور. وتَسْنيمٌ: عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ زَعَمُوا، وَهَذَا يُوجِبُ أَن تَكُونَ مَعْرِفَةً وَلَوْ كَانَتْ مَعْرِفَةً لَمْ تُصْرَف. قَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ
؛ أَي مِزاجُه مِنْ مَاءٍ مُتَسَنِّمٍ عَيْناً تأْتيهم مِنْ عُلْوٍ تَتَسَنَّم عَلَيْهِمْ مِنَ الغُرَف؛ الأَزهري: أَي مَاءٌ يتنزَّل عَلَيْهِمْ مِنْ مَعالٍ وينصبُ عيْناً عَلَى جِهَتَيْنِ: إِحداهما أَنْ تَنْوي مِنْ تَسْنِيمِ عَيْنٍ فَلَمَّا نُوِّنَتْ نُصِبَتْ، وَالْجِهَةُ الأُخرى أَنْ تَنْوِيَ مِنْ مَاءٍ سُنِّم عَيْنًا، كَقَوْلِكَ رُفِعَ عَيْنًا، وإِن لَمْ يَكُنِ التَّسْنِيمُ اسْمًا لِلْمَاءِ فَالْعَيْنُ نَكِرَةٌ والتَّسْنِيمُ مَعْرِفَةٌ، وإِن كَانَ اسْمًا لِلْمَاءِ فَالْعَيْنُ مَعْرِفَةٌ، فَخَرَجَتْ أَيضاً نَصْبًا، وَهَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ، قَالَ: وَقَالَ الزَّجَّاجُ قَوْلًا يقرُب مَعْنَاهُ مِمَّا قَالَ الْفَرَّاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خيرُ الْمَاءِ الشَّبِمُ
يَعْنِي الْبَارِدَ، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: السَّنِمُ، بِالسِّينِ وَالنُّونِ، وَهُوَ الْمَاءُ الْمُرْتَفِعُ الظَّاهِرُ عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَيُرْوَى بِالشِّينِ وَالْبَاءِ. وكلُّ شَيْءٍ عَلَا شَيْئًا فَقَدْ تَسَنَّمَه. الجوهري: وسَنام الأَرض نَحْرُها ووسَطُها. وماءٌ سَنِمٌ: عَلَى وَجْهِ الأَرض. وَيُقَالُ لِلشَّرِيفِ سَنِيمٌ مأْخوذ مِنْ سَنَامِ الْبَعِيرِ، وَمِنْهُ تَسْنِيمُ القُبور. وقَبْرٌ مُسَنَّم إِذا كَانَ مَرْفُوعًا عَنِ الأَرض. وَكُلُّ شَيْءٍ عَلَا شَيْئًا فَقَدْ تَسَنَّمه. وتَسْنِيمُ القبرِ: خِلَافُ تَسْطيحهِ. أَبو زَيْدٍ: سَنَّمْت الإِناء تَسْنِيماً إِذا ملأْته ثُمَّ حَمَلْت فَوْقَهُ مثلَ السَّنام مِنَ الطَّعَامِ أَو غَيْرِهِ. والتَّسَنُّم: الأَخذ مُغافَسةً، وتَسَنَّمه الشَّيْبُ: كَثُرَ فِيهِ وَانْتَشَرَ كتَشَنَّمه، وَسَيُذْكَرُ فِي حَرْفِ الشِّينِ، وَكِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وتَسَنَّمه الشَّيْبُ وأَوْشَم فِيهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: تَسَنَّمْتُ الْحَائِطَ إِذا علوتَه مِنْ عُرْضه. والسَّنَمة: كلُّ شَجَرَةٍ لَا تحمِل، وَذَلِكَ إِذا جفَّت أَطرافُها وَتَغَيَّرَتِ. والسَّنَمةُ: رأْس شَجَرَةٌ مِنْ دِقِّ الشَّجَرِ، يَكُونُ عَلَى رأْسها كَهَيْئَةِ مَا يَكُونُ عَلَى رأْس القصَب، إِلَّا أَنه ليِّن تأْكله الإِبل أَكلًا خَضْماً. والسَّنَمُ: جِماعٌ، وأَفضل السَّنَم شَجَرَةٌ تسمَّى الأَسْنامَة، وَهِيَ أَعظمُها سَنَمةً؛ قَالَ الأَزهري: السَّنَمةُ تَكُونُ للنَّصِيِّ والصِّلِّيان والغَضْوَر والسَّنْط وَمَا أَشبهها. والسَّنَمَةُ أَيضاً: النَّوْرُ، والنَّوْرُ غَيْرُ الزَّهْرَة، والفرْق بَيْنَهُمَا أَن الزَّهْرة هِيَ الوَرْدة الوُسْطى، وإِنما تَكُونُ السَّنَمَة للطَّريفة دُونَ البَقْل. وسَنَمةُ الصِّلِّيان: أَطرافه الَّتِي يُنْسِلُها أَي يُلْقيها؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: زَعَمَ بعضُ الرُّواة أَن السَّنَمة مَا كَانَ مِنْ ثَمر الأَعْشاب شَبِيهًا بثَمر الإِذْخِر وَنَحْوِهِ، وَمَا كَانَ كَثَمَرِ القصَب، وأَن أَفْضل السَّنَمِ سَنَمُ عُشْبَة تسمَّى الأَسْنامَةَ، والإِبل تأْكلها خَضْماً لِلِينِهَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: لَيْسَ تأْكله الإِبل خَضْماً. وَنَبْتٌ سَنِمٌ أَي مرتفِع، وَهُوَ الَّذِي خَرَجَتْ سَنَمَتُه، وَهُوَ مَا يَعْلو رأْسه كالسُّنْبُل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
رَعَيْتها أَكرَمَ عُودٍ عُودا: ... الصِّلَّ والصِّفْصِلَّ واليَعْضيدا
والخازِبازِ السَّنِمِ المَجُودا، ... بِحَيْثُ يَدْعُو عامِرٌ مَسْعُودا(12/307)
والأَسْنامة: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، وَالْجَمْعُ أَسْنام؛ قَالَ لَبِيدٌ:
كدُخانِ نارٍ ساطعٍ أَسْنامُها
ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَسْنامٌ شَجَرٌ؛ وأَنشد:
سَباريتَ إِلَّا أَنْ يَرى مُتَأَمِّلٌ ... قَنازِعَ أَسْنامٍ بِهَا وثَغامِ «2»
وَسَنَامٌ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
خَلَتْ بغَزالها، ودَنا عَلَيْهَا ... أَراكُ الجِزْعِ، أَسْفَلَ مِنْ سَنامِ
وَقَالَ اللَّيْثُ: سَنام اسْمُ جَبَلٍ بِالْبَصْرَةِ، يُقَالُ إِنه يَسير مَعَ الدَّجال. والإِسْنامُ: ثَمَرُ الحَليِّ؛ حَكَاهَا السِّيرَافِيُّ عَنْ أَبي مَالِكٍ. الْمُحْكَمُ: سَنام اسْمُ جَبَلٍ، وَكَذَلِكَ سُنَّم. والسُّنَّمُ: الْبَقَرَةُ. ويَسْنَمُ: موضع.
سهم: السَّهْمُ: وَاحِدُ السِّهام. والسَّهْمُ: النَّصِيبُ. الْمُحْكَمُ: السَّهْم الحظُّ، والجمع سُهْمان وسُهْمة؛ الأَخيرة كأُخْوة. وَفِي هَذَا الأَمر سُهْمة أَي نَصِيبٌ وَحَظٌّ مِنْ أَثَر كَانَ لِي فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَهْم مِنَ الغنِيمة شَهِد أَو غَابَ
؛ السَّهْم فِي الأَصل: وَاحِدُ السِّهام الَّتِي يُضْرَب بِهَا فِي المَيْسِر وَهِيَ القِداح ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ مَا يَفُوزُ بِهِ الفالِجُ سَهْمُهُ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى سُمِّيَ كُلُّ نَصِيبٍ سَهْماً، وَتُجْمَعُ عَلَى أَسْهُمٍ وسِهام وسُهمان، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَا أَدري مَا السُّهْمانُ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: فَلَقَدْ رأَيتُنا نَسْتَفِيءُ سُهْمانها
، وَحَدِيثُ
بُرَيْدَةَ: خَرَجَ سَهْمُك
أَي بالفَلْجِ والظَّفَرِ. والسَّهْم: القِدْح الذي يُقارَع بِهِ، وَالْجَمْعُ سِهام. واسْتَهَمَ الرَّجُلَانِ: تَقَارَعَا. وساهَمَ القومَ فسهَمَهُمْ سَهْماً: قَارَعَهُمْ فَقَرَعَهُمْ. وساهَمْتُهُ أَي قارعته فَسَهَمْتُهُ أَسْهَمُه، بالفتح، وأَسْهَمَ بَيْنَهُمْ أَي أَقْرَعَ. واسْتَهَمُوا أَي اقْتَرَعُوا. وتَساهَمُوا أَي تَقَارَعُوا. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
؛ يَقُولُ: قارَعَ أَهْلَ السَّفِينَةِ فَقُرِعَ.
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِرَجُلَيْنِ احْتَكما إِليه فِي مَوَارِيثَ قَدْ دَرَسَت: اذْهَبَا فَتَوخَّيا، ثُمَّ اسْتَهِما، ثُمَّ ليأْخذ كلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا مَا تُخْرِجُهُ القسمةُ بالقُرْعةِ، ثُمَّ لِيُحْلِلْ كلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صاحبَه فِيمَا أَخَذ وَهُوَ لَا يَسْتَيْقِنُ أَنه حَقِّهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَوْلُهُ
اذهَبا فتَوَخَّيا ثُمَّ اسْتَهِما
أَي اقْتَرِعا يَعْنِي لِيَظْهَرَ سَهْمُ كلِّ واحدٍ مِنْكُمَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: وَقَعَ فِي سَهْمِي جاريةٌ
، يَعْنِي مِنَ المَغْنَم. والسُّهْمَةُ: النَّصِيبُ. والسَّهْمُ: وَاحِدُ النَّبْلِ، وَهُوَ مَرْكَبُ النَّصْلِ، وَالْجَمْعُ أَسْهُمٌ وسِهامٌ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: السَّهْمُ نَفْسُ النَّصْل، وَقَالَ: لَوِ التَقَطْت نَصْلًا لَقُلْتَ مَا هَذَا السَّهْمُ مَعَكَ، وَلَوِ الْتَقَطْتَ قِدْحاً لَمْ تَقُلْ مَا هَذَا السَّهْمُ مَعَكَ، والنَّصْلُ السَّهْم الْعَرِيضُ الطَّوِيلُ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ فِتْرٍ والمِشْقَص عَلَى النِّصْفِ مِنَ النَّصْل، وَلَا خَيْرَ فِيهِ، يَلْعَبُ بِهِ الوِلْدانُ، وَهُوَ شَرُّ النَّبْلِ وأَحرضه؛ قَالَ: والسَّهْمُ ذُو الغِرارَيْنِ والعَيْرِ، قَالَ: والقُطْبَةُ لَا تُعَدُّ سَهْماً، والمِرِّيخُ الَّذِي عَلَى رأْسه الْعَظِيمَةِ يَرْمِي بِهَا أَهل الْبَصْرَةِ بَيْنَ الهَدَفَيْنِ، والنَّضِيُّ مَتْنُ القِدْح مَا بَيْنَ الفُوق والنَّصْل. والمُسَهَّمُ: البُرْدُ الْمُخَطَّطُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَوْسٍ:
فإِنا رأَينا العِرْضَ أَحْوَجَ، سَاعَةً، ... إِلى الصَّوْنِ، مِنْ رَيْطٍ يَمانٍ مُسَهَّمِ
__________
(2) . قوله [وأَسنام شَجَرٌ وأَنشد سَبَارِيتَ إِلخ] عبارة التكملة: أَبو نصر الإسنامة يعني بالكسر ثمر الحلي، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ سَبَارِيتُ إِلخ وأَسنام في البيت مضبوط فيها بالكسر(12/308)
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَنه كَانَ يُصَلِّي فِي بُرْدٍ مُسَهَّمٍ
أَي مُخَطَّطٍ فِيهِ وَشْيٌ كالسِّهامِ. وبُرْدٌ مُسَهَّمٌ: مُخَطَّطٌ بِصُوَرٍ عَلَى شَكْلِ السِّهام؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنما ذَلِكَ لوَشْيٍ فِيهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ دَارًا:
كأَنَّها بَعْدَ أَحْوالٍ مَضَيْنَ لَهَا، ... بالأَشْيَمَيْنِ، يَمانٍ فِيهِ تَسْهِيمُ
والسَّهْمُ: القِدْحُ الَّذِي يُقارَعُ بِهِ. والسَّهْمُ: مِقْدَارُ سِتِّ أَذرع فِي مُعَامَلَاتِ النَّاسِ ومِساحاتِهم. والسَّهْمُ: حَجْرٌ يُجْعَلُ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي يُبْنَى للأَسد ليُصاد فِيهِ، فإِذا دَخَلَهُ وَقَعَ الْحَجْرُ عَلَى الْبَابِ فسدَّه. والسُّهْمَةُ، بِالضَّمِّ: الْقَرَابَةُ؛ قَالَ عَبِيدٌ:
قَدْ يُوصَلُ النازِحُ النَّائي، وَقَدْ ... يُقْطَعُ ذُو السُّهْمَةِ القريبُ
وَقَالَ:
بَني يَثْرَبيٍّ، حَصِّنوا أَيْنُقاتِكُم ... وأَفْراسَكُمْ مِنْ ضَرْبِ أَحْمَرَ مُسْهَمِ
وَلَا أُلْفِيَنْ ذَا الشَّفِّ يَطْلُبُ شِفَّهُ، ... يُداوِيهِ منْكُمْ بالأَدِيم المُسَلَّمِ
أَراد بِقَوْلِهِ أَيْنُقاتِكُمْ وأَفْراسكم نِسَاءَهُمْ؛ يَقُولُ: لَا تُنْكِحُوهُنّ غَيْرَ الأَكفاء، وَقَوْلُهُ مِنْ ضَرْب أَحْمر مُسْهَمِ يَعْنِي سِفاد رَجُلٍ مِنَ الْعَجَمِ، وَقَوْلُهُ بالأَديم المُسَلَّمِ أَي يَتَصَحَّحُ بِكُمْ. والسُّهام والسَّهامُ: الضُّمْرُ وتَغَيُّر اللون وذُبولُ الشَّفَتين. سَهَمَ، بِالْفَتْحِ، يَسْهَمُ سُهاماً وسُهوماً وسَهُمَ أَيضاً، بِالضَّمِّ، يَسْهُمُ سُهوماً فِيهِمَا وسُهِمَ يُسْهَمُ، فَهُوَ مَسْهومٌ إِذا ضَمُرَ: قَالَ العجَّاجُ:
فَهِيَ كرِعْدِيدِ الكَثِيبِ الأَهْيَمِ ... وَلَمْ يَلُحْها حَزَنٌ عَلَى ابْنِمِ
وَلَا أَبٍ وَلَا أَخٍ فتَسْهُمِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
دَخَلَ عليَّ ساهِمَ الوَجْهِ
أَي مُتَغَيِّره. يُقَالُ: سَهَمَ لونُهُ يَسْهَمُ إِذا تَغير عَنْ حالهِ لِعَارِضٍ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي أَراك ساهِمَ الوَجْهِ؟
وَحَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذِكْرِ الْخَوَارِجِ: مُسَهَّمةٌ وُجُوهُهُمْ
؛ وَقَوْلُ عَنْترَة:
والخَيْلُ ساهِمَةُ الوُجُوهِ، كأَنَّما ... يُسْقى فَوارِسُها نَقِيعَ الحَنْظَلِ
فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: إِنما أَراد أَن أَصحاب الْخَيْلِ تَغَيَّرَتْ أَلوانُهم مِمَّا بِهِمْ مِنَ الشِّدَّةِ، أَلا تَرَاهُ قَالَ يُسْقَى فَوارِسُها نَقيعَ الحَنْظَلِ؟ فَلَوْ كَانَ السُّهام لِلْخَيْلِ أَنْفُسِها لَقَالَ كأَنَّما تُسْقَى نَقيعَ الحَنْظَلِ. وَفَرَسٌ ساهِمُ الوَجْه: مَحْمُولٌ عَلَى كَرِيهَةِ الجَرْي، وَقَدْ سُهِمَ، وأَنشد بَيْتَ عَنْتَرَةَ: وَالْخَيْلُ ساهِمَةُ الوجوهِ؛ وَكَذَا الرَّجُلُ إِذا حُمِلُ عَلَى كرِيهةٍ فِي الْحَرْبِ وَقَدْ سُهِمَ. وَفَرَسٌ مُسْهَمٌ إِذا كَانَ هَجِينًا يُعْطَى دُونَ سَهْمِ العَتِيقِ مِنَ الْغَنِيمَةِ. والسُّهومُ: العُبوس عُبوسُ الوجهِ مِنَ الهمِّ؛ قَالَ:
إِن أَكُنْ مُوثَقاً لكِسرَى، أَسيراً ... فِي هُمومٍ وكُرْبَةٍ وسُهومِ
رَهْنَ قَيْدٍ، فَمَا وَجَدْتُ بَلَاءً ... كإِسارِ الْكَرِيمِ عِنْدَ اللَّئيمِ
والسُّهامُ: دَاءٌ يأْخذ الإِبل؛ يُقَالُ: بَعِيرٌ مَسْهومٌ وَبِهِ سُهامٌ، وإِبل مُسَهَّمَةٌ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:
وَلَمْ يَقِظْ فِي النَّعَمِ المُسَّهَمِ
والسَّهام: وَهَجُ الصَّيْفِ وغَبَراتُهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:(12/309)
كأَنَّا عَلَى أَولاد أَحْقَبَ لاحَها، ... ورَمْيُ السَّفَا أَنْفاسَها بسَهامِ
وسُهِمَ الرجلُ أَي أَصابه السَّهامُ. والسَّهامُ: لُعاب الشَّيْطَانِ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازِمٍ:
وأَرْض تَعْزِفُ الجِنَّانُ فِيها، ... فيافِيها يَطِيرُ بِهَا السَّهامُ
ابْنُ الأَعرابي: السُّهُمُ غَزْلُ عَيْنِ الشَّمْسِ، والسُّهُمُ: الْحَرَارَةُ الغالبةُ. والسَّهامُ، بِالْفَتْحِ: حَرُّ السَّمُومِ. وَقَدْ سُهِمَ الرجلُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعلُه، إِذا أَصابته السَّمُومُ. والسَّهامُ: الرِّيحُ الحارَّة، وَاحِدُهَا وَجَمْعُهَا سَوَاءٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ورَمَى دَوابِرَها السَّفَا، وتَهَيَّجَتْ ... رِيحُ المَصايِفِ سَوْمُها وسَهامُها
والسَّهُومُ: العُقابُ. وأَسْهَمَ الرجلُ، فَهُوَ مُسْهَمٌ، نَادِرٌ، إِذا كَثُرَ كَلَامُهُ كأَسْهَبَ فَهُوَ مُسْهَبٌ، وَالْمِيمُ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ. والسُّهُمُ والشُّهُمُ، بِالسِّينِ وَالشِّينِ: الرِّجَالُ الْعُقَلَاءُ الحُكماءُ العُمَّالُ. وَرَجُلٌ مُسْهَمُ العقلِ والجسمِ: كمُسْهَبٍ، وَحَكَى يَعْقُوبُ أَن مِيمَهُ بَدَلٌ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ مُسْهَمُ العقلِ كمُسْهَبٍ، قَالَ: وَهُوَ عَلَى الْبَدَلِ أَيضاً، وَكَذَلِكَ مُسْهَمُ الجسمِ إِذا ذَهَبَ جسمُه فِي الحُبِّ. والساهِمَةُ: النَّاقَةُ الضامرةُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة:
أَخا تَنائِفَ أَغْفَى عِنْدَ ساهِمَةٍ ... بأَخْلَقِ الدفِّ، فِي تَصديره جُلَبُ
يَقُولُ: زَارَ الخَيالُ أَخا تَنائِفَ نَامَ عِنْدَ نَاقَةٍ ضَامِرَةٍ مَهْزُولَةٍ بِجَنْبِهَا قُروحٌ مِنْ آثَارِ الحِبال، والأَخْلَقُ: الأَملس. وإِبل سَواهِمُ إِذا غَيَّرَهَا السَّفَرُ. وسَهْمُ البيتِ: جائِزُهُ. وسَهْمٌ: قَبِيلَةٌ فِي قُرَيْشٍ. وسَهْمٌ أَيضاً: فِي باهِلَة. وسَهْمٌ وسُهَيمٌ: اسْمَانِ. وسَهامٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أُميَّةُ بْنُ أَبي عائِذٍ:
تَصَيَّفْتُ نَعْمانَ، واصَّيَفَتْ ... جُنُوبَ سَهامٍ إِلى سُرْدَدِ
سوم: السَّوْمُ: عَرْضُ السِّلْعَةِ عَلَى الْبَيْعِ. الْجَوْهَرِيُّ: السَّوْمُ فِي الْمُبَايَعَةِ يُقَالُ مِنْهُ ساوَمْتُهُ سُواماً، واسْتامَ عليَّ، وتساوَمْنا، الْمُحْكَمُ وَغَيْرُهُ: سُمْتُ بالسلْعةِ أَسومُ بِهَا سَوْماً وساوَمْت واسْتَمْتُ بِهَا وَعَلَيْهَا غَالَيْتُ، واسْتَمْتُه إِياها وَعَلَيْهَا غالَيْتُ، واسْتَمْتُهُ إِياها سأَلته سَوْمَها، وسامَنيها ذَكَرَ لِي سَوْمَها. وإِنه لِغَالِي السِّيمَةِ والسُّومَةِ إِذا كَانَ يُغْلي السَّوْمَ. وَيُقَالُ: سُمْتُ فُلَانًا سِلعتي سَوْماً إِذا قلتَ أَتأْخُذُها بِكَذَا مِنَ الثَّمَنِ؟ وَمِثْلُ ذَلِكَ سُمْتُ بسِلْعتي سَوْماً. وَيُقَالُ: اسْتَمْتُ عَلَيْهِ بسِلْعتي استِياماً إِذا كنتَ أَنت تَذْكُرُ ثَمَنَهَا. وَيُقَالُ: اسْتامَ مِنِّي بسِلْعتي اسْتِياماً إِذا كَانَ هُوَ الْعَارِضُ عَلَيْكَ الثَّمَن. وَسَامَنِي الرجلُ بسِلْعته سَوْماً: وَذَلِكَ حِينَ يَذْكُرُ لَكَ هُوَ ثَمَنَهَا، وَالِاسْمُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ السُّومَةُ والسِّيمَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى أَن يَسومَ الرجلُ عَلَى سَومِ أَخيه
؛ المُساوَمَةُ: الْمُجَاذَبَةُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى السِّلْعةِ وفصلُ ثَمَنِهَا، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ أَن يَتَساوَمَ المتبايعانِ فِي السِّلْعَةِ ويتقارَبَ الانعِقادُ فَيَجِيءُ رَجُلٌ آخَرُ يُرِيدُ أَن يَشْتَرِيَ تِلْكَ السِّلْعَةَ وَيُخْرِجَهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الأَوَّل بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ الأَمرُ عَلَيْهِ بَيْنَ المُتساوِمَيْنِ وَرَضِيَا بِهِ قَبْلَ الِانْعِقَادِ، فَذَلِكَ مَمْنُوعٌ عِنْدَ الْمُقَارَبَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِفساد، وَمُبَاحٌ فِي أَوَّل العَرْضِ والمُساوَمَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ(12/310)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ السَّوْم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: السَّوْمُ أَن يُساوِمَ بسِلْعَتِه، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لأَنه وَقْتٌ يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ فَلَا يَشْتَغِلُ بِغَيْرِهِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ السَّوْمُ مِنْ رَعْي الإِبل، لأَنها إِذا رَعَت الرِّعْي قَبْلَ شُرُوقِ الشَّمْسِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَدٍ أَصابها مِنْهُ دَاءٌ قَتَلَهَا، وَذَلِكَ معروف عند أَهل المال مِنَ الْعَرَبِ. وسُمْتُكَ بَعِيرَك سِيمةً حَسَنَةً، وإِنه لَغَالِي السِّيمةِ. وسامَ أَي مَرَّ؛ وَقَالَ صَخْرٌ الْهُذَلِيُّ:
أُتِيحَ لَهَا أُقَيْدِرُ ذُو حَشِيفٍ، ... إِذا سامَتْ عَلَى المَلَقاتِ ساما
وسَوْمُ الرِّيَاحِ: مَرُّها، وسامَتِ الإِبلُ والريحُ سَوْماً: اسْتَمَرَّتْ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
ومُسْتامة تُسْتامُ، وَهِيَ رَخِيصةٌ، ... تُباعُ بِصاحاتِ الأَيادي وتُمْسَحُ
يَعْنِي أَرضاً تَسُومُ فِيهَا الإِبل، مِنَ السَّوْم الَّذِي هُوَ الرَّعْي لَا مِنَ السَّوْم الَّذِي هُوَ الْبَيْعُ، وتُباعُ: تَمُدُّ فِيهَا الإِبل باعَها، وتَمْسَحُ: مِنَ الْمَسْحِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ، مِنْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ. الأَصمعي: السَّوْمُ سُرْعَةُ المَرِّ؛ يُقَالُ: سامَتِ الناقَةُ تَسُومُ سَوْماً؛ وأَنشد بَيْتَ الرَّاعِي:
مَقَّاء مُنْفَتَقِ الإِبطَيْنِ ماهِرَة ... بالسَّوْمِ، ناطَ يَدَيْها حارِكٌ سَنَدُ
وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ ذِي النِّجادَيْنِ يُخَاطِبُ ناقةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
تَعَرَّضي مَدارِجاً وسُومي، ... تَعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجومِ
وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّوْمُ سُرْعَةُ المَرِّ مَعَ قَصْدِ الصَّوْب فِي السَّيْرِ. والسَّوَامُ والسائمةُ بِمَعْنًى: وَهُوَ الْمَالُ الرَّاعِي. وسامَتِ الراعيةُ والماشيةُ وَالْغَنَمُ تَسُومُ سَوْماً: رَعَتْ حَيْثُ شَاءَتْ، فَهِيَ سائِمَةٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
ذاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانةٌ ... غَرْبَةُ العَيْنِ، جِهادُ المَسامْ «3»
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: المَسامُ الَّذِي تَسومُهُ أَي تَلْزَمُهُ وَلَا تَبْرَحُ مِنْهُ. والسَّوامُ والسائمةُ: الإِبل الرَّاعِيَةُ. وأَسامَها هُوَ: أَرعاها، وسَوَّمَها، أَسَمْتُها أَنا: أَخرجتها إِلى الرَّعْيِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِ تُسِيمُونَ
. والسَّوَامُ: كُلُّ مَا رَعَى مِنَ الْمَالِ فِي الفَلَواتِ إِذا خُلِّيَ وسَوْمَهُ يَرْعَى حَيْثُ شَاءَ. والسَّائِمُ: الذَّاهِبُ عَلَى وَجْهِهِ حَيْثُ شَاءَ. يُقَالُ: سامَتِ السائمةُ وأَنا أَسَمْتُها أُسِيمُها إِذا رَعَّيْتَها. ثَعْلَبٌ: أَسَمْتُ الإِبلَ إِذا خَلَّيْتَها تَرْعَى. وَقَالَ الأَصمعي: السَّوامُ وَالسَّائِمَةُ كُلُّ إِبل تُرْسَلُ تَرْعَى وَلَا تُعْلَفُ فِي الأَصل، وجَمْعُ السَّائم والسائِمة سَوائِمُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي سائِمَةِ الغَنَمِ زكاةٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
السَّائِمَةُ جُبَارٌ
، يَعْنِي أَن الدَّابَّةَ المُرْسَلَة فِي مَرْعاها إِذا أَصابت إِنساناً كَانَتْ جنايتُها هَدَراً. وَسَامَهُ الأَمرَ سَوْماً: كَلَّفَه إِياه، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَولاه إِياه، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَذَابِ وَالشَّرِّ وَالظُّلْمِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ*
؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: يَسُومُونَكُمْ يُولُونَكم؛ التهذيب: والسَّوْم مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ*
__________
(3) . قوله [جهاد المسام] البيت للطرماح كما نسبه إليه في مادة جهد، لكنه أبدل هناك المسام بالسنام وهو كذلك فِي نُسْخَةٍ مِنَ الْمُحْكَمِ(12/311)
؛ قَالَ اللَّيْثُ: السَّوْمُ أَن تُجَشِّمَ إِنساناً مَشَقَّةً أَو سُوءًا أَو ظُلْمًا، وَقَالَ شَمِرٌ: سامُوهم أَرادوهم بِهِ، وَقِيلَ: عَرَضُوا عَلَيْهِمْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: عَرَضَ عليَّ سَوْمَ عالَّةٍ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْعَامَّةِ عَرْضٌ سابِريٌّ؛ قَالَ شَمِرٌ: يُضْرَبُ هَذَا مَثَلًا لِمَنْ يَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا أَنت عَنْهُ غَنيّ، كَالرَّجُلِ يَعْلَمُ أَنك نَزَلْتَ دَارَ رَجُلٍ ضَيْفًا فَيَعْرِضُ عَلَيْكَ القِرى. وسُمْتُه خَسْفاً أَي أَوليته إِياه وأَردته عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: سُمْتُه حَاجَةً أَي كَلَّفْتُهُ إِياها وجَشَّمْتُه إِياها، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ*
؛ أَي يُجَشِّمونَكم أَشَدَّ الْعَذَابِ. وَفِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ: أَنها أَتت النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِبُرْمةٍ فِيهَا سَخِينَةٌ فأَكل وَمَا سَامَنِي غَيْرَهُ، وَمَا أَكل قَطُّ إِلَّا سَامَنِي غَيْرَهُ
؛ هُوَ مِنَ السَّوْمِ التَّكْلِيفِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ عَرَضَ عَليَّ، مِنَ السَّوْمِ وَهُوَ طَلَبُ الشِّرَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَن تَرَكَ الجهادَ أَلْبَسَهُ اللَّهُ الذِّلَّةَ وسِيمَ الخَسْف
أَي كُلِّفَ وأُلْزِمَ. والسُّومَةُ والسِّيمةُ والسِّيماء والسِّيمِياءُ: الْعَلَامَةُ. وسَوَّمَ الفرسَ: جَعَلَ عَلَيْهِ السِّيمة. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: حِجارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: رُوِيَ
عَنِ الْحَسَنِ أَنها مُعَلَّمة بِبَيَاضٍ وَحُمْرَةٍ
، وَقَالَ غَيْرُهُ: مُسَوَّمة بِعَلَّامَةٍ يُعْلَمُ بِهَا أَنها لَيْسَتْ مِنْ حِجَارَةِ الدُّنْيَا وَيُعْلَمُ بِسِيمَاهَا أَنها مِمَّا عَذَّبَ اللهُ بِهَا؛ الْجَوْهَرِيُّ: مُسَوَّمة أَي عَلَيْهَا أَمثال الْخَوَاتِيمِ. الْجَوْهَرِيُّ: السُّومة، بِالضَّمِّ، الْعَلَامَةُ تُجْعَلُ عَلَى الشَّاةِ وَفِي الْحَرْبِ أَيضاً، تَقُولُ مِنْهُ: تَسَوَّمَ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: قَوْلُهُمْ عَلَيْهِ سِيما حَسَنَةٌ مَعْنَاهُ عَلَامَةٌ، وَهِيَ مأُخوذة مِنْ وَسَمْتُ أَسِمُ، قَالَ: والأَصل فِي سِيَمَا وِسْمى فَحُوِّلَتِ الْوَاوُ مِنْ مَوْضِعِ الْفَاءِ فَوُضِعَتْ فِي مَوْضِعِ الْعَيْنِ، كَمَا قَالُوا مَا أَطْيَبَهُ وأَيْطَبَه، فَصَارَ سِوْمى وَجُعِلَتِ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِهَا وَانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ
. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الْخَيْلُ المُسَوَّمة المُرْسَلة وَعَلَيْهَا رُكْبَانُهَا، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ: سَوَّمْتُ فُلَانًا إِذا خَلَّيته وسَوْمه أَي وَمَا يُرِيدُ، وَقِيلَ: الْخَيْلُ المُسَوَّمة هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا السِّيما والسُّومةُ وَهِيَ الْعَلَامَةُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: السِّيَمُ العلاماتُ عَلَى صُوف الْغَنَمِ. وَقَالَ تَعَالَى: مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ
؛ قرئَ بِفَتْحِ الْوَاوِ، أَراد مُعَلَّمين. والخَيْلُ المُسَوَّمة: المَرْعِيَّة، والمُسَوَّمَةُ: المُعَلَّمةُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مُسَوِّمِينَ
، قَالَ الأَخفش: يَكُونُ مُعَلَّمين وَيَكُونُ مُرْسَلِينَ مِنْ قَوْلِكَ سَوَّم فِيهَا الخيلَ أَي أَرسلها؛ وَمِنْهُ السَّائِمَةُ، وإِنما جَاءَ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ لأَن الْخَيْلَ سُوِّمَتْ وَعَلَيْهَا رُكْبانُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن لِلَّهِ فُرْساناً مِنْ أَهل السَّمَاءِ مُسَوَّمِينَ
أَي مُعَلَّمِينَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ سَوِّمُوا فإِن الْمَلَائِكَةَ قَدْ سَوَّمَتْ
أَي اعْمَلُوا لَكُمْ عَلَامَةً يَعْرِفُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ:
سِيماهُمُ التَّحْلِيقُ
أَي عَلَامَتُهُمْ، والأَصل فِيهَا الْوَاوُ فَقُلِبَتْ لِكَسْرَةِ السِّينِ وَتُمَدُّ وَتُقْصَرُ، اللَّيْثُ: سَوَّمَ فلانٌ فَرَسَهُ إِذا أَعْلَم عَلَيْهِ بِحَرِيرَةٍ أَو بِشَيْءٍ يُعْرَفُ بِهِ، قَالَ: والسِّيما يَاؤُهَا فِي الأَصل وَاوٌ، وَهِيَ الْعَلَامَةُ يُعْرَفُ بِهَا الْخَيْرُ وَالشَّرُّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ
؛ قَالَ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى السِّيماء بِالْمَدِّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
غُلامٌ رَماه اللهُ بالحُسْنِ يافِعاً، ... لَهُ سِيماءُ لا تَشُقُّ على البَصَرْ «1»
. تأْنيث سِيما غيرَ مُجْرىً. الْجَوْهَرِيُّ: السِّيمَا مَقْصُورٌ مِنَ الْوَاوِ، قَالَ تَعَالَى: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ
؛ قال:
__________
(1) . قوله سيماء؛ هكذا في الأَصل، والوزن مختل، ولعلَّها سيمياء كما سوف يأتي في الصفحة التالية(12/312)
وَقَدْ يَجِيءُ السِّيما والسِّيميَا مَمْدُودَيْنِ؛ وأَنشد لأُسَيْدِ بْنِ عَنْقاء الفَزارِيِّ يَمْدَحُ عُمَيْلَةَ حِينَ قَاسَمَهُ مالَه:
غُلامٌ رَماه اللَّهُ بالحُسْنِ يَافِعًا، ... له سِيمِياءٌ لا تَشُقُّ عَلَى البَصَرْ
كأَنَّ الثُّرَيَّا عُلِّقَتْ فَوْقَ نَحْرِهِ، ... وَفِي جِيدِه الشِّعْرَى، وَفِي وَجْهِهِ القَمَر
لَهُ سِيمياء لَا تَشُقُّ عَلَى الْبَصَرِ أَي يَفْرَح بِهِ مَنْ يَنْظُرُ إِليه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ عليُّ بنُ حَمْزَة أَن أَبا رِياشٍ قَالَ: لَا يَرْوي بيتَ ابْنِ عَنْقَاءَ الْفَزَارِيِّ:
غُلَامٌ رَمَاهُ اللَّهُ بِالْحُسْنِ يَافِعًا
إِلا أَعمى الْبَصِيرَةِ لأَن الحُسْنَ مَوْلود، وإِنما هُوَ:
رَمَاهُ اللَّهُ بِالْخَيْرِ يَافِعًا
قَالَ: حَكَاهُ أَبو رِياشٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ. الأَصمعي: السِّيماءُ، مَمْدُودَةٌ، السِّيمِياءُ؛ أَنشد شَمِرٌ فِي بَابِ السِّيما مَقْصُورَةً للجَعْدِي:
ولهُمْ سِيما، إِذا تُبْصِرُهُمْ، ... بَيَّنَتْ رِيبةَ مَنْ كانَ سَأَلْ
والسَّامةُ: الحَفْرُ الَّذِي عَلَى الرَّكِيَّة، وَالْجَمْعُ سِيَمٌ، وَقَدْ أَسامَها، والسَّامَةُ: عِرْقٌ فِي الجَبل مُخالف لجِبِلَّتِه إِذا أُخذَ مِنَ المَشْرِقِ إِلى الْمَغْرِبِ لَمْ يُخْلِف أَن يَكُونَ فِيهِ مَعْدِنُ فضَّة، وَالْجَمْعُ سامٌ، وَقِيلَ: السَّامُ عُروق الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الحَجر، وَقِيلَ: السَّامُ عُروق الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَاحِدَتُهُ سامَةٌ، وَبِهِ سُمِّيَ سامَةُ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ؛ قَالَ قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ:
لَوَ انَّكَ تُلْقِي حَنْظَلًا فَوْقَ بَيْضِنا، ... تَدَحْرَجَ عَنْ ذِي سامِهِ المُتَقارِبِ
أَي عَلَى ذِي سَامِهِ، وَعَنْ فِيهِ بِمَعْنَى عَلَى، وَالْهَاءُ فِي سَامِهِ تَرْجِعُ إِلى الْبَيْضِ، يَعْنِي البَيْضَ المُمَوَّهَ به أَي الْبَيْضَ الَّذِي لَهُ سامٌ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ أَنهم تَراصُّوا فِي الْحَرْبِ حَتَّى لَوْ وَقَعَ حَنْظَلٌ على رؤوسهم عَلَى امِّلاسه واسْتِواءِ أَجزائه لَمْ يَنْزِلْ إِلى الأَرض، قال: وقال الأَصمعي وابن الأَعرابي وَغَيْرُهُ: السامُ الذَّهَبُ والفضة؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيانيُّ:
كأَنَّ فَاهَا، إِذا تُوَسَّنُ، مِنْ ... طِيبِ رُضابٍ وحُسْنِ مُبْتَسَمِ
رُكِّبَ فِي السَّامِ والزبيب أَقاحِيُّ ... كَثِيبٍ، يَنْدَى مِنَ الرِّهَمِ
قَالَ: فَهَذَا لَا يَكُونُ إِلا فِضَّةً لأَنه إِنما شَبَّهَ أَسنان الثَّغْرِ بِهَا فِي بَيَاضِهَا، والأَعْرَفُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَن السَّامَ الذهبُ دُونَ الْفِضَّةِ. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لِلْفِضَّةِ بِالْفَارِسِيَّةِ سِيمٌ وَبِالْعَرَبِيَّةِ سامٌ. والسامُ: المَوْتُ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: فِي الحَبَّةِ السَّوداء شفاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلا السَّامَ، قِيلَ: وَمَا السَّامُ؟ قَالَ: المَوْتُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتِ الْيَهُودُ إِذا سَلَّموا عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ، ويُظْهرون أَنهم يريدون السلام عَلَيْكُمْ، فَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَرُدُّ عليهم فَيَقُولُ: وَعَلَيْكُمْ
أَي وَعَلَيْكُمْ مثلُ مَا دَعَوْتم. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَنها سَمِعَتِ الْيَهُودَ تَقُولُ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبا الْقَاسِمِ، فَقَالَتْ: عَلَيْكُمُ السامُ والذامُ واللعنةُ
، وَلِهَذَا
قَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِذا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهل الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ
، يَعْنِي الَّذِي يَقُولُونَ لَكُمْ رُدُّوه عَلَيْهِمْ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: عَامَّةُ المُحَدِّثِينَ يَرْوُونَ هَذَا الْحَدِيثَ يَقُولُونَ وَعَلَيْكُمْ، بإِثبات وَاوِ الْعَطْفِ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَرْوِيهِ بِغَيْرِ(12/313)
وَاوٍ وَهُوَ الصَّوَابُ لأَنه إِذا حَذَفَ الْوَاوَ صَارَ قَوْلُهُمُ الَّذِي قَالُوهُ بِعَيْنِهِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمْ خَاصَّةً، وإِذا أَثبت الْوَاوَ وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ مَعَهُمْ فِيمَا قَالُوهُ لأَن الْوَاوَ تَجْمَعُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَاللَّهُ أَعلم. وَفِي الْحَدِيثِ:
لِكُلِّ داءٍ دواءٌ إِلا السَّامَ
يَعْنِي الْمَوْتَ. والسَّامُ: شَجَرٌ تُعْمَلُ مِنْهُ أَدْقالُ السُّفُنِ؛ هَذِهِ عَنْ كُرَاعٍ؛ وأَنشد شَمِرٌ قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
ودَقَلٌ أَجْرَدُ شَوْذَبيُّ ... صَعْلٌ مِنَ السَّامِ ورُبَّانيُ
أَجْرَدُ يَقُولُ الدَّقَلُ لَا قِشْر عَلَيْهِ، والصَّعْلُ الدَّقِيقُ الرأْس، يَعْنِي رأْس الدَّقَل، والسَّام شَجَرٌ يَقُولُ الدَّقَلُ مِنْهُ، ورُبَّانيٌّ: رأْس المَلَّاحين. وسامَ إِذا رَعى، وسامَ إِذا طَلَبَ، وسامَ إِذا بَاعَ، وسامَ إِذا عَذَّبَ. النَّضْرُ: سامَ يَسُوم إِذا مَرَّ. وسامَتِ الناقةُ إِذا مَضَتْ، وَخَلَّى لَهَا سَومْها أَي وَجْهها. وَقَالَ شُجَاعٌ: يُقَالُ سارَ القومُ وَسَامُوا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ الأَعرابي: السَّامَةُ الساقةُ، والسَّامَةُ المَوْتَةُ، والسَّامَةُ السَّبِيكةُ مِنَ الذَّهب، والسَّامةُ السَّبِيكة مِنَ الْفِضَّةِ، وأَما قَوْلُهُمْ لَا سِيمَّا فإِن تَفْسِيرَهُ فِي مَوْضِعِهِ لأَن مَا فِيهَا صِلَةٌ. وسامَتِ الطيرُ عَلَى الشَّيْءِ تَسُومُ سَوْماً: حَامَتْ، وَقِيلَ: كُلُّ حَومٍ سَوْمٌ. وخلَّيْتُه وسَوْمَه أَي وَمَا يُرِيدُ. وسَوَّمَه: خَلَّاه وسَوْمَه أَي وَمَا يُرِيدُ. وَمِنْ أَمثالهم: عَبْدٌ وسُوِّمَ أَي وخُلِّيَ وَمَا يُرِيدُ. وسَوَّمه فِي مَالِي: حَكَّمَه. وسَوَّمْتُ الرجلَ تَسْوِيماً إِذا حَكَّمْتَه في مالك. وسَوَّمْتُ عَلَى الْقَوْمِ إِذا أَغَرْتَ عَلَيْهِمْ فعِثْتَ فِيهِمْ. وسَوَّمْتُ فُلَانًا فِي مَالِي إِذا حَكَّمْتَه في مالك. والسَّوْمُ: العَرْضُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والسُّوامُ: طَائِرٌ. وسامٌ: مِنْ بَنِي آدَمَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَضَيْنَا عَلَى أَلفه بِالْوَاوِ لأَنها عَيْنٌ. الْجَوْهَرِيُّ: سامٌ أَحد بَنِي نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ أَبو الْعَرَبِ. وسَيُومُ: جَبَلٌ «2» . يَقُولُونَ، وَاللَّهُ أَعلم: مَنْ حَطَّها مِنْ رأْسِ سَيُومَ؟ يُرِيدُونَ شَاةً مَسْرُوقَةً مِنْ هَذَا الجبل.
سيم: قَوْمٌ سُيُوم آمِنُونَ. وَفِي حَدِيثِ هِجْرَةِ الحَبَشَة:
قَالَ النَّجَاشِيُّ لِمَنْ هَاجَرَ إِلى أَرضه امْكُثوا فأَنتم سُيُوم بأَرْضي
أَي آمِنُونَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير كَذَا جَاءَ تَفْسِيرُهُ، قَالَ: هِيَ كَلِمَةٌ حَبَشِيَّةٌ، وَتُرْوَى بِفَتْحِ السِّينِ، وَقِيلَ: سُيُومٌ جَمْعُ سائم أَي تَسُومُون فِي بَلَدِي كَالْغَنَمِ السَّائِمَةِ لَا يُعَارِضُكُمْ أَحد، والله تعالى أَعلم.
فصل الشين المعجمة
شأم: الشُّؤْمُ: خلافُ اليُمْنِ. ورجل مَشْؤُوم عَلَى قَوْمِهِ، وَالْجَمْعُ مَشائِيمُ نَادِرٌ، وَحُكْمُهُ السَّلَامَةُ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ للأَحْوص اليَرْبوعي:
مَشائِيمُ لَيْسُوا مُصْلحين عَشيرةً، ... وَلَا ناعِبٍ إِلَّا بشُؤْمٍ غُرابُها
رَدَّ نَاعِبًا عَلَى مَوْضِعِ مُصْلِحِينَ، وَمَوْضِعُهُ خَفْضٌ بِالْبَاءِ أَي لَيْسُوا بِمُصْلِحِينَ لأَن قَوْلَكَ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ وَلَيْسُوا بِمُصْلِحِينَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَقَدْ تَشاءمُوا بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن كَانَ الشُّؤْم فَفِي ثَلَاثٍ
؛ مَعْنَاهُ إِن كَانَ فِيمَا تُكْرَهُ عَاقِبَتُهُ وَيُخَافُ فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثِ، وَتَخْصِيصُهُ لَهَا لأَنه لَمَّا أَبطل مَذْهَبَ الْعَرَبِ فِي التَّطَيُّر بالسَّوانِح
__________
(2) . قوله [وسيوم جبل إلخ] كذا بالأصل، والذي في القاموس والتكملة: يسوم، بتقديم الياء على السين، ومثلهما في ياقوت(12/314)
والبَوارِح مِنَ الطَّيْرِ وَالظِّبَاءِ وَنَحْوِهَا، قَالَ: فإِن كَانَتْ لأَحدكم دَارٌ يَكْرَهُ سُكْنَاهَا أَو امرأَة يَكْرَهُ صُحْبَتَها أَو فَرَسٌ يَكْرَهُ ارْتِبَاطَهَا فَلْيُفَارِقْهَا بأَن يَنْتَقِلَ عَنِ الدَّارِ وَيُطَلِّقَ المرأَة وَيَبِيعَ الْفَرَسَ، وَقِيلَ: شُؤْمُ الدَّارِ ضِيقُها وَسُوءُ جَارِهَا، وشؤْم المرأَة أَن لَا تَلِدَ، وَشُؤْمُ الْفَرَسِ أَن لَا يُنْزى عَلَيْهَا، وَالْوَاوُ فِي الشُّؤْمِ هَمْزَةٌ وَلَكِنَّهَا خُفِّفَتْ فَصَارَتْ وَاوًا، وَغَلَبَ عَلَيْهَا التَّخْفِيفُ حَتَّى لَمْ يُنْطَقْ بِهَا مَهْمُوزَةً، وَقَدْ شُئِمَ عَلَيْهِمْ وشَؤُمَ وشأَمَهُم، وَمَا أَشْأَمه، وَقَدْ تَشاءَم بِهِ. والمَشْأَمة: الشُّؤْمُ. وَيُقَالُ: شَأَمَ فلانٌ أَصحابه إِذا أَصابهم شُؤْم مِنْ قِبَله. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ: مَا أَشْأَمَ فُلَانًا، والعامَّة تَقُولُ مَا أَيْشَمَه. وَقَدْ شَأَمَ فُلَانٌ عَلَى قَوْمِهِ يَشْأَمُهم، فَهُوَ شائِمٌ إِذا جَرَّ عَلَيْهِمُ الشُّؤم، وَقَدْ شُئِمَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ مَشْؤُومٌ إِذا صَارَ شُؤماً عَلَيْهِمْ. وَطَائِرٌ أَشْأَمُ: جارٍ بالشُّؤْم. وَيُقَالُ: هَذَا طَائِرٌ أَشْأَمُ وَطَيْرٌ أَشْأَمُ، وَالْجَمْعُ الأَشائِمُ، والأَشائِمُ نَقِيضُ الأَيامِنِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
فإِذا الأَشائِمُ كالأَيامِنِ، ... والأَيامِنُ كالأَشائِمْ
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الْعَرَبُ تَقُولُ أَشْأَمُ كلِّ امْرئٍ بَيْنَ لَحْيَيْه؛ قَالَ: أَشْأَمُ فِي مَعْنَى الشُّؤْم يَعْنِي اللسانَ؛ وأَنشد لِزُهَيْرٍ:
فَتُنْتَجْ لَكُمْ غِلْمانَ أَشْأَمَ كُلُّهُمْ ... كأَحْمَرِ عادٍ، ثُمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِم
قَالَ: غِلْمانَ أَشْأَمَ أَي غِلْمانَ شُؤْمٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ أَفعل بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ لأَنه أَراد غِلْمان شُؤْمٍ فَجُعِلَ اسْمُ الشُّؤم أَشْأَم كَمَا جَعَلُوا اسْمَ الضَّرِّ الضَّرَّاء، فلهذا لم يَقُولُوا شَأْماء، كَمَا لَمْ يَقُولُوا أَضَرُّ لِلْمُذَكَّرِ إِذا كَانَ لَا يَقَعُ بَيْنَ مُؤَنَّثِهِ وَمُذَكَّرِهِ فَصْلٌ لأَنه بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ. وَيَقُولُونَ: قَدْ يُمِنَ فلانٌ عَلَى قَوْمِهِ فَهُوَ مَيْمون عَلَيْهِمْ، وَقَدْ شُئِمَ عليهم فهو مَشْؤُوم عَلَيْهِمْ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَهَا وَاوٌ، وَقَوْمٌ مَشائِيمُ وَقَوْمٌ مَيامين. وَرَجُلٌ شَآمٍ وتَهامٍ إِذا نَسَبْتَ إِلى تِهامةَ والشأْم، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ يَمانٍ، زَادُوا أَلفاً فَخَفَّفُوا يَاءَ النِّسْبَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا نَشَأَتْ بَحْريةً ثُمَّ تَشاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ
؛ تَشَاءَمَتْ: أَخَذتْ نحوَ الشَّأْم. وَيُقَالُ: تَشاءَمَ الرَّجُلُ إِذا أَخذ نَحْوَ شِماله. وأَشْأَمَ وشاءَمَ إِذا أَتى الشَّأْمَ، ويامَنَ القومُ وأَيْمَنُوا إِذا أَتَوا اليَمَنَ. وَفِي صِفَةِ الإِبل:
وَلَا يأْتي خَيْرُها إِلَّا مِنْ جَانِبِهَا الأَشْأَم
، يَعْنِي الشِّمال؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْيَدِ الشِّمَالِ الشُّؤْمى تأْنيثُ الأَشْأَم، يُرِيدُ بِخَيْرِهَا لَبَنَها لأَنها إِنما تُحْلَبُ وتُرْكَبُ مِنَ الْجَانِبِ الأَيسر. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيٍّ: فيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ وأَشْأَمَ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قدَّمَ.
والشُّؤْمى مِنَ الْيَدَيْنِ: نَقِيضُ اليُمْنى، ناقَضُوا بالاسْمَيْنِ حَيْثُ تَنَاقَضَتِ الْجِهَتَانِ؛ قَالَ القطامِيُّ يَصِفُ الكلابَ والثَّوْرَ:
فَخَرَّ عَلَى شُؤْمى يَدَيْهِ، فَذَادَها ... بأَظْمأَ مِنْ فَرْعِ الذُّؤَابةِ أَسْحُما
والشَّأْمَةُ: خِلَافَ اليَمْنَةِ. والمَشْأَمة: خِلَافُ المَيْمَنَة. والشَّأْمُ: بِلَادٌ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، سُمِّيَتْ بِهَا لأَنها عن مَشْأَمة القبلة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ التأْنيث قَوْلُ جَوَّاس بْنِ القَصْطَل:
جِئْتُمْ مِنَ البلدِ البَعيدِ نِياطُه، ... والشَّأْمُ تُنْكَرُ، كَهْلُها وفَتاها
قَالَ: كَهْلُها وفَتاها بَدَلٌ مِنَ الشأْم؛ وَشَاهِدُ التَّذْكِيرِ(12/315)
قَوْلُ الْآخَرِ:
يَقُولُونَ إِنَّ الشَّأْمَ يَقْتُلُ أَهْلَهُ، ... فَمَنْ ليَ إِنْ لَمْ آتِهِ بخُلُودِ؟
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي: الشأْم مُذَكَّرٌ، وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهَذَا الْبَيْتِ، وأَجاز تأْنيثه فِي الشِّعْرِ، ذُكِرَ ذَلِكَ فِي بَابِ الْهِجَاءِ مِنَ الْحَمَاسَةِ، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ الشَّآمُ لُغَةً فِي الشَّأْمِ؛ قَالَ الْمَجْنُونُ:
وخُبِّرْتُ لَيْلى بالشَّآمِ مَريضةً، ... فأَقْبَلْتُ مِنْ مِصْرٍ إِليها أَعُودُها
وَقَالَ آخَرُ:
أَتَتْنا قُرَيشٌ قَضَّها بقَضِيضِها، ... وأَهْلُ الشَّآمِ والحجازِ تَقَصَّفُ
وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَزْمانُ سَلْمَى لَا يَرى مِثْلَها الرّاؤُونَ ... فِي شَأْمٍ وَلَا فِي عِراق
إِنما نَكَّره لأَنه جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ شَأْماً، كَمَا احْتَاجَ إِلى تَنْكِيرِ الْعِرَاقِ، فَجَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ عِرَاقًا، وَهِيَ الشَّآمُ، وَالنَّسَبُ إِليها شامِيٌّ، وشَآمٍ عَلَى فَعالٍ وَلَا تَقُلْ شَأْمٍ، وَمَا جَاءَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنه اقْتَصَرَ مِنَ النِّسْبَةِ عَلَى ذِكْرِ الْبَلَدَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ شآمٍ فِي النِّسْبَةِ قَوْلُ أَبي الدَّرْدَاءِ مَيْسَرَةَ:
فهاتيكَ النُّجومُ، وهُنَّ خُرْسٌ، ... يَنُحْنَ عَلَى مُعاويةَ الشَّآمِ
وامرأَة شآميَّةٌ وشآمِيَةٌ مُخَفَّفَةُ الْيَاءِ. والمَشْأَمةُ: المَيسَرة، وَكَذَلِكَ الشَّأْمَةُ، وأَشْأَمَ الرجلُ والقومُ: أَتَوا الشأْمَ أَو ذَهَبُوا إِليها؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
سَمِعتْ بِنَا قِيلَ الوُشاةِ، فأَصْبَحَتْ ... صَرَمَتْ حِبالَكَ فِي الخَلِيط المُشْئِم
وتَشَأَّم الرجلُ: انْتَسَبَ إِلى الشأْم مِثْلُ تَقَيَّس وتَكَوَّف. ويامِنْ بأَصحابك أَي خُذْ بِهِمْ يَمْنَةً، وشائِمْ بأَصحابك خُذْ بِهِمْ شأْمَةً أَي ذاتَ الشِّمَالِ أَو خُذْ بِهِمْ إِلى الشأْم، وَلَا يُقَالُ تَيامَنْ بِهِمْ. وَيُقَالُ: قَعَدَ فلانٌ يَمْنَةً وَقَعَدَ فُلَانٌ شأْمةً ونظرتُ يَمْنَة وشأْمَةً. وَيُقَالُ: شَأَمْتُ القومَ أَي يَسَرْتُهم. وَيُقَالُ: تشاءَم أَخَذَ ناحِيةَ الشَّأْم، فإِذا أَردْتَ خُذْ نَاحِيَةَ الشأْم قلتَ شائِمْ، فإِذا أَردت أَتَى الشأْم قُلْتَ أَشْأَم، وَكَذَلِكَ أَيْمَنَ إِذا أَتَى اليَمَنَ، وتَيامَنَ إِذا أَخذ اليَمَن، ويامَنَ إِذا أَخذ نَاحِيَةَ اليَمَن. والشِّئْمَةُ. مهموزَةً: الطبيعةُ؛ حَكَاهَا أَبو زَيْدٍ واللحياني، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: قَدْ هَمَزَ بَعْضُهُمُ الشِّئمة وَلَمْ يُعَلِّلْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالَّذِي عِنْدِي فِيهِ أَن هَمْزَهُ نَادِرٌ لأَنه لَيْسَ هُنَالِكَ مَا يُوجِبُهُ، وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي شأْم قَالَ: وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الحَنْظَلِيَّة: حَتَّى تَكُونُوا كأَنَّكم شأْمةٌ فِي النَّاسِ
؛ قَالَ: الشأْمة الخالُ فِي الجَسد معروفة، أَراد كونوا في أَحسن زِيٍّ وَهَيْئَةٍ حَتَّى تَظْهَروا لِلنَّاسِ وَيَنْظُرُوا إِليكم، كَمَا تَظْهَرُ الشأْمة ويُنظر إِليها دُونَ بَاقِي الْجَسَدِ.
شبم: الشَّبَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: البَرْدُ. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّبَمُ بَرْدُ الْمَاءِ. يُقَالُ: ماءٌ شَبِمٌ وَمَطَرٌ شَبِمٌ وغَداةٌ ذاتُ شَبَمٍ، وَقَدْ شَبِمَ الماءُ بِالْكَسْرِ، فَهُوَ شَبِمٌ. وَمَاءٌ شَبِمٌ: بَارِدٌ. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: خيرُ الْمَاءِ الشَّبِمُ
أَي الْبَارِدُ، وَيُرْوَى بِالسِّينِ وَالنُّونِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَفِي زَوَاجِ فَاطِمَةَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ: دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَداةٍ شَبِمَةٍ
؛ وَفِي(12/316)
قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
شُجَّتْ بِذِي شَبمٍ مِنْ ماءِ مَحْنِيةٍ ... صافٍ بأَبْطَحَ، أَضحى وَهُوَ مَشْمُول
يُرْوَى بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا عَلَى الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ؛ وَقَوْلُهُ
وَقَدْ شَبَّهُوا العِيرَ أَفْراسَنا، ... فَقَدْ وَجَدُوا مَيْرهم ذَا شَبَمْ
يَقُولُ: لَمَّا رأَوا خَيْلَنَا مُقْبِلَةً ظَنُّوهَا عِيرًا تَحْمِلُ إِليهم مَيْراً، فَقَدْ وَجَدُوا ذَلِكَ المَيْر بَارِدًا لأَنه كَانَ سَمّاً وَسِلَاحًا، والسَّمُّ وَالسِّلَاحُ بَارِدَانِ؛ وَقِيلَ: الشَّبَمُ هُنَا «3» . الْمَوْتُ لأَن الْحَيَّ إِذا مَاتَ بَرَد، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السَّمَّ شَبِماً والموتَ شَبِماً لِبَرْدِهِ، وَقِيلَ لابْنةِ الخُسِّ: مَا أَطَيبُ الأَشياء؟ قَالَتْ: لحمُ جَزُورٍ سَنِمة، فِي غَداةٍ شَبِمَةٍ، بشِفارٍ خَذِمَةٍ، فِي قُدورٍ هَزِمَة؛ أَرادت فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، والشِّفارُ الخَذِمَةُ: الْقَاطِعَةُ، والقُدُور الهَزِمَةُ: السَّرِيعَةُ الغَلَيان. أَبو عَمْرٍو: الشَّبِمُ الَّذِي يَجِدُ البَرْدَ مَعَ الجُوع؛ وأَنشد لحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
بعَيْنَيْ قُطامِيٍّ نَما فَوْقَ مَرْقَبٍ، ... غَذا شَبِماً يَنْقَضُّ بَيْنَ الهَجارِسِ
وَبَقَرَةٌ شَبِمَةٌ: سَمِينة؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَالْمَعْرُوفُ سَنِمةٌ. والشِّبامُ: عُود يُعَرَّضُ فِي شِدْقَي السَّخْلة يُوثَقُ بِهِ مِنْ قِبَلِ قَفاه لِئَلَّا يَرْضَعَ فَهُوَ مَشْبُومٌ، وَقَدْ شَبَمَها وشَبَّمَها؛ وَقَالَ عَدِيٌّ:
لَيْسَ للمَرْءِ عُصْرَةٌ مِنْ وِقاع الدَّهْرِ ... تُغْني عَنْهُ شِبامَ عَناقِ
وأَسَدٌ مُشَبَّمٌ: مَشْدُود الْفَمِ. وَفِي الْمَثَلِ: تَفْرَقُ مِنْ صَوْتِ الغُرابِ وتَفْتَرِسُ الأَسَدَ المُشَبَّم؛ قَالَ: وأَصلُ هَذَا الْمَثَلِ أَن امرأَة افْتَرَسَتْ أَسداً مُشَبَّماً وَسَمِعَتْ صوتَ غُرابٍ ففَرِقتْ، فَضُرِبَ ذَلِكَ مَثَلًا لِكُلِّ مَنْ يَفْزَعُ مِنَ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَهُوَ جَريءٌ عَلَى الجَسِيم. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لرأْس البُرْقُع الصَّوْقَعَةُ، ولكفِّ عَين البُرْقُعِ الضِّرْسُ، وَلِخَيْطِهِ الشِّبامانِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: والشِّبامانِ خَيْطانِ فِي البُرْقُع تَشُدُّه المرأَة بِهِمَا فِي قَفاها. والشَّبامُ، بِفَتْحِ الشِّينِ: نباتٌ يُشَبُّ بِهِ لوْنُ الحِنَّاءِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
عَلَى حِينِ أَن شابَتْ، ورَقَّ لرأْسِها ... شَبامٌ وحِنَّاءٌ مَعًا وصَبِيبُ
وشَبامٌ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ «4» . وشبامٌ: حَيٌّ مِنْ هَمْدان. وَفِي الصِّحَاحِ: الشِّبامُ حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ. وشِبامٌ: اسم جَبَلٍ.
شبرم: الشُّبْرُمُ: ضَرْبٌ مِنَ الشِّيحِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ العِضِّ وَهِيَ شَجَرَةٌ شاكَةٌ، وَلَهَا زَهْرة حَمْرَاءُ، وَقِيلَ: الشُّبْرُم ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: الشُّبْرُم مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ، لَهُ وَرَقٌ طُوالٌ كوَرَقِ الحَرْمَلِ، وَلَهُ ثَمَرٌ مِثْلُ الحِمَّصِ، وَاحِدَتُهُ شُبْرُمة
__________
(3) . قوله [وقيل الشبم هنا] أَي في البيت، ولعله روي ذا شبم بكسر الباء أَيضاً لأَنه الذي بمعنى الموت كما في التكملة
(4) . قوله [وَشَبَامٌ حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ] ضبط في الأصل كنسخة من التهذيب بفتح الشين، وقوله [وَشِبَامٌ حَيٌّ مِنْ هَمْدَانَ] ضبط في الأصل والمحكم بفتح الشين، وقوله [وفي الصحاح الشبام إِلخ] ضبط في الأصل كالصحاح بكسر الشين والذي في القاموس كالتكملة بكسر الشين في الجميع، وأَنشد في التكملة للحرث بن حلزة:
فما ينجيكم منا شبام ... ولا قطن ولا أَهل الحجون
وقال: شبام وقطن جبلان. وقال ابن حبيب: شبام جبل همدان باليمن، وقال أبو عبيدة: شبام فِي قَوْلِ إِمرئ الْقَيْسِ:
أنف كلون دم الغزال معتق ... من خمر عانة أَو كروم شبام
موضع بالشأم، وعانة قرية على الفرات فوق هيت(12/317)
وَقِيلَ: الشُبْرُمُ حَبٌّ يُشْبِه الحِمَّصَ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
تَسْعَى حَلائِلنا إِلى جُثْمانِهِ، ... بجَنَى الأَراكِ تَفِيئَةً والشُّبْرُمِ
تَفْيِئَةٌ: مِنَ الفَيْءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِذا كَانَ تَفِيئَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْفَيْءِ فأَصله تَفْيئةً عَلَى تَفْعِلة لأَنه مَصْدَرُ فَيَّأَتِ الشجرةُ تَفْيِئَة، ثُمَّ نَقَلَ كَسْرَةَ الْيَاءِ عَلَى الْفَاءِ فَصَارَتْ تَفِيئةً، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الأَراك، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَن تَكُونَ التَّفِيئَةُ بِمَعْنَى الحِين، يُقَالُ: أَتيته فِي تَفِيئة ذَلِكَ وإِفَّان ذَلِكَ وتَئِفَّةِ ذَلِكَ أَي حِينَ ذَلِكَ، تَفِيئةٌ عَلَى هَذَا مقلوبٌ، فأَصله تَئِفَّةِ ذَلِكَ لأَن الْهَمْزَةَ فَاءُ الْكَلِمَةِ وَالْفَاءُ عَينها. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: أَنها شرِبَت الشُّبْرُمَ فَقَالَ إِنه حارٌّ جارٌّ
، الشُّبْرُم: حَبٌّ يُشْبه الحِمَّصَ يُطْبَخُ وَيُشْرَبُ مَاؤُهُ لِلتَّدَاوِي، وَقِيلَ: إِنه نَوْعٌ مِنَ الشِّيحِ، قَالَ: وأَخرجَه الزَّمَخْشَرِيُّ عَنْ أَسماء بِنْتِ عُمَيْس، قَالَ: وَلَعَلَّهُ حَدِيثٌ آخَرَ. والشُّبْرُمُ: البَخيل، وإِن كَانَ طَوِيلًا «1» ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: والشُّبْرُمُ شَجَرَةٌ حارَّةٌ تَسْمُو عَلَى ساقٍ كقِعْدَةِ الصَّبِيِّ أَو أَعظم، لَهَا وَرَقٌّ طُوالٌ رُقاقٌ، وَهِيَ شَدِيدَةُ الخُضْرَة، وَزَعَمَ بَعْضُ الأَعراب أَن لَهَا حَبًّا صِغَارًا كَجَماجِم الحُمَّرِ. أَبو زَيْدٍ: فِي العضاهِ الشُّبْرُمُ، الْوَاحِدَةُ شُبْرُمَة، وَهِيَ شَجَرَةٌ شَاكَةٌ، وَلَهَا ثَمَرَةٌ نَحْوَ النَّخَر فِي لَوْنِهِ ونِبْتَتِه، وَلَهَا زَهْرَة حَمْرَاءُ، والنَّخَرُ الْحَمْضُ. والشُّبْرُمُ: الْقَصِيرُ مِنَ الرِّجَالِ؛ قَالَ هِمْيانُ:
مَا منهمُ إِلا لئيمٌ شُبْرُمُ، ... أَسْحَمُ لَا يأْتي بخَيْرٍ حَلْكَمُ
وَفِي التَّهْذِيبِ:
أَرْصَعُ لَا يُدَعى لعَنزٍ حَلْكَمُ
والحَلْكَمُ: الأَسْوَدُ. الْجَوْهَرِيُّ: الشُّبْرُم البخيلُ أَيضاً؛ وأَنشد بَيْتَ هميْان أَيضاً:
مَا منهمُ إِلَّا لَئِيمٌ شُبْرُمُ
والشُّبْرُمانُ: نَبْتٌ أَو مَوْضِعٌ؛ وَقَالَ يَصِفُ حَمِيرًا:
تَرْفَعُ فِي كُلِّ زُقاقٍ قَسْطَلا، ... فصَبَّحَتْ مِنْ شُبْرُمانَ مَنْهلا
أَخْضَرَ طَيْساً زَغْرَبيّاً طَيْسلا
وَفِي الصِّحَاحِ: شُبْرُمان بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ. وشُبْرُمةُ: اسْمُ رجل.
شتم: الشَّتْمُ: قَبِيحُ الْكَلَامِ وَلَيْسَ فِيهِ قَذْفٌ. والشَّتْمُ: السَّبُّ، شَتَمَه يَشْتُمُه ويَشْتِمُه شَتْماً، فَهُوَ مَشْتُوم، والأُنثى مَشْتُومة وشَتِيمٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ: سَبَّهُ، وَهِيَ المَشْتَمَةُ والشَّتِيمة؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
لَيْسَتْ بمَشْتَمةٍ تُعَدُّ، وعَفْوُها ... عَرَقُ السِّقاءِ عَلَى القَعُودِ اللَّاغِبِ
يَقُولُ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ وإِن لَمْ تُعَدَّ شَتْماً فإِن العَفْو عَنْهَا شَدِيدٌ. والتَّشاتُمُ: التَّسابُّ. والمُشاتَمةُ: المُسابَّةُ؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ مَا جَرى مَجْرى المَثَل:
كلُّ شَيءٍ وَلَا شَتِيمةُ حُرٍّ
وشاتَمه فَشَتَمه يَشْتُمه: غَلَبَه بالشَّتْمِ. وَرَجُلٌ شَتَّامةٌ: كَثِيرُ الشَّتْمِ. الْجَوْهَرِيُّ: والشَّتِيمُ الكَريهُ الْوَجْهِ، وَكَذَلِكَ الأَسَدُ. يُقَالُ: فُلَانٌ شَتِيمُ المُحَيّا، وَقَدْ شَتُمَ الرجلُ، بِالضَّمِّ، شَتامَةً؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للمَرَّار الأَسَدِيّ:
يُعْطِي الجَزيلَ وَلَا يُرى، فِي وَجْهِهِ ... لخَلِيلِه، مَنٌّ ولا شَتْمُ
__________
(1) . قوله: وان كان طويلًا؛ هكذا في الأصل، ولعل في الكلام سقطاً(12/318)
قَالَ: وَشَاهِدُ شَتامَةً قَوْلُ الْآخَرِ:
وهَزِئْن مِنِّي أَن رَأَيْنَ مُوَيْهِناً ... تَبْدُو عَلَيْهِ شَتامَةُ المَمْلُوكِ
والاشْتِيامُ: رَئيسُ الرُّكّابِ. والشَّتِيمُ والشُّتامُ والشُّتامةُ: الْقَبِيحُ الْوَجْهِ. والشُّتامَةُ أَيضاً: السَّيِءُ الخُلُقِ. والشَّتامة: شِدَّةُ الخَلْقِ مَعَ قُبْح وَجْهٍ. وأَسدٌ شَتِيمٌ: عابسٌ. وَحِمَارٌ شَتِيمٌ: وَهُوَ الْكَرِيهُ الْوَجْهِ الْقَبِيحُ. وشُتَيْم ومِشْتَمٌ: اسمان.
شجم: ابْنُ الأَعرابي: الشُّجُمُ الطِّوال الأَعْفارُ. أَبو عَمْرٍو: الشَّجَمُ الهلاك.
شجعم: الشَّجْعَمُ: الطَّوِيلُ مِنَ الأُسْد وَغَيْرِهَا مَعَ عِظَمٍ، وعُنُقٌ شَجْعَمٌ كَذَلِكَ، عَلَى التَّمْثِيلِ. وحَيَّةٌ شَجْعَم: شَدِيدَةٌ غَلِيظَةٌ، والشَّجعَم مِنْ نَعْتِ الْحَيَّةِ الشُّجَاعُ؛ قَالَ:
قَدْ سالَمَ الحَيّاتُ مِنْهُ القَدَما ... الأُفْعُوانَ والشُّجاعَ الشَّجْعَما
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ يَقْضِ عَلَى هَذِهِ الْمِيمِ بِالزِّيَادَةِ إِذ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ ثَبْثٌ، وَلَا تُزَادُ الْمِيمُ إِلَّا بثَبْتٍ لِقِلَّةِ مَجِيئِهَا زَائِدَةً فِي مِثْلِهِ، هَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلى أَنه فَعْلَمٌ مِنَ الشَّجَاعَةِ.
شحم: الأَزهري: الشَّحَمُ البَطَرُ. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّحْمُ جَوْهَرُ السِّمَنِ، وَالْجَمْعُ شُحُوم، وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ شَحْمةٌ، وشَحُمَ الإِنسانُ وغيرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لعنَ اللهُ اليهودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وأَكلوا أَثمانَها
؛ الشَّحْمُ الْمُحَرَّمُ عَلَيْهِمْ: هُوَ شَحْمُ الكُلى وَالْكَرِشِ والأَمعاء، وأَما شَحْم الأَلْيَةِ والظُّهور فَلَا. وشَحُمَ فَهُوَ شَحِيمٌ: صَارَ ذَا شَحْم فِي بَدَنِهِ. وَقَدْ شَحُم، بِالضَّمِّ، وشَحِمَ شَحَماً، فَهُوَ شَحِمٌ: اشْتَهى الشَّحْم، وَقِيلَ: أَكل مِنْهُ كَثِيرًا. وأَشْحَمَ: كَثُرَ عِنْدَهُ الشَّحْمُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: رَجُلٌ شَحِيمٌ لَحِيمٌ أَي سَمِينٌ. وَرَجُلٌ شَحِمٌ لَحِمٌ إِذا كَانَ قَرِماً إِلى الشَّحْمِ واللَّحْم وَهُوَ يَشْتَهِيهُمَا. وَرَجُلٌ شاحِمٌ لاحِمٌ: ذُو شَحْمٍ ولَحْمٍ عَلَى النَّسب كَمَا قَالُوا لابِنٌ وتامِرٌ. وشَحَم القومَ يَشْحَمُهم شَحْماً وأَشْحَمَهم: أَطْعَمهم الشَّحْم. وَرَجُلٌ شاحِمٌ لاحِمٌ إِذا أَطْعم الناسَ الشَّحْمَ وَاللَّحْمَ. وَرَجُلٌ شَحَّامٌ: يَبِيعُ الشَّحْمَ. والشَّحَّامُ: الَّذِي يُكْثِرُ إِطْعامَ النَّاسِ الشَّحْمَ. وأَشْحَم الرجلُ، فَهُوَ مُشْحِم إِذا كَثُرَ عِنْدَهُ الشَّحْم، وَكَذَلِكَ أَلْحَم، فَهُوَ مُلْحِمٌ. وشَحِمَتِ النَّاقَةُ وشَحُمَتْ شُحُوماً: سَمِنَت بَعْدَ هُزالٍ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي سَنام الْبَعِيرِ شَحْماً، وبياضَ الْبَطْنِ شَحْماً. وشَحْمَةُ الأُذُن: مَا لانَ مِنْ أَسفلها وَهُوَ مُعَلَّقُ القُرْطِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَفِيهِمْ مَنْ يَبْلُغُ العَرَقُ إِلى شَحْمة أُذنه
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: هُوَ مَوْضِعُ خَرْقِ القُرْطِ، وَفِي حَدِيثِ
رَبِيعَةَ فِي الرَّجُلِ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلى شَحْمة أُذنيه.
وشَحْمَةُ الْعَيْنِ: مُقْلَتُها، وَفِي الأَزهري: حَدَقَتُها؛ وَيُقَالُ: هِيَ الشَّحْمَةُ الَّتِي تَحْتَ الحَدَقة. وَطَعَامٌ مَشْحوم وخُبزٌ مَشْحُوم: قَدْ جُعِلَ فِيهِ الشَّحْمُ. وشَحْمة الأَرض: دُودَةٌ بَيْضَاءُ، وَقِيلَ: هِيَ عَظاءَةٌ بيْضاء غيرُ ضَخْمةٍ، وَقِيلَ: لَيْسَتْ مِنَ العَظاء هِيَ أَطْيَبُ وأَحْسَنُ، وَقَالُوا: شَحْمةُ النَّقا، كَمَا قَالُوا: بناتُ النَّقا. وَفِي الصِّحَاحِ: شَحْمَةُ الأَرض الكَمْأَةُ البيضاءُ. ابْنُ سِيدَهْ: وشَحْمَة النَّخْلَةِ الجُمَّارةُ، وشَحْمَةُ الرُّمَّانة الهَنَةُ الَّتِي تَفصِلُ بَيْنَ حَبِّها. ورُمَّانة شَحِمةٌ: غَلِيظَةُ الشَّحْمَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كُلُوا الرُّمان بشَحْمِه فإِنه دِباغُ المَعِدَة
؛ قِيلَ: هُوَ مَا فِي جَوْفِهِ(12/319)
سِوَى الْحَبِّ، وشَحْمُ الرُّمَّانَةِ الأَصفر بَيْنَ ظَهْرانَيِ الحَبِّ. وعِنَبٌ شَحِمٌ: قَلِيلُ الْمَاءِ غَلِيظُ اللِّحاء. وشَحْمَةُ الحَنْظَل: مَعْرُوفَةٌ. وشَحْمُ الحَنْظَل: مَا فِي جَوْفِهِ سِوَى حَبِّهِ. وأَبو شَحْمَةَ: رجل.
شخم: شَخَمَ اللحمُ شُخوماً وشَخِمَ شَخَماً، فَهُوَ شَخِمٌ، وأَشْخَمَ إِشْخاماً وشَخَّمَ: تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ، زَادَ الأَزهري: لَا مِنْ نَتْنٍ وَلَكِنْ كَرَاهَةً. وشَخَم الطعامُ، بِالْفَتْحِ، وشَخِمَ، بِالْكَسْرِ، إِذا فَسَدَ، وشَخَّمَه غَيْرُهُ، وأَشْخَمَ فُوه إِشْخاماً؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
ولِثَةٌ قَدْ ثَتِنَتْ مُشَخَّمَه
أَي فَاسِدَةً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده ولِثَةً، بِالنَّصْبِ، لأَن قَبْلَهُ:
لَمّا رأَتْ أَنْيابَهُ مُثَلَّمَهْ
وَيُقَالُ: ثَنِتَ اللَّحْمُ وثَتِنَ، قَالَ: وَحَكَى نَثِتَ أَيضاً. وَلَحْمٌ فِيهِ تَشْخِيمٌ إِذا تَغَيَّرَ رِيحُهُ. وأَزْخَمَ اللحمُ: مِثْلُ أَشْخَم. وأَشْخَمَ اللبنُ: تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ، وشَخَمَ فَمُهُ وشَخَّمَ: تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ أَيضاً، ابْنُ الأَعرابي: الشُّخُم هُمُ المُسْتَدُّو الأُنُوفِ مِنَ الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ أَو الْخَبِيثَةِ، قَالَ: والشُّخُمُ والشُّحُمُ البِيضُ مِنَ الرِّحَالِ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ جَمِيعًا. والشُّجُمُ، بِالْجِيمِ: الطِّوالُ الأَعْفارُ، والأَعْفارُ الأَشِدَّاءُ، وَاحِدُهُمْ عِفْريٌّ وعِفْرِيَةٌ. وشَخَمَ الرجلُ وأَشْخَمَ: تَهَيَّأَ للبُكاء، وشَعَر أَشْخَمُ: أَبيضُ. والأَشْخَمُ: الرأْس الَّذِي عَلَا بياضُ رأْسه سَوادَه. واشْخامَّ النبْتُ: عَلا بياضُه خُضْرَتَه. وعامٌ أَشْخَم: لَا مَاءَ فِيهِ وَلَا مَرْعى؛ وَحَكَى ثَعْلَبٌ أَن ابْنَ الأَعرابي أَنشده:
لَمَّا رأيتُ العامَ عَامًا أَشْخَمَا، ... كَلَّفْتُ نَفْسي وصِحابي قُحَمَا،
وجُهَماً من لَيْلِها وجُهَمَا
وَرَوْضٌ أَشْخَم: لَا نَبْتَ فِيهِ. وَفِيِ النَّوَادِرِ: حِمَارٌ أَطْخَمُ وأَشْخَمُ وأَدْغَمُ بمعنى واحد.
شدقم: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: الشَّدْقَمِيُّ والشَّدْقَمُ الواسِعُ الشِّدْق، وَهُوَ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي زَادَتِ الْعَرَبُ فِيهَا الْمِيمَ، مِثْلُ زُرْقُمٍ وسُتْهُمٍ وفُسْحُمٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ يُقَالُ شُداقِمٌ؛ قَالَ الزَّفَيانُ:
شُداقِمٍ ذِي شِدْقٍ مُهَرَّتِ
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: حَدَّثَه رجلٌ بِشَيْءٍ فَقَالَ مِمَّنْ سمعتَ هَذَا؟ فَقَالَ: مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مِنَ الشَّدْقَمِ
؛ هُوَ الواسِع الشِّدْقِ، وَيُوصَفُ بِهِ المِنْطِيقُ البَلِيغُ المُفَوَّه. وشَدْقَمٌ: اسْمُ فَحْلٍ مِنْ فُحُولِ إِبل الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: شَدْقَمٌ فَحْلٌ كَانَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ يُنْسَبُ إِليه الشَّدْقمِيَّاتُ مِنَ الإِبل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
غُرَيْرِيَّةُ الأَنسابِ أَو شَدْقَمِيَّةٌ، ... يَصِلْنَ إِلى البِيدِ الفَدافِدِ فَدْفَدا
شذم: ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ الفَتِيَّةِ السَّرِيعَةِ شِمِلَّةٌ وشِمْلالٌ وشَيْذُمانَةٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الشَّيْذُومان، بِضَمِّ الذَّالِ، والشيْمَذانُ مِنْ أَسماء الذِّئْبِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
عَلَى حُوَلاءَ يَطْفو السُّخْدُ فِيهَا، ... فَراها الشَّيْذُمانُ عَنِ الخَبيرِ «2»
السُّخْدُ: مَاءٌ أَصفر يكون في الحُوَلاء.
__________
(2) . قوله [عن الخبير] كذا بالأصل، والذي في التهذيب: من الحنين انتهى. ولعله عن الجنين بالجيم. زاد في التكملة: الشذام كسحاب الملح وحمة العقرب والزنبور(12/320)
شرم: الشَّرْمُ والتَّشْرِيمُ: قَطْعُ الأَرْنَبَةِ وثَفَرِ النَّاقَةِ، قِيلَ ذَلِكَ فِيهِمَا خَاصَّةً. ناقةٌ شَرْماء وشَرِيمٌ ومَشْرومَةٌ. وَرَجُلٌ أَشْرَمُ بَيِّنُ الشَّرَمِ: مَشْرُومُ الأَنْفِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لأَبْرَهَةَ الأَشْرَمُ. وأُذُنٌ شَرْماءُ ومُشَرَّمَةٌ: قُطِع مِنْ أَعلاها شيءٌ يَسِيرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَهُ بمُصْحَف مُشَرَّمِ الأَطْراف
؛ فَاسْتُعْمِلَ فِي أَطراف الْمُصْحَفِ كَمَا تَرَى. والشَّرْمُ: الشَّق، شَرَمَهُ يَشْرِمُه شَرْماً فَشَرِمَ شَرَماً وانْشَرَم وشَرَّمَهُ فَتَشَرَّم. والشَّرْمُ: مَصْدَرُ شَرَمَهُ أَي شَقَّه؛ قَالَ أَبو قَيْسِ بنُ الأَسْلَتِ يَصِفُ الحَبَشَة والفيلَ عِنْدَ وَرُودِهِمْ إِلى الْكَعْبَةِ الشَّرِيفَةِ:
مَحاجِنُهمْ تَحْتَ أَقْرابِه، ... وَقَدْ شَرَمُوا جِلْدَه فانْشَرَم
والشَّارِمُ: السَّهْمُ الَّذِي يَشْرِمُ جانِبَ الغَرَضِ. والتَّشْرِيمُ: التَّشْقِيقُ. وتَشَرَّمَ الشيءُ: تَمَزَّق وتَشَقَّقَ. والأَشْرَمُ: أَبْرَهَةُ صاحبُ الْفِيلِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه جَاءَهُ حَجَرٌ فَشَرَمَ أَنفَه ونَجَّاه اللَّهُ ليُخْبِرَ قومَه، فَسُمِّيَ الأَشْرَمَ. وَفِي الحَديث:
أَن أَبرهة جَاءَهُ حَجَرٌ فَشَرَم أَنْفَه فَسُمِّيَ الأَشَرمَ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه اشْتَرَى نَاقَةً فرأَى بِهَا تَشْرِيمَ الظِّئار فَرَدَّها
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّشْرِيمُ التَّشْقِيقُ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَعْنَى تَشْرِيمِ الظِّئار أَنَّ الظِّئَارَ أَن تُعْطَفَ الناقةُ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا فتَرْأَمَه. يُقَالُ: ظاءرْتُ أُظائِرُ ظِئاراً، قَالَ: وَقَدْ شَاهَدْتُ ظِئارَ الْعَرَبِ الناقةَ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا، فإِذا أَرادوا ذَلِكَ شَدُّوا أَنْفَها وعَيْنَيها ثُمَّ حَشَوْا خَوْرانَها بدُرْجةٍ مَحْشُوَّةٍ خِرَقاً ومُشاقَة، ثُمَّ خَلُّوا الخَوْرانَ بِخِلالَيْنِ وتُرِكَتْ كَذَلِكَ يَوْمًا، فَتَظُنُّ أَنها قَدْ مَخِضَتْ للوِلادِ، فإِذا غَمَّها ذَلِكَ نَفَّسُوا عَنْهَا وَنَزَعُوا الدُّرْجَة مِنْ خَوْرانِها، وَقَدْ هُيِّئَ لَهَا حُوارٌ فَتَرَى أَنها وَلَدَتْهُ فتَذُرُّ عَلَيْهِ. والخَوْرانُ: مَجْرَى خُرُوجِ الطَّعَامِ مِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ. وَيُقَالُ لِلْجِلْدِ إِذا تَشَقَّقَ وَتَمَزَّقَ: قَدْ تَشَرَّمَ، وَلِهَذَا قِيلَ للمشقوقِ الشَّفَةِ أَشْرَمُ، وَهُوَ شَبِيهٌ بالعَلَم. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: أَنه أُتِي عُمَرُ بِكِتَابٍ قَدْ تَشَرَّمَتْ نَوَاحِيهِ فِيهِ التَّوْرَاةُ
أَي تَشَقَّقَتْ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الْمَشْقُوقِ الشَّفَةِ السُّفْلَى أَفْلَحُ، وَفِي العُلْيا أَعْلَمُ، وَفِي الأَنف أَخْرَمُ، وَفِي الأُذُن أَخْرَبُ، وَفِي الجَفْن أَشْتَرُ، وَيُقَالُ فِيهِ كُلِّه أَشْرَمُ. وشَرَمَ الثريدَة يَشْرِمُها شَرْماً: أَكل مِنْ نَوَاحِيهَا، وَقِيلَ: جَرَفَها. وقَرَّبَ أَعرابي إِلى قَوْمٍ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ: لَا تَشرِمُوها وَلَا تَقْعَرُوها وَلَا تَصْقَعوها، فَقَالُوا: وَيحَك وَمِنْ أَين نأْكل؟ فالشَّرْمُ مَا تَقَدَّم، والقَعْرُ أَن يأْكل مِنْ أَسفلها، والصقعُ أَن يأْكل مِنْ أَعلاها؛ وَقَوْلُ عَمْرٍو ذِي الْكَلْبِ:
فقلتُ خُذْها لَا شَوىً وَلَا شَرَمْ
إِنما أَراد وَلَا شَقٌّ يسيرٌ لَا تَمُوتُ مِنْهُ، إِنما هُوَ شَقٌّ بَالِغٌ يُهْلِكُك، وأَراد وَلَا شَرْمٌ، فحرَّك لِلضَّرُورَةِ. والشَّرِيمُ والشَّرُومُ: المرأَة المُفْضاة. وامرأَة شَرِيم: شُقَّ مَسْلكاها فَصَارَا شَيْئًا وَاحِدًا؛ قَالَ:
يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ ... أَفْضَلُ مِنْ يَوْم احْلِقِي وقُومِي
أَراد الشِّدَّةَ، وَهَذَا مَثَلٌ تَضْرِبُهُ الْعَرَبُ فَتَقُولُ: لَقِيتُ مِنْهُ يومَ احْلِقِي وقُومي أَي الشدَّةَ، وأَصله أَن يَمُوتَ زَوْجُ المرأَة فَتَحْلِق شَعْرَهَا وتقوم مع النوائح؛ وبَقَّةُ: اسْمُ امرأَة، يَقُولُ: يَوْمَ شُرمَ جِلْدُها يعني الاقْتِضاضَ. وكلُّ شَقٍّ فِي جَبَلٍ أَو صَخْرَةٍ لَا(12/321)
يَنْفُذُ شَرْمٌ. والشَّرْمُ: لُجَّة الْبَحْرِ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ فِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ أَبْعَدُ قَعْره. الْجَوْهَرِيُّ: وشَرْمٌ مِنَ الْبَحْرِ خَلِيجٌ مِنْهُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والشُّروم غَمَراتُ الْبَحْرِ، وَاحِدُهَا شَرْمٌ؛ قَالَ أُمَيَّة يَصِفُ جَهَنَّمَ:
فَتَسْمُو لَا يُغَيِّبُها ضَراءٌ، ... وَلَا تَخْبُو فَتَبْرُدُها الشُّرُومُ
وعُشْبٌ شَرْمٌ: كَثِيرٌ يؤْكل مِنْ أَعلاه وَلَا يُحْتَاجُ إِلى أَوساطه وَلَا أُصوله؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الرُّوَّادِ: وَجَدْتُ خُشْباً هَرْمَى وعُشْباً شَرْما؛ والهَرْمَى: الَّتِي لَيْسَ لَهَا دُخان إِذا أُوقِدَتْ مِنْ نَفْسها وقِدَمِها. وشَرَمَ لَهُ مِنْ مَالِهِ أَي أَعطاه قَلِيلًا. وتَشْرِيمُ الصَّيْدِ: أَن يَنْفَلِتَ جَرِيحاً؛ وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ الهُذَليُّ:
وَهِلًا، وَقَدْ شَرَعَ الأَسِنَّةَ نَحْوَها، ... مِنْ بينِ مُحْتَقٍّ لَهَا ومُشَرِّمِ «1»
. مُحْتَقٍّ: قَدْ نَفَذَ السِّنانُ فِيهِ فَقَتَلَهُ ولم يُفْلِتْ. وشُرْمَةُ: مَوْضِعٌ «2» ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ مَطراً:
فأَضْحَى لَهُ جُلْبٌ بأَكناف شُرْمَةٍ، ... أَجَشُّ سِماكِيٌّ مِنَ الوبْلِ أفْضَحُ
والشُّرْمَةُ، بِالضَّمِّ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ أَوْسٌ:
وَمَا فَتِئَتْ خيلٌ كأَنَّ غُبارَها ... سُرادِقُ يومٍ ذِي رِياحٍ تَرَفَّعُ
تَثُوبُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَبانٍ وشُرْمةٍ، ... وتَرْكَبُ مِنْ أَهْلِ القَنانِ وتَفْزَعُ
أَبانٌ: جَبَلٌ، وشُرْمة: مَوْضِعٌ، والفَزَعُ هُنَا مِنَ الإِصْراخِ والإِغاثَةِ.
شردم: الشِّرْذِمَةُ الْقَلِيلُ مِنَ النَّاسِ، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى الْوَزِيرُ عَنْ أَبي عُمَرَ شِرْذِمَة وشِرْدِمَة، بِالذَّالِ وَالدَّالِ، والله أعلم.
شرذم: الشِّرْذِمةُ: القِطْعة مِنَ الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ شَراذِمُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
فَخَرَّتْ وأَلْقَتْ كلَّ نَعْلٍ شَراذِماً، ... يَلُوحُ بِضَاحِي الجِلْدِ مِنْهَا حُدُورُها
اللَّيْثُ: الشِّرْذِمةُ الْقِطْعَةُ مِنَ السَّفَرْجَلة وَنَحْوِهَا؛ وأَنشد:
يُنَفِّرُ النِّيبَ عَنْهَا بَيْنَ أَسْوُقِها، ... لَمْ يَبْقَ مِنْ شَرِّها إِلَّا شَراذِيمُ
والشِّرْذِمةُ: الْقَلِيلُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: الجماعةُ مِنَ النَّاسِ الْقَلِيلَةُ. والشِّرْذمة فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: القليلُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ
؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى الْوَزِيرُ عَنْ أَبي عُمَر شِرْذِمة وشِرْدِمة، بِالدَّالِ وَالذَّالِ. وَثِيَابٌ شراذِمُ أَي أَخْلاق مُتَقَطِّعَةٌ. وَثَوْبٌ شَراذمُ أَي قِطَعٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرَاجِزٍ:
جَاءَ الشِّتاءُ وقَمِيصي أَخْلاقْ، ... شَراذِمٌ يَضْحَكُ مِنِّي التَّوَّاقْ
قَالَ: والتَّوَّاق ابْنُهُ.
__________
(1) . قوله [وهلًا] كذا بالأصل هنا، وفيه في مادة حقق: هلا
(2) . قوله [وشرمة موضع] كذا بضبط الأصل بضم فسكون، والذي في القاموس وياقوت: أن اسم الموضع شرمة محركة واسم الجبل بضم فسكون، وأنشد ياقوت البيت شاهداً على اسم الجبل(12/322)
شظم: الشَّيْظَمُ والشَّيْظمِيُّ: الطَّوِيلُ الجَسِيمُ الفَتِيُّ مِنَ النَّاسِ وَالْخَيْلِ والإِبل، والأُنثى شَيْظَمة؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
والخَيْلُ تَقْتَحِمُ الخَبارَ عَوابِساً، ... مَا بَيْنَ شَيْظَمةٍ وأَجْرَدَ شَيْظَمِ
وَيُرْوَى: وآخَرَ شَيْظَمِ. وَيُقَالُ: الشَّيْظَمِيُّ الفَتِيُّ الجَسِيمُ والفرسُ الرائعُ، وَرَجُلٌ شَيْظَمٌ وشَيْظَمِيٌّ مِنْ رِجَالٍ شَياظِمةٍ. الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ: الشَّيظَمُ الطَّوِيلُ الشديدُ؛ قَالَ: وأَنشدنا أَبو عَمْرٍو:
يُلِحْنَ مِنْ أَصْواتِ حادٍ شَيْظَمِ، ... صُلْبٍ عَصاهُ للمَطِيِّ مِنْهَمِ
قَالَ: وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ، وَقِيلَ الشَّيْظَمُ مِنَ الْخَيْلِ الطويلُ الظاهرُ العَصَب، وَهُوَ مِنَ الرِّجَالِ الطويلُ أَيضاً؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ:
يُعَقِّلُهنَّ جَعْدٌ شَيْظَمِيٌ
الشَّيْظَمُ: الطَّوِيلُ، وَقِيلَ: الجَسِيم، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ: الشَّيْظَمُ الطَّلْقُ الْوَجْهِ الهَشُّ الَّذِي لَا انْقباضَ لَهُ. والشَّيْظَمُ: المُسِنُّ مِنَ القَنافذ. وَيُقَالُ للأَسد: شَيْظَمٌ وشَيْظَمِيٌّ. وشَيْظَمٌ: اسْمٌ، والله أَعلم.
شعم: الشَّعْمُ: الإِصْلاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَهُوَ حَرْفٌ غَرِيبٌ. والشُّعْمُوم والشُّغْموم، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ: الطَّوِيلُ مِنَ النَّاسِ والإِبل، وَفِي التَّهْذِيبِ: الطَّوِيلُ بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن عَيْنَهَا بَدَلٌ مِنْ غَيْنِ شُغْموم.
شغم: رَجُلٌ شَغِمٌ: حَرِيصٌ. وَيُقَالُ: رَغْماً دَغْماً شِنَّغْماً، كُلُّ ذَلِكَ إِتباع. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَزَعَمَ ثَعْلَبٌ أَن شِنَّغْماً مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّجُلِ الشِّنَّغْم أَي الْحَرِيصِ، فإِن كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِهَذَا الْبَابِ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنه رُبَاعِيٌّ؛ وَذَكَرَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ شَنْغَمَ: رَوَى عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ رَغْماً لَهُ دَغْماً شَغْماً تأْكيداً للرَّغْم بغير واو، دَلَّ الشَّغْمُ عَلَى الشِّنَّغْم، قَالَ: وَلَا أَعرف الشَّغْمَ. والشُّغْمُوم: الطَّوِيلُ التامُّ الحَسَنُ مِنَ النَّاسِ والإِبل، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعَيْنِ أَيضاً. أَبو عُبَيْدٍ: الشغامِيمُ الطِّوال الحِسانُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
واسْتَرْجَفَتْ هامَها الهِيمُ الشَّغامِيمُ
وامرأَة شُغْمُوم وشُغْمُومةٌ وَنَاقَةٌ شُغْمُومٌ؛ قَالَ المَخْرُوع السَّعْديّ:
وتحتَ رَحلي بازلٌ شُغْمُومُ، ... مُلَمْلَمٌ غارِبُه مَدْمُومُ
وَالْجَمْعُ الشَّغاميم. والشِّغْمِيمُ والشُّغْمُوم: هُوَ الشابُّ الطويلُ الجَلْدُ. وَرَجُلٌ شُغْمُوم وَجَمَلٌ شُغْمُومٌ، بَالْغَيْنِ معجمةً، أَي طويلٌ.
شقم: الشَّقَمُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ، وَاحِدَتُهُ شَقَمَةٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ الشَّقَمُ جِنْسٌ مِنَ التَّمْرِ، وَاحِدَتُهُ شَقَمَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ الشَّقَمَةُ مِنَ النخل البُرْشُومُ.
شكم: الشُّكْمُ، بِالضَّمِّ: العَطاء، وَقِيلَ: الْجَزَاءُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى الشُّكْمى لُغَةً، قَالَ: وَلَا أَحُقُّها، شكَمَه يَشْكُمه شَكْماً وأَشْكَمه؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَبا طَيْبة حَجَم رسولَ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اشْكُمُوه
أَي أَعْطُوه أَجْرَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:(12/323)
أَبْلِغْ قَتادَةَ، غَيْرَ سائِلِه ... جَزْلَ العَطاءِ وعاجِلَ الشُّكْمِ
قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ الشُّكْمُ، بِالضَّمِّ، الجَزاءُ، والشُّكْدُ العَطاء بِلَا جَزاءٍ، قَالَ: وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُهُ وأَصله مِنْ شَكِيمةِ اللجامِ كأَنها تُمْسِكُ فَاهُ عَنِ الْقَوْلِ، قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَباح: أَنه قَالَ لِلرَّاهِبِ إِني صَائِمٌ، فَقَالَ: أَلا أَشْكُمُكَ عَلَى صَوْمِكَ شُكْمةً؟ تُوضع يَوْمَ الْقِيَامَةِ مائدةٌ وأَول مَنْ يأْكل مِنْهَا الصَّائِمُونَ
؛ أَي أَلا أُبَشِّرُكَ بِمَا تُعْطى عَلَى صَوْمِك. وَفِي تَرْجَمَةِ شَكَبَ: الشُّكْبُ لغةٌ فِي الشُّكْمِ، وَهُوَ الْجَزَاءُ، وَقِيلَ: الْعَطَاءُ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ الأُمَوِيَّ يَقُولُ: الشُّكْمُ الْجَزَاءُ، والشَّكْمُ الْمَصْدَرُ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الشُّكْمُ العِوَضُ، وَقَالَ الأَصمعي: الشُّكْمُ والشُّكْدُ الْعَطِيَّةُ. اللَّيْثُ: الشُّكْمُ النُّعْمى. يُقَالُ: فَعَلَ فلانٌ أَمراً فَشَكَمْتُه أَي أَثَبْتُه: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الشُّكْمُ بِالضَّمِّ، الْجَزَاءُ، فإِذا كَانَ الْعَطَاءُ ابْتِدَاءً فَهُوَ الشُّكْدُ، بِالدَّالِ، تَقُولُ مِنْهُ شَكَمْتُه أَي جَزَيْتُهُ. والشَّكِيمة مِنَ اللِّجام: الْحَدِيدَةُ المُعْتَرضة فِي الْفَمِ. الْجَوْهَرِيُّ: الشكِيمُ والشَّكِيمةُ فِي اللِّجَامِ الحديدةُ المُعْتَرِضة فِي فَمِ الْفَرَسِ التي فيها الفأْس؛ قال أَبو دُواد:
فَهِيَ فَوْهاءُ كالجُوالِقِ، فُوها ... مُسْتَجافٌ يَضِلُّ فِيهِ الشَّكِيمُ
وَالْجَمْعُ شَكائِمُ وشَكِيمٌ وشُكُمٌ؛ الأَخيرة عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ أَو عَلَى أَنه جَمْعُ شَكِيمٍ الَّذِي هُوَ جَمْعُ شَكِيمة، فَيَكُونُ جَمْعَ جَمْعٍ. وشَكَمَه يَشْكُمُه شَكْماً: وَضَعَ الشَّكِيمة فِي فِيهِ. وشَكَمْتُ الْوَالِيَ إِذا رَشَوتَه كأَنك سَدَدْتَ فَمَه بالشَّكِيمة؛ وَقَالَ قَوْمٌ: شَكَمه شَكْماً وشَكِيماً عَضَّه؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فأَبْقُوا عَلَيْكُمْ، واتَّقُوا نابَ حَيَّةٍ ... أَصاب ابْنَ حَمْراءِ العِجانِ شَكِيمُها
قَالَ: وأَما فأْس اللجام فَالْحَدِيدَةُ الْقَائِمَةُ فِي الشَّكِيمَةِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ شديدُ الشَّكيمة إِذا كَانَ ذَا عَارِضَةٍ وَجِدٍّ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّكِيمَةُ قُوَّةُ الْقَلْبِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: إِنه لشديدُ الشَّكِيمةِ إِذا كَانَ شديدَ النَّفْسِ أَنِفاً أَبِيّاً. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَمَا بَرِحَتْ شَكِيمَتُه فِي ذَاتِ اللَّهِ
أَي شِدَّةُ نَفْسِه، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وأَصله مِنْ شَكِيمَةِ اللِّجَامِ فإِن قُوَّتَها تَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الْفَرَسِ. والشكِيمَةُ: الأَنَفَةُ وَالِانْتِصَارُ مِنَ الظُّلْم، وَهُوَ ذُو شَكِيمةٍ أَي عارِضةٍ وجِدٍّ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَكُونَ صَارِمًا حَازِمًا، وَفُلَانٌ ذُو شكِيمة إِذا كَانَ لَا يَنْقاد؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شاسٍ الأَسَدِيُّ يُخاطِب امرأَته فِي ابْنِه عِرار:
وإِنَّ عِراراً إِنْ يَكُنْ ذَا شَكِيمةٍ ... تَعافِينَها مِنْهُ، فَمَا أَمْلِكُ الشِّيَمْ
وَقَوْلُهُ:
أَنا ابنُ سَيَّارٍ عَلَى شَكِيمِه، ... إِن الشِّراكَ قُدَّ مِنْ أَدِيِمِه
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ شَكِيمةٍ كَمَا ذُكِرَ فِي شَكِيمةِ اللِّجَامِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ لُغَةً فِي الشَّكِيمة، فَيَكُونَ مِنْ بَابِ حُقٍّ وحُقَّةٍ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد عَلَى شَكِيمَتِهِ فَحَذَفَ الْهَاءَ لِلضَّرُورَةِ؛ وَقَوْلُ أَبِي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:(12/324)
جَهْم المُحَيَّا عَبُوس باسِل شَرِس، ... وَرْد قُساقِسة، رِئْبالَة شَكِم
قَالَ السُّكَّرِيُّ: شَكِمٌ غَضُوبٌ. وشَكِيمُ القِدْرِ: عُراها؛ قَالَ الرَّاعِي:
وكانَتْ جَدِيراً أَن يُقَسَّمَ لَحْمها، ... إِذا ظَلَّ بينَ المَنْزِلَينِ شَكِيمُها
وشُكامَةُ وشُكَيْمٌ: اسْمَانِ. ومِشْكَمٌ، بالكسر: اسم رجل.
شلم: الشَّالَمُ والشَوْلَمُ والشَّيْلَم؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: الزُّؤَانُ الَّذِي يَكُونُ فِي البُرِّ، سَوادِيَّةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّيْلَمُ والزُّؤانُ والسَّعِيعُ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّيْلَمُ حَبٌّ صِغارٌ مستطيلٌ أَحمر قَائِمٌ كأَنه فِي خِلْقةِ سُوسِ الحِنْطة وَلَا يُسْكِرُ وَلَكِنَّهُ يُمِرُّ الطَّعَامَ إِمْراراً شَدِيدًا؛ وَقَالَ مُرَّةُ: نباتُ الشَّيْلَم سُطَّاحٌ وَهُوَ يَذْهَبُ عَلَى الأَرض، وَوَرَقَتُهُ كَوَرَقَةِ الخِلاف البَلْخِيِّ شديدةُ الخُضْرَة رطبةٌ، قَالَ: وَالنَّاسُ يأْكلون وَرَقَهُ إِذا كَانَ رَطْبًا وَهُوَ طَيِّبٌ لَا مَرارةَ لَهُ وحَبُّه أَعْقَى مِنَ الصَّبر. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ السُّلَمِيَّ يَقُولُ: لَقِيتُ رَجُلًا يَتَطاير شِلَّمُه وشِنَّمُه أَي شَرارُه مِنَ الْغَضَبِ؛ وأَنشد:
إِنْ تَحْمِلِيهِ سَاعَةً، فَرُبَّما ... أَطارَ فِي حُبِّ رِضاكِ الشِّلَّما
الْفَرَّاءُ: لَمْ يأْتِ عَلَى فَعَّلٍ اسْمًا إِلا بَقَّمٌ وعَثَّرُ ونَدَّرُ، وَهُمَا مَوْضِعَانِ، وشَلَّمُ: بيتُ المَقْدِس، وخَضَّمُ: اسْمُ قَرْيَةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: شَلَّمُ عَلَى وَزْنِ بَقَّمٍ مَوْضِعٌ بِالشَّامِ، وَيُقَالُ: هُوَ اسْمُ مَدِينَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بالعِبْرانِيَّة وَهُوَ لَا يَنْصَرِفُ لِلْعُجْمَةِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ ابْنُ خَالَوَيْهِ عِدَّةَ أَسماء لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْهَا شَلَّمُ وشَلَمٌ وشَلِمٌ وأُورِي شَلِم «3» ؛ وأَنشد بَيْتَ الأَعشى:
وَقَدْ طُفْتُ لِلْمَالِ آفاقَهُ: ... عُمانَ فحِمْصَ فأُورِي شَلَمْ
وَيُقَالُ أَيضاً: إِيلِياءُ وبيتُ المَقْدِس وبيتُ المِكْياش «4» . ودارُ الضَّرْبِ وصَلَمُونُ.
شلجم: الْجَوْهَرِيُّ: الشَّلْجَمُ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَسْأَلُني بِرامَتَين شَلْجَما
وَيُقَالُ: هُوَ بِالسِّينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سلجم.
شَمَّمَ: الشَّمُّ: حِسُّ الأَنف، شَمِمْتُه أَشَمُّه وشَمَمْتُه أَشُمُّه شَمّاً وشَمِيماً وتَشَمَّمْتُه واشْتَمَمْتُه وشَمَّمْتُه؛ قَالَ قَيْس بْنُ ذَرِيح يَصِفُ أَينُقاً وسَقْباً:
يُشَمِّمْنَهُ لَوْ يَسْتَطِعْنَ ارْتَشَفْنَهُ، ... إِذا سُفْنَه يَزْدَدْنَ نَكباً عَلَى نَكْبِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: تَشَمّمَ الشيءَ واشْتَمَّه أَدناه مِنْ أَنفه ليَجْتَذِبَ رائِحَتَه. وأَشَمَّه إِيّاه: جَعَلَهُ يَشُمُّه. وتَشَمَّمْتُ الشيءَ: شَمِمْتُه فِي مَهْلَةٍ، والمُشامَّة مُفاعَلة مِنْهُ، والتَّشامُّ التَّفاعُل. وأَشْمَمْتُ فُلَانًا الطِّيبَ فَشَمَّهُ واشْتَمَّهُ بِمَعْنًى، وَمِنْهُ التَّشَمُّمُ كَمَا تَشَمَّمُ البَهيمةُ إِذا الْتَمَسَت رِعْياً. والشَّمُّ:
__________
(3) . قوله [وأوري شلم] ضبطت أوري بشكل القلم مفتوحة الراء في الأصل والنهاية والتكملة، وفي ياقوت بالعبارة مكسورتها، وفي القاموس: شلم كبقم وكتف وجبل انتهى. وفي التكملة: بالأخيرين يروى قول الأَعشى
(4) . قوله [المكياش إلخ] كذا بالأصل(12/325)
مَصْدَرُ شَمِمْتُ. وأَشْمِمني يَدَك أُقَبِّلْها، وَهُوَ أَحسن مِنْ قَوْلِكَ ناوِلْني يَدَك؛ وَقَوْلُ عَلْقمة بْنُ عَبْدَةَ:
يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً نَضْحُ العبيرِ بِهَا، ... كأَنَّ تَطْيابَها فِي الأَنْفِ مَشْمُومُ
قِيلَ: يَعْنِي المِسْكَ، وَقِيلَ: أَراد أَن رَائِحَتَهَا بَاقِيَةٌ فِي الأَنف، كَمَا يُقَالُ: أَكلت طَعَامًا هُوَ فِي فَمِي إِلى الْآنَ. وَقَوْلُهُمْ: يَا ابْنَ شامَّةِ الوَذْرَةِ؛ كلمةٌ مَعْنَاهَا القَذْفُ. والمَشْمُومُ: المِسْكُ، وأَنشد بَيْتَ عَلْقَمَةَ أَيضاً. والشَّمَّاماتُ: مَا يُتَشَمَّمُ مِنَ الأَرْواح الطَّيّبةِ، اسمٌ كالجَبَّانَةِ. ابْنُ الأَعرابي: شَمَّ إِذا اخْتَبَر، وشَمَّ إِذا تَكَبَّر. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، حِينَ أَراد أَن يَبْرُزَ لِعَمْرِو بْنِ وُدٍّ قَالَ: أَخْرُج إِليه فأُشامُّه قَبْلَ اللِّقاء
أَي أَخْتَبِرُه وأَنْظُرُ مَا عِنْدَهُ. يُقَالُ: شامَمْتُ فُلَانًا إِذا قارَبْتَه وتَعَرَّفْتَ مَا عِنْدَهُ بالاخْتبار وَالْكَشْفِ، وَهِيَ مُفاعَلة مِنَ الشَّمّ كأَنك تَشُمُّ مَا عِنْدَهُ ويَشُمُّ مَا عِنْدَك لتَعْمَلا بمقتَضى ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: شامَمْناهُمْ ثُمَّ ناوَشناهُمْ. والإِشْمامُ: رَوْمُ الحَرْفِ السَّاكِنِ بِحَرَكَةٍ خَفِيَّةٍ لَا يُعتدّ بِهَا وَلَا تَكْسِرُ وزْناً؛ أَلا تَرَى أَن سِيبَوَيْهِ حِينَ أَنشد:
مَتَى أَنامُ لَا يُؤَرّقْنِي الكَرِي
مجزومَ الْقَافَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يُشِمُّها الرفْع كأَنه قَالَ مَتَى أَنامُ غَيْرَ مُؤَرَّقٍ؟ التَّهْذِيبُ: والإِشمام أَن يُشَمَّ الحرفُ الساكنُ حَرْفاً كَقَوْلِكَ فِي الضَّمَّةِ هَذَا الْعَمَلُ وَتَسْكُتُ، فتَجِدُ فِي فِيكَ إِشماماً للَّام لَمْ يَبْلُغْ أَن يَكُونَ وَاوًا، وَلَا تَحْرِيكًا يُعتدّ بِهِ، وَلَكِنْ شَمَّةٌ مِنْ ضمَّة خَفِيفَةٍ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْكَسْرِ وَالْفَتْحِ أَيضاً. الْجَوْهَرِيُّ: وإِشْمامُ الحَرْف أَن تُشِمَّه الضمةَ أَو الكسرةَ، وَهُوَ أَقل مِنْ رَوْمِ الْحَرَكَةِ لأَنه لَا يُسمع وإِنما يَتَبَيَّنُ بِحَرَكَةِ الشَّفَةِ، قَالَ: وَلَا يُعتدّ بِهَا حَرَكَةً لِضِعْفِهَا؛ وَالْحَرْفُ الَّذِي فِيهِ الإِشمام سَاكِنٌ أَو كَالسَّاكِنِ مِثْلُ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
مَتَّى أَنامُ لَا يُؤَرِّقْني الكَرِي ... لَيْلًا، وَلَا أَسْمَعُ أَجْراسَ المَطِي
قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْعَرَبُ تُشِمُّ الْقَافَ شَيْئًا مِنَ الضَّمَّةِ، وَلَوِ اعْتَدَدَّتْ بِحَرَكَةِ الإِشمام لَانْكَسَرَ الْبَيْتُ، وَصَارَ تَقْطِيعُ: رِقُني الكَري، مُتَفَاعِلُنْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْكَامِلِ، وَهَذَا الْبَيْتُ مِنَ الرَّجَزِ. وأَشَمَّ الحَجَّامُ الخِتانَ، والخافضةُ البَظْرَ: أَخذا مِنْهُمَا قَلِيلًا. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ لأُم عَطِيَّةَ: إِذا خَفَضْتِ فأَشمِّي وَلَا تَنْهَكي فإِنه أَضْوأُ لِلْوَجْهِ وأَحْظى لَهَا عِنْدَ الزَّوْجِ
؛ قَوْلُهُ:
وَلَا تَنْهَكي
أَي لَا تأْخذي مِنَ البَظْرِ كَثِيرًا، شَبَّهَ الْقَطْعَ الْيَسِيرَ بإِشمام الرَّائِحَةِ، والنَّهْكَ بِالْمُبَالَغَةِ فِيهِ، أَي اقْطَعِي بعضَ النَّواةِ وَلَا تستأْصليها،. وشامَمْتُ العَدُوَّ إِذا دَنَوْتَ مِنْهُمْ حَتَّى يَرَوْكَ وتَراهم. والشَّمَمُ: الدُّنُوُّ، اسْمٌ مِنْهُ، يُقَالُ: شامَمْناهُمْ وناوَشْناهُم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَمْ يَأْتِ للأَمْرِ الَّذِي حَالَ دُونَهُ ... رِجالٌ هُمُ أَعداؤُكَ، الدَّهْرَ، مِنْ شَمَمْ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فأُشامُّهُ
أَي أَنْظُر مَا عِنْدَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمُشامَّةُ: الدُّنُوُّ مِنَ العدوِّ حَتَّى يَتَراءى الْفَرِيقَانِ. وَيُقَالُ: شامِمْ فُلَانًا أَي انْظُرْ مَا عِنْدَهُ.(12/326)
وشامَمْتُ الرَّجُلَ إِذَا قَارَبْتَهُ وَدَنَوْتَ مِنْهُ. والشَّمَمُ: القُرْبُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمْعانَ التَّغْلَبي:
وَلَمْ يأْت للأَمر الَّذِي حَالَ دُونَهُ ... رجالٌ همُ أَعداؤُك، الدهرَ، مِنْ شَمَمْ
وشَمِمْتُ الأَمرَ وشامَمْتُه: وَلِيتُ عَمَله بِيَدِي. والشَّمَمُ فِي الأَنف: ارتفاعُ القَصَبة وحُسْنُها وَاسْتِوَاءُ أَعلاها وانتصابُ الأَرْنبَةِ، وَقِيلَ: وُرُود الأَرنبَةِ فِي حُسْنِ اسْتِوَاءِ الْقَصَبَةِ وَارْتِفَاعُهَا أشدَّ مِنِ ارْتِفَاعِ الذَّلَفِ، وَقِيلَ: الشَّمَمُ أَنْ يَطُولَ الأَنف ويَدِقَّ وتَسِيلَ رَوْثَتُه، رجلٌ أَشَمُّ، وَإِذَا وَصَفَ الشاعرُ فَقَالَ أَشَمُّ فَإِنَّمَا يَعْنِي سَيِّداً ذَا أَنفة. والشَّمَمُ: طولُ الأَنف ووُرُودٌ مِنَ الأَرْنَبةِ. الْجَوْهَرِيُّ: الشَّمَمُ ارتفاعٌ فِي قَصَبَةِ الأَنف مَعَ اسْتِوَاءِ أَعْلَاهُ وإِشراف الأَرنبة قَلِيلًا، فَإِنْ كَانَ فِيهَا احْديدابٌ فَهُوَ القَنا، وَرَجُلٌ أَشَمُّ الأَنف. وَجَبَلٌ أَشَمُّ أَيْ طَوِيلُ الرأْس بَيِّنُ الشَّمَمِ فِيهِمَا. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يَحْسِبُه مَنْ لَمْ يتأَمَّلْه أَشَمَ
؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
شُمُّ العَرانِينِ أَبْطالٌ لَبُوسُهُم
جَمْعُ أَشَمَّ، والعَرانِينُ: الأُنُوف، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الرِّفْعَةِ وَالْعُلُوِّ وَشَرَفِ الأَنفس؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلْمُتَكَبِّرِ الْعَالِي: شَمَخَ بأَنفه. وشُمُّ الأُنوف: مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ، وَرَجُلٌ أَشَمُّ وامرأَة شَمَّاء. أَبو عَمْرٍو: أَشَمَّ الرجلُ يُشِمُّ إِشْماماً، وَهُوَ أَنْ يَمُرَّ رَافِعًا رأْسَه، وَحَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ: عَرَضْتُ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَإِذَا هُوَ مُشِمٌّ لَا يُرِيدُهُ. وَيُقَالُ: بَيْنا هُمْ فِي وَجْهِ إذْ أَشَمُّوا أَيْ عَدَلُوا. قَالَ يَعْقُوبُ: وَسَمِعْتُ الكِلابيَّ يَقُولُ أَشَمُّوا إِذَا جَارُوا عَنْ وُجُوههم يَمِينًا وَشِمَالًا، ومَنْكِبٌ أَشَمُّ: مُرْتَفعُ المُشاشَةِ. رَجُلٌ أَشَمُّ وَقَدْ شَمَّ شَمَماً فِيهِمَا. وشَمَّاءُ: اسْمُ أَكَمَةٍ؛ وَعَلَيْهِ فَسَّرَ ابنُ كَيْسانَ قول الحرِث بْنِ حِلِّزةَ:
بَعْدَ عَهْدٍ لنا ببُرِقةِ شَمَّاءَ، ... فأَدْنى دِيارِها الخَلْصاءُ
وَجَبَلٌ أَشَمُّ: طويلُ الرأْسِ. والشَّمامُ: جَبَلٌ لَهُ رأْسانِ يُسَمَّيانِ ابْنَيْ شَمامٍ. وبُرْقَةُ شَمَّاءَ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ، وشَمَامٌ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
عايَنْتُ مُشْعِلَةَ الرِّعالِ، كأَنَّها ... طَيْرٌ يُغاوِلُ فِي شَمامَ وُكُورا
وَيُرْوَى بِكَسْرِ الْمِيمِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْبَيْتَ للأَخطل، قَالَ: وشَمَامٌ جَبَلٌ بِالْعَالِيَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ أَعربه جَرِيرٌ حَيْثُ يَقُولُ «1» :
فإنْ أَصْبَحْتَ تَطْلُبُ ذَاكَ، فانْقُلْ ... شَماماً والمِقَرَّ إِلَى وُعالِ
وُعالٌ بالسَّوْدِ سَوْدِ باهلَةَ، والمِقَرُّ بِظَهْرِ البَصْرةِ، قَالَ: ولشَمامٍ هَذَا الْجَبَلِ رأْسان يسمَّيان ابْنَيْ شَمامٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَهَلْ نُبِّئْتَ عَنْ أَخَوَيْنِ دَامَا ... عَلَى الأَحْداثِ، إلَّا ابْنَيْ شَمامِ؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَوَى ابْنُ حَمْزَةَ هَذَا الْبَيْتَ:
وكلُّ أَخٍ مُفارِقُهُ أَخُوه، ... لَعَمْرُ أَبيكَ، إِلَّا ابْنَيْ شَمامِ
__________
(1) . قوله [وَقَدْ أَعربه جَرِيرٌ حَيْثُ يقول] أي هاجياً الفرزدق، وقبله كما في ياقوت:
تبدل يا فرزدق مثل قومي ... لقومك إن قدرت على البدال(12/327)
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِمَا يَبْقى عَلَى الكِباسةِ مِنَ الرُّطَبِ الشَّماشِمُ. وقَتَبٌ شَمِيمٌ أَي مُرْتَفِعٌ؛ وَقَالَ خَالِدُ ابن الصَّقْعَبِ النَّهْدِي، وَيُقَالُ هُوَ لهُبَيْرة بْنِ عَمْرٍو النَّهْدِيِّ:
مُلاعِبةُ العِنانِ بغُصْنِ بانٍ ... إِلى كَتِفَيْنِ، كالقَتَبِ الشَّمِيمِ
شنم: ابْنُ الأَعرابي: الشَّنْمُ الخَدْشُ. شَنَمه يَشْنمه شَنْماً: جَرَحَه وعَقَره؛ قَالَ الأَخطل:
رَكُوب عَلَى السَّوْآتِ قَدْ شَنَم اسْتَهُ ... مُزاحَمةُ الأَعْداءِ، والنَّخْسُ فِي الدُبُرْ
والشُّنُمُ: المُقَطَّعو الْآذَانِ. ورَمى فشَنَمَ إِذَا خَرَقَ طَرَفَ الجِلْدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ الْمَاءِ الشَّنِمُ
، يَعْنِي الْبَارِدَ. وَقَالَ القُتَيْبيُّ: السَّنِمُ، بِالسِّينِ وَالنُّونِ، وَهُوَ الْمَاءُ عَلَى وَجْهِ الأَرض.
شنغم: رَجُلٌ شِنَّغْم: حَرِيصٌ، عَنْ ثَعْلَبٍ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ شِنَّعْم، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ قَلِيلٌ، وفَعَلَ ذَلِكَ عَنْ رَغْمِه وشِنَّغْمِهِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى رَغْمِه وشِنَّغْمِهِ، ذَهَبَ إِلى أَنه إِتباع، والإِتباع فِي غَالِبِ الأَمر لَا يَكُونُ بِالْوَاوِ، وَحَكَى غَيْرُهُ: رَغْماً لَهُ ودَغْماً شِنَّغْماً، وَكُلُّ ذَلِكَ إِتباع، قَالَ الأَزهري: هَكَذَا أَقرأَنيه الإِياديُّ فِي نَوَادِرِهِ، قَالَ: وقرأْت فِي كِتَابِ النَّوَادِرِ لِابْنِ هانىء عَنْ أَبي زَيْدٍ: رَغْماً سِنَّغْماً، بِالسِّينِ وَشَدِّ النُّونِ، وَالصَّوَابُ شِنَّغْماً، وَحَكَى رَغْماً دَغْماً شَغْماً تأْكيداً للرَّغْمِ بِغَيْرِ وَاوٍ، دَلَّ الشَّغْمُ عَلَى الشِّنَّغْم، قَالَ: وَلَا أَعرف الشَّغْمَ.
شهم: الشَّهْمُ: الذَّكِيُّ الفُؤاد المُتَوَقِّدُ، الجَلْدُ، وَالْجَمْعُ شِهام؛ قَالَ:
الشَّهْمُ وابْنُ النَّفَرِ الشِّهامِ
وَقَدْ شَهُمَ الرجلُ، بالضم، شَهامة وشُهومة إِذَا كَانَ ذكِيّاً، فَهُوَ شَهْمٌ أَيْ جَلْدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ شَهْماً نَافِذًا فِي الأُمور مَاضِيًا.
والشَّهْمُ: السَّيِّدُ النَّجْدُ النافذُ فِي الأُمور، وَالْجَمْعُ شُهومٌ. وَفَرَسٌ شَهْمٌ: سريعٌ نَشِيطٌ قَوِيٌّ. وشَهَم الفرسَ يَشْهَمُه شَهْماً: زَجَرَهُ. وشَهَم الرجلَ يَشْهَمُه ويَشْهُمه شَهْماً وشُهوماً: أَفْزَعَهُ. والمَشْهوم: الحديدُ الْفُؤَادُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
طَاوِي الحَشا قَصَّرَتْ عَنْهُ مُحَرَّجَةٌ، ... مُسْتَوْفَضٌ مِنْ بَناتِ القَفْرِ مَشْهومُ
أَيْ مَذْعُور. والمَشْهومُ: كالمَذْعُور سَوَاءً، وَقَدْ شَهَمْتُه أَشْهَمُه شَهْماً إِذا ذَعَرْته. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الشَّهْمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الحَمُول الجَيِّدُ الْقِيَامِ بِمَا حُمِّلَ الَّذِي لَا تَلْقاه إلَّا حَمُولًا طَيِّب النّفْس بِمَا حُمِّلَ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي غَيْرِ النَّاسِ. والشَّهْمُ: حَجَرٌ يَجْعَلُونَهُ فِي أَعلى بَيْتٍ يَبْنُونَهُ مِنْ حِجَارَةٍ وَيَجْعَلُونَ لَحْمَة السَّبُع فِي مُؤَخَّرِ الْبَيْتِ، فَإِذَا دَخَلَ السَّبُعُ فَتَنَاوَلَ اللحمةَ سَقَطَ الْحَجْرُ عَلَى الْبَابِ فَسَدَّه، وَالْمَعْرُوفُ السَّهْمُ. والشَّيْهَمُ: الدُّلْدُلُ. والشَّيْهَمُ: مَا عَظُم شَوْكُهُ مِنْ ذُكور القَنافذ؛ وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الأَعشى:
لَئِنْ جَدَّ أَسْبابُ العَداوةِ بَيْنَنا، ... لَتَرْتَحِلَنْ مِنِّي عَلَى ظَهْرِ شَيْهَمِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ عَلَى ظَهْرٍ شَيْهَمِ: أَيْ عَلَى ذُعْرٍ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَهُوَ القُنْفُذُ والدُّلْدُل والشَّيْهَمُ. أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلذَّكَرِ مِنَ الْقَنَافِذِ شَيْهَمٌ. وشَهْمةُ: اسْمُ امْرَأَةٍ؛ قَالَ الحُسَيْنُ بْنُ مُطَيْرٍ:(12/328)
زارَتْك شَهْمةُ، والظَّلْماءُ داجِيةٌ، ... والعَيْنُ هاجِعةٌ والرُّوح مَعْروجُ
مَعْروجٌ أَرَادَ مَعْروج بِهِ. والشَّهام: السِّعْلاةُ.
شهسفرم: شاهَسْفَرَم «1» : ريحانُ الملك، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هِيَ فارسية دَخَلَتْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ الأَعشى:
وشاهَسْفَرَمْ والياسمِينُ ونَرْجِسٌ ... يُصَبِّحُنا فِي كلِّ دَجْنٍ تَغَيَّما
شوم: بَنُو شُوَيْم: بَطْنٌ.
شيم: الشِّيمةُ: الخُلُقُ. والشِّيمةُ: الطَّبِيعَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَن الْهَمْزَ فِيهَا لُغَيَّة، وَهِيَ نَادِرَةٌ. وتَشَيَّم أَبَاهُ: أَشْبَهَهُ فِي شيمتِه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَالشَّامَةُ: عَلَامَةٌ مُخَالِفَةٌ لِسَائِرِ اللَّوْنِ. وَالْجَمْعُ شاماتٌ وشامٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الشَّامُ جَمْعُ شامةٍ وَهِيَ الخالُ، وَهِيَ مِنَ الْيَاءِ، وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير الشَّامَةَ فِي شأَم، بِالْهَمْزِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ
ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ قَالَ: حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَأْمة فِي النَّاسِ
، قَالَ: الشأْمةُ الخالُ فِي الجسد معروفة، أراد كونوا فِي أَحْسن زِيّ وهَيْئةٍ حَتَّى تَظْهروا لِلنَّاسِ ويَنْظُروا إِلَيْكُمْ كَمَا تَظْهَرُ الشأْمةُ ويُنْظَرُ إِلَيْهَا دُونَ بَاقِي الْجَسَدِ، وَقَدْ شِيمَ شَيْماً، وَرَجُلٌ مَشِيمٌ ومَشْيُومٌ وأَشْيَمُ، والأُنثى شَيْماء. قَالَ بَعْضُهُمْ: رَجُلٌ مَشْيُوم لَا فِعْلَ لَهُ. اللَّيْثُ: الأَشْيَمُ مِنَ الدَّوَابِّ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ الَّذِي بِهِ شَامَةٌ، وَالْجَمْعُ شِيمٌ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مِمَّا لَا يُقَالُ لَهُ بَهِيمٌ وَلَا شِيَةَ لَهُ الأَبْرَشُ والأَشْيَمُ، قَالَ: والأَشْيَمُ أَنْ تَكُونَ بِهِ شامةٌ أَوْ شامٌ فِي جَسده. ابْنُ شُمَيْلٍ: الشامةُ شامةٌ تُخَالِفُ لَوْنَ الْفَرَسِ عَلَى مَكَانٍ يُكْرَهُ وَرُبَّمَا كَانَتْ فِي دَوَائِرِهَا. أَبُو زَيْدٍ: رَجُلٌ أشْيَمُ بَيِّنُ الشّيمِ «2» الَّذِي بِهِ شَامَةٌ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُ فِعْلًا. والشامةُ أَيْضًا: الأَثَرُ الأَسْودُ فِي الْبَدَنِ وَفِي الأَرض، وَالْجَمْعُ شامٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وإنْ لَمْ تَكُوني غَيْرَ شامٍ بقَفْرةٍ، ... تَجُرُّ بِهَا الأَذْيالَ صَيْفِيَّةٌ كُدْرُ
وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا مِنْ هَذَا الأَخير فِعْلًا وَلَا فَاعِلًا وَلَا مَفْعُولًا. وشامَ يَشِيمُ إِذَا ظَهَرَتْ بجِلْدَته الرَّقْمَةُ السَّوْدَاءُ. وَيُقَالُ: مَا لَهُ شامةٌ وَلَا زَهْراءُ يَعْنِي ناقةٌ سَوْدَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلِّزَةَ:
وأَتَوْنا يَسْتَرْجِعون، فلم تَرْجِعْ ... لَهُمْ شامةٌ وَلَا زَهْراءُ
وَيُرْوَى: فَلَمْ تُرْجَعْ. وَحَكَى نَفْطَوَيْهِ: شأْمة، بِالْهَمْزِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعْرِفُ وَجْهَ هَذَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَادِرًا أَوْ يَهْمِزُهُ مَنْ يَهْمِزُ الخأْتم والعأْلم. والشِّيمُ: السُّودُ. وشِيمُ الإِبل وشُومُها: سُودُها، فَأَمَّا شِيمٌ فَوَاحِدُهَا أشْيَمُ وشَيْماء، وَأَمَّا شُومٌ فَذَهَبَ الأَصمعي إِلَى أَنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمَعَ أشْيَمَ وشَيْماء، إلَّا أَنَّهُ آثَرَ إِخْرَاجَ الْفَاءِ مَضْمُومَةً عَلَى الأَصل، فَانْقَلَبَتِ الْيَاءُ وَاوًا؛ قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ خَمْرًا:
فَمَا تُشْتَرى إلَّا بربْحٍ سِباؤُها، ... بَناتُ المَخاضِ شُومُها وحِضارُها
وَيُرْوَى: شِيمُها وحِضارُها، وَهُوَ جَمْعُ أَشْيَمَ، أَيْ سُودها وَبِيضُهَا؛ قَالَ ذَلِكَ أَبُو عَمْرٍو والأَصمعي، هَكَذَا سَمِعْتُهَا، قَالَ: وَأَظُنُّهَا جَمْعًا وَاحِدُهَا أشْيَمُ، وَقَالَ الأَصمعي: شُومها لَا وَاحِدَ لَهُ، وَقَالَ عثمان بن
__________
(1) . قوله [شاهسفرم] ضبط في الأَصل كالمحكم بفتح الهاء، وضبط في القاموس بكسرها
(2) . قوله [بين الشيم] كذا بالأَصل، والذي في التهذيب: بين الشام(12/329)
جِنِّي: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِمَا جَمَعَهُ عَلَى فُعْلٍ أَبقى ضَمَّةَ الْفَاءِ فَانْقَلَبَتِ الْيَاءُ وَاوًا، وَيَكُونُ وَاحِدُهُ عَلَى هَذَا أَشْيَم، قَالَ: وَنَظِيرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عائِطٌ وعِيطٌ وعُوطٌ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ عُقْفانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ:
سَواءٌ عَلَيْكُمْ شُومُها وهجانُها، ... وَإِنْ كَانَ فِيهَا واضحُ اللَّوْنِ يَبْرُقُ
ابْنُ الأَعرابي: الشَّامَةُ الناقةُ السَّوْدَاءُ، وَجَمْعُهَا شامٌ. والشِّيمُ: الإِبلُ السُّودُ، والحِضارُ: البِيضُ، يَكُونُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ عَلَى حَدِّ ناقةٌ هِجانٌ ونُوق هِجانٌ ودِرْع دِلاصٌ ودُروع دِلاصٌ. وشامَ السَّحابَ والبرقَ شَيْماً: نَظَرَ إِلَيْهِ أَيْنَ يَقْصِدُ وَأَيْنَ يُمْطر، وَقِيلَ: هُوَ النَّظَرُ إِلَيْهِمَا مِنْ بَعِيدٍ، وَقَدْ يَكُونُ الشَّيْمُ النظرَ إِلَى النَّارِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَلَوْ تُشْتَرى مِنْهُ لباعَ ثِيابَهُ ... بنَبْحةِ كلْبٍ، أَوْ بنارٍ يَشِيمُها
وشِمْتُ مَخايِلَ الشَّيْءِ إِذَا تَطَلَّعْتَ نَحْوَهَا بِبَصَرِكَ مُنْتَظِرًا لَهُ. وشِمْتُ البَرْقَ إِذَا نَظَرْت إِلَى سَحَابَتِهِ أَيْنَ تُمْطِرُ. وتَشَيَّمه الضِّرامُ أَيْ دخله؛ وقال ساعدة ابن جُؤَيَّةَ:
أفَعَنْكَ لَا بَرْقٌ، كأَنَّ وَمِيضَهُ ... غابٌ تَشَيَّمهُ ضِرامٌ مُثْقَبُ
وَيَرْوِي: تَسَنَّمه، يُرِيدُ أفَمِنْكَ لَا بَرْقٌ، ومُثْقَبٌ: مُوقَدٌ؛ يُقَالُ: أثْقَبْتُ النارَ أوْقَدْتُها. وانْشامَ الرَّجُلُ إِذَا صَارَ مَنْظُورًا إِلَيْهِ. والانْشِيامُ فِي الشَّيْءِ: الدخولُ فِيهِ. وشامَ السيفَ شَيْماً: سلَّه وَأَغْمَدَهُ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد، وَشَكَّ أَبُو عُبَيْدٍ فِي شِمْتُه بِمَعْنَى سللْته، قَالَ شَمِرٌ: وَلَا أَعْرِفُه أَنَا؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ فِي السَّلِّ يَصِفُ السيوفَ:
إِذَا هِيَ شِيمَتْ فالقوائِمُ تَحْتَهَا، ... وإنْ لَمْ تُشَمْ يَوْمًا عَلَتْها القوائمُ
قَالَ: أَرَادَ سُلَّتْ، وَالْقَوَائِمُ: مقابضُ السُّيُوفِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وشاهدُ شِمْتُ السَّيْفَ أغْمَدْتُه قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
بأَيدِي رجالٍ لَمْ يَشيموا سيوفَهُم، ... وَلَمْ تَكْثُرِ القَتْلى بِهَا حِينَ سُلَّتِ
قَالَ: الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ وَاوُ الْحَالِ أَيْ لَمْ يُغْمِدُوهَا والقَتْلى بِهَا لَمْ تَكْثُرْ، وَإِنَّمَا يُغْمِدونها بَعْدَ أَنْ تَكْثُرَ الْقَتْلَى بِهَا؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وَقَدْ كنتُ شِمْتُ السيفَ بَعْدَ اسْتِلالِه، ... وحاذَرْتُ، يومَ الوَعْدِ، مَا قِيلَ فِي الوعْدِ
وَقَالَ آخَرُ:
إِذَا مَا رَآنِي مُقْبِلًا شامَ نَبْلَهُ، ... ويَرْمِي إِذَا أَدْبَرْتُ عَنْهُ بأَسْهُمِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: شُكِيَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالَ: لَا أَشِيمُ سَيْفاً سَلَّه اللهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ
أَيْ لَا أُغْمِدُه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ لأَبي بَكْرٍ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى أَهْلِ الرِّدَّة وَقَدْ شَهَرَ سيفَه: شِمْ سَيْفَك وَلَا تفْجَعْنا بنَفْسِك.
وَأَصْلُ الشَّيْمِ النظرُ إِلَى الْبَرْقِ، وَمِنْ شأْنه أَنَّهُ كَمَا يَخْفِقُ يُخْفَى مِنْ غَيْرِ تَلَبُّثٍ وَلَا يُشامُ إلَّا خَافِقًا وَخَافِيًا، فَشُبِّه بِهِمَا السَّلُّ والإِغْمادُ. وشامَ يَشِيمُ شَيْماً وشُيُوماً إِذَا حَقَّقَ الحَمْلَة فِي(12/330)
الْحَرْبِ. وشامَ أَبَا عُمَيْرٍ إِذَا نَالَ مِنَ البِكْرِ مُرادَه. وشامَ الشيءَ فِي الشَّيْءِ: أَدْخَلَهُ وخَبَأَه؛ قَالَ الراعي:
بمُعْتَصِبٍ مِنْ لحمِ بِكْرٍ سَمِينةٍ، ... وَقَدْ شامَ رَبَّاتُ العِجافِ المَناقِيا
أَيْ خَبَأْنَها وَأَدْخَلْنَهَا الْبُيُوتَ خَشْيَةَ الأَضياف. وانْشام الشيءُ فِي الشَّيْءِ وتَشَيَّم فِيهِ وتَشَيَّمه: دَخَلَ فِيهِ؛ وَأَنْشَدَ بَيْتَ سَاعِدَةَ بْنِ جؤيَّة:
غابٌ تَشَيَّمه ضِرامٌ مُثْقَبُ «1»
. قَالَ: وَرُوِيَ تَسَنَّمه أَيْ عَلَاهُ ورَكِبَه أَرَادَ: أَعْنَكَ الْبَرْقُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ أَرَادَ أَعْنَكَ بَرْقٌ، لأَن سَاعِدَةَ لَمْ يَقُلْ أفَعَنْكَ لَا الْبَرْقُ، مُعَرَّفًا بالأَلف وَاللَّامِ، إِنَّمَا قَالَ أَفَعَنْكَ لَا بَرْقَ، مُنْكَرًا، فَالْحُكْمُ أَنْ يُفَسَّرَ بِالنَّكِرَةِ. وَشَامَ إِذَا دخَل. أَبُو زَيْدٍ: شِمْ فِي الفَرسِ ساقَكَ أَي ارْكلها بساقِكَ وأمِرَّها. أَبُو مَالِكٍ: شِمْ أدْخِلْ وَذَلِكَ إِذَا أَدخَلَ رِجْلَهُ فِي بَطْنِهَا يَضْرِبُهَا. وتَشَيَّمه الشَّيْبُ: كَثُرَ فِيهِ وَانْتَشَرَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والشِّيامُ: حُفْرةٌ أَوْ أرضٌ رِخْوَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الشِّيامُ، بِالْكَسْرِ، الفأْر. الْكِسَائِيُّ: رَجُلٌ مَشِيمٌ ومَشُومٌ ومَشْيُوم مِنَ الشَّامَةِ. والشِّيامُ: الترابُ عامَّةً؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
كَمْ بِهِ مِنْ مَكْءٍ وَحْشيَّةٍ، ... قِيضَ فِي مُنْتَثَلٍ أَوْ شِيَامِ «2»
. مُنْتَثَل: مَكَانٌ كَانَ مَحْفُورًا فَانْدَفَنَ ثُمَّ نُظِّفَ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: شِيامٌ حُفْرَةٌ، وَقِيلَ: أَرْضٌ رِخْوة التُّرَابِ. وَقَالَ الأَصمعي: الشِّيام الكِناسُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لانْشِيامه فِيهِ أَيْ دُخُولِهِ. الأَصمعي: الشِّيمةُ التُّرَابُ يُحْفَر مِنَ الأَرض. وشامَ يَشِيمُ إِذَا غَبَّرَ رِجْلَيْهِ مِنَ الشِّيام، وَهُوَ التُّرَابُ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يُنْشِدُ بَيْتَ الطِّرِمَّاحِ أَوْ شَيام، بِفَتْحِ الشِّينِ، وَقَالَ: هِيَ الأَرض السَّهْلَةُ؛ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَهُوَ عِنْدِي شِيام، بِكَسْرِ الشِّينِ، وَهُوَ الكِناسُ، سُمِّيَ شِياماً لأَن الْوَحْشَ يَنْشامُ فِيهِ أَيْ يَدْخُلُ، قَالَ: والمُنْتَثَلُ الَّذِي كَانَ اندفَن فَاحْتَاجَ الثورُ إِلَى انْتِثاله أَيِ اسْتِخْرَاجِ تُرَابِهِ، والشِّيامُ الَّذِي لَمْ يَنْدَفِنْ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى انْتِثاله فَهُوَ يَنْشامُ فِيهِ، كَمَا يُقَالُ لِباسٌ لِمَا يُلْبَسُ. وَيُقَالُ: حَفَرَ فشَيَّمَ، قَالَ: والشَّيَمُ كُلُّ أَرْضٍ لَمْ يُحْفَرْ فِيهَا قَبْلُ فالحفرُ عَلَى الْحَافِرِ فِيهَا أَشَدُّ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ ثَوْرًا:
غاصَ، حَتَّى استَباثَ مِنْ شَيَمِ الأَرْضِ ... سَفَاةً، مِنْ دُونها ثَأَدُهْ «3»
. التَّهْذِيبُ: المَشِيمَةُ هِيَ للمرأَة الَّتِي فِيهَا الوَلَدُ، وَالْجَمْعُ مَشِيمٌ ومَشايِمُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَذَاكَ الفَحْلُ جَاءَ بِشرِّ نَجْلٍ ... خَبيثاتِ المَثابِرِ والمَشِيمِ
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِمَا يَكُونُ فِيهِ الْوَلَدُ المَشِيمَةُ والكِيسُ والحَوْرانُ «4» والقَمِيصُ. الْجَوْهَرِيُّ: والشِّيمُ ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ؛ وقال:
__________
(1) . روي هذا البيت سابقاً في هذه المادة
(2) . قوله [من مكء إلخ] كذا بالأَصل كالتكملة بهمزة بعد الكاف، والذي في الصحاح والتهذيب: من مكو بواو بدلها ولعله روي بهما إذ كل منهما صحيح، وقبله كما في التكلمة:
منزل كان لنا مرة ... وطناً نحتله كل عام
(3) . قوله [غاص] وقع في التهذيب بالصاد المهملة كما في الأَصل، وفي التكلمة بالطاء المهملة وكل صحيح
(4) . قوله [والحوران] كذا بالأَصل والتهذيب بالحاء المهملة.(12/331)
قُلْ لِطَغامِ الأَزْدِ: لَا تَبْطَرُوا ... بالشِّيمِ والجِرِّيثِ. والكَنْعَدِ
والمَشِيمةُ: الغِرْسُ، وَأَصْلُهُ مَفْعِلةٌ فَسَكَنَتِ الْيَاءُ، وَالْجَمْعُ مَشايِمُ مثلُ مَعايشَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُجْمَعُ أَيْضًا مَشِيماً؛ وَأَنْشَدَ بَيْتَ جَرِيرٍ:
خَبِيثَاتُ الْمَثَابِرِ وَالْمَشِيمِ
وَقَوْمٌ شُيُومٌ: آمِنُونَ، حَبَشِيَّةٌ. وَمِنْ كَلَامِ النَّجَاشِيِّ لِقُرَيْشٍ: اذْهَبُوا فأَنتم شُيُومٌ بأَرْضِي. وبَنُو أَشْيَمَ: قَبِيلَةٌ. والأَشْيَمُ وشَيْمانُ: اسْمَانِ. ومَطَرُ بْنُ أَشْيَمَ: مِنْ شُعَرَائِهِمْ. وصِلةُ بْنُ أشْيَمَ: رجلٌ مِنَ التَّابِعِينَ؛ وَقَوْلُ بِلَالٍ مُؤَذِّنُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِلَّا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بوادٍ، وحَوْلي إذْخِرٌ وجَليلُ؟
وهَلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِياهَ مَجَنَّةٍ؟ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شامَةٌ وطَفِيلُ؟
هُمَا جَبَلَانِ مُشْرِفانِ، وَقِيلَ: عَيْنَانِ، والأَول أَكْثَرُ. ومَجَنَّةُ: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ كَانَتْ تُقام بِهِ سُوقٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ شَابَّةٌ بِالْبَاءِ «1» ، وَهُوَ جَبَلٌ حِجَازِيٌّ. والأَشْيَمان: موضعان. فصل الصاد المهملة
فصل الصاد المهملة
صأم: صَئِمَ مِنَ الشَّرَابِ صأْماً «2» . كصَئِبَ إِذَا أكثرَ شُرْبَهُ، وَكَذَلِكَ قَئِبَ وذَئِجَ. أَبو عَمْرٍو: فَأَمْتُ وصَأَبْتُ إِذَا رَوِيتَ مِنَ الْمَاءِ. وَقَالَ أَبو السَّمَيْدَع: فأَمْتُ فِي الشَّراب وصَأَمْتُ إِذَا كَرَعْتَ فِيهِ نَفَساً.
صتم: الصَّتْمُ، بِالتَّسْكِينِ، والصَّتَمُ، بِالْفَتْحِ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا عَظُمَ وَاشْتَدَّ. والأُنثى صَتْمَة وصَتَمةٌ. وَرَجُلٌ صَتْمٌ وَجَمَلٌ صَتْمٌ: ضَخْمٌ شَدِيدٌ، وَنَاقَةٌ صَتَمة كَذَلِكَ. وَعَبْدٌ صَتْمٌ، بِالتَّسْكِينِ: غَلِيظٌ شَدِيدٌ، وَالْجَمْعُ صُتْمٌ، بِالضَّمِّ. وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ: عَبْدٌ صَتَمٌ، بِالتَّحْرِيكِ، أَيْ غَلِيظٌ شَدِيدٌ، وَجَمَلٌ صَتَمٌ أَيضاً وَنَاقَةٌ صَتَمةٌ، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفْهُ ثَعْلَبٌ إلَّا بِالتَّسْكِينِ؛ قَالَ: وأَنشدنا ابْنُ الأَعرابي:
ومُنْتَظري صَتْماً فَقَالَ: رَأَيْتُه نَحِيفاً، ... وَقَدْ أَجْرى عَنِ الرَّجُلِ الصَّتْمِ
وصَتَّمَ الشيءَ: أَحْكَمَه وأَتَمَّهُ. أَبُو عَمْرٍو: صَتَّمْتُ الشيءَ فَهُوَ مُصَتَّمُ وصَتْمٌ أَيْ مُحْكَمٌ تامٌّ. وَشَيْءٌ صَتْمٌ أَيْ مُحْكَمٌ تَامٌّ. والتَّصْتِيمُ: التَّكْمِيلُ. وأَلْف مُصَتَّم: مُتَمَّمٌ. وأَلْف صَتْمٌ أَيْ تامٌّ. وَمَالٌ صَتْمٌ: تَامٌّ، وَأَمْوَالٌ صُتْمٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ صَيَّادٍ: أَنَّهُ وَزَنَ تِسْعِينَ فَقَالَ صَتْماً فَإِذَا هِيَ مِائَةٌ
؛ الصَّتْمُ: التَّامُّ، يُقَالُ أَعْطَيْتُهُ أَلْفًا صَتْماً أَيْ تَامًّا كَامِلًا. وعَبْد صَتْمٌ أَيْ غَلِيظٌ شَدِيدٌ، وَجَمَلٌ صَتْمٌ وَنَاقَةٌ صَتْمَةٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّتْمُ مِنْ كل شيء
__________
(1) . قوله [وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ شَابَّةٌ بالباء] هو الذي صوّبه في التكملة وزاد فيها: أول ما تخرج الخضرة في اليبيس هو التشيم، ويقال تشيمه الشيب واشتام فيه أي دخل، وشم ما بين كذا إلى كذا أي قدّره، والشام الفرق من الناس انتهى. ومثله في القاموس
(2) . قوله [صَئِمَ مِنَ الشَّرَابِ صَأْمًا] ضبط المصدر في الأَصل بسكون الهمزة، وفي المحكم بفتحها وهو الموافق لقوله كصئب لأنه من باب فرح كما في القاموس وغيره ولاحتمال أن الميم مبدلة من الباء، وأما قول المجد صئم كعلم فليس نصاً في سكون همزة المصدر(12/332)
مَا عَظُمَ وَاشْتَدَّ، وَجَمَلٌ صَتْمٌ وَبَيْتٌ صَتْمٌ، وَأَعْطَيْتُهُ أَلفاً صَتْماً ومُصَتَّماً؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
صَحِيحَاتُ أَلفٍ بَعْدَ ألفٍ مُصَتَّمِ «1»
. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي قَدْ أَسَنَّ وَلَمْ يَنْقُصْ: فلانٌ وَاللَّهِ بَشَرٌ مِنَ الرِّجَالِ، وَفُلَانٌ صَتْمٌ مِنَ الرِّجَالِ، وَفُلَانٌ صُمُلٌّ مِنَ الرِّجَالِ قَدْ بَلَغَ أَقْصَى الْكُهُولَةِ. والصَّتْمُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي شَخَصَتْ مَحاني ضُلُوعِهِ حتى تَسَاوَتْ بمَنْكِبِه وعَرُضَتْ صَهْوَتُه. وَالْحُرُوفُ الصُّتْمُ: الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلِذَلِكَ مَعْنًى لَيْسَ مِنْ غَرَضِ هَذَا الْكِتَابِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْحُرُوفُ الصُّتْمُ مَا عَدَا الذُّلْقَ. والصَّتِيمةُ: الصَّخْرَةُ الصُّلْبة. والأُصْتُمُّةُ: مُعْظَمُ الشَّيْءِ، تَمِيمِيَّةٌ، التَّاءُ فِيهَا بَدَلٌ مِنَ الطَّاءِ. وفلانٌ فِي أُصْتُمَّةِ قومِه: مِثْلَ أُصْطُمَّتهم. التَّهْذِيبِ: والأَصاتِمُ جَمْعُ الأُصْطُمَّة بِلُغَةِ تَمِيمٍ، جَمَعُوهَا بِالتَّاءِ كَرَاهَةَ تَفْخِيمِ أصاطِمَ فَرَدُّوا الطَّاءَ إِلَى التاء «2» .
صحم: الأَصْحَمُ والصُّحْمَةُ: سَوَادٌ إِلَى الصُّفْرة، وَقِيلَ: هِيَ لَوْنٌ مِنَ الغُبْرة إِلَى سَوَادٍ قَلِيلٍ، وَقِيلَ: هِيَ حُمْرَةٌ وبياضٌ، وَقِيلَ: صُفْرَةٌ فِي بَيَاضٍ، الذَّكَر أَصْحَمُ والأُنثى عَلَى الْقِيَاسِ، وَبَلْدَةٌ صَحْماءُ: ذَاتُ اغْبِرارٍ؛ وأَنشد يصف حماراً:
أوَ اصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَه، ... حَزابِيَةٍ حَيَدى بالدِّحالْ «3»
. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَوْ اصْحَم فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ:
كأَني ورَحْلي، إِذَا زُعْتُها، ... عَلَى جَمَزى جازِئٍ بالرِّمالْ
وَقَالَ: قَالَ الأَصمعي لَمْ أَسمع فَعَلى فِي مُذَكَّرٍ إلَّا فِي هَذَا الْحَرْفِ فَقَطْ، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي حَرْفَيْنِ آخَرَيْنِ وَهُمَا: حَيَدى، فِي الْبَيْتِ الْآخَرِ، ودَلَظى لِلشَّدِيدِ الدَّفْع؛ وَقَالَ لَبِيدٌ فِي نَعْتِ الْحَمِيرِ:
وصُحْمٍ صِيامٍ بَيْنَ صَمْدٍ ورِجْلَةٍ
وَقَالَ شَمِرٌ فِي بَابِ الفَيافي: الغَبْراءُ والصَّحْماءُ فِي أَلْوَانِهَا بَيْنَ الغُبْرةِ والصُّحْمة؛ وَقَالَ الطَّرِمَّاحُ يَصِفُ فَلاةً:
وصَحْماءَ أَشْباهِ الحَزابيِّ، مَا يُرى ... بِهَا سارِبٌ غيرُ القَطا المُتَراطِنِ
أَبُو عَمْرٍو: الأَصْحَمُ الأَسْوَدُ الحالِكُ، وَإِذَا أَخَذَتِ البَقْلَةُ رِيَّها واشْتَدَّتْ خُضْرَتُها قِيلَ اصْحامّتْ. فَهِيَ مُصْحامَّة؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: اصْحامَّتِ البَقلَةُ اصْفارَّتْ، واصْحامَّ النَّبتُ اشْتَدَّتْ خُضْرته؛ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: اصْحامَّ النبتُ خالَطَ سَوادَ خُضْرته صُفْرَةٌ، واصْحامَّتِ الأَرض تَغَيَّرَ نَبْتُهَا وأَدْبَرَ مَطرُها، وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ إِذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ فِي أَوَّل التَّيَبُّسِ أَوْ ضَرَبه شيءٌ مِنَ القُرِّ. واصْحامَّت الأَرضُ: تَغَيَّرَ لَوْنُ زَرْعِهَا لِلْحَصَادِ، واصْحامَّ الحَبُّ كَذَلِكَ. وحَنَأَتِ الأَرضُ تَحْنَأُ وَهِيَ حانِئَةٌ إِذَا اخْضَرَّتْ والْتَفَّ نَبْتُها، قَالَ: وَإِذَا أَدبر الْمَطَرُ وَتَغَيَّرَ نَبْتُهَا قِيلَ اصْحامَّت، فَهِيَ مُصْحامَّة. والصَّحْماءُ: بِقِلَّةٍ لَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ الْخُضْرَةِ. وأَصْحَمَةُ: اسم رجل.
__________
(1) . في رواية أخرى: عُلالةُ ألف؛ وفي رواية الديوان:
صحيحات مالٍ طالعات بمُخرمِ
(2) . زاد في التكملة: وهامة صتام بالضم، قال رؤبة:
وبريها عن هامة صتام ... في جانبيها الشيب كالثغام
والصتمة أي بفتح فسكون كالصتيمة، وتصتم إِذَا عَدَا عَدْوًا شَدِيدًا
(3) . قوله [أو أصحم] كذا بالأَصل بأو، وأنشده في الصحاح مرة بأو ومرة بالواو(12/333)
صدم: الصَّدْمُ: ضَرْبُ الشَّيْءِ الصُّلْب بِشَيْءٍ مِثْلِهِ. وصَدَمَه صَدْماً: ضَرَبه بِجَسَدِهِ. وصادَمَهُ فتَصادَما واصطَدَما، وصَدَمَه يَصدِمُه صَدْماً، وصَدَمَهُم أَمْرٌ: أَصابهم. والتَّصادُمُ: التَّزاحُمُ. والرَّجُلانِ يَعْدُوانِ فيَتَصادَمانِ أَي يَصْدِمُ هَذَا ذَاكَ وَذَاكَ هَذَا، والجَيْشانِ يَتَصادَمان. قَالَ الأَزهري: واصطِدامُ السَّفِينَتَيْنِ إِذا ضربتْ كلُّ وَاحِدَةٍ صاحِبَتَها إِذَا مَرَّتا فَوْقَ الْمَاءِ بحَمْوَتِهما، وَالسَّفِينَتَانِ فِي الْبَحْرِ تتَصادَمانِ وتَصْطَدِمان إِذَا ضَرَبَ بعضُهما بَعْضًا، وَالْفَارِسَانِ يَتَصادمان أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمةِ الأُولى
أَيْ عِنْدَ فَوْرة المصِيبة وحَمْوَتِها؛ قَالَ شَمِرٌ: يَقُولُ مَنْ صَبَرَ تِلْكَ السَّاعَةَ وتَلَقَّاها بالرِّضا فَلَهُ الأَجر؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَعْنَاهُ أَن كُلَّ ذِي مَرْزِئةٍ قُصاراه الصبرُ وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا يُحْمَدُ عِنْدَ حِدَّتِها. وَرَجُلٌ مِصْدَمٌ: مِحْرَبٌ. والصَّدِمَتان، بِكَسْرِ الدَّالِ: جَانِبَا الجَبِينَينِ. والصَّدمَةُ: النَّزَعةُ. وَرَجُلٌ أَصْدَمُ إِذَا كَانَ أَنْزَع. أَبُو زَيْدٍ: فِي الرأْس الصَّدِمَتان، بِكَسْرِ الدَّالِ، وَهُمَا الْجَبِينَانِ. وَفِي حَدِيثِ مَسِيرِهِ إِلَى بَدْرٍ:
حَتَّى أَفْتَقَ مِنَ الصَّدِمَتَيْنِ
، يَعْنِي مِنْ جَانِبَيِ الْوَادِي، سمِّيتا بِذَلِكَ كأَنهما لِتُقَابُلِهِمَا تَتَصادَمانِ، أَوْ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَصْدِمُ مَنْ يَمُرُّ بِهَا ويُقابلها. والصُّدامُ: داء يأْخذ في رؤوس الدَّوَابِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الصِّدامُ، بالكسر، داء يأْخذ رؤوسَ الدَّوَابِّ، قَالَ: والعامَّة تَضُمُّهُ، قَالَ: وَهُوَ الْقِيَاسُ، قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الصُّدامُ دَاءٌ يأْخذ الإِبل فتَخْمَصُ بُطُونُها وتَدَعُ الْمَاءَ وَهِيَ عِطاشٌ أَياماً حَتَّى تَبْرأَ أَوْ تَمُوتَ، يُقَالُ مِنْهُ: جَمَلٌ مَصْدُوم وَإِبِلٌ مُصَدَّمَةٌ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: الصُّدامُ ثِقَلٌ يَأْخُذُ الإِنسان فِي رأْسه، وَهُوَ الخُشامُ. أَبُو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الصَّدْمُ الدَّفْعُ، وَيُقَالُ: لَا أَفْعَلُ الأَمرين صَدْمَةً وَاحِدَةً أَيْ دَفْعَةً وَاحِدَةً.
وَقَالَ عبدُ المَلِكِ بنُ مَرْوانَ وَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ: إِنِّي وَلَّيْتُكَ الْعِرَاقَيْنِ صَدْمةً وَاحِدَةً أَيْ دَفْعَةَ وَاحِدَةً.
وصِدامٌ: اسْمُ فَرَسِ لَقِيط بْنِ زُرارَةَ. وصِدامٌ: فَرَسٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد الهَرَويُّ فِي فَصْلٍ نَقَصَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
وما اتَّخَدْتُ صِداماً للمُكوثِ بِهَا، ... وَمَا انْتَقَشْناكَ إلَّا للوَصَرَّاتِ
وَقَالَ الأَزهري: لَا أَدري صِدامٌ أَوْ صِرامٌ. وصِدامٌ ومِصْدَمٌ: اسمان.
صذم: التَّهْذِيبِ: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ يُقَالُ هَذَا قَضاءُ صَذُومَ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَا يقال سَدُوم.
صرم: الصَّرْمُ: القَطْعُ البائنُ، وَعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْقَطْعُ أيَّ نَوْعٍ كَانَ، صَرَمَه يَصْرِمُه صَرْماً وصُرْماً فانْصَرَم، وَقَدْ قَالُوا صَرَمَ الحبلُ نَفْسُه؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
وكنتُ إِذَا مَا الحَبْلُ مِنْ خُلَّةٍ صَرَمْ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا للصارِمِ صَرِيم كَمَا قَالُوا ضَرِيبُ قِداحٍ لِلضَّارِبِ، وصَرَّمَه فَتَصَرَّم، وَقِيلَ: الصَّرم الْمَصْدَرُ، والصُّرْمُ الِاسْمُ. وصَرَمَه صَرْماً: قَطَعَ كَلَامَهُ. التَّهْذِيبِ: الصَّرْمُ الهِجْرانُ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُصارِمَ مُسْلِماً فوقَ ثلاثٍ
أَيْ يَهْجُرَه وَيَقْطَعَ مُكالمتَه. اللَّيْثُ: الصَّرْمُ دَخِيلٌ، والصَّرْمُ القَطْع الْبَائِنُ لِلْحَبْلِ والعِذْقِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ الصِّرامُ، وَقَدْ صَرَمَ العِذْقَ عَنِ النَّخْلَةِ.(12/334)
والصُّرْمُ: اسْمٌ لِلْقَطِيعَةِ، وفِعْلُه الصَّرْمُ، والمُصارمةُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ. الْجَوْهَرِيُّ: والانْصِرامُ الِانْقِطَاعُ، والتصارُمُ التَّقَاطُعُ، والتَّصَرُّم التَّقَطُّعُ. وتَصَرَّمَ أَيْ تَجَلّد. وتَصْرِيمُ الْحِبَالِ: تَقْطِيعُهَا شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: صَرَمْتُ الشيءَ صَرْماً قَطَعْتَهُ. يُقَالُ: صَرَمْتُ أُذُنَه وصَلَمْتُ بِمَعْنًى. وَفِي حَدِيثِ الجُشَمِيِّ: فتَجْدَعُها وَتَقُولُ هَذِهِ صُرُمٌ؛ هِيَ جَمْعُ صَرِيمٍ، وَهُوَ الَّذِي صُرِمَتْ أُذُنُه أَيْ قُطِعَتْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُتْبَةَ بنِ غَزْوانَ: إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ أَدْبَرَتْ بصَرْمٍ
«4» أَيْ بِانْقِطَاعٍ وَانْقِضَاءٍ. وسيفٌ صارِمٌ وصَرُومٌ بَيِّنُ الصَّرامَةِ والصُّرُومَةِ: قَاطِعٌ لَا يَنْثَنِي. والصارمُ: السَّيْفُ الْقَاطِعُ. وأَمر صَريمٌ: مُعْتَزَمٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مَا زالَ فِي الحُوَلاءِ شَزْراً رَائِغًا، ... عِنْدَ الصَّرِيمِ، كرَوْغَةٍ مِنْ ثعْلَبِ
وصَرَمَ وَصْلَه يَصْرِمُه صَرْماً وصُرْماً عَلَى المَثَل، وَرَجُلٌ صارِمٌ وصَرَّامٌ وصَرُومٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فاقْطَعْ لُبانَةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُه، ... ولَخَيْرُ واصِلِ خُلَّةٍ صَرَّامُها
وَيُرْوَى: ولَشَرٌّ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي:
صرمْتَ وَلَمْ تَصْرِمْ، وأنتَ صَرُومُ، ... وكيفَ تَصابي مَنْ يُقالُ حَلِيمُ؟
يَعْنِي أَنَّكَ صَرُومٌ وَلَمْ تَصْرِمْ إلا بعد ما صُرِمْتَ؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي، وَقَالَ غَيْرُهُ: قَوْلُهُ ولم تَصْرِمْ وأَنت صَرُومُ أَي وأَنت قَوِيٌّ عَلَى الصَّرْمِ. والصَّرِيمَةُ: الْعَزِيمَةُ عَلَى الشَّيْءِ وقَطْعُ الأَمر. والصَّريمةُ: إِحْكامُك أَمْراً وعَزْمُكَ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ
؛ أَيْ عَازِمِينَ عَلَى صَرْم النَّخْلِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مَاضِي الصَّريمة والعَزِيمة؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الصَّرِيمَةُ وَالْعَزِيمَةُ وَاحِدٌ، وَهِيَ الْحَاجَةُ الَّتِي عَزَمْتَ عَلَيْهَا؛ وأَنشد:
وطَوَى الفُؤادَ عَلَى قَضاءِ صَرِيمةٍ ... حَذَّاءَ، واتَّخَذَ الزَّماعَ خَلِيلا
وقَضاءُ الشَّيْءِ: إِحكامه والفَراغُ مِنْهُ. وقَضَيْتُ الصَّلَاةَ إِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا. وَيُقَالُ: طَوى فلانٌ فُؤَاده عَلَى عَزيمةٍ، وطَوى كَشْحَه عَلَى عَداوة أَيْ لَمْ يُظْهِرْهَا. وَرَجُلٌ صارِمٌ أَيْ ماضٍ فِي كُلِّ أَمْرٍ. الْمُحْكَمُ وَغَيْرُهُ: رَجُلٌ صارِمٌ جَلْدٌ ماضٍ شُجاعٌ، وَقَدْ صَرُمَ بِالضَّمِّ، صَرامَةً. والصَّرامَةُ: المُسْتَبِدُّ برأْيه المُنْقَطِعُ عَنِ المُشاورة. وصَرامِ: مِنْ أَسماء الْحَرْبِ «5» ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
جَرَّدَ السَّيْفَ تارَتَيْنِ من الدَّهْرِ، ... عَلَى حِينِ دَرَّةٍ مِنْ صَرامِ
وَقَالَ الجَعْدِيُّ وَاسْمُهُ قَيْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَكُنْيَتُهُ أَبُو لَيْلَى:
أَلا أَبْلِغْ بَنِي شَيْبانَ عَنِّي: ... فَقَدْ حَلَبَتْ صُرامُ لَكُمْ صَراها
وَفِي الأَلفاظ لِابْنِ السِّكِّيتِ: صُرامُ داهيةٌ، وأَنشد بَيْتَ الْكُمَيْتِ:
عَلَى حِينِ دَرَّةٍ من صُرامِ
__________
(4) . قوله [وقد أَدبرت بصرم] هكذا في الأَصل، والذي في النهاية: قد آذنت بصرم
(5) . قوله [وَصَرَامِ مِنْ أَسماء الْحَرْبِ] قال في القاموس: وكغراب الحرب كصرام كقطام انتهى. ولذلك تركنا صراح في البيت الأَول بالفتح وفي الثاني بالضم تبعاً للأَصل(12/335)
والصَّيْرَمُ: الرأْي المحكمُ. والصَّرامُ والصِّرامُ: جَدادُ النَّخْلِ. وصَرَمَ النخلَ والشجرَ وَالزَّرْعَ يَصْرِمُه صَرْماً واصْطَرَمه: جَزَّه. واصْطِرامُ النَّخْلِ: اجْتِرامُه؛ قَالَ طَرَفَةُ:
أَنْتُمُ نَخْلٌ نُطِيفُ بِهِ، ... فَإِذَا مَا جَزَّ نَصْطَرِمُهْ
والصَّريمُ: الكُدْسُ المَصْروُم مِنَ الزَّرْع. ونَخْلٌ صَريمٌ: مَصْروُمٌ. وصِرامُ النَّخْلِ وصَرامُه: أوانُ إِدراكه. وأَصْرَمَ النخلُ: حَانَ وقتُ صِرامِه. والصُّرامَةُ: مَا صُرِمَ مِنَ النَّخْلِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا كَانَ حِينُ يُصْرَمُ النخلُ بَعثَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عبدَ اللَّهِ بْنُ رَواحة إِلَى خَيْبَر
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ فَتْحُ الرَّاءِ أَيْ حِينُ يُقْطَعُ ثَمَرُ النَّخْلِ ويُجَذُّ. والصِّرامُ: قَطْعُ الثَّمَرَةِ وَاجْتِنَاؤُهَا مِنَ النَّخْلَةِ؛ يُقَالُ: هذا وقتُ الصِّرامِ والجَذاذِ، قَالَ: وَيُرْوَى حينُ يُصْرِمُ النخلُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ أَصْرَمَ النخلُ إِذَا جَاءَ وقتُ صِرامه. قَالَ: وَقَدْ يُطْلَقُ الصِّرامُ عَلَى النَّخْلِ نَفْسِهِ لأَنه يُصْرَمُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
لَنَا مِنْ دِفْئِهم وصِرامِهم
أَيْ نَخْلِهِمْ. والصَّريمُ والصَّريمةُ: القِطعة الْمُنْقَطِعَةُ مِنْ مُعْظَمِ الرَّمْلِ، يُقَالُ: أَفْعى صَريمةٍ. وصَريمةٌ مِنْ غَضىً وسَلَمٍ أَيْ جماعةٌ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: بالصَّرائِمِ اعْفُرْ، يُضْرَبُ مَثَلًا عِنْدَ ذِكْرِ رَجُلٍ بَلَغَكَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي شَرّ لَا أَخْطَأَه. الْمُحْكَمُ: وصَريمةٌ مِنْ غَضىً وسَلَمٍ وأَرْطىً ونخلٍ أَيْ قطعةٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُ، وصِرْمَةٌ مِنْ أَرْطىً وسَمُرٍ كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: كَانَ فِي وَصِيَّتِه إنْ تُوُفِّيتُ وَفِي يَدِي صِرْمةُ ابنِ الأَكْوَعِ فَسُنَّتُها سُنَّةُ ثَمْغَ
؛ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: الصِّرْمةُ هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّخْلِ خَفِيفَةٌ، وَيُقَالُ لِلْقِطْعَةِ مِنَ الإِبل صِرْمةٌ إِذَا كَانَتْ خَفِيفَةً، وَصَاحِبُهَا مُصْرِمٌ، وثَمْغٌ: مالٌ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَفَهُ، أَي سبيلُها سبيلُ تِلْكَ. والصَّريمَةُ: الأَرضُ المحصودُ زرعُها. والصَّريمُ: الصبحُ لِانْقِطَاعِهِ عَنِ اللَّيْلِ. والصَّريم: الليلُ لِانْقِطَاعِهِ عَنِ النَّهَارِ، وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ صَريمٌ وصَريمةٌ؛ الأُولى عَنْ ثَعْلَبٍ. قَالَ تَعَالَى: فأَصْبَحَتْ كالصَّريمِ؛ أَيِ احْتَرَقَتْ فصارتْ سوداءَ مثلَ اللَّيْلِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ كَاللَّيْلِ المُسْوَدِّ، وَيُقَالُ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ
أَيْ كَالشَّيْءِ الْمَصْرُومِ الَّذِي ذَهَبَ مَا فِيهِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ
، قَالَ: كأَنها صُرِمَتْ، وَقِيلَ: الصَّرِيمُ أرضٌ سَوْدَاءُ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّرِيمُ المَجْذُوذُ الْمَقْطُوعُ، وأَصبحت كالصَّريمِ أَيِ احْتَرقت واسْوادَّتْ، وَقِيلَ: الصَّريمُ هُنَا الشَّيْءُ المَصْرومُ الَّذِي لَا شَيْءَ فِيهِ، وَقِيلَ: الأَرضُ الْمَحْصُودَةُ، وَيُقَالُ لِلَّيْلِ وَالنَّهَارِ الأَصْرَمانِ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْصَرِمُ عَنْ صَاحِبِهِ. والصَّريم: اللَّيْلُ. والصَّرِيمُ: النهارُ يَنْصَرِمُ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ والنهارُ مِنَ اللَّيْلِ. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّريمُ اللَّيْلُ الْمُظْلِمُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَوْ تَزْجُروا مُكْفَهِرّاً لَا كِفاءَ لَهُ، ... كالليلِ يَخْلِطُ أصْراماً بأَصْرامِ
قَوْلُهُ تَزْجُرُوا فِعْلٌ مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ وَهُوَ:
إِنِّي لأَخْشى عَلَيْكُمْ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ، ... مِنْ أجْلِ بَغْضائكم، يومٌ كأَيَّامِ
والمُكْفَهِرّ: الْجَيْشُ الْعَظِيمُ، لَا كِفاء لَهُ أَيْ لَا(12/336)
نَظِيرَ لَهُ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ يَخْلِطُ أَصْرَامًا بأَصرام أَيْ يَخْلِطُ كُلَّ حَيّ بِقَبِيلَتِهِ خَوْفًا مِنَ الإِغارة عَلَيْهِ، فَيَخْلِطُ، عَلَى هَذَا، مِنْ صِفَةِ الْجَيْشِ دُونَ اللَّيْلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:
غَدَوْتُ عَلَيْهِ، غَدْوَة، فتركتُه ... قُعُوداً، لَدَيْهِ بالصَّريم، عَواذِلُهْ «1»
. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَراد بالصَّريم اللَّيْلَ. وَالصَّرِيمُ: الصُّبْحُ وَهُوَ مِنَ الأَضداد. والأَصْرَمانِ: الليلُ وَالنَّهَارُ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْصَرَمَ عَنْ صَاحِبِهِ؛ وَقَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ فِي الصَّرِيمِ بِمَعْنَى الصُّبْحِ يَصِفُ ثَوْرًا:
فَبَاتَ يقولُ: أَصْبِحْ، ليلُ، حَتَّى ... تَكَشَّفَ عَنْ صَريمتِه الظَّلامُ
قَالَ الأَصمعي وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ الأَعرابي: تَكَشَّفَ عَنْ صَرِيمَتِهِ أَيْ عَنْ رَمْلَتِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا يَعْنِي الثَّوْرَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
تَطاوَلَ لَيْلُكَ الجَوْنُ البَهِيمُ، ... فَمَا يَنْجابُ، عَنْ ليلٍ، صَريمُ
وَيُرْوَى بَيْتُ بِشْرٍ:
تَكَشَّفَ عَنْ صَريمَيْهِ
قَالَ: وصَريماه أَوَّلُه وَآخِرُهُ. وَقَالَ الأَصمعي: الصَّريمةُ مِنَ الرَّمْلِ قِطْعَةٌ ضَخْمةٌ تَنْصَرِمُ عَنْ سَائِرِ الرِّمَالِ، وتُجْمَعُ الصَّرائمَ. وَيُقَالُ: جَاءَ فلانٌ صَريمَ سَحْرٍ إِذَا جَاءَ يَائِسًا خَائِبًا؛ وَقَالَ الشاعر:
أَيَدْهَبُ مَا جَمَعْتُ صَريمَ سَحْرٍ ... طَليفاً؟ إنَّ ذَا لَهُوَ العَجِيبُ
أَيْ أيَذْهَبُ مَا جمعتُ وَأَنَا يَائِسٌ مِنْهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الصُّرامُ، بِالضَّمِّ، آخِرَ اللَّبَنِ بَعْدَ التَّغْزير إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ الرجلُ حَلَبَه ضَرُورَةً؛ وَقَالَ بِشْرٌ:
ألَا أَبْلِغْ بَنِي سَعْدٍ، رَسُولًا، ... ومَوْلاهُمْ، فَقَدْ حُلِبَتْ صُرامُ
يَقُولُ: بلَغ العُذْرُ آخرَه، وَهُوَ مَثَلٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي الصُّرامُ اسْمٌ مِنْ أَسماء الْحَرْبِ وَالدَّاهِيَةِ؛ وَأَنْشَدَ اللِّحْيَانِيُّ لِلْكُمَيْتِ:
مآشيرُ مَا كَانَ الرَّخاءُ، حُسافَةٌ ... إِذَا الْحَرْبُ سَمَّاها صُرامَ المُلَقِّبُ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِ بِشْرٍ:
فَقَدْ حُلِبَتْ صُرامُ
يُرِيدُ النَّاقَةَ الصَّرِمَةَ الَّتِي لَا لَبَنَ لَهَا، قَالَ: وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ وجعَل الاسمَ مَعْرِفَةً يُرِيدُ الدَّاهِيَةَ؛ قَالَ: وَيُقَوِّي قولَ الأَصمعي قولُ الْكُمَيْتِ:
إِذَا الْحَرْبُ سمَّاها صرامَ الْمُلَقَّبُ
وَتَفْسِيرُ بَيْتِ الْكُمَيْتِ قَالَ: يَقُولُ هُمْ مَآشِيرُ مَا كَانُوا فِي رَخَاءٍ وخِصْبٍ، وَهُمْ حُسافةٌ مَا كَانُوا فِي حَرْبٍ، وَالْحُسَافَةُ مَا تَنَاثَرَ مِنَ التَّمْرِ الْفَاسِدِ. والصَّريمةُ: القِطْعة مِنَ النَّخْلِ وَمِنَ الإِبل أَيْضًا. والصِّرْمَةُ: القِطْعة مِنَ السَّحَابِ. والصِّرْمَة: الْقِطْعَةُ مِنَ الإِبل، قِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلَى الثَّلَاثِينَ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إِلَى الْخَمْسِينَ والأَربعين، فَإِذَا بَلَغَتِ السِّتِّينَ فَهِيَ الصِّدْعَة، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الأَربعين، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ عَشَرَةٍ إِلَى بِضْع عَشْرةَ. وَفِي كِتَابِهِ لِعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ:
فِي التَّبِعَةِ والصُّرَيْمةِ شَاتَانِ إِنِ اجْتَمَعَتَا، وَإِنْ تَفرّقتا فشاةٌ
__________
(1) . رواية ديوان زهير:
بَكَرتُ عليه، غُدوةً، فرأَيتُه(12/337)
شاةٌ
؛ الصُّرَيْمة تَصْغِيرُ الصِّرْمَةِ وَهِيَ الْقَطِيعُ مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ، قِيلَ: هِيَ مِنَ الْعِشْرِينَ إِلَى الثَّلَاثِينَ والأَربعين كَأَنَّهَا إِذَا بَلَغَتْ هَذَا الْقَدْرَ تَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهَا فيَقْطَعُها صاحبُها عَنْ مُعظَمِ إِبِلِهِ وَغَنَمِهِ، وَالْمُرَادُ بِهَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاةً إِلَى الْمِائَتَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَتْ فَفِيهَا شَاتَانِ، فَإِنْ كَانَتْ لِرَجُلَيْنِ وفُرِّق بَيْنَهُمَا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شاةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه: قَالَ لِمَوْلَاهُ أَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمةِ والغُنَيْمة
، يَعْنِي فِي الحِمى والمَرْعى، يُرِيدُ صَاحِبَ الإِبل الْقَلِيلَةِ وَالْغَنَمِ الْقَلِيلَةِ. والصِّرْمَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ السَّحَابِ، وَالْجَمْعُ صِرَمٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وهَبَّتِ الريحُ، مِنْ تلْقاءِ ذِي أُرْكٍ، ... تُزْجي مَعَ الليلِ، مِنْ صُرَّادِها، صِرَما «1»
. والصُّرَّادُ: غَيْمٌ رَقِيقٌ لَا مَاءَ فِيهِ، جَمْعُ صارِدٍ. وأَصْرَمَ الرجلُ: افْتَقَرَ. وَرَجُلٌ مُصْرِمٌ: قَلِيلُ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ. والأَصْرَمُ: كالمُصْرِم؛ قَالَ:
وَلَقَدْ مَرَرْتُ عَلَى قَطيعٍ هالكٍ ... مِنْ مالِ أصْرَمَ ذِي عِيالٍ مُصْرِمِ
يَعْنِي بِالْقَطِيعِ هُنَا السَّوْطَ؛ أَلَا تُرَاهُ يَقُولُ بَعْدَ هَذَا:
مِنْ بَعْدِ مَا اعْتَلَّتْ عليَّ مَطِيَّتي، ... فأَزَحْتُ عِلَّتَها، فظَلَّتْ تَرْتَمِي
يَقُولُ: أَزَحْتُ عِلَّتَهَا بِضَرْبِي لَهَا. وَيُقَالُ: أَصْرَمَ الرجلُ إصْراماً فَهُوَ مصْرِمٌ إِذَا سَاءَتْ حَالُهُ وَفِيهِ تَماسُك، والأَصل فِيهِ: أَنَّهُ بَقِيَتْ لَهُ صِرْمة مِنَ الْمَالِ أَيْ قِطْعَةٌ؛ وَقَوْلُ أَبِي سَهْمٍ الهُذَلي:
أَبوكَ الَّذِي لَمْ يُدْعَ مِنْ وُلْدِ غيرِه، ... وأنتَ بِهِ مِنْ سائرِ النَّاسِ مُصْرِمُ
مُصْرِمٌ، يَقُولُ: لَيْسَ لَكَ أَبٌ غَيْرُهُ وَلَمْ يَدْعُ هُوَ غيركَ؛ يَمْدَحُهُ ويُذَكِّره بالبِرِّ. وَيُقَالُ: كَلأٌ تَيْجَعُ مِنْهُ كَبِدُ المُصْرِمِ أَيْ أَنَّهُ كَثِيرٌ فَإِذَا رَآهُ القليلُ الْمَالِ تأَسف أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَةٌ يُرْعِيها فِيهِ. والمِصْرَمُ، بِالْكَسْرِ: مِنْجَلُ المَغازِليّ. والصِّرْمُ، بِالْكَسْرِ: الأَبياتُ المُجْتَمِعةُ الْمُنْقَطِعَةُ مِنَ النَّاسِ، والصِّرْم أَيضاً: الْجَمَاعَةُ مِنْ ذَلِكَ. والصِّرْمُ: الفِرْقة مِنَ النَّاسِ لَيْسُوا بِالْكَثِيرِ، وَالْجَمْعُ أَصْرامٌ وأَصاريمُ وصُرْمانٌ؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ؛ قَالَ الطَّرِمَّاحُ:
يَا دارُ أَقْوَتْ بَعْدَ أَصرامِها ... عَامًا، وَمَا يُبْكِيكَ مِنْ عامِها
وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِهِ أَصارِمَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَصاريم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وانْعَدَلَتْ عَنْهُ الأَصاريمُ
وَفِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ: وَكَانَ يُغِيرُ عَلَى الصِّرمِ فِي عَماية الصُّبْحِ
؛ الصِّرْمُ: الجماعةُ يَنْزِلُونَ بِإِبِلِهِمْ نَاحِيَةً عَلَى مَاءٍ. وَفِي حَدِيثِ المرأَة صاحبةِ الْمَاءِ:
أَنَّهُمْ كَانُوا يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهم وَلَا يُغِيرُون عَلَى الصِّرْمِ الَّذِي هِيَ فِيهِ.
وَنَاقَةٌ مُصَرَّمةٌ: مَقْطُوعَةُ الطُّبْيَيْنِ، وصَرْماءُ: قَلِيلَةُ اللَّبَنِ لأَن غُزْرَها انْقَطَعَ. التَّهْذِيبِ: وَنَاقَةٌ مُصَرَّمةٌ وَذَلِكَ أَنْ يُصَرَّمَ طُبْيُها فيُقْرَحَ عَمْداً حَتَّى يَفْسُدَ الإِحْليلُ فَلَا يَخْرُجُ اللَّبَنُ فَيَيْبَس وَذَلِكَ أَقْوَى لَهَا، وَقِيلَ: نَاقَةٌ مُصَرَّمةٌ وَهِيَ الَّتِي صَرَمَها الصِّرارُ فوَقَّذَها، وَرُبَّمَا صُرِمَتْ عَمْداً لتَسْمَنَ فتُكْوى؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
لُعِنتْ بمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَرَّمِ «2» .
__________
(1) . في ديوان النابغة: ذي أُرُل بدل ذي أُرُك
(2) . صدر البيت:
هَلْ تُبلِغَنِّي دارَها شدنيَّةٌ(12/338)
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَ أَبو عَمْرٍو يَقُولُ وَقَدْ تكونُ المُصَرَّمةُ الأَطْباءِ مِنِ انْقِطَاعِ اللَّبَنِ، وَذَلِكَ أَنْ يُصِيبَ الضَّرْعَ شيءٌ فيُكْوَى بِالنَّارِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ لَبَنٌ أَبَدًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا تَجُوزُ المُصَرَّمةُ الأَطباء
؛ يَعْنِي الْمَقْطُوعَةَ الضُّروع. والصَّرْماءُ: الْفَلَاةُ مِنَ الأَرض. الْجَوْهَرِيُّ: والصَّرْماء الْمَفَازَةُ الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا. وفَلاة صَرْمَاءُ: لَا مَاءَ بِهَا، قَالَ: وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ «1» . والأَصْرمانِ: الذِّئْبِ والغُرابُ لانْصِرامِهِما وَانْقِطَاعِهِمَا عَنِ النَّاسِ؛ قَالَ المَرَّارُ:
عَلَى صَرْماءَ فِيهَا أصْرَماها، ... وحِرِّيتُ الفَلاةِ بِهَا مَلِيلُ أَيْ هُوَ مَليل،
قَالَ: كأَنه عَلَى مَلَّةٍ مِنَ القَلَق، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَلِيلٌ مَلَّتْه الشَّمْسُ أَيْ أَحرقته؛ وَمِنْهُ خُبْزةٌ مَلِيلٌ. وَتَرَكْتُهُ بوَحْشِ الأَصْرَمَيْنِ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيِّ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَعْنِي الْفَلَاةَ. والصِّرْمُ: الخُفُّ المُنَعَّلُ. والصَّريمُ: العُودُ يُعَرَّضُ عَلَى فَمِ الجَدْي أَوِ الفَصِيل ثُمَّ يُشَدُّ إِلَى رأْسه لِئَلَّا يَرْضَعَ. والصَّيْرَمُ: الوَجْبَةُ. وأكلَ الصَّيْرَمَ أَيِ الوَجْبَةَ، وَهِيَ الأَكْلَةُ الواحِدةُ فِي الْيَوْمِ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ يأْكل الصَّيْرَمَ إِذَا كَانَ يأْكل الوَجْبة فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هِيَ أَكْلَة عِنْدَ الضُّحَى إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الغَدِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هِيَ الصَّيْلَمُ أيضاً وهي الحَرْزَمُ «2» ؛ وَأَنْشَدَ:
وإنْ تُصِبْكَ صَيْلَمُ الصيَّالمِ، ... لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، فعَيشُ ناعِمِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي هَذِهِ الأُمة خَمْسُ فِتَنٍ قَدْ مَضَتْ أَرْبَعٌ وَبَقِيَتْ واحدةٌ وَهِيَ الصَّيْرَمُ
؛ وكأَنها بِمَنْزِلَةِ الصَّيْلَم، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ الَّتِي تستأْصل كُلَّ شَيْءٍ كأَنها فِتْنَةٌ قَطَّاعة، وَهِيَ مِنَ الصَّرْمِ القَطْعِ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. والصَّرُومُ: الناقةُ الَّتِي لَا تَرِدُّ النَّضِيحَ حَتَّى يَخْلُوَ لَهَا، تَنْصَرِمُ عَنِ الإِبل، وَيُقَالُ لَهَا القَذُورُ والكَنُوفُ والعَضادُ والصَّدُوفُ والآزِيَةُ، بِالزَّايِ. المُفَضَّلُ عَنْ أَبِيهِ: وصَرَمَ شَهْراً بِمَعْنَى مَكَثَ. والصَّرْمُ: الجِلْدُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَبَنُو صُرَيْمٍ: حَيٌّ. وصِرْمَةُ وصُرَيْم وأَصْرَمُ: أَسْمَاءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ غَيَّر اسْمَ أصْرَمَ فَجَعَلَهُ زُرْعةَ
، كَرِهَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ مَعْنَى الْقَطْعِ، وَسَمَّاهُ زُرْعةَ لأَنه مِنَ الزَّرْع النباتِ.
صطم: الأُصْطُمَّةُ والأُصْطُمُّ: لُغَةٌ فِي الأُسْطُمَّة والأُسْطُمِّ فِي جَمِيعِ مَا تَصَرَّفَ مِنْهُ.
صطخم: المُصْطَخِمُ: المُنْتَصِبُ الْقَائِمُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: المُصْلَخِمُّ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، قَالَ: والمُصْطَخِمُ فِي مَعْنَاهُ غَيْرَ أَنَّهَا مُخَفَّفَةُ الْمِيمِ. واصْطَخَمْتُ فأَنا مُصْطَخِمٌ إِذَا انْتَصَبْتَ قَائِمًا. الأَزهري: المُصْطَخِمُ مُفْتَعِلٌ من ضَخَم وَهُوَ ثُلَاثِيٌّ، قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ لِصَخَمَ ذِكْرًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَكَانَ فِي الأَصل مُصْتَخِم فَقُلِبَتِ التَّاءُ طَاءً كالمُصْطَخِبِ مِنَ الصَّخَبِ، وَذَكَرَهُ الأَزهري أَيْضًا فِي الرُّبَاعِيِّ؛ قَالَ: وَأَنْشَدَ أَبُو الْعَبَّاسِ:
يَوْمًا يَظَلُّ بِهِ الحِرْباءُ مُصْطَخِماً، ... كأَنَّ ضاحِيَهُ بالنارِ مَمْلُولُ
قَالَ: مُصْطَخِمٌ سَاكِتٌ قَائِمٌ كأَنه غَضْبَانُ.
__________
(1) . قوله [قَالَ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ] ليس من قول الجوهري كما يتوهم، بل هو من كلام ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ، وأول عبارته: وفلاة صرماء إلخ
(2) . قوله [وهي الحرزم] كذا بهذا الضبط في التهذيب ولم نجده بهذا المعنى فيما بأيدينا من الكتب(12/339)
صطكم: الأُصْطُكْمةُ: خُبْزة المَلَّةِ.
صقم: أَهْمَلَهُ اللَّيْثُ. ابْنُ الأَعرابي: الصَّيْقَمُ المُنْتِنُ الرَّائِحَةِ.
صكم: صَكَمَه صَكْماً: ضَرَبَهُ وَدَفَعَهُ. وصَكَمَهُ صَكْمَةً: صَدَمه. اللَّيْثُ: الصَّكْمَةُ صَدْمة شَدِيدَةٌ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوِ حَجَرٍ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: صَكَمَتْه صَواكِمُ الدَّهْر، وصواكِمُ الدَّهْرِ: مَا يُصِيبُ مِنْ نَوَائِبِهِ. وصَكَمَ الفرسُ يَصْكُمُ: عَضَّ عَلَى اللِّجَامِ ثُمَّ مَدَّ رأْسَه كأَنه يُرِيدُ أَنْ يُغَالِبَهُ. الأَصمعي: صَكَمْتُه ولَكَمْتُه وصَكَكْتُه ودَكَكْتُه ولَكَكْتُه كُلُّهُ إِذَا دَفَعْتَه.
صلم: صَلَمَ الشيءَ صَلْماً: قَطَعَهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَقِيلَ: الصَّلْمُ قَطْعُ الأُذن والأَنف مِنْ أَصلهما. صَلَمهما يَصْلِمُهما صَلْماً وصَلَّمَهُما إِذَا اسْتَأْصَلَهما، وأُذُنٌ صَلْماء لِرِقَّةِ شَحْمتها. وَعَبْدٌ مُصَلَّم وأَصْلَمُ: مقطوعُ الأُذن. وَرَجُلٌ أَصْلَمُ إِذَا كَانَ مُسْتَأْصَل الأُذنين. وَرَجُلٌ مُصَلَّم الأُذنين إِذَا اقْتُطِعَتا مِنْ أُصولهما. وَيُقَالُ للظَّليم مُصَلَّمُ الأُذنين كأَنه مْسْتَأْصَلُ الأُذنين خِلْقةً. والظَّلِيمُ مُصَلَّم، وُصِفَ بِذَلِكَ لِصِغَرِ أُذنيه وقِصَرِهِما؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
أَسَكُّ مُصَلَّمُ الأُذُنَيْنِ أجْنَى، ... لَهُ، بالسِّيِّ، تَنُّومٌ وآءُ «1»
. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ لما قُتل أَخُوهُ مُصْعَبٌ: أَسْلَمَه النَّعامُ المُصَلَّمُ الآذانِ أَهلُ العراقِ
؛ يُقَالُ لِلنَّعَامِ مُصَلَّمٌ لأَنها لَا آذانَ لَهَا ظَاهِرَةً. والصَّلْمُ: القَطْعُ المُسْتَأْصِلُ؛ فَإِذَا أُطلق عَلَى النَّاسِ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الذليلُ المُهانُ كَقَوْلِهِ:
فإنْ أَنْتُمُ لَمْ تَثْأَرُوا واتَّدَيْتُمُ، ... فَمَشُّوا بآذانِ النَّعامِ المُصَلَّمِ
والأَصْلَمُ مِنَ الشِّعْر: ضَرْبٌ مِنَ الْمَدِيدِ وَالسَّرِيعِ عَلَى التَّشْبِيهِ. التَّهْذِيبُ: والأَصْلَم المُصَلَّمُ مِنَ الشِّعْر وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ السَّرِيعِ يَجُوزُ فِي قَافِيَّتِهِ فَعْلُن فَعْلُن كَقَوْلِهِ:
لَيْسَ عَلَى طُولِ الحياةِ نَدَمْ، ... ومِنْ وَراءِ الموتِ مَا يُعْلَمْ
والصَّيْلَمُ: الدَّاهِيَةُ لأَنها تَصْطَلِمُ، ويُسَمَّى السيفُ صَيْلَماً؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
غَضِبَتْ تَميمٌ أَنْ تَقَتَّلَ عامِرٌ، ... يَوْمَ النِّسارِ، فأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى فأُعْقِبُوا بالصَّيْلَم أَيْ كَانَتْ عاقبتُهم الصَّيْلَمَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وشاهدُ الصَّيْلَمِ الداهيةِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
دَسُّوا فَلِيقاً ثُمَّ دَسُّوا الصَّيْلَما
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: فَيَكُونُ الصَّيْلَمُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
أَيِ الْقَطِيعَةُ المُنْكَرة. والصَّيْلَمُ: الدَّاهِيَةُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَمْرٍو: اخرُجُوا يَا أَهلَ مَكَّةَ قَبْلَ الصَّيْلَمِ كأَنِّي بِهِ أُفَيْحِجَ أُفَيْدِعَ يَهْدِمُ الكَعْبةَ.
التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ صَنَمَ قَالَ: والصَّنَمَة الدَّاهِيَةُ، قَالَ الأَزهري: أَصْلُهَا صَلَمة. وَأَمْرٌ صَيْلَم: شَدِيدٌ مُستأْصِل، وَهُوَ الصَّيْلَميَّة. والصَّيْلَم: الأَمر المُسْتأْصِلُ، وَوَقْعَةٌ صَيْلَمَة مِنْ ذَلِكَ. والاصْطِلامُ: الاسْتِئْصالُ. واصْطُلِمَ الْقَوْمُ: أُبيدوا. والاصْطِلامُ إِذَا أُبيد قَومٌ مِنْ أَصلهم قِيلَ اصْطُلِمُوا. وَفِي حَدِيثِ الْفِتَنِ:
وتُصْطَلَمُون فِي الثَّالِثَةِ
؛ الاصْطِلامُ افْتِعالٌ مِنَ الصَّلْمِ الْقَطْعُ.
__________
(1) . في ديوان زهير: أصَكّ، وهو المتقارب العرقوبين، بدل أسَكّ وهو القصير الأذن الصغيرها(12/340)
وَفِي حَدِيثِ الهَدْيِ وَالضَّحَايَا:
وَلَا المُصْطَلَمَةُ أَطْباؤُها.
وَحَدِيثُ
عَاتِكَةَ: لَئِنْ عدْتُم ليَصْطَلِمَنَّكم.
والصَّيْلَمُ: الأَكْلَةُ الْوَاحِدَةُ كُلَّ يَوْمٍ. وَهُوَ يأْكل الصَّيْلَم: وَهِيَ أَكْلَةٌ فِي الضُّحَى، كَمَا تَقُولُ: هُوَ يأْكل الصَّيْرَمَ؛ حَكَاهُمَا جَمِيعًا يَعْقُوبُ. والصَّلامَةُ والصِّلامَةُ والصُّلامةُ: الفِرْقةُ مِنَ النَّاسِ. والصُّلاماتُ والصِّلاماتُ: الْجَمَاعَاتُ والفِرَقُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: وذَكَرَ فِتَناً فَقَالَ يَكُونُ الناسُ صُلاماتٍ [صِلاماتٍ] يَضْربُ بعضُهم رقابَ بَعْضٍ
؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ صُلامات [صِلامات] يَعْنِي الفِرَق مِنَ النَّاسِ يَكُونُونَ طوائفَ فتجْتَمع كلُّ فِرْقَةٍ عَلَى حِيالها تُقاتل أُخرى، وكلُّ جَمَاعَةٍ فَهِيَ صُلامَةٌ وصِلامَةٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: صَلامَةٌ بِفَتْحِ الصادِ؛ وأَنشد أَبُو الجَرَّاح:
صَلامَةٌ كحُمُرِ الأَبَكِّ، ... لَا ضَرَعٌ فِيهَا وَلَا مُذَكِّي
والصَّلامَةُ: الْقَوْمُ المُسْتَوُون فِي السِّنِّ والشجاعةِ والسَّخاء. والصَّلَّام والصُّلَّامُ: لُبُّ نَوَى النَّبِقِ. التَّهْذِيبُ: الصُّلَّامُ الَّذِي فِي دَاخِلِ نَواةِ النَّبِقَةِ يُؤْكَلُ، وهو الأُلْبُوبُ.
صلخم: بَعِيرٌ صِلَّخْم صِلَّخْدٌ وصَلْخَمٌ مِثْلُ سَلْهَبٍ ومُصْلَخِمٌّ، كُلُّ ذَلِكَ: جَسِيمٌ شديدٌ ماضٍ؛ وأَنشد:
وأَتْلَعَ صِلَّخْمٍ صِلَخْدٍ صَلَخْدَمِ
وَقَالَ آخَرُ:
إِنْ تسْأَلِيني: كيفَ أَنْتَ؟ فإنَّنِي ... صَبُورٌ عَلَى الأَعداءِ جَلْدٌ صَلَخْدَم
والصَّلَخْدَمُ: خُمَاسِيٌّ أَصله مِنَ الصَّلْخم والصَّلْخد، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ كَلِمَةٌ خُمَاسِيَّةٌ أَصْلِيَّةٌ فَاشْتَبَهَتِ الْحُرُوفُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ؛ قَالَ الفرَّاء: وَمِنْ نَادِرِ كَلَامِهِمْ:
مُسْتَرْعِلات لِصِلَّلْخم سَامِي
يُرِيدُ لِصِلَّخْم فَزَادَ لَامًا؛ وَقَالَ أَبُو نُخَيْلَةَ:
لِبَلْخَ مَخْشيّ الشَّذَا مُصْلَخْمِمِ
فَضَاعَفَ الْمِيمَ كَمَا تَرَى. أَبُو عَمْرٍو: المُصلَخِمُّ والمُصْلَخِدُّ المُنْتَصِبُ الْقَائِمُ، والمُصْطَخِمُ خَفِيفُ الْمِيمِ فِي مَعْنَاهُمَا؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
إِذَا اصْلَخَمَّ لَمْ يُرَمْ مُصْلَخْمَمُهْ
أَيْ غَضَبٍ، قَالَهُ شَمِرٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: انْتَصَبَ. وَجَبَلٌ صِلَّخْمٌ ومُصْلَخِمٌّ: صُلْبٌ مُمْتَنِعٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَنْ صائلٍ عاسٍ إِذَا مَا اصْلَخْمَما
وَفِي الْحَدِيثِ:
عُرِضَتِ الأَمانةُ عَلَى الْجِبَالِ الصُّمِّ الصَّلاخِمِ
أَيِ الصِّلابِ المانعةِ، الواحدُ صَلْخَمٌ؛ قَالَ:
ورَأْس عِزّ راسِياً صِلَّخْمَا
والمُصْلَخِمُّ: الغَضْبان. واصْلَخَمَّ اصْلِخْماماً إِذَا انْتَصَبَ قَائِمًا. وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: المُصْلَخِمُّ المُسْتَكبر؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ حَمِيرًا:
فظَلَّتْ بمَلْقَى واجِفٍ جَزِع المَعَى ... قِياماً، تُفالي مُصْلَخِمّاً أمِيرَها
أَيْ مُسْتَكْبِرًا لَا يُحَرِّكُهَا وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا. وَقَالَ: المُصْلَخِمُّ والمُطْلَخِمُّ والمُطْرَخِمُّ واحد.
صلخدم: الصَّلَخْدَمُ: الْجَمَلُ الْمَاضِي الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: الْمِيمُ زَائِدَةٌ. والصَّلَخْدمُ: الصُّلْبُ القَوِيُّ؛ وأَنشد الأَزهري فِي الخُماسِيّ:(12/341)
إِنْ تسْأَلِيني: كَيْفَ أَنْتَ؟ فإنَّني ... صَبُورٌ عَلَى الأَعداء جَلْدٌ صَلَخْدَم
قَالَ: والصَّلَخْدَمُ خُمَاسِيٌّ أَصله مِنَ الصَّلْخَمِ والصَّلْخَدِ، قَالَ: وَيُقَالُ بَلْ هُوَ كَلِمَةٌ خُماسية أَصلية فاشْتَبَهتِ الحروفُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
صلدم: الصِّلْدِمُ والصُّلادِمُ: الشَّدِيدُ الحافرِ، وَقِيلَ الصِّلْدِم الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ مِنَ الْحَافِرِ، والأُنثى صِلْدِمَة وصُلادِمَةٌ، وعمَّ بِهِ بَعْضَهُمْ وَهُوَ ثُلَاثِيٌّ عِنْدَ الْخَلِيلِ، وَجَمْعُهُ صَلادِمُ. الْجَوْهَرِيُّ: فَرَسٌ صِلْدِمٌ، بِالْكَسْرِ، صُلْبٌ شَدِيدٌ، والأُنثى صِلْدِمَة. ورأْسٌ صِلْدِمٌ وصُلادِمٌ، بِالضَّمِّ: صُلب؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
مِنْ كلِّ كَوْماءِ السَّنامِ فاطمِ، ... تَشْحَى، بمُسْتَنِّ الذَّنوبِ الرَّاذِمِ،
شِدْقَيْنِ فِي رأْسٍ لَهَا صُلادِمِ
وَالْجَمْعُ صَلادِمُ، بِالْفَتْحِ. والصِّلْدامُ: الشَّدِيدُ كالصِّلْدِمِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فَلَوْ مالَ مَيْلٌ مِنْ تَمِيمٍ عَلَيْكُمُ، ... لأَمَّكَ صِلْدامٌ مِنَ العِيسِ قارِحُ
صلقم: الصَّلْقَمَةُ: تصادُمُ الأَنْيابِ؛ وَأَنْشَدَ اللَّيْثُ:
أَصْلَقَه العِزِّ بنابٍ فاصْلَقمْ
وَيُقَالُ: الْمِيمُ زَائِدَةٌ. والصَّلْقَمُ: الَّذِي يَقرعُ بعضَها بِبَعْضٍ. وصَلْقَمَ: قَرَعَ بَعْضَ أَنيابه بِبَعْضٍ؛ قَالَ كُراع: الأَصل الصَّلْق، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ رُبَاعِيٌّ. والصَّلْقَمُ والصِّلْقِمُ: الضَّخْمُ مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: هُوَ الْبَعِيرُ الشَّدِيدُ العضِّ والفَكِّ، وَالْجَمْعُ صَلاقِمُ وصَلاقِمةٌ، الْهَاءَ لتأْنيث الْجَمَاعَةِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
جَمادٌ بِهَا البَسْباسُ، يُرْهِصُ مُعْزُها ... بَناتِ المَخاضِ والصَّلاقِمةَ الحُمْرا
التَّهْذِيبُ: والصِّلْقامُ الضَّخْمُ مِنَ الإِبل؛ وأَنشد:
يَعْلُو صَلاقيمَ العِظامِ صِلْقِمُه
أَيْ جِسْمُه الْعَظِيمُ. والصَّلْقَمُ: الشَّدِيدُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمُصْلَقِمُّ: الصُّلْبُ الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: الشَّدِيدُ الأَكْلِ. والمُصْلَقِمُّ أَيضاً: المرأَة الْكَبِيرَةُ، أَزالوا الْهَاءَ كَمَا أَزالوها مِنْ مُتْئِمٍ وَنَحْوِهَا. أَبو عَمْرٍو: الصِّلْقِمُ الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ؛ وأَنشد لخُلَيْدٍ اليَشْكُرِيّ:
فَتِلْكَ لَا تُشْبِه أُخْرى صِلْقِما، ... صَهْصَلِقَ الصَّوْتِ دَرُوجاً كِرْزِما
صلهم: الصِّلْهامُ: مِنْ صِفَاتِ الأَسد «1» . واصْلَهَمَّ الشيءُ: صَلُبَ واشْتَدَّ.
صمم: الصَّمَمُ: انْسِدادُ الأُذن وثِقَلُ السَّمْعِ. صَمَّ يَصَمُّ وصَمِمَ، بِإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ نادرٌ، صَمّاً وصمَماً وأَصَمَّ وأَصَمَّهُ اللهُ فصَمَّ وأَصَمَّ أَيْضًا بِمَعْنَى صَمَّ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَشَيْخاً، كالوَليدِ، برَسْمِ دارٍ ... تُسائِلُ مَا أَصَمَّ عَنِ السُّؤالِ؟
يَقُولُ تُسائِلُ شَيْئًا قَدْ أَصَمَّ عَنِ السُّؤَالِ، وَيُرْوَى: أَأَشْيَبَ كَالْوَلِيدِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: نَصَبَ أَشْيَبَ عَلَى الْحَالِ أَيْ أَشائباً تُسائِلُ رَسْمَ دارٍ كَمَا يفعل الوليدُ،
__________
(1) . قوله [من صفات الأَسد] ويقال رجل صلهام بكسر الصاد أيضاً جريء كما في التكملة(12/342)
وَقِيلَ: إنَّ مَا صِلَةٌ أَراد تُسائل أَصَمَّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ هُنَا لِابْنِ أَحمر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى ... بآخِرِنا، وتَنْسى أَوَّلِينا
يَدْعُو عَلَيْهَا أَيْ لَا جَعْلَهَا اللَّهُ تَدْعُو إلَّا أصَمَّ. يُقَالُ: نَادَيْتُ فُلَانًا فأَصْمَمْتُه أَيْ أَصَبْتُه أَصَمَّ، وَقَوْلُهُ تَحَجَّى بآخِرنا: تَسْبقُ إِلَيْهِمْ باللَّوْمِ وتَدَعُ الأَوَّلينَ وأَصْمَمْتُه: وَجَدْتُه أَصَمَّ. وَرَجُلٌ أَصَمُّ، وَالْجَمْعُ صُمٌّ وصُمَّانٌ؛ قَالَ الجُلَيْحُ:
يَدْعُو بِهَا القَوْمُ دُعاءَ الصُّمَّانْ
وأَصَمَّه الداءُ وتَصامَّ عَنْهُ وتَصامَّه: أَراه أَنه أَصَمُّ وَلَيْسَ بِهِ. وتَصامَّ عَنِ الْحَدِيثِ وتَصامَّه: أَرى صاحِبَه الصَّمَمَ عَنْهُ؛ قَالَ:
تَصامَمْتُه حَتَّى أَتاني نَعِيُّهُ، ... وأُفْزِعَ مِنْهُ مُخْطئٌ ومُصيبُ
وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ:
ومَنْهَلٍ أَعْوَرِ إحْدى العَيْنَيْن، ... بَصيرِ أُخْرى وأَصَمَّ الأُذُنَيْن
قد تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي تَرْجَمَةِ عَوَرَ. وَفِي حَدِيثِ الإِيمانِ:
الصُّمَّ البُكْمَ «1» رُؤوسَ الناسِ
، جَمْعُ الأَصَمِّ وَهُوَ الَّذِي لَا يَسْمَعُ، وأَراد بِهِ الَّذِي لَا يَهْتَدي وَلَا يَقْبَلُ الحَقَّ مِنْ صَمَمِ العَقل لَا صَمَمِ الأُذن؛ وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ أَيْضًا:
قُلْ مَا بَدا لَكَ مِنْ زُورٍ وَمِنْ كَذِبٍ ... حِلْمي أَصَمُّ وأُذْني غَيرُ صَمَّاءِ
اسْتَعَارَ الصَّمَم لِلْحِلْمِ وَلَيْسَ بِحَقِيقَةٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ هُوَ أَيْضًا:
أجَلْ لَا، ولكنْ أنتَ أَلأَمُ مَنْ مَشى، ... وأَسْأَلُ مِنْ صَمَّاءَ ذاتِ صَليلِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: يَعْنِي الأَرض، وصَلِيلُها صَوْتُ دُخولِ الْمَاءِ فِيهَا. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَسْأَلُ مِنْ صَمَّاءَ، يَعْنِي الأَرضَ. والصَّمَّاءُ مِنَ الأَرض: الغليظةُ. وأَصَمَّه: وَجَدَه أَصَمَّ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثعلبٌ قولَ ابْنِ أَحمر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى ... بآخِرِنا، وتَنْسى أَوَّلِينا
أراد وافَقَ قَوماً صُمّاً لَا يَسْمَعون عذْلَها عَلَى وَجْهِ الدُّعاء. وَيُقَالُ: نَادَيْتُهُ فأَصْمَمْتُه أَيْ صادَفْتُه أَصَمَّ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بكلمةٍ أصَمَّنِيها الناسُ
أَيْ شغَلوني عَنْ سَمَاعِهَا فكأَنهم جَعَلُونِي أَصَمَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الفِتْنةُ الصَّمَّاءُ العَمْياء
؛ هِيَ الَّتِي لَا سَبِيلَ إِلَى تَسْكِينِهَا لِتَنَاهِيهَا فِي ذَهَابِهَا لأَن الأَصَمَّ لَا يَسْمَعُ الِاسْتِغَاثَةَ وَلَا يُقْلِعُ عَمَّا يَفْعَلُه، وَقِيلَ: هِيَ كَالْحَيَّةِ الصَّمَّاء الَّتِي لَا تَقْبَلُ الرُّقى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
والفاجِرُ كالأَرْزَةِ صَمَّاءَ
أَيْ مُكْتَنزةً لَا تَخَلْخُلَ فِيهَا. اللَّيْثُ: الصَّمَمُ فِي الأُذُنِ ذهابُ سَمْعِها، في القَناة اكْتِنازُ جَوفِها، وَفِي الْحَجَرِ صَلابَتُه، وَفِي الأَمر شدَّتُه. وَيُقَالُ: أُذُنٌ صَمَّاءُ وقَناة صَمَّاءُ وحَجَرٌ أَصَمُّ وفِتْنَةٌ صَمَّاءُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْكَافِرِينَ: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ
؛ التَّهْذِيبُ: يَقُولُ القائلُ كَيْفَ جعلَهم اللَّهُ صُمّاً وَهُمْ يَسْمَعُونَ، وبُكْماً وَهُمْ نَاطِقُونَ، وعُمْياً وَهُمْ يُبْصِرون؟ وَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سَمْعَهُم لَمَّا لَمْ يَنْفَعْهم لأَنهم
__________
(1) . قوله [الصم البكم] بالنصب مفعول بالفعل قبله، وهو كما في النهاية: وأن ترى الحفاة العراة الصم إلخ(12/343)
لَمْ يَعُوا بِهِ مَا سَمِعوا، وبَصَرَهُم لَمَّا لَمْ يُجْدِ عَلَيْهِمْ لأَنهم لَمْ يَعْتَبِروا بِمَا عايَنُوه مِنْ قُدْرة اللَّهِ وخَلْقِه الدالِّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، ونُطْقَهم لَمَّا لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ شَيْئًا إِذْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ إِيمَانًا يَنْفَعهم، كَانُوا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا يَسْمَع وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يَعي؛ ونَحْوٌ منه قَوْلِ الشَّاعِرِ:
أصَمُّ عَمَّا ساءَه سَمِيعُ
يَقُولُ: يَتَصامَمُ عما يَسُوءُه وإن سَمِعَه فَكَانَ كأَنه لَمْ يَسْمَعْ، فَهُوَ سَمِيعٌ ذُو سَمْعٍ أَصَمُّ فِي تَغَابِيهِ عَمَّا أُريد بِهِ. وصَوْتٌ مُصِمٌّ: يُصِمُّ الصِّماخَ. وَيُقَالُ لصِمامِ القارُورة: صِمَّةٌ. وصَمَّ رأْسَ القارورةَ يَصُمُّه صَمّاً وأَصَمَّه: سَدَّه وشَدَّه، وصِمامُها: سِدادُها وشِدادُها. والصِّمامُ: مَا أُدْخِلَ فِي فَمِ الْقَارُورَةِ، والعِفاصُ مَا شُدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ صِمامَتُها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وصَمَمْتُها أَصُمُّها صَمّاً إِذا شَدَدْتَ رَأْسَها. الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ صَمَمْتُ الْقَارُورَةَ أَي سَدَدْتُها. وأَصْمَمْتُ الْقَارُورَةَ أَي جَعَلْتُ لَهَا صِماماً. وَفِي حَدِيثِ الْوَطْءِ:
فِي صِمامٍ وَاحِدٍ
أَي فِي مَسْلَكٍ واحدٍ؛ الصِّمامُ: مَا تُسَدُّ بِهِ الفُرْجةُ فَسُمِّيَ بِهِ الفَرْجُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي موضعِ صِمامٍ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، وَيُرْوَى بِالسِّينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. ويقال: صَمَّه بالعصا يَصُمُّه صَمّاً إِذا ضَرَبه بِهَا وَقَدْ صَمَّه بِحَجَرٍ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: صُمَّ إِذا ضُرِب ضَرْباً شَدِيدًا. وصَمَّ الجُرْحَ يَصُمُّه صَمّاً: سَدَّةُ وضَمَّدَه بِالدَّوَاءِ والأَكُولِ. وداهيةٌ صَمَّاءُ: مُنْسَدَّة شَدِيدَةٌ. وَيُقَالُ لِلدَّاهِيَةِ الشديدةِ: صَمَّاءُ وصَمامِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
صَمَّاءُ لَا يُبْرِئُها مِنَ الصَّمَمْ ... حَوادثُ الدَّهْرِ، وَلَا طُولُ القِدَمْ
وَيُقَالُ لِلنَّذِيرِ إِذا أَنْذَر قَوْمًا مِنْ بَعِيدٍ وأَلْمَعَ لَهُمْ بِثَوْبِهِ: لَمَع بهم لَمْعَ الأَصَمّ، وَذَلِكَ أَنه لَمَّا كَثُر إِلماعُه بِثَوْبِهِ كَانَ كأَنه لَا يَسْمَعُ الجوابَ فَهُوَ يُدِيمُ اللَّمْعَ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قولُ بِشْر:
أَشارَ بِهِمْ لَمْعَ الأَصَمّ، فأَقْبَلُوا ... عَرانِينَ لَا يَأْتِيه لِلنَّصْرِ مُجْلِبُ
أَي لَا يأْتيه مُعِينٌ مِنْ غَيْرِ قَوْمِهِ، وإِذا كَانَ المُعينُ مِنْ قَوْمِهِ لَمْ يَكُنْ مُجْلِباً. والصَّمَّاءُ: الداهيةُ. وفتنةٌ صَمَّاءُ: شَدِيدَةٌ، وَرَجُلٌ أَصَمُّ بَيّنُ الصَّمَمِ فِيهِنَّ، وقولُهم للقطاةِ صَمَّاءُ لِسَكَكِ أُذنيها، وَقِيلَ: لَصَمَمِها إِذا عَطِشَت؛ قَالَ:
رِدِي رِدِي وِرْدَ قَطاةٍ صَمَّا، ... كُدْرِيَّةٍ أَعْجَبها بردُ الْمَا
والأَصَمُّ: رَجَبٌ لِعَدَمِ سَمَاعِ السِّلَاحِ فِيهِ، وَكَانَ أَهلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّونَ رَجَباً شَهْرَ اللَّهِ الأَصَمَّ؛ قَالَ الْخَلِيلُ: إِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ لَا يُسْمَع فِيهِ صوتُ مستغيثٍ وَلَا حركةُ قتالٍ وَلَا قَعْقَعةُ سِلَاحٍ، لأَنه مِنَ الأَشهر الحُرُم، فَلَمْ يَكُنْ يُسْمع فِيهِ يَا لَفُلانٍ وَلَا يَا صَبَاحاه؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
شَهْرُ اللهِ الأَصَمُّ رَجَبٌ
؛ سُمِّيَ أَصَمَّ لأَنه كَانَ لَا يُسمع فِيهِ صَوْتُ السِّلَاحِ لِكَوْنِهِ شَهْرًا حَرَامًا، قَالَ: وَوُصِفَ بالأَصم مَجَازًا وَالْمُرَادُ بِهِ الإِنسان الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ، كَمَا قِيلَ ليلٌ نائمٌ، وَإِنَّمَا النَّائِمُ مَنْ فِي اللَّيْلِ، فكأَنَّ الإِنسانَ فِي شَهْرِ رجَبٍ أَصَمَّ عَنْ صَوْتِ السِّلَاحِ، وَكَذَلِكَ مُنْصِلُ الأَلِّ؛ قَالَ:
يا رُبَّ ذِي خالٍ وَذِي عَمّ عَمَمْ ... قَدْ ذاقَ كَأْسَ الحَتْفِ فِي الشَّهْرِ الأَصَمْ
والأَصَمُّ مِنَ الحياتِ: مَا لَا يَقْبَلُ الرُّقْيَةَ كأَنه(12/344)
قَدْ صَمَّ عَنْ سَماعِها، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَقْرَبِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قَرَّطَكِ اللهُ، عَلَى الأُذْنَيْنِ، ... عَقارباً صُمّاً وأَرْقَمَيْنِ
وَرَجُلٌ أَصَمُّ: لَا يُطْمَعُ فِيهِ وَلَا يُرَدُّ عن هَواه كأَنه يُنادَى فَلَا يَسْمَعُ. وصَمَّ صَداه أَيْ هَلَك. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَصَمَّ اللهُ صَدَى فلانٍ أَيْ أَهلكه، والصَّدَى: الصَّوْتُ الَّذِي يَرُدُّه الجبلُ إِذَا رَفَع فِيهِ الإِنسانُ صَوْتَه؛ قَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ:
صَمَّ صَدَاها وعَفا رَسْمُها، ... واسْتَعْجَمَتْ عَنْ مَنْطِق السائِلِ
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل مَهْمَا يُقَلْ تَقُلْ؛ يُرِيدُونَ بابْنةِ الْجَبَلِ الصَّدَى. وَمِنْ أَمثالهم: أَصَمُّ عَلَى جَمُوحٍ «2» ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ الَّذِي هَذِهِ الصِّفَةُ صِفَتُهُ؛ قَالَ:
فأَبْلِغْ بَني أَسَدٍ آيَةً، ... إِذَا جئتَ سَيِّدَهم والمَسُودَا
فأُوصِيكمُ بطِعانِ الكُماةِ، ... فَقَدْ تَعْلَمُونَ بأَنْ لَا خُلُودَا
وضَرْبِ الجَماجِمِ ضَرْبَ الأَصَمِّ ... حَنْظَلَ شابَةَ، يَجْني هَبِيدَا
وَيُقَالُ: ضَرَبَه ضَرْبَ الأَصَمِّ إِذَا تابَعَ الضرْبَ وبالَغَ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الأَصَمَّ إِذَا بالَغَ يَظُنُّ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ فَلَا يُقْلِعُ. وَيُقَالُ: دَعاه دَعْوةَ الأَصَمِّ إِذَا بَالَغَ بِهِ فِي النِّدَاءِ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ فَلاةً:
يُدْعَى بها القومُ دُعاءَ الصَّمَّانْ
ودَهْرٌ أَصَمُّ: كأَنَّه يُشْكى إِلَيْهِ فَلَا يَسْمَع. وقولُهم: صَمِّي صَمامِ؛ يُضْرَب لِلرَّجُلِ يأْتي الداهِيةَ أَيِ اخْرَسي يَا صَمامِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ لِلدَّاهِيَةِ: صَمِّي صَمامِ، مِثْلُ قَطامِ، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ أَيْ زِيدي؛ وأَنشد ابْنَ بَرِّيٍّ للأَسْود بْنِ يَعْفُر:
فَرَّتْ يَهُودُ وأَسْلَمَتْ جِيرانُها، ... صَمِّي، لِمَا فَعَلَتْ يَهُودُ، صَمَامِ
وَيُقَالُ: صَمِّي ابنةَ الْجَبَلِ، يَعْنِي الصَّدَى؛ يُضْرَبُ أَيضاً مَثَلًا لِلدَّاهِيَةِ الشَّدِيدَةِ كأَنه قيل له اخْرَسِي يَا دَاهِيَةُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ للحيَّةِ الَّتِي لَا تُجِيبُ الرَّاقِيَ صَمّاءُ، لأَن الرُّقى لَا تَنْفَعُهَا؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْحَرْبِ إِذَا اشتدَّت وسُفِك فِيهَا الدِّماءُ الكثيرةُ: صَمَّتْ حَصاةٌ بِدَم؛ يُرِيدُونَ أَن الدِّمَاءَ لَمَّا سُفِكت وَكَثُرَتِ اسْتَنْقَعَتْ فِي المَعْرَكة، فَلَوْ وَقَعَتْ حصاةٌ عَلَى الأَرض لَمْ يُسمع لَهَا صَوْتٌ لأَنها لَا تَقَعُ إِلَّا فِي نَجِيعٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى أَراد إِمرؤ الْقَيْسِ بِقَوْلِهِ صَمِّي ابنةَ الجبلِ، وَيُقَالُ: أَراد الصَّدَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ حَصاةٌ بدمٍ يَنبغي أَنْ يَكُونَ حَصَاةً بِدَمِي، بِالْيَاءِ؛ وبيتُ إِمرئ الْقَيْسِ بِكَمَالِهِ هُوَ:
بُدِّلْتُ مِنْ وائلٍ وكِنْدةَ عَدْوانَ ... وفَهْماً، صَمِّي ابنةَ الجَبَلِ
قَوْمٌ يُحاجُون بالبِهامِ وطنِسوان ... قِصار، كهَيْئةِ الحَجَلِ
الْمُحْكَمِ: صَمَّتْ حَصاةٌ بدمٍ أَيْ أَنَّ الدَّمَ كَثُرَ حَتَّى أُلْقيت فِيهِ الحَصاةُ فَلَمْ يُسْمَع لَهَا صَوْتٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لسَدُوسَ بِنْتِ ضباب:
__________
(2) . قوله [وَمِنْ أَمثالهم أَصم عَلَى جموح إلخ] المناسب أن يذكر بعد قوله: كَأَنَّهُ يُنَادَى فَلَا يَسْمَعُ كما هي عبارة المحكم(12/345)
إنِّي إِلَى كلِّ أَيْسارٍ ونادِبةٍ ... أَدْعُو حُبَيْشاً، كَمَا تُدْعى ابْنَةُ الجَبلِ
أَيْ أُنَوِّهُ كَمَا يُنَوَّهُ بابنةِ الْجَبَلِ، وَهِيَ الحيَّة، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ الْعَظِيمَةُ. يُقَالُ: صَمِّي صَمامِ، وصَمِّي ابْنةَ الْجَبَلِ. والصَّمَّاءُ: الداهيةُ؛ وَقَالَ:
صَمَّاءُ لَا يُبْرِئُها طُولُ الصَّمَمْ
أَيْ داهيةٌ عارُها باقٍ لَا تُبْرِئها الحوادثُ. وَقَالَ الأَصمعي فِي كِتَابِهِ فِي الأَمثال قَالَ: صَمِّي ابنةَ الْجَبَلِ، يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ الأَمر يُسْتَفْظَعُ. وَيُقَالُ: صَمَّ يَصَمُّ صَمَماً؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِابْنَةِ الْجَبَلِ الصَّدَى؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذَا لَقِيَ السَّفِيرَ بِهَا، وَقَالَا ... لَهَا: صَمِّي ابْنَةَ الجبلِ، السّفِيرُ
يَقُولُ: إِذَا لَقِي السفِيرُ السَّفِيرَ وَقَالَا لِهَذِهِ الدَّاهِيَةِ صَمِّي ابنةَ الْجَبَلِ، قَالَ: وَيُقَالُ إِنَّهَا صَخْرَةٌ، قَالَ: وَيُقَالُ صَمِّي صَمامِ؛ وَهَذَا مَثَلٌ إِذَا أَتَى بداهيةٍ. وَيُقَالُ: صَمَامِ صَمَامِ، وَذَلِكَ يُحْمَل عَلَى مَعْنَيَيْنِ: عَلَى مَعْنَى تَصامُّوا واسْكُتوا، وَعَلَى مَعْنَى احْمِلُوا عَلَى العدُوّ، والأَصَمُّ صفة غالبة؛ قال:
جَاؤُوا بِزُورَيْهمْ وجئْنا بالأَصَمْ
وَكَانُوا جاؤوا بِبعيرين فعَقَلوهما وَقَالُوا: لَا نَفِرُّ حَتَّى يَفِرَّ هَذَانِ. والأَصَمُّ أَيْضًا: عبدُ اللَّهِ بنُ رِبْعِيٍّ الدُّبَيْريّ؛ ذَكَرَهُ ابْنُ الأَعرابي. والصَّمَمُ فِي الحَجَر: الشِّدَّةُ، وَفِي القَناةِ الاكتِنازُ. وحَجرٌ أَصَمُّ: صُلْبٌ مُصْمَتٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ نَهَى عَنِ اشْتِمال الصّمَّاءِ
؛ قَالَ: هُوَ أَنْ يَتجلَّلَ الرجلُ بثوبْهِ وَلَا يرفعَ مِنْهُ جَانِبًا، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا صَمَّاء لأَنه إِذَا اشْتَمل بِهَا سَدَّ عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ المَنافذَ كلَّها، كأَنَّها لَا تَصِل إِلَى شَيْءٍ وَلَا يَصِل إِلَيْهَا شيءٌ كَالصَّخْرَةِ الصَّمّاء الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خَرْقٌ وَلَا صَدْع؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: اشْتِمال الصَّمَّاءِ أَنْ تُجلِّلَ جَسَدَك بتوبِك نَحْوَ شِمْلةِ الأَعْراب بأَكْسيَتِهم، وَهُوَ أَنْ يرُدَّ الكِساءَ مِنْ قِبَلِ يمينِه عَلَى يدهِ الْيُسْرَى وعاتِقِه الأَيسر، ثُمَّ يَرُدَّه ثَانِيَةً مِنْ خلفِه عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وعاتِقِه الأَيمن فيُغَطِّيَهما جَمِيعًا، وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدٍ أَن الفُقهاء يَقُولُونَ: هُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ بثوبٍ واحدٍ ويَتغَطَّى بِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ فيَضَعَه عَلَى مَنْكِبَيْهِ فيَبْدُوَ مِنْهُ فَرْجُه، فَإِذَا قُلْتَ اشْتَمل فلانٌ الصَّمَّاءَ كأَنك قُلْتَ اشْتَملَ الشِّمْلةَ الَّتِي تُعْرَف بِهَذَا الِاسْمِ، لأَن الصَّمَّاءَ ضَرْبٌ مِنَ الِاشْتِمَالِ. والصَّمَّانُ والصَّمَّانةُ: أرضٌ صُلْبة ذَاتُ حِجَارَةٍ إِلَى جَنْب رَمْل، وَقِيلَ: الصّمَّان موضعٌ إِلَى جَنْبِ رملِ عالِجٍ. والصَّمّانُ: موضعٌ بِعالِجٍ مِنْهُ، وَقِيلَ: الصَّمَّانُ أرضٌ غَلِيظَةٌ دُونَ الْجَبَلِ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ شَتَوْتُ الصَّمّانَ شَتْوَتَيْن، وَهِيَ أَرْضٌ فِيهَا غِلَظٌ وارْتفاعٌ، وَفِيهَا قِيعانٌ واسعةٌ وخَبَارَى تُنْبِت السِّدْر، عَذِيَةٌ ورِياضٌ مُعْشِبةٌ، وَإِذَا أَخصبت الصَّمَّانُ رَتَعَتِ العربُ جميعُها، وَكَانَتِ الصَّمَّانُ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ لِبَنِي حَنْظَلَةَ، والحَزْنُ لِبَنِي يَرْبُوع، والدَّهْناءُ لجَماعتهم، والصَّمَّانُ مُتَاخِمُ الدَّهْناء. وصَمَّه بِالْعَصَا: ضَرَبَه بِهَا. وصَمَّه بحجرٍ وصَمَّ رأْسَه بِالْعَصَا وَالْحَجَرِ وَنَحْوَهُ صَمّاً: ضَرَبَهُ. والصِّمَّةُ: الشجاعُ، وجَمْعُه صِمَمٌ. وَرَجُلٌ صِمَّةٌ: شُجَاعٌ. والصِّمُّ والصِّمَّةُ، بِالْكَسْرِ: مِنْ أَسماء الأَسد لِشَجَاعَتِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الصِّمُّ، بِالْكَسْرِ، مِنْ أَسْمَاءِ الأَسدِ والداهيةِ. والصِّمَّةُ: الرجلُ الشُّجَاعُ، والذكرُ مِنَ الْحَيَّاتِ، وَجَمْعُهُ صِمَمٌ؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ(12/346)
دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّة؛ وَقَوْلُ جَرِيرٌ:
سَعَرْتُ عَلَيْكَ الحَرْبَ تَغْلي قُدُورُها، ... فهَلَّا غَداةَ الصِّمَّتَيْن تُدِيمُها «1»
. أَراد بالصِّمَّتين أَبا دُرَيْدٍ وعَمَّه مالِكاً. وصَمَّمَ أَي عَضَّ ونَيَّب فَلَمْ يُرْسِلْ مَا عَضّ. وصَمَّمَ الحَيّةُ فِي عَضَّتِه: نَيَّبَ؛ قَالَ المُتَلمِّس:
فأَطْرَقَ إِطْراقَ الشُّجاعِ، وَلَوْ رَأَى ... مَساغاً لِنابَيْه الشُّجاعُ لَصَمَّما
وأَنشده بَعْضُ المتأَخرين مِنَ النَّحْوِيِّينَ: لِناباه؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا أَنشده الْفَرَّاءُ لِنَابَاهُ عَلَى اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ لِبَعْضِ الْعَرَبِ «2» . والصَّمِيمُ: العَظْمُ الَّذِي بِهِ قِوامُ العُضْو كصَميم الوَظِيف وصَميمِ الرأْس؛ وَبِهِ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: هُوَ مِنْ صَمِيم قَوْمِهِ إِذَا كَانَ مِنْ خالِصِهم، وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي ضِدِّه وَشِيظٌ لأَن الوَشِيظَ أَصغرُ مِنْهُ؛ وأَنشد الْكِسَائِيُّ:
بمَصْرَعِنا النُّعْمانَ، يَوْمَ تأَلَّبَتْ ... عَلَيْنَا تَميمٌ مِنْ شَظىً وصَمِيمِ
وصَمِيمُ كلِّ شَيْءٍ: بُنْكه وخالِصهُ. يُقَالُ: هُوَ فِي صَميم قَوْمِه. وصَميمُ الحرِّ وَالْبَرْدِ: شدّتُه. وصَميمُ القيظِ: أَشدُّه حَرًّا. وصَميمُ الشِّتَاءِ: أَشدُّه برْداً؛ قَالَ خُفَاف بْنُ نُدْبَةَ:
وإنْ تَكُ خَيْلي قَدْ أُصِيبَ صَمِيمُها، ... فعَمْداً عَلَى عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مَالِكًا
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَانَ صَميمَ خيلهِ يَوْمَئِذٍ مُعَاوِيَةُ أَخُو خَنْساء، قَتَلَهُ دُرَيْدٌ وَهَاشِمٌ ابْنا حرملةَ المُرِّيانِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده: إِنْ تكُ خَيْلِي، بِغَيْرِ وَاوٍ عَلَى الْخُرْمِ لأَنه أَول الْقَصِيدَةِ. وَرَجُلٌ صَمِيمٌ: مَحْضٌ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ والمؤنتُ. والتَّصْميمُ: المُضِيُّ فِي الأَمر. أَبو بَكْرٍ: صَمَّمَ فلانٌ عَلَى كَذَا أَي مَضَى عَلَى رأْيه بَعْدَ إِرادته. وصَمَّمَ فِي السَّيْرِ وَغَيْرِهِ أَيْ مَضَى؛ قَالَ حُمَيد بْنُ ثَوْر:
وحَصْحَصَ فِي صُمِّ القَنَا ثَفِناتِهِ، ... وناءَ بِسَلْمَى نَوْءةً ثُمَّ صَمَّما
وَيُقَالُ لِلضَّارِبِ بِالسَّيْفِ إِذَا أَصابَ الْعَظْمَ فأَنْفذ الضَّرِيبَةَ: قَدْ صَمَّمَ، فَهُوَ مُصَمِّم، فَإِذَا أَصاب المَفْصِل، فَهُوَ مُطَبِّقٌ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
يُصَمِّمُ أَحْياناً وحِيناً يُطَبِّقُ
أَراد أَنه يَضْرِب مرَّةً صَمِيمَ الْعَظْمِ ومَرَّةً يُصِيب المَفْصِل. والمُصَمِّمُ مِنَ السُّيوف: الَّذِي يَمُرُّ فِي العِظام، وَقَدْ صَمَّمَ وصَمْصَمَ. وصَمَّمَ السيفُ إِذَا مَضَى فِي الْعَظْمِ وقطَعَه، وَأَمَّا إِذَا أَصاب المَفْصِلَ وَقَطَعَهُ فَيُقَالُ طَبَّقَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَيْفًا:
يُصَمِّم أَحْياناً وَحِينًا يُطَبِّق
وسيفٌ صَمْصامٌ وصَمْصامةٌ: صارِمٌ لَا يَنْثَني؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
صَمْصامَةٌ ذَكَّرَهُ مُذَكِّرُهْ
إِنَّمَا ذَكَّرَه عَلَى مَعْنَى الصَّمْصامِ أَو السَّيْفِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: لَوْ وَضَعْتم الصَّمْصامةَ عَلَى رَقبَتي
؛ هِيَ السَّيْفُ الْقَاطِعُ، وَالْجَمْعُ صَماصِم. وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: تَرَدَّوْا بالصَّماصِم
أَي جعلوها لهم بمنزلة
__________
(1) . قوله [سعرت عليك إلخ] قال الصاغاني في التكملة: الرواية سعرنا
(2) . أي أَنه منصوب بالفتحة المقدرة على الأَلف للتعذر(12/347)
الأَرْدِية لحَمْلِهم لَهَا وحَمْلِ حَمائِلها عَلَى عَواتِقهم. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّمْصامَةُ اسمٌ للسيفِ الْقَاطِعِ والليلِ. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّمْصامُ والصَّمْصامةُ السيفُ الصارِمُ الَّذِي لَا يَنْثني؛ والصَّمْصامةُ: اسمُ سيفِ عَمْرو بن معديكرب، سَمَّاه بِذَلِكَ وَقَالَ حِينَ وَهَبَه:
خَليلٌ لمْ أَخُنْهُ وَلَمْ يَخُنِّي، ... عَلَى الصَّمْصامةِ السَّيْفِ السَّلامُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُ إِنشاده:
عَلَى الصَّمْصامةِ أَم سَيْفي سَلامِي «1»
. وَبَعْدَهُ:
خَليلٌ لَمْ أَهَبْهُ مِنْ قِلاهُ، ... ولكنَّ المَواهِبَ فِي الكِرامِ
«2» . حَبَوْتُ بِهِ كَريماً مِنْ قُرَيْشٍ، ... فَسُرَّ بِهِ وصِينَ عَنِ اللِّئامِ
يَقُولُ عَمْرٌو هَذِهِ الأَبياتَ لَمَّا أَهْدَى صَمْصامتَه لسَعِيد ابن الْعَاصِ؛ قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ صَمْصامة غيرَ مُنوّن مَعْرِفَةً للسَّيْف فَلَا يَصْرِفه إِذَا سَمَّى بِهِ سيْفاً بِعَيْنِهِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ:
تَصْميمَ صَمْصامةَ حينَ صَمَّما
ورجلٌ صَمَمٌ وصِمْصِمٌ وصَمْصامٌ وصَمْصامةٌ وصُمَصِمٌ وصُماصِمٌ: مُصَمِّمٌ، وَكَذَلِكَ الفَرَسُ، الذكرُ والأُنثى فِيهِ سواءٌ، وَقِيلَ: هُوَ الشديدُ الصُّلْبُ، وَقِيلَ: هُوَ المجتمعُ الخَلْق. أَبو عُبَيْدٍ: الصِّمْصِمُ، بِالْكَسْرِ، الغليظُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وقولُ عَبْد مَناف بْنِ رِبْع الهُذَليّ:
وَلَقَدْ أَتاكم مَا يَصُوبُ سُيوفَنا، ... بَعدَ الهَوادةِ، كلُّ أَحْمَرَ صِمْصِم
قَالَ: صِمْصِم غَلِيظٌ شَدِيدٌ. ابْنُ الأَعرابي: الصَّمْصَمُ البخيلُ النهايةُ فِي البُخْل. والصِّمْصِمُ مِنَ الرِّجَالِ: الْقَصِيرُ الْغَلِيظُ، وَيُقَالُ: هُوَ الجريءُ الماضي. والصِّمْصِةُ: الجماعةُ مِنَ النَّاسِ كالزِّمْزِمةِ؛ قَالَ:
وحالَ دُوني مِنَ الأَنْبارِ صِمْصِمةٌ، ... كَانُوا الأُنُوفَ وَكَانُوا الأَكرمِينَ أَبا
وَيُرْوَى: زِمْزِمة، قَالَ: وَلَيْسَ أَحدُ الْحَرْفَيْنِ بَدَلًا مِنْ صَاحِبِهِ لأَن الأَصمعي قَدْ أَثبتهما جَمِيعًا وَلَمْ يَجْعَلْ لأَحدِهما مَزِيَّةً عَلَى صاحبِه، وَالْجَمْعُ صِمْصِمٌ. النَّضْرُ: الصِّمْصِمةُ الأَكمَةُ الْغَلِيظَةُ الَّتِي كَادَتْ حِجَارَتُهَا أَن تكونُ مُنْتَصِبة. أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ صِفات الْخَيْلِ الصَّمَمُ، والأُنثى صَمَمةٌ، وَهُوَ الشديدُ الأَسْرِ المعْصُوبُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وغارةٍ، تَقْطَعُ الفَيافيَ، قَد ... حارَبْتُ فِيهَا بِصلْدِمٍ صَمَمِ
أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: والمُصَمِّمُ الجملُ الشديدُ؛ وأَنشد:
حَمَّلْتُ أَثْقالي مُصَمِّماتِها
والصَّمّاءُ مِنَ النُّوقِ: اللَّاقِحُ، وإبِلٌ صُمٌّ؛ قَالَ المَعْلُوطُ القُرَيْعيُّ:
وكانَ أَوابِيها وصُمُّ مَخاضِها، ... وشافِعةٌ أُمُّ الفِصالِ رَفُودُ
والصُّمَيْماءُ: نباتٌ شِبْه الغَرَزِ يَنْبت بنَجْدٍ في القِيعان.
__________
(1) . قوله [أَم سيفي] كذا بالأَصل والتكملة بياء بعد الفاء
(2) . قوله [من قلاه] الذي في التكملة: عن قلاه. وقوله [في الكرام] الذي فيها: للكرام(12/348)
صنم: الصَّنَمُ: معروفٌ واحدُ الأَصْنامِ، يقال: إِنَّهُ معرَّب شَمَنْ، وَهُوَ الوَثَن؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ يُنْحَتُ مِنْ خَشَبٍ ويُصَاغُ مِنْ فِضَّةٍ ونُحاسٍ، وَالْجَمْعُ أَصنام، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذكرُ الصَّنَمِ والأَصنام، وَهُوَ مَا اتُّخِذَ إِلهاً مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا كَانَ لَهُ جسمٌ أَو صُورَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جِسْمٌ أَو صُورَةٌ فَهُوَ وَثَن. وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الصَّنَمةُ والنَّصَمةُ الصُّورةُ الَّتِي تُعْبَد. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ
؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَا تَخِذُوهُ مِنْ آلهةٍ فَكَانَ غيرَ صُورةٍ فَهُوَ وَثَنٌ، فَإِذَا كَانَ لَهُ صُورَةٌ فَهُوَ صَنَمٌ، وَقِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَ الوَثَن والصنمِ أَن الوَثَنَ مَا كَانَ لَهُ جُثَّة مِنْ خَشَبٍ أَو حَجَرٍ أَو فِضَّةٍ يُنْحَت ويُعْبَد، وَالصَّنَمُ الصُّورَةُ بِلَا جُثَّةٍ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ جَعَلَ الوَثَنَ المنصوبَ صَنَمًا،
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنه قَالَ: لَمْ يَكُنْ حيٌّ مِنْ أَحْياءِ الْعَرَبِ إِلَّا وَلَهَا صنمٌ يَعْبُدُونَهَا يُسَمُّونَهَا أُنثى بَنِي فُلَانٍ
«1» ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً؛ والإِناث كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ مِثْلُ الخَشبة وَالْحِجَارَةِ، قَالَ: والصَّنَمةُ الداهيةُ؛ قَالَ الأَزهري: أَصلها صَلَمة. وَبَنُو صُنَيْم: بطنٌ.
صهم: الصَّيْهَمُ: الشديدُ؛ قَالَ:
فغَدَا عَلَى الرُّكْبانِ، غَيرَ مُهَلِّلٍ ... بِهِراوةٍ، شَكِسُ الخَلِيقةِ صَيْهَمُ
والصِّهْمِيمُ: السيدُ الشَّرِيفُ مِنَ النَّاسِ، وَمِنَ الإِبلِ الكريمُ. والصِّهْميمُ: الخالصُ فِي الخيرِ والشَّرِّ مثلُ الصَّمِيم؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْهَاءُ عِنْدِي زَائِدَةٌ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ للمُخَيِّس:
إنَّ تَمِيماً خُلِقَتْ مَلْموما ... مثلَ الصَّفا، لَا تَشْتَكي الكُلومَا
قَوْماً تَرى واحِدَهم صِهْمِيما، ... لَا راحِمَ الناسِ وَلَا مَرْحوما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ للمُخَيِّس الأَعرجيِّ، قَالَ: كَذَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً؛ فالسعيرُ مُذَكَّر ثُمَّ أَنَّثه فَقَالَ: إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:
إِنَّ تَمِيمًا خُلِقَتْ مَلْموما
فجمعَ وَهُوَ يُرِيدُ أَبا الْحَيِّ؛ ثُمَّ قَالَ فِي الْآخَرِ:
لَا راحِمَ الناسِ وَلَا مَرْحُوما
قَالَ: وَهَذَا الرَّجَزُ فِي رَجَزِ رُؤْبَةَ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ. الْجَوْهَرِيُّ: والصِّهْميمُ السَّيِءُ الخُلُقِ مِنَ الإِبل. والصِّهْميم: مِنْ نَعْت الإِبل فِي سُوء الخُلُقِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وخَبْط صِهْميمِ اليَدَيْنِ عَيْدَه
والصِّيَهْمُ: الجملُ الضخمُ. والصِّيَهْمُ: الَّذِي يَرْفع رأْسَه، وَقِيلَ: هُوَ العظيمُ الغليظُ، وَقِيلَ: هُوَ الجَيِّدُ البَضْعةِ، وَقِيلَ: هُوَ القصيرُ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الصِّيَهْمُ الشديدُ مِنَ الإِبل، وكلُّ صُلْبٍ شديدٍ فَهُوَ صِيَهْمٌ وصِيَمٌّ وكأَنَّ الصِّهْميمَ مِنْهُ؛ وَقَالَ مُزاحِم:
حَتَّى اتَّقَيْتَ صِيَهْماً لَا تُوَرِّعُه، ... مِثْلَ اتِّقاءِ القَعُودِ القَرْمَ بالذَّنَبِ
__________
(1) . قوله: ولها صنم يعبدونها: لعلَّه أنث الضمير العائد إلى الحيّ لأَنه في معنى القبيلة. وأنث الضمير العائد إلى الصنم لأَنه في معنى الصورة(12/349)
والصِّهْميمُ مِنَ الرِّجَالِ: الشجاعُ الَّذِي يَرْكَبُ رأْسَه لَا يَثْنِيه شَيْءٌ عمَّا يُريد ويَهْوَى. والصِّهْمِيمُ مِنَ الإِبل: الشديدُ النَّفْس الممتنعُ السيِءُ الخُلقِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَرْغُو، وسئلَ رَجُلٌ مِنْ أَهل الْبَادِيَةِ عَنِ الصِّهْميمِ فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَزُمُّ بأَنْفِه ويَخْبِطُ بيدَيْه ويَرْكُض بِرِجْلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ مُقبِل:
وقَرَّبوا كلَّ صِهْميمٍ مَناكِبهُ، ... إِذَا تَدَاكأَ مِنْهُ دَفْعُه شَنَفا
قَالَ يَعْقُوبُ: مَناكِبُه نَوَاحِيهِ، وتَداكأ تَدَافَعَ، وتَدافعُهُ سَيْرُه. وَرَجُلٌ صِيَهْمٌ وامرأَة صِيَهْمةٌ: وَهُوَ الضَّخْمُ والضخمةُ. ورجلٌ صِيَهْمٌ: ضخمٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
ومَلَّ صِيَهْمٌ ذُو كَرادِيس لَمْ يَكُنْ ... أَلُوفاً، وَلَا صَبّاً خِلافَ الرَّكائِبِ
ابْنُ الأَعرابي: إِذَا أَعطيت الكاهنَ أُجْرتَه فهو الحُلْوان والصِّهْميمُ.
صهتم: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: ابْنُ السِّكِّيتِ رَجُلٌ صَهْتمٌ شديدٌ عسِرٌ لَا يرتَدُّ وجْهُه، وَهُوَ مِثْلُ الصِّهْميم؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
فعَدا عَلَى الرُّكْبانِ، غيرَ مُهَلِّلٍ ... بِهراوةٍ، سَلِسِ الخَلِيقةِ، صَهْتَمُ «2»
. كَذَا وَجَدْتُهُ مَضْبُوطًا فِي التَّهْذِيبِ.
صوم: الصَّوْمُ: تَرْكُ الطعامِ والشَّرابِ والنِّكاحِ والكلامِ، صامَ يَصُوم صَوْماً وصِياماً واصْطامَ، وَرَجُلٌ صائمٌ وصَوْمٌ مِنْ قومٍ صُوَّامٍ وصُيّامٍ وصُوَّمٍ، بِالتَّشْدِيدِ، وصُيَّم، قَلَبُوا الْوَاوَ لِقُرْبِهَا مِنَ الطَّرَفِ؛ وصِيَّمٍ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، كَسَرُوا لِمَكَانِ الْيَاءِ، وصِيَامٍ وصَيَامى، الأَخير نَادِرٌ، وصَوْمٍ وَهُوَ اسمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: هُوَ جمعُ صائمٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ صَمْتاً، ويُقوِّيه قولهُ تَعَالَى: فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لَهُ إِلَّا الصَّومَ فَإِنَّهُ لِي
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِنَّمَا خَصَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الصَّومَ بأَنه لَهُ وَهُوَ يَجْزِي بِهِ، وإنْ كَانَتْ أَعمالُ البِرِّ كلُّها لَهُ وَهُوَ يَجْزِي بِهَا، لأَن الصَّوْمَ لَيْسَ يَظْهَرُ مِنِ ابنِ آدمَ بلسانٍ وَلَا فِعْلٍ فتَكْتُبه الحَفَظَةُ، إِنَّمَا هُوَ نِيَّةٌ فِي الْقَلْبِ وإمْساكٌ عَنْ حَرَكَةِ المَطْعَم والمَشْرَب، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: فَأَنَا أَتوَلَّى جَزَاءَهُ عَلَى مَا أُحِبُّ مِنَ التَّضْعِيفِ وَلَيْسَ عَلَى كتابٍ كُتِبَ لَهُ، وَلِهَذَا
قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ فِي الصَّوْمِ رِياءٌ
، قَالَ: وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنة: الصَّوْمُ هُو الصَّبْرُ، يَصْبِرُ الإِنسانُ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالنِّكَاحِ، ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
صَوْمُكُمْ يومَ تَصُومون
أَي أَن الخَطأَ مَوْضُوعٌ عَنِ النَّاسِ فِيمَا كَانَ سبيلُه الاجتهادَ، فَلو أنَّ قَوْمًا اجتهدُوا فَلَمْ يَرَوا الهِلال إِلَّا بعدَ الثَّلَاثِينَ وَلَمْ يُفْطِروا حَتَّى اسْتَوْفَوا العددَ، ثُمَّ ثَبَت أَن الشهرَ كَانَ تِسْعاً وَعِشْرِينَ فَإِنَّ صَوْمَهم وفطْرهم ماضٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ إثْم أَو قضاءٍ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَجِّ إذا أَخطؤُوا يومَ عَرفة وَالْعِيدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سُئِلَ عمَّنْ يَصُومُ الدهرَ فَقَالَ: لَا صامَ وَلَا أَفْطَرَ
أَي لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى؛ وهو
__________
(2) . قوله [فعدا على الركبان إلخ] أنشده في المادة التي قبل هذه: فغدا بالغين المعجمة وشكس بالشين المعجمة والكاف تبعاً للمحكم، وأنشده الأَزهري هنا فعدا بالعين المهملة وسلس بسين مهملة فلام، ثم قال: أراد غير مهلل سلس انتهى. وأنشده الصاغاني في التكملة كالتهذيب لكن على أن صهتماً اسم رجل(12/350)
إحْباطٌ لأَجْرِه عَلَى صَوْمِه حَيْثُ خَالَفَ السنَّةَ، وَقِيلَ: هُوَ دُعاءٌ عَلَيْهِ كراهِيةً لصنيعهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإنِ امْرُؤٌ قاتَلَهُ أَو شاتَمه فَلْيَقُلْ إِنِّي صائمٌ
؛ مَعْنَاهُ أَنْ يَرُدَّه بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ ليَنْكَفَّ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقُولَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ ويُذَكِّرَها بِهِ فَلَا يَخُوضَ مَعَهُ وَلَا يُكافِئَه عَلَى شَتْمِه فَيُفْسِدَ صَوْمَه ويُحْبِطَ أَجْرَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا دُعِيَ أَحدُكم إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صائمٌ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ
؛ يُعَرِّفُهم بِذَلِكَ لِئَلَّا يُكْرِهُوه عَلَى الأَكل أَو لِئَلَّا تَضِيقَ صدورُهم بِامْتِنَاعِهِ مِنَ الأَكل. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ مَاتَ وَهُوَ صائمٌ فلْيَصُمْ عَنْهُ وَليُّه.
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ بظاهرِه قومٌ مِنْ أَصحاب الْحَدِيثِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، وحَمَلَه أَكثرُ الفقهاء على الكفَّارة وعَبَّر عنها بالصوم إذ كَانَتْ تُلازِمُه. وَيُقَالُ: رجلٌ صَوْمٌ ورجُلانِ صَوْمٌ وَقَوْمٌ صَوْمٌ وامرأَة صَوْمٌ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ لأَنه نَعْتٌ بِالْمَصْدَرِ، وَتَلْخِيصُهُ رجلٌ ذُو صَوْمٍ وقوْم ذُو صَوْمٍ وامرأَة ذاتُ صَوْمٍ. وَرَجُلٌ صَوَّامٌ قَوَّامٌ إِذَا كَانَ يَصُوم النهارَ ويقومُ الليلَ، ورجالٌ ونِساءٌ صُوَّمٌ وصُيَّمٌ وصُوَّامٌ وصُيَّامٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: أَقمتُ بِالْبَصْرَةِ صَوْمَينِ أَيْ رَمضانينِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ صَوْمانُ أَيْ صائمٌ. وصامَ الفرسُ صَوْماً أَيْ قَامَ عَلَى غَيْرِ اعْتلافٍ. الْمُحْكَمُ: وصامَ الفرَسُ عَلَى آرِيِّه صَوْماً وصِياماً إِذَا لَمْ يَعْتَلِفْ، وَقِيلَ: الصائمُ مِنَ الْخَيْلِ القائمُ الساكنُ الَّذِي لَا يَطْعَم شَيْئًا؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبياني:
خَيْلٌ صِيامٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ، ... تحتَ العَجاجِ، وأُخرى تَعْلُكُ اللُّجُما
الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ صَوَنَ: الصائِنُ مِنَ الْخَيْلِ القائمُ عَلَى طرَفِ حافِره مِنَ الحَفاء، وَأَمَّا الصائمُ فَهُوَ القائمُ عَلَى قَوَائِمِهِ الأَربع مِنْ غَيْرِ حَفاء. التَّهْذِيبُ: الصَّوْمُ فِي اللُّغَةِ الإِمساكُ عَنِ الشَّيْءِ والتَّرْكُ لَهُ، وَقِيلَ لِلصَّائِمِ صائمٌ لإِمْساكِه عَنِ المَطْعَم والمَشْرَب والمَنْكَح، وَقِيلَ لِلصَّامِتِ صَائِمٌ لإِمساكه عَنِ الْكَلَامِ، وَقِيلَ لِلْفَرَسِ صَائِمٌ لإِمساكه عَنِ العَلَفِ مَعَ قيامِه. والصَّوْمُ: تَرْكُ الأَكل. قَالَ الْخَلِيلُ: والصَّوْمُ قيامٌ بِلَا عَمَلٍ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: كلُّ مُمْسكٍ عَنْ طعامٍ أَو كلامٍ أَو سيرٍ فَهُوَ صائمٌ. والصَّوْمُ: البِيعةُ. ومَصامُ الفرسِ ومَصامَتُه: مَقامُه ومَوْقِفُه؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأنَّ الثُّرَيّا عُلِّقَتْ فِي مَصامِها، ... بأمْراسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْدَلِ
ومَصَامُ النَّجْمِ: مُعَلَّقُه. وصامَتِ الريحُ: رَكَدَتْ. والصَّوْمُ: رُكُودُ الريحِ. وصامَ النهارُ صَوماً إِذَا اعْتَدَلَ وقامَ قائمُ الظَّهِيرَةِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ.
فدَعْها، وسَلِّ الهَمَّ عنْكَ بِجَسْرةٍ ... ذَمُولٍ، إِذَا صامَ النهارُ، وهَجَّرا
وصامَت الشمسُ: اسْتَوَتْ. التَّهْذِيبُ: وصامَت الشمسُ عِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ إِذَا قَامَتْ وَلَمْ تَبْرَحْ مكانَها. وبَكْرةٌ صائمةٌ إِذَا قَامَتْ فَلَمْ تَدُرْ؛ قَالَ الرَّاجِزِ:
شَرُّ الدِّلاءِ الوَلْغَةُ المُلازِمَهْ، ... والبَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمهْ
يَعْنِي الَّتِي لَا تَدُورُ. وصامَ النَّعامُ إِذَا رَمَى بِذَرْقِه وَهُوَ صَوْمُه. الْمُحْكَمُ: صامَ النعامُ صَوْماً أَلْقَى مَا فِي بَطْنِهِ. والصَّوْمُ: عُرَّةُ النَّعامِ، وَهُوَ مَا يَرْمي بِهِ مِنَ دُبُرِه. وصامَ الرجلُ إِذَا تَظَلَّلَ بالصَّوْمِ، وَهُوَ شجرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والصَّوْمُ: شجرٌ عَلَى(12/351)
شَكْل شَخْصِ الإِنسانِ كرِيهُ المَنْظَر جِدّاً، يُقَالُ لِثَمرِه رؤُوس الشَّيَاطِينِ، يُعْنى بِالشَّيَاطِينِ الحَيّاتُ، وَلَيْسَ لَهُ وَرَقٌ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: للصَّوْم هَدَبٌ وَلَا تَنْتَشِرُ أَفْنانُه ينْبُتُ نباتَ الأَثْل وَلَا يَطُولُ طُولَه، وأكثرُ مَنابِته بلادُ بَنِي شَبابة؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
مُوَكَّلٌ بشُدوفِ الصَّوْمِ يَرْقُبُها، ... مِنَ المَناظِر، مَخْطوفُ الحَشَا زَرِمُ
شُدُوفُه: شُخوصُه، يَقُولُ: يَرْقُبها مِنَ الرُّعْبِ يَحْسَبُها نَاسًا، واحدتُه صَوْمة. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّوْمُ شجرٌ فِي لُغَةِ هُذَيْل، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي قَوْلَ سَاعِدَةَ:
موكَّل بِشُدُوفِ الصَّوْمِ يُبْصِرُهَا، ... مِنَ الْمَعَازِبِ، مخطوفُ الحَشَا زَرِمُ
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: مِنَ المَعازب مِنْ حَيْثُ يَعْزُبُ عَنْهُ الشَّيْءُ أَي يَتَبَاعَدُ، ومخطوفُ الحَشا: ضامِرُه، وزَرِم: لَا يَثْبُتُ فِي مَكَانٍ، والشُّدُوفُ: الأَشخاص، وَاحِدُهَا شَدَفٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وصَوامٌ جَبَلٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بمُسْتَهْطِعٍ رَسْلٍ، كأَنَّ جَدِيلَه ... بقَيْدُومِ رعْنٍ مِنْ صَوامٍ مُمَنَّع
صِيمَ: الصِّيَمُّ: الصُّلْبُ الشَّدِيدُ المجتمعُ الخَلْقِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
فصل الظاء المعجمة
ضبثم: ضَبْثَمٌ: مِنْ أَسماء الأَسد.
ضبرم: الضُّبارِمُ، بِالضَّمِّ: الشديدُ الخَلْق مِنَ الأُسْد. الضُّبارِمُ والضُّبارِمةُ: الأَسد الوَثيق. والضُّبارِمُ والضُّبارِمةُ: الجريءُ عَلَى الأَعْداء، وَهُوَ ثُلَاثِيٌّ عِنْدَ الْخَلِيلِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للأَسد ضُبارِمٌ وضُبارِك، وَهُمَا مِنَ الرجال الشجاع.
ضثم: الضَّيْثَمُ: مِنْ أَسماء الأَسد، فَيْعَل مِنْ ضَثَم. الْجَوْهَرِيُّ: الضَّيْثَمُ الأَسدُ مِثْلُ الضَّيْغَم، أُبدِلَ غَيْنُه ثَاءً، وَفِي أَصحاب الِاشْتِقَاقِ مَنْ يقول: هو الضَّبْثمُ، بِالْبَاءِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع ضَيْثَم فِي أَسماء الأَسد، بِالْيَاءِ، وَقَدْ سَمِعْتُ ضَبْثَم، بِالْبَاءِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، أَصْلُهُ مِنَ الضَّبْث، وَهُوَ القَبْضُ عَلَى الشَّيْءِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
ضجم: الضَّجَمُ: العِوَجُ: اللَّيْثُ: الضَّجَم عِوَجٌ فِي الأَنف يَميل إِلَى أَحَدِ شِقَّيه. الْجَوْهَرِيُ: الضَّجَمُ أَن يميلَ الأَنفُ إِلَى أَحد جَانِبَيِ الوجْه. والضَّجَمُ أَيضاً: اعْوِجاجُ أَحد المَنْكِبَين. والمُتَضاجِمُ: المعْوَجُّ الْفَمِ؛ وَقَالَ الأَخطل:
جزَى اللَّهُ عَنَّا الأَعْوَرَيْنِ مَلامةً، ... وَفَرْوَة ثَفْرَ النَّوْرةِ المُتَضاجِمِ
وفَرْوةُ: اسمُ رَجُلٍ. الْمُحْكَمُ: الضَّجَمُ عِوَجٌ فِي خَطْم الظَّلِيم، وَرُبَّمَا كَانَ مَعَ الأَنفِ أَيضاً فِي الفَمِ وَفِي العُنُق مَيَلٌ يُسمّى ضَجَماً، والنعتُ أَضْجَمُ وضَجماءُ. والضَّجَمُ: عِوجٌ فِي الفمِ ومَيَلٌ فِي الشِّدْق، وَقَدْ يَكُونُ عِوَجاً فِي الشفةِ والذقَنِ والعُنُق إِلَى أَحد شِقَّيْه، ضَجِمَ ضَجَماً وَهُوَ أَضْجَم؛ وَقَدْ يَكُونُ الضَّجَم عِوَجاً فِي الْبِئْرِ وَالْجِرَاحَةِ كَقَوْلِ الْعَجَّاجِ:
عَنْ قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَنْ سَبَرْ
يَصِف الجِراحات فشبَّهها فِي سَعتِها بِالْآبَارِ المُعْوَجَّة الجِيلان؛ وَقَالَ الْقَطَامِيُّ يَصِفُ جِرَاحَةً:(12/352)
إِذَا الطَّبِيبُ بِمِحْرافَيْه عالَجَها، ... زادَتْ عَلَى النَّفْرِ أَو تحْريكِه ضَجَما
النَّفْرُ: الوَرَم، وَقِيلَ: خروجُ الدَّمِ. وقَليبٌ أضْجَمُ إِذَا كَانَ فِي جالِها عِوَجٌ. وَقَالُوا: الأَسماء تَضاجَمُ أَيْ تختلفُ، وَهُوَ مِمَّا تَقَدَّمَ. وتضاجَمَ الأَمرُ بَيْنَهُمْ إِذَا اخْتَلَفَ. ابْنُ الأَعرابي: الضَّجِمُ والجُراضِمةُ مِنَ الرِّجَالِ الكثيرُ الأَكلِ، وَهُوَ الجُرامِضةُ أَيضاً. والضُّجْمةُ: دُوَيْبَّة مُنْتِنة الرَّائِحَةِ تَلْسَع. وضُبَيْعةُ أَضْجَمَ: قبيلةٌ مِنَ الْعَرَبِ نُسِبَت إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: قبيلةٌ فِي ربيعةَ مَعْرُوفَةٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَضْجَمُ هُوَ ضُبَيْعة بْنُ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، فَجَعَلَ أَضجم هُوَ ضُبَيْعة نفْسه، فَعَلَى هَذَا لَا تَصِحُّ إِضَافَةُ ضُبَيعة إِلَيْهِ لأَن الشَّيْءَ لَا يُضاف إِلَى نفْسه، قَالَ: وَعِنْدِي أَن اسمَه ضُبَيعة وَلَقَبَهُ أَضْجَم، وَكِلَا الِاسْمَيْنِ مُفْرَدٌ، وَالْمُفْرَدُ إِذَا لُقِّبَ بِالْمُفْرَدِ أُضيف إِلَيْهِ كَقَوْلِكَ قَيْسُ قُفَّة وَنَحْوِهِ، فَعَلَى هَذَا تَصِحُّ الإِضافة.
ضجعم: ضَجْعَمٌ: أَبو بَطْنٍ مِنَ الْعَرَبِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ضَجْعَمٌ مِنْ وَلدِ سَلِيح وأَولاده الضَّجاعِمة كَانُوا مُلوكاً بِالشَّامِ، زَادُوا الْهَاءَ لِمَعْنَى النَّسَبِ كَأَنَّهُمْ أَرادوا الضَّجْعَمِيُّون.
ضخم: الضَّخْمُ: الغليظُ مِنْ كُلِّ شيءٍ. والضُّخامُ، بِالضَّمِّ: العظيمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ العظيمُ الجِرْم الكثيرُ اللحْمِ، وَالْجَمْعُ ضِخامٌ، بِالْكَسْرِ، والأُنثى ضَخْمة، وَالْجَمْعُ ضَخْماتٌ، سَاكِنَةُ الْخَاءِ لأَنه صِفَةٌ، وَإِنَّمَا يُحَرَّك إِذَا كَانَ اسْمًا مِثْلَ جَفَنات وتَمَرات. وَفِي التَّهْذِيبِ: والأَسماء تُجْمَع على فَعَلات نحو شَرْبة وشَرَبات وقَرْية وقَرَيات وَتَمْرَةٍ وتَمَرات، وبناتُ الْوَاوِ فِي الأَسماء تُجْمع عَلَى فعْلات نَحْوَ جَوْزة وجَوْزات، لأَنه إِنْ ثُقِّل صَارَتِ الْوَاوُ أَلِفاً، فتُرِكَت الْوَاوُ عَلَى حالِها كَرَاهَةَ الِالْتِبَاسِ، قَالَ: ويُسْتعار فَيُقَالُ أَمرٌ ضَخْمٌ وشأنٌ ضَخْمٌ. وطريقٌ ضَخْمٌ: واسعٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَدْ ضَخُمَ الشيءُ ضِخَماً وضَخامةً وَهَذَا أَضخم مِنْهُ، وَقَدْ شُدِّد فِي الشِّعْرِ لأَنهم إِذَا وَقَفُوا عَلَى اسْمٍ شدَّدُوا آخِرَهُ إِذَا كَانَ مَا قَبْلَهُ مُتَحَرِّكًا كالأَضْخَمّ والضِّخَمّ والإِضْخَمّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِ رؤبة:
ضَخْم يُحِبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمّا
فَعَلَى أَنه وَقَفَ عَلَى الأَضْخَمِّ، بِالتَّشْدِيدِ، كَلُغَةِ مَنْ قَالَ رَأَيْتُ الحَجَرْ، وَهَذَا محمدْ وعامِرْ وجَعْفَرْ، ثُمَّ احْتَاجَ فأَجراه فِي الْوَصْلِ مُجْراه فِي الْوَقْفِ، وَإِنَّمَا اعْتَدَّ بِهِ سِيبَوَيْهِ ضَرُورَةً لأَن أَفْعَلًا مُشدَّداً عَدَمٌ فِي الصِّفَاتِ والأَسماء، وأَما قَوْلُهُ: ويرْوى الإِضْخَمَّا فَلَيْسَ مُوَجهاً عَلَى الضَّرُورَةِ، لأَن إفْعَلًّا موجودٌ فِي الصِّفَاتِ وَقَدْ أَثبته هُوَ فَقَالَ: إرْزَبٌّ صفةٌ، مَعَ أَنه لَوْ وَجَّهَه عَلَى الضَّرُورَةِ لتَناقَضَ، لأَنه قَدْ أَثبت أَن إفْعَلًا مخفَّفاً عدَمٌ فِي الصِّفَاتِ، وَلَا يَتَوَجَّه هَذَا عَلَى الضَّرُورَةِ، إلَّا أَن تُثْبِت إفْعَلًا مُخَفَّفًا فِي الصِّفَاتِ، وَذَلِكَ مَا قَدْ نَفاه هُوَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ويُرْوى الضِّخَمّا، لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الضَّرُورَةِ، لأَن فِعَلًا موجودٌ فِي الصِّفَةِ وَقَدْ أَثبته هُوَ فَقَالَ: والصِّفةٌ خِدَبٌّ، مَعَ أَنه لَوْ وَجَّهَهُ عَلَى الضَّرُورَةِ لَتناقَضَ، لأَن هَذَا إِنَّمَا يَتَّجِهُ عَلَى أَن فِي الصِّفَاتِ فِعَلًا، وَقَدْ نَفَاهُ أَيضاً إِلًّا فِي المعتلِّ وَهُوَ قَوْلُهُمْ: مكانٌ سِوىً، فَثَبَتَ مِنْ ذَلِكَ أَن الشَّاعِرَ لَوْ قَالَ الإِضْخَمّا والضِّخَمّا كَانَ أَحْسَنَ، لأَنهما لَا يَتَّجِهان عَلَى الضَّرُورَةِ، لَكِنْ سِيبَوَيْهِ أشعَرك أَنه قَدْ سَمِعه عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ، قَالَ:(12/353)
والأَضْخَمُّ، بِالْفَتْحِ، عِنْدِي فِي هَذَا الْبَيْتِ عَلَى أَفْعَلَ المُقْتضِيةِ للمُفاضَلة، وأَن اللامَ فِيهَا عَقِيبُ مِنْ، وَذَلِكَ أَذْهَبُ فِي الْمَدْحِ، وَلِذَلِكَ احْتَمَلَ الضَّرُورَةَ لأَن أَخَوَيْه لَا مُفاضَلَة فِيهِمَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قولُ أَهلِ اللُّغَةِ شيءٌ أَضخَمُ فَالَّذِي أَتَصَوَّرُه فِي ذَلِكَ أَنهم لَمْ يَشْعُروا بالمُفاضلةِ فِي هَذَا الْبَيْتِ، فَجَعَلُوهُ مِنْ بَابِ أَحْمَر، قَالَ: ويدلُّك عَلَى المُفاضَلة أَنهم لَمْ يَجِيئُوا بِهِ فِي بَيْتٍ وَلَا مَثَلٍ مُجَرَّداً من اللام فيما علمناه مِنْ مَشْهُورِ أَشعارهم، عَلَى أَن الَّذِي حَكَاهُ أَهل اللُّغَةِ لَا يَمْتَنِعُ، فَإِنْ قُلْتَ: فَإِنَّ لِلشَّاعِرِ أَن يَقُولَ الأَضْخَمَ مُخَفَّفًا، قِيلَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ لأَن الْقِطْعَةَ مِنْ مَكْشوفِ مَشْطورِ السَّرِيعِ، والشَّطْرُ عَلَى مَا قُلْتَ أَنت مِنَ الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْهُ وَذَلِكَ مُسَدَّسٌ؛ وَبَيْتُهُ:
هاجَ الْهَوَى رَسْمٌ بذاتِ الغَضى، ... مُخْلَوْلِقٌ مُسْتَعْجِمٌ مُحْوِلُ
فَإِنْ قُلْتَ: فَإِنَّ هَذَا قَدْ يَجُوزُ عَلَى أَن تَطْوي مَفْعُولُنْ وتنقُلَه فِي التَّقْطِيعِ إِلَى فَاعِلُنْ، قِيلَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي هَذَا الضَّرْبِ لأَنه لا يَجْتَمِعُ فِيهِ الطَّيُّ وَالْكَشْفُ، وَقَوْلُ الأَخفش فِي ضِخَمّا: وَهَذَا أَشدُّ لأَنه حَرَّكَ الْخَاءَ وَثَقَّلَ الْمِيمَ، يُرِيدُ أَنه غيَّر بِنَاءَ ضَخْم، وَهَذَا التَّحْرِيفُ كثيرٌ عَنْهُمْ فاشٍ مَعَ الضَّرُورَةِ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِ الزَّفَيان:
بِسَبْحَلِ الدَّفَّيْنِ عَيْسَجُور
أَراد سِبَحْل كَقَوْلِ الْمَرْأَةِ لِبِنْتِها: سِبَحْلة رِبَحْلة تَنْمي نَباتَ النَّخْلة. وَهَذَا الْبَيْتُ الَّذِي أَنشده سِيبَوَيْهِ لِرُؤْبَةَ أَوْرَدَهُ ابنُ سِيدَهْ والجوهريُّ وغيرُهما:
ضَخْمٌ يُحِبُّ الخُلُق الأَضْخمَّا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ ضَخْماً، بِالنَّصْبِ، لأَن قَبْلَهُ:
ثمَّتَ حيثُ حَيَّةٌ أَصَمَّا
والأُضْخُومةُ: عُظَّامةُ المرأةِ وَهِيَ الثَّوْبُ تَشُدُّه الْمَرْأَةُ عَلَى عَجِيزَتِهَا لتُظَنَّ أَنها عَجْزاء. والمِضْخَمُ: الشديدُ الصَّدْمِ والضَّرْبِ. والمِضْخَمُ: السَّيِّدُ الضَّخْمُ الشريفُ. والضِّخَمَّةُ: العَرِيضةُ الأَرِيضةُ الناعِمةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِعَائِذِ بْنِ سَعْدٍ العَنْبريّ يَصِفُ وِرْدَ إبِله:
حُمْراً، كأَنَّ خاضِباً مِنْهَا خَضَبْ ... ذُرَى ضِخَمَّاتٍ، كأَشْباه الرُّطَبْ
وَبَنُو عَبْدِ بْنِ ضَخْمٍ: قبيلةٌ مِنَ العرَبِ العارِبة دَرَجُوا.
ضرم: الضَّرَمُ: مَصْدَرُ ضَرِمَ ضَرَماً. وضَرِمَت النارُ وتَضَرَّمَتْ واضْطَرَمَت: اشْتَعَلَتْ والْتَهَبَتْ، واضْطَرَمَ مَشِيبهُ كَمَا قَالُوا اشْتَعَلَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَأَنْشَدَ:
وَفِي الْفَتى، بَعْدَ المَشِيب المُضْطَرِمْ، ... مَنافِعٌ ومَلْبَسٌ لِمَنْ سَلِمْ
وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وأَضْرَمْتُ النارَ فاضْطَرَمَتْ وضَرَّمْتها فضَرِمَتْ وتَضرَّمَتْ: شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وتَضْرَ، إِذَا ضَرَّيْتُموها فَتضْرَم «3»
. واسْتَضْرَمْتُها: أَوْقَدْتُها؛ وأَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
حِرْمِيَّةٌ لَمْ يَخْتَبِزْ أَهْلُها ... فَثّاً، وَلَمْ تَسْتَضْرِمِ العَرْفَجا
__________
(3) . وصدر البيت:
مَتَّى تَبْعَثُوهَا تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً(12/354)
اللَّيْثُ: والضَّرِيمُ اسمٌ للحَريق؛ وأَنشد:
شَدّاً كَمَا تُشَيِّعُ الضَّرِيما
شَبَّهَ حفيفَ شدِّه بحَفيفِ النارِ إِذَا شَيَّعْتَها بالحطَبِ أَيْ أَلْقَيْتَ عَلَيْهَا مَا تُذَكِّيها بِهِ؛ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الأَصمعي. وَفِي حَدِيثِ الأُخدود:
فأمَرَ بالأَخادِيدِ وأَضْرَمَ فِيهَا النِّيرانَ
، وَقِيلَ: الضَّريم كُلُّ شيءٍ أَضْرَمْتَ بِهِ النَّارَ. التَّهْذِيبَ: الضَّرَمُ مِنَ الْحَطَبِ مَا التهبَ سَرِيعًا، والواحدةُ ضَرَمَةٌ. والضِّرامُ: مَا دَقَّ مِنَ الحَطَبِ وَلَمْ يَكُنْ جَزْلًا تُثْقَبُ بِهِ النارُ، الْوَاحِدُ ضَرَمٌ وضَرَمَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي مَرْيَمَ:
أَرَى خَلَلَ الرَّمادِ وَمِيضَ جَمْرٍ، ... أُحاذِرُ أَن يَشِبَّ لَهُ ضِرَامُ
الْجَوْهَرِيُّ؛: الضِّرامُ اشتِعالُ النارِ فِي الحَلْفاءِ ونحْوها. والضِّرامُ أَيضاً: دُقاق الحَطبِ الَّذِي يُسْرعُ اشْتِعالُ النَّارِ فِيهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِيهِ:
ولكِنْ بِهاتِيكِ البِقاعِ فأَوْقدِي ... بجَزْلٍ، إِذَا أَوْقَدْتِ، لَا بِضرامِ «1»
. والضَّرَمةُ: السَّعَفةُ والشِّيحةُ فِي طَرَفِها نارٌ. والضِّرامُ والضِّرامةُ: مَا اشْتَعَلَ مِنَ الحَطَب، وَقِيلَ: الضِّرامُ جمعُ ضِرَامةٍ. والضِّرامُ أَيضاً مِنَ الْحَطَبِ: مَا ضَعُفَ ولانَ كالعرْفَج فَمَا دُونَه، والجَزْل: مَا غلُظ واشْتَدّ كالرِّمْثِ فَمَا فَوْقَه، وَقِيلَ: الضِّرامُ مِنَ الْحَطَبِ كلُّ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ جَمْرٌ، والجَزْلُ مَا كَانَ لَهُ جَمْرٌ. والضَّرَمةُ: الجَمرةُ، وَقِيلَ: هِيَ النارُ نفسُها، وَقِيلَ: هِيَ مَا دَقَّ مِنَ الحَطَب. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاللَّهِ لَوَدَّ مُعاويةُ أَنه مَا بَقِيَ مِنْ بَنِي هاشمٍ نافِخُ ضَرَمةٍ
؛ هِيَ بِالتَّحْرِيكِ النارُ، وَهَذَا يُقَالُ عِنْدَ المُبالَغة فِي الْهَلَاكِ لأَن الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ يَنْفُخانِ النَّارَ. وأَضْرَمَ النارَ إِذَا أَوْقدَها. وَمَا بالدارِ نافخُ ضَرَمةٍ أَيْ مَا بِهَا أَحدٌ، والجمعُ ضَرَمٌ؛ قَالَ طُفَيْل:
كأَنَّ، عَلَى أَعْرافِهِ ولجامِهِ، ... سَنَا ضَرَمٍ مِنْ عَرْفَجٍ مُتَلَهِّب
قَالَ ثَعْلَبٌ: يَقُولُ مِنْ خِفَّةِ الجَرْي كأَنَّه يَضْطَرِمُ مِثْلَ النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ أَشْقَرُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للمُتَلَمِّس:
وقَدْ أَلاحَ سُهَيْلٌ، بَعْدَ مَا هَجَعُوا، ... كأَنَّه ضَرَمٌ بالكَفِّ مَقْبُوسُ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ قَيْسُ ابنُ أَبي حَازِمٍ كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْنَا وكأَنَّ لِحْيَتهُ ضِرامُ عَرْفَجٍ
؛ الضِّرامُ: لَهَبُ النارِ شُبِّهتْ بِهِ لأَنه كَانَ يَخْضِبُها بالحِنَّاء. والضَّرَمُ: شدَّةُ العَدْوِ. وَيُقَالُ: فرسٌ ضَرِمٌ شديدُ العَدْوِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
ضَرِمِ الرَّقاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ
والضَّرْيَمُ: الحَريقُ نَفْسُه؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والضَّرَمُ: غضَبُ الْجُوعِ. وضَرِمَ عَلَيْهِ ضَرَماً وتَضَرَّمَ: تَحَرَّقَ. وضَرِمَ الشيءُ، بِالْكَسْرِ: اشْتَدَّ حرُّه. يُقَالُ: ضَرِمَ الرجلُ إِذَا اشْتَدَّ جوعُه. أَبو زَيْدٍ: ضَرِمَ فلانٌ فِي الطَّعامِ ضَرَماً إِذَا جَدَّ فِي أَكْله لَا يَدْفَع مِنْهُ شَيْئًا. وَيُقَالُ: ضَرِمَ عَلَيْهِ وتَضَرَّمَ إِذَا احْتَدَّ غَضَباً. وتضَرَّمَ عَلَيْهِ: غَضِبَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: المُضْطَرِمُ المُغْتَلِمُ مِنَ الْجِمَالِ تراه
__________
(1) . قوله [ولكن بهاتيك البقاع] أنشده في الأَساس: ولكن بهذاك اليفاع، بمثناة تحتية ففاء(12/355)
كأَنه حُسْحِسَ بِالنَّارِ، وَقَدْ أَضْرَمَتْه الغُلْمةُ. وضَرِمَ الفَرسُ فِي عَدْوِه ضَرَماً، فَهُوَ ضارِمٌ، واضْطَرمَ: وَذَلِكَ فَوْقَ الإِلْهابِ. وضَرِمَ الأَسَدُ إِذَا اشْتدَّ حَرُّ جوْفِه مِنَ الْجُوعِ، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْءٍ اشْتَدَّ جُوعُه مِنَ اللَّواحِم. والضَّرِمُ: الجائعُ. واسْتَضْرَمَتِ الحَبّةُ: سَمِنَتْ وبَلَغَتْ أَنْ تُشْوى. والضِّرْمُ والضَّرِمُ: فَرْخُ العُقابِ؛ هاتانِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والضَّرْم والضُّرْمُ: ضَرْبانِ مِنَ الشَّجَرِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الضُّرْمُ شجرٌ طَيِّبُ الرِّيح، وَكَذَلِكَ دخانُه طَيِّبٌ. وَقَالَ مَرَّةً: الضُّرْمُ شجرٌ أَغبرُ الوَرَق وَرَقُه شبيهٌ بورَق الشِّيح، وَلَهُ ثَمَرٌ أَشْباهُ البَلُّوط، حُمْرٌ إِلَى السَّواد، وَلَهُ وَرْدٌ أَبيض صغيرٌ كثيرُ العسَلِ. والضِّرامةُ: شجرُ البُطْم. والضِّرْيَمُ: ضَرْبٌ مِنَ الصَّمْغ. والضِّرامُ: مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
ضرزم: الضَّرْزَمةُ: شِدَّةُ العَضِّ وَالتَّصْمِيمُ عَلَيْهِ. وأَفْعى ضِرْزِمٌ: شديدةُ العَضِّ؛ وأَنشد فِيهِ:
يُباشِرُ الحَرْبَ بِنابٍ ضِرْزِمِ
وأَنشد أَيضاً الْجَوْهَرِيُّ للْمُساوِر بْنِ هِنْدٍ العَبْسِيَّ:
يَا رِيَّها يَوْمَ تُلاقي أَسْلَما، ... يَوْمَ تُلاقي الشَّيْظَمَ المُقَوَّما
عَبْلَ المُشاشِ فَتَراه أَهْضَما، ... عِنْدَ كِرامٍ لَمْ يكنْ مُكَرَّما
تَحْسِبُ فِي الأُذْنَيْنِ مِنْهُ صَمَما، ... قَدْ سالَمَ الحَيَّاتُ مِنْهُ القَدَما
الأُفْعُوانَ والشُّجاعَ الشَّجْعَما، ... وذاتَ قَرْنَيْنِ ضَمُوزاً ضِرْزِما
هَوَّمَ فِي رِجْلَيْهِ حينَ هَوَّما، ... ثُمَّ اغتَدَيْنَ وغَدا مُسَلَّما
قَوْلُهُ: ذاتَ قَرْنَيْنِ، أَفْعى لَهَا قرنانِ مِنْ جِلْدها. والضَّمُوزُ: السَّاكِنَةُ. وَنَاقَةٌ ضِرْزِمٌ وضَرْزَمٌ؛ الأَخيرة عَنْ يَعْقُوبَ، وضِمْرِزٌ: مُسِنَّة وَهِيَ فَوْقَ العَوْزَمِ، وَقِيلَ: كَبِيرَةٌ قَلِيلَةُ اللَّبَنِ. أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ الَّتِي قَدْ أَسَنَّتْ وَفِيهَا بقيةٌ مِنْ شَباب الضِّرْزِمُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الضِّرْزِمُ مِنَ النُّوقِ القليلةُ اللَّبَنِ مِثْلُ ضِمْرِزٍ، قَالَ: ونُرى أَنه مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ ضِرِزٌّ إِذَا كَانَ بَخِيلًا، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الضِّمْرِزُ الناقةُ الْقَوِيَّةُ، وأَما الضِّرْزِمُ فالمُسِنَّة وَفِيهَا بقيةُ شَباب؛ قَالَ المُزَرِّدُ أَخُو الشّماخِ:
قَذِيفَةُ شَيْطانٍ رَجيم رَمى بِهَا، ... فصارَتْ ضَواةً فِي لَهازِمِ ضِرْزِم
وَكَانَ قَدْ هَجا كعبَ بْنَ زُهَيْرٍ فزَجَره قَوْمُه فَقَالَ: كَيْفَ أَردّ الْهِجَاءَ وَقَدْ صَارَتِ القَصِيدَةُ ضَواةً فِي لَهازِمِ نابٍ؟ لأَنها كبيرةُ السِّنِّ لَا يُرْجى بُرْؤُها كَمَا يُرْجى بُرْؤُ الصغير.
ضرسم: ابْنُ الأَعرابي: الضِّرْسامَةُ الرِّخْوُ اللَّئِيمُ. وَرَجُلٌ ضِرْسامةٌ: نعتُ سَوْءٍ مِنَ الفَسالَة وَنَحْوِهَا. وضِرْسامٌ: اسْمُ مَاءٍ؛ قَالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ:
أَرْمي بِهَا بَلَداً تَرْميهِ عَنْ بَلَدٍ، ... حَتَّى أُنِيخَتْ على أَحْواضِ ضِرْسامِ
ضرضم: ابْنُ الأَعرابي: الضَّرْضَمُ ذَكَرُ السِّبَاعِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: مِنْ غَرِيبِ أَسْمَاءِ الأَسد الضَّرْضَمُ، وَكُنْيَتُهُ أَبو العباس.(12/356)
ضرطم: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: الضُّراطِميُّ مِنَ الأَرْكابِ الضَّخمُ الْجَافِي، وأَنشد لِجَرِيرٍ:
تُواجِهُ بَعْلَها بضُراطِمِيّ، ... كأَنَّ عَلَى مَشافِرِه صُبابا
وَقَالَ: مَتاعٌ هَدَّارُ المَشافِر يَهْدِرُ مِشْفَرُه لاغْتِلامِها؛ وَرَوَاهُ ابْنُ شُمَيْلٍ:
تُنازِعُ زَوْجَها بعُمارِطِيّ، ... كأَنَّ عَلَى مَشافِرِه جُبابا
وَقَالَ: عُمارِطيُّها فَرْجُها.
ضرغم: الضَّرْغَمُ والضِّرْغامُ والضِّرْغامةُ: الأَسد. وَرَجُلٌ ضِرْغامةٌ: شُجاعٌ، فَإِمَّا أَن يَكُونَ شُبِّه بالأَسد، وإِما أَن يَكُونَ ذَلِكَ أَصلًا فِيهِ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
فَتى الناسِ لَا يَخْفى عَلَيْهِمْ مكانهُ، ... وضِرْغامةٌ إنْ هَمَّ بالأَمْر أَوْقَعا
قَالَ: والأَسْبَقُ أَنه عَلَى التَّشْبِيهِ. وفَحْلٌ ضِرْغامة: عَلَى التَّشْبِيهِ بالأَسد. قِيلَ لابْنةِ الخُسِّ: أَيُّ الفُحولِ أَحمدُ؟ فَقَالَتْ: أَحمرُ ضِرْغامَة شَدِيدُ الزَّئير قليلُ الهَدير. والضَّرْغَمَةُ والتَّضَرْغمُ: انتخابُ الأَبطالِ فِي الْحَرْبِ، وضَرْغَم الأَبطالُ بعضُها بَعْضًا فِي الْحَرْبِ. اللَّيْثُ: تَضَرْغَمتِ الأَبطالُ فِي ضَرْغَمَتِها بِحَيْثُ تأْتخذُ فِي المعْركةِ، وأَنشد:
وقَوْمي، إنْ سأَلْتَ، بنُو عَلِيٍّ، ... مَتَى تَرَهُم بضَرْغَمَةٍ تَفِرُّ «1»
. وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: والأَسد الضِّرْغام
؛ هُوَ الضَّارِي الشديدُ المِقْدام مِنَ الأُسود. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: ضِرْغامةٌ مِنْ طِينٍ وثَوِيطَةٌ ولَبِيخَةٌ ولِيخَةٌ وهو الوَحَلُ.
ضغم: الضَّغْم: العَضُّ غَيْرُ النَّهْشِ. ضَغَم بِهِ يَضْغَم ضَغْماً وضَغَمَه: عَضَّ عَضّاً دُونَ النَّهْشِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يملأَ فمَه مِمَّا أَهْوى إِلَيْهِ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَقَدْ جَعَلَتْ نَفْسِي تطيبُ لضَغْمَةٍ، ... لضَغْمِهِماها يَقْرَعُ العَظْمَ نابُها
قِيلَ: هُوَ العَضُّ مَا كَانَ. وَفِي حَدِيثِ
عُتْبة بْنِ عبدِ العُزَّى: فعَدا عَلَيْهِ الأَسدُ فأَخذ برأْسِه فضَغَمه ضَغْمةً
؛ الضَّغْمُ: العضُّ الشَّدِيدُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الأَسدُ ضَيْغماً، بِزِيَادَةِ الْيَاءِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَر والعَجوز: أَعاذكم اللهُ مِنْ جَرْحِ الدَّهْرِ وضَغْمِ الفَقْرِ
أَي عَضِّه. والضُّغامَةُ: مَا ضَغَمْتَه ثُمَّ لَفَظْتَه مِنْ فيكَ. والضَّيْغَم: الَّذِي يَعَضُّ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. والضَّيْغَم والضَّيْغَمِيُّ: الأَسد مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ الْوَاسِعُ الشِّدْقِ مِنْهَا؛ قَالَ كَعْبٌ:
مِنْ ضَيْغَمٍ مِنْ ضِراءِ الأُسْدِ مخْدَرُه، ... ببطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دُونَهُ غِيلُ «2»
. وضَيْغَمٌ: مِنْ شُعَرَائِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ ضَيْغَم الأَسَدِيُّ.
ضمم: الضَّمُّ: ضَمُّكَ الشيءَ إِلَى الشَّيْءِ، وَقِيلَ: قَبْضُ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ، وضَمَّه إِلَيْهِ يَضُمُّه ضَمّاً فانضمَّ وتَضامَّ. تَقُولُ: ضَمَمْتُ هَذَا إِلَى هَذَا، فأَنا ضامٌّ وَهُوَ مَضْموم. الْجَوْهَرِيُّ: ضمَمْتُ الشيءَ إِلَى الشَّيْءِ فانْضَمَّ إِلَيْهِ وضامَّهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: يَا هُنَيُّ ضُمَّ جَناحَك عَنِ النَّاسِ
أَي أَلِنْ جانِبَك لَهُمْ وارْفُقْ
__________
(1) . قوله [بنو علي] حيّ من كنانة والنسبة إليهم عليون لا علويون كذا بهامش التهذيب
(2) . رواية قصيدة كعب:
مِنْ خادرِ مِنْ ليوثِ الأَرض، مَسكِنُه، ... من بطن عثَّرَ غِيلٌ دونَه غِيل(12/357)
بِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
زُبَيْبٍ العَنْبَرِيّ: أَعْدِني على رجُلٍ مِنْ جُنْدِك ضَمَّ مِنِّي مَا حَرَّمَ اللهُ ورسولهُ
أَيْ أَخذَ مِنْ مَالِي وضَمَّه إِلَى مالِه. وضامَّ الشيءُ الشيءَ: انْضَمَّ مَعَهُ. وتَضامَّ القومُ إِذَا انضَمَّ بعضُهم إِلَى بَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَةِ:
لَا تَضامُّون فِي رُؤْيَتِهِ
، يَعْنِي رُؤْيَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَي يَنْضَمُّ بعضُكم إِلَى بعضٍ، فيقولَ واحدٌ لِآخَرَ أَرِنِيه كَمَا تَفعلون عِنْدَ النَّظَرِ إِلَى الْهِلَالِ، وَيُرْوَى:
لَا تُضامُّونَ
، عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أرَ ضَامَّ مُتَعَدِّيًا إِلَّا فِيهِ، وَيُرْوَى:
تُضامُونَ
، مِنَ الضَّيْم، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، فَالتَّشْدِيدُ مَعْنَاهُ لَا يَنْضَمُّ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وتَزْدحمون وقتَ النَّظَرِ إِلَيْهِ، قَالَ: وَيَجُوزُ ضَمُّ التَّاءِ وَفَتْحُهَا عَلَى تُفاعَلون وتَفاعَلون، وَمَعْنَى التَّخْفِيفِ لَا يَنالكم ضَيمٌ فِي رؤْيته فَيَرَاهُ بعضُكم دُونَ بَعْضٍ. والضَّيْمُ: الظُّلْم؛ فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
فألْفَى القومَ قَدْ شَرِبُوا، فَضَمُّوا، ... أمامَ القَوْمِ مَنْطِقُهُمْ نَسِيفُ
أَراد أَنَّهُمُ اجْتَمَعُوا وضَمُّوا إِلَيْهِمْ دوابهَّم ورِحالَهُم، فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ وحَذْفُه كَثِيرٌ. واضْطَمَمْتُ الشيءَ: ضَمَمْتُه إِلَى نَفْسِي، واضْطَمَّ فلانٌ شَيْئًا إِلَى نَفْسِهِ، وَقَالَ الأَزهري فِي آخِرِ الضَّادِ وَالطَّاءِ وَالْمِيمِ: وَأَمَّا الاضْطِمام فَهُوَ افْتِعالٌ مِنَ الضّمِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا اضْطَمَّ عَلَيْهِ النَّاسُ أَعْنَقَ
أَيِ ازْدحموا، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنَ الضَّمِّ، فَقُلِبَتِ التاء طاء ولأَجل لَفْظَةِ الضَّادِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ: فَدَنَا الناسُ واضْطَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ.
واضْطَمَّتْ عَلَيْهِ الضُّلُوعُ أَيِ اشْتَملت. والضُّمامُ: كلُّ مَا ضُمَّ بِهِ شيءٌ إِلَى شَيْءٍ وأَصْبَحَ مُنْضَمّاً أَي ضامِراً كأَنه ضُمَّ بعضُه إِلَى بَعْضٍ. وضامَمْتُ الرجلَ: أَقَمْتُ مَعَهُ فِي أَمر وَاحِدٍ مُنْضَمّاً إِلَيْهِ. والإِضْمامَةُ: جماعةٌ مِنَ النَّاسِ لَيْسَ أَصلهم وَاحِدًا وَلَكِنَّهُمْ لَفيفٌ، وَالْجَمْعُ الأَضامِيمُ؛ وأَنشد:
حَيٌّ أَضامِيمُ وأَكْوارُ نَعَمْ
وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ: سَبَّاقُ الأَضامِيمِ أَي الْجَمَاعَاتُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
والحُقْبُ تَرْفَضُّ مِنْهنَّ الأَضامِيمُ
وَفِي كِتَابِهِ لِوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: وَمَنْ زَنَى مِنْ ثَيِّبٍ فضَرِّجُوه بالأَضاميم؛ يُرِيدُ الرَّجْمَ، والأَضامِيمُ: الحجارةُ، وَاحِدَتُهَا إضْمامةٌ. قَالَ: وَقَدْ يُشَبَّه بِهَا الجماعاتُ المختلفةُ مِنَ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ: لَنَا أَضاميمُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا
أَي جماعاتٌ لَيْسَ أَصلهم وَاحِدًا كأَنَّ بعضَهم ضُمَّ إِلَى بَعْضٍ. والإِضْمامة مِنَ الكُتب: مَا ضُمَّ بعضُه إِلَى بَعْضٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الإِضْمامَةُ مِنَ الكُتُب الإِضْبارة، وَالْجَمْعُ الأَضامِيمُ. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بإضمامَةٍ مِنْ كُتُبٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي اليَسَرِ: ضِمامةٌ مِنْ صُحُفٍ
أَي حُزْمَةٌ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الإِضمامة. والضِّمُّ والضِّمامُ: الدَّاهِيَةُ الشَّدِيدَةُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلدَّاهِيَةِ صَمِّي صَمامِ، بِالصَّادِ، قَالَ: وأَحسب الليثَ رَآهُ فِي بَعْضِ الصُّحُفِ فصحَّفه وغيَّر بِنَاءَهُ، والضَّمْضَمُ مِثْلُهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذَا سَلَكَ الْوَادِيَ بَيْنَ أَكَمَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ سُمِّيَ ذَلِكَ الموضعُ الموضِعَ المَضْمومَ.(12/358)
والضُّماضِمُ: مِنْ أَسماء الأَسد. وأَسَدٌ ضُماضِمٌ: يضُمُّ كلَّ شَيْءٍ، وضَمْضَمَتُه: صَوْتُه، وضَمْضَمٌ: مِنْ أَسمائه. وضَمْضَمٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وَرَجُلٌ ضُمَضِمٌ وضُماضِمٌ: جريءٌ ماضٍ. وضَمْضَمَ الرجلُ إِذَا شَجَّعَ قَلْبَه. والضُّماضِمُ: الأَكُولُ النَّهِمُ المُسْتأْثِرُ، وَقِيلَ: الْكَثِيرُ الأَكل الَّذِي لَا يَشْبَعُ. وضَمَّ عَلَى الْمَالِ وضَمْضَمَ: أَخَذَه كُلَّه. الأُمَوِيُّ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الْبَخِيلِ الضِّرزُّ، بِتَشْدِيدِ الزَّايِ، والضُّماضِمُ والعَضَمَّرُ كُلُّه مِنْ صِفَةِ الْبَخِيلِ، قَالَ: وَهُوَ الصُّوَتِنُ عَلَى فُعَلِنٍ أَيضاً. ابْنُ الأَعرابي: الضَّمْضَمُ الجَسيمُ الشُّجاعُ، بِالضَّادِ، والصَّمْصَمُ الْبَخِيلُ النِّهَايَةُ فِي البُخْل، بِالصَّادِ. وَرُوِيَ
عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: خَباثِ كلَّ عِيدانِكِ قَدْ مَضِضْنا فوَجَدْنا عَاقِبَتَهُ مُرّاً
؛ يُخَاطِبُ الدُّنْيَا. والضُّمَضِمُ: الغَضْبانُ، وَاللَّهُ أَعلم.
ضوم: ضُمْتُه: كضِمْتُه أَي ظَلَمْته، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الْيَاءِ أَيضاً.
ضيم: الضَّيْمُ الظُّلْمُ. وَضَامَهُ حَقَّه ضَيْماً: نَقَصه إِيَّاهُ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ ضَامَه فِي الأَمر وضامَهُ فِي حَقِّهِ يَضِيمُه ضَيْماً، وَهُوَ الانتقاصُ، واسْتَضامَه فَهُوَ مَضِيمٌ مُسْتَضامٌ أَي مَظْلُوم، وَقَدْ جُمعَ المصدرُ مِنْ هَذَا فَقِيلَ فِيهِ ضُيُومٌ؛ قَالَ المُثَقِّبُ الْعَبْدِيُّ:
ونَحْمي عَلَى الثَّغْرِ المَخُوفِ، ونَتَّقِي ... بغارَتِنا كَيْدَ العِدى وضُيُومَها
وَيُقَالُ: مَا ضِمْتُ أَحداً وَمَا ضُمْتُ أَي مَا ضامَني أَحدٌ. والمَضِيمُ: المَظْلُوم. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ ضِمْتُ أَي ظُلِمْتُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: ضِيمَ الرجلُ وضُيِمَ وضُومَ كَمَا قِيلَ فِي بِيعَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَإِنِّي عَلَى المَوْلى، وَإِنْ قَلَّ نَفْعُه، ... دَفُوعٌ، إِذَا مَا ضُمتُ، غَيْرُ صَبورِ
وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَةِ، وَقَدْ
قِيلَ لَهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَرى رَبَّنا يَا رسولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أَتُضامُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي غَيْرِ سَحابٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَا تضامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ
، وَرُوِيَ
تُضارُونَ
وتُضارُّونَ
، وَقَدْ تَقَدَّمَ. التَّهْذِيبِ: تضامُون وتُضامُّون، بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، التشديدُ مِنَ الضَّمِّ وَمَعْنَاهُ تُزاحَمُون، وَالتَّخْفِيفُ مِنَ الضَّيْم لَا يَظْلِمُ بعضُكم بَعْضًا. والضِّيمُ، بالكسرِ: ناحيةُ الجَبَل والأَكَمةِ. وضِيمٌ: جَبَلٌ فِي بِلَادِ هُذَيْلٍ؛ قَالَ أَبو جُنْدَب:
وغَرَّبْتُ الدعاءَ، وأَيْنَ مِنِّي ... أُناسٌ بَيْنَ مَرِّ وَذِي يَدُومِ؟
وحَيٌّ بالمَناقِبِ قَدْ حَمَوْها، ... لَدَى قُرَّانَ حَتَّى بَطْنِ ضِيمِ
مَرِّ، بِالْخَفْضِ، والمَناقِبُ: طريقُ الطَّائِفِ مِنْ مَكَّةَ. وضِيمٌ: جَبَلٌ. والضِّيمُ: وادٍ فِي السَّراةِ؛ قَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤيَّةَ:
فَمَا ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَسْقِي ذَنُوبَها ... دُفاقٌ فَعُرْوانُ الكَراثِ فضِيمُها
الْجَوْهَرِيُّ: الضِّيمُ، بِالْكَسْرِ، ناحيةُ الجَبَل فِي قَوْلِ الهُذَلي، وأَنشد الْبَيْتِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَنوبها نَصِيبُهَا. ودُفاقٌ: وادٍ، وَكَذَلِكَ عُرْوانُ وضِيمٌ.
ضيثم: الضَّيْثَمُ: الشديدُ، وَبِهِ سمي الرَّجُلُ.(12/359)
فصل الطاء المهملة
طحم: طَحْمَةُ السيلِ وطُحْمَتُه، بِفَتْحِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا: دُفَّاعُ مُعْظَمِه، وَقِيلَ: دُفْعَتُه الأُولى ومُعْظَمُه، وَكَذَلِكَ طُحْمَة الليلِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لعُمارة بنِ عُقَيْلٍ:
أَجالتْ حَصاهُنَّ الدَّوادي، وحَيَّضَتْ ... عليهنَّ حَيْضاتُ السُّيول الطَّواحِمِ.
وأَتَتْنا طُحْمةٌ مِنَ النَّاسِ وطَحْمةٌ أَي جَمَاعَةٌ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَي دُفْعَةٌ، وَهُمْ أَكْثَرُ مِنَ القادِيةَ، والقادِيَةُ أَوَّلُ مَنْ يطرأْ عَلَيْكَ، وَقِيلَ: طُحْمَةُ النَّاسِ جَماعتُهم. وطَحْمَةُ الفِتْنة: جَوْلَةُ الناسِ عِنْدَهَا. وَرَجُلٌ طُحَمة مِثَالُ هُمَزة: شديدُ العِراكِ. وَقَوْسٌ طَحُومٌ: سَرِيعَةُ السَّهْمِ. الأَصمعي: الطَّحُوم والطَّحُورُ الدَّفُوعُ. وَقَوْسٌ طَحُومٌ وطَحُورٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والطَّحْمَةُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ، وَهِيَ الطَّحْماءُ؛ وقال أَبو حَنِيفَةَ: الطَّحْمَةُ مِنَ الحَمْض وَهِيَ عَرِيضَةُ الْوَرَقِ كَثِيرَةُ الْمَاءِ. والطَّحْماءُ: نَبْتةٌ سُهْلِيَّةٌ حَمْضِيَّةٌ، قَالَ: والطَّحْماء أَيضاً النَّجِيل، وَهُوَ خَيْر الحَمْض كُلِّه، وَلَيْسَ لَهُ حَطبٌ وَلَا خَشَبٌ إِنَّمَا يَنْبُتُ نَبَاتًا تأْكله الإِبل. الأَزهري: الطَّحْماء نَبْتٌ مَعْرُوفٌ.
طحرم: مَا عَلَيْهِ طِحْرِمَة أَي خِرْقة كطِحْرِيةٍ. وَمَا فِي السَّمَاءِ طِحْرِمَةٌ كطِحْرِيةٍ أَي لَطْخٌ مِنْ غَيْمٍ. وطَحْرَمَ السِّقاءَ: مَلأَه. طَحْرَمْتُ السِّقاءَ وطَحْمَرْتُه بِمَعْنًى أَي مَلأْتُه، وَكَذَلِكَ الْقَوْسُ إِذَا وَتَّرْتَها.
طحلم: ماءٌ طُحْلُوم: آجِنٌ.
طخم: الأَطْخَمُ: مُقَدَّمُ الخُرْطومِ فِي الإِنسان وَالدَّابَّةِ؛ وأَنشد:
وَمَا أَنْتُمُ إِلَّا ظَرابيُّ قَصَّةٍ ... تَفاسَى، وتَسْتَنْشِي بآنُفِها الطُّخْمِ «3»
. قَالَ: يَعْنِي لَطْخاً مِنْ قَذَرٍ. والطُّخْمَةُ: سوادٌ فِي مُقَدَّمِ الأَنف ومُقَدَّمِ الخَطْمِ. وكَبْشٌ أَطْخَمُ: أَسْوَدُ الرأْسِ وَسَائِرُهُ أَكْدَرُ: ولَحْمٌ أَطْخَمُ وطَخِيمٌ: جافٌّ يَضْرِبُ لَوْنُه إِلَى السَّوَادِ، وَقَدِ اطْخَمَّ. والأَطْخَمُ: كالأَدْغَمِ، وَقِيلَ: هُوَ لُغَةٌ فِي الأَدْغَمِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَطْخَمُ أَخْضَرُ أَدْغَمُ، وَهُوَ الدَّيْزَجُ. وفَرَسٌ أَطْخَمُ: لُغَةٌ فِي الأَدْغَمِ. وطَخَمَ الرجلُ وطَخُمَ: تَكَبَّرَ. والطَّخْمَةُ: جَمَاعَةُ المَعَزِ. التَّهْذِيبِ: الطُّخُومُ بِمَعْنَى التُّخومِ، وَهِيَ الحُدودُ بَيْنَ الأَرَضِينَ، قَلَبَتِ التَّاءَ طَاءً لِقُرْبِ مخرجيهما.
طرم: الطِّرْمُ، بِالْكَسْرِ: العسَلُ عَامَّةً، وَقِيلَ: الطِّرْمُ والطَّرْمُ والطِّرْيَمُ العسَلُ إِذَا امتَلأَتِ البيوتُ خَاصَّةً. والطَّرْمُ والطِّرْمُ: الشَّهْدُ، وَقِيلَ: الزُّبْدُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ النِّسَاءَ:
فمِنْهُنَّ مَنْ يُلْفَى كصابٍ وعَلْقَمٍ، ... ومنهنَّ مِثْلُ الشَّهْدِ قَدْ شِيبَ بالطِّرْمِ
أَنشده الأَزهري وَقَالَ: الصَّوَابُ:
ومنهنَّ مثلُ الزُّبْدِ قَدْ شِيبَ بالطِّرْم
وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: يُقَالُ للنَّحْل إِذَا مَلأَ
__________
(3) . قوله [
وَمَا أَنْتُمُ إِلَّا ظَرَابِيُّ قصة
إلخ] أنشده الجوهري في مادة ظرب: وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا ظَرَابِيُّ مذحج(12/360)
أَبْنِيَتَه مِنَ العَسَلِ: قَدْ خَتَمَ، فَإِذَا سَوَّى عَلَيْهِ قِيلَ: قَدْ طَرِمَ، وَلِذَلِكَ قِيلَ للشَّهْدِ طَرْمٌ وطِرْمٌ. والطَّرَمُ: سَيَلانُ الطِّرْمِ مِنَ الخَلِيَّةِ، وَهُوَ الشَّهْدُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الطِّرْمِ العَسَلِ قولُ الشَّاعِرِ:
وَقَدْ كنتِ مُزْجاةً زَمَانًا بخَلَّةٍ، ... فأَصبَحتِ لَا تَرْضَينَ بالزَّغدِ والطِّرْمِ
قَالَ: والزَّغْدُ الزُّبْدُ؛ وأَنشد لِآخَرَ:
فأُتينا بزَغْبَدٍ وحَتِيّ، ... بَعْدَ طِرْمٍ وتامِكٍ وثُمالِ
قَالَ: الزَّغْبَدُ الزُّبْدُ، والحَتِيُّ سَويقُ المُقْلِ، والتامِكُ السَّنامُ، والثُّمالُ رَغوَةُ اللبنِ. والطِّرْيَمُ: السحابُ الكثيفُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فاضْطَرَّه السَّيْلُ بوادٍ مُرْمِثِ ... فِي مُكْفَهِرِّ الطِّرْيَمِ الشَّرَنْبَثِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَمْ يَجِئِ الطِّرْيَمُ السحابُ إِلَّا فِي رَجَزِ رُؤْبَةَ؛ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ، قَالَ: والطِّرْيَمُ العسلُ أَيضاً. والطِّرْيَمُ: الطويلُ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. ومَرَّ طِرْيَمٌ مِنَ اللَّيْلِ أَيْ وقتٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والطُّرْمَةُ والطُّرْمُ: الْكَانُونُ. والطُّرامةُ: الرِّيق اليابسُ عَلَى الْفَمِ مِنَ الْعَطَشِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يجِفُّ عَلَى فَمِ الرَّجُلِ مِنَ الرِّيقِ مِنْ غَيْرِ أَن يُقيد بِالْعَطَشِ. والطُّرامَةُ، بِالضَّمِّ أَيضاً: الخُضْرَة تَرْكَبُ عَلَى الأَسنان وَهُوَ أشَفُّ مِنَ القَلَح، وَقَدْ أَطْرَمَتْ أَسنانُه إطْراماً؛ قَالَ:
إِنِّي قَنِيتُ خَنِينَها، إذْ أَعْرَضَتْ، ... ونَواجِذاً خُضْراً مِنَ الإِطْرام
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الطُّرامَةُ بَقِيَّةُ الطَّعَامِ بَيْنَ الأَسنان. واطَّرَمَ فُوه: تغيَّر. والطُّرْمَة والطَّرْمَة والطِّرْمَةُ: نُتُوءٌ فِي وَسَطِ الشَّفَةِ العُليا، وَهِيَ فِي السُّفْلى التُّرْفَةُ، فَإِذَا جَمَعُوا قَالُوا طُرْمتين، فغَلَّبوا لَفْظَ الطُّرْمة عَلَى التُّرْفَة. والطُّرْمَةُ: بَثْرَةٌ تَخْرُجُ فِي وسَطِ الشَّفَةِ السُّفْلَى. والطَّرْمة، بِفَتْحِ الطَّاءِ: الْكَبِدُ. والطارِمَةُ: بيتٌ مِنْ خَشَب كَالْقُبَّةِ، وَهُوَ دَخِيلٌ أَعجمي مُعَرَّبٌ. وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ طَرَنَ: طَرْيَنُوا وطَرْيَمُوا إِذَا اخْتَلَطوا مِنَ السُّكْر. ابْنُ بَرِّيٍّ: الطَّرْمُ اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَعز بْنُ مأْنوس:
طَرَقَتْ فُطَيْمَةُ أَرْحُلَ السَّفْرِ، ... بالطَّرْم باتَ خيالُها يَسْرِي
ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: الطَّرْمُ، بِفَتْحِ أَوله وَإِسْكَانِ ثَانِيهِ، مَدِينَةُ وَهْشُوذانَ الَّذِي هَزَمَه عَضُدُ الدَّوْلَةِ فَنَّاخُسْرو؛ قَالَ: قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجم مَا اسْتَعْجَمَ.
طرثم: الطَّرْثَمَةُ والثَّرْطَمَةُ: الإِطْراق مِنْ غَضبٍ أَو تَكَبُّرٍ.
طرحم: الطُّرْحُومُ نَحْوُ الطُّرْموحِ: وَهُوَ الطويلُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحْسَبُهُ مقلوباً.
طرخم: الاطْرِخمامُ: الِاضْطِجَاعُ. والمُطْرَخِمُّ: المُضْطجِعُ، وَقِيلَ: الْغَضْبَانُ المُتَطاوِلُ، وَقِيلَ: المُتَكَبِّرُ، وَقِيلَ: المُنْتَفِخ مِنْ التُّخَمَة. واطْرَخَمَّ الليلُ: اسْوَدَّ كاطْرَهَمَّ. واطْرَخَمَّ أَي شَمَخَ بأَنفه وتعَظَّمَ اطْرِخْماماً، واطْرَخَمَّ الرجلُ، وَهُوَ عَظَمَةُ الأَحْمَق؛ وأَنشد:
والأَزْدُ دعْوى النُّوكِ، واطْرَخَمُّوا(12/361)
يَقُولُ: ادَّعَوا النُّوك ثُمَّ تَعَظَّمُوا. الأَصمعي: إِنَّهُ لمُطْرَخِمُّ ومُطْلَخِمٌّ أَي مُتَكَبِّرٌ مُتَعَظِّمٌ، وَكَذَلِكَ مُسْلَخِمٌّ. واطْرَخَمَّ الرجلُ إِذَا كلَّ بَصَرُه. وشابٌّ مُطْرَخِمٌّ أَي حَسَنٌ تامٌّ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وجامِعِ القُطْرَيْنِ مُطْرَخِمِّ، ... بَيَّضَ عَيْنَيْه العَمَى المُعَمِّي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لِرُؤْبَةَ؛ وَبَعْدَهُ:
مِنْ نَحَمانِ حَسَدٍ نِحَمِ
أَي رُبَّ جَامِعٍ قُطْرَيه عَنِّي مُتَكبر عليَّ بَيَّضَ عَيْنَيْهِ حَسَدُهُ فَهُوَ يَنْحِمُ. وشَبابٌ مُطْرَهِمٌّ ومُطْرَخِمٌّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
طرسم: طَرْسَمَ الليلُ وطَرْمَسَ: أَظلم، وَيُقَالُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. وطَرْسَم الطريقُ: مِثْلُ طَمَسَ ودَرَسَ. وطَرْسم الرجلُ: سَكَتَ مِنْ فَزَع. الأَصمعي: طَرْسَمَ طَرْسَمَةً وبَلْسَمَ بَلْسَمة إِذَا فَرِقَ أَطْرَقَ وسَكَتَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا نَكَصَ هَارِبًا: قَدْ سَرْطَم وطَرْمَسَ. الْجَوْهَرِيُّ: طَرْسَمَ الرجلُ أَطْرَق، وطَلْسَمَ مثلُه.
طرشم: طَرْشَمَ وطَرْمَشَ: أَظلم، والسين أَعلى.
طرغم: المُطْرَغِمُّ: الْمُتَكَبِّرُ. واطْرَغَمَّ إِذَا تَكَبَّرَ. والاطْرِغْمامُ: التَّكَبُّرُ؛ وأَنشد:
أَوْدَحَ لَمَّا أَن رَأَى الجَدَّ حَكَمْ، ... وكنتُ لَا أنْصِفُه إِلَّا اطْرَغَمْ
والإِيداحُ: الإِقرارُ بِالْبَاطِلِ، قَالَ الأَزهري: واطْرَخَمَّ مِثْلُ اطْرَغَمَّ.
طرهم: المُطْرَهِمُّ: الشَّبابُ الْمُعْتَدِلُ التَّامُّ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أُرَجِّي شَباباً مُطْرَهِمّاً وصِحَّةً، ... وكيفَ رجاءُ المَرءْ مَا لَيْسَ لاقِيا؟
والمُطْرَهِمُّ: الشابُّ الحَسَنُ، وَقِيلَ: الطَّوِيلُ الحَسن، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ أَن الإِنسان يَأْمُلُ أَن يَبْقَى شبابُه وصِحَّتُه، وَهَذَا مَا لَا يَصِحُّ لأَحد، فَعَجِبَ مِنْ تَأْمِيلهِ ذَلِكَ. وشَبابٌ مُطْرَهِمٌّ ومُطْرَخِمٌّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والمُطْرَهِمُّ: الْمُتَكَبِّرُ. واطْرَهَمَّ الليلُ: اسْوَدَّ، وَقَدْ فَسَّرَ يعقوبُ بِهِ قَوْلَ ابْنِ أَحمر:
أرجِّي شبابا مطرهما وَصِحَّةً
قَالَ: وَلَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا أَن يَعْنِيَ بِهِ اسْوِدَادَ الشَّعَرِ. ابْنُ الأَعرابي: المُطْرَهِمُّ المُمْتَلئ الحَسَنُ. الأَصمعي: هُوَ المُتْرَفُ الطويلُ، وَقَدِ اطْرَهَمَّ اطْرِهْماماً واطْرَخَمَّ. والمُطْرَهِمُّ: فَحْلُ الضِّرابِ.
طسم: طَسَمَ الشيءُ والطريقُ وطَمَسَ يَطْسِمُ طُسُوماً: دَرَسَ. وطَسَمَ الطريقُ: مِثْلُ طَمَسَ، عَلَى الْقَلْبِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
رَثَّ حَبْلُ الوَصْلِ فانْصَرَمَا ... مِنْ حَبِيبٍ هاجَ لِي سَقَما
كِدْتُ أَقْضِي، إذْ رأَيْتُ لَه ... مَنْزِلًا بالخَيْفِ قَدْ طَسَمَا
وَجَاءَ بِهِ الْعَجَّاجُ متعدِّياً؛ فَقَالَ:
ورَبِّ هَذَا الأَثَرِ المُقَسَّمِ، ... مِنْ عَهْدِ إبراهيمَ لَمَّا يُطْسَمِ(12/362)
يَعْنِي بالأَثَر المُقَسَّم مَقامَ إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ وَقَوْلُهُ:
مَا أَنا بالغادِي وأَكْبَرُ هَمِّه ... جَمامِيسُ أَرْضٍ، فَوْقَهُنَّ طُسُومُ
فَسَّرَهُ أَبو حَنِيفَةَ فَقَالَ: الطُّسُومُ هُنَا الطَّامِسَةُ أَي فَوْقَهُنَّ أَرضٌ طامِسَةٌ تُحْوِجُ إِلَى التَّفْتِيش والتَّوَسُّم. وطَسِمَ الرجلُ: اتَّخَمَ، قَيْسِيَّةٌ. والطَّسَمُ: الظَّلامُ، والغَسَمُ والطَّسَمُ عِنْدَ الإِمْساء، وَفِي السَّمَاءِ غَسَمٌ مِنْ سَحَابٍ وأَغْسامٌ وأَطْسامٌ مِنْ سَحابٍ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: رأَيته فِي طُسَامِ الْغُبَارِ وطَسَامِه وطَسَّامه وطَيْسانِه، يُرِيدُ فِي كَثِيرِهِ. وأُطْسُمَّةُ الشَّيْءِ: مُعْظَمُه ومُجْتَمَعُه؛ حَكَاهُ السِّيرَافِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ سِيبَوَيْهِ إِلا أُسْطُمَّة. وأُسْطُمَّةُ الحَسَب: وَسَطُه ومُجْتَمَعُه، قَالَ: والأُطْسُمَّةُ مثلُه عَلَى الْقَلْبِ. قَالَ العُمَانِيُّ الرَّاجِزُ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ ذُؤَيْبٍ الفُقَيْمِيُّ لَقَّبَهُ بالعُمَانيّ دُكَيْنٌ الراجزُ لَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ مُصْفَرَّ الوجهِ مَطْحُولًا، فَقَالَ: مَن هَذَا العُمانِيُّ؟ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ، لأَن عُمَانَ وبِئَةٌ وأَهْلُها صُفْرٌ مَطْحُولُونَ، يُخاطب بِهِ العُمانِيُّ الرَّشيدَ:
مَا قاسِمٌ دونَ مَدَى ابْنِ أُمِّهِ، ... وقَدْ رَضِيناهُ فقُمْ فَسَمِّهِ
يَا لَيْتَها قَدْ خَرَجَتْ منْ فُمِّهِ، ... حتَّى يَعُودَ المُلْكُ فِي أُطْسُمِّهِ
أَي فِي أَهله وحَقِّه، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الرَّجَزُ لِجَرِيرٍ قَالَهُ فِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ:
إِن الإِمامَ بعدَه ابنُ أُمِّهِ، ... ثُمَّ ابْنُهُ وَلِيُّ عَهْدِ عَمِّه
قَدْ رَضِيَ الناسُ بِهِ فَسَمِّهِ، ... يَا لَيْتَها قَدْ خَرَجَتْ منْ فُمِّهِ
حَتَّى يَعُودَ المُلْكُ فِي أُسْطُمِّه، ... أَبْرِزْ لَنَا يَمينَه مِنْ كُمِّهِ
والطَّواسيمُ والطَّواسينُ: سُوَرٌ فِي القرآنِ جُمِعَتْ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
حَلَفْتُ بالسَّبْعِ اللَّواتَي طُوِّلَتْ، ... وبِمِئينٍ بَعْدَها قَدْ أُمْئيتْ،
وبمَثَانٍ ثُنِّيَتْ وكُرّرَتْ، ... وبالطَّواسيم الَّتِي قَدْ ثُلِّثَتْ
وبالْحَوامِيمِ الَّتِي قَدْ سُبّعَتْ، ... وبالمُفَصَّلِ اللَّواتي فُصِّلَتْ
قَالَ: وَالصَّوَابُ أَن تُجْمَعَ بِذَوَاتٍ وتضافَ إِلَى وَاحِدٍ فَيُقَالُ: ذواتُ طسم، وذواتُ حم. وطَسْمٌ: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ انْقَرَضُوا. الْجَوْهَرِيُّ: طَسْمٌ قَبِيلَةٌ مِنْ عَادٍ كَانُوا فَانْقَرَضُوا، وَفِي حَدِيثِ مَكَّةَ:
وسُكَّانها طَسْمٌ وجَدِيسٌ
، وَهُمَا قَوْمٌ مِنْ أَهل الزَّمَانِ الأَوّل، وَقِيلَ: طَسْمٌ حَيٌّ مِنْ عادٍ، والله أَعلم.
طعم: الطَّعامُ: اسمٌ جامعٌ لِكُلِّ مَا يُؤكَلُ، وَقَدْ طَعِمَ يَطْعَمُ طُعْماً، فَهُوَ طاعِمٌ إِذَا أَكَلَ أَو ذاقَ، مِثَالُ غَنِمَ يَغْنَمُ غُنْماً، فَهُوَ غانِمٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا
. وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَلَّ طُعْمُه أَي أَكْلُه. وَيُقَالُ: طَعِمَ يَطْعَمُ مَطْعَماً وَإِنَّهُ لَطَيّبُ المَطْعَمِ كَقَوْلِكَ طَيِّبُ المَأْكَلِ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ فِي زَمْزَمَ: إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ وشِفاءُ سُقْمٍ
أَي يَشْبَعُ الإِنسانُ إِذَا شَرب ماءَها كَمَا(12/363)
يَشْبَعُ مِنَ الطَّعَامِ. وَيُقَالُ: إنِّي طاعِمٌ عَنْ طَعامِكُمْ أَي مُسْتَغْنٍ عَنْ طَعامكم. وَيُقَالُ: هَذَا الطَّعامُ طَعامُ طُعْمٍ أَي يَطْعَمُ مَنْ أَكله أَي يَشْبَعُ، وَلَهُ جُزْءٌ مِنَ الطَّعامِ مَا لَا جُزْءَ لَهُ. وَمَا يَطْعَم آكِلُ هَذَا الطَّعَامَ أَي مَا يَشْبَعُ، وأَطْعَمْته الطَّعَامَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: اخْتُلِفَ فِي طَعَامِ الْبَحْرِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَا نَضَب عَنْهُ الْمَاءُ فأُخِذَ بِغَيْرِ صَيْدٍ فَهُوَ طَعامُه، وَقَالَ آخَرُونَ: طعامُه كُلُّ مَا سُقِي بِمَائِهِ فَنَبَتَ لأَنه نَبَتَ عَنْ مَائِهِ؛ كلُّ هَذَا عَنْ أَبي إِسحاق الزَّجَّاجِ، وَالْجَمْعُ أَطْعِمَةٌ، وأَطْعِماتٌ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَقَدْ طَعِمَه طَعْماً وطَعاماً وأَطْعَم غيرَه، وأَهلُ الْحِجَازِ إِذَا أطْلَقُوا اللفظَ بالطَّعامِ عَنَوْا بِهِ البُرَّ خَاصَّةً، وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَعِيدٍ: كُنَّا نُخْرِجُ صدقةَ الفطرِ عَلَى عهدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَاعًا مِنْ طَعامٍ أَو صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ
؛ قِيلَ: أَراد بِهِ البُرَّ، وَقِيلَ: التَّمْرُ، وَهُوَ أَشبه لأَن البُرَّ كَانَ عِنْدَهُمْ قَلِيلًا لَا يَتَّسِعُ لإِخراج زَكَاةِ الْفِطْرِ؛ وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْعَالِي فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَن الطَّعامَ هُوَ البُرُّ خَاصَّةً. وَفِي حَدِيثِ المُصَرَّاةِ:
مَنِ ابتاعَ مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إنْ شَاءَ أَمْسَكها، وَإِنْ شَاءَ رَدَّها ورَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طَعامٍ لَا سَمْراء.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الطَّعامُ عامٌّ فِي كلِّ مَا يُقْتات مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَحَيْثُ اسْتَثْنى مِنْهُ السَّمْراء، وَهِيَ الْحِنْطَةُ، فَقَدْ أَطْلَق الصاعَ فِيمَا عَدَاهَا مِنَ الأَطعمة، إلَّا أَن الْعُلَمَاءَ خَصُّوه بِالتَّمْرِ لأَمرين: أَحدهما أَنه كَانَ الغالبَ عَلَى أَطْعمتهم، وَالثَّانِي أَن مُعْظَم رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا جَاءَتْ
صَاعًا مِنْ تَمْرٍ
، وَفِي بَعْضِهَا قَالَ
صَاعًا مِنْ طَعَامٍ
، ثُمَّ أَعقبه بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ
لَا سَمْراء
، حَتَّى إِنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ ترَدَّدُوا فِيمَا لَوْ أَخرج بَدَلَ التَّمْرِ زَبِيبًا أَو قُوتًا آخَرَ، فَمِنْهُمْ مَنْ تَبِعَ التَّوقِيفَ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَآهُ فِي مَعْنَاهُ إِجْرَاءً لَهُ مُجْرى صَدَقةِ الْفِطْرِ، وَهَذَا الصاعُ الَّذِي أَمَرَ برَدِّه مَعَ المُصَرّاة هُوَ بَدَلٌ عَنِ اللَّبَنِ الَّذِي كَانَ فِي الضَّرْع عِنْدَ العَقْد، وإِنما لَمْ يَجِبْ رَدُّ عينِ اللبنِ أَو مثلِه أَو قِيمَتِهِ لأَنَّ عينَ اللَّبَنِ لَا تَبْقى غَالِبًا، وَإِنْ بَقِيَتْ فتَمْتَزِجُ بآخرَ اجْتَمع فِي الضَّرْعِ بَعْدَ الْعَقْدِ إِلَى تَمَامِ الحَلْب، وأَما المِثْلِيَّةُ فلأَن القَدْرَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بمِعْيار الشرعِ كَانَتِ المُقابلةُ مِنْ بَابِ الرِّبَا، وَإِنَّمَا قُدِّرَ مِنَ التَّمْرِ دُونَ النَّقْد لفَقْدِه عِنْدَهُمْ غَالِبًا، ولأَن التَّمْرَ يُشارك اللبنَ فِي المالِيَّة والقُوتِيَّة، وَلِهَذَا الْمَعْنَى نَصَّ الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه لَوْ رَدَّ المُصَرَّاة بعَيْبٍ آخرَ سِوَى التَّصْرِيَةِ رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لأَجل اللَّبَنِ. وقولُه تَعَالَى: مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ
؛ مَعْنَاهُ مَا أُريدُ أَن يَرْزُقُوا أَحداً مِنْ عِبَادِي وَلَا يُطْعِمُوه لأَني أَنا الرَّزَّاقُ المُطْعمُ. وَرَجُلٌ طاعِمٌ: حَسَنُ الْحَالِ فِي المَطْعمِ؛ قَالَ الحُطَيْئَةُ:
دَعِ المَكارِمَ لَا تَرْحَلْ لبُغْيَتِها، ... واقْعُدْ فإنَّك أَنتَ الطاعِمُ الْكَاسِي
وَرَجُلٌ طاعِمٌ وطَعِمٌ عَلَى النَّسَبِ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، كَمَا قَالُوا نَهِرٌ. والطَّعْمُ: الأَكْلُ. والطُّعْم: مَا أُكِلَ. وَرَوَى الباهِليُّ عَنِ الأَصمعي: الطُّعْم الطَّعام، والطَّعْمُ الشَّهْوةُ، وَهُوَ الذَّوْقُ؛ وأَنشد لأَبي خِرَاشٍ الهُذَلي:
أَرُدُّ شُجاعَ الجُوعِ قَدْ تَعْلَمِينَه، ... وَأُوثِرُ غَيْري مِنْ عِيالِك بالطُّعْم
أَي بالطعامِ، وَيُرْوَى: شُجاعَ البَطْنِ، حَيَّةٌ(12/364)
يُذْكَرُ أَنها فِي البَطْنِ وتُسَمَّى الصَّفَر، تُؤْذي الإِنسانَ إِذَا جَاعَ؛ ثُمَّ أَنشد قَوْلَ أَبي خِراش فِي الطَّعْمِ الشَّهْوة:
وأَغْتَبِقُ الماءَ القَراحَ فأَنْتَهي، ... إِذَا الزادُ أَمْسى للمُزَلَّجِ ذَا طَعْمِ
ذَا طَعْمٍ أَي ذَا شَهْوَةٍ، فأَراد بالأَول الطعامَ، وَبِالثَّانِي مَا يُشْتَهى مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَنَى عَنْ شِدَّةِ الجُوع بشُجاعِ البَطْنِ الَّذِي هُوَ مِثْلُ الشُّجاع. وَرَجُلٌ ذُو طَعْمٍ أَي ذُو عَقْلٍ وحَزْمٍ؛ وأَنشد:
فَلَا تَأْمُري، يَا أُمَّ أَسماءَ، بِالَّتِي ... تُجِرُّ الفَتى ذَا الطَّعْمِ أَن يتَكَلَّما
أَي تُخْرِسُ، وأَصله مِنَ الإِجْرارِ، وَهُوَ أَن يُجْعَلَ فِي فَمِ الفَصيل خشَبةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ الرَّضاعِ. وَيُقَالُ: مَا بِفُلَانٍ طَعْمٌ وَلَا نَويصٌ أَي لَيْسَ لَهُ عَقْل وَلَا بِهِ حَراكٌ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: قولُهم لَيْسَ لِمَا يَفْعَلُ فلانٌ طَعْمٌ، مَعْنَاهُ لَيْسَ لَهُ لَذَّة وَلَا مَنْزِلَةٌ مِنَ الْقَلْبِ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ للمُزَلَّجِ ذَا طَعْم فِي بَيْتِ أَبي خِراش: مَعْنَاهُ ذَا مَنْزِلَةٍ مِنَ الْقَلْبِ، والمُزَلَّجُ البخيلُ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّي: المُزَلَّجُ مِنَ الرِّجَالِ الدونُ الَّذِي لَيْسَ بِكَامِلٍ؛ وأَنشد:
أَلا مَا لِنَفْسٍ لَا تموتُ فَيَنْقَضِي ... شَقاها، وَلَا تَحْيا حَياةً لَهَا طَعْمُ
مَعْنَاهُ لَهَا حلاوةٌ وَمَنْزِلَةٌ مِنَ الْقَلْبِ. وَلَيْسَ بِذِي طَعْم أَي لَيْسَ لَهُ عقْلٌ وَلَا نفْسٌ. والطَّعْمُ: مَا يُشْتَهى. يُقَالُ: لَيْسَ لَهُ طَعْم وَمَا فلانٌ بِذِي طَعْمٍ إِذَا كَانَ غَثّاً. وَفِي حَدِيثِ بدرٍ: مَا قَتَلْنا أَحداً بِهِ طَعْمٌ، مَا قَتَلْنا إِلَّا عجائزَ صُلْعاً؛ هَذِهِ اسْتِعَارَةٌ أَي قَتَلْنا مَنْ لَا اعْتِدادَ بِهِ وَلَا مَعْرفةَ وَلَا قَدْرَ، وَيَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ الطَّاءِ وَضَمُّهَا لأَن الشَّيْءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طُعم وَلَا لَهُ طَعْم فَلَا جَدوى فِيهِ لِلْآكِلِ وَلَا منفَعة. والطُّعْمُ أَيضاً: الحَبُّ الَّذِي يُلْقى لِلطَّيْرِ، وأَما سِيبَوَيْهِ فسَوَّى بَيْنَ الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ فَقَالَ: طَعِمَ طُعْماً وأَصاب طُعْمَه، كِلَاهُمَا بِضَمِّ أَوّله. والطُّعْمة: المَأْكَلة، وَالْجَمْعُ طُعَمٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
مُشَمِّرينَ عَلَى خُوصٍ مُزَمَّمةٍ، ... نَرْجُو الإِلَه، ونَرْجُو البِرَّ والطُّعَما
وَيُقَالُ: جعَلَ السلطانُ ناحيةَ كَذَا طُعْمةً لِفُلَانٍ أَي مَأْكَلَةً لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمةً ثُمَّ قَبَضَه جعَلَها لِلَّذِي يَقومُ بَعْدَهُ
؛ الطُّعْمةُ، بالضَّم: شبْهُ الرِّزْق، يريدُ بِهِ مَا كَانَ لَهُ مِنَ الفَيْء وَغَيْرِهِ، وجَمْعُها طُعَمٌ. وَمِنْهُ حديثُ ميراثِ الجَدّ:
إِنَّ السدسَ الآخرَ طُعْمةٌ لَهُ
أَي أَنه زِيَادَةٌ عَلَى حَقِّهِ. وَيُقَالُ فلانٌ تُجْبَى لَهُ الطُّعَمُ أَي الخَراجُ والإِتاواتُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
مِمَّا يُيَسَّرُ أَحياناً لَهُ الطُّعَمُ «4»
. وَقَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ:
القِتالُ ثلاثةٌ: قِتالٌ عَلَى كَذَا وقتالٌ لِكَذَا وقِتالٌ عَلَى كَسْبِ هَذِهِ الطُّعْمةِ
، يَعْنِي الفَيْءَ والخَراجَ. والطُّعْمة والطِّعْمة، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: وَجْهُ المَكْسَبِ. يُقَالُ: فلانٌ طَيِّب الطُّعْمة [الطِّعْمة] وخبيثُ الطُّعمة [الطِّعْمة] إِذَا كَانَ رَديءَ الكَسْبِ، وَهِيَ بِالْكَسْرِ خاصَّةً حالةُ الأَكل؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَر ابن أَبي سَلَمَة: فَمَا زالَتْ تِلْكَ طِعْمَتي بعدُ
أَي حَالَتِي فِي الأَكل. أَبو عُبَيْدٍ: فُلَانٌ حسَنُ الطِّعْمةِ والشِّرْبةِ، بِالْكَسْرِ. والطُّعْمَةُ: الدَّعْوَةُ إلى الطعام.
__________
(4) . قوله [قَالَ زُهَيْرٌ مِمَّا يُيَسَّرُ إِلخ] صدره كما في التكملة: ينزع إمة أقوام ذوي حسب(12/365)
والطِّعْمَةُ: السِّيرَةُ فِي الأَكل، وَهِيَ أَيضاً الكِسْبَةُ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لِخَبِيثُ الطِّعْمَةِ أَي السِّيرةِ، وَلَمْ يَقُلْ خبيثُ السِّيرَةِ فِي طَعامٍ وَلَا غَيْرِهِ. وَيُقَالُ: فلانٌ طَيِّبُ الطَّعْمَةِ وَفُلَانٌ خبيثُ الطِّعْمَةِ إِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ لا يأْكل إِلَّا حَلالًا أَو حَرَامًا. واسْتَطْعَمَه: سأَله أَن يُطْعِمه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا اسْتَطْعَمَكُمُ الإِمامُ فأَطْعِمُوه
أَي إِذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ فِي قِرَاءَةِ الصلاةِ واسْتَفْتَحكُم فافْتَحُوا عَلَيْهِ ولَقِّنُوهُ، وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ تَشْبِيهًا بِالطَّعَامِ، كأَنهم يُدْخِلُون الْقِرَاءَةَ فِي فِيهِ كَمَا يُدْخَلُ الطعامُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ:
فاسْتَطْعَمْتُه
الحديثَ أَي طَلَبْتُ مِنْهُ أَنْ يُحَدِّثَني وأَن يُذِيقَني حَدِيثِهِ، وأَما مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
طعامُ الواحدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ، وطعامُ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَربعة
، فَيَعْنِي شِبَعُ الْوَاحِدِ قُوتُ الإِثنين وشِبَعُ الِاثْنَيْنِ قوتُ الأَربعة؛ ومثلُه قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عامَ الرَّمادةِ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَن أُنزِلَ عَلَى أَهلِ كلِّ بَيْتٍ مثلَ عددِهم فإنَّ الرجلَ لَا يَهْلِكُ عَلَى نصفِ بَطْنه.
وَرَجُلٌ مِطْعَمٌ: شَديدُ الأَكل، وامرأةٌ مِطْعَمة نادرٌ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إلَّا مِصَكَّة. وَرَجُلٌ مُطْعَمٌ، بِضَمِّ الْمِيمِ: مَرْزُوقٌ. وَرَجُلٌ مِطْعامٌ: يُطْعِمُ الناسَ ويَقْرِيهم كَثِيرًا، وامرأَة مِطْعامٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ. والطَّعْم، بِالْفَتْحِ: مَا يُؤَدِّيه. الذَّوْقُ. يُقَالُ: طَعْمُه مُرٌّ. وطَعْمُ كلِّ شيءٍ: حَلاوتُه ومَرارتُه وَمَا بَيْنَهُمَا، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَالْجَمْعُ طُعُومٌ. وطَعِمَه طَعْماً وتَطَعَّمَه: ذاقَه فَوَجَدَ طَعْمَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي
؛ أَي مَن لَمْ يَذُقْه. يُقَالُ: طَعِمَ فلانٌ الطَّعامَ يَطْعَمه طَعْماً إِذَا أَكله بمُقَدَّمِ فِيهِ وَلَمْ يُسْرِفْ فِيهِ، وطَعِمَ مِنْهُ إِذَا ذاقَ مِنْهُ، وَإِذَا جعلتَه بِمَعْنَى الذَّوْقِ جَازَ فِيمَا يُؤْكل ويُشْرَبُ. وَالطَّعَامُ: اسْمٌ لِمَا يؤْكل، وَالشَّرَابُ: اسْمٌ لِمَا يُشْرَبُ؛ وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَعْنَى وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ
أَي لَمْ يَتَطَعَّمْ بِهِ. قَالَ اللَّيْثُ: طَعْمُ كلِّ شيءٍ يُؤْكلُ ذَوْقُه، جَعَلَ ذواقَ الْمَاءِ طَعْماً ونَهاهم أَن يأْخذوا مِنْهُ إِلَّا غَرْفَةً وَكَانَ فِيهَا رِيُّهم ورِيُّ دَوَابِّهِمْ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فأَما بنَوُ عامِرٍ بالنِّسار، ... غَدَاةَ لَقُونا، فَكَانُوا نَعَاما
نَعاماً بخَطْمَةَ صُعْرَ الخُدودِ، ... لَا تَطْعَمُ الماءَ إِلَّا صِيَاما
يَقُولُ: هِيَ صَائِمَةٌ مِنْهُ لَا تَطْعَمُه، قَالَ: وَذَلِكَ لأَن النَّعامَ لَا تَرِدُ الماءَ وَلَا تَطْعَمُه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ فِي الكِلابِ: إِذَا وَرَدْنَ الحَكَرَ الصَّغيرَ فَلَا تَطْعَمْه
؛ أَي لَا تَشْرَبه. وَفِي الْمَثَلِ: تَطَعَّمْ تَطْعَمْ أَي ذُقْ تَشَهَّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ تَطَعَّمْ تَطْعَمْ أَي ذُقْ حَتَّى تَسْتَفِيقَ أَي تشْتَهِيَ وتأْكلَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَاهُ ذُقِ الطَّعامَ فَإِنَّهُ يَدْعُوكَ إِلَى أَكْلِه، قَالَ: فَهَذَا مَثَلٌ لِمَنْ يُحْجِمُ عَنِ الأَمْرِ فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلْ فِي أَوَّلِه يدعُوك ذَلِكَ إِلَى دُخولِكَ فِي آخِرِه؛ قَالَهُ عَطاءُ بْنُ مُصْعَب. والطَّعْمُ: الأَكْلُ بِالثَّنَايَا. وَيُقَالُ: إِنَّ فُلَانًا لحَسَنُ الطَّعْمِ وَإِنَّهُ ليَطْعَمُ طَعْماً حَسَنًا. واطَّعَمَ الشيءُ: أَخَذَ طَعْماً. ولبنٌ مُطِّعِمٌ ومُطَعِّمٌ: أَخَذَ طَعْمَ السِّقَاء. وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ أَبو حَاتِمٍ يُقَالُ لبنٌ مُطَعِّم، وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ فِي السِّقاء طَعْماً وطِيباً، وَهُوَ مَا دَامَ فِي العُلْبة مَحْضٌ وَإِنْ تَغَيِّرَ، وَلَا يأخُذُ اللبنُ طَعْماً وَلَا يُطَعِّمُ فِي العُلْبةِ والإِناء أَبداً، وَلَكِنْ يتغَيَّرُ طَعْمُه فِي الإِنْقاعِ. واطَّعَمَتِ الشَّجَرَةُ، عَلَى افْتَعلَتْ: أَدْرَكَتْ ثمرَتُها، يَعْنِي أَخذَت(12/366)
طَعْماً وطابتْ. وأَطْعَمَتْ: أَدْرَكَتْ أَن تُثْمِرَ. وَيُقَالُ: فِي بُستانِ فلانٍ مِنَ الشَّجَرِ المُطْعِمِ كَذَا أَي مِنَ الشَّجَرِ المُثْمِر الَّذِي يُؤْكلُ ثمرُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهى عَنْ بَيْعِ الثّمرةِ حَتَّى تُطْعِمَ.
يقال: أَطْعَمَتِ الشجرةُ إِذا أَثْمرَتْ وأَطْعَمَتِ الثمرةُ إِذا أَدرَكتْ أَي صَارَتْ ذاتَ طَعْمٍ وَشَيْئًا يُؤْكل مِنْهَا، وَرُوِيَ:
حَتَّى تُطْعَم
أَي تُؤْكلَ، وَلَا تُؤْكلُ إِلا إِذا أَدرَكتْ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجّال:
أَخْبِرُوني عَنْ نخلِ بَيْسانَ هَلْ أَطْعَمَ
أَي هَلْ أَثْمَرَ؟ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: كرِجْرِجةِ الْمَاءِ لَا تُطْعِمُ
أَي لَا طَعْمَ لَهَا، وَيُرْوَى:
لَا تَطَّعِمُ
، بِالتَّشْدِيدِ، تَفْتَعِلُ مِنَ الطَّعْمِ. وَقَالَ النَّضْرُ: أَطْعَمْتُ الغُصْنَ إِطْعاماً إِذا وصَلْتَ بِهِ غُصْناً مِنْ غَيْرِ شَجَرِهِ، وَقَدْ أَطْعَمْتُه فطَعِمَ أَي وصَلْتُه بِهِ فقَبِلَ الوَصْلَ. وَيُقَالُ للحَمَامِ الذَّكرِ إِذا أَدخلَ فَمَهُ فِي فمِ أُنْثاه: قَدْ طاعَمَها وَقَدْ تطاعَما؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَمْ أُعْطِها بِيَدٍ، إِذْ بتُّ أَرْشُفُها، ... إِلَّا تَطاوُلَ غُصْنِ الجِيدِ بالجِيدِ
كَمَا تَطاعَمَ، فِي خَضْراءَ ناعمةٍ، ... مُطَوَّقانِ أَصاخَا بَعْدَ تَغْريدِ
وَهُوَ التَّطاعُم والمُطاعَمةُ، واطَّعَمَتِ البُسْرَةُ أَي صَارَ لَهَا طَعْمٌ وأَخذَتِ الطَّعْمَ، وَهُوَ افتعَلَ مِنَ الطَّعْم مثلُ اطَّلَبَ مِنَ الطَّلَب، واطَّرَدَ مِنَ الطَّرْدِ. والمُطْعِمةُ: الغَلْصَمة؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: أَخذَ فلانٌ بِمُطْعِمَة فُلَانٍ إِذا أَخذَ بحَلْقِه يَعْصِرُه وَلَا يَقُولُونَهَا إِلا عِنْدَ الخَنْقِ والقِتالِ. والمُطْعِمةُ: المِخْلَبُ الَّذِي تَخْطَفُ بِهِ الطيرُ اللحمَ. والمُطْعِمةُ: القوْسُ الَّتِي تُطْعِمُ الصيدَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَفِي الشِّمالِ مِنَ الشِّرْيانِ مُطْعَمةٌ ... كَبْداءٌ، فِي عَجْسِها عَطْفٌ وتَقْويمُ
كَبْداءُ: عريضةُ الكَبِدِ، وَهُوَ مَا فوقَ المَقْبِضِ بِشِبْرٍ؛ وَصَوَابُ إِنشاده:
فِي عُودِها عَطْفٌ «1»
يَعْنِي مَوْضِعَ السِّيَتَيْنِ وسائرُه مُقوَّم، البيتُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَقَالَ: إِنها تُطْعِمُ صاحبَها الصَّيْدَ. وقوسٌ مُطْعِمةٌ: يُصادُ بِهَا الصيدُ ويَكْثُر الضِّرابُ عَنْهَا. وَيُقَالُ: فلانٌ مُطْعَمٌ للصَّيْدِ ومُطْعَمُ الصَّيْدِ إِذا كَانَ مَرْزُوقًا مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
مُطْعَمٌ للصَّيْدِ، ليسَ لَهُ ... غيْرَها كَسْبٌ، عَلَى كِبَرِهْ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُطْعَمُ الصيدِ هَبَّالٌ لِبُغْيتِه
وأَنشد مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ:
رَمَتْني، يومَ ذاتِ الغِمِّ، سلمَى ... بسَهْمٍ مُطْعَمٍ للصَّيْدِ لامِي
فقلتُ لَهَا: أَصَبْتِ حصاةَ قَلْبي، ... ورُبَّتَ رَمْيةٍ مِنْ غَيْرِ رَامِي
وَيُقَالُ: إِنك مُطْعَمٌ مَوَدَّتي أَي مرزوقٌ مودَّتي؛ وقال الكميت:
__________
(1) . قوله [وَصَوَابُ إِنْشَادِهِ فِي عُودِهَا إلخ] عبارة التكملة: والرواية في عودها، فإن العطف والتقويم لا يكونان في العجز وقد أخذه من كتاب ابن فارس والبيت لذي الرمة(12/367)
بَلى إِنَّ الغَواني مُطْعَماتٌ ... مَوَدَّتَنا، وإِن وَخَطَ القَتِيرُ
أَي نُحِبُّهُنَّ وإِن شِبْنا. وَيُقَالُ: إِنه لمُتَطاعِمُ الخَلْقِ أَي مُتَتابِعُ الخَلْق. وَيُقَالُ: هَذَا رَجُلٌ لَا يَطَّعِمُ، بِتَثْقِيلِ الطَّاءِ، أَي لَا يَتأَدَّبُ وَلَا يَنْجَعُ فِيهِ مَا يُصْلِحه وَلَا يَعْقِلُ. والمُطَّعِمُ والمُطَعِّمُ مِنَ الإِبل: الَّذِي تَجِدُ فِي لَحْمه طَعْمَ الشَّحْمِ مِنْ سِمَنِه، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي جَرى فِيهَا المُخُّ قَلَيِلًا. وكُلُّ شَيْءٍ وُجِدَ طَعْمُه فَقَدِ اطَّعَم. وطَعَّمَ العظمُ: أَمَخَّ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَهُمْ تَرَكُوكُمْ لَا يُطَعِّمُ عَظْمُكُم ... هُزالًا، وَكَانَ العَظْمُ قبلُ قَصِيدا
ومُخٌّ طَعُومٌ: يُوجَدُ طَعْمُ السِّمَن فِيهِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يقالُ لَكَ غَثُّ هَذَا وطَعُومُه أَي غَثُّه وسَمِينُه. وشاةٌ طَعُومٌ وطَعِيم: فِيهَا بَعْضُ الشَّحْم، وَكَذَلِكَ الناقةُ. وجَزورٌ طَعُومٌ: سَمِينَةٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَزُورٌ طَعُومٌ وطَعِيمٌ إِذا كَانَتْ بَيْنَ الغَثَّةِ والسَّمِينَةِ. والطَّعُومَةُ: الشاةُ تُحْبَسُ لتُؤكَلَ. ومُسْتَطْعَمُ الفَرَسِ: جَحافِلُه، وَقِيلَ: مَا تحتَ مَرْسِنِه إِلى أَطراف جَحافِله؛ قَالَ الأَصمعي: يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَرَسِ أَن يَرِقَّ مُسْتَطْعَمُه. والطُّعْمُ: القُدْرة. يُقَالُ: طَعِمْتُ عَلَيْهِ أَي قَدَرْتُ عَلَيْهِ، وأَطْعَمْتُ عَيْنَه قَذىً فَطَعِمَتْهُ واسْتَطْعَمْتُ الفرسَ إِذا طَلَبْتَ جَرْيَه؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
تَدارَكهُ سَعْيٌ ورَكْضُ طِمِرَّةٍ ... سَبُوحٍ، إِذا اسْتَطْعَمْتَها الجَرْيَ تَسْبَحُ
والمُطْعِمتانِ مِنْ رِجْل كلِّ طائرٍ: هُمَا الإِصْبَعانِ المُتَقَدّمتانِ المُتقابلَتانِ. والمُطْعِمَةُ مِنَ الجَوارحِ: هِيَ الإِصْبَعُ الغَلِيظَةُ المُتَقَدِّمَةُ، واطَّرَدَ هَذَا الاسمُ فِي الطَّيْرِ كُلِّها. وطُعْمَةُ وطِعْمَةُ وطُعَيْمَةُ ومُطْعِمٌ، كُلُّها: أَسماء؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كَسانيَ ثَوْبَيْ طُعْمةَ المَوْتُ، إِنما التُّراثُ، ... وإِنْ عَزَّ الحَبيبُ، الغَنائِمُ
طغم: الطَّغامُ والطَّغامةُ: أَرْذالُ الطَّيْرِ والسِّباعِ، الواحِدةُ طَغامةٌ لِلذَّكَرِ والأُنثى مثلُ نَعامةٍ ونَعامٍ، وَلَا يُنْطَق مِنْهُ بِفعْلٍ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ اشتقاقٌ، وهُما أَيضاً أَرْذالُ الناسِ وأَوغادُهم؛ أَنشد أَبو الْعَبَّاسِ:
إِذا كَانَ اللَّبِيبُ كَذا جَهُولًا، ... فَمَا فَضْلُ اللبِيب عَلَى الطَّغامِ؟
الواحدُ والجمعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَيُقَالُ: هَذَا طَغامة مِنَ الطَّغامِ، الواحدُ والجمعُ سَواءٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وكُنْتُ، إِذا هَمَمْتُ بفِعْلِ أَمرٍ، ... يُخالِفُني الطَّغامَةُ والطَّغامُ
قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ العَرب تَقُولُ لِلرَّجُلِ الأَحْمَقِ طَغامةٌ ودَغامة، والجَمعُ الطَّغامُ. وقولُ عَليٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لأَهْل العِراق:
يَا طَغامَ الأَحْلامِ
إِنما هُوَ مِنْ بَابِ إِشْفَى المِرْفَقِ، وَذَلِكَ أَن الطَّغام لَمَّا كَانَ ضَعِيفًا اسْتَجَازَ أَن يَصِفَهُمْ بِهِ كأَنه قَالَ يَا ضِعافَ الأَحْلامِ وَيَا طاشَةَ الأَحْلامِ؛ مَعْنَاهُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا مَعْرِفةَ، وَقِيلَ: هُمْ أَوْغادُ الناسِ وأَرذالُهم، ومِثْلُه كَثِيرٌ؛ أَنشد أَبو عَلِيٍّ:
مِئْبَرة العُرْقُوب إِشْفى المِرْفَقِ
لَمَّا كَانَ الإِشْفى دَقيقاً حَادًّا استَجازَ أَن يَصِفَها بِهِ(12/368)
كأَنه قَالَ: دَقيقة الْمِرْفَقِ أَو حادَّة المِرْفَقِ، وَكَذَلِكَ كلُّ جَوْهر فِيهِ مَعْنَى الْفِعْلِ يَجُوزُ فِيهِ مثلُ هذا.
طلم: الطُّلْمة، بِالضَّمِّ: الخُبْزةُ وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيها النَّاسُ المَلَّةَ، وإِنما المَلَّةُ اسمُ الحُفْرةِ نفْسِها، فأَما الَّتِي يُمَلُّ فِيهَا فَهِيَ الطُّلْمةُ والخُبْزَةُ والمَليلُ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه رَأَى رَجُلًا يُعالِجُ طُلْمةً لأَصحابه فِي سَفَرٍ وَقَدْ عَرِقَ مِنْ حَرِّ النارِ فتأَذَّى فَقَالَ: لَا تَمَسُّه النارُ أَبداً
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا تَطْعَمُه النارُ بعدَها.
والتَّطْليمُ: ضَرْبُكَ الخُبْزَةَ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الطُّلْمَةُ هِيَ الخُبْزةُ تُجْعَل فِي المَلَّة، وَهِيَ الرَّمادُ الحارُّ. وأَصلُ الطَّلْمِ: الضرْبُ ببَسْطِ الكَفِّ، وَقِيلَ: الطُّلْمةُ صفيحةٌ مِنْ حِجَارَةٍ كالطابَقِ يُخْبَزُ عَلَيْهَا، وَقَدْ طَلَمها يَطْلِمها وطَلَّمها. وطَلَّمَ العَرَقَ عَنْ جَبينه: مسحَه؛ قَالَ حسانُ بْنُ ثَابِتٍ:
تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ، ... يُطَلِّمُهنَّ بالخُمُرِ النساءُ
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ تُلَطِّمُهنَّ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، ومَثَلُ العربِ: إِن دونَ الطُّلْمةِ خَرْطَ قَتادِ هَوْبَر؛ قَالَ: وهَوْبَر مكانٌ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
تَكَلَّفْ مَا بَدا لَكَ غيرَ طُلْمٍ، ... فَفيما دونَه خَرْطُ القَتادِ
والطُّلْمُ: جمعُ الطُّلْمةِ. والطُّلَّامُ: التَّنَوُّمُ وَهُوَ حَبُّ الشاهْدانِج. والطَّلَمُ: وسَخُ الأَسنانِ مِنْ تَرْكِ السِّواك، والله أَعلم.
طلحم: طِلْحام: موضع.
طلخم: اطْلَخَمَّ الليلُ والسحابُ: أَظْلَمَ وتَراكَمَ مِثْلُ اطْرَخَمَّ. الْجَوْهَرِيُّ: اطْلَخَمَّ الليلُ أَي اسْحَنْكَك. وأُمورٌ مُطْلَخِمَّاتٌ: شِدادٌ. واطْلَخَمَّ الرجلُ: تَكَبَّر. والمُطْلَخِمُّ: المتكبِّرُ. الأَصمعي: إِنه لَمُطْرَخِمٌّ ومُطْلَخِمٌّ أَي متكبِّرٌ مُتعظِّم، وَكَذَلِكَ مُسْلَخِمٌّ. والطُّلْخُومُ: العظيمُ الخَلْقِ. والطِّلْخامُ: الفيلُ الأُنثى. وطِلْخام: مَوْضِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فصُوائِقٌ، إِنْ أَيْمَنَتْ، فمَظِنَّةٌ، ... مِنْهَا وِحافُ القَهْرِ أَوْ طِلْخامُها «2»
. وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ؛ ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ: طِلْحام، بِكَسْرِ أَوله وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أرضٌ، وَقِيلَ: اسمُ وادٍ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِل:
بَيْضُ النَّعامِ برَعْمٍ دونَ مَسْكَنِها، ... وبالمَذانِبِ مِنْ طِلْخامَ مَرْكومُ «3»
. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يُصْرَفْ لأَنه اسْمٌ لِشَيْءٍ مؤنَّث، قَالَ: وَلَوْ كَانَ اسْمَ وادٍ لانْصَرَفَ، قَالَ: هُوَ مِنْ مُعْجَم مَا اسْتَعْجَم. والطُّلْخومُ: الماءُ الآجِنُ.
طلسم: طَلْسَمَ الرجلُ: كَرَّه وجْهَه وقَطَّبَه، وَكَذَلِكَ طَلْمَسَ وطَرْمَسَ.
__________
(2) . قوله [وحاف القهر] أنشده في التكملة في مادّة ق هـ ر بالراء المهملة، وياقوت في ق هـ ز بالزاي
(3) . قوله [بيض النعام] الذي في ياقوت: بيض الأنوق، وقوله [وبالمذانب] الذي فيه: وبالأبارق(12/369)
طمم: طَمَّ الماءُ يَطِمُّ طَمّاً وطُمُوماً: عَلا وغَمَر. وكلُّ مَا كَثُرَ وعَلا حَتَّى غَلَب فَقَدْ طَمَّ يطِمُّ. وطَمَّ الشيءَ يَطُمُّه طَمّاً: غَمَره. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: لَا تُطَمُّ امْرأَةٌ أَوْ صبيٌّ تَسْمَعُ كلامَكم
أَيْ لَا تُراعُ وَلَا تُغْلَب بكلِمة تَسْمَعُها مِنَ الرَّفَثِ، وأَصله مِنْ طَمَّ الشيءُ إِذَا عَظُمَ. وطَمَّ الماءُ إِذَا كَثُرَ، وَهُوَ طامٌّ. والطامَّةُ: الدَّاهِيَةُ تَغْلِب مَا سِواها. وطَمَّ الإِناءَ طَمّاً: مَلأَه حَتَّى عَلا الكيلُ أصبارَه. وَجَاءَ السيلُ فطَمَّ رَكيّة آلِ فُلَانٍ إِذَا دفَنها وَسَوَّاهَا؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِلرَّاجِزِ:
فصَبَّحَتْ، والطيرُ لَمْ تَكَلَّمِ، ... خابِيةً طُمَّتْ بِسَيْلٍ مُفْعَمِ
وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الَّذِي يَكثُر حَتَّى يَعْلو: قَدْ طَمَّ وَهُوَ يَطِمُّ طَمّاً. وَجَاءَ السيلُ فطَمَّ كلَّ شَيْءٍ أَيْ عَلَاهُ، وَمِنْ ثمَّ قِيلَ: فَوْقَ كلِّ شَيْءٍ طامَّةٌ، وَمِنْهُ سُمِّيت الْقِيَامَةُ طَامَّةً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ
؛ قَالَ: هِيَ القيامةُ تَطُمُّ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَيُقَالُ تَطِمُّ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الطامّةُ هِيَ الصَّيْحةُ الَّتِي تَطِمُّ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي بَكْرٍ والنَّسَّابة: مَا مِنْ طامّةٍ إِلَّا وَفَوْقَهَا طامَّةٌ
أَيْ مَا مِنْ أمرٍ عظيمٍ إلَّا وفوْقه مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَمَا مِن داهيةٍ إلا وفَوْقها داهيةٌ. وَجَاءَ بالطِّمِّ والرِّمِّ: الطِّمُّ الْمَاءُ، وَقِيلَ: مَا عَلَى وجْههِ مِنَ الغُثاء وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: الطِّمُّ والرِّمُّ وَرَقُ الشَّجَرِ وَمَا تَحاتَّ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ الثَّرَى، وَقِيلَ: بالطِّمِّ والرِّمِّ أَيِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ. والطَّمُّ: طَمُّ الْبِئْرِ بِالتُّرَابِ، وَهُوَ الكَبْس وطَمَّ الشَّيْءَ بِالتُّرَابِ طَمّاً: كَبَسه. وطَمَّ البئرَ يَطِمُّها ويَطُمُّها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: يَعْنِي كبَسَها. وطَمَّ رأْسَه يَطُمُّه طَمّاً: جَزَّه أَوْ غَضَّ مِنْهُ. الْجَوْهَرِيُّ: طَمَّ شَعَره أَيْ جَزَّه، وطَمَّ شعَره أَيضاً طُموماً إِذَا عَقَصَه، فَهُوَ شَعَرٌ مَطمومٌ. وأَطَمَّ شَعَرُه أَيْ حَانَ لَهُ أَنْ يُطَمَّ أَيْ يُجَزَّ، واسْتَطَمَّ مِثْلُهُ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيفة: خَرَج وَقَدْ طَمَّ شعَرَه
أَيْ جَزَّه واستأْصَله. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ: أَنَّهُ رُؤي مَطموم الرأْس.
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
وَعِنْدَهُ رجلٌ مَطموم الشعَر.
قَالَ أَبو نصر: يقال للطائر إذا وقَعَ عَلَى غُصْن قَدْ طَمَّمَ تَطمِيماً، وَقِيلَ: الطِّمُّ البَحْرُ والرِّمُّ الثَّرَى. والطَّمُّ، بِالْفَتْحِ: هُوَ الْبَحْرُ فكُسِرت الطَّاءُ ليزدَوج مَعَ الرِّمّ. وَيُقَالُ: جَاءَ بالطِّمّ والرِّمّ أَيْ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ، وَإِنَّمَا كَسَرُوا الطِّمَّ إِتْبَاعًا للرِّمّ، فَإِذَا أفرَدوا الطَّمَّ فَتَحُوهُ. الأَصمعي: جَاءَهُمُ الطِّمُّ والرِّمُّ إِذَا أَتَاهُمُ الأَمر الْكَثِيرُ، قَالَ: وَلَمْ نَعْرِفْ أَصْلَهُمَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ جَاءَ بالضِّحّ والرِّيح مِثْلُهُ. وَرَوَى
ابْنُ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّي البحرُ الطِّمَّ لأَنه طَمَّ عَلَى مَا فِيهِ، والرِّمُّ مَا عَلَى ظَهْرِ الأَرض مِنْ فُتاتِها
، أَرَادُوا الْكَثْرَةَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: جَاءَ بالطِّمِّ والرِّمِّ مَعْنَاهُ جَاءَ بِالْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ. والطِّمُّ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ، والرِّمُّ: مَا كَانَ بالِياً مِثْلَ العَظم وَمَا يُتَقمَّمُ. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: سُمِّيت الأَرضُ رِمّاً لأَنها تَرِمُّ. والطُّمّة: الشَّيْءُ مِنَ الكَلإِ، وأَكثر مَا يُوصَف بِهِ اليَبيسُ. والطِّمُّ: الكِبْسُ «1» . وطُمَّةُ الناسِ: جماعَتُهم ووَسَطهم. وَيُقَالُ: لَقِيتُهُ فِي طُمّة الْقَوْمِ أَيْ فِي مُجْتَمعهم. والطَّمَّةُ: الضَّلالُ والحَيرةُ. والطُّمَّةُ: القَذَرُ.
__________
(1) . قوله [والطم الكبس] بكسر أولهما والباء موحدة ساكنة أي التراب الذي يطم ويكبس به نحو البئر. وفي القاموس: الكيس أي بالمثناة التحتية بوزن سيد(12/370)
وطَمَّ الفرَسُ والإِنسانُ يَطُمُّ ويَطِمُّ طَمِيماً: خَفَّ وأَسرعَ، وَقِيلَ: ذَهَبَ عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَقِيلَ: ذَهَبَ أَيّاً كَانَ. الأَصمعي: طَمَّ البعيرُ يَطُمُّ طُموماً إِذَا مرَّ يَعْدو عَدْواً سَهْلًا؛ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ لَجَإٍ:
حَوَّزَها، مِنْ بُرَقِ الغَمِيمِ، ... أهْدَأُ يَمْشِي مِشْيَةَ الظَّليمِ
بالحَوْزِ والرِّفْقِ وبالطَّمِيمِ
قَالَ: حَوَّزَ إِبِلَهُ وجَّهَها نَحْوَ الْمَاءِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ. والرجلُ يَطُمُّ ويَطِمُّ فِي سَيره طَمِيماً: وَهُوَ مَضاؤُه وخِفّتُه، ويَطِمُّ رأْسُه طَمّاً. والطَّمِيمُ: الفرسُ المُسْرع. ومَرَّ يَطِمُّ، بِالْكَسْرِ، طَميماً أَيْ يَعدو عَدْواً سَهْلًا. وَفَرَسٌ طَمومٌ: سَرِيعَةٌ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ الْجَوَادِ طِمٌّ؛ قَالَ أَبُو النَّجْمِ يَصِفُ فَرَسًا:
أَلصَقَ مِنْ رِيشٍ عَلَى غِرائِه، ... والطِّمُّ كالسَّامي إِلَى ارْتِقائه،
يَقْرَعُه بالزَّجْرِ أَوْ إشْلائِه
قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَمَّاهُ طِمّاً لِطَميم عَدْوِه، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَبَّهه بِالْبَحْرِ كَمَا يُقَالُ لِلْفَرَسِ بَحْرٌ وغَرْبٌ وسَكْبٌ. والطِّمُّ: العَدَد الْكَثِيرُ. وطَمِيمُ النَّاسِ: أخْلاطُهم وَكَثْرَتُهُمْ. وطَمِمٌ صُلْبٌ: كَذَا جَاءَ فِي شعْر عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ، بِفَكِّ التَّضْعِيفِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدْرِي أللشِّعْر أَمْ هُوَ مِنْ بَابِ لَحِحَتْ عَينُه وأَلِلَ السِّقاءُ؛ قَالَ:
تَعْدو عَلَى الجَهْدِ مَغْلولًا مَناسِمُها، ... بَعْدَ الكَلالِ، كَعَدْو القارِح الطَّمِمِ
والطَّمْطَمةُ: العُجْمة. والطِّمْطِمُ والطِّمْطِميُّ والطُّماطِم والطُّمْطُمانيُّ: هُوَ الأَعجَم الذي لا يُفْصِح. ورجلٌ طِمطِمٌ، بِالْكَسْرِ، أَيْ فِي لِسَانِهِ عُجْمة لَا يُفْصِح؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
حِزَقٌ يَمانِيةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِمِ
وَفِي لِسَانِهِ طُمْطُمانِيَّةٌ، والأُنثى طِمْطِمِيَّةٌ وطُمْطُمانِيَّةٌ، وَهِيَ الطَّمْطَمةُ أَيْضًا. وَفِي صِفَةِ قُرَيْشٍ:
لَيْسَ فيهم طُمطُمانِيَّةُ حِمْيرَ
؛ شَبَّه كَلَامَ حِمْير لِمَا فِيهِ مِنَ الأَلفاظ المُنْكَرة بِكَلَامِ العُجْم. يُقَالُ: أَعْجَم طِمْطِميٌّ، وَقَدْ طَمْطَم فِي كَلَامِهِ. والطِّمْطِمُ: ضرْب مِنَ الضأْن لَهَا آذانٌ صِغارٌ وَأَغْبَابٌ كأَغباب الْبَقَرِ تَكُونُ بِنَاحِيَةِ الْيَمَنِ. والطِّمطام: النارُ الْكَبِيرَةُ. ابْنُ الأَعرابي: طَمْطَمَ إِذَا سَبَحَ فِي الطَّمْطام، وَهُوَ وَسَطُ الْبَحْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ لَهُ: هَلْ نفَعَ أَبَا طَالِبٍ قرابَتُه منكَ؟ قَالَ: بَلَى وَإِنَّهُ لَفي ضَحضاحٍ مِنْ نارٍ، ولوْلايَ لَكَانَ فِي الطَّمْطامِ
أَيْ فِي وَسَط النَّارِ. وطَمْطامُ الْبَحْرِ: وسَطه؛ استعارَه هَاهُنَا لمُعْظَم النَّارِ حَيْثُ اسْتَعَارَ ليَسيرها الضَّحْضاح، وَهُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ الَّذِي يَبْلغ الْكَعْبَيْنِ. أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ إِذَا نصَحْتَ الرجلَ فأَبى إِلَّا اسْتِبْداداً برأْيه: دَعْه يترمَّع فِي طُمَّتِه ويُبْدِع في خُرْئِه. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبُو تُرَابٍ الطَّماطِمُ العُجْم؛ وَأَنْشَدَ للأَفوه الأَوْدِيّ:
كالأَسْودِ الحَبَشِيِّ الحَمْسِ يَتْبَعُه ... سُودٌ طَماطِمُ، فِي آذانِها النُّطَفُ
قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ المفضَّل يَقُولُ: سأَلت رَجُلًا مِنْ أَعلم النَّاسِ عَنْ قَوْلِ عَنْتَرَةَ:
تَأْوي لَهُ قُلُصُ النَّعامِ، كَمَا أَوَتْ ... حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِمِ
فَقَالَ: يَكُونُ بِالْيَمَنِ مِنَ السَّحَابِ مَا لَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ(12/371)
مِنَ البُلدان فِي السَّمَاءِ، قَالَ: وَرُبَّمَا نشأَت سَحابةٌ فِي وسَط السَّمَاءِ فيُسْمَع صَوْتُ الرعْدِ فِيهَا كأَنه مِنْ جَمِيعِ السَّمَاءِ فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ السَّحابُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فالحِزَقُ اليَمانِيةُ تِلْكَ السَّحائبُ. والأَعْجَمُ الطِّمْطِمُ: صَوْتُ الرَّعْدِ؛ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو فِي قَوْلِ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ نَاقَةً:
باتَتْ عَلَى ثَفِنٍ لأْمٍ مَراكِزُه، ... جَافَى بِهِ مُسْتَعِدَّاتٌ أطامِيمُ
ثَفِنٍ لأْمٍ: مُسْتَوِيات، مَراكِزهُ: مَفَاصِلُهُ، وأَراد بالمُستَعِدّاتِ القوائِمَ، وَقَالَ: أَطاميمُ نَشِيطةٌ لَا واحدَ لَهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَطَامِيمُ تَطِمُّ فِي السَّيْرِ أَي تُسرِع.
طنم: أَهْمَلَهُ اللَّيْثُ. ابْنُ الأَعرابي: الطَّنَمةُ صَوْتُ العُودِ المُطْربُ.
طهم: المُطَهَّمُ مِنَ النَّاسِ والخيلِ: الحَسَنُ التامُّ كلُّ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ فَهُوَ بارِعُ الجمالِ. فرسٌ مُطَهَّم وَرَجُلٌ مُطَهَّم. والمُطَهَّم أَيضاً: القليلُ لَحْم الوَجْه؛ عَنْ كُرَاعٍ. ووَجْهٌ مُطَهَّمٌ أَيْ مُجْتَمِعٌ مُدَوَّرٌ. والمُطَهَّمُ: المُنْتَفِخُ الوجهِ ضِدٌّ، وَقِيلَ: المُطَهَّمُ السمينُ الفاحشُ.
ووصَف عليٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، سَيِّدَنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ بالمُطَهَّمِ وَلَا بالمُكَلْثَمِ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُفسَّرَ بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: أَيْ لَمْ يَكُنْ بالمُدَوَّرِ الوجْه وَلَا بالمُوَجَّنِ وَلَكِنَّهُ مَسْنُونُ الوجْهِ. الأَزهري: سُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ تَفْسِيرِ المُطَهَّم فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: المُطَهَّم مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ الَّذِي كلُّ عُضْوٍ مِنْهُ حسَنٌ عَلَى حِدته، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ المُطَهَّمُ السمينُ الفاحِشُ السِّمَنِ، فَقَدْ تَمَّ النفْيُ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ بالمُطَهَّم وَهَذَا مَدْحٌ، وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ النَّحافةُ فَقَدْ تَمَّ النَّفْيُ فِي هَذَا لأَن أُمَّ مَعْبَدٍ وصَفَتْه بأَنه لَمْ تَعِبْه نُحْلةٌ وَلَمْ تَشِنْه ثُجْلة أَيِ انتفاخُ بَطنٍ، قَالَ: وَأَمَّا مَنْ قَالَ التَّطْهِيمُ الضِّخَمُ فَقَدْ صَحَّ النَّفْي، فكأَنه قَالَ لَمْ يَكُنْ بالضَّخْم، قَالَ: وَهَكَذَا
وَصَفَهُ عليٌّ، رِضْوانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: كَانَ بَادِنًا مُتماسِكاً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: لَمْ يكن بالمُطَهَّمِ، وهو المُنْتَفِخُ الوَجهِ، وَقِيلَ: الفاحشُ السِّمَنِ، وَقِيلَ: النحيفُ الجِسْمِ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. اللِّحْيَانِيُّ: مَا أَدْرِي أيُّ الطُّهْمِ هُوَ وأَيُّ الدُّهْمِ هُوَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أيْ أيُّ الناسِ هُوَ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الطُّهْمَةُ والصُّهْمَةُ فِي اللَّوْنِ أَنْ تُجاوِزَ سُمْرَتُه إِلَى السَّوَادِ، ووَجْهٌ مُطهَّمٌ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: والتَّطهِيمُ النِّفارُ فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
تِلْكَ الَّتِي أَشْبَهَتْ خَرْقاءَ جِلْوَتُها، ... يَوْمَ النَّقا، بَهْجَةٌ مِنْهَا وتَطْهِيمُ
قَالَ: التَّطْهِيمُ فِي هَذَا الْبَيْتِ النِّفارُ، قَالَ: ومِن هَذَا يُقَالُ فلانٌ يَتَطَهَّمُ عَنّا أَيْ يَسْتَوْحِشُ، والخيلُ المُطَهَّمَةُ فَإِنَّهَا المُقَرَّبة المُكرَّمةُ العزيزةُ الأَنْفُسِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: مَا لَكَ تَطَهَّمُ عَنْ طَعامنا أَيْ تَرْبَأُ بنَفْسِك عنه؛ وقولُ أَبي النَّجْمِ:
أَخْطِمُ أَنفَ الطَّامِحِ المُطَهَّمِ
أَرَادَ الرجلَ الكريمَ الحسَبِ؛ وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ فِي قَوْلِ طُفَيْل:
وَفِينَا رِباطُ الخَيْلِ كلُّ مُطَهَّمٍ ... رَجِيلٍ، كسِرْحانِ الغَضَى المُتَأَوِّبِ
قَالَ: المُطَهَّمُ الناعِمُ الحسَنُ، والرَّجيلُ الشديدُ(12/372)
المشْي. وَيُقَالُ: تَطَهَّمْتُ الطَّعَامَ إِذَا كرِهْتَه. وطَهْمان: اسمُ رجلٍ، وَاللَّهُ أَعلم.
طوم: طُومٌ: اسمٌ للمنِيَّةِ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
إنْ كانَ صَخْرٌ تَوَلَّى فالشَّماتُ بِكُمْ، ... وكَيْفَ يَشْمَتُ مَنْ كانَتْ لَهُ طُومُ؟
وَقَدْ فُسِّر هَذَا الْبَيْتُ بأَنه القَبْرُ أيضاً
طيم: طامَهُ الله عَلَى الخَير يَطِيمُه طَيْماً: جَبَله. يُقَالُ: مَا أحْسَنَ مَا طامَه اللهُ. وطانَه يَطِينُه أَيْ جَبَله، وَمِنْهُ الطِّيماءُ، وَهِيَ الجِبِلَّة، والطِّيماءُ الطبيعةُ. يُقَالُ: الشِّعْر مِنْ طِيمائِه أَيْ مِنْ سُوسِه؛ حَكَاهَا الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ، قَالَ: وَلَا أَقول إِنَّهَا بدلٌ مِنْ نُونِ طانَ لأَنهم لَمْ يَقُولُوا طِيناء.
فصل الظاء المعجمة
ظأم: الظَّأْمُ: السِّلْفُ، لغةٌ فِي الظَّأْبِ، وَقَدْ تَظاءَما وظأَمَه. وَقَدْ ظاءَبَني مُظاءبةً وظاءَمني إِذَا تَزوّجْتَ أَنْتَ امرأَةً وَتَزَوَّجَ هُوَ أُخْتَها. وظَأْمُ التَّيْسِ: صَوْتُه ولَبْلَبَتُه كَظَأْبه. الْجَوْهَرِيُّ: الظَّأْمُ الكلامُ والجَلَبَةُ مثل الظَّأْبِ.
ظلم: الظُّلْمُ: وَضْع الشَّيْءِ فِي غَيْرِ موضِعه. وَمِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ فِي الشَّبه: مَنْ أَشْبَهَ أَباه فَمَا ظَلَم؛ قَالَ الأَصمعي: مَا ظَلَم أَيْ مَا وَضَعَ الشَّبَه فِي غَيْرِ مَوْضعه وَفِي الْمَثَلِ: مَنِ اسْترْعَى الذِّئْبَ فَقَدْ ظلمَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ زِمْلٍ: لَزِموا الطَّرِيق فَلَمْ يَظْلِمُوه
أَيْ لَمْ يَعْدِلوا عَنْهُ؛ يُقَالُ: أَخَذَ فِي طريقٍ فَمَا ظَلَم يَمِيناً وَلَا شِمالًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
أُمِّ سَلمَة: إِنَّ أَبَا بكرٍ وعُمَرَ ثَكَما الأَمْر فَمَا ظَلَماه
أَيْ لَمْ يَعْدِلا عَنْهُ؛ وَأَصْلُ الظُّلم الجَوْرُ ومُجاوَزَة الحدِّ، وَمِنْهُ حَدِيثُ الوُضُوء:
فَمَنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وظَلَمَ
أَيْ أَساءَ الأَدبَ بتَرْكِه السُّنَّةَ والتَّأَدُّبَ بأَدَبِ الشَّرْعِ، وظَلمَ نفْسه بِمَا نَقَصَها مِنَ الثَّوَابِ بتَرْدادِ المَرّات فِي الوُضوء. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ
؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وجماعةُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: لَمْ يَخْلِطوا إِيمَانَهُمْ بِشِرْكٍ، ورُوِي ذَلِكَ عَنْ حُذَيْفة وابنِ مَسْعود وسَلمانَ، وتأَوّلوا فِيهِ قولَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
. والظُّلْم: المَيْلُ عَنِ القَصد، وَالْعَرَبُ تَقُول: الْزَمْ هَذَا الصَّوْبَ وَلَا تَظْلِمْ عَنْهُ أَيْ لَا تَجُرْ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ عزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
؛ يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ المُحْيي المُمِيتُ الرزّاقُ المُنْعِم وَحْده لَا شَرِيكَ لَهُ، فَإِذَا أُشْرِك بِهِ غَيْرُهُ فَذَلِكَ أَعْظَمُ الظُّلْمِ، لأَنه جَعل النعمةَ لِغَيْرِ ربِّها. يُقَالُ: ظَلَمَه يَظْلِمُهُ ظَلْماً وظُلْماً ومَظْلِمةً، فالظَّلْمُ مَصْدرٌ حقيقيٌّ، والظُّلمُ الاسمُ يَقُومُ مَقام الْمَصْدَرِ، وَهُوَ ظالمٌ وظَلوم؛ قَالَ ضَيْغَمٌ الأَسدِيُّ:
إِذَا هُوَ لمْ يَخَفْني فِي ابْنِ عَمِّي، ... وإنْ لَمْ أَلْقَهُ الرجُلُ الظَّلُومُ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ
؛ أرادَ لَا يَظْلِمُهُم مِثْقالَ ذَرَّةٍ، وعَدَّاه إِلَى مَفْعُولَيْنِ لأَنه فِي مَعْنَى يَسْلُبُهم، وَقَدْ يَكُونُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي مَوْضِعِ الْمَصْدَرِ أَيْ ظُلْماً حَقِيرًا كمِثْقال الذَّرَّةِ؛ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَظَلَمُوا بِها*
؛ أَيْ بِالْآيَاتِ الَّتِي جاءَتهم، وَعَدَّاهُ بِالْبَاءِ لأَنه فِي مَعْنَى كَفَرُوا بِهَا، والظُّلمُ الاسمُ، وظَلَمه حقَّه وتَظَلَّمه إِيَّاهُ؛ قَالَ أَبُو زُبَيْد الطَّائِيُّ:(12/373)
وأُعْطِيَ فَوْقَ النِّصْفِ ذُو الحَقِّ مِنْهمُ، ... وأَظْلِمُ بَعْضاً أَوْ جَمِيعاً مُؤَرِّبا
وَقَالَ:
تَظَلَّمَ مَالي هَكَذَا ولَوَى يَدِي، ... لَوَى يَدَه اللهُ الَّذِي هُوَ غالِبُهْ
وتَظَلَّم مِنْهُ: شَكا مِنْ ظُلْمِه. وتَظَلَّم الرجلُ: أحالَ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِه؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وَأَنْشَدَ:
كانَتْ إِذَا غَضِبَتْ عَلَيَّ تَظَلَّمَتْ، ... وَإِذَا طَلَبْتُ كَلامَها لَمْ تَقْبَلِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قولُ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَلَا أَدْري كَيْفَ ذَلِكَ، إِنَّمَا التَّظَلُّمُ هَاهُنَا تَشَكِّي الظُّلْم مِنْهُ، لأَنها إِذَا غَضِبَت عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَنْسُبَ الظُّلْمَ إِلَى ذاتِها. والمُتَظَلِّمُ: الَّذِي يَشْكو رَجُلًا ظَلَمَهُ. والمُتَظَلِّمُ أَيْضًا: الظالِمُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
نَقِرُّ ونَأْبَى نَخْوَةَ المُتَظَلِّمِ
أَيْ نَأْبَى كِبْرَ الظَّالِمِ. وتَظَلَّمَني فلانٌ أَيْ ظَلَمَني مَالِي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
وَمَا يَشْعُرُ الرُّمْحُ الأَصَمُّ كُعوبُه ... بثَرْوَةِ رَهْطِ الأَعْيَطِ المُتَظَلِّمِ
قَالَ: وَقَالَ رافِعُ بْنُ هُرَيْم، وَقِيلَ هُرَيْمُ بنُ رَافِعٍ، والأَول أَصح:
فهَلَّا غَيْرَ عَمِّكُمُ ظَلَمْتُمْ، ... إِذَا مَا كُنْتُمُ مُتَظَلِّمِينا
أَيْ ظالِمِينَ. وَيُقَالُ: تَظَلَّمَ فُلانٌ إِلَى الْحَاكِمِ مِنْ فُلانٍ فظَلَّمَه تَظْليماً أَيْ أَنْصَفَه مِنْ ظالِمه وأَعانَه عَلَيْهِ؛ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنَّهُ أَنشد عَنْهُ:
إِذَا نَفَحاتُ الجُودِ أَفْنَيْنَ مالَه، ... تَظَلَّمَ حَتَّى يُخْذَلَ المُتَظَلِّمُ
قَالَ: أَيْ أَغارَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَكْثُرَ مالُه. قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: جَعَل التَّظلُّمَ ظُلْماً لأَنه إِذَا أَغارَ عَلَى النَّاسِ فَقَدْ ظَلَمَهم؛ قَالَ: وأَنْشَدَنا لِجَابِرٍ الثَّعْلَبِيِّ:
وعَمْرُو بنُ هَمَّام صَقَعْنا جَبِينَه ... بِشَنْعاءَ تَنْهَى نَخْوةَ المُتَظَلِّمِ
قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: يُرِيدُ نَخْوةَ الظَّالِمِ. والظَّلَمةُ: المانِعونَ أهْلَ الحُقوقِ حُقُوقَهم؛ يُقَالُ: مَا ظَلَمَك عَنْ كَذَا، أَيْ مَا مَنَعك، وَقِيلَ: الظَّلَمةُ فِي المُعامَلة. قَالَ المُؤَرِّجُ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: أَظْلَمي وأَظْلَمُكَ فَعَلَ اللهُ بِهِ أَي الأَظْلَمُ مِنَّا. وَيُقَالُ: ظَلَمْتُه فتَظَلَّمَ أَيْ صبَر عَلَى الظُّلْم؛ قَالَ كُثَيّر:
مَسائِلُ إنْ تُوجَدْ لَدَيْكَ تَجُدْ بِها ... يَدَاكَ، وإنْ تُظْلَمْ بِهَا تَتَظلَّمِ
واظَّلَمَ وانْظَلَم: احْتَملَ الظُّلْمَ. وظَلَّمه: أَنْبأَهُ أَنَّهُ ظالمٌ أَوْ نَسَبَهُ إِلَى الظُّلْم؛ قَالَ:
أَمْسَتْ تُظَلِّمُني، ولَسْتُ بِظالمٍ، ... وتُنْبِهُني نَبْهاً، ولَسْتُ بِنائمِ
والظُّلامةُ: مَا تُظْلَمُهُ، وَهِيَ المَظْلِمَةُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَمَّا المَظْلِمةُ فَهِيَ اسْمَ مَا أُخِذَ مِنْكَ. وأَردْتُ ظِلامَهُ ومُظالَمتَه أَيْ ظُلمه؛ قَالَ:
ولَوْ أَنِّي أَمُوتُ أَصابَ ذُلًّا، ... وسَامَتْه عَشِيرتُه الظِّلامَا
والظُّلامةُ والظَّلِيمةُ والمَظْلِمةُ: مَا تَطْلُبه عِنْدَ(12/374)
الظَّالِمِ، وَهُوَ اسْمُ مَا أُخِذَ مِنْكَ. التَّهْذِيبَ: الظُّلامةُ اسْمُ مَظْلِمتِك الَّتِي تَطْلُبها عِنْدَ الظَّالم؛ يُقَالُ: أَخَذَها مِنه ظُلامةً. وَيُقَالُ: ظُلِم فُلانٌ فاظَّلَم، مَعْنَاهُ أَنَّهُ احْتَمل الظُّلْمَ بطيبِ نَفْسِه وَهُوَ قادرٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ، وَهُوَ افْتِعَالٌ، وأَصله اظْتَلم فقُلِبت التاءُ طَاءً ثُمَّ أُدغِمَت الظَّاءُ فِيهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِمَالِكِ بْنِ حَريم:
مَتَى تَجْمَعِ القَلْبَ الذَّكيَّ وصارِماً ... وأَنْفاً حَمِيّاً، تَجْتَنِبْك المَظَالِمُ
وتَظالَمَ القومُ: ظلَمَ بعضُهم بَعْضًا. وَيُقَالُ: أَظْلَمُ مِنْ حَيَّةٍ لأَنها تأْتي الجُحْرَ لَمْ تَحْتَفِرْه فتسْكُنُه. وَيَقُولُونَ: مَا ظَلَمَك أَنْ تَفْعَلَ؛ وَقَالَ رَجُلٌ لأَبي الجَرَّاحِ: أَكلتُ طَعَامًا فاتَّخَمْتُه، فَقَالَ أَبو الجَرَّاحِ: مَا ظَلَمك أَن تَقِيءَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
قالَتْ لَهُ مَيٌّ بِأَعْلى ذِي سَلَمْ: ... أَلَا تَزُورُنا، إنِ الشِّعْبُ أَلَمّ؟
قالَ: بَلى يَا مَيُّ، واليَوْمُ ظَلَمْ
قَالَ الْفَرَّاءُ: هُمْ يَقُولُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ واليَوْمُ ظَلَم أَيْ حَقّاً، وَهُوَ مَثَلٌ؛ قَالَ: ورأَيت أَنَّهُ لَا يَمْنَعُني يومٌ فِيهِ عِلّةٌ تَمْنع. قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يَقُولُ فِي قَوْلِهِ واليوْمُ ظَلَم حَقًّا يَقِينًا، قَالَ: وأُراه قولَ المُفَضَّل، قَالَ: وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ فِي لَا جَرَمَ أَيْ حَقّاً يُقيمه مُقامَ الْيَمِينِ، وَلِلْعَرَبِ أَلفاظ تُشْبِهُهَا وَذَلِكَ فِي الأَيمان كَقَوْلِهِمْ: عَوْضُ لَا أَفْعلُ ذَلِكَ، وجَيْرِ لَا أَفْعلُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً
؛ أَيْ لَمْ تَنْقُصْ مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ*
، قَالَ: مَا نَقَصُونا شَيْئاً بِمَا فَعَلُوا وَلَكِنْ نَقَصُوا أنفسَهم. والظِّلِّيمُ، بِالتَّشْدِيدِ: الكثيرُ الظُّلْم. وتَظَالَمتِ المِعْزَى: تَناطَحَتْ مِمَّا سَمِنَتْ وأَخْصَبَتْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ السَّاجِعِ: وتَظالَمَتْ مِعْزاها. ووَجَدْنا أَرْضاً تَظَالَمُ مِعْزاها أَيْ تَتناطَحُ مِنَ النَّشاط والشِّبَع. والظَّلِيمةُ والظَّلِيمُ: اللبَنُ يُشْرَبُ مِنْهُ قَبْلَ أن يَرُوبَ ويَخْرُجَ زُبْدُه؛ قَالَ: وقائِلةٍ:
ظَلَمْتُ لَكُمْ سِقائِي ... وَهَلْ يَخْفَى عَلَى العَكِدِ الظَّلِيمُ؟
وَفِي الْمَثَلِ: أهْوَنُ مَظْلومٍ سِقاءٌ مُروَّبٌ؛ وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
وصاحِب صِدْقٍ لَمْ تَرِبْني شَكاتُه ... ظَلَمْتُ، وَفِي ظَلْمِي لَهُ عامِداً أَجْرُ
قَالَ: هَذَا سِقاءٌ سَقَى مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ زُبْدُه. وظَلَمَ وَطْبَه ظَلْماً إِذَا سَقَى مِنْهُ قبل أن يَرُوبَ ويُخْرَجَ زُبْدُه. وظَلَمْتُ سِقائِي: سَقَيْتُهم إيَّاه قَبْلَ أَنْ يَرُوبَ؛ وَأَنْشَدَ الْبَيْتَ الَّذِي أَنشده ثَعْلَبٌ:
ظَلَمْتُ، وَفِي ظَلْمِي لَهُ عَامِدًا أَجْرُ
قَالَ الأَزهري: هَكَذَا سَمِعْتُ الْعَرَبَ تُنْشِدُهُ: وَفِي ظَلْمِي، بِنَصْب الظَّاءِ، قَالَ: والظُّلْمُ الِاسْمُ والظُّلْمُ العملُ. وظَلَمَ القوْمَ: سَقاهم الظَّلِيمةَ. وَقَالُوا امرأَةٌ لَزُومٌ لِلفِناء، ظَلومٌ للسِّقاء، مُكْرِمةٌ لِلأَحْماء. التَّهْذِيبَ: الْعَرَبُ تَقُولُ ظَلَمَ فلانٌ سِقاءَه إِذَا سَقاه قَبْلَ أَنْ يُخْرَجَ زُبْدُه؛ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِذَا شُرِبَ لبَنُ السِّقاء قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الرُّؤُوبَ فَهُوَ المَظْلومُ(12/375)
والظَّلِيمةُ، قَالَ: وَيُقَالُ ظَلَمْتُ القومَ إِذَا سَقاهم اللَّبَنَ قَبْلَ إِدْراكِهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَكَذَا رُوِيَ لَنَا هَذَا الحرفُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ظَلَمْتُ القومَ، وَهُوَ وَهَمٌ. وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ وَأَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى أَنَّهُمَا قَالَا: يُقَالُ ظَلَمْتُ السقَاءَ وظَلَمْتُ اللبنَ إِذَا شَرِبْتَه أَوْ سَقَيْتَه قَبْلَ إِدْرَاكِهِ وإخراجِ زُبْدَتِه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: ظَلَمتُ وَطْبي القومَ أي سَقَيْتُه قبل رُؤُوبه. والمَظْلُوم: اللبنُ يُشْرَبُ قَبْلَ أن يَبْلُغَ الرُّؤُوبَ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ ظَلَم الوَادِي إِذَا بَلَغَ الماءُ مِنْهُ موضِعاً لَمْ يَكُنْ نالَهُ فِيمَا خَلا وَلَا بَلَغَه قَبْلَ ذَلِكَ؛ قَالَ: وأَنشدني بَعْضُهُمْ يَصِفُ سَيْلًا:
يَكادُ يَطْلُع ظُلْماً ثُمَّ يَمْنَعُه ... عَنِ الشَّواهِقِ، فَالْوَادِي بِهِ شَرِقُ
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ يَصِفُ سَيْلًا:
إلَّا الأَوارِيَّ لأْياً مَا أُبَيِّنُها، ... والنُّؤْيُ كالحَوضِ بالمَظلُومة الجَلَدِ
قَالَ: النُّؤْيُ الحاجزُ حولَ الْبَيْتِ مِنْ تُرَابٍ، فشَبَّه داخلَ الحاجِزِ بالحوض بالمظلومة، يعني أَرْضًا مَرُّوا بِهَا فِي بَرِّيَّةِ فتَحَوَّضُوا حَوْضاً سَقَوْا فِيهِ إبِلَهُمْ وَلَيْسَتْ بمَوْضِع تَحْويضٍ. يُقَالُ: ظَلَمْتُ الحَوْضَ إِذَا عَمِلْتَه فِي مَوْضِعٍ لَا تُعْمَلُ فِيهِ الحِياض. قَالَ: وأَصلُ الظُّلْمِ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
عَادَ الأَذِلَّةُ فِي دارٍ، وكانَ بِهَا ... هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلَّامُونَ للجُزُرِ
أَيْ وَضَعوا النَّحْرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وظُلِمَت الناقةُ: نُحِرَتْ من غَيْرِ عِلَّةٍ أَوْ ضَبِعَتْ عَلَى غَيْرِ ضَبَعَةٍ. وكُلُّ مَا أَعْجَلْتَهُ عَنْ أَوَانِهِ فَقَدْ ظَلَمْتَهُ، وأَنشد بَيْتَ ابْنِ مُقْبِلٍ:
هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلَّامُون للجُزُر
وظَلَم الحِمارُ الأَتانَ إِذَا كامَها وَقَدْ حَمَلَتْ، فَهُوَ يَظْلِمُها ظَلْماً؛ وأَنشد أَبُو عَمْرٍو يَصِفُ أُتُناً:
أَبَنَّ عقَاقاً ثُمَّ يَرْمَحْنَ ظَلْمَةً ... إِبَاءً، وَفِيهِ صَوْلَةٌ وذَمِيلُ
وظَلَم الأَرضَ: حَفَرَها وَلَمْ تَكُنْ حُفِرَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَحْفِرَها فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الحَفْرِ؛ قَالَ يَصِفُ رَجُلًا قُتِلَ فِي مَوْضِعٍ قَفْرٍ فحُفِرَ لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ حَفْرٍ:
أَلَا للهِ مِنْ مِرْدَى حُروبٍ، ... حَواه بَيْنَ حِضْنَيْه الظَّلِيمُ
أَيُّ الْمَوْضِعِ الْمَظْلُومِ. وظَلَم السَّيلُ الأَرضَ إِذَا خَدَّدَ فِيهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ تَخْدِيدٍ؛ وأَنشد للحُوَيْدِرَة:
ظَلَم البِطاحَ بِهَا انْهلالُ حَرِيصَةٍ، ... فَصَفَا النِّطافُ بِهَا بُعَيْدَ المُقْلَعِ
مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الإِقْلاعِ، مُفْعَلٌ بِمَعْنَى الإِفْعالِ، قَالَ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ مُقامٌ بِمَعْنَى الإِقامةِ. وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ فِي كِتَابِهِ: وأَرضٌ مَظْلُومة إِذَا لَمْ تُمْطَرْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا أَتَيْتُمْ عَلَى مَظْلُومٍ فأَغِذُّوا السَّيْرَ.
قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: المَظْلُومُ البَلَدُ الَّذِي لَمْ يُصِبْهُ الغَيْثُ وَلَا رِعْيَ فِيهِ لِلرِّكابِ، والإِغْذاذُ الإِسْراعُ. والأَرضُ المَظْلومة: الَّتِي لَمْ تُحْفَرْ قَطُّ ثُمَّ حُفِرَتْ، وَذَلِكَ الترابُ الظَّلِيمُ، وسُمِّيَ تُرابُ لَحْدِ القبرِ ظَلِيماً لِهَذَا الْمَعْنَى؛ وأَنشد:(12/376)
فأَصْبَحَ فِي غَبْراءَ بعدَ إشاحَةٍ، ... عَلَى العَيْشِ، مَرْدُودٍ عَلَيْهَا ظَلِيمُها
يَعْنِي حُفْرَةَ الْقَبْرِ يُرَدُّ تُرابها عَلَيْهِ بَعْدَ دَفْنِ الْمَيِّتِ فِيهَا. وَقَالُوا: لَا تَظْلِمْ وَضَحَ الطريقِ أَي احْذَرْ أَن تَحِيدَ عَنْهُ وتَجُورَ فَتَظْلِمَه. والسَّخِيُّ يُظْلَمُ إِذَا كُلِّفَ فوقَ مَا فِي طَوْقِهِ، أَو طُلِبَ مِنْهُ مَا لَا يجدُه، أَو سُئِلَ مَا لَا يُسْأَلُ مثلُه، فَهُوَ مُظَّلِمٌ وَهُوَ يَظَّلِمُ وَيَنْظَلِمُ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ قَوْلَ زُهَيْرٍ:
هُوَ الجَوادُ الَّذِي يُعْطِيكَ نائِله ... عَفْواً، ويُظْلَمُ أَحْياناً فيَظَّلِمُ
أَي يُطْلَبُ مِنْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الطَّلَب، وَهُوَ عِنْدُهُ يَفْتعِلُ، وَيُرْوَى يَظْطَلِمُ، وَرَوَاهُ الأَصمعي يَنْظَلِمُ. الْجَوْهَرِيُّ: ظَلَّمْتُ فُلَانًا تَظْلِيماً إِذَا نَسَبْتَهُ إِلَى الظُّلْمِ فانْظَلَم أَي احْتَمَلَ الظُّلْم؛ وأَنشد بَيْتَ زُهَيْرٍ:
ويُظْلَم أَحياناً فَيَنْظَلِمُ
وَيُرْوَى فيَظَّلِمُ أَي يَتَكَلَّفُ، وَفِي افْتَعَل مِنْ ظَلَم ثلاثُ لغاتٍ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقْلِبُ التَّاءَ طَاءً ثُمَّ يُظْهِر الطَّاءَ وَالظَّاءَ جَمِيعًا فَيَقُولُ اظْطَلَمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُدْغِمُ الظَّاءَ فِي الطَّاءِ فَيَقُولُ اطَّلَمَ وَهُوَ أَكثر اللُّغَاتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُ أَن يُدْغِمَ الأَصلي فِي الزَّائِدِ فَيَقُولَ اظَّلَم، قَالَ: وأَما اضْطَجَع فَفِيهِ لُغَتَانِ مَذْكُورَتَانِ فِي مَوْضِعِهِمَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَعْلُ الْجَوْهَرِيِّ انْظَلَم مُطاوعَ ظَلَّمتُهُ، بِالتَّشْدِيدِ، وَهَمٌ، وَإِنَّمَا انْظَلَم مطاوعُ ظَلَمْتُه، بِالتَّخْفِيفِ كَمَا قَالَ زهير:
ويُظْلَم أَحْياناً فيَنْظَلِمُ
قَالَ: وأَما ظَلَّمْتُه، بِالتَّشْدِيدِ، فمطاوِعُه تَظَلَّمَ مِثْلُ كَسَّرْتُه فتَكَسَّرَ، وظَلَم حَقَّه يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ فِي مِثْلِ ظَلَمني حَقِّي حَمْلًا عَلَى مَعْنَى سَلَبَني حَقِّي؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا*
؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فَتِيلًا وَاقِعًا مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ أَي ظُلْماً مِقْدارَ فَتِيلٍ. وبيتٌ مُظَلَّمٌ: مُزَوَّقٌ كأَنَّ النَّصارَى وَضَعَتْ فِيهِ أَشياء فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ فَإِذَا البيتُ مُظَلَّمٌ فَانْصَرَفَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَدْخُلْ
؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ المُزَوَّقُ، وَقِيلَ: هُوَ المُمَوَّهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، قَالَ: وَقَالَ الهَرَوِيُّ أَنكره الأَزهري بِهَذَا الْمَعْنَى، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ مِنْ الظَّلْمِ وَهُوَ مُوهَةُ الذَّهَبِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَاءِ الْجَارِي عَلَى الثَّغْرِ ظَلْمٌ. وَيُقَالُ: أَظْلَم الثَّغْرُ إِذَا تَلأْلأَ عَلَيْهِ كَالْمَاءِ الرَّقِيقِ مِنْ شدَّة بَرِيقه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذَا مَا اجْتَلَى الرَّاني إِلَيْهَا بطَرْفِه ... غُرُوبَ ثَناياها أَضاءَ وأَظْلَما
قَالَ: أَضاء أَي أَصاب ضوءاً، أَظْلَم أَصَابَ ظَلْماً. والظُّلْمَة والظُّلُمَة، بِضَمِّ اللَّامِ: ذَهَابُ النُّورِ، وَهِيَ خِلَافُ النُّورِ، وجمعُ الظُّلْمةِ ظُلَمٌ وظُلُماتٌ وظُلَماتٌ وظُلْمات؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَجْلُو بعَيْنَيْهِ دُجَى الظُّلُماتِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ظُلَمٌ جَمْعُ ظُلْمَة، بِإِسْكَانِ اللَّامِ، فأَما ظُلُمة فَإِنَّمَا يَكُونُ جَمْعُهَا بالأَلف وَالتَّاءِ، وَرَأَيْتُ هُنَا(12/377)
حَاشِيَةً بِخَطِّ سَيِّدِنَا رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: قَالَ الْخَطِيبُ أَبو زَكَرِيَّا المُهْجَةُ خالِصُ النَّفْسِ، وَيُقَالُ فِي جَمْعِهَا مُهُجاتٌ كظُلُماتٍ، وَيَجُوزُ مُهَجات، بِالْفَتْحِ، ومُهْجاتٌ، بِالتَّسْكِينِ، وَهُوَ أَضعفها؛ قَالَ: وَالنَّاسُ يأْلَفُون مُهَجات، بِالْفَتْحِ، كأَنهم يَجْعَلُونَهُ جَمْعَ مُهَجٍ، فَيَكُونُ الْفَتْحُ عِنْدَهُمْ أَحسن مِنَ الضَّمِّ. والظَّلْماءُ: الظُّلْمة رُبَّمَا وُصِفَ بِهَا فَيُقَالُ ليلةٌ ظَلْماء أَي مُظْلِمة. والظَّلامُ: اسْمٌ يَجْمَع ذَلِكَ كالسَّوادِ وَلَا يُجْمعُ، يَجْري مَجْرَى الْمَصْدَرِ، كَمَا لَا تُجْمَعُ نَظَائِرُهُ نَحْوُ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ، وَتُجْمَعُ الظُّلْمة ظُلَماً وظُلُمات. ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ الظَّلام أَوّل اللَّيْلِ وَإِنْ كَانَ مُقْمِراً، يُقَالُ: أَتيته ظَلاماً أَيْ لَيْلًا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا ظَرْفًا. وَأَتَيْتُهُ مَعَ الظَّلام أَيْ عِنْدِ اللَّيْلِ. وليلةٌ ظَلْمةٌ، عَلَى طرحِ الزَّائِدِ، وظَلْماءُ كِلْتَاهُمَا: شَدِيدَةُ الظُّلْمة. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: ليلٌ ظَلْماءُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ غَرِيبٌ وَعِنْدِي أَنه وَضَعَ اللَّيْلَ مَوْضِعَ اللَّيْلَةِ، كَمَا حَكَى ليلٌ قَمْراءُ أَي لَيْلَةٌ، قَالَ: وظَلْماءُ أَسْهلُ مِنْ قَمْراء. وأَظْلَم الليلُ: اسْوَدَّ. وَقَالُوا: مَا أَظْلَمه وَمَا أَضوأَه، وَهُوَ شَاذٌّ. وظَلِمَ الليلُ، بِالْكَسْرِ، وأَظْلَم بِمَعْنًى؛ عَنِ الْفَرَّاءِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا
. وظَلِمَ وأَظْلَمَ؛ حَكَاهُمَا أَبو إِسْحَاقَ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فِيهِ لُغَتَانِ أَظْلَم وظَلِمَ، بِغَيْرِ أَلِف. والثلاثُ الظُّلَمُ: أَوّلُ الشَّهْر بعدَ اللَّيَالِي الدُّرَعِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِي لَيَالِي الشَّهْرِ بَعْدَ الثلاثِ البِيضِ ثلاثٌ دُرَعٌ وثلاثٌ ظُلَمٌ، قَالَ: وَالْوَاحِدَةُ مِنَ الدُّرَعِ والظُّلَم دَرْعاءُ وظَلْماءُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ وأَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدِ: واحدةُ الدُّرَعِ والظُّلَم دُرْعةٌ وظُلْمة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا الَّذِي قَالَاهُ هُوَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لِثَلَاثِ لَيَالٍ مِنْ لَيَالِي الشَّهْرِ اللَّائِي يَلِينَ الدُّرَعَ ظُلَمٌ لإِظْلامِها عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، لأَن قِيَاسَهُ ظُلْمٌ، بِالتَّسْكِينِ، لأَنَّ وَاحِدَتَهَا ظَلْماء. وأَظْلَم القومُ: دَخَلُوا فِي الظَّلام، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ
. وَقَوْلُهُ عزَّ وَجَلَّ: يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ*
؛ أَي يُخْرِجُهُمْ مِنْ ظُلُمات الضَّلالة إِلَى نُورِ الهُدَى لأَن أَمر الضَّلالة مُظْلِمٌ غَيْرُ بَيِّنٍ. وَلَيْلَةٌ ظَلْماءُ، وَيَوْمٌ مُظْلِمٌ: شَدِيدُ الشَّرِّ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
فأُقْسِمُ أَنْ لوِ الْتَقَيْنا وأَنتمُ، ... لَكَانَ لَكُمْ يومٌ مِنَ الشَّرِّ مُظْلِمُ
وأَمْرٌ مُظْلِم: لَا يُدرَى مِنْ أَينَ يُؤْتَى لَهُ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَمرٌ مِظْلامٌ وَيَوْمٌ مِظْلامٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى؛ وأَنشد:
أُولِمْتَ، يَا خِنَّوْتُ، شَرَّ إِيلَامِ ... فِي يومِ نَحْسٍ ذِي عَجاجٍ مِظْلام
وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْيَوْمِ الَّذِي تَلقَى فِيهِ شِدَّةً يومٌ مُظلِمٌ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ يومٌ ذُو كَواكِبَ أَي اشتَدّت ظُلْمته حَتَّى صَارَ كَاللَّيْلِ؛ قَالَ:
بَني أَسَدٍ، هَلْ تَعْلَمونَ بَلاءَنا، ... إِذَا كَانَ يومٌ ذُو كواكِبَ أَشْهَبُ؟
وظُلُماتُ الْبَحْرِ: شدائِدُه. وشَعرٌ مُظْلِم: شديدُ السَّوادِ. ونَبْتٌ مُظلِمٌ: ناضِرٌ يَضْرِبُ إِلَى السَّوادِ مِنْ خُضْرَتِه؛ قَالَ:
فصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقالِ، ... ومُظلِماً ليسَ عَلَى دَمالِ(12/378)
وتكلَّمَ فأَظْلَمَ عَلَيْنَا البيتُ أَي سَمِعنا مَا نَكْرَه، وَفِي التَّهْذِيبِ: وأَظْلَم فلانٌ عَلَيْنَا الْبَيْتَ إِذَا أَسْمَعنا مَا نَكْرَه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَظْلمَ يَكُونُ لَازِمًا وواقِعاً، قَالَ: وَكَذَلِكَ أَضاءَ يَكُونُ بِالْمَعْنَيَيْنِ: أَضاءَ السراجُ بِنَفْسِهِ إِضَاءَةً، وأَضاء للناسِ بِمَعْنَى ضاءَ، وأَضأْتُ السِّراجَ للناسِ فضاءَ وأَضاءَ. ولقيتُه أَدنَى ظَلَمٍ، بِالتَّحْرِيكِ، يَعْنِي حِينَ اخْتَلطَ الظلامُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَقِيتُهُ أَوّلَ كلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: أَدنَى ظَلَمٍ القريبُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مِنْكَ أَدنَى ذِي ظَلَمٍ، ورأَيتُه أَدنَى ظَلَمٍ الشَّخْصُ، قَالَ: وَإِنَّهُ لأَوّلُ ظَلَمٍ لقِيتُه إِذَا كَانَ أَوّلَ شيءٍ سَدَّ بَصَرَك بِلَيْلٍ أَو نَهَارٍ، قَالَ: وَمِثْلُهُ لَقِيتُهُ أَوّلَ وَهْلةٍ وأَوّلَ صَوْكٍ وبَوْكٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: لقِيتُه أَوّلَ ذِي ظُلْمةٍ أَي أَوّلَ شيءٍ يَسُدُّ بَصَرَكَ فِي الرُّؤْيَةِ، قَالَ: وَلَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فِعْلٌ. والظَّلَمُ: الجَبَل، وَجَمْعُهُ ظُلُومٌ؛ قَالَ المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
تَعامَسُ حَتَّى يَحْسبَ الناسُ أَنَّها، ... إِذَا مَا اسْتُحِقَّت بالسُّيوفِ، ظُلُومُ
وقَدِمَ فلانٌ واليومُ ظَلَم؛ عَنْ كُرَاعٍ، أَي قدِمَ حَقًّا؛ قَالَ:
إنَّ الفراقَ اليومَ واليومُ ظَلَمْ
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ واليومُ ظَلَمنا، وَقِيلَ: ظَلَم هَاهُنَا وَضَع الشيءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. والظَّلْمُ: الثَّلْج. والظَّلْمُ: الماءُ الَّذِي يَجْرِي ويَظهَرُ عَلَى الأَسْنان مِنْ صَفاءِ اللَّوْنِ لَا مِنَ الرِّيقِ كالفِرِنْد، حَتَّى يُتَخيَّلَ لَكَ فِيهِ سوادٌ مِنْ شِدَّةِ الْبَرِيقِ والصَّفاء؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
تَجْلو غَواربَ ذِي ظَلْمٍ، إِذَا ابتسمَتْ، ... كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلولُ
وَقَالَ الْآخَرُ:
إِلَى شَنْباءَ مُشْرَبَةِ الثَّنايا ... بماءِ الظَّلْمِ، طَيِّبَةِ الرُّضابِ
قَالَ: يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ الْمَعْنَى بِمَاءِ الثَّلْج. قَالَ شَمِرٌ: الظَّلْمُ بياضُ الأَسنان كأَنه يَعْلُوهُ سَوادٌ، والغُروبُ ماءُ الأَسنان. الْجَوْهَرِيُّ: الظَّلْمُ، بِالْفَتْحِ، ماءُ الأَسْنان وبَريقُها، وَهُوَ كالسَّوادِ داخِلَ عَظمِ السِّنِّ مِنْ شِدَّةِ الْبَيَاضِ كفِرِنْد السَّيْف؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ ضَبَّةَ:
بوَجْهٍ مُشْرِقٍ صافٍ، ... وثغْرٍ نائرِ الظلْمِ
وَقِيلَ: الظَّلْمُ رِقَّةُ الأَسنان وشِدَّة بَيَاضِهَا، وَالْجَمْعُ ظُلُوم؛ قَالَ:
إِذَا ضَحِكَتْ لَمْ تَنْبَهِرْ، وتبسَّمَتْ ... ثَنَايَا لَهَا كالبَرْقِ، غُرٌّ ظُلُومُها
وأَظْلَم: نَظَرَ إِلَى الأَسنان فرأَى الظَّلْمَ؛ قَالَ:
إِذَا مَا اجْتَلى الرَّاني إِلَيْهَا بعَيْنِه ... غُرُوبَ ثَنَايَاهَا، أَنارَ وأَظْلَما «2»
. والظَّلِيمُ: الذكَرُ مِنَ النعامِ، وَالْجَمْعُ أَظْلِمةٌ وظُلْمانٌ وظِلْمانٌ، قِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لأَنه ذكَرُ الأَرضِ فيُدْحِي فِي غَيْرِ مَوْضِعِ تَدْحِيَةٍ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَهَذَا مَا لَا يُؤْخذُ. وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: ومَهْمَهٍ فِيهِ ظُلْمانٌ
؛ هُوَ جَمْعُ ظَلِيم. والظَّلِيمانِ: نَجْمَانِ. والمُظَلَّمُ مِنَ الطَّيْرِ: الرَّخَمُ والغِرْبانُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
حَمَتْهُ عِتاقُ الطيرِ كلَّ مُظَلَّم، ... مِنَ الطيرِ، حَوَّامِ المُقامِ رَمُوقِ
__________
(2) . أضاء بدل أنار(12/379)
والظِّلَّامُ: عُشْبة تُرْعَى؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
رَعَتْ بقَرارِ الحَزْنِ رَوْضاً مُواصِلًا، ... عَمِيماً مِنَ الظِّلَّامِ، والهَيْثَمِ الجَعْدِ
ابْنُ الأَعرابي: وَمِنْ غَرِيبِ الشَّجَرِ الظِّلَمُ، وَاحِدَتُهَا ظِلَمةٌ، وَهُوَ الظِّلَّامُ والظِّلامُ والظالِمُ؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ شَجَرٌ لَهُ عَسالِيجُ طِوالٌ وتَنْبَسِطُ حَتَّى تجوزَ حَدَّ أَصل شَجَرِها فَمِنْهَا سُمِّيَتْ ظِلاماً. وأَظْلَمُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَظْلمُ اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
يَزِيفُ يمانِيه لأَجْراعِ بِيشَةٍ، ... ويَعْلو شآمِيهِ شَرَوْرَى وأَظْلَما
وكَهْفُ الظُّلم: رَجُلٌ مَعْرُوفٌ مِنَ الْعَرَبِ. وظَلِيمٌ ونَعامَةُ: مَوْضِعَانِ بنَجْدٍ. وظَلَمٌ: مَوْضِعٌ. والظَّلِيمُ: فرسُ فَضالةَ بْنِ هِنْدِ بْنِ شَرِيكٍ الأَسديّ، وَفِيهِ يَقُولُ:
نصَبْتُ لَهُمْ صَدْرَ الظَّلِيمِ وصَعْدَةً ... شُراعِيَّةً فِي كفِّ حَرَّان ثائِر
ظنم: قَالَ الأَزهري: أَما ظَنَم فالناسُ أَهملوه إِلَّا مَا رَوَى ثعلبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الظَّنَمةُ الشَّرْبةُ مِنَ اللَّبَنِ الَّذِي لَمْ تُخْرَجْ زُبْدَتُه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَصلها ظَلَمة.
ظهم: شَيْءٌ ظَهْمٌ: خَلَق. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ كُنَّا عندَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فسُئِلَ أَيُّ المَدينتين تُفْتَحُ أَوَّلَ: قُسْطنْطِينيَّةُ أَو رُومِيَّة؟ فَدَعَا بصندوقٍ ظَهْمٍ، قَالَ: والظَّهْمُ الخَلَقُ، قَالَ: فأَخْرَجَ كِتَابًا فَنَظَرَ فِيهِ وَقَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَكْتُبُ مَا قَالَ، فسُئِل أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَح أَوَّلَ: قُسْطنْطِينيَّةُ أَو رُوميَّة؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مدينةُ ابنِ هِرَقْلَ تُفْتَح أَوّلَ
يَعْنِي القُسْطَنْطِينيَّةَ؛ قَالَ الأَزهري: كَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمعْه إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
ظوم: الظَّوْمُ: صوتُ التَّيْسِ عِنْدَ الهِياجِ، وَزَعَمَ يعقوبُ أَن مِيمُهُ بَدَلٌ مِنْ بَاءِ الظابِ.
فصل العين المهملة
عبم: العَبَامُ والعَباماءُ: الغليظُ الخِلْقةِ فِي حُمْقٍ، وَقِيلَ: هُوَ العَيِيُّ الأَحْمَقُ؛ قَالَ أَوْسُ بنُ حجَر يذْكُرُ أَزْمةً فِي سَنَةٍ شَدِيدَةِ البَرْد:
وشُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبَامُ مِنَ الأَقْوامِ ... سَقْباً مُجَلَّلًا فَرَعا
وَقَدْ عَبُمَ يَعْبُم عَبامَةً. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْعَظِيمِ الجسمِ: عِبَمٌّ وهُدَبِدٌ. والعُبُمُ: جماعةُ عَبامٍ، وَهُوَ الَّذِي لَا عقلَ لَهُ وَلَا أَدبَ وَلَا شجاعةَ وَلَا رأسَ مَالٍ، وَهُوَ عِبَمٌّ وعَبامَاءُ. والعَبامُ: الفَدْمُ العَيِيُّ الثَّقِيلُ. والعَبامُ: الماءُ الكثير «1» الغليظُ.
عبثم: عَبْثَمٌ: اسم.
عتم: عَتَم الرجلُ عَنِ الشَّيْءِ يَعْتِمُ وعَتَّم: كَفَّ عَنْهُ بَعْدَ المُضِيِّ فِيهِ؛ قَالَ الأَزهري: وأَكثر مَا يُقَالُ عَتَّم تَعْتِيماً، وَقِيلَ: عَتَّم احْتَبَسَ عَنْ فِعْل الشَّيْءِ يُرِيدُهُ. وعتَم عَنِ الشَّيْءِ يَعْتِمُ وأَعْتَم وعَتَّم: أَبْطأَ، وَالِاسْمُ العَتَمُ: وعَتَم قِراهُ: أَخَّره. وقِرًى عاتِمٌ ومُعَتِّمٌ: بطيءٌ مُمْسٍ، وَقَدْ عَتَم
__________
(1) . قوله [والعبام الماء الكثير] ضبطه في المحكم كسحاب، وفي التكملة بخط المؤلف: ماء عبام وعطاء عبام كثير، وضبطه بالضم بوزن غراب(12/380)
قِرَاه. وأَعْتَمه صاحبُه وعَتَّمه أَي أَخَّره. وَيُقَالُ: فلانٌ عاتِمُ القِرَى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا رأيْنا أَنه عاتِمُ القِرَى ... بَخِيلٌ، ذَكَرْنا ليلةَ الهَضْمِ كَرْدَما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ جَاءَنَا ضَيْفٌ عاتِمٌ إِذَا جَاءَ ذَلِكَ الوقتَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَبْني العُلى ويَبْتَني المَكارِما، ... أَقْراهُ للضَّيْفِ يؤُوب عاتِمَا
وأَعْتَمْتَ حاجَتك أَي أَخَّرْتَها. وَقَدْ عَتَمَتْ حاجتُك، ولغةٌ أُخرى: أَعْتَمَتْ حاجتُك أَي أَبْطأَتْ؛ وأَنشد قَوْلَهُ:
مَعاتِيمُ القِرَى، سُرُفٌ إِذَا مَا ... أَجَنَّتْ طَخْيَةُ الليلِ البَهِيمِ
وَقَالَ الطِّرِمّاحُ يَمْدَحُ رَجُلًا:
مَتَى يَعِدْ يُنْجِزْ، وَلَا يَكْتَبِلْ ... مِنْهُ العَطايا طُولُ إِعْتامِها
وأَنشد ثَعْلَبٌ لِشَاعِرٍ يَهْجُو قَوْمًا:
إِذَا غابَ عنْكُمْ أَسوَدُ العَينِ كُنْتُمُ ... كِراماً، وأَنْتمْ، مَا أَقامَ، أَلائِمُ
تحَدَّث رُكْبانُ الحَجِيجِ بلُؤْمِكمْ، ... ويَقْرِي بِهِ الضَّيْفَ اللِّقاحُ العَواتِمُ
يَقُولُ: لَا تَكُونُونَ كِرَامًا حَتَّى يَغِيبَ عَنْكُمْ هَذَا الجبلُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ أَسْوَدُ العَينِ وَهُوَ لَا يَغِيبُ أَبداً، وَقَوْلُهُ: يَقْرِي بِهِ الضيفَ اللقاحُ الْعَوَاتِمُ، مَعْنَاهُ أَن أَهل الْبَادِيَةِ يتَشاغَلون بِذِكْرِ لُؤْمِكُمْ عَنْ حَلْبِ لِقاحِهم حَتَّى يُمْسُوا، فَإِذَا طَرَقَهم الضيفُ صادفَ الأَلْبانَ بِحَالِهَا لَمْ تُحْلَبْ فَنَالَ حاجَته، فَكَانَ لُؤمُكم قِرى الأَضيافِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: العُتُم يَكُونُ فَعالُهم مَدْحاً وَيَكُونُ ذَمّاً جمعُ عاتِمٍ وعَتُومٍ، فَإِذَا كَانَ مَدْحاً فَهُوَ الَّذِي يَقْري ضِيفانَه الليلَ والنهارَ، وَإِذَا كَانَ ذَمّاً فَهُوَ الَّذِي لَا يَحْلُب لبَنَ إبِله مُمْسِياً حَتَّى ييْأَسَ مِنَ الضَّيْفِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ؛ العَتَمةُ الإِبْطاءُ أَيضاً؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ الإِطْنابة:
وجِلاداً إنْ نَشِطْت لهُ ... عاجِلًا ليسَتْ لَهُ عَتَمه
وحمَل عَلَيْهِ فَمَا عَتَّمَ أَي مَا نَكَلَ وَلَا أَبْطأَ. وضرَبَ فلانٌ فُلَانًا فَمَا عَتَّم وَلَا عَتَّبَ وَلَا كَذَّبَ أَي لَمْ يَتَمَكَّثْ وَلَمْ يتَباطأْ فِي ضرْبه إِيَّاهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: نَهى عَنِ الحَريرِ إِلَّا هَكَذَا وَهَكَذَا فَمَا عَتَّمْنا
أَنه يَعْني الأَعْلامَ أَي أَبْطأْنا عَنْ معرفةِ مَا عَنى وأَراد؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شاهدُه قولُ الشَّاعِرِ:
فمَرَّ نَضِيُّ السَّهمِ تحتَ لَبانِه، ... وجالَ عَلَى وَحْشِيِّه لَمْ يُعَتِّمِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعامَّةُ تقولُ ضرَبَهُ فَمَا عَتَّبَ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ نَخْلٍ:
أَنَّ سَلْمانَ غرَس كَذَا وَكَذَا وَدِيَّةً والنبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُناوِلُه وَهُوَ يَغْرِسُ فَمَا عَتَّمَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ
أَي مَا لَبِثَتْ أَن عَلِقَتْ. وعَتَمَتِ الإِبلُ تَعْتِمُ وتَعْتُمُ وأَعْتَمَتْ واسْتَعْتَمَتْ: حُلِبَتْ عِشاءً وَهُوَ مِنَ الإِبْطاء والتَّأَخُّرِ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الحَذْلَمِيُّ:
فِيهَا ضَوىً قَدْ رُدَّ مِنْ إِعْتامِها
والعَتَمَةُ: ثلثُ الليلِ الأَولُ بَعْدَ غَيْبوبةِ الشَّفَقِ. أَعْتَم الرجلُ: صَارَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَيُقَالُ: أَعْتَمنا مِنَ العَتَمَةِ كَمَا يُقَالُ أَصْبَحْنا مِنَ الصُّبْحِ. وأَعْتَم(12/381)
القومُ وعَتَّمُوا تَعْتِيماً: سَارُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَو أَوْرَدُوا أَوْ أَصْدَروا، أَو عَمِلوا أَيَّ عَمَلٍ كَانَ، وَقِيلَ: العَتَمةُ وقتُ صلاةِ الْعِشَاءِ الأَخيرةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لاسْتِعْتامِ نَعَمِها، وَقِيلَ: لِتَأخُّر وقتِها. ابْنُ الأَعرابي: عَتَم الليلُ وأَعْتَم إِذَا مَرَّ قِطْعةٌ مِنَ اللَّيْلِ، وَقَالَ: إِذَا ذَهب النهارُ وَجَاءَ اللَّيْلُ فَقَدْ جَنَح الليلُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَغْلِبَنَّكُم الأَعرابُ عَلَى اسْمِ صَلاتِكم العشاءِ؛ فَإِنَّ اسْمها فِي كِتَابِ اللَّهِ العِشاءُ، وَإِنَّمَا يُعْتَمُ بحِلابِ الإِبل
؛ قَوْلُهُ:
إِنَّمَا يُعْتَمُ بِحلابِ الإِبل
، مَعْنَاهُ لَا تُسَمُّوها صلاةَ العَتَمة فَإِنَّ الأَعرابَ الَّذِينَ يَحْلُبُونَ إبلَهم إِذَا أَعْتَموا أَي دَخَلُوا فِي وَقْتِ العَتَمة سَمَّوْها صلاةَ العَتَمة، وسَمَّاها اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ صلاةَ الْعِشَاءِ، فسَمُّوها كَمَا سَمَّاها اللهُ لَا كَمَا سَمَّاهَا الأَعرابُ، فَنَهَاهُمْ عَنِ الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ، ويُستحَبُّ لَهُمُ التَّمَسُّكُ بِالِاسْمِ النَّاطِقِ بِهِ لسانُ الشريعةِ، وَقِيلَ: أَرَادَ لَا يَغُرَّنَّكُمْ فعْلُهم هَذَا فَتُؤَخِّروا صَلَاتَكُمْ وَلَكِنْ صَلُّوها إِذَا حانَ وقْتُها. وعَتَمةُ الليلِ: ظلامُ أَوَّلهِ عِنْدَ سقوطِ نُورِ الشفقِ. يُقَالُ: عَتَم الليلُ يَعْتِمُ. وَقَدْ أَعْتَم الناسُ إِذَا دَخَلوا فِي وَقْتِ العَتَمة، وأَهلُ البادِية يُرِيحون نَعَمَهم بُعَيْدَ المَغْرِب ويُنِيخُونَها فِي مُراحِها سَاعَةً يَسْتَفِيقونها، فَإِذَا أَفاقَت وَذَلِكَ بَعْدَ مَرِّ قطعة من الليلِ أَثارُوها وحَلَبوها، وَتِلْكَ الساعةُ تُسَمَّى عَتَمةً، وَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: اسْتَعْتِمُوا نَعَمَكم حَتَّى تُفِيقَ ثُمَّ احْتَلِبوها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرّ: واللِّقاحُ قَدْ رُوِّحَتْ وحُلِبتْ عَتَمتُها
أَي حُلِبَتْ مَا كَانَتْ تُحْلَبُ وقتَ العَتَمةِ، وَهُمْ يُسَمُّون الحِلاب عَتَمةً بِاسْمِ الْوَقْتِ. وَيُقَالُ: قَعَدَ فُلَانٌ عِنْدَنَا قَدْرَ عَتَمة الحَلائبِ أَي احْتَبَس قَدْرَ احْتِباسها للإِفاقَةِ. وأَصلُ العَتْمِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ المُكْثُ والاحْتِباسُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعَتَمةُ بقِيَّةُ اللبنِ تُفيقُ بِهَا النَّعَمُ فِي تِلْكَ الساعةِ. يُقَالُ: حَلَبْنا عَتَمةً. وعَتَمةُ الليلُ: ظَلامُه. وَقَوْلُهُ: طَيْفٌ أَلَمّ بذِي سَلَمْ، يَسْرِي عَتَمْ بينَ الخِيَمْ، يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْهَاءِ كَقَوْلِهِمْ هُوَ أَبو عُذْرِها؛ وَقَوْلُهُ:
أَلا ليتَ شِعْرِي هَلْ تَنَظَّرَ خالِدٌ ... عِيادِي عَلَى الهِجْرانِ أَم هُوَ يائِسُ؟
قَدْ يَكُونُ مِنَ البُطْءِ أَي يَسْري بطِيئاً، وَقَدْ عَتَم الليلُ يَعْتِمُ. وعَتَمَةُ الإِبلِ: رُجوعُها مِنَ المَرْعى بعد ما تُمْسي. وناقةٌ عَتُومٌ: وهي الَّتِي لَا تَزالُ تَعَشَّى حَتَّى تَذْهَبَ ساعةٌ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا تُحْلَبُ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
أُدِرُّ النَّسا كيْلا تَدِرَّ عَتُومُها
والعَتُومُ: الناقةُ الَّتِي لَا تَدِرُّ إِلَّا عَتَمَةً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ثَعْلَبٌ العَتُومة الناقةُ الغزيرةُ الدَّرّ؛ وأَنشد لِعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ:
سُودٌ صَناعِيَةٌ، إِذَا مَا أَوْرَدُوا ... صَدَرَتْ عَتُومَتُهمْ، ولَمَّا تُحْلَبِ
صُلْعٌ صَلامعةٌ، كأَنَّ أُنُوفَهُمْ ... بَعَرٌ يُنَظِّمهُ الوَلِيدُ بِمَلْعَب
لَا يَخْطُبونَ إِلَى الكرامِ بنَاتِهمْ، ... وتَشِيبُ أَيِّمُهُمْ وَلَمَّا تُخْطَبِ
وَيُرْوَى:
يُنَظّمُه وَليدٌ يَلْعَبُ
سُودٌ صَناعِيَةٌ: يَصْنعونَ المالَ ويُسَمّنُونَه،(12/382)
والصَّلامِعَةُ: الدِّقاقُ الرُّؤُوس. قَالَ الأَزهري: العَتُوم ناقةٌ غَزِيرَةٌ يُؤخَّرُ حِلابُها إِلَى آخِرِ اللَّيْلِ. وَقِيلَ: مَا قَمْراءُ أَرْبَع «1» ؟ فَقِيلَ: عَتَمةُ رُبَع أَي قَدْر مَا يَحْتَبِسُ فِي عشَائه؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ الأَنصاري: الْعَرَبُ تَقول للقَمَرِ إِذَا كَانَ ابْنَ لَيْلَةٍ: عَتَمَةُ سُخَيْلة حَلَّ أَهلُها برُمَيْلة أَي قَدْرُ احْتِباسِ القَمَرِ إِذَا كَانَ ابْنَ لَيْلَةٍ، ثُمَّ غُروبِه قدْر عَتَمةِ سَخْلَةٍ يَرْضَعُ أُمَّه، ثُمَّ يَحْتَبِسُ قَلِيلًا، ثُمَّ يعودُ لرَضاعِ أُمِّه، وَذَلِكَ أَن يُفَوِّقَ السِّخْلُ أمَّه فُواقاً بعدَ فُواقٍ يَقْرُبُ وَلَا يَطولُ، وَإِذَا كَانَ القمرُ ابنَ لَيْلَتَيْن قِيلَ لَهُ: حديثُ أَمَتَيْن بكَذِبٍ ومَيْنٍ، وَذَلِكَ أَن حَدِيثَهما لَا يَطولُ لشُغْلِهما بمَهْنَةِ أَهْلِهما، وَإِذَا كَانَ ابنَ ثَلَاثٍ قِيلَ: حدِيثُ فَتَياتٍ غيرِ مُؤْتَلفاتٍ، وَإِذَا كَانَ ابنَ أَرْبَع قِيلَ: عَتَمةُ رُبَع غَيْرِ جَائِعٍ وَلَا مُرْضَع؛ أَرادوا أَن قدرَ احتباسِ القَمَرِ طَالِعًا ثُمَّ غُروبه قدرُ فُواقِ هَذَا الرُّبَعِ أَو فُواق أُمِّه. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: عَتَمَةُ أُمِّ الرُّبَع، وَإِذَا كَانَ ابنَ خَمْسٍ قِيلَ: حديثٌ وأُنْس، وَيُقَالُ: عَشاءُ خَلفاتٍ قُعْسٍ، وَإِذَا كَانَ ابنَ سِت قِيلَ: سِرْ وبِتْ، وَإِذَا كَانَ ابنَ سَبْع قِيلَ: دُلْجَةُ الضَّبُعُ، وَإِذَا كَانَ ابنَ ثَمان قِيلَ: قَمَرٌ إضْحِيان، وَإِذَا كَانَ ابنَ تِسْع قِيلَ: يُلْقَطُ فِيهِ الجِزْعُ، وَإِذَا كَانَ ابنَ عَشْر قِيلَ لَهُ: مُخَنِّقُ الفَجْر؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
نُجُومَ الشِّتاء العَاتماتِ الغَوامِضا
يَعْنِي بالعاتماتِ الَّتِي تُظْلِمُ مِنَ الغَبَرة الَّتِي فِي السَّمَاءِ، وَذَلِكَ فِي الجَدْب لأَن نجومَ الشِّتاء أَشدُّ إِضَاءَةً لنَقاء السَّمَاءِ. وضَيْفٌ عاتِمٌ: مُقِيمٌ. وعَتَّمَ الطائرُ إِذَا رَفْرَفَ عَلَى رَأْسِكَ وَلَمْ يَبْعُدْ، وَهِيَ بِالْغَيْنِ وَالْيَاءِ أَعلى. وعَتَم عَتْماً: نَتَفَ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والعُتْم والعُتُم: شَجَرُ الزَّيْتُونِ البَرِّي الَّذِي لَا يَحْمِلُ شَيْئًا، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَنْبتُ مِنْهُ بِالْجِبَالِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي زَيْدٍ الغَافِقيِّ: الأَسْوِكَةُ ثلاثةٌ أَراكٌ فَإِنْ لَمْ يكنْ فَعَتَمٌ أَو بُطْمٌ
؛ العَتَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: الزَّيْتونُ، وَقِيلَ: شَيْءٌ يُشْبِههُ يَنْبُت بالسَّراة؛ وَقَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّة الهُذَليُّ:
مِنْ فَوْقِه شُعَبٌ قُرٌّ، وأَسْفَلُه ... جَيءٌ تَنَطَّقَ بالظَّيَّانِ والعَتَم
وثَمَرُه الزَّغْبَجُ، والجَيْءُ: الماءُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الدُّور فَيَجْتَمِعُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَمِنْهُ أُخِذَ هَذِهِ الْجَيْئَةُ الْمَعْرُوفَةُ؛ وَقَالَ أُمَيَّةُ:
تِلْكُمْ طَرُوقَتُه، واللهُ يَرْفَعها، ... فِيهَا العَذاةُ، وَفِيهَا يَنْبُتُ العَتَمُ
وَقَالَ الجَعْدِيّ:
تَسْتَنُّ بالضِّرْوِ مِنْ بَراقِشَ أَوْ ... هَيْلانَ، أَوْ ناضِرٍ منَ العُتُم
وَقَوْلُهُ:
ارْمِ عَلَى قَوْسِكَ مَا لَمْ تَنْهَزِمُ، ... رَمْيَ المَضَاءِ وجَوادِ بنِ عُتُمْ
يَجُوزُ فِي عُتُمٍ أَن يَكُونَ اسْمَ رَجُلٍ وأَن يكون اسم فرسٍ.
عثم: العَثْمُ: إِساءَةُ الجَبْر حَتَّى يَبْقَى فِيهِ أَوَدٌ كَهَيْئَةِ المَشَشِ. عَثَمَ العظمُ يَعْثِمُ عَثْماً وعَثِمَ عَثَماً، فَهُوَ عَثِمٌ: سَاءَ جَبْرُه وَبَقِيَ فِيهِ أَوَدٌ فَلَمْ يَسْتَوِ.
__________
(1) . قوله [ما قمراء أربع] كذا في الصحاح والقاموس، والذي في المحكم: ما قمر أربع، بغير مد(12/383)
وعَثَمَ العظمُ المكسورُ إِذَا انجَبر عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ، وعَثَمْتُه أَنا، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وعَثَمه يَعْثِمُه عَثْماً وعَثَّمه، كِلَاهُمَا: جَبَره، وَخَصَّ بعضُهم بِهِ جَبْرَ الْيَدِ عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ. يُقَالُ: عَثَمَتْ يدُه تَعْثِمُ وعَثَمْتُها أَنَا إِذَا جَبرْتَها عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تَعْثُم، بِضَمِّ الثَّاءِ، وتَعْثُل مِثْلُهُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا وَنَحْوُهُ مِنْ بَابِ فَعَلَ وفعَلْتُه شاذٌّ عَنِ الْقِيَاسِ، وَإِنْ كَانَ مُطَّرِدًا فِي الِاسْتِعْمَالِ، إِلَّا أَنَّ لَهُ عِنْدِي وَجْهًا لأَجله جَازَ، وَهُوَ أَن كُلَّ فَاعِلٍ غيرَ الْقَدِيمِ سُبْحَانَهُ فَإِنَّمَا الفِعْلُ فِيهِ شيءٌ أُعِيرَه وأُعْطِيَه وأُقدِرَ عَلَيْهِ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ فاعِلًا فإنه لَمَّا كَانَ مُعاناً مُقْدَراً صَارَ كأَنَّ فِعْلَهُ لِغَيْرِهِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى؟ قَالَ: وَقَدْ قَالَ بعضُ النَّاسِ إِنَّ الفعلَ لِلَّهِ وَإِنَّ العبدَ مُكْتَسِبٌ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ هَذَا خَطَأً عِنْدَنَا فَإِنَّهُ قولٌ لِقَوْمٍ، فَلَمَّا كَانَ قولُهم عَثَم العظمُ وعَثَمْتُه أنَّ غَيْرَهُ أَعَانَهُ «1» ، وإنْ جَرَى لفظُ الْفِعْلِ لَهُ تجاوَزَتِ العربُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ أَظهرت هُنَاكَ فِعْلًا بِلَفْظِ الأَوَّلِ مُتَعدِّياً، لأَنه قَدْ كَانَ فاعِلُه فِي وَقْتِ فعلِه إِيَّاهُ، إِنَّمَا هُوَ مُشاءٌ إِلَيْهِ أَو مُعانٌ عَلَيْهِ، فخَرج اللَّفْظَانِ لِمَا ذَكَرْنَا خُروجاً وَاحِدًا، فاعْرِفْه، وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَ فِي السَّيْفِ عَلَى التَّشْبِيهِ؛ قَالَ:
فَقَدْ يُقْطَعُ السيفُ اليَماني وجَفْنُه ... شَباريقَ أَعشارٍ عُثِمْنَ عَلَى كَسْرِ
قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العَثْمُ فِي الكَسْر والجُرْحِ تَداني العَظمِ حَتَّى هَمَّ أَن يَجْبُر وَلَمْ يجْبُرْ بعدُ كَمَا يَنْبَغِي. يُقَالُ: أَجَبَر عظمُ الْبَعِيرِ؟ فَيُقَالُ: لَا، وَلَكِنَّهُ عَثَم وَلَمْ يجْبُر. وَقَدْ عَثَم الجرحُ: وَهُوَ أَن يَكْنُبَ ويَجْلُبَ وَلَمْ يَبرأْ بعدُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعي: فِي الأَعضاء إِذَا انجبرَتْ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ صُلحٌ، وَإِذَا انجبرتْ عَلَى عَثْمٍ الدِّيةُ.
يُقَالُ: عَثَمْت يَدَه فعَثَمَتْ إِذَا جَبرتَها عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ وَبَقِيَ فِيهَا شيءٌ لَمْ يَنحَكِمْ، وَمِثْلُهُ مِنَ الْبِنَاءِ رَجَعْتُه فرَجَع ووقَفْته فوَقَفَ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَثَلَ، بِاللَّامِ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ؛ وأَما قَوْلُ عَمْرِو بْنِ الإِطنابَةِ لأُحيحة بْنِ الجُلاحِ:
فِيمَ تَبْغِي ظُلْمَنا ولِمَه ... فِي وُسوقٍ عَثْمةٍ قَنِمه؟
فَإِنَّ ثَعْلَبًا قَالَ: عَثْمة فَاسِدَةٌ وأَظن أَنها نَاقِصَةٌ مُشْتَقٌّ مِنَ العَثْمِ، وَهُوَ مَا قدَّمْنا مِنْ أَن يجْبَر العَظمُ عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ، وَإِنْ شئتَ قلتَ إِنَّ أَصل العَثْمِ الَّذِي هُوَ جَبر العظمِ الفسادُ أَيضاً، لأَن ذَلِكَ النوعَ مِنَ الجبْر فسادٌ فِي الْعَظْمِ ونقصانٌ عَنْ قُوَّتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا أَو عَنْ شَكْلِهِ. ابْنُ الأَعرابي: العُثُم جَمْعُ عاثِمٍ وَهُمُ المُجَبِّرون، عَثَمَه إِذَا جَبَرَه. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: إِنِّي لأَعثِم شَيْئًا مِنَ الرَّجَز أَي أَنتِفُ. والعَيْثومُ: الضَّخْمُ الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَجَمَلٌ عَيْثُومٌ: ضَخم شَدِيدٌ؛ وأَنشد لِعَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدة:
يَهْدي بِهَا أَكلَفُ الخَدَّينِ مُخْتَبَرٌ، ... مِنَ الجِمالِ، كثيرُ اللحمِ عَيْثُومُ
والعَيْثُوم: الفيلُ، وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ قَالَ الأَخطل:
ومُلَحَّبٍ خَضِلِ النَّباتِ، كأَنما ... وَطِئَتْ عَلَيْهِ، بخُفِّها، العَيْثومُ
مُلَحَّبٌ: مُجَرَّحٌ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَدْ أَسِيرُ أَمامَ الحَيِّ تَحْمِلُني ... والفَضْلَتَينِ كِنازُ اللحمِ عَيثُومُ
__________
(1) . قوله [أن غيره أعانه] هكذا في الأَصل، ولعل في الكلام سقطاً(12/384)
وَجَمْعُهُ عَياثِمُ. وَقَالَ الغَنويُّ: العَيْثوم الأُنثى مِنَ الفِيَلة؛ وأَنشد الأَخطل:
ترَكُوا أُسامة فِي اللِّقاءِ، كأَنَّما ... وَطِئَتْ عَلَيْهِ بخُفِّها العَيْثُومُ
والعَيْثُوم أَيضاً: الضَّبُعُ. وَبَعِيرٌ عَيْثَمٌ: ضَخْمٌ طَوِيلٌ. وَامْرَأَةٌ عَيثَمةٌ: طَوِيلَةٌ. وَبَعِيرٌ عَثَمْثَم: قَوِيٌّ طَوِيلٌ فِي غِلَظ، وَقِيلَ: شَدِيدٌ عَظِيمٌ، وَكَذَلِكَ الأَسد. وناقةٌ عَثَمْثمة: شَدِيدَةٌ عَلِيَّة، وَقِيلَ: شَدِيدَةٌ عَظِيمَةٌ، وَالذَّكَرُ عَثَمْثم. والعَثَمْثَم مِنَ الإِبل: الطويلُ فِي غِلظٍ، وَالْجَمْعُ عَثَمْثمات؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَن نابغةَ بَنِي جَعدة امْتَدَحَهُ فَقَالَ يَصِفُ جَمَلًا:
أَتاكَ أَبو لَيلى يَجُوبُ بِهِ الدُّجى، ... دُجى الليلِ، جَوَّابُ الفَلاةِ عَثَمْثَمُ
هُوَ الجمَل القويُّ الشَّدِيدُ. وبَغْل عَثَمْثم: قَوِيٌّ. والعَثَمْثم: الأَسدُ، وَيُقَالُ ذَلِكَ مِنْ شدة وطئه؛ وقال:
خُبَعْثِنٌ مِشْيَتُه عَثَمْثَمُ
ومَنكِبٌ عَثَمْثمٌ: شَدِيدٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِلَى ذِرَاعِ مَنْكِبٍ عَثَمْثمِ
والعَيْثامُ: الدُّلبُ، واحدتُه عَيثامةٌ، وَهِيَ شَجَرَةٌ بَيْضَاءُ تَطولُ جدَّاً، وَقِيلَ: العَيْثامُ شَجَرٌ. أَبو عَمْرٍو: العُثْمانُ الجانُّ فِي أَبواب الْحَيَّاتِ، والعُثمان فَرْخ الثُّعبان، وَقِيلَ: فَرْخ الْحَيَّةِ مَا كَانَتْ، وَكُنْيَةُ الثُّعبان أَبو عُثْمَانَ؛ حَكَاهُ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ، وَبِهِ كُنِّيَ «2» . الحَنَشُ أَبا عُثمان. والعُثْمان فَرْخ الحُبارى. وعُثمانُ والعَثَّامُ وعَثَّامةُ وعَثْمةُ: أَسماء؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُكَسَّر عُثمانُ لأَنك إِنْ كَسَّرْته أَوجبت فِي تَحْقِيرِهِ عُثَيْمِين، وَإِنَّمَا تَقُولُ عُثمانون فتُسلِّم كَمَا يَجِبُ لَهُ فِي التَّحْقِيرِ عُثَيمان، وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهُ فِي التَّحْقِيرِ ذَلِكَ لأَنا لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا عَثامِينُ، فَحَمَلْنَا تَحْقِيرَهُ عَلَى بَابِ غَضْبان لأَن أَكثر مَا جاءَت فِي آخِرِهِ الأَلف وَالنُّونُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى بَابِ غَضبان. وعُثمانُ: قَبِيلَةٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَلقَتْ إِلَيْهِ، عَلَى جَهْدٍ، كَلاكِلَها ... سَعدُ بنُ بَكْرٍ، وَمِنْ عُثمانَ مِنْ وَشَلا
وعَثَمتِ المرأَةُ المَزادةَ وأَعْثَمَتْها إِذَا خرَزَتْها خَرْزاً غَيْرَ مُحْكَمٍ؛ وَفِي الْمَثَلِ:
إِلَّا أَكُنْ صَنَعاً فَإِنِّي أَعْتَثِمْ
أَي إِنْ لَمْ أَكن حاذِقاً فَإِنِّي أَعمل عَلَى قَدْرِ مَعْرِفَتِي وَيُقَالُ: خُذْ هَذَا فاعْتَثِمْ بِهِ أَي فاستَعِنْ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ الفرَج: سمعتُ جَمَاعَةً مِنْ قَيْس يَقُولُونَ: فُلَانٌ يَعْثِمُ ويَعْثِنُ أَي يَجْتَهِدُ فِي الأَمر ويُعْمِل نفْسَه فِيهِ. وَيُقَالُ: العُثمان فَرْخ الحُبارى.
عثلم: عَثْلَمةُ: موضع.
عجم: العُجْمُ والعَجَمُ: خِلافُ العُرْبِ والعَرَبِ، يَعْتَقِبُ هذانِ المِثالانِ كَثِيرًا، يُقَالُ عَجَمِيٌّ وَجَمْعُهُ عَجَمٌ، وَخِلَافُهُ عَرَبيّ وَجَمْعُهُ عَرَبٌ، وَرَجُلٌ أَعْجَم وَقَوْمٌ أعْجَمُ؛ قَالَ:
سَلُّومُ، لَوْ أَصْبَحْتِ وَسْطَ الأَعْجَمِ ... فِي الرُّومِ أَو فارِسَ، أَو فِي الدَّيْلَمِ،
إِذًا لَزُرناكِ وَلَوْ بسُلَّمِ
وَقَوْلُ أَبي النَّجْم:
__________
(2) . قوله [وبه كني إلخ] هو في أصله المنقول منه مرتب بقوله: فَرْخُ الْحَيَّةِ مَا كَانَتْ، وما بينهما اعتراض؛ من كلام التهذيب(12/385)
وطَالَما وطَالَما وطالَما ... غَلَبْتُ عَادًا، وغَلَبْتُ الأَعْجَما
إِنَّمَا أَراد العَجَم فأَفرده لِمُقَابَلَتِهِ إِيَّاهُ بعادٍ، وعادٌ لَفْظٌ مُفْرَدٌ وإِن كَانَ مَعْنَاهُ الجمعَ، وَقَدْ يُرِيدُ الأَعْجَمِينَ، وإِنما أَراد أَبو النَّجْمِ بِهَذَا الجَمْعَ أَي غلبتُ الناسَ كُلَّهم، وَإِنْ كَانَ الأَعْجَمُ لَيْسُوا مِمَّنْ عارَضَ أَبو النَّجْمِ، لأَن أَبا النَّجْمِ عَرَبِيٌّ والعَجَم غَيْرُ عَرَبٍ، وَلَمْ يَجْعَلِ الأَلف فِي قَوْلِهِ وَطَالَمَا الأَخيرةَ تأْسيساً لأَنه أَراد أَصل ما كانت عليه طال وَمَا جَمِيعًا إِذَا لَمْ تُجْعَلَا كَلِمَةً وَاحِدَةً، وَهُوَ قَدْ جَعَلَهُمَا هُنَا كَلِمَةً وَاحِدَةً، وَكَانَ القياسُ أَن يَجْعَلَهَا هَاهُنَا تأْسيساً لأَن ما هَاهُنَا تَصْحَبُ الفعلَ كَثِيرًا. والعَجَمُ: جَمْعُ العَجميّ، وَكَذَلِكَ العَرَبُ جَمْعُ العَرَبيّ، ونَحْوٌ مِنْ هَذَا جَمْعُهم اليهوديَّ والمجوسيَّ اليهودَ وَالْمَجُوسَ. والعُجْمُ: جَمْعُ الأَعْجَمِ الَّذِي لَا يُفْصِحُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ العُجْمُ جمعَ العَجَم، فكأَنه جَمْعُ الْجَمْعِ، وَكَذَلِكَ العُرْبُ جمعُ العَرَبِ. يُقَالُ: هَؤُلَاءِ العُجْمُ والعُرْبُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَا يَرى مِثْلَها عُجْمٌ وَلَا عَرَبُ
فأَراد بالعُجْم جمعَ العَجَمِ لأَنه عَطَفَ عَلَيْهِ العَرَبَ. قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: الأَعْجَمُ الَّذِي لَا يُفْصِحُ وَلَا يُبَيِّنُ كلامَه وإِن كانَ عَرَبيَّ النَّسبِ كزيادٍ الأَعْجَمِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَنْهَل للعبادِ لَا بُدَّ مِنْهُ، ... مُنْتَهى كلِّ أَعْجَمٍ وفَصِيح
والأُنثى عَجْماءُ، وَكَذَلِكَ الأَعْجَميُّ، فأَما العَجَميُّ فَالَّذِي مِنْ جِنْسِ العَجَم، أَفْصَحَ أَو لَمْ يُفْصِحْ، وَالْجَمْعُ عَجَمٌ كَعَرَبيّ وعَرَبٍ وعَرَكيّ وعَرَكٍ ونَبَطيّ ونَبَطٍ وخَوَليّ وخَوَلٍ وخَزَريّ وخَزَرٍ. وَرَجُلٌ أَعْجَميٌّ وأَعْجَمُ إِذَا كَانَ فِي لِسَانِهِ عُجْمة، وَإِنْ أَفْصَحَ بِالْعَجَمِيَّةِ، وكلامٌ أَعْجَمُ وأَعْجَميٌّ بَيِّنُ العُجْمة. وَفِي التَّنْزِيلِ: لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌ
؛ وَجَمْعُهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، تَقُولُ: أَحْمَرِيٌّ وأَحْمَرُونَ وأَعْجَمِيٌّ وأَعْجَموُن عَلَى حَدِّ أَشْعَثِيّ وأَشْعَثِينَ وأَشْعَريّ وأَشْعَرِينَ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ
؛ وأَما العُجْمُ فَهُوَ جَمْعُ أَعْجَمَ، والأَعْجَمُ الَّذِي يُجْمَعُ عَلَى عُجْمٍ يَنْطَلِقُ عَلَى مَا يَعْقِلُ وَمَا لَا يَعْقِل، قَالَ الشَّاعِرُ:
يَقُولُ الخَنا وأَبْغَضُ العُجْمِ نَاطِقًا، ... إِلَى ربِّنا، صَوْتُ الحِمارِ اليُجَدَّعُ
وَيُقَالُ: رَجُلانِ أعْجمانِ، ويُنْسَبُ إِلَى الأَعْجَمِ الذي في لسانه عُجْمةٌ فَيُقَالُ: لسانٌ أَعْجَميٌّ وكِتابٌ أَعْجَميٌّ، وَلَا يُقَالُ رَجُلٌ أَعجميٌّ فتَنسبُه إِلَى نَفْسِهِ إلَّا أَن يَكُونَ أَعْجَمُ وأَعْجَمِيٌّ بِمَعْنًى مِثْلَ دَوَّارٍ ودَوَّاريّ وجَمَلٍ قَعْسَرٍ وقَعْسَريّ، هَذَا إِذَا ورَدَ ورُوداً لَا يُمْكِنُ رَدُّه. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: أَفْصَحَ الأَعْجَمِيٌّ؛ قَالَ أَبو سَهْلٍ: أَي تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ بَعْدَ أَن كَانَ أَعْجَمِيّاً، فَعَلَى هَذَا يُقَالُ رَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ، وَالَّذِي أَراده الْجَوْهَرِيُّ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُقَالُ رَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ، إِنَّمَا أَراد بِهِ الأَعْجَمَ الَّذِي فِي لِسَانِهِ حُبْسَةٌ وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا؛ وأَما قولُ ابنِ مَيَّادَةَ، وَقِيلَ هُوَ لمِلْحَة الجَرْميّ:
كأَنَّ قُرادَيْ صَدْرِه طَبَعَتْهما، ... بطينٍ مِنَ الجَوْلان، كُتَّابُ أَعْجَمِ
فَلَمْ يُرِدْ بِهِ العَجَمَ وَإِنَّمَا أَراد بِهِ كُتَّابَ رَجُلٍ(12/386)
أَعجَمَ، وَهُوَ مَلِكُ الرُّومِ. وقوله عَزَّ وجَلَّ: ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ
، بِالِاسْتِفْهَامِ؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَيكون هَذَا الرسولُ عَرَبِيًّا والكتابُ أَعجمي. قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَاهُ أَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا هَلَّا فُصِّلَتْ آياتُه عَرَبِيَّةً مُفَصَّلةَ الْآيِ كأَن التَّفْصِيل لِلِسَانِ العَرَب، ثُمَّ ابتدأَ فَقَالَ: أَأَعجمي وَعَرَبِيٌّ، حِكَايَةً عَنْهُمْ كأَنهم يَعْجبون فَيَقُولُونَ كتابٌ أَعجميّ وَنَبِيٌّ عَرَبِيٌّ، كَيْفَ يَكُونُ هَذَا؟ فَكَانَ أَشد لِتَكْذِيبِهِمْ، قَالَ أَبو الْحَسَنِ: ويُقرأ أَأَعجمي، بِهَمْزَتَيْنِ، وَآعْجَمِيٌّ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مُخَفَّفَةٌ تُشْبِهُ الأَلف، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَلفاً خَالِصَةً لأَن بَعْدَهَا عَيْنًا وَهِيَ سَاكِنَةٌ، ويُقرأُ أَعْجَميٌّ، بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْعَيْنُ مَفْتُوحَةٌ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَقِرَاءَةُ الْحَسَنِ بِغَيْرِ اسْتِفْهَامٍ كَأَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ قِبَلِ الكَفَرَة، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن الْمَعْنَى لَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعجميّاً لَقَالُوا هَلّا بُيِّنَتْ آيَاتُهُ، أَقرآنٌ ونَبيٌّ عَربي، وَمَنْ قرأَ آعْجَمِيٌّ بِهَمْزَةٍ وأَلف فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى اللِّسَانِ الأَعجمي، تَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ أَعْجميٌّ إِذَا كَانَ لَا يُفْصِحُ، كَانَ مِنَ العَجَمِ أَو مِنَ العَرَب. وَرَجُلٌ عَجَمِيٌّ إِذَا كَانَ مِنَ الأَعاجِم، فَصِيحاً كَانَ أَو غَيْرَ فَصِيحٍ، والأَجْوَدُ فِي القراءةِ آعْجَميٌّ، بِهَمْزَةٍ وأَلف عَلَى جِهَةِ النِّسْبَةِ إِلَى الأَعْجَمِ، ألا تَرى قَوْلَه: وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا
؟ وَلَمْ يقرأْه أَحَدٌ عَجَمِيّاً؛ وأَما قِرَاءَةُ الْحَسَنِ: أَعَجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ، بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، فَعَلَى مَعْنَى هَلَّا بُيِّنَتْ آياتُه فَجُعِلَ بعضُه بَيَانًا للعَجَم وبعضُه بَيَانًا لِلْعَرَبِ. قَالَ: وَكُلُّ هَذِهِ الْوُجُوهِ الأَربعة سائغةٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَالتَّفْسِيرِ. وأَعْجَمْتُ الكتابَ: ذَهَبْتُ بِهِ إِلَى العُجْمَةِ، وَقَالُوا: حروفُ المُعْجم فأَضافوا الحروفَ إِلَى المُعْجَم، فَإِنْ سأَل سَائِلٌ فَقَالَ: مَا مَعْنَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ؟ هَلِ المُعْجَم صفةٌ لحروفٍ هَذِهِ أَو غَيْرُ وَصْفٍ لَهَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ المُعْجَم مِنْ قَوْلِنَا حروفُ المُعْجَم لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ صِفَةً لحروفٍ هَذِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن حُرُوفًا هَذِهِ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُضَافَةٍ إِلَى المُعْجَم لَكَانَتْ نَكِرَةً والمُعْجَم كَمَا تَرَى مَعْرِفَةٌ وَمُحَالٌ وَصْفُ النَّكِرَةِ بِالْمَعْرِفَةِ، وَالْآخَرُ أَن الحروفَ مضافةٌ وَمُحَالٌ إِضَافَةُ الْمَوْصُوفِ إِلَى صِفَتِهِ، وَالْعِلَّةُ فِي امْتِنَاعِ ذَلِكَ أَن الصِّفَةَ هِيَ الْمَوْصُوفُ عَلَى قَوْلِ النَّحْوِيِّينَ فِي الْمَعْنَى، وإضافةُ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَإِذَا كَانَتِ الصفةُ هِيَ الْمَوْصُوفُ عِنْدَهُمْ فِي الْمَعْنَى لَمْ تَجُزْ إِضَافَةُ الْحُرُوفِ إِلَى الْمُعْجَمِ، لأَنه غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إضافةُ الشيءِ إِلَى نَفْسِهِ، قَالَ: وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ قِبَلِ أَن الغَرَضَ فِي الإِضافة إِنَّمَا هُوَ التخصيصُ والتعريفُ، وَالشَّيْءُ لَا تُعَرِّفُه نفسهُ لأَنه لَوْ كَانَ مَعْرِفَةً بِنَفْسِهِ لَمَا احْتِيجَ إِلَى إِضَافَتِهِ، إِنَّمَا يُضَافُ إِلَى غَيْرِهِ ليُعَرِّفَه، وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ إِلَى أَن المُعْجَم مَصْدَرٌ بِمَنْزِلَةِ الإِعجام كَمَا تَقُولُ أَدْخَلْتُه مُدْخَلًا وأَخْرَجْتُه مُخْرَجاً أَي إِدْخَالًا وَإِخْرَاجًا. وَحَكَى الأَخفش أَن بَعْضَهُمْ قَرَأَ: وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرَم، بِفَتْحِ الرَّاءِ، أَي مِنْ إكْرامٍ، فكأَنهم قَالُوا فِي هَذَا الإِعْجام، فَهَذَا أَسَدُّ وأَصْوَبُ مِنْ أَنْ يُذْهَب إِلَى أَن قَوْلَهُمْ حُروف المُعْجَم بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ صلاةُ الأُولى وَمَسْجِدِ الْجَامِعِ، لأَن مَعْنَى ذَلِكَ صَلَاةُ الساعةِ الأُولى أَو الفَريضةِ الأُولى وَمَسْجِدُ الْيَوْمِ الْجَامِعِ، فالأُولى غيرُ الصلاةِ فِي المَعنى والجامعُ غيرُ الْمَسْجِدِ فِي الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا هُمَا صِفتان حُذف مَوْصُوفَاهُمَا وأُقيما مُقامَهما، وَلَيْسَ كَذَلِكَ حُروفُ المُعْجَم لأَنه لَيْسَ مَعْنَاهُ حروفَ الكلامِ الْمُعْجَمِ وَلَا حُرُوفَ اللفظِ الْمُعْجَمِ، إِنَّمَا الْمَعْنَى أَن الحروفَ هِيَ المعجمةُ فَصَارَ قَوْلُنَا حُرُوفُ الْمُعْجَمِ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمَفْعُولِ إِلَى الْمَصْدَرِ، كَقَوْلِهِمْ هَذِهِ مَطِيَّةُ رُكُوبٍ أَي مِنْ شأْنها أَن(12/387)
تُرْكَب، وَهَذَا سَهْمُ نِضالٍ أَي مِنْ شأْنه أَن يُناضَلَ بِهِ، وكذلكَ حروفُ الْمُعْجَمِ أَي مِنْ شأْنها أَن تُعجَم، فَإِنْ قِيلَ إِنَّ جَمِيعَ الْحُرُوفِ لَيْسَ مُعْجَماً إِنَّمَا المُعْجمُ بَعْضُها، أَلا تَرَى أَنَّ الأَلفَ وَالْحَاءَ والدالَ وَنَحْوَهَا لَيْسَ مُعْجَمًا فَكَيْفَ اسْتَجَازُوا تسميةَ جميعِ هَذِهِ الحروفِ حُروفَ الْمُعْجَمِ؟ قِيلَ: إِنَّمَا سُمّيت بِذَلِكَ لأَن الشَّكْلَ الواحدَ إِذَا اختلفتْ أَصواتُه، فأَعْجَمْتَ بَعْضَها وترَكْتَ بعضَها، فَقَدْ عُلِمَ أَن هَذَا المتروكَ بِغَيْرِ إِعْجَامٍ هُوَ غيرُ ذَلِكَ الَّذِي مِنْ عَادَتِهِ أَن يُعْجَمَ، فَقَدِ ارْتَفَعَ أَيضاً بِمَا فعَلُوا الإِشكالُ والاسْتِبْهامُ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَلَا فرقَ بَيْنَ أَن يزولَ الاستبهامُ عَنِ الحرفِ بإعْجامٍ عَلَيْهِ، أَو مَا يَقُومُ مَقامَ الإِعجام فِي الإِيضاحِ وَالْبَيَانِ، أَلا تَرَى أَنك إِذَا أَعْجَمْتَ الجيمَ بواحدةٍ مِنْ أَسفلَ والخاءَ بواحدةٍ مِنْ فَوْقُ وتركتَ الحاءَ غُفْلًا فَقَدْ عُلِمَ بإِغْفالها أَنها لَيْسَتْ بواحدةٍ مِنَ الْحَرْفَيْنِ الآخَرَيْن، أَعني الجيمَ وَالْخَاءَ؟ وَكَذَلِكَ الدالُ والذالُ والصادُ وسائرُ الْحُرُوفِ، فَلَمَّا اسْتَمَرَّ البيانُ فِي جَمِيعِهَا جَازَ تسميتُها حروفَ الْمُعْجَمِ. وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: لِمَ سُمِّيَت مُعْجَماً؟ فَقَالَ: أَما أَبو عَمْرٍو الشَّيْبانيُّ فَيَقُولُ أَعْجَمْتُ أَبهمت، وَقَالَ: والعَجَمِيُّ مُبْهَمُ الكلامِ لَا يُتَبَيَّنُ كلامُه، قَالَ: وأَما الْفَرَّاءُ فَيَقُولُ هُوَ مِنْ أَعْجَمْتُ الْحُرُوفَ، قَالَ: وَيُقَالُ قُفْلٌ مُعْجَم وأَمْرٌ مُعْجَم إِذَا اعْتاصَ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبا الهَيْثَم يَقُولُ مُعجمُ الخَطِّ هُوَ الَّذِي أَعْجَمه كاتِبُه بِالنُّقَطِ، تَقُولُ: أَعْجَمْتُ الكتابَ أُعْجِمهُ إعْجاماً، وَلَا يُقَالُ عَجَمْتُه، إِنَّمَا يُقَالُ عَجَمْتُ العُودَ إِذَا عَضَضْتَه لتَعرِفَ صَلابتَه مِنْ رَخاوتِه. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْمُعْجَمُ الحروفُ المُقَطَّعَةُ، سُمِّيت مُعْجَماً لأَنها أَعجمية، قَالَ: وَإِذَا قُلْتَ كتابٌ مُعَجَّمٌ فَإِنَّ تَعْجيمَه تنقيطُه لِكَيْ تسْتبِينَ عُجْمَتُه وتَضِحَ، قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي قَالَهُ أَبو الْعَبَّاسِ وأَبو الهَيْثم أَبْينُ وأَوْضَحُ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: سُئل عَنْ رَجُلٍ لَهَزَ رَجُلًا فقَطَعَ بعضَ لِسَانِهِ فعَجَمَ كلامَه فَقَالَ: يُعْرَضُ كلامُه عَلَى المُعْجَم، فَمَا نقَصَ كلامُه مِنْهَا قُسِمَت عَلَيْهِ الدِّيةُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: حروف المعجم حروف أب ت ث، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنَ التَّعْجيم، وَهُوَ إِزَالَةُ العُجْمة بِالنُّقَطِ. وأَعْجَمْت الْكِتَابَ: خلافُ قَوْلِكَ أَعْرَبْتُه؛ قَالَ رُؤْبَةُ «1» :
الشِّعرُ صَعْبٌ وطَويلٌ سُلَّمُهْ، ... إِذَا ارْتَقَى فِيهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهْ،
زَلَّتْ بِهِ إِلَى الحَضِيضِ قَدَمُهْ، ... والشِّعْرُ لَا يَسْطِيعُه مَنْ يَظْلِمُهْ،
يُريدُ أَنْ يُعْرِبَه فَيُعجِمُهْ
مَعْنَاهُ يُرِيدُ أَن يُبيِّنَه فَيَجْعَلُه مُشْكِلًا لَا بَيانَ لَهُ، وَقِيلَ: يأْتي بِهِ أَعْجَمِيّاً أَي يَلْحَنُ فِيهِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: رَفَعَه عَلَى المُخالفة لأَنه يُرِيدُ أَن يُعْربَه وَلَا يُريدُ أَن يُعْجِمه؛ وَقَالَ الأَخفش: لوُقوعه مَوْقِع الْمَرْفُوعِ لأَنه أَراد أَن يَقُولَ يُرِيدُ أَن يُعْرِبَهُ فيقَعُ مَوْقعَ الإِعْجام، فَلَمَّا وُضِعَ قَوْلُهُ فيُعْجِمُه موضعَ قَوْلِهِ فيقعُ رَفعَه؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
الدارُ أَقْوَتْ بَعْدَ محْرَنْجِمِ، ... مِنْ مُعْرِبٍ فِيهَا ومِنْ مُعْجِمِ
والعَجْمُ: النَّقْطُ بِالسَّوَادِ مِثْلَ التَّاءِ عَلَيْهِ نُقْطتان. يُقَالُ: أَعْجَمْتُ الحرفَ، والتَّعْجِيمُ مِثْلُه، وَلَا يُقَالُ عَجَمْتُ. وحُروفُ المعجم: هي الحُروفُ
__________
(1) . قوله [قال رؤبة] تبع فيه الجوهري، وقال الصاغاني: الشعر للحطيئة(12/388)
المُقَطَّعَةُ مِنْ سَائِرِ حروفِ الأُمَم. وَمَعْنَى حروفِ الْمُعْجَمِ أَي حُرُوفُ الخَطِّ المُعْجَم، كَمَا تَقُولُ مَسْجِدُ الجامعِ أَي مَسْجِدُ الْيَوْمِ الجامعِ، وصلاةُ الأُولى أَي صَلَاةُ الساعةِ الأُولى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ مِنْ أَن المُعْجَم هُنَا مَصْدَرٌ؛ وَتَقُولُ أَعْجَمْتُ الكتابَ مُعْجَماً وأَكْرَمتُه مُكْرَماً، وَالْمَعْنَى عِنْدَهُ حروفُ الإِعْجامِ أَي الَّتِي مِنْ شأْنها أَن تُعْجَم؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: سَهْمُ نِضالٍ أَي مِنْ شأْنه أَنْ يُتَناضَلَ بِهِ. وأَعْجَم الكتابَ وعَجَّمَه: نَقَطَه؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَعْجَمْتُ الْكِتَابَ أَزَلْتُ اسْتِعْجامَه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عِنْدَهُ عَلَى السَّلْب لأَن أَفْعَلْتُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُها الإِثْباتَ فَقَدْ تَجِيءُ لِلسَّلْبِ، كَقَوْلِهِمْ أَشْكَيْتُ زَيْدًا أَي زُلْتُ لَهُ عَمَّا يَشكُوه، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها؛ تأْويله، وَاللَّهُ أَعلم، عِنْدَ أَهل النَّظَرِ أَكاد أُظْهرها، وتلخيصُ هَذِهِ اللفظةِ أَكادُ أُزِيل خَفاءَها أَي سَتْرَها. وَقَالُوا: عَجَّمْتُ الكتابَ، فَجَاءَتْ فَعَّلْت للسَّلْب أَيضاً كَمَا جَاءَتْ أَفْعَلْت، وَلَهُ نَظَائِرُ مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا مَا سيأْتي، وحُروفُ المُعْجَم مِنْهُ. وكتابٌ مُعْجمٌ إِذَا أَعْجمَه كاتبُه بالنَّقْط؛ سُمِّي مُعْجَماً لأَن شُكول النَّقْط فِيهَا عُجمةٌ لَا بيانَ لَهَا كَالْحُرُوفِ المُعْجَمة لَا بيانَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أُصولًا لِلْكَلَامِ كُلِّهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: مَا كُنّا نتَعاجَمُ أَن مَلَكاً يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَر
أَي مَا كُنَّا نَكْني ونُوَرّي. وكلُّ مَنْ لَمْ يُفْصح بِشَيْءٍ فَقَدْ أَعْجَمه. واسْتَعْجم عَلَيْهِ الكلامُ: اسْتَبْهَم. والأَعْجَمُ: الأَخْرَسُ. والعَجْماء والمُسْتَعجِمُ: كلُّ بهيمةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
العَجْماءُ جُرْحُها جُبارٌ
أَي لَا دِيةَ فِيهِ وَلَا قَودَ؛ أَراد بالعَجْماء الْبَهِيمَةَ، سُمِّيت عَجْماءَ لأَنها لَا تَتَكلَّمُ، قَالَ: وكلُّ مَن لَا يقدِرُ عَلَى الْكَلَامِ فَهُوَ أَعجم ومُسْتَعْجِمٌ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
بعدَدِ كُلِّ فَصِيحٍ وأَعْجَم
؛ قِيلَ: أَراد بِعَدَدِ كُلِّ آدَمِيّ وبهيمةٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ
العجماءُ جُرْحُها جُبارٌ
أَي الْبَهِيمَةُ تَنْفَلِتُ فتصيبُ إِنْسَانًا فِي انْفِلاتها، فَذَلِكَ هَدَرٌ، وَهُوَ مَعْنَى الجُبار. وَيُقَالُ: قرأَ فُلَانٌ فاسْتَعْجمَ عَلَيْهِ مَا يَقْرؤه إِذَا الْتَبَسَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَتَهيَّأْ لَهُ أَن يَمضِي فِيهِ. وصلاةُ النهارِ عَجماءُ لإِخْفاء الْقِرَاءَةِ فِيهَا، وَمَعْنَاهُ أَنه لَا يُسْمَعُ فِيهَا قراءةٌ. واسْتَعْجَمَتْ عَلَى المُصَلِّي قِراءته إِذَا لَمْ تَحضُرْه. وَاسْتَعْجَمَ الرَّجُلُ: سكَت. واستَعجمت عَلَيْهِ قراءتُه: انْقَطَعَتْ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِرَاءَةِ مِنْ نُعَاسٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا كانَ أحدكُم يُصلِّي فاسْتعجَمَتْ عَلَيْهِ قِراءتُه فَلْيُتِمَ
، أَي أُرْتِجَ عَلَيْهِ فَلَمْ يقدِرْ أَن يقرأَ كأَنه صارَ بِهِ عُجْمةٌ، وَكَذَلِكَ اسْتَعْجَمَتِ الدارُ عَنْ جَوَابِ سَائِلِهَا؛ قَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ:
صَمَّ صَداها وعَفا رَسْمُها، ... واسْتَعْجَمَتْ عَنْ مَنْطِقِ السائلِ
عَدَّاه بِعن لأَن اسْتَعْجَمَت بِمَعْنَى سكتَتْ؛ وَقَوْلُ عَلْقَمَةَ يَصف فَرَسًا:
سُلَّاءَةٌ كعَصا النَّهْدِيّ غُلَّ لَهَا ... ذُو فَيْئةٍ، مِنْ نَوَى قُرَّانَ، معجومُ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَعْنَى قَوْلِهِ غُلَّ لَهَا أَي أُدخِلَ لَهَا إِدْخَالًا فِي بَاطِنِ الحافرِ فِي مَوْضِعِ النُّسور، وشَبَّه النُّسورَ بِنَوَى قُرَّانَ لأَنها صِلابٌ، وَقَوْلُهُ ذُو فَيئَة يَقُولُ لَهُ رُجوعٌ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ صَلابتِه، وَهُوَ أَن يَطعَمَ البعيرُ النَّوَى ثُمَّ يُفَتَّ بَعرُه فيُخْرَجَ مِنْهُ النَّوَى فيُعلَفَه مَرَّةً أُخرى، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ صَلابته، وَقَوْلُهُ مَعْجوم يُرِيدُ أَنه نَوى الفَم وَهُوَ أَجود مَا يَكُونُ مِنَ النَّوى لأَنه أَصْلَبُ مِنْ نَوى النبيذِ الْمَطْبُوخِ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ سَلَمَةَ: نَهَانَا النبي،(12/389)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن نَعْجُمَ النَّوَى طَبخاً
، وَهُوَ أَن نُبالِغَ فِي طَبْخِه ونُضْجه يَتَفتَّتَ النَّوَى وتَفْسُدَ قُوّتُه الَّتِي يَصْلُحُ مَعَهَا لِلْغَنَمِ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَن التَّمْرَ إِذَا طُبِخَ لِتُؤْخذَ حَلاوتهُ طُبِخَ عَفواً حَتَّى لَا يَبلُغَ الطَّبخ النَّوَى وَلَا يُؤثِّرَ فِيهِ تأْثيرَ مَنْ يَعْجُمُه أَي يَلُوكُه ويَعَضُّه، لأَن ذَلِكَ يُفْسِد طعمَ السُّلافةِ، أَو لأَنه قُوتُ الدَّواجِن فَلَا يُنْضَجُ لِئَلَّا تَذْهَبَ قُوَّتُه
وخَطَب الحَجَّاجُ يَوْمًا فَقَالَ: إِن أَميرَ المؤمنينَ نَكَبَ كِنَانَتَه فعَجَم عِيدانَها عُوداً عُوداً فوجَدَني أَمَرّها عُوداً
؛ يُرِيدُ أَنه قَدْ رازَها بأَضْراسِه ليَخْبُرَ صَلابتَها؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فَظَلَّ يَعْجُمُ أَعْلى الرَّوْق مُنْقَبِضاً «2»
. أَي يَعَضُّ أَعْلى قَرْنِه وَهُوَ يُقَاتِلُهُ. والعَجْمُ: عَضٌّ شديدٌ بالأَضراس دُون الثَّنَايَا. وعَجَم الشيءَ يَعْجُمُه عَجْماً وعُجوماً: عَضّه ليَعْلَم صلابَتَه مِنْ خَوَرِه، وَقِيلَ: لاكَه للأَكْل أَو للخِبْرة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وكنتُ كعَظْمِ العاجِماتِ اكْتَنَفْنَه ... بأَطْرافِها، حَتَّى اسْتدَقَّ نُحولُها
يَقُولُ: رَكِبَتْني المصائبُ وعجَمَتْني كَمَا عَجَمتِ الإِبلُ العِظامَ. والعُجامةُ: مَا عَجَمْتَه. وَكَانُوا يَعْجُمون القِدْح بَيْنَ الضِّرْسَيْن إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بالفَوْز ليُؤثِّرُوا فِيهِ أثَراً يَعْرفونه بِهِ. وعَجمَ الرجلَ: رَازَه، عَلَى المَثَل. والعَجْمِيُّ مِنَ الرجالِ: المُميِّزُ العاقلُ. وعَجَمَتْه الأُمورُ: دَرَّبَتْه. وَرَجُلٌ صُلْبُ المَعْجَمِ والمَعْجَمةِ: عزيزُ النفْس إِذَا جَرَّسَتْه الأُمورُ وَجَدَتْه عَزِيزًا صُلْباً. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: قَالَ لِعُمَرَ لَقَدْ جَرَّسَتْكَ الأُمور «3» . وعَجَمَتْك البَلايَا
أَي خَبَرَتْك، مِنَ العَجْم العَضّ، يُقَالُ: عَجَمْتُ الرجلَ إِذَا خَبَرْتَه، وعَجمْتُ العُودَ إِذَا عَضَضْتَه لِتَنْظُرَ أَصُلْبٌ أَم رخْوٌ. وناقةٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ صَبْرٍ وصلابةٍ وشِدّةٍ عَلَى الدَّعْك؛ وأَنشد بَيْتَ المَرَّار:
جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ، ... ونُوقٌ عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً، وحُولُ
وَقَالَ غَيْرُهُ: ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ سِمَنٍ، وأَنكره شَمِرٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَيْ ذاتُ سِمَن وقُوةٍ وبَقِيَّةٍ عَلَى السَّير. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رجلٌ صُلْبُ المَعْجَم لِلَّذِي إِذَا أَصابَتْه الحوادثُ وَجَدَتْهُ جَلْداً، مِنْ قَوْلِكَ عُودٌ صُلْبُ المَعْجَمِ، وَكَذَلِكَ نَاقَةٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ لِلَّتِي اخْتُبِرَتْ فوُجِدتْ قَويَّةً عَلَى قَطْع الفَلاة، قَالَ: وَلَا يُراد بِهَا السِّمَنُ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ؛ وَشَاهِدُهُ قَوْلُ الْمُتَلَمِّسُ:
جاوَزْتُه بأَمونٍ ذاتِ مَعْجَمة، ... تَهْوي بكَلْكَلِها والرأْس مَعْكومُ
والعَجُومُ: الناقةُ القوِيَّةُ عَلَى السفَر. والثَّوْرُ يَعْجُمُ قَرْنَه إِذَا ضَرب بِهِ الشجرةَ يَبْلُوه. وعَجم السَّيْفَ: هزَّه للتَّجْرِبة. وَيُقَالُ: مَا عَجَمَتْكَ عَيني مُذْ كَذَا أَي مَا أَخَذَتْك. وَيَقُولُ الرجلُ لِلرَّجُلِ: طالَ عهدِي بِكَ وَمَا عَجَمَتْك عَيْنِي. ورأَيتُ فُلَانًا فجعلَتْ عَيْنِي تعْجُمه أَي كأَنها لَا تَعْرِفُه وَلَا تَمْضِي فِي مَعْرِفَتِهِ كأَنها لَا تُثْبِتُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد لأَبي حَيَّة النُّمَيْري:
كتَحْبير الكِتابِ بكفِّ، يَوْماً، ... يَهُودِيٍّ يُقارِبُ أَو يَزِيلُ
عَلَى أَن البَصيرَ بِهَا، إِذَا مَا ... أَعادَ الطَّرْفَ، يَعْجُم أَو يَفيلُ
__________
(2) . تمام البيت:
فِي حَالِكِ اللَّونِ صَدْقٍ، غير ذي أودِ
(3) . قوله [لقد جرستك الأَمور] الذي في النهاية: لقد جرستك الدهور وعجمتك الأُمور(12/390)
أَي يَعْرف أَو يَشُكُّ، قال أَبو داود السِّنْحيُّ: رَآنِي أَعرابي فَقَالَ لِي: تَعْجُمُك عَيْني أَي يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنّي رَأَيْتُك، قَالَ: ونَظَرْتُ فِي الْكِتَابِ فعَجَمْتُ أَي لَمْ أَقِفْ عَلَى حُروفه، وأَنشد بَيْتَ أَبي حَيَّة: يَعْجُم أَوْ يَفيل. وَيُقَالُ: لَقَدْ عَجَموني ولَفَظُوني إِذَا عَرَفُوك؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِجُبَيْهاءَ الأَسلميّ:
فلَوْ أَنّها طافَتْ بِطُنْبٍ مُعَجَّمٍ، ... نَفَى الرِّقَّ عَنْهُ جَذْبُه فَهُوَ كالِحُ
قَالَ: والمُعَجَّمُ الَّذِي أُكِلَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا القليلُ، والطُّنُبُ أَصلُ العَرْفَجِ إِذَا انْسَلخَ مِنْ وَرَقِه. والعَجْمُ: صِغارُ الإِبل وفَتاياها، والجمعُ عُجومٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: بنَاتُ اللَّبونِ والحِقاقُ والجِذاعُ مِنْ عُجومِ الإِبل فَإِذَا أَثْنَتْ فَهِيَ مِنْ جِلَّتِها، يَسْتَوِي فِيهِ الذكرُ والأُنثى، والإِبلُ تُسَمَّى عَواجمَ وعاجِماتٍ لأَنها تَعْجُم العِظامَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وكنتُ كعَظْم العاجِمات. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فحلٌ أَعْجمُ يَهْدِرُ فِي شِقْشِقةٍ لَا ثُقْبَ لَهَا فَهِيَ فِي شِدْقه وَلَا يَخْرُج الصوتُ مِنْهَا، وَهُمْ يَسْتحِبُّون إرْسالَ الأَخْرسِ فِي الشَّوْلِ لأَنه لَا يَكُونُ إِلَّا مِئْناثاً، والإِبلُ العَجَمُ: الَّتِي تَعْجُم العِضاهَ والقَتادَ والشَّوْكَ فَتَجْزَأُ بِذَلِكَ مِنَ الحَمْض. والعَواجِمُ: الأَسنانُ. وعَجَمْتُ عُودَه أَي بَلَوْتُ أَمْرَه وخَبَرْتُ حالَه؛ وَقَالَ:
أَبَى عُودُك المَعْجومُ إِلَّا صَلابةً، ... وكَفَّاكَ إِلَّا نائِلًا حينَ تُسْأَلُ
والعَجَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّوَى نَوى التمرِ والنَّبِقِ، الواحدةُ عَجَمةٌ مِثْلُ قَصَبةٍ وقَصَب. يُقَالُ: ليس هذا الرُّمَّان عَجَم؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ عَجْمٌ، بِالتَّسْكِينِ، وَهُوَ العُجام أَيضاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ وَوَصَفَ أُتُناً:
فِي أَرْبعٍ مِثْلِ عُجامِ القَسْبِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: العَجَمةُ حَبَّةُ العِنب حَتَّى تنبُت، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّحِيحُ الأَول، وكلُّ مَا كَانَ فِي جَوْفٍ مأْكولٍ كَالزَّبِيبِ وَمَا أَشبهه عَجَمٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ مَتْلَفاً:
مُسْتوقدٌ فِي حَصاهُ الشَّمْسُ تَصْهره، ... كأَنه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوخُ
والعَجَمةُ، بِالتَّحْرِيكِ: النخلةُ تنبُت مِنَ النَّواة. وعُجْمةُ الرملِ: كَثرته، وَقِيلَ: آخِره، وَقِيلَ: عُجْمتُه، وعِجْمتُه مَا تعقَّد مِنْهُ. ورملةٌ عَجْماءُ: لَا شجرَ فِيهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى صَعِدْنا إِحْدَى عُجْمَتَي بدرٍ
؛ العُجْمةُ، بِالضَّمِّ: الْمُتَرَاكِمُ مِنَ الرَّمْلِ المُشرف عَلَى مَا حَوْله. والعَجَمات: صُخورٌ تَنبت فِي الأَودية؛ قَالَ أَبو دُواد:
عَذْبٌ كَمَاءِ المُزْنِ أَنْزَلَه ... مِنَ العَجَماتِ، بارِدْ
يَصِفُ رِيقَ جَارِيَةٍ بِالْعُذُوبَةِ. والعَجَماتُ: الصُّخور الصِّلاب. وعَجْمُ الذَّنَب وعُجْمُه جَمِيعًا: عَجْبُه، وَهُوَ أَصله، وَهُوَ العُصْعُص، وَزَعَمَ اللِّحْيَانِيُّ أَن ميمَهما بدلٌ مِنَ الْبَاءِ فِي عَجْبٍ وعُجْب. والأَعجَم مِنَ الْمَوْجِ: الَّذِي لَا يتنفَّسُ أَي لَا يَنضَح الماءَ وَلَا يُسمعَ لَهُ صَوْتٌ. وبابٌ مُعْجَم أَي مُقْفَل. أَبو عَمْرٍو: العَجَمْجَمةُ مِنَ النُّوقِ الشَّدِيدَةُ مِثْلُ العَثَمْثَمة؛ وأَنشد:(12/391)
باتَ يُباري وَرِشاتٍ كالقَطا، ... عَجَمْجَماتٍ خُشُفاً تَحْتَ السُّرَى
الوَرِشاتُ: الخِفافُ، والخُشُفُ: الماضيةُ فِي سَيْرِهَا بِاللَّيْلِ. وَبَنُو أَعجَمَ وَبَنُو عَجْمانَ: بَطنان.
عجرم: العُجْرُمةُ والعِجْرِمةُ: شَجَرَةٌ مِنَ العِضاه غَلِيظَةٌ عَظِيمَةٌ، لَهَا عُقَدٌ كعُقَد الكِعاب تُتَّخذ مِنْهَا القِسِيُّ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُجْرمةُ والنَّشَمةُ شيءٌ وَاحِدٌ، وَالْجَمْعُ عُجْرُمٌ وعِجْرِمٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ ووصفَ الْمَطَايَا:
نَواحِلًا مِثلَ قِسِيِّ العِجْرِمِ
وَهِيَ العُجرومة، وعَجْرَمَتُها غِلظ عُقَدِها. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُعَجرَم الْقَضِيبُ الْكَثِيرُ العُقَد، وكلُّ مُعقَّد مُعَجرَم. والعِجْرِم: دُوَيْبَّةٌ صُلبة كأَنها مَقْطوطةٌ تَكُونُ فِي الشَّجَرِ وتأْكل الْحَشِيشَ. والعَجاريم مِنَ الدَّابَّةِ: مُجتَمع عُقَد مَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ وأَصل ذكَره. والعُجْرُم: أَصل الذكرَ، وإِنه لَمُعَجرَمٌ إِذَا كَانَ غَلِيظَ الأَصل. والعُجارِم: الذكرَ، وَقِيلَ: أَصله، وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ. وذكَرٌ مُعَجْرَمٌ: غَلِيظُ الأَصل؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يُنْبي بشَرْخَي رَحْلِه مُعَجْرَمُهْ، ... كأَنما يَسْفِيه حادٍ يَنْهَمُهْ
ومُعَجرمَ الْبَعِيرِ: سَنامه. والعَجْرَمة: مَشْيٌ فِيهِ شِدَّة وتَقارُب؛ وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَبَّة يَوْمَ الْجَمَلِ:
هَذَا عَلِيٌّ ذُو لَظىً وهَمْهَمهْ، ... يُعَجْرِمُ المَشيَ إِلَيْنَا عَجْرَمَهْ،
كاللَّيث يحْمِي شِبلَه فِي الأَجَمَهْ
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: العَجْرَمة العدْوُ الشَّدِيدُ؛ وأَنشد:
أَو سِيد عادِيةٍ يُعَجْرِمُ عَجْرَمهْ
وَرَجُلٌ عَجرَم وعُجرُم وعُجارِم: شَدِيدٌ. الْجَوْهَرِيُّ: والعُجارِم، بِالضَّمِّ، الرَّجُلُ الشَّدِيدُ، قَالَ: وَرُبَّمَا كُنيَ بِهِ عَنِ الذكَر؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِجَرِيرٍ:
تُنادي بجُنْحِ اللَّيْلِ: يَا آلَ دارِمِ، ... وَقَدْ سَلَخُوا جِلدَ اسْتِها بالعُجارِمِ
والعِجْرِم، بِالْكَسْرِ: الرَّجُلُ الْقَصِيرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ. وَبَعِيرٌ عُجرُم: شَدِيدٌ، وَقِيلَ: كلُّ شَدِيدٍ عُجْرُم. وَنَاقَةٌ مُعَجرَمة: شَدِيدَةٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
مُعَجْرَماتٍ بُزَّلًا سَغابلا
والعَجرَمة مِنَ الإِبل: مِائَةٌ أَو مِائَتَانِ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْخَمْسِينَ إِلَى الْمِائَةِ. والعَجرَمة: الإِسراع. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَجرَمة إسراعٌ فِي مُقاربة خَطوٍ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ، وَيُقَالُ الأَسعَر بْنُ حُمران:
أَمّا إِذَا يَعدُو فثَعْلَبُ جَرْيةٍ، ... أَو ذِئبُ عادِيةٍ يُعَجْرِمُ عَجْرَمَهْ
الأَزهري: عجوزٌ عِكرِشةٌ وعَجْرَمةٌ وعَضَمَّزةٌ وقَلَمَّزةٌ وَهِيَ اللَّئِيمَةُ الْقَصِيرَةُ. وعَجْرَمة: اسم رجل.
عجهم: ابْنُ الأَعرابي: العُجْهومُ طائرٌ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ كأَن مِنقارَه جَلَمُ الخَيَّاط.
عدم: العَدَمُ والعُدْمُ والعُدُمُ: فِقدان الشيءِ وَذَهَابُهُ، وغلبَ عَلَى فَقْد الْمَالِ وقِلَّته، عَدِمَه يَعْدَمُه عُدْماً وعَدَماً، فَهُوَ عَدِمٌ، وأَعدَم إِذَا افتقرَ، وأَعدَمَه غيرُه. والعَدَمُ: الفقرُ، وَكَذَلِكَ العُدْم، إِذَا ضَمَمْتَ أَوَّله خَفَّفت فَقُلْتَ العُدْم، وَإِنْ فتحتَ أَوَّله ثَقَّلْت فقُلت العَدَم، وَكَذَلِكَ الجُحْد والجَحَد(12/392)
والصُّلْب والصَّلَب والرُّشْد والرَّشَد والحُزْن والحَزَن. ورجلٌ عَديمٌ: لَا عقلَ لَهُ. وأَعدَمَني الشيءُ: لَمْ أَجِدْه؛ قَالَ لَبِيدٍ:
ولقَدْ أَغْدُو، وَمَا يَعْدِمُني ... صاحِبٌ غيرُ طَويلِ المُحْتَبَل
يَعْنِي فَرَسًا أَي مَا يَفْقِدُني فَرَسِي، يَقُولُ: لَيْسَ مَعِي أَحدٌ غيرُ نَفْسي وفرَسي، والمُحتَبلُ: مَوْضِعُ الْحَبْلِ فَوْقَ العُرْقوب، وطولُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عيْبٌ، وَمَا يُعْدِمُني أَي لَا أَعدَمُه. وَمَا يَعْدَمُني هَذَا الأَمرُ أَي مَا يَعْدُوني. وأَعْدَمَ إعْداماً وعُدْماً: افْتَقَرَ وَصَارَ ذَا عُدْمٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ، فَهُوَ عَديمٌ ومُعدِمٌ لَا مالَ لَهُ، قَالَ: وَنَظِيرُهُ أَحضَر الرجلُ إِحْضَارًا وحُضْراً، وأَيسَرَ إِيسَارًا ويُسْراً، وأَعسَرَ إِعْسَارًا وعُسْراً، وأَنذَرَ إِنْذَارًا ونُذْراً، وأَقبَلَ إِقْبَالًا وقُبْلًا، وأَدْبرَ إدْباراً ودُبْراً، وأَفحَشَ إِفْحَاشًا وفُحْشاً، وأَهجَرَ إِهْجَارًا وهُجْراً، وأَنْكَرَ إِنْكَارًا ونُكْراً؛ قَالَ: وَقِيلَ بَلِ الفُعْلُ مِنْ ذَلِكَ كلِّه الاسمُ والإِفعالُ الْمَصْدَرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لأَن فُعْلًا لَيْسَ مَصْدَرَ أَفعَل. والعَديمُ: الْفَقِيرُ الَّذِي لَا مالَ لَهُ، وَجَمْعُهُ عُدَماء. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ يُقْرِضُ غيرَ عديمٍ وَلَا ظَلومٍ
؛ العَديمُ: الَّذِي لَا شَيْءَ عِنْدَهُ، فعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. وأَعدَمَه: مَنَعه. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِحَبِيبِهِ: عَدِمْتُ فَقْدَك وَلَا عَدِمتُ فضلَك وَلَا أَعدَمني اللَّهُ فضلَك أَي لَا أَذهبَ عَنِّي فضلَك. وَيُقَالُ: عَدِمتُ فُلَانًا وأَعدَمنِيه اللهُ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي مَعْنَى قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وليسَ مانِعَ ذِي قُرْبى وَلَا رَحِمٍ، ... يَوْماً، وَلَا مُعْدِماً مِنْ خابِطٍ وَرَقا
قَالَ: مَعْنَاهُ أَنه لَا يَفْتَقِرُ مِنْ سائلٍ يَسْأَلُهُ مَالَهُ فَيَكُونُ كخابطٍ وَرَقاً؛ قَالَ الأَزهري: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ وَلَا مَانِعًا مِنْ خابطٍ وَرَقاً أَعْدَمْتُه أَي مَنعتُه طَلِبتَه. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لعَدِيمُ المعروفِ وَإِنَّهَا لعديمةُ الْمَعْرُوفِ؛ وأَنشد
إِنِّي وَجدْتُ سُبَيْعَة ابْنَة خالدٍ، ... عِنْدَ الجَزورِ، عَدِيمةَ المَعْروفِ
وَيُقَالُ: فلانٌ يَكسِبُ المَعْدومَ إِذَا كَانَ مَجْدوداً يكسِبُ مَا يُحْرَمُه غيرُه. وَيُقَالُ: هُوَ آكَلُكُم للمَأْدُومِ وأَكْسَبُكم لِلْمَعْدُومِ وأَعْطاكم لِلْمَحْرُومِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ ذِئْبًا:
كَسُوب لَهُ المَعْدومَ مِن كَسْبِ واحِدٍ، ... مُحالِفُه الإِقْتارُ مَا يتمَوَّلُ
أَي يَكسِبُ المعدومَ وحدَه وَلَا يتموَّلُ. وَفِي حَدِيثِ المَبْعث:
قَالَتْ لَهُ خديجةُ كَلَّا إِنَّكَ تَكْسِبُ المعدومَ وتَحْمِلُ الكَلَ
؛ هُوَ مِنَ المَجْدُودِ الَّذِي يَكْسِبُ مَا يُحْرَمُه غيرُه، وَقِيلَ: أَرادت تَكسِبُ الناسَ الشيءَ المعدومَ الَّذِي لَا يَجِدونَه مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: أَرادت بِالْمَعْدُومِ الفقيرَ الَّذِي صارَ مِنْ شدَّة حَاجَتِهِ كَالْمَعْدُومِ نفْسِه، فَيَكُونُ تَكْسِبُ عَلَى التأْويل الأَولِ متعدِّياً إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ هُوَ المعدومُ، كَقَوْلِكَ كَسَبْتُ مَالًا، وَعَلَى التأْويل الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَكُونُ متعدِّياً إِلَى مَفْعُولَيْنِ؛ تَقُولُ: كَسَبْتُ زيداً مَالًا أَي أَعطيتُه، فَمَعْنَى الثَّانِي تُعْطي الناسَ الشيءَ المعدومَ عِنْدَهُمْ فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ الأَول، وَمَعْنَى الثَّالِثِ تُعْطِي الفقراءَ المالَ فَيَكُونُ المحذوفُ المفعولَ الثَّانِيَ. وعَدُمَ يَعْدُمُ عَدامةً إِذَا حَمُقَ، فَهُوَ عَدِيمٌ أَحْمقُ. وأَرض عَدْماءُ: بيضاءُ. وشاةٌ عَدْماءُ: بَيْضَاءُ الرأْسِ(12/393)
وسائرُها مُخالِفٌ لِذَلِكَ. والعَدائمُ: نَوْعٌ مِنَ الرُّطَب يَكُونُ بِالْمَدِينَةِ يجيءُ آخرَ الرُّطَب. وعَدْمٌ: وادٍ بحَضْرَمَوْتَ كَانُوا يَزْرَعُونَ عَلَيْهِ فغاضَ مَاؤُهُ قُبَيْلَ الإِسلامِ فَهُوَ كَذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ. وعُدامةُ: ماءٌ لِبَنِي جُشَم؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهِيَ طَلُوبٌ أَبْعدُ ماءٍ لِلْعَرَبِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَمَّا رأَيْتُ أَنه لَا قامَهْ، ... وأَنه يَوْمُك مِنْ عُدامَهْ «4» .
عذم: عَذَمَ يَعْذِمُ عَذْماً: عَضَّ. وفرسٌ عَذِمٌ وعَذُومٌ: عَضُوضٌ. والعَذْمُ: العَضُّ والأَكْلُ بجَفاء. يُقَالُ: فرسٌ عَذومٌ لِلَّذِي يَعْذِمُ بأَسْنانِه أَي يَكْدِمُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَذْمُ بالشَّفةِ والعضُّ بالأَسنان. وعذَمَه بِلِسَانِهِ يَعْذِمُه عَذْماً: لامَه وعنَّفَه. والعَذْمُ: الأَخذُ باللِّسان واللَّوْمُ. والعُذُمُ: اللَّوَّامُون والمُعاتِبون؛ قَالَ أَبو خِراش:
يعُودُ عَلَى ذِي الجَهْلِ بالحِلْمِ والنُّهَى، ... وَلَمْ يكُ فَحّاشاً عَلَى الجارِ ذَا عَذْمِ
والعَذِيمةُ: المَلامةُ، والجمعُ العذائمُ؛ قَالَ:
يَظَلُّ مَنْ جَارَاهُ فِي عَذَائِمِ، ... مِن عُنْفُوانِ جَرْيه العُفاهِمِ
يُقَالُ: كانَ هَذَا فِي عُفاهِمِ شَبابهِ أَي فِي أَوَّله. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا كَانَ يُرائي فَلَا يَمُرُّ بقومٍ إِلَّا عَذَمُوه
أَي أَخذوُه بأَلسنتِهم، وأَصلُ العَذْمِ العضُّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كالنابِ الضَّرُوسِ تَعْذِم بفِيها وتَخْبِطُ بيدِها.
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: فأَقْبلَ عليَّ أَبي فعَذَمَني وعضَّني بلِسانه.
قَالَ الأَزهري: العُذَّامُ شجرٌ مِنَ الحَمْض يَنْتمي، وانْتِماؤه انْشِداخُ وَرقِه إِذَا مَسَسْتَه وَلَهُ ورقٌ نحوُ ورقِ القاقُلِّ. والعَذَمُ: نبتٌ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
فِي عَثْعَثٍ يُنْبِتُ الحَوْذانَ والعَذَما
وَحَكَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ. والعَذائمُ: شجرٌ مِنَ الحمْض، الْوَاحِدَةُ عُذامةٌ. وعَذَّامٌ: اسْمُ رَجُلٍ. والعُذَامُ: مكانٌ. وموتٌ عَذَمْذَمٌ: لَا يُبْقي شَيْئًا. وعَذَمَه عَنْ نفْسِه: دَفَعه، وَكَذَلِكَ أَعْذَمه. والعَذْمُ: المَنْعُ؛ يُقَالُ: لأَعْذِمَنَّكَ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: والمرأَة تَعْذِمُ الرجلَ إِذَا أَرْبَع لَهَا بالكلامِ أَي تَشْتِمه إِذَا سأَلها المكروهَ، وَهُوَ الإِرباعُ. والعُذُمُ: البراغيثُ، واحدها عَذومٌ «5» .
عرم: عُرامُ الجيشِ: حَدُّهم وشِدَّتُهم وكَثرَتُهم؛ قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
وَإِنَّا كالحَصى عَدداً، وَإِنَّا ... بَنُو الحَرْبِ الَّتِي فِيهَا عُرامُ
وَقَالَ آخَرُ:
وليلةِ هَوْلٍ قَدْ سَرَيْتُ، وفِتْيَةٍ ... هَدَيْتُ، وجَمْعٍ ذِي عُرامٍ مُلادِسِ
والعَرَمة: جمعُ عارمٍ. يُقَالُ: غِلمانٌ عَقَقةٌ عَرَمةٌ. وليلٌ عارمٌ: شديدُ البردِ نهايةٌ فِي البرْدِ
__________
(4) . زاد في التكملة: ويقولون قد عدّموه أي بتشديد الدال أي قالوا إنه مجنون. وقول العامة من المتكلمين: وجد فانعدم خطأ والصواب وجد فعدم أي مبنيين للمجهول
(5) . قوله [واحدها عذوم] ويقال في واحدها عذام كشداد كما في التكملة والقاموس(12/394)
نَهارُه وليلُه، وَالْجَمْعُ عُرَّمٌ؛ قَالَ:
وليلةٍ مِنَ اللَّيالي العُرَّمِ، ... بينَ الذِّراعينِ وَبَيْنَ المِرْزَمِ،
تَهُمُّ فِيهَا العَنْزُ بالتَّكَلُّمِ
يَعْنِي مِنْ شِدَّةِ بَرْدِهَا. وعَرَمَ الإِنسانُ يَعْرُمُ ويَعْرِمُ وعَرِمَ وعَرُمَ عَرامةً، بِالْفَتْحِ وعُراماً: اشتدَّ؛ قَالَ وعْلةُ الجَرْميُّ، وَقِيلَ هُوَ لِابْنِ الدِّنَّبة الثَّقَفي:
أَلم تعْلَمُوا أَني تُخافُ عَرَامَتي، ... وأَنَّ قَناتي لَا تَلِينُ عَلَى الكَسْرِ؟
وَهُوَ عارمٌ وعَرِمٌ: اشتَدَّ؛ وأَنشد:
إِنِّي امْرُؤٌ يَذُبُّ عَنْ مَحارمي، ... بَسْطةُ كَفّ ولِسانٍ عارِمِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: عَلَى حِينِ فتْرَةٍ مِنَ الرُّسُل واعْتِرامٍ مِنَ الفِتَنِ
أَي اشتدادٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن رَجُلًا قَالَ لَهُ عارَمْتُ غُلاماً بمكَّةَ فعَضَّ أُذُني فقطعَ مِنْهَا
أَي خاصَمْتُ وفاتَنْتُ، وصبيٌّ عارمٌ بيِّنُ العُرامِ، بِالضَّمِّ، أَي شَرِسٌ؛ قَالَ شَبِيب بنُ البَرْصاء:
كأَنَّها مِنْ بُدُنٍ وإيفارْ، ... دَبَّتْ عَلَيْهَا عارماتُ الأَنْبارْ
أَي خَبيثاتُها، وَيُرْوَى: ذَرِبات. وَفِي حَدِيثِ عَاقِرِ النَّاقَةِ:
فانبَعثَ لَهَا رجلٌ عارِمٌ
أَي خبيثٌ شِرِّيرٌ. والعُرَامُ: الشِّدَّةُ والقُوَّةُ والشَّراسةُ. وعَرَمنا الصبيُّ وعَرَمَ عَلَيْنَا وعَرُمَ يَعْرِمُ ويَعْرُمُ عَرامةً وعُراماً: أَشِرَ. وَقِيلَ: مَرِحَ وبَطِرَ، وَقِيلَ: فسَدَ. ابْنُ الأَعرابي: العَرِمُ الجاهلُ، وَقَدْ عَرَمَ يَعْرُمُ وعَرُمَ وعَرِمَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: العُرامِيُّ مِنَ العُرامِ وَهُوَ الجَهْلُ. والعُرامُ: الأَذى؛ قَالَ حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ الهِلاليُّ:
حَمَى ظِلَّها شَكْسُ الخَلِيقَةِ حائطٌ، ... عَلَيْها عُرامُ الطائِفينَ شَفِيقُ
والعَرَمُ: اللَّحْم؛ قَالَهُ الفراء: إنَّ جزُورَكم لَطَيِّبُ العَرَمةِ أَي طَيّبُ اللَّحْم. وعُرامُ الْعَظْمِ، بِالضَّمِّ: عُراقُهُ. وعَرَمَهُ يَعْرِمُه ويَعْرُمه عَرْماً: تَعَرَّقه، وتَعَرَّمَه: تَعَرَّقَه ونَزَع مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ، والعُرامُ والعُراقُ وَاحِدٌ، وَيُقَالُ: أَعْرَمُ مِنْ كَلْبٍ عَلَى عُرامٍ. وَفِي الصِّحَاحِ: العُرامُ، بِالضَّمِّ، العُراقُ مِنَ العَظْمِ وَالشَّجَرِ. وعَرَمَتِ الإِبلُ الشَّجَرَ: نالَتْ مِنْهُ. وعَرِمَ العَظْمُ عَرَماً: قَتِرَ. وعُرَامُ الشَّجَرَةِ: قِشْرُها؛ قَالَ:
وتَقَنَّعي بالعَرْفَجِ المُشَجَّجِ، ... وبالثُّمامِ وعُرامِ العَوْسَجِ
وَخَصَّ الأَزهري بِهِ العَوْسَجَ فَقَالَ: يُقَالُ لقُشور العَوْسَج العُرامُ، وأَنشد الرجزَ. وعَرَمَ الصبيُّ أُمَّه عَرْماً: رَضَعها، واعْتَرم ثَدْيَها: مَصَّه. واعْتَرَمَتْ هِيَ: تَبَغَّتْ مَنْ يَعْرُمُها؛ قَالَ:
ولا تُلْفَيَنَّ كأمِّ الغُلامِ، ... إِن لَمْ تَجِدْ عارِماً تَعْتَرِمْ
يَقُولُ: إِنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ تُرْضِعُه دَرَّتْ هِيَ فَحَلَبَتْ ثَدْيَها، وَرُبَّمَا رَضَعَتْهُ ثُمَّ مَجَّتْه مِنْ فِيهَا؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنَّمَا يُقَالُ هَذَا لِلْمُتَكَلِّفِ مَا لَيْسَ مِنْ شأْنه؛ أَراد بذاتِ الغُلام «1» . الأُمَّ المُرْضِعَ إِنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَمُصُّ ثَدْيَها مَصَّتْه هِيَ؛ قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَاهُ
__________
(1) . قوله [أراد بذات الغلام إلخ] هذه عبارة الأَزهري لإِنشاده له كذات الغلام وأنشده في المحكم كأم الغلام(12/395)
لَا تَكُنْ كَمَنْ يَهْجُو نَفْسَه إِذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَهْجُوه. والعَرَمُ والعُرْمَةُ: لونٌ مختلطٌ بسوادٍ وبياضٍ فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَقِيلَ: تَنْقِيطٌ بِهِمَا مِنْ غَيْرِ أَن يَتَّسِعَ، كُلُّ نُقطةٍ عُرْمةٌ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ، الذكرُ أَعْرَمُ والأُنثى عَرْماءُ، وَقَدْ غَلَبَتِ العَرْماءُ عَلَى الْحَيَّةِ الرَّقْشاءِ؛ قَالَ مَعْقِلٌ الهُذَليُّ:
أَبا مَعْقِلٍ، لَا تُوطِئَنْكَ بَغاضَتي ... رُؤُوسَ الأَفاعي فِي مَراصِدِها العُرْمِ
الأَصمعي: الحَيَّةُ العَرْماءُ الَّتِي فِيهَا نُقَطٌ سودٌ وبيضٌ، وَيُرْوَى
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنه ضَحَّى بكبشٍ أَعْرَمَ
، وَهُوَ الأَبيض الَّذِي فِيهِ نُقَطٌ سُود. قَالَ ثَعْلَبٌ: العَرِمُ مِنْ كُلِّ شَيْءِ ذُو لَوْنَيْنِ، قَالَ: والنَّمِرُ ذُو عَرَمٍ. وبَيْضُ القَطا عُرْمٌ؛ وَقَوْلُ أَبي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ:
مَا زِلْنَ يَنْسُبْنَ وَهْناً كُلَّ صادِقةٍ ... باتَتْ تُباشِرُ عُرْماً، غَيْرَ أَزْواجِ
عَنَى بَيْضَ القَطا لأَنها كَذَلِكَ. والعَرَمُ والعُرْمةُ: بَياضٌ بِمَرَمَّةِ الشاةِ الضَّائِنةِ والمِعْزَى، والصفةُ كَالصِّفَةِ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي أُذُنها نُقَطٌ سُود، والاسمُ العَرَمُ. وقطيعٌ أَعْرَمُ بَيِّنُ العَرَمِ إِذَا كَانَ ضَأْناً ومِعْزًى؛ وَقَالَ يَصِفُ امرأَة رَاعِيَةً:
حَيَّاكة وَسْطَ القَطِيعِ الأَعْرَمِ
والأَعْرَمُ: الأَبْرَشُ، والأُنثى عَرْماءُ. ودَهْرٌ أَعْرَمُ: مُتَلَوِّنٌ. وَيُقَالُ للأَبْرَصِ: الأَعْرَمُ والأَبْقَعُ. والعَرَمَةُ: الأَنْبارُ مِنِ الحِنْطة وَالشَّعِيرِ. والعَرَمُ والعَرَمَةُ: الكُدْسُ المَدُوسُ الَّذِي لَمْ يُذَرَّ يُجْعَلُ كَهَيْئَةِ الأَزَجِ ثُمَّ يُذَرَّى، وحَصَرَه ابنُ برِّي فَقَالَ الكُدْسُ مِنِ الْحِنْطَةِ فِي الجَرِينِ والبَيْدَرِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَهَبَ بعضُهم إِلَى أَنه لَا يُقَالُ إِلا عَرْمَةٌ، وَالصَّحِيحُ عَرَمة، بِدَلِيلِ جَمْعِهِمْ لَهُ عَلَى عَرَمٍ، فأَما حَلْقَةٌ وحَلَقٌ فَشَاذٌّ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَدُقُّ مَعْزَاءَ الطَّريقِ الفازِرِ، ... دَقَّ الدِّياسِ عَرَمَ الأَنادِرِ
والعَرَمَةُ والعَرِمَةُ: المُسَنَّاةُ؛ الأُولى عَنْ كُرَاعٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: العَرِمُ المُسَنَّاة لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، وَيُقَالُ: وَاحِدُهَا عَرِمَةٌ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للجَعْدِيِّ:
مِنْ سَبإِ الحاضِرين مَأْرِبَ، إذْ ... شَرَّدَ مِنْ دُون سَيْلهِ العَرِما
قَالَ: وَهِيَ العَرم، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَكَذَلِكَ واحدها وهو العَرِمَةُ [العَرَمَةُ] ، قَالَ: والعَرِمَةُ مِنْ أَرض الرَّبابِ. والعَرِمَةُ: سُدٌّ يُعْتَرَضُ بِهِ الْوَادِي، وَالْجَمْعُ عَرِمٌ، وَقِيلَ: العَرِمُ جمعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العَرِمُ الأَحْباسُ تُبْنى فِي أَوْساط الأَوْدِيَةِ. والعَرِمُ أَيضاً: الجُرَذُ الذَّكَرُ. قَالَ الأَزهري: وَمِنْ أَسماء الفأْر البِرُّ والثُّعْبَةُ والعَرِمُ. والعَرِمُ: السَّيْلُ الَّذِي لَا يُطاق؛ وَمِنْهُ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ
؛ قِيلَ: أَضافه إِلَى المُسَنَّاة أَو السُّدِّ، وَقِيلَ: إِلَى الفأرِ الَّذِي بَثَق السِّكْرَ عَلَيْهِمْ. قَالَ الأَزهري: وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الخُلْد، وَلَهُ حَدِيثٌ، وَقِيلَ: العَرِمُ اسْمُ وادٍ، وَقِيلَ: العَرِمُ الْمَطَرُ الشَّدِيدُ، وَكَانَ قومُ سَبأَ فِي نِعْمةٍ ونَعْمَةٍ وجِنانٍ كَثِيرَةٍ، وَكَانَتِ المرأَة مِنْهُمْ تَخْرُجُ وَعَلَى رَأْسِهَا الزَّبيلُ فتَعْتَمِلُ بِيَدَيْهَا وَتَسِيرُ بَيْنَ ظَهْرانَي الشَّجَر المُثْمِر فيَسْقُط فِي زَبيلِها مَا تَحْتَاجُ(12/396)
إِليه مِنْ ثِمَارِ الشَّجَرِ، فَلَمْ يَشْكُروا نِعْمَة اللَّهِ فبَعَثَ اللهُ عَلَيْهِمْ جُرَذاً، وَكَانَ لَهُمْ سِكْرٌ فِيهِ أَبوابٌ يَفْتَحون مَا يَحْتاجُونَ إِليه مِنْ الْمَاءِ فثَقَبه ذَلِكَ الجُرَذُ حَتَّى بَثَقَ عَلَيْهِمُ السِكر فغَرَّقَ جِنانَهم. والعُرامُ: وسَخُ القِدْرِ. والعَرَمُ: وَسَخُ القِدْرِ. وَرَجُلٌ أَعْرَمُ أَقْلَفُ: لَمْ يُخْتَنْ فكأَنَّ وَسَخَ القُلْفَةِ باقٍ هُنَالِكَ. أَبو عَمْرٍو: العَرَامِينُ القُلْفانُ مِنَ الرِّجَالِ. والعَرْمَةُ: بَيْضَة السِّلاح. والعُرْمانُ: المَزارِعُ، وَاحِدُهَا عَرِيمٌ وأَعْرَمُ، والأَولُ أَسْوَغُ فِي الْقِيَاسِ لأَن فُعْلاناً لَا يُجْمَعُ عَلَيْهِ أَفْعَلُ إِلا صِفةً. وجَيْشٌ عَرَمْرَمٌ: كَثِيرٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والعَرَمْرَمُ: الشديدُ؛ قَالَ:
أَدَاراً، بأَجْمادِ النَّعامِ، عَهِدْتُها ... بِهَا نَعَماً حَوْماً وعِزّاً عَرَمْرَما
وعُرامُ الجَيْشِ: كَثْرَتُه. وَرَجُلٌ عَرَمْرَمٌ: شديدُ العُجْمةِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والعَرِيمُ: الدَّاهِيَةُ. الأَزهري: العُرْمانُ الأَكَرَةُ، واحدُهم أَعْرَمُ، وَفِي كتابِ أَقوالِ شَنُوأَةَ: مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ مُلْكٍ وعُرْمانٍ؛ العُرْمانُ: المَزارِعُ، وَقِيلَ: الأَكَرَةُ، الواحدُ أَعْرَمُ، وَقِيلَ عَرِيمٌ؛ قَالَ الأَزهري: ونُونُ العُرْمانِ والعَرامينِ لَيْسَتْ بأَصلية. يُقَالُ: رَجُلٌ أَعْرَمُ وَرِجَالٌ عُرْمانٌ ثُمَّ عَرامينُ جمعُ الْجَمْعِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِجَمْعِ القِعْدانِ مِنَ الإِبل القَعادِينُ، والقِعْدانُ جمعُ القَعودِ، والقَعادينُ نظيرُ العَرامِينِ. والعَرِمُ والمِعْذار: مَا يُرْفَعُ حَوْلَ الدَّبَرَةِ. ابْنُ الأَعرابي: العَرَمةُ أَرضٌ صُلْبة إِلى جَنْبِ الصَّمَّانِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وعارِض العِرْض وأَعْناق العَرَمْ
قَالَ الأَزهري: العَرَمَة تُتاخِمُ الدَّهناءَ، وعارِضُ الْيَمَامَةِ يُقَابِلُهَا، قَالَ: وَقَدْ نزلتُ بِهَا. وعارِمةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَزهري: عارِمةُ أَرضٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَلم تَسْأَلْ بعارِمَة الدِّيارا، ... عَنِ الحَيِّ المُفارِقِ أَيْنَ سَارَا؟
والعُرَيْمَةُ، مُصَغَّرَةً: رملةٌ لِبَنِي فَزارةَ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لبِشْر بْنِ أَبي خَازِمٍ:
إِنَّ العُرَيْمَةَ مانِعٌ أَرْماحَنا ... مَا كَانَ مِنْ سَحَمٍ بِهَا وصَفارِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِلنَّابِغَةِ الذُّبْياني وَلَيْسَ لبِشْرٍ كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ، وَيُرْوَى: إِنَّ الدُّمَيْنَةَ، وَهِيَ ماءٌ لِبَنِي فَزارة. والعَرَمةُ، بِالتَّحْرِيكِ: مُجْتَمَعُ رملٍ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
حاذَرْنَ رَمْلَ أَيْلةَ الدَّهاسا، ... وبَطْنَ لُبْنى بَلَداً حِرْماسا،
والعَرَماتِ دُسْتُها دِياسا
ابْنُ الأَعرابي: عَرْمى واللهِ لأَفْعَلَنَّ ذَلِكَ، وغَرْمى وحَرْمى، ثَلَاثُ لُغَاتٍ بِمَعْنَى أَمَا واللهِ؛ وأَنشد:
عَرْمى وجَدِّكَ لَوْ وَجَدْتَ لَهم، ... كعَداوةٍ يَجِدونَها تَغلي
وَقَالَ بَعْضُ النَّمِريِّين: يُجْعَلُ فِي كُلِّ سُلْفةٍ منْ حَبٍّ عَرَمةٌ منْ دَمالٍ، فَقِيلَ لَهُ: مَا العَرَمةُ؟ فَقَالَ: جُثْوَةٌ مِنْهُ تَكُونُ مِزْبَلَين حِمْلَ بَقَرَتَيْنِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وعارِمٌ سِجْنٌ؛ قَالَ كثيِّر:(12/397)
تُحَدِّثُ مَنْ لاقَيْت أَنَّكَ عائذٌ، ... بَلِ العائذُ المَظْلومُ فِي سِجْنِ عارِمِ
وأَبو عُرامٍ: كُنْيةُ كَثيبٍ بالجِفار، وَقَدْ سَمَّوْا عارِماً وعَرَّاماً. وعَرْمان: أَبو قبيلة.
عرتم: العَرْتَمةُ: مُقَدَّمُ الأَنْفِ. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ كانَ ذَلِكَ عَلَى رَغْم عَرْتَمتِه أَي عَلَى رَغْم أَنْفِه، وَهِيَ العَرْتَبةُ، بِالْبَاءِ، والميمُ أَكثرُ، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَ بِالثَّاءِ، وَلَيْسَ بِالْعَالِي، وَقِيلَ: العَرْتمةُ طرَفُ الأَنف. اللَّيْثُ العَرْتَمةُ مَا بَيْنَ وَتَرةِ الأَنف والشَّفةِ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلدَّائِرَةِ الَّتِي عِنْدَ الأَنف وَسَطَ الشفةِ العُلْيا العَرْتَمةُ، والعَرْتَبَةُ لُغَةٌ فِيهَا؛ الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: هِيَ الخُنْعبة والنُّونةُ والثُّومةُ والهَزْمةُ والوَهْدَةُ والقَلْدةُ والهَرْتَمةُ والعَرْتَمةُ والحِثْرِمَةُ.
عرجم: فِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه قَضَى فِي الظُّفُرِ إِذا اعْرَنْجَمَ بِقَلُوصٍ
؛ جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ إِذا فَسَد؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَا نَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ سَمَاعًا، وَالَّذِي يُؤدي إِليه الاجتهادُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ جَسا وغَلُظَ، وَذَكَرَ لَهُ أَوجُهاً واشتقاقاتٍ بَعِيدَةً، وَقِيلَ: إِنه احْرَنْجَمَ، بِالْحَاءِ، أَي تقَبَّضَ، فحرَّفَه الرُّواة. الأَزهري: العُرْجومُ والعُلْجومُ الناقةُ الشديدة.
عردم: العِرْدامُ والعَرْدَمُ: العِذْقُ الَّذِي فِيهِ الشماريخُ، وأَصلُه فِي النَّخْلَةِ. والعُرْدُمانُ: الغليظُ الشديدُ الرَّقَبَةِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ويَعْتَلي الرأْسَ القُمُدَّ عَرْدَمُهْ «1»
. عَرْدَمُه: عُنُقُه الشَّدِيدُ. والعَرْدَمُ: الضخْمُ التارُّ الغليظُ القليلُ اللحمِ، والعَرْدُ مثلُه. والعَرْدَمُ: الغُرْمُولُ الطويلُ الثخينُ المُتْمَهِلُّ. والعَرْدمةُ: الشدّةُ والصلابةُ؛ يُقَالُ: إِنه لَعَرْدَمُ القَصَرةِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
نَحْمي حُمَيَّاها بعَرْدٍ عَرْدَمِ
قَالَ: إِذا قُلْتَ للعَرْدِ عَرْدَم فَهُوَ أَشدُّ مِنَ العَرْد، كَمَا يُقَالُ للبَلِيد بَلْدَم فَهُوَ أَبلدُ وأَشَدُّ.
عرزم: العَرْزَمُ والعِرْزامُ: القوِيُّ الشديدُ المجتمعُ مِنْ كلِّ شَيْءٍ. واعْرَنْزَمَ واقْرَنْبَعَ واحْرَنْجَمَ: تَجَمَّعَ وتقَبَّض؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
رُكِّبَ منه الرأْسُ فِي مُعْرَنْزِمِ
وأَنفٌ مُعْرَنْزِمٌ: غَلِيظٌ مُجْتَمِعٌ؛ وَكَذَلِكَ اللِّهْزِمةُ. وحَيَّةٌ عِرْزِمٌ: قديمةٌ؛ وأَنشد الأَزهري:
وذاتَ قَرْنَيْنِ زَحُوفاً عِرْزِما
الأَزهري: إِذا غَلُظت الأَرنبة قِيلَ: اعْرَنْزَمَتْ. واعْرنْزمَ الرجلُ: عَظُمَت أَرْنَبتُه أَو لِهْزِمتُه. والاعْرِنْزامُ: الاجتماعُ: قَالَ نَهارُ بْنُ تَوْسِعةَ:
ومِنْ مُتَرِبٍ دَعْدَعْتُ بالسَّيفِ مالَه ... فَذَلَّ، وقِدْماً كانَ مُعْرَنْزِمَ الكَرْدِ
واعْرَنْزَمَ الشيءُ: اشتدَّ وصَلُبَ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: لَا تَجْعَلُوا فِي قَبْري لَبِناً عَرْزَمِيّاً
؛ عَرْزمُ: جَبّانةٌ بِالْكُوفَةِ نُسِبَ اللبِنُ إِليها، وإِنما كَرِهَه لأَنها موضعُ أَحْداثِ الناسِ وَيَخْتَلِطُ لَبِنُه بالنَّجاسات.
عرصم: العِرْصَمُّ والعِرْصامُ: القويُّ الشديدُ البَضْعةِ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّئِيلُ الجِسْم، ضِدٌّ، وَقِيلَ: هو
__________
(1) . قوله [ويعتلي إلخ] صدره كما في التكملة:
وعندنا ضرب يمر معصمه(12/398)
اللئيمُ. والعَرْصَمُ: النشِيطُ. والعَرْصَمُ: الأَكولُ. والعُرْصومُ: البخيل.
عركم: عُرْكُم: اسم
عرهم: العُراهِمُ: الغليظُ مِنَ الإِبل؛ قَالَ:
فَقَرَّبُوا كلَّ وَأًى عُراهِمِ ... مِنَ الجِمالِ الجِلَّةِ العَياهِمِ
أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي وَجْزَةَ:
وفارَقَتْ ذَا لِبَدٍ عُراهِما
وجَمْعُه عَراهِمُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: الهِيم العَراهيم. والعُرْهومُ: الشيخُ الْعَظِيمُ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
ويَرْجِعُونَ المُرْدَ والعَراهِما
الْفَرَّاءُ: جَملٌ عُراهِمٌ مِثْلُ جُراهِمٍ. وَنَاقَةٌ عُراهِمةٌ أَي ضَخْمة. الْجَوْهَرِيُّ: العُراهِمُ والعُراهِمةُ نعتٌ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وأَنشد الرَّجَزَ الَّذِي أَوردناه أَوّلًا. الأَزهري: العُراهِمُ التارُّ الناعِمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وأَنشد:
وقَصَباً عُفاهِماً عُرْهوما
والعُرْهومُ: الشديدُ وَكَذَلِكَ العُلْكوم. الْفَرَّاءُ: بعيرٌ عُراهِنٌ وعُراهِمٌ وجُرَاهِمٌ عظيمٌ، وناقةٌ عُرْهومٌ: حسَنةُ اللونِ والجسمِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
أَتْلَعَ فِي بَهْجَتِه عُرْهوما
ابْنُ سِيدَهْ: العُرْهومُ مِنَ الإِبل الحسنةُ فِي لَوْنِها وجِسْمِها. والعُرْهومُ مِنَ الْخَيْلِ: الحسنةُ العظيمةُ، وَقِيلَ: العُراهِمةُ والعُراهِمُ نعتٌ لِلْمُذَكَّرِ دُونَ المؤنث.
عزم: العَزْمُ: الجِدُّ. عَزَمَ عَلَى الأَمر يَعْزِمُ عَزْماً ومَعْزَماً ومَعْزِماً وعُزْماً وعَزِيماً وعَزِيمةً وعَزْمَةً واعْتَزَمَه واعْتَزمَ عَلَيْهِ: أَراد فِعْلَه. وَقَالَ اللَّيْثُ: العَزْمُ مَا عَقَد عَلَيْهِ قَلْبُك مِنْ أَمْرٍ أَنَّكَ فاعِلُه؛ وَقَوْلُ الْكُمَيْتِ:
يَرْمي بِهَا فَيُصِيبُ النَّبْلُ حاجَته ... طَوْراً، ويُخْطِئُ أَحْياناً فيَعْتَزِمُ
قَالَ: يَعودُ فِي الرَّمْي فَيَعْتَزِمُ عَلَى الصَّوَابِ فيَحْتَشِدُ فِيهِ، وإِن شِئْتَ قُلْتَ يَعْتزِمُ عَلَى الخطإِ فَيَلِجُ فِيهِ إِنْ كَانَ هَجاهُ. وتَعَزَّم: كعَزَم؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
فأَعْرَضنَ، لَمَّا شِبْتُ، عَني تَعَزُّماً، ... وهَلْ لِيَ ذَنْبٌ فِي اللَّيالي الذُّواهِبِ؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ عَزَمْتُ عَلَى الأَمر وعَزَمْتُه؛ قَالَ الأَسْود بْنُ عُمارة النَّوْفَليُّ.
خَلِيلَيَّ منْ سُعْدَى، أَلِمَّا فسَلِّمَا ... عَلَى مَرْيَمٍ، لَا يُبْعِدُ اللهُ مَرْيَمَا
وقُولا لَهَا: هَذَا الفراقُ عَزَمْتِه ... فهلْ مَوْعِدٌ قَبْل الفِراقِ فيُعْلَما؟
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لأَبي بَكْرٍ مَتى تُوتِرُ؟ فَقَالَ: أَوَّلَ الليلِ، وَقَالَ لِعُمَر: مَتَى تُوتِرُ؟ قَالَ: مِن آخرِ الليلِ، فَقَالَ لأَبي بَكرٍ: أَخَذْتَ بالحَزْم، وَقَالَ لِعُمَر: أَخَذْتَ بالعَزْمِ
؛ أَراد أَن أَبا بكرٍ حَذِرَ فَوات الوِتْرِ بالنَّوْم فاحْتاطَ وقدَّمَه، وأَن عُمَر وَثِقَ بالقوّةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ فأَخَّرَه، وَلَا خَيرَ فِي عَزْمٍ بِغَيْرِ حَزْمٍ، فإِن القُوَّة إِذا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا حَذَرٌ أَوْرَطَتْ صاحبَها. وعَزَمَ الأَمرُ: عُزِمَ عَلَيْهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ
؛ وَقَدْ يَكُونُ أَراد عَزَمَ أَرْبابُ الأَمْرِ؛ قَالَ الأَزهري:(12/399)
هُوَ فَاعِلٌ مَعْنَاهُ الْمَفْعُولُ، وَإِنَّمَا يُعْزَمُ الأَمرُ وَلَا يَعْزِم، والعَزْمُ للإِنسان لَا لِلأَمرِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ هَلكَ الرجلُ، وَإِنَّمَا أُهْلِك. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ
: فَإِذَا جَدَّ الأَمرُ ولَزِمَ فَرْضُ الْقِتَالِ، قَالَ: هَذَا مَعْنَاهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ عَزَمْتُ الأَمرَ وعَزَمْتُ عَلَيْهِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
. وَتَقُولُ: مَا لِفلان عَزِيمةٌ أَيْ لَا يَثْبُت عَلَى أمرٍ يَعْزِم عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَيرُ الأُمُورِ عَوازِمُها
أَيْ فَرائِضُها الَّتِي عَزَمَ اللهُ عَلَيْكَ بِفِعْلِها، وَالْمَعْنَى ذواتُ عَزْمِها الَّتِي فيه عَزْمٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ خيرُ الأُمورِ مَا وَكَّدْتَ رَأْيَك وعَزْمَك ونِيَّتَك عَلَيْهِ وَوَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ فِيهِ. وَرُوِيَ
عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤتَى رُخَصُه كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤتَى عَزائِمُه
؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: عَزائِمُه فَرائِضُه الَّتِي أَوْجَبَها اللَّهُ وأَمَرنا بِهَا. والعَزْمِيُّ مِنَ الرِّجَالِ: المُوفي بِالْعَهْدِ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
عَزْمةٌ مِنْ عَزَماتِ اللهِ
أَيْ حَقٌّ مِنْ حُقوقِ اللَّهِ وواجبٌ مِنْ وَاجِبَاتِهِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كُونُوا قِرَدَةً*؛ هَذَا أَمرٌ عَزْمٌ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ؛ هَذَا فرْضٌ وحُكْمٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ سَلَمة: فَعزَمَ اللهُ لِي
أَيْ خَلَقَ لِي قُوَّة وصبْراً. وعَزَم عَلَيْهِ ليَفْعَلنَّ: أَقسَمَ. وعَزَمْتُ عليكَ أَيْ أَمَرْتُك أَمْرًا جِدّاً، وَهِيَ العَزْمَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمر: اشْتدَّتِ العزائمُ
؛ يُرِيدُ عَزَماتِ الأُمراء عَلَى النَّاسِ فِي الغَزْو إِلَى الأَقطار الْبَعِيدَةِ وأَخْذَهُم بِهَا. والعزائمُ: الرُّقَى. وعَزَمَ الرَّاقي: كأَنه أَقْسَمَ عَلَى الدَّاء. وعَزَمَ الحَوَّاءُ إِذَا اسْتَخْرَجَ الْحَيَّةَ كأَنه يُقْسِم عَلَيْهَا. وعزائمُ السُّجودِ: مَا عُزِمَ عَلَى قَارِئِ آيَاتِ السُّجُودِ أَنَّ يَسْجُدَ لِلَّهِ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ سُجُودِ الْقُرْآنِ:
ليستْ سَجْدَةُ صادٍ مِنْ عزائِمِ السُّجودِ.
وعزائمُ القُرآنِ: الآياتُ الَّتِي تُقْرأُ عَلَى ذَوِي الآفاتِ لِمَا يُرْجى مِنَ البُرْءِ بِهَا. والعَزِيمةُ مِنَ الرُّقَى: الَّتِي يُعزَمُ بِهَا عَلَى الجِنّ والأَرواحِ. وأُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ: الذينَ عَزَمُوا عَلَى أَمرِ اللَّهِ فِيمَا عَهِدَ إِلَيْهِمْ، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنَّ أُولي العَزْمِ نُوحٌ «2» وإبراهيمُ وَمُوسَى، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، ومحمّدٌ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أُولي العَزْم أَيضاً. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ
، وَفِي الْحَدِيثِ:
ليَعْزِم المَسأَلة
أَيْ يَجِدَّ فِيهَا ويَقْطَعها. والعَزْمُ: الصَّبْرُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ آدمَ: فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً
؛ قِيلَ: العَزْمُ والعَزِيمةُ هُنَا الصَّبرُ أَيْ لَمْ نَجِدْ لَهُ صَبْراً، وَقِيلَ: لَمْ نَجِدْ لَهُ صَرِيمةً وَلَا حَزْماً فِيمَا فَعَلَ، والصَّرِيمةُ والعَزِيمةُ واحدةٌ، وَهِيَ الْحَاجَةُ الَّتِي قَدْ عَزَمْتَ عَلَى فِعْلِها. يُقَالُ: طَوَى فلانٌ فُؤادَه عَلَى عَزِيمةِ أمرٍ إِذَا أَسرَّها فِي فُؤادِه، والعربُ تقولُ: مَا لَه مَعْزِمٌ وَلَا مَعْزَمٌ وَلَا عَزِيمةٌ وَلَا عَزْمٌ وَلَا عُزْمانٌ، وَقِيلَ فِي قوله لم نَجِدْ لَهُ عَزْماً أَيْ رَأْياً مَعْزوماً عَلَيْهِ، والعَزِيمُ والعزيمةُ واحدٌ. يُقَالُ: إنَّ رأْيَه لَذُو عَزِيمٍ. والعَزْمُ: الصَّبْرُ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ، يَقُولُونَ: مَا لِي عَنْكَ عَزْمٌ أَيْ صَبْرٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: فَلَمَّا أصابَنا البَلاءُ اعْتَزَمْنا لِذَلِكَ
أَيِ احْتَمَلْناه وصبَرْنا عَلَيْهِ، وَهُوَ افْتَعَلْنا مِنَ العَزْم. والعَزِيمُ: العَدْوُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ رَبِيعَةُ بْنُ مَقْرُومٍ الضَّبّيُّ:
لَوْلَا أُكَفْكِفُه لكادَ، إِذَا جَرى ... مِنْهُ العَزِيمُ، يَدُّقُّ فَأْسَ المِسْحَلِ
__________
(2) . قوله [نوح إلخ] قد أَسقط المؤلف من عددهم على هذا القول سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام كما في شرح القاموس(12/400)
والاعْتِزامُ: لزُومُ القَصدِ فِي الحُضْر والمَشْي وَغَيْرِهِمَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذَا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ فِي انْتِهاضِ
والفَرسُ إِذَا وُصِفَ بالاعْتِزامِ فَمَعْنَاهُ تَجْلِيحُه فِي حُضْرِه غَيْرُ مُجِيبٍ لراكبِه إِذَا كَبَحَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
مُعْتَزِم التَّجْلِيحِ مَلَّاخ المَلَق
واعْتَزَمَ الفَرَسُ فِي الجَرْيِ: مَرَّ فِيهِ جامِحاً. واعْتَزَمَ الرجلُ الطريقَ يَعْتَزِمُه: مَضَى فِيهِ وَلَمْ يَنْثَنِ؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:
مُعْتَزِماً للطُّرُقِ النَّواشِطِ ... والنَّظَرِ الباسِطِ بَعْدَ الباسِطِ
وأُمُّ العِزْم وأُمُّ عِزْمَةَ وعِزْمةُ: الاسْتُ. وَقَالَ الأَشْعَث لعَمْرو بن مَعْديكربَ: أمَا واللهِ لئِن دَنَوْتَ لأُضْرِطَنَّكَ قَالَ: كلَّا، وَاللَّهِ إِنَّهَا لَعَزُومٌ مُفَزَّعَةٌ؛ أَرَادَ بالعَزُومِ اسْته أَيْ صَبُورٌ مُجِدّةٌ صحيحةُ العَقْدِ، يُرِيدُ أَنها ذاتُ عَزْمٍ وصرامةٍ وحَزْمٍ وقُوَّةٍ، ولَيْسَتْ بِواهِيةٍ فتَضْرطَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفْسَه، وَقَوْلُهُ مُفَزَّعَةٌ بِهَا تَنْزِل الأَفزاعُ فتجْلِيها. وَيُقَالُ: كَذَبَتْه أُمُّ عِزْمَة. والعَزُومُ والعَوْزَمُ والعَوْزَمَةُ: الناقةُ المُسِنَّةُ وَفِيهَا بَقِيَّةُ شَبابٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي للمَرَّارِ الأَسَدِيِّ:
فأَمَّا كلُّ عَوْزَمةٍ وبَكرٍ، ... فمِمَّا يَسْتَعِينُ بِهِ السَّبِيلُ
وَقِيلَ: نَاقَةٌ عَوْزَمٌ أَكِلَتْ أَسْنانُها مِنَ الكِبَر، وَقِيلَ: هِيَ الهَرِمَةُ الدِّلْقِمُ. وَفِي حَدِيثِ
أَنجَشةَ: قَالَ لَهُ رُوَيْدَكَ سَوْقاً بالعَوازِمِ
؛ العَوازِمُ: جمعُ عَوْزَمٍ وَهِيَ الناقةُ المُسِنَّة وَفِيهَا بَقِيَّةٌ، كَنَى بِهَا عَنِ النِّساء كَمَا كَنَى عَنْهُنَّ بِالْقَوَارِيرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرادَ النُّوق نفسَها لضَعفها. والعَوْزَم: الْعَجُوزُ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
لقدْ غَدَوْتُ خَلَقَ الأَثوابِ، ... أَحمِلُ عِدْلَينِ مِنَ التُّرابِ
لعَوْزَمٍ وصِبْيةٍ سِغابِ، ... فآكِلٌ ولاحِسٌ وآبِي
والعُزُمُ: الْعَجَائِزُ، وَاحِدَتُهُنَّ عَزُومٌ. والعَزْمِيُّ: بَيّاع الثَّجير. والعُزُمُ: ثَجِير الزَّبيب، وَاحِدُهَا عَزْمٌ. وعُزْمةُ الرَّجُلِ: أُسرَتُه وَقَبِيلَتُهُ، وَجَمَاعَتُهَا العُزَمُ. والعَزَمة: المصحِّحون للموَدَّة.
عزهم: هَذِهِ تَرْجَمَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ هَلْ هِيَ بِالزَّايِ أَوْ بِالرَّاءِ، فَإِنَّنِي لَمْ أَرَ فِيهَا إِلَّا بَعْضَ مَا رأَيته فِي عرهم، والله أعلم.
عسم: العَسَمُ: يُبْسٌ فِي المِرْفق والرُّسغ تَعوَجُّ مِنْهُ اليدُ والقدَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي الْعَبْدِ الأَعْسَمِ إِذَا أُعتِقَ
؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بِهِ عَسَمٌ يَبْتغِي أَرْنَبا «1»
. عَسِمَ عَسَماً وَهُوَ أَعسمُ، والأُنثى عَسماء، والعسَم: انْتِشَارُ رُسغ الْيَدِ مِنِ الإِنسان، وَقِيلَ: العَسَمُ يُبسُ الرُّسغِ. والعَسْمُ: الخُبز اليابسُ، وَالْجَمْعُ عُسُومٌ؛ قَالَ أُميّة بْنُ أَبِي الصَّلْتِ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ:
وَلَا يَتنازَعُونَ عِنانَ شِرْكٍ، ... وَلَا أَقواتُ أهلِهِمُ العُسُومُ
وَقِيلَ: العُسومُ كِسَر الخُبز الْيَابِسِ القاحِل، وقيل:
__________
(1) . صدر البيت:
مُرسَّعةٌ بين أرساغِه(12/401)
العُسومُ القِلَّة. وَمَا ذاقَ مِنَ الطَّعَامِ إِلَّا عَسْمةً أَيْ أَكلةً. وعَسَمَ يَعْسِمُ عَسْماً وعُسوماً: كَسَب. والعَسْمُ: الاكتِساب. والاعتِسام: الاكتِساب. والعَسْمِيُّ: الكَسوبُ عَلَى عِيَالِهِ. والعَسَمِيُّ: المُصِلح «1» لأُموره، وَهُوَ المُعوَجُّ أَيضاً. والعَسْمِيُّ: المُخاتِل. وأَعسَم غَيْرَهُ: أَعْطَاهُ. والعَسْمُ: الطمَع. وعَسَمَ يَعْسِمُ عَسْماً: طَمِعَ. وَيُقَالُ: هَذَا الأَمر لَا يُعْسَمُ فِيهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
استَسْلَموا كَرْهاً وَلَمْ يُسالِموا، ... وهالَهُمْ مِنكَ إيادٌ داهِمُ،
كالبَحْرِ لَا يَعسِمُ فِيهِ عاسِمُ
أَيْ لَا يَطمع فِيهِ طامِع أَنْ يُغالِبه ويَقْهَره؛ وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:
بئرٌ عَضُوضٌ لَيْسَ فِيهَا مَعْسَمُ
أَيْ لَيْسَ فِيهَا مَطمعٌ. وَمَا لَكَ فِي فُلَانٍ مَعْسَمٌ أَيْ مَطمعٌ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِ سَاعِدَةَ الْهُذَلِيِّ:
أَمْ فِي الخُلودِ وَلَا باللهِ مِن عَسَمِ
أَيْ مِنْ مَطمع، وَيُرْوَى: عَشَمِ، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَقِيلَ: العَسْمُ الْمَصْدَرُ، والعِسْم الِاسْمُ. وَمَا فِي قِدْحِكَ مَعسَمٌ أَيْ مَغْمَزٌ. وَيُقَالُ: مَا عَسَمْتُ بِمِثْلِهِ أَيْ مَا بَلِلْتُ بِمِثْلِهِ. وعسَمَ الرَّجُلُ يَعسِمُ عَسْماً: رَكِبَ رَأْسَه فِي الحرْب وَاقْتَحَمَ ورَمى نَفْسَهُ وَسْطها غَيْرَ مُكترثٍ، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: رَمَى نَفْسَهُ وسْط الْقَوْمِ، فِي حَرْبٍ كَانَ أَوْ غَيْرِ حَرْبٍ. والعُسُم: الكادُّون عَلَى العِيال، وَاحِدُهُمْ عَسُوم وعاسِم. وعسَمتْ عَيْنُهُ تَعسِمُ: ذرَفَتْ، وَقِيلَ: انْطَبَقَتْ أجفانُها بعضُها عَلَى بَعْضٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ونِقْضٍ كرِئْمِ الرَّمْلِ ناجٍ زَجَرْتُه، ... إِذَا العَينُ كادَتْ مِنْ كَرى الليلِ تَعسِمُ
أَيْ تُغَمِّضُ، وَقِيلَ: تَذْرِفُ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
كِلْنا عَلَيْهَا بالقَفِيزِ الأَعْظَمِ ... تِسعينَ كُرّاً، كلُّه لَمْ يُعْسَمِ
أَيْ لَمْ يُطفَّفْ وَلَمْ يُنْقَص. قَالَ المُفضَّل: وَيُقَالُ للإِبل وَالْغَنَمِ وَالنَّاسِ إِذَا جُهِدوا عَسَمتْهُم شدَّة الزَّمَانِ، قَالَ: والعَسْمُ الانتِقاصُ. وحمارٌ أَعسَمُ: دقيقُ الْقَوَائِمِ. وفلانٌ يَعْسِمُ أَيْ يَجتهد فِي الأَمر ويُعْمِلُ نفسَه فِيهِ. وَيُقَالُ: مَا عَسَمْتُ هَذَا الثوبَ أَيْ لَمْ أجهَدْه وَلَمْ أَنهَكْه. واعتَسَمْتُه إِذَا أَعْطيتَه مَا يَطمع مِنْكَ. والاعتِسامُ: أَنْ تَضَعَ الشاءُ ويأْتي الرَّاعِي فيُلقي إِلَى كُلِّ واحدةٍ ولدَها. والعَسُومُ: النَّاقَةُ الْكَثِيرَةُ الأَولاد. وَبَنُو عَسامة «2» : قبيلةٌ. وعاسمٌ: مَوْضِعٌ. وعُسامة: اسم.
عسجم: العَسْجَمة: الخِفَّة والسُّرْعة.
عسطم: عَسْطَمَ الشيءَ: خَلَطَه.
عشم: العَشْمُ والعَشَمُ: الطمَعُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤيّة الْهُذَلِيُّ:
أمْ هلْ ترَى أَصَلاتِ العَيْشِ نافِعةً ... أَمْ فِي الخُلودِ، وَلَا باللهِ مِنْ عَشَمِ؟
وعَشِمَ عَشَماً وتَعشَّم: يَبِس. ورجلٌ عَشَمةٌ:
__________
(1) . قوله [والعسمي المصلح إلخ] ضبط في الأَصل بفتح السين، لكن ضبط في التكملة بإسكانها وهي أوثق، ومثل ما فيها في التهذيب. وقوله [وهو المعوج أيضاً] بفتح الواو ومخففة في الأَصل والتكملة. وفي القاموس: وهو المعوج ضد بكسر الواو مشددة
(2) . قوله [وبنو عسامة] ضبط بفتح العين في الأَصل والمحكم، وبضمها في القاموس(12/402)
يَابِسٌ مِنَ الهُزال، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنَّ مِيمها بَدَلٌ مِنْ بَاءِ عَشَبة. وشيخٌ عَشَمةٌ وَعَجُوزٌ عَشَمةٌ: كبيرٌ هرِمٌ يَابِسٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَقارَبَ خَطْوهُ وَانْحَنَى ظهرهُ كعَشَبةٍ. والعَشَمُ: الشُّيوخ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: أَنَّ امرأَةً شَكتْ إِلَيْهِ بَعْلَهَا فَقَالَتْ: فَرِّق بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا عَشَمةٌ مِنَ العَشَم.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه وقَفَتْ عَلَيْهِ امرأَةٌ عَشَمةٌ بأَهدامٍ لَهَا
أَيْ عجوزٌ قَحِلة يَابِسَةٌ. والعَشَمةُ، بِالتَّحْرِيكِ: النابُ الكبيرةُ. والعَشَم: الْخَبْزُ الْيَابِسُ، الْقِطْعَةُ مِنْهُ عَشَمةٌ. وعَشِمَ الخبزُ يَعْشَمُ عَشَماً وعُشوماً: يَبس وخَنِزَ. وخُبزٌ عَيْشَمٌ وعاشِمٌ: يَابِسٌ خَنِزٌ. وَقَالَ الأَزهري: لَا أَعْرِفُ العاشِمَ فِي بَابِ الخُبز. والعُسوم، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ: كِسَر الخُبز الْيَابِسَةِ، وَقَدْ مَضَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
إنَّ بلدَتنا بَارِدَةٌ عَشَمةٌ
أَيْ يَابِسَةٌ، وَهُوَ مِنْ عشِمَ الخُبزُ إِذَا يَبس وتكرَّج، وَقِيلَ: العَيْشَمُ الخُبز الْفَاسِدُ، اسْمٌ لَا صِفَةٌ. والعُشُمُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، وَاحِدُهُ عاشِم وعَشِم. وَشَجَرٌ أَعشَمُ: أَصابته الهَبْوةُ فَيَبِسَ. وأَرضَ عَشماء: بِهَا شُجَيرٌ أَعشَم. ونبتٌ أَعشم: بالغٌ؛ قَالَ:
كأَنَّ صَوْتَ شُخْبِها، إِذَا خَما، ... صَوْتُ أَفاعٍ فِي خَشِيّ أَعشَما
وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: أَغشَما، وسيأْتي ذِكْرُهُ. والعَيشُوم: مَا هاجَ مِنَ النَّبْتِ أَيْ يَبِسَ. والعَيشوم: مَا يَبس مِنَ الحُمَّاض، الْوَاحِدَةُ عَيْشومة؛ وَقَالَ الأَزهري: هُوَ نبتٌ غَيْرُ الحُمّاض، وَهُوَ مِنَ الخُلَّة يُشبه الثُّدَّاء، والثُّدَّاءُ والمُصاصُ والمُصّاخُ: الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ غُورْنَاسْ. والعَيشومُ أَيْضًا: نَبْتٌ دُقاق طُوال يُشبه الأَسَل تُتَّخذ مِنْهُ الحُصُرُ المُصبَّغة الدِّقاقُ، وَقِيلَ: إِنَّ مَنبِته الرَّمْلُ. والعَيْشوم: شَجَرٌ لَهُ صَوْتٌ مَعَ الرِّيحِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
للجِنِّ بِاللَّيْلِ فِي حافاتِها زَجَلٌ، ... كَمَا تَناوَحَ يومَ الريحِ عَيْشومُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ صَلَّى فِي مسجدٍ بِمِنًى فِيهِ عَيشومةٌ
؛ قَالَ: هي نبت ذقيق طويلٌ مُحدَّدُ الأَطراف كأَنه الأَسَل تُتَّخذ منه الحُصُر الدِّقاقُ، وَيُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ يُقَالُ لَهُ مسجدُ العَيْشومة، فِيهِ عَيْشومة خَضْراء أَبَدًا، فِي الجَدْب والخِصب، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ ضَرَبكَ فلانٌ بأُمْصوخةِ عَيْشومةٍ لقتَلك.
وَيُقَالُ: العَيْشومةُ، بِالْهَاءِ، شَجَرَةٌ ضخمةُ الأَصلِ تَنْبُتُ نِبْتةَ السَّخْبَرِ، فِيهَا عيدانٌ طِوالٌ كأَنه السَّعفُ الصِّغارُ يُطِيف بأَصْلها، وَلَهَا حُبْلةٌ أَيْ ثمرةٌ فِي أَطراف عُودها تُشْبه ثمرَ السَّخْبر لَيْسَ فِيهَا حَبٌّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: العَيْشومُ مِنَ الرَّبْل وَمِمَّا يُسْتَخْلف، وَهُوَ شَبِيهٌ بالثُّدَّاء إِلَّا أَنَّهُ أَضْخَمُ. وَعَاشِمٌ: نَقاً بِعالِج.
عشرم: الأَزهري: العَشَرَّبُ والعَشَرَّمُ: الشَّهْمُ الْمَاضِي. ابْنُ سِيدَهْ: أَسدٌ عَشَرَّمٌ كعَشَرَّب، وَرَجُلٌ عُشارِمٌ كعُشارب.
عصم: العِصْمة فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: المَنْعُ. وعِصْمةُ اللَّهِ عَبْدَه: أَنْ يَعْصِمَه مِمَّا يُوبِقُه. عَصَمه يَعْصِمُه عَصْماً: منَعَه ووَقَاه. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ
؛ أَيْ لَا مَعْصومَ إِلَّا المَرْحومُ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى النَسب أَيْ ذَا عِصْمةٍ، وَذُو العِصْمةِ يَكُونُ مَفْعُولًا كَمَا يَكُونُ فَاعِلًا، فمِن هُنَا قِيلَ: إِنَّ مَعْنَاهُ لَا مَعْصومَ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلَيْسَ المُستثنى هُنَا مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الأَوَّل بَلْ هُوَ مِنْ نوعِه، وَقِيلَ: إِلَّا مَنْ رَحِمَ مُستثنىً لَيْسَ مِنْ نَوْعِ الأَوَّل، وَهُوَ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، والاسمُ العِصْمةُ؛: قَالَ الْفَرَّاءُ:(12/403)
مِنَ فِي مَوْضِعِ نصبٍ لأَن المعصومَ خلافُ العاصِم، والمَرْحومُ مَعصومٌ، فَكَانَ نصْبُه بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ، قَالَ: وَلَوْ جعلتَ عاصِماً فِي تأْويل المَعْصوم أَيْ لَا مَعْصومَ اليومَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ جازَ رفْعُ مِنَ، قَالَ: وَلَا تُنْكِرَنَّ أَنْ يُخَرَّجَ المفعولُ «3» عَلَى الفاعِل، أَلا تَرَى قولَه عَزَّ وَجَلَّ: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ؟ مَعْنَاهُ مَدْفوق؛ وَقَالَ الأَخفش: لَا عاصِمَ الْيَوْمَ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ لَا ذَا عِصمةٍ أَيْ لَا مَعْصومَ، وَيَكُونُ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رفْعاً بَدَلًا مِنْ لَا عاصِمَ
، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَهَذَا خَلْفٌ مِنَ الْكَلَامِ لَا يَكُونُ الفاعلُ فِي تأْويل الْمَفْعُولِ إِلَّا شَاذَّا فِي كَلَامِهِمْ، والمرحومُ معصومٌ، والأَوَّل عاصمٌ، ومِنَ نَصْبٌ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ، قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الأَخفش يَجُوزُ فِي الشُّذُوذِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ
، أَيْ يمنعُني مِنَ الْمَاءِ، وَالْمَعْنَى مِنْ تَغْرِيقِ الْمَاءِ، قالَ: لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ
، هَذَا اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الأَول، وموضعُ مِنَ نصبٌ، الْمَعْنَى لكنْ مَنْ رَحِمَ اللهُ فَإِنَّهُ مَعْصُومٌ، قَالَ: وَقَالُوا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عاصِمَ
فِي مَعْنَى مَعْصُوم، وَيَكُونُ مَعْنَى لَا عاصِمَ
لَا ذَا عِصْمةٍ، وَيَكُونُ مِنَ فِي مَوْضِعِ رفعٍ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا مَعْصومَ إِلَّا الْمَرْحُومَ؛ قَالَ الأَزهري: والحُذَّاقُ مِنَ النَّحْوِيِّينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ قولَه لَا عاصِمَ
بِمَعْنَى لَا مانِعَ، وَأَنَّهُ فاعلٌ لَا مَفْعُولٌ، وأنَّ مِنَ نَصْبٌ عَلَى الِانْقِطَاعِ. واعْتَصَمَ فلانٌ بِاللَّهِ إِذَا امْتَنَعَ بِهِ. والعِصْمة: الحِفْظُ. يُقَالُ: عَصَمْتُه فانْعَصَمَ. واعْتَصَمْتُ بِاللَّهِ إِذَا امتنعْتَ بلُطْفِه مِنَ المَعْصِية. وعَصَمه الطعامُ: منَعه مِنَ الْجُوعِ. وَهَذَا طعامٌ يَعْصِمُ أَيْ يَمْنَعُ مِنَ الْجُوعِ. واعْتَصَمَ بِهِ واسْتَعْصَمَ: امتنعَ وأبَى؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حِكَايَةً عَنِ امرأَة الْعَزِيزِ حِينَ راودَتْه عَنْ نفْسِه: فَاسْتَعْصَمَ
، أَيْ تَأَبَّى عَلَيْهَا وَلَمْ يُجِبها إِلَى مَا طلبَتْ؛ قَالَ الأَزهري: الْعَرَبُ تَقُولُ أَعْصَمْتُ بِمَعْنَى اعْتَصَمْت؛ وَمِنْهُ قولُ أَوْسِ بْنِ حَجَرٍ:
فأَشْرَط فِيهَا نفْسَه وهْو مُعْصِمٌ، ... وأَلْقى بأَسْبابٍ لَهُ وتَوَكَّلا
أَيْ وَهُوَ مُعْتَصِمٌ بالحبْل الَّذِي دَلَّاه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ كَانَتْ عِصْمتُه شَهادةَ أَنْ لَا إلهَ إِلَّا اللهُ
أَيْ مَا يَعْصِمُه مِنَ المَهالِك يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ العصْمَةُ: المَنَعةُ. والعاصمُ: المانعُ الْحَامِي. والاعْتِصامُ: الامْتِساكُ بِالشَّيْءِ، افْتِعالٌ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ شِعْرُ أَبي طَالِبٍ:
ثِمالُ اليتامَى عِصْمةٌ للأَرامِل
أَيْ يَمْنعُهم مِنَ الضَّياعِ والحاجةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهم وأَمْوالَهم.
وَفِي حَدِيثِ الإِفْكِ:
فعَصَمها اللَّهُ بالوَرَعِ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَر: وعِصْمة أَبْنائِنا إِذَا شَتَوْنا
أَيْ يَمْتَنِعُونَ بِهِ مِنْ شِدَّة السَّنة والجَدْب. وعَصَمَ إِلَيْهِ: اعْتَصَمَ بِهِ. وأَعْصَمَه: هَيَّأ لَهُ شَيْئًا يعْتَصِمُ بِهِ. وأَعْصمَ بالفرَسِ: امْتَسكَ بعُرْفِه، وَكَذَلِكَ البعيرُ إِذَا امْتَسَكَ بحَبْلٍ مِنْ حِبالهِ؛ قَالَ طُفيل:
إِذَا مَا غَزَا لَمْ يُسْقِط الرَّوْعُ رُمْحَه، ... وَلَمْ يَشْهَدِ الهَيْجا بأَلْوَثَ مُعْصِمِ
ألْوَث: ضعيف، ويروى: كذا مَا غَدَا. وأَعصمَ الرجلُ: لَمْ يَثْبُت عَلَى الْخَيْلِ. وأَعْصَمْتُ فُلَانًا إِذَا هَيَّأْتَ لَهُ فِي الرَّحْلِ أَوِ السَّرْج مَا يَعْتَصِمُ بِهِ لِئَلَّا يَسقُط. وأَعصم إِذَا تشدَّد واسْتَمْسَكَ بشيءٍ مِنْ
__________
(3) . قوله [يخرج المفعول إلخ] كذا بالأَصل والتهذيب، والمناسب العكس كما يدل عليه سابق الكلام ولاحقه(12/404)
أَن يَصْرَعَه فرَسُه أَوْ رَاحِلَتُهُ؛ قَالَ الجَحّاف بْنُ حَكِيمٍ:
والتَّغْلَبيّ عَلَى الجَوادِ غَنِيمة، ... كِفْل الفُروسةِ دائِم الإِعْصامِ
والعِصْمةُ: القِلادةُ، والجمعُ عِصَمٌ، وجمعُ الجمعِ أَعْصام، وَهِيَ العُصْمةُ «1» أَيْضًا، وجمعُها أَعْصام؛ عَنْ كُرَاعٍ، وأُراه عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ، والجمعُ الأَعْصِمةُ. قَالَ اللَّيْثُ: أَعْصامُ الكِلابِ عَذَباتُها الَّتِي فِي أَعناقِها، الْوَاحِدَةُ عُصْمةٌ، وَيُقَالُ عِصامٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
حَتَّى إِذَا يَئِسَ الرُّماةُ، وأَرْسَلُوا ... غُضْفاً دَواجِنَ قافِلًا أَعْصامُها
قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الذَّنَبُ بهُلْبِه وعَسِيبه يُسمَّى العِصامَ، بِالصَّادِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِ العُصْمةِ القِلادةِ أَعْصام، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ لَا يَصحُّ، لأَنه لَا يُجْمَعُ فُعْلةٌ عَلَى أَفْعال، وَالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ واحدَته عِصْمة، ثُمَّ جُمِعَت عَلَى عِصَمٍ، ثُمَّ جُمِع عِصَمٌ عَلَى أَعْصام، فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ شِيعة وشِيَع وأَشْياع، قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِنَّ واحدَ الأَعْصام عِصْمٌ مثلُ عِدْلٍ وأَعْدالٍ، قَالَ: وَهَذَا الأَشْبهُ فِيهِ، وَقِيلَ: بَلْ هِيَ جمعُ عُصُمٍ، وعُصُمٌ جمعُ عِصامٍ، فَيَكُونُ جمعَ الْجَمْعِ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الأَول. وأَعْصَمَ الرجلُ بصاحبِه إعْصاماً إِذَا لَزِمَه، وَكَذَلِكَ أَخْلَدَ بِهِ إخْلاداً. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ
؛ وَجَاءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الحُدَيْبية جَمْعُ عِصْمة، والكَوافِر: النساءُ الكَفَرَةُ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَيْ بِعَقْدِ نِكاحِهنَّ. يُقَالُ: بيدهِ عِصْمةُ النِّكاح أَيْ عُقْدةُ النِّكاح؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ:
إِذًا لمَلَكْتُ عِصْمةَ أُمِّ وَهْبٍ، ... عَلَى مَا كَانَ مِنْ حَسَكِ الصُّدُورِ
قَالَ الزَّجَّاجُ: أصلُ العِصْمةِ الحبْلُ. وكلُّ مَا أَمْسَك شَيْئًا فَقَدْ عَصَمَه؛ تَقُولُ: إِذَا كفَرْتَ فَقَدْ زالتِ العِصْمةُ. وَيُقَالُ لِلرَّاكِبِ إِذَا تقَحَّمَ بِهِ بَعِيرٌ صعْبٌ أَوْ دابَّةٌ فامْتَسك بواسِط رَحْله أَوْ بقَرَبوسِ سَرْجِه لِئَلَّا يُصْرعَ: قَدْ أَعْصَمَ فَهُوَ مُعْصِمٌ. وَقَالَ ابْنُ المظفَّر: أَعْصَمَ إِذَا لجأَ إِلَى الشَّيْءِ وأَعْصَم بِهِ. وَقَوْلُهُ: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ
؛ أَيْ تمَسَّكوا بعهدِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ
أَيْ مَنْ يَتمسَّكْ بحَبْلهِ وعَهْدِه. والأَعْصَمُ: الوَعِلُ، وعُصْمتُه بَياضٌ شِبْهُ زَمَعةِ الشاةِ فِي رِجْل الوَعِلِ فِي مَوْضِعِ الزَّمَعةِ مِنَ الشَّاء، قَالَ: وَيُقَالُ للغُراب أَعْصَمُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ أَبْيَضُ. قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ فِي نَعْتِ الوَعِل إِنَّهُ شِبْه الزَّمَعة تَكُونُ فِي الشاءِ مُحالٌ، وَإِنَّمَا عُصْمةُ الأَوْعالِ بَياضٌ فِي أَذْرُعِها لَا فِي أوْظِفَتِها، والزَّمَعةُ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الأَوْظِفة، قَالَ: وَالَّذِي يُغيِّرُه الليثُ مِنْ تَفْسِيرِ الْحُرُوفِ أَكثرُ مِمَّا يُغيِّره مِنْ صُوَرِها، فكُنْ عَلَى حذَرٍ مِنْ تَفْسِيرِهِ كَمَا تَكُونُ عَلَى حذرٍ مِنْ تَصْحِيفِهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَعْصمُ مِنَ الظِّباءِ والوُعولِ الَّذِي فِي ذِراعِه بياضٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: فِي ذِراعَيْه بَيَاضٌ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الَّذِي بإِحْدى يَدَيْهِ بياضٌ، والوُعولُ عُصْمٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي سُفْيَانَ: فتَناوَلْتُ القَوْسَ والنَّبْلَ لأَرْميَ ظَبْيةً عَصْماءَ نَرُدُّ بِهَا قرَمَنا.
وَقَدْ عَصِمَ عَصَماً، وَالِاسْمُ العُصْمةُ. والعَصْماءُ مِنَ المعَز: البيضاءُ الْيَدَيْنِ أَوِ اليدِ وسائرُها
__________
(1) . قوله [وهي العصمة] هذا الضبط تبع لما فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ، وصرح به المجد ولكن ضبط في الأَصل ونسختي المحكم والتهذيب العصمة بالتحريك، وكذا قوله الواحدة عصمة(12/405)
أَسودُ أَو أَحْمرُ. وغرابٌ أَعْصَمُ: وفي أَحَدِ جَناحَيْه رِيشةٌ بَيْضَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي إِحْدى رِجْلَيْه بيضاءُ، وَقِيلَ: هُوَ الأَبيضُ. والغرابُ الأَعْصَمُ: الَّذِي فِي جَناحِه ريشةٌ بيضاءُ لأَن جَناح الطَّائِرِ بِمَنْزِلَةِ اليدِ لَهُ، وَيُقَالُ هَذَا كَقَوْلِهِمْ الأَبْلَق الْعَقُوقِ وبَيْض الأَنُوق لِكُلِّ شَيْءٍ يَعِزُّ وُجودُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
المرأَة الصالحةُ كالغُرابِ الأَعْصَم، قِيلَ: يَا رسولَ اللَّهِ، وَمَا الغُرابُ الأَعْصَمُ؟ قَالَ: الَّذِي إحْدى رِجْلَيْه بَيْضاء
؛ يَقُولُ: إِنَّهَا عزيزةٌ لَا تُوجَد كَمَا لَا يُوجَد الغُراب الأَعْصَم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ ذَكَر النِّساءَ المُخْتالاتِ المُتبرِّجاتِ فَقَالَ: لَا يدخلُ الجنَّةَ منهنَّ إِلَّا مِثْلُ الغُرابِ الأَعْصم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الأَبْيضُ الجَناحين، وَقِيلَ: الأَبيض الرِّجْلين، أَرَادَ قِلَّةَ مَنْ يَدْخُلُ الجنةَ مِنَ النِّسَاءِ. وَقَالَ الأَزهري: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْغُرَابُ الأَعْصمُ هُوَ الأَبيضُ الْيَدَيْنِ، وَمِنْهُ قِيلَ للوُعول عُصْم، والأُنثى مِنْهُنَّ عَصْماء، وَالذَّكَرُ أَعْصَمُ، لِبَيَاضٍ فِي أَيْدِيهَا، قَالَ: وَهَذَا الْوَصْفُ فِي الغِرْبانِ عزيزٌ لَا يَكَادُ يُوجد، وَإِنَّمَا أَرْجُلُها حُمْرٌ، قَالَ: وَأَمَّا هَذَا الأَبْيضُ البطنِ والظَّهْرِ فَهُوَ الأَبْقعُ، وَذَلِكَ كَثِيرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عائِشةُ فِي النِّساء كالغُرابِ الأَعْصَمِ فِي الغربْان
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَأَصْلُ العُصْمة البَياضُ يكونُ فِي يَدَي الفَرسِ والظَّبْي والوَعِل. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يدخلُ الجنةَ منهنَّ إِلَّا مِثْلُ الغرابِ الأَعْصم
، فِيمَا رَدَّ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ وَقَالَ: اضْطَرَبَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ لأَنه زَعَمَ أَنَّ الأَعْصمَ هُوَ الأَبيضُ الْيَدَيْنِ، ثُمَّ قَالَ بعدُ: وَهَذَا الْوَصْفُ فِي الغِرْبان عزيزٌ لَا يَكَادُ يُوجَدُ، وَإِنَّمَا أَرْجلُها حمرٌ، فَذَكَرَ مَرَّةً الْيَدَيْنِ وَمَرَّةً الأَرْجُلَ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَرْفُ مفسَّراً فِي خَبَرٍ آخرَ رَوَاهُ
عَنْ خُزَيْمَةَ، قَالَ: بَيْنا نحنُ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فعَدَلَ وعَدَلْنا معَه حَتَّى دخلْنا شِعْباً فَإِذَا نحنُ بِغرْبانٍ وَفِيهَا غُرابٌ أعْصمُ أحمرُ المِنْقارِ والرِّجْلَين، فَقَالَ عَمْروٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يدخلُ الجنةَ منَ النساءِ إلَّا قَدْرُ هَذَا الغُرابِ فِي هَؤُلَاءِ الغِربْان
؛ قَالَ الأَزهري: فَقَدْ بَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إِلَّا مِثْلُ الغُراب الأَعْصم
، أَنَّهُ أَرَادَ أحمرَ الرِّجْلَين لقِلَّتِه فِي الغِربانِ، لأَن أكثرَ الغِرْبان السُّودُ والبُقْعُ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ شُمَيْلٍ أَنَّهُ قَالَ: الغُرابُ الأَعْصمُ الأَبيضُ الْجَنَاحَيْنِ
، وَالصَّوَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ المُفسِّر، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ البياضَ حُمْرةً فَيَقُولُونَ للمرأَة الْبَيْضَاءِ اللَّوْنِ حَمْراء، وَلِذَلِكَ قِيلَ للأَعاجم حُمْر لِغَلَبَةِ الْبَيَاضِ عَلَى أَلوانهم، وَأَمَّا العُصْمةُ فَهِيَ البياضُ بِذِراعِ الغَزالِ والوَعِلِ. يُقَالُ: أَعْصَمُ بَيِّن العَصَمِ، وَالِاسْمُ العُصْمةُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: العُصْمةُ مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْفِ فِي الْيَدَيْنِ، وَمِنَ الغُرابِ فِي السَّاقَيْن، وَقَدْ تَكُونُ العُصْمة فِي الْخَيْلِ؛ قَالَ غَيْلان الرَّبَعيّ:
قَدْ لَحِقَتُ عُصْمَتُها بالأَطْباء ... مِنْ شِدّةِ الرَّكْضِ وخَلْج الأَنْساء
أَرَادَ موضعَ عُصْمتِها. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي العُصْمةِ فِي الْخَيْلِ قَالَ: إِذَا كَانَ البياضُ بِيَدَيْهِ دونَ رِجْلَيْه فَهُوَ أَعْصمُ، فَإِذَا كَانَ بإحْدى يَدَيْهِ دُونَ الأُخرى قَلَّ أَوْ كثُرَ قِيلَ: أَعْصمُ اليُمنى أَوِ الْيُسْرَى، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَعْصمُ الَّذِي يُصِيبُ الْبَيَاضُ إحْدى يَدَيْهِ فَوْقَ الرُّسْغ، وَقَالَ الأَصمعي: إِذَا ابْيضَّت اليدُ فَهُوَ أَعْصمُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: العُصْمةُ بَياضٌ فِي الرُّسْغ، وَإِذَا كَانَ بإحْدى يَدَي الفرَس بَياضٌ قلَّ أَوْ كثُرَ فَهُوَ أَعْصمُ اليُمْنى أَوِ اليُسْرى، وَإِنْ كَانَ بِيَدَيْهِ(12/406)
جَمِيعًا فَهُوَ أعْصمُ الْيَدَيْنِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بوجهِه وضَحٌ فَهُوَ مُحجَّلٌ ذهبَ عَنْهُ العَصَمُ، وَإِنْ كَانَ بِوَجْهِهِ وَضَحٌ وبإِحْدى يَدَيْهِ بياضٌ فَهُوَ أَعصم، لَا يُوقِعُ عَلَيْهِ وَضَحُ الوجْهِ اسمَ التحجيلِ إِذَا كَانَ الْبَيَاضُ بيدٍ واحدةٍ. والعصِيمُ: العَرَقُ؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ ابْنُ المُظفر العَصِيمُ الصَّدَأُ مِنَ العَرَقِ والهِناءِ والدَّرَنِ والوسَخِ وَالْبَوْلِ إِذَا يَبِسَ عَلَى فَخذِ النَّاقَةِ حَتَّى يَبْقَى كالطَّرِيق خُثورةً؛ وَأَنْشَدَ:
وأَضْحى عَنْ مَواسِمِهِمْ قَتِيلًا، ... بِلَبَّتِه سرائحُ كالعَصِيمِ
والعَصِيمُ: الوَبَرُ؛ قَالَ:
رَعَتْ بَيْنَ ذِي سَقْفٍ إِلَى حَشِّ حِقْفَةٍ ... مِنَ الرَّمْلِ، حَتَّى طارَ عَنْهَا عَصِيمُها
والعَصِيمُ والعُصْمُ والعُصُمُ: بقيَّةُ كلِّ شَيْءٍ وأثَرُه مِنَ القَطِران والخِضابِ وَغَيْرُهُمَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كَساهُنَّ الهَواجِرُ كلَّ يَوْمٍ ... رَجيعاً بالمَغابِنِ كالعَصِيمِ
والرَّجِيعُ: العرَق؛ وَقَالَ لَبِيدٍ:
بِخَطيرةٍ تُوفي الجَدِيلَ سَريحةٍ، ... مِثْل المَشُوف هَنأْتَهُ بِعَصِيمِ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَصِيمُ أَيَضًا وَرقُ الشَّجَرِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَعَلَّقْت، مِنْ شَهْباءَ شُهْبٍ عَصِيمُها ... بِعُوجِ الشَّبا، مُسْتَفْلِكاتِ المَجامع
شَهْباء: شجرةٌ بَيْضَاءُ مِنَ الجَدْب، والشَّبَا: الشَّوْكُ، ومُسْتَفْلِكاتٌ: مُسْتَديراتٌ، والمَجامعُ: أُصولُ الشَّوْكِ. وَقَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ لجارتِها: أَعْطِيني عُصْمَ حِنَائِكِ أَيْ مَا سَلَتِّ منه بعد ما اخْتَضَبْتِ بِهِ؛ وَأَنْشَدَ الأَصمعي:
يَصْفَرُّ لِلْيُبْسِ اصْفِرَارَ الوَرْسِ، ... مِنْ عَرَقِ النَّضْح، عَصِيمُ الدَّرْسِ
أَثَرُ الخِضاب فِي أَثَرِ الجَرَب «1» . والعُصْمُ: أثرُ كلِّ شَيْءٍ مِنْ وَرْسٍ أَوْ زَعْفَرانٍ أَوْ نَحْوِهِ. وعَصَمَ يَعْصِمُ عَصْماً: اكْتَسَبَ. وعِصامُ المَحْمِل: شِكالُه. قَالَ اللَّيْثُ: عِصَامَا المَحْمِلِ شِكالُه وقَيْدُه الَّذِي يُشَدُّ فِي طَرَفِ العارِضَيْن فِي أَعلاهما، وَقَالَ الأَزهري: عِصاما المَحْمِلِ كعِصامَي المَزَادَتيْن. والعِصامُ: رِباطُ القِرْبةِ وسَيْرُها الَّذِي تُحْمَل بِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرَ قِيلَ هُوَ لِامْرِئِ الْقَيْسِ، وَقِيلَ لِتأَبَّط شَرًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ:
وقِرْبة أَقْوامٍ جَعَلْتُ عِصامها ... عَلَى كاهلٍ مِنِّي ذَلولٍ مُرَحَّلِ
وعصامُ القِرْبةِ والدَّلْوِ والإِداوة: حَبْلٌ تُشدُّ بِهِ. وعَصمَ القِرْبةَ وأَعْصَمَها: جعلَ لَهَا عِصاماً، وأَعْصَمَها: شَدَّها بالعِصام. وكلُّ شيءٍ عُصِمَ بِهِ شيءٌ عِصامٌ، والجمعُ أَعْصِمةٌ وعُصُمٌ. وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ فِي جَمْعِ العِصامِ عِصام، فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنْ بَابِ دِلاصٍ وهِجانٍ. قَالَ الأَزهري: والمحفوظُ مِنَ الْعَرَبِ فِي عُصُمِ المَزادِ أَنَّهَا الحبالُ الَّتِي تُنْشَبُ فِي خُرَبِ الرَّوايَا وتُشَدُّ بِهَا إِذَا عُكِمَتْ عَلَى ظَهْر الْبَعِيرِ ثُمَّ يُرْوَى عَلَيْهَا بالرِّواء الواحدُ، عِصامٌ، وَأَمَّا الوِكاءُ فَهُوَ الشريطُ الدقيقُ أَوِ السَّيْرُ الوثيقُ يُوكَى بِهِ فَمُ القِرْبة والمَزادةِ، وَهَذَا كُلُّه صحيحٌ
__________
(1) . قوله: أثر الخضاب إلخ هو تفسير لعصيم الدرس في البيت السابق(12/407)
لَا ارْتِيابَ فِيهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: كُلُّ حَبْلٍ يُعْصَمُ بِهِ شيءٌ فَهُوَ عِصامُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَإِذَا جَدُّ بَنِي عامرٍ جَمَلٌ آدَمُ مُقيَّدٌ بِعُصُم
؛ العُصُمُ: جمعُ عِصامٍ وَهُوَ رباطُ كلِّ شَيْءٍ، أَرَادَ أَنَّ خِصْبَ بلادِه قَدْ حَبَسه بفِنائه فَهُوَ لَا يُبْعِدُ فِي طَلَبِ المَرْعَى، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ المُقَيَّد الَّذِي لَا يَبْرحُ مَكانَه، وَمِثْلُهُ قَوْلُ قَيلةَ فِي الدَّهْناءِ: إِنَّهَا مُقَيَّدُ الجمَل أَيْ يكونُ فِيهَا كالمُقيَّدِ لَا يَنْزِعُ إِلَى غيرِها مِنِ الْبِلَادِ. وعِصامُ الوعاءِ: عُرْوتُه الَّتِي يُعلَّقُ بِهَا. وعِصامُ المَزادةِ: طريقةُ طَرَفِها. قَالَ اللَّيْثُ: العُصُمُ طرائقُ طَرَفِ المَزادة عِنْدَ الكُلْية، وَالْوَاحِدُ عِصامٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ أَغاليطِ اللَّيْثِ وغُدَدِه. والعِضامُ، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، عَسِيبُ الْبَعِيرِ وَهُوَ ذَنَبُه العَظْمُ لا الهُلْبُ، وَسَيُذْكَرُ، وَهُوَ لُغَتانِ بِالصَّادِ وَالضَّادِ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِصامُ الذَّنَبِ مُسْتدَقُّ طرفِه. والمِعْصَمُ: مَوْضِعُ السِّوارِ مِنَ اليَدِ؛ قَالَ:
فاليَوْمَ عِنْدَكَ دَلُّها وحَدِيثُها، ... وغَداً لِغَيْرِكَ كَفُّها والمِعْصَمُ
وَرُبَّمَا جَعَلُوا المِعْصَم اليَد، وَهُمَا مَعْصَمانِ؛ وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُ الأَعشى:
فأَرَتْكَ كَفّاً فِي الخِضابِ ... ومِعْصَماً مِلْءَ الجِبارَهْ
والعَيْصومُ: الكثيرُ الأَكلِ، الذَّكرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ؛ قَالَ:
أُرْجِدَ رَأْسُ شَيْخةٍ عَيْصُومِ
وَيُرْوَى عَيْضُوم، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ. قَالَ الأَزهريّ: العَيْصومُ مِنَ النِّساء الكثيرةُ الأَكْلِ الطَّويلةُ النَّوْم المُدَمْدِمةُ إِذَا انْتَبهتْ. ورجلٌ عَيْصُومٌ وعَيْصامٌ إِذَا كَانَ أَكُولًا. والعَصُومُ، بالصادِ: الناقةُ الكثيرةُ الأَكْلِ. وَرُوِيَ عَنِ المؤرِّج أَنَّهُ قَالَ: العِصامُ الكُحْلُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. وَقَدْ اعْتَصَمتِ الجاريةُ إِذَا اكْتَحَلتْ، قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعْرِفُ راويَه، فَإِنْ صَحَّتِ الروايةُ عَنْهُ فَهُوَ ثقةٌ مأْمونٌ. وَقَوْلُهُمْ: مَا وَراءَك يَا عِصامُ؛ هُوَ اسْمُ حاجِب النُّعمان بْنِ المُنْذِر، وَهُوَ عِصامُ بْنُ شَهْبَر الجَرْمِيّ؛ وَفِي الْمَثَلِ: كُنْ عِصامِيّاً وَلَا تَكُنْ عِظاميّاً؛ يُرِيدون بِهِ قَوْلَهُ:
نَفْسُ عِصامٍ سَوَّدَتْ عِصاما ... وصَيَّرَتْه مَلِكاً هُماما،
وَعَلَّمَتْه الكَرَّ والإِقْدامَا
وَفِي تَرْجَمَةِ عَصَبَ:
رَوَى بعضُ المُحَدِّثين أَنَّ جبريلَ جَاءَ يومَ بَدْرٍ عَلَى فرسٍ أُنثى وَقَدْ عَصَمَ ثَنِيَّتَه الغُبارُ
أَيْ لَزِقَ بِهِ؛ قَالَ الأَزهري: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَلطاً مِنَ المُحدِّث فَهِيَ لُغَةٌ فِي عَصَبَ، والباءُ والميمُ يَتعاقبانِ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لِقُرْبِ مَخرجَيْهما، يقال: ضرْبة لازِبٍ ولازِمٍ، وسَبَدَ رأْسه وسَمَدَه. والعواصِمُ: بِلادٌ، وقَصَبتُها أَنْطاكِيةُ. وَقَدْ سَمَّوْا عِصْمةَ وعُصَيْمةَ وعاصِماً وعُصَيْماً ومَعْصوماً وعِصاماً. وعِصْمةُ: اسمُ امرأَة؛ أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
أَلَمْ تَعْلَمِي، يَا عِصْمَ، كَيْفَ حَفِيظَتي، ... إِذَا الشَّرُّ خاضَتْ جانِبَيْه المَجادِحُ؟
وأَبو عاصمٍ: كُنْية السَّويقِ.
عضم: العَضْمُ فِي القَوْسِ: المَعْجِس، وَهُوَ مَقْبِضُ القَوْسِ، والعَضْمُ والعَجْسُ والمَقْبِضُ كُلُّه بِمَعْنًى واحدٍ، والجمعِ عِضامٌ؛ أَنْشَدَ أَبُو حَنِيفَةَ:(12/408)
زَادَ صَبِيَّاها عَلَى التَّمامِ، ... وعَضْمُها زَادَ عَلَى العِضَامِ
والعَضْمُ: خَشبةٌ ذاتُ أَصابع تُذَرَّى بِهَا الحِنْطةُ؛ قَالَ الأَزهري: والعَضْمُ الحِفْراة الَّتِي يُذَرَّى بِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَضْمُ أصابعُ المِذْرَى. وعَضْمُ الفدّانِ: لَوْحُه العريضُ الَّذِي فِي رأْسِه الحديدةُ الَّتِي تَشُقُّ الأَرض، والجمعُ أَعْضِمةٌ وعُضُمٌ، كِلَاهُمَا نادرٌ، وَعِنْدِي أَنهم كَسَّرُوا العَضْمَ الَّذِي هُوَ الخشبةُ وعَضْمَ الفَدّانِ عَلَى عِضامٍ، كَمَا كَسَّرُوا عَلَيْهِ عَضْمَ القَوْسِ، ثُمَّ كَسَّرُوا عِضاماً عَلَى أعْضِمة وعُضُمٍ كَمَا كَسَّروا مِثالًا عَلَى أَمْثِلَةٍ ومُثُلٍ، والظاءُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لغةٌ؛ حَكَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الضَّاد. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: العَضْمُ شيءٌ مِنَ الْفَخِّ، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيٌّ شيءٍ هُوَ مِنْهُ، قَالَ: وَلَمْ أَسمعه عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي شِعْرِ الطِّرمَّاح، وَلَمْ يُنْشِدِ الْبَيْتَ. والعَضْمُ: عَسِيبُ الفَرس، أصْلُ ذنَبهِ، وَهِيَ العُكْوةُ. والعِضَامُ: عَسِيبُ البعيرِ وهو ذَنَبُه العظم لَا الهُلْبُ، وَالْجَمْعُ القليلُ أَعْضِمةٌ، وَالْجَمْعُ عُضُمٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعَضْمُ عَسِيبُ البعيرِ. والعَضْمُ: خَطٌّ فِي الجَبَل يُخالفُ سائِرَ لَونه؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
رُبَّ عَضْمٍ رَأَيْتُ فِي وَسْطِ ضَهْرٍ
قَالَ: الضَّهْرُ البُقْعةُ مِنَ الْجَبَلِ يُخالِفُ لونُها سائرَ لَوْنِهِ، قَالَ: وَقَوْلُهُ رُبَّ عَضْمٍ أَرَادَ أَنَّهُ رأَى عُوداً فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فقَطَعه وعَمِلَ بِهِ قَوْساً. والعَضُومُ: الناقةُ الصُّلْبَةُ فِي بدنِها القَوِيَّةُ عَلَى السَّفَر. والعَصُومُ، بِالصَّادِ المُهْمَلة: الكثيرةُ الأَكلِ. وامرأَةٌ عَيْضُومٌ: كثيرةُ الأَكلِ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ:
أُرْجِدَ رأْسُ شَيْخةٍ عَيْضُومِ
وَالصَّادُ أَعْلى؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: هَذَا تَصْحِيفٌ قَبِيحٌ، والصوابُ العَيْصُومُ، بِالصَّادِ؛ كَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هِيَ العَصُومُ للمرأَة إِذَا كَثُرَ أَكْلُها، وإِنما قِيلَ لَهَا عَصُومٌ وعَيْصُومٌ لأَن كثرةَ أَكْلِها تَعْصِمها مِنَ الهُزالِ وتُقَوِّيها، وَاللَّهُ أَعلم.
عطم: ابْنُ الأَعرابي: العُطْمُ الصُّوفُ المنفوشُ. والعُطُمُ: الهَلْكَى، واحدُهم عَطِيمٌ وعاطِمٌ.
عَظُمَ: مِنْ صِفاتِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ العلِيُّ العَظِيمُ، ويُسبِّح العبدُ رَبَّه فَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ؛ العَظِيمُ: الَّذِي جاوَزَ قدْرُهُ وجلَّ عَنْ حدودِ العُقول حَتَّى لَا تُتَصَوَّر الإِحاطةُ بِكُنْهِه وحَقِيقتهِ. والعِظَمُ فِي صِفاتِ الأَجْسام: كِبَرُ الطُّولِ والعرضِ والعمْق، وَاللَّهُ تَعَالَى جلَّ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أمَّا الرُّكوعُ فعظِّمُوا فِيهِ الربَّ أَيِ اجْعلُوه فِي أنْفُسِكم ذَا عَظمةٍ، وعَظمةُ اللهِ سُبْحَانَهُ لَا تُكَيَّفُ وَلَا تُحدُّ وَلَا تُمثَّل بِشَيْءٍ، ويجبُ عَلَى العبادِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ عظيمٌ كَمَا وصَفَ نفْسه وفَوْقَ ذَلِكَ بِلَا كَيفِيَّةٍ وَلَا تَحْديدٍ. قَالَ اللَّيْثُ: العَظمةُ التَّعَظُّمُ والنَّخْوةُ والزَّهْوُ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا تُوصَفُ عظمةُ اللَّهِ بِمَا وصَفَها بِهِ الليثُ، وَإِذَا وُصِفَ العبدُ بالعَظمة فَهُوَ ذَمٌّ لأَن الْعَظَمَةَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا عَظَمَةُ العبدِ فكِبْرُه المذمومُ وتَجَبُّره. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَعَظَّمَ فِي نَفْسِهِ لَقِيَ اللَّهَ، تَبارَك وَتَعَالَى، غَضْبانَ
؛ التَّعَظُّمُ فِي النَّفْسِ: هُوَ الكبرُ والزَّهْوُ والنّخْوةُ. والعَظَمَةُ والعَظَمُوتُ: الكبرُ. وعَظَمَةُ اللِّسَانِ: مَا عَظُمَ منه وغَلُطَ فوقَ العَكَدَةِ، وعَكَدَتُه(12/409)
أصْلُه. والعِظَمُ: خلافُ الصِّغَر. عَظُمَ يَعْظُم عِظَماً وعَظامةً: كَبُرَ، وَهُوَ عظيمٌ وعُظامٌ. وعَظَّمَ الأَمرَ: كَبَّره. وأَعْظَمَه واسْتَعْظَمَه: رَآهُ عَظيماً. وتَعاظَمَه: عَظُمَ عَلَيْهِ. وأَمرٌ لَا يَتَعاظَمُه شيءٌ: لَا يَعْظُم بالإِضافة إِلَيْهِ، وسَيْلٌ لَا يَتَعاظَمُه شيءٌ كَذَلِكَ. وأَصابنا مطرٌ لَا يَتعاظَمُه شيءٌ أَيْ لَا يَعْظُمُ عِنده شَيْءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَتَعاظَمُني ذَنْبٌ أَن أَغْفِرهَ
؛ أَيْ لَا يَعْظُمُ عليَّ وعِندِي. وأَعْظَمَني مَا قُلْتَ لِي أَيْ هالَني وعَظُمَ عليَّ. وَيُقَالُ: مَا يُعْظِمُني أَنْ أفْعلَ ذَلِكَ أَيْ مَا يَهُولُني. وأَعْظَمَ الأَمرُ فَهُوَ مُعْظِمٌ: صارَ عَظِيماً. ورَماه بمُعْظَمٍ أَيْ بِعَظِيمٍ. واسْتَعْظمتُ الأَمْرَ إِذَا أَنْكرتْه. وَيُقَالُ: لَا يتَعاظَمُني مَا أتيتُ إِلَيْكَ مِنْ عَظِيم النَّيْل والعَطِيَّةِ، وسمعتُ خَبَرًا فأَعْظَمْتُه. وَوَصَفَ اللَّهُ عذابَ النَّارِ فَقَالَ: عَذابٌ عَظِيمٌ*
؛ وَكَذَلِكَ العَذاب فِي الدُّنْيا. ووَصَف كَيْدَ النِّساء فَقَالَ: إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ
. ورجلٌ عَظِيمٌ فِي المَجْدِ والرَّأْي عَلَى المَثلِ، وَقَدْ تَعظَّمَ واسْتَعظَمَ. ولِفلان عَظَمةٌ عندَ النَّاسِ أَيْ حُرْمةٌ يُعظَّمُ لهَا، وَلَهُ مَعاظِمُ مِثْلُه؛ وَقَالَ مُرقِّش:
والخالُ لَهُ مَعاظِمٌ وحُرَمْ «2»
. وإنَّه لَعَظِيمُ المَعاظِم أَيْ عظيمُ الحُرْمة. وَيُقَالُ: تَعاظَمَني الأَمرُ وتَعاظَمْتُه إِذَا اسْتَعْظَمْتَه، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: تَهَيَّبَني الشيءُ وتهَيَّبْتُه. واسْتَعْظَمَ: تَعَظَّمَ وتكبَّرَ، وَالِاسْمُ العُظْمُ. وعُظْمُ الشَّيْءِ: وَسَطُه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عُظْمُ الأَمرِ وعَظْمُه مُعْظَمُه. وَجَاءَ فِي عُظْمِ النَّاسِ وعَظْمِهم أَيْ فِي مُعْظَمِهم. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ: جَلَسْتُ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ عُظْمٌ مِنَ الأَنْصارِ أَيْ جماعةٌ كبيرةٌ مِنْهُمْ. واسْتَعظَم الشيءَ: أَخَذَ مُعظَمَه. وعَظَمَةُ الذِّراعِ: مُسْتَغْلَظُها. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العظَمةُ مِنَ السَّاعِدِ مَا يَلي المِرْفقَ الَّذِي فِيهِ العَضَلةُ، قَالَ: وَالسَّاعِدُ نِصفْان: فنِصْفٌ عَظَمةٌ، ونِصفٌ أَسَلةٌ، فالعَظَمةُ مَا يَلي المِرْفقَ مِنْ مُسْتَغْلَظ الذِّراعِ وَفِيهِ العَضَلةُ، والأَسَلةُ مَا يَلي الكفَّ. والعُظمةُ والعِظامةُ والعُظَّامةُ، بِالتَّشْدِيدِ، والإِعْظامةُ والعظيمةُ: ثَوْبٌ تُعظِّمُ بِهِ المرأَةُ عجيزتَها؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: العُظْمةُ شيءٌ تُعَظِّمُ بِهِ الْمَرْأَةُ رِدْفَها مِنْ مِرْفَقةٍ وغيرِها، وَهَذَا فِي كلامِ بَنِي أَسَدٍ، وغيرُهم يَقُولُ: العِظامَةُ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ؛ وَقَوْلُهُ:
وإنْ تَنْجُ مِنها تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمةٍ، ... وإلَّا فإنِّي لَا إخالُكَ ناجِيا
أَراد مِنْ أَمرٍ ذِي داهيةٍ عَظِيمةٍ. والعَظْمُ: الَّذِي عَلَيْهِ اللحمُ مِنْ قَصَبِ الحيوانِ، وَالْجَمْعُ أَعْظُمٌ وعِظامٌ وعِظامةٌ، الْهَاءُ لتأْنيث الْجَمْعِ كالفِحالةِ؛ قَالَ:
وَيْلٌ لِبُعْرانِ أَبِي نَعامهْ ... منْكَ، ومنْ شَفْرَتِك الهُدامهْ
إِذَا ابْتَرَكْتَ فحفَرْتَ قامهْ، ... ثُمَّ نَثرْتَ الفَرْثَ والعِظامهْ
وَقِيلَ: العِظامةُ واحدةُ العِظام، ومنه الفِحالةُ والذِّكارةُ والحِجارةُ، والنِّقادةُ جمعُ النَّقَد، والجِمالةُ جمعُ الْجَمَلِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: جِمالاتٌ صُفْرٌ؛ هِيَ جمعُ جِمالةٍ وجِمالٍ. وعَظَّمَ الشاةَ: قَطَّعها عَظْماً عَظْماً. وعَظَمَه عظْماً: ضَرَبَ عِظامَه. وعَظمَ الكلْبَ عَظْماً وأَعْظَمه إيَّاه:
__________
(2) . تمام البيت كما في التكملة:
فنحن أخوالك عمرك و ... الخال له معاظم وحرم(12/410)
أطْعمَه. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً
؛ ويُقرَأُ:
فكسَوْنا العَظْمَ لَحْماً
؛ قَالَ الأَزهري: التَّوْحِيدُ والجمعُ هُنَا جائزانِ لأَنه يُعْلَم أَنَّ الإِنسانَ ذُو عِظامٍ، فَإِذَا وُحِّدَ فلأَنه يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ ولأَن مَعَهُ اللحمَ، ولَفظُه لَفظُ الْوَاحِدِ، وَقَدْ يَجُوزُ مِنَ التَّوْحِيدِ إِذَا كَانَ فِي الْكَلَامِ دليلٌ عَلَى الْجَمْعِ مَا هُوَ أَشدُّ مِنْ هَذَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
فِي حَلْقِكم عَظْمٌ وَقَدْ شَجينا
يُرِيدُ فِي حُلوقكم عِظامٌ. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ
؛ قَالَ العِظام وَهِيَ جمعٌ ثُمَّ قَالَ رميمٌ فَوحَّدَ، وَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحدُهما أَنَّ العِظامَ وَإِنْ كَانَتْ جَمْعًا فَبِنَاؤُهَا بِنَاءُ الْوَاحِدِ لأَنها عَلَى بِنَاءِ جدارٍ وكِتاب وجِراب وَمَا أَشْبَهَهَا فوَحَّدَ النَّعْت لِلَّفْظِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا عَمْروُ جِيرانُكمُ باكِرُ، ... فالقَلْبُ لَا لاهٍ وَلَا صابِرُ
والجِيرانُ جمعٌ والباكِرُ نعتٌ لِلْوَاحِدِ، وَجَازَ ذَلِكَ لأَن الجيرانَ لَمْ يُبْنَ بناءَ الْجَمْعِ وَهُوَ عَلَى بناءِ عِرْفانٍ وسِرْحانٍ وَمَا أَشْبهه، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الرَّمِيمَ فعيلٌ بِمَعْنَى مَرْمومٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الإِبلَ تَرُمُّ العِظامَ أَيْ تَقْضَمُها وتأْكُلها، فَهِيَ رَمَّةٌ ومَرْمومةٌ ورَمِيمٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَمِيمٌ مِنْ رَمَّ العَظْمُ إِذَا بَلِيَ يَرِمُّ. فَهُوَ رَامٌّ ورَمِيمٌ أَيْ بالٍ. وعَظْمُ وَضَّاحٍ: لُعْبةٌ لَهُمْ يَطْرَحُون بِاللَّيْلِ قِطْعةَ عَظْمٍ فَمَنْ أصابَه فَقَدْ غلبَ أصحابَه فَيَقُولُونَ:
عُظَيْمَ وَضَّاحٍ ضِحَنَّ اللَّيْلَهْ، ... لَا تَضِحَنَّ بَعْدَها مِنْ لَيْلَهْ
وفي حديث:
بَيْنا هُوَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيانِ وَهُوَ صَغيرٌ بِعَظْمِ وَضَّاحٍ مَرَّ عَلَيْهِ يَهُودِيٌّ فَقَالَ لَهُ لَتَقْتُلَنَّ صَنادِيدَ هَذِهِ القَرْيةِ
؛ هِيَ اللُّعْبةُ المذكورةُ وَكَانُوا إِذَا أَصابَه واحدٌ مِنْهُمْ غلَبَ أَصْحابَه، وَكَانُوا إِذَا غَلَبَ واحدٌ مِنَ الفَرِيقين ركِبَ أصْحابُه الفريقَ الآخَرَ مِنَ المَوْضِعِ الَّذِي يَجِدُونه فِيهِ إِلَى المَوْضِعِ الَّذِي رَمَوْا بِهِ مِنْهُ. وعَظْمُ الفَدّانِ: لَوْحُه العَريضُ الَّذِي فِي رأْسِه الحديدةُ الَّتِي تُشَقُّ بِهَا الأَرضُ، وَالضَّادُ لُغَةٌ. والعَظْم: خَشَبُ الرَّحْلِ بِلَا أَنْساعٍ وَلَا أَداةٍ، وَهُوَ عَظْمُ الرَّحْلِ. وَقَوْلُهُمْ فِي التَّعَجُّبِ: عَظُمَ البَطْنُ بَطْنُك وعَظْمَ البَطْنُ بَطْنُك، بِتَخْفِيفِ الظَّاءِ، وعُظْمَ البطنُ بطنُك، بِسُكُونِ الظَّاءِ ويَنْقُلون ضَمَّتها إِلَى العَيْن، بِمَعْنَى عَظُمَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ النَّقْلُ فِيمَا يَكُونُ مَدْحاً أَوْ ذَمّاً، وكلُّ مَا حَسُنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ نِعْمَ وبِئْسَ صحَّ تخفيفُه ونَقْلُ حَرَكَةِ وَسَطِه إِلَى أَوَّلِهِ، وَمَا لَمْ يَحْسُنْ لَمْ يُنْقَل وَإِنْ جَازَ تَخْفِيفُهُ، تَقُولُ حَسُنَ الوجْهُ وَجْهُك وحَسْنَ الوَجْهُ وَجْهُك وحُسْنَ الوَجْهُ وَجْهُكَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ قَدْ حُسْنَ وجْهُك لأَنه لَا يَصْلُحُ فِيهِ نِعْمَ، وَيَجُوزُ أَنْ تُخَفِّفَه فتقولَ قَدْ حَسْنَ وَجْهُك، فقِس عَلَيْهِ. وأَعْظَمَ الأَمْرَ وعَظَّمَه: فَخَّمه. والتَّعْظيمُ: التَّبْجيلُ. والعَظيمةُ والمُعْظَمةُ: النازلةُ الشديدةُ والمُلِمَّةُ إِذَا أَعْضَلَتْ. والعَظَمَةُ: الكِبْرياءُ. وَذُو عُظْمٍ: عُرْضٌ مِنْ أَعْراضِ خَيْبَر فِيهِ عيونٌ جَارِيَةٌ ونخيلٌ عَامِرَةٌ. وعَظَماتُ القَوْمِ: سادتُهم وَذَوُ شَرَفِهم. وعُظْمُ الشَّيْءِ ومُعْظَمُه: جُلُّه وأكْثَرهُ. وعُظْمُ الشَّيْءِ: أكْبَرُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ لَيْلةً عَنْ بَني إسرائيلَ(12/411)
لَا يَقُومُ فِيهَا إِلَّا إِلَى عُظْمِ صلاةٍ
؛ كأَنه أَرَادَ لَا يقومُ إِلَّا إِلَى الفَريضةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فأَسْنَدُوا عُظْمَ ذَلِكَ إِلَى ابنِ الدُّخْشُمِ
أَيْ مُعْظَمَه. وَفِي حَدِيثِ
رُقَيْقَةَ: انْظُرُوا رَجُلًا طُوالًا عُظاماً
أَيْ عَظِيماً بَالِغًا، والفُعالُ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ، وأَبلغ مِنْهُ فُعَّال بالتشديد.
عظلم: العِظْلِمُ: عُصارةُ بعضِ الشجرِ. قَالَ الأَزهري: عُصارةُ شَجَرٍ لونُه كالنِّيلِ أَخْضر إِلَى الكُدْرة. والعِظْلِمُ: صِبْغٌ أَحمرُ، وَقِيلَ: هُوَ الوَسْمَةُ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: العِظْلِمُ شُجَيْرَةٌ مِنَ الرِّبَّة تَنْبُتُ أَخِيرًا وتَدُومُ خُضْرتُها؛ قَالَ: وأخبرني بعضُ الأَعراب أن العِظْلِمَ هُو الوَسْمةُ الذكَرُ، قَالَ: وبَلَغني هَذَا فِي خبَرٍ
عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ الخِضابُ الأَسْودُ فَقَالَ: وَمَا بأْسٌ بِهِ، هأَنذا أَخْضِبُ بالعِظْلِم
؛ وَقَالَ مَرَّةً: أَخْبَرَنِي أعرابيٌّ مِنْ أَهل السَّراة قَالَ العِظْلِمةُ شَجَرَةٌ تَرْتَفِعُ عَلَى ساقٍ نَحْوَ الذِّرَاعِ، وَلَهَا فُروعٌ فِي أَطْرَافِهَا كنَوْرِ الكُزْبَرةِ، وَهِيَ شجرةٌ غَبْراءُ. ولَيْلٌ عِظْلِمٌ: مُظْلِمٌ، عَلَى التشبيهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
ولَيْل عِظْلِم عَرَّضْتُ نَفْسِي، ... وكُنْتُ مُشَيَّعاً رَحْبَ الذِّراعِ
عفهم: العُفاهِمُ: القَوِيّةُ الجَلْدةُ مِنَ النُّوقِ. وعَدْوٌ عفاهِمٌ: شديدٌ؛ قَالَ غَيْلَانُ يَصِفُ أَوَّلَ شَبَابِهِ وقُوَّتَه:
يَظَلُّ مَنْ جَارَاهُ فِي عَذائِم ... مِنْ عُنْفُوانِ جَرْيهِ العُفاهِم
وعُفاهِمُ الشَّبابِ: أَوَّلُه، قَالَ: والعُفاهِمُ مَنْ جَعل الجماعةَ عَفاهيمَ فَإِنَّهُ جعلَ المَدَّةَ فِي آخرِها مكانَ الأَلف الَّتِي أَلْقَاهَا مِنْ وَسَطِها. وَقَالَ شَمِرٌ: عُنْفُوان كُلِّ شيءٍ أَوَّلُه، وَكَذَلِكَ عُفاهِمُه. وسَيْلٌ عُفاهِمٌ أَيْ كثيرُ الْمَاءِ. الْفَرَّاءُ: عَيْشٌ عُفاهِمٌ أَيْ مُخْصِبٌ. أَبُو زَيْدٍ: عيشٌ عُفاهِمٌ أَيْ واسعٌ وَكَذَلِكَ الدَّغْفَلِيُّ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَرْهَمَ: العُرْهُومُ والعُراهِمُ التارُّ الناعِمُ مِنْ كلِّ شيءٍ؛ وَأَنْشَدَ:
وقَصَباً عُفاهِماً عُرْهُوما
عقم: العَقْمُ والعُقْمُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: هَزْمةٌ تقعُ فِي الرَّحِم فَلَا تَقْبَلُ الولدَ. عَقِمَتِ الرَّحِمُ عَقْماً وعُقِمَتْ عُقْماً وعَقْماً وعَقَماً وعَقَمَها اللهُ يَعْقِمُها عَقْماً ورَحِمٌ عَقِيمٌ وعَقِيمةٌ مَعْقومةٌ، والجمعُ عَقائمُ وعُقُمٌ، وَمَا كَانَتْ عَقِيماً وَلَقَدْ عُقِمَت، فَهِيَ مَعْقومةٌ، وعَقُمَت إِذَا لَمْ تَحْمِلْ فَهِيَ عَقِيمٌ وعَقُرَتْ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وضَمِّ الْقَافِ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: امرأَةٌ عقيمٌ، بِغَيْرِ هاءٍ، لَا تَلِدُ مِنْ نِسْوةٍ عَقائم، وَزَادَ اللِّحْيَانِيُّ: مِنْ نسوةٍ عُقْمٍ؛ قَالَ أَبُو دَهْبلٍ يَمْدَحُ عبدَ اللَّهِ بنَ الأَزْرق الْمَخْزُومِيَّ، وَقِيلَ هُوَ لِلْحَزِينِ اللِّيثِيِّ:
نَزْر الكلامِ منَ الحَياءِ، تَخالُه ... ضَمِناً، وَلَيْسَ بِجِسْمِه سُقْمُ
مُتَهَلِّل بِنَعَمْ، بِلَا مُتباعِد، ... سِيّانِ مِنْهُ الوَفْرُ والعُدْمُ
عُقِمَ النِّساءُ فَلَنْ يَلِدْنَ شَبيهَه، ... إِنَّ النِّساءَ بمثْلِه عُقْمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْفَصِيحُ عَقَمَ اللهُ رحِمَها وعُقِمَت المرأَة، وَمَنْ قَالَ عَقُمَتْ أَوْ عَقِمَتْ قَالَ أَعْقَمَها اللهُ وعَقَمَها مِثْلُ أَحْزَنْتُه وحَزَنْتُه؛ وَأَنْشَدَ فِي العُقْمِ المَصْدر للمُخَبَّل السَّعْديّ:
عُقِمَتْ فَناعَمَ نَبْتَه العُقْمُ(12/412)
وَفِي الْحَدِيثِ:
سَوْداءُ وَلُودٌ خيرٌ مِنْ حَسناءَ عَقيم.
قَالَ ابْنُ الأَثير: والمرأَةُ عَقيمٌ ومَعْقومةٌ، والرجلُ عَقِيمٌ ومَعْقومٌ. وَفِي كَلَامِ الْحَاضِرَةِ: الرجالُ عندَهُ بُكْم، والنِّساءُ بمثلِه عُقْم. وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ مَعْقومةُ الرَّحِم كأَنها مَسْدودتُها. وَيُقَالُ: عُقِمَت المرأَة تُعْقَم عَقْماً وعَقِمَتْ تَعْقَمُ عَقَماً وعَقُمتْ تَعْقُم عُقْماً، وأَعقمَ اللهُ رَحِمَها فعُقِمتْ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. ورَحِمٌ معقومةٌ أَيْ مَسْدُودَةٌ لَا تَلِدُ وَمَصْدَرُهُ العَقْم؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَعشى:
تَلوِي بعِذْقِ خِصابٍ كُلَّمَا خَطَرَتْ ... عَنْ فَرْج مَعْقومةٍ لَمْ تَتَّبِعْ رُبَعا
ورجلٌ عَقيمٌ وعَقامٌ: لَا يُولَد لَهُ، وَالْجَمْعُ عُقَماء وعِقامٌ وعَقْمى. وَامْرَأَةٌ عَقامٌ وَرَجُلٌ عَقامٌ إِذَا كَانَا سيِّئَي الخُلُق، وَمَا كَانَ عَقاماً وَلَقَدْ عَقُم: تَخَلَّقه؛ وَأَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو:
وأنتَ عَقامٌ لَا يُصابُ لَهُ هَوىً، ... وَذُو هِمَّةٍ فِي الْمَالِ، وَهُوَ مُضَيّعُ
وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ العَقِيم مِنْ سُوءِ الخُلُق: عَقُمَتْ. وَالدُّنْيَا عَقيمٌ أَيْ لَا ترُدُّ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، ويومُ الْقِيَامَةِ يومٌ عقِيم لأَنه لَا يومَ بعدَه؛ فَأَمَّا قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: العقلُ عَقْلان، فأَما عَقْلُ صَاحِبِ الدُّنْيَا فعَقيمٌ، وَأَمَّا عقلُ صَاحِبِ الْآخِرَةِ فمُثْمِرٌ
، فالعقيمُ هَاهُنَا الَّذِي لَا يَنفعُ وَلَا يرُدُّ خَيْرًا عَلَى المثَل. والريحُ العقيمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ: هِيَ الدَّبورُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ
؛ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: الريحُ العقيمُ الَّتِي لَا يَكُونُ مَعَهَا لَقَحٌ أَيْ لَا تأْتي بِمَطَرٍ إِنَّمَا هِيَ ريحُ الإِهلاك، وَقِيلَ: هِيَ لَا تُلقِحُ الشَّجَرَ وَلَا تُنشِئُ سَحاباً وَلَا تَحْمِل مَطراً، عادَلوا بِهَا ضدَّها، وَهُوَ قَوْلِهِمْ: رِيحٌ لاقِحٌ أَيْ أَنَّهَا تُلْقِح الشجرَ وتُنشِئُ السَّحاب، وَجَاؤُوا بِهَا عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ. وَيُقَالُ: المُلْكُ عَقيمٌ لَا يَنْفَعُ فِيهِ نسَبٌ لأَن الأَبَ يقتُلُ ابنَه عَلَى المُلْك. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقْتُلُ أَبَاهُ وأَخاه وعَمَّه فِي ذَلِكَ. والعَقْمُ: القَطْعُ، وَمِنْهُ قِيلَ: المُلك عَقيمٌ لأَنه تُقطعُ فِيهِ الأَرحام بِالْقَتْلِ والعُقوق. وَفِي الْحَدِيثِ:
اليمينُ الْفَاجِرَةُ الَّتِي يُقْتَطعُ بِهَا مالُ المُسلمِ تَعْقِمُ الرَّحِم
؛ يُرِيدُ أَنَّهَا تَقْطع الصِّلة والمعروفَ بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَحَرْبٌ عَقامٌ وعُقام وعَقيم: شَدِيدَةٌ لَا يَلوِي فِيهَا أَحدٌ عَلَى أَحَدٍ يَكْثُر فِيهَا القتلُ وتَبقى النِّسَاءُ أَيامى، ويومٌ عَقيمٌ وعُقام وعَقام كَذَلِكَ. وداءٌ عَقام وعُقام: لَا يَبرأُ، والضمُّ أَفْصحُ؛ قَالَتْ لَيْلَى:
شَفاها منَ الداءِ العُقامِ الَّذِي بِهَا ... غُلامٌ، إِذَا هَزَّ القَناةَ سَقاها
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَقامُ الداءُ الَّذِي لَا يُبرَأُ مِنْهُ، وَقِيَاسُهُ الضَّمُّ إِلَّا أَنَّ الْمَسْمُوعَ هُوَ الْفَتْحُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ فُلَانٌ ذُو عُقْمِيَّاتٍ إِذَا كَانَ يُلَوِّي بخَصْمِه. والعَقامُ: اسمُ حيةٍ تَسْكُنُ البحْر، وَيُقَالُ: إِنَّ الأَسودَ مِنَ الْحَيَّاتِ يأْتي شطَّ الْبَحْرِ فيَصْفِر فَتَخْرُجُ إِلَيْهِ العقامُ فيتَلاوَيان ثُمَّ يَفْترِقان، فيذهبُ هَذَا فِي البرِّ وَتَرْجِعُ العَقامُ إِلَى الْبَحْرِ. وناقةٌ عَقامٌ: بازلٌ شَدِيدَةٌ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي:
وَإِنْ أَجْدَى أَظَلَّاها ومَرَّتْ ... لِمَنْهَلِها عَقامٌ خَنْشَلِيلُ «3»
. أجدَى: منْ جَدِيّة الدَّمِ.
__________
(3) . قوله [لمنهلها] كذا في الأَصل تبعاً للمحكم، والذي في مادة جدي منه: لمنهبها، بالباء(12/413)
والمَعاقِمُ: فِقَرٌ بَيْنَ الفَريدة والعَجْب فِي مُؤخَّر الصُّلب؛ قَالَ خُفافٌ:
وخَيْلٍ تَنادَى لَا هَوادَةَ بَيْنها، ... شَهِدْتُ بمَدْلوك المَعاقِمِ مُحْنِقِ
أَيْ لَيْسَ برَهِلٍ. والاعْتقامُ: الدُّخول فِي الأَمر. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ ذَكَرَ الْقِيَامَةَ وأَنّ اللهَ يَظهر للخَلْق قَالَ: فيَخِرُّ الْمُسْلِمُونَ سُجوداً لربِّ الْعَالَمِينَ وتُعْقَمُ أصلابُ الْمُنَافِقِينَ
، وَقِيلَ:
الْمُشْرِكِينَ
، فَلَا يَسجدون أَيْ تَيْبَس مَفاصِلُهم وَتَصِيرُ مَشدودةً، فَتَبْقَى أصلابُهم طَبَقاً وَاحِدًا أَيْ تُعْقَد ويدخلُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُودَ. وَيُقَالُ: عُقِمَتْ مَفاصِلُ يَدَيه ورجليْه إِذَا يَبِستْ. والمَعاقِمُ: الْمَفَاصِلُ. والمَعاقِمُ مِنَ الْخَيْلِ: الْمَفَاصِلُ، واحدُها مَعْقِمٌ، فالرُّسْغ عِنْدَ الْحَافِرِ مَعْقِمٌ، والرُّكْبة مَعْقِم، والعُرْقوب مَعْقِم، وسُمِّيت الْمَفَاصِلُ مَعاقِمَ لأَن بَعْضَهَا مُنْطبقٌ عَلَى بَعْضٍ. والاعتِقام: أَنْ يَحْفِروا الْبِئْرَ حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْمَاءِ حَفَروا بِئْرًا صَغِيرَةً فِي وَسَطها حَتَّى يَصِلوا إِلَى الْمَاءِ فيَذُوقوه، فَإِنْ كَانَ عَذْباً وَسَّعوها وحفَروا بقيَّتَها، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَذْباً تَرَكُوهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ ثَوْرًا:
بسَلْهَبَيْنِ فوْقَ أنْفٍ أذلَفا، ... إِذَا انتَحى مُعْتَقِماً أَوْ لجَّفا
أَيْ بقَرْنَين طَوِيلَيْنِ أَيْ عَوَّجَ جِرابَ الْبِئْرِ يَمْنةً ويَسْرة. والاعتِقامُ: المُضِيُّ فِي الْحَفْرِ سُفْلًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ويأْتي يَعْتَقِمُ بِمَعْنَى يَقهَر؛ قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
يَعْتَقِمُ الأَجدالَ والخُصوما
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ رَبِيعَةُ بْنُ مَقْرُومٍ الضَّبِّيِّ:
وماءٍ آجِنِ الجَمَّاتِ قَفْرٍ ... تَعَقَّمُ فِي جَوانِبه السِّباعُ
أَيْ تحْتَفِر، وَيُقَالُ: ترَدَّدُ. وعاقَمْت فُلَانًا إِذَا خاصمْته. والعَقْمُ: المِرْطُ الأَحمر، وَقِيلَ: هُوَ كلُّ ثَوْبٍ أَحْمَرَ. والعَقْمُ: ضرْب مِنَ الوَشْي، الْوَاحِدَةُ عَقْمةٌ وَيُقَالُ عِقْمة؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَلْقَمَةَ بْنِ عبَدة:
عَقْماً ورَقْماً يَكادُ الطيرُ يَتْبَعُه، ... كأَنه مِنْ دَمِ الأَجوافِ مَدمُومُ
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العقْمةُ ضرْبٌ مِنْ ثِيَابِ الْهَوَادِجِ مُوَشّىً، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ هِيَ ضُروب مِنَ اللَّبَنِ بيضٌ وحُمْر، وَقِيلَ: العِقْمة جَمْعُ عَقْمٍ كشَيخٍ وشِيخةٍ، وَإِنَّمَا قِيلَ للوَشْي عِقْمة لأَن الصَّانِعَ كَانَ يعمَلُ، فَإِذَا أَراد أَنْ يَشِيَ بِغَيْرِ ذَلِكَ اللَّوْنِ لَواه فأَغمَضه وأَظهر مَا يُريد عَمَلَهُ. وَكَلَامٌ عُقْمِيٌّ: قديمٌ قَدْ دَرَسَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والعُقِمِيُّ مِنَ الْكَلَامِ: غريبُ الْغَرِيبِ والعُقْمِيُّ [العِقْمِيُ] : كَلَامٌ عَقيم لَا يُشتقُّ مِنْهُ فِعْل. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَعالِمٌ بعُقْمِيِّ الكلام وعُقْبيّ الْكَلَامِ وَهُوَ غَامِضُ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ، وَهُوَ مِثْلُ النَّوَادِرِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: سأَلت رَجُلًا مِنْ هُذَيل عَنْ حَرْفٍ غَرِيبٍ فَقَالَ: هَذَا كَلَامٌ عُقْمِيٌّ، يَعْنِي أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُعرَفُ اليومَ، وَقِيلَ: عُقْمِيُّ الْكَلَامِ أَيْ قديمُ الْكَلَامِ. وكلامٌ عُقْمِيٌّ وعِقْمِيٌّ أَي غامضٌ. والعُقْميُّ: الرجلُ القديمُ «1» الكرمِ والشرفِ. والتَّعاقُمُ: الوِرْدُ مَرَّةً بعدَ مرةٍ، وَقِيلَ: الْمِيمَ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ بَاءِ التعاقُبِ. والمَعْقِمُ أَيضاً: عُقْدَةٌ في التِّبْن.
__________
(1) . قوله [والعقميّ الرجل القديم إلخ] ضبط في الأَصل بالضم وبه صرح في القاموس، وضبط في التهذيب والتكملة بالفتح(12/414)
عكم: عَكَمَ المتاعَ يَعْكِمُه عَكْماً: شدَّه بِثَوْبٍ، وَهُوَ أَن يبسُطَه ويجعلَ فِيهِ المتاعَ ويَشُدَّه ويُسَمَّى حِينَئِذٍ عِكْماً. والعِكامُ: مَا عُكِمَ بِهِ، وَهُوَ الحَبْلُ الَّذِي يُعْكَمُ عَلَيْهِ. والعِكْمُ: عِكْمُ الثِّيابِ «1» الَّذِي تُشَدُّ بِهِ العَكَمةُ، وَالْجَمْعُ عُكُمٌ. والعِكْمُ: كالعِكام. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي رَيْحانَة: أَنَّهُ نَهى عَنِ المُعاكَمةِ
، وفَسَّرها الطَّحَاوِيُّ بِضَمِّ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ. يُقَالُ: عَكَمْتُ الثِّيابَ إِذَا شددْت بعضَها إِلَى بَعْضٍ، يريدُ بِهَا أَنْ يجتمعَ الرجُلانِ أَوِ المرأَتانِ عاريَيْنِ لَا حاجزَ بَيْنَ بَدَنَيْهِما؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
لَا يُفْضي الرجلُ إِلَى الرجلِ وَلَا المرأَةُ إِلى المرأَةِ.
والعِكْمُ: العِدْلُ مَا دامَ فِيهِ المتاعُ. والعِكْمانِ: عِدْلانِ يُشَدّانِ عَلَى جَانِبَيِ الهَوْدَجِ بثوبٍ، وجمعُ كلِّ ذَلِكَ أَعْكامٌ، لَا يُكَسَّرُ إلَّا عَلَيْهِ. وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ قَوْلُهُمْ: هُما كعِكْمَي العَيْرِ؛ يُقَالُ لِلرَّجُلَيْنِ يَتَساوَيانِ فِي الشَّرَف؛ وَيُرْوَى هَذَا الْمَثَلُ عَنْ هَرِم بْنِ سِنانٍ أَنَّهُ قَالَهُ لعلقمةَ وَعَامِرٍ حِينَ تَنافَرا إِلَيْهِ فَلَمْ يُنَفِّر وَاحِدًا مِنْهُمَا عَلَى صاحِبه. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زرعٍ: عُكُومُها رَداحٌ وبَيتُها فَيَّاحٌ
؛ أَبُو عُبَيْدٍ: العُكومُ الأَحْمالُ والأَعْدالُ الَّتِي فِيهَا الأَوْعِية مِنْ صُنوفِ الأَطْعِمة وَالْمَتَاعِ، واحدُها عِكْمٌ، بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عنه: نُفاضةٌ كنُفاضةِ العِكْم.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لخَدَمِهم يَوْمَ الظَّعْن اعْتَكِموا؛ وَقَدِ اعْتَكَمُوا إِذَا سَوَّوُا الأَعْدالَ ليشُدُّوها عَلَى الحَمُولةِ. وَقَالَ الأَزهري: كلُّ عِدْلٍ عِكْمٌ، وجمعهُ أَعْكامٌ وعُكومٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ الرجلُ لِصَاحِبِهِ اعْكُمْني وأَعْكِمْني، فَمَعْنَى اعْكُمْني أَي اعْكُمْ لِي وَيَجُوزُ بِكَسْرِ الْكَافِ، وأَما أَعْكِمْني بقطْع الأَلف فَمَعْنَاهُ أَعِنِّي عَلَى العَكْم، وَمِثْلُهُ احْلُبْني أَي احْلُبْ لِي، وأَحْلِبْني أَيْ أَعِنِّي عَلَى الحَلْب. وعَكَمْتُ الرجلَ العِكْمَ إِذَا عَكَمْتَه لَهُ، مِثْلَ قَوْلِكَ حَلَبْتُه الناقةَ أَيْ حلَبتُها لَهُ. والعِكْمُ: الكارةُ، والجمعُ عُكومٌ. ووقعَ المُصْطَرِعانِ عِكْمَيْ عَيْرٍ وكعِكْمَيْ عَيْرٍ: وَقَعا مَعاً لَمْ يَصْرعْ أحدُهما صاحِبَه. وأَعْكَمَه العِكْمَ: أَعانَه عَلَيْهِ. وعَكَمَ البعيرَ يَعْكِمهُ عَكْماً: شدَّ عَلَيْهِ العِكْمَ. ورجلٌ مُعَكَّمٌ صُلْبُ: اللحمِ كثيرُ المَفاصِلِ، شُبِّهَ بالعِكْم. وعَكَمَ البعيرَ يَعْكِمُه عَكْماً: شَدَّ فاهُ، والعِكامُ مَا شُدَّ بِهِ، وَالْجَمْعُ عُكُمٌ. والعِكْمُ: النَّمَطُ تَجْعَلُهُ المرأَةُ كالوِعاء تَدَّخِرُ فِيهِ مَتاعَها؛ قَالَ مُزَرِّد:
ولَمَّا غَدَتْ أُمّي تُحَيِّي بَناتِها، ... أَغَرْتُ عَلَى العِكْمِ الَّذِي كَانَ يُمْنَعُ
خَلَطْتُ بِصاعِ الأَقْطِ صاعَيْنِ عَجْوَةً ... إِلَى صاعِ سَمْنٍ، وَسْطَهُ يَتَرَيَّعُ
وَفِي حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ: وسَيَجِدُ أَحدُكم امرأَتَه قَدْ مَلأَت عِكْمَها مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ
؛ والعِكْمُ: داخلُ الجَنْبِ عَلَى المَثَل بالعِكْمِ النَّمَطِ؛ قَالَ الحُطَيْئة:
نَدِمْتُ عَلَى لِسانٍ كَانَ مِنِّي، ... وَدِدْتُ بِأَنَّه فِي جَوْفِ عِكْمِ
وَيُرْوَى: فَلَيْتَ بأَنَّه، وفَلَيْتَ بَيانَه. وعَكْمة البَطْنِ: زاويتُه كالهَزْمةِ، وخصَّ بعضُهم بِهِ الجَحْدَ فَقَالُوا: مَا بَقِيَ فِي بَطْن الدابَّة هَزْمةٌ وَلَا عَكْمةٌ إلَّا امْتلأَت؛ وأَنشد:
حَتَّى إِذَا مَا بَلَّتِ العُكُوما ... مِن قَصَبِ الأَجْوافِ والهُزُوما
__________
(1) . قوله [والعكم عكم الثياب إلخ] هي عبارة التهذيب والتكملة، وبقيتها: والعكمتان بالتحريك تشدان من جانبي الهودج بثوب(12/415)
والجمعُ عُكُومٌ كصَخْرةٍ وصُخُور. وعَكَمَه عَنْ زِيارته يَعْكِمهُ عَكْماً: صَرَفَه عَنْ زِيارتهِ. والعَكُوم: المُنْصَرَفُ. وَمَا عِنْدَه عَكُومٌ أَيْ مَصْرِفٌ. وعُكِمَ عَنْ زِيارتِنا يُعْكَمُ أَيضاً: رُدَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولاحَتْه مِنْ بَعْدِ الجُزوءِ ظَماءةٌ ... وَلَمْ يكُ عنْ وِرْدِ المِياهِ عَكُومُ
وعكَمَ عَلَيْهِ يَعْكِمُ: كَرَّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فجالَ وَلَمْ يَعْكِمْ لوِرْدٍ مُقَلِّصٍ
أَيْ هَرَب وَلَمْ يَكُرَّ. وَقَالَ شَمِرٌ: يكونُ عَكَم فِي هَذَا الْبَيْتِ بِمَعْنَى انْتَظَر كأَنه قَالَ فجالَ وَلَمْ يَنْتظِرْ؛ وأَنشد بَيْتِ أَبِي كَبِيرٍ الهُذَليّ:
أَزُهَيْرَ، هَلْ عَنْ شَيْبةٍ مِنْ مَعْكِمِ، ... أَمْ لَا خُلودَ لِبازلٍ مُتَكَرِّمِ؟
أَرَادَ زُهَيْرَة ابنتَه، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: هَلْ عَنْ شَيْبةٍ مِنْ مَعْكِم أَيْ مَعْدِل ومَصْرف. وعَكَمَ يَعْكِمُ: انْتَظَر. وَمَا عَكَمَ عَنْ شَتْمي أَيْ مَا تأَخَّرَ. والعَكْمُ: الانْتظارُ؛ قَالَ أَوس:
فَجالَ وَلَمْ يَعْكِمْ، وشَيَّعَ أَمْرَه ... بمُنْقَطَعِ الغَضْراءِ شدٌّ مُؤالِف
أَيْ لَمْ يَنْتَظِرْ؛ يَقُولُ: هرَب وَلَمْ يَكُرّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ما عَكَمَ
، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِ الإِسْلامُ أَيْ مَا تَحبَّسَ وَمَا انْتظرَ وَلَا عدَلَ. والعِكْمُ: بَكَرَةُ الْبِئْرِ؛ وَأَنْشَدَ:
وعُنُقٍ مِثْل عَمُود السَّيْسَبِ، ... رُكِّبَ فِي زَوْرٍ وَثِيقِ المَشْعَبِ
كالعِكْمِ بَيْنَ القامتَيْنِ المُنْشَبِ
وعَكَّمَتِ الإِبلُ تَعْكِيماً: سَمِنتْ وحَمَلتْ شَحْماً عَلَى شَحْمٍ. وَرَجُلٌ مِعْكَمٌ، بالكسرة: مُكْتنِزُ اللَّحْمِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْغُلَامِ الشابِلِ والشابِنِ المُنَعَّمِ مُعَكَّمٌ ومُكَنَّلٌ ومُصَدَّرٌ وكُلْثُومٌ وحِضَجْرٌ.
عكرم: عِكْرِمةُ، مَعْرِفَةٌ: الأُنْثى مِنَ الطَّيْرِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ ساقُ حُرّ، وَقِيلَ: العِكْرِمةُ الحَمامةُ الأُنثى. وعِكْرِمةُ: اسمُ رَجُلٍ وَهُوَ مِنْهُ؛ فأَما قَوْلُهُ:
خُذُوا حِذْرَكُمْ، يَا آلَ عِكرِمَ، واذكُروا ... أَواصِرَنا، والرِّحْمُ بالغَيْبِ تُذْكَرُ
فَإِنَّهُ رَخَّم وحَذَف الْهَاءَ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ اضْطِرَارًا. الْجَوْهَرِيُّ: عِكْرِمةُ أَبُو قَبيلةٍ وَهُوَ عِكْرمة بْنُ حَصَفَة بن قيس عَيْلان.
عكسم: العُكْسومُ: الحِمارُ، حِمْيَرِيَّة.
علم: مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ العَلِيم والعالِمُ والعَلَّامُ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ
، وَقَالَ: عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ*
، وَقَالَ: عَلَّامُ الْغُيُوبِ*
، فَهُوَ اللهُ العالمُ بِمَا كَانَ وَمَا يكونُ قَبْلَ كَوْنِه، وبِمَا يكونُ ولَمَّا يكُنْ بعْدُ قَبْل أَنْ يَكُونَ، لَمْ يَزَل عالِماً وَلَا يَزالُ عَالِمًا بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ خافيةٌ فِي الأَرض وَلَا فِي السَّمَاءِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أحاطَ عِلْمُه بِجَمِيعِ الأَشياء باطِنِها وظاهرِها دقيقِها وجليلِها عَلَى أَتَمِّ الإِمْكان. وعَليمٌ، فَعِيلٌ: مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالِغَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ للإِنسان الَّذِي عَلَّمه اللهُ عِلْماً مِنَ العُلوم عَلِيم، كَمَا قَالَ يُوسُفُ للمَلِك: إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ
. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ
: فأَخبر عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ مِنْ عبادِه مَنْ يَخْشَاهُ، وَأَنَّهُمْ هُمُ العُلمَاء، وَكَذَلِكَ صِفَةُ يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
كَانَ عَلِيمًا بأَمْرِ رَبِّهِ وأَنه(12/416)
وَاحِدٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ إِلَى مَا عَلَّمه اللَّهُ مِنْ تأْويل الأَحاديث الَّذِي كَانَ يَقْضِي بِهِ عَلَى الْغَيْبِ، فَكَانَ عَلِيمًا بِمَا عَلَّمه اللهُ.
وَرَوَى
الأَزهري عَنْ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ
، قَالَ: لَذُو عَمَلٍ بِمَا عَلَّمْناه، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِمَّن سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنِ ابْنِ عُيَيْنةَ، قلتُ: حَسْبي.
وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ الْعِلْمُ بِكَثْرَةِ الْحَدِيثِ وَلَكِنَّ العِلْم بالخَشْية
؛ قَالَ الأَزهري: وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ قولُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ
. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: العالمُ الَّذِي يَعْملُ بِمَا يَعْلَم، قَالَ: وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ ابْنِ عُيَيْنَةَ. والعِلْمُ: نقيضُ الْجَهْلِ، عَلِم عِلْماً وعَلُمَ هُوَ نَفْسُه، وَرَجُلٌ عالمٌ وعَلِيمٌ مِنْ قومٍ عُلماءَ فِيهِمَا جَمِيعًا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: يَقُولُ عُلَماء مَنْ لَا يَقُولُ إِلَّا عالِماً. قَالَ ابْنُ جِنِّي: لمَّا كَانَ العِلْم قَدْ يَكُونُ الْوَصْفُ بِهِ بعدَ المُزاوَلة لَهُ وطُولِ المُلابسةِ صَارَ كَأَنَّهُ غريزةٌ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى أَوَّلِ دُخُولِهِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ مُتعلِّماً لَا عالِماً، فَلَمَّا خَرَجَ بِالْغَرِيزَةِ إِلَى بَابِ فَعُل صَارَ عالمٌ فِي الْمَعْنَى كعَليمٍ، فكُسِّرَ تَكْسيرَه، ثُمَّ حملُوا عَلَيْهِ ضدَّه فَقَالُوا جُهَلاء كعُلَماء، وَصَارَ عُلَماء كَحُلَماء لأَن العِلمَ محْلَمةٌ لِصَاحِبِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ جَاءَ عَنْهُمْ فاحشٌ وفُحشاء لَمَّا كَانَ الفُحْشُ مِنْ ضُرُوبِ الْجَهْلِ وَنَقِيضًا للحِلْم، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وجمعُ عالمٍ عُلماءُ، وَيُقَالُ عُلّام أَيْضًا؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الحَكَم:
ومُسْتَرِقُ القَصائدِ والمُضاهِي، ... سَواءٌ عِنْدَ عُلّام الرِّجالِ
وعَلّامٌ وعَلّامةٌ إِذَا بَالَغْتَ فِي وَصْفِهِ بالعِلْم أَيْ عَالِمٌ جِداً، وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، كَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ دَاهِيَةً مِنْ قَوْمٍ عَلّامِين، وعُلّام مِنْ قَوْمٍ عُلّامين؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وعَلِمْتُ الشيءَ أَعْلَمُه عِلْماً: عَرَفْتُه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَتَقُولُ عَلِمَ وفَقِهَ أَي تَعَلَّم وتَفَقَّه، وعَلُم وفَقُه أَيْ سادَ العلماءَ والفُقَهاءَ. والعَلّامُ والعَلّامةُ: النَّسَّابةُ وَهُوَ مِنَ العِلْم. قَالَ ابْنُ جِنِّي: رَجُلٌ عَلّامةٌ وَامْرَأَةٌ عَلّامة، لَمْ تَلْحَقِ الْهَاءُ لتأْنيث الموصوفِ بِمَا هِيَ فِيهِ، وَإِنَّمَا لَحِقَتْ لإِعْلام السَّامِعِ أَنَّ هَذَا الموصوفَ بِمَا هِيَ فِيهِ قَدْ بلَغ الغايةَ والنهايةَ، فَجَعَلَ تأْنيث الصِّفَةِ أَمارةً لِمَا أُريدَ مِنْ تأْنيث الْغَايَةِ والمُبالغَةِ، وسواءٌ كَانَ الموصوفُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ مُذَكَّراً أَوْ مُؤَنَّثًا، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْهَاءَ لَوْ كَانَتْ فِي نَحْوِ امْرَأَةٍ عَلّامة وفَرُوقة وَنَحْوِهِ إِنَّمَا لَحِقت لأَن الْمَرْأَةَ مُؤَنَّثَةٌ لَوَجَبَ أَنْ تُحْذَفَ فِي المُذكَّر فَيُقَالُ رَجُلٌ فَروقٌ، كَمَا أَنَّ الْهَاءَ فِي قَائِمَةٍ وظَريفة لَمَّا لَحِقَتْ لتأْنيث الْمَوْصُوفِ حُذِفت مَعَ تَذْكِيرِهِ فِي نَحْوِ رَجُلٍ قَائِمٍ وَظَرِيفٍ وَكَرِيمٍ، وَهَذَا وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ*
الَّذِي لَا يَعْلَمُه إِلَّا اللَّهُ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وعَلَّمه العِلْم وأَعْلَمه إِيَّاهُ فتعلَّمه، وَفَرَّقَ سِيبَوَيْهِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: عَلِمْتُ كأَذِنْت، وأَعْلَمْت كآذَنْت، وعَلَّمْته الشيءَ فتَعلَّم، وَلَيْسَ التشديدُ هُنَا لِلتَّكْثِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعَلَّم
أَيْ مُلْهَمٌ للصوابِ والخيرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ
أَيْ لَهُ مَنْ يُعَلِّمُه. ويقالُ: تَعلَّمْ فِي مَوْضِعِ اعْلَمْ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
تَعَلَّمُوا أَنَّ رَبَّكم لَيْسَ بأَعور
بِمَعْنَى اعْلَمُوا، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَيْسَ يَرَى أحدٌ مِنْكُمْ رَبَّه حَتَّى يَمُوتَ
، كُلُّ هَذَا بِمَعْنَى اعْلَمُوا؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:
تَعَلَّمْ أنَّ خيْرَ الناسِ طُرّاً ... قَتِيلٌ بَيْنَ أحْجارِ الكُلاب(12/417)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لمعديكرِب بن الحرث بْنِ عَمْرِو بْنِ حُجْر آكِلِ المُرار الكِنْدي الْمَعْرُوفُ بغَلْفاء يَرْثي أَخَاهُ شُرَحْبِيل، وَلَيْسَ هُوَ لِعَمْرِو بْنِ معديكرب الزُّبَيدي؛ وَبَعْدَهُ:
تَداعَتْ حَوْلَهُ جُشَمُ بنُ بَكْرٍ، ... وأسْلَمَهُ جَعاسِيسُ الرِّباب
قَالَ: وَلَا يُسْتَعْمَلُ تَعَلَّمْ بِمَعْنَى اعْلَمْ إِلَّا فِي الأَمر؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ:
تَعَلَّمْ أنَّ خَيْرَ الناسِ مَيْتاً
وقول الحرث بْنِ وَعْلة:
فَتَعَلَّمِي أنْ قَدْ كَلِفْتُ بِكُمْ
قَالَ: واسْتُغْني عَنْ تَعَلَّمْتُ بِعَلِمْتُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: تَعَلَّمْتُ أَنَّ فُلَانًا خَارِجٌ بِمَنْزِلَةِ عَلِمْتُ. وتعالَمَهُ الجميعُ أَيْ عَلِمُوه. وعالَمَهُ فَعَلَمَه يَعْلُمُه، بِالضَّمِّ: غَلَبَهُ بالعِلْم أَيْ كَانَ أعْلَم مِنْهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا كُنْتُ أُراني أَن أَعْلُمَه؛ قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْبَابِ بِالْكَسْرِ فِي يَفْعلُ فَإِنَّهُ فِي بَابِ الْمُغَالَبَةِ يَرْجِعُ إِلَى الرَّفْعِ مِثْلَ ضارَبْتُه فَضَرَبْتُهُ أضْرُبُه. وعَلِمَ بِالشَّيْءِ: شَعَرَ. يُقَالُ: مَا عَلِمْتُ بِخَبَرِ قُدُومِهِ أَيْ مَا شَعَرْت. وَيُقَالُ: اسْتَعْلِمْ لِي خَبَر فُلَانٍ وأَعْلِمْنِيه حَتَّى أَعْلَمَه، واسْتَعْلَمَني الخبرَ فأعْلَمْتُه إِيَّاهُ. وعَلِمَ الأَمرَ وتَعَلَّمَه: أَتقنه. وَقَالَ يَعْقُوبُ: إِذَا قِيلَ لَكَ اعْلَمْ كَذَا قُلْتَ قَدْ عَلِمْتُ، وَإِذَا قِيلَ لَكَ تَعَلَّمْ لَمْ تَقُلْ قَدْ تَعَلَّمْتُ؛ وَأَنْشَدَ:
تَعَلَّمْ أنَّهُ لَا طَيْرَ إِلَّا ... عَلى مُتَطَيِّرٍ، وَهِيَ الثُّبُور
وعَلِمْتُ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَلِذَلِكَ أَجازوا عَلِمْتُني كَمَا قَالُوا ظَنَنْتُني ورأَيْتُني وحسِبْتُني. تَقُولُ: عَلِمْتُ عَبْدَ اللَّهِ عَاقِلًا، وَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ عَلِمْتُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى عَرَفْته وخَبَرْته. وعَلِمَ الرَّجُلَ: خَبَرَه، وأَحبّ أَنْ يَعْلَمَه أَيْ يَخْبُرَه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ
. وَأَحَبَّ أَنْ يَعْلَمه أَيْ أَنْ يَعْلَمَ مَا هُوَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ
. قَالَ الأَزهري: تَكَلَّمَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، قَالَ: وأبْيَنُ الْوُجُوهِ الَّتِي تأوَّلوا أَنَّ الملَكين كَانَا يُعَلِّمانِ الناسَ وَغَيْرَهُمْ مَا يُسْأَلانِ عَنْهُ، ويأْمران بِاجْتِنَابِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ وطاعةِ اللَّهِ فِيمَا أُمِروا بِهِ ونُهُوا عَنْهُ، وَفِي ذَلِكَ حِكْمةٌ لأَن سَائِلًا لَوْ سَأَلَ: مَا الزِّنَا وَمَا اللِّوَاطُ؟ لَوَجَبَ أَنْ يُوقَف عَلَيْهِ وَيُعْلَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ، فَكَذَلِكَ مجازُ إِعْلَامِ المَلَكين الناسَ السحرَ وأمْرِهِما السائلَ بِاجْتِنَابِهِ بَعْدَ الإِعلام. وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنَّهُ قَالَ: تَعَلَّمْ بِمَعْنَى اعْلَمْ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ
، قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَنَّ السَّاحِرَ يَأْتِي الْمَلَكَيْنِ فَيَقُولُ: أخْبراني عَمَّا نَهَى اللهُ عَنْهُ حَتَّى أَنْتَهِيَ، فَيَقُولَانِ: نَهَى عَنِ الزِّنَا، فَيَسْتَوْصِفُهما الزِّنَا فيَصِفانِه فيقول: وعمَّا ذا؟ فَيَقُولَانِ: وَعَنِ اللِّوَاطِ، ثُمَّ يقول: وعَمَّا ذا؟ فَيَقُولَانِ: وَعَنِ السِّحْرِ، فَيَقُولُ: وَمَا السِّحْرُ؟ فَيَقُولَانِ: هُوَ كَذَا، فَيَحْفَظُهُ وَيَنْصَرِفُ، فَيُخَالِفُ فَيَكْفُرُ، فَهَذَا مَعْنَى يُعلِّمان إِنَّمَا هُوَ يُعْلِمان، وَلَا يَكُونُ تَعْلِيمُ السِّحْرِ إِذَا كَانَ إعْلاماً كُفْرًا، وَلَا تَعَلُّمُه إِذَا كَانَ عَلَى مَعْنَى الْوُقُوفِ عَلَيْهِ لِيَجْتَنِبَهُ كُفْرًا، كَمَا أَنَّ مَنْ عَرَفَ الزِّنَا لَمْ يأْثم بِأَنَّهُ عَرَفه إِنَّمَا يأْثم بِالْعَمَلِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ
؛ قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: إِنَّهُ جلَّ ذكرُه يَسَّرَه لأَن يُذْكَر، وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَّمَهُ الْبَيانَ
فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ عَلَّمَه الْقُرْآنَ الَّذِي فِيهِ(12/418)
بَيانُ كُلِّ شَيْءٍ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَّمَهُ البيانَ جَعَلَهُ مميَّزاً، يَعْنِي الإِنسان، حَتَّى انْفَصَلَ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ. والأَيَّامُ المَعْلُوماتُ: عَشْرُ ذِي الحِجَّة آخِرُها يومُ النَّحْر، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَعْلِيلُهَا فِي ذِكْرِ الأَيام الْمَعْدُودَاتِ، وَأَوْرَدَهُ الْجَوْهَرِيُّ مُنْكِرًا فَقَالَ: والأَيام المعلوماتُ عَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَلَا يُعْجِبني. ولقِيَه أَدْنَى عِلْمٍ أَيْ قبلَ كُلِّ شَيْءٍ. والعَلَمُ والعَلَمة والعُلْمة: الشَّقُّ فِي الشَّفة العُلْيا، وَقِيلَ: فِي أَحَدِ جَانِبَيْهَا، وَقِيلَ: هُوَ أَن تنشقَّ فتَبينَ. عَلِمَ عَلَماً، فَهُوَ أَعْلَمُ، وعَلَمْتُه أَعْلِمُه عَلْماً، مِثْلُ كَسَرْته أكْسِرهُ كَسْراً: شَقَقْتُ شَفَتَه العُليا، وَهُوَ الأَعْلمُ. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ أَعْلَمُ لِعَلَمٍ فِي مِشْفَرِه الأَعلى، وَإِنْ كَانَ الشَّقُّ فِي الشَّفَةِ السُّفْلَى فَهُوَ أَفْلَحُ، وَفِي الأَنف أَخْرَمُ، وَفِي الأُذُن أَخْرَبُ، وَفِي الجَفْن أَشْتَرُ، وَيُقَالُ فِيهِ كلِّه أَشْرَم. وَفِي حَدِيثِ
سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّهُ كَانَ أَعْلمَ الشَّفَةِ
؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: العَلْمُ مَصْدَرُ عَلَمْتُ شَفَتَه أَعْلِمُها عَلْماً، وَالشَّفَةُ عَلْماء. والعَلَمُ: الشَّقُّ فِي الشَّفَةِ العُلْيا، والمرأَة عَلْماء. وعَلَمَه يَعْلُمُه ويَعْلِمُه عَلْماً: وَسَمَهُ. وعَلَّمَ نَفسَه وأَعْلَمَها: وَسَمَها بِسِيما الحَرْبِ. وَرَجُلٌ مُعْلِمٌ إِذَا عُلِم مكانهُ فِي الْحَرْبِ بعَلامةٍ أَعْلَمَها، وأَعْلَمَ حمزةُ يومَ بَدْرٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فَتَعَرَّفوني، إنَّني أَنَا ذاكُمُ ... شاكٍ سِلاحِي، فِي الحوادِثِ، مُعلِمُ
وأَعْلَمَ الفارِسُ: جَعَلَ لِنَفْسِهِ عَلامةَ الشُّجعان، فَهُوَ مُعْلِمٌ؛ قَالَ الأَخطل:
مَا زالَ فِينَا رِباطُ الخَيْلِ مُعْلِمَةً، ... وَفِي كُلَيْبٍ رِباطُ اللُّؤمِ والعارِ
مُعْلِمَةً، بِكَسْرِ اللَّامِ. وأَعْلَم الفَرَسَ: عَلَّقَ عَلَيْهِ صُوفاً أَحْمَرَ أَوْ أَبْيَضَ فِي الْحَرْبِ. وَيُقَالُ عَلَمْتُ عِمَّتي أَعْلِمُها عَلْماً، وَذَلِكَ إِذَا لُثْتَها عَلَى رأْسك بعَلامةٍ تُعْرَفُ بِهَا عِمَّتُك؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولُثْنَ السُّبُوبَ خِمْرَةً قُرَشيَّةً ... دُبَيْرِيَّةً، يَعْلِمْنَ فِي لوْثها عَلْما
وقَدَحٌ مُعْلَمٌ: فِيهِ عَلامةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
رَكَدَ الهَواجِرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ
والعَلامةُ: السِّمَةُ، وَالْجَمْعُ عَلامٌ، وَهُوَ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إلَّا بِإِلْقَاءِ الْهَاءِ؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ:
عَرَفْت بِجَوِّ عارِمَةَ المُقاما ... بِسَلْمَى، أَوْ عَرَفْت بِهَا عَلاما
والمَعْلَمُ مكانُها. وَفِي التَّنْزِيلِ فِي صِفَةِ عِيسَى، صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ
، وَهِيَ قِرَاءَةُ أَكْثَرِ الْقُرَّاءِ، وقرأَ بَعْضُهُمْ:
وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ
؛ الْمَعْنَى أَنَّ ظُهُورَ عِيسَى وَنُزُولَهُ إِلَى الأَرض عَلامةٌ تَدُلُّ عَلَى اقْتِرَابِ السَّاعَةِ. وَيُقَالُ لِما يُبْنَى فِي جَوادِّ الطَّرِيقِ مِنَ الْمَنَازِلِ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى الطَّرِيقِ: أَعْلامٌ، وَاحِدُهَا عَلَمٌ. والمَعْلَمُ: مَا جُعِلَ عَلامةً وعَلَماً للطُّرُق وَالْحُدُودِ مِثْلَ أَعلام الحَرَم ومعالِمِه الْمَضْرُوبَةِ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَكُونُ الأَرض يَوْمَ الْقِيَامَةِ كقُرْصَة النَّقيِّ لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحد
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: المَعْلَمُ الأَثر. والعَلَمُ: المَنارُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعَلامةُ والعَلَم الفصلُ يَكُونُ بَيْنَ الأَرْضَيْنِ. والعَلامة والعَلَمُ: شَيْءٌ يُنْصَب فِي الفَلَوات تَهْتَدِي بِهِ الضالَّةُ. وَبَيْنَ الْقَوْمِ أُعْلُومةٌ: كعَلامةٍ؛ عَنْ أَبِي العَمَيْثَل الأَعرابي. وقوله تعالى: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ(12/419)
كَالْأَعْلامِ؛ قَالُوا: الأَعْلامُ الجِبال. والعَلَمُ: العَلامةُ. والعَلَمُ: الْجَبَلُ الطَّوِيلُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلَمُ الْجَبَلُ فَلَمْ يَخُصَّ الطويلَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
إِذَا قَطَعْنَ عَلَماً بَدا عَلَم، ... حَتَّى تناهَيْنَ بِنَا إِلَى الحَكَم
خَلِيفةِ الحجَّاجِ غَيْرِ المُتَّهَم، ... فِي ضِئْضِئِ المَجْدِ وبُؤْبُؤِ الكَرَم
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيَنْزِلَنَّ إِلَى جَنْبِ عَلَم
، وَالْجَمْعُ أَعْلامٌ وعِلامٌ؛ قَالَ:
قَدْ جُبْتُ عَرْضَ فَلاتِها بطِمِرَّةٍ، ... واللَّيْلُ فَوْقَ عِلامِه مُتَقَوِّضُ
قَالَ كُرَاعٌ: نَظِيرُهُ جَبَلٌ وأَجْبالٌ وجِبالٌ، وجَمَلٌ وأَجْمال وجِمال، وقَلَمٌ وأَقلام وقِلام. واعْتَلَمَ البَرْقُ: لَمَعَ فِي العَلَمِ؛ قَالَ:
بَلْ بُرَيْقاً بِتُّ أَرْقُبُه، ... بَلْ لَا يُرى إلَّا إِذَا اعْتَلَمَا
خَزَمَ فِي أَوَّل النِّصْفِ الثَّانِي؛ وَحُكْمُهُ:
لَا يُرَى إِلَّا إِذَا اعْتَلَما
والعَلَمُ: رَسْمُ الثوبِ، وعَلَمهُ رَقْمُه فِي أَطْرَافِهِ. وَقَدْ أَعْلَمَه: جَعَلَ فِيهِ عَلامةً وجعَلَ لَهُ عَلَماً. وأَعلَمَ القَصَّارُ الثوبَ، فَهُوَ مُعْلِمٌ، والثوبُ مُعْلَمٌ. والعَلَمُ: الرَّايَةُ الَّتِي تَجْتَمِعُ إِلَيْهَا الجُنْدُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُعْقَد عَلَى الرُّمْحِ؛ فأَما قَوْلُ أَبي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:
يَشُجُّ بِهَا عَرْضَ الفَلاةِ تَعَسُّفاً، ... وأَمَّا إِذَا يَخْفى مِنَ ارْضٍ عَلامُها
فَإِنَّ ابْنَ جِنِّيٍّ قَالَ فِيهِ: يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنه أَراد عَلَمُها، فأَشبع الْفَتْحَةَ فنشأَت بَعْدَهَا أَلِفٌ كَقَوْلِهِ:
ومِنْ ذَمِّ الرِّجال بمُنْتزاحِ
يُرِيدُ بمُنْتزَح. وأَعلامُ القومِ: سَادَاتُهُمْ، عَلَى الْمَثَلِ، الواحدُ كَالْوَاحِدِ. ومَعْلَمُ الطَّرِيقِ: دَلالتُه، وَكَذَلِكَ مَعْلَم الدِّين عَلَى الْمَثَلِ. ومَعْلَم كلِّ شَيْءٍ: مظِنَّتُه، وَفُلَانٌ مَعلَمٌ لِلْخَيْرِ كَذَلِكَ، وَكُلُّهُ رَاجِعٌ إِلَى الوَسْم والعِلْم، وأَعلَمْتُ عَلَى مَوْضِعِ كَذَا مِنَ الْكِتَابِ عَلامةً. والمَعْلَمُ: الأَثرُ يُستَدَلُّ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَمْعُهُ المَعالِمُ. والعالَمُون: أَصْنَافُ الخَلْق. والعالَمُ: الخَلْق كلُّه، وَقِيلَ: هُوَ مَا احْتَوَاهُ بطنُ الفَلك؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فخِنْدِفٌ هامةَ هَذَا العالَمِ
جَاءَ بِهِ مَعَ قَوْلِهِ:
يَا دارَ سَلْمى يَا اسْلَمي ثمَّ اسْلَمي
فأَسَّسَ هَذَا الْبَيْتَ وَسَائِرُ أَبْيَاتِ الْقَصِيدَةِ غَيْرُ مؤسَّس، فعابَ رؤبةُ عَلَى أَبِيهِ ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ ذَهَبَ عَنْكَ أَبا الجَحَّاف مَا فِي هَذِهِ، إِنَّ أَباك كَانَ يَهْمِزُ العالمَ والخاتمَ، يَذْهَبُ إِلَى أَن الْهَمْزَ هَاهُنَا يُخْرِجُهُ مِنَ التأْسيس إِذْ لَا يَكُونُ التأْسيس إِلَّا بالأَلف الْهَوَائِيَّةِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنْهُمْ: بَأْزٌ، بِالْهَمْزِ، وَهَذَا أَيضاً مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ: قَوْقَأَتِ الدجاجةُ وحلَّأْتُ السَّويقَ ورَثَأَتِ المرأَةُ زوجَها ولَبَّأَ الرجلُ بِالْحَجِّ، وَهُوَ كُلُّهُ شَاذٌّ لأَنه لَا أَصْلُ لَهُ فِي الْهَمْزِ، وَلَا وَاحِدَ للعالَم مِنْ لَفْظِهِ لأَن عالَماً جَمَعَ أَشياء مُخْتَلِفَةً، فَإِنْ جُعل عالَمٌ اسْمًا لِوَاحِدٍ مِنْهَا صَارَ جَمْعًا لأَشياء مُتَّفِقَةٍ، وَالْجَمْعُ عالَمُون، وَلَا يُجْمَعُ شَيْءٌ عَلَى فاعَلٍ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ إِلَّا هَذَا، وَقِيلَ: جَمْعُ العالَم الخَلقِ العَوالِم. وَفِي التَّنْزِيلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ*
؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَبِّ الْجِنِّ والإِنس، وَقَالَ قَتَادَةُ: رَبُّ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ.(12/420)
قَالَ الأَزهري: الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً؛ وَلَيْسَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَذِيرًا لِلْبَهَائِمِ وَلَا لِلْمَلَائِكَةِ وَهُمْ كُلُّهُمْ خَلق اللَّهِ، وَإِنَّمَا بُعث مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَذِيرًا لِلْجِنِّ والإِنس. وَرُوِيَ
عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ قَالَ: لِلَّهِ تَعَالَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ألفَ عالَم، الدُّنْيَا مِنْهَا عالَمٌ وَاحِدٌ، وَمَا العُمران فِي الْخَرَابِ إِلَّا كفُسْطاطٍ فِي صَحْرَاءَ
؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى العالمِينَ كُلَّ مَا خَلق اللَّهُ، كَمَا قَالَ: وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ جَمْعُ عالَمٍ، قَالَ: وَلَا وَاحِدَ لعالَمٍ مِنْ لَفْظِهِ لأَن عالَماً جَمَعَ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً، فَإِنْ جُعل عالَمٌ لِوَاحِدٍ مِنْهَا صَارَ جَمْعًا لأَشياء مُتَّفِقَةٍ. قَالَ الأَزهري: فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا قِيلَ فِي تَفْسِيرِ العالَم، وَهُوَ اسْمٌ بُنِيَ عَلَى مِثَالِ فاعَلٍ كَمَا قَالُوا خاتَمٌ وطابَعٌ ودانَقٌ. والعُلامُ: الباشِق؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْجَوَارِحِ، قَالَ: وَأَمَّا العُلَّامُ، بِالتَّشْدِيدِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه الحِنَّاءُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَحَكَاهُمَا جَمِيعًا كُرَاعٌ بِالتَّخْفِيفِ؛ وَأَمَّا قَوْلُ زُهَيْرٍ فِيمَنْ رَوَاهُ كَذَا:
حَتَّى إِذَا مَا هَوَتْ كَفُّ العُلامِ لَهَا ... طارَتْ، وَفِي كَفِّه مِنْ ريشِها بِتَكُ
فَإِنَّ ابْنَ جِنِّي رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَعْبَدِيِّ عَنِ ابْنِ أُخت أَبي الْوَزِيرِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: العُلام هُنَا الصَّقْر، قَالَ: وَهَذَا مِنْ طَريف الرِّوَايَةِ وَغَرِيبِ اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ أَحد يَقُولُ إِنَّ العُلَّامَ لُبُّ عَجَم النَّبِق إلَّا الطَّائِيَّ؛ قَالَ:
....... يَشْغَلُها ... عَنْ حاجةِ الحَيِّ عُلَّامٌ وتَحجِيلُ
وأَورد ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْبَيْتُ «2» مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى الْبَاشَقِ بِالتَّخْفِيفِ. والعُلامِيُّ: الرَّجُلُ الْخَفِيفُ الذكيُّ مأْخوذ مِنَ العُلام. والعَيْلَمُ: الْبِئْرُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنَ العَيالِمِ الخُسُف
وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: قَالَ لِحَافِرِ الْبِئْرِ أَخَسَفْتَ أَم أَعْلَمْتَ
؛ يُقَالُ: أعلَمَ الحافرُ إِذَا وَجَدَ الْبِئْرَ عَيْلَماً أَيْ كَثِيرَةَ الْمَاءِ وَهُوَ دُونُ الخَسْفِ، وَقِيلَ: العَيْلَم المِلْحة مِنَ الرَّكايا، وَقِيلَ: هِيَ الْوَاسِعَةُ، وَرُبَّمَا سُبَّ الرجلُ فقيل: يا ابن العَيْلَمِ يَذْهَبُونَ إِلَى سَعَتِها. والعَيْلَم: الْبَحْرُ. والعَيْلَم: الْمَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ الأَرض، وَقِيلَ: العَيْلَمُ الْمَاءُ الَّذِي عَلَتْه الأَرضُ يَعْنِي المُنْدَفِن؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ. والعَيْلَمُ: التَّارُّ الناعِمْ. والعَيْلَمُ: الضِّفدَع؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ. والعَيْلامُ: الضِّبْعانُ وَهُوَ ذَكَرُ الضِّباع، وَالْيَاءُ والأَلف زَائِدَتَانِ. وَفِي خَبَرِ
إِبْرَاهِيمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ يَحْمِلُ أَباه ليَجوزَ بِهِ الصراطَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ فَإِذَا هو عَيْلامٌ أَمْدَرُ
؛ هو ذَكَرُ الضِّباع. وعُلَيْمٌ: اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ أَبُو بَطْنٍ، وَقِيلَ: هُوَ عُلَيم بْنُ جَناب الْكَلْبِيُّ. وعَلَّامٌ وأَعلَمُ وَعَبْدُ الأَعلم: أَسْمَاءٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري إِلَى أَيِّ شَيْءٍ نُسِبَ عَبْدُ الأَعلم. وَقَوْلُهُمْ: عَلْماءِ بَنُو فُلَانٍ، يُرِيدُونَ عَلَى الْمَاءِ فَيَحْذِفُونَ اللَّامَ تَخْفِيفًا. وَقَالَ شَمِرٌ فِي كِتَابِ السِّلَاحِ: العَلْماءُ مِنْ أَسماء الدُّروع؛ قَالَ: وَلَمْ أَسمعه إِلَّا فِي بَيْتِ زُهَيْرِ بْنِ جَنَابٍ:
جَلَّحَ الدَّهرُ فانتَحى لِي، وقِدْماً ... كانَ يُنْحِي القُوَى عَلَى أَمْثالي
__________
(2) . قوله [وَأَوْرَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْبَيْتُ] أي قول زُهَيْرٌ: حَتَّى إِذَا مَا هَوَتْ إلخ(12/421)
وتَصَدَّى لِيَصْرَعَ البَطَلَ الأَرْوَعَ ... بَيْنَ العَلْماءِ والسِّرْبالِ
يُدْرِكُ التِّمْسَحَ المُوَلَّعَ في اللُّجَّةِ ... والعُصْمَ في رُؤُوسِ الجِبالِ
وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي ترجمة عله.
علجم: العَلْجَمُ: الْغَدِيرُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ. والعُلْجومُ: الْمَاءُ الغَمْر الْكَثِيرُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وأَظهَرَ فِي غُلَّانِ رَقْدٍ وسَيْلُهُ ... عَلاجِيمُ، لَا ضَحْلٌ وَلَا مُتَضَحْضِح
والعُلْجُومُ: الضِّفدَع عامَّة، وَقِيلَ: هُوَ الذَّكَرُ مِنْهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ:
فَمَا انجَلى الصُّبْحُ حَتَّى بَيَّنَتْ غَلَلًا، ... بَيْنَ الأَشاءِ جَرَتْ فِيهِ العَلاجِيمُ
وَقِيلَ: العُلْجُوم البَطُّ الذَّكَر، وعمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ ذكَرَ الْبَطِّ وأُنثاه؛ أَنشد الأَزهري:
حَتَّى إِذَا بَلَغَ الحَوْماتُ أَكْرُعَها، ... وخالَطَتْ مُسْتَنِيماتِ العَلاجِيمِ
والعُلْجُم والعُلْجوم جَمِيعًا: الشَّدِيدُ السَّوَادِ. والعُلْجُوم: الظُّلْمة الْمُتَرَاكِمَةُ، وَخَصَّصَهَا الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: ظُلْمَةُ اللَّيْلِ؛ أَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ:
أَوْ مُزْنَة فارِق يَجْلُو غَوَارِبَها ... تَبَوُّجُ البَرْقِ، والظَّلْماءُ عُلْجومُ
والعُلْجُوم: التَّامُّ المُسِنُّ مِنَ الْوَحْشِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّاقَةِ الْمُسِنَّةِ عُلْجُوم. والعُلْجُومُ: مَوْجُ الْبَحْرِ والعُلْجُومُ: الأَجَمَةُ. والعُلْجُومُ: الْبُسْتَانُ الْكَثِيرُ النَّخْلِ، وَهُوَ الظُّلْمة الشَّدِيدَةُ. والعُلْجُومُ: الظَّبْيُ الآدَمُ. والعُلْجُومُ مِنَ الإِبل: الشديدةُ. وَقَالَ الأَزهري: العُرْجُوم والعُلْجُومُ النَّاقَةُ الشَّدِيدَةُ. وَقَالَ الْكِلَابِيُّ: العَلاجِيمُ شِدادُ الإِبل وخِيارُها. والعُلْجومُ: الأَتانُ الْكَثِيرَةُ اللَّحْمِ. والعَلاجِيمُ مِنَ الظِّباء: الوادِقَةُ المُرِيدة للسِّفاد، وَاحِدُهَا عُلْجومٌ. والعَلاجِيمُ: الطِّوال؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
إِذَا مَا العَلاجِيمُ الخَلاجِيمُ نَكَّلوا، ... وطالَ عَليهِمْ ضَرْسُها وسُعارُها
وأَراد الخَلاجِمَ فأَشبع الْكَسْرَةَ فنشأَت بَعْدَهَا يَاءٌ. أَبو عَمْرٍو: العَلاجِيمُ طِوالُ الإِبل والحُمُرِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَعُجْنَ عَلَيْنا مِن عَلاجيِمَ جلَّةٍ، ... لِحَاجَتِنا مِنْها رَتُوكٌ وفاسِجُ
يَعْنِي إبِلًا ضِخاماً. والعُلْجُومُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. ورَمْلٌ مُعْلَنْجِمٌ: متراكبٌ؛ قَالَ أَبو نُخَيلة:
كأَنَّ رَمْلًا غيرَ ذِي تَهَيُّمِ، ... مِنْ عالِجٍ ورَمْلِها المُعْلَنْجِمِ،
بِمُلْتَقَى عَثاعِثٍ ومَأْكِمِ
علذم: العَلْذَمِيُّ مِنَ الرِّجَالِ: الحريصُ الَّذِي يأْكل مَا قَدَر عَلَيْهِ.
علقم: العَلْقَمُ: شَجَرُ الحَنْظَل، وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ عَلْقَمَةٌ، وكُلُّ مُرّ عَلْقَمٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْحَنْظَلُ بِعَيْنِهِ أَعني ثَمَرَتَهُ، الْوَاحِدَةُ مِنْهَا عَلْقَمَةٌ. وَقَالَ الأَزهري: هُوَ شَحْمُ الْحَنْظَلِ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ فِيهِ مَرَارَةٌ شَدِيدَةٌ: كأَنه العَلْقَم. ابْنُ الأَعرابي: العَلْقَمَة النَّبِقة المُرَّةُ، وَهِيَ الحَزْرة. والعَلْقَمة: المَرارة. وعَلْقَمَ طعامَه: أَمَرَّه كأَنه جَعَلَ فِيهِ العَلْقَم. وَطَعَامٌ فِيهِ عَلْقَمَةٌ أَيْ مَرَارَةٌ. والْعَلْقَمُ: أشدُّ الْمَاءِ مَرَارَةً. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: العَلْقَمةُ اخْتِلَاطُ الْمَاءِ وخُثُورَتُه. الْجَوْهَرِيُّ: العَلْقَمُ شَجَرٌ مُرٌّ. وعَلْقَمَةُ بْنُ عَبَدَة الشَّاعِرُ، وَهُوَ الفَحْلُ، وعَلْقَمَةُ الخَصِيُ(12/422)
وَهُمَا جَمِيعًا مِنْ رَبيعةِ الجُوعِ، وأَما عَلْقَمةُ بْنُ عُلاثَة فَهُوَ مِنْ بَنِي جعفر.
علكم: العُلْكُمُ والعُلْكُوم والعُلاكِمُ والمُعَلْكَمُ: الشديدُ الصُّلْبُ مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا، والأَنثى عُلْكُومٌ؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ بها جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ ... تُرْوِي المَحاجِرَ، بازِلٌ عُلْكُومُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المَحاجِر الحَدِيقة؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِمَالِكِ العُلَيْمي:
حَتَّى تَرى الْبُوَيْزِلَ الْعُلْكُوما ... مِنْها تُوَلِّي العِرَكَ الحَيْزُوما
وَقَالَ العِرَك، يُرِيدُ العِرَاك. وَيُقَالُ: نَاقَةٌ عُلاكِمَةٌ؛ قَالَ أَبو الأَسود الْعِجْلِيُّ:
عُلاكِمَة مِثْل الفَنيقِ شِمِلَّة، ... وحافِزَة فِي ذَلِكَ المِحْلَبِ الجَبْلِ
والجَبْلُ: الضَّخْمُ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ يَصِفُ النَّاقَةَ:
غَلْباءُ وَجْناءُ عُلْكُومٌ مُذَكَّرَةٌ، ... فِي دَفِّها سَعَةٌ، قُدَّامَها مِيلُ
العُلْكُومُ: القويَّة الصُّلبة، والعَلْكَمُ: الرَّجُل الضَّخْم، وَقِيلَ: نَاقَةٌ عُلْكُومٌ غَلِيظَةُ الخَلْقِ مُوَثَّفة، وَقِيلَ: الْجَسِيمَةُ السَّمِينَةُ، وعَلْكَمَتُها: عِظَمُ سَنامها. أَبُو عُبَيْدٍ: العَلاكِمُ العِظام مِنَ الإِبل. والعَلْكَمةُ: عِظَمُ السَّنام. وَرَجُلٌ مُعَلْكَمٌ: كَثِيرُ اللَّحْمِ. وعَلْكَمٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَأَنْشَدَ عَنِ ابْنِ قَنان:
يُمْسِي بَنُو عَلْكَمٍ هَزْلى، ونِسْوَتُه ... وعَلْكَمٌ مِثْل فَحْلِ الضأْن فُرْفُورُ «3»
. وعَلْكَمٌ: اسْمُ نَاقَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَقُولُ والنَّاقَةُ بِي تَقَحَّمُ: ... وَيْحَكِ مَا اسْمُ أُمِّها يَا عَلْكَمُ
الْجَوْهَرِيُّ: العُلْكُومُ الشَّدِيدُ مِنَ الإِبل مِثْلُ العُلْجُوم، الذكرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ.
علهم: الأَزهري: الْعِلْهَمُّ الضَّخْم الْعَظِيمُ مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا؛ وَأَنْشَدَ:
لَقَدْ غَدَوْتُ طَارِداً وقانِصاً ... أَقُودُ عِلْهَمّاً أَشَقَّ شاخِصا
أُمْرِجَ فِي مَرْجٍ وَفِي فَصافِصا ... ونَهَرٍ تَرى لَهُ بَصابِصا
حَتَّى نَشا مُصامِصاً دُلامِصا
قَالَ: وَيَجُوزُ عِلَّهْمٌ، بتشديد اللام.
عمم: العَمُّ: أَخو الأَب. وَالْجَمْعُ أَعْمام وعُمُوم وعُمُومة مِثْلُ بُعُولة؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَدخلوا فِيهِ الْهَاءَ لِتَحْقِيقِ التأْنيث، وَنَظِيرُهُ الفُحُولة والبُعُولة. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي فِي أَدنى الْعَدَدِ: أَعُمٌّ، وأَعْمُمُونَ، بِإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ: جَمْعُ الْجَمْعِ، وَكَانَ الْحُكْمُ أَعُمُّونَ لَكِنْ هَكَذَا حَكَاهُ؛ وأَنشد:
تَرَوَّح بالعَشِيِّ بِكُلِّ خِرْقٍ ... كَرِيم الأَعْمُمِينَ وكُلِّ خالِ
وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وقُلْتُ: تَجَنَّبَنْ سُخْطَ ابنِ عَمّ، ... ومَطْلَبَ شُلَّةٍ وَهِيَ الطَّرُوحُ
أَرَادَ: ابْنَ عَمِّكَ، يُرِيدُ ابْنَ عَمِّهِ خَالِدَ بْنَ زُهَيْرٍ، ونَكَّره لأَن خَبَرهما قَدْ عُرِف، وَرَوَاهُ الأَخفش بْنُ عَمْرٍو؛ وَقَالَ: يَعْنِي ابْنَ عُوَيْمِرٍ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ خَالِدٌ:
أَلَمْ تَتَنَقَّذْها مِنِ ابنِ عُوَيْمِرٍ، ... وأنْتَ صَفِيُّ نَفْسِهِ وسَجِيرُها
__________
(3) . قوله [يمسي إلخ] كذا في الأَصل، وتقدم في مادة فرر: يمشي بالشين المعجمة، وعليكم بدل قوله وعلكم، والصواب ما هنا(12/423)
، والأُنثى عَمَّةٌ، وَالْمَصْدَرُ العُمُومة. وَمَا كُنْتَ عَمّاً وَلَقَدْ عَمَمْتَ عُمُومةً. وَرَجُلٌ مُعِمٌّ ومُعَمٌّ: كَرِيمُ الأَعْمام. واسْتَعَمَّ الرجلَ عَمّاً: اتَّخذه عَمّاً. وتَعَمَّمَه: دَعاه عَمّاً، وَمِثْلُهُ تَخَوَّلَ خَالًا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَجُلٌ مُعَمٌّ مُخْوَلٌ «1» إِذَا كَانَ كَرِيمَ الأَعْمام والأَخْوال كثيرَهم؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بِجِيدٍ مُعَمّ فِي العَشِيرةِ مُخْوَلِ
قَالَ اللَّيْثُ: وَيُقَالُ فِيهِ مِعَمٌّ مِخْوَلٌ، قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَسْمَعْهُ لِغَيْرِ اللَّيْثِ وَلَكِنْ يُقَالُ: مِعَمٌّ مِلَمٌّ إِذَا كَانَ يَعُمُّ الناسَ ببرِّه وَفَضْلِهِ، ويَلُمُّهم أَيْ يُصْلِحُ أَمْرَهُمْ وَيَجْمَعُهُمْ. وتَعَمَّمَتْه النساءُ: دَعَوْنَه عَمّاً، كَمَا تَقُولُ تَأَخَّاه وتَأَبَّاه وتَبَنَّاه؛ أَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي:
عَلامَ بَنَتْ أُخْتُ اليَرابِيعِ بَيْتَها ... عَلَيَّ، وقالَتْ لِي: بِلَيْلٍ تَعَمَّمِ؟
مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَمَّا رأَت الشيبَ قَالَتْ لَا تَأْتِنا خِلْماً وَلَكِنِ ائْتِنَا عَمّاً. وَهُمَا ابْنَا عَمّ: تُفْرِدُ العَمَّ وَلَا تُثَنِّيه لأَنك إِنَّمَا تُرِيدُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُضَافٌ إِلَى هَذِهِ الْقَرَابَةِ، كَمَا تَقُولُ فِي حَدِّ الْكُنْيَةِ أبوَا زَيْدٍ، إِنَّمَا تُرِيدُ أَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُضَافٌ إِلَى هَذِهِ الْكُنْيَةِ، هَذَا كَلَامُ سِيبَوَيْهِ. وَيُقَالُ: هُمَا ابْنا عَمّ وَلَا يُقَالُ هُمَا ابْنا خالٍ، وَيُقَالُ: هُمَا ابْنا خَالَةٍ وَلَا يُقَالُ ابْنا عَمَّةٍ، وَيُقَالُ: هُمَا ابْنا عَمّ لَحّ وَهُمَا ابْنا خَالَةٍ لَحّاً، وَلَا يُقَالُ هُمَا ابْنا عَمَّةٍ لَحّاً وَلَا ابْنا خالٍ لَحّاً لأَنهما مُفْتَرِقَانِ، قَالَ: لأَنهما رَجُلٌ وامرأَة؛ وأَنشد:
فإنَّكُما ابْنا خالةٍ فاذْهَبا مَعاً، ... وإنيَ مِنْ نَزْعٍ سِوى ذَاكَ طَيِّب
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ ابْنا عَمّ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ يَا ابنَ عَمِّي، وَكَذَلِكَ ابْنا خالةٍ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ يَا ابْنَ خَالَتِي، وَلَا يَصِحُّ أَن يُقَالُ هُمَا ابْنا خالٍ لأَن أَحدهما يَقُولُ لِصَاحِبِهِ يَا ابْنَ خَالِي وَالْآخِرَ يَقُولُ لَهُ يَا ابْن عَمَّتي، فَاخْتَلَفَا، وَلَا يَصِحُّ أَن يُقَالَ هُمَا ابْنَا عَمَّةٍ لأَن أَحَدَهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ يَا ابْنَ عَمَّتي وَالْآخِرَ يَقُولُ لَهُ يَا ابنَ خَالِي. وَبَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ عُمُومة كَمَا يُقَالُ أُبُوَّةٌ وخُؤُولةٌ. وَتَقُولُ: يَا ابْنَ عَمِّي وَيَا ابنَ عَمِّ وَيَا ابنَ عَمَّ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ، وَيَا ابنَ عَمِ، بِالتَّخْفِيفِ؛ وَقَوْلِ أَبي النَّجْمِ:
يَا ابْنَةَ عَمَّا، لَا تَلُومي واهْجَعِي، ... لَا تُسْمِعِيني مِنْكِ لَوْماً واسْمَعِي
أَراد عَمّاهُ بهاء النُّدْبة؛ وهكذا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ عَمّاهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ عَمَّاهُ، بِتَسْكِينِ الْهَاءِ؛ وأَما الَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: استأْذَنتِ النبيَّ، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فِي دُخُولِ أَبِي القُعَيْس عَلَيْهَا فَقَالَ: ائْذَني لَهُ فإنَّه عَمُّجِ
، فَإِنَّهُ يُرِيدُ عَمُّك مِنَ الرَّضَاعَةِ، فأَبدل كَافَ الْخِطَابِ جِيمًا، وَهِيَ لُغَةُ قَوْمٍ مِنَ الْيَمَنِ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّمَا جَاءَ هَذَا مِنْ بَعْضِ النَّقَلة، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِاللُّغَةِ الْعَالِيَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ بِكَثِيرٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ مِنْهَا قَوْلُهُ:
لَيْسَ مِنَ امْبِرّ امْصِيامُ فِي امْسَفَرِ
وَغَيْرُ ذَلِكَ. والعِمامةُ: مِنْ لِبَاسِ الرأْس مَعْرُوفَةٌ، وَرُبَّمَا كُنِيَ بِهَا عَنِ البَيْضة أَو المِغْفَر، وَالْجَمْعُ عَمائِمُ وعِمامٌ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لَمّا وَضَعوا عِمامَهم عَرَفْناهم، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ جَمْع عِمامَة جَمْعَ التَّكْسِيرِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ طَلْحةٍ وطَلْحٍ، وَقَدِ اعْتَمَّ بِهَا وتَعَمَّمَ بِمَعْنًى؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
__________
(1) . قوله [رجل معم مخول] كذا ضبط في الأصول بفتح العين والواو منهما، وفي القاموس أنهما كمحسن ومكرم أي بكسر السين وفتح الراء(12/424)
إِذَا كَشَفَ اليَوْمُ العَماسُ عَنِ اسْتِهِ، ... فَلَا يَرْتَدِي مِثْلي وَلَا يَتَعَمَّمُ
قِيلَ: مَعْنَاهُ أَلْبَسُ ثِيابَ الْحَرْبِ وَلَا أَتجمل، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَيْسَ يَرْتَدي أَحد بِالسَّيْفِ كَارْتِدَائِي وَلَا يَعْتَمُّ بِالْبَيْضَةِ كاعْتِمامي. وعَمَّمْتُه: أَلبسته العِمامةَ، وَهُوَ حَسَنُ العِمَّةِ أَيِ التَّعَمُّمِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
واعْتَمَّ بالزَّبَدِ الجَعْدِ الخَراطِيمُ
وأَرْخَى عِمامتَه: أَمِنَ وتَرَفَّهَ لأَن الرَّجُلَ إِنَّمَا يُرْخي عِمامَتَه عِنْدَ الرَّخَاءِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
أَلْقى عَصاهُ وأَرْخى مِنْ عِمامَته ... وَقَالَ: ضَيْفٌ، فَقُلْتُ: الشَّيْبُ؟ قَالَ: أَجَلْ
قَالَ: أَراد وَقُلْتُ الشَّيْبُ هَذَا الَّذِي حَلَّ. وعُمِّمَ الرجلُ: سُوِّدَ لأَن تِيجَانَ الْعَرَبِ العَمائم، فَكُلَّمَا قِيلَ فِي الْعَجَمِ تُوِّجَ مِنَ التَّاجِ قِيلَ فِي الْعَرَبِ عُمِّمَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَفيهمُ إذْ عُمِّمَ المُعَمَّمُ
وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا سُوِّد: قَدْ عُمِّمَ، وَكَانُوا إِذَا سَوَّدُوا رَجُلًا عَمَّمُوه عِمامةً حَمْرَاءَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
رَأَيْتُكَ هَرَّيْتَ العِمامةَ بَعْدَ ما ... رَأَيْتُكَ دَهْراً فاصِعاً لَا تَعَصَّب «1»
. وَكَانَتِ الفُرْسُ تُتَوِّجُ مُلُوكَهَا فَيُقَالُ لَهُ مُتَوَّج. وشاةٌ مُعَمَّمةٌ: بَيْضَاءُ الرأْس. وفرَسٌ مُعَمَّمٌ: أَبيض الهامَةِ دُونَ الْعُنُقِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي ابيضَّتْ ناصيتُه كُلُّهَا ثُمَّ انْحَدَرَ الْبَيَاضُ إِلَى مَنْبِت النَّاصِيَةِ وَمَا حَوْلَهَا مِنَ القَوْنَس. وَمِنْ شِياتِ الْخَيْلِ أَدْرَعُ مُعَمَّم: وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ بَيَاضُهُ فِي هَامَتِهِ دُونَ عُنُقِهِ. والمُعَمَّمُ مِنَ الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا: الَّذِي ابيضَّ أُذناه ومنيت نَاصِيَتِهِ وَمَا حَوْلَهَا دُونَ سَائِرِ جَسَدِهِ؛ وَكَذَلِكَ شاةٌ مُعَمَّمة: فِي هامَتِها بَيَاضٌ. والعامَّةُ: عِيدانٌ مَشْدُودَةٌ تُرْكَبُ فِي الْبَحْرِ ويُعْبَرُ عَلَيْهَا، وخَفَّفَ ابْنُ الأَعرابي الْمِيمَ مِنْ هَذَا الْحَرْفِ فَقَالَ: عامَةٌ مِثْلُ هامَة الرأْس وقامةَ العَلَق وَهُوَ الصَّحِيحُ. والعَمِيمُ: الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنَّبَاتِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ الرُّؤْيَا:
فأَتينا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ
أَيْ وَافِيَةِ النَّبَاتِ طَوِيلَتِهِ، وكلُّ مَا اجْتَمَعَ وكَثُرَ عَمِيمٌ، وَالْجَمْعُ عُمُمٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ سَفِينَةَ نُوحٌ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
يَرْفَعُ، بالقارِ والحَديدِ مِنَ الْجَوْزِ، ... طِوالًا جُذُوعُها، عُمُما
وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ العَمَمُ. والعَمِيمُ يَبِيسُ البُهْمى. وَيُقَالُ: اعْتَمَّ النبتُ اعْتِماماً إِذَا التفَّ وَطَالَ. وَنَبْتٌ عَمِيمٌ؛ قَالَ الأَعشى:
مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
واعْتَمَّ النبتُ: اكْتَهَلَ. وَيُقَالُ لِلنَّبَاتِ إِذَا طَالَ: قَدِ اعْتَمَّ. وَشَيْءٌ عَمِيمٌ أَيْ تَامٌّ، وَالْجَمْعُ عُمُمٌ مِثْلُ سَرير وسُرُر. وَجَارِيَةٌ عَمِيمَةٌ وعَمَّاءُ: طَوِيلَةٌ تامةُ القَوامِ والخَلْقِ،، وَالذَّكَرُ أَعَمُّ. وَنَخْلَةٌ عَمِيمةٌ: طَوِيلَةٌ، وَالْجَمْعُ عُمٌّ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَلزموه التَّخْفِيفَ إِذْ كَانُوا يُخَفِّفُونَ غَيْرَ الْمُعْتَلِّ، ونظيرهُ بونٌ، وَكَانَ يَجِبُ عُمُم كَسُرُر لأَنه لَا يُشْبِهُ الْفِعْلَ. ونخلةٌ عُمٌّ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: إِمَّا أَن يَكُونَ فُعْلًا وَهِيَ أَقل، وَإِمَّا أَن يَكُونَ فُعُلًا أَصْلُهَا عُمُمٌ، فَسَكَنَتِ الْمِيمُ وأُدغمت، وَنَظِيرُهَا عَلَى هَذَا نَاقَةٌ عُلُطٌ وَقَوْسٌ فُرُجٌ وَهُوَ باب
__________
(1) . قوله [رأيتك] البيت قبله كما في الأَساس:
أيا قوم هل أخبرتم أو سمعتم ... بما احتال مذ ضمّ المواريث مصعب(12/425)
إِلَى السَّعَة. وَيُقَالُ: نَخْلَةٌ عَمِيمٌ وَنَخْلٌ عُمٌّ إِذَا كَانَتْ طِوالًا؛ قَالَ:
عُمٌّ كَوارِعُ فِي خَلِيج مُحَلِّم
وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه اختَصم إِلَيْهِ رَجُلَانِ فِي نَخْلٍ غَرَسَه أَحَدُهُمَا فِي غَيْرِ حَقِّهِ مِنَ الأَرض، قَالَ الرَّاوِي: فَلَقَدْ رأَيت النخل يُضرب في أُصولها بالفُؤُوس وإنَّها لَنَخْلٌ عُمٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العُمُّ التَّامَّةُ فِي طُولِهَا وَالْتِفَافِهَا؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ يَصِفُ نَخْلًا:
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفا، وسَرِيُّهُ ... عُمٌّ نَواعِمُ، بَيْنهنّ كُرُومُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَكْرِموا عَمَّتَكم النَّخْلَةَ
؛ سماها عَمَّة لِلْمُشَاكَلَةِ فِي أَنَّهَا إِذَا قُطِعَ رأْسها يَبِستْ كُمَّا إِذَا قُطِعَ رأْس الإِنسان مَاتَ، وَقِيلَ: لأَن النَّخْلَ خَلْقٌ مِنْ فَضْلةِ طِينَةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. ابْنُ الأَعرابي: عُمَّ إِذَا طُوِّلَ، وعَمَّ إِذَا طَالَ. ونبْتٌ يَعْمومٌ: طَوِيلٌ؛ قَالَ:
ولقَدْ رَعَيْتُ رِياضَهُنَّ يُوَيْفِعاً، ... وعُصَيْرُ طَرَّ شُوَيرِبي يَعْمومُ
والعَمَمُ: عِظَم الخَلْق فِي النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ. والعَمَم: الْجِسْمُ التامُّ. يُقَالُ: إِنَّ جِسمه لعَمَمٌ وَإِنَّهُ لعَممُ الْجِسْمِ. وجِسم عَمَم: تامٌّ. وأَمر عَمَم: تامٌّ عامٌّ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ عَمْرٌو ذُو الْكَلْبِ الْهُذَلِيُّ:
يَا ليتَ شِعْري عَنْك، والأَمرُ عَمَمْ، ... مَا فَعَل اليومَ أُوَيْسٌ فِي الغَنَمْ؟
ومَنْكِب عَمَمٌ: طَوِيلٌ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شَأْسٍ:
فإنَّ عِراراً إنْ يَكُنْ غَيرَ واضِحٍ، ... فَإِنِّي أُحِبُّ الجَوْنَ ذَا المَنْكِب العَمَمْ
وَيُقَالُ: اسْتَوى فُلَانٌ عَلَى عَمَمِه وعُمُمِه؛ يُرِيدُونَ بِهِ تَمَامَ جِسْمِهِ وَشَبَابِهِ وَمَالِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ ذَكَرَ أُحَيحة بْنَ الجُلاح وَقَوْلَ أَخواله فِيهِ: كُنَّا أَهلَ ثُمِّه ورُمِّه، حَتَّى إِذَا اسْتَوَى عَلَى عُمُمِّه
، شَدَّدَ لِلِازْدِوَاجِ، أَراد عَلَى طُولِهِ وَاعْتِدَالِ شَبَابِهِ؛ يُقَالُ لِلنَّبْتِ إِذَا طَالَ: قَدِ اعتَمَّ، وَيَجُوزُ عُمُمِه، بِالتَّخْفِيفِ، وعَمَمِه، بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ، فأَما بِالضَّمِّ فَهُوَ صِفَةٌ بِمَعْنَى العَمِيم أَوْ جَمْعُ عَمِيم كسَرير وسُرُر، وَالْمَعْنَى حَتَّى إِذَا اسْتَوَى عَلَى قَدّه التَّامِّ أَو عَلَى عِظَامِهِ وأَعضائه التَّامَّةِ، وَأَمَّا التَّشْدِيدَةُ فِيهِ عِنْدَ مَنْ شَدَّدَهُ فَإِنَّهَا الَّتِي تُزَادُ فِي الْوَقْفِ نَحْوُ قَوْلِهِمْ: هَذَا عُمَرّْ وَفَرَجّْ، فأُجري الْوَصْلَ مُجْرَى الْوَقْفِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا مَنْ رَوَاهُ بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ فَهُوَ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَنْكِب عَمَمٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
لُقْمَانَ: يَهَبُ الْبَقَرَةَ العَمِيمة
أَيِ التَّامَّةَ الخَلق. وعَمَّهُم الأَمرُ يَعُمُّهم عُموماً: شَمِلهم، يُقَالُ: عَمَّهُمْ بالعطيَّة. والعامّةُ: خِلَافُ الخاصَّة؛ قَالَ ثعلب: سميت بذلك لأَنها تَعُمُّ بِالشَّرِّ. والعَمَمُ: العامَّةُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أنتَ رَبِيعُ الأَقرَبِينَ والعَمَمْ
وَيُقَالُ: رجلٌ عُمِّيٌّ وَرَجُلٌ قُصْرِيٌّ، فالعُمِّيُّ العامُّ، والقُصْرِيُّ الخاصُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذَا أَوى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلَاثَةَ أَجزاء: جُزْءًا لِلَّهِ، وَجُزْءًا لأَهله، وَجُزْءًا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جُزْءًا جزَّأَه بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ
، أَراد أَن الْعَامَّةَ كَانَتْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَكَانَتِ الخاصَّة تُخْبِرُ العامَّة بِمَا سَمِعَتْ مِنْهُ، فكأَنه أَوْصَلَ الْفَوَائِدَ إِلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ، وَقِيلَ: إِنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مِنْ، أَي يَجْعَلُ وَقْتَ الْعَامَّةِ بَعْدَ وَقْتِ الْخَاصَّةِ وَبَدَلًا مِنْهُمْ كَقَوْلِ الأَعشى(12/426)
:
عَلَى أَنها، إذْ رَأَتْني أُقادُ، ... قالتْ بِمَا قَدْ أَراهُ بَصِيرا
أَي هَذَا العَشا مَكَانُ ذَاكَ الإِبصار وَبَدَلٌ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: إِذَا توَضَّأْت وَلَمْ تَعْمُمْ فتَيَمَّمْ
أَي إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَاءِ وُضُوءٌ تامٌّ فتَيمَّمْ، وأَصله مِنَ العُموم. وَرَجُلٌ مِعَمٌّ: يَعُمُّ الْقَوْمَ بِخَيْرِهِ. وَقَالَ كُرَاعٌ: رَجُلٌ مُعِمٌّ يَعُمُّ النَّاسَ بِمَعْرُوفِهِ أَي يَجْمَعُهُمْ، وَكَذَلِكَ مُلِمٌّ يَلُمُّهم أَي يَجْمَعُهُمْ، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ فَعَلَ فَهُوَ مُفْعِل غَيْرُهُمَا. وَيُقَالُ: قَدْ عَمَّمْناك أَمْرَنا أَي أَلزمناك، قَالَ: والمُعَمَّم السَّيِّدُ الَّذِي يُقلِّده القومُ أُمُورَهم ويلجأُ إِلَيْهِ العَوامُّ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
ومِنْ خَيرِ ما جَمَعَ النَّاشِئُ الْمُعَمِّمُ ... خِيرٌ وزَنْدٌ وَرِي
والعَمَمُ مِنَ الرِّجَالِ: الْكَافِي الَّذِي يَعُمُّهم بِالْخَيْرِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
بَحْرٌ، جَريرُ بنُ شِقّ مِنْ أُرومَتهِ، ... وخالدٌ مِنْ بَنِيهِ المِدْرَهُ العَمَمُ
ابْنُ الأَعرابي: خَلْقٌ عَمَمٌ أَي تامٌّ، والعَمَمُ فِي الطُّولِ وَالتَّمَامِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وقَصَب رُؤْد الشَّبابِ عَمَمه
الأَصمعي فِي سِنِّ الْبَقَرِ إِذَا استَجْمَعَتْ أَسنانُه قِيلَ: قد اعتَمَّ عَمَمٌ، فَإِذَا أَسَنَّ فَهُوَ فارِضٌ، قَالَ: وَهُوَ أَرْخٌ، وَالْجَمْعُ آرَاخٌ، ثُمَّ جَذَعٌ، ثُمَّ ثَنِيٌّ، ثُمَّ رَباعٌ، ثُمَّ سدَسٌ، ثُمَّ التَّمَمُ والتَّمَمةُ، وَإِذَا أَحالَ وفُصِلَ فَهُوَ دَبَبٌ، والأُنثى دَبَبةٌ، ثُمَّ شَبَبٌ والأُنثى شَبَبةٌ. وعَمْعَمَ الرجلُ إِذَا كَثُرَ جيشُه بَعْدَ قِلَّة. وَمِنْ أَمثالهم: عَمَّ ثُوَباءُ النَّاعِس؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للحَدَث يَحْدُث بِبَلْدَةٍ ثُمَّ يَتَعَدَّاهَا إِلَى سَائِرِ الْبُلْدَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَأَلْتُ رَبِّي أَن لَا يُهْلِكَ أُمتي بسَنةٍ بِعامَّةٍ
أَي بِقَحْطٍ عَامٍّ يَعُمُّ جميعَهم، وَالْبَاءُ فِي بِعامَّةٍ زَائِدَةٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ؛ وَيَجُوزُ أَن لَا تَكُونَ زَائِدَةً، وَقَدْ أَبدل عامَّة مِنْ سنَةٍ بِإِعَادَةِ الجارِّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قالَ (الْمَلَأُ) الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا (مِنْ قَوْمِهِ) لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بادِرُوا بالأَعمال سِتّاً
: كَذَا وَكَذَا وخُوَيْصَّة أَحدِكم وأَمرَ العامَّةِ؛ أَراد بِالْعَامَّةِ الْقِيَامَةَ لأَنها تَعُمُّ الناسَ بِالْمَوْتِ أَي بَادَرُوا بالأَعمال مَوْتَ أَحدكم والقيامةَ. والعَمُّ: الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ: الْجَمَاعَةُ مِنَ الحَيّ؛ قَالَ مُرَقِّش:
لَا يُبْعِدِ اللهُ التَّلَبُّبَ والغاراتِ، ... إذْ قَالَ الخَميسُ نَعَمْ
والعَدْوَ بَينَ المجْلِسَيْنِ، إِذَا ... آدَ العَشِيُّ وتَنادَى العَمّ
تَنادَوْا: تَجالَسوا فِي النَّادِي، وَهُوَ الْمَجْلِسُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يُرِيغُ إِلَيْهِ العَمُّ حاجةَ واحِدٍ، ... فَأُبْنا بحاجاتٍ ولَيْسَ بِذي مالِ
قَالَ: العَمُّ هُنَا الخَلق الْكَثِيرُ، أَراد الحجرَ الأَسود فِي رُكْنِ الْبَيْتِ، يَقُولُ: الْخَلْقُ إِنَّمَا حَاجَتُهُمْ أَن يَحُجُّوا ثُمَّ إِنَّهُمْ آبَوْا مَعَ ذَلِكَ بِحَاجَاتٍ، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ فأُبْنا بِحَاجَاتٍ أَي بِالْحَجِّ؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي، وَالْجَمْعُ العَماعِم. قَالَ الْفَارِسِيُّ: لَيْسَ بِجَمْعٍ لَهُ وَلَكِنَّهُ مِنْ بَابِ سِبَطْرٍ ولأآلٍ. والأَعَمُّ: الْجَمَاعَةُ أَيضاً؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ أَفْعَلُ يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ غَيْرُ هَذَا إِلَّا أَن يَكُونَ اسْمَ جِنْسٍ كالأَرْوَى والأَمَرِّ الَّذِي هُوَ الأَمعاء؛ وأَنشد:(12/427)
ثُمَّ رَماني لَا أَكُونَنْ ذَبِيحةً، ... وَقَدْ كَثُرَتْ بَيْنَ الأَعَمّ المَضائِضُ
قَالَ أَبو الْفَتْحِ: لَمْ يأْت فِي الْجَمْعِ المُكَسَّر شَيْءٌ عَلَى أَفْعلَ مُعْتَلًّا وَلَا صَحِيحًا إِلَّا الأَعَمّ فِيمَا أَنشده أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
ثُمَّ رَآنِي لَا أَكُونَنَّ ذَبِيحَةً
الْبَيْتُ بِخَطِّ الأَرزني رَآنِي؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَرَوَاهُ الْفَرَّاءُ بَيْنَ الأَعُمِّ، جَمْعُ عَمّ بِمَنْزِلَةِ صَكّ وأصُكّ وضَبّ وأَضُبّ. والعَمُّ: العُشُبُ؛ كُلُّهُ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
يَرُوحُ فِي العَمِّ ويَجْني الأُبْلُما
والعُمِّيَّةُ، مِثَالُ العُبِّيَّةِ: الكِبْرُ: وَهُوَ مِنْ عَمِيمهم أَيْ صَمِيمِهم. والعَماعِمُ: الجَماعات الْمُتَفَرِّقُونَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
لِكَيْلا يَكُونَ السَّنْدَرِيُّ نَدِيدَتي، ... وأَجْعَلَ أَقْواماً عُمُوماً عماعِما
السَّندَرِيُّ: شَاعِرٌ كَانَ مَعَ عَلْقمة بْنِ عُلاثة، وَكَانَ لَبِيدٌ مَعَ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ فَدُعِي لَبِيدٌ إِلَى مُهَاجَاتِهِ فأَبى، وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَيْ أَجعل أَقواماً مُجْتَمَعَيْنِ فِرَقًا؛ وَهَذَا كَمَا قَالَ أَبو قَيْسِ بْنُ الأَسلت:
ثُمَّ تَجَلَّتْ، ولَنا غايةٌ، ... مِنْ بَيْنِ جَمْعٍ غَيْرِ جُمَّاعِ
وعَمَّمَ اللَّبنُ: أَرْغَى كأَن رَغْوَتَه شُبِّهت بالعِمامة. وَيُقَالُ لِلَّبَنِ إِذَا أَرْغَى حِينَ يُحْلَب: مُعَمِّمٌ ومُعْتَمٌّ، وَجَاءَ بقَدَحٍ مُعَمِّمٍ. ومُعْتَمٌّ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ عُرْوَةُ:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، ولَمْ أُقِمْ ... عَلى نَدَبٍ يَوْماً، وَلِي نَفْسُ مُخْطِرِ؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مُعْتَمٌّ وَزَيْدٌ قَبِيلَتَانِ، والمُخْطِرُ: المُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِلْهَلَاكِ، يَقُولُ: أَتهلك هَاتَانِ الْقَبِيلَتَانِ وَلَمْ أُخاطر بِنَفْسِي لِلْحَرْبِ وأَنا أَصلح لِذَلِكَ؟ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ؛ أَصله عَنْ مَا يَتَسَاءَلُونَ، فأُدغمت النُّونُ فِي الْمِيمِ لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهِمَا وَشُدِّدَتْ، وَحُذِفَتِ الأَلف فَرْقًا بَيْنَ الِاسْتِفْهَامِ وَالْخَبَرِ فِي هَذَا الْبَابِ، والخبرُ كَقَوْلِكَ: عَمَّا أَمرتك بِهِ، الْمَعْنَى عَنِ الَّذِي أَمَرْتُكَ بِهِ.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَعَمَّ ذَلِكَ
أَي لِمَ فَعَلْتَه وَعَنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وأَصله عَنْ مَا فَسَقَطَتْ أَلف مَا وأُدغمت النُّونُ فِي الْمِيمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ؛ وأَما قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
بَرَاهُنَّ عمَّا هُنَّ إِمَّا بَوَادِئٌ ... لِحاجٍ، وإمَّا راجِعاتٌ عَوَائِدُ
قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا صِلَةٌ وَالْعَيْنُ مُبْدَلَةٌ مِنْ أَلف أَنْ، الْمَعْنَى بَرَاهُنَّ أَنْ هُنَّ إمَّا بِوَادِئٌ، وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ، يَقُولُونَ عَنْ هُنَّ؛ وأَما قَوْلُ الْآخَرِ يُخَاطِبُ امْرَأَةً اسْمُهَا عَمَّى:
فَقِعْدَكِ، عَمَّى، اللهَ هَلَّا نَعَيْتِهِ ... إِلَى أَهْلِ حَيّ بالقَنافِذِ أَوْرَدُوا؟
عَمَّى: اسْمُ امْرَأَةٍ، وأَراد يا عَمَّى، وقِعْدَكِ واللهَ يَمِينَانِ؛ وَقَالَ المسيَّب بْنِ عَلَس يَصِفُ نَاقَةً:
وَلَها، إِذَا لَحِقَتْ ثَمائِلُها، ... جَوْزٌ أعَمُّ ومِشْفَرٌ خَفِقُ
مِشْفَرٌ خفِقٌ أَهْدَلُ يَضْطَرِبُ، والجَوْزُ الأَعَمُّ: الْغَلِيظُ التَّامُّ، والجَوْزُ: الوَسَطُ. والعَمُّ: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَقْسَمْتُ أُشْكِيك مِنْ أَيْنٍ وَمِنْ وَصَبٍ، ... حَتَّى تَرَى مَعْشَراً بالعَمِّ أَزْوَالا «2» .
__________
(2) . قوله [بالعم] كذا في الأَصل تبعاً للمحكم، وأورده ياقوت قرية في عين حلب وأنطاكية، وضبطها بكسر العين وكذا في التكملة(12/428)
وَكَذَلِكَ عَمَّان؛ قَالَ مُلَيْح:
وَمِنْ دُونِ ذِكْرَاها الَّتي خَطَرَتْ لَنا ... بِشَرْقِيِّ عَمَّانَ، الثَّرى فالمُعَرَّفُ
وَكَذَلِكَ عُمَان، بِالتَّخْفِيفِ. والعَمُّ: مُرَّة بْنَ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلة، وَهُمُ العَمِّيُّون. وعَمٌّ: اسْمُ بَلَدٍ. يُقَالُ: رَجُلٌ عَمِّيٌّ؛ قَالَ رَبْعان:
إِذَا كُنْتَ عَمِّيّاً فَكُنْ فَقْعَ قَرْقَرٍ، ... وإلَّا فَكُنْ، إنْ شِئْتَ، أَيْرَ حِمارِ
وَالنِّسْبَةُ إِلَى عَمّ عَمَوِيٌّ كأَنه مَنْسُوبٌ إِلَى عَمىً؛ قاله الأَخفش.
عنم: العَنَمُ: شَجَرٌ لَيِّنُ الأَغصان لَطِيفُها يُشَبَّهُ بِهِ البَنان كأَنه بَنان العَذارى، وَاحِدَتُهَا عَنَمةٌ، وَهُوَ مِمَّا يُسْتَاكُ بِهِ، وَقِيلَ: العَنَمُ أَغصان تَنْبُتُ فِي سُوق العِضاه رَطْبَةٌ لَا تُشْبِهُ سَائِرَ أَغصانها حُمْرُ اللَّوْنِ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ لَهُ نَوْرٌ أَحمر تشبَّه بِهِ الأَصابع الْمَخْضُوبَةُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
بِمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأَنَّ بَنانَهُ ... عَنَمٌ عَلَى أَغصانه لَمْ يَعْقِدِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنه نَبْتٌ لَا دُودٌ. وبَنَان مُعَنَّمٌ أَي مَخْضُوبٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ العَنَم ثَمَرُ العَوْسَج، يَكُونُ أَحمر ثُمَّ يَسْوَدُّ إِذَا نَضِجَ وعَقَد، وَلِهَذَا قَالَ النَّابِغَةُ: لَمْ يَعْقِدْ؛ يُرِيدُ لَمْ يُدْرِك بَعْدُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: العَنَم الزُّعْرُور؛ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: وأَخلَفَ الخُزَامَى وأَيْنَعَتِ العَنَمَةُ
؛ وَقِيلَ: هُوَ أَطراف الخَرُّوب الشَّامِيِّ؛ قَالَ:
فَلَمْ أَسْمَعْ بِمُرْضِعَةٍ أَمالَتْ ... لَهاةَ الطِّفْلِ بالعَنَمِ المَسُوكِ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَنَم شَجَرَةٌ حِجَازِيَّةٌ، لَهَا ثَمَرَةٌ حمْراء يُشَبَّه بِهَا البَنان الْمَخْضُوبُ. والعَنَم أَيضاً: شَوْك الطَّلْح. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العَنَمُ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ تَنْبُتُ فِي جَوْفِ السَّمُرة لَهَا ثَمَرٌ أَحمر. وَعَنِ الأَعْراب القُدُم: العَنَمُ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ خَضْرَاءُ لَهَا زَهْر شَدِيدُ الْحُمْرَةِ. وَقَالَ مرَّة: العَنَمُ الْخُيُوطُ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الكَرْم فِي تَعارِيشه، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ عَنَمةٌ. وبَنانٌ مُعْنَمٌ: مشبَّه بالعَنَم؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَهْيَ تُرِيكَ مِعْضَداً ومِعْصَما ... عَبْلًا، وأَطرافَ بَنانٍ مُعْنَما
وَضَعَ الجمعَ مَوْضِعَ الْوَاحِدِ، أَراد: وطَرَف بَنان مُعْنَمَا. وبَنَانٌ مُعَنَّم: مَخْضُوبٌ؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
يُبْدِينَ أَطْرافاً لِطافاً عَنَمُه
والعَنَمُ والعَنَمةُ: ضَرْبٌ مِنَ الوَزَغ، وَقِيلَ: العَنَم كالعَظَايَةِ إِلَّا أَنها أَشد بَيَاضًا مِنْهَا وَأَحْسَنُ. قَالَ الأَزهري: الَّذِي قِيلَ فِي تَفْسِيرِ العَنَم إِنَّهُ الوَزَغُ وَشَوْكُ الطَّلْح غَيْرُ صَحِيحٍ، ونَسَبَ ذَلِكَ إِلَى اللَّيْثِ وأَنه هُوَ الَّذِي فَسَّرَ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي موضِع: العَنَمُ يُشْبِهُ العُنَّاب، الْوَاحِدَةُ عَنَمَة، قَالَ: والعَنَم الشَّجَر الحُمْر. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَعْنَم إِذَا رَعَى العَنَم، وَهُوَ شَجَرٌ يَحْمِلُ ثَمَرًا أَحمر مِثْلَ العُنَّاب. والعَنْمَةُ: الشَّقَّة فِي شَفَةِ الإِنسان. والعَنْمِيُّ: الحَسَنُ الْوَجْهِ المُشْرَبُ حُمْرَةً. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي كِتَابِ النَّوَادِرِ: العَنَمُ وَاحِدَتُهَا عَنَمَة، وَهِيَ أَغصان تَنْبُتُ فِي سُوق العِضاه رَطْبَةٌ لَا تُشْبِهُ سَائِرَ أَغصانه، أَحمر اللَّوْنِ يَتَفَرَّقُ أَعالي نَوْرُهُ بأَربَعِ فِرَقٍ كأَنه فَنَنٌ مِنْ أَراكة، يَخْرُجْنَ فِي الشِّتَاءِ وَالْقَيْظِ. وعَيْنَمٌ: مَوْضِعٌ. والعَيْنُوم: الضِّفْدَعُ الذكر.(12/429)
عندم: العَنْدَمُ: دَمُ الأَخَوَيْنِ. وَقِيلَ: هُوَ الأَيْدَعُ. وَقَالَ مُحَارِبٌ العَنْدَم صِبْغ الدَّارْبَرْنَيَانِ «1» . وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: العَنْدَمُ شَجَرٌ أَحمر. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: العَنْدَمُ دمُ الغَزال بِلِحاء الأَرْطى يُطْبَخَانِ جَمِيعًا حَتَّى يَنْعَقِدَا فَتَخْتَضِبَ بِهِ الْجَوَارِي؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ الأَعشى:
سُخامِيَّة حَمْرَاءَ تُحْسَبُ عَنْدَما
قَالَ: هُوَ صِبْغٌ زَعَمَ أَهل الْبَحْرِينِ أَن جَوَارِيَهُمْ يَخْتَضِبْنَ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: العَنْدَمُ البَقَّمُ، وَقِيلَ: دَمُ الأَخوين؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَما وَدِماءٍ مائراتٍ تَخالُها، ... عَلَى قُنَّةِ العُزَّى وبالنَّسْرِ، عَنْدَما
عهم: العَهَمانُ: التحيُّر وَالتَّرَدُّدُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والعَيْهَمُ: السُّرْعة قوله [والعيهم السرعة] كذا في الأَصل والمحكم. وَنَاقَةٌ عَيْهَمٌ: سَرِيعَةٌ؛ قَالَ الأَعشى:
وكَوْرٍ عِلافيّ وقِطْعٍ ونُمْرُقٍ، ... ووَجْناءَ مِرْقالِ الهَواجِرِ عَيْهَمِ
وناقةٌ عَيْهامَةٌ: مَاضِيَةٌ. وجَمَلٌ عَيْهَمٌ وعَيْهامٌ وعُياهِم: مَاضٍ سَرِيعٌ، وَهُوَ مِثَالٌ لَمْ يَذْكُرْهُ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما عُياهِم فَحَاكِيهِ صَاحِبُ الْعَيْنِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، قَالَ: وَذَاكَرْتُ أَبا عَلِيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، يَوْمًا بِهَذَا الْكِتَابِ فأَساء ثَنَاءَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ تَصْنِيفَهُ أَصح وأَمثل مِنْ تَصْنِيفِ الْجَمْهَرَةِ، فَقَالَ: أَرأَيت السَّاعَةَ لَوْ صَنَّف إِنْسَانٌ لُغَةً بِالتُّرْكِيَّةِ تَصْنِيفًا جَيِّدًا، أَكانت تُعدُّ عَرَبِيَّةً؟ وَقَالَ كُرَاعٌ: وَلَا نَظِيرَ لعُياهِم، والأُنثى عَيْهَمٌ وعَيْهَمَة وعَيْهومٌ وعَيْهامةٌ. وَقَدْ عَيْهَمَتْ، وعَيْهَمَتُها: سُرعَتُها، وَجَمْعُهَا عَياهِيمُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
هَيْهاتَ خَرْقاءُ، إلَّا أَن يُقَرِّبَها ... ذُو العَرْشِ والشَّعْشعاناتُ العَياهِيمُ
وَقِيلَ: العَيْهامةُ والعَيْهَمةُ الطويلةُ الْعُنُقِ الضَّخْمةُ الرأْس. والعَياهِم: نَجَائِبُ الإِبل. والعَياهِمُ: الشِّدادُ مِنَ الإِبل، الواحد عَيْهَمٌ وعَيْهُومٌ. والعَيْهَمُ: الشَّدِيدُ، وجَمَلٌ عَيْهامٌ كَذَلِكَ، والعَيْهَمُ مِنَ النُّوقِ: الشَّدِيدَةُ. والعَيْهَمِيُّ: الضَّخْمُ الطَّوِيلُ. وَيُقَالُ لِلْفِيلِ الذَّكَرِ: عَيْهَمٌ. وعَيْهَمانُ: اسْمٌ. وعَيْهَمٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ، وَقِيلَ: عَيْهَمٌ اسْمُ مَوْضِعٍ بالغَوْرِ مِنْ تِهَامَةَ؛ قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ ضَرَبَهَا أَهلها فِي هَوىً لَهَا:
أَلا لَيْتَ يَحيى، يَوْمَ عَيْهَمَ، زارَنا، ... وإنْ نَهِلَتْ مِنَّا السِّياطُ وعَلَّتِ
وَقَالَ البُغَيْتُ الجُهَنِيُّ، وَالْبُغَيْتُ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَضْمُومَةٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ:
وَنَحْنُ وقَعْنا فِي مُزَيْنَةَ وَقْعَةً، ... غَداةَ التَقَيْنا بَيْنَ غَيْقٍ فَعَيْهَما
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
وللشآمِينَ طَريقُ المُشْئِمِ، ... وللْعِراقيِّ ثَنايا عَيْهَمِ
كأنَّ عَيْهَماً اسْمُ جَبَلٍ بِعَيْنِهِ. والعَيْهَمانُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَا يُدْلِجُ يَنَامُ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ؛ وَقَالَ:
وَقَدْ أُثيرُ العَيْهَمانَ الراقِدا
والعَيْهُومُ: الأَديمُ الأَملس؛ وأَنشد لأَبي دُواد:
فَتَعَفَّتْ بَعْدَ الرَّبابِ زَماناً، ... فَهْيَ قَفْرٌ، كأَنها عَيْهُومُ
__________
(1) . قوله [الداربرنيان] هو هكذا في التهذيب(12/430)
وَقِيلَ: شَبَّه الدَّارَ فِي دُرُوسها بالعَيْهَم مِنَ الإِبل، وَهُوَ الَّذِي أَنضاه السَّيْرُ حَتَّى بَلَّاه كَمَا قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
عَفَتْ مِثْلَ مَا يَعْفُو الطَّلِيحُ، وأَصْبَحَتْ ... بِهَا كِبْرِياءُ الصَّعْبِ، وَهْيَ رَكُوب
وَيُقَالُ لِلْعَيْنِ العَذْبة: عَيْن عَيْهَم، وَلِلْعَيْنِ الْمَالِحَةِ: عَيْن زَيْغَم «1» .
عوم: العامُ: الحَوْلُ يأْتي عَلَى شَتْوَة وصَيْفَة، وَالْجَمْعُ أَعْوامٌ، لَا يكسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وعامٌ أَعْوَمُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه فِي الْجَدْبِ كأَنه طَالَ عَلَيْهِمْ لجَدْبه وَامْتِنَاعِ خِصْبه، وَكَذَلِكَ أَعْوامٌ عُوَّمٌ وَكَانَ قِيَاسُهُ عُومٌ لأَن جَمْعَ أَفْعَل فُعْل لَا فُعَّل، وَلَكِنْ كَذَا يَلْفِظُونَ بِهِ كَأَنَّ الْوَاحِدَ عامٌ عائمٌ، وَقِيلَ: أَعوامٌ عُوَّمٌ مِنْ بَابِ شِعْر شَاعِرٌ وشُغْل شَاغِلٌ وشَيْبٌ شائبٌ وموْتٌ مائتٌ، يَذْهَبُونَ فِي كُلِّ ذَلِكَ إِلَى الْمُبَالَغَةِ، فَوَاحِدُهَا عَلَى هَذَا عائمٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْ مَرِّ أَعوام السِّنينَ العُوَّم
من الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ فِي التَّقْدِيرِ جَمْعُ عَائِمٍ إِلَّا أَنه لَا يُفْرَدُ بِالذِّكْرِ لأَنه لَيْسَ بِاسْمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْكِيدٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِ هَذَا الشِّعْرِ: ومَرّ أَعوام؛ وَقَبْلَهُ:
كأَنَّها بَعْدَ رِياحِ الأَنجُمِ
وَبَعْدَهُ:
تُراجِعُ النَّفْسَ بِوَحْيٍ مُعْجَمِ
وعامٌ مُعِيمٌ: كأعْوَم؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَالُوا: نَاقَةٌ بازِلُ عامٍ وبازِلُ عامِها؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الحَذْلمي:
قامَ إِلَى حَمْراءَ مِنْ كِرامِها ... بازِلِ عامٍ، أَو سَديسِ عامِها
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لَقِيتُهُ عَامًا أَوّلَ، وَلَا تَقُلْ عَامَ الأَوّل. وعاوَمَهُ مُعاوَمَةً وعِواماً: استأْجره للعامِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَعَامَلَهُ مُعاوَمَةً أَي لِلْعَامِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: المُعَاوَمَةُ أَنْ تَبِيعَ زَرْعَ عامِك بِمَا يَخْرُجُ مِنْ قَابِلٍ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: والمُعاومة أَن يَحِلَّ دَيْنُك عَلَى رَجُلٍ فَتَزِيدَهُ فِي الأَجل وَيَزِيدَكَ فِي الدَّين، قَالَ: وَيُقَالُ هُوَ أَن تَبِيعَ زَرْعَكَ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ قابل في أرض الْمُشْتَرِي. وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي عُبَيْدٍ قَالَ: أَجَرْتُ فُلَانًا مُعاوَمَةً ومُسانَهَةً وَعَامَلْتُهُ مُعاوَمَةً، كَمَا تَقُولُ مُشَاهَرَةً ومُساناةً أَيضاً، والمُعاوَمَةُ المنهيُّ عَنْهَا أَن تَبِيعَ زَرْعَ عَامِكَ أَو ثَمَرَ نَخْلِكَ أَو شَجَرَكَ لِعَامَيْنِ أَو ثَلَاثَةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ مُعاومةً
، وَهُوَ أَن تَبِيعَ ثَمَرَ النَّخْلِ أَو الْكَرْمِ أَو الشَّجَرِ سَنَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: عاوَمَتِ النخلةُ إِذَا حَمَلتْ سَنَةً وَلَمْ تحْمِلْ أُخرى، وَهِيَ مُفاعَلة مِنَ الْعَامِ السَّنةِ، وَكَذَلِكَ سانَهَتْ حَمَلتْ عَامًا وَعَامًا لَا. ورَسْمٌ عامِيٌّ: أَتى عَلَيْهِ عَامٌ؛ قَالَ:
مِنْ أَنْ شَجَاكَ طَلَلٌ عامِيُ
ولقِيتُه ذاتَ العُوَيمِ أَي لدُنْ ثَلَاثِ سنِين مَضَتْ أَوْ أَربع. قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو زَيْدٍ يُقَالُ جَاوَرْتُ بَنِي فُلَانٍ ذاتَ العُوَيمِ، وَمَعْنَاهُ العامَ الثالثَ مِمَّا مَضَى فَصَاعِدًا إِلَى مَا بَلَغَ الْعَشْرَ. ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَتيته ذاتَ الزُّمَينِ وذاتَ العُوَيم أَي مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَزمان وأَعوام، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هُوَ كَقَوْلِكَ لَقِيتُه مُذْ سُنَيَّاتٍ، وَإِنَّمَا أُنِّث فَقِيلَ ذَاتَ العُوَيم وَذَاتَ الزُّمَين لأَنهم ذَهَبُوا بِهِ إِلَى الْمَرَّةِ والأَتْيَةِ الْوَاحِدَةِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ لقِيتُه ذَاتَ العُوَيم وَذَلِكَ إِذَا لَقِيتَهُ بَيْنَ الأَعوام، كَمَا يُقَالُ لَقِيتُهُ ذَاتَ الزُّمَين وَذَاتَ مَرَّةٍ. وعَوَّمَ الكَرْمُ تَعويماً: كَثُرَ
__________
(1) . قوله [زيغم] هكذا في الأَصل والتهذيب(12/431)
حَمْله عَامًا وقَلَّ آخَرَ. وعاوَمتِ النخلةُ: حَمَلتْ عَامًا وَلَمْ تحْمِل آخَرَ. وَحَكَى الأَزهري عَنِ النَّضِرِ: عِنَبٌ مُعَوِّم إِذَا حَمَل عَامًا وَلَمْ يَحْمِلْ عَامًا. وشَحْمٌ مُعَوِّم أَي شَحْمُ عامٍ بَعْدَ عَامٍ. قَالَ الأَزهري: وشَحْمٌ مُعَوِّم شحمُ عَامٍ بَعْدَ عَامٍ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
تَنادَوْا بِأَغباشِ السَّواد فقُرِّبَتْ ... عَلافِيفُ قَدْ ظاهَرْنَ نَيّاً مُعَوِّما
أَي شَحْماً مُعَوِّماً؛ وَقَوْلُ العُجير السَّلولي:
رَأَتني تَحادبتُ الغَداةَ، ومَنْ يَكُن ... فَتىً عامَ عامَ الماءِ، فَهْوَ كَبِيرُ
فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: الْعَرَبُ تُكَرِّرُ الأَوقات فَيَقُولُونَ أَتيتك يومَ يومَ قُمْت، ويومَ يومَ تَقُومُ. والعَوْمُ: السِّباحة، يُقَالُ: العَوْمُ لَا يُنْسى. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلِّموا صِبْيانكم العَوْم
، هُوَ السِّباحة. وعامَ فِي الْمَاءِ عَوْماً: سَبَح. وَرَجُلٌ عَوَّام: مَاهِرٌ بالسِّباحة؛ وسَيرُ الإِبل وَالسَّفِينَةِ عَوْمٌ أَيضاً؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وهُنَّ بالدَّو يَعُمْنَ عَوْما
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعامَتِ الإِبلُ فِي سَيْرِهَا عَلَى الْمِثْلِ. وفرَس عَوَّامٌ: جَواد كَمَا قِيلَ سَابِحٌ. وسَفِينٌ عُوَّمٌ: عَائِمَةٌ؛ قَالَ:
إِذَا اعْوَجَجْنَ قلتُ: صاحِبْ، قَوِّمِ ... بالدَّوِّ أَمثالَ السَّفِينِ العُوَّمِ «2»
. وعامَتِ النجومْ عَوْماً: جرَتْ، وأَصل ذَلِكَ فِي الْمَاءِ. والعُومةُ، بِالضَّمِّ: دُوَيبّة تَسبَح فِي الْمَاءِ كأَنها فَصٌّ أَسود مُدَمْلكةٌ، وَالْجَمْعُ عُوَمٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ نَاقَةً:
قَدْ تَرِدُ النِّهْيَ تَنَزَّى عُوَمُه، ... فتَسْتَبِيحُ ماءَهُ فتَلْهَمُه،
حَتى يَعُودَ دَحَضاً تَشَمَّمُه
والعَوّام، بِالتَّشْدِيدِ: الْفَرَسُ السَّابِحُ فِي جَرْيه. قَالَ اللَّيْثُ: يُسَمَّى الْفَرَسُ السَّابِحُ عَوّاماً يَعُومُ فِي جَرْيِهِ ويَسْبَح. وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي عَمْرٍو: العامَةُ المِعْبَر الصَّغِيرُ يَكُونُ فِي الأَنهار، وَجَمْعُهُ عاماتٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعامَةُ هَنَةٌ تُتَّخَذُ مِنْ أَغصان الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ، يُعْبَر عَلَيْهَا النَّهْرُ، وَهِيَ تَمُوجُ فَوْقَ الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ عامٌ وعُومٌ. الْجَوْهَرِيُّ: العامَةُ الطَّوْف الَّذِي يُرْكَب فِي الْمَاءِ. والعامَةُ والعُوَّام: هامةُ الرَّاكِبِ إِذَا بَدَا لَكَ رأْسه فِي الصَّحْرَاءِ وَهُوَ يَسِيرُ، وَقِيلَ: لَا يُسَمَّى رأْسه عامَةً حَتَّى يَكُونَ عَلَيْهِ عِمامة. ونبْتٌ عامِيٌّ أَي يَابِسٌ أَتى عَلَيْهِ عَامٌ؛ وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
سِوَى الحَنْظَلِ العامِيِّ والعِلهِزِ الفَسْلِ
وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الْعَامِ لأَنه يُتَّخَذُ فِي عَامِ الجَدْب كَمَا قَالُوا لِلْجَدْبِ السَّنَة. والعامَةُ: كَوْرُ الْعِمَامَةِ؛ وَقَالَ:
وعامةٍ عَوَّمَها فِي الْهَامَهْ
والتَّعْوِيمُ: وَضْعُ الحَصَد قُبْضةً قُبضة، فَإِذَا اجْتَمَعَ فَهِيَ عامةٌ، وَالْجَمْعُ عامٌ. والعُومَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الحيَّات بعُمان؛ قَالَ أُمية:
المُسْبِح الخُشْبَ فوقَ الْمَاءِ سَخَّرَها، ... فِي اليَمِّ جِرْيَتُها كأَنَّها عُوَمُ
والعَوَّامُ، بِالتَّشْدِيدِ: رجلٌ. وعُوَامٌ. مَوْضِعٌ. وَعَائِمٌ: صَنَم كَانَ لهم.
عيم: العَيْمةُ: شَهُوة اللبَن. عامَ الرجلُ إِلَى اللَّبَن يَعامُ ويَعِيمُ عَيْماً وعَيْمةً: اشْتَهَاهُ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ عِمْتُ عَيْمة وعَيَماً شَدِيدًا، قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ نَحْوِ هَذَا مِمَّا يَكُونُ مَصْدَرًا لِفَعْلان وفَعْلى، فَإِذَا
__________
(2) . قوله: صاحبْ قوم: هكذا في الأَصل، ولعلها صاحِ مرخم صاحب(12/432)
أَنَّثْتَ الْمَصْدَرَ فخَفِّفْ، وَإِذَا حَذَفت الْهَاءَ فثَقِّل نَحْوَ الحَيْرة والحَيَر، والرَّغْبة والرَّغَب، والرَّهبة والرَّهَب، وَكَذَلِكَ مَا أَشبهه مِنْ ذَوَاتِهِ. وَفِي الدُّعَاءِ عَلَى الإِنسان:
مَا لَهُ آمَ وعامَ
؛ فَمَعْنَى آمَ هَلَكَت امرأَتُه، وعامَ هَلَكتْ ماشيتُه فَاشْتَاقَ إِلَى اللَّبَنِ. وعامَ القومُ إِذَا قَلَّ لَبَنُهم. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عامَ فقَدَ اللبنَ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. وَرَجُلٌ عَيمانُ أَيمانُ: ذَهَبَتْ إبلُه وَمَاتَتِ امْرَأَتُهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ أَبو زَيْدٍ عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ يَزِيدَ امرأةٌ عَيْمى أَيْمَى، وَهَذَا يَقْضِي بأَن الْمَرْأَةَ الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا وَلَا مَالَ لَهَا عَيْمَى أَيمى. وامرأَة عَيْمى وجمعها عِيامٌ وعَيامى كَعَطْشَانَ وَعِطَاشِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْجَعْدِيِّ:
كَذَلِكَ يُضرَبُ الثَّوْرُ المُعَنَّى ... ليَشْرَبَ وارِدُ البَقَر العِيام
وأَعامَ القومُ: هَلَكتْ إبلُهم فَلَمْ يَجِدُوا لَبناً. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ يتعوَّذ مِنَ العَيْمة والغَيْمة والأَيمة
؛ العَيْمةُ: شِدَّةُ الشَّهوة لِلَّبن حَتَّى لَا يُصْبَر عَنْهُ، والأَيمة: طُولُ العُزْبة، والعَيْمُ والغَيْمُ: العَطش؛ وَقَالَ أَبو الْمُثَلَّمِ الْهُذَلِيُّ:
تَقول: أَرى أُبَيْنِيك اشْرَهَفُّوا، ... فَهُم شُعْثٌ رُؤُوسُهُم عِيامُ
قَالَ الأَزهري: أَراد أَنهم عِيامٌ إِلَى شُرْبِ اللَّبَنِ شَدِيدَةٌ شهوتُهم لَهُ. والعَيْمةُ أَيضاً: شِدَّةُ الْعَطَشِ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الحَذْلَمي:
تُشْفى بِهَا العَيْمةُ مِنْ سَقامِها
والعِيمةُ مِنَ المَتاع: خِيرَتُه. قَالَ الأَزهري: عِيمةُ كلِّ شَيْءٍ، بِالْكَسْرِ، خِيارُه، وَجَمْعُهَا عِيَمٌ. وَقَدِ اعْتامَ يَعْتامُ اعْتِياماً واعْتانَ يَعْتانُ اعْتِياناً إِذَا اخْتَارَ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ يَمْدَحُ رَجُلًا وَصَفَهُ بِالْجُودِ:
مَبْسوطة يَسْتَنُّ أَوراقُها ... عَلى مَوَالِيهَا ومُعْتامِها
واعْتَامَ الرَّجلُ: أَخَذَ العِيمةَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِذَا وقَفَ الرجلُ عَلَيك غَنَمَهُ فَلَا تَعْتَمْه
أَي لَا تَخْتَر غَنَمَهُ وَلَا تأْخذ مِنْهُ خِيارَها. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ:
يَعْتَامُها صاحِبُها شَاةً شَاةً
أَي يَخْتَارُهَا، وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ: بَلَغني أَنك تُنْفِق مالَ اللَّهِ فِيمَنْ تَعْتَامُ مِنْ عَشِيرَتِكَ
، وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:
رَسُولُهُ المُجْتَبَى مِنْ خَلَائِقِهِ والمُعْتَامُ لِشَرْع حَقَائِقِهِ
، وَالتَّاءُ فِي هَذِهِ الأَحاديث كُلِّهَا تَاءُ الِافْتِعَالِ. واعْتَامَ الشيءَ: اخْتَارَهُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرامَ، ويَصْطَفِي ... عَقِيلَةَ مالِ الفاحشِ المُتَشَدِّدِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَعامَهُ اللهُ تَرَكَه بِغَيْرِ لَبَنٍ. وأَعامنا بَنُو فُلَانَ أَي أَخذوا حَلائِبَنا حَتَّى بَقِينَا عَيَامَى نَشْتَهِي اللَّبَنَ، وأَصابتنا سَنةٌ أَعامَتْنَا، وَمِنْهُ قَالُوا: عامٌ مُعِيمٌ شَدِيدُ العَيْمةِ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
بِعامٍ يَقُولُ لَهُ المُؤْلِفُون: ... هَذا المُعِيمُ لَنَا المُرْجِلُ
وَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ اللَّبَنَ قِيلَ: قَدِ اشْتَهَى فُلَانٌ اللَّبَنَ، فَإِذَا أَفْرَطَتْ شهوتُه جِدًّا قِيلَ: قَدْ عَامَ إِلَى اللَّبَنِ، وَكَذَلِكَ القَرَمُ إِلَى اللَّحْم، والوَحَمُ. قَالَ الأَزهري: وَرُوِيَ عَنِ الْمُؤَرِّجِ أَنه قَالَ طَابَ العَيَامُ أَي طَابَ النهارُ، وَطَابَ الشَّرْق أَي الشَّمْسُ، وَطَابَ الهَوِيمُ أَي الليل.
عيثم: عَيْثَمٌ: اسم.
فصل الغين المعجمة
غتم: الغُتْمةُ: عُجْمة فِي الْمَنْطِقِ. ورَجلٌ أَغْتَمُ وغَتْمِيٌّ: لَا يُفْصِح شَيْئًا. وامرأَة غَتْماء وقومٌ(12/433)
غُتْمٌ وأَغْتام. ولبنٌ غُتْمِيٌّ: ثَخِينٌ لَا يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ إِذَا صُبَّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الغُتْمُ: قِطَعُ اللَّبَنِ الثِّخانُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلثَّقِيلِ الرُّوحِ: غُتْمِيٌّ. والغَتْمُ: شِدَّةُ الحَرِّ والأَخذِ بالنَّفس؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
حَرَّقَها حَمْضُ بِلادٍ فِلِّ، ... وغَتْمُ نَجْمٍ غَيْرِ مُسْتَقِلِ
أَي غَيْرُ مُرْتَفِعٍ لِثَبات الحَرِّ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَشْتَدُّ الْحَرُّ عِنْدَ طُلُوعِ الشِّعْرَى الَّتِي فِي الجَوْزاء، وَيُقَالُ لِلَّذِي يَجِدُ الحَرَّ وَهُوَ جَائِعٌ: مَغْتُومٌ. وأَغْتَمَ فُلَانٌ الزِّيَارَةَ: أَكْثَرَها حَتَّى يُمَلَّ. وَقَالُوا: كَانَ العَجَّاجُ يُغْتِمُ الشِّعْر أَي يُكْثر إغْبابَه. وغَتَمَ الطعامُ: تَجَمَّع؛ عَنِ الهَجَري. وَوَقَعَ فُلَانٌ فِي أَحواض غُتَيْم أَي وَقَعَ فِي الْمَوْتِ، لُغَةٌ فِي غُثَيْمٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَحُكِيَ اللِّحْيَانِيُّ: وَرَدَ حَوْضَ غُتَيمٍ أَي مَاتَ، قَالَ: والغُتَيْمُ الْمَوْتُ فأَدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرفها عَنْ غَيْرِهِ، والله أَعلم.
غثم: الغَثَمُ والغُثْمة: شَبِيهٌ بالوُرْقة. والأَغْثَمُ: الأَوْرَقُ. والغُثْمة: أَن يَغْلِب بياضُ الشَّعَر سوادَه، غَثِمَ غَثَماً وَهُوَ أَغْثمُ؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ فَزَارَةَ:
إِمَّا تَرَيْ شَيْباً عَلاني أَغْثَمُه، ... لَهْزَمَ خَدَّيَّ بِهِ مُلَهْزِمُه
وغَثَمَ لَهُ مِنَ الْمَالِ غَثْمةً إِذَا دفَع لَهُ دُفْعة، وَمِثْلُهُ قَثَمَ وغَذَمَ. وغَثَمَ لَهُ مِنَ العَطِيَّة: أَعطاه مِنَ الْمَالِ قِطْعَةً جَيِّدة، وَزَعَمَ قَوْمٌ أَن ثَاءَهُ بَدَلٌ مِنْ ذَالِ غَذَم. الْفَرَّاءُ: هِيَ الغَثِمَةُ والْقِبَةُ والفَحِثُ. ابْنُ الأَعرابي: الغُثْمُ القِبَاتُ الَّتِي تُؤْكَلُ. أَبو مَالِكٍ: إنَّه لَنَبْتٌ مَغْثُومٌ ومُغَثْمَرٌ أَي مُخَلَّطٌ لَيْسَ بجَيِّد. وَقَدْ غَثَمْتُه وغَثْمَرْتُه إِذَا خَلَطْتَ كُلَّ شَيْءٍ. والغَثِيمةُ: طَعَامٌ يُطْبَخُ ويُجْعل فِيهِ جرادٌ، وَهِيَ الغَبِيثَةُ. وَوَقع فِي أَحواض غُثَيْمٍ أَي فِي الْمَوْتِ، لُغَةٌ فِي غُتَيْم، وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَالَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا مَاتَ وَرَدَ حيَاضَ غُثَيْمٍ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: غُتَيْم، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قُتَيْم. وغَثِيمٌ وغُثَيْمٌ: اسمان.
غذم: الغَذْمُ: أَكل الرَّطْب اللَّيِّن. والغَذْمُ أَيضاً: الأَكل السَّهْلُ. والغَذْمُ: الأَكل بِجَفَاءٍ وَشِدَّةِ نَهَمٍ. وَقَدْ غَذِمَه، بِالْكَسْرِ، وغَذِمَ وغَذَمَ يَغْذُمُ غَذْماً واغْتَذم: أَكَلَ بنَهْمةٍ، وَقِيلَ: أَكل بِجفاء. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: أَنه قَالَ عَلَيْكُمْ مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ بِدُنْياكُمْ فاغْذَمُوها
؛ هُوَ شِدَّةُ الأَكل بِجَفاء وشدة نَهَمٍ. وَرَجُلٌ غُذَمٌ: كَثِيرُ الأَكل. وبِئْرٌ غُذَمةٌ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ، وذاتُ غَذِيمةٍ مِثْلُهُ. وتَغَذَّمَ الشيءَ: مَضَغَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ السَّحَابَ:
تَغَذَّمْنَ في جانِبَيْهِ الخَبيرَ ... لَمَّا وَهَى مُزْنُهُ واسْتُبيحا
وَهُوَ يَتَغَذَّمُ كُلَّ شَيْءٍ إِذَا كَانَ كَثِيرَ الأَكل. واغْتَذَمَ الفصيلُ مَا فِي ضَرْع أُمه أَي شَرِبَ جميعَ مَا فِيهِ. وَيُقَالُ للحُوَارِ إِذَا امْتَكَّ مَا فِي الضَّرْع: قَدْ غَذمه واغْتَذَمَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ رَجُلٌ يُرَائِي فَلَا يَمُرُّ بِقَوْمٍ إِلَّا غَذَموه
أَي أَخذوه بأَلسنتهم، هَكَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ المتأَخرين بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنه بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وأَصله العَضُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَرباب اللُّغَةِ، وَالْغَرِيبِ وَلَا شَكَّ أَنه وَهَمٌ مِنْهُ. وأَصابوا مِنْ مَعْرُوفِهِ غُذَماً: وَهُوَ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ. والغُذْمَةُ: الجُرْعة؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وغَذَم لَهُ مِنْ(12/434)
مَالِهِ شَيْئًا: أَعطاه مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا مِثْلَ غَثَمَ؛ قَالَ شُقْران مَوْلَى سَلامان مِنْ قُضَاعة:
ثِقَال الجِفَانِ والحُلُوم، رَحَاهُمُ ... رَحَى الْمَاءِ، يكْتالُونَ كَيلًا غَذَمْذما
يَعْنِي جُزَافاً، وَتَكْرِيرُهُ يَدُلُّ عَلَى التَّكْثِيرِ. الأَصمعي: إِذَا أَكْثَرَ مِنَ الْعَطِيَّةِ قِيلَ غَذَمَ لَهُ وغَثَمَ لَهُ وقَذَمَ لَهُ. والغُذَم: الْكَثِيرُ مِنَ اللَّبَنِ، وَاحِدَتُهُ غُذْمةٌ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو الْفَقْعَسِيُّ:
قَدْ تَرَكَتْ فَصِيلَها مُكَرَّما ... ممَّا غَذَتْهُ غُذَماً فَغُذَما
الْجَوْهَرِيُّ: والغُذَامةُ، بِالضَّمِّ، شَيْءٌ مِنَ اللَّبَنِ. وَوَقَعُوا فِي غُذْمةٍ مِنَ الأَرض وغَذِيمَةٍ أَيْ فِي وَاقِعَةٍ مُنْكَرَة مِنَ الْبَقْلِ والعُشْب. وغَذَموا بِهَا غُذْمةً وغَذيمةً: أَصابوها. وكُلُّ مَا أَمْكَن مِنَ المَرْتَع فَهُوَ غَذِيمةٌ؛ وأَنشد:
وَجَعَلَتْ لَا تَجِدُ الْغَذَائما ... إِلَّا لَوِيّاً وَدَوِيلًا قاشِمَا
قَالَ النَّضْرُ: هُوَ سَيِّدٌ مُتَغَذِّمٌ لَا يُمْنَع مِنْ كُلِّ مَا أَراد وَلَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ. والغَذائمُ: الْبُحُورُ، الْوَاحِدَةُ غَذِيمةٌ. والغذِيمة: أَوَّل سِمَنِ الإِبل فِي المَرْعَى. وأَلْقِ فِي غَذِيمةِ فُلَانٍ مَا شِئْتَ أَي فِي رُحْب صَدْرِهِ. وَمَا سَمِعَ لَهُ غَذْمةً أَيْ كَلِمَةً. وتَغَذَّم البعيرُ بزَبَده: تَلَمَّظَ بِهِ وأَلقاه مِنْ فِيهِ. والغَذِيمةُ: كُلُّ كَلإٍ وَكُلُّ شَيْءٍ يَرْكَبُ بعضُه بَعْضًا؛ وَيُقَالُ: هِيَ بَقْلة تَنْبُتُ بَعْدَ سَيْرِ النَّاسِ مِنَ الدَّارِ. قَالَ أَبو مَالِكٍ: الغَذَائم كُلُّ متراكِبٍ بعضُه عَلَى بَعْضٍ. والغَذَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: نَبْت، وَاحِدَتُهُ غَذَمةٌ؛ قَالَ الْقَطَّامِيِّ:
كأَنَّها بَيْضَةٌ غَرَّاءُ خُدَّ لَها ... فِي عَثعَثٍ يُنْبتُ الحَوْذانَ والغَذَما
والغَذِيمةُ: الأَرض تُنْبِتُ الغَذَمَ. يُقَالُ: حَلُّوا فِي غَذيمةٍ مُنْكَرَة. والغُذَّامُ: ضَرْبٌ مِنَ الحَمْض، وَاحِدَتُهُ غُذَّامة. ابْنُ بَرِّيٍّ: الغُذَّامُ لُغَةٌ فِي الغَذَمِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مِنْ زَغَف الغُذَّامِ والهَشِيما
والغُذَّامُ أَشهر مِنَ الغَذَم.
غذرم: تَغَذْرَم الشيءَ: أَكله. وتَغَذْرَمها: حَلَفَ بِهَا، يَعْنِي الْيَمِينَ فأَضمرها لِمَكَانِ الْعِلْمِ بِهَا. وَيُقَالُ: تَغَذْرَمَ فلانٌ يَمِيناً إِذَا حَلَفَ بِهَا وَلَمْ يَتَتَعْتَعْ؛ وأَنشد:
تَغَذْرَمَها فِي ثَأْوَةٍ مِنْ شِياهِهِ، ... فَلا بُورِكَتْ تِلْكَ الشِّياهُ القلائِلُ
والثَّأْوَةُ: الْمَهْزُولَةُ مِنَ الْغَنَمِ. وغَذْرَمْتُ الشيءَ وغَذْمَرْتُه إِذَا بِعْتَهُ جِزافاً. وماءٌ غُذارِمٌ: كَثِيرٌ. والغَذْرَمَةُ: كيلٌ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْوَفَاءِ. وَكَيْلٌ غُذارِمٌ أَي جُزافٌ؛ قَالَ أَبو جُنْدُبٍ الْهُذَلِيُّ:
فَلَهْفَ ابْنَةِ المَجْنُونِ أَنْ لَا تُصِيبَهُ، ... فَتُوفِيَهُ بالصَّاعِ كَيْلًا غُذارِما
والغُذارِمُ: الْكَثِيرُ مِنَ الْمَاءِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَراد فَيَا لَهْفَ، وَالْهَاءُ فِي تُصِيبَهُ وَتُوفِيَهُ تَعُودُ عَلَى مَذْكُورٍ قَبْلَ الْبَيْتِ، وَهُوَ:
فَرَّ زُهَيْرٌ خِيفَةً مِنْ عِقابِنا، ... فَلَيْتَكَ لَمْ تَغْدِرْ فَتُصْبِحَ نادِما
والغُذارِمُ: الْكَثِيرُ مِنَ الْمَاءِ مِثْلَ الغُذامِر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا طَلَبَ إِلَيْهِ أَهل الطَّائِفِ أَن يَكْتُبَ لَهُمُ الأَمان عَلَى تَحْلِيلِ الرِّبَا وَالْخَمْرِ فَامْتَنَعَ قَامُوا ولَهُمْ تَغَذْمُرٌ وبَرْبَرَةٌ «1»
؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
تَبصَّرْتُهُمْ، حَتَّى إِذَا حالَ بَيْنَهُمْ ... رُكامٌ وَحادٍ ذُو غَذامِيرَ صَيْدَحُ
__________
(1) . التَّغَذْمُرُ: الْغَضَبُ وَسُوءُ اللَّفْظِ والتخليط بالكلام وكذلك البربرة (النهاية)(12/435)
وأَجاز بَعْضُ الْعَرَبِ غَمْذَرَ غَمْذَرَةً بِمَعْنَى غَذْرَمَ إِذَا كَالَ فأَكثر. أَبو زَيْدٍ: إِنَّهُ لَنَبْتٌ مُغَثْمَرٌ ومُغَذْرَمٌ ومَغْثُومٌ أَي مُخَلَّط لَيْسَ بجيد.
غرم: غَرِمَ يَغرَمُ غُرْماً وغَرامةً، وأغرَمَه وغَرَّمَه. والغُرْمُ: الدَّيْنُ. ورَجُلٌ غارمٌ: عَلَيْهِ دَيْنٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحِلُّ المسأَلة إلَّا لِذِي غُرمٍ مُفْظِعٍ
أَي ذِي حَاجَةٍ لَازِمَةٍ مِنْ غَرامة مُثْقِلة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَم والمَغْرَمِ
، وَهُوَ مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الِاسْمِ، وَيُرِيدُ بِهِ مَغْرَمَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، وَقِيلَ: المَغْرَم كالغُرْم، وَهُوَ الدَّيْن، وَيُرِيدُ بِهِ مَا اسْتُدِين فِيمَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ أَو فِيمَا يَجُوزُ ثُمَّ عَجَزَ عَنْ أَدائه، فأَما دَيْنٌ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدائه فَلَا يُسْتَعَاذُ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْغَارِمُونَ هُمُ الَّذِينَ لَزِمَهم الدَّيْنُ فِي الحَمالة، وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ لَزِمَهُمُ الدَّيْنُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ. والغَرامةُ: مَا يَلْزَمُ أَداؤه، وَكَذَلِكَ المَغْرَمُ والغُرْمُ، وَقَدْ غَرِمَ الدِّيةَ، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الغَرامة لِلشَّاعِرِ:
دَارَ ابْنِ عَمِّكَ بِعْتَها، ... تَقْضي بِهَا عَنْكَ الغَرامه
والغَرِيم: الَّذِي لَهُ الدَّيْن وَالَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ جَمِيعًا، وَالْجَمْعُ غُرَماء؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
قَضى كلُّ ذِي دَيْنٍ فَوَفَّى غَرِيمَه، ... وعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنّىً غرِيمُها
والغَرِيمان: سَواءٌ، المُغْرِمُ والغارِمُ. وَيُقَالُ: خُذْ مِنْ غَرِيمِ السُّوء مَا سَنَحَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الدَّيْنُ مَقْضيٌّ والزَّعِيمُ غارِمٌ لأَنه لَازِمٌ لِمَا زَعَم
أَي كَفَل أَو الْكَفِيلُ لَازِمٌ لأَداء مَا كَفَّله مُغْرِمُه. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
الزَّعِيم غارِمٌ
؛ الزَّعِيم الْكَفِيلُ، والغارِم الَّذِي يَلْتَزِمُ مَا ضَمِنه وتكَفَّل بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي الثَّمر المُعَلَّق:
فَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرامةُ مِثْلَيْه وَالْعُقُوبَةُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ كَانَ هَذَا فِي صَدْرِ الإِسلام ثُمَّ نُسخ، فَإِنَّهُ لَا وَاجِبَ عَلَى مُتْلِف الشَّيْءِ أَكثر مِنْ مِثْلِهِ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْوَعِيدِ لِيُنْتَهَى عَنْهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فِي ضالَّةِ الإِبل الْمَكْتُومَةِ غَرامَتُها ومِثْلُها مَعَهَا.
وَفِي حَدِيثِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ:
وَالزَّكَاةُ مَغْرَماً
أَيْ يَرَى رَبُّ الْمَالِ أَنَّ إِخْرَاجَ زَكَاتِهِ غَرامةٌ يَغرَمُها. وأَما
مَا حَكَاهُ ثَعْلَبٌ فِي خَبَرٍ مِنْ أَنه لَمَّا قَعَدَ بَعْضُ قُرَيْشٍ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ أَتاه الغُرَّامُ فَقَضَاهُمْ دَيْنَه
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَالظَّاهِرُ أَنه جَمْعُ غَرِيمٍ، وَهَذَا عَزِيزٌ لِأَنَّ فَعِيلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فُعَّال، إِنَّمَا فُعَّال جَمْعُ فَاعِلٍ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ غُرَّاماً جَمْعُ مُغَرِّم عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، كأَنه جَمْعُ فَاعِلٍ مِنْ قَوْلِكَ غَرَمَه أَي غَرَّمَه، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَقُولًا، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غارمٌ عَلَى النَّسَبِ أَيْ ذُو إِغْرَامٍ أَوْ تَغْريم، فَيَكُونُ غُرَّامٌ جَمْعًا لَهُ، قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ ثَعْلَبٌ فِي ذَلِكَ شَيْئًا. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فاشْتَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُ غُرَّامِه فِي التَّقاضي
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: جَمْعُ غَرِيم كالغُرَماء وَهُمْ أَصْحَابُ الدَّيْنِ، قَالَ: وَهُوَ جَمْعٌ غَرِيبٌ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ مُفْرَدًا وَمَجْمُوعًا وَتَصْرِيفًا. وغُرِّمَ السحابُ: أَمطَرَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ سَحَابًا:
وَهَى خَرْجُهُ واسْتُجِيلَ الرَّبابُ ... مِنْهُ، وغُرِّمَ مَاءً صَرِيحا
والغَرامُ: اللَّازِمُ مِنَ الْعَذَابِ والشرُّ الدَّائِمُ والبَلاءُ والحُبُّ وَالْعِشْقُ وَمَا لَا يُسْتَطَاعُ أَن يُتَفَصَّى مِنْهُ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ أَشدُّ الْعَذَابِ فِي اللُّغَةِ، قَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً
؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:(12/436)
وَيَوْمُ النِّسارِ وَيَوْمُ الجِفارِ ... كَانَا عَذاباً، وَكَانَا غَراما
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً
؛ أَيْ مُلِحّاً دَائِمًا مُلَازِمًا؛ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ هَلَاكًا ولِزاماً لَهُمْ، قَالَ: وَمِنْهُ رَجُلٌ مُعْرَمٌ، مِنَ الغُرْم أَو الدَّيْن. والغَرام: الوَلُوعُ. وَقَدْ أُغْرِم بِالشَّيْءِ أَيْ أُولِع بِهِ؛ وَقَالَ الأَعشى:
إنْ يُعاقِبْ يَكُنْ غَراماً، وإن يُعْطِ ... جَزِيلًا فإنَّه لَا يُبالي
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ: ضَرَبَهُمُ اللَّهُ بِذُلٍّ مُغْرَمٍ
أَيْ لَازِمٍ دَائِمٍ. يُقَالُ: فُلَانٌ مُغْرَمٌ بِكَذَا أَيْ لَازِمٌ لَهُ مُولَعٌ بِهِ. اللَّيْثُ: الغُرْمُ أَداء شَيْءٍ يَلْزَمُ مِثْلَ كَفَالَةٍ يَغْرَمها، والغَرِيمُ: المُلْزَم ذَلِكَ. وأَغْرَمْتُه وغَرَّمْته بِمَعْنًى. وَرَجُلٌ مُغْرَمٌ: مُولَعٌ بِعِشْقِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ. وَفُلَانٌ مُغْرَمٌ بِكَذَا أَيْ مُبتَلىً بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَمَنِ اللَّهِجُ باللذَّة السَّلِسُ القِياد لِلشَّهْوَةِ أَو المُغْرَمُ بالجَمْع والادِّخار؟
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنَّ فُلَانًا لمُغْرَمٌ بِالنِّسَاءِ إِذَا كَانَ مُولَعاً بهنَّ. وَإِنِّي بِكَ لَمُغْرَمٌ إِذَا لَمْ يَصْبِرْ عَنْهُ. قَالَ: ونُرَى أَنَّ الغَرِيم إِنَّمَا سُمِّيَ غَرِيماً لأَنه يَطْلُبُ حَقَّه ويُلِحُّ حَتَّى يَقْبِضَهُ. وَيُقَالُ لِلَّذِي لَهُ الْمَالُ يَطْلُبُهُ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ الْمَالُ: غَرِيمٌ، وَلِلَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ: غَرِيمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرَّهْنُ لِمَنْ رَهَنَه لَهُ غُنْمُه وَعَلَيْهِ غُرْمُه
أَيْ عَلَيْهِ أَداء مَا رَهَنَ بِهِ وفَكاكُه. ابْنُ الأَعرابي: الغَرْمى المرأَة المُغاضِبة. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: غَرْمى كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ فِي مَعْنَى الْيَمِينِ. يُقَالُ: غَرْمى وجَدِّك كَمَا يُقَالُ أَما وجَدّك؛ وأَنشد:
غَرْمى وجَدِّكَ لَوْ وَجَدْتَ بِهِمْ، ... كَعَداوَةٍ يَجِدُونها بَعْدِي
غرطم: الغُرْطُمانيُّ: الفتيُّ الحَسَنُ، وأَصله في الخيل.
غرقم: أَبُو عَمْرٍو: الغَرْقَمُ الحَشَفَةُ؛ وأَنشد:
بِعَيْنَيْكَ وَغْفٌ، إِذْ رَأَيتَ ابنَ مَرْثَدٍ ... يُقَسْبِرُها بِغَرْقَمٍ تَتَزَبَّدُ
إِذَا انْتَشَرَتْ حَسِبتَها ذاتَ هَضْبَةٍ، ... تَرَمَّزُ فِي أَلْغادِها وتَرَدَّدُ
غسم: الغَسَمُ: السَّوَادُ كالغَسَف؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَالَ النَّضِرُ: الغَسَمُ اخْتِلَاطُ الظُّلْمة؛ وأَنشد لِسَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
فظَلَّ يَرْقُبُه، حَتَّى إِذَا دَمَسَتْ ... ذَاتُ العِشاء بأَسْدَافٍ مِنَ الغَسَمِ
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
مُخْتَلِطاً غُبارُه وغَسَمُه
وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ بَيْتَ الْهُذَلِيِّ «2» .
فَظَلَّ يَرْقُبه، حَتَّى إِذَا دَمَسَتْ ... ذاتُ الأَصِيلِ بأَثْناءٍ مِنَ الغَسَمِ
قَالَ: يَعْنِي ظُلْمة اللَّيْلِ. وَلَيْلٌ غاسِمٌ: مُظْلِم؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ أَيضاً:
عَنْ أَيِّدٍ مِنْ عِزِّكم لَا يَغْسِمُه
والغَسَم والطَّسَم عِنْدَ الإِمساء، وَفِي السَّمَاءِ غُسَمٌ مِنْ سَحَابٍ وأَغْسامٌ، وَمِثْلُهُ أَطْسامٌ مِنْ سَحَابٍ ودُسَمٌ وأَدْسام، وطُلَسٌ مِنْ سَحَابٍ، وَقَدْ أَغْسَمْنا فِي آخِرِ العَشِيِّ.
غشم: الْغَشْمُ: الظُّلْم والغَصْبُ، غَشَمَهُم يَغْشِمُهم غَشْماً. وَرَجُلٌ غاشِمٌ وغَشَّامٌ وغَشُومٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ قال:
__________
(2) . قوله [وأنشد ابن سيدة] كذا في الأَصل وليس في المحكم شيء من هذا البيت، بل الذي أنشده كذلك هو الأَزهري وإنشاده الأَول للجوهري(12/437)
لَلَوْلا قَاسِمٌ ويَدَا بَسِيلٍ ... لَقَدْ جَرَّتْ عَلَيْكَ يَدٌ غَشُومُ
والحَرْبُ غَشُومٌ لأَنها تَنال غَيْرَ الْجَانِي. والغَشَمْشَمُ: الْجَرِيءُ الْمَاضِي، وَقِيلَ: الغَشَمْشَمُ والمِغْشَمُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَرْكَبُ رأْسَه لَا يَثْنيه شَيْءٌ عَمَّا يُرِيدُ ويَهْوَى مِنْ شَجَاعَتِهِ؛ قَالَ أَبُو كَبِيرٍ:
وَلَقَدْ سَرَيْتُ عَلَى الظَّلام بِمِغْشَمٍ ... جَلْدٍ مِنَ الفِتْيانِ، غَيْرِ مُثَقَّل
وَإِنَّهُ لَذُو غَشَمْشَمَة. ووِرْدٌ غَشَمْشَمٌ إذا ركِبت رؤُوسَها فَلَمْ تُثْنَ عَنْ وَجْهِهَا؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر فِي ذَلِكَ:
هُبارِيَّةٍ هَوْجاءَ مَوْعِدُها الضُّحى، ... إِذَا أَرْزَمَتْ جَاءَتْ بِوِرْدٍ غَشَمْشَمِ
قَالَ: مَوْعِدُهَا الضُّحَى لأَن هُبُوبَ الرِّيحِ يَبْتَدِئُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ. والغَشُوم: الَّذِي يَخْبِطُ النَّاسَ ويأْخذ كُلَّ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، والأَصل فِيهِ مِنْ غَشْمِ الْحَاطِبِ، وَهُوَ أَنْ يَحْتَطِبَ لَيْلًا فَيَقْطَعَ كُلَّ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِلَا نَظَرٍ وَلَا فِكْرٍ؛ وأَنشد:
وقُلْتُ: تَجَهَّزْ فاغْشِمِ النَّاسَ سائلَا، ... كَمَا يَغْشِمُ الشَّجْراءَ باللَّيْلِ حاطِبُ
وَيُقَالُ: ضَرْبٌ غَشَمْشَمٌ؛ قَالَ القُحَيف بْنُ عُمَيْرٍ:
لَقَدْ لَقِيَتْ أَفْتاءُ بَكْرِ بنِ وائِلٍ، ... وَهِزَّانُ بالبَطْحاءِ ضَرْباً غَشَمْشَما
إِذَا مَا غَضِبْنا غَضْبَةً مُضَرِيَّةً، ... هَتَكْنا حِجابَ الشَّمْسِ أَوْ مَطَرَتْ دَمَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتَ الأَخير سَرَقَهُ بَشَّار، وَكَذَلِكَ الغَشُوم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَتَلْنا ناجِياً بِقَتيلِ عَمْرٍو، ... وجَرَّ الطالب التِّرَةَ الغَشُومُ
بِنَصْبِ التِّرَة، وَكَذَلِكَ أَنشده ابْنُ جِنِّي. وَنَاقَةٌ غَشَمْشَمَةٌ: عَزِيزة النَّفْس؛ قَالَ حُميد بْنُ ثَوْرٍ:
جَهُول، وَكَانَ الجَهْلُ مِنْها سَجِيَّةً، ... غَشَمْشَمَة لِلْقائِدِينَ زَهُوق
يَقُولُ: تُزْهِقُ قائدَها أَيْ تَسْبقه مِنْ نَشَاطِهَا، فَعُولٌ بِمَعْنَى مُفْعِل، وَهُوَ نَادِرٌ. والأَغْشَمُ: الْيَابِسُ الْقَدِيمُ مِنَ النَّبْت؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنَّ صَوْتَ شُخْبِها، إِذَا خَما، ... صَوْتُ أَفَاعٍ فِي خَشِيٍّ أَغْشَما
وَيُرْوَى أَعشما، وَهُوَ الْبَالِغُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ. وغاشِمٌ وغُشَيْمٌ وغَيْشَمٌ وغَشَّامٌ: أَسماء.
غشرم: تَغَشْرَمَ البِيدَ: رَكِبَها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
يُصافِحُ البِيدَ عَلَى التَّغَشْرُمِ
وغُشارِمٌ: جرِيءٌ ماضٍ كَعُشارِم، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ.
غضرم: الغَضْرَمُ [الغَضْرِمُ الغِضْرَمُ الغِضْرِمُ] : مَا تَشَقَّق مِنْ قُلاعِ الطِّينِ الأَحمر الحُرِّ. ومكانٌ غَضْرَمٌ وغُضارِمٌ: كَثِيرُ النَّبْت وَالْمَاءِ. والغَضْرَم: الْمَكَانُ الْكَثِيرُ التُّرَابِ اللَّيِّن اللَّزِجُ الغليظُ. والغَضْرَمُ: المكانُ كالكَذَّانِ الرِّخْوِ والجَصِّ؛ وأَنشد:
يَقْعَفْنَ قَاعًا كَفَرَاشِ الغَضْرَم
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
مِنَّا إِذَا اصْطَكَّ تَشَظَّى غَضْرَمُه
قَالَ: فَإِذَا يَبِسَ الغَضْرَمُ فَهُوَ القِلْفِع.(12/438)
غطم: الغِطَمُّ: الْبَحْرُ الْعَظِيمُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ. ورَجُلٌ غِطَمٌّ: وَاسِعُ الخُلُق. وجَمْعٌ غِطَمٌّ وبَحْر غِطَمٌّ مِثَالُ هِجَفّ. وغَطَمْطَمٌ غُطامِطٌ: كَثِيرُ الْمَاءِ كَثِيرُ الِالْتِطَامِ إِذَا تَلَاطَمَتْ أَمواجه. والغَطْمَطَةُ: الْتِطامُ الأَمواج، وَجَمْعُهُ غَطامِطُ. وغَطامِطُه كثيرةٌ: أَصواتُ أَمواجه إِذَا تَلَاطَمَتْ، وَذَلِكَ أَنك تَسْمَعُ نَغْمَةً شِبْه غَطْ ونَغْمَةً شِبْهَ مَطْ، وَلَمْ يَبْلُغْ أَن يَكُونَ بَيّناً فصحياً كَذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُ أَشبه بِهِ مِنْهُ بِغَيْرِهِ، فَلَوْ ضاعَفْتَ وَاحِدَةً مِنَ النَّغْمَتَيْنِ قُلْتَ غَطْغَطَ أَو قُلْتَ مَطْمَطَ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى حِكَايَةِ الصَّوْتَيْنِ، فَلَمَّا أَلَّفْتَ بَيْنَهُمَا فَقُلْتَ غَطْمَط اسْتَوْعَبَ الْمَعْنَى فَصَارَ بِمَعْنَى الْمُضَاعَفِ فَتَمَّ وَحَسُنَ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
سَالَتْ نَواحِيهِ إِلَى الأَوْساطِ ... سَيْلًا، كَسَيْلِ الزَّبَد الغَطْماطِ
وأَنشد الْفَرَّاءُ:
عَنَطْنَطٌ تَعْدُو بهِ عَنَطْنَطَه، ... لِلْماءِ فَوْقَ مَتْنَتَيْهِ غَطْمَطَه
ابْنُ شُمَيْلٍ: غُطَامِطُ البحرِ لُجُّه حِينَ يَزْخَرُ، وَهُوَ مُعْظَمُه: وعَدَدٌ غِطْيَمٌّ: كَثِيرٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَسَطُّ مِنْ حَنْظَلَةَ الأُسْطُمَّا، ... والعَدَدَ الغُطامِطَ الغِطْيَمَّا «1»
. والغَطْمَطِيطُ: الصَّوْتُ؛ وأَنشد:
بَطِيءٌ ضِفَنٌّ، إِذَا مَا مَشَى ... سَمِعْتَ لأَعْفَاجِه غَطْمَطِيطا
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الهَزَجُ والتَّغَطْمُطُ الصوت.
غلم: الغُلْمةُ، بِالضَّمِّ: شَهْوَةُ الضِّرَاب. غَلِمَ الرجلُ وغيرهُ، بالكسر، يَغْلِمُ [يَغْلَمُ] غلْماً واغْتَلَمَ اغْتِلاماً إِذَا هاجَ، وَفِي الْمُحْكَمِ: إِذَا غُلبَ شَهْوَةً، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ. والغِلِّيمُ، بِالتَّشْدِيدِ: الشَّدِيدُ الغُلْمة، وَرَجُلٌ غَلِمٌ وغِلِّيمٌ ومِغْلِيمٌ، والأُنثى غَلِمة ومِغْلِيمةٌ ومِغْلِيمٌ وغِلِّيمةٌ وغِلِّيمٌ؛ قَالَ:
يَا عَمْرُو لَوْ كُنتَ فَتًى كَريما، ... أَو كُنْتَ ممَّنْ يَمْنَعُ الحَرِيما،
أَوْ كَانَ رُمْحُ اسْتِكَ مُسْتَقِيما ... نِكْتَ بِهِ جَارِيَةً هَضِيما،
نَيْكَ أَخيها أُخْتَكَ الغِلِّيما
وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ النِّسَاءِ الغَلِمةُ عَلَى زَوْجِهَا
؛ الغُلْمةُ: هَيَجان شَهْوَةِ النِّكَاحِ مِنَ المرأَة وَالرَّجُلِ وَغَيْرِهِمَا. يُقَالُ: غَلِمَ غُلْمةً واغْتَلَمَ اغْتِلَامًا، وبَعِيرٌ غِلِّيمٌ كَذَلِكَ. التَّهْذِيبُ: والمِغْلِيمُ سَوَاءٌ فِيهِ الذَّكَرُ والأُنثى، وَقَدْ أَغْلَمهُ الشيءُ. وَقَالُوا: أَغْلَمُ الأَلبان لَبَنُ الخَلِفةِ؛ يُرِيدُونَ أَغْلم الأَلبان لِمَنْ شَرِبَهُ. وَقَالُوا: شُرْبُ لَبَنِ الإِيَّل مَغلَمةٌ أَيْ أَنه تشتدُّ عَنْهُ الغُلْمة؛ قَالَ جَرِيرٍ:
أَجِعْثِنُ قَدْ لاقَيْتِ عِمرانَ شارِباً، ... عَلى الحَبَّةِ الخَضْراءِ، أَلْبانَ إيَّلِ
وَفِي حَدِيثِ تَمِيمٍ والجَسَّاسة:
فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَم
أَيْ هَاجٍ وَاضْطَرَبَتْ أَمواجه. والاغْتِلام: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ. وَفِي نُسْخَةِ الْمُحْكَمِ: والاغْتِلامُ مُجَاوَزَةُ الإِنسان حَدَّ ما أُمر بِهِ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ، وَهُوَ مِنْ هَذَا، لأَن الِاغْتِلَامَ فِي الشَّهْوَةِ مُجَاوَزَةُ الْقَدْرِ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ تَجَهَّزوا لِقِتَالِ المارِقِين المُغْتَلمين.
وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الاغْتلام أَنْ يَتَجَاوَزَ الإِنسان حَدَّ مَا أُمر بِهِ من الخير والمباح،
__________
(1) . قوله [وسط] كذا في الأَصل هنا كالتهذيب، وتقدم في مادة وسط بلفظ وسطت، وفي مادة سطم وصلت(12/439)
أَيِ الَّذِينَ جَاوَزُوا الْحَدَّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: تَجَهَّزوا لِقِتَالِ الْمَارِقِينَ المُغْتَلمين
أَيِّ الَّذِينَ تَجَاوَزُوا حَدَّ مَا أُمروا بِهِ مِنْ الدِّينِ وَطَاعَةِ الإِمام وبَغَوْا عَلَيْهِ وطَغَوْا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا اغْتَلَمَتْ عَلَيْكُمْ هَذِهِ الأَشربة فاكْسِروها بِالْمَاءِ.
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: يَقُولُ إِذَا جَاوَزَتْ حَدَّها الَّذِي لَا يُسْكِرُ إِلَى حَدِّهَا الَّذِي يُسْكِرُ، وَكَذَلِكَ الْمُغْتَلِمُونَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ. ابْنُ الأَعرابي: الغُلُمُ الْمَحْبُوسُونَ، قَالَ: وَيُقَالُ فُلَانٌ غُلامُ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ كَهْلًا، كَقَوْلِكَ فُلَانٌ فَتى العَسْكَر وَإِنْ كَانَ شَيْخًا؛ وأَنشد:
سَيْراً تَرَى مِنْهُ غُلامَ النَّاسِ ... مُقَنَّعاً، وَمَا بهِ مِنْ بَاسِ،
إِلَّا بَقايا هَوْجَلِ النُّعاس
والغُلامُ مَعْرُوفٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الغُلامُ الطَّارُّ الشَّارِبُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ حِينِ يُولَدُ إِلَى أَن يَشِيبَ، وَالْجَمْعُ أَغْلِمَةٌ وغِلْمَةٌ وغِلْمانٌ، وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَغْنَى بِغِلْمَةٍ عَنْ أَغْلِمَةٍ، وَتَصْغِيرُ الغِلْمة أُغَيْلِمَةٌ عَلَى غير مُكَبَّره كأنهم صَغَّرُوا أَغْلِمَة، وَإِنْ لَمْ يَقُولُوهُ، كَمَا قَالُوا أُصَيْبِيَة فِي تَصْغِيرِ صِبْيَة، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ غُلَيْمة عَلَى الْقِيَاسُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ صُبَيَّة أَيضاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
صُبَيَّة عَلَى الدُّخانِ رُمْكا
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: بَعثَنا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُغَيْلِمَة بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ جَمْعٍ بلَيْلٍ
؛ هُوَ تَصْغِيرٌ أَغْلِمة جَمْعُ غُلام فِي الْقِيَاسُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَمْ يَرِدْ فِي جَمْعِهِ أَغْلِمة، وَإِنَّمَا قَالُوا غِلْمَة، وَمِثْلُهُ أُصَيْبِيَة تَصْغِيرُ صِبْيَة، وَيُرِيدُ بالأُغَيْلمة الصِّبْيان، وَلِذَلِكَ صَغَّرَهُمْ، والأُنثى غُلامةٌ؛ قَالَ أَوس بْنُ غَلْفاء الهُجَيمي يَصِفُ فَرَسًا:
أَعانَ عَلَى مِراس الحَرْب زَغْفٌ، ... مُضاعَفَةٌ لَهَا حَلَقٌ تُؤَامُ
ومُطَّرِدُ الكُعوب ومَشْرَفِيٌّ ... مِنَ الأُولى، مَضَارِبُه حُسامُ
ومُركضَةٌ صَرِيحِيٌّ أَبُوها، ... يُهانُ لَهَا الغُلامةُ والغُلامُ
وَهُوَ بَيِّنُ الغُلُومة والغُلُوميَّة والغُلامِيَّة، وَتَصْغِيرُهُ غُلَيِّم، وَالْعَرَبُ يَقُولُونَ لِلْكَهْلِ غُلامٌ نَجيبٌ، وَهُوَ فاشٍ فِي كَلَامِهِمْ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
تَنَحَّ، يَا عَسيفُ، عَنْ مَقامِها ... وطَرِّحِ الدَّلْوَ إِلَى غُلامِها
قَالَ: غُلامُها صاحِبُها. والغَيْلَمُ: المرأَة الحَسْناء، وَقِيلَ: الغَيْلَمُ الْجَارِيَةُ المُغْتَلِمَة؛ قَالَ عِيَاضُ الْهُذَلِيُّ:
مَعِي صاحِبٌ مِثلُ حَدِّ السِّنان، ... شَدِيدٌ عَلى قِرْنِهِ مِحْطَمُ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
مِنَ المُدَّعِينَ إِذَا نُوكِرُوا، ... تُنِيفُ إِلَى صَوْتِهِ الغَيلَمُ
اللَّيْثُ: الغَيلَمُ والغَيْلَمِيُّ الشابُّ الْعَظِيمُ المَفْرِق الْكَثِيرُ الشَّعْرِ. الْمُحْكَمُ: والغَيْلَمُ والغَيلَمِيُّ الشَّابُّ الْكَثِيرُ الشَّعْرِ الْعَرِيضُ مَفْرِقِ الرأْس. والغَيْلَمُ: السُّلَحْفاة، وَقِيلَ: ذكَرُها. والغَيْلَمُ أَيضاً: الضِّفْدَع. والغَيْلَمُ: مَنْبَعُ الْمَاءِ فِي الْبِئْرِ. والغَيْلَمُ: المِدْرى؛ قَالَ:
يُشَذِّبُ بالسَّيْفِ أَقْرانَهُ، ... كَمَا فَرَّقَ اللِّمَّةَ الغَيْلَمُ
قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ الغَيْلم المِدْرى لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَدَلَّ اسْتِشْهَادُهُ بِالْبَيْتِ عَلَى تَصْحِيفِهِ. قَالَ: وأَنشدني غَيْرُ(12/440)
وَاحِدٍ بَيْتَ الْهُذَلِيُّ:
ويَحْمِي المُضافَ إِذَا مَا دَعا، ... إِذَا فَرَّ ذُو اللِّمِّةِ الغَيْلَمُ
قَالَ: هَكَذَا أَنْشَدَنِيهِ الإِيادي عَنْ شَمِرٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ وَقَالَ: الغَيْلَمُ الْعَظِيمُ، قَالَ: وأَنشدنيه غَيْرُهُ:
كما فَرَّقَ اللِّمَّةَ الفَيْلَمُ
بِالْفَاءِ، قَالَ: وَهَكَذَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي فِي رِوَايَةِ أَبي الْعَبَّاسِ عَنْهُ، قَالَ: والفَيْلَمُ المُشْط، والغَيْلَمُ: موضعٌ فِي شِعْرِ عَنترة؛ قَالَ:
كيْفَ المَزارُ، وَقَدْ تَرَبَّعَ أَهْلُها ... بعُنَيْزَتَيْنِ، وأَهْلُنا بالغَيْلَم؟
غلصم: الغَلْصَمَةُ: رأْس الحُلْقوم بِشَوَارِبِهِ وحَرْقدته، وَهُوَ الْمَوْضِعُ النَّاتِئُ فِي الحَلْق، وَالْجَمْعُ الغَلاصِمُ، وَقِيلَ: الغَلْصَمةُ اللَّحم الَّذِي بَيْنَ الرأْس والعُنُق، وَقِيلَ: مُتَّصَلُ الْحُلْقُومِ بِالْحَلْقِ إِذَا ازْدَرَدَ الآكلُ لُقْمَته فَزَلَّتْ عَنِ الْحُلْقُومِ، وَقِيلَ: هِيَ العُجرةُ الَّتِي عَلَى مُلْتَقَى اللَّهاةِ والمَرِيءِ. وغَلْصَمَه أَيْ قَطَع غَلْصَمَتَه. وَيُقَالُ: غَلْصَمْتُ فُلَانًا إِذَا أَخَذْتَ بحَلْقِه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فالأُسْدُ مِنْ مُغَلْصَمٍ وخُرْسِ
وَاسْتَعَارَ أَبُو نُخَيْلة الغَلاصِمَ للنَّخْل فَقَالَ، أَنشده أَبو حَنِيفَةَ:
صَفَا بُسْرُها، واخْضَرَّتِ العُشْبُ بَعْدَ ما ... عَلاها اغْبِرارٌ لانْضِمامِ الغَلاصِمِ
أدامَ لهَا العَصْرَيْنِ رِيّاً، وَلَمْ يَكُنْ ... كَمَنْ ضَنَّ عَن عُمْرانِها بالدَّراهِمِ
والغَلْصَمَةُ: الجماعةُ، وَهُمْ أَيضاً السادةُ؛ قال:
وهِنْدٌ غادةٌ غَيْداءُ ... فِي غَلْصَمةٍ غُلْبِ
يَجُوزُ أَنْ يَعْنِيَ بِهِ الْجَمَاعَةَ وَأَنْ يَعْنِي بِهِ السَّادَةَ؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
فَمَا أنتَ مِنْ قَيْسٍ فَتَنْبَح دُونَها، ... وَلَا مِنْ تَمِيمٍ فِي اللَّها والغلاصِم
عَنَى أَعاليَهم وجِلَّتَهم. ابْنُ السِّكِّيتِ: إِنَّهُ لَفِي غَلْصَمَةٍ مِنْ قَوْمِهِ أَيْ فِي شَرَفٍ وعَدَدٍ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
أَبي لُجَيْمٌ، واسْمُهُ ملءُ الفَمِ، ... فِي غَلْصَمِ الهامِ وهامِ الغَلْصَمِ
وَقَالَ الأَصمعي: أَرَادَ أَنه فِي مُعْظَم قَوْمِهِ وشرَفِهم، والغَلْصَمةُ: أَصلُ اللِّسَانِ، أَخْبَرَ أَنه فِي قَومٍ عِظام الهامِ، وَهَذَا مِمَّا يُوصَفُ بِهِ الرجلُ الشديدُ الشريفُ؛ وَذَكَرَ المُنذري أَن أَبا الْهَيْثَمِ أَنشده للأَغلب:
كانَتْ تَمِيمُ مَعْشَراً ذَوِي كَرَم، ... غَلْصَمةً مِنَ الغَلاصِمِ العُظَم
قَالَ: غَلْصَمَةً جَمَاعَةً لأَن الغَلْصمة مُجْتَمِعَةٌ بِمَا حَوْلَهَا؛ وَقَالَ
غَداةَ عَهِدْتُهُنَّ مُغَلْصَماتٍ، ... لَهُنَّ بِكُلِّ مَحْنِيَة نَحِيمُ
مُغَلْصَماتٍ: مَشْدُودَاتِ الأَعناق.
غمم: الغمُّ: وَاحِدُ الغُمُومِ. والغَمُّ والغُمَّةُ: الكَرْبُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
بَلْ لَوْ شَهِدْتِ النَّاس إِذْ تُكُمُّوا ... بغُمَّةٍ، لوْ لمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا
تُكُمُّوا أَيْ غُطُّوا بالغَمِّ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
لَا تَحْسَبَنْ أَنَّ يَدِي فِي غُمَّه، ... فِي قَعْرِ نِحْيّ أَسْتَثِيرُ حَمَّه(12/441)
والغَمَّاءُ: كالغَمِّ. وَقَدْ غَمَّه الأَمرُ يَغُمُّه غَمّاً فاغْتَمَّ وانْغَمَّ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ بَعْدَ اغْتَمَّ، قَالَ: وَهِيَ عَرَبِيَّةٌ. وَيُقَالُ: مَا أَغَمَّك إليَّ وَمَا أَغَمَّكَ لِي وَمَا أَغَمَّك عليَّ. وَإِنَّهُ لَفِي غُمَّةٍ مِنْ أَمْرِهِ أَيْ لَبْسٍ وَلَمْ يَهْتَدِ لَهُ. وأَمْرُهُ عَلَيْهِ غُمَّةٌ أَيْ لَبْسٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَجَازُهَا ظُلْمة وضيقٌ وهَمٌّ، وَقِيلَ: أَيْ مُغَطّىً مَسْتُورًا. والغُمَّى: الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
خَروج مِنَ الغُمَّى إِذَا صُكَّ صَكَّةً ... بَدا، والعُيُونُ المُسْتَكِفَّةُ تَلْمَحُ
وأمْرٌ غُمَّةٌ أَيْ مُبْهَمٌ مُلْتَبِسٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
لَعَمْري وَمَا أَمْرِي عليَّ بِغُمَّةٍ ... نَهارِي، وَمَا لَيْلي عليَّ بِسَرْمَدِ
وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَفِي غُمَّى مِنْ أَمْرِهِمْ إِذَا كَانُوا فِي أَمْرٍ مُلْتَبِسٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَضْرِبُ فِي الغُمَّى إِذَا كَثُرَ الوَغَى، ... وأَهْضِمُ إنْ أَضْحى المَراضِيعُ جُوَّعا
قَالَ ابْنُ حَمْزَةَ: إِذَا قَصَرْتَ الغُمَّى ضَمَمْتَ أَولها، وَإِذَا فتحْت أَولها مَدَدْتَ، قَالَ: والأَكثر عَلَى أَنه يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي الأَوَّل «2» قَالَ مُغَلِّسٌ:
حُبِسْتُ بِغَمَّى غَمْرةٍ فَتَركْتُها، ... وَقَدْ أَتْرُك الغَمّى إِذَا ضَاقَ بابُها
والغُمَّةُ: قَعْرُ النِّحْي وَغَيْرِهِ. وغُمَّ عَلَيْهِ الخَبَرُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، أَيِ اسْتَعجم مِثَالُ أُغْمِيَ. وغُمَّ الهِلال عَلَى النَّاسِ غَمّاً: سَترَه الغَيمُ وَغَيْرُهُ فَلَمْ يُرَ. وليلةُ غَمَّاءَ: آخِرُ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنه غُمَّ عَلَيْهِمْ أمرُها أَيْ سُتِرَ فَلَمْ يُدْرَ أَمِن الْمُقْبِلِ هِيَ أَمْ مِنَ الماضي؛ قَالَ:
ليلةُ غُمَّى طامِسٌ هِلالُها، ... «3» أَوْغَلتُها ومُكْرَهٌ إيغالُها
وَهِيَ ليلةُ الغُمَّى. وصُمْنا للغُمَّى وللغَمَّى، بالفتح والضم، إذ غُمَّ عَلَيْهِمِ الْهِلَالُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي يَرَوْنَ أَنَّ فِيهَا اسْتِهْلَالَهُ. وصُمْنا للغَمَّاء، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ. وصُمْنا للغُمِّيَّة وللغُمَّة كُلُّ ذَلِكَ إِذَا صَامُوا عَلَى غَيْرِ رُؤْيَةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ قَالَ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفطروا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فأَكملوا الْعِدَّةَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ غُمَّ عَلَيْنَا الْهِلَالُ غَمّاً فَهُوَ مَغْموم إِذَا حَالَ دُونَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ غَيْمٌ رَقِيق، مِنْ غَمَمْت الشَّيْءَ إِذَا غَطَّيته، وَفِي غُمَّ ضَمِيرُ الْهِلَالِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غُمَّ مُسْنَدًا إِلَى الظَّرْفِ أَيْ فَإِنْ كُنْتُمْ مَغْموماً عَلَيْكُمْ فأَكملوا، وَتَرَكَ ذِكْرَ الْهِلَالِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: وَلَا غُمَّةَ فِي فَرَائِضِ اللَّهِ
أَيْ لَا تُسْتَرُ وَلَا تُخفَى فَرَائِضُهُ، وَإِنَّمَا تُظْهَر وتُعْلن ويُجْهَر بِهَا؛ وَقَالَ أَبو دُوَادَ:
وَلَهَا قُرْحَةٌ تَلأْلأ كالشِّعْرَى، ... أَضاءَتْ وغُمَّ عَنْهَا النُّجومُ
يَقُولُ: غَطَّى السحابُ غيرَها مِنَ النُّجُومِ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
إِذَا نَجْمٌ تعَقَّبَ لاحَ نَجْمٌ، ... ولَيْسَتْ بالمُحاقِ وَلَا الغُمومِ
قَالَ: والغُمُومُ مِنَ النُّجُومِ صِغَارُهَا الْخَفِيَّةُ. قَالَ الأَزهري: وَرُوِيَ هَذَا الحديث
فإن غُمِّيَ عليكم
__________
(2) . قوله [في الأَول] كذا في الأصل، ولعله في الثاني إذ هو الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ والمد
(3) . قوله [ليلة غمى إلخ] أَوْرَدَهُ الْجَوْهَرِيُّ شَاهِدًا عَلَى ما بعده وهو المناسب(12/442)
وأُغْمِيَ عَلَيْكُمْ
، وَسَنَذْكُرُهُمَا فِي الْمُعْتَلِّ. أَبو عُبَيْدٍ: ليلةٌ غَمَّى، بِالْفَتْحِ مِثَالُ كَسْلى، وليلةٌ غَمَّةٌ إِذَا كَانَ عَلَى السَّمَاءِ غَمْيٌ مِثَالُ رَمْيٍ وغَمٌّ وَهُوَ أَنْ يُغَمَّ عَلَيْهِمِ الْهِلَالُ. قَالَ الأَزهري: فَمَعْنَى غُمَّ وأُغْمِيَ وغُمِّيَ وَاحِدٌ، والغَمُّ والغَمْيُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصةً عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا اغتَمَّ كَشَفَهَا
أَيْ إِذَا احْتَبَسَ نَفَسُه عَنِ الْخُرُوجِ، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنَ الغَمِّ التَّغْطِيَةِ وَالسَّتْرِ. وغَمَّ القمرُ النُّجُومَ: بَهَرَها وَكَادَ يَسْتُرُ ضوءَها. وغَمَّ يومُنا، بِالْفَتْحِ، يَغُمُّ غَمّاً وغُموماً مِنَ الغَمِّ. ويومٌ غامٌّ وغَمٌّ ومِغَمٌّ: ذُو غَمّ؛ قَالَ:
فِي أُخْرَياتِ الغَبَشِ المِغَمِ
وَقِيلَ: هُوَ إِذَا كَانَ يأْخذ بالنَّفَس مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ. وأَغَمَّ يومُنا مِثْلُهُ. وَلَيْلَةٌ غَمَّة وَلَيْلٌ غَمٌّ أَيْ غامَّةٌ، وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ كَمَا تَقُولُ ماءٌ غَوْرٌ وأَمرٌ غامٌّ. وَرَجُلٌ مَغْموم: مُغْتَمٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ غُمَّ عَلَيْنَا الهلالُ، فَهُوَ مَغْموم إِذَا الْتَبَسَ. والغِمامةُ، بِالْكَسْرِ: خَريطةٌ يُجْعَلُ فِيهَا فَمُ الْبَعِيرِ يُمْنَعُ بِهَا الطَّعَامُ، غَمَّهُ يَغُمُّه غَمّاً، وَالْجَمْعُ الغَمائم. والغِمامة: مَا تُشَدُّ بِهِ عَيْنَا النَّاقَةِ أَوْ خَطْمُها. أَبو عُبَيْدٍ: الغِمامة ثَوْبٌ يُشَدُّ بِهِ أَنف النَّاقَةِ إِذَا ظُئِرَتْ عَلَى حُوار غَيْرِهَا، وَجَمْعُهَا غَمائم؛ قَالَ الْقَطَّامِيُّ:
إِذَا رَأْسٌ رأَيْتُ بِهِ طِماحاً، ... شَدَدْتُ لَهُ الغَمائِمَ والصِّقاعا
اللَّيْثُ: الغِمامةُ شِبْه فِدامٍ أَوْ كِعامٍ. وَيُقَالُ: غَمَمْتُ الْحِمَارَ والدَّابة غَمّاً، فَهُوَ مَغْمُومٌ إِذَا أَلقَمْتَ فَاهُ وَمُنْخَرَيْهِ؛ الغِمامة، بِالْكَسْرِ: وَهِيَ كالكِعام، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِذَا أَلقمت فَاهُ مِخْلاةً أَوْ مَا أَشْبَهَهَا يَمْنَعُهُ مِنَ الِاعْتِلَافِ، وَاسْمُ مَا يُغَمُّ بِهِ غِمامة. التَّهْذِيبُ: شَمِرٌ الغِمَّةُ، بِكَسْرِ الْغَيْنِ، اللِّبْسة؛ تَقُولُ: اللِّباسُ والزِّيُّ والقِشْرة والهَيْئة والغِمَّة وَاحِدٌ. والغِمامةُ: القُلْفة، عَلَى التَّشْبِيهِ. ورُطَبٌ مَغْمومٌ: جُعِلَ فِي الجَرَّة وسُتِر ثُمَّ غُطِّي حَتَّى أَرْطَب. وغَمَّ الشيءَ يَغُمُّه: عَلَاهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
أُنُفٌ يَغُمٌّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها
وبحرٌ مُغَمِّمٌ: كَثِيرُ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ الرَّكِيَّة؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الَّتِي تَمْلأُ كلَّ شَيْءٍ وتُغَرِّقه؛ وأَنشد:
قَرِيحةُ حِسيٍ مِنْ شُرَيْح مُغَمِّم
وغَمَمْتُه: غَطَّيته فانغَمَّ؛ قَالَ أَوس يَرْثِي ابْنَهُ شُرَيْحًا:
وقدْ رامَ بَحْري قَبْلَ ذَلِكَ طامِياً، ... مِنَ الشُّعَراءِ، كُلُّ عَوْدٍ ومُفْحِمِ
عَلَى حِينَ أَنْ جَدَّ الذَّكاءُ وأَدْرَكتْ ... قَريحةُ حِسْيٍ مِن شُرَيْحٍ مُغَمَّم
يُرِيدُ: رَامَ الشُّعَرَاءُ بحري بعد ما ذَكِيتُ، والذَّكاء انْتِهَاءُ السِّنِّ وَاسْتِحْكَامُهُ، وَقَوْلُهُ قَريحةُ حِسْيٍ مِنْ شُرَيْحٍ يُرِيدُ أَن ابْنَهُ شُرَيْحًا قَدْ قَالَ الشِّعْرَ، وقَريحةُ الْمَاءِ: أَول خُرُوجِهِ مِنَ الْبِئْرِ، وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ مُغَمِّمٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، يُرِيدُ الْغَامِرَ الْمُغَطِّي؛ شَبَّهَ شِعْرَ ابْنِهِ شُرَيْحٍ بِمَاءٍ غَامِرٍ لَا يَنْقَطِعُ، وَلَمْ يَرْث ابْنَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ كَمَا ذَكَرَ، وَإِنَّمَا افْتَخَرَ بِنَفْسِهِ وَبِوَلَدِهِ وَنُصْرَةِ قَوْمِهِ فِي يَوْمِ السُّوبان. وغَيم مُغَمِّم: كَثِيرُ الْمَاءِ. والغَمامة، بِالْفَتْحِ: السَّحَابَةُ، وَالْجَمْعُ غَمام وغَمائم؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْحُطَيْئَةِ يَمْدَحُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ:
إِذَا غِبْتَ عَنَّا غابَ عَنَّا رَبيعُنا، ... ونُسْقى الغَمامَ الغُرَّ حِينَ تَؤُوبُ(12/443)
فَوَصَفَ الْغَمَامَ بالغُرّ وَهُوَ جَمْعُ غَرّاء. وَقَدْ أَغَمَّتِ السماءُ أَيْ تَغَيَّرَتْ. وحَبُّ الغَمام: البَرَد. وَسَحَابٌ أَغَمُّ: لَا فُرْجة فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ
؛ الغَمام الغَيْم الأَبيض وَإِنَّمَا سُمِّيَ غَمَامًا لأَنه يَغُمُّ السَّمَاءَ أَيْ يَسْتُرُهَا، وَسُمِّيَ الغَمّ غَمّاً لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْقَلْبِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ
؛ أَراد غَمًّا مُتَّصِلًا، فَالْغَمُّ الأَول الجِراح وَالْقَتْلُ، وَالثَّانِي مَا أُلقي إِلَيْهِمْ مِنْ قَبْلَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأَنساهم الْغَمَّ الأَول. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ:
عَتَبُوا عَلَى عُثْمَانَ مَوْضِعَ الغَمامة المُحْماة
؛ هِيَ السَّحَابَةُ وَجَمْعُهَا الغَمام، وَأَرَادَتْ بِهَا العُشب والكَلأَ الَّذِي حَمَاهُ، فَسَمَّتْهُ بِالْغَمَامَةِ كَمَا يُسَمَّى بِالسَّمَاءِ، أَرَادَتْ أَنه حَمى الكَلأَ وَهُوَ حَقُّ جَمِيعِ النَّاسِ. والغَمَمُ: أَن يَسيل الشَّعر حَتَّى يَضِيقَ الْوَجْهُ وَالْقَفَا، وَرَجُلٌ أَغَمّ وَجَبْهَةٌ غَمّاء؛ قَالَ هُدْبَةُ بْنُ الْخَشْرَمِ:
فَلَا تَنْكِحي، إنْ فَرَّقَ الدهرُ بَيْنَنَا، ... أَغَمَّ القَفا والوَجْهِ، لَيْسَ بأَنْزَعا
وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَغَمّ الْوَجْهِ وأَغَمّ الْقَفَا. وَفِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ فِي رِوَايَةِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: كُنَّا نَسِيرُ فِي أَرض غُمَّة «1»
؛ الغُمّةُ: الضَّيِّقَةُ. والغَمّاء مِنَ النَّوَاصِي: كالفاشِغة، وَتُكْرَهُ الغَمّاء مِنْ نَوَاصِي الْخَيْلِ وَهِيَ المُفرطة فِي كَثْرَةِ الشعَر. والغَمِيم: النَّبَاتُ الأَخضر تَحْتَ الْيَابِسِ. وَفِي الصِّحَاحِ: الغَمِيم الغَمِيس وَهُوَ الكلأُ تَحْتَ اليَبِيس. وَفِي النَّوَادِرِ: اعتَمَّ الكلأُ واغْتَمَّ. وأَرض مُعِمّة ومُغِمّة ومُعْلَوْلِية ومُغْلَوْلِيَة، وأَرض عَمْياء وكَمْهاءُ كُلُّ هَذَا فِي كَثْرَةِ النَّبَاتِ وَالْتِفَافِهِ. والغُمام: الزُّكام. وَرَجُلٌ مَغْموم: مَزْكوم. والغَمِيمُ: اللَّبَنُ يُسَخَّنُ حَتَّى يَغْلُظَ. والغَمِيم: مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ، وَمِنْهُ كُراع الغَمِيم وبُرَق الغَميم؛ قَالَ:
حَوَّزَها مِن بُرَق الغَمِيمِ، ... أَهْدَأُ يَمْشِي مِشْيةَ الظَّلِيمِ
والغَمْغَمةُ والتَّغَمْغُم: الْكَلَامُ الَّذِي الَّذِي لَا يُبَين، وَقِيلَ هُمَا أَصوات الثِّيرَانِ عِنْدَ الذُّعْر وأَصوات الأَبطال فِي الوَغى عِنْدَ الْقِتَالِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وظَلَّ لِثيرانِ الصَّرِيم غَماغِمٌ، ... يُداعِسُها بالسَّمْهَريِّ المُعَلَّب
وَأَوْرَدَ الأَزهري هُنَا بَيْتًا نَسَبَهُ لِعَلْقَمَةَ وَهُوَ:
وظلَّ لثيرانِ الصَّريمِ غماغِمٌ، ... إِذَا دَعَسُوها بالنَّضِيِّ المُعَلَّب
وَقَالَ الرَّاعِي:
يَفْلِقْن كلَّ ساعِد وجُمْجُمه ... ضَرباً، فَلَا تَسمع إِلَّا غَمْغَمَه
وَفِي صِفَةِ قُرَيْشٍ:
لَيْسَ فِيهِمْ غَمْغمةُ قُضاعة
؛ الغَمغمة والتَّغَمْغم: كَلَامٌ غَيْرُ بيِّن؛ قَالَهُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ لِمُعَاوِيَةَ، قَالَ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: قَوْمُكَ مِنْ قُرَيْشٍ؛ وَجَعَلَهُ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ رِبْعٍ الْهُذَلِيُّ للقِسِيّ فَقَالَ:
وللقِسِيِّ أَزامِيلٌ وغَمْغمةٌ، ... حِسَّ الجَنُوبِ تَسوقُ الْمَاءَ والبَرَدا
وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
فِي حَوْمةِ المَوْتِ الَّتِي لَا تَشْتَكي ... غَمَراتِها الأَبْطالُ، غيرَ تَغَمْغُمِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
إِذَا المُرْضِعاتُ، بَعْدَ أَوّل هَجْعةٍ، ... سَمِعْتَ عَلَى ثُدِيِّهنّ غَماغِما
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَن أَلبانهن قَلِيلَةٌ، فالرَّضيع يُغَمْغِم
__________
(1) . قوله [في أرض غمة] ضبطت الغمة بضم الغين وشد الميم كما ترى في غير نسخة من النهاية(12/444)
وَيَبْكِي عَلَى الثَّدي إِذَا رَضِعه طَلَبًا لِلَّبَنِ، فَإِمَّا أَن تَكُونَ الْغَمْغَمَةُ فِي بُكَاءِ الأَطفال وتَصويتهم أَصلًا، وَإِمَّا أَن تَكُونَ اسْتِعَارَةً. وتَغَمْغَمَ الغريقُ تَحْتَ الْمَاءِ: صوَّت، وَفِي التَّهْذِيبِ إِذَا تداكَأَت فَوْقَهُ الأَمواج؛ وأَنشد:
مَنْ خَرَّ فِي قَمْقامِنا تَقَمْقَما، ... كَمَا هَوَى فِرعونُ، إذْ تَغَمْغَما
تحتَ ظِلال المَوْجِ، إذْ تَدَأّما
أَيْ صَارَ فِي دَأْماء الْبَحْرِ.
غنم: الغَنَم: الشَّاءُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَقَدْ ثَنَّوْه فَقَالُوا غنَمانِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
هُمَا سَيِّدانا يَزْعُمانِ، وإنَّما ... يَسُودانِنا إِنْ يَسَّرَتْ غَنماهُما
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنهم ثَنَّوْهُ عَلَى إِرَادَةِ القَطِيعين أَوِ السِّرْبين؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: تَرُوح عَلَى فُلَانٍ غَنمانِ أَيْ قَطِيعَانِ لِكُلِّ قَطِيع رَاعٍ عَلَى حِدَةٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: أَعْطُوا مِنَ الصَّدقة مَنْ أَبْقت لَهُ السَّنَةُ غَنماً وَلَا تُعطوها مَنْ أَبقت لَهُ غَنمَيْنِ
أَيْ مَنْ أَبقت لَهُ قِطعةً وَاحِدَةً لَا يُقَطَّعُ مِثْلُهَا فَتَكُونُ قِطْعتين لِقِلَّتِهَا، فَلَا تُعطوا مَنْ لَهُ قِطْعَتَانِ مِنْهَا، وأَراد بالسَّنة الجَدْب؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ تَرُوحُ عَلَى فُلَانٍ إِبِلَانِ: إِبِلٌ هَاهُنَا وَإِبِلٌ هَاهُنَا، وَالْجَمْعُ أَغْنام وغُنوم، وكسَّره أَبو جُنْدُبٍ الْهُذَلِيُّ أَخو خِراش عَلَى أَغانِم فَقَالَ مِنْ قَصِيدَةٍ يَذْكُرُ فِيهَا فِرار زُهير بْنَ الأَغرّ اللِّحْيَانِيَّ:
فَرَّ زُهَيْرٌ رَهْبةً مِن عِقابنا، ... فَلَيْتَكَ لَمْ تَغْدِرْ فتُصْبِح نَادما
مِنْهَا:
إِلَى صُلْحِ الفَيْفَا فَقُنَّةِ عَاذِبٍ، ... أُجَمِّعُ مِنْهُمْ جامِلًا وأَغانِما
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه أَراد وأَغانيم فَاضْطَرَّ فَحَذَفَ كَمَا قَالَ:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسَا
وغَنَم مُغْنَمةٌ ومُغَنَّمَة: كَثِيرَةٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ عَنِ الْكِسَائِيِّ: غَنَمٌ مُغَنِّمة ومُغَنَّمَة أَيْ مُجتمعة. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: غَنَمٌ مُغَنَّمة وَإِبِلٌ مُؤبَّلة إِذَا أُفرد لِكُلٍّ مِنْهَا رَاعٍ، وَهُوَ اسْمٌ مُؤَنَّثٌ مَوْضُوعٌ لِلْجِنْسِ، يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَعَلَى الإِناث وَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا، فَإِذَا صَغَّرْتَهَا أَدخلتها الْهَاءَ قُلْتَ غُنَيْمة، لأَن أَسماء الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا إِذَا كَانَتْ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّينَ فالتأْنيث لَهَا لَازِمٌ، يُقَالُ: لَهُ خَمْسٌ مِنَ الْغَنَمِ ذُكُورٌ فَيُؤَنَّثُ الْعَدَدُ وَإِنْ عَنَيْتَ الكِباش إِذَا كَانَ يَلِيهِ مِنَ الْغَنَمِ لأَن الْعَدَدَ يَجْرِي فِي تَذْكِيرِهِ وتأْنيثه عَلَى اللَّفْظِ لَا عَلَى الْمَعْنَى، والإِبل كَالْغَنَمِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، وَتَقُولُ: هَذِهِ غَنَمٌ لَفْظُ الْجَمَاعَةِ، فَإِذَا أَفردت الْوَاحِدَةَ قُلْتَ شَاةً. وتَغَنَّم غَنَماً: اتَّخَذَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
السَّكِينةُ فِي أَهل الغَنَم
؛ قِيلَ: أَرَادَ بِهِمْ أَهل الْيَمَنِ لأَن أَكثرهم أَهل غَنَمٍ بِخِلَافِ مُضر ورَبيعة لأَنهم أَصحاب إِبِلٍ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَا آتِيكَ غَنَمَ الفِزْرِ أَي حَتَّى يَجْتَمِعَ غَنَمُ الْفِزْرِ، فأَقاموا الْغَنَمَ مَقَامَ الدَّهْرِ وَنَصَبُوهُ هُوَ عَلَى الظَّرْفِ، وَهَذَا اتِّسَاعٌ. والغُنْم: الفَوْز بِالشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ. والاغتِنام: انْتِهَازُ الغُنم. والغُنم والغَنِيمة والمَغْنم: الْفَيْءُ. يُقَالُ: غَنِمَ القَوم غُنْماً، بِالضَّمِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرَّهْن لِمَنْ رَهَنه لَهُ غُنْمه وَعَلَيْهِ غُرْمه
؛ غُنْمه: زِيَادَتُهُ ونَماؤه وَفَاضِلُ قِيمَتِهِ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤية:
وأَلزمَهَا مِنْ مَعْشَرٍ يُبْغِضُونها، ... نَوافِلُ تأْتيها بِهِ وغُنومُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ كسَّر غُنْماً عَلَى غُنوم. وغَنِم الشيءَ غُنْماً: فَازَ بِهِ. وتَغَنَّمه واغْتَنَمه: عَدَّهُ غَنِيمة، وَفِي(12/445)
الْمُحْكَمِ: انْتَهَزَ غُنْمه. وأَغْنَمه الشيءَ: جَعَلَهُ لَهُ غَنِيمة. وغَنَّمته تَغْنِيماً إِذَا نفَّلته. قَالَ الأَزهري: الغَنِيمة مَا أَوجَف عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلِهِمْ وَرِكَابِهِمْ مِنْ أَموال الْمُشْرِكِينَ، وَيَجِبُ الْخُمُسُ لِمَنْ قَسَمه اللَّهُ لَهُ، ويُقسَم أَربعةُ أَخْمَاسِهَا بَيْنَ المُوجِفين: لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسهم وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَاحِدٌ، وأَما الفَيء فَهُوَ مَا أَفاء اللَّهُ مِنْ أَموال الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِلَا حَرْبٍ وَلَا إِيجَافٍ عليه، مثل جِزية الرؤوس وَمَا صُولحوا عَلَيْهِ فَيَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ أَيضاً لِمَنْ قَسَمَهُ اللَّهُ، وَالْبَاقِي يُصْرَفُ فِيمَا يَسُد الثُّغُورَ مِنْ خَيْلٍ وَسِلَاحٍ وعُدّة وَفِي أَرزاق أَهل الْفَيْءِ وأَرزاق الْقُضَاةِ وَمَنْ غَيْرَهُمْ وَمَنْ يَجْرِي مَجراهم، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْغَنِيمَةِ والمَغنم وَالْغَنَائِمِ، وَهُوَ مَا أُصيب مِنْ أَموال أَهْلِ الْحَرْبِ وأَوجَف عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ الْخَيْلَ وَالرِّكَابَ. يُقَالُ: غَنِمت أَغْنَم غُنماً وغَنيمة، وَالْغَنَائِمُ جَمْعُهَا. والمَغانم: جَمْعُ مَغْنم، وَالْغُنْمُ، بِالضَّمِّ، الِاسْمُ، وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ. وَيُقَالُ فُلَانٌ يَتَغَنَّمُ الأَمر أَيْ يَحرِص عَلَيْهِ كَمَا يَحْرِصُ عَلَى الْغَنِيمَةِ. وَالْغَانِمُ: آخِذُ الْغَنِيمَةِ، وَالْجَمْعُ الْغَانِمُونَ. وَفِي الْحَدِيثِ
الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ
؛ سَمَّاهُ غَنِيمَةً لِمَا فِيهِ مِنَ الأَجر وَالثَّوَابِ. وغُناماك وغُنْمك أَنْ تَفْعَلَ كَذَا أَيْ قُصاراك ومَبْلَغ جُهدك وَالَّذِي تَتَغَنَّمُهُ كَمَا يُقَالُ حُماداك، وَمَعْنَاهُ كُلُّهُ غَايَتُكَ وَآخِرُ أَمرك. وَبَنُو غَنْم: قَبِيلَةٌ مِنْ تَغْلِب وَهُوَ غَنم بْنُ تَغْلِبَ بْنِ وَائِلٍ. ويَغْنَم: أَبُو بَطْنٍ. وَغَنَّامٌ وَغَانِمٌ وغُنَيم: أَسماءٌ. وغَنَّامة: اسْمُ امرأَة. وغَنّام: اسْمُ بَعِيرٍ؛ وَقَالَ:
يَا صَاحِ، مَا أَصْبَرَ ظَهْرَ غَنَّام ... خَشِيتُ أَن تَظْهَرَ فِيهِ أَوْرام
مِن عَوْلَكَيْنِ غَلَبا بالإِبْلام
غهم: الغَيْهَمُ: كالغَيْهَب؛ عَنِ اللحياني.
غيم: الغَيْم: السَّحَابُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن لَا تَرَى شَمْسًا مِنْ شِدَّةِ الدَّجْن، وَجَمْعُهُ غُيوم وغِيام؛ قَالَ أَبو حَيَّةَ النُّمَيْرِيُّ:
يَلُوحُ بِهَا المُذَلَّقُ مِذْرَياه، ... خُروجَ النجمِ مِنْ صَلَعِ الغِيام
وَقَدْ غامَت السَّمَاءُ وأَغامَت وأَغْيَمت وتَغَيَّمَت وغَيَّمت، كُلُّهُ بِمَعْنًى. وأَغيَم القومُ إِذَا أَصَابَهُمْ غَيْم. وَيَوْمٌ غَيُوم: ذُو غَيم، حُكي عَنْ ثَعْلَبٍ. والغَيم: الْعَطَشُ وَحَرُّ الْجَوْفِ؛ وأَنشد:
مَا زالتِ الدَّلْوُ لَهَا تَعُودُ، ... حَتَّى أَفاقَ غَيْمُها المَجْهُودُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ لَهَا تَعُودُ عَلَى بِئْرٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن تَعُودَ عَلَى الإِبل أَي مَا زَالَتْ تَعُودُ فِي الْبِئْرِ لأَجلها. أَبو عُبَيْدٍ: والغَيْمة الْعَطَشُ، وَهُوَ الغَيْم. أَبو عَمْرٍو: الْغَيْمُ والغَيْن الْعَطَشُ، وَقَدْ غَامَ يَغِيم وَغَانَ يَغِين. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ العَيْمة والغَيْمة والأَيْمة
؛ فالعَيْمة: شِدَّةُ الشَّهْوَةِ لِلَّبَنِ، والغَيمة شِدَّةُ الْعَطَشِ، والأَيمة العُزْبة. وَقَدْ غَامَ إِلَى الْمَاءِ يَغِيم غَيْمة وغَيَماناً ومَغِيماً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فَهُوَ غَيْمان، والمرأَة غَيْمَى؛ وَقَالَ رَبيعة بْنُ مَقْرُومٍ الضَّبِّيُّ يَصِفُ أُتُناً:
فَظَلَّتْ صَوافِنَ، خُزْرَ العُيون ... إِلَى الشَّمْسِ مِن رَهْبةٍ أَن تَغِيما
وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ: فَظَلَّتْ صَواديَ أَي عِطَاشًا. وَشَجَرٌ غَيْم: أَشِبٌ مُلتفّ كغَين. وغَيَّمَ الطائرُ إِذَا رَفْرَفَ عَلَى رأْسك وَلَمْ يُبعد؛ عَنْ ثعلب، بالغين وَالْيَاءِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والغِيام: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:(12/446)
بَكَتْنا أَرْضُنا لَمَّا ظَعَنّا، ... وحَيَّتْنا سُفَيْرَةُ والغِيام
وغَيَّمَ الليلُ تَغْيِيمًا إِذَا جَاءَ مِثْلَ الغَيم. وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنُ السِّكِّيتِ قَالَ: قَالَ عَجْرَمَةُ الأَسدي مَا طَلعت الثُّرَيَّا وَلَا بَاءَتْ إِلَّا بِعَاهَةٍ فيُزكَم النَّاسُ ويُبْطَنُون ويُصيبهم مَرَضٌ، وأَكثر مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الإِبل فَإِنَّهَا تُقْلَب ويأْخذها عَتَهٌ. وَالْغَيْمُ: شُعبة مِنَ القُلاب. يُقَالُ: بَعِيرٌ مَغْيُوم، وَلَا يَكَادُ الْمَغْيُومُ يَمُوتُ، فأَما المَقْلوب فَلَا يَكَادُ يُفْرِقُ، وَذَلِكَ يُعرف بمَنْخِره، فَإِذَا تَنَفَّسَ منخِره فَهُوَ مَقْلُوبٌ، وَإِذَا كَانَ سَاكِنَ النَفَس فهو مغيوم.
فصل الفاء
فأم: الفِئامُ: وِطاء يَكُونُ للمَشاجر، وَقِيلَ: هُوَ الهَوْدَج الَّذِي قَدْ وُسِّع أَسْفَلُهُ بِشَيْءٍ زِيدَ فِيهِ؛ وَقِيلَ: هُوَ عِكْم مِثْلُ الجُوالِق صَغِيرُ الْفَمِ يُغَطَّى بِهِ مَرْكب المرأَة، يُجْعَلُ وَاحِدٌ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَآخَرُ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وأَرْبَدُ فارِسُ الهَيْجا، إِذَا مَا ... تَقَعَّرتِ المَشاجِرُ بالفِئام «2»
والجمع فُؤُوم. وَفِي التَّهْذِيبِ: الْجَمْعُ فُؤُمٌ على وزن فُعُم مِثْلُ خِمار وخُمُر. وفَأّمَ الهَوْدجَ وأَفْأَمَه: وسَّعَ أسفَلَه؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
عَلَى كُلِّ قَيْنيٍّ قَشِيبٍ مُفَأّم
وَيُرْوَى: ومُفْأَم. وَهَوْدَجٌ مُفَأّم، عَلَى مُفَعَّل: وُطِّئ بالفِئام. وَالتَّفْئِيمُ: تَوْسِيعُ الدَّلو. يُقَالُ: أَفْأَمْتُ الدَّلْوَ وأَفْعَمْتُه إِذَا ملأْته. ومزادةٌ مُفَأّمة إِذَا وُسّعت بِجِلْدٍ ثَالِثٍ بَيْنِ الْجِلْدَيْنِ كَالرَّاوِيَةِ والشَّعِيب، وَكَذَلِكَ الدَّلْوُ المُفَأّمَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: أفْأمت الرحلَ وَالْقَتَبَ إِذَا وسَّعته وَزِدْتَ فِيهِ، وَفَأَّمْتُهُ تَفْئِيمًا مِثْلُهُ، ورَحْل مُفْأم ومُفَأّم؛ وَأَنْشَدَ بَيْتَ زُهَيْرٍ أَيْضًا:
ظَهَرْنَ مِنَ السُّوبانِ، ثُمَّ جَزَعْنَه ... عَلَى كُلِّ قَينيٍّ قَشِيبٍ ومُفْأَم
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
عَبْلًا تَرى فِي خَلْقه تَفْئِيمَا
ضِخَماً وسَعة. أَبُو عَمْرٍو: فَأَمْتُ وصَأَمْتُ إِذَا رَوِيتَ مِنَ الْمَاءِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّفاؤمُ أَنْ تملأَ الْمَاشِيَةُ أَفْوَاهَهَا مِنَ العُشب. ابْنُ الأَعرابي: فَأَم البعيرُ إِذَا ملأَ فَاهُ مِنَ الْعُشْبِ؛ وَأَنْشَدَ:
ظَلَّتْ برَمْلِ عالجٍ تَسَنَّمُهْ، ... فِي صِلِّيانٍ ونَصِيٍّ تَفْأَمُهْ
وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: سَمِعْتُ أَبَا السَّمَيْدع يَقُولُ فَأَمت فِي الشَّرَابِ وصَأَمت إِذَا كَرَعْتَ فِيهِ نَفَساً؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: كأَنه مِنْ أَفْأَمْت الإِناء إِذَا أَفْعَمْته وملأَته. والأَفْآم: فُروغُ الدَّلْوِ الأَربعة الَّتِي بَيْنَ أَطْرَافِ العَراقي؛ حَكَاهَا ثَعْلَبٌ؛ وَأَنْشَدَ فِي صِفَةِ دَلْوٍ:
كأنَّ، تَحتَ الكَيْلِ مِنْ أَفآمها، ... شَقْراءَ خَيْلٍ شُدَّ مِن حِزامها
وَبَعِيرٌ مُفأَم ومُفَأّم: سَمِينٌ وَاسِعُ الْجَوْفِ. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذَا امتلأَ شَحْمًا: قَدْ فُئِم حَارِكُهُ، وَهُوَ مُفْأَم. والفِئام: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ:
كأنَّ مَجامِعَ الرَّبَلاتِ مِنْهَا ... فِئامٌ يَنْهَضُون إِلَى فِئام
وَفِي التَّهْذِيبِ:
فِئَامٌ مُجْلَبُونَ إلى فئام
__________
(2) . قوله [وأربد إلخ] تقدم في مادة شجر محرفاً وما هنا هو الصواب.(12/447)
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. يُقَالُ: عِنْدَ فُلَانٍ فِئام مِنَ النَّاسِ، وَالْعَامَّةِ تَقُولُ فِيام، بِلَا هَمْزٍ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَكُونُ الرَّجُلُ عَلَى الفِئام مِنَ النَّاسِ
؛ هُوَ مَهْمُوزٌ الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ. وَفِي تَرْجَمَةِ فعم: سِقَاءٌ مُفْعَم ومُفْأَم أَيْ مَمْلُوءٌ.
فجم: الفَجَم: غِلَظ فِي الشِّدْقِ. رَجُلٌ أفْجم، يَمَانِيَةٌ. وفَجْمة الْوَادِي وفُجْمَته: مُتَّسَعه، وَقَدِ انْفَجَم وتَفَجَّم. وفُجُومة: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ. وضُبَيْعةُ أفْجَم: قبيلة.
فجرم: الفِجْرِمُ: الجَوز الَّذِي يُؤْكَلُ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ كَلَامِ ذِي الرُّمَّةِ.
فحم: الفَحْم والفَحَم، مَعْرُوفٌ مِثْلُ نَهْر ونَهَر: الْجَمْرُ الطَّافِئُ. وَفِي الْمَثَلِ: لَوْ كُنْتُ أنْفُخ فِي فَحَم أَيْ لَوْ كُنْتُ أَعْمَلُ فِي عَائِدَةٍ؛ قَالَ الأَغلب الْعِجْلِيُّ:
هَلْ غَيْرُ غارٍ هَدَّ غَارًا فانْهَدَمْ؟ ... قَدْ قاتَلُوا لَوْ يَنْفُخُون فِي فَحَمْ،
وصَبَروا لَوْ صَبَرُوا عَلَى أَمَمْ
يَقُولُ: لَوْ كَانَ قِتَالُهُمْ يُغْنِي شَيْئًا وَلَكِنَّهُ لَا يُغْنِي، فَكَانَ كَالَّذِي يَنْفُخُ نَارًا وَلَا فَحْمَ وَلَا حَطَبَ فَلَا تَتَّقِدُ النَّارُ؛ يُضْرَبُ هَذَا الْمَثَلَ لِلرَّجُلِ يُمَارِسُ أَمْرًا لَا يُجدي عَلَيْهِ، وَاحِدَتُهُ فَحْمة وفَحَمة. والفَحِيم: كالفَحْم؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وإذْ هِيَ سَوْداءُ مِثْلُ الفَحِيم، ... تُغَشِّي المَطانِبَ والمَنْكِبا
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الفَحِيم جَمْعَ فَحْم كعبْد وعَبِيد، وَإِنْ قَلَّ ذَلِكَ فِي الأَجناس، وَنَظِيرُ مَعْز ومَعِيز وضَأْن وضَئِين. وفَحْمة اللَّيْلِ: أَوَّلُهُ، وَقِيلَ: أَشَدُّ سَوَادٍ فِي أَوَّلِهِ، وَقِيلَ: أَشَدُّهُ سَوَادًا، وَقِيلَ: فَحَمَتُهُ مَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى نَوْمِ النَّاسِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِحَرِّهَا لأَن أَوَّلَ اللَّيْلِ أَحرّ مِنْ آخِرِهِ وَلَا تَكُونُ الْفَحْمَةُ فِي الشِّتَاءِ، وَجَمْعُهَا فِحام وفُحوم مِثْلُ مَأْنة ومُؤون؛ قَالَ كثيِّر:
تُنازِعُ أشْرافَ الإِكامِ مَطِيَّتي، ... مِن اللَّيْلِ، شَيحاناً شَدِيداً فُحومُها
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فُحومها سَوَادَهَا كَأَنَّهُ مَصْدَرُ فَحُم. والفَحْمة: الشَّرَابُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الأَوقات الْمَذْكُورَةِ. الأَزهري: وَلَا يُقَالُ لِلشَّرَابِ فَحْمَةٌ كَمَا يُقَالُ لِلجاشِرِيَّةِ والصَّبُوح والغَبُوق والقَيْل. وأَفْحِمُوا عَنْكُمْ مِنَ اللَّيْلِ وفَحِّمُوا أَيْ لَا تَسِيرُوا حَتَّى تَذْهَبَ فَحمته، وَالتَّفْحِيمُ مِثْلُهُ. وَانْطَلَقْنَا فَحْمةَ السَّحَر أَيْ حِينَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ضُموا فَواشِيَكم حَتَّى تَذْهَبَ فحمة الشتاء
؛ والفَواشي: مَا انْتَشَرَ مِنَ الْمَالِ والإِبل وَالْغَنَمِ وَغَيْرِهَا. وفَحْمة العِشاء: شِدَّةُ سَوَادِ اللَّيْلِ وظلمتِه، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِهِ حَتَّى إِذَا سَكَنَ فَوْرُه قَلَّت ظُلمته. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى حَمْزَةُ بْنُ الْحَسَنِ الأَصبهاني أَنَّ أَبَا الْمُفَضَّلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ كُنَّا بِبَابِ بَكْرِ بْنِ حَبِيبٍ فَقَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ فِي عَرَضِ كَلَامٍ لَهُ قَحْمة العِشاء، فقلنا: لعله فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، فَقَالَ: هِيَ قَحْمَةٌ، بِالْقَافِ، لَا يُخْتَلَفُ فِيهَا، فَدَخَلْنَا عَلَى بَكْرِ بْنِ حَبِيبٍ فَحَكَيْنَاهَا لَهُ فَقَالَ: هِيَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، بِالْفَاءِ لَا غَيْرُ، أَيْ فَورته. وَفِي الْحَدِيثِ:
اكْفِتوا صِبْيَانَكُمْ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ
؛ هِيَ إِقْبَالُهُ وَأَوَّلُ سَوَادِهِ، قَالَ: وَيُقَالُ للظُّلمة الَّتِي بَيْنَ صَلَاتَيِ الْعِشَاءِ الْفَحْمَةُ، وَالَّتِي بَيْنَ الْعَتَمَةِ وَالْغَدَاةِ العَسْعَسَةُ. وَيُقَالُ: فَحِّموا عَنِ الْعِشَاءِ؛ يَقُولُ: لَا تَسِيروا فِي أَوَّلِهِ حِينَ تَفُور الظُّلمة وَلَكِنِ امْهَلوا حَتَّى تَسْكن وتَعتدل الظُّلْمَةُ ثُمَّ سِيرُوا؛ وَقَالَ لَبيد:(12/448)
واضْبِطِ الليلَ، إِذَا طالَ السُّرى ... وتَدَجَّى بَعْدَ فَوْرٍ، واعْتَدَلْ
وجاءنا فَحْمةَ ابن جُمَيْرٍ إِذَا جَاءَ نِصْفُ اللَّيْلِ؛ أَنشد ابْنُ الْكَلْبِيِّ:
عِنْدَ دَيْجورِ فَحْمةِ ابْنِ جُمَيْرٍ ... طَرَقَتْنا، والليلُ داجٍ بَهِيمُ
والفاحِمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الأَسود بَيِّن الفُحومة، ويُبالَغ فِيهِ فَيُقَالُ: أَسود فَاحِمٌ. وشَعر فَحِيم: أَسود، وَقَدْ فَحُم فُحوماً. وَشَعَرٌ فاحِم وَقَدْ فَحُم فُحُومة: وَهُوَ الأَسود الْحَسَنُ؛ وأَنشد:
مُبَتَّلة هَيْفاء رُؤْد شَبابُها، ... لَها مُقْلَتا رِيمٍ وأَسْودُ فاحِمُ
وفَحَّم وَجْهَهُ تَفْحِيمًا: سوَّده. والمُفْحَم: العَييُّ. والمفْحَم: الَّذِي لَا يَقُولُ الشِّعْرَ. وأفْحَمه الهمُّ أَوْ غَيْرُهُ: مَنَعَهُ مِنْ قَوْلِ الشِّعْرِ. وَهَاجَاهُ فأَفْحَمه: صَادَفَهُ مُفْحَماً. وكلَّمه فَفَحَم: لَمْ يُطق جَوَابًا. وَكَلَّمْتُهُ حَتَّى أَفْحَمْته إِذَا أَسكتَّه فِي خُصُومَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. وأَفْحَمْته أَيْ وَجَدْتُهُ مُفْحَماً لَا يَقُولُ الشِّعْرَ. يُقَالُ: هاجَيْناكم فَمَا أَفْحَمْناكم. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ هَاجَيْتُهُ فأَفْحَمْته بِمَعْنَى أَسكتُّه، قَالَ: وَيَجِيءُ أَفحمته بِمَعْنَى صَادَفْتُهُ مُفحَماً، تَقُولُ: هَجَوته فأَفحمته أَيْ صَادَفْتَهُ مُفْحَمًا، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ فِي هَذَا هَاجَيْتُهُ لأَن الْمُهَاجَاةَ تَكُونُ مِنِ اثْنَيْنِ، وَإِذَا صَادَفَهُ مُفْحَماً لَمْ يَكُنْ مِنْهُ هِجَاءٌ، فَإِذَا قُلْتَ فَمَا أَفحمناكم بِمَعْنَى مَا أَسكتناكم جَازَ كَقَوْلِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ: وَهَاجَيْنَاكُمْ فَمَا أَفْحَمْنَاكُمْ أَيْ فَمَا أَسكتناكم عَنِ الْجَوَابِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ مَعَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: فَلَمْ أَلبث أَنْ أَفْحَمْتها
أَيْ أَسكتُّها. وَشَاعِرٌ مُفْحَم: لَا يُجِيبُ مُهاجِيه؛ وَقَوْلُ الأَخطل:
وانزِعْ إلَيْكَ، فإنَّني لَا جاهلٌ ... بَكِمٌ، وَلَا أَنَا، إنْ نَطَقْتُ، فَحُوم
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ فَحُوم مُفْحَم، قَالَ: وَلَا أَدْرِي مَا هَذَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَوَهَّمَ حَذْفَ الزِّيَادَةِ فَجَعَلَهُ كرَكُوب وحَلُوب، أَوْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ فَاعِلًا مِنْ فَحَم إِذَا لَمْ يُطق جَوَابًا، قَالَ: وَيُقَالُ لِلَّذِي لَا يَتَكَلَّمُ أَصْلًا فاحِم. وفَحَم الصبيُّ، بِالْفَتْحِ، يَفْحَم، وفَحِمَ فَحْماً وفُحاماً وفُحوماً وفُحِمَ وأُفْحِمَ كُلُّ ذَلِكَ إِذَا بَكَى حَتَّى يَنْقَطِعَ نفَسُه وَصَوْتُهُ. اللَّيْثُ: كَلَّمَنِي فُلَانٌ فأَفْحَمته إِذَا لَمْ يُطق جَوَابَكَ؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: كأَنه شُبِّهَ بِالَّذِي يَبْكِي حَتَّى يَنْقَطِعَ نفَسه. وفَحَم الكبشُ وفَحِمَ، فَهُوَ فاحِم وفَحِمٌ: صَاحَ. وثَغا الكبْشُ حَتَّى فَحِمَ أَيْ صَارَ فِي صوته بحُوحة.
فخم: فَخُم الشيءُ يَفْخُم فَخامة وَهُوَ فَخْم: عَبُلَ، والأُنثى فَخْمة. وفَخُم الرَّجُلُ، بِالضَّمِّ، فَخامة أَيْ ضَخُم. وَرَجُلٌ فَخْم أَيْ عَظِيمُ الْقَدْرِ. وفَخَّمه وتَفَخَّمه: أجَلَّه وعظَّمه؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
فأنْتَ، إِذَا عُدَّ المَكارم، بَيْنَه ... وبَينَ ابنِ حَرْبٍ ذِي النُّهى المُتَفَخِّم
والتَّفْخِيم: التَّعْظِيمُ. وفَخَّم الْكَلَامَ: عظَّمه. وَمَنْطِقٌ فَخْم: جَزْل، عَلَى الْمَثَلِ، وَكَذَلِكَ حسَبٌ فَخْم؛ قَالَ:
دَعْ ذَا وبَهِّجْ حَسَباً مُبَهَّجَا ... فَخْماً، وسَنِّنْ مَنْطِقاً مُزَوَّجا
وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ
أَبِي هَالَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، كَانَ فَخْماً مُفَخَّماً
أَي عَظِيمًا مُعَظَّماً فِي الصُّدُورِ وَالْعُيُونِ، وَلَمْ تَكُنْ خِلْقته فِي جِسْمِهِ الضَّخَامَةَ، وَقِيلَ: الفَخامة فِي وَجْهِهِ نُبْلُه وامْتِلاؤه مَعَ الْجَمَالِ وَالْمَهَابَةِ. وأتيْنا فُلَانًا فَفَخَّمْناه أَيْ عَظَّمْناه وَرَفَعْنَا مِنْ شأْنه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:(12/449)
نَحْمَدُ مَوْلانا الأَجَلَّ الأَفْخَما
والفَيْخَمانُ: الرَّئِيسُ المُعظَّم الَّذِي يُصدَر عَنْ رأْيه وَلَا يُقطع أمرٌ دُونَهُ. أَبُو عُبَيْدٍ: الفَخامة فِي الْوَجْهِ نُبله وامْتِلاؤه. وَرَجُلٌ فَخْم: كَثِيرُ لَحْمِ الوَجْنَتين. وَالتَّفْخِيمُ فِي الْحُرُوفِ ضِدُّ الإِمالة. وَأَلِفُ التَّفْخِيمِ: هِيَ الَّتِي تَجِدُهَا بَيْنَ الأَلف وَالْوَاوِ كَقَوْلِكَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وقامَ زَيْدٌ، وَعَلَى هَذَا كَتَبُوا الصَّلَوةَ وَالزَّكَوةَ وَالْحَيَوةَ، كُلُّ ذَلِكَ بِالْوَاوِ لأَن الأَلف مَالَتْ نَحْوَ الْوَاوِ، وَهَذَا كَمَا كَتَبُوا إِحْدَيْهِمَا وَسِوَيْهِنَّ بِالْيَاءِ لِمَكَانِ إِمَالَةِ الْفَتْحَةِ قَبْلَ الأَلف إِلَى الْكَسْرَةِ.
فدم: الفَدْم مِنَ النَّاسِ: العَيِيُّ عَنِ الْحَجَّةِ وَالْكَلَامِ مَعَ ثِقَلٍ وَرَخَاوَةٍ وَقِلَّةِ فَهْمٍ، وَهُوَ أَيْضًا الْغَلِيظُ السَّمِينُ الأَحمق الْجَافِي، وَالثَّاءُ لُغَةٌ فِيهِ، وَحَكَى يَعْقُوبُ أَنَّ الثاءَ بَدَلٌ مِنَ الْفَاءِ، وَالْجَمْعُ فِدام، والأُنثى فَدْمَة وثَدْمة، وَقَدْ فَدُمَ فَدامة وفُدومة؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَالْجَمْعُ فُدْم «1» . والمُفْدَم مِنَ الثِّيَابِ: المُشْبَع حُمْرَةً، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَيْسَتْ حُمرته شَدِيدَةً. وأَحْمر فَدْم: مُشْبَعٌ. قَالَ شَمِرٌ: والمُفَدَّمة مِنَ الثِّيَابِ المُشْبَعة حُمْرَةً؛ قَالَ أَبُو خِرَاشٍ الْهُذْلِيُّ:
وَلَا بَطَلًا إِذَا الكُماةُ تَزَيَّنُوا، ... لَدَى غَمَراتِ المَوْتِ، بالحالِكِ الفَدْمِ
يَقُولُ: كأنَّما تَزَيَّنُوا فِي الْحَرْبِ بِالدَّمِ الْحَالِكِ. والفَدْم: الثقيلُ مِنَ الدَّمِ، والمُفَدَّم مأْخوذ مِنْهُ. وَثَوْبٌ فَدْم إِذَا أُشبع صَبْغُه. وَثَوْبٌ فَدْم، سَاكِنَةُ الدَّالِ، إِذَا كَانَ مَصْبُوغًا بِحُمْرَةٍ مُشْبَعًا. وصِبْغ مُفْدَم أَيْ خاثِر مُشْبَع. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والفَدم الدَّمُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَقولُ لكامِلٍ فِي الحَرْب لَمَّا ... جَرى بالحالِكِ الفَدْمِ البُحورُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ نَهَى عَنِ الثَّوْبِ المُفْدَم
؛ هُوَ الْمُشْبَعُ حُمْرَةً كَأَنَّهُ الَّذِي لَا يُقدر عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لِتَنَاهِي حُمْرَتِهِ فَهُوَ كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ قَبُولِ الصَّبْغِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ أَقرأَ وَأَنَا رَاكِعٌ أَوْ أَلبَسَ المُعَصْفَر المُفْدَم.
وَفِي حَدِيثِ
عُرْوَةَ: أَنَّهُ كَرِهَ المُفْدَم للمُحرم وَلَمْ يرَ بالمُضَرَّج بأْساً
؛ المُضَرَّج: دُونَ المُفْدَم، وَبَعْدَهُ المُوَرَّد. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ: أَنَّ اللَّهَ ضَرَبَ النَّصَارَى بِذلّ مُفْدَم
أَيْ شَدِيدٍ مُشْبَعٍ، فَاسْتَعَارَهُ مِنَ الذَّوَاتِ لِلْمَعَانِي. والفَدْم: الدَّمُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلثَّقِيلِ: فَدْم تَشْبِيهًا بِهِ. والفِدامُ: شَيْءٌ تشدُّه الْعَجَمُ عَلَى أَفْوَاهِهَا عِنْدَ السَّقْي، الْوَاحِدَةُ فِدامَة، وَأَمَّا الفِدام فَإِنَّهُ مِصْفاة الْكُوزِ والإِبريق وَنَحْوِهِ، وسُقاةُ الأَعاجم الْمَجُوسِ إِذَا سَقَوا الشِّرْبَ فَدَّمُوا أَفواههم، فَالسَّاقِي مُفَدَّم، والإِبريق الَّذِي يُسقى مِنْهُ الشِّرْب مُفَدَّم. والفَدَّام: شَيْءٌ تَمْسَحُ بِهِ الأَعاجم عِنْدَ السَّقْيِ، وَاحِدَتُهُ فَدَّامة؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنَّ ذَا فَدَّامةٍ مُنَطَّفا ... قَطَّفَ مِن أَعْنابه مَا قَطَّفا
يُرِيدُ صَاحِبَ فَدَّامة، تَقُولُ مِنْهُ: فَدَّمْت الْآنِيَةَ تَفدِيماً. والمُفَدَّمات: الأَباريق وَالدِّنَانُ. والفِدامُ والثِّدامُ: المِصْفاة. والفِدام: مَا يُوضَعُ فِي فَمِ الإِبريق، والفَدَّام بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ مِثْلُهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْخِرْقَةُ الَّتِي يَشدّ بِهَا الْمَجُوسِيُّ فَمَهُ. وَإِبْرِيقٌ مُفْدَم ومَفدُوم ومُفَدَّم: عَلَيْهِ فِدام، الثَّاءُ عِنْدَ يَعْقُوبَ بَدَلٌ مِنَ الْفَاءِ. والفَدامُ: لُغَةٌ فِي الفِدام. وفَدَّم الإِبريقَ: وَضَعَ عَلَى فَمِهِ الفِدَام؛ قال عنترة:
__________
(1) . قوله [والجمع فدم] كذا ضبط بالأصل. ووقع في نسخة التهذيب مضبوطاً بشكل القلم أيضاً ككتب(12/450)
بِزُجاجةٍ صَفْراءَ ذاتِ أسِرَّةٍ، ... قُرِنَتْ بأَزْهَر فِي الشِّمال مُفَدَّمِ
وَقَالَ أَبُو الهِندي:
مُفَدَّمة قَزّاً، كأنَّ رِقابَها ... رِقابُ بَناتِ الْمَاءِ أفْزَعَها الرَّعْدُ
عدَّى مُفَدَّمة إِلَى مَفْعُولَيْنِ لأَن الْمَعْنَى مُلْبَسَةٌ أَوْ مَكْسُوَّةٌ. وفَدَم فَاهُ وَعَلَى فِيهِ بالفِدام يَفْدِم فَدْماً وفَدَّم: وَضَعَهُ عَلَيْهِ وغطَّاه؛ وَمِنْهُ رَجُلٌ فَدْمٌ أَيْ عَييّ ثَقِيلٌ بَيِّن الفَدامة والفُدومة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّكُمْ مَدْعُوُّون يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُفَدَّمة أفواهُكُم بالفِدام
؛ هُوَ مَا يُشَدُّ عَلَى فَمِ الإِبريق وَالْكُوزِ مِنْ خِرْقَةٍ لِتَصْفِيَةِ الشَّراب الَّذِي فِيهِ أَيْ أَنَّهُمْ يُمنعون الْكَلَامَ بأَفواههم حَتَّى تَتَكَلَّمَ جَوَارِحُهُمْ وَجُلُودُهُمْ، فَشَبَّهَ ذَلِكَ بِالْفِدَامِ، وَقِيلَ: كَانَ سُقاة الأَعاجم إِذَا سَقَوْا فَدَّموا أَفْوَاهَهُمْ أَيْ غَطَّوْها، وَفِي التَّهْذِيبِ: حَتَّى تَكَلَّمَ أَفْخَاذُهُمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الفَدَّام، قَالَ: وَوَجْهُ الْكَلَامِ الْجَيِّدِ الفِدام. وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا:
يُحشر النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِمُ الفِدام
؛ والفِدام هُنَا يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا، فَإِذَا كَانَ وَاحِدًا كَانَ اسْمًا دَالًّا عَلَى الْجِنْسِ، وَإِذَا كَانَ جَمْعًا كَانَ كَكِرام وظِراف. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: الْحِلْمُ فِدام السَّفِيهِ
أَيْ الْحِلْمُ عَنْهُ يُغَطِّي فَاهُ ويُسْكته عَنْ سَفَهِهِ. والفِدام: الغِمامة. وفَدَّم البعيرَ: شدَّد على فيه الفِدامة.
فدغم: الفَدْغم، بَالْغَيْنِ مُعْجَمَةً: اللَّحِيم الْجَسِيمُ الطَّوِيلُ فِي عِظَم، زَادَ التَّهْذِيبُ: مِنَ الرِّجَالِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِلَى كلِّ مَشْبوحِ الذِّراعَيْنِ، تُتَّقَى ... بِهِ الحَرْب، شَعْشاعٍ وأبْيَضَ فَدْغَمِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِهِ: لَهَا كلُّ مشبوحِ الذِّراعين، أَيْ لِهَذِهِ الإِبل كُلُّ عَرِيضِ الذِّرَاعَيْنِ يَحْمِيهَا وَيَمْنَعُهَا مِنَ الإِغارة عَلَيْهَا، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَالْجَمْعُ فَداغِمة نَادِرٌ لأَنه لَيْسَ هُنَا سَبَبٌ مِنَ الأَسباب الَّتِي تَلْحَقُ الْهَاءَ لَهَا. وخَدٌّ فَدْغَم أَيْ حَسَنٌ مُمْتَلِئٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وأَدْنَيْنَ البُرُودَ عَلَى خُدودٍ ... يُزَيِّنّ الفَداغِمَ بالأَسِيلِ
فرم: الفَرْمُ والفِرامُ: مَا تَتَضَيَّقُ بِهِ المرأَة مِنْ دواء. ومَرَةٌ فَرْماءُ ومُسْتَفْرِمة: وَهِيَ الَّتِي تَجْعَلُ الدَّوَاءَ فِي فَرْجِهَا لِيَضِيقَ. التَّهْذِيبُ: التَّفْرِيبُ وَالتَّفْرِيمُ، بِالْبَاءِ وَالْمِيمِ، تَضْييق المرأَة فَلْهَمَها بعَجَمِ الزَّبِيبِ. يُقَالُ: اسْتَفْرَمَت المرأَة إِذَا احتشَت، فَهِيَ مستَفرمة، وَرُبَّمَا تَتَعَالَجُ بِحَبِّ الزَّبِيبِ تُضيِّق بِهِ مَتَاعَهَا.
وَكَتَبَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ إِلَى الْحَجَّاجِ لَمَّا شَكَا مِنْهُ أَنس بن مالك: يا ابن المُسْتَفْرِمة بعجَم الزَّبِيبِ
، وَهُوَ مِمَّا يُسْتَفْرَم بِهِ؛ يُرِيدُ أَنَّهَا تُعالج بِهِ فَرْجَهَا ليَضيق ويَسْتَحْصِف، وَقِيلَ: إِنَّمَا كَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ لأَن فِي نِسَاءِ ثَقِيف سَعةً فهنَّ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ يَسْتَضِقن بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ لِرَجُلٍ عَلَيْكَ بِفِرام أُمك
؛ سُئِلَ عَنْهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: كَانَتْ أُمه ثَقَفِيَّةً، وَفِي أَحْراح نِسَاءِ ثَقِيفٍ سَعَةٌ، وَلِذَلِكَ يُعالِجن بِالزَّبِيبِ وَغَيْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: حَتَّى لَا تَكُونُوا أَذَلَّ مِنْ فَرَم الأَمة
؛ وَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ مَا تُعَالِجُ بِهِ المرأَة فَرْجَهَا ليَضِيق، وَقِيلَ: هِيَ خِرْقَةُ الْحَيْضِ. أَبُو زَيْدٍ: الفِرامة الخِرقة الَّتِي تَحْمِلُهَا الْمَرْأَةُ فِي فَرْجِهَا، وَاللُّجْمَةُ: الْخِرْقَةُ الَّتِي تَشُدُّهَا مِنْ أَسفلها إِلَى سُرَّتِهَا، وَقِيلَ: الفِرام أَنْ تَحِيضَ المرأَة وَتَحْتَشِيَ بِالْخِرْقَةِ وَقَدِ افْتَرَمَتْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:(12/451)
وجَدْتُكَ فِيهَا كأُمِّ الغُلام، ... مَتى مَا تَجِدْ فارِماً تَفْتَرِم
الْجَوْهَرِيُّ: الفَرْمة، بِالتَّسْكِينِ، والفَرْمُ مَا تُعَالِجُ بِهِ المرأَة قُبُلَها لِيَضِيقَ؛ وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
يَحْمِلْنَنا والأَسَلَ النَّواهِلا ... مُسْتَفْرِمات بالحصَى حَوافِلا
يَقُولُ: مِنْ شِدَّةِ جَرْيِهَا يَدْخُلُ الْحَصَى فِي فُرُوجِهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَيامُ التَّشْرِيقِ أيامُ لَهْو وفِرام
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُجَامَعَةِ، وأَصله مِنَ الفَرْم، وَهُوَ تَضْيِيقُ المرأَة فَرْجَهَا بالأَشياء العَفِصة، وَقَدِ اسْتَفْرمت أَيِ احْتَشَتْ بِذَلِكَ. والمَفارِم: الخِرق تُتَّخَذُ لِلْحَيْضِ لَا وَاحِدَ لَهَا. والمُفْرَم: الْمَمْلُوءُ بِالْمَاءِ وَغَيْرِهِ، هُذَلِيَّةٌ؛ قَالَ الْبُرَيْقُ الْهُذَلِيُّ:
وحَيٍّ حِلالٍ لهمْ سامرٌ ... شَهِدْتُ، وشِعْبُهُمُ مُفْرَمُ
أَيْ مَمْلُوءٌ بِالنَّاسِ. أَبُو عُبَيْدٍ: المُفْرَم مِنَ الْحِيَاضِ الْمَمْلُوءُ بِالْمَاءِ، فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ؛ وَأَنْشَدَ:
حِياضُها مُفْرَمةٌ مُطَبَّعه
يُقَالُ: أفْرَمْت الْحَوْضَ وأَفْعمته وأَفأَمْتُه إِذَا ملأْته. الْجَوْهَرِيُّ: أَفْرَمْتُ الإِناء ملأْته، بِلُغَةِ هُذَيْلٍ. والفِرْمَى: اسْمُ مَوْضِعٍ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ صَحِيحٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وفَرَما، بِالتَّحْرِيكِ، مَوْضِعٌ؛ قَالَ سُلَيْكُ بْنُ السُّلَكة يَرْثِي فَرَسًا لَهُ نَفَق فِي هَذَا الْمَوْضِعِ:
كأَنَّ قَوائِمَ النَّحَّام لَمَّا ... تَحَمَّلَ صُحْبَتي أُصُلًا مَحارُ
«2» . عَلا فَرَماءَ عَالِيةً شَواه، ... كأَنَّ بَياضَ غُرَّتِهِ خِمارُ
يَقُولُ: عَلَتْ قَوائمُهُ فرَماء؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الشَّاعِرَ رَثَى فَرَسَهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا عَالِيَةً شَواه لأَنه إِذَا مَاتَ انْتَفَخَ وَعَلَتْ قَوَائِمُهُ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بِارْتِفَاعِ الْقَوَائِمِ فَإِنَّهُ يَرْوِيهِ عاليةٌ شَوَاهُ وَعَالِيَةٌ، بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، قَالَ: وَصَوَابُ إِنْشَادِهِ عَلَى قَرَماء، بِالْقَافِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، قَالَ ثَعْلَبٌ: قَرَماء عَقَبة وَصَفَ أَنَّ فَرسه نَفَق وَهُوَ عَلَى ظَهْرِهِ قَدْ رَفَعَ قَوَائِمَهُ، وَرَوَاهُ عَالِيَةً شَوَاهُ لَا غَيْرَ، والنحَّام: اسْمُ فَرَسِهِ وَهُوَ مِنَ النُّحْمة وَهِيَ الصَّوْتُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَعَلاء إِلَّا ثَلَاثَةَ أَحرف وَهِيَ: فَرَماء وجَنَفاء وجَسَداء، وَهِيَ أَسماء مَوَاضِعَ، فَشَاهِدُ فَرَماء بَيْتُ سُلَيْكِ بْنِ السُّلَكَةِ هَذَا؛ وَشَاهِدُ جَنَفاء قَوْلُ الشَّاعِرِ:
رَحَلْت إلَيْكَ مِنْ جَنَفاء، حتَّى ... أَنَخْتُ فِناء بَيْتك بالمَطالي
وَشَاهِدُ جَسَداء قَوْلُ لَبِيدٍ:
فَبِتْنا حَيْثُ أَمْسَيْنا ثَلاثاً، ... عَلَى جَسَداءَ، تَنْبَحُنا الكِلابُ
قَالَ: وَزَادَ الْفَرَّاءُ ثَأَداء وسَحَناء، لُغَةٌ فِي الثَّأْداء والسَّحْناء، وَزَادَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ نَفَساء، لُغَةٌ فِي النَّفْساء. قَالَ: وَمِمَّا جَاءَ فِيهِ فَعْلاء وفَعَلاء ثَأَداء وثَأْداء وسَحَناء وسَحْناء وامرأَة نَفْساء ونَفَساء، لُغَةٌ فِي النُّفَساء. قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: أَمَّا ثَأَداء والسَّحَناء فَإِنَّمَا حُرِّكَتَا لِمَكَانِ حَرْفِ الْحَلْقِ كَمَا يُسَوَّغُ التَّحْرِيكُ فِي مِثْلِ النَّهْرِ والشَعَر، قَالَ: وفَرماء لَيْسَتْ فِيهِ هَذِهِ الْعِلَّةُ، قَالَ: وأَحسبها مَقْصُورَةً مَدَّهَا الشَّاعِرُ ضَرُورَةً، قَالَ: وَنَظِيرُهَا الجَمَزى فِي بَابِ الْقَصْرِ، وَحَكَى عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَعلم قَرَماء، بالقاف، ولا أَعلمه
__________
(2) . قوله [تحمل] في التكملة: تروح(12/452)
إلا فرَماء بالفاء، وَهِيَ بِمِصْرَ؛ وَأَنْشَدَ قَوْلَ الشاعر:
سَتُحْبِطُ حائِطَيْ فَرَماء منِّي ... قَصائدُ لَا أُرِيدُ بِهَا عِتابا
وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الفَرَما، بِالْفَاءِ، مَقْصُورٌ لَا غَيْرُ، وَهِيَ مَدِينَةٌ بِقُرْبِ مِصْرَ، سُمِّيَتْ بأَخي الإِسكندر، وَاسْمُهُ فرَما، وَكَانَ الْفَرَمَا كَافِرًا، وَهِيَ قَرْيَةُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فرجم: افْرَنْجَم الحَمَلُ كافْرَنْبج: شُوِي فَيبِست أَعاليه.
فرزم: الفُرْزُم: سِنْدان الْحَدَّادِ. قَالَ: والفُرْزُوم خَشَبَةُ الحذَّاء، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قُرزوم، بِالْقَافِ. الْجَوْهَرِيُّ: الفُرْزُوم خَشَبَةٌ مدوَّرة يَحْذو عَلَيْهَا الحَذَّاء، وأَهل الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَهَا الجَبْأَة، قَالَ: كَذَا قرأْته عَلَى أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: وَحَكَاهُ أَيْضًا ابْنُ كَيْسَانَ عَنْ ثَعْلَبٍ، قَالَ وَهُوَ فِي كِتَابِ ابْنِ دُرَيْدٍ بِالْقَافِ، قَالَ: وسأَلت عَنْهُ فِي الْبَادِيَةِ فَلَمْ يُعرف، وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ الفُرزوم، بِالْفَاءِ خَشَبَةُ الحذَّاء، وَبِالْقَافِ سِنْدَانُ الحدَّاد.
فرصم: الفِرْصِمُ: مِنْ أَسماء الأَسد.
فرضم: الفِرْضِم مِنَ الإِبل: الضَّخْمَةُ الثَّقِيلَةُ. وفِرْضِم: اسْمُ قَبِيلَةٍ، وَإِبِلٌ فِرْضِمِيَّة مَنْسُوبَةٌ إليه.
فرطم: الفُرطُومة: مِنْقَارُ «1» . الْخُفِّ إِذَا كَانَ طَوِيلًا مُحَدَّدَ الرأْس، وَخُفٌّ مُفَرْطم. الْجَوْهَرِيُّ: الفُرْطوم طرَف الخُف كالمِنْقار، وخِفاف مُفَرْطمة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ شِيعَةَ الدَّجَّالِ شَوَارِبُهُمْ طَوِيلَةٌ وَخِفَافُهُمْ مُفَرْطَمَةٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الفُرطومة حَكَاهَا ابْنُ الأَعرابي بِالْقَافِ. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: قَالَ أَعرابي جَاءَنَا فُلَانٌ فِي نِخافَيْنِ مُقَرْطَمَيْنِ أَيْ لَهُمَا مِنقاران، والنِّخافُ: الْخُفُّ، رَوَاهُ بِالْقَافِ، قَالَ: وَهُوَ أَصَحُّ مِمَّا رواه الليث بالفاء.
فرقم: أَبُو عَمْرٍو: الفَرْقَمُ حَشَفة الرَّجُلِ؛ وأَنشد:
مَشْعُوفةٍ بِرَهْزِ حَكِّ الفَرْقَم «2»
. قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمُ القِرْقِم، قَالَ: وأنا لا أعرفها.
فسحم: الْجَوْهَرِيُّ: الفُسْحُم، بِالضَّمِّ، الْوَاسِعُ الصَّدْرِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ.
فصم: الفَصْم: الْكَسْرُ مِنْ غَيْرِ بَيْنُونَةٍ. فَصَمه يَفْصِمُه فَصْماً فانْفَصَم: كَسَرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبِينَ، وتَفَصَّم مِثْلُهُ، وفَصَّمه فَتَفَصَّم. وخَلْخال أفْصَمُ: مُتَفَصِّم؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ، وَأَنْشَدَ لِعُمَارَةَ بْنِ رَاشِدٍ:
وأمَّا الأُلى يَسْكُنَّ غَوْرَ تِهامةٍ، ... فَكُلُّ كَعابٍ تَتْرُكُ الحِجلَ أَفْصَما
وفُصِم جانبُ البيتِ: انهدمَ. والانفِصامُ: الِانْقِطَاعُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا انْفِصامَ لَها
؛ أَيْ لَا انْقِطَاعَ لَهَا، وَقِيلَ: لَا انْكِسَارَ لَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ:
دُرَّةٌ بَيْضاءُ لَيْسَ فِيهَا فَصْم وَلَا وَصْم.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الفَصم، بِالْفَاءِ، أَنْ يَنْصَدِعَ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبِين، مِنْ فَصَمت الشَّيْءَ أَفْصِمه فَصْماً إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِهِ، فَهُوَ مَفصُوم؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ غَزَالًا شَبَّهَهُ بدُمْلُج فِضَّةٍ:
كأنَّه دُمْلُجٌ مِن فِضَّةٍ نَبَهٌ، ... فِي مَلْعَبٍ مِن جَوَارِي الحَيِّ، مَفْصُومُ
شَبَّهَ الْغَزَالَ وَهُوَ نَائِمٌ بِدُمْلُجِ فِضَّةٍ قَدْ طُرح ونُسِي، وَكُلُّ شَيْءٍ سَقَطَ مِنْ إِنْسَانٍ فَنَسِيَهُ وَلَمْ يَهْتَدِ لَهُ فَهُوَ نَبَهٌ، وَهُوَ الخُرت والخُرات «3» . وَالنَّاسُ كلهم يقولون
__________
(1) . قوله [الفرطومة منقار] تبع في ذلك التهذيب والنهاية، والذي في القاموس: الفرطوم بلا هاء
(2) . قوله [مشعوفة إلخ] قبله كما في التكملة:
وأمه أكالة للقمقم
(3) . قوله [وهو الخرت والخرات إلى قوله وإنما جعله إلخ] كذا بالأصل ولينظر ما مناسبته هنا(12/453)
خُرت وَهُوَ خَرق النِّصَابِ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مَفْصُومًا لِتَثَنِّيهِ وَانْحِنَائِهِ إِذَا نَامَ، وَلَمْ يَقُلْ مَقْصُومٌ، بِالْقَافِ، فَيَكُونَ بَائِنًا بِاثْنَيْنِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قِيلَ فِي نَبَهٍ إِنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ النَّفِيسُ الضَّالُّ الْمَوْجُودُ عَنْ غَفْلَةٍ لَا عَنْ طَلَبٍ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَنْسِيُّ. الْفَرَّاءُ: فأْس فَصيم «1» . وَهِيَ الضَّخْمَةُ، وفأْس فِنْدَأْيةٌ لَهَا خُرت، وَهُوَ خَرْقُ النِّصَابِ، قَالَ: وَأَمَّا الْقَصْمُ، بِالْقَافِ، فأَن يَنْكَسِرَ الشَّيْءُ فَيَبِينَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي بَكْرٍ: إِنِّي وَجَدْتُ فِي ظَهْرِي انْفِصاماً
أَيِ انْصِدَاعًا، وَيُرْوَى بِالْقَافِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
استَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ عَنْ فِصْمة السِّوَاكِ
أَيْ مَا انْكَسَرَ مِنْهُ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ. وأَفْصَم الفحلُ إِذَا جَفر؛ وَمِنْهُ قِيلَ: كُلُّ فَحْلٍ يُفْصِم إِلَّا الإِنسان أَيْ يَنْقَطِعُ عَنِ الضِّرَابِ. وَانْفَصَمَ الْمَطَرُ: انْقَطَعَ وأَقْلَع. وأَفصم المطرُ وأَفْصى إِذَا أَقلَع وَانْكَشَفَ، وأَفْصَمَت عَنْهُ الحُمَّى. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: أَنَّهَا قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَنْزِل عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ البرْدِ فَيُفْصِم الوَحْيُ عنه وإِنَّ جَبِينَه ليَتَفصَّد عرَقاً
؛ فيُفْصِم أَيْ يُقلِع عَنْهُ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
فيُفصم عَنِّي وَقَدْ وَعَيْت
يَعْنِي الوَحْي أَيْ يُقلع.
فطم: فَطَم العُودَ فَطْماً: قَطَعَهُ. وفَطَمَ الصبيَّ يَفْطِمه فَطْماً، فَهُوَ فَطِيمٌ: فصَلَه مِنَ الرَّضَاعِ. وَغُلَامٌ فَطِيم ومَفْطُوم وفطَمَتْه أُمه تَفْطِمه: فصَلته عَنْ رَضَاعِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: فِطام الصَّبِيِّ فِصاله عَنْ أُمه، فطَمَت الأُم وَلَدَهَا وفُطِم الصَّبِيُّ وَهُوَ فَطِيم، وَكَذَلِكَ غَيْرُ الصَّبِيِّ مِنَ المَراضِع، والأُنثى فَطِيم وفَطِيمة. وَفِي حَدِيثِ
امرأَة رَافِعٍ لَمَّا أَسلم وَلَمْ تُسْلِم: فَقَالَ ابْنَتِي وَهِيَ فَطِيم
أَيْ مَفْطُومة، وَفَعِيلٌ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى، فَلِهَذَا لَمْ تَلْحَقْهُ الْهَاءُ، وَجَمْعُ الفَطِيم فُطُم مِثْلُ سَرِير وسُرُر؛ قَالَ:
وَإِنْ أَغارَ، فلم يَحْلو بِطائِلةٍ ... فِي لَيْلةٍ مِنْ حَمِير ساوَرَ الفُطُما
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَقْرَعَ بَيْنَ الفُطُم فَقَالَ: مَا أَرى هَذَا إِلَّا مِنَ الاسْتِقْسام بالأَزْلام
؛ جَمْعُ فَطِيم مِنَ اللَّبَنِ أَيْ مَفْطُوم. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَجَمْعُ فَعِيل فِي الصِّفَاتِ عَلَى فُعُل قَلِيلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَمَا جَاءَ مِنْهُ شُبِّه بالأَسماء كنَذِير ونُذُر، فَأَمَّا فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ فَلَمْ يَرِدْ إِلَّا قَلِيلًا نَحْوُ عَقِيم وعُقُم وفَطِيم وفُطُم، وَأَرَادَ بِالْحَدِيثِ الإِقْراع بَيْنَ ذَرارِيِّ الْمُسْلِمِينَ فِي العَطاء، وَإِنَّمَا أَنكره لأَن الإِقراع لِتَفْضِيلِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْفَرْضِ، وَالِاسْمُ الفِطام، وَكُلُّ دَابَّةٍ تُفْطَم؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: فَطَمَتْه أُمه تَفْطِمه، فَلَمْ يَخُص مِنْ أَيِّ نَوْعٍ هُوَ؛ وفَطَمْت فُلَانًا عَنْ عَادَتِهِ، وأَصل الفَطْم الْقَطْعُ. وفَطَم الصبيَّ: فَصْلَهُ عَنْ ثَدِي أُمه ورَضاعها. والفَطِيمة: الشَّاةُ إِذَا فُطِمت. وأَفْطَمَت السَّخلة: حَانَ أَنْ تُفْطَم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فَإِذَا فُطِمت فَهِيَ فاطِمٌ ومَفْطُومة وفَطِيمةً؛ عَنْهُ أَيْضًا، قَالَ: وَذَلِكَ لِشَهْرَيْنِ مِنْ يَوْمِ وِلَادَهَا. وتَفاطَم النَّاسُ إِذَا لَهِجَ بَهْمُهم بأُمهاته بَعْدَ الفِطام فَدَفَعَ هَذَا بَهْمَه إِلَى هَذَا وَهَذَا بهْمَه إِلَى هَذَا، وَإِذَا كَانَتِ الشَّاةُ تُرْضِع كُلَّ بَهْمة فَهِيَ المُشْفِع. ابْنِ الأَعرابي قَالَ: إِذَا تَنَاوَلَتْ أَوْلَادَ الشِّيَاهِ الْعِيدَانَ قِيلَ رَمَّت وارتَمَّت، فَإِذَا أَكلت قيل بَهْمة سامع «2» . حَتَّى يَدْنُوَ فِطَامُهَا، فَإِذَا دَنَا فِطَامُهَا قِيلَ أَفْطَمَت البَهمة، فَإِذَا فُطمت فَهِيَ فَاطِمٌ ومَفْطومة وَفَطِيمٌ، وَذَلِكَ لِشَهْرَيْنِ مِنْ يَوْمِ فِطَامِهَا
__________
(1) . قوله [فأس فصيم] كذا في الأصل والقاموس، والذي في التهذيب والتكملة: فيصم أي كصيقل
(2) . قوله [بهمة سامع] كذا فِي الْأَصْلِ عَلَى هَذِهِ الصورة(12/454)
فَلَا يَزَالُ عَلَيْهَا اسْمُ الْفِطَامِ حَتَّى تَسْتَجْفِر. وَالْفَاطِمُ مِنَ الإِبل: الَّتِي يُفْطَم وَلَدُهَا عَنْهَا. وَنَاقَةٌ فاطِم إِذَا بلَغ حُوارها سَنَةً فَفُطِم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنْ كُلِّ كَوْماءِ السَّنام فاطِمِ، ... تَشْحَى، بمُسْتَنِّ الذَّنُوب الراذِمِ،
شِدْقَيْنِ فِي رأْسٍ لَهَا صُلادِمِ
ولأَفطِمَنَّك عَنْ هَذَا الشَّيْءِ أَيْ لأَقطَعنَّ عَنْهُ طَمَعَكَ. وفاطِمةُ: مِنْ أَسْمَاءِ النِّسَاءِ. التَّهْذِيبُ: وَتُسَمَّى المرأَة فاطِمة وفِطاماً وفَطِيمة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَعطَى عَلِيًّا حُلّةً سِيَراء وَقَالَ شَقِّقها خُمُراً بَيْنَ الفواطِم
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: إِحْدَاهُنَّ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ فاطِمةُ بِنْتِ سَيِّدِنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا، زَوْجُ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالثَّانِيَةُ فاطِمةُ بِنْتُ أَسد بْنِ هَاشِمِ أُم عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَتْ أَسلمت وَهِيَ أَوَّلُ هَاشِمِيَّةٍ ولَدت لِهَاشِمِيٍّ، قَالَ: وَلَا أَعرف الثَّالِثَةَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ حَمْزَةَ عمِّه، سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ وَقَالَ الأَزهري: الثَّالِثَةُ فَاطِمَةُ بنتُ عُتْبة بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَتْ هَاجَرَتْ وَبَايَعَتِ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وأَراه أَراد فَاطِمَةَ بِنْتَ حَمْزَةَ لأَنها مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْفَوَاطِمُ اللَّاتِي وَلَدن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُرشية وقَيْسِيَّتان ويَمانِيَتانِ وأَزْدِيَّة وخُزاعِيَّةٌ. وَقِيلَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ: ابْنَا الْفَوَاطِمِ، فاطمةُ أُمهما، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَد جَدَّتُهُمَا، وفاطمةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ عِمْران بْنِ مَخْزُوم جدَّةُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَبيه. وفَطَمْتُ الْحَبْلَ: قَطَعْته. وفُطَيْمةُ: موضع.
فعم: الفَعْمُ والأَفْعَم: الممْتلئ، وَقِيلَ: الْفَائِضُ امْتِلَاءً. وساعدٌ فَعْمٌ، فَعُمَ يَفْعُمُ فَعامة وفُعومة فَهُوَ فَعْم: مُمْتَلِئٌ. ووَجْه فَعْم وَجَارِيَةٌ فَعْمة، وافْعَوْعَمَ، قَالَ كَعْبٌ يَصِفُ نَهْرًا:
مُفْعَوْعِمٌ صَخِبُ الآذِيِّ مُنْبَعِقٌ، ... كأَن فِيهِ أَكُفَّ القَوْمِ تَصْطَفِقُ
وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
كَانَ فَعْمَ الأَوصال
أَي مُمْتَلِئَ الأَعضاء، وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
ضَخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْمٌ مُقَيَّدُها
أَي مُمْتَلِئَةُ السَّاقِ. وَفِي حَدِيثِ
أُسامة: وأَنَّهم أَحاطوا لَيْلًا بحاضِرِ فَعْمٍ
أَي حَيّ مُمْتَلِىءٍ بأَهله. وفَعَمَه يَفْعَمُه وأَفْعَمَه: ملأَه وَبَالَغَ فِي مَلْئِه، وأَنشد:
فَصَبَّحَتْ والطيرُ لَمْ تَكَلَّمِ، ... جَابِيَةً طُمَّتْ بِسَيْلٍ مُفْعَمِ
وأَفْعَمْت الْبَيْتَ بِرَائِحَةِ العُود فافْعَوْعَم، وأَفعم المَسَكُ البيتَ: ملأَه بِرِيحِهِ. وأَفعم البيتَ طِيباً: مَلأَه، عَلَى الْمَثَلِ. وافْعَوْعَم هُوَ امتلأَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ أَنَّ امرأَة مِنَ الحُور العِين أَشْرَفَتْ لأَفْعَمَت مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض رِيحَ المِسك
أَي ملأَت، وَيُرْوَى بِالْغَيْنِ. وفَعَمَتْه رائحةُ الطِّيبِ وأَفْعَمَتْه: ملأَت أَنفَه، والأَعرف فَغَمتْه، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، فأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي لِكُثَيِّرٍ:
أَتِيٌّ ومَفْعُومٌ حَثِيثٌ، كأَنه ... غُرُوبُ السَّواني أَتْرَعَتها النَّواضِحُ
فإِنه زَعَمَ أَنه لَمْ يُسْمَعْ مَفْعُوم إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ، قَالَ: وَهُوَ مِنْ أَفْعَمْت، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
الناطِق المَبرُوز والمَخْتُوم
وَهُوَ مِنْ أَبرزت، وَمِثْلُهُ المَضْعُوف مِنْ أَضْعَفْت. الأَزهري: ونَهَر مَفْعُوم أَي مُمْتَلِئٌ. وَيُقَالُ: سِقاء مُفْعَم ومُفْأَم أَي مَمْلُوءٌ، وأَنشد أَبو سَهْلٍ فِي أَشعار(12/455)
الْفَصِيحِ فِي بَابِ الْمُشَدَّدِ بَيْتًا آخَرَ جَاءَ بِهِ شَاهِدًا عَلَى الضِّحِّ وَهُوَ:
أَبْيَض أَبرزَه للضِّحِّ راقبهُ، ... مُقَلَّد قُضُبَ الرَّيْحانِ مَفعومُ
أَي مُمْتَلِئٌ لَحْماً. وفَعُمَت المرأَة فَعامة وفُعُومة وَهِيَ فَعْمة: اسْتَوى خَلْقها وغَلُظَ سَاقُهَا، وساعدٌ فَعْمٌ، قَالَ:
بساعدٍ فَعْمٍ وكَفٍّ خاضِب
ومُخَلْخَل فَعْمٌ، قَالَ:
فَعْمٌ مُخَلْخَلُها، وَعْثٌ مُؤزَّرُها، ... عَذْبٌ مُقَبَّلُها، طَعْمُ السَّدَا فُوها
السَّدا هَاهُنَا: الْبَلَحُ الأَخضر، وَاحِدَتُهُ سَداة، وَقِيلَ: هُوَ العسَل مِنْ قَوْلِهِمْ سَدَتِ النَّحْلُ تَسْدُو سَداً. الْجَوْهَرِيُّ: أَفْعَمْتُ الرجلَ مَلأْته غَضَبًا، وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي تُرَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ وَاقِفًا السَّلمَى يَقُولُ أَفْعَمْت الرَّجُلَ وأَفْغَمْته إِذا ملأْته غَضَبًا أَو فرحاً.
فغم: فَغَم الوَرْدُ يَفْغَم فُغُوماً: انْفَتَحَ، وَكَذَلِكَ تَفَغَّم أَيْ تَفَتَّحَ. وفَغَمت الرَّائحةُ السُّدَّة: فتَحتْها. وانْفَغَمَ الزُّكام وافْتَغَم: انْفَرَجَ. وفَغَمةُ الطِّيبِ: رائحتُه. فَغمَتْه تَفْغَمُه فَغْماً وفُغُوماً: سدَّت خَياشِيمه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ أنَّ امْرَأَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ أشْرَفَتْ لأَفْغَمَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض بِرِيحِ الْمِسْكِ
أَيْ لملأَتْ؛ قَالَ الأَزهري: الرِّوَايَةُ
لأَفعمت
، بِالْعَيْنِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ. يُقَالُ: فَعَمْت الإِناءَ فَهُوَ مَفْعُومٌ إِذَا ملأَته، وَقَدْ مرَّ تَفْسِيرُهُ. والريحُ الطَّيبة تَفْغَمُ الْمَزْكُومَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نَفْحةُ مِسْكٍ تَفْغَم المَفْغُوما
وَوُجِدَتْ فَغْمة الطِّيبِ وفَغْوَته أَيْ رِيحُهُ. والفَغَم، بِفَتْحِ الْغَيْنِ: الأَنف؛ عَنْ كُرَاعٍ، كَأَنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن الرِّيحَ تَفْغَمه. أبو زَيْدٍ: بَهَظْته أَخذت بفُقْمه وبفُغْمِه؛ قَالَ شَمِرٌ: أَراد بفُقْمه فمَه وبفُغْمِه أَنفه. والفَغَم، بِالتَّحْرِيكِ: الحِرص. وفَغِمَ بِالشَّيْءِ فَغَماً فَهُوَ فَغِم: لَهِجَ بِهِ وأُولِعَ بِهِ وحَرَص عَلَيْهِ؛ قَالَ الأَعشى:
تَؤُمُّ دِيارَ بَنِي عامِرٍ، ... وأَنْتَ بآلِ عقِيل فَغِم
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُرِيدُ عَامِرَ بْنَ صَعْصَعة وعَقِيل بْنَ كَعْبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وكلْبٌ فَغِمٌ: حريصٌ عَلَى الصَّيْدِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فيُدْرِكُنا فَغِمٌ داجِنٌ، ... سَمِيعٌ بَصِيرٌ طَلوبٌ نَكِرْ
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مَا أشدَّ فَغَمَ هَذَا الْكَلْبِ بِالصَّيْدِ، وَهُوَ ضَرَاوَتُهُ ودُرْبَته. والفُغْمُ: الفَم أَجمع، وَيُحَرَّكُ فَيُقَالُ فُغُمٌ. وفَغَمه أَيْ قَبَّله؛ قَالَ الأَغلب الْعِجْلِيُّ:
بَعْدَ شَمِيمِ شاغِفٍ وفَغْمِ
وَكَذَا المُفاغَمة؛ قَالَ هُدْبة بْنُ خَشْرَم:
مَتَّى تقولُ القُلُصَ الرَّواسِما، ... يُدْنِينَ أُمَّ قاسِمٍ وقاسِما
أَلَا تَرَيْنَ الدَّمْعَ مِني سَاجِمًا ... حِذارَ دارٍ مِنْكِ أَنْ تُلائِما؟
وَاللَّهُ لَا يَشْفِي الفُؤادَ الهائما، ... تَماحُكُ اللَّبَّاتِ والمآكِما
وَفِي رِوَايَةٍ:
نَفْثُ الرُّقَى وعَقْدُك التَّمائِما، ... وَلَا اللِّزامُ دُون أَنْ تُفاغِما(12/456)
وَلَا الفِغامُ دُونَ أَنْ تُفاقِما، ... وتَرْكَبَ القَوائمُ الْقَوَائِمَا
وفَغِمَ بِالْمَكَانِ فَغَماً: أَقام بِهِ ولزِمَه. وأَخذ بفُغْم الرَّجُلِ أَيْ بِذَقَنِهِ وَلِحْيَتِهِ كفُقْمه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُلُوا الوَغْم وَاطْرَحُوا الفَغْم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الوَغْم مَا تَسَاقَطَ مِنَ الطَّعَامِ، والفَغْم مَا يَعْلَقُ بَيْنَ الأَسنان، أَيْ كُلُوا فُتات الطَّعَامِ وَارْمُوا مَا يُخْرِجُهُ الخِلال، قَالَ: وَقِيلَ هُوَ بِالْعَكْسِ.
فقم: الفَقَمُ فِي الْفَمِ: أَنْ تَدْخُلَ الأَسنان الْعُلْيَا إِلَى الْفَمِ، وَقِيلَ: الفَقَم اخْتِلَافُهُ، وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ أَسْفَلُ اللَّحْي وَيَدْخُلَ أَعْلَاهُ، فَقِمَ يَفْقَم فَقَماً وَهُوَ أَفْقَم، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى صَارَ كلُّ مُعْوَجٍّ أَفقم، وَقِيلَ: الفَقَم فِي الفَم أَنْ تَتَقَدَّمَ الثَّنَايَا السُّفْلَى فَلَا تَقَعُ عَلَيْهَا الْعُلْيَا إِذَا ضَمَّ الرَّجُلُ فَاهُ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: الفَقَمُ أَنْ يَطُولَ اللَّحْيُ الأَسفل ويَقْصُر الأَعلى. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَخذ بِلِحْية صَاحِبِهِ وذَقَنه: أَخَذَ بفُقْمه. وفَقَمْت الرَّجُلَ فَقْماً، وَهُوَ مَفْقُوم إذا أخدت بفُقْمه. أَبُو زَيْدٍ: بَهَظْتُهُ أَخذت بفُقْمه وبفُغْمه؛ قَالَ شَمِرٌ: أَرَادَ بفُقمه فَمَهُ وبفُغْمه أَنْفَهُ، قَالَ: والفُقْمانِ هُمَا اللَّحْيان. وَفِي الْحَدِيثِ:
من حفظ ما بين فُقْمَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ
أَيْ مَا بَيْنَ لَحييه؛ والفُقم، بِالضَّمِّ: اللَّحْيُ، وَفِي رِوَايَةٍ:
من حفظ ما بين فُقْمَيْه وَرِجْلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ
؛ يُرِيدُ مَنْ حَفِظَ لِسَانَهُ وَفَرْجَهُ. اللَّيْثُ: الفَقَمُ رَدَّة فِي الذَّقَنِ، وَالنَّعْتُ أفْقَمُ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَمَّا صَارَتْ عَصَاهُ حَيَّةً وَضَعَتْ فُقماً لَهَا أَسفل وفُقْماً لَهَا فَوْقُ.
وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
فأَخذت بفُقْمَيْه
أَيْ بِلَحْيَيْهِ. وفَقِمَ الرجلُ فَقَماً: رَجَعَ ذقَنُه إِلَى فَمِهِ. وفَقِمَ أَيضاً: كَثُرَ مَالُهُ. وفَقِمَ الإِناءُ: امتلأَ ماء. ويقال: فَقِمَ الشَّيْءُ اتَّسَعَ، والفَقَمُ الِامْتِلَاءُ. يُقَالُ: أَصاب مِنَ الْمَاءِ حَتَّى فَقِم؛ عَنْ أَبِي زَيْدٍ. والأَمر الأَفْقَمُ: الأَعوج الْمُخَالِفُ. وأمرٌ مُتَفاقِم، وتَفاقَمَ الأَمر أَيْ عَظُم. وفَقُمَ الأَمرُ فُقوماً: عَظُمَ، وفَقِمَ أَيْضًا فَقَماً. وفَقِمَ الأَمرُ يَفقَمُ فَقَماً وفُقُوماً وتَفاقَم: لم يَجْر عَلَى اسْتِوَاءٍ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. وفَقِمَ الرجلُ فَقَماً: بَطِرَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن البَطَر خُرُوجٌ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وَالِاسْتِوَاءِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فلَم تَزَلْ تَرْأَمُه وتَحْسِمُهْ، ... مِنْ دائِه، حَتَّى اسْتَقامَ فَقَمُهْ «3»
. التَّهْذِيبُ: وَإِنْ قِيلَ فَقَم الأَمرُ كَانَ صَوَابًا؛ وَأَنْشَدَ:
فإنْ تَسْمَعْ بلأْمِهما، ... فَإِنَّ الأَمرَ قَدْ فَقَما
أَبُو تُرَابٍ: سَمِعْتُ عَرّاماً يَقُولُ رَجُلٌ فَقِمٌ فَهِمٌ إِذَا كَانَ يَعْلُو الْخُصُومَ، وَرَجُلٌ لَقِمٌ لَهِمٌ مِثْلُهُ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ يَصِفُ امرأَة: فَقْماءَ سَلْفَعٍ
؛ الفَقْماءُ: المائلةُ الحَنَك، وَقِيلَ: هُوَ تَقَدَّمُ الثَّنَايَا السُّفلى حَتَّى لَا تَقَعَ عَلَيْهَا العُليا. والفَقْم والفُقْم: طَرَف خَطْم الْكَلْبِ وَنَحْوُهُ، وَقِيلَ: ذَقْنَ الإِنسان ولَحْييه، وَقِيلَ: هُمَا فَمُهُ. التَّهْذِيبُ: وَرُبَّمَا سَمَّوْا ذَقَنَ الإِنسان فَقْماً وفُقْماً. والمُفاقمة: البُضْع، وَفِي الصِّحَاحِ: البِضاعُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا الفِغامُ دُونَ أَنْ تُفاقِما
وَهَذَا الرَّجَزُ للأَغلب الْعِجْلِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَغَم. وفَقَم المرأَةَ: نَكَحَهَا. وفَقِمَ مالُهُ فَقَماً: نَفِدَ ونَفِقَ. وفُقَيْم: بَطْنٌ فِي كِنَانَةَ، النَّسَبُ إِلَيْهِ فُقَمِيٌّ نادِرٌ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَالنِّسْبَةُ إليهم فُقَمِيٌ
__________
(3) . قوله [ترأمه] كذا بالأصل بميم، وفي المحكم ترأبه بالباء، والمعنى واحد(12/457)
مِثْلُ هُذَليٍّ، وَهُمْ نَسَأَةُ الشُّهُورِ. وفُقَيْمٌ أَيْضًا فِي بَنِي دَارِمٍ النَّسَبُ إِلَيْهِ فُقَيْمِيّ عَلَى الْقِيَاسِ. وأَفْقَمُ: اسم.
فلم: الفَيْلَمُ: العَظيم الضخْمُ الجُثَّة مِنَ الرِّجَالِ، وَمِنْهُ تَفَيْلَقَ الْغُلَامِ وتَفَيْلَم بِمَعْنًى وَاحِدٍ. يُقَالُ: رأَيت رَجُلًا فَيْلَماً أَيْ عَظِيمًا. ورأَيت فَيْلَماً مِنَ الأَمر أَيْ عَظِيمًا. والفَيْلم: الأَمر الْعَظِيمُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ، والفَيْلَماني مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ بِزِيَادَةِ الأَلف وَالنُّونِ لِلْمُبَالَغَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الدَّجَّالَ فَقَالَ: أَقْمَرُ فَيْلَمٌ هِجان
، وَفِي رِوَايَةٍ:
رأَيته فَيْلَمانِيّاً.
والفَيْلَمُ: المُشط الْكَبِيرُ، وَقِيلَ: الْمُشْطُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَمَا فَرَّقَ اللِّمَّةَ الفَيْلَمُ
والفَيْلم: الجُمّة العَظِيمة. والفَيْلَمُ: الْجَبَانُ. وَيُقَالُ: فَيْلَمانيٌّ كَمَا يُقَالُ دُحْسُمانيٌّ. والفَيْلم: الْعَظِيمُ؛ وَقَالَ الْبُرَيْقُ الْهُذَلِيُّ:
ويَحْمِي المُضافَ إِذَا مَا دَعا، ... إِذَا فَرَّ ذُو اللِّمّةِ الفَيْلَمُ
وَيُقَالُ: الفَيلم الرَّجُلُ الْعَظِيمُ الجُمَّة؛ وَقَالَ:
يُفَرِّقُ بالسيفِ أَقْرانَه، ... كما فَرَّقَ اللِّمّةَ الفيلم
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْبَيْتُ الَّذِي أَنْشَدَهُ لِبَرِيقِ الْهُذَلِيِّ يُرْوَى عَلَى رِوَايَتَيْنِ، قَالَ: وَهُوَ لِعِيَاضِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْهُذَلِيِّ؛ وَرَوَاهُ الأَصمعي:
يُشَذِّبُ بِالسَّيْفِ أَقرانه، ... إِذَا فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الْفَيْلَمُ
قَالَ: وَلَيْسَ الْفِيلْمُ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي شَاهِدًا عَلَى الرَّجُلِ الْعَظِيمِ الْجُمَّةِ كَمَا ذَكَرَ إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى مَنْ رَوَاهُ:
كَمَا فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الْفَيْلَمُ
قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْفِيلْمَ مِنَ الرِّجَالِ الضَّخْمُ، وَأَمَّا الْفِيلْمُ فِي الْبَيْتِ عَلَى مَنْ رَوَاهُ:
كَمَا فرَّق اللِّمَّةَ الْفِيلْمُ
فَهُوَ الْمُشْطُ. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: يُقَالُ رَأَيْتُ فَيْلماً يُسرِّح فَيْلَمه بِفَيْلَمٍ أَيْ رأَيت رَجُلًا ضَخماً يُسَرِّحُ جُمة كَبِيرَةً بِالْمُشْطِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد الأَصمعي لِسَيْفِ بْنِ ذِي يَزِنَ فِي صِفَةِ الفُرْس الَّذِينَ جَاءَ بِهِمْ مَعَهُ إِلَى الْيَمَنِ:
قَد صَبَّحَتْهُم مِن فارِسٍ عُصَبٌ، ... هِرْبِذُها مُعْلَمٌ وزِمْزِمها
بِيضٌ طِوالُ الأَيْدِي مَرازبةٌ، ... كُلُّ عَظيمِ الرُّؤُوسِ فَيْلَمُها
هَزُّوا بناتِ الرِّياحِ نَحْوَهُم، ... أَعْوَجُها طَامِحٌ وأَقْوَمُها
بناتُ الرِّيَاحِ: النَّشاب. والفَيْلَم: الْمُشْطُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يُعَظِّمُ مُشْطَه. والفَيْلَمُ: المرأَة الْوَاسِعَةُ الجَهاز. وبِئرٌ فَيْلَمٌ: واسِعة؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقِيلَ: وَاسِعَةُ الْفَمِ، وَكُلُّ وَاسِعٍ
فَيْلم؛ عَنِ ابن الأَعرابي.
فلقم: الْجَوْهَرِيُّ: الفَلْقَم الْوَاسِعُ.
فلهم: الفَلْهَم: فَرْجُ المرأَة الضخْم الطَّوِيلُ الإِسْكَتَيْنِ الْقَبِيحُ. الأَصمعي: الفَلهم مِنْ جَهَازِ النِّسَاءِ مَا كَانَ مُنْفَرِجًا. أَبُو عَمْرٍو: الْفَلْهَمُ الْفَرْجُ؛ وَأَنْشَدَ:
يَا ابنَ الَّتِي فَلْهَمُها مِثْلُ فَمِه، ... كالحَفْر قَامَ وِرْدُه بأَسْلُمِه
الحَفْر هُنَا: الْبِئْرُ الَّتِي لَمْ تُطو. وأَسْلُم: جَمْعُ سَلْم الدَّلْوُ، وَأَرَادَ أَنْ فَلْهَمَهَا أَبخر مِثْلُ فَمِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ قَوْمًا افْتَقَدُوا سِخابَ فَتَاتِهِمْ فاتَّهموا امرأَة فَجَاءَتْ(12/458)
عَجُوزٌ فَفَتَّشَتْ فَلْهَمَهَا
أَيْ فَرْجَهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْقَافِ. وبِئر فَلْهم: وَاسِعَةُ الجَوْفِ.
فمم: فُمَّ: لُغَةٌ فِي ثُمَّ، وَقِيلَ: فَاءَ فُمَّ بَدَلٌ مِنْ ثَاءِ ثُمَّ. يُقَالُ: رأَيت عَمراً فُمَّ زَيْدًا وَثُمَّ زَيْدًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. التَّهْذِيبُ: الْفَرَّاءُ قبَّلها فِي فُمّها وثُمِّها. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ هَذَا فَمٌ، مَفْتُوحُ الْفَاءِ مُخَفَّفُ الْمِيمِ، وَكَذَلِكَ فِي النَّصْبِ وَالْخَفْضِ رأَيت فَماً ومررتُ بفَمٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هَذَا فُمٌ وَمَرَرْتُ بفُمٍ ورأَيت فُماً، فَيَضُمُّ الْفَاءَ فِي كُلِّ حَالٍ كَمَا يَفْتَحُهَا فِي كُلِّ حَالٍ؛ وَأَمَّا بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الشِّعْرِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ذُؤَيْبٍ العُماني الفُقَيْمي:
يَا لَيْتَها قَدْ خَرَجَتْ مِن فُمِّه، ... حتَّى يَعُودَ المُلْكُ فِي أُسْطُمِّه
قَالَ: وَلَوْ قَالَ مِنْ فَمِّه، بِفَتْحِ الْفَاءِ، لِجَازَ؛ وَأَمَّا فُو وَفِي وَفَا فَإِنَّمَا يُقَالُ فِي الإِضافة إِلَّا أَنَّ الْعَجَّاجَ قَالَ:
خالَط مِن سَلْمَى خَياشِيمَ وَفَا
قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا ذَلِكَ فِي غَيْرِ الإِضافة وَهُوَ قَلِيلٌ. قَالَ اللَّيْثُ: أَمَّا فُو وَفَا وَفِي فَإِنَّ أَصل بِنَائِهَا الفَوْه، حُذِفَتِ الْهَاءُ مِنْ آخِرِهَا وَحُمِلَتِ الْوَاوُ عَلَى الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ فَاجْتَرَّتِ الْوَاوُ صُرُوفَ النَّحْوِ إِلَى نَفْسِهَا فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مُدَّةٌ تَتْبَعُ الْفَاءَ، وَإِنَّمَا يَسْتَحْسِنُونَ هَذَا اللَّفْظَ فِي الإِضافة، فَأَمَّا إِذَا لَمْ تُضَف فَإِنَّ الْمِيمَ تُجْعَلُ عِمَادًا لِلْفَاءِ لأَن الْيَاءَ وَالْوَاوَ والأَلف يَسْقُطْنَ مَعَ التَّنْوِينِ فَكَرِهُوا أَنْ يَكُونَ اسْمٌ بِحَرْفٍ مُغْلَقٍ، فَعُمِدَتِ الْفَاءُ بِالْمِيمِ، إِلَّا أَنَّ الشَّاعِرَ قَدْ يَضْطَرُّ إِلَى إِفْرَادِ ذَلِكَ بِلَا مِيمٍ فَيَجُوزُ لَهُ فِي الْقَافِيَةِ كَقَوْلِكَ:
خَالَطَ مِنْ سَلْمَى خَيَاشِيمَ وَفَا
الْجَوْهَرِيُّ: الْفَمُ أَصله فَوْه نَقَصَتْ مِنْهُ الْهَاءُ فَلَمْ تَحْتَمِلِ الْوَاوُ الإِعراب لِسُكُونِهَا فَعَوَّضَ مِنْهَا الْمِيمَ، فَإِذَا صغَّرت أَوْ جمَعْت رَدَدْتَهُ إِلَى أَصله وَقُلْتَ فُوَيْه وأَفْواه، وَلَا تَقُلْ أَفماء، فَإِذَا نَسَبْتَ إِلَيْهِ قُلْتَ فَمِيٌّ، وَإِنْ شِئْتَ فَمَوِيٌّ يَجْمَعُ بَيْنَ الْعِوَضِ وَبَيْنَ الْحَرْفِ الَّذِي عُوِّضَ مِنْهُ، كَمَا قَالُوا فِي التَّثْنِيَةِ فَمَوانِ، قَالَ: وَإِنَّمَا أَجازوا ذَلِكَ لأَن هُنَاكَ حَرْفًا آخَرَ محذوفاً وهو الْهَاءُ، كأَنهم جَعَلُوا الْمِيمَ فِي هَذِهِ الْحَالِ عِوَضًا عَنْهَا لَا عَنِ الْوَاوِ؛ وَأَنْشَدَ الأَخفش لِلْفَرَزْدَقِ:
هُما نَفَثا فِي فيَّ مِن فَمَوَيْهما، ... عَلَى النابِحِ الْعَاوِي، أَشَدَّ رِجامِ
قَوْلُهُ أَشد رِجَامٍ أَيْ أَشدَّ نَفْث، قَالَ: وَحَقُّ هَذَا أَنْ يَكُونَ جَمَاعَةً لأَن كُلَّ شَيْئَيْنِ مِنْ شَيْئَيْنِ جَمَاعَةٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما؛ إِلَّا أَنَّهُ يَجِيءُ فِي الشِّعْرِ مَا لَا يَجِيءُ فِي الْكَلَامِ، قَالَ: وَفِيهِ لُغَاتٌ: يُقَالُ هَذَا فَمٌ ورأَيت فَماً وَمَرَرْتُ بِفَمٍ، بِفَتْحِ الْفَاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَضُمُّ الفاء عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُ الْفَاءَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْرِبُهُ فِي مَكَانَيْنِ، يَقُولُ: رأَيت فَماً وَهَذَا فُمٌ وَمَرَرْتُ بِفِمٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: فُمَّ وثُمَّ مِنْ حُرُوفِ النَّسَقِ. التَّهْذِيبُ: الْفَرَّاءُ أَلقَيْتُ عَلَى الأَديم دَبْغةً، والدَّبْغة أَنْ تُلقي عَلَيْهِ فَماً مِنْ دِبَاغٍ خَفِيفَةٍ أَيْ فَماً مِنْ دِباغ أَيْ نَفْساً، ودَبَغْتُه نَفْساً وَيَجْمَعُ أَنْفُساً كأَنْفُس النَّاسِ وهي المرة.
فهم: الفَهْمُ: مَعْرِفَتُكَ الشَّيْءَ بِالْقَلْبِ. فَهِمَه فَهْماً وفَهَماً وفَهامة: عَلِمَه؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ. وفَهِمْت الشَّيْءَ: عَقَلتُه وعرَفْته. وفَهَّمْت فُلَانًا وأَفْهَمْته، وتَفَهَّم الْكَلَامَ: فَهِمه شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَرَجُلٌ فَهِمٌ: سَرِيعُ الفَهْم، وَيُقَالُ: فَهْمٌ وفَهَمٌ. وأَفْهَمه الأَمرَ وفَهَّمه إِيَّاهُ: جَعَلَهُ يَفْهَمُه. واسْتَفْهَمه: سأَله أَنْ يُفَهِّمَه. وَقَدِ اسْتعفْهَمَني الشيءَ فأَفْهَمْته وفَهَّمْته تَفْهِيمًا.(12/459)
وفَهْم: قَبِيلَةُ أَبُو حَيٌّ، وَهُوَ فَهْم بْنُ عَمرو بْنِ قَيْسِ ابن عَيْلان.
فوم: الفُومُ: الزَّرع أَوِ الحِنْطة، وأَزْدُ الشَّراة يُسمون السُّنْبُل فُوماً، الْوَاحِدَةُ فُومة؛ قَالَ:
وقالَ رَبِيئُهم لَمّا أَتانا ... بِكَفِّه فُومةٌ أوْ فُومَتانِ
وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ بِكَفِّهِ غَيْرُ مُشْبَعَةٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الفُومُ الحِمَّص لُغَةٌ شَامِيَّةٌ، وبائِعُه فامِيٌّ مُغَيَّر عَنْ فُومِيّ، لأَنَهم قَدْ يُغيِّرون فِي النَّسَبِ كَمَا قَالُوا فِي السَّهْل والدَّهْر سُهْليٌّ ودُهْرِيٌّ. والفُوم: الْخُبْزُ أَيْضًا. يُقَالُ: فَوِّموا لَنَا أَيِ اخْتَبِزُوا؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ لُغَةٌ قَدِيمَةٌ، وَقِيلَ: الفُوم لُغَةٌ فِي الثُّوم. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه عَلَى الْبَدَلِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: ذَهَبَ بَعْضُ أَهل التَّفْسِيرُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَفُومِها وَعَدَسِها
، إِلَى أَنَّهُ أَرَادَ الثُّوم، فَالْفَاءُ عَلَى هَذَا عِنْدَهُ بَدَلٌ مِنَ الثَّاءِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا أَنْ الفُوم الحِنطة وَمَا يُخْتَبَز مِنَ الحبُوب. يُقَالُ: فَوَّمْت الْخُبْزَ وَاخْتَبَزْتُهُ، وَلَيْسَتِ الْفَاءُ عَلَى هَذَا بَدَلًا مِنَ الثَّاءِ، وَجَمَعُوا الْجَمْعَ فَقَالُوا فُومانٌ؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي، قَالَ: وَالضَّمَّةُ فِي فُوم غَيْرُ الضَّمَّةِ فِي فُومان، كَمَا أَنَّ الْكَسْرَةَ الَّتِي فِي دِلاصٍ وهِجانٍ غَيْرُ الْكَسْرَةِ الَّتِي فِيهَا لِلْوَاحِدِ والأَلف غَيْرِ الأَلف. التَّهْذِيبُ: قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَفُومِها
، قَالَ: الفُوم مِمَّا يَذْكُرُونَ لُغَةٌ قَدِيمَةٌ وَهِيَ الْحِنْطَةُ وَالْخُبْزُ جَمِيعًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَمِعْنَا الْعَرَبَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ اللُّغَةِ يَقُولُونَ فَوّمُوا لَنَا، بِالتَّشْدِيدِ، يُرِيدُونَ اخْتَبِزُوا؛ قَالَ: وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ
عَبْدِ اللَّهِ وثُومها
، بِالثَّاءِ، قَالَ: وَكَأَنَّهُ أَشبه الْمَعْنَيَيْنِ بِالصَّوَابِ لأَنه مَعَ مَا يُشَاكِلُهُ مِنَ الْعَدَسِ وَالْبَصَلِ، وَالْعَرَبُ تُبْدِلُ الْفَاءَ ثَاءً فيقولونَ جَدَفٌ وجَدَثٌ لِلْقَبْرِ، وَوَقَعَ فِي عافُور شَرٍّ وعاثُورِ شَرٍّ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْفُومُ الحنْطة، وَيُقَالُ الْحُبُوبُ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الفُوم الحِنطة، وسائرُ الْحُبُوبِ الَّتِي تُخْتَبَزُ يَلْحَقُهَا اسْمُ الفُوم، قَالَ: وَمَنْ قَالَ الفُوم هَاهُنَا الثُّوم فَإِنَّ هَذَا لَا يَعْرِفُ، وَمُحَالٌ أَنْ يَطْلُبَ الْقَوْمُ طَعَامًا لَا بُرَّ فِيهِ، وَهُوَ أَصْلُ الْغِذَاءِ، وَهَذَا يَقْطَعُ هَذَا الْقَوْلَ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الثُّوم والفُوم لِلْحِنْطَةِ. قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: فَإِنْ قرأَها ابْنُ مَسْعُودٍ بِالثَّاءِ فَمَعْنَاهُ الْفُومُ وَهُوَ الْحِنْطَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ هُوَ الْحِنْطَةُ؛ وأَنشد الأَخفش لأَبي مِحْجَن الثَّقَفي:
قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُني كأَغْنى واحِدٍ ... نَزَلَ المَدِينةَ عَنْ زِراعةِ فُومِ
وَقَالَ أُميّة فِي جَمْعِ الفُوم:
كَانَتْ لَهُمْ جَنّةٌ إِذْ ذَاكَ ظاهِرةٌ، ... فِيهَا الفَرادِيسُ والفُومانُ والبَصَلُ
وَيُرْوَى: الفَرارِيسُ؛ قَالَ أَبُو الإِصبع: الفَرارِيسُ الْبَصَلُ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الفُومة السُّنبلة، قَالَ: والفامِيُّ السُّكري «4» . قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: مَا أُراه عَرَبِيًّا مَحْضًا. وقَطَّعُوا الشَّاةَ فُوماً فُوماً أَيْ قِطَعاً قِطَعاً. والفَيُّوم: مِنْ أَرض مِصْرَ قُتِلَ بِهَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ آخِرُ ملوك بني أُمية.
فيم: الفَيامُ والفِيامُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ: وَلَوْلَا الفَيام لَقُلْتُ إِنَّ الفِيام مُخَفَّفٌ مِنَ الفِئام.
فصل القاف
قأم: قَئِمَ مِنَ الشَّرَابِ قَأَماً: ارْتوى؛ عَنْ أَبِي حنيفة.
قتم: القُتْمة: سَوَادٌ لَيْسَ بِشَدِيدٍ، قَتَمَ يَقْتِم قَتامةً فَهُوَ قاتِمٌ وقَتِم قَتَماً وَهُوَ أَقتَمُ؛ أَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
__________
(4) . قوله [السكري] كذا في شرح القاموس، والذي في الأَصل السين عليها ضمة وما بعد الكاف غير واضح(12/460)
سيُصْبِحُ فَوقي أَقتَمُ الرِّيش واقِعاً ... بِقالِيقَلا أَوْ مِن وَراء دَبِيلِ «1»
التَّهْذِيبِ: الأَقتم الَّذِي يَعْلُوهُ سَوَادٌ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ وَلَكِنَّهُ كَسَوَادِ ظَهْرِ البازي، وأَنشد:
كَمَا انقَضَّ بازٍ أَقتَمُ اللَّوْن كاسِرُ
وَالْمَصْدَرُ القُتْمة. وَسَنَةٌ قَتْماء: شَاحِبَةٌ. وقَتَم وَجْهُهُ قُتوماً: تغَيَّر. وأَسودُ قاتِمٌ وقاتِنٌ، بِالنُّونَ، مُبالَغ فِيهِ كحالِكٍ، حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الإِبدال، وَقِيلَ: إِنه لُغَةٌ وَلَيْسَ بِبَدَلٍ. والقاتمُ: الأَحمر، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي فِيهِ حُمْرَةٌ وغُبرة، وَهُوَ القُتْمة، وَقَدِ اقتَمَّ اقتِماماً، وبازٍ أَقتمُ الريشِ. ومكانٌ قاتِم الأَعماق: مُغْبَرُّ النَّواحي. والقَتَمُ والقَتامُ: الغُبار، وَحَكَى يَعْقُوبُ فِيهِ القَتان، وَهُوَ لُغَةٌ فِيهِ، وَقَدْ قَتَمَ يَقْتِمُ قُتوماً إِذا ضَرَبَ إِلى السَّوَادِ، وأَنشد:
وقاتِم الأَعماقِ خَاوِيِ المُخْتَرَق
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وقَتْلِ الكُماةِ وتَمْتِيعِهم ... بِطَعْنِ الأَسِنَّة تَحْتَ القَتَمْ
وَقَالَ الأَصمعي: إِذا كَانَتْ فِيهِ غُبرة وَحُمْرَةٌ فَهُوَ قاتِم، وَفِيهِ قُتْمةٌ، جَاءَ بِهِ فِي الثِّيَابِ وأَلوانها. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: قَالَ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّه يَوْمَ صِفِّين انظُر أَين تَرَى عَلِيًّا؟ قَالَ: أَراه فِي تِلْكَ الكَتِيبة القَتْماء، فَقَالَ: للَّه دَرُّ ابْنِ عمَر وَابْنِ مَالِكٍ! فَقَالَ لَهُ: أَيْ أَبَهْ فَمَا يَمْنَعُك إِذ غَبَطْتَهم أَن تَرجِع؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ أَنا أَبو عَبْدِ اللَّه إِذا حَكَكْتُ قَرْحة دَمَّيْتُها
، القَتْماء: الْغَبْرَاءُ مِنَ القَتام، وتَدْمِيةُ القَرْحة مَثَلٌ أَي إِذا قَصَدْتُ غَايَةً تَقصَّيْتُها، وَابْنُ عُمَرَ: هُوَ عَبْدُ اللَّه، وَابْنُ مَالِكٍ: هُوَ سَعْدَ بْنَ أَبي وَقَّاصٍ، وَكَانَا مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْفَرِيقَيْنِ. أَبو عَمْرٍو: أَحمر قاتِمٌ شَدِيدُ الحُمرة، وأَنشد:
كُوماً جِلاداً عِند جَلْدٍ قاتِم
وأَقتَم اليومُ: اشتدَّ قَتَمُه، عَنْ أَبي عَلِيٍّ. والقَتَمُ: رِيحٌ ذاتُ غُبار كَرِيهَةٌ. وقُتَيْمٌ: مِنْ أَسماء الْمَوْتِ. والقَتَمةُ: رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، وَهِيَ ضِدُّ الخَمْطة، والخَمْطة تُسْتَحَبُّ والقَتَمة تُكره. قَالَ الأَزهري: أَرى الَّذِي أَراده ابْنُ الْمُظَفَّرِ القَنَمة، بِالنُّونَ، يُقَالُ: قَنِمَ السِّقاء يَقْنَمُ إِذا أَرْوَحَ، وأَما القَتَمةُ، بِالتَّاءِ، فَهِيَ فِي اللَّوْنِ الَّذِي يَضْرِبُ إِلى السَّوَادِ، والقَنَمةُ، بِالنُّونَ: الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ.
قثم: قَثَمَ الشَّيْءُ يَقْثِمه قَثْماً واقتَثَمه: جَمَعه وَاجْتَرَفَهُ. وَيُقَالُ: قَثام أَيِ اقْثِم، مُطَّرِدٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَمَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي الْعَبَّاسِ. وَرَجُلٌ قَثُومٌ: جَمّاع لِعِيَالِهِ. والقُثَمُ والقَثوم: الجَموع لِلْخَيْرِ. وَيُقَالُ فِي الشَّرِّ أَيضاً: قَثَم واقْتَثَم. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لقَثُوم لِلطَّعَامِ وَغَيْرِهِ؛ وَأَنْشَدَ:
لأَصْبَحَ بَطْنُ مَكةَ مُقْشَعِرًّا، ... كأَنَّ الأَرضَ لَيْسَ بِهَا هِشامُ
يَظَلُّ كأَنه أَثناءَ سَرْطٍ، ... وفَوْقَ جِفانِه شَحْمٌ رُكامُ
«2» . فللكُبَراء أَكْلٌ حيثُ شاؤوا، ... وللصُّغَراء أَكْلٌ واقْتِثامُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي هِشَامَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: والاقتِثام التَّزْلِيلُ. وقَثَم لَهُ مِنَ العطاء قَثْماً: أكثَر،
__________
(1) . 1 قوله «واقعاً» كذا في الأصل تبعاً لابن سيدة، والذي في معجم ياقوت في غير موضع: كاسراً.
(2) . قوله [كأنه أثناء إلخ] كذا بالأصل ولينظر خبر كأنّ(12/461)
وَقِيلَ: قَثَم لَهُ أَعْطَاهُ دُفعة مِنَ الْمَالِ جيِّدة مِثْلَ قَذَمَ وغَذَمَ وغَثَمَ. وقُثَم: اسْمُ رَجُلٍ مُشْتَقٌّ مِنْهُ، وَهُوَ مَعْدُولٌ عَنْ قاثِم وَهُوَ المُعطي. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ كَثِيرَ العَطاء: مائحٌ قُثَمُ؛ وَقَالَ:
ماحَ البِلادَ لَنَا فِي أوَّلِيَّتِنا، ... عَلَى حَسودِ الأَعادِي، مائحٌ قُثَمُ
وَرَجُلٌ قُثَم وقُذَم إِذَا كَانَ مِعطاء. وقَثَم مَالًا إِذَا كَسبَه. وقَثامِ: اسْمٌ لِلْغَنِيمَةِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً. وَقَدِ اقْتَثَم مَالًا كَثِيرًا إِذَا أَخذه. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
أَنت قُثَم، أَنت المُقَفَّى، أَنت الْحَاشِرُ
؛ هَذِهِ أَسماء النَّبِيِّ سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتاني ملَك فَقَالَ أَنت قُثَم وخَلْقُك قَيّم
؛ القُثَمُ: الْمُجْتَمِعُ الْخَلْقِ، وَقِيلَ: الْجَامِعُ الْكَامِلُ، وَقِيلَ: الجَموع لِلْخَيْرِ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ قُثَم، وَقِيلَ: قُثم مَعْدُولٌ عَنْ قَاثِمٍ، وَهُوَ الْكَثِيرُ الْعَطَاءِ. وَيُقَالُ للذِّيخ قُثُمُ، وَاسْمُ فِعله القُثْمة، وَقَدْ قَثَم يَقْثم قَثْماً وقُثْمة. والقَثم: لَطْخُ الجَعْر وَنَحْوِهِ. وقَثامِ: مِنْ أَسماء الضّبُع، سُمِّيَتْ بِهِ لِالْتِطَاخِهَا بِالْجَعْرِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: سُمِّيَتْ بِهِ لأَنها تَقْثِم أَيْ تُقطِّع. وقُثَمُ: الذكَر مِنَ الضِّباع، وَكِلَاهُمَا مَعْدُولٌ عَنْ فَاعِلٍ وَفَاعِلَةٍ، والأُنثى قَثامِ مِثْلُ حَذامِ، سُمِّيَتِ الضَّبُع بِذَلِكَ لِتَلَطُّخِهَا بجَعْرها. والقُثْمة: الغُبرة. وقَثُم قَثْماً وقَثامة: اغْبَرّ. وَيُقَالُ للأَمة: يَا قَثامِ، كَمَا يُقَالُ لَهَا: يَا ذَفارِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُمِّيَ الذِّكَرُ مِنَ الضِّبْعان قُثَم لبُطئه فِي مَشْيِهِ، وَكَذَلِكَ الأُنثى. يُقَالُ: هُوَ يَقْثُم فِي مَشْيِهِ، وَيُقَالُ: هُوَ يَقْثِمُ أَيْ يَكْسِب، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبَا كَاسِبٍ، وَهَذَا هو الصحيح.
قحم: القَحْم: الْكَبِيرُ المُسنّ، وَقِيلَ: القَحْم فَوْقَ الْمُسِنِّ مِثْلَ القَحْر؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
رأَينَ قَحْماً شابَ واقْلَحَمّا، ... طالَ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فاسْلَهَمّا
والأُنثى قَحْمة، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنَّ مِيمَهَا بَدَلٌ مِنْ بَاءِ قَحْبٍ. والقَحومُ: كالقَحْم. والقَحْمة: الْمُسِنَّةُ مِنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا كالقَحْبة، وَالِاسْمُ القَحامة والقُحومة، وَهِيَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أَفعال. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: القَحْم الْكَبِيرُ مِنَ الإِبل وَلَوْ شُبِّهِ بِهِ الرَّجُلُ كَانَ جَائِزًا؛ والقَحْرُ مِثْلُهُ. وَقَالَ أَبُو الْعَمَيْثَلِ: القَحْمُ الَّذِي قَدْ أَقحَمَتْه السِّنُّ، تَرَاهُ قَدْ هَرِمَ مِنْ غَيْرِ أَوَانِ الهَرَم؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنِّي، وإنْ قَالُوا كَبيرٌ قَحْمُ، ... عِندي حُداءٌ زَجَلٌ ونَهْمُ
والنَّهْم: زَجر الإِبل. الْجَوْهَرِيُّ: شَيْخٌ قَحْمٌ أَيْ هِمٌّ مِثْلُ قَحْل. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمر: ابْغِني خَادِمًا لَا يَكُونُ قَحْماً فانِياً وَلَا صَغِيرًا ضَرَعاً
؛ القَحْم: الشيخُ الهِمُّ الْكَبِيرُ. وقَحَمَ الرَّجُلُ فِي الأَمرِ يَقْحُم قُحوماً واقتَحَمَ وانْقَحَم، وَهُمَا أَفصح: رَمَى بِنَفْسِهِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ، وَقِيلَ: رَمى بِنَفْسِهِ فِي نَهْرٍ أَوْ وَهْدةٍ أَوْ فِي أَمر مِنْ غَيْرِ دُرْبةٍ، وَقِيلَ: إِنَّمَا جَاءَتْ قَحَمَ فِي الشِّعر وَحْدَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَقْحِمْ يَا ابنَ سيفِ اللَّهِ.
قَالَ الأَزهري: وَفِي الْكَلَامِ الْعَامِّ اقْتَحَم. وتَقْحِيمُ النفْسِ فِي الشَّيْءِ: إِدْخَالُهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ رَويَّة. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَقبلت زَيْنبُ تَقَحَّمُ لَهَا
أَيْ تَتَعرَّضُ لِشَتْمِهَا وَتَدْخُلُ عَلَيْهَا فِيهِ كَأَنَّهَا أَقبلت تشتُمها مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَلَا تثَبُّت. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَا آخِذٌ بحُجَزِكم عَنِ النَّارِ وأَنتم تقْتَحِمُون فِيهَا
أَيْ تقَعُونَ فِيهَا. يُقَالُ: اقْتَحَم الإِنسانُ الأَمرَ الْعَظِيمَ وتقَحَّمَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ سَرَّه أَنْ(12/462)
يتَقَحَّم جرَاثِيمَ جَهَنَّمَ فلْيَقْضِ فِي الجَدِّ
أَيْ يَرْمِي بِنَفْسِهِ فِي مَعاظِم عَذَابِهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشرك بِهِ شَيْئًا غَفر لَهُ المُقْحِماتِ
أَيْ الذنوبَ العِظامِ الَّتِي تُقْحِمُ أَصحابها فِي النَّارِ أَيْ تُلقيهم فِيهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ
؛ ثُمَّ فَسَّرَ اقْتِحامَها فَقَالَ:
فَكَّ رقَبةً أَو أَطْعَمَ
، وَقُرِئَ: فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ، وَمَعْنَى فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ
أَيْ فَلَا هُوَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، وَالْعَرَبُ إِذَا نَفَتْ بِلَا فِعْلًا كَرَّرَتْهَا كَقَوْلِهِ: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى، وَلَمْ يُكَرِّرْهَا هَاهُنَا لأَنه أَضمر لَهَا فِعْلًا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ كأَنه قَالَ: فَلَا أَمن وَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا. واقتحمَ النجمُ إِذَا غَابَ وسَقط؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أُراقِبُ النجمَ كأَني مُولَع، ... بحيْثُ يَجْري النجمُ حَتَّى يقْتَحِم
أَيْ يَسْقُطُ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ فِي التَّقَدُّمِ:
همُ الحامِلونَ الخَيلَ حَتَّى تقَحَّمَت ... قَرابِيسُها، وازدادَ مَوجاً لُبُودها
والقُحَمُ: الأُمور العِظام الَّتِي لَا يَركبها كُلُّ أَحد. وَلِلْخُصُومَةِ قُحَم أَي أَنها تَقْحَمُ بِصَاحِبِهَا عَلَى مَا لَا يُرِيدُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه وكَّلَ عبدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ بالخُصومة، وَقَالَ: إِنَّ للخُصومةِ قُحَماً
، وَهِيَ الأُمور الْعِظَامُ الشَّاقَّةُ، وَاحِدَتُهُا قُحْمةٌ، قَالَ أَبو زَيْدٍ الْكِلَابِيُّ: القُحَم المَهالك؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَصله مِنَ التَّقَحُّم، وَمِنْهُ قُحْمة الأَعْراب، وَهُوَ كُلُّهُ مَذْكُورٌ فِي هَذَا الْفَصْلِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الإِبل وَشِدَّةَ مَا تَلْقَى مِنَ السَّيْرِ حَتَّى تُجْهِض أَولادها:
يُطَرِّحْنَ بالأَوْلادِ أَو يَلْتَزمْنها، ... عَلَى قُحَمٍ، بينَ الفَلا والمَناهِل
وَقَالَ شَمِرٌ: كُلُّ شَاقٍّ صَعْب مِنَ الأُمور المُعضِلة وَالْحُرُوبِ وَالدُّيُونِ فَهِيَ قُحَم؛ وأَنشد لرؤْبة:
مِنْ قُحَمِ الدَّيْنِ وزُهْدِ الأَرْفاد
قَالَ: قُحَمُ الدَّيْنِ كَثْرَتُهُ ومَشقَّته؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
والشَّيْبُ داءٌ نَحِيسٌ، لَا دواءَ لَهُ ... للمَرءِ كَانَ صَحيحاً صائِبَ القُحَمِ
يَقُولُ: إِذَا تقَحَّمَ فِي أَمر لَمْ يَطِش وَلَمْ يُخْطِئ؛ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ:
قومٌ إِذَا حارَبوا، فِي حَرْبِهم قُحَمُ
قَالَ: إِقْدَامٌ وجُرأَة وتقَحُّم، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
مَن سرَّه أَن يتَقَحَّم جَراثِيمَ جَهَنَّمَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: التَّقحُّم التقدُّم والوُقوعُ فِي أُهْوِيّة وَشِدَّةٍ بِغَيْرِ رَوِيَّةٍ وَلَا تَثَبُّتٍ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
إِذَا كُلِي واقْتُحِمَ المَكْلِيُ
يَقُولُ: صُرِعَ الَّذِي أُصِيبت كُلْيَتُه. وقُحَمُ الطَّرِيقِ: مَا صَعُبَ مِنْهَا. واقْتَحَم الْمَنْزِلَ: هَجَمه. واقْتَحم الفَحْلُ الشَّوْلَ: اهْتَجَمها مِنْ غَيْرِ أَن يُرْسَلَ فِيهَا. الأَزهري: المَقاحِيمُ مِنَ الإِبل الَّتِي تَقْتَحِم فتَضْرب الشَّوْلَ مِنْ غَيْرِ إِرْسَالٍ فِيهَا، وَالْوَاحِدُ مِقْحام؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا مِنْ نَعْتِ الفُحول. والإِقْحامُ: الإِرْسال فِي عَجَلَةٍ. وَبَعِيرٌ مُقْحَم: يَذْهَبُ فِي الْمَفَازَةِ مِنْ غَيْرِ مُسِيم وَلَا سَائِقٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَوْ مُقْحَم أَضْعفَ الإِبْطانَ حادِجُه، ... بالأَمْسِ، فاسْتَأْخَرَ العِدْلان والقتَبُ
قَالَ: شبَّه بِهِ جَناحَي الظَّلِيمِ. وأَعْرابي مُقْحَم: نشأَ فِي البَدْو والفَلوَات لَمْ يُزايِلها. وقَحَم الْمَنَازِلَ: طَواها؛ وَقَوْلُ عَائِذِ بْنِ مُنْقِذٍ العَنْبري أَنشده ابْنُ الأَعرابي:(12/463)
تُقَحِّم الرَّاعي إِذَا الرَّاعِي أَكَبُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: تُقَحِّمُ لَا تَنزِل المَنازل وَلَكِنْ تَطوي فتُقَحِّمُه مَنْزِلًا مَنْزِلًا يَصِفُ إِبِلًا؛ وَقَوْلُهُ:
مُقَحِّم الرَّاعي ظَنُونَ الشِّرْبِ
يَعْنِي أَنه يَقْتَحِمُ مَنْزِلًا بَعْدَ مَنْزِلٍ يَطْوِيه فَلَا يَنْزِلُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ ظَنونَ الشِّرب أَيْ لَا يُدْرَى أَبه مَاءٌ أَمْ لَا. والقُحْمة: الانْقِحام فِي السَّيْرِ؛ قَالَ:
لمَّا رأَيتُ العامَ عَامًا أَسْحَما، ... كَلَّفْتُ نفْسي وصِحابي قُحَما
والمُقْحَم، بِفَتْحِ الْحَاءِ: الْبَعِيرُ الَّذِي يُرْبِعُ ويُثْني فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فيَقتحِم سِنًّا عَلَى سِنٍّ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لِابْنِ الهَرِمَيْن أَو السَّيِءِ الْغِذَاءِ. الأَزهري: الْبَعِيرُ إِذَا أَلقَى سِنَّيْه فِي عَامٍ وَاحِدٍ فَهُوَ مُقْحَم، قَالَ: وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا لِابْنِ الهَرِمَين؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَمْرِو بْنِ لجإٍ:
وكنتُ قَدْ أَعْدَدْتُ، قَبْلَ مَقْدَمي، ... كَبْداء فَوْهاء كجَوْزِ المُقْحَمِ
وَعَنَى بالكَبداء مَحالة عَظِيمَةَ الوَسَط. وأُقْحِمَ الْبَعِيرُ: قُدِّم إِلَى سِنٍّ لَمْ يَبْلُغْهَا كأَن يَكُونَ فِي جِرْم رَباعٍ وَهُوَ ثَنِيٌّ فِيقَالُ رَباعٌ لعِظَمِه، أَو يَكُونَ فِي جِرْمِ ثَنِيٍّ وَهُوَ جَذَعٌ فِيقَالُ ثَنِيٌّ لِذَلِكَ أَيضاً، وَقِيلَ: المُقْحَم الحِقُّ وَفَوْقَ الحِقِّ مِمَّا لَمْ يَبْزُل. وقُحْمة الأَعراب: أَنْ تُصِيبَهُمُ السَّنَةُ فتُهْلِكَهم، فَذَلِكَ تقَحُّمها عَلَيْهِمْ أَوْ تقَحُّمُهم بِلَادَ الرِّيفِ. وقَحَمَتهم سَنَةٌ جَدْبَةٌ تقْتحِم عَلَيْهِمْ وَقَدْ أَقْحَموا وأُقْحِموا؛ الأُولى عَنْ ثَعْلَبٍ، وقُحِّموا فانْقَحَمُوا: أُدْخِلوا بِلَادَ الرِّيفِ هَرَبًا مِنَ الْجَدْبِ. وأَقْحَمَتْهم السنةُ الحَضَرَ وَفِي الحَضر: أَدْخَلَتْهم إِيَّاهُ. وكلُّ مَا أَدْخلتَه شَيْئًا فَقَدْ أَقْحَمْتَه إِيَّاهُ وأَقْحَمْتَه فِيهِ؛ وَقَالَ:
فِي كلِّ حَمْدٍ أَفادَ الحَمْد يُقْحِمُها، ... مَا يُشْتَرَى الحَمْدُ إِلَّا دُونَه قُحَمُ
الْجَوْهَرِيُّ: القُحْمة السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ. يُقَالُ: أَصابت الأَعرابَ القُحْمةُ إِذَا أَصابهم قَحْط. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَقحَمَتِ السنةُ نابِغةَ بَنِي جَعْدة
أَيْ أَخرجَته مِنَ الْبَادِيَةِ وأَدخَلتْه الحضَر. والقُحمة: رُكُوبُ الإِثْم؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والقُحمة، بِالضَّمِّ: الْمُهْلِكَةُ. وأَسودُ قاحِمٌ: شَدِيدُ السَّوَادِ كَفَاحِمٍ. والتَّقْحِيمُ: رَميُ الفرسِ فارسَه عَلَى وَجْهِهِ؛ قَالَ:
يُقَحِّمُ الفارِسَ لَوْلَا قَبْقَبُهْ
وَيُقَالُ: تقَحَّمَتْ بِفُلَانٍ دَابَّتُهُ، وَذَلِكَ إِذَا ندَّت بِهِ فَلَمْ يَضْبِطْ رأْسَها وَرُبَّمَا طَوَّحت بِهِ فِي وَهْدة أَو وَقَصَتْ بِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَقولُ، والناقةُ بِي تقَحَّمُ، ... وأَنا مِنْهَا مُكْلَئِزُّ مُعْصِمُ:
ويْحَكِ مَا اسْمُ أُمِّها، يَا عَلْكَمُ؟
يُقَالُ: إِنَّ النَّاقَةَ إِذَا تقَحَّمت بِرَاكَبِهَا نادَّةً لَا يَضْبِطُ رأْسها أَنَّهَا إِذَا سَمَّى أُمَّها وَقَفَتْ. وعَلْكَم: اسْمُ نَاقَةٍ. وأَقْحَمَ فرسَه النهرَ فانْقَحَم، واقْتَحم النَّهْرَ أَيضاً: دخَله. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه دخلَ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ غُلَيِّمٌ أَسْودُ يَغْمِزُ ظَهرَه فَقَالَ: مَا هَذَا الْغُلَامُ؟ قَالَ: إِنَّهُ تقَحَّمَتْ بِي الناقةُ الليلةَ
أَي أَلَقَتْني. والقُحْمةُ: الوَرْطةُ والمَهْلكة. وقَحَمَ إِلَيْهِ يَقْحَم: دَنا. والقُحَمُ: ثَلَاثُ لَيَالٍ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ لأَن الْقَمَرَ قحَمَ فِي دُنُوِّه إِلَى الشَّمْسِ. واقْتَحمَتْه عَيْنِي: ازْدَرَتْه، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الَّذِي تَقْحَمُه عينُك فَتَرْفَعُهُ فَوْقَ سنِّه لعِظَمه وحُسنه نَحْوَ أَن يَكُونَ ابْنَ لَبُون فَتَظُنَّهُ حِقّاً أَوْ جَذَعاً.(12/464)
وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَقْتَحِمهُ عَين مِنْ قِصَر
أَيْ لَا تتجاوَزُه إِلَى غَيْرِهِ احْتِقَارًا لَهُ. وَكُلُّ شَيْءٍ ازْدَرَيْتَه فَقَدِ اقتحَمْتَه؛ أَراد الواصفُ أَنه لَا تَسْتَصْغِرُه العينُ وَلَا تَزْدَرِيه لقِصَرِه. وَفُلَانٌ مُقْحَمٌ أَيْ ضَعِيفٌ. وكلُّ شَيْءٍ نُسِبَ إِلَى الضَّعْفِ فَهُوَ مُقْحَم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ الجَعْدي:
عَلَوْنا وسُدنا سُودَداً غيرَ مُقْحَمِ
قَالَ: وأَصل هَذَا وَشِبْهِهِ مِنَ المُقحم الَّذِي يتحوَّل مِنْ سِنٍّ إِلَى سِنٍّ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
مِنَ الناسِ أَقْوامٌ، إِذَا صادَفوا الغِنى ... توَلَّوْا، وَقَالُوا للصَّديقِ وقَحَّمُوا
فَسَّرَهُ فَقَالَ: أَغْلَظُوا عَلَيْهِ وجَفَوه.
قحدم: القَحْدَمةُ والقَمَحْدُوةُ والقَحْدُوةُ «3» : الهَنةُ النَّاشِزَةُ فَوْقَ الْقَفَا، وَهِيَ بَيْنَ الذُّؤابة وَالْقَفَا مُنحدرة عَنِ الْهَامَةِ، إِذَا اسْتَلْقَى الرَّجُلُ أَصابت الأَرض مِنْ رأْسه؛ قَالَ:
فَإِنْ يُقْبِلُوا نَطْعُنْ ثُغُورَ نُحورِهم، ... وإنْ يُدْبِرُوا نَضْرِبْ أَعالي القَماحِدِ «4»
. الأَزهري: أَبو عَمْرٍو تقَحْدَمَ الرجلُ فِي أَمره تقَحْدُماً إِذَا تَشَدَّدَ، فَهُوَ مُتَقَحْدِمٌ؛ وقَحْدَم: اسْمُ رَجُلٍ مأْخوذ منه.
قحذم: تقَحْذَم الرَّجُلُ: وَقَعَ مُنْصَرِعاً. وتقَحْذَم البيتَ: دخَله. والقَحْذَمةُ والتَّقَحْذُم: الهُوِيّ عَلَى الرأْس؛ قَالَ:
كَمْ مِن عَدُوٍّ زالَ أَوْ تَدَحْلَما، ... كأَنَّه فِي هُوَّةٍ تقَحْذَما
تَدَحْلَم إِذَا تَدَهْوَرَ فِي بِئْرٍ أَو مِنْ جبَلٍ.
قحزم: قَحْزَمَ الرجلَ: صرَفَه عن الشيء.
قخم: القَيْخَمُ: الضَّخم الْعَظِيمُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وشَرَفاً ضَخْماً وعِزّاً قَيْخَما
والقَيْخمان: كَبِيرُ القَرية ورأْسُها؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَو قَيْخَمانِ القَرْيةِ الْكَبِيرِ
قدم: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى المُقَدِّم: هُوَ الَّذِي يُقَدِّم الأَشياءَ وَيَضَعُهَا فِي مَوَاضِعِهَا، فَمَنِ اسْتَحَقَّ التَّقديم قدَّمه. والقَدِيم، عَلَى الإِطلاق: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. والقِدَمُ: العِتْقُ مَصْدَرُ القَدِيم. والقِدَمُ: نَقِيضُ الحُدوث، قَدُمَ يَقْدُم قِدَماً وقَدامةً وتَقادَمَ، وَهُوَ قَدِيم، وَالْجَمْعُ قُدَماء وقُدَامى. وشيءٌ قُدامٌ: كقَدِيم. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: فسَلَّم عَلَيْهِ وَهُوَ يُصلِّي فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، قَالَ: فأَخذني مَا قَدُم وَمَا حَدُثَ
أَي الْحُزْنُ والكآبَة، يُرِيدُ أَنه عاوَدَتْه أَحْزانه الْقَدِيمَةُ واتَّصَلَت بالحَدِيثة، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ غَلَب عَلَيَّ التفَكُّر فِي أَحوالي الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ، أَيُّها كَانَ سَبَبًا لِتَرْكِ ردِّه السَّلَامَ عَلَيَّ. والقَدَمُ والقُدْمةُ: السَّابِقَةُ فِي الأَمر. يُقَالُ: لِفُلَانٍ قَدَمُ صِدْقٍ أَي أَثرَةٌ حَسنَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: القَدَمُ التَّقَدُّم، قَالَ الشَّاعِرُ:
وإِنْ يَكُ قَوْمٌ قَدْ أُصِيبُوا، فإِنهم ... بَنَوْا لكُمُ خَيرَ البَنِيَّة والقَدَمْ
وَقَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
عَرَفْتُ أَن لَا يَفُوتَ اللَّهَ ذُو قَدَمٍ، ... وأَنَّه مِنْ أَمِيرِ السُّوءِ مُنْتَقِمُ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ هَمّام السَّلُولي:
ونسْتَعِينُ، إِذا اصْطَكَّتْ حُدُودُهمُ ... عِندَ اللِّقاءِ، بِحَدٍّ ثابتِ القَدَمِ
__________
(3) . قوله [والقحدوة] كذا بالأَصل مضبوطاً، وفي شرح القاموس: والمقحدوة بزيادة ميم قبل القاف
(4) . قوله [فان يقبلوا إلخ] تقدم في قمحد: أتى به هنا شاهداً على التفسير(12/465)
وَقَالَ جَرِيرٌ:
أَبَنِي أُسَيْدٍ، قَدْ وَجَدْتُ لِمازِنٍ ... قَدَماً، وَلَيْسَ لكمْ قُدَيْمٌ يُعْلَمُ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِنَّا عَلَى مَنازِلنا مِنْ كِتَابِ اللَّه وقِسْمةِ رَسوله والرَّجلُ وقَدَمُه وَالرَّجُلُ وبَلاؤه
أَي أَفْعاله وتقَدُّمُه فِي الْإِسْلَامِ وسَبْقُه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ
، أَي سابِقَ خَيْرٍ وأَثراً حَسَنًا، قَالَ الأَخفش: هُوَ التَّقْدِيمُ كأَنه قَدَّمَ خَيْرًا وَكَانَ لَهُ فِيهِ تَقْدِيمٌ، وَكَذَلِكَ القُدْمة، بِالضَّمِّ وَالتَّسْكِينِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: رَجُلٌ قَدَمٌ وَامْرَأَةٌ قَدَمةٌ يَعْنِي أَن لَهُمَا قدَم صِدْقٍ فِي الْخَيْرِ، قِيلَ: وقَدَمُ الصدقِ الْمَنْزِلَةُ الرفيعةُ وَالسَّابِقَةُ، وَالْمَعْنَى أَنه قَدْ سَبَقَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهُ خَيْرٌ، قَالَ: وَلِلْكَافِرِ قَدم شَرٍّ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وأَنتَ امْرُؤٌ مِنْ أَهلِ بَيْتِ ذُؤابَةٍ، ... لَهُمْ قَدَمٌ مَعْروفةٌ ومَفَاخِرُ
قَالُوا: القَدَمُ وَالسَّابِقَةُ مَا تقَدَّموا فِيهِ غَيْرَهُمْ. وَرُوِيَ
عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى: قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ
، القدَم كُلُّ مَا قَدَّمْت مِنْ خَيْرٍ.
وتَقَدَّمَتْ فِيهِ لِفُلَانٍ قَدَمٌ أَي تقَدُّمٌ فِي الْخَيْرِ. ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ
يَعْنِي عَمَلًا صَالِحًا قَدَّمُوهُ. أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ قَدَمٌ وامرأَة قَدَمٌ مِنْ رِجَالٍ وَنَسَاءٍ قَدَمٍ، وَهُمْ ذَوُو القَدَم. وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ قَدَمَ صِدْقٍ
: شفاعةَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وقُدّام: نَقِيضُ وَرَاءَ، وَهُمَا يُؤَنَّثَانِ وَيُصَغَّرَانِ بِالْهَاءِ: قَدَيْدِمةٌ وقُدَيْدِيمة وَوُرَيِّئة، وَهُمَا شَاذَّانِ لأَن الْهَاءَ لَا تَلْحَقُ الرُّبَاعِيَّ في التصغير، قَالَ الْقُطَامِيُّ،
قُدَيْدِمةُ التَّجْرِيبِ والحِلْمِ أَنَّني ... أَرَى غَفَلاتِ العَيْشِ قبْلَ التَّجَارِبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ كَسَرَ أَن استأْنف، وَمَنْ فَتَحَ فَعَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ. وَتَقُولُ: لَقِيتُهُ قُدَيْدِيمةَ ذَلِكَ ووُرَيِّئةَ ذَلِكَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ قُدّام مُؤَنَّثَةٌ وَإِنْ ذُكِّرَتْ جَازَ، وَقَدْ قِيلَ فِي تَصْغِيرِهِ قُدَيْديم، وَهَذَا يُقَوِّي مَا حَكَاهُ الْكِسَائِيُّ مِنْ تَذْكِيرِهَا، وَهِيَ أَيضاً القُدّامُ والقَيْدامُ والقَيْدُوم، عَنْ كُرَاعٍ. والقُدُم: المُضيّ أَمَام أَمامَ، وَهُوَ يَمْشِي القُدُمَ والقُدَمِيَّةَ «1» واليَقْدُمِيَّة والتَّقْدُمِيَّةَ إِذا مَضى فِي الْحَرْبِ. وَمَضَى القومُ التَّقْدُمِيَّةَ إِذا تَقَدّموا، قَالَ سِيبَوَيْهِ: التَّاءُ زَائِدَةٌ، وقال:
ماذا بِبَدْرٍ فالعَقَنْقَلِ ... مِن مَرازِبةٍ جَحاجِحْ
الضَّارِبينَ التَّقْدُمِيْيَةَ ... بالمُهَنَّدةِ الصَّفائِحْ
التَّهْذِيبِ: يُقَالُ مَشَى فُلَانٌ القُدَمِيَّةَ والتَّقْدُمِيّةَ إِذا تَقَدَّمَ فِي الشَّرَفِ وَالْفَضْلِ وَلَمْ يتأَخر عَنْ غَيْرِهِ فِي الإِفْضال عَلَى النَّاسِ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: إِن ابْنَ أَبي الْعَاصِ مَشَى القُدَمية وإِن ابن الزُّبَيْرَ لَوَى ذَنَبه
، أَراد أَن أَحدهما سَما إِلى مَعالي الأُمور فَحَازَهَا، وأَن الْآخَرَ قَصَّر عَمَّا سَمَا لَهُ مِنْهَا، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ مَشَى القُدَمِيّة: قَالَ أَبو عَمْرٍو مَعْنَاهُ التبَخْتر، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِنما هُوَ مَثَلٌ وَلَمْ يُرِدِ الْمَشْيَ بِعَيْنِهِ، وَلَكِنَّهُ أَراد بِهِ رَكِبَ مَعَالِيَ الأُمور، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي رِوَايَةٍ الْيَقَدُّمِيَّةُ، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ القُدَمِيّة، وَمَعْنَاهَا أَنه تَقدّم فِي الشَّرَفِ وَالْفَضْلِ عَلَى أَصحابه، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي كُتُبِ الْغَرِيبِ اليَقْدُمِيّة والتَّقْدُمِيّة، بِالْيَاءِ وَالتَّاءِ، وَهُمَا زَائِدَتَانِ وَمَعْنَاهُمَا التَّقَدُّمُ، ورواه الأَزهري
__________
(1) . قوله" والقدمية" ضبطت الدال في الأصل والمحكم بالفتح، وفيما بأيدينا من نسخ القاموس الطبع بالضم.(12/466)
بِالْيَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ تَحْتَ، وَالْجَوْهَرِيُّ بِالتَّاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ فَوْقَ، قَالَ: وَقِيلَ إِن الْيَقْدُمِيَّةَ بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتَ هُوَ التَّقَدُّم بِهِمَّتِهِ وأَفعاله. والتُّقْدُمةُ والتُّقْدُمِيّةُ: أَول تَقَدُّمِ الْخَيْلِ، عَنِ السِّيرَافِيِّ. وقَدَمَهم يَقْدُمُهم قَدْماً وقُدُوماً وقَدِمَهم، كِلَاهُمَا: صَارَ أَمامهم. وأَقْدَمَه وقَدَّمه بِمَعْنًى، قَالَ لَبِيدٌ:
فَمَضَى وقَدَّمَها وَكَانَتْ عَادَةً ... مِنه، إِذا هِي عَرَّدَتْ، إِقْدامُها
أَي يُقدِّمُها، قَالُوا: أَنث الإِقْدام لأَنه فِي مَعْنَى التقْدِمة، وَقِيلَ: لأَنه فِي مَعْنَى الْعَادَةِ وَهِيَ خَبَرُ كَانَ، وَخَبَرُ كَانَ هُوَ اسْمُهَا فِي الْمَعْنَى، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: مَا جَاءَتْ، حاجتُك، فأَنث مَا حَيْثُ كَانَتْ فِي الْمَعْنَى الْحَاجَةَ. وتَقَدّم: كَقَدَّمَ. وقدَّمَ واسْتَقْدَم: تَقدَّم. التَّهْذِيبِ: وَيُقَالُ قَدَمَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذا تَقدَّمه. الْجَوْهَرِيُّ قَدَم، بِالْفَتْحِ، يَقْدُم قُدوماً أَي تَقَدَّمَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ
، أَي يَتقدَّمُهم إِلَى النَّارِ وَمَصْدَرُهُ القَدْمُ. يُقَالُ: قَدَمَ يَقْدُم وتَقَدَّمَ يتقَدَّمُ وأَقدَمَ يُقْدِم واسْتَقْدَم يَسْتَقْدِم بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
، وقرىء
لَا تَقَدَّمُوا
، قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ إِذا أُمرتم بأَمر فَلَا تَفْعَلُوهُ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي أُمرتم أَن تَفْعَلُوهُ فِيهِ، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن رَجُلًا ذَبح يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَتَقَدَّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ فأَنزل اللَّه الْآيَةَ وأَعْلَمَ أَن ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ
: فِي طَاعَةِ اللَّه، والْمُسْتَأْخِرِينَ: فِيهَا. والقَدَمةُ مِنَ الْغَنَمِ: الَّتِي تَكُونُ أَمام الْغَنَمِ فِي الرَّعْيِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ
، يَعْنِي مَنْ يَتَقَدَّمُ مِنَ النَّاسِ عَلَى صَاحِبِهِ فِي الْمَوْتِ وَمَنْ يتأَخر مِنْهُمْ فِيهِ، وَقِيلَ: عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَ الأُمم وَعَلِمْنَا المستأْخرِين، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ مَنْ يأْتي مِنْكُمْ أَولًا إِلى الْمَسْجِدِ وَمَنْ يأْتي متأَخراً. وقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَي تَقدَّم. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
، وَلَا تَقَدَّموا، فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَنْ قرأَ تُقَدِّمُوا
فَمَعْنَاهُ لَا تُقدّموا كَلَامًا قَبْلَ كَلَامِهِ، وَمَنْ قرأَ لَا تَقَدَّموا فمعناه لا تَقَدَّموا قَبْلَهُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: تُقَدِّمُوا وتَقدَّموا بِمَعْنًى. وأَقْدِمْ وأَقْدُمْ: زَجْرٌ لِلْفَرَسِ وأَمر لَهُ بالتقَدُّم. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
إِقْدُمْ حَيْزُوم
، بِالْكَسْرِ، وَالصَّوَابُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ، كَأَنَّهُ يُؤمر بالإِقدام وَهُوَ التَّقَدُّمُ فِي الْحَرْبِ. والإِقْدام: الشَّجَاعَةُ. قَالَ: وَقَدْ تُكْسَرُ الْهَمْزَةُ مِنْ إِقْدم، وَيَكُونُ أَمراً بالتقدُّم لَا غَيْرَ، وَالصَّحِيحُ الْفَتْحُ مِنْ أَقْدَم. وقَيْدُوم كلِّ شَيْءٍ وقَيْدامُه: أَوله، قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:
مُسامِيةٌ خَوْصاء ذاتُ نَثيلةٍ، ... إِذا كَانَ قَيْدامُ المَجَرَّة أَقْوَدا
وقيْدُومُ الْجَبَلِ وقُدَيْدِيمَتُه: أَنف يتقدَّم مِنْهُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
بمُسْتَهْطِعٍ رَسْلٍ، كأَن جَدِيلَه ... بقَيْدُومِ رَعْنٍ مِن صَوامٍ مُمَنَّعِ
وصَوام: اسْمُ جَبَلٍ، وَقَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ:
أَحْقَبَ يَحْذُو رَهَقَى قَيْدُوما
أَي أَتاناً يَمْشِي قُدُماً. وقَيْدُوم كُلِّ شَيْءٍ: مُقدَّمه وَصَدْرُهُ. وَقَيْدُومُ كُل شيءٍ: مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ، قَالَ أَبو حَيَّةَ:
تحَجَّرَ الطيرَ مِن قَيْدُومِها البَرَدُ(12/467)
أَي مِنْ قَيْدُومِ هَذِهِ السَّحَابَةِ. وَقَيْدُومُ كُل شَيْءٍ: مُقَدَّمُهُ وَصَدْرُهُ. وقُدُم: نَقِيضُ أُخُر، بِمَنْزِلَةِ قُبُل ودُبُر. وَرَجُلٌ قُدُم: يَقْتَحِمُ الأُمور والأَشياء يَتَقَدَّمُ النَّاسَ وَيَمْشِي فِي الْحُرُوبِ قُدُماً. وَرَجُلٌ قُدُمٌ وقَدَمٌ: شُجَاعٌ، والأُنثى قَدَمة. ابْنُ شُمَيْلٍ: رَجُلٌ قَدَمٌ وامرأَة قَدَمٌ إِذا كَانَا جَرِيئَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: غَيْرَ نَكِلٍ فِي قَدَم وَلَا وَاهِنًا فِي عَزْم
أَي فِي تَقَدُّمٍ، وَقَدْ يَكُونُ القَدَم بِمَعْنَى التَّقَدُّمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
طُوبَى لِعَبْدٍ مُغْبَرٍّ قُدُمٍ فِي سَبِيلِ اللَّه!
رَجُلٌ قُدُم، بِضَمَّتَيْنِ، أَي شُجَاعٌ، وَمَعْنَى قُدُمٍ أَي لَمْ يُعَرِّج. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: نَظَرَ قُدُماً أَمامه
أَي لَمْ يُعرِّج وَلَمْ يَنْثَنِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ الدَّالُّ. يُقَالُ: قَدَم، بِالْفَتْحِ، يَقْدَمُ قُدْماً أَي تَقدّم. وَفِي حَدِيثِ
شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ: فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُدْماً هَا
أَي تَقَدَّمُوا، وَهَا تَنْبِيهٌ، يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْقِتَالِ. والقَدْمُ: الشَّرَفُ الْقَدِيمُ، عَلَى مِثَالِ فَعْل. ابْنُ شُمَيْلٍ: لِفُلَانٍ عِنْدَ فُلَانٍ قَدَمٌ أَي يَدٌ وَمَعْرُوفٌ وَصَنِيعَةٌ، وَقَدْ قَدَم وقَدِمَ وأَقْدَمَ وتَقَدَّم وَاسْتَقْدَمَ بِمَعْنًى كَمَا يُقَالُ اسْتَجَابَ وأَجاب. وَرَجُلٌ مِقْدام ومِقْدامةٌ: مُقْدِم كَثِيرُ الإِقْدام عَلَى الْعَدُوِّ جَرِيءٌ فِي الْحَرْبِ، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَرِجَالٌ مَقادِيمُ وَالِاسْمُ مِنْهُ القُدْمة، أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَرَاهُ عَلَى الخَيلِ ذَا قُدْمةٍ، ... إِذا سَرْبَلَ الدمُ أَكْفالَها
وَرَجُلٌ قَدِمٌ، بِكَسْرِ الدَّالِّ، أَي مُتَقدِّم، أَنشد أَبو عَمْرٍو لِجَرِيرٍ:
أَسُراقَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ أَنَّني ... قَدِمٌ إِذا كُرِه الخِياضُ، جَسُورُ
وَيُقَالُ: ضُرِب فَركِبَ مَقادِيمَه إِذا وقَع عَلَى وَجْهِهِ، وَاحِدُهَا مُقْدِم. وَفِي الْمَثَلِ: اسْتَقْدَمَتْ رِحالَتُك، يَعْنِي سَرْجَك أَي سبقَ مَا كَانَ غيرُه أَحَقَّ بِهِ. وَيُقَالُ: هُوَ جَريء المُقْدَم، بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ، أَي هُوَ جَرِيءٌ عِنْدَ الإِقدام. والقُدْمُ: المُضِيُّ وَهُوَ الإِقدْام. يُقَالُ: أقْدَمَ فُلَانٌ عَلَى قِرْنه إِقْداماً وقُدْماً ومَقْدَماً إِذا تَقَدَّم عَلَيْهِ بِجَرَاءَةِ صَدْرِهِ. وأَقْدَمَ عَلَى الأَمر إِقداماً، والإِقْدامُ: ضِدُّ الإِحجام. ومُقَدِّمة الْعَسْكَرِ وقادِمَتُهم وقُداماهُم: مُتَقَدِّموهم. التَّهْذِيبِ: مُقَدِّمة الْجَيْشِ، بِكَسْرِ الدَّالِ، أَوله الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ الْجَيْشِ، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَعشى:
هُمُ ضَرَبُوا بالحِنْو حِنْوِ قُراقِر، ... مُقَدِّمةَ الهامَرْزِ حتَّى توَلَّت
وَقِيلَ: إِنه يَجُوزُ مُقدَّمة بِفَتْحِ الدَّالِ. ومُقدِّمة الْجَيْشِ: هِيَ مَنْ قَدَّم بِمَعْنَى تَقدَّم، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: المُقدِّمة والنَّتيجة، قَالَ الْبَطْلَيُوسِيُّ: وَلَوْ فُتِحَتِ الدَّالُ لَمْ يَكُنْ لَحْنًا لأَن غَيْرَهُ قدَّمه، وَقَالَ لَبِيدٌ فِي قَدَّم بِمَعْنَى تَقدَّم:
قَدَّمُوا إِذ قيلَ: قَيْسٌ قَدِّمُوا ... وارْفَعُوا المَجْدَ بأَطرافِ الأَسَلْ!
أَراد: يَا قَيْسُ، وَيُرْوَى:
قَدَّمُوا إِذ قَالَ قَيْسٌ قَدِّمُوا
وَقَالَ آخَرُ:
إِن نَطق القوم فأَنت صُيّاب، ... أَو سَكَتَ القَومُ فأَنتَ قَبْقاب،
أَو قَدَّموا يَوْماً فأَنتَ وَجَّاب
وَقَالَ الأَحوص:
فَلَوْ ماتَ إِنسانٌ مِنَ الحُبِّ مُقْدِما ... لَمُتُّ، ولكِنّي سَأَمْضِي مُقَدِّما(12/468)
وَفِي كِتَابِ مُعَاوِيَةَ إِلى مَلك الرُّومِ: لأَكونَن مُقَدِّمتَه إِليك
أَي الْجَمَاعَةَ الَّتِي تتقَدَّمُ الْجَيْشَ، مِنْ قَدَّم بِمَعْنَى تَقَدَّمَ، وَقَدِ اسْتُعِيرَ لِكُلِّ شَيْءٍ فَقِيلَ: مُقَدِّمة الْكِتَابِ ومُقدِّمة الْكَلَامِ، بِكَسْرِ الدَّالِ، قَالَ: وَقَدْ تُفْتَحُ. ومُقَدِّمةُ الإِبل وَالْخَيْلِ ومُقَدَّمتهما، الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ: أَول مَا يُنْتَج مِنْهُمَا ويَلْقَح، وَقِيلَ: مُقَدِّمةُ كُلِّ شَيْءٍ أَوله، ومُقَدَّم كُلِّ شَيْءٍ نَقِيضُ مُؤَخَّرِهِ. وَيُقَالُ: ضَرب مُقدَّم وَجْهِهِ. ومُقْدِم الْعَيْنِ: مَا وَلِيَ الأَنف، بِكَسْرِ الدَّالِ، كَمُؤْخِرها مَا يَلِي الصُّدْغَ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ مُقدَّم الْعَيْنِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَرِّرِينَ: لَمْ يُسْمَعِ المُقدَّمُ إِلا فِي مُقدَّم الْعَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَمْ يُسْمَعُ فِي نَقِيضِهِ المؤخَّر إِلا مؤخَّر الْعَيْنِ، وَهُوَ مَا يَلِي الصُّدْغَ. وَيُقَالُ: ضَرَبَ مُقدَّم رأْسه ومؤخَّره. والمُقَدِّمة: مَا اسْتَقْبَلَكَ مِنَ الْجَبْهَةِ وَالْجَبِينِ. والمُقَدِّمة: النَّاصِيَةُ والجَبهة. ومَقادِيم وَجْهِهِ: مَا اسْتَقْبَلْتَ مِنْهُ، وَاحِدُهَا مُقْدِم ومُقَدِّم، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِذا كَانَ مَقادِيم جَمْعَ مُقْدِم فَهُوَ شَاذٌّ، وإِذا كَانَ جَمْعَ مُقَدِّم فَالْيَاءُ عِوَضٌ. وامْتَشَطت المرأَةُ المُقدِّمةَ، بِكَسْرِ الدَّالِ لَا غَيْرَ: وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الِامْتِشَاطِ، قَالَ: أَراه مِنْ قُدّام رأْسها. وقادِمةُ الرَّحْلِ وقادِمُه ومُقْدِمُه ومُقْدِمَتُه، بِكَسْرِ الدَّالِ مُخَفَّفَةٌ، ومُقَدَّمُه ومُقَدَّمَتُه، بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ: أَمام الْوَاسِطِ، وَكَذَلِكَ هَذِهِ اللُّغَاتُ كُلُّهَا فِي آخِرَةِ الرَّحْلِ، وَقَالَ:
كأَنَّ، مِن آخِرها إِلقادِمِ، ... مَخْرِمَ فَخْذٍ فارغِ المَخارِمِ
أَراد مِنْ آخِرِهَا إِلَى الْقَادِمِ فَحَذَفَ إِحدى اللَّامَيْنِ الأُولى. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْعَرَبُ تَقُولُ آخِرة الرَّحْلِ وواسِطُه وَلَا تَقُولُ قَادِمَتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن ذِفْراها لَتَكَادُ تُصيب قادِمةَ الرَّحل
، هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي مُقَدِّمة كَوْر الْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ قَرَبوس السَّرْجِ. وقَيْدُوم الرَّحْلِ: قادِمتُه. وقادِم الإِنسان: رأْسه، وَالْجَمْعُ القَوادِمُ، وَهِيَ المَقَادِم، وأَكثر مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ جَمْعًا، وَقِيلَ: لَا يَكَادُ يَتَكَلَّمُ بِالْوَاحِدِ مِنْهُ. والقادِمتَانِ والقادِمان: الخِلْفانِ المُتقدِّمان مِنْ أَخلاف النَّاقَةِ. وقادِم الأَطْباء والضُّروع: الْخِلْفَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ مِنْ أَخلاف الْبَقَرَةِ وَالنَّاقَةِ، وإِنما يُقَالُ قادِمانِ لِكُلِّ مَا كَانَ لَهُ آخِران، إِلا أَن طَرَفَةَ اسْتَعَارَهُ لِلشَّاةِ فَقَالَ:
مِنَ الزَّمِراتِ أَسْبَلَ قادِماها، ... وضَرَّتُها مُرَكَّنةٌ دَرُورُ
وَلَيْسَ لَهُمَا آخِران، وَلِلنَّاقَةِ قَادِمان وَآخِرَانِ، الْوَاحِدُ قَادِمٌ وَآخِرُ، وَكَذَلِكَ الْبَقَرَةُ وقادِماها خِلفاها اللَّذَانِ يَلِيَانِ السُّرَّةَ، وَآخِرَاهَا الْخِلْفَانِ اللَّذَانِ يَلِيَانِ مُؤَخَّرَهَا. وقَوادِمُ رِيشِ الطَائِرِ: ضِدُّ خَوافِيها، الْوَاحِدَةُ قَادِمَة وخافِية. ابْنُ سِيدَهْ: والقَوادِمُ أَربع رِيشات فِي مُقَدَّم الْجَنَاحِ، الْوَاحِدَةُ قَادِمَة، وَهِيَ القُدَامَى، وَالْمَنَاكِبُ اللَّوَاتِي بَعْدَهُنَّ إِلى أَسفل الْجَنَاحِ، والخَوافي مَا بَعْدَ الْمَنَاكِبِ، والأَباهر مِنْ بَعْدِ الْخَوَافِي، وَقِيلَ: قَوَادِم الطَّيْرِ مَقادِيم رِيشِهِ، وَهِيَ عَشَرٌ فِي كُلِّ جَنَاحٍ. ابْنُ الأَنباري: قُدَامَى الرِّيشِ المُقَدَّم، قَالَ رُؤْبَةُ:
خُلِقْتُ مِنْ جَناحِك الغُدافي، ... مِن القُدَامَى لَا مِن الخَوافي «2»
وَمِنْ أَمثالهم: مَا جَعل القَوادِم كالخَوافي: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: القُدامَى تَكُونُ وَاحِدًا كشُكاعَى وَتَكُونُ جَمْعًا كسُكارَى، قَالَ القطامي:
وقد عَلمت شُيوخُهمُ القُدامى
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الأَزهري مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى القُدَامَى
__________
(2) . أنشده في غدف:
ركِّب فِي جَنَاحِكَ الْغُدَافِي ... مِنَ القُدَامَى وَمِنَ الْخَوَافِي(12/469)
بِمَعْنَى الْقُدَمَاءِ، وَسَيَأْتِي. والمِقْدام: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ، هُوَ أَبكر نَخْلِ عُمان، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَقَدُّمِهَا النَّخْلَ بِالْبُلُوغِ. والقَدَمُ: الرِّجل، أُنثى، وَالْجَمْعُ أَقْدَام لَمْ يُجَاوِزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: القَدَمُ والرِّجل أُنثيان، وَتَصْغِيرُهُمَا قُدَيْمَة ورُجَيلة، وَيُجْمَعَانِ أَرجُلًا وأَقْدَاماً. اللَّيْثُ: القَدَمُ مِنْ لَدُنِ الرُّسْغ مَا يطأُ عَلَيْهِ الإِنسان، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يُجْمَعُ قَدَم عَلَى قُدَام، قَالَ جَرِيرٌ:
وأُمَّاتُكُمْ فُتْخُ القُدَامِ وخَيْضَفُ
وَخَيْضَفٌ: فَيْعَلٌ مِنَ الخَضْف وَهُوَ الضُّراط. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا
، جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه يَعْنِي ابْنَ آدَمَ قَابِيلَ، الَّذِي قَتَلَ أَخاه، وإِبليس، وَمَعْنَى نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا
أَي يَكُونَانِ فِي الدَّرْكِ الأَسفل مِنَ النَّارِ. وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
كلُّ دَمٍ ومالٍ ومَأْثُرة كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ
، أَراد أَني قَدْ أَهدرت ذَلِكَ كُلَّهُ، قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد إِخفاءها وإِعدامها وإِذلال أَمر الْجَاهِلِيَّةِ وَنَقْضَ سُنَّتها، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ثَلَاثَةٌ فِي المَنْسَى تَحْتَ قَدَمِ الرَّحْمَنِ
أَي أَنهم مَنسيون مَتْرُوكُونَ غَيْرُ مَذْكُورِينَ بِخَيْرٍ. وَفِي أَسمائه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحشَر الناسُ عَلَى قَدَمِي
أَي عَلَى أَثَرِي. وَفِي حَدِيثِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ:
كَانَ قَدْرُ صِلَاتِهِ الظُّهْرَ فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةَ أَقْدَام إِلى خَمْسَةِ أَقْدَام
، قَالَ ابْنُ الأَثير: أَقْدَامُ الظِّلِّ الَّتِي تُعرف بِهَا أَوقات الصَّلَاةِ هِيَ قَدَمُ كُلِّ إِنسان عَلَى قَدْرِ قَامَتِهِ، وَهَذَا أَمر يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَقاليم وَالْبِلَادِ، لأَن سَبَبَ طُولِ الظِّلِّ وَقِصَرِهِ هُوَ انْحِطَاطُ الشَّمْسِ وارتفاعها إِلى سمت الرؤوس، فَكُلَّمَا كَانَتْ أَعلى وإِلى محاذاة الرؤوس فِي مَجْرَاهَا أَقرب كَانَ الظِّلُّ أَقصر، وَيَنْعَكِسُ الأَمر بِالْعَكْسِ، وَلِذَلِكَ تَرَى ظِلَّ الشِّتَاءِ فِي الْبِلَادِ الشَّمَالِيَّةِ أَبداً أَطول مِنْ ظِلِّ الصَّيْفِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا، وَكَانَتْ صَلَاتُهُ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهُمَا مِنَ الإِقليم الثَّانِي، وَيُذْكَرُ أَن الظِّلَّ فِيهِمَا عِنْدَ الِاعْتِدَالِ فِي آذَارَ وأَيلول ثَلَاثَةُ أَقْدَام وَبَعْضُ قَدَمٍ، فَيُشْبِهُ أَن تَكُونَ صَلَاتُهُ إِذا اشْتَدَّ الْحَرُّ متأَخرة عَنِ الْوَقْتِ الْمَعْهُودِ قَبْلَهُ إِلى أَن يَصِيرَ الظِّلُّ خَمْسَةَ أَقدام أَو خَمْسَةً وَشَيْئًا، وَيَكُونَ فِي الشِّتَاءِ أَول الْوَقْتِ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ وَآخِرَهُ سَبْعَةً أَو سَبْعَةً وَشَيْئًا، فَيَنْزِلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فِي ذَلِكَ الإِقليم دُونَ سَائِرِ الأَقاليم. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ صِفَةِ النَّارِ مِنْ أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قَالَ: لَا تَسْكُنُ جَهَنَّمُ حَتَّى يَضَعَ اللَّه فِيهَا قَدَمه
، فإِنه رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وأَصحابه أَنه قَالَ:
حَتَّى يَجْعَلَ اللَّه فِيهَا الَّذِينَ قَدَّمهم لَهَا مِنْ شِرَارِ خَلْقِهُ، فَهُمْ قَدَمُ اللَّه لِلنَّارِ كَمَا أَن الْمُسْلِمِينَ قَدَمُه إِلى الْجَنَّةِ.
والقَدَمُ: كُلُّ مَا قَدَّمت مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ وتَقَدَّمتْ لِفُلَانٍ فِيهِ قَدَمٌ أَي تَقَدُّمٌ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ، وَقِيلَ: وَضَعَ القَدَم عَلَى الشَّيْءِ مَثَلٌ للرَّدْع والقَمْع، فكأَنه قَالَ يأْتيها أَمر اللَّه فَيَكُفُّهَا عَنْ طَلَبِ الْمَزِيدِ، وَقِيلَ: أَراد بِهِ تَسْكِينَ فَوْرَتها كَمَا يُقَالُ للأَمر تُرِيدُ إِبطاله: وَضَعْتُه تَحْتَ قَدَمِي، وَقِيلَ: حَتَّى يَضَعَ اللَّه فِيهَا قَدَمَهُ، إِنه مَتْرُوكٌ عَلَى ظَاهِرِهِ ويُؤمَن بِهِ وَلَا يُفسر وَلَا يُكيَّف. ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ هُوَ يَضَعُ قَدَمًا عَلَى قَدَمٍ إِذا تَتَبَّعَ السَّهْلَ مِنَ الأَرض، قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ كَانَ عَهْدِي ببَني قَيْس، وهُمْ ... لَا يَضَعُون قَدَماً عَلَى قَدَمْ،
وَلَا يَحُلُّوَن بِإِلٍّ فِي الحَرَمْ
يَقُولُ: عَهْدِي بِهِمْ أَعزاء لَا يَتَوَقَّوْن وَلَا يَطلبون السَّهل، وَقِيلَ: لَا يَكُونُونَ تِباعاً لِقَوْمٍ، قَالَ:(12/470)
وَهَذَا أَحسن الْقَوْلَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَحُلُّونَ بإِلٍّ أَي لَا يَنْزِلُونَ بِجِوَارِ أَحد يأْخذون مِنْهُ إِلًّا وذمَّة. والقُدُوم: الرُّجُوعُ مِنَ السَّفَرِ، قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ يَقْدَمُ قُدُوماً ومَقْدَماً، بِفَتْحِ الدَّالِ، فَهُوَ قَادِم: آبَ، وَالْجَمْعُ قُدُمٌ وقُدَّام، تَقُولُ: وَرَدْتُ مَقْدَم الْحَاجِّ تَجْعَلُهُ ظَرْفًا، وَهُوَ مَصْدَرٌ، أَي وَقْتَ مَقْدَم الْحَاجِّ. وَيُقَالُ: قَدِمَ فُلَانٌ مِنْ سَفَرِهِ يَقْدَمُ قُدُوما. وقَدِمَ فُلَانٌ عَلَيَّ الأَمر إِذا أَقْدَمَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
فَكَمْ مَا تَرَينَ امْرءاً راشِداً، ... تَبَيَّنَ ثُمَّ انْتَهَى، إِذْ قَدِمَ
وقَدِمَ فُلَانٌ إِلى أَمر كَذَا وَكَذَا أَي قَصَدَ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَدِمْنا إِلى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ
، قَالَ الزَّجَّاجُ وَالْفَرَّاءُ: مَعْنَى قَدِمنا عَمَدنا وقصَدنا، كَمَا تَقُولُ قَامَ فُلَانٌ يَفْعَلُ كَذَا، تُرِيدُ قَصَدَ إِلى كَذَا وَلَا تُرِيدُ قَامَ مِنَ الْقِيَامِ عَلَى الرِّجلين. والقُدَائِمُ: القَدِيم مِنَ الأَشياء، هَمْزَتُهُ زَائِدَةٌ. وَيُقَالُ: قِدْماً كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ اسْمٌ مِنَ القِدَم، جُعِلَ اسْمًا مِنْ أَسماء الزَّمَانِ. والقُدامَى: القُدَماء، قَالَ الْقُطَامِيُّ:
وَقَدْ عَلِمَتْ شُيُوخُهُمُ القُدَامَى، ... إِذا قَعَدوا كأَنَّهمُ النِّسارُ
جَمْعُ النَّسْر. وَمَضَى قُدُماً، بِضَمِّ الدَّالِ: لَمْ يُعرّج وَلَمْ يَنثن، وَقَالَ يَصِفُ امرأَة فَاجِرَةً:
تَمضِي، إِذا زُجِرَتْ عَنْ سَوْأَةٍ، قُدُما، ... كأنَّها هَدَمٌ فِي الجَفْرِ مُنْقاضُ
يَقُولُ: إِذا زُجِرَت عَنْ قَبِيحٍ أَسرعت إِليه وَوَقَعَتْ فِيهِ كَمَا يَقَعُ الهَدَمُ فِي الْبِئْرِ بإِسراع، وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده ابْنُ السِّيرَافِيِّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ مَعَ أَبيات وَهِيَ:
قَدْ رابَني مِنْكِ، يَا أَسماء، إِعْراضُ ... فَدامَ مِنَّا لكمْ مَقْتٌ وإِبْغاضُ
إِن تُبْغِضِيني، فَمَا أَحْبَبْتُ غانِيةً ... يرُوضُها مِنْ لِئامِ النَّاسِ رَوَّاضُ
تَمْضِي، إِذا زُجِرَت عَنْ سوأَة، قُدُماً، ... كَأَنَّهَا هَدَمٌ فِي الْجَفْرِ منقاضُ
قُل لِلغَواني: أَما فِيكُنَّ فاتكةٌ، ... تَعْلُو اللَّئِيم بِضَرْبٍ فِيهِ إِمحاضُ؟
والقُدَّام: الْقَادِمُونَ مِنْ سَفَرٍ. والقُدَّام: الملِك، قَالَ مُهَلْهَلٌ:
إِنا لَنضْرِبُ بالصَّوارِمِ هامَهُمْ، ... ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعَةَ القُدَّامِ
وَقِيلَ: القُدَّام هَاهُنَا جَمْعُ قَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ: القِدِّيمُ الملِك، وَفِي حَدِيثِ
الطُّفَيْل بْنِ عَمْرٍو:
فَفينا الشِّعر والمَلِكُ القُدَامُ
أَي القَدِيمُ المُتَقَدِّم مِثْلَ طَوِيلٍ وطُوالٍ. أَبو عَمْرٍو: القُدَّامُ والقِدِّيم الَّذِي يتَقدَّم النَّاسَ بِشَرَفٍ. وَيُقَالُ: القُدَّام رَئِيسُ الْجَيْشِ. والقَدُوم: الَّتِي يُنحَت بِهَا، مُخَفَّفٌ أُنثى، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا تَقُلْ قدُّوم، بِالتَّشْدِيدِ، قَالَ مُرَقَّشٌ:
يَا بِنْتَ عَجْلانَ، مَا أَصبرَني ... عَلَى خُطوبٍ كنَحْتٍ بالقَدوم
وأَنشد الْفَرَّاءُ:
فقُلتُ: أَعِيراني القَدُومَ لعَلَّني ... أَخُطُّ بِهَا قَبْراً لأِبيَضَ ماجِدِ
وَالْجَمْعُ قَدائِمُ وقُدُمٌ، قَالَ الأَعشى:
أَقامَ به شاهَبُورُ الجُنودَ ... حَوْلَين تَضرب فِيهِ القُدُمْ(12/471)
وَقِيلَ: قَدائِم جَمْعُ القُدُم مِثْلَ قُلُصٍ وقَلائِصَ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ نَصَبَ الْجُنُودَ جَعَلَهُ مَفْعُولًا لأَقام أَي أَقام الْجُنُودَ بِهَذَا الْبَلَدِ حَوْلَيْنِ، وَمَنْ خَفَضَهُ فَعَلَى الإِضافة عَلَى مَعْنَى ملكُ الجنودِ وَقَائِدِ الْجُنُودِ، قَالَ: وقَدَائِمُ جَمْعُ قَدُوم لَا قُدُم، قَالَ: وَكَذَلِكَ قلائصُ جَمْعُ قَلوص لَا قُلُص، قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ وَجَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ. وقَدُوم: ثَنِيَّةٌ بالسَّراة، وَقِيلَ: قَدُوم قَرْيَةٌ بِالشَّامِ، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ بالأَلف وَاللَّامِ. وَقَوْلُهُ: اخْتَتن إِبْرَاهِيمُ بقَدُوم أَي هُنَالِكَ. ابْنُ شُمَيْلٍ فِي قَوْلِهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَوّل مَنِ اخْتَتَنَ إِبراهيم بالقَدوم
، قَالَ: قَطَعَهُ بِهَا، فَقِيلَ لَهُ: يَقُولُونَ قَدُوم قَرْيَةٌ بِالشَّامِ، فَلَمْ يَعْرِفَهُ وَثَبَتَ عَلَى قَوْلِهِ، وَيُرْوَى بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ، وَقِيلَ: القَدوم، بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ، قَدُومُ النَّجَّارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن زَوْجَ فُرَيْعة قُتِلَ بطرَف الْقَدُومِ
، هُوَ بِالتَّخْفِيفِ وَبِالتَّشْدِيدِ مَوْضِعٌ عَلَى سِتَّةِ أَميال مِنَ الْمَدِينَةِ. الصِّحَاحِ: الْقَدُّومُ اسْمُ مَوْضِعٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: قَالَ لَهُ أَبان بْنُ سَعِيدٍ وَبْرٌ تَدَلى مِنْ قَدومِ ضَأْنٍ
، قِيلَ: هِيَ ثَنِيَّةٌ أَو جَبَلٌ بالسَّراة مِنْ أَرض دَوْس، وَقِيلَ: القَدُوم مَا تقدَّم مِنَ الشَّاةِ وَهُوَ رأْسُها، وإِنما أَراد احتِقاره وصِغَر قَدْره. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي هَذَا الْفَصْلِ أَبو قُدَامَة، وَهُوَ جَبَلٌ يُشْرف عَلَى المُعَرَّف. ابْنُ سِيدَهْ: وقَدُومى، «1» مَقْصُورٌ، مَوْضِعٌ بِالْجَزِيرَةِ أَو بِبَابِلَ. وَبَنُو قَدَم: «2» حَيٌّ. وقُدَم: حَيٌّ مِنْهُمْ. وقُدَم: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ، سُمِّيَ بَاسِمِ أَبي هَذِهِ الْقَبِيلَةِ، وَالثِّيَابَ القُدَمِيَّة مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ. شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: القَدْم، بِالْقَافِ، ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ حُمر، قَالَ: وأَقرأَني بَيْتَ عَنْتَرَةَ:
وبِكُلِّ مُرْهَفةٍ لَهَا نَفَثٌ ... تحْتَ الضُّلوعِ، كَطُرَّة القَدْمِ
لَا يَرْوِيهِ إِلا القَدْم، قَالَ: والفَدْم، بِالْفَاءِ، هَذَا عَلَى مَا جَاءَ وَذَاكَ عَلَى مَا جَاءَ. وقَادِم وقُدَامَة ومُقَدَّم ومِقْدَام ومُقْدِم: أَسماء. وقَدَمُ: اسْمُ امرأَة. وقَدَامِ: اسْمُ فَرَسِ عُروة بْنِ سِنان. وقَدامِ: اسْمُ كَلْبَةٍ، وَقَالَ:
وتَرَمَّلَتْ بِدَمٍ قَدامِ، وقدْ ... أَوفى اللَّحاقَ، وحانَ مَصْرَعُهُ
ويقْدُم، بِالْيَاءِ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ يَقْدُمُ بْنُ عَنَزَة بْنِ أَسد بْنُ رَبيعة بْنِ نِزار. ابْنُ شُمَيْلٍ: وَيُقَالُ قَدِمَة مِنَ الحَرّة وقَدِمٌ وصَدِمةٌ وصَدِمٌ مَا غَلُظ مِنَ الحرَّة، واللَّه أَعلم.
قذم: قَذِمَ مِنَ الْمَاءِ قُذْمَةً أَي جَرِعَ جُرْعة؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَقْذَمْنَ جَرْعاً يَقْصَعُ الغَلائِلا
وقَذَمَ لَهُ مِنَ الْعَطَاءِ يَقْذِمُ قَذْمَاً: أَكثر مِثْلُ قَثَم وغَذَمَ وغَثَمَ إِذا أَكثر. وَرَجُلٌ قُذَمٌ، مِثْلُ قُثَمٍ، ومُنْقَذِم: كَثِيرُ الْعَطَاءِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. وَرَجُلٌ قِذَمٌّ، مِثْلُ خِضَمٍّ، إِذا كَانَ سيِّداً يُعْطِي الْكَثِيرَ مِنَ الْمَالِ ويأْخذ الْكَثِيرَ. النَّضْرُ: القِذَمُّ السَّيِّدُ الرَّغِيبُ الخُلُق الْوَاسِعُ الْبَلْدَةِ. والقُذُم والقُثُم: الأَسخِياءُ. والقَذِيمَةُ: قِطعة مِنَ الْمَالِ يُعْطِيهَا الرَّجُلُ، وَجَمْعُهَا قَذَائِم. والقِذَمُّ، عَلَى وَزْنِ الهِجَفِّ: الرَّجُلُ الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: الشديد
__________
(1) . قوله" وقَدُومَى" هذا الضبط لابن سيدة وتبعه المجد فقال: كهيولى، وقال ياقوت: بفتح أوله وثانيه وسكون الواو.
(2) . قوله" وبنو قدم" ضبط في الأصل والمحكم بفتحتين وفي القاموس في معاني القدم محركة وحيّ، قال شارحه: وبنو قَدَم حيّ، وعبارة التكملة نقلًا عن ابن دريد: وبنو قَدَم حيّ من العرب وموضع باليمن، سمي باسم هذه القبيلة نسبت إليها الثياب القَدَمِيَّة، وضبط فيها قدم بضم ففتح.(12/472)
السَّرِيعُ. وَقَدِ انْقَذَمَ أَي أَسرع. وَبِئْرٌ قِذَمٌّ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وقُذَامٌ وقَذُوم: كَثِيرَةُ الْمَاءِ؛ قَالَ:
قَدْ صَبَّحَتْ قَلَيْذَماً قَذُوما
وَكَذَلِكَ فَرْجُ المرأَة؛ قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: القُذام هَنُ المرأَة؛ قَالَ جَرِيرٌ:
إِذا مَا الفَعْلُ نادَمَهُنَّ يَوْمًا، ... عَلَى الفِعِّيل، وانفَتَحَ القُذَامُ
وَيُرْوَى: وافتخَّ القُذام. وَيُقَالُ: القُذام الْوَاسِعُ. يُقَالُ: جَفْر قُذام أَي وَاسْعُ الْفَمِ كَثِيرُ الْمَاءِ يَقْذِم بِالْمَاءِ أَي يَدْفَعُهُ. وَقَالُوا: امرأَة قُذُم فَوَصَفُوا بِهِ الْجُمْلَةَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وأَنتُم بَنُو الخَوَّارِ يُعرفُ ضَربُكم، ... وأُمُّكُمُ فُجٌّ قُذَامٌ وخَيْضَفُ
ابْنُ الأَعرابي: القُذُم الْآبَارُ الخُسُف، وَاحِدُهَا قَذُوم.
قذحم: النَّضْرُ: ذَهَبُوا قِذَّحْرةً وقِذَّحْمَةً، بِالرَّاءِ وَالْمِيمِ، إِذا ذَهَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ.
قرم: القَرَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: شِدَّةُ الشَّهْوَةِ إِلى اللَّحْمِ، قَرِمَ إِلى اللَّحْمِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: قَرِمَ يَقْرَمُ قَرَماً، فَهُوَ قَرِمٌ: اشْتَهَاهُ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى قَالُوا مَثَلًا بِذَلِكَ: قَرِمْتُ إِلى لِقَائِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ القَرَم
، وَهُوَ شِدَّةُ شَهْوَةِ اللَّحْمِ حَتَّى لَا يُصبَر عَنْهُ. يُقَالُ: قَرِمت إِلى اللَّحْمِ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ فِيهِ: قَرِمْتُه. وَفِي حَدِيثِ الضَّحِيَّةِ:
هَذَا يومٌ اللحمُ فِيهِ مَقْرُوم
، قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَقِيلَ: تَقْدِيرُهُ مَقْرومٌ إِليه فَحُذِفَ الْجَارُّ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: قَرِمنا إِلى اللَّحْمِ فَاشْتَرَيْتُ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا.
والقَرْمُ: الْفَحْلُ الَّذِي يُتْرَكُ مِنَ الرُّكُوبِ وَالْعَمَلِ ويُودَع للفِحْلة، وَالْجَمْعُ قُروم؛ قال:
يَا ابْن قُروم لَسْنَ بالأَحْفاضِ
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يَمَسَّهُ الحَبْل. والأَقْرَمُ: كالقَرْم. وأَقْرَمَه: جَعله قَرْماً وأَكرمه عَنِ المهْنة، فَهُوَ مُقْرَم، وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّيِّدِ قَرْمٌ مُقْرَم تَشْبِيهًا بِذَلِكَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما الَّذِي فِي الْحَدِيثِ:
كَالْبَعِيرِ الأَقْرَم
، فَلُغَةٌ مَجْهُولَةٌ. واسْتَقْرَمَ البَكرُ قَبْلَ أَناه، وَفِي الْمُحْكَمِ: واسْتَقْرَمَ الْبِكْرُ صَارَ قَرْماً. والقَرْمُ مِنَ الرِّجَالِ: السَّيِّدُ الْمُعَظَّمُ، عَلَى الْمَثَلِ بِذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنا أَبو حَسَنٍ القَرْم
أَي المُقْرَم فِي الرأْي؛ والقَرْم: فَحْلُ الإِبل، أَي أَنا فِيهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْفَحْلِ فِي الإِبل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ وأَكثر الرِّوَايَاتِ
الْقَوْمُ
، بِالْوَاوِ، قَالَ: وَلَا مَعْنَى لَهُ وإِنما هُوَ بِالرَّاءِ أَي المقدَّم فِي الْمَعْرِفَةِ وتَجارِب الأُمور. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَقْرَمْتُ الْفَحْلَ، فَهُوَ مُقْرَم، وَهُوَ أَن يُودَع لِلْفَحْلَةِ مِنَ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ، وَهُوَ القَرْم أَيضاً. وَفِي حَدِيثٍ رَوَاهُ
دُكَين بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَمر النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عُمَرَ أَن يُزوِّد النُّعمان بْنَ مُقرِّن المُزَني وأَصحابه فَفَتَحَ غُرفة لَهُ فِيهَا تَمْرٌ كَالْبَعِيرِ الأَقْرَمِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ أَبو عَمْرٍو لَا أَعرف الأَقْرَم وَلَكِنِّي أَعرف المُقْرَم، وَهُوَ الْبَعِيرُ المُكْرَم الَّذِي لَا يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَلَا يُذَلَّلُ، وَلَكِنْ يَكُونُ لِلْفَحْلَةِ وَالضِّرَابِ، قَالَ: وإِنما سُمِّيَ السَّيِّدُ الرَّئِيسُ مِنَ الرِّجَالِ المُقْرَم لأَنه شُبِّهَ بالمُقْرَم مِنَ الإِبل لعِظَم شأْنه وكَرَمه عِنْدَهُمْ؛ قَالَ أَوس:
إِذا مُقْرَمٌ مِنَّا ذَرَا حَدُّ نابِه، ... تَخَمَّطَ فِينا نابُ آخَرَ مُقْرَم
أَراد: إِذا هلَك مِنَّا سَيِّدٌ خَلَفَهُ آخَرُ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: قَرِمَ الْبَعِيرُ، فَهُوَ قَرِمٌ إِذا اسْتَقْرَمَ أَي صَارَ قَرْماً. وَقَدْ أَقْرَمَه صَاحِبُهُ، فَهُوَ مُقْرَم إِذا تَرَكَهُ للفِحْلة، وفَعِلَ وأَفْعَلَ يَلْتَقِيَانِ كوَجِلَ وأَوْجَلَ وتَبِعَ وأَتْبَعَ فِي الْفِعْلِ، وخَشِنٍ وأَخْشَنَ وكَدِرٍ وأَكْدَرَ فِي(12/473)
الِاسْمِ، قَالَ: وأَما المَقْرُوم مِنَ الإِبل فَهُوَ الَّذِي بِهِ قُرْمَةٌ، وَهِيَ سِمةٌ تَكُونُ فَوْقَ الأَنف تُسلخ مِنْهَا جِلدة ثُمَّ تُجمع فَوْقَ أَنفه فَتِلْكَ القُرْمَة؛ يُقَالُ مِنْهُ: قَرَمْتُ الْبَعِيرَ أَقْرِمُه. وَيُقَالُ للقُرْمة أَيضاً القِرَام، وَمِثْلُهُ فِي الْجَسَدِ الجُرْفة. اللَّيْثُ: هِيَ القُرْمَة والقَرْمَة لُغَتَانِ، وَتِلْكَ الْجِلْدَةُ الَّتِي قطعْتَها هِيَ القُرَامَة، وَرُبَّمَا قَرَمُوا مِنْ كِرْكِرَته وأُذنه قُرَامَات يُتَبَلَّغ بِهَا فِي الْقَحْطِ. الْمُحْكَمُ: وقَرَمَ البعيرَ يَقْرِمُه قَرْماً قَطَعَ مِنْ أَنفه جَلْدَةً لَا تَبِينُ وجَمعَها عَلَيْهِ للسِّمة، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ القِرَام والقُرْمَة وَقِيلَ: القُرْمَة اسْمُ ذَلِكَ الْفِعْلِ. والقَرْمَة والقُرَامَة: الْجِلْدَةُ الْمَقْطُوعَةُ مِنْهُ، فإِن كَانَ مثلُ ذَلِكَ الوسْم فِي الْجِسْمِ بَعْدَ الأُذن وَالْعُنُقِ فَهِيَ الجُرْفة. وَنَاقَةٌ قَرْمَاء: بِهَا قَرْم فِي أَنفها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ابْنُ الأَعرابي: فِي السِّمات القَرْمة، وَهِيَ سِمة عَلَى الأَنف لَيْسَتْ بحَزٍّ، وَلَكِنَّهَا جَرْفة لِلْجِلْدِ ثُمَّ يُتْرَكُ كَالْبَعْرَةِ، فإِذا حُزَّ الأَنف حَزّاً فَذَلِكَ الفَقْر. يُقَالُ: بَعِيرٌ مَفْقُور ومَقْرُوم ومَجْرُوف؛ وَمِنْهُ ابْنُ مَقْرُومٍ الشَّاعِرُ. وقَرَمَ الشيءَ قَرْماً: قَشَره. والقُرَامَة مِنَ الْخُبْزِ: مَا تقشَّر مِنْهُ، وَقِيلَ: مَا يَلتزِق مِنْهُ فِي التَّنُّورِ، وَكُلُّ مَا قَشَرْته عَنِ الْخُبْزِ فَهُوَ القُرَامَة. وَمَا فِي حَسَبِه قُرَامَة أَي وَصْم، وَهُمَا الْعَيْبُ. وقَرَمَه قَرْماً: عابَه. والقَرْمُ: الأَكل مَا كَانَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: قَرَمَ يَقْرِمُ قَرْماً إِذا أَكل أَكلًا ضَعِيفًا. وَيُقَالُ: هُوَ يَتَقَرَّمُ تَقَرُّم البَهْمة. وقَرَمَتِ البَهمة تَقْرِمُ قَرْماً وقُروماً وقَرَمَاناً وتَقَرَّمَتْ: وَذَلِكَ فِي أَول مَا تأْكل، وَهُوَ أَدْنَى التناوُل، وَكَذَلِكَ الفَصيل وَالصَّبِيُّ فِي أَول أَكله. وقَرَّمَه هُوَ: علَّمه ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعرابية لِيَعْقُوبَ تَذْكُرُ لَهُ تَرْبِية البَهْم: وَنَحْنُ فِي كُلِّ ذَلِكَ نُقَرِّمُهُ وَنُعَلِّمُهُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلصَّبِيِّ أَوّل مَا يأْكل قَدْ قَرَمَ يَقْرِمُ قَرْماً وقُرُوماً. الْفَرَّاءُ: السَّخْلَةُ تَقْرِمُ قَرْماً إِذا تَعَلَّمَتِ الأَكل؛ قَالَ عَدِيٌّ:
فَظِباءُ الرَّوْضِ يَقْرِمْنَ الثَّمَرْ
وَيُقَالُ: قَرَمَ الصبيُّ والبَهْمُ قَرْماً وقُروماً، وَهُوَ أَكل ضَعِيفٌ فِي أَول مَا يأْكل، وتَقَرَّمَ مِثْلُهُ. وقَرَّمَ القِدْحَ: عَجَمَه؛ قَالَ:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ وأَبْدَيْنَ مِجْلَداً، ... ودارَتْ عَلَيْهِنَّ المُقَرَّمَةُ الصُّفْر
يَعْنِي أَنهن سُبِين واقْتُسمن بالقِداح الَّتِي هِيَ صِفَتُهَا، وأَراد مَجالِد فَوضع الْوَاحِدَ مَوْضِعَ الْجَمْعِ. والقِرَامُ: ثَوْبٌ مِنْ صُوفٍ مُلَوَّنٍ فِيهِ أَلوان مِنَ العِهن، وَهُوَ صَفِيقٌ يُتَّخَذُ سِتراً، وَقِيلَ: هُوَ السِّتْرُ الرَّقِيقُ، وَالْجَمْعُ قُرُم، وَهُوَ المِقْرَمَة، وَقِيلَ: المِقْرَمَةُ مَحْبِس الفِراش. وقَرَّمَه بالمِقْرَمَة: حبسَه بِهَا. والقِرَام: سِتْرٌ فِيهِ رَقْم ونقُوش، وَكَذَلِكَ المِقْرَمُ والمِقْرَمَة؛ وَقَالَ يَصِفُ دَارًا:
عَلَى ظَهْرِ جَرْعاء العَجُوز، كأَنهَّا ... دَوائِرُ رَقْمٍ فِي سَراةِ قِرَامِ
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا وَعَلَى الْبَابِ قِرَامٌ فِيهِ تَماثِيلُ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
وَعَلَى الْبَابِ قِرَامُ سِترٍ
؛ هُوَ السِّتْرُ الرَّقِيقُ فإِذا خِيطَ فَصَارَ كَالْبَيْتِ فَهُوَ كِلَّةٌ؛ وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ يَصِفُ الْهَوْدَجَ:
مِنْ كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّه ... زَوْجٌ، عَلَيْهِ كِلَّةٌ وقِرَامُها
وَقِيلَ: القِرَام ثَوْبٌ مِنْ صُوفٍ غَلِيظٍ جِدًّا يُفرش فِي الْهَوْدَجِ ثُمَّ يُجْعَلُ فِي قَوَاعِدِ الْهَوْدَجِ أَو الغَبِيط، وَقِيلَ: هُوَ الصَّفِيق مِنْ صُوفٍ ذِي أَلوان، والإِضافة فِيهِ كَقَوْلِكَ ثوبُ قميصٍ، وَقِيلَ: القِرَام السِّتْرُ الرقِيقُ وَرَاءَ السِّتْرِ الْغَلِيظِ، وَلِذَلِكَ أَضاف؛ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ(12/474)
الأَحنف بَلَغَهُ أَن رَجُلًا يَغْتَابُهُ فَقَالَ:
عُثَيْثةٌ تَقْرِمُ جِلْداً أَمْلَسا
أَي تَقْرِض، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي مَوْضِعِهِ. والقَرْمُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَا أَدري أَعربي هُوَ أَم دَخِيلٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القُرْم، بِالضَّمِّ، شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي جَوف مَاءِ الْبَحْرِ، وَهُوَ يُشْبِهُ شَجَرَ الدُّلْب فِي غِلَظِ سُوقه وَبَيَاضِ قِشْرِهِ، وَوَرَقُهُ مِثْلُ وَرَقِ اللَّوْزِ والأَراك، وثمرُه مِثْلُ ثَمَرِ الصَّوْمَر، وَمَاءُ الْبَحْرِ عَدُوُّ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الشَّجَرِ إِلَّا القُرْم والكَنْدَلى، فإِنهما يَنْبُتَانِ بِهِ. وقَارِمٌ ومَقْرُومٌ وقُرَيْمٌ: أَسماء. وبنو قُرَيْمٍ: حي. وقَرْمَانُ: مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ قَرَمَاء؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
عَلَا قَرَمَاءَ عالِيةً شَواه، ... كأَنَّ بَياضَ غُرَّتِه خِمارُ
قِيلَ: هِيَ عَقَبة، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي فرم مُسْتَوْفًى. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ قَرْمَاء بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَكَذَلِكَ أَنشد الْبَيْتَ عَلَى قَرْمَاء سَاكِنَةٍ وَقَالَ: هِيَ أَكَمة مَعْرُوفَةٌ، قَالَ: وَقِيلَ قَرْمَاء هُنَا نَاقَةٌ بِهَا قَرْمٌ فِي أَنفها أَي وَسْم، قَالَ: وَلَا أَدري وَجْهَهُ وَلَا يُعْطِيهِ مَعْنَى الْبَيْتِ. ابْنُ الأَنباري فِي كِتَابِ الْمَقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ: جَاءَ عَلَى فَعَلاء يُقَالُ لَهُ سَحَناء أَي هَيئة، وَلَهُ ثَأَداءُ أَي أَمَة، وقَرَماء اسْمُ أَرض، وأَنشد الْبَيْتَ وَقَالَ: كَتَبْتُ عَنْهُ بِالْقَافِ، وَكَانَ عِنْدَنَا فَرَماء لأَرض بِمِصْرَ، قَالَ: فَلَا أَدري قَرَماء أَرض بِنَجْدٍ وفَرَماء بِمِصْرَ. ومَقْرُوم: اسْمُ جَبَلٍ؛ وَرَوِيُ بَيْتُ رُؤْبَةَ:
ورَعْنِ مَقْرُومٍ تَسامى أَرَمُهْ
والقَرَمُ: الجِداء الصِّغَارُ. والقَرَمُ: صِغار الإِبل، والقَزَمُ، بِالزَّايِ: صغار الغنم وهى الحَذَف.
قردم: القُرْدُمانيُّ والقُرْدُمانِيَّة: سِلاح مُعدّ كَانَتِ الفُرس والأَكاسرة تَدَّخِرُهُ فِي خَزَائِنِهَا، أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ كَرْدَمانِدْ، مَعْنَاهُ عُمِلَ وبَقِي؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَراه فَارِسِيًّا؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ:
فَخْمةً ذَفْراءَ تُرْتى بالعُرى ... قُرْدُمَانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْ
قَالَ: القُرْدُمَانِيّة الدُّروع الْغَلِيظَةُ مِثْلُ الثَّوْبِ الكُرْدُواني. وَيُقَالُ: القُرْدُمانيُّ ضَرْبٌ مِنَ الدُّرُوعِ. الْجَوْهَرِيُّ: القُرْدُماني، مَقْصُورٌ، دَوَاءٌ وَهُوَ كَرَوْياء رُومِيٌّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَرَوْيا مِثْلُ زَكَرِيَّا؛ وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ الجَواليقي: هُوَ مَمْدُودٌ كَرَوْيَاءَ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: القُرْدُمانيّ قِبَاءٌ مَحْشُوٌّ يُتَّخَذُ لِلْحَرْبِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ يُقَالُ لَهُ كَبْر بِالرُّومِيَّةِ أَو بِالنَّبَطِيَّةِ، وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ. وَيُقَالُ: القُرْدُمانيّ ضَرْبٌ مِنَ الدُّرُوعِ، وَيُقَالُ: هُوَ المِغْفَر، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذا كَانَ لِلْبَيْضَةِ مِغفر فَهِيَ قُرْدُمَانِيَة؛ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لأَنه قَالَ بَعْدَ الْبَيْتِ:
أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ مِن عَوْراتِها ... كُلَّ حِرْباءٍ، إِذا أُكْرِه صَلْ
قَالَ: فَدَلَّ عَلَى أَنها الدِّرْعُ، وَقِيلَ: القُرْدُمان أَصل لِلْحَدِيدِ وَمَا يُعْمَلُ مِنْهُ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ بَلَدٌ يُعْمَلُ فِيهِ الحديد؛ عن السيرافي.
قردحم: قِرْدَحْمَة: مَوْضِعٌ. الْفَرَّاءُ: ذَهَبُوا شَعالِيل بِقِرْدَحْمَةٍ أَي تَفَرَّقُوا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ بِقِرْدَحْمَةَ غَيْرَ مَصْرُوفٍ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِي نَوَادِرِهِ: ذَهَبَ الْقَوْمُ بِقِنْدَحْرةٍ وقِنْذَحْرةٍ وقِدَّحْرة وقِذَّحْرةٍ إِذا تفرقوا.
قرزم: القُرْزُومُ: سِندان الْحَدَّادِ، وَالْفَاءُ أَعلى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ وَهُوَ أَيضاً الإِزْمِيل،(12/475)
وَيُسَمِّي عبدُ الْقَيْسِ المِرْطَ والمِئزر قُرْزُوماً؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسبه مُعَرَّبًا. وَرَجُلٌ مُقَرْزَم: قَصِيرٌ مُجْتَمِعٌ. والمُقَرْزَم: الْقَصِيرُ النَّسَبِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
إِلى الأَبطالِ مِنْ سَبَإٍ تَنَمَّتْ ... مَناسِبُ مِنْهُ غَيْرُ مُقَرْزَمات
أَي غَيْرُ لَئيمات مِنَ القُرْزُوم. والقِرْزَام: الشَّاعِرُ الدُّون. يُقَالُ: هُوَ يُقَرْزِم الشِّعر؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْقُطَامِيِّ:
إِنَّ رِزاماً عَرَّها قِرْزَامُها، ... قُلْفٌ عَلَى زِبابِها كِمامُها
ابْنُ الأَعرابي: القُرْزُوم، بِالْقَافِ، الْخَشَبَةُ الَّتِي يَحْذُو عَلَيْهَا الحَذّاء، وَجَمْعُهَا القَرَازِيم. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: القُرْزُوم والفُرْزُوم كأَنهما لُغَتَانِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَن القُرْزُوم، بِالْقَافِ مَضْمُومَةٌ، لَوْحُ الإِسكاف الْمُدَوَّرُ وَتُشَبَّهُ بِهِ كِرْكِرة الْبَعِيرِ، قَالَ: وهو بالفاء أَعلى.
قرسم: قَرْسَمَ الرجلُ: سَكَتَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، قَالَ: ولستُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ.
قرشم: قَرْشَمَ الشيءَ: جَمَعَهُ. والقُرْشُوم: شَجَرَةٌ زَعَمَتِ الْعَرَبُ أَنها تُنْبِتُ القِرْدان لأَنها مأْوى القِرْدان، وَفِي الْمُحْكَمِ: شَجَرَةٌ يأْوي إِليها القِردان، وَيُقَالُ لَهَا أُم قُرَاشِمَاء، بِالْمَدِّ. وقُرَاشِمَى، مَقْصُورٌ: اسْمُ بَلَدٍ. والقِرْشَامُ والقُرْشُومُ والقُرَاشِم: القُراد الْعَظِيمُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: القُراد الضَّخْمُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وَقَدْ لَوَى أَنْفَه بِمِشْفَرِها ... طِلْحُ قَرَاشِيمَ شاحِبٌ جسَدُه
والقُرَاشِم: الخَشن المَسِّ. والقُرْشُوم: الصَّغِيرُ الْجِسْمِ. والقِرْشَمُّ: الصُّلْب الشديد.
قرصم: قَرْصَمَ الشيءَ: كسرَه.
قرضم: هُوَ يُقَرْضِم كُلَّ شَيْءٍ أَي يأْخذه. وَرَجُلٌ قُراضِمٌ وقِرْضِم: يُقَرضمُ كُلَّ شَيْءٍ. والقِرْضِمُ: قِشْرُ الرمَّان وَهُوَ يُدْبَغُ بِهِ. وقَرْضَمْت الشَّيْءَ: قَطَعْته، والأَصل قَرَضْتُه. وقِرْضِمٌ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ مَهْرَةَ بْنِ حَيْدَانَ. وقِرْضِمٌ اسْمٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ إِبلًا:
مَهارِيسَ مِثْلَ الهَضْبِ يَنْمي فُحولُها ... إِلى السِّرِّ مِنْ أذْوادِ رَهْطِ بنِ قِرْضِم
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْمِيمُ فِيهِ زَائِدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: القِرْضِم السمينة من الإِبل.
قرطم: القُرْطُمُ والقِرْطِمُ والقُرْطُمُّ والقِرْطِمُّ: حَبُّ العُصْفُر، وَفِي التَّهْذِيبِ: ثَمَر الْعُصْفُرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فتَلْتَقِطُ الْمُنَافِقِينَ لَقْطَ الحَمامةِ القِرْطِمَ
؛ هُوَ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ حَبُّ الْعُصْفُرِ، وَقَدْ جَعَلَهُ ابْنُ جِنِّي ثُلَاثِيًّا وَجَعَلَ الْمِيمَ زَائِدَةً كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي حَرْفِ الطَّاءِ فِي تَرْجَمَةِ قرط. الأَزهري: قُرْمُوطُ الغَضَى زَهْرُهُ الأَحمر يَحْكِي لونُه لونَ نَوْر الرُّمَّانِ أَوَّل مَا يَخْرُجُ. والقُرْطم [القِرْطم] : شَجَرٌ يُشْبِهُ الرَّاءَ، يَكُونُ بِجَبَلَيْ جُهَيْنَةَ الأَشْعَرِ والأَجْرَدِ وَتَكُونُ عَنْهُ الصَّربَةُ، وَكُلُّ مَا فِي الْقُرْطُمِ عَنِ الْهِجْرِيِّ. والقِرْطِمَتانِ: الهُنَيَّتانِ اللَّتَانِ عَنْ جَانِبَيْ أَنف الْحَمَامَةِ؛ عَنْ أَبي حَاتِمٍ، قَالَ: أُراه عَلَى التَّشْبِيهِ. وقَرْطَمَ الشَّيْءَ: قطَعه. ابْنُ السِّكِّيتِ: القُرْطُمَانيُّ الْفَتَى الْحَسَنُ الْوَجْهِ مِنَ الرِّجَالِ؛ وأَنشد:
القُرْطُمَانِيّ الوأَى الطِّوَلَّا
ابْنُ الأَعرابي قَالَ: قَالَ أَعرابي جَاءَنَا فُلَانٌ فِي نِخافَيْن مُقَرْطَمَيْنِ أَي لَهُمَا مِنقاران، والنِّخافُ الخُفّ، رَوَاهُ بِالْقَافِ، وَرَوَاهُ اللَّيْثُ: خُفٌّ مُفَرْطَمٌ، بِالْفَاءِ، قَالَ: وَهُوَ أَصح مِمَّا رواه الليث بالفاء.(12/476)
قرعم: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: القِرْعِم التمر.
قرقم: القَرْقَمَةُ: ثيابُ كتانٍ بِيضٌ. والمُقَرْقَم: الْبَطِيءُ الشَّبَابُ الَّذِي لَا يَشِبُّ، وَتُسَمِّيهِ الفرس شِيرَزْدَهْ، وقيل: السيِء الغِذاء، وَقَدْ قَرْقَمَه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَشْكُو إِلى اللهِ عِيالًا دَرْدَقا، ... مُقَرْقَمِينَ وعَجُوزاً سَمْلَقا
وقُرْقِمَ الصَّبِيُّ إِذا أُسِيء غِذاؤه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي هُوَ بِالسِّينِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ أَحب إِلي مِنَ الشِّينِ مُعْجَمَةٍ، قَالَ: وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ وكراع شَمْلَقَا بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ: وَرَدَّهُ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ وَقَالَ هُوَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَسَّرَهُ بأَن قَالَ: الْعَجُوزُ السَّمْلَق هِيَ الَّتِي لَا خَيْرَ عِنْدَهَا مأْخوذ مِنَ السَّمْلَق وَهِيَ الأَرض الَّتِي لَا نَبَاتَ بِهَا، قَالَ: وأَما أَبو عُبَيْدٍ فإِنه فَسَّرَهُ بأَنها السَّيِّئَةُ الخُلُق، وَذَلِكَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. وَحَكَى عَمْرٌو عَنْ أَبيه: شَمْلق وسَمْلق، بِالشِّينِ وَالسِّينِ؛ وَحَكَى عَنْهُ أَيضاً شَمَلَّق وسَمَلَّق، وَفِي بَعْضِ الْخَبَرِ: مَا قَرْقَمَني إِلا الكَرَمُ أَي إِنما جِئْتُ ضاوِياً لكَرَم آبَائِي وسَخائهم بِطَعَامِهِمْ عَنْ بُطُونِهِمْ. وَفِي الْمُحْكَمِ: القِرْقِم الحَشَفة؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعرفه؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو لِابْنِ سَعْدٍ الْمَعْنِيِّ:
بِعَيْنَيْكَ وَغْفٌ، إِذْ رَأَيتَ ابْنَ مَرْثَدٍ ... يُقَسْبِرُها بِفِرْقِمٍ يَتَرَبَّدُ
ويروى: يَتَزَبَّدُ.
قرهم: القَرْهَمُ مِنَ الثِّيرَانِ: كالقَرْهَب، وَهُوَ المسنُّ الضَّخم؛ قَالَ كُرَاعٌ: القَرْهَم الْمُسِنُّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَعمّ بِهِ أَم أَراد الْخُصُوصَ، وَقَالَ مَرَّةً: القَرْهَمُ أَيضاً مِنَ المعَز ذاتُ الشَّعْرِ، وَزَعَمَ أَن الْمِيمَ فِي كُلِّ ذَلِكَ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ. والقَرْهَمُ مِنَ الإِبل: الضَّخْمُ الشَّدِيدُ. والقَرْهَم: السَّيِّدُ كالقَرْهَب؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَزَعَمَ أَن الْمِيمَ بَدَلٌ مِنَ بَاءِ قَرْهَبَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. الأَزهري فِي أَثناء كَلَامِهِ عَلَى القَهْرَمان: أَبو زيد يقال قَهْرَمان وقَرْهَمان مقلوب.
قزم: القَزَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: الدَّناءَة والقَماءةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يتعَوَّذ مِنَ القَزَم
: هُوَ اللُّؤم والشحُّ، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والقَزَمُ: اللَّئِيمُ الدَّنيء الصَّغِيرُ الجُثة الَّذِي لَا غَنَاءَ عِنْدَهِ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لأَنه فِي الأَصل مَصْدَرٌ، تَقُولُ الْعَرَبُ: رَجُلٌ قَزَمٌ وامرأَة قَزَمٌ، وَهُوَ ذُو قَزَم، وَلُغَةٌ أُخرى رَجُلٌ قَزَم ورجُلان قَزَمَان وَرِجَالٌ أَقْزَامٌ وامرأَة قَزَمَةٌ وامرأَتان قَزَمَتَانِ ونِساء قَزَمَات، وَقِيلَ: الْجَمْعُ أَقْزَام وقَزَامَى وقُزُمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي ذَمِّ أَهْلِ الشَّامِ: جُفاة طَغامٌ عَبيدٌ أَقْزامٌ
؛ هُوَ جَمْعُ قَزَمٍ. والقِزامُ: اللِّئام؛ وَقَالَ:
أَحْصَنُوا أُمَّهُمُ مِن عَبْدِهِمْ، ... تِلْكَ أَفْعالُ القِزَامِ الوَكَعَهْ
وَقَدْ قَزِمَ قَزَماً فَهُوَ قَزِمٌ وقُزُمٌ، والأُنثى قَزِمَة وقُزُمَة. وَشَاةٌ قَزَمَة: رَدِيئَةٌ صَغِيرَةٌ. وَغَنَمٌ قَزَم أَي رُذال لَا خَيْرَ فِيهَا، وإِن شِئْتَ غَنَمٌ أَقْزَام، وَكَذَلِكَ رُذالُ الإِبل وَغَيْرُهَا. والقَزَمُ: أَردأُ الْمَالِ. وقَزَمُ المالِ: صِغَارُهُ وَرَدِيئُهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: القَزَمُ فِي النَّاسِ صِغر الأَخلاق، وَفِي الْمَالِ صِغَرُ الْجِسْمِ. وَرَجُلٌ قَزَمَة: قَصِيرٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، وَالِاسْمُ القَزَم. والقَزَمُ: رِذَالُ النَّاسِ وسَفِلَتُهم؛ قَالَ زِيَادُ بْنُ مُنْقِذٍ:
وهُمْ، إِذا الخَيْلُ جالُوا فِي كَواثِبِها، ... فَوارِسُ الخيلِ، لَا مِيلٌ وَلَا قَزَمُ(12/477)
وَيُقَالُ لِلرِّذَالِ مِنَ الأَشياء: قَزَم، وَالْجَمْعُ قُزُمٌ؛ وأَنشد:
لَا بَخَلٌ خالَطَه وَلَا قَزَم
والقَزَمُ: صِغار الْغَنَمِ وَهِيَ الحَذَف. وسُودَدٌ أَقْزَمُ: لَيْسَ بِقَدِيمٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
والسُّودَدُ العاديُّ غَيرُ الأَقْزَم
وقَزَمَه قَزْماً: عَابَهُ كَقَرَمَه. والتَّقَزُّمُ: اقْتِحَامُ الأُمور بِشدَّة. والقُزَامُ: الْمَوْتُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وقُزْمَانُ: اسْمُ رَجُلٍ. وقُزْمَانُ: موضع.
قسم: القَسْمُ: مَصْدَرُ قَسَمَ الشيءَ يَقْسِمُه قَسْماً فانْقَسَمَ، وَالْمَوْضِعُ مَقْسِم مِثَالُ مَجْلِسٍ. وقَسَّمَه: جزَّأَه، وَهِيَ القِسْمَةُ. والقِسْم، بِالْكَسْرِ: النَّصِيبُ والحَظُّ، وَالْجَمْعُ أَقْسَام، وَهُوَ القَسِيم، وَالْجَمْعُ أَقْسِماء وأَقَاسِيمُ، الأَخيرة جَمْعُ الْجَمْعِ. يُقَالُ: هَذَا قِسْمُك وَهَذَا قِسْمِي. والأَقاسِيمُ: الحُظُوظ الْمَقْسُومَةُ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَالْوَاحِدَةُ أُقْسُومَة مِثْلُ أُظفُور «3» . وأَظافِير، وَقِيلَ: الأَقَاسِيمُ جَمْعُ الأَقْسَام، والأَقْسَام جَمْعُ القِسْم. الْجَوْهَرِيُّ: القِسْم، بِالْكَسْرِ، الْحَظُّ وَالنَّصِيبُ مِنَ الْخَيْرِ مِثْلُ طَحَنْت طِحْناً، والطِّحْنُ الدَّقيق. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً
؛ هِيَ الْمَلَائِكَةُ تُقَسِّم مَا وُكِّلت بِهِ. والمِقْسَمُ والمَقْسَم: كالقِسْم؛ التَّهْذِيبُ: كَتَبَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه أَنشد:
فَما لكَ إِلَّا مِقْسَمٌ لَيْسَ فائِتاً ... بِهِ أَحدٌ، فاسْتَأْخِرَنْ أَو تقَدَّما «4»
قَالَ: القِسْم والمِقْسَم والقَسِيم نَصِيبُ الإِنسان مِنَ الشَّيْءِ. يُقَالُ: قَسَمْت الشَّيْءَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وأَعطيت كُلَّ شَرِيكٍ مِقْسَمه وقِسْمه وقَسِيمه، وَسُمِّي مِقْسم بِهَذَا وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ. وَحَصَاةُ القَسْم: حَصَاةٌ تُلْقَى فِي إِناء ثُمَّ يُصَبُّ فِيهَا مِنَ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَغمر الْحَصَاةَ ثُمَّ يَتَعَاطَوْنَهَا، وَذَلِكَ إِذا كَانُوا فِي سفَر وَلَا مَاءَ مَعَهُمْ إِلا شَيْءٌ يَسِيرٌ فَيُقَسِّمُونَهُ هَكَذَا. اللَّيْثُ: كَانُوا إِذا قَلَّ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ فِي الفلَوات عَمدوا إِلى قَعْب فأَلقوا حَصَاةً فِي أَسفله، ثُمَّ صَبُّوا عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَغْمُرُهَا وقُسِمَ الْمَاءُ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَتُسَمَّى تِلْكَ الحصاةُ المَقْلَةَ. وتَقَسَّمُوا الشَّيْءَ واقْتَسَمُوه وتَقَاسَمُوه: قَسَمُوه بَيْنَهُمْ. واسْتَقسَمُوا بالقِداح: قَسَمُوا الجَزُور عَلَى مِقدار حُظوظهم مِنْهَا. الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ
، قَالَ: مَوْضِعُ أَن رَفْعٌ، الْمَعْنَى: وحُرّم عَلَيْكُمِ الاسْتِقْسام بالأَزلام؛ والأَزْلام: سِهام كَانَتْ لأَهل الْجَاهِلِيَّةِ مَكْتُوبٌ عَلَى بَعْضِهَا: أَمَرَني ربِّي، وَعَلَى بَعْضِهَا: نَهاني رَبِّي، فإِذا أَراد الرَّجُلُ سفَراً أَو أَمراً ضَرَبَ تِلْكَ القِداح، فإِن خَرج السَّهْمُ الَّذِي عَلَيْهِ أَمرني رَبِّي مَضَى لِحَاجَتِهِ، وإِن خَرَجَ الَّذِي عَلَيْهِ نَهَانِي رَبِّي لَمْ يَمْضِ فِي أَمره، فأَعلم اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَن ذَلِكَ حَرام؛ قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ
أَي تَطْلُبُوا مِنْ جِهَةِ الأَزلام مَا قُسِم لَكُمْ مِنْ أَحد الأَمرين، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الأَزلام الَّتِي كَانُوا يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا غَيْرُ قِدَاحِ الْمَيْسِرِ، مَا رُوِيَ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكٍ المُدْلجِي، وَهُوَ ابْنُ أَخي سُراقة بْنِ جُعْشُم، أَن أَباه أَخبره أَنه سَمِعَ سُرَاقَةَ يَقُولُ: جَاءَتْنَا رُسُل كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ لَنَا فِي رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَبي بكرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَنْ قَتَلَهُمَا أَو أَسَرَهما، قَالَ: فَبَيْنَا أَنا جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلج أَقبل مِنْهُمْ رجل فقام على رؤوسنا فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ، إِني رأَيت آنفاً أَسْوِدةً
__________
(3) . قوله [مثل أظفور] في التكملة: مثل أُظفورة، بزيادة هاء التأنيث
(4) . قوله [فاستأخرن أو تقدما] في الأساس بدله: فاعجل به أو تأخرا(12/478)
بِالسَّاحِلِ لَا أُراها إِلا مُحَمَّدًا وأَصحابه، قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنهم هُمْ، فَقُلْتُ: إِنهم لَيْسُوا بِهِمْ وَلَكِنَّكَ رأَيت فُلَانًا وَفُلَانًا انْطَلَقُوا بُغاة، قَالَ: ثُمَّ لَبِثْت فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً ثُمَّ قمتُ فَدَخَلْتُ بَيْتِي وأَمرت جَارِيَتِي أَن تُخْرِجَ لِي فَرَسِي وتحبِسها مِنْ وَرَاءِ أَكَمَة، قَالَ: ثُمَّ أَخذت رُمْحِي فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فخفَضْت عالِيةَ الرُّمح وخَطَطْت بِرُمْحِي فِي الأَرض حَتَّى أَتيت فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا ورفَعْتها تُقَرِّب بِي حَتَّى رأَيت أَسودتهما، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُمْ حَيْثُ أُسْمِعُهم الصَّوْتَ عَثَرَت بِي فَرَسِي فخَرَرت عنها، أَهويت بِيَدِي إِلى كِنانتي فأَخرجت مِنْهَا الأَزْلامَ فاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضِيرُهم أَم لَا، فَخَرَجَ الَّذِي أَكره أَن لَا أَضِيرَهم، فعَصَيْت الأَزلام وَرَكِبْتُ فَرَسِي فرَفَعتها تُقَرِّب بِي، حَتَّى إِذا دَنَوْتُ مِنْهُمْ عَثَرت بِي فَرَسِي وخَرَرْت عَنْهَا، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلى أَن سَاخَتْ يَدًا فَرَسِي فِي الأَرض، فَلَمَّا بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ خَرَرت عَنْهَا ثُمَّ زَجَرْتُهَا، فَنَهَضَتْ فَلَمْ تَكد تَخْرج يَدَاهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذا لأَثرِ يَدَيها عُثان سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلَ الدُّخان؛ قَالَ مَعْمَرٌ، أَحد رُوَاةِ الْحَدِيثِ: قُلْتُ لأَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ مَا العُثان؟ فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لِي: هُوَ الدُّخَّانُ مِنْ غَيْرِنَا، وَقَالَ: ثُمَّ رَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى أَتيتهم وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيت مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَن سَيَظْهَرَ أَمرُ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ إِن قَوْمَكَ جَعَلُوا لِيَ الدِّيَةَ وأَخبرتهم بأَخبار سَفَرِهِمْ وَمَا يُرِيدُ النَّاسُ مِنْهُمْ، وعَرَضت عَلَيْهِمُ الزاد والمتاع فلم يَرْزَؤُوني شَيْئًا وَلَمْ يسأَلوني إِلا قَالُوا أَخْفِ عَنَّا، قَالَ: فسأَلت أَن يَكْتُبَ كِتَابَ مُوادَعة آمَنُ بِهِ، قَالَ: فأَمرَ عامرَ بْنَ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبي بَكْرٍ فَكَتَبَهُ لِي فِي رُقعة مِنْ أَديم ثُمَّ مَضَى
؛ قَالَ الأَزهري: فَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ لَكَ أَن الأَزلام قِداحُ الأَمر وَالنَّهْيِ لَا قِداح المَيْسر، قَالَ: وَقَدْ قَالَ المؤَرّج وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ إِن الأَزلام قِدَاحُ الْمَيْسِرِ، قَالَ: وَهُوَ وهَم. واسْتَقْسَمَ أَي طَلَبَ القَسْم بالأَزلام. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:
دَخَلَ الْبَيْتَ فرأَى إِبراهيم وإِسماعيلَ بأَيديهما الأَزلام فَقَالَ: قاتَلَهم اللَّهُ وَاللَّهِ لَقَدْ علِموا أَنهما لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قطُّ
؛ الاسْتِقْسَام: طَلَبُ القِسم الَّذِي قُسِم لَهُ وقُدِّر مِمَّا لَمْ يُقسَم وَلَمْ يُقَدَّر، وَهُوَ استِفعال مِنْهُ، وَكَانُوا إِذا أَراد أَحدهم سفَراً أَو تَزْوِيجًا أَو نَحْوَ ذَلِكَ مِنَ المَهامِّ ضَرَبَ بالأَزلام، وَهِيَ الْقِدَاحُ، وَكَانَ عَلَى بَعْضِهَا مَكْتُوبٌ أَمَرَني ربِّي، وَعَلَى الْآخَرِ نَهَانِي رَبِّي، وَعَلَى الْآخَرِ غُفْل، فإِن خَرَجَ أَمرني مَضى لشأْنه، وإِن خَرَجَ نَهَانِي أَمسك، وإِن خَرَجَ الغُفْل عادَ فأَجالَها وَضَرَبَ بِهَا أُخرى إِلى أَن يَخْرُجَ الأَمر أَو النَّهْيُ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ. وقَاسَمْتُه الْمَالَ: أَخذت مِنْهُ قِسْمَك وأَخذ قِسْمه. وقَسِيمُك: الَّذِي يُقاسِمك أَرضاً أَو دَارًا أَو مَالًا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، وَالْجَمْعُ أَقسِماء وقُسَماء. وَهَذَا قَسِيم هَذَا أَي شَطْرُه. وَيُقَالُ: هَذِهِ الأَرض قَسيمة هَذِهِ الأَرض أَي عُزِلت عَنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنا قَسِيم النَّارِ
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَراد أَن النَّاسَ فَرِيقَانِ: فَرِيقٌ مَعِي وَهُمْ عَلَى هُدى، وَفَرِيقٌ عَلَيَّ وَهُمْ عَلَى ضَلال كَالْخَوَارِجِ، فَأَنَا قَسِيمُ النَّارِ نِصْفٌ فِي الْجَنَّةِ مَعِي وَنِصْفٌ عَلَيَّ فِي النَّارِ. وقَسِيم: فَعِيلٌ فِي مَعْنَى مُقاسِم مُفاعِل، كالسَّمير وَالْجَلِيسِ والزَّميل؛ قِيلَ: أَراد بِهِمُ الْخَوَارِجَ، وَقِيلَ: كُلَّ مَنْ قَاتَلَهُ. وتَقَاسَما الْمَالَ واقْتَسَمَاه، وَالِاسْمُ القِسْمَة مؤَنثة. وإِنما قَالَ تَعَالَى: فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ، بَعْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ
، لأَنها فِي مَعْنَى الْمِيرَاثِ وَالْمَالِ فذكَّر عَلَى ذَلِكَ. والقَسَّام: الَّذِي يَقْسِم الدُّورَ والأَرض بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِيهَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: الَّذِي يَقسِم الأَشياء بَيْنَ النَّاسِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:(12/479)
فارْضَوْا بِمَا قَسَمَ المَلِيكُ، فإِنما ... قَسَمَ المَعِيشةَ بَيْنَنَا قَسَّامُها «1»
عَنَى بِالْمَلِيكِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. اللَّيْثُ: يُقَالُ قَسَمْت الشَّيْءَ بَيْنَهُمْ قَسْماً وقِسْمة. والقِسْمة: مَصْدَرُ الاقْتِسام. وَفِي حَدِيثِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ:
قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ
؛ أَراد بِالصَّلَاةِ هَاهُنَا الْقِرَاءَةَ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِبَعْضِهِ، وَقَدْ جَاءَتْ مُفَسَّرَةً فِي الْحَدِيثِ، وَهَذِهِ القِسْمة فِي الْمَعْنَى لَا اللَّفْظِ لأَن نِصْفَ الْفَاتِحَةِ ثَنَاءٌ وَنَصِفَهَا مَسْأَلة ودُعاء، وَانْتِهَاءُ الثَّنَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ: هَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي. والقُسَامَة: مَا يَعْزِله الْقَاسِمُ لِنَفْسِهِ مِنْ رأْس الْمَالِ لِيَكُونَ أَجْراً لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِياكم والقُسَامَة
، بِالضَّمِّ؛ هِيَ مَا يأْخذه القَسَّام مِنْ رأْس الْمَالِ عَنْ أُجرته لِنَفْسِهِ كَمَا يأْخذ السَّمَاسِرَةُ رَسماً مرسُوماً لَا أَجراً مَعْلُومًا، كتواضُعهم أَن يأْخذوا مِنْ كُلِّ أَلف شَيْئًا مُعَيَّنًا، وَذَلِكَ حَرَامٌ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ فِي هَذَا تَحْرِيمٌ إِذا أَخذ القَسّام أُجرته بإِذن الْمَقْسُومِ لَهُمْ، وإِنما هُوَ فِيمَنْ وَلِيَ أَمر قَوْمٍ فإِذا قَسَّمَ بَيْنَ أَصحابه شَيْئًا أَمسك مِنْهُ لِنَفْسِهِ نَصِيبًا يستأْثر بِهِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخرى:
الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَى الفِئام مِنَ النَّاسِ فيأْخذ مِنْ حَظّ هَذَا وَحَظِّ هَذَا.
وأَما القِسَامَةُ، بِالْكَسْرِ، فَهِيَ صَنْعَةُ القَسَّام كالجُزارة والجِزارة والبُشارة والبِشارة. والقُسَامَةُ: الصَّدقة لأَنها تُقسم عَلَى الضُّعَفَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
وابِصة: مثَلُ الَّذِي يأْكل القُسَامَة كَمَثَلِ جَدْيٍ بَطنُه مَمْلُوءٌ رَضْفاً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: جَاءَ تَفْسِيرُهَا فِي الْحَدِيثِ أَنها الصَّدَقَةُ، قَالَ: والأَصل الأَوَّل. ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدَهُ قَسْمٌ يَقْسِمه أَي عَطاء، وَلَا يُجْمَعُ، وَهُوَ مِنَ القِسْمة. وقَسَمَهم الدَّهر يَقْسِمُهُم فتَقَسَّموا أَي فَرَّقهم فتَفَرَّقوا، وقَسَّمَهم فرَّقهم قِسْماً هُنَا وقِسماً هُنَا. ونَوىً قَسُومٌ: مُفَرِّقة مُبَعِّدة؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
نَأَتْ عَنْ بَناتِ العَمِّ وانقَلَبَتْ بِهَا ... نَوىً، يَوْم سُلَّانِ البَتِيلِ، قَسُوم «2»
. أَي مُقَسِّمة للشَّمْل مُفَرِّقة لَهُ. والتَّقْسِيم: التَّفْرِيقُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ يَذْكُرُ قِدْراً:
تُقَسِّمُ مَا فِيهَا، فإِنْ هِي قَسَّمَتْ ... فَذاكَ، وإِن أَكْرَتْ فَعَنْ أَهلِها تُكْري
قَالَ أَبو عَمْرٍو: قَسَّمَت عَمَّت فِي القَسْم، وأَكْرَتْ نَقَصَتْ. ابْنُ الأَعرابي: القَسَامَةُ الهُدنة بَيْنَ الْعَدُوِّ والمسلِمين، وَجَمْعُهَا قَسَامَات، والقَسَم الرَّأْي، وَقِيلَ: الشكُّ، وَقِيلَ: القَدَرُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي القَسْم الشَّكِّ لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
ظِنّة شُبِّهتْ فأَمْكَنَها القَسْمُ ... فأَعدَتْه، والخَبِيرُ خبِيرُ
وقَسَمَ أَمرَه قَسْماً: قَدَّره ونَظَر فِيهِ كَيْفَ يَفْعَلُ، وَقِيلَ: قَسَمَ أَمرَه لَمْ يَدْرِ كَيْفَ يَصنع فِيهِ. يُقَالُ: هُوَ يَقْسِمُ أَمره قَسْماً أَي يُقَدِّره ويُدَبِّره يَنْظُرُ كَيْفَ يَعْمَلُ فِيهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَقُولا لَهُ إِن كَانَ يَقْسِمُ أَمْرَه: ... أَلَمَّا يَعِظْكَ الدَّهْرُ؟ أُمُّكَ هابِلُ
وَيُقَالُ: قَسَمَ فُلَانٌ أَمره إِذا مَيَّل فِيهِ أَن يَفْعَلَهُ أَو لَا يَفْعَلَهُ. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ تَرَكْتُ فُلَانًا يَقْتَسِم أَي يُفَكِّرُ ويُرَوِّي بَيْنَ أَمرين، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: تَرَكْتُ فُلَانًا يَسْتَقْسِم بِمَعْنَاهُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ جَيِّد القَسْمِ
__________
(1) . رواية المعلقة:
فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ المليكُ، فَإِنَّمَا ... قَسَمَ الخلائقَ بَيْنَنَا عَلامُها
(2) . قوله [وانقلبت] كذا في الأصل، والذي في المحكم: وانفلتت(12/480)
أَي جيِّد الرأْي. وَرَجُلٌ مُقَسَّمٌ: مُشتَرك الخواطِر بالهُموم. والقَسَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْيَمِينُ، وَكَذَلِكَ المُقْسَمُ، وَهُوَ الْمَصْدَرُ مِثْلَ المُخْرَج، وَالْجَمْعُ أَقْسَام. وَقَدْ أَقْسَمَ بِاللَّهِ واسْتَقْسَمَه بِهِ وقَاسَمَه: حلَف لَهُ. وتَقَاسَمَ القومُ: تَحَالَفُوا. وَفِي التَّنْزِيلِ: قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ
. وأَقْسَمْت: حَلَفْتُ، وأَصله مِنَ القَسامة. ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ
؛ هُمُ الَّذِينَ تَقاسَمُوا وتَحالَفُوا عَلَى كَيْدِ الرَّسُولِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ اليهود والنصارى الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ آمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ. وقَاسَمَهما أَي حلَفَ لَهُمَا. والقَسامة: الَّذِينَ يَحْلِفُونَ عَلَى حَقِّهم ويأْخذون. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَحْنُ نازِلُون بخَيْفِ بَنِي كِنانة حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ
؛ تَقَاسَمُوا: مِنَ القَسَم الْيَمِينِ أَي تَحَالَفُوا، يُرِيدُ لمَّا تَعَاهَدَتْ قُرَيْشٌ عَلَى مُقاطعة بَنِي هَاشِمٍ وَتَرْكِ مُخالطتهم. ابْنُ سِيدَهْ: والقَسامة الْجَمَاعَةُ يُقْسِمُون عَلَى الشَّيْءِ أَو يُشهدون، ويَمِينُ القَسامةِ مَنْسُوبَةٌ إِليهم. وَفِي حديثٍ:
الأَيْمانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلياء الدمِ.
أَبو زَيْدٍ: جَاءَتْ قَسَامَةُ الرجلِ، سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ. وقَتل فُلَانٌ فُلَانًا بالقَسَامَة أَي بِالْيَمِينِ. وَجَاءَتْ قَسامة مِنْ بَنِي فُلَانٍ، وأَصله الْيَمِينُ ثُمَّ جُعِل قَوْماً. والمُقْسَمُ: القَسَمُ. والمُقْسَمُ: المَوْضِع الَّذِي حَلَفَ فِيهِ. والمُقْسِم: الرَّجُلُ الْحَالِفُ، أَقْسَمَ يُقْسِمُ إِقْساماً. قَالَ الأَزهري: وَتَفْسِيرُ القَسَامَة فِي الدَّمِ أَن يُقْتل رَجُلٌ فَلَا تَشْهَدُ عَلَى قَتْلِ الْقَاتِلِ إِياه بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ كَامِلَةٌ، فَيَجِيءُ أَولياء الْمَقْتُولِ فَيَدَّعُونَ قِبَل رَجُلٍ أَنه قَتَلَهُ ويُدْلُون بِلَوْث مِنَ الْبَيِّنَةِ غَيْرِ كَامِلَةٍ، وَذَلِكَ أَن يُوجد المُدَّعى عَلَيْهِ مُتلَطِّخاً بِدَمِ الْقَتِيلِ فِي الْحَالِ الَّتِي وُجد فِيهَا وَلَمْ يَشْهَدْ رَجُلٌ عَدْلٌ أَو امرأَة ثِقَهٌ أَن فُلَانًا قَتَلَهُ، أَو يُوجَدُ الْقَتِيلُ فِي دَارِ الْقَاتِلِ وَقَدْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ، فإِذا قَامَتْ دِلَالَةٌ مِنْ هَذِهِ الدَّلَالَاتِ سَبَق إِلى قَلْبِ مَنْ سَمِعَهِ أَن دَعْوَى الأَولياء صَحِيحَةٌ فَيُستَحْلَفُ أَولياءُ الْقَتِيلِ خَمْسِينَ يَمِينًا أَن فُلَانًا الَّذِي ادَّعَوْا قَتْلَهُ انْفَرَدَ بِقَتْلِ صَاحِبِهِمْ مَا شَرَكه فِي دَمِهِ أَحد، فإِذا حَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا اسْتَحَقُّوا دِيَةَ قَتِيلِهِمْ، فإِن أَبَوْا أَن يَحْلِفُوا مَعَ اللَّوْثِ الَّذِي أَدلوا بِهِ حَلَفَ المُدَّعى عَلَيْهِ وبَرِئ، وإِن نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ خُيِّرَ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ بَيْنَ قَتْلِهِ أَو أَخذ الدِّيَةِ مِنْ مَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذَا جَمِيعُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. والقَسامةُ: اسْمٌ مِنَ الإِقْسام، وُضِع مَوْضِع الْمَصْدَرِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِينِ يُقْسِمونَ قَسَامة، وإِن لَمْ يَكُنْ لَوْثٌ مِنْ بَيِّنَةٍ حَلَفَ المدَّعى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَبَرِئَ، وَقِيلَ: يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه اسْتَحْلَف خمسةَ نفَر فِي قَسَامة مَعَهُمْ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِهِمْ فَقَالَ: رُدُّوا الأَيمان عَلَى أَجالدِهم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: القَسَامة، بِالْفَتْحِ، الْيَمِينُ كالقسَم، وَحَقِيقَتُهَا أَن يُقْسِم مِنْ أَولياء الدَّمِ خَمْسُونَ نَفَرًا عَلَى استحقاقِهم دمَ صاحبِهم إِذا وَجَدُوهُ قَتِيلًا بَيْنَ قَوْمٍ وَلَمْ يُعرف قَاتِلُهُ، فإِن لَمْ يَكُونُوا خَمْسِينَ أَقسم الْمَوْجُودُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَلَا يَكُونُ فِيهِمْ صَبِيٌّ وَلَا امرأَة وَلَا مَجْنُونٌ وَلَا عَبْدٌ، أَو يُقسم بِهَا الْمُتَّهَمُونَ عَلَى نَفْيِ الْقَتْلِ عَنْهُمْ، فإِن حَلَفَ الْمُدَّعُونَ اسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ، وإِن حَلَفَ المتهَمون لَمْ تَلْزَمْهُمُ الدِّيَةُ، وَقَدْ أَقْسَمَ يُقْسِمُ قَسَماً وقَسَامَة، وَقَدْ جَاءَتْ عَلَى بِناء الغَرامة والحَمالة لأَنها تَلْزَمُ أَهل الْمَوْضِعِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْقَتِيلُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: القَسامة تُوجِبُ العَقْل
أَي تُوجب الدِّيَةَ لَا القَوَد. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: القَسامةُ جاهِلِيّة
أَي كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَدِينُون بِهَا وَقَدْ قَرَّرَهَا الإِسلام، وَفِي رِوَايَةٍ:
القَتْلُ بالقَسَامة جاهِليةٌ
أَي أَن أَهل الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يقتُلُون بِهَا أَو أَن(12/481)
الْقَتْلَ بِهَا مِنْ أَعمال الْجَاهِلِيَّةِ، كأَنه إِنكار لِذَلِكَ واسْتِعْظام. والقَسامُ: الجَمال والحُسن؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
يُسَنُّ عَلَى مَراغِمِها القَسَامُ
وَفُلَانٌ قَسِيمُ الوَجْهِ ومُقَسَّمُ الوجهِ؛ وَقَالَ بَاعِثُ بْنُ صُرَيْم اليَشْكُري، وَيُقَالُ هُوَ كَعْبُ بْنُ أَرْقَمَ الْيَشْكُرِيُّ قَالَهُ فِي امرأَته وَهُوَ الصَّحِيحُ:
ويَوْماً تُوافِينا بَوجْهٍ مُقَسَّمٍ، ... كأَنْ ظَبْية تَعْطُو إِلى وارِق السَّلَمْ
ويَوْماً تُرِيدُ مالَنا مَعَ مَالِهَا، ... فإِنْ لَمْ نُنِلْها لَمْ تُنِمْنا وَلَمْ تَنَمْ
نَظَلُّ كأَنَّا فِي خُصومِ غَرامةٍ، ... تُسَمِّعُ جِيراني التَّأَلِّيَ والقَسَمْ
فَقُلْتُ لَهَا: إِنْ لَا تَناهَي، فإِنَّني ... أَخو النُّكْر حَتَّى تَقْرَعي السِّنَّ مِنْ نَدَمْ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي التَّهْذِيبِ أَنشده أَبو زَيْدٍ:
كأَنْ ظَبْيَةً تَعْطُو إِلى ناضِرِ السَّلم
وَقَالَ: قَالَ أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَنْشُدُهُ: كأَنْ ظبيةٌ؛ يُرِيدُ كأَنها ظَبْيَةٌ فأَضمر الْكِنَايَةَ؛ وَقَوْلُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبي الحُقَيْق:
بأَحْسَنَ منها، وقامَتْ تريك ... وجَهاً كأَنَّ عَلَيْه قَسَاما
أَي حُسْناً. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ: قَسِيمٌ وَسِيم
؛ القَسامةُ: الْحَسَنُ. وَرَجُلٌ مُقَسَّم الوجهِ أَي جَمِيلٌ كُلُّهُ كأَن كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهُ أَخذ قِسْماً مِنَ الْجَمَالِ. وَيُقَالُ لحُرِّ الْوَجْهِ: قَسِمة، بِكَسْرِ السِّينِ، وَجَمْعُهَا قَسِماتٌ. وَرَجُلٌ مُقَسَّمٌ وقَسِيم، والأُنثى قَسِيمَة، وَقَدْ قَسُمَ. أَبو عُبَيْدٍ: القَسَام والقَسَامَة الحُسْن. وَقَالَ اللَّيْثُ: القَسِيمَة المرأَة الْجَمِيلَةُ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ «3» :
وكأَنَّ فارةَ تاجِرٍ بِقَسِيمَةٍ ... سَبَقَتْ عَوارِضَها إِليكَ مِن الفَمِ
فَقِيلَ: هِيَ طُلُوعُ الْفَجْرِ، وَقِيلَ: هُوَ وَقْتُ تَغَير الأَفواه، وَذَلِكَ فِي وَقْتِ السَّحَرِ، قَالَ: وَسُمِّيَ السَّحَرُ قَسِيمَة لأَنه يَقْسِم بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَقَدْ قِيلَ فِي هَذَا الْبَيْتِ إِنه الْيَمِينُ، وَقِيلَ: امرأَة حسَنة الْوَجْهِ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: هُوَ جُؤْنة العَطَّار؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمَعْرُوفُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي فِي جُؤْنة الْعَطَّارِ قَسِمَة، فإِن كَانَ ذَلِكَ فإِن الشَّاعِرَ إِنما أَشبع لِلضَّرُورَةِ، قَالَ: والقَسِيمَة السُّوقُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَلَمْ يُفسِّر بِهِ قَوْلَ عَنْتَرَةَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عِنْدِي مِمَّا يَجُوزُ أَن يُفسَّر بِهِ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
الحمدُ للهِ العَلِيّ الأَعْظَمِ، ... بَارِي السَّماواتِ بِغَيْرِ سُلَّمِ
ورَبِّ هَذَا الأَثَرِ المُقَسَّمِ، ... مِن عَهْد إِبراهيمَ لَمَّا يُطْسَمِ
أَراد المُحَسَّن، يَعْنِي مَقام إِبراهيم، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كأَنه قُسِّم أَي حُسِّن؛ وَقَالَ أَبو مَيْمُونَ يَصِفُ فَرَسًا:
كلِّ طَوِيلِ السّاقِ حُرِّ الخدّيْن، ... مُقَسَّمِ الوجهِ هَرِيتِ الشِّدْقَيْن
ووَشْيٌ مُقَسَّمٌ أَي مُحَسَّنٌ. وَشَيْءٌ قَسَامِيٌّ: مَنْسُوبٌ إِلى القَسَام، وَخَفَّفَ الْقُطَامِيُّ يَاءَ النِّسْبَةِ مِنْهُ فأَخرجه مُخرج تِهامٍ وشآمٍ، فَقَالَ:
إِنَّ الأُبُوَّةَ والدَيْنِ تَراهُما ... مُتَقابلينِ قَسَامِياً وهِجانا
أَراد أُبوّة وَالِدَيْنِ. والقَسِمَةُ: الحُسن. والقَسِمَةُ: الوجهُ، وَقِيلَ: مَا أَقبل عَلَيْكَ مِنْهُ، وَقِيلَ: قَسِمَةُ
__________
(3) . قوله [الشاعر] هو عنترة(12/482)
الْوَجْهِ مَا خَرج مِنَ الشَّعْرِ. وَقِيلَ: الأَنفُ وناحِيتاه، وَقِيلَ: وسَطه، وَقِيلَ: أَعلى الوَجْنة، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الوَجْنتين والأَنف، تُكْسَرُ سِينُهَا وَتُفْتَحُ، وَقِيلَ: القَسِمَة أَعالي الْوَجْهِ، وَقِيلَ: القَسِمَات مَجارِي الدُّمُوعِ، وَالْوُجُوهُ، وَاحِدَتُهَا قَسِمَةٌ. وَيُقَالُ مِنْ هَذَا: رَجُلٌ قَسِيم ومُقَسَّم إِذا كَانَ جَمِيلًا. ابْنُ سِيدَهْ: والمُقْسَم مَوْضِعُ القَسَم؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
فتُجْمَعُ أَيْمُنٌ مِنَّا ومِنْكُم ... بمُقْسَمَةٍ تَمُورُ بِهَا الدِّماء
وَقِيلَ: القَسِمَاتُ مَجَارِي الدُّمُوعِ؛ قَالَ مُحْرِز بْنُ مُكَعْبَرٍ الضَّبِّيُّ:
وإِنِّي أُراخيكم عَلَى مَطِّ سَعْيِكم، ... كَمَا فِي بُطونِ الحامِلاتِ رِخاءُ
فَهلَّا سَعَيْتُمْ سَعْيَ عُصْبةِ مازِنٍ، ... وَمَا لعَلائي فِي الخُطوب سَواءُ
كأَنَّ دَنانِيراً عَلَى قَسِمَاتِهِم، ... وإِنْ كَانَ قَدْ شَفَّ الوُجُوهَ لِقاءُ
لَهُمْ أَذْرُعٌ بادٍ نواشِزُ لَحْمِها، ... وبَعضُ الرِّجالِ فِي الحُروب غُثاءُ
وَقِيلَ: القَسِمَةُ مَا بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ؛ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَبِهِ فَسَّرَ قَوْلَهُ دَنَانِيرًا عَلَى قَسِمَاتهم؛ وَقَالَ أَيضاً: القَسِمَةُ والقَسَمَةُ مَا فَوْقَ الْحَاجِبِ، وَفَتْحُ السِّينِ لُغَةٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. أَبو الْهَيْثَمِ: القَسَامِيُّ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ. والقَسَامِيّ: الحَسَن، مِنَ القَسَامَة. والقَسَامِيُّ: الَّذِي يَطوي الثِّيَابَ أَول طَيّها حَتَّى تَتَكَسَّرَ عَلَى طَيِّهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
طاوِينَ مَجْدُولَ الخُروقِ الأَحداب، ... طَيَّ القَسَامِيِّ بُرودَ العَصّاب
ورأَيت فِي حَاشِيَةٍ: القَسَّامُ المِيزان، وَقِيلَ: الخَيّاطُ. وَفَرَسٌ قَسَامِيٌّ أَي إِذا قَرَحَ [قَرِحَ] مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ، مِنْ آخرَ، رَباعٍ؛ وأَنشد الجَعْدي يَصِفُ فَرَسًا:
أَشَقَّ قَسَامِيّاً رَباعِيَ جانِبٍ، ... وقارِحَ جَنْبٍ سُلَّ أَقْرَحَ أَشْقَرا
وَفَرَسٌ قَسَامِيٌّ: مَنْسُوبٌ إِلى قَسَام فَرَسٌ لِبَنِيِ جَعْدة؛ وَفِيهِ يَقُولُ الْجَعْدِيُّ:
أَغَرّ قَسَامِيّ كُمَيْت مُحَجَّل، ... خَلا يَدُهُ اليُمْنى فتَحْجِيلُه خَسا
أَي فَرْدٌ. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: اسْمُ الْفَرَسِ قَسَامَة، بِالْهَاءِ؛ وأَما قَوْلُ النَّابِغَةِ يَصِفُ ظَبْيَةً:
تَسَفُّ برِيرَه، وتَرُودُ فِيهِ ... إِلى دُبُر النهارِ مِنَ القَسَامِ
قِيلَ: القَسَامَة شِدَّةُ الْحَرِّ، وَقِيلَ: إِن القَسَام أَول وَقْتِ الْهَاجِرَةِ، قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ، وَقِيلَ: القَسَام وَقْتُ ذُرور الشَّمْسِ، وَهِيَ تَكُونُ حِينَئِذٍ أَحسن مَا تَكُونُ وأَتمّ مَا تَكُونُ مَرْآةً، وأَصل القَسَام الحُسن؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
لَا أَحْسَبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدّةً أَبداً، ... وَلَا تُقَسَّم شَعْباً واحِداً شُعَبُ
يَقُولُ: إِني ظَنَنْتُ أَن لَا تَنْقَسِمَ حالاتٌ كَثِيرَةٌ، يَعْنِي حالاتِ شَبَابِهِ، حَالًا وَاحِدًا وأَمراً وَاحِدًا، يَعْنِي الكِبَر وَالشَّيْبَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَقُولُ كُنْتُ لغِرّتي أَحسب أَن الإِنسان لَا يَهرم، وأَن الثوبَ الْجَدِيدَ لَا يَخْلُق، وأَن الشَّعْب الْوَاحِدَ الْمُمْتَنِعَ لَا يَتفرَّق الشُّعَبَ المتفرِّقةَ فَيَتَفَرَّقُ بَعْدَ اجْتِمَاعٍ وَيَحْصُلُ مُتَفَرِّقًا فِي تِلْكَ الشُّعَبِ «1» . والقَسُومِيَّات: مَوَاضِعُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
__________
(1) . قوله: وأن الشعب إلخ؛ هكذا في الأَصل(12/483)
ضَحَّوْا قَليلًا قَفا كُثْبانِ أَسْنِمةٍ، ... ومِنْهُمُ بالقَسُومِيّاتِ مُعْتَرَكُ «1»
. وقاسِمٌ وقَسِيمٌ وقُسَيْمٌ وقَسَّام ومِقْسَم ومُقَسِّم: أَسماء. والقَسْم: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ. والمُقْسِم: أَرض؛ قَالَ الأَخطل:
مُنْقَضِبِين انْقِضابَ الْخَيْلِ، سَعْيُهُم ... بَين الشَّقِيقِ وعَيْن المُقْسِمِ البَصِر
وأَما قَوْلُ القُلاخ بْنِ حَزْن السَّعْدِيِّ:
أَنا القُلاخُ فِي بُغائي مِقْسَما، ... أَقْسَمْتُ لَا أَسْأَمُ حتَّى تَسْأَما
فَهُوَ اسْمُ غُلَامٍ لَهُ كَانَ قد فرّ منه.
قشم: القَشْم: الأَكل، وَقِيلَ: شِدة الأَكل وخَلْطُه، قَشَمَ يَقْشِمُ قَشْماً. والقُشَامُ: اسْمٌ لما يؤْكل مُشْتَقٌّ مِنَ القشْمِ. والقُشَامَة: رَدِيءُ التَّمْرِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والقُشَام والقُشَامةُ: مَا وَقَعَ عَلَى الْمَائِدَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا خَيْرَ فِيهِ أَو مَا بَقِيَ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: القُشَامةُ مَا يَبْقَى مِنَ الطَّعَامِ عَلَى الخِوان. وقَشَمْت أَقْشِمُ قَشْماً: نفَيته. وقَشَمْت الطَّعَامَ قَشْماً إِذا نفَيتَ الرَّديء مِنْهُ. وَمَا أَصابت الإِبلُ مَقْشَماً أَي شَيْئًا تَرْعَاهُ. وقَشَمَ الرجلُ قَشْماً: مَاتَ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
قَشَمَتْ فجَرَّ برِجلها أَصحابُها، ... وحَثَوْا عَلَى حَفْصٍ لَهَا وعِماد
أَي مَاتَتْ فَدَفَنُوهَا مَعَ مَتاع بَيْتِهَا. وقَشَمَ فِي بَيْتِهِ قشُماً: دَخَلَ. والقِشْمُ والقَشْمُ: اللَّحْمُ المحمرُّ مِنْ شِدَّةِ النُّضج. والقَشْمُ، بِالْكَسْرِ: الْجِسْمُ؛ عَنْ يَعْقُوبَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ مِنَ الإِصلاح؛ وأَنشد، ابْنُ الأَعرابي:
طَبيخُ نُحازٍ أَو طَبيخُ أمِيهةٍ، ... دَقِيقُ العِظامِ سَيِءُ القِشْمِ أَمْلَطُ
يَقُولُ: كَانَتْ أُمه بِهِ حَامِلًا وَبِهَا نُحاز أَي سُعَالٌ أَو جُدَرِيٌّ فَجَاءَتْ بِهِ ضاوِياً. وَيُقَالُ: أَرى صَبِيَّكُمْ مُخْتَلًّا قَدْ ذَهَبَ قِشْمه أَي لَحْمُهُ وشَحْمه. والقَشَمُ والقَشْمُ: البُسْر الأَبيض الَّذِي يؤْكل قَبْلَ أَن يُدرك وَهُوَ حُلو. والقُشَامُ: أَن يَنتَقِض الْبَلَحُ قَبْلَ أَن يَصِيرَ بُسْراً. وقال الأَصمعي: فإِذا انْتقض البُسر قَبْلَ أَن يَصِيرَ بَلَحًا قِيلَ قَدْ أَصابه القُشَامُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْبُسْرَةِ إِذا ابيضَّت فأُكلت طَيِّبَةً هِيَ القَشِيمَة. وَيُقَالُ: أَصاب الثمرَ القُشَامُ، هو بِالضَّمِّ، أَن يَنْتَقِضَ ثَمَرِ النَّخْلِ قَبْلَ أَن يَصِيرَ بَلَحًا. وقَشَمَ الخُوصَ يَقْشِمُه قَشْماً: شَقَّهُ لِيَسُفَّه. وإِنه لَقَبِيحُ القِشْمِ أَي الْهَيْئَةِ وَقَالُوا: الكرَم مِنْ قِشْمِه أَي مِنْ طَبعه وأَصله. والقِشْمُ: المَسِيل الضيِّقُ فِي الْوَادِي. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَشْمُ، بِالْفَتْحِ، مَسِيلُ الْمَاءِ فِي الرَّوْضِ، وَجَمْعُهُ قُشُوم. وقُشَام: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنَّ قَلُوصِي تَحْمِلُ الأَجْوَلَ الَّذِي ... بشَرْقِيِّ سَلْمَى، يَوْمَ جَنْبِ قُشَامِ
وقُشَامٌ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:
يَا لَيْتَ أَنَّي وقُشَاماً نَلْتَقي، ... وَهْو عَلَى ظَهْر الْبَعِيرِ الأَوْرقِ
اسْمٌ رَجُلٍ راعٍ. أَبو تُرَابٍ عَنْ مُدرك: يُقَالُ لِفُلَانٍ قَوْمٌ يَقْمشون لَهُ ويَهْمِشون لَهُ بِمَعْنَى يَجْمَعُونَ لَهُ، وَاللَّهُ أَعلم.
قشعم: القُشْعُوم: الصَّغِيرُ الْجِسْمِ، وَبِهِ سُمِّيَ القُراد، وَهُوَ القُرْشوم والقِرْشامُ. والقَشْعَمُ والقِشْعامُ: المُسِنُّ مِنَ الرِّجَالِ والنُّسور والرخَم لطول عمره،
__________
(1) . قوله [ضحوا قليلًا إلخ] أنشده في التكملة ومعجم ياقوت:
وَعَرَّسُوا سَاعَةً فِي كُثْبِ أسنمة(12/484)
وَهُوَ صِفَةٌ، والأُنثى قَشْعَم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ترَكْتُ أَباكَ قَدْ أَطْلَى، ومالَتْ ... عَلَيْهِ القَشْعَمَانِ مِنَ النُّسور
وَقِيلَ: هُوَ الضَّخْمُ الْمُسِنُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ ضَخْمًا فَهُوَ قَشْعَمٌ؛ وأَنشد:
وقِصَعٌ تُكْسَى ثُمالًا قَشْعَما
والثُّمال: الرَّغْوة. وأُمُّ قَشْعَم: الحَرب، وَقِيلَ: المنيَّة، وَقِيلَ: الضَّبُعُ، وَقِيلَ: الْعَنْكَبُوتُ، وَقِيلَ: الذِّلة؛ وَبِكُلٍّ فُسِّرَ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
فشَدّ وَلَمْ يُفْزِعْ بُيوتاً كثِيرةً، ... لدَى حيثُ أَلقَتْ رَحْلَها أُمُّ قَشْعَمِ
الأَزهري: الشَّيْخُ الْكَبِيرُ يُقَالُ لَهُ قَشْعم، الْقَافُ مَفْتُوحَةٌ وَالْمِيمُ خَفِيفَةٌ، فإِذا ثُقِّلَتِ الْمِيمُ كُسِرَتِ الْقَافُ، وَكَذَلِكَ بِنَاءُ الرُّبَاعِيِّ الْمُنْبَسِطِ إِذَا ثُقل آخِرُهُ كُسِر أَوله؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
إِذْ زَعَمَتْ رَبِيعةُ القِشْعَمُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: القِشْعَمُّ مِثْلُ القَشْعم. وقَشْعَم: مِنْ أَسماء الأَسد، وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنُ نِزَارٍ يُسَمَّى القَشْعَم؛ قَالَ طَرَفَةُ:
والجَوْزُ مِن رَبيعةَ القَشَعْمِ
أَراد القَشْعَم فَوَقَفَ، وأَلقى حَرَكَةَ الْمِيمِ عَلَى الْعَيْنِ، كَمَا قَالُوا البَكِرْ، ثُمَّ أَوقعوا القَشْعم عَلَى الْقَبِيلَةِ؛ قَالَ:
إِذ زَعَمَتْ ربيعةُ القَشْعَمُ
شدَّد ضَرُورَةً وأَجرى الوصل مجرى الوقف.
قصم: القَصْمُ: دَقُّ الشَّيْءِ. يُقَالُ لِلظَّالِمِ: قَصَمَ اللَّهُ ظَهْرَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: القَصْمُ كَسْرُ الشَّيْءِ الشَّدِيدِ حَتَّى يَبين. قَصَمَه يَقْصِمُهُ قَصْماً فانْقَصَمَ وتَقَصَّمَ: كسَره كسْراً فِيهِ بَيْنونة. وَرَجُلٌ قَصِمٌ أَي سَرِيعُ الانْقِصام هَيَّابٌ ضَعِيفٌ. وقُصَمُ مِثْلُ قُثَم: يَحْطِم مَا لَقِيَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ قُصَمٌ مِثْلُ قُثَمٍ تَصْرِفُهما لأَنهما صِفتانِ، وإِنما الْعَدْلُ يَكُونُ فِي الأَسماء لَا غَيْرُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه قَالَ فِي أَهل الْجَنَّةِ يُرْفَعُ أَهلُ الغُرَفِ إِلى غُرَفِهم فِي دُرَّة بَيْضاء لَيْسَ فِيهَا قَصْمٌ وَلَا فَصْمٌ
؛ أَبو عُبَيْدَةَ: القَصْمُ، بِالْقَافِ، هُوَ أَن يَنْكَسِرَ الشَّيْءُ فيَبين، يُقَالُ مِنْهُ: قَصَمْت الشَّيْءَ إِذا كسرتَه حَتَّى يَبِينَ، وَمِنْهُ قِيلَ: فُلَانٌ أَقْصَمُ الثَّنِيَّة إِذَا كَانَ مُنْكَسِرَهَا، وأَما الفَصْمُ، بِالْفَاءِ، فَهُوَ أَن يَنْصَدِعَ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ أَن يَبِين. وَفِي الْحَدِيثِ:
الفاجرُ كالأَرْزَةِ صمَّاءُ مُعْتدِلة حَتَّى يَقْصِمها اللَّهُ.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَلَا قَصَمُوا لَهُ قَناة
، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: وَجَدْتُ انْقِصاماً فِي ظَهْرِي
، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَا. وَرُمْحٌ قَصِمٌ: مُنْكَسِرٌ، وَقَنَاةٌ قَصِمَةٌ كَذَلِكَ، وَقَدْ قَصِمَ. وقَصِمَتْ سِنُّه قَصَماً وَهِيَ قَصْماء: انْشَقَّتْ عَرْضاً وَرَجُلٌ أَقْصَمُ الثنية إِذا كان منكسرها مِنَ النِّصْفِ بَيِّنَ القَصَمِ، والأَقْصَمُ أَعمُّ وأَعرف مِنَ الأَقصف، وَهُوَ الَّذِي انْقَصَمَتْ ثَنْيَتُهُ مِنَ النِّصْفِ. يُقَالُ: جاءتكمُ القَصْمَاء، تَذْهَبُ بِهِ إِلى تأْنيث الثَّنِيَّةِ. قَالَ بَعْضُ الأَعراب لِرَجُلٍ أَقْصَمِ الثنيةِ: جَاءَتْكُمُ القَصْمَاء، ذَهَبَ إِلى سِنِّه فأَنثها. والقَصْمَاء مِنَ الْمَعَزِ: الَّتِي انْكَسَرَ قَرْنَاهَا مِنْ طَرَفَيْهِمَا إِلى المُشاشة، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: القَصْمَاء، مِنَ الْمَعْزِ الْمَكْسُورَةُ القرنِ الخارجِ، والعَضْباء الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ الدَّاخِلِ، وَهُوَ المُشاش. والقَصْمُ فِي عَروض الْوَافِرِ: حَذْفُ الأَول وإِسكان الْخَامِسِ، فَيَبْقَى الْجُزْءُ فاعِيلٌ، فَيُنْقَلُ فِي التَّقْطِيعِ إِلى مَفْعولن، وَذَلِكَ عَلَى التَّشْبِيهِ بقَصْم السِّنِّ أَو القَرْن. وقَصْمُ السواكِ وقَصْمَتُه وقِصْمَتُه الْكَسْرَةُ مِنْهُ،(12/485)
وَفِي الْحَدِيثِ:
اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ عَنْ قِصْمَةِ السواكِ.
وَالْقِصْمَةُ، بِكَسْرِ الْقَافِ، أَي الْكَسْرَةُ مِنْهُ إِذا اسْتِيكَ بِهِ، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ. وقَصَمَه يَقْصِمُه قَصْماً: أَهلكه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ
؛ كَمْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بقَصَمنا، وَمَعْنَى قَصَمْنَا أَهلكنا وأَذهبنا. وَيُقَالُ: قَصَمَ اللَّهُ عُمُر الْكَافِرَ أَي أَذهبه. والقاصِمةُ: اسْمُ مَدِينَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى ذَلِكَ لأَنها قَصَمت الْكُفْرَ أَي أَذْهَبته. والقَصْمة، بِالْفَتْحِ: مَرْقاة الدَّرَجَةِ مِثْلَ القَصْفة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الشَّمْسَ لتَطْلُعُ مِنْ جَهَنَّمَ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَمَا تَرْتَفِعُ فِي السَّمَاءِ مِنْ قَصْمة إِلا فُتحَ لَهَا بَابٌ مِنَ النَّارِ، فإِذا اشتدَّت الظَّهِيرَةُ فُتحت الأَبواب كُلُّهَا.
وَسُمِّيَتِ الْمَرْقَاةُ قَصْمَة لأَنها كَسْرَةٌ مِنَ القَصْم الْكَسْرِ. وكلُّ شَيْءٍ كَسَرْته فَقَدْ قَصَمْته. وأَقْصامُ المَرْعى: أُصُوله وَلَا يَكُونُ إِلا مِنَ الطَّريفة، الْوَاحِدُ قِصْمٌ. والقَصْمُ: الْعَتِيقُ مِنَ الْقُطْنِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والقَصِيمَة: مَا سَهُلَ مِنَ الأَرض وَكَثُرَ شَجَرُهُ. والقَصِيمةُ: مَنْبِت الغَضى والأَرْطَى والسَّلَم؛ وَهِيَ رَمَلَةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وكتِيبة الأَحْلافِ قَدْ لاقَيْتُهمْ، ... حيثُ اسْتَفاضَ دَكادِكٌ وقَصِيمُ
وَقَالَ بِشْرٌ فِي مُفْرَدِهِ:
وباكَرَه عِندَ الشُّروقِ مُكَلَّبٌ ... أَزَلُّ، كسِرْحانِ القَصِيمةِ، أَغْبَرُ
قَالَ: وَقَالَ أُنَيْف بْنُ جَبَلة:
ولقدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَحْمِلُ شِكَّتي ... عَتِدٌ، كسِرْحانِ القَصِيمَة، مُنْهِب
اللَّيْثُ: القَصِيمَةُ مِنَ الرَّمْلِ مَا أَنبت الغَضَى وَهِيَ القَصَائِمُ. أَبو عُبَيْدٍ: القَصَائِمُ مِنَ الرِّمَالِ مَا أَنبت العِضاه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُ اللَّيْثِ فِي القَصِيمَة مَا يُنبت الْغَضَى هُوَ الصَّوَابُ. والقَصِيمُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ يَشُقُّه طَرِيقُ بَطْن فَلْجٍ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
يَا رِيَّها اليومَ عَلَى مُبِينِ، ... عَلَى مُبينٍ جَرِدِ القَصِيمِ
مُبِين: اسْمُ بِئْرٍ. والقَصِيم: نَبْت. والأَجارِدُ مِنَ الأَرض: مَا لَا يُنبت؛ وَقَالَ:
أَفْرِغْ لِشَوْلٍ وعِشارٍ كُومِ ... باتَتْ تُعَشَّى اللَّيلَ بالقَصِيم،
لبَابة مِنْ هَمِقٍ عَيْشُوم
الرِّيَاشِيُّ: أَنشدني الأَصمعي فِي النُّونِ مَعَ الْمِيمِ:
يَطْعُنُها بخَنْجَرٍ مِنْ لَحْمِ، ... تحْتَ الذُّنابَى فِي مكانٍ سُخْنِ
قَالَ: وَيُسَمَّى هَذَا السِّنَادُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمَّى الدَّالَ وَالْجِيمَ الإِجادة، رَوَاهُ عَنِ الْخَلِيلِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ صَيّاداً:
وأَشْعَثَ أَعْلى مَالِهِ كِفَفٌ لَهُ، ... بفَرْشِ فَلاة، بَيْنَهُنَّ قَصِيمُ الفَرْش
مَنابت العُرْفُط. ابْنُ الأَعرابي: فَرْشٌ مِنْ عُرفط، وقَصِيمَةٌ مِنْ غَضىً، وأَيْكَةٌ مِنْ أَثْل، وغالٌّ مِنْ سَلَم، وسَلِيلٌ مِنْ سَمُرٍ لِلْجَمَاعَةِ مِنْهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَصِيمُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، أَجَمة الْغَضَى، وَجَمْعُهَا قَصَائِم وقُصْم. والقَصِيمَةُ: الغَيْضة. والقَيْصُوم: مَا طَالَ مِنَ الْعُشْبِ، وَهُوَ كالقَيْعُون؛ عَنْ كُرَاعٍ. والقَيْصُوم: مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَيْصُوم مِنَ الذُّكُورِ وَمِنَ الأَمْرار، وَهُوَ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ مِنْ رَياحين الْبَرِّ، وَوَرَقُهُ هَدَب، وَلَهُ(12/486)
نَوْرَة صَفْرَاءُ وَهِيَ تَنْهض عَلَى سَاقٍ وَتَطُولُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
نَبتَتْ بمَنْبِتِه فطابَ لشمِّها، ... ونَأَتْ عَنِ الجَثْجاثِ والقَيْصُوم
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
بلادٌ بِهَا القَيْصُومُ والشِّيحُ والغَضَى
أَبو زَيْدٍ: قَصَم رَاجِعًا وكصَمَ رَاجِعًا إِذَا رَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ وَلَمْ يُتِمَّ إِلَى حَيْثُ قصَد.
قصلم: التَّهْذِيبُ فَحل قِصْلامٌ عَضُوضٌ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
سِوَى زِجاجاتِ مُعِيدٍ قِصْلام
قَالَ: والمُعِيد الْفَحْلُ الَّذِي أَعاد الضِّراب فِي الإِبل مَرَّةً بعد أُخرى.
قضم: قَضِمَ الفرسُ يَقْضَمُ وخَضِمَ الإِنسانُ يَخْضَم، وَهُوَ كقَضْم الْفَرَسِ، والقَضْمُ بأَطراف الأَسنان والخَضْمُ بأَقصَى الأَضراس؛ وأَنشد لأَيمن بْنِ خُرَيْم الأَسدي يَذْكُرُ أَهْلَ الْعِرَاقِ حِينَ ظَهَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى مُصْعَبٍ:
رَجَوْا بالشِّقاقِ الأَكْلَ خَضْماً، وَقَدْ رَضُوا ... أَخيراً مِنَ اكْلِ الخَضْمِ أَن يأْكلوا القَضْما
وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ
أَبي ذَرٍّ: اخْضَمُوا فَإِنَّا سنَقْضَمُ.
ابْنَ سِيدَهْ: القَضْمُ أَكل بأَطراف الأَسنان والأَضراس، وَقِيلَ: هُوَ أَكل الشَّيْءِ الْيَابِسِ، قَضِمَ يَقْضَم قَضْماً، والخَضْم: الأَكل بِجَمِيعِ الْفَمِ، وَقِيلَ: هُوَ أَكل الشَّيْءِ الرَّطْب، والقَضْمُ دُونَ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ: يُبْلَغُ الخَضْم بالقَضْم أَي أَن الشَّبْعة قَدْ تُبْلَغ بالأَكل بأَطراف الْفَمِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الغايةَ الْبَعِيدَةَ قَدْ تُدْرَك بالرِّفق؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَبَلَّغْ بأَخْلاقِ الثِّيَابِ جَدِيدَها، ... وبالقَضْمِ حَتَّى تُدْرِكَ الخَضْمَ بالقَضْمِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ابْنُوا شَدِيداً وأَمِّلُوا بَعِيدًا واخْضَمُوا فَإِنَّا سنَقْضَم
؛ القَضْمُ: الأَكل بِأَطْرَافِ الأَسنان. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: تأْكلون خَضْماً ونأْكل قَضْماً.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْهَا: فأَخَذتِ السواكَ فقَضِمَتْه وطَيَّبَتْه
أَيْ مَضَغَتْه بأَسنانها ولَيَّنَتْه. والقَضِيم: شَعِيرُ الدَّابَّةِ. وقَضِمت الدابةُ شعيرَها، بِالْكَسْرِ، تَقْضَمُهُ قَضْماً: أَكَلَتْهُ. وأَقْضَمْته أَنَا إِيَّاهُ أَيْ عَلَفْتُهَا القضِيم. وَقَالَ اللَّيْثُ: القَضْم أَكل دونٌ كَمَا تَقْضَمُ الدابةُ الشَّعِيرَ، وَاسْمُهُ القَضِيم، وَقَدْ أَقْضَمْته قَضِيماً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ قَضِمَ الرجلُ الدابةَ شعيرَها فيعدِّيه إِلَى مَفْعُولَيْنِ، كَمَا تَقُولُ كَسَا زَيْدٌ ثَوْبًا وَكَسَوْتُهُ ثَوْبًا؛ وَاسْتَعَارَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ القَضْمَ لِلنَّارِ فَقَالَ:
رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرْمُقها ... تَقْضَمُ الهِنْدِيَّ وَالْغَارَا
والقَضِيمُ: مَا قَضِمتْه. وَمَا لِلْقَوْمِ قَضِيمٌ وقَضامٌ وقُضْمَة ومَقْضَمٌ أَيْ مَا يُقْضَمُ عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ وَقَدْ قَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ بِمَكَّةَ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ بلادَ مَقْضَم وَلَيْسَتْ بِبِلَادِ مَخْضَم. وَمَا ذُقْتُ قَضَاماً أَي شَيْئًا. وأَتتهم قَضِيمَة أَيْ مِيرة قَلِيلَةٌ. والقِضْمُ: مَا ادَّرَعَتْه الإِبل وَالْغَنَمُ مِنْ بَقِيَّةِ الحلْي. والقَضَمُ: انْصِدَاعٌ فِي السِّنِّ، وَقِيلَ: تَثَلُّمٌ وتَكسُّر فِي أَطراف الأَسنان وتفَلُّلٌ وَاسْوِدَادٌ، قَضِمَ قَضَماً، فَهُوَ قَضِمٌ وأَقْضَم، والأُنثى قَضْمَاء. وَقَدْ قَضِمَ فُوهُ إِذَا انْكَسَرَ، ونَقِدَ مِثْلَهُ. والقَضِم، بِكَسْرِ الضَّادِ: السَّيْفُ الَّذِي طَالَ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَتَكَسَّرَ حدُّه، وَفِي الْمُحْكَمِ: وَسَيْفٌ قَضِمٌ طَالَ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَتَكَسَّرَ حَدُّه. وَفِي مَضَارِبِهِ قَضَم، بِالتَّحْرِيكِ، أَيْ تَكَسُّرٌ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ؛ قَالَ رَاشِدُ بْنُ شِهَابٍ الْيَشْكُرِيُّ:(12/487)