وأَقَلْتُه البيعَ إِقَالَةً: وَهُوَ فسخُه، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا قِلْتُه البيعَ فأَقَالَني إِيَّاه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَقَالَ نادِماً أَقَالَهُ اللَّه مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَقَالَه اللَّه عَثْرَته
، أَي وَافَقَهُ عَلَى نَقْض الْبَيْعِ وأَجابه إِليه. يُقَالُ: أَقَالَه يُقِيلُه إِقَالةً. وتَقايَلا إِذا فَسَخَا الْبَيْعَ وَعَادَ الْمَبِيعُ إِلى مَالِكِهِ والثمنُ إِلى الْمُشْتَرِي إِذا كَانَ قَدْ نَدِم أَحدهما أَو كِلاهما، قَالَ: وَتَكُونُ الإِقالة فِي البَيعة وَالْعَهْدِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: لَمَّا قُتل عُثْمَانُ قُلْتُ لَا أَسْتَقِيلُها أَبداً
أَي لَا أُقِيل هَذِهِ العَثْرة وَلَا أَنساها: والاستِقَالَة: طَلب الإِقالة. وتَقَيَّل الماءُ في المكان المنخفص: اجْتَمَعَ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ تَقَيَّلَ فُلَانٌ أَباه وتقيَّضه تَقَيُّلًا وتقيُّضاً إِذا نَزَعَ إِليه فِي الشبَه. وَيُقَالُ: أَقَالَ اللَّهُ فُلَانًا عَثْرته بِمَعْنَى الصَّفْح عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَقِيلوا ذَوِي الهيئَات عَثَراتِهم
، وأَقَالَ اللَّهُ عَثْرتك وأَقالَكَها. والقَيْل: المَلِك مِنْ مُلُوكِ حِمْير يَتَقَيَّلُ مَنْ قَبْله مِنْ مُلُوكِهِمْ يُشْبِهه، وَجَمْعُهُ أَقْيال وقُيُول وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِلى قَيْل ذِي رُعَيْنٍ
أَي مَلِكها، وَهِيَ قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ تنسَب إِلى ذِي رُعَيْنٍ، وَهُوَ مِنْ أَذْواء الْيَمَنِ ومُلوكِها. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الأَقْيال الْمُلُوكُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يخصَّ بِهَا مُلُوكَ حِمْير. واقْتَالَ شَيْئًا بِشَيْءٍ: بَدَّله، عَنِ الزَّجَّاجِيِّ. ابْنُ الأَعرابي يُقَالُ أَدخِل بعيرَك السُّوقَ واقْتَلْ بِهِ غيرَه أَي اسْتَبْدِلْ بِهِ، وأَنشد:
واقْتَلْت بالجِدَّة لَوْناً أَطْحَلا
أَي اسْتَبْدَلْتُ، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ قَوَلَ:
وِرْد هُموم طَرَقَتْ بالبَلْبَالْ، ... وظُلم ساعٍ وأَمير مُقْتَالْ
أَي مُختار قَدْ جُعل بَدَلًا مِنْ غيره. قال أَبو مصنور: والمُقَايَلة والمُقايَضة الْمُبَادَلَةُ، يُقَالُ: قَايَضه وقَايَلَه إِذا بادَله. والقَيْلة والقِيلة: الأُدْرةُ. وَفِي حَدِيثِ أَهل الْبَيْتِ:
وَلَا حَامِلَ القِيلَة
، القِيلة، بِالْكَسْرِ: الأُدرة وَهُوَ انْتِفَاخُ الخُصْية. وَرَمَاهُ اللَّهُ بقِيلَة، مَكْسُورَةٍ، أَي الأَدَرِ. وَقِيلَ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ عَادٍ. وقَيْلٌ: وافِد عَادٍ. وقَيْلَةُ: مَوْضِعٌ. وقَيْلَة: أُمُّ الأَوْس والخَزْرَج. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ: ابْنَي قَيْلة
، يُرِيدُ الأَوسَ والخزرجَ قَبِيلَتَيِ الأَنصار. وقَيْلة: اسْمُ أُمٍّ لَهُمْ قَدِيمَةٍ، وَهِيَ قَيْلَة بِنْتُ كاهِل. وقِيَال، بِكَسْرِ الْقَافِ: اسْمُ جَبَلٍ بالبادية عال.
فصل الكاف
كأل: الكأْلُ: أَن تَشْتَرِيَ أَو تَبِيعَ دَيْناً لَكَ عَلَى رَجُلٍ بدَينٍ لَهُ عَلَى آخَرَ، وَكَذَلِكَ الكأْلة والكُؤولة؛ كُلُّهُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والكَوَأْلَلُ: الْقَصِيرُ، وَقِيلَ: الْقَصِيرُ مَعَ غِلَظ وَشِدَّةٍ. وَقَدِ اكْوَأَلَّ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُكْوَئِلٌّ إِذا قصُر. والمُكْوَئِلُّ: الْقَصِيرُ الأَفْحَجُ؛ الأَصمعي: إِذا كَانَ فِيهِ قِصَرٌ وَغِلَظٌ مَعَ شِدَّةٍ قِيلَ رَجُلٌ كَوَأْلَل وكَأْلَل وكُلاكِل.
كبل: الكَبْل: قَيْد ضَخْمٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الكَبْل والكِبْل القَيْد مِنْ أَيّ شَيْءٍ كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ أَعظم مَا يَكُونُ مِنَ الأَقْياد، وَجَمْعُهُمَا كُبُول. يُقَالُ: كَبَلْت الأَسير وكَبَّلْته إِذا قيَّدته، فَهُوَ مَكْبُول ومُكَبَّل. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ القَيْد والكَبْل والنِّكْل والوَلْمُ والقُرْزُل والمَكْبُول: الْمَحْبُوسُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ضَحِكْت مِنْ قَوْمٍ يؤْتى بِهِمْ إِلى الْجَنَّةِ فِي كَبْل الْحَدِيدِ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي مرثَد: ففُكَّت(11/580)
عَنْهُ أَكْبُله
؛ هِيَ جَمْعُ قِلَّة للكَبْل القَيْدِ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
مُتَيَّم إِثْرَها لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ
أَي مقيَّد. وكَبَلَه يَكْبِلُه كَبْلًا وكَبَّلَه وكَبَلَه كَبْلًا: «1» حَبسه فِي سِجْنٍ أَو غَيْرِهِ، وأَصله مِنَ الكَبْل؛ قَالَ: «2» .
إِذا كنتَ فِي دارٍ يُهِينُكَ أَهلُها، ... وَلَمْ تَكُ مَكْبُولًا بِهَا، فتحوَّل
وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: إِذا وَقَعَتِ السُّهْمان فَلَا مُكابَلة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تَكُونُ المُكَابَلَة بِمَعْنَيَيْنِ: تَكُونُ مِنَ الحَبْس، يَقُولُ إِذا حُدَّتِ الحُدودُ فَلَا يُحْبَس أَحد عَنْ حقِّه، وأَصله مِنَ الكَبْل القَيْد، قَالَ الأَصمعي: والوجهُ الْآخَرُ أَن تَكُونَ المُكَابَلَة مَقْلُوبَةً مِنَ المُباكَلة أَو المُلابكة وَهِيَ الِاخْتِلَاطُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ مِنَ الكَبْل وَمَعْنَاهُ الْحَبْسُ عَنْ حَقِّهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَجْهَ الْآخَرَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الصَّوَابُ، وَالتَّفْسِيرُ الْآخَرُ غَلَطٌ لأَنه لَوْ كَانَ مِنْ بَكَلْت أَو لَبَكْت لَقَالَ مُباكَلة أَو مُلابَكةً، وإِنما الْحَدِيثُ مُكابلَة؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ فِي المُكابَلَة؛ قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ التأْخير. يُقَالُ: كَبَلْتُك دَيْنَك أَخَّرته عَنْكَ، وَفِي الصِّحَاحِ: يَقُولُ إِذا حُدَّت الدَّارُ، وَفِي النِّهَايَةِ: إِذا حُدَّت الحُدود فَلَا يحبَس أَحد عَنْ حَقِّهِ كأَنه كَانَ لَا يَرَى الشُّفْعة لِلْجَارِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنَ الكَبْل الْقَيْدِ، قَالَ: وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَرَى الشُّفْعَةَ إِلَّا للخَلِيط؛ الْمُحْكَمُ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ قِيلَ هِيَ مَقْلُوبَةٌ مِنْ لَبَك الشَّيْءَ وبَكَله إِذا خلَطه، وَهَذَا لَا يَسُوغُ لأَن المُكابَلَة مصدر، والمقلوب لا مصدر لَهُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. والمُكابَلَة أَيضاً: تأْخير الدَّيْن. وكَبَلَه الدينَ كَبْلًا: أَخَّره عَنْهُ. والمُكَابَلَة: التأْخير وَالْحَبْسُ، يُقَالُ: كَبَلْتُك دَيْنَك. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: المُكَابَلَة أَن تُباع الدَّارُ إِلى جَنْبِ دَارِكَ وأَنت تُرِيدُهَا وَمُحْتَاجٌ إِلى شِرَائِهَا، فَتُؤَخِّرُ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَوْجِبَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ تأْخذها بالشُّفْعة وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ، وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَرى شُفعة الجِوار. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا مُكَابَلَة إِذا حُدَّت الحُدود وَلَا شُفْعة
؛ قَالَ الطِّرِمَّاح:
مَتَى يَعِدْ يُنْجِزْ، وَلَا يَكْتَبِلْ ... مِنْهُ الْعَطَايَا طولُ إِعْتامِها
إِعْتامُها: الإِبطاء بِهَا، لَا يَكْتَبِل: لَا يَحْتَبِسُ. وفَرْوٌ كَبْلٌ: كَثِيرُ الصُّوفِ ثَقِيلٌ. الْجَوْهَرِيُّ: فَرْوٌ كَبَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ، أَي قَصِيرٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنه كَانَ يلبَس الفَرْوَ وَالكَبْل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الكَبْل فَرْوٌ كَبِيرٌ. والكَبْل: مَا ثُنيَ مِنَ الْجِلْدِ عِنْدَ شَفةِ الدَّلْوِ فخُرِز، وَقِيلَ: شَفَتُها، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن اللَّامَ بَدَلٌ مِنَ النُّونِ فِي كَبْن. والكَابُول: حِبالة الصَّائِدِ، يَمَانِيَةٌ. وكابُلُ: مَوْضِعٌ، وَهُوَ عَجَمِيٌّ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
قُعوداً لَهُ غَسَّانُ يَرْجُون أَوْبَهُ، ... وتُرْكٌ ورَهْطُ الأَعْجَمِين وكابُلُ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي طَالِبٍ:
تُطاعُ بِنا الأَعداءُ، ودُّوا لَوَ انَّنا ... تُسَدُّ بِنا أَبوابُ تُرْكٍ وكابُل
فكابُل أَعجمي وَوَزْنُهُ فَاعُل، وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْفَرَزْدَقُ كَثِيرًا فِي شِعْرِهِ؛ وَقَالَ غونة بن سلمى: «3» .
__________
(1) . قوله [وكَبَلَه كَبْلًا] تكرار لما سبق الكلام عليه
(2) . قوله [من الكَبْل قَالَ] هَكَذَا فِي الْأَصْلِ ولعله مِنَ الكَبْل الْقَيْدِ قَالَ إلخ نظير ما يأتي بعده
(3) . قوله [وقال غونة بن سلمى] كذا بالأصل، والذي في ياقوت: وقال فرعون بن عبد الرحمن يعرف بابن سلكة من بني تميم بن مرّ: وددت إلخ(11/581)
وَدِدْتُ مَخافَةَ الحجَّاجِ أَني ... بِكابُلَ فِي اسْتِ شيطانٍ رَجيمِ
مُقِيماً فِي مَضارِطِهِ أُغَنِّي: ... أَلا حَيِّ المَنازِلَ بالغَمِيمِ
وَقَالَ حَنْظَلَةُ الْخَيْرِ بْنُ أَبي رُهْم، وَيُقَالُ حسَّان بْنُ حَنْظَلَةَ:
نَزَلْت لَهُ عَنِ الضُّبَيْبِ، وَقَدْ بَدَتْ ... مُسَوَّمَةٌ مِنْ خَيْلِ تُرْكٍ وكَابُلِ
وَذُو الكَبْلَينِ: فَحْلٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ ضَبَّاراً فِي قَيْده.
كبثل: الكَبَوْثَلُ: ولدٌ يقَعُ بَيْنَ الخُنفُساء والجُعَل؛ عَنْ كراع.
كبرتل: التَّهْذِيبِ فِي الْخُمَاسِيِّ: ابْنُ الأَعرابي يُقَالُ لِذَكَرِ الخُنفُساء المُقَرَّضُ والحُوَّاز والكَبَرْتَل والمُدَحْرِج والجُعَل.
كتل: اللَّيْثُ: الكُتْلة أَعظم مِنَ الخُبْزة وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ كنِيز التَّمْرِ. الْمُحْكَمُ: الكُتْلة مِنَ الطِّينِ وَالتَّمْرِ وَغَيْرِهِمَا مَا جُمِع؛ قَالَ:
وبالغَداةِ كُتَلَ البَرْنِجِ
أَراد البَرْنيَّ. الصِّحَاحُ: الكُتْلة الْقِطْعَةُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنَ الصَّمْغ. والمُكَتَّل: الشَّدِيدُ الْقَصِيرُ. ورأْس مُكَتَّل: مجمَّع مدوَّر. والكُتْلة: الفِدْرة مِنَ اللَّحْمِ. وكَتَّلَه: سمَّنه؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَرَجُلٌ مُكَتَّل وَذُو كَتَلٍ وَذُو كَتالٍ: غليظُ الْجِسْمِ. والكَتَال: القوَّة. والكَتَال: اللَّحْمُ. وَرَجُلٌ مُكَتَّل الخلْق إِذا كَانَ مُداخَل الْبَدَنِ إِلى القِصَر مَا هُوَ. وأَلقى عَلَيْهِ كَتَالَه أَي ثِقْلَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولَسْت بِراحِلٍ أَبداً إِليهم، ... وَلَوْ عالَجْت مِنْ وَتِدٍ كَتالا
أَي مؤونةً وثِقْلًا. والكَتَالُ: النَّفْسُ. والكَتَال: الْحَاجَةُ تَقْضِيهَا. والكَتَالُ: كلُّ مَا أُصْلِح مِنْ طَعَامٍ أَو كُسْوة. وَزَوَّجَهَا عَلَى أَن يُقِيمَ لَهَا كَتَالَها أَي مَا يُصْلحها مِنْ عَيْشِهَا. والكَتَال: سُوءُ الْعَيْشِ. والأَكْتَل: الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الكَتَال، وَهُوَ سُوءُ الْعَيْشِ وَضِيقُهُ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
إِنّ بِهَا أَكْتَلَ، أَو رِزاما، ... خُوَيْرِبان يَنْقُفانِ الْهاما
قَالَ: ورِزام اسمُ الشَّدِيدَةُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ أَكْتَل ورِزام، قَالَ: وَلَيْسَا مِنْ أَسماء الشَّدَائِدِ إِنما هُمَا اسْمَا لِصَّين مِنْ لُصوص الْبَادِيَةِ، أَلا تَرَاهُ قَالَ خُوَيرِبان؟ يُقَالُ لِصّ خارِب، ويصغَّر فَيُقَالُ خُوَيرِب. وَرَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه أَنشده ذَلِكَ، قَالَ الْفَرَّاءُ: أَو هَاهُنَا بِمَعْنَى وَاوِ الْعَطْفِ، أَراد أَن بِهَا أَكتَلَ ورِزاماً، وَهُمَا خارِبان، وَبِذَلِكَ فَسَّرَ ابْنُ سِيدَهْ أَكْتَل ورِزاماً، وسيأْتي. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الصَّبْغاء: وارْمِ عَلَى أَقفائهم بمِكْتَل
؛ المِكْتَل هَاهُنَا مِنَ الأَكْتَل وَهِيَ شَدِيدَةٌ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ. والكَتالُ: سُوءُ العيش وضيق المؤونة والثِّقْل، وَيُرْوَى: بمِنْكَل، مِنَ النَّكال الْعُقُوبَةِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَرَّ فُلَانٌ يتَكَرَّى ويتَكَتَّل ويَتَقَلَّى إِذا مَرَّ مَرًّا سَرِيعًا. وَفُلَانٌ يَتَكَتَّل فِي مَشْيِهِ إِذا قَارَبَ فِي خَطْوِهِ كأَنه يَتَدَحْرَجُ. وَيُقَالُ لِلْحِمَارِ إِذا تمرَّغ فلزِق بِهِ التُّرَابُ: قَدْ كَتِل جلدُه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يشرَبُ مِنْهَا نَهَلاتٌ وثعلْ، ... وَفِي مراغٍ جلدُها مِنْهُ كَتلْ(11/582)
وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: كَاتَلَه اللَّهُ، بِمَعْنَى قَاتَلَهُ اللَّهُ. والتَّكَتُّل: ضرْب مِنَ الْمَشْيِ. ابْنُ سِيدَهْ: تَكَتَّلَ الرَّجُلُ فِي مِشْيَتِهِ وَهِيَ من مشي القصار الغلاظ. وَمَا كَتَلَكَ عنَّا أَي مَا حَبَسَكَ. والكَتِيلَة: النَّخْلَةُ الَّتِي فَاتَتِ اليَدَ، طَائِيَّةٌ، وَالْجَمْعُ الكَتَائِل؛ قَالَ:
قَدْ أَبصَرَتْ سُعْدَى بِهَا كَتَائِلِي، ... طَويلةَ الأَقْناءِ والعَثاكِلِ،
مِثْلَ العَذارى الخُرَّدِ العَطابِلِ
ابْنُ الأَعرابي: الكَتِيلَة النَّخْلَةُ الطَّوِيلَةُ، وَهِيَ العُلْبة والعَوانة والقِرْواح. النَّضْرُ: كُتُول الأَرض فَنَادِيرُها، وَهِيَ مَا أَشرف مِنْهَا؛ وأَنشد:
وتَيْماء تمشِي الريحُ فِيهَا رَدِيَّة، ... مَريضة لَوْنِ الأَرْض طُلْساً كُتولها
والمِكْتَل والمِكْتلة: الزَّبيل الَّذِي يحمَل فِيهِ التَّمْرُ أَو الْعِنَبُ إِلى الجَرين، وَقِيلَ: المِكْتَل شِبْهُ الزَّبيل يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا. وَفِي حَدِيثِ الظِّهار:
أَنه أُتِيَ بمِكْتَل مِنْ تَمْرٍ
؛ هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ: الزَّبيل الْكَبِيرُ كأَن فِيهِ كُتَلًا مِنَ التَّمْرِ أَي قِطعاً مُجْتَمِعَةً. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
فَخَرَجُوا بمَساحِيهم ومَكاتِلِهم.
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: «1» مِكْتَل غيره مِكْتَل بُرٍّ.
وَيُقَالُ: كَتِنَتْ جَحافِل الْخَيْلِ مِنَ العُشب وكَتِلَت، بِالنُّونِ وَاللَّامِ، إِذا لزِجَتْ. وكَتِل الشَّيْءُ، فَهُوَ كَتِل: تلزَّق وتلزَّج؛ قَالَ:
وَفِي مراغٍ جلدُها مِنْهُ كَتِلْ
قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ لَامُ كَتِل بَدَلًا مِنْ نُونِ كَتِنَ، وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والكُنْتَأْلُ، بِالضَّمِّ: الْقَصِيرُ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الكِتال المِراس. يُقَالُ: أَيَّ شَيْءٍ كاتَلْتَ مِنْ فُلَانٍ أَي مارَسْت؛ قَالَ ابْنُ الطَّثَريَّة:
أَقول، وَقَدْ أَيقَنْت أَنِّي مُواجه، ... مِنَ الصَّرْم، باباتٍ شَدِيدًا كِتالُها
وَهُوَ مَصْدَرُ كاتَلْت. والكِتَالُ أَيضاً: المؤونة؛ «2» ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدَ اوْصَيْتَ أَمسِ المُخْلَفين وَصِيَّة، ... قَلِيلًا على المُسْتَخْلَفِين كِتَالُها
والكَوَاتِل: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
خلالَ المَطايا يَتَّصِلنَ، وَقَدْ أَتت ... قِنانُ أُبَيْرٍ دُونَهَا والكَوَاتِل
وكُتْلة: مَوْضِعٌ بشِقّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِلَابٍ، وَقَالَ ابْنُ جَبَلة: هِيَ رَمْلَةٌ دُونَ الْيَمَامَةِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فكُتْلَةٌ فُرؤَامٌ مِنْ مَساكِنها، ... فمنتَهى السَّيْل مِنْ بَنْبان فالحُمَل
وكُتَيْل وأَكْتَل: اسْمَانِ؛ قَالَ:
إِنَّ بِهَا أَكْتَلَ، أَو رِزاما، ... خُوَيْرِبَينِ يَنْقُفان الْهَامَا «3» .
كثل: الأَزهري: أَما كَثل فأَصل بِنَاءِ الكَوْثَل وَهُوَ فَوْعَل، وَقَالَ اللَّيْثُ: الكَوْثَل مؤَخَّر السَّفِينَةِ، وَقَدْ يُشَدَّدُ فَيُقَالُ: كَوْثَلٌّ، وَفِي الكَوْثَل يَكُونُ المَلَّاحون ومَتاعُهم؛ وأَنشد:
__________
(1) . قوله [وفي حديث سعد إلى قوله بر] هكذا في الأصل
(2) . قوله [والكِتَال أَيضاً المؤونة] كذا بضبط الأصل بوزن كتاب كالذي قبله، وفي القاموس: الكِتَال كسحاب المؤونة
(3) . في صفحة 582 الخُوَيربان بدل الخُوَيربَين، ولكلَيهما وجه من الإعراب(11/583)
حَمَلْت فِي كَوْثَلِّها عَوِيقا «1»
. أَبو عَمْرٍو: المَرْنَحة صَدْر السَّفِينَةِ والدَّوْطِيرة كَوْثَلها، وَقِيلَ: الكَوْثَلُ السُّكَّان، أَبو عُبَيْدٍ: الخَيْزُرانةُ السُّكَّان، وَهُوَ الكَوْثَل؛ قَالَ الأَعشى:
مِنَ الخَوْفِ كَوْثَلُها يُلْتَزم
وكَوْثَلُ السُّلَمِيُّ: رَجُلٌ مَعْرُوفٌ، إِليه يُعْزَى سِبَاع بْنُ كَوْثَل أَحد شعرائهم.
كحل: الكُحْل: مَا يُكْتَحَلُ بِهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الكُحْل مَا وُضِع فِي الْعَيْنِ يُشتَفى بِهِ، كَحَلَها يَكْحَلها ويَكْحُلها كَحْلًا، فَهِيَ مَكْحُولة وكَحِيل، مِنْ أَعين كُحْلاء وكَحَائِل؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وكَحَّلَها، أَنشد ثَعْلَبٌ:
فمَا لَكَ بالسُّلْطان أَن تَحْمِل القَذَى ... جُفُونُ عُيون، بالقَذَى لَمْ تُكَحَّل
وَقَدِ اكْتَحَل وتَكَحَّل. والمِكْحَال: المِيلُ تُكَحَّلُ بِهِ الْعَيْنُ مِنَ المُكْحُلة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المِكْحَل والمِكْحَال الْآلَةُ الَّتِي يُكْتَحَل بِهَا؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: المِكْحَل والمِكْحال المُلْمُول الَّذِي يُكْتَحَل بِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا الفَتَى لَمْ يَرْكَب الأَهْوالا، ... وخالَفَ الأَعْمام والأَخْوالا
فأَعْطِهِ الْمِرْآةَ والمِكْحَالا، ... واسْعَ لَهُ وعُدَّه عِيَالا
وتَمَكْحَلَ الرَّجُلُ إِذا أَخذ مُكْحُلَة. والمُكْحُلَة: الوِعاء، أَحد مَا شذَّ مِمَّا يرتَفق بِهِ فَجَاءَ عَلَى مُفْعُل وَبَابُهُ مِفْعَل، وَنَظِيرُهُ المُدْهُن والمُسْعُط؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَيْسَ عَلَى الْمَكَانِ إِذ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ لفتح لأَنه من يَفْعُ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا كَانَ عَلَى مِفْعَل ومِفْعَلة مِمَّا يُعْمَلُ بِهِ فَهُوَ مَكْسُورُ الْمِيمِ مِثْلُ مِخْرَز ومِبْضَع ومِسَلَّة ومِزْرَعة ومِخْلاة، إِلا أَحرفاً جَاءَتْ نَوَادِرَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ وَهِيَ: مُسْعُط ومُنْخُل ومُدْهُن ومُكْحُلة ومُنْصُل؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي قَالَ وَهُوَ لِلَبِيدٍ فِيمَا زَعَمُوا:
كَمِيش الإِزار يَكْحُل الْعَيْنَ إِثْمداً، ... وَيَغْدُو عَلَيْنَا مُسْفِراً غيرَ واجِم
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَى يكْحُلُ الْعَيْنَ إِثْمداً أَنه يَرْكَبُ فَحْمَةَ اللَّيْلِ وَسَوَادَهُ. الأَزهري: الكَحَل مَصْدَرُ الأَكْحَل والكَحْلاء مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والكَحَل فِي العين أَن يَعْلُو مَنابت الأَسْفار سَوَادٌ مِثْلُ الكُحْل مِنْ غَيْرِ كَحْل، رَجُلٌ أَكْحَل بيِّن الكَحَل وكَحِيل وَقَدْ كَحِلَ، وَقِيلَ: الكَحَل فِي الْعَيْنِ أَن تَسْوَدَّ مَوَاضِعُ الكُحْل، وَقِيلَ: الكَحْلاء الشَّدِيدَةُ السَّوَادُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَرَاهَا كأَنها مَكْحولة وإِن لَمْ تُكْحَل؛ وأَنشد:
كأَنَّ بِهَا كُحْلًا وإِن لَمْ تُكَحَّل
الْفَرَّاءُ: يُقَالُ عَيْنٌ كَحِيلٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، أَي مَكْحولة.
وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي عَيْنِهِ كَحَل
؛ الكَحَل، بِفُتْحَتَيْنِ: سَوَادٌ فِي أَجفان الْعَيْنِ «2» خِلْقَةً. وَفِي حَدِيثِ أَهل الْجَنَّةِ:
جُرْد مُرْد كَحْلى
؛ كَحْلى: جَمْعُ كَحِيل مِثْلُ قَتِيلٍ وَقَتْلَى. وَفِي حَدِيثِ المُلاعَنة:
إِن جَاءَتْ بِهِ أَدْعَج أَكْحَل الْعَيْنَيْنِ.
والكَحْلاء مِنَ النِّعَاجِ: الْبَيْضَاءُ السَّوْدَاءُ الْعَيْنَيْنِ. وَجَاءَ مِنَ الْمَالِ بكُحْل عَيْنيْن
__________
(1) . قوله [عويقا] هكذا في الأصل
(2) . قوله [في أجفان العين] صوابه في أشفار العين كما في هامش الأصل(11/584)
أَي بِقَدْرِ مَا يَمْلَؤُهُمَا أَو يغَشِّي سَوَادَهُمَا. أَبو عُبَيْدٍ: وَيُقَالُ لِفُلَانٍ كُحْل وَلِفُلَانٍ سَواد أَي مَالٌ كَثِيرٌ. قَالَ: وَكَانَ الأَصمعي يتأَول فِي سَواد الْعِرَاقِ أَنه سُمِّيَ بِهِ لِلْكَثْرَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وأَما أَنا فأَحسبه للخُضْرة. وَيُقَالُ: مَضَى لِفُلَانٍ كُحْل أَي مَالٌ كَثِيرٌ. والكَحْلة: خَرَزَةٌ سَوْدَاءُ تُجْعَلُ عَلَى الصِّبْيَانِ. وَهِيَ خَرَزَةُ الْعَيْنِ وَالنَّفْسِ تُجْعَلُ مِنَ الْجِنِّ والإِنس، فِيهَا لَوْنَانِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ كالرُّبِّ والسَّمْن إِذا اخْتَلَطَا، وَقِيلَ: هِيَ خَرَزَةٌ تُستعطَف بِهَا الرِّجَالُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ خَرَزَةٌ تُؤخِّذ بِهَا النساءُ الرِّجَالَ. وكُحْل العُشْبِ: أَن يُرَى النَّبْتُ فِي الأُصول الْكِبَارِ وَفِي الْحَشِيشِ مخضَرّاً إِذا كَانَ قَدْ أُكل، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي العِضاه. واكْتَحَلَتِ الأَرض بالخُضْرة وكَحَّلَتْ وتَكَحَّلَتْ وأَكْحَلَتْ واكْحَالَّتْ: وَذَلِكَ حِينَ تُرِي أَوَّلَ خضرةِ النَّبَاتِ. والكَحْلاء: عُشْبة رَوْضِيَّة سَوْدَاءُ اللَّوْن ذَاتُ ورَق وقُضُب، وَلَهَا بُطون حُمْرٌ وعِرْق أَحمر يَنْبُتُ بنَجْد فِي أَحْويَةِ الرَّمْل. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكَحْلاء عُشْبة سُهْلية تنبُت عَلَى ساقٍ، وَلَهَا أَفْنان قَلِيلَةٌ ليِّنة وورَق كورَق الرَّيْحان اللِّطاف خضرٌ ووَرْدة نَاضِرَةٌ، لَا يَرْعَاهَا شَيْءٌ وَلَكِنَّهَا حَسَنَةُ المَنْظَر؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الكَحْلاء نَبْتٌ تَرْعَاهُ النَّحْلُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ فِي صفة النحل:
قُرْع الرُّؤوس لصَوْتها جَرْسٌ، ... فِي النَّبْع والكحْلاء والسِّدْر
والإِكْحَال والكَحْل: شدَّة المَحْل. يُقَالُ: أَصابهم كَحْل ومَحْل. وكَحْلُ: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ، تُصْرَفُ وَلَا تُصْرَفُ عَلَى مَا يَجِبُ فِي هَذَا الضرْب مِنَ الْمُؤَنَّثِ الْعَلَمِ؛ قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
قومٌ، إِذا صَرَّحت كَحْلٌ، بُيوتُهُمُ ... مأْوَى الضَّرِيكِ، ومأْوَى كلِّ قُرْضُوب
فأَجراه الشاعرُ لِحَاجَتِهِ إِلى إِجْرائه؛ القُرْضوب هَاهُنَا: الْفَقِيرُ. وَيُقَالُ: صرَّحت كَحْلُ إِذا لَمْ يَكُنْ فِي السَّمَاءِ غَيْم. وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ وأَبو حنيفة فيها الكَحْل، وبالأَلف وَاللَّامِ، وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لِلسَّنَةِ الْمُجْدِبَةِ كَحْل، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ لَا تَدْخُلُهَا الأَلف وَاللَّامُ. وكَحَلَتْهم السِّنون: أَصابتهم؛ قَالَ:
لَسْنا كأَقْوامٍ إِذا كَحَلَتْ ... إِحدى السِّنين، فَجارُهم تَمْرُ
يَقُولُ: يأْكلون جارَهم كَمَا يُؤْكَلُ التَّمْرِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كَحَلَت السنةُ تَكْحَل كَحْلًا إِذا اشتدَّت. الْفَرَّاءُ: اكْتَحَلَ الرَّجُلُ إِذا وَقَعَ بشدَّة بَعْدَ رَخَاءٍ. وَمِنْ أَمثالهم: بَاءَتْ عَرَارِ بِكَحْلٍ؛ إِذا قُتِل الْقَاتِلُ بِمَقْتُولِهِ. يُقَالُ: كَانَتَا بَقَرَتين فِي بَنِي إِسرائيل قُتلت إِحداهما بالأُخرى؛ قَالَ الأَزهري: مِنْ أَمثال الْعَرَبِ الْقَدِيمَةِ قَوْلُهُمْ فِي التَّسَاوِي: باءتْ عَرارِ بكَحْلٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَحْل اسْمُ بَقَرَةٍ بِمَنْزِلَةِ دَعْد، يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ، فَشَاهِدُ الصَّرْفِ قَوْلُ ابْنِ عَنْقَاءَ الْفَزَارِيِّ:
باءتْ عَرارٌ بكَحْلٍ والرِّفاق مَعًا، ... فَلَا تَمَنَّوْا أَمانيَّ الأَباطِيل
وَشَاهِدُ تَرْكِ الصَّرْفِ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ ذُبْيَانَ:
باءتْ عَرارِ بكَحْل فِيمَا بَيْنَنَا، ... والحقُّ يعرِفه ذَوُو الأَلباب
وكَحْلَةُ: مِنْ أَسماء السَّمَاءِ.
قَالَ الْفَارِسِيُّ: وتأَلَّهَ(11/585)
قَيْسُ بْنُ نُشْبة فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ مُنَجِّماً متفلسِفاً يُخْبِرُ بِمَبْعَثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بُعِثَ أَتاه قَيْسُ فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ مَا كَحْلة؟ فَقَالَ: السَّمَاءُ، فَقَالَ: مَا مَحْلة؟ فَقَالَ: الأَرض، فَقَالَ: أَشهد أَنك لَرَسُولُ اللَّهِ فإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنه لَا يَعْرِفُ هَذَا إِلَّا نَبِيٌّ
؛ وَقَدْ يُقَالُ لَهَا الكَحْل، قَالَ الأُموي: كَحْلٌ السَّمَاءُ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
إِذا مَا المراضِيعُ الخِماصُ تأَوَّهَتْ، ... وَلَمْ تَنْدَ مِنْ أَنْواءِ كَحْلٍ جَنُوبها
والأَكْحَل: عِرْق فِي الْيَدِ يُفْصَد، قَالَ: وَلَا يُقَالُ عِرْقُ الأَكْحَل. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يُقَالُ لَهُ النَّسا فِي الفخِذ، وَفِي الظَّهْرِ الأَبْهَرَ، وَقِيلَ: الأَكْحَل عِرْق الْحَيَاةِ يُدْعى نَهْرَ البدَن، وَفِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ شُعْبَةٌ لَهَا اسْمٌ عَلَى حِدَة، فإِذا قُطِعَ فِي الْيَدِ لَمْ يَرْقإِ الدمُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن سَعْدًا رُمِيَ فِي أَكْحَلَه
؛ الأَكْحَل: عِرْقٌ فِي وسط الذراع يَكْثُرُ فَصْدُهُ. والمِكْحالان: عَظْمَانِ شاخِصان مِمَّا يَلِي باطنَ الذِّرَاعَيْنِ مِنْ مَرْكِبِهِمَا، وَقِيلَ: هُمَا فِي أَسفل بَاطِنِ الذِّرَاعِ، وَقِيلَ: هُمَا عَظْما الوَرِكين مِنَ الْفَرَسِ. والكُحَيْل، مَبْنِيٌّ عَلَى التَّصْغِيرِ: الَّذِي تُطْلَى بِهِ الإِبل للجرَب، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا مصغَّراً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِثْلِ الكُحَيْل أَو عَقِيد الرُّبِ
قِيلَ: هُوَ النِّفْط والقَطِران، إِنما يُطْلَى بِهِ لِلدَّبَر والقِرْدان وأَشباه ذَلِكَ؛ قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: هَذَا مِنْ مَشْهُورِ غَلَطِ الأَصمعي لأَن النِّفْط لَا يُطْلَى بِهِ للجرَب وإِنما يُطْلَى بالقَطِران، وَلَيْسَ القَطِران مَخْصُوصًا بالدَّبَر والقِرْدان كَمَا ذَكَرَ؛ وَيُفْسِدُ ذَلِكَ قَوْلُ القَطِران الشَّاعِرِ:
أَنا القَطِران والشُّعَراءُ جَرْبى، ... وَفِي القَطِران للجَرْبى شِفاءُ
وَكَذَلِكَ قَوْلُ القُلَّاخ المِنْقَري:
إِني أَنا القَطِرانُ أَشْفي ذا الجَرَبْ
وكُحَيْلَةُ وكُحْل: موضعان.
كحثل: الكَحْثَلَة: عِظَم الْبَطْنِ.
كدل: قَالَ الأَزهري: أَهمله اللَّيْثُ، قَالَ: وَوَجَدْتُ أَنا فِيهِ بَيْتًا لتأَبَّط شَرًّا:
أَلا أَبلغا سَعْدَ بْنَ لَيْثٍ وجُنْدُعاً ... وكَلْباً: أَنيبوا المَنَّ غَيْرَ المُكَدَّل
وَقِيلَ: المُكَدَّل والمُكَدَّر وَاحِدٌ، وَاللَّامُ مبدلة من الراء.
كربل: كَرْبَلَ الشَّيْءَ: خَلَطَهُ. أَبو عَمْرٍو: كَرْبَلْت الطَّعَامَ كَرْبَلةً هذَّبته ونقَّيته مثل غَرْبَلْته؛ وأَنشد فِي صِفَةِ حِنْطَةَ:
يَحْمِلْنَ حمراءَ رَسُوباً بالنَّقَلْ، ... قَدْ غُرْبِلَتْ وكُرْبِلَتْ مِنَ القَصَلْ
والكِرْبالُ: المِنْدَف الَّذِي يُنْدَف بِهِ القُطْن؛ وأَنشد الشَّيْبَانِيُّ:
تَرْمي اللُّغامَ عَلَى هَامَاتِهَا قَزَعاً، ... كالبِرْس طَيَّره ضرْبُ الكَرَابِيلِ
والكَرْبَلَة: رَخاوة فِي القَدَمين. يُقَالُ: جَاءَ يَمْشِي مُكَرْبِلًا أَي كأَنه يَمْشِي فِي طِينٍ. وكَرْبَل: اسْمُ نَبْتٍ، وَقِيلَ: إِنه الحُمَّاض، قَالَ أَبو وَجْزَةَ يَصِفُ عُهُون الهَوْدج:(11/586)
وثامِرُ كَرْبَلٍ وعَمِيمُ دِفْلى ... عَلَيْهَا، والنَّدَى سَبِط يَمُور
والكَرْبَل: نَبْتٌ لَهُ نَوْر أَحمر مشرِق؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
كأَنَّ جَنى الدِّفْلى يُغَشِّي خُدورَها، ... ونُوَّارُ ضاحٍ مِنْ خُزامى وكَرْبَل
وكَرْبَلاء: اسْمُ مَوْضِعٍ وَبِهَا قَبْرُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ؛ قَالَ كثيِّر:
فَسِبْطٌ سِبْطُ إِيمان وبِرٍّ، ... وسِبْطٌ غَيَّبَته كَرْبَلاء
كسل: اللَّيْثُ: الكَسَل التَّثاقُل عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يُتَثاقَل عَنْهُ، وَالْفِعْلُ كَسِلَ وأَكْسَلَ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِلْعَجَّاجِ:
أَظَنَّتِ الدَّهْنا وظَنَّ مِسْحَلُ ... أَن الأَميرَ بالقَضاء يَعْجَلُ
عَنْ كَسَلاتي، والحِصان يُكْسِلُ ... عَنِ السِّفادِ، وَهُوَ طِرْفٌ هَيْكَلُ؟
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَسَمِعْتُ رؤْبة يُنْشِدُهَا: فَالْجَوَادُ يُكْسِل؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ غَيْرَهُ مِنْ رَبِيعَةِ الجُوعِ يَرْوِيهِ: يَكْسَل، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَمَنْ رَوَى يَكْسَل فَمَعْنَاهُ يثقُل، وَمَنْ رَوَى يُكْسِل فَمَعْنَاهُ تَنْقَطِعُ شَهْوَتُهُ عِنْدَ الْجِمَاعِ قَبْلَ أَن يَصِلَ إِلى حَاجَتِهِ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ أَيضاً:
قَدْ ذَادَ لَا يَسْتَكْسِل المَكاسِلا
أَراد بالمَكاسِل الكَسَل أَي لَا يَكْسَل كَسَلًا. الْمُحْكَمُ: الكَسَل التثاقُل عَنِ الشَّيْءِ والفُتور فِيهِ؛ كَسِلَ عَنْهُ، بِالْكَسْرِ، كَسَلًا، فَهُوَ كَسِلٌ وكَسْلان وَالْجَمْعُ كَسَالَى وكُسَالَى وكَسْلى. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وإِن شِئْتَ كَسَرْتَ اللَّامَ كَمَا قُلْنَا فِي الصَّحارِي، والأُنثى كَسِلَة وكَسْلَى وكَسْلانة وكَسُول ومِكْسَال. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا تُكْسِله المَكاسِل؛ يَقُولُ: لَا تُثْقِلُه وُجُوهُ الكَسَل. والمِكْسَال والكَسُول: الَّتِي لَا تَكَادُ تبرَح مجلسَها، وَهُوَ مدحٌ لَهَا مِثْلُ نَؤوم الضُّحَى، وَقَدْ أَكْسَلَه الأَمر. وأَكْسَلَ الرجلُ: عَزَل فَلَمْ يُرِدْ وَلَدًا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُعَالِجَ فَلَا يُنزل، وَيُقَالُ فِي فَحْلِ الإِبل أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ
أَن رَجُلًا سأَل النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إِن أَحدنا يُجَامِعُ فيُكْسِل
؛ مَعْنَاهُ أَنه يفتُرُ ذكَرُه قَبْلَ الإِنزال وَبَعْدَ الإِيلاج وَعَلَيْهِ الْغَسْلُ إِذا فَعَلَ ذَلِكَ لِالْتِقَاءِ الخِتانين. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ فِي الإِكْسَال إِلا الطَّهُور
؛ أَكْسَلَ إِذا جَامَعَ ثُمَّ لَحِقه فُتور فَلَمْ يُنْزِل، وَمَعْنَاهُ صَارَ ذَا كَسَل، قَالَ ابْنُ الأَثير: لَيْسَ فِي الإِكْسَال غُسْل وإِنما فِيهِ الْوُضُوءُ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رأَى أَن الْغُسْلَ لَا يَجِبُ إِلا مِنَ الإِنزال، وَهُوَ مَنْسُوخٌ، والطَّهور هاهنا يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَيُرَادُ بِهِ التَّطَهُّرُ، وَقَدْ أَثبت سِيبَوَيْهِ الطَّهور والوَضوء والوَقود، بِالْفَتْحِ، فِي الْمَصَادِرِ. وكَسِلَ الفحلُ وأَكْسَلَ: فَدَر؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
أَإِن كَسِلْتُ والجَواد يَكْسَلُ
فَجَاءَ بِهِ عَلَى فَعِلْت، ذَهَبَ بِهِ إِلى الدّاءِ لأَن عَامَّةَ أَفعال الدَّاءِ عَلَى فَعِلْت. والكِسْل: وَتَرُ المِنْفَحة، والمِنْفَحة: الْقَوْسُ الَّتِي يُنْدَف بِهَا القُطْن؛ قَالَ:
وأَبْغِ لِي مِنْفَحةً وكِسْلا
ابْنُ الأَعرابي: الكِسْل وتَر قَوْسِ الندَّاف إِذا نُزِعَ(11/587)
مِنْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: المِكْسَل وَتَرُ قَوْسِ النَّدَّافِ إِذا خُلِعَ مِنْهَا. والكَوْسَلة: الحَوْثَرَة وَهِيَ رأْس الأُذَافِ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ حَوْثَرة، وَفِي تَرْجَمَةِ كَسَلَ: الكَوْسَلة، بِالسِّينِ فِي الفَيْشة وَلَعَلَّ الشِّينَ فِيهَا لُغَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كَشَل أَيضاً مُبَيَّنًا.
كسطل: الكَسْطَل والكَسْطال: الغُبار، والأَعرف بالقاف.
كشل: الكَوْشَلة: الفَيْشَلة الْعَظِيمَةُ الضَّخْمَةُ، وَهُوَ الكَوْش والفَيْش أَيضاً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الكَوْسَلة، بِالسِّينِ فِي الفَيْشة وَلَعَلَّ الشِّينَ فِيهَا لُغَةٌ، فإِن الشِّينَ عَاقَبَتِ السِّينَ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ مِثْلِ رَسْم ورَشْم، وسَمَّر وشَمَّر، وسَمَّت وشَمَّت، والسُّدْفة والشُّدْفة.
كعل: الكَعْل مِنَ الرِّجَالِ: الْقَصِيرُ الأَسود؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
وأَصبحَتْ لَيْلَى لَهَا زَوُج قَذِرْ، ... كَعْلٌ تَغَشَّاه سَوادٌ وقِصَرْ
والكَعْل: الرَّجِيع مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حِينَ يَضَعه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والكَعْل: مَا يَتَعَلَّقُ بخُصَى الكِباش من الوَذَح.
كعثل: الكَعْثَلة: الثَّقِيلُ مِنَ العَدْو.
كعطل: كَعْطَلَ كَعْطَلَةً: عَدَا عدْواً شَدِيدًا، وَقِيلَ: عَدَا عَدْوًا بَطِيئًا، وشَدٌّ كَعْطَل، منه.
كعظل: الكَعْظَلة: عدوٌ بطيءٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
لَا يُدْرك الفَوْت بشَدٍّ كَعْظَلِ، ... إِلَّا بإِجْذامِ النَّجا المُعَجَّلِ
وَالْمَعْرُوفُ عَنْ يَعْقُوبَ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ. وكَعْظَل يُكَعْظِل إِذا عَدَا عَدْوًا شَدِيدًا.
كفل: الكَفَل، بِالتَّحْرِيكِ: العجُز، وَقِيلَ: رِدْفُ العجُز، وَقِيلَ: القَطَن يَكُونُ للإِنسان وَالدَّابَّةِ، وإِنها لعَجْزاءُ الكَفَل، وَالْجَمْعُ أَكْفَال، وَلَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فِعْلٌ وَلَا صِفَةٌ. والكِفْل: مِنْ مَرَاكِبِ الرِّجَالِ وَهُوَ كِسَاءٌ يؤْخذ فيعقَد طَرَفَاهُ ثُمَّ يُلقَى مقدَّمه عَلَى الكاهِل ومؤخَّره مِمَّا يَلِي العجُز، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ مُسْتَدِيرٌ يُتخذ مِنْ خِرَقٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ وَيُوضَعُ عَلَى سَنام الْبَعِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي رَافِعٍ قَالَ: ذَاكَ كِفْل الشَّيْطَانِ
، يَعْنِي معقده. واكْتَفَلَ البعيرَ: جَعَلَ عَلَيْهِ كِفْلًا. الْجَوْهَرِيُّ: والكِفْل مَا اكتفَل بِهِ الرَّاكِبُ وَهُوَ أَن يُدار الْكِسَاءُ حَوْلَ سَنَامِ الْبَعِيرِ ثُمَّ يَرْكَبُ. والكِفْل: كِسَاءٌ يُجْعَلُ تَحْتَ الرحْل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وإِن أَخَّرْت فالكِفْل ناجزُ
وَقَالَ أَبو ذؤَيب:
عَلَى جَسْرةٍ مرفوعةِ الذَّيْلِ والكِفْلِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
تُعْجِل شَدَّ الأَعْبَلِ المَكافِلا
فَسَّرَهُ فَقَالَ: وَاحِدُ المَكافِلِ مُكْتَفَل، وَهُوَ الكِفْل مِنَ الأَكسية. ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ قَدْ تَكَفَّلْتُ بِالشَّيْءِ: مَعْنَاهُ قَدْ أَلزمته نَفْسِي وأَزلت عَنْهُ الضَّيْعَة والذهابَ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الكِفْل، والكِفْل: مَا يَحْفَظُ الرَّاكِبَ مِنْ خَلْفِهِ. والكِفْل: النَّصِيبُ مأْخوذ مِنْ هَذَا. أَبو الدُّقَيْشِ: اكْتَفَلْت بِكَذَا إِذا ولَّيْتَه كَفَلَكَ، قَالَ: وَهُوَ الافْتِعال؛ وأَنشد:(11/588)
قَدِ اكتَفَلَتْ بالحَزْنِ، واعْوَجَّ دُونَهَا ... ضَواربُ مِنْ خَفَّان تَجْتابُه سَدْرا
وَفِي حَدِيثِ
إِبراهيم: لَا تَشْرَبْ مِنْ ثُلْمة الإِناء وَلَا عُرْوَته فإِنها كِفْل الشَّيْطَانِ
أَي مَرْكَبُه لِمَا يَكُونُ مِنَ الأَوْساخ، كَرِه إِبراهيم ذَلِكَ. والكِفْل: أَصله المركَب فإِنَّ آذانَ العُرْوة والثُّلْمةَ مَرْكَبُ الشَّيْطَانِ. والكِفْل مِنَ الرِّجال: الَّذِي يَكُونُ فِي مؤخَّر الْحَرْبِ إِنما همَّته فِي التأَخر والفِرار. والكِفْل: الَّذِي لَا يُثْبَتُ عَلَى ظُهُورِ الْخَيْلِ؛ قَالَ الجَحَّاف بْنُ حَكِيمٍ:
والتَّغْلَبيّ عَلَى الجَواد غنيمةٌ، ... كِفْلُ الفُروسة دائمُ الإِعْصام
وَالْجَمْعُ أَكْفال؛ قَالَ الأَعشى يَمْدَحُ قَوْمًا:
غيرُ مِيلٍ وَلَا عَوَاوِيرَ فِي الهيْجا، ... ولا غُزَّلٍ وَلَا أَكْفَال
وَالِاسْمُ الكُفولَة، وَهُوَ الكفِيل. وَفِي التَّهْذِيبِ: الكِفْل الَّذِي لَا يُثْبَتُ عَلَى مَتْن الْفَرَسِ، وَجَمْعُهُ أَكْفال؛ وأَنشد:
مَا كنتَ تَلْقَى فِي الحُروب فَوَارِسي ... مِيلًا، إِذا رَكِبوا، وَلَا أَكْفَالا
وَهُوَ بيِّن الكُفولة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ذَكَرَ فِتْنَةً فَقَالَ: إِني كَائِنٌ فِيهَا كالكِفْل آخُذُ مَا أَعرِف وأَترك مَا أُنْكِر
؛ قِيلَ: هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ الْحَرْبِ هِمَّتُهُ الفِرار، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوبِ وَالنُّهُوضِ فِي شَيْءٍ فَهُوَ لَازِمُ بَيْتِهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والكِفْل الَّذِي لَا يُثْبَتُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ. والكِفْل: الحَظُّ والضِّعف مِنَ الأَجر والإِثم، وَعَمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَيُقَالُ لَهُ: كِفْلان مِنَ الأَجر، وَلَا يُقَالُ: هَذَا كِفْل فُلَانٍ حَتَّى تَكُونَ قَدْ هيَّأْت لِغَيْرِهِ مِثْلَهُ كَالنَّصِيبِ، فإِذا أَفردت فَلَا تَقُلْ كِفْل وَلَا نَصِيبٌ. والكِفْل أَيضاً: المِثْل. وَفِي التَّنْزِيلِ: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ يؤْتكم ضِعْفَين، وَقِيلَ: مِثْلين؛ وَفِيهِ: وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الكِفْل الْحَظُّ، وَقِيلَ: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ
أَي حَظَّين، وَقِيلَ ضِعْفين. وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ:
لَهُ كِفْلان مِنَ الأَجر
؛ الكِفْل، بِالْكَسْرِ: الْحَظُّ وَالنَّصِيبُ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: وعَمَدْنا إِلى أَعظم كِفْل.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الكِفْل فِي اللُّغَةِ النَّصِيبُ أُخذ مِنْ قَوْلِهِمُ اكْتَفَلْت الْبَعِيرَ إِذا أَدرْتَ عَلَى سَنامه أَو عَلَى مَوْضِعٍ مِنْ ظَهْرِهِ كِساء وَرَكِبْتَ عَلَيْهِ، وإِنما قِيلَ لَهُ كِفْل؛ وَقِيلَ: اكْتَفَلَ البعيرَ لأَنه لَمْ يَسْتَعْمِلِ الظَّهْرَ كُلَّهُ إِنما اسْتَعْمَلَ نَصِيبًا مِنَ الظَّهْرِ. وَفِي حَدِيثِ مَجيء الْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ:
وعياشُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ وسلمةُ بْنُ هِشَامٍ مُتَكَفِّلان عَلَى بَعِيرٍ.
يُقَالُ: تَكَفَّلْت الْبَعِيرَ واكْتَفَلْته إِذا أَدرت حَوْلَ سَنَامِهِ كِساء ثُمَّ رَكِبْتَهُ، وَذَلِكَ الكِساء الكِفْل، بِالْكَسْرِ. والكافِل: العائِل، كَفَلَه يَكْفُله وكَفَّلَه إِيّاه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
وكَفَلَها زَكَرِيَّا
؛ وَقَدْ قُرِئَتْ بِالتَّثْقِيلِ وَنَصْبِ زَكَرِيَّا، وَذَكَرَ الأَخفش أَنه قُرِئَ:
وكَفِلَها زَكَرِيَّا
، بِكَسْرِ الفاء. وفي الحديث:
أَنه وكَافِل الْيَتِيمِ كهاتَيْن فِي الْجَنَّةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ
؛ والكافِل: الْقَائِمُ بأَمر الْيَتِيمِ المربِّي لَهُ، وَهُوَ مِنَ الكَفِيل الضَّمِينِ، وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ وَلِغَيْرِهِ رَاجِعٌ إِلى الكافِل أَي أَن الْيَتِيمَ سَوَاءٌ كَانَ الكافِل مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ وأَنسابه أَو كَانَ أَجنبيّاً لِغَيْرِهِ تكفَّل بِهِ، وَقَوْلُهُ كَهَاتَيْنِ إِشارة إِلى إِصبعيه السبَّابة وَالْوُسْطَى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الرَّابُّ كافِلٌ
؛ الرَّابُّ: زَوْجُ أُمِّ الْيَتِيمِ لأَنه يكفُل تَرْبِيَتَهُ(11/589)
وَيَقُومُ بأَمره مَعَ أُمه. وَفِي حَدِيثِ وَفْد هَوازِن:
وأَنت خَيِّرُ المَكْفُولين
، يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَي خَيْرُ مَنْ كُفِل فِي صِغَرِهِ وأُرْضِعَ ورُبِّيَ حَتَّى نشأَ، وَكَانَ مُسْتَرْضَعاً فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. والكَافِل والكَفِيل: الضَّامِنُ، والأُنثى كَفِيل أَيضاً، وَجَمْعُ الكَافِل كُفَّل، وَجَمْعُ الكَفيل كُفَلاء، وَقَدْ يُقَالُ لِلْجَمْعِ كَفِيل كَمَا قِيلَ فِي الْجَمْعِ صَدِيق. وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا
، أَي ضمَّنها إِياه حَتَّى تكفَّل بِحَضَانَتِهَا، وَمَنْ قرأَ:
وكَفَلَها زَكَرِيَّا
، فَالْمَعْنَى ضمِن الْقِيَامَ بأَمرها. وكَفَلَ المالَ وبالمالِ: ضَمِنه. وكَفَلَ بِالرَّجُلِ «3» يَكْفُلُ ويَكْفِلُ كَفْلًا وكُفُولًا وكَفَالَةً وكَفُلَ وكَفِلَ وتَكَفَّلَ بِهِ، كُلُّهُ: ضمِنه. وأَكْفَلَه إِياه وكَفَّلَه: ضمَّنه، وكَفَلْت عَنْهُ بِالْمَالِ لِغَرِيمِهِ وتَكَفَّلَ بِدَيْنِهِ تَكَفُّلًا. أَبو زَيْدٍ: أَكْفَلْت فُلَانًا المالَ إِكْفالًا إِذا ضمَّنته إِياه، وكَفَلَ هُوَ بِهِ كُفُولًا وكَفْلًا، والتَّكْفِيل مِثْلُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ
؛ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ اجْعَلْنِي أَنا أَكْفُلُها وَانْزِلْ أَنت عَنْهَا. ابْنُ الأَعرابي: كَفِيلٌ وكافِل وضَمِين وضامِن بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ التَّهْذِيبُ: وأَما الكَافِل فَهُوَ الَّذِي كَفَل إِنساناً يَعُوله ويُنْفِقُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرَّبِيب كَافِلٌ
، وَهُوَ زَوْجُ أُمّ الْيَتِيمِ كأَنه كَفَل نَفَقَةَ الْيَتِيمِ. والمُكافِل: المُجاوِر المُحالِف، وَهُوَ أَيضاً المُعاقِد الْمُعَاهِدُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد بَيْتَ خِدَاش بْنُ زُهَير:
إِذا مَا أَصاب الغَيْثُ لَمْ يَرْعَ غيْثَهم، ... مِنَ النَّاسِ، إِلا مُحْرِم أَو مُكَافِل
المُحْرِم: المُسالِم، والمُكافِل: المُعاقد المُحالف، والكَفِيل مِنْ هَذَا أُخِذ. والكِفْل والكَفِيل: المِثْل؛ يُقَالُ: مَا لِفُلَانٍ كِفْل أَي مَا لَهُ مِثْلٌ؛ قَالَ عَمْرُو بن الحرث:
يَعْلو بِهَا ظَهْرَ الْبَعِيرِ، وَلَمْ ... يوجَدْ لَهَا، فِي قَوْمِهَا، كِفْل
كأَنه بِمَعْنَى مِثْلٍ. قَالَ الأَزهري: والضِّعْف يَكُونُ بِمَعْنَى المِثْل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لرجلٍ: لَكَ كِفْلان مِنَ الأَجر
أَي مِثْلَانِ. والكِفْل: النَّصِيبُ والجُزْء؛ يُقَالُ: لَهُ كِفْلان أَي جزءَان ونَصيبان. والكافِل: الَّذِي لَا يأْكل، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَصِل الصِّيَامَ، وَالْجَمْعُ كُفَّل. وكَفَلْت كَفْلًا أَي واصَلْت الصَّوْمَ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ إِبلًا بقلَّة الشُّرْبِ:
يلُذْنَ بأَعْقارِ الحِياضِ، كأَنها ... نساءُ النَّصَارَى أَصبحتْ، وَهِيَ كُفَّل
قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ: هُوَ مِنَ الضَّمَانِ أَي قَدْ ضَمِنَّ الصَّوْمَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُعْجِبُنِي. وَذُو الكِفْل: اسْمُ نَبِيٍّ مِنَ الأَنبياء، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجمعين، وَهُوَ مِنَ الكَفالة، سُمِّيَ ذَا الكِفْل لأَنه كَفَل بِمِائَةِ رَكْعَةٍ كُلَّ يَوْمٍ فَوَفَى بِمَا كَفَل، وَقِيلَ: لأَنه كَانَ يَلْبَسُ كِسَاءً كالكفْل، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِن ذَا الكِفْل سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ لأَنه تكفَّل بأَمر نَبِيٍّ فِي أُمته فَقَامَ بِمَا يَجِبُ فِيهِمْ، وَقِيلَ: تكفَّل بِعَمَلِ رَجُلٍ صَالِحٍ فقام به.
كلل: الكُلُّ: اسْمٌ يَجْمَعُ الأَجزاء، يُقَالُ: كلُّهم منطلِق وكُلُّهن مُنْطَلِقَةٌ وَمُنْطَلِقٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ
__________
(3) . قوله [وكَفَلَ بالرجل إلخ] عبارة القاموس: وقد كَفلَ بالرجل كضرب ونصر وكرم وعلم(11/590)
سَوَاءٌ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: كُلَّتُهُنَّ منطلِقةٌ، وَقَالَ: العالِمُ كلُّ العالِم، يُرِيدُ بِذَلِكَ التَّناهي وأَنه قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِيمَا يَصِفُهُ بِهِ مِنَ الْخِصَالِ. وَقَوْلُهُمْ: أَخذت كُلَّ الْمَالِ وَضَرَبْتُ كلَّ الْقَوْمِ، فَلَيْسَ الكلُّ هُوَ مَا أُضيف إِليه. قَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ السِّيرَافِيِّ: إِنما الكلُّ عِبَارَةٌ عَنْ أَجزاء الشَّيْءِ، فَكَمَا جَازَ أَن يُضَافَ الْجُزْءُ إِلى الْجُمْلَةِ جَازَ أَن تُضَافَ الأَجزاء كُلُّهَا إِليها، فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ
وكُلٌّ لَهُ قانِتُونَ*
، فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ، وكأَنه إِنما حُمِلَ عَلَيْهِ هُنَا لأَن كُلًّا فِيهِ غَيْرُ مُضَافَةٍ، فَلَمَّا لَمْ تُضَفْ إِلى جَمَاعَةٍ عُوِّض مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ الْجَمَاعَةِ فِي الْخَبَرِ، أَلا تَرَى أَنه لَوْ قَالَ: لَهُ قانِتٌ، لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَفْظُ الْجَمْعِ البتَّة؟ وَلَمَّا قَالَ سُبْحَانَهُ: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً
، فَجَاءَ بِلَفْظِ الْجَمَاعَةِ مُضَافًا إِليها، اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْجَمَاعَةِ فِي الْخَبَرِ؟ الْجَوْهَرِيُّ: كُلٌّ لَفْظُهُ وَاحِدٌ وَمَعْنَاهُ جَمْعٌ، قَالَ: فَعَلَى هَذَا تَقُولُ كُلٌّ حَضَرَ وكُلٌّ حَضَرُوا، عَلَى اللَّفْظِ مَرَّةً وَعَلَى الْمَعْنَى أُخرى، وكُلٌّ وَبَعْضٌ مَعْرِفَتَانِ، وَلَمْ يجئْ عَنِ الْعَرَبِ بالأَلف وَاللَّامِ، وَهُوَ جَائِزٌ لأَن فِيهِمَا مَعْنَى الإِضافة، أَضفت أَو لَمْ تُضِف. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِمْ كِلا الرَّجُلَيْنِ إِن اشْتِقَاقَهُ مِنْ كُلّ الْقَوْمِ، وَلَكِنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ، بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهل اللُّغَةِ: لَا تَجْعَلُ كُلًّا مِنْ بَابِ كِلا وكِلْتا وَاجْعَلْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ، قَالَ: وأَنا مُفَسِّرٌ كِلَا وَكِلْتَا فِي الثُّلَاثِيِّ المعتلِّ، إِن شَاءَ اللَّهُ؛ قَالَ: وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِيمَا أَفادني عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ: تَقَعُ كُلٌّ عَلَى اسْمٍ مَنْكُورٍ موحَّد فَتُؤَدِّي مَعْنَى الْجَمَاعَةِ كَقَوْلِهِمْ: مَا كُلُّ بَيْضَاءَ شَحْمةً وَلَا كُلُّ سَوْداء تَمْرَةً، وتمرةٌ جَائِزٌ أَيضاً، إِذا كَرَّرْتَ مَا فِي الإِضمار. وَسُئِلَ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*
، وَعَنْ تَوْكِيدِهِ بِكُلِّهِمْ ثُمَّ بأَجمعون فَقَالَ: لَمَّا كَانَتْ كُلُّهُمْ تَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ تَكُونُ مَرَّةً اسْمًا ومرة توكيداً جاء بالتوكيد الَّذِي لَا يَكُونُ إِلا تَوْكِيدًا حَسْب؛ وَسُئِلَ الْمُبَرِّدُ عَنْهَا فَقَالَ: لَوْ جَاءَتْ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ* احْتَمَلَ أَن يَكُونَ سَجَدَ بَعْضُهُمْ، فَجَاءَ بِقَوْلِهِ كُلُّهُمْ* لإِحاطة الأَجزاء، فَقِيلَ لَهُ: فأَجمعون؟ فَقَالَ: لَوْ جَاءَتْ كُلُّهُمْ لَاحْتَمَلَ أَن يَكُونَ سَجَدُوا كُلُّهُمْ فِي أَوقات مُخْتَلِفَاتٍ، فَجَاءَتْ أَجمعون لِتَدُلَّ أَن السُّجُودَ كَانَ مِنْهُمْ كلِّهم فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَدَخَلَتْ كُلُّهُمْ للإِحاطة وَدَخَلَتْ أَجمعون لِسُرْعَةِ الطَّاعَةِ. وكَلَّ يَكِلُّ كَلًّا وكَلالًا وكَلالة؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: أَعْيا. وكَلَلْت مِنَ الْمَشْيِ أَكِلُّ كَلالًا وكَلالة أَي أَعْيَيْت، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ إِذا أَعيا. وأَكَلَّ الرجلُ بعيرَه أَي أَعياه. وأَكَلَّ الرجلُ أَيضاً أَي كَلَّ بعيرُه. ابْنُ سِيدَهْ: أَكَلَّه السيرُ وأَكَلَّ القومُ كَلَّت إِبلُهم. والكَلُّ: قَفَا السَّيْفِ والسِّكِّين الَّذِي لَيْسَ بحادٍّ. وكَلَّ السيفُ والبصرُ وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّيْءِ الْحَدِيدِ يَكِلُّ كَلًّا وكِلَّة وكَلالة وكُلُولة وكُلولًا وكَلَّل، فَهُوَ كَلِيل وكَلٌّ: لَمْ يَقْطَعْ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الكُلول قَوْلَ سَاعِدَةَ:
لِشَانِيك الضَّراعةُ والكُلُولُ
قَالَ: وَشَاهِدُ الكِلَّة قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:
وذُو البَثِّ فِيهِ كِلَّةٌ وخُشوع
وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
فَمَا زِلْت أَرى حَدَّهم كَلِيلًا
؛ كَلَّ السيفُ: لَمْ يَقْطَعْ. وطرْف كَلِيل إِذا لَمْ يحقِّق الْمَنْظُورَ. اللِّحْيَانِيُّ: انْكَلَّ السَّيْفُ ذَهَبَ حدُّه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَلَّ بصرُه كُلولًا نَبَا، وأَكلَّه الْبُكَاءُ وَكَذَلِكَ اللِّسَانُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كُلُّهَا سَوَاءٌ فِي الْفِعْلِ وَالْمَصْدَرِ؛ وَقَوْلُ الأَسود بْنِ يَعْفُر:(11/591)
بأَظفارٍ لَهُ حُجْنٍ طِوالٍ، ... وأَنيابٍ له كَانَتْ كِلالا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ كالٍّ كَجَائِعٍ وجِياع وَنَائِمٍ ونِيام، وأَن يَكُونَ جَمْعَ كَلِيل كَشَدِيدٍ وشِداد وحَديد وحِداد. اللَّيْثُ: الكَلِيل السَّيْفُ الَّذِي لَا حدَّ لَهُ. وَلِسَانٌ كَلِيل: ذُو كَلالة وكِلَّة، وَسَيْفٌ كَلِيل الحدِّ، وَرَجُلٌ كَلِيل اللِّسَانِ، وكَلِيل الطرْف. قَالَ: وَنَاسٌ يَجْعَلُونَ كَلَّاءَ للبَصْرة اسْمًا مِنْ كَلَّ، عَلَى فَعْلاء، وَلَا يَصْرِفُونَهُ، وَالْمَعْنَى أَنه مَوْضِعٌ تَكِلُّ فِيهِ الريحُ عَنْ عمَلها فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مُشْتَبِهِ الأَعْلامِ لَمَّاعِ الخَفَقْ، ... يكِلُّ وَفْد الرِّيحِ مِنْ حَيْثُ انْخَرَقْ
والكَلُّ: الْمُصِيبَةُ تحدث، والأَصل مِنْ كَلَّ عَنْهُ أَي نَبَا وضعُف. والكَلالة: الرَّجُلُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الكَلُّ الرَّجُلُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ، كَلَّ الرَّجُلُ يَكِلُّ كَلالة، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَكُنْ مِنَ النَّسَبِ لَحًّا فَهُوَ كَلالةٌ. وَقَالُوا: هُوَ ابْنُ عمِّ الكَلالَةِ، وابنُ عمِّ كَلالةٍ وكَلالةٌ، وَابْنُ عَمِّي كَلالةً، وَقِيلَ: الكَلالَةُ مِنْ تَكَلَّل نسبُه بِنَسَبِكَ كَابْنِ الْعَمِّ وَمَنْ أَشبهه، وَقِيلَ: هُمُ الإِخْوة للأُمّ وَهُوَ الْمُسْتَعْمَلُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الكَلالة مِنَ العصَبة مَنْ ورِث مَعَهُ الإِخوة مِنَ الأُم، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَمْ يَرِثه كَلالةً أَي لَمْ يَرِثْهُ عَنْ عُرُض بَلْ عَنْ قرْب وَاسْتِحْقَاقٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ورِثْتم قَناةَ المُلْك، غيرَ كَلالةٍ، ... عَنِ ابْنَيْ مَنافٍ: عبدِ شمسٍ وَهَاشِمِ
ابْنُ الأَعرابي: الكَلالةُ بَنُو الْعَمِّ الأَباعد. وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: مَالِي كثيرٌ ويَرِثُني كَلالة مُتَرَاخٍ نسبُهم؛ وَيُقَالُ: هُوَ مَصْدَرٌ مِنْ تكَلَّله النسبُ أَي تطرَّفه كأَنه أَخذ طَرَفيه مِنْ جِهَةِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْهُمَا أَحد، فَسُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً
(الْآيَةَ) ؛ وَاخْتَلَفَ أَهل الْعَرَبِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ الكَلالة فَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَنه قَالَ: الكَلالة كُلُّ مَنْ لَمْ يرِثه وَلَدٌ أَو أَب أَو أَخ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ قَالَ الأَخفش: وَقَالَ الْفَرَّاءُ الكَلالة مِنَ الْقَرَابَةِ مَا خلا الوالد والولد، سموا كَلالة لِاسْتِدَارَتِهِمْ بِنَسَبِ الْمَيِّتِ الأَقرب، فالأَقرب مِنْ تكَلله النَّسَبُ إِذا اسْتَدَارَ بِهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً يَقُولُ الكَلالة مَنْ سَقَطَ عَنْهُ طَرَفاه، وَهُمَا أَبوه وَوَلَدُهُ، فَصَارَ كَلًّا وكَلالة أَي عِيالًا عَلَى الأَصل، يَقُولُ: سَقَطَ مِنَ الطَّرَفين فَصَارَ عِيالًا عَلَيْهِمْ؛ قَالَ: كَتَبْتُهُ حِفْظًا عَنْهُ؛
قَالَ الأَزهري: وَحَدِيثُ جَابِرٍ يُفَسِّرُ لَكَ الكَلالة وأَنه الوارِث لأَنه يَقُولُ مَرِضْت مَرَضًا أَشفيت مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فأَتيت النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِني رَجُلٌ ليس يرثني إِلا كَلالةٌ
؛ أَراد أَنه لَا وَالِدَ لَهُ وَلَا وَلَدَ، فَذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الكَلالة فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فِي مَوْضِعَيْنِ، أَحدهما قَوْلُهُ: وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
؛ فَقَوْلُهُ يُورَثُ مِنْ وُرِث يُورَث لَا مِنْ أُورِث يُورَث، وَنَصَبَ كَلالة عَلَى الْحَالِ، الْمَعْنَى أَن مَنْ مَاتَ رَجُلًا أَو امرأَة فِي حَالِ تكَلُّلِه نَسَبَ ورثِته أَي لَا وَالِدَ لَهُ وَلَا وَلَدَ وَلَهُ أَخ أَو أُخت مِنْ أُم فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، فَجَعَلَ الميت هاهنا كَلالة وَهُوَ المورِّث، وَهُوَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْوَارِثُ: فَكُلُّ مَن مَاتَ وَلَا وَالِدَ لَهُ وَلَا وَلَدَ فَهَوَ كلالةُ ورثتِه، وكلُّ وَارِثٍ لَيْسَ بِوَالِدٍ(11/592)
لِلْمَيِّتِ وَلَا ولدٍ لَهُ فَهُوَ كلالةُ مَوْرُوثِه، وَهَذَا مُشْتَقٌّ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ مُوَافِقٌ لِلتَّنْزِيلِ والسُّنة، وَيَجِبُ عَلَى أَهل الْعِلْمِ مَعْرِفَتُهُ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِليه مِنْهُ؛ وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الكَلالة قَوْلُهُ: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ مَا تَرَكَ
(الْآيَةَ) ؛ فَجَعَلَ الكَلالة هَاهُنَا الأُخت للأَب والأُم والإِخوة للأَب والأُم، فَجَعَلَ للأُخت الْوَاحِدَةِ نصفَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ، وللأُختين الثُّلُثَيْنِ، وللإِخوة والأَخوات جَمِيعَ الْمَالِ بَيْنَهُمْ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثيين، وَجَعَلَ للأَخ والأُخت مِنَ الأُم، فِي الْآيَةِ الأُولى، الثُّلُثَ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، فَبَيَّنَ بسِياق الْآيَتَيْنِ أَن الكَلالة تَشْتَمِلُ عَلَى الإِخوة للأُم مرَّة، وَمَرَّةً عَلَى الإِخوة والأَخوات للأَب والأُم؛ وَدَلَّ قَوْلُ الشَّاعِرِ أَنَّ الأَب لَيْسَ بكَلالة، وأَنَّ سَائِرَ الأَولياء مِنَ العَصَبة بَعْدَ الْوَلَدِ كَلالة؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:
فإِنَّ أَب المَرْء أَحْمَى لَهُ، ... ومَوْلَى الكَلالة لَا يغضَب
أَراد: أَن أَبا الْمَرْءِ أَغضب لَهُ إِذا ظُلِم، وَمَوَالِي الْكَلَالَةِ، وَهُمُ الإِخوة والأَعمام وَبَنُو الأَعمام وَسَائِرُ الْقِرَابَاتِ، لَا يغضَبون لِلْمَرْءِ غَضَب الأَب. ابن الْجَرَّاحِ: إِذا لَمْ يَكُنِ ابْنُ الْعَمِّ لَحًّا وَكَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَشِيرَةِ قَالُوا: هُوَ ابْنُ عَمِّي الكَلالةُ وابنُ عَمِّ كَلالةٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن العَصَبة وإِن بَعُدوا كَلالة، فَافْهَمْهُ؛ قَالَ: وَقَدْ فسَّرت لَكَ مِنْ آيَتَيِ الكَلالة وإِعرابهما مَا تَشْتَفِي بِهِ ويُزيل اللَّبْسَ عَنْكَ، فَتَدَبَّرْهُ تَجِدْهُ كَذَلِكَ؛ قَالَ: قَدْ ثَبَّجَ اللَّيْثُ مَا فَسَّرَهُ مِنَ الكَلالة فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْمُرَادَ مِنْهُ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اعْلَمْ أَن الكَلالة فِي الأَصل هِيَ مَصْدَرُ كَلَّ الميتُ يَكِلُّ كَلًّا وكَلالة، فَهُوَ كَلٌّ إِذا لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا يرِثانه، هَذَا أَصلها، قَالَ: ثُمَّ قَدْ تَقَعُ الكَلالة عَلَى الْعَيْنِ دُونَ الحدَث، فَتَكُونُ اسْمًا لِلْمَيِّتِ المَوْروث، وإِن كَانَتْ فِي الأَصل اسْمًا للحَدَث عَلَى حدِّ قَوْلِهِمْ: هَذَا خَلْقُ اللَّهِ أَي مَخْلُوقُ اللَّهِ؛ قَالَ: وَجَازَ أَن تَكُونَ اسْمًا لِلْوَارِثِ عَلَى حدِّ قَوْلِهِمْ: رَجُلٌ عَدْل أَي عَادِلٌ، وماءٌ غَوْر أَي غَائِرٌ؛ قَالَ: والأَول هُوَ اخْتِيَارُ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَن الكَلالة اسْمٌ لِلْمَوْرُوثِ، قَالَ: وَعَلَيْهِ جاء التَّفْسِيرِ فِي الْآيَةِ: إِن الكَلالة الَّذِي لَمْ يخلِّف وَلَدًا وَلَا وَالِدًا، فإِذا جَعَلْتَهَا لِلْمَيِّتِ كَانَ انْتِصَابُهَا فِي الْآيَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن تَكُونَ خَبَرَ كَانَ تَقْدِيرُهُ: وإِن كَانَ الْمَوْرُوثُ كَلالةً أَي كَلًّا لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَن يَكُونَ انْتِصَابُهَا عَلَى الْحَالِ من الضمير في يُورَث أَي يورَث وَهُوَ كَلالة، وَتَكُونُ كَانَ هِيَ التَّامَّةَ الَّتِي لَيْسَتْ مُفْتَقِرَةً إِلى خَبَرٍ، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَن تَكُونَ النَّاقِصَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَوْفِيُّ لأَن خَبَرَهَا لَا يَكُونُ إِلا الكَلالة، وَلَا فَائِدَةَ فِي قَوْلِهِ يورَث، وَالتَّقْدِيرُ إِن وقَع أَو حضَر رَجُلٌ يَمُوتُ كَلالة أَي يورَث وَهُوَ كَلالة أَي كَلّ، وإِن جَعَلْتَهَا للحدَث دُونَ الْعَيْنِ جَازَ انْتِصَابُهَا عَلَى ثَلَاثَةُ أَوجه: أَحدها أَن يَكُونَ انْتِصَابُهَا عَلَى الْمَصْدَرِ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ يورَث وِراثة كَلالةٍ كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ورِثْتُم قَناة المُلْك لَا عَنْ كَلالةٍ
أَي وَرِثْتُمُوهَا وِراثة قُرْب لَا وِراثة بُعْد؛ وَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْل:
وَمَا سَوَّدَتْني عامِرٌ عَنْ كَلالةٍ، ... أَبى اللهُ أَنْ أَسْمُو بأُمٍّ وَلَا أَب
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هُوَ ابْنُ عَمٍّ كَلالةً أَي بَعِيدَ النِّسَبِ،(11/593)
فإِذا أَرادوا القُرْب قَالُوا: هُوَ ابْنُ عَمٍّ دِنْيَةً، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَن تَكُونَ الكَلالة مَصْدَرًا وَاقِعًا مَوْقِعَ الْحَالِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ: جَاءَ زَيْدٌ رَكْضاً أَي راكِضاً، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي دِنيةً أَي دَانِيًا، وَابْنُ عَمِّي كَلالةً أَي بَعِيدًا فِي النسَب، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَن تَكُونَ خَبَرَ كَانَ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ مُضَافٍ، تَقْدِيرُهُ وإِن كَانَ المَوْروث ذَا كَلالة؛ قَالَ: فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَوجه فِي نَصْبِ الْكَلَالَةِ: أَحدها أَن تَكُونَ خَبَرَ كَانَ، الثَّانِي أَن تَكُونَ حَالًا، الثَّالِثُ أَن تَكُونَ مَصْدَرًا عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ مُضَافٍ، الرَّابِعُ أَن تَكُونَ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، الْخَامِسُ أَن تَكُونَ خَبَرَ كَانَ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ مُضَافٍ، فَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَهل الْبَصْرَةِ وَالْعُلَمَاءُ بِاللُّغَةِ، أَعني أَن الكَلالة اسْمٌ لِلْمَوْرُوثِ دُونَ الْوَارِثِ، قَالَ: وَقَدْ أَجاز قَوْمٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ، وَهُمْ أَهل الْكُوفَةِ، أَن تَكُونَ الكَلالة اسْمًا للوارِث، واحتجُّوا فِي ذَلِكَ بأَشياء مِنْهَا قِرَاءَةُ
الْحَسَنِ: وإِن كان رجل يُورِث كَلالةً
، بِكَسْرِ الرَّاءِ، فالكَلالة عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ القِراءة هِيَ ورثةُ الْمَيِّتِ، وَهُمُ الإِخوة للأُم، واحتجُّوا أَيضاً بِقَوْلِ
جَابِرٍ إِنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنما يرِثني كَلالة
، وإِذا ثَبَتَ حُجَّةُ هَذَا الْوَجْهِ كَانَ انْتِصَابُ كَلالة أَيضاً عَلَى مِثْلِ مَا انْتَصَبَتْ فِي الْوَجْهِ الْخَامِسِ مِنَ الْوَجْهِ الأَول، وَهُوَ أَن تَكُونَ خَبَرَ كَانَ وَيُقَدَّرُ حَذْفُ مُضَافٍ لِيَكُونَ الثَّانِي هُوَ الأَول، تَقْدِيرُهُ: وإِن كَانَ رَجُلٌ يورِث ذَا كَلالة، كَمَا تَقُولُ ذَا قَرابةٍ لَيْسَ فِيهِمْ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذا جعلتَه حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُورِثُ تَقْدِيرُهُ ذَا كَلالةٍ، قَالَ: وَذَهَبَ ابْنُ جِنِّي فِي قِرَاءَةِ مَنْ قرأَ
يُورِث كَلالة
ويورِّث كَلالة
أَن مَفْعُولَيْ يُورِث ويُوَرِّث مَحْذُوفَانِ أَي يُورِث وارثَه مالَه، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَبْقَى كَلالة عَلَى حَالِهِ الأُولى الَّتِي ذَكَرْتُهَا، فَيَكُونُ نَصْبُهُ عَلَى خَبَرِ كَانَ أَو عَلَى الْمَصْدَرِ، وَيَكُونُ الكَلالة للمَوْروث لَا لِلْوَارِثِ؛ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَن الكَلالة مَصْدَرٌ يَقَعُ عَلَى الْوَارِثِ وَعَلَى الْمَوْرُوثِ، وَالْمَصْدَرُ قَدْ يَقَعُ لِلْفَاعِلِ تَارَةً وَلِلْمَفْعُولِ أُخرى، وَاللَّهُ أَعلم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَب وَالِابْنُ طرَفان لِلرَّجُلِ فإِذا مَاتَ وَلَمْ يخلِّفهما فَقَدْ مَاتَ عَنْ ذَهَابِ طَرَفَيْه، فَسُمِّيَ ذَهَابُ الطرَفين كَلالة، وَقِيلَ: كُلُّ مَا احْتَفَّ بِالشَّيْءِ مِنْ جَوَانِبِهِ فَهُوَ إِكْلِيل، وَبِهِ سُمِّيَتْ، لأَن الوُرَّاث يُحيطون بِهِ مِنْ جَوَانِبِهِ. والكَلُّ: الْيَتِيمُ؛ قَالَ:
أَكُولٌ لِمَالِ الكَلِّ قَبْلَ شَبابِه، ... إِذا كَانَ عَظْمُ الكَلِّ غيرَ شَديد
والكَلُّ: الَّذِي هُوَ عِيال وثِقْل عَلَى صَاحِبِهِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ
، أَي عِيال. وأَصبح فُلَانٌ مُكِلًّا إِذا صَارَ ذَوُو قَرابته كَلًّا عَلَيْهِ أَي عِيالًا. وأَصبحت مُكِلًّا أَي ذَا قراباتٍ وَهُمْ عليَّ عِيَالٌ. والكالُّ: المُعْيي، وَقَدْ كَلَّ يَكِلُّ كَلالًا وكَلالةً. والكَلُّ: العَيِّل والثِّقْل، الذكَر والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى الكُلول فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، كَلَّ يَكِلُّ كُلولًا. وَرَجُلٌ كَلٌّ: ثَقِيلٌ لَا خَيْرَ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: الكَلُّ الصَّنَمُ، والكَلُّ الثقيلُ الرُّوحِ مِنَ النَّاسِ، والكَلُّ الْيَتِيمُ، والكَلُّ الوَكِيل. وكَلَّ الرَّجُلُ إِذا تعِب. وكَلَّ إِذا توكَّل؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي أَراد ابنُ الأَعرابي بِقَوْلِهِ الكلُّ الصنَم قَوْلَهُ تَعَالَى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً؛ ضَرَبَهُ مَثَلًا للصَّنَم الَّذِي عبدُوه وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ
لأَنه يحمِله إِذا ظَعَن ويحوِّله مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: هَلْ يَسْتَوِي هَذَا الصَّنَم الكَلُّ وَمَنْ يأْمر بِالْعَدْلِ، اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّوْبِيخُ كأَنه قَالَ: لَا تسوُّوا بَيْنَ الصَّنَمِ الكَلِّ وَبَيْنَ(11/594)
الْخَالِقِ جَلَّ جَلَالُهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ نِفْطَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ
: هُوَ أُسيد بْنُ أَبي الْعِيصِ وَهُوَ الأَبْكم، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ ورأْس الكَلّ رَئِيسُ الْيَهُودِ. الْجَوْهَرِيُّ: الكَلُّ العِيال والثِّقْل. وَفِي حَدِيثِ
خَدِيجَةَ: كَلَّا إِنَّك لَتَحْمِل الكَلَ
؛ هُوَ، بِالْفَتْحِ: الثِّقْل مِنْ كُلِّ مَا يُتكلَّف. والكَلُّ: العِيال؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ تَرك كَلًّا فَإِلَيَّ وعليَّ.
وَفِي حَدِيثِ
طَهْفة: وَلَا يُوكَل كَلُّكم
أَي لَا يوكَل إِليكم عِيالكم وَمَا لَمْ تُطِيقُوهُ، ويُروى:
أُكْلُكم
أَي لَا يُفْتات عَلَيْكُمْ مَالُكُمْ. وكَلَّلَ الرجلُ: ذَهَبَ وَتَرَكَ أَهلَه وعيالَه بمضْيَعَةٍ. وكَلَّلَ عَنِ الأَمر: أَحْجَم. وكَلَّلَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ وكَلَّلَ السبعُ: حَمَلَ. ابْنُ الأَعرابي: والكِلَّة أَيضاً حالُ الإِنسان، وَهِيَ البِكْلَة؛ يُقَالُ: بَاتَ فُلَانٌ بكِلَّة سُوءٍ أَي بِحَالِ سُوءٍ قَالَ: والكِلَّة مَصْدَرُ قَوْلِكَ سَيْفٌ كَلِيل بَيِّنُ الكِلَّة. وَيُقَالُ: ثقُل سَمْعُهُ وكَلَّ بَصَرُهُ وذَرَأَ سِنُّه. والمُكَلِّل: الجادُّ، يُقَالُ: حَمَل وكَلَّلَ أَي مَضَى قُدُماً وَلَمْ يَخِم؛ وأَنشد الأَصمعي:
حَسَمَ عِرْقَ الداءِ عَنْهُ فقَضَبْ، ... تَكْلِيلَةَ اللَّيْثِ إِذا الليثُ وَثَبْ
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ كَلَّلَ بِمَعْنَى جَبُن، يُقَالُ: حَمَلَ فَمَا كَلَّلَ أَي فَمَا كذَب وَمَا جبُن كأَنه مِنَ الأَضداد؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لجَهْم بْنِ سَبَل:
وَلَا أُكَلِّلُ عَنْ حَرْبٍ مُجَلِّحةٍ، ... وَلَا أُخَدِّرُ للمُلْقِين بالسَّلَمِ
وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه يُقَالُ: إِن الأَسد يُهَلِّل ويُكَلِّلُ، وإِن النَّمِرَ يُكَلِّلُ وَلَا يُهَلِّل، قال: والمُكَلِّل الَّذِي يحمِل فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يقَع بقِرْنه، والمُهَلِّل يَحْمِلُ عَلَى قِرْنه ثُمَّ يُحْجِم فَيَرْجِعُ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
بَكَرَتْ تَلُومُ، وأَمْسِ مَا كَلَّلْتها، ... وَلَقَدْ ضَلَلْت بِذَاكَ أَيَّ ضَلَالِ
ما: صِلة، كَلَّلْتها: أَدْعَصْتها. يُقَالُ: كَلَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا أَي لَمْ يُطِعه. وكَلَلْتُه بِالْحِجَارَةِ أَي عَلَوْتُهُ بِهَا؛ وقال:
وفرحه بِحَصَى المَعْزاءِ مَكْلولُ «4»
. والكُلَّة: الصَّوْقَعة، وَهِيَ صُوفة حَمْرَاءُ فِي رأْس الهَوْدَج. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ تَقْصِيص القُبور وتَكْلِيلها
؛ قِيلَ: التّكْلِيل رفعُها تُبْنَى مِثْلَ الكِلَل، وَهِيَ الصَّوامع والقِباب الَّتِي تُبْنَى عَلَى الْقُبُورِ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْب الكِلَّة عَلَيْهَا وَهِيَ سِتْر مربَّع يضرَب عَلَى الْقُبُورِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الكِلَّة مِنَ السُّتور مَا خِيطَ فَصَارَ كَالْبَيْتِ؛ وأَنشد «5» :
مِنْ كُلِّ مَحْفوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ ... زَوْجٌ عَلَيْهِ كِلَّةٌ وقِرامُها
والكِلَّة: السِّتر الرَّقِيقُ يُخاط كَالْبَيْتِ يُتَوَقّى فِيهِ مِنَ البَقِّ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الكِلَّة السِّتر الرَّقِيقُ، قَالَ: والكِلَّة غشاءٌ مِنْ ثَوْبٍ رَقِيقٍ يُتوقَّى بِهِ مِنَ البَعُوض. والإِكْلِيل: شِبْهُ عِصابة مزيَّنة بِالْجَوَاهِرِ، وَالْجَمْعُ أَكالِيل عَلَى الْقِيَاسِ، وَيُسَمَّى التَّاجُ إِكْلِيلًا. وكَلَّلَه أَي أَلبسه الإِكْلِيل؛ فأَما قَوْلُهُ «6» أَنشده ابْنُ جِنِّي:
قَدْ دَنا الفِصْحُ، فالْوَلائدُ يَنْظِمْنَ ... سِراعاً أَكِلَّةَ المَرْجانِ
__________
(4) . قوله [وفرحه إلخ] هكذا في الأَصل
(5) . لبيد في معلقته
(6) . البيت لحسَّان بن ثابت من قصيدة في مدح الغساسنة(11/595)
فَهَذَا جَمْعُ إِكْلِيل، فَلَمَّا حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ وَبَقِيَتِ الْكَافُ سَاكِنَةً فُتِحَتْ، فَصَارَتْ إِلى كَلِيلٍ كَدَلِيلٍ فَجُمِعَ عَلَى أَكِلَّة كأَدِلَّة. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَبْرُقُ أَكالِيل وَجْهه
؛ هِيَ جَمْعُ إِكْلِيل، قَالَ: وَهُوَ شِبْهُ عِصابة مزيَّنة بالجَوْهَر، فجعلتْ لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَكالِيلَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعَارَةِ؛ قَالَ: وَقِيلَ أَرادتْ نَوَاحِيَ وَجْهِهِ وَمَا أَحاط بِهِ إِلى الجَبِين مِنَ التَّكَلُّل، وَهُوَ الإِحاطة ولأَنَّ الإِكْلِيل يُجْعَلُ كالحَلْقة وَيُوضَعُ هُنَالِكَ عَلَى أَعلى الرأْس. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فَنَظَرْتُ إِلى الْمَدِينَةِ وإِنها لَفِي مثْل الإِكْلِيل
؛ يُرِيدُ أَن الغَيْم تَقَشَّع عَنْهَا وَاسْتَدَارَ بِآفَاقِهَا. والإِكْلِيل: منزِل مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ وَهُوَ أَربعة أَنجُم مصطفَّة. قَالَ الأَزهري: الإِكْلِيل رأْس بُرْج الْعَقْرَبِ، ورقيبُ الثُّرَيَّا مِنَ الأَنْواء هُوَ الإِكْلِيل، لأَنه يطلُع بِغُيُوبها. والإِكْلِيل: مَا أَحاط بالظُّفُر مِنَ اللَّحْمِ. وتَكَلَّله الشيءُ: أَحاط بِهِ. وَرَوْضَةٌ مُكَلَّلة: مَحْفُوفَةٌ بالنَّوْر. وَغَمَامٌ مُكَلَّل: مَحْفُوفٌ بقِطَع مِنَ السَّحَابِ كأَنه مُكَلَّل بهنَّ. وانْكَلَّ الرجلُ: ضَحِكَ. وانْكَلَّت المرأَة فَهِيَ تَنْكَلُّ انْكِلالًا إِذا مَا تبسَّمت؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
وتَنْكَلُّ عَنْ عذْبٍ شَتِيتٍ نَباتُه، ... لَهُ أُشُرٌ كالأُقْحُوان المُنَوِّر
وانْكَلَّ الرَّجُلُ انْكِلالًا: تبسَّم؛ قَالَ الأَعشى:
ويَنْكَلُّ عَنْ غُرٍّ عِذابٍ كأَنها ... جَنى أُقْحُوان، نَبْتُه مُتَناعِم
يُقَالُ: كَشَرَ وافْتَرَّ وانْكَلَّ، كُلُّ ذَلِكَ تَبْدُو مِنْهُ الأَسنان. وانْكِلال الغَيْم بالبَرْق: هُوَ قَدْرُ مَا يُرِيك سَوَادَ الْغَيْمِ مِنْ بَيَاضِهِ. وانْكَلَّ السَّحَابُ بِالْبَرْقِ إِذا مَا تبسَّم بِالْبَرْقِ. والإِكْلِيل: السحابُ الَّذِي تَرَاهُ كأَنَّ غِشاءً أُلْبِسَه. وَسَحَابٌ مُكَلَّل أَي ملمَّع بِالْبَرْقِ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي حَوْلَهُ قِطع مِنَ السَّحَابِ. واكْتَلَّ الغمامُ بِالْبَرْقِ أَي لَمَعَ. وانكَلَّ السَّحَابُ عَنِ الْبَرْقِ واكْتَلَّ: تَبَسَّمَ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
عَرَضْنا فقُلْنا: إِيهِ سِلْم فسَلَّمتْ ... كَمَا اكْتَلَّ بالبرقَ الغَمامُ اللوائحُ
وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
تَكَلَّلَ فِي الغِماد فأَرْضِ لَيْلَى ... ثَلَاثًا، مَا أَبين لَهُ انْفِراجَا
قِيلَ: تَكَلَّل تَبَسَّمَ بِالْبَرْقِ، وَقِيلَ: تنطَّق وَاسْتَدَارَ. وانكلَّ البرقُ نَفْسُهُ: لَمَعَ لَمَعًا خَفِيفًا. أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي عَمْرٍو: الْغَمَامُ المُكَلَّل هُوَ السَّحَابَةُ يَكُونُ حَوْلَهَا قِطَع مِنَ السَّحَابِ فَهِيَ مكَلَّلة بهنَّ؛ وأَنشد غَيْرُهُ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
أَصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيك وَمِيضَه، ... كَلَمْع اليَدَيْن فِي حَبيٍّ مُكَلَّلِ
وإِكْلِيل المَلِك: نَبْتٌ يُتداوَى بِهِ. والكَلْكَل والكَلْكال: الصَّدْرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ التَّرْقُوَتَيْن، وَقِيلَ: هُوَ بَاطِنُ الزَّوْرِ؛ قَالَ:
أَقول، إِذْ خَرَّتْ عَلَى الكَلْكَالِ(11/596)
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا جَاءَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ مُشَدَّدًا؛ وَقَالَ مَنْظُورُ بْنُ مَرْثَدٍ الأَسدي:
كأَنَّ مَهْواها، عَلَى الكَلْكَلِّ، ... موضعُ كَفَّيْ راهِبٍ يُصَلِّي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ موقِعُ كفَّيْ رَاهِبٍ، لأَن بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى الكَلْكَلِّ:
ومَوْقِفاً مِنْ ثَفِناتٍ زُلِ
قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ الكَلْكَل، وإِنما جَاءَ الكَلْكَال فِي الشِّعْرِ ضَرُورَةً فِي قَوْلُ الرَّاجِزِ:
قلتُ، وَقَدْ خرَّت عَلَى الكَلْكَالِ: ... يَا ناقَتي، مَا جُلْتِ مِنْ مَجَالِ «1»
. والكَلْكَل مِنَ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ مَحْزِمه إِلى مَا مسَّ الأَرض مِنْهُ إِذا رَبَضَ؛ وَقَدْ يُسْتَعَارُ الكَلْكَل لِمَا لَيْسَ بِجِسْمٍ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ فِي صِفَةِ لَيْل:
فقلتُ لَهُ لمَّا تَمَطَّى بِجَوْزِه، ... وأَرْدَفَ أَعْجازاً وَنَاءَ بِكَلْكَل «2»
. وَقَالَتْ أَعرابية تَرْثي ابْنَهَا:
أَلْقَى عَلَيْهِ الدهرُ كَلْكَلَهُ، ... مَنْ ذَا يقومُ بِكَلْكَلِ الدَّهْرِ؟
فَجَعَلَتْ لِلدَّهْرِ كَلْكَلًا؛ وَقَوْلُهُ:
مَشَقَ الهواجِرُ لَحْمَهُنَّ مَعَ السُّرَى، ... حَتَّى ذَهَبْنَ كَلاكلًا وصُدوراً
وَضَعَ الأَسماء مَوْضِعَ الظُّرُوفِ كَقَوْلِهِ ذَهَبْنَ قُدُماً وأُخُراً. وَرَجُلٌ كُلْكُلٌ: ضَرْبٌ، وَقِيلَ: الكُلْكُل والكُلاكِل، بِالضَّمِّ، الْقَصِيرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ، والأُنثى كُلْكُلَة وكُلاكِلة، والكَلاكِل الْجَمَاعَاتُ كالكَراكِر؛ وأَنشد قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
حَتَّى يَحُلُّون الرُّبى الكَلاكِلا
الْفَرَّاءُ: الكُلَّة التأْخير، والكَلَّة الشَّفْرة الكالَّة، والكِلَّة الحالُ حالُ الرجُل. وَيُقَالُ: ذِئْبٌ مُكِلّ قَدْ وَضَعَ كَلَّهُ عَلَى النَّاسِ. وذِئب كَلِيل: لَا يَعْدُو عَلَى أَحد. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه دُخِل عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ أَبِأَمْرك هَذَا؟ فَقَالَ: كُلُّ ذَلِكَ
أَي بَعْضُهُ عَنْ أَمري وَبَعْضُهُ بِغَيْرِ أَمري؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَوْضِعُ كُلّ الإِحاطة بِالْجَمِيعِ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الْبَعْضِ قَالَ: وَعَلَيْهِ حُمِل قولُ عُثْمَانَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
قالتْ لَهُ، وقولُها مَرْعِيُّ: ... إِنَّ الشِّواءَ خَيْرُه الطَّرِيُّ،
وكُلُّ ذَاكَ يَفْعَل الوَصِيُ
أَي قَدْ يفعَل وَقَدْ لَا يفعَل. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وكَلّا حَرْفُ رَدْع وزَجْر؛ وَقَدْ تأْتي بِمَعْنَى لَا كَقَوْلِ الْجَعْدِيِّ:
فقلْنا لَهُمْ: خَلُّوا النِّساءَ لأَهْلِها ... فَقَالُوا لَنَا: كَلَّا فقلْنا لَهُمْ: بَلى
فكَلَّا هُنَا بِمَعْنَى لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَقُلْنَا لَهُمْ بَلَى، وبَلى لَا تأْتي إِلا بَعْدَ نَفْيٍ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ أَيضاً:
قُرَيْش جِهازُ النَّاسِ حَيّاً ومَيِّتاً، ... فَمَنْ قَالَ كَلَّا، فالمُكذِّب أَكْذَبُ
وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ كَلَّا
. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَقَع فَتِنٌ كأَنها الظُّلَل، فَقَالَ أَعرابي: كَلَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَلَّا رَدْع فِي الْكَلَامِ
__________
(1) . في الصفحة السابقة: أقول إذ خَرَّت إلخ
(2) . في المعلقة: بصُلبِه بدل بجوزه(11/597)
وَتَنْبِيهٌ وَمَعْنَاهَا انْتَهِ لَا تَفْعَلْ، إِلا أَنها آكَدُ فِي النَّفْيِ والرَّدْع مِنْ لَا، لِزِيَادَةِ الْكَافِ؛ وَقَدْ تَرِدُ بِمَعْنَى حَقّاً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ
؛ والظُّلَل: السَّحاب.
كمل: الكَمَال: التَّمام، وَقِيلَ: التَّمام الَّذِي تَجَزَّأَ مِنْهُ أَجزاؤه، وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: كَمَلَ الشَّيْءُ يَكْمُل، وكَمِلَ وكَمُلَ كَمَالًا وكُمولًا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْكَسْرُ أَرْدَؤُها. وَشَيْءٌ كَمِيل: كامِل، جاؤوا بِهِ عَلَى كَمُلَ؛ وأَنشد سيبويه:
على أَنه بعد ما قَدْ مَضَى ... ثَلَاثُونَ للهَجْر حَوْلًا كَميلا
وتَكَمَّل: ككَمَل. وتَكَامَلَ الشَّيْءُ وأَكْمَلْته أَنا وأَكْمَلْت الشَّيْءَ أَي أَجْمَلْتُه وأَتممته، وأَكْمَلَه هُوَ واسْتَكْمَلَه وكَمَّلَه: أَتَمَّه وجَمَلَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فقُرَى العِراق مَقِيلُ يومٍ واحدٍ، ... والبَصْرَتان وواسِط تَكْمِيلُه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ أَراد كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ يُسار فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وأَراد بِالْبَصْرَتَيْنِ الْبَصْرَةَ وَالْكُوفَةَ. وأَعطاه الْمَالَ كَمَلًا أَي كامِلًا؛ هَكَذَا يُتَكَلَّمُ بِهِ فِي الْجَمِيعِ والوُحْدَان سَوَاءً، وَلَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ؛ قَالَ: وَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ وَلَا نَعْتٍ إِنما هُوَ كَقَوْلِكَ أَعطيته كُلَّه، وَيُقَالُ: لَكَ نصفُه وَبَعْضُهُ وكَماله، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
(الْآيَةَ) ؛ وَمَعْنَاهُ، وَاللَّهٌ أَعلم: الْآنَ أَكْمَلتُ لَكُمُ الدِّين بأَنْ كَفَيْتُكُمْ خَوْفَ عدوِّكم وأَظْهَرْتكم عَلَيْهِمْ، كَمَا تَقُولُ الْآنَ كَمُلَ لَنَا المُلْك وكَمُلَ لَنَا مَا نُرِيدُ بأَن كُفينا مَنْ كنَّا نَخَافُهُ، وَقِيلَ: أَكمَلْتُ لَكُمْ دِينكم أَي أَكْملتُ لَكُمْ فَوْقَ مَا تَحْتَاجُونَ إِليه فِي دِينِكم، وَذَلِكَ جَائِزٌ حسَن، فأَما أَن يَكُونَ دِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي وَقْتٍ مِنَ الأَوقات غَيْرَ كامِل فَلَا؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ أَبي إِسحق وَهُوَ الزُّجَّاجُ، وَهُوَ حسَن، وَيَجُوزُ لِلشَّاعِرِ أَن يَجْعَلَ الْكَامِلَ كَمِيلًا؛ وأَنشد:
ثَلَاثُونَ للهَجْر حَوْلًا كَمِيلا
والتَّكْمِلاتُ فِي حِساب الوَصايا: مَعْرُوفٌ. وَيُقَالُ: كَمَّلْت لَهُ عَدَدَ حقِّه ووَفاء حَقِّهِ تَكْميلًا وتَكمِلَة، فَهُوَ مُكَمَّل. وَيُقَالُ: هَذَا المكمِّل عِشْرِينَ والمكمِّل مِائَةً والمُكَمِّل أَلفاً؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فكَمَّلَت مِائَةً فِيهَا حَمامَتُها، ... وأَسرعتْ حِسْبةً فِي ذَلِكَ العَدَدِ
وَرَجُلٌ كامِل وَقَوْمٌ كَمَلَة: مِثْلُ حافِد وحَفَدة. وَيُقَالُ: أَعطه هَذَا الْمَالَ كَمَلًا أَي كلَّه. والتَّكمِيل والإِكْمال: التَّمَامُ. واسْتَكْمَلَه: استَتَمَّه؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُ حُمَيْدٍ:
حَتَّى إِذا مَا حاجِبُ الشَّمْسِ دَمَجْ، ... تَذَكَّرَ البِيضَ بكُمْلول فَلَجْ
قَالَ: مَنْ نَوَّن الكُمْلول قَالَ هُوَ مَفازة، وفَلَج: يُرِيدُ لَجَّ فِي السَّيْرِ، وإِنما تُرِكَ التَّشْدِيدُ لِلْقَافِيَةِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الكُمْلُول نَبْتٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بَرْغَسْت؛ حَكَاهُ أَبو تُرَابٍ فِي كِتَابِ الاعتِقاب، وَمَنْ أَضاف قَالَ: فَلْج نَهْرٍ صَغِيرٍ. والكَامِل مِنْ شُطُورِ العَروض: مَعْرُوفٌ وأَصله مُتَفَاعِلُنْ سِتُّ مَرَّاتٍ، سُمِّيَ كَامِلًا لأَنه استكمَل عَلَى أَصله فِي الدَّائِرَةِ. وَقَالَ أَبو إِسحق: سُمِّيَ كامِلًا لأَنه كَمُلَت أَجزاؤه وَحَرَكَاتُهُ، وَكَانَ أَكْمَل مِنَ الوافِر،(11/598)
لأَن الوافِر تَوَفَّرتْ حَرَكَاتُهُ وَنَقَصَتْ أَجزاؤه. وَقَالَ. ابْنُ الأَعرابي: المِكْمَل الرَّجُلُ الكامِل لِلْخَيْرِ أَو الشَّرِّ. والكامِلِيَّةُ مِنَ الرَّوافِض: شَرُّ جِيلٍ. وكامِل: اسْمُ فَرَسٍ سَابِقٍ لِبَنِي امْرِئِ الْقَيْسِ، وَقِيلَ: كَانَ لِامْرِئِ الْقَيْسِ. وكامِل أَيضاً: فَرَسُ زَيْدِ الْخَيْلِ؛ وإِياه عَنَى بِقَوْلِهِ:
مَا زلتُ أَرميهم بثُغْرة كَامِل
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كامِل اسْمُ فَرَسُ زَيْدِ الْفَوَارِسِ الضَّبِّي؛ وَفِيهِ يَقُولُ الْعَائِفُ الضَّبِّيّ:
نِعْمَ الْفَوَارِسُ، يَوْمَ جَيْشِ مُحَرِّقٍ، ... لَحِقوا وَهُمْ يُدْعَوْن يالَ ضِرارِ
زيدُ الفوارِس كَرَّ وَابْنَا مُنْذِرٍ، ... والخيلُ يَطْعُنُها بَنُو الأَحْرارِ
يَرْمي بِغُرَّةِ كامِلٍ وبنَحْره، ... خَطَرَ النُّفوس وأَيّ حِين خِطارِ
وكَامِل أَيضاً: فَرَسٌ للرُّقَاد بْنِ المُنْذِر الضَّبِّيّ. وكَمْلٌ وكَامِلٌ ومُكَمَّل وكُمَيْل وكُمَيْلة، كلها: أَسماء.
كمتل: كُمْتَل وكُمَاتِل وكُمْتُر وكُماتِر: صُلْب شديد.
كمثل: الكَمَيْثَل: الْقَصِيرُ. وَرَجُلٌ كَمْثَل وكُماثِل: صُلْب شَدِيدٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ نَاقَةٌ مُكَمْثَلة الخلْقِ إِذا كَانَتْ مُداخَلة مجتمِعة.
كمهل: التَّهْذِيبُ: كَمْهَلْت الْحَدِيثَ أَي أَخْفيته وعمَّيْته. ابْنُ الأَعرابي: كَمْهَل إِذا جَمَعَ ثِيَابَهُ وحزَمها لِلسَّفَرِ. وكَمْهَل فُلَانٌ عَلَيْنَا: مَنَعَنَا حَقَّنا. وَفِي النَّوَادِرِ: كَمْهَلْت الْمَالَ كَمْهَلة وحَبْكَرْته حَبْكرة ودَبْكَلْتُه دَبْكَلة وحَبْحَبْتُه حَبْحَبة وزَمْزَمْته زَمْزَمة وصَرْصَرْته وكَرْكَرْته إِذا جَمَعْتَهُ وردَدْت أَطراف مَا انْتَشَرَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ كَبْكَبْتُه.
كنبل: رَجُلٌ كُنْبُل وكُنابِل: شَدِيدٌ صُلْب. وكُنابِيل: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَاللَّهُ أَعلم.
كنثل: الكُنْثال «1» : الْقَصِيرُ؛ مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
كندل: الكَنْدَلى: شَجَرٌ يُدْبَغ بِهِ، وَهُوَ مِنْ دِباغ السِّنْد، وَدِبَاغُهُ يَجيء أَحمر؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ الكَنْدَلاءُ فمَدَّ، قَالَ: وماءُ الْبَحْرِ عدُوُّ كُلِّ شَجَرٍ إِلا الكَنْدَلاءَ والقُرْمَ، والقُرْمُ مَذْكُورٌ فِي موضعه.
كنعل: الأَزهري: الكَنْعَلَةُ فِي العَدْو الثقيلُ منه.
كنفل: رجلٌ كَنْفَلِيلُ اللِّحْية: ضَخْمُها. ولِحية كَنْفَلِيلة: ضَخْمَةٌ جافِية.
كنهل: كَنْهَلٌ وكِنْهِلٌ: مَوْضِعٌ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ لَا يَصْرِفُهُ يَجْعَلُهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
طَوَى البَينُ أَسبابَ الوِصال، وحاوَلَتْ ... بكِنْهِل أَقْران الهَوى أَنْ تُجَذَّما
الأَزهري: كِنْهِل مَاءٌ لِبَنِي تَمِيمٍ مَعْرُوفٌ؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثوم:
فجَلَّلَها الجِيادَ بكِنْهِلاء
__________
(1) . قوله [الكنثال] هكذا في الأصل بالثاء المثلثة مضبوطاً، وفي الصحاح في مادة كتل بالتاء المثناة: وَالْكُنْتَأْلُ، بِالضَّمِّ، الْقَصِيرُ؛ وَالنُّونُ زائدة. وفي القاموس: الكنتأل كجردحل القصير. انتهى. أي بالمثناة(11/599)
كنهدل: كَنَهْدَلٌ: صُلب شَدِيدٌ.
كهل: الكَهْلُ: الرَّجُلُ إِذا وَخَطه الشَّيْبُ ورأَيت لَهُ بَجالةً، وَفِي الصِّحَاحِ: الكَهْلُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي جاوَز الثَلَاثِينَ ووَخَطَه الشيبُ. وَفِي فَضْلِ أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هَذَانِ سيِّدا كُهول الْجَنَّةِ، وَفِي رِوَايَةٍ: كُهولِ الأَوَّلين والآخِرين؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الكَهْلُ مِنَ الرِّجَالِ مَنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً إِلى الأَربعين، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ إِلى تَمَامِ الْخَمْسِينَ؛ وَقَدِ اكْتَهَلَ الرجلُ وكَاهَلَ إِذا بَلَغَ الكُهولة فَصَارَ كَهْلًا، وَقِيلَ: أَراد بالكَهْلِ هاهنا الحليمَ العاقلَ أَي أَن اللَّهَ يدخِل أَهلَ الجنةِ الجنةَ حُلماءَ عُقَلاءَ، وَفِي الْمُحْكَمِ: وَقِيلَ هُوَ مِنْ أَربع وَثَلَاثِينَ إِلى إِحدى وَخَمْسِينَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَراد ومُكَلِّماً النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وكَهْلًا؛ وَالْعَرَبُ تَضَع يَفْعَلُ فِي مَوْضِعِ الْفَاعِلِ إِذا كَانَا فِي مَعْطُوفَيْنِ مُجْتَمِعَيْنِ فِي الْكَلَامِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
بِتُّ أُعَشِّيها بِعَضْبٍ باتِرِ، ... يَقْصِدُ فِي أَسْوُقِها، وجائِرِ
أَراد قاصِدٍ فِي أَسوُقها وجائرٍ، وَقَدْ قِيلَ: إِنه عَطَفَ الكَهْل عَلَى الصِّفَةِ، أَراد بِقَوْلِهِ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا وكَهْلًا
، فردَّ الكَهْلَ عَلَى الصِّفَةِ كَمَا قَالَ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً؛ رَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى أَنه قَالَ: ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِعِيسَى آيَتَيْنِ: تَكْلِيمَهُ النَّاسَ فِي المَهْد فَهَذِهِ مُعْجِزَةٌ، والأُخْرى نُزُولُهُ إِلى الأَرض عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ كَهْلًا ابْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةً يكلِّم أُمة مُحَمَّدٍ فَهَذِهِ الْآيَةُ الثَّانِيَةُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِذا بَلَغَ الْخَمْسِينَ فإِنه يُقَالُ لَهُ كَهْل؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
هَلْ كَهْل خَمْسين، إِنْ شاقَتْه مَنْزِلةٌ ... مُسَفَّه رأَيُه فِيهَا، ومَسْبوبُ؟
فَجَعَلَهُ كَهْلًا وَقَدْ بَلَغَ الْخَمْسِينَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للغُلام مُراهِق ثُمَّ مُحْتَلم، ثُمَّ يُقَالُ تخرَّج وجهُه «1» ثُمَّ اتَّصلت لِحْيَتُهُ، ثُمَّ مُجْتَمِعٌ ثُمَّ كَهْلٌ، وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً؛ قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ لَهُ كَهْل حينئد لِانْتِهَاءِ شَبابه وَكَمَالِ قوَّته، وَالْجَمْعُ كَهْلُونَ وكُهُولٌ وكِهال وكُهْلانٌ؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادة:
وَكَيْفَ تُرَجِّيها، وَقَدْ حَالَ دُونها ... بَنُو أَسَدٍ، كُهْلانُها وشَبابُها؟
وكُهَّل؛ قَالَ: وأَراها عَلَى توهُّم كاهِل، والأُنثى كَهْلَة مِنْ نِسْوَةٍ كَهْلاتٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ لأَنه صِفَةٌ، وَقَدْ حُكِيَ فِيهِ عَنْ أَبي حَاتِمٍ تَحْرِيكُ الْهَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ النَّحْوِيُّونَ فِيمَا شذَّ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: قَلَّمَا يُقَالُ للمرأَة كَهْلَةٌ مُفْرَدَةٌ حَتَّى يُزَوِّجُوها بشَهْلة، يَقُولُونَ شَهْلةٌ كَهْلةٌ. غَيْرُهُ: رَجُلٌ كَهْل وامرأَة كَهْلة إِذا انْتَهَى شبابُهما، وَذَلِكَ عِنْدَ اسْتِكْمَالِهِمَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ امرأَة كَهْلة وَلَمْ يُذْكَرْ مَعَهَا شَهْلة؛ قَالَ ذَلِكَ الأَصمعي وأَبو عُبَيْدَةَ وَابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا أَعُودُ بَعْدَهَا كَرِيًّا، ... أُمارِسُ الكَهْلَة والصَّبِيَّا،
والعَزَب المُنَفَّهَ الأُمِّيَّا
واكْتَهَل أَي صَارَ كَهْلًا، وَلَمْ يَقُولُوا كَهَلَ إِلَّا أَنه قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
هل في أَهْلِكَ من كاهِلٍ؟
ويروى:
__________
(1) . قوله [ثُمَّ يُقَالُ تَخَرَّجَ وَجْهُهُ إلى قوله ثم مجتمع] هكذا في الأصل، وعبارته في مادة جمع: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا اتَّصَلَتْ لِحْيَتُهُ مُجْتَمِعٌ ثُمَّ كَهْلٌ بعد ذلك(11/600)
مَنْ كاهَلَ
أَي مَنْ دَخَلَ حدَّ الكُهُولة وَقَدْ تزوَّج، وَقَدْ حَكَى أَبو زَيْدٍ: كاهَلَ الرجلُ تزوَّج. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه سأَل رَجُلًا أَراد الجهادَ مَعَهُ فَقَالَ: هَلْ فِي أَهلِك مِنْ كاهِلٍ؟
يُرْوَى بِكَسْرِ الْهَاءِ عَلَى أَنه اسْمٌ، وَيُرْوَى
مَنْ كَاهَلَ
بِفَتْحِ الْهَاءِ عَلَى أَنه فِعْل، بِوَزْنِ ضارِبٍ وضارَبَ، وَهُمَا مِنَ الكُهُولة؛ يَقُولُ: هَلْ فِيهِمْ مَنْ أَسَنَّ وَصَارَ كَهْلًا؟ وَذُكِرَ عَنْ أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ أَنه ردَّ عَلَى أَبي عُبَيْدٍ هَذَا التَّفْسِيرَ وَزَعَمَ أَنه خطأٌ، قَدْ يخلُف الرجلُ الرجلَ فِي أَهله كَهْلًا وَغَيْرَ كَهْلٍ، قَالَ: وَالَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ غَيْرِ مسأَلة أَن الرَّجُلَ الَّذِي يخلُف الرجلَ فِي أَهله يُقَالُ لَهُ الكاهِن، وَقَدْ كَهَنَ يَكْهَن كُهُوناً، قَالَ: وَلَا يَخْلُو هَذَا الْحَرْفُ مِنْ شَيْئَيْنِ، أَحدهما أَن يَكُونَ المحدَّث ساءَ سمعُه فظَنَّ أَنه كاهِلٌ وإِنما هُوَ كاهِنٌ، أَو يَكُونَ الْحَرْفُ تَعَاقَبَ فِيهِ بَيْنَ اللَّامِ وَالنُّونِ كَمَا يُقَالُ هَتَنَتِ السماءُ وهَتَلَتْ، والغِرْيَنُ والغِرْيَلُ وَهُوَ مَا يَرْسُب أَسفل قَارُورَةِ الدُّهْن مِنْ ثُفْلِه، ويرسُب مِنَ الطِّينِ أَسفل الغَدير وَفِي أَسفل القِدْر مِنْ مَرَقه؛ عَنِ الأَصمعي، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو سَعِيدٍ لَهُ وَجْهٌ غَيْرَ أَنه بَعِيدٌ، وَمَعْنَى قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
هل في أَهلِك من كَاهِلٍ
أَي فِي أَهلك مَنْ تعْتَمِده لِلْقِيَامِ بشأْن عِيَالِكَ الصِّغَارِ وَمَنْ تُخلِّفه مِمَّن يَلْزَمُكَ عَوْلُه،
فَلَمَّا قَالَ لَهُ: مَا هُمْ إِلَّا أُصَيْبِيَةٌ صِغار، أَجابه فَقَالَ: تَخَلَّف وجاهِد فِيهِمْ وَلَا تضيِّعهم.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مُضَر كاهِلُ الْعَرَبِ وسَعْد كاهِل تَمِيمٍ، وَفِي النِّهَايَةِ: وتَمِيم كاهِلُ مُضَر، وَهُوَ مأْخوذ مِنْ كَاهِل الْبَعِيرِ وَهُوَ مقدَّم ظَهْرِهِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ المَحْمِل، قَالَ: وإِنما أَراد بِقَوْلِهِ هل في أَهلك من تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي الْقِيَامِ بأَمر مَنْ تُخَلِّف مِنْ صِغار وَلَدِكَ لِئَلَّا يُضَيِّعُوا، أَلا تَرَاهُ قَالَ لَهُ:
مَا هُمْ إِلَّا أُصَيْبِية صِغَارٌ
، فأَجابه وَقَالَ:
فَفِيهِمْ فجاهِد
، قَالَ: وأَنكر أَبو سَعِيدٍ الكاهِل وَقَالَ: هُوَ كاهِن كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَقَوْلُ أَبي خِراش الْهُذَلِيِّ:
فَلَوْ كَانَ سَلْمى جارَهُ أَو أَجارَهُ ... رِماحُ ابنِ سَعْدٍ، رَدَّه طَائِرٌ كَهْلُ «2»
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْهُ أَحد، قَالَ: وَقَدْ يُمْكِنُ أَن يَكُونَ جَعَلَهُ كَهْلًا مُبَالَغَةً بِهِ فِي الشِّدَّةِ. الأَزهري: يُقَالُ طَارَ لِفُلَانٍ طَائِرٌ كَهْلٌ إِذا كَانَ لَهُ جَدّ وحَظّ فِي الدُّنْيَا. ونَبْت كَهْل: مُتناهٍ. واكْتَهَلَ النبتُ: طَالَ وَانْتَهَى مُنْتَهَاهُ، وَفِي الصِّحَاحِ: تَمَّ طولُه وَظَهَرَ نَوْرُه؛ قَالَ الأَعشى:
يُضاحِكُ الشمسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ، ... مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْت مُكْتَهِل
وَلَيْسَ بَعْدَ اكْتِهال النَّبْت إِلَّا التَّوَلِّي؛ وَقَوْلُ الأَعشى يُضاحِك الشمسَ مَعْنَاهُ يدُور مَعَهَا، ومُضاحَكَتُه إِياها حُسْن لَهُ ونُضْرة، والكَوْكب: مُعْظَم النَّبَاتِ، والشَّرِقُ: الرَّيَّان المُمْتلئ مَاءً، والمُؤَزَّر: الَّذِي صَارَ النَّبْتُ كالإِزار لَهُ، والعَمِيمُ: النبتُ الْكَثِيفُ الحسَن، وَهُوَ أَكثر مِنَ الجَمِيم؛ يُقَالُ نَبْت عَمِيم ومُعْتَمٌّ وعَمَمٌ. واكْتَهَلَت الرَّوْضَةُ إِذا عَمَّها نبتُها، وَفِي التَّهْذِيبِ: نَوْرُها. وَنَعْجَةٌ مُكْتَهِلةٌ إِذا انْتَهَى سِنُّها. الْمُحْكَمُ: وَنَعْجَةٌ مُكْتَهِلةٌ مُخْتَمِرةُ الرأْس بِالْبَيَاضِ، وأَنكر بَعْضُهُمْ ذَلِكَ. والكاهِلُ: مقَدَّم أَعلى الظَّهْرِ مِمَّا يَلي العنُق وَهُوَ الثُلث الأَعلى فِيهِ سِتُّ فِقَر؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ
__________
(2) . قوله [رماح ابن سعد] هكذا الأصل، وفي الأساس: رباح ابن سعد(11/601)
يَصِفُ فَرَسًا:
لَهُ حارِكٌ كالدِّعْصِ لَبَّدهُ الثَّرَى ... إِلى كاهِل، مِثْلَ الرِّتاجِ المُضَبَّبِ
وَقَالَ النَّضْرُ: الكَاهِلُ مَا ظَهَرَ مِنَ الزَّوْر، والزَّوْرُ مَا بَطَن مِنَ الكاهِل؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الكَاهِل مِنَ الْفَرَسِ مَا ارْتَفَعَ مِنْ فُروعِ كَتِفَيْه؛ وأَنشد:
وكاهِل أَفْرعَ فيه، مع ... الإِفْراعِ، إِشْرافٌ وتَقْبِيبُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الحارِك فُروعُ الكَتِفَيْن، وَهُوَ أَيضاً الكَاهِلُ؛ قَالَ: والمِنْسَجُ أَسفل مِنْ ذَلِكَ، وَالْكَائِبَةُ مقدَّم المِنْسَج؛ وَقِيلَ: الكَاهِلُ مِنَ الإِنسان مَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْصِل العنُق فِي الصُّلْب، وَقِيلَ: هُوَ فِي الْفَرَسِ خلْف المِنْسَج، وَقِيلَ: هُوَ مَا شَخَص مِنْ فُروعِ كَتِفَيْهِ إِلى مُسْتَوى ظَهْرِهِ. وَيُقَالُ لِلشَّدِيدِ الغَضَب والهائِجِ مِنَ الْفُحُولِ: إِنه لَذُو كاهِل، حَكَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِهِ المَوْسُوم بالأَلفاظ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: إِنه لَذُو صاهِل، بِالصَّادِّ؛ وَقَوْلُهُ:
طَوِيل مِتَلِّ العُنْقِ أَشْرَف كاهِلًا، ... أَشَقّ رَحِيب الجَوْف مُعْتَدِل الجِرْم
وَضَعَ الِاسْمَ فِيهِ مَوْضِعَ الظَّرْفِ كأَنه قَالَ: ذَهَبَ صُعُداً. وإِنه لَشَدِيدُ الكَاهِل أَي مَنِيعُ الْجَانِبِ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ فُلَانٌ كَاهِل بَنِي فُلَانٍ أَي مُعْتمَدهم فِي المُلِمَّات وسَنَدُهم فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ مأْخوذ مِنْ كَاهِلِ الظَّهْرِ لأَن عُنُق الْفَرَسِ يَتَسانَدُ إِليه إِذا أَحْضَر، وَهُوَ مَحْمِل مُقَدَّم قَرَبُوس السَّرْج ومُعْتَمَد الْفَارِسِ عَلَيْهِ؛ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ رُؤْبَةَ يَمْدَحُ مَعَدّاً:
إِذا مَعَدٌّ عَدَتِ الأَوائِلا، ... فابْنَا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا
حِصْنَيْنِ كَانَا لِمَعَدٍّ كاهِلا، ... ومَنْكِبَينِ اعْتَلَيا التَّلاتِلا
أَي كَانَا، يَعْنِي رَبِيعَةَ ومُضَر، عُمْدة أَولادِ مَعَدّ كُلِّهم. وَفِي كِتَابِهِ إِلى أَهل الْيَمَنِ فِي أَوقات الصَّلَاةِ والعِشاء:
إِذا غَابَ الشَّفَقُ إِلى أَن تَذْهب كَوَاهِلُ الليلِ
أَي أَوائله إِلى أَوساطه تَشْبِيهًا لليْل بالإِبل السَّائِرَةِ الَّتِي تتقدَّم أَعناقُها وهَوادِيها وتتبعُها أَعجازُها وتَوالِيها. والكَواهِل: جَمْعُ كاهِل وَهُوَ مقدَّم أَعلى الظهْر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ: وقَرَّر الرُّؤُوسَ عَلَى كَوَاهِلها
أَي أَثْبَتها فِي أَماكنها كأَنها كَانَتْ مشْفِية عَلَى الذَّهَابِ وَالْهَلَاكِ. الْجَوْهَرِيُّ: الكاهِلُ الحارِكُ وَهُوَ مَا بَيْنَ الكَتِفين. قَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: تميمٌ كاهِلٌ مُضَر وَعَلَيْهَا المَحْمل.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الحارِكُ فَرْعُ الْكَاهِلِ؛ هَكَذَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ، قَالَ: وَهُوَ عَظْمٌ مُشْرِف اكْتَنَفَه فَرْعا الكَتِفَين، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ مَنْبَتُ أَدنى العُرْف إِلى الظَّهْرِ، وَهُوَ الَّذِي يأْخذ بِهِ الْفَارِسُ إِذا رَكِب. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِنه لَذُو شاهِقٍ وكاهِلٍ وكاهِنٍ، بِالنُّونِ وَاللَّامِ، إِذا اشتدَّ غضبُه، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلْفَحْلِ عِنْدَ صِيالِه حِينَ تسمَع لَهُ صَوْتاً يَخْرُجُ مِنْ جَوْفه. والكُهْلُولُ: الضحَّاكُ، وَقِيلَ: الكَريم، عَاقَبَتِ اللامُ الراءَ فِي كُهْرُورٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الكُهْلُولُ والرُّهْشُوشُ والبُهْلُول كُلُّهُ السخيُّ الْكَرِيمُ. والكَهْوَلُ: العَنْكَبُوت، وحُقُّ الكَهُول بَيْتُه. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ حِينَ أَراد عَزْلَه عَنْ مِصْر: إِني أَتيتُك مِنَ العِراق وإِنَّ أَمْرَك كَحُقِّ الكَهُولِ أَو كالجُعْدُبةِ أَو كالكُعْدُبةِ، فَمَا زِلْتُ(11/602)
أُسْدِي وأُلْحِمُ حَتَّى صَارَ أَمْرُك كفَلْكَةِ الدَّرَّارةِ وكالطِّرَافِ المُمَدَّدِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذِهِ اللفظة قَدِ اختُلِف فِيهَا، فَرَواها الأَزهري بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَقَالَ: هِيَ العَنْكَبُوت، وَرَوَاهَا الخطابيُّ وَالزَّمَخْشَرِيُّ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَالْوَاوِ وَقَالَا: هِيَ الْعَنْكَبُوتُ، وَلَمْ يقيِّدها الْقُتَيْبِيُّ، وَيُرْوَى: كَحُقِّ الكَهْدَل، بِالدَّالِّ بَدَلَ الْوَاوِ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَما حُقُّ الكَهْدَل فَلَمْ أَسمع شَيْئًا مِمَّنْ يُوثَقُ بِعِلْمِهِ بِمَعْنَى أَنه بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ؛ وَيُقَالُ: إِنه ثَدْيُ العَجوز، وَقِيلَ: الْعَجُوزُ نَفْسُهَا، وحُقُّها ثديُها، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ؛ والجُعْدُبةُ: النُّفَّاخاتُ الَّتِي تَكُونُ مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ، والكُعْدُبةُ: بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وكاهِلٌ وكَهْل وكُهَيْلٌ: أَسماء يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَصْغِيرُ كَهْل وأَن يَكُونَ تَصْغِيرُ كاهِلٍ تصغيرَ التَّرْخِيمِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَن يَكُونَ تَصْغِيرَ كَهْلٍ أَولى لأَن تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ لَيْسَ بِكَثِيرٍ فِي كَلَامِهِمْ. وكُهَيْلَة: مَوْضِعُ رَمْلٍ؛ قَالَ:
عُمَيْرِيَّة حَلَّتْ بِرَمْلِ كُهَيْلةٍ ... فبَيْنُونَةٍ، تَلْقى لَهَا الدهرَ مَرْتَعا
الْجَوْهَرِيُّ: كَاهِل أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الأَسد، وَهُوَ كَاهِل بْنُ أَسد بْنِ خُزيمة، وَهُمْ قَتَلَةُ أَبي امْرِئِ الْقَيْسِ. وكِنْهِل، بِالْكَسْرِ: اسْمُ مَوْضِعٍ أَو مَاءٍ.
كهبل: رَجُلٌ كَهْبَلٌ: قَصِيرٌ. والكَنَهْبَل، بِفَتْحِ الْبَاءِ وضمِّها: شَجَرٌ عِظام وَهُوَ مِنَ العِضاه؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما كَنَهْبُل فَالنُّونُ فِيهِ زَائِدَةً لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مِثَالِ سَفَرْجُل، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا يشتقُّ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ نُونٌ، فكَنهْبُل بِمَنْزِلَةِ عَرَنْتُنٍ، بنَوْهُ بِناءَه حِينَ زَادُوا النُّونَ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ نَفْسِ الْحَرْفِ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يصِف مَطَرًا وسَيلًا:
فأَضْحَى يَسُحُّ الماءَ مِنْ كُلِّ فِيقةٍ، ... يَكُبُّ عَلَى الأَذْقانِ دَوْحَ الكَنهْبُلِ «1»
. والكَنَهْبَل: لُغَةٌ فِيهِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني أَعرابي مَنْ أَهل السَّراة قَالَ: الكَنَهْبَلُ صِنْف مِنَ الطَّلْح جَفْرُ قِصار الشَّوْكِ. الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: الكَنَهْبَل وَاحِدَتُهَا كَنَهْبَلة؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ شَجَرٌ عِظام مَعْرُوفَةٌ، وأَنشد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ، قَالَ: وَلَا أَعرف فِي الأَسماء مِثْلَ كَنَهْبُل، وَقَالَ فِيهِ: الكَنَهْبُل مِنَ الشَّعِير أَضْخَمُه سُنْبُلةً، قَالَ: وَهِيَ شُعَيْرَةٌ يَمَانِيَّةٌ حَمْرَاءُ السُّنْبُلَةِ صَغِيرَةُ الحَبِّ.
كهدل: الكَهْدَل: الْعَنْكَبُوتُ، وَقِيلَ: العَجوز، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ حِينَ أَراد عَزْله عَنْ مِصْرَ: إِني أَتيتك مِنَ العِراق وإِنَّ أَمْرَك كحُقِّ الكَهْوَلِ، وَيُرْوَى: كحُقِّ الكَهْدَلِ بالدالِ عِوَض الْوَاوِ، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَما حُقُّ الكَهْدَل فإِني لَمْ أَسمع شَيْئًا مِمَّنْ يُوثَق بِعِلْمِهِ بِمَعْنَى أَنه بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ، وَيُقَالُ: إِنه ثَدْيُ الْعَجُوزِ، وَقِيلَ: الْعَجُوزُ نفسُها، وحُقُّها ثَدْيُهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. والكَهْدَل: الْجَارِيَةُ السَّمِينَةُ النَّاعِمَةُ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ فِيمَا رَوَى عَنْهُ الْقُتَيْبِيُّ: الكَهْدَل العاتِقُ مِنَ الجَواري؛ وأَنشد:
إِذا مَا الكَهْدَلُ العارِكُ ... ماسَتْ فِي جَوارِيها
حَسِبْتَ القَمَرَ الباهِرَ، ... فِي الحُسْن، يُباهِيها
وكَهْدَل: اسْمُ رَاجِزٍ؛ قَالَ يَعْنِي نَفْسَهُ:
قَدْ طَرَدَتْ أُمُّ الحَدِيدِ كَهْدَلا
__________
(1) . في رواية أخرى: فوق كُتَيفةٍ، وهو موضع في اليمن، بدل كلّ فِيقة(11/603)
أُم الْحَدِيدِ: امرأَته، والأَبيات بِكَمَالِهَا مَذْكُورَةٌ فِي حَرْفِ الْحَاءِ مِنْ بَابِ الدَّالِّ. وكَهْدَل: من أَسمائهم.
كهمل: كَهْمَل: ثقيلٌ وَخِمٌ. وأَخذ الأَمرَ مُكَهْمَلًا أَي بأَجمعه.
كول: تَكَوَّل القومُ عَلَيْهِ وتَثَوَّلوا عَلَيْهِ تَثَوُّلًا إِذا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَضَرَبُوهُ وَلَا يُقْلِعُون عَنْ ضَرْبِهِ وَلَا شَتْمه، وَقِيلَ: تَكَوَّلوا عَلَيْهِ وانْكالوا انْقَلَبُوا عَلَيْهِ بِالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ فَلَمْ يُقْلِعُوا، وَقِيلَ: انْكالوا عَلَيْهِ وانْثالوا بِهَذَا الْمَعْنَى. وتَكاوَل الرجلُ: تَقاصر. والكَوْلانُ، بِالْفَتْحِ: نَبْتٌ وَهُوَ البَرْدِيُّ، وَفِي الْمُحْكَمِ: نَبَاتٌ ينبُت فِي الْمَاءِ مِثْلَ البَرْدِيِّ يشبِه ورَقُه وساقُه السَّعْدَى «1» إِلا أَنه أَغلظ وأَعظم، وأَصله مِثْلُ أَصله يُجْعَلُ فِي الدَّوَاءِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَسَمِعَتْ بَعْضَ بَنِي أَسد يَقُولُ الكُولان، فيضم الكاف.
كيل: الكَيْلُ: المِكْيال. غَيْرُهُ: الكَيْل كَيْل البُرِّ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ مَصْدَرُ كَالَ الطعامَ وَنَحْوَهُ يَكِيلُ كَيْلًا ومَكالًا ومَكِيلًا أَيضاً، وَهُوَ شَاذٌّ لأَن الْمَصْدَرَ مِنْ فَعَل يَفْعِل مَفْعِل، بِكَسْرِ الْعَيْنِ؛ يُقَالُ: مَا فِي بُرِّكَ مَكالٌ، وَقَدْ قِيلَ مَكِيل عَنِ الأَخفش؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَكَذَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَصَوَابُهُ مَفْعَل بِفَتْحِ الْعَيْنِ. وكِيلُ الطعامُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وإِن شِئْتَ ضَمَمْتَ الْكَافَ، والطعامُ مَكِيلٌ ومَكْيُول مِثْلُ مَخِيط ومَخْيوط، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: كُوِلَ الطعامُ وبُوعَ واصْطُودَ الصَّيْدُ واسْتُوقَ مالُه، بِقَلْبِ الْيَاءِ وَاوًا حِينَ ضُمَّ مَا قَبْلَهَا لأَن الْيَاءَ السَّاكِنَةَ لَا تَكُونُ بَعْدَ حَرْفٍ مَضْمُومٍ. واكْتَالَه وكَالَه طَعَامًا وكَالَه لَهُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: اكْتَل يَكُونُ عَلَى الِاتِّحَادِ وَعَلَى المُطاوَعة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ
؛ أَي اكْتالوا مِنْهُمْ لأَنفسهم؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ مِنَ النَّاسِ، وَالِاسْمُ الكِيلَةُ، بِالْكَسْرِ، مِثْلُ الجِلْسة والرِّكْبة. واكْتَلْت مِنْ فُلَانٍ واكْتَلْت عَلَيْهِ وكِلْت فُلاناً طَعَامًا أَي كِلْتُ لَهُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ
؛ أَي كالُوا لَهُمْ. وَفِي الْمَثَلِ: أَحَشَفاً وسُوء كِيلة؟ أَي أَتَجْمَعُ عليَّ أَن يَكُونَ المَكِيل حَشَفاً وأَن يَكُونَ الكَيل مُطَفَّفاً؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حَشَف وَسُوءُ كِيلةٍ وكَيْلٍ ومَكِيلةٍ. وبُرٌّ مَكِيلٌ، وَيَجُوزُ فِي الْقِيَاسِ مَكْيُول، وَلُغَةُ بَنِي أَسد مَكُول، وَلُغَةٌ رَدِيئَةٌ مُكالٌ؛ قَالَ الأَزهري: أَما مُكالٌ فَمِنْ لُغَاتِ الحَضَرِيِّين، قَالَ: وَمَا أَراها عَرَبِيَّةً مَحْضَةً، وأَما مَكُول فَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ، وَاللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ مَكِيل ثُمَّ يَلِيهَا فِي الْجَوْدَةِ مَكْيول. اللَّيْثُ: المِكْيال مَا يُكالُ بِهِ، حَدِيدًا كَانَ أَو خَشَبًا. واكْتَلْتُ عَلَيْهِ: أَخذت مِنْهُ. يُقَالُ: كَال الْمُعْطِي واكْتال الآخِذ. والكَيْلُ والمِكْيَلُ والمِكْيال والمِكْيَلةُ: مَا كِيلَ بِهِ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ. وَرَجُلٌ كَيَّال: مِنَ الكَيْل؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي الإِمالة، فإِما أَن يَكُونَ عَلَى التَّكْثِيرِ لأَن فِعْله مَعْرُوفٌ، وإِما يُفَرّ إِلى النسَب إِذا عُدِم الْفِعْلُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
حِينَ تكالُ النِّيبُ فِي القَفِيزِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: أَراد حِينَ تَغْزُر فيُكال لَبَنُها كَيْلًا فَهَذِهِ النَّاقَةُ أَغزرهنَّ. وكَالَ الدراهمَ وَالدَّنَانِيرَ: وَزَنَهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي خَاصَّةً؛ وأَنشد لِشَاعِرٍ جعل الكَيْل وَزْناً:
قارُروة ذَاتُ مِسْك عِنْدَ ذِي لَطَفٍ، ... مِنَ الدَّنانيرِ، كَالُوها بمِثْقال
__________
(1) . قوله [السعدى] هكذا في الأصل ولم نجده اسماً لنبت فيما بأيدينا من كتب اللغة، ولعله السعادى كحبارى لغة في السعد بالضم النبت المعروف(11/604)
فإِما أَن يَكُونَ هَذَا وَضْعاً، وإِما أَن يَكُونَ عَلَى النَّسَبِ لأَن الكَيْل وَالْوَزْنَ سَوَاءٌ فِي معرِفة المَقادير. وَيُقَالُ: كِلْ هَذِهِ الدراهمَ، يُرِيدُونَ زِنْ. وَقَالَ مُرَّة: كُلُّ مَا وُزِنَ فَقَدْ كِيلَ. وَهُمَا يتَكايَلان أَي يتَعارَضان بالشَّتْم أَو الوَتْرِ؛ قَالَتِ امرأَة مِنْ طيِءٍ:
فيَقْتل خيراً بامرِئٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ... نِواءٌ، وَلَكِنْ لَا تَكَايُلَ بالدَّمِ
قَالَ أَبو رِياش: مَعْنَاهُ لَا يَجُوزُ لَكَ أَن تَقْتُلَ إِلَّا ثأْرَك وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ المُساواة فِي الْفَضْلِ إِذا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ. وكَايَلَ الرجلُ صاحبَه: قَالَ لَهُ مِثْلَ مَا يَقُولُ أَو فَعَل كَفِعْلِهِ. وكَايَلْته وتَكَايَلْنا إِذا كَالَ لَكَ وكِلْتَ لَهُ فَهُوَ مُكَائِل، بِالْهَمْزِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه نَهَى عَنِ المُكايَلة
وَهِيَ المُقايَسة بالقَوْل وَالْفِعْلِ، وَالْمُرَادُ المُكافأَة بالسُّوءِ وتركُ الإِغْضاء والاحتمالِ أَي تَقُولُ لَهُ وتفعَل مَعَهُ مِثْلَ مَا يَقُولُ لَكَ وَيَفْعَلُ مَعَكَ، وَهِيَ مُفاعلة مِنَ الكَيْل، وَقِيلَ: أَراد بِهَا المُقايَسة فِي الدِّين وَتَرْكَ الْعَمَلِ بالأَثر. وكَالَ الزَّنْدُ يَكِيلُ كَيْلًا: مِثْلَ كَبا وَلَمْ يخرِج نَارًا فَشَبَّهَ مؤخَّر الصُّفُوفِ «1» فِي الْحَرْبِ بِهِ لأَنه لَا يُقاتِل مَن كَانَ فِيهِ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: المِكْيال مِكْيال أَهل الْمَدِينَةِ والمِيزانُ مِيزانُ أَهلِ مَكَّةَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقال إِن هَذَا الْحَدِيثَ أَصل لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الكَيْل والوَزْن، وإِنما يأْتَمُّ النَّاسُ فِيهِمَا بأَهل مَكَّةَ وأَهل الْمَدِينَةِ، وإِن تغيَّر ذَلِكَ فِي سَائِرِ الأَمصار، أَلا تَرَى أَن أَصل التَّمْرِ بِالْمَدِينَةِ كَيْلٌ وَهُوَ يُوزَن فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمصار، وأَنَّ السَّمْن عِنْدَهُمْ وَزْن وَهُوَ كَيْل فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمصار؟ وَالَّذِي يُعْرَفُ بِهِ أَصل الكَيْل والوَزْن أَن كُلَّ مَا لَزِمه اسْمُ المَخْتوم والقَفِيزِ والمَكُّوكِ والمُدِّ والصاعِ فَهُوَ كَيْل، وكلُّ مَا لَزِمَهُ اسْمُ الأَرْطالِ والأَواقيِّ والأَمْناءِ فَهُوَ وَزْنٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالتَّمْرُ أَصله الكَيْل فَلَا يَجُوزُ أَن يُبَاعَ مِنْهُ رِطْل بِرِطْلٍ وَلَا وَزْنٌ بِوَزْنٍ، لأَنه إِذا رُدَّ بَعْدَ الْوَزْنِ إِلى الْكَيْلِ تَفاضَل، إِنما يُباع كَيْلًا بكَيْل سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ أَصله مَوْزُوناً فإِنه لَا يَجُوزُ أَن يُباع مِنْهُ كَيْل بكَيْل، لأَنه إِذا رُدَّ إِلى الْوَزْنِ لَمْ يؤْمن فِيهِ التَّفاضُل، قَالَ: وإِنما احْتِيجَ إِلى هَذَا الْحَدِيثِ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يتَهافت النَّاسُ فِي الرِّبَا الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ، وَكُلُّ مَا كَانَ فِي عَهْد النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَكَّةَ والمدينة مَكِيلًا فَلَا يُباعُ إِلا بالكَيْل، وَكُلُّ مَا كَانَ بِهَا مَوْزُوناً فَلَا يُباع إِلا بِالْوَزْنِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الرِّبا بالتَّفاضُل، وَهَذَا فِي كُلِّ نَوْعٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَحكام الشَّرْعِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ مَا يَتعامل بِهِ الناسُ فِي بِياعاتِهم، فأَما المِكْيال فَهُوَ الصَّاعُ الَّذِي يتعلَّق بِهِ وُجوب الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنَّفَقَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِكَيْلِ أَهل الْمَدِينَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ البُلْدان لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ مِفْعال مِنَ الكَيْل، وَالْمِيمُ فِيهِ لِلْآلَةِ؛ وأَما الوَزْن فَيُرِيدُ بِهِ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ خَاصَّةً لأَن حَقَّ الزَّكَاةِ يتعلَّق بِهِمَا، ودِرْهمُ أَهلِ مَكَّةَ سِتَّةُ دَوانيق، وَدَرَاهِمُ الإِسلام المعدَّلة كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثاقيل، وَكَانَ أَهلُ الْمَدِينَةِ يتَعاملون بِالدَّرَاهِمِ عِنْدَ مَقْدَمِ سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالعَدَدِ فأَرْشَدَهم إِلى وَزْنِ مَكَّةَ، وأَما الدَّنَانِيرُ فَكَانَتْ تُحْمَلُ إِلى الْعَرَبِ مِنَ الرُّوم إِلى أَن ضَرَبَ عبدُ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوان الدِّينَارَ فِي أَيامه، وأَما الأَرطالُ والأَمْناءُ فَلِلنَّاسِ فِيهَا عَادَاتٌ
__________
(1) . قوله [فشبه مؤخر الصفوف إلى قوله من كان فيه] هكذا في الأصل هنا، وقد ذكره ابن الأثير عقب حديث دجانة، ونقله المؤلف عنه فيما يأتي عقب ذلك الحديث ولا مناسبة له هنا فالاقتصار على ما يأتي أحق(11/605)
مُخْتَلِفَةٌ فِي البُلْدان وَهُمْ مُعاملون بِهَا ومُجْرَوْن عَلَيْهَا. والكَيُّولُ: آخِرُ الصُّفوفِ فِي الْحَرْبِ، وَقِيلَ: الكَيُّول مُؤَخَّرُ الصُّفُوفِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يقاتِلُ العدوَّ فسأَله سَيْفًا يقاتِل بِهِ فَقَالَ لَهُ: فلَعَلَّك إِن أَعطيتك أَن تَقُومَ فِي الكَيُّول، فَقَالَ: لَا، فأَعطاه سَيْفًا فَجَعَلَ يُقاتِل وَهُوَ يَقُولُ:
إِنِّي امْرُؤٌ عاهَدَني خَلِيلي ... أَن لَا أَقومَ الدَّهْرَ فِي الكَيُّولِ
أَضْرِبْ بسيفِ اللَّهِ والرسولِ، ... ضَرْبَ غُلامٍ ماجدٍ بُهْلولِ
فَلَمْ يَزَلْ يقاتِل به حَتَّى قُتِل.
الأَزهري: أَبو عُبَيْدٍ الكَيُّولُ هُوَ مُؤَخَّرُ الصُّفُوفِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ إِلا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَسَكَّنَ الباءَ فِي أَضْرِبْ لِكَثْرَةِ الْحَرَكَاتِ. وتَكَلَّى الرجلُ أَي قَامَ فِي الكَيُّول، والأَصل تَكَيَّل وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرجَز لأَبي دُجَانَةَ سِمَاك بْنِ خَرَشَةَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الكَيُّول، فَيْعُول، مِنْ كَالَ الزندُ إِذا كَبَا وَلَمْ يُخْرِجْ نَارًا، فشبَّه مؤخَّر الصُّفُوفِ بِهِ لأَن مَنْ كَانَ فِيهِ لَا يُقاتِل، وَقِيلَ: الكَيُّول الجَبَان؛ والكَيُّول: مَا أَشرف مِنَ الأَرض، يُريد تقومُ فوقَه فَتَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ غَيْرُكَ. أَبو مَنْصُورٍ: الكَيُّول فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا خَرَجَ مِنْ حَرِّ الزَّنْد مُسْوَدّاً لَا نَارَ فِيهِ. اللَّيْثُ: الْفَرَسُ يُكايِل الْفَرَسَ فِي الجَرْي إِذا عارَضه وَبَارَاهُ كأَنه يَكِيل لَهُ مِنْ جَرْيهِ مِثْلَ مَا يَكِيل لَهُ الْآخَرُ. ابْنُ الأَعرابي: المُكَايَلَة أَن يتَشاتَم الرَّجُلَانِ فيُرْبِي أَحدهما عَلَى الْآخَرِ، والمُوَاكَلَة أَن يُهْدِيَ المُدانُ للمَدِينِ ليُؤخِّر قَضَاءَهُ. وَيُقَالُ: كِلْتُ فُلَانًا بفلانٍ أَي قِسْتُه بِهِ، وإِذا أَردْت عِلْمَ رَجُلٍ فكِلْهُ بِغَيْرِهِ، وكِلِ الفرسَ بِغَيْرِهِ أَي قِسْه بِهِ فِي الجَرْي؛ قَالَ الأَخطل:
قَدْ كِلْتُموني بالسَّوابِقِ كُلِّها، ... فَبَرَّزْتُ مِنْهَا ثَانِيًا مِنْ عِنَانِيَا
أَي سَبَقْتُهَا وَبَعْضُ عِناني مَكْفوف. والكِيَالُ: المُجاراة؛ قَالَ:
أُقْدُرْ لنَفْسِكَ أَمْرَها، ... إِن كَانَ مِنْ أَمْرٍ كِيَالَهْ
وَذَكَرَ أَبو الْحَسَنِ بْنُ سِيدَهْ فِي أَثناء خُطْبة كِتَابِهِ الْمُحْكَمِ مِمَّا قَصَدَ بِهِ الوَضْعَ مِنْ ابْنِ السِّكِّيتِ فَقَالَ: وأَيُّ مَوْقِفةٍ أَخْزَى لِواقِفِها مِنْ مَقَامَةِ أَبي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ إِسحاق السِّكِّيتِ مَعَ أَبي عُثْمَانَ الْمَازِنِيِّ بَيْنَ يَدَيِ المتوكِّل جَعْفَرٍ؟ وَذَلِكَ أَن الْمُتَوَكِّلَ قَالَ: يَا مَازِنِيُّ سَلْ يَعْقُوبَ عَنْ مسأَلة مِنَ النَّحْوِ، فَتَلَكَّأَ الْمَازِنِيُّ عِلْماً بتأَخر يَعْقُوبَ فِي صِنَاعَةِ الإِعراب، فعَزَم الْمُتَوَكِّلُ عَلَيْهِ وَقَالَ: لَا بدَّ لَكَ مِنْ سُؤَالِهِ، فأَقبل الْمَازِنِيُّ يُجْهِد نَفْسَهُ فِي التَّلْخِيصِ وتَنكُّب السُّؤَالِ الحُوشِيِّ العَوِيص، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبا يُوسُفَ مَا وَزْن نَكْتَلْ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ
، فَقَالَ لَهُ: نَفْعَل؛ قَالَ: وَكَانَ هُنَاكَ قَوْمٌ قَدْ عَلِمُوا هَذَا المِقْدار، ولم يُؤْتَؤْا مِنْ حَظِّ يَعْقُوبَ فِي اللُّغَةِ المِعْشار، فَفَاضُوا ضَحِكاً، وأَداروا مِنَ اللَّهْو فَلَكاً، وَارْتَفَعَ المتوكِّل وَخَرَجَ السِّكِّيتي وَالْمَازِنَيُّ، فَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يَا أَبا عُثْمَانَ أَسأْت عِشْرَتي وأَذْويْتَ بَشَرتي، فَقَالَ لَهُ الْمَازِنِيُّ: وَاللَّهِ مَا سأَلتُك عَنْ هَذَا حَتَّى بَحَثْتُ فَلَمْ أَجد أَدْنى مِنْهُ مُحاوَلًا، وَلَا أَقْرَب منه مُتَناوَلًا.(11/606)
فصل اللام
لثل: لَثْلةُ: موضع.
لعل: الْجَوْهَرِيُّ: لَعَلَّ كَلِمَةُ شَكٍّ، وأَصلها عَلَّ، وَاللَّامُ فِي أَولها زَائِدَةٌ؛ قَالَ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ:
يَقُولُ أُناسٌ: عَلَّ مجنونَ عامِرٍ ... يَرُومُ سُلُوّاً قلتُ: إِنِّي لِمَا بيَا
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِنَافِعِ بْنِ سَعْدٍ الغَنَويّ:
ولَسْتُ بِلَوَّامٍ عَلَى الأَمْرِ بعد ما ... يفوتُ، وَلَكِنْ عَلَّ أَنْ أَتَقَدَّما
وَيُقَالُ: لَعَلِّي أَفعل ولَعَلَّني أَفعل بِمَعْنًى، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ لَعَلَّ، وَهِيَ كَلِمَةُ رجاءٍ وطمَع وَشَكٍّ، وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى كَيْ. وَفِي حَدِيثِ
حاطِب: وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهل بَدْرٍ فَقَالَ لَهُمُ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غفرتُ لَكُمْ؟
قَالَ ابْنُ الأَثير: ظَنَّ بعضُهم أَن مَعْنَى لعَلَّ هَاهُنَا مِنْ جِهَةِ الظَّنِّ وَالْحُسْبَانِ، قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وإِنما هِيَ بِمَعْنَى عَسَى، وعَسَى ولَعَلَّ مِنَ اللَّهِ تحقيق.
لمل: اللَّمَالُ: الكُحْل؛ حَكَاهُ أَبو رِياش؛ وأَنشد:
لَهَا زَفَراتٌ مِنْ بَوَادِرِ عَبْرةٍ، ... يَسُوقُ اللَّمَالَ المَعْدِنيَّ انْسِجالُها
وَقِيلَ: إِنما هُوَ اللُّمَالُ، بِالضَّمِّ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ كُرَاعٌ. والتَّلَمُّلُ بِالْفَمِ: كالتَّلَمُّظ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
وَتَكُونُ شَكْواها إِذا هِيَ أَنْجَدَتْ، ... بعدَ الكَلالِ، تَلَمُّلٌ وصَرِيفُ
ليل: اللَّيْلُ: عَقِيبُ النَّهَارِ ومَبْدَؤُه مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ. التَّهْذِيبُ: اللَّيْلُ ضِدَّ النَّهَارِ واللَّيْلُ ظَلَامُ اللَّيْلِ والنهارُ الضِّياءُ، فإِذا أَفرَدْت أَحدهما مِنَ الْآخَرِ قُلْتَ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ، وَتَصْغِيرُ لَيْلَةٍ لُيَيْلِيَةٌ، أَخرجوا الياء الأَخيرة من مَخْرَجها فِي اللَّيَالِي، يَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِنما كَانَ أَصل تأْسيس بِنائها لَيْلا مَقْصُورٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَيْلَة كَانَتْ فِي الأَصل لَيْلِية، وَلِذَلِكَ صغِّرت لُيَيْلِيَة، وَمِثْلُهَا الكَيْكَةُ البَيْضة كَانَتْ فِي الأَصل كَيْكِية، وَجَمْعُهَا الكَياكي. أَبو الْهَيْثَمِ: النَّهار اسْمٌ وَهُوَ ضدُّ اللَّيْلِ، والنهارُ اسْمٌ لِكُلِّ يَوْمٍ، واللَّيْل اسْمٌ لِكُلِّ لَيْلَةٍ، لَا يُقَالُ نَهار ونَهاران وَلَا لَيْلٌ ولَيْلان، إِنما وَاحِدُ النَّهَارِ يَوْمٌ وَتَثْنِيَتُهُ يَوْمَانِ وَجَمْعُهُ أَيام، وَضِدُّ الْيَوْمِ لَيْلَة وَجَمْعُهَا لَيَال، وَكَانَ الْوَاحِدُ لَيْلاة فِي الأَصل، يدلُّ عَلَى ذَلِكَ جَمْعُهُمْ إِياها اللَّيالي وَتَصْغِيرُهُمْ إِياها لُيَيْلِيَة، قَالَ: وَرُبَّمَا وَضَعَتِ الْعَرَبُ النَّهَارَ فِي مَوْضِعِ الْيَوْمِ فَيَجْمَعُونَهُ حِينَئِذٍ نُهُر؛ وَقَالَ دُرَيْد بْنُ الصِّمَّة:
وَغارة بَيْنَ الْيَوْمِ والليلِ فَلْتَةً، ... تَدارَكْتُها وَحْدي بسِيدٍ عَمَرَّد
فَقَالَ: بَيْنَ الْيَوْمِ واللَّيلِ، وَكَانَ حقُّه بَيْنَ الْيَوْمِ واللَّيلة لأَن اللَّيْلَةَ ضِدُّ الْيَوْمِ وَالْيَوْمُ ضِدُّ اللَّيْلَةِ، وإِنما الليل ضِدُّ النَّهَارِ كأَنه قَالَ بَيْنَ النَّهَارِ وَبَيْنَ اللَّيْلِ، وَالْعَرَبُ تستَجِيز فِي كَلَامِهَا: تَعَالَى النهارُ، فِي مَعْنَى تَعَالَى الْيَوْمُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ سِيرَ عَلَيْهِ لَيْلٌ، وَهُمْ يُرِيدُونَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فإِنما حَذَفَ الصِّفَةَ لِمَا دَلَّ مِنَ الْحَالِ عَلَى مَوْضِعِهَا، وَاحِدَتُهُ لَيْلَة وَالْجَمْعُ لَيَالٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، توهَّموا وَاحِدَتَهُ لَيْلاة، وَنَظِيرُهُ مَلامِح وَنَحْوُهَا مِمَّا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَتَصْغِيرُهَا لُيَيْلِيَة، شَذَّ التَّحْقِيرُ كَمَا شَذَّ التَّكْسِيرُ؛ هَذَا مَذْهَبُ(11/607)
سِيبَوَيْهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي لَيْلاة؛ وأَنشد:
فِي كلِّ يَوْمٍ مَا وكلِّ لَيْلاهْ ... حَتَّى يقولَ كلُّ راءٍ إِذ رَاهْ:
يَا وَيْحَهُ مِنْ جَمَلٍ مَا أَشْقاهْ
وَحَكَى الْكِسَائِيُّ: لَيايِل جَمْعُ لَيْلَة، وَهُوَ شَاذٌّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْكُمَيْتِ:
جَمَعْتُك والبَدْرَ بنَ عائشةَ الَّذِي ... أَضاءتْ بِهِ مُسْحَنْكِكاتُ اللَّيَايِل
الْجَوْهَرِيُّ: اللَّيْل وَاحِدٌ بِمَعْنَى جَمْعٍ، وَوَاحِدُهُ لَيْلَةٌ مِثْلُ تَمْرة وتَمْر، وَقَدْ جُمِعَ عَلَى لَيَالٍ فَزَادُوا فِيهِ الْيَاءُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، قَالَ: وَنَظِيرُهُ أَهل وأَهالٍ، وَيُقَالُ: كأَنَّ الأَصل فِيهَا لَيْلاة فَحُذِفَتْ. واللَّيْنُ: اللَّيْل عَلَى الْبَدَلِ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ؛ وأَنشد:
بَناتُ وُطَّاءٍ عَلَى خَدِّ اللَّيْنْ، ... لَا يَشْتَكِينَ عَمَلًا مَا أَنْقَيْنْ،
مَا دامَ مُخٌّ فِي سُلامَى أَو عَيْنْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ:
بَناتُ وُطّاءٍ عَلَى خَدّ اللَّيْلْ ... لأُمِّ مَنْ لَمْ يَتَّخِذْهُنَّ الوَيْلْ
وَلَيْلَةٌ لَيْلاءُ ولَيْلى: طَوِيلَةٌ شَدِيدَةٌ صَعْبَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ أَشد لَيالي الشَّهْرِ ظُلْمَةً، وَبِهِ سُمِّيَتِ المرأَة لَيْلَى، وَقِيلَ: اللَّيْلاء لَيْلَةُ ثَلَاثِينَ، ولَيْلٌ أَلْيَلُ ولائلٌ ومُلَيَّلٌ كَذَلِكَ، قَالَ: وأَظنهم أَرادوا بِمُلَيَّل الْكَثْرَةَ كأَنهم توهَّموا لُيِّلَ أَي ضُعِّف لَيَالِيَ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شَأْس:
وَكَانَ مجُودٌ كالجَلامِيدِ بعدَ ما ... مَضى نصفُ لَيْلٍ، بَعْدَ لَيْلٍ مُلَيَّلِ «2»
. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ تَقُولُ الْعَرَبُ هَذِهِ لَيْلةٌ لَيْلاءُ إِذا اشتدَّت ظُلمتها، ولَيْلٌ أَلْيَل. وأَنشد للكُميت: ولَيْلهم الأَليَل؛ قَالَ: وَهَذَا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ وأَما فِي الْكَلَامِ فلَيْلاء. وليلٌ أَلْيَلُ: شَدِيدُ الظُّلْمَةِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
قَالُوا وخاثِرُهُ يُرَدُّ عليهمُ، ... والليلُ مُخْتَلِطُ الغَياطِلِ أَلْيَلُ
ولَيْلٌ أَليَلُ: مِثْلُ يَوْم أَيْوَمُ. وأَلالَ القومُ وأَليَلوا: دَخَلُوا فِي اللَّيْلِ. ولايَلْتُه مُلايَلَةً ولِيالًا: استأْجرته لِلَّيْلَةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وعامَله مُلايَلةً: مِنَ اللَّيْلِ، كَمَا تَقُولُ مُياوَمة مِنَ الْيَوْمِ. النَّضِرُ: أَلْيَلْتُ صِرْت فِي اللَّيْلِ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
لَسْتُ بِلَيْلِيٍّ ولكِنِّي نَهِرْ
يَقُولُ: أَسير بِالنَّهَارِ وَلَا أَستطيع سُرى اللَّيْلِ. قَالَ: وإِلى نِصْفِ النَّهَارِ تَقُولُ فعلتُ الليلةَ، وإِذا زَالَتِ الشَّمْسُ قلتَ فعلتُ البارحةَ لِلَّيْلةِ الَّتِي قَدْ مَضَتْ. أَبو زَيْدٍ: الْعَرَبُ تَقُولُ رأَيت الليلةَ فِي مَنَامِي مُذْ غُدْوةٍ إِلى زَوال الشَّمْسِ، فإِذا زَالَتْ قَالُوا رأَيت البارحةَ فِي مَنَامِي، قَالَ: وَيُقَالُ تَقْدَمُ الإِبلُ هذه اللَّيْلَةَ التي في السَّمَاءِ إِنما تَعْنِي أَقربَ اللَيْلِيّ مِنْ يَوْمِكَ، وَهِيَ الليلةُ الَّتِي تَلِيهِ. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: الهِلالُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ التي في السماء يَعْنِي الليلةَ الَّتِي تَدْخُلُهَا، يُتَكَلَّم بِهَذَا فِي النَّهَارِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لِلَيْلة ثمانٍ وَعِشْرِينَ الدَّعْجاءُ، وللَيْلَة تسعٍ وعشرين الدَّهماءُ،
__________
(2) . قوله [وكان مجود] هكذا في الأصل(11/608)
وللَيْلَة الثَّلَاثِينَ اللَّيْلاءُ، وَذَلِكَ أَظلمها، وليلةٌ ليْلاءُ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
كَمْ ليلةٍ لَيْلاءَ مُلْبِسة الدُّجَى ... أُفْقَ السَّمَاءِ سَرَيْت غَيْرَ مُهَيَّب
واللَّيْلُ: الذكَر والأُنثى جَمِيعًا مِنَ الحُبارَى، وَيُقَالُ: هُوَ فَرْخُهما، وَكَذَلِكَ فَرْخ الكَرَوان؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
والشَّيْب ينْهَضُ فِي الشَّبابِ، كأَنه ... لَيْلٌ يَصِيحُ بِجانِبَيْهِ نَهارُ
قِيلَ: عَنَى باللَّيْل فَرْخَ الكَرَوان أَو الحُبارَى، وبالنَّهار فَرْخَ القَطاة، فحُكِيَ ذَلِكَ لِيُونُسَ فَقَالَ: اللَّيْل ليلُكم والنَّهار نَهاركم هَذَا. الْجَوْهَرِيُّ: وَذَكَرَ قَوْمٌ أَن اللَّيْل وَلَدُ الكَروان، والنَّهار وَلَدُ الحُبارى، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الأَشعار، قَالَ: وَذَكَرَ الأَصمعي فِي كِتَابِ الفَرْقِ النَّهارَ وَلَمْ يذكُر الليلَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ الَّذِي عَناه الجوهريُّ بِقَوْلِهِ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الأَشعار هُوَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَكَلْتُ النَّهارَ بنِصْفِ النَّهار، ... ولَيْلًا أَكَلْتُ بليلٍ بَهِيم
وأُمُّ لَيْلَى: الخمرُ السَّوْداء؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. التَّهْذِيبَ: وأُم لَيْلَى الْخَمْرُ، وَلَمْ يقيِّدها بِلَوْنٍ، قَالَ: ولَيْلَى هِيَ النَّشْوَةُ، وَهُوَ ابتداءُ السُّكْر. وحَرَّةُ لَيْلَى: مَعْرُوفَةٌ فِي الْبَادِيَةِ وَهِيَ إِحْدَى الحِرَار. ولَيْلَى: مِنْ أَسماء النِّسَاءِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ اسْمُ امرأَة، وَالْجَمْعُ لَيَالِي؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَمْ أَرَ فِي صَواحِبِ النِّعالِ، ... اللَّابِساتِ البُدَّنِ الحَوَالي،
شِبْهاً لِلَيْلَى خِيرةِ اللَّيَالِي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ لَيْلَى مِنْ أَسماء الْخَمْرَةِ، وَبِهَا سُمِّيَتِ المرأَة؛ قَالَ: وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَجَمْعُهُ لَيَالَى، قَالَ: وَصَوَابُهُ وَالْجَمْعُ لَيَالٍ. وَيُقَالُ للْمُضَعَّفِ والمُحَمَّقِ: أَبو لَيْلَى. قَالَ الأَخفش عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ: الَّذِي صَحَّ عِنْدَهُ أَن مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ كَانَ يُكْنى أَبا لَيْلَى؛ وَقَدْ قَالَ ابْنُ هَمَّامٍ السَّلُولِيّ:
إِنِّي أَرَى فِتْنةً تَغْلي مَرَاجِلُها، ... والمُلْكُ بَعْدَ أَبي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبا
قَالَ: وَيُحْكَى أَن مُعَاوِيَةَ هَذَا لَمَّا دُفِن قَامَ مَرْوان بْنُ الحَكَم عَلَى قَبْرِهِ ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُون مَن دَفَنْتُمْ؟ قَالُوا: مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: هَذَا أَبو لَيْلَى؛ فَقَالَ أَزْنَمُ الفَزَارِي:
لَا تخْدَعَنَّ بآباءٍ ونِسْبَتِها، ... فالمُلْكُ بعدَ أَبي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبا
وَقَالَ الْمُدَايِنِيُّ: يُقَالُ إِنَّ القُرَشِيَّ إِذا كان ضعيفاً يقال له أَبو لَيْلَى، وإِنما ضَعُفَ مُعَاوِيَةُ لأَنَّ وِلايته كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَشهر؛ قَالَ: وأَما عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ أَبو لَيْلَى لأَنَّ لَهُ ابْنَةً يُقَالُ لَهَا لَيْلَى، وَلَمَّا قُتِلَ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ:
إِنِّي أَرَى فِتْنَةً تَغْلي مَراجِلُها، ... والمُلْكُ بَعْدَ أَبي لَيْلَى لِمن غَلَبا
قَالَ: وَيُقَالُ أَبو لَيْلَى أَيضاً كُنْيةُ الذكَر؛ قَالَ نَوْفَلُ بْنُ ضَمْرَةَ الضَّمْري:
إِذا مَا لَيْلِي ادْجَوْجَى، رَماني ... أَبو لَيْلَى بِمُخْزِيةٍ وعَارِ
ولَيْلٌ ولَيْلَى: مَوْضِعَانِ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةُ:(11/609)
مَا اضْطَرَّك الحِرْزُ مِنْ لَيْلَى إِلى بَرَد ... تَخْتارُه مَعْقِلًا عَنْ جُشِّ أَعْيارِ «1»
. يُرْوَى: مِنْ لَيْلٍ وَمِنْ لَيْلى.
فصل الميم
مأل: رَجُلٌ مَأْلٌ ومَئِلٌ: ضَخم كَثِيرُ اللَّحْمِ تَارٌّ، والأُنثى مَأْلَةٌ ومَئِلةٌ، وَقَدْ مَأَلَ يَمْأَلُ: تَمَلَّأَ وضخُم؛ التَّهْذِيبِ: وَقَدْ مَئِلْتَ تَمْأَل ومَؤُلْتَ تَمْؤُل. وَجَاءَهُ أَمْرٌ مَا مَأَلَ لَهُ مَأْلًا وَمَا مَأَلَ مَأْلَهُ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، أَي لَمْ يستعدَّ لَهُ وَلَمْ يشعُر بِهِ؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: مَا تَهيَّأَ لَهُ. ومَوْأَلة: اسْمُ رَجُلٍ فِيمَنْ جَعَلَهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مَفْعَل شَاذٌّ، وَتَعْلِيلُهُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
متل: مَتَلَ الشيءَ مَتْلًا: زَعْزَعَهُ أَو حرَّكه.
مثل: مِثل: كلمةُ تَسْوِيَةٍ. يُقَالُ: هَذَا مِثْله ومَثَله كَمَا يُقَالُ شِبْهه وشَبَهُه بِمَعْنًى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْفَرْقُ بَيْنَ المُمَاثَلَة والمُساواة أَن المُساواة تَكُونُ بَيْنَ المختلِفين فِي الجِنْس والمتَّفقين، لأَن التَّساوِي هُوَ التكافُؤُ فِي المِقْدار لَا يَزِيدُ وَلَا ينقُص، وأَما المُمَاثَلَة فَلَا تَكُونُ إِلا فِي الْمُتَّفِقِينَ، تَقُولُ: نحوُه كنحوِه وفقهُه كفقهِه ولونُه كلونِه وطعمُه كطعمِه، فإِذا قِيلَ: هُوَ مِثْله عَلَى الإِطلاق فَمَعْنَاهُ أَنه يسدُّ مسدَّه، وإِذا قِيلَ: هُوَ مِثْلُه فِي كَذَا فَهُوَ مُساوٍ لَهُ فِي جهةٍ دُونَ جهةٍ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هُوَ مُثَيْلُ هَذَا وَهُمْ أُمَيْثَالُهم، يريدون أَن المشبَّه بِهِ حَقِيرٌ كَمَا أَن هَذَا حَقِيرٌ. والمِثْل: الشِّبْه. يُقَالُ: مِثْل ومَثَل وشِبْه وشَبَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وقوله عز وجل: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ
؛ جَعَل مِثْل وَمَا اسْمًا وَاحِدًا فَبَنَى الأَولَ عَلَى الْفَتْحِ، وَهُمَا جَمِيعًا عِنْدَهُمْ فِي مَوْضِعِ رفعٍ لِكَوْنِهِمَا صِفَةً لِحَقٍّ، فإِن قُلْتَ: فَمَا مَوْضِعُ أَنكم تنطِقون؟ قِيلَ: هُوَ جَرٌّ بإِضافة مِثْلَ مَا إِليه، فإِن قُلْتَ: أَلا تَعْلَمُ أَن مَا عَلَى بِنائها لأَنها عَلَى حَرْفَيْنِ الثَّانِي مِنْهُمَا حرفُ لِينٍ، فَكَيْفَ تَجُوزُ إِضافة الْمَبْنِيِّ؟ قِيلَ: لَيْسَ الْمُضَافُ مَا وحدَها إِنما الْمُضَافُ الِاسْمُ الْمَضْمُومُ إِليه مَا، فَلَمْ تَعْدُ مَا هَذِهِ أَن تَكُونَ كَتَاءِ التأْنيث فِي نَحْوِ جَارِيَةِ زيدٍ، أَو كالأَلف وَالنُّونِ فِي سِرْحان عَمْرو، أَو كَيَاءِ الإِضافة فِي بَصْرِيِّ القومِ، أَو كأَلف التأْنيث فِي صَحْرَاءِ زُمٍّ، أَو كالأَلف وَالتَّاءِ فِي قَوْلِهِ:
فِي غائلاتِ الحائِر المُتَوّهِ
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
؛ أَراد لَيْسَ مِثْلَه لَا يَكُونُ إِلا ذَلِكَ، لأَنه إِن لَمْ يَقُل هَذَا أَثبتَ لَهُ مِثْلًا، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ؛ ونظيرُه مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ:
لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فِيهَا كالمَقَقْ
أَي مَقَقٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: إِن قَالَ قَائِلٌ وَهَلْ للإِيمان مِثْل هُوَ غَيْرُ الإِيمان؟ قِيلَ لَهُ: الْمَعْنَى وَاضِحٌ بيِّن، وتأْويلُه إِن أَتَوْا بتصديقٍ مِثْلِ تَصْدِيقِكُمْ فِي إِيمانكم بالأَنبياء وَتَصْدِيقِكُمْ كَتَوْحِيدِكُمْ «2» فَقَدِ اهْتَدَوْا أَي قَدْ صَارُوا مُسْلِمِينَ مِثْلَكُمْ. وَفِي حَدِيثِ
المِقْدام: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الكِتاب ومِثْلَه مَعَهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ مِنَ التأْويل: أَحدهما أَنه أُوتِيَ من الوَحْي الباطِن
__________
(1) . قوله [وَقَوْلُ النَّابِغَةِ مَا اضْطَرَّكَ إلخ] كذا بالأصل هنا، وفي مادة جشش وفي ياقوت هنا ومادة برد: قال بدر بن حزان
(2) . قوله [وتصديقكم كتوحيدكم] هكذا في الأَصل، ولعله وبتوحيد كتوحيدكم(11/610)
غيرِ المَتْلُوِّ مِثْلَ مَا أُعطيَ مِنَ الظَّاهِرِ المَتْلُوِّ، وَالثَّانِي أَنه أُوتي الكتابَ وَحْياً وأُوتي مِنَ البَيان مثلَه أَي أُذِنَ لَهُ أَن يبيِّن مَا فِي الْكِتَابِ فيَعُمَّ ويَخُصَّ ويَزيد وينقُص، فَيَكُونُ فِي وُجوب العَمَل بِهِ وَلُزُومِ قَبُولِهِ كالظاهِر المَتْلوِّ مِنَ الْقُرْآنِ. وَفِي حَدِيثِ
المِقْدادِ: قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه قبلَ أَن يقولَ كَلِمَتَهُ
أَي تَكُونُ مِنْ أَهل النَّارِ إِذا قتلتَه بَعْدَ أَن أَسْلَمَ وتلفَّظ بِالشَّهَادَةِ، كَمَا كَانَ هُوَ قَبْلَ التلفُّظ بِالْكَلِمَةِ مِنْ أَهل النَّارِ، لَا أَنه يَصِيرُ كَافِرًا بِقَتْلِهِ، وَقِيلَ: إِنك مِثْله فِي إِباحة الدَّمِ لأَن الكافرَ قَبْلَ أَن يُسْلِم مُباحُ الدَّمِ، فإِن قَتَلَهُ أَحد بَعْدَ أَن أَسلم كَانَ مُباحَ الدَّمِ بحقِّ القِصاصِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
صَاحِبِ النِّسْعةِ: إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: جَاءَ فِي رِوَايَةِ
أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ الرجلَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَردت قَتْله
، فَمَعْنَاهُ أَنه قَدْ ثَبت قَتْلُه إِياه وأَنه ظَالِمٌ لَهُ، فإِن صَدَقَ هُوَ فِي قَوْلِهِ إِنه لَمْ يُرِد قَتْله ثُمَّ قَتَلْتَه قِصاصاً كنتَ ظَالِمًا مثلَه لأَنه يَكُونُ قَدْ قَتَلَه خَطَأً. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
أَمَّا العبَّاس فإِنها عَلَيْهِ ومِثْلُها مَعها
؛ قِيلَ: إِنه كَانَ أَخَّرَ الصَّدَقة عَنْهُ عامَيْن فَلِذَلِكَ قَالَ ومثلُها مَعَهَا، وتأْخير الصدقةِ جَائِزٌ للإِمام إِذا كَانَ بِصَاحِبِهَا حاجةٌ إِليها، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ:
فإِنها عَليَّ ومِثْلُها مَعَهَا
، قِيلَ: إِنه كَانَ اسْتَسْلَف مِنْهُ صدقةَ عَامَيْنِ، فَلِذَلِكَ قَالَ عَليَّ. وَفِي حَدِيثِ السَّرِقة:
فعَلَيْه غَرامةُ مِثْلَيْه
؛ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الوَعِيدِ والتغليظِ لَا الوُجوبِ ليَنْتَهِيَ فاعِلُه عَنْهُ، وإِلّا فَلَا واجبَ عَلَى متلِف الشَّيْءِ أَكثر مِنْ مِثْلِه، وَقِيلَ: كَانَ فِي صدْر الإِسلام تَقَعُ العُقوباتُ فِي الأَموال ثُمَّ نسِخ، وَكَذَلِكَ
قَوْلُهُ: فِي ضالَّة الإِبِلِ غَرامَتُها ومِثْلُها مَعَهَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَحاديث كَثِيرَةٌ نَحْوُهُ سبيلُها هَذَا السَّبِيلُ مِنَ الْوَعِيدِ وَقَدْ كَانَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يحكُم بِهِ، وإِليه ذَهَبَ أَحمدُ وَخَالَفَهُ عامَّة الْفُقَهَاءِ. والمَثَلُ والمَثِيلُ: كالمِثْل، وَالْجَمْعُ أَمْثالٌ، وَهُمَا يَتَماثَلانِ؛ وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ مُسْتَرادٌ لمِثْلِه وفلانةُ مُسْتَرادةٌ لمِثْلِها أَي مِثْلُه يُطلَب ويُشَحُّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مُسْتَراد مِثْله أَو مِثْلها، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ: والمَثَلُ: الحديثُ نفسُه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه قَوْلُ لَا إِله إِلَّا اللَّهُ وتأْويلُه أَن اللَّهَ أَمَر بِالتَّوْحِيدِ ونَفى كلَّ إِلهٍ سِواهُ، وَهِيَ الأَمثال؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ وامْتَثَلَهُ وتَمَثَّلَ بِهِ وتَمَثَّله؛ قَالَ جَرِيرٌ:
والتَّغْلَبيّ إِذا تَنَحْنَح للقِرى، ... حَكَّ اسْتَهُ وتَمَثَّلَ الأَمْثالا
عَلَى أَن هَذَا قَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ تمثَّل بالأَمْثال ثُمَّ حذَف وأَوْصَل. وامْتَثَلَ القومَ وَعِنْدَ الْقَوْمِ مَثَلًا حَسَناً وتَمَثَّل إِذا أَنشد بَيْتًا ثُمَّ آخَر ثُمَّ آخَر، وَهِيَ الأُمْثولةُ، وتَمَثَّلَ بِهَذَا البيتِ وَهَذَا البيتَ بِمَعْنًى. والمَثَلُ: الشَّيْءُ الَّذِي يُضرَب لِشَيْءٍ مِثْلًا فَيَجْعَلُ مِثْلَه، وَفِي الصِّحَاحِ: مَا يُضرَب بِهِ مِنَ الأَمْثال. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ومَثَلُ الشَّيْءِ أَيضاً صِفَتُهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ*
؛ قَالَ اللَّيْثُ: مَثَلُها هُوَ الْخَبَرُ عَنْهَا، وَقَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ صِفة الْجَنَّةِ، وَرَدَّ ذَلِكَ أَبو عَلِيٍّ، قَالَ: لأَن المَثَلَ الصِّفَةُ غَيْرُ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، إِنما مَعْنَاهُ التَّمْثِيل. قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي خَلِيفَةَ: سَمِعْتُ مُقاتِلًا صاحبَ التَّفْسِيرِ يسأَل أَبا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ عَنْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَثَلُ الْجَنَّةِ
: مَا مَثَلُها؟ فَقَالَ: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، قَالَ: مَا مَثَلُهَا؟ فَسَكَتَ أَبو عَمْرٍو، قَالَ:(11/611)
فسأَلت يُونُسَ عَنْهَا فَقَالَ: مَثَلُها صِفَتُهَا؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: وَمِثْلُ ذَلِكَ قوله: ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ
؛ أَي صِفَتُهم. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ونحوُ ذَلِكَ رُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وأَما جَوَابُ أَبي عَمْرٍو لمُقاتِل حِينَ سأَله مَا مَثَلُها فَقَالَ فِيهَا أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، ثُمَّ تكْريرُه السُّؤَالَ مَا مَثَلُها وَسُكُوتُ أَبي عَمْرٍو عَنْهُ، فإِن أَبا عَمْرٍو أَجابه جَوَابًا مُقْنِعاً، وَلَمَّا رأَى نَبْوةَ فَهْمِ مُقاتِل سَكَتَ عنه لما وقف مِنْ غِلَظِ فَهْمِهِ، وَذَلِكَ أَن قَوْلَهُ تَعَالَى: مَثَلُ الْجَنَّةِ
، تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ؛ وَصَفَ تِلْكَ الجناتِ فَقَالَ: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وصفْتُها، وَذَلِكَ مِثْل قَوْلِهِ: ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ
؛ أَي ذَلِكَ صفةُ محمدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَصحابِه فِي التَّوْرَاةِ، ثُمَّ أَعلمهم أَن صِفَتَهُمْ فِي الإِنجيل كَزَرْعٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلِلنَّحْوِيِّينَ فِي قَوْلِهِ: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ
، قولٌ آخَرُ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الثُّمَالِيُّ فِي كِتَابِ الْمُقْتَضَبِ، قَالَ: التَّقْدِيرُ فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ مَثَلُ الْجَنَّةِ ثُمَّ فِيهَا وَفِيهَا، قَالَ: ومَنْ قَالَ إِن مَعْنَاهُ صِفةُ الجنةِ فَقَدْ أَخطأَ لأَن مَثَل لَا يُوضَعُ فِي مَوْضِعِ صِفَةٍ، إِنما يُقَالُ صِفَةُ زَيْدٍ إِنه ظَريفٌ وإِنه عاقلٌ. وَيُقَالُ: مَثَلُ زَيْدٍ مَثَلُ فُلَانٍ، إِنما المَثَل مأْخوذ مِنَ المِثال والحَذْوِ، والصفةُ تَحْلِية ونعتٌ. وَيُقَالُ: تَمَثَّلَ فلانٌ ضَرَبَ مَثَلًا، وتَمَثَّلَ بِالشَّيْءِ ضَرَبَهُ مَثَلًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
؛ وَذَلِكَ أَنهم عَبَدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَسْمَع وَلَا يُبْصِر وَمَا لم ينزِل بِهِ حُجَّة، فأَعْلَم اللهُ الجوَاب ممَّا جَعَلُوهُ لَهُ مَثَلًا ونِدًّا فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً؛ يَقُولُ: كَيْفَ تكونُ هَذِهِ الأَصنامُ أَنْداداً وأَمثالًا للهِ وَهِيَ لَا تخلُق أَضعفَ شَيْءٍ مِمَّا خَلَقَ اللهُ وَلَوِ اجْتَمَعُوا كلُّهم لَهُ، وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ الضعيفُ شَيْئًا لَمْ يخلِّصوا المَسْلوبَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ؛ وَقَدْ يَكُونُ المَثَلُ بِمَعْنَى العِبْرةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ
، فَمَعْنَى السَّلَفِ أَنا جَعَلْنَاهُمْ متقدِّمين يَتَّعِظُ بِهِمُ الغابِرُون، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَمَثَلًا
أَي عِبْرة يعتبِر بِهَا المتأَخرون، وَيَكُونُ المَثَلُ بِمَعْنَى الآيةِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَةِ عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ
؛ أَي آيَةً تدلُّ عَلَى نُبُوّتِه. وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
ولَمَّا ضُرِب ابنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قومُك مِنْهُ يَصُدُّون
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن كفَّارَ قريشٍ خاصَمَتِ النبيَّ، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قِيلَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ، قَالُوا: قَدْ رَضِينا أَن تَكُونَ آلِهَتُنَا بِمَنْزِلَةِ عِيسَى والملائكةِ الَّذِينَ عُبِدوا مَنْ دُونِ اللَّهِ، فَهَذَا مَعْنَى ضَرْبِ المَثَل بِعِيسَى. والمِثالُ: المقدارُ وَهُوَ مِنَ الشِّبْه، وَالْمِثْلِ: مَا جُعل مِثالًا أَي مِقْدَارًا لِغَيْرِهِ يُحْذَى عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ المُثُل وَثَلَاثَةُ أَمْثِلةٍ، وَمِنْهُ أَمْثِلَةُ الأَفعال والأَسماء فِي بَابِ التَّصْرِيفِ. والمِثَال: القالِبُ [القالَبُ] الَّذِي يقدَّر عَلَى مِثْله. أَبو حَنِيفَةَ: المِثالُ قالِب [قالَب] يُدْخَل عَيْنَ النَصْل فِي خَرْق فِي وَسَطِهِ ثُمَّ يُطْرق غِراراهُ حَتَّى يَنْبَسِطا، وَالْجَمْعُ أَمْثِلَةٌ. وتَمَاثَل العَليلُ: قارَب البُرْءَ فَصَارَ أَشْبَهَ بِالصَّحِيحِ مِنَ الْعَلِيلِ المَنْهوك، وَقِيلَ: إِن قولَهم تَمَاثَلَ المريضُ مِنَ المُثولِ والانتصابِ كأَنه هَمَّ بالنُّهوض وَالِانْتِصَابِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا: فَحَنَتْ لَهُ قِسِيَّها وامْتَثَلوه(11/612)
غَرَضاً
أَي نَصَبوه هَدَفاً لِسِهام مَلامِهم وأَقوالِهم، وَهُوَ افتَعل مِنَ المُثْلةِ. وَيُقَالُ: المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي أَحسن مُثولًا وَانْتِصَابًا ثُمَّ جُعِلَ صِفَةً للإِقبال. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَى قَوْلِهِمُ المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي أَحسن حَالًا مِنْ حالةٍ كَانَتْ قَبْلَهَا، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: هُوَ أَمْثَلُ قَوْمِهِ أَي أَفضل قَوْمِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: فلانٌ أَمْثَلُ بَنِي فلانٍ أَي أَدناهم لِلْخَيْرِ. وَهَؤُلَاءِ أَمَاثِلُ الْقَوْمِ أَي خيارُهم. وَقَدْ مَثُلَ الرَّجُلُ، بِالضَّمِّ، مَثَالَةً أَي صَارَ فاضِلًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المَثَالَةُ حسنُ الْحَالِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: زَادَكَ اللَّهُ رَعالةً كُلَّمَا ازْدَدْتَ مَثَالةً، والرَّعالةُ: الحمقُ؛ قَالَ: وَيُرْوَى كُلَّمَا ازْددْت مَثَالَة زَادَكَ اللهُ رَعالةً. والأَمْثَلُ: الأَفْضَلُ، وَهُوَ مِنْ أَماثِلِهم وذَوِي مَثَالَتِهم. يُقَالُ: فُلَانٌ أَمْثَلُ مِنْ فُلَانٍ أَي أَفضل مِنْهُ، قَالَ الإِيادي: وَسُئِلَ أَبو الْهَيْثَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لِلرَّجُلِ: ائْتِنِي بِقَوْمِكَ، فَقَالَ: إِن قَوْمِي مُثُلٌ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُرِيدُ أَنهم سَادَاتٌ لَيْسَ فَوْقَهُمْ أَحد. وَالطَّرِيقَةُ المُثْلى: الَّتِي هِيَ أَشبه بِالْحَقِّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً
؛ مَعْنَاهُ أَعْدَلُهم وأَشْبهُهم بأَهل الْحَقِّ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَمْثَلُهم طَرِيقَةً أَعلمهم عِنْدَ نَفْسِهِ بِمَا يَقُولُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ فِرْعَوْنَ أَنه قَالَ: وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى
؛ قَالَ الأَخفش: المُثْلَى تأْنيثُ الأَمْثَل كالقُصْوى تأْنيث الأَقْصَى، وَقَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَى الأَمْثَل ذُو الْفَضْلِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَن يُقَالَ هُوَ أَمثل قَوْمِهِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: المُثْلَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَنْزِلَةِ الأَسماء الحُسْنى وَهُوَ نَعْتٌ لِلطَّرِيقَةِ وَهُمُ الرِّجَالُ الأَشراف، جُعِلَتِ المُثْلَى مُؤَنَّثَةً لتأْنيث الطَّرِيقَةِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الخيل يُقَالُ هَذَا عبدُ اللَّهِ مِثْلك وَهَذَا رَجُلٌ مِثْلك، لأَنك تَقُولُ أَخوك الَّذِي رأَيته بالأَمس، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي مَثَل. والمَثِيلُ: الفاضلُ، وإِذا قِيلَ مَنْ أَمْثَلُكُم قُلْتَ: كُلُّنا مَثِيل؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، قَالَ: وإِذا قِيلَ مَنْ أَفضلكُم؟ قُلْتَ فاضِل أَي أَنك لَا تَقُولُ كلُّنا فَضيل كَمَا تَقُولُ كُلُّنا مَثِيل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَشدُّ النَّاسِ بَلاءً الأَنبياءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فالأَمْثَلُ
أَي الأَشرفُ فالأَشرفُ والأَعلى فالأَعلى فِي الرُّتبةِ وَالْمَنْزِلَةِ. يُقَالُ: هَذَا أَمْثَلُ مِنْ هَذَا أَي أَفضلُ وأَدنَى إِلى الْخَيْرِ. وأَمَاثِلُ النَّاسِ: خيارُهم. وَفِي حَدِيثِ التَّراويح:
قَالَ عُمَرُ لَوْ جَمَعْت هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ
أَي أَولى وأَصوب. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ بَعْدَ وقعةِ بَدْر: لَوْ كَانَ أَبو طَالِبٍ حَيّاً لَرَأَى سُيوفَنا قَدْ بَسَأَتْ بالمَيَاثِل
؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَعْنَاهُ اعْتَادَتْ واستأْنستْ بالأَمَاثِل. ومَاثَلَ الشيءَ: شَابَهَهُ. والتِّمْثَالُ: الصُّورةُ، وَالْجَمْعُ التَّمَاثِيل. ومَثَّلَ لَهُ الشيءَ: صوَّره حَتَّى كأَنه يَنْظُرُ إِليه. وامْتَثَلَه هُوَ: تصوَّره. والمِثَالُ: مَعْرُوفُ، وَالْجَمْعُ أَمْثِلَة ومُثُل. ومَثَّلْتُ لَهُ كَذَا تَمْثيلًا إِذا صوَّرت لَهُ مِثَالَهُ بِكِتَابَةٍ وَغَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَشدُّ النَّاسِ عَذَابًا مُمَثِّل مِنَ المُمَثِّلين
أَي مصوِّر. يُقَالُ: مَثَّلْت، بِالتَّثْقِيلِ وَالتَّخْفِيفِ، إِذا صوَّرت مِثالًا. والتِّمْثَالُ: الِاسْمُ مِنْهُ، وظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ تِمْثَالُه. ومَثَّلَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ: سوَّاه وشبَّهه بِهِ وَجَعَلَهُ مِثْلَه وَعَلَى مِثالِه. وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
رأَيت الجنةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتين فِي قِبْلةِ الجِدار
أَي مصوَّرتين أَو مثالُهما؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَا تَمَثِّلُوا بنَامِيَةِ اللَّهِ
أَي لَا تُشَبِّهُوا بِخَلْقِهِ وتصوِّروا مِثْلَ تَصْوِيرِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ المُثْلة. والتِّمْثَال: اسْمٌ لِلشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ مشبَّهاً بِخَلْقٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، وَجَمْعُهُ(11/613)
التَّمَاثِيل، وأَصله مِنْ مَثَّلْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إِذا قدَّرته عَلَى قَدْرِهِ، وَيَكُونُ تَمْثيل الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ تَشْبِيهًا بِهِ، وَاسْمُ ذَلِكَ الممثَّل تِمْثال. وأَما التَّمْثال، بِفَتْحِ التَّاءِ، فَهُوَ مَصْدَرُ مَثَّلْت تَمْثِيلًا وتَمْثَالًا. وَيُقَالُ: امْتَثَلْت مِثالَ فُلَانٍ احْتَذَيْت حَذْوَه وَسَلَكْتُ طَرِيقَتَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: وامْتَثَلَ طَرِيقَتَهُ تبِعها فَلَمْ يَعْدُها. ومَثَلَ الشيءُ يَمْثُلُ مُثُولًا ومَثُلَ: قَامَ مُنْتَصِبًا، ومَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُثُولًا أَي انْتَصَبَ قَائِمًا؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِمَنارة المَسْرَجة مَاثِلةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سرَّه أَن يَمْثُل لَهُ النَّاسُ قِياماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنَ النَّارِ
أَي يَقُومُوا لَهُ قِياماً وَهُوَ جَالِسٌ؛ يُقَالُ: مَثُلَ الرَّجُلُ يَمْثُلُ مُثُولًا إِذا انْتَصَبَ قَائِمًا، وإِنما نَهَى عَنْهُ لأَنه مِنْ زِيِّ الأَعاجم، ولأَن الْبَاعِثَ عَلَيْهِ الكِبْر وإِذلالُ النَّاسِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَقَامَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُمْثِلًا
؛ يُرْوَى بِكَسْرِ الثَّاءِ وَفَتْحِهَا، أَي مُنْتَصِبًا قَائِمًا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا شُرِحَ، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ التَّصْرِيفِ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَمَثَلَ قَائِمًا. والمَاثِلُ: الْقَائِمُ. والمَاثِلُ: اللاطِيءُ بالأَرض. ومَثَلَ: لَطِئَ بالأَرض، وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
تَحَمَّلَ مِنْهَا أَهْلُها، وخَلَتْ لَهَا ... رُسومٌ، فَمِنْهَا مُسْتَبِينٌ ومَاثِلُ
والمُسْتَبِين: الأَطْلالُ. والمَاثِلُ: الرُّسومُ؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ أَيضاً فِي المَاثِل المُنْتَصِبِ:
يَظَلُّ بِهَا الحِرْباءُ لِلشَّمْسِ مَاثِلًا ... عَلَى الجِذْل، إِلا أَنه لَا يُكَبِّرُ
وَقَوْلُ لَبِيدٌ:
ثُمَّ أَصْدَرْناهُما فِي وارِدٍ ... صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاه كالمَثَلْ
فسَّره المفسِّر فَقَالَ: المَثَلُ المَاثِلُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنه وَضَعَ المَثَلَ مَوْضِعَ المُثُولِ، وأَراد كَذِي المَثَل فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مُقَامَهُ؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ المَثَلُ جَمْعَ مَاثِل كَغَائِبٍ وغَيَب وخادِم وخَدَم وَمَوْضِعُ الْكَافِ الزِّيَادَةُ، كَمَا قَالَ رُؤْبَةَ:
لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فِيهَا كالمَقَقْ
أَي فِيهَا مَقَقٌ. ومَثَلَ يَمْثُلُ: زَالَ عَنْ مَوْضِعِهِ؛ قَالَ أَبو خِراش الْهُذْلِيُّ:
يقرِّبه النَّهْضُ النَّجِيحُ لِما يَرى، ... فَمِنْهُ بُدُوٌّ مرَّةً ومُثُولُ «3»
. أَبو عَمْرٍو: كَانَ فُلَانٌ عِنْدَنَا ثُمَّ مَثَلَ أَي ذَهَبَ. والمَاثِلُ: الدارِس، وَقَدْ مَثَلَ مُثُولًا. وامْتَثَلَ أَمرَه أَي احْتَذَاهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الْحِمَارَ والأُتُن:
رَبَاعٍ لَهَا، مُذْ أَوْرَقَ العُودُ عِنْدَهُ، ... خُماشاتُ ذَحْلٍ مَا يُراد امْتِثَالُها
ومَثَلَ بِالرَّجُلِ يَمْثُلُ مَثْلًا ومُثْلَة؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ومَثَّلَ، كِلَاهُمَا: نكَّل بِهِ، وَهِيَ المَثُلَة والمُثْلة، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الضَّمَّةُ فِيهَا عِوَض مِنَ الْحَذْفِ، وَرَدَّ ذَلِكَ أَبو عَلِيٍّ وَقَالَ: هُوَ مِنْ بَابِ شاةٌ لَجِبَة وشِياهٌ لَجِبات.
__________
(3) . قوله [يقربه النهض إلخ] تقدم في مادة نجح بلفظ ومثيل والصواب ما هنا(11/614)
الْجَوْهَرِيُّ: المَثُلَة، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الثَّاءِ، الْعُقُوبَةُ، وَالْجَمْعُ المَثُلات. التَّهْذِيبِ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ
؛ يَقُولُ: يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ الَّذِي لَمْ أُعاجلهم بِهِ، وَقَدْ عَلِمُوا مَا نَزَلَ مِنْ عُقوبَتِنا بالأُمَمِ الْخَالِيَةِ فَلَمْ يَعْتَبِرُوا بِهِمْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْعُقُوبَةِ مَثُلَة ومُثْلَة فَمَنْ قَالَ مَثُلَة جَمَعَهَا عَلَى مَثُلات، وَمَنْ قَالَ مُثْلة جمعها على مُثُلات ومُثَلات ومُثْلات، بإِسكان الثَّاءِ، يَقُولُ: يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ* أَي يطلبُون الْعَذَابَ فِي قَوْلِهِمْ: فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الْعَذَابِ مَا هُوَ مُثْلة وَمَا فِيهِ نَكالٌ لَهُمْ لَوِ اتَّعظوا، وكأَن المَثْل مأْخوذ مِنَ المَثَل لأَنه إِذا شَنَّعَ فِي عُقوبته جَعَلَهُ مَثَلًا وعَلَماً. وَيُقَالُ: امْتَثَلَ فُلَانٌ مِنَ الْقَوْمِ، وهؤُلاء مُثْلُ الْقَوْمِ وأَمَاثِلُهم، يَكُونُ جَمْعَ أَمْثالٍ وَيَكُونُ جَمْعَ الأَمْثَلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، أَن يُمَثَّلَ بالدوابِّ وأَن تُؤْكَلَ المَمْثُول بِهَا
، وَهُوَ أَن تُنْصَب فترمَى أَو تُقَطَّع أَطرافها وَهِيَ حَيَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عن المُثْلَة.
يُقَالُ: مَثَلْت بِالْحَيَوَانِ أَمْثُلُ بِهِ مَثْلًا إِذا قَطَعْتَ أَطرافه وشَوَّهْت بِهِ، ومَثَلْت بِالْقَتِيلِ إِذا جَدَعت أَنفَه وأُذنَه أَو مَذاكيره أَو شَيْئًا مِنْ أَطرافه، وَالِاسْمُ المُثْلَة، فأَما مَثَّل، بِالتَّشْدِيدِ، فَهُوَ لِلْمُبَالَغَةِ. ومَثَلَ بِالْقَتِيلِ: جَدَعه، وأَمْثَلَه: جَعَلَهُ مُثْلة. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ مَثَلَ بالشَّعَر فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَلاق يَوْمَ الْقِيَامَةِ
؛ مُثْلَة الشَّعَر: حَلْقُه مِنَ الخُدُودِ، وَقِيلَ: نتفُه أَو تغيِيرُه بالسَّواد، وَرُوِيَ
عن طاووس أَنه قَالَ: جَعَلَهُ اللَّهُ طُهْرةً فَجَعَلَهُ نَكالًا.
وأَمْثَلَ الرجلَ: قَتَلَه بقَوَدٍ. وامْتَثَلَ مِنْهُ: اقتصَّ؛ قَالَ:
إِن قَدَرْنا يَوْمًا عَلَى عامِرٍ، ... نَمْتَثِلْ مِنْهُ أَو نَدَعْهُ لكْم
وتَمَثَّلَ مِنْهُ: كامْتَثَلَ. يُقَالُ: امْتَثَلْت مِنْ فُلَانٍ امْتِثَالًا أَي اقْتَصَصْتُ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ الْحِمَارَ والأُتن:
خُماشات ذَحْلٍ مَا يُرادُ امْتِثَالُها
أَي مَا يُراد أَن يُقْتَصَّ مِنْهَا، هِيَ أَذل مِنْ ذَلِكَ أَو هِيَ أَعز عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِلْحَاكِمِ: أَمْثِلْني مِنْ فُلَانٍ وأَقِصَّني وأَقِدْني أَي أَقِصَّني مِنْهُ، وَقَدْ أَمْثَلَه الْحَاكِمُ مِنْهُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: والمِثالُ القِصاص؛ قَالَ: يُقَالُ أَمْثَلَهُ إِمْثالًا وأَقصَّه إِقْصاصاً بِمَعْنًى، وَالِاسْمُ المِثالُ والقِصاصُ. وَفِي حَدِيثِ
سُويد بْنِ مُقَرِّنٍ: قَالَ ابنُه مُعَاوِيَةُ لَطَمْتُ مَوْلًى لَنَا فدَعاه أَبي وَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ امْثُلْ مِنْهُ
، وَفِي رِوَايَةٍ: امْتَثِلْ، فعَفا، أَي اقتصَّ مِنْهُ. يُقَالُ: أَمْثَلَ السلطانُ فُلَانًا إِذَا أَقادَه. وَقَالُوا: مِثْلٌ ماثِلٌ أَي جَهْدٌ جاهِدٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَن لَا يَضَعْ بالرَّمْلةِ المَعاوِلا، ... يَلْقَ مِنَ القامةِ مِثْلًا ماثِلا،
وإِنْ تشكَّى الأَيْنَ والتَّلاتِلا
عَنَى بالتَّلاتِل الشَّدَائِدَ. والمِثالُ: الفِراش، وَجَمْعُهُ مُثُل، وإِن شِئْتَ خفَّفت. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه دَخَلَ عَلَى سَعْدٍ وَفِي الْبَيْتِ مِثالٌ رَثٌ
أَي فِراش خَلَق. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أُم مُوسَى أُم وَلَدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَتْ: زوَّج عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ شابَّين وابْني مِنْهُمَا فَاشْتَرَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثَالَيْنِ، قَالَ(11/615)
جَرِيرٌ: قُلْتُ لمُغيرة مَا مِثَالان؟ قَالَ: نَمَطان
، والنّمَطُ مَا يُفْترش مِنْ مَفارش الصُّوفِ الملوَّنة؛ وَقَوْلُهُ:
وَفِي الْبَيْتِ مِثَالٌ رَثٌ
أَي فِراش خلَق؛ قَالَ الأَعشى:
بكلِّ طُوَالِ السَّاعِدَيْنِ، كأَنما ... يَرَى بِسُرَى الليلِ المِثَالَ المُمَهَّدا
وَفِي حَدِيثِ
عِكْرِمَةَ: أَن رَجُلًا مِنْ أَهل الْجَنَّةِ كَانَ مُسْتَلْقِياً عَلَى مُثُلِه
؛ هِيَ جَمْعُ مِثَال وَهُوَ الفِراش. والمِثَالُ: حجَر قَدْ نُقِر فِي وَجْهه نَقْرٌ عَلَى خِلْقة السِّمَة سَوَاءً، فَيُجْعَلُ فِيهِ طَرَفُ الْعَمُودِ أَو المُلْمُول المُضَهَّب، فَلَا يَزَالُونَ يَحْنون مِنْهُ بأَرْفَق مَا يَكُونُ حَتَّى يَدخل المِثال فِيهِ فَيَكُونُ مِثْله. والأَمْثال: أَرَضُون ذاتُ جِبَالٍ يُشْبِهُ بعضُها بَعْضًا وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ أَمْثَالًا وَهِيَ مِنَ البَصرة عَلَى لَيْلَتَيْنِ. والمِثْل: مَوْضِعٌ «1» ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْب:
أَلا لَيْتَ شِعْري هَلْ تَغَيَّرَتِ الرَّحَى، ... رَحَى المِثْل، أَو أَمْسَتْ بفَلْجٍ كَمَا هِيَا؟
مجل: مَجِلَتْ يدُه، بِالْكَسْرِ، ومَجَلَتْ تَمْجَلُ وتَمْجُلُ مَجَلًا ومَجْلًا ومُجُولًا لُغَتَانِ: نَفِطَتْ مِنَ الْعَمَلِ فمَرَنَتْ وصَلُبت وثَخُن جلدُها وتَعَجَّر وَظَهَرَ فيها ما يشبه البَثَر مِنَ الْعَمَلِ بالأَشياء الصُّلْبة الخشِنة؛ وَفِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ: أَنها شَكَتْ إِلى عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، مَجْلَ يديْها مِنَ الطَّحْن
؛ وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: فَيظَلُّ أَثرُها مِثْلَ أَثَر المَجَل.
وأَمْجَلَها العملُ، وَكَذَلِكَ الحافِرُ إِذا نَكَبَتْه الْحِجَارَةُ فرَهَصَتْه ثُمَّ بَرِئ فصلُب وَاشْتَدَّ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
رَهْصاً مَاجِلًا
والمَجْلُ: أَثرُ العملِ فِي الكفِّ يُعَالِجُ بِهَا الإِنسانُ الشَّيْءَ حَتَّى يَغْلُظَ جلدُها؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
قَدْ مَجِلَتْ كَفَّاه بعدَ لِينِ، ... وهَمَّتا بالصَّبْرِ والمُرُونِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن جِبْرِيلَ نَقَر رأْس رَجُلٍ مِنَ الْمُسْتَهْزِئِينَ فَتَمَجَّلَ رأْسُهُ قيْحاً وَدَمًا
أَي امتلأَ، وَقِيلَ: المَجْل أَن يَكُونَ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مَاءٌ. والمَجْلَةُ: قِشرة رَقِيقَةٌ يَجْتَمِعُ فِيهَا مَاءٌ مِنْ أَثر الْعَمَلِ، وَالْجَمْعُ مَجْلٌ ومِجَالٌ. والمَجْل: أَن يُصيب الجلدَ نارٌ أَو مشقَّة فيَتَنَفَّط ويَمْتلئ مَاءً. والرَّهْص المَاجِلُ: الَّذِي فِيهِ مَاءٌ فإِذا بُزِغَ خَرَجَ مِنْهُ الْمَاءُ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِمُسْتَنْقَع الْمَاءِ مَاجِل؛ هَكَذَا رَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، بِكَسْرِ الْجِيمِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، وأَما أَبو عُبَيْدٍ فإِنه رُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو المَأْجَل، بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهَمْزَةٍ قَبْلِهَا، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ الجَيْئةِ، وَجَمْعُهُ مآجِل؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
وأَخْلَفَ الوِقْطانَ والمَآجِلا
وَفِي حَدِيثِ
أَبي وَاقِدٍ: كُنَّا نَتَماقَلُ فِي ماجِلٍ أَو صِهْريج
؛ المَاجِلُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْمُجْتَمِعُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي بِكَسْرِ الْجِيمِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، وَقَالَ الأَزهري: هُوَ بِالْفَتْحِ وَالْهَمْزِ، وَقِيلَ: إِن مِيمَهُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنْ بَابِ أَجل، وقيل: هو معرَّب، والتَّماقُل: التَّغاوُصُ فِي الْمَاءِ. وَجَاءَتِ الإِبلُ كأَنها المَجْلُ مِنَ الرِّيِّ أَي مُمْتَلِئَةً رِواء كَامْتِلَاءِ المَجْل، وَذَلِكَ أَعظم مَا يَكُونُ مِنَ رِيِّها. والمَجْلُ: انفِتاق مِنَ العَصَبة الَّتِي فِي أَسفل عُرْقوب الْفَرَسِ، وَهُوَ مِنْ حَادِثِ عيوب الخيل.
محل: المَحْلُ: الشِّدَّةُ. والمَحْلُ: الْجُوعُ الشَّدِيدُ وإِن لَمْ يَكُنْ جَدْب. والمَحْل: نَقِيضُ الخِصْب،
__________
(1) . قوله [والمِثْل موضع] هكذا ضبط في الأصل ومثله في ياقوت بضبط العبارة، ولكن في القاموس ضبط بالضم(11/616)
وَجَمْعُهُ مُحول وأَمْحال. الأَزهري: المُحُولُ والقُحوطُ احْتِبَاسُ الْمَطَرِ. وأَرض مَحْلٌ وقَحْطٌ: لَمْ يُصِبْهَا الْمَطَرُ فِي حِينِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: المَحْل الجدبُ وَهُوَ انْقِطَاعُ الْمَطَرِ ويُبْسُ الأَرض مِنَ الكَلإِ. غَيْرُهُ قَالَ: وَرُبَّمَا جَمَعَ المَحْل أَمْحالًا؛ وأَنشد:
لَا يَبْرَمُون، إِذا مَا الأُفْقُ جلَّله ... صِرُّ الشِّتَاءِ مِنَ الأَمْحال كالأَدَمِ
ابْنُ السِّكِّيتِ: أَمْحَلَ البلدُ، هو مَاحِل، وَلَمْ يَقُولُوا مُمْحِل، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
إِمَّا تَرَيْ رأْسي تَغَيَّر لَوْنُه ... شَمَطاً، فأَصْبَحَ كالثَّغامِ المُمْحِلِ
فَلَقَدْ يَراني المُوعِدي، وكأَنَّني ... فِي قَصْرِ دُومَةَ أَو سَوَاءِ الهَيْكَلِ
ابْنُ سيدَة: أَرْضٌ مَحْلة ومَحْلٌ ومَحُول، وَفِي التَّهْذِيبِ: ومَحُولة أَيضاً، بِالْهَاءِ، لَا مَرْعَى بِهَا وَلَا كَلأَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى أَبا حَنِيفَةَ قَدْ حَكَى أَرض مُحُولٌ، بِضَمِّ الْمِيمِ، وأَرَضُون مَحْل ومَحْلة ومُحُولٌ وأَرض مُمْحِلة ومُمْحِل؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ؛ الأَزهري: وأَرض مِمْحال؛ قَالَ الأَخطل:
وبَيْداء مِمْحالٍ كأَنّ نَعامَها، ... بأَرْحائها القُصْوَى، أَباعِرُ هُمَّلُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَمَا مَرَرتَ بِوادي أَهلِك مَحْلًا
أَي جَدْباً؛ والمَحْل فِي الأَصْل: انْقِطَاعُ الْمَطَرِ. وأَمْحَلَت الأَرْضُ والقومُ وأَمْحَلَ البلدُ، فَهُوَ مَاحِل عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَرَجُلٌ مَحْل: لَا يُنْتفع بِهِ. وأَمْحَلَ المطرُ أَي احْتَبَسَ، وأَمْحَلْنا نَحْنُ، وإِذا احْتَبَسَ القَطْر حَتَّى يمضِيَ زمانُ الوَسْمِيِّ كَانَتِ الأَرض مَحُولًا حَتَّى يُصِيبَهَا المطرُ. وَيُقَالُ: قَدْ أَمْحَلْنا مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِينَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ حُكِيَ مَحُلَت الأَرض ومَحَلَت. وأَمْحَلَ القومُ: أَجْدبوا، وأَمْحَلَ الزمانُ، وَزَمَانٌ مَاحِلٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَالْقَائِلُ القَوْل الَّذِي مِثْلُه ... يُمْرِعُ مِنْهُ الزَّمَنُ المَاحِلُ
الْجَوْهَرِيُّ: بَلَدٌ مَاحِلٌ وَزَمَانٌ مَاحِلٌ وأَرض مَحْل وأَرض مُحُول، كَمَا قَالُوا بَلَدٌ سَبْسَب وَبَلَدٌ سَباسِب وأَرض جَدْبَة وأَرض جُدوب، يُرِيدُونَ بِالْوَاحِدِ الْجَمْعَ، وَقَدْ أَمْحَلَت. والمَحْل: الغُبار؛ عَنْ كُرَاعٍ. والمُتَمَاحِل مِنَ الرِّجَالِ: الطويلُ الْمُضْطَرِبُ الخلْق؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وأَشْعَثَ بَوْشِيٍّ شَفَيْنا أُحاحَه، ... غَدَاتَئِذٍ، ذِي جَرْدَةٍ مُتَمَاحِل
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مِنْ صِفَةِ أَشْعَث، والبَوْشِيُّ: الْكَثِيرُ البَوْشِ والعِيال، وأُحاحُه: مَا يَجِدُهُ فِي صَدْره مَنْ غَمَر وغَيْظٍ أَي شفَينا مَا يَجِدُهُ مِنْ غَمَر العِيال؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
يَطْوِي الحَيازيمَ عَلَى أُحاحِ
والجَرْدةُ: بُرْدة خلَق. والمُتَمَاحِلُ: الطَّوِيلُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: إِنّ مِنْ وَرائكم أُموراً مُتَمَاحِلَة
أَي فِتَناً طَوِيلَةَ الْمُدَّةِ تطولُ أَيامها وَيَعْظُمُ خَطَرُها ويَشتدّ كَلَبُها، وَقِيلَ: يَطُولُ أَمرها. وسَبْسَب مُتَمَاحِل أَي بَعِيدُ مَا بَيْنَ الطرَفين. وفَلاة مُتَمَاحِلَة: بَعِيدَةُ الأَطراف؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي وَجْزَةَ:
كأَنّ حَرِيقًا ثاقِباً فِي إِباءةٍ، ... هَدِيرُهُما بالسَّبْسَب المُتَمَاحِل(11/617)
وَقَالَ آخَرُ:
بَعِيدٌ مِنَ الْحَادِي، إِذا مَا تَدَفَّعَتْ ... بناتُ الصُّوَى فِي السَّبْسَب المُتَمَاحِل
وَقَالَ مُزَرِّدٌ:
هَواها السَّبْسَبُ المُتَمَاحِلُ
وَنَاقَةٌ مُتَمَاحِلَة: طَوِيلَةٌ مُضطَربة الخلْق أَيضاً. وَبَعِيرٌ مُتَمَاحِل: طَوِيلٌ بَعِيدُ مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ مُسانِدُ الخلْق مُرْتَفِعهُ. والمَحْلُ: البُعد. وَمَكَانٌ مُتَمَاحِل: مُتباعد؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
مِنَ المُسْبَطِرَّاتِ الجِيادِ طِمِرَّةٌ ... لَجُوجٌ، هَواها السَّبْسَبُ المُتَمَاحِلُ
أَي هَواها أَن تَجِدَ مُتَّسعاً بَعِيدُ مَا بَيْنَ الطرَفين تَغْدُو بِهِ. وتَمَاحَلَتْ بهم الدارُ: تَبَاعَدَتْ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وأُعْرِض، إِنِّي عَنْ هَوَاكُنَّ مُعْرِض؛ ... تَمَاحَلَ غِيطانٌ بكُنَّ وبِيدُ
دَعَا عَلَيْهِنَّ حين سلا عنهن بِكِبَرٍ أَو شُغْلٍ أَو تَبَاعُدٍ. ومَحَلَ لِفُلَانٍ حَقَّهُ: تكلَّفه لَهُ. والمُمَحَّل مِنَ اللَّبَنِ: الَّذِي قَدْ أَخذ طَعْمًا مِنْ الْحُمُوضَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي حُقِن ثُمَّ لَمْ يُتْرَكْ يأْخذ الطَّعْمَ حَتَّى شُرِبَ؛ وأَنشد:
مَا ذُقْتُ ثُفْلًا، مُنْذُ عامٍ أَوّلِ، ... إِلَّا مِنَ القارِصِ والمُمَحَّلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لأَبي النَّجْمِ يَصِفُ رَاعِيًا جَلْداً، وَصَوَابُهُ: مَا ذاقَ ثُفْلًا؛ وَقَبْلُهُ:
صُلْب العَصا جافٍ عَنِ التَّغَزُّلِ، ... يحلِف بِاللَّهِ سِوى التَّحَلُّلِ
والثُّفْل: طَعَامُ أَهل القُرى مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَنَحْوِهِمَا. الأَصمعي: إِذا حُقِن اللَّبَنُ فِي السِّقاء وَذَهَبَتْ عَنْهُ حَلاوة الحَلَب وَلَمْ يَتَغَيَّرْ طعمُه فَهُوَ سامِطٌ، فإِن أَخذ شَيْئًا مِنَ الرِّيحِ فَهُوَ خامِطٌ، فإِن أَخذ شَيْئًا مِنْ طَعْمٍ فَهُوَ المُمَحَّل. وَيُقَالُ: مَعَ فُلَانٍ مَمْحَلَة أَي شَكْوة يُمَحِّل فِيهَا اللَّبَنَ، وَهُوَ المُمَحَّل وَيُدِيرُهَا «1» ... الْجَوْهَرِيُّ: والمُمَحَّل، بِفَتْحِ الْحَاءِ مُشَدَّدَةً، اللَّبَنُ الَّذِي ذَهَبَتْ مِنْهُ حَلَاوَةُ الحَلَب وتغيَّر طعمُه قَلِيلًا. وتَمَحَّلَ الدراهمَ: انْتَقَدَها. والمِحالُ: الكَيْد ورَوْمُ الأَمرِ بالحِيَل. ومَحِلَ [مَحَلَ] بِهِ يَمْحَلُ «2» مَحْلًا: كَادَهُ بسِعاية إِلى السُّلْطَانِ. قَالَ ابْنُ الأَنباري: سَمِعْتُ أَحمد بْنُ يَحْيَى يَقُولُ: المِحال مأْخوذ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ مَحَلَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ أَي سَعَى بِهِ إِلى السُّلْطَانِ وعَرَّضه لأَمر يُهْلِكه، فَهُوَ مَاحِل ومَحُول، والمَاحِلُ: السَّاعِي؛ يُقَالُ: مَحَلْت بِفُلَانٍ أَمْحَلَ إِذا سَعَيْتَ بِهِ إِلى ذِي سُلْطَانٍ حَتَّى تُوقِعه فِي وَرْطة ووَشَيْتَ بِهِ. الأَزهري: وأَما قَوْلُ النَّاسِ تمَحَّلْت مَالًا بِغَرِيمِي فإِن بَعْضَ النَّاسِ ظَنَّ أَنه بِمَعْنَى احْتَلْتُ وقدَّر أَنه مِنَ الْمَحَالَةِ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهِيَ مَفْعلة مِنَ الْحِيلَةِ، ثُمَّ وُجِّهت الْمِيمُ فِيهَا وِجْهة الْمِيمِ الأَصلية فَقِيلَ تمَحَّلْت، كَمَا قَالُوا مَكان وأَصله مِنَ الكَوْن، ثُمَّ قَالُوا تمكَّنت مِنْ فُلَانٍ ومَكَّنْت فُلَانًا مِنْ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَلَيْسَ التَّمَحُّل عِنْدِي مَا ذَهَبَ إِليه فِي شَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ مِنَ المَحْل وَهُوَ السَّعْيُ، كأَنه يَسْعَى فِي طَلَبِهِ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ. والمَحْل: السِّعايةُ مِنْ نَاصِحٍ وَغَيْرِ نَاصِحٍ. والمَحْل:
__________
(1) . هكذا بياض في الأَصل
(2) . قوله [ومَحلَ به يَمْحَلُ إلخ] عبارة القاموس: ومَحلَ به مثلثة الحاء مَحْلًا ومحالًا؛ كَادَهُ بِسِعَايَةٍ إِلَى السُّلْطَانِ(11/618)
المَكْر وَالْكَيْدُ. والمِحَال: الْمَكْرُ بالحقِّ. وَفُلَانٌ يُمَاحِلُ عَنِ الإِسلام أَي يُماكِر ويُدافِع. والمِحالُ: الْغَضَبُ. والمِحالُ: التَّدْبِيرُ. والمُمَاحَلَة: المُماكَرة والمُكايَدة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: شَدِيدُ الْمِحالِ
؛ وَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ:
لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُم ... ومِحَالُهم، عَدْواً، مِحالَك
أَي كيدَك وَقُوَّتَكَ؛ وَقَالَ الأَعشى:
فَرْع نَبْعٍ يَهْتزُّ فِي غُصُنِ المَجْدِ، ... غزِير النَّدَى، شَدِيدُ المِحال «1»
. أَي شَدِيدُ الْمَكْرِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ولبّسَ بَيْنَ أَقوامٍ، فكُلٌّ ... أَعَدَّ لَهُ الشَّغازِبَ والمِحَالا
وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ:
إِن إِبراهيم يَقُولُ لسْتُ هُناكُم أَنا الَّذِي كَذَبْتُ ثلاثَ كَذَباتٍ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: واللهِ مَا فِيهَا كَذْبة إِلا وَهُوَ يُماحِلُ بِهَا عَنِ الإِسلام
أَي يُدافِع ويُجادِل، مِنَ المِحال، بالكسر، وَهُوَ الْكَيْدُ، وَقِيلَ: الْمَكْرُ، وَقِيلَ: الْقُوَّةُ والشدَّة، وَمِيمُهُ أَصلية. وَرَجُلٌ مَحِلٌ أَي ذُو كَيْد. وتمَحَّلَ أَي احْتَالَ، فَهُوَ مُتَمَحِّلٌ. يُقَالُ: تَمَحَّلْ لِي خَيْرًا أَي اطلُبْه. الأَزهري: والمِحَالُ مُمَاحَلَة الإِنسان، وَهِيَ مُناكَرتُه إِياه، يُنْكر الَّذِي قَالَهُ. ومَحَلَ فلانٌ بِصَاحِبِهِ ومَحِلَ بِهِ إِذا بَهَتَه وَقَالَ: إِنه قَالَ شَيْئًا لَمْ يَقُلْه. ومَاحَلَه مُمَاحَلةً ومِحَالًا: قَاوَاهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَيّهما أَشدّ. والمَحْل فِي اللُّغَةِ: الشِّدَّةُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ شَدِيدُ الْقُدْرَةِ وَالْعَذَابِ، وَقِيلَ: شَدِيدُ الْقُوَّةِ وَالْعَذَابِ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: أَصله أَن يَسْعَى بِالرَّجُلِ ثُمَّ يَنْتَقِلَ إِلى الهَلَكة. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِن هَذَا الْقُرْآنَ شافِعٌ مُشَفَّع ومَاحِلٌ مُصدَّق
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: جَعَلَهُ يَمْحَلُ بِصَاحِبِهِ إِذا لَمْ يتَّبع مَا فِيهِ أَو إِذا هُوَ ضيَّعه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي خَصْم مُجادل مُصدَّق، وَقِيلَ: ساعٍ مُصدَّق، مِنْ قَوْلِهِمْ مَحَلَ بِفُلَانٍ إِذا سَعَى بِهِ إِلى السُّلْطَانِ، يَعْنِي أَن مَنِ اتَّبعه وعَمِل بِمَا فِيهِ فإِنه شَافِعٌ لَهُ مَقْبُولُ الشَّفَاعَةِ ومُصدَّق عَلَيْهِ فِيمَا يَرْفع مِنْ مَساوِيه إِذا تَرك العملَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
لَا يُنْقَض عهدُهم عَنْ شِيَةِ مَاحِلٍ
أَي عَنْ وَشْي واشٍ وسِعاية ساعٍ، وَيُرْوَى:
سنَّة مَاحِل
، بِالنُّونِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَحَلَ بِهِ كادَه، وَلَمْ يُعَيِّن أَعِنْد السُّلْطَانِ كَادَهُ أَم عِنْدَ غَيْرِهِ؛ وأَنشد:
مَصادُ بنَ كَعْبٍ، والخطوبُ كَثِيرَةٌ، ... أَلم تَرَ أَن اللَّهَ يَمْحَل بالأَلْف؟
وَفِي الدُّعَاءِ:
وَلَا تجْعَلْه مَاحِلًا مُصدَّقاً.
والمِحَالُ مِنَ اللَّهِ: العِقابُ؛ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ تعالى: وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ
؛ وَهُوَ مِنَ النَّاسِ العَداوةُ. ومَاحَلَه مُمَاحَلَة ومِحَالًا: عَادَاهُ؛ وَرَوَى
الأَزهري عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ
؛ قَالَ: شَدِيدُ الانتِقام
، وَرُوِيَ
عَنْ قَتَادَةَ: شَدِيدُ الحِيلة
، وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ جُريج: أَي شَدِيدُ الحَوْل
، قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ أَراه أَراد المَحال، بِفَتْحِ الْمِيمِ، كأَنه قرأَه كَذَلِكَ وَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ الحَوْلَ، قَالَ: والمِحَال الْكَيْدُ وَالْمَكْرُ؛ قَالَ عَدِيٌّ:
مَحَلُوا مَحْلَهم بصَرْعَتِنا العام، ... فَقَدْ أَوْقَعُوا الرَّحى بالثُّفال
قَالَ: مكَروا وسَعَوْا. والمِحَال، بكسر الميم:
__________
(1) . قوله [في غصن المجد] هكذا ضبط في الأصل بضمتين(11/619)
المُمَاكَرة؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: شَدِيدُ المِحَال أَي شَدِيدُ الْكَيْدِ وَالْمَكْرِ، قَالَ: وأَصلُ المِحَال الحِيلةُ؛ وأَنشد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
أَعدَّ لَهُ الشغازِبَ والمِحالا
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: المِحَالُ الجِدالُ؛ مَاحَلَ أَي جادَلَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُ الْقُتَيْبِيِّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ
أَي الحيلةِ غلَطٌ فَاحِشٌ، وكأَنه تَوَهَّمَ أَن مِيمَ المِحال مِيمُ مِفْعَل وأَنها زَائِدَةٌ، وَلَيْسَ كَمَا توهَّمه لأَن مِفْعَلًا إِذا كَانَ مِنْ بَنَاتِ الثَّلَاثَةِ فإِنه يَجِيءُ بإِظهار الْوَاوِ وَالْيَاءِ، مِثْلَ المِزْوَد والمِحْوَل والمِحْوَر والمِعْيَر والمِزْيَل والمِجْوَل وَمَا شَاكَلَهَا، قَالَ: وإِذا رأَيت الْحَرْفَ عَلَى مِثَالِ فِعال أَوّله مِيمٌ مَكْسُورَةٌ فَهِيَ أَصلية مِثْلَ مِيمِ مِهاد ومِلاك ومِراس ومِحال وَمَا أَشبهها؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِ الْمَصَادِرِ: المِحَال الْمُمَاحَلَةُ. يُقَالُ فِي فَعَلْت: مَحَلْت أَمْحَل مَحْلًا، قَالَ: وأَما المَحالة فَهِيَ مَفْعَلة مِنَ الحِيلة، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ؛ قَالَ الأَزهري: وقرأَ
الأَعرج: وَهُوَ شَدِيدُ المَحال
، بِفَتْحِ الْمِيمِ،
قَالَ: وَتَفْسِيرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى الْفَتْحِ لأَنه قَالَ: الْمَعْنَى وَهُوَ شَدِيدُ الحَوْل
، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: يُقَالُ مَحِّلْني يَا فُلَانُ أَي قَوِّني؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُهُ شَدِيدُ الْمِحالِ
أَي شَدِيدُ الْقُوَّةِ. والمَحالة: الفَقارة. ابْنُ سِيدَهْ: والمَحَالة الفِقْرة مِنْ فَقار الْبَعِيرِ، وَجَمْعُهُ مَحال، وَجَمْعُ المَحال مُحُل؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كأَنّ حَيْثُ تَلْتَقِي مِنْهُ المُحُلْ، ... مِنْ قُطُرَيْهِ وَعِلانِ وَوَعِلْ
يَعْنِي قُرونَ وَعِلَين ووَعِلٍ، شبَّه ضُلُوعَهُ فِي اشْتِبَاكِهَا بقُرون الأَوْعال؛ الأَزهري: وأَما قَوْلُ جَنْدَلٍ الطَّهَويّ:
عُوجٌ تَسانَدْنَ إِلى مُمْحَلِ
فإِنه أَراد مَوْضِعَ مَحال الظَّهْرِ، جَعَلَ الْمِيمَ لَمَّا لَزِمَتِ المَحَالَة، وَهِيَ الفَقارة مِنْ فَقار الظَّهْرِ، كالأَصلية. والمَحِلُ: الَّذِي قَدْ طُرِد حَتَّى أَعيا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
نَمْشِي كَمَشْيِ المَحِلِ المَبْهور
وَفِي النَّوَادِرِ: رأَيت فُلَانًا مُتماحِلًا وماحِلًا وناحِلًا إِذا تَغَيَّرَ بدَنه. والمَحالُ: ضرْب مِنَ الحَلي يُصَاغُ مُفَقَّراً أَي مُحَزَّزاً عَلَى تَفْقِيرِ وَسَطِ الْجَرَادِ؛ قَالَ:
مَحال كأَجْوازِ الجَرادِ، وَلُؤْلُؤٌ ... مِنَ القَلَقِيِّ والكَبِيسِ المُلَوَّب
والمَحَالةُ: الَّتِي يَسْتَقِي عَلَيْهَا الطيَّانون، سُمِّيَتْ بفَقارة الْبَعِيرِ، فَعالة أَو هِيَ مَفْعَلة لتَحوُّلها فِي دَوَرانها. وَالْمَحَالَةُ وَالْمَحَالُ أَيضاً: البكَرة الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَسْتَقِي بِهَا الإِبل؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:
يَرِدْن، والليلُ مُرِمٌّ طائرُه، ... مُرْخًى رِواقاه هُجودٌ سامِرُه،
وِرْدَ المَحال قَلِقَتْ مَحاوِرُهْ
والمَحالةُ: البكَرة، هِيَ مَفْعَلة لَا فَعالة بِدَلِيلِ جَمْعِهَا عَلَى مَحاوِل، وإِنما سُمِّيَتْ مَحالة لأَنها تَدُورُ فَتُنْقَلُ مِنْ حَالَةٍ إِلى حَالَةٍ، وَكَذَلِكَ المَحالة لفِقْرة الظَّهْرِ، هِيَ أَيضاً مَفْعَلة لَا فَعالة، مَنْقُولَةٌ مِنَ المَحالة الَّتِي هِيَ البكَرة، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَحَقُّ هَذَا أَن يُذْكَرَ فِي حول. غَيْرُهُ: المَحالة البكَرة الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَكُونُ للسَّانية. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَرَّمْت شَجَرَ الْمَدِينَةِ إِلَّا مَسَدَ مَحالة
؛(11/620)
هِيَ البكَرة الْعَظِيمَةُ الَّتِي يُسْتَقى عَلَيْهَا، وَكَثِيرًا مَا تَسْتَعْمِلُهَا السَّفَّارة عَلَى البِئار الْعَمِيقَةِ. وَقَوْلُهُمْ: لَا مَحَالَةَ يُوضَعُ مَوْضِعَ لَا بُدَّ وَلَا حِيلَةَ، مَفْعلة أَيضاً مِنَ الحَوْل والقوَّة؛ وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ:
أَيْقَنْتُ أَني، لا مَحَالةَ، ... حَيْثُ صَارَ القومُ، صائِرْ
أَي لَا حِيلَةَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الحَوْل الْقُوَّةُ أَو الْحَرَكَةُ، وَهِيَ مَفْعَلة مِنْهُمَا، وأَكثر مَا تُسْتَعْمَلُ لَا مَحالة بِمَعْنَى الْيَقِينِ والحقيقةِ أَو بِمَعْنَى لَا بُدَّ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: إِنْ حَوَّلْناها عَنْكَ بِمِحْوَلٍ
؛ الْمِحْوَلُ، بِالْكَسْرِ: آلةُ التحويلِ، وَيُرْوَى بِالْفَتْحِ، وَهُوَ مَوْضِعُ التحويل، والميم زائدة.
مخل: ابْنُ الأَعرابي: الخافِلُ الهارِب، وَكَذَلِكَ الماخِل والمالِخُ.
مدل: المِدْلُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الخفيُّ الشخصِ، القليلُ الْجِسْمِ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ المَدْلُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، للخَسيس مِنَ الرِّجَالِ، والمِذْل، بِالدَّالِ وَالذَّالِ وَكَسْرِ الْمِيمِ فِيهِمَا. والمِدْل: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ. ومَدَلَ: قَيْل مِنْ حِمْير. وتَمَدَّلَ بالمِنْديل: لُغَةٌ فِي تَنَدَّل.
مذل: المَذَل: الضجَر والقَلَق، مَذِلَ مَذَلًا فَهُوَ مَذِلَ، والأُنثى مَذِلَة. والمَذِل: الْبَاذِلُ لِمَا عِنْدَهُ مِنْ مَالٍ أَو سِرٍّ، وَكَذَلِكَ إِذا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَبْطِ نَفْسِهِ. ومَذِل بسرِّه «2» ، بِالْكَسْرِ، مَذَلًا ومِذالًا، فَهُوَ مَذِلَ ومَذِيلٌ، ومَذَلَ يَمْذُلُ، كِلَاهُمَا: قَلِقَ بسرِّه فأَفشاه. وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: المِذالُ مِنَ النِّفَاقِ
؛ هُوَ أَن يَقْلَق الرجلُ عَنْ فِراشه الَّذِي يُضاجِع عَلَيْهِ حَلِيلَتَهُ ويتحوَّل عَنْهُ ليَفْتَرِشَه غيرُه، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: المِذاء، مَمْدُودٌ، فأَما المِذال، بِاللَّامِ، فإِن أَبا عُبَيْدٍ قَالَ: أَصله أَن يَمْذَل الرَّجُلُ بسرِّه أَي يَقْلَق، وَفِيهِ لُغَتَانِ: مَذِلَ يَمْذَلُ مَذَلًا، ومَذَلَ يَمْذُلُ، بِالضَّمِّ، مَذْلًا أَي قلقْت بِهِ وضَجِرْت حَتَّى أَفْشَيته، وَكَذَلِكَ المَذَل، بِالتَّحْرِيكِ. ومَذِلْت مِنْ كَلَامِهِ: قَلِقْت. وكلُّ مَنْ قَلِقَ بسرِّه حَتَّى يُذيعه أَو بِمَضْجَعه حَتَّى يتحوَّل عَنْهُ أَو بمَالِه حَتَّى يُنْفِقه، فَقَدْ مَذِلَ؛ وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ:
وَلَقَدْ أَرُوحُ عَلَى التِّجَارِ مُرَجَّلًا ... مَذِلًا بِمالي، لَيِّناً أَجْيادِي
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:
فَلَا تَمْذُلْ بسِرِّك، كُلُّ سرٍّ، ... إِذا مَا جاوَز الِاثْنَيْنِ، فاشِي
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: فالمِذال فِي الْحَدِيثِ أَن يَقْلق بفِراشه كَمَا قدَّمنا، وأَما المِذاء، بِالْمَدِّ، فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ابْنُ الأَعرابي: المِمْذِل الكثيرُ خَدَرِ الرِّجْل. والمِمْذَل: القَوَّاد عَلَى أَهله. والمِمْذلُ: الَّذِي يَقْلَق بسرِّه. ومَذِلَت نَفْسُهُ بِالشَّيْءِ مَذَلًا ومَذُلَت مَذَالَة: طابتْ وسمحتْ. وَرَجُلٌ مَذِلُ النفسِ والكفِّ واليدِ: سمحٌ. ومَذَل بِمَالِهِ ومَذِلَ: سَمَحَ، وَكَذَلِكَ مَذِلَ بنفسِه وعِرْضه؛ قَالَ:
مَذِلٌ بِمُهْجَتِه إِذا مَا كذَّبَتْ، ... خَوْفَ المَنِيَّة، أَنْفُسُ الأَنْجادِ
__________
(2) . قوله [ومَذِلَ بسره إلخ] عبارة القاموس: ومَذلَ بسره كنصر وعلم وكرم(11/621)
وَقَالَتِ امرأَة مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ تَعِظ ابْنَهَا:
وعِرْضكَ لَا تَمْذُلْ بعِرْضِك، إِنما ... وجَدْت مُضِيعَ العِرْضِ تُلْحَى طَبائِعهُ
ومَذِلَ عَلَى فِراشه مَذَلًا، فَهُوَ مَذِلَ، ومَذُلَ مَذَالةً، فَهُوَ مَذِيلٌ، كِلاهما: لَمْ يستقرَّ عَلَيْهِ مِنْ ضَعْفٍ وغَرَض. وَرِجَالٌ مَذْلى: لا يطمئنون، جاؤوا بِهِ عَلَى فَعْلى لأَنه قَلَق، وَيَدُلُّ عَلَى عَامَّةِ مَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْجَمْعِ «1» . والمَذِيلُ: الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَتَقارُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
مَا بَالُ دَفِّك بالفِراشِ مَذِيلا؟ ... أَقَذًى بِعَيْنِك أَم أَرَدْتَ رَحِيلا؟
والمَذِلُ والمَاذِلُ: الَّذِي تَطِيب نفسُه عَنِ الشَّيْءِ يَتْرُكُهُ وَيَسْتَرْجِي غيرَه. والمُذْلَةُ: النُّكْتَةُ فِي الصَّخْرَةِ وَنَوَاةُ التَّمْرِ. ومَذِلَتْ رجلُه مَذَلًا ومَذْلًا وأَمْذَلَتْ: خَدِرَتْ، وامْذَالَّتِ امْذِلالًا. وكلُّ خَدَرٍ أَو فَتْرةٍ مَذَلٌ وامْذِلالٌ؛ وَقَوْلُهُ:
وإِنْ مَذِلَتْ رِجْلي، دعَوتُكِ أَشْتَفِي ... بِذِكْراكِ مِنْ مَذْلٍ بِهَا، فَتَهُونُ
إِما أَن يَكُونَ أَراد مَذَل فَسَكَّنَ لِلضَّرُورَةِ، وإِما أَن تَكُونَ لُغَةً. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: مَذِلْت مِنْ كَلَامِكَ وَمَضَضْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَرَجُلٌ مِذْل أَي صَغِيرُ الْجُثَّةِ مِثْلُ مِدْل. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ سِيبَوَيْهِ: رَجُلٌ مَذْل ومَذِيل وفَرْج وفَرِيج وطَبّ وَطَبِيبٌ «2» . والامْذِلالُ: الِاسْتِرْخَاءُ والفُتور، والمَذَل مِثْلُهُ. وَرَجُلٌ مِذْل: خفيُّ الْجِسْمِ وَالشَّخْصِ قَلِيلُ اللَّحْمِ، وَالدَّالُ لُغَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمَذِيلُ: الحديدُ الَّذِي يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ نَرمْ آهَنْ.
مرجل: اللَّيْثُ: المَرَاجِل ضرْب مِنْ بُرود الْيَمَنِ؛ وأَنشد:
وأَبْصَرْتُ سَلْمَى بَيْنَ بُرْدَيْ مَرَاجِلٍ، ... وأَخْياشِ عصبٍ مِنْ مُهَلْهلَة اليَمنْ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
يُسائِلْنَ: مَنْ هَذَا الصَّريعُ الَّذِي نَرَى؟ ... ويَنْظُرْنَ خَلْساً مِنْ خِلال المَرَاجِل
وَثَوْبٌ مُمَرْجَل: عَلَى صَنْعَةِ المَراجِلِ مِنَ البُرود. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَعَلَيْهَا ثِياب مَرَاجِل
، يُرْوَى بِالْجِيمِ وَالْحَاءِ، فَالْجِيمُ مَعْنَاهُ أَن عَلَيْهَا نُقوشاً تِمْثال الرِّجَالِ، وَالْحَاءُ مَعْنَاهُ أَن عَلَيْهَا صُوَرَ الرِّحال وَهِيَ الإِبل بأَكْوَارِها. وَمِنْهُ: ثوبٌ مُرَحَّل، وَالرِّوَايَتَانِ مَعًا مِنْ بَابِ الرَّاءِ، وَالْمِيمُ فِيهِمَا زَائِدَةٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ أَيضاً فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَبَعَثَ مَعَهُمَا بِبُرْد مَرَاجِل
؛ هُوَ ضرْب مِنْ بُرود الْيَمَنِ، قَالَ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ «3» يُشْبِهُ أَن تَكُونَ الْمِيمُ أَصلية. والمُمَرْجَل: ضرْب مِنْ ثِيَابِ الوَشْيِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
بِشِيَةٍ كَشِيَةِ المُمَرْجَلِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ سِيبَوَيْهِ مَرَاجِل ميمُها مِنْ نَفْسِ الْحَرْفِ وَهِيَ ثِيَابُ الوَشْيِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ولِصَدْرِه أَزِيزٌ كأَزِيزِ المِرْجَل
؛ هُوَ، بِالْكَسْرِ: الإِناء الَّذِي يُغْلى فيه الماء، وسواء
__________
(1) . قوله [من الجمع] هكذا في الأصل
(2) . قوله [وطب وطبيب] هكذا في الأصل
(3) . قوله [قال وهذا التفسير] عبارة النهاية: قال الأزهري هذا إلخ(11/622)
كَانَ مِنْ حَدِيدٍ أَو صُفْر أَو حِجَارَةٍ أَو خَزَف، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، قِيلَ: لأَنه إِذا نُصِب كأَنه أُقيم عَلَى أَرْجُل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والمِرْجَل المِشط [المُشط] ، مِيمُهُ زَائِدَةٌ لأَنه يرجَّل بِهِ الشَّعْرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَرَاجِلُنا مِنْ عَظْمِ فِيلٍ، وَلَمْ تَكُنْ ... مَرَاجِلُ قَومي مِنْ جَديد القَماقِم
مرطل: مَرْطَلَهُ فِي الطِّين: لَطَخَه. ومَرْطَلَ الرجلُ ثَوْبَهُ بِالطِّينِ إِذا لَطَخَه، ومَرْطَلَ عِرْضَه كَذَلِكَ؛ قَالَ صَخْرُ بْنُ عَمِيرَةَ:
مَمْغُوثة أَعْراضُهم مُمَرْطَلَهْ، ... كَمَا تُلاثُ فِي الهِناءِ الثَّمَلَهْ
ومَرْطَلَه المطرُ: بَلَّه. ومَرْطَلَ العملَ: أَدامه.
مسل: المَسِيلُ: السَّيَلان، والمَصْلُ: القَطْرُ، وَيُقَالُ لِمَسِيل الْمَاءِ مَسَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ. الْمُحْكَمُ: المَسَل والمَسِيلُ مَجْرَى الْمَاءِ وَهُوَ أَيضاً مَاءُ الْمَطَرِ، وَقِيلَ: المَسَل المَسِيلُ الظَّاهِرُ، والجمْع أَمْسِلَةٌ ومُسُلٌ ومُسْلانٌ ومَسَائِلُ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَن مِيمَهُ زَائِدَةٌ مِنْ سَالَ يَسيل وأَن الْعَرَبَ غَلِطت فِي جَمْعِهِ، قَالَ الأَزهري: هَذِهِ الْجُمُوعُ عَلَى توهُّم ثُبُوتِ الْمِيمِ أَصلية فِي المَسِيل كَمَا جَمَعُوا الْمَكَانَ أَمكنة، وأَصله مَفْعَل مِنْ كَانَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ يَصِفُ النَّحْلَ:
مِنْهَا جَوارِسُ للسَّراة، وتَخْتَوِي ... كَرَباتِ أَمْسِلَةٍ إِذا تَتَصَوَّب «4»
. تَخْتَوِي: تأْكل لِلْخَواء، والكَرَبُ: مَا غَلُظَ مِنْ أُصول جَرِيدِ النَّخْلِ، والأَمْسِلَة: جَمْعُ المَسِيل وَهُوَ الْجَرِيدُ الرَّطْب، وَجَمْعُهُ المُسُل. الْأَزْهَرِيُّ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ بَنِي سَعْدٍ نشَأَ بالأَحْساء يَقُولُ لِجَرِيدِ النَّخْلِ الرّطْبِ: المُسُل، وَالْوَاحِدُ مَسِيل. ومُسَالا الرَّجُلِ: عَضُداه. ومُسَالا الرَّجُلِ: جانِبا لَحْيَيْه، وَهُوَ أَحد الظُّرُوفِ الشَّاذَّةِ الَّتِي عَزَلَها سِيبَوَيْهِ ليفسِّر مَعَانِيَهَا؛ وأَنشد لأَبي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ:
إِذا ما تَغَشَّاه عَلَى الرَّحْل يَنْثَني ... مُسَالَيْه عَنْهُ مِنْ وَرَاءٍ ومُقْدِم
قَالَ سِيبَوَيْهِ: ومُسَالاه عِطْفاه فَجَرَى مَجْرَى جَنْبَيْ فُطَيمة. ابْنُ الأَعرابي: المَسَالَةُ طُولُ الْوَجْهِ مَعَ حُسْنٍ. ومَسُولَى: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد للمَرّار:
فأَصْبَحْتُ مَهْموماً كأَنّ مَطِيَّتي، ... بِبَطْن مَسُولَى أَو بِوَجْرَةَ، ظالِعُ
أَي طَالَ وُقوفي حَتَّى كأَن ناقتي ظالع.
مشل: المَشَل «5» : الحَلَب الْقَلِيلُ. والمِمْشَلُ: الْحَالِبُ الرَّفِيقُ بالحَلْب. ومَشَّلَت الناقةُ تَمْشِيلًا: أَنزلت شَيْئًا قَلِيلًا مِنَ اللبَن. وتَمْشِيلُ الدِّرَّة: انتشارُها لَا تَجْتَمِعُ فيَحْلُبها الْحَالِبُ وَقَدْ تَمَشَّلَها الحالبُ أَو فَصِيلُها؛ قَالَ شَمِرٌ: وَلَوْ لَمْ أَسمعه لِابْنِ شُمَيْلٍ لأَنكرته. سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ: التَّمْشِيل أَن تَحْلُب وَتُبْقِيَ فِي الضَّرْع شَيْئًا، وَهُوَ التَّفْشِيل أَيضاً. وامْتَشَلَ سيفَه: اخْتَرَطَه. ابن السكيت: امْتَشَلَ
__________
(4) . قوله [وتختوي] هكذا في الأصل، وأورده في التكملة بلفظ: تأتري، ثم قال تأتري تفتعل من الأري، والكربات: أماكن ترتفع عن السهل، وقيل أماكن مرتفعة تصب في الأودية إلى آخر ما هنا
(5) . قوله [المَشَل] هكذا في التهذيب مضبوطاً بالتحريك، ومقتضى صنيع القاموس وضبط التكملة أنه بالفتح(11/623)
سيفَه مِنْ غِمْده وامْتَشَقه وانْتضاه وانْتَضَله بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وفَخِذٌ نَاشِلَة: قَلِيلَةُ اللَّحْمِ: قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ بَعْضَ الأَعراب يَقُولُ: فَخِذ مَاشِلَة بِهَذَا الْمَعْنَى. وَهُوَ مَمْشُول الفخِذ أَي قَلِيلُ اللَّحْمِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ مُشَلَّل، بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الأُولى وَفَتْحِهَا، مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.
مصل: المَصْل: مَعْرُوفٌ. والمُصُولُ: تمَيُّزُ الْمَاءِ عَنِ الأَقِطِ. واللبنُ إِذا عُلِّق مَصَل مَاؤُهُ فقَطر مِنْهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مَصْلَة مَثَّلَ أَقْطة. الْمُحْكَمُ: مَصَلَ الشيءُ يَمْصُلُ مَصْلًا ومُصولًا قطَر. ومَصَلَتِ اسْتُه أَي قطرَت. والمَصْل والمُصَالَة: مَا سَالَ مِنَ الأَقِط إِذا طُبخ ثُمَّ عَصَرَ. أَبو زَيْدٍ: المَصْل ماءُ الأَقِط حينَ يُطبخ ثُمَّ يُعْصر، فعُصارةُ الأَقِط هِيَ المَصْل. الْجَوْهَرِيُّ: ومَصْلُ الأَقِط عملُه، وَهُوَ أَن تَجْعَلَهُ فِي وِعاء خُوصٍ أَو غَيْرِهِ حَتَّى يقطُر مَاؤُهُ، وَالَّذِي يَسِيل مِنْهُ المُصَالَةُ، والمُصَالَةُ: مَا قَطَرَ مِنَ الحُبِّ. ومَصَلَ اللبَنَ يَمْصُلُه مَصْلًا إِذا وَضَعَهُ فِي وِعاء خُوصٍ أَو خِرَق حَتَّى يُقَطَّرَ مَاؤُهُ، وإِنه ليحلُب من الناقة لَبَنًا مَاصِلًا. وأَمْصَلَ الرَّاعِي الغنمَ إِذا حَلَبَهَا واستَوْعب مَا فِيهَا. والمُصُولُ: تمييزُ الْمَاءِ مِنَ اللَّبَنِ. ولبنٌ مَاصِلٌ: قَلِيلٌ. وَشَاةٌ مُمْصِلٌ ومِمْصَالٌ: يَتزايَلُ لبنُها فِي العُلْبة قَبْلَ أَن يُحْقَن. والمُمْصِلُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تُلْقي ولدَها مُضْغة. وَقَدْ أَمْصَلَتِ المرأَة أَي أَلقت وَلَدَهَا وَهُوَ مُضْغَةٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ قَدْ أَمْصَلْتَ بِضاعةَ أَهلِك إِذا أَفسدتها وصرَفْتها فِيمَا لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقَدْ مَصَلَتْ هِيَ. ابْنُ الأَعرابي: المِمْصَل الَّذِي يُبَذِّرُ مَالَهُ فِي الْفَسَادِ. والمِمْصَل أَيضاً: رَاوُوقُ الصبَّاغ. وأَمْصَلَ مالَه أَي أَفسده وصرَفه فِيمَا لَا خَيْرَ فِيهِ؛ وَقَالَ الْكِلَابِيُّ يُعَاتِبُ امرأَته:
لعَمْري لَقَدْ أَمْصَلْتِ ماليَ كلَّه، ... وَمَا سُسْتِ مِنْ شَيْءٍ فربُّكِ ماحِقُه
والمَاصِلَةُ: المُضَيِّعة لِمَتَاعِهَا وَشَيْئِهَا. وَيُقَالُ: أَعْطى عَطَاءً مَاصِلًا أَي قَلِيلًا. وإِنه ليحلُب مِنَ النَّاقَةِ لَبَنًا مَاصِلًا أَي قَلِيلًا. وَقَالَ سَلِيمُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: مَصَلَ فلانٌ لِفُلَانٍ مِنْ حقِّه إِذا خَرَجَ لَهُ مِنْهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا زِلت أُطالبُه بحقِّي حَتَّى مَصَلَ بِهِ صَاغِرًا. ومَصَل الجُرْحُ أَي سَالَ مِنْهُ شَيْءٌ يَسِيرٌ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: المَاصِلُ مَا رَقَّ مِنَ الدَّبوقاءِ، والجُعْمُوسُ ما يَبِس منه.
مطل: المَطْلُ: التَّسْوِيفُ والمُدافَعة بالعِدَة والدَّيْن ولِيَّانِه، مَطَلَه حَقَّه وَبِهِ يَمْطُلُه مَطْلًا وامْتَطَلَه ومَاطَلَه بِهِ مُمَاطَلَةً ومِطَالًا وَرَجُلٌ مَطُول ومَطَّال. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَطْلُ الغنيِّ ظُلْمٌ.
والمَطْلُ: المَدُّ؛ مَطَلَ الحبلَ وَغَيْرَهُ يَمْطُلُه مَطْلًا فامْطَلَّ؛ أَنشد الأَصمعي لِبَعْضِ الرُّجَّاز:
كأَن صَابًا آلَ حَتَّى امْطَلَّا
والمَطْلُ: مدُّ المَطَّال حديدةَ الْبَيْضَةِ الَّتِي تُذاب لِلسُّيُوفِ ثُمَّ تُحْمَى وتُضرب وتُمد وتُرَبَّع. ومَطَلَ الْحَدِيدَةَ يَمْطُلها مَطْلًا: ضرَبها ومدَّها وَسَبَكَهَا وأَدارَها ثُمَّ طبَعها فَصَاغَهَا بَيْضَةً، وَهِيَ المَطِيلَة، وَكَذَلِكَ الْحَدِيدَةُ تُذَابُ لِلسُّيُوفِ ثُمَّ تُحْمَى وَتُضْرَبُ وتمدّ وتربَّع ثُمَّ تُطْبَع بَعْدَ المَطْل فَتُجْعَلُ صَفِيحَةً. الصِّحَاحُ: مَطَلْت الْحَدِيدَةَ أَمْطُلُها مَطْلًا إِذا ضَرَبْتُهَا وَمَدَدْتُهَا لِتَطُول؛ والمَطَّال: صَانِعُ ذَلِكَ، وَحِرْفَتُهُ المِطَالَة. يُقَالُ: مَطَلَها المَطَّال ثُمَّ طَبَعَهَا بَعْدَ(11/624)
المَطْل. والمَطِيلَةُ: اسْمُ الْحَدِيدَةِ الَّتِي تُمْطَل مِنَ الْبَيْضَةِ وَمِنَ الزَّنْدة. والمَطْلُ: الطُّولُ. والمَمْطُولُ: الْمَضْرُوبُ طُولًا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد الْحَدِيدَ أَو السَّيْفَ الَّذِي ضَرَبَ طُولًا، كَمَا قَالَ اللَّيْثُ: وَكُلُّ مَمْدُودٍ مَمْطُول، والمَطْل فِي الْحَقِّ والدَّيْن مأْخوذ مِنْهُ، وَهُوَ تَطْوِيلُ العِدَّة الَّتِي يضربُها الغريمُ لِلطَّالِبِ، يُقَالُ: مَطَلَه ومَاطَلَه بحقِّه. واسمٌ مَمْطُولٌ: طالَ بإِضافة أَو صِلَةٍ، اسْتَعْمَلَهُ سِيبَوَيْهِ فِيمَا طالَ مِنَ الأَسماء: كَعِشْرِينَ رَجُلًا، وَخَيْرًا مِنْكَ، إِذا سُمِّيَ بِهِمَا رَجُلٌ. والمَطَلَةُ: لُغَةٌ فِي الطَّمَلة، وَهِيَ بَقِيَّةُ الْمَاءِ الكَدِر فِي أْسفل الْحَوْضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: مَطَلَتُه طينتُه وكَدَرُه. ابْنُ الأَعرابي: وسطُ الْحَوْضِ مَطَلَتُه وسِرْحانُه، قَالَ: ومَطَلَتُه غِرْيَنُه ومَسِيطَتُه ومَطِيطَتُه. وامْتَطَلَ النباتُ: الْتَفَّ وتدَاخَل. ومَاطِلٌ: فَحْلٌ مِنْ كِرام فُحول الإِبل إِليه تنسَب الإِبل الماطِلِيَّة؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
كفَحْلِ الهِجان المَاطِلِيِّ المُرَفَّلِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
سِهامٌ نجَتْ مِنْهَا المَهَارَى وغودِرَتْ ... أَراحِيبُها، والمَاطِلِيُّ الهَمَلَّعُ
ابْنُ الأَعرابي: المِمْطَلُ اللِّصُّ. والمِمْطَلُ: مِيقَعةُ الحدَّاد.
معل: معَل الحمارَ وغيرَه يَمْعَله مَعْلًا: استَلَّ خُصْيَيْه. والمَعْل: الِاخْتِلَاسُ بعَجلة فِي الْحَرْبِ. ومَعَلَ الشيءَ يَمْعَلُه: اختطفَه. ومَعَلَهُ مَعْلًا: اخْتَلَسَهُ؛ وَقَوْلُهُ:
إِني، إِذا مَا الأَمرُ كَانَ مَعْلا، ... وأَوْخَفَتْ أَيْدِي الرِّجالِ الغِسْلا،
لَمْ تُلْفِني دارِجةً ووَغْلا
يَعْنِي إِذا كَانَ الأَمر اختِلاساً؛ وَقَوْلُهُ:
وأَوْخَفَتْ أَيدي الرِّجَالِ الغِسْلا
أَي قلَّبوا أَيديَهم فِي الْخُصُومَةِ كأَنهم يَضْرِبُونَ الخِطْميَّ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: كَانَتِ الْعَرَبُ إِذا تَواقَفَت لِلْحَرْبِ تَفاخرتْ قَبْلَ الْوَقْعَةِ فَتَرْفَعُ أَيديَها وتُشيرُ بِهَا فَتَقُولُ: فَعَل أَبي كَذَا وَكَذَا، وقامَ بأَمْرِ كَذَا وَكَذَا، فَشُبِّهَتْ أَيديهم بالأَيدي الَّتِي تُوخِف الخطميَّ، وَهُوَ الغِسل، والدارِجة والوَغْل الخسيسُ. ابْنُ الأَعرابي: امْتَعَلَ فُلَانٌ إِذا دَارَكَ الطِّعانَ فِي اختلاسٍ وسُرعة. ومَعَلَه عَنْ حَاجَتِهِ وأَمْعَلَه: أَعجله وأَزعجه. والمَعْلُ: مدُّ الرَّجل الحُوارَ مِنْ حَيَاءِ النَّاقَةِ يُعْجِلُه بِذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ اسْتِخْرَاجُهُ بِعَجَلَةٍ. ومَعَلَ أَمرَه يَمْعَلُه مَعْلًا: عَجَّله قَبْلَ أَصحابه وَلَمْ يَتَّئِد. ومَعَلَ أَمرَه مَعْلًا أَيضاً: أَفسده بإِعجاله؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ ومَعَلْتَ أَمرَك أَي عَجَّلتَه وَقَطَعْتَهُ وأَفسدته، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْقَلَّاخِ:
إِني، إِذا مَا الأَمرُ كَانَ مَعْلا، ... وَلَمْ أَجِدْ مِنْ دُونٍ شَرٍّ وَعْلا،
وَكَانَ ذُو العِلْم أَشدَّ جَهْلا ... مِنَ الجَهُول، لَمْ تَجِدْني وَغْلا،
وَلَمْ أَكُنْ دارِجةً ونَغْلا
والمَعْل: سَيْرُ النَّجاء. والمَعْل: السرعةُ فِي السَّيْرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ ابْنِ الْعَمْيَاءِ:
لَقَدْ أَجوبُ البَلَدَ القَراحا، ... المَرْمَرِيسَ النائيَ الصَّحْصاحا،
بالقَوْم لَا مَرْضَى وَلَا صِحاحا،(11/625)
إِنْ يَنْزِلوا لَا يَرْقُبوا الإِصْباحا، ... وإِن يَسِيروا يَمْعَلوا الرَّواحا
أَي يُعَجِّلُوا ويُسرعوا. ومَعَلَ السيرَ يَمْعَلُه مَعْلًا: أَسرع. وَغُلَامٌ مَعِلٌ أَي خَفِيفٌ. ومَعَلَ رِكابه يَمْعَلُها: قَطَعَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. يُقَالُ: لَا تَمْعَلُوا رِكابكم أَي لَا تَقْطَعُوا بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ. ومَعَلَ الْخَشَبَةَ مَعْلًا: شقَّها. وَمَا لَكَ مِنْهُ مَعْلٌ أَي بُدٌّ. والمِعْوَلُ: مِيمُهُ زَائِدَةٌ، وَقَدْ مَضَى فِي فصل العين.
مغل: المَغَل: وَجَعُ الْبَطْنِ مِنْ تُرَابٍ «1» مَغِلَتِ الدَّابَّةُ، بِالْكَسْرِ، وَالنَّاقَةُ تَمْغَلُ مَغَلًا، فَهِيَ مَغِلَةٌ، ومَغَلَتْ: أَكلت الترابَ مَعَ البَقْل فأَخذها لِذَلِكَ وجَعٌ فِي بَطْنِهَا، وَالِاسْمُ المَغْلَة، ويُكْوَى صاحبُ المَغْلةِ ثلاثَ لَذَعات بالمِيسَم خلْف السُّرَّة، وَبِهَا مَغْلَة شَديدةٌ. ابْنُ الأَعرابي: المِمْغَل الَّذِي يُولَعُ بأَكل التُّرَابِ فيَدْقَى مِنْهُ أَي يَسْلَح. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
صومُ شهرِ الصَّبْرِ وثلاثةِ أَيام مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صومُ الدهرِ وَيَذْهَبُ بمَغْلَةِ الصدْر
أَي بنَغَلِه وَفَسَادِهِ، مِنَ المَغَل وَهُوَ داءٌ يأْخذ الْغَنَمَ فِي بُطُونِهَا، ويُروى:
بِمَغَلَّةِ الصدْر
، بِالتَّشْدِيدِ، مِنَ الغِلِّ الْحِقْدِ. وأَمْغَلَ القومُ: مَغِلَتْ إِبِلُهم وَشَاؤُهُمْ، وَهُوَ دَاءٌ. يُقَالُ: مَغِلَتْ تَمْغَلُ. قَالَ: والإِمْغَالُ فِي الشاءِ لَيْسَ فِي الإِبل وَهُوَ مِثْلُ الكِشَافِ فِي الإِبل أَن تحمِل كلَّ عَامٍ. والمَغْل والمَغَلُ: اللَّبَنُ الَّذِي تُرْضِعه المرأَة ولدَها وَهِيَ حَامِلٌ، وَقَدْ مَغِلَتْ بِهِ وأَمْغَلَتْه، وَهِيَ مُمْغِلٌ. والإِمْغَال: وجَعٌ يُصيبُ الشاةَ فِي بَطْنِهَا، فكلَّما حَمَلَت وَلَدًا أَلْقته، وَقِيلَ: الإِمْغَال فِي الشَّاةِ أَن تحمِل عَلَيْهَا فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ أَمْغَلَتْ وَهِيَ مُمْغِل، وَقِيلَ: هُوَ أَن تُنْتَجَ سنَواتٍ مُتتابِعةً، والمَغْلَةُ: النعجةُ والعَنْزُ الَّتِي تُنْتَجُ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ، وَالْجَمْعُ مِغَالٌ. وأَمْغَلَتْ غنمُ فُلَانٍ إِذا كَانَتْ تِلْكَ حالَها. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الإِمْغَال أَن لَا تُراحَ الإِبلُ وَلَا غيرُها سنَةً وَهُوَ مِمَّا يُفْسِدها. والمُمْغِلُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَلِد كلَّ سَنَةٍ وتحمِل قَبْلَ فِطام الصَّبِيِّ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
بَيْضاء مَحْطوطَة المَتْنَيْنِ بَهْكَنَة، ... رَيَّا الرَّوادِف لَمْ تُمْغِلْ بأَوْلادِ
يَقُولُ: لَمْ يَكْثُرْ وَلَدُهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ مَفْسَدَةً لَهَا ويُرَهِّل لحمَها؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ عَيْراً:
يَرْمي بِخَوصاءَ إِلى مَزالِها، ... لَيْسَتْ كَعَين الشَّمْسِ فِي أَمْغالِها
أَراد بمَزالها زَوَالَ الشَّمْسِ. والمَغَل: الرَّمَص، وَجَمْعُهُ أَمْغَال. ومَغِلت عَيْنُهُ إِذا فَسَدَتْ. ومَغَل فُلَانٌ يَمْغَل مَغْلًا ومَغَالَةً: وَشى، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الوِشايَة عِنْدَ السُّلْطَانِ، يُقَالُ: أَمْغَلَ بِي فُلَانٌ عِنْدَ السلطان أَي وَشَى بي إِليه. ومَغَلَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ عِنْدَ فُلَانٍ إِذا وَقع فِيهِ، يَمْغَلُ مَغْلًا، وإِنه لَصَاحِبُ مَغالةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
يَتَأَكَّلون مَغَالَةً ومَلاذةً، ... ويُعابُ قائلُهم، وإِن لَمْ يَشْغَبِ «2»
. وَالْمِيمُ فِي المَغَالَة والمَلاذة أَصلية مِنْ مَغَل ومَلَذ. والمُمْغِل: الأَرض الْكَثِيرَةُ الغَمْلى، وَهُوَ النَّبْت الْكَثِيرُ.
__________
(1) . قوله [من تراب] أي من أكل التراب
(2) . قوله [يتأَكلون مَغَالَة إلخ] هكذا في الأصل هنا، وتقدم في مادة ملذ بلفظ يتحدثون مَغَالَة إلخ وهو كذلك في النهاية في مواضع، إلا أنه وقع في مادة ملذ: وإن لم يشعب بالعين المهملة وهو خطأ والصواب ما هنا من أنه بالغين المعجمة(11/626)
مقل: المُقْلَة: شَحْمة الْعَيْنِ الَّتِي تَجْمَعُ السوادَ والبياضَ، وَقِيلَ: هِيَ سوادُها وبياضُها الَّذِي يَدُورُ كُلُّهُ فِي الْعَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ الحَدَقة؛ عَنْ كَرَاعٍ، وَقِيلَ: هِيَ الْعَيْنُ كلُّها، وإِنما سُمِّيَتْ مُقْلَة لأَنها تَرْمِي بِالنَّظَرِ. والمَقْل: الرَّمْيُ. والحدَقة: السوادُ دُونَ البياضِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَعرف ذَلِكَ فِي الإِنسان، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي النَّاقَةِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
مِنَ المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ بعدَ ما ... يُرَى، فِي فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ، نُضُوبُ
وقال أَبو دواد: سمعت بالغَرّاف يَقُولُونَ: سخِّن جَبِينَك بالمُقْلَة؛ شبَّه عَيْنَ الشَّمْسِ بالمُقْلةِ. والمَقْل: النَّظَرُ. ومَقَلَه بِعَيْنِهِ يَمْقُله مَقْلًا: نَظَرَ إِليه؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
وَلَقَدْ يَرُوعُ قُلوبَهُنَّ تَكَلُّمِي، ... ويَرُوعُني مَقْلُ الصِّوارِ المُرْشق
وَيُرْوَى: مُقَل، ومَقْل أَحسن لِقَوْلِهِ تكلُّمِي. وَيُقَالُ: مَا مَقَلَتْه عَيْنِي مُنْذُ الْيَوْمِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِي. مَا مَقَلَتْ عَيْنِي مثلَه مَقْلًا أَي مَا أَبصرتْ وَلَا نظرتْ، وَهُوَ فَعَلَتْ مِنَ المُقْلة، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ وَسُئِلَ عَنْ مَسْح الحَصى فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ مرَّةً: وتركُها خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ لِمُقْلةٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُقْلَة هِيَ الْعَيْنُ، يَقُولُ: تَرْكُهَا خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ يَخْتَارُهَا الرَّجُلُ عَلَى عَيْنِهِ وَنَظَرِهِ كَمَا يُرِيدُ، قَالَ: وَقَالَ الأَوزاعي وَلَا يُرِيدُ أَنه يَقْتَنِيهَا؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: خيرٌ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا أَسْوَدُ المُقْلَةِ
أَي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَسودُ الْعَيْنِ. والمَقْلة، بِالْفَتْحِ: حَصاة القَسْم تُوضَعُ فِي الإِناء ليُعْرَف قدرُ مَا يُسْقَى كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ عِنْدَ قلَّة الْمَاءِ فِي المَفاوِزِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: تُوضَع فِي الإِناء إِذا عَدِموا الْمَاءَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ يُصَبُّ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَغْمُرُ الحَصاة فيُعطاها كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ طُعْمة الخَطْمِيّ وخَطْمةُ مِنَ الأَنصار بَنُو عبدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَوْس:
قَذَفُوا سيِّدَهم فِي وَرْطةٍ، ... قَذْفَك المَقْلَةَ وسْطَ المُعْتَرَكْ
ومَقَلَ المَقْلة: أَلقاها فِي الإِناء وصبَّ عَلَيْهَا مَا يغمُرها مِنَ الْمَاءِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي حَمْزَةَ: يُقَالُ مَقْلَة ومُقْلَة، شُبِّهَتْ بمُقْلة الْعَيْنِ لأَنها فِي وَسَطِ بَيَاضِ الْعَيْنِ، وأَنشد بَيْتَ الخَطْمِيّ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ: لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلا جُرْعة كجُرْعة المَقْلَة
؛ هِيَ بِالْفَتْحِ حَصاة القَسْم، وَهِيَ بِالضَّمِّ وَاحِدَةُ المُقْل الثَّمَرُ الْمَعْرُوفُ، وَهِيَ لصِغَرِها لَا تسَعُ إِلا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ مِنَ الْمَاءِ. ومَقَلَه فِي الْمَاءِ يَمْقُلُه مَقْلًا: غَمَسه وغطَّه. ومَقَلَ الشَّيْءَ فِي الشَّيْءِ يَمْقُلُه مَقْلًا: غَمَسَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا وقَع الذُّبابُ فِي إِناء أَحدِكم فَامْقُلُوه فإِن فِي أَحد جَناحيه سُمّاً وَفِي الْآخَرِ شِفاء وإِنه يقدِّم السُّمَّ ويؤخر الشِّفاء
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: قَوْلُهُ فامْقُلُوه يَعْنِي فاغْمِسوه فِي الطَّعَامِ أَو الشَّرَابِ ليُخْرِج الشِّفَاءَ كَمَا أَخرج الدَّاءَ. والمَقْل: الغَمْس. وَيُقَالُ للرَّجُلَين إِذا تَغاطَّا فِي الْمَاءِ: هُمَا يَتَمَاقَلان، والمَقْل فِي غَيْرِ هَذَا النظرُ. وتَمَاقَلُوا فِي الْمَاءِ: تَغاطُّوا. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَاصِمٍ: يَتَمَاقَلان فِي الْبَحْرِ
، وَيُرْوَى:
يَتَمَاقَسَان.
ومَقَلَ فِي الْمَاءِ يَمْقُلُ مَقْلًا: غاصَ. وَيُرْوَى
أَن ابْنَ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ سأَل أَباه لُقْمَانَ فَقَالَ: أَرأَيت الحَبَّة الَّتِي تَكُونُ فِي مَقْل الْبَحْرِ
أَي فِي مَغاص الْبَحْرِ، فأَعلمه أَن اللَّهَ يَعْلَمُ الحَبَّة حَيْثُ هِيَ، يَعْلَمُهَا(11/627)
بعِلمه وَيَسْتَخْرِجُهَا بلُطفه؛ وَقَوْلُهُ فِي مَقْل الْبَحْرِ، أَراد فِي مَوْضِعِ المَغاص مِنَ الْبَحْرِ. والمَقْل: أَن يَخَاف الرَّجُلُ عَلَى الْفَصِيلِ مِنْ شُرْبِهِ اللَّبَنَ فيسقيَه فِي كَفِّهِ قَلِيلًا قَلِيلًا؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَعْرِفُ المَقْل الغَمْس، وَلَكِنَّ المَقْل أَن يُمْقَل الفصيلُ الماءَ إِذا آذَاهُ حَرُّ اللَّبَنِ فيُوجَر الماءَ فَيَكُونُ دَوَاءً. وَالرَّجُلُ يَمْرَضُ فَلَا يَسْمَعُ شَيْئًا فَيُقَالُ: امْقُلُوه الماءَ واللبنَ أَو شَيْئًا مِنَ الدَّوَاءِ فَهَذَا المَقْل الصَّحِيحُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِذا لَمْ يَرْضَع الفَصِيل أُخِذ لِسَانُهُ ثُمَّ صُبَّ الْمَاءُ فِي حَلْقه، وَهُوَ المَقْل، وَقَدْ مَقَلْتُه مَقْلًا، قَالَ: وَرُبَّمَا خَرَجَ عَلَى لِسَانِهِ قُروح فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الرِّضَاعِ حَتَّى يُمْقَل؛ وأَنشد:
إِذا اسْتَحَرَّ فامْقُلُوه مَقْلا، ... فِي الحَلْقِ واللَّهاةِ صُبُّوا الرِّسْلا
والمَقْل: ضرْب مِنَ الرِّضَاعِ؛ وأَنشد فِي وَصْفِ الثَّدْي:
كَثَدْي كَعابٍ لَمْ يُمَرَّثَ بالمَقْلِ
قَالَ اللَّيْثُ: نصَب الثَّاءَ عَلَى طلَب النُّونِ، قَالَ الأَزهري: وكأَنَّ المَقْل مَقْلُوبٌ مِنَ المَلْق وَهُوَ الرِّضَاعُ. ومَقْل الْبِئْرِ: أَسفلها. والمُقْل: الكُنْدُر الَّذِي تُدَخِّن بِهِ اليهودُ وَيُجْعَلُ فِي الدَّوَاءِ. والمُقْل: حَمْلُ الدَّوْم، وَاحِدَتُهُ مُقْلَة، والدَّوْم شَجَرَةٌ تُشْبِهُ النَّخْلَةَ فِي حَالَاتِهَا. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُقْل الصَّمْغُ الَّذِي يُسَمَّى الكُور، وَهُوَ مِنَ الأَدوية.
مكل: المُكْلَة والمَكْلَة: جَمَّةُ الْبِئْرِ، وَقِيلَ: أَول مَا يُستقَى مِنْ جَمَّتِها. والمُكْلَة: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ يَبْقَى فِي الْبِئْرِ أَو الإِناء فَهُوَ مِنْ الأَضداد، وَقَدْ مَكَلَتِ الرَّكِيَّة تَمْكُلُ مُكُولًا، فَهُوَ مَكُول فِيهِمَا، وَالْجَمْعُ مُكُلٌ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: قَلِيبٌ مُكُلٌ كعُطُل، ومَكِلٌ كنَكِدٍ، ومُمْكَلَة ومَمْكُولَة كُلُّ ذَلِكَ الَّتِي قَدْ نَزَح مَاؤُهَا، وَقِيلَ: المَكُول مِنَ الْآبَارِ الَّتِي يقلُّ مَاؤُهَا فتَسْتَجِمُّ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْمَاءُ فِي أَسفلها، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَاءِ المُكْلَة. والمَكَل: اجْتِمَاعُ الْمَاءِ فِي الْبِئْرِ. اللَّيْثُ: مَكَلَتِ الْبِئْرُ إِذَا اجْتَمَعَ الْمَاءُ فِي وَسَطِهَا وَكَثُرَ، وَبِئْرٌ مَكُولٌ وجَمَّة مَكُول. ابْنُ الأَعرابي: المِمْكَلُ الغَدير الْقَلِيلُ الْمَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: مَكِلَت الْبِئْرُ أَي قَلَّ مَاؤُهَا وَاجْتَمَعَ فِي وَسَطِهَا، وَقِيلَ: إِذا اجْتَمَعَ فِيهَا قَلِيلًا قَلِيلًا إِلى وَقْتِ النَّزْح الثَّانِي فَاسْمُ ذَلِكَ مَكْلَة ومُكْلَة. يُقَالُ: أَعْطني مكلَةَ رَكيَّتك أَي جَمَّة رَكِيَّتِكَ، وَالْبِئْرُ مَكُول، وَالْجَمْعُ مُكُل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أُحَيْحة بْنِ الجُلاح:
صَحَوْت عَنِ الصِّبا واللَّهْوُ غُولُ، ... ونَفْسُ المرءِ آوِنةً مَكُولُ
أَي قَلِيلَةُ الْخَيْرِ مِثْلَ الْبِئْرِ المَكُول. والمَكُولِيُّ: اللَّئِيمُ؛ عَنْ أَبي العَميْثَل الأَعرابي.
ملل: المَلَلُ: المَلالُ وَهُوَ أَن تَمَلَّ شَيْئًا وتُعْرِض عَنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأُقْسِمُ مَا بِي مِنْ جَفاءٍ وَلَا مَلَل
وَرَجُلٌ مَلَّةٌ إِذا كَانَ يَمَلُّ إِخوانَه سَرِيعًا. مَلِلْتُ الشَّيْءَ مَلَّة ومَلَلًا ومَلالًا ومَلالَة: بَرِمْت بِهِ، واسْتَمْلَلْتُه: كمَلِلْتُه؛ قَالَ ابْنُ هَرْمة:
قِفا فَهَرِيقا الدمْع بالمَنْزِل الدَّرْسِ، ... وَلَا تَسْتَمِلَّا أَن يَطُولَ بِهِ عَنْسِي
وَهَذَا كَمَا قَالُوا خَلَت الدارُ واستخْلت وعَلا قِرْنَه(11/628)
واسْتَعْلاه؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
لَا يَسْتَمِلُّ وَلَا يَكْرى مُجالِسُها، ... وَلَا يَمَلُّ مِنَ النَّجْوَى مُناجِيها
وأَمَلَّنِي وأَمَلَّ عَليَّ: أَبرَمَني. يُقَالُ: أَدَلَّ فأَمَلَّ. وَقَالُوا: لَا أَمْلاهُ أَي لَا أَمَلُّه، وَهَذَا عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ وَالَّذِي فَعَلُوهُ فِي هَذَا ونحوِه مِنْ قَوْلِهِمْ لَا «3» ... لَا أَفعل؛ وإِنشادهم:
مِنْ مآشِرٍ حِداءِ «4»
. لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَيَجِبُ هَذَا، وإِنما غُيِّر اسْتِحْسَانًا فَسَاغَ ذَلِكَ فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: مَلِلْت الشَّيْءَ، بِالْكَسْرِ، ومَلِلْت مِنْهُ أَيضاً إِذا سَئِمْته، وَرَجُلٌ مَلٌّ ومَلول ومَلُولَة ومالُولَةٌ ومَلَّالَة وَذُو مَلَّة؛ قَالَ:
إِنك وَاللَّهِ لَذُو مَلَّة، ... يَطرِفُك الأَدْنى عَنِ الأَبْعَدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ وَصَوَابُ إِنشاده: عَنِ الأَقدَم؛ وَبَعْدَهُ:
قُلْتُ لَهَا: بَلْ أَنتِ مُعْتَلَّة ... فِي الوَصل، يَا هندُ، لِكَي تَصْرِمي
وَفِي الْحَدِيثِ:
اكْلَفوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقون فإِن اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا
؛ مَعْنَاهُ إِن اللَّهَ لَا يَمَلُّ أَبداً، مَلِلْتم أَو لَمْ تَمَلُّوا، فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِمْ: حَتَّى يَشِيبَ الْغُرَابُ ويبيضَّ القارُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِن اللَّهَ لَا يَطَّرِحُكم حَتَّى تَتْرُكُوا الْعَمَلَ وَتَزْهَدُوا فِي الرَّغْبَةِ إِليه فَسَمَّى الْفِعْلَيْنِ مَلَلًا وَكِلَاهُمَا لَيْسَ بِمَلَل كَعَادَةِ الْعَرَبِ فِي وَضْعِ الْفِعْلِ مَوْضِعَ الْفِعْلِ إِذا وَافَقَ مَعْنَاهُ نَحْوَ قَوْلِهِمْ:
ثُمَّ أَضْحَوْا لَعِبَ الدهرُ بِهِمْ، ... وَكَذَاكَ الدهرُ يُودِي بِالرِّجَالِ
فَجَعَلَ إِهلاكه إِياهم لَعِباً، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِن اللَّهَ لَا يَقْطَعُ عَنْكُمْ فَضْله حَتَّى تَمَلُّوا سُؤَالَهُ فسمَّى فِعل اللَّهِ مَلَلًا عَلَى طَرِيقِ الازْدِواج فِي الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها، وَقَوْلُهُ: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ؛ وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فأَلَّف اللَّهُ السَّحاب ومَلَّتْنا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، قِيلَ: هِيَ مِنَ المَلَلِ أَي كَثُرَ مطرُها حَتَّى مَلِلناها، وَقِيلَ: هِيَ مَلَتْنا، بِالتَّخْفِيفِ، مِنَ الامْتِلاء فَخَفَّفَ الْهَمْزَةَ، وَمَعْنَاهُ أَوسَعَتْنا سَقْياً ورِيًّا. وَفِي حَدِيثِ
المُغيرة: مَلِيلَة الإِرْغاء
أَي مَمْلولة الصَّوْتِ، فَعِيلة بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، يَصِفها بِكَثْرَةِ الْكَلَامِ ورَفْعِ الصَّوْتِ حَتَّى تُمِلَّ السَّامِعِينَ، والأُنثى مَلُول ومَلُولَة، فمَلُول عَلَى الْقِيَاسِ ومَلُولَة عَلَى الْفِعْلِ. والمَلَّة: الرَّماد الحارُّ والجمْر. وَيُقَالُ: أَكلنا خُبزَ مَلَّة، وَلَا يُقَالُ أَكلنا مَلَّة. ومَلَّ الشيءَ فِي الجمْر يَمُلُّه مَلًّا، فَهُوَ مَمْلول ومَلِيل: أَدخله «5» . يُقَالُ: مَلَلْت الخُبزةَ فِي المَلَّة مَلًّا وأَمْلَلْتها إِذا عمِلتها فِي المَلَّة، فَهِيَ مَمْلُولَة، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَشْوِيّ فِي المَلَّة مِنْ قَريس وَغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: هَذَا خُبز مَلَّةٍ، وَلَا يُقَالُ لِلْخُبْزِ مَلَّة، إِنما المَلَّة الرَّماد الْحَارُّ وَالْخُبْزُ يُسَمَّى المَلِيل والمَمْلول، وَكَذَلِكَ اللحمُ؛ وأَنشد
__________
(3) . هكذا بياض في الأصل
(4) . قوله [من مآشر حداء] قبله كما في مادة حدد:
يَا لَكَ مِنْ تَمْرٍ وَمِنْ شِيشَاءِ ... يَنْشَبُ فِي الْمَسْعَلِ وَاللَّهَاءِ
أَنْشَبَ مِنْ مآشر حداء
(5) . قوله [أدخله] يعني فيه فلفظ فيه إما ساقط من قلم الناسخ أو اقتصاراً من المؤلف(11/629)
أَبو عُبَيْدٍ:
تَرَى التَّيْمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبى ... إِلى تَيْمِيَّةٍ، كعَصا المَلِيل
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ أَبو هُرَيْرَةَ لَمَّا افتتَحْنا خَيبرَ إِذا أُناس مِنْ يَهُود مُجْتَمِعُونَ عَلَى خُبزة يَمُلُّونها
أَي يَجْعَلُونَهَا فِي المَلَّة. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: أَنه مرَّ بِهِ رِجْل مِنْ جَراد فأَخذ جَرادَتين فمَلَّهما
أَي شَواهما بالمَلَّة؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
كأَنَّ ضاحِيَهُ بِالنَّارِ مَمْلُولُ
أَي كأَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْهُ لِلشَّمْسِ مَشْويّ بالمَلَّة مِنْ شِدَّةِ حَرِّهِ. وَيُقَالُ: أَطعَمَنا خُبْزَ مَلَّةٍ وأَطعمَنا خُبْزَةً مَلِيلًا، وَلَا يُقَالُ أَطعَمنا مَلَّة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا أَشْتُم الضَّيْفَ إِلّا أَنْ أَقولَ لَهُ: ... أَباتَكَ اللَّهُ فِي أَبيات عَمَّارِ
أَباتَك اللَّهُ فِي أَبيات مُعْتَنِزٍ ... عَنِ المَكارِم، لَا عَفٍّ وَلَا قارِي
صَلْدِ النَّدى، زاهِدٍ فِي كُلِّ مَكْرُمة، ... كأَنَّما ضَيْفُهُ فِي مَلَّة النارِ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المَلَّة الحُفْرة نَفْسُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنَّ لِي قَراباتٍ أَصِلُهم ويَقْطَعُونَني وأُعْطِيهم ويَكْفُرونني فَقَالَ لَهُ: إِنما تُسِفُّهم المَلَ
؛ المَلُّ والمَلَّة: الرَّمَادُ الْحَارُّ الَّذِي يُحْمى ليُدْفَن فِيهِ الْخُبْزُ ليَنْضَج، أَراد إِنما تَجْعَلُ المَلَّة لَهُمْ سَفُوفاً يَسْتَفُّونه، يَعْنِي أَن عَطاءَك إِياهم حَرَامٌ عَلَيْهِمْ ونارٌ فِي بُطُونِهِمْ. وَيُقَالُ: بِهِ مَلِيلة ومُلالٌ، وَذَلِكَ حَرارة يَجِدُهَا، وأَصله مِنَ المَلَّة، وَمِنْهُ قِيلَ: فُلَانٌ يَتَمَلْمَلُ عَلَى فِراشه ويَتَمَلَّلُ إِذا لَمْ يَسْتَقِرَّ مِنَ الْوَجَعِ كأَنه عَلَى مَلَّة. وَيُقَالُ: رَجُلٌ مَلِيل لِلَّذِي أَحرقته الشَّمْسُ؛ وَقَوْلُ الْمَرَّارُ:
عَلَى صَرْماءَ فِيهَا أَصْرَماها، ... وخِرِّيتُ الفَلاة بِها مَلِيلُ
قَوْلُهُ: وخِرِّيتُ الفَلاةِ بِهَا مَلِيلُ أَي أَضْحَت الشَّمْسُ فلَفَحَتْه فكأَنه مَمْلول فِي المَلَّة. الْجَوْهَرِي: والمَلِيلَة حَرارة يَجِدُهَا الرَّجُلُ وَهِيَ حُمَّى فِي الْعَظْمِ. وَفِي المثَل: ذَهَبَتِ البَلِيلة بالمَلِيلة. والبَلِيلة: الصِّحَّة مِنْ أَبَلَّ مِنْ مَرَضه أَي صَحَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَزال المَلِيلةُ والصُّداعُ بِالْعَبْدِ
؛ المَلِيلَة: حَرَارَةُ الحُمَّى وتوهُّجُها، وَقِيلَ: هِيَ الحُمَّى الَّتِي تَكُونُ فِي الْعِظَامِ. والمَلِيلُ: المِحْضَأُ. ومَلَّ القَوْسَ والسهمَ وَالرُّمْحَ فِي النَّارِ: عَالَجَهَا بِهِ «1» عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: والمَلِيلةُ والمُلالُ: الحرُّ الكامِن. وَرَجُلٌ مَمْلُول ومَلِيل: بِهِ مَلِيلة. والمَلَّةُ والمُلالُ: عَرَق الحُمَّى، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مُلِلْتُ مَلًّا وَالِاسْمُ المَلِيلةُ كَحُمِمْت حُمَّى وَالِاسْمُ الحُمَّى. والمُلال: وَجَعُ الظَّهْر؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
دَاوِ بِهَا ظَهْرَك مِنْ مُلالِه، ... مِنْ خُزُرات فِيهِ وانْخِزالِه،
كَمَا يُداوى العَرُّ مِنْ إِكالِه
والمُلال: التقلُّب مِنَ الْمَرَضِ أَو الْغَمُّ؛ قَالَ:
وهَمّ تأْخُذُ النُّجَواءُ منه، ... يُعَدُّ بِصالِبٍ أَو بالمُلالِ
وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ مَلَّ. وتَمَلَّلَ الرجلُ وتَمَلْمَلَ: تَقلَّب، أَصله تَمَلَّل فَفُكَّ بِالتَّضْعِيفِ. ومَلَّلْته أَنا: قلَّبته. وتَمَلَّلَ اللحمُ عَلَى النَّارِ: اضْطَرَبَ. شَمِر: إِذا نَبا بِالرَّجُلِ مَضْجَعُه مِنْ غَمٍّ أَو وَصَب
__________
(1) . قوله [عالجها به] هكذا في الأصل، ولعله عالجها بها(11/630)
قِيلَ: قَدْ تَمَلْمَلَ، وَهُوَ تقلُّبه عَلَى فِراشه، قَالَ: وتَمَلْمُلُه وَهُوَ جَالِسٌ أَن يَتوكأَ مَرَّةً عَلَى هَذَا الشِّق، وَمَرَّةً عَلَى ذَاكَ، وَمَرَّةً يَجْثُو عَلَى رُكْبَتَيْهِ. وأَتاه خَبَر فَمَلْمَلَه، والحِرْباءُ تَتَمَلْمَلُ مِنَ الحرِّ: تصعَد رأْس الشَّجَرَةِ مَرَّةً وتَبْطُن فِيهَا مَرَّةً وَتَظْهَرُ فِيهَا أُخرى. أَبو زَيْدٍ: أَمَلَّ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذا شقَّ عَلَيْهِ وأَكثر فِي الطلَب. يُقَالُ: أَمْلَلْت عليَّ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
أَلا يَا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ، ... أَمَلَّ عَلَيْهَا بالبِلى المَلَوانِ
وَقَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ أَمَلَّ عَلَيْهَا بالبِلى: أَلقى عَلَيْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَلَحَّ عَلَيْهَا حَتَّى أَثَّر فِيهَا. وَبَعِيرٌ مُمَلٌّ: أَكثر رُكوبه حَتَّى أَدْبَر ظَهره؛ قَالَ الْعَجَّاجُ فأَظهر التَّضْعِيفَ لِحَاجَتِهِ إِليه يصِف نَاقَةً.
حَرْف كقَوْسِ الشَّوْحَطِ المُعَطَّلِ، ... لَا تَحْفِل السَّوْطَ وَلَا قَوْلِي حَلِ
تشكُو الوَجى مِنْ أَظْلَلٍ وأَظلَلِ، ... مِنْ طُولِ إِمْلالٍ وظَهْرٍ مُمْلَلِ
أَراد تشكُو النَّاقَةُ وجَى أَظَلَّيْها، وَهُمَا باطِنا مَنْسِمَيها، وَتَشْكُو ظهرَها الَّذِي أَمَلَّه الرُّكُوبُ أَي أَدْبَرَه وجَزَّ وبَره وهَزَله. وَطَرِيقٌ مَلِيل ومُمَلٌّ: قَدْ سُلِكَ فِيهِ حَتَّى صَارَ مُعْلَماً؛ وَقَالَ أَبو دُواد:
رَفَعْناها ذَمِيلًا فِي ... مُمَلٍّ مُعْمَلٍ لَحْبِ
وَطَرِيقٌ مُمَلّ أَي لَحْب مَسْلُوكٌ. وأَمَلَّ الشيءَ: قَالَهُ فكُتِب. وأَمْلاه: كأَمَلَّه، عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ
؛ وَهَذَا مِنْ أَمَلَّ، وَفِي التَّنْزِيلِ أَيضاً: فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا؛ وَهَذَا مِنْ أَمْلى. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: أَنا أُمْلِلُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، بإِظهار التَّضْعِيفِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَمْلَلْت لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ وَبَنِي أَسد، وأَمْلَيْت لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وَقَيْسٍ. يُقَالُ: أَمَلَّ عَلَيْهِ شَيْئًا يَكْتُبُهُ وأَمْلَى عَلَيْهِ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ بِاللُّغَتَيْنِ مَعاً. وَيُقَالُ: أَمْلَلْتُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وأَمْلَيْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدٍ: أَنه أَمَلَّ عَلَيْهِ لَا يَستوي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
يُقَالُ: أَمْلَلْتُ الكتابَ وأَمْلَيْتُهُ إِذا أَلقيته عَلَى الْكَاتِبِ لِيَكْتُبَهُ. ومَلَّ الثوبَ مَلًّا: درَزَه؛ عَنْ كُرَاعٍ. التَّهْذِيبُ: مَلَّ ثوبَه يَمُلُّه إِذا خَاطَهُ الْخِيَاطَةَ الأُولى قَبْلَ الكَفِّ؛ يُقَالُ مِنْهُ: مَلَلْتُ الثوبَ بِالْفَتْحِ. والمِلَّة: الشَّرِيعَةُ وَالدِّينُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَتوارثُ أَهلُ مِلَّتَيْنِ
؛ المِلَّة: الدِّينُ كملَّةِ الإِسلام والنَّصرانية وَالْيَهُودِيَّةِ، وَقِيلَ: هِيَ مُعْظم الدِّينِ، وَجُمْلَةُ مَا يَجِيءُ بِهِ الرُّسُلُ. وتَمَلَّلَ وامْتَلَّ: دَخَلَ فِي المِلَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: المِلة فِي اللُّغَةِ سُنَّتُهم وَطَرِيقُهُمْ وَمِنْ هَذَا أُخذ المَلَّة أَي الْمَوْضِعُ الَّذِي يختبزُ فِيهِ لأَنه يؤثَّر فِي مَكَانِهَا كَمَا يؤثَّر فِي الطَّرِيقِ، قَالَ: وَكَلَامُ الْعَرَبِ إِذا اتفَق لفظُه فأَكثره مُشتق بعضُه مِنْ بَعْضٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ قولَه قولُهم مُمَلٌّ أَي مَسْلُوكٌ مَعْلُومٌ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:
كأَنه فِي ملَّة مَمْلُول
قَالَ: المَمْلُول مِنَ المِلَّة، أَراد كأَنه مِثَالٌ مُمَثَّل مِمَّا يُعْبَدُ فِي مِلَل الْمُشْرِكِينَ. أَبو الْهَيْثَمِ: المِلَّة الدِّيَةُ، والمِلَل الدِّيَاتُ؛ وأَنشد:(11/631)
غَنائم الفِتْيان فِي يَوْمِ الوَهَل، ... وَمِنْ عَطايا الرُّؤَسَاءِ فِي المِلَل «1»
. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: لَيْسَ عَلَى عَرَبِيٍّ مِلْك ولَسْنا بنازِعِين مِنْ يدِ رَجُلٍ شَيْئًا أَسلَم عَلَيْهِ، ولكِنَّا نُقَوِّمُهم «2» كَمَا نُقَوِّم أَرشَ الدِّيات ونَذَرُ الجِراحَ، وَجَعَلَ لكلِّ رأْسٍ مِنْهُمْ خَمْسًا مِنَ الإِبل يَضْمَنُها عَشائِرُهم أَو يَضْمَنُونَهَا لِلَّذِينِ مَلَكوهم.
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَطَؤون الإِماءَ ويَلِدْنَ لَهُمْ فَكَانُوا يُنْسَبُون إِلى آبَائِهِمْ وَهُمْ عَرَب، فرأَى عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَن يَرُدَّهُمْ عَلَى آبَائِهِمْ فَيَعْتِقون ويأْخُذُ مِنْ آبَائِهِمْ لِمَواليهم عَنْ كلِّ وَلَدٍ خَمْسًا مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: أَراد مَن سُبِيَ مِنَ الْعَرَبِ فِي الجاهليَّة وأَدركه الإِسلام وَهُوَ عَبْدُ مَن سَباه أَن يَرُدَّهُ حُرًّا إِلى نَسَبِهِ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِمَن سَباه خَمْسًا مِنَ الإِبل. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنَّ أَمَةً أَتت طَيِّئاً فأَخبرتهم أَنها حُرَّة فَتَزَوَّجَتْ فولَدت فَجَعَلَ فِي وَلَدِها المِلَّة
أَي يَفْتَكُّهم أَبوهم مِنْ مَوالي أُمِّهم، وَكَانَ عُثْمَانُ يُعْطِي مكانَ كلَّ رأْسٍ رأْسَيْن، وغيرُه يُعْطِي مَكَانَ كُلِّ رأْس رأْساً، وَآخَرُونَ يُعْطُون قِيمَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتِ. ابْنُ الأَعرابي: مَلَّ يَمِلُّ، بِالْكَسْرِ كسرِ الْمِيمِ، إِذا أَخذ المِلَّة؛ وأَنشد:
جَاءَتْ بِهِ مُرَمَّداً مَا مُلَّا، ... مَا فِيَّ آلُ خَمَّ حِينَ أَلَّى «3»
. قَوْلُهُ: مَا مُلَّا مَا جُحِد، وَقَوْلُهُ: مَا فيَّ آلٌ، مَا صِلَةٌ، والآلُ: شَخْصُهُ، وخَمَّ: تَغَيَّرَتْ ريحُه، وَقَوْلُهُ: أَلَّى أَي أَبْطأَ، ومُلَّ أَي أُنضِج. وَقَالَ الأَصمعي: مَرَّ فُلَانٌ يَمْتَلُّ امْتِلالًا إِذا مَرَّ مَرًّا سَرِيعًا. الْمُحْكَمُ: مَلَّ يَمُلُّ مَلًّا وامْتَلَّ وتَمَلَّلَ أَسرع. وَقَالَ مُصْعَبٌ: امْتَلَّ واسْتَلَّ وانْمَلَّ وانسَلَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَحِمَارٌ مُلامِلٌ: سَرِيعٌ، وَهِيَ المَلْمَلَة. وَيُقَالُ: نَاقَةٌ مَلْمَلَى عَلَى فَعْلَلى إِذا كَانَتْ سَرِيعَةً؛ وأَنشد:
يَا ناقَتا مَا لَكِ تَدْأَلِينا، ... أَلم تَكُونِي مَلْمَلى دَفونا؟ «4»
. والمُلمُول: المِكْحال. الْجَوْهَرِيُّ: المُلْمُول الَّذِي يكتحَل بِهِ؛ وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: هُوَ المُلْمُول الَّذِي يُكْحَل وتُسْبَرُ بِهِ الْجِرَاحُ، وَلَا يُقَالُ المِيل، إِنما المِيلُ القِطعة مِنَ الأَرض. ومُلْمُول الْبَعِيرِ وَالثَّعْلَبِ: قَضِيبُهُ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ مالُّ، وَجَمْعُهُ مُلَّان، وَلَمْ يفسِّره. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدٍ: أَنه حَمَل يَوْمَ الجِسْر فَضَرَبَ مَلْمَلة الفِيل
يَعْنِي خُرْطومَه. ومَلَل: مَوْضِعٌ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ بَيْنَ الحرَمين، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ فِي طَرِيقِ البادِية. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَصبح النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، بمَلَل ثُمَّ راحَ وتعشَّى بسَرفٍ
؛ مَلَلٌ، بِوَزْنِ جَبل: مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ ميلًا بالمدينة «5» ومُلال:
__________
(1) . قوله [غنائم الفتيان إلخ] في هامش النهاية ما نصه: قَالَ وَأَنْشَدَنِي أَبُو الْمَكَارِمِ:
غنائم الفتيان أيام الْوَهَلِ ... وَمِنْ عَطَايَا الرُّؤَسَاءِ والمِلَل
يريد إبلًا بعضها غنيمة وبعضها صلة وبعضها من ديات
(2) . قوله [ولكنا نقوّمهم إلخ] هكذا في الأصل، وعبارة النهاية:
ولكنا نقوّمهم المِلَّة على آبائهم خمساً من الإبل
: المِلَّة الدية وجمعها مِلَل؛ قال الأزهري إلى آخر ما هنا وقال الصاغاني بعد أن ذكر الحديث كما في النهاية: قال الأزهري أراد إنما نقومهم كما نقوّم إلى آخر ما هنا وضبط لفظ ونذر الجراح بهذا الضبط ففي عبارة الأصل سقط ظاهر
(3) . قوله [وأنشد جاءت به إلخ] هكذا في الأصل
(4) . قوله [دفونا] هكذا في الأصل؛ وفي التكملة: ذقونا، بالذال والقاف
(5) . قوله [سَبْعَةَ عَشَرَ مَيْلًا بِالْمَدِينَةِ] الذي في ياقوت: ثمانية وعشرين ميلًا من المدينة(11/632)
مَوْضِعٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
رَمى قلبَه البَرْقُ المُلالِيُّ رَمْيةً، ... بذكرِ الحِمَى وَهْناً، فباتَ يَهِيمُ
مندل: قَالَ الْمُبَرِّدُ: المَنْدَل الْعُودُ الرَّطْب، وَهُوَ المَنْدَلِيُّ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ عِنْدِي رُبَاعِيٌّ لأَن الْمِيمَ أَصلية، قَالَ: لَا أَدري أَعربي هُوَ أَو معرب.
مهل: المَهْل والمَهَل والمُهْلة، كُلُّهُ: السَّكِينة والتُّؤَدة والرِّفْق. وأَمْهَلَه: أَنظره ورَفَق بِهِ وَلَمْ يَعْجَلْ عَلَيْهِ. ومَهَّلَه تَمْهِيلًا: أَجَّله. والاسْتِمْهال: الِاسْتِنْظَارُ. وتَمَهَّلَ فِي عَمَلِهِ: اتَّأَدَ. وكلُّ ترفُّقٍ تمَهُّل. ورُزِق مَهْلًا: رَكِب الذُّنوب والخَطايا فمُهِّلَ وَلَمْ يُعْجَل. ومَهَلَت الغنمُ إِذا رَعَتْ بِالْلَيْلِ أَو بِالنَّهَارِ عَلَى مَهَلِها. والمُهْلُ: اسمٌ يَجْمَعُ مَعْدِنِيَّات الْجَوَاهِرِ. والمُهْل: مَا ذَابَ مِنْ صُفْرٍ أَو حَدِيدٍ، وَهَكَذَا فُسِّرَ فِي التَّنْزِيلِ، وَاللَّهُ أَعلم. والمُهْل والمُهْلة: ضرْب مِنَ القَطِران ماهِيٌّ رَقِيق يُشْبه الزَّيْتَ، وَهُوَ يضرِب إِلى الصُّفْرَةِ مِنْ مَهاوَتِه، وَهُوَ دَسِم تُدْهَن بِهِ الإِبل فِي الشِّتَاءِ؛ قَالَ: والقَطِران الْخَاثِرُ لَا يُهْنَأُ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ دُرْدِيُّ الزيتِ، وَقِيلَ: هُوَ العَكَر المُغْلى، وَقِيلَ: هُوَ رَقِيق الزَّيْتِ، وَقِيلَ: هُوَ عامَّته؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَفوه الأَوْدِي:
وكأَنما أَسَلاتُهم مَهْنوءةٌ ... بالمُهْلِ، مِنْ نَدَبِ الكُلومِ إِذا جَرى
شبَّه الدمَ حِينَ يَبِس بِدُرْدِيّ الزَّيْتِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ
؛ يُقَالُ: هُوَ النُّحاس الْمُذَابُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُهْل دُرْدِيُّ الزَّيْتِ؛ قَالَ: والمُهْل أَيضاً القَيْح والصَّدِيد. ومَهَلْت البعيرَ إِذا طَلَيْتَهُ بالخَضْخاض فَهُوَ مَمْهُول؛ قَالَ أَبو وَجِزَةَ «1» .
صَافِي الأَديم هِجان غَيْرُ مَذْبَحِه، ... كأَنه بِدَم المَكْنان مَمْهُول
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ
، قَالَ: المُهْل دُرْدِيُّ الزَّيْتِ، قَالَ الأَزهري: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ «2» قَالَ أَبو إِسحاق: كالدِّهان أَي تَتَلوَّن كَمَا يتلوَّن الدِّهان الْمُخْتَلِفَةُ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ
كَالزَّيْتِ الَّذِي قَدْ أُغْليَ. وَسُئِلَ ابنُ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ
؛ فدَعا بفِضة فأَذابها فجَعلتْ تَميَّع وتَلوَّن، فَقَالَ: هَذَا مِنْ أَشبَهِ مَا أَنتم رَاؤُونَ بالمُهْل؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد تأْويلَ هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَالَ
الأَصمعي: حدَّثني رَجُلٌ، قَالَ وَكَانَ فَصِيحًا، أَن أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَوْصى فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: ادفِنوني فِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ فإِنهما للمَهْلةِ وَالتُّرَابِ
، بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: المِهْلة، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَقَالَتِ الْعَامِرِيَّةُ: المُهْل عِنْدَنَا السُّمُّ. والمُهْل: الصَّدِيدُ وَالدَّمُ يَخْرُجُ فِيمَا زَعَمَ يُونُسُ. والمُهْل: النُّحَاسُ الذَّائِبُ؛ وأَنشد:
ونُطْعمُ مِنْ سَدِيفِ اللحْم شِيزى، ... إِذا مَا الماءُ كالمُهْلِ الفَرِيغِ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا
؛ الكَثِيب الرَّمْلُ، والمَهِيل الَّذِي يحرَّك أَسفله فيَنْهال عَلَيْهِ مِنْ أَعلاه، والمَهِيل مِنْ بَابِ المُعْتَلِّ. والمُهْل: مَا يَتَحاتُّ عَنِ الخُبزة مِنَ الرَّمَادِ وَنَحْوِهِ إِذا أُخرِجت مِنَ المَلَّة. قَالَ أَبو حنيفة: المُهْل بقيّة
__________
(1) . قوله [قال أبو وجزة] في التهذيب زيادة لفظ: يصف ثوراً
(2) . قَوْلُهُ [فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ] في الأزهري زيادة: جمع الدهن(11/633)
جَمْر فِي الرَّمَادِ تُبِينُه إِذا حرَّكته. ابْنُ شُمَيْلٍ: المُهْل عِنْدَهُمُ المَلَّة إِذا حَمِيت جِدًّا رأَيتها تَمُوج. والمُهْلُ والمَهْلُ والمُهْلَةُ: صَدِيدُ الْمَيِّتِ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه أَوْصى فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: ادفِنوني فِي ثوبيَّ هَذَيْنِ فإِنما هُمَا للمُهْل وَالتُّرَابِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المُهْل فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصديدُ والقيحُ، قَالَ: والمُهْل فِي غَيْرِ هَذَا كلُّ فِلِزٍّ أُذِيبَ، قَالَ: والفِلِزُّ جواهرُ الأَرض مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ والنُّحاس، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُهْل فِي شَيْئَيْنِ، هُوَ فِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، القيحُ والصديدُ، وَفِي غَيْرِهِ دُرْدِيُّ الزَّيْتِ، لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ إِلَّا هَذَا، وَقَدْ قدَّمنا أَنه رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ المُهْلة والمِهْلة، بِضَمِّ الْمِيمِ «1» وَكَسْرِهَا، وَهِيَ ثلاثَتُها القيحُ والصديدُ الَّذِي يذُوب فيَسيل مِنَ الْجَسَدِ، وَمِنْهُ قِيلَ للنُّحاس الذَّائِبِ مُهْل. والمَهَلُ والتمَهُّل: التقدُّم. وتَمَهَّلَ فِي الأَمر: تقدَّم فِيهِ. والمُتْمَهِلّ والمُتْمَئلّ، الْهَمْزَةُ بَدَلٌ مِنَ الْهَاءِ: الرجلُ الطويلُ المعتدلُ، وَقِيلَ: الطويلُ المنتصبُ. أَبو عُبَيْدٍ: التَّمَهُّل التقدُّم. ابْنُ الأَعرابي: المَاهِلُ السَّرِيعُ، وَهُوَ المتقدِّم. وَفُلَانٌ ذُو مَهَل أَي ذُو تقدُّم فِي الْخَيْرِ وَلَا يُقَالُ فِي الشرِّ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كَمْ فيهمُ مِنْ أَشَمِّ الأَنْفِ ذِي مَهَلٍ، ... يأْبى الظُّلامةَ مِنْهُ الضَّيْغم الضَّارِي
أَي تقدُّمٍ فِي الشرَف وَالْفَضْلِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ أَخذ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ المُهْلَةَ إِذا تقدَّمه فِي سِنٍّ أَو أَدبٍ، وَيُقَالُ: خُذِ المُهْلَةَ فِي أَمْرك أَي خُذِ العُدَّة؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الأَعشى:
إِلا الَّذِينَ لَهُمْ فِيمَا أَتَوْا مَهَلُ
قَالَ: أَراد المعرفةَ المتقدِّمة بِالْمَوْضِعِ. وَيُقَالُ: مَهَلُ الرجلِ: أَسْلافُه الَّذِينَ تَقَدَّمُوهُ، يُقَالُ: قَدْ تَقَدَّمَ مَهَلُك قَبْلَكَ، ورَحِم اللَّهُ مَهَلَك. ابْنُ الأَعرابي: رُوِيَ
عَنْ عليٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنه لَمَّا لَقِيَ الشُّراةَ قَالَ لأَصحابه: أَقِلُّوا البِطْنةَ وأَعْذِبوا، وإِذا سِرْتم إِلى العدوِّ فَمَهْلًا مَهْلًا
أَي رِفْقاً رِفْقاً، وإِذا وَقَعَتِ الْعَيْنُ عَلَى الْعَيْنِ فَمَهَلًا مَهَلًا أَي تقدُّماً تقدُّماً، السَّاكِنُ الرِّفْقُ، وَالْمُتَحَرِّكُ التقدُّم، أَي إِذا سِرْتم فَتَأَنَّوْا وإِذا لَقِيتم فاحمِلوا. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: المَهَل، بِالتَّحْرِيكِ، التُّؤدة والتباطُؤ، وَالِاسْمُ المُهْلة. وَفُلَانٌ ذُو مَهَل، بِالتَّحْرِيكِ، أَي ذُو تقدُّم فِي الْخَيْرِ، وَلَا يُقَالُ فِي الشَّرِّ. يُقَالُ: مَهَّلْته وأَمْهَلْته أَي سكَّنته وأَخَّرته. وَمِنْهُ حَدِيثُ
رُقَيْقة: مَا يبلُغ سَعْيُهم مَهَلَه
أَي مَا يبلُغ إِسراعُهم إِبطاءه؛ وَقَوْلُ أُسامة بن الحرث الْهُذَلِيِّ:
لَعَمْري لَقَدْ أَمْهَلْت فِي نَهْي خالدٍ ... عَنِ الشَّامِ، إِمّا يَعْصِيَنَّك خَالِدُ
أَمْهَلْت: بَالَغْتُ؛ يَقُولُ: إِن عَصَانِي فَقَدْ بَالَغْتُ فِي نَهْيِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: اتْمَهَلَّ اتْمِهْلالًا أَي اعتدلَ وانتصَب؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وعُنُق كالجِذْع مُتْمَهِلّ
أَي منتصِب؛ وَقَالَ الْقُحَيْفُ:
إِذا مَا الضِّباعُ الجِلَّة انْتَجَعَتْهُم، ... نَمَا النِّيُّ فِي أَصْلائها فاتْمَهَلَّتِ
وَقَالَ مَعْنُ بْنُ أَوس:
لُباخِيَّة عَجْزاء جَمّ عِظامُها، ... نَمَتْ فِي نَعيمٍ، واتْمَهَلَّ بِهَا الْجِسْمُ
__________
(1) . قوله [بضم الميم] لم يتقدم له ذلك(11/634)
وَقَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ:
فِي مكانٍ لَيْسَ فِيهِ بَرَمٌ، ... وفَرَاش مُتعالٍ مُتْمَهِلّ
وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ الْمَرِّ قَالَ الْعَبْدِيُّ:
لَقَدْ زُوّج المردادُ بَيْضاءَ طَفْلةً ... لَعُوباً تُناغِيهِ، إِذا مَا اتْمَهَلَّتِ «1»
. وَقَالَ عُقبة بْنُ مُكَدّم:
فِي تَلِيلٍ كأَنه جِذْعُ نخْلٍ، ... مُتْمَهِلٍّ مُشَذَّبِ الأَكْرابِ
والاتْمِهْلال أَيضاً: سُكُونٌ وَفُتُورٌ. وَقَوْلُهُمْ: مَهْلًا يَا رَجُلٌ، وَكَذَلِكَ لِلِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُؤَنَّثِ، وَهِيَ مُوَحَّدَةٌ بِمَعْنَى أَمْهِل، فإِذا قِيلَ لَكَ مَهْلًا، قُلْتَ لَا مَهْلَ وَاللَّهِ، وَلَا تَقُلْ لَا مَهْلًا وَاللَّهِ، وَتَقُولُ: مَا مَهْلٌ وَاللَّهِ بمُغْنِيةٍ عَنْكَ شَيْئًا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَقُولُ لَهُ، إِذا مَا جَاءَ: مَهْلًا ... وَمَا مَهْلٌ بَواعِظة الجَهُول
وَهَذَا الْبَيْتُ «2» أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
أَقول لَهُ إِذ جَاءَ: مَهْلًا ... وَمَا مَهْل بِوَاعِظَةِ الْجَهُولِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ نَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ لِلْكُمَيْتِ وَصَدْرُهُ لِجَامِعِ بْنِ مُرْخِيَةَ الكِلابيِّ، وَهُوَ مُغَيَّر نَاقِصٌ جُزْءًا، وعَجُزه لِلْكُمَيْتِ وَوَزْنُهُمَا مختلفٌ: الصَّدْرُ مِنَ الطَّوِيلِ والعَجُز مِنَ الْوَافِرِ؛ وَبَيْتُ جَامِعٍ:
أَقول لَهُ: مَهْلًا، وَلَا مَهْلَ عِنْدِهِ، ... وَلَا عنْدَ جارِي دَمْعِهِ المُتَهَلِّل
وأَما بَيْتُ الْكُمَيْتِ فَهُوَ:
وكُنَّا، يَا قُضاع، لَكُمْ فَمَهْلًا، ... وَمَا مَهْلٌ بواعِظة الجَهُولِ
فَعَلَى هَذَا يَكُونَ الْبَيْتُ مِنَ الْوَافِرِ مَوْزُونًا، وَقَالَ اللَّيْثُ: المَهْلُ السَّكِينَةُ والوَقار. تَقُولُ: مَهْلًا يَا فلانُ أَي رِفْقاً وَسُكُونًا لَا تَعْجَلُ، وَيَجُوزُ لَكَ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ التَّثْقِيلُ؛ وأَنشد:
فَيَا ابنَ آدَمَ، مَا أَعْدَدْتَ فِي مَهَلٍ؟ ... لِلَّهِ دَرُّكَ مَا تأْتي وَمَا تَذَرُ
وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ
؛ فَجَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ أَي أَنْظِرْهُمْ.
مهصل: حِمَارٌ مُهْصُلٌ: غَلِيظٌ كبُهْصُلٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ. وأَرى الميم بدلًا.
مول: المالُ: مَعْرُوفٌ مَا مَلَكْتَه مِنْ جَمِيعِ الأَشياء. قَالَ سِيبَوَيْهِ: مِنْ شَاذِّ الإِمالة قَوْلُهُمْ مَال، أَمالُوها لِشَبَهِ أَلفها بأَلف غَزَا، قَالَ: والأَعرف أَن لَا يُمَالَ لأَنه لَا علَّة هُنَاكَ تُوجِبُ الإِمالة، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَن الْمَالَ يُؤَنَّثُ؛ وأَنشد لِحَسَّانَ:
المالُ تُزْرِي بأَقوامٍ ذوِي حَسَبٍ، ... وَقَدْ تُسَوِّد غَيْرَ السيِّد المَالُ
وَالْجَمْعُ أَمْوَال. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ إِضاعة الْمَالِ
؛ قِيلَ: أَراد بِهِ الْحَيَوَانَ أَي يُحْسَن إِليه وَلَا يهمَل، وَقِيلَ: إِضاعته إِنفاقه فِي الْحَرَامِ وَالْمَعَاصِي وَمَا لَا يُحِبُّهُ
__________
(1) . قوله [المرداد] هكذا في الأصل
(2) . قوله [وهذا البيت إلخ] الذي في نسخ الصحاح الخط والطبع التي بأَيدينا كما أورده سابقاً وكذا هو في الصاغاني عن الجوهري فلعل ما وقع لابن بري نسخة فيها سقم(11/635)
اللَّهُ، وَقِيلَ: أَراد بِهِ التَّبْذِيرَ والإِسْراف وإِن كَانَ فِي حَلال مُباح. قَالَ ابْنُ الأَثير: الْمَالُ فِي الأَصل مَا يُملك مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ثُمَّ أُطلِق عَلَى كُلِّ مَا يُقْتَنَى ويملَك مِنَ الأَعيان، وأَكثر مَا يُطلق الْمَالُ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى الإِبل لأَنها كَانَتْ أَكثر أَموالهم. ومِلْتَ بَعْدَنَا تَمالُ ومُلْت وتَمَوَّلْت، كُلُّهُ: كثُر مالُك. وَيُقَالُ: تَمَوَّلَ فُلَانٌ مَالًا إِذا اتَّخذ قَيْنة «1» ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فليأْكُلْ مِنْهُ غَيْرُ مُتَمَوِّل مَالًا وَغَيْرُ مُتَأَثِّل مَالًا
، وَالْمَعْنَيَانِ مُتقارِبان. ومالَ الرَّجُلُ يَمُولُ ويَمَالُ مَوْلًا ومُؤولًا إِذا صَارَ ذَا مالٍ، وتصغيره مُوَيْل، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ مُوَيِّل، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَهُوَ رجلٌ مالٌ، وتَمَوَّلَ مِثْلُهُ ومَوَّلَه غَيْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا جاءَك مِنْهُ وأَنتَ غيرُ مُشْرِف عَلَيْهِ فَخْذْه وتَمَوَّلَه
أَي اجْعَلْهُ لَكَ مَالًا. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْمَالِ عَلَى اخْتِلَافِ مُسَمَّياتِه فِي الْحَدِيثِ ويُفرَق فِيهَا بالقَرائن. ورجلٌ مالٌ: ذُو مالٍ، وَقِيلَ: كثيرُ الْمَالِ كأَنه قَدْ جَعل نفسَه مَالًا، وَحَقِيقَتُهُ ذُو مالٍ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
إِذا كَانَ مَالًا كَانَ مَالًا مُرَزَّأً، ... وَنَالَ ندَاه كلُّ دانٍ وجانِب
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ مَالَ إِما أَن يَكُونَ فَاعِلًا ذَهَبَتْ عينُه، وإِما أَن يَكُونَ فَعْلًا مِنَ قَوْمٍ مَالَةٍ ومالِينَ، وامرأَة مالةٌ مِنْ نِسْوَةٍ مالةٍ ومالاتٍ. وَمَا أَمْوَلَهُ أَي مَا أَكثر مالَهُ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَحَكَى الْفَرَّاءُ عَنِ الْعَرَبِ رَجُلٌ مَئِلٌ إِذا كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ، وأَصلُها مَوِل بِوَزْنِ فَرِقٍ وحَذِرٍ، ثُمَّ انْقَلَبَتِ الْوَاوُ أَلِفاً لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا فَصَارَتْ مَالًا، ثُمَّ إِنهم أَتوا بِالْكَسْرَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي وَاوِ مَوِل فَحَرَّكُوا بِهَا الأَلف فِي مالٍ فَانْقَلَبَتْ هَمْزَةً فَقَالُوا مَئِل. وَفِي حَدِيثِ
مُصْعَب بْنِ عُمَيْرٍ: قَالَتْ لَهُ أُمُّه وَاللَّهِ لَا أَلبَسُ خِماراً وَلَا أَستظِلُّ أَبداً وَلَا آكُلُ وَلَا أَشرب حَتَّى تَدَعَ مَا أَنتَ عَلَيْهِ، وَكَانَتِ امرأَة مَيِّلة
أَي ذَاتَ مَالٍ. يُقَالُ: مالَ يَمالُ ويَمولُ فَهُوَ مالٌ ومَيِّل، عَلَى فَعْل وفَيْعِل، قَالَ: وَالْقِيَاسُ مائِل. وَفِي حَدِيثِ
الطُّفَيْلِ: كَانَ رَجُلًا شَرِيفًا شَاعِرًا مَيِّلًا
أَي ذَا مالٍ. ومُلْتُه: أَعطيته الْمَالَ. ومالُ أَهلِ الْبَادِيَةِ: النَّعَمُ. والمُولةُ: الْعَنْكَبُوتُ؛ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الْعَنْكَبُوتُ والمُولَةُ والشَّبَثُ والمِنَنَة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: زَعَمَ قَوْمٌ أَن المُولَ الْعَنْكَبُوتُ، الْوَاحِدَةُ مُولةٌ؛ وأَنشد:
حَامِلَةٌ دَلْوك لَا محمولَهْ، ... مَلأَى مِنَ المال كعَيْن المُولَهْ
قَالَ: وَلَمْ أَسمعه عَنِ ثِقَة. ومُوَيْل: مِنْ أَسماء رَجَب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراها عادِيَّة.
ميل: المَيْلُ: العُدول إِلى الشَّيْءِ والإِقبالُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ المَيلَان. ومَالَ الشيءُ يَميلُ مَيْلًا ومَمالًا ومَمِيلًا وتَمْيالًا، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
لَمَّا رأَيْتُ أَنَّني راعِي مالْ، ... حَلَقْتُ رأْسي وتركتُ التَّمْيالْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذِهِ الصِّيغَةُ مَوْضُوعَةٌ بالأَغلب لِتَكْثِيرِ الْمَصْدَرِ، كَمَا أَن فَعَّلْت بالأَغلب مَوْضُوعَةٌ لِتَكْثِيرِ الْفِعْلِ. والمَيَل: مَصْدَرُ الأَمْيَل. يُقَالُ: مالَ الشيءُ يَميلُ مَمَالًا ومَمِيلًا مِثَالُ مَعابٍ ومَعِيب فِي الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ. وَمَالَ عَنِ الْحَقِّ وَمَالَ عَلَيْهِ فِي الظُّلْمِ، وأَمَالَ
__________
(1) . قوله [قينة] كذا في الأصل، ولعله بالكسر كما يؤخذ ذلك من مادة قنو في المصباح(11/636)
الشَّيْءَ فمَالَ، وَرَجُلٌ مَائِلٌ مِنْ قَوْمٍ مُيَّل ومالَةٍ. يُقَالُ: إِنهم لَمَالَةٌ إِلى الحَق، وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
غَدَاهُ ظَهْرُه نُجُد، عَلَيْهِ ... ضَباب تَنْتَحِيه الريحُ مِيلُ «1»
قِيلَ: ضَباب مِيلٌ مَعَ الرِّيحِ يَتكفَّأ قَالَ ابْنُ جِنِّي: الْقَوْلُ فِي مِيل، فإِنه وإِن كَانَ جَمْعًا فإِنه أَجراه عَلَى الضَّباب، وإِن كَانَ وَاحِدًا مِنْ حَيْثُ كَانَ كَثِيرًا فَذَهَبَ بِالْجَمْعِ إِلى الْكَثْرَةِ كَمَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
فَنُوَّارُه مِيلٌ إِلى الشَّمْسِ زاهِرُه
قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِيلٌ واحداً كَنِقْضٍ ونِضْوٍ ومِرْطٍ، وَقَدْ أَمَالَهُ إِليه ومَيَّلَه. واسْتَمَالَ الرَّجُلَ: مِنَ المَيْل إِلى الشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى أَنه قَالَ لأَنس: عُجِّلَت الدُّنْيَا وغُيِّبَتِ الْآخِرَةُ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ عايَنوها مَا عَدَلوا وَلَا مَيَّلوا
، قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ مَا مَيَّلُوا لَمْ يشكُّوا وَلَمْ يتردَّدوا. تَقُولُ الْعَرَبُ: إِني لأُمَيِّلُ بَيْنَ ذَيْنِكَ الأَمرَين، وأُمَايِلُ بَيْنَهُمَا أَيَّهما أَرْكَب، وأُمايِطُ بَيْنَهُمَا، وإِني لأُمَيِّلُ وأُمَايِل بَيْنَهُمَا أَيُّهما أَفضل، وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ:
لَمَّا رأَوا مَخرَجاً مِنْ كُفْرِ قَوْمِهِمْ، ... مَضَوْا فَمَا مَيَّلوا فِيهِ وَمَا عَدَلوا
مَا مَيَّلوا أَي لَمْ يشكُّوا. وإِذا مَيَّلَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا فَهُوَ شاكٌّ، وَقَوْلُهُ مَا عَدَلوا كَمَا تَقُولُ مَا عدَلْت بِهِ أَحداً، وَقِيلَ: مَا عَدَلوا أَي مَا ساوَوْا بِهَا شَيْئًا. وتَمَايَلَ فِي مِشْيته تَمَايُلًا، واسْتَمَالَه واسْتَمَالَ بقلْبه. والتَّمْيِيل بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ: كَالتَّرْجِيحِ بَيْنَهُمَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فقرَّبَ إِليه طَعَامًا فِيهِ قِلَّةٌ فمَيَّل فِيهِ لِقلَّتِه، فَقَالَ أَبو ذَرٍّ: إِنما أَخاف. كَثْرَتَهُ وَلَمْ أَخَف قِلَّته
، مَيَّل أَي تردَّد هَلْ يأْكل أَو يَتْرُكُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: إِني لأُمَيِّل بَيْنَ ذيْنِك الأَمرين وأُمايِلُ بَيْنَهُمَا أَيَّهما آتِي. والمَيْلاءُ: ضرْب مِنْ الاعتِمام، حَكَى ثَعْلَبٌ: هو يَعْتَمُّ المَيْلاءَ أَي يُمِيل الْعِمَامَةَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: صِنْفانِ مِنْ أَهل النَّارِ لَمْ أَرهُما بعدُ، قومٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كأَذْنابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ النَّاسَ بِهَا، ونساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مَائِلاتٌ مُمِيلاتٌ، رُؤُوسُهنَّ كأَسْنِمة البُخْتِ المَائِلَة، لَا يَدْخُلْن الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْن ريحَها، وإِنَّ ريحَها لَتُوجدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا
، «2» يَقُولُ: يَمِلْنَ بالخُيَلاء ويُصْبِينَ قلوبَ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: مَائِلات الخِمْرة كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
مَائِلَةِ الخِمْرةِ والكلامِ
وَقِيلَ: المَائِلَات المُتَبرِّجات، وقيل: مَائِلات الرؤُوس إِلى الرِّجَالِ. والمِشْطةُ الميْلاء: مَعْرُوفَةٌ وَقَدْ كرِهها بَعْضُهُمْ لِلنِّسَاءِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: المَائِلاتُ الزائِغاتُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَمَا يَلْزَمُهُنَّ حِفْظُهُ، ومُمِيلاتٌ يُعلِّمن غَيْرَهُنَّ الدخولَ فِي مِثْلِ فِعْلِهن، وَقِيلَ: مَائِلاتٌ مُتَبَخْتِرات فِي الْمَشْيِ مُمِيلات لأَكتافهنَّ وأَعطافهنّ، وَقِيلَ: مَائِلات يَمْتَشِطْنَ المِشْطةَ المَيْلاء وَهِيَ مِشْطة الْبَغَايَا، وَقَدْ جَاءَ كراهتُها فِي الْحَدِيثِ. والمُمِيلات: اللَّوَاتِي يَمْشُطْن غيرَهنَّ تِلْكَ المِشْطة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَتْ لَهُ امرأَة إِني أَمْتَشِط المَيْلاء، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: رأْسُك تَبَعٌ لقلبِك، فَإِنِ اسْتَقَامَ قلبُك اسْتَقَامَ رأْسُك، وإِن مَالَ
__________
(1) . قوله [غداه ظهره نجد] هكذا في الأصل.
(2) . قوله [لَتُوجَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا] عبارة الصاغاني: لتوجد من مسيرة كذا وكذا.(11/637)
قلبُك مَالَ رأْسُك.
ومَالَتِ الشمسُ مُيُولًا: ضَيَّفَت لِلْغُرُوبِ، وَقِيلَ: مَالَتْ زاغَتْ عَنِ الكَبِد. والمَيْل: فِي الْحَادِثِ، والمَيَلُ، بِالتَّحْرِيكِ: فِي الخِلْقة والبِناء. تَقُولُ: رَجُلٌ أَمْيَلُ العاتِق فِي عُنُقه مَيَل، وَتَقُولُ فِي الْحَائِطِ مَيَل، وَكَذَلِكَ السَّنام، وَقَدْ مَيِلَ يَمْيَل مَيَلًا فَهُوَ أَمْيَل. أَبو زَيْدٍ: مَيِلَ الْحَائِطُ يَمْيَلُ ومَيِلَ سَنام الْبَعِيرِ مَيَلًا، ومَيِلَ الْحَائِطُ مَيَلًا، قَالَ: وَمَالَ الْحَائِطُ يَمِيل مَيْلًا. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: فُلَانٌ مَيَلَ عَلَيْنَا وَالْحَائِطُ مَيَلَ، بِتَحْرِيكِ الْيَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَهْلِك أُمتي حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمُ التَّمايُل والتَّمايُز
أَي لَا يَكُونُ لَهُمْ سُلْطَانٌ يكُفُّ الناسَ عَنِ التَّظالم فيَمِيل بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بالأَذى والحَيْف. والمَيْلاءُ مِنَ الإِبل: الْمَائِلَةُ السنام. ولأُقِيمَنَّ مَيَلك، وفيه مَيْل علينا. والأَمْيَلُ، على أَفْعَل: الذي يَمِيل على السرج في جانب ولا يستوي عليه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا سَيف معه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا رُمْح معه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا تُرْس معه، وقيل: هو الجَبان، «1» وجمعه مِيلٌ، قال الأَعشى:
لَا مِيل وَلَا عُزُلُ «2»
ابْنُ السِّكِّيتِ: الأَمْيَل الَّذِي لَا سَيْفَ مَعَهُ، والأَكْشَفُ الَّذِي لَا تُرْس مَعَهُ، قَالَ: والأَمْيَلُ عِنْدَ الرُّواة الَّذِي لَا يُثْبَتُ عَلَى ظُهُورِ الْخَيْلِ إِنما يَمِيل عَنِ السَّرج فِي جَانِبٍ، فإِذا كَانَ يَثْبُتُ عَلَى الدَّابَّةِ قِيلَ فارسٌ، وإِن لَمْ يَثْبُتْ قِيلَ كِفْل، قَالَ جَرِيرٌ:
لَمْ يركُبوا الخيلَ إِلا بعد ما هَرِموا، ... فَهُمْ ثِقَالٌ عَلَى أَكتافها مِيلُ
وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
إِذا توقَّدتِ الحِزَّانُ والمِيلُ
وَقِيلَ: هِيَ جَمْعُ أَمْيَل وَهُوَ الكَسِل الَّذِي لَا يحْسِنُ الرُّكُوبَ والفُروسِيَّة، وَفِي قَصِيدَتِهِ أَيضاً:
عِنْدَ اللِّقاء وَلَا مِيلٌ مَعازِيلُ
والمَيْلاءُ: عُقْدة مِنَ الرَّمْلِ ضَخْمَةٌ، زَادَ الأَزهري: مُعْتزِلة، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مَيْلاءَ مِنْ مَعْدِن الصِّيرانِ قاصِيةٍ، ... أَبعارُهُنَّ عَلَى أَهدافِها كُثَبُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف المَيْلاء فِي صِفَةِ الرِّمَالِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمعه مِنْ الْعَرَبِ، قَالَ: وأَما الأَمْيَلُ فَمَعْرُوفٌ، قَالَ: وأَحسب اللَّيْثَ أَراد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
مَيْلاء مِنْ معدِن الصِّيران قاصيَةٍ
إِنما أَراد بالمَيْلاءِ هَهُنَا أَرْطاةً، قَالَ: وَلَهَا حِينَئِذٍ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَنه أَراد أَنَّ فِيهَا اعْوِجاجاً، وَالثَّانِي أَنه أَراد بالمَيْلاء أَنها متنحِّية مُتَبَاعِدَةٌ مِنْ مَعدِن بَقَرِ الوَحْش، قَالَ: وَجَمْعُ الأَمْيَل مِنَ الرَّمْلِ مِيلٌ، ومَيْلاء موضعُه خَفْضٌ لأَنه مِنْ نَعْتِ أَرْطاة فِي قَوْلِهِ:
فَبَاتَ ضَيْفاً إِلَى أَرْطاةِ مُرْتَكِمٍ، ... من الكَثِيبِ، لهادِفْءٌ ومُحْتَجَبُ
الْجَوْهَرِيُّ: المَيْلاء مِنَ الرَّمْلِ العُقْدة الضَّخْمَةُ، وَالشَّجَرَةُ الْكَثِيرَةُ الْفُرُوعِ أَيضاً. وأَلِفُ الإِمالة: هِيَ الَّتِي تَجِدُهَا بَيْنَ الأَلف وَالْيَاءِ نَحْوُ قَوْلِكَ فِي عَالَمٍ وَخَاتَمٍ عَالَمٌ وَخَاتَمٌ. ومالَ بِنَا الطريقَ: قَصَدها. ومَايَلَنا المَلك فمَايَلْناه أَي أَغار عَلَيْنَا فأَغَرْنا عليه.
__________
(1) . قوله [الجبان] كذا هو في القاموس أيضاً، والذي بخط الصاغاني: الجبار، بتشديد الباء وراء، عن الليث.
(2) . قوله [قال الأَعشى إلخ] عبارته في مادة عور قَالَ الأَعشى: غَيْرَ مِيلٍ وَلَا عَوَاوِيرَ في الهيجا وَلَا عُزَّلٍ وَلَا أَكفال(11/638)
والمِيلُ مِنَ الأَرض: قدْرُ منتهَى مدِّ الْبَصَرِ، وَالْجَمْعُ أَمْيَال ومُيُول، قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:
سيأْتِي أَميرَ المؤْمنين، وَدُونَهُ ... صِمادٌ مِنَ الصَّوّان، مَرْتٌ مُيُولُها
ثَنائي تُنَمِّيهِ إِليك ومِدْحَتِي ... صُهابِيَّةُ الأَلوانِ، باقٍ ذمِيلُها
وَقِيلَ للأَعلام الْمَبْنِيَّةِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ أَمْيَال لأَنها بُنِيَتْ عَلَى مَقادِير مَدَى البَصَر مِنَ المِيلِ إِلى المِيلِ، وكلُّ ثلاثةِ أَمْيال مِنْهَا فَرْسَخ. والمِيلُ: مَنارٌ يبنَى لِلْمُسَافِرِ فِي أَنْشازِ الأَرض وأَشرافِها، وَقِيلَ: مَسَافَةٌ مِنَ الأَرض مُتَراخِية لَيْسَ لَهَا حَدّ مَعْلُومٌ. والمِيلُ: المُلْمول، وَالْجَمْعُ كالجمع. الأَصعي: قَوْلُ الْعَامَّةِ المِيلُ لِمَا تُكْحَل بِهِ الْعَيْنُ خَطَأٌ، إِنما هُوَ المُلْمُول، وَهُوَ الَّذِي يُكحَل بِهِ الْبَصَرُ. وَيُقَالُ لِلْحَدِيدَةِ الَّتِي يُكْتَبُ بِهَا فِي أَلواح الدَّفْتَرِ مُلْمُول، وَلَا يُقَالُ مِيلٌ إِلا للمِيل مِنْ أَمْيال الطَّرِيقِ. الْجَوْهَرِيُّ: مِيلُ الْكُحْل ومِيلُ الجِراحَة ومِيلُ الطَّرِيقِ، والفرسخُ ثلاثةُ أَمْيال، وَجَمْعُهُ أَمْيَال وأَمْيُل، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي النَّجْمِ:
حَتَّى إِذَا الآلُ جَرَى بالأَمْيُلِ، ... وفارَق الجزْءَ ذَوُو التَّأَبُّلِ
وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
فتُدْنَى الشمسُ حِينَ تَكُونُ قَدْر مِيلٍ
، قِيلَ: أَراد المِيلَ الَّذِي يُكْتَحل بِهِ، وقِيل: أَراد ثُلُثَ. الفَرْسخ، وَقِيلَ: المِيلُ القِطْعة مِنَ الأَرض مَا بَيْنَ العَلَمَين، وَقِيلَ: هُوَ مَدُّ الْبَصَرِ. وأَمَالَ الرجلُ: رَعَى الخُلَّة، قَالَ لَبِيدٌ:
وَمَا يَدْرِي عُبَيدُ بَني أُقَيْشٍ، ... أَيُوضِعُ بالحَمائلِ أَمْ يُمِيلُ؟
أَوْضع: حَوَّل إِبلَه إِلَى الحَمْضِ. والاسْتِمَالَة: الاكْتِيال بالكَفَّيْن والذِّراعين، وَفِي الْمُحْكَمِ: اسْتَمَالَ الرَّجُلُ كَالَ بِالْيَدَيْنِ وَبِالذِّرَاعَيْنِ، قَالَ الرَّاجِزُ:
قالتْ لَهُ سَوْداءُ مثْل الغُول: ... مَا لَكَ لَا تَغْدو فتَسْتَمِيل؟
وَقَوْلُ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ: وَكَانَتِ امرأَةً مَيِّلَةً، قَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ مَوَلَ، واللَّه أَعلم.
ميكائيل: مِيكائِيلُ ومِيكائين: مِنْ أَسماء الملائكة.
فصل النون
نأل: النَّأَلانُ: ضَرْبٌ مِنَ الْمَشْيِ كأَنه يَنْهَض برأْسه إِلى فَوْقُ. نأَلَ يَنْأَلُ نَأْلًا ونَئِيلًا ونَأَلاناً: مشَى ونَهَض برأْسه يُحَرِّكُهُ إِلى فَوْقُ مِثْلُ الَّذِي يَعْدُو وَعَلَيْهِ حِمْل ينهَض بِهِ، وَقَدْ صحَّف اللَّيْثُ النَّأَلان فَقَالَ: التَّأَلان؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا تَصْحِيفٌ فَاضِحٌ. ونَأَلَ الفرسُ يَنْأَلُ نَأْلًا، فَهُوَ نَؤُول: اهتزَّ فِي مِشْيَته، وضَبُع نَؤُول كَذَلِكَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
لَهَا خُفَّان قَدْ ثُلِبا، ورأْس ... كرأْس العُود، شَهْرَبةٌ نَؤُولُ
ونَأَلَ أَن يَفْعَلَ أَي ينبغي.
نأجل: اللَّيْثُ: النَّأْجِيلُ الجَوْزُ الهنديُّ، قَالَ: وَعَامَّةُ أَهل الْعِرَاقِ لَا يَهْمِزُونَهُ، وَهُوَ مَهْمُوزٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ دَخِيلٌ «1» ، وَاللَّهُ أَعلم.
نأدل: النِّئْدِلُ: الدَّاهِيَةُ، وَاللَّهُ أَعلم.
__________
(1) . قوله [وهو دخيل] عبارة الأزهري: وهو معرب دخيل(11/639)
نأرجل: النَّأْرَجِيل، بِالْهَمْزِ: لُغَةٌ فِي النَّارَجِيلُ، وَقَدْ ذُكِرَ.
نأطل: النِّئْطِلُ: الدَّاهِيَةُ الشَّنْعاءُ؛ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي. وَرَجُلٌ نِئْطِلٌ: داهٍ.
نأمل: النَّأْمَلةُ: مَشْيُ المُقيَّد، وقد نَأْمَلَ.
نبل: النُّبْل، بِالضَّمِّ: الذَّكاءُ والنَّجابة، وَقَدْ نَبُلَ نُبْلًا ونَبَالَة وتَنَبَّلَ، وَهُوَ نَبِيلٌ ونَبْلٌ، والأُنثى نَبْلَة، وَالْجَمْعُ نِبَالٌ، بِالْكَسْرِ، ونَبَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ، ونَبَلَة. والنَّبِيلَة: الفَضِيلة «1» ، وأَما النَّبالة فَهِيَ أَعمّ تَجْرِي مَجْرَى النُّبْل، وَتَكُونُ مَصْدَرًا لِلشَّيْءِ النَّبِيل الْجَسِيمِ؛ وأَنشد:
كَعْثَبُها نَبِيلُ
قَالَ: وَهُوَ يَعيبها بِهَذَا، قَالَ: والنَّبَلُ فِي مَعْنًى جَمَاعَةُ النَّبِيل، كَمَا أَن الأَدَم جَمَاعَةُ الأَدِيم، والكَرَم قَدْ يَجِيءُ جَمَاعَةَ الْكَرِيمِ. وَفِي بَعْضِ الْقَوْلِ: رَجُلٌ نَبْل وامرأَة نَبْلة وَقَوْمٌ نِبالٌ، وَفِي الْمَعْنَى الأَول قَوْمٌ نُبَلاء. الْجَوْهَرِيُّ: النُّبْل والنَّبَالَة الفَضْل، وامرأَة نَبِيلَة فِي الْحُسْنِ بَيِّنة النَّبالة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ امرأَة:
وَلَمْ تَنَطَّقْها عَلَى غِلالَهْ، ... إِلَّا لِحُسنِ الخَلْق والنَّبَالَهْ
وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ فِي حُسْنِ الخَلْق. وفرسٌ نَبِيل المَحْزِم: حَسَنه مَعَ غِلَظٍ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وَحَشيّتي سَرْجٌ عَلَى عَبْل الشَّوَى، ... مهدٍ مراكِلُهُ، نَبِيلِ المَحْزِمِ
وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ رَجُلٍ:
فقامَ وَثَّابٌ نَبيلٌ مَحْزِمُهْ، ... لَمْ يَلْقَ بُؤْساً لَحْمُهُ وَلَا دَمُهْ
وَيُقَالُ: مَا انْتَبَلَ نَبْلَهُ إِلَّا بأَخَرةٍ، ونُبْلَه ونَبَالَه كَذَلِكَ أَي لَمْ يَنْتَبِه لَهُ وَمَا بَالَى بِهِ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَفِيهَا أَربع لُغَاتٍ: نُبْلَه ونَبالَهُ ونَبَالَتَه ونُبَالَتَه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اللُّغَاتُ الأَربع الَّتِي ذَكَرَهَا يَعْقُوبُ إِنما هِيَ نُبْلَه ونَبْلَه ونَبالَه ونَبَالَتَه لَا غَيْرَ. وأَتاني فلانٌ وأَتاني هَذَا الأَمر وَمَا نَبَلْت نَبْلَه أَنْبُل أَي مَا شعَرْت بِهِ وَلَا أَردته؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَتاني ذَلِكَ الأَمر وَمَا انتَبَلْت نُبْلَه ونُبْلَتَه؛ قَالَ: وَهِيَ لُغَةُ القَناني، ونَبَالَه ونَبَالَتَه أَي مَا عَلِمْتُ بِهِ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ مَا شَعرْت بِهِ وَلَا تهيَّأْت لَهُ وَلَا أَخذت أُهْبَتَه، يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ يغْفُل عَنِ الأَمر فِي وَقْتِهِ ثُمَّ يَنْتَبِهُ لَهُ بَعْدَ إِدْباره. وَفِي حَدِيثِ
النَّضْرِ بْنِ كَلْدة: وَاللَّهِ يَا معْشَر قُرَيْشٍ لَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمر مَا ابْتَلْتم بَتْلَه
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مَا انتَبَلْتم نُبْله أَي مَا انْتَبَهْتُمْ لَهُ وَلَمْ تَعْلَمُوا عِلْمَهُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَنذرتك الأَمر فَلَمْ تَنْتَبِل نَبْله أَي مَا انْتَبَهْتَ لَهُ، وَاللَّهُ أَعلم. ابْنُ الأَعرابي: النُّبْلة اللُّقْمة الصَّغِيرَةُ وَهِيَ المَدَرَة الصَّغِيرَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: والنُّبْلة العطيَّة. والنَّبَل: الكِبارُ؛ قَالَ بِشْرٌ:
نَبِيلَة مَوْضِعِ الحِجْلَيْنِ خَوْدٌ، ... وَفِي الكَشْحَيْن والبطْن اضْطِمار
والنَّبَلُ أَيضاً: الصِّغار، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. والنَّبَل: عِظام الْحِجَارَةِ والمَدَر وَنَحْوِهِمَا وَصِغَارُهَا ضِدٌّ، وَاحِدَتُهَا نَبَلَة، وَقِيلَ: النَّبَل العِظام والصِّغار مِنَ
__________
(1) . قوله [ونَبَلٌ بِالتَّحْرِيكِ ونَبَلَة والنَبِيلَة الفضيلة] هكذا في الأصل المعول عليه مصلحاً بخط السيد مرتضى لتقطيع في الورق، وفي بعض النسخ: ونَبَلٌ بالتحريك مثل كريم وكرم، الليث: النبل في الفضل والفضيلة إلى آخر ما هنا(11/640)
الْحِجَارَةِ والإِبل وَالنَّاسِ وَغَيْرِهِمْ. والنَّبَلُ: الْحِجَارَةُ الَّتِي يُسْتنجى بِهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
اتَّقُوا المَلاعِنَ وأَعِدُّوا النَّبَل
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ النُّبَل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَاحِدَتُهَا نُبْلَة كغُرْفة وغُرَف، وَالْمُحْدَثُونَ يَفْتَحُونَ النُّونَ وَالْبَاءَ كأَنه جَمْعُ نَبِيل فِي التَّقْدِيرِ؛ والنَّبَل، بِالْفَتْحِ، فِي غَيْرِ هَذَا الكِبار مِنَ الإِبل وَالصِّغَارُ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. ونَبَّلَه نُبَلًا: أَعطاه إِياها يَسْتَنْجِي بِهَا، وتَنَبَّلَ بِهَا: اسْتَنْجى؛ قَالَ الأَصمعي: أَراها هَكَذَا بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْبَاءِ. يُقَالُ: نَبِّلْني أَحجاراً لِلِاسْتِنْجَاءِ أَي أَعطنيها، ونَبِّلْنِي عَرْقاً أَي أَعطنيه. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَ النَّبَل، بِفَتْحِ النُّونِ، قَالَ: وَنَرَاهَا سُمِّيَتْ نَبَلًا لِصِغَرِهَا، وَهَذَا مِنَ الأَضداد فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَن يُقَالَ للعِظام نَبَل وَلِلصِّغَارِ نَبَل. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: النَّبَل جَمْعُ نَابِل وَهِيَ الحذَّاق بعمَل السِّلَاحِ. والنَّبَل: حِجَارَةُ الِاسْتِنْجَاءِ، قَالَ: وَيُقَالُ النُّبَل، بِضَمِّ النُّونِ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسحاق بْنِ عِيسَى: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مَعْنٍ يَقُولُ: إِن رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ توُفِّيَ فوَرِثه أَخوه فعيَّره رجل بأَنه فرِح بِمَوْتِ أَخيه لمَّا وَرِثَهُ فَقَالَ الرَّجُلُ:
أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الكِرامَ، وأَنْ ... أُورَثَ ذَوْداً شَصائصاً نَبَلا؟
إِن كنتَ أَزْنَنْتَني بِهَا كَذِباً، ... جَزْءُ، فَلاقَيْتَ مِثْلَها عَجِلا
يَقُولُ: أَأَفْرَح بصِغار الإِبل وَقَدْ رُزِئْت بكِبار الكِرام؟ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَرْويه نُبَلا، يُرِيدُ جُمَعَ نُبْلة، وَهِيَ الْعَظِيمَةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لحضْرَميِّ بَنِي عَامِرٍ، والنَّبَل فِي الشِّعْر الصِّغارُ الأَجسام، قَالَ: فنَرى أَن حِجَارَةَ الِاسْتِنْجَاءِ سُمِّيت نَبَلًا لصَغارتها. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: كُلَّمَا ناولْت شَيْئًا ورَميته فَهُوَ نَبَل، قَالَ: وَفِي هَذَا طَرِيقٌ آخَرُ: يُقَالُ مَا كَانَتْ نُبْلَتك مِنْ فُلَانٍ فِيمَا صنعْت أَي مَا كَانَ جَزاؤُك وثوابُك مِنْهُ، قَالَ: وأَما مَا رُوِيَ شَصائصاً نَبَلا، بِفَتْحِ النُّونِ، فَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّحِيحُ نُبَلا، بِضَمِّ النُّونِ. والنُّبَلُ هاهنا: عِوَضٌ مِمَّا أُصِبْت بِهِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ إِلى قَوْلِنَا مَا كَانَتْ نُبْلَتُك مِنْ فُلَانٍ أَي مَا كَانَ ثوابُك. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ فِيمَا أَلَّفه مِنَ الأَضداد: يُقَالُ ضَبٌّ نَبَلٌ وَهُوَ الضَّخْمُ، وَقَالُوا: النَّبَل الخسيسُ؛ قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ وأَنشد:
أُورَثَ ذوْداً شَصائصاً نَبَلا
بِفَتْحِ النُّونِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَما الَّذِي فِي الْحَدِيثِ وأَعِدُّوا النُّبَل، فَهُوَ بِضَمِّ النُّونِ، جَمْعُ النُّبْلة وَهُوَ مَا تَناولْته مِنْ مَدَرٍ أَو حجَر، وأَما النَّبَل فَقَدْ جَاءَ بِمَعْنَى النَّبِيل الْجَسِيمِ وَجَاءَ بِمَعْنَى الْخَسِيسِ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلرَّجُلِ الْقَصِيرِ تِنْبَل وتِنْبال؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ بَيْتَ طَرَفَةَ:
وَهُوَ بِسَمْلِ المُعْضَلات نَبِيلُ «1»
. فَقَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ نَبِيل أَي عَاقِلٌ، وَقِيلَ: حاذِق، وَهُوَ نَبِيلُ الرأْي أَي جيِّده، وَقِيلَ: نَبِيل أَي رَفِيقُ بإِصلاح عِظام الأُمور. واسْتَنْبَلَ المالَ: أَخذ خِيارَه. ونُبْلَة كُلِّ شَيْءٍ: خِيارُه، وَالْجَمْعُ نُبُلات مِثْلُ حُجْرة وحُجُرات؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
لآلئ، من نُبُلاتِ الصِّوارِ، ... كحْلَ المَدامِع لَا تَكْتَحِل
__________
(1) . قوله [وَهُوَ بِسَمْلِ الْمُعْضَلَاتِ نَبِيلُ] هكذا في الأصل بالنون والباء والياء التحتية في الشطر وتفسيره، والذي في شرح القاموس فيهما تِنْبَل كدرهم بالمثناة الفوقية والنون والباء ويشهد له ما يأْتي(11/641)
أَي خِيار الصِّوار، شبَّه الْبَقْرَ الوَحْشِيَّ بِاللَّآلِئِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
مُقَدِّماً سَطِيحةً أَو أَنْبَلا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْهُ إِلا أَني أَظنه أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ لِمَا قدَّمته مِنْ أَن النَّبَل الصغارُ، أَو أَكبرَ لِمَا قدَّمت مِنْ أَن النَّبَل الكِبارُ، وإِن كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ. والتِّنْبَالُ والتِّنْبَالَةُ؛ الْقَصِيرُ بَيِّن التِّنْبالة، ذَهَبَ ثَعْلَبٌ إِلى أَنه مِنَ النَّبَل، وَجَعَلَهُ سِيبَوَيْهِ رُبَاعِيًّا. والنَّبْلُ: السِّهَامُ، وَقِيلَ: السِّهامُ الْعَرَبِيَّةُ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، فَلَا يُقَالُ نَبْلة وإِنما يُقَالُ سَهْمٌ ونشَّابة؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَاحِدَتُهَا نَبْلَة، وَالصَّحِيحُ أَنه لَا وَاحِدَ لَهُ إِلا السَّهْم؛ التَّهْذِيبُ: إِذا رَجَعُوا إِلى وَاحِدِهِ قِيلَ سَهْمٌ؛ وأَنشد:
لَا تَجْفوَانِي وانْبُلاني بِكَسْرِهِ «2»
. وَحُكِيَ نَبْل ونُبْلان وأَنْبال ونِبال؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وكنتُ إِذا رَمَيْتُ ذَوِي سَوادٍ ... بأَنْبَالٍ، مَرَقْنَ مِنَ السَّوادِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ عَلَى نِبال قولَ أَبي النَّجْمِ:
واحْبِسْنَ فِي الجَعْبةِ مِنْ نِبالَها
وَقَوْلُ اللَّعِين:
ولكنْ حَقّها هُرْدَ النِّبَال «3»
. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: النَّبْل بِمَنْزِلَةِ الذَّوْد. يُقَالُ: هَذِهِ النَّبْلُ، وتصغَّر بِطَرْحِ الْهَاءِ، وَصَاحِبُهَا نَابِلٌ. وَرَجُلٌ نَابِلٌ: ذُو نَبْلٍ. والنَّابِلُ: الَّذِي يعمَل النَّبْلَ، وَكَانَ حَقُّهُ أَن يَكُونَ بِالتَّشْدِيدِ، وَالْفِعْلُ النِّبَالَةُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: رَجُلٌ نَابِلٌ ونَبَّال إِذا كَانَ مَعَهُ نَبْل، فإِذا كَانَ يَعْمَلُهَا قُلْتَ نَابِلٌ. ونَابَلْتُه فَنَبَلْتُه إِذا كُنْتَ أَجودَ نَبْلًا مِنْهُ، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي النُّبْل أَيضاً، وَتَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ مُتَنَبِّل نَبْله إِذا كَانَ مَعَهُ نَبْل. وتَنَبَّلَ أَيضاً أَي تكلَّف النُّبْل. وتَنَبَّلَ أَي أَخذ الأَنْبَل فالأَنْبَل؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَوس:
وأَمْلَقَ مَا عِنْدِي خُطوبٌ تَنَبَّلُ
وَفِي الْمَثَلِ: ثارَ حابِلُهم عَلَى نَابِلِهم أَي أَوْقَدوا بَيْنَهُمُ الشرَّ. ونَبَّال، بِالتَّشْدِيدِ: صانعٌ للنَّبْل، وَيُقَالُ أَيضاً: صَاحِبُ النَّبْل؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وَلَيْسَ بِذِي رُمْحٍ فيَطْعُنني بِهِ، ... وَلَيْسَ بِذِي سَيْف، وَلَيْسَ بنَبَّال
يَعْنِي لَيْسَ بِذِي نَبْل. وَكَانَ أَبو حَرَّار يَقُولُ: لَيْسَ بِنابِلٍ مِثْلُ لابِنٍ وتامِر. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: النَّبَّال، بِالتَّشْدِيدِ، الَّذِي يَعْمَلُ النَّبْل، والنابِلُ صَاحِبُ النَّبْل، هَذَا هُوَ الْمُسْتَعْمَلُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَا عِلَّتي وأَنا جَلْدٌ نَابِلُ، ... والقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عُنابِلُ
وَنَسَبَ ابْنُ الأَثير هَذَا الْقَوْلَ لِعَاصِمٍ وَقَالَ: نَابِل أَي ذُو نَبْل، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَ نَبَّال فِي مَوْضِعِ نَابِل، ونَابِلٌ فِي مَوْضِعِ نَبَّال. وَلَيْسَ الْقِيَاسَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: يَقُولُونَ لِذِي التَّمْر واللَّبن والنَّبْل تامِر ولابِن ونَابِل، وإِن كَانَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا صَنْعَتَه تَمَّار ولَبَّان ونَبَّال، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ تَقُولُ لِذِي السَّيْف سَيَّاف ولِذِي النَّبْل نَبَّال، عَلَى التَّشْبِيهِ بالآخر،
__________
(2) . قوله [لا تجفواني] هكذا في الأصل وانظر الشاهد فيه
(3) . قوله [وَلَكِنْ حَقُّهَا هُرْدَ النِّبَالِ] هكذا في الأصل مضبوطاً(11/642)
وحِرْفَته النِّبالة. ومُتَنَبِّل: حَامِلُ نَبْل. وَنَبَلَه بالنَّبْل يَنْبُلُه نَبْلًا: رَمَاهُ بالنَّبْل. وَقَوْمٌ نُبَّلٌ: رُماةٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ونَبَلَه يَنْبُلُه نَبْلًا وأَنْبَلَه، كِلَاهُمَا: أَعطاه النَّبْل. وأَنْبَلْته سَهْمًا. أَعطيته. واسْتنْبَلَه: سأَله النَّبْل. ونَبِّلْني أَي هَبْ لِي نِبالًا. واسْتَنْبَلَنِي فُلَانٌ فأَنْبَلْتُه أَي أَعطيته نَبْلًا، وَفِي الصِّحَاحِ: اسْتَنْبَلَني فَنَبَلْته أَي نَاوَلْتُهُ نَبْلًا. ونَبَلَ عَلَى الْقَوْمِ يَنْبُلُ: لَقَطَ لَهُمُ النَّبْل ثُمَّ دَفَعَهَا إِليهم لِيَرْمُوا بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْتُ أَيامَ الفِجار أَنْبُل عَلَى عُمُومَتي
، وَرُوِيَ:
كُنْتُ أُنَبِّلُ عَلَى عُمومتي يومَ الفِجَار
؛ نَبَّلْت الرَّجُلَ، بِالتَّشْدِيدِ، إِذا ناوَلْته النَّبْل لِيَرْمِيَ، وَكَذَلِكَ أَنْبَلْتُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنّ سَعْدًا كَانَ يَرْمِي بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ أُحُد والنبيُّ يُنَبِّلُه
، وَفِي رِوَايَةٍ:
وَفَتًى يُنَبِّلُه كُلَّمَا نَفِدتْ نَبْلُه
، وَفِي رِوَايَةٍ:
يَنْبُلُه
، بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَسْكِينِ النُّونِ وَضَمِّ الْبَاءَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ نَقَلة الْحَدِيثِ لأَن مَعْنَى نَبَلْتُه أَنْبُلُه إِذا رَمَيْتَهُ بالنَّبْل، وَقَالَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ: بَلْ هُوَ صَحِيحٌ، يَعْنِي يُقَالُ نَبَلْته وأَنْبَلْته ونَبَّلْته؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الرامِي ومُنْبِله
، وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ بالمُنْبِل الَّذِي يردُّ النَّبْل عَلَى الرَّامِي مِنَ الهَدَف. ونَبَلَ بِسَهْم وَاحِدٍ: رَمَى بِهِ، وَرَجُلٌ نَابِلٌ: حاذِق بالنَّبْل. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: تَنَابَلَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَنَبَلَه فُلَانٌ إِذا تَنافَرا أَيهما أَنْبَل، مِنَ النُّبْل، وأَيهما أَحذق عَمَلًا. ونَابَلَني فُلَانٌ فنَبَلْتُه أَي كُنْتُ أَجود نَبْلًا مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: رَوَى بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ عَنْ رُؤْبَةَ قَالَ سأَلناه عَنْ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
نَطْعُنُهم سُلْكَى ومَخْلوجةً، ... لَفْتَكَ لأْمين عَلَى نَابِلِ «1»
. فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبي عَنْ أَبيه قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي وَكَانَتْ فِي بَنِي دارِمٍ فَقَالَتْ: سأَلت إمرأَ الْقَيْسِ وَهُوَ يَشْرَبُ طِلاءً مَعَ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبَدة مَا مَعْنَى:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ عَلَى نَابِلِ
فَقَالَ: مَرَرْتُ بنَابِلٍ وصاحبُه يناوِلُه الرِّيشَ لُؤاماً وظُهاراً فَمَا رأَيت أَسرع مِنْهُ وَلَا أَحسن فشبَّهت بِهِ. التَّهْذِيبُ: النَّابِل الَّذِي يَرْمِي بالنَّبْل فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ عَلَى نَابِلِ
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُسَوِّي النِّبال. وَهُوَ مِنْ أَنْبَلِ النَّاسِ أَي أَعلمهم بالنَّبْل؛ قَالَ:
تَرَّصَ أَفْواقَها وقَوَّمَها ... أَنْبَلُ عَدْوانَ كُلِّها صَنَعَا
وَفُلَانٌ نَابِل أَي حاذِق بِمَا يُمارِسُه مِنْ عَمَلٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ عَسَلًا أَو نَبْعَةً:
تَدَلَّى عَلَيْهَا، بالحِبال مُوَثَّقاً ... شديدَ الوَصاةِ، نَابِلٌ وابنُ نَابِلِ «2»
. الْجَوْهَرِيُّ: والنَّابِلُ الحاذِق بالأَمر. يُقَالُ: فُلَانٌ نَابِل وابنُ نَابِل أَي حاذِق وَابْنُ حاذِق؛ وأَنشد الأَصمعي لِذِي الإِصْبع:
قَوَّمَ أَفْواقَها وتَرَّصَها ... أَنْبَلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعا
أَي أَعلَمُهم بالنَّبْل. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكُلُّ حاذِق
__________
(1) . قوله [لفتك إلخ] مع بعد كرك لأَمين إلخ هكذا في الأصل
(2) . سيرد هذا البيت في الصفحة التالية وروايته مختلفة عما هو عليه هنا(11/643)
نَابِل؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ عاسِلًا:
تَدَلَّى عَلَيْهَا، بَيْنَ سِبٍّ وخَيْطَةٍ، ... شديدُ الوَصاة نَابِلٌ وابنُ نَابِل
جَعَلَهُ ابنَ نَابِل لأَنه أَحْذَق لَهُ. وأَنْبَلَ قِدَاحَهُ: جَاءَ بِهَا غِلاظاً جافِية؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وأَصابتني خُطوب تَنَبَّلَت مَا عِنْدِي أَي أَخذت؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
لمَّا رأَيتُ العُدْمَ قَيَّد نائِلي، ... وأَمْلَقَ مَا عِنْدِي خُطوبٌ تَنَبَّل
تَنَبَّلتْ مَا عِنْدِي: ذَهَبَتْ بِمَا عِنْدِي. ونَبَلَتْ: حَمَلتْ. ونَبَلَ الرجلَ بِالطَّعَامِ ينْبُله: علَّله بِهِ وَنَاوَلَهُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ. ونَبَلَ بِهِ يَنْبُلُ: رَفَقَ. ولأَنْبُلَنَّك بِنَبَالَتِكَ أَي لأَجزينك جَزَاءَكَ. والنَّبْل: السَّيْرُ الشَّدِيدُ السَّرِيعُ، وَقِيلَ: حسْن السَّوْقِ للإِبل، نَبَلَها يَنْبُلُها نَبْلًا فِيهِمَا. ابْنُ السِّكِّيتِ: نَبَلْت الإِبل أَنْبُلُها نَبْلًا إِذا سُقْتَهَا سَوْقًا شَدِيدًا. ونَبَلْت الإِبل أَي قُمْتُ بِمَصْلَحَتِهَا؛ قَالَ زُفَرُ بْنُ الخِيار الْمُحَارِبِيُّ:
لَا تَأْوِيا للعِيسِ وانْبُلاها، ... فإِنها مَا سَلِمَتْ قُواها،
بَعِيدة المُصْبَحِ مِنْ مُمْساها، ... إِذا الإِكامُ لَمَعَتْ صُواها،
لَبِئْسَما بُطْءٌ وَلَا تَرْعاها «1»
والنَّبْل: حُسْنُ السَّوْق، والنَّابِلُ: المُحْسِن لِلسَّوْقِ أَبو زَيْدٍ «2» . انْبُلْ بِقَوْمِكَ أَي ارْفُقْ بِقَوْمِكَ، وَكُلُّ جامِعِ مَحْشورٍ أَي سيدِ جماعةٍ يحشُرهم أَي يجمَعُهم لَهُ نُبُلٌ أَي رِفْق. قَالَ: والنَّبْلُ فِي الحِذْق، والنَّبَالَةُ والنَّبْلُ فِي الرِّجَالِ. وَيُقَالُ: ثَمَرة نَبِيلَة وقِدْح نَبِيل. وتَنَبَّلَ الرجلُ والبعيرُ: مَاتَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
فَقُلْتُ لَهُ: يَا بَا جُعادةَ إِنْ تَمُتْ، ... أَدَعْك وَلَا أَدْفِنْك حَتَّى تَنَبَّل
والنَّبِيلَة: الجِيفةُ. والنَّبِيلةُ: المَيْتةُ. ابْنُ الأَعرابي: انْتَبَلَ إِذا مَاتَ أَو قُتِلَ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وأَنْبَلَه عُرْفاً: أَعطاه إِيَّاه. والتِّنْبَال: القصير.
نتل: نَتَلَ مِنْ بَيْنِ أَصحابه يَنْتِلُ نَتْلًا ونَتَلاناً ونُتُولًا واسْتَنْتَل: تقدَّم. واسْتَنْتَلَ القومُ عَلَى الْمَاءِ إِذا تقدَّموا. والنَّتْل: هُوَ التَّهَيُّؤُ فِي القُدوم. وَرُوِيَ
عَنْ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه سُقِيَ لَبَناً ارْتاب بِهِ أَنه لَمْ يحلَّ لَهُ شُربه فاسْتَنْتَل يَتَقَيَّأُ
أَي تقدَّم. واسْتَنْتَل للأَمر: استعدَّ لَهُ. أَبو زَيْدٍ: اسْتَنْتَلْت للأَمر اسْتِنْتالًا وابْرَنْتَيْت ابْرِنْتاءً وابْرَنْذَعْت ابْرِنْذاعاً كُلُّ هَذَا إِذا استعدَدْت لَهُ. ابْنُ الأَعرابي: النَّتْل التقدُّم فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وانْتَتَل إِذا سَبَقَ، واسْتَنْتَل مِنَ الصفِّ إِذا تقدَّم أَصحابه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ وَمَعَهُ صِبْية فِي السِّكّة فاسْتَنْتَلَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمامَ الْقَوْمِ
أَي تقدَّم. وَفِي الحديث:
يُمَثَّلُ القرآنُ
__________
(1) . قوله [لا تأويا إلخ] المشاطير الثلاث الأول أوردها الجوهري، وفي الصاغاني وصواب إنشاده:
لَا تَأْوِيَا لِلْعِيسِ وانْبُلاها ... لَبِئْسَمَا بُطْءٌ وَلَا نَرْعَاهَا
فإنها أن سلمت قواها ... نائية المرفق عن رحاها
بَعِيدَةُ الْمُصْبَحِ مِنْ مُمْسَاهَا ... إِذَا الْإِكَامُ لَمَعَتْ صُوَاهَا
(2) . قوله [أبو زيد إلخ] عبارة الصاغاني: أبو زيد يقال انْبُلْ بِقَوْمِكَ أَيِ ارْفُقْ بهم، قال صخر الغيّ:
فانْبُلْ بقومك إما كنت حاشرهم ... وكل جامع محشور له نبل
أي كل سَيِّدِ جَمَاعَةٍ يَحْشُرُهُمْ أَيْ يجمعهم انتهى. وضبط لفظ نبل بفتحتين وضمتين وكتب عليه لفظ معاً، وبهذه العبارة يعلم ما في الأصل(11/644)
رَجُلًا فيُؤتى بِالرَّجُلِ كَانَ قَدْ حَمَلَهُ مُخالفاً لَهُ فَيَنْتَتِل خَصْمًا لَهُ
أَي يتقدَّم وَيَسْتَعِدُّ لِخِصَامِهِ، وَخَصْمًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَن ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَرزَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَتَرَكَهُ الناسُ لِكَرامة أَبيه، فَنَتَلَ أَبو بَكْرٍ وَمَعَهُ سيفُه
أَي تقدَّم إِليه. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ إِبراهيم: مَا سبقَنا ابنُ شِهاب مِنَ الْعِلْمِ بِشَيْءٍ إِلَّا كُنَّا نأْتي المجلسَ فيَسْتَنْتِلُ وَيَشُدُّ ثَوْبَهُ عَلَى صَدْرِهِ
أَي يَتَقَدَّمُ. والنَّتْل: الجَذْب إِلى قدَّام. أَبو عَمْرٍو: النَّتْلَة البَيْضة وَهِيَ الدَّوْمَصَة، والنَّتْل بَيْضُ النَّعام يُدْفَن فِي المَفازة بِالْمَاءِ، والنَّتَل بِالتَّحْرِيكِ مِثْلُهُ؛ وَقَوْلُ الأَعشى يَصِفُ مَفازة:
لَا يَتَنَمَّى لَهَا فِي القَيْظِ يَهْبِطُها ... إِلَّا الَّذِينَ لَهُمْ، فِيمَا أَتَوْا، نَتَلُ
قَالَ: زَعَمُوا أَن الْعَرَبَ كَانُوا يملؤُون بيضَ النَّعَامِ مَاءً فِي الشِّتَاءِ وَيَدْفِنُونَهَا فِي الفَلَوَات الْبَعِيدَةِ مِنَ الْمَاءِ، فإِذا سَلَكُوهَا فِي القَيْظ اسْتَثَارُوا البيضَ وَشَرِبُوا مَا فِيهَا مِنَ الْمَاءِ، فَذَلِكَ النَّتَل. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَصلُ النَّتْل التقدُّم والتهَيُّؤ لِلْقُدُومِ، فَلَمَّا تقدَّموا فِي أَمر الْمَاءِ بأَن جَعَلُوهُ فِي الْبَيْضِ وَدَفَنُوهُ سُمِّيَ الْبَيْضُ نَتْلًا. وتَنَاتَلَ النبتُ: التَفَّ وَصَارَ بَعْضُهُ أَطول مِنْ بَعْضٍ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقاع:
والأَصلُ يَنْبُتُ فرْعُه مُتَنَاتِلًا، ... والكفُّ لَيْسَ نَباتُها بسَواء
ونَاتَلُ، بِفَتْحِ التَّاءِ: اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ. ونَاتِل: فَرَسُ رَبِيعَةَ بْنِ عامر «1» . ونَتْلَة ونُتَيْلَة: وهي أُم الْعَبَّاسِ وَضِرَارِ ابْنَيْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِحدى نِسَاءِ بَنِي النَّمِر بْنِ قاسِط، وَهِيَ نُتَيْلَة بِنْتُ خبَّاب بْنِ كُلَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو «2» . بْنِ زَيْدِ مَناة بْنِ عَامِرٍ، وَهُوَ الضَّحْيان مِنَ النَّمِر بْنِ قاسِط بْنِ رَبِيعَةَ؛ وأَما قَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
يَطُفْن حَوْلَ نَتَلٍ وَزْوازِ
فَيُقَالُ: هُوَ الْعَبْدُ الضَّخْمُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَرَوَاهُ ابْنُ جِنِّي:
يَطُفْنَ حَوْلَ وَزَإِ وَزْوازِ
والوَزَأُ: الشَّدِيدُ الخلْق القصيرُ السمينُ. والوَزْوازُ: الَّذِي يحرِّك اسْتَه إِذا مَشَى ويُلَوِّيها.
نثل: نَثَلَ الرَّكِيَّة يَنْثِلُها نَثْلًا: أَخرج تُرابها، وَاسْمُ التُّرَابِ النَّثِيلَةُ والنُّثَالَةُ. أَبو الْجَرَّاحِ: هِيَ ثَلَّة الْبِئْرِ ونَبِيثَتها. والنَّثِيلةُ: مِثْلُ النَّبِيثة، وَهُوَ تُرَابُ الْبِئْرِ. وَقَدْ نَثَلْت الْبِئْرَ نَثْلًا وأَنْثَلْتها: اسْتَخْرَجْتُ تُرابها. وَتَقُولُ: حُفْرتك نَثَل، بِالتَّحْرِيكِ، أَي مَحْفُورَةٌ. ونَثَلَ كِنانته نَثْلًا: اسْتَخْرَجَ مَا فِيهَا مِنَ النَّبْل، وَكَذَلِكَ إِذا نَفَضْتَ مَا فِي الْجِرَابِ مِنَ الزَّادِ. وَفِي حَدِيثِ
صُهَيْبٍ: وانْتَثَلَ مَا فِي كِنانته
أَي اسْتَخْرَجَ مَا فِيهَا مِنَ السِّهام. وتَنَاثَلَ الناسُ إِليه أَي انصبُّوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُحِبُّ أَحدكم أَن تُؤتى مَشْرُبَتُه فيُنْتَثَل مَا فِيهَا؟
أَي يُستخرج وَيُؤْخَذُ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: أَما تَرى حُفْرتك تُنْثَل
أَي يُسْتَخْرَجُ تُرابها، يُرِيدُ القَبْر. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَنتم تَنْتَثِلونَها
، يَعْنِي الأَموالَ وَمَا فُتِحَ عَلَيْهِمْ مِنَ زَهْرة الدُّنْيَا. ونَثَلَ الفرسُ يَنْثُلُ، فَهُوَ مِنْثَلٌ: راثَ؛ قَالَ يَصِفُ بِرْذَوْناً:
__________
(1) . قوله [فَرَسُ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ] الذي في القاموس: فرس ربيعة بن مالك
(2) . قوله [ابن عمرو إلخ] هكذا في الأصل وشرح القاموس، وفي التهذيب: ابن عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زيد إلخ. وقوله ابن ربيعة هُوَ فِي الْأَصْلِ أَيضاً والذي في التهذيب من ربيعة(11/645)
ثَقِيلٌ عَلَى مَنْ سَاسَهُ، غَيْرَ أَنه ... مِثَلٌّ عَلَى آرِيِّهِ الرَّوْثَ، مِنْثَلُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثَلٌّ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد الحافِر كأَنه دابَّة ذَاتَ حافِر مِنَ الْخَيْلِ والبِغال وَالْحَمِيرِ. وَقَوْلُهُ ثَلَّ ونَثَلَ أَي راثَ. والنَّثِيلُ: الرَّوْث. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ولَعَمْري إِن هَذَا لَمِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ مَنْ رَوَى الرَّوْثَ، بِالنَّصْبِ، قَالَ الأَحمر: يُقَالُ لِكُلِّ حافِر ثَلَّ ونَثَلَ إِذا رَاثَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: بَيْنَ نَثِيلِه ومُعْتَلَفِه
؛ النَّثِيلُ: الرَّوْثُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنه دَخَلَ دَارًا فِيهَا رَوْث فَقَالَ أَلَّا كَنَسْتم هَذَا النَّثِيل؟ وَكَانَ لَا يُسَمِّي قَبِيحًا بقَبِيح.
ونَثَلَ اللحمَ فِي الْقَدْرِ يَنْثِلُه: وَضَعَهُ فِيهَا مقطَّعاً. ومَرَةٌ نَثُول: تفعَل ذَلِكَ كَثِيرًا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذ قالتِ النَّثُولُ للْجَمُولِ: ... يَا ابْنَةَ شَحْمٍ، فِي المَريءِ بُولي
أَي أَبشري بِهَذِهِ الشَّحْمة المَجْمُولة الذَّائِبَةِ فِي حَلْقك؛ قَالَ ابْنُ سيدَة: وَهَذَا تَفْسِيرٌ ضَعِيفٌ لأَن الشَّحْمَةَ لَا تُسَمَّى جَمُولًا، إِنما الجَمُول المُذِيبةُ لَهَا، قَالَ: وأَيضاً فإِن هَذَا التَّفْسِيرَ الَّذِي فَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي هَذَا الْبَيْتَ إِذا تؤمِّل كَانَ مُسْتَحيلًا؛ وَقَالَ الأَصمَعي فِي قَوْلِ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ نَاقَةً:
مُسامِيةً خَوْصاء ذَاتُ نَثِيلَةٍ، ... إِذا كَانَ قَيْدامُ المَجَرَّةِ أَقْوَدا
قَالَ: مَسَامِيةٌ تسامِي خطامَها الطريقَ تنظُر إِليه، وَذَاتَ نَثِيلَة أَي ذَاتَ بقيَّة مِنْ شَدِّه، وقَيْدامُ المَجَرَّةِ: أَوَّلها وَمَا تقدَّم مِنْهَا، والأَقْودُ: المستطيلُ. والنَّثْلَةُ: الدِّرْع عَامَّةً، وَقِيلَ: هِيَ السَّابِغَةُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْوَاسِعَةُ مِنْهَا مِثْلُ النَّثْرةِ. ونَثَل عَلَيْهِ دِرْعه يَنْثُلُها «3» صَبَّها. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ قَدْ نَثَلَ دِرْعه أَي أَلقاها عَنْهُ، وَلَا يُقَالُ نَثَرها. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: أَنه كَانَ يَنْثُلُ دِرْعه إِذ جَاءَهُ سَهْمٌ فَوَقَعَ فِي نَحْرِه
، أَي يَصُبُّها عَلَيْهِ وَيَلْبَسُهَا. والنَّثْلة: النُّقْرة الَّتِي بَيْنَ السَّبَلَتَيْن فِي وسَطِ ظَاهِرِ الشَّفَةِ العُلْيا. وَنَاقَةٌ ذَاتُ نَثِيلة، بِالْهَاءِ، أَي ذَاتُ لَحْمٍ، وَقِيلَ: هِيَ ذَاتُ بقيَّة مِنْ شَحْمٍ. والمِنْثَلَة: الزِّنْبِيلُ، والله أَعلم.
نجل: النَّجْل: النَّسْل. الْمُحْكَمُ: النَّجْل الْوَلَدُ، وَقَدْ نَجَلَ بِهِ أَبوه يَنْجُلُ نَجْلًا ونَجَلَه أَي ولَدَه؛ قَالَ الأَعشى:
أَنْجَبَ أَيَّامَ والِداهُ بِهِ، ... إِذ نَجَلاهُ فَنِعْم مَا نَجَلا
قَالَ الْفَارِسِيُّ: مَعْنَى وَالِدَاهُ بِهِ كَمَا تَقُولُ أَنا بِاللَّهِ وبِكَ. والناجِلُ: الْكَرِيمُ النَّجْل، وأَنشد الْبَيْتَ، وَقَالَ: أَنْجَب وَالِدَاهُ بِهِ إِذ نَجَلاه فِي زَمَانِهِ، وَالْكَلَامُ مقدَّم ومؤخَّر. والانْتِجالُ: اخْتِيَارُ النَّجْل؛ قَالَ:
وانْتَجَلُوا مِنْ خَيْرِ فَحْلٍ يُنْتَجَلْ
والنَّجْل: الْوَالِدُ أَيضاً، ضِدٌّ؛ حَكَى ذَلِكَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ فِي نَوَادِرِهِ. يُقَالُ: قَبَحَ اللهُ ناجِلَيْه. وَفِي حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ: كَانَ لَهُ كَلْب صَائِدٌ يَطْلُبُ لها الفُحُولة يطلب نَجْلَه
أَي وَلَدَهَا. والنَّجْل: الرَّمْيُ بِالشَّيْءِ، وَقَدْ نَجَلَ بِهِ ونَجَلَه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
__________
(3) . قوله [يَنْثلُها] ضبط في المحكم بضم المثلثة وكذا في النهاية في حديث طلحة الآتي، وصنيع المجد يقتضي أنه من باب ضرب(11/646)
كأَنَّ الحَصَى مِنْ خَلْفها وأَمامِها، ... إِذا أَنْجَلَتْه رِجْلُها، خَذْفُ أَعْسَرَا
وَقَدْ نَجَلَ الشيءَ أَي رمَى بِهِ. وَالنَّاقَةُ تَنْجُلُ الحَصَى مَناسِمُها نَجْلًا أَي ترمِي بِهِ وَتَدْفَعُهُ. ونَجَلْت الرجلَ نَجْلَةً إِذا ضَرَبْتَهُ بمقدَّم رِجْلِكَ فَتَدَحْرَجَ. يُقَالُ: مَنْ نَجَلَ الناس نَجَلُوه أَي من شارَّهم شارُّوه. وَفِي الْحَدِيثِ:
من نَجَل الناس نَجَلوه
أَي مَنْ عَابَ النَّاسَ عَابُوهُ ومَنْ سَبَّهم سبُّوه وقَطَع أَعْراضَهم بالشَّتْم كَمَا يَقْطع المِنْجَل الحشيشَ، وَقَدْ صُحِّف هَذَا الْحَرْفُ فَقِيلَ فِيهِ: نَحَل فُلَانٌ فُلَانًا إِذا سابَّه، فَهُوَ ينْحَله يُسابُّه؛ وأَنشد لِطَرَفَةَ:
فَذَرْ ذَا، وَانْحَل النُّعْمان قَوْلًا، ... كنَحْتِ الفَأْسِ، يُنْجِد أَو يَغُور
قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ نَحَل فُلَانٌ فُلَانًا إِذا سابَّه بَاطِلٌ وَهُوَ تَصْحِيفٌ لِنَجَل فُلَانٌ فُلَانًا إِذا قَطَعه بالغيبةِ؛ قَالَ الأَزهري: قَالَهُ اللَّيْثُ بِالْحَاءِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ. والنَّجْل والفَرْض مَعْنَاهُمَا القَطْع؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَدِيدَةِ ذَاتِ الأَسنان: مِنْجَل، والمِنْجَل مَا يُحْصَد بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وتُتَّخَذ السُّيوف مَنَاجِل
؛ أَراد أَن النَّاسَ يَتْرُكُونَ الجهاد ويشتغلون بالحَرْث والزِّراعة، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. والمِنْجَل: المِطْرَد؛ قَالَ مَسْعُودُ بْنُ وَكِيعٍ:
قَدْ حَشَّها اللَّيْلُ بِحادٍ مِنْجَلِ
أَي مِطْرَد يَنْجلُها أَي يُسْرِعُ بِهَا. والمِنْجَل: الَّذِي يقضَب بِهِ الْعُودُ مِنَ الشَّجَرِ فيُنْجَلُ بِهِ أَي يرمَى بِهِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهَذَا الضَّرْبُ مِمَّا يُعتمل بِهِ مَكْسُورَ الأَول، كَانَتْ فِيهِ الْهَاءُ أَو لَمْ تَكُنْ؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ لأَسْنان الإِبل فَقَالَ:
إِذا لَمْ يَكُنْ إِلَّا القَتادُ، تَنَزَّعت ... مَناجِلُها أَصلَ القَتاد المُكالِب
ابْنُ الأَعرابي: النَّجَل نَقَّالو الجَعْوِ فِي السابِل، وَهُوَ مِحْمَل الطيَّانين، إِلى البَنَّاء. ونَجَل الشيءَ يَنْجُله نَجْلًا: شقَّه. والمَنْجُول مِنَ الْجُلُودِ: الَّذِي يُشق مِنْ عُرْقوبَيْه جَمِيعًا ثُمَّ يسلَخ كَمَا تُسْلَخُ النَّاسُ الْيَوْمَ؛ قَالَ المُخَبَّل:
وأَنْكَحْتُمُ رَهْواً كأَنَّ عِجانَها ... مَشَقُّ إِهاب، أَوْسَع السَّلْخَ نَاجِلُهْ
يَعْنِي بالرَّهْو هُنَا خُلَيدة بِنْتُ الزِّبْرقان، وَلَهَا حَدِيثٌ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَدْ نَجَلْتُ الإِهاب وَهُوَ إِهابٌ مَنْجُول؛ اللِّحْيَانِيُّ: المَرْجُول والمَنْجُول الَّذِي يُسلخ مِنْ رِجْلَيْهِ إِلى رأْسه. أَبو السَّمَيْدع: المَنْجول الَّذِي يُشقّ مِنْ رِجْلِهِ إِلى مَذْبَحِهِ، والمَرْجُول الَّذِي يُشقّ مِنْ رِجْلِهِ ثُمَّ يقلَب إِهابه. ونَجَلَه بالرُّمْح يَنْجُلُه نَجْلًا: طَعَنه وأَوسع شَقَّه. وطَعْنة نَجْلاء أَي وَاسِعَةٌ بَيِّنة النَّجَل. وسِنان مِنْجَل وَاسْعُ الجُرْح. وطَعْنة نَجْلَاء: وَاسِعَةٌ. وَبِئْرٌ نَجْلاء المَجَمِّ: واسِعَته؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِنَّ لَهَا بِئْرًا بِشَرْقِيِّ العَلَمْ، ... واسعةَ الشُّقّة، نَجْلاءَ المَجَمْ
والنَّجَل، بِالتَّحْرِيكِ: سِعَةُ شقِّ الْعَيْنِ مَعَ حُسْنٍ، نَجِلَ نَجَلًا وَهُوَ أَنْجَلُ، وَالْجَمْعُ نُجْل ونِجَال، وَعَيْنٌ نَجْلاء، والأَسد أَنْجَلُ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ: عَيْنَيْنِ نَجْلاوَيْن
؛ عَيْنٌ نَجْلَاء أَي وَاسِعَةٌ. وَسِنَانٌ مِنْجَل إِذا كَانَ يُوسِّع خَرْقَ الطَّعْنَةِ؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:
سِنانُها مِثْلُ القُدامَى مِنْجَل(11/647)
ومَزاد أَنْجَلُ: وَاسِعٌ عَرِيضٌ. وَلَيْلٌ أَنْجَلُ: وَاسِعٌ طَوِيلٌ قَدْ عَلَا كلَّ شَيْءٍ وأَلبَسَه، وَلَيْلَةٌ نَجْلاء. والنَّجْل: الْمَاءُ السَّائِلُ. والنَّجْل: الماءُ المُستنقِع، والولَد، والنَّزُّ، وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ، والمَحَجَّة الْوَاضِحَةُ، وسلْخ الجِلْد مِنْ قَفاه. والنَّجْل أَيضاً: إِثارة أَخفافِ الإِبل الكَمْأَة وإِظهارها. والنَّجْل: السَّيْرُ الشَّدِيدُ وَالْجَمَاعَةُ أَيضاً تَجتمع فِي الْخَيْرِ. وَرُوِيَ
عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنها قَالَتْ: قَدِم رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، المدينةَ وَهِيَ أَوْبأُ أَرض اللَّهِ وَكَانَ وَادِيهَا يَجْري نَجْلًا
؛ أَرادت أَنه كَانَ نَزًّا وَهُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ، تَعْنِي واديَ الْمَدِينَةِ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَنْجَال؛ ومنه حديث
الحرث بن كَلْدة: قال لعمر البلادُ الوَبِئَة ذاتُ الأَنْجَال والبَعوض
أَي النُّزُوز والبَقِّ. وَيُقَالُ: استَنْجَلَ الْمَوْضِعَ أَي كثُر بِهِ النَّجْل وَهُوَ الْمَاءُ يَظْهَرُ مِنَ الأَرض. الْمُحْكَمُ: النَّجْل النَّزُّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الأَرض وَالْوَادِي، وَالْجَمْعُ نِجَال. واستَنْجَلَتِ الأَرض: كَثُرَتْ فِيهَا النِّجال. واسْتَنْجَلَ النزَّ: اسْتَخْرَجَهُ. واسْتَنْجَلَ الْوَادِي إِذا ظهرَ نُزُوزه. الأَصمعي: النَّجْل مَاءٌ يُستَنْجَلُ مِنَ الأَرض أَي يُسْتَخْرَجُ. أَبو عَمْرٍو: النَّجْل الْجَمْعُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ، والنَّجْل المَحَجَّة. وَيُقَالُ للجَمَّال إِذا كَانَ حَاذِقًا: مِنْجَل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بِجَسْرَة تَنْجُلُ الظِّرَّانَ ناجيةٍ، ... إِذا توقَّد فِي الدَّيْمُومة الظُّرَر
أَي تثيرُها بِخُفِّهَا فَتَرْمِي بِهَا. والنَّجْل: مَحْوُ الصَّبِيِّ اللَّوْحَ. يُقَالُ: نَجَل لوحَه إِذا مَحَاهُ. وَفَحْلٌ نَاجِل: وَهُوَ الْكَرِيمُ الْكَثِيرُ النَّجْل؛ وأَنشد:
فزَوَّجُوه ماجِداً أَعْراقُها، ... وانْتَجَلُوا مِنْ خَيْرِ فَحْلٍ يُنْتَجَل
وَفَرَسٍ نَاجِل إِذا كَانَ كَرِيمَ النَّجْل. أَبو عَمْرٍو: التَّنَاجُلُ تَنَازُعُ النَّاسِ بَيْنَهُمْ. وَقَدْ تَنَاجَلَ القومُ بَيْنَهُمْ إِذا تَنَازَعُوا. وانْتَجَلَ الأَمرُ انْتِجَالًا إِذا اسْتَبَانَ وَمَضَى. ونَجَلْت الأَرض نَجْلًا: شقَقْتها لِلزِّرَاعَةِ. والإِنْجِيل: كِتَابُ عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، يؤَنث ويذكَّر، فمَن أَنث أَراد الصَّحِيفَةَ، وَمَنْ ذكَّر أَراد الْكِتَابَ. وَفِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:
مَعَهُ قومٌ صُدورُهم أَناجِيلُهم
؛ هُوَ جَمْعُ إِنْجِيل، وَهُوَ اسْمُ كِتَابِ اللَّهِ المنزَّلِ عَلَى عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ اسْمٌ عِبرانيّ أَو سُرْيانيّ، وَقِيلَ: هُوَ عَرَبِيٌّ، يُرِيدُ أَنهم يقرؤون كِتَابَ اللَّهِ عَنْ ظَهْرِ قُلُوبِهِمْ وَيَجْمَعُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ حِفظاً، وَكَانَ أَهل الْكِتَابِ إِنما يقرؤون كُتُبَهُمْ فِي الصُّحُفِ وَلَا يَكَادُ أَحدهم يَجْمَعُهَا حِفْظًا إِلا الْقَلِيلُ، وَفِي رِوَايَةٍ:
وأَناجِيلهم فِي صُدُورِهِمْ
أَي أَن كتُبَهم محفوظة فيه. والإِنْجِيل: مِثْلَ الإِكْلِيل والإِخْرِيط، وَقِيلَ اشْتِقَاقُهُ مِنَ النَّجْل الَّذِي هُوَ الأَصل، يُقَالُ: هُوَ كَرِيمُ النَّجْل أَي الأَصل والطَّبْع، وَهُوَ مِنَ الفِعل إِفْعِيل. وقرأَ
الْحَسَنُ: وليحكُم أَهل الأَنْجِيل
، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَلَيْسَ هَذَا الْمِثَالُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَلِلْقَائِلِ أَن يَقُولَ هُوَ اسْمٌ أَعجمي فَلَا يُنكَر أَن يَقَعَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لأَن كَثِيرًا مِنَ الأَمثلة الْعَجَمِيَّةِ يُخَالِفُ الأَمثلةَ الْعَرَبِيَّةَ نَحْوَ آجَر وإِبراهيم وهابِيل وقابِيل. والنَّجِيل: ضَرْبٌ مِنْ دِقِّ الحَمْض مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ نُجُل. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ خَيْرُ الحَمْض كُلِّهِ وأَلْيَنُه عَلَى السَّائِمَةِ. وأَنْجَلُوا دوابَّهم: أَرسلوها فِي النَّجِيل. والنَّواجِلُ مِنَ الإِبل: الَّتِي ترعَى النَّجِيلَ، وَهُوَ الهَرْم مِنَ الحَمْض. ونَجَلَتِ الأَرض: اخْضرَّتْ.(11/648)
والنَّجِيل: مَا تكسَّر مِنْ ورَق الهَرْم، وَهُوَ ضرْب مِنَ الحَمْض؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ يَصِفُ مَاءً آجِناً:
يُفَجِّين بالأَيْدي عَلَى ظَهْرِ آجِنٍ، ... لَهُ عَرْمَضٌ مُسْتَأْسِدٌ ونَجِيلُ «1»
. ابْنُ الأَعرابي: المِنْجَل السَّائِقُ الحاذِق، والمِنْجَل الَّذِي يَمْحُو أَلْواح الصِّبْيان، والمِنْجَل الزَّرْعُ الملتفُّ المُزْدَجُّ، والمِنْجَل الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الأَولاد، والمِنْجَل الْبَعِيرُ الَّذِي يَنْجُلُ الكَمْأَةَ بِخُفِّه. والصَّحْصَحانُ الأَنْجل: هُوَ الْوَاسِعُ. ونَجَلْت الشَّيْءَ أَي استخرجْته. ومَناجِلُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وجادَ رَهْوَى إِلى مَنَاجِلَ ... فالصَّحْراء أَمْسَتْ نِعاجُه عُصَبا
نحل: النَّحْل: ذُباب الْعَسَلِ، وَاحِدَتُهُ نَحْلَة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نهَى عَنِ قَتْل النَّحْلَة والنَّمْلة والصُّرَد والهُدْهُد
؛ وَرُوِيَ
عَنْ إِبراهيم الْحَرْبِيِّ أَنه قَالَ: إِنما نَهَى عَنْ قتلهنَّ لأَنهنَّ لَا يؤْذِين الناسَ، وَهِيَ أَقل الطُّيُورِ والدوابِّ ضَرَرًا عَلَى النَّاسِ، لَيْسَ هِيَ مِثْلَ مَا يتأَذى الناسُ بِهِ مِنَ الطُّيُورِ الغُرابِ وَغَيْرِهِ، قِيلَ لَهُ: فالنَّمْلة إِذا عَضَّت تُقْتَل؟ قَالَ: النَّمْلة لَا تعَضّ إِنما يَعَضّ الذَّرُّ، قِيلَ لَهُ: إِذا عضَّت الذَّرَّةُ تُقتَل؟ قَالَ: إِذا آذَتْك فَاقْتُلْهَا.
والنَّحْل: دَبْر الْعَسَلِ، الْوَاحِدَةُ نَحْلَة. وَقَالَ أَبو إِسحق الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ
؛ جَائِزٌ أَن يَكُونَ سُمِّيَ نَحْلًا لأَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَحَل الناسَ العسلَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهل الْعَرَبِيَّةِ: النَّحْل يذكَّر وَيُؤَنَّثُ وَقَدْ أَنثها اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً؛ وَمَنْ ذكَّر النَّحْل فلأَنَّ لَفْظَهُ مُذَكَّرٌ، وَمَنْ أَنثه فلأَنه جَمْعُ نَحْلة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَثَلُ المؤْمِن مَثَلُ النَّحْلة
؛ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ وَاحِدَةُ النَّخْل، وَرُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، يُرِيدُ نَحْلة الْعَسَلِ، وَوَجْهُ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَهُمَا حِذْق النَّحْل وفِطْنته وقلَّة أَذاه وحَقارته ومنفعتُه وقُنوعه وسعيُه فِي اللَّيْلِ وتنزُّهه عَنِ الأَقذار وطيبُ أَكله وأَنه لَا يأْكل مِنْ كَسْبِ غَيْرِهِ ونحُوله وطاعتُه لأَمِيره؛ وإِنّ للنَّحْل آفاتٍ تَقْطَعُهُ عَنْ عَمَلِهِ مِنْهَا: الظلمةُ والغَيْمُ والريحُ والدخانُ وَالْمَاءُ والنارُ، وَكَذَلِكَ المؤْمن لَهُ آفَاتٌ تفتِّره عَنْ عَمَلِهِ: ظلمةُ الْغَفْلَةِ وغيمُ الشَّكِّ وريحُ الْفِتْنَةِ ودُخَان الحرامِ وماءُ السَّعةِ ونارُ الهوَى. الْجَوْهَرِيُّ: النَّحْل والنحْلة الدَّبْر، يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى حَتَّى تَقُولَ يَعْسُوب. والنَّحْل: الناحِلُ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يَدَعْنَ الجَلْسَ نَحْلًا قَتالُها «2»
. ونَحِلَ جسمُه ونَحَلَ يَنْحَلُ ويَنْحُلُ نُحُولًا، فَهُوَ نَاحِل: ذهَب مِنْ مَرَضٍ أَو سفَر، وَالْفَتْحُ أَفصح؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
وكنتُ كعَظْم العاجِماتِ اكْتَنَفْنَه ... بأَطْرافها، حَتَّى استَدقَّ نُحولُها
إِنما أَراد ناحِلها، فَوَضَعَ الْمَصْدَرَ مَوْضِعَ الِاسْمِ، وَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ ناحِل كأَنه جَعَلَ كُلَّ طَائِفَةٍ مِنَ الْعَظْمِ ناحِلًا، ثُمَّ جَمَعَهُ عَلَى فُعُول كشاهِد وشُهود، وَرَجُلٌ نَحِيل مِنْ قَوْمٍ نَحْلَى وناحِل، والأُنثى ناحِلة، ونساءٌ نَوَاحِل ورجال نُحَّل. وَفِي حَدِيثِ
أُم معبَد: لَمْ تَعِبْه نَحْلَة
أَي دِقَّة وهُزال. والنُّحْل الِاسْمُ؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: لَمْ أَسمع بالنُّحْل فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ إِلا
__________
(1) . قوله [يفجين إلخ] هكذا في الأصل بالجيم، وتقدم في مادة أسد يفحين بالحاء، والصواب ما هنا
(2) . انظر رواية هذا البيت لاحقاً في هذه الكلمة(11/649)
فِي العَطِيَّة. والنُّحُول: الهُزال، وأَنْحَلَه الهمُّ، وجملٌ نَاحِل: مَهْزُولٌ دَقِيقٌ. وَجَمَلٌ نَاحِل: رَقِيقٌ. والنَّوَاحِلُ: السُّيُوفُ الَّتِي رقَّت ظُباها مِنْ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ. وَسَيْفٌ نَاحِل: رَقِيقٌ، عَلَى المَثل؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
أَلم تَعْلَمِي، يَا مَيُّ، أَنَّا وَبَيْنَنَا ... مَهاوٍ يَدَعْنَ الجَلْسَ نَحْلًا قَتالُها
هُوَ جَمْعُ نَاحِل، جَعَلَ كُلَّ جزءٍ مِنْهَا ناحِلًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عِنْدِي اسْمٌ لِلْجَمْعِ لأَن فاعِلًا لَيْسَ مِمَّا يكسَّر عَلَى فَعْل، قَالَ: وَلَمْ أَسمع بِهِ إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ. الأَزهري: السَّيْفُ الناحِل الَّذِي فِيهِ فُلُول فيُسَنُّ مرَّة بَعْدَ أُخرى حَتَّى يَرِقَّ وَيَذْهَبَ أَثَرُ فُلُوله، وَذَلِكَ أَنه إِذا ضُرِب بِهِ فصَمَّم انفلَّ فيُنْحِي القَيْنُ عَلَيْهِ بالمَداوِس والصَّقْل حَتَّى تَذهب فُلوله؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
مَضارِبُها، مِنْ طُول مَا ضَرَبوا بِهَا، ... ومِن عَضِّ هامِ الدَّارِعِين، نَواحِلُ
وقمرٌ نَاحِل إِذا دقَّ واسْتَقْوَس. ونَحْلةُ: فَرَسُ سُبَيْع بْنِ الخَطِيم. والنُّحْل، بِالضَّمِّ: إِعْطاؤُك الإِنسانَ شَيْئًا بِلَا اسْتِعاضةٍ، وعمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ جميعَ أَنواع العَطاء، وَقِيلَ: هُوَ الشَّيْءُ المُعْطى، وَقَدْ أَنْحَلَه مَالًا ونَحَلَه إِياه، وأَبى بعضُهم هَذِهِ الأَخيرة. ونُحْل المرأَةِ: مَهْرُها، وَالِاسْمُ النِّحْلَة، تَقُولُ: أَعطيتها مهرَها نِحْلَة، بِالْكَسْرِ، إِذا لَمْ تُرِد مِنْهَا عِوَضاً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً
. وَقَالَ أَبو إِسحاق: قَدْ قِيلَ فِيهِ غيرُ هَذَا الْقَوْلِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: فَرِيضةً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: دِيانةً، كَمَا تَقُولُ فُلَانٌ يَنْتَحِل كَذَا وَكَذَا أَي يَدِينُ بِهِ، وَقِيلَ: نِحْلَةً
أَي دِيناً وتَدَيُّناً، وَقِيلَ: أَراد هِبةً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ نِحْلة مِنَ اللَّهِ لهنَّ أَن جَعَلَ عَلَى الرَّجُلِ الصَّداق وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى المرأَة شَيْئًا مِنَ الغُرْم، فَتِلْكَ نِحْلة مِنَ اللَّهِ للنِّساء. ونَحَلْت الرجلَ والمرأَةَ إِذا وَهَبْتَ لَهُ نِحْلة ونُحْلًا، ومثلُ نِحْلة ونُحْل حِكْمةٌ وحُكْمٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: والصداقُ فَرْضٌ لأَن أَهل الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا لَا يُعطون النِّسَاءَ مِنْ مُهورِهنَّ شَيْئًا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً
، هِبَةً مِنَ اللَّهِ لِلنِّسَاءِ فَرِيضَةً لهنَّ عَلَى الأَزواج، كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ إِذا زوَّج الرَّجُلُ ابْنَتَهُ استَجْعل لِنَفْسِهِ جُعْلًا يسمَّى الحُلْوان، وَكَانُوا يُسَمُّونَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي يأْخذه النافِجَة، كَانُوا يَقُولُونَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي النافِجَة فَجَعَلَ اللَّهُ الصَّدُقة لِلنِّسَاءِ فأَبطل فعلَهم. الْجَوْهَرِيُّ: النُّحْل، بِالضَّمِّ، مَصْدَرُ قَوْلِكَ نَحَلْته مِنَ العطيَّة أَنْحَلُه نُحْلًا، بِالضَّمِّ. والنِّحْلَة، بِالْكَسْرِ: العطيَّة. والنُّحْلَى: الْعَطِيَّةُ، عَلَى فُعْلى. ونَحَلْتُ المرأَة مهرَها عَنْ طِيب نَفْسٍ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ أَنْحَلُها، وَيُقَالُ مِنْ غَيْرِ أَن يأْخذ عِوَضًا، يُقَالُ: أَعطاها مهرَها نِحْلةً، بِالْكَسْرِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ التَّسْمِيَةُ أَن يَقُولَ نَحَلْتُها كَذَا وَكَذَا ويَحُدّ الصَّدَاقَ ويُبَيِّنه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا نَحَلَ والدٌ وَلَدًا مِنْ نُحْلٍ أَفضَل مِنْ أَدبٍ حَسَنٍ
؛ النُّحْلُ: الْعَطِيَّةُ وَالْهِبَةُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَلَا اسْتِحْقَاقٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا بَلَغَ بَنُو أَبي الْعَاصِ ثَلَاثِينَ كَانَ مالُ اللَّهِ نُحْلًا
؛ أَراد يَصِيرُ الْفَيْءُ عَطَاءً مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ عَلَى الإِيثار وَالتَّخْصِيصِ. الْمُحْكَمُ: وأَنْحَلَ ولدَه مَالًا ونَحَلَه خصَّه بِشَيْءٍ مِنْهُ، والنُّحْل والنُّحْلانُ اسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُعْطَى. والنِّحْلةُ: الدَّعْوَى. وانْتَحَلَ فلانٌ شِعْر فلانٍ. أَو قولَ فلانٍ إِذا ادَّعَاهُ أَنه قائلُه. وتَنَحَّلَه: ادَّعاه وَهُوَ لِغَيْرِهِ. وَفِي الْخَبَرِ:
أَنَّ عُرْوَة بْنَ الزُّبَيْرِ وَعُبَيْدَ(11/650)
اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ دَخلا عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمير الْمَدِينَةِ، فَجَرَى بَيْنَهُمُ الْحَدِيثُ حَتَّى قَالَ عُرْوَة فِي شَيْءٍ جَرَى مِنْ ذِكْر عَائِشَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ مَا أَحْبَبْتُ أَحداً حُبِّي عبدَ اللَّهِ بنَ الزُّبَيْرِ، لَا أَعني رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَبَوَيَّ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنكم لتَنْتَحِلون عَائِشَةَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ انْتِحَالَ مَنْ لَا يَرَى لأَحد مَعَهُ فِيهَا نَصِيبًا فَاسْتَعَارَهُ لَهَا
؛ وَقَالَ ابْنُ هَرْمة:
وَلَمْ أَتَنَحَّلِ الأَشعارَ فِيهَا، ... وَلَمْ تُعْجِزْنيَ المِدَحُ الجِيادُ
ونَحَلَه القولَ يَنْحَلُه نَحْلًا: نَسَبه إِليه. ونَحَلْتُه القولَ أَنْحَلُه نَحْلًا، بِالْفَتْحِ: إِذا أَضَفْت إِليه قولًا قاله غَيْرُهُ وادّعيتَه عَلَيْهِ. وَفُلَانٌ يَنْتَحِلُ مذهبَ كَذَا وقبيلةَ كَذَا إِذا انْتَسَبَ إِليه. وَيُقَالُ: نُحِلَ الشاعرُ قَصِيدَةً إِذا نُسِبَت إِليه وَهِيَ مِنْ قِيلِ غَيْرِهِ؛ وَقَالَ الأَعشى فِي الانْتِحَال:
فكيْفَ أَنا وانْتِحَالِي القَوا ... فِ، بَعدَ المَشِيب، كفَى ذَاكَ عَارًا
وقَيَّدَني الشِّعْرُ فِي بيتِه، ... كَمَا قَيَّد الأُسُراتُ الحِمارا
أَراد انْتِحَالِي القوافيَ فدَلَّت كَسْرَةُ الْفَاءِ مِنَ الْقَوَافِي عَلَى سُقُوطِ الْيَاءِ فَحَذَفَهَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَجِفانٍ كَالْجَوابِ، وتَنَحَّلَه مثلُه؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا مَا قُلْتُ قافِيةً شَرُوداً، ... تَنَحَّلَها ابنُ حَمْراءِ العِجانِ
وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى فِي قَوْلِهِمُ انْتَحَلَ فلانٌ كَذَا وَكَذَا: مَعْنَاهُ قَدْ أَلزَمَه نفْسه وَجَعَلَهُ كالمِلْك لَهُ، وَهِيَ الْهِبَةُ»
وَالْعَطِيَّةُ يُعْطاها الإِنسانُ. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ: كَانَ بُشَيرُ بْنُ أُبَيْرِق يقولُ الشعرَ وَيَهْجُو بِهِ أَصحابَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويَنْحَلُه بعضَ الْعَرَبِ
أَي يَنْسُبه إِليهم مِنَ النِّحْلة وَهِيَ النِّسْبة بالباطِل. وَيُقَالُ: مَا نِحْلَتُكَ أَي مَا دِينُكَ؟ الأَزهري: اللَّيْثُ يُقَالُ نَحَلَ فلانٌ فُلَانًا إِذا سابَّه فَهُوَ يَنْحَله يُسابُّه؛ قَالَ طَرَفَةُ:
فَدَعْ ذَا، وانْحَل النُّعمانَ قَوْلًا ... كنَحْت الفأْسِ، يُنْجِد أَو يَغُور
قَالَ الأَزهري: نَحَلَ فلانٌ فُلَانًا إِذا سابَّه باطلٌ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ لنَجَل فلانٌ فلانا إِذا قطعَه بالغِيبة. وَيُرْوَى الْحَدِيثُ:
مَنْ نَجَل الناسَ نَجَلوه
أَي مَنْ عابَ النَّاسَ عَابُوهُ وَمَنْ سبَّهم سبُّوه، وَهُوَ مِثْلُ مَا رُوِيَ
عَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ: إِن قارَضْتَ النَّاسَ قارَضُوك، وإِن تَرَكْتَهم لَمْ يَتْركوك
؛ قَوْلُهُ: إِن قَارَضْتَهُمْ مأْخوذ مِنْ
قَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رفَع اللهُ الحرجَ إِلا مَنِ اقترَضَ عِرْضَ امرئٍ مُسْلِمٍ فَذَلِكَ الَّذِي حَرِج
، وَقَدْ فُسِّرَ فِي مَوْضِعِهِ.
نخل: نَخَلَ الشيءَ يَنْخُلُه نَخْلًا وتَنَخَّلَه وانْتَخَلَه: صَفَّاه واختارَه؛ وَكُلُّ مَا صُفِّيَ ليُعْزَل لُبابُه فَقَدِ انتُخِلَ وتُنُخِّلَ، والنُّخَالَة: مَا تُنُخِّل مِنْهُ. والنَّخْل: تَنْخِيلُك الدقيقَ بالمُنْخُل لِتَعْزِل نُخَالَتَهُ عَنْ لُبابه. والنُّخَالَة أَيضاً: مَا نُخِل مِنَ الدَّقِيقِ. ونَخْلُ الدَّقِيقِ: غَرْبَلتُه. والنُّخَالَة أَيضاً: مَا بَقي فِي المُنْخُل مِمَّا يُنْخَل؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وكلُّ مَا نُخِلَ فَمَا يَبْقَى فَلَمْ يَنْتَخِلْ نُخالةٌ، وَهَذَا عَلَى السَّلْبِ. والمُنْخُل والمُنْخَل: مَا يُنْخَل بِهِ، لَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا قَوْلُهُمْ
__________
(3) . قوله [كَالْمِلْكِ لَهُ وَهِيَ الْهِبَةُ] كذا في الأصل. وعبارة المحكم: كالملك له، أخذ من النحلة وهي الهبة وبها يظهر مرجع الضمير(11/651)
مُنْصُل ومُنْصَل، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ مِنَ الأَدوات عَلَى مُفْعل، بِالضَّمِّ. وأَما قَوْلُهُمْ فِيهِ مُنْغُل، فعَلى الْبَدَلِ لِلْمُضَارَعَةِ. وانْتَخَلْتُ الشَّيْءَ: اسْتَقْصَيْتُ أَفضله، وتَنَخَّلْتُه: تَخَيَّرْتُه. وَرَجُلٌ نَاخِلُ الصَّدْر أَي ناصحٌ. وإِذا نخلْت الأَدوية لتَسْتَصْفي أَجودَها قُلْتَ: نَخَلْت وانْتَخَلْت، فالنَّخْل التَّصْفِية، والانتِخالُ الِاخْتِيَارُ لِنَفْسِكَ أَفضله، وَكَذَلِكَ التَّنَخُّل؛ وأَنشد:
تنَخَّلْتُها مَدْحاً لقومٍ، وَلَمْ أَكنْ ... لِغيرهمُ، فِيمَا مضَى، أَتَنَخَّل
وانْتَخَلْت الشَّيْءَ: استَقْصَيْت أَفضَله، وتَنَخَّلْتُه: تخيَّرته. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَّا النَّاخِلة
أَي الْمَنْخُولَةَ الْخَالِصَةَ، فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مُفْعُولَةٍ كماءٍ دافِق؛ وَفِيهِ أَيضاً:
لَا يقبلُ اللَّهُ إِلا نَخَائِلَ الْقُلُوبِ
أَي النِّيّات الْخَالِصَةِ. يُقَالُ: نَخَلْتُ لَهُ النَّصِيحَةَ إِذا أَخلصتها. والنَّخْلُ: تَنْخيلُ الثَّلج والوَدْق؛ تَقُولُ: انْتَخَلَتْ ليلتُنا الثلجَ أَو مَطَرًا غَيْرَ جَوْد. والسَّحاب يَنْخُلُ البرَدَ والرَّذاذَ ويَنْتَخِلُه. والنَّخْلَة: شَجَرَةُ التَّمْرِ، الْجَمْعُ نَخْل ونَخِيل وَثَلَاثُ نَخَلات، وَاسْتَعَارَ أَبو حَنِيفَةَ النَّخْلَ لِشَجَرِ النارَجيل تحمِل كَبائِس فِيهَا الفَوْفَل «1» أَمثال التَّمْرِ؛ وقال مرة يصف شجر الكاذِي: هُوَ نَخْلَة فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ حِليتها، وإِنما يُرِيدُ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَنه يُشْبِهُ النَّخْلَة، قَالَ: وأَهل الْحِجَازِ يُؤَنِّثُونَ النَّخْلَ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ
؛ وأَهل نَجْدٍ يذكِّرون؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي تَذْكِيرِهِ:
كنَخْلٍ مِنَ الأَعْراض غَيْرِ مُنَبَّقِ
قَالَ: وَقَدْ يُشْبِه غيرُ النَّخْل فِي النِّبْتة النَّخْلَ وَلَا يُسَمَّى شَيْءٌ مِنْهُ نَخْلًا كالدَّوْم والنارَجيل والكاذِي والفَوْفَل والغَضَف والخَزَم. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَثَل الْمُؤْمِنِ كمثَل النَّحْلة
، وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ:
كَمَثَلِ النَّخْلة
؛ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ وَاحِدَةُ النَّخْل، وَرُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، يُرِيدُ نحْلة العسَل، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وأَبو نَخْلة: كُنْيَةٌ؛ قَالَ أَنشده ابْنُ جِنِّي عَنْ أَبي عَلِيٍّ:
أُطْلُبْ، أَبا نَخْلَة، مَنْ يأْبُوكا ... فَقَدْ سأَلنا عَنْكَ مَنْ يَعْزُوكا
إِلى أَبٍ، فكلُّهم يَنْفِيكا
وأَبو نُخَيْلَة: شَاعِرٌ مَعْرُوفٌ كُنِّي بِذَلِكَ لأَنه وُلِد عِنْدَ جِذْع نَخْلَةٍ، وَقِيلَ: لأَنه كَانَتْ لَهُ نُخَيْلة يَعْتَهِدها؛ وَسَمَّاهُ بَخْدَجٌ الشَّاعِرُ النُّخَيْلات فَقَالَ يَهْجُوهُ:
لَاقَى النُّخَيْلاتُ حِناذاً مِحْنَذا ... مِنِّي، وشَلًّا لِلِّئام مِشْقَذا «2»
. ونَخْلة: مَوْضِعٌ؛ أَنشد الأَخفش:
يَا نَخْلَ ذاتِ السِّدْر والجَراوِلِ، ... تَطاوَلي مَا شئتِ أَن تَطاوَلي،
إِنَّا سَنَرْمِيكِ بكلِّ بازِلِ
جَمَعَ بَيْنَ الْكَسْرَةِ وَالْفَتْحَةِ. ونُخَيْلَةُ: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ. وبَطن نَخْلَة بِالْحِجَازِ: مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ. ونَخْلٌ: ماءٌ مَعْرُوفٌ. وعَين نَخْل: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
__________
(1) . قوله [لِشَجَرِ النَّارَجِيلِ تَحْمِلُ كَبَائِسَ فِيهَا الْفَوْفَلُ] كذا في الأصل. وعبارة المحكم: لشجر النارجيل وما شاكله، فقال: أخبرت أن شجرة الْفُوفَلِ نَخْلَة مِثْلُ نَخْلَةِ النَّارَجِيلِ تَحْمِلُ كَبَائِسَ فِيهَا الْفَوْفَلُ إلخ. ففي عبارة الأصل سقط ظاهر
(2) . قوله [للئام] هو رواية المحكم هنا، وروايته في حنذ: للأعادي(11/652)
مِنَ المتعرِّضات بعَيْن نَخْل، ... كأَنَّ بَياضَ لَبَّتِها سَدِينُ
وَذُو النُّخَيْل: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
قَدَرٌ أَحَلَّكِ ذَا النُّخَيْل، وَقَدْ أَرى ... وأبيَّ مالكِ ذُو النُّخَيْل بِدَارِ «1»
. أَبو مَنْصُورٍ: فِي بِلَادِ الْعَرَبِ وَادِيَانِ يُعرفان بالنَّخْلَتَيْنِ: أَحدهما بِالْيَمَامَةِ ويأْخذ إِلى قُرى الطَّائِفِ، وَالْآخَرُ يأْخذ إِلى ذَاتِ عِرْق. والمُنَخَّل، بِفَتْحِ الْخَاءِ مُشَدَّدَةً: اسْمُ شَاعِرٍ؛ وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ فِي الْغَائِبُ الَّذِي لَا يُرْجى إِيابُه: حَتَّى يَؤُوبَ المُنَخَّل، كَمَا يُقَالُ: حَتَّى يؤُوبَ القارِظ العَنزيّ؛ قَالَ الأَصمعي: المُنَخَّل رَجُلٌ أُرسل فِي حَاجَةٍ فَلَمْ يرجِع، فَصَارَ مَثَلًا يُضْرَبُ فِي كُلِّ مَنْ لَا يُرْجَى؛ يُقَالُ: لا أَفعله حتى يؤُوب المُنَخَّل. والمُتَنَخِّل: لَقَبُ شَاعِرٍ مِنْ هُذَيْلٍ، وَهُوَ مَالِكُ بْنُ عُوَيمِر أَخي بَنِي لِحْيان مِنْ هُذَيْلٍ. وَبَنُو نَخْلان: بَطْنٌ مِنْ ذِي الكَلاع؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
رأَيتُ بِهَا قَضِيبًا فَوْقَ دِعْصٍ، ... عَلَيْهِ النَّخْل أَيْنَع والكُروم
فالنَّخْل قَالُوا: ضرْب مِنَ الحُليّ، والكُرومُ: الْقَلَائِدُ، وَاللَّهُ أَعلم.
ندل: النَّدْل: نَقْل الشَّيْءِ واحتِجانُه. الْجَوْهَرِيُّ: النَّدْل النَّقْل وَالِاخْتِلَاسُ. الْمُحْكَمُ: نَدَلَ الشيءَ نَدْلًا نقَله مِنْ مَوْضِعٍ إِلى آخَرَ، ونَدَلَ التمرَ مِنَ الجُلَّة، والخُبزَ مِنَ السُّفْرة يَنْدُلُه نَدْلًا غرَف مِنْهُمَا بكفِّه جَمْعَاءَ كُتَلًا، وَقِيلَ: هُوَ الغَرْف بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا، وَالرَّجُلُ مِنْدَل، بِكَسْرِ الْمِيمِ؛ وَقَالَ يَصِفُ رَكْباً وَيَمْدَحُ قَوْمَ دارِين بالجُود:
يَمُرُّون بالدَّهْنا خِفافاً عِيابُهم، ... ويَخْرُجْن مِنْ دارِينَ بُجْرَ الحَقائب
عَلَى حينَ أَلهى الناسَ جُلُّ أُمورِهم، ... فَنَدْلًا زُرَيقُ المالَ نَدْلَ الثَّعالب
يَقُولُ: انْدُلِي يَا زُرَيْقُ، وَهِيَ قَبِيلَةٌ، نَدْلَ الثعالِب، يُرِيدُ السُّرْعة؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَكْسَبُ مِنْ ثَعْلَبٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ فِي هَذَا الشَّاعِرِ إِنه يصِف قَوْمًا لُصوصاً يأْتون مِنْ دارِين فيسرقون ويَمْلؤُون حَقائبهم ثُمَّ يفرِّغونها وَيَعُودُونَ إِلى دَارِينَ، وَقِيلَ: يَصِفُ تُجَّاراً، وَقَوْلُهُ عَلَى حِينَ أَلهى الناسَ جُلُّ أُمورهم: يُرِيدُ حِينَ اشْتَغَلَ النَّاسُ بالفِتَن وَالْحُرُوبِ، والبُجْرُ: جَمْعُ أَبْجَر وَهُوَ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ، والنَّدْل: التَّناوُل؛ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: فَنَدْلًا زُرَيْقُ المالَ. وَيُقَالُ: انْتَدَلْت الْمَالَ وانْتَبَلْته أَي احْتَمَلْتُهُ. ابْنُ الأَعرابي: النُّدُل «2» . خَدَم الدَّعْوَةِ؛ قَالَ الأَزهري: سُمُّوا نُدُلًا لأَنهم ينقُلون الطَّعَامَ إِلى مَنْ حَضَرَ الدَّعْوة. ونَدَلْت الدَّلْوَ إِذا أَخرجتها مِنَ الْبِئْرِ. والنَّدْلُ: شِبْهُ الوَسَخ «3» ونَدِلَت يدُه نَدَلًا غمِرت. والمِنْدِيلُ والمَنْدِيلُ نَادِرٌ والمِنْدَل، كُلُّهُ: الَّذِي يُتَمَسَّح بِهِ، قِيلَ: هُوَ مِنَ النَّدْل الَّذِي هُوَ الْوَسَخُ، وَقِيلَ: إِنما اشْتِقَاقُهُ مِنَ النَّدْل الَّذِي هُوَ التَّنَاوُلُ؛ قَالَ اللَّيْثُ: النَّدْل كأَنه الْوَسَخُ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَقَدْ تَنَدَّلَ بِهِ وتَمَنْدَلَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَنكر الْكِسَائِيُّ تَمَنْدَلَ. وتَنَدَّلْت بالمِنْدِيل
__________
(1) . قوله: وَأَبِيَّ مَالِكَ ذُو النُّخَيْلَ؛ هكذا في الأصل
(2) . قوله [الندل] في القاموس بضمتين، وفي خط الصاغاني بفتحتين
(3) . قوله [والندل شبه الوسخ] ضبط في القاموس بسكون الدال وكذا في المحكم في كل موضع إلا المصدر، وفي الأصل بالسكون في قوله بعد يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ النَّدْلِ الَّذِي هُوَ الْوَسَخُ، وضبط في مصدر الفعل هنا بالتحريك(11/653)
وتَمَنْدَلْت أَي تمسَّحت بِهِ مِنْ أَثر الوَضوء أَو الطَّهور؛ قَالَ: والمِنْدِيلُ، عَلَى تَقْدِيرِ مِفْعِيل، اسْمٌ لِمَا يمسَح بِهِ، قَالَ: وَيُقَالُ أَيضاً تَمَنْدَلْت. والمَنْدَل «1» . والمَنْقَل: الخُفّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ النَّدْل الَّذِي هُوَ الْوَسَخُ لأَنه يَقِي رِجْلَ لَابِسِهِ الْوَسَخَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ النَّدْل الَّذِي هُوَ التَّناوُل لأَنه يُتناوَل لِلُّبْس؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ أَنشده أَبو زَيْدٍ:
بِتْنا وباتَ سقِيطُ الطَّلِّ يضرِبُنا، ... عِنْدَ النَّدُولِ، قِرانا نَبْحُ دِرْواسِ
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ امرأَة فَيَكُونُ فَعُولًا مِنَ النَّدْل الَّذِي هُوَ شَبِيهُ الْوَسَخِ، وإِنما سَمَّاهَا بِذَلِكَ لِوَسَخِهَا، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَنَى بِهِ رَجُلًا، وأَن يَكُونَ عَنَى بِهِ الضبُع، وأَن يَكُونَ عَنَى كَلْبَةً أَو لَبُوءَةً، أَو أَن يَكُونَ مَوْضِعًا. والمُنَوْدِل: الشَّيْخُ المُضْطَرِب مِنَ الكِبَر. ونَوْدَلَ الرجلُ: اضْطَرَبَ مِنَ الكِبَر. ومَنْدَل: بلدٌ بِالْهِنْدِ. والمَنْدَلِيُّ مِنَ العُود: أَجودُه نُسِب إِلى مَنْدَل، هَذَا البلدِ الهِنْدِيِّ، وَقِيلَ: المَنْدَل والمَنْدَلِيُّ عودُ الطِّيبِ الَّذِي يُتبخَّر بِهِ مِنْ غَيْرِ أَن يُخَصَّ بِبَلَدٍ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ للعُجير السَّلُولِيِّ:
إِذا مَا مَشَتْ نَادَى بِمَا فِي ثِيابها ... ذَكِيُّ الشَّذَا، والمَنْدَلِيُّ المُطَيَّر «2»
. يَعْنِي العُود. قَالَ الْمُبَرِّدُ: المَنْدَل الْعُودُ الرطْب وَهُوَ المَنْدَلِيُّ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ عِنْدِي رُبَاعِيٌّ لأَن الْمِيمَ أَصلية لَا أَدري أَعربيّ هُوَ أَو مُعَرَّبٌ، والمُطَيَّر: الَّذِي سطعتْ رَائِحَتُهُ وتفَرَّقت. والمَنْدَلِيُّ: عِطْر يُنْسَبُ إِلى المَنْدَل، وَهِيَ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّوَابُ أَن يَقُولَ والمَنْدَليُّ عُودٌ يُنْسَب إِلى مَنْدَل لأَن مَنْدَلَ اسْمُ عَلَمٍ لِمَوْضِعٍ بِالْهِنْدِ يُجْلَب مِنْهُ الْعُودُ، وَكَذَلِكَ قَمارِ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
كأَنَّ الركْبَ، إِذ طَرَقَتْك، باتُوا ... بِمَنْدَلَ أَو بِقارِعَتَيْ قَمارِ «3»
وقَمارِ عُوده دُونَ عُودِ مَنْدَل؛ قَالَ: وَشَاهِدِهُ قَوْلُ كثيِّر يَصِفُ نَارًا:
إِذا مَا خَبَتْ مِنْ آخِر اللَّيْلِ خَبْوَةً، ... أُعِيد إِليها المَنْدَلِيّ فَتثقُب
وَقَدْ يَقَعُ المَنْدَل عَلَى الْعُودِ، عَلَى إِرادة يَاءَيِ النَّسَبِ وَحَذْفِهِمَا ضَرُورَةً، فَيُقَالُ: تبخَّرت بالمَنْدَل وَهُوَ يُرِيدُ المَنْدَليَّ عَلَى حَدِّ قَوْلِ رُؤْبَةُ:
بَلْ بَلَدٍ مِلْءُ الفِجاجِ قَتَمُهْ، ... لَا يُشْتَرى كَتَّانُه وجَهْرَمُه
يُرِيدُ جَهْرَميُّه، قَالَ: وَيَدُلُّكَ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ دُخُولُ الأَلف وَاللَّامِ فِي المَنْدَل؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
لِمَنْ نارٌ، قُبَيْلَ الصُّبحِ ... عندَ الْبَيْتِ، مَا تَخْبُو؟
إِذا مَا أُوقِدَتْ يُلْقَى، ... عَلَيْهَا، المَنْدَلُ الرَّطْبُ
__________
(1) . قوله [والمندل الخ] كذا في القاموس وضبطهما الصاغاني بخطه بالكسر
(2) . قوله [المطير] كذا في الأصل والجوهري والأَزهري، والذي في المحكم: المطيب
(3) . قوله [كأن الركب إلخ] هكذا في الأصل بجر القافية، وفي ياقوت: قماراً بألف بعد الراء، وقبله:
أُحِبُّ اللَّيْلَ، أَنَّ خَيَالَ سَلْمَى ... إِذَا نِمْنَا أَلَمَّ بنا فزارا(11/654)
ويروى: إِذا أُخْمِدَتْ؛ وَقَالَ كُثَيِّرٌ:
بأَطْيَبَ من أَرْدان عَزَّة مَوْهِناً، ... وَقَدْ أُوقِدَتْ بالمَنْدَل الرَّطْبِ نارُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ زُبَيْرٌ أَن مَدَنِيَّةً قَالَتْ لكُثيِّر: فضَّ اللَّهُ فَاكَ أَنت الْقَائِلُ:
بأَطْيَبَ من أَرْدان عَزَّة مَوْهِناً، ... وَقَدْ أُوقِدَتْ بالمَنْدَل الرَّطْبِ نارُها
فَقَالَ: نَعَمْ قَالَتْ: أَرأَيت لَوْ أَن زِنْجِيَّة بخَّرت أَردانَها بمَنْدَل رطْب أَما كَانَتْ تَطِيب؟ هلَّا قُلْتَ كَمَا قَالَ سَيِّدُكُمُ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَلم تَرَياني كلَّما جئتُ طَارِقًا، ... وجدتُ بِهَا طِيباً، وإِن لَمْ تَطَيَّب؟
والنَّيْدُلانُ والنَّيْدَلانُ: الكابوسُ؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ الْكَابُوسِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
تِفْرِجة القَلْب قَلِيلُ النَّيْلْ، ... يُلْقى عَلَيْهِ النَّيْدُلان باللَّيْلْ
وَقَالَ آخَرُ:
أُنْجُ نَجاء مِنْ غَرِير مَكْبولْ، ... يُلْقَى عَلَيْهِ النَّيْدُلانُ والغُولْ
والنِّئْدُلان: كالنَّيْدُلان؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَمْزَتُهُ زَائِدَةٌ؛ قَالَ: حدَّثني بِذَلِكَ أَبو عَلِيٍّ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنَ هَذَا الْفَصْلِ النَّأْدَل والنِّئْدَل الْكَابُوسُ، قَالَ: وَالْهَمْزَةُ زَائِدَةٌ لِقَوْلِهِمُ النَّيْدُلان «1» . أَبُو زَيْدٍ فِي كِتَابِهِ فِي النَّوَادِرِ: نَوْدَلَتْ خُصْياه نَوْدَلَةً إِذا اسْتَرْخَتَا، يُقَالُ: جَاءَ مُنَوْدِلًا خُصْياه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنَّ خُصْيَيْهِ، إِذا مَا نَوْدَلا، ... أُثْفِيَّتانِ تَحْمِلان مِرْجَلا
الأَصمعي: مشَى الرَّجُلُ مُنَوْدِلًا إِذا مَشَى مُسْترخِياً؛ وأَنشد:
مُنَوْدِل الخُصْيَيْن رِخْو المشْرَجِ
ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ رَجُلٌ نَوْدَل «2» ، قَالَ الشَّاعِرُ:
فازَتْ خليلةُ نَوْدَلٍ بِهَبَنْقَعٍ ... رِخْوِ العِظام، مُثَدَّنٍ، عَبْلِ الشوَّى
وانْدَالَ بطنُ الإِنسان والدابةِ إِذا سَالَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: انْدَالَ وَزْنُهُ انْفَعَل، فَنُونُهُ زَائِدَةٌ وَلَيْسَتْ أَصلية، قَالَ: فَحَقُّهُ أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ دَوَلَ، وَقَدْ ذُكِرَ هُنَاكَ. وَيُقَالُ لِلسِّقَاءِ إِذا تَمَخَّضَ: هُوَ يُهَوْذِل ويُنَوْدِل، الأُولى بِالذَّالِ وَالثَّانِيَةُ بِالدَّالِ. والنَّوْدَلان: الثَّدْيان. وابنُ مَنْدَلَةَ: رَجُلٌ مِنْ سَادَاتِ الْعَرَبِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ جُوَيْنٍ فِيمَا زَعَمَ السِّيرَافِيُّ «3» ، أَو امْرُؤُ الْقَيْسِ فِيمَا حَكَى الْفَرَّاءُ:
وآلَيْتُ لَا أُعطي مَلِيكاً مَقادَتي، ... وَلَا سُوقةً، حَتَّى يؤُوبَ ابنُ مَنْدَلَه
ونَوْدَل: اسْمُ رَجُلٍ؛ أَنشد يَعْقُوبُ فِي الأَلفاظ:
فَازَتْ خَليلةُ نَوْدَلٍ بمُكَدَّنٍ ... رَخْصِ العِظام، مُثَدَّنٍ، عَبْلِ الشَّوى «4»
. وَاللَّهُ أَعلم.
__________
(1) . قوله [النِّيدُلان إلخ] هكذا ضبط في الأصل هنا وفيما يأتي، وعبارة القاموس: والنِّيدلان، بكسر النون والدال وتضم الدال، والنيدل بكسر النون وفتحها وتثليث الدال وبفتح النون وضم الدال، والنئدلان مهموزة بكسر النون والدال وتضم الدال والنئدل بكسر النون وفتحها وضم الدال الكابوس أو شيء مثله
(2) . قوله [ويقال رجل نودل] هكذا في الأصل، والظاهر أن يقول ونودل رجل كما يأتي له بعد
(3) . قوله [فيما زعم السيرافي] في المحكم: الفارسي
(4) . قوله [بمكدن] كذا في الأصل وشرح القاموس بنون، والذي في المحكم باللام(11/655)
نذل: النَّذْل والنَّذِيل مِنَ النَّاسِ: الَّذِي تَزْدَرِيه فِي خِلْقته وعَقْله، وَفِي الْمُحْكَمِ: الخَسِيسُ المُحْتَقَر فِي جَمِيعِ أَحواله، وَالْجَمْعُ أَنْذال ونُذُول ونُذَلاءُ، وَقَدْ نَذُلَ نَذَالَةً ونُذُولَةً. الْجَوْهَرِيُّ: النَّذَالَةُ السَّفالة. وَقَدْ نَذُلَ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ نَذْل ونَذِيل أَي خسيسٌ؛ وَقَالَ أَبو خِرَاشٍ:
مُنِيباً، وَقَدْ أَمْسى يُقدّم وِرْدَها، ... أُقَيْدِرُ مَحْمُوزُ القِطاع نَذِيلُ
مُنِيب: مُقْبل، وأَناب: أَقبل، وأُقَيْدِرُ: يُرِيدُ بِهِ الصَّائِدَ، والأَقْدَرُ: الْقَصِيرُ العُنُق. والقِطاع: جَمْعُ قِطْع وَهُوَ نَصْل قَصِيرٌ عَرِيض، وَقَالَ: نَذِيل ونُذال مِثْلَ فَرِير وفُرار؛ حَكَاهُ ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ أَبي حَاتِمٍ؛ قَالَ: وَشَاهِدُ نَذْل قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لكلِّ امْرِئ شَكْلٌ يُقِرّ بعَيْنه، ... وقُرَّةُ عينِ الفَسْلِ أَن يصحَب الفَسْلا
ويُعْرَفُ فِي جُودِ امْرِئٍ جودُ خَالِهِ، ... ويَنْذُل إِن تَلْقى أَخا أُمِّه نَذْلا «1» .
نرجل: النَّارَجِيلُ: جَوْزُ الهنْدِ، وَاحِدَتُهُ نَارَجِيلَة؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني الْخَبِيرُ أَن شَجَرَتَهُ مِثْلُ النَّخْلَةِ سَوَاءً إِلَّا أَنها لَا تَكُونُ غَلْباء تَمِيدُ بمُرْتَقيها حَتَّى تُدْنِيَه مِنَ الأَرض لِيناً، قَالَ: وَيَكُونُ فِي القِنْوِ الْكَرِيمِ مِنْهُ ثَلَاثُونَ نَارَجِيلة.
نزل: النُّزُول: الْحُلُولُ، وَقَدْ نَزَلَهم ونَزَلَ عَلَيْهِمْ ونَزَلَ بِهِمْ يَنْزل نُزُولًا ومَنْزَلًا ومَنْزِلًا، بِالْكَسْرِ شَاذٌّ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَإِنْ ذَكَّرَتْك الدارَ مَنْزِلُها [مَنْزَلُها] جُمْلُ
أَراد: أَإِن ذكَّرتك نُزولُ جُمْلٍ إِياها، الرَّفْعُ فِي قَوْلِهِ منزلُها صَحِيحٌ، وأَنَّث النزولَ حِينَ أَضافه إِلى مؤنَّث؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَقْدِيرُهُ أَإِن ذكَّرتك الدَّارُ نُزولَها جُمْلُ، فَجُمْلُ فَاعِلٌ بالنُّزول، والنُّزولُ مَفْعُولٌ ثانٍ بذكَّرتك. وتَنَزَّلَه وأَنْزَلَه ونَزَّلَه بِمَعْنًى؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَكَانَ أَبو عَمْرٍو يفرُق بَيْنَ نَزَّلْت وأَنْزَلْت وَلَمْ يَذْكُرْ وجهَ الفَرْق؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: لَا فَرْقَ عِنْدِي بَيْنَ نَزَّلْت وأَنْزَلْتُ إِلا صِيغَةَ التَّكْثِيرِ فِي نَزَّلْتُ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ:
وأَنْزَلَ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِيلًا
؛ أَنْزَلَ: كنَزَّلَ؛ وَقَوْلُ ابْنِ جِنِّي: الْمُضَافُ وَالْمُضَافُ إِليه عِنْدَهُمْ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ تَنْزِيلاتِهم كَالِاسْمِ الْوَاحِدِ، إِنما جَمَعَ تَنْزِيلًا هُنَا لأَنه أَراد لِلْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِليه تَنْزيلات فِي وجُوه كَثِيرَةٍ منزلةَ الِاسْمِ الْوَاحِدِ، فَكَنَّى بالتَّنْزيلات عَنِ الْوُجُوهِ الْمُخْتَلِفَةِ، أَلا تَرَى أَن الْمَصْدَرَ لَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا تشعُّب الأَنواع وكثرتُها؟ مَعَ أَن ابْنَ جِنِّي تسمَّح بِهَذَا تسمُّح تحضُّرٍ وتحذُّق، فأَما عَلَى مَذْهَبِ الْعَرَبِ فَلَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا مَا قُلْنَا. والنُّزُل: المَنْزِل؛ عَنِ الزَّجَّاجِ، وَبِذَلِكَ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا
؛ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
؛ قَالَ: نُزُلًا مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِقَوْلِهِ خالِدِينَ فِيها* لأَن خُلودهم فِيهَا إِنْزالُهم فِيهَا. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا
؛ قَالَ الأَخفش: هُوَ مِنْ نُزُول النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. يُقَالُ: مَا وجدْنا عِنْدَكُمْ نُزُلًا. والمَنْزَل، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالزَّايِ: النُّزول وَهُوَ الحلول، تَقُولُ: نَزَلْتُ نُزُولًا ومَنْزَلًا؛ وأَنشد أَيضاً:
أَإِن ذَكَّرَتك الدارُ مَنْزَلَها جُمْلُ ... بَكيْتَ، فدَمْعُ العَيْنِ مُنْحَدِر سَجْلُ؟
__________
(1) . قوله [إن تلقى] هكذا في الأَصل، والوجه إن تلقَ، بالجزم، ولعله أشبع الفتحة فتولدت من ذلك الألف(11/656)
نَصَبَ المَنْزَل لأَنه مَصْدَرٌ. وأَنْزَلَه غيرُه واسْتَنْزَلَه بِمَعْنًى، ونَزَّلَه تَنْزِيلًا، والتَّنْزِيل أَيضاً: الترتيبُ. والتَنَزُّل: النُّزول فِي مُهْلة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ يَنْزِل كُلَّ لَيْلَةٍ إِلى سَمَاءِ الدُّنْيَا
؛ النُّزُول والصُّعود وَالْحَرَكَةُ والسكونُ مِنْ صِفَاتِ الأَجسام، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ وَيَتَقَدَّسُ، وَالْمُرَادُ بِهِ نُزول الرَّحْمَةِ والأَلطافِ الإِلهية وقُرْبها مِنَ الْعِبَادِ، وتخصيصُها بِاللَّيْلِ وبالثُلث الأَخيرِ مِنْهُ لأَنه وقتُ التهجُّد وغفلةِ النَّاسِ عمَّن يتعرَّض لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ تَكُونُ النيةُ خَالِصَةً والرغبةُ إِلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وافِرة، وَذَلِكَ مَظِنَّة الْقَبُولِ والإِجابة. وَفِي حَدِيثِ الْجِهَادِ:
لَا تُنْزِلْهم عَلَى حُكْم اللَّهِ وَلَكِنْ أَنزِلْهم عَلَى حُكْمِك
أَي إِذَا طَلب العدوُّ مِنْكَ الأَمان والذِّمامَ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فلا تُعْطيهم، وأَعطِهم عَلَى حُكْمِكَ، فإِنك ربَّما تُخْطِئُ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَو لَا تَفِي بِهِ فتأْثَم. يُقَالُ: نَزَلْتُ عَنِ الأَمر إِذا تركتَه كأَنك كُنْتَ مُسْتَعْلِيًا عَلَيْهِ مُسْتَوْلِيًا. وَمَكَانٌ نَزِل: يُنْزَل فِيهِ كَثِيرًا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ونَزَلَ مِنْ عُلْوٍ إِلى سُفْل: انْحَدَرَ. والنِّزَالُ فِي الحربْ: أَن يتَنازَل الْفَرِيقَانِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَن يَنْزل الفَرِيقان عَنْ إِبِلهما إِلى خَيْلهما فيَتضاربوا، وَقَدْ تَنَازَلُوا. ونَزالِ نَزالِ أَي انزِلْ، وَكَذَا الِاثْنَانِ والجمعُ والمؤنثُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ؛ وَاحْتَاجَ الشَّمَّاخُ إِليه فثقَّله فَقَالَ:
لَقَدْ عَلِمَتْ خيلٌ بمُوقانَ أَنَّني ... أَنا الفارِسُ الْحَامِي، إِذا قِيلَ: نَزَّال «1»
. الْجَوْهَرِيُّ: ونَزَالِ مِثْلَ قَطامِ بِمَعْنَى انْزِل، وَهُوَ مَعْدُولٌ عَنِ المُنازَلة، وَلِهَذَا أَنثه الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنتَ، إِذا ... دُعِيَتْ نَزالِ، ولُجَّ فِي الذُّعْرِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِزَيْدِ الْخَيْلِ:
وَقَدْ علمتْ سَلامةُ أَن سَيْفي ... كَرِيهٌ، كُلَّمَا دُعِيَتْ نزالِ
وقال جُرَيبة الْفَقْعَسِيُّ:
عَرَضْنا نَزالِ، فَلَمْ يَنْزِلوا، ... وَكَانَتْ نَزالِ عَلَيْهِمْ أَطَمْ
قَالَ: وَقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ نَزالِ مَعْدُولٌ مِنَ المُنازلة، يَدُلُّ عَلَى أَن نَزالِ بِمَعْنَى المُنازلة لَا بِمَعْنَى النُّزول إِلى الأَرض؛ قَالَ: ويقوِّي ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ أَيضاً:
وَلَقَدْ شهدتُ الخيلَ، يومَ طِرادِها، ... بسَلِيم أَوْظِفةِ القَوائم هَيْكل
فَدَعَوْا: نَزالِ فكنتُ أَولَ نَازِلٍ، ... وعَلامَ أَركبُه إِذا لَمْ أَنْزِل؟
وَصَفَ فَرَسَهُ بِحُسْنِ الطَّرَادِ فَقَالَ: وعلامَ أَركبُه إِذا لَمْ أُنازِل الأَبطال عَلَيْهِ؟ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْآخَرِ:
فلِمْ أَذْخَر الدَّهْماءَ عِنْدَ الإِغارَةِ، ... إِذا أَنا لَمْ أَنزِلْ إِذا الْخَيْلُ جالَتِ؟
فَهَذَا بِمَعْنَى المُنازلة فِي الْحَرْبِ والطِّراد لَا غَيْرَ؛ قَالَ: ويدلُّك عَلَى أَن نَزالِ فِي قَوْلِهِ: فَدعَوْا نَزالِ بِمَعْنَى المُنازلة دُونَ النُّزول إِلى الأَرض قَوْلُهُ:
وعَلامَ أَركبه إِذا لَمْ أَنزل؟
أَي ولِمَ أَركبُه إِذا لَمْ أُقاتل عَلَيْهِ أَي فِي حِينِ عَدَمِ قِتَالِي عَلَيْهِ، وإِذا جَعَلْتَ نَزالِ بِمَعْنَى النُّزُولِ إِلى الأَرض
__________
(1) . قوله [لقد علمت خيل إلخ] هكذا في الأصل بضمير التكلم، وأَنشده ياقوت عند التكلم على موقان للشماخ ضمن أبيات يمدح بها غيره بلفظ:
وقد علمت خيل بموقان أنه ... هو الْفَارِسُ الْحَامِي إِذَا قِيلَ تنزال(11/657)
صَارَ الْمَعْنَى: وعَلام أَركبه حِينَ لَمْ أَنزل إِلى الأَرض، قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنه حِينَ لَمْ يَنْزِلْ هُوَ رَاكِبٌ فكأَنه قَالَ: وَعَلَامَ أَركبه فِي حِينِ أَنا رَاكِبٌ؛ قَالَ وَمِمَّا يُقَوِّي ذَلِكَ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنت، إِذا ... دُعِيَتْ نَزال، ولُجَّ فِي الذُّعْرِ
أَلا تَرى أَنه لَمْ يَمْدَحْهُ بِنُزُولِهِ إِلى الأَرض خَاصَّةً بَلْ فِي كُلِّ حَالٍ؟ وَلَا تمدَح الْمُلُوكُ بِمِثْلِ هَذَا، وَمَعَ هَذَا فإِنه فِي صِفَةِ الْفَرَسِ مِنَ الصِّفَاتِ الْجَلِيلَةِ وَلَيْسَ نُزُولُهُ إِلى الأَرض مِمَّا تمدَح بِهِ الْفَرَسُ، وأَيضاً فَلَيْسَ النُّزُولُ إِلى الأَرض هُوَ العلَّة فِي الرُّكُوبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَازَلْتُ رَبِّي فِي كَذَا
أَي رَاجَعْتُهُ وسأَلته مرَّة بَعْدَ مرَّة، وَهُوَ مُفاعَلة مِنَ النُّزُول عَنِ الأَمر، أَو مِنَ النِّزَال فِي الْحَرْبِ. والنَّزِيلُ: الضَّيْفُ؛ وَقَالَ:
نَزِيلُ القومِ أَعظمُهم حُقوقاً، ... وحَقُّ اللهِ فِي حَقِّ النَّزِيلِ
سِيبَوَيْهِ: وَرَجُلٌ نَزِيل نازِل. وأَنْزالُ القومِ: أَرزاقهم. والنُّزُل والنُّزْل: مَا هُيِّئَ لِلضَّيْفِ إِذا نَزَلَ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لَحَسَنُ النُّزْل والنُّزُل أَي الضِّيَافَةِ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ:
فَجَاءَتْ بِيَتْنٍ للنِّزَالة أَرْشَما
قَالَ: أَراد لِضِيافة النَّاسِ؛ يَقُولُ: هُوَ يَخِفُّ لِذَلِكَ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ
؛ يَقُولُ: أَذلك خَيْرٌ فِي بَابِ الأَنْزَال الَّتِي يُتَقَوَّت بِهَا وتمكِن مَعَهَا الإِقامة أَم نُزُل أَهلِ النَّارِ؟ قَالَ: وَمَعْنَى أَقمت لَهُمْ نُزُلهم أَي أَقمت لَهُمْ غِذاءَهم وَمَا يصلُح مَعَهُ أَن يَنْزِلُوا عَلَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: والنُّزْل مَا يهيَّأُ للنَّزِيل، وَالْجَمْعُ الأَنْزَال. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ إِني أَسأَلك نُزْلَ الشُّهَدَاءِ
؛ النُّزْل فِي الأَصل: قِرَى الضَّيْفِ وتُضَمّ زايُه، يُرِيدُ مَا لِلشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الأَجر وَالثَّوَابِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ:
وأَكرم نُزُله.
والمُنْزَلُ: الإِنْزال، تَقُولُ: أَنْزِلْني مُنْزَلًا مُباركاً. ونَزَّلَ القومَ: أَنْزَلَهم المَنازل. ونَزَّلَ فُلَانٌ عِيرَه: قَدَّر لَهَا المَنَازل. وَقَوْمٌ نُزُل: نازِلون. والمَنْزِل والمَنْزِلَة: مَوْضِعُ النُّزول. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ مَنْزِلُنا بِمَوْضِعِ كَذَا، قَالَ: أُراه يَعْنِي مَوْضِعَ نُزولنا؛ قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ؛ وَقَوْلُهُ:
دَرَسَ المَنَا بِمُتالِعٍ فأَبَانِ
إِنما أَراد المَنازل فَحَذَفَ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الأَخطل:
أَمستْ مَناها بأَرض مَا يبلِّغُها، ... بِصَاحِبِ الهمِّ، إِلا الجَسْرةُ الأُجُدُ
أَراد: أَمستْ مَنازلها فَحَذَفَ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِمَنَاهَا قصدَها، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا حَذْفَ. الْجَوْهَرِيُّ: والمَنْزِل المَنْهَل، والدارُ والمَنْزِلَة مِثْلُهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَمَنْزِلَتَيْ مَيٍّ، سلامٌ عَلَيْكُمَا ... هلِ الأَزْمُنُ اللَّائي مَضَيْنَ رَواجِعُ؟
والمنزِلة: الرُّتبة، لَا تجمَع. واستُنْزِل فُلَانٌ أَي حُطَّ عَنْ مَرْتَبَتِهِ. والمَنْزِل: الدَّرَجَةُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا هُوَ مِنِّي مَنْزِلَة الشَّغَاف أَي هُوَ بِتِلْكَ المنزِلة،(11/658)
وَلَكِنَّهُ حَذَفَ كَمَا قَالُوا دَخَلْتُ الْبَيْتَ وَذَهَبَتِ الشامَ لأَنه بِمَنْزِلَةِ الْمَكَانِ وإِن لَمْ يَكُنْ مَكَانًا، يَعْنِي بِمَنْزِلَةِ الشَّغَاف، وَهَذَا مِنَ الظُّرُوفِ الْمُخْتَصَّةِ الَّتِي أُجريت مُجرى غَيْرِ المختصَّة. وَفِي حَدِيثُ مِيرَاثِ الجدِّ:
أَن أَبا بَكْرٍ أَنْزَلَه أَباً
أَي جَعَلَ الجدَّ فِي مَنْزِلَةِ الأَب وأَعطاه نصيبَه مِنَ الْمِيرَاثِ. والنُّزَالَة: مَا يُنْزِل الفحلُ مِنَ الْمَاءِ، وَخَصَّ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: النُّزَالَة، بِالضَّمِّ، ماءُ الرَّجُلِ. وَقَدْ أَنْزَلَ الرجلُ مَاءَهُ إِذا جَامَعَ، والمرأَة تَسْتَنْزِل ذَلِكَ. والنَّزْلَة: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ النُّزول. والنازِلة: الشَّدِيدَةُ تنزِل بِالْقَوْمِ، وَجَمْعُهَا النَّوَازِل. الْمُحْكَمُ: والنَّازِلَة الشدَّة مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ تَنْزِلُ بِالنَّاسِ، نسأَل اللَّهَ الْعَافِيَةَ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ تَنَزَّلَت الرَّحْمَةُ. الْمُحْكَمُ: نَزَلَتْ عليهم الرحمة ونَزَلَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ كِلاهما عَلَى المثل. ونَزَلَ بِهِ الأَمر: حلَّ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثعلب:
أَعْزِرْ عليَّ بأَن تَكُونَ عَلِيلا ... أَو أَن يَكُونَ بِكَ السَّقام نَزِيلا
جعله كالنَّزِيل مِنَ النَّاسِ أَي وأَن يَكُونَ بِكَ السَّقام نازِلًا. ونَزَلَ القومُ: أَتَوْا مِنَى؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وافَيْتُ لمَّا أَتاني أَنَّها نَزَلَتْ، ... إِنّ المَنَازِلَ مِمَّا تجمَع العَجَبَا
أَي أَتت مِنَى؛ وَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ:
أَنازِلةٌ أَسماءُ أَم غيرُ نَازِلَه؟ ... أَبيني لَنَا، يَا أَسْمَ، مَا أَنْت فاعِلَه
والنُّزْل: الرَّيْعُ والفَضْلُ، وَكَذَلِكَ النَّزَل. الْمُحْكَمُ: النُّزْل والنَّزَل، بِالتَّحْرِيكِ، رَيْعُ مَا يُزرع أَي زَكاؤه وبركتُه، وَالْجَمْعُ أَنْزَال، وَقَدْ نَزِلَ نَزَلًا. وطعامٌ نَزِلٌ: ذُو نَزَل، ونَزِيلٌ: مُبَارَكٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَطَعَامٌ قَلِيلُ النُّزْل والنَّزَل، بِالتَّحْرِيكِ، أَي قَلِيلُ الرَّيْع، وَكَثِيرُ النُّزْل والنَّزَل، بِالتَّحْرِيكِ. وأَرض نَزْلَة: زَاكِيَةُ الزَّرْع والكَلإِ. وَثَوْبٌ نَزِيل: كامِلٌ. وَرَجُلٌ ذُو نَزَلٍ: كَثِيرُ الفَضْل والعطاءِ وَالْبَرَكَةِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ولَنْ تَعْدَمُوا فِي الحرْب لَيْثاً مُجَرَّباً ... وَذا نَزَلٍ، عندَ الرَّزِيَّةِ، باذِلا
والنَّزْلَةُ: كالزُّكام؛ يُقَالُ: بِهِ نَزْلَة، وَقَدْ نُزِلَ «1» وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى
؛ قَالُوا: مرَّة أُخرى. والنَّزِلُ: الْمَكَانُ الصُّلب السريعُ السَّيْل. وأَرض نَزِلَة: تَسيلُ مِنْ أَدنى مَطَرٍ. وَمَكَانٌ نَزِل: سريعُ السَّيْلٍ. أَبو حَنِيفَةَ: وادٍ نَزِلٌ يُسِيله الْقَلِيلُ الهيِّن مِنَ الْمَاءِ. والنَّزَل: المطرُ. وَمَكَانٌ نَزَل: صُلب شديدٌ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: مَكَانٌ نَزْل واسعٌ بعيدٌ؛ وأَنشد:
وإِنْ هَدَى مِنْهَا انتِقالُ النَّقْلِ، ... فِي مَتْنِ ضَحَّاكِ الثَّنايا نَزْلِ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَكَانٌ نَزِل إِذا كَانَ مَجالًا مَرْتاً، وَقِيلَ: النَّزِل مِنَ الأَودية الضيِّق مِنْهَا. الْجَوْهَرِيُّ: أَرض نَزِلَة وَمَكَانٌ نَزِلٌ بيِّن النَّزالة إِذا كَانَتْ تَسِيل مِنْ أَدنى مَطَرٍ لصَلابتها، وَقَدْ نَزِل، بِالْكَسْرِ. وحَظٌّ نَزِل أَي مجتَمِع. وَوَجَدْتُ الْقَوْمَ عَلَى نَزِلاتهم أَي مَنازلهم. وَتَرَكْتُ الْقَوْمَ عَلَى نَزَلاتهم ونَزِلاتهم أَي عَلَى استقامة أَحوالهم
__________
(1) . قوله [وقد نُزِلَ] هكذا ضبط بالقلم في الأَصل والصحاح، وفي القاموس: وقد نَزِلَ كعلم(11/659)
مِثْلَ سَكِناتهم؛ زَادَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا يَكُونُ إِلا فِي حُسْنِ الْحَالِ. ومُنازِلُ بْنُ فُرْعان «1» : مِنْ شُعَرَائِهِمْ؛ وَكَانَ مُنازِل عقَّ أَباه فَقَالَ فِيهِ:
جَزَتْ رَحِمٌ، بَيْنِي وَبَيْنَ مُنازِلٍ، ... جَزاءً كَمَا يَسْتَخْبِرُ الكَلْبَ طالِبُهْ
فعَقَّ مُنازلًا ابنُه خَلِيج فَقَالَ فِيهِ:
تَظَلَّمَني مَالِي خَلِيجٌ، وعقَّني ... عَلَى حِينِ كانت كالحِنِيِّ عِظامي
نسل: النَّسْل: الخلْق. والنَّسْل: الْوَلَدُ والذرِّية، وَالْجَمْعُ أَنْسَال، وَكَذَلِكَ النَّسِيلة. وَقَدْ نَسَلَ يَنْسُلُ نَسْلًا وأَنْسَلَ وتَنَاسَلُوا: أَنْسَلَ بعضُهم بَعْضًا. وتَنَاسَلَ بَنُو فُلَانٍ إِذا كَثُرَ أَولادهم. وتَنَاسَلُوا أَي وُلد بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، ونَسَلَتِ الناقةُ بِوَلَدٍ كَثِيرِ تَنْسُلُ، بِالضَّمِّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ نَسَلَ الوالدُ ولدَه نَسْلًا، وأَنْسَلَ لُغَةٌ فِيهِ، قَالَ: وَفِي الأَفعال لِابْنِ الْقَطَّاعِ: ونَسَلَتِ النَّاقَةُ بِوَلَدٍ كَثِيرِ الوَبر أَسقطته. وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ:
إِنما كَانَتْ عِنْدَنَا حَصْبة تُعْلَفُها الإِبل فنَسَلْنَاها
أَي استثْمَرْناها وأَخذنا نَسْلها، قَالَ: وَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْجَارِّ أَي نَسَلْنا بِهَا أَو مِنْهَا نَحْوَ أَمرتُك الخيرَ أَي بِالْخَيْرِ، قَالَ: وإِن شدِّد كَانَ مِثْلَ ولَّدناها. يُقَالُ: نَسَلَ الْوَلَدُ يَنْسُلُ ويَنْسِلُ ونَسَلَتِ النَّاقَةُ وأَنْسَلَتْ نَسْلًا كَثِيرًا. والنَّسُولة: الَّتِي تُقْتَنى للنَّسْل. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَنْسَلُهم أَي أَبعدُهم مِنَ الجَدِّ الأَكبر. ونَسَلَ الصوفُ والشعرُ والريشُ يَنْسُلُ نُسُولًا وأَنْسَلَ: سقَط وتقطَّع، وَقِيلَ: سقَط ثُمَّ نبَت، ونَسَلَه هُوَ نَسْلًا. وَفِي التَّهْذِيبِ: وأَنْسَلَه الطائرُ وأَنْسَلَ البعيرُ وبَره. أَبو زَيْدٍ: أَنْسَلَ ريشُ الطَّائِرِ إِذا سَقَطَ، قَالَ: ونَسَلْته أَنا نَسْلًا، واسمُ مَا سقَط مِنْهُ النَّسِيل والنُّسَال، بِالضَّمِّ، وَاحِدَتُهُ نَسِيلَة ونُسَالة. وَيُقَالُ: أَنْسَلَتِ الناقةُ وبرَها إِذا أَلقته تَنْسِله، وَقَدْ نَسَلَتْ بِوَلَدٍ كثيرٍ تَنْسُلُ. ونُسَالُ الطَّيْرِ: مَا سقَط مِنْ رِيشِهَا، وَهُوَ النُّسَالَة. وَيُقَالُ: نَسَلَ الطائرُ ريشَه يَنْسُلُ ويَنْسِلُ نَسْلًا. ونَسَلَ الوبرُ وَرِيشُ الطَّائِرِ بِنَفْسِهِ، يتعدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، وَكَذَلِكَ أَنْسَلَ الطَّائِرُ ريشَه وأَنْسَلَ ريشُ الطَّائِرِ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وأَنْسَلَتِ الإِبلُ إِذا حَانَ لَهَا أَن تَنْسُل وبرَها. ونَسَلَ الثوبُ عَنِ الرَّجُلِ: سقَط. أَبو زَيْدٍ: النَّسُولَة مِنَ الْغَنَمِ مَا يُتَّخَذ نسلُها. وَيُقَالُ: مَا لِبَنِي فُلَانٍ نَسُولَةٌ أَي مَا يُطلَب نسلُه مِنْ ذَوَاتِ الأَربع. وأَنْسَلَ الصِّلِّيانُ أَطرافَه: أَبرَزَها ثُمَّ أَلقاها. والنُّسالُ: سُنْبُل الحَليِّ إِذا يَبس وطارَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ «2» :
أَعاشَني بعدَكَ وادٍ مُبْقِلُ، ... آكُلُ مِنْ حَوْذانِه وأَنْسِلُ
وَيُرْوَى: وأُنسِل، فمَن رَوَاهُ وأَنْسِل فَمَعْنَاهُ سمِنت حَتَّى سَقَطَ عَنِّي الشَّعْرُ، وَمَنْ رَوَاهُ أُنْسِل فَمَعْنَاهُ تُنْسِل إِبلي وغنَمي. والنَّسِيلة: الذُّبالةُ، وَهِيَ الفَتِيلة فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. ونَسَلَ الْمَاشِي يَنْسِلُ ويَنْسُلُ نَسْلًا ونَسَلًا ونَسَلاناً: أَسرع؛ قال:
__________
(1) . قوله [ومُنَازِل بن فرعان] ضبط في الأصل بضم الميم، وفي القاموس بفتحها، وعبارة شرحه: هو بفتح الميم كما يقتضيه إطلاقه ومنهم من ضبطه بضمها انتهى. وفي الصاغاني: وسموا منازل ومنازلًا بفتح الميم وضمها
(2) . قوله [أبي ذؤيب] كذا في الأصل وشرح القاموس، والذي في المحكم: ابن أبي دواد لأَبيه، ويوافقه ما نقدم للمؤلف في مادة بقل(11/660)
عَسَلانَ الذئبِ أَمْسى قارِباً، ... بَرَدَ الليلُ عَلَيْهِ فَنَسَلْ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
عَسٌّ أَمامَ الْقَوْمِ دَائِمُ النِّسَلْ
وَقِيلَ: أَصل النَّسلانِ لِلذِّئْبِ ثُمَّ استعمِل فِي غَيْرِ ذَلِكَ. وأَنْسَلْتُ القومَ إِذا تقدَّمتهم؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
أَنْسَل الدِّرْعَانِ غَرْبٌ خَذِمٌ، ... وعَلا الرَّبْرَبَ أَزْمٌ لَمْ يُدَنْ «1»
. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: يَخْرُجُونَ بِسُرْعَةٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: النَّسَلان مِشْية الذِّئْبِ إِذا أَسرع. وَقَدْ نَسَلَ فِي العدْوِ يَنْسِلُ ويَنْسُلُ نَسْلًا ونَسَلاناً أَي أَسرع. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنهم شكَوْا إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الضَّعْفَ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بالنَّسْل
؛ قَالَ ابن الأَعرابي: ببسط «2» وَهُوَ الإِسراع فِي الْمَشْيِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَنهم شَكَوْا إِليه الإِعْياء فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بالنَّسَلان
، وَقِيلَ:
فأَمرهم أَن يَنْسِلوا
أَي يُسْرِعُوا فِي الْمَشْيِ. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ: وإِذا سَعى الْقَوْمُ نَسَل
أَي إِذا عَدَوْا لِغَارَةٍ أَو مَخافة أَسرع هُوَ، قَالَ: والنَّسَلان دُونَ السَّعْيِ. والنَّسَل، بِالتَّحْرِيكِ: اللَّبَنُ يَخْرُجُ بنفْسه مِنَ الإِحليل. والنَّسِيل: الْعَسَلُ إِذا ذابَ وفارَق الشَّمَع. الْمُحْكَمُ: والنَّسِيل والنَّسِيلَةُ جَمِيعًا الْعَسَلُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَيُقَالُ لِلَّبن الَّذِي يَسِيل مِنْ أَخضر التِّين النَّسَل، بِالنُّونِ، ذَكَرَهُ أَبو مَنْصُورٍ فِي أَثناء كَلَامِهِ عَلَى نَلِسَ «3» . وَاعْتَذَرَ عَنْهُ أَنه أَغفله فِي بَابِهِ فأَثبته فِي هَذَا الْمَكَانِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ فُلَانٌ يَنْسِلُ الوَدِيقة وَيَحْمِي الحقيقة.
نشل: نَشَل الشَّيْءَ يَنْشُلُه نَشْلًا: أَسرع نَزْعَه. ونَشَلَ اللحمَ يَنْشُلُه ويَنْشِلُه نَشْلًا وأَنْشَلَه: أَخرجه مِنَ القِدْر بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ مِغْرفة. وَلَحْمٌ نَشِيل: مُنْتَشَل. وَيُقَالُ: انْتَشَلْت مِنَ الْقِدْرِ نَشِيلًا فأَكلتُه. ونَشَلْت اللحمَ مِنَ الْقِدْرِ أَنْشُلُه، بِالضَّمِّ، وانْتَشَلْته إِذا انتزَعته منها. والمِنْشَل والمِنْشال: حَدِيدَةٌ فِي رأْسها عُقَّافَة يُنْشَل بِهَا اللَّحْمُ مِنَ القِدْر وَرُبَّمَا «4» ....... مِنْشَال مِنَ المَنَاشِل؛ وأَنشد:
وَلَوْ أَنِّي أَشاءُ نَعِمْتُ بَالًا، ... وباكَرَني صَبُوحٌ أَو نَشِيلُ
ونَشَلَ اللحمَ يَنْشُلُه ويَنْشِلُه نَشْلًا وانْتَشَلَه: أَخذ بِيَدِهِ عُضْواً فتَناول مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ بفِيه، وَهُوَ النَّشِيل. وَفِي الْحَدِيثِ:
ذُكِر لَهُ رَجُلٌ فَقِيلَ هُوَ مِنْ أَطول أَهل الْمَدِينَةِ صَلاةً، فأَتاه فأَخذ بعَضُده فنَشَلَه نَشَلاتٍ
أَي جَذَبه جَذَبات كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يَنْشِل اللَّحْمَ مِنَ الْقِدْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ عَلَى قِدْرٍ فانْتَشَل مِنْهَا عَظْماً
أَي أَخذه قَبْلَ النُّضْجِ، وَهُوَ النَّشِيل. والنَّشِيل: مَا طُبِخَ مِنَ اللَّحْمِ بغير تابِل [تابَل] ، والفِعْل كالفِعْل؛ قَالَ لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ:
إِنَّ الشِّواءَ والنَّشِيلَ والرُّغُفْ، ... والقَيْنَةَ الحَسْناء والكَأْسَ الأُنُفْ
لِلضَّارِبِينَ الهامَ، والخيلُ قُطُفْ
اللَّيْثُ: النَّشْل لَحْمٌ يطبَخ بِلَا توابِل يَخْرُجُ مِنَ المَرَق ويُنْشَل. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ نَشِّلوا ضيفَكم وسَوِّدُوه
__________
(1) . قوله [أنسل الدرعان إلخ] هكذا في الأصل
(2) . قوله [ببسط] هو هكذا في الأصل بدون نقط
(3) . قوله [على نلس] هكذا في الأصل بدون نقط
(4) . هنا بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات(11/661)
ولَوُّوه وسَلِّفُوه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. أَبو حَاتِمٍ: النَّشِيل مَا انْتَشَلْت بيدِك مِنْ قِدْر اللَّحْمِ بِغَيْرِ مِغْرَفة، وَلَا يَكُونُ مِنَ الشِّواء نَشِيل إِنما هُوَ مِنَ القَدِير، وَهُوَ مِنَ اللبَن سَاعَةَ يحلَب. والنَّشِيل: اللَّبَنُ سَاعَةَ يحلَب وَهُوَ صَرِيفٌ ورَغْوَته عَلَيْهِ؛ قَالَ:
عَلِقْت نَشِيلَ الضَّأْنِ، أَهْلًا ومَرْحَباً ... بِخالي، وَلَا يُهْدَى لِخالك مِحْلَبُ
وَقَدْ نُشِلَ. وعضُد مَنْشُولَة ونَاشِلَة: دَقِيقَةٌ. وَفَخِذٌ نَاشِلَة: قَلِيلَةُ اللَّحْمِ، نَشَلَتْ تَنْشُلُ نُشُولًا، وَكَذَلِكَ السّاقُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنها لَمَنْشُولَةُ اللَّحْمِ؛ وَقَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ بَعْضَ الأَعراب يَقُولُ فَخِذٌ ماشِلةٌ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَقِيلَ: النُّشُولُ ذهابُ لَحْمِ السَّاقِ. والنَّشِيلُ: السيفُ الْخَفِيفُ الرقيقُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
نَشِيل من البِيضِ الصَّوارمِ بعد ما ... تَقَضَّضَ، عَنْ سِيلانِه، كلُّ قائِم
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَسَمِعْتُ الأَعراب يَقُولُونَ لِلْمَاءِ الَّذِي يُسْتَخرَج مِنَ الركِيَّة قَبْلَ حَقْنِه فِي الأَسَاقي نَشِيل. وَيُقَالُ: نَشِيلُ هَذِهِ الركيَّة طيِّبٌ، فإِذا حُقِنَ فِي السِّقَاءِ نَقَصَت عُذُوبَتُه. ونَشَلَ المرأَة يَنْشُلها نَشْلًا: نكحَها. أَبو تُرَابٍ عَنْ خَلِيفَةَ: نَشَلَتْه الحَيَّة ونَشَطَتْه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والمَنْشَلَة، بِالْفَتْحِ: مَا تَحْتَ حَلْقة الْخَاتَمِ مِنَ الإِصبع؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، وَفِي الصِّحَاحِ: مَوْضِعُ الْخَاتَمِ مِنَ الخِنْصِر. وَيُقَالُ: تَفَقَّدِ المَنْشَلةَ إِذا توضَّأْتَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لِرَجُلٍ فِي وُضوئه: عَلَيْكَ بالمَنْشَلَة
، يَعْنِي موضعَ الْخَاتَمِ مِنَ الخنصِر، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنه إِذا أَراد غَسْلَه نَشَلَ الخاتمَ أَي اقْتلعه ثُمَّ غَسَله.
نصل: التَّهْذِيبُ: النَّصْلُ نصلُ السَّهْمِ ونَصْلُ السيفِ والسِّكِّينِ والرمحِ، ونَصْلُ البُهْمَى مِنَ النبات ونحوه إِذا خَرَجَتْ نصالُها. الْمُحْكَمُ: النَّصْلُ حديدةُ السَّهْمِ والرمحِ، وَهُوَ حَدِيدَةُ السَّيْفِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَقْبَض [مَقْبِض] ؛ حَكَاهَا ابْنُ جِنِّي قَالَ: فإِذا كَانَ لَهَا مَقْبَض [مَقْبِض] فَهُوَ سَيْفٌ؛ وَلِذَلِكَ أَضاف الشَّاعِرُ النَّصْل إِلى السَّيْفِ فَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ جَارِيَةٌ عُطْبول ... أَنِّي، بنَصْل السَّيْفِ، خَنْشَلِيل
ونَصْل السَّيْفِ: حَدِيدُهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ النصْل كُلُّ حَدِيدَةٍ مِنْ حَدَائِدِ السِّهام، وَالْجَمْعُ أَنصُل ونُصُول ونِصال. والنَّصْلانِ: النَّصْل والزُّجُّ؛ قَالَ أَعشى بَاهِلَةَ:
عِشْنا بِذَلِكَ دَهْراً ثُمَّ فارَقَنا، ... كَذَلِكَ الرُّمْحُ ذُو النَّصْلَيْن ينكَسِر
وَقَدْ سمِّي الزُّجُّ وحدَه نَصْلًا. ابْنُ شُمَيْلٍ: النَّصْل السَّهْمُ العريضُ الطويلُ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ فِتْر والمِشْقَصُ عَلَى النِّصْفِ مِنَ النَّصْل، قَالَ: وَالسَّهْمُ نَفْسُ النَّصْل، فَلَوِ التقطْتَ نَصْلًا لقلْتُ مَا هَذَا السَّهْمُ مَعَكَ؟ وَلَوِ التقطتَ قِدْحاً لَمْ أَقل مَا هَذَا السَّهْمُ مَعَكَ. وأَنْصَلُ السهمَ ونَصَّلَه: جَعَلَ فِيهِ النَّصْلَ، وَقِيلَ: أَنْصَلَه أَزال عَنْهُ النَّصْل، ونَصَّلَه ركَّب فِيهِ النَّصْل، ونَصَلَ السهمُ فِيهِ ثَبَتَ فَلَمْ يَخْرُجْ، ونَصَلْتُه أَنا ونَصَلَ خَرَجَ، فَهُوَ مِنَ الأَضداد، وأَنْصَلَه هُوَ. وَكُلُّ مَا أَخرجته فَقَدْ أَنْصَلْتَه. ابْنُ الأَعرابي: أَنْصَلْت الرمحَ ونَصَلْته جَعَلْتُ لَهُ نَصْلًا، وأَنْصَلْته نَزَعْتُ نَصْلَه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ: فَامَّرَطَ قُذَذُ السَّهْمِ وانْتَصَلَ
أَي سَقَطَ نَصْلُه. وَيُقَالُ:(11/662)
أَنْصَلْت السهمَ فانْتَصَلَ أَي خَرَجَ نَصْلُه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: وإِن كَانَ لِرُمْحِك سِنان فأَنْصِلْه
أَي انزعْه. وَيُقَالُ: سَهْمٌ نَاصِل إِذا خَرَجَ مِنْهُ نَصْلُه، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا بَلِلْتُ مِنْ فُلَانٍ بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي مَا ظفِرت مِنْهُ بِسَهْمٍ انْكَسَرَ فُوقُه وَسَقَطَ نَصْلُه. وَسَهْمٌ نَاصِل: ذُو نَصْل، جَاءَ بِمَعْنَيَيْنِ مُتضادَّين. الْجَوْهَرِيُّ: ونَصَل السهمُ إِذا خَرَجَ مِنْهُ النَّصْل؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَماه بأَفْوَقَ ناصِلٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَحُطَّ عَلَيْهَا والضُّلوعُ كأَنها، ... مِنَ الخَوْفِ، أَمثالُ السِّهام النَّواصِلِ
وَقَالَ رَزِين بْنُ لُعْط:
أَلا هَلْ أَتى قُصْوَى الأَحابيشِ أَننا ... رَدَدْنا بَنِي كَعْب بأَفْوَقَ نَاصِلِ؟
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: ومَنْ رَمَى بِكُمْ فَقَدْ رَمَى بأَفْوَقَ نَاصِلٍ
أَي بِسَهم مُنْكَسِرِ الفُوق لَا نَصْل فِيهِ. وَيُقَالُ أَيضاً «1» . نَصَل السَّهْمُ إِذا ثَبَتَ نَصْلُهُ فِي الشَّيْءِ فَلَمْ يَخْرُجْ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. ونَصَّلْت السهمَ تَنْصِيلًا: نَزَعْتُ نَصْلَه، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ قَرَّدْت البعيرَ وقَذَّيْت العينَ إِذا نَزَعْتَ مِنْهَا القُراد والقَذَى، وَكَذَلِكَ إِذا ركَّبت عَلَيْهِ النَّصْل فَهُوَ مِنَ الأَضداد، وَكَانَ يُقَالُ لِرَجَب: مُنْصِل الأَلَّةِ ومُنْصِل الإِلال ومُنْصِل الأَلِّ لأَنهم كَانُوا يَنزِعون فِيهِ أَسِنَّة الرِّماح؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانُوا يُسَمُّونَ رَجَباً مُنْصِل الأَسِنَّة
أَي مخرِج الأَسِنَّة مِنْ أَماكنها، كَانُوا إِذا دَخَلَ رَجَبٌ نزَعوا أَسِنَّة الرِّماح ونِصالَ السِّهام إِبطالًا لِلْقِتَالِ فِيهِ وَقَطْعًا لأَسباب الفِتَن لحُرْمته، فَلَمَّا كَانَ سَبَبًا لِذَلِكَ سمِّي بِهِ. الْمُحْكَمُ: مُنْصِلُ الأَلِّ رَجَبٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنهم كَانُوا ينزِعون الأَسِنَّة فِيهِ إِعْظاماً لَهُ وَلَا يَغْزُون وَلَا يُغِيرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ؛ قَالَ الأَعشى:
تَدارَكَه فِي مُنْصِل الأَلِّ بعد ما ... مضَى غَيْرَ دَأْداءٍ، وَقَدْ كادَ يَذْهَبُ
أَي تَداركه فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِهِ. الْكِسَائِيُّ: أَنْصَلْت السهمَ، بالأَلف، جَعَلْتُ فِيهِ نَصْلًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَجْهَ الْآخَرَ أَن الإِنْصال بِمَعْنَى النَّزْع والإِخراج، قَالَ: وَهُوَ صَحِيحٌ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لرجبٍ مُنْصِل الأَسِنَّة. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: النَّصْل القَهَوْباة بِلَا زِجاجٍ، والقَهَوْبات السِّهامُ الصغارُ «2» . ونَصَلَ فِيهِ السَّهْمُ: ثَبَتَ فَلَمْ يَخْرُجْ، وَقِيلَ: نَصَلَ خَرَجَ، وَقَالَ شِمْرٌ: لَا أَعرف نَصَلَ بِمَعْنَى ثَبت، قَالَ: ونَصَلَ عِنْدِي خَرَجَ. ونَصْلُ الغَزْلِ: مَا يَخْرُجُ مِنَ المِغْزَلِ. وَيُقَالُ للغزْل إِذا أُخْرج مِنَ المِغْزَل: نَصَل. ونَصَلَ مِنْ بَيْنِ الْجِبَالِ نُصُولًا: خَرَجَ وَظَهَرَ. ونَصَلَ فُلَانٌ مِنَ الْجَبَلِ إِلى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا عَلَيْنَا أَي خَرَجَ. ونَصَلَ الطريقُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا: خَرَجَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَرَّتْ سَحَابَةٌ فَقَالَ تَنَصَّلَت هَذِهِ تَنْصُرُ بَني كَعْبٍ
أَي أَقبلت، مِنْ قَوْلِهِمْ نَصَلَ عَلَيْنَا إِذا خَرَجَ مِنْ طَرِيقٍ أَو ظَهَرَ مِنْ حِجَابٍ، وَيُرْوَى:
تَنْصَلِتُ
أَي تقصِد لِلْمَطَرِ. ونَصَلَ الحافرُ نُصُولًا إِذا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَسَقَطَ كَمَا يَنْصُلُ الخِضابُ. ونَصَلَتِ اللحيةُ تَنْصُلُ نُصُولًا، ولحيةٌ نَاصِل، بِغَيْرِ هَاءٍ، وتَنَصَّلْت: خَرَجَتْ مِنَ الخِضاب؛ وقوله:
__________
(1) . قوله [ويقال أيضاً إلخ] هكذا في الأَصل، وعبارة النهاية: ويقال نَصَلَ السَّهْمُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ النصل، ونَصَلَ أيضاً إِذا ثبت نصله انتهى. ففي الأَصل سقط
(2) . ورد في مادة قهب أن القَهَوبات جمع. وأنّ القَهُوبات السهام الصغار واحدها قَهُوبة (راجع مادة قهب) .(11/663)
كَمَا اتَّبَعَتْ صَهْباءُ صِرْفٌ مُدامةٌ ... مُشاشَ المُرَوَّى، ثُمَّ لَمَّا تَنَصَّلِ
مَعْنَاهُ لَمْ تَخرج فيَصْحو شارِبُها، وَيُرْوَى: ثُمَّ لَمَّا تَزَيَّل. ونَصَلَ الشَّعَرُ يَنْصُلُ: زَالَ عَنْهُ الخِضاب. ونَصَلَتِ اللَّسْعَةُ والحُمَةُ تَنْصُلُ: خَرَجَ سَمُّها وَزَالَ أَثَرُها؛ وَقَوْلُهُ:
ضَوْرِيةٌ أُولِعْتُ باشتِهارِها، ... نَاصِلَة الحِقْوَينِ مِنْ إِزارِها
إِنما عَنَى أَن حِقْوَيْها يَنْصُلان مِنْ إِزارِها، لتسلُّطها وتَبَرُّجِها وقلَّة تثقُّفها فِي مَلَابِسِهَا لأَشَرِها وشَرَهِها. ومِعْوَلٌ نَصْل: نَصَلَ عَنْهُ نِصابُه أَي خَرَجَ، وَهُوَ مِمَّا وصِف بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
شَرِيح كحُمَّاض الثَّماني عَلَتْ بِهِ، ... عَلَى راجِفِ اللَّحْيَين، كالمِعْوَل النَّصْل
وتَنَصَّلَ فُلَانٌ مِنْ ذَنْبِهِ أَي تبرَّأَ. والتَّنَصُّلُ: شِبْهُ التبرُّؤ مِنْ جِنَايَةٍ أَو ذَنْبٍ. وتَنَصَّلَ إِليه مِنَ الْجِنَايَةِ: خَرَجَ وتبرَّأَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَنَصَّلَ إِليه أَخوه فَلَمْ يقبَل
أَي انْتَفَى مِنْ ذَنْبِهِ وَاعْتَذَرَ إِليه. وتَنَصَّلَ الشيءَ: أَخرجه. وتَنَصَّلَه: تَخَيَّره. وتَنَصَّلُوه: أَخذوا كُلَّ شَيْءٍ مَعَهُ. وتَنَصَّلْت الشَّيْءَ واسْتَنْصَلْته إِذا اسْتَخْرَجْتَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ:
قَرْم تَنَصَّلَه مِنْ حاصِنٍ عُمَرُ
والنَّصْل: مَا أَبْرَزتِ البُهْمَى ونَدَرتْ بِهِ مِنْ أَكِمَّتها، وَالْجَمْعُ أَنْصُلٌ ونِصَال. والأُنْصُولَةُ: نَوْرُ نَصْل البُهْمَى، وَقِيلَ: هُوَ مَا يُوبِسُه الحرُّ مِنَ البُهْمَى فَيَشْتَدُّ عَلَى الأَكَلَة؛ قَالَ:
كأَنه واضِحُ الأَقْراب فِي لُقُحٍ ... أَسْمَى بهنَّ، وعَزَّتْه الأَناصِيلُ
أَي عزَّت عَلَيْهِ. واسْتَنْصَل الحرُّ السَّفَا جَعَلَهُ أَناصِيل؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا اسْتَنْصَلَ الهَيْفُ السَّفَا، بَرَّحَتْ بِهِ ... عِراقيَّةُ الأَقْياظِ نَجْدُ المَراتِع
وَيُرْوَى المَرابع؛ عِراقيَّة الأَقْياظ أَي تطلُب الْمَاءَ فِي القَيْظ، قَالَ غَيْرُهُ: هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى العِراق الَّذِي هُوَ شَاطِئُ الْمَاءِ، وَقَوْلُهُ: نَجْدُ المَراتِع أَراد جَمْعَ نَجْديٍّ فَحَذَفَ يَاءَ النَّسَبِ فِي الْجَمْعِ، كَمَا قَالُوا زَنْجِيّ وزَنْج. وَيُقَالُ: اسْتَنْصَلَتِ الريحُ اليَبِيسَ إِذا اقتلَعَتْه مِنْ أَصله. وبُرٌّ نَصِيلٌ: نَقِيٌّ مِنَ الغَلَثِ. والنَّصِيل: حَجَرٌ طَوِيلٌ قدْرُ ذِراع يُدقُّ بِهِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: النَّصِيل حَجَرٌ طَوِيلٌ رقيقٌ كَهَيْئَةِ الصَّفِيحَةِ المحدَّدة، وَجَمْعُهُ النُّصُل، وَهُوَ البِرْطِيلُ، وَيُشَبَّهُ بِهِ رأْس الْبَعِيرِ وخُرْطومه إِذا رَجَف فِي سَيْرِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ فَحْلًا:
عَرِيض أَرْآدِ النَّصِيل سَلْجَمُهْ، ... لَيْسَ بلَحْيَيْه حِجامٌ يَحْجُمُهْ
وَقَالَ الأَصمعي: النَّصِيل مَا سَفَل مِنْ عَيْنَيْه إِلى خَطْمه، شبِّه بِالْحَجَرِ الطَّوِيلِ؛ وَقَالَ أَبو خِرَاشٍ فِي النَّصِيل فَجَعَلَهُ الحجَر:
وَلَا أَمْغَرُ السَّاقَيْن بَاتَ كأَنه، ... عَلَى مُحْزَئِلَّات الإِكام، نَصِيلُ
وَفِي حَدِيثِ
الخُدْرِيّ: فَقَامَ النَّحَّامُ العَدَويّ يَوْمَئِذٍ وَقَدْ أَقام عَلَى صُلْبه نَصِيلًا
؛ النَّصِيلُ: حَجر طَوِيلٌ(11/664)
مُدَمْلَك قَدْرَ شِبْرٍ أَو ذِرَاعٍ، وَجَمْعُهُ نُصُل. وَفِي حَدِيثِ
خَوَّاتٍ: فأَصاب ساقَه نَصِيل حَجَرٍ.
والنَّصِيل: الحنَك عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. والنَّصِيل: مَفْصِل مَا بَيْنَ الْعُنُقِ والرأْس تَحْتَ اللَّحْيين، زَادَ اللَّيْثُ: مِنْ بَاطِنٍ مِنْ تَحْتِ اللَّحْيين. والنَّصِيل: الخَطْمُ. ونَصِيلُ الرأْس ونَصْله: أَعلاه. والنَّصْلُ: الرأْس بجميع ما فيه. والنَّصْلُ: طُولُ الرأْس فِي الإِبل وَالْخَيْلِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ للإِنسان؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ:
بِناصِلاتٍ تُحْسَبُ الفُؤُوسا «1»
قَالَ: الْوَاحِدُ نَصِيل وَهُوَ مَا تَحْتَ الْعَيْنِ إِلى الخَطْم فَيَقُولُ تَحْسَبها فؤُوساً. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: النَّصِيل حَيْثُ تَصِل الجِباه. والمُنْصُل، بِضَمِّ الْمِيمِ وَالصَّادِ، والمُنْصَل: السَّيْفُ اسْمٌ لَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا نَعْرِفُ فِي الْكَلَامِ اسْمًا عَلَى مُفْعُل ومُفْعَل إِلا هَذَا، وَقَوْلُهُمْ مُنْخُل ومُنْخَل. والنَّصِيل: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَفوه:
تُبَكِّيها الأَرامِلُ بِالْمَآلِي، ... بِداراتِ الصَّفائِح والنَّصِيلِ
نضل: نَاضَلَه مُناضَلَةً ونِضَالًا ونِيضالًا: باراهُ فِي الرَّمْي؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا عَهْدَ لِي بنِيضالْ، ... أَصبحتُ كالشَّنِّ البالْ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: فِيعالٌ فِي الْمَصْدَرِ عَلَى لُغَةِ الَّذِينَ قَالُوا تحمَّل تِحْمالًا، وَذَلِكَ أَنهم يُوَفِّرون الْحُرُوفَ ويجيئُون بِهِ عَلَى مِثَالِ «2» . قَوْلِهِمْ كلَّمْتُه كِلَّاماً، وأَما ثَعْلَبٌ فَقَالَ إِنه أَشبع الْكَسْرَةَ فأَتبعها الْيَاءَ كَمَا قال الآخر «3» : أَدْنُو فأَنْظُورُ، أَتبع الضَّمَّةَ الْوَاوَ اخْتِيَارًا، وَهُوَ عَلَى قَوْلِ ثَعْلَبٍ اضْطِرَارًا. ونَضَلْته أَنْضُلُه نَضْلًا: سَبَقْتُهُ فِي الرِّماءِ. ونَاضَلْت فُلَانًا فنَضَلْته إِذا غَلَبْتَهُ. اللَّيْثُ: نَضَلَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذا نَضَله فِي مُراماةٍ فَغَلَبه. وَخَرَجَ الْقَوْمُ يَنْتضِلُون إِذا اسْتَبَقوا فِي رَمْي الأَغْراض. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بقومٍ يَنْتَضِلُون
أَي يَرْتَمُون بالسِّهام. يُقَالُ: انْتَضَل الْقَوْمُ وتَنَاضَلُوا أَي رَمَوْا للسَّبْق. ونَاضَلْت عَنْهُ نِضَالًا: دافَعْت. وتَنَضَّلْت الشيءَ: أَخرجته. واجْتَلْت مِنْهُمْ جَوْلًا مَعْنَاهُ الِاخْتِيَارُ أَي اخْتَرْتُ. وانْتَضَلَ سيفَه: أَخرجه. وانْتَضَلْت مِنْهُمْ نَضْلة: اخْتَرْت. وفلانٌ نَضِيلي: وَهُوَ الَّذِي يُرامِيه ويُسابِقه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُنَاضِلُ عَنْ فُلَانٍ إِذا نَصَح عَنْهُ وَدَافَعَ وَتَكَلَّمَ عَنْهُ بِعُذْرِهِ وحاجَجَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بُعْداً لكُنّ وسُحْقاً فعَنْكُنّ كنتُ أُنَاضِل
أَي أُجادل وأُخاصِمُ وأُدافِعُ؛ وَمِنْهُ شِعْرِ أَبي طَالِبٍ يَمْدَحُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
كَذَبْتُم، وبَيْتِ اللهِ، يُبْزَى محمدٌ ... ولَمَّا نُطاعِنْ دونَه ونُنَاضِل «4»
. وانْتَضَلَ القومُ وتَنَاضَلُوا أَي رَمَوْا للسَّبْق؛ وَمِنْهُ قِيلَ: انْتَضَلُوا بالكلام والأَشعارِ. وانْتَضَلْت
__________
(1) . قوله [بناصلات إلخ] صدره وهو لرؤبة كما في التكملة:
والصهب تمطو الحلق المعكوسا
(2) . قوله [على مثال إلخ] هكذا في الأصل، وفي نسختين من المحكم على مثال إفعال وعلى مثال قولهم كلمته إلخ
(3) . قوله [كما قال الآخر إلخ] في القاموس في مادة نظر:
وَأَنَّنِي حَيْثُمَا يَثْنِي الْهَوَى بَصَرِي ... مِنْ حَيْثُمَا سَلَكُوا أدنو فأنظور
(4) . قوله [يبزى] في النهاية في مادة بزي ما نصه: يُبْزَى أَيْ يُقْهَرُ وَيُغْلَبُ؛ أراد لَا يُبْزَى، فَحَذْفَ لَا مِنْ جَوَابِ الْقِسْمِ وَهِيَ مُرَادُهُ أَيْ لَا يُقْهَرُ وَلَمْ نُقَاتِلْ عَنْهُ وَنُدَافِعْ(11/665)
رَجُلًا مِنَ الْقَوْمِ وانْتَضَلْت سَهْمًا مِنَ الكِنانة أَي اخْتَرْت. والمُنَاضَلَةُ: المُفاخَرة؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مَلِكٌ تَدِينُ لَهُ الْمُلُوكُ، ... وَلَا يُجاثِيه المُنَاضِل
وانْتَضَلَ القومُ إِذا تفاخَروا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فانْتَضَلْنا، وابنُ سَلْمى قاعدٌ ... كعَتِيق الطيرِ يُغْضي ويُجَل
ابْنُ السِّكِّيتِ: انْتَضى السَّيْفَ مِنْ غِمْدِه وانْتَضَلَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وتَنَضَّلْتُ الشيءَ إِذا اسْتَخْرَجْتَهُ. وانْتِضَال الإِبل: رَمْيُها بأَيديها فِي السَّيْر. ونَضِلَ البعيرُ والرجُل نَضْلًا: هُزِل «1» . وأَعْيا، وأَنْضَلَه هُوَ. ابْنُ الأَعرابي: النَّضَل والتَّبْدِيدُ التعبُ، وَقَدْ نَضِلَ يَنْضَلُ نَضَلًا. ونَضِلَت الدَّابَّةُ: تَعِبَتْ. ونَضْلَةُ: اسْمٌ، وَهُوَ نَضْلَةُ بْنُ هَاشِمٍ، ونَضْلَة بنُ حِمار. الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مُنَافٍ يُكْنى أَبا نَضْلَةَ.
نطل: النَّطْلُ: مَا عَلَى طُعْمِ الْعِنَبِ مِنَ القِشْر. والنَّطْلُ: مَا يُرْفَع مِنْ نَقِيع الزَّبِيبِ بَعْدَ السُّلاف، وإِذا أَنْقَعْت الزَّبِيبَ فأَوّل مَا يُرْفَع مِنْ عُصارتِه هُوَ السُّلاف، فإِذا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ ثَانِيَةً فَهُوَ النَّطْل؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ الْخَمْرَ:
مِمَّا تُعَتَّق فِي الدِّنانِ كأَنها، ... بِشفاهِ ناطِلِه، ذَبِيحُ غَزالِ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: النَّأْطَل، يُهْمز وَلَا يُهْمز، القدَح الصَّغِيرُ الَّذِي يُري الخمَّارُ فِيهِ النَّمُوذَج. ابْنُ الأَعرابي: والنَّطْلُ اللَّبَنُ الْقَلِيلُ. والنَّاطِلُ: الجُرْعة مِنَ الْمَاءِ واللبنِ والنبيذِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَلَوْ أَنّ مَا عندَ ابنِ بُجْرةَ عندَها ... مِنَ الخَمْرِ، لَمْ تَبْلُلْ لَهاتي بنَاطِل
قَوْلُهُ مِنَ الْخَمْرِ مُتَّصِلٌ بِعِنْدَ الَّتِي فِي الصِّلَةِ، وَعِنْدَهَا الثَّانِيَةُ خَبَرُ أَن، التَّقْدِيرُ: فَلَوْ أَن مَا عِنْدَ ابْنِ بُجْرَةَ مِنَ الْخَمْرِ عِنْدَهَا، فَفَصَلَ بَيْنَ الصِّلَةِ وَالْمَوْصُولِ، وَقِيلَ: النَّاطِلُ الخمرُ عامَّة. يُقَالُ: مَا بِهَا طَلٌّ وَلَا نَاطِلٌ، فالناطلُ مَا تَقَدَّمَ، والطَّلُّ اللبَن. والناطِلُ أَيضاً: الْفَضْلَةُ تَبْقَى فِي المِكْيال. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ: كَرِه أَن يُجعل نَطْلُ النَّبيذ فِي النَّبيذ ليشتدَّ بالنَّطْل
؛ هُوَ أَن يُؤْخَذَ سُلاف النَّبيذ وَمَا صَفَا مِنْهُ، فإِذا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا العَكَر والدُّرْدِيُّ صبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ وخُلِط بِالنَّبِيذِ الطَّريِّ ليشتدَّ. يُقَالُ: مَا فِي الدَّنِّ نَطْلة ناطِل أَي جُرْعة، وَبِهِ سُمِّيَ القدَح الصَّغِيرُ الَّذِي يَعْرِض فِيهِ الخمَّار أُنْموذَجَه ناطِلًا. والناطِلُ والناطَلُ والنَّيْطَل والنَّأْطَل: مِكْيَالُ الشَّراب وَاللَّبَنِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
تكُرُّ عَلَيْنَا بالمِزاجِ النَّيَاطِلُ
أَبو عَمْرٍو: النَّيَاطِل مَكاييل الْخَمْرِ، وَاحِدُهَا نأْطَل، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ ناطِل، بِكَسْرِ الطَّاءِ غَيْرِ مَهْمُوزٍ والأَول مَهْمُوزٌ. اللَّيْثُ: الناطِلُ مِكْيَالٌ يُكَالُ بِهِ اللَّبَنُ وَنَحْوُهُ، وَجَمْعُهُ النَّواطِل. أَبو تُرَابٍ: يُقَالُ انْتَطَلَ فُلَانٌ مِنَ الزِّقِّ نَطْلَةً وامتَطَل مَطْلة إِذا اصْطَبَّ مِنْهُ شَيْئًا يَسِيرًا. الْجَوْهَرِيُّ: النَّاطِل، بِالْكَسْرِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، كُوزٌ كَانَ يُكَالُ بِهِ الْخَمْرُ، وَالْجَمْعُ النَّيَاطِل. قال
__________
(1) . قوله [نَضْلًا هزل] ضبط في الأصل بسكون الضاد في هذا المصدر وكذا فِي نُسْخَةٍ مِنَ الْمُحْكَمِ والتهذيب، وفي أخرى من المحكم نَضَلًا بالتحريك(11/666)
ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ الْجَمْعُ نَيَاطِل هُوَ قَوْلُ أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ منعُه لأَن فاعِلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فَياعِل، قَالَ: وَالصَّوَابُ أَن نَيَاطِل جَمْعُ نَيْطَل لُغَةٌ فِي الناطَل والناطِل؛ حَكَاهَا ابْنِ الأَنباري عَنْ أَبيه عَنِ الطَّوْسِيِّ. ونَطَل الخَمر: عصَرها. والنِّطْل: خُثارةُ الشَّرَابِ. والنَّيْطَل: الدَّلْوُ، مَا كَانَتْ؛ قَالَ:
ناهَبْتهم بِنَيْطَلٍ جَرُوفِ، ... بِمَسْك عَنْزٍ مِنْ مُسُوك الرِّيفِ
الْفَرَّاءُ: إِذا كَانَتِ الدَّلْوُ كَبِيرَةً فَهِيَ النَّيْطَل. وَيُقَالُ: نَطَل فُلَانٌ نَفْسَهُ بِالْمَاءِ نَطْلًا إِذا صبَّ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ يَتعالَج بِهِ. والنِّئْطِلُ والنَّيْطَلُ: الدَّاهِيَةُ. وَرَجُلٌ نَيْطَل: داهٍ. وَمَا فِيهِ نَاطِلٌ أَي شَيْءٌ. الأَصمعي: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ بالنِّئْطِل والضِّئْبِل، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَمْعُ النِّئْطِل نَآطِل؛ وأَنشد:
قَدْ عَلِمَ النآطِلُ الأَصْلالُ، ... وعلماءُ الناسِ والجهَّالُ،
وَقْعي إِذا تَهافَتَ الرُّؤالُ
قَالَ: وَقَالَ الْمُتَلَمِّسُ فِي مُفْرَدِهِ:
وعَلِمْتُ أَنِّي قَدْ رُمِيتُ بِنِئْطِلٍ، ... إِذْ قيلَ: صارَ مِنَ آلِ دَوْفَنَ قَوْمَسُ
دَوْفَن: قَبِيلَةٌ، وقَوْمَس: أَمير. ونطلْت رأْس الْعَلِيلِ بالنَّطول: وَهُوَ أَن تَجْعَلَ الْمَاءَ الْمَطْبُوخَ بالأَدْوية فِي كُوزٍ ثُمَّ تصبَّه عَلَى رأْسه قَلِيلًا قَلِيلًا. وَفِي حَدِيثِ
ظَبْيَانَ: وَسَقَوْهُمْ بِصَبِير النَّيْطَل
؛ النَّيْطَلُ: الموتُ وَالْهَلَاكُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ، والصَّبِيرُ السَّحَابُ، وَاللَّهُ أَعلم.
نعل: النَّعْل والنَّعْلةُ: مَا وَقَيْت بِهِ القدَم مِنَ الأَرض، مُؤَنَّثَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا شَكَا إِليه رَجُلًا مِنَ الأَنصار فَقَالَ:
يَا خيرَ مَنْ يَمْشي بنَعْلٍ فرْدِ
قَالَ ابْنُ الأَثير: النَّعْل مُؤَنَّثَةٌ وَهِيَ الَّتِي تُلبَس فِي المَشْي تسمَّى الْآنَ تاسُومة، وَوَصَفَهَا بِالْفَرْدِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ لأَن تأْنيثها غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، والفَرْدُ هِيَ الَّتِي لَمْ تُخْصَف وَلَمْ تُطارَق وإِنما هِيَ طاقٌ وَاحِدٌ، وَالْعَرَبُ تمدَح برقَّة النِّعال وَتَجْعَلُهَا مِنْ لِباس المُلوك؛ فأَما قَوْلُ كثيِّر:
لَهُ نَعَلٌ لَا تَطَّبِي الكَلْب رِيحُها، ... وإِن وُضِعَتْ وَسْطَ المجَالس شُمَّت
فإِنه حرَّك حَرْفَ الْحَلْقِ لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: يَغَدُو وَهُوَ مَحَمُوم، فِي يَغْدو وَهُوَ مَحْموم، وَهَذَا لَا يُعَدُّ لُغَةً إِنما هُوَ مُتْبَع مَا قَبْلُهُ، وَلَوْ سُئِلَ رَجُلٌ عَنْ وَزْنِ يَغَدُو وَهُوَ مَحَموم لَمْ يَقُلْ إِنه يَفَعَل وَلَا مَفَعُول؛ وَالْجَمْعُ نِعَال. ونَعِلَ يَنْعَلُ نَعَلًا وتَنَعَّلَ وانْتَعَلَ: لبِس النَّعْل. والتَّنْعِيل: تَنْعِيلك حافرَ البِرْذَوْن بطَبَق مِنْ حَدِيدٍ تَقِيه الْحِجَارَةَ، وَكَذَلِكَ تَنْعِيل خفِّ الْبَعِيرِ بِالْجِلْدِ لِئَلَّا يَحفَى. ونَعْل الدَّابَّةِ: مَا وُقِيَ بِهِ حافرُها وخفُّها. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: النَّعْل الحِذاء، مُؤَنَّثَةٌ وَتَصْغِيرُهَا نُعَيْلَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ يَكُنِ الحَذَّاء أَباه تَجُدْ نَعْلاه أَي مَنْ يَكُنْ ذَا جِدّ يَبِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ. ونَعَلَ القومَ: وهَب لَهُمْ نِعالًا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وأَنْعَلُوا وهُمْ نَاعِلون، نَادِرٌ: كثُرتْ نِعالهم؛ عَنْهُ أَيضاً، قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا إِذا أَردت أَطْعَمْتهم أَو وَهَبْت لَهُمْ قُلْتَ فَعَلْتهم(11/667)
بِغَيْرِ أَلف، وإِذا أَردت أَن ذَلِكَ كَثُرَ عِنْدَهُمْ قُلْتَ أَفْعَلوا. وأَنْعَلَ الرجلُ دابَّتَه إِنْعَالًا، فَهُوَ مُنْعِل. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَنْعَلَ الدابةَ والبعيرَ ونَعَّلَهما. وَيُقَالُ: أَنْعَلْتُ الْخَيْلَ، بِالْهَمْزَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن غَسَّان تُنْعِل خيلَها.
وَرَجُلٌ نَاعِل ومُنْعِل: ذُو نَعْل «1» وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ مَيَّادة:
يُشَنْظِرُ بالقَوْمِ الكِرامِ، ويَعْتَزي ... إِلى شَرِّ حافٍ فِي البِلادِ ونَاعِلِ
وإِذا قُلْتَ مُنْتَعِل فَمَعْنَاهُ لابسٌ نَعْلًا، وامرأَة نَاعِلَة. وَفِي الْمَثَلِ: أَطِرِّي فإِنك نَاعِلَة؛ أَراد أَدِلِّي عَلَى الْمَشْيِ فإِنك غليظةُ الْقَدَمَيْنِ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إِلى النَّعْلَيْنِ، وأَحال الأَزهري تَفْسِيرَ هَذَا الْمَثَلِ عَلَى مَوْضِعِهِ فِي حَرْفِ الطَّاءِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ «2» . وَحَافِرٌ نَاعِلٌ: صُلْب، عَلَى المثَل؛ قَالَ:
يَرْكَب فَيْناهُ وقِيعاً نَاعِلا «3»
. الوَقِيعُ: الَّذِي قَدْ ضُرب بالمِيقَعة أَي المِطْرقة، يَقُولُ: قَدْ صَلُب مِنْ تَوْقِيعِ الْحِجَارَةِ حَتَّى كأَنه مُنْتَعِل. وَفَرَسٌ مُنْعَل: شديدُ الْحَافِرِ. وَيُقَالُ لِحِمَارِ الْوَحْشِ: نَاعِل، لِصَلَابَةِ حَافِرِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَنْعَلْت خُفِّي ودابَّتي، قَالَ: وَلَا يُقَالُ نَعَلْت. وفرسٌ مُنْعَلُ يَدِ كَذَا أَو رَجُلٌ كَذَا أَو الْيَدَيْنِ أَو الرِّجْلَيْنِ إِذا كَانَ البَياض فِي مآخِير أَرْساغِ رِجْلَيْهِ أَو يَدَيْهِ وَلَمْ يَسْتَدِرْ، وَقِيلَ: إِذا جَاوَزَ البياضُ الخاتمَ، وَهُوَ أَقلُّ وضَحِ الْقَوَائِمِ، فَهُوَ إِنْعَال مَا دَامَ فِي مؤخَّر الرُّسْغ مِمَّا يَلي الحافرَ. قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ مِنْ وَضَح الفَرس الإِنْعَال، وَهُوَ أَن يُحيط الْبَيَاضُ بِمَا فَوْقَ الْحَافِرِ مَا دَامَ فِي مَوْضِعِ الرُّسغ. يُقَالُ: فَرَسٌ مُنْعَل، قَالَ: وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ هُوَ بَيَاضٌ يَمَسُّ حَوافِرَه دُونَ أَشاعِره، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الإِنْعَال أَن يَكُونَ الْبَيَاضُ فِي مؤخَّر الرُّسْغ مِمَّا يَلي الْحَافِرَ عَلَى الأَشْعَر لَا يَعْدُوه وَلَا يَستدير، وإِذا جَاوَزَ الأَشاعر وبعضَ الأَرْساغ وَاسْتَدَارَ فَهُوَ التَّخْدِيم. وانْتَعَلَ الرجلُ الأَرض: سافرَ رَاجِلًا؛ وَقَالَ الأَزهري: انْتَعَلَ فُلَانٌ الرَّمضاء إِذا سافَر فِيهَا حَافِيًا. وانْتَعَلت المَطيُّ ظِلالها إِذا عَقَل الظلُّ نِصْفَ النَّهَارِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
وانْتَعَلَ الظِّلَّ فَكَانَ جَوْرَبا
وَيُرْوَى: وانْتَعِلِ الظِّلّ. قَالَ الأَزهري: وانْتَعَلَ الرجلُ إِذا رَكِبَ صِلاب الأَرض وحِرارها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فِي كُلِّ آنٍ قَضاهُ الليلُ يَنْتَعِلُ
ابْنُ الأَعرابي: النَّعْلُ مِنَ الأَرض والخفُّ والكُراعُ والضِّلَعُ كُلُّ هَذِهِ لَا تَكُونُ إِلا مِنَ الحَرَّة، فالنَّعْلُ مِنْهَا شبيهٌ بالنَّعْل فِيهَا ارتفاعٌ وصلابةٌ، والخُفُّ أَطول مِنَ النَّعْل، والكُراعُ أَطول مِنَ الخُفِّ، والضِّلَعُ أَطول مِنَ الكُراعِ، وَهِيَ مُلْتَوِية كأَنها ضِلَع. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: النَّعْل مِنَ الأَرض الْقِطْعَةُ الصُّلْبة الْغَلِيظَةُ شِبْهُ الأَكَمة يَبْرق حَصاها وَلَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وَقِيلَ: هِيَ قِطْعَةٌ تَسِيلُ مِنَ الحَرَّة مُؤَنَّثَةٌ؛ قَالَ:
فِدًى لامْرئٍ، والنَّعْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ... شَفَى غيْمَ نَفْسي من رؤوس الحَواثِرِ
__________
(1) . قوله [ومُنْعِل ذو نعل] هكذا ضبط في الأصل، وفي القاموس: ومنعل كمكرم ذو نعل
(2) . قوله [وسنذكره في موضعه] هكذا في الأصل، وقد تقدم له شرح هذا المثل في مادة طرر
(3) . قوله [يركب فيناه] هكذا في الأصل هنا بالفاء وتقدم في مادة وقع قيناه بالقاف(11/668)
قَالَ الأَزهري: النَّعْل نَعْل الْجَبَلِ، والغَيْمُ الوَتْرُ والذَّحْلُ، وأَصله الْعَطَشُ، والحَواثِر مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَالْجَمْعُ نِعَال؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ قَوْمًا مُنْهَزِمِينَ:
كأَنهم حَرْشَفٌ مبْثُوث ... بالحَرِّ، إِذ تَبْرُقُ النِّعَالُ»
. وأَنشد الْفَرَّاءُ:
قَوْم، إِذا اخضرَّتْ نِعَالُهمُ، ... يَتَناهَقُون تَناهُقَ الحُمُرِ
وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
إِذا ابْتَلَّت النِّعَالُ فَالصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: النِّعَالُ جَمْعُ نَعْل وَهُوَ مَا غلُظ مِنَ الأَرض فِي صَلابة وإِنما خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لأَن أَدنى بَلَلٍ يُنَدِّيها بِخِلَافِ الرِّخْوَة فإِنها تَنْشَف الماءَ؛ قَالَ الأَزهري: يَقُولُ إِذا مُطِرت الأَرَضون الصِّلاب فَزَلِقَتْ بِمَنْ يَمْشِي فِيهَا فصلُّوا فِي مَنازلكم، وَلَا عَلَيْكُمْ أَن لَا تَشْهَدُوا الصَّلَاةَ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ. والمَنْعَل والمَنْعَلَةُ: الأَرض الْغَلِيظَةُ اسمٌ وصفةٌ. والنَّعْلُ مِنْ جَفْن السَّيْفِ: الحديدةُ الَّتِي فِي أَسفل قِرابه. ونَعْل السَّيْفِ: حَدِيدَةٌ فِي أَسفلِ غِمْده، مُؤَنَّثَةٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِلى مَلِكٍ لَا تَنْصُفُ الساقَ نَعْلُهُ، ... أَجَلْ لَا، وإِن كَانَتْ طِوالًا مَحامِلُهْ
وَيُرْوَى: حَمائلُهْ، وَصَفَهُ بِالطُّولِ وَهُوَ مَدْحٌ. ونَعْل السَّيْفِ: مَا يَكُونُ فِي أَسفل جَفْنِه مِنْ حَدِيدَةٍ أَو فضَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ نَعْلُ سيفِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ فِضَّة
؛ نعْلُ السَّيْفِ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي أَسفل القِراب. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: النَّعْل حَدِيدَةُ المِكْرب، وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهِ السِّنَّ. والنَّعْلُ: العَقَب الَّذِي يُلْبَسه ظَهْرُ السِّيَة مِنَ الْقَوْسِ، وَقِيلَ: هي الجلدة الَّتِي عَلَى ظَهْرِ السِّيَةِ، وَقِيلَ: هِيَ جِلْدَتُهَا الَّتِي عَلَى ظَهْرِهَا كُلُّهُ. والنَّعْل: الرَّجُلُ الذَّلِيلُ يُوطَأُ كَمَا تُوطَأُ الأَرض؛ وأَنشد للقُلاخ: وَلَمْ أَكُنْ دارِجةً ونَعْلا «2» . وَبَنُو نُعَيْلَة: بَطْنٌ. قَالَ الأَزهري: إِذا قُطعت الوَدِيَّة مِنْ أُمِّها بِكَرَبها قِيلَ: ودِيَّة مُنْعَلَة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ وأَنكره الطُّوسِيُّ، وَقَالَ: صَوَابُهُ بكَرَبة، يُرِيدُ تَقْطَعُ بكَرَبةٍ مِنَ الأُمّ أَي مَعَ كَرَبة مِنْهَا، وَذَلِكَ أَن الوَدِيَّة تَكُونُ فِي أَصل النَّخْلة مَعَ أُمِّها، وأَصلها فِي الأَرض، وَتَكُونُ فِي جِذْعِ أُمِّها فإِذا قُلِعت مَعَ كَرَبةٍ مِنْ أُمِّها قِيلَ: وَدِيَّة مُنْعَلَة. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ رَمَاهُ بالمُنْعِلات أَي بِالدَّوَاهِي، وَتَرَكْتُ بَيْنَهُمُ المُنْعِلات. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ لِزَوْجَةِ الرَّجُلِ هِيَ نَعْلُه ونَعْلَتُه؛ وأَنشد لِلرَّاجِزِ:
شَرُّ قَرِينٍ لِلْكَبِيرِ نَعْلَتُهْ، ... تُولِغُ كلْباً سُؤْرَه أَو تَكْفِتُهْ
وَالْعَرَبُ تَكْنِي عَنِ المرأَة بالنَّعْل.
نعثل: النَّعْثَلُ: الشيخُ الأَحمقُ. وَيُقَالُ: فِيهِ نَعْثَلَةٌ أَي حُمْقٌ. والنَّعْثَلُ: الذِّيخُ وَهُوَ الذكَر مِنَ الضِّبَاعِ. ونَعْثَلَ: خَمَع. والنَّعْثَلَة: أَن يمشِيَ الرَّجُلُ مُفاجًّا ويَقْلِب قَدَمَيْه كأَنه يَغْرِفُ بهما،
__________
(1) . قوله [بالحر] تقدم في مادة حرشف بدله بالجو
(2) . قوله [وأنشد للقلاخ إلخ] هكذا في الأصل، والشطر في التهذيب غير منسوب وعبارة الصاغاني عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ قَالَ القلاخ:
شر عبيد حسباً وأصلا ... دراجة موطوءة ونعلا
ويروى دارجة(11/669)
وَهُوَ مِنَ التبختُر. ونَعْثَل: رَجُلٌ مِنْ أَهل مِصْر كَانَ طَوِيلَ اللِّحْية، قِيلَ: إِنه كَانَ يُشْبِه عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ، وشاتِمُو عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُسَمُّونَهُ نَعْثَلًا. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه كَانَ يَخْطُبُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَنَالَ مِنْهُ، فَوَذَأَهُ ابنُ سَلام فاتَّذَأَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَا يَمْنَعَنَّك مَكَانُ ابْنِ سَلَامٍ أَن تَسُبَّ نَعْثَلًا فإِنه مِنْ شِيعته
، وَكَانَ أَعداءُ عُثْمَانَ يُسَمُّونَهُ نَعْثَلًا تَشْبِيهًا بِالرَّجُلِ المِصْريّ الْمَذْكُورِ آنِفًا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: اقْتُلُوا نَعْثَلًا قَتَل اللهُ نَعْثَلًا
تَعْنِي عُثْمَانَ، وَكَانَ هَذَا مِنْهَا لَمَّا غاضَبَتْه وذهبتْ إِلى مَكَّةَ، وكان عثمان إِذا نِيلَ مِنْهُ وَعِيبَ شبِّه بِهَذَا الرَّجُلِ المِصْريّ لِطُولِ لِحْيَتِهِ وَلَمْ يَكُونُوا يَجِدُونَ فِيهِ عَيْبًا غَيْرَ هَذَا. والنَّعْثَلَةُ مِثْلُ النَّقْثَلة: وَهِيَ مِشْية الشَّيْخِ. ابْنُ الأَعرابي: نَعْثَلَ الفرسُ فِي جَرْيِهِ إِذا كَانَ يَقْعُد عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ العدْوِ وَهُوَ عَيْبٌ؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:
كُلُّ مُكِبِّ الجَرْي أَو مُنَعْثِلَهْ
وَفَرَسٌ مُنَعْثِل: يُفَرِّقُ قَوَائِمَهُ فإِذا رَفَعَهَا فكأَنما يَنْزِعها مِنْ وَحَل يَخْفِق برأْسه وَلَا تَتْبَعُهُ رجلاه.
نعدل: الأَصمعي «3» : مَرَّ فُلَانٌ مُنَعْدِلًا ومُنَوْدِلًا إِذا مَشَى مسترخياً.
نعظل: العَنْظَلة والنَّعْظَلَة، كِلَاهُمَا: العَدْوُ البَطيءُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي تَرْجَمَةِ عنظل.
نغل: النَّغَل، بِالتَّحْرِيكِ: فَسَادُ الأَدِيم فِي دِباغه إِذا تَرَفَّت وتَفَتَّت. وَيُقَالُ: لَا خَيْرَ فِي دَبْغة عَلَى نَغْلَة. نَغِلَ الأَديمُ، بِالْكَسْرِ، نَغَلًا، فَهُوَ نَغِلٌ: فَسَدَ فِي الدَّبَّاغِ، وأَنْغَلَه هُوَ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ خُوَيْلِدٍ:
بَنِي كاهِلٍ لَا تُنْغِلُنَّ أَدِيمَها، ... ودَعْ عَنْك أَفْصَى، لَيْسَ مِنْهَا أَدِيمُها
وَالِاسْمُ: النَّغْلَة. ونَغِلَ الجُرْحُ نَغَلًا: فَسَدَ، وبَرئ الجُرْحُ وَفِيهِ شَيْءٌ مِنْ نَغَلٍ أَي فسادٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
رُبَّمَا نَظَر الرجلُ نَظْرةً فَنَغِلَ قلبُه كَمَا يَنْغَلُ الأَديمُ فِي الدِّباغ فَيَتَثقَّب.
ونَغِلَ الأَديمُ إِذا عفِن وتَهَرَّى فِي الدِّبَاغِ فَيَفْسَدُ ويَهْلِك. وجَوْزةٌ نَغِلَةٌ: متَغيِّرة. وَرَجُلٌ نَغِلٌ ونَغْلٌ: فَاسِدُ النسَب، وَقِيلَ: إِن الْعَامَّةَ تَقُولُ نَغْل. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ نَغُلَ المولودُ يَنْغُلُ نُغُولَةً، فَهُوَ نَغْل. والنَّغْل: وَلَدُ الزِّنْيَة، والأُنثى نَغْلَة، والمصدرُ أَو اسمُ الْمَصْدَرِ مِنْهُ النِّغْلَة. والنَّغَلُ: الإِفسادُ بَيْنَ الْقَوْمِ والنَّميمةُ؛ قال الأَعشى يَذْكُرُ نَبَاتَ الأَرض:
يَوماً تَرَاهَا كَشِبْهِ أَرْدِيَةِ ... العَصْبِ، وَيَوْمًا أَدِيمُها نَغِلا
وَاسْتَشْهَدَ الأَزهري بِهَذَا الْبَيْتِ عَلَى قَوْلِهِ نَغِلَ وجهُ الأَرض إِذا تهشَّم مِنَ الجُدوبة. وَفِيهِ نَغَلَةٌ أَي نميمةٌ. وأَنْغَلَهم حَدِيثًا سمعَه: نَمَّ إِليهم بِهِ. ونَغِلَ قلبُه أَي ضَغِن. يُقَالُ: نَغِلَتْ نِيَّاتُهم أَي فسدتْ.
نغبل: النُّغْبُول والغُنْبُول: طَائِرٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بثبت.
نفل: النَّفَل، بِالتَّحْرِيكِ: الغنيمةُ والهبةُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
إِنَّ تَقْوَى رَبِّنا خيرُ نَفَلْ، ... وبإِذْنِ اللهِ رَيْثي والعَجَلْ
__________
(3) . قوله [نعدل الأَصمعي إلخ] هذه المادة في الأَصل بالعين المهملة بعد النون. وأتي بها في القاموس بالغين المعجمة بعد النون أيضاً لكن نبه شارحه على أنه بالعين المهملة، والذي في الصاغاني هو ما ذكره المجد، وأما الذي في التهذيب فهو معندلًا بالعين قبل النون(11/670)
وَالْجَمْعُ أَنْفَال ونِفَال؛ قَالَتْ جَنُوب أُخت عَمْرو ذِي الكَلْب:
وَقَدْ عَلِمَتْ فَهْمُ عِنْدَ اللِّقاء، ... بأَنهمُ لَكَ كَانُوا نِفَالا
نَفَّلَه نَفَلًا وأَنْفَلَه إِيَّاه ونَفَلَه، بِالتَّخْفِيفِ، ونفَّلْت فُلَانًا تَنْفِيلًا: أَعطيته نَفَلًا وغُنْماً. وَقَالَ شَمِرٌ: أَنفَلْت فُلَانًا ونَفَلْته أَي أَعطيته نافِلة مِنَ الْمَعْرُوفِ. ونَفَّلْته: سوَّغت لَهُ مَا غَنِم؛ وأَنشد:
لَمَّا رأَيت سَنَةَ جَمادَى، ... أَخَذْتُ فَأْسي أَقْطَعُ القَتادا،
رَجَاءَ أَن أُنفِلَ أَو أَزْدادَا
قَالَ: أَنشدَتْه العُقَيْليَّة فَقِيلَ لَهَا مَا الإِنْفَال؟ فَقَالَتْ: الإِنْفَال أَخذُ الفأْس يَقْطَعُ القَتادَ لإِبِله لأَن يَنْجُوَ مِنَ السَّنَة فَيَكُونَ لَهُ فَضْل عَلَى مَنْ لَمْ يَقْطَعِ القَتاد لإِبله. ونَفَّلَ الإِمامُ الجُنْدَ: جَعَلَ لَهُمْ مَا غَنِمُوا. والنَّافِلَةُ: الْغَنِيمَةُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فإِنْ تَكُ أُنْثَى مِنْ مَعَدٍّ كَرِيمَةً ... عَلَيْنَا، فَقَدْ أَعطيت نَافِلَة الفَضْل
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ
؛ يُقَالُ الغَنائم، واحدُها نَفَل، وإِنما سأَلوا عَنْهَا لأَنها كَانَتْ حَرَامًا عَلَى مَن كَانَ قَبْلَهُمْ فأَحلَّها اللَّهُ لَهُمْ، وَقِيلَ أَيضاً: إِنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَفَّلَ فِي السَّرايا فكَرِهُوا ذَلِكَ؛ فِي تأْويله: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ، كَذَلِكَ تُنَفِّلُ مَنْ رأَيتَ وإِن كَرِهُوا، وَكَانَ سيدُنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جعلَ لكلِّ مَنْ أَتَى بأَسِير شَيْئًا فَقَالَ بعضُ الصَّحَابَةِ: يَبْقَى آخرُ النَّاسِ بِغَيْرِ شَيْءٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وجِماعُ مَعْنَى النَّفَل والنَّافِلَة مَا كَانَ زِيَادَةً عَلَى الأَصل، سمِّيت الغنائمُ أَنْفَالًا لأَن الْمُسْلِمِينَ فُضِّلوا بِهَا عَلَى سَائِرِ الأُمَمِ الَّذِينَ لَمْ تحلَّ لَهُمُ الغَنائم. وصلاةُ التطوُّع نَافِلةٌ لأَنها زِيَادَةُ أَجْرٍ لَهُمْ عَلَى مَا كُتِبَ لَهُمْ مِنْ ثَوَابِ مَا فُرِضَ عَلَيْهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ونَفَّلَ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، السَّرَايا فِي البَدْأَةِ الرُّبُعَ وَفِي القَفْلة الثُّلُثَ، تَفْضِيلًا لَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهل الْعَسْكَرِ بِمَا عانَوْا مِنْ أَمر العَدُوِّ، وقاسَوْهُ مِنَ الدُّؤُوب والتَّعَبِ، وَبَاشَرُوهُ مِنَ القِتال وَالْخَوْفِ.
وكلُّ عطيَّةٍ تَبَرَّع بِهَا مُعطيها مِنْ صدقةٍ أَو عملِ خَيْرٍ فَهِيَ نَافِلَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: النَّفَل الغنائمُ، والنَّفَل الْهِبَةُ، والنَّفَل التطوُّع. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَنَفَّلَ فُلَانٌ عَلَى أَصحابه إِذا أَخذ أَكثر مِمَّا أَخذوا عِنْدَ الْغَنِيمَةِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ. نَفَّلْتُ فُلَانًا عَلَى فُلَانٍ أَي فضَّلته. والنَّفَل، بِالتَّحْرِيكِ: الْغَنِيمَةُ، والنَّفْل، بِالسُّكُونِ وَقَدْ يُحَرَّكُ: الزِّيَادَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعَثَ بَعْثاً قِبَل نَجْد فبلغتْ سُهْمانُهم اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا ونَفَّلَهم بَعِيرًا بَعِيرًا
أَي زَادَهَمْ عَلَى سِهامهم، وَيَكُونُ مِنْ خُمْس الخُمْسِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا نَفَل فِي غَنيمةٍ حَتَّى يُقسَم جَفَّةً كُلُّهَا
أَي لَا ينفِّل مِنْهَا الأَمير أَحداً مِنَ المُقاتِلة بَعْدَ إِحْرازها حَتَّى يُقْسَمَ كُلُّهَا، ثُمَّ ينفِّله إِن شَاءَ مِنَ الْخُمُسِ، فأَما قَبْلَ القِسْمة فَلَا، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ النَّفَل والأَنْفال فِي الْحَدِيثِ، وَبِهِ سمِّيت النَّوَافِل فِي العِبادات لأَنها زَائِدَةٌ عَلَى الفَرائض. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَزَالُ العَبْد يتقرَّب إِليّ بالنَّوَافِل.
وَفِي حَدِيثِ قِيامِ رَمَضَانَ:
لَوْ نَفَّلْتنا بقيَّة ليلتِنا هَذِهِ
أَي زِدْتنا مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
إِنّ المَغانِمَ كَانَتْ محرَّمة عَلَى الأُمَمِ فنَفَّلَها اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الأُمة
أَي زَادَهَا. والنَّافِلَةُ:(11/671)
العطيَّة عَنْ يدٍ. والنَّفْل والنَّافِلَةُ: مَا يَفْعَلُهُ الإِنسان مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ
؛ النَّفْل والنَّافِلَةُ: عَطِيَّةُ التطوُّع مِنْ حَيْثُ لَا يَجِبُ، وَمِنْهُ نَافِلَةُ الصَّلَاةِ. والتَّنَفُّل: التطوُّع. قَالَ الْفَرَّاءُ: لَيْسَتْ لأَحد نَافِلَة إِلَّا لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ غفر لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تأَخَّر فعمَلُه نَافِلَةٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ نَافِلَةٌ زِيَادَةٌ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَاصَّةً لَيْسَتْ لأَحد لأَن اللَّهَ تَعَالَى أَمره أَن يَزْدَادَ فِي عِبَادَتِهِ عَلَى مَا أَمرَ بِهِ الخلْق أَجمعين لأَنه فضَّله عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَعَدَهُ أَن يبعَثَه مَقاماً مَحْمُودًا وصحَّ أَنه الشَّفَاعَةُ. وَرَجُلٌ كَثِيرُ النَّوَافِل أَي كثيرُ العَطايا والفَواضِل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
لِلَّهِ نَافِلَةُ الأَجَلِّ الأَفْضَلِ
قَالَ شَمِرٌ: يُرِيدُ فَضْل مَا ينفِّل مِنْ شَيْءٍ. ونَفَّلَ غيرَه يُنَفِّلُ أَي فضَّله عَلَى غَيْرِهِ. والنَّافِلَةُ: ولدُ الولدِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن الأَصلَ كَانَ الْوَلَدَ فَصَارَ ولدُ الولدِ زِيَادَةً عَلَى الأَصل؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ إِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً
؛ كأَنه قَالَ وَهَبْنَا لإِبراهيم إِسحاقَ فَكَانَ كالفَرْضِ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَيَعْقُوبَ نافِلَةً
، فالنَّافِلَةُ ليعقوبَ خَاصَّةً لأَنه ولدُ الْوَلَدِ أَي وَهَبْنَا لَهُ زِيَادَةً عَلَى الفَرْض لَهُ، وَذَلِكَ أَن إِسحاقَ وُهِبَ لَهُ بدُعائه وزِيدَ يَعْقُوبُ تفضُّلًا. والنَّوْفَلُ: الْعَطِيَّةُ. والنَّوْفَل: السيِّدُ المِعْطاءُ يشبَّهان بِالْبَحْرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَن النَّوْفَل البَحْرُ وَلَا نصَّ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَعني أَنهم لَمْ يصرِّحوا بِذَلِكَ بأَن يَقُولُوا النَّوْفَل الْبَحْرُ. أَبو عَمْرٍو: هُوَ اليَمُّ والقَلَمَّسُ والنَّوْفَلُ والمُهْرُقانُ والدَّأْمَاءُ وخُضَارَةُ والأَخْضَرُ والعُلَيْم «1» . والخَسِيفُ. والنَّوْفَلُ: الْبَحْرُ «2» . التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْكَثِيرِ النَّوَافِل وَهِيَ العَطايا نَوْفَل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ رَجُلًا:
غِياثُ المَضُوعِ رِئَابُ الصُّدُوع، ... لأْمَتُكَ الزُّفَرُ النَّوْفَلُ
يَعْنِي الْمَذْكُورَ، ضاعَني أَي أَفْزَعَني. قَالَ شَمِرٌ: الزُّفَر القَويّ عَلَى الحَمالات، والنَّوْفَل الْكَثِيرُ النَّوافِل، وَقَوْمٌ نَوْفَلون. والنَّوْفَلُ: الْعَطِيَّةُ تشبَّه بِالْبَحْرِ. والنَّوْفَل: الرَّجُلُ الكثيرُ الْعَطَاءِ؛ وأَنشد لأَعشى بَاهِلَةَ:
أَخُو رَغائِبَ يُعْطِيها ويَسْأَلُها، ... يأْبَى الظُّلامَةَ مِنْهُ النَّوْفَلُ الزُّفَرُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَوْلُهُ مِنْهُ النَّوْفَل الزُّفَر؛ النَّوْفَل: مَنْ يَنْفِي عَنْهُ الظلْمَ مِنْ قَوْمِهِ أَي يَدْفعه. والنَّوْفَلة: المَمْحَلةُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: المَمْلَحةُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف النَّوْفلة بِهَذَا الْمَعْنَى. وانْتَفَلَ مِنَ الشَّيْءِ: انْتَفى وتبرَّأَ مِنْهُ. أَبو عُبَيْدٍ: انْتَفلْت مِنَ الشَّيْءِ وانْتَفَيْت مِنْهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كأَنه إِبدال مِنْهُ؛ قَالَ الأَعشى:
لَئِنْ مُنِيتَ بِنَا عَنْ جِدِّ مَعْرَكة، ... لَا تُلْفِنا عَنْ دِماءِ الْقَوْمِ نَنْتَفِلُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ فُلَانًا انْتَفَلَ مِنْ وَلَده
أَي تبرَّأَ مِنْهُ. قَالَ اللَّيْثُ: قَالَ لِي فُلَانٌ قَوْلًا فانْتَفَلْت مِنْهُ أَي أَنكرت أَن أَكون فَعَلْته؛
__________
(1) . قوله [والعليم] هكذا في الأصل مضبوطاً، والذي في القاموس: العيلم أي كحيدر
(2) . قوله [والنَّوْفَل البحر] كذا في الأصل وهو مستغنى عنه(11/672)
وأَنشد للمتَلَمِّس:
أَمُنْتَفِلًا مِنْ نَصْرِ بُهْثَةَ دَائِبًا؟ ... وتَنْفُلُني مِنْ آلِ زَيْدٍ فَبِئْسما
قَالَ أَبو عَمْرٍو: تَنْفُلُني تَنْفِيني. والنَّافِلُ: النَّافِي. وَيُقَالُ: انْتَفَلَ فُلَانٌ إِذا اعْتَذَرَ. وانْتَفَلَ: صَلَّى النَّوافِل. وَيُقَالُ: نَفَّلْت عَنْ فُلَانٍ مَا قِيلَ فِيهِ تَنْفِيلًا إِذا نَضَحْت عَنْهُ ودَفَعْتَه. وَفِي حَدِيثِ القَسامة:
قَالَ لأَولِياء المَقْتول: أَتَرْضَوْن بِنَفْل خَمْسين مِنَ الْيَهُودِ مَا قَتَلُوه؟
يُقَالُ: نَفَّلْته فنَفَلَ أَي حلَّفته فحلَف. ونَفَلَ وانْتَفَلَ إِذا حلَف. وأَصل النَّفْل النَّفْي. يُقَالُ: نَفَلْت الرجلَ عَنْ نسَبه. وانْفُلْ عَنْ نَفْسِكَ إِن كُنْتَ صَادِقًا أَي انْفِ مَا قِيلَ فِيكَ، وَسُمِّيَتِ الْيَمِينُ فِي الْقَسَامَةِ نَفْلًا لأَنَّ القِصاص يُنْفَى بِهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وجهه: لَوَدِدْتُ أَنَّ بَنِي أُمَيَّة رَضُوا ونَفَّلْناهم خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يَحْلِفُون مَا قَتَلْنا عُثْمَانَ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ قاتِلًا
؛ يُرِيدُ نَفَّلْنا لَهُمْ. وأَتَيْتُ أَتَنَفَّله أَي أَطلبه؛ عَنِ ثَعْلَبٍ. وأَنْفَلَ لَهُ: حلَف. والنَّفَل: ضرْب مِنْ دِقِّ النَّبَاتِ، وَهُوَ مِنْ أَحْرار البُقول تنبُت مُتَسَطِّحةً وَلَهَا حَسَك يَرْعاه القَطا، وَهِيَ مِثْلُ القَثِّ لَهَا نَوْرةٌ صفراءُ طيبةُ الرِّيحِ، وَاحِدَتُهُ نَفَلةٌ، قَالَ: وبالنَّفَل سُمِّيَ الرَّجُلُ نُفَيْلًا؛ الْجَوْهَرِيُّ: النَّفَل نَبْتٌ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ هُوَ الْقُطَامِيُّ:
ثُمَّ استمرَّ بِهَا الحادِي، وجَنَّبها ... بَطْنَ الَّتِي نَبْتُها الحَوْذانُ والنَّفَلُ
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فِي لَيَالِي الشَّهْرِ ثَلَاثٌ غُرَر، وَذَلِكَ أَول مَا يَهِلُّ الْهِلَالُ، سمِّين غُرَراً لأَن بياضَها قَلِيلٌ كغرَّة الْفَرَسِ، وَهِيَ أَقل مَا فِيهِ مِنْ بَيَاضِ وَجْهِهِ، وَيُقَالُ لِثَلَاثِ لَيَالٍ بَعْدَ الغُرَر: نُفَل، لأَن الغُرَر كَانَتِ الأَصل وَصَارَتْ زِيَادَةُ النُّفَل زِيَادَةً عَلَى الأَصل، وَاللَّيَالِي النُّفَل هِيَ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ مِنَ الشَّهْرِ. والنَّوْفَلِيَّة: ضرْب مِنَ الامتِشاط؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي عَنِ الْفَارِسِيِّ؛ وأَنشد لجِران العَوْد:
أَلا لَا تَغُرَّنَّ امْرَأً نَوْفَلِيَّةٌ ... عَلَى الرأْسِ بَعْدِي، والترائبُ وُضَّحُ
وَلَا فاحِمٌ يُسْقى الدِّهانَ، كأَنه ... أَساوِدُ يَزْهاها مَعَ اللَّيْلِ أَبْطَحُ
وَكَذَلِكَ رُوِيَ: يَغُرَّنَّ، بِلَفْظِ التَّذْكِيرِ، وَهُوَ أَعذر مِنْ قَوْلِهِمْ حَضَرَ القاضيَ امرأَةٌ لأَن تأْنيث المِشْطة غَيْرُ حَقِيقِيٍّ. التَّهْذِيبُ: والنَّوْفَلِيَّة شَيْءٌ يتَّخذه نساءُ الأَعراب مِنْ صُوفٍ يَكُونُ فِي غِلَظٍ أَقل مِنَ الساعِد، ثُمَّ يُحْشى وَيُعْطَفُ فَتَضَعُهُ المرأَة عَلَى رأْسها ثُمَّ تَخْتَمِرُ عَلَيْهِ، وأَنشد قَوْلَ جِران العَوْد. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْداء: إِياكم والخَيْلَ المنَفِّلة الَّتِي إِن لَقِيَتْ فَرَّتْ وإِن غَنِمت غَلَّتْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كأَنه مِنَ النَّفَل الغنيمةِ أَي الَّذِينَ قصدُهم مِنَ الغَزْو الغنيمةُ والمالُ دُونَ غَيْرِهِ، أَو مِنَ النَّفْل وَهُمُ المُطَّوِّعة المتبرِّعون بالغَزْوِ الَّذِينَ لَا اسمَ لَهُمْ فِي الدِّيوان فَلَا يقاتِلون قِتالَ مَنْ لَهُ سَهْم، قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ أَبي مُوسَى مِنْ حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحمد مِنْ رِوَايَةِ أَبي هُرَيْرَةَ أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِياكم والخيلَ المُنَفِّلَة، فإِنها إِن تَلْقَ تَفِر، وإِن تَغْنَم تَغْلُلْ
؛ قَالَ: وَلَعَلَّهُمَا حَدِيثَانِ. ونَوْفَل ونُفَيْل: اسمان.(11/673)
نقل: النَّقْلُ: تحويلُ الشَّيْءِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ، نَقَله يَنْقُلُه نَقْلًا فانْتَقَلَ. والتَّنَقُّل: التحوُّل. ونَقَّلَه تَنْقِيلًا إِذا أَكثر نَقْلَهُ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: لَا سَمِين فيَنْتَقِل
أَي ينقُله النَّاسُ إِلى بُيُوتِهِمْ فيأْكلونه. والنُّقْلَة: الِاسْمُ مِنَ انتِقال الْقَوْمِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ، وَهَمْزَةُ النَّقْل الَّتِي تَنْقُل غَيْرَ المتعدِّي إِلى المتعدِّي كَقَوْلِكَ قَامَ وأَقَمْتُه، وَكَذَلِكَ تشديدُ النَّقْل هُوَ التضعيفُ الَّذِي يَنْقُل غَيْرَ الْمُتَعَدِّي إِلى الْمُتَعَدِّي كَقَوْلِكَ غَرِم وغَرَّمْتُه وفَرِح وفَرَّحْته. والنُّقْلَة: الانتِقال. والنُّقْلَة: النمِيمةُ تنْقُلها. والنَّاقِلةُ مِنْ نَوَاقِل الدَّهْرِ: الَّتِي تنقُل قَوْمًا مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ. والنَّواقِلُ مِنَ الخَراج: مَا يُنْقَل مِنْ قَرْيَةٍ إِلى أُخرى. والنَّوَاقِلُ: قَبائل تَنتَقِل مِنْ قَوْمٍ إِلى قَوْمٍ. والنَّاقِلَةُ مِنَ النَّاسِ: خلافُ القُطَّان. والنَّاقِلَةُ: قبيلةٌ تَنْتَقِلُ إِلى أُخرى. التَّهْذِيبُ: نَوَاقِل الْعَرَبِ مَنِ انتقَل مِنْ قَبِيلَةٍ إِلى قَبِيلَةٍ أُخرى فانتَمى إِليها. والنَّقلُ: سُرْعَةُ نَقْل الْقَوَائِمِ. وَفَرَسٌ مِنْقَل أَي ذُو نَقَل وَذُو نِقال. وَفَرَسٌ مِنْقَل ونَقَّال ومُناقِل: سَرِيعُ نَقْل الْقَوَائِمِ، وإِنه لَذُو نَقِيل. والتَّنْقِيل: مِثْلُ النَّقَل؛ قَالَ كَعْبٌ:
لَهُنَّ، مِنْ بعدُ، إِرْقالٌ وتَنْقِيلُ
والنَّقِيلُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ وَهُوَ المُداومة عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: انتَقَلَ سَارَ سَيْرًا سَرِيعًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَوْ طَلَبونا وجَدُونا نَنْتَقِلْ، ... مثلَ انْتِقَال نَفَرٍ عَلَى إِبِلْ
وَقَدْ نَاقَلَ مُنَاقَلَةً ونِقَالًا، وَقِيلَ: النِّقَالُ الرَّدَيان وَهُوَ بَيْنٌ العدْو والخَبَبِ. وَالْفَرَسُ يُناقِل فِي جَرْيه إِذا اتَّقى فِي عَدْوه الْحِجَارَةَ. ومُنَاقَلَةُ الْفَرَسِ: أَن يَضَعَ يدَه وَرِجْلَهُ عَلَى غَيْرِ حجَر لحسْن نَقْلِه فِي الْحِجَارَةِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
مِنْ كُلِّ مُشْتَرِفٍ، وإِن بَعُدَ المَدى، ... ضَرِمِ الرَّقاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ
وأَرض جَرِلةٌ: ذاتُ جَراوِل وغِلظ وَحِجَارَةٍ. والمُنَقِّلَة، بِكَسْرِ الْقَافِ، مِنَ الشِّجاج: الَّتِي تُنَقِّل الْعَظْمَ أَي تُكَسِّرُهُ حَتَّى يَخْرُجُ مِنْهَا فَراشُ العِظام، وَهِيَ قُشور تَكُونُ عَلَى العَظْم دُونَ اللَّحْمِ. ابْنُ الأَعرابي: شَجَّة مُنَقِّلَة بَيِّنة التَّنْقِيل، وَهِيَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهَا كِسَرُ العِظام، وَوَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ قَالَ: وَهِيَ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا صِغار العِظام وتنتَقِل عَنْ أَماكنها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تُنَقِّلُ الْعَظْمَ أَي تُكَسِّرُهُ، وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ جَنْبة: المنقِّلَة الَّتِي تُوضِح الْعَظْمَ مِنْ أَحد الْجَانِبَيْنِ وَلَا توضِحه مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَسُمِّيَتْ منقِّلة لأَنها تَنْقُل جانِبَها الَّذِي أَوْضَحَتْ عظمَه بالمِرْوَد، والتَّنْقِيل: أَن يَنْقُلَ بالمِرْوَد لِيَسْمَعَ صَوْتَ الْعَظْمِ لأَنه خَفِيٌّ، فإِذا سَمِعَ صَوْتَ الْعَظْمِ كَانَ أَكثر لنَذْرِها وَكَانَتْ مثلَ نِصْفِ المُوضِحة؛ قَالَ الأَزهري: وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ هُوَ أَول مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنها الَّتِي تنقِّل فَراشَ العِظام، وَهُوَ حِكَايَةُ أَبي عُبَيْدِ عَنِ الأَصمعي، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ الأَكثر عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ المُنَقَّلَة، بِفَتْحِ الْقَافِ. والمَنْقَلَةُ: المَرْحلة مِنْ مَراحل السَّفَرِ. والمَناقِل: المَراحِل. والمَنْقَلُ: الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ. والمَنْقَل: طَرِيقٌ مختصَر. والنَّقْل: الطريق المختصر. والنَّقَل: الْحِجَارَةُ كالأَثافِيِّ والأَفْهار، وَقِيلَ: هِيَ الْحِجَارَةُ الصِّغار، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَبْقَى مِنَ الْحَجَرِ إِذا اقتُلِع، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَقِيَ مِنَ الْحِجَارَةِ إِذا قُلِع جبَل وَنَحْوُهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَبْقَى مِنْ حجَر الحِصْن أَو الْبَيْتِ إِذا هُدِم،(11/674)
وَقِيلَ: هُوَ الْحِجَارَةُ مَعَ الشَّجَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، النَّقَل
؛ هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ صِغار الْحِجَارَةِ أَشباه الأَثافيّ، فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَي مَنْقول. ونَقِلَتْ أَرضُنا فَهِيَ نَقِلَة: كَثُرَ نَقَلُها؛ قَالَ:
مَشْيَ الجُمَعْلِيلةِ بالحَرْفِ النَّقِلْ
وَيُرْوَى: بالجُرْف، بِالْجِيمِ. وأَرضٌ مَنْقَلة: ذاتُ نَقَل. وَمَكَانٌ نَقِلٌ، بِالْكَسْرِ عَلَى النَّسَبِ، أَي حَزْنٌ. وأَرض نَقِلَةٌ: فِيهَا حِجَارَةٌ، والحجارةُ الَّتِي تَنْقُلُها قوائمُ الدَّابَّةِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ نَقِيلٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يُنَاقِلْنَ النَّقِيلَ، وهُنّ خُوصٌ ... بغُبْر البِيد خاشعةِ الخُرومِ
وَقِيلَ: يَنْقُلْن نَقِيلَهنّ أَي نِعالَهنّ. والنَّقْلَةُ والنَّقْلُ والنِّقْلُ والنَّقَلُ: النَّعْلُ الخَلَقُ أَو الخفُّ، وَالْجَمْعُ أَنْقَال ونِقَال؛ قَالَ:
فصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقَالِ
يَعْنِي نَبَاتًا مُتهَدِّلًا مِنْ نَعْمته، شبَّهه فِي تَهَدُّلِه بالنعْل الخَلَق الَّتِي يجرُّها لَابِسُهَا. والمَنْقَلَةُ: كالنَّقْلِ. والنَّقائِلُ: رِقاعُ النَّعل والخُفِّ، وَاحِدَتُهَا نَقِيلَة. والنَّقِيلَة أَيضاً: الرُّقْعة الَّتِي يُنْقَل بِهَا خفُّ الْبَعِيرِ مِنْ أَسفله إِذا حَفِيَ ويُرْقَع، وَالْجَمْعُ نَقَائِل ونَقِيلٌ. وَقَدْ نَقَلَه وأَنْقَلَ الخُفَّ والنعلَ ونَقَلَه ونَقَّلَه: أَصلحه، وَنَعْلٌ مُنَقَّلة. قَالَ الأَصمعي: فإِن كَانَتِ النَّعْلُ خلَقاً قِيلَ نِقْل، وَجَمْعُهُ أَنْقَال. وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ نَقَلٌ ونِقْلٌ، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: نَعْلٌ نَقْلٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: مَا مِنْ مُصَلًّى لامرأَة أَفضَل مِنْ أَشدّ مَكَانًا فِي بَيْتِهَا ظُلمةً إِلَّا امرأَة قَدْ يَئِسَتْ مِنَ البُعُولة فَهِيَ فِي مَنْقَلِها
؛ قَالَ الأُموي: المَنْقَل الْخُفُّ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
وَكَانَ الأَباطِحُ مِثْلَ الأَرِينِ، ... وشُبِّه بالحِفْوَةِ المَنْقَلُ
أَي يُصيب صاحبَ الخُفِّ مَا يُصيب الْحَافِيَ مِنَ الرَّمْضاءِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَوْلَا أَن الرِّوَايَةَ فِي الْحَدِيثِ وَالشِّعْرِ اتَّفقا عَلَى فَتْحِ الْمِيمِ مَا كَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ فِي المَنْقَل إِلَّا كَسْرَ الْمِيمِ. وَقَالَ ابنُ بُزُرْج: المَنْقَلُ فِي شِعْرِ لَبِيدٍ الثَّنِيَّة، قَالَ: وَكُلُّ طَرِيقٍ مَنْقَل؛ وأَنشد:
كَلَّا وَلَا، ثُمَّ انْتَعَلْنا المَنْقَلا ... قِتْلَيْن مِنْهَا: نَاقَةً وجَمَلا،
عَيْرانةً وماطِلِيّاً أَفْتَلا
قَالَ: وَيُقَالُ لِلْخُفَّيْنِ المَنْقَلان، وللنَّعْلين المَنْقَلان. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْخُفِّ المَنْدَل والمِنْقَل، بِكَسْرِ الْمِيمِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي كِتَابِ الرَّمَكِيِّ بِخَطِّ أَبي سَهْلٍ الهرَوي: فِي نَصِّ حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ أَشد مكانٍ
، بِالْخَفْضِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. الْفَرَّاءُ: نَعْلٌ مُنَقَّلة مطرَّقة، فالمُنَقَّلَة الْمَرْقُوعَةُ، والمُطَرَّقة الَّتِي أُطبق عَلَيْهَا أُخرى. وَقَالَ نُصير لأَعرابي: ارْقَع نَقْلَيْك أَي نَعْلَيْك. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ جَاءَ فِي نَقْلَيْن لَهُ ونِقْلَيْن لَهُ. ونَقَلَ الثوبَ نَقْلًا: رَقَعه. والنِّقْلَة: المرأَة تُتْرَك فَلَا تُخْطَبُ لكِبَرها. والنَّقِيلُ: الْغَرِيبُ فِي الْقَوْمِ إِن رافَقهم أَو جاوَرهم، والأُنثى نَقِيلَة ونَقِيل؛ قَالَ وَزَعَمُوا أَنه لِلْخَنْسَاءِ:
تركْتَني وَسْطَ بَني عَلَّةٍ، ... كأَنَّني بعْدَك فِيهِمْ نَقِيلْ(11/675)
وَيُقَالُ: رَجُلٌ نَقِيل إِذا كَانَ فِي قَوْمٍ لَيْسَ مِنْهُمْ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: إِنه ابْنُ نَقِيلَة لَيْسَتْ مِنَ الْقَوْمِ أَي غَرِيبَةٍ. ونَقَلَةُ الْوَادِي: صوتُ سَيْله، يُقَالُ: سَمِعْتُ نَقَلَة الْوَادِي وَهُوَ صَوْتُ السَّيْلِ. والنَّقيل: الأَتيُّ وَهُوَ السَّيْلُ الَّذِي يَجِيءُ مِنْ أَرض مُطِرَت إِلى أَرض لَمْ تمطَر؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والنَّقَل فِي الْبَعِيرِ: دَاءٌ يُصِيبُ خفَّه فيتخَرَّق. والنَّقِيلُ: الطَّرِيقُ، وَكُلُّ طَرِيقٍ نَقِيل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
لمَّا رأَيت بسُحْرة إِلْحاحها، ... أَلْزَمْتها ثَكَمَ النَّقِيل اللاحِب
النَّقِيلُ: الطَّرِيقُ، وثَكَمُه وسطُه، وإِلْحاحُ الدَّابَّةِ وقوفُها عَلَى أَهلها لَا تَبْرَحُ. والنَّقَلُ: مُرَاجَعَةُ الْكَلَامِ فِي صَخَب؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَلَقَدْ يعلَم صحْبي كلُّهم، ... بِعِدانِ [بِعَدانِ] السَّيفِ، صَبْري ونَقَلْ
أَبو عُبَيْدٍ: النَّقَل المُناقَلة فِي المنطِق. ونَاقَلْتَ فُلَانًا الحديثَ إِذا حدَّثته وحدَّثك. وَرَجُلٌ نَقِلٌ: حَاضِرُ المنطِق وَالْجَوَابِ، وأَنشد لِلَبِيدٍ هَذَا الْبَيْتَ أَيضاً: صَبْرِي ونَقَلْ. وَقَدْ نَاقَلَه. وتَنَاقَلَ القومُ الكلامَ بَيْنَهُمْ: تنازَعوه؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
كَانَتْ إِذا غَضِبتْ عليَّ تطلَّمتْ، ... وإِذا طَلَبْتُ كلامَها لَمْ تَنْقَلْ «3»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَقَدْ يَكُونُ مِنَ النَّقَل الَّذِي هُوَ حُضُورُ المنطِق وَالْجَوَابِ، قَالَ: غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَسْمَعْ نَقِل الرَّجُلُ إِذا جاوَب، وإِنما نَقِلٌ عِنْدَنَا عَلَى النَّسَبِ لَا عَلَى الْفِعْلِ، إِلَّا أَن نَجْهَلَ مَا عَلِمَ غيرُنا فَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ الْعَرَبُ قَالَتْ ذَلِكَ إِلَّا أَنه لَمْ يَبْلُغْنَا نَحْنُ، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ تَنْقَل تَنْفَعِل مِنَ القَوْل كَقَوْلِكَ لَمْ تَنْقَد مِنَ الِانْقِيَادِ، غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا انْقالَ الرجلُ عَلَى شَكْل انْقادَ، قَالَ: وَعَسَى أَن يَكُونَ ذَلِكَ مَقُولًا أَيضاً إِلَّا أَنه لَمْ يصل إِلينا، قال: والأَسبق إِليَّ أَنه مِنَ النَّقَل الَّذِي هُوَ الْجَوَابُ لأَن ابْنَ الأَعرابي لمَّا فَسَّرَهُ قَالَ: مَعْنَاهُ لَمْ تُجاوِبني. والنَّقْل: مَا يَعْبَث بِهِ الشَّارِبُ عَلَى شَرابه، وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه قَالَ: النَّقْل الَّذِي يُتَنَقَّل بِهِ عَلَى الشَّراب، لَا يُقَالُ إِلّا بِفَتْحِ النُّونِ. الْجَوْهَرِيُّ: والنُّقْل، بِالضَّمِّ، مَا يُتَنَقَّل بِهِ عَلَى الشَّرَابِ، وَفِي بقيَّة النُّسَخِ: النَّقْل، بِالْفَتْحِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ قَالَ: النَّقْل بِفَتْحِ النُّونِ الانْتقال عَلَى النَّبِيذِ، وَالْعَامَّةُ تضمُّه. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: النَّقَل، بِفَتْحِ النُّونِ وَالْقَافِ، الَّذِي يُتنقَّل بِهِ عَلَى الشَّرَابِ. والنَّقَل: المُجادلة. وأَرض ذَاتُ نَقَل أَي ذَاتُ حِجَارَةٍ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ القَتَّال الْكِلَابِيِّ:
بَكْرِيُّه يَعْثُرُ فِي النِّقَال
وَقَوْلُ الأَعشى:
غَدَوْتُ عليها، قُبَيْلَ الشُّروقِ، ... إِمَّا نِقَالًا وإِمَّا اغْتِمارا
قَالَ بَعْضُهُمْ: النِّقَال مُنَاقَلَة الأَقْداح. يُقَالُ: شَهِدت نِقَالَ بَنِي فُلَانٍ أَي مجلِس شَرابهم. ونَاقَلْت فُلَانًا أَي نَازَعْتُهُ الشرابَ. والنِّقال: نصالٌ عَرِيضَةٌ قَصِيرَةٌ مِنْ نِصال السِّهَامِ، وَاحِدَتُهَا نَقْلة، يَمَانِيَةٌ.
__________
(3) . قوله [تطلمت] هكذا في الأصل والمحكم بالطاء المهملة(11/676)
والنَّقَل، بِالتَّحْرِيكِ، مِنْ رِيشات السِّهَامِ: مَا كَانَ عَلَى سَهْمٍ آخَرَ. الْجَوْهَرِيُّ: النَّقَل، بِالتَّحْرِيكِ، الريشُ يُنْقَل مِنْ سَهْمٍ فَيُجْعَلُ عَلَى سَهْمٍ آخَرَ؛ يُقَالُ: لَا تَرِشْ سَهْمِي بِنَقَل، بِفَتْحِ الْقَافِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ صَائِدًا وَسِهَامَهُ:
وأَقدُحٌ كالظُّبَات أَنْصُلُها، ... لَا نَقَلٌ رِيشُها وَلَا لَغَبُ
الْجَوْهَرِيُّ: والأَنْقِلاءُ ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ بِالشَّامِ. والنِّقالُ أَيضاً: أَن تشرَب الإِبل نَهَلًا وعَلَلًا بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ أَحد، يُقَالُ: فَرَسٌ مِنْقَل وَقَدْ نَقَلْتها أَنا؛ وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ فَرَسًا:
فَنَقَلْنا صَنْعَه حَتَّى شَتَا ... ناعِمَ الْبَالِ، لَجُوجاً فِي السَّنَنْ
صَنْعه: حُسْن الْقِيَامِ عَلَيْهِ، والسَّنَن: اسْتِنانُه ونَشاطُه.
نقثل: النَّقْثَلَةُ: مِشْية تُثير الترابَ، وَقَدْ نَقْثَل. الْجَوْهَرِيُّ: النَّقْثَلَة مِشية الشَّيْخِ يُثير التُّرَابَ إِذا مَشى؛ وَقَالَ صَخْرُ بْنُ عُمَيْرٍ:
قارَبْتُ أَمشِي القَعْولى والفَنْجَلَهْ، ... وَتَارَةً أَنبُث نَبْثَ النَّقْثَلَهْ
نكل: نَكَلَ عَنْهُ يَنْكِلُ «1» ويَنْكُلُ نُكُولًا ونَكِلَ: نَكَصَ. يُقَالُ: نَكَلَ عَنِ الْعَدُوِّ وَعَنِ الْيَمِينِ يَنْكُلُ، بِالضَّمِّ، أَي جَبُنَ، ونَكَّلَه عَنِ الشَّيْءِ: صَرَفَهُ عَنْهُ. وَيُقَالُ: نَكَلَ الرَّجُلُ عَنِ الأَمر يَنْكُلُ نُكُولًا إِذا جَبُنَ عَنْهُ، وَلُغَةٌ أُخرى نَكِلَ، بِالْكَسْرِ، يَنْكَلُ، والأُولى أَجود. اللَّيْثُ: النِّكْلُ «2» اسْمٌ لِمَا جعلْته نَكالًا لِغَيْرِهِ إِذا رَآهُ خَافَ أَن يَعْمَلَ عَمَلَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: نَكَّلَ بِهِ تَنْكِيلًا إِذا جَعَلَهُ نَكالًا وعِبْرة لِغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: نَكَّلْت بِفُلَانٍ إِذا عَاقَبْتَهُ فِي جُرْم أَجرمه عُقوبة تُنَكِّل غَيْرَهُ عَنِ ارْتِكَابِ مِثْلِهِ. وأَنْكَلْت الرجلَ عَنْ حَاجَتِهِ إِنْكَالًا إِذا دَفَعْتَهُ عَنْهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي جَعَلْنَا هَذِهِ الفَعلة عِبرةً يَنْكُل أَن يَفْعَلَ مثلَها فاعلٌ فَيناله مِثْلُ الَّذِي نَالَ الْيَهُودَ المُعْتَدِين فِي السَّبْت. وَفِي حَدِيثِ وِصالِ الصَّوْمِ:
لَوْ تأَخَّر لزدْتُكُم كالتَّنْكِيل لَهُمْ
أَي عُقوبة لَهُمْ. الْمُحْكَمُ: ونَكَلَ بِفُلَانٍ إِذا صَنَعَ بِهِ صَنِيعاً يحذَر غَيْرُهُ مِنْهُ إِذا رَآهُ، وَقِيلَ: نَكَلَه نحَّاه عَمَّا قِبَلَه. والنَّكَال والنُّكْلَة والمَنْكَل: مَا نَكَلْت بِهِ غَيْرَكَ كَائِنًا مَا كَانَ. الْجَوْهَرِيُّ: المَنْكَل الَّذِي يُنَكِّل بالإِنسان. ونَكِلَ الرَّجُلُ: قَبِلَ النَّكَالَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فاتَّقُوا اللهَ، وخَلُّوا بَيْنَنَا ... نَبْلغِ الثَّأْر، ويَنْكَلْ مَنْ نَكِلْ
وإِنه لَنِكْلُ شَرٍّ أَي يُنَكَّل بِهِ أَعداؤه؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْمَنْطِقِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: يُنْكَل بِهِ أَعداؤه. التَّهْذِيبُ: وَفُلَانٌ نِكْلُ شَرٍّ أَي قَوِيٌّ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ نِكْل شَرٍّ أَي يُنَكِّل فِي الشَّرِّ. وَرَجُلٌ نِكْلٌ ونَكَلٌ إِذا نُكِّل بِهِ أَعداؤه أَي دُفِعوا وأُذِلُّوا. ورَماه اللَّهُ بِنُكْلَة أَي بِمَا يُنَكِّله بِهِ. والنِّكْلُ، بِالْكَسْرِ: الْقَيْدُ الشَّدِيدُ مِنْ أَي شَيْءٍ كَانَ، وَالْجَمْعُ أَنْكَال. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا وَجَحِيماً
__________
(1) . قوله [نَكَلَ عنه يَنْكِلُ إلخ] عبارة القاموس: نَكلَ عنه كضَرَبَ ونَصَرَ وعَلِمَ نُكُولًا: نكص وجبن
(2) . قوله [الليث النكل إلخ] عبارة التهذيب: الليث النكال اسم إلخ(11/677)
؛ قِيلَ: هِيَ قُيُودٌ مِنْ نارٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يُؤْتَى بِقَوْمٍ فِي النُّكُول
، بِمَعْنَى القُيود، الْوَاحِدُ نِكْل وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى أَنْكَال، وَسُمِّيَتِ الْقُيُودُ أَنْكَالًا لأَنها يُنْكَل بِهَا أَي يُمنع. والنَّاكِلُ: الجَبانُ الضعيفُ. والنِّكْلُ: ضرْب مِنَ اللُّجُم، وَقِيلَ: هُوَ لِجام البَرِيدِ قِيلَ لَهُ نِكْل لأَنه يُنْكَل بِهِ المُلْجَم أَي يُدفَع، كَمَا سُمِّيَتْ حَكَمة الدَّابَّةِ حَكَمَة لأَنها تَمْنَعُ الدَّابَّةَ عَنِ الصُّعوبة. شَمِرٌ: النِّكْل الَّذِي يَغْلِبُ قِرْنَه، والنِّكْل اللِّجام، والنِّكْل الْقَيْدُ، والنِّكْل حَدِيدَةُ اللِّجَامِ. والنَّكَلُ: عِناجُ الدَّلْوِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
تشدُّ عَقْدَ نَكَلٍ وأَكْراب
وَرَجُلٌ نَكَلٌ: قويٌّ مجرَّب شُجَاعٌ، وَكَذَلِكَ الفرَس. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ يُحِبُّ النَّكَل عَلَى النَّكَل، بِالتَّحْرِيكِ، قِيلَ لَهُ: وَمَا النَّكَل عَلَى النَّكَل؟ قَالَ: الرَّجُلُ القويُّ المجرَّب الْمُبْدِئُ المعيدُ
أَي الَّذِي أَبدأَ فِي غَزْوِه وأَعاد عَلَى مِثْلِهِ مِنَ الْخَيْلِ، وَفِي الصِّحَاحِ: النَّكَل عَلَى النَّكَل يَعْنِي الرَّجُلَ القويَّ المجرَّب عَلَى الْفَرَسِ الْقَوِيِّ المجرَّب؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلرَّاجِزِ:
ضرْباً بكفَّيْ نَكَلٍ لَمْ يُنْكَل
قَالَ ابْنُ الأَثير: النَّكَل، بِالتَّحْرِيكِ، مِنَ التَّنْكِيل وَهُوَ الْمَنْعُ وَالتَّنْحِيَةُ عَمَّا يُرِيدُ؛ وَمِنْهُ النُّكُول فِي الْيَمِينِ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْهَا وَتَرْكُ الإِقدام عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مُضَرُ صَخْرة اللهِ الَّتِي لَا تُنْكَل
أَي لَا تُدْفَع عمَّا سُلِّطت عَلَيْهِ لِثُبُوتِهَا فِي الأَرض. يُقَالُ: أَنْكَلْت الرَّجُلَ عَنْ حَاجَتِهِ إِذا دَفَعْتَه عَنْهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ماعِزٍ: لأَنْكُلَنَّه عنهنَ
أَي لأَمنَعنَّه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: غَيْرَ نِكْلٍ فِي قَدَمٍ وَلَا وَاهِنًا فِي عَزْمٍ
أَي بِغَيْرِ جُبن وَلَا إِحْجام فِي الإِقدام، وَقَدْ يَكُونُ القَدَم بِمَعْنَى التَّقَدُّمِ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ رَجُلٌ نِكْلٌ ونَكَلٌ كأَنه تُنْكَل بِهِ أَعداؤه، وَمَعْنَاهُ قَرِيبٌ مِنَ التَّفْسِيرِ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: وَيُقَالُ أَيضاً رَجُلٌ بِدْل وبَدَل ومِثْل ومَثَل وشِبْه وشَبَه، قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْ فِي فِعْل وفَعَل بِمَعْنًى وَاحِدٍ غَيْرَ هَذِهِ الأَربعة الأَحرف. والمَنْكَلُ: اسْمُ الصَّخْرِ، هُذَلِيَّةٌ؛ قَالَ:
فارْمِ عَلَى أَقْفائهم بِمَنْكَل، ... بصخرةٍ أَو عَرْض جَيشٍ جَحْفَل
وأَنْكَلْت الحجَر عَنْ مَكَانِهِ إِذا دفعته عنه.
نلل: التَّهْذِيبُ فِي الثُّنَائِيِّ الْمُضَاعَفِ: ابْنُ الأَعرابي النُّلْنُلُ الشيخ الضعيف.
نمل: النَّمْلُ: مَعْرُوفٌ وَاحِدَتُهُ نَمْلَة ونَمُلَة، وَقَدْ قُرِئَ بِهِ فَعَلَّله الْفَارِسِيُّ بأَن أَصل نَمْلَة نَمُلَة، ثُمَّ وَقَعَ التَّخْفِيفُ وَغَلَبَ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: قالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ
؛ جَاءَ لَفْظُ ادْخُلُوا فِي النَّمْل وَهِيَ لَا تعقِل كَلَفْظِ مَا يعقِل لأَنه قَالَ قَالَتْ، وَالْقَوْلُ لَا يَكُونُ إِلا للحيِّ النَّاطِقِ فأُجريت مُجراه، وَالْجَمْعُ نِمَال؛ قَالَ الأَخطل:
دَبِيب نِمَال فِي نَقاً يَتَهيَّل
وأَرض نَمِلَةٌ: كَثِيرَةُ النَّمْل. وَطَعَامٌ مَنْمُول: أَصابه النَّمْل. وَذَكَرَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ نحل فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ قَتْلِ النَّحْلة والنَّمْلَة والصُّرَد والهُدْهُد
؛ وَرُوِيَ عَنْ إِبراهيم الْحَرْبِيِّ قَالَ: إِنما نَهَى عَنْ قتلهنَ(11/678)
لأَنهنّ لَا يُؤْذِينَ الناسَ وَهِيَ أَقل الطُّيُورِ والدوابِّ ضَرَرًا عَلَى النَّاسِ، لَيْسَ مِثْلَ مَا يتأَذى الناسُ بِهِ مِنَ الطُّيُورِ الغُرابِ وَغَيْرِهِ، قِيلَ لَهُ: فالنَّمْلة إِذا عضَّت تُقتَل؟ قَالَ: النَّمْلَةُ لَا تَعَض إِنما يَعَضّ الذَّرُّ، قِيلَ لَهُ: إِذا عَضَّت الذرَّة تُقتل؟ قَالَ: إِذا آذتْك فاقْتُلْها قَالَ: والنَّمْلَة هِيَ الَّتِي لَهَا قَوَائِمُ تَكُونُ فِي البَراري والخَرابات، وَهَذِهِ الَّتِي يتأَذى النَّاسُ بِهَا هِيَ الذرُّ وَهِيَ الصِّغَارُ، ثُمَّ قَالَ: والنَّمْل ثَلَاثَةُ أَصْناف: النَّمْل وفازِر وعُقيفان، قَالَ: والنَّمْل يَسْكُنُ الْبَرَارِي والخَرابات وَلَا يُؤْذِي النَّاسَ، والذرُّ يُؤْذِي، وَقِيلَ: أَراد بِالنَّهْيِ نَوْعًا خَاصًّا وَهُوَ الْكِبَارُ ذَوَاتُ الأَرْجُل الطِّوَالِ، وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: النَّمْل مَا كَانَ لَهُ قَوَائِمُ فأَما الصِّغَارُ فَهُوَ الذرُّ. وَرُوِيَ عَنْ قتادة في قوله: عُلِّمْنا مَنْطِق الطَّيْرِ، قَالَ: النَّمْلة مِنَ الطَّيْرِ، وَقَالَ أَبو خِيرَةَ: نَمْلَةٌ حَمراء «3» يُقَالُ لَهَا سُليمان يُقَالُ لَهُنَّ الْحُوَّ، بِالْوَاوِ، قَالَ: والذَّرُّ داخِل فِي النَّمْل، ويشبَّه فِرِنْد السَّيْفِ بِالذَّرِّ وَالنَّمْلِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: النَّمْل الَّذِي لَهُ رِيش، يُقَالُ نَمْل ذُو رِيشٍ والنَّمْل العُظَّام. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ نَمِّلْ ثوبَك والقُطْه أَي ارْفَأْهُ. والنُّمْلَةُ والنَّمْلةُ والنِّمْلةُ والنَّمِيلةُ، كُلُّ ذَلِكَ: النمِيمة. وَرَجُلٌ نَمِلٌ ونَامِلٌ ومُنْمِلٌ ومِنْمَلٌ ونَمَّالٌ، كُلُّهُ نَمَّام، وَكَذَلِكَ الإِنمال؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ النُّمْلَة قَوْلُ أَبي الْوَرْدِ الْجَعْدِيِّ:
أَلا لَعَنَ اللهُ الَّتِي رَزَمَتْ بِهِ ... فَقَدْ ولَدت ذَا نُمْلَةٍ وغَوائِل
وَجَمْعُهَا نُمْل، وَقَدْ نَمِلَ ونَمَلَ يَنْمُلُ نَمْلًا وأَنْمَلَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ولا أُزْعِجُ الكَلِمَ المُحْفِظات ... للأَقْرَبِين، وَلَا أُنْمِلُ
وَفِيهِ نَمْلَةٌ أَي كَذِبٌ. وامرأَة مُنَمَّلَة ونَمْلَى: لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَكَانٍ، وَفَرَسٌ نَمِلٌ كَذَلِكَ، وَهُوَ أَيضاً مِنْ نَعْتِ الْغِلَظِ. وَفَرَسٌ نَمِل الْقَوَائِمِ: لَا يَسْتَقِرُّ. وَفَرَسٌ ذُو نُمْلَة، بِالضَّمِّ، أَي كَثِيرُ الْحَرَكَةِ. وَرَجُلٌ مُؤَنْمَلُ الأَصابع إِذا كَانَ غَلِيظَ أَطرافِها فِي قِصَر. وَرَجُلٌ نَمِلٌ أَي حاذِق. وَغُلَامٌ نَمِلٌ أَي عَبِثٌ. ونَمِلَ فِي الشَّجَرِ يَنْمَلُ نَمَلًا إِذا صَعِد فِيهَا؛ الْفَرَّاءُ: نَمَلَ فِي الشَّجَرِ يَنْمُلُ نُمُولًا إِذا صَعِد فِيهَا. والنَّمِل: الرَّجُلُ الَّذِي لَا يَنْظُرُ إِلى شَيْءٍ إِلا عَمِله. وَرَجُلٌ نَمِل الأَصابع إِذا كَانَ كَثِيرَ العَبَث بِهَا أَو كَانَ خفيفَ الأَصابع فِي الْعَمَلِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ نَمِلٌ خَفِيفُ الأَصابع لَا يَرى شَيْئًا إِلا عمِله. يُقَالُ: رَجُلٌ نَمِلٌ الأَصابع أَي خَفِيفُهَا فِي الْعَمَلِ. وتَنَمَّلَ القومُ: تحرَّكوا وَدَخَلَ بعضُهم فِي بَعْضٍ. ونَمِلَتْ يدُه: خَدِرت. والنُّمْلَة، بِالضَّمِّ: البقيَّة مِنَ الْمَاءِ تَبْقَى فِي الْحَوْضِ؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ فِي بَابِ النُّونِ. والأَنْمُلة، بِالْفَتْحِ «4» : المَفْصِل الأَعْلى الَّذِي فِيهِ الظُّفْرُ مِنَ الإِصبع، وَالْجَمْعُ أَنَامِل وأَنمُلات، وَهِيَ رُؤُوسُ الأَصابع، وَهُوَ أَحد مَا كسِّر وسَلِم بِالتَّاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قُلْتُ هَذَا لأَنهم قَدْ يَسْتَغْنُونَ بِالتَّكْسِيرِ عَنْ جَمْعِ السَّلَامَةِ وَبِجَمْعِ السَّلَامَةِ عَنِ التَّكْسِيرِ، وَرُبَّمَا جُمِعَ الشَّيْءُ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا كنحو بُوَانٍ وبُون
__________
(3) . قوله [وَقَالَ أَبُو خِيرَةَ نَمْلَةٌ حمراء إلخ] هكذا في الأصل هنا، وعبارته في مادة حوأ: أَبُو خَيْرَةَ الْحُوُّ مِنَ النَّمْلِ نَمْلٌ حُمْرٌ يُقَالُ لها نمل سليمان، فلعل ما هنا فيه سقط
(4) . قوله [والأنملة بالفتح إلخ] عبارة القاموس: والأنملة بتثليث الميم والهمزة تسع لغات التي فيها الظفر، الجمع أَنَامِل وأَنْمُلات(11/679)
وبُونات؛ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. والنَّمْلة: شَقٌّ فِي حافِر الدَّابَّةِ. والنَّمْلة: عَيْبٌ مِنْ عُيوب الْخَيْلِ. التَّهْذِيبُ: والنَّمْلة فِي حَافِرِ الدَّابَّةِ شَقّ. أَبو عُبَيْدَةَ: النَّمْلة شَقٌّ فِي الْحَافِرِ مِنَ الأَشعر إِلى طَرَفٍ السُّنْبك، وَفِي الصِّحَاحِ: إِلى المَقَطِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَشعَر ما أَحاط بِالْحَافِرِ مِنَ الشَّعْرِ، ومَقَطُّ الْفَرَسِ مُنْقَطَع أَضلاعه. والنَّمْلَة: شَيْءٌ فِي الْجَسَدِ كالقرْح وَجَمْعُهَا نَمْل، وَقِيلَ: النَّمْل والنَّمْلَة قُروح فِي الْجَنْبِ وَغَيْرِهِ، ودَواؤه أَن يُرْقى بريقِ ابْنِ المَجوسيِّ مِنْ أُخته، تَقُولُ المَجوس ذَلِكَ؛ قَالَ:
وَلَا عَيْبَ فِينَا غَيْرَ نَسْل لِمَعْشرٍ ... كِرامٍ، وأَنَّا لَا نَخُطُّ عَلَى النَّمْل
أَي لَسْنا بمَجُوس ننكِح الأَخوات؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وأَنشدنا ابْنُ الأَعرابي هَذَا الْبَيْتَ: وأَنَّا لَا نَحُطُّ عَلَى النَّمْل، وَفَسَّرَهُ: أَنَّا كِرام وَلَا نأْتي بُيوت النمْل فِي الجَدْب لنحفِر عَلَى مَا جمَع لنأْكُله، وَقِيلَ: النَّمْلَة بَثْر يَخْرُجُ بِجَسَدِ الإِنسان. الْجَوْهَرِيُّ: النَّمْل بُثور صِغَارٌ مَعَ وَرَمٍ يَسِيرٍ ثُمَّ يتقَرَّح فَيَسْعَى ويتَّسع وَيُسَمِّيهَا الأَطباءُ الذُّباب، وَتَقُولُ الْمَجُوسُ: إِن وَلَدَ الرَّجُلِ إِذا كَانَ مِنْ أُخته ثُمَّ خَطَّ عَلَى النَّمْلة شُفِيَ صاحبُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا رُقْية إِلا فِي ثَلَاثٍ: النَّمْلَة والحُمَةِ والنَّفْس
؛ النَّمْلَة: قُروح تخرُج فِي الجنْب. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ لِلشَّفّاء: عَلِّمِي حَفْصةَ رُقْية النَّمْلَة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: شَيْءٌ كَانَتْ تستعمِله النِّسَاءُ يَعْلَم كلُّ مَنْ سمِعه أَنه كَلَامٌ لَا يَضُرُّ وَلَا ينفَع، ورُقْية النَّمْلَة الَّتِي كَانَتْ تُعْرَف بَيْنَهُنَّ أَن يُقال: العَرُوس تحْتَفِل، وتخْتضب وتَكْتَحِلْ، وكلَّ شَيْءٍ تَفْتَعِلْ، غَيْرَ أَن لَا تَعْصِي الرَّجُلَ؛ قَالَ: وَيُرْوَى عِوَضَ تحْتَفِل تنتعِل، وَعِوَضَ تَخْتَضِب تَقْتال، فأَراد النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا الْمَقَالِ تأْنِيبَ حفصةَ لأَنه أَلقى إِليها سِرًّا فأَفشَتْه. وَكِتَابٌ مُنَمَّل: مَكْتُوبٌ، هُذَلِيَّةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وكتابٌ مُنْمَل متقارِب الْخَطِّ؛ قَالَ أَبو الْعِيَالِ الْهُذَلِيُّ:
والمَرْءُ عُمْرًا، فأْتِهِ بنَصِيحةٍ ... مِنِّي يَلوح بِهَا كتابٌ مُنْمَلُ
ومُنَمَّل: كمُنْمَل. ونَمَلَى: مَوْضِعٌ. والنَّأْمَلَةُ: مِشية الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ يُنَأْمِلُ فِي قَيْده نَأْمَلَةً؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
فإِنِّي، وَلَا كُفْران لِلَّهِ أَيَّةً ... لِنَفْسي، لَقَدْ طالَبْت غَيْرَ مُنَمَّل
قَالَ أَبو نَصْرٍ: أَراد غَيْرَ مَذْعور، وَقَالَ: غَيْرُ مُرْهَق وَلَا مُعْجَل عَمَّا أُريد.
نهل: النَّهْل: أَوَّل الشُّرْب؛ تَقُولُ: أَنهَلْتُ الإِبلَ وَهُوَ أَول سَقْيِهَا، ونَهِلَتْ هِيَ إِذا شَرِبَتْ فِي أَوَّل الوِرْد، نَهِلَتِ الإِبلُ نَهَلًا وإِبل نَوَاهِل ونِهَال ونَهَلٌ ونُهُول ونَهِلَة ونَهْلَى. يُقَالُ: إِبِل نَهْلَى وعَلَّى لِلتي تشرَب النَّهَل والعَلَل؛ قَالَ عاهانُ بْنِ كَعْبٍ:
تَبُكُّ الحَوْضَ عَلَّاها ونَهْلَى، ... وَدُونَ ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيمُ
أَي يَنَامُ صَاحِبُهَا إِذا حَصَلَتْ إِبله فِي مَكَانٍ أَمين، وَأَرَادَ ونَهْلاها فاجتزأَ مِنْ ذَلِكَ بإِضافة عَلَّاها، وأَراد وَدُونَ مَوْضِعِ ذِيادها فَحُذِفَ الْمُضَافُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قُلْنَا هَذَا لأَن الذِّياد الَّذِي هُوَ العَرَض لَا يَمْنَعُ مِنْهُ العطَن، إِذ العطَن جَوْهَرٌ، وَالْجَوَاهِرُ لَا(11/680)
تَحُولُ دُونَ الأَعراض، فتفهَّمه، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنَ الْمَاشِيَةِ وَالنَّاسِ. والنَّهَل: الرِّيُّ والعَطَش، ضِدٌّ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. والمَنْهَل: المشرَب ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى سُمِّيَتْ مَنازل السُّفَّار عَلَى المِياه مَناهِل. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ
أَنه يَرِد كلَّ مَنْهَل.
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: المَنْهَل الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ المشرَب. والمَنْهَل: الشُّرْب، قَالَ: وَهَذَا الأَخير يَتَّجِهُ أَن يَكُونَ مَصْدَرَ نَهِلَ وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يَذْكُرَهُ لأَنه مُطَّرد. والنَّاهِلَة: المختلِفة إِلى المَنْهَل، وَكَذَلِكَ النازِلة؛ وأَنشد:
وَلَمْ تُراقِب هناك نَاهِلَةَ ... الواشِينَ، لَمَّا اجْرَهَدَّ نَاهِلُها
قَالَ أَبو مَالِكٍ: المَنازِل والمَناهِل وَاحِدٌ، وَهِيَ المَنازِل عَلَى الْمَاءِ. وأَنْهَلَ القومُ: نَهِلَت إِبِلُهم. وَرَجُلٌ مِنْهَال: كَثِيرُ الإِنْهال. قَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَةَ الْغَنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: المَنْهَل كُلُّ مَا يَطَؤه الطريقُ مِثْلُ الرُّحَيل والحفِير، قَالَ: وَمَا بَيْنَ المَنَاهِل مَراحِل، والمَنْهَل مِنَ الْمِيَاهِ: كلُّ مَا يَطَؤه الطَّرِيقُ، وَمَا كَانَ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ لَا يُدْعَى مَنْهَلًا، وَلَكِنْ يُضَافُ إِلى مَوْضِعِهِ أَو إِلى مَنْ هُوَ مختصٌّ بِهِ فَيُقَالُ: مَنْهَل بَنِي فُلَانٍ أَي مَشْرَبهم وَمَوْضِعُ نَهَلهم؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلول
أَي مَسْقِيٌّ بالراحِ. يُقَالُ: أَنْهَلْته فَهُوَ مُنْهَلُ، بِضَمِّ الْمِيمِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: النُّهُل الشُّروع
؛ هُوَ جَمْعُ نَاهِل وَشَارِعٌ أَي الإِبل العِطاش الشارِعة فِي الْمَاءِ. وَيُقَالُ: مِنْ أَين نَهِلْت الْيَوْمَ؟ فَتَقُولَ: بِمَاءِ بَنِي فُلَانٍ وبمَنْهَل بَنِي فُلَانٍ؛ وَقَوْلُهُ أَين نَهِلَت أَي شَرِبت فَرَوِيت؛ وأَنشد: مَا زَالَ مِنْهَا نَاهِلٌ ونائِب قَالَ: النَّاهِلُ الَّذِي رُوِيَ فاعتزَل، والنائبُ الَّذِي يَنُوب عَوداً بَعْدَ شُرْبها لأَنها لَمْ تُنْضَح رِيّاً. الْجَوْهَرِيُّ: المَنْهَل المَوْرِد وَهُوَ عَيْنُ ماءٍ تَرِدُه الإِبِل فِي المَراعي، وَتُسَمَّى المَنازل الَّتِي فِي المَفاوِز عَلَى طَرِيقِ السُّفَّار مَنَاهِل لأَن فِيهَا مَاءً. الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: النَّاهِل فِي كَلَامِ الْعَرَبِ العَطْشان، والنَّاهِل الَّذِي قَدْ شرِب حَتَّى روِي، والأُنثى نَاهِلَة، والنَّاهِل العَطْشان، والنَّاهِل الرَّيَّان، وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
الطاعِن الطَّعْنة، يَوْمَ الوَغَى، ... يَنْهَل مِنْهَا الأَسَلُ النَّاهِلُ
جَعَلَ الرِّماح كأَنها تعطَش إِلى الدَّمِ فإِذا شَرَعَتْ فِيهِ رَوِيتْ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ هَاهُنَا الشارِب وإِن شِئْتَ العَطْشان أَي يُرْوَى مِنْهُ الْعَطْشَانُ. وَقَالَ أَبو الْوَلِيدِ: يَنْهَل يَشْرَبُ مِنْهُ الأَسَلُ الشارِب؛ قَالَ الأَزهري «1» : وَقَوْلُ جَرِيرٍ يَدُلُّ عَلَى أَن العِطاش تسمَّى نِهالًا؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:
وأَخُوهُما السَّفَّاحُ ظَمَّأَ خَيْلَه، ... حَتَّى وَرَدْنَ جِبَا الكُلابِ نِهَالا
قَالَ: وَقَالَ عُمْرَةُ «2» بْنُ طَارِقٍ فِي مِثْلِهِ:
فَمَا ذُقْت طَعْم النَّوْم، حَتَّى رأَيتُني ... أُعارِضُهم وِرْدَ الخماسِ النَّوَاهِل
__________
(1) . قوله [قال الأَزهري إلخ] نسب المؤلف الشطر الأَخير في مادة جبى إلى الأَخطل
(2) . قوله [وقال عمرة] عبارة التهذيب: عميرة(11/681)
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: نَاهِل ونَهَل مِثْلٌ خادِم وخَدَم وَغَائِبٍ وغَيَب وحارِس وحَرَس وقاعِد وقَعَد. وَفِي حَدِيثِ
لَقِيطٍ: أَلَا فيطَّلِعون عَنْ حَوْض الرَّسُولِ لَا يَظْمأ وَاللَّهِ نَاهِلُه
؛ يَقُولُ: مَنْ رَوِي مِنْهُ لَمْ يعطَش بَعْدَ ذَلِكَ أَبداً، وَجَمْعُ النَّاهِل نَهَلٌ مِثْلُ طالِب وطَلَب، وَجَمْعُ النَّهَل نِهَال مِثْلُ جَبَل وجِبال؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّك لَنْ تُثَأْثِئَ النِّهَالا، ... بمِثْل أَنْ تُدارِك السِّجالا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ النِّهَال بِمَعْنَى العِطاش قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
يذُودُ الأَوابِدَ فِيهَا السَّمُوم، ... ذِيادَ المُحِرِّ المَخاضَ النِّهَالا
وَقَالَ آخَرُ:
مِنْهُ تُرَوِّي الأَسَل النَّوَاهِلا
والنَّهَل: الشُّرْب الأَوّل. وَقَدْ نَهِلَ، بِالْكَسْرِ، وأَنْهَلَتْه أَنا لأَنَّ الإِبل تُسْقَى فِي أَوّل الوِرْد فتردُّ إِلى العَطَن، ثُمَّ تُسْقَى الثَّانِيَةَ وَهِيَ العَلَل فَتُرَدُّ إِلى المرعَى؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدًا عَلَى نَهِل قَوْلَ الشَّاعِرِ:
وَقَدْ نَهِلَتْ مِنَّا الرِّماحُ وعَلَّتِ
وَقَالَ آخَرُ فِي أَنْهَلَتْ:
أَعَلَلًا وَنَحْنُ مُنْهِلُونَهْ
قَالَ الأَصمعي: إِذا أَوْرد إِبله الْمَاءَ فالسقيةُ الأُولى النَّهَل، وَالثَّانِيَةُ العَلَل؛ وَاسْتَعْمَلَ بَعْضُ الأَغْفال النَّهَل فِي الدُّعَاءِ فَقَالَ:
ثُمَّ انْثَنى مِنْ بعدِ ذَا، فصَلَّى ... عَلَى النبيِّ نَهَلًا وعَلَّا
والنَّهَلُ: مَا أُكِل مِنَ الطَّعامِ. وأَنْهَلَ الرجلَ: أَغضبه. والمِنْهَال: أَرض. والمِنْهَال: اسْمُ رَجُلٍ. ومِنْهَال: اسْمُ رَجُلٍ «1» قَالَ:
لَقَدْ كَفَّنَ المِنْهَالُ، تحتَ رِدائِه، ... فَتىً غيرَ مِبْطانِ العَشِيَّة أَرْوَعا
ونُهَيْل: اسْمٌ. والمِنْهَال: القَبْر. والمِنْهَال: الْغَايَةُ فِي السَّخَاءِ. والمِنْهَال: الكَثِيب الْعَالِي الَّذِي لَا يَتماسَك انْهِياراً.
نَهْبَلَ: هَنْبَل الرجلُ: ظَلَع ومَشَى مِشْية الضَّبُع العَرْجاء، ونَهْبَل كذلك. والنَّهْبَل: الشَّيْخ. ونَهْبَل: أَسَنَّ، وشيخٌ نَهْبَلٌ وَعَجُوزٌ نَهْبَلَة؛ قَالَ أَبو زُبيد:
مَأْوَى اليتيمِ ومَأْوى كلِّ نَهْبَلَةٍ، ... تَأْوي إِلى نَهْبَلٍ كالنَّسْرِ عُلْفُوفِ
والنَّهْبَلَة: الناقة الضخمة.
نهشل: النَّهْشَل: المُسِنُّ المضطَرب مِنِ الكِبَر، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أَسنَّ وَفِيهِ بقيَّة، والأُنثى نَهْشَلَة، وَقَدْ نَهْشَلَ. الأَزهري عَنِ الأَصمعي: نَهْشَل مشتقٌّ مِنَ النَّهْشَلة، وَهِيَ الكِبَر والاضطرابُ. وَقَدْ نَهْشَلَ الرَّجُلُ إِذا كَبِر. ونَهْشَل: مِنْ أَسماء الذِّئْبِ. ونَهْشَل: اسْمُ رَجُلٍ، وَهِيَ أَيضاً قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ الأَخطل:
خَلا أَنّ حَيًّا مَنْ قُرَيْشٍ تَفاضَلوا ... عَلَى النَّاسِ، أَو أَنَّ الأَكارِم نَهْشَلا «2» .
__________
(1) . قوله [ومِنْهَال اسم رجل] هذه عبارة المحكم، وقد اقتصر على ما قبل هذا وذكر البيت بعده، فلعلها زيادة من الناسخ
(2) . نصب نهشلا على أنها بدل من الأَكارم وخبر أنّ محذوف(11/682)
نُونُهَا أَصليَّة لأَنها بإِزاء سِينِ سَلْهَب. ونَهْشَل: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ يَنْصَرِفُ لأَنه فَعْلَل، وإِذا كَانَ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ جَعْفَر لَمْ يُمْكِنِ الْحُكْمُ بِزِيَادَةِ النُّونِ، وَكَانَ لَقِيطُ بنُ زُرارةَ التَّمِيمِيُّ يُكْنَى أَبا نَهْشَل. والنَّهْشَل: الذِّئْبُ. والنَّهْشَل: الصَّقْر. الأَزهري: نَهْشَل إِذا عضَّ إِنساناً تَجْميشاً، ونَهْشَل إِذا أَكل أَكْل الجائع.
نهضل: النَّهْضَل: المُسِنُّ مِنَ الرِّجَالِ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وفسَّره السِّيرَافِيُّ، والأُنثى بِالْهَاءِ.
نول: اللَّيْثُ: النائِل مَا نِلْت مِنْ مَعْرُوفِ إِنسان، وَكَذَلِكَ النَّوَال. وأَنَالَهُ مَعْرُوفَهُ ونَوَّلَه: أَعطاه مَعْرُوفَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنْ تُنَوِّلْهُ فَقَدْ تَمْنَعُهُ، ... وتُرِيهِ النَّجْمَ يَجْرِي بالظُّهُرْ
والنّالُ والمَنَالَةُ والمَنَالُ: مَصْدَرُ نِلْت أَنال. وَيُقَالُ: نُلْت لَهُ بِشَيْءٍ أَي جُدْت، وَمَا نُلْتُه شَيْئًا أَي مَا أَعطيته. وَيُقَالُ: نالَني بِالْخَيْرِ يَنُولُني نَوالًا ونَوْلًا ونَيْلًا، وأَنالَني بِخَيْرٍ إِنَالَةً. وَيُقَالُ فِي الأَمر مِنْ نِلْت أَنالُ لِلْوَاحِدِ: نَلْ، وَلِلِاثْنَيْنِ، نَالَا، وَلِلْجَمْعِ: نالُوا. ونُلْتُه مَعْرُوفًا ونَوَّلْته. الْجَوْهَرِيُّ: النَّوَال العَطاء، والنَّائِل مِثْلُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: النّالُ والنَّوَالُ مَعْرُوفٌ، ونُلْتُه ونُلْت لَهُ ونُلْتُه بِهِ أَنُولُه بِهِ نَوْلًا؛ قَالَ العُجير السَّلُولي:
فعَضَّ يَدَيْهِ أُصْبُعاً ثُمَّ أُصْبُعاً ... وَقَالَ: لعلَّ اللَّهَ سَوْفَ يَنِيل
أَي يَنُول بِخَيْرٍ، فَحَذَفَ. وأَنَلْته بِهِ وأَنَلْته إِيّاه ونَوَّلْته ونَوَّلْت عَلَيْهِ بِقَلِيلٍ، كُلُّهُ: أَعطيته. الْكِسَائِيُّ: لَقَدْ تَنَوَّلَ عَلَيْنَا فُلَانٌ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ أَي أَعطانا شَيْئًا يَسِيرًا، وتَطَوَّل مِثْلُهَا. وَقَالَ أَبو مِحْجَنٍ: التَّنَوُّل لَا يَكُونُ إِلا فِي الْخَيْرِ، والتطوُّل قَدْ يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ جَمِيعًا. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ نُلْت لَهُ بالعطيَّة أَنُولُ نَوْلًا ونُلْتُه العطيَّة. ونَوَّلْته: أَعطيته نَوالًا؛ قَالَ وَضّاح اليَمن:
إِذا قلتُ يَوْمًا: نَوِّلِيني، تبسَّمتْ ... وَقَالَتْ: مَعاذ اللَّهِ مِنْ نَيْل مَا حَرُمْ
فَمَا نَوَّلتْ حَتَّى تضرَّعْت عندَها، ... وأَنْبَأْتُها مَا رَخَّص اللهُ فِي اللَّمَمْ
يَعْنِي التقبيلَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ نُلْت لَهُ بالعطيَّة قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَنُول بِمَعْرُوفِ الحديثِ، وإِن تُرِدْ ... سِوَى ذاكَ تُذْعَرْ منك، وَهِيَ ذَعُورُ
وَقَالَ الْغَنَوِيُّ:
وَمَنْ لَا يَنُلْ حَتَّى تسدَّ خِلالُه، ... يجِدْ شَهوات النفْس غَيْرَ قليلِ
وَفِي حَدِيثِ مُوسَى وَالْخَضِرِ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ:
حَمَلُوهما فِي السَّفِينَةِ بِغَيْرِ نَوْلٍ
أَي بِغَيْرِ أَجْرٍ وَلَا جُعْل، وَهُوَ مَصْدَرُ نَالَه يَنُولُه إِذا أَعطاه، وإِنه لَيَتَنَوَّل بِالْخَيْرِ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا خَيْرَ فِيهِ. وَرَجُلٌ نالٌ، بوزْن بالٍ: جَوَاد، وَهِيَ فِي الأَصل نَائِلٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ فَعْلًا وأَن يَكُونَ فاعِلًا ذَهَبَتْ عَيْنُهُ، وَقِيلَ: كَثِيرُ النَّائِل. ونالَ يَنَال نَائِلًا ونَيْلًا: صَارَ نَالًا. وَمَا أَنْوَلَه أَي مَا أَكثر نَائِلَهُ. وَمَا أَصَبْتُ مِنْهُ نَوْلَةً أَي نَيْلًا. وَشَيْءٌ مُنَوَّل ومَنِيل؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: رَجُلٌ نالٌ كَثِيرُ النَّوال، وَرَجُلَانِ نَالان وَقَوْمٌ أَنْوَال؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:(11/683)
وقَفْتُ بهنَّ حَتَّى قَالَ صحْبي: ... جَزِعْتَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بالنَّوَال
أَي بِالصَّوَابِ. ونَالَتِ المرأَة بِالْحَدِيثِ وَالْحَاجَةِ نَوَالًا: سَمَحَتْ أَو هَمَّت؛ قَالَ الشاعر:
تَنُولُ بِمَعْرُوفِ الْحَدِيثِ، وإِن تُرِدْ ... سِوَى ذَاكَ تُذْعَر منك، وهي ذَعورُ
وَقِيلَ: النَّوْلَة القُبْلة. ونَاوَلْت فُلَانًا شَيْئًا مُنَاوَلَة إِذا عاطَيْته. وتَنَاوَلْت مِنْ يَدِهِ شَيْئًا إِذا تَعاطيته، ونَاوَلْته الشيءَ فتَنَاوَلَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: تَنَاوَلَ الأَمرَ أَخذه. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما نَوْل فَتَقُولُ نَوْلُك أَن تَفْعَلَ كَذَا أَي يَنْبَغِي لَكَ فِعْل كَذَا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: أَي حقُّك أَن تَفْعَلَ كَذَا، وأَصله مِنَ التناوُل كأَنه يَقُولُ تناوُلك كَذَا وَكَذَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
هاجَتْ، وَمِثْلِي نَوْلُه أَن يَرْبَعا، ... حمامةٌ نَاجَتْ حَمَّامًا سُجَّعا
أَي حقُّه أَين يكُفَّ، وَقِيلَ: الرَّجَزُ لِرُؤْبَةَ؛ وإِذا قَالَ لَا نَوْلُك فكأَنه يَقُولُ أَقْصِر، وَلَكِنَّهُ صَارَ فِيهِ مَعْنَى يَنْبَغِي لَكَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ لَا نَوْلُك أَن تَفْعَلَ، جَعَلُوهُ بَدَلًا مِنْ يَنْبَغِي مُعاقِباً لَهُ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَلِذَلِكَ وَقَعَتِ الْمَعْرِفَةُ هُنَا غَيْرَ مكرَّرة. وَقَالُوا: مَا نَوْلُك أَن تَفْعَلَ كَذَا أَي مَا يَنْبَغِي لَكَ أَن تَناله؛ رَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِمْ لِلرَّجُلِ مَا كَانَ نَوْلُكَ أَن تَفْعَلَ كَذَا قَالَ: النَّوْل مِنَ النَّوال؛ يَقُولُ مَا كَانَ فعلُك هَذَا حَظًّا لَكَ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ أَلَمْ يَأْنِ وأَ لَمْ يَأْنِ لك وأَ لم يَنَلْ لك وأَ لم يُنِلْ لَكَ، قَالَ: وأَجْوَدُهنّ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ يَعْنِي قَوْلَهُ: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا. وَيُقَالُ: أَنَّى لَكَ أَن تَفْعَلَ كَذَا ونَالَ لَكَ وأَنَالَ لَكَ وَأَآنَ لَكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا نَوْل امرئٍ مُسْلِمٍ أَن يَقُولَ غَيْرَ الصَّوَابِ أَو أَن يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ
أَي مَا يَنْبَغِي لَهُ وَمَا حظُّه أَن يَقُولَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا نَوْلُك أَن تَفْعَلَ كَذَا. الأَزهري في قوله قولهم: وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا
، قَالَ: النَّيْل مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، صُيِّر وَاوُهَا يَاءً لأَن أَصله نَيْوِل، فأَدغموا الْوَاوَ فِي الْيَاءِ فَقَالُوا نَيّل، ثُمَّ خفَّفوا فقال نَيْل، وِمِثْلُهُ مَيِّت ومَيْت، قَالَ: وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا
، هُوَ مِنْ نِلْت أَنالُ لَا مِنْ نُلْت أَنُول. والنَّوْل: الْوَادِي السَّائِلُ؛ خَثْعَمِيَّةٌ عَنْ كُرَاعٍ. والنَّوْل: خشبةُ الْحَائِكِ الَّتِي يلفُّ عَلَيْهَا الثَّوْبَ، وَالْجَمْعُ أَنْوَال. والمِنْوَلُ والمِنْوَال: كالنَّوْل. اللَّيْثُ: المِنْوَال الْحَائِكُ الَّذِي يَنْسِج الوَسائد ونحوَها نفسُه، ذَهَبَ «3» إِلى أَنه يَنْسِج بالنَّوْل وَهُوَ مِنْسَج يُنسَج بِهِ وأَداتُه الْمَنْصُوبَةُ تُسَمَّى أَيضاً مِنْوَالًا؛ وأَنشد:
كُمَيْتاً كأَنها هِراوَةُ مِنْوَالِ
وَقَالَ: أَراد بالمِنْوَال النَّسّاج. وإِذا استوتْ أَخلاقُ الْقَوْمِ قِيلَ: هُمْ عَلَى مِنْوَالٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ رَمَوْا عَلَى مِنْوَالٍ وَاحِدٍ أَي عَلَى رِشْقٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ إِذَا اسْتَووا فِي النِّضال. وَيُقَالُ: لَا أَدري عَلَى أَي مِنْوَالٍ هُوَ أَي عَلَى أَيِّ وَجْهٍ هُوَ. والنَّالَةُ: مَا حَوْلَ الحرَم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى أَلِفها أَنها وَاوٌ لأَن انْقِلَابَ الأَلف عَنِ الْوَاوِ عَيْنًا أَعرف مِنِ انْقِلَابِهَا عَنِ الْيَاءِ؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: أَلِفها يَاءٌ لأَنها مِنَ النَّيْل أَي مَنْ كَانَ فِيهَا لَمْ تَنَله الْيَدُ، قَالَ: وَلَا يُعْجِبُنِي.
__________
(3) . قوله [نفسه ذهب إلخ] عبارة الصاغاني بعد قوله ونحوها: وقال ابن الأعرابي المِنْوَال الحائك نفسه ذهب إلخ(11/684)
وأَنالَ بِاللَّهِ: حَلَفَ بِاللَّهِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
يُنِيلانِ بِاللَّهِ المجيدِ لَقَدْ ثَوَى ... لَدَى حَيْثُ لاقَى رينُها ونَصِيرُها «1»
. ونَوَّال ومُنَوِّل: اسمان.
نيل: نِلْتُ الشَّيْءَ نَيْلًا ونَالًا ونَالَةً وأَنَلْتُه إِيّاه وأَنَلْتُ لَهُ ونِلْتُهُ؛ ابْنُ الأَعرابي: نِلْتُهُ مَعْرُوفًا؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
إِني سأَشكُر مَا أُوليت مِنْ حَسَن، ... وخيرُ مَنْ نِلْت مَعْرُوفًا ذَوو الشكر
ويقال: أَنَلْتُك نَائِلًا ونِلْتُكَ وتَنَوَّلْتُ لَكَ ونَوَّلْتك؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ يَذْكُرُ نِسَاءً:
لَا يَتَنَوَّلْنَ مِنَ النَّوَالِ ... لِمَنْ تعرَّضْنَ مِنَ الرِّجالِ،
إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نائلٍ حَلالِ
أَي لَا يُعْطِين الرِّجَالَ إِلا حَلَالًا بِتَزْوِيجٍ وَيَجُوزُ أَن يُقَالَ: نَوَّلَني فتَنَوَّلْت أَي أَخذْت، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لَا يأْخُذْن إِلَّا مَهْرًا حَلَالًا. وَيُقَالُ: لَيْسَ لَكَ هَذَا بالنَّوَال؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: النَّوَال هَاهُنَا الصَّوَابُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي جُحيفة: فَخَرَجَ بلالٌ بفَضْل وَضوء النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْن ناضِحٍ ونَائِلٍ
أَي مصيبٍ مِنْهُ وآخِذٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُل لَهُ أَربعُ نِسوةٍ فطلَّق إِحداهنّ وَلَمْ يَدْر أَيَّتَهُنَّ طلَّق فَقَالَ: يَنالُهُنَّ مِنَ الطَّلَاقِ مَا يَنَالُهُنَّ مِنَ الْمِيرَاثِ
أَي أَن المِيراث يكون بينهن لَا تَسْقُطُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ حَتَّى تُعرَف بِعَيْنِهَا، وَكَذَلِكَ إِذا طلَّقها وَهُوَ حيٌّ فإِنه يَعْتَزِلُهُنَّ جَمِيعًا إِذا كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا، يَقُولُ كَمَا أُورِّثُهنَّ جَمِيعًا آمرُ باعتزالهنَّ جَمِيعًا. وَقَوْلُهُ عزَّ وَجَلَّ: وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ هَمُّوا بِمَا لَمْ يُدْرِكوه. والنَّيْل والنائِل: مَا نِلْته. وَمَا أَصاب مِنْهُ نَيْلًا وَلَا نَيْلةً وَلَا نُولة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها
؛ أَراد لَنْ يَصِل إِليه لحومُها وَلَا دِمَاؤُهَا وإِنما يصِل إِليه التَّقْوَى، وذكَّر لأَن مَعْنَاهُ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ شيءٌ مِنْ لُحومِها وَلَا دِمائِها، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ؛ أَي شَيْءٌ مِنَ النِّسَاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا
؛ قَالَ الأَزهري: رَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قَالَ النَّيْل مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي نول. وَفُلَانٌ يَنَالُ مِنْ عِرْضِ فُلَانٍ إِذا سَبَّه، وَهُوَ يَنَالُ مِنْ مَالِهِ ويَنَالُ مِنْ عدوِّه إِذا وَتَرَه فِي مالٍ أَو شَيْءٍ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ نِلْت أَنَالُ أَي أَصَبْت. وَيُقَالُ: نَالَنِي مِنْ فُلَانٍ مَعْرُوفٌ يَنَالُنِي أَي وَصَل إِليّ مِنْهُ مَعْرُوفٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ
؛ أَي لَنْ يصِل إِليه مَا يُعدُّ لَكُمْ بِهِ ثَوابه غَيْرَ التقوَى دُونَ اللُّحوم والدِّماء. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رجُلًا كَانَ يَنَالُ مِنَ الصَّحَابَةِ
، يَعْنِي الْوَقِيعَةَ فِيهِمْ. يُقَالُ مِنْهُ: نَالَ يَنَالُ نَيْلًا إِذا أَصاب، فَهُوَ نَائِل. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: قَدْ نَالَ الرحيلُ
أَي حانَ ودَنا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: مَا نَالَ لَهُمْ أَن يَفْقَهوا
أَي لَمْ يقرُبْ وَلَمْ يَدْن. الْجَوْهَرِيُّ: نَالَ خَيْرًا يَنَالُ نَيْلًا، قَالَ: وأَصله نَيِل يَنْيَل مِثَالُ تعِب يتعَب وأَنَالَه غَيْرُهُ، والأَمرُ مِنْهُ نَلْ، بِفَتْحِ النُّونِ، وإِذا أَخبرت عَنْ نَفْسِكَ كَسَرْتَهُ. ونَالَةُ الدَّارُ: قاعَتُها لأَنها تُنال. ابْنُ الأَعرابي: باحةُ الدَّارِ ونَالَتُها وقاعَتُها وَاحِدٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
يُسقَى بأَجْدادِ عادٍ هُمَّلًا رَغَداً، ... مِثْلَ الظِّباء الَّتِي فِي نَالَةِ الحَرَم
__________
(1) . قوله [رينها ونصيرها] هكذا في الأصل(11/685)
قَالَ الأَصمعي: نَالَةُ الحرَم سَاحَتُهَا وباحتُها. والنِّيل: نَهْرُ مِصْرَ، حَمَاهَا اللَّهُ وَصَانَهَا، وَفِي الصِّحَاحِ: فَيْضُ مِصْرَ. ونِيل: نَهْرٌ بِالْكُوفَةِ، وَحَكَى الأَزهري قَالَ: رأَيت فِي سَوَادِ الْكُوفَةِ قَرْيَةً يُقَالُ لَهَا النِّيل يَخْرِقُها خَلِيج كَبِيرٌ يَتَخَلَّج مِنَ الفُرَات الْكَبِيرِ، قَالَ: وَقَدْ نَزَلْتُ بِهَذِهِ الْقَرْيَةِ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
ما جاوَزَ النِّيلُ يَوْمًا أَهل إِبْلِيلًا
وَجَعَلَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ السَّحاب نِيلًا فَقَالَ:
أَناخُ بأَعْجازٍ وجاشَتْ بِحارُه، ... ومَدَّ لَهُ نِيلُ السَّمَاءِ المنزَّلُ
ونُيَال: مَوْضِعٌ؛ قَالَ السُّلَيك بْنُ السُّلَكة:
أَلَمَّ خَيالٌ مِنْ أُميَّة بالرَّكْبِ، ... وهُنَّ عِجالٌ عَنْ نُيَالٍ وَعَنْ نَقْبِ
ونَائِلَةُ: امرأَة. ونَائِلَةُ: صَنَمٌ كَانَتْ لِقُرَيْشٍ، والله أَعلم.
فصل الهاء
هبل: الهَبِلة: الثَّكِلة. والهُبْلة: القُبْلة. والهَبَل: الثُّكْل، هَبِلَتْهُ أُمُّه: ثَكِلَتْه. الْجَوْهَرِيُّ: الهَبَل، بِالتَّحْرِيكِ، مَصْدَرُ قَوْلِكَ هَبِلَتْه أُمُّه. والإِهْبَال: الإِثْكال. والهَبُول مِنَ النِّسَاءِ: الثَّكُول. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: فَعِل إِذا كَانَ مُجَاوِزاً فَمَصْدَرُهُ فَعْل إِلّا ثَلَاثَةَ أَحرف: هَبِلَتْه أُمُّه هَبَلًا، وعَمِلْت الشَّيْءَ عَمَلًا، وزَكِنْت الخبرَ زَكَناً. والمُهَبَّل: الَّذِي يُقَالُ لَهُ: هَبِلَتْك أُمُّك! وامرأَة هَابِل وهَبُول. وَفِي الدُّعَاءِ: هَبِلْتَ وَلَا يُقَالُ هُبِلْت، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ ثَعْلَبٌ: الْقِيَاسُ هُبِلْت، بِالضَّمِّ، لأَنه إِنما يَدْعُو عَلَيْهِ بأَن تَهْبَله أُمُّه أَي تَثْكَله. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ فَضَّل الوادِعِيُّ سُهْمان الْخَيْل عَلَى المَقارِيف فأَعْجَبه فَقَالَ: هَبِلَتِ الوادِعِيَّ أُمُّه لَقَدْ أَذْكَرَتْ بِهِ!
هَبِلَتْه أُمُّه هَبَلًا، بِالتَّحْرِيكِ: ثَكِلَتْه، قَالَ: هَذَا هُوَ الأَصل ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى المَدْح والإِعْجاب، يَعْنِي مَا أَعْلَمه وَمَا أَصْوَب رأْيه
كَقَوْلِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَيْلُمِّهِ مِسْعَر حَرْب!
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
هَوَتْ أُمُّه مَا يَبْعَثُ الصُّبْح غَادِيًا، ... وَمَاذَا يُرى فِي اللَّيْلِ حين يَؤُوبُ
وَقَوْلُهُ
أَذْكَرَتْ بِهِ
أَي ولَدَت ذَكَرًا مِنَ الرِّجَالِ شَهْماً. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لأُمِّك هَبَلٌ
أَي ثَكَل. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: فَقِيلَ لأُمِّك الهَبَل.
وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ: وَيْحَكِ أَوَهَبِلْتِ؟
هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ، وَقَدِ استعاره هاهنا لفَقْد المَيْز والعَقْل مِمَّا أَصابها مِنَ الثَّكَل بولدِها كأَنه قَالَ: أَفَقدْت عَقْلك بِفَقْدِ ابْنِكِ حَتَّى جَعَلْتِ الجِنان جنَّة وَاحِدَةً؟ وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ: هَبِلَتهم الهَبُول
أَي ثَكِلَتهم الثَّكُول، وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَاءِ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَا يبقى لها وَلَدٌ. والمَهْبِل: الرَّحِمُ، وَقِيلَ: هُوَ أَقصى الرَّحِم، وَقِيلَ: هُوَ مَسْلَك الذكَر مِنَ الرحِم، وَقِيلَ: هُوَ فَمُه، وَقِيلَ: هُوَ طَرِيقُ الْوَلَدِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الظَّبْية والرَّحِم، قَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذا طَرَّق الأَمْرُ بالمُعْضِلات ... يَتْناً، وَضَاقَ بِهِ المَهْبِل
وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعُ الولَد مِنَ الرحِم، قَالَ الْهُذَلِيُّ:
لَا تَقِهِ المَوْتَ وَقِيَّاتُه، ... خُطَّ لَهُ ذَلِكَ فِي المَهْبِلِ
وَقِيلَ: هُوَ موقِع الْوَلَدِ مِنَ الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:(11/686)
الْخَيْرُ وَالشَّرُّ خُطَّا لِابْنِ آدَمَ وَهُوَ فِي المَهْبِل
، هُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ مَوْضِعُ الولد من الرحِم، وَقِيلَ: أَقصاه، قِيلَ: وَهُوَ البَهْوُ بَيْنَ الوَرِكَيْن حَيْثُ يَجْثُمُ الْوَلَدُ، شبِّه بِمَهْبِل الجَبل وَهُوَ الهوَّة الذَّاهِبَةُ فِي الأَرض. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: المَهْبِل مَا بَيْنَ الغَلَفَيْن «1» أَحدهما فَمُ الرَّحِم وَالْآخَرُ مَوْضِعُ العُذْرة. والمَهْبِل: الاسْت. والمَهْبِل: الهَواء «2» مِنْ رأْس الْجَبَلِ إِلَى الشِّعْب. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
فتحمِلهم فتطْرَحهم بالمَهبِل
، هُوَ الهُوَّة الذاهبةُ فِي الأَرض، وَقَالَ أَوس فِي مَهْبِل الْجَبَلِ:
فأَبْصَرَ أَلْهاباً مِنَ الطَّودِ دُونَهُ، ... يَرَى بَيْنَ رأْسَيْ كلِّ نِيقَيْنِ مَهْبِلا
قَالَ أَبو زِيَادٍ: المَهْبِل حَيْثُ يَنْطُفُ فِيهِ أَبو عُمَيْرٍ بِأَرونِه، وأَنشد بَيْتَ الْهُذَلِيِّ. وَقَالَ الأَزهري فِي أَثناء كَلَامِهِ فِي بَهِلَ: اهْتَبَلَ الرَّجُلُ إِذا كذَب، واهْتَبَلَ إِذا غَنِم، واهْتَبَلَ إِذا ثَكِل. وَسَمِعَ كَلِمَةً فاهْتَبَلَها أَي اغْتنَمها. والاهْتِبَال: الاغْتِنام والاحْتيال والاقْتصاص. وَيُقَالُ: اهْتَبَلْت غَفلته، قَالَ الْكُمَيْتُ:
وعاثَ فِي غَابِرٍ مِنْهَا بعَثْعَثةٍ ... نَحْرَ المُكافئ، والمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اهْتَبَلَ جَوْعةَ مؤمنٍ كَانَ لَهُ كَيْت وكَيْت
أَي تَحَيَّنَها واغْتَنَمها مِنَ الهُبَالَةِ الغَنيمة «3» وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذرٍّ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: فاهْتَبَلْت غَفْلته وافْتَرَصْتها واحتلْت لَهُ حَتَّى وَجَدْتُهَا كالرجُل يَطْلُبُ الفُرْصة فِي الشَّيْءِ
، قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَقَالَتْ ليَ النَّفسُ: اشعَبِ الصِّدْعَ واهْتَبِلْ ... لإِحْدى الهَناتِ المُضْلِعاتِ اهْتِبَالَها
أَي استعدَّ لَهَا واحْتَلْ. وَرَجُلٌ مُهْتَبِل وهَبَّال، وهَبَّلَ لأَهله وتَهَبَّلَ واهْتَبَلَ: تكسَّب. واهْتَبَلَ الصَّيْدَ: بَغاه وتكسَّبه. والصيَّاد يَهْتَبِلُ الصيدَ أَي يَغْتَنِمُه ويغترُّه. والهَبَّالُ: الكاسِب المُحْتال، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَو مُطْعَمُ الصَّيْدِ هَبَّالٌ لبُغْيَتِه ... أَلْفى أَباهُ، بِذَاكَ الكَسْب، يكتسِبُ
وَمَا لَهُ هَابِلٌ وَلَا آبِلٌ، الهَابِل هُنَا: الكاسِب، وَقِيلَ المُحْتال، والآبِل: الَّذِي يُحْسِن القيامَ عَلَى الإِبِل والرِّعْيةَ لَهَا، وإِنما هُوَ الأَبِل، بِالْقَصْرِ، فَمَدَّهُ ليُطابِق الهابِل، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنه فاعِل مِنْ قَوْلِهِمْ أَبَل «4» الإِبِلَ يأْبُلها ويأْبِلُها حذَق مَصْلحتها. وَذِئْبٌ هِبِلٌّ أَي مُحْتال. والهَبَالَةُ: اسْمُ ناقةٍ لأَسماء بْنِ خَارِجَةَ، وَقَالَ:
فَلَأَحْشَأَنَّكَ مِشْقَصاً ... أَوْساً، أُوَيْسُ، مِنَ الهَبَالَهْ
والهِبِلُّ: الضَّخْم المُسِنُّ مِنَ الرِّجَالِ والنِّعام والإِبل. والهِبَلُّ، مِثَالُ الهِجَفِّ: الثَّقِيلُ المُسِنُّ الْكَبِيرُ مِنَ النَّاسِ والإِبل، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لسُحَيم عَبْدِ بني
__________
(1) . قوله [ما بين الغلفين] هكذا في الأصل بالفاء بعد اللام، وفي التهذيب بالقاف بدلها.
(2) . قوله [والمهبل الهواء] هكذا في الأصل والمحكم والتكملة، وفي القاموس: أنه الهويّ.
(3) . قوله [من الهبالة الغنيمة] هكذا ضبط في الأصل بضم الهاء، وفي بعض نسخ النهاية بفتحها.
(4) . قوله [من قولهم أبل إلخ] هكذا ضبط في الأصل وفي المحكم أيضاً، وعبارة القاموس في مادة أبل: وأبل كنصر وفرح أبالة وأبلًا فهو آبل وأبل.(11/687)
الحَسحاس:
هِبَلٌّ كمِرِّيخِ المَغالي هَجَنَّعٌ، ... لَهُ عُنُق مِثْلَ السِّطاعِ قَوِيمُ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَنا أَبو نَعامة الشيخُ الهِبَلّ، ... أَنا الَّذِي وُلِدْت فِي أُخْرى الإِبِلْ
يَعْنِي أَنه لَمْ يُولَدْ عَلَى تَنْعيم أَي أَنه أَخشنُ شَدِيدٌ غَلِيظٌ لَا يَهُوله شَيْءٌ. والهِبِلُّ: الرَّجُلُ الْعَظِيمُ، وَقِيلَ: الطَّوِيلُ، والأُنثى بِالْهَاءِ. والمُهَبَّل: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ المُوَرَّم الوجْه. وَقَدْ هَبَّلَه اللَّحْمُ إِذا كثُر عَلَيْهِ وركِب بعضُه بَعْضًا وأَهْبَلَه، قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
مِمَّن حَمَلْنَ بِهِ، وهُنَّ عَواقِدٌ ... حُبُكَ النِّطاقِ، فَشبَّ غَيْرُ مُهَبَّل
وَيُقَالُ هُوَ المُلَعَّن. وَقَالَتْ
عَائِشَةُ فِي حَدِيثِ الإِفْك: والنِّساء يَوْمَئِذٍ لَمْ يُهَبِّلْهنَّ اللحمُ
، مَعْنَاهُ لَمْ يَكْثُرْ عَلَيْهِنَّ اللَّحْمُ والشَّحمُ. والهَابِلُ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ والشحْم. وَيُقَالُ للمُهَبَّج المُرَبَّل: مُهَبَّل، كأَنَّ بِهِ ورَماً مِنْ سِمَنه. يُقَالُ: أَصبح فُلَانٌ مُهَبَّلًا، وَهُوَ المُهَبَّجُ الَّذِي كأَنه تورَّم مِنَ انتِفاخه. وهَبُلَتِ المرأَة عَبُلت. واهْتَبِلْ هَبَلَك أَي اشتغِل بشأْنِك، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والمُهْتَبِل: الْكَذَّابُ، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد:
يَا قاتَل اللهُ هَذَا كَيْفَ يَهْتَبِلُ
والمِهْبَل: الْخَفِيفُ، عَنْ خَالِدٍ، وَرَوَى بَيْتَ تأَبَّط شَرًّا:
ولستُ بِراعي صِرْمةٍ كَانَ عَبْدُها ... طويلَ العَصا مِئْناثةَ الصَّقْبِ مِهْبَلِ
والاهْتِبَال مِنَ السَّيْرِ: مَرْفُوعَهُ، عَنِ الْهَجَرِيِّ، وأَنشد:
أَلا إِن نصَّ العِيسِ يُدْني مِنَ الهَوَى، ... ويَجْمَع بَيْنَ الهائمينَ اهْتِبَالُها
والهَبَال: شَجَرٌ تُعمَل مِنْهُ السِّهام، وَاحِدَتُهُ هَبَالَة، قَالَ أَسماء بْنُ خَارِجَةَ:
فَلأَحْشأَنَّك مِشْقَصاً ... أَوْساً، أُوَيْسُ، مِنَ الهَبَالَهْ
وابنُ الهَبُولَة وَابْنُ هَبُولَةَ جَمِيعًا: ملِك. وبَنُو هُبَل بَطْن مِنْ كلْب يُقَالُ لَهُمُ الهُبَلات. وهُبَل: اسْمُ صَنَم كَانَ فِي الْكَعْبَةِ لِقُرَيْشٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ: قَالَ يَوْمَ أَحد: اعْلُ هُبَل
، هُوَ الصنَم الَّذِي كَانُوا يَعْبُدُونَهُ. وهُبَل: اسْمُ رَجُلٍ، مَعْدول عَنْ هابِل مَعْرِفَةٍ. وَبَنُو هُبَل: بطْن مِنَ الْعَرَبِ مِنْ كلْب يُقَالُ لَهُمُ الهُبَلات. وَبَنُو هَبِيل: بَطْنٌ. والهَيْبُلِيُّ والأَيْبُلِيُّ: الراهب.
هبركل: التَّهْذِيبُ فِي الْخُمَاسِيِّ: أَبو تُرَابٍ غُلَامٌ هَبَرْكَل قَوِيٌّ؛ وأَنشدت أُمُّ بُهْلول:
يَا رُبَّ بَيْضاء، بِوَعْثِ الأَرْمُلِ، ... قَدْ شُغِفَتْ بناشِئٍ هَبَرْكَلِ «5» .
هتل: التَّهْتَالُ: مِثْلُ التَّهْتان. وسحائبُ هُتَّلٌ وهُتَّن: هُطَّل، وَقِيلَ: مُتتابعة الْمَطَرِ؛ قَالَ العجاج:
__________
(5) . قوله [يا رب بيضاء إلخ] سقط بين المشطورين ثلاثة مشاطير وهي: شبيهة العين بعين المغزل فيها طماح عن خليل حنكل وهي تداري ذاك بالتجمل قد شغفت إلخ(11/688)
عَزَّزَ مِنْهُ، وَهُوَ مُعْطِي الأَسْهالْ، ... ضرْبُ السَّوارِي مَتْنَه بالتَّهْتَال
أَي عَزَّزَ مَتْنَ هَذَا الْكَثِيبِ، وَمَعْنَى عَزَّزه صلَّبه. هَتَلَتِ السماءُ وهَتَنَت تَهْتِلُ هَتْلًا وهُتُولًا وتَهْتَالًا وهَتَلاناً: هَطَلت، وَقِيلَ: هُوَ فَوْقَ الهَطْل، وَهُوَ الهَتَلان والهَتَنان، وَقِيلَ: الهَتَلان المطرُ الضَّعِيفُ الدَّائِمُ. والهَتْلى: ضرْب مِنَ النَّبْتِ، وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. والهَتِيلُ: موضع.
هتمل: الهَتْمَلَةُ: الْكَلَامُ الخفيُّ. والهَتْمَلَة: كالهَتْلمة، وَقَدْ هَتْمَلَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلَا أَشْهَدُ الهُجْرَ والقائِلِيهِ، ... إِذا هُمْ بِهَيْنَمةٍ هَتْمَلُوا
وهَتْمَلَ الرَّجُلَانِ: تكلَّما بِكَلَامٍ يُسِرَّانه عَنْ غَيْرِهِمَا، وَهِيَ الهَتْمَلَة، وَجَمْعُهَا هَتَامِل: أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تسمَعُ للجِنِّ بِهِ زِيْ زِيْ زَما، ... هَتَامِلًا مِنْ رِزِّها وهَيْنَما
وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
فَسِرْ قصْدَ سَيري، يَا ابْنَ سَمْراء، إِنني ... صَبورٌ عَلَى تِلْكَ الرُّقَى والهَتَامِل «1»
. والمُهَتْمِل: النَّمَّام «2» .
هثمل: الهَثْمَلَة: الْفَسَادُ وَالْاخْتِلَاطُ.
هجل: الهَجْل: الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض نَحْوَ الْغَائِطِ. الأَزهري: الهَجْل الْغَائِطُ يَكُونُ مُنْفَرِجًا بَيْنَ الْجِبَالِ مُطْمَئِنًّا مَوْطِئه صُلْب، وَالْجَمْعُ أَهْجَال وهِجَال وهُجُول؛ قَالَ أَبو زُبيد:
تحنُّ للظِّمْءِ مِمَّا قَدْ أَلَمَّ بِهَا ... بالهَجْل مِنْهَا كأَصْوات الزَّنابير
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ الزَّنانِير، بِالنُّونِ، وَهِيَ الْحَصَى الصِّغار؛ فأَما قَوْلُهُ:
لَهَا هَجَلاتٌ سَهْلة، ونِجادُها ... دَكادِكُ لَا تُؤْبي بِهِنَّ المَراتِعُ
فَزَعَمَ أَبو حَنِيفَةَ أَنه جَمْعُ هَجْل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ وَقَالَ: إِنما هُوَ جَمْعُ هَجْلَة، قَالَ: يُقَالُ هَجْل وهَجْلَة كَمَا يُقَالُ سَلّ وسَلَّة وكَوٌّ وكَوَّة، وأَنا لَا أَثِق بهَجْلة وَلَا أَتَيَقَّنها، وإِنما هَجْل وهَجَلات عِنْدِي مِنْ بَابِ سُرادِق وسُرادِقات وحَمَّام وحمَّامات، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُذَكَّرِ الْمَجْمُوعِ بِالتَّاءِ. والهَجِيل مِنَ الأَرض: كالهَجْل؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الهَجْل مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض وغَمَضَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
والخيلُ يَرْدِين بهَجْل هَاجِلِ ... فَوارِطاً، قُدَّام زَحْفٍ رافِلِ
والهَجْل والهَبْرُ: مُطْمَئِنٌّ يُنْبِت وَمَا حَوْله أَشدّ ارْتِفَاعًا، وَجَمْعُهُ هُجُول وهُبور. وأَهْجَلَ القومُ فهُم مُهْجِلُون. والهَجِيلُ: الحوْض الَّذِي لَمْ يُحْكَمُ عمَله. والهَجُول: البَغِيُّ مِنَ النِّسَاءِ. والهَجُول مِنَ النِّسَاءِ: الْوَاسِعَةُ، وَقِيلَ: الفاجِرة؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
عُيون زَهاها الكُحْل، أَما ضَمِيرُها ... فعَفٌّ، وأَما طَرْفُها فهَجُول
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنه الفاجِر؛ وقال ثعلب هنا:
__________
(1) . قوله [يا ابن سمراء] في شرح القاموس: يا ابن حمراء
(2) . ومما يستدرك عليه ما ذكره في التهذيب ونصه، وقال أَبُو زَيْدٍ: الْمُتْمَهِلُّ الْمُعْتَدِلُ، وَقَدِ اتْمَهَل سَنَامُ الْبَعِيرِ واتمأل إذا انتصب واستقام فهو متمهل ومتمئل(11/689)
إِنه الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض، وَهُوَ مِنْهُ خَطَأٌ. والهَوْجَل مِنَ النِّسَاءِ «1» : كالهَجُول:
قُلْتُ تعلَّق فَيْلَقاً هَوْجَلَّا
والهَوْجَل: الْمَفَازَةُ الذَّاهِبَةُ فِي سَيْرِهَا. والهَوْجَل: الْمَفَازَةُ الْبَعِيدَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِهَا أَعلام. والهَوْجَل: الأَرض الَّتِي لَا مَعالم بِهَا، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ نُجيم: الهَوْجَل الطَّرِيقُ الَّذِي لَا عَلَمَ بِهِ، وأَنشد:
إِليك، أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ، رَمَتْ بِنَا ... هُمومُ المُنَى، والهَوْجَل المُتَعَسِّف
وَيُقَالُ: فَلاةٌ هَوْجَل إِذا لَمْ يَهْتَدُوا بِهَا؛ وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ قَسَا:
وهَجْلٍ مِنْ قَساً ذَفِرِ الخُزامى، ... تَهَادَى الجِرْبِياءُ بِهِ الحَنِينا «2»
. وَقَالَ: الهَجْل الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض، والهَوْجَل الأَرض الَّتِي لَا نَبْتَ فِيهَا؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وجَرْداءَ خَرْقاءِ المَسارِح هَوْجَلٍ، ... بِهَا لاسْتِداء الشَّعْشَعانات مَسْبَحُ
والهَوْجَل: الأَرض تأْخذ مرَّة هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَرض هَوْجَل تأْخذ مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا. والهَوْجَل: النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ الذَّاهِبَةُ فِي سَيْرِهَا، وَقِيلَ: هِيَ النَّاقَةُ الَّتِي كأَنَّ بِهَا هَوَجاً مِنْ سُرْعَتِهَا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وبعد إِشارتهم بالسِّياطِ ... هَوْجاء ليلتَها هَوْجَل «3»
. أَي فِي لَيْلَتِهَا. وَنَاقَةٌ هَوْجَل: لِلسَّرِيعَةِ الوَساع، وأَرض هَوْجَل مُشْتَقٌ مِنْهُ؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
والآلُ فِي كلِّ مُرادٍ هَوْجَلِ، ... كأَنَّه بالصَّحْصَحان الأَنْجَلِ
قُطْنٌ سُخام بأَيادِي غُزَّلِ
والهَوْجَل: الدَّلِيلُ الحاذِق. والهَوْجَل: الْبَطِيءُ المُتَواني الثقيلُ الوَخِم، وَقِيلَ: هُوَ الأَحمق. والهَوْجَل: الرَّجُلُ الذاهِب فِي حُمْقِه. ومشيٌ هَوْجَل: مُسْترخ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فِي صَلَبٍ لَدْنٍ ومَشْيٍ هَوْجَلِ
وهَجَّلْتُ بِالرَّجُلِ: أَسمعته القبيحَ وشتَمْته. أَبو زَيْدٍ: هَجَّلْت الرجلَ وَبِالرَّجُلِ تَهْجِيلًا وسَمَّعْت بِهِ تَسْمِيعًا إِذا أَسمعته الْقَبِيحَ وَشَتَمْتَهُ. ابْنُ بُزُرْج: لَا تَهَجَّلَنَّ فِي أَعراض النَّاسِ أَي لَا تَقَعَنّ فِيهِمْ. والهَوْجَل: الرَّجُلُ الأَهْوَج؛ وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ:
فأَتَتْ بِهِ حُوشَ الفُؤادِ مُبَطَّناً ... سُهُداً، إِذا مَا نَامَ لَيلُ الهَوجَلِ
والمُهْجَل: المُهْمَل. ومالٌ مُهْجَل ومُسْجَل إِذا كَانَ مُضَيَّعاً مُخَلّى. وهَجَلَتِ المرأَة بِعَيْنِهَا ورَمَشَت وغَيَّقَت ورَأْرَأَتْ إِذا أَدارتها بغَمْزِ الرَّجُلِ. والهَوْجَل: أَنْجَر السَّفِينَةِ. والهَوْجَل: بَقايا النُّعاس. ابْنُ الأَعرابي: هَوْجَلَ الرجلُ إِذا نَامَ نَوْمَةً خَفِيفَةً؛ وأَنشد:
إِلَّا بَقَايَا هَوْجَل النعاسِ
والهَاجِلُ: النَّائِمُ. والهاجِلُ: الْكَثِيرُ السفَر. وهَجَلَ بالقَصَبَة وَغَيْرِهَا إِذا رَمَى بِهَا، وأَما الَّذِي فِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ وإِذا فِتْية مِنَ الأَنصار يَذْرَعون الْمَسْجِدَ بقصَبة فأَخذ
__________
(1) . قوله [والهَوْجَل من النساء إلخ] قال في شرح القاموس: وشدده الشاعر للضرورة
(2) . قوله [وهَجْلٍ من قساً إلخ] تقدم في مادة ذفر بلفظ:
بهَجْلٍ مِنْ قَسًا ذَفِرِ الْخُزَامَى، ... تَدَاعَى الْجِرْبِيَاءُ بِهِ حنينا
(3) . قوله [وبعد إشارتهم] في التكملة: وقبل إشارتهم(11/690)
القَصَبَة فهَجَلَ بِهَا
أَي رَمَى بِهَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف هَجَلَ بِمَعْنَى رَمَى، وَلَكِنْ يُقَالُ نَجَل وزَجَل بِالشَّيْءِ رَمَى به.
هجنجل: هَجْنْجَل: اسْمٌ، وَقَدْ كَنَّوْا بأَبي الهَجَنْجَل؛ قَالَ:
ظلَّت وظَلَّ يومُها حَوْبَ حَلِ، ... وظَلَّ يومٌ لأَبي الهَجَنْجَلِ
أَي وظلَّ يومُها مَقُولًا فِيهِ حَوْبَ حَلِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: دُخُولُ لَامِ التَّعْرِيفِ فِي الهَجَنْجَل مَعَ الْعَلَمِيَّةِ يَدُلُّ أَنه فِي الأَصل صفة كالحرث والعباس «1» .
هدل: الأَزهري: هَدَر الغلامُ وهَدَل إِذا صوَّت؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
طَوى البَطْنَ زَيَّامٌ كأَنَّ سَحِيلَه ... عليهنَّ، إِذْ وَلَّى، هَدِيلُ غُلام
أَي غِناءُ غُلام. ابْنُ سِيدَهْ: الهَدِيل صوتُ الْحَمَامِ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ وحْشِيَّها كالدَّباسِيِّ والقَمارِيِّ وَنَحْوِهَا، هَدَلَ القُمْرِيُّ، وَفِي الْمُحْكَمِ: هَدَلَ يَهْدِلُ هَدِيلًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا ناقَتي عِنْدَ المُحَصَّب شاقَها ... رَواحُ اليَماني، والهَدِيلُ المُرَجَّعُ «2»
. وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
مَا هاجَ شَوْقَك مِنْ هَدِيلِ حمامةٍ، ... تَدْعُو عَلَى فَنَنِ الغُصُون حَماما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ الهَدِيل فِي صَوْتِ الهُدْهُد؛ قَالَ الرَّاعِي:
كَهُداهِدٍ كسَرَ الرُّماةُ جَناحَهُ، ... يَدْعُو بِقارِعَة الطريقِ هَدِيلا
قَالَ: وَهَذَا تَصْغِيرُ هُدْهُد أُبْدِلت مِنْ يَائِهِ أَلف، قَالَ: وَمِثْلُهُ دُوابَّةٌ، حَكَاهُمَا أَبو عَمْرٍو وَلَمْ يُعْرَف لَهُمَا ثَالِثٌ. وهَدَلَتِ الْحَمَامَةُ تَهْدِلُ هَدِيلًا، وَقِيلَ: الهَدِيل ذكَرُ الْحَمَامِ، وَقِيلَ: هُوَ فَرْخها؛ قَالَ جِرانُ العَوْد:
كأَنّ الهَدِيل الظَّالِعَ الرِّجْل وَسْطَها، ... مِنَ البَغْي، شِرِّيبٌ يُغَرِّد مُنْزَفُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَزْعُمُ الأَعراب فِي الهَدِيل أَنه فرْخ كانَ عَلَى عَهْدِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَمَاتَ ضَيْعةً وعطَشاً فَيَقُولُونَ إِنه لَيْسَ مِنْ حَمَامَةٍ إِلَّا وَهِيَ تَبْكِي عَلَيْهِ؛ قَالَ نُصيب «3» . وَقِيلَ هُوَ لأَبي وَجْزَةَ:
فَقُلْتُ: أَتبكي ذاتُ طَوْقٍ تذكَّرتْ ... هَدِيلًا، وَقَدْ أَوْدى وَمَا كَانَ تُبَّعُ؟
يَقُولُ: وَلَمْ يُخْلَقْ تُبَّع بعدُ، قَالَ: وَيُقَالُ صادَ الهَدِيلَ جارِحٌ مِنْ جَوارِح الطَّيْرِ؛ وأَنشد الْكُمَيْتُ الأَسدي:
وَمَا مَنْ تَهْتِفِينَ بِهِ لِنَصْرٍ ... بأَسْرَعَ، جَابَةً لكِ، مِنْ هَدِيلِ
فَمَرَّةً يَجْعَلُونَهُ الطائرَ نفسَه، ومرَّة يَجْعَلُونَهُ الصَّوْت. والهَدِيلُ أَيضاً: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الشعَر، وَقِيلَ: هُوَ الأَشْعَث الَّذِي لَا يسرِّح رأْسه وَلَا يَدْهُنُهُ؛ أَنشد أَبو زَيْدٍ:
هِدانٌ أَخُو وَطْبٍ، وصاحِبُ عُلْبة، ... هَدِيلٌ لِرَثَّاثِ النِّقالِ جَرُورُ
__________
(1) . ومما يستدرك عليه ما في التهذيب ونصه: وامرأَة مهجلة وهي التي أفضى قبلها ودبرها؛ وقال الشاعر:
ما كان أهلًا أن يكذب منطقي ... سعد بن مهجلة العجان فليق
(2) . قوله [إذا ناقتي] في الصحاح: أرى ناقتي
(3) . قوله [قال نصيب إلخ] في المحكم: قال نصيب، ولم يذكر خلافاً، وفي التهذيب: قال الأموي وأنشدني ابن أبي وجزة السعدي لنصيب(11/691)
النِّقال: النِّعالُ الخُلْقان. وَرَجُلٌ هَدِيل: ثَقِيلٌ. وتَهَدَّلَتِ الثِّمارُ وأَغصان الشَّجَرَةِ أَي تدلَّت، فَهِيَ مُتَهَدِّلَة. وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: وروضةٍ قَدْ تَهَدَّلَت أَغصانها
أَي تدلَّت واسترختْ لثِقَلها بِالثَّمَرِ. وَفِي حَدِيثِ
الأَحْنف: مِنْ ثِمارٍ مُتَهَدِّلةٍ.
وهَدَلَ الشيءَ يَهْدِلُهُ هَدْلًا: أَرسله إِلى أَسفل وأَرخاه. والهَدَل: استرخاه المِشْفَر الأَسفل، هَدِلَ هَدَلًا. ومِشْفَر هَادِلٌ وأَهْدَلَ وشَفة هَدْلاء: مُنْقَلِبة عَنِ الذَّقَن. وهَدِلَ الْبَعِيرُ يَهْدَلُ هَدَلًا فَهُوَ أَهْدَلُ: أَخذته الْقُرْحَةُ فهَدِلَ مِشْفَره وَطَالَ. وهَدِلَ يَهْدَلُ هَدلًا فَهُوَ هَدِلَ: طَالَ مِشْفره، وَبَعِيرٌ هَدِلٌ مِنْهُ. وَبَعِيرٌ أَهْدَلُ، وَذَلِكَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الحَذْلَمي:
يُبادِر الحَوْضَ، إِذا الحَوْضُ شُغِلْ، ... بكلِّ شَعشاعٍ صُهابيٍّ هَدِلْ «4»
. وَقَدْ تَهَدَّلَتْ شَفَته أَي استرختْ، وَقِيلَ: الهَدَل فِي الشَّفَةِ عِظَمُها وَاسْتِرْخَاؤُهَا وَذَلِكَ لِلْبَعِيرِ، وإِنما يُقَالُ رَجُلٌ أَهْدَل وامرأَة هَدْلاء مُسْتَعَارًا مِنَ الْبَعِيرُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَعْطِهم صَدَقَتك وإِن أَتاك أَهْدَل الشَّفَتَيْنِ
؛ الأَهْدَلُ: الْمُسْتَرْخِي الشَّفَةِ السُّفْلَى الْغَلِيظِهَا، أَي وإِن كَانَ الْآخِذُ أَسود حَبَشيّاً أَو زِنْجيّاً، وَالضَّمِيرُ فِي أَعْطِهم للوُلاة وأُولي الأَمْرِ. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ: أَهْدَبُ أَهْدَلُ
: وَالسَّحَابُ إِذا تدلَّى هَيْدَبُه فَهُوَ أَهْدَل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
بِتَهْتانِ دِيمَتِهِ الأَهْدَلِ
وَيُقَالُ: شِدْق أَهْدَل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يُلْقِيه فِي طُرْقٍ أَتتها مِنْ عَلِ ... قُذْف لَهًا جُوفٍ وشِدْقٍ أَهْدَلِ «5»
. والتَّهَدُّل: اسْتِرْخَاءُ جِلْدَةِ الخُصْية وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ قَالَ:
كأَنَّ خُصْيَيْهِ مِنَ التَّهَدُّلِ، ... ظَرْفُ عَجُوز فِيهِ ثِنْتا حَنْظَلِ
وَيُرْوَى: مِنَ التَّدَلْدُل. والهَدال: مَا تَهَدَّل مِنَ الأَغصان؛ قَالَ الأَعشى:
ظَبْيَةٌ مِنْ ظِباء وَجْرَة أَدْماءُ، ... تَسُفُّ الكَباثَ تَحْتَ الهَدَالِ
الْجَوْهَرِيُّ: والهَدَالُ مَا تَدَلَّى مِنَ الْغُصْنِ؛ وَقَالَ:
يَدْعُو الهَدِيلُ وساقُ حُرٍّ فَوْقَه، ... أُصُلًا، بأَوديةٍ ذَواتِ هَدَالِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
طامٍ عَلَيْهِ وَرَقُ الهَدَالِ
والهَدَالَةُ: شَجَرَةٌ تَنْبُتُ فِي السَّمُر لَيْسَتْ مِنْهُ وَتَنْبُتُ فِي اللَّوْز وَالرُّمَّانِ وَفِي كُلِّ شَجَرَةٍ «6» . وَثَمَرَتُهَا بَيْضَاءُ، وَقِيلَ: الهَدَالَة كلُّ غُصْنِ نَبْتٍ مُسْتَقِيمًا فِي طَلْحة أَو أَراكة، وَهُوَ مِمَّا يُشْفَى بِهِ المَطْبوب، وَالْجَمْعُ هَدَالٌ، وَيُقَالُ: كُلُّ غُصْنٍ يَنْبُتُ فِي أَراكة أَو طَلْحة مُسْتَقِيمَةٍ فَهِيَ هَدَالَةٌ، كأَنها مُخَالِفَةٌ لِسَائِرِهَا مِنَ الأَغصان، وَرُبَّمَا دَاوَوْا بِهِ مِنَ السِّحْر والجُنون. والهَدَال: ضرْب مِنَ الشَّجَرِ. والهَدَال: شَجَرٌ بِالْحِجَازِ لَهُ ورَق عِراض أَمثال الدَّراهِم الضِّخام لَا يَنْبُتُ إِلَّا مَعَ أَشجار السَّلَع والسَّمُر؛ يَسْحَقه أَهلُ الْيَمَنِ ويطبُخُونه. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ لَبَن هِدْلٌ لُغَةٌ
__________
(4) . قوله [يبادر الحوض إلخ] هكذا في الأصل، وأنشده للعجاج في شعشع بلفظ:
تُبَادِرُ الْحَوْضَ إِذَا الْحَوْضُ شُغِلْ ... بِشَعْشَعَانِيٍّ صُهَابِيٍّ هَدِل
والشطر الثاني في المحكم والتهذيب مثل ما هنا
(5) . قوله [يلقيه في طرق إلخ] هكذا في الأصل مضبوطاً
(6) . قوله [وفي كل شجرة] كذا في الأصل والمحكم، وفي الصاغاني: وفي كل الشجر(11/692)
فِي إِدْلٍ لَا يُطاق حَمَضاً، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه على البدَل.
هدمل: الهِدْمِل، بِالْكَسْرِ: الثَّوْبُ الخلَق؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا:
ومَرْقَبةٍ، يَا أُمَّ عَمْروٍ، طِمِرَّةٍ ... مُذَبْذَبةٍ فَوقَ المَراقِب عَيْطَل
نَهَضْت إِليها مِنْ جُثُومٍ كأَنها ... عَجُوز، عَلَيْهَا هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَل
مِنْ جُثوم أَي مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جُثوم جَمْعُ جاثِم أَي نَهَضْتُ مِنْ بَيْنِ جَمَاعَةٍ جُثوم. والهِدَمْلَة، عَلَى وَزْنِ السِّبَحْلة: الرَّمْلة المُشْرِفةُ الْكَثِيرَةُ الشَّجَرِ؛ قَالَ الْشَّاعِرُ جَرِيرٌ:
حَيِّ الهِدَمْلَة مِن ذاتِ المَواعِيس
وَجَمْعُهَا الهِدَمْلات؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ودِمْنة هَيَّجَتْ شَوْقي مَعالِمُها، ... كأَنها بالهِدَمْلاتِ الرَّوَاسِيمُ
والهِدَمْلَةُ: مَوْضِعٌ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. والهِدَمْلَةُ: الدَّهْرُ الَّذِي لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ لِطُولِ التَّقادُم، وَيُضْرَبُ مَثَلًا لِلَّذِي فَاتَ؛ يَقُولُ بعضُهم لِبَعْضٍ: كَانَ هَذَا أَيام الهِدَمْلَة؛ قَالَ كثيِّر:
كأَنْ لَمْ يُدَمِّنها أَنِيسٌ، وَلَمْ يكنْ ... لَهَا بَعْدَ أَيّام الهِدَمْلَةِ عامِرُ
هذل: هَوْذَلَ فِي مَشْيهِ هَوْذَلَةً: أَسرع، وَقِيلَ: الهَوْذَلَة أَن يضْطَرِب فِي عَدْوِه. وهَوْذَلَ السقاءُ: تَمَخَّضَ، مِنْ ذَلِكَ. وهَوْذَلَ السقاءُ إِذا أَخرج زُبْدَتهُ. وهَوْذَلَ الرجلُ: اضْطَرَبَ فِي عَدْوه، وَكَذَلِكَ الدَّلْوُ؛ قَالَ:
هَوْذَلَةَ المِشْآةِ فِي الطَّوِيِ
وَفِي نُسْخَةٍ: فِي قَعْرِ الطَّوِيِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المِشْآة الزَّبِيلُ الَّذِي يُخرج بِهِ تُرَابُ الْبِئْرِ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ لِابْنِ هَرْمة:
إِمَّا يَزالُ قائِلٌ أَبِنْ أَبِنْ، ... هَوْذَلَة المِشْآةِ عَنْ ضِرسِ اللَّبِنْ
اللِّيْثُ: الهَوْذَلَة القَذْف بالبَوْلِ. وهَوْذَل إِذا قَاءَ. وهَوْذَل إِذا رمَى بالعُرْبُونِ، وَهُوَ الْغَائِطُ والعَذِرة. وَذَهَبَ بَوْلُه هَذَالِيلَ إِذا انْقَطَعَ. وهَوْذَلَ الْبَعِيرُ ببوله إِذا اختزَّ بَوْلُه وتحرَّك. وهَوْذَلَ ببَوْله: نَزَّاه وقَذَفه وَرَمَى بِهِ؛ قَالَ:
لَوْ لمْ يُهَوْذِلْ طَرَفاهُ لَنَجَمْ، ... فِي صَدْره، مِثْلُ قَفَا الكَبْشِ الأَجَمْ
وهَوْذَلَ الفحلُ مِنَ الإِبل ببوْلِه إِذا اهتزَّ وتحرَّك. والهَاذِلُ، بِالذَّالِ: وسَط اللَّيْلِ. وأَهْذَبَ فِي مَشْيِهِ وأَهْذَل إِذا أَسرع، وَجَاءَ مُهْذِباً مُهْذِلًا. والهُذْلُول: الرجلُ الْخَفِيفُ والسهمُ الْخَفِيفُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والهَوْذَلُ وَلَدُ القِرد؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
يُدِيرُ النَّهارَ بِحَشْرٍ لَهُ، ... كَمَا دارَ بالمَنَّةِ الهَوْذَلُ
المَنَّة: القِرْدة، والهَوْذَلُ ابْنُهَا، والنَّهار فَرْخ الحُبارَى؛ يَصِفُ صَبِيًّا يُديرُ نَهَارًا فِي يَدِهِ بحَشْرٍ وَهُوَ سَهْمٌ خَفِيفٌ. والهُذْلُولُ: التلُّ الصَّغِيرُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ الهَذَالِيل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَعْلو الهَذَالِيلَ ويَعْلو القَرْدَدا
وَقِيلَ: الهُذْلُول الرَّمْلة الطَّوِيلَةُ المُسْتَدِقَّة المشرِفة،(11/693)
وَكَذَلِكَ السَّحابة المُسْتَدِقَّة. وهَذَالِيلُ الْخَيْلِ: خِفافُها؛ وَقَالَ اللِّيْثُ: الهُذْلُولُ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض مِنْ تِلال صِغَارٍ؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الهُذْلُول الْمَكَانُ الوطيءُ فِي الصَّحْرَاءِ لَا يشعُر بِهِ الإِنسان حَتَّى يُشرِف عَلَيْهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كأَنَّ دِياراً، بَيْنَ أَسْنِمةِ النَّقا ... وَبَيْنَ هَذَالِيلِ البُحَيْرة، مُصْحَفُ
قَالَ: وبُعْده نَحْوَ القامةِ يَنْقاد لَيْلَةً أَو يَوْمًا وعُرْضُهُ قِيدُ رُمْحٍ أَو أَنْفس، لَهُ سَنَدٌ وَلَا حُرُوفَ لَهُ؛ قَالَ أَبو نَصْرٍ: الهَذَالِيلُ رِمال دِقاق صِغار، وَقَالَ غَيْرُهُ: الهُذْلُولُ مَا سَفَتِ الريحُ مِنْ أَعالي الأَنْقاء إِلى أَسافِلها، وَهُوَ مِثْلُ الخَنْدَق فِي الأَرض. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الهَذَالِيلُ مَسايِل صِغار مِنَ الْمَاءِ وَهِيَ الثُّعْبان. وَذَهَبَ ثوبُه هَذَالِيلَ أَي قِطعاً. ابْنُ سِيدَهْ: الهُذْلُولُ السَّرِيعُ الْخَفِيفُ، وَرُبَّمَا سُمِّيَ الذِّئْبُ هُذْلُولًا. وهُذْلُول: فَرَس عَجْلان بْنِ بَكْرة»
. التَّيْمِيِّ. وهُذْلُول أَيضاً: فَرَسُ جَابِرِ بْنِ عُقَيل؛ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: الهُذْلُول اسْمُ سَيْفٍ كَانَ لِبَعْضِ بَنِي مَخْزوم، وَهُوَ الْقَائِلُ فِيهِ:
وَكَمْ مِنْ كَمِيٍّ قَدْ سَلَبْت سِلاحَه، ... وغادَرَهُ الهُذْلُولُ يكْبُو مُجَدَّلا
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
قلتُ لِقَوْمٍ خَرَجُوا هَذَالِيلْ ... نَوْكَى، وَلَا يُقَطِّع النَّوْكَى القِيلْ «2»
. فَسَّرَهُ فَقَالَ: الهَذالِيل المتقطِّعون، وَقِيلَ: هُمُ المسرِعون يَتْبَعُ بعضُهم بَعْضًا. وهُذَيْل: اسْمُ رَجُلٍ. وهُذَيْل: قَبِيلَةٌ النِّسْبَةُ إِليها هُذَيْلِيّ وهُذَلِيٌّ قِيَاسٌ وَنَادِرٌ، وَالنَّادِرُ فِيهِ أَكثر عَلَى أَلسِنتهم. وهُذَيْل: حَيٌّ مِنَ مُضَر، وَهُوَ هُذيْل بْنِ مُدْرِكَة بنِ إِلياسَ بنِ مُضَرَ، وَقِيلَ: هُذَيْل قَبِيلَةٌ مِنْ خِنْدِف أَعْرَقَتْ فِي الشِّعْر.
هذمل: الهَذْمَلَةُ: كالهَذْلَمةِ وَهِيَ مِشْية فِيهَا قَرْمَطة، وَفِي الصِّحَاحِ: الهَذْمَلة ضرْب مِنَ المشي.
هرجل: الهَرْجَلَة: الِاخْتِلَاطُ فِي الْمَشْيِ، وَقَدْ هَرْجَلَ، وهَرْجَلَتِ النَّاقَةُ كَذَلِكَ. ابْنُ الفرَج: الهَراجِيبُ والهَرَاجِيلُ مِنَ الإِبل الضِّخام؛ قَالَ جِرَان العَوْد:
حَتَّى إِذا مُنِعَتْ، والشمسُ حامِيةٌ، ... مَدَّتْ سَوالِفَها الصُّهْبُ الهَرَاجِيلُ
هردل: النِّهَايَةُ «3» فِي الْحَدِيثِ
فأَقْبَلَتْ تُهَرْدِلُ
أَي تَسْتَرْخِي في مَشْيها.
هرطل: الْجَوْهَرِيُّ: الهِرْطَالُ الطويلُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْبَوْلَانِيِّ:
قَدْ مُنِيَتْ بِناشِئٍ هِرْطَالِ ... فازْدالَها، وأَيَّما ازْدِيالِ
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الطَّوِيلِ الْعَظِيمِ الْجَسِيمِ: هِرْطالٌ وهِرْدَبَّةٌ وهَقَوَّرٌ وقَنَوَّرٌ.
هرقل: هِرْقِلُ: مِنْ مُلُوكِ الرُّومِ، وهِرْقِلُ، عَلَى وَزْنِ خِنْدِف: مَلِكُ الرُّومِ. وَيُقَالُ هِرَقْل عَلَى وَزْنِ دِمَشق، وَهُوَ أَول مَنْ ضرَب الدنانيرَ وأَول مَنْ أَحدث البَيعَة؛ قَالَ لَبِيَدٌ:
غَلَب اللَّيالي خَلْفَ آلِ محرِّقٍ، ... وَكَمَا فَعَلْنَ بِتُبَّعٍ وبِهِرْقَلِ
أَراد هِرَقْلًا فاضطرَّ فغيَّر؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِجَرِيرٍ:
__________
(1) . قوله [ابن بكرة] كذا في الأصل والمحكم بالباء، وفي القاموس والتكملة بالنون بدلها وكتب عليه فيها علامة التصحيح
(2) . قوله [ولا يقطع النوكى] في التهذيب: ولا ينفع للنوكى
(3) . قوله [ (هردل) النهاية إلخ] هكذا في الأَصل بالدال المهملة، وفي نسخ النهاية التي بأَيدينا بالذال المعجمة(11/694)
وأَرْضَ هِرَقْلٍ قَدْ قَهَرْت وداهِراً، ... ويَسْعَى لَكُمْ مِنْ آلِ كِسْرَى النَّواصِفُ
وأَنشد لِمُزاحِم العقيليّ:
يراتب جُمًّا فِي أَسِيلٍ ومُقْلةٍ، ... كَمَا شافَ دِينارَ الهِرَقْليِّ شائفُ «1»
. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي بَكْرٍ: لَمَّا أُريد عَلَى بَيْعة يزيدَ بنِ مُعاوية فِي حَيَاةِ أَبيه قَالَ جِئْتُمْ بِهَا هِرَقْلِيَّةً وقُوقِيَّة
: أَراد أَن البَيعة لأَولاد الْمُلُوكِ سُنَّة مُلُوكِ الرُّوم والعَجم. والهِرْقِلُ: المُنْخُل وأَما دَيْرُ الهِزْقِل فهو بالزاي.
هركل: الهَرْكَلةُ والهُرَكِلَةُ والهِرْكَوْلةُ والهِرَّكْلَة الحسَنة الْجِسْمِ والخلْق والمِشْية؛ قَالَ:
هِرَّكْلَةٌ فُنُقٌ نِيافٌ طَلَّةٌ، ... لَمْ تعدُ عَنْ عَشْرٍ وحَوْلٍ، خَرْعَبُ
والهَرْكَلَةُ: ضرْب مِنَ الْمَشْيِ فِيهِ اخْتيالٌ وبُطْءٌ؛ وأَنشد:
قامَتْ تَهادَى مَشْيَها الهِرْكَلَّا، ... بَيْنَ فِناءِ البَيْتِ والمُصَلَّى «2»
. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ قُطْرُبٍ: الهَرْكَلَةُ الْمَشْيُ الْحَسَنُ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ: أَنه رأَى أَبا عُبَيْدَةَ مَحْمُومًا يَهْذِي يَقُولُ دِينَارُ كَذَا وَكَذَا فَقُلْنَا لِلطَّبِيبِ: سَلْه عَنِ الهِرْكَوْلَةِ، فَقَالَ: يَا أَبا عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: مَا الهِرْكَوْلَة؟ قَالَ: الضَّخْمة الأَوْراك، وَقَدْ قِيلَ: إِن الْهَاءَ فِي هِرْكَوْلَة زَائِدَةٌ، وَلَيْسَ بقويٍّ. امرأَة هِرْكَوْلَة: ذَاتُ فَخْذَيْنِ وَجِسْمٍ وعَجُز. الأَصمعي: الهِرْكَوْلَة مِنَ النِّسَاءِ الْعَظِيمَةِ الوَرِكين. وَجَمَلٌ هُرَاكِل: جَسِيمٌ ضَخْمٌ، وَرَجُلٌ هُرَاكِل كَذَلِكَ. والهِرْكَوْلَة، عَلَى وَزْنِ البِرْذَونة: الْجَارِيَةُ الضَّخْمَةُ المُرْتَجَّة الأَرْداف. والهَرَاكِلَةُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ: حَيْثُ تَكْثُرُ فِيهِ الأَمْواج؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ دُرَّة:
رأَى مِنْ دُونِهَا الغَوَّاصُ هَوْلًا ... هَرَاكِلَةً، وحِيتاناً ونُونا
التَّهْذِيبِ: الهَرَاكِلَة كِلابُ الْمَاءِ؛ أَنشد أَبو عُبَيْدَةَ «3» .
فَلَا تَزالُ وُرَّشٌ تأْتِينا ... مُهَرْكِلاتٌ ومُهَرْكِلِينا
وُرَّش: جَمْعُ وارِش وَهُوَ الطفيليّ.
هرمل: هَرْمَلَت العجوزُ: بَلِيَتْ مِنَ الكِبَر. والهُرْمُولَةُ مِثْلُ الرُّعْبُولة تَنْشَقُّ مِنْ أَسفل الْقَمِيصِ ودَنادِنِ الْقَمِيصِ. والهُرْمُولُ: قِطْعَةٌ مِنَ الشَّعَر تَبَقَّى فِي نَوَاحِي الرأْس، وَكَذَلِكَ مِنَ الرِّيش والوَبَر؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
هَيْق هِزَفّ وزَفَّانِيَّة مَرَطَى، ... زَعْراء رِيشُ ذُناباها هَرامِيلُ
وشَعر هَرَامِيل إِذا سَقَطَ. وهَرْمَلَ الشعرَ وغيرَه: قَطَعَهُ ونتَفه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
رَدُّوا لأَحْداجِهِمْ بُزْلًا مُخَيَّسةً، ... قَدْ هَرْمَلَ الصيفُ عَنْ أَعْناقها الوَبَرا
وهَرْمَلَ عملَه: أَفسده. وهَرْمَلَهُ أَي نَتَفَ شَعرَه. وهَرْمَلَ شعرَه إِذا زَبَقَه.
هرول: الهَرْوَلَة: بَيْنَ العَدْوِ وَالْمَشْيِ، وَقِيلَ: الهَرْوَلَة بَعْدَ العَنَق، وَقِيلَ: الهَرْوَلَة الإِسراع.
__________
(1) . قوله [يراتب] هكذا في الأَصل من غير نقط
(2) . قوله [وأنشد قامت تهادى إلخ] عبارة شرح القاموس: ومما يستدرك عليه الهِرْكَلّ مثال قِثْوَلّ نوع من المشي، قال: قامت تهادى إلخ
(3) . قوله [أنشد أبو عبيدة إلخ] عبارة القاموس وشرحه: والهركلة مشي في اختيال وبطء، حكاه أبو عبيدة وأنشد: ولا تزال ورش إلخ(11/695)
الْجَوْهَرِيُّ: الهَرْوَلَة ضرْب مِنَ العَدْو وَهُوَ بَيْنَ الْمَشْيِ والعَدْو. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن أَتاني يَمْشِي أَتَيْته هَرْوَلَة
، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ سُرْعَةِ إِجابة اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَبُولِ تَوْبَةِ الْعَبْدِ ولُطْفه وَرَحْمَتِهِ. هَرْوَلَ الرجلُ هَرْوَلَةً: بَيْنَ الْمَشْيِ والعَدْو، وَقِيلَ: الهَرْوَلَة فَوْقَ الْمَشْيِ وَدُونَ الْخَبَبِ، والخَبَبُ دُونَ العَدْو.
هزل: الهَزْل: نَقِيضُ الجِدّ، هَزَلَ يَهْزِلُ هَزْلًا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَرانا عَلَى حُبِّ الحياةِ وطُولِها ... تَجِدُّ بِنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ ونَهْزِلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِهِ. يُجَدُّ بِنَا؛ قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وهَزِلَ فِي اللَّعِبِ هَزَلًا؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وهَزَلَ الرجلُ فِي الأَمر إِذا لَمْ يجدَّ، وهَازَلَنِي؛ قَالَ:
ذُو الجِدِّ، إِنْ جدَّ الرِّجَالُ بِهِ، ... ومُهَازِلٌ، إِن كَانَ فِي هَزْل
وَرَجُلٌ هِزِّيلٌ: كَثِيرُ الهَزْل. وأَهْزَلَهُ: وجَدَه لَعَّاباً. حَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ قَالَ: كلُّ النَّاسِ يَقُولُونَ هَزَلَ يَهْزِلُ مِثْلُ ضرَب يضرِب، إِلا أَن أَبا الْجَرَّاحِ الْعُقَيْلِيَّ قَالَ: هَزِلَ يَهْزَلُ مِنَ الهَزْل ضِدُّ الجِدّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ تَحْتَ الهَيْزَلَةِ
؛ قِيلَ: هِيَ الرَّايةُ لأَن الريحَ تَلْعَب بِهَا كأَنها تَهْزِل مَعَهَا، والهَزْل واللَّعِب مِنْ وادٍ واحِد، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمر وأَهل خَيْبَرَ: إِنما كَانَتْ هُزَيْلَة مِنْ أَبي الْقَاسِمِ
؛ تَصْغِيرُ هَزْلَة، وَهِيَ المرَّة الْوَاحِدَةُ مِنَ الهَزْل ضِدُّ الجِدّ. وقولٌ هَزْل: هُذاءٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَما هُوَ بِالْهَزْلِ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: أَي لَيْسَ بِهَذَيان، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَي مَا هُوَ باللَّعِب. وَفُلَانٌ يَهْزِلُ فِي كَلَامِهِ إِذا لَمْ يَكُنْ جَادًّا؛ تَقُولُ: أَجادٌّ أَنت أَم هَازِل؟ والمُشَعْوِذُ إِذا خفَّت يَدَاهُ بالتَّخاييل الْكَاذِبَةِ ففِعْله يُقَالُ لَهُ الهُزَيْلَى «1» لأَنها هَزْل لَا جِدَّ فِيهَا. والهُزَالَة: الفُكاهة. ابْنُ الأَعرابي: الهَزْل اسْتِرْخَاءُ الْكَلَامِ وتَفْنينه. والهُزَال: نَقِيضُ السِّمَن، وَقَدْ هُزِلَ الرَّجُلُ والدابَّة هُزَالًا، عَلَى مَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ، وهَزَلَ هُوَ هَزْلًا وهُزْلًا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده أَبو إِسحق:
واللهِ لَوْلَا حَنَفٌ بِرِجْلِه، ... ودِقَّةٌ فِي ساقِه مِنْ هُزْلِه،
مَا كَانَ فِي فِتْيانِكم مِنْ مِثْله
وهَزَلْته أَنا أَهْزِلُه هَزْلًا فَهُوَ مَهْزُول، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كُلُّ ضُرٍّ هُزَال؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
أَمِنْ حَذَرِ الهُزال نَكَحْتِ عَبْدًا؟ ... وعَبْدُ السَّوْءِ أَدْنى لِلهُزَال
ابْنُ الأَعرابي قَالَ: والهَزْل يَكُونُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا، يُقَالُ: هَزَلَ الفرسُ وهَزَلَه صَاحِبُهُ وأَهْزَلَه وهَزَّلَه. وهَزَلَ الرجلُ يَهْزِل هَزْلًا: مَوَّتَتْ ماشِيَتُه، وأَهْزَلَ يُهْزِلُ إِذا هُزِلت مَاشِيَتُهُ، زَادَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ تَمُت؛ قَالَ:
يَا أُمَّ عبدِ اللَّهِ، لَا تَسْتَعْجِلي ... ورَفِّعِي ذَلاذِلَ المُرَجَّلِ،
إِنِّي إِذا مُرُّ زَمانٍ مُعْضِلِ ... يُهْزِلْ ومَنْ يُهْزِل وَمَنْ لَا يُهْزَلِ
يَعِهْ، وكلٌّ يَبْتَلِيهِ مُبْتَلي
يُهْزِل مَوْضِعُهُ رَفْعٌ وَلَكِنَّهُ أُسكن لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ فِعْلٌ لِلزَّمَانِ، ويَعِهْ كَانَ فِي الأَصل يَعِيه فَلَمَّا سقطت
__________
(1) . قوله [يقال له الهُزَيْلَى] هكذا ضبط في الأَصل، وفي التهذيب ضبط بتشديد الزاي كقبيطي(11/696)
الْيَاءُ انْجَزَمَتِ الْهَاءُ، ويَعِه: تُصِبْ ماشِيَتَه العاهةُ. وأَهْزَلَ القومُ: أَصابتْ مَواشيهم سَنة فهُزِلتْ. وأَهْزَلَ الرجلُ إِذا هُزلتْ دابَّته. وَتَقُولُ: هَزَلْتها فعَجِفَت. وَفِي حَدِيثِ
مازِن: فأَذهَبْنا الأَموالَ وأَهْزَلْنا الذَّراريّ والعِيالَ
أَي أَضعفناهم، وَهِيَ لُغَةٌ فِي هَزَل وَلَيْسَتْ بِالْعَالِيَةِ. والهَزْل: مَوْتُ مَوَاشِي الرَّجُلِ، وإِذا مَاتَتْ قِيلَ: هَزَلَ الرجلُ يَهْزِلُ هَزْلًا فَهُوَ هَازِل أَي افْتَقَرَ، وَفِي الهُزَال يُقَالُ: هُزِلَ الرَّجُلُ يُهْزَلُ فَهُوَ مَهْزُول؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ هَزَلْت الدَّابَّةَ أَهْزُلُها هَزْلًا وهُزَالًا، وهَزَلَهم الزَّمَانُ يَهْزِلُهم. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَزَلَ القومُ وأَهزَلُوا هُزِلت أَموالهم. والهَزِيلَة: اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الهُزَال كالشَّتِيمة مِنَ الشتْم ثُمَّ فَشَتِ الهَزيلة فِي الإِبل؛ قَالَ:
حَتَّى إِذا نَوَّرَ الجَرْجارُ وارْتَفَعَتْ ... عَنْهَا هَزِيلَتُها، والفحلُ قَدْ ضَرَبا
وَالْجَمْعُ هَزَائِل وهَزْلَى. والهَزْل: الفَقْر. والمَهَازِل: الجُدُوب. وأَهْزَلَ القومُ: حبَسوا أَموالهم عَنْ شِدَّةٍ وَتَضْيِيقٍ. وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ الهَزْل فِي الجَراد فَقَالَ: يَجِيءُ فِي الشِّتَاءِ أَحمر هَزْلًا لَا يَدَع رطْباً وَلَا يَابِسًا إِلَّا أَكله؛ وأَرض مَهْزُولَة: رَقِيقَةٌ؛ عَنْهُ أَيضاً؛ وَاسْتَعْمَلَ الأَخفش المَهْزُول فِي الشِّعْرِ فَقَالَ: الرَّمَل كُلُّ شِعر مَهْزُول لَيْسَ بِمُؤْتَلِفِ الْبِنَاءِ كَقَوْلِهِ:
أَقْفَرَ مِنْ أَهْلِه مَلْحُوبُ ... فالقُطَبِيَّات فالذَّنُوبُ «2»
. وَهَذَا نَادِرٌ. الأَزهري: الْعَرَبُ تَقُولُ للحيَّات الهَزْلَى عَلَى فَعْلى جَاءَ فِي أَشعارهم وَلَا يعرَف لَهَا وَاحِدٌ؛ قَالَ:
وأَرْسال شِبْثانٍ وهَزْلَى تَسَرَّبُ
وهَزَّال وهُزَيْلٌ: اسْمَانِ.
هزبل: مَا فِي النِّحْيِ هَزْبَلِيلَةٌ أَي شَيْءٌ، لَا يتكلَّم بِهِ إِلَّا في الجَحْد، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: مَا فِيهِ هَزْبَلِيَّة إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ. الأَزهري: الهَزْبَلِيلُ الشَّيْءُ التافِه الْيَسِيرُ. وهَزْبَل إِذا افْتَقَرَ فَقْرًا مُدْقِعاً.
هزقل: قَالَ فِي تَرْجَمَةِ هرقل: وأَما دَيْرُ الهِزْقِل فهو بالزاي.
هشل: ابْنُ سِيدَهْ: الهَشِيلةُ، مِثْلُ فَعِيلة؛ عَنْ كُرَاعٍ: كلُّ مَا ركِبْت مِنْ غَيْرِ إِذن صَاحِبِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الهَشِيلَة مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا الَّذِي يأْخذه الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ إِذن صَاحِبِهِ يَبْلُغُ عَلَيْهِ حَيْثُ يُرِيدُ ثُمَّ يَرُدُّهُ؛ وَقَالَ:
وكلُّ هَشِيلةٍ، مَا دُمْتُ حَيّاً، ... عَلَيَّ محرَّم إِلَّا الجِمال
والهَيْشَلَة مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا: مَا اعْتَصَب؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا حَرْفٌ وَقَعَ فِيهِ الْخَطَأُ مِنْ جِهَتَيْنِ: إِحداهما فِي نَفْسِ الْكَلِمَةِ، والأُخرى فِي تَفْسِيرِهَا، وَالصَّوَابُ الهَشِيلَة مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا مَا اغتُصِب لَا مَا اعْتَصب؛ قَالَ: وأُثبت لَنَا عَنْ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: يَقُولُ مُفاخِر الْعَرَبِ منَّا مَنْ يُهْشِل أَي مِنَّا مَنْ يُعْطِي الهَشِيلة، وَهُوَ أَن يأْتي الرَّجُلُ ذُو الْحَاجَةِ إِلى مُراح الإِبل فيأْخذ بَعِيرًا فَيَرْكَبَهُ فإِذا قَضَى حَاجَتَهُ ردَّه، وأَما الهَيْشَلَة، عَلَى فَيْعَلَة، فإِن شَمِرًا وَغَيْرَهُ قَالُوا: هِيَ النَّاقَةُ المُسِنَّة السمينة، والله أَعلم.
هضل: الهَضْل: الْكَثِيرُ؛ قَالَ المرَّار الْفَقْعَسِيُّ:
أُصُلًا قُبَيْلَ الليلِ، أَو غادَيْتُها ... بَكراً غُدَيَّةَ فِي النَّدى الهَضْلِ
وامرأَة هَضْلاء: طَوِيلَةُ الثَّدْيَين، وهي أَيضاً التي
__________
(2) . قوله [فالقطبيات] هكذا ضبط في الأصل والمحكم ويوافقه ما في القاموس في مادة قطب، وضبطه ياقوت بتشديد الطاء والياء في عدة مواضع واستشهد بالبيت على المشدد(11/697)
ارْتَفَعَ حَيْضها. الْجَوْهَرِيُّ: الهَيْضَلَة من النساء الضَّخْمة النَّصَفُ، وَمِنَ النُّوقِ الغَزيرة. والهَيْضَل والهَيْضَلَةُ: جَمَاعَةٌ متسلِّحة أَمْرُهم فِي الْحَرْبِ وَاحِدٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
أَزُهَيرُ، إِنْ يَشِبِ القَذالُ فإِنَّني ... رُبْ هَيْضَلٍ لَجِبٍ لفَفْت بِهَيْضَلِ
قَالَ اللَّيْثُ: الهَيْضَل جَمَاعَةٌ فإِذا جُعِلَ اسْمًا قِيلَ هَيْضَلَة، وَقِيلَ: الهَيْضَلَة الْجَمَاعَةُ يُغْزى بهم ليسوا بالكثير. والهَيْضَل: الرَّجَّالة، وَقِيلَ: الجَيْش. وَقِيلَ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. وَجَمَلٌ هَيْضَل: ضَخْمٌ طَوِيلٌ عَظِيمٌ، وَنَاقَةٌ هَيْضَلَة كَذَلِكَ. والهَيْضَلَة مِنَ الإِبل: الْغَزِيرَةُ، وَهِيَ مِنَ النِّسَاءِ الضَّخْمة النَّصَف، وَقِيلَ: الهَيْضَلَة مِنَ النِّسَاءِ والإِبل وَالشَّاءِ هِيَ المسِنَّة، وَلَا يُقَالُ بَعِيرٌ هَيْضَل. و ... حَمَلْتُهم فِيهَا مَعَ الهَيَاطِلَهْ، ... أَثْقِلْ بِهِمْ مِنْ تِسْعَةٍ فِي قافِلَهْ
والهَيْطَلُ: الْجَمَاعَةُ يغزى بهم لَيْسُوا بالكثير. وَيُقَالُ: الهَيَاطِلَة جِيلٌ مِنَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُمْ شَوْكة وكانت
__________
(1) . قوله [والسحاب يَهْطِلُ بالدموع] هكذا في الأصل، وعبارة التهذيب: والسحاب يَهْطِلُ والعين تَهْطِلُ بالدموع
(2) . قوله [يَهْطِلُها الركض] في الصاغاني: يعصرها الركض. وقوله [بطيس] في التكملة والتهذيب: بطشّ
(3) . قوله [فوق الناعجات] هكذا في الأصل والتهذيب، وفي التكملة للصاغاني: فوق الواسجات(11/698)
لَهُمْ بِلَادُ «1» طَخَيْرِسْتان، وأَتراك خَزْلَخَ وَخَنْجِينَةَ مِنْ بَقَايَاهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف: أَن الهَيَاطِلَة لَمَّا نَزَلَتْ بِهِ بَعِلَ بِهِمْ
؛ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ مِنَ الهِنْد، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ كأَنه جَمْعُ هَيْطَل، وَالْهَاءُ لتأْكيد الْجَمْعِ. والهَيْطَل يُقَالُ: هُوَ الثعْلب. الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ الهَيْطَلَة آنِيَةٌ مِنْ صُفْر يُطْبَخُ فِيهَا؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ مُعَرَّبٌ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ صَحِيحٍ، أَصله پاتِيلَهْ. التَّهْذِيبُ: وتَهَطْلَأْتُ وتَطَهْلأْتُ أَي وقَعْتُ «2» . الأَزهري فِي تَرْجَمَةٍ هَلَطَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الهالِطُ الْمُسْتَرْخِي الْبَطْنِ، والهاطِل الزرع الملتفُّ.
هطمل: التَّهْذِيبُ: فِي الرُّبَاعِيِّ: الهَطْمَلِيّ «3» الأَسود القصير.
هقل: الهِقْلُ: الفتيُّ مِنَ النَّعام؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
وإِنْ ضُرِبَتْ عَلَى العِلَّات أَجَّتْ ... أَجِيجَ الهِقْلِ مِنْ خَيْطِ النَّعامِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الهِقْل الظَّلِيمُ وَلَمْ يُعَيِّنِ الفتيَّ، والأُنثى هِقْلَة. والهَيْقَل: كالهِقْل؛ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ:
وَاللَّهِ مَا هِقْلةٌ حَصَّاد عَنَّ لَهَا، ... جَوْن السَّراةِ، هِزَفٌّ لحمُه زِيَمُ
هكل: تَهَاكَلَ القومُ: تَنَازَعُوا فِي الأَمر. والهَيْكَلُ: الضخمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والهَيْكَلَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الْعَظِيمَةُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والهَيْكَلُ مِنَ الْخَيْلِ: الْكَثِيفُ العَبْلُ الليِّنُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بِمُنْجَردٍ قَيْدِ الأَوابِدِ هَيْكَلِ «4»
. وَالنَّبْتُ لَا يُوصَفُ بالضِّخَم لَكِنَّهُ أَراد الْكَثْرَةَ فأَقام الضِّخَم مَقَامَهَا. اللَّيْثُ: الهَيْكَلُ الْفَرَسُ الطَّوِيلُ عُلُوًّا وعدْواً. ابْنُ شُمَيْلٍ: الهَيْكَلُ الضَّخْمُ مِنْ كُلِّ الْحَيَوَانِ. الأَزهري: الهَيْكَلُ البِناء الْمُرْتَفِعُ يُشَبَّهُ بِهِ الْفَرَسُ الطَّوِيلُ. والهَيْكَلُ: الْفَرَسُ الطَّوِيلُ الضَّخْم؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَانَتْ الدَّهْناء بِنْتُ مِسحل زَوْجَةِ الْعَجَّاجِ رَفَعَتْهُ إِلى الْوَالِي وَكَانَتْ رَمَتْهُ بالتَّعْنين فَقَالَ:
أَظَنَّت الدَّهْنا، وظنَّ مِسْحَلُ ... أَنَّ الأَمِيرَ بالقَضاء يَعْجَلُ
عَنْ كَسِلاتي، والحصانُ يُكْسِلُ ... عَنِ السِّفاد، وَهُوَ طِرْفٌ هَيْكَلُ؟
أَبو حَنِيفَةَ: الهَيْكَل النَّبْتُ الَّذِي طَالَ وعظُم وبلَغ وَكَذَلِكَ الشَّجَرُ، وَاحِدَتُهُ هَيْكَلَة. وهَيْكَل الزَّرْعُ: نَما وَطَالَ. والهَيْكَل: بَيْتٌ لِلنَّصَارَى فِيهِ صَنَمٌ عَلَى خلْقة مَرْيَمَ فِيمَا يَزْعُمُونَ؛ وأَنشد:
مَشْيَ النَّصارى حَوْلَ بَيتِ الهَيْكَلِ
وَفِي الْمُحْكَمِ: الهَيْكَل بَيْتٌ لِلنَّصَارَى فِيهِ صُورَةُ مَرْيَمَ وَعِيسَى، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ الأَعشى:
وَمَا أَيْبُلِيٌّ عَلَى هَيْكَلٍ ... بَناه، وصَلَّب فِيهِ وَصَارَا
__________
(1) . قوله [وكانت لهم بلاد إلخ] هكذا في الأصل، والذي في الصحاح: وأتراك خلخ إلخ، وفي شرح القاموس: طخارستان وأتراك خلج والخنجية من بقاياهم انتهى. وفي ياقوت: أن طخارستان وطخيرستان لغتان في اسم البلدة، وفيه خلج آخره جيم اسم بلد وأما خلخ وخزلخ آخره خاء وخنجينة فلم يذكرهما
(2) . قوله [أي وقعت] في التكملة: برأت من المرض
(3) . قوله [الهَطْمَلِيُّ إلخ] هكذا في الأصل، والذي في التهذيب والقاموس: الطهملي بتقديم الطاء
(4) . قوله [بمنجرد قيد الأَوابد إلخ] هكذا في الأصل، وعبارة المحكم بعد الشطر: وقيل هو الطويل عُلُوّاً وعداء وقيل هو التام، قال أبو النجم فاستعاره للنبات: في حبة جرف وحمض هَيْكَل وَالنَّبْتُ لَا يُوصَفُ إلى آخر ما هنا(11/700)
وَرُبَّمَا سُمِّيَ بِهِ دَيْرُهم. الهَيْكَلُ: الْبِنَاءُ المُشرف. والهَيْكَلُ: بيت الأَصنام.
هلل: هَلَّ السحابُ بِالْمَطَرِ وهَلَّ المطرُ هَلًّا وانْهَلَّ بِالْمَطَرِ انْهِلالًا واسْتَهَلَّ: وَهُوَ شدَّة انْصِبَابِهِ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فأَلَّف اللَّهُ السَّحَابَ وهَلَّتْنَا.
قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، يُقَالُ: هَلَّ السحابُ إِذا أَمطر بشدَّة، والهِلالُ الدُّفْعَةُ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَوَّل مَا يُصِيبُكَ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَهِلَّة عَلَى الْقِيَاسِ، وأَهَالِيلُ نَادِرَةٌ. وانْهَلَّ الْمَطَرُ انْهِلالًا: سَالَ بشدَّة، واسْتَهَلَّتِ السماءُ فِي أَوَّل الْمَطَرِ، وَالِاسْمُ الهِلالُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هَلَّ السَّحَابُ إِذا قَطَر قَطْراً لَهُ صوْت، وأَهَلَّه اللَّهُ؛ وَمِنْهُ انْهِلالُ الدَّمْع وانْهِلالُ الْمَطَرِ؛ قَالَ أَبو نَصْرٍ: الأَهَالِيل الأَمْطار، وَلَا وَاحِدَ لَهَا فِي قَوْلِ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وغَيْثٍ مَرِيع لَمْ يُجدَّع نَباتُهُ، ... ولتْه أَهَالِيلُ السِّماكَيْنِ مُعْشِب
وَقَالَ ابْنُ بُزُرْج: هِلال وهَلالُهُ «1» وَمَا أَصابنا هِلالٌ وَلَا بِلالٌ وَلَا طِلالٌ؛ قَالَ: وَقَالُوا الهِلَلُ الأَمطار، وَاحِدُهَا هِلَّة؛ وأَنشد:
مِنْ مَنْعِجٍ جَادَتْ رَوابِيهِ الهِلَلْ
وانْهَلَّتِ السماءُ إِذا صبَّت، واسْتَهَلَّتْ إِذا ارْتَفَعَ صوتُ وَقْعِهَا، وكأَنَّ استِهْلالَ الصَّبِيِّ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ قَالَ: فنَيَّف عَلَى الْمِائَةِ وكأَنَّ فاهُ البَرَدُ المُنْهَلُ
؛ كُلُّ شَيْءٍ انصبَّ فَقَدِ انْهَلَّ، يُقَالُ: انْهَلَّ السَّمَاءُ بِالْمَطَرِ يَنْهَلُّ انْهِلالًا وَهُوَ شِدَّةُ انْصِبابه. قَالَ: وَيُقَالُ هَلَّ السَّمَاءُ بِالْمَطَرِ هَلَلًا، وَيُقَالُ لِلْمَطَرِ هَلَلٌ وأُهْلُول. والهَلَلُ: أَول الْمَطَرِ. يُقَالُ: اسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ وَذَلِكَ فِي أَول مَطَرِهَا. وَيُقَالُ: هُوَ صَوْتُ وَقْعِه. واسْتَهَلَّ الصبيُّ بالبُكاء: رَفَعَ صوتَه وَصَاحَ عِنْدَ الوِلادة. وَكُلُّ شَيْءٍ ارْتَفَعَ صوتُه فَقَدِ اسْتَهَلَّ. والإِهْلالُ بِالْحَجِّ: رفعُ الصَّوْتِ بالتَّلْبية. وكلُّ مُتَكَلِّمٍ رَفَعَ صَوْتَهُ أَو خَفَضَهُ فَقَدْ أَهَلَّ واسْتَهَلَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الصبيُّ إِذا وُلِد لَمْ يُورَث وَلَمْ يَرِثْ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا.
وَفِي حَدِيثِ الجَنِين:
كَيْفَ نَدِي مَن لَا أَكَل وَلَا شَرِبَ وَلَا اسْتَهَلَّ؟
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبانُها، ... كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ
وأَصله رَفْعُ الصوَّت. وأَهَلَّ الرَّجُلُ واسْتَهَلَّ إِذا رَفَعَ صوتَه. وأَهَلَّ المُعْتَمِرُ إِذا رَفَعَ صوتَه بالتَّلْبية، وَتَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الإِهْلال، وَهُوَ رفعُ الصَّوْتِ بالتَّلْبِية. أَهَلَّ المحرِمُ بِالْحَجِّ يُهِلُّ إِهْلالًا إِذا لَبَّى ورفَع صوتَه. والمُهَلُّ، بِضَمِّ الْمِيمِ: موضعُ الإِهْلال، وَهُوَ الْمِيقَاتُ الَّذِي يُحْرِمون مِنْهُ، وَيَقَعُ عَلَى الزَّمَانِ وَالْمَصْدَرِ. اللَّيْثُ: المُحرِمُ يُهِلُّ بالإِحْرام إِذا أَوجب الحُرْم عَلَى نَفْسِهِ؛ تَقُولُ: أَهَلَّ بحجَّة أَو بعُمْرة فِي مَعْنَى أَحْرَم بِهَا، وإِنما قِيلَ للإِحرامِ إِهْلال لِرَفْعِ المحرِم صَوْتَهُ بالتَّلْبِيَة. والإِهْلال: التَّلْبِيَةُ، وأَصل الإِهْلال رفعُ الصوتِ. وَكُلُّ رافِعٍ صوتَه فَهُوَ مُهِلٌّ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ*
؛ هُوَ مَا ذُبِحَ لِلْآلِهَةِ وَذَلِكَ لأَن الذَّابِحَ كَانَ يسمِّيها عِنْدَ الذَّبْحِ، فَذَلِكَ هُوَ الإِهْلال؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَذْكُرُ دُرَّةً أَخرجها غَوَّاصُها مِنَ الْبَحْرِ:
أَو دُرَّة صَدَفِيَّة غَوَّاصُها ... بَهِجٌ، متى يَره يُهِلَّ ويَسْجُدِ
__________
(1) . قوله [هِلال وهَلالُهُ إلخ] عبارة الصاغاني والتهذيب: وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ هِلَالٌ المطر وهلاله إلخ(11/701)
يَعْنِي بإِهْلالِه رفعَه صوتَه بِالدُّعَاءِ وَالْحَمْدِ لِلَّهِ إِذا رَآهَا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ فِي اسْتِهْلال الصبيِ
أَنه إِذا وُلد لَمْ يَرِثْ وَلَمْ يُورَثْ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا
وَذَلِكَ أَنه يُستدَل عَلَى أَنه وُلد حَيًّا بِصَوْتِهِ. وَقَالَ أَبو الْخَطَّابِ: كُلُّ مُتَكَلِّمٍ رافعِ الصَّوْتِ أَو خافضِه فَهُوَ مُهِلٌّ ومُسْتَهِلٌّ؛ وأَنشد:
وأَلْفَيْت الخُصوم، وهُمْ لَدَيْهِ ... مُبَرْسمَة أَهَلُّوا ينظُرونا
وَقَالَ:
غَيْرَ يَعفور أَهَلَّ بِهِ ... جَابَ دَفَّيْه عَنِ الْقَلْبِ «2»
. قِيلَ فِي الإِهْلال: إِنه شَيْءٌ يَعْتَرِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِهِ شَبِيهٌ بالعُواء الْخَفِيفِ، وَهُوَ بَيْنَ العُواء والأَنين، وَذَلِكَ مِنْ حاقِّ الحِرْص وَشِدَّةِ الطَّلَبِ وَخَوْفِ الفَوْت. وانْهَلَّتِ السَّمَاءُ مِنْهُ يَعْنِي كَلْبَ الصَّيْدِ إِذا أُرسل عَلَى الظَّبْي فأَخذه؛ قَالَ الأَزهري: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ وَحَكَاهُ عَنْ أَصحابه قَوْلُ السَّاجِعِ عِنْدَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَضى فِي الجَنين «3» إِذا سقَط مَيِّتًا بغُرَّة فَقَالَ: أَرأَيت مَن لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلْ، وَلَا صَاحَ فاسْتَهَلّ، وَمِثْلُ دَمِه يُطَلُّ، فَجَعَلَهُ مُسْتَهِلًّا برفعِه صَوْتَهُ عِنْدَ الوِلادة. وانْهَلَّتْ عينُه وتَهَلَّلَتْ: سَالَتْ بِالدَّمْعِ. وتَهَلَّلَتْ دموعُه: سَالَتْ. واسْتَهَلَّتِ الْعَيْنُ: دمَعت؛ قَالَ أَوس:
لَا تَسْتَهِلُّ مِنَ الفِراق شُؤوني
وَكَذَلِكَ انْهَلَّتِ العَيْن؛ قَالَ:
أَو سُنْبُلًا كُحِلَتْ بِهِ فانْهَلَّتِ
والهَلِيلَةُ: الأَرض الَّتِي استهلَّ بِهَا الْمَطَرُ، وَقِيلَ: الهَلِيلَةُ الأَرض المَمْطورة وَمَا حَوالَيْها غيرُ مَمطور. وتَهَلَّلَ السحابُ بالبَرْق: تَلأْلأَ. وتَهَلَّلَ وَجْهُهُ فَرَحاً: أَشْرَق واستهلَّ. وَفِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ: فَلَمَّا رَآهَا استبشَر وتَهَلَّلَ وجهُه
أَي اسْتَنَارَ وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ أَمارات السُّرُورِ. الأَزهري: تَهَلَّلَ الرَّجُلُ فَرَحًا؛ وأَنشد «4» :
تَراه، إِذا مَا جئتَه، مُتَهَلِّلًا ... كأَنك تُعطيه الَّذِي أَنت سائلُهْ
واهْتَلَّ كتَهَلَّلَ؛ قَالَ:
وَلَنَا أَسامٍ مَا تَليقُ بغيرِنا، ... ومَشاهِدٌ تَهْتَلُّ حِينَ تَرانا
وَمَا جَاءَ بِهِلَّة وَلَا بِلَّة؛ الهِلَّة: مِنَ الْفَرَحِ وَالِاسْتِهْلَالِ، والبِلَّة: أَدنى بَللٍ مِنَ الْخَيْرِ؛ وَحَكَاهُمَا كُرَاعٌ جَمِيعًا بِالْفَتْحِ. وَيُقَالُ: مَا أَصاب عِنْدَهُ هِلَّة وَلَا بِلَّة أَي شَيْئًا. ابْنُ الأَعرابي: هَلَّ يَهِلُّ إِذا فَرِحَ، وهَلَّ يَهِلُّ إِذا صَاحَ. والهِلالُ: غِرَّةُ الْقَمَرِ حِينَ يُهِلُّه الناسُ فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ، وَقِيلَ: يُسَمَّى هِلالًا لِلَيْلَتَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ ثُمَّ لَا يسمَّى بِهِ إِلى أَن يَعُودَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، وَقِيلَ: يُسَمَّى بِهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ثُمَّ يُسَمَّى قَمَرًا، وَقِيلَ: يَسِمَاهُ حَتَّى يُحَجِّر، وَقِيلَ: يُسَمَّى هِلالًا إِلى أَن يَبْهَرَ ضوءُه سَوَادَ اللَّيْلِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ. قَالَ أَبو إِسحاق: وَالَّذِي عِنْدِي وَمَا عَلَيْهِ الأَكثر أَن يسمَّى هِلالًا ابنَ لَيْلَتَيْنِ فإِنه فِي الثَّالِثَةِ يَتَبَيَّنُ ضوءُه، وَالْجَمْعُ أَهِلَّة؛ قال:
__________
(2) . قوله [غير يعفور إلخ] هو هكذا في الأصل والتهذيب
(3) . قوله [حِينَ قَضَى فِي الْجَنِينِ إلخ] عبارة التهذيب: حِينَ قَضَى فِي الْجَنِينِ الذي أسقطته أمه ميتاً بغرة إلخ
(4) . هذا الْبَيْتُ لِزُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى من قصيدة له(11/702)
يُسيلُ الرُّبى واهِي الكُلَى عَرِضُ الذُّرَى، ... أَهِلَّةُ نضّاخِ النَّدَى سابِغ القَطْرِ
أَهَلَّة نَضَّاخِ النَّدَى كَقَوْلِهِ:
تَلَقَّى نَوْءُهُنّ سِرَارَ شَهْرٍ، ... وخيرُ النَّوْءِ مَا لَقِيَ السِّرَارا
التَّهْذِيبُ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ: يسمَّى الْقَمَرُ لِلَيْلَتَيْنِ مِنْ أَول الشَّهْرِ هِلالًا، وَلِلَيْلَتَيْنِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ ستٍّ وَعِشْرِينَ وسبعٍ وَعِشْرِينَ هِلالًا، وَيُسَمَّى مَا بَيْنَ ذَلِكَ قَمَرًا. وأَهَلَّ الرجلُ: نَظَرَ إِلى الهِلال. وأَهْلَلْنا هِلال شَهْرِ كَذَا واسْتَهْلَلْناه: رأَيناه. وأَهْلَلْنا الشَّهْرَ واسْتَهْلَلْنَاه: رأَينا هِلالَه. الْمُحْكَمُ: وأَهَلَّ الشَّهْرُ واسْتَهَلَّ ظَهَرَ هِلالُه وتبيَّن، وَفِي الصِّحَاحِ: وَلَا يُقَالُ أَهَلَّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ قَالَهُ غَيْرُهُ؛ الْمُحْكَمُ أَيضاً: وهَلَّ الشَّهْرُ وَلَا يُقَالُ أَهَلَّ. وهَلَّ الهِلالُ وأَهَلَّ وأُهِلَّ واستُهِلَّ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ: ظهَر، وَالْعَرَبُ تَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ: الحمدُ لِلَّهِ إِهْلالَك إِلى سِرارِك يَنْصِبُونَ إِهْلالَك عَلَى الظَّرْفِ، وَهِيَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي تَكُونُ أَحياناً لِسَعَةِ الْكَلَامِ كخُفوق النَّجْمِ. اللَّيْثُ: تَقُولُ أُهِلَّ الْقَمَرُ وَلَا يُقَالُ أُهِلَّ الهِلالُ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ وَكَلَامُ الْعَرَبِ أُهِلَّ الهِلالُ. رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي عَمْرٍو: أُهِلَّ الهلالُ واستُهِلَّ لَا غَيْرُ، وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أُهِلَّ الهلالُ واسْتُهِلَّ، قَالَ: واسْتَهَلَّ أَيضاً، وَشَهْرٌ مُسْتَهلٌّ؛ وأَنشد:
وَشَهْرٌ مُسْتَهلٌّ بَعْدَ شهرٍ، ... ويومٌ بَعْدَهُ يومٌ جَدِيدُ
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَسُمِّيَ الهلالُ هِلالًا لأَن النَّاسَ يَرْفَعُونَ أَصواتهم بالإِخبار عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن نَاسًا قَالُوا لَهُ إِنَّا بَيْنَ الجِبال لَا نُهِلُّ هِلالًا إِذا أَهَلَّه النَّاسُ
أَي لَا نُبْصِره إِذا أَبصره النَّاسُ لأَجل الْجِبَالِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: انطَلِقْ بِنَا حَتَّى نُهِلَّ الهِلال أَي نَنْظُر أَنَراه. وأَتَيْتُك عِنْدَ هِلَّةِ الشَّهْرِ وهِلِّه وإِهْلاله أَي اسْتِهلاله. وهَالَّ الأَجيرَ مُهَالَّةً وهِلالًا: استأْجره كُلَّ شَهْرٍ مِنَ الهِلال إِلى الهِلال بِشَيْءٍ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وهَالِلْ أَجيرَك كَذَا؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْعَرَبِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَهكذا سَمِعَهُ مِنْهُمْ أَم هُوَ الَّذِي اخْتَارَ التَّضْعِيفَ؛ فأَما مَا أَنشده أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلُهُ:
تَخُطُّ لامَ أَلِفٍ مَوْصُولِ، ... والزايَ والرَّا أَيَّما تَهْلِيلِ
فإِنه أَراد تَضَعُها عَلَى شكْلِ الهِلال، وَذَلِكَ لأَن مَعْنَى قَوْلِهِ تَخُطُّ تُهَلِّلُ، فكأَنه قَالَ: تُهَلِّلُ لَامَ أَلِفٍ مَوْصولٍ تَهْلِيلًا أَيَّما تَهْليل. والمُهَلِّلَةُ، بِكَسْرِ اللَّامِ، مِنَ الإِبل: الَّتِي قَدْ ضَمَرت وتقوَّست. وحاجِبٌ مُهَلَّلٌ: مشبَّه بِالْهِلَالِ. وَبَعِيرٌ مُهَلَّل، بِفَتْحِ اللَّامِ: مقوَّس. والهِلالُ: الجمَل الَّذِي قَدْ ضرَب حَتَّى أَدَّاه ذلك إِلى الهُزال والتقوُّس. اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا اسْتَقْوَس وحَنا ظهرُه وَالْتَزَقَ بَطْنُهُ هُزالًا وإِحْناقاً: قَدْ هُلِّلَ الْبَعِيرُ تَهْلِيلًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا ارْفَضَّ أَطرافُ السِّياطِ، وهُلِّلَتْ ... جُرُومُ المَطايا، عَذَّبَتْهُنّ صَيْدَحُ
وَمَعْنَى هُلِّلَتْ أَي انحنتْ كأَنها الأَهِلَّة دِقَّةً وضُمْراً. وهِلالُ الْبَعِيرِ: مَا اسْتَقْوَسَ مِنْهُ عِنْدَ ضُمْره؛ قَالَ ابْنُ هَرِمَةَ:
وطارِقِ هَمٍّ قَدْ قَرَيْتُ هِلالَهُ، ... يَخُبُّ، إِذا اعْتَلَّ المَطِيُّ، ويَرْسِمُ [يَرْسُمُ](11/703)
أَراد أَنه قَرَى الهَمَّ الطارقَ سيْر هَذَا الْبَعِيرِ. والهِلالُ: الْجَمَلُ الْمَهْزُولُ مِنْ ضِراب أَو سَيْرٍ. والهِلال: حَدِيدَةٌ يُعَرْقَب بِهَا الصَّيْدُ. والهِلالُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي تضمُّ مَا بَيْنَ حِنْوَيِ الرَّحْل مِنْ حَدِيدٍ أَو خَشَبٍ، وَالْجَمْعُ الأَهِلَّة. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْحَدَائِدِ الَّتِي تضمُّ مَا بَيْنَ أَحْناءِ الرِّحال أَهِلَّة، وَقَالَ غَيْرُهُ: هلالُ النُّؤْي مَا استقْوَس مِنْهُ. والهِلالُ: الحيَّة مَا كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ الذكَر مِنَ الْحَيَّاتِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِلَيك ابْتَذَلْنا كلَّ وَهْمٍ، كأَنه ... هِلالٌ بدَا فِي رَمْضةٍ يَتَقَلَّب
يَعْنِي حيَّة. والهِلال: الحيَّة إِذا سُلِخَت؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرَى الوَشْيَ لَمَّاعاً عَلَيْهَا كأَنه ... قَشيبُ هِلال، لَمْ تقطَّع شَبَارِقُهْ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي يَصِفُ دِرْعًا شَبَّهَهَا فِي صَفائها بسَلْخ الحيَّة:
فِي نَثْلةٍ تَهْزَأُ بالنِّصالِ، ... كأَنها مِنْ خِلَعِ الهِلالِ
وهُزْؤُها بالنِّصال: ردُّها إِياها. والهِلالُ: الْحِجَارَةُ المَرْصوف بعضُها إِلى بعضٍ. والهِلالُ: نِصْف الرَّحَى. والهلالُ: الرَّحَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
ويَطْحَنُ الأَبْطالَ والقَتِيرا، ... طَحْنَ الهِلالِ البُرَّ والشَّعِيرَا
والهِلالُ: طَرَفُ الرَّحَى إِذا انْكَسَرَ مِنْهُ. والهِلالُ: الْبَيَاضُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي أُصول الأَظْفار. والهِلالُ: الغُبار، وَقِيلَ: الهِلالُ قِطْعَةٌ مِنَ الغُبار. وهِلالُ الإِصبعِ: المُطيفُ بِالظُّفْرِ. والهِلالُ: بقيَّة الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ. ابْنُ الأَعرابي: والهِلالُ مَا يَبْقَى فِي الْحَوْضِ مِنَ الْمَاءِ الصَّافِي؛ قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ لَهُ هِلالٌ لأَن الْغَدِيرَ عِنْدَ امْتِلَائِهِ مِنَ الْمَاءِ يَسْتَدِيرُ، وإِذا قلَّ مَاؤُهُ ذَهَبَتِ الاستدارةُ وَصَارَ الْمَاءُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ. اللَّيْثُ: الهُلاهِلُ مِنْ وَصْفِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ الصَّافِي، والهِلالُ: الْغُلَامُ الحسَن الْوَجْهِ، قَالَ: وَيُقَالُ للرَّحى هِلال إِذا انْكَسَرَتْ. والهِلالُ: شَيْءٌ تُعرقَبُ بِهِ الحميرُ. وهِلالُ النَّعْلِ: ذُؤابَتُها. والهَلَلُ: الفَزَع والفَرَقُ؛ قَالَ:
ومُتَّ مِنِّي هَلَلًا، إِنما ... مَوْتُك، لَوْ وارَدْت، وُرَّادِيَهْ
يُقَالُ: هَلَكَ فُلَانٌ هَلَلًا وهَلًّا أَي فَرَقاً، وحَمل عَلَيْهِ فَمَا كذَّب وَلَا هَلَّلَ أَي مَا فَزِع وَمَا جبُن. يُقَالُ: حَمَل فَمَا هَلَّلَ أَي ضَرَبَ قِرْنه. وَيُقَالُ: أَحجم عنَّا هَلَلًا وهَلًّا؛ قَالَهُ أَبو زَيْدٍ. والتَّهْلِيل: الفِرارُ والنُّكوصُ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
لَا يقَعُ الطَّعْنُ إِلا فِي نُحورِهِمُ، ... وَمَا لهمْ عَنْ حِياضِ المَوْتِ تَهْلِيلُ
أَي نُكوصٌ وتأَخُّرٌ. يُقَالُ: هَلَّلَ عَنِ الأَمر إِذا ولَّى عَنْهُ ونَكَص. وهَلَّل عَنِ الشَّيْءِ: نَكَل. وَمَا هَلَّلَ عَنْ شَتْمِي أَي مَا تأَخر. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: لَيْسَ شَيْءٌ أَجْرأَ مِنَ النَّمِرِ، وَيُقَالُ: إِنّ الأَسد يُهَلِّلُ ويُكَلِّل، وإِنَّ النَّمِر يُكَلِّل وَلَا يُهَلِّلُ، قَالَ: والمُهَلِّل الَّذِي يَحْمِلُ عَلَى قِرْنه ثُمَّ يجبُن فَيَنْثَني وَيَرْجِعُ، وَيُقَالُ: حَمَل ثُمَّ هَلَّلَ، والمُكَلِّل: الَّذِي يَحْمِلُ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَقَعَ بقِرْنه؛ وَقَالَ:
قَوْمي عَلَى الإِسْلام لمَّا يَمْنَعُوا ... ماعُونَهُمْ، ويُضَيِّعُوا التَّهْلِيلا «1» .
__________
(1) . قوله [ويضيعوا التَّهْلِيلا] وروي ويهللوا التهليلا كما في التهذيب(11/704)
أَي لمَّا يَرْجِعُوا عمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الإِسلام، مِنْ قَوْلِهِمْ: هَلَّلَ عَنْ قِرْنه وكَلَّس؛ قَالَ الأَزهري: أَراد ولمَّا يُضَيِّعوا شَهَادَةُ أَن لَا إِله إِلا اللَّهُ وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالشَّهَادَةِ، وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ ويُضَيِّعوا التَّهْليلا، وَقَالَ اللَّيْثُ: التَّهْليل قَوْلُ لَا إِله إِلا اللَّهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَراه مأْخوذاً إِلا مِنْ رَفْعِ قَائِلِهِ بِهِ صَوْتَهُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وَلَيْسَ بِهَا رِيحٌ، وَلَكِنْ وَدِيقَةٌ ... يَظَلُّ بِهَا السَّامي يُهِلُّ ويَنْقَعُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مرَّة يَذْهَبُ رِيقُه يَعْنِي يُهِلُّ، وَمَرَّةً يَجيء يَعْنِي يَنْقَع؛ وَالسَّامِي الَّذِي يَصْطَادُ وَيَكُونُ فِي رِجْلِهِ جَوْرَبان؛ وَفِي التَّهْذِيبِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ: السَّامِي الَّذِي يَطْلُبُ الصَّيْدَ فِي الرَّمْضاء، يَلْبَسُ مِسْمَاتَيْه ويُثير الظِّباء مِنْ مَكانِسِها، فإِذا رَمِضت تشقَّقت أَظْلافها ويُدْرِكها السَّامِي فيأْخذها بِيَدِهِ، وَجَمْعُهُ السُّمَاة؛ وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ فِي قَوْلِهِ يُهِلُّ: هُوَ أَن يَرْفَعَ الْعَطْشَانُ لِسَانَهُ إِلى لَهاته فَيَجْمَعُ الرِّيقَ؛ يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ يُهِلُّ مِنَ الْعَطَشِ. والنَّقْعُ: جَمْعُ الرِّيقِ تَحْتَ اللِّسَانِ. وتَهْلَلُ: مِنْ أَسماء الْبَاطِلِ كَثَهْلَل، جَعَلُوهُ اسْمًا لَهُ عَلَمًا وَهُوَ نَادِرٌ، وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: ذَهَبُوا فِي تَهْلَل إِلى أَنه تَفْعَل لمَّا لَمْ يَجِدُوا فِي الْكَلَامِ [ت هـ ل] مَعْرُوفَةً وَوَجَدُوا [هـ ل ل] وَجَازَ التَّضْعِيفُ فِيهِ لأَنه عَلَمٌ، والأَعلام تُغَيَّرُ كَثِيرًا، وَمِثْلُهُ عِنْدَهُمْ تَحْبَب. وَذَهَبَ فِي هِلِيَّانٍ وَبِذِي هِلِيَّانٍ أَي حَيْثُ لَا يدرَى أَيْنَ هُوَ. وامرأَة هِلٌّ: متفضِّلة فِي ثَوْبٍ واحدٍ؛ قَالَ:
أَناةٌ تَزِينُ البَيْتَ إِمَّا تلَبَّسَتْ، ... وإِن قَعَدَتْ هِلًّا فأَحْسنْ بِهَا هِلَّا
والهَلَلُ: نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ، وَيُقَالُ لِنَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ الهَلَل والهَلْهَلُ. وهَلَّلَ الرجلُ أَي قَالَ لَا إِله إِلا اللَّهُ. وَقَدْ هَيْلَلَ الرجلُ إِذا قَالَ لَا إِله إِلا اللَّهُ. وَقَدْ أَخذنا فِي الهَيْلَلَة إِذا أَخذنا فِي التَّهْليل، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ حَوْلَقَ الرَّجُلُ وحَوْقَلَ إِذا قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ؛ وأَنشد:
فِداكَ، مِنَ الأَقْوام، كُلُّ مُبَخَّل ... يُحَوْلِقُ إِمَّا سالهُ العُرْفَ سائلُ
الْخَلِيلُ: حَيْعَل الرَّجُلُ إِذا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ هَذَا إِذا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِلْكَلِمَتَيْنِ ضَمُّوا بَعْضَ حُرُوفِ إِحداهما إِلى بَعْضِ حُرُوفِ الأُخرى، مِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا تُبَرْقِل عَلَيْنَا؛ والبَرْقَلة: كَلَامٌ لَا يَتْبَعه فِعْلٌ، مأْخوذ مِنَ البَرْق الَّذِي لَا مَطَرَ مَعَهُ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الحَوْلَقة والبَسْملة والسَّبْحَلة والهَيْلَلة، قَالَ: هَذِهِ الأَربعة أَحرف جَاءَتْ هَكَذَا، قِيلَ لَهُ: فالْحَمدلة؟ قَالَ: وَلَا أُنْكِرُهُ «1» . وأَهَلَّ بِالتَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ
؛ أَي نودِيَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ. وَيُقَالُ: أَهْلَلْنا عَنْ لَيْلَةِ كَذَا، وَلَا يُقَالُ أَهْلَلْناه فهَلَّ كَمَا يُقَالُ أَدخلناه فدَخَل، وَهُوَ قِيَاسُهُ. وَثَوْبٌ هَلٌّ وهَلْهَلٌ وهَلْهَالٌ وهُلاهِل ومُهَلْهَل: رَقِيقٌ سَخيفُ النَّسْج. وَقَدْ هَلْهَلَ النَّسَّاج الثوبَ إِذا أَرقّ نَسْجه وخفَّفه. والهَلْهَلَةُ: سُخْفُ النسْج. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هَلْهَلَه بالنَّسْج خَاصَّةً. وَثَوْبٌ هَلْهَلٌ رَديء النسْج، وَفِيهِ مِنَ اللُّغَاتِ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّقِيقِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَتاك بقولٍ هَلْهَلِ النَّسْجِ كاذبٍ، ... وَلَمْ يأْتِ بِالْحَقِّ الَّذِي هُوَ ناصِعُ
__________
(1) . قوله [قال ولا أنكره] عبارة الأزهري: فقال لا وأنكره(11/705)
وَيُرْوَى: لَهْلَه. وَيُقَالُ: أَنْهَجَ الثوبُ هَلْهَالًا. والمُهَلْهَلَة مِنَ الدُّروع: أَرْدَؤها نسْجاً. شَمِرٌ: يُقَالُ ثَوْبٌ مُلَهْلَةٌ ومُهَلْهَل ومُنَهْنَةٌ؛ وأَنشد:
ومَدَّ قُصَيٌّ وأَبْناؤه ... عَلَيْكَ الظِّلالَ، فَمَا هَلْهَلُوا
وَقَالَ شَمِرٌ فِي كِتَابِ السِّلَاحِ: المُهَلْهَلَة مِنَ الدُّروع قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الحَسنة النسْج لَيْسَتْ بِصَفِيقَةٍ، قَالَ: وَيُقَالُ هِيَ الْوَاسِعَةُ الحَلَق. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: ثَوْبٌ لَهْلَهُ النَّسْجِ أَي رَقِيقٌ لَيْسَ بِكَثِيفٍ. وَيُقَالُ: هَلْهَلْت الطَّحِينَ أَي نَخَلْتَهُ بِشَيْءٍ سَخيف؛ وأَنشد لأُمية: «1» .
كَمَا تَذْرِي المُهَلْهِلةُ الطَّحِينا
وَشِعْرٌ هَلْهَلٌ: رقيقٌ. ومُهَلْهِل: اسْمُ شَاعِرٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِرَداءة شعْره، وَقِيلَ: لأَنه أَوَّل مَنْ أَرقَّ الشعْر وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ رَبِيعَةَ «2» أَخو كُليب وَائِلٍ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ مُهَلْهِلًا بِقَوْلِهِ لِزُهَيْرِ بْنِ جَناب:
لمَّا تَوَعَّرَ فِي الكُراعِ هَجِينُهُمْ، ... هَلْهَلْتُ أَثْأَرُ جَابِرًا أَو صِنْبِلا
وَيُقَالُ: هَلهَلْت أُدرِكه كَمَا يُقَالُ كِدْت أُدْرِكُه، وهَلْهَلَ يُدْركه أَي كان يُدركه، وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده الْجَوْهَرِيُّ:
لَمَّا تَوَغَّلَ فِي الكُراع هَجِينُهم
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ لَمَّا توعَّر كَمَا أَوردْناه عَنْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ لَمَّا توَعَّر أَي أَخذ فِي مَكَانٍ وعْر. وَيُقَالُ: هَلْهَلَ فُلَانٌ شعْره إِذا لَمْ ينَقِّحه وأَرسله كَمَا حضَره وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الشَّاعِرُ مُهَلهِلًا. والهَلْهَل: السَّمُّ القاتِل، وَهُوَ معرَّب؛ قَالَ الأَزهري: لَيْسَ كُلُّ سَمّ قَاتِلٍ يسمَّى هَلْهَلًا وَلَكِنِ الهَلْهَلُ سَمٌّ مِنَ السُّموم بِعَيْنِهِ قاتِلٌ، قَالَ: وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ وأَراه هنْدِيّاً. وهَلْهَلَ الصوْتَ: رجَّعه. وماءٌ هُلاهِلٌ: صافٍ كَثِيرٌ. وهَلْهَلَ عَنِ الشَّيْءِ: رجَع. والهُلاهِلُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ الصَّافِي. والهَلْهَلَةُ: الِانْتِظَارُ والتأَني؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ حَرملة بْنِ حَكيم:
هَلهِلْ بكَعْبٍ، بَعْدَ مَا وَقَعَتْ ... فَوْقَ الجَبِين بساعِدٍ فَعْمِ
وَيُرْوَى: هَلِّلْ وَمَعْنَاهُمَا جَمِيعًا انْتَظِرْ بِهِ مَا يَكُونُ مِنْ حَالِهِ مِنْ هَذِهِ الضرْبة؛ وَقَالَ الأَصمعي: هَلْهِلْ بكَعْب أَي أَمْهِله بَعْدَ مَا وَقَعَتْ بِهِ شَجَّة عَلَى جَبِينِهِ، وَقَالَ شَمِرٌ: هَلْهَلْت تَلَبَّثت وتنظَّرت. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ أَهَلَّ السيفُ بِفُلَانٍ إِذا قَطَعَ فِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:
وَيْلُ امِّ خِرْقٍ أَهَلَّ المَشْرَفِيُّ بِهِ ... عَلَى الهَباءَة، لَا نِكْسٌ وَلَا وَرَع
وَذُو هُلاهِلٍ: قَيْلٌ مِنْ أَقْيال حِمْير. وهَلْ: حَرْفُ اسْتِفْهَامٍ، فإِذا جَعَلْتَهُ اسْمًا شَدَّدْتَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَلْ كَلِمَةُ اسْتِفْهَامٍ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ، قَالَ: وَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ أَم لِلِاسْتِفْهَامِ، وَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ بَلْ، وَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَدْ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟
قَالُوا: مَعْنَاهُ قَدِ امْتَلأْت؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا تَفْسِيرٌ عَلَى الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ وهَلْ مُبقاة عَلَى اسْتِفْهَامِهَا، وقولها
__________
(1) . قوله [وأنشد لأمية إلخ] عبارة التكملة لِأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ يصف الرياح:
أذعن به جوافل معصفات ... كَمَا تَذْرِي المُهَلْهِلَة الطَّحِينَا
به أي بذي قضين وهو موضع
(2) . قوله: وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ ربيعة: هكذا في الأصل، والمشهور أنه أبو ليلى عَدِيّ بن ربيعة(11/706)
هَلْ مِن مَزِيدٍ أَي أَتعلم يَا ربَّنا أَن عِنْدِي مَزِيدًا، فَجَوَابُ هَذَا مِنْهُ عزَّ اسْمُهُ لَا، أَي فكَما تَعْلَمُ أَن لَا مَزيدَ فَحَسْبِي مَا عِنْدِي، وَتَكُونُ بِمَعْنَى الْجَزَاءِ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى الجَحْد، وَتَكُونُ بِمَعْنَى الأَمر. قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: هَلْ أَنت سَاكِتٌ؟ بِمَعْنَى اسْكُتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ ثَعْلَبٍ وَرِوَايَتُهُ. الأَزهري: قَالَ الْفَرَّاءُ هَلْ قَدْ تَكُونُ جَحْداً وَتَكُونُ خبَراً، قَالَ: وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ
؛ قَالَ: مَعْنَاهُ قَدْ أَتى عَلَى الإِنسان مَعْنَاهُ الْخَبَرُ، قَالَ: والجَحْدُ أَن تَقُولَ: وهَلْ يقدِر أَحد عَلَى مِثْلِ هَذَا؛ قَالَ: وَمِنَ الخبَر قَوْلُكَ لِلرَّجُلِ: هَلْ وعَظْتك هَلْ أَعْطَيتك، تقرَّره بأَنك قَدْ وعَظْته وأَعطيته؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ هَلْ تأْتي اسْتِفْهَامًا، وَهُوَ بابُها، وتأْتي جَحْداً مِثْلَ قَوْلِهِ:
أَلا هَلْ أَخو عَيْشٍ لذيذٍ بِدَائِمِ
مَعْنَاهُ أَلا مَا أَخو عيشٍ؛ قَالَ: وتأْتي شرْطاً، وتأْتي بِمَعْنَى قَدْ، وتأْتي تَوْبيخاً، وتأْتي أَمراً، وتأْتي تَنْبِيهًا؛ قَالَ: فإِذا زِدْتَ فِيهَا أَلِفاً كَانَتْ بِمَعْنَى التَّسْكِينِ، وَهُوَ مَعْنَى
قَوْلِهِ إِذا ذُكِر الصَّالِحُونَ فحَيَّهَلًا بعُمَر
، قَالَ: مَعْنَى حَيّ أَسرِعْ بِذِكْرِهِ، وَمَعْنَى هَلًا أَي اسْكُن عِنْدَ ذِكْرِهِ حَتَّى تَنْقُضِي فَضَائِلَهُ؛ وأَنشد:
وأَيّ حَصانٍ لَا يُقال لَها هَلًا
أَي اسْكُني لِلزَّوْجِ؛ قَالَ: فإِن شَدَّدْت لامَها صَارَتْ بِمَعْنَى اللوْم والحضِّ، اللومُ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ، والحَضُّ عَلَى مَا يأْتي مِنَ الزَّمَانِ، قَالَ: وَمِنَ الأَمر قَوْلُهُ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ
. وهَلًا: زجْر لِلْخَيْلِ، وهَالٍ مِثْلُهُ أَي اقرُبي. وَقَوْلُهُمْ: هَلًا اسْتِعْجَالٌ وَحَثٌّ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: هَلَّا بكْراً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك
؛ هَلَّا، بِالتَّشْدِيدِ: حَرْفٌ مَعْنَاهُ الحثُّ والتحضيضُ؛ يُقَالُ: حَيَّ هَلا الثريدَ، وَمَعْنَاهُ هَلُمَّ إِلى الثَّرِيدِ، فُتحت يَاؤُهُ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنَ وبُنِيَت حَيّ وهَلْ اسْمًا وَاحِدًا مِثْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ وسمِّي بِهِ الْفِعْلُ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، وإِذا وَقَفْتَ عَلَيْهِ قُلْتَ حَيَّهَلا، والأَلف لِبَيَانِ الْحَرَكَةِ كَالْهَاءِ فِي قَوْلِهِ كِتابِيَهْ* وحِسابِيَهْ* لأَنَّ الأَلِف مِنْ مَخْرَجِ الْهَاءِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا ذكِرَ الصَّالِحُونَ فحَيَّهَلَ بعُمَرَ
، بِفَتْحِ اللَّامِ مِثْلُ خَمْسَةَ عَشَرَ، أَي فأَقْبِلْ بِهِ وأَسرِع، وَهِيَ كَلِمَتَانِ جُعِلَتَا كَلِمَةً وَاحِدَةً، فحَيَّ بمعنى أَقبِلْ وهَلا بمعنى أَسرِعْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ عَلَيْكَ بعُمَر أَي أَنه مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ، وَيَجُوزُ فحَيَّهَلًا، بِالتَّنْوِينِ، يُجْعَلُ نَكِرَةً، وأَما حَيَّهَلا بِلَا تَنْوِينٍ فإِنما يَجُوزُ فِي الْوَقْفِ فأَما فِي الإِدراج فَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ عرَّفت الْعَرَبُ حَيَّهَلْ؛ وأَنشد فِيهِ ثَعْلَبٌ:
وَقَدْ غَدَوْت، قَبْلَ رَفْعِ الحَيَّهَلْ، ... أَسوقُ نابَيْنِ وَنَابًا مِلإِبِلْ
وَقَالَ: الحَيَّهَل الأَذان. والنابانِ: عَجُوزان؛ وَقَدْ عُرِّف بالإِضافة أَيضاً فِي قَوْلِ الْآخَرِ:
وهَيَّجَ الحَيَّ مِنْ دارٍ، فظلَّ لَهُمْ ... يومٌ كَثِيرٌ تَنادِيه، وحَيَّهَلُهْ
قَالَ: وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَهُ فِي آخِرِ الْفَصْلِ:
هَيْهاؤُه وحَيْهَلُهْ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَيْهَل نَبْتٌ مِنْ دِقّ الحَمْض، وَاحِدَتُهُ حَيْهَلة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لسُرعة نَبَاتِهَا كَمَا يُقَالُ فِي السُّرْعَةِ والحَثّ حَيَّهَل؛ وأَنشد لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:(11/707)
بِمِيثٍ بَثاءٍ نَصِيفِيَّةٍ، ... دَمِيثٍ بِهَا الرِّمْثُ والحَيْهَلُ «3»
. وأَما قَوْلُ لَبِيدٍ يَذْكُرُ صاحِباً لَهُ فِي السَّفَرِ كَانَ أَمَرَه بالرَّحِيل:
يَتمارَى فِي الَّذِي قلتُ لَهُ، ... وَلَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلي حَيَّهَلْ
فإِنما سَكَّنَهُ لِلْقَافِيَةِ. وَقَدْ يَقُولُونَ حَيَّ مِنْ غَيْرِ أَن يَقُولُوا هَلْ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الأَذان: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاح إِنما هُوَ دُعَاءٌ إِلى الصَّلاةِ والفَلاحِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أَنْشَأْتُ أَسأَلهُ: مَا بالُ رُفْقَتِهِ ... حَيَّ الحُمولَ، فإِنَّ الركْبَ قَدْ ذهَبا
قَالَ: أَنْشَأَ يسأَل غُلَامَهُ كَيْفَ أَخذ الرَّكْبُ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَنْ أَبي الْخَطَّابِ أَن بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: حَيَّهَلا الصَّلَاةَ، يَصِلُ بهَلا كَمَا يُوصَلُ بعَلَى فَيُقَالُ حَيَّهَلا الصَّلَاةَ، وَمَعْنَاهُ ائْتُوا الصَّلَاةَ واقربُوا مِنَ الصَّلَاةِ وهَلُمُّوا إِلى الصَّلَاةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ عَنْ أَبي الْخَطَّابِ حَيَّهَلَ الصلاةَ بِنَصْبِ الصَّلَاةِ لَا غَيْرُ، قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ حَيَّهَلَ الثريدَ، بِالنَّصْبِ لَا غَيْرُ. وَقَدْ حَيْعَلَ المؤَذن كَمَا يُقَالُ حَوْلَقَ وتَعَبْشَمَ مُرَكَّباً مِنْ كَلِمَتَيْنِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا رُبَّ طَيْفٍ منكِ باتَ مُعانِقي ... إِلى أَن دَعَا دَاعِي الصَّباح، فَحَيْعَلا
وَقَالَ آخَرُ:
أَقولُ لَهَا، ودمعُ العينِ جارٍ: ... أَلمْ تُحْزِنْك حَيْعَلةُ المُنادِي؟
وَرُبَّمَا أَلحقوا بِهِ الْكَافَ فَقَالُوا حَيَّهَلَك كَمَا يُقَالُ رُوَيْدَك، وَالْكَافُ لِلْخِطَابِ فَقَطْ وَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الإِعراب لأَنها لَيْسَتْ بِاسْمٍ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: سَمِعَ أَبو مَهْدِيَّة الأَعرابي رَجُلًا يَدْعُو بِالْفَارِسِيَّةِ رَجُلًا يَقُولُ لَهُ زُوذْ، فَقَالَ: مَا يَقُولُ؟ قُلْنَا: يَقُولُ عَجِّل، فَقَالَ: أَلا يَقُولَ: حَيَّهَلك أَي هَلُمَّ وتَعَال؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
هَيْهاؤه وحَيْهَلُهْ
فإِنما جَعَلَهُ اسْمًا وَلَمْ يأْمر بِهِ أَحداً. الأَزهري: عَنْ ثَعْلَبٍ أَنه قَالَ: حَيهل أَي أَقبل إِليَّ، وَرُبَّمَا حُذِفَ فَقِيلَ هَلا إِليَّ، وَجَعَلَ أَبو الدُّقَيْشِ هَل الَّتِي لِلِاسْتِفْهَامِ اسْمًا فأَعربه وأَدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ، وَذَلِكَ أَنه قَالَ لَهُ الْخَلِيلُ: هَلْ لَكَ فِي زُبدٍ وَتَمْرٍ؟ فَقَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: أَشَدُّ الهَلِّ وأَوْحاهُ، فَجَعَلَهُ اسْمًا كَمَا تَرَى وعرَّفه بالأَلف وَاللَّامِ، وَزَادَ فِي الِاحْتِيَاطِ بأَن شدَّده غَيْرَ مُضْطَرٍّ لتتكمَّل لَهُ عدّةُ حُرُوفِ الأُصول وَهِيَ الثَّلَاثَةُ؛ وَسَمِعَهُ أَبو نُوَاس فَتَلَاهُ فَقَالَ لِلْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ:
هَلْ لكَ، والهَلُّ خِيَرْ، ... فيمَنْ إِذا غِبْتَ حَضَرْ؟
وَيُقَالُ: كلُّ حَرْفِ أَداة إِذا جَعَلْتَ فِيهِ أَلِفاً وَلَامًا صَارَ اسْمًا فقوِّي وثقِّل كَقَوْلِهِ:
إِنَّ لَيْتاً وإِنَّ لَوًّا عَناءُ
قَالَ الْخَلِيلُ: إِذا جَاءَتِ الْحُرُوفُ الليِّنة فِي كَلِمَةٍ نَحْوِ لَوْ وأَشباهها ثقِّلت، لأَن الْحَرْفَ الليِّن خَوَّار أَجْوَف لَا بدَّ لَهُ مِنَ حَشْوٍ يقوَّى بِهِ إِذا جُعل اسْمًا، قَالَ: وَالْحُرُوفُ الصِّحاح القويَّة مُسْتَغْنِيَةٌ بجُرُوسِها لَا
__________
(3) . قوله [بها الرمث والحيهل] هكذا ضبط في الأصل، وضبط في القاموس في مادة حيهل بتشديد الياء وضم الهاء وسكون اللام، وقال بعد أن ذكر الشطر الثاني: نقل حركة اللام إلى الهاء(11/708)
تَحْتَاجُ إِلى حَشْو فتتركْ عَلَى حَالِهَا، وَالَّذِي حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي حِكَايَةِ أَبي الدُّقَيْشِ عَنِ الْخَلِيلِ قَالَ: قُلْتُ لأَبي الدُّقيْش هَلْ لَكَ فِي ثريدةٍ كأَنَّ ودَكَها عُيُونُ الضَّيَاوِن؟ فَقَالَ: أَشدُّ الهَلِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ حَمْزَةَ رَوَى أَهل الضَّبْطِ عَنِ الْخَلِيلِ أَنه قَالَ لأَبي الدُّقَيْشِ أَو غَيْرِهِ هَلْ لَكَ فِي تَمْرٍ وزُبْدٍ؟ فَقَالَ: أَشَدُّ الهَلِّ وأَوْحاه، وَفِي رِوَايَةٍ أَنه قَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي الرُّطَب؟ قَالَ: أَسْرعُ هَلٍّ وأَوْحاه؛ وأَنشد:
هَلْ لَكَ، والهَلُّ خِيَرْ، ... فِي ماجدٍ ثبْتِ الغَدَرْ؟
وَقَالَ شَبيب بْنُ عَمْرٍو الطَّائِيُّ:
هَلْ لَكَ أَن تدخُل فِي جَهَنَّمِ؟ ... قلتُ لَهَا: لَا، والجليلِ الأَعْظَمِ،
مَا ليَ مِنْ هَلٍّ وَلَا تكلُّمِ
قَالَ ابْنُ سَلَامَةَ: سأَلت سِيبَوَيْهِ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ؛ عَلَى أَي شَيْءٍ نُصِبَ؟ قَالَ: إِذا كَانَ مَعْنَى إِلَّا لَكِنَّ نُصِبَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ
أُبيّ فهَلَّا
، وَفِي مُصْحَفِنَا فَلَوْلا، قَالَ: وَمَعْنَاهَا أَنهم لَمْ يُؤْمِنُوا ثُمَّ اسْتَثْنَى قَوْمَ يُونُسَ بِالنَّصْبِ عَلَى الِانْقِطَاعِ مِمَّا قَبْلَهُ كأَنَّ قَوْمَ يُونُسَ كَانُوا منقطِعين مِنْ قَوْمٍ غَيْرِهِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ أَيضاً: لَوْلَا إِذا كَانَتْ مَعَ الأَسماء فَهِيَ شَرْطٌ، وإِذا كَانَتْ مَعَ الأَفعال فَهِيَ بِمَعْنَى هَلَّا، لَوْمٌ عَلَى مَا مَضَى وتحضيضٌ عَلَى مَا يأْتي. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ، مَعْنَاهُ هَلَّا. وهَلْ قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى مَا؛ قَالَتِ ابْنَةُ الحُمارِس:
هَلْ هِيَ إِلَّا حِظَةٌ أَو تَطْلِيقْ، ... أَو صَلَفٌ مِنْ بَيْنِ ذَاكَ تَعْلِيقْ
أَي مَا هِيَ وَلِهَذَا أُدخلت لَهَا إِلا. وَحُكِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ أَنه قَالَ: هَلْ زِلْتَ تَقُولُهُ بِمَعْنَى مَا زِلْتَ تَقُولُهُ، قَالَ: فَيَسْتَعْمِلُونَ هَلْ بِمَعْنَى مَا. وَيُقَالُ: مَتَى زِلْت تَقُولُ ذَلِكَ وَكَيْفَ زِلْت؛ وأَنشد:
وهَلْ زِلْتُمُ تأْوِي العَشِيرةُ فيكُم، ... وتنبتُ فِي أَكناف أَبلَجَ خِضْرِمِ؟
وَقَوْلُهُ:
وإِنَّ شِفائي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَة، ... فهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دارسٍ مِنْ مُعَوَّل؟
قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا ظَاهِرُهُ اسْتِفْهَامٌ لِنَفْسِهِ وَمَعْنَاهُ التَّحْضِيضُ لَهَا عَلَى الْبُكَاءِ، كَمَا تَقُولُ أَحسنت إِليّ فَهَلْ أَشْكُرك أَي فَلأَشْكُرَنَّك، وَقَدْ زُرْتَني فَهَلْ أُكافِئَنَّك أَي فَلأُكافِئَنَّك. وَقَوْلُهُ: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ
؟ قَالَ أَبو عُبَيْدَةُ: مَعْنَاهُ قَدْ أَتَى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: يُمْكِنُ عِنْدِي أَن تَكُونَ مُبْقاةً فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى مَا بِهَا مِنَ الِاسْتِفْهَامِ فكأَنه قَالَ، وَاللَّهُ أَعلم: وَهَلْ أَتَى عَلَى الإِنسان هَذَا، فَلَا بُدَّ فِي جَوابهم مِنْ نَعَمْ مَلْفُوظًا بِهَا أَو مُقَدَّرَةً أَي فَكَمَا أَن ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَيَنْبَغِي للإِنسان أَن يَحْتَقِرَ نَفْسَهُ وَلَا يُباهي بِمَا فُتِحَ لَهُ، وَكَمَا تَقُولُ لِمَنْ تُرِيدُ الِاحْتِجَاجَ عَلَيْهِ: بِاللَّهِ هَلْ سأَلتني فأَعطيتك أَم هَلْ زُرْتَني فأَكرمتك أَي فَكَمَا أَن ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَجِبُ أَن تعرِف حَقِّي عَلَيْكَ وإِحْساني إِليك؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: إِذا جَعَلْنَا مَعْنَى هَلْ أَتى قَدْ أَتى فَهُوَ بِمَعْنَى أَلَمْ يأْتِ عَلَى الإِنسان حينٌ مِنَ الدَّهْر؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: ورَوَيْنا عَنْ قُطْرُبٍ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَنهم يَقُولُونَ أَلْفَعَلْت، يُرِيدُونَ هَلْ فَعَلْت. الأَزهري: ابْنُ السِّكِّيتِ إِذا قِيلَ هَلْ لَكَ فِي كَذَا وَكَذَا؟ قُلْتَ: لِي فِيهِ، وإِن لِي فِيهِ، وَمَا لِي فِيهِ، وَلَا تَقُلْ إِن لِي فِيهِ هَلًّا، والتأْويل: هَلْ لَكَ فِيهِ حَاجَةٌ فَحُذِفَتِ(11/709)
الْحَاجَةُ لمَّا عُرف الْمَعْنَى، وَحَذَفَ الرادُّ ذِكْر الْحَاجَةِ كَمَا حَذَفَهَا السَّائِلُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: هَلْ حَقِيقَةً اسْتِفْهَامٌ، تَقُولُ: هَلْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وهَلْ لَكَ فِي كَذَا وَكَذَا؛ قَالَ: وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:
أَهَلْ أَنت وَاصِلُهُ
اضْطِرَارٌ لأَن هَلْ حَرْفُ اسْتِفْهَامٍ وَكَذَلِكَ الأَلف، وَلَا يُسْتَفْهَمُ بحَرْفي اسْتِفْهَامٍ. ابْنُ سِيدَهْ: هَلَّا كَلِمَةُ تَحْضِيضٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ هَلْ وَلَا. وَبَنُو هِلَالٍ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ. وهِلال: حيٌّ مِنْ هَوازن. والهِلالُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ فِي أَسفل الرُّكيّ. والهِلال: السِّنانُ الَّذِي لَهُ شُعْبتان يصاد به الوَحْش.
همل: الهَمْل، بِالتَّسْكِينِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ هَمَلَتْ عينُه تَهْمُلُ وتَهْمِلُ هَمْلًا وهُمُولًا وهَمَلاناً. وانْهَمَلَتْ: فَاضَتْ وَسَالَتْ. وهَمَلَتِ السماءُ هَمْلًا وهَمَلاناً وانْهَمَلَتْ: دَامَ مطرُها مَعَ سكونٍ وضعفٍ، وهَمَلَ دمعُه، فَهُوَ مُنْهَمِلٌ. والهَمَل: السُّدى الْمَتْرُوكُ لَيْلًا أَو نَهَارًا. وَمَا تَرَكَ اللَّهُ النَّاسَ هَمَلًا أَي سُدًى بِلَا ثوابٍ وَلَا عِقاب، وَقِيلَ: لَمْ يَتْرُكْهُمْ سُدى بِلَا أَمر وَلَا نَهْيٍ وَلَا بَيَانٍ لِمَا يَحْتَاجُونَ إِليه، وهَمَلتِ الإِبل تَهْمُلُ، وبعيرٌ هَامِل مِنْ إِبل هَوامِل وهُمَّلٌ وهَمَلٌ، وَهُوَ اسْمُ الْجَمْعِ كَرَائِحٍ ورَوَح لأَن فَاعِلًا لَيْسَ مِمَّا يكسَّر عَلَى فَعَلٍ، وَقَدْ أَهْمَلَها، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْغَنَمِ. ابْنُ الأَعرابي: إِبِل هَمْلَى مُهْمَلة، وإِبِل هَوامِل مُسَيَّبة لَا رَاعِيَ لَهَا، وأَمر مُهْمَل مَتْرُوكٌ؛ قَالَ:
إِنَّا وجَدْنا طَرَدَ الهَوَامِلِ ... خَيْرًا مِنَ التَّأْنانِ والمَسائلِ
أَراد: إِنَّا وَجَدْنَا طَرَدَ الإِبل المُهْملة وسَوْقَها سَلًّا وسَرِقة أَهْون عَلَيْنَا مِنْ مَسَأَلَةِ النَّاسِ والتَّباكي إِليهم. وَفِي حَدِيثِ الْحَوْضِ:
فَلَا يَخْلُص مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَم
؛ الهَمَل: ضَوالُّ الإِبلِ، وَاحِدُهَا هَامِلٌ، أَي أَنَّ النَّاجِيَ مِنْهُمْ قَلِيلٌ فِي قلَّة النَّعَم الضالَّة. وَفِي حَدِيثُ
طَهْفَةَ: وَلَنَا نَعَم هَمَلٌ
أَي مهمَلة لَا رِعاءَ لَهَا وَلَا فِيهَا مَنْ يُصلحها ويَهديها فَهِيَ كالضَّالة؛ وَمِنْهُ حديثُ
سُرَاقَةَ: أَتيته يَوْمَ حُنَين فسأَلته عَنِ الهَمَل.
وَفِي حَدِيثِ
قَطَن بْنِ حَارِثَةَ: عَلَيْهِمْ فِي الهَمُولَة الرَّاعِيَةِ فِي كُلِّ خَمْسِينَ ناقةٌ
؛ هِيَ الَّتِي أُهْمِلت تَرْعَى بأَنفسها، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فَعولة بِمَعْنَى مَفْعولة. وأَهْمَلَ أَمرَه: لَمْ يُحْكِمْه. والهَمَل، بِالتَّحْرِيكِ: الإِبلُ بِلَا راعٍ، مِثْلُ النَّفَش، إِلَّا أَن الهَمَل بِالنَّهَارِ «1» . والنَّفَش لَا يَكُونُ إِلَّا لَيْلًا. يُقَالُ: إِبِل هَمَلٌ وهَامِلَة وهُمَّال وهَوَامِل، وتركْتها هَمَلًا أَي سُدًى إِذا أَرسلتها تَرْعَى لَيْلًا بِلَا راعٍ. وَفِي الْمَثَلِ: اختلطَ المَرْعيُّ بالهَمَل، والمَرْعيُّ: الَّذِي لَهُ راعٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فسأَلته عَنِ الهَمَل
يَعْنِي الضَّوالَّ مِنَ النَّعَم، وَاحِدُهَا هَامِل مِثْلُ حارِس وحَرَس وَطَالِبٍ وَطَلَب. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي الهَمُولَة الراعِية كَذَا مِنَ الصدَقة
؛ يَعْنِي الَّتِي قَدْ أُهْمِلَت تَرْعَى. والهَمَل أَيضاً: الْمَاءُ الَّذِي لَا مَانِعَ لَهُ. وأَهْمَلْت الشَّيْءَ: خلَّيت بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ. والمُهْمَل مِنَ الْكَلَامِ: خِلَافُ المستعمَل. والهَمَلُّ: الْبَيْتُ الصَّغِيرُ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو؛ وأَنشد لأَبي حَبِيبٍ الشَّيْبَانِيِّ:
دخلتُ عَلَيْهَا فِي الهَمَلّ، فأَسْمَحَتْ ... بأَقْمَرَ، فِي الحِقْوَيْن، جَأْبٍ مُدَوَّرِ
__________
(1) . قوله [إِلَّا أَنَّ الهَمَل بِالنَّهَارِ إلخ] مثله في التهذيب، وعبارة الصحاح: إلا أن النفش لَا يَكُونُ إِلَّا لَيْلًا والهَمَل يَكُونُ لَيْلًا وَنَهَارًا انتهى. ويوافقه ما يأتي للمؤلف بعد(11/710)
والأَقْمرُ: الأَبيض. وَثَوْبٌ هَمالِيل: مخرَّق. وكِساءٌ هِمِلٌّ: خَلَق. والهِمِلُّ: الْكَبِيرُ السِّنِّ. والهَمَل: اللِّيف الْمُتَنَزِّعُ، وَاحِدَتُهُ هَمَلَة؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وهُمَيل وهَمَّال: اسْمَانِ. وأَرض هُمَّال بَيْنَ النَّاسِ: قَدْ تَحامَتْها الحُروب فَلَا يَعْمُرها أَحد. وَشَيْءٌ هُمَّال: رِخْوٌ. واهْتَمَلَ الرجلُ إِذا دَمْدَمَ بِكَلَامٍ لَا يُفهم؛ قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْرُوفُ بِهَذَا الْمَعْنَى هَتْمَل، وهو رباعي.
همرجل: الهَمَرْجَلُ: الجَواد السَّرِيعُ، وعَمَّ بِهِ السِّيرَافِيُّ كُلَّ خَفِيفٍ سَرِيعٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وَنَاقَةٌ هَمَرْجَلَة: سَرِيعَةٌ، وَتَكُونُ مِنْ نَعْتِ السَّيْرِ أَيضاً، والهَمَرْجَلَة مِنَ النُّوقِ: النَّجيبة، وَتُجْمَعُ الهَمَرْجَلَةُ هَمَرْجَلات. والهَمَرْجَل مِنَ الإِبل: السَّرِيعُ. وَجَمَلٌ هَمَرْجَل: سَرِيعٌ؛ وأَنشد:
يَسُفْن عِطْفَيْ سَنِمٍ هَمَرْجَل
ونَجَاء هَمَرْجَل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا جَدَّ فيهنَّ النَّجَاءُ الهَمَرْجَلُ
ابْنُ الأَعرابي. الهَمَرْجَل الْجَمَلُ الضَّخْمُ، ومثله الشَّمرْذل.
هنبل: الهَنْبَلَة، بِزِيَادَةِ النُّونِ: مشْية الضَّبُع العَرْجاء، وَقِيلَ: هِيَ مِنْ مَشْي الضِّبَاعِ. وهَنْبَلَ الرجلُ: ظَلَع وَمَشَى مِشْية الضَّبُع العَرْجاء، ونَهْبَل كَذَلِكَ، وَجَاءَ مُهَنْبلًا؛ وأَنشد:
مِثْلُ الضِّباع إِذا رَاحَتْ مُهَنْبِلةً، ... أَدنى مآوِبِها الغِيرانُ واللَّجَفُ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
خَزْعَلة الضِّبْعان راحَ الهَنْبَلَهْ
هنتل: هَنْتَلٌ: موضع.
هنجل: الهُنْجُل: الثقيل.
هندل: الهَنْدَويلُ: الضَّخْمُ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. التَّهْذِيبُ: أَبو عَمْرٍو الهَنْدَويل الضَّعِيفُ الَّذِي فِيهِ اسْتِرْخَاءٌ ونُوكٌ.
هول: الهَوْلُ: الْمَخَافَةُ مِنَ الأَمر لَا يَدْري مَا يَهْجِم عَلَيْهِ مِنْهُ كَهَوْل اللَّيْلِ وهَوْل الْبَحْرِ، وَالْجَمْعُ أَهْوَال وهُؤُول، والهُؤُول جَمْعُ هَوْل؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
رَحَلْنا مِنْ بِلَادِ بَنِي تَمِيمٍ ... إِليك، وَلِمَ تَكَاءَدْنا الهُؤُولُ
يَهْمِزُونَ الْوَاوَ لِانْضِمَامِهَا. والهِيلَة: الهَوْلُ. وهَالَنِي الأَمرُ يَهُولُنِي هَوْلًا: أَفزَعَني؛ وَقَوْلُهُ:
وَيْهاً فِدَاءً لَكَ يَا فَضالَهْ ... أَجِرَّهُ الرُّمْحَ، وَلَا تُهالَهْ
فَتَحَ اللَّامَ لِسُكُونِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الأَلف قَبْلَهَا، وَاخْتَارُوا الْفَتْحَةَ لأَنها مِنْ جِنْسِ الأَلف الَّتِي قَبْلَهَا، فَلَمَّا تحرَّكت اللَّامُ لَمْ يَلْتَقِ سَاكِنَانِ فَتُحْذَفُ الأَلف لِالْتِقَائِهِمَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُ الْآخَرِ:
إِضْرِبَ عنكَ الهُمُومَ طارِقَها، ... ضَرْبَك بالسَّوْطِ قَوْنَسَ الفَرَس
فإِنَّ ابْنَ جِنِّيٍّ قَالَ: هُوَ مَدْفوع مَصْنُوعٌ عِنْدَ عَامَّةِ أَصحابنا وَلَا رِوَايَةَ تثبُت بِهِ، وأَيضاً فإِنه ضَعِيفٌ سَاقِطٌ فِي الْقِيَاسِ، وَذَلِكَ لأَن التأْكيد مِنْ مَوَاضِعِ الإِطْناب والإِسْهاب فَلَا يَليق بِهِ الحَذْف وَالِاخْتِصَارُ، فإِذا كَانَ السماعُ والقياسُ يَدْفَعَانِ هَذَا التأْويل وَجَب إِلغاؤه والعُدول إِلى غَيْرِهِ مِمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ وصحَّ قِيَاسُهُ. وهَوْلٌ هَائِلٌ ومَهُول، وكَرِهَها بَعْضُهُمْ،(11/711)
وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ الْفَصِيحِ. والتَّهْوِيل: التَّفْزِيعُ؛ الأَزهري: أَمر هَائِل وَلَا يُقَالُ مَهُول إِلا أَن الشَّاعِرَ قَدْ قَالَ:
ومَهُولٍ، منَ المَناهِل، وَحْشٍ ... ذِي عَراقيبَ آجِنٍ مِدْفانِ
وَتَفْسِيرُ المَهُول أَي فِيهِ هَوْل، وَالْعَرَبُ إِذا كَانَ الشَّيْءُ هُوَ لَهُ أَخرجوه عَلَى فاعِل مِثْلُ دارِع لِذِي الدِّرْع، وإِن كَانَ فِيهِ أَو عَلَيْهِ أَخرجوه عَلَى مَفْعول، كَقَوْلِكَ مَجْنون فِيهِ ذَاكَ، ومَدْيون عَلَيْهِ ذَاكَ. وَمَكَانٌ مَهِيل أَي مَخُوف؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مَهِيلُ أَفْيافٍ لَهَا فُيُوفُ «2»
. وَكَذَلِكَ مَكَانٌ مَهالٌ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عائذ الهذلي:
أَلا يَا لَقَوْمي لِطَيفِ الخَيالِ ... أَرَّقَ مِنْ نازِحٍ ذِي دَلالِ
أَجازَ إِلينا، عَلَى بُعْده، ... مَهاوِيَ خَرْقٍ مَهابٍ مَهالِ
وَيُقَالُ: اسْتَهَال فُلَانٌ كَذَا يَسْتَهِيلُه، وَيُقَالُ يَسْتَهْوِلُه، والجيِّد يَسْتَهِيله. وهُلْته فاهْتَالَ: أَفزعته فَفَزِعَ، وَقَدْ هَوَّلَ عَلَيْهِ. والتَّهْوِيل والتَّهَاوِيلُ: مَا هُوِّلَ بِهِ؛ قَالَ:
عَلَى تَهَاوِيلَ لَهَا تَهْوِيلُ
التَّهْذِيبُ: التَّهَاوِيلُ جَمَاعَةُ التَّهْوِيل، وَهُوَ مَا هَالَكَ مِنْ شَيْءٍ، وهَوَّلَ القومُ عَلَى الرَّجُلِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ: أَن مُحَمَّدًا لَمْ يُناكِرْ أَحداً قطُّ إِلا كَانَتْ مَعَهُ الأَهْوَال
؛ هِيَ جَمْعُ هَوْل وَهُوَ الْخَوْفُ والأَمرُ الشَّدِيدُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذرٍّ: لَا أَهُولَنَّك
أَي لَا أُخِيفُك فَلَا تَخَفْ مِنِّي. وَفِي حَدِيثِ الوحْيِ:
فهُلْت
أَي خِفْت ورُعِبْت، كقُلْتُ مِنَ القَوْل. وهَوَّلَ الأَمرَ: شنَّعه. والهُولَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَهُول الناظرَ مِنْ حُسْنِهَا؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيِّ:
بَيْضاءُ صافِيةُ المَدامِعِ، هُولةٌ ... لِلنَّاظِرِينَ، كدُرَّة الغَوَّاصِ
ووَجْهُه هُولَةٌ مِنَ الهُوَلِ أَي عَجَب. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ مَا هُوَ إِلَّا هُولَةٌ مِنَ الهُوَل إِذا كَانَ كَرِيهَ المنظَر. والهَولةُ: مَا يفزَّع بِهِ الصَّبِيُّ، وَكُلُّ مَا هَالَكَ يسمَّى هُولَةً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
كَهُولَة مَا أَوْقَدَ المُحْلِفُون، ... لَدى الحالِفِينَ، وَمَا هَوَّلُوا
وهَوَّلَ عَلَى الرَّجُلِ: حَمل. وَنَاقَةٌ هُولُ الجَنان: حديدةٌ. وتَهَوَّلَ لِلنَّاقَةِ تَهَوُّلًا: تشبَّه لَهَا بالسبُع لِيَكُونَ أَرْأَمَ لَهَا عَلَى الَّذِي تُرْأَم عَلَيْهِ، وَهُوَ مِثْلُ تَذَأَّبت لَهَا تَذَؤُّباً إِذا لَبِسْتَ لَهَا لِبَاسًا تَتَشبَّه بِالذِّئْبِ، قَالَ: وَهُوَ أَن تستخْفي لَهَا إِذا ظَأَرتْها عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا فتَشَبَّهت لَهَا بِالسَّبُعِ فَيَكُونُ أَرْأَم لَهَا عَلَيْهِ. والتَّهَاوِيل: زِينَةُ التَّصاوِير والنُّقوش والوَشْي وَالسِّلَاحِ وَالثِّيَابِ والحَلْي، وَاحِدُهَا تَهْوِيل. والتَّهَاوِيل: الأَلوان الْمُخْتَلِفَةُ مِنَ الأَصْفر والأَحْمر. وهَوَّلت المرأَة: تَزَيَّنَتْ بِزِينَةِ اللِّباس والحَلْيِ؛ قَالَ:
وهَوَّلَتْ مِنْ رَيْطِها تَهاوِلا
والتَّهَاوِيل: مَا عَلَى الهَوادِج مِنَ الصُّوفِ الأَحمر والأَخضر والأَصفر؛ وَيُقَالُ للرِّياض إِذا تَزَيَّنَت
__________
(2) . قوله [قال رؤبة إلخ] نقل الصاغاني مثله عن الجوهري ثم قال: هذا تصحيف وصوابه مهبل بسكون الهاء وكسر الباء المعجمة بواحدة، والمهبل المنقطع بين أرضين(11/712)
بِنَوْرها وأَزاهِيرها مِنْ بَيْنِ أَصفر وأَحمر وأَبيض وأَخضر: قَدْ عَلَاهَا تَهْوِيلُها؛ وَقَالَ عَبْدُ الْمَسِيحِ بْنُ عَسَلة فِيمَا أَخرجه الزرعُ مِنَ الأَلوان؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: يصِف نَبَاتًا:
وعازِبٍ قَدْ عَلا التَّهْوِيلُ جَنْبَتَهُ، ... لَا تنفعُ النَّعْل فِي رَقْراقِهِ الحافِي
وَمِثْلُهُ لِعَدِيٍّ:
حَتَّى تَعاوَنَ مُسْتَكٌّ لَهُ زَهَرٌ ... مِنَ التَّهَاوِيل، شَكْل العِهْن فِي التُّوَمِ
وَرَوَى
الأَزهري بإِسناده عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رأَيت لِجِبْرِيلَ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، سِتَّمائة جَناح ينتَشِرُ مِنْ رِيشِهِ التَّهاوِيلُ والدرُّ والياقوتُ
أَي الأَشياء الْمُخْتَلِفَةُ الأَلْوان؛ أَراد بالتَّهَاوِيل تَزايينَ رِيشِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ صُفْرَةٍ وَحُمْرَةٍ وَبَيَاضٍ وَخُضْرَةٍ مِثْلَ تَهاوِيلِ الرِّيَاضِ؛ وَيُقَالُ لِمَا يَخْرُجُ مِنْ أَلوان الزَّهْر فِي الرِّيَاضِ التَّهَاوِيل، وَاحِدُهَا تَهْوَال، وأَصلها مَا يَهُولُ الإِنسانَ وَيُحَيِّرُهُ. والتَّهْوِيلُ: شَيْءٌ كَانَ يُفْعَلُ فِي الجاهليَّة، كَانُوا إِذا أَرادوا أَن يستحلِفوا الرَّجُلَ أَوْقَدُوا نَارًا وأَلْقَوْا فِيهَا مِلْحاً. والمُهَوِّل: المحلِّف، وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِكُلِّ قَوْمٍ نَارٌ وَعَلَيْهَا سَدَنةٌ، فَكَانَ إِذا وَقَعَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ خُصومة جاءَا إِلى النَّارِ فيحلَّف عِنْدَهَا «1» وَكَانَ السَّدَنة يطرَحون فِيهَا مِلْحاً مِنْ حَيْثُ لَا يشعُر يُهَوِّلون بِهَا عَلَيْهِ، وَاسْمُ تِلْكَ النَّارِ الهُولَةُ، بِالضَّمِّ؛ التَّهْذِيبُ: كَانَتِ الهُولَةُ نَارًا يُوقِدونها عِنْدَ الحَلِف ويُلْقون فِيهَا مِلْحاً فيَتَفَقَّع، يُهَوِّلُون بِهَا، وَكَذَلِكَ إِذا اسْتَحْلَفُوا رَجُلًا؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ:
إِذا اسْتَقْبَلَتْه الشمسُ صَدَّ بِوَجْهِه، ... كَمَا صَدَّ عَنْ نارِ المُهَوِّل حالِفُ
وهِيلَ السَّكْرَانُ يُهالُ إِذا رأَى تَهاوِيل فِي سُكْرِهِ فَيَفْزَعُ لَهَا؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ خَمْرًا وَشَارِبَهَا:
تَمَشَّى فِي مَفاصِلِه، وتَغْشى ... سَناسِنَ صُلْبِه حَتَّى يُهالا
وَرَجُلٌ هَوَلْوَلٌ: خَفِيفٌ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وَهُوَ فَعَلْعَل؛ وأَنشد:
هَوَلْوَلٌ إِذا ونَى القومُ نَزَلْ
وَالْمَعْرُوفُ حَوَلْوَل. والهَالُ: فُوهٌ مِنْ أَفْواهِ الطِّيبِ. والهَالَةُ: دارةُ الْقَمَرِ، وهَالَةُ: الشمْسُ مَعْرَّفَةً؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ومُنْتَخَبٍ كأَنَّ هالَةَ أُمُّهُ، ... سَبَاهِي الفُؤادِ مَا يَعِيش بمَعْقُول
وَيُرْوَى أُمَّه، يُرِيدُ أَنه فَرس كَرِيمٌ كأَنما نُتِجَته الشمسُ، ومُنْتَخَب حذِر كأَنه مِنْ ذَكاء قلْبه وشُهومته فزِعٌ، وسَباهِي الفُؤاد: مُدَلَّهه غافِلهُ إِلا مِنَ المَرَح، وهو مدكور فِي مَوْضِعِهِ. وهَالَةُ: اسْمُ امرأَة عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وهَالٌ: من زجر الخيل.
هيل: هَالَ عَلَيْهِ التُّرابَ هَيْلًا وأَهَالَه فانْهَالَ وهَيَّله فتَهَيَّلَ، وَيُذَمُّ الرَّجُلُ فَيُقَالُ: جُرْفٌ مُنْهَالٌ، «2» فإِنما يَعْنِي أَنه لَيْسَ لَهُ حَزْم وَلَا عَقْل؛ وأَما قَوْلُهُمْ سَحَابٌ مُنْجال فَمَعْنَاهُ أَنه لَا يُطْمَع فِي خَيْرِهِ كأَنه مَقْلُوبٌ مِنْ مُنْجَلٍ. والهَيْل: مَا لَمْ تَرْفَعْ بِهِ يَدَكَ، والحَثْيُ: مَا رَفَعْتَ بِهِ يَدَك. وهَالَ الرملَ: دَفَعَهُ فانْهَالَ، وَكَذَلِكَ هَيَّلَه فَتَهَيَّلَ. والهَيْل والهَائِل
__________
(1) . قوله: يحلَّف عندها أي الخصم
(2) . قوله [فيقال جرف منهال إلخ] عبارة المحكم: فيقال جرف منهال وسحاب منجال، أَما جُرْفٌ مُنْهَالٌ فَإِنَّمَا يَعْنِي ... إلى آخر ما هنا(11/713)
مِنَ الرَّمْلِ: الَّذِي لَا يثبت مكانَه حتى يَنْهال فَيَسْقُطُ، وهِلْتُه أَنا؛ وأَنشد:
هَيْلٌ مَهِيلٌ مِنْ مَهِيلِ الأَهْيَلِ
وَفِي حَدِيثِ الخندَق:
فَعَادَتْ كَثِيبًا أَهْيَلَ
أَي رَمْلًا سَائِلًا، والهَيْل والهَيَال والهَيْلانُ: مَا انْهال مِنْهُ؛ قَالَ مُزَاحِمٌ:
بِكُلٍّ نَقاً وَعْثٍ، إِذا مَا عَلَوْتَه ... جَرَى نَصَفاً هَيْلانُه المُتَساوِقُ
وَرَمْلٌ أَهْيَلُ: مُنْهال لَا يَثْبُتُ. وَجَاءَ بالهَيْل والهَيْلَمَان والهَيْلُمَان أَي جَاءَ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ، وَضَعُوا الهَيْل الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ مَوْضِعَ الِاسْمِ أَي بالمَهِيل، شُبِّهَ بِالرَّمْلِ فِي كَثْرَتِهِ، فَالْمِيمُ عَلَى هَذَا فِي الهَيْلَمَان زَائِدَةٌ كَزِيَادَتِهَا فِي زُرْقُم؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَي بِالرَّمْلِ وَالرِّيحِ، فالهَيْل مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا
؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤيَّة الْهُذَلِيُّ يَصِفُ ضبُعاً نَبَشت قَبْرًا:
فذَاحَتْ بالوَتائر ثُمَّ بَدَّت ... يدَيْها، عِنْدَ جانِبِه، تَهِيلُ
والهَيْلَمَان، فَيْعَلان، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ هَلْمان فَسَقَطَتِ الْيَاءُ، وَضَعُوا الهَيْل الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ مَوْضِعَ الِاسْمِ أَي بالمَهِيل، شُبِّهَ بِالرَّمْلِ فِي كَثْرَتِهِ فَالْمِيمُ عَلَى هَذَا فِي الهَيْلَمَان زَائِدَةٌ كَزِيَادَتِهَا فِي زُرْقُم، الْأَلِفُ وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ فَالْوَزْنُ عَلَى هَذَا فَعْلَمان. وانْهَالَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ: تَتَابَعُوا عَلَيْهِ وعَلَوْه بِالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ والقَهر. والأَهْيل: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
هَلْ تَعرِف المنزلَ بالأَهْيَل، ... كالوَشْمِ فِي المِعْصَمِ لَمْ يَخْمُل
والهَيُول: الهَباءُ المنبتُّ وَهُوَ مَا تَرَاهُ فِي الْبَيْتِ مِنْ ضَوْء الشَّمْسِ يَدْخُلُ فِي الكُوَّةِ، عِبْرَانِيَّةٌ أَو رُومِيَّةٌ معرَّبة. والهَالَةُ: دَارَةُ الْقَمَرِ؛ قَالَ:
فِي هَالَةٍ هِلالُها كالإِكْليلْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى عَيْنِهَا أَنها يَاءٌ لأَن فِيهِ مَعْنَى الهَيُول الَّذِي هُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ، فإِن قُلْتَ: إِن الهَيُول رُومِيَّةٌ والهَالَة عَرَبِيَّةٌ كَانَتِ الْوَاوُ أَولى بِهِ لأَنّ انْقِلَابَ الأَلف عَنِ الْوَاوِ وَهِيَ عَيْنٌ أَكثر مِنِ انْقِلَابِهَا عَنِ الْيَاءِ كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ، وَالْجَمْعُ هالاتٌ. الْجَوْهَرِيُّ: هِلْتُ الدَّقِيقَ فِي الجِراب صَبَبْته مِنْ غَيْرِ كَيْل، وَكُلُّ شَيْءٍ أَرسلته إِرْسالًا مِنْ رَمْلٍ أَو تُرَابٍ أَو طَعَامٍ أَو نَحْوِهِ قُلْتَ هِلْتُه أَهِيلهُ هَيْلًا فانْهَالَ أَي جَرَى وانصبَّ، وَهُوَ طَعَامٌ مَهِيلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن قَوْمًا شكَوْا إِليه سُرْعَةَ فَناء طَعَامِهِمْ فَقَالَ: أَتَكِيلون أَم تَهِيلُون؟ فَقَالُوا: نَهِيلُ، فَقَالَ: كِيلوا وَلَا تَهِيلُوا فإِنَّ الْبَرَكَةَ فِي الكَيْل.
وَفِي الْمَثَلِ: أَراكِ مُحْسنَةً فَهِيلِي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُضرب مَثَلًا لِلرَّجُلِ يُسيء فِي فِعْلِهِ فَيُؤْمَرُ بِذَلِكَ عَلَى الهُزْء بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
العَلاء: أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ هِيلُوا عليَّ هَذَا الكثيبَ وَلَا تحفِروا لِي.
وتَهَيَّلَ: تصبَّب. وأَهَلْتُ الدَّقِيقَ: لُغَةٌ فِي هِلْت، فَهُوَ مُهَال ومَهِيل. وهَيْلانُ فِي شِعْرِ الْجَعْدِيِّ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، وَيُقَالُ: هُوَ مَكَانٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ بَيْتُ الْجَعْدِيِّ هُوَ قَوْلُهُ:
كأَنَّ فاهَا، إِذا تَوَسَّنُ، مِنْ ... طِيبِ مِشَمٍّ وحُسْن مُبْتَسَم،
يُسَنُّ بالضَّرْوِ مِنْ بَرَاقِش أَو ... هَيْلانَ، أَو ناضِرٍ مِنَ العُتُم
والضرْوُ: شَجَرٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، والعُتُم: الزَّيْتُونُ،(11/714)
وَقِيلَ: نَبْتٌ يُشْبِهُهُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: بَراقِش وهَيْلان وَادِيَانِ بِالْيَمَنِ. وهَالَةُ: أُم حمزة بن عبد المطلب.
فصل الواو
وَأَلَ: وَأَلَ إِليه وَأْلًا ووُؤُولًا وَوَئِيلًا ووَاءَلَ مُوَاءَلَةً ووِئالًا: لجأَ. والْوَأْلُ والمَوْئِلُ: الملجأُ، وَكَذَلِكَ المَوْأَلَةُ مِثَالُ المَهْلَكة؛ وَقَدْ وَأَلَ إِليه يَئِلُ وَأْلًا ووُؤُولًا عَلَى فُعول أَي لجأَ، ووَاءَلَ مِنْهُ عَلَى فَاعَلَ أَي طَلَبَ النَّجَاةَ، ووَاءَلَ إِلى الْمَكَانِ مُوَاءَلَةً ووِئَالًا: بَادَرَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَن دِرْعَه كَانَتْ صَدْراً بِلَا ظَهْر، فَقِيلَ لَهُ: لَوِ احترزتَ مِنْ ظَهْرِك، فَقَالَ: إِذا أَمْكَنْت مِنْ ظَهْرِي فَلَا وَأَلْتُ
أَي لَا نجوْت. وَقَدْ وَأَلَ يَئِلُ، فَهُوَ وَائِلٌ إِذَا التجأَ إِلى مَوْضِعٍ ونَجا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
البَراء بْنِ مَالِكٍ: فكأَنَّ نَفْسِي جاشَتْ فَقُلْتُ: لَا وَأَلْتِ أَفِراراً أَوَّل النَّهَارِ وجُبْناً آخِرَهُ؟
وَفِي حَدِيثِ
قَيْلة: فوَأَلْنا إِلى حِواءٍ
أَي لجَأْنا إِليه، والحِواء: البيوتُ المجتمِعة. اللَّيْثُ: المَآلُ والمَوْئِلُ المَلْجأُ. يُقَالُ مِنَ المَوْئِل وَأَلْتُ مِثْلَ وَعَلْت وَمِنَ الْمَآلِ أُلْتُ مِثْلَ عُلْت مَآلًا، بِوَزْنِ مَعَالًا؛ وأَنشد:
لَا يَسْتَطيعُ مَآلًا مِنْ حَبائِلهِ ... طيرُ السَّمَاءِ، وَلَا عُصْم الذُّرَى الوَدِقِ
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: المَوْئِل المَنْجَى وَهُوَ المَلْجأُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنه لَيُوَائِل إِلى مَوْضِعِهِ يُرِيدُونَ يَذْهَبُ إِلى مَوْضِعِهِ وَحِرْزِهِ؛ وأَنشد:
لَا وَاءَلَتْ نفسُك خلَّيتها ... للعامِرِيَّيْن، وَلَمْ تُكْلَم
يُرِيدُ: لَا نَجَتْ نفسُك. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ وَأَلَ يَئِلُ وَأْلًا ووَأْلَةً ووَاءَلَ يُوَائِلُ مُوَاءَلَةً ووِئَالًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَتَّى إِذا لَمْ يَجِدْ وَأْلًا ونَجْنَجَها، ... مَخافةَ الرَّمْي حَتَّى كلُّها هِيمُ
يُرْوَى: وَعْلًا: وَيُرْوَى: وَغْلًا، فالوَأْل المَوْئل، والوَغْل المَلْجَأُ يَغِل فِيهِ أَي يَدْخُلُ فِيهِ. يُقَالُ: وغَل يَغِل فَهُوَ واغِل، وَكُلُّ ملجإٍ يُلجأ إِليه وَغْل ومَوْغِل، ومَن رواه وَغْلًا فَهُوَ مِثْلُ الوَأْل سَوَاءٌ، قُلبت الْهَمْزَةُ عَيْنًا؛ ونَجْنَجَها أَي حَرَّكها وردَّدها مَخَافَةَ صَائِدٍ أَن يَرْمِيَهَا. اللَّيْثُ: الوَأْلُ والوَعْل الْمَلْجَأُ. التَّهْذِيبُ: شَمِرٌ قَالَ أَبو عَدْنَانَ قَالَ لِي مَن لَا أُحْصِي مِنْ أَعْراب قيسٍ وَتَمِيمٍ: إِيلةُ الرَّجُلِ بَنُو عَمِّهِ الأَدْنون. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَن أَطاف بِالرَّجُلِ وحلَّ مَعَهُ مِنْ قَرابته وَعَشِيرَتِهِ فَهُوَ إِيلَتُه. وَقَالَ الْعُكْلِيُّ: هُوَ مِنْ إِيلَتِنا أَي مِنْ عشيرتِنا. ابْنُ بُزُرْج: إِلَةُ فُلَانٍ الَّذِينَ يَئِلُ إِليهم وَهُمْ أَهله دِنْياً، وَهَؤُلَاءِ إِلَتُك وَهُمْ إِلَتِي الَّذِينَ وأَلْت إِليهم. وَقَالُوا: رَدَدْته إِلى إِيلَته أَي إِلى أَصله؛ وأَنشد:
وَلَمْ يَكُنْ فِي إِلَتِي غَوَالِي
يُرِيدُ أَهلَ بَيْتِهِ وَهَذَا مِنْ نَوَادِرِهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَمّا إِلَةُ الرَّجُلِ فَهُمْ أَهلُ بيتِه الَّذِينَ يَئِلُ إِليهم أَي يَلجَأُ إِليهم، مِنْ وَأَلَ يَئِلُ. وإِلَةٌ: حَرْفٌ نَاقِصٌ أَصله وِئْلةٌ مِثْلُ صِلةٍ وزِنةٍ أَصلهما وِصْلة ووِزْنة، وأَما إِيلةُ الرَّجُلِ فَهُمْ أَصله الذين يَؤُولُ إِليهم، وَكَانَ أَصلُه إِوْلةٌ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً. التَّهْذِيبُ: وأَيْلة قَرْيَةٌ عربيَّة كأَنها سُمِّيَتْ أَيلة لأَن أَهلها يَؤُولون إِليها، وأَمَّا إِلْيةُ الرَّجُلِ فقَراباته، وَكَذَلِكَ لِيَتُه.(11/715)
والمَوْئل: الْمَوْضِعُ الَّذِي يستقِرُّ فِيهِ السَّيْل. والأَوَّل: الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ نَقِيضُ الآخِر؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
أَدانَ، وأَنْبَأَهُ الأَوَّلونَ ... بأَنَّ المُدَانَ مَلِيٌّ وفِيّ
الأَوَّلون: النَّاسُ الأَوَّلون والمَشْيخة، يَقُولُ: قَالُوا لَهُ إِنَّ الَّذِي بَايَعْتَهُ مَلِيٌّ وفِيٌّ فاطمئِن، والأُنثى الأُولى وَالْجَمْعُ الأُوَل مِثْلُ أُخْرى وأُخَر، قَالَ: وَكَذَلِكَ لِجَمَاعَةِ الرِّجَالِ مِنْ حَيْثُ التأْنيث؛ قَالَ بَشير بْنُ النِّكْث:
عَوْدٌ عَلَى عَوْدٍ لأَقوامٍ أُوَلْ، ... يَموتُ بالتَّرْكِ ويَحْيا بالعَمَلْ
يَعْنِي نَاقَةً مسنَّة عَلَى طَرِيقٍ قَديم، وإِن شِئْتَ قُلْتَ الأَوَّلون. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
وأَمْرُنا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَل
؛ يُرْوَى بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ الأُولَى، وَيَكُونُ صِفَةً للعَرب، وَيُرْوَى أَيضاً بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ صِفَةً للأَمر، وَقِيلَ: هُوَ الْوَجْهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضي اللَّهُ عَنْهُ، وأَضيافِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الأُولَى لِلشَّيْطَانِ
، يَعْنِي الْحَالَةَ الَّتِي غَضِبَ فِيهَا وحلَف أَن لَا يأْكل، وَقِيلَ: أَراد اللُّقْمة الأُولى الَّتِي أَحنثَ بِهَا نفسَه وأَكَلَ؛ وَمِنْهُ الصلاةُ الأُولَى، فَمَنْ قَالَ صَلَاةُ الأُولَى فَهُوَ مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ أَو عَلَى أَنه أَراد صلاةَ الساعةِ الأُولى مِنَ الزَّوال. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ الْجَاهِلِيَّةُ الأُولَى مَن كَانَ مِنْ لَدُن آدَمَ إِلى زَمَنِ نُوحٍ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ؛ وَقِيلَ: مُنْذ زَمَنَ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِلى زَمَنِ إِدريس، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ: مُنْذ زَمَنُ عِيسَى إِلى زَمَنِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَهَذَا أَجود الأَقوال لأَنهم الْجَاهِلِيَّةُ الْمَعْرُوفُونَ وَهُمْ أَوَّل مِنْ أُمة سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا يتَّخِذون البَغايا يُغْلِلْن لَهُمْ؛ قَالَ: وأَما قَوْلُ عَبيد بْنِ الأَبرص:
فاتَّبَعْنا ذاتَ أُولانا الأُولى ... الْمُوقِدِي الحرْب، ومُوفٍ بالحِبال
فإِنه أَراد الأُوَل فقلَب وأَراد وَمِنْهُمْ مُوفٍ بالحِبال أَي الْعُهُودِ؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ جِنِّي مِنْ قَوْلُ الأَسْود بْنِ يَعْفُرَ:
فأَلْحَقْتُ أُخْراهُمْ طَريقَ أُلاهُمُ
فإِنه أَراد أُولاهم فَحَذَفَ اسْتِخْفَافًا، كَمَا تُحْذَفُ الْحَرَكَةُ لِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ:
وقَدْ بَدا هَنْكِ مِنَ المِئْزَرِ
وَنَحْوُهُ، وَهُمُ الأَوَائِل أَجْرَوْه مُجْرى الأَسماء. قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: أَما قَوْلُهُمْ أَوَائِل، بِالْهَمْزِ، فأَصله أَواوِل، وَلَكِنْ لَمَّا اكْتَنَفَتِ الأَلفَ واوانِ ووَلِيَت الأَخيرةُ مِنْهُمَا الطرَفَ فَضَعُفَتْ، وَكَانَتِ الْكَلِمَةُ جَمْعًا وَالْجَمْعُ مُسْتَثْقَلٌ، قُلِبَتِ الأَخيرة مِنْهُمَا هَمْزَةً وَقَلَبُوهُ فَقَالُوا الأَوَالِي؛ أَنشد يعقوب لذي الرُّمَّةِ:
تَكادُ أَوَالِيها تُفَرِّي جُلودَها، ... ويَكْتَحِل التَّالِي بِمُورٍ وحاصِبِ
أَراد أَوائلَها. وَالْجَمْعُ الأُوَل. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ الأَوَائِل مِنَ الأُول فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَوَّلُ تأسيسِ بِنائِه من همزة وواوٍ ولامٍ، وَمِنْهُمْ مَن يَقُولُ تأْسيسُه مِنْ وَاوَيْنِ بَعْدَهُمَا لامٌ، ولكلٍّ حُجَّةٌ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
جَهام تَحُثُّ الوَائِلاتِ أَواخِرُهْ
قَالَ: وَرَوَاهُ أَبو الدُّقَيش الأَوَّلاتِ؛ قَالَ: والأَوَّل والأُولى بِمَنْزِلَةِ أَفعَل وفُعْلى، قَالَ: وَجَمْعُ أَوَّل أَوَّلُون وَجَمْعُ أُولَى أُولَيَات. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ(11/716)
جُمِعَ أَوَّل عَلَى أُوَل مِثْلُ أَكْبَر وكُبَر، وَكَذَلِكَ الأُولَى، وَمِنْهُمْ مَنْ شدَّد الواوَ مِنْ أَوَّل مَجْمُوعًا؛ اللَّيْثُ: مَنْ قَالَ تأْليف أَوَّل مَنْ هَمْزَةٍ وَوَاوٍ وَلَامٍ فَيَنْبَغِي أَن يَكُونَ أَفعَل مِنْهُ أَأْوَل بِهَمْزَتَيْنِ، لأَنك تَقُولُ مِنْ آبَ يَؤُوب أَأْوَب، وَاحْتَجَّ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الأَصل كَانَ أَأْوَل، فَقُلِبَتْ إِحدى الْهَمْزَتَيْنِ وَاوًا ثُمَّ أُدغمت فِي الْوَاوِ الأُخرى فَقِيلَ أَوَّل، ومَن قَالَ إِنَّ أَصلَ تأْسيسِه واوانِ وَلَامٌ، جَعَلَ الْهَمْزَةَ أَلف أَفْعَل، وأَدغم إِحدى الْوَاوَيْنِ فِي الأُخرى وشدَّدهما؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَصل أَوَّل أَوْأَل عَلَى أَفعَل مهموزَ الأَوْسط قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ وَاوًا وأُدغم، يدلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: هَذَا أَوَّل مِنْكَ، وَالْجَمْعُ الأَوَائِل والأَوَالِي أَيضاً عَلَى القَلْب، قَالَ: وَقَالَ قومٌ أَصله وَوَّل عَلَى فَوْعَل، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ الأُولى هَمْزَةً. قَالَ الشَّيْخُ أَبو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ أَصْل أَوَّل أَوْأَل هُوَ قَوْلٌ مَرْغوبٌ عَنْهُ، لأَنه كَانَ يجِب عَلَى هَذَا إِذا خفِّفت هَمْزَتُهُ أَن يُقَالَ فِيهِ أَوَل، لأَن تَخْفِيفَ الهمزة إِذا سكَن مَا قَبْلَهَا أَن تحذَف وَتُلْقَى حركتُها عَلَى مَا قَبْلَهَا، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَيضاً أَن يَكُونَ أَصله وَوْأَل عَلَى فَوْعَل، لأَنه يَجِبُ عَلَى هَذَا صَرْفه، إِذْ فَوْعَل مَصْرُوفٌ وأَوَّل غَيْرُ مَصْرُوفٍ فِي قَوْلِكَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أَوَّلَ، وَلَا يَصِحُّ قَلْبَ الْهَمْزَةِ وَاوًا فِي وَوْأَل عَلَى مَا قدَّمت ذكرَه فِي الْوَجْهِ الأَوَّل، فَثَبَتَ أَن الصَّحِيحَ فِيهَا أَنها أَفْعَل مِنْ وَوَل، فَهِيَ مِنْ بَابِ دَوْدَن «3» وكَوْكَب مِمَّا جَاءَ فَاؤُهُ وعينُه مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ وأَصحابه؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِنما لَمْ يُجمع عَلَى أَواوِل لِاسْتِثْقَالِهِمُ اجتماعَ الْوَاوَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلفُ الْجَمْعِ، قَالَ: وَهُوَ إِذا جَعَلْتَهُ صِفَةً لَمْ تَصْرِفْهُ، تَقُولُ: لَقِيتُه عَامًا أَوَّلَ، وإِذا لَمْ تَجْعَلْهُ صِفَةً صَرَفْتَهُ، تَقُولُ: لقيتُه عَامًا أَوَّلًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا غَلَطٌ فِي التَّمْثِيلِ لأَنه صِفَةٌ لِعَامٍ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَيضاً، وَصَوَابُهُ أَن يمثِّله غَيْرَ صِفَةٍ فِي اللَّفْظِ كَمَا مثَّله غَيْرُهُ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ مَا رأَيت لَهُ أَوَّلًا وَلَا آخِراً أَي قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَلَا تَقُلْ عامَ الأَوَّلِ. وَتَقُولُ: مَا رأَيته مُذْ عامٌ أَوَّلُ ومُذْ عامٍ أَوَّلَ، فمَنْ رَفَعَ الأَوَّل جَعَلَهُ صِفَةً لعامٍ كأَنه قَالَ أَوَّلُ مِنْ عامِنا، ومنْ نَصَبَهُ جَعَلَهُ كالظرْف كأَنه قَالَ مُذْ عامٍ قَبْلَ عامِنا، وإِذا قُلْتَ ابْدَأْ بِهَذَا أَوَّلُ ضَمَمْته عَلَى الْغَايَةِ كَقَوْلِكَ: افْعَلْه قبلُ، وإِن أَظهرت الْمَحْذُوفَ نصَبت قُلْتُ: ابْدَأْ بِهِ أَوَّلَ فِعْلك، كَمَا تَقُولُ قبلَ فِعْلِك؛ وَتَقُولُ: مَا رأَيته مُذْ أَمْسِ، فإِنْ لَمْ تَره يَوْمًا قَبْلَ أَمْس قُلْتَ: مَا رأَيته مُذْ أَوَّلُ مِنْ أَمْس، فإِنْ لَمْ تَره مُذْ يَوْمَيْنِ قبلَ أَمْس قُلْتَ: مَا رأَيته مُذْ أَوَّلَ مِنْ أَوَّلَ مِنْ أَمْس، وَلَمْ تُجاوِز ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَقِيتُهُ عَامًا أَوَّلَ جَرَى مَجْرى الِاسْمِ فَجَاءَ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: لَقِيتُهُ عامَ الأَوَّلِ بإِضافة العامِ إِلى الأَوَّلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي الْعَارِمِ الْكِلَابِيِّ يَذْكُرُ بنتَه وامرأَته: فأَبْكل لَهُمْ بَكِيلةً فأَكلوا ورَمَوْا بأَنفسهم فكأَنما مَاتُوا عامَ الأَوَّلِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَتيْتُك عامَ الأَوَّلِ والعامَ الأَوَّلَ وَمَضَى عامُ الأَوَّلِ عَلَى إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ. والعامُ الأَوَّلُ وعامٌ أَوَّلٌ مَصْرُوفٌ، وعامُ أَوَّلَ وَهُوَ مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ أَيضاً. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: مَا لَقِيتُهُ مُذْ عامٌ أَوَّلَ، نَصَبَهُ عَلَى الظرْف، أَراد مُذْ عامٌ وقَع أَوَّل؛ وَقَوْلُهُ:
يَا لَيْتَها كَانَتْ لأَهْلي إِبِلا، ... أَو هُزِلَتْ فِي جَدْب عامٍ أَوَّلا
__________
(3) . قوله [أَنَّهَا أَفْعَلُ مِنْ وَوَلَ فَهِيَ مِنْ بَابِ دَوْدَنَ إلخ] هكذا في الأَصل(11/717)
يَكُونُ عَلَى الْوَصْفِ وَعَلَى الظرفِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وإِذا قُلْتَ عامٌ أَوَّلُ فإِنما جَازَ هَذَا الْكَلَامُ لأَنك تَعْلَمُ أَنك تَعْنِي العامَ الَّذِي يَلِيه عامُك، كَمَا أَنك إِذا قُلْتَ أَوَّل مِنْ أَمْس وَبَعْدَ غَدٍ فإِنما تَعْنِي بِهِ الَّذِي يَلِيهِ أَمْس وَالَّذِي يَلِيه غَد. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ رأَيته عَامًا أَوَّل لأَن أَوَّل عَلَى بِنَاءِ أَفْعَل، قَالَ اللَّيْثُ: ومَنْ نَوَّن حَمَلَهُ عَلَى النَّكِرَةِ، ومَنْ لَمْ ينوِّن فَهُوَ بَابُهُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: لَقِيته أَوَّل ذِي يَدَيْنِ أَي سَاعَةَ غَدَوْت، واعْمَل كَذَا أَوَّل ذَاتِ يَدَيْنِ أَي أَوَّل كُلِّ شَيْءٍ تعمَله. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَوَّل فَوْعَل، قَالَ: وَكَانَ فِي الأَصل ووَّل، فَقُلِبَتِ الواوُ الأُولى هَمْزَةً وأُدغمت إِحدى الْوَاوَيْنِ فِي الأُخْرى فَقِيلَ أَوَّل. أَبو زَيْدٍ: لَقِيتُهُ عامَ الأَوَّل ويومَ الأَوَّل، جَرَّ آخِرَه؛ قَالَ: وَهُوَ كَقَوْلِكَ أَتيت مسجدَ الجامِعِ مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نعتِه. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ جَاءَ فِي أَوَّلِيَّة النَّاسِ إِذا جَاءَ فِي أَولهم. التَّهْذِيبُ: قَالَ الْمُبَرِّدُ فِي كِتَابِ الْمُقْتَضَبِ: أَوَّل يَكُونُ عَلَى ضَرْبين: يَكُونُ اسْمًا، وَيَكُونُ نَعْتًا مَوْصُولًا بِهِ مِنْ كَذَا، فأَما كَوْنُهُ نَعْتًا فَقَوْلُكَ: هَذَا رَجُلٌ أَوَّلُ مِنْكَ، وَجَاءَنِي زَيْدٌ أَوَّلَ مِنْ مَجِيئِكَ، وَجِئْتُكَ أَوَّلَ مِنْ أَمس، وأَما كَوْنُهُ اسْمًا فَقَوْلُكَ: مَا تَرَكْتُ أَوَّلًا وَلَا آخِراً كَمَا تَقُولُ مَا تَرَكْتُ لَهُ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا، وَعَلَى أَيِّ الْوَجْهَيْنِ سميْت بِهِ رَجُلًا انْصَرَفَ فِي النَّكِرَةِ، لأَنه فِي بَابِ الأَسماء بِمَنْزِلَةِ أَفْكل، وَفِي بَابِ النُّعُوتِ بِمَنْزِلَةِ أَحْمَر. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: تَقُولُ الْعَرَبُ أَوَّلُ مَا أَطْلَع ضَبٌّ ذنَبَه، يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ يَصْنَعُ الْخَيْرَ وَلَمْ يَكُنْ صَنَعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَرْفَعُ أَوَّل وَتَنْصِبُ ذنَبَه عَلَى مَعْنَى أَوَّل مَا أَطْلَع ذنبَه، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْفَعُ أَوَّل وَيَرْفَعُ ذنبَه عَلَى مَعْنَى أَوّلُ شَيْءٍ أَطلعه ذنَبُه، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْصِبُ أَوَّل وَيَنْصِبُ ذَنَبَه عَلَى أَن يَجْعَلَ أَوّل صِفَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْصِبُ أَوّل وَيَرْفَعُ ذنَبَه عَلَى مَعْنَى فِي أَول مَا أَطلع ضَبٌّ ذنَبُهُ أَي ذنبُهُ فِي أَوّل ذَلِكَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ
، قَالَ: أَوَّل فِي اللُّغَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ ابتداءُ الشَّيْءِ، قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ الْمُبْتَدَأُ لَهُ آخِر، وَجَائِزٌ أَن لَا يَكُونُ لَهُ آخِرٌ، فالواحدُ أَوَّل العَدَدِ والعَدد غَيْرُ متناهٍ، ونعيمُ الْجَنَّةِ لَهُ أَوَّل وَهُوَ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ؛ وَقَوْلُكَ: هَذَا أَوَّلُ مَالٍ كسَبته جَائِزٌ أَن لَا يَكُونَ بَعْدَهُ كَسْب، وَلَكِنْ أَراد بَلْ هَذَا ابْتِدَاءُ كَسْبي، قَالَ: فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ أَوَّلُ عبدٍ أَملكهُ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدًا لَعَتَقَ ذَلِكَ العبدُ، لأَنه قَدِ ابتدأَ الْمِلْكَ فَجَائِزٌ أَن يَكُونَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ
هُوَ الْبَيْتُ الَّذِي لَمْ يَكُنِ الحجُّ إِلى غَيْرُهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَصْل أَوَّل وَاشْتِقَاقِهِ مِنَ اللُّغَةِ، قَالَ: وَقِيلَ تَفْسِيرُ الأَوَّل فِي صِفَةِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنه الأَوَّل لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ والآخِر لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، قَالَ: وَجَاءَ هَذَا فِي الْخَبَرِ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يَجُوزُ أَن نَعْدُوَ فِي تَفْسِيرِ هَذَيْنِ الاسْمين مَا رُوي عَنْهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وأَقرب مَا يَحْضُرني فِي اشتقاقِ الأَوَّل أَنه أَفْعَل من آل يؤول، وأُولَى فُعْلى مِنْهُ، قَالَ: وَكَانَ أَوَّل فِي الأَصل أَأْوَل فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ وَاوًا وأُدغمت فِي الْوَاوِ الأُخرى فَقِيلَ أَوَّل، قَالَ: وأُراه قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وكأَنه من قولهم آل يَؤُولُ إِذا نَجَا وَسَبَقَ؛ وَمِثْلُهُ وأَلَ يَئِل بِمَعْنَاهُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُهُمْ ابْدَأْ بِهَذَا أَوَّلُ، فإِنما يُرِيدُونَ أَوَّلَ مِنْ كَذَا وَلَكِنَّهُ حُذِفَ لِكَثْرَتِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وبُنِيَ عَلَى الْحَرَكَةِ لأَنه مِنَ المتمكِّن الَّذِي جُعِلَ فِي مَوْضِعٍ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ المتمكِّن؛ قَالَ: وَقَالُوا(11/718)
ادخُلُوا الأَوَّلَ فالأَوَّلَ، وَهِيَ مِنَ المَعارف الْمَوْضُوعَةِ مَوْضِعَ الْحَالِ، وَهُوَ شَاذٌّ، وَالرَّفْعُ جَائِزٌ عَلَى الْمَعْنَى أَي ليَدْخُل الأَوَّلُ فالأَوَّلُ. وَحُكِيَ عَنِ الْخَلِيلِ: مَا ترَك لَهُ أَوَّلًا وَلَا آخِراً أَي قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا، جَعَلَهُ اسْمًا فنكَّر وصرَف، وَحَكَى ثَعْلَبٌ: هنَّ الأَوَّلاتُ دُخولًا والآخِراتُ خُرُوجًا، وَاحِدَتُهَا الأَوَّلَة وَالْآخِرَةُ، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ هَذَا أَصل الْبَابِ وإِنما أَصل الْبَابِ الأَوَّل والأُولَى كالأَطْوَل والطُّولى. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَما أُولَى بأُولى فإِنِّي أَحمَد اللَّهَ، لَمْ يزدْ عَلَى ذَلِكَ. وَتَقُولُ: هَذَا أَوَّلُ بَيّنُ الأَوَّلِيَّة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ماحَ البِلادَ لَنَا فِي أَوَّلِيَّتِنا، ... عَلَى حَسُود الأَعادي، مائحٌ قُثَمُ
وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وَمَا فَخْرُ مَن لَيْسَتْ لَهُ أَوَّلِيَّةٌ ... تُعَدُّ، إِذا عُدَّ القَديمُ، وَلَا ذِكْرُ
يَعْنِي مَفاخِر آبَائِهِ. وأَوَّلُ مُعَرَّفَةً: الأَحَدُ فِي التَّسمية الأُولى؛ قَالَ:
أُؤَمِّلُ أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمي ... بأَوَّلَ أَو بأَهْوَنَ أَو جُبَارِ
وأَهْوَن وجُبَار: الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
الرُّؤْيا لأَوَّلِ عابِرٍ
أَي إِذا عَبَرها بَرٌّ صادقٌ عَالِمٌ بأُصولها وفُروعها واجتهدَ فِيهَا وقعتْ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ ممن فَسَّرها بعدَه. والوَأْلَةُ مِثْلُ الوَعْلة: الدِّمْنةُ والسِّرْجِينُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَبْعارُ الْغَنَمِ والإِبلِ جَمِيعًا تَجْتَمِعُ وتَتَلَبَّد، وَقِيلَ: هِيَ أَبوالُ الإِبل وأَبْعارُها فَقَطْ. يُقَالُ: إِن بَني فُلَانٍ وَقُودُهم الوَأْلة. الأَصمعي: أَوْأَلَتِ الماشيةُ فِي الْمَكَانِ، عَلَى أَفْعَلَتْ، أَثَّرت فِيهِ بأَبْوالها وأَبْعارها، واسْتَوْأَلَتِ الإِبلُ: اجْتَمَعَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ لِرَجُلٍ أَنت مِنْ بَني فُلَانٍ؟ قَالَ: نَعَم، قَالَ: فأَنت مِنْ وَأْلَةَ إِذاً قُمْ فَلَا تقرَبَنِّي
؛ قِيلَ: هِيَ قَبِيلَةٌ خسيسةٌ سُمِّيَتْ بالوَأْلَةِ وَهِيَ الْبَعْرَةُ لخسَّتها. وَقَدْ أَوْأَلَ المكانُ، فَهُوَ مُوئِل، وَهُوَ الوَأْلُ والوَأْلةُ وأَوْأَلَهُ هُوَ؛ قَالَ فِي صِفَةِ مَاءٍ:
أَجْنٍ ومُصْفَرِّ الجِمامِ مُوئِل
وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده الْجَوْهَرِيُّ:
أَجْنٌ ومُصْفَرُّ الجِمامِ مُوأَلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده كَمَا أَنشده أَبو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ المصنَّف أَجْنٍ؛ وَقَبْلَهُ بأَبيات:
بمَنْهَلٍ تَجْبِينه عَنْ مَنْهَلِ
ووَائِل: اسْمُ رَجُلٍ غلَب عَلَى حيٍّ مَعْرُوفٍ، وَقَدْ يُجْعَل اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ فَلَا يُصرف، وَهُوَ وَائِل بنُ قاسِط بْنِ هِنْب بنِ أَفْصَى بنِ دُعْمِيٍّ. ومَوْأَلَةُ: اسْمٌ أَيضاً؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَاءَ عَلَى مَفْعَل لأَنه لَيْسَ عَلَى الْفِعْلِ، إِذ لَوْ كَانَ عَلَى الْفِعْلِ لَكَانَ مَفْعِلًا، وأَيضاً فإِن الأَسماءَ الأَعْلامَ قَدْ يَكُونُ فِيهَا مَا لَا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: إِنما ذَلِكَ فِيمَنْ أَخذه مِنْ وَأَلَ، فأَما مَنْ أَخذه مِنْ قَوْلِهِمْ مَا مأَلْت مَأْلَةً، فإِنما هُوَ حِينَئِذٍ فَوْعَلة، وَقَدْ تَقَدَّمَ. ومَوْأَلةُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ. ابْنُ سِيدَهْ: وبنُو مَوْأَلَةَ بطْن. قَالَ خَالِدُ بنُ قَيْس بنِ مُنْقِذ بْنِ طَرِيفِ لِمَالِكِ بن بُحَبره «1» : ورَهَنَته بَنُو مَوْأَلَة بْنِ مَالِكٍ فِي دِيةٍ ورَجَوْا أَن يَقْتُلُوهُ فَلَمْ يَفْعَلوا؛ وَكَانَ مَالِكٌ يحمَّق فَقَالَ خَالِدٌ:
لَيْتَك إِذ رُهِنْتَ آلَ مَوْأَلَهْ، ... حَزُّوا بنَصلِ السيفِ عِنْدَ السَّبَلهْ،
وحَلَّقت بِكَ العُقابُ القَيْعَلهْ
__________
(1) . قوله [لمالك بن بحبره] هكذا في الأصل من غير نقط(11/719)
قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِن كَانَ مَوْأَلَة مِنْ وَأَل فَهُوَ مُغَيَّر عَنْ مَوْئلة للعلميَّة، لأَن مَا فَاؤُهُ واوٌ إِنما يَجِيءُ أَبداً عَلَى مَفْعِل بِكَسْرِ الْعَيْنِ نَحْوَ مَوْضِع ومَوْقِع، وَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي مأَل.
وبل: الوَبْلُ والوابِلُ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ الضَّخْم القطْرِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَضْرِبْنَ بالأَكْبادِ وَبْلًا وَابِلا
وَقَدْ وَبَلَتِ السماءُ تَبِلُ وَبْلًا ووَبَلَتِ السماءُ الأَرضَ وَبْلًا؛ فأَما قَوْلُهُ:
وأَصْبَحَتِ المَذاهِبُ قَدْ أَذاعَتْ ... بِهَا الإِعْصار، بعدَ الوابِلِينا
فإِن شِئْتَ جَعَلْتَ الوَابِلِين الرجالَ المَمْدُوحينَ، يَصِفُهُمْ بالوَبْل لسَعةِ عَطاياهم، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَهُ وَبْلًا بعدَ وَبْل فَكَانَ جَمْعًا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ قَصْدُ كَثْرةٍ وَلَا قِلَّة. وأَرض مَوْبُولَةٌ: مِنَ الوابِل. اللَّيْثُ: سَحاب وابِل، وَالْمَطَرُ هُوَ الوَبْلُ كَمَا يُقَالُ وَدْقٌ وادِق. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فأَلَّفَ اللهُ بَيْنَ السحابِ فأُبِلْنا
أَي مُطِرْنا وَبْلًا، وَهُوَ الْمَطَرُ الْكَثِيرُ الْقَطْرِ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ بدَل مِنَ الْوَاوِ مِثْلَ أَكَّد ووَكَّدَ، وَجَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: فَوُبِلْنا، جَاءَ بِهِ عَلَى الأَصل. والوَبِيلُ مِنَ المَرعَى: الْوَخِيمُ، وَبُلَ المَرْتَع وَبَالَةً ووَبَالًا ووَبَلًا. وأَرض وَبِيلَةٌ: وَخيمةُ المَرتَع، وَجَمْعُهَا وُبُلٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا نَادِرٌ لأَن حُكْمَهُ أَن يَكُونَ وَبائل، يُقَالُ: رَعَيْنَا كَلَأً وَبِيلًا. ووَبُلَت عَلَيْهِمُ الأَرضُ وُبُولًا: صَارَتْ وَبِيلةً. واسْتَوْبَلَ الأَرضَ إِذا لَمْ تُوَافِقْه فِي بدَنه وإِن كَانَ مُحِبّاً لَهَا. واسْتَوْبَلْت الأَرضَ والبلدَ: اسْتَوْخَمْتها، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: اسْتَوْبَلْت الأَرض إِذا لَمْ يسْتَمْرِئْ بِهَا الطعامَ وَلَمْ تُوافِقْه فِي مَطْعَمه وإِن كَانَ مُحِبًّا لَهَا، قَالَ: واجْتَوَيْتُها إِذا كَرِهَ المُقامَ بِهَا وإِن كَانَ فِي نِعمة. وَفِي حَدِيثِ العُرَنِيِّين:
فاسْتَوْبَلوا الْمَدِينَةَ
أَي استوخَموها وَلَمْ تُوَافِقْ أَبدانَهم. يُقَالُ: هَذِهِ أَرض وَبِلَةٌ أَي وبِئة وخِمة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ بَنِي قُرَيظة نَزَلُوا أَرضاً غَمِلةً وَبِلَةً.
والوَبِيلُ: الَّذِي لَا يُسْتَمْرَأُ. وماءٌ وَبِيلٌ ووبيءٌ: وَخِيم إِذا كَانَ غَيْرَ مَرِيءٍ، وَقِيلَ: هُوَ الثقيلُ الغليظُ جِدًّا، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلْمَطَرِ الْغَلِيظِ وَابِل. ووَبَلَةُ الطعامِ: تُخَمَتُه، وَكَذَلِكَ أَبَلَتُه عَلَى الإِبْدال. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى «2» بْنِ يَعْمَر: أَيُّما مالٍ أَدَّيْتَ زَكاتَه فَقَدْ ذهبتْ أَبَلَتُه
أَي وَبَلَتُه، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً، أَي ذَهَبَتْ مَضَرَّتُه وإِثْمُه، وَهُوَ مِنَ الوَبال، وَيُرْوَى بِالْهَمْزِ عَلَى الْقَلْبِ، وَيُرْوَى وَبَلَتُه. والوَبَالُ: الفسادُ، اشْتِقَاقُهُ مِنَ الوَبِيل؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ شَرُّه ومَضَرَّته. الْجَوْهَرِيُّ: الوَبَلَةُ، بِالتَّحْرِيكِ، الثَّقَل والوَخَامة مِثْلُ الأَبَلةِ، والوَبالُ الشِّدَّةُ والثِّقَل. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُلَّ بِناءٍ وَبَالٌ عَلَى صاحِبه
؛ الوَبالُ فِي الأَصل: الثِّقَل وَالْمَكْرُوهُ، وَيُرِيدُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْعَذَابَ فِي الْآخِرَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها
وفَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا
؛ أَي شَدِيدًا. وضَرْبٌ وَبِيلٌ أَي شَدِيدٌ. ووَبَلَ الصيدَ وَبْلًا: وَهُوَ الغَتُّ وشدَّةُ الطَّرْد، وعَذابٌ وَبِيلٌ كَذَلِكَ. والوَبِيلةُ: العَصَا مَا كَانَتْ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والوَبِيلُ والمَوْبِلُ، بِكَسْرِ الْبَاءِ: الْعَصَا الغليظةُ الضخمةُ؛ قال الشاعر:
__________
(2) . قوله [وفي حديث يحيى إلخ] هكذا في الأصل، وعبارة النهاية: وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ كُلُّ مَالٍ أَدَّيْتَ زَكَاتَهُ فَقَدْ ذهبت وبلته
أَيْ ذَهَبَتْ مَضَرَّتُهُ وَإِثْمُهُ، وَهُوَ مِنَ الْوَبَالِ، وَيُرْوَى بالهمز على القلب، وقد تقدم(11/720)
أَما وَالَّذِي مَسَّحْتُ أَرْكانَ بَيْتِه، ... طَماعِيةً أَن يَغْفِر الذنبَ غافِرُه
لَوْ أَصْبَحَ فِي يُمْنَى يَدَيَّ زِمامُها، ... وَفِي كَفِّيَ الأُخْرى وَبِيلٌ تُحاذِرُهْ
لجاءتْ عَلَى مَشْي الَّتِي قَدْ تُنُضِّيت، ... وذَلَّتْ وأَعْطتْ حَبْلها لَا تُعاسِرُهْ
يَقُولُ: لَوْ تشدَّدْت عَلَيْهَا وأَعْدَدْت لَهَا مَا تكْرَه لَجاءَتْ كأَنها نَاقَةٌ قَدْ تُنُضِّيتْ أَي أُتْعِبت بِالسَّيْرِ وَرُكِبَتْ حَتَّى هُزِلت وَصَارَتْ نِضْوةً، والنِّضْوُ: البعيرُ الْمَهْزُولُ، وأَعْطَت حَبْلها أَي انقادَت لِمَنْ يَسوقُها وَلَمْ تُتْعبه لذُلِّها، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنه جَعَلَ مَا ذَكَرَهُ كِنَايَةً عَنِ امرأَة وَاللَّفْظُ لِلنَّاقَةِ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ فِي المَوْبِلِ العَصَا الضَّخْمَةِ:
زَعَمَتْ جُؤَيَّةُ أَنَّني عَبْدٌ لَهَا ... أَسْعَى بمَوْبِلِها، وأُكْسِبُها الخَنا
وَقَالَ أَبو خِرَاشٍ:
يَظَلُّ عَلَى البَوْرِ اليَفَاعِ كأَنه، ... مِنَ الغارِ والخَوْفِ المُحِمِّ، وَبِيلُ
يَقُولُ: ضَمَر مِنَ الغَيْرة والخوفِ حَتَّى صَارَ كالعَصا؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
فَقَامَ تُرْعَدُ كَفَّاهُ بِمِيبَلِه، ... قَدْ عادَ رَهْباً رَذيّاً طائشَ القَدَمِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّي مِيبَل مِفْعَل مِنَ الوَبيل، تَقُولُ الْعَرَبُ: رأَيت وَبِيلًا عَلَى وبِيلٍ «1» أَي شَيْخًا عَلَى عَصاً، وَجَمْعُ المِيبَل مَوَابِل، عَادَتِ الواوُ لِزَوالِ الْكَسْرَةِ. والوَبِيلُ: الْقَضِيبُ الَّذِي فِيهِ لِينٌ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قَوْلَ الرَّاجِزِ:
إِمّا تَرَيْني كالوَبِيلِ الأَعْصَلِ
والوَبِيلُ: خشَبة القصَّار الَّتِي يدقُّ بِهَا الثِّيَابَ بَعْدَ الْغَسْلِ. والوَبِيلُ: خَشَبَةٌ يُضْرَبُ بِهَا الناقوسُ. ووَبَلَه بالعَصا والسَّوْط وَبْلًا: ضرَبه، وَقِيلَ: تَابَعَ عَلَيْهِ الضرْب. ووَبَلْتُ الفرسَ بالسَّوْطِ أَبِلُه وَبْلًا؛ قَالَ طرَفة:
فَمَرَّتْ كَهَاةٌ ذاتُ خَيْفٍ جُلالةٌ، ... عَقِيلةُ شَيْخٍ كالوَبِيلِ يَلَنْدَدِ
والوَبِيلُ والوَبِيلَةُ والإِبَالَةُ: الحزْمة مِنَ الْحَطَبِ. التَّهْذِيبُ: والمَوْبِلَة أَيضاً الحُزْمة «2» مِنَ الْحَطَبِ؛ وأَنشد:
أَسعَى بمَوْبِلِها، وأُكسِبُها الخَنا
وَيُقَالُ: بالشّاةِ وَبَلَةٌ شَدِيدَةٌ أَي شَهْوَةٌ للفَحْل، وَقَدِ اسْتَوْبَلَتِ الْغَنَمُ. والوَابِلَةُ: طرَف رأْس العَضُدِ والفَخِذ، وَقِيلَ: هُوَ طَرَفُ الكَتِف، وَقِيلَ: هِيَ لُحْمَةُ الْكَتِفِ، وَقِيلَ: هُوَ عَظْمٌ فِي مَفْصِل الرُّكْبة، وَقِيلَ: الوَابِلَتَان مَا الْتَفَّ مِنْ لَحْمِ الفَخِذين فِي الوَرِكَيْن، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: هِيَ الحَسَنُ، وَهُوَ طرَف عظْم العَضُدِ الَّذِي يَلي المَنْكِب، سُمِّيَ حَسَناً لِكَثْرَةِ لَحْمِهِ؛ وأَنشد:
كأَنه جَيْأَلٌ عَرْفاءُ عارَضَها ... كَلْبٌ، ووَابِلَةٌ دَسْماءُ فِي فِيها
وَقَالَ شَمِرٌ: الوَابِلَةُ رأْس العضُد فِي حُقِّ الكتِف. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَهْدَى رَجُلٌ لِلْحَسَنِ والحُسين، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَلَمْ يُهْد لابن الحَنفيَّة
__________
(1) . قوله [رَأَيْتُ وَبِيلًا عَلَى وَبِيلٍ] عبارة القاموس: وأبيل على وبيل شيخ على عصاً
(2) . قول [والمَوْبِلَة أيضاً الحزمة إلخ] وقوله [أسعى بمَوْبِلِها إلخ] هكذا في الأصل(11/721)
فأَوْمَأَ عليٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِلى وَابِلَةِ محمدٍ ثُمَّ تَمَثَّل:
وَمَا شَرُّ الثلاثةِ، أُمَّ عَمْرو، ... بصاحِبك الَّذِي لَا تُصْبِحِينا
الوَابِلةُ: طرفُ العضُد فِي الكتِف وَطَرَفُ الفَخِذ فِي الوَرِك، وَجَمْعُهَا أَوَابِل. والوَابِلَة: نَسْل الإِبل وَالْغَنَمِ. ووَبَال: فرَس ضَمْرةَ بنِ جَابِرٍ. ووَبَال: اسْمُ ماءٍ لبني أَسَد؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
تِلْك المَكارم، يَا فَرَزْدَقُ، فاعْترف ... لَا سَوْق بَكْرِك، يَوْمَ جُرفِ وَبالِ
وتل: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي الوُتُلُ «1» مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ مَلَؤُوا بُطُونَهُمْ مِنَ الشَّرَابِ، الْوَاحِدِ أَوْتَل، والكُتَّام، بِالتَّاءِ: الْمَالِئُوهَا من الطعام.
وثل: وَثَّلَ الشيءَ: أَصَّله ومكَّنه، لُغَةٌ فِي أَثَّله، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ وَثَّالًا. ووَثَّلَ مَالًا: جَمَعَهُ، لُغَةٌ فِي أَثَّل. والوَثِيلُ: الضَّعِيفُ. والوَثِيلُ: كَلُّ خَلَق مِنَ الشَّجَرِ. والوَثْلُ: اللِّيفُ نَفْسُهُ. والوَثِيل: الخَلَق مِنْ حِبال اللِّيف. والوَثِيل: اللِّيف. والوَثيل: الْحَبْلُ مِنْهُ، وَقِيلَ: الوَثَلُ، بِالتَّحْرِيكِ، والوَثِيلُ جَمِيعًا الْحَبْلَ مِنَ اللِّيف، وَقِيلَ الوَثِيل الْحَبْلُ مِنَ القِنَّب. ابْنُ الأَعرابي: الوَثَل: وسَخ الأَديم الَّذِي يُلْقَى مِنْهُ، وَهُوَ الحَمُّ والتِّحْلِئ. ووَاثِلَةُ: مِنَ الأَسماء مأْخوذ مِنَ الوَثِيل. ووَثْل ووَثَالَة ووَثَّال: أَسماء. ووَاثِلَة والوَثِيل: مَوْضِعَانِ، وسُحَيم بن وَثِيل.
وجل: الوَجَل: الْفَزَعُ وَالْخَوْفُ، وَجِلَ وَجَلًا، بِالْفَتْحِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وعَظَنا مَوْعِظة وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ
، ووَجِلْتَ تَوْجَلُ وَفِي لُغَةٍ تَيْجَلُ، وَيُقَالُ: تَاجَلُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَجِلَ يَاجَلُ ويِيجَلُ، أَبدلوا الْوَاوَ أَلفاً كَرَاهِيَةَ الْوَاوِ مَعَ الْيَاءِ، وَقَلَبُوهَا فِي يِيجَلُ يَاءً لِقُرْبِهَا مِنَ الْيَاءِ، وَكَسَرُوا الْيَاءَ إِشْعاراً بِوَجِلَ، وَهُوَ شَاذٌّ، الْجَوْهَرِيُّ: فِي المستقبَل مِنْهُ أَربع لُغَاتٍ يَوْجَلُ ويَاجَلُ ويَيْجَلُ ويِيجَلُ، بِكَسْرِ الْيَاءِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ فِيمَا أَشبهه مِنْ بَابِ الْمِثَالِ إِذا كَانَ لَازِمًا، فَمَنْ قَالَ يَاجَلُ جَعَلَ الْوَاوَ أَلفاً لِفَتْحَةِ مَا قَبْلَهَا، وَمَنْ قَالَ يِيجَلُ، بِكَسْرِ الْيَاءِ، فَهِيَ عَلَى لُغَةِ بَنِي أَسد فإِنهم يَقُولُونَ أَنا إِيجَلُ وَنَحْنُ نِيجَلُ وأَنت تِيجَلُ، كُلُّهَا بِالْكَسْرِ وَهُمْ لَا يَكْسِرُونَ الْيَاءَ فِي يَعْلَم لِاسْتِثْقَالِهِمُ الْكَسْرَ عَلَى الْيَاءِ، وإِنما يَكْسِرُونَ فِي يِيجَلُ لتقوَّى إِحدى الْيَاءَيْنِ بالأُخرى، وَمَنْ قَالَ يَيْجَلُ بَنَاهُ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ، وَلَكِنَّهُ فَتَحَ الْيَاءَ كَمَا فَتَحُوهَا فِي يَعْلم، والأَمر مِنْهُ إِيْجَلْ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما كُسِرَتِ الْيَاءُ مِنْ يِيجَلُ لِيَكُونَ قَلْبُ الْوَاوِ يَاءً بِوَجْهٍ صَحِيحٍ، فأَما يَيْجَلُ بِفَتْحِ الْيَاءِ فإِنَّ قَلْبَ الْوَاوِ فِيهِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ صَحِيحٍ، وَتَقُولُ مِنْهُ: إِنِّي لأَوْجَلُ، ورجلٌ أَوْجَلُ ووَجِلٌ، قَالَ الشَّاعِرُ مَعْن بنُ أَوْس المُزَني:
لَعَمْرُكَ مَا أَدرِي، وإِنِّي لأَوْجَلُ، ... عَلَى أَيِّنا تَغْدُو المَنِيَّةُ أَوَّلُ
وَكَانَ لَهَا جارَانِ لَا يَخْفُرَانِها: ... أَبو جَعْدَة العادِي، وعَرْفاءُ جَيْأَلُ
أَبو جَعْدة: الذِّئْبُ، وعَرْفاء: الضبُع، وإِذا وَقَعَ الذِّئْبُ والضبُع فِي غَنَمٍ مَنَعَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صاحبَه. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ: اللهمَّ ضَبُعاً وذِئباً أَي اجْمَعْهُما، وإِذا اجْتَمَعَا سَلِمَت الْغَنَمُ، وَجَمْعُهُ وِجَال،
__________
(1) . قوله [الوُتُل] قال في القاموس بضمتين وضبط في التكملة كقفل وهو القياس(11/722)
قَالَتْ جَنُوبُ أُخت عَمْرو ذِي الكَلْب تَرْثِيه:
وكُلُّ قَتِيلٍ، وإِن لَمْ تَكُنْ ... أَرَدْتَهُمُ، مِنْكَ بَاتُوا وِجالا «1»
والأُنثى وَجِلَة وَلَا يُقَالُ وَجْلاء، وقومٌ وَجِلُون ووِجَالٌ. ووَاجَلَهُ فوَجَلَهُ: كَانَ أَشدَّ وَجَلًا مِنْهُ. وَهَذَا مَوْجِلَه، بِالْكَسْرِ: لِلْمَوْضِعِ. والوَجِيل والمَوْجِل: حُفْرَةٌ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ، يمانية.
وحل: الوَحَل، بِالتَّحْرِيكِ: الطينُ الرَّقيق الَّذِي ترتَطِمُ فِيهِ الدَّوَابُّ، والوَحْل، بِالتَّسْكِينِ، لُغَةٌ رديَّة، وَالْجَمْعُ أَوْحَالٌ ووُحُولٌ. والمَوْحَل بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ، وَبِالْكَسْرِ الْمَكَانُ. واسْتَوْحَلَ الْمَكَانُ: صَارَ فِيهِ الوَحَل. ووَحِلَ، بِالْكَسْرِ، يَوْحَلُ وَحَلًا، فَهُوَ وَحِلٌ: وَقَعَ فِي الوَحَل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَتَوَلَّوْا فاتِراً مَشْيُهُمُ، ... كَرَوايا الطِّبْعِ هَمَّتْ بالوَحَلْ
وأَوْحَله غيرُه إِذا أَوقعَه فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
سُراقة: فوَحِلَ بِي فَرَسي وإِنني لَفي جَلَدٍ مِنَ الأَرض
أَي أَوقعني فِي الوَحَل؛ يُرِيدُ كأَنه يسِير بِي فِي طِينٍ وأَنا فِي صُلْب مِنَ الأَرض. وَفِي حَدِيثِ أَسْرِ
عُقْبة بْنِ أَبي مُعَيْط: فوَحِلَ بِهِ فرسُه فِي جَدَدٍ مِنَ الأَرض
، والجَدَدُ: مَا اسْتَوَى مِنَ الأَرض. ووَاحَلَني فوَحَلْتُه أَحِلُه: كنتُ أَخْوَضَ للوَحَل مِنْهُ، ووَاحَلَه فوَحَلَه. والمَوْحِل: الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الوَحَل؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الهُذلي:
فأَصْبَحَ العِينُ رُكوداً على ... الأَوْشاذِ أَن يَرْسَخْنَ فِي المَوْحَلِ
يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ مِنَ الْمَصْدَرِ وَالْمَكَانِ، يَقُولُ: وقفتْ بقَرُ الوَحْش عَلَى الرَّوابي مَخافة الوَحَل لِكَثْرَةِ الأَمطار. وأَوْحَلَ فلانٌ فُلَانًا شَرًّا: أَثقله بِهِ. ومَوْحَل: مَوْضِعٌ «2» ؛ قَالَ:
مِنْ قُلَلِ الشِّحْرِ فجَنْبَيْ مَوْحَل
ودل: وَدَلَ السِّقاءَ وَدْلًا: مخَضه.
وذل: الوَذِيلَةُ والوَذِلَةُ والوَذَلَةُ مِنَ النِّسَاءِ: النَّشِيطَةُ الرَّشيقة. ابْنُ بُزرْج: الوَذَلَةُ الْخَفِيفَةُ مِنَ النَّاسِ والإِبل وَغَيْرِهَا. يُقَالُ: خادِم وَذَلَةٌ. وَرَجُلٌ وَذَلٌ ووَذِلٌ: خَفِيفٌ سَرِيعٌ فِيمَا أَخَذ فِيهِ. والوَذِيلَةُ: المِرآة، طَائِيَّةٌ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: قَالَ الْهُذَلِيُّ الوذِيلَة المِرآة فِي لغتِنا، والوَذيلَة السَّبيكة مِنَ الفِضَّة؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو، والوَذِيلَةُ الْقِطْعَةُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَقِيلَ: مِنَ الْفِضَّةِ المَجْلُوَّة خَاصَّةً، وَالْجَمْعُ وَذِيلٌ ووَذَائِل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُ الطرِمَّاح:
بِخُدودٍ كالوَذَائِلِ لَمْ ... يُخْتَزَنْ عَنْهَا وَرِيُّ السَّنامِ
الوَرِيُّ: السَّمِينُ، والوَذَائِل: جَمْعُ وَذِيلَة الْمِرْآةُ، وَقِيلَ: صَفيحة الْفِضَّةِ؛ وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
وبَياض وَجْهٍ لَمْ تَحُلْ أَسْرارُهُ، ... مِثْل الوَذِيلَة أَو كَشَنْفِ الأَنضُرِ
الأَنضُر: جَمْعُ نَضْر وَهُوَ الذَّهَبُ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرٍو: قَالَ لِمُعَاوِيَةَ مَا زِلْت أَرُمُّ أَمرَك بوَذَائِلِه
؛ قَالَ: هِيَ جَمْعُ وَذِيلَة وَهِيَ السَّبيكة مِنَ الْفِضَّةِ، يُرِيدُ أَنه زَيَّنه وحسَّنه؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَراد بالوَذَائِل جَمْعَ وَذِيلَة وَهِيَ المِرآة بِلُغَةِ هُذَيْلٍ، مَثَّلَ بِهَا آرَاءَهُ الَّتِي كَانَ يَراها لِمُعَاوِيَةَ وأَنها أَشباه المَرايا، يرى فيها وُجوه
__________
(1) . 1 قوله" وكل قتيل" هكذا في الأصل والمحكم، ولعله وكل قبيل.
(2) . قوله [ومَوْحَل موضع] كذا في الأصل مضبوطاً(11/723)
صَلاح أَمره وَاسْتِقَامَةِ مُلْكه أَي مَا زِلت أَرُمُّ أَمرك بِالْآرَاءِ الصَّائِبَةِ وَالتَّدَابِيرِ الَّتِي يُسْتَصْلَحُ المُلْك بِمِثْلِهَا. والوَذِيلَةُ: الْقِطْعَةُ مِنْ شَحْمِ السَّنام والأَلْية عَلَى التَّشْبِيهِ بِصَفِيحَةِ الْفِضَّةِ؛ قَالَ:
هَلْ فِي دَجُوبِ الحُرَّة المَخِيطِ ... وَذِيلَةٌ تَشْفِي مِنَ الأَطِيطِ؟
الدَّجُوبُ: الغِرارة. والوَذَالَةُ: مَا يقطَع الجزَّار مِنَ اللَّحْمِ بِغَيْرِ قَسْم. يُقَالُ: لَقَدْ توَذَّلُوا منه.
ورل: الوَرَلُ: دابَّةٌ عَلَى خِلقة الضَّبِّ إِلّا أَنه أَعظم مِنْهُ، يَكُونُ فِي الرِّمال والصَّحارِي، وَالْجَمْعُ أَوْرَالٌ فِي الْعَدَدِ ووِرْلانٌ وأَرْؤُل، بِالْهَمْزِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَرْؤُل مَقْلُوبٌ مِنْ أَوْرُل، وَقَلَبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً لِانْضِمَامِهَا؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ فِي الْجَمْعِ عَلَى أَوْرَال:
تُطْعِم فَرْخاً لَهَا، قَرْقَمَهُ الجوعُ والإِحْثالُ ... قُلوبَ خِزَّانٍ ذَوِي أَوْرَال كَمَا تُرزَقُ العِيال «1»
وَقَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ فِي الْوَاحِدِ:
عَنْ لِسانٍ، كجُثَّة الوَرَلِ الأَصفر، ... مَجَّ النَّدَى عَلَيْهِ العَرارُ
والأُنثى وَرْلَةٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الوَرَلُ سَبِط الخلْق طَوِيلُ الذنَب كأَنَّ ذنَبه ذنبُ حيَّة، قَالَ: ورُبَّ وَرَل «2» . يَرْبو طولُه عَلَى ذِراعين، قَالَ: وأَما ذَنْبُ الضَّبِّ فَهُوَ عَقِد وأَطول مَا يَكُونُ قدْر شِبر، وَالْعَرَبُ تستخبِث الوَرَل وتستقذِره فَلَا تأْكله، وأَما الضبُّ فإِنهم يحرِصون عَلَى صَيْدِهِ وأَكله، والضبُّ أَحْرَشُ الذَّنَبِ خَشِنه مُفَقَّره، وَلَوْنُهُ إِلى الصُّحْمة وَهِيَ غُبْرة مُشْرَبة سَواداً، وإِذا سَمِن اصْفَرَّ صَدْرُهُ وَلَا يأْكل إِلَّا الجَنادِب والدُّبَّاء والعُشْب وَلَا يأْكل الهوامَّ، وأَما الوَرَلُ فإِنه يأْكل العَقارب والحيَّات والحَرابي والخَنافس وَلَحْمُهُ دِرْياق، وَالنِّسَاءُ يتسمَّنَّ بِلَحْمِهِ. وأُرُلٌ: مَوْضِعٌ يَجُوزُ أَن تَكُونَ هَمْزَتُهُ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ، وأَن تَكُونَ وَضْعًا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَن تَكُونَ وَضْعًا أَولى لأَنا لَمْ نسمع وُرُلًا البتَّة.
ورنتل: وَرَنْتَلٌ: الشرُّ والأَمرُ الْعَظِيمُ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ، قَالَ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى الْوَاوِ أَنها أَصل لأَنها لَا تُزَادُ أَولًا أَلْبَتَّةَ، وَالنُّونُ ثَالِثَةٌ وَهُوَ مَوْضِعُ زِيَادَتِهَا، إِلَّا أَن يَجِيءَ ثَبَتٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: النُّونُ فِي وَرَنْتَلٍ زَائِدَةٌ كَنُونِ جَحَنْفَل، وَلَا تَكُونُ الْوَاوُ هُنَا زَائِدَةً لأَنها أَول وَالْوَاوُ لَا تُزَادُ أَولًا البتة.
وسل: الوَسِيلَةُ: المَنْزِلة عِنْدَ المَلِك. والوَسِيلة: الدَّرَجة. والوَسِيلة: القُرْبة. ووَسَّلَ فلانٌ إِلى اللَّهِ وَسِيلَةً إِذا عَمِل عَمَلًا تقرَّب بِهِ إِليه. والوَاسِل: الراغِبُ إِلى اللَّهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَرى الناسَ لَا يَدْرونَ مَا قَدْرُ أَمرِهم، ... بَلى كلُّ ذِي رَأْيٍ إِلى اللَّهِ وَاسِلُ
وتَوَسَّلَ إِليه بوَسِيلَةٍ إِذا تقرَّب إِليه بعَمَل. وتَوَسَّلَ إِليه بِكَذَا: تقرَّب إِليه بحُرْمَةِ آصِرةٍ تُعْطفه عَلَيْهِ. والوَسِيلَةُ: الوُصْلة والقُرْبى، وَجَمْعُهَا الوَسَائِل، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ
؛ الجوهري:
__________
(1) . قوله [تطعم فرخاً إلخ] هكذا في الأصل بهذا الضبط وبصورة بيتين، وعبارة الأصل في حثل: وَأَحْثَلْتُ الصَّبِيَّ إِذَا أَسَأْتَ غذاءه، ثم قال قال امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تُطْعِمُ فَرْخًا لَهَا سَاغِبًا ... أَزْرَى بِهِ الجوع والأحثال
وفي التكملة وشرح القاموس في ورل: أَوْرَال مَوْضِعٌ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ عقاباً:
تخطف خزان الأنيعم بالضحى ... وقد جحرت منها ثعالب أَوْرَال
(2) . قوله [ورب وَرَل إلخ] لعله ورب ذنب وَرَلٍ إلخ(11/724)
الوَسِيلَةُ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلى الغَيْر، وَالْجَمْعُ الوُسُلُ والوَسَائِلُ. والتَّوْسِيلُ والتَّوَسُّلُ وَاحِدٌ. وَفِي حَدِيثِ الأَذان:
اللهمَّ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَة
؛ هِيَ فِي الأَصل مَا يُتَوَصَّل بِهِ إِلى الشَّيْءِ ويُتَقَرَّب بِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ القُرْبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: هِيَ الشفاعةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: هِيَ مَنْزِلَةٌ مِنْ مَنازِل الْجَنَّةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. وَشَيْءٌ واسِلٌ: واجبٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وأَنت لَا تَنْهَرُ حَظًّا وَاسِلا
والتَّوَسُّل أَيضاً: السَّرِقة، يُقَالُ: أَخذ فُلَانٌ إِبِلي تَوَسُّلًا أَي سَرقة. ومُوَيْسِلٌ: ماءٌ لِطَيّءٍ؛ قَالَ واقِدُ بْنُ الغِطْرِيف الطَّائِيُّ وَكَانَ قَدْ مَرِضَ فَحُمِيَ الْمَاءُ وَاللَّبَنُ:
لَئنْ لَبَنُ المِعْزَى بِماءِ مُوَيْسِل ... بَغانِيَ دَاءً، إِنَّني لَسَقيمُ
وشل: الوَشَل، بِالتَّحْرِيكِ: الماءُ الْقَلِيلُ يَتَحَلَّب مِنْ جَبَلٍ أَو صخْرة يقطُر مِنْهُ قَلِيلًا قَلِيلًا، لَا يَتَّصِلُ قطْره، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا مِنْ أَعلى الجَبل، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ يخرُج مِنْ بَيْنِ الصخْر قَلِيلًا قَلِيلًا، وَالْجَمْعُ أَوْشَال. ووَشَل يَشِلُ وَشْلًا ووَشْلاناً: سَالَ أَو قَطَر. وجَبَلٌ وَاشِلٌ: يقطُر مِنْهُ الْمَاءُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: لَا يَزال يتحلَّب منه الماءُ، قد قِيلَ: الوَشَلُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ، فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنَ الأَضداد. التَّهْذِيبُ: ماءٌ وَاشِلٌ يَشِلُ مِنْهُ وَشْلًا. أَبو عُبَيْدٍ: الوَشَلُ مَا قطَر مِنَ الْمَاءِ، وَقَدْ وَشَلَ يَشِلُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ورأَيت فِي الْبَادِيَةِ جبَلًا يقطُر فِي لَجَفٍ مِنْهُ مِنْ سَقْفه مَاءٌ فيجتَمِع فِي أَسفله يُقَالُ لَهُ الوَشَل. ابْنُ الأَعرابي عَنِ الدُّبَيْرية: يُسَمَّى الْمَاءُ الَّذِي يقطُر مِنَ الْجَبَلِ المَذْعَ والفَزِيزَ والوَشَلَ. وَنَاقَةٌ وَشُول: كَثِيرَةُ اللَّبَنِ يَشِلُ لبنُها مِنْ كَثْرَتِهِ أَي يَسيل ويقطُر مِنَ الوَشَلان. وَنَاقَةٌ وَشُول: دَائِمَةٌ عَلَى مَحْلَبها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَكَذَلِكَ الوَشَل مِنَ الدَّمْعِ يَكُونُ القليلَ والكثيرَ؛ وَبِالْكَثِيرِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ:
إِنَّ الَّذِينَ غَدَوْا بِلُبِّك غادَرُوا ... وَشَلًا بِعَيْنِك مَا يَزال مَعِينا
والأَوْشَالُ: مياهٌ تَسيلُ مِنْ أَعْراض الجِبال فتجتَمع ثُمَّ تُساق إِلى المَزارع؛ رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وَفِي الْمَثَلِ: وهَلْ بالرِّمَالِ أَوْشَال؟ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: رِمالٌ دَمِثَة وعُيون وَشِلَة
؛ الوَشَل: الماء القليل. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: قَالَ لِحَفَّار حَفَر لَهُ بِئْرًا: أَخَسَفْتَ أَمْ أَوْشَلْت؟
أَي أَنْبَطْت مَاءً كَثَيِرًا أَم قَلِيلًا. وأَوْشَلَ حظَّه: أَقَلَّه وأَخَسَّه؛ أَنشد ابْنُ جِنِّي لِبَعْضِ الرُّجَّاز:
وحُسَّدٍ أَوْشَلْتُ مِنْ حِظاظِها ... عَلَى أَحاسِي الغَيْظِ واكْتِظاظِها
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَلْقَتْ إِليه، عَلَى جَهْدٍ، كَلاكِلها ... سعدُ بْنُ بكْر، وَمِنْ عُثْمَانَ مَنْ وَشَلا
فَسَّرَهُ فَقَالَ: وَشَل وُشُولًا احْتَاجَ وضعُف وافتقَر وقَلَّ غَناؤه. ابْنُ السَّكِّيتِ: سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو يَقُولُ الوُشُول قِلَّة الغَناء والضَّعْفُ والنُّقْصان؛ وأَنشده:
إِذا ضَمَّ قَوْمَكُمُ مَأْزِقٌ، ... وَشَلْتُمْ وُشُولَ يَدَ الأَجْذم
وَيُقَالُ: وَشَل فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ إِذا ضَرَع إِليه، فَهُوَ وَاشِلٌ إِليه. ورأْيٌ وَاشِلٌ، وَرَجُلٌ وَاشِلُ الرأْيِ: ضعيفُه. وَفُلَانٌ واشِلُ الحظِّ أَي ناقصُه لَا جِدَّ لَهُ.(11/725)
وأَوْشَلْت حظَّ فُلَانٍ أَي أَقْلَلْته. والوُشُولُ: قِلَّة الغَناء والضَّعْفُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي صُحَار يَمْدَحُ عُبيد اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ:
وَدَّعَ مِنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وشَيَّعَه ... مَجْدٌ يُصاحِبُه، إِنْ سارَ أَو نزَلا
أَلْقَتِ إِليه، عَلَى جَهْدٍ، كَلاكِلَها ... سَعْدُ بْنُ بَكْرٍ، ومِنْ عُثْمَانَ مَنْ وَشَلا
أَي احْتَاجَ. والوَشَل: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو القَمْقام الأَسَدي:
إِقْرَأْ عَلَى الوَشَلِ السَّلامَ، وقُلْ لَهُ: ... كلُّ المَشارِبِ، مُذْ هُجِرْتَ، ذَمِيمُ
وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ جَبَلٍ عَظِيمٍ بِنَاحِيَةِ تِهَامَةَ وَفِيهِ مِياهٌ عَذْبة. وَجَاءَ القومُ أَوْشَالًا أَي يَتْبع بعضُهم بَعْضًا. والمَواشِلُ: مَعْرُوفَةٌ «3» مِنَ الْيَمَامَةِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَدري مَا حقيقته.
وصل: وَصَلْت الشَّيْءَ وَصْلًا وَصِلَةً، والوَصْلُ ضِدُّ الهِجْران. ابْنُ سِيدَهْ: الوَصْل خِلَافُ الفَصْل. وَصَلَ الشيءَ بِالشَّيْءِ يَصِلُه وَصْلًا وَصِلَةً وصُلَةً؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: لَا أَدري أَمُطَّرِدٌ هُوَ أَم غَيْرُ مطَّرد، قَالَ: وأَظنه مُطَّرِداً كأَنهم يَجْعَلُونَ الضَّمَّةَ مُشْعِرة بأَن الْمَحْذُوفَ إِنما هِيَ الْفَاءُ الَّتِي هِيَ الْوَاوُ، وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ: الضمَّة فِي الصُّلَة ضَمَّةُ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ مِنَ الوُصْلة، وَالْحَذْفُ وَالنَّقْلُ فِي الضَّمَّةِ شَاذٌّ كَشُذُوذِ حَذْفِ الْوَاوِ فِي يَجُدُ، ووَصَّلَهُ كِلَاهُمَا: لأَمَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ
، أَي وَصَّلْنا ذِكْرَ الأَنْبياء وأَقاصِيصَ مَنْ مَضَى بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، لَعَلَّهُمْ يَعْتَبرون. واتَّصَلَ الشيءُ بِالشَّيْءِ: لَمْ يَنْقَطِعْ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ جِنِّي:
قامَ بِهَا يُنْشِدُ كُلَّ مُنْشِدِ، ... وايْتَصَلَتْ بمِثْلِ ضَوْءِ الفَرْقَدِ
إِنما أَراد اتَّصَلَتْ، فأَبدل مِنَ التَّاءِ الأُولى يَاءً كَرَاهَةً لِلتَّشْدِيدِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
سُحَيْراً، وأَعْناقُ المَطِيِّ كأَنَّها ... مَدافِعُ ثِغْبانٍ أَضَرَّ بِهَا الوَصْلُ
مَعْنَاهُ: أَضَرَّ بِهَا فِقْدان الوَصْل، وَذَلِكَ أَن ينقطِع الثَّغَب فَلَا يَجْري وَلَا يَتَّصِل، والثَّغَبُ: مَسِيلٌ دَقيقٌ، شَبَّه الإِبِل فِي مَدِّها أَعناقها إِذا جَهَدَها السَّيْرُ بالثَّغَب الَّذِي يَخُدُّه السَّيْلُ فِي الْوَادِي. ووَصَلَ الشيءُ إِلى الشَّيْءِ وُصُولًا وتَوَصَّلَ إِليه: انْتَهَى إِليه وبَلَغه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تَوَصَّلُ بالرُّكْبان حِينًا، وتُؤْلِفُ ... الجِوارَ، ويُغْشِيها الأَمانَ رِبابُها
ووَصَّلَه إِليه وأَوْصَلَه: أَنهاهُ إِليه وأَبْلَغَهُ إِياه. وَفِي حَدِيثِ
النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّن: أَنه لَمَّا حمَل عَلَى العدُوِّ مَا وَصَلْنا كَتِفَيْه حَتَّى ضرَب فِي الْقَوْمِ
أَي لَمْ نَتَّصِل بِهِ وَلَمْ نَقْرُب مِنْهُ حَتَّى حمَل عَلَيْهِمْ مِنَ السُّرْعة. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيت سَبَباً وَاصِلًا مِنَ السَّمَاءِ إِلى الأَرض
أَي مَوْصولًا، فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كماءٍ دافِقٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا شُرِحَ، قَالَ: وَلَوْ جُعِلَ عَلَى بَابِهِ لَمْ يَبْعُد. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: صِلُوا السيوفَ بالخُطى والرِّماحَ بالنَّبْل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي إِذا قَصُرت السُّيُوفُ عَنِ الضَّريبة فتقدَّموا تَلْحَقوا وإِذا لَمْ تَلحَقْهم الرماحُ فارْمُوهم بالنَّبْل؛ قَالَ: وَمِنْ أَحسن وأَبلغ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ زهير:
__________
(3) . قوله [والمَوَاشِل معروفة] عبارة المحكم: والمَوَاشِل مواضع معروفة(11/726)
يَطعَنُهُمْ مَا ارْتَمَوْا، حَتَّى إِذا طَعَنُوا ... ضَارَبَهُمْ، فإِذا مَا ضَارَبُوا اعْتَنَقا
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ اسمُ نَبْلِه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، المُوتَصِلَة
؛ سُمِّيَتْ بِهَا تَفَاؤُلًا بوُصولها إِلى العدوِّ، والمُوتَصِلَة لُغَةُ قُرَيْشٍ فإِنها لَا تُدْغم هَذِهِ الْوَاوُ وأَشباهها فِي التَّاءِ، فتقول مُوتَصِلٌ ومُوتَفِق ومُوتَعِد وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَغَيْرُهُمْ يُدْغم فَيَقُولُ مُتَّصِل ومُتَّفِق ومُتَّعِد. وأَوْصَلَه غيرُه ووَصَلَ: بِمَعْنَى اتَّصَل أَي دَعا دعْوى الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ أَن يَقُولَ: يَا لَ فُلَانٍ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ
؛ أَي يَتَّصِلون؛ الْمَعْنَى اقتُلوهم وَلَا تَتَّخِذوا مِنْهُمْ أَولياء إِلَّا مَنِ اتَّصَل بِقَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاق واعْتَزَوْا إِليهم. واتَّصَلَ الرجلُ: انتسَب وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الأَعشى:
إِذا اتَّصَلَتْ قالتْ لِبَكْرِ بنِ وائِلٍ، ... وبَكْرٌ سَبَتْها، والأُنُوفُ رَواغِمُ «1»
. أَي إِذا انتَسَبَتْ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ
؛ أَي يَنتَسِبون. قَالَ الأَزهري: والاتِّصَال أَيضاً الاعْتزاءُ الْمَنْهِيُّ عنه إِذا قال يا لَ بَنِي فُلَانٍ ابْنُ السِّكِّيتِ: الاتِّصال أَن يَقُولَ يَا لَفُلان، والاعتزاءُ أَن يَقُولَ أَنا ابنُ فُلَانٍ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الاتِّصَالُ دُعاء الرَّجُلِ رَهْطه دِنْياً، والاعْتزاءُ عِنْدَ شَيْءٍ يعجبُه فَيَقُولُ أَنا ابْنُ فُلَانٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اتَّصَلَ فأَعِضُّوه
أَي مَنِ ادَّعى دَعْوى الجاهلية، وهي قولهم يا لَ فلان، فأَعِضُّوه أَي قُولُوا لَهُ اعْضَضْ أَيْرَ أَبيك. يُقَالُ: وَصَلَ إِليه واتَّصَلَ إِذا انتَمى. وَفِي حَدِيثِ
أُبَيٍّ: أَنه أَعَضَّ إِنساناً اتَّصَلَ.
والوَاصِلَة مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَصِل شعَرَها بشعَر غَيْرِهَا، والمُسْتَوْصِلَة: الطالِبة لِذَلِكَ وَهِيَ الَّتِي يُفْعَل بِهَا ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لعَنَ الوَاصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَذَا فِي الشعَر وَذَلِكَ أَن تَصِل المرأَة شعَرها بشَعَرٍ آخَرَ زُوراً. وَرُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَيُّما امرأَةٍ وَصَلَتْ شعَرها بِشَعَرٍ آخَرَ كَانَ زُوراً
، قَالَ: وَقَدْ رَخَّصَت الْفُقَهَاءُ فِي القَرامِل وكلِّ شَيْءٍ وُصِلَ بِهِ الشَّعَرُ، وَمَا لَمْ يَكُنِ الوَصْل «2» شَعْرًا فَلَا بأْس بِهِ. وَرُوِيَ
عَنْ عَائِشَةَ أَنها قَالَتْ: لَيْسَتِ الوَاصِلَةُ بِالَّتِي تَعْنون، وَلَا بأْسَ أَنْ تَعْرَى المرأَةُ عَنِ الشعَر فتَصِل قَرْناً مِنْ قرُونها بصُوفٍ أَسوَد، وإِنما الوَاصِلَة الَّتِي تَكُونُ بَغِيًّا فِي شَبيبَتِها، فإِذا أَسَنَّتْ وَصَلَتْها بالقِيادة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ لمَّا ذُكِر ذَلِكَ لَهُ: مَا سَمِعْتُ بأَعْجَب مِنْ ذَلِكَ. ووَصَلَه وَصْلًا وصِلَة ووَاصَلَهُ مُوَاصَلَةً ووِصَالًا كِلَاهُمَا يَكُونُ فِي عَفاف الْحُبِّ ودَعارَتِه، وَكَذَلِكَ وَصَلَ حَبْله وَصْلًا وصِلةً؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فإِن وَصَلَتْ حَبْلَ الصَّفاء فَدُمْ لَهَا، ... وإِن صَرَمَتْه فانْصَرِف عَنْ تَجامُل
ووَاصَلَ حَبْله: كوَصَلَه. والوُصْلَة: الاتِّصال. والوُصْلَة: مَا اتَّصل بِالشَّيْءِ. قَالَ اللَّيْثُ: كلُّ شَيْءٍ اتَّصَل بِشَيْءٍ فَمَا بَيْنَهُمَا وُصْلة، وَالْجَمْعُ وُصَل. وَيُقَالُ: وَصَلَ فُلَانٌ رَحِمَه يَصِلُها صِلَةً. وَبَيْنَهُمَا وُصْلَة أَي اتِّصال وذَرِيعة. ووَصَلَ كتابُه إِليّ وبِرُّه يَصِلُ وُصولًا، وَهَذَا غَيْرُ وَاقِعٍ. ووَصَّلَه تَوْصِيلًا إِذا أَكثر مِنَ الوَصْل، ووَاصَلَه مُوَاصَلَةً ووِصَالًا، وَمِنْهُ المُوَاصَلةُ بِالصَّوْمِ وَغَيْرُهُ. ووَاصَلْت الصِّيام وِصَالًا إِذا لَمْ تُفْطِر أَياماً تِباعاً؛ وَقَدْ نَهَى
__________
(1) . قوله [قالت لبكر] في المحكم والتهذيب: قالت أَبكر إلخ
(2) . قوله [وَمَا لَمْ يَكُنِ الوَصْل] أي الموصول به شعراً إلخ(11/727)
النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، عَنِ الوِصَال فِي الصَّوْمِ وَهُوَ أَن لَا يُفْطِر يَوْمَيْنِ أَو أَياماً، وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ المُوَاصَلَة فِي الصَّلاة،
وَقَالَ: إِنَّ امْرَأً وَاصَلَ فِي الصَّلَاةِ خَرَجَ مِنْهَا صِفْراً
؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحمد بْنِ حَنْبَلٍ: مَا كُنَّا نَدْري مَا المُوَاصَلَة فِي الصَّلَاةِ حَتَّى قَدِم عَلَيْنَا الشافعيُّ، فَمَضَى إِليه أَبي فسأَله عَنْ أَشياء وَكَانَ فِيمَا سأَله عَنِ المُوَاصَلَة فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هِيَ فِي مَوَاضِعَ: مِنْهَا أَن يَقُولَ الإِمامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَيَقُولُ مَن خَلْفَهُ آمِينَ مَعًا أَي يَقُولُهَا بَعْدَ أَن يسكُت الإِمام، وَمِنْهَا أَن يَصِل الْقِرَاءَةَ بِالتَّكْبِيرِ، وَمِنْهَا السلامُ عَلَيْكُمْ ورحمةُ اللَّهِ فيَصِلها بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، الأُولى فَرْضٌ وَالثَّانِيَةُ سُنَّة فَلَا يُجْمَع بَيْنَهُمَا، وَمِنْهَا إِذا كبَّر الإِمام فَلَا يُكَبِّر مَعَهُ حَتَّى يَسْبِقَهُ وَلَوْ بِوَاوٍ. وتَوَصَّلْت إِلى فُلَانٍ بوُصْلة وَسَبَبٍ توَصُّلًا إِذا تسبَّبت إِليه بحُرْمة. وتَوَصَّلَ إِليه أَي تلطَّف فِي الوُصول إِليه. وَفِي حَدِيثِ
عُتْبة وَالْمِقْدَامِ: أَنهما كَانَا أَسْلَما فَتَوَصَّلا بِالْمُشْرِكِينَ حَتَّى خَرجا إِلى عُبيدة بن الحرث
أَي أَرَياهم أَنهما مَعَهم حَتَّى خَرَجَا إِلى الْمُسْلِمِينَ، وتَوَصَّلَا بِمَعْنَى توسَّلا وتقرَّبَا. والوَصْل: ضِدُّ الْهِجْرَانِ. والتَّوَاصُل: ضِدُّ التَّصارُم. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن أَراد أَن يَطول عُمْره فَلْيَصِلْ رَحِمَه
، تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ صِلَة الرَّحِم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ كِناية عَنِ الإِحسان إِلى الأَقرَبين مِنْ ذَوِي النسَب والأَصْهار والعَطف عَلَيْهِمْ والرِّفْق بِهِمْ والرِّعاية لأَحْوالهم، وَكَذَلِكَ إِن بَعُدُوا أَو أَساؤوا، وقَطْع الرَّحِم ضدُّ ذَلِكَ كلِّه. يُقَالُ: وَصَلَ رَحِمَه يَصِلُها وَصْلًا وصِلَةً، وَالْهَاءُ فِيهَا عِوَض مِنَ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ فكأَنه بالإِحسان إِليهم قَدْ وَصَلَ مَا بَيَّنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنْ عَلاقة القَرابة والصِّهْر. وَفِي حَدِيثِ
جابرٍ: إِنه اشْتَرَى مِنِّي بَعيراً وأَعطاني وَصْلًا مِنْ ذهَب
أَي صِلةً وهِبةً، كأَنه مَا يَتَّصِل بِهِ أَو يَتَوَصَّل فِي مَعاشه. ووَصَلَه إِذا أَعطاه مَالًا. والصِّلَة: الْجَائِزَةُ والعطيَّة. والوَصْل: وَصْل الثَّوْبِ والخُفّ. وَيُقَالُ: هَذَا وَصْل هَذَا أَي مِثْلُهُ. والمَوْصِل: مَا يُوصَل مِنَ الْحَبْلِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمَوْصِل مَعْقِد الحبْل فِي الحَبْل. وَيُقَالُ للرجُلين يُذكران بِفِعال وَقَدْ مَاتَ أَحدهما: فَعَل كَذَا وَلَا يُوصَلُ حَيٌّ بميت، وليس له بِوَصِيل أَي لَا يَتْبَعُه؛ قَالَ الغَنَوِي:
كمَلْقَى عِقالٍ أَو كمَهْلِك سالِمٍ، ... ولسْتَ لِمَيْتٍ هَالِكٍ بِوَصِيلِ
وَيُرْوَى:
وَلَيْسَ لِحَيٍّ هالِك بِوَصِيل
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ المتنَخِّل الْهُذَلِيِّ:
ليسَ لِمَيْتٍ بِوَصِيلٍ، وقد ... عُلِّقَ فيه طَرَفُ المَوْصِلِ
دُعاء لِرَجُلٍ أَي لَا وُصِلَ هَذَا الْحَيِّ بِهَذَا المَيت أَي لَا ماتَ مَعَهُ وَلَا وُصِل بِالْمَيِّتِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ عُلِّقَ فِيهِ طَرَفٌ مِنَ الْمَوْتِ أَي سيَمُوت ويَتَّصِل بِهِ، قَالَ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ السِّكِّيتِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمُعَنَّى فِيهِ عِنْدِي عَلَى غَيْرِ الدُّعاء إِنما يُريد: لَيْسَ هُوَ مَا دَامَ حَيًّا بِوَصِيلٍ لِلْمَيِّتِ عَلَى أَنه قَدْ عُلِّق فِيهِ طَرَفَ المَوْصِل أَي أَنه سيَمُوت لَا مَحَالَةَ فيَتَّصِل بِهِ وإِن كَانَ الْآنَ حَيًّا، وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: يَقُولُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ فَلَا يُوَاصِلُهُ الحيُّ، وَقَدْ عُلِّق فِي الْحَيِّ السَّبَب الَّذِي يُوَصِّله إِلى مَا وَصَل إِليه الْمَيِّتُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِنْ وَصَلْت الكِتابَ صِرْتَ إِلى اللهِ، ... ومَن يُلْفَ وَاصِلًا فَهُوَ مُودِي(11/728)
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: يَعْنِي لَوْح المَقابر يُنْقر ويُتْرَك فِيهِ مَوْضِعٌ لِلْمَيِّتِ «1» بَياضاً، فإِذا مَاتَ الإِنسانُ وُصِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ بِاسْمِهِ. والأَوْصَال: المَفاصِل.
وَفِي صِفته، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ فَعْمَ الأَوْصالِ
أَي ممْتَلئَ الأَعضاء، الواحدُ وِصْل. والمَوْصِل: المَفْصِل. ومَوْصِل الْبَعِيرِ: مَا بَيْنَ العَجُز والفَخِذ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
تَرَى يَبِيسَ الماءِ دُونَ المَوْصِلِ ... منه بِعجْزٍ، كصَفاةِ الجَيْحَلِ
الجَيْحَل: الصُّلْب الضَّخْم. والوِصْلانِ: العَجُز والفَخِذ، وَقِيلَ: طَبَق الظَّهْرِ. والوِصْل والوُصْل: كلُّ عَظْمٍ عَلَى حِدَة لَا يكسَر وَلَا يُخْلط بِغَيْرِهِ وَلَا يُوصَل بِهِ غَيْرُهُ، وَهُوَ الكِسْرُ [الكَسْرُ] والجِدْلُ [الجَدْلُ] ، بِالدَّالِ، وَالْجَمْعُ أَوْصَال وجُدُول، وَقِيلَ: الأَوْصَال مجتَمَع الْعِظَامِ، وَكُلُّهُ مِنَ الوَصْل. وَيُقَالُ: هَذَا رَجُلٌ وَصِيلُ هَذَا أَي مِثْلُهُ. والوَصِيل: بُرود الْيَمَنِ، الْوَاحِدَةُ وَصِيلَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَوَّل مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ كسْوةً كامِلةً تُبَّعٌ، كَسَاها الأَنْطاعَ ثُمَّ كَسَاهَا الوَصَائِل
أَي حِبَر اليَمَن. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرٍو: قَالَ لِمُعَاوِيَةَ مَا زِلْتُ أَرُمُّ أَمْرَك بِوَذائله وأَصِلُهُ بوَصَائِلِه
؛ الْقُتَيْبِيُّ: الوَصَائِل ثِيَابٌ يَمَانِيَةٌ، وَقِيلَ: ثِيَابٌ حُمْر مُخَطَّطة يَمَانِيَةٌ، ضَرَبَ هَذَا مَثَلًا لإِحكامه إِياه، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بالوَصَائِل الصِّلاب، والوَذِيلة قِطْعَةٌ مِنَ الْفِضَّةِ، وَيُقَالُ للمِرآة الوَذيلةُ والعِنَاسُ والمَذِيَّةُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بالوَصَائَل مَا يُوصَل بِهِ الشَّيْءُ، يَقُولُ: مَا زِلْت أُدَبِّر أَمْرك بِمَا يَجِب أَن يُوصَل بِهِ مِنَ الأُمور الَّتِي لَا غِنَى بِهِ عَنْهَا، أَو أَراد أَنه زَيَّن أَمْرَه وحَسَّنه كأَنه أَلْبَسَه الوَصائل. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ
؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الوَصِيلةُ كَانَتْ فِي الشَّاءِ خَاصَّةً، كَانَتِ الشَّاةُ إِذا وَلَدَتْ أُنثى فَهِيَ لَهُمْ، وإِذا وَلَدَتْ ذكَراً جَعَلُوهُ لِآلِهَتِهِمْ، فإِذا وَلَدَتْ ذكَراً وأُنثى قَالُوا وَصَلَتْ أَخاها فَلَمْ يَذْبَحوا الذكَر لِآلِهَتِهِمْ. والوَصِيلَة الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: الناقةُ الَّتِي وَصَلَتْ بَيْنَ عَشْرَةِ أَبْطُن وَهِيَ مِنَ الشَّاءِ الَّتِي وَلَدَتْ سَبْعَةَ أَبْطُن عَناقَيْن عَناقَيْن، فإِن وَلَدَت فِي السَّابِعِ عَناقاً قِيلَ وَصَلَتْ أَخاها فَلَا يشرَب لَبَنَ الأُمِّ إِلَّا الرِّجال دُونَ النِّسَاءِ وتَجْري مَجْرَى السَّائِبَةِ. وَقَالَ أَبو عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ: الوَصِيلَة مِنَ الْغَنَمِ كَانُوا إِذا وَلَدَتِ الشاةُ سِتَّةَ أَبْطُن نَظَرُوا، فإِن كَانَ السابعُ ذكَراً ذُبِحَ وأَكَل مِنْهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وإِن كَانَتْ أُنثى تُرِكتْ فِي الْغَنَمِ، وإِن كَانَتْ أُنثى وذكَراً قَالُوا وَصَلَتْ أَخاها فَلَمْ يُذْبَح وَكَانَ لَحْمُها «2» حَراماً عَلَى النِّسَاءِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الوَصِيلَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ هِيَ الشَّاةُ تَلِدُ سَبْعَةَ أَبْطُن عَناقَيْن عَناقَيْن، فإِن وَلَدَتْ فِي الثَّامِنَةِ جَدْياً وعَناقاً قَالُوا وَصَلَتْ أَخاها، فَلَا يذبَحُون أَخاها مِنْ أَجلها وَلَا يشرَب لبَنها النِّسَاءُ وَكَانَ لِلرِّجَالِ، وجَرَتْ مَجْرَى السَّائِبَةِ. وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: الوَصِيلَة الشَّاةُ تُنْتَجُ الأَبْطُن، فإِذا وَلَدَتْ آخَرَ بَعْدَ الأَبْطُن الَّتِي وَقَّتوا لَهَا قِيلَ وَصَلتْ أَخاها، وَزَادَ بَعْضُهُمْ: تُنْتَجُ الأَبْطُن الْخَمْسَةُ عَناقَيْن عَناقَيْن فِي بَطْن فَيُقَالُ: هَذِهِ وُصْلةٌ تَصِلُ كلَّ ذِي بَطْنٍ بأَخٍ لَهُ مَعَهُ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: قَدْ يَصِلونها فِي ثَلَاثَةِ أَبْطُن ويُوصِلونها فِي خَمْسَةٍ وَفِي
__________
(1) . قوله [موضع للميت] لعله موضع لاسم الميت
(2) . قوله [وكان لحمها] في نسخة لبنها(11/729)
سَبْعَةٍ. والوَصِيلةُ: الأَرض الْوَاسِعَةُ الْبَعِيدَةُ كأَنها وُصِلَتْ بأُخْرى، وَيُقَالُ: قَطَعْنَا وَصِيلَة بَعِيدَةً. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: إِذا كُنْتَ فِي الوَصِيلَة فأَعْطِ راحِلتَكَ حَظَّها
، قَالَ: لَمْ يُرِد بالوَصِيلَة هاهنا الأَرض الْبَعِيدَةَ وَلَكِنَّهُ أَراد أَرضاً مُكْلِئة تَتَّصل بأُخرى ذاتِ كَلإٍ؛ قَالَ: وَفِي الأُولى يَقُولُ لَبِيَدٌ:
وَلَقَدْ قَطَعْت وَصِيلةً مَجْرُودةً، ... يَبْكي الصَّدَى فِيهَا لِشَجْوِ البُومِ
والوَصِيلة: العِمَارة والخِصْب، سمِّيت بِذَلِكَ «1» وَاحِدَتُهَا وَصِيلَة. وحَرْفُ الوَصْل: هُوَ الَّذِي بَعْدَ الرَّوِيِّ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما مَا كَانَ بَعْدَهُ خُرُوجٌ كَقَوْلِهِ:
عفَتِ الدِّيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها
وَالثَّانِي أَن لَا يَكُونَ بَعْدَهُ خروجٌ كَقَوْلِهِ:
أَلا طالَ هَذَا الليلُ وازْوَرَّ جانِبُهْ، ... وأَرَّقَني أَن لَا حَليلٌ أُلاعِبُهْ
قَالَ الأَخفش: يَلْزَمُ بَعْدَ الرَّوِيِّ الوَصْل وَلَا يَكُونُ إِلا يَاءً أَو وَاوًا أَو أَلِفاً كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سَاكِنَةٌ فِي الشِّعْرِ المُطْلَق، قَالَ: وَيَكُونُ الوَصْل أَيضاً هَاءً وَذَلِكَ هاءُ التأْنيث الَّتِي فِي حَمْزة وَنَحْوِهَا، وهاءُ الإِضْمار للمُذكَّر والمؤَنث متحرِّكة كَانَتْ أَو سَاكِنَةً نَحْوُ غُلامِه وغُلامِها، وَالْهَاءُ الَّتِي تُبَيَّن بِهَا الْحَرَكَةُ نَحْوُ عَلَيَّهْ وعَمَّهْ واقْضِهِ وادْعُهُ، يُرِيدُ عَلَيَّ وعَمَّ واقضِ وادعُ، فأُدخلت الْهَاءُ لتُبَيَّن بِهَا حَرَكَةُ الْحُرُوفَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَقَوْلُ الأَخفش يَلْزَمُ بَعْدَ الرَّوِيِّ الوَصْل، لَا يُرِيدُ بِهِ أَنه لَا بُدَّ مَعَ كُلِّ رَويّ أَن يَتْبَعه الوَصْل، أَلا تَرَى أَن قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
قَدْ جَبَر الدِّينَ الإِلَهُ فجَبَرْ
لَا وَصْل مَعَهُ؛ وأَن قَوْلَ الْآخَرِ:
يَا صاحِبَيَّ فَدَتْ نفْسي نُفوسَكما، ... وحيْثُما كُنْتُما لاقَيْتُما رَشَدَا
إِنما فِيهِ وَصْل لَا غَيْرَ، وَلَكِنَّ الأَخفش إِنما يُرِيدُ أَنه مِمَّا يَجُوزُ أَن يأْتي بَعْدَ الرَّوِيِّ، فإِذا أَتَى لَزِم فَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ، فأَجْمَل القَوْلَ وَهُوَ يَعْتَقِدُ تفصِيله، وَجَمَعَهُ ابْنُ جِنِّي عَلَى وُصُول، وقياسُه أَن لَا يُجْمَع. والصِّلَةُ: كالوَصْل الَّذِي هُوَ الْحَرْفُ الَّذِي بَعْدَ الرَّوِيّ وَقَدْ وَصَل بِهِ. وَلَيْلَةَ الوَصْل: آخِرُ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ لاتِّصالها بِالشَّهْرِ الآخَر. والمَوْصِل: أَرض بَيْنَ العِراق وَالْجَزِيرَةِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: ومَوْصِل كُورة مَعْرُوفَةٌ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وبَصْرَة الأَزْدِ مِنَّا، والعِراقُ لَنَا، ... والمَوْصِلانِ، ومِنَّا المِصْرُ والحَرَمُ
يُرِيدُ المَوْصِل وَالْجَزِيرَةَ. والمَوْصولُ: دابَّة عَلَى شَكْلِ الدَّبْرِ أَسْوَد وأَحْمَر تَلْسَع الناسَ. والمَوْصُول مِنَ الدَّوَابِّ: الَّذِي لَمْ يَنْزُ عَلَى أُمِّه غيرُ أَبيه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
هَذَا فَصِيلٌ لَيْسَ بالمَوْصُولِ، ... لكِنْ لِفَحْلٍ طُرْقَةٍ فَحِيلِ
ووَاصِل: اسْمُ رَجُلٍ، وَالْجَمْعُ أَوَاصِل بقلْب الْوَاوِ هَمْزَةً كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ الْوَاوَيْنِ. ومَوْصُول: اسْمُ رَجُلٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَغَرَّكَ، يَا مَوْصُولُ، مِنْهَا ثُمالةٌ، ... وبَقْلٌ بأَكْنافِ الغَرِيفِ تُؤانُ؟
أَراد تُؤام فأَبدل.
__________
(1) . قوله [سميت بذلك إلخ] عبارة المحكم: سميت بذلك لاتصالها واتصال الناس فيها، والوَصَائِلُ ثياب يمانية مخططة بيض وحمر على التشبيه بذلك، واحدتها وَصِيلَة(11/730)
واليَأْصُول: الأَصْلُ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
يَهُزُّ رَوْقَيْ رِماليٍّ كأَنَّهما ... عُودَا مَدَاوِسَ يَأْصولٌ ويأْصولُ
يُرِيدُ أَصْلٌ وأَصْلٌ.
وعل: الوَعْلُ والوَعِلُ: الأُرْوِيُّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الوَعِل والوُعِلُ جَمِيعًا تَيْس الْجَبَلِ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، وَفِيهِ مِنَ اللُّغَاتِ مَا يَطَّرِد فِي هَذَا النَّحْوِ. قَالَ اللَّيْثُ: وَلُغَةُ الْعَرَبِ وُعِلٌ، بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، مِنْ غَيْرِ أَن يَكُونَ ذَلِكَ مطَّرِداً لأَنه لَمْ يَجِئْ فِي كَلَامِهِمْ فُعِلٌ اسْمًا إِلَّا دُئلٌ، وَهُوَ شَاذٌّ؛ قَالَ الأَزهري: وأَما الوُعِلُ فَمَا سَمِعْتُهُ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَالْجَمْعُ أَوْعَالٌ ووُعُولٌ ووُعُلٌ ووَعِلَةٌ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ، والأُنثى وَعِلَة بِلَفْظِ الْجَمْعِ، ومَوْعَلَةٌ اسْمُ جَمْعٍ، وَنَظِيرُهُ مفْدَرةٌ، وَهِيَ الوُعُولُ أَيضاً. والأَوْعَالُ والوُعُول: الأَشرافُ والرؤُوس يشبَّهون بالأَوْعَال الَّتِي لَا تُرى إِلا فِي رؤوس الْجِبَالِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقومُ الساعةُ حَتَّى تَهْلِك الأَوْعَال
، يَعْنِي الأَشراف. وَيُقَالُ لأَشراف النَّاسِ الوُعُول، ولأَراذِلِهم التُّحُوت. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَا تَقوم السَّاعَةُ حَتَّى تَعْلُوَ التُّحُوتُ وتَهْلِك الوُعُول
، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَي يَغْلب الضُّعَفاءُ مِنَ النَّاسِ أَقْوِياءَهم. وَقَدِ اسْتَوْعَلَتِ الأَوْعال إِذا ذهبَتْ فِي قُلَلِ الْجِبَالِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَوْ كَلَّمَتْ مُسْتَوْعِلًا فِي عَمَايةٍ، ... تَصَبَّاهُ مِنْ أَعْلَى عَمَايةَ قِيلُها
يَعْنِي وَعِلًا مُسْتَوْعِلًا فِي قُلَّة عَمَايةَ، وَهُوَ جبَل. وَفِي الْحَدِيثِ
فِي تَفْسِيرِ قولهِ: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ، قِيلَ: ثمانيةُ أَوْعَالٍ
أَي مَلَائِكَةٍ عَلَى صُورَةِ الأَوْعالِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي الوَعِل شاةٌ
يَعْنِي إِذا قَتله المُحْرِم. وَمَا لِي عَنْهُ وَعْلٌ ووَعْيٌ أَي مَا لِي مِنْهُ بُدٌّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَا لِي عَنْهُ وَغْلٌ، بَالِغِينَ مُعْجَمَةً، أَي لَجَأٌ. والوَعْلُ، خَفِيفٌ: بِمَنْزِلَةِ بُدّ. وهمْ عَلَيْنَا وَعْلٌ وَاحِدٌ، بِالتَّسْكِينِ، أَي ضِلَع وَاحِدٌ أَي مجتمِعون عَلَيْنَا بِالْعَدَاوَةِ. والوَعْلُ: المَلْجَأُ، واسْتَوْعَلَ إِليه. يُقَالُ: مَا وَجد وَعْلًا وَلَا وَغْلًا يَلْجَأُ إِليه أَي مَوْئلًا يَئِل إِليه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَتَّى إِذا لَمْ يَجِدْ وَعْلًا ونَجْنَجَها، ... مَخافةَ الرَّمْيِ، حَتَّى كُلُّها هِيمُ
وَقَالَ الْخَلِيلُ: مَعْنَاهُ لَمْ يَجِدْ بُدًّا، وأَنشد الْفَرَّاءُ هَذَا الْبَيْتَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ حَتَّى إِذا لَمْ يَجِدْ وَعْلًا يَعُودُ عَلَى عَيْرٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ؛ وَمِثْلُهُ للقُلاخ:
إِني إِذا مَا الأَمْرُ كَانَ مَعْلا، ... وَلَمْ أَجِدْ مِنْ دُونِ شَرٍّ وَعْلا
وتَوَعَّلْت الْجَبَلَ: عَلَوْته مِثْلُ تَوَقَّلْت. وذُو أَوْعَالٍ وَذَاتُ أَوْعَالٍ، كِلَاهُمَا: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: هِيَ هَضْبةٌ. وأُمُّ أَوْعَال: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وأُمُّ أَوْعَالٍ كَهَا أَو أَقْرَبَا، ... ذاتَ اليَمِينِ، غَيْرَ مَا إِنْ يَنْكَبَا
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ الوُعُول إِليها. والوَعْلَةُ: الْمَوْضِعُ المَنِيعُ مِنَ الْجَبَلِ، وَقِيلَ: صخْرةٌ مُشْرِفةٌ عَلَى الْجَبَلِ، وَقِيلَ: الصَّخْرة المشرِفة مِنَ الْجَبَلِ. وَيُقَالُ لعُرْوة الْقَمِيصِ الوَعْلَةُ، ولِزِرِّه الزِّيرُ. ووَعْلَةُ القَدَح: عُرْوَتُه الَّتِي يُعَلَّق بِهَا، وَكَذَلِكَ الإِبْريق. ووَعْلَةُ: اسْمُ شَاعِرٍ مِنْ جَرْم؛ قَالَ ابْنُ(11/731)
سِيدَهْ: ووَعْلَة اسْمُ رَجُلٍ سمِّي بأَحد هَذِهِ الأَشياء. ووَعْلٌ: شعبانُ. ووَعِلٌ: شَوّالٌ، وَقِيلَ: وَعِلٌ شَعْبَانُ، وَجَمْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْعَال ووِعْلانٌ. ووُعَيْلَة: اسْمُ مَاءٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
تَرَوَّح واسْتَنْعَى بِهِ مِنْ وُعَيْلةٍ ... مَوارِدُ مِنْهَا مُسْتَقيمٌ وجائرُ
ووُعالٌ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ الأَخطل:
لِمَنِ الدِّيارُ بِحائلٍ فَوُعَالِ ... دَرَسَتْ، وغَيَّرها سنُون خَوَالي؟
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
أَمِنْ ظَلَّامةَ الدِّمَنُ البَوَالي، ... بمُرْفَضِّ الحُبَيِّ، إِلى وُعَالِ؟
الحُبَيُّ: اسْمُ مَوْضِعٍ، وَيُرْوَى الحَنيّ، بِالنُّونِ، وَكِلَاهُمَا مَسْموع.
وغل: الوَغْلُ مِنَ الرِّجَالِ: النَّذْل والضعيف السَّاقِطُ المقصِّر فِي الأَشياء، وَالْجَمْعُ أَوْغَال؛ وأَنشد:
وحاجِبٍ كَرْدَسَه فِي الحَبْلِ ... مِنَّا غُلامٌ كَانَ غيرَ وَغْلِ،
حَتَّى افْتَدَى مِنَّا بمالٍ جِبْلِ
والوَغْل والوَغِل: المدَّعي نسَباً لَيْسَ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَوْغَالٌ. والوَغْلُ والوَغِلُ: السَّيِءُ الغِذاء، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ وَغِل عَلَى الْمُضَارَعَةِ. والوَغْل والواغِلُ؛ الأُولى عَنْ كُرَاعٍ: الَّذِي يدخُل عَلَى الْقَوْمِ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَن يَدْعُوه إِليه أَو يُنْفِق مَعَهُمْ مِثْلَ مَا أَنفَقُوا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فمَتى وَاغِلٌ يَنُبْهُمْ يُحَيُّوهُ، ... وتُعْطَفْ عَلَيْهِ كأْسُ السَّاقِي
وَيُرْوَى: وتَعْطِفْ عَلَيْهِ كفُّ السَّاقِي؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فاليومَ أُسقَى غيرَ مُسْتَحْقِبٍ ... إِثْماً مِنَ اللَّهِ، وَلَا وَاغِلِ
وَقِيلَ: الوَاغِلُ الداخِل عَلَى الْقَوْمِ فِي شَرابهم، وَقِيلَ: هُوَ الداخِل عَلَيْهِمْ فِي طَعَامِهِمْ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: الوَاغِلُ فِي الشَّرَابِ كالوارِش فِي الطَّعَامِ؛ وَقَدْ وَغَلَ يَغِلُ وَغَلاناً ووَغْلًا إِذا دَخَلَ عَلَى الْقَوْمِ فِي شَرابهم فشَرِب مَعَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَن يُدْعى إِليه، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّرَابِ الوَغْلُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئة:
إِن أَكُ مِسْكِيراً فلا أَشرَب ... الوَغْلَ، وَلَا يَسلَمُ مِنِّي البَعير
وشُربٌ واغِلٌ عَلَى النسَب؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فشَرِبْنا غَيْرَ شُرْبٍ وَاغِلٍ، ... وعَلَلْنا عَلَلًا بَعْدَ نَهَلْ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: المتَعَلّق بِهَا كالواغِل المُدَفَّع
؛ الواغِلُ الَّذِي يَهْجُم عَلَى الشُّرَّاب لِيَشْرَبَ مَعَهُمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ فَلَا يَزال مُدَفَّعاً بَيْنَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
الْمِقْدَادِ: فَلَمَّا أَن وَغَلَتْ فِي بَطني
أَي دَخَلتْ. ووَغَلَ فِي الشَّيْءِ وُغولًا: دَخَلَ فِيهِ وَتَوَارَى بِهِ، وَقَدْ خُصَّ ذَلِكَ بالشجَر فَقِيلَ: وَغَل الرَّجُلُ يَغِل وُغولًا ووَغْلًا أَي دَخْلٍ فِي الشَّجَرِ وتَوارى فِيهِ. ووَغَلَ: ذهَب وأَبعَد؛ قَالَ الرَّاعِي:
قَالَتْ سُلَيمى: أَتَنْوي اليومَ أَمْ تَغِلُ؟ ... وَقَدْ يُنَسِّيكَ بعضَ الحاجةِ العَجَلُ
وَكَذَلِكَ أَوْغَلَ فِي الْبِلَادِ وَنَحْوِهَا. وتَوَغَّلَ فِي الأَرض: ذهَب فأَبعَد فِيهَا، وَكَذَلِكَ أَوْغَلَ فِي العِلْم. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفقٍ
؛(11/732)
يُريد سِرْ فِيهِ برِفق وابلُغِ الْغَايَةَ القُصْوى مِنْهُ بالرِّفق، لَا عَلَى سَبِيلِ التهافُتِ والخُرْق، وَلَا تحمِل عَلَى نَفْسِكَ وتكلِّفها مَا لَا تُطيقه فتَعجِزَ وتَترُك الدِّينَ والعَمل. وَفِي حَدِيثِ
عِكْرمة: مَن لَمْ يغتسِل يَوْمَ الْجُمْعَةَ فَلْيَسْتَوْغِل
أَي فَليغْسِل مَغابِنَه ومَعاطِفَ جَسَدِهِ، وَهُوَ اسْتِفْعال مِنَ الوُغُول الدُّخول، وكلُّ داخِل فَهُوَ واغِل؛ وكلُّ داخِل فِي شَيْءٍ دُخولَ مستعجِلٍ فَقَدْ أَوْغَلَ فِيهِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: غَلَّ فِي الْبِلَادِ وأَوْغَلَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذا ذَهَبَ فِيهَا. أَوْغَلَ القومُ وتَوَغَّلوا إِذا أَمْعَنوا فِي السَّيْرِ. والوُغُول: الدُّخُولُ فِي الشَّيْءِ. والإِيغالُ: السَّير السريعُ، وَقِيلَ: الشَّدِيدُ والإِمْعانُ فِي السَّيْرِ؛ قَالَ الأَعشى:
مَرِحَتْ حُرَّة، كقَنْطَرَةِ الرُّومِيِّ، ... تَفْرِي الهَجِير بالإِرْقال
تقطَعُ الأَمعَزَ المُكَوكِب، وَخْدًا، ... بِنَواجٍ سَرِيعةِ الإِيغال
وأَوْغَلَ الْقَوْمُ إِذا أَمْعَنوا فِي سَيرِهم داخِلين بَيْنَ ظَهْراني الجِبال أَو فِي أَرض العدُوِّ، وَكَذَلِكَ تَوَغَّلوا وتغَلْغَلوا، وأَما الوُغول فإِنه الدُّخول فِي الشَّيْءِ وإِن لَمْ يُبعَد فِيهِ، وأَوْغَلَتْه الحاجةُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
حَتَّى يَجِيء وجُنْحُ اللَّيْلُ يُوغِلُه، ... والشَّوْكُ فِي وَضَحِ الرِّجْلين مَركوزُ
وَمَا لكَ عَنْ ذَلِكَ وَغْلٌ أَي بُدٌّ، وَقِيلَ أَي مَلجَأٌ، وَالْمَعْرُوفُ وَعْلٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن غَيْنه بدَل مِنْ عَيْنِ وَعْل، وَزَعَمَ الأَصمعي أَن الوَاغِل الَّذِي هُوَ الداخِلُ عَلَى الْقَوْمِ فِي شَرابهم وَلَمْ يُدْعَ إِنما اشتقَّ مِنْ هَذَا أَي لَيْسَ لَهُ مَكَانٌ يلجَأُ إِليه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن كَانَ هَذَا فخَليقٌ أَن لَا يَكُونَ بدَلًا لأَنَّ المُبْدل لَا يَبْلُغُ مِنَ الْقُوَّةِ أَن يصرَّف هَذَا التَّصْرِيفَ. والوَغْلُ: الشَّجَرُ الملتفُّ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
فلمَّا رأَى أَنْ لَيْسَ دُونَ سَوادِها ... ضَراءٌ، وَلَا وَغْلٌ مِنَ الحَرَجات
واسْتَوْغَلَ الرجلُ: غَسَل مَغابِنَه وبَواطِن أَعضائه، والله أَعلم.
وفل: الوَفْلُ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ.
وَقَلَ: وَقَلَ فِي الْجَبَلِ، بِالْفَتْحِ، يَقِلُ وَقْلًا ووُقولًا وتَوَقَّلَ تَوَقُّلًا: صَعَّد فِيهِ، وفرسٌ وَقِلٌ ووَقُلٌ ووَقَلٌ، وَكَذَلِكَ الوَعِل؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِل:
عَوْداً أَحَمَّ القَرا إِزْمَوْلةً وَقَلا، ... يأْتي تُراثَ أَبيه يَتْبَعُ القَذفا
والواقِلُ: الصاعِدُ بَيْنَ حُزونةِ الْجِبَالِ، وكلُّ صاعِدٍ فِي شَيْءٍ مُتَوَقِّلٌ. وَقَلَ يَقِلُ وَقْلًا: رَفَع رِجلًا وأَثبَت أُخرى؛ قَالَ الأَعشى:
وهِقْلٌ يَقِلُ المَشْيَ ... معَ الرَّبْداءِ والرَّأْلِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَقَلُ الكَرَبُ الَّذِي لَمْ يُسْتَقص، فبقيتْ أُصوله بارِزة فِي الجِذْع، فأَمكن المُرْتَقِيَ أَن يَرْتَقِيَ فِيهَا، وكلُّه مِنَ التَّوَقُّل الَّذِي هُوَ الصُّعود. وَفِي الْمَثَلِ: أَوْقَلُ مِنْ غُفْرٍ، وَهُوَ وَلد الأُروِيَّة. وَفَرَسٌ وَقِلٌ، بِالْكَسْرِ، إِذا أَحسن الدُّخُولَ بَيْنَ الْجِبَالِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: لَيْسَ بِلَبِدٍ فيُتَوَقَّل
؛ التَّوَقُّل: الإِسراعُ فِي الصُّعود. وَفِي حَدِيثِ
ظَبيان: فتَوَقَّلَتْ بِنَا القِلاص.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لمَّا كَانَ يومُ أُحُد كُنْتُ أَتَوَقَّلُ كَمَا تَتَوَقَّلُ الأُرْوِيَّةُ
أَي أَصعَد فِيهِ كَمَا تَصْعَد أُنثى الوُعول والوَقَلُ: الْحِجَارَةُ.(11/733)
والوَقْلُ، بِالتَّسْكِينِ: شَجَرُ المُقْل، وَاحِدَتُهُ وَقْلَة، وَقَدْ يُقَالُ: الدَّوْمُ شَجَرُ المُقْل والوَقْلُ ثَمَره؛ قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرَ واحدٍ مِنْ بَنِي كِلَابٍ يَقُولُ: الوَقْلُ ثَمَرَةُ المُقْل؛ وَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
وكأَنَّ عِيرَهُمُ، تُحَثُّ غُدَيَّةً، ... دَوْمٌ يَنُوءُ بيانِعِ الأَوْقَال «1»
. فالدَّوْم: شَجَرُ المُقْل، وأَوْقاله ثمارُه، وَجَمْعُ الوَقْل أَوْقال؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَمْ يَمْنَع الشُّرْبَ مِنْهَا غيرُ أَن هَتَفَتْ ... حَمامةٌ فِي سَحُوقٍ ذاتِ أَوْقالِ
والسَّحُوق: مَا طَالَ مِنَ الدَّوْم، وأَوْقاله: ثمارُه، والوَقْلَةُ أَيضاً: نَواتُه، وجمعه وُقُولٌ كبَدْرة وبُدورٍ وصَخْرة وصُخور، والله أَعلم.
وَكَلَ: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى الوَكِيلُ: هُوَ الْمُقِيمُ الْكَفِيلُ بأَرزاق الْعِبَادِ، وَحَقِيقَتُهُ أَنه يستقلُّ بأَمر المَوْكول إِليه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ رَبًّا وَيُقَالُ كافِياً؛ ابْنُ الأَنباري: وَقِيلَ الوَكِيلُ الْحَافِظُ، وَقَالَ أَبو إِسحاق: الوَكِيلُ فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي توَكَّل بِالْقِيَامِ بِجَمِيعِ مَا خَلَق، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الوَكِيلُ الْكَفِيلُ ونِعْمَ الكَفِيل بأَرزاقِنا، وَقَالَ فِي قَوْلِهِمْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
: كافِينا اللهُ ونِعْمَ الْكَافِي، كَقَوْلِكَ: رَازِقُنَا اللهُ ونِعْم الرَّازِقُ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ فِي الوَكِيل بِمَعْنَى الرَّبِّ:
وداخِلةٍ غَوْراً، وبالغَوْرِ أُخرِجتْ، ... وَبِالْمَاءِ سِيقَتْ، حِينَ حانَ دُخولُها
ثَوَتْ فِيهِ حَوْلًا مُظلِماً جَارِيًا لَهَا، ... فسُرَّتْ بِهِ حَقًّا وسُرَّ وَكِيلُها
داخِلة غَوْراً: يَعْنِي جَنِين النَّاقَةِ غارَ فِي رَحِمِ النَّاقَةِ، وبالغَوْر أُخْرِجت: بالرَّحِم أُخْرجت مِنَ الْبَطْنِ، بِالْمَاءِ سِيقَتْ إِلى الرَّحم حِينَ حَمَلتْه، سُرَّت يَعْنِي الأُمّ بِالْجَنِينِ، وسُرَّ وَكِيلُها: يَعْنِي رَبَّ النَّاقَةِ سَرَّه خُروجُ الجَنين. والمُتَوَكِّل عَلَى اللَّهِ: الَّذِي يَعْلَمُ أَن اللَّهَ كافِلٌ رِزْقَهُ وأَمْرَه فيرْكَن إِليه وحْدَه وَلَا يتوَكَّل عَلَى غَيْرِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَكِلَ بِاللَّهِ وتَوَكَّلَ عَلَيْهِ واتَّكَلَ استَسْلم إِليه، وَتَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ التَّوكُّل؛ يُقَالُ: تَوَكَّلَ بالأَمر إِذا ضَمِن القِيامَ بِهِ، ووَكَلْت أَمري إِلى فُلَانٍ أَي أَلجَأْتُه إِليه وَاعْتَمَدْتُ فِيهِ عَلَيْهِ، ووَكَّلَ فلانٌ فُلَانًا إِذا استَكْفاه أَمرَه ثِقةً بكِفايتِه أَو عَجْزاً عَنِ القِيام بأَمر نَفْسِهِ. ووَكَلَ إِليه الأَمرَ: سلَّمه. ووَكَلَه إِلى رأْيه وَكْلًا ووُكُولًا: تَرَكَهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرَاجِزٍ:
لمَّا رأَيت أَنَّني راعِي غَنَمْ، ... وإِنَّما وَكْلٌ عَلَى بعضِ الخَدَمْ
عَجْزٌ وتَعْذِيرٌ، إِذا الأَمرُ أَزَمْ
أَراد أَنَّ التوكُّل على بعض الخدَم عَجْزٌ. وَرَجُلٌ وَكَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ، ووُكَلَة مِثْلُ هُمَزة وتُكَلَة عَلَى البدَل ومُوَاكِل: عاجِزٌ كَثِيرُ الِاتِّكَالِ عَلَى غَيْرِهِ. يُقَالُ: وُكَلَةٌ تُكَلَةٌ أَي عَاجِزٌ يَكِل أَمره إِلى غَيْرِهِ ويَتَّكِل عَلَيْهِ؛ قَالَتِ امرأَة:
وَلَا تكونَنَّ كَهِلَّوْفٍ وَكَلْ
الوَكَل: الَّذِي يَكِلُ أَمره إِلى غَيْرِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذِهِ المرأَة هِيَ مَنْفوسة بِنْتُ زَيْدِ الْخَيْلِ؛ قال:
__________
(1) . قوله [بيانع] في التهذيب والتكملة: بناعم(11/734)
والرَّجَز إِنما هُوَ لِزَوْجِهَا قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، وَهُوَ:
أَشْبِهْ أَبا أُمِّكَ، أَو أَشبِهْ عَمَلْ، ... وَلَا تَكونَنَّ كَهِلَّوْفٍ وَكَلْ
يُصْبِحُ فِي مَضْجَعه قَدِ انْجَدَلْ، ... وارْقَ إِلى الخَيْرات زَنْأً فِي الجَبَلْ
وأَما الَّذِي قَالَتْهُ مَنْفوسة فإِنها قَالَتْهُ فِي وَلَدِهَا حَكِيمٍ:
أَشْبِهْ أَخي، أَو أَشبِهَنْ أَباكا ... أَمّا أَبي فَلَنْ تَنال ذَاكَا
تَقْصُر أَنْ تَنالَه يَداكا
وَقَالَ أَبو المُثلم أَيضاً:
حامِي الحَقيقةِ لَا وانٍ وَلَا وَكَل
اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ وَكَلٌ إِذا كَانَ ضَعِيفًا لَيْسَ بنافِذٍ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ مُوَاكِل أَي لَا تَجِدُهُ خَفِيفًا، بِغَيْرِ هَمْزٍ. وَيُقَالُ: فِيهِ وَكَالٌ أَي بُطْءٌ وبَلادة. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا مَشَى عُرِف فِي مَشْيِهِ أَنه غَيْرُ غَرِضٍ وَلَا وَكَلٍ
؛ الوَكَلُ والوَكِلُ: البليدُ وَالْجَبَانُ، وَقِيلَ: الْعَاجِزُ الَّذِي يَكِلُ أَمره إِلى غَيْرِهِ.
وَفِي مَقْتَل الْحُسَيْنِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ سِنَانٌ قاتلُه للحجَّاج: وَلَّيْتُ رَأْسَه «2» امْرَأً غَيْرَ وَكَلَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
وَكَلْتُه إِلى غَيْرِ وَكَلَ
، يَعْنِي نفسَه. وَيُقَالُ: قَدِ اتَّكَلَ عَلَيْكَ فُلَانٌ وأَوْكَلَ عَلَيْكَ فُلَانٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: قَدْ أَوْكَلْت عَلَى أَخيك الْعَمَلَ أَي خلَّيته كُلَّهُ. وَرَجُلٌ وُكَلَةٌ إِذا كَانَ يَكِلُ أَمرَه إِلى النَّاسِ. ووَاكَلْت فُلَانًا مُوَاكَلَةً إِذا اتَّكَلْت عَلَيْهِ واتَّكَل هُوَ عَلَيْكَ. والوَكَالُ: الضَّعْفُ؛ قَالَ أَبو الطَّمَحان القَيْنِيُّ:
إِذا وَاكَلْتَه لَمْ يُوَاكِل
وَقَالَ أَبو طَالِبٍ:
وَمَا تَرْكُ قَوْمٍ، لَا أَبا لكَ، سَيِّداً ... يَحُوطُ الذِّمارَ غَيْرُ ذَرْبٍ مُوَاكِل
ووَاكَلَتِ الدابةُ وِكَالًا: أَساءت السيرَ؛ وَقِيلَ: المُوَاكِلُ مِنَ الدَّوَابِّ المُرْكِحُ إِلى التأَخُّر. وتَوَاكَلَ الْقَوْمُ مُوَاكَلَةً ووِكَالًا: اتَّكَل بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. أَبو عَمْرٍو: المُوَاكِلُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي يَتَّكِل عَلَى صَاحِبِهِ فِي العَدْو. وَفِي حَدِيثِ
الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَابْنِ رَبِيعَةَ: أَتَياه يسأَلانه السِّقاية فتَوَاكَلا الكلامَ
أَي اتَّكَل كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِيهِ. يُقَالُ: اسْتَعَنْت القومَ فتَوَاكَلوا أَي وكلَني بعضُهم إِلى بَعْضٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ يَعْمَر: فَظَنَنْتُ أَنه سيَكِلُ الكلامَ إِليَ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ لُقْمان:
وإِذا كَانَ الشأْنُ اتَّكَلَ
أَي إِذا وَقَعَ الأَمر لَا يَنْهَض فِيهِ ويَكِله إِلى غَيْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ المُوَاكَلَة
؛ قِيلَ: هُوَ مِنَ الاتِّكال فِي الأُمور وأَن يَتَّكل كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ. يُقَالُ: رَجُلٌ وُكَلَةٌ إِذا كثُر مِنْهُ الاتِّكال عَلَى غَيْرِهِ فنُهي عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنافُر والتقاطُع، وأَن يَكِل صَاحِبَهُ إِلى نَفْسِهِ وَلَا يُعينه فِيمَا يَنُوبُه، وَقِيلَ: إِنما هُوَ مُفاعلة مِنَ الأَكْل، وَالْوَاوُ مُبْدَلة مِنَ الْهَمْزَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفَرَسٌ وَاكِلٌ: يَتَّكِلُ عَلَى صَاحِبِهِ فِي العَدْوِ وَيَحْتَاجُ إِلى الضرْب. وَيُقَالُ: دابَّة فِيهَا وِكَالٌ شَدِيدٌ ووَكَالٌ شَدِيدٌ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ. ووَكَلَتِ الدابةُ: فَتَرَت؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
وَكَلَتْ فقلْت لَهَا: النَّجاءَ تَناوَلي ... بِيَ حاجَتي، وتَجَنَّبي هَمْدانا
والوَكِيلُ: الجَريءُ، وَقَدْ يَكُونُ الوَكِيلُ لِلْجَمْعِ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، وَقَدْ وَكَّلَه عَلَى الأَمْر، وَالِاسْمُ
__________
(2) . قوله [وليت رأسه] ضبط في الأصل والنهاية بفتح التاء والظاهر أنه بضمها(11/735)
الوَكَالَة والوِكَالَةُ. ووَكِيلُ الرَّجُلِ: الَّذِي يَقوم بأَمره، سمِّي وَكِيلًا لأَن مُوَكِّله قَدْ وَكَل إِليه القيامَ بأَمره فَهُوَ مَوْكُولٌ إِليه الأَمرُ. والوَكِيلُ، عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: فَعِيل بمعنى مفعول. وتقول: اللَّهُمَّ لَا تَكِلْنا إِلى أَنفسنا. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
لَا تَكِلْني إِلى نَفْسِي طَرْفةَ عَيْنٍ فَأَهْلِكَ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
ووَكَلَها إِلى اللَّهِ
أَي صَرَف أَمْرَها إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَوَكَّلَ بِمَا بَيْنَ لَحْيَيْه ورِجْلَيْهِ تَوَكَّلْت لَهُ بالجنَّة
؛ قِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى تكَفَّل. الْجَوْهَرِيُّ: الوَكِيلُ مَعْرُوفٌ. يُقَالُ: وَكَّلْته بأَمر كَذَا تَوْكِيلًا. والتَّوَكُّل: إِظْهارُ العَجْزِ والاعْتماد عَلَى غَيْرِكَ، وَالِاسْمُ التُّكْلان. واتَّكَلْت عَلَى فُلَانٌ فِي أَمري إِذا اعْتَمَدْتُهُ، وأَصله اوْتَكَلْت، قُلِبَتِ الواوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا ثُمَّ أُبدلت مِنْهَا التَّاءُ فأُدغمت فِي تَاءِ الِافْتِعَالِ، ثُمَّ بُنِيَت عَلَى هَذَا الإِدغام أَسماءٌ مِنَ المِثال، وإِن لَمْ تَكُنْ فِيهَا تِلْكَ الْعِلَّةُ، توهُّماً أَن التَّاءَ أَصلية لأَن هَذَا الإِدغام لَا يَجُوزُ إِظهاره فِي حَالِ، فمِنْ تِلْكَ الأَسماء التُّكَلة والتُّكْلان والتُّخَمة والتُّهَمة والتُّجاهُ والتُّراثُ والتَّقْوَى، وإِذ صغَّرت قُلْتَ تُكَيْلَةٌ وتُخَيْمة، وَلَا تُعيد الْوَاوَ لأَن هَذِهِ حُرُوفٌ أُلْزِمَت البدَل فَبَقِيَتْ فِي التَّصْغِيرِ والجمعِ. ووَكَلَه إِلى نَفْسِهِ وَكْلًا ووُكُولًا، وَهَذَا الأَمر مَوْكُولٌ إِلى رأْيِك؛ وَقَوْلُهُ «1» :
كِلِينِي لهَمٍّ، يَا أمَيْمَةَ، ناصِبِ
أَي دَعِيني. ومَوْكَل، بِالْفَتْحِ: اسْمُ جَبَلٍ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ اسْمُ بَيْتٍ كَانَتِ المُلوك تنزِله. وغُرْفَةُ مَوْكَل: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ؛ ذَكَرَهُ لَبِيدٌ فَقَالَ يَصِفُ اللَّيَالِيَ:
وغَلَبْنَ أَبْرَهَةَ الَّذِي أَلْفَيْنَهُ ... قَدْ كَانَ خُلِّدَ فَوْقَ غُرْفةِ مَوْكَل
وَجَاءَ مَوْكَل عَلَى مَفْعَل نَادِرًا فِي بَابِهِ، والقِياس مَوْكِلٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ شَاذٌّ مثل مَوْحَدٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَسود:
وأَسبابُه أَهْلَكْنَ عَادًا، وأَنزلت ... عَزِيزاً تغنَّى فَوْقَ غُرْفَةِ مَوْكَلِ
وَلْوَلَ: الوَلْوَالُ: البَلْبالُ. ووَلْوَلَت المرأَةُ: دَعَتْ بالوَيْل وأَعْوَلَتْ، وَالِاسْمُ الوَلْوَالُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنَّ أَصْواتَ كِلابٍ تَهْتَرِشْ، ... هاجَتْ بِوَلْوَالٍ ولَجَّتْ فِي حَرَشْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ جِنِّي وَلْوَلَتْ مأْخوذ مِنْ وَيْلٌ لَهُ عَلَى حَدِّ عَبَقْسِيٍّ وَخَرْبَانِ «2» . وَفِي حَدِيثِ
أَسماء: جَاءَتْ أُمُّ جَمِيلٍ فِي يَدِهَا فِهْرٌ وَلَهَا وَلْوَلَةٌ.
وَفِي
حَدِيثِ فَاطِمَةَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ: فَسَمع تَوَلْوُلَها تُنادي يَا حَسَنان يَا حُسَينان
؛ الوَلْوَلَةُ: صوتٌ مُتَتَابِعٌ بالوَيْل وَالِاسْتِغَاثَةِ، وَقِيلَ: هِيَ حِكَايَةُ صَوْتِ النَّائِحَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: فانْطَلَقَتا تُوَلْوِلان.
ووَلْوَلَتِ الفَرَسُ: صوّتتْ. والوَلْوَلُ: الهامُ الذكَرُ، وَقِيلَ: ذكَرُ البُوم. ووَلْوَلٌ: اسمُ سيفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّاب بْنِ أَسِيدٍ وافْتَخر يَوْمَ الجَمَل، وَفِي التَّهْذِيبِ: سَيْفٌ كَانَ لعَتَّاب بْنِ أَسِيد وَابْنُهُ الْقَائِلُ يَوْمَ الْجَمَلِ:
أَنا ابْنُ عَتَّاب وسَيْفي وَلْوَلْ، ... والمَوْتُ دُونَ الجَمَل المُجَلَّلْ «3» .
__________
(1) . أي النابغة، وعجز البيت:
وليلٍ أقاسِيهِ بَطِيء الكَواكب
(2) . قوله [وخربان] هكذا في الأصل
(3) . قوله [أنا ابن عتاب إلخ] هكذا ضبطت القافية في الأصل بالسكون وفي التكملة برفع ولول وجر المجلل وكتب عليه: فيه إقواء(11/736)
وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ يقتُل بِهِ الرِّجَالَ فتُولْوِل نساؤُهم عليهم.
وَهِلَ: وَهِل وَهَلًا: ضعُف وفَزِعَ وجَبُن، وَهُوَ وَهِلٌ، ووَهَّلَه: أَفزعه. الْجَوْهَرِيُّ: الوَهَل، بِالتَّحْرِيكِ، الفزَع، وَقَدْ وَهِلَ يَوْهَل فَهُوَ وَهِلٌ ومُسْتَوْهِل؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ إِبلًا:
وتَرى لِجَيْضَتهِنّ عِنْدَ رَحِيلِنا ... وَهَلًا، كأَنَّ بهنَّ جِنَّة أَوْلَق
ووَهَلْت إِليه إِذا فَزعْت إِليه. ووَهِلْت، بِالْكَسْرِ، إِذا فَزِعْت مِنْهُ؛ قَالَ: وشاهدُ مُسْتَوْهِلٍ قَوْلُ أَبي دُواد:
كأَنه يَرْفَئِيٌّ، باتَ عَنْ غَنَمٍ، ... مُستَوْهِلٌ فِي سَواد الليل مَذْؤُوبُ
وَفِي حَدِيثِ قَضَاءِ الصَّلاة والنَّوم عَنْهَا:
فقُمْنا وَهِلِينَ
أَي فَزِعِينَ. والوَهِل والمُسْتَوْهِل: الفَزِع النَّشِيط. ووَهِلْت إِليه وَهَلًا: فَزِعْت إِليه. ووَهِلْت مِنْهُ: فَزِعْت مِنْهُ. والوَهْلَةُ: الفَزْعة. ووَهَلْت إِليه، بِالْفَتْحِ، وأَنت تريد غيرَه: مثل وَهَمْت وسَهَوْت، ووَهَلْت فأَنا وَاهِل أَي سَهَوْت. ووَهِلَ فِي الشَّيْءِ وَعَنْهُ وَهِلًا: غَلِط فِيهِ ونَسِيه. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَهَلْت إِلى الشَّيْءِ وَعَنْهُ إِذا نَسِيته وغَلِطت فِيهِ. وتَوَهَّلْت فُلَانًا أَي عَرَّضته لأَن يَهِلَ ويَغْلَط؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَيْفَ أَنت إِذا أَتاكَ مَلَكان فتَوَهَّلاك فِي قَبْرك؟
أَبو سَعِيدٍ: أَبو زَيْدٍ وَهَلْت إِلى الشَّيْءِ أَهِلُ وَهْلًا، وَهُوَ أَن تُخْطِئ بِالشَّيْءِ فتَهِل إِليه وأَنت تُرِيدُ غيرَه. أَبو زَيْدٍ: وَهِلَ فِي الشَّيْءِ وَعَنِ الشَّيْءِ يَوْهَلُ وَهَلًا إِذا غلِط فِيهِ وسَها. ووَهَلْتُ إِليه، بِالْفَتْحِ، وأَنت تريد غيره: مثل وَهَمْت؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
رأَيت فِي المَنام أَني أُهاجِر مِنْ مَكَّة فذهَب وَهَلِي إِلى أَنها اليَمامةُ أَو هَجَرُ
؛ وَهَلَ إِلى الشَّيْءِ، بِالْفَتْحِ، يَهِل، بِالْكَسْرِ، وَهْلًا، بِالسُّكُونِ، ويَوْهَلُ إِذا ذَهَبَ وَهْمُه إِليه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَهَلَ ابنُ عُمر
أَي ذَهَبَ وَهْمُه إِلى ذَلِكَ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى سَها وغَلِط. يُقَالُ مِنْهُ: وَهِلَ فِي الشَّيْءِ وَعَنِ الشَّيْءِ، بِالْكَسْرِ، يَوْهَلُ وَهَلًا، بِالتَّحْرِيكِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: وَهِلَ أَنَسٌ أَي غَلِط. وكلَّمت فُلَانًا وَمَا ذهَب وَهَلِي إِلَّا إِلى فُلَانٍ أَي وَهْمِي. ولَقِيته أَوَّل وَهْلَةٍ ووَهَلَة ووَاهِلةٍ أَي أَوَّل شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّل مَا تَرَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فلَقِيته أَوَّل وَهْلةٍ
أَي أَوَّل شَيْءٍ، والوَهْلَة المرَّة مِنَ الفزَع، أَي لَقِيَتُهُ أَوّل فَزِعَةٍ فَزِعتها بِلِقَاءِ إِنسان.
وَهْبَلَ: وَهْبِيلُ: حَيٌّ مِنَ النَّخَعِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا بأَن الْوَاوَ أَصْل وإِن لَمْ تَكُنْ مِنْ بَنات الأَربعة، حَمْلًا لَهُ عَلَى وَرَنْتَلٍ إِذ لَا نَعْرِفُ لوَهْبِيلٍ اشْتِقَاقًا كما لم نَعْرِفه لِوَرَنْتَل.
وَيَلَ: وَيْلٌ: كَلِمَةٌ مِثْلَ وَيْحٍ إِلَّا أَنها كَلِمَةُ عَذاب. يُقَالُ: وَيْلَهُ ووَيْلَكَ ووَيْلي، وَفِي النُّدْبةِ: وَيْلاهُ؛ قَالَ الأَعشى:
قالتْ هُرَيْرَةُ لَمَّا جئتُ زائرَها: ... وَيْلِي عليكَ، ووَيْلِي منكَ يَا رَجُلُ
وَقَدْ تَدْخُلُ عَلَيْهِ الْهَاءُ فَيُقَالُ: وَيْلَة؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ جَعْدة التَّغْلُّبِيُّ:
لأُمِّك وَيْلَةٌ، وَعَلَيْكَ أُخْرَى، ... فَلَا شاةٌ تُنِيلُ وَلَا بَعِيرُ
والوَيْل: حُلولُ الشرِّ. والوَيْلَةُ: الْفَضِيحَةُ والبَلِيَّة،(11/737)
وَقِيلَ: هُوَ تَفَجُّع، وإِذا قال القائل: وا وَيْلَتَاه فإِنما يعني وا فَضِيحَتاه، وَكَذَلِكَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ
، قَالَ: وَقَدْ تجمَع الْعَرَبُ الوَيْل بالوَيْلات. ووَيَّلَه ووَيَّلَ له: أَكثر مِنْ ذكْر الوَيْل، وَهُمَا يَتَوَايَلان. ووَيَّلَ هُوَ: دَعا بالوَيْل لِمَا نزَل بِهِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
عَلَى مَوْطِنٍ أُغْشِي هَوازِن كلَّها ... أَخا الْمَوْتِ كَظًّا، رَهْبةً وتَوَيُّلا
وَقَالُوا: لَهُ وَيْلٌ وئِلٌ ووَيْلٌ وَئِيلٌ، هَمَزوه عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراها لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ. ووَيْلٌ وَائِلٌ: عَلَى النسَب والمُبالغة لأَنه لَمْ يستعمَل مِنْهُ فِعْل؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: امْتَنَعُوا مِنَ اسْتِعْمَالِ أَفعال الوَيْل والوَيْسِ والوَيْحِ والوَيْبِ لأَنَّ الْقِيَاسَ نفَاه ومَنَع مِنْهُ، وَذَلِكَ لأَنه لَوْ صُرِّف الْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ لَوَجَبَ اعتلالُ فَائِهِ وعَيْنِه كوَعَد وباعَ، فتَحامَوا اسْتِعْمَالَهُ لِمَا كَانَ يُعْقِب مِنَ اجْتِمَاعِ إِعْلالين. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ وَيْلٌ لَهُ ووَيْلًا لَهُ أَي قُبْحاً، الرَّفْعُ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَلَا فِعْل لَهُ، وَحَكَى ثَعْلَبٌ: وَيْل بِهِ؛ وأَنشد:
وَيْل بِزَيْد فَتَى شَيْخٍ أَلُوذُ بِهِ ... فَلَا أُعشِّي لَدَى زَيْدٍ، وَلَا أَرِدُ
أَراد فَلَا أُعشِّي إِبلي، وَقِيلَ: أَراد فَلَا أَتَعَشَّى. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ وَيْلٌ لزيدٍ ووَيْلًا لِزَيْدٍ، فَالنَّصْبُ عَلَى إِضمار الْفِعْلِ وَالرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، هَذَا إِذا لَمْ تضِفْه، فأَما إِذا أَضفْت فَلَيْسَ إِلا النصْب لأَنك لَوْ رَفَعْتَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَبَرٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الرَّفْعِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
؛ وَشَاهِدُ النَّصْبِ قَوْلُ جَرِيرٍ:
كَسَا اللُّؤْمُ تَيْماً خُضْرةً فِي جُلودِها، ... فَوَيْلًا لِتَيْمٍ مِنْ سَرابِيلِها الخُضْرِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا قرأَ ابنُ آدمُ السَّجْدةَ فسَجَدَ اعْتزَلَ الشيطانُ يَبْكي يَقُولُ يَا وَيْلَه
؛ الوَيْلُ: الحُزْن والهَلاك والمشقَّة مِنَ العَذاب، وكلُّ مَن وَقع فِي هَلَكة دَعا بالوَيْل، وَمَعْنَى النِّداءِ فِيهِ يَا حَزَني وَيَا هَلاكي وَيَا عَذابي احْضُر فَهَذَا وقْتُك وأَوانك، فكأَنه نادَى الوَيْل أَن يَحْضُره لِما عَرض لَهُ مِنَ الأَمر الفَظيع وَهُوَ النَّدَم عَلَى تَرْك السُّجُودِ لآدمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأَضاف الوَيْلَ إِلى ضَمِيرِ الْغَائِبِ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى، وعَدَلَ عَنْ حِكَايَةِ قَوْلِ إِبليس يَا وَيْلي، كَراهية أَن يُضيف الوَيْلَ إِلى نَفْسِهِ، قَالَ: وَقَدْ يَرِدُ الوَيْلُ بِمَعْنَى التَّعَجُّب. ابْنُ سِيدَهْ: ووَيْل كَلِمَةُ عَذاب. غَيْرُهُ: وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
ووَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وَيْلٌ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ والخبرُ لِلْمُطَفِّفين؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ لَجاز وَيْلًا عَلَى مَعْنَى جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ وَيْلًا، وَالرَّفْعُ أَجْودُ فِي الْقُرْآنِ وَالْكَلَامِ لأَن الْمَعْنَى قَدْ ثبَت لَهُمْ هَذَا. والوَيْلُ: كَلِمَةٌ تُقَالُ لِكُلِّ مَن وَقع فِي عَذَابٍ أَو هَلَكةٍ، قَالَ: وأَصْلُ الوَيْلِ فِي اللُّغَةِ العَذاب والهَلاك. والوَيْلُ: الهَلاك يُدْعَى بِهِ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكة يَسْتَحِقُّها، تَقُولُ: وَيْلٌ لِزَيْدٍ، وَمِنْهُ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
، فإِن وَقع فِي هَلَكة لَمْ يستَحِقَّها قُلْتَ: وَيْح لِزَيْدٍ، يَكُونُ فِيهِ مَعْنَى التِّرَحُّم؛ وَمِنْهُ قَوْلِ
سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيْحُ ابنِ سُمَيَّة تَقْتُله الفِئةُ الباغِية
ووَيْلٌ: وادٍ فِي جهنَّم، وَقِيلَ: بابٌ مِنْ أَبوابها، وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْريّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ(11/738)
اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الوَيْلُ وادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهِ الكافِر أَربعين خَرِيفاً لَوْ أُرسلت فيه الجبال لَمَاعَتْ مِنْ حَرِّه قَبْلَ أَن تَبْلُغَ قَعْرَه، والصَّعُودُ: جبَل مِنْ نَارٍ يَصَّعَّد فِيهِ سَبْعِينَ خَريفاً ثُمَّ يَهْوِي كَذَلِكَ
، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
؛ وَيْلٌ للمُكَذِّبين، قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَن يُقَالَ وَيْلٌ دعاء هاهنا لأَنه قَبيح فِي اللَّفْظِ، وَلَكِنَّ الْعِبَادَ كُلِّموا بِكَلَامِهِمْ وَجَاءَ القُرآن عَلَى لُغَتِهِمْ عَلَى مِقدار فَهْمِهم، فكأَنه قِيلَ لَهُمْ: وَيْلٌ للمُكَذِّبين أَي هَؤُلَاءِ مِمَّن وجَب هَذَا القَوْلُ لَهُمْ؛ وَمِثْلُهُ: قاتَلَهُمُ اللَّهُ*، أُجْرِيَ هَذَا عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ، وَبِهِ نَزَلَ الْقُرْآنُ. قَالَ الْمَازِنِيُّ: حَفِظْتُ عَنِ الأَصْمَعي: الوَيْلُ قُبُوح، والوَيْحُ تَرحُّم، والوَيْسُ تَصْغِيرُهُمَا أَي هِيَ دُونَهُمَا. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الوَيْل هَلَكة، والوَيْح قُبُوحٌ، والوَيْسُ ترحُّم. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الوَيْل يُقَالُ لِمَنْ وقَع فِي هَلَكة، والوَيْحُ زَجْرٌ لِمَنْ أَشرف عَلَى هَلَكة، وَلَمْ يذكر في الوَيْسِ شيئا. وَيُقَالُ: وَيْلًا لَهُ وَائِلًا، كَقَوْلِكَ شُغْلًا شاغِلًا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
والهامُ يَدْعُو البُومَ وَيْلًا وَائِلا «4»
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وإِذا قَالَ الإِنسان يَا وَيْلاهُ قُلْتُ قَدْ تَوَيَّلَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَوَيَّلَ إِنْ مَدَدْت يَدي، وَكَانَتْ ... يَميني لَا تُعَلّلُ بالقَلِيل
وإِذا قالت المرأَة: وا وَيْلَها، قُلْتُ وَلْوَلَتْ لأَنَّ ذَلِكَ يَتَحَوَّل إِلى حِكَايَاتِ الصَّوْت؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنَّما عَوْلَتُه مِنَ التَّأَقْ ... عَوْلةُ ثَكْلى وَلْوَلَتْ بَعْدَ المَأَقْ
وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي طَالِبٍ النَّحْوِيِّ أَنه قَالَ: قَوْلُهُمْ وَيْلَه كَانَ أَصلها وَيْ وُصِلَتْ بِلَهُ، وَمَعْنَى وَيْ حُزْنٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ وايْه، مَعْنَاهُ حُزْنٌ أُخْرِجَ مُخْرَج النُّدْبَة، قَالَ: والعَوْلُ الْبُكَاءُ فِي قَوْلِهِ وَيْلَه وعَوْلَه، ونُصِبا عَلَى الذمِّ وَالدُّعَاءِ، وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: وَيْلُ الشَّيْطَانِ وعَوْلُه، فِي الوَيْل ثَلَاثَةُ أَقوال: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الوَيْلُ وادٍ فِي جَهَنَّمَ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ الوَيْل شِدَّة مِنَ الْعَذَابِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ الأَصل وَيْ للشَّيطان أَي حُزْنٌ لِلشَّيْطَانِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَيْ لِمَ فعلْت كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَفِي قَوْلِهِمْ وَيْل الشَّيْطَانِ سِتَّةُ أَوجه: وَيْلَ الشَّيْطَانِ، بِفَتْحِ اللَّامِ، ووَيْلِ، بِالْكَسْرِ، ووَيْلُ، بِالضَّمِّ، ووَيْلًا ووَيْلٍ ووَيْلٌ، فَمَنْ قَالَ وَيْلِ الشَّيْطَانِ قَالَ: وَيْ مَعْنَاهُ حُزْنٌ لِلشَّيْطَانِ، فَانْكَسَرَتِ اللَّامُ لأَنها لَامُ خَفْضٍ، وَمَنْ قَالَ وَيْلَ الشَّيْطَانِ قَالَ: أَصل اللَّامِ الْكَسْرُ، فَلَمَّا كَثُرَ استعمالُها مَعَ وَيْ صَارَ مَعَهَا حَرْفًا وَاحِدًا فَاخْتَارُوا لَهَا الْفَتْحَةَ، كَمَا قَالُوا يالَ ضَبَّةَ، فَفَتَحُوا اللَّامَ، وَهِيَ فِي الأَصل لَامُ خفْض لأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِيهَا كَثُرَ مَعَ يَا فَجُعِلَا حَرْفًا وَاحِدًا؛ وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ هُذَيْلٍ:
فَوَيْلٌ بِبَزّ جَرَّ شَعْلٌ عَلَى الْحَصَى، ... فَوُقِّرَ مَا بَزٌّ هُنَالِكَ ضائعُ «5»
. شَعْلٌ: لقَب تأَبَّط شَرًّا، وَكَانَ تأَبَّط قَصِيرًا فَلَبِسَ سيفَه فجرَّه عَلَى الْحَصَى، فوَقَّره: جَعَلَ فِيهِ وَقْرةً أَي فُلولًا، قَالَ: وَيْل بِبَزٍّ فتعجَّب مِنْهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ وَيْبَك بِمَعْنَى وَيْلَك؛ قَالَ المُخَبَّل:
__________
(4) . قوله [والهام إلخ] بعده كما في التكملة:
والبوم يدعو الهام ثكلًا ثاكلا
(5) . قوله [فويل ببز إلخ] تقدم في مادة بزز بلفظ:
فوَيْل آمِّ بَزٍّ جَرَّ شَعْلٌ عَلَى الْحَصَى ... وَوُقِّرَ بَزٌّ مَا هُنَالِكَ ضَائِعُ
وشرحه هناك بما هو أوضح مما هنا(11/739)
يَا زِبْرِقان، أَخا بَنِي خَلَفٍ، ... مَا أَنت، وَيْبَ أَبيك والفَخْر
قَالَ: وَيُقَالُ مَعْنَى ويْبَ التَّصْغِيرُ وَالتَّحْقِيرُ بِمَعْنَى وَيْس. وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ: وَيْح لِزَيْدٍ بِمَعْنَى وَيْل لِزَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ويقوِّيه عِنْدِي قَوْلُ سِيبَوَيْهِ تَبًّا لَهُ ووَيْحاً وويحٌ لَهُ وتَبٌّ وَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الترحُّم لأَن التَّبَّ الخَسار. ورجلٌ وَيْلِمِّهِ ووَيْلُمِّهِ: كَقَوْلِهِمْ فِي المُسْتجادِ وَيْلُمِّهِ، يُرِيدُونَ وَيْلَ أُمِّه، كَمَا يَقُولُونَ لابَ لَكَ، يُرِيدُونَ: لَا أَبَ لَكَ، فركَّبوه وَجَعَلُوهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ؛ ابْنُ جِنِّي: هَذَا خَارِجٌ عَنِ الْحِكَايَةِ أَي يُقَالُ لَهُ مِنْ دَهائه وَيْلِمِّهِ، ثُمَّ أُلحقت الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ كداهِيةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي
قَوْلِهِ لأَبي بَصِير: وَيْلُمِّهِ مِسْعَر حَرْب
، تَعَجُّباً مِنْ شَجَاعَتِهِ وجُرْأَتِه وإِقدامِه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ: وَيْلُمِّهِ كَيْلًا بِغَيْرِ ثمنٍ لَوْ أَنَّ لَهُ وِعاً
أَي يَكِيلُ العُلوم الجَمَّة بِلَا عِوَضٍ إِلا أَنه لَا يُصادِفُ واعِياً، وَقِيلَ: وَيْ كَلِمَةٌ مُفردة ولأُمِّه مُفْرَدَةٌ وَهِيَ كَلِمَةُ تفجُّع وتعجُّب، وَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ مِنْ أُمِّه تَخْفِيفًا وأُلقيت حركتُها عَلَى اللَّامِ، وينصَب مَا بَعْدَهَا عَلَى التَّمْيِيزِ، والله أَعلم.
فصل الياء المثناة التحتية
يَلَل: اليَلَلُ: قِصَر الأَسنان والتزاقُها وإِقبالُها عَلَى غارِ الفَمِ واختلافُ نِبْتَتِها وانعِطافُها إِلى داخِل الْفَمِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: اليَلَلُ قِصَرُ الأَسنان العُليا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ السِّكِّيتِ، وغلَّطه فِيهِ ابْنُ حَمْزَةَ وَقَالَ: اليَلَلُ قِصَرُ الأَسنان وَهُوَ ضدُّ الرَّوَقِ، والرَّوَقُ طُولُهَا، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: اليَلَلُ انثِناؤها إِلى داخِل الفَمِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: اليَلَلُ أَشدُّ مِنَ الكَسَسِ، والأَلَلُ لُغَةٌ عَلَى البدَل؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: فِي أَسنانه يَلَلٌ وأَلَلٌ، وَهُوَ أَن تُقْبِل الأَسنان عَلَى باطِن الفَم، وَقَدْ يَلَّ ويَلِلَ يَلًّا ويَلَلًا، قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْ مِنَ الأَلَلِ فِعلًا فدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَمْزَةَ أَلَلٍ بَدَلٌ مِنْ يَاءٍ يَلَلٍ، وَرَجُلٌ أَيَلُّ والأُنثى يَلّاءُ. التَّهْذِيبُ: الأَيَلُّ الْقَصِيرُ الأَسنان، وَالْجَمْعُ اليُلُّ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
رَقَميَّات، عَلَيْهَا ناهِضٌ، ... تُكْلِحُ الأَرْوَقَ مِنْهُمْ والأَيَلّ
أَي رَمَيْتَهُمْ بِسِهَامٍ. ابْنُ الأَعرابي: الأَيَلُّ الطويلُ الأَسْنان، والأَيَلُّ الصَّغِيرُ الأَسنان. وَهُوَ مِنَ الأَضْداد. وصَفاةٌ يَلَّاءُ بَيِّنةُ اليَلَلِ: مَلْساء مُسْتَوِيَةٌ. وَيُقَالُ: مَا شَيْءٌ أَعذبُ مِنْ ماءِ سَحابة غَرَّاء، في صَفاة يَلّاء. وعَبْدُ يَالِيلَ: اسمُ رَجُلٍ جاهِليّ، وَزَعَمَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ أَنّ كلَّ اسمٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ آخِرُهُ إِلٌّ أَو إِيلٌ كجِبْريل وشِهْمِيل وعَبد يالِيل مُضَافٌ إِلى أَيلٍ أَو إِلٍّ هُمَا مِنْ أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: وَقَدْ بيَّنا أَن هَذَا خَطَأٌ لأَنه لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ الْآخَرُ مَجْرُورًا فَقُلْتَ جِبرِيلٍ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ويَلْيَل: اسمُ جَبَلٍ مَعْرُوفٍ بالبادِية. ويَلْيَل: مَوْضِعٌ، وَفِي غَزْوَةِ بَدْرٍ يَلْيَل «1» هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ الأُولى وَادِي يَنْبُع يَصُبُّ فِي غَيْقة؛
__________
(1) . قوله [وَفِي غَزْوَةِ بَدْرٍ يَلْيَل إلخ] عبارة ياقوت: يَلْيَل اسم قرية قرب وادي الصفراء من أعمال المدينة وفيه عين كبيرة تخرج من جوف رمل، إلى أن قال: وتصب في البحر عند ينبع، ثم قال: ووادي يليل يصب في البحر، ثم قال: وقال ابن إسحاق في غزوة بدر مضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي خلف العقنقل ويَلْيَل بين بدر وبين العقنقل الكثيب الذي خلفه قريش والقليب ببدر من العدوة الدنيا من بطن يليل إلى المدينة(11/740)
قَالَ جَرِيرٌ:
نَظَرَتْ إِليكَ بِمثْلِ عَيْنَيْ مُغْزِلِ، ... قَطَعَتْ حَبائلَها بأَعْلى يَلْيَلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ وَادِي الصَّفْراء دُوَيْن بَدْرٍ مِنْ يَثرِب؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ حَارِثَةَ بْنِ بَدْرٍ:
يَا صَاحٍ إِنِّي لَسْتُ ناسٍ لَيْلَةً، ... مِنْهَا نَزَلْت إِلى جَوانب يَلْيَلِ
وَقَالَ مُسافِع بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ:
عَمْرُو بنُ عَبْدٍ كَانَ أَوَّل فارِسٍ ... جَزَعَ المَذادَ، وكانَ فارس يَلْيَلِ.(11/741)
الجزء الثاني عشر
م
حرف الميم
م: الميمُ مِنَ الحُروف الشَّفَوِيَّة وَمِنَ الحُروف المَجْهورة، وَكَانَ الْخَلِيلُ يُسَمِّي الْمِيمَ مُطْبقَة لأَنه يُطْبَقُ إِذا لُفِظَ بها.
فصل الألف
ابْرِيسِمَ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الإِبْرِيسِم، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَرْسَمَ إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أتم: الأَتْمُ مِنَ الخُرَز: أَن تُفْتَق خُرْزَتان فتَصِيرا وَاحِدَةً، والأَتُومُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي التَقى مَسْلَكاها عِنْدَ الافْتِضاض، وَهِيَ المُفْضاة، وأَصلُه أَتَمَ يأْتِمُ إِذا جَمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، وَمِنْهُ سُمِّي المَأْتَمُ لِاجْتِمَاعِ النِّسَاءِ فِيهِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَصله فِي السِّقاء تَنْفَتِق خُرْزَتان فَتَصيران وَاحِدَةً؛ وَقَالَ:
أَيا ابنَ نخّاسِيَّة أَتُومِ
وَقِيلَ الأَتُومُ الصَّغِيرَةُ الفَرْج؛ والمَأْتم كُلُّ مُجْتَمَعٍ مِنْ رِجَالٍ أَو نِسَاءٍ فِي حُزْن أَو فَرَحٍ؛ قَالَ:
حَتَّى تَراهُنَّ لَدَيْه قُيّما، ... كَمَا تَرى حَوْلَ الأَمِير المَأْتَما
فالمَأْتَمُ هُنَا رِجالٌ لَا مَحالةَ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ النِّسَاءَ يَجْتَمِعْنَ فِي حُزْن أَو فرَح. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَقاموا عَلَيْهِ مَأْتَماً
؛ المَأْتَمُ فِي الأَصل: مُجْتَمَعُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الغَمِّ والفَرَح، ثُمَّ خصَّ بِهِ اجْتِمَاعَ النِّسَاءِ لِلْمَوْتِ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّوابُّ منهنَّ لَا غَيْرَ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: المَأْتم عِنْدَ الْعَرَبِ النِّساء يَجْتَمِعْنَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؛ وَقَالَ أَبو حَيَّة النُّمَيْرِيّ:
رِمَتْهُ أَناةٌ مِنْ رَبِيعةِ عامِرٍ، ... نَؤُومُ الضُّحى فِي مَأْتَمٍ أَيّ مأْتَمِ
فَهَذَا لَا مَحالة مَقام فَرَح؛ وَقَالَ أَبو عطاء السِّنْدي:
عَشِيَّة قام النائحاتُ، وشُقِّقت ... جُيوبٌ بأَيْدي مَأْتَمٍ وخُدُودُ
أَي بأَيدي نِساءٍ فَهَذَا لَا مَحالة مَقام حُزْن ونَوْح. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وخصَّ بَعْضُهُمْ بالمَأْتَم الشوابَّ مِنَ(12/3)
النِّساء لَا غَيْرَ، قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي الفَرَح:
ومَأْتَمٍ كالدُّمى حُورُ مَدامِعها، ... لَمْ تَيْأَس العَيْشَ أَبكاراً وَلَا عُونا «2»
. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْعَامَّةُ تَغْلَط فتظنُّ أَن المأْتم النَّوْح وَالنِّيَاحَةُ، وإِنما المَأْتَمُ النِّسَاءُ المجتَمِعات فِي فَرَح أَو حُزْن؛ وأَنشد بَيْتَ أَبي عَطاء السِّنْدي:
عَشِيَّة قَامَ النائحاتُ، وشُقِّقت ... جُيوبٌ بأَيْدي مَأْتَمٍ وخُدُودُ
فَجَعَلَ المأْتم النِّسَاءَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ النِّياحة؛ قَالَ: وَكَانَ أَبو عَطَاءٍ فَصِيحًا، ثُمَّ ذَكَرَ بَيْتَ ابْنِ مُقْبِلٍ:
ومَأْتمٍ كالدُّمى حُورُ مَدامِعها، ... لَمْ تيْأَس العَيْشَ أَبكاراً وَلَا عُونا
وَقَالَ: أَراد ونِساء كالدُّمى؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ بَيْتَ أَبي حَيَّة النُّمَيْرِيِّ:
رَمَتْهُ أَناةٌ مِنْ رَبيعةِ عامِرٍ، ... نَؤُومُ الضُّحى فِي مَأْتَمٍ أَيّ مَأْتَمِ
يُرِيدُ فِي نِساء أَي نِساء، وَالْجَمْعُ المَآتِم، وَهُوَ عِنْدَ العامَّة المُصيبة؛ يَقُولُونَ: كُنَّا فِي مَأْتَمِ فُلَانٍ وَالصَّوَابُ أَن يُقَالَ: كُنّا فِي مَناحة فُلَانٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَا يَمْتَنِعُ أَن يقَع المَأْتَم بِمَعْنَى المَناحةِ والحزْن والنَّوْحِ والبُكاءِ لأَن النِّسَاءَ لِذَلِكَ اجْتَمَعْنَ، والحُزْن هُوَ السَّبَبُ الْجَامِعُ؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ التَّيْمِيِّ فِي مَنْصُورِ بْنِ زِياد:
والناسُ مَأْتَمُهُم عَلَيْهِ واحدٌ، ... فِي كُلِّ دَارٍ رَنَّةٌ وزَفِيرُ
وَقَالَ زَيْدُ الْخَيْلِ:
أَفي كلِّ عامٍ مَأْتَمٌ تَبْعَثُونَه ... عَلَى مِحْمَرٍ، ثَوَّبْتُموه وَمَا رضَا
وَقَالَ آخَرُ:
أَضْحى بَناتُ النَّبِّي، إِذْ قُتلوا، ... فِي مَأْتَمٍ، والسِّباعُ فِي عُرُسِ «3»
. أَي هُنَّ فِي حُزْن والسِّباع فِي سُرورٍ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَما ابْنُكِ إِلا ابنٌ مِنَ النَّاسِ، فاصْبِري ... فَلن يُرْجِع المَوْتَى حَنِينُ المَآتِمِ
فَهَذَا كُلُّهُ فِي الشَّرِّ والحُزْن، وَبَيْتُ أَبي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ فِي الْخَيْرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَن المأْتَم مشتقٌّ مِنَ الأَتْمِ فِي الخُرْزَتَيْنِ، وَمِنَ المرأَة الأَتُوم، وَالْتِقَاؤُهُمَا أَنَّ المَأْتَم النِّسَاءُ يَجْتَمِعْنَ ويَتقابلن فِي الْخَيْرِ والشرِّ. وَمَا فِي سَيْرِهِ أَتَمٌ ويَتَمٌ أَي إِبطاء. وَخَطَبَ فَمَا زَالَ عَلَى.. «4» ..... شَيْءٌ وَاحِدٌ. والأُتُم: شَجَرٌ يُشْبِهُ شَجَرَ الزيْتون يَنْبُتُ بالسَّراة فِي الْجِبِالِ، وَهُوَ عِظام لَا يُحْمَلُ، وَاحِدَتُهُ أُتُمة، قَالَ: حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ. والأَتْم: مَوْضِعٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فأَوْرَدَهُنَّ بَطْنَ الأَتْمِ، شُعْثاً، ... يَصُنَّ المَشْيَ كالحِدَإِ التُّؤامِ
وَقِيلَ: اسْمُ وَادٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
أُكَلَّفُ، أَن تَحُلَّ بَنُو سُلَيم ... بطونَ الأَتْمِ؛ ظُلْم عَبْقَريّ
__________
(2) . قوله [تيأس] كذا في التهذيب بمثناة تحتية
(3) . قوله [النبي] كذا في الأَصل، والذي في شرح القاموس: السبي
(4) . كذا بياض بالأصل المعول عليه قدر هذا(12/4)
قَالَ: وَقِيلَ الأَتْمُ اسْمُ جَبَلٍ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ خُفاف بْنِ نُدْبة يَصِفُ غَيثاً:
عَلا الأَتْمَ مِنْهُ وابلٌ بَعْدَ وابِلٍ، ... فَقَدْ أُرْهقَتْ قِيعانُه كل مُرْهَق
أثم: الإِثْمُ: الذَّنْبُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يعمَل مَا لَا يَحِلُّ لَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ
. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً
؛ أَي مَا أُثِم فِيهِ. قَالَ الْفَارِسِيُّ: سَمَّاهُ بِالْمَصْدَرِ كَمَا جَعَلَ سِيبَوَيْهِ المَظْلِمة اسْمَ مَا أُخِذ مِنْكَ، وَقَدْ أَثِم يأْثَم؛ قَالَ:
لَوْ قُلْتَ مَا فِي قَوْمِها لَمْ تِيثَمِ
أَراد مَا فِي قَوْمِهَا أَحد يفْضُلها. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ: وَلَوْ شَهِدْتُ عَلَى الْعَاشِرِ لَمْ إِيثَم
؛ هِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ فِي آثَم، وَذَلِكَ أَنهم يَكْسِرُونَ حَرْف المُضارَعة فِي نَحْوِ نِعْلَم وتِعْلَم، فَلَمَّا كَسَرُوا الْهَمْزَةَ فِي إِأْثَم انْقَلَبَتِ الْهَمْزَةُ الأَصلية يَاءً. وتأَثَّم الرَّجُلُ: تابَ مِنَ الإِثْم وَاسْتَغْفَرَ مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى السَّلْب كأَنه سَلَب ذَاتَهُ الإِثْم بالتوْبة وَالِاسْتِغْفَارِ أَو رامَ ذَلِكَ بِهِمَا. وَفِي حَدِيثِ
مُعاذ: فأَخْبر بِهَا عِنْدَ موتِه تَأَثُّماً
أَي تَجَنُّباً للإِثْم؛ يُقَالُ: تأَثَّم فلانٌ إِذا فَعَل فِعْلًا خرَج بِهِ مِنَ الإِثْم، كَمَا يُقَالُ تَحَرَّج إِذا فَعَلَ مَا يخرُج بِهِ عَنِ الحَرج؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: مَا عَلِمْنا أَحداً مِنْهُمْ تَرك الصَّلَاةَ عَلَى أَحدٍ مِنْ أَهْل القِبْلة تأَثُّماً
، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: كَانُوا إِذا قامَرُوا فَقَمَروا أَطْعَمُوا مِنْهُ وتصدَّقوا، فالإِطعام والصّدَقة مَنْفَعَة، والإِثْم القِمارُ، وَهُوَ أَن يُهْلِك الرجلُ ويذهِب مالَه، وَجَمْعُ الإِثْم آثامٌ، لَا يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذلك. وأَثِم فُلَانٌ، بِالْكَسْرِ، يأْثَم إثْماً ومَأْثَماً أَي وَقَعَ فِي الإِثْم، فَهُوَ آثِم وأَثِيمٌ وأَثُومٌ أَيضاً. وأَثَمَه اللَّهُ فِي كَذَا يَأْثُمُه ويأْثِمُه أَي عدَّه عَلَيْهِ إِثْماً، فَهُوَ مَأْثُومٌ. ابْنُ سِيدَهْ: أَثَمَه اللَّهُ يَأْثُمُه عاقَبَه بالإِثْم؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَثَمَه اللَّهُ يَأْثِمُه إِثْماً وأَثاماً إِذا جَازَاهُ جَزَاءَ الإِثْم، فَالْعَبْدُ مأْثومٌ أَي مَجْزِيٌّ جَزَاءَ إثْمه، وأَنشد الْفَرَّاءُ لنُصيب الأَسود؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَيْسَ بنُصيب الأَسود المَرواني وَلَا بنُصيب الأَبيض الْهَاشِمِيِّ:
وهَلْ يَأْثِمَنِّي اللهُ فِي أَن ذَكَرْتُها، ... وعَلَّلْتُ أَصحابي بِهَا لَيْلة النفْرِ؟
ورأَيت هُنَا حَاشِيَةً صورتُها: لَمْ يقُل ابْنُ السِّيرافي إِن الشِّعْر لنُصيب الْمَرْوَانِيِّ، وإِنما الشِّعْرُ لنُصيب بن رياح الأَسود الحُبَكي، مَوْلَى بَنِي الحُبَيك بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ ابن كِنانة، يَعْنِي هَلْ يَجْزِيَنّي اللَّهُ جَزَاءَ إِثْمِي بأَن ذَكَرْتُ هَذِهِ المرأَة فِي غِنائي، وَيُرْوَى بِكَسْرِ الثَّاءِ وَضَمِّهَا، وَقَالَ فِي الْحَاشِيَةِ الْمَذْكُورَةِ: قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ السِّيرَافِيُّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يغلَط فِي هَذَا الْبَيْتِ، يَرْوِيهِ النَّفَرْ، بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: هَذَا الْبَيْتُ مِنَ الْقَصِيدِ الَّتِي فِيهَا:
أَما وَالَّذِي نادَى مِنَ الطُّور عَبْدَه، ... وعَلَّم آياتِ الذَّبائح والنَّحْر
لَقَدْ زَادَنِي للجَفْر حُبًّا وأَهِله، ... ليالٍ أَقامَتْهُنَّ لَيْلى عَلَى الجَفْر
وَهَلْ يَأْثِمَنِّي اللهُ فِي أَن ذَكَرْتُها، ... وعَلَّلْتُ أَصحابي بِهَا لَيْلَةَ النَّفْر؟(12/5)
وطيَّرْت مَا بِي مِنْ نُعاسٍ وَمِنْ كَرىً، ... وَمَا بالمَطايا مِنْ كَلال وَمِنْ فَتْرِ
والأَثامُ: جَزاء الإِثْم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَلْقَ أَثاماً
، أَراد مُجازاة الأَثام يَعْنِي الْعُقُوبَةَ. والأَثامُ والإِثامُ: عُقوبة الإِثمِ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ. وسأَل مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ يُونُسَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: يَلْقَ أَثاماً
، قَالَ: عُقوبةً؛ وأَنشد قَوْلَ بِشْرٍ:
وَكَانَ مقامُنا نَدْعُو عَلَيْهِمْ، ... بأَبْطَح ذِي المَجازِ لَهُ أَثامُ
قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: تأْويلُ الأَثامِ المُجازاةُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: لَقِي فُلَانٌ أَثامَ ذَلِكَ أَي جَزاء ذَلِكَ، فإِنَّ الْخَلِيلَ وَسِيبَوَيْهِ يَذْهَبَانِ إِلى أَن مَعْنَاهُ يَلْقَ جَزاء الأَثامِ؛ وَقَوْلُ شَافِعٍ اللَّيْثِيِّ فِي ذَلِكَ:
جَزى اللهُ ابنَ عُرْوةَ حَيْثُ أَمْسَى ... عَقُوقاً، والعُقوقُ لَهُ أَثامُ
أَي عُقوبة مُجازاة العُقُوق، وَهِيَ قَطِيعَةُ الرَّحِم. وَقَالَ اللَّيْثُ: الأَثامُ فِي جُمْلَةِ التَّفْسِيرِ عُقوبة الإِثمِ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى، يَلْقَ أَثاماً
، قِيلَ: هُوَ وادٍ فِي جَهَنَّمَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَن مَعْنَاهُ يَلْقَ عِقابَ الأَثام. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن عَضَّ عَلَى شِبذِعِه سَلِمَ مِنَ الأَثام
؛ الأَثامُ، بِالْفَتْحِ: الإِثمُ. يُقَالُ: أَثِمَ يَأْثَم أَثاماً، وَقِيلَ: هُوَ جَزاء الإِثمِ، وشِبْذِعُه لِسَانُهُ. وآثَمه، بِالْمَدِّ: أَوقعه فِي الإِثمِ؛ عَنِ الزجَّاج؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
بَلْ قُلْت بَعْض القَوْمِ غَيْرُ مُؤْثِمِ
وأَثَّمه، بِالتَّشْدِيدِ: قَالَ لَهُ أَثِمْت. وتأَثَّم: تحَرَّجَ مِنَ الإِثمِ وكَفَّ عَنْهُ، وَهُوَ عَلَى السَّلْب، كَمَا أَن تَحَرَّجَ عَلَى السّلْب أَيضاً؛ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ:
تَجَنَّبْت هِجْرانَ الحَبيب تأَثُّماً، ... إِلا إِنَّ هِجْرانَ الحَبيب هُوَ الإِثمُ
وَرَجُلٌ أَثَّامٌ مِنْ قَوْمٍ آثِمِينَ، وأَثِيمٌ مِنْ قَوْمٍ أُثَماء. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الأَثِيمُ الْفَاجِرُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: عُنِيَ بِهِ هُنَا أَبو جَهْلِ بْنُ هِشام، وأَثُومٌ مِنْ قوْم أُثُمٍ؛ التَّهْذِيبُ: الأَثِيمُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَعْنَى الآثِم. يُقَالُ: آثَمَهُ اللهُ يُؤْثمه، عَلَى أَفْعَله، أَي جَعَلَهُ آثِماً وأَلفاه آثِماً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه كَانَ يُلَقِّنُ رَجُلًا إِنَّ شَجرةَ الزَّقُّومِ طَعام الأَثِيم
، وَهُوَ فَعِيل مِنَ الإِثم. والمَأْثَم: الأَثامُ، وَجَمْعُهُ المَآثِم. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ والمَغْرَمِ
؛ المَأْثَمُ: الأَمرُ الَّذِي يَأْثَمُ بِهِ الإِنسان أَو هُوَ الإِثْمُ نفسهُ، وَضْعاً لِلْمَصْدَرِ مَوْضِعَ الِاسْمِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ
، يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَصْدَرَ أَثِمَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَسمع بِهِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ اسْمًا كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي التَّنْبيت والتَّمْتين؛ وَقَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
فَلَا لَغْوٌ وَلَا تأْثيمَ فِيهَا، ... وَمَا فاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ
والإِثمُ عِنْدَ بَعْضِهِمُ: الْخَمْرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
شَرِبْتُ الإِثْمَ حَتَّى ضَلَّ عَقْلي، ... كذاكَ الإِثمُ تَذْهَبُ بالعُقولِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه إِنما سمَّاها إِثْماً لأَن(12/6)
شُرْبها إِثْم، قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ فِي مَجْلِسِ أَبي الْعَبَّاسِ:
نَشْرَبُ الإِثمَ بالصُّواعِ جِهارا، ... وتَرى المِسْكَ بَيْنَنَا مُسْتَعارا
أَي نَتَعاوَره بأَيدينا نشتمُّه، قَالَ: والصُّواعُ الطِّرْجِهالةُ، وَيُقَالُ: هُوَ المَكُّوكُ الفارسيُّ الَّذِي يَلْتَقِي طَرفاه، وَيُقَالُ: هُوَ إِناء كَانَ يشرَب فِيهِ الملِك. قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَلَيْسَ الإِثمُ مِنْ أَسماء الْخَمْرِ بِمَعْرُوفٍ، وَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ ثَبَتٌ صَحِيحٌ. وأَثِمَتِ النَّاقَةُ الْمَشْيَ تأْثَمُه إِثْماً: أَبطأَت؛ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الأَعشى:
جُمالِيَّة تَغْتَلي بالرِّداف، ... إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجِيرَا
يُقَالُ: نَاقَةٌ آثِمَةٌ وَنُوقٌ آثِماتٌ أَي مُبْطِئات. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ كَذِبَ هَاهُنَا خَفِيفَةُ الذَّالِ، قَالَ: وَحَقُّهَا أَن تَكُونَ مُشَدَّدَةً، قَالَ: وَلَمْ تَجِئْ مُخَفَّفَةً إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ، قَالَ: والآثِمات اللَّاتِي يُظنُّ أَنهنَّ يَقْوَيْن عَلَى الهَواجِر، فإِذا أَخْلَفْنه فكأَنهنَّ أَثِمْنَ.
أجم: أَجَمَ الطعامَ واللَّبنَ وغيرَهما يَأْجِمُه أَجْماً وأَجِمَهُ أَجَماً: كَرِهَه ومَلَّه مِنَ المُداومةِ عَلَيْهِ، وَقَدْ آجَمَهُ. الكسائي وأَبو زَيْدٍ: إِذا كَرِه الطعامَ فَهُوَ آجِمٌ، عَلَى فَاعِلٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ عَلَى فَعِل فَقَالَ: أَجِمَ يَأْجَم فَهُوَ أَجِمٌ، وسَنِقَ فَهُوَ سَنِقٌ. اللَّيْثُ: أَكلْتُه حَتَّى أَجِمْتُه. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: قَالَ لَهُ عَمْرو بْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا تَسْأَل عَمَّنْ سُحِلَتْ مَرِيرَتُه.
وأَجِمَ النساءَ أَي كَرِهَهُنَّ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرُؤْبَةَ فَقَالَ:
جادَتْ بمَطْحونٍ لَهَا لَا تَأْجِمُهْ، ... تَطْبُخُه ضُروعُها وتَأْدِمُهْ،
يَمْسُد أَعْلى لَحْمِه ويَأْدِمُه
يَصِفُ إِبلًا جادتْ لَهَا المَراعي باللبَن الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلَى الطَّحْن كَمَا يُطْحنُ الحبُّ، وَلَيْسَ اللبَن مِمَّا يَحتاج إِلى الطَّحْن بَلِ الضُّرُوعُ طَبَخَتْه، وَيُرِيدُ بِتَأْدِمُه تُخْلَطُ بأُدْمٍ، وعَنى بالأُدْم مَا فِيهِ مِنَ الدَّسَم، يُرِيدُ أَن اللبَن يَشُدُّ لَحْمُهُ، وَمَعْنَى يأْدمه يشدُّه ويُقَوّيه؛ يُقَالُ: حَبْل مَأْدُومٌ إِذا أُحكم فَتْلُه، يُرِيدُ أَن شرْب اللبَن قَدْ شدَّ لَحْمَهُ ووثَّقَه؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
خَمِيص البَطْن قَدْ أَجِمَ الْحَسَارَا «1»
. أَي كَرِهَه، وتَأَجَّمَ النهارُ تَأَجُّماً: اشتدَّ حَرُّه. وتَأَجَّمَت النَّارُ: ذَكَتْ مِثَالُ تأَجَّجَتْ، وإِن لَهَا لأَجيماً وأَجيجاً؛ قَالَ عُبَيْدُ بْنُ أَيوب العَنْبري:
ويَوْمٍ كتَنُّورِ الإِماء سَجَرْنَهُ، ... حَمَلْنَ عَلَيْهِ الجِذْل حَتَّى تَأَجّما
رَمَيْت بنفْسي فِي أَجِيج سَمُومِه، ... وبالعَنْسِ حَتَّى جَاشَ مَنْسِمُها دَما
وَيُقَالُ مِنْهُ: أَجِّمْ نَارَكَ. وتأَجَّمَ عَلَيْهِ: غَضِب مِنْ ذَلِكَ. وَفُلَانٌ يَتأَجَّم عَلَى فُلَانٍ: يَتَأَطَّمُ إِذا اشتَدَّ غضبهُ عَلَيْهِ وتَلَهَّف. وأَجَمَ الماءُ: تَغَيَّرَ كأَجَنَ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن ميمَها بدَلٌ مِنَ النُّونِ؛ وأَنشد لِعَوْفِ بْنِ الخَرِع:
وتَشْرَبُ أَسْآرَ الحِياض تَسوفُهُ، ... وَلَوْ وَرَدَتْ ماءَ المُرَيْرةِ آجِما «2» .
__________
(1) . قوله [الحسارا] كذا في النسخ بحاء مهملة، والحسار، بالفتح: عُشْبَةٌ خَضْرَاءُ تُسَطَّحُ عَلَى الأَرض وَتَأْكُلُهَا الْمَاشِيَةُ أَكْلًا شديداً كما تقدم في مادة حسر
(2) . قوله [تسوفه] كذا في الأَصل هنا، وفي مادة مرر وفي التكلمة والتهذيب: تسوفها(12/7)
هَكَذَا أَنشده بِالْمِيمِ. الأَصمعي: ماءٌ آجِنٌ وآجِمٌ إِذا كَانَ متغيِّراً، وأَراد ابنُ الخَرِع آجِناً، وَقِيلَ: آجِمٌ بِمَعْنَى مَأْجومٍ أَي تَأْجِمُه وتَكْرَهه. وَيُقَالُ: أَجَمْت الشَّيْءَ إِذا لَمْ يُوافِقْك فكَرِهته. والأُجُمُ: حِصْن بَناه أَهلُ الْمَدِينَةِ مِنْ حِجَارَةٍ. ابْنُ سِيدَهْ: الأُجُمُ الحِصْن، وَالْجَمْعُ آجامٌ. والأُجْمُ، بِسُكُونِ الْجِيمِ: كُلُّ بَيْتٍ مُرَبَّع مُسَطَّح؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ قَالَ: كلُّ بَيْتٍ مربَّع مُسَطَّح أُجُم؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وتَيْماءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَةٍ ... وَلَا أُجُماً إِلّا مَشِيداً بِجَنْدلِ «1»
. قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي هُوَ يخفَّف ويثقَّل، قَالَ: وَالْجَمْعُ آجامٌ مِثْلُ عُنُق وأَعْناق. والأَجَمُ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ قُرْب الفَراديس. التَّهْذِيبُ: الأَجَمَة مَنْبت الشَّجَرِ كالغَيْضة وَهِيَ الْآجَامُ. والأُجُمُ: القَصْر بِلُغَةِ أَهل الْحِجَازِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى تَوارَتْ بآجامِ الْمَدِينَةِ
أَي حُصونها، وَاحِدُهَا أُجُم، بِضَمَّتَيْنِ. ابْنُ سِيدَهْ. والأَجَمَة الشَّجَرُ الْكَثِيرُ الملتفُّ، وَالْجَمْعُ أُجْمٌ وأُجُمٌ وأُجَمٌ وآجامٌ وإِجامٌ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ الْآجَامُ والإِجامُ جَمْعَ أَجَمٍ، وَنَصَّ اللِّحْيَانِيُّ عَلَى أَن آجَامًا جَمْعُ أَجَمٍ. وتأَجّم الأَسدُ: دخَل فِي أَجَمَتِه؛ قَالَ:
مَحَلًّا، كَوعْساءِ القَنافِذِ ضارِباً ... بِهِ كَنَفاً، كالمُخْدِرِ المُتَأَجِّمِ
الْجَوْهَرِيُّ: الأَجَمَةُ مِنَ القَصَب، وَالْجَمْعُ أَجَماتٌ وأُجَمٌ وإِجامٌ وآجامٌ وأُجُمٌ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ «2» . فِي أَكَم إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أدم: الأُدْمةُ: القَرابةُ والوَسيلةُ إِلى الشَّيْءِ. يُقَالُ: فُلَانٌ أُدْمَتي إِليك أَي وَسيلَتي. وَيُقَالُ: بَيْنَهُمَا أُدْمةٌ ومُلْحة أَي خُلْطةٌ، وَقِيلَ: الأُدْمة الخُلْطة، وَقِيلَ: المُوافَقةُ. والأُدْمُ: الأُلْفَةُ والاتِّفاق؛ وأَدَمَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ يَأْدِمُ أَدْماً. وَيُقَالُ: آدَم بَيْنَهُمَا يُؤْدِمُ إِيداماً أَيضاً، فَعَل وأَفْعَل بِمَعْنًى؛ وأَنشد:
والبِيضُ لَا يُؤْدِمْنَ إِلَّا مُؤْدَما
أَي لَا يُحْبِبْنَ إِلَّا مُحَبَّباً موضِعاً «3» . وأَدَمَ: لأَمَ وأَصْلَح وأَلَّفَ ووفَّق وَكَذَلِكَ آدَمَ يُؤْدِمُ، بِالْمَدِّ، وَكُلُّ مُوافِقٍ إِدامٌ؛ قَالَتْ غَادِيَةُ الدُّبَيْرِيَّة:
كَانُوا لِمَنْ خالَطَهُمْ إِداما
وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه قَالَ لِلْمُغِيرَةَ بْنِ شُعبة وخَطَبَ امرأَة لَوْ نَظَرْت إِليها فإِنه أَحْرى أَن يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُؤدَم بَيْنَكُمَا يَعْنِي أَن تَكُونَ بَيْنَهُمَا المحبَّة والاتِّفاق؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا أَرى الأَصل فِيهِ إِلا مِنْ أَدْمِ الطَّعَامِ لأَن صَلاحَه وطِيبَه إِنما يَكُونُ بالإِدامِ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ طَعَامٌ مَأْدُومٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وإِدامُ اسْمُ امرأَة مِنْ ذَلِكَ؛ وأَنشد:
أَلا ظَعَنَتْ لِطِيَّتِها إِدامُ، ... وكلُّ وِصالِ غانِيةٍ زِمامُ «4»
. وأَدَمَهُ بأَهْلهِ أَدْماً: خَلَطه. وَفُلَانٌ أَدْمُ أَهْلِه وأَدْمَتُهم أَي أُسْوَتُهم، وبه يُعْرَفون. وأَدَمَهم
__________
(1) . في معلَّقة إمرئ القيس: ولا أُطُماً بدل أُجماً
(2) . قوله [كما سنذكره إلخ] عبارة الجوهري: كما قلناه في الأكمة
(3) . قوله [إلا محبباً موضعاً] الذي في التهذيب: إلا محبباً موضعاً لذلك
(4) . قوله [زمام] كذا في الأصل، وشرح القاموس بالزاي، ولعله بالراء(12/8)
يَأْدُمُهم أَدْماً: كَانَ لَهُمْ أَدَمَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. التَّهْذِيبُ: فُلَانٌ أَدَمَةُ بَنِي فُلَانٍ، وَقَدْ أَدَمَهم يَأْدُمُهم وهو الَّذِي عَرّفهم النَّاسَ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ جعلتُ فُلَانًا أَدَمَةَ أَهلي أَي أُسْوَتَهُم. والإِدامُ: مَعْرُوفٌ مَا يُؤْتَدَمُ بِهِ مَعَ الْخُبْزِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نِعْمَ الإِدام الخَلُ
؛ الإِدام، بِالْكَسْرِ، والأُدْمُ، بِالضَّمِّ: مَا يُؤْكَلُ بِالْخُبْزِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَيِّدُ إِدامِ أَهْل الدُّنيا وَالْآخِرَةِ اللحمُ
؛ جَعَلَ اللَّحْمَ أُدْماً وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ لَا يَجْعَلُهُ أُدْماً وَيَقُولُ: لَوْ حَلَفَ أَن لَا يَأْتَدِمَ ثُمَّ أَكل لَحْماً لَمْ يحنَث، وَالْجَمْعُ آدِمةٌ وَجَمْعُ الأُدْمِ آدامٌ، وَقَدِ ائتَدَمَ بِهِ. وأَدَمَ الْخُبْزَ يَأْدِمُه، بِالْكَسْرِ، أَدْماً: خَلَطَهُ بالأُدْم، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَدَمَ الخبزَ بِاللَّحْمِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
إِذا مَا الخُبْزُ تَأْدِمُه بلَحْمٍ، ... فَذَاكَ أَمانَة اللَّهِ الثَّريدُ
وَقَالَ آخَرُ:
تَطْبُخه ضُروعُها وتَأْدِمُهْ
قَالَ: وَشَاهِدُ الإِدامِ قولُ الشَّاعِرِ:
الأَبْيَضانِ أَبْرَدا عِظامِي: ... الماءُ والفَثُّ بِلَا إِدامِ
وَفِي حَدِيثِ
أُمّ مَعْبَد: أَنا رأَيت الشاةَ وإِنها لَتأْدُمُها وتَأْدُم صِرْمَتها
«1» . وَفِي حَدِيثِ
أَنس: وعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْم عُكَّةً لَهَا فأَدَمَتْه
أَي خَلَطته وَجَعَلَتْ فِيهِ إِداماً يؤْكل، يُقَالُ فِيهِ بالمَدّ والقَصْر، وَرُوِيَ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ عَلَى التَّكْثِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بِقَوْمٍ فَقَالَ: إِنَّكم تَأْتَدِمون عَلَى أَصحابكم فأَصْلِحوا رِحالَكم حَتَّى تَكُونُوا شامَةً فِي النَّاسِ
، أَي إِنَّ لَكُمْ مِنَ الغِنى مَا يُصْلِحكم كالإِدامِ الَّذِي يُصلِح الخُبز، فإِذا أَصلَحتم حَالَكُمْ كنْتُم فِي النَّاسِ كالشَّامة فِي الجسَد تَظْهرون للناظِرين؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْغَرِيبِ مَرْوِيّاً مَشْروحاً، وَالْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَةِ:
إِنكم قادِمون عَلَى أَصحابكم فأَصْلِحوا رِحالَكم
، قَالَ: وَالظَّاهِرُ، وَاللَّهُ أَعلم، أَنه سَهْوٌ. وَفِي حَدِيثِ
خَدِيجَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: فَوَاللَّهِ إِنك لتَكْسِبُ المَعْدُوم وتُطْعِم المأْدوم.
وَقَوْلُ امرأَة دُرَيد بْنِ الصِّمَّة حِينَ طلَّقها: أَبا فُلَانٍ، أَتُطَلِّقُني؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَبْثَثْتَك مَكْتُومي، وأَطْعَمْتُك مَأْدُومي، وجئتُك باهِلًا غَيْرَ ذَاتِ صِرارٍ
؛ إِنما عَنَت بالمَأْدُومِ الخُلُق الحسَن، وأَرادت أَنها لَمْ تَمْنَع مِنْهُ شَيْئًا كَالنَّاقَةِ الباهِلة الَّتِي لَمْ تُصَرَّ ويأْخُذ لبنَها مَن شَاءَ. وأَدَمَ القومَ: أَدَمَ لَهُمْ خُبْزَهم؛ أَنشد يَعْقُوبُ فِي صِفَةِ كِلَابِ الصَّيْدِ:
فَهِيَ تُباري كلَّ سارٍ سَوْهَقِ، ... وتُؤْدِمُ الْقَوْمَ إِذا لَمْ تُغْبقِ «2»
. وَقَوْلُهُمْ: سَمْنُهم فِي أَديمهم، يَعْنِي طَعامَهم المَأْدُوم أَي خُبزهم رَاجِعٌ فِيهِمْ. التَّهْذِيبُ: مِنْ أَمثالهم: سَمْنُكم هُرِيقَ فِي أَدِيمِكم أَي فِي مَأْدُومِكم، وَيُقَالُ: فِي سِقائكم. والأَدِيمُ: الجِلْد مَا كَانَ، وَقِيلَ: الأَحْمَر، وَقِيلَ: هُوَ المَدْبوغُ، وَقِيلَ: هُوَ بَعْدَ الأَفيق، وَذَلِكَ إِذا تَمَّ واحْمَرَّ، وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ لِلْحَرْبِ فقال أَنشده
__________
(1) . قوله [وَإِنَّهَا لَتَأْدُمُهَا وَتَأْدُمُ صِرْمَتَهَا] ضبط في الأصل والنهاية بضم الدال
(2) . قوله [فهي تباري إلخ] هكذا في الأصل هنا، وتقدم في مادة سهق على غير هذا الوجه وأتى بمشطورين بين هذين المشطورين(12/9)
بعضهم للحرث بْنِ وَعْلة:
وإِيَّاك والحَرْبَ الَّتِي لَا أَدِيمها ... صحيحٌ، وَقَدْ تُعْدَى الصِّحاحُ عَلَى السُّقْمِ
إِنما أَراد لَا أَدِيمَ لَهَا، وأَراد عَلَى ذَوات السُّقْم، وَالْجَمْعُ آدِمَةٌ وأُدُمٌ، بِضَمَّتَيْنِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَنْ قَالَ رُسْل فسكَّنَ قَالَ أُدْمٌ، هَذَا مُطَّرِدٌ، والأَدَمُ، بِنَصْبِ الدَّالِ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مِثْلُ أَفِيقٍ وأَفَقٍ. والآدامُ: جَمْعَ أَدِيمٍ كَيَتيمٍ وأَيْتام، وإِن كَانَ هَذَا فِي الصِّفَةِ أَكثر، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جمع أَدَمٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذا جَعَلْت الدَّلْوَ فِي خِطامِها ... حَمْراءَ مِنْ مكَّة، أَو حَرَامِها،
أَو بَعْضِ مَا يُبْتاع مِنْ آدامِها
والأَدَمَةُ: باطنُ الجلْد الَّذِي يَلي اللحم والبَشَرةُ ظاهرها، وَقِيلَ: ظاهرهُ الَّذِي عَلَيْهِ الشعَر وَبَاطِنُهُ البَشَرة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الأَدَم جَمْعًا لِهَذَا بَلْ هُوَ الْقِيَاسُ، إِلَّا أَن سِيبَوَيْهِ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْجَمْعِ ونَظَّره بأَفَيقٍ وَأَفَقٍ، وَهُوَ الأَدِيمُ أَيضاً. الأَصمعي: يُقَالُ لِلْجِلْدِ إِهابٌ، وَالْجَمْعُ أُهُبٌ وأَهَبٌ، مُؤَنَّثَةٌ، فأَما الأَدَمُ والأَفَقُ فمذكَّران إِلّا أَن يقْصد قَصْد الجلودِ والآدِمَة فَتَقُولَ: هِيَ الأَدَمُ والأَفَقُ. وَيُقَالُ: أَدِيمٌ وآدِمَةٌ فِي الْجَمْعِ الأَقلّ، عَلَى أَفعِلة. يُقَالُ: ثَلَاثَةُ آدِمةٌ وأَربعة آدِمةٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لِرَجُلٍ مَا مالُكَ؟ فَقَالَ: أَقْرُنٌ وآدِمةٌ فِي المَنِيئةِ
؛ الآدِمةُ، بِالْمَدِّ: جَمْعُ أَديم مِثْلُ رَغِيف وأَرْغِفة، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ فِي جَمْعِهِ أُدَم، والمَنِيئةُ، بِالْهَمْزِ: الدِّباغ. وآدَمَ الأَدِيمَ: أَظهر أَدَمَتَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ: «1»
فِي صَلَبٍ مِثْلِ العِنانِ المُؤْدَمِ
وأَدِيمُ كُلِّ شَيْءٍ: ظاهِرُ جلْدِه. وأَدَمَةُ الأَرض: وجهُها؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا سُمِّيَ وجْهُ الأَرض أَديماً؛ قَالَ الأَعشى:
يَوْماً تَراها كَشِبْه أَرْدِية ... العَصْب، وَيَوْمًا أَدِيمُها نَغِلا
وَرَجُلٌ مُؤْدَمٌ أَي مَحْبوب. وَرَجُلٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ: حاذقٌ مُجَرَّب قَدْ جَمَعَ لِيناً وشدَّةً مَعَ الْمَعْرِفَةِ بالأُمور، وأَصلُه مِنْ أَدَمَةِ الْجِلْدِ وبَشَرَته، فالبَشرةُ ظاهِرهُ وَهُوَ مَنْبتُ الشعَر. والأَدَمةُ: باطِنُه، وَهُوَ الَّذِي يَلي اللَّحْم، فَالَّذِي يُرَادُ مِنْهُ أَنه قَدْ جَمع لينَ الأَدَمةِ وخُشونَة البَشرة وجرَّب الأُمورَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ كَرِيمُ الجلْدِ غلِيظُه جَيِّده؛ وَقَالَ الأَصمعي: فُلَانٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ أَي هُوَ جَامِعٌ يصلُح للشدَّة والرَّخاء، وَفِي الْمَثَلِ: إِنما يُعاتَبُ الأَدِيمُ ذُو البَشرةِ أَي يُعادُ فِي الدِّباغِ، وَمَعْنَاهُ إِنما يُعاتَب مَنْ يُرْجَى وَفِيهِ مُسْكةٌ وقُوَّةٌ ويُراجَع مَن فِيهِ مُراجَعٌ. وَيُقَالُ: بَشَرْتُه وأَدَمْتُه ومَشَنْتُه أَي قَشَرْته، والأَدِيمُ إِذا نَغِلَتْ بَشَرَته فَقَدْ بَطَل. وَيُقَالُ: آدَمْتُ الْجِلْدَ بَشَرْتُ أَدَمَتَهُ. وامرأَة مُؤدَمَةٌ مُبْشَرَةٌ: إِذا حَسُنَ مَنْظَرُها وصحَّ مَخْبَرُها. وَفِي حَدِيثِ
نَجبَة: ابنتُك المُؤْدَمَة المُبْشَرة.
يُقال لِلرَّجُلِ الْكَامِلِ: إِنه لَمُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، أَي جَمَعَ لينَ الأَدَمةِ ونُعُومَتَها، وَهِيَ بَاطِنُ الجِلْد، وشدَّة الْبَشَرَةِ
__________
(1) . قوله [قال العجاج] عبارة الجوهري في صلب: والصلب، بالتحريك، لغة في الصلب من الظهر، قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ امْرَأَةً:
رَيَّا الْعِظَامِ فَخْمَةُ الْمُخَدَّمِ ... فِي صَلَبٍ مِثْلِ العِنانِ المُؤْدَمِ(12/10)
وخُشونَتها، وَهِيَ ظَاهِرُهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يُقَالُ رَجُلٌ مُبْشَرٌ مُؤْدَمٌ وامرأَة مُبْشَرة مُؤْدَمَةٌ فيُقدِّمون المُبْشَر عَلَى المؤدَم، قَالَ: والأَول أَعرف أَعني تَقْدِيمَ المُؤْدَمِ عَلَى المُبْشَر. وَقِيلَ: الأَدَمةُ مَا ظَهَرَ مِنْ جِلْدَةِ الرأْس. وأَدَمَةُ الأَرض: باطِنُها، وأَدِيُمها، وَجْهُها، وأَدِيمُ اللَّيْلِ: ظُلْمَتُهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
قَدْ أَغْتَدِي والليلُ فِي جَرِيمِه، ... والصُّبْحُ قَدْ نَشَّمَ فِي أَدِيمهِ
وأَدِيمُ النَّهَارِ: بَياضُه. حَكَى ابْنُ الأَعرابي: مَا رأَيته فِي أَدِيمِ نَهارٍ وَلَا سَوادِ لَيْلٍ، وَقِيلَ: أَدِيمُ النَّهَارِ عامَّته. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: جئتُك أديمَ الضُّحي أَي عِنْدَ ارْتِفَاعِ الضُّحى. وأَديمُ السَّمَاءِ: مَا ظهَر مِنْهَا. وَفُلَانٌ بَرِيءُ الأَدِيمِ مِمَّا يُلْطخ بِهِ. والأُدْمَةُ: السُّمرةُ. والآدَمُ مِنَ النَّاسِ: الأَسْمَرُ. ابْنُ سِيدَهْ: الأُدْمةُ فِي الإِبل لَوْنٌ مُشْرَب سَواداً أَو بَيَاضًا، وَقِيلَ: هُوَ البياضُ الواضِحُ، وَقِيلَ: فِي الظِّباء لَوْنٌ مُشْرَبٌ بَيَاضًا وَفِي الإِنسان السُّمرة. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأُدْمةُ البياضُ، وَقَدْ أَدِمَ وأَدُمَ، فَهُوَ آدمُ، وَالْجَمْعُ أُدْمٌ، كسَّروه عَلَى فُعْل كَمَا كسَّروا فَعُولًا عَلَى فُعُل، نَحْوَ صَبور وصُبُرٍ، لأَن أَفْعَل مِنَ الثَّلَاثَةِ «2» . وَفِيهِ كَمَا أَن فَعُولًا فِيهِ زِيَادَةٌ وَعِدَّةُ حُروفه كعِدَّة حُروف فَعُول، إِلَّا أَنهم لَا يثقِّلون الْعَيْنَ فِي جَمْعِ أَفْعَل إِلَّا أَن يُضطَرَّ شَاعِرٌ، وَقَدْ قَالُوا فِي جَمْعِهِ أُدْمانٌ، والأُنثى أَدْماءُ وَجَمْعُهَا أُدْمٌ، وَلَا يُجْمَعُ عَلَى فُعْلان؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
والجِيدُ، مِنْ أُدْمانَةٍ، عَتُودُ
عِيبَ عَلَيْهِ فَقِيلَ: إِنما يُقَالُ هِيَ أَدْماءُ، والأُدْمان جَمْعٌ كأَحْمَر وحُمْران، وأَنت لَا تَقُولُ حُمْرانة وَلَا صُفْرانة، وَكَانَ أَبو عَلِيٍّ يَقُولُ: بُنيَ مِنْ هَذَا الأَصل فُعْلانة كخُمْصانة. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قُرَيْش الإِبلِ أُدْمُها وصُهْبَتُها، يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلى تَفْضِيلِهَا عَلَى سَائِرِ الإِبلِ، وَقَدْ أَوضحوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: خَيرُ الإِبل صُهْبُها وحُمْرُها، فَجَعَلُوهُمَا خيرَ أَنواع الإِبل، كَمَا أَنّ قُرَيْشاً خيرُ النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لمَّا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِن كنتَ تُريد النِّسَاءَ البيضَ والنُّوقَ الأُدْمَ فعَلَيْكَ بِبَنِي مُدْلِجٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأُدْم جَمْعُ آدَمَ كأَحْمَر وحُمْر. والأُدْمة فِي الإِبل: الْبَيَاضُ مَعَ سَوَادِ المُقْلَتَيْن، قَالَ: وَهِيَ فِي النَّاسِ السُّمرة الشَّدِيدَةُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أُدْمة الأَرض، وَهُوَ لَوْنُها، قَالَ: وَبِهِ سُمِّي آدَمُ أَبو البَشَر، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. اللَّيْثُ: والأُدْمةُ فِي النَّاسِ شُرْبةٌ مِنْ سَواد، وَفِي الإِبِل والظِّباء بَياض. يُقَالُ: ظَبْيَة أَدْماء، قَالَ: وَلَمْ أَسمع أَحداً يَقُولُ للذُّكور مِنَ الظِّباء أُدْمٌ، قَالَ: وَإِنْ قِيلَ كَانَ قِيَاسًا. وَقَالَ الأَصمعي: الآدَمُ مِنَ الإِبل الأَبْيض، فإِن خَالَطَتْهُ حُمْرة فَهُوَ أَصْهب، فإِن خالَطَتِ الحُمْرة صَفاءً فَهُوَ مُدَمًّى. قَالَ: والأُدْمُ مِنَ الظِّباء بيضٌ تَعْلوهُنّ جُدَدٌ فيهنَّ غُبْرة، فإِن كَانَتْ خَالِصَةَ البَياض فَهِيَ الآرامُ. وَرَوَى
الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ أَحمد بْنِ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ قَالَ: كُنّا نأْلَف مجلِس أَبي أَيوب بْنِ أُخت الْوَزِيرِ فَقَالَ لَنَا يَوْمًا، وَكَانَ ابنُ السِّكِّيتِ حَاضِرًا: مَا تَقولْ فِي الأُدْمِ مِنَ الظِّباء؟ فَقَالَ: هِيَ البيضُ البُطون السُّمْر الظُّهور يَفْصِل بَيْنَ لَوْنِ ظُهورِها وبُطونها جُدَّتان مِسْكِيَّتان، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِليَّ وَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا أَبا جَعْفَرٍ؟ فَقُلْتُ؟ الأُدْمُ عَلَى ضَرْبين: أَما التي
__________
(2) . قوله [لأَن أَفْعَلَ مِنَ الثَّلَاثَةِ إلخ] هكذا في الأَصل، ولعله لأن أفعل من ذي الثلاثة وفيه زيادة كما أن فعولا إلخ(12/11)
مَساكنها الجِبال فِي بِلاد قَيْس فَهِيَ عَلَى مَا وَصَف، وأَما الَّتِي مَساكنها الرمْل فِي بِلَادِ تَميم فَهِيَ الخَوالِص البَياض، فأَنكر يَعْقُوبُ واستأْذن ابنُ الأَعرابي عَلَى تَفِيئَةِ ذَلِكَ فَقَالَ أَبو أَيوب: قَدْ جَاءَكُمْ مَن يفصِل بَيْنَكُمْ، فدَخَل، فَقَالَ لَهُ أَبو أَيوب: يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الأُدْم مِنَ الظِّباء؟ فتكلَّم كأَنما يَنْطِق عَنْ لِسَانِ ابْنِ السكِّيت، فَقُلْتُ: يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي ذِي الرُّمَّةِ؟ قَالَ: شَاعِرٌ، قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي قَصِيدَتِهِ صَيْدَح «1» ؟ قَالَ: هُوَ بِهَا أَعرف مِنْهَا بِهِ، فأَنشدته:
مِنَ المُؤْلِفاتِ الرَّمْل أَدْماءُ ... حُرَّةٌ، شُعاعُ الضُّحى فِي مَتْنِها يَتَوَضَّح
فَسَكَتَ ابنُ الأَعرابي وَقَالَ: هِيَ الْعَرَبُ تَقُولُ مَا شَاءَتْ.
ابْنُ سِيدَهْ: الأُدْمُ مِنَ الظِّباء ظِباء بيضٌ يَعْلوها جُدَدٌ فِيهَا غُبْرة، زَادَ غَيْرُهُ: وتسكُن الجِبال، قَالَ: وَهِيَ عَلَى أَلْوان الْجِبَالِ؛ يُقَالُ: ظَبْية أَدْماء؛ قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي شِعْرِ ذِي الرُّمَّةِ أُدْمانة؛ قَالَ:
أَقُول للرَّكْب لمَّا أَعْرَضَتْ أُصُلًا: ... أُدْمانةٌ لمْ تُرَبِّيها الأَجالِيدُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَجاليد جَمْعُ أَجْلاد، وأَجْلاد جَمْعُ جَلَد، وَهُوَ مَا صَلُب مِنَ الأَرض، وأَنكر الأَصمعي أُدْمانة لأَن أُدْماناً جمعٌ مِثْلُ حُمْران وسُودان وَلَا تَدْخُلُهُ الْهَاءُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أُدْمانةٌ وأُدْمان مِثْلُ خُمْصانة وخُمْصان، فَجَعَلَهُ مُفرداً لَا جَمْعًا، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ قَوْلُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: والأُدْمة فِي الإِبِلِ الْبَيَاضُ الشَّدِيدُ. يُقَالُ: بَعِيرٌ آدَم وَنَاقَةٌ أَدْماء، وَالْجَمْعُ أُدْمٌ؛ قَالَ الأَخْطل فِي كَعْب بْنِ جُعَيْل:
فإِنْ أَهْجُهُ يَضْجَرْ كَمَا ضَجْرَ بازِلٌ ... مِنَ الأُدْمِ، دَبْرَت صَفْحَتاه وغارِبُهْ
وَيُقَالُ: هُوَ الأَبيضُ الأَسودُ المُقْلَتَيْن. واختُلف فِي اشتِقاق اسْمِ آدَم فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُمِّيَ آدَم لأَنه خُلِق مِنْ أَدَمةِ الأَرض، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لأُدْمةٍ جعلَها اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: آدَمُ أَصله بِهَمْزَتَيْنِ لأَنه أَفْعَل، إِلا أَنهم لَيَّنُوا الثَّانِيَةَ، فإِذا احتَجْت إِلى تَحْرِيكِهَا جَعَلْتَهَا وَاوًا وَقُلْتَ أَوادِم فِي الْجَمْعِ، لأَنه لَيْسَ لَهَا أَصل فِي الْيَاءِ مَعْرُوفٌ، فَجُعِلَ الغالبُ عَلَيْهَا الْوَاوُ؛ عَنِ الأَخفش؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كُلُّ أَلِف مَجْهُولَةٍ لا يُعْرَف عمَّا ذا انْقِلابُها، وَكَانَتْ عَنْ هَمْزَةٍ بَعْدَ هَمْزَةٍ يَدْعُو أَمْرٌ إِلى تَحْرِيكِهَا، فإِنها تبدَل وَاوًا حَمْلًا عَلَى ضَوارب وضُوَيْرب، فَهَذَا حكمُها فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِلا أَن تَكُونَ طَرفاً رَابِعَةً فَحِينَئِذٍ تُبْدَلُ يَاءً؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ «2» : يَقُولُ أَهلُ اللُّغَةِ إِنَّ اشْتِقاق آدَمَ لأَنه خُلِق مِنْ تُراب، وَكَذَلِكَ الأُدْمةُ إِنَّما هِيَ مُشَبَّهة بلَوْن التُّراب؛ وَقَوْلُهُ:
سادُوا الملُوكَ فأَصْبَحوا فِي آدَمٍ، ... بَلَغُوا بِهَا غُرَّ الوُجوهِ فُحُولا
جَعَلَ آدمَ اسْماً للقَبيلة لأَنه قَالَ بَلَغوا بِهَا، فأَنّث وجمَع وَصَرَفَ آدَمَ ضرورة؛ وقوله:
__________
(1) . قوله [في قصيدته صيدح] هكذا في الأصل والتهذيب وشرح القاموس، ولعله في قصيدته في صيدح لأَنه اسم لناقة ذي الرمة ويمكن أن يكون سمى القصيدة باسمها
(2) . قوله [وقال الزجاج إلخ] كذا في الأصل، وعبارة التهذيب: وَقَالَ الزَّجَّاجُ يَقُولُ أَهْلُ اللغة في آدم إِن اشتقاقه من أديم الأَرض لأَنه خُلِقَ مِنْ تُرَابِ(12/12)
الناسُ أَخْيافٌ وشَتَّى فِي الشِّيَمْ، ... وكلُّهم يَجْمَعُهم بيتُ الأَدَمْ
قِيلَ: أَراد آدَم، وَقِيلَ: أَراد الأَرض؛ قَالَ الأَخفش: لو جعلت في الشِّعْرِ آدَم مَعَ هَاشِمٍ لجَاز؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ القويُّ لأَنه لَا يحقِّق أَحدٌ همزةَ آدَم، وَلَوْ كَانَ تحقيقُها حَسَناً لَكَانَ التحقيقُ حَقيقاً بأَن يُسْمَع فِيهَا، وإِذا كَانَ بَدلًا البتَّة وجَب أَن يُجْرى عَلَى مَا أَجْرَتْه عَلَيْهِ الْعَرَبُ مِنْ مُراعاة لفظِه وَتَنْزِيلِ هَذِهِ الْهَمْزَةِ الأَخيرة منزلةَ الأَلفِ الزَّائِدَةِ الَّتِي لَا حظَّ فِيهَا لِلْهَمْزَةِ نَحْوَ عَالِمٍ وَصَابِرٍ، أَلا تَراهم لِمَا كَسَّرُوا قَالُوا آدَم وأَوادِم كسالِم وسَوالِم؟ والأَدَمانُ فِي النَّخْل: كالدَّمانِ وَهُوَ العَفَن، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛: وَقِيلَ: الأَدَمانُ عَفَن وسَوادٌ فِي قلْب النَّخْلة وَهُوَ وَدِيُّه؛ عَنْ كُراع، وَلَمْ يَقُلْ أَحَد فِي القَلْب إِنه الوَدِيُّ إِلَّا هُوَ. والأَدَمان: شَجَرَةٌ؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَلَمْ أَسمعها إِلا مِنْ شُبَيْل بْنِ عَزْرَةَ. والإِيدامةُ: الأَرضُ الصُّلْبة مِنْ غَيْرِ حِجَارَةٍ مأْخوذة مِنْ أَديم الأَرض وَهُوَ وَجْهُها. الْجَوْهَرِيُّ: الأَياديمُ مُتون الأَرض لَا وَاحِدَ لَهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَن وَاحِدَتَهَا إِيدامة، وَهِيَ فِيعَالَةُ مِنْ أَدِيم الأَرض؛ وَكَذَا قَالَ الشَّيْبَانِيُّ وَاحِدَتُهَا إِيدامةٌ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
كَمَا رَجَا مِنْ لُعابِ الشمْسِ، إِذ وَقَدَتْ، ... عَطْشانُ رَبْعَ سَراب بالأَيادِيمِ
الأَصمعي: الإِيدامةُ أَرض مُسْتَوِية صُلْبة لَيْسَتْ بالغَليظة، وَجَمْعُهَا الأَياديمُ، قَالَ: أُخِذَتِ الإِيدامةُ مِنَ الأَديمِ؛ قَالَ ذُو الرمَّة:
كأَنَّهُنَّ ذُرى هَدْيٍ مَحُوبَةٌ ... عَنْهَا الجِلالُ، إِذا ابْيَضَّ الأَياديمُ «1»
. وابْيِضاضُ الأَياديمِ للسَّراب: يَعْنِي الإِبل الَّتِي أُهْدِيَتْ إِلى مَكَّةَ جُلِّلَتْ بالجِلال. وَقَالَ: الإِيدامةُ الصُّلْبة مِنْ غَيْرِ حِجَارَةٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الإِيدامةُ مِنَ الأَرض السَّنَد الَّذِي لَيْسَ بِشَدِيدِ الإِشْراف، وَلَا يَكُونُ إِلا فِي سُهول الأَرض، وَهِيَ تَنْبُتُ وَلَكِنْ فِي نَبْتِها زُمَرٌ، لِغِلَظِ مَكَانِهَا وقِلَّة اسْتقْرار الْمَاءِ فِيهَا. وأُدمى، عَلَى فُعَلى، والأُدَمى: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: الأُدَمى أَرض بِظَهْرِ الْيَمَامَةِ. وأَدام: بَلَدٌ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
لَقَدْ أَجْرى لِمَصْرَعِه تَلِيدٌ، ... وساقَتْه المَنِيَّةُ مِنْ أَدَامَا
وأُدَيْمَةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
كأَن بَني عَمْرو يُرادُ، بِدَارِهِمْ ... بِنَعْمانَ، راعٍ فِي أُدَيْمَةَ مُعْزبُ
يَقُولُ: كأَنهم مِنِ امتناعِهم عَلَى مَن أَرادهم فِي جَبَل، وإِن كَانُوا فِي السَّهْل.
أرم: أَرَمَ ما عَلَى الْمَائِدَةِ يَأْرِمهُ: أَكله؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وأَرَمَتِ الإِبِلُ تَأْرِمُ أَرْماً: أَكَلَتْ. وأَرَمَ عَلَى الشَّيْءِ يَأْرِمُ، بِالْكَسْرِ، أَي عَضَّ عَلَيْهِ. وأَرَمَه أَيضاً: أَكَلَه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
__________
(1) . قوله [كأنهن ذرى إلخ] الشطر الأول في الأصل من غير نقط، وكتب في هامش الأصل وشرح القاموس: كأنهن ذرى هدي بمجوبة ثم شرحه شارح القاموس بمثل ما هنا، ولعل عنها في البيت بمعنى عليها كما يؤخذ من تفسيره(12/13)
ويَأْرِمُ كلَّ نابِتَةٍ رِعاءً، ... وحُشَّاشاً لهنَّ وحاطِبينا
أَي مِنْ كَثْرَتِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ ونأْرِم، بِالنُّونِ، لأَن قَبْلَهُ:
تَضِيقُ بِنَا الفِجاجُ، وهُنَّ فِيجٌ، ... ونَجْهَرُ ماءَها السَّدِمَ الدَّفِينا
وَمِنْهُ سنَةٌ آرِمةٌ أَي مُسْتأْصِلة. وَيُقَالُ: أَرَمَتِ السنَةُ بأَموالنا أَي أَكَلت كُلَّ شَيْءٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرَمَتِ السَّائِمَةُ المَرْعَى تَأْرِمُه أَتَتْ عَلَيْهِ حَتَّى لَمْ تَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا. وَمَا فِيهِ إِرْمٌ وأَرْمٌ أَي ضِرس. والأُرَّمُ: الأَضراس؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كأَنه جَمْعُ آرِمٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَحْرُقُ عَلَيْكَ الأُرَّم إِذا تغَيَّظ فَحكَّ أَضْراسه بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَقِيلَ: الأُرّمُ أَطراف الأَصابع. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَالُوا هُوَ يَعْلُك عَلَيْهِ الأُرَّم أَي يَصْرِف بأَنيابه عَلَيْهِ حَنَقاً؛ قَالَ:
أُنْبِئْتُ أَحْمَاءَ سُلَيْمَى إِنَّما ... أَضْحَوا غِضاباً، يَحْرُقُونَ الأُرَّما
أَنْ قُلْت: أَسْقَى الحَرَّتَيْنِ الدِّيمَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَا يصحُّ فَتْحُ أَنَّما إِلّا عَلَى أَن تَجْعَلَ أَحْماء مَفْعُولًا ثَانِيًا بإِسقاط حَرْفِ الْجَرِّ، تَقْدِيرُهُ نُبّئتُ عَنْ أَحْماء سُلَيمْى أَنَّهم فَعلوا ذَلِكَ، فإِن جَعَلْتَ أَحْماء مَفْعُولًا ثَانِيًا مِنْ غَيْرِ إِسقاط حَرْفِ الْجَرِّ كَسَرْتَ إِنَّما لَا غَيْرُ لأَنها المفعولُ الثالثُ، وَقَالَ أَبو رِيَاشٍ: الأُرَّمُ الأَنيابُ؛ وأَنشد لِعَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ الضَّبِّيِّ:
بِذِي فِرْقَيْنِ يَوْمَ بَنُو حَبيبٍ، ... نُيُوبَهم عَلَيْنَا يَحْرُقُونَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَذَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ حَرَق فَقَالَ: حَرَقَ نابَه يَحْرُقه ويَحْرِقُه إِذا سَحَقَه حَتَّى يُسْمَعَ لَهُ صَرِيف. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ الأُرَّم الحِجارة؛ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: سأَلت نوحَ بْنَ جَرِيرِ بْنِ الخَطَفَى عَنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
يَلُوكُ مِنْ حَرْدٍ عليَّ الأُرَّمَا
قَالَ: الحَصَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ الأُرَّم الأَنياب هُنَا لِقَوْلِهِمْ يَحْرُق عَليَّ الأُرَّمَ، مِنْ قَوْلِهِمْ حَرَقَ نابُ الْبَعِيرِ إِذا صوَّت. والأَرْمُ: الْقَطْعُ. وأَرَمَتْهم السنَةُ أَرْماً: قَطَّعَتْهُمْ. وأَرَمَ الرجلَ يَأْرِمهُ أَرْماً: ليَّنَه؛ عَنْ كُراع. وأَرْض أَرْماءُ ومَأْرُومَةٌ: لَمْ يُتْرَك فِيهَا أَصل وَلَا فَرْعٌ. والأَرُومةُ: الأَصْل. وَفِي حَدِيثِ
عُمير بْنِ أَفْصى: أَنا مِنَ الْعَرَبِ فِي أَرُومة بِنائها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَرُومةُ بِوَزْنِ الأَكولة الأَصْل. وَفِيهِ كَيْفَ تَبْلُغك صَلاتُنا وَقَدْ أَرِمْتَ أَي بَلِيت؛ أَرِمَ المالُ إِذا فَنِيَ. وأَرض أَرِمةٌ: لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وَقِيلَ: إِنما هُوَ أُرِمْتَ مِنَ الأَرْمِ الأَكل، وَمِنْهُ قِيلَ للأَسْنان الأُرَّم؛ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَصله أَرْمَمْت أَي بَلِيت وَصِرْتَ رَمِيماً، فَحَذَفَ إِحدى الْمِيمَيْنِ كَقَوْلِهِمْ ظَلْت فِي ظَلِلْت؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَكَثِيرًا مَا تُرْوَى هَذِهِ اللَّفْظَةُ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَهِيَ لُغَةُ ناسٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي رَمَمَ. والإِرَمُ: حِجارة تُنْصَبُ عَلَماً فِي المَفازة، وَالْجَمْعُ آرامٌ وأُرُومٌ مِثْلُ ضِلَع وأَضْلاع وضُلوع. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا يوجَد فِي آرامِ الجاهليَّة وخِرَبها فِيهِ الخُمْس
؛ الْآرَامُ: الأَعْلام، وَهِيَ حِجَارَةٌ تُجْمَع وتنصَب فِي المَفازة يُهْتَدَى بِهَا، وَاحِدُهَا إِرَم(12/14)
كعِنَب. قَالَ: وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنهم إِذا وَجَدُوا شَيْئًا فِي طَرِيقِهِمْ وَلَا يُمْكِنُهُمُ اسْتِصْحابُه تَرَكُوا عَلَيْهِ حِجَارَةً يعرفُونه بِهَا، حَتَّى إِذا عَادُوا أَخذوه. وَفِي حَدِيثِ
سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَع: لَا يَطْرَحُونَ شَيْئًا إِلَّا جَعَلْت عَلَيْهِ آرَامًا.
ابْنُ سِيدَهْ: الإِرَمُ والأَرِمُ الْحِجَارَةُ، والآرامُ الأَعْلام، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ أَعْلام عادٍ، واحدُها إِرَمٌ وأَرِمٌ وأَيْرَمِيٌّ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَرَمِيّ ويَرَمِيّ وإِرَمِيّ. والأُرومُ أَيضاً: الأَعْلام، وَقِيلَ: هِيَ قُبُور عادٍ؛ وعَمَّ بِهِ أَبو عُبَيْدٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
وساحِرة العُيون مِنَ المَوامي، ... تَرَقَّصُ فِي نَواشِرِها الأُرُومُ
فَقَالَ: هِيَ الأَعْلام؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
حَتَّى تَعالى النِّيُّ فِي آرَامِهَا
قَالَ: يَعْنِي فِي أَسْنِمَتِها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدْري إِن كَانَتِ الْآرَامُ في الأَصل الأَسْمة، أَوْ شبَّهها بِالْآرَامِ الَّتِي هِيَ الأَعْلام لعِظَمِها وطُولها. وإِرَمٌ: والِدُ عادٍ الأُولَى، وَمَنْ ترَك صَرْفَ إِرَمٍ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ، وَقِيلَ: إِرَمُ عادٌ الأَخيرة، وَقِيلَ: إرَم لبَلْدَتِهم الَّتِي كَانُوا فِيهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
، وَقِيلَ فِيهَا أَيضاً أَرامٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
، قَالَ: مَنْ لَمْ يُضِف جَعَلَ إِرَم اسمَه وَلَمْ يَصْرِفه لأَنه جَعَلَ عَادًا اسْمَ أَبيهم، وَمَنْ قرأَه بالإِضافة وَلَمْ يَصْرف جَعَلَهُ اسْمَ أُمّهم أَو اسْمَ بَلدةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ
ذَكَرَ إِرَمَ ذاتِ العِماد
، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا فَقِيلَ دِمَشق، وَقِيلَ غَيْرُهَا. والأَرُوم، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ: أَصْل الشَّجَرَةِ والقَرْن؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ يَهْجُو رَجُلًا:
تَيْسَ تُيُوسٍ، إِذا يُناطِحُها ... يَأْلَمُ قَرْناً، أَرُومه نَقِدُ
قَوْلُهُ: يَأْلَمُ قَرْناً أَي يَأْلَمُ قَرْنَه، وَقَدْ جَاءَ عَلَى هَذَا حُرُوفٌ منها قولهم: يَيْجَع ظَهراً، ويَشْتكي عَيْنًا أَي يَشْتَكي عَينَه، وَنُصِبَ تَيْسَ عَلَى الذَّمِّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي جُنْدُبٍ الْهُذَلِيِّ:
أَولئك نَاصِرِي وهُمُ أُرُومِي، ... وبَعْضُ الْقَوْمِ لَيْسَ بذِي أُرُومِ
وَقَوْلُهُمْ: جَارِيَةٌ مَأْرُومَةٌ حسَنة الأَرْمِ إِذا كَانَتْ مَجْدُولة الخَلْق. وإِرَمٌ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ مُرَقِّش الأَكْبَرُ:
فاذْهَبْ فِدىً لَكَ ابْنُ عَمّك لائحا ... «1» ... الأَشيبة وإِرَمْ
والأُرُومةُ والأَرُومة، الأَخيرة تميمة: الأَصلُ، وَالْجَمْعُ أُرُومٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
لَهُم فِي الذّاهِبِينَ أُرُومُ صِدْقٍ، ... وَكَانَ لِكُلِّ ذِي حَسَب أُرُومُ
والأَرامُ: مُلْتقى قَبائِلِ الرأْس. ورَأْس مُؤَرَّمٌ: ضخْم القَبائل. وبَيْضَةٌ مُؤَرَّمةٌ واسِعَةُ الأَعْلى. وَمَا بالدَّارِ أَرِمٌ وأَرِيمٌ وإِرَميٌّ وأَيْرَميّ وإِيْرَمِيّ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ وأَبي عُبَيْدٍ، أَي مَا بِهَا أَحَدٌ، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي الجَحْد؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
دارٌ لأَسْماء بالغَمْرَيْنِ ماثِلةٌ، ... كالوَحْيِ لَيْسَ بِهَا مِنْ أَهْلِها أَرِمُ
وَمِثْلُهُ قول الآخر:
__________
(1) . هنا بياض في الأصل(12/15)
تِلْكَ القُرونُ وَرِثْنا الأَرضَ بَعْدَهُمُ، ... فَمَا يُحَسُّ عَلَيْهَا منهمُ أَرِمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَانَ ابْنُ دَرَسْتَوَيْه يُخالف أَهل اللُّغَةِ فَيَقُولُ: ما بها آرِم، على فَاعِلٍ، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَنْصِب الأَرَمَ وَهُوَ العَلَم، أَي مَا بِهَا ناصِبُ عَلَم، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ مَا بِهَا أَرِمٌ، عَلَى وَزْنِ حَذِرٍ، وبيتُ زُهَيْرٍ وَغَيْرِهِ يَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِمْ، قَالَ: وَعَلَى أَنه أَيضاً حَكَى القَزَّاز وَغَيْرُهُ آرِم، قَالَ: وَيُقَالُ مَا بِهَا أَرَمٌ أَيضاً أَي مَا بِهَا علَم. وأَرَمَ الرجلَ يَأْرِمُه أَرْماً: لَيَّنه. وأَرَمْتُ الحَبْل آرِمُه أَرْماً إِذا فَتَلْتَه فَتْلًا شَدِيدًا. وأَرَمَ الشيءَ يَأْرِمُه أَرْماً: شدَّه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَمْسُدُ أَعْلى لَحْمِه ويَأْرِمُهْ
وَيُرْوَى بِالزَّايِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَجم. وَآرَامٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
مِن ذاتِ آرامٍ فجَنبَي أَلعسا «2»
. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْر إِرَمٍ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْخَفِيفَةِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ مِنْ دِيَارِ جُذام، أَقْطَعَه سيدُنا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَنِي جِعال بْنِ رَبيعة.
أزم: الأَزْمُ: شدَّةُ العَضِّ بالفَمِ كلِّه، وَقِيلَ بالأَنْياب، والأَنْيابُ هِيَ الأَوازِمُ، وَقِيلَ: هُوَ أَنَ يَعَضَّه ثُمَّ يكرِّر عَلَيْهِ وَلَا يُرْسِله، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقْبِض عَلَيْهِ بِفِيهِ، أَزَمه، وأَزَمَ عَلَيْهِ يَأْزِمُ أَزْماً وأُزُوماً، فَهُوَ آزِمٌ وأَزُومٌ، وأَزَمْت يَد الرجُل آزِمُها أَزْماً، وَهِيَ أَشدُّ العَضِّ. قَالَ الأَصمعي: قَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ كَانَتْ لَنَا بَطَّة تَأْزِمُ أَي تَعَضُّ، وَمِنْهُ قِيلَ للسَّنة أَزْمَةٌ وأَزُومٌ وأَزامِ، بِكَسْرِ الْمِيمِ. وأَزَمَ الفرسُ عَلَى فأْسِ اللِّجام: قَبض؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الصِّدِّيقِ: نَظَرْت يَوْمَ أُحُدٍ إِلى حَلَقة دِرْع قَدْ نَشِبَت فِي جَبين رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانْكَبَبْت لأَنْزِعَها، فأَقْسَم عليَّ أَبو عُبَيْدَةَ فأَزَمَ بِهَا بثَنيَّتيه فجَذبها جَذْباً رَفيقاً
أَي عَضَّها وأَمْسكها بَيْنَ ثَنِيَّتَيْه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الكَنْز وَالشُّجَاعِ الأَقْرع:
فإِذا أَخذه أَزَم فِي يَدِهِ
أَي عَضَّها. والأَزْمُ: القطعُ بِالنَّابِ والسِّكِّين وَغَيْرِهِمَا. والأَوَازمُ والأُزَّمُ والأُزُمُ: الأَنْياب، فَوَاحِدَةُ الأَوازمِ آزِمةٌ، وَوَاحِدَةُ الأُزَّمِ آزِمٌ، وَوَاحِدَةُ الأُزُمِ أَزُومٌ. والأَزْمُ: الجَدْبُ والمَحْل. ابْنُ سِيدَهْ: الأَزْمة الشِّدَّةُ والقَحْط، وَجَمْعُهَا إِزَمٌ كبَدْرةٍ وبِدَر، وأَزْمٌ كتَمْرةٍ وتَمْر؛ قَالَ أَبو خِراش:
جَزى اللهُ خَيْرًا خالِداً مِنْ مُكافِئٍ، ... عَلَى كلِّ حالٍ مِنْ رَخاء وَمِنْ أَزْمِ
وَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا لأَزَم إِذا عضَّ، وَهِيَ الوَزْمة أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
اشْتَدِّي أَزْمَة تَنْفَرِجي
، قَالَ: الأَزْمَة السَّنة المُجْدِبة. يُقَالُ: إِن الشدَّة إِذا تَتابَعت انْفَرَجَتْ وإِذا تَوالَتْ تَوَلَّت. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: أَن قُرَيْشاً أَصابَتْهم أَزْمةٌ شديدةٌ وَكَانَ أَبو طَالِبٍ ذَا عيالٍ.
والأَوازمُ: السِّنُون الشَّدَائِدُ كالبَوازِم. وأَزَمَ عَلَيْهِمُ العامُ والدهرُ يَأْزِمُ أَزْماً وأُزُوماً: اشْتَدَّ قَحْطُه، وَقِيلَ: اشتدَّ وقَلَّ خَيرُه؛ وَسَنَةٌ أَزْمَةٌ وأَزِمَةٌ وأَزُومٌ وآزِمةٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
إِذا أَزَمَتْ بِهِمْ سَنةٌ أَزُوم
وَيُقَالُ: قَدْ أَزَمت أَزامِ؛ قال:
__________
(2) . قوله [فجني ألعسا] هكذا في الأصل وشرح القاموس(12/16)
أَهان لَهَا الطَّعامَ فَلَمْ تُضِعْه، ... غَداةَ الرَّوْعِ، إِذ أَزَمَتْ أَزامِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو عَلِّيَ هَذَا الْبَيْتَ:
أَهانَ لَهَا الطعامَ فَأَنْفَذَتْهُ، ... غَداةَ الرَّوْعِ، إِذ أَزَمَتْ أَزُومُ
وَيُقَالُ: نزلتْ بِهِمْ أَزامِ وأَزُومٌ أَي شدَّة. والمُتَأَزِّمُ: المُتَأَلِّم لأَزْمةِ الزَّمَانِ؛ أَنشد عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمِّهِ الأَصمعي فِي رَجُلٍ خطَب إِليه ابنَته فردَّ الْخَاطِبَ:
قَالُوا: تَعَزَّ فَلَسْتَ نائِلَها، ... حَتَّى تَمَرَّ حَلاوَةُ التَّمْرِ
لَسْنا مِنَ المُتأَزِّمينَ، إِذا ... فَرِحَ اللَّمُوسُ بثائبِ الفَقْرِ
أَي لَسْنا نُزَوِّجك هَذِهِ المرأَة حَتَّى تَعود حَلاوةُ التَّمْر مَرارةً، وَذَلِكَ مَا لَا يَكُونُ. والمُتَأَزِّمُ: المُتَأَلِّم لأَزْمةِ الزَّمان وشدَّتِه، واللَّمُوسُ: الَّذِي فِي نَسَبه ضَعَةٌ، أَي أَن الضعيفَ النسَب يفْرَح بالسَّنة المُجْدبة ليُرْغَب إِليه فِي مَالِهِ فيَنْكِحَ أَشْراف نِسائهم لحاجَتهم إِلى مَالِهِ. وأَزَمَتْهم السنةُ أَزْماً: استأْصَلَتهم، وَقَالَ شَمِرٌ: إِنما هُوَ أَرَمَتْهم، بِالرَّاءِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ. وَيُقَالُ: أَصابتنا أَزْمة وآزمةٌ أَي شِدَّةٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وأَزَمَ عَلَى الشَّيْءِ يَأْزِمُ أُزُوماً: واظَب عَلَيْهِ ولَزِمَه. وأَزَمَ بِضَيْعَته وَعَلَيْهَا: حَافَظَ. أَبو زَيْدٍ: الأُزُومُ المُحافظة عَلَى الضَّيْعَة. وتَأَزَّمَ القومُ إِذا أَطالوا الإِقامة بِدارهم. وأَزَمَ بصاحِبه يَأْزِمُ أَزْماً: لَزِقَ. وَفِي الصِّحَاحِ: أَزَمَ الرجلُ بِصَاحِبِهِ إِذا لَزِمَه. وأَزَمَه أَيضاً أَي عَضَّه وأَزَمَ عَنِ الشَّيْءِ: أَمسك عَنْهُ. وأَزَمَ بِالْمَكَانِ أَزْماً: لَزِمَه. وأَزَمْتُ الحَبْلَ والعِنانَ والخَيْط وغيرَه آزِمُه أَزْماً: أَحكَمْت فَتْله وضَفْرَه، بِالرَّاءِ وَالزَّايِ جَمِيعًا، وَالرَّاءُ أَعرف، وَهُوَ مَأْزُومٌ. والأَزْمُ: ضرْب مِنَ الضَّفْر وَهُوَ الفَتْل. وأَزَمَ أَزْماً وأَزِمَ أَزَماً، كِلَاهُمَا: تقبَّض. والمَأْزِمُ: المَضِيق مِثْلُ المَأْزِلِ؛ وأَنشد الأَصمعي عَنْ أَبي مَهْدِيَّة:
هَذَا طريقٌ يَأْزِمُ المَآزِما، ... وعِضَواتٌ تَمْشُق اللَّهازِما
وَيُرْوَى عَصَوات، وَهِيَ جَمْعُ عَصاً. وتَمْشُق: تضرِب. والمأْزِم: كلُّ طَرِيقٍ ضيِّق بَيْنَ جَبَلَيْنِ، وَمَوْضِعُ الحَرْبِ أَيضاً مَأْزِمٌ، وَمِنْهُ سُمِّي الْمَوْضِعُ الَّذِي بَيْنَ المَشْعَر وعَرَفة مَأْزِمَيْن. الأَصمعي: المَأْزِمُ فِي سَنَد مَضِيقٌ بَيْنَ جَمْعٍ وعَرَفة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: إِذا كنتَ بَيْنَ المَأْزِمَيْن دُونَ مِنىً فإِنَّ هُنَاكَ سَرْحَة سُرَّ تحتَها سَبْعُونَ نَبِيًّا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِني حَرَّمْت الْمَدِينَةَ حَراماً مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْها
؛ المَأْزِمُ: المَضِيقُ فِي الْجِبَالِ حَتَّى يَلتَقِي بعضُها بِبَعْضٍ ويَتَّسِع مَا وَرَاءه، والميمُ زَائِدَةٌ، وكأَنه مِنَ الأَزْمِ القُوّة وَالشِّدَّةُ؛ وأَنشد لِساعدة ابن جُؤَيَّةَ الهُذَلي:
ومُقامُهنّ، إِذا حُبِسْنَ، بِمَأْزِمٍ ... ضَيْقٍ أَلَفَّ، وصَدّهنّ الأَخشَبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده ومُقامِهنَّ، بِالْخَفْضِ عَلَى القَسَم لأَنه أَقسم بالبُدْن الَّتِي حُبِسْن بِمَأْزِمٍ أَي بمَضِيق، وأَلَفَّ: مُلْتَفّ، والأَخْشَبُ: جبل،(12/17)
والمَأْزِمُ: مَضِيقُ الْوَادِي فِي حُزُونةٍ. ومَآزِمُ الأَرض: مَضايِقها تلْتَقي ويتَّسِع مَا وَرَاءَهَا وَمَا قُدّامها. ومآزِمُ الفَرْجِ: مَضايقه، وَاحِدُهَا مَأْزِم. ومأْزِمُ القِتال: مَوْضِعُهُ إِذا ضَاقَ، وَكَذَلِكَ مَأْزِمُ العَيش؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وكلُّ مَضِيق مَأْزِمٌ. والأَزْمُ: إِغْلاق الْبَابِ. وأَزَمَ البابَ أَزْماً: أَغْلَقه. والأَزْمُ: الإِمساك. أَبو زَيْدٍ: الآزِمُ الَّذِي ضَمَّ شَفَتَيْهِ. والأَزْمُ: الصمْت. والأَزْمُ: تركُ الأَكل وأَصله مِنْ ذَلِكَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ قَالَ للحرث بْنِ كَلْدة وَكَانَ طبيبَ العَرب: مَا الطِّبُّ؟ فَقَالَ: هُوَ الأَزْمُ
، وَهُوَ أَن لَا تدخِل طَعَامًا عَلَى طَعَامٍ، وفسَّره الناسُ أَنه الحِمْيَةُ والإِمساك عَنِ الِاسْتِكْثَارِ، وَفِي النِّهَايَةِ: إِمساك الأَسْنان بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ. والأَزْمةُ: الأَكلة الْوَاحِدَةُ فِي الْيَوْمِ مرَّة كالوَجْبةِ. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ
أَنه قَالَ: أَيُّكم المُتَكلِّم؟ فَأَزَمَ القومُ
أَي أَمسكوا عَنِ الْكَلَامِ كَمَا يُمسِك الصَّائِمُ عَنِ الطَّعام، قَالَ: وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الحِمْيَةُ أَزْماً، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ:
فَأَرَمَّ الْقَوْمُ
، بِالرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ السِّواك:
يَسْتَعْمِلُهُ عِنْدَ تَغَيُّر الفَمِ، مِنَ الأَزْمِ.
وأَزِيمٌ: جبل بالبادية.
أسم: أُسامَةُ: مِنْ أَسماء الأَسد، لَا يَنْصرِف. وأُسامة: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فأَما قَوْلُهُ:
وكأَنِّي فِي فَحْمة ابْنٍ جَمِيرٍ ... فِي نِقابِ الأُسامةِ السِّرْداحِ
فإِنه زَادَ اللَّامَ كَقَوْلِهِ:
وَلَقَدْ نَهَيتُك عَنْ بَنات الأَوْبرِ
وأَما قَوْلُهُ:
عَيْنُ بَكِّي لِسَامةَ بْنِ لُؤَيٍّ ... عَلِقَتْ ساقَ سامةَ العَلَّاقهْ «1»
. فإِنه أَراد بِقَوْلِهِ لِسامةَ لأُسامة، فَحَذَفَ الْهَمْزَ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ هَذَا أُسامةُ، وَهُوَ الأَسدُ، وَهُوَ مَعْرِفة؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَمْدح هَرِم بْنَ سِنان:
ولأَنْت أَشْجَعُ مِنْ أُسامة، إِذ ... دُعِيَتْ نزَالِ، ولُجَّ فِي الذُّعْرِ
وأَما الِاسْمُ فَنَذْكُرُهُ فِي الْمُعْتَلِّ لأَن الأَلف زَائِدَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما أَسماءُ اسْمُ امرأَة فمختلَف فِيهَا، فَمِنْهُمْ مَن يَجْعَلُهَا فَعلاء وَالْهَمْزَةُ فِيهَا أَصْل، وَمِنْهُمْ مَن يجعلُها بَدلًا مِنْ وَاوٍ وأَصْلُها عِنْدَهُمْ وَسْماء، وَمِنْهُمْ مَن يَجْعَلُ هَمْزَتَهَا قَطْعًا زَائِدَةً وَيَجْعَلُهَا جمعَ اسْمٍ سُمِّيَتْ بِهِ المرأَة، قَالَ: وَيُقَوِّي هَذَا الْوَجْهَ قَوْلُهُمْ فِي تَصْغِيرِهَا سُمَيَّة، وَلَوْ كَانَتِ الْهَمْزَةُ فِيهَا أَصْلًا لَمْ تحذَف.
أضم: الأَضَمُ: الحِقْدُ والحسَدُ والغضَبُ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَضَماتٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وباكَرَا الصَّيْدَ بحَدٍّ وأَضَمْ، ... لَنْ يَرْجِعا أَو يَخْضِبا صَيْداً بِدَمْ
وأَضِمَ عَلَيْهِ، بِالْكَسْرِ، يَأْضَمُ أَضَماً: غَضِبَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فُرُحٌ بالخَيْر إِنْ جاءَهُمُ، ... وإِذا مَا سُئِلُوه أَضِمُوا
قَالَ الْعَجَّاجُ:
ورأْس أَعْداءٍ شديد أَضَمُهْ
__________
(1) . قوله [وَأَمَّا قَوْلُهُ عَيْنُ بَكِّي إلخ] هذا البيت من قصيدة لأعرابية ترثي بها أسامة ولها حكاية ذكرت في مادة فوق فانظرها(12/18)
وَفِي حَدِيثِ
نَجْران «1» : وأَضِمَ عَلَيْهِ أَخوه كُرْزُ بنُ عَلْقَمَة حَتَّى أَسلم.
يُقَالُ: أَضِمَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، يَأْضَمُ أَضَماً إِذا أَضْمَر حِقْداً لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمْضِيَه؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فَأَضِمُوا عَلَيْهِ.
وأَضِمَ بِهِ أَضَماً، فَهُوَ أَضِمٌ: عَلِقَ بِهِ. وأَضِمَ الْفَحْلُ بالشُّوَّل: عَلِقَ بِهَا يَطْرُدها ويَعَضُّها وأَضِم الرَّجُلُ بأَهله كَذَلِكَ. وإِضَمٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
واحْتَلَّت الشَّرْعَ فالأَجْراعَ مِنْ إِضَما
وإِضَمٌ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ نَارًا:
نَظَرْت والعَيْنُ مُبينة التَّهَمْ ... إِلى سَنا نارٍ، وقُودُها الرَّتَمْ،
شُبَّتْ بأَعلى عانِدَيْن مَنْ إِضَمْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ غَيْرَ مَصْرُوفٍ، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ. وَفِي بَعْضِ الأَحاديث ذِكْر إِضَمٍ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الضَّادِ، اسْمُ جَبَلٍ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ.
أطم: الأُطُم: حِصْنٌ مَبْنِيٌّ بِحِجَارَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ بَيْتٍ مُرَبَّع مُسَطَّح، وَقِيلَ: الأُطْم مِثْلُ الأَجّم، يُخَفَّفُ ويثقَّل، وَالْجَمْعُ القليلُ آطامٌ وآجامٌ؛ قَالَ الأَعشى:
فإِمَّا أَتَتْ آطامَ جَوٍّ وأَهلَه، ... أُنِيخَت فأَلقَتْ رَحْلَها بِفِنائكا
وَالْكَثِيرُ أُطُومٌ، وَهِيَ حُصون لأَهل الْمَدِينَةِ؛ قَالَ أَوْس بْنُ مَغْراء السَّعْدِيُّ:
بَثَّ الجُنودَ لَهُمْ فِي الأَرض يَقْتُلُهم، ... مَا بَيْنَ بُصْرى إِلى آطامِ نَجْرانا
وَالْوَاحِدَةُ أَطَمة مِثْلُ أَكَمَة؛ وَبِالْيَمَنِ حِصْن يُعرف بأُطُم الأَضْبطِ، وَهُوَ الأَضْبط بْنُ قُرَيْع بْنِ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَناة، كَانَ أَغار عَلَى أَهْل صَنْعاء وبَنَى بِهَا أُطُماً وَقَالَ:
وشَفَيْتُ نَفْسِي، مِنْ ذوِي يَمَنٍ، ... بالطَّعْنِ فِي اللَّبَّات والضربِ
قَتَّلتهمْ وأَبَحْتُ بَلْدَتَهم، ... وأَقَمْتُ حَوْلًا كامِلًا أَسْبي
وبَنَيْتُ أُطْماً فِي بِلَادِهِمُ، ... لأُثَبِّت التَّقْهِيرَ بالغَصْبِ
ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: الأُطْم حِصْن مَبْنِيٌّ. ابْنُ الأَعرابي: الأُطُوم القُصور. وَفِي حَدِيثِ
بِلَالٍ: أَنه كَانَ يؤذِّن عَلَى أُطْمٍ
؛ الأُطْم، بِالضَّمِّ: بِنَاءٌ مُرْتَفِعٌ، وَجَمْعُهُ آطَامٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى تَوارَتْ بآطامِ الْمَدِينَةِ
يَعْنِي بأَبنيتها الْمُرْتَفِعَةِ كالحُصون. ابْنُ بُزُرْج: أَطَمْت عَلَى البَيْت أَطْماً أَي أَرْخَيْت سُتورَه. والتَّأْطِيمُ فِي الهَوْدَج: أَن يُسَتَّر بِثِيَابٍ، يُقَالُ: أَطَّمْته تَأْطِيماً؛ وأَنشد:
تَدْخُلُ جَوْزَ الهَوْدَجِ المُؤَطَّمِ
وأَزَمَ بِيَدِهِ وأَطَمَ إِذا عضَّ عَلَيْهَا. وأَطَمْت أُطوماً إِذا سَكَتُّ. أَبو عَمْرٍو: التَّأَطُّم سُكُوتُ الرَّجُلِ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ. وأَطَمْتُ الْبِئْرَ أَطْماً: ضَيَّقْت فَاهَا. وتأَطُّمُ اللَّيْلِ: ظُلْمته وأَطِمَ أَطَماً: غضِب. وتَأَطَّم فُلَانٌ تأَطُّماً إِذا غضِب. وَفُلَانٌ يتأَطَّم عَلَى فُلَانٍ: مِثْلُ يَتَأَجَّم. وأَطِمَ أَطَماً: انضمَّ. والأُطامُ والإِطامُ: حصْر البَعير والرجُل، وَهُوَ أَن لَا يَبُول وَلَا يَبْعَر مِنْ داءٍ، وَقَدْ أَطِمَ أَطَماً
__________
(1) . قوله [وفي حديث نجران إلخ] عبارة النهاية: وفي حديث وفد نجران وأضم عليها منه أخوه إلخ(12/19)
وأُطِمَ أَطْماً وأُطِمَ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا عَسُر عَلَيْهِ بُروزُ غائطِه: قَدْ أُطِم أَطْماً، وأْتُطِمَ ائتِطاماً. وَيُقَالُ: أَصابه أُطامٌ وإِطامٌ إِذا احْتَبَسَ بَطْنُه. وَبَعِيرٌ مَأْطُومٌ وَقَدْ أُطِمَ إِذا لَمْ يَبُل مِنْ داءٍ يَكُونُ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الأُطامُ، بِالضَّمِّ، احْتِبَاسُ الْبَوْلِ، تَقُولُ مِنْهُ: أُؤْتُطِمَ عَلَى الرَّجُلِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
تَمْشي مِنَ التَّحْفِيلِ مَشْيَ المُؤْتَطِمْ
قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ التَّأَطُّم امْتِنَاعُ النَّجْوِ، قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو المُؤَطَّم الْمُكَسَّرُ بِالتُّرَابِ؛ وأَنشد لِعِيَاضِ بْنِ درَّة:
إِذا سَمِعتْ أَصْوات لأْمٍ مِنَ المَلا، ... بَكَتْ جَزَعاً مِنْ تَحْتِ قَبرٍ مُؤَطَّمِ
والأَطِيمةُ: مَوْقِدُ النَّارِ، وَجَمْعُهَا أَطائم؛ قَالَ الأَفْوَهُ الأَوْديّ:
فِي مَوْطِنٍ ذَرِبِ الشَّبا، فكأَنَّما ... فِيهِ الرِّجالُ عَلَى الأَطائِم واللَّظى
شَمِرٌ: الأَطِيمةُ تُوثِقُ الْحَمَامَ بِالْفَارِسِيَّةِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَتُّون والأَطيمة الدَّاسْتَوْرَنُ «1» . والأَطُوم: سَمَكَةٌ فِي الْبَحْرِ يُقَالُ لَهَا المَلِصَةُ والزَّالِخَة. والأَطُومُ: السُّلَحْفاة الْبَحْرِيَّةُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: سُلَحْفاة بَحْريّة غَلِيظَةُ الجلْد فِي البَحْر يُشَبَّه بِهَا جِلْد الْبَعِيرِ الأَمْلَس، وتُتَّخذ مِنْهَا الْخِفَافُ للجَمّالين وتُخْصَفُ بِهَا النِّعال؛ قَالَ الشمَّاخ «2» :
وجِلْدُها من أَطُومٍ ما يُؤَيِّسهُ ... طِلْحٌ، بضاحِية البَيْداء، مَهْزُولُ
وَقِيلَ: الأَطُوم القُنْفُذُ. والأَطُوم: البَقَرةُ، قِيلَ: إِنما سُمِّيت بِذَلِكَ عَلَى التَّشْبيه بالسَّمَكة لغِلَظ جِلْدها؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ:
كأَطُومٍ فَقَدَتْ بُرْغُزَها، ... أَعْقبَتْها الغُبْسُ مِنْهَا نَدَما
غَفَلَتْ ثُمَّ أَتَتْ تَطْلُبُه، ... فإِذا هِيَ بِعِظام وَدَما
وَفِي قَصِيدَةِ كَعْبِ بْنِ زُهَير يَمْدَحُ سيدَنا رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وجِلْدُها مِنْ أَطُوم لَا يُؤَيِّسُهُ
قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَطُومُ الزَّرافةُ يَصِفُ جِلْدها بالقُوَّة والمَلاسَةِ، لَا يُؤَيِّسه: لَا يُؤَثِّر فِيهِ. والأَطِيمُ: شحْم ولَحْم يُطْبخ فِي قِدْرٍ سُدَّ فَمُها. الْفَرَّاءُ: السِّنَّوْرُ يَتَأَطَّمُ ويَتَحَدَّم للصَّوْت الَّذِي فِي صَدْره. وتَأَطَّم السَّيْلُ إِذا ارْتَفَعَتْ فِي وَجْهه طَحَماتٌ كالأَمْواج ثُمَّ يكسَّر بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا ارْتَمَى فِي وَأْدِه تَأَطُّمُهْ
وَأْدُه: صَوْتُه.
أكم: الأَكَمَةُ: مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ أَكَماتٌ وأَكَمٌ، وَجَمْعُ الأَكَمِ إِكامٌ مِثْلُ جَبَلٍ وجِبالٍ، وَجَمْعُ الإِكامِ أُكُم مِثْلُ كتابٍ وكُتُبٍ، وَجَمْعُ الأُكُم آكامٌ مِثْلُ عُنُقٍ وأَعْناقٍ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي جَمْعِ تَمْرة. قَالَ: يُقَالُ أَكمة وأَكَم مِثْلُ ثَمَرة وثَمَر، وَجَمْعُ أَكَمَةٍ أُكُم كخَشَبَة وخُشُبٍ، وإِكام كرَحَبةٍ ورِحاب، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ آكَامٌ كجَبَل وأَجْبالٍ، غَيْرُهُ: الأَكَمَةُ تَلٌّ مِنَ القُفِّ وَهُوَ حَجر واحد.
__________
(1) . قوله [شمر الأطيمة إلى قوله الداستورن] مثله في التهذيب إلا أن لفظ توثق الحمام منقوط في التهذيب هكذا وفي الأصل من غير نقط، وقوله الداستورن هو في الأصل هكذا وفي التهذيب الداشوزن
(2) . هذا البيت لكعب بن زهير لا للشماخ، وفي القصيدة: بضاحية المتنين بدل بضاحية البيداء(12/20)
ابْنُ سِيدَهْ الأَكَمَة القُفُّ مِنْ حِجَارَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ دُونَ الْجِبَالِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ أَشدُّ ارْتِفَاعًا ممَّا حَوْلَه وَهُوَ غَلِيظٌ لَا يَبْلُغُ أَن يَكُونَ حَجَراً، وَالْجَمْعُ أَكَمٌ وأُكُمٌ وأُكْمٌ وإِكامٌ وآكامٌ وآكُمٌ كأَفْلُسٍ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَكَمَةُ قُفٌّ غَيْرَ أَن الأَكَمةَ أَطْول فِي السَّمَاءِ وأَعظم. وَيُقَالُ: الأَكَمُ أَشْرافٌ فِي الأَرض كالرَّوابي. وَيُقَالُ: هُوَ مَا اجْتَمَعَ مِنَ الحِجارة فِي مكانٍ وَاحِدٍ، فَرُبَّما غَلُظَ وَرُبَّمَا لَمْ يَغْلُظ. وَيُقَالُ: الأَكَمَةُ مَا ارتَفَعَ عَنِ القُفِّ مُلَمْلَمٌ مُصَعَّدٌ فِي السَّمَاءِ كَثِيرُ الْحِجَارَةِ. وَرَوَى ابْنُ هَانِئٍ عَنْ زَيْد بْنِ كَثْوة أَنه قَالَ: مِنْ أَمثالهم: حَبَسْتُموني ووَراء الأَكَمَةِ مَا وَراءها؛ قالَتْها امرأَة كَانَتْ واعَدَتْ تَبَعاً لَهَا أَن تأْتِيَهُ وَرَاءَ الأَكَمة إِذا جَنَّ رُؤْيٌ رُؤْياً، فَبَيْنا هِيَ مُعِيرةٌ فِي مَهْنَة أَهْلِها إِذ نَسَّها شَوْقٌ إِلى مَوْعِدها وَطَالَ عَلَيْهَا المُكْث وضَجِرت «1» .، فَخَرَجَ مِنْهَا الَّذِي كَانَتْ لَا تُرِيدُ إِظْهارَه وَقَالَتْ: حَبَسْتُموني ووَراء الأَكَمة مَا وَراءها يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ الهُزْء بِكُلِّ مَنْ أَخبر عَنْ نَفْسِهِ ساقِطاً مَا لَا يُرِيدُ إِظْهارَه. واسْتَأْكَم الموضعُ: صَارَ أَكَماً؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:
بَيْنَ النَّقَا والأَكَم المُسْتَأْكِمِ
وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسْقاء:
عَلَى الإِكامِ والظِّرابِ ومَنابتِ الشجَرِ
؛ الإِكامُ: جَمْعُ أَكَمة وَهِيَ الرابِيَة. والمَأْكَمَةُ: العَجِيزةُ. والمَأْكَمان والمَأْكَمَتان: اللَّحْمَتان اللَّتَانِ عَلَى رُؤوس الوَرِكَيْن، وَقِيلَ: هُمَا بَخَصَتان مُشْرِفتان عَلَى الحَرْقَفَتَيْنِ، وَهُمَا رُؤوس أَعالي الوَرِكَيْن عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ، وَقِيلَ: هُمَا لَحْمتان وَصَلَتا مَا بَيْنَ العَجُز والمَتْنَيْن، وَالْجَمْعُ المَآكِمُ؛ قَالَ:
إِذا ضَرَبَتْها الرِّيح فِي المِرْطِ أَشْرَفَتْ ... مَآكِمُها، والزُّلُّ فِي الرِّيحِ تُفْضَحُ
وَقَدْ يُفْرَد فَيُقَالُ مَأْكَمٌ ومَأْكِمٌ ومَأْكَمَةٌ ومَأْكِمَةٌ؛ قَالَ:
أَرَغْت بِهِ فَرْجاً أَضاعَتْه فِي الوَغى، ... فَخَلَّى القُصَيْرى بَيْنَ خَصْر ومَأْكَمِ
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لعَظيمُ المَآكِمِ كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ مَأْكَماً. وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ:
إِذا صَلَّى أَحدُكم فَلَا يَجْعل يَدَهُ عَلَى مَأْكَمتَيْه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُمَا لَحْمتان فِي أَصل الوَرِكَيْن، وَقِيلَ: بَيْنَ العَجُز والمَتْنَيْن، قَالَ: وَتُفْتَحُ كافُها وتكْسَر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المُغِيرة:
أَحْمَر المَأْكَمَةِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: لَمْ يُرِدْ حُمْرة ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِعَيْنِهِ، وإِنما أَراد حُمْرَة مَا تَحْتَهَا مِنْ سَفِلَته، وَهُوَ مَا يُسَبُّ بِهِ فَكَنَى عَنْهَا بِهَا؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ فِي السَّبِّ: يَا ابْنَ حَمْراء العِجَانِ ومَرْأَة مُؤَكِّمَةٌ: عَظِيمَةُ المَأْكِمَتَيْن. وأُكِمَتِ الأَرضُ: أُكِلَ جميعُ مَا فِيهَا. وإِكامٌ: جَبَلٌ بِالشَّامِ؛ وَرُوِيَ بَيْتُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
بَيْنَ حامِرٍ وبين إِكام «2»
__________
(1) . قوله [وضجرت] في التهذيب: وصخبت
(2) . قوله [بين حامر] عبارة ياقوت معجمه بعد أن ذكر أن حامراً عدّة مواضع: وحامراً أيضاً واد في رمال بني سعد، وحامر أيضاً موضع في ديار غطفان، ولا أدري أيهما أَرَادَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بِقَوْلِهِ:
أحار تَرَى بَرْقًا أُرِيكَ وَمِيضَهُ ... كلمع اليدين في حيّ مكلل
قَعَدْتُ لَهُ وَصُحْبَتِي بَيْنَ حَامِرٍ ... وَبَيْنَ إِكَامِ بعد ما متأمل
وقال عند التكلم على إِكام بكسر الهمزة موضع بالشام، وأنشد البيت الثاني ويروى أيضاً: بَيْنَ ضارجٍ وَبَيْنَ العُذيب بدل بَيْنَ حَامِرٍ وَبَيْنَ إِكام.(12/21)
ألم: الأَلَمُ: الوجَعُ، وَالْجَمْعُ آلامٌ. وَقَدْ أَلِمَ الرجلُ يَأْلَمُ أَلَماً، فَهُوَ أَلِمٌ. ويُجْمَعُ الأَلَمُ آلَامًا، وتَأَلَّم وآلَمْتُه. والأَلِيمُ: المُؤلِمُ المُوجِعُ مِثْلُ السَّمِيع بِمَعْنَى المُسْمِع؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ:
يَصُكُّ خُدُودَها وهَجٌ أَلِيمُ
والعَذاب الأَلِيمُ: الَّذِي يَبْلغ إِيجاعُهُ غَايَةَ الْبُلُوغِ، وإِذا قُلْتَ عَذاب أَلِيمٌ فَهُوَ بِمَعْنَى مُؤلِم، قَالَ: وَمِثْلُهُ رَجُلٌ وجِع. وضرْب وَجِع أَي مُوجِع. وتَأَلَّم فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ إِذا تَشَكَّى وتَوَجَّع مِنْهُ. والتَّأَلُّم: التَّوجُّع. والإِيلامُ: الإِيجاعُ. وأَلِمَ بَطنَه: مِنْ بَابِ سَفِه رأْيَه. الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ أَلِمْت بطنَك ورَشِدْت أَمْرَك أَي أَلِمَ بَطنُك ورَشِدَ أَمْرُك، وانتِصاب قَوْلِهِ بَطْنَك عِنْدَ الْكِسَائِيِّ عَلَى التَّفْسِيرِ، وَهُوَ مَعْرِفَةٌ، والمُفَسرات نَكرات كَقَوْلِكَ قَرِرْت بِهِ عَيْناً وضِقْتُ بِهِ ذَرْعاً، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ عِنْدَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ، قَالَ: وَوَجْهُ الْكَلَامِ أَلِمَ بَطْنُه يَأْلَم أَلَماً، وَهُوَ لَازِمٌ فَحُوِّل فِعْلُه إِلى صَاحِبِ البَطْن، وخَرَج مُفَسّراً فِي قَوْلِهِ أَلِمْتَ بَطْنَك. والأَيْلَمَةُ: الأَلمُ. وَيُقَالُ: مَا أَخذ أَيْلمةً وَلَا أَلماً، وَهُوَ الوجَع. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَا سَمِعْتُ لَهُ أَيْلمةً أَي صَوْتاً. وقال شَمِرٌ عَنْهُ: مَا وَجَدْت أَيلمةً وَلَا أَلَماً أَي وَجَعاً. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَيْلمةُ الحَركة؛ وأَنشد:
فَمَا سَمِعْتُ بَعْدَ تِلْكَ النَّأَمَهْ ... مِنْهَا وَلَا مِنْهُ، هُنَاكَ، أَيْلمهْ
قَالَ الأَزهري: وَقَالَ شَمِرٌ تَقُولُ الْعَرَبُ أَما وَاللَّهِ لأُبِيتَنَّك عَلَى أَيْلَمَةٍ، ولأَدَعَنَّ نَوْمَك تَوْثاباً، ولأُثئِدَنَّ مَبْرَكَك، ولأُدْخِلنَّ صَدْرك غمَّة: كلُّه فِي إِدْخال المشقَّة عَلَيْهِ والشدَّة. وأَلُومةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ صَخْر الْغَيِّ:
القَائد الخَيْلَ مِنْ أَلومَةَ أَو ... مِنْ بَطْن وادٍ، كأَنها العجَدُ «1»
. وَفِي التَّهْذِيبِ:
ويَجْلُبُوا الخَيْلَ مِنْ أَلُومَةَ أَوْ ... مِنْ بَطْنِ عَمْقٍ، كأَنَّها البُجُدُ
أمم: الأَمُّ، بِالْفَتْحِ: القَصْد. أَمَّهُ يَؤُمُّه أَمّاً إِذا قَصَدَه؛ وأَمَّمهُ وأْتَمَّهُ وتَأَمَّمَهُ ويَمَّه وتَيَمَّمَهُ، الأَخيرتان عَلَى البَدل؛ قَالَ:
فَلَمْ أَنْكُلْ وَلَمْ أَجْبُنْ، ولكنْ ... يَمَمْتُ بِهَا أَبا صَخْرِ بنَ عَمرو
ويَمَّمْتُه: قَصَدْته؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَزْهَر لَمْ يُولَدْ بنَجْم الشُّحِّ، ... مُيَمَّم البَيْت كَرِيم السِّنْحِ «2»
. وتَيَمَّمْتُهُ: قَصَدْته. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَن كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلى سُنَّةٍ فَلِأَمٍّ مَا هُوَ
أَي قَصْدِ الطَّرِيقِ المُسْتقيم. يُقَالُ: أَمَّه يَؤمُّه أَمّاً، وتأَمَّمَهُ وتَيَمَّمَه. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ الأَمُّ أُقِيم مَقام المَأْمُوم أَي هُوَ عَلَى طَرِيقٍ يَنْبَغِي أَن يُقْصد، وإِن كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، فإِنه يَرْجِعُ إِلى أَصله «3» . مَا هُوَ
__________
(1) . قوله [قال صخر الغيّ] أنشده في ياقوت هكذا:
هم جلبوا الْخَيْلَ مِنْ أَلُومَةَ أَوْ ... مِنْ بَطْنِ عَمْقٍ كَأَنَّهَا البجد
جمع بجاد وهو كساء مخطط انتهى. وتقدم للمؤلف في مادة عجد بغير هذه الأَلفاط
(2) . قوله [أزهر إلخ] تقدم في مادة سنح على غير هذا الوجه
(3) . قوله [إلى أصله إلخ] هكذا في الأصل وبعض نسخ النهاية وفي بعضها إلى ما هو بمعناه بإسقاط لفظ أصله(12/22)
بِمَعْنَاهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانُوا يَتَأَمَّمُون شِرارَ ثِمارِهم فِي الصدَقة
أَي يَتَعَمَّدون ويَقْصِدون، وَيُرْوَى يَتَيَمَّمون، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: وانْطَلَقْت أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: فتَيمَّمت بِهَا التَّنُّور
أَي قَصَدت. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مالك: ثُمَّ يُؤمَرُ بأَمِّ الْبَابِ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ غَمٌّ أَبداً
أَي يُقْصَد إِليه فَيُسَدُّ عَلَيْهِمْ. وتَيَمَّمْت الصَّعيد لِلصَّلَاةِ، وأَصلُه التَّعَمُّد والتَّوَخِّي، مِنْ قَوْلِهِمْ تَيَمَّمْتُك وتَأَمَّمْتُك. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قَوْلُهُ: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً*
، أَي اقْصِدوا لصَعِيد طيِّب، ثُمَّ كَثُر استعمالُهم لِهَذِهِ الكلِمة حَتَّى صَارَ التَّيَمُّم اسْمًا علَماً لِمَسْح الوَجْه واليَدَيْن بالتُّراب. ابْنُ سِيدَهْ: والتَّيَمُّم التَّوَضُّؤ بالتُّراب عَلَى البَدل، وأَصْله مِنَ الأَول لأَنه يقصِد التُّراب فيَتَمَسَّحُ بِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَمَمْتُه أَمًّا وتَيَمَّمته تَيَمُّماً وتَيَمَّمْتُه يَمامَةً، قَالَ: وَلَا يَعْرِفُ الأَصمعي أَمَّمْتُه، بِالتَّشْدِيدِ، قَالَ: وَيُقَالُ أَمَمْتُه وأَمَّمْتُه وتَأَمَّمْتُه وتَيَمَّمْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي تَوَخَّيْتُه وقَصَدْته. قَالَ: والتَّيَمُّمُ بالصَّعِيد مأْخُوذ مِنْ هَذَا، وَصَارَ التَّيَمُّمُ عِنْدَ عَوامّ النَّاسِ التَّمَسُّح بِالتُّرَابِ، والأَصلُ فِيهِ القَصْد والتَّوَخِّي؛ قَالَ الأَعشى:
تَيَمَّمْتُ قَيْساً وَكَمْ دُونَه، ... مِنَ الأَرض، مِنْ مَهْمَهٍ ذِي شزَنْ
وقال اللحياني: يقال أَمُّو ويَمُّوا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، ثُمَّ ذكَر سَائِرَ اللُّغَاتِ. ويَمَّمْتُ المَرِيضَ فَتَيَمَّم لِلصَّلَاةِ؛ وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَكثر ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ يَمَّمَ بِالْيَاءِ. ويَمَّمْتُه بِرُمْحي تَيْمِيماً أَي تَوَخَّيْتُه وقَصَدْته دُونَ مَن سِوَاهُ؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ مُلاعِب الأَسِنَّة:
يَمَّمْتُه الرُّمْح صَدْراً ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: ... هَذِي المُرُوءةُ لَا لِعْب الزَّحالِيقِ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ يَمم: واليَمامة القَصْد؛ قَالَ المرَّار:
إِذا خَفَّ ماءُ المُزْن عَنْهَا، تَيَمَّمَتْ ... يَمامَتَها، أَيَّ العِدادِ تَرُومُ
وجَمَلٌ مِئمٌّ: دَلِيلٌ هادٍ، وَنَاقَةٌ مِئَمَّةٌ كَذَلِكَ، وكلُّه مِنَ القَصْد لأَن الدَّليلَ الْهَادِيَ قاصدٌ. والإِمَّةُ: الحالةُ، والإِمَّة والأُمَّةُ: الشِّرعة والدِّين. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ*
؛ قَالَهُ اللِّحْيَانِيُّ، وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: عَلَى إِمَّةٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: قُرِئَ إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ*
، وَهِيَ مِثْلُ السُّنَّة، وَقُرِئَ عَلَى إِمَّةٍ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ مِنْ أَمَمْت. يُقَالُ: مَا أَحسن إِمَّتَهُ، قَالَ: والإِمَّةُ أَيْضًا النَّعِيمُ والمُلك؛ وأَنشد لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
ثُمَّ، بَعْدَ الفَلاح والمُلك والإِمَّةِ، ... وارَتْهُمُ هُنَاكَ القُبورُ
قَالَ: أَراد إِمامَة المُلك ونَعِيمه. والأُمَّةُ والإِمَّةُ: الدِّينُ. قَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ
، أَيْ كَانُوا عَلَى دينٍ واحد. قال أَبو إِسحق: وقال بَعْضُهُمْ فِي مَعْنَى الْآيَةِ: كَانَ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ كُفّاراً فبعَث اللَّهُ النبيِّين يُبَشِّرون مَنْ أَطاع بِالْجَنَّةِ ويُنْذِرون مَنْ عَصى بِالنَّارِ. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ جَمِيعُ مَن مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ مُؤْمِنًا ثُمَّ تفرَّقوا مِنْ بَعْدُ عَنْ كُفر فَبَعَثَ اللَّهُ النبيِّين. وقال آخَرُونَ: الناسُ كَانُوا كُفّاراً فَبَعَثَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ والنَّبيِّين مِنْ بعدهِ. قَالَ(12/23)
أَبو مَنْصُورٍ «1» : فِيمَا فسَّروا يَقَعُ عَلَى الكُفَّار وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ. والأُمَّةُ: الطَّرِيقَةُ وَالدِّينُ. يُقَالُ: فُلَانٌ لَا أُمَّةَ لَهُ أَي لَا دِينَ لَهُ وَلَا نِحْلة لَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وهَلْ يَسْتَوي ذُو أُمَّةٍ وكَفُورُ؟
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
؛ قَالَ الأَخفش: يُرِيدُ أَهْل أُمّةٍ أَي خَيْرَ أَهْلِ دينٍ؛ وأَنشد لِلنَّابِغَةِ:
حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِك رِيبةً، ... وَهَلْ يأْثَمَنْ ذُو أُمَّةٍ وَهْوَ طائعُ؟
والإِمَّةُ: لُغَةٌ فِي الأُمَّةِ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ والدينُ. والإِمَّة: النِّعْمة؛ قال الأَعشى:
وَلَقَدْ جَرَرْتُ لَكَ الغِنى ذَا فاقَةٍ، ... وأَصاب غَزْوُك إِمَّةً فأَزالَها
والإِمَّةُ: الهَيْئة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والإِمَّةُ أَيضاً: الحالُ والشأْن. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الإِمَّةُ غَضارةُ العَيش والنعْمةُ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
فهلْ لكُمُ فيكُمْ، وأَنْتُم بإِمَّةٍ ... عَلَيْكُمْ عَطاءُ الأَمْنِ، مَوْطِئُكم سَهْلُ
والإِمَّةُ، بِالْكَسْرِ: العَيْشُ الرَّخِيُّ؛ يُقَالُ: هُوَ فِي إِمَّةٍ مِنَ العَيْش وآمَةٍ أَي فِي خِصْبٍ. قَالَ شَمِرٌ: وآمَة، بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ: عَيْب؛ وأَنشد:
مَهْلًا، أَبَيْتَ اللَّعْنَ مَهْلًا ... إِنَّ فِيمَا قلتَ آمَهْ
وَيُقَالُ: مَا أَمّي وأَمُّه وَمَا شَكْلي وشَكله أَي مَا أَمْري وأَمْره لبُعْده مِنِّي فلِمَ يَتعرَّض لِي؟ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَمَا إِمِّي وإِمُّ الوَحْشِ لَمَّا ... تَفَرَّعَ فِي ذُؤابَتِيَ المَشيبُ
يَقُولُ: مَا أَنا وطَلَب الوَحْش بَعْدَمَا كَبِرْت، وَذِكْرُ الإِمِّ حَشْو فِي الْبَيْتِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ وَمَا أَمِّي وأَمُّ الوَحْش، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، والأَمُّ: القَصْد. وقال ابْنُ بُزُرْج: قَالُوا مَا أَمُّك وأَمّ ذَاتِ عِرْق أَي أَيْهاتَ مِنْكَ ذاتُ عِرْق. والأَمُّ: العَلَم الَّذِي يَتْبَعُه الجَيْش ابْنُ سِيدَهْ: والإِمَّة والأُمَّة السُّنَّةُ. وتَأَمَّم بِهِ وأْتَمَّ: جَعَلَهُ أَمَّةً. وأَمَّ القومَ وأَمَّ بِهِمْ: تقدَّمهم، وَهِيَ الإِمامةُ. والإِمامُ: كُلُّ مَنِ ائتَمَّ بِهِ قومٌ كَانُوا عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ أَو كَانُوا ضالِّين. ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ
، قَالَتْ طائفة: بكتابهم، وقال آخَرُونَ: بنَبيّهم وشَرْعهم، وَقِيلَ: بِكِتَابِهِ الَّذِي أَحصى فِيهِ عَمَله. وسيدُنا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِمامُ أُمَّتِه، وَعَلَيْهِمْ جَمِيعًا الائتمامُ بسُنَّته الَّتِي مَضى عَلَيْهَا. وَرَئِيسُ الْقَوْمِ: أَمُّهم. ابْنُ سِيدَهْ: والإِمامُ مَا ائْتُمَّ بِهِ مِنْ رئيسٍ وغيرِه، وَالْجَمْعُ أَئِمَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ
، أَي قاتِلوا رؤساءَ الكُفْر وقادَتَهم الَّذِينَ ضُعَفاؤهم تَبَعٌ لَهُمْ. الأَزهري: أَكثر القُراء قَرَؤوا
أَيِمَّة الكُفْرِ
، بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ، وقرأَ بعضهم
أَئمَّةَ
، بهمزيتن، قَالَ: وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وجَعلْناهم أَيِمَّةً يَدْعون إِلى النارِ
، أَي مَن تَبِعَهم فَهُوَ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قُلبت الْهَمْزَةُ يَاءً لثِقَلها لأَنها حَرْفٌ سَفُل فِي الحَلْق وبَعُد
__________
(1) . قوله [قال أبو منصور إلخ] هكذا في الأصل، ولعله قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْإِمَّةُ فيما فسروا إلخ(12/24)
عَنِ الْحُرُوفِ وحَصَل طرَفاً فَكَانَ النُّطْق بِهِ تكَلُّفاً، فإِذا كُرِهت الْهَمْزَةُ الْوَاحِدَةُ، فَهُمْ باسْتِكْراه الثِّنْتَيْن ورَفْضِهما لَا سِيَّما إِذا كَانَتَا مُصْطَحِبتين غَيْرَ مفرَّقتين فَاءً وَعَيْنًا أَو عَيْنًا وَلَامًا أَحرى، فَلِهَذَا لَمْ يأْت فِي الْكَلَامِ لفظةٌ توالتْ فِيهَا هَمْزتان أَصلًا البتَّة؛ فأَما مَا حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ دَريئة ودَرائئٌ وخَطيئة وخَطائيٌ فشاذٌّ لَا يُقاس عَلَيْهِ، وَلَيْسَتِ الْهَمْزَتَانِ أَصْلَين بَلِ الأُولى مِنْهُمَا زَائِدَةٌ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ أَهل الْكُوفَةِ
أَئمَّة
، بِهَمْزَتَيْنِ، شَاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: الإِمامُ الَّذِي يُقْتَدى بِهِ وَجَمْعُهُ أَيِمَّة، وأَصله أَأْمِمَة، عَلَى أَفْعِلة، مِثْلَ إِناء وآنِيةٍ وإِلَه وآلِهةٍ، فأُدغمت الْمِيمُ فنُقِلَت حركتُها إِلَى مَا قَبْلَها، فَلَمَّا حَرَّكوها بِالْكَسْرِ جَعَلُوهَا يَاءً، وَقُرِئَ
أَيِمَّة الكُفْر
؛ قَالَ الأَخفش: جُعلت الْهَمْزَةُ يَاءً، وَقُرِئَ
أَيِمَّة الكُفْر
؛ قَالَ الأَخفش: جُعلت الْهَمْزَةُ يَاءً لأَنها فِي مَوْضِعِ كَسْر وَمَا قَبْلَهَا مَفْتُوحٌ فَلَمْ يَهمِزُوا لِاجْتِمَاعِ الْهَمْزَتَيْنِ، قَالَ: وَمَنْ كَانَ مِنْ رَأْيه جَمْعُ الْهَمْزَتَيْنِ همَز، قَالَ: وَتَصْغِيرُهَا أُوَيْمة، لَمَّا تحرّكت الهمزة بالفتحة قلبها واواً، وقال الْمَازِنِيُّ أُيَيْمَة وَلَمْ يقلِب، وإِمامُ كلِّ شَيْءٍ: قَيِّمُهُ والمُصْلِح لَهُ، والقرآنُ إِمامُ المُسلمين، وسَيدُنا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِمام الأَئِمَّة، وَالْخَلِيفَةُ إِمَامُ الرَّعِيَّةِ، وإِمامُ الجُنْد قَائِدُهُمْ. وَهَذَا أَيَمُّ مِنْ هَذَا وأَوَمُّ مِنْ هَذَا أَي أَحسن إِمَامَةً مِنْهُ، قَلَبوها إِلى الْيَاءِ مرَّة وإِلى الْوَاوِ أُخرى كَراهِية التقاء الهمزتين. وقال أَبو إِسحق: إِذا فضَّلنا رجُلًا فِي الإِمامةِ قُلْنَا: هَذَا أَوَمُّ مِنْ هَذَا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هَذَا أَيَمُّ مِنْ هَذَا، قَالَ: والأَصل فِي أَئمَّة أَأْمِمَة لأَنه جَمْعُ إِمامٍ مِثْلُ مِثال وأَمْثِلة ولكنَّ المِيمَيْن لمَّا اجْتَمَعَتَا أُدغمت الأُولى فِي الثَّانِيَةِ وأُلقيت حَرَكَتُهَا عَلَى الْهَمْزَةِ، فَقِيلَ أَئِمَّة، فأَبدلت الْعَرَبُ مِنَ الْهَمْزَةِ الْمَكْسُورَةِ الْيَاءَ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ هَذَا أَيَمُّ مِنْ هَذَا، جَعَلَ هَذِهِ الْهَمْزَةَ كلَّما تَحَرَّكَتْ أَبدل مِنْهَا يَاءً، وَالَّذِي قَالَ فُلَانٌ أَوَمُّ مِنْ هَذَا كَانَ عِنْدَهُ أَصلُها أَأَمُّ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ أَن يُبْدِلَ مِنْهَا أَلفاً لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ فَجَعَلَهَا وَاوًا مَفْتُوحَةً، كَمَا قَالَ فِي جَمْعِ آدَم أَوادم، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، قَالَ: وَالَّذِي جَعَلها يَاءً قَالَ قَدْ صَارَتِ الياءُ فِي أَيِمَّة بَدَلًا لَازِمًا، وَهَذَا مَذْهَبُ الأَخفش، والأَول مَذْهَبُ الْمَازِنِيِّ، قَالَ: وأَظنه أَقْيَس المذهَبين، فأَما أَئمَّة بِاجْتِمَاعِ الْهَمْزَتَيْنِ فإِنما يُحْكى عن أَبي إِسحق، فإِنه كَانَ يُجيز اجتماعَهما، قَالَ: وَلَا أَقول إِنها غَيْرُ جَائِزَةٍ، قَالَ: وَالَّذِي بَدَأْنا بِهِ هُوَ الِاخْتِيَارُ. وَيُقَالُ: إِمامُنا هَذَا حَسَن الإِمَّة أَي حَسَن القِيام بإِمامته إِذا صلَّى بِنَا. وأَمَمْتُ القومَ فِي الصَّلاة إِمامةً. وأْتمّ بِهِ أَي اقْتَدَى بِهِ. والإِمامُ: المِثالُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَبوه قَبْلَه، وأَبو أَبِيه، ... بَنَوْا مَجْدَ الحيَاة عَلَى إِمامِ
وإِمامُ الغُلام فِي المَكْتَب: مَا يَتعلَّم كلَّ يَوْمٍ. وإِمامُ المِثال: مَا امْتُثِلَ عَلَيْهِ. والإِمامُ: الخَيْطُ الَّذِي يُمَدُّ عَلَى الْبِنَاءِ فيُبْنَى عَلَيْهِ ويُسَوَّى عَلَيْهِ سافُ الْبِنَاءِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ:
وخَلَّقْتُه، حَتَّى إِذا تمَّ واسْتَوى ... كَمُخَّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمامِ
أَي كَهَذَا الخَيْط المَمْدود عَلَى البِناء فِي الامِّلاسِ والاسْتِواء؛ يَصِفُ سَهْماً؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ:
قَرَنْتُ بِحَقْوَيْه ثَلاثاً فَلَمْ يَزِغْ، ... عَنِ القَصْدِ، حَتَّى بُصِّرَتْ بِدِمامِ
وَفِي الصِّحَاحِ: الإِمامُ خَشَبَةُ البنَّاء يُسَوِّي عَلَيْهَا البِناء.(12/25)
وإِمامُ القِبلةِ: تِلْقاؤها. وَالْحَادِي: إمامُ الإِبل، وإِن كَانَ وَرَاءَهَا لأَنه الْهَادِي لَهَا. والإِمامُ: الطريقُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ
، أَي لَبِطريق يُؤَمُّ أَي يُقْصَد فَيُتَمَيَّز، يَعْنِي قومَ لُوطٍ وأَصحابَ الأَيكةِ. والإِمامُ: الصُّقْعُ مِنَ الطَّرِيقِ والأَرض. وقال الْفَرَّاءُ: وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ
، يَقُولُ: فِي طَريق لَهُمْ يَمُرُّون عَلَيْهَا فِي أَسْفارِهم فَجعل الطَّريقَ إِماماً لأَنه يُؤم ويُتَّبَع. والأَمامُ: بِمَعْنَى القُدّام. وَفُلَانٌ يَؤمُّ القومَ: يَقْدُمهم. وَيُقَالُ: صَدْرك أَمامُك، بِالرَّفْعِ، إِذا جَعَلْته اسْمًا، وَتَقُولُ: أَخوك أَمامَك، بِالنَّصْبِ، لأَنه صِفَةٌ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ فَجَعله اسْمًا:
فَعَدَتْ كِلا الفَرْجَيْن تَحْسِبُ أَنه ... مَوْلَى المَخافَةِ: خَلْفُها وأَمامُها «2»
. يَصِفُ بَقَرة وَحْشِية ذَعَرها الصائدُ فَعَدَتْ. وكِلا فَرْجَيها: وَهُوَ خَلْفُها وأَمامُها. تَحْسِب أَنه: الْهَاءُ عِمادٌ. مَوْلَى مَخافَتِها أَي وَلِيُّ مَخافَتِها. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَؤُمُّ القَوْمَ أَي يَتَقَدَّمُهم، أُخِذ مِنَ الأَمامِ. يُقَالُ: فُلانٌ إِمامُ الْقَوْمِ؛ مَعْنَاهُ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ لَهُمْ، وَيَكُونُ الإِمامُ رئِيساً كَقَوْلِكَ إمامُ الْمُسْلِمِينَ، وَيَكُونُ الكتابَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ
، وَيَكُونُ الإِمامُ الطريقَ الواضحَ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ
، وَيَكُونُ الإِمامُ المِثالَ، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ:
بَنَوْا مَجْدَ الحَياةِ عَلَى إِمامِ
معناه على مِثال؛ وقال لَبِيدٌ:
ولكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وإِمامُها
وَالدَّلِيلُ: إِمامُ السَّفْر. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ:
فِي حَلْقِكم عَظْماً وَقَدْ شُجِينا
وإِنَّ المُتَّقِين فِي جَنَّات ونَهَرٍ. وَقِيلَ: الإِمامُ جَمْعُ آمٍّ كصاحِبٍ وصِحابٍ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ إِمامٍ لَيْسَ عَلَى حَدِّ عَدْلٍ ورِضاً لأَنهم قَدْ قَالُوا إِمامان، وإِنما هُوَ جَمْعٌ مُكَسَّر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَنْبأَني بِذَلِكَ أَبو العَلاء عَنْ أَبي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ قَالَ: وَقَدِ اسْتَعْمَلَ سِيبَوَيْهِ هَذَا القياسَ كَثِيرًا، قَالَ: والأُمَّةُ الإِمامُ. اللَّيْثُ: الإِمَّةُ الائتِمامُ بالإِمامِ؛ يُقَالُ: فُلانٌ أَحقُّ بإِمَّةِ هَذَا الْمَسْجِدِ مِنْ فُلان أَي بالإِمامة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الإِمَّة الهَيْئةُ فِي الإِمامةِ والحالةُ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ حَسَن الإِمَّةِ أَي حَسَن الهَيْئة إِذا أَمَّ الناسَ فِي الصَّلاة، وَقَدِ ائتَمَّ بِالشَّيْءِ وأْتَمَى بِهِ، عَلَى البدَل كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ؛ وأَنشد يَعْقُوبُ:
نَزُورُ امْرأً، أَمّا الإِلَه فَيَتَّقِي، ... وأَمّا بفعلِ الصَّالحين فَيَأْتَمِي
والأُمَّةُ: القَرْن مِنَ النَّاسِ؛ يُقَالُ: قَدْ مَضَتْ أُمَمٌ أَي قُرُونٌ. وأُمَّةُ كُلِّ نَبِيٍّ: مَن أُرسِل إِليهم مِنْ كَافِرٍ ومؤمنٍ. اللَّيْثُ: كلُّ قَوْمٍ نُسِبُوا إِلى نَبِيٍّ فأُضيفوا إِليه فَهُمْ أُمَّتُه، وَقِيلَ: أُمة مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عليهم وَسَلَّمَ، كلُّ مَن أُرسِل إِليه مِمَّن آمَن بِهِ أَو كَفَر، قَالَ: وَكُلُّ جِيلٍ مِنَ النَّاسِ هُمْ أُمَّةٌ عَلَى حِدَة.
__________
(2) . قوله [فعدت كلا الفرجين] هو في الأصل بالعين المهملة ووضع تحتها عيناً صغيرة، وفي الصحاح في مادة ولي بالغين المعجة ومثله في التكملة في مادة فرج، ومثله كذلك في معلقة لبيد(12/26)
وقال غَيْرُهُ: كلُّ جِنس مِنَ الْحَيَوَانِ غَيْرِ بَنِي آدَمَ أُمَّةٌ عَلَى حِدَة، والأُمَّةُ: الجِيلُ والجِنْسُ مِنْ كُلِّ حَيّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ
؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ
فِي مَعْنىً دُونَ مَعْنىً، يُريدُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهم وتَعَبَّدَهُم بِمَا شَاءَ أَنْ يَتَعَبَّدَهُم مِنْ تسْبيح وعِبادةٍ عَلِمها مِنْهُمْ وَلَمْ يُفَقِّهْنا ذَلِكَ. وَكُلُّ جِنْسٍ مِنَ الْحَيَوَانِ أُمَّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْلَا أنَّ الكِلاب أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ لأَمَرْت بقَتْلِها، وَلَكِنِ اقْتُلوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَد بَهيم
، وَوَرَدَ فِي رِوَايَةٍ:
لَوْلَا أَنَّهَا أُمَّةٌ تُسَبِّحُ لأَمَرْت بقَتْلِها
؛ يَعْنِي بِهَا الْكِلَابَ. والأُمُّ: كالأُمَّةِ؛ وَفِي حديث:
إِنْ أَطاعُوهما، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَشِدوا ورَشَدت أُمُّهم
، وَقِيلَ، هُوَ نَقِيضُ قَوْلِهِمْ هَوَتْ أُمُّه، فِي الدُّعاء عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَن كَانَ عَلَى دينِ الحَقِّ مُخالفاً لِسَائِرِ الأَدْيان، فَهُوَ أُمَّةٌ وَحْدَهُ. وَكَانَ إبراهيمُ خليلُ الرَّحْمَنِ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، أُمَّةً؛ والأُمَّةُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَا نظِير لَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ
؛ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كانَ أُمَّةً
أَيِ إِمَامًا. أَبو عَمْرٍو الشَّيباني: إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلشَّيْخِ إِذَا كَانَ باقِيَ الْقُوَّةِ: فُلَانٌ بإِمَّةٍ، مَعْنَاهُ رَاجِعٌ إِلَى الْخَيْرِ والنِّعْمة لأَن بَقاء قُوّتِه مَنْ أَعظم النِّعْمة، وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ مِنَ القَصْد. يُقَالُ: أَمَمْتُ إِلَيْهِ إِذَا قَصَدْته، فَمَعْنَى الأُمَّة فِي الدِّينِ أَنَّ مَقْصِدَهم مقْصِد وَاحِدٌ، وَمَعْنَى الإِمَّة فِي النِّعْمة إِنَّمَا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَقْصِده الخلْق ويَطْلُبونه، وَمَعْنَى الأُمَّة فِي الرجُل المُنْفَرد الَّذِي لَا نَظِير لَهُ أَنَّ قَصْده مُنْفَرِدٌ مِنْ قَصْد سَائِرِ النَّاسِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وَهَلْ يَأْثَمَنْ ذُو أُمَّةٍ وَهْوَ طائعُ
وَيُرْوَى: ذُو إمَّةٍ، فَمَنْ قال ذو أُمَّةٍ فمعناه ذُو دينٍ وَمَنْ قَالَ ذو إمَّةٍ فمعناه ذو نِعْمة أُسْدِيَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: وَمَعْنَى الأُمَّةِ الْقَامَةُ «1» . سَائِرُ مَقْصِدِ الْجَسَدِ، وَلَيْسَ يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَنْ مَعْنَى أَمَمْت قَصَدْت. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً
؛ قَالَ: أُمَّةً مُعلِّماً للخَير.
وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فسأَله عَنِ الأُمَّةِ، فَقَالَ: مُعَلِّمُ الْخَيْرِ
، والأُمَّةُ المُعَلِّم. وَيُرْوَى
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: يُبْعَث يَوْمَ الْقِيَامَةِ زيدُ بنُ عَمْرِو بنِ نُفَيْل أُمَّةً عَلَى حِدَةٍ
، وَذَلِكَ أَنه كَانَ تَبَرَّأَ مِنْ أَدْيان الْمُشْرِكِينَ وآمَن بِاللَّهِ قَبْلَ مَبْعَث سيدِنا مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ: أَنه يُبْعَث يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وحْدَه
؛ قَالَ: الأُمَّةُ الرَّجُلُ المُتَفَرِّد بدينٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ
، وَقِيلَ: الأُمَّةُ الرجلُ الْجَامِعُ لِلْخَيْرِ. والأُمَّةُ: الحِينُ. قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ
، قَالَ بَعْدَ حينٍ مِنَ الدَّهْرِ. وقال تَعَالَى: وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ
. وقال ابْنُ الْقَطَّاعِ: الأُمَّةُ المُلْك، والأُمة أَتْباعُ الأَنبياء، والأُمّةُ الرَّجُلُ الجامعُ لِلْخَيْرِ، والأُمَّةُ الأُمَمُ، والأُمَّةُ الرَّجُلُ المُنْفَرد بِدِينِهِ لَا يَشْرَكُه فِيهِ أَحدٌ، والأُمَّةُ القامةُ والوجهُ؛ قَالَ الأَعشى:
وإنَّ مُعاوية الأَكْرَمِينَ ... بيضُ الوُجوهِ طِوالُ الأُمَمْ
أَيْ طِوالُ القاماتِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّمَرْدَل بْنِ شَرِيكٍ اليَرْبوعي:
طِوال أَنْصِية الأَعْناقِ والأُمَمِ
__________
(1) . وقوله [ومعنى الأُمة القامة إلخ] هكذا في الأَصل(12/27)
قَالَ: وَيُرْوَى الْبَيْتُ للأَخْيَلِيَّة. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لحسَنُ الأُمَّةِ أَيِ الشَّطاطِ. وأُمَّةُ الْوَجْهِ: سُنَّته وَهِيَ مُعظَمه ومَعْلم الحُسْن مِنْهُ. أَبُو زَيْدٍ: إِنَّهُ لَحَسن أُمَّة الْوَجْهِ يَعْنُون سُنَّته وصُورَته. وَإِنَّهُ لَقَبيحُ أُمَّةِ الْوَجْهِ. وأُمَّة الرَّجُلِ: وَجْهُه وقامَتُه. والأُمَّة: الطَّاعَةُ. والأُمَّة: العالِم. وأُمَّةُ الرَّجُلِ: قومُه. والأُمَّةُ: الْجَمَاعَةُ؛ قَالَ الأَخفش: هُوَ فِي اللَّفْظِ وَاحِدٌ وَفِي الْمَعْنَى جَمْع، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
إنَّ يَهُودَ بَني عَوْفٍ أُمَّةٌ مِنَ المؤْمنين
، يُرِيدُ أَنهم بالصُّلْح الَّذِي وقَع بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ المؤْمنين كجماعةٍ مِنْهُمْ كلمَتُهم وَأَيْدِيهِمْ وَاحِدَةٌ. وأُمَّةُ اللَّهِ: خلْقه: يُقَالُ: مَا رأَيت مِنْ أُمَّةِ اللَّهَ أَحسنَ مِنْهُ. وأُمَّةُ الطَّرِيقِ وأُمُّه: مُعْظَمُه. والأُمَمُ: القَصْد الَّذِي هُوَ الوسَط. والأَمَمُ: القُرب، يُقَالُ: أَخذت ذَلِكَ مِنْ أَمَمٍ أَيْ مِنْ قُرْب. وَدَارِي أَمَمُ دارِه أَيْ مُقابِلَتُها. والأَمَمُ: الْيَسِيرُ. يُقَالُ: دَارُكُمْ أَمَمٌ، وَهُوَ أَمَمٌ مِنْكَ. وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ. وأمْرُ بَني فُلان أَمَمٌ ومُؤامٌّ أَيْ بيّنٌ لَمْ يُجَاوِزِ الْقَدْرَ. والمؤَامُّ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ: الْمُقَارِبُ، أُخِذ مِنَ الأَمَم وَهُوَ الْقُرْبُ؛ يُقَالُ: هَذَا أَمْرٌ مؤَامٌّ مِثْلَ مُضارٍّ. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذَا كَانَ مُقارِباً: هُوَ مُؤامٌّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَزال أَمْرُ النَّاسِ مُؤَامّاً مَا لَمْ يَنْظروا فِي القَدَرِ والوِلْدان
أَيْ لَا يَزال جَارِيًا عَلَى القَصْد وَالِاسْتِقَامَةِ. والمُؤَامُّ: المُقارَب، مُفاعَل مِنَ الأَمِّ، وَهُوَ القَصْد أَو مِنَ الأَمَمِ الْقُرْبُ، وأَصله مُؤامَم فأُدْغِم. وَمِنْهُ حَدِيثُ
كَعْبٍ: لَا تَزال الفِتْنة مُؤامّاً بِهَا مَا لَمْ تبْدأْ مِنَ الشَّامِ
؛ مُؤَامٌّ هُنَا: مُفاعَل، بِالْفَتْحِ، عَلَى الْمَفْعُولِ لأَن مَعْنَاهُ مُقارَباً بِهَا، وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ، وَيُرْوَى مُؤَمّاً، بِغَيْرِ مدٍّ. والمُؤَامٌّ: المُقارِب والمُوافِق مِنَ الأَمَم، وَقَدْ أَمَّهُ؛ وَقَوْلُ الطرِمّاح:
مِثْلَ مَا كافَحْتَ مَحْزُوبَةً ... نَصَّها ذاعِرُ وَرْعٍ مُؤَامْ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد مُؤَامٌّ فَحَذَفَ إِحْدَى الْمِيمَيْنِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَراد مُؤَامٌّ فأَبدل مِنَ الْمِيمِ الأَخيرة يَاءً فَقَالَ: مُؤَامي ثُمَّ وَقَفَ لِلْقَافِيَةِ فَحَذَفَ الْيَاءَ فَقَالَ: مُؤَامْ، وَقَوْلُهُ: نَصَّها أَيْ نَصَبَها؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ أَبو نَصْرٍ أَحسنُ مَا تَكُونُ الظَّبْية إِذَا مَدَّت عُنُقَها مِنْ رَوْعٍ يَسير، وَلِذَلِكَ قَالَ مؤَامْ لأَنه المُقاربُ اليَسير. قَالَ: والأَمَمُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَهُوَ مِنَ المُقارَبة. والأَمَمُ: الشيءُ الْيَسِيرُ؛ يُقَالُ: مَا سأَلت إِلَّا أَمَماً. وَيُقَالُ: ظلَمْت ظُلْماً أَمَماً؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
كأَنّ عَيْني، وَقَدْ سَالَ السَّلِيلُ بِهِمْ، ... وَجِيرة مَا هُمُ لَوْ أَنَّهم أَمَمُ
يَقُولُ: أَيُّ جيرةٍ كَانُوا لَوْ أَنَّهُمْ بِالْقُرْبِ مِنِّي. وَهَذَا أمْر مُؤَامٌّ أَيْ قَصْدٌ مُقارب؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
تَسْأَلُني بِرامَتَيْنِ سَلْجَما، ... لَوْ أَنَّهَا تَطْلُب شَيْئًا أَمَما
أَرَادَ: لَوْ طَلَبَت شَيْئًا يقْرُب مُتَناوَله لأَطْلَبْتُها، فأَما أَنْ تَطْلُب بالبلدِ السَّباسِبِ السَّلْجَمَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَيَسِّر وَلَا أَمَمٍ. وأُمُّ الشَّيْءِ: أَصله. والأُمُّ والأُمَّة: الْوَالِدَةُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
تَقَبَّلَها مِنْ أُمَّةٍ، ولَطالما ... تُنُوزِعَ، فِي الأَسْواق مِنْهَا، خِمارُها(12/28)
وَقَالَ سِيبَوَيْهِ «1» ..... لإِمِّك؛ وَقَالَ أَيْضًا:
اضْرِب الساقَيْنِ إمِّك هابِلُ
قَالَ فكسَرهما جَمِيعًا كَمَا ضَمَّ هُنَالِكَ، يَعْنِي أُنْبُؤُك ومُنْحُدُر، وَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ لُغَةً، وَالْجَمْعُ أُمَّات وأُمّهات، زادوا الهاء، وقال بَعْضُهُمْ: الأُمَّهات فِيمَنْ يَعْقِلُ، والأُمّات بِغَيْرِ هَاءٍ فِيمَنْ لَا يَعْقِلُ، فالأُمَّهاتُ لِلنَّاسِ والأُمَّات لِلْبَهَائِمِ، وَسَنَذْكُرُ الأُمَّهات فِي حَرْفِ الْهَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَصل فِي الأُمَّهات أَنْ تَكُونَ لِلْآدَمِيِّينَ، وأُمَّات أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِ الآدَمِيِّين، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَ بِعَكْسِ ذَلِكَ كَمَا قَالَ السفَّاح اليَرْبوعي فِي الأُمَّهات لِغَيْرِ الآدَمِيِّين:
قَوّالُ مَعْروفٍ وفَعّالُه، ... عَقَّار مَثْنى أُمَّهات الرِّباعْ
قَالَ: وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سِوى مَا أَصابَ الذئبُ مِنْهُ وسُرْبَةٌ ... أطافَتْ بِهِ مِنْ أُمَّهات الجَوازِل
فَاسْتَعْمَلَ الأُمَّهات للقَطا واستعملها اليَرْبوعي للنُّوق؛ وقال آخَرُ فِي الأُمَّهات للقِرْدانِ:
رَمى أُمَّهات القُرْدِ لَذْعٌ مِنَ السَّفا، ... وأَحْصَدَ مِنْ قِرْبانِه الزَّهَرُ النَّضْرُ
وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ الإِبل:
وَهَامٍ تَزِلُّ الشمسُ عَنْ أُمَّهاتِه ... صِلاب وأَلْحٍ، فِي المَثاني، تُقَعْقِعُ
وقال هِمْيان فِي الإِبل أَيْضًا:
جاءَتْ لِخِمْسٍ تَمَّ مِنْ قِلاتِها، ... تَقْدُمُها عَيْساً مِنُ امَّهاتِها
وَقَالَ جَرِيرٌ فِي الأُمَّات للآدَمِييِّن:
لَقَدْ وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ، ... مُقَلَّدة مِنَ الأُمَّاتِ عَارَا
التَّهْذِيبُ: يَجْمَع الأُمَّ مِنَ الآدَميّاتِ أُمَّهات، وَمِنَ البَهائم أُمَّات؛ وَقَالَ:
لَقَدْ آلَيْتُ أَغْدِرُ فِي جَداعِ، ... وَإِنْ مُنِّيتُ، أُمَّاتِ الرِّباعِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَصل الأُمِّ أُمّهةٌ، وَلِذَلِكَ تُجْمَع عَلَى أُمَّهات. وَيُقَالُ: يَا أُمَّةُ لَا تَفْعَلي وَيَا أَبَةُ افْعَلْ، يَجْعَلُونَ عَلَامَةَ التأْنيث عِوَضًا مِنْ يَاءِ الإِضافة، وتَقِفُ عَلَيْهَا بِالْهَاءِ؛ وَقَوْلُهُ:
مَا أُمّك اجْتاحَتِ المَنايا، ... كلُّ فُؤادٍ عَلَيْك أُمُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَلَّق الْفُؤَادَ بعَلى لأَنه فِي مَعْنَى حَزينٍ، فكأَنه قَالَ: عَلَيْكَ حَزينٌ. وأَمَّتْ تَؤُمُّ أُمُومَةً: صَارَتْ أُمّاً. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي امرأَة ذَكَرَهَا: كَانَتْ لَهَا عَمَّةٌ تَؤُمها أَيْ تَكُونُ لَهَا كالأُمِّ. وتَأَمَّها واسْتَأَمَّها وتأَمَّمها: اتَّخَذَها أُمّاً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ومِن عَجَبٍ، بَجِيلَ، لَعَمْرُ أُمّ ... غَذَتْكِ، وغيرَها تَتأَمّمِينا
قَوْلُهُ: وَمِنْ عَجَبٍ خَبَرُ مبتدإٍ مَحْذُوفٍ، تقديرهُ: وَمِنْ عَجَبٍ انْتِفاؤكم عَنْ أُمِّكم الَّتِي أَرْضَعَتْكم واتِّخاذكم أُمّاً غيرَها. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ تأَمَّم فُلَانٌ أُمّاً إِذَا اتَّخذَها لِنَفْسِهِ أُمّاً، قَالَ: وَتَفْسِيرُ الأُمِّ فِي كُلِّ مَعَانِيهَا أُمَّة لأَن تأْسيسَه مِنْ حَرْفين صَحِيحَيْنِ وَالْهَاءُ فِيهَا أَصْلِيَّةٌ، وَلَكِنَّ العَرب حذَفت تِلْكَ الْهَاءَ إِذْ أَمِنُوا اللَّبْس. وَيَقُولُ بعضُهم فِي تَصْغير أُمّ أُمَيْمة،
__________
(1) . هنا بياض بالأَصل(12/29)
قَالَ: وَالصَّوَابُ أُمَيْهة، تُردُّ إِلَى أَصل تأْسيسِها، وَمَنْ قَالَ أُمَيْمَة صغَّرها عَلَى لَفْظِهَا، وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ أُمّات؛ وأَنشد:
إذِ الأُمّهاتُ قَبَحْنَ الوُجوه، ... فَرَجْتَ الظَّلامَ بأُمَّاتِكا
وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: يُقَالُ أُمٌّ وَهِيَ الأَصل، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أُمَّةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أُمَّهة؛ وَأَنْشَدَ:
تَقَبَّلْتَها عَنْ أُمَّةٍ لَكَ، طالَما ... تُنوزِعَ بالأَسْواقِ عَنْهَا خِمارُها
يُرِيدُ: عَنْ أُمٍّ لَكَ فأَلحقها هَاءَ التأْنيث؛ وَقَالَ قُصَيّ:
عِنْدَ تَناديهمْ بِهالٍ وَهَبِي، ... أُمَّهَتي خِنْدِفُ، والياسُ أَبي
فأَما الْجَمْعُ فأَكثر الْعَرَبِ عَلَى أُمَّهات، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أُمَّات، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: وَالْهَاءُ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ، وَهِيَ مَزِيدَةٌ فِي الأُمَّهات، والأَصل الأَمُّ وَهُوَ القَصْد؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ لأَن الْهَاءَ مَزِيدَةٌ فِي الأُمَّهات؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَحْذِفُ أَلف أُمّ كَقَوْلِ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
أَيُّها العائِبُ، عِنْدِ، امَّ زَيْدٍ، ... أَنْتَ تَفْدي مَن أَراكَ تَعِيبُ
وَإِنَّمَا أَرَادَ عنْدي أُمَّ زيدٍ، فَلَمَّا حذَف الأَلف التَزقَتْ يَاءُ عنْدي بصَدْر الْمِيمِ، فَالْتَقَى سَاكِنَانِ فَسَقَطَتِ الْيَاءُ لِذَلِكَ، فكأَنه قَالَ: عِنْدِي أُمَّ زَيْدٍ. وَمَا كُنْتِ أُمّاً ولقد أَمِمْتِ أُمُومةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الأُمَّهة كالأُمِّ، الْهَاءُ زَائِدَةٌ لأَنه بِمَعْنَى الأُمِّ، وَقَوْلُهُمْ أمٌّ بَيِّنة الأُمومة يُصَحِّح لَنَا أَنَّ الْهَمْزَةَ فِيهِ فَاءُ الْفِعْلِ وَالْمِيمَ الأُولى عَيْن الفِعْل، وَالْمِيمَ الأُخرى لَامُ الفعْل، فَأُمٌّ بِمَنْزِلَةِ دُرّ وجُلّ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَاءَ عَلَى فُعْل وعينُه ولامُه مِنْ مَوْضِعٍ، وَجَعَلَ صاحبُ العَيْنِ الْهَاءَ أَصْلًا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. اللَّيْثُ: إِذَا قَالَتِ الْعَرَبُ لَا أُمَّ لَكَ فَإِنَّهُ مَدْح عِنْدَهُمْ؛ غَيْرُهُ: وَيُقَالُ لَا أُمَّ لَكَ، وَهُوَ ذَمٌّ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: زَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا أُمَّ لَكَ قَدْ وُضعَ مَوْضِعَ المَدح؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ سَعْدٍ الغَنَويّ يَرْثي أَخاه:
هَوَتْ أُمُّه مَا يَبْعَث الصُّبْح غادِياً، ... وَمَاذَا يُؤدّي الليلُ حينَ يَؤوبُ؟
قَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ فِي هَذَا الْبَيْتِ: وأَيْنَ هَذَا مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبو عُبَيْدٍ؟ وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا كَقَوْلِهِمْ: وَيْحَ أُمِّه ووَيْلَ أُمِّه والوَيلُ لَهَا، وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ فِي هَذَا مِنَ المَدْح مَا ذهَب إِلَيْهِ، وَلَيْسَ يُشْبِه هَذَا قَوْلَهُمْ لَا أُمَّ لَكَ لأَن قَوْلَهُ لَا أُمَّ لَكَ فِي مَذْهَبٍ لَيْسَ لَكَ أُمٌّ حُرَّة، وَهَذَا السَّبُّ الصَّريح، وَذَلِكَ أَنّ بَني الإِماء عِنْدَ الْعَرَبِ مَذْمومون لَا يَلْحَقُونَ بِبَني الحَرائر، وَلَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ لَا أُمَّ لَكَ إلَّا فِي غضَبه عَلَيْهِ مُقَصِّراً بِهِ شاتِماً لَهُ، قَالَ: وأَمّا إِذَا قَالَ لَا أَبا لَك، فَلَمْ يَترك لَهُ مِنَ الشَّتِيمَة شَيْئًا، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا أُمَّ لَكَ، يَقُولُ أَنْتَ لَقِيطٌ لَا تُعْرَف لَكَ أُمٌّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَفْسِيرِ بَيْتِ كَعْبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَوْلُهُ هَوَتْ أُمُّه، يُسْتَعْمَل عَلَى جِهَةِ التعَجُّب كَقَوْلِهِمْ: قاتَله اللَّهُ مَا أَسْمَعه مَا يَبْعَث الصبحُ: مَا اسْتِفْهَامٌ فِيهَا مَعْنَى التعَجُّب وَمَوْضِعُهَا نَصْب بيَبْعَث، أَيْ أَيُّ شيءٍ يَبعَثُ الصُّبْح مِنْ هَذَا الرَّجُلِ؟ أَي إِذَا أَيْقَظه الصُّبح تصرَّف فِي فِعْل مَا يُريده. وغادِياً مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ وَالْعَامِلُ فيه يَبْعَث، ويَؤُوب: يَرجع، يُرِيدُ أَن إِقْبال اللَّيل سَبَب رُجُوعِهِ إِلَى بَيْتِهِ كَمَا أَن إِقْبال النَّهَارِ(12/30)
سَبَب لتصرُّفه، وَسَنَذْكُرُهُ أَيضاً فِي الْمُعْتَلِّ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ وَيْلِمِّهِ، ويريدون وَيْلٌ لأُمّه فَحُذِفَ لِكَثْرَتِهِ فِي الْكَلَامِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيْلِمِّه، مَكْسُورَةُ اللَّامِ، شاهده قول المتنخل الْهُذَلِيِّ يَرْثي ولدهَ أُثَيلة:
وَيْلِمِّه رجلَا يأْتي بِهِ غَبَناً، ... إِذَا تَجَرَّد لَا خالٌ وَلَا بَخِلُ
الغَبَنُ: الخَديعةُ فِي الرأْي، وَمَعْنَى التَّجَرُّد هَاهُنَا التَّشْميرُ للأَمرِ، وأَصْله أَن الإِنسان يَتجرَّد مِنْ ثِيَابِهِ إِذَا حاوَل أَمْراً. وَقَوْلُهُ: لَا خالٌ وَلَا بَخِل، الخالُ: الِاخْتِيَالُ والتَّكَبُّر مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ فِيهِ خالٌ أَيْ فِيهِ خُيَلاء وكِبْرٌ، وأَما قَوْلُهُ: وَيْلِمِّه، فَهُوَ مَدْح خَرَجَ بِلَفْظِ الذمِّ، كَمَا يَقُولُونَ: أَخْزاه اللَّهُ مَا أَشْعَرَه ولعَنه اللَّهُ مَا أَسْمَعه قَالَ: وكأَنهم قَصَدوا بِذَلِكَ غَرَضاً مَّا، وَذَلِكَ أَن الشَّيْءَ إِذَا رَآهُ الإِنسان فأَثْنى عَلَيْهِ خَشِيَ أَن تُصِيبه الْعَيْنُ فيَعْدِل عَنْ مَدْحه إِلَى ذَمِّهِ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنَ الأَذيَّةِ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا غَرَضاً آخَرَ، وَهُوَ أَن هَذَا الْمَمْدُوحَ قَدْ بلَغ غَايَةَ الفَضْل وَحَصَلَ فِي حَدّ مَنْ يُذَمُّ ويُسَب، لأَن الفاضِل تَكْثُر حُسَّاده وعُيّابه والناقِص لَا يُذَمُّ وَلَا يُسَب، بَلْ يَرْفعون أَنفسَهم عَنْ سَبِّه ومُهاجاتِه، وأَصْلُ وَيْلِمِّه وَيْلُ أُمِّه، ثُمَّ حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وكَسَروا لامَ وَيْل إِتْباعاً لِكَسْرَةِ الْمِيمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَصْلُهُ وَيلٌ لأُمِّه، فَحُذِفَتْ لَامُ وَيْل وَهَمْزَةُ أُمّ فَصَارَ وَيْلِمِّه، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أَصله وَيْ لأُمِّه، فَحُذِفَتْ هَمْزَةُ أُمّ لَا غَيْرُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ لِرَجُلٍ: لَا أُمَّ لَكَ
؛ قَالَ: هُوَ ذَمٌّ وسَبٌّ أَي أَنت لَقِيطٌ لَا تُعْرف لَكَ أُمٌّ، وَقِيلَ: قَدْ يقَع مَدْحاً بِمَعْنَى التعَجُّب مِنْهُ، قَالَ: وَفِيهِ بُعدٌ. والأُمُّ تَكُونُ للحيَوان الناطِق وَلِلْمَوَاتِ النامِي كأُمّ النَّخْلة والشجَرة والمَوْزَة وَمَا أَشبه ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الأَصمعي لَهُ: أَنَا كالمَوْزَة الَّتِي إِنَّمَا صَلاحُها بمَوْت أُمِّها. وأُمُّ كُلِّ شَيْءٍ: أَصْلُه وعِمادُه؛ قَالَ ابْنُ دُرَيد: كُلُّ شَيْءٍ انْضَمَّت إِلَيْهِ أَشياء، فَهُوَ أُمٌّ لَهَا. وأُم الْقَوْمِ: رئيسُهم، مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الشنْفَرى:
وأُمَّ [أُمِ] عِيال قَدْ شَهِدْتُ تَقُوتُهُمْ
يَعْنِي تأَبط شَرًّا. وَرَوَى الرَّبيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ يَلِي طَعام القَوْم وخِدْمَتَهم هُوَ أُمُّهم؛ وأَنشد لِلشَّنْفَرَى:
وأُمِّ عِيال قَدْ شَهدت تَقُوتُهُمْ، ... إِذَا أَحْتَرَتْهُم أَتْفَهَتْ وأَقَلَّتِ «2»
. وأُمُّ الكِتاب: فاتِحَتُه لأَنه يُبْتَدَأُ بِهَا فِي كُلِّ صلاة، وقال الزَّجَّاجُ: أُمُّ الْكِتَابِ أَصْلُ الْكِتَابِ، وَقِيلَ: اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. التَّهْذِيبُ: أُمُّ الْكِتَابِ كلُّ آيَةٍ مُحْكَمة مِنْ آيَاتِ الشَّرائع والأَحْكام وَالْفَرَائِضِ، وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ:
أنَّ أُم الكِتاب هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ لأَنها هِيَ المُقَدَّمة أَمامَ كلِّ سُورةٍ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وابْتُدِئ بِهَا فِي المُصْحف فقدِّمت وَهِيَ «3»
..... الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ.
وأَما قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا
، فَقَالَ: هُوَ اللَّوْح المَحْفوظ، وَقَالَ قَتادة: أُمُّ الْكِتَابِ أَصْلُ الكِتاب. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أُمُّ الكِتاب الْقُرْآنُ مِنْ أَوله إِلَى آخِرِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ
، وَلَمْ يَقُلْ أُمَّهات لأَنه عَلَى الحِكاية كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لَيْسَ لِي مُعين، فَتَقُولُ: نَحْنُ مُعِينك فتَحْكِيه، وَكَذَلِكَ قوله تعالى:
__________
(2) . قوله [وَأُمَّ عِيَالٍ قَدْ شَهِدْتُ] تَقَدَّمَ هَذَا الْبَيْتُ فِي مادة حتر على غير هذا الوجه وشرح هناك
(3) . هنا بياض في الأَصل(12/31)
وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً. وأُمُّ النُّجوم: المَجَرَّة لأَنها مُجْتَمَع النُّجوم. وأُمُّ التَّنائف: المفازةُ الْبَعِيدَةُ. وأُمُّ الطَّرِيقِ: مُعْظَمها إِذَا كَانَ طَرِيقًا عَظِيمًا وحَوْله طرُق صِغار فالأَعْظم أُمُّ الطَّرِيقِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وأُمُّ الطَّرِيقِ مُعظمه فِي قَوْلِ كُثَيِّرِ عَزّة:
يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيّ وناصِحٍ، ... تَخصُّ بِهِ أُمُّ الطريقِ عِيالَها
قَالَ: وَيُقَالُ هِيَ الضَّبُع، والعَسْب: مَاءُ الفَحْل، والوالِقِيّ وناصِح: فَرَسان، وعِيالُ الطَّرِيقِ: سِباعُها؛ يُرِيدُ أَنهنّ يُلْقِين أَولادَهنّ لِغَيْرِ تَمامٍ مِنْ شِدّة التَّعَب. وأُمُّ مَثْوَى الرَّجُلِ: صاحِبةُ مَنْزِله الَّذِي يَنْزله؛ قَالَ:
وأُمُّ مَثْوايَ تُدَرِّي لِمَّتي
الأَزهري: يُقَالُ للمرأَة الَّتِي يَأْوي إِلَيْهَا الرَّجُلُ هِيَ أُمُّ مَثْواهُ. وَفِي حَدِيثِ
ثُمامَة: أَتى أُمَّ مَنْزِلِه
أَي امرأَته وَمَنْ يُدَبِّر أَمْر بَيْته مِنَ النِّسَاءِ. التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي الأُم امرأَة الرَّجُلِ المُسِنَّة، قَالَ: والأُمّ الْوَالِدَةُ مِنَ الْحَيَوَانِ. وأُمُّ الحَرْب: الرَّايَةُ. وأُم الرُّمْح: اللِّواء وَمَا لُفَّ عَلَيْهِ مِنْ خِرْقَةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وسَلَبْنا الرُّمْح فِيهِ أُمُّه ... مِنْ يَدِ العاصِي، وَمَا طَالَ الطِّوَلْ
وأُم القِرْدانِ: النُّقْرَةُ الَّتِي فِي أَصْل فِرْسِن الْبَعِيرِ. وأُم القُرَى: مَكَّةُ، شرَّفها اللَّهُ تَعَالَى، لأَنها توسطَت الأَرض فِيمَا زَعَموا، وَقِيلَ لأَنها قِبْلةُ جَمِيعِ النَّاسِ يؤُمُّونها، وَقِيلَ: سُمِّيَت بِذَلِكَ لأَنها كَانَتْ أَعظم القُرَى شأْناً، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا
. وكلُّ مَدِينَةٍ هِيَ أُمُّ مَا حَوْلها مِنَ القُرَى. وأُمُّ الرأْسِ: هِيَ الخَريطةُ الَّتِي فِيهَا الدِّماغ، وأُمُّ الدِّماغِ الجِلدة الَّتِي تجْمع الدِّماغَ. وَيُقَالُ أَيضاً: أُم الرأْس، وأُمُّ الرأْس الدِّماغ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيد: هِيَ الجِلْدة الرَّقِيقَةُ الَّتِي عَلَيْهَا، وَهِيَ مُجْتَمعه. وَقَالُوا: مَا أَنت وأُمُّ الباطِل أَيْ مَا أَنْتَ والباطِل؟ ولأُمّ أَشياءُ كَثِيرَةٌ تُضَافُ إِلَيْهَا؛ وفي حديث:
أَنَّهُ قَالَ لِزَيْدِ الْخَيْلِ نِعْم فَتىً إِنْ نَجا مِنْ أُمّ كلْبةَ
، هِيَ الحُمَّى، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَمْ تَضُرّه أُمُّ الصِّبْيان
، يَعْنِي الرِّيحَ الَّتِي تَعْرِض لَهُمْ فَربما غُشِي عَلَيْهِمْ مِنْهَا. وأُمُّ اللُّهَيْم: المَنِيّة، وأُمُّ خَنُّورٍ الخِصْب، وأُمُّ جابرٍ الخُبْزُ، وأُمُّ صَبّار الحرَّةُ، وأُم عُبيدٍ الصحراءُ، وأُم عَطِيَّةَ الرَّحى، وأُمُّ شَمْلَةَ الشَّمْسُ «1»
، وأُمُّ الخُلْفُف الداهيةُ، وأُمُّ رُبَيقٍ الحَرْبُ، وأُم لَيْلى الخَمْر، ولَيْلى النَّشْوة، وأُمُّ دَرْزٍ الدنيْا، وأُم جِرْذَانَ النَّخْلَةُ، وأُم رَجيه النَّحْلَةُ، وأُمُّ رِيَاحٍ الْجَرَادَةُ، وأُمُّ عامِرٍ الْمَقْبَرَةُ، وأُمُّ جَابِرٍ السُّنْبُلة، وأُمُّ طِلْبة العُقابُ، وَكَذَلِكَ شَعْواء، وأُمُّ حُبابٍ الدُّنيا، وَهِيَ أُمُّ وافِرَةَ، وأُمُّ وَافِرَةَ الْبِيرَةُ «2»
، وأُم سَمْحَةَ الْعَنْزُ، وَيُقَالُ للقِدْر: أُمُّ غِيَاثٍ، وأُمُّ عُقْبَة، وأُمُّ بَيْضاء، وأُمُّ رسمة، وأُمُّ العِيَالِ، وأُمُّ جِرْذان النَّخْلة، وَإِذَا سَمَّيْتَ رجُلًا بأُمِّ جِرْذان لَمْ تَصْرِفه، وأُمُّ خَبِيصٍ «3»
، وأُمُّ سُوَيْدٍ، وأُمُّ عِزْم، وأُم عُقَاقٍ، وأُم طَبِيخَةَ وَهِيَ أُم تِسْعِينَ، وأُمُّ حِلْس كُنْية الأَتان، وَيُقَالُ للضَّبُع أُمُّ عامِر وأُمُّ عَمْرو.
__________
(1) . قوله [وأم شملة الشمس] كذا بالأَصل هنا، وتقدم في مادة شمل: أن أم شملة كنية الدنيا والخمر
(2) . قوله [وأم خبيص إلخ] قال شارح القاموس قبلها: ويقال للنخلة أيضاً أم خبيص إلى آخر ما هنا، لكن في القاموس: أم سويد وأم عزم بالكسر وأم طبيخة كسكينة في باب الجيم الاست
(3) . قوله: البيرة هكذا في الأَصل. وفي القاموس: أم وافرة الدنيا(12/32)
الْجَوْهَرِيُّ: وأُم البَيْضِ فِي شِعْرِ أَبي دُواد النعَامة وَهُوَ قَوْلُهُ:
وأَتانا يَسْعَى تَفَرُّسَ أُمِّ ... البيضِ شَدّاً، وَقَدْ تَعالى النَّهارُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَصِفُ رَبيئَة، قَالَ: وَصَوَابُهُ تَفَرُّش، بِالشِّينِ معجَمةً، والتَّفَرُّش: فَتْحُ جَناحَي الطَّائِرِ أَو النَّعامة إِذَا عَدَتْ. التَّهْذِيبُ: وَاعْلَمْ أنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُضَمُّ إِلَيْهِ سائرُ مَا يَلِيهِ فإنَّ العربَ تُسَمِّي ذَلِكَ الشَّيْءَ أُمّاً، مِنْ ذَلِكَ أُمُّ الرأْس وَهُوَ الدِّماغُ، والشجَّةُ الآمَّةُ الَّتِي تَهْجُمُ عَلَى الدِّماغ. وأَمَّه يَؤُمُّه أَمّاً، فَهُوَ مَأْمُومٌ وأَمِيم: أَصَابَ أُمَّ رأْسِه. الْجَوْهَرِيُّ: أَمَّهُ أَيْ شجَّهُ آمَّةً، بالمدِّ، وَهِيَ الَّتِي تَبْلُغ أُمَّ الدِّماغِ حَتَّى يبقَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الدِّماغ جِلْدٌ رقيقٌ. وَفِي حَدِيثِ الشِّجاج:
فِي الآمَّة ثُلُثُ الدِّيَة
، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
المَأْمُومَة
، وَهِيَ الشَّجَّة الَّتِي بَلَغَتْ أُمَّ الرأْس، وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تجمَع الدِّمَاغَ. الْمُحْكَمُ: وشَجَّةٌ آمَّةٌ ومَأْمُومةٌ بَلَغَتْ أُمَّ الرأْس، وَقَدْ يُستعار ذَلِكَ فِي غَيْرِ الرأْس؛ قَالَ:
قَلْبي منَ الزَّفَرَاتِ صَدَّعَهُ الهَوى، ... وَحَشايَ مِنْ حَرِّ الفِرَاقِ أَمِيمُ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
فَلَوْلَا سِلاحي، عندَ ذاكَ، وغِلْمَتي ... لَرُحْت، وَفِي رَأْسِي مآيِمُ تُسْبَرُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: جَمَع آمَّةً عَلَى مآيِمَ وَلَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمُ الْخَيْلُ تَجْرِي عَلَى مَسَاوِيها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي زِيَادَةٌ وَهُوَ أَنه أَرَادَ مآمَّ، ثُمَّ كَرِه التَّضْعِيف فأَبدل الْمِيمَ الأَخيرة يَاءً، فَقَالَ مآمِي، ثُمَّ قَلَبَ اللامَ وَهِيَ الْيَاءُ المُبْدَلة إِلَى مَوْضِعِ الْعَيْنِ فَقَالَ مآيِم، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِهِ فِي الشَّجَّة مَأْمُومَة، قَالَ: وَكَذَا قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ بعضُ الْعَرَبِ يَقُولُ فِي الآمَّة مَأْمُومَة؛ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ وَهَذَا غلَطٌ إِنَّمَا الآمَّةُ الشَّجَّة، والمَأْمُومَة أُمُّ الدِّماغ المَشْجُوجَة؛ وأَنشد:
يَدَعْنَ أُمَّ رأْسِه مَأْمُومَهْ، ... وأُذْنَهُ مَجْدُوعَةً مَصْلُومَه
وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَمِيمٌ ومَأْمُومٌ لِلَّذِي يَهْذِي مِنْ أُمِّ رأْسه. والأُمَيْمَةُ: الْحِجَارَةُ الَّتِي تُشْدَخ بها الرُّؤُوس، وَفِي الصِّحَاحِ: الأَمِيمُ حَجَرٌ يُشْدَخُ بِهِ الرأْس؛ وأَنشد الأَزهري:
ويَوْمَ جلَّيْنا عَنِ الأَهاتِم ... بالمَنْجَنِيقاتِ وبالأَمائِم
قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
مُفَلَّقَة هاماتُها بالأَمائِم
وأُم التَّنائف: أَشدُّها. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ
، وَهِيَ النارُ «1»
. يَهْوِي مَن أُدْخِلَها أَيْ يَهْلِك، وَقِيلَ: فَأُمُّ رأْسه هاوِيَة فِيهَا أَيْ ساقِطة. وَفِي الْحَدِيثِ:
اتَّقوا الخَمْر فَإِنَّهَا أُمُّ الخَبائث
؛ وَقَالَ شَمِرٌ: أُمُّ الْخَبَائِثِ الَّتِي تَجْمَع كلَّ خَبيث، قَالَ: وَقَالَ الْفَصِيحُ فِي أَعراب قَيْسٍ إِذَا قِيلَ أُمُّ الشَّرِّ فَهِيَ تَجْمَع كُلَّ شَرٍّ عَلَى وَجْه الأَرض، وَإِذَا قِيلَ أُمُّ الْخَيْرِ فَهِيَ تَجْمَعُ كلَّ خَيْر. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأُمُّ لِكُلِّ شَيْءٍ هو المَجْمَع والمَضَمُّ.
__________
(1) . قوله [وهي النار إلخ] كذا بالأَصل ولعله هي النار يهوي فيها من إلخ(12/33)
والمَأْمُومُ مِنَ الإِبِل: الَّذِي ذهَب وَبَرهُ عَنْ ظَهْره مِنْ ضَرْب أَوْ دَبَرٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَيْسَ بذِي عَرْكٍ وَلَا ذِي ضَبِّ، ... وَلَا بِخَوّارٍ وَلَا أَزَبِّ،
وَلَا بمأْمُومٍ وَلَا أَجَبِ
وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ العَمِدِ المُتَأَكِّل السَّنامِ: مَأْمُومٌ. والأُمِّيّ: الَّذِي لَا يَكْتُبُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: الأُمِّيُّ الَّذِي عَلَى خِلْقَة الأُمَّةِ لَمْ يَتَعَلَّم الكِتاب فَهُوَ عَلَى جِبِلَّتِه، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ
؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَعْنَى الأُمِّيّ المَنْسُوب إِلَى مَا عَلَيْهِ جَبَلَتْه أُمُّه أَيْ لَا يَكتُبُ، فَهُوَ فِي أَنه لَا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأَن الكِتابة هِيَ مُكْتسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إِلَى مَا يُولد عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا وَلَدَته أُمُّهُ عَلَيْهِ، وَكَانَتِ الكُتَّاب فِي الْعَرَبِ مِنْ أَهل الطَّائِفِ تَعَلَّموها مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الحِيرة، وأَخذها أَهل الْحِيرَةِ عَنْ أَهل الأَنْبار. وَفِي الْحَدِيثِ:
إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُب وَلَا نَحْسُب
؛ أَراد أَنهم عَلَى أَصل وِلَادَةِ أُمِّهم لَمْ يَتَعَلَّموا الكِتابة والحِساب، فَهُمْ عَلَى جِبِلَّتِهم الأُولى. وَفِي الْحَدِيثِ:
بُعِثتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيَّة
؛ قِيلَ لِلْعَرَبِ الأُمِّيُّون لأَن الكِتابة كَانَتْ فِيهِمْ عَزِيزة أَو عَديمة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ
. والأُمِّيُّ: العَييّ الجِلْف الْجَافِي القَليلُ الْكَلَامِ؛ قَالَ:
وَلَا أعُودُ بعدَها كَرِيّا ... أُمارسُ الكَهْلَةَ والصَّبيَّا،
والعَزَبَ المُنَفَّه الأُمِّيَّا
قِيلَ لَهُ أُمِّيٌّ لأَنه عَلَى مَا وَلَدَته أُمُّه عَلَيْهِ مِنْ قِلَّة الْكَلَامِ وعُجْمَة اللِّسان، وَقِيلَ لِسَيِّدِنَا محمدٍ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الأُمِّي لأَن أُمَّة الْعَرَبِ لَمْ تَكُنْ تَكْتُب وَلَا تَقْرَأ المَكْتُوبَ، وبَعَثَه اللَّهُ رَسُولًا وَهُوَ لَا يَكْتُب وَلَا يَقْرأُ مِنْ كِتاب، وَكَانَتْ هَذِهِ الخَلَّة إحْدَى آيَاتِهِ المُعجِزة لأَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَلا عَلَيْهِمْ كِتابَ اللَّهِ مَنْظُوماً، تَارَةً بَعْدَ أُخْرَى، بالنَّظْم الَّذِي أُنْزِل عَلَيْهِ فَلَمْ يُغَيِّره وَلَمْ يُبَدِّل أَلفاظَه، وَكَانَ الخطيبُ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا ارْتَجَل خُطْبَةً ثُمَّ أَعادها زَادَ فِيهَا ونَقَص، فحَفِظه اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبيِّه كَمَا أَنْزلَه، وأَبانَهُ مِنْ سَائِرِ مَن بَعَثه إِلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي بايَنَ بَينه وَبَيْنَهُمْ بِهَا، فَفِي ذَلِكَ أَنْزَل اللَّهُ تَعَالَى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ الَّذِينَ كَفَرُوا، ولَقالوا: إِنَّهُ وَجَدَ هَذِهِ الأَقاصِيصَ مَكْتوبةً فَحَفِظَها مِنَ الكُتُب. والأَمامُ: نَقِيضُ الوَراء وَهُوَ فِي مَعْنَى قُدَّام، يَكُونُ اسْمًا وَظَرْفًا. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَالَ الكِسائي أَمَامَ مُؤَنَّثَةٌ، وَإِنْ ذُكِّرتْ جَازَ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا أَمامَك إِذَا كُنْتَ تُحَذِّره أَوْ تُبَصِّره شَيْئًا، وَتَقُولُ أَنْتَ أَمامَه أَيْ قُدَّامه. ابْنُ سِيدَهْ: والأَئمَّةُ كِنانة «1»
؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأُمَيْمَة وأُمامةُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
قالتْ أُمَيْمةُ: مَا لجِسْمك شاحِباً ... مِثْلِي ابْتُذِلْتَ، ومِثلُ مَا لَكَ يَنْفَعُ «2»
. وَرَوَى الأَصمعي أُمامةُ بالأَلف، فَمَن رَوَى أُمامة عَلَى التَّرْخِيمِ «3»
. وأُمامةُ: ثَلَثُمائة مِنَ الإِبِلِ؛ قال:
__________
(1) . قوله: والأئمة كِنانة؛ هكذا في الأَصل، ولعله أراد أن بني كنانة يقال لهم الأَئمة
(2) . قوله [مثلي ابتذلت] تقدم في مادة نفع بلفظ منذ ابتذلت وشرحه هناك
(3) . قوله [فَمَنْ رَوَى أُمَامَةَ عَلَى الترخيم] هكذا في الأَصل، ولعله فمن روى أمامة فعلى الأَصل ومن روى أميمة فعلى تصغير الترخيم(12/34)
أَأَبْثُرهُ مالي ويَحْتِرُ [يَحْتُرُ] رِفْدَه؟ ... تَبَيَّنْ رُوَيْداً مَا أُمامةُ مِنْ هِنْدِ
أَراد بأُمامة مَا تقدَّم، وأَراد بِهِنْد هُنَيْدَة وَهِيَ الْمِائَةُ مِنَ الإِبل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا فَسَّرَهُ أَبو العَلاء؛ وَرِوَايَةُ الحَماسة:
أَيُوعِدُني، والرَّمْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ؟ ... تَبَيَّنْ رُوَيْداً مَا أُمامة مِنْ هِنْدِ
وأَما: مِنْ حُرُوفِ الِابْتِدَاءِ وَمَعْنَاهَا الإِخْبار. وإمَّا فِي الجَزاء: مُرَكَّبة مِنْ إنْ ومَا. وإمَّا فِي الشَّكِّ: عَكْسُ أَوْ فِي الْوَضْعِ، قَالَ: وَمِنْ خَفِيفِه أَمْ. وأَمْ حَرْفُ عَطف، معناه الِاسْتِفْهَامُ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى بَلْ. التَّهْذِيبُ: الْفَرَّاءُ أَمْ فِي الْمَعْنَى تَكُونُ رَدًّا عَلَى الِاسْتِفْهَامِ عَلَى جِهَتَيْن: إِحْدَاهُمَا أَنْ تُفارِق مَعْنَى أَمْ، والأُخرى أَنْ تَسْتَفْهِم بِهَا عَلَى جِهَةِ النّسَق، وَالَّتِي يُنْوى به الِابْتِدَاءُ إلَّا أَنه ابْتِدَاءٌ متصِل بِكَلَامٍ، فَلَوِ ابْتَدَأْت كَلَامًا لَيْسَ قَبْلَهُ كلامٌ ثُمَّ استَفْهَمْت لَمْ يَكُنْ إِلَّا بالأَلف أَوْ بهَلْ؛ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَمْ تَنْزِيلُ الْكِتابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ
، فَجَاءَتْ بأَمْ وَلَيْسَ قَبْلَها اسْتِفْهَامٌ فَهَذِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنها اسْتِفْهَامٌ مبتدأٌ عَلَى كَلَامٍ قَدْ سَبَقَهُ، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ
، فَإِنْ شِئْتَ جعَلْته اسْتِفْهَامًا مُبْتَدَأً قَدْ سَبَقَهُ كلامٌ، وَإِنْ شِئْتَ جعَلْته مَرْدُودًا عَلَى قَوْلِهِ مَا لَنَا لَا نَرَى «1»
، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي، ثُمَّ قَالَ: أَمْ أَنَا خَيْرٌ
، فَالتَّفْسِيرُ فِيهِمَا واحدٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وَرُبَّمَا جَعَلتِ الْعَرَبُ أَمْ إِذا سَبَقَهَا اسْتِفْهَامٌ وَلَا يَصْلُح فِيهِ أَمْ عَلَى جِهَةِ بَلْ فَيَقُولُونَ: هَلْ لَكَ قِبَلَنا حَقٌّ أَم أَنتَ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ بالظُّلْم، يُريدون بَلْ أَنْتَ رجُل مَعْرُوفٌ بالظُّلْم؛ وأَنشد:
فوَالله مَا أَدري أَسَلْمى تَغَوَّلَتْ، ... أَمِ النَّوْمُ أَمْ كلٌّ إليَّ حَبِيبُ
يُريد: بَلْ كلٌّ، قَالَ: وَيَفْعَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ بأَوْ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وقال الزَّجَّاجُ: أَمْ إِذا كَانَتْ مَعْطُوفَةً عَلَى لَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ فَهِيَ مَعْرُوفَةٌ لَا إِشكال فِيهَا كَقَوْلِكَ زَيْدٌ أَحسن أَمْ عَمرو، أَكذا خيرٌ أَمْ كَذَا، وَإِذَا كَانَتْ لَا تقَعُ عَطْفًا عَلَى أَلِف الِاسْتِفْهَامِ، إِلا أَنها تَكُونُ غَيْرَ مبتدأَة، فإِنها تُؤذِن بِمَعْنَى بَلْ وَمَعْنَى أَلف الِاسْتِفْهَامِ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ
، قَالَ: الْمَعْنَى بَلْ تُريدون أَن تَسأَلوا رسولَكم، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ
؛ قَالَ: الْمَعْنَى بَلْ يَقُولُونَ افْتَراه، قَالَ اللَّيْثُ: أَمْ حَرْف أَحسَن مَا يَكُونُ فِي الِاسْتِفْهَامِ عَلَى أَوَّله، فَيَصِيرُ الْمَعْنَى كأَنه اسْتِفْهَامٌ بَعْدَ اسْتِفْهَامٍ، قَالَ: وَيَكُونُ أمْ بِمَعْنَى بَلْ، وَيَكُونُ أَمْ بِمَعْنَى ألِف الِاسْتِفْهَامِ كَقَوْلِكَ: أَمْ عِنْدك غَداء حاضِرٌ؟ وَأَنْتَ تُرِيدُ: أَعِندَك غَدَاءٌ حاضِرٌ وَهِيَ لُغَةٌ حَسَنَةٌ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا يَجُوز إِذا سَبَقَهُ كَلَامٌ، قَالَ اللَّيْثُ: وَتَكُونُ أَمْ مبتدَأَ الْكَلَامِ فِي الْخَبَرِ، وَهِيَ لُغَةٌ يَمانية، يَقُولُ قائلُهم: أَمْ نَحْن خَرَجْنا خِيارَ النَّاسِ، أَمْ نُطْعِم الطَّعام، أَمْ نَضْرِب الهامَ، وَهُوَ يُخْبِر. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ أَبو زَيْدٍ أَم تَكُونُ زَائِدَةً لغةُ أَهل الْيَمَنِ؛ قَالَ وأَنشد:
__________
(1) . قوله [وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ مَرْدُودًا عَلَى قَوْلِهِ مَا لَنَا لا نرى] هكذا في الأَصل(12/35)
يَا دَهْن أَمْ مَا كَانَ مَشْيي رَقَصا، ... بَلْ قَدْ تَكُونُ مِشْيَتي تَوَقُّصا
أَراد يَا دَهْناء فَرَخَّم، وأَمْ زَائِدَةٌ، أَرَادَ مَا كَانَ مَشْيي رَقَصاً أَيْ كنت أَتَوقَّصُ وأَنا فِي شَبِيبتي واليومَ قَدْ أَسْنَنْت حَتَّى صَارَ مَشيي رَقَصاً، والتَّوَقُّص: مُقارَبةُ الخَطْو؛ قَالَ ومثلُه:
يَا لَيْتَ شِعْرِي وَلَا مَنْجى مِنَ الهَرَمِ، ... أَمْ هلْ عَلَى العَيْش بعدَ الشَّيْب مِن نَدَمِ؟
قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ أَبي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ، يذهَب إِلَى أَن قَوْلَهُ أَمْ كَانَ مَشْيي رَقَصاً مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقَدَّمَ، الْمَعْنَى كأَنه قَالَ: يَا دَهْن أَكان مَشْيي رَقَصاً أَمْ مَا كَانَ كَذَلِكَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَكُونُ أَمْ بِلُغَةِ بَعْضِ أَهل اليَمن بِمَعْنَى الأَلِف واللامِ، وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ مِنَ امْبرِّ امْصِيامُ فِي امْسَفَر
أَيْ لَيْسَ من البِرِّ الصِّيامُ في السفَر؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والأَلفُ فِيهَا أَلفُ وَصْلٍ تُكْتَب وَلَا تُظْهر إِذَا وُصِلت، وَلَا تُقْطَع كَمَا تُقْطَع أَلِف أَم الَّتِي قدَّمنا ذكْرَها؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
ذاكَ خَلِيلي وذُو يُعاتِبُني، ... يَرْمي وَرَائِي بامْسَيْفِ وامْسَلِمَه
أَلَا تَرَاهُ كَيْفَ وَصَل الميمَ بِالْوَاوِ؟ فَافْهَمْهُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْوَجْهُ أَنْ لَا تُثْبَتَ الأَلف فِي الكِتابة لأَنها مِيمٌ جعلتْ بدَلَ الأَلفِ وَاللَّامِ للتَّعْريف. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ المكرَّم: قَالَ فِي أَوَّل كَلَامِهِ: أَمْ بِلُغَةِ الْيَمَنِ بِمَعْنَى الأَلف وَاللَّامِ، وأَوردَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ: والأَلف أَلفُ وَصْل تُكْتَبُ وَلَا تُظْهر وَلَا تُقْطَع كَمَا تُقْطَع أَلف أَمْ، ثُمَّ يَقُولُ: الوَجُه أَن لَا تُثْبَتَ الأَلِف فِي الْكِتَابَةِ لأَنها ميمٌ جُعِلَتْ بدَل الأَلف وَاللَّامِ للتَّعْريف، وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَن الميمَ عِوَض لَامِ التَّعْريف لَا غَيْر، والأَلفُ عَلَى حالِها، فَكَيْفَ تَكُونُ الْمِيمُ عِوَضاً مِنَ الأَلف وَاللَّامِ؟ وَلَا حُجَّة بِالْبَيْتِ الَّذِي أَنشده فإِن أَلفَ التَّعْريف وَاللَّامَ فِي قَوْلِهِ والسَّلِمَة لَا تَظْهَرُ فِي ذَلِكَ، وَلَا فِي قَوْلِهِ وامْسَلِمَة، وَلَوْلَا تشديدُ السِّينِ لَما قَدَرَ عَلَى الإِتْيان بِالْمِيمِ فِي الوزْن، لأَنَّ آلةَ التَّعْريف لَا يَظْهر مِنْهَا شَيْءٌ فِي قَوْلِهِ والسَّلِمة، فَلَمَّا قَالَ وامْسَلِمة احْتَاجَ أَن تَظْهَرَ الْمِيمُ بِخِلَافِ اللَّامِ والأَلف عَلَى حَالَتِهَا فِي عَدَم الظُّهور فِي اللَّفْظِ خاصَّة، وبإِظهاره الْمِيمَ زَالَتْ إِحْدى السِّينَيْن وخَفَّت الثَّانِيَةُ وارْتَفَع التشديدُ، فإِن كَانَتِ الْمِيمُ عِوَضاً عَنِ الأَلف وَاللَّامِ فَلَا تُثْبَتُ الأَلف وَلَا اللَّامُ، وإِن كَانَتْ عِوَضَ اللَّامِ خاصَّة فَثُبوت الأَلف واجبٌ. الْجَوْهَرِيُّ: وأَمّا أَمْ مُخَفَّفة فَهِيَ حَرف عَطف فِي الِاسْتِفْهَامِ وَلَهَا مَوْضِعان: أحدهُما أَنْ تَقَع مُعادِلةً لأَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ بِمَعْنَى أَيْ تَقُولُ أَزَيْدٌ فِي الدَّارِ أَمْ عَمرو وَالْمَعْنَى أَيُّهما فِيهَا، وَالثَّانِي أَن تَكُونَ مُنْقَطِعة مِمَّا قَبْلَهَا خَبراً كَانَ أَوِ اسْتِفْهَامًا، تَقُولُ فِي الخَبَر: إِنها لإِبلٌ أَمْ شاءٌ يَا فَتَى، وَذَلِكَ إِذا نَظَرْت إِلَى شَخْص فَتَوَهَّمته إبِلًا فَقُلْتَ مَا سَبَقَ إِلَيْكَ، ثُمَّ أَدْرَكك الظنُّ أَنه شاءٌ فانصَرَفْت عَنِ الأَوَّل فَقُلْتَ أَمْ شاءٌ بِمَعْنَى بَلْ لأَنه إضْرابٌ عمَّا كَانَ قَبْلَهُ، إلَّا أَنَّ مَا يَقَع بَعْدَ بَلْ يَقِين وَمَا بَعْد أَمْ مَظْنون، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِهِ فَقُلْتَ أمْ شاءٌ بِمَعْنَى بَلْ لأَنه إِضْراب عَمَّا كَانَ قَبْلَهُ: صَوابُه أَنْ يَقول بِمَعْنَى بَلْ أَهِيَ شاءٌ، فيأْتي بأَلِف الِاسْتِفْهَامِ الَّتِي وَقَع بِهَا الشكُّ، قَالَ: وتَقول فِي الِاسْتِفْهَامِ هَلْ زَيْدٌ مُنْطَلِق أمْ عَمرو يَا فَتى؟ إِنَّمَا أَضْرَبْت عَنْ سُؤالك عَنِ انْطِلاق زيدٍ وجعَلْته عَنْ عَمرو، فأَمْ(12/36)
مَعَهَا ظنٌّ وَاسْتِفْهَامٌ وإضْراب؛ وأَنشد الأَخفش للأَخطل:
كَذَبَتْك عَينُكَ أَمْ رأَيت بِواسِطٍ ... غَلَسَ الظَّلام، مِنَ الرَّبابِ، خَيالا؟
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ
؛ وَهَذَا لَمْ يَكُنْ أَصلهُ اسْتِفْهَامًا، وَلَيْسَ قَوْلُهُ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ
شَكًّا، ولكنَّه قَالَ هَذَا لِتَقبيح صَنيعِهم، ثُمَّ قَالَ: بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، كأَنه أَراد أَن يُنَبِّه عَلَى مَا قَالُوهُ نَحْوَ قَوْلِكَ لِلرَّجُلِ: الخَيرُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أمِ الشرُّ؟ وأَنتَ تَعْلَم أَنَّهُ يَقُولُ الْخَيْرُ وَلَكِنْ أَردت أَنْ تُقَبِّح عِنْدَهُ مَا صنَع، قَالَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ
، وَقَدْ عَلِم النبيُّ، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَالْمُسْلِمُونَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ لَمْ يَتَّخِذ وَلَداً سُبْحَانَهُ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيُبَصِّرهم ضَلالَتَهم، قَالَ: وتَدْخُل أَمْ عَلَى هلْ تَقُولُ أَمْ هلْ عندك عمرو؛ وَقَالَ عَلْقمة بْنُ عَبَدة:
أَمْ هلْ كَبيرٌ بَكَى لَمْ يَقْضِ عَبْرَتَه، ... إثْرَ الأَحبَّةِ، يَوْمَ البَيْنِ، مَشْكُومُ؟
قال ابن بري: أمْ هنا مُنْقَطِعة، واستَأْنَف السُّؤال بِهَا فأَدْخَلها عَلَى هلْ لتَقَدُّم هلْ فِي الْبَيْتِ قَبْلَهُ؛ وَهُوَ:
هلْ مَا عَلِمْت وَمَا اسْتودِعْت مَكْتوم
ثُمَّ استأْنف السُّؤَالَ بِأَمْ فَقَالَ: أَمْ هلْ كَبير؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الجَحَّاف بْنِ حَكِيمٍ:
أَبا مالِكٍ، هلْ لُمْتَني مُذْ حَضَضتَنِي ... عَلَى القَتْل أَمْ هلْ لامَني منكَ لائِمُ؟
قَالَ: إِلَّا أَنه مَتَى دَخَلَتْ أَمْ عَلَى هلْ بَطَل مِنْهَا مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ، وَإِنَّمَا دَخَلتْ أَم عَلَى هلْ لأَنها لِخُروجٍ مِنْ كَلَامٍ إِلى كَلَامٍ، فَلِهَذَا السَّبَب دخلتْ عَلَى هلْ فقلْت أَمْ هلْ ولم تَقُل أَهَلْ، قَالَ: وَلَا تَدْخُل أَم عَلَى الأَلِف، لَا تَقول أَعِنْدك زَيْدٌ أَمْ أَعِنْدك عَمْرو، لأَن أَصْلَ مَا وُضِع لِلِاسْتِفْهَامِ حَرْفان: أَحدُهما الأَلفُ وَلَا تَقع إِلا فِي أَوَّل الْكَلَامِ، وَالثَّانِي أمْ وَلَا تَقَعُ إِلَّا فِي وَسَط الْكَلَامِ، وهلْ إِنما أُقيم مُقام الأَلف فِي الِاسْتِفْهَامِ فَقَطْ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقَع فِي كُلٍّ مَواقِع الأَصْل.
أنم: الأَنامُ: مَا ظَهَرَ عَلَى الأَرض مِنْ جَمِيعِ الخَلْق، وَيَجُوزُ فِي الشِّعْر الأَنِيمُ، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ
؛ همُ الجِنُّ والإِنْس، قَالَ: والدليلُ عَلَى مَا قَالُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ بعَقِبِ ذِكْره الأَنامَ إِلى قَوْلِهِ: وَالرَّيْحانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، وَلَمْ يَجْرِ للجنِّ ذِكْر قبلَ ذَلِكَ إِنما ذَكَر الجانَّ بَعْدَهُ فَقَالَ: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ؛ والجِنُّ والإِنسُ هُما الثَّقَلان، وَقِيلَ: جَازَ مُخاطَبَةُ الثَّقَلَيْن قَبْلَ ذِكْرِهِما معاً لأَنها ذُكِرَا بِعَقِب الخِطاب؛ قَالَ المُثَقَّب العَبْدي:
فَمَا أَدْرِي، إِذَا يَمَّمْتُ أَرْضاً ... أُرِيدُ الخَيْرَ، أَيُّهما يَلِيني؟
أَأَلخَيْر الَّذِي أَنَا أَبْتَغيهِ، ... أمِ الشَّر الَّذِي هُوَ يَبْتَغِيني؟
فقال: أَيُهما وَلَمْ يَجْر لِلشَّرِّ ذِكْرٌ إِلَّا بَعْدَ تَمام البيت.(12/37)
اندرم: النِّهَايَةِ لِابْنِ الأَثير فِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ وسُئل كَيْفَ نُسَلِّم «2» . عَلَى أَهْلِ الذِّمَّة؟ فَقَالَ: قُلْ أَنْدَرَايَمْ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ مَعْناها أَأَدْخُل، وَلَمْ يُرِدْ أَن يَخُصَّهم بالاسْتِئذان بالفارِسِيَّة، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا مَجوساً فأَمَره أَن يُخاطِبَهم بِلِسانِهم، قَالَ: وَالَّذِي يُراد مِنْهُ أَنه لَمْ يَذْكُر السَّلامَ قَبْل الاسْتِئذان، أَلَا تَرَى أَنه لَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ أَنْدَرَايَمْ؟
أوم: الأُوامُ، بِالضَّمِّ: العَطَش، وَقِيلَ: حَرُّه، وَقِيلَ: شِدَّةُ العَطَش وأَن يَضِجَّ العَطْشان؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِي:
قَدْ عَلِمَتْ أَنِّي مُرَوِّي هامِها، ... ومُذْهِبُ الغَلِيلِ مِنْ أُوامِها
وقد آمَ يَؤُومُ أَوْماً، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَلَمْ يُذْكُرْ لَهُ فِعلًا. والإِيامُ: الدُّخان، وَالْجَمْعُ أُيُمٌ، أُلْزِمَتْ عَيْنُه البَدَل لِغَيْرِ عِلّة، وإِلا فحُكْمُه أَنْ يَصِحَّ لأَنه لَيْسَ بمَصْدر فَيَعْتَلُّ باعْتِلال فِعْله، وَقَدْ آمَ عليها وآمَها يَؤُومُها أَوماً وإِياماً: دَخَّنَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤية:
فَمَا بَرِحَ الأَسْبابَ، حَتَّى وَضَعْنَه ... لَدَى الثَّوْلِ يَنْفِي جَثَّها ويؤُومُها
وَهَذِهِ الكلِمة واوِيَّة وَيَائِيَّةٌ، وَهِيَ مِنَ الْيَاءِ بدَلالةِ قَوْلِهِمْ آمَ يَئِيمُ، وَهِيَ مِنَ الْوَاوِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ يَؤُومُ أَوْماً، فَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ أَنها واويَّة ويائِيَّة، غَيْرَ أَنهم لَمْ يَقولوا فِي الدُّخَان أُوَام إِنما قَالُوا إِيَام فَقَطْ، وإِنما تَدَاوَلَتِ الياءُ والواوُ فِعْلَه ومَصْدَرَه، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن قِيلَ فَقَدْ ذَكَرْت الإِيَامَ الَّذِي هُوَ الدُّخَان هُنَا وإِنما مَوْضِعُهُ الْيَاءُ، قُلْنَا: إنَّ الْيَاءَ فِي الإِيَام الَّذِي هُوَ الدُّخان قَدْ تَكُونُ مقْلوبة فِي لُغَةِ مَنْ قَالَ آمَها يَؤُومُها أَوْماً، فكأَنَّا إِنما قُلْنَا الأُوام وإِن كَانَ حُكْمُها أَن لَا تَنْقَلِب هُنَا لأَنه اسمٌ لَا مَصْدَر، لكنَّها قُلِبَتْ هُنَا قَلْباً لِغَيْرِ عِلَّة كَمَا قُلْنَا، إِلا طَلَبَ الخِفَّة، وَسَنَذْكُرُ الإِيَامَ فِي الْيَاءِ. والمُؤَوَّمُ مِثْلُ المُعَوَّمِ: الْعَظِيمُ الرأْس والخَلْق، وَقِيلَ: المُشَوَّه كالمُوَأَّمِ، قَالَ: وأَرَى المُوَأَّم مَقْلُوباً عَنِ المُؤَوَّم؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِعَنْتَرَةَ:
وكأَنَّما يَنْأَى بِجانِب دَفِّها ... الوَحْشِيّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّم «3»
. فَسَّرَهُ بأَنه المُشَوَّه الخَلْق؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي سِنَّوْراً، قَالَ: والهَزِج المُتراكِب الصَّوْت وعَنى بِهِ هِرًّا وإِن لَمْ يتقدَّم لَهُ ذِكْر، وَإِنَّمَا أَتى بِهِ فِي أَول الْبَيْتِ الثَّانِي وَالتَّقْدِيرُ يَنْأَى بِجانِبها مِنْ مُصَوِّت بالعَشِيِّ هِرٌّ، ومَن رَوى تَنْأَى بِالتَّاءِ لتأْنِيثِ الناقةِ قَالَ هِرٍّ، بِالْخَفْضِ، وَتَقْدِيرُهُ مِنْ هِرٍّ هَزِج العَشِيّ؛ وفسَّر الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ فَقَالَ: أَراد مِنْ حادٍ هَزِج الْعَشِيِّ بحُدائه. قَالَ: والأُوامُ أَيضاً دُخان المُشْتار. والآمةُ: الْعَيْبُ؛ قَالَ عَبِيد:
مَهْلًا، أَبيتَ اللَّعْنَ مَهْلًا، ... إنَّ فِيمَا قُلْتَ آمَهْ
والآمَةُ أَيضاً: مَا يَعْلَق بسُرَّةِ المَوْلود إِذَا سَقَطَ مِنْ بَطْنِ أُمِّه. وَيُقَالُ: مَا لُفَّ فِيهِ مِنْ خِرْقة وما
__________
(2) . قوله [كيف نسلم] هكذا في الأَصل بالنون مبنياً للفاعل، وفي نسخ النهاية: كيف يسلم، بالياء وبناء الفعل للمفعول
(3) . هو مذكور في مادة هزج(12/38)
خَرَج مَعَهُ؛ وَقَالَ حَسَّانُ:
وَمَوْؤُودَةٍ مَقْرُورةٍ فِي مَعاوِزٍ ... بآمَتِها، مَرْسُومةٍ لَمْ تُوَسَّدِ
أَبو عَمْرٍو: اللَّيالي الأُوَّمُ المُنْكَرَة، ولَيالٍ أُوَمٌ كَذَلِكَ؛ وأَنشد:
لَمَّا رأَيت آخِرَ اللَّيلِ عَتَمْ، ... وأَنها إحْدى لَيالِيك الأُوَمْ
قَالَ أَبو عَلِيٍّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مأْخوذاً مِنَ الْآمَةِ وَهِيَ العَيْب، وَمِنْ قَوْلِهِمْ مُؤَوّم. ودَعا جريرٌ رجُلًا مِنْ بَنِي كُلَيب إِلَى مُهاجاتِه فَقَالَ الكُلَيْبيُّ: إنَّ نِسائي بآمَتِهِنَّ وإنَّ الشُّعراء لَمْ تَدَع فِي نِسائك مُتَرقَّعاً؛ أَراد أَنَّ نِساءَه لَمْ يُهْتَك سِتْرهنَّ وَلَمْ يَذْكُر سِواهنُّ سَوأَتَهُنَّ، بِمَنْزِلَةِ الَّتِي وُلدتْ وَهِيَ غَيْرُ مَخْفوضَة وَلَا مُقْتَضَّة. وآمَهُ اللهُ أَيْ شَوَّه خَلْقه. والأُوامُ: دُوارٌ فِي الرأْس. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ أَوَّمَه الكَلأُ تأْويماً أَي سَمَّنه وعظَّم خَلْقه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَرَكْرَكٌ مُهْجِرُ الضُّؤْبان، أَوَّمَهُ ... روْضُ القِذافِ رَبيعاً أَيَّ تَأْويمِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عَرَكْرَك غَلِيظ قَويٌّ، ومُهْجِر أَي فَائِقٌ، والأَصل فِي قَوْلِهِمْ بَعِيرٌ مُهْجِر أَي يَهْجُرُ الناسُ بذِكْره أَيْ يَنْعَتُونه، والضُّؤبانُ: السَّمِين الشديدُ أَي يَفوقُ السمان.
أيم: الأَيامى: الَّذِينَ لَا أَزواجَ لَهُمْ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وأَصله أَيايِمُ، فَقُلِبَتْ لأَن الْوَاحِدَ رَجُلٌ أَيِّمٌ سَوَاءً كَانَ تزوَّج قَبْلُ أَو لَمْ يَتَزَوَّجْ. ابْنُ سِيدَهْ: الأَيِّمُ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَا زَوْج لَهَا، بِكْراً كَانَتْ أَو ثَيِّباً، وَمِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا امرأَة لَهُ، وجمعُ الأَيِّمِ مِنَ النِّسَاءِ أَيايِمُ وأَيامى، فأَمَّا أَيايِم «1»
فَعَلَى بَابِهِ وَهُوَ الأَصل أَيايِم جَمْعُ الأَيِّم، فَقُلِبَتِ الْيَاءُ وجُعلت بَعْدَ الْمِيمِ، وأَمّا أَيامى فَقِيلَ: هُوَ مِنْ بَابِ الوَضْع وُضِع عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ؛ وَقَالَ الْفَارِسِيُّ: هُوَ مَقلوب مَوْضِعِ الْعَيْنِ إِلَى اللام. وقد آمَتِ المرأَة مِنْ زَوْجها تَئِيمُ أَيْماً وأُيُوماً وأَيْمَةً وإِيمة وتأَيَّمَتْ زَمَانًا وأتامَتْ وأْتَيَمْتها: تَزَوَّجْتُها أَيّماً. وتأَيَّم الرجلُ زَمَانًا وتأَيَّمتِ المرأَة إِذَا مَكَثا أَيّاماً وَزَمَانًا لَا يتزوَّجان؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
لَقَدْ إمْتُ حَتَّى لامَني كلُّ صاحِبٍ، ... رَجاءً بسَلْمى أَن تَئِيمَ كَمَا إمْتُ
وأَنشد أَيْضًا:
فَإِنْ تَنْكِحِي أَنْكِحْ، وَإِنْ تَتَأَيَّمِي، ... يَدَا الدَّهْرِ، مَا لم تنْكِحي أَتَأَيَّم
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ الثَّقَفِيُّ:
كلُّ امْرئٍ سَتَئيمُ منهُ ... العِرْسُ، أَوْ مِنْهَا يَئيم
وقال آخَرُ:
نَجَوْتَ بِقُوفِ نَفْسِك، غَيْرَ أَني ... إخالُ بأَنْ سَيَيْتَمُ أَوْ تَئِيمُ
أَيْ يَيتمُ ابنُك أَوْ تَئِيمُ امرأَتُك. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَالَ يَعْقُوبُ سَمِعت رجُلًا مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: أَيٌّ يَكُونَنَّ عَلَى الأَيْمِ نَصِيبي؛ يَقُولُ مَا يَقَعُ بيَدي بَعْدَ تَرْك التزوُّج أَيّ امرأَة صَالِحَةٌ أَو غَيْرُ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ امرأَة صَالِحَةٌ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ. والحَرْبُ مَأْيَمَة لِلنِّسَاءِ أَي تَقْتل الرجال فتَدَعُ
__________
(1) . قوله [فأما أيايم إلى قوله وأما أيامى] هكذا في الأَصل(12/39)
النِّسَاءَ بِلَا أَزواجٍ فَيَئِمْنَ، وَقَدْ أَأَمْتُها وأَنا أُئيمُها: مِثْلَ أَعَمْتُها وأَنا أُعِيمُها. وآمَتِ المرأَةُ إِذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَوْ قُتِل وَأَقَامَتْ لَا تَتَزوَّج. يُقَالُ: امرأَةٌ أَيِّمٌ وَقَدْ تأَيَّمَتْ إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ زَوْج، وَقِيلَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ تَصْلُح للأَزْواج لأَنَّ فِيهَا سُؤْرةً مِنْ شَباب؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مُغايراً أَو يَرْهَبُ التَّأْيِيما
وأَيَّمَهُ اللهُ تَأْيِيماً. وَفِي الْحَدِيثِ:
امرأَةٌ آمَتْ مِنْ زوجِها ذاتُ مَنْصِب وجَمالٍ
أَيْ صارَتْ أَيِّماً لَا زَوْجَ لَهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
حَفْصَةَ: أَنها تَأَيَّمتْ مِنَ ابْنِ خُنَيْسٍ زَوْجِها قَبْل النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: مَاتَ قَيِّمُها وَطَالَ تَأَيُّمُها
، وَالِاسْمُ مِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الأَيْمةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَطول أَيْمَةُ إحْداكُنَّ، يُقَالُ: أَيِّمٌ بَيِّن الأَيْمة.
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مَا لهُ آمٌ وعامٌ أَيْ هَلَكتِ امرأَته وماشِيَتُه حَتَّى يَئِيمَ ويَعيمَ إِلى اللَّبَن. ورجلٌ أَيْمانُ عَيْمانُ؛ أَيْمانُ: هَلَكتِ امرأَته، فأَيْمانُ إِلى النِّسَاءِ وعَيْمانُ إِلى اللَّبَنِ، وامرأَة أَيْمَى عَيْمَى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ
؛ دخَل فِيهِ الذَّكَر والأُنْثى والبِكْر والثَّيِّب، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: الحَرائر.
وَقَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا
، فَهَذِهِ الثَّيِّبُ لَا غَيْرَ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَا تَنْكِحَنَّ الدَّهْرَ، مَا عِشْتَ، أَيِّماً ... مُجَرَّبةً، قَدْ مُلَّ مِنْهَا، ومَلَّتِ
والأَيِّمُ فِي الأَصل: الَّتِي لَا زوجَ لَهَا، بِكْراً كَانَتْ أَو ثَيِّباً، مطلَّقة كَانَتْ أَوْ مُتَوَفّى عَنْهَا، وَقِيلَ: الأَيامى القَرابات الابْنةُ والخالةُ والأُختُ. الْفَرَّاءُ: الأَيِّمُ الحُرَّة، والأَيِّمُ القَرابة. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَتَزَوَّجْ أَيِّمٌ، والمرأَة أَيِّمَةٌ إِذا لَمْ تَتَزَوَّج، والأَيِّمُ البِكْر والثَّيّب. وآمَ الرجلُ يَئِيمُ أَيْمةً إِذا لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ، وَكَذَلِكَ المرأَة إِذا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الأَيْمةِ والعَيْمة
، وَهُوَ طولُ العُزْبةِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: فُلانَةُ أَيِّمٌ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ. وَرَجُلٌ أَيِّمٌ: لَا مرأَة لَهُ، وَرَجُلَانِ أَيِّمانِ وَرِجَالٌ أَيِّمُون ونساءٌ أَيِّماتٌ وأُيَّمٌ بَيِّنُ الأُيُوم والأَيْمةِ. والآمةُ: العُزَّاب، جَمْعُ آمٍ، أَراد أيِّم فقلَب؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أُمْهِرْنَ أَرْماحاً، وهُنَّ بآمَةٍ، ... أَعْجَلْنَهُنَّ مَظنَّة الإِعْذارِ
يُرِيدُ أَنَّهنَّ سُبِينَ قَبْلَ أَن يُخْفَضْنَ، فَجَعَلَ ذَلِكَ عَيْباً. والأَيْمُ والأَيِّمُ: الحيَّة الأَبْيَضُ اللَّطِيفُ، وعَمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ جَمِيعَ ضُروب الْحَيَّاتِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: كُلُّ حيَّة أيْمٌ ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، وربَّما شدِّد فَقِيلَ أَيِّم كَمَا يُقَالُ هَيْن وهَيِّن؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
باللَّيْل مَوْرِدَ أَيِّم مُتَغَضِّفِ
وقال الْعَجَّاجُ:
وبَطْنَ أَيْمٍ وقَواماً عُسْلُجا
والأَيْم والأَيْنُ: الحيَّة. قَالَ أَبُو خَيْرَةَ: الأَيْمُ والأَيْنُ والثُّعْبان الذُّكْرانُ مِنَ الحَيَّات، وَهِيَ الَّتِي لَا تَضُرُّ أَحداً، وَجَمْعُ الأَيْمِ أُيُومٌ وأَصله التَّثْقِيل فكسِّر عَلَى لَفْظِهِ، كَمَا قَالُوا قُيُول فِي جَمْعِ قَيْل، وَأَصْلُهُ فَيْعِل، وَقَدْ جَاءَ مُشَدَّدًا فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:(12/40)
إلَّا عَواسِرُ كالمِراطِ مُعِيدَةٌ، ... باللَّيْلِ، مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ «2»
. يَعْنِي أَن هَذَا الْكَلَامَ مِنْ مَوارِد الحيَّات وأَماكِنها؛ ومُعِيدة: تُعاوِد الوِرْد مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِسَوَّارِ بْنِ الْمُضَّرَبِ:
كأَنَّما الخَطْو مِنْ مَلْقَى أَزِمَّتِها ... مَسْرَى الأُيُومِ، إِذا لَمْ يُعْفِها ظَلَفُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَتَى عَلَى أَرض جُرُزٍ مُجْدِبةٍ مَثْلَ الأَيْم
؛ الأَيْمُ والأَيْنُ: الحيَّة اللَّطِيفة؛ شبَّه الأَرض فِي مَلاسَتِها بالحيَّة. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنه أَمَرَ بِقَتْلِ الأَيْمِ.
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي بَيْتِ أَبِي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ: عَواسِرُ بِالرَّفْعِ، وَهُوَ فَاعِلُ يَشْرب فِي الْبَيْتِ قَبْلَهُ، وَهُوَ:
وَلَقَدْ وَرَدْتُ الْمَاءَ، لَمْ يَشْرَبْ بِهِ، ... حَدَّ الرّبيعِ إِلى شُهورِ الصَّيِّفِ
قَالَ: وَكَذَلِكَ مُعِيدة الصوابُ رَفْعُها عَلَى النَّعْت لِعَواسِر، وعَواسِرُ ذِئابٌ عَسَرت بأَذْنابِها أَي شالَتْها كالسِّهام المَمْرُوطَةِ، ومُعِيدة: قَدْ عاوَدت الوُرودَ إِلى الْمَاءِ، والمُتَغَضِّف: المُتَثَنِّي. ابْنُ جِنِّي: عَيْنُ أَيِّمٍ ياءٌ، يدلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ أَيْم، فَظَاهِرُ هَذَا أَن يَكُونَ فَعْلًا والعينُ مِنْهُ ياءٌ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَن يَكُونَ مُخَفَفًا مِنْ أَيِّم فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ، لأَن القَبِيلين مَعًا يَصيرانِ مَعَ التَّخْفِيفِ إِلى لَفْظِ الْيَاءِ، وَذَلِكَ نَحْوَ لَيْنٍ وهَيْنٍ. والإِيَامُ: الدُّخَان؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
فَلمَّا جَلاها بالإِيَامِ تَحَيَّزَتْ ... ثُباتٍ، عَلَيْهَا ذُلُّها واكْتِئابُها
وجمعُه أُيُمٌ. وَآمَ الدُّخانُ يَئيم إيَاماً: دخَّن. وَآمَ الرجُلُ إيَاماً إِذا دَخَّن عَلَى النَّحْل لِيَخْرُجَ مِنَ الخَلِيَّة فيأْخُذ مَا فِيهَا مِنَ العَسَل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: آمَ الرجُل مِنَ الْوَاوِ، يقال: آمَ يَؤُومُ، قَالَ: وإيامٌ الْيَاءُ فِيهِ منقلِبة عَنِ الْوَاوِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الإِيَامُ عُودٌ يجعَل فِي رأْسه نارٌ ثُمَّ يُدَخَّنُ بِهِ عَلَى النَّحْل ليُشْتارَ العَسَلُ. والأُوامُ: الدُّخانُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والآمةُ: الْعَيْبُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وآمةٌ عَيْب؛ قَالَ:
مَهْلًا، أَبَيْتَ اللَّعْنَ مَهْلًا، ... أَن فِيمَا قلتَ آمَهْ
وَفِي ذَلِكَ آمةٌ عَلَيْنَا أَيْ نَقْص وغَضاضَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وبَنُو إيَامٍ: بَطْن مِنْ هَمْدان. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
يتَقارب الزَّمان ويَكْثُر الهَرْج، قِيلَ: أَيْمَ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: القَتْل
، يُرِيدُ مَا هُوَ؛ وأَصله أَيّ مَا هُوَ أَي أَيُّ شيءٍ هُوَ فَخَفَّفَ الْيَاءَ وَحَذَفَ أَلف مَا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن رَجُلًا ساوَمَهُ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَعَامًا فَجَعَلَ شَيْبَة بْنُ رَبِيعَةَ يَشير إِليه لَا تَبِعْه، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يقولُ أَيْمَ تَقول؟
يَعْنِي أَيّ شيء تقول؟
فصل الباء
بالام: النِّهَايَةُ فِي ذِكْرِ أُدْمِ أَهلِ الْجَنَّةِ قَالَ: إدامُهم بالامُ والنونُ، قَالُوا: وَمَا هَذَا؟ قَالَ: ثَوْرٌ ونونٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
مفسَّراً، أمَّا النونُ فَهُوَ الحُوتُ وَبِهِ سمِّي يُونُسُ،
__________
(2) . قوله [إلا عواسر إلخ] تَقَدَّمَ هَذَا الْبَيْتُ فِي مادة عسر ومرط وعود وصيف وغضف وفيه روايات، وقوله: يَعْنِي أَن هَذَا الْكَلَامَ، لعله أَن هذا المكان(12/41)
عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ذَا النُّون
، وأَما بَالامُ فَقَدْ تَمَحَّلوا لَهَا شَرْحًا غَيْرَ مرضِيّ، ولَعَلَّ اللَّفْظَةَ عِبْرَانِيَّةٌ، قَالَ: وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ لَعَلَّ اليهوديَّ أَراد التَعْمِيَة فَقَطَعَ الهِجاء وقدَّم أحدَ الحَرفَين عَلَى الْآخَرِ، وَهِيَ لَامُ أَلف وَيَاءٌ؛ يُرِيدَ لَأَى بوزْن لَعَا، وَهُوَ الثَّوْر الوحشيُّ، فصحَّف الرَّاوِي الْيَاءَ بِالْبَاءِ، وَقَالَ: هَذَا أَقْرَبُ مَا يقع لي فيه.
ببم: أَبَنْبَمُ ويَبَنْبَمُ: مَوْضِعٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَبَنْبَم عَلَى أَفَنْعَل مِنْ أَبْنية الْكِتَابِ؛ قَالَ طُفيل:
أَشاقَتْكَ أَظْعانٌ بِحَفر أَبَنْبَمِ؟ ... نَعَمْ بُكُراً مِثْلَ الفَسيلِ المُكَمَّمِ
التَّهْذِيبُ: يَبَمْبَمُ ذَكَرَهُ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ فَقَالَ:
إِذا شِئتُ غَنَّتْني بأَجْزاعِ بِيشَةٍ، ... أَوِ الجِزْع مِنْ تَثْلِيثَ أو من يَبَمبَما
بتم: البُتْمُ والبُتَّمُ: جَبَلٌ من ناحية فَرْغانَة.
بجم: بَجَم الرجلُ يَبْجِمُ بَجْماً وبُجُوماً: سَكَتَ مِنْ هَيْبَةٍ أَوْ عِيّ. ورأَيت بَجْماً مِنَ النَّاسِ وبَجْداً أَي جَمَاعَةً. والبَجْمُ: الْجَمَاعَةُ الكثيرة.
بجرم: البَجارِمُ: الدواهِي.
بحم: غَدِير بَحْوَمٌ: كَثِيرُ الْمَاءِ؛ عَنِ الهَجَري؛ وأَنشد:
فصِغارُها مِثْلُ الدَّبَى، وكِبارُها ... مِثْل الضَّفادِعِ فِي غَدِيرٍ بَحْوَمِ
بخذم: بَخْذَم: اسمٌ.
بذم: البُذْمُ: الرأْيُ الجَيِّدُ. والبُذْمُ: احتمالُك لِما حُمِّلْت. والبُذْمُ: النَّفْس. والبُذْمُ: القوَّة والطاقةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنُوءُ بِرِجْلٍ بِهَا بُذْمُها، ... وأَعْيَتْ بِهَا أُخْتُها الآخِرَه
أَوِ الغابِرَه. ورجلٌ ذُو بُذْمٍ أَيْ كَثافَةٍ وجلَدَ، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ. وثوبٌ ذُو بُذْمٍ أَيْ كَثِيرُ الغَزْل. وَرَجُلٌ ذُو بُذْمٍ أَيْ سَمِينٌ، وَيُقَالُ: ذُو رَأْيٍ وحَزْمٍ، وَقَالَ الأُموي: ذُو نَفَس، وَقَالَ الكِسائي: ذُو احْتِمال لِما حُمِّل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الأَصمعي إِذا لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ رَأْيٌ قِيلَ: مَا لَهُ بُذْمٌ. والبَذْمُ: مَصْدَرُ البَذِيمِ، وَهُوَ العاقِلُ الغَضَبِ [الغَضَبَ] مِن الرِّجال أَيْ أَنه يَعْلَمُ مَا يأْتيه عِنْدَ الغضَب؛ كَذَا حَكَاهُ أَهل اللُّغَةِ، وَقِيلَ: يَعْلم مَا يَغْضَب لَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَرِيمُ عُروقِ النَّبْعَتَينِ مُطَهَّرٌ، ... ويَغْضَبُ ممَّا مِنْهُ ذُو البَذْمِ يَغْضَبُ
اللَّيْثُ: رجلٌ بُذْمٌ وبَذِيمٌ إِذا غَضِب ممَّا يَجِبُ أَن يُغْضَب مِنْهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: البَذِيمةُ الَّذِي لَا يَغْضَب فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الغضَب؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُ الْمَرَّارِ:
يَا أُمَّ عِمْران وأُخْتَ عَتْمِ، ... قَدْ طالَ مَا عِشْتُ بِغَيْرِ بُذْمِ «1»
. أَي بِغَيْرِ مُروءةٍ، وَقَدْ بَذُمَ بَذامةً. ابْنُ الأَعرابي: والبَذيمُ مِنَ الأَفْواه المُتَغَيِّر الرَّائِحَةِ؛ وأَنشد:
شَمِمْتها بشارِبٍ بَذِيمِ ... قَدْ خَمَّ، أَوْ قَدْ هَمَّ بالخُمُومِ
وَقَالَ غَيْرُهُ: أَبْذَمَتِ الناقةُ وأَبْلَمَتْ إِذا وَرِمَ حيَاؤُها مِنْ شدّةِ الضَّبَعَة، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي
__________
(1) . قوله [يا أم عمران إلخ] هكذا في الأَصل مضبوطاً، وفي شرح القاموس: وأخت عثم، بالثاء(12/42)
بَكَرات الإِبل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا سَمَا فَوْقَ جَمُوحٍ مِكْتامْ ... مِنْ غَمْطِه الأَثْناءَ ذَاتِ الإِبْذامْ
يَصِف فَحْل إبِل أَراد أَنه يَحْتَقِر الأَثْناءَ ذواتِ البَلمَة، فيَعْلُو الناقةَ الَّتِي لَا تَشُول بذَنَبها، وَهِيَ لاقِح، كأَنها تكتُم لَقاحَها.
برم: البَرَمُ: الَّذِي لَا يَدْخُل مَعَ الْقَوْمِ فِي المَيْسِر، وَالْجَمْعُ أَبْرامٌ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
إِذا عُقَبُ القُدُور عُدِدْنَ مَالًا، ... تَحُتُّ حَلائلَ الأَبْرامِ عِرْسِي
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
وَلَا بَرَماً تُهْدى النساءُ لعِرْسِهِ، ... إِذا القَشْعُ مِنْ بَرْدِ الشتاءِ تَقَعْقَعا
وَفِي الْمَثَلِ: أَبَرَماً قَرُوناً أَيْ هُوَ بَرَمٌ ويأْكل مَعَ ذَلِكَ تَمرَتَيْن تَمرتَيْن، وَفِي حَدِيثِ
وفْدِ مَذحِج: كِرامٌ غَيْرُ أَبْرامٍ
؛ الأَبْرامُ: اللِّئامُ، واحِدُهم بَرَمٌ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ فِي الأَصل الَّذِي لَا يَدْخُل مَعَ القومِ فِي المَيْسِر وَلَا يُخْرِج مَعَهُمْ فِيهِ شَيْئًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكْرِبَ: قَالَ لعُمر أَأَبْرامٌ بَنو المُغِيرة؟ قَالَ: ولِمَ؟ قَالَ نزلتُ فِيهِمْ فَمَا قَرَوْني غَيْرَ قَوْس وثَوْرٍ وكَعْب، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَشِبَعاً
؛ القَوْسُ: مَا يَبْقى فِي الجُلَّة مِنَ التَّمْر، والثَّوْرُ: قِطْعَةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ الأَقِط، والكَعْبُ: قِطْعة مِنَ السَّمْن؛ وَأَمَّا مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ أُحَيْحة:
إِنْ تُرِدْ حَرْبي، تُلاقِ فَتىً ... غيرَ مَمْلوكٍ وَلَا بَرَمَهْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَإِنَّهُ عَنى بالبَرَمَة البَرَمَ، وَالْهَاءُ مُبَالَغَةٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُؤَنَّثَ عَلَى مَعْنَى العَيْنِ والنَّفْس، قَالَ: وَالتَّفْسِيرُ لَنَا نَحْنُ إِذ لَا يَتَّجِه فِيهِ غَيْرَ ذَلِكَ. والبَرَمةُ: ثَمَرةُ العِضاهِ، وَهِيَ أَوَّل وَهْلة فَتْلةٌ ثُمَّ بَلَّةٌ ثُمَّ بَرَمةٌ، وَالْجَمْعُ البَرَمُ، قَالَ: وَقَدْ أَخطأَ أَبو حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: إِن الفَتْلة قَبْل البَرَمَة، وبَرَمُ العِضاهِ كُلُّهُ أَصفر إلَّا بَرَمَة العُرْفُطِ فإِنها بَيْضاء كأَنَّ هَيادِبها قُطْن، وَهِيَ مِثْلُ زِرِّ القَمِيص أَو أَشَفُّ، وبَرَمة السَّلَم أَطيب البَرَمِ رِيحاً، وَهِيَ صَفْراء تؤْكَل، طيِّبة، وَقَدْ تَكُونُ البَرَمَةُ للأَراكِ، وَالْجَمْعُ بَرَمٌ وبِرامٌ. والمُبْرِمُ: مُجْتَني البَرَمِ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مُجْتَني بَرَمَ الأَراك. أَبو عَمْرٍو: البَرَمُ ثَمَر الطَّلْح، وَاحِدَتُهُ بَرَمَة. ابْنُ الأَعرابي: العُلَّفَةُ مِنَ الطَّلْح مَا أَخلفَ بَعْدَ البَرَمَة وَهُوَ شِبْهُ اللُّوبياء، والبَرَمُ ثَمَرُ الأَراك، فَإِذَا أَدْرَك فَهُوَ مَرْدٌ، وإِذا اسْوَدَّ فَهُوَ كَباثٌ وبَريرٌ. وَفِي حَدِيثِ
خُزيمة السِّلْمِيِّ: أَيْنَعَتِ العَنَمَةُ وسَقَطَت البَرَمةُ
؛ هِيَ زَهْرُ الطَّلْح، يَعْنِي أَنها سَقَطَتْ مِنْ أَغْصانها للجَدْب. والبَرَمُ: حَبُّ العِنب إِذا كَانَ فَوْقَ الذَّرِّ، وَقَدْ أَبْرَمَ الكَرْمُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والبَرَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ بَرِمَ بالأَمْرِ، بِالْكَسْرِ، بَرَماً إِذا سَئِمَهُ، فَهُوَ بَرِمٌ ضَجِر. وَقَدْ أَبْرَمَهُ فُلَانٌ إِبْراماً أَيْ أَمَلَّه وأَضْجَره فَبَرِمَ وتَبَرَّم بِهِ تَبَرُّماً. وَيُقَالُ: لَا تُبْرِمْني بكَثرة فُضولك. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
السلامُ عَلَيْكَ غَيْرَ مُوَدَّعٍ بَرَماً
؛ هُوَ مَصْدَرُ بَرِمَ بِهِ، بِالْكَسْرِ، يَبْرَمُ بَرَماً، بِالْفَتْحِ، إِذا سَئِمَه ومَلَّه. وأَبْرَمَ الأَمرَ وبَرَمَه: أَحْكَمه، والأَصل فِيهِ إِبْرامُ الفَتْل إِذا كَانَ ذَا طاقيْن. وأَبْرَمَ الحَبْلَ:(12/43)
أَجادَ فَتَلَهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَبْرَمَ الحَبْلَ جَعَلَهُ طاقَيْن ثُمَّ فَتَله. والمُبْرَمُ والبَريمُ: الحَبْل الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ مَفْتُولَيْن فَفُتِلا حَبْلًا وَاحِدًا مِثْلَ مَاءٌ مُسْخَنٌ وسَخِينٌ، وعَسَلٌ مُعْقَدٌ وعَقِيدٌ، ومِيزانٌ مُتْرَصٌ وتَريصٌ. والمُبْرَمُ مِنَ الثِّياب: المَفْتُول الغَزْل طاقَيْن، وَمِنْهُ سمِّي المُبْرَمُ، وَهُوَ جنسٌ مِنَ الثِّياب. والمَبارِمُ: المَغازِلُ الَّتِي يُبْرَمُ بِهَا. والبَريمُ: خَيْطان مُخْتلفان أَحمرُ وأَصفرُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ لَوْنان مُخْتلِطان، وَقِيلَ: البَريمُ خَيْطان يَكُونَانِ مِنْ لَوْنَيْن. والبَريمُ: ضَوْءُ الشَّمْسِ مَعَ بَقِيَّة سَوادِ اللَّيْلِ. والبَريمُ: الصبْح لِما فِيهِ مِنْ سَوادِ اللَّيْلِ وبَياض النَّهَارِ، وَقِيلَ: بَريمُ الصُّبْحِ خَيْطه المُخْتلط بِلَوْنَيْن، وَكُلُّ شَيْئَيْنِ اختلَطا واجْتمعا بَريمٌ. والبَريمُ: حَبْل فِيهِ لَوْنان مُزَيَّن بجَوْهر تشدُّه المرأَة عَلَى وَسَطها وعَضُدِها؛ قَالَ الكَروّس بْنُ حِصْنٍ «1» .
وقائلةٍ: نِعْمَ الفَتى أَنت مِنْ فَتىً؛ ... إِذا المُرْضِعُ العَرْجاءُ جالَ بَريمُها
وَفِي رِوَايَةٍ:
مُحَضَّرة لَا يُجْعَل السِّتْر دُونها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْبَيْتُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ذَكَرَهُ أَبو تَمّام لِلْفَرَزْدَقِ فِي بَابِ الْمَدِيحِ مِنَ الْحَمَاسَةِ. أَبُو عَبِيدٍ: البَريمُ خَيْط فِيهِ أَلوانٌ تشدُّه المرأَة عَلَى حَقْوَيْها. وَقَالَ اللَّيْثُ: البَريمُ خَيْطٌ يُنْظَم فِيهِ خَرَز فتشدُّه المرأَة عَلَى حَقْوَيْها. والبَريمُ: ثَوْبٌ فِيهِ قَزٌّ وكتّانٌ. والبَريمُ: خَيْطٌ يُفْتَل عَلَى طاقَيْن، يُقال: بَرَمْتُه وأَبْرَمْتُه. الْجَوْهَرِيُّ: البَريمُ الحبْل المَفْتول يَكُونُ فِيهِ لَوْنان، وربَّما شدَّتْه المرأَةُ عَلَى وَسَطها وعَضُدها، وَقَدْ يُعلَّق عَلَى الصَّبِيِّ تدفَع بِهِ العَيْن، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجَيْشِ بَريم لأَلْوان شِعار القَبائل فِيهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْعَجَّاجِ:
أَبْدى الصَّباحُ عَنْ بَريمٍ أَخْصفَا
قَالَ: البَريمُ حبْل فِيهِ لَوْنان أَسود وَأَبْيَضُ، وَكَذَلِكَ الأَخْصَفُ والخَصِيفُ، ويشبَّه بِهِ الفَجْر الكاذِبُ أَيضاً، وَهُوَ ذَنَب السِّرْحان؛ قَالَ جامِعُ بْنُ مُرْخِيَة:
لَقَدْ طَرَقَتْ دَهْماء، والبُعْدُ بَيْنَهَا، ... ولَيْل، كأثْناء اللِّفاعِ، بَهِيمُ
عَلَى عَجَلٍ، والصبحُ بالٍ كأَنه ... بأَدْعَجَ مِنْ لَيْلِ التِّمام بَريمُ
قَالَ: والبَريمُ أَيْضًا الماءُ الَّذِي خالَط غيرَه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى إِذا مَا خاضَتِ البَرِيما
والبَريمُ: القَطيع مِنَ الغنَم يَكُونُ فِيهِ ضَرْبان مِنَ الضَّأْن والمَعَز. والبَريمُ: الدَّمْعُ مَعَ الإِثْمِدِ. وبَرِيمُ الْقَوْمِ: لَفِيفُهم. والبَرِيمُ: الجَيْش فِيهِ أَخْلاط مِنَ النَّاسِ. والبَرِيمان: الجَيْشان عرَب وعَجَم؛ قَالَتْ لَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
يَا أَيها السَّدِمُ المُلَوِّي رأْسَه ... لِيَقُود مِنْ أَهل الحِجاز بَرِيما
أَرادت جَيْشاً ذَا لَوْنَيْن، وكلُّ ذِي لَوْنَيْن بَريمٌ. ويُقال: اشْوِ لَنا مِنْ بَرِيمَيْها أَي مِنَ الكَبِد والسَّنام يُقَدَّان طُولًا ويُلَفَّان بِخَيْط أَوْ غَيْرِهِ، وَيُقَالُ: سمِّيا بِذَلِكَ لبَياض السَّنام وسَوادِ الكَبِد.
__________
(1) . قوله [قَالَ الْكَرَوَّسُ بْنُ حِصْنٍ] هكذا في الأَصل، وفي شرح القاموس: الكروس بن زيد، وقد استدرك الشارح هذا الاسم على المجد في مادة كرس(12/44)
والبُرُمُ: القَومُ السيِّئُو الأَخْلاق. والبَرِيمُ العُوذَة. والبَرَم: قِنانٌ مِنَ الْجِبَالِ، وَاحِدَتُهَا بَرَمَة. والبُرْمَةُ: قِدْر مِنْ حِجَارَةٍ، وَالْجَمْعُ بُرَمٌ وبِرامٌ وبُرْمٌ؛ قال طرَفة:
جاؤوا إِليك بِكُلِّ أَرْمَلَةٍ ... شَعْثاءَ تَحْمِل مِنْقَعَ البُرم
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلنَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:
وَالْبَائِعَاتُ بِشَطَّيْ نخْلةَ البُرَمَا
وَفِي حَدِيثِ
بَرِيرَةَ: رَأَى بُرْمةً تَفُورُ
؛ البُرْمة: القِدْرُ مُطْلَقًا، وَهِيَ فِي الأَصل المُتَّخَذَة مِنَ الحَجر الْمَعْرُوفِ بِالْحِجَازِ واليَمن. والمُبْرِمُ: الَّذِي يَقْتَلِعُ حِجارةَ البِرامِ مِنَ الْجَبَلِ ويقطَعُها ويُسَوِّيها ويَنْحَتها. يُقَالُ: فُلَانٌ مُبْرِمٌ للَّذي يقْتَطِعُها مِنْ جَبَلها ويَصْنعَها. وَرَجُلٌ مُبْرِمٌ: ثَقِيلٌ، مِنْهُ، كأَنه يَقْتَطِع مِنْ جُلَسائه شَيْئًا، وَقِيلَ: الغَثُّ الحديثِ مِنَ المُبْرِمِ وَهُوَ المُجْتَني ثَمَر الأَراك. أَبو عُبَيْدَةَ: المُبْرِمُ الغَثُّ الحديثِ الَّذِي يحدِّث الناسَ بالأَحاديث الَّتِي لَا فَائِدَةَ فِيهَا وَلَا مَعْنَى لَهَا، أُخِذَ مِنَ المُبْرِم الَّذِي يَجْني البَرَمَ، وَهُوَ ثَمَرُ الأَراك لَا طَعْم لَهُ وَلَا حَلاوة وَلَا حُمُوضة وَلَا مَعْنَى لَهُ. وَقَالَ الأَصمعي: المُبْرِمُ الَّذِي هُوَ كَلٌّ عَلَى صَاحِبِهِ لَا نَفْعَ عِنْدِهِ وَلَا خَيْر، بِمَنْزِلَةِ البَرَم الَّذِي لَا يدخُل مَعَ القومِ فِي المَيْسِر ويأْكل مَعَهُمْ مِنْ لَحْمِه. والبَيْرَمُ العَتَلَةُ، فارِسيّ معرَّب، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ عَتَلَة النَّجَّار، وَهُوَ بالفارسيَّة بِتَفْخِيمِ الْبَاءِ. والبَرَمُ: الكُحْل؛ وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي جَاءَ:
مَنْ تسمَّع إِلى حَدِيثِ قومٍ صُبَّ فِي أُذنه البَرَمُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قُلْتُ للمفضَّل مَا البَرَمُ؟ قَالَ: الكُحْل المُذاب؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ صُبَّ فِي أُذنه البَيْرَمُ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: البَيْرَمُ البِرْطِيلُ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: البَيْرَمُ عَتَلَةُ النَّجار، أَوْ قَالَ: العَتَلة بَيْرَمُ النَّجَّارِ. وَرَوَى
ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رسُول اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ اسْتَمَع إِلى حَدِيثِ قومٍ وَهُمْ لَهُ كارِهُون مَلأَ اللَّهُ سمعَه مِنَ البَيْرَم والآنُكِ
، بِزِيَادَةِ الْيَاءِ. والبُرامُ، بِالضَّمِّ: القُرادُ وَهُوَ القِرْشام؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِجُؤَيَّةَ بْنِ عَائِذٍ النَّصْري:
مُقيماً بمَوْماةٍ كأَن بُرَامَها، ... إِذا زالَ فِي آلِ السَّراب، ظَليمُ
وَالْجَمْعُ أَبْرِمَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وبِرْمةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ كثيِّر عَزَّة:
رَجَعْت بِهَا عَنِّي عَشِيَّة بِرْمةٍ، ... شَماتةَ أَعْداءٍ شُهودٍ وغُيَّب
وأَبْرَمُ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ نَبْت «2»
؛ مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وفسَّره السِّيرَافِيُّ. وبَرامٌ وبِرامٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَقْوى فَعُرِّيَ واسطٌ فبِرامُ ... مِنْ أَهْلِه، فَصُوَائِقٌ فَخُزامُ
وبُرْمٌ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
وَلَوْ أَنَّ مَا حُمِّلْتُ حُمِّلَه ... شَعَفَاتُ رَضْوَى، أَو ذُرَى بُرْم
برجم: ابْنُ دُرَيْدٍ: البَرْجَمةُ غِلَظُ الْكَلَامِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: أَمِنْ أَهْل الرَّهْمَسَة والبَرْجَمة أنت؟
__________
(2) . قوله [وَأَبْرَمُ مَوْضِعٌ وَقِيلَ نَبْتٌ] ضبط في الأَصل والقاموس والتكملة بفتح الهمزة، وفي ياقوت بكسرها وصوبه شارح القاموس(12/45)
البَرْجَمة، بِالْفَتْحِ: غِلَظ فِي الْكَلَامِ. الْجَوْهَرِيُّ: البُرْجُمَة، بِالضَّمِّ، وَاحِدَةُ البَراجِمِ وَهِيَ مَفاصِل الأَصابع الَّتِي بَيْنَ الأَشاجِع والرَّواجِب، وهي رؤوس السُّلامَيَات مَنْ ظَهْر الْكَفِّ إِذا قَبَض الْقَابِضُ كفَّه نَشَزَت وَارْتَفَعَتْ. ابْنُ سِيدَهْ: البُرْجُمةُ المَفْصِل الظَّاهِرُ مِنَ المَفَاصِل، وَقِيلَ: الباطِن، وَقِيلَ: البَراجِمُ مَفاصِل الأَصابع كُلِّهَا، وَقِيلَ: هِيَ ظُهور القَصَب مِنَ الأَصابع. والبُرْجُمةُ: الإِصْبَعُ الوُسْطى مِنْ كُلِّ طَائِرٍ. والبَراجِم: أَحْياءٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَن أَباهُمْ قبَض أَصابعه وَقَالَ: كُونُوا كَبرَاجِم يَدِي هَذِهِ أَيْ لَا تَفَرَّقُوا، وَذَلِكَ أَعزُّ لَكُمْ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: خَمسة مِنْ أَولادِ حَنْظلة ابن مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُمُ البَراجِم، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: البَراجِمُ فِي بَنِي تَمِيمٍ: عَمْرٌو وقَيْس وغالِب وكُلْفَة وظُلَيْم، وهو بَنُو حَنْظلة بْنِ زَيْدِ مَناة، تَحالَفوا عَلَى أَن يَكُونُوا كبَراجِم الأَصابع فِي الِاجْتِمَاعِ. وَمِنْ أَمثالهم: إِنَّ الشَّقِيَّ راكِبُ البراجِمِ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ هِنْد لَهُ أخٌ فَقَتَلَهُ نَفَر مِنْ تَمِيمٍ فَآلَى أَنْ يَقْتُل بِهِ مِنْهُمْ مِائَةً فَقَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَكَانَ نَازِلًا فِي دِيَارِ بَنِي تَمِيمٍ، فأَحْرَق القَتْلى بِالنَّارِ، فمرَّ رَجُلٌ مِنَ البَراجِم وراحَ رائحةَ حَرِيق القَتْلى فَحسبه قُتَارَ الشِّواء فَمَالَ إِليه، فلمَّا رَآهُ عَمْرو قَالَ لَهُ: ممَّن أَنْتَ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مَنَّ البَراجِم، فَقَالَ حِينَئِذٍ: إِنَّ الشَّقِيَّ راكبُ البراجِم، وأَمَر فقُتِلَ وأُلْقِيَ فِي النَّارِ فَبرَّت بِهِ يَمينه. وَفِي الصِّحَاحِ: إِن الشَّقِيَّ وافِدُ البَراجِم، وَذَلِكَ أَن عَمْرَو بْنَ هِنْد كَانَ حَلَفَ ليُحْرِقَنَّ بأَخيه سعدِ بْنِ المُنْذِر مِائَةً، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وسمَّت الْعَرَبُ عَمْرَو بْنَ هِنْد مُحَرِّقاً لذلك. التهذيب: الرَّاجِبَةُ البُقْعة المَلْساء بَيْنَ البراجِم. قَالَ: والبراجِمُ المُشَنَّجاتُ فِي مَفاصِل الأَصابع، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي ظُهور الأَصابع، والرَّواجِبُ مَا بَيْنَهَا، وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ ثَلَاثُ بُرْجمات إِلَّا الإِبهام، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ بُرْجُمَتان. أَبو عُبَيْدٍ: الرَّواجِمُ «1»
والبَراجِمُ مَفاصِل الأَصابع كُلِّها. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنَ الفِطْرة غَسْلُ البَراجِمِ
؛ هِيَ العُقَدُ الَّتِي تَكُونُ فِي ظُهور الأَصابع يَجْتَمع فِيهَا الوَسَخ.
برسم: البِرسامُ: المُومُ. وَيُقَالُ لِهَذِهِ العِلَّة البِرسامُ، وكأَنه معرَّب، وَبِرْ: هُوَ الصَّدْرُ، وسَام: مِنْ أَسماء الْمَوْتِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الِابْنُ، والأَول أَصحُّ لأَن العلَّة إِذا كَانَتْ فِي الرأْس يُقَالُ سِرْسام، وسِرْ هُوَ الرأْس، والمُبَلْسَم والمُبَرْسَم وَاحِدٌ. الْجَوْهَرِيُّ: البِرْسامُ علَّة مَعْرُوفَةٌ، وَقَدْ بُرْسِمَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُبَرْسَمٌ. قَالَ: والإِبْرِيسَم مُعَرَّبٌ وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ، وَالْعَرَبُ تَخْلِطُ فِيمَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِهَا؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ الإِبريسَم، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَفَتْحِ السِّينِ، وَقَالَ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ «2»
إفْعِيلِل مِثْلَ إهْليلَج وإبْريسَم، وَهُوَ يَنْصَرِفُ، وَكَذَلِكَ إِن سمَّيت بِهِ عَلَى جِهَةِ التَّلْقيب انْصَرَفَ فِي الْمَعْرِفَةِ والنَّكِرة، لأَن الْعَرَبَ أَعْرَبَته فِي نَكِرَته وأَدْخَلَت عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ وأَجْرته مجْرى مَا أَصل بنائهِ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ الفِرِنْدُ والدِّيباجُ والرَّاقُودُ والشِّهْريز والآجُرُّ والنَّيْرُوزُ والزَّنْجَبِيل، وَلَيْسَ كذلك إسحق وَيَعْقُوبُ وَإِبْرَاهِيمُ، لأَن الْعَرَبَ مَا أَعربتها إِلَّا فِي حال
__________
(1) . قوله [الرواجم] هو بالميم في الأَصل، وفي التهذيب بالباء، وفي المصباح نقلًا عن الكفاية: البراجم رؤوس السلاميات والرواجم بطونها وظهورها.
(2) . قوله [لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إلخ] عبارة الصحاح نقلًا عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ أَيضاً: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ إِفْعِيلِلُ بِالْكَسْرِ وَلَكِنْ إِفْعِيلَلَ مِثْلُ إهلِيلَج إلخ، ففي العبارة سقط ظاهر، وتقدم له في هلج مثل ما في الصحاح(12/46)
تعْريفها وَلَمْ تنطِق بِهَا إِلَّا مَعارف وَلَمْ تنقُلْها مِنْ تَنْكِير إِلى تَعْريف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَبْرَيْسَم، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُ الْهَمْزَةَ وَيَفْتَحُ الرَّاءَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّما اعْتَمَّتْ ذُرَى الأَجْبالِ ... بالقَزِّ، والإِبْرَيْسَمِ الهَلْهالِ
برشم: البَرْشَمةُ: تَلْوِينُ النُّقَطِ. وبَرْشَم الرجلُ: أَدامَ النَّظَرَ أَو أَحَدَّه، وَهُوَ البِرْشامُ، والبِرْشامُ: حِدَّةُ النظَر. والمُبَرْشِمُ: الحادُّ النَّظَرِ، وَهِيَ البَرْشَمة والبَرْهَمة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِلْكُمَيْتِ:
أَلُقْطَةَ هُدْهُدٍ وجُنُودَ أُنْثى ... مُبَرْشِمَةً، أَلَحْمِي تَأْكلونا؟
وَفِي حَدِيثِ
حُذيفة: كَانَ النَّاسُ يَسأَلون رسولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، عن الخَيْر وَكُنْتُ أَسْأَلُه عَنِ الشرِّ فبَرْشَموا لَهُ
أَي حَدَّقوا النَّظَرَ إِليه. والبَرْشَمة: إدامةُ النَّظر. وَرَجُلٌ بُراشِم: حَديدُ النظرَ. وبَرْشَمَ الرَّجُلُ إِذا وَجَمَ وأَظهر الحُزْن. والبُرْشُم: البُرقُعُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وَأَنْشَدَ:
غَداةَ تَجْلُو واضِحاً مُوَشَّما، ... عَذْباً لَهَا تُجْري عَلَيْهِ البُرْشُما
والبُرْشومُ: ضرْب مِنَ النَّخْلِ، وَاحِدَتُهُ بُرْشومةٌ، بِالضَّمِّ لَا غَيْرَ؛ قَالَ ابْنُ دُريد: لَا أَدْري مَا صحَّته؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: البُرْشومُ جِنْس مِنَ التَّمْرِ، وَقَالَ مرَّة: البُرْشُومةُ والبَرْشُومةُ، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، أَبْكَرُ النخْل بالبَصرة. ابْنُ الأَعرابي: البُرْشُومُ مِنَ الرُّطَب الشَّقمُ، ورُطَب البُرْشُوم يتقدَّم عِنْدَ أَهل الْبَصْرَةِ عَلَى رُطَب الشِّهْريزِ ويُقْطَع عِذْقُه قَبْلَهُ، والله أعلم.
برصم: البُرْصُوم: عِفاصُ القارُورةِ ونحوِها فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ.
برطم: البِرْطامُ والبُراطِمُ: الرَّجُلُ الضَّخْم الشَّفَة. وشَفةٌ بِرْطامٌ: ضَخْمَةٌ، وَالِاسْمُ البَرْطَمة، والبَرطَمَةُ: عُبوس فِي انتِفاخ وغَيْظ: قَالَ:
مُبَرْطِمٌ بَرْطَمة الغَضْبانِ، ... بِشَفةٍ ليستْ عَلَى أَسْنانِ
تَقُولُ مِنْهُ: رأَيتُه مُبَرْطماً، وَمَا أَدْري مَا الَّذِي بَرْطَمهُ. والبَرْطَمةُ: الانتفاخُ مِنَ الغضَب. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: قَدْ بَرْطَم بَرْطَمةً إِذا غضِب، وَمِثْلُهُ اخْرَنْطَم. وَجَاءَ فُلَانٌ مُبْرَنْطِماً إِذا جَاءَ مُتَغَضِّباً. وبَرْطَم الليلُ إِذا اسْوَدَّ. الْكِسَائِيُّ: البَرْطَمَةُ والبَرْهَمةُ كَهَيْئَةِ التَّخاوُص. وتَبَرْطَمَ الرَّجُلُ أَيْ تغضَّب مِنْ كَلَامٍ. وبَرْطَم الرَّجُلُ إِذا أَدْلى شَفَتَيْه مِنَ الغَضب. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنْتُمْ سامِدُونَ، قَالَ: هِيَ البَرْطَمةُ وَهُوَ الانتفاخُ مِنَ الغضَب.
وَرَجُلٌ مُبَرْطِمٌ: مُتَكَبِّر، وَقِيلَ: مُقَطِّب مُتَغَضِّب، والسامِدُ الرَّافِعُ رأْسه تَكَبُّرًا.
برعم: البُرْعُمُ والبُرْعومُ والبُرْعُمةُ والبُرْعُومةُ، كلُّه: كِمُّ ثَمَر الشجَر والنَّوْر، وَقِيلَ: هُوَ زَهْرَةُ الشَّجَرَةِ ونَوْرُ النَّبْتِ قَبْلَ أَن يَتَفَتَّح. وبَرْعَمتِ الشَّجَرَةُ، فَهِيَ مُبَرْعِمةٌ وتَبَرْعَمتْ: أَخرجت بُرْعُمَتَها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
الآكِلين صَريحَ مَحْضِهما، ... أَكْلَ الحُبارى بُرْعُمَ الرُّطْبِ(12/47)
وبَراعِيمُ الجبال: شَماريخها، واحداتها بُرْعُومةٌ. والبَراعِيمُ: أَكْمامُ الشَّجَرِ فِيهَا الثَّمرة، وفسَّر مُؤرّج قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
فِيهَا الدِّهابُ وحَفَّتْها البَراعِيم
فَقَالَ: هِيَ رِمالٌ فِيهَا داراتٌ تُنْبِت البَقل. والبَراعِيمُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
كأَنَّ قُتُودي فَوْقَ جَأْبٍ مُطَرَّدٍ، ... يُريدُ نَحُوصاً بالبَراعِيمِ حَائِلَا
برهم: بَرْهَمةُ الشجَر: بُرْعُمَتُهُ، وَهُوَ مُجْتَمَعُ ورَقه وثَمره ونَوْره. وبَرْهَمَ: أَدام النظَر؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
بُدَّلْنَ بالنّاصعِ لَوْناً مُسْهَما، ... ونَظَراً هَوْنَ الهُوَيْنا بَرْهَما
وَيُرْوَى: دُونَ الهُوَيْنا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
عَذْب اللِّثى تَجْرى عَلَيْهِ البرْهَما
قَالَ: البَرْهَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ بَرْهَمَ إِذا أَدام النظرَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ. وَهَذَا إِذا تأَمَّلْته وجَدْته غَيْرَ مُقْنِع. الأَصمعي: بَرْهَمَ وبَرْشَم إِذا أَدام النَّظَرَ. غيرهُ: البَرْهَمةُ إدامةُ النظَر وَسُكُونُ الطَّرْف. الْكِسَائِيُّ: البَرْطَمةُ والبَرْهَمَةُ كَهَيْئَةِ التَّخاوُص. وَإِبْرَاهِيمُ: اسْمٌ أَعجمي وَفِيهِ لُغَاتٌ: إبْراهامُ وإبْراهَم وإبْراهِمُ، بِحَذْفِ الْيَاءِ؛ وَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:
عُذْتُ بِمَا عاذَ بِهِ إبْراهِمُ ... مُسْتَقْبِلَ القِبْلةِ، وهْو قائمُ،
إِنِّي لَكَ اللَّهمَّ عانٍ راغِمُ
وتصغيرُ إِبْرَاهِيمَ أُبَيْرِةٌ، وَذَلِكَ لأَن الأَلف مِنَ الأَصل لأَن بعدَها أَربعة أَحرف أُصول، وَالْهَمْزَةُ لَا تُلْحق ببَنات الأَربعة زَائِدَةً فِي أَوَّلها، وَذَلِكَ يُوجِب حَذف آخِرِهِ كَمَا يُحذف مِنْ سَفَرْجَل فَيُقَالُ سُفَيْرج، وَكَذَلِكَ القولُ فِي إِسْمَاعِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، وَهَذَا قولُ الْمُبَرَّدِ، وبعضُهم يتوهَّم أَن الْهَمْزَةَ زَائِدَةٌ إِذا كَانَ الِاسْمُ أعْجميّاً فَلَا يُعْلَم اشتِقاقُه، فيصغِّره عَلَى بُرَيْهِيمٍ وسُمَيْعيلٍ وسُرَيْفيلٍ، وَهَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ وَهُوَ حَسَنٌ، والأَوَّل قِياسٌ، وَمِنْهُمْ مَن يَقُولُ بُرَيْهٌ بطَرْح الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ. والبَراهِمةُ: قَوْمٌ لَا يُجَوِّزُونَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِعْثةَ الرسل.
بزم: البَزْمُ: شدَّةُ العَضّ بالثَّنايا والرَّباعِيَات، وَقِيلَ: هُوَ العَضُّ بمقدَّمِ الفَمِ، وَهُوَ أَخف العَضِّ؛ وأَنشد:
وَلَا أَظُنُّكَ، إِن عَضَّتْكَ بازِمَةٌ ... مِنَ البَوازِمِ، إلَّا سَوْفَ تَدْعوني
بَزَمَ عَلَيْهِ يَبْزِمُ بَزْماً أَي عَضَّ بمقدَّم أَسْنانِه. والمِبْزَمُ: السنُّ لِذَلِكَ، وأَهل اليَمن يُسمون السِّنَّ البَزَمَ. أَبو زَيْدٍ: بَزَمْتُ الشَّيْءَ وَهُوَ العَضُّ بالثَّنايا دُونَ الأَنْياب والرَّباعِيَات، أُخِذ ذَلِكَ مِنْ بَزْمِ الرَّامِي، وَهُوَ أَخْذُه الوَتَر بالإِبْهام والسبَّابة ثُمَّ يُرْسِل السَّهْمَ، والكَدْمُ بالقَوادِم والأَنْيابِ، والبَزْمُ والمَصْرُ الحَلْب بالسبَّابة والإِبْهامِ. وبَزَمَ الناقةَ يَبْزِمُها ويَبْزُمُها بَزْماً: حَلَبها بالسبَّابةِ والإِبْهام فَقَطْ. والبَزْمُ: أَن تأْخُذ الوَتَرَ بالسبَّابة والإِبْهام ثُمَّ تُرْسِله. والبَزْمُ: صَريمة الأَمر. وَهُوَ ذُو مُبازَمة أَيْ ذُو صَريمَةٍ للأَمر. وَفُلَانٌ ذُو بازِمَةٍ أَيْ ذُو صَرِيمةٍ للأَمْر؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصف فَلاةً أَجْهَضَت الركابُ فِيهَا أَولادَها:
بِهَا مُكَفَّنَةٌ أَكْنافُها قَسَبٌ، ... فَكَّتْ خَواتِيمَها عَنْهَا الأَبازِيمُ(12/48)
بِهَا: بِهَذِهِ الفَلاة أَولادُ إِبلٍ أَجْهَضَتْها فهي مُكَفَّنَة فِي أَغْراسِها، فَكَّتْ خَواتِيمَ رَحِمِها عَنْهَا الأَبازِيم، وَهِيَ أَبازيمُ الأَنْساعِ. والبَزْمةُ: وَزْنُ ثَلَاثِينَ، والأُوقِيَّة أَربعون، والنَّشُّ وَزْنُ عِشْرِينَ. والبَزمةُ: الشدّةُ. والبَوازِمُ: الشَّدائدُ، وَاحِدَتُهَا بازِمةٌ؛ وأَنشد لِعَنْتَرَةَ بْنِ الأَخرس:
خَلُّوا مَراعِي العينِ، إِنَّ سَوامَنَا ... تَعَوَّدُ طُولَ الحَبْسِ عندَ البَوازِمِ
وَيُقَالُ: بَزَمَتْه بازِمَةٌ مِنْ بَوازِمِ الدَّهْر أَي أَصابَتْه شِدَّةٌ مِنْ شَدَائِدِهِ. وبَزَمَ بالعِبْءِ: نَهَضَ واستمرَّ بِهِ. وبَزَمَه ثَوْبَه بَزْماً: كَبَزَّه إِيَّاه؛ عَنْ كُرَاعٍ. والبَزِيمُ: الخُوصةُ يشدُّ بِهَا البَقْلُ. اللَّيْثُ: البَزِيمُ وَهُوَ الوَزِيمُ حُزْمةٌ مِنَ البَقْل؛ وقول الشاعر:
وجاؤوا ثائرِين، فلم يؤُوبوا ... بأُبْلُمةٍ تُشَدُّ عَلَى بَزِيمِ
قَالَ: فيروَى بِالْبَاءِ وَالرَّاءِ، وَيُقَالُ: هُوَ باقةُ بَقْل، وَيُقَالُ: هُوَ فَضْلة الزادِ، وَيُقَالُ: هُوَ الطَّلْع يُشقُّ ليُلْقَحَ ثُمَّ يُشَدُّ بِخُوصة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ويُروى بِالْوَاوِ: تُشَدُّ عَلَى وَزِيمِ. وَهُوَ يَأْكُلُ البَزْمَة والوَزْمَةَ إِذا كَانَ يأْكل وَجْبَةً أَي مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. والبَزِيمُ: مَا يَبْقَى مِنَ المَرَق فِي أَسفل القِدْر مِنْ غَيْرِ لَحْم، وَقِيلَ: هُوَ الوَزيم. والإِبْزيمُ والإِبْزامُ: الَّذِي فِي رَأْسِ المِنْطَقة وَمَا أَشبهه وَهُوَ ذُو لِسانٍ يُدْخَل فِيهِ الطَرَف الْآخَرُ، وَالْجَمْعُ الأَبازيمُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَلْقة الَّتِي لَهَا لِسان يدخَل فِي الخَرْق فِي أَسفل المِحْمَل ثُمَّ تَعَضُّ عَلَيْهَا حَلْقَتها، والحَلْقة جَمِيعًا إبْزيمٌ، وَهُوَ الجَوامِع تَجْمع الحَوامِلَ، وَهِيَ الأَوازِمُ قَدْ أَزَمْنَ عَلَيْهِ. أَراد بالمِحْمَل حَمائل السَّيْفِ. والبَزيمُ: خَيْط القِلادة «1»
؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
هُمُ مَا هُمُ فِي كُلِّ يَومِ كَريهة، ... إِذا الكاعِبُ الحَسْناء طاحَ بَزيمُها
وَقَالَ جَرِيرٌ فِي البَعِيث:
تَركناك لَا تُوفي بِجارٍ أَجَرْتَهُ، ... كأَنَّك ذاتُ الوَدْعِ أَوْدى بَزيمُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الإِبْزيمُ حديدةٌ تَكُونُ فِي طرَف حِزَامِ السرْج يَسْرَج بِهَا، قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ فِي طَرف المِنْطَقة؛ قَالَ مُزاحِم:
تُباري سَديساها، إِذا مَا تَلَمَّجَت، ... شَباً مِثل إِبْزيمِ السِّلَاحِ المُوشَّلِ
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
يَدُقُّ إبْزيمَ الحِزام جُشَمُهْ
وَقَالَ آخَرُ:
لَوْلَا الأَبازيمُ، وإنَّ المِنْسَجا ... نَاهَى عنِ الذِّئْبَةِ أَن تَفَرَّجا
وَيُقَالُ للإِبْزيمِ أَيضاً زِرْفين وزُرْفين، وَيُقَالُ للقُفْل أَيضاً الإِبْزيم، لأَن الإِبْزِيم هُوَ إِفْعِيل مِنْ بزَم إِذا عضَّ، وَيُقَالُ أَيضاً إِبْزين، بِالنُّونِ؛ قَالَ أَبو دواد:
__________
(1) . قوله [والبزيم خيط القلادة إلخ] مثله في الصحاح، وقال في القاموس تبعاً للصاغاني: وقول الجوهري البزيم خيط القلادة تصحيف وصوابه بالراء المكررة في اللغة، وفي البيتين الشاهدين، وقال شارحه: والبريم في البيتين ودع منظوم يكون في أحقي الإِماء، ثم قال: وذات الودع الأَمة لأَن الودع من لباس الإِماء وإنما أراد أَن أمة أمة(12/49)
من كُلِّ جَرْداء قد طارتْ عَتِيقَتُها، ... وكُلِّ أَجْرَد مُسْتَرْخي الأَبازِينِ
وَيُقَالُ: إِنَّ فُلَانًا لإِبْزيمٌ أَي بَخِيل.
بسم: بَسَمَ يَبْسِم بَسْماً وابْتَسَمَ وتَبَسَّم: وَهُوَ أَقلُّ الضَّحِك وأَحَسنُه. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: التَّبَسُّم أكثرُ ضَحِك الأَنبياء، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: بَسَمَ يَبْسم بَسْماً إِذا فَتَح شَفَتَيه كالمُكاشِر، وامرأَة بَسَّامةٌ وَرَجُلٌ بَسَّامٌ. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنه كَانَ جلُّ ضَحِكهِ التَّبَسُّم.
وابْتَسَمَ السحابُ عَنِ البَرْق: انْكَلَّ عنه.
بسطم: الْجَوْهَرِيُّ: بِسْطامُ لَيْسَ مِنْ أَسماء الْعَرَبِ، وَإِنَّمَا سَمَّى قيسُ بنُ مَسْعُودٍ ابنَه بِسْطاماً بِاسْمِ مَلِكٍ مِنْ مُلوك فارِس، كَمَا سَمَّوا قابُوس ودَخْتَنُوس، فعرَّبوه بِكَسْرِ الْبَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِذا ثبَت أَن بِسْطام اسْمُ رَجُلٍ مَنْقول مِنَ اسْمِ بسْطام الَّذِي هُوَ اسْمُ ملِك مِنْ مُلوك فَارِسٍ فالواجبُ تَرْكُ صَرْفه للعُجْمة والتَّعْريف، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ يَنْبَغِي أَن لَا يُصْرف.
بشم: البَشَم: تُخَمَةٌ عَلَى الدَّسَمِ، وَرُبَّمَا بَشِمَ الفَصِيلُ مِنْ كَثْرَةِ شُرْب اللبَن حَتَّى يَدْقى سَلْحاً فَيَهلِك. يُقَالُ: دَقِيَ إِذا كثُر سَلْحُه. ابْنُ سِيدَهْ: البَشَمُ التُّخَمة، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُكْثِرَ مِنْ الطَّعَامِ حَتَّى يَكْرُبَه. يُقَالُ: بَشِمْت مِنَ الطَّعَامِ، بِالْكَسْرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَسَنِ: وَأَنْتَ تَتَجَشَّأُ مِنَ الشِّبَع بَشَماً، وأَصله فِي الْبَهَائِمِ، وَقَدْ بَشِم وأَبْشَمه الطَّعامُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِلْحَذْلَمِيِّ:
وَلَمْ يُجَشِّئْ عَنْ طَعام يُبْشِمُهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَز لأَبي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسي؛ وَقَبْلَهُ:
وَلَمْ تَبِتْ حُمَّى بِهِ تُوَصِّمُهْ
وَبَعْدَهُ:
كأنَّ سَفُّودَ حَديدٍ مِعْصَمُه
وَفِي حَدِيثِ
سمُرة بْنِ جُنْدَب: وَقِيلَ لَهُ إِنَّ ابنَك لَمْ يَنَمِ البارِحةَ بَشَماً، قَالَ: لَوْ مَاتَ مَا صلَّيْت عَلَيْهِ
؛ البَشَمُ: التُّخَمة عَنِ الدَّسَم؛ وَرَجُلٌ بَشِمٌ، بِالْكَسْرِ. وبَشِمَ الفَصِيلُ: دَقِيَ مِنَ اللبَن فَكَثُرَ سَلْحُه. وبَشِمْت مِنْهُ بَشماً أَي سَئمْت. والبَشامُ: شَجَرٌ طيِّب الرِّيحِ والطَّعْم يُستاكُ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُبادة: خيرُ مالِ المُسْلِم شاةٌ تأْكلُ مِنْ ورَق القَتاد والبَشام.
وَفِي حَدِيثِ
عَمرو بْنِ دِينار: لَا بأسَ بنَزْع السِّواك مِنَ البَشامةِ.
وَفِي حَدِيثُ
عُتْبة بْنِ غَزْوان: مَا لَنَا طَعام إِلَّا وَرَقُ البَشام
؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: البَشام يُدَقُّ ورَقُه ويُخْلَط بالحِنَّاء للتَّسْويد. وَقَالَ مرَّة: البَشام شجَر ذُو ساقٍ وأَفْنانٍ وورَقٍ صِغار أَكْبَرَ مِنْ وَرَقِ الصَّعْتَر وَلَا ثَمَر لَهُ، وإِذا قُطِعت وَرقَتُه أَو قُصِف غُصْنُه هُريقَ لبَناً أَبيض، وَاحِدَتُهُ بَشامة؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَتَذْكُر يومَ تَصْقُل عارِضَيْها ... بِفَرعِ بَشامةٍ؛ سُقِيَ البَشامُ
يَعْنِي أَنها أَشارَتْ بسِواكِها، فَكَانَ ذَلِكَ وداعَها وَلَمْ تتكلَّم خِيفة الرُّقَباء؛ وَصَدْرُ هَذَا الْبَيْتِ فِي التَّهْذِيبِ:
أَتَذْكُر إِذ تُوَدِّعُنا سُلَيْمَى
وبَشامةُ: اسْمُ رَجُلٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ.
بصم: رجلٌ ذُو بُصْمٍ: غَلِيظٌ. وثوبٌ لَهُ بُصْمٌ إِذا كَانَ كَثِيفاً كَثِيرَ الغَزْل. والبُصْمُ: فَوْتُ مَا بَيْنَ(12/50)
طَرَفِ الخِنْصِر إِلى طرَف البِنْصِر؛ عَنْ أَبي مَالِكٍ وَلَمْ يَجِئْ بِهِ غَيْرُهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ مَا فارَقْتُك شِبْراً وَلَا فِتْراً وَلَا عَتَباً وَلَا رَتَباً وَلَا بُصْماً؛ قَالَ: البُصْم مَا بَيْنَ الخِنْصِر والبِنْصِر، والعَتَب والرَّتَب مَذْكُورَانِ فِي مواضِعهما، وَهُوَ مَا بَيْنَ الوسَط والسَّبابة، وَالْفِتْرُ مَا بَيْنَ السَّبابة والإِبْهام، والشِّبْرُ مَا بَيْنَ الإِبهام والخِنْصِر، والفوْت مَا بَيْنَ كُلِّ أُصْبُعَيْن طُولًا.
بضم: مَا لَهُ بُضْمٌ أَي نفْس. والبُضُمُ أَيضاً: نَفْس السُّنبلة حِينَ تخرُج مِنَ الحبَّة فَتَعْظُم. وبَضَمَ الحبُّ: اشتدّ قليلًا.
بطم: البُطْمُ: شجَر الحبَّةِ الخَضْراء، وَاحِدَتُهُ بُطمةٌ، وَيُقَالُ بِالتَّشْدِيدِ، وَأَهْلُ الْيَمَنِ يسمُّونها الضَّرْو. والبُطْمُ: الحبَّة الخَضْراء، عِنْدَ أَهل العالِية. الأَصمعي: البُطُمُ، مثقَّلة، الحبَّة الخَضْراء. والبُطَيْمة: بُقْعة مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقاع:
وعُونٍ يُباكِرْنَ البُطَيْمَة مَوْقِعا، ... حَزأْنَ فَمَا يَشْرَبْنَ إِلّا النَّقائِعا
بغم: بُغَامُ الظَّبْيَة: صَوْتُها. بَغَمَتِ الظَّبْيةُ تَبْغَمُ وتَبْغِمُ وتَبْغُمُ بُغاماً وبُغُوماً، وَهِيَ بَغُومٌ: صاحتْ إِلى ولَدها بأَرْخَم مَا يَكُونُ مِنْ صوْتها. وبَغَمْتُ الرجلَ إِذا لَمْ تُفْصِح لَهُ عَنْ مَعْنَى مَا تُحَدِّثه بِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَا يَنْعَشُ الطَّرْفَ إِلّا مَا تَخَوَّنَهُ، ... داعٍ يُنادِيهِ باسْمِ الْمَاءِ مَبْغُومُ
وَضَع مَفْعولًا مَكَانَ فاعِل. والمَبْغُومُ: الْوَلَدُ، وأُمُّه تَبْغُمُه أَي تَدْعوه، والبَقَرةُ تَبْغُم، وَقَوْلُهُ داعٍ يُناديه حَكَى صوْت الظَّبْية إِذا صَاحَتْ ماءْ ماءْ، وداعٍ هُوَ الصوْتُ، مَبْغُوم يُقَالُ بُغام مَبْغُوم كَقَوْلِكَ قوْلٌ مَقُول، يَقُولُ: لَا يَرْفَع طَرْفه إِلّا إِذا سَمِعَ بُغام أُمِّه. وبُغامُ النَّاقَةِ: صَوْتٌ لَا تُفْصِح بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الخِرَق:
حَسِبْتَ بُغامَ رَاحِلَتي عَناقاً، ... وَمَا هِيَ، وَيْبَ غَيْرِك، بالعَناقِ
وباغَمَ فُلَانٌ المرأةَ مُباغَمةً إِذا غازَلها بِكَلَامِهِ؛ قَالَ الأَخطل:
حَثُّوا المَطِيَّ فَوَلَّوْنا مَناكِبَها، ... وَفِي الخُدُورِ، إِذا باغَمْتَها، صُوَرُ «2»
. وبَغَمتِ النَّاقَةُ تَبْغِمُ، بِالْكَسْرِ، بُغاماً: قَطَّعَتِ الحَنِينَ وَلَمْ تَمُدَّه وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلْبَعِيرِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
بِذِي هِبابٍ دائبٍ بُغامُهُ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أُنِيخَتْ، فأَلْقَتْ بَلْدَةً فَوق بَلْدةٍ ... قَلِيلٍ بِهَا الأَصْواتُ، إلَّا بُغامُها
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتْ إِذا وَضَعَت يَدَها عَلَى سَنامِ بعيرٍ أَو عَجُزه رفَع بُغامَه
؛ البُغامُ: صوْت الإِبل. والمُباغَمةُ: المُحادثةُ بصَوْتٍ رَخِيمٍ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
يَتَقَنَّصْنَ لِي جآذِرَ كالدّرِّ، ... يُباغِمْنَ مِنْ وَراء الحِجاب
وامرأَة بَغُومٌ: رَخِيمةُ الصَّوْت. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا كَانَ مِنَ الخُفِّ خَاصَّةً فَإِنَّهُ يُقَالُ لصَوْته إِذا بَدا البُغامُ، وَذَلِكَ لأَنه يُقَطِّعه وَلَا يَمُدُّه. وبَغَم
__________
(2) . وفي رواية أخرى: الصور بدل صور(12/51)
الثَّيْتَلُ والأَيِّل يَبْغَم: صوَّت، وَرُبَّمَا اسْتُعْمِل البُغامُ فِي البَقَرَة؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ بقرةَ وَحْشٍ:
خَنْساء ضَيَّعَتِ الفَرِيرَ، فَلَمْ يَرِمْ ... عُرْضَ الشَّقائقِ طَرْفُها وبُغامُها «1»
. وتَبَغَّم فِي ذَلِكَ كُلِّهِ: كَبَغَم؛ قَالَ كثيِّر عزَّة:
إِذا رُحِلَتْ مِنْهَا قَلُوصٌ تَبَغَّمَتْ، ... تَبَغُّمَ أُمِّ الخِشْفِ تَبْغِي غَزالَها
وبَغَمَ بَغْماً: كَنَغَمَ نَغْماً؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ ابْنُ دُريد: وأَحسَبُهُم قَدْ سَمَّوْا بَغُوماً.
بغثم: بَغْثَمٌ: اسمٌ.
بقم: البُقامةُ: الصُّوفةُ يُغْزَل لُبُّها ويَبْقَى سائرُها، وبُقامةُ النَّادِف: مَا سقَط مِنَ الصُّوفِ لَا يقْدر عَلَى غَزْلِه، وَقِيلَ: البُقامةُ مَا يُطَيِّره النجَّادُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
إِذا اغْتَزَلَتْ مِنْ بُقام الفَرِيرِ، ... فَيا حُسْنَ شَمْلَتها شَمْلَتا
وَيَا طِيبَ أَرْواحِها بالضُّحَى ... إِذا الشَّمْلَتان لهَا ابتُلَّتَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ البُقامُ هُنَا جَمْعَ بُقامَة، وأَن يَكُونَ لُغَةً فِي البُقامةِ، قَالَ: وَلَا أَعرفها، وأَن يَكُونَ حَذْفُ الْهَاءِ لِلضَّرُورَةِ؛ وَقَوْلُهُ شَمْلَتا كأَنَّ هَذَا يَقُولُ فِي الوَقْف شَمْلَت ثُمَّ أَجْراها فِي الوَصْل مُجْراها فِي الوَقْف. وَمَا كَانَ فُلان إلَّا بُقامَةً مِنْ قِلَّة عَقْلِه وَضَعْفِهِ شُبِّه بالبُقامة مِنَ الصُّوف. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الضَّعِيفِ: مَا أَنت إِلَّا بُقامةٌ، قَالَ فَلَا أَدري أَعَنَى الضعيفَ فِي عَقْله أَمِ الضعِيفَ فِي جِسْمِهِ. التَّهْذِيبُ: رَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ البُقامةُ مَا تَطاير مِنْ قَوْس الندَّاف مِنَ الصُّوف. والبَقَّمُ: شَجر يُصْبغ بِهِ، دَخِيل معرَّب؛ قَالَ الأَعشى:
بكأسٍ وإبْرِيقٍ كأَنَّ شَرابَها، ... إِذا صُبَّ فِي المِسْحاة، خالَطَ بَقَّمَا
الْجَوْهَرِيُّ: البَقَّمُ صِبْغ مَعْرُوفٌ وَهُوَ العَنْدَمُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
بِطَعْنَةٍ نَجْلاءَ فِيهَا أَلَمُهْ، ... يَجِيشُ مَا بَيْنَ تَراقِيه دَمُهْ،
كمِرْجَل الصَّبَّاغ جَاشَ بَقَّمُهْ «2»
. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قلتُ لأَبي عليٍّ الفَسَوِيّ أَعربيّ هُوَ؟ فَقَالَ: معرَّب، قَالَ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمُ اسْمٌ عَلَى فَعَّل إلَّا خَمْسَةٌ: خَضَّم بْنِ عَمرو بْنِ تَمِيمٍ وَبِالْفِعْلِ سمِّي، وبَقَّم لِهَذَا الصِّبْغ، وشَلَّم مَوْضِعٌ الشام، وَقِيلَ هُوَ بَيْت المَقْدِس وهُما أَعجميان، وبَذَّر اسْمُ مَاءٍ مِنْ مِيَاهِ العرَب، وعَثَّر مَوْضِعٌ؛ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَا سمِّيا بالفعْل، فثَبَت أَن فَعَّل لَيْسَ فِي أُصول أَسمائهم وَإِنَّمَا يختصُّ بالفِعْل فَإِذَا سمَّيْت بِهِ رَجُلًا لَمْ يَنصرف فِي المَعْرفة لِلتَّعْرِيفِ وَوَزْنِ الفِعْل، وانْصَرَف فِي النَّكِرة؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما عَلِمْنا مِنْ بَقَّم أَنه دَخِيل معرَّب لأَنه لَيْسَ لِلْعَرَبِ بِنَاءٌ عَلَى حُكْم فَعَّل، قَالَ: فَلَوْ كَانَتْ بَقَّم عربيَّة لوُجِدَ لَهَا نَظِيرٌ إِلَّا مَا يُقَالُ بَذَّر وخَضَّم، هُمْ بَنو العَنْبر مِنْ عَمرو بْنِ تَمِيمٍ، وَحُكِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ: كُلُّ فَعَّل لا
__________
(1) . قوله [طرفها وبغامها] في المحكم: أطوفها وبغامها. وفي المعلقة: طَوفها وبغامها
(2) . قوله [بطعنة إلخ] مثله في الصحاح، وقال الصاغاني: الرواية من بين تراقيه، وسقط بين قوله دمه وقوله كمرجل مشطور وهو: تغلي إِذا جاوبها تكلمه(12/52)
يَنصرف إِلَّا أَن يَكُونَ مُؤَنَّثًا «1»
؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ أَبو مَنْصُورِ بْنُ الجَوالِيقِي فِي المعرَّب: تَوَّج مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ خَوَّد؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَعْطوا البَعِيثَ جَفَّةً ومِنْسَجا، ... وافْتَحَلُوه بَقَراً بِتَوَّجَا
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وأَعْيُن العِينِ بأَعْلى خَوَّدَا
وشمَّر: اسْمُ فَرَسٍ؛ قَالَ:
وجَدِّيَ يَا حَجَّاجُ فارِسُ شَمَّرَا
والبُقْمُ: قَبيلةٌ.
بكم: البَكَمُ: الخرَسُ مَعَ عِيّ وبَلَهٍ، وَقِيلَ: هُوَ الخرَس مَا كَانَ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: البَكَمُ أَنْ يُولَدَ الإِنسانُ لَا يَنْطِق وَلَا يَسْمَع وَلَا يُبْصِر، بَكِمَ بَكَماً وبَكامةً، وَهُوَ أَبْكَمُ وبَكِيمٌ أَي أَخْرَس بَيِّن الخَرَس. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ*
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: قِيلَ مَعْنَاهُ أَنهم بِمَنْزِلَةِ مَنْ وُلد أَخْرَس، قَالَ: وَقِيلَ البُكْمُ هُنَا المَسْلُوبُو الأَفئدة. قَالَ الأَزهري: بَيْن الأَخْرسِ والأَبْكَمِ فَرقٌ فِي كَلَامِ العرَب: فالأَخْرسُ الَّذِي خُلِقَ وَلَا نُطْقَ لَهُ كالبَهيمة العَجْماء، والأَبْكَم الَّذِي لِلِسَانِهِ نُطْقٌ وَهُوَ لَا يعْقِل الجوابَ وَلَا يُحْسِن وَجْه الْكَلَامِ. وَفِي حَدِيثِ
الإِيمان: الصُّمّ البُكْمُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: البُكُم جَمْعُ الأَبْكَم وَهُوَ الَّذِي خُلِقَ أَخْرَس، وأَراد بِهِمُ الرَّعاعَ والجُهَّالَ لأَنهم لَا يَنْتَفِعُونَ بالسَّمْع وَلَا بالنُّطْق كبيرَ منْفعةٍ فكأَنهم قَدْ سُلِبُوهُما؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
سَتكونُ فِتنةٌ صَمَّاءُ بَكْماءُ عَمْياءُ
؛ أَراد أَنها لَا تَسْمَع وَلَا تُبْصِر وَلَا تَنْطِق فَهِيَ لِذَهَابِ حَواسِّها لَا تُدْرِك شَيْئًا وَلَا تُقلِع وَلَا تَرْتَفِع، وَقِيلَ: شَبَّههَا لاخْتِلاطِها وقَتْل الْبَرِيءِ فِيهَا والسَّقِيم بالأَصَمّ الأَخْرس الأَعمى الَّذِي لَا يَهْتَدِي إِلى شَيْءٍ، فَهُوَ يَخْبِطُ خَبْطَ عَشْواء. التَّهْذِيبُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي صِفَة الكُفَّار: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ*
؛ وَكَانُوا يَسْمَعون ويَنْطِقُون ويُبْصرون وَلَكِنَّهُمْ لَا يعُون مَا أَنزل اللَّهُ وَلَا يتكلَّمون بِمَا أُمروا بِهِ، فَهُمْ بمنزِلة الصُّمِّ البُكْمِ العُمْي. والبَكِيمُ: الأَبْكَمُ، وَالْجَمْعُ أَبْكامٌ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
فَلَيْتَ لِساني كانَ نِصْفَيْنِ: مِنْهُمَا ... بَكِيمٌ ونِصفٌ عِنْدِ مَجْرَى الكَواكِب
وبَكُمَ: انقَطع عَنِ الْكَلَامِ جَهْلًا أَو تَعَمُّداً. اللَّيْثُ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا امتنَع مِنَ الْكَلَامِ جَهْلًا أَوْ تَعمُّداً: بَكُمَ عَنِ الْكَلَامِ. أَبو زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ: رجلٌ أَبْكَم وَهُوَ العَييُّ المُفْحَم، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الأَبْكَم الأَقْطَع اللِّسَانِ، وَهُوَ العَييُّ بالجَواب الَّذِي لَا يُحسِن وَجْهَ الْكَلَامِ. ابْنُ الأَعرابي: الأَبْكَمُ الَّذِي لَا يَعْقِل الجَواب، وَجَمْعُ الأَبْكَم بُكْمٌ وبُكْمان، وَجَمْعُ الأَصَمِّ صُمٌّ وصُمَّانٌ.
بلم: البَلَمةُ: بَرَمةُ العِضاه؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والبَيلَمُ: القُطْنُ، وَقِيلَ: قُطْن القَصَب، وَقِيلَ: الَّذِي فِي جَوْف القَصَبة، وَقِيلَ: قُطْن البَرْدِيِّ، وَقِيلَ: جَوْزُ القُطْن. وَسَيْفٌ بَيْلَمِيٌّ: أَبْيضُ. والإِبْلِمُ والأَبْلَمُ والأُبْلُمُ والإِبْلِمَةُ والأُبْلُمة، كُلُّ ذَلِكَ: الخُوصةُ. يُقَالُ: المالُ بَيْنَنَا والأَمْرُ بَيْنَنَا شِقّ الإِبْلِمَة، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: شِقَّ الأُبْلُمة، وَهِيَ الخُوصة، وَذَلِكَ لأَنها تُؤْخَذُ فتُشَقُّ طُولًا على
__________
(1) . قوله [لَا يَنْصَرِفُ إِلَّا أَن يَكُونَ مُؤَنَّثًا] هكذا في الأَصل والتهذيب(12/53)
السَّواء. وَفِي حَدِيثِ السقِيفَة:
الأَمْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كقَدِّ الأُبْلُمة
؛ الأُبْلُمة، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَفَتْحِهِمَا وَكَسْرِهِمَا، أَي خُوصة المُقْلِ، وَهَمْزَتُهَا زَائِدَةٌ، يَقُولُ: نَحْنُ وإِيَّاكم فِي الحُكْم سَوَاءٌ لَا فَضْل لأَميرٍ عَلَى مَأْمُورٍ كالخُوصة إِذا شُقَّتْ باثْنَتَيْن مُتَساوِيتين. الْجَوْهَرِيُّ: الأَبْلَم خُوصُ المُقْل، وَفِيهِ ثلاثُ لُغات: أَبْلَم وأُبْلُم وإبْلِم، وَالْوَاحِدَةُ بِالْهَاءِ. ونَخْلٌ مُبَلَّم: حَوْلَهُ الأَبْلَمِ؛ قَالَ:
خَوْد تُرِيكَ الجَسَدَ المُنَعَّما، ... كَمَا رأَيتَ الكَثَرَ المُبَلَّمَا
قَالَ أَبو زِيَادٍ: الأَبْلَم، بالفَتح، بَقْلة تخْرج لَهَا قُرُونٌ كالباقِلّى وَلَيْسَ لَهَا أَرُومةٌ، وَلَهَا وُرَيْقة مُنْتَشِرة الأَطْراف كأَنها ورَق الجَزَر؛ حَكَى ذَلِكَ أَبو حَنِيفَةَ. والبَلَمُ والبَلَمَةُ: داءٌ يَأْخُذُ النَّاقَةَ فِي رَحِمِها فتَضيق لِذَلِكَ، وأَبْلَمتْ: أَخذها ذَلِكَ. والبَلَمةُ: الضَّبَعةُ، وَقِيلَ: هِيَ ورَمُ الحَياء مِنْ شِدَّةِ الضَّبَعة. الأَصمعي: إِذا وَرِمَ حياءُ النَّاقَةِ مِنَ الضَّبَعةِ قِيلَ: قَدْ أَبْلَمتْ، وَيُقَالُ بِهَا بَلَمَةٌ شَدِيدَةٌ. والمُبْلِمُ والمِبْلامُ: النَّاقَةُ الَّتِي لَا تَرْغُو مِنْ شِدَّة الضَّبَعَةِ، وخصَّ ثَعْلَبٌ بِهِ البَكْرة مِنَ الإِبل؛ قَالَ أَبو الهَيثم: إِنَّمَا تُبْلِمُ البَكْرات خاصَّة دُونَ غَيْرِهَا؛ قَالَ نَصِيرٌ: البَكْرة الَّتِي لَمْ يَضْرِبْها الْفَحْلُ قطُّ فإِنها إِذا ضَبِعَتْ أَبْلَمَتْ فَيُقَالُ هِيَ مُبْلِمٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَذَلِكَ أَن يَرِمَ حَياؤُها عِنْدَ ذَلِكَ، وَلَا تُبْلِمُ إلَّا بَكْرة، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو زَيْدٍ: المُبْلِمُ البَكْرةُ الَّتِي لَمْ تُنْتَج قطُّ وَلَمْ يَضْرِبها فَحلٌ، فَذَلِكَ الإِبْلامُ، وإِذا ضَرَبَهَا الفحلُ ثُمَّ نَتَجُوها فإِنها تَضْبَع وَلَا تُبْلِمُ. الْجَوْهَرِيُّ: أَبْلَمت النَّاقَةُ إِذا وَرِمَ حَياؤها مِنْ شدَّة الضَّبَعَةِ، وَقِيلَ: لَا تُبْلِم إلَّا البَكْرة مَا لَمْ تُنْتَج. وأَبْلَمَت شَفَته: وَرِمَتْ، والاسمُ البَلَمَةُ. وَرَجُلٌ أَبْلَم أَي غَليظُ الشفتَين، وَكَذَلِكَ بَعِيرٌ أَبْلَم وأَبلَم الرَّجُلُ إِذا وَرِمَتْ شَفَتاه. ورأَيت شَفَتيه مُبْلَمَتَيْن إِذا وَرِمتَا. والتَّبْلِيمُ: التقْبيحُ. يُقَالُ: لَا تُبَلِّم عَلَيْهِ أَمرَه أَي لَا تُقَبِّح أَمْره، مَأْخُوذٌ مَنْ أَبْلَمتِ النَّاقَةُ إِذا وَرِم حَياؤها مِنْ الضَّبَعةِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَمْرٍو يُقَالُ مَا سمِعْت لَهُ أَبْلَمةً أَي حَرَكَةً؛ وأَنشد:
فَمَا سمعْت، بعدَ تِلْكَ النَّأمهْ، ... مِنْهَا وَلَا مِنْه هُنَاكَ أَبْلَمَهْ
وَفِي حَدِيثِ
الدَّجَّالِ: رأَيته بَيْلَمانِيّاً أَقْمَر هِجاناً
أَي ضخمٌ مُنتَفِخ، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ. والبَلْماءُ: ليلةُ البَدْر لعِظَم القَمر فِيهَا لأَنه يَكُونُ تَامًّا. التَّهْذِيبُ: أَبو الْهُذَيْلِ الإِبْلِيمُ العَنْبر؛ وأَنشد:
وحُرَّةٍ غَيْرِ مِتْفالٍ لَهَوْتُ بِهَا، ... لَوْ كَانَ يَخْلُد ذُو نُعْمى لِتَنْعيمِ
كأَنَّ، فوقَ حَشاياها ومِحْبَسِها، ... صَوائرَ المسْك مَكْبُولًا بإِبْلِيمِ
أَي بالعَنْبر؛ قَالَ الأَزهري وَقَالَ غَيْرُهُ: الإِبْلِيمُ العسَل، قَالَ: وَلَا أَحفَظُه لإِمامٍ ثقةٍ، وبَيْلَمُ النجَّارِ: لغَة في البَيْرَم.
بلتم: قَالَ فِي تَرْجَمَةٍ بَلْدَمَ: البَلَنْدَم والبَلْدَم والبِلْدامة الثَّقِيل المَنْظَر البليدُ، والبَلْتَم لُغَةٌ فِي ذَلِكَ أَرى.
بلدم: بَلْدَمُ الفَرس: مَا اضْطَرب مِنْ حُلْقومه، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ الأَصمعي فِي كِتَابِ الفَرَس: مَا(12/54)
اضْطَرَبَ مِنْ حُلْقومه ومَريئه وجِرانِه، قَالَ: وقَرَأْته عَلَى أَبي سَعِيدٍ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ. البَلْدَمُ: مقدَّم الصَّدْرِ، وَقِيلَ: الحُلْقوم وَمَا اتَّصل بِهِ مِنَ المَريء، وَقِيلَ: هِيَ بِالذَّالِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قول الراجز:
ما زالَ ذِئْب الرَّقْمَتَيْنِ كلَّما ... دارَتْ بِوَجهٍ دارَ مَعْها أَيْنَما،
حَتَّى اخْتَلى بالنابِ مِنْهَا البَلْذَما
قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: بَلْدَمُ الْفَرَسِ صدْرُه، بِالدَّالِ وَالذَّالِ مَعًا. وبَلْدَمَ الرجلُ بَلْدَمةً إِذا فَرِق فسكَتَ، بِدَالٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ. والبَلَنْدَم والبَلْدَمُ والبِلْدامةُ: الرجلُ الثَّقِيلُ فِي المنظَر الْبَلِيدُ فِي المَخْبَر الْمُضْطَرِبُ الخلْق، وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
مَا أَنتَ إِلَّا أَعْفَكٌ بَلَنْدَمُ، ... هِرْدَبَّةٌ هَوْهاءَةٌ مُزَرْدَمُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَانِ الحَرْفان أَعني هَذَا والبَلْدَم: مقدَّم الصَّدْرِ عِنْدَ الأَئمة الثِّقات، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعل الدالَ والذالَ فِي البَلْدَم لُغَتين. وَسَيْفٌ بَلْدَم: لَا يَقْطَعُ.
بلذم: البَلْذَمُ: مَا اضْطَرَبَ مِنَ المَريء، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الفَرسِ، وَقِيلَ: هُوَ الحُلْقوم. والبَلْذَمُ: البليدُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةٍ بَلْدَمَ، بِالدَّالِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: البَلْذَمُ المَريءُ والحُلْقوم، والأَوْداجُ يُقَالُ لَهَا بَلْذَم. قَالَ: والبَلْذَمُ مِنَ الْفَرَسِ مَا اضْطَرَبَ مِنْ حُلْقومه ومَريئه وجِرانه، قُرِئَ عَلَى أَبي سَعِيدٍ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ، قَالَ: وَالْمَرِّيءُ مَجْرى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، والجِرانُ الجلْد الَّذِي فِي بَاطِنِ الحَلْق متَّصل بالعُنُق، والحْلْقوم مَخْرَج النفَس والصوْت. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: بَلْذَم الْفَرَسِ صدْره، بِالدَّالِ والذال معاً.
بلسم: بَلْسَمَ: سَكَتَ عَنْ فَزَع، وَقِيلَ: سَكَتَ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ أَن يقَيَّد بفَرَقٍ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. الأَصمعي: طَرْسَم الرَّجُلُ طَرْسَمةً وبَلْسَمَ بَلْسَمَة إِذا أَطرق وسكَت وفَرِق. والبِلْسامُ: البِرْسامُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ شَاعِرًا أَفْحَمَه:
فَلَمْ يَزَلْ بالقَوْم والتَّهَكُّمِ ... «2» . حَتَّى التَقَيْنا، وَهُوَ مِثْلُ المُفْحَمِ،
واصْفَرَّ حَتَّى آضَ كالمُبَلْسَمِ
قَالَ: المُبَلْسَمُ والمُبَرْسَم وَاحِدٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: البِلْسامُ البِرْسامُ وَهُوَ المُومُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنَّ بِلْساماً بِهِ أَو مُوما
وَقَدْ بُلْسِمَ وبَلْسَمَ: كَرَّهَ وجهَه.
بلصم: بَلْصَم الرجلُ وَغَيْرُهُ بَلْصَمةً: فَرَّ.
بلطم: بَلْطَمَ الرجلُ: سكَت.
بلعم: البُلْعُم والبُلْعومُ: مَجْرى الطَّعَامِ فِي الحَلْق وَهُوَ المَريءُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لَا يَذهَب أَمرُ هَذِهِ الأُمَّة إِلَّا عَلَى رَجُلٍ واسِع السُّرْمِ ضَخْم البُلْعُوم
؛ يُريدُ عَلَى رَجُلٍ شَدِيدٍ عَسُوف أَو مُسْرِف فِي الأَمْوال والدِّماء، فَوَصَفَهُ بسَعة المَدْخَل والمَخْرَج؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ: حَفِظْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لَوْ بَثَثْتُه فِيكُمْ لقُطِع هَذَا البُلْعُوم.
وبَلْعَم اللُّقْمة: أَكلها. والبُلْعومُ: الْبَيَاضُ الَّذِي فِي جَحْفَلة الحِمار فِي طرَف
__________
(2) . قوله [فلم يزل بالقوم] هكذا في الأَصل بالميم(12/55)
الْفَمِّ؛ وأَنشد:
بِيض البَلاعِيم أَمثال الخَواتِيم
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: البُلْعوم مَسِيل يَكُونُ فِي القُفِّ دَاخِلٌ فِي الأَرض. والبَلْعَمة: الإِبْتِلاعُ. والبَلْعَمُ: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الأَكل الشَّدِيدُ البَلْع لِلطَّعَامِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وبَلْعَم: اسمُ رجلٍ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُريد، قَالَ: ولا أَحسبه عربيّاً.
بلغم: البَلْغَم: خِلْطٌ مِنْ أَخلاط الجسَد، وَهُوَ أَحد الطّبائع الأَرْبَع.
بمم: البَمُّ مِنَ العُود: مَعْرُوفٌ أَعجمي. الْجَوْهَرِيُّ: البَمُّ الوَتَر الْغَلِيظُ مِنْ أَوتار المَزاهِر. التَّهْذِيبُ: بَمُّ العُودِ الَّذِي يُضْرَب بِهِ هُوَ أَحدُ أَوتارِه، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. ابْنُ سِيدَهْ: وبَمُّ، غَيْرُ مَصْرُوفٍ، أَرض مِنْ كِرْمان. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَدِينَةٌ بكِرْمان
، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
أَلَا أَيها اللَّيْلُ الَّذِي طالَ أَصْبِحِ ... بِبَمَّ، وَمَا الإِصْباح فِيكَ بأَرْوَحِ
وأَورد الأَزهري للطِّرِمَّاح:
أَلَيْلَتَنا فِي بَمِّ كِرْمانَ أَصْبِحِي
بنم: البَنامُ: لُغَةٌ فِي البنَانِ؛ قَالَ عُمر بْنُ أَبي رَبيعة:
فقالتْ وعَضَّتْ بالبنَام: فَضَحْتَني «1» .
بهم: البَهِيمةُ: كلُّ ذاتِ أَربَعِ قَوائم مِنْ دَوابّ البرِّ وَالْمَاءِ، وَالْجَمْعُ بَهائم. والبَهْمةُ: الصغيرُ مِنْ أَولاد الغَنَم الضأْن والمَعَز والبَقَر مِنَ الْوَحْشِ وَغَيْرِهَا، الذكَرُ والأُنْثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وقل: هُوَ بَهْمةٌ إِذا شبَّ، وَالْجَمْعُ بَهْمٌ وبَهَمٌ وبِهامٌ، وبِهاماتٌ جَمْعُ الجمعِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي نَوادِره: البَهْمُ صِغارُ المعَز؛ وَبِهِ فسِّر قَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَداني أَنْ أَزُورَك أَنَّ بَهْمي ... عَجايا كلُّها إِلَّا قَلِيلًا
أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ لأَوْلاد الغنَم سَاعَةَ تَضَعها مِنَ الضأْن والمَعَز جَمِيعًا، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، سَخْلة، وَجَمْعُهَا سِخال، ثُمَّ هِيَ البَهْمَة الذكَرُ والأُنْثى. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ هُم يُبَهِّمون البَهْمَ إِذا حَرَمُوه عَنْ أُمَّهاتِه فَرَعَوْه وحدَه، وإِذا اجتَمَعَت البِهامُ والسِّخالُ قُلْتَ لَهَا جَمِيعًا بِهامٌ، قَالَ: وبَهِيمٌ هِيَ الإِبْهامُ للإِصْبَع. قَالَ: وَلَا يُقَالُ البِهامُ، والأَبْهم كالأَعْجم. واسْتُبْهِم عَلَيْهِ: اسْتُعْجِم فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ. وَقَالَ نِفْطَوَيْهِ: البَهْمةُ مُسْتَبْهِمَةٌ عَنِ الْكَلَامِ أَي مُنْغَلِق ذَلِكَ عَنْهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ
؛ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ
لأَنَّ كلَّ حَيّ لَا يميِّز، فَهُوَ بَهِيمة لأَنه أُبْهِم عَنْ أَن يميِّز. وَيُقَالُ: أُبْهِم عَنِ الْكَلَامِ. وطريقٌ مُبْهَمٌ إِذا كَانَ خَفِيّا لَا يَسْتَبين. وَيُقَالُ: ضرَبه فَوَقَعَ مُبْهَماً أَي مَغْشيّاً عَلَيْهِ لَا يَنْطِق وَلَا يميِّز. وَوَقَعَ فِي بُهْمةٍ لَا يتَّجه لَهَا أَي خُطَّة شَدِيدَةٍ. واستَبْهَم عَلَيْهِمُ الأَمرُ: لَمْ يدْرُوا كَيْفَ يأْتون لَهُ. واسْتَبْهَم عَلَيْهِ الأَمر أَي استَغْلَق، وتَبَهَّم أَيضاً إِذا أُرْتِجَ عَلَيْهِ؛ وَرَوَى ثَعْلَبٌ أَن ابْنَ الأَعرابي أَنشده:
أَعْيَيْتَني كلَّ العَياءِ، ... فَلَا أَغَرَّ وَلَا بَهِيم
قَالَ: يُضْرَب مَثَلًا للأَمر إِذا أَشكل لَمْ تَتَّضِحْ جِهَته
__________
(1) . في ديوان عمر: وعضت بالبنان بدل البنام(12/56)
واستقامَتُه ومعرِفته؛ وأَنشد فِي مِثْلِهِ:
تَفَرَّقَتِ المَخاضُ عَلَى يسارٍ، ... فَمَا يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَم يُذِيبُ
وأَمرٌ مُبْهَم: لَا مَأْتَى لَهُ. واسْتَبْهَم الأَمْرُ إِذا اسْتَغْلَق، فَهُوَ مُسْتَبْهِم. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: كَانَ إِذا نَزَل بِهِ إحْدى المُبْهَمات كَشَفَها
؛ يُريدُ مَسْأَلَةً مُعضِلةً مُشْكِلة شاقَّة، سمِّيت مُبْهَمة لأَنها أُبْهِمت عَنِ الْبَيَانِ فَلَمْ يُجْعل عَلَيْهَا دَلِيلٌ، وَمِنْهُ قِيلَ لِما لَا يَنْطِق بَهِيمة. وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: تَجْلُو دُجُنَّاتِ «1» . الدَّياجي والبُهَم
؛ البُهَم: جَمْعُ بُهْمَة، بِالضَّمِّ، وَهِيَ مُشكلات الأُمور. وَكَلَامٌ مُبْهَم: لَا يعرَف لَهُ وَجْه يُؤْتَى مِنْهُ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ حَائِطٌ مُبْهَم إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ بابٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَبْهَمَ عَلَيَّ الأَمْرَ إِذا لَمْ يَجعل لَهُ وَجْهًا أَعرِفُه. وإبْهامُ الأَمر: أَن يَشْتَبه فَلَا يعرَف وجهُه، وَقَدْ أَبْهَمه. وَحَائِطٌ مُبْهَم: لَا بَابَ فِيهِ. وبابٌ مُبْهَم: مُغلَق لَا يُهْتَدى لفتحِه إِذا أُغْلِق. وأبْهَمْت البابَ: أَغلَقْته وسَدَدْته. وليلٌ بَهيم: لَا ضَوء فِيهِ إِلى الصَّباح. وَرُوِيَ
عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، قَالَ: فِي تَوابيت مِنْ حديدٍ مُبْهَمةٍ عَلَيْهِمْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: المُبْهَمة الَّتِي لَا أَقْفالَ عَلَيْهَا. يُقَالُ: أَمرٌ مُبْهَم إِذا كَانَ مُلْتَبِساً لَا يُعْرَف مَعْنَاهُ وَلَا بَابُهُ. غَيْرُهُ: البَهْمُ جَمْعُ بَهْمَةٍ وَهِيَ أَولادُ الضأْن. والبَهْمة: اسْمٌ لِلْمُذَكِّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، والسِّخالُ أَولادُ المَعْزَى، فَإِذَا اجْتَمَعَ البهامُ والسِّخالُ قَلْتَ لَهُمَا جَمِيعًا بِهامٌ وبَهْمٌ أَيضاً؛ وأَنشد الأَصمعي:
لَوْ أَنَّني كنتُ، مِنْ عادٍ ومِن إِرَمٍ، ... غَذِيَّ بَهْمٍ ولُقْماناً وَذَا جَدَنِ
لأَنَّ الغَذِيَّ السَّخلة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ لأَن الغَذِيَّ السَّخْلة وَهَم، قَالَ: وإِنما غَذِيُّ بَهْمٍ أَحدُ أَمْلاك حِمْير كَانَ يُغَذّى بلُحوم البَهْم، قَالَ وَعَلَيْهِ قَوْلُ سَلْمَى بْنِ رَبِيعَةَ الضَّبِّيِّ:
أَهلَك طَسْماً، وبَعْدَهم ... غَذِيَّ بَهْمٍ وَذَا جَدَنِ
قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنه عَطَفَ لُقْماناً عَلَى غَذِيَّ بَهْمٍ، وَكَذَلِكَ فِي بَيْتِ سَلْمَى الضَّبِّيِّ، قَالَ: وَالْبَيْتُ الَّذِي أَنشده الأَصمعي لأَفْنون التَّغْلَبِيِّ؛ وَبَعْدَهُ:
لَمَا وَفَوْا بأَخِيهم مِنْ مُهَوّلةٍ ... أَخا السُّكون، وَلَا جَارُوا عَنِ السَّنَنِ
وَقَدْ جَعل لَبيد أَولادَ الْبَقَرِ بِهاماً بِقَوْلِهِ:
والعِينُ ساكنةٌ عَلَى أَطلائِها ... عُوذاً، تأَجَّل بالفَضاء بِهامُها
وَيُقَالُ: هُم يُبَهِّمُون البَهْمَ تَبْهِيماً إِذا أَفرَدُوه عَنْ أُمَّهاته فَرَعَوْه وحْدَه. الأَخفش: البُهْمَى لَا تُصْرَف. وكلُّ ذِي أَربع مِنْ دوابِّ الْبَحْرِ وَالْبَرِّ يسمَّى بَهِيمة. وَفِي حَدِيثِ
الإِيمان والقَدَر: وَتَرَى الحُفاةَ العُراة رِعاءَ الإِبل والبَهْم يَتطاوَلون فِي البُنْيان
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَراد بِرِعاءِ الإِبِل والبَهْم الأَعْرابَ وأَصحابَ البَوادي الَّذِينَ يَنْتَجِعون مواقعَ الغَيْث وَلَا تَسْتَقِرُّ بِهِمُ الدَّارُ، يَعْنِي أَن الْبِلَادَ تفتَح
__________
(1) . قوله [تجلو دجنات] هكذا في الأَصل والنهاية بالتاء، وفي مادة دجن من النهاية: يجلو دجنات بالياء(12/57)
فَيَسْكُنُونَهَا ويَتطاوَلون فِي البُنْيان، وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ:
رُعاة الإِبل البُهُم،
بِضَمِّ الْبَاءِ وَالْهَاءِ، عَلَى نَعْتِ الرُّعاة وَهُمُ السُّودُ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: البُهُم، بِالضَّمِّ، جَمْعُ البَهِيم وَهُوَ الْمَجْهُولُ الَّذِي لَا يُعْرَف. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
أَنَّ بَهْمَةً مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يصلِّي
، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَنه قَالَ لِلرَّاعِي مَا ولَّدت؟ قَالَ: بَهْمة، قَالَ: اذْبَحْ مكانَها شَاةً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن البَهْمة اسْمٌ للأُنثى لأَنه إِنَّمَا سَأَلَهُ ليعلَم أذَكَراً ولَّد أَمْ أُنْثى، وإلَّا فَقَدْ كَانَ يَعْلم أَنه إِنَّمَا ولَّد أَحدَهما. والمُبْهَم والأَبْهَمُ: المُصْمَت؛ قَالَ:
فَهَزَمتْ ظَهْر السِّلامِ الأَبْهَم
أَي الَّذِي لَا صَدْع فِيهِ؛ وأَما قَوْلُهُ:
لكافرٍ تاهَ ضَلالًا أَبْهَمُه
فَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَبْهَمُه قلبُه، قَالَ: وأَراه أَراد أَنَّ قَلْبَ الْكَافِرِ مُصْمَت لَا يَتَخَلَّله وعْظ وَلَا إنْذار. والبُهْمةُ، بِالضَّمِّ الشُّجَاعُ، وَقِيلَ: هُوَ الْفَارِسُ الَّذِي لَا يُدْرَى مِنْ أَين يُؤتى لَهُ مِنْ شدَّة بأْسِه، وَالْجَمْعُ بُهَم؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: لَا يَدْرِي مُقاتِله مِنْ أَين يَدخل عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هُمْ جَمَاعَةُ الفُرْسان، وَيُقَالُ لِلْجَيْشِ بُهْمةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فُلَانٌ فارِس بُهْمةٍ وليثُ غابةٍ؛ قَالَ مُتَمِّم بْنُ نُوَيْرة:
وللِشرْب فابْكِي مالِكاً، ولِبُهْمةٍ ... شديدٍ نَواحِيها عَلَى مَن تَشَجَّعا
وهُم الكُماة، قِيلَ لَهُمْ بُهْمةٌ لأَنه لَا يُهْتَدى لِقِتالهم؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: البُهْمةُ السوادُ أَيضاً، وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: رَجُلٌ بُهْمَةٌ إِذا كَانَ لَا يُثْنَى عَنْ شَيْءٍ أَراده؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: البُهْمةُ فِي الأَصل مَصْدَرٌ وُصف بِهِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: هُوَ فارسُ بُهْمةٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ، فَجَاءَ عَلَى الأَصل ثُمَّ وَصَفَ بِهِ فَقِيلَ رَجُلٌ عَدْل، وَلَا فِعْل لَهُ، وَلَا يُوصف النساءُ بالبُهْمةِ. والبَهِيمُ: مَا كَانَ لَوناً وَاحِدًا لَا يُخالِطه غَيْرُهُ سَواداً كَانَ أَو بَيَاضًا، وَيُقَالُ للَّيالي الثَّلَاثِ الَّتِي لَا يَطْلُع فِيهَا الْقَمَرُ بُهَمٌ، وَهِيَ جَمْعُ بُهْمةٍ. والمُبْهَم مِنَ المُحرَّمات: مَا لَا يحلُّ بوجْهٍ وَلَا سَبَبٍ كَتَحْرِيمِ الأُمِّ والأُخْت وَمَا أَشبَهه.
وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ، وَلَمْ يُبَيّن أَدَخَل بِهَا الإِبنُ أَمْ لَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَبْهِموا مَا أَبْهَمَ اللَّهُ
؛ قَالَ الأَزهري: رأَيت كَثِيرًا مِنْ أَهل الْعِلْمِ يذهَبون بِهَذَا إِلى إِبهام الأَمر واستِبهامِه، وَهُوَ إشْكالُه وَهُوَ غلَطٌ. قَالَ: وَكَثِيرٌ مِنْ ذَوي الْمَعْرِفَةِ لَا يميِّزون بَيْنَ المُبْهَم وَغَيْرِ المُبْهَم تَمْيِيزًا مُقْنِعاً، قَالَ: وأَنا أُبيّنه بعَوْن اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ، هَذَا كُلُّهُ يُسمَّى التحريمَ المُبْهَم لأَنه لَا يحلُّ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَلَا سَبَبٍ مِنَ الأَسباب، كالبَهِيم مِنْ أَلوان الْخَيْلِ الَّذِي لَا شِيَةَ فِيهِ تُخالِف مُعْظم لونِه، قَالَ: ولمَّا
سئل ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَلَمْ يُبيِّن اللَّهُ الدُّخولَ بهنَّ أَجاب فَقَالَ: هَذَا مِنْ مُبْهَم التَّحْرِيمِ الَّذِي لَا وَجْهَ فِيهِ غَيْرُ التَّحْرِيمِ، سَوَاءٌ دَخَلْتم بِالنِّسَاءِ أَو لَمْ تَدْخُلوا بِهِنَّ، فأُمَّهات نِسائكم حُرِّمْنَ عَلَيْكُمْ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ
، وأَما قَوْلُهُ: وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ، فالرَّبائبُ هاهنا لسْنَ مِنَ المُبْهمات لأَنَّ لهنَّ وَجْهَيْنِ مُبيَّنَين أُحْلِلْن فِي أَحدِهما(12/58)
وحُرِّمْن فِي الْآخَرِ، فَإِذَا دُخِل بأُمَّهات الرَّبائب حَرُمت الرَّبائبُ، وإِن لَمْ يُدخل بأُمَّهات الرَّبَائِبِ لَمْ يَحْرُمن، فَهَذَا تفسيرُ المُبْهَم الَّذِي أَراد ابنُ عَبَّاسٍ، فَافْهَمْهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا التَّفْسِيرُ مِنَ الأَزهري إِنَّمَا هُوَ للرَّبائب والأُمَّهات لَا للحَلائل، وَهُوَ فِي أَول الْحَدِيثِ
إِنَّمَا جَعل سُؤَالَ ابنِ عَبَّاسٍ عَنِ الحَلائل لَا عَنِ الرَّبَائِبِ.
ولَونٌ بَهِيمٌ: لَا يُخالطه غيرُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ
؛ وَقِيلَ: البَهِيمُ الأَسودُ. والبَهِيمُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي لَا شِيةَ فِيهِ، الذكَر والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَالْجَمْعُ بُهُم مِثْلُ رغِيفٍ ورُغُف. وَيُقَالُ: هَذَا فَرَسٌ جَوَادٌ وبَهِيمٌ وَهَذِهِ فُرْسٌ جَوَادٌ وبَهِيمٌ، بِغَيْرِ هاء، وَهُوَ الَّذِي لَا يُخالط لونَه شَيْءٌ سِوى مُعْظَم لونِه. الْجَوْهَرِيُّ: وَهَذَا فَرَسٌ بَهِيمٌ أَي مُصْمَتٌ. وَفِي حديث
عياش ابن أَبي رَبِيعَةَ: والأَسود البَهيمُ كأَنه مِنْ ساسَمٍ كأَنه المُصْمَتُ
«1»
. الَّذِي لَا يُخالِطُ لونَه لَوْنٌ غيرُه. والبَهيمُ مِنَ النِّعاج: السَّوْداءُ الَّتِي لَا بَيَاضَ فِيهَا، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ بُهْمٌ وبُهُمٌ فأَما قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
يُحْشَر الناسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفاةً عُراةً غُرْلًا بُهْماً
أَي لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، وَيُقَالُ: أَصِحَّاءَ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو البُهْمُ وَاحِدُهَا بَهيم وَهُوَ الَّذِي لَا يخالِط لَونَه لونٌ سِواه مِنْ سَوادٍ كَانَ أَو غَيْرُهُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَمَعْنَاهُ عِنْدِي أَنه أَراد بِقَوْلِهِ بُهْماً يقولُ: لَيْسَ فِيهِمْ شيءٌ مِنَ الأَعراض وَالْعَاهَاتِ الَّتِي تَكُونُ فِي الدُّنْيَا مِنَ العَمى والعَوَر والعَرَج والجُذام والبَرَص وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صُنوف الأَمراض والبَلاءِ، وَلَكِنَّهَا أَجسادٌ مُبْهَمَة مُصَحَّحَة لِخُلود الأَبد، وَقَالَ غَيْرُهُ: لِخُلود الأَبَدِ فِي الْجَنَّةِ أَو النَّارِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير فِي النِّهَايَةِ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: الَّذِي ذَكَرَهُ الأَزهري وَغَيْرُهُ أَجْسادٌ مُصَحَّحة لخُلود الأَبد، وَقَوْلُ ابْنِ الأَثير فِي الْجَنَّةِ أَو فِي النَّارِ فِيهِ نَظَر، وَذَلِكَ أَن الْخُلُودَ فِي الْجَنَّةِ إِنَّمَا هُوَ للنَّعيم المحْضِ، فصحَّة أَجْسادِهم مِنْ أَجل التَّنَعُّم، وأَما الْخُلُودُ فِي النَّارِ فَإِنَّمَا هُوَ لِلْعَذَابِ والتأسُّف والحَسرة، وزيادةُ عذابِهم بِعَاهَاتِ الأَجسام أَتمُّ فِي عُقوبتهم، نسأَل اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْ ذَلِكَ بِكَرَمِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رُوي فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ:
قِيلَ وَمَا البُهْم؟ قَالَ: لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ مِنْ أَعراض الدُّنْيَا وَلَا مِنْ متاعِها
، قَالَ: وَهَذَا يُخَالِفُ الأَول مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. وصَوْتٌ بَهِيم: لَا تَرْجيع فِيهِ. والإِبْهامُ مِنَ الأَصابع: العُظْمى، مَعْرُوفَةٌ مُؤَنَّثَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ تَكُونُ فِي اليَدِ والقدَم، وَحَكَى اللِّحْيَانِي أَنها تذكَّر وتؤنَّثُ؛ قَالَ:
إِذا رأَوْني، أَطال اللَّهُ غَيْظَهُمُ، ... عَضُّوا مِنَ الغَيظِ أَطرافَ الأَباهيمِ
وأَما قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
فَقَدْ شَهدَت قَيْسٌ فَمَا كَانَ نَصْرُها ... قُتَيبةَ، إِلَّا عَضَّها بالأَباهِمِ
فإِنما أَراد الأَباهِيم غَيْرَ أَنه حُذِفَ لأَنَّ القصِيدةَ لَيْسَتْ مُرْدَفَة، وَهِيَ قَصِيدَةٌ مَعْرُوفَةٌ. قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ للإِصْبَع إِبْهامٌ لأَنها تُبْهِم الْكَفَّ أَي تُطْبِقُ عَلَيْهَا. قَالَ: وبَهِيم هِيَ الإِبْهام للإِصبع، قَالَ: وَلَا يُقَالُ البِهامُ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الإِبْهام الإِصْبَع الكُبْرى الَّتِي تَلِي المُسَبِّحةَ، وَالْجَمْعُ الأَباهِيم، وَلَهَا مَفْصِلان. الْجَوْهَرِيُّ: وبُهْمى نَبْت، وَفِي الْمُحْكَمِ: والبُهْمى نَبْت؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ خَيْرُ أَحْرار البُقُولِ رَطْباً وَيَابِسًا وَهِيَ تَنْبُت أَوَّل شَيْءٍ بارِضاً، وَحِينَ تُخْرِجُ مِنَ الأَرض تَنْبت كَمَا يَنْبُت الحَبُّ، ثُمَّ يبلُغ
__________
(1) . قوله [كأنه المصمت] الذي في النهاية: أي المصمت(12/59)
بِهَا النَّبْت إِلى أَن تَصِيرَ مِثْلَ الحَبّ، وَيَخْرُجُ لَهَا إِذا يَبِسَتْ شَوْك مِثْلَ شَوْكِ السُّنْبُل، وإِذا وَقَع فِي أُنوف الغَنَم والإِبل أَنِفَت عَنْهُ حَتَّى يَنْزِعه الناسُ مِنْ أَفواهها وأُنوفِها، فإِذا عَظُمَت البُهْمى ويَبِسَتْ كَانَتْ كَلأً يَرْعاه النَّاسُ حَتَّى يُصِيبه المطَر مِنْ عامٍ مُقْبِل، ويَنْبت مِنْ تحتِه حبُّه الَّذِي سقَط مِنْ سُنْبُله؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: البُهْمى نَبْت تَجِد بِهِ الغنَم وَجْداً شَدِيدًا مَا دَامَ أَخضر، فإِذا يَبِس هَرّ شَوْكُه وامتَنَع، وَيَقُولُونَ لِلْوَاحِدِ بُهْمى، وَالْجَمْعُ بُهْمى؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: البُهْمى تَكُونُ وَاحِدَةً وَجَمْعًا وأَلفها لِلتَّأْنِيثِ؛ وَقَالَ قومٌ: أَلفها للإِلْحاق، وَالْوَاحِدَةُ بُهْماةٌ؛ وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: هَذَا لَا يُعَرَفُ وَلَا تَكُونُ أَلف فُعْلى، بِالضَّمِّ، لِغَيْرِ التَّأْنِيثِ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمى جَمِيماً وبُسْرةً، ... وصَمْعاءَ حَتَّى آنَفَتْها نِصالُها
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: البُهْمى عُقْر الدارِ وعُقارُ الدارِ؛ يُريدون أَنه مِنْ خِيار المَرْتَع فِي جَناب الدَّار؛ وَقَالَ بَعْضُ الرُّواة: البُهْمى ترتفِع نَحْوَ الشِّبْر ونَباتُها أَلْطَف مِنْ نَبات البُرِّ، وَهِيَ أَنْجَعُ المَرْعَى فِي الحافرِ مَا لَمْ تُسْفِ، واحدتُها بُهْماة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قولُ أَهل اللُّغَةِ، وَعِنْدِي أَنّ مَن قَالَ بُهماةٌ فالأَلف مُلْحِقة لَهُ بِجُخْدَب، فإِذا نَزَعَ الْهَاءَ أَحال اعْتِقاده الأَول عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ الأَلف لِلتَّأْنِيثِ فِيمَا بَعْدُ فَيَجْعَلُهَا للإِلْحاق مَعَ تَاءِ التَّأْنِيثِ وَيَجْعَلُهَا لِلتَّأْنِيثِ إِذا فَقَدَ الْهَاءَ. وأَبْهَمَتِ الأَرض، فَهِيَ مبْهِمة: أَنْبَتَت البُهْمَى وكثُر بُهْماها، قَالَ: كَذَلِكَ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وَهَذَا عَلَى النَّسَبِ. وبَهَّم فُلَانٌ بِمَوْضِعِ كَذَا إِذا أَقام بِهِ وَلَمْ يَبْرَحْهُ. وَالْبَهَائِمُ: اسْمُ أَرض، وَفِي التَّهْذِيبِ: البَهائم أَجْبُل بالحِمَى عَلَى لَون وَاحِدٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
بَكَى خَشْرَمٌ لمَّا رأَى ذَا مَعارِكٍ ... أَتى دُونَهُ، والهَضْبَ هَضْبَ البَهائِم
والأَسماءُ المُبْهَمة عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ: أَسماء الإِشارات نَحْوُ قَوْلِكَ هَذَا وَهَؤُلَاءِ وَذَاكَ وأُولئك، قَالَ الأَزهري: الحُروف المُبْهَمة الَّتِي لَا اشتقاقَ لَهَا وَلَا يُعْرف لَهَا أُصول مِثْلَ الَّذِي وَالَّذِينَ وَمَا ومَن وَعَنْ «2»
. وَمَا أَشبهها، والله أَعلم.
بهرم: بَهْرَمَةُ النَّوْر: زَهْرُه؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والبَهْرَمَةُ: عِبادةُ أَهلِ الْهِنْدِ. قَالَ الأَصمعي: الرَّنْفُ بَهْرامَج البرِّ. والبَهْرَم والبَهْرَمان: العُصْفُر، وَقِيلَ: ضرْب مِنَ الْعُصْفُرِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ يَصِفُ نَاقَةً:
كَوْماء مِعْطير كلَوْنِ البَهْرَمِ
وَيْقَالُ للعُصْفر: البَهْرَم والفَغْوُ. وبَهْرَمَ لِحْيَته: حَنَّأَها تحْنِئة مُشْبَعَةً؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَصْبَحَ بالحِنَّاء قَدْ تَبَهْرَما
يَعْنِي رَأْسَهُ أَي شاخَ فَخَضَب. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه غَطَّى وجهَه بقَطيفَة حَمراء أُرْجُوانٍ وَهُوَ مُحْرم
؛ قَالَ: الأُرْجُوان هُوَ الشَّدِيدُ الحُمْرة، وَلَا يُقَالُ لِغَيْرِ الحُمْرة أُرْجُوانٌ. والبَهرَمان دُونَهُ بِشَيْءٍ فِي الحُمْرة، والمُفَدَّمُ المُشْبَع حُمرة، والمُضَرَّجُ دُونَ المُشْبَع، ثُمَّ المُوَرَّدُ بَعْدَهُ. وَفِي
__________
(2) . قوله [ومن وعن] كذا في الأَصل والتهذيب ونسخة من شرح القاموس غير المطبوع، وفي شرح القاموس المطبوع: ومن نحن(12/60)
حَدِيثِ
عُروة: أَنه كَرِه المُفَدَّم للمُحْرِم وَلَمْ يَرَ بالمُضَرَّج المُبَهْرَم بأْساً
، والمُبَهْرَم: المُعَصفر. وبَهْرام: اسْمُ المِرِّيخ؛ وإِيَّاه عَنَى الْقَائِلُ:
أَما تَرَى النَّجْم قَدْ تَوَلَّى، ... وهَمَّ بَهْرام بالأُفُولِ؟
وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَوس:
لَهُ كِبْرِياءُ المُشْتَرِي وسُعُودُهُ، ... وسَوْرَة بَهْرام وظَرْفُ عُطارِدِ
بوم: البُومُ: ذكَر الهامِ، وَاحِدَتُهُ بُومةٌ. قَالَ الأَزهري: وَهُوَ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ. يُقَالُ: بُومٌ بَوّامٌ صَوَّاتٌ. الْجَوْهَرِيُّ: البُومُ والبُومةُ طَائِرٌ يقَع عَلَى الذكَر والأُنثى حَتَّى تَقُولَ صَدىً أَو فَيَّاد، فَيختصّ بِالذَّكَرِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: يُجمع بُومٌ عَلَى أَبْوام؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وأَغْضَف قَدْ غادَرْتُه وادَّرَعْتُه، ... بِمُسْتَنْبَحِ الأَبْوامِ، جَمِّ العَوازِف
فصل التاء
تأم: التَّوْأَمُ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ: الْمَوْلُودُ مَعَ غَيْرِهِ فِي بَطْن مِنَ الِاثْنَيْنِ إِلى مَا زَادَ، ذكَراً كَانَ أَو أُنْثى، أَو ذَكَرًا مَعَ أُنثى، وَقَدْ يُسْتَعَارُ فِي جَمِيعِ المُزْدَوِجات وأَصله ذَلِكَ؛ فأَما قَوْلُهُ:
تَحْسَبه ممَّا بِهِ نِضْوَ سَقَمْ، ... أَو تَوْأَماً أَزْرَى بِهِ ذَاكَ التَّوَمْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِنما أَراد ذَاكَ التَّوْأَم، فخفَّف الْهَمْزَةَ بأَن حَذَفها وأَلقى حَرَكَتُهَا عَلَى السَّاكِنِ الَّذِي قَبْلَهَا كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي الْهَمْزَةِ المتحرِّكة السَّاكِنِ مَا قَبْلَهَا، وَلَا يَكُونُ التَّوَم هنا من ت وم لأَنَّ مَعْنَى التَّوْأَم الَّذِي هو من ت أم قَائِمٌ فِيهِ وكأنَّ هَذَا إِنما يَكُونُ عَلَى الْحَذْفِ كَأَنَّهُ قَالَ وُجودُ ذَلِكَ التَّوْأَم. وَالْجَمْعُ تَوائم وتُؤامٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قالتْ لنَا ودمْعُها تُؤامُ، ... كالدُّرِّ إِذ أَسْلَمَهُ النِّظامُ:
عَلَى الَّذِينَ ارْتَحَلُوا السَّلامُ
وَقَالَ أَبو دُوَادَ:
نَخَلات مِنْ نَخْل نَيْسان أَيْنَعْنَ ... جَمِيعًا، ونَبْتُهُنَّ تُؤام
قَالَ الأَزهري: وَمِثْلُ تُؤام غَنَم رُبابٌ وَإِبِلٌ ظُؤار، وَهُوَ مِنَ الْجَمْعِ الْعَزِيزِ، وَلَهُ نَظَائِرُ قَدْ أُثبتت فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ هَذَا الْكِتَابِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيُقَالُ تَوْأَم للذكَر، وتَوْأَمة للأُنثى، فإِذا جمَعوهما قَالُوا هُمَا تَوْأَمان وَهُمَا تَوْأَمٌ، قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
فجاؤوا بِشَوْشاةٍ مِزاقٍ تَرَى بِهَا ... نُدُوباً، مِنَ الأَنْساعِ، فَذّاً وتَوْأَمَا
وَقَدْ أَتْأَمَتِ الْمَرْأَةُ إِذا وَلَدَتِ اثْنَيْنِ فِي بَطْن وَاحِدٍ، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَتْأَمت الْمَرْأَةُ وَكُلُّ حَامِلٍ وَهِيَ مُتْئِمٌ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ لَهَا عَادَةً فَهِيَ مِتآمٌ. وتاءَمَ أَخاه: وُلِد مَعَهُ، وَهُوَ تِئْمُه وتُؤْمُه وتَئِيمُه؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ فِي الْمَصَادِرِ، والوَلَدان تَوْأَمان. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ وأَم: ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ يُقَالُ هُمَا تَوْأَمان، وَهَذَا تَوْأَم هَذَا، عَلَى فَوْعَل، وَهَذِهِ تَوْأَمةُ هَذِهِ، وَالْجَمْعُ توَائِم مثل قَشْعَم قَشاعِم، وتُؤام عَلَى مَا فُسر فِي عُراق؛ قَالَ حُدَيْرٌ «1»
. عَبْدُ بَنِي قَمِيئة مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ:
قَالَتْ لَنَا ودَمْعُها تُؤَامُ
__________
(1) . قوله [قال حدير إلخ] هكذا في الأَصل وشرح القاموس(12/61)
قَالَ: وَلَا يَمتنع هَذَا مِنَ الْوَاوِ وَالنُّونِ فِي الآدَميِّين كَمَا أَنَّ مؤَنثه يُجْمَعُ بِالتَّاءِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فَلَا تَفْخَرْ فإِنَّ بَنِي نِزَارٍ ... لعَلَّاتٍ، ولَيْسوا تَوْأَمِينا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ تَوْأَم قَوْلُ الأَسلع بْنِ قِصاف الطُّهَوِيّ:
فِداء لقَوْمِي كلُّ مَعْشَرِ جارِمٍ ... طَريدٍ ومَخْذُولٍ بِمَا جَرَّ، مُسْلَمِ
هُمُ أَلْجَمُوا الخَصْم الَّذِي يَسْتَقِيدُني، ... وهُمْ فَصَمُوا حِجْلي، وَهُمْ حَقَنوا دَمِي
بأَيْدٍ يُفَرِّجْنَ المَضِيقَ، وأَلْسُنٍ ... سِلاطٍ، وَجَمْعٍ ذِي زُهاءٍ عَرَمْرَمِ
إِذا شِئت لَمْ تَعْدَم لَدى الْبَابِ منهُمُ ... جَمِيلَ المُحَيَّا، وَاضِحًا غَيْرَ تَوْأَمِ
قَالَ: وَشَاهِدُ تَوْأَمة قَوْلُ الأَخطل بْنِ رَبِيعَةَ:
وَلَيْلَةَ ذِي نَصَب بِتُّها ... عَلَى ظَهْرِ تَوْأَمةٍ ناحِلَهْ
وبَيْني، إِلى أَنْ رأَيت الصَّباح، ... وَمِنْ بَينها الرَّحْل والراحِلَهْ
قَالَ: وَشَاهِدُ تَوائم فِي الْجَمْعِ قَوْلُ المُرَقِّش:
يُحَلَّيْنَ يَاقُوتًا وشَذْراً وصَيْعة، ... وجَزْعاً ظفارِيّاً ودُرّاً تَوائِما «1»
. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَهَبَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ إِلى أَن تَوأَم فَوْعَل مِنَ الوِئام، وَهُوَ المُوافقةُ والمُشاكلةُ، فَقَالَ: هُوَ يُوائمُني أَي يُوافِقُني، فالتَّوْأَمُ عَلَى هَذَا أَصله وَوْأَم، وَهُوَ الَّذِي واءَم غَيْرَهُ أَي وافَقه، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ الأُولى يَاءً، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَوْأَم لِلْآخَرِ أَي مُوافِقه. وَقَالَ اللَّيْثُ: التَّوْأَمُ ولَدان مَعًا، وَلَا يُقَالُ هُمَا تَوْأَمان، وَلَكِنْ يُقَالُ هَذَا تَوْأَم هَذِهِ وَهَذِهِ تَوْأَمَتُه، فإِذا جُمِعَا فَهُمَا تَوْأَم؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَخطأَ اللَّيْثُ فِيمَا قَالَ، وَالْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ، وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَالنَّحْوِيِّينَ الَّذِينَ يُوثَق بعلْمهم، قَالُوا: يُقَالُ لِلْوَاحِدِ تَوْأَمٌ، وَهُمَا توأَمان إِذا وُلِدَا فِي بطْن وَاحِدٍ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
بَطَلٌ كأَنَّ ثيابَه فِي سَرْحَةٍ، ... يُحْذَى نِعالَ السِّبْتِ لَيْسَ بِتَوْأَمِ
قَالَ الأَزهري: وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذَا الْحَرْفَ فِي بَابِ التَّاءِ وأَعَدْت ذِكْرَهُ فِي بَابِ الْوَاوِ لأُعرِّفك أَن التَّاءَ مُبْدَلة مِنَ الْوَاوِ، فالتَّوْأَمُ وَوْأَمٌ فِي الأَصل، وَكَذَلِكَ التَّوْلَجُ فِي الأَصل وَوْلَجٌ، وَهُوَ الكِناس، وَأَصْلُ ذَلِكَ مِنَ الوِئام، وَهُوَ الوِفاق. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يغنِّي غِناء مُتوائماً وافَق بعضُه بَعْضًا وَلَمْ تَخْتَلِفْ أَلحانه؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أَرَى ناقَتي حَنَّتْ بِلَيْلٍ وساقَها ... غِناءٌ، كَنَوْحِ الأَعْجَمِ المُتَوائم
وَفِي حَدِيثِ
عُمَير بْنِ أَفصى: مُتْئم أَو مُفْرِد
؛ المُتئم الَّتِي تَضَع اثْنَيْنِ فِي بطْن، والمُفْرِد: الَّتِي تَلِد وَاحِدًا. وتوائِم النُّجوم: مَا تَشَابَكَ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ تَوائمُ اللُّؤْلُؤِ. وتاءَم الثوبَ: نسَجه عَلَى خَيْطَين. وَثَوْبٌ مِتْآم إِذا كَانَ سَداه ولُحْمَتُه طاقَين طَاقَيْنِ. وَقَدْ تاءَمْتُ مُتاءمةً، عَلَى مُفاعلة، إِذا نَسَجْته عَلَى خَيطَين خَيْطَيْنِ. وأَتْأَمَها أَي أَفْضاها؛ قَالَ عُرْوَةُ
__________
(1) . قوله [وصيعة] هكذا في الأَصل مضبوطاً(12/62)
بْنُ الْوَرْدِ «1» .
أَخَذْتَ وَراءَنا بِذِنابِ عَيْشٍ، ... إِذا مَا الشمسُ قامَتْ لَا تَزُولُ
وكنتَ كلَيْلَةِ الشَّيْباء هَمَّتْ ... بِمَنع الشَّكْرِ، أَتْأَمَها القَبيلُ
وَفَرَسٌ مُتائم: تَأْتِي بِجَرْيٍ بَعد جَرْيٍ؛ قَالَ:
عافِي الرَّقاقِ مِنْهَبٌ مُوائِمُ، ... وَفِي الدَّهاسِ مِضْبَرٌ مُتائمُ
تَرْفَضُّ عَنْ أَرْساغِه الجَرائِمُ
وكلُّ هَذَا مِنَ التَّوْأَم. والتَّوْأَمُ: مِنْ منازلِ الجَوْزاء، وَهُمَا توأَمانِ. والتَّوْأَم: السَّهم مِنْ سِهام المَيْسِر، قِيلَ: هُوَ الثَّانِي مِنْهَا؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: فِيهِ فَرْضان وَلَهُ نَصِيبان إِن فازَ، وَعَلَيْهِ غُرْم نَصيبَين إِن لَمْ يفُزْ. والتَّوْأَماتُ مِنْ مَراكِب النِّسَاءِ: كالمَشاجِرِ لَا أَظْلالَ لَهَا، واحدَتُها تَوْأَمة؛ قَالَ أَبو قِلابة الهُذلي يَذْكُرُ الظُّعْن:
صَفَّا جَوانحَ بَيْنَ التَّوْأَماتِ، كَمَا ... صَفَّ الوُقوعَ حَمامُ المشْرَبِ الْحَانِي
قَالَ: والتَّوْأَمُ فِي أَكْثَرِ مَا ذكرتُ الأَصل فِيهِ وَوْأَمٌ. والتَّوْأَمانِ: نَبْت مُسْلَنْطح. والتَّوْأَمانِ: عُشْبَة صَغِيرَةٌ لَهَا ثمَرة مثلُ الكَمُّون كثيرةُ الْوَرَقِ، تَنْبُت فِي القِيعان مُسْلَنْطِحة، وَلَهَا زَهْرة صَفراء؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والتِّئمَةُ: الشَّاةُ تكونُ للمرأَة تَحْتَلِبها، والإِتْآم ذَبْحها. وتُؤام، مِثْلُ تُعَام: مَدِينَةٌ مِنْ مُدُن عُمَان يقَع إِليها اللُّؤْلُؤُ فيُشْترى مِنْ هُنَالِكَ. والتُّؤَامِيَّة، مِثْلُ التُّعامِيَّة، والتُّوآمِيَّة، مِثْلُ التُّوعامِيَّة: اللُّؤْلُؤُ. الْجَوْهَرِيُّ: تُؤَام قصَبَة عُمَان «2» مِمَّا يَلي الساحِل وينسَب إِليها الدُّرُّ؛ قَالَ سُويد:
كالتُّؤامِيَّة إِن باشَرْتَها، ... قَرَّتِ العينُ وطابَ المُضْطَجَعْ
التُّؤامِيَّة: الدُّرة نسَبها إِلى التُّؤام. قَالَ الأَصمعي: التُّؤَام مَوْضِعٌ بِالْبَحْرَيْنِ مَغاص، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: ساحِل عُمان، وَيُقَالُ: قَرْيَةٌ لِبَنِي سَامَةَ بْنِ لُؤَي، وَقَالَ النَّجِيرَمِيُّ: الَّذِي عِنْدِي أَنَّ التُّؤَامِية مَنْسُوبَةٌ إِلى الصَّدَف والصَّدَف كُلُّهُ تُؤام كَمَا قَالُوا صَدَفِيَّة، وَلَمْ نَرُدّه إِلى الْوَاحِدِ فَنَقُولُ تَوْأَمِيَّة لِلضَّرُورَةِ. وَفِي تَرْجَمَةِ تُومَ: فِي الْحَدِيثِ:
أَتَعْجِزُ إِحداكنَّ أَن تَتَّخِذ تُومَتَين؟
قَالَ: مَن رَوَاهُ «3» تَوْأَمِيَّة فَهُمَا درَّتان للأُذنين إحداهما تَوْأَمة الأُخْرى. وتَوْأَم وتَوْأَمة: اسْمَانِ.
تحم: الأَتْحَمِيُّ: ضرْب مِنَ البُرود؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَمْسَى كَسَحْقِ الأَتْحَمِيِّ أَرْسُمُهْ
وَقَالَ الشاعر:
__________
(1) . قوله [قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ] مثله في الصحاح، وتعقبه الصاغاني بأن البيت الثاني ليس لعروة بن الورد، وهو غير مرويّ في ديوانه
(2) . قوله [الْجَوْهَرِيُّ تُؤَامُ قَصَبَةُ عُمَانَ إلخ] هكذا في الأَصل، ولعل المؤلف وقعت له نسخة صحيحة من الصحاح كما وقع لشارح القاموس فإِنه نبه على ذلك لما اعترض المجد على الجوهري حيث وقعت له نسخة سقيمة فقال: وكغراب بلد على عشرين فرسخاً من قصبة عمان وموضع بالبحرين، ووهم الجوهري في قوله توأم كجوهر وفي قوله قصبة عمان
(3) . قوله [من رواه إلخ] هذا ليس برواية في الحديث بل أحد احتمالين للأَزهري في تفسير الحديث كما نقله عنه في مادة توم وعبارته هناك: ومن قال توأمية إلخ. وانظرها هناك فما هنا تحريف(12/63)
وَعَلَيْهِ أَتْحَمِيٌّ، ... نَسْجُه مِنْ نَسْج هَوْرَمْ
«1» . غَزلَتْه أُمُّ حِلْمِي، ... كُلَّ يومٍ وَزْنَ دِرْهَمْ
وَقَالَ:
وصَهْوَتُه مِنْ أَتْحَمِيّ مُشَرْعَبِ
وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ رَسْماً:
أَصْبَح مِثْلَ الأَتْحَمِيِّ أَتْحَمُهْ
أَراد أَصبح أَتْحَمِيُّه كَالثَّوْبِ الأَتْحَمِيِّ وَهِيَ أَيضاً المُتْحَمةُ والمُتَحَّمة. وَقَدْ أَتْحمت البُرودَ إتْحاماً، فَهِيَ مُتْحَمة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
صَفْراءَ مُتْحَمةً حِيكَتْ نَمانِمُها ... مِنَ الدِّمَقْسِيِّ، أَو مِنْ فَاخِرِ الطُّوطِ
الطُّوطُ: القُطْن؛ وَقَالَ أَبو خِرَاشٍ:
كأَنَّ المُلاءَ المَحْضَ، خَلْفَ ذِراعِه، ... صُراحِيُّهُ والآخِنِيّ المُتَحَّمُ
وَيُقَالُ: تَحَّمْت الثوبَ إِذا وَشَّيْته. وَفَرَسٌ مُتَحَّمُ اللَّوْن إِلى الشُّقرة: كأَنه شُبِّهَ بالأَتْحَمِيِّ مِنَ الْبُرُودِ، وَهُوَ الأَحْمر، وَفَرَسٌ أَتْحَمِيُّ اللَّون. وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: التَّحَمةُ البُرود المخطَّطة بالصُّفْرة. أَبو عَمْرٍو: التاحِمُ الحائكُ.
تخم: التُّخومُ: الفَصْل بَيْنَ الأَرضَيْن مِنَ الْحُدُودِ والمَعالِم، مُؤَنَّثَةٌ؛ قَالَ أُحَيْحة بْنُ الجُلاح، وَيُقَالُ هُوَ لأَبي قَيْسِ بْنِ الأَسلت:
يَا بَنِيَّ التُّخومَ لَا تَظْلِموها، ... إِنَّ ظُلْمَ التُّخوم ذُو عُقَّالِ
والتَّخْمُ: مُنْتَهَى كُلِّ قَرْية أَو أَرض؛ يُقَالُ: فُلَانٌ عَلَى تَخْم مِنَ الأَرْض، وَالْجَمْعُ تُخوم مِثْلُ فَلْس وفُلوس. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تُخومها حُدودُها، أَلا تَرَى أَنه قَالَ لَا تَظْلِموها وَلَمْ يَقُلْ لَا تَظْلِمُوهُ؟ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو يَقُولُ هي تُخومُ الأَرض، وَالْجَمْعُ تُخُم، وَهِيَ التُّخوم أَيضاً عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ وَلَا يُفْرَدُ لَهَا وَاحِدٌ، وَقَدْ قِيلَ: وَاحِدُهَا تَخْم وتُخْم، شَامِيَّةٌ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَلْعون مَنْ غَيَّر تُخومَ الأَرض.
أَبو عُبَيْدٍ: التُّخومُ هاهنا الحُدود والمَعالِمُ، وَالْمَعْنَى مِنْ ذَلِكَ يَقَعُ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحدهما أَن يَكُونَ ذَلِكَ فِي تَغْيِيرِ حُدود الحَرم الَّتِي حَدَّها إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَالْمَعْنَى الْآخَرُ أَنْ يَدْخُل الرجلُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مِنَ الأَرض فيَقْتَطِعه ظُلْمًا، فَقِيلَ: أَراد حُدودَ الحَرم خاصَّة، وَقِيلَ: هُوَ عامٌّ فِي جَمِيعِ الأَرض، وأَراد المَعالم الَّتِي يُهْتدى بِهَا فِي الطَّرِيقِ، وَيُرْوَى تَخُوم، بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الإِفراد، وَجَمْعُهُ تُخُم، بِضَمِّ التَّاءِ وَالْخَاءِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ السُّلَميّ التَّخُومة، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ:
وإِن أَفْخَرْ بمَجْدِ بَني سُلَيْم، ... أَكُنْ مِنْهَا التَّخُومةَ والسَّرارا
وإِنه لَطيِّب التُّخُوم والتَّخُوم أَي السُّعُوف يَعْنِي الضَّرائب. اللَّيْثُ: التُّخوم مَفْصِل مَا بَيْنَ الكُورَتَيْن والقَرْيَتَيْن، قَالَ: وَمُنْتَهَى أَرض كُلِّ كُورة وقَرْية تُخومها، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ هَذِهِ الأَرض تُتاخِم أَرض كَذَا أَي تُحادُّها، وبِلاد عُمان تُتاخِم بلاد
__________
(1) . قوله [من نسج هورم] هكذا في الأَصل بالراء ومثله فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ، وفي بعضها هوزم بالزاي. وقوله: أُم حلمي، في الأَصل بالحاء وفي نسخ الصحاح بالخاء(12/64)
الشَّحْر. وَقَالَ غَيْرُهُ: وتُطاخِم، بَالطَّاءِ، بِهَذَا الْمَعْنَى لُغَةٌ، قَلَبَتِ التَّاءَ طَاءً لِقُرْبِ مُخْرِجِهِمَا، والأَصل التُّخومُ وَهِيَ الحُدود، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ التُّخومُ مَضْمُومَةٌ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هِيَ التَّخوم الْعَلَامَةُ؛ وأَنشد:
يَا بَنيَّ التَّخُومَ لَا تَظْلِموها
ومَن رَوَى هَذَا الْبَيْتَ التُّخوم فَهُوَ جَمْعُ تَخْم، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَصحاب الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُونَ هِيَ التَّخوم، بِفَتْحِ التَّاءِ، وَيَجْعَلُونَهَا وَاحِدَةً، وأَما أَهل الشَّامِ فَيَقُولُونَ التُّخوم، وَيَجْعَلُونَهَا جَمْعًا، وَالْوَاحِدُ تَخْم. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ تَخوم وتُخوم وزَبور وزُبور وعَذوب وعُذوب فِي هَذِهِ الأَحرف الثَّلَاثَةِ، قَالَ: وَلَمْ يُعْلَمْ لَهَا رَابِعٌ، وَالْبَصْرِيُّونَ يَقُولُونَ تُخوم، بِالضَّمِّ، وَالْكُوفِيُّونَ يَقُولُونَ تَخُوم، بِالْفَتْحِ وَقَالَ كُثَيِّر فِي التُّخوم، بِالضَّمِّ:
وعُلَّ ثَرى تِلْكَ الحَفيرةِ بالنَّدى، ... وبُورِكَ مَن فِيهَا وطابَتْ تُخومُها
قَالَ: وَيُرْوَى وَطَابَ تَخُومها؛ وَقَالَ ابْنُ هَرْمة فِي التُّخُوم أَيضاً:
إَذا نَزلوا أَرضَ الحَرام تَباشَرَتْ، ... بِرُؤْيَتِهم، بَطْحاؤها وتُخُومُها
وَيُرْوَى: وتَخُومها، بِالْفَتْحِ أَيضاً؛ وأَنشد ابْنُ دُريد للمنذر بْنِ وَبَرَةَ الثَّعْلَبِيِّ:
وَلَهُمْ دانَ كلُّ مَن قَلَّت العَيْرُ ... بنَجْدٍ إِلى تُخوم العِراقِ
قَالَ: العَيْرُ هُنَا البَصَر، وَيُقَالُ: اجْعَلْ هَمَّك تُخوماً أَي حَدّاً تَنْتَهِي إِليه وَلَا تُجَاوِزُهُ؛ وَقَالَ أَبو دُواد:
جَاعِلًا قَبْرَه تُخوماً وقد جرْرَ ... العَذارى عَلَيْهِ وَافِي الشَّكِيرِ
قَالَ شَمِرٌ: أَقْرَأَني ابنُ الأَعرابي لِعُدَيِّ بْنِ زَيْدٍ:
جاعِلًا سِرَّك التُّخومَ، فَمَا أَحْفِلُ ... قَوْلَ الوُشاةِ والأَنْذالِ «2»
. قَالَ: التُّخومُ الْحَالُ الَّذِي تُرِيدُهُ. وأَما التُّخَمةُ مِنَ الطَّعَامِ فأَصلها وُخَمة، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ترم: ابْنُ الأَعرابي: التَّريمُ مِنَ الرِّجَالِ المُلَوَّث بالمَعايب والدَّرَن، قَالَ: والتَّريمُ المُتواضِع لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. والتَّرَمُ: وجَع الخَوْران. وتِرْيَم: مَوْضِعٌ؛ قَالَ النَّمَريُّ:
أَتيتُ الزِّبْرِقانَ فَلَمْ يُضِعْني، ... وضَيَّعَني بتِرْيَم مَن دَعاني
قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَقَالَ تِرْيَم فِعْيَل كحِذْيم وطِرْيم، وَلَا يَكُونُ فِعْلَل كدِرْهَم لأَن الْيَاءَ وَالْوَاوَ لَا يَكُونَانِ أَصلا فِي ذَوَاتِ الأَربعة، فأَما وَرَنْتَل فَشَاذٌّ؛ الْجَوْهَرِيُّ: تَرْيَم مَوْضِعٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
هلْ أُسْوَةٌ ليَ فِي رِجالٍ صُرِّعُوا ... بِتِلاعِ تَرْيَمَ هامُهُمْ لَمْ تُقْبَر؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وتَرْيم وَادٍ قُرْبَ النَّقِيع «3» ، قال:
__________
(2) . قوله [جاعلًا سرك إلخ] هكذا في الأَصل، والذي في التكملة: جاعل همك بالرفع
(3) . قوله [وَتَرْيَمُ وَادٍ قُرْبَ النَّقِيعِ] قال شارح القاموس: قرأت في كتاب نصر هو بالحجاز واد قريب من ينبع وقيل دوين مدين وأيضاً موضع في بادية البصرة انتهى فحينئذ قول ابن بري قرب النقيع تصحيف فإِن النقيع من أودية المدينة(12/65)
ورأَيته بِخَطِّ الْقَزَّازِ تَرْيَم، بِفَتْحِ التَّاءِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: وَالصَّوَابُ تِرْيَم مِثْلُ عِثْير، قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْيَل غَيْرُ ضَهْيَد، قَالَ: وَلَا يَصْحُّ فَتْحُ التَّاءِ مِنْ تِرْيم إِلا أَن يَكُونَ وَزْنُهَا تَفْعَل، قَالَ: وَهَذَا الْوَجْهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، والأَول أَظهر.
ترجم: التُّرْجُمانُ والتَّرْجَمان: المفسِّر لِلِّسَانِ. وَفِي حَدِيثِ
هِرَقْلَ: قَالَ لتُرْجُمانه
؛ التُّرْجُمَانُ، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ: هُوَ الَّذِي يُتَرْجِم الْكَلَامَ أَي يَنْقُلُهُ مِنْ لُغَةٍ إِلى لُغَةٍ أُخرى، وَالْجَمْعُ التَّراجِم، وَالتَّاءُ وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ، وَقَدْ تَرْجَمه وتَرْجَم عَنْهُ، وتَرْجُمان هُوَ مِنَ المُثُل الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا سِيبَوَيْهِ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما تَرْجُمان فَقَدْ حَكَيْتُ فِيهِ تُرْجُمان بِضَمِّ أَوله، وَمِثَالُهُ فُعْلُلان كعُتْرُفان ودُحْمُسان، وَكَذَلِكَ التَّاءُ أَيضاً فِيمَنْ فَتَحها أَصلية، وإِن لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ جَعْفُر لأَنه قَدْ يَجُوزُ مَعَ الأَلف وَالنُّونِ مِنَ الأَمثلة مَا لَوْلَاهُمَا لَمْ يَجُزْ كعُنْفُوان وخِنْذِيان ورَيْهُقان، أَلا تَرَى أَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعْلُو وَلَا فِعْلي ولا فَيْعُل؟
تغلم: ابْنُ سِيدَهْ: تَغْلَمُ مَوْضِعٌ وَلَيْسَ لَهُ اشْتِقَاقٌ فأَقضي عَلَى التَّاءِ بِالزِّيَادَةِ؛ وَقَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:
دِيار لِشَعْثاء الفُؤاد وتِرْبها، ... ليَاليَ تَحْتَلّ المَراض فَتَغْلَما
قَالَ مُفَسِّرُهُ: هُمَا تَغْلَمان جبلان فأَفرد للضرورة.
تقدم: تَقْدَم: اسْمٌ كَأَنَّهُ يُعنى به القَدَم.
تكم: تُكْمَةُ: بنْتُ مُرٍّ وهي أُمُّ السُّلَمِيِّين.
تلم: التَّلَمُ: مشَقُّ الكِراب فِي الأَرض، بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ وأَهل الغَوْر، وَقِيلَ: كُلُّ أُخْدُودٍ مِنْ أَخاديد الأَرض، وَالْجَمْعُ أَتْلامٌ، وَهُوَ التِّلامُ وَالْجَمْعُ تُلُم، وَقِيلَ: التِّلامُ أَثَرُ اللُّومَةِ فِي الأَرض، وَجَمْعُهَا التُّلُم. واللُّومَةُ: الَّتِي يُحْرَثُ بِهَا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: التَّلَم خَطُّ الْحَارِثِ، وَجَمْعُهُ أَتْلامٌ. والعَنَفَةُ: مَا بَيْنَ الخَطَّين، والسَّخْلُ: الخَطُّ، بِلُغَةِ نَجْران. والتِّلامُ والتَّلام جَمِيعًا فِي شِعْرِ الطِّرمَّاح الصاغةُ، وَاحِدُهُمْ تِلْم، وَقِيلَ: التِّلام، بِالْكَسْرِ، الحِمْلاجُ الَّذِي يُنفَخ فِيهِ، والتَّلامُ، بِالْفَتْحِ، التَّلاميذُ الَّتِي تنفُخ فِيهَا مَحْذُوفٌ؛ وأَنشد:
كالتَّلامِيذِ بأَيْدي التِّلامِ
قَالَ: يُرِيدُ بالتُّلْمُوذ الحُمْلُوجَ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَما الرُّواة فَقَدْ رَوَوْا هَذَا الْبَيْتَ للطِّرمَّاح يَصِفُ بَقَرَةً:
تَتَّقِي الشمسَ بِمَدْرِيَّةٍ، ... كالحَاليج بأَيدي التِّلامي
وَقَالَ: التِّلامُ اسْمٌ أَعْجَمِي ويُراد بِهِ الصَّاغَةُ، وَقِيلَ: غِلْمان الصَّاغَةِ، يُقَالُ: هُوَ بِالْكَسْرِ يُقْرأُ «1» . بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْقَافِيَةِ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بأَيدي التَّلامْ، فَمَنْ رَوَاهُ التَّلامِي، بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِثْبَاتِ الْيَاءِ، أَراد التَّلامِيذ يَعْنِي تَلاميذَ الصَّاغة، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو؛ وَقَالَ: حَذَفَ الذَّالَ مِنْ آخِرِهَا كَقَوْلِ الْآخَرِ:
لَهَا أَشارِيرُ مِنْ لَحْم تُتَمِّرهُ ... مِنَ الثَّعالي، ووَخْزٌ مِنْ أَرانِيها «2»
. أَراد مِنَ الثعالِب وَمِنْ أَرانِبِها، وَمَنْ رَوَاهُ بأَيدي التِّلامْ، بِكَسْرِ التَّاءِ، فإِن أَبا سَعِيدٍ قَالَ: التِّلْم
__________
(1) . قوله [يقرأ] في التكملة: يروى، وهو أنسب بما بعده
(2) . قوله [تتمره] هكذا في الأَصل، والذي في التكملة: متمرة(12/66)
الغُلام، قَالَ: وَكُلُّ غلامٍ تِلْم، تِلْمِيذًا كَانَ أَو غَيْرَ تِلْميذ، وَالْجَمْعُ التِّلام. ابْنُ الأَعرابي: التِّلامُ الصَّاغَةُ، والتِّلامُ الأَكَرَةُ. قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: قَالَ اللَّيْثُ إِن بَعْضَهُمْ قَالَ: التَّلاميذ الحَماليجُ الَّتِي يُنفَخ فِيهَا، قَالَ: وَهَذَا بَاطِلٌ مَا قَالَهُ أَحدٌ؛ والحَماليِجُ، قَالَ شَمِرٌ: هِيَ مَنافِخُ الصَّاغَةِ الحديديَّة الطِّوال، وَاحِدُهَا حُمْلوج، شبَّه الطِّرمَّاح قَرْن البَقرة الوحشيَّة بِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: التَّلامي التَّلَامِيذُ، سَقَطَتْ مِنْهُ الذَّالُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ التَّلام، بِفَتْحِ التَّاءِ، فِي شِعْرِ غَيْلان بْنُ سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ:
وسِرْبال مُضاعَفَة دِلاصٍ ... قَدْ أحْرَزَ شَكَّها صُنْعُ التَّلامِ
وَيُرْوَى التِّلام جَمْعُ تِلْم، وهم الصاغة.
تمم: تَمَّ الشَّيْءُ يَتِمُّ تَمّاً وتُمّاً وتَمامةً وتَماماً وتِمامةً وتُماماً وتِماماً وتُمَّة وأَتَمَّه غَيْرُهُ وتَمَّمَه واسْتَتَمَّه بِمَعَنًى، وتَمَّمَه اللَّهُ تَتْميماً وتَتِمَّةً، وتَمامُ الشَّيْءِ وتِمامَتُه وتَتِمَّتُه: مَا تَمَّ بِهِ. قَالَ الْفَارِسِيُّ: تَمامُ الشَّيْءِ مَا تمَّ بِهِ، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ؛ يَحْكِيهِ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وأَتمَّ الشيءَ وتَمَّ بِهِ يَتِمُّ: جَعَلَهُ تَامًّا؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِنْ قلتَ يَوْمًا نَعَمْ بَدْأً، فَتِمَّ بِهَا، ... فإِنَّ إمْضاءَها صِنْف مِنَ الكَرَم
وَفِي الْحَدِيثِ
أَعوذ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التامَّاتِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: إِنما وَصَفَ كَلَامَهُ بِالتَّمَامِ لأَنه لَا يَجُوزُ أَن يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِ نَقْص أَو عَيْبٌ كَمَا يَكُونُ فِي كَلَامِ النَّاسِ، وَقِيلَ: مَعْنَى التَّمام هاهنا أَنها تنفَع المُتَعَوِّذ بِهَا وتَحْفَظه مِنَ الْآفَاتِ وتَكْفيه. وَفِي حَدِيثِ دُعاء الأَذان:
اللهمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوة التامَّة
؛ وصَفَها بالتَّمام لأَنها ذِكْر اللَّهِ ويُدْعَى بِهَا إِلى عِبادته، وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يستحِق صِفَة الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ. وتَتِمَّة كُلِّ شَيْءٍ: مَا يَكُونُ تَمام غَايَتِهِ كَقَوْلِكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ تَمَامُ هَذِهِ الْمِائَةِ وتَتِمَّة هَذِهِ الْمِائَةِ. والتِّمُّ: الشَّيْءُ التامُّ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ فَعمِل بِهِنَّ، وَالْكَلِمَاتُ عَشْر مِنَ السُّنَّة: خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ، وخَمْسٌ فِي الجَسد، فَالَّتِي فِي الرَّأْسِ: الفَرْق وقَصُّ الشَّارِبِ والمَضْمَضةُ والاسْتِنْشاقُ والسِّواكُ، وَأَمَّا الَّتِي فِي الجسَد فالخِتانةُ وحَلْقُ العانةِ وتَقْليمُ الأَظفار ونتفُ الرُّفْغَيْن والاستِنْجاءُ بِالْمَاءِ. وَيُقَالُ: تَمَّ إِلى كَذَا وَكَذَا أَي بَلغه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
لَمَّا دَعَوْا يالَ تَمِيمٍ تَمُّوا ... إِلى المَعالي، وبهنَّ سُمُّوا
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: إِن تَمَمْتَ عَلَى مَا تُرِيدُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ مُخَفَّفاً وَهِيَ بِمَعْنَى الْمُشَدَّدِ. يُقَالُ: تَمَّ عَلَى الأَمر وتَمَمَ عَلَيْهِ، بإِظهار الإِدغام، أَي استمرَّ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
تَتامَّتْ إِليه قُرَيش
أَي أَجابته وجاءَتْه مُتوافِرة مُتَابعة. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ
؛ قِيلَ: إتْمامهما تَأدِيةُ كلِّ مَا فِيهِمَا مِنَ الْوُقُوفِ والطَّواف وَغَيْرِ ذَلِكَ. ووُلِدَ فُلَانٌ لِتَمامٍ «1» ولِتِمام، بِالْكَسْرِ. وليلُ التِّمامِ، بِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ، أَطول مَا يَكُونُ مِنَ ليَالي الشِّتاء؛ وَيُقَالُ: هِيَ ثَلَاثُ لَيَالٍ لَا يُسْتَبان زيادتُها مِنْ نُقْصانها، وَقِيلَ: هِيَ إِذا بَلَغَت اثنَتَيْ عَشْرة سَاعَةً فَمَا زَادَ؛ قَالَ امْرُؤُ القَيس:
فَبِتُّ أُكابِدُ لَيْلَ التِّمامِ، ... والقَلْبُ مِنْ خَشْيَةٍ مُقْشَعِر
__________
(1) . قوله [وولد فلان لتمام إلخ] عبارة القاموس: وولدته لتم وتمام ويفتح الثاني(12/67)
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عنها، أَنها قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ.، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُومُ الليلةَ التِّمام فيقرأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلَ عِمْرَانَ وَسُورَةَ النساء ولا يَمرُّ بِآيَةٍ إِلّا دَعَا اللَّهَ فِيهَا
؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: لَيْلُ التِّمام أَطول مَا يَكُونُ مِنَ اللَّيْلِ، وَيَكُونُ لِكُلِّ نجْم هَوِيّ مِنَ اللَّيْلِ يَطْلُع فِيهِ حَتَّى تَطْلُع كُلُّهَا فِيهِ، فَهَذَا لَيْلُ التِّمام. وَيُقَالُ: سَافَرْنَا شَهْرَنَا لَيْلَ التِّمام لَا نُعَرِّسُه، وَهَذِهِ لَيَالِي التِّمام، أَي شَهْراً فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. الأَصمعي: لَيْلُ التِّمام فِي الشِّتَاءِ أَطول مَا يَكُونُ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ: ويَطُول لَيْلُ التِّمام حَتَّى تَطْلُع فِيهِ النُّجوم كُلُّهَا، وَهِيَ لَيْلَةُ مِيلَادِ عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَالنَّصَارَى تعظِّمُها وَتَقُومُ فِيهَا. حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ أَنه قَالَ: لَيْلٌ تِمام إِذا كَانَ اللَّيْلُ ثلاثَ عَشْرَةَ سَاعَةً إِلى خَمْسَ عَشْرَةَ سَاعَةٍ. وَيُقَالُ لِلَّيْلَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَتِمُّ فِيهَا الْقَمَرُ لَيْلَةُ التَّمام، بِفَتْحِ التَّاءِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: ليلُ التِّمام سِتَّةُ أَشهر: ثَلَاثَةُ أَشهر حِينَ يَزِيدُ عَلَى ثنتَيْ عشْرة سَاعَةٍ، وَثَلَاثَةِ أَشهر حِينَ يَرْجِع، قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: كُلُّ لَيْلَةٍ طَالَتْ عَلَيْكَ فَلَمْ تَنَمْ فِيهَا فَهِيَ لَيْلَةُ التِّمام أَو هِيَ كَلَيْلَةِ التِّمام. وَيُقَالُ: ليلٌ تِمامٌ وليلُ تِمام، عَلَى الإِضافة، وليلُ التِّمام وليلٌ تِمامِيٌّ أَيضاً؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تِمامِيّاً، كأَنَّ شَآمِياتٍ ... رَجَحْنَ بِجانِبَيْه من الغُؤُور
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: لَيْلَةُ السَّواء لَيْلَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَفِيهَا يَسْتوي الْقَمَرُ، وَهِيَ لَيْلَةُ التَّمام. وَلَيْلَةُ تَمامِ الْقَمَرِ، هَذَا بِفَتْحِ التَّاءِ، والأَول بِالْكَسْرِ. وَيُقَالُ: رُئِيَ الْهِلَالُ لتِمِّ الشَّهْرِ، وَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ لِتِمّ وتِمام وتَمامٍ إِذا أَلْقَتْه وَقَدْ تَمَّ خَلْفه. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ الأَصمعي: ولدَتْه للتَّمام، بالأَلف وَاللَّامِ، قَالَ: وَلَا يَجيء نكِرةً إِلّا فِي الشِّعْرِ. وأَتَمَّت الْمَرْأَةُ، وَهِيَ مُتِمٌّ: دَنَا وِلادُها. وأَتَمَّت الحُبْلى، فَهِيَ مُتِمٌّ إِذا تَمَّت أَيامُ حَمْلِها. وَفِي حَدِيثِ
أَسماء: خرجْت وأَنا مُتِمٌ
؛ يُقَالُ: امرأَة مُتِمٌّ لِلْحَامِلِ إِذا شارَفَتِ الوَضْع، ووُلِد المَوْلود لِتَمامِ وتِمامٍ. وأَتَمَّت النَّاقَةُ، وَهِيَ مُتِمٌّ: دَنَا نِتَاجُهَا. وأَتَمَّ النَّبْتُ: اكْتَهل. وأَتَمَّ القمرُ: امْتلأَ فبَهَر، وَهُوَ بدْرُ تَمامٍ وتِمامٍ وبدرٌ تَمامٌ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وُلِد الْغُلَامُ لِتِمٍّ وتِمامٍ وبدرُ تِمامٍ وَكُلُّ شَيْءٍ بَعْدَ هَذَا فَهُوَ تَمامٌ، بِالْفَتْحِ. غَيْرُهُ: وقمرُ تَمامٍ وتِمامٍ إِذا تَمَّ لَيْلَةَ البَدْر. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَماما عَلَى المُحْسِن، أَراد تَماماً مِنَ اللَّهِ عَلَى المُحْسِنين، وَيَجُوزُ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحسنه مُوسَى مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ واتِّباع أَمره، وَيَجُوزُ تَماماً عَلَى الَّذِي هُوَ أَحسن الأَشياء، وتَماماً مَنْصُوبٌ مَفْعُولٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ وتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ؛ الْمَعْنَى: آتَيْنَاهُ لِهَذِهِ العِلَّة أَي للتَّمام والتَّفصيل؛ قَالَ: وَالْقِرَاءَةُ عَلَى الْذِي أَحسَنَ، بِفَتْحِ النُّونِ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَحسنُ عَلَى إِضْمَارِ الَّذِي هُوَ أَحسنُ، وأَجاز القُراءُ أَن يَكُونَ أَحسَن فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ، وأَن يَكُونَ مِنْ صِفَةِ الَّذِي، وَهُوَ خطأٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ لأَنهم لَا يُعَرِّفُونَ الَّذِي إِلَّا مَوْصُولَةً وَلَا تُوصَف إِلا بَعْدَ تَمَامِ صِلَتها. والمُسْتَتِمُّ فِي شِعر أَبي دُواد: هُوَ الَّذِي يَطْلُبُ الصُّوفَ والوَبَرَ لِيُتِمَّ بِهِ نَسْجَ كِسائه، والمَوْهوب تُمَّةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ عَنْ أَبي زَيْدٍ، وَالْجَمْعُ تِمَمٌ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الجِزَّة مِنَ الصُّوف أَو الشعَر أَو الوَبَر؛ وَبَيْتُ أَبي دُوَادَ هُوَ قَوْلُهُ:(12/68)
فَهْيَ كالبَيْضِ، فِي الأَداحِيّ، لَا يُوهَبُ ... مِنْهَا لِمُسْتَتِمٍّ عِصامُ
أَي هَذِهِ الإِبل كالبَيْض فِي الصِّيانة، وَقِيلَ فِي المَلاسة لَا يُوهب مِنْهَا لمُسْتَتِمّ أَي لَا يُوجد فِيهَا مَا يُوهَب لأَنها قَدْ سَمِنت وأَلْقَت أَوْبارَها؛ قَالَ: والمُسْتَتِمُّ الَّذِي يطلُب التُّمَّةَ، والعِصامُ: خَيْطُ القِرْبة. والمُتَتَمِّمُ: المتكسِّر؛ قَالَ الشَّاعِرُ
إِذا مَا رَآهَا رُؤيةً هِيضَ قَلْبه ... بِهَا، كانْهِياضِ المُتْعَب المُتَتَمِّمِ
وتَمَّمَ عَلَى الجَريح: أَجْهَزَ. وتَمَّ عَلَى الشَّيْءِ: أَكمله؛ قَالَ الأَعشى:
فتَمَّ عَلَى مَعْشوقَةٍ لَا يَزيدُها ... إِليه، بَلاءُ السُّوءِ، إِلَّا تَحبُّبا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَباتَ بجَمْعٍ ثُمَّ ثابَ إِلى مِنىً، ... فأَصْبَحَ رَأْداً يَبْتَغِي المَزْجَ بالسَّحْل
قَالَ: أَراه يَعْنِي «1» . بتَمَّ أَكْمَل حَجَّه. واسْتَتَمَّ النِّعْمة: سأَل إِتْمامها. وَجَعَلَهُ تِمّاً أَي تَماماً. وجعلْته لَكَ تِمّاً أَي بِتَمامه. وتَمَّمَ الكَسْر فَتَمَّمَ وتَتَمَّم: انصَدَعَ وَلَمْ يَبِنْ، وَقِيلَ: إِذا انصَدَعَ ثُمَّ بانَ. وَقَالُوا: أَبى قائلُها إِلَّا تَمّاً وتُمّاً وتِمّاً، ثَلَاثُ لُغَاتٍ، أَي تَماماً، وَمَضَى عَلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ، وَالْكَسْرُ أَفصح؛ قَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائصٍ ... جُدّاً، تَعاوَرَه الرياحُ وَبيلًا
بائصٍ: بعيدٍ شاقٍّ، ووَبِيلًا: وَخِيماً. والتَّمِيمُ: الطويلُ؛ وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجِ:
لَمَّا دَعَوْا يَالَ تَمِيمٍ تَمُّوا
والتَّمِيمُ: التامُّ الخلْق. والتَّمِيمُ: الشادُّ الشديدُ. والتَّميمُ: الصُّلْب؛ قَالَ:
وصُلْب تَمِيم يَبْهَرُ اللِّبْدَ جَوْزُه، ... إِذا مَا تَمَطَّى فِي الحِزام تَبَطَّرا
أَي يَضيق عَنْهُ اللِّبْد لتَمامه، وَقِيلَ: التَّمِيمُ التامُّ الخلْقِ الشَّدِيدُهُ مِنَ النَّاسِ والخَيْل. وَفِي حَدِيثِ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسار: الجَذَعُ التامُّ التِّمُّ يُجْزئ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ تِمٌّ وتَمٌّ بِمَعْنَى التامِّ، وَيُرْوَى الجَذَع التامُّ التَّمَمُ، فالتامُّ الَّذِي اسْتَوْفَى الْوَقْتَ الَّذِي يسمَّى فِيهِ جَذَعاً وبَلغ أَن يسمَّى ثَنِيّاً، والتَّمَمُ التامُّ الخلْق، وَمِثْلُهُ خلْق عَمَمٌ. والتَّمِيمُ: العُوَذ، وَاحِدُتُهَا تَمِيمةٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد الخَرز الَّذِي يُتَّخَذ عُوَذاً. والتَّمِيمةُ: خَرزة رَقْطاء تُنْظَم فِي السَّير ثُمَّ يُعقد فِي العُنق، وَهِيَ التَّمائم والتَّمِيمُ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَقِيلَ: هِيَ قِلادة يُجْعَلُ فِيهَا سُيُورٌ وعُوَذ؛ وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: تَمَّمْت المَوْلود علَّقْت عَلَيْهِ التَّمائم. والتَّمِيمةُ: عُوذةٌ تُعَلَّقُ عَلَى الإِنسان؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ سلَمة بْنِ الخُرْشُب:
تُعَوَّذُ بالرُّقى مِنْ غَيْرِ خَبْلٍ، ... وتُعْقَد فِي قَلائدها التَّمِيمُ
قَالَ: والتَّمِيمُ جَمْعُ تمِيمةٍ؛ وَقَالَ رِفَاعُ «2» بْنُ قيس
__________
(1) . قوله [أراه يعني إلخ] هكذا في الأصل، ولعل الشاهد في بيت ذكره ابن سيدة غير هذا، وأما هذا البيت فهو في الأصل كما ترى ولا شاهد فيه وقد تقدم مع بيت بعده في مادة سحل
(2) . قوله [رفاع] هكذا في الأصل رفاع بالفاء، وتقدم في مادة نوط: رقاع منقوطاً بالقاف ومثله في شرح القاموس هنا وهناك(12/69)
الأَسدي:
بِلادٌ بِهَا نِيطَتْ عليَّ تَمائِمي ... وأَوَّل أَرضٍ مَسَّ جِلدي تُرابُها
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَمرو «1» : مَا أُبالي ما أَتيت إِن تَعَلَّقَتْ تَمِيمةً.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن عَلَّق تَمِيمةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ
؛ وَيُقَالُ: هِيَ خَرزة كَانُوا يَعْتَقِدون أَنها تَمامُ الدَّواء والشِّفاء، قَالَ: وأَمّا المَعاذاتُ إِذا كُتِب فِيهَا الْقُرْآنُ وأَسماءُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا بأْسَ بِهَا. والتَّمِيمةُ: قِلادةٌ مِنْ سُيورٍ، وَرُبَّمَا جُعِلَتِ العُوذةَ الَّتِي تعلَّق فِي أَعناق الصِّبْيَانِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: التَّمائمُ والرُّقى والتِّوَلةُ مِنَ الشِّرْك.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: التَّمائمُ واحدتُها تَمِيمةٌ، وَهِيَ خَرزات كَانَ الأَعرابُ يعلِّقونها عَلَى أَولادِهم يَنْفون بِهَا النفْس والعَين بزَعْمهم، فأَبطله الإِسلامُ؛ وإِيّاها أَراد الهُذَلي بِقَوْلِهِ:
وإِذا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفارَها، ... أَلْفَيْتَ كلَّ تَمِيمة لَا تَنْفَعُ
وَقَالَ آخَرُ:
إِذا مَاتَ لَمْ تُفْلِحْ مُزَيْنةُ بعدَه، ... فنُوطِي عَلَيْهِ، يَا مُزَيْنُ، التَّمائما
وَجَعَلَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ مِنَ الشِّرْك لأَنهم جَعلوها واقِيةً مِنَ المَقادِير والموْتِ وأَرادُوا دَفْعَ ذَلِكَ بِهَا، وَطَلَبُوا دَفْعَ الأَذى مِنْ غَيْرِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ دافِعُه، فكأَنهم جَعَلُوا لَهُ شَرِيكًا فِيمَا قَدّر وكَتَب مِنْ آجَالِ العِبادِ والأَعْراضِ الَّتِي تُصيبهم، وَلَا دَافِعَ لِمَا قَضى وَلَا شَرِيكَ لَهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ فِيمَا قَدّر. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَنْ جَعل التَّمائم سُيوراً فغيرُ مُصِيبٍ؛ وأَما قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
وَكَيْفَ يَضِلُّ العَنْبَرِيُّ ببلْدةٍ، ... بِهَا قُطِعَتْ عَنْهُ سُيور التَّمائِم؟
فإِنه أَضاف السُّيورَ إِلى التَّمائم لأَن التَّمَائِمَ خَرز تُثْقَب وَيُجْعَلُ فِيهَا سُيورٌ وخُيوط تُعلَّق بِهَا. قَالَ: وَلَمْ أَرَ بَيْنَ الأَعراب خِلَافًا أَنّ التَّميمةَ هِيَ الْخَرَزَةُ نفسُها، وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ قَوْلِ الأَئمة؛ وَقَوْلُ طُفَيل:
فإِلَّا أَمُتْ أَجْعَلْ لِنَفْرٍ قِلادَةٌ، ... يُتِمُّ بِهَا نَفْرٌ قَلائدَه قَبْلُ
قَالَ: أَي عَاذَهُ «2» . الَّذِي كَانَ تقلَّده قَبْلُ؛ قَالَ: يُتِمُّ يَحُطُّهَا تَمِيمةَ خَرزِ قَلَائِدِهِ إِلى الْوَاسِطَةِ، وإِنما أَراد أُقَلِّده الهِجاء. ابْنُ الأَعرابي: تُمَّ إِذا كُسِر وتَمَّ إِذا بلَّغ «3» ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
فِي بَطْنه غاشيةٌ تُتَمِّمُهْ
قَالَ شَمِرٌ: الْغَاشِيَةُ وَرَم يَكُونُ فِي البطْن، وَقَالَ: تُتَمِّمُهُ أَي تُهْلِكه وتبلِّغه أَجَلَه؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كانْهِياض المُعْنَتِ المُتَتَمِّمِ
يُقَالُ: ظَلَع فُلَانٌ ثُمَّ تَتَمَّم تَتَمُّماً أَي تَمَّ عَرَجُه كَسْراً، مِنْ قَوْلِكَ تُمَّ إِذا كُسِرَ. والمُتَمُّ: منقَطَع عِرْق السُّرَّة. والتُّمَمُ والتِّمَمُ مِنَ الشعَر والوَبر والصُّوف: كالجِزَزِ، الْوَاحِدَةُ تُمَّة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَمَّا التَّمُّ فأَراه اسْمًا لِلْجَمْعِ. واسْتَتَمَّه:
__________
(1) . قوله [وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو] هكذا في الأصل ونسخة من النهاية بفتح أوله، وفي نسخة من النهاية: عمر بضم أوله
(2) . قوله [قال أي عاذه إِلى قوله إِلى الواسطة] هكذا في الأصل
(3) . قوله [وتم إِذا بلغ إلخ] هكذا في الأصل والتكملة والتهذيب، وأما شارح القاموس فذكر هذا الشطر عقب قول المتن: وتمم الشيء أهلكه وبلغه أجله، ثم قال في المستدرك: تُمَّ إِذا كُسِرَ وَتَمَّ إِذا بلغ، ولم يذكر شاهداً عليه(12/70)
طَلَبَ مِنْهُ التِّمَمَ، وأَتَمَّه: أَعطاه إِياها. ابْنُ الأَعرابي: التِّمُّ الفأْس، وَجَمْعُهُ تِمَمةٌ. والتَّامُّ مِنَ الشِّعْر «1» : مَا يُمْكِنُ أَن يَدْخُله الزِّحافُ فيَسلَمُ مِنْهُ، وَقَدْ تَمَّ الجُزء تَماماً، وَقِيلَ: المُتَمَّمُ كلُّ مَا زِدْتَ عَلَيْهِ بَعْدَ اعتدالِ الْبَيْتِ، وَكَانَا مِنَ الجُزْء الَّذِي زِدْتَه عَلَيْهِ نَحْوُ فاعِلاتُنْ فِي ضَرْبِ الرَّمْلِ، سُمِّيَ مُتَمَّماً لأَنك تَمَّمْتَ أَصل الجُزْء. وَرَجُلٌ مُتَمِّم إِذا فازَ قِدْحُه مرَّة بَعْدَ مرَّة فأَطعَم لَحْمَه الْمَسَاكِينَ. وتَمَّمَهم: أَطعمهم نَصِيبَ قِدْحه؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد قَوْلَ النَّابِغَةِ:
إِني أُتَمِّمُ أَيْساري وأَمْنَحُهُمْ ... مَثْنى الأَيادي، وأَكْسُو الجَفْنَة الأُدُما
أَي أُطْعِمهم ذَلِكَ اللَّحْم. ومُتَمِّمُ بْنُ نُويْرة: مِنْ شُعرائهم شاعرُ بَنِي يَرْبوع؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَ بالمُتَمِّم الَّذِي يُطْعِم اللَّحْم الْمَسَاكِينَ والأَيْسار؛ وَقِيلَ: التَّتْمِيمُ فِي الأَيسار أَن ينقُص الأَيْسار فِي الجَزُور فيأْخذ رجُل مَا بَقِي حَتَّى يُتَمِّم الأَنْصِباء. وتَمِيمٌ: قَبيلةٌ، وَهُوَ تَمِيمُ بنُ مُرِّ بنِ أُدِّ بنِ طابِخَة بنِ إِلْياسَ بْنِ مُضَرَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ هَذِهِ تَميمٌ يَجْعَلُهُ اسْمًا للأَب ويصرِف، وَمِنْهُمْ مَن يَجْعَلُهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ فَلَا يَصْرِف، وَقَالَ: قَالُوا تَميم بنتُ مُرٍّ فأَنَّثوا وَلَمْ يَقُولُوا ابْنُ. وتَمَّمَ الرجلُ: صَارَ هَواه تَمِيمِيّاً. وتَمَّم: انتَسب إِلى تَمِيمٍ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
إِذا دَعَوْا يالَ تَمِيمٍ تَمُّوا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه مِنْ هَذَا أَي أَسرعوا إِلى الدَّعْوَةِ. اللَّيْثُ: تَمَّم الرجلُ إِذا صَارَ تَميميَّ الرأْي وَالْهَوَى والمَحَلَّة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وقياسُ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ تَتَمَّم، بِتَاءَيْنِ، كَمَا يُقَالُ تَمَضَّر وتَنَزَّر، وكأَنهم حَذَفُوا إِحدى التَّاءَيْنِ اسْتِثْقَالًا لِلْجَمْعِ. وتتامُّوا أَي جاؤوا كُلُّهُمْ وتَمُّوا. والتَّمْتَمةُ: ردُّ الْكَلَامِ إِلى التَّاءِ وَالْمِيمِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَعْجَل بِكَلَامِهِ فَلَا يَكَادُ يُفْهِمك، وَقِيلَ: هُوَ أَن تسبِق كلمتُه إِلى حَنَكِه الأَعْلى، والفأْفاء: الَّذِي يعسُر عَلَيْهِ خُرُوجُ الْكَلَامِ، وَرَجُلٌ تَمْتام، والأُنْثى تَمْتامةٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: التَّمْتَمةُ فِي الْكَلَامِ أَن لَا يُبَيِّنَ اللِّسَانُ يُخْطئ مَوْضِعَ الْحَرْفِ فيرجِع إِلى لَفْظٍ كأَنه التَّاءُ وَالْمِيمُ، وإِن لَمْ يَكُنْ بَيِّناً. مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: التَّمْتَمَة التَّرْدِيدُ فِي التَّاءِ، والفأْفأَة الترديد في الفاء.
تنم: فِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَن الشمسَ كُسِفَت عَلَى عَهْدِهِ فاسْوّدتْ وآضَتْ كأَنها تَنُّومةٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّنُّومةُ نوعٌ مِنْ نَبَاتِ الأَرض فِيهِ سوادٌ «2» . وَفِي ثَمَرِهِ يأْكله النَّعام. ابْنُ سِيدَهْ: التَّنُّوم شَجَرٌ لَهُ حَمْل صِغار كَمِثْلِ حبِّ الخِرْوَع ويتفلَّق عَنْ حبٍّ يأْكله أَهلُ الْبَادِيَةِ، وكَيْفَما زَالَتِ الشَّمْسُ تَبِعها بأَعْراض الْوَرَقِ، وَوَاحِدَتُهُ تَنُّومة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: التَّنُّوم مِنَ الأَغْلاث، وَهِيَ شَجَرَةٌ غَبْراء يأْكلها النَّعام والظِّباءُ، وَهِيَ مِمَّا تُحْتَبَل فِيهَا الظِّباء، وَلَهَا حَبٌّ إِذا تَفَتَّحتْ أَكمامُه اسودَّ، وَلَهُ عِرْق، وَرُبَّمَا اتُّخِذَ زَنْداً، وأَكثر مَنابتها شُطآن الأَودية؛ ولِحُبِّ النَّعَامِ لَهُ قَالَ زُهَيْرٌ فِي صِفَةِ الظَّليم:
أَصَكّ مُصَلَّم الأُذُنَيْنِ أَجْنى، ... لَهُ بالسِّيِّ تَنُّومٌ وآهُ
__________
(1) . قوله [والتام من الشعر إلخ] هكذا في الأصل، وعبارة التكملة: ومن ألقاب العروض التام وهو ما استوفى نصفه نصف الدائرة وكان نصفه الأخير بمنزلة الحشو يجوز فيه ما جاز فيه
(2) . قوله [فيه سواد إلخ] عبارة النهاية: فيها وفي ثمرها سواد قليل(12/71)
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: التَّنُّومةُ، بِالْهَاءِ، شَجَرَةٌ مِنَ الجَنْبَةِ عَظِيمَةٌ تَنْبُتُ، فِيهَا حَبٌّ كالشَّهْدانِج يَدَّهِنون بِهِ ويأْتَدِمونه، ثُمَّ تَيْبَس عِنْدَ دُخُولِ الشِّتاء وَتَذْهَبُ؛ هَذَا كُلُّهُ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. قَالَ الأَزهري: التَّنُّومة شَجَرَةٌ رأَيتها فِي الْبَادِيَةِ يضرِب لَوْنُ ورَقها إِلى السَّوَادِ، وَلَهَا حَبٌّ كَحَبِّ الشَّهْدانِج أَو أَكبر مِنْهَا قَلِيلًا، ورأَيت نِسَاءَ الْبَادِيَةِ يَدْقُقْن حبَّه ويَعْتَصِرْن مِنْهُ دُهناً أَزرق فِيهِ لُزوجة، ويَدَّهِنَّ بِهِ إِذا امْتَشَطْن. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّنُّوم حبَّة دَسِمة غَبْراء. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: التَّنُّومة تَمِهة الطَّعْم لَا يَحْمَدُها الْمَالُ. وتَنَمَ البعيرُ، بِتَخْفِيفِ النُّونِ: أَكل التَّنُّوم.
تهم: تَهِمَ الدُّهْنُ واللحمُ تَهَماً، فَهُوَ تَهِمٌ: تَغَيَّرَ. وَفِيهِ تَهَمةٌ أَي خُبْث رِيح نَحْوُ الزُّهومة. والتَّهَمُ: شدَّة الحرِّ وسكونُ الرِّيحِ. وتِهامةُ: اسْمُ مَكَّةَ وَالنَّازِلُ فِيهَا مُتْهِمٌ، يَجُوزُ أَن يَكُونَ اشتِقاقُها مِنْ هَذَا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الأَوَّل لأَنها سَفُلتْ عَنْ نَجْدٍ فَخبُث ريحُها، وَقِيلَ: تِهامةُ بَلَدٌ، وَالنَّسَبُ إِليه تِهامِيٌّ وتَهامٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنهم بَنَوا الِاسْمَ عَلَى تَهْمِيّ أَو تَهَمِيٍّ، ثُمَّ عوَّضوا الأَلف قَبْلَ الطَّرف مِنْ إِحْدى الياءَين اللَّاحِقَتين بَعْدَهَا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا يدُلُّك عَلَى أَن الشَّيْئَيْنِ إِذا اكتَنَفا الشَّيْءَ مِنْ نَاحِيَتِهِ تقاربَتْ حَالَاهُمَا وحالاهُ بِهِمَا، ولأَجله وبسبَبه مَا ذهَب قَوْمٌ إِلى أَن حَرَكَةَ الْحَرْفِ تَحْدُث قَبْلَهُ، وَآخَرُونَ إِلى أَنها تَحْدُث بَعْدَهُ، وَآخَرُونَ إِلى أَنها تحدُث مَعَهُ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وَذَلِكَ لغُمُوضِ الأَمر وَشِدَّةِ القُرْب، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي شَآمٍ ويَمانٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن قُلْتَ فإِنَّ فِي تِهامةَ أَلِفاً فلِمَ ذهَبْتَ فِي تَهام إِلى أَن الأَلف عِوَض مِنْ إِحْدَى ياءَي الإِضافة؟ قِيلَ: قَالَ الْخَلِيلُ فِي هَذَا إِنهم كأَنهم نسَبوا إِلى فَعْل أَو فَعَل، فكأَنهم فَكُّوا صِيغة تِهامةَ فأَصاروها إِلى تَهْمٍ أَو تَهَم، ثُمَّ أَضافوا إِليه فَقَالُوا تَهامٍ، وإِنما مثَّل الْخَلِيلُ بَيْنَ فَعْل وفَعَل وَلَمْ يَقْطَعْ بأَحدهما لأَنه قَدْ جَاءَ هَذَا الْعَمَلُ فِي هَذَيْنِ جَمِيعًا، وَهُمَا الشَّامُ وَالْيَمَنُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا التَّرْخيم الَّذِي أَشرف عَلَيْهِ الْخَلِيلُ ظَنًّا قَدْ جَاءَ بِهِ السَّمَاعُ نَصًّا؛ أَنْشَدَ أَحمد بْنُ يَحْيَى:
أَرَّقَنِي الليلةَ ليلٌ بالتَّهَمْ، ... يَا لَكَ بَرْقاً، مَن يَشِمْه لَا يَنَمْ
قَالَ: فَانْظُرْ إِلى قوَّة تصوُّر الْخَلِيلِ إِلى أَن هَجَم بِهِ الظنُّ عَلَى الْيَقِينِ، ومَن كَسَرَ التَّاءَ قَالَ تِهامِيّ؛ هَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: النِّسْبَةُ إِلى تِهامةَ تِهامِيّ وتَهامٍ، إِذا فَتَحْتَ التَّاءَ لَمْ تُشَدِّدْ كَمَا قَالُوا يَمانٍ وشآمٍ، إِلَّا أَنَّ الأَلف فِي تَهامٍ مِنْ لَفْظِهَا، والأَلف فِي يَمانٍ وشآمٍ عِوَضٌ مِنْ ياءَي النِّسْبَةِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وكنَّا وهُم كابْنَيْ سُباتٍ تَفَرَّقا ... سِوىً، ثُمَّ كَانَا مُنْجِداً وتَهامِيَا
وأَلْقى التَّهامِي مِنْهُمَا بِلَطاتِه، ... وأَحْلَط هَذَا: لَا أَرِيمُ مَكانِيَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ إِلا أَنَّ الأَلف فِي تَهام مِنْ لَفْظِهَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلِ الأَلف غَيْرُ الَّتِي فِي تِهامة، بِدَلِيلِ انْفِتَاحِ التَّاءِ فِي تَهام، وأَعاد مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْخَلِيلِ أَنه مَنْسُوبٌ إِلى تَهْم أَو تَهَم، أَراد بِذَلِكَ أَن الأَلف عِوَض مِنْ إِحدى ياءَي النَّسَبِ، قَالَ: وَحَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ عَنِ الزِّيَادِيِّ عَنِ الأَصمعي أَن التَّهَمةَ الأَرض المُتَصَوِّبة إِلى الْبَحْرِ، قَالَ: وكأَنها مَصْدَرٌ مِنْ تِهامةَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا(12/72)
يقوِّي قَوْلَ الْخَلِيلِ فِي تَهامٍ كأَنه مَنْسُوبٌ إِلى تَهَمَة أَو تَهْمة؛ قَالَ: وشاهدُ تَهامٍ قَوْلُ أَبي بَكْرِ بْنِ الأَسود الْمَعْرُوفِ بِابْنِ شُعُوبَ اللِّيثِيِّ وَشُعُوبُ أُمُّه:
ذَرِيني أَصْطَبِحْ يَا بَكْرُ، إِني ... رأَيتُ الْمَوْتَ نقَّب عَنْ هِشامِ
تَخَيَّره وَلَمْ يَعْدِلَ سِواهُ، ... فَنِعْمَ المَرْءُ مِنْ رجُل تَهامِ
وأَتْهَم الرجلُ وتَتَهَّمَ: أَتَى تِهامَةَ؛ قَالَ الممزَّق العَبْدِيّ:
فإِنْ تُتْهِمُوا أُنْجِدْ خِلافاً عليكُم، ... وإِنْ تُعْمِنوا مُستَحْقبي الحَرب أُعْرِق
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشاد الْبَيْتِ:
فإِنْ يُتْهِموا أُنْجِدْ خِلَافًا عليهمُ
عَلَى الغَيبة لَا عَلَى الْخِطَابِ، يُخاطب بِذَلِكَ بَعْضَ الْمُلُوكِ ويَعْتَذِرُ إِليه لسُوءٍ بلَغه عَنْهُ؛ وَقَبْلَ الْبَيْتِ:
أَكَلَّفْتَني أَدْواءَ قَومٍ تَرَكْتُهمْ، ... فإِلَّا تَداركْني مِنَ البَحْر أَغْرَق
أَي كلَّفْتَنِي جِنَايَاتِ قَوْمٍ أَنا مِنْهُمْ بَرِيءٌ ومُخالِف لَهُمْ ومُتباعد عَنْهُمْ، إِن أَتْهَموا أَنْجَدْت مخالِفاً لَهُمْ، وإِن أَنْجَدوا أَعْرَقْت، فَكَيْفَ تأْخُذني بذَنْب مَن هَذِهِ حَالُهُ؟ وَقَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الهُذليّ:
شَآم يَمان مُنْجِد مُتَتَهِّم، ... حِجازِيَّة أَعْجازُه وَهُوَ مُسْهِلُ
قَالَ الرِّياشيّ: سَمِعْتُ الأَعراب يَقُولُونَ: إِذا انْحَدرْت مِنْ ثَنايا ذاتِ عِرْق فَقَدْ أَتْهَمْت. قَالَ الرِّياشيّ: والغَوْرُ تهِامةُ، قَالَ: وأَرض تَهِمةٌ شَدِيدَةُ الْحَرِّ، قَالَ: وتَبالةُ مِنْ تِهامةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رَجُلًا أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَبِهِ وَضَحٌ، فَقَالَ: انظُرْ بَطْن وادٍ لَا مُنْجِدٍ وَلَا مُتْهِمٍ فَتَمَعَّكْ فِيهِ، فَفَعَلَ فَلَمْ يَزِدِ الوَضَحُ حَتَّى مَاتَ
؛ فالمُتْهِمُ: الَّذِي يَنْصبُّ مَاؤُهُ إِلى تِهامةَ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ يُرد سيدُنا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ الْوَادِي لَيْسَ مِنْ نَجْد وَلَا تِهامةَ، وَلَكِنَّهُ أَراد حَدًّا مِنْهُمَا فَلَيْسَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنْ نَجْد كُلُّهُ وَلَا مِنْ تِهامةَ كُلُّهُ، وَلَكِنَّهُ مِنْهُمَا، فَهُوَ مُنْجِد مُتْهِم، ونَجْد مَا بَيْنَ العُذَيب إِلى ذاتِ عِرْق وإِلى الْيَمَامَةِ وإِلى جَبَلَيْ طَيِءٍ وإِلى وَجْرة وإِلى الْيَمَنِ، وَذَاتُ عِرْق: أَوّل تِهامة إِلى الْبَحْرِ وجُدَّةَ، وَقِيلَ: تِهامةُ مَا بَيْنَ ذَاتِ عِرْق إِلى مَرْحَلَتين مِنْ وَرَاءِ مَكَّةَ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ المَغْرب فَهُوَ غَوْر، وَالْمَدِينَةُ لَا تِهاميَّة وَلَا نَجْديَّة فإِنها فَوْقَ الغَوْر وَدُونَ نَجْد. وقومٌ تَهامون: كَمَا يُقَالُ يَمانون. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: مِنْهُمْ مَن يَقُولُ تَهامِيّ ويَمانيّ وشآمِيّ، بِالْفَتْحِ مَعَ التَّشْدِيدِ. والتَّهْمة: تُسْتَعمل فِي مَوْضِعِ تِهامةَ كأَنها الْمَرَّةُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ الأَصمعي. والتَّهَم، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرٌ مِنْ تِهامة؛ وَقَالَ:
نَظَرْت، والعينُ مُبينةُ التَّهَمْ، ... إِلى سَنا نارٍ وَقُودُها الرَّتَمْ،
شُبَّتْ بأَعْلى عانِدَيْن مِنْ إِضَمْ
والمِتْهامُ: الْكَثِيرُ الإِتْيان إِلى تِهامةَ. وإِبل مَتاهِيم ومَتاهِم: تأْتي تِهامةَ؛ قَالَ:
أَلا انْهَماها إِنَّها مَناهِيمْ، ... وإِنَّنا مَناجِدٌ مَتاهِيمْ
يَقُولُ: نَحْنُ نأْتي نَجْداً ثُمَّ كَثِيرًا مَا نأْخُذ مِنْهَا(12/73)
إِلى تِهامةَ. وأَتْهَمَ الرجلُ إِذا أَتى بِمَا يُتْهَم عَلَيْهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
هُما سَقَياني السُّمَّ مِنْ غَيْرِ بَغْضةٍ، ... عَلَى غَيْرِ جُرْم فِي أَقاوِيل مُتْهِم
وَرَجُلٌ تِهامٌ وامرأَة تِهاميَّة إِذا نُسِبَا إِلى تِهامةَ. الأَصمعي: التَّهَمةُ الأَرض المُتَصَوِّبة إِلى الْبَحْرِ كأَنها مَصْدَرٌ مِنْ تِهامة. والتَّهائم: المُتصوِّبة إِلى الْبَحْرِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: إِنما قَالُوا رَجُلٌ تَهام فِي النِّسْبَةِ إِلى التَّهْمة لأَن الأَصل تَهمة، فَلَمَّا زَادُوا أَلفاً خفَّفوا يَاءَ النِّسْبَةِ كَمَا قَالُوا رَجُلٌ يَمان إِذا نَسَبُوا إِلى الْيَمَنِ، خفَّفوا لَمَّا زَادُوا أَلفاً، وشآمٍ إِذا نسبتَ إِلى الشَّامِ زَادُوا أَلفاً فِي تَهام وخفَّفوا يَاءَ النِّسْبَةِ. وتَهِمَ البعيرُ تَهَماً: وَهُوَ أَن يستنكِر المَرْعَى وَلَا يَسْتَمْرِئه وتَسُوء حالُه، وَقَدْ تَهِم أَيضاً، وَهُوَ تَهِمٌ إِذا أَصابه حَرُورٌ فهُزِل، وتَهِم الرَّجُلُ، فَهُوَ تَهِمٌ: خَبُثت ريحُه. وتَهِمَ الرَّجُلُ، فَهُوَ تَهِمٌ: ظَهَرَ عَجْزُهُ وتحيَّر؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مَنْ مُبْلِغ الحَسْنَا اْنَّ بَعْلَها تَهِمْ، ... وأَنَّ مَا يُكْتَم مِنْهُ قَدْ عُلِمْ؟
أَراد الحَسْناء فقصَر لِلضَّرُورَةِ، وأَراد أَنَّ فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ لِلضَّرُورَةِ أَيضاً كَقِرَاءَةِ مَنْ قرأَ: أَنِ ارْضِعيه. والتُّهْمةُ: أَصلها الْوَاوُ فَتُذْكَرُ هناك.
توم: التُّومةُ: اللُّؤْلُؤَةُ، وَالْجَمْعُ تُوَمٌ وتُومٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَحْفٌ كأَنَّ النَّدَى، والشمسُ ماتِعةٌ، ... إِذا تَوقَّد فِي أَفْنانِهِ، التُّومُ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الدرَّة والتُّومةُ والتُّؤَامِيَّة واللَّطَمِيَّة. الْجَوْهَرِيُّ: التُّومةُ، بِالضَّمِّ، وَاحِدَةُ التُّوَمِ، وَهِيَ حبَّة تعمَل مِنَ الفِضَّة كالدرَّة؛ هَكَذَا فُسِّرَ فِي شِعْرِ ذِي الرُّمَّةِ. والتُّومةُ: القُرْط فِيهِ حبَّة. وَقَالَ اللَّيْثُ: التُّومةُ القُرْط. ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَ أَيوب ومِسْحَل ابْنَا رَبْداء ابْنَةِ جَرِيرٍ: كَانَ جَرِيرٌ يُسَمِّي قَصِيدَتَيْهِ اللَّتَيْنِ مدَح فِيهِمَا عبدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوان وَهَجَا الشُّعَرَاءَ وإِحداهما:
ظَعَن الخليطُ لغُرْبة وتَنائِي، ... وَلَقَدْ نَسِيت برَامَتَيْنِ عَزائي
والأُخرى:
يَا صاحِبَيَّ دَنا الرَّواحُ فَسِيرَا
قَالَا: كَانَ يسمِّيهما التُّومَتَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه قَالَ لِلنِّسَاءِ أَتَعْجِز إِحداكُنَّ أَن تَتَّخِذ تُومَتَيْن مِنْ فضَّة ثُمَّ تُلَطِّخَهما بعَنْبر؟
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَنْ قَالَ للدرَّة تُومةٌ شبَّهها بِمَا يسوَّى مِنَ الفضَّة كَاللُّؤْلُؤَةِ الْمُسْتَدِيرَةِ تجعلُها الْجَارِيَةُ فِي أُذنيها، وَمَنْ قَالَ تَوْأَمِيَّة فَهُمَا دُرَّتان للأُذنين إِحداهما تَوْأَمةُ الأُخرى. وَفِي حَدِيثِ الْكَوْثَرِ:
ورَضْراضُه التُّومُ
أَي الدرُّ. والتُّومةُ: بيضَةُ النَّعام تَشْبِيهًا بتُومة اللُّؤْلُؤِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَحَتَّى أَتى يومٌ يَكادُ مِنَ اللَّظى ... بِهِ التُّومُ، فِي أُفْحُوصه، يَتَصَيَّحُ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعني البَيْض. ويَتَصَيَّح: لُغَةٌ فِي يَتَصَوَّح بِمَعْنَى يتشقَّق؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يصِف نَبَاتًا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلُّ فتعلَّق مِنْ أَغْصانه كأَنه الدرُّ فَقَالَ:
وَحْفٌ كأَنَّ النَّدَى، والشمسُ ماتِعةٌ، ... إِذا توقَّد فِي أَفْنانه، التُّومُ(12/74)
أَفْنانُه: أَغْصانُه، الْوَاحِدُ فَنَن. توقَّد: أَنارَ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ عَلَيْهِ. وتَوْماءُ: مَوْضِعٌ وَهُوَ مِنْ عمَل دِمَشْق؛ قَالَ جَرِيرٌ:
صَبَّحْنَ تَوْماءَ، والناقُوسُ يَقْرَعُه ... قَسُّ النَّصَارَى، حَراجِيجاً بنا تَجِفُ
تيم: التَّيْمُ: أَن يَسْتَعْبده الهَوَى، وَقَدْ تامَه؛ وَمِنْهُ تَيْمُ اللَّهِ: وَهُوَ ذَهابُ الْعَقْلِ مِنَ الهَوى، وَرَجُلٌ مُتَيَّم، وَقِيلَ: التَّيم ذِهَابُ الْعَقْلِ وَفَسَادُهُ؛ وَفِي قَصِيدَةِ كَعْبٍ:
مُتَيَّم إِثْرها لَمْ يُفْدَ مَكْبولُ
أَي مُعَبَّد مُذَلَّل. وتيَّمَه الحبُّ إِذا اسْتولى عَلَيْهِ. قَالَ الأَصمعي: تَيَّمَتْ فلانةُ فَلَانًا تُتَيِّمهُ وتامَتْه تَتِيمُه تَيْماً، فَهُوَ مُتَيَّم بِالنِّسَاءِ ومَتِيمٌ بهنَّ؛ وأَنشد للقِيط بْنِ زُرارة:
تامَتْ فؤادَك، لَوْ يَحْزُنْك مَا صَنَعَتْ، ... إِحْدَى نِساء بَنِي ذُهْلِ بنِ شَيْبانا
وَقِيلَ: المُتَيَّم المُضَلَّل؛ وَمِنْهُ قِيلَ للفَلاة تَيْماء، لأَنه يُضَلُّ فِيهَا. وأَرض تَيْماءُ: مُضِلَّة مُهْلِكة، وَقِيلَ: وَاسِعَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: التَّيْماء فَلاة وَاسِعَةٌ. قَالَ الأَصمعي: التَّيْماء الَّتِي لَا مَاءَ بِهَا مِنَ الأَرَضِين، وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ أَبو وَجْزة. ابْنُ الأَعرابي: تامَ إِذا عَشِق، وتامَ إِذا تَخَلَّى مِنَ النَّاسِ. والتَّيم: الْعَبْدُ، وتَيمُ اللَّهِ مِنْهُ كَمَا تقولُ عَبْدُ اللَّهِ. وتَيمُ: قبيلةٌ. وَبَنُو تَيمٍ: بطْن مِنَ الرِّباب. وَبَنُو تَيْم اللَّاتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ: مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ. وأَما قَوْلُهُمْ التَّيم فإِنما أَدخلوا اللَّامَ عَلَى إِرادة التَّيْمِيِّين، كَمَا قَالُوا الْمَجُوسَ وَالْيَهُودَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
والتَّيْمُ أَلأَمُ مَن يَمْشي، وأَلأَمُهُ ... تَيمُ بنُ ذُهْلٍ بنُو السُّود المَدانِيس
الْجَوْهَرِيُّ: تَيْمُ اللَّهِ حَيٌّ مِنْ بَكْرٍ يُقَالُ لَهُمُ اللَّهازم، وَهُوَ تَيْمُ اللَّهِ بْنَ ثَعْلَبَةَ بنِ عُكابةَ. وتَيمُ اللَّهِ فِي النَّمِر ابن قاسِط، وأَصله مِنْ قَوْلِهِمْ تَيَّمه الحبُّ أَي عَبَّدَه وذلَّلَهُ، فَهُوَ مُتَيَّم، وَمَعْنَى تَيْمِ اللَّهِ عبدُ اللَّهِ. وتَيْمٌ فِي قُرَيْشٍ: رَهْطُ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ تَيْمُ بنُ مُرَّة بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْر بْنِ مَالِكٍ. وتَيْم بْنُ غَالِبِ بْنِ فِهْر أَيضاً فِي قُرَيْشٍ وَهُمْ بَنُو الأَدْرَمِ، وتَيم بن عَبْدُ مَناة ابْنُ أُدِّ بْنُ طابِخَة بْنِ إِلْياس بْنِ مُضَر، وتَيْم بْنُ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكابَة، وتَيْمُ بْنُ شَيْبان بْنِ ثَعْلَبَةَ ابن عُكابَة فِي بَكْرٍ، وتَيْم بْنُ ضَبَّة، وتَيْمُ اللَّاتِ أَيضاً فِي ضَبَّة، وتَيْمُ اللَّاتِ أَيضاً فِي الخَزْرَج مِنَ الأَنْصار وَهُمْ تَيْمُ اللَّاتِ بْنُ ثَعْلَبَةَ، وَاسْمُهُ النجَّار؛ وأَما قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أَقَرَّ حَشا إمْرِئ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ ... بَنُو تَيْمٍ مَصابيحُ الظَّلامِ
فَهُوَ بَنُو تَيْم بْنِ ثَعْلَبَةَ مِنْ طَيِءٍ. والتِّيمةُ، بِالْكَسْرِ: الشَّاةُ تُذْبَح فِي المَجاعة، والإِتْئام ذبحُها، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْهَمْزِ. وَكَتَبَ سيدُنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِوَائِلِ بْنِ حُجْر كَتَابًا أَمْلَى فِيهِ: فِي التِّيعة شاةٌ والتِّيمَةُ لِصَاحِبِهَا، وَقِيلَ: التِّيَمةُ الشَّاةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الأَربعين حَتَّى تبلُغ الفَرِيضة الأُخرى، وَقِيلَ: هِيَ الشَّاةُ تَكُونُ لِصَاحِبِهَا فِي مَنْزِلِهِ يَحْتَلِبُها، وَلَيْسَتْ بسائمةٍ، وَهِيَ مِنَ الْغَنَمِ الرَّبائب؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَرُبَّمَا احْتَاجَ صَاحِبُهَا إِلى لَحْمها فيَذْبَحها فَيُقَالُ عِنْدَ ذَلِكَ: قَدْ أَتامَ الرَّجُلُ وأَتامَتِ المرأَة. وَفِي الْحَدِيثِ
: التِّيمةُ(12/75)
لأَهْلها
؛ تَقُولُ مِنْهُ: اتَّامَ الرَّجُلُ يَتَّامُ اتِّياماً إِذا ذَبَحَ تِيمَته، وَهُوَ افْتَعَل؛ قَالَ الحُطَيئة:
فَمَا تَتَّامُ جارةُ آلِ لأْيٍ، ... وَلَكِنْ يَضْمَنُون لَهَا قِراها
يَقُولُ: جارتُهم لَا تَحْتَاجُ أَن تَذْبَح تِيمَتَها لأَنهم يَضْمَنون لَهَا كفايتَها مِنَ القِرى فَهِيَ مُسْتَغنية عَنْ ذَبْحِ تِيمَتِها. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الاتِّيامُ أَن يَشْتَهيَ القومُ اللحمَ فيذبَحوا شَاةً مِنَ الْغَنَمِ، فَتِلْكَ يُقَالُ لَهَا التِّيمة تُذْبَحُ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ، يَقُولُ: فجارتُهم لَا تَتَّامُ لأَن اللحمَ عِنْدَهَا مِنْ عِنْدِهِمْ فَتَكْتَفِي وَلَا تَحْتَاجُ أَن تَذْبَحَ شَاتَهَا. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الاتِّيام أَن تُذْبَح الإِبل وَالْغَنَمُ بِغَيْرِ عِلَّة؛ قَالَ الْعُمَانِيُّ:
يَأْنَفُ لِلْجَارَةِ أَن تَتَّاما، ... ويَعْقِر الكُومَ ويُعْطي حَامَا
أَي يُطْعِم السُّودان مِنْ أَولاد حامٍ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: التِّيمةُ الشَّاةُ يذبَحُها القومُ فِي المَجاعة حِينَ يُصِيب الناسَ الجوعُ. وتَيْماء: مَوْضِعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
والأَبْلَقُ الفَرْدُ مِنْ تَيْماء مَنْزِله
وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ مِنْ عَمل دِمَشْق؛ قَالَ جَرِيرٌ:
صَبَّحْنَ تَيْماءَ، والناقُوسُ يَقْرَعُه ... قَسُّ النَّصَارَى، حَراجِيجاً بِنَا تَجِفُ
وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الثاء
ثتم: يُقَالُ: ثَتَمَتْ «3» خَرْزها أَفْسَدَتْه
ثجم: الثَّجْمُ: سُرْعة الصرْف عَنِ الشَّيْءِ. والإِثْجامُ: سُرْعة المطَر. وأَثْجَمت السماءُ: دَامَ مطرُها، وَفِي الصِّحَاحِ: أَثْجَمَت السَّمَاءُ أَيَّاماً ثُمَّ أَنْجَمَتْ، وَقِيلَ: كلُّ شَيْءٍ دَامَ، فَقَدْ أَثْجَم. الأَصمعي: أَثْجَم المطَرُ وأَغْضَنَ إِذا دَامَ أَيّاماً لَا يُقْلِعُ وكثر.
ثدم: رجُل ثَدْمٌ: عَيِيُّ الحجَّةِ والكلامِ مَعَ ثِقَل ورَخاوةٍ وقِلَّة فَهْم، وَهُوَ أَيضاً الغَليظ الشِّريِّر الأَحْمق الْجَافِي، وَالْجَمْعُ ثِدام، والأُنثى ثَدْمة وَهِيَ الضخْمة الرِّخْوة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والثِّدامُ: المصْفاة. وإِبْريقٌ مُثَدَّم: وُضِع عَلَيْهِ الثِّدامُ، وَحَكَى يَعْقُوبُ أَن الثَّاءَ فِي كُلِّ ذَلِكَ بَدَلٌ مِنَ الْفَاءِ. وَرَجُلٌ فَدْم ثدْم بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
ثرم: الثَّرَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: انكِسارُ السِّنِّ مِنْ أَصلها، وَقِيلَ: هُوَ انكِسار سِنٍّ مِنَ الأَسْنان المقدَّمة مِثْلَ الثَّنايا والرَّباعِيات، وَقِيلَ: انكِسار الثَّنِيَّة خاصَّة، ثَرِمَ، بِالْكَسْرِ، ثَرَماً وَهُوَ أَثْرَمُ والأُنْثَى ثَرْماء. وثَرَمه، بِالْفَتْحِ، يَثْرِمه ثرْماً إِذا ضَرَبَهُ عَلَى فِيه فَثَرِمَ، وأَثْرَمَه فانْثَرَمَ. وثَرَمْتُ ثَنِيَّته فانْثَرَمَتْ، وأَثْرَمَه اللَّهُ أَي جَعَلَهُ أَثْرَم. أَبو زَيْدٍ: أَثْرَمت الرَّجُلَ إِثْراماً حَتَّى ثَرِمَ إِذا كَسرت بَعْضَ ثَنيَّته. قَالَ: وَمِثْلُهُ أَنْتَرْت الكَبْش حَتَّى نَتِر «4» وأَعْوَرْت عينَه، وأَعْضَبْت الكَبْشَ حَتَّى عَضِب إِذا كسرْت قَرْنه. والثَّرْم: مَصْدَرُ الأَثْرَم، وَقَدْ ثرَمْت الرَّجُلَ فثَرِم، وثَرمْت ثَنِيَّته فانْثَرَمَتْ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وكلُّ كَسْرٍ ثَرْمٌ ورَثْم ورَتْم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بالثَّرْماء
؛ الثَّرَمُ: سُقُوطُ الثَّنِيَّة من
__________
(3) . 1 قوله [ثتمت خرزها] هكذا في الأصل بسكون الراء وفي القاموس بفتحها
(4) . قوله [وَمِثْلُهُ أَنْتَرْتُ الْكَبْشَ حَتَّى نتر إلخ] هكذا في الأصل وشرح القاموس(12/76)
الأَسْنان، وَقِيلَ: الثنيَّة والرَّباعيَة، وَقِيلَ: هُوَ أَن تُقْلَع السنُّ مِنْ أَصلها مُطْلَقًا، وإِنما نَهى عَنْهَا لنُقْصان أَكلها. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي صِفَةِ فِرْعَون:
أَنه كَانَ أَثْرَم.
والأَثْرَمُ مِنْ أَجزاء العَروض: مَا اجْتَمَعَ فِيهِ القَبْض والخَرْمُ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الطَّويل والمتَقارَب، شبِّه بالأَثْرَم مِنَ النَّاسِ. والأَثْرَمان: الليلُ والنهارُ. والأَثْرَمان: الدَّهْر والموْت؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
ولمَّا رأَيتُك تَنْسى الذِّمام، ... وَلَا قَدْرَ عِنْدَكَ للمُعْدِمِ،
وتَجْفُو الشَّريف إِذا مَا أَخَلَّ، ... وتُدْني الدَّنيَّ عَلَى الدِّرْهَمِ،
وهَبْتُ إِخاءَك للأَعْمَيَيْن، ... وللأَثْرَمَيْنِ وَلَمْ أَظْلِمِ
الأَعْمَيان: السَّيلُ وَالنَّارُ. وأَخَلَّ: احْتَاجَ، والخَلَّةُ الْحَاجَةُ. والثَّرْمانُ: نَبْت، وَهُوَ فِيمَا ذكَر أَبو حَنِيفَةَ عَنْ بَعْضِ الأَعراب شجَر لَا ورَق لَهُ، ينبُت نَبَاتَ الحُرُض مِنْ غَيْرِ ورَق، وإِذا غُمِزَ انْثَمأَ كَمَا يَنْثمِئٌ الحَمْضُ. وَهُوَ كَثِيرُ الْمَاءِ وَهُوَ حامِضٌ عَفِصٌ تَرْعاه الإِبِل وَالْغَنَمُ وَهُوَ أَخْضَر، ونَباته فِي أَرُومةٍ، والشِّتاءُ يُبِيدُه، وَلَا خَشَبَ لَهُ إِنما هُوَ مَرْعىً فَقَطْ. والثَّرْماء: مَاءٌ لكِنْدةَ مَعْرُوفٌ. وثَرَم: اسْمُ ثَنِيَّةٍ تُقابِل مَوْضِعًا يُقَالُ لَهُ الوَشْم، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ قَالَ:
والوَشْم قَدْ خَرَجَتْ مِنْهُ، وقابَلَها ... مِنَ الثَّنايا الَّتِي لَمْ أَقْلِها ثَرَمُ
ثرتم: الثُّرْتُم، بِالضَّمِّ: مَا فَضَل مِنَ الطَّعَامِ والإِدام فِي الإِناء، وخصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ مَا فضَل فِي القَصْعة؛ أَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
لَا تَحْسَبَنَّ طِعانَ قَيْس بالقَنا ... وضِرابَهْم بالبيضِ حَسْوَ الثُّرْتُم
ثرطم: الطَّرْثَمة والثَّرْطَمة: الإِطْراق مِنْ غَضَبٍ أَو تكبُّر، وَقَدْ ثَرْطَم. والمُثَرْطِمُ: المُتناهي السِّمَن مِنَ الدوابِّ، وَقِيلَ: هُوَ المُنْتَهي سِمناً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَدْ ثَرْطَم.
ثرعم: ابْنُ الأَعرابي: الثِّرْعامة المرأَة؛ وأَنشد:
أَفْلَحَ مَن كَانَتْ لَهُ ثِرْعامَهْ
أَي امرأَة، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الثِّرْعامة مِظلَّة النَّاطُورِ؛ وأَنشد:
أفْلَح مَن كَانَتْ لَهُ ثِرْعامَهْ، ... يُدخلُ فِيهَا كلَّ يوم هامَهْ
ثطعم: تَثَطْعَم عَلَى أَصحابه: عَلاهم بِكَلَامٍ، وَهِيَ الثَّطْعَمة؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بثبت.
ثعم: الثَّعْمُ: النَّزْعُ والجرُّ. ثعَمه ثَعْماً: جَرَّه ونزَعه. وتثَعَّمَتْه الأَرضُ: أَعْجبته فَذَعَتْه إِليها وجرَّته لَهَا، عَلَى المثَل، وَنَحْوُ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَزهري: وَمَا سَمِعْتُ الثَّعْم فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِمْ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ اللَّيْثُ؛ وَرَوَاهُ أَبو زَيْدٍ بِالنُّونِ. وابنُ الثُّعامة: ابنُ الفاجِرة.
ثغم: الثَّغام، بِالْفَتْحِ: نَبْت عَلَى شَكْل الحَلِيِّ وَهُوَ أَغلظ مِنْهُ وأَجلُّ عُوداً، يَكُونُ فِي الجَبل ينبُت أَخضر ثُمَّ يَبْيَضُّ إِذا يَبِس وَلَهُ سَنَمة غَلِيظَةٌ، وَيُقَالُ(12/77)
لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ دَرْمَنَه إِسْبيذ «1» . وَلَا ينبُت إِلَّا فِي قُنَّة سَوْدَاءَ، وَهُوَ ينبُت بنَجْد وتِهامة. التَّهْذِيبِ: الثَّغامةُ نَبات ذُو ساقٍ جُمَّاحَته مِثْلُ هَامَةِ الشَّيْخ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه أُتِيَ بأَبي قُحافةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وكأَن رأْسه ثَغامةٌ فأَمرهم أَن يغيِّروه
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ نَبْت أَبيض الثَّمر والزَّهْر يُشَبَّه بَيَاضُ الشَّيْب بِهِ؛ قَالَ حَسَّانُ:
إِمَّا تَرَيْ رَأْسي تَغَيَّر لونُه ... شَمَطاً، فأَصبح كالثَّغامِ المُمْحِل
وَقَالَ الدِّينَورِي: الثَّغام حَلِيُّ الجَبل يَكُونُ أَبيضَ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الثَّغام أَرقُّ مِنَ الحَلِيِّ وأَدقُّ وأَضعف، وَهُوَ يُشْبِهه، ونَبْتُه نَبْت النَّصِيّ مَا دَامَ رَطْباً، فإِذا يَبِس ابْيضَّ ابْيِضاضاً شَدِيدًا فشبِّه الشَّيْب بِهِ، وَاحِدَتُهُ ثَغامة، وأَثْغِماء اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وكأَنَّ أَلفَيه بَدَلٌ مِنْ هَاءِ أَثْغِمة. ورأْس ثاغِمٌ إِذا ابيضَّ كُلُّهُ؛ قَالَ الْمَرَّارُ الأَسدي «2» :
أَعَلاقةً أُمَّ الوُلَيِّد، بعد ما ... أَفْنان رأْسِكَ كالثَّغامِ المُخْلِسِ؟
ابْنُ الأَعرابي: الثَّغامة شَجَرَةٌ تبيضُّ كأَنها الثَّلْجُ؛ وأَنشد:
إِذا رأَيت صَلَعاً فِي الهامَهْ، ... وحَدَباً بَعْدَ اعْتِدال القامَهْ
وَصَارَ رأْسُ الشَّيْخِ كالثَّغامَهْ، ... فايأَسْ مِنَ الصحَّة والسَّلامَهْ
والمُثاغَمةُ والمُفاغمة: مُلاثَمةُ الرَّجُلِ امرأَته. والثَّغِمُ: الضارِي من الكِلاب.
ثكم: ثَكَمُ الطَّرِيقِ، بِالتَّحْرِيكِ: وسَطه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَمَّا خَشِيت بسُحْرَةٍ إِلْحاحَها، ... أَلْزَمْتها ثَكَمَ النَّقِيل اللَّاحِبِ
الإِلْحاح: قيامُ الدَّابَّةِ عَلَى أَهله فَلَمْ يَبرح، والنَّقِيلُ: الطَّرِيقُ. ابْنُ الأَعرابي: الثُّكْمةُ المَحَجَّة. رُوِيَ عَنْ أُم سَلَمَةَ أَنها قَالَتْ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَوَخَّ حَيث تَوَخَّى صَاحِبَاكَ فإِنهما ثَكَما لَكَ الحقَّ ثَكْماً أَي بَيَّناه وأَوضحاه حَتَّى تَبَين كأَنه مَحَجَّة ظَاهِرَةٌ، والثَّكْمُ: مَصْدَرُ ثَكَمَ؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَرادت أُم سَلَمَةَ أَنهما لَزِما الحقَّ وَلَمْ يَظْلما وَلَا خَرَجا عَنِ المَحَجَّة يَمِينًا وَلَا شِمَالًا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
الْآخَرُ: أَنَّ أَبا بَكْرٍ وعُمر ثَكَما الأَمر فَلَمْ يَظْلماه
؛ قَالَ الأَزهري: أَراد رَكِبا ثَكَم الطَّرِيقِ وَهُوَ قَصْده. وثَكِمَ بِالْمَكَانِ، بِالْكَسْرِ، يَثْكَم إِذا أَقام بِهِ، وثَكِمْت الطَّرِيقَ إِذا لَزِمته. وثُكامة: اسم بلد.
ثلم: ثَلَمَ الإِناءَ والسيفَ ونحوَه يَثْلِمُهُ ثَلْماً وثلَّمه فانْثَلَم وتَثَلّم: كَسَرَ حَرْفَه. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ فِي الإِناء ثَلْم إِذا انْكَسَرَ مِنْ شَفَتِه شَيْءٌ، وَفِي السَّيْفِ ثَلْم. والثُّلْمة: الْمَوْضِعُ الَّذِي قَدِ انْثَلم، وَجَمْعُهَا ثُلَم، وَقَدِ انْثَلَم الْحَائِطُ وتَثَلَّم؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
بالحَزْن فالصَّمَّان فالمُتَثَلَّمِ «3»
وَيُقَالُ: ثَلَمْت الْحَائِطَ أَثْلِمُه، بِالْكَسْرِ، ثَلْماً
__________
(1) . 1 قوله [درمنه اسبيذ] عبارة شارح القاموس: واختلف في ضبطه، فالذي في نسختنا بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وسكون الميم، وفي بعضها بفتح الدال وتشديد الراء المفتوحة وسكون الميم، وكل هذا خبط، والصحيح درمنه بفتح الأَول والثالث وسكون الراء وأصله درميانه واسبيذ بالكسر والمعنى في وسطه أبيض
(2) . 2 قوله [قال المرار الأسدي] عبارة التكملة: المرار الفقعسي
(3) . 1 هذا البيت لعنترة من معلقته وصدره:
وتحلّ عبلة بالجواء وأهلنا
ويروى أيضاً: المتثلِّم، بكسر اللام.(12/78)
فَهُوَ مَثْلوم. والثُّلْمة: الخَلَل فِي الْحَائِطِ وَغَيْرِهِ. وثَلِمَ الشَّيْءُ، بِالْكَسْرِ، يَثْلَم، فَهُوَ أَثْلَم بيِّن الثَّلَم، وثَلَّمته أَيضاً شُدِّد لِلْكَثْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهى عن الشُّرْب مِنْ ثُلْمة القَدَح
أَي مَوْضِعُ الْكَسْرِ، وإِنما نَهى عَنْهُ لأَنه لَا يَتماسك عَلَيْهَا فَمُ الشَّارِبِ وربَّما انصبَّ الْمَاءُ عَلَى ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ، وَقِيلَ: لأَنَّ مَوْضِعَهَا لَا يَنَالُهُ التَّنْظِيفُ التامُّ إِذا غُسل الإِناء، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَقْعَدُ الشَّيْطَانِ
، قَالَ: وَلَعَلَّهُ أَراد بِهِ عَدَمَ النَّظَافَةِ. والثُّلْمة: فُرْجة الجُرْف الْمَكْسُورِ. والثَّلَم فِي الْوَادِي، بِالتَّحْرِيكِ: أَن يَنْثَلِم جُرْفُه، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي النُّؤْي والحَوْضِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ورأَيت بِنَاحِيَةِ الصَّمَّان مَوْضِعًا يُقَالُ لَهُ الثَّلَم، قَالَ: وأَنشدني أَعرابي:
تَرَبَّعَتْ جَوَّ خُوَيّ فالثَّلَمْ
والثَّلْم فِي العَرُوض: نَوْعٌ مِنَ الخَرْم وَهُوَ يَكُونُ فِي الطَّوِيلِ والمُتَقارَب. وثُلِمَ في مالهِ ثَلْمة إِذا ذهَب مِنْهُ شَيْءٌ. والأَثْلم: التُّرَابُ وَالْحِجَارَةُ كالأَثْلَب، عَنِ الْهَجَرِيِّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري أَلغة أَم بَدَلٌ، وأَنشد:
أَحْلِف لَا أُعْطِي الخبيثَ دِرْهَمَا ... ظُلْماً، وَلَا أُعطِيه إِلّا الأَثْلَمَا
ومُثَلَّم: اسْمٌ. والثَّلْماءُ: مَوْضِعٌ. والثَّلَم: مَوْضِعٌ، قَالَ زُهَيْرٌ:
هلْ رامَ أَمْ لَمْ يَرِمْ ذُو الجِزْعِ فالثَّلَمُ، ... ذَاكَ الهَوى مِنْكَ لَا دانٍ وَلَا أَمَمُ
أَراد ذَاكَ المَهْوِيّ فَوَضَعَ الْمَصْدَرَ مَوْضِعَ الْمَفْعُولِ، وَيُرْوَى فالسَّلَم. والمُتَثَلَّم: مَوْضِعٌ رَوَاهُ أَهل الْمَدِينَةِ فِي بَيْتِ زُهَيْرٍ:
بحَوْمانَةِ الدَّرَّاجِ فالمُتَثَلَّمِ «1»
وَرِوَايَةُ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهل الْحِجَازِ: فالمُتَثَلِّمِ. والمُثَلَّم: اسْمُ مَوْضِعٍ. وأَبو المُثَلَّم: من شعرائهم.
ثمم: ابْنُ الأَعرابي: ثُمَّ إِذا حُشي، وثُمَّ إِذا أُصلِحَ. ابْنُ سِيدَهْ: ثَمّ يَثُمُّ، بِالضَّمِّ، ثَمّاً أَصلَح. وثمَمْت الشَّيْءَ أَثُمُّه، بِالضَّمِّ، ثَمّاً إِذا أَصلَحته ورمَمْتَه بالثُّمام؛ وَمِنْهُ قِيلَ: ثَمَمْت أُموري إِذا أَصلَحتها ورمَمْتَها. ورُوي عَنْ عُرْوة بْنِ الزُّبَيْرِ أَنه ذَكَرَ أُحَيْحة بْنَ الجُلاح وقَوْل أَخْوالِه فِيهِ: كنَّا أَهلَ ثُمِّهِ ورُمِّهِ حَتَّى استَوى عَلَى عُمَمِه وعَمَمِه؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمُحَدِّثُونَ هَكَذَا يَرْوُونه، بِالضَّمِّ، ووجْهه عِنْدِي بِالْفَتْحِ. والثَّمُّ: إِصلاحُ الشَّيْءِ وإِحكامُه، وَهُوَ والرَّمُّ بِمَعْنَى الإِصلاح، وَقِيلَ: هُمَا، بِالضَّمِّ، مَصْدَرَانِ كَالشُّكْرِ أَو بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كالذُّخْر أَي كنَّا أَهل تَرْبِيَتِه والمُتَولِّين لإِصلاح شأْنه، يُقَالُ مِنْهُ: ثَمَمْت أَثُمُّ ثَمّاً؛ وَقَالَ هِمْيان بْنُ قُحافة يَذْكُرُ الإِبل وأَلْبانَها:
حَتَّى إِذا مَا قضَتِ الْحَوَائِجَا، ... ومَلأَتْ حُلَّابُها الخَلانِجا
مِنْهَا، وثَمُّوا الأَوْطُبَ النَّواشِجا
قَالَ: أَراد أَنهم شدُّوها وأَحكَموها، قَالَ: والنَّواشجُ الْمُمْتَلِئَةُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ ثَمُّوا الأَوْطُب النَّواشِجَ أَي فَرشوا لَهَا الثُّمامَ وظَلَّلوها بِهِ، قَالَ: وَهَكَذَا سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: ثَمَمْت السِّقاء إِذا فَرَشْت لَهُ الثُّمام وجعلتَه فَوْقَهُ لِئَلَّا تُصيبه الشمسُ فَيَتَقطَّع لَبَنُه. والثُّمامُ: نَبْت مَعْرُوفٌ فِي الْبَادِيَةِ وَلَا تَجْهَدُه النَّعَم
__________
(1) . 1 صدر هذا البيت:
أمِن أُمِّ أَوْفَى دِمنةٌ لَمْ تكلَّمِ(12/79)
إِلَّا فِي الجُدوبة، قَالَ: وَهُوَ الثُّمَّةُ أَيضاً، وَرُبَّمَا خفِّف فَقِيلَ: الثُّمَة، والثُّمَةُ: الثُّمامُ. ورجلٌ مِعَمٌّ مِثَمٌّ مِلَمٌّ لِلَّذِي يُصْلح الأَمْر وَيَقُومُ بِهِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: المِثَمُّ الَّذِي يَرْعَى عَلَى مَن لَا راعِيَ لَهُ، ويُفْقِرُ مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، ويَثُمُّ مَا عَجَزَ عَنْهُ الحيُّ مِنْ أَمرهم، وإِذا كَانَ الرَّجُلُ شَدِيدًا يأْتي مِنْ وَرَاءِ الصَّاغِيَةِ وَيَحْمِلُ الزِّيَادَةَ ويردُّ الرِّكاب قِيلَ لَهُ: مِثَمٌّ، وإِنه لَمِثَمٌّ لأَسافِل الأَشياء. ومَثَمُّ الفَرس، بِالْفَتْحِ: منقطَع سُرَّتِه، والمَثَمَّةُ مِثْلُهُ. وثَمَّ الشيءَ يَثُمه ثَمّاً: جَمَعَهُ، وأَكثرُ مَا يُستعمَل فِي الحَشيش. وَيُقَالُ: هُوَ يَثُمُّه ويقمُّه أَي يَكْنُسُه ويَجمع الجيِّد والرَّديء. وَرَجُلٌ مِثَمٌّ ومِقَمٌّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، إِذا كَانَ كَذَلِكَ، ومِثَمَّةٌ ومِقَمَّةٌ أَيضاً، الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. وَقَالَ أَعرابي: جَعْجَع بِي الدهرُ عَنْ ثُمِّه ورُمِّه أَي عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ. والثُّمَّةُ، بِالضَّمِّ: القَبْضة مِنَ الْحَشِيشِ. وثَمَّ يَدَهُ بالحشيشِ أَو الأَرضِ: مَسَحها، وثَمَمْت يَدِي كَذَلِكَ. وانْثَمَّ عَلَيْهِ أَي انْثال عَلَيْهِ. وانْثَمَّ جسمُ فُلَانٍ أَي ذاب مِثْلُ انْهَمَّ؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. أَبو حَنِيفَةَ: الثُّمُّ لُغَةٌ فِي الثُّمامِ، الْوَاحِدَةُ ثُمَّةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فأَصبح فِيهِ آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدٍ، ... وثُمٍّ عَلَى عَرْش الْخِيَامِ غَسيِل
وَقَالُوا فِي المَثَلِ لنَجاحِ الْحَاجَةِ: هُوَ عَلَى رأْس الثُّمَّة؛ وَقَالَ:
لَا تَحْسبي أَنَّ يَدي فِي غُمَّهْ، ... فِي قَعْر نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ جَمَّهْ،
أَمسحُها بتُرْبَةٍ أَو ثُمَّهْ
وثَمَّتِ الشاةُ الشيءَ والنَّباتَ بفِيها تَثُمُّه ثَمّا، وَهِيَ ثَمُومٌ: قَلَعَتْه بفِيها، وكلَّ مَا مرَّت بِهِ، وَهِيَ شَاةٌ ثَمُومٌ. الأُموي: الثَّمُومُ مِنَ الْغَنَمِ الَّتِي تَقْلَع الشَّيْءَ بِفِيهَا، يُقَالُ مِنْهُ: ثَمَمْت أَثُمُّ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلشَّيْءِ الَّذِي لَا يَعسُر تَناوُلُه: هُوَ عَلَى طَرَف الثُّمام، وَذَلِكَ أَن الثُّمامَ لَا يَطول فيَشُقّ تناوُلُه. أَبو الْهَيْثَمِ: تَقُولُ الْعَرَبُ فِي التَّشْبِيهِ هُوَ أَبوه عَلَى طَرَف الثُّمَّة إِذا كَانَ يُشْبهه، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الثَّمَّة، مَفْتُوحَةٌ. قَالَ: والثُّمَّة الثُّمام إِذا نُزِع فَجُعِلَ تَحْتَ الأَساقي. يُقَالُ: ثَمَمْتُ السِّقاء أَثُمُّه إِذا جَعَلْتُ تحتَه الثُّمَّة، وَيُقَالُ: ثُمَّ لَهَا أَي اجْمع لَهَا. وثَمَّ الشيءَ يَثُمُّه وثَمَّمَهُ: وطِئَه، وَالِاسْمُ الثُّمُّ، وَكَذَلِكَ ثَمَّ الوَطْأَة. وثَمَّمَ الكثيرُ: لُغَةٌ فِي ثَمَّمَ «1» ، وَيُقَالُ ذَلِكَ عَلَى الثُّمَّة، يضرَب مَثَلًا فِي النَّجَاحِ. وانْثَمَّ الشَّيْخُ انْثِماماً: ولَّى وكَبِرَ وهَرِمَ. وثَمَّ الطَّعامَ ثَمّاً: أَكلَ جَيِّده. وَمَا لَهُ ثُمٌّ وَلَا رُمٌّ: فالثُّمُّ قُماشُ الناسِ أَساقيهم وآنِيتَهُم، والرُّمُّ مَرمَّةُ الْبَيْتِ. وَمَا يَمْلِكُ ثُمّاً وَلَا رُمّاً أَي قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، لَا يُستعمل إِلَّا فِي النَّفْيِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الثُّمُّ والرُّمُّ صَحِيحٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ أَبو عمرو: الثُّمُّ الرُّمُّ؛ وأَنشد لأَبي سَلَمَةَ الْمُحَارِبِيِّ:
ثَمَمْت حَوَائِجِي ووَذَأْتُ عَمْراً، ... فَبِئْسَ مُعَرَّسُ الرَّكْب السِّغاب «2»
. ثَمَمْت: أَصلحت؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: كنَّا أَهل ثُمِّه ورُمِّه. والثُّمامُ: شَجَرٌ، وَاحِدَتُهُ ثُمامة وثُمَّة؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ، وَبِهِ فُسِّرَ
__________
(1) . 1 قوله [وَكَذَلِكَ ثَمَّ الْوَطْأَةَ وَثَمَّمَ الكثير لغة في ثمم] هكذا في الأصل
(2) . 2 قوله [ووذأت عمراً] في نسخة: بشراً وهو كذلك في الصحاح هنا وفي مادة وذأ، وفي الأصل: الشعاب بالشين المعجمة والعين المهملة. وفي الصحاح في المادتين المذكورتين: السغاب بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ(12/80)
قَوْلُهُمْ: هُوَ لَكَ عَلَى رأْس الثُّمَّةِ، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ ثُمامة. والثُّمام: نَبْتٌ ضَعِيفٌ لَهُ خُوصٌ أَو شَبِيهٌ بالخُوص، وَرُبَّمَا حُشِي بِهِ وسُدَّ بِهِ خَصاص الْبُيُوتِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ ضَعِيفَ الثُّمام:
وَلَوْ أَنّ مَا أَبْقَيْت مِني مُعَلَّقٌ ... بعُودِ ثُمامٍ، مَا تأَوَّدَ عُودُها
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: اغْزوا والغَزْوُ حُلْوٌ خَضِر قَبْلَ أَن يَصِيرَ ثُماماً ثُمَّ رُماماً ثُمَّ حُطاماً
؛ والثُّمام: نَبْتٌ ضَعِيفٌ قَصِيرٌ لَا يَطُولُ، والرُّمامُ: الْبَالِي، والحُطامُ: المتَكسِّر المُتَفَتِّت؛ الْمَعْنَى: اغْزُوا وأَنتم تُنْصَرون وتُوفِّرُون غَنَائِمَكُمْ قَبْلَ أَن يَهِنَ ويَضْعُف وَيَصِيرَ كالثُّمام. والثُّمام: مَا يَبِس مِنَ الأَغْصان الَّتِي توضَع تَحْتَ النَّضَدِ. وبيتٌ مَثْمومٌ: مُغَطىًّ بالثُّمامِ، وَكَذَلِكَ الوَطْب، وَهُوَ عَلَى طَرَف الثُّمام أَي مُمْكِنٌ لَا مُحال؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الأَزهري: الثُّمامُ أَنواع: فَمِنْهَا الضَّعَة وَمِنْهَا الجَليلةُ وَمِنْهَا الغَرَفُ، وَهُوَ شَبِيهٌ بالأَسَل وتُتَّخذ مِنْهُ المَكانِس ويُظَلَّل بِهِ المَزاد فيُبَرِّد الْمَاءَ. وَشَاةٌ ثَمومٌ: تأْكل الثُّمامَ، وَقَدْ قُلْنَا إِنها الَّتِي تقلَع الشَّيْءَ بفِيها. ابْنُ السِّكِّيتِ: ثَمَّمْتُ العَظْم تَثْميماً، وَذَلِكَ إِذا كَانَ عَنِتاً فأَبَنْتَه. والثَّمِيمةُ: التّامورةُ المشدودةُ الرأْس، وَهِيَ الثِّفالُ وَهِيَ الإِبريقُ. وثَمَّ، بِفَتْحِ الثَّاءِ: إِشارة إِلى الْمَكَانِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: ثَمَّ يَعْنِي بِهِ الجَنَّة، وَالْعَامِلُ فِي ثمَّ مَعْنَى رأَيت، الْمَعْنَى وإِذا رَمَيْتَ ببصَرك ثَمَّ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى إِذا رأَيت مَا ثَمَّ رأَيت نَعيماً، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا غَلَطٌ لأَن مَا مَوْصُولَةٌ بِقَوْلِهِ ثَمَّ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ، وَلَا يَجُوزُ إِسقاط الْمَوْصُولِ وتَرْكُ الصِّلة، وَلَكِنَّ رأَيت متعدٍّ فِي الْمَعْنَى إِلى ثَمَّ. وأَما قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ
، فإِن الزَّجَّاجَ قَالَ أَيضاً: ثَمَّ موضِعُه موضعُ نَصْب، وَلَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ ثَمّاً زيدٌ «1» ، وإِنما بُنيَ عَلَى الْفَتْحِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وثَمَّ فِي الْمَكَانِ: إِشارة إِلى مَكَانٍ مُنْزاحٍ عَنْكَ، وإِنما مُنِعَت ثَمَّ الإِعراب لإِبْهامها، قَالَ: وَلَا أَعلم أَحداً شَرَحَ ثَمَّ هَذَا الشَّرْحَ، وأَما هُنَا فَهُوَ إِشارة إِلى الْقَرِيبِ مِنْكَ. وثَمَّ: بِمَعْنَى هُنَاكَ وَهُوَ لِلتَّبْعِيدِ بِمَنْزِلَةِ هُنَا لِلتَّقْرِيبِ. قَالَ أَبو إِسحاق: ثَمَّ فِي الْكَلَامِ إِشارة بِمَنْزِلَةِ هُنَاكَ زَيْدٌ، وَهُوَ الْمَكَانُ الْبَعِيدُ مِنْكَ، ومُنِعت الإِعرابَ لإِبهامها وبَقِيت عَلَى الْفَتْحِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وثَمَّتَ أَيضاً: بِمَعْنَى ثَمَّ. وثُمّ وثُمَّتَ وثُمَّتْ، كُلُّهَا: حَرْفُ نَسَق وَالْفَاءُ فِي كُلِّ ذَلِكَ بَدَلٌ مِنَ الثَّاءِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ. اللَّيْثُ: ثُمَّ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ النَّسَق لَا يُشَرِّك مَا بعدَها بِمَا قَبْلَهَا إِلا أَنها تُبَيِّنُ الْآخِرِ مِنَ الأَوّل، وأَما قَوْلُهُ: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها
، والزَّوْج مَخْلُوقٌ قَبْلَ الْوَلَدِ، فَالْمَعْنَى أَن يُجْعَل خلْقُه الزوجَ مَرْدُودًا عَلَى واحدةٍ، الْمَعْنَى خَلَقَهَا واحدة ثم جعل منها زَوْجَها، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ، قَالَ: الْمَعْنَى خَلَقَكُمْ مِنْ نفسٍ خَلَقَهَا وَاحِدَةً ثمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوجَها أَي خَلَقَ مِنْهَا زوجَها قَبْلَكُمْ؛ قَالَ: وثُمَّ لَا تَكُونُ فِي العُطوف إِلَّا لِشَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ، وَالْعَرَبُ تَزِيدُ فِي ثُمَّ تَاءً تَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا ثُمَّت فَعَلْتُ كَذَا؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيم يَسُبُّني، ... فمضَيْت ثُمَّتَ قُلْتُ: لَا يَعْنِيني
وَقَالَ الشاعر:
__________
(1) . 1 قوله [وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ ثماً زيد] هكذا في الأصل ولعله وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ ثماً زيد(12/81)
ثُمَّتَ يَنْباعُ انْبِياعَ الشجاعْ
وثُمَّ: حَرْفُ عَطْفٍ يَدُلُّ على الترتيب والتراخي.
ثمثم: الثَّمْثَمُ: الْكَلْبُ، وَقِيلَ: الثَّمْثَمُ كَلْبُ الصَّيْدِ. الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: العُرْبُجُ والثَّمْثَمُ كَلْبُ الصَّيْدِ. وثَمْثَمَ الرجلُ عَنِ الشَّيْءِ وتَثَمْثَم: تَوَقَّفَ، وَكَذَلِكَ الثورُ والحِمارُ؛ قَالَ الأَعشى:
فَمَرَّ نَضِيُّ السَّهْمِ تَحْتَ لَبانِه، ... وجالَ عَلَى وَحْشِيِّه لَمْ يُثَمْثِمِ
وَتَكَلَّمَ فَمَا تَثَمْثَمَ وَلَا تَلَعْثَم بِمَعْنًى. وثَمْثَموا الرَّجُلَ: تَعْتَعُوه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وثَمْثَمَ الرَّجُلُ إِذا غَطَّى رأْس إِنائه. وَيُقَالُ: مَثْمِثُوا بِنَا سَاعَةً وثَمْثِموا بِنَا سَاعَةً ولَثْلِثوا سَاعَةً وحَفْحِفوا «1» . سَاعَةً أَي رَوِّحوا بِنَا قَلِيلًا. الثَّمْثام: الَّذِي إِذا أَخذ الشَّيْءَ كسَره. وَيُقَالُ: هَذَا سَيْف لَا يُثَمْثَمُ نَصْله أَي لَا يُثْنَى إِذا ضُرب بِهِ وَلَا يَرْتَدّ؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ:
فوَرَّك لَيْناً لَا يُثَمْثَمُ نَصْلُه، ... إِذا صابَ أَوساطَ العِظامِ صَمِيمُ
صَميمٌ أَي مُصَمِّم فِي العَظْم؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
مُسْتَرْدِفاً، مِن السَّنام الأَسْنَمِ، ... حَشاً طَوِيلَ الفَرْع لَمْ يُثَمْثَمِ
أَي لَمْ يكْسَر وَلَمْ يُشْدخ بالحَمْل، يَعْنِي سَنامه، وَلَمْ يُصِبْه عَمَدٌ فَيَنْهَشِم؛ العَمَدُ: أَن يَنْشَدِخ فَيَنْغَمِر. وثَمْثَمَ قِرْنَه إِذا قَهَرَه؛ قَالَ:
فَهُوَ لِحُولانِ القِلاصِ ثَمْثام
ثوم: قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الثُّومُ هَذِهِ البَقْلة مَعْرُوفٌ، وَهِيَ بِبَلَدِ الْعَرَبِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا بَرِّيٌّ وَمِنْهَا رِيفِيٌّ، وَاحِدَتُهُ ثُومةٌ. والثُّومة: قَبِيعةُ السيْفِ عَلَى التَّشْبِيهِ لأَنها عَلَى شَكْلها. والثُّوم: لُغَةٌ فِي الفُوم، وَهِيَ الحِنْطة. وأُمُّ ثُومةَ: امرأَة؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لأَبي الْجَرَّاحِ نَفْسِهِ:
فَلَوْ أَنَّ عِنْدِي أُمَّ ثُومةَ لَمْ يَكُنْ ... عليَّ، لِمُسْتَنِّ الرِّياح، طريقُ
وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ أُمُّ ثُومةَ هُنَا السَّيْفَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَن الثُّومةَ قَبيعةُ السيفِ، وكأَنه يَقُولُ: لَوْ كَانَ سيْفي حَاضِرًا لَمْ أُذَلَّ وَلَمْ أُهَنْ. والثِّوَمُ: شَجَرٌ طيِّب الرِّيحِ عِظَامٌ وَاسِعُ الورَق أَخضر، أَطيب رِيحاً مِنَ الْآسِ، يُبْسط فِي الْمَجَالِسِ كَمَا يُبْسَط الرَّيحان، وَاحِدَتُهُ ثِوَمةٌ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الخُنْعُبَة والنُّونَةُ والثُّومَةُ والهَزْمةُ والوَهْدَةُ والقَلْدةُ والهَرْتَمَةُ والعَرْتَمَةُ والحِثْرِمةُ؛ قَالَ اللَّيْثُ: الخُنْعُبَةُ مَشقّ مَا بَيْنَ الشارِبين بحِيال الوتَرَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
فصل الجيم
جثم: جثَم الإِنسانُ والطائرُ والنَّعامةُ والخِشْف والأَرْنبُ واليَرْبوعُ يَجْثِم ويَجْثُم جَثْماً وجثُوماً، فَهُوَ جاثِم: لَزِم مَكَانَهُ فَلَمْ يَبْرَح أَي تَلَبَّد بالأَرض، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقَعَ عَلَى صَدْرِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا الكُماةُ جَثَمُوا على الرُّكَبْ، ... ثَبَجْتَ، يا عَمْرو، ثُبُوجَ المُحْتَطِبْ
قَالَ: وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ البُرُوك للإِبل؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فلزِمها حَتَّى تَجَثَّمَها تَجَثُّمَ الطَّيْرِ أُنْثاه إِذا عَلاها
__________
(1) . 1 قوله [حفحفوا] هكذا هو في الأصل هنا وفي مادة لثث(12/82)
للسِّفاد.
وجَثَم فُلَانٌ بالأَرضَ يَجْثُم جُثوماً: لصِق بِهَا ولَزِمها؛ قَالَ النَّابِغَةُ يصِف رَكَبَ امرأَةٍ:
وإِذا لَمَسْتَ لَمَسْتَ أَجْثَمَ جَاثِمًا. ... مُتَحَيِّراً بِمَكَانِهِ مِلْءَ اليَدِ
اللَّيْثُ: الجاثِمُ اللَّازِمُ مَكَانَهُ لَا يَبْرح. اللَّيْثُ: الجاثِمَةُ واللَّبِدُ الَّذِي لَا يَبْرحُ بيتَه؛ يُقَالُ: رَجُلٌ جُثَمةٌ وجَثَّامة للنَّؤوم الَّذِي لَا يسافِر. وَيُقَالُ: إِن العسَل يَجْثُم عَلَى المَعِدة ثُمَّ يَقْذِف بِالدَّاءِ، وَفِي بَعْضِ الْكَلَامِ: إِذا شرِبت العسَل جَثَم عَلَى رأْس المَعِدة ثُمَّ قَذف الدَّاءَ؛ وجمعُ الجاثِمِ جُثوم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ*
؛ أَي أَجساداً مُلْقاةً فِي الأَرض؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: أَي أَصابهم البلاءُ فبَركوا فِيهَا، والجاثِمُ: البارِك عَلَى رِجْليه كَمَا يَجْثِمُ الطيرُ، أَيْ أَصابهم العذابُ فَمَاتُوا جاثِمين أَيْ بارِكين. الأَصمعي: جَثَمْت وجَثَوْت وَاحِدٌ. والجَثُومُ: الأَرْنَبُ لأَنها تَجْثِمُ، وَمَكَانُهَا مَجْثَمٌ. والجُثامُ والجاثُومُ: الكابُوس يَجْثِمُ عَلَى الإِنسان، وَهُوَ الدَّيَثانيُّ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لِلَّذِي يقَع عَلَى الإِنسان وَهُوَ نَائِمٌ جاثُوم وجُثَم وجُثَمة ورازِمٌ ورَكَّاب وجَثَّامة؛ قَالَ: وَهُوَ هَذَا النَّجْتُ «1» الَّذِي يقَع عَلَى النَّائِمِ. وجَثَمَ الليلُ جُثوماً: انتصَف؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والجَثَمَةُ والحَثَمة «2» . والجَثوم: الأَكَمَةُ؛ قَالَ تأَبط شَرًّا:
نَهَضْتُ إِلَيْهَا مِنْ جَثومٍ كأَنَّها ... عجوزٌ، عَلَيْهَا هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ
والجَثَّامةُ: البَلِيدُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
مِنْ أَمْرِ ذِي بَدَواتٍ لَا تَزالُ لَهُ ... بَزْلاءُ، يَعْيَا بِهَا الجَثَّامة اللُّبَدُ
وَيُرْوَى اللَّبِدُ، بالكسر، وهي أَجود عِنْدَ أَبي عُبَيْدٍ، والجَثَّامةُ: السَّيِّدُ الْحَلِيمُ: والمُجَثَّمةُ: المَحْبوسةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهى عَنِ المَصْبُورة والمُجَثَّمةِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُجَثَّمة الَّتِي نَهَى عَنْهَا هِيَ المَصْبورة وَهِيَ كُلُّ حَيَوَانٍ يُنْصَب ويُرْمَى ويُقْتَل. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَكِنَّ المُجَثَّمة لَا تَكُونُ إِلَّا مِنَ الطَّيْرِ والأَرانِب وأَشْباهِها مِمَّا يَجْثِمُ بالأَرض أَيْ يَلْزمها، لأَن الطَّيْرَ تَجْثِم بالأَرض إِذا لَزِمَتْها ولَبَدت عَلَيْهَا، فإِنْ حَبَسَها إِنْسَانٌ قِيلَ: قَدْ جُثِّمتْ، فَهِيَ مُجَثَّمة إِذا فُعِل ذَلِكَ بِهَا، وَهِيَ الْمَحْبُوسَةُ، فإِذا فَعَلَتْ هِيَ مِنْ غَيْرِ فِعْل أَحد قِيلَ: جَثَمتْ تَجْثِمُ وتَجْثُمُ جُثُوماً، فَهِيَ جَاثِمَةٌ. شَمِرٌ: المُجَثَّمة هِيَ الشَّاةُ الَّتِي تُرْمى بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُؤْكَلُ، قَالَ: وَالشَّاةُ لَا تَجْثِم إِنما الجُثوم لِلطَّيْرِ وَلَكِنَّهُ استُعِير. وَرُوِيَ
عَنْ عِكْرمة أَنه قَالَ: المُجَثَّمة الشَّاةُ تُرمَى بالنَّبْل حَتَّى تُقْتَل.
وجَثَمَ الطِّين والترابَ والرَّماد: جَمَعها، وَهِيَ الجُثْمة. والجَثْمُ والجَثَم: الزَّرْع إِذا ارْتَفَعَ عَنِ الأَرض شَيْئًا واستقَلّ نَبَاتُهُ، وَقَدْ جَثَم يجثِم. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الجَثْمُ العِذْقُ إِذَا عَظُم بُسْرُه، وَالْجَمْعُ جُثُومٌ. وجَثَمَت العُذُوق تَجْثُمُ، بِضَمِّ الثَّاءِ، جُثوماً: عَظُم بُسْرُها شَيْئًا، وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذَا عظُمت فلزِمتْ مَكَانَهَا. والجُثْمان: الجِسْم؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
__________
(1) . 1 قوله [وهو هذا النجت] هكذا في أصل من غير نقط، وفي نسخة سقيمة من التهذيب: وهو هذا النجت
(2) . 2 قوله [والجثمة إلخ] عبارة التكملة: الجثمة والحثمة، بالتحريك فيهما، والجثوم الأكمة إِلى آخر ما هنا، وضبط الأَخير فيها كصبور ولكن يستفاد من القاموس أَن الأَخير مضموم الأَول(12/83)
وباتَتْ بِجُثْمانِيَّةِ الماءِ نِيبُها، ... إِلَى ذاتِ رَحْلٍ كالمآتِمِ حُسَّرا
جُثْمانِيَّة الْمَاءِ: الماءُ نفسُه. وَيُقَالُ: جُثْمانِيَّة الماءِ وسَطُه ومُجْتَمَعُه ومكانُه؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
واعْطِفْ عَلَى بازٍ تَراخى مَجْثَمُهْ
أَيْ بَعُدَ وَكْره. التَّهْذِيبُ: الجُثْمان بِمَنْزِلَةِ الجُسْمان جَامِعٌ لِكُلِّ شَيْءٍ تُرِيدُ بِهِ جِسْمه وأَلواحَه. وَيُقَالُ: مَا أَحسن جُثْمان الرَّجُلِ وجُسْمانه أَيْ جَسَدُهُ؛ قَالَ الممزَّق العَبْديّ:
وَقَدْ دعَوْا ليَ أَقْواماً، وَقَدْ غَسَلوا، ... بالسِّدْر والماءِ، جُثْماني وأَطْباقي
الأَزهري: قَالَ الأَصمعي الجُثْمان الشَّخْصُ، والجُسْمانُ الجِسْم؛ قَالَ بِشْر:
أَمُونٌ كدُكَّان العِباديِّ فَوْقَها ... سَنامٌ كجُثْمان البَنِيَّةِ أَتْلَعا
يَعْنِي بالبَنِيَّة الْكَعْبَةَ، وَهُوَ شَخْصٌ وَلَيْسَ بجَسد؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صوابُ إنْشاده أَمُوناً بِالنَّصْبِ لأَنه مَنْصُوبٌ بِقَوْلِهِ فكَلَّفْت قَبْلَهُ، وَهُوَ:
فكَلَّفْت مَا عِنْدِي، وَإِنْ كنتُ عامِداً ... مِنَ الوَجْدِ كالثَّكْلان، بَلْ أَنا أَوْجَعُ
وأَتْلَعُ بِالرَّفْعِ لأَنه نَعْتٌ لسَنام، وَالَّذِي فِي شِعْره كجُثْمان البَلِيَّة، وَهِيَ النَّاقَةُ تُجْعَلُ عِنْدَ قَبْرِ الْمَيِّتِ؛ شبَّه سَنام نَاقَتِهِ بجُثْمانِها. وَيُقَالُ: جَاءَنِي بثَريد مِثْلِ جُثْمان القَطاة. والجُثُوم: جَبَلٌ؛ قَالَ:
جَبَل يَزيدُ عَلَى الجِبالِ إِذَا بَدَا، ... بَيْنَ الرَّبائِع والجُثُومِ مُقِيمُ
جحم: أَجْحَم عَنْهُ: كَفَّ كأَحْجَم. وأَحْجَم الرجلَ: دَنا أَن يُهْلِكَه. والجحيمُ: اسْمٌ مِنْ أَسماء النَّارِ. وكلُّ نارٍ عَظِيمَةٍ فِي مَهْواةٍ فَهِيَ جَحِيمٌ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ
. ابْنُ سِيدَهْ: الجحيمُ النارُ الشديدة التأَجُّج كَمَا أَجَّجوا نارَ إِبْرَاهِيمَ النبيِّ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَهِيَ تَجْحَمُ جُحوماً أَيْ توقَّد توقُّداً، وَكَذَلِكَ الجَحْمةُ والجُحْمةُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
إنْ تأْتِه، فِي نَهار الصَّيْفِ، لَا تَرَهُ ... إلَا يُجَمِّع مَا يَصْلى مِنَ الجُحَمِ
ورأَيت جُحْمةَ النارِ أَيْ توقُّدَها. وكلُّ نارٍ تُوقد عَلَى نارٍ جَحِيمٌ، وَهِيَ نارٌ جاحِمةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:
وضالةٌ مثلُ الجحِيمِ المُوقَدِ
شَبَّه النِّصال وحِدَّتها بِالنَّارِ؛ وَنَحْوٌ مِنْهُ قَوْلُ الهذلي:
كأَنّ ظُباتِها عُقُرٌ بَعِيجُ
وَيُقَالُ لِلنَّارِ: جاحِمٌ أَي توقُّد والتهابٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ يَتجاحَمُ أَي يتحرَّق حِرْصاً وبُخْلًا، وَهُوَ مِنَ الجحِيم، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْجَحِيمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَسماء جَهَنَّمَ، وأَصله مَا اشْتَدَّ لَهَبُه مِنَ النَّارِ. والجاحِمُ: الْمَكَانُ الشَّدِيدُ الْحَرِّ؛ قَالَ الأَعشى:
يُعِدُّون للهَيْجاء قبلَ لِقائها، ... غَداةَ احْتِضار البأْس، والموتُ جاحِمُ
وجحَم النارَ: أَوْقَدها. وجَحُمَت نارُكم تَجْحُم جُحوماً: عَظُمت وتأَجَّجَتْ، وجَحِمتْ جَحَماً وجَحْماً وجُحوماً: اضْطَرمَتْ وكثُر جَمْرُها(12/84)
ولَهَبُها وتَوقُّدها، وَهِيَ جَحيمٌ وجاحِمةٌ. وجَمْرٌ جاحِمٌ: شَدِيدُ الاشتِعال. وجاحِمُ الحَرْب: مُعْظَمُها، وَقِيلَ: شدَّة القَتْل فِي مُعْتَركها؛ وأَنشد:
حَتَّى إِذَا ذَاقَ مِنْهَا جاحِماً بَرَدا
وَقَالَ الْآخَرُ:
والحَرْب لَا يَبْقى ... لجاحِمِها التخيُّل والمِراح
وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِمْ فُلَانٌ جَحَّامُ وَهُوَ يَتجاحَمُ عَلَيْنَا أَيْ يَتضايَقُ، وَهُوَ مأْخوذ مِنْ جاحِمِ الحَرْب، وَهُوَ ضِيقُها وشدّتُها. والجُحام: دَاءٌ يُصِيب الإِنسانَ فِي عَيْنِهِ فتَرِم، وَقِيلَ: هُوَ دَاءٌ يُصيب الْكَلْبَ يُكْوى مِنْهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لِمَيْمُونةَ كلبٌ يُقَالُ لَهُ مِسْمار فأَخذه دَاءٌ يُقَالُ لَهُ الجُحام، فَقَالَتْ: وارَحْمتا لمِسْمار
تَعْنِي كلبَها؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الجُحام دَاءٌ يأْخذ الْكَلْبَ فِي رأْسه فيُكوَى مِنْهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ يُصيبُ الإِنسان أَيضاً. والجَحْمةُ: العينُ. وجَحْمَتا الإِنسان: عَيْنَاهُ. وجَحْمَتا الأَسدِ: عَيْنَاهُ، بِلُغَةِ حِمْيَرَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ خاصَّة: قَالَ:
أَيا جَحْمَتا بَكِّي عَلَى أُمِّ مالك، ... أَكِيلةِ قِلَّوْبٍ بأَعْلى المَذانِب
القِلَّوْب: الذِّئْبُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بِمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ:
أُتِيحَ لَهَا القِلَّوْبُ مِنْ أَرض قَرْقَرى، ... وقد يَجْلُبُ [يَجْلِبُ] الشَّرَّ البَعِيدَ الجَوالِبُ
فَيَا جَحْمَتي بَكِّي عَلَى أُمِّ مالكٍ، ... أَكِيلةِ قِلِّيبٍ ببعضِ المَذانِب
فَلَمْ يُبْقِ مِنْهَا غيرَ نِصفِ عِجانِها، ... وشُنْتُرةٍ مِنْهَا، وإحْدى الذَّوائِب
وأَجْحَم العينِ: جاحِمها. قَالَ الأَزهري: جَحْمَتا الأَسدِ عَيْنَاهُ، بِكُلِّ لُغَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: الجُحامُ مَعْرُوفٌ. والجُحُمُ: القليلُو الْحَيَاءِ. والتَّجْحِيمُ: الاسْتِثبات فِي النَّظَرِ لَا تَطْرِف عَيْنُهُ؛ قَالَ:
كأَنّ عَيْنَيْهِ، إِذَا مَا حَجَّما ... عَيْنَا أَتان تَبْتَغِي أَنْ تُرْطَما
وعينٌ جاحِمةٌ: شاخِصةٌ. وجَحَم الرجلُ عَيْنَيْهِ كالشاخِص. وجَحَّمني بعينِه تَجْحيماً: أحدَّ إليَّ النَّظَرَ. والأَجْحَمُ: الشديدُ حُمْرةِ الْعَيْنَيْنِ مَعَ سَعَتِهما، والأُنثى جَحْماءُ مِنْ نِسْوةٍ جُحْمٍ وجَحْمى.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والجَوْحَمُ الوَرْد الأَحمر، والأَعْرف تَقْدِيمُ الْحَاءِ. وأجْحَمُ بنُ دِنْدِنَةَ الخُزاعي: أَحَدُ سَادَاتِ الْعَرَبِ، وَهُوَ زَوْجُ خَالِدَةَ بِنْتِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.
جحدم: جَحْدَم: اسمٌ. والجَحْدمةُ: الضِّيقُ وسوءُ الخلُق. والجَحْدَمة: السُّرعة في عَدْوٍ.
جحرم: الجَحْرَمة: الضيقُ وسوءُ الخلُق. ورجلٌ جَحْرَمٌ وجُحارِم: سيِءُ الخلُق ضَيِّقُه، وَهِيَ الجَحْرمة.
جحشم: بعيرٌ جَحْشَمٌ: مُنْتَفِخ الجَنْبين؛ قَالَ الفَقْعسيّ:
نِيطَتْ بِجَوْزِ جَحْشَمٍ كُمَاتِرِ(12/85)
الْجَوْهَرِيُّ: الجَحْشَمُ البعيرُ المُنْتَفِخ الجَنْبَينِ.
جحظم: رَجُلٌ جَحْظَمٌ: عَظِيمُ الْعَيْنَيْنِ مِنَ الجَحَظِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ الجَحْظَم. الْكِسَائِيُّ: جَحْظَمْت الغلامَ جَحْظَمةً إِذَا شَدَدْت يَدَيْه عَلَى رُكْبَتَيْه ثُمَّ ضَرَبْتَه. ثُمَّ سأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْ قَوْلِهِ جَحْظَمْتُ فَقَالَ: أَخبرني بِهِ الدُّبَيْرِيّ هَاهُنَا، وأَشار إِلَى دُكان؛ جَحْظَمَه بالحَبْل: أَوثقه كيفما كان.
جحلم: جَحْلمه: صَرَعَه؛ قَالَ:
هُمْ شَهِدُوا يومَ النِّسارِ المَلْحَمَهْ، ... وغادَرُوا سَراتَكُمْ مُجَحْلَمَهْ
وجَحْلَم الحبلَ: مِثْلُ حَمْلَجَه.
جخدم: الجَخْدَمَةُ: السُّرْعَةُ فِي عَدْوٍ؛ ذَكَرَهُ الأَزهري، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: السرعةُ فِي الْعَمَلِ وَالْمَشْيِ، وَاللَّهُ أَعلم.
جدم: الجَدَمةُ، بِالتَّحْرِيكِ: القصيرُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ والغنَم، وَالْجَمْعُ جَدَمٌ؛ قَالَ:
فَمَا لَيلَى مِنَ الهَيْقاتِ طُولًا، ... وَلَا لَيْلى مِنَ الجَدَمِ القِصارِ
وَالِاسْمُ الجَدَم، عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ؛ هَذِهِ وَحْدَهَا عَنِ ابْنِ الأَعرابي خَاصَّةً؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ فِي الجَدَمَةِ الْقَصِيرَةِ مِنَ النِّسَاءِ:
لَمَّا تَمَشَّيْتُ بُعَيْدَ العَتَمَهْ، ... سَمِعْتُ مِنْ فَوْقِ البُيوتِ كَدَمَه
إِذَا الخَرِيعُ العَنْقَفِيرُ الجَدَمَه، ... يَؤُرُّها فَحْلٌ شَديدُ الضَّمْضَمَهْ
الكَدَمَة: الْحَرَكَةُ، والخَرِيعُ. الماجِنة، والعَنْقَفِيرُ: السَّلِطة، والجَدَمة: القصيرةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى الحُذَمة، بِالْحَاءِ عَلَى مِثَالِ هُمَزة، قَالَ: والأَوّل هُوَ المَشْهور، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبو عَمْرٍو. وشاةٌ جَدَمَةٌ: رَدِيِئة. والجَدَمُ: الرُّذالُ مِنَ النَّاسِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَبِهِ فَسَّرَ قَوْلَهُ: مِنَ الجَدَمِ القِصارِ. والجَدَمَةُ: مَا لَمْ يَنْدقَّ مِنَ السُّنْبُل وَبَقِيَ أَنصافاً. والجَدَمة أَيْضًا: مَا يُغَرْبَلُ ويُعْزَل ثُمَّ يُدَقّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنْصافُ سُنْبُلٍ ثُمَّ يُدَقّ ثَانِيَةً، فالأُولى القَصَرة، وَالثَّانِيَةُ الجَدَمةُ والجُدامةُ، وَقِيلَ للحَبَّة قِشْرَتانِ: فالعُلْيا جَدَمةٌ والسُّفْلى قَصَرة. ابْنُ سِيدَهْ: والجَدَم ضَرْب مِنَ التَّمْرِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الجُدامِيُّ ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ بِالْيَمَامَةِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشُّهْرِيز [الشِّهْرِيز] بِالْبَصْرَةِ والتَّبِّيّ بِالْبَحْرَيْنِ؛ قَالَ مُلَيْح:
بذِي حُبُكٍ مثلِ القُنِيِّ، تَزِينُه ... جُدامِيَّةٌ مِنْ نَخْل خَيْبرَ دُلَّخِ
التَّهْذِيبُ: والجُدامُ أَصْل السَّعَف. وَنَخْلَةٌ جُدامِيَّة: كَثِيرَةُ السَّعَف. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: أَجْدَم النخْلُ وزَبَّب إِذَا حَمل شِيصاً. وَنَخْلٌ جادِم وجُدامِيّ: مُوقَرٌ. وإجْدَمْ وهِجْدَم عَلَى البدَل كِلَاهُمَا: مِنْ زَجْر الْخَيْلِ إِذَا زُجِرت لِتَمْضِيَ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ: إجْدَمْ وأَقْدِمْ إِذَا هِيجَ ليَمْضِيَ. وأَقْدِمْ أَجْودها. وأَجْدَمَ الفرسَ: قَالَ لَهُ إجْدَمْ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ مستوفى في هجدم.
جذم: الجَذْم: القَطْع. جَذَمه يَجْذِمه جَذْماً: قطَعه، فَهُوَ جذِيم. وجَذَّمه فانْجَذم وتَجَذَّم. وجَذَب فلانٌ حَبْلَ وِصَالِهِ وجَذَمه إِذَا قطَعه؛(12/86)
قَالَ الْبُعَيْثُ:
أَلَا أَصْبَحَت خَنْساءُ جاذِمةَ الوَصْلِ
والجَذْمُ: سُرْعَةُ القَطْع؛ وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنَّ أَهل الْمَدِينَةِ طَالَ عَلَيْهِمُ الجَذْم والجَذْبُ
أَيِ انْقِطاعُ المِيرة عَنْهُمْ. والجِذْمة: القِطْعة مِنَ الشَّيْءِ يُقْطع طَرَفُه وَيَبْقَى جَذْمُه، وَهُوَ أَصله. والجِذْمة: السَّوْط لأَنه يَتَقَطَّعُ ممَّا يُضْرَب بِهِ. والجِذْمة مِنَ السَّوْط: مَا يُقْطع طرفُه الدَّقِيق وَيَبْقَى أَصله؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
يُوشُونَهُنَّ، إِذَا مَا آنَسوا فَزَعاً ... تَحْتَ السَّنَوَّر، بالأَعْقابِ والجِذَم
ورجلٌ مِجْذامٌ ومِجذامةٌ: قَاطِعٌ للأُمور فَيْصل. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ مِجْذامة لِلْحَرْبِ والسَّير والهَوَى أَيْ يَقْطَعُ هَواه ويَدَعُه. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ مِجْذامة أَيْ سَرِيعُ الْقَطْعِ للمَوَدَّة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
وَإِنِّي لبَاقِي الوُدِّ مِجْذامةُ الهَوَى، ... إِذَا الإِلف أَبْدَى صَفْحه غَيْرَ طَائِلِ
والأَجْذَمُ: الْمَقْطُوعُ اليَد، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي ذَهَبَتْ أنامِلُه، جَذِمَتْ يَدُه جَذَماً وجَذَمها وأَجْذَمها، والجَذْمةُ والجَذَمةُ: مَوْضِعُ الجَذْم مِنْهَا. والجِذْمة: القِطعة مِنَ الْحَبْلِ وَغَيْرِهِ. وَحَبْلٌ جِذْمٌ مَجْذومٌ: مَقْطُوعٌ؛ قَالَ:
هَلَّا تُسَلِّي حاجةٌ عَرَضَتْ ... عَلَقَ القَرينةِ، حَبْلُها جِذْمُ
والجَذَم: مَصْدَرُ الأَجْذَم اليَدِ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَتْ أَصابعِ كَفَّيْهِ. وَيُقَالُ: مَا الَّذِي جَذَّمَ يدَيه وَمَا الَّذِي أَجْذمه حَتَّى جَذِم. والجُذام مِنَ الدَّاء: مَعْرُوفٌ لتَجَذُّم الأَصابع وتقطُّعها. وَرَجُلٌ أَجْذَمَ ومُجَذَّم: نَزَل بِهِ الجُذام؛ الأَوّل عَنْ كُرَاعٍ؛ غَيْرُهُ: وَقَدْ جُذِم الرَّجُلُ، بِضَمِّ الْجِيمِ، فَهُوَ مَجْذوم. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ أَجْذَمَ. والجاذِمُ: الَّذِي وَلِيَ جَذْمَه. والمُجذَّم: الَّذِي يَنْزِلُ بِهِ ذَلِكَ، وَالِاسْمُ الجُذام. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَعَلَّم الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيه لَقِيَ اللهَ يومَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ أَجْذَم.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَجْذَم المَقْطوع الْيَدِ. يُقَالُ: جَذِمَت يدُه تَجْذَمُ جَذَماً إِذَا انْقَطَعَتْ فَذَهَبت، فَإِنْ قَطَعْتها أَنت قُلْتَ: جَذَمْتُها أَجْذِمُها جَذْماً؛ قَالَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ مَنْ نَكَثَ بَيْعَتَه لَقِي اللَّهَ وَهُوَ أَجْذم لَيْسَتْ لَهُ يَدٌ
، فَهَذَا تَفْسِيرُهُ؛ وَقَالَ المُتَلَمِّسُ.
وَهَلْ كنتُ إلَّا مِثْلَ قاطِعِ كَفِّه ... بِكَفٍّ لَهُ أُخْرى، فأَصْبَحَ أَجْذَما؟
وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الأَجْذَم فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَهَبَتْ أَعضاؤه كُلُّهَا، قَالَ: وَلَيْسَتْ يَدُ الناسِي لِلْقُرْآنِ أَولى بالجَذْم مِنْ سَائِرِ أَعضائه. وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَجْذَمُ ومَجْذوم ومُجَذَّم إِذَا تَهافَتَتْ أَطْرافُه مِنْ دَاءِ الجُذام. قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ الْقُتَيْبِيِّ قَرِيبٌ مِنَ الصَّوَابِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَالَ ابْنُ الأَنباري رَدًّا عَلَى ابْنِ قُتَيْبَةَ: لَوْ كَانَ الْعِقَابُ لَا يقَعُ إلَّا بِالْجَارِحَةِ الَّتِي بَاشَرَتِ الْمَعْصِيَةَ لَما عُوقب الزَّانِي بالجَلْد والرَّجْم فِي الدُّنْيَا، وَفِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنه لَقِيَ اللهَ وَهُوَ أَجْذَمُ الحُجَّةِ، لَا لِسانَ لَهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَلَا حُجَّةَ فِي يَدِهِ. وَقَوْلُ
عَلِيٍّ: لَيْسَتْ لَهُ يَدٌ
أَي لَا حُجَّة لَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَقِيَه وَهُوَ مُنْقَطِعُ السَّبَب، يدلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:
القرآنُ سَبَبٌ بيدِ اللَّهِ وسَبَبٌ بأَيديكم، فَمن نَسِيه فَقَدْ قَطع(12/87)
سَبَبَه
؛ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَى الْحَدِيثِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ الأَعرابي، وَهُوَ أَنَّ مَنْ نَسِيَ الْقُرْآنَ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى خاليَ الْيَدِ مِنَ الْخَيْرِ، صِفْرَها مِنَ الثَّوَابِ، فَكَنَّى بِالْيَدِ عَمَّا تَحْوِيهِ وَتَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي تَخْصِيصِ حَدِيثِ عَلِيٍّ بذكْر اليَدِ مَعْنَى لَيْسَ فِي حَدِيثِ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ، لأَن البَيْعَة تُباشِرُها الْيَدُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الأَعضاء، وَهُوَ أَنْ يَضَع المُبايِعُ يَدَهُ فِي يَدِ الإِمام عِنْدَ عَقْدِ البَيْعة وأَخذِها عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كُلُّ خُطْبة لَيْسَ فِيهَا شَهادة كَالْيَدِ الجَذْماء
أَيِ الْمَقْطُوعَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنَّهُ قَالَ لمَجْذُوم فِي وَفْدِ ثَقيفٍ: ارْجِعْ فَقَدْ بايَعْناك
؛ المَجْذومُ: الَّذِي أَصابه الجُذام، كأَنه مِنْ جُذِمَ فَهُوَ مَجْذوم، وَإِنَّمَا ردَّة النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِئَلَّا يَنْظُرُ أصحابُه إِلَيْهِ فَيزْدَرُوه ويَرَوْا لأَنفسهم فضْلًا عَلَيْهِ، فيَدْخُلهم العُجْبُ والزَّهْو، أَوْ لِئَلَّا يَحْزَن المَجْذومُ بِرُؤْيَةِ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وأَصحابه وَمَا فَضَلوا عَلَيْهِ فيَقِلّ شُكْرُهُ عَلَى بَلاء اللَّهِ، وَقِيلَ: لأَن الجُذام مِنَ الأَمراض المُعْدِية، وَكَانَ الْعَرَبُ تتطيَّرُ مِنْهُ وتَتَجَنَّبُه، فردَّه لِذَلِكَ، أَو لِئَلَّا يَعْرِض لأَحدهم جُذام فيظنَّ أَن ذَلِكَ قَدْ أَعْداه، ويَعْضُد ذَلِكَ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
أَنه أَخذ بِيَدِ مَجْذوم فَوضعها مَعَ يَدِهِ فِي القَصْعة وَقَالَ: كُلْ ثِقَةً بِاللَّهِ وتَوكُّلًا عَلَيْهِ
، وَإِنَّمَا فَعل ذَلِكَ ليُعْلِم الناسَ أَن شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ورَدَّ الأَوَّلَ لِئَلَّا يَأْثَم فِيهِ الناسُ، فإنَّ يَقِينهم يَقْصُر عَنْ يَقِينه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُدِيمُوا النظَر إِلَى المَجْذومين
، لأَنه إِذَا أَدام النَّظَرَ إِلَيْهِ حَقَرَه، ورأَى لِنَفْسِهِ عَلَيْهِ فَضْلًا، وتأَذَّى بِهِ المَنْظور إِلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَربعٌ لَا يَجُزْنَ فِي البَيْع وَلَا النِّكَاحِ: المَجْنونةُ والمَجْذومةُ والبَرْصاءُ والعفْلاء
، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ جَذْمى مِثْلُ حَمْقى ونَوْكَى. وجَذِمَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، جَذَماً: صَارَ أَجْذَمَ، وَهُوَ الْمَقْطُوعُ اليَدِ. والجِذْمُ، بِالْكَسْرِ: أَصل الشَّيْءِ، وَقَدْ يُفْتَحُ. وجِذْمُ كُلِّ شَيْءٍ: أَصلُه، وَالْجَمْعُ أَجْذامٌ وجُذُومٌ. وجِذْمُ الشَّجَرَةِ: أَصلُها، وَكَذَلِكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وجِذْمُ الْقَوْمِ: أَصلُهم. وَفِي حَدِيثِ
حاطِب: لَمْ يَكُنْ رجُل مِنْ قُرَيْش إلَّا لَهُ جِذْمٌ بمكَّة
؛ يُرِيدُ الأَهْلَ والعَشِيرةَ. وجِذْمُ الأَسْنان: مَنابِتُها؛ وقال الحَرِث بْنُ وَعْلة الذُّهْليُّ:
أَلآنَ لمَّا ابيَضَّ مَسْرُبَتي، ... وعَضِضْتُ منْ نَابِي عَلَى جِذْمِ
أَيْ كَبِرت حَتَّى أَكلْت عَلَى جِذْم نَابِي. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الأَذان: أَنه رأَى فِي الْمَنَامِ كأَنَّ رجُلًا نزلَ مِنَ السَّمَاءِ فعَلا جِذْمَ حَائِطٍ فأَذَّن
؛ الجِذْمُ: الأَصلُ، أَراد بقيَّة حَائِطٍ أَوْ قِطْعة مِنْ حَائِطٍ. والجَذْمُ والخَذْمُ: القَطْعُ. والانْجِذامُ: الانْقِطاعُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
بانَتْ سُعادُ فأَمسى حَبْلُها انْجَذما، ... واحْتَلَّتِ الشِّرْعَ فالأَجْراعَ مِنْ إضَما «3»
. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
، قَالَ: انْجَذَمَ أَبو سُفْيَانَ بِالْعِيرِ أَيِ انقطَع بِهَا «4» . مِنَ الرَّكْب. وسارَ وأَجْذمَ السيرَ: أَسرع فِيهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
صَائِبُ الجِذْمةِ مِنْ غَيْرِ فَشَلْ
__________
(3) . 1 في ديوان النابغة: وأَمسى بدل فأَمسى، والشَّرع بدل الشِّرع، والأَجزاع بدل الأجراع
(4) . 2 قوله [أي انقطع بها إلخ] عبارة النهاية: أي انقطع عن الجادة نحو البحر(12/88)
ابْنُ الأَعرابي: الجِذْمة فِي بَيْتِهِ الإِسْراعُ، جَعَلَهُ اسْمًا مِنَ الإِجْذام، وَجَعَلَهُ الأَصمعي بقيَّة السَّوْط وأَصلَه. اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ: الإِجْذامُ السرعةُ فِي السَّيْرِ. وأَجذم البعيرُ فِي سَيْرِهِ أَيْ أَسرع. وَرَجُلٌ مِجْذامُ الرَّكْض فِي الحرْب: سريعُ الرَّكْض فِيهَا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَجْذَمَ الفرسُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يَعْدُو اشْتَدَّ عَدْوُه. والإِجْذام: الإِقْلاع عَنِ الشَّيْءِ «5» ؛ قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ:
وحَرَّقَ قَيْسٌ عَليَّ البِلادَ، ... حَتَّى إِذَا اضْطَرَمَتْ أَجْذَما
وَرَجُلٌ مُجَذَّمٌ: مُجَرّب؛ عَنْ كُرَاعٍ. والجَذَمةُ: بَلَحاتٌ يَخْرُجْنَ فِي قَمِع وَاحِدٍ، فَمَجْمُوعُهَا يُقَالُ لَهُ جَذَمةٌ. والجُذامةُ مِنَ الزَّرْعِ: مَا بَقِيَ بَعْدَ الحَصْد. وجُذْمان: نخلٌ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:
فَلَا تَقْرَبُوا جُذْمانَ، إِنَّ حَمامَهُ ... وجَنَّتَه تَأْذى بِكُمْ فَتَحَمَّلُوا
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه أُتِيَ بِتَمْرٍ مِنْ تَمر اليَمامة فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: الجُذامِيُّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بارِكْ فِي الجُذامِيّ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ هُوَ تَمْرٌ أَحمرُ اللَّوْن، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ جَدَمٍ، بِالدَّالِ الْيَابِسَةِ، شَيْئًا مِنْ هَذَا. والجَذْماء: امرأَة مِنْ بَنِي شَيْبان كَانَتْ ضَرَّة للبَرْشاء، وَهِيَ امرأَة أُخرى، فَرَمَت الجَذْماءُ البَرْشاءَ بِنَارٍ فأَحرقتها فسُمِّيَت البَرْشاءَ، ثُمَّ وثَبَتْ عَلَيْهَا البَرْشاءُ فقطعتْ يدَها فسُمِّيت الجَذْماءَ. وَبَنُو جَذيمَة: حَيٌّ مِنْ عَبْد القَيْس، وَمَنَازِلُهُمُ البَيْضاءُ بِنَاحِيَةِ الخَطِّ مِنَ البَحْرين. وجُذامُ: قَبِيلَةٌ مِنَ اليَمن تَنْزِلُ بِجِبَالِ حِسْمَى، وتَزْعُم نُسَّابُ مُضَرَ أَنهم مِنْ مَعَدٍّ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَذْكُرُ انْتِقَالَهُمْ إِلى اليَمن بنسَبهم:
نَعَاءِ جُذاماً غَيْرَ موتٍ وَلَا قَتْلِ، ... وَلَكِنْ فِراقاً للدَّعائم والأَصْلِ
ابْنُ سِيدَهْ: جُذامٌ حَيٌّ مِنَ اليَمنِ، قِيلَ: هُمْ مِنْ وَلَدِ أَسَد بْنِ خُزَيمة؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
كأَن ثِقالَ المُزْن بَيْنَ تُضارُعٍ ... وشابَةَ بَرْكٌ، مِنْ جُذامَ، لَبِيجُ
أَراد بَرْك مِنْ إِبِلِ جُذام؛ وخَصَّهم لأَنهم أَكْثَرُ النَّاسِ إِبِلًا كَقَوْلِ النَّابِغَةِ الجعْديِّ:
فأَصْبَحَتِ الثِّيرانُ غَرْقى، وأَصْبحتْ ... نِساءُ تَمِيمٍ يَلْتَقِطْنَ الصَّياصِيا
ذَهَبَ إِلى أَن تَمِيماً حاكةٌ، فنِساؤهم يَلْتَقِطْن قُرونَ البَقر المَيْتَة فِي السَّيْل. قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِن قَالُوا وَلَدَ جُذامٌ كَذَا وَكَذَا صَرَفته لأَنك قصدْت قَصْدَ الأَب، قَالَ: وإِن قُلْتَ هَذِهِ جُذامُ فَهِيَ كسَدُوسَ. وجَذِيمةُ: قبيلةٌ؛ وَالنَّسَبُ إِلَيْهَا جُذَمِيٌّ، وَهُوَ مِنْ نَادِرِ مَعْدول النسَب. وجَذِيمةُ: مَلِك مِنْ مُلُوكِ الْعَرَبِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَذِيمةُ الأَبْرَشُ ملِك الحِيرة صاحبُ الزَّبَّاء، وَهُوَ جَذيمة بنُ مَالِكِ بنِ فَهْم بْنِ دَوْسٍ مِنَ الأَزْدِ. الْجَوْهَرِيُّ: جَذيمة قَبِيلَةٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ ينسَب إِلَيْهِمْ جَذَمِيٌّ، بِالتَّحْرِيكِ، وَكَذَلِكَ إِلى جَذيمةِ أَسَدٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَحَدَّثَنِي بعضُ مَنْ أَثِق بِهِ يَقُولُ فِي بَنِي جَذيمة جُذَميّ،
__________
(5) . 1 قوله [والإِجذام الْإِقْلَاعُ عَنِ الشَّيْءِ] ويطلق على العزم على الشيء أيضاً كما في القاموس والتكملة، فهو من الأَضداد(12/89)
بِضَمِّ الْجِيمِ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذَا قَالَ سِيبَوَيْهِ حَدَّثَنِي مَنْ أَثق بِهِ فإِنما يَعْنِيني. وَيُقَالُ: مَا سَمِعت لَهُ جُذْمة أَيْ كَلِمَةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَتْ بالثَّبَت انتهى.
جذعم: يُقَالُ للجَذَع: جَذْعَمٌ وجَذْعَمَة. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَسْلَم وَاللَّهِ أَبو بَكْرٍ وَأَنَا جَذْعَمة
، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَسلمت وَأَنَا جَذْعَمة
؛ أَراد: وَأَنَا جَذَعٌ أَيْ حديثُ السِّنِّ، فَزَادَ فِي آخِرِهِ مِيمًا تَوْكِيدًا، كَمَا قَالُوا زُرْقُمٌ وَغَيْرُهُ «1» انتهى.
جَرَمَ: الجَرْمُ: القَطْعُ. جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً: قَطَعَهُ. وَشَجَرَةٌ جَرِيمَةٌ: مَقْطُوعَةٌ. وجَرَمَ النَّخْلَ والتَّمْرَ يَجْرِمه جَرْماً وجِراماً وجَراماً واجْتَرَمه: صَرَمَه: عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، فَهُوَ جارمٌ، وَقَوْمٌ جُرَّمٌ وجُرَّام، وَتَمْرٌ جَرِيم: مَجْرُوم. وأَجْرَمَ: حَانَ جِرامُه؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ: «2» .
سَادٍ تَجَرَّمَ فِي البَضِيع ثمانِياً، ... يَلْوِي بعَيْقاتِ الْبِحَارِ ويَجْنُبُ
يَقُولُ: قَطَعَ ثَمَانِيَ لَيَالٍ مُقِيمًا فِي الْبَضِيعِ يَشْرَبُ الْمَاءَ؛ والجَرِيم: النَّوَى، وَاحِدَتُهُ جَرِيمة، وَهُوَ الجَرامُ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَسمع للجَرام بِوَاحِدٍ، وَقِيلَ: الجَرِيمُ والجَرامُ، بِالْفَتْحِ، التَّمْرُ الْيَابِسُ؛ قَالَ:
يَرَى مَجْداً ومَكْرُمَةً وعِزّاً، ... إِذَا عَشَّى الصَّديِقَ جَرِيمَ تمرِ
والجُرامَة: التَّمْرُ المَجْرُوم، وَقِيلَ: هُوَ مَا يُجْرَمُ مِنْهُ بعد ما يُصْرَمُ يُلْقَطُ مِنَ الكَرَب؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
مُفِجُّ الحَوامِي عَنْ نُسُورٍ، كأَنَّها ... نَوَى القَسْبِ تَرَّتْ عَنْ جَرِيم مُلَجْلَجِ «3»
. أَراد النَّوَى؛ وَقِيلَ: الجَرِيم البُؤْرَةُ الَّتِي يُرْضَحُ فِيهَا النَّوَى. أَبو عَمْرٍو: الجَرام، بِالْفَتْحِ، والجَرِيمُ هُمَا النَّوَى وَهُمَا أَيضاً التَّمْرُ الْيَابِسُ؛ ذَكَرَهُمَا ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ فَعِيل وفَعالٍ مِثْلَ شَحاجٍ وشَحيج وكَهامٍ وكَهِيم وعَقامٍ وعَقِيمٍ وبَجَالٍ وبَجِيل وصَحاحِ الأَدِيم وصَحِيح. قَالَ: وأَما الجِرام، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ جَمْعُ جَرِيم مِثْلُ كَرِيمٍ وَكِرَامٍ. يُقَالُ: جِلَّةٌ جَرِيمٌ أَيْ عِظامُ الأَجْرام، والجِلَّة: الإِبلُ المَسانُّ. وَرُوِيَ
عَنْ أَوْس بْنِ حارثَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا وَالَّذِي أَخْرَجَ العِذْقَ مِنَ الجَريمة والنارَ مِنَ الوثِيمةِ
؛ أَراد بِالْجَرِيمَةِ النواةَ أَخرج اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا النَّخْلَةَ. والوَثِيمةُ: الْحِجَارَةُ الْمَكْسُورَةُ. والجَريمُ: التَّمْرُ المَصْرُوم. والجُرامةُ: قِصَدُ البُرِّ وَالشَّعِيرِ، وَهِيَ أَطرافه تُدَقُّ ثُمَّ تُنَقَّى، والأَعرفُ الجُدَامَة، بِالدَّالِ، وَكُلُّهُ مِنَ القَطْع. وجَرَمَ النَّخْلَ جَرْماً واجْتَرَمَه: خَرَصَه وجَرَّه. والجِرْمةُ: القومُ يَجْتَرِمون النخلَ أَيْ يَصْرِمُون؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عَلَوْنَ بأَنْطاكِيَّةٍ، فَوْقَ عَقْمَةٍ، ... كجِرْمةِ نَخْلٍ أَوْ كجَنَّة يَثْرِبِ
الجِرْمَةُ: مَا جُرِمَ وصُرِمَ مِنَ البُسْر، شَبَّهَ مَا على
__________
(1) . 1 قوله [كَمَا قَالُوا زُرْقُمٌ وَغَيْرُهُ] الذي في النهاية: كما قالوا زرقم وستهم، والتاء للمبالغة
(2) . 2 قوله [وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ] أي يصف سحاباً كما في ياقوت وقبله: أَفَعَنْكَ لَا بَرْقٌ كَأَنَّ وَمِيضَهُ غَابٌ تَشَيَّمَهُ ضِرَامٌ مثقب قال الأَزهري: ساد أي مهمل، وقال أَبو عمرو: السادي الذي يبيت حيث يمسي. وتجرم أي قطع ثمانياً في البضيع وهي جزيرة بالبحر. يلوي بماء البحر: أي يحمله ليمطره ببلده
(3) . 1 قوله [عن نسور] الذي في نسخة التهذيب: من، بالميم(12/90)
الْهَوْدَجِ مِنْ وَشْيٍ وعِهْنٍ بالبُسْر الأَحمر والأَصفر، أَوْ بِجَنَّةِ يَثْرِبَ لأَنها كَثِيرَةُ النَّخْلِ، والعَقْمةُ: ضَرْبٌ مِنَ الوَشْيِ. الأَصمعي: الجُرامة، بِالضَّمِّ، مَا سَقَطَ مِنَ التَّمْرِ إِذَا جُرِمَ، وَقِيلَ: الجُرامة مَا الْتُقِطَ مِنَ التَّمْرِ بعد ما يُصْرَمُ يُلْقَط مِنَ الكَرَبِ. أَبو عَمْرو: جَرِمَ الرَّجُلُ «1» إِذَا صَارَ يأْكل جُرامة النَّخْلِ بَيْنَ السَّعَفِ. وَيُقَالُ: جَاءَ زمنُ الجِرامِ والجَرام أَيْ صِرامِ النَّخْلِ. والجُرَّامُ: الَّذِينَ يَصْرِمونَ التَّمْرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَذْهَبُ مائةُ سنةٍ وَعَلَى الأَرض عَيْنٌ تَطْرِفُ
، يُرِيدُ تَجَرُّم ذَلِكَ القَرْنِ. يُقَالُ: تَجَرَّم ذَلِكَ القَرْنُ أَيِ انْقَضَى وانْصَرَم، وَأَصْلُهُ مِنَ الجَرْم القَطْعِ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الخَرْم، وَهُوَ الْقَطْعُ. وجَرَمْتُ صُوفَ الشَّاةِ أَي جَزَزْته، وَقَدْ جَرَمْتُ مِنْهُ إِذَا أَخذت مِنْهُ مِثْلُ جَلَمْتُ. والجُرْمُ: التَّعدِّي، والجُرْمُ: الذَّنْبُ، وَالْجَمْعُ أَجْرامٌ وجُرُومٌ، وَهُوَ الجَرِيمَةُ، وقد جَرَمَ يَجْرِمُ جَرْماً واجْتَرَمَ وأَجْرَم، فَهُوَ مُجْرِم وجَرِيمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعظمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْماً مَنْ سأَل عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُجَرَّمْ عَلَيْهِ فَحُرِمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ
؛ الجُرْم: الذَّنْبُ. وقولُه تَعَالَى: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ
؛ قَالَ الزجاج: المُجْرِمون هاهنا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، الْكَافِرُونَ لأَن الَّذِي ذُكِرَ مِنْ قِصَّتهم التَّكْذِيبُ بِآيَاتِ اللَّهِ وَالِاسْتِكْبَارُ عَنْهَا. وتَجَرَّم عَليَّ فُلانٌ أَيِ ادَّعَى ذَنْبًا لَمْ أَفْعَلْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَعُدُّ عَليَّ الذَّنْبَ، إِنْ ظَفِرَتْ بِهِ، ... وإِلَّا تَجِدْ ذَنْباً عَليَّ تَجَرَّم
ابْنُ سِيدَهْ: تَجَرَّم ادَّعَى عَلَيْهِ الجُرْمَ وإِن لَمْ يُجْرِم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
قَدْ يُعْتَزَى الهِجْرانُ بالتَّجَرُّم
وَقَالُوا: اجْتَرَم الذنبَ فَعَدَّوْه؛ قَالَ الشَّاعِرُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وتَرَى اللبيبَ مُحَسَّداً لَمْ يَجْتَرِمْ ... عِرْضَ الرجالِ، وعِرْضُه مَشْتُومُ
وجَرَمَ إِلَيْهِمْ وَعَلَيْهِمْ جَرِيمة وأَجْرَم: جَنَى جِناية، وجَرُمَ إِذَا عَظُمَ جُرْمُه أَيْ أَذنب. أَبو الْعَبَّاسِ: فُلَانٌ يَتَجَرَّمُ عَلَيْنَا أَيْ يَتَجَنَّى مَا لَمْ نَجْنه؛ وأَنشد:
أَلَا لَا تُبالي حَرْبَ قَومٍ تَجَرَّمُوا
قَالَ: مَعْنَاهُ تَجَرَّمُوا الذُّنُوبَ عَلَيْنَا. والجَرِمَةُ: الجُرْمُ، وَكَذَلِكَ الجَرِيمَةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فإِنَّ مَوْلايَ ذُو يُعَيِّرُني، ... لَا إحْنَةٌ عِنْدَه وَلَا جَرِمَهْ
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وَلَا مَعْشَرٌ شُوسُ العُيون كأَنَّهم ... إليَّ، وَلَمْ أجْرِمْ بِهِمْ، طالِبُو ذحْلِ
قَالَ: أَراد لَمْ أجْرِم إليهم أَو عَلَيْهِمْ فأَبدل الْبَاءَ مَكَانَ إِلى أَوْ عَلَى. والجُرْم: مَصْدَرُ الجارِم الَّذِي يَجْرِم نَفْسَه وَقَوْمَهُ شَرّاً. وَفُلَانٌ لَهُ جَرِيمةٌ إليَّ أَي جُرْم. والجارمُ: الْجَانِي. والمُجْرِم: الْمُذْنِبُ؛ وَقَالَ:
وَلَا الجَارِمُ الْجَانِي عَلَيْهِمْ بمُسْلَم
__________
(1) . 1 قوله [أَبُو عَمْرٍو جَرِمَ الرَّجُلُ إلخ] عبارة الأزهري: عمرو عن أبيه جرم إلخ(12/91)
قَالَ: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ*
، قال الفراء: القُرّاءُ قرؤوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ*
، وقرأَها يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ والأَعْمَشُ
وَلَا يُجْرِمَنَّكم
، مِنْ أَجْرَمْتُ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: وَلَا يَحْمِلَنَّكم بُغْضُ قَوْمٍ أَن تَعْتَدُوا، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ يَقُولُونَ فُلَانٌ جَريمَة أَهله أَيْ كَاسِبُهُمْ. وَخَرَجَ يَجْرِمُ أَهْلَه أَيْ يَكْسبهم، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا مُتَقَارِبٌ لَا يَكْسِبَنَّكم بُغْضُ قَوْمٍ أَن تَعْتَدُوا. وجَرَمَ يَجْرِمُ واجْتَرم: كَسَبَ؛ وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ للهَيْرُدانِ السَّعْدِيِّ أَحدِ لُصوص بَنِي سَعْد:
طَريدُ عَشِيرةٍ، ورهينُ جُرْمٍ ... بِمَا جَرَمَتْ يَدي وجنَى لِساني
وَهُوَ يَجْرِمُ لأَهله ويَجْتَرِمُ: يَتَكَسَّبُ وَيَطْلُبُ ويَحْتالُ. وجَريمةُ الْقَوْمِ: كاسِبُهم. يُقَالُ: فُلَانٌ جارِمُ أَهْلِهِ وجَريمَتُهم أَيْ كَاسِبُهُمْ؛ قَالَ أَبو خِراشٍ الهُذَليُّ يَصِفُ عُقاباً تَرْزُق فَرخَها وتَكْسِبُ لَهُ:
جَريمَةُ ناهِضٍ فِي رأْسِ نِيقٍ، ... تَرى لِعظامِ مَا جَمَعَتْ صَلِيبا
جَريمَةُ: بِمَعْنَى كَاسِبَةٍ، وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ عَنْ هَذَا الْبَيْتِ: قَالَ يَصِفُ عُقاباً تَصِيدُ فَرْخَها الناهضَ مَا تأْكله مِنْ لَحْمِ طَيْرٍ أَكَلَتْهُ، وَبَقِيَ عِظَامُهُ يَسِيلُ مِنْهَا الْوَدَكُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ ثَعْلَبٌ أَن الجَريمة النَّواة. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ: يُقَالُ: أَجْرَمَني كَذَا وجَرَمَني وجَرَمْتُ وأَجْرَمْت بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
لَا يُجْرِمنَّكم
: لَا يُدْخِلَنَّكم فِي الجُرم، كَمَا يُقَالُ آثَمْتُه أَيْ أَدخلته فِي الإِثم. الأَخفش فِي قَوْلِهِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ*
أَيْ لَا يُحِقَّنَّ لَكُمْ لأَن قوله: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ
، إِنما هُوَ حَقٌّ أَن لهم النار؛ وأَنشد:
جَرَمَتْ فَزارةُ بعدَها أَن يَغْضَبوا
يَقُولُ: حَقَّ لَهَا. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: أَمَّا قَوْلُهُ لَا يُحِقَّنَّ لَكُمْ فإِنما أَحْقَقْتُ الشيءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَقّاً فَجَعَلْتُهُ حَقًّا، وإِنما مَعْنَى الْآيَةِ، وَاللَّهُ أَعلم، فِي التَّفْسِيرِ لَا يَحْملَنَّكُم وَلَا يَكْسبَنَّكم، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجْرِمَنَّكم قَالَ: لَا يَحْمِلَنَّكم «1» ، وَأَنْشَدَ بَيْتَ أَبِي أَسماء. والجِرْمُ، بِالْكَسْرِ: الجَسَدُ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَجرام؛ قَالَ يزيدُ بْنُ الحَكَمِ الثَّقَفيُّ:
وَكَمْ مَوْطِنٍ، لَوْلاي، طِحْتَ كَمَا هَوى ... بأَجْرامِه مِنْ قُلَّة النِّيقِ مُنْهَوي
وجَمَعَ، كَأَنَّهُ صَيَّر كُلَّ جُزْءٍ مِنْ جِرْمه جِرْماً، وَالْكَثِيرُ جُرُومٌ وجُرُم؛ قَالَ:
مَاذَا تقُولُ لأَشْياخ أُولي جُرُمٍ، ... سُودِ الوُجوهِ كأمْثالِ المَلاحِيبِ
التَّهْذِيبُ: والجِرْمُ أَلْواحُ الجَسد وجُثْمانه. وأَلقى عَلَيْهِ أَجْرامه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يُرِيدُ ثَقَلَ جِرْمِه، وَجُمِعَ عَلَى مَا تَقَدَّم فِي بَيْتِ يَزِيدَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: اتّقُوا الصُّبْحة فَإِنَّهَا مَجْفَرة مَنْتَنَة للجِرْم
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الجِرْمُ البَدَنُ. وَرَجُلٌ جَريمٌ: عَظِيمُ الجِرْم؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وَقَدْ تَزْدَري العينُ الفَتى، وَهُوَ عاقِلٌ، ... ويُؤفَنُ بَعْضُ القومِ، وَهُوَ جَريمُ
__________
(1) . 1 قوله [وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ قَالَ لَا يَحْمِلَنَّكُمْ] ، هذا القول ليونس كما نص عليه الأَزهري(12/92)
وَيُرْوَى: وَهُوَ حَزِيمُ، وَسَنَذْكُرُهُ، والأُنثى جَريمة ذَاتُ جِرْم وجِسْم. وَإِبِلٌ جَريمٌ: عِظامُ الأَجْرام؛ حَكَى يَعْقُوبُ عَنْ أَبي عَمْرٍو: جِلَّةٌ جَريمٌ، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: عِظام الأَجْرام يَعْنِي الأَجسام. والجِرْم: الحَلْقُ؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْسٍ:
لأَسْتَلّ مِنْهُ الضِّغْنَ حَتَّى اسْتَلَلْتُه، ... وَقَدْ كانَ ذَا ضِغْنٍ يَضِيقُ بِهِ الجِرْمُ
يَقُولُ: هُوَ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا يُسِيغُه الحَلْقُ. والجِرْمُ: الصَّوْتُ، وَقِيلَ: جَهارَتُه، وَكَرِهَهَا بَعْضُهُمْ. وجِرْمُ الصَّوْتِ: جَهارته. وَيُقَالُ: مَا عَرِفْتُهُ إِلا بِجِرْم صَوْتِهِ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قَدْ أُولِعَتِ العامَّةُ بِقَوْلِهِمْ فُلَانٌ صَافِي الجِرْم أَيْ الصَّوْتِ أَوِ الحَلْق، وَهُوَ خطأٌ. وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ:
كَانَ حَسَنَ الجِرْم
؛ قِيلَ: الجِرْم هُنَا الصَّوْتُ، والجِرْمُ البَدَنُ، والجِرْم اللَّوْنُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وجَرِمَ لونُه «1» إِذَا صَفَا. وحَوْلٌ مُجَرَّمٌ: تامٌّ. وَسَنَةٌ مُجَرَّمة: تامَّة، وَقَدْ تَجَرَّم. أَبو زَيْدٍ: العامُ المُجَرَّمُ الْمَاضِي المُكَمَّلُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
ولكنَّ حُمَّى أَضْرَعَتْني ثلاثَةً ... مُجَرَّمةً، ثُمَّ اسْتَمَرَّتْ بِنَا غِبَّا
ابْنُ هَانِئٍ: سَنَةٌ مُجَرَّمةٌ وَشَهْرٌ مُجَرَّمٌ وكَريتٌ فِيهِمَا، وَيَوْمٌ مُجَرَّمٌ وكَريتٌ، وَهُوَ التَّامُّ، اللَّيْثُ: جَرَّمْنا هَذِهِ السنةَ أَيْ خَرَجْنا مِنْهَا، وتَجَرَّمَتِ السنةُ أَيِ انْقَضَتْ، وتَجَرَّمَ الليلُ ذَهَبَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
دِمَنٌ، تَجَرَّم، بَعدَ عَهْدِ أَنِيسِها، ... حِجَجٌ خَلَوْنَ: حَلالُها وحَرامُها
أَيْ تَكَمَّل؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ القَطْع كأَنّ السَّنَةَ لَمَّا مَضَتْ صَارَتْ مَقْطُوعَةً مِنَ السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ. وجَرَّمْنا القومَ: خَرَجْنَا عَنْهُمْ. وَلَا جَرَم أَيْ لَا بُدَّ وَلَا مَحَالَةَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ حَقّاً؛ قَالَ أَبو أسماء بن الضَّريبَةِ:
وَلَقَدْ طَعَنْتُ أَبَا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً ... جَرَمَتْ فَزارةَ، بعدَها، أَن يَغْضَبُوا
أَيْ حَقَّتْ لَهَا الغَضَبَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كسَبَتْها الغَضَبَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ
، فإِن جَرَم عَمِلَتْ لأَنها فعل، ومعناها لَقَدْ حَقَّ أَن لَهُمُ النار، وقول المفسرين: معناها حَقّاً أَن لَهُمُ النارَ يَدُلُّك عَلَى أَنها بِمَنْزِلَةِ هَذَا الْفِعْلِ إِذَا مثَّلْتَ، فَجَرَمَ عَمِلَتْ بعدُ فِي أَنّ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَا جَرَمَ لآتِيَنَّك، لَا جَرَم لَقَدْ أَحْسَنْتَ، فَتَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ، وَكَذَلِكَ فَسَّرَهَا الْمُفَسِّرُونَ حَقّاً أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُون، وَأَصْلُهَا مِنْ جَرَمْتُ أَيْ كَسَبْتُ الذنبَ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِن جَرَمْتُ كَقَوْلِكَ حُقِقْتُ أَوْ حَقَقْتُ بِشَيْءٍ، وإِنما لَبَّس عَلَيْهِ قولُ الشَّاعِرِ:
جَرَمَتْ فَزارةُ بَعْدَهَا أَن يَغْضَبُوا
فَرَفَعُوا فَزارة وَقَالُوا: نَجْعَلُ الْفِعْلَ لفَزارة كأَنها بِمَنْزِلَةِ حَقَّ لَهَا أَوْ حُقَّ لَهَا أَن تَغْضَبَ، قَالَ: وَفَزَارَةُ مَنْصُوبٌ فِي الْبَيْتِ، الْمَعْنَى جَرَمَتْهُم الطعنةُ الغَضَبَ أَيْ كَسَبَتْهم. وَقَالَ غَيْرُ الْفَرَّاءِ: حَقِيقَةُ مَعْنَى لَا جَرَمَ*
أن لا نَفْيٌ هاهنا لَمَّا ظَنُّوا أَنَّهُ يَنْفَعُهُمْ؛ فرُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقِيلَ: لَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ ابتدأ فقال:
__________
(1) . 1 قوله [وجرم لونه] وكذلك جرم إذا عظم بدنه، وبابهما فرح كما ضبط بالأَصل والتهذيب والتكملة وصوّبه السيد مرتضى على قول المجد: وأَجرم عظم لونه وصفا(12/93)
جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ
؛ أَيْ كَسَبَ ذَلِكَ العملُ لَهُمُ الخُسْرانَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ
؛ الْمَعْنَى لَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: جَرَم إفْكُهم وكَذِبُهم لَهُمْ عذابَ النَّارِ أَيْ كَسَبَ بهم عَذابَها. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ أَبْيَن مَا قِيلَ فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْفَرَّاءُ لَا جَرَم كلمةٌ كَانَتْ فِي الأَصل بِمَنْزِلَةِ لَا بُدَّ وَلَا مَحَالَةَ، فَجَرتْ عَلَى ذَلِكَ وَكَثُرَتْ حَتَّى تَحَوَّلتْ إِلَى مَعْنَى القَسَم وَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ حَقًّا، فَلِذَلِكَ يُجَابُ عَنْهَا بِاللَّامِ كَمَا يُجَابُ بِهَا عَنِ الْقَسَمِ، أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ لَا جَرَم لَآتِيَنَّكَ؟ قَالَ: وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ جَرَمْتُ حَقَقْتُ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا لَبَّسَ عَلَيْهِ الشَّاعِرُ أَبو أَسماء بِقَوْلِهِ: جَرَمْتَ فَزارة؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَحَقّت عَلَيْهِمُ الغضَبَ أَيْ أَحَقَّتْ الطعنةُ فَزَارَةَ أَنْ يَغْضَبُوا، وحَقَّتْ أَيْضًا: مِنْ قَوْلِهِمْ لَا جَرَمَ لأَفْعَلَنَّ كَذَا أَيْ حَقّاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْقَوْلُ ردٌّ عَلَى سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلِ لأَنهما قَدَّراه أَحَقَّتْ فزارةَ الغضَبَ أَيْ بالغَضَبِ فَأَسْقَطَ الْبَاءَ، قَالَ: وَفِي قَوْلِ الْفَرَّاءِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ فِيهِ لأَن تَقْدِيرَهُ عِنْدَهُ كسَبَتْ فَزارةَ الغضبَ عَلَيْكَ، قَالَ: وَالْبَيْتُ لأَبي أَسماء بْنِ الضَّريبة، وَيُقَالُ لعَطِية بْنِ عَفِيفٍ، وَصَوَابُهُ: ولقد طعنتَ أَبا عُيَيْنة، بِفَتْحِ التَّاءِ، لأَنه يُخَاطِبُ كُرْزاً العُقَيليَّ ويَرْثيه؛ وَقَبْلَ الْبَيْتِ:
يَا كُرْزُ إنَّك قَدْ قُتِلْتَ بفارسٍ ... بَطَلٍ، إِذَا هابَ الكُماةُ وجَبَّبُوا
وَكَانَ كُرْزٌ قَدْ طَعَنَ أَبَا عُيَيْنَةَ، وَهُوَ حِصْنُ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْر الفَزاريّ. ابْنُ سِيدَهْ: وَزَعَمَ الْخَلِيلُ أَنَّ جَرَم إِنَّمَا تَكُونُ جَوَابًا لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الْكَلَامِ، يَقُولُ الرَّجُلُ: كَانَ كَذَا وَكَذَا وَفَعَلُوا كَذَا فَتَقُولُ: لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ سَيَنْدَمُونَ، أَوْ أَنه سَيَكُونُ كَذَا وَكَذَا. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ يَقُولَانِ لَا جَرَمَ تَبْرِئةٌ. وَيُقَالُ: لَا جَرَم «2» وَلَا ذَا جَرَم وَلَا أنْ ذَا جَرَم وَلَا عَنْ ذَا جَرَم وَلَا جَرَ، حَذَفُوهُ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ إِيَّاهُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ لَا ذَا جَرَمَ وَلَا أَنْ ذَا جَرَمَ وَلَا عَنْ ذَا جَرَمَ وَلَا جَرَ، بِلَا مِيمٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَثُرَ فِي الْكَلَامِ فَحُذِفَتِ الْمِيمُ، كَمَا قَالُوا حاشَ للهِ وَهُوَ فِي الأَصل حاشَى، وَكَمَا قَالُوا أَيْشْ وَإِنَّمَا هُوَ أيُّ شَيْءٍ، وَكَمَا قَالُوا سَوْ تَرَى وَإِنَّمَا هُوَ سوفَ تَرَى. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ قِيلَ لَا صِلَةَ فِي جَرَم وَالْمَعْنَى كَسَبَ لَهُمْ عَمَلُهم النَّدَم؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
يَا أُمَّ عَمْرٍو، بَيِّني لَا أَوْ نَعَمْ، ... إِنْ تَصْرمِي فراحةٌ مِمَّنْ صَرَمْ،
أَوْ تَصِلِي الحَبْلَ فَقَدْ رَثَّ ورَمّ ... قُلْتُ لَهَا: بِينِي فَقَالَتْ: لَا جَرَمْ
أنَّ الفِراقَ اليومَ، واليومُ ظُلَمْ
ابْنُ الأَعرابي: لَا جَرَ لَقَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا أَيْ حَقًّا، وَلَا ذَا جَرَ وَلَا ذَا جَرَم، وَالْعَرَبُ تَصِلُ كَلَامَهَا بِذِي وَذَا وَذُو فَتَكُونُ حَشْواً وَلَا يُعْتَدُّ بِهَا؛ وأَنشد:
إِنَّ كِلاباً والِدِي لَا ذَا جَرَمْ
وَفِي حَدِيثِ
قَيْس بْنِ عَاصِمٍ: لَا جَرَمَ لأَفُلَّنَّ حَدَّها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذِهِ كَلِمَةٌ تَرِدُ بِمَعْنَى تَحْقِيقِ الشَّيْءِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَقْدِيرِهَا فَقِيلَ أَصْلُهَا التَّبْرِئَةُ بِمَعْنَى لَا بُدَّ، وَقَدِ اسْتُعْمِلَتْ فِي مَعْنَى حقّاً، وقيل:
__________
(2) . 1 قوله [ويقال لا جرم إلخ] زاد الصاغاني: لا جرم بضم فسكون، ولا جرم بوزن كرم، ومعنى لَا ذَا جَرَمَ وَلَا أن ذا جرم أستغفر الله، والأجرام: متاع الراعي. والأجرام من السمك: لونان مستدير بلون وأسود له أجنحة(12/94)
جَرَمَ بِمَعْنَى كَسَب، وَقِيلَ: بِمَعْنَى وَجَبَ وحَقَّ وَلَا رَدٌّ لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الْكَلَامِ ثُمَّ يبتدأُ بِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ
؛ أَيْ لَيْسَ الأَمْرُ كَمَا قَالُوا، ثُمَّ ابتدأَ وَقَالَ: وَجَبَ لَهُمُ النَّارُ. والجَرْمُ: الحَرُّ، فَارِسِيٌّ معرَّب. وأَرض جَرْمٌ: حَارَّةٌ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: دَفِيئةٌ، وَالْجَمْعُ جُرُومٌ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَرْضٌ جَرْمٌ تُوصَفُ بالحرِّ، وَهُوَ دَخِيلٌ. اللَّيْثُ: الجَرْمُ نَقِيض الصَّرْد؛ يُقَالُ: هَذِهِ أَرض جَرْمٌ وَهَذِهِ أَرض صَرْدٌ، وَهُمَا دخِيلان «1» . فِي الحرِّ وَالْبَرْدِ. الْجَوْهَرِيُّ: والجُروُمُ مِنَ الْبِلَادِ خلافُ الصُّرُودِ. والجَرْمُ: زَورَقٌ مِنْ زوارقِ اليَمَن، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ جُرُومٌ. والمُدّ يُدْعَى بِالْحِجَازِ: جَرِيماً. يُقَالُ: أَعطيته كَذَا وَكَذَا جَرِيماً مِنَ الطَّعَامِ. وجَرْمٌ: بَطْنانِ بطنٌ فِي قُضاعة وَهُوَ جَرْمُ بنُ زَيَّانَ، وَالْآخَرُ فِي طيِء. وَبَنُو جارِمٍ: بطنانِ بطنٌ فِي بَنِي ضَبَّة، وَالْآخَرُ فِي بَنِي سَعْدٍ. اللَّيْثُ: جَرْمٌ قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ، وبَنُو جارِمٍ: قومٌ مِنَ الْعَرَبِ؛ وَقَالَ:
إِذَا مَا رَأَتْ حَرْباً عَبُ الشمسِ شَمَّرَتْ ... إِلَى رَمْلِها، والجارمِيُّ عَمِيدُها «2»
. عَبُ الشَّمْس: ضَوْءُها، وَقَدْ يُثَقَّلُ، وَهُوَ أَيضاً اسْمُ قبيلة.
جرثم: الجُرْثُومة: الأَصل؛ وجُرْثُومة كُلِّ شَيْءٍ أَصلُه ومُجْتَمَعُه، وَقِيلَ: الجُرْثُومة مَا اجْتَمَعَ مِنَ التُّرَابِ فِي أُصول الشَّجَرِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وجُرثومة النَّمْلِ: قَرْيته. اللَّيْثُ: الجُرْثومة أَصْلُ شَجَرَةٍ يَجْتَمِعُ إِلَيْهَا التُّرَابُ. والجُرْثُومة: التُّرَابُ الَّذِي تَسْفيه الريحُ، وَهِيَ أَيْضًا مَا يَجْمَعُ النَّمْلُ مِنَ التُّرَابِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: لَمَّا أَراد أَنْ يَهْدِمَ الْكَعْبَةَ وَيَبْنِيَهَا كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ جَراثيمُ
أَيْ كَانَ فِيهَا أَمَاكِنُ مُرْتَفِعَةٌ عَنِ الأَرض مُجْتَمِعَةٌ مِنْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ؛ أَراد أَن أَرض الْمَسْجِدِ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوِيَةً. والاجْرِنْثامُ: الاجتماعُ واللزومُ لِلْمَوْضِعِ. واجْرَنْثَمَ القومُ إِذَا اجْتَمَعُوا وَلَزِمُوا مَوْضِعًا. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: وعادَ لَهَا النِّقادُ مُجْرَنْثِماً
أَيْ مُجْتَمِعًا مُتَقَبضاً، والنِّقادُ صِغَارُ الْغَنَمِ، وَإِنَّمَا اجْتَمَعَتْ مِنَ الجَدْب لأَنها لَمْ تَجِدْ مَرْعىً تَنْتَشِرُ فِيهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ مُجْرَنْثِمةً لأَن لَفْظَ النِّقادِ لَفْظُ الِاسْمِ الْوَاحِدِ كالحِذَارِ والخِمارِ، وَيُرْوَى مُتَجَرْثِماً، وَهُوَ مُتَفَعْلِلٌ مِنْهُ، وَالنُّونُ وَالتَّاءُ فِيهِمَا زَائِدَتَانِ، وَقَدِ اجْرَنْثَمَ وتَجَرْثَم؛ قَالَ نُصَيْبٌ:
يَعلُّ بَنِيهِ المَحْض مِنْ بَكَراتِها، ... وَلَمْ يُحْتلَبْ زِمْزيرُها المُتَجَرْثِمُ
وتَجَرْثَم الرجلُ: اجْتَمَعَ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ:
الأَسْدُ جُرْثُومةُ العربِ فَمَنْ أَضَلَّ نَسَبه فليأْتهم
؛ هُمْ، بِسُكُونِ السِّينِ، الأَزْدُ فأَبدلوا الزَّايَ سِينًا، وتَجَرْثَمَ الشيءُ واجْرَنْثَم إِذَا اجْتَمَعَ؛ قَالَ خُلَيْدٌ اليَشْكُريُّ:
وكَعْثَباً مُرَكَّناً مُجْرَنْثِما
وَفِي الْحَدِيثِ:
تَمِيم بُرْثُمَتُها وجُرْثُمَتُها
؛ الجُرثُمة هِيَ الجُرْثُومة، وَجَمْعُهَا جَرَاثِيمُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: مَن سَرَّه أَنْ يَتَقَحَّمَ جَراثِيمَ جَهَنَّمَ فلْيَقْضِ فِي الجَدِّ.
والجُرْثُومة: الغَلْصَمَةُ. واجْرَنْثَم الرجلُ وتَجَرْثَمَ إِذَا سَقَطَ مِنْ عُلْوٍ إِلَى سُفْلٍ.
__________
(1) . 1 قوله [وهما دخيلان إلخ] عبارة التهذيب: دخيلان مستعملان
(2) . 2 قوله [إذا ما إلخ] تقدم في عمد: شمساً بدل حرباً والجلهمي بدل الجارميّ، والذي هناك هو ما في المحكم(12/95)
وتَجَرْثمَ الشيءَ: أخَذ مُعْظَمَه؛ عَنْ نُصَيْرٍ. وجُرْثُمُ: مَوْضِعٌ.
جرجم: جَرْجَمَ الطعامَ: أَكله، عَلَى البَدَل مِنْ جَرجَبَ. وجَرْجَمَ الشرابَ: شَرِبه. وجَرْجَمَ البيتَ: هَدَمَه أَوْ قَوَّضَه. وتَهَدّم الحائطُ وتَجَرْجَمَ هُوَ: سَقَطَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أخَذ بعُرْوتها الوُسطَى، يَعْنِي مَدَائِنَ قَوم لُوطٍ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ أَلْوَى بِهَا فِي جَوِّ السَّمَاءِ حَتَّى سَمِعَتِ الملائكةُ ضَواغِيَ كِلَابِهَا، ثُمَّ جَرْجَمَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ
أَيْ أَسقط. والمُجَرْجَمُ: المَصْرُوعُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنهم مِنْ فائِظٍ مُجَرْجَمِ
وجَرْجَمَ الرجلَ: صَرَعه. وتَجَرْجَمَ الوَحْشِيُّ وَغَيْرُهُ فِي وَجَارِهِ: تَقَبَّض وَسَكَنَ، وَقَدْ جَرْجَمه الخوفُ. وَفِي حَدِيثِ
وَهْبٍ قَالَ: قَالَ طالوتُ لِدَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنْتَ رَجُلٌ جَرِيءٌ وَفِي جِبَالِنَا هَذِهِ جَراجِمةٌ يَحْتَرِبُون الناسَ
أَيْ لُصُوصٌ يَسْتَلِبون الناسَ ويَنْتَهبونهم. والجَراجِمَة: قَوْمٌ مِنَ الْعَجَمِ بِالْجَزِيرَةِ. وَيُقَالُ: الجَراجِمة نَبَطُ الشَّام؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي وَجْزة:
لَوْ أَنَّ جَمْعَ الرُّومِ والجَراجِمَا
جردم: الجَرْدَمَة فِي الطَّعَامِ: مِثْلُ الجَرْدَبَة. ابْنُ سِيدَهْ: جَرْدَمَ عَلَى الطَّعَامِ وَفِي الطَّعَامِ لُغَةٌ فِي جَرْدَب، وَهُوَ أَنْ يَسْتُرَ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ بِشِمَالِهِ لِئَلَّا يَتَنَاوَلَهُ غَيْرُهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: مِيمُهُ بَدَلٌ مِنْ بَاءِ جَرْدَبَ؛ وأَنشد:
هَذَا غُلامٌ لَهِمٌ مُجَرْدِمُ، ... لزادِ مَنْ رافَقَه مُزَرْدِمُ
وَرَجُلٌ جَرْدَمٌ: كَثِيرُ الْكَلَامِ. وجَرْدَمَ السِّتِّين: جاوَزَها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وجَرْدَمَ مَا فِي الجَفْنة: أَتَى عَلَيْهِ؛ عَنْهُ أَيضاً. وجَرْدَمَ الخُبْزَ: أَكَلَهُ كلَّه. شَمِرٌ: هُوَ يُجَرْدِمُ مَا فِي الإِناء أَيْ يأْكله ويُفْنيه. وجَرْدَم إِذَا أَكْثَرَ الْكَلَامَ. والجَرْدَمَةُ: الإِسراعُ؛ عن كراع.
جرذم: الجَرْذَمة: السُّرْعة فِي المَشْي والعَمَل.
جرزم: الجَرْزَم والجِرْزِم «1» ؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ: الخُبْزُ القَفارُ اليابس.
جرسم: الجُرْسُم: السَّمُّ «2» ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقَدْ ذُكِرَ بِالْحَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: رَأَيْتُهُ مُقَيَّدًا بِخَطِّ اللِّحْيَانِيِّ الجُرْسُم، بِالْجِيمِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ. والجِرْسامُ: البِرسامُ. ابْنُ دُرَيْدٍ: جِرْسامٌ وجِلْسامٌ الَّذِي تُسميه الْعَامَّةُ بِرْساماً، والله أَعلم.
جرشم: جَرْشَمَ الرجلُ: لُغَةٌ فِي جَرْشَبَ. اللَّيْثُ: جَرْشَم الرجلُ وجَرْشَبَ بِمَعْنًى أَيِ انْدَمل بَعْدَ الْمَرَضِ والهُزال. وجَرْشَم: مِثْلُ بَرْشَم أَيْ أَحَدَّ النَّظَرَ. وجَرْشَمَ: كَرَّهَ وَجْهَه. غَيْرُهُ: جَرْشَم الرجلُ إِذَا كَانَ مَهْزُولًا أَوْ مَرِيضًا ثُمَّ انْدَمَلَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جَرْشَبَ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لِابْنِ الرِّقاع:
مُجْرَنْشِماً لعَماياتٍ تُضِيءُ بِهِ، ... مِنْهُ الرِّضابُ وَمِنْهُ المُسْبِلُ الهَطِلُ
قَالَ: مُجْرَنْشِمٌ مُجْتَمِعٌ مُتَقَبِّضٌ، بِالْجِيمِ، وَقَدْ رُوِيَ بِالْخَاءِ، وَسَنَذْكُرُهُ، وَقَدْ وَرَدَتْ حُرُوفٌ تَعاقب فِيهَا الْخَاءُ وَالْجِيمُ كالزَّلَخَانِ والزَّلَجانِ،
__________
(1) . 1 قوله [الجرزم والجرزم] كجعفر وزبرج. قاموس
(2) . 2 قوله [الجرسم السم] عبارة التكملة: الجرسم والجرسام السم انتهى وضبط الأَول كقنفذ والثاني بكسر الجيم كسروال، ولما رأى السيد مرتضى اقتصار اللسان على الأَول كتب على قول المجد: والجرسام بالكسر السم، الصواب فيه كقنفذ(12/96)
وانْتَجَبْتُ الشَّيْءَ وانْتَخَبْتُه إِذَا اخْتَرْتَه. والجَرْشَمُ مِنَ الحيَّات: الخَشِنُ الجِلْد.
جرضم: نَاقَةٌ جِرْضِمٌ: ضَخْمة. اللَّيْثُ: الجُرْضُمُ والجُراضِمُ مِنَ الغنمِ الأَكُول الْوَاسِعُ الْبَطْنِ، وَهُوَ الأَكُول جِدّاً، ذَا جِسْم كَانَ أَوْ نَحِيفًا؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَلَمَّا تَصافنَّا الإِداوَةَ أَجْهَشَتْ ... إليَّ غُضُونُ العَنْبَرِيِّ الجُراضِمِ
ابْنُ دُرَيْدٍ: جُراضِمٌ وجُرافِضٌ وَهُوَ الثَّقِيلُ الوَخِمُ. والجِرْضَمُّ مِنَ الْغَنَمِ «1» : الْكَبِيرَةُ السَّمِينَةُ، وَمِنَ الإِبل الضَّخْمة.
جَرْهَمَ: جُرْهُم: حَيٌّ مِنَ اليَمن نَزَلُوا مَكَّةَ وَتَزَوَّجَ فِيهِمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَهُمْ أَصهاره ثُمَّ أَلْحَدُوا فِي الحرَم فأَبادَهم اللَّهُ تَعَالَى. وَرَجُلٌ جِرْهامٌ ومُجْرَهِمٌّ: جادٌّ «2» . فِي أَمْره، وَبِهِ سُمِّيَ جُرْهُمٌ. وجِرْهامٌ: مِنْ صِفَاتِ الأَسد. التَّهْذِيبُ: الْفَرَّاءُ الجُرْهُمُ الجَرِيءُ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا. وَجَمَلٌ جُرَاهِمٌ: عَظِيمٌ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّة يَصِفُ ضَبُعاً:
تَرَاهَا الضَّبْعَ أَعْظَمَهُنَّ رأْساً ... جُراهِمَةً، لها حِرَةٌ وثِيلُ
عَنَى بالجُراهِمَةِ الضخمةَ الثقيلةَ، وَقَوْلُهُ: لَهَا حِرَةٌ وثِيل، مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ ضَبُع خُنْثَى فِيمَا زَعَمُوا، وَاسْتَعَارَ الثِّيلَ لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ لِلْبَعِيرِ، يُقَالُ: بَعِيرٌ عُرَاهِنٌ وعُراهِمٌ وجُراهِمٌ عَظِيمٌ؛ وَقَالَ عَمْرٌو الهُذَلي:
فَلَا تَتَمَنَّنِي وتَمنَّ جِلْفاً ... جُراهِمَةً هِجَفّاً، كالخَيالِ
جُراهِمَة: ضَخْمًا، هِجَفّاً: ثَقِيلًا طَوِيلًا، كَالْخَيَالِ: لَا غَناءَ عِنْدَهُ. وجمَل جُراهِمٌ وَنَاقَةٌ جُراهِمَةٌ أَي ضَخمة.
جَزَمَ: الجَزْمُ: الْقَطْعُ. جَزَمْتُ الشَّيْءَ أَجْزِمُهُ جَزْماً: قَطَعْتُهُ. وجَزَمْتُ الْيَمِينَ جَزْماً: أَمضيتها، وَحَلَفَ يَمِينًا حَتْماً جَزْماً. وَكُلُّ أَمْرٍ قَطَعْتَهُ قَطْعًا لَا عَوْدَةَ فِيهِ، فَقَدْ جَزَمْتَه. وجَزَمْتُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَيْ قَطَعْتُهُ؛ وَمِنْهُ جَزْمُ الحَرْفِ، وَهُوَ فِي الإِعراب كَالسُّكُونِ فِي الْبِنَاءِ، تَقُولُ جَزَمْتُ الْحَرْفَ فانْجَزم. اللَّيْثُ: الجَزْمُ عَزِيمةٌ فِي النَّحْوِ فِي الْفِعْلِ فالحرفُ المَجْزُومُ آخرهُ لَا إِعْرَابَ لَهُ. وَمِنَ الْقِرَاءَةِ أَن تَجْزِمَ الْكَلَامَ جَزْماً بِوَضْعِ الحروف مواضعها في بيانٍ ومَهَلٍ. والجَزْمُ: الْحَرْفُ إِذَا سَكَنَ آخِرُهُ. المُبرّد: إِنَّمَا سُمِّيَ الجَزْمُ فِي النَّحْوِ جَزْماً لأَن الجَزْم فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْقَطْعُ. يُقَالُ: افْعَلْ ذَلِكَ جَزْماً فكأَنه قُطِعَ الإِعرابُ عَنِ الْحَرْفِ. ابْنُ سِيدَهْ: الجَزْمُ إِسْكَانُ الْحَرْفِ عَنْ حَرَكَتِهِ مِنَ الإِعراب مِنْ ذَلِكَ، لِقُصُورِهِ عَنْ حَظِّه مِنْهُ وَانْقِطَاعِهِ عَنِ الْحَرَكَةِ ومَدِّ الصَّوْتِ بِهَا للإِعراب، فَإِنْ كَانَ السُّكُونُ فِي مَوْضُوعِ الْكَلِمَةِ وأَوَّلِيَّتها لَمْ يُسَمَّ جَزْماً، لأَنه لَمْ يَكُنْ لَهَا حَظٌّ فقَصُرَتْ عَنْهُ. وَفِي حديث
النخعي: التكبير جَزْمٌ وَالتَّسْلِيمُ جَزْمٌ
؛ أَرَادَ أَنَّهُمَا لَا يُمَدَّان وَلَا يُعْرَبُ آخِرُ حُرُوفِهِمَا، وَلَكِنْ يُسَكَّنُ فَيُقَالُ: اللَّهُ أكْبَرْ، إِذَا وَقَفَ عَلَيْهِ، وَلَا يُقَالُ اللَّهُ أَكْبَرُ فِي الْوَقْفِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَالْعَرَبُ تسمِّي خَطَّنا هَذَا جَزْماً. ابْنُ سِيدَهْ: والجَزْمُ هَذَا الخطُّ المؤَلَّف مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: سُمِّيَ جَزْماً
__________
(1) . 1 قوله [والجرضم من الغنم إلخ] وكذلك الشيخ الساقط هزالًا وضبط في التكملة كقرشبّ وفي القاموس كجعفر
(2) . 2 قوله [مجرهم جادّ] كذا ضبط مجرهم كمقشعرّ بالأصل والمحكم لكن ضبط في القاموس كالتكملة بوزن مدحرج(12/97)
لأَنه جُزِمَ عَنِ المُسْنَدِ، وَهُوَ خَطُّ حِمْيَر فِي أَيام مُلْكهم، أَيْ قُطِعَ. وجَزَمَ عَلَى الأَمر وجَزَّمَ: سَكَتَ. وجَزَّم عَنِ الشَّيْءِ: عَجَزَ «1» . وجَبُنَ. وجَزَّمَ القومُ إِذَا عَجَزُوا وبَقِيتُ مُجَزِّماً: مُنْقَطِعًا؛ قَالَ:
ولكنِّي مَضَيْتُ وَلَمْ أُجَزِّمْ، ... وَكَانَ الصَّبْرُ عادَةَ أَوَّلِينا
والجَزْمُ مِنَ الخَطِّ: تسويةُ الْحَرْفِ. وقَلَمٌ جَزْمٌ: لَا حَرْفَ لَهُ. وجَزَمَ القراءةَ جَزْماً: وَضَعَ الحروف مواضعها في بيان ومَهَلٍ. وجَزَمْت القِربةَ: ملأْتها، والتّجْزيمُ مِثْلُهُ. وسِقاء جازِمٌ ومِجْزَمٌ: مُمْتَلِئٌ؛ قَالَ:
جَذْلانَ يَسَّر جُلَّةً مَكْنوزةً، ... دَسْماءَ بَحْوَنَةً ووَطْباً مِجْزَما
وَقَدْ جَزَمَهُ جَزْماً: قَالَ صَخْرُ الغَيّ:
فَلَمَّا جَزَمْتُ بِهَا قِرْبَتي، ... تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَوْ خَلِيفا
والخَلِيفُ: طَرِيقٌ بَيْنَ جَبَلَيْنِ. وجَزَّمَهُ: كَجَزَمَهُ. وَيُقَالُ للسِّقاء مِجْزَمٌ، وَجَمْعُهُ مَجازِمُ. والجَزْمَةُ: الأَكْلَة الْوَاحِدَةُ. وجَزَمَ يَجْزِمُ جَزْماً: أَكَلَ أَكْلَةً تَمَّلأَ عَنْهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: جَزَمَ إِذَا أَكَلَ أَكْلَةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وجَزَم النخلَ يَجْزِمُه جَزْماً واجْتَزمَه: خَرَصَه وحَزَرَه؛ وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ الأَعشى:
هُوَ الواهِبُ المائةِ المُصْطَفاةِ، ... كالنَّخْلِ طافَ بِهَا المُجْتَزِم
بِالزَّايِ، مَكَانَ الْمُجْتَرِمِ، بِالرَّاءِ؛ قَالَ الطُّوسي: قُلْتُ لأَبي عَمْرٍو لِمَ قَالَ طَافَ بِهَا المُجْتَرِم؟ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: أَراد أَنَّهُ يَهَبُها عِشاراً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا قَدْ بَلَغَتْ أَنْ تُنتَج كَالنَّخْلِ الَّتِي بَلَغَتْ أَنْ تُجتَرَمَ أَيْ تُصْرَمَ، فَالْجَارِمُ يَطُوفُ بِهَا لصَرْمِها. وَيُقَالُ: اجْتَزَمْتُ النَّخلةَ اشْتَرَيْتُ تَمْرَهَا فَقَطْ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الاجْتِزامُ شِرَاءُ النَّخْلِ إِذَا أَرْطَبَ. واجْتَزَمَ فلانٌ حَظِيرةَ فُلَانٍ إِذا اشْتَرَاهَا، قَالَ: وَهِيَ لُغَةُ أَهل الْيَمَامَةِ. واجْتَزَمَ فُلَانٌ نَخْل فلانٍ فأَجْزَمه إِذا ابْتَاعَهُ مِنْهُ فَبَاعَهُ. وجَزَم مِنْ نَخْلِهِ جِزْماً أَي نَصِيبًا. ابْنُ الأَعرابي: إِذا بَاعَ الثَّمَرَةَ فِي أَكمامها بِالدَّرَاهِمِ فَذَلِكَ الجَزْمُ. والجَزْم: شَيْءٌ يُدْخَلُ فِي حَياء النَّاقَةِ لتَحْسِبَهُ ولدَها فتَرْأَمَه كالدُّرْجَة. وجَزَّمَ بسَلْحه: أَخرج بَعْضَهُ وَبَقِيَ بَعْضُهُ، وَقِيلَ: جَزَّم بِسَلْحِهِ «2» . خَذَفَ. وتَجَزَّمَتِ الْعَصَا: تَشَقَّقَتْ كَتَهَزَّمَتْ. والجَزْمُ مِنَ الأُمور: الَّذِي يأْتي قَبْلَ حِينِهِ «3» ، والوَزْمُ الَّذِي يأْتي فِي حِينِهِ. والجِزْمةُ، بِالْكَسْرِ، مِنَ الْمَاشِيَةِ: المائةُ فَمَا زَادَتْ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الأَربعين، وَقِيلَ: الجِزْمَةُ مِنَ الإِبل خَاصَّةً نَحْوَ الصِّرْمَة. الْجَوْهَرِيُّ: الجِزْمَةُ، بِالْكَسْرِ، الصِّرْمةُ مِنَ الإِبل، والفِرْقةُ مِنَ الضأْن. وَيُقَالُ: جَزَّم البعيرُ فَمَا يَبْرَحُ، وانْجَزَمَ العظمُ إِذا انْكَسَرَ. الْفَرَّاءُ: جَزَمَتِ الإِبلُ إذا رَوِيَتْ
__________
(1) . 1 قوله [وَجَزَّمَ عَنِ الشَّيْءِ عَجَزَ] وكذلك جزم بالتخفيف كما في القاموس والتهذيب
(2) . 1 قوله [وجزم بسلحه] كذا ضبط بالتثقيل بالأصل والمحكم والتكملة، ومقتضى صنيع القاموس أَنه بالتخفيف
(3) . 2 قوله [الَّذِي يَأْتِي قَبْلَ حِينِهِ إلخ] ومنه قول شبيل بالتصغير ابن عذرة بفتح فسكون: إلى أجل يوقت ثم يأتي بجزم أو بوزم باكتمال انتهى. التكملة. وزاد الجوازم: وطاب اللبن المملوءة، والجزم، بالفتح، إيجاب الشيء؛ يقال: جزم على فلان كذا وكذا أوجبه، واجتزمت جزمة من المال، بالكسر، أي أَخذت بعضه وأَبقيت بعضه(12/98)
مِنَ الْمَاءِ، وَبَعِيرٌ جازمٌ وإِبل جَوازِمُ.
جَسَمَ: الجِسْمُ: جَمَاعَةُ البَدَنِ أَو الأَعضاء مِنَ النَّاسِ والإِبل وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأَنواع الْعَظِيمَةِ الخَلْق، وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُ الْخُطَبَاءِ للأَعراض فَقَالَ يَذْكُرُ عِلْم القَوافي: لَا مَا يَتَعَاطَاهُ الْآنَ أَكثر النَّاسِ مِنَ التَّحَلي بِاسْمِهِ، دُونَ مُبَاشَرَةِ جَوْهَره وجِسْمه، وكأَنه إِنما كَنى بِذَلِكَ عَنِ الْحَقِيقَةِ لأَن جِسْم الشَّيْءِ حقيقةٌ واسْمه لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ العَرَض لَيْسَ بِذِي جِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ إِنما ذَلِكَ كُلُّهُ اسْتِعَارَةٌ ومَثَلٌ؟ وَالْجَمْعُ أَجْسامٌ وجُسومٌ. والجُسْمانُ: جَمَاعَةُ الجِسْمِ. والجُسْمانُ: جِسْمُ الرَّجُلِ. وَيُقَالُ: إِنه لنَحيفُ الجُسْمان، وجُسمانُ الرجلُ وجُثْمانُه وَاحِدٌ. ورجُل جُسْمانيٌّ وجُثْمانيٌّ إِذا كَانَ ضَخْم الجُثَّة. أَبو زَيْدٍ: الجِسْمُ الجَسَدُ، وَكَذَلِكَ الجُسْمانُ، والجُثْمانُ الشَّخْصُ. وَقَدْ جَسُمَ الشيءُ أَي عَظُمَ، فَهُوَ جَسِيمٌ وجُسام، بِالضَّمِّ. والجِسامُ، بِالْكَسْرِ: جَمْعُ جَسيمٍ. وجَسُمَ الرجلُ وَغَيْرُهُ يَجْسُمُ جَسامةً، فَهُوَ جَسِيمٌ، والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِالْهَاءِ؛ وأَنشد شَاهِدًا عَلَى جُسامٍ:
أَنْعَتُ عَيْراً سَهُوَقاً جُساما
أَبو عُبَيْدٍ: تجَسَّمْتُ فُلَانًا مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ أَي اخْتَرْتُهُ كأَنك قَصَدْتَ جِسْمَه، كَمَا تَقُولُ تأَيَّيْتُه أَي قَصَدْتُ آيَتَه وَشَخْصَهُ. وتَجَسَّمْها نَاقَةً مِنَ الإِبل فانْحَرْها أَي اخْتَرْها؛ وأَنشد:
تَجَسَّمَه مِنْ بَينِهِنَّ بمُرْهَفٍ، ... لَهُ جالِبٌ، فَوْقَ الرِّصاف، عَلِيلُ
ابْنُ السِّكِّيتِ: تَجَسَّمْتُ الأَمْرَ إِذا رَكِبْتَ أَجْسَمَه وجَسِيمَه ومُعْظَمه. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: المُرْهَفُ النَّصْلُ الرَّقِيقِ، وَالْجَالِبُ الَّذِي عَلَيْهِ كالجُلْبَةِ مِنَ الدَّمِ، عَليلٌ عُلَّ بِالدَّمِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. وتَجَسَّمْتُ الرملَ وَالْجَبَلَ أَي رَكِبْتُ أَعظمه. وتَجَسَّمْتُ الأَرضَ إِذا أَخذتَ نحوَها تُرِيدُهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يُلِجْنَ مِنْ أَصواتِ حادٍ شَيْظَمِ، ... صُلْبٍ عَصاهُ للمَطيّ مِنْهَمِ،
لَيْسَ يُماني عُقَبَ التَّجَسُّم
أَي لَيْسَ يَنْتَظر. وتَجَسَّمَ: مِنَ الجِسْم. والتَّجَسُّمُ: رُكُوبُ أَجْسمِ الأَمرِ ومُعْظَمِه. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سمِعت أَبَا مِحْجَنٍ وغيرَه يَقُولُ: تَجَسَّمْتُ الأَمر وتَجشَّمْتُهُ إِذا حَمَلْت نَفْسَكَ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ جَبَلٍ:
تَجَسَّمَ القُرْقُور مَوْجَ الْآذِيِّ
والجُسُم: الأُمور الْعِظَامُ. والجُسُمُ: الرِّجَالُ العُقلاء. والجَسِيمُ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض وَعَلَاهُ الْمَاءُ؛ وَقَالَ الأَخْطَلُ:
فَمَا زَالَ يَسْقي بَطْنَ خَبْتٍ وعَرْعَرٍ ... وأَرْضَهُما، حَتَّى اطْمأَنَّ جَسِيمُها
والأَجْسَمُ: الأَضْخَمُ؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ:
لَقَدْ عَلِمَ الحَيُّ مِنْ عامرٍ ... بأَنَّ لَنَا الذِّرْوَةَ الأَجْسَما «1»
. وَبَنُو جَوْسَم: حَيٌّ قَدِيمٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَكَذَلِكَ بَنُو جاسِمٍ. وجاسِمٌ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لعَديّ بْنِ الرِّقاعِ:
__________
(1) . 1 قَوْلُهُ [لَقَدْ عَلِمَ الْحَيُّ إلخ] تبع فيه الجوهري، قال الصاغاني: الرواية ذروة الأَجسم والقافية مجرورة وبعده: وأَنا الْمَصَالِيتُ يَوْمَ الْوَغَى إِذا ما العواوير لم تقدم(12/99)
لَوْلَا الحَياءُ، وأَنّ رأْسِيَ قَدْ عَفا ... فِيهِ المَشِيبُ، لزُرْتُ أُمَّ القاسِمِ
فكأَنَّها، بَيْنَ النِّساءِ، أَعَارَهَا ... عَيْنَيْهِ أَحْوَرُ مِنْ جآذِرِ جاسِمِ
ويروى عاسِم.
جَشِمَ: جَشِمَ الأَمْرَ، بِالْكَسْرِ، يَجْشَمُه جَشْماً وجَشامةً وتَجَشَّمَه: تَكَلَّفَه عَلَى مَشَقَّةٍ. وأَجْشَمَني فلانٌ أَمْراً وجَشَّمَنِيه أَيْ كَلَّفَني؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَعْشى:
فَمَا أَجْشَمْتُ مِنْ إِتْيانِ قَومٍ، ... هُمُ الأَعْداءُ والأَكْبادُ سُودُ
وجَشَّمْتُه الأَمرَ تَجْشِيماً؛ وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ عمرو ابن نُفَيْلٍ:
مَهْما تُجَشِّمْني فإِنِّي جاشِمُ
أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ أَبا مِحْجَنٍ وباهِليّاً تَجَشَّمْتُ الأَمر وتَجَسَّمْتُه إِذا حَمَلْتَ نَفْسَكَ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ جَميل «1» :
تَجَشَّم القُرْقُورُ مَوْجَ الْآذِيِّ
ابْنُ السِّكِّيتِ: تَجَشَّمْتُ الأَمْرَ إِذَا رَكِبْتَ أَجْسَمه، وتَجَشَّمْتُه إِذَا تَكَلَّفْتَهُ، وتَجَشَّمْتُ الأَرضَ إِذَا أخذتَ نحوَها تُرِيدُهَا، وتَجَشَّمْت الرملَ رَكِبْتَ أَعْظَمَه. أَبو النَّضْرِ: تَجَشَّمْتُ فُلَانًا مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ أَيْ قَصَدْتُ قَصْدَه؛ وأَنشد:
وبَلَدٍ ناءٍ تَجَشَّمْنا بِهِ ... عَلَى جَفاهُ، وَعَلَى أَنقابه
أَبُو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ: قَدْ تَجَشَّمْتُ كَذَا وَكَذَا أَي فَعَلْتُهُ عَلَى كُرْه وَمَشَقَّةٍ، والجُشَمُ: الِاسْمُ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ؛ قَالَ المرَّارُ:
يَمْشِينَ هَوْناً، وَبَعْدَ الهَوْنِ مِنْ جُشَمٍ، ... ومِنْ جَناءِ غَضِيضِ الطَّرْفِ مَسْتُورِ «2»
. والجُشَمُ: الجَوْف، وَقِيلَ: الصَّدْرُ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الضُّلوع. وجُشَمُ البعيرِ: صَدْرُه وَمَا غَشِي بِهِ القِرْنَ مِنْ صَدره وَسَائِرِ خَلْقه. وَيُقَالُ: غَتَّه بجُشَمِه إِذَا أَلقى صَدْرَهُ عَلَيْهِ. وَرَمَى عَلَيْهِ جَشَمَه وجُشمه أَيْ ثِقْلَه. والجَشِمُ: الْغَلِيظُ «3» ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ الأَعرابي: الجُشُمُ السِّمانُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الجَشَمُ السِّمَنُ. ابْنُ خَالَوَيْهِ: الجُشْمُ دَرَاهِمُ رَدِيئَةٌ، وَجَمْعُهَا جُشُومٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
بَدَا ضَربُ الكِرامِ وضَرْبُ تَيْمٍ، ... كضَرْبِ الدُّنْبُلِيَّة والجُشُوم
أَبو زَيْدٍ: مَا جَشِمْتُ الْيَوْمَ ظِلْفاً «4» ؛ يَقُولُهُ القانِصُ إِذَا لَمْ يَصِدْ وَرَجَعَ خَائِبًا. وَيُقَالُ: مَا جَشَمْتُ الْيَوْمَ طَعَامًا أَيْ مَا أَكلت؛ قَالَ: وَيُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ خَيْبَةِ كُلِّ طَالِبٍ فَيُقَالُ: مَا جَشَمْتُ اليومَ شَيْئًا. أَبو عُبَيْدٍ: تَجَشَّمْتُ فُلَانًا مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ أَيِ اخْتَرْتُهُ؛ وأَنشد:
تَجَشَّمْتُه مِنْ بَيْنِهِنَّ بمُرْهَفٍ، ... لَهُ جالِبٌ، فوقَ الرِّصافِ، عَلِيلُ
__________
(1) . 1 قوله [وَقَالَ عَمْرُو بْنُ جَمِيلٍ] كذا بالأَصل والتهذيب، والذي تقدم في جسم: عمرو بن جبل
(2) . 1 قوله [ومن جناء غضيض] كذا بالأَصل جناء بالأَلف، وفي شرح القاموس: جنى
(3) . 2 قوله [والجشم الغليظ إلخ] كذا بالأَصل كالمحكم مضبوطاً بوزن كتف، والذي في القاموس: وكأمير الغليظ انتهى. قال شارحه: والذي في كتاب كراع ككتف
(4) . 3 قوله [مَا جَشِمْتُ الْيَوْمَ ظِلْفًا] وقوله [مَا جَشَمْتُ الْيَوْمَ طَعَامًا] ضبط في الأَصل ونسخة من التهذيب بفتح الجيم والشين ولم نجد هذه العبارة لغير التهذيب حتى نستأنس لهذا الضبط(12/100)
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَكثر ذَلِكَ فِي جَسَمَ. ابْنُ الأَعرابي: الجُشُمُ الطِّوالُ الأَعْفارُ. والأَعْفارُ مِنْ قَوْلِكَ رَجُلٌ عِفْرٌ: داهٍ خبيثٌ. أَبو عَمْرٍو: الجَشْمُ الْهَلَاكُ. وجُشَمُ بْنُ بَكْرٍ: حيٌّ مِنْ مُضَرَ. وجُشَمُ بْنُ هَمْدانَ: حَيّ مِنَ اليمَن. وَبَنُو جَوْشَم: حَيّ مِنْ جُرْهُم دَرَجُوا. وجُشَمُ: حَيّ مِنَ الأَنصار، وَهُوَ جُشَمُ بْنُ خَزْرَج؛ وَقَالَ الأَغْلَبُ العِجْليّ:
إِنْ سَرَّكَ العزُّ فَجَخْجِخْ بجُشَم
وجُشَمُ: فِي ثَقِيف، وَهُوَ جُشَمُ بْنُ ثَقِيفٍ. وجُشَمُ: حَيٌّ مَنْ تَغْلِبَ وَهُمُ الأَراقِمُ. التَّهْذِيبُ: وجُشَمُ حَيّ مِنْ تَغْلِب، وجُشَمُ فِي هَوَازِنَ، وَهُوَ جُشَمُ بْنُ مُعاوية بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوازن.
جَعَمَ: الجَعْماءُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي أُنْكِرَ عَقْلُها هَرَماً، وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ أَجْعَمُ. والجَعْماء: النَّاقَةُ المُسِنَّة، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي غَابَتْ أَسنانُها فِي اللِّثَاتِ، وَالذَّكَرُ أَجْعَمُ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ أَجْعَمُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ دَابَّةٍ ذَهَبَتْ أَسنانها كُلُّهَا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الجَمْعاءُ والجَعْماءُ. والجَعْماءُ مِنَ النِّسَاءِ: الهَوْجاء البَلْهاءُ. وجَعِمَ الرجلُ لِكَذَا أَيْ خَفَّ لَهُ. وَقَدْ جَعِمْتُ جَعَماً وأَجْعَمَتِ الأَرضُ: كَثُرَ الحَنَكُ عَلَى نَبَاتِهَا فَأَكَلَهُ وألجأَه إِلَى أُصوله. وأُجْعِمَ الشَّجَرُ: أُكل وَرَقُه فَآلَ إِلَى أُصوله؛ قَالَ:
عَنْسِيَّة لَمْ تَرْعَ طَلْحاً مُجْعَمَا
وجَعِمَ إِلى اللَّحْمِ جَعَماً، فَهُوَ جَعِمٌ: قَرِمَ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَكُولٌ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
نُوفي لَهُمْ كَيْلَ الإِناءِ الأَعْظَمِ، ... إِذ جَعِمَ الذُّهْلانِ كلَّ مَجْعَمِ
وَيُقَالُ: جَعامَةً فِي الْمَصْدَرِ أَيضاً؛ عَنِ ابْنِ بَرِّيٍّ، والذُّهْلانِ: ذُهْلُ بْنُ ثَعْلَبَة وهو الأَكبر، وذُهْلُ ابن شَيْبان بْنِ ثَعْلَبة، أَي حَرَّضَ الذُّهْلان عَلَى قِتَالِنَا وقَرِمُوا إِلى الشَّرِّ كَمَا يُقْرَمُ إِلَى اللَّحْمِ. وجَعِمَتِ الإِبلُ تَجْعَمُ جَعَماً إِذا لَمْ تَجِدْ حَمْضاً وَلَا عِضاهاً فَتَقْرَمُ إِليها، فتَقْضَمُ العظامَ وخُرْءَ الْكِلَابِ لِشبْه قَرَم يُصِيبُهَا؛ وَيُقَالُ: إِن دَاءَ الجُعامِ أَكثرُ مَا يُصيبها مِنْ ذَلِكَ. وَرَجُلٌ جَيْعَمٌ: لَا يَرَى شَيْئًا إِلَّا اشْتَهَاهُ. وجَعِمَ جَعَماً وجَعَمَ: لَمْ يَشْتَهِ الطعامَ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وجَعِمَ جَعَماً، فَهُوَ جَعِمٌ، وتَجَعَّمَ: طَمعَ. والجَعَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: الطَّمَعُ. والجَعُوم: الطَّمُوع فِي غَيْرِ مَطْمَعٍ. والجَعَمُ: غِلَظُ الْكَلَامِ فِي سَعَةِ حَلْقٍ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، والصِّفَة كَالصِّفَةِ. وجَعَمَ البَعِيرَ: جَعَلَ عَلَى فِيهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الأَكل والعضِّ. والجِعْمِيُّ: الْحَرِيصُ، وَقِيلَ: الْحَرِيصُ مَعَ شَهْوَةٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ جَعِمَ إِلى الْفَاكِهَةِ، وَلَيْسَ الجَعَمُ القَرَمَ مُطْلَقًا، وَيُقَالُ: جَعِمَ الرجلُ وجَعَمَ إِذا اشتدَّ حرْصه. وأَجْعَمَتِ الأَرضُ: أُكل نباتُها. وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ أَن الهَجَرِيّ قَالَ فِي نَوَادِرِهِ: الجُعامُ دَاءٌ يُصِيبُ الإِبل مِنَ النَّدَى بأَرض الشَّامِ، يأْخذها لَيٌّ فِي بُطُونِهَا ثُمَّ يُصيبها لَهُ سُلاحٌ. وَقَدْ أَجْعَمَ القومُ إِذا أَصاب إِبلَهُم الجُعامُ. والجَعُومُ: المرأَة الْجَائِعَةُ. وَيُقَالُ للدُّبر: الجَعْماءُ والوَجْعاءُ والجَهْوةُ والصُّمارَى.(12/101)
والجِعْمُ: الجُوعُ «1» ، وَيُقَالُ: يَا ابْنَ الجَعْماء. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الجَيْعَمُ الجائع.
جَعْثَمَ: الجُعْثُوم: الغُرْمُولُ الضَّخْمُ. والجُعْثُمَةُ: اسْمٌ. والتَّجَعْثُمُ: انْقِبَاضُ الشَّيْءِ وَدُخُولُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ. وَبَنُو جُعْثُمَة: حَيّ مِنَ اليَمَن؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
كأَنَّ ارْتِجازَ الجُعْثُمِيَّاتِ، وَسْطَهُم، ... نَوائِحُ يَشْفَعْنَ البُكا بالأَزامِلِ
يَعْنِي بالجُعْثُمِيَّاتِ قِسِيّاً مَنْسُوبَةً إِلى هَذَا الْحَيِّ. الأَزهري: جُعْثُمةُ حَيّ مِنْ أَزدِ السَّراةِ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: جُعْثُمَةُ مِنْ هُذَيْلٍ. الأَزهري: الجِعْثِمُ والجِعْثِن أُصول الصِّلِّيان.
جَعْشَمَ: الجُعْشُمُ: الصَّغِيرُ «2» . البَدَن الْقَلِيلُ لَحْمِ الْجَسَدِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُنْتَفِخُ الجَنْبَيْنِ الغليظُهما، وَقِيلَ: الْقَصِيرُ الْغَلِيظُ مَعَ شِدَّةٍ، وَيُقَالُ لَهُ جُعْشُمٌ وكُنْدُرٌ؛ وأَنشد:
لَيْسَ بجُعْشُوشٍ وَلَا بجُعْشُمِ
وجُعْشُمٌ: اسْمٌ، وَهُوَ جَدُّ سُراقَةَ بْنِ مَالِكٍ المُدْلِجِيّ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
يُهْدي ابنُ جُعْشُمٍ الأَنْباءَ نَحْوَهُمُ، ... لَا مُنْتَأَى عَنْ حِياض المَوْتِ والحُمَم
والجَعْشَمُ: الوَسَطُ؛ قَالَ:
وكلّ نَأْآجٍ عُراضٍ جَعْشَمُه
قَالَ الْفَرَّاءُ: فَتْحُ الْجِيمِ وَالشِّينِ فِيهِ أَفصح.
جَلَمَ: جَلَمَ الشيءَ يَجْلِمُه جَلْماً: قَطَعَهُ. والجَلَمانِ: المِقْراضانِ، وَاحِدُهُمَا جَلَمٌ لِلَّذِي يُجَزُّ بِهِ؛ قَالَ سَالِمُ بْنُ وابِصَةَ:
داوَيْتُ صَدْراً طَوِيلًا غِمْرُه حَقِداً ... مِنْهُ، وقَلَّمْتُ أَظفاراً بِلَا جَلَمِ
والجَلَمُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الجَلَمَيْنِ كَمَا يُقَالُ المِقْراضُ والمِقْراضان والقَلَمُ والقَلَمانِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
وَلَوْلَا أَيادٍ مِنْ يَزيدَ تَتابَعَتْ، ... لَصَبَّحَ فِي حافاتِها الجَلَمانِ
وَقَوْلُهُ: فأَخذت مِنْهُ بالجَلَمَيْنِ؛ الجَلَمُ: الَّذِي يُجَزُّ بِهِ الشعرُ والصوفُ، والجَلَمان شَفْرَتاه، وَهَكَذَا يُقَالُ مُثَنّىً كالمِقَصِّ والمِقَصَّيْنِ. والجَلْمُ: مَصْدَرُ جَلَمَ الجَزُور يَجْلِمُها جَلْماً واجْتَلَمها إِذا أَخذ مَا عَلَى عِظَامِهَا مِنَ اللَّحْمِ. والجَلَمُ: مِنْ سِمات الإِبل «3» شَبِيهٌ بالجَلَم فِي الخَدّ؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ؛ وأَنشد:
هُوَ الفَزارِيُّ الَّذِي فِيهِ عَسَمْ، ... فِي يَدِهِ نَعْلٌ وأُخْرى بالقَدَمْ
يَسُوقُ أَشْباهاً عَلَيهِنَّ الجَلَمْ
والجَلَمُ: الهِلالُ لَيْلَةَ يُهِلُّ «4» ؛ شُبِّه بالجَلَمِ. التَّهْذِيبُ: والجَلَمُ الْقَمَرُ. وجَلْمَة الجَزُورِ وجَلَمَتُها: لَحْمُهَا أَجْمَعُ، يُقَالُ: خُذْ جُلْمَة الجَزورِ أَي لَحْمَهَا أَجْمَعَ. والجَلَمَةُ:
__________
(1) . 1 قوله [والجعم الجوع] ضبط في الأَصل بالكسر وصرح به شارح القاموس، وضبط في نسخة من التهذيب بفتح فسكون لكن مقتضى تفسيره بالمصدر أَنه الجعم محرّكاً
(2) . 2 قوله [الجعشم الصغير إلخ] بضم الشين وفتحها كما في القاموس، وفي التكملة: والجعشم الطويل مع عظم الجسم
(3) . 1 قوله [وَالْجَلَمُ مِنْ سِمَاتِ الإِبل إلخ] كذا في المحكم أَيضاً، والذي في التكملة: والجلم أَي محرّكاً سمة لبني فزارة في الفخذ.
(4) . 2 قوله [ليلة يهل] زاد في التكملة: الجيلم كصقيل القمر ليلة البدر(12/102)
الشَّاةُ الْمَسْلُوخَةُ إِذا ذَهَبَتْ عَنْهَا أَكارعُها وفُضُولُها. الْجَوْهَرِيُّ: وَهَذِهِ جَلَمَةُ الجَزُور «1» ، بِالتَّحْرِيكِ، أَي لَحْمُهَا أَجْمَعُ. وجَلَمَةُ الشَّاةِ: مَسْلوخَتُها بِلَا حَشْوٍ وَلَا قَوَائِمَ. وجَلَمَ الشَّعَرَ وَصُوفَ الشَّاةِ بالجَلَمِ يَجْلِمُه جَلْماً: جَزَّه كَمَا تَقُولُ قَلَمْتُ الظُّفْر بالقَلَم؛ وأَنشد:
لَمَّا أَتَيْتُم وَلَمْ تَنْجُوا بمَظْلِمَةٍ، ... قِيسَ القُلامَةِ مِمَّا جَزَّه الجَلَمُ
والقَلَمُ، كلٌّ يُرْوى. وَيُقَالُ للمِقْراضِ المِقْلامُ والقَلَمانُ والجَلَمانُ، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ الْكِسَائِيُّ، بِضَمِّ النُّونِ، كأَنه جَعَلَهُ نَعْتًا عَلَى فَعَلانَ مِنَ القَلْمِ والجَلْم، وَجَعَلَهُ اسْمًا وَاحِدًا، كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ شحَذَانٌ وأَبَيانٌ. والجَلَمُ: الَّذِي يُجَزُّ بِهِ. والجُلامَةُ: مَا جُزّ. أَبو مَالِكٍ: جَلْمَةٌ مِثْلُ حَلْقَة، وَهُوَ أَن يُجْتَلَمَ مَا عَلَى الظَّهْر مِنَ الشَّحْمِ وَاللَّحْمِ. والجُلَّامُ: التُّيُوس المَحْلوقَةُ. وهَنٌ مَجْلومٌ: مَحْلُوقٌ؛ قَالَ الفَرَزْدَقُ:
أَتَتْه بمَجْلُوم كأَنّ جبِينَه ... صَلايةُ وَرْسٍ، وسْطُها قَدْ تَفَلَّقا
وأَخذ الشيءَ بجُلْمَتِهِ وجَلْمَتِه أَي جَمَاعَتِهُ. والجَلَم: الجَدْيُ؛ عَنْ كُرَاعٍ وَجَمْعُهُ جِلامٌ؛ قَالَ الأَعشى:
سَواهِمُ جُذْعانُها كالجِلامِ ... قَدْ أَقْرَحَ القَوْدُ مِنْهَا النُّسُورا
وَيُرْوَى:
قَدْ اقْرَحَ مِنْهَا القِيادُ النُّسورا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده بِالنَّصْبِ؛ وَقَبْلَهُ:
وجَأْواءَ تُتْعِبُ أَبْطالَها، ... كَمَا أَتْعَبَ السابقُون الكَسِيرا
وَقِيلَ: الجِلامُ غَنَمٌ مِنْ غَنَمِ الطَّائِفِ صِغَارٌ؛ قَالَ:
قُدْنا إِلى هَمْدانَ، مِنْ أَرْضِنا، ... شُعْثَ النَّواصي شُزَّباً كالجِلام
أَبو عُبَيْدٍ: الجِلامُ شاءُ أَهلِ مَكَّةَ، وَاحِدَتُهَا جَلَمَةٌ؛ وأَنشد:
شَواسِفٌ مثْلُ الجِلام قُبّ
جلثم: جَلْثَمٌ: اسم.
جَلْحَمَ: اجْلَحَمَّ القومُ: اجْتَمَعُوا، وَيُقَالُ: اسْتَكْبَرُوا، قَالَ:
نَضْرِبُ جَمْعَيْهِم إِذا اجْلَحَمُّوا
جَلْخَمَ: اجْلَخَمَّ الرجلُ: اسْتَكْبَرَ، واجْلَخَمَّ القومُ: اسْتَكْبَرُوا؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
نَضْرِبُ جَمْعَيْهِمْ إِذا اجْلَخَمُّوا، ... خَوادِباً أَهْوَنُهُنَّ الأَمُ
أَي ضَرَبات خَوادِب، والخَدْبُ: الضربُ الَّذِي لَا يَتمالك، وَيُرْوَى: إِذا اجْلَحَمُّوا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ، وأَنشده بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ. واجْلَخَمَّ الْقَوْمُ اجْلِخْماماً: لُغَةٌ فِي اجْلَحَمُّوا؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْحَاءُ الْمُهْمَلَةُ أَعلى.
جَلْسَمَ: الجِلْسام: البِرْسام كالجِرْسام، وقد تقدم.
__________
(1) . 1 قوله [جلمة الجزور إلخ] بفتح أَو ضم فسكون وبالتحريك كما في القاموس(12/103)
جَلْعَمَ: الأَزهري: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ الهَرِمَة قِضْعِمٌ وجَلْعَمٌ. ابْنُ الأَعرابي: الجَلْعَمُ القليلُ الْحَيَاءِ.
جَلْهَمَ: جُلْهُمَتا الْوَادِي: نَاحِيَتَاهُ، وَقِيلَ: حَافَّتَاهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي سُفْيان: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخَّرَ أَبا سُفْيانَ فِي الإِذْنِ وأَدْخَلَ غيرَه مِنَ النَّاسِ قَبْلَهُ، فَقَالَ: مَا كِدْتَ تَأْذَنُ لِي حَتَّى تَأْذَنَ لِحِجَارَةِ الجُلْهُمَتَيْنِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد جانبَي الْوَادِي، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ الجَلْهَتان؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَمْ أَسمع بالجُلْهُمةِ إِلا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا جَاءَتْ إِلا وَلَهَا أَصل؛ وَقَالَ شِمْرٌ: لَمْ أَسمع الجُلْهُمَة إِلا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَرْفًا آخَرَ، قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هَذَا جُلْهُمٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرْوَى
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ أَنْتَ كَمَا قِيل: كُلُّ الصَّيْدِ فِي جَوْف الفَرا
؛ أَراد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن يَتأَلَّفَه بِهَذَا الْكَلَامِ وَكَانَ مِنَ المؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَهُوَ أَبو سُفْيَانَ بن الحرث بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَكَانَ هَجَا النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هِجَاءً قَبِيحًا؛ قَالَ: وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَتَيْنِ الجَلْهَمَتَيْنِ، بِفَتْحِ الْجِيمِ، قَالَ: وَلَمْ يَرْوِ أَحدٌ الجُلْهُمَتَيْن، بِضَمِّ الْجِيمِ، إِلا شِمْرٌ وَابْنُ خَالَوَيْهِ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه مَفْتُوحٌ قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ: إِنه أَراد الجَلْهَتَيْنِ فَزَادَ الْمِيمَ، قَالَ: وَلَوْ كَانَتِ الْجِيمُ مَضْمُومَةً لَمْ تَكُنِ الْمِيمُ زَائِدَةً. وَقَالَ أَبو هَفَّانَ المِهْزَمِيُّ: جُلْهُمَةُ اسْمُ رَجُلٍ، بِالضَّمِّ، مَنْقُولٌ مِنَ الجُلْهمة لطَرَفِ الْوَادِي، قَالَ: وَالْمُحَدِّثُونَ يُخْطئُون وَيَقُولُونَ الجَلْهَمَتَيْن، قَالَ: والجَلْهَةُ نَاحِيَةُ الْوَادِي؛ وأَنشد:
كأَنَّها وَقَدْ بَدا عُوارِضُ، ... واللَّيْلُ بَيْنَ قَنَوَيْنِ رَابِضُ،
بِجَلْهَةِ الوادِي قَطاً نواهِضُ
وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ: الجُلْهُمَةُ فَمُ الْوَادِي، وَقِيلَ: جَانِبُهُ، زِيدَتْ فِيهَا الْمِيمَ كَمَا زِيدَتْ فِي زُرْقُمٍ وسُتْهُمٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْعَرَبُ زَادَتِ الْمِيمَ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا قَوْلُهُمْ قَصْمَل الشيءَ إِذا كَسَرَهُ وأَصله قَصَلَ، وجَلْمَطَ شَعْرَهُ إِذا حَلقه والأَصل جَلَطَ، وفَرْصَمَ الشَّيْءَ إِذا قَطَعَهُ والأَصل فَرَصَ، وَاللَّهُ أَعلم. وجُلْهُمَة، بِالضَّمِّ: اسْمُ رَجُلٍ. وجُلْهُمُ: اسْمُ امرأَة؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ للأَسود بْنِ يَعْفُرَ:
أَوْدَى ابنُ جُلْهُمَ عَبَّادٌ بصِرْمَتِهِ؛ ... إِنَّ ابنَ جُلْهُمَ أَمْسَى حَيَّةَ الْوَادِي
أَراد المرأَة وَلِذَلِكَ لَمْ يَصْرِفْ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالْعَرَبُ يُسَمُّونَ الرَّجُلَ جُلْهُمَةَ والمرأَة جُلْهُمَ. والجُلْهُمُ: القارَةُ الضَّخْمَةُ «2» ، وحَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ يُقَالُ لهم الجَلاهِمُ.
جمم: الجَمُّ والجَمَمُ: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَمَالٌ جَمٌّ: كَثِيرٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا
، أَي كَثِيرًا، وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبو عُبَيْدَةَ؛ وَقَالَ أَبو خِراشٍ الهُذَليّ:
إِنْ تَغْفِرِ، اللَّهُمَّ، تَغْفِرْ جَمّا، ... وأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا؟
وَقِيلَ: الجَمُّ الْكَثِيرُ الْمُجْتَمِعُ، جَمّ يَجِمُّ ويَجُمُّ، وَالضَّمُّ أَعلى، جُمُوماً،
قَالَ أَنس: تُوُفِّيَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والوَحْيُ أَجَمُّ مَا كَانَ لَمْ يَفْتُرْ بعدُ
؛ قَالَ شَمِرٌ: أَجَمُّ مَا كَانَ أَكثرُ مَا كَانَ وجَمَّ المالُ وَغَيْرُهُ إِذا كَثُرَ. وجَمُّ الظَّهِيرة: مُعْظَمُهَا؛ قَالَ أَبو كَبير الْهُذَلِيُّ:
__________
(2) . 1 قوله [القارة الضخمة] كذا بالقاف في الأصل والتهذيب والتكملة، وتحرّفت في نسخ القاموس بالفأرة(12/104)
ولقَد رَبَأْتُ، إِذا الصِّحابُ تَواكَلُوا، ... جَمَّ الظَّهِيرَةِ فِي اليَفَاعِ الأَطْوَلِ
جَمَّ الشيءُ واسْتَجَمَّ، كِلَاهُمَا: كَثُرَ. وجَمُّ الماءِ: مُعْظَمُه إِذا ثَابَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا نَزَحْنا جَمَّها عادَتْ بجَمّ
وَكَذَلِكَ جُمَّتُه، وَجَمْعُهَا جِمامٌ وجُمُومٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
فَلَمَّا وَرَدْنا الْمَاءَ زُرْقاً جِمامُه، ... وَضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ
وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جؤَية:
فَلَمَّا دَنا الإِفْرادُ حَطَّ بشَوْرِه ... إِلى فَضَلاتٍ مُسْتَحيرٍ جُمُومُها
وجَمَّةُ المَرْكَبِ الْبَحْرِيِّ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ الرَّاشِحُ مِنْ حُزوزه، عَرَبِيَّةٌ صَحِيحَةٌ. وماءٌ جَمٌّ: كَثِيرٌ: وَجَمْعُهُ جِمَام. والجَمُوم: الْبِئْرُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ. وَبِئْرٌ جَمَّة وجَمُوم: كَثِيرَةُ الْمَاءِ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
كتَمْتُكَ لَيلًا بالجَمُومَيْنِ ساهِرا
يَجُوزُ أَن يَعْني رَكِيَّتَيْنِ قَدْ غَلَبَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ عَلَيْهِمَا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَا مَوْضِعَيْنِ. وجَمَّتْ تَجِمُّ وتَجُمُّ، وَالضَّمُّ أَكثر: تَرَاجَعَ مَاؤُهَا. وأَجَمَّ الماءَ وجَمَّه: تَرَكَهُ يَجْتَمِعُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنَ الغُلْبِ مِنْ عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ ... لِسَقْيٍ، وجُمَّتْ للنَّواضِحِ بِئْرُها
والجُمَّة: الْمَاءُ نَفْسُهُ. واسْتُجِمَّتْ جُمَّةُ الْمَاءِ: شُرِبَتْ واسْتَقَاها الناسُ. والمَجَمُّ: مُسْتَقَرُّ الْمَاءِ. وأَجَمَّه: أَعطاه جُمَّة الرِّكِيَّة. قَالَ ثَعْلَبٌ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ مِنَّا مَنْ يُجيرُ ويُجِمُّ، فَلَمْ يُفَسَّرْ يُجِمُّ إِلَّا أَن يَكُونَ مِنَ قَوْلِكَ أَجَمَّه أَعطاه جُمَّة الْمَاءِ. الأَصمعي: جَمَّتِ البئرُ، فَهِيَ تَجُمُّ وتَجِمُّ جُمُوماً إِذا كَثُر مَاؤُهَا وَاجْتَمَعَ؛ يُقَالُ: جِئْتُهَا وَقَدِ اجْتَمَعَتْ جُمَّتُها وجَمُّها أَي مَا جَمَّ مِنْهَا وَارْتَفَعَ. التَّهْذِيبُ: جَمَّ الشيءُ يَجُمُّ ويَجِمُّ جُموماً، يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ والسَّير؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
يَجِمُّ عَلَى السَّاقَيْنِ، بَعْدَ كَلاله، ... جُمومَ عُيونِ الحِسْيِ بعدَ المُحَيَّضِ
أَبو عَمْرٍو: يَجِمُّ ويَجُمُّ أَي يَكْثُرُ. ومَجَمُّ الْبِئْرِ: حَيْثُ يَبْلُغ الماءُ وَيَنْتَهِي إِليه. والجَمُّ: مَا اجْتَمَعَ مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ؛ قَالَ صَخْرٌ الْهُذَلِيُّ:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ فِي جَمِّه، ... خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصُّفْنُ مِثْلُ الرُّكْوةِ، والمُدابِرُ صاحبُ الدَّابِرِ مِنَ السِّهَامِ، وَهُوَ ضِدُّ الفائِز، وعَطوفاً الَّذِي تَكَرَّرَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. والجَمَّةُ: الْمَكَانُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ مَاؤُهُ، وَالْجَمْعُ الجِمامُ، والجُمُومُ، بِالضَّمِّ، المصدرُ. وَيُقَالُ: جَمَّ الماءُ يَجُمُّ ويَجِمُّ جُموماً إِذا كَثُرَ فِي الْبِئْرِ وَاجْتَمَعَ بعد ما اسْتُقِيَ مَا فِيهَا؛ قَالَ:
فَصَبَّحَتْ قَلَيْذَماً هَمُومَا، ... يَزيدُها مَخْجُ الدِّلا جُمُومَا
قَلَيْذَماً: بِئْرًا غَزِيرَةً، هَمُوماً: كَثِيرَةَ الْمَاءِ، ومَخْجُ الدَّلْوِ: أَن تَهُزَّها فِي الْمَاءِ حَتَّى تَمْتَلئ. والجَمام، بِالْفَتْحِ: الرَّاحَةُ. وجَمَّ الفرسُ يَجِمُّ ويَجُمُّ جَمّاً وجَماماً. وأَجَمَّ: تُرِكَ فَلَمْ يُرْكَبْ(12/105)
فعَفَا مِنْ تَعَبه وَذَهَبَ إِعياؤه، وأَجَمَّه هُوَ. وجَمَّ الفرسُ يَجِمُّ ويَجُمُّ جَماماً: تَرَكَ الضِّراب فتَجَمَّع مَاؤُهُ. وجِمامُ الْفَرَسِ وجُمامُه: مَا اجْتَمَعَ مِنْ مَائِهِ. وأُجِمَّ الفرسُ إِذا تُرِك أَنْ يُرْكَب، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وجُمَّ وَفَرَسٌ جَمُومٌ إِذا ذَهَبَ مِنْهُ إِحْضارٌ جَاءَهُ إِحْضار، وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَولَب:
جَمُومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابَى، ... تَخالُ بَياضَ غُرَّتِها سِراجَا
قَوْلُهُ شَائِلَةَ الذُّنابى يَعْنِي أَنها تَرْفَعُ ذَنَبها فِي العَدْو. واسْتَجَمَّ الفرسُ وَالْبِئْرُ أَي جَمَّ. وَيُقَالُ: أَجِمَّ نَفْسَك يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَي أَرِحْها؛ وَفِي الصَّحَّاحِ: أَجْمِمْ نَفْسَك. وَيُقَالُ: إِني لأَسْتَجِمُّ قَلْبِيَ بِشَيْءٍ مِنَ اللَّهو لأَقْوَى بِهِ عَلَى الْحَقِّ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: رَمَى إِليَّ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بسَفَرْجلة وَقَالَ دُونَكَهَا فإِنها تُجِمُّ الفُؤادَ
أَي تُريحه، وَقِيلَ: تَجْمَعه وتُكَمِّلُ صَلاحَه ونَشاطَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ فِي التَّلْبِينَةِ: فإِنها تُجِمُّ فؤادَ الْمَرِيضِ
، وحديثُها الْآخَرُ:
فإِنها مَجَمَّة
أَي مَظِنَّة الِاسْتِرَاحَةِ. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبية:
وإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا
أَي اسْتَرَاحُوا وَكَثُرُوا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادَةَ: فأَتى الناسُ الماءَ جامِّينَ رِواءً
أَي مُسْتريحين قَدْ رَوُوا مِنَ الْمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لأَصْبَحْنا غَداً حِينَ نَدْخُل عَلَى الْقَوْمِ وَبِنَا جَمامةٌ
أَي رَاحَةٌ وشِبَعٌ ورِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: بَلَغها أَن الأَحْنف قَالَ شِعْرًا يَلُومُهَا فِيهِ فَقَالَتْ: سبحانَ اللَّهِ لَقَدِ اسْتَفْرَغَ حِلْمَ الأَحْنف هِجاؤُه إِياي، أَليَ كَانَ يَسْتَجِمُّ مَثابةَ سَفَهه؟
أَرادت أَنه كَانَ حَلِيمًا عَنِ النَّاسِ فَلَمَّا صَارَ إِليها سَفِه، فكأَنه كَانَ يُجِمُّ سَفَهه لَهَا أَي يُريحُه ويَجْمعه. وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاوِيَةَ: مَنْ أَحَبَّ أَن يَسْتَجِمَّ لَهُ الناسُ قِياماً فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَه مِنَ النَّارِ
أَي يَجْتَمِعون لَهُ فِي الْقِيَامِ عِنْدَهُ ويَحْبِسون أَنفسَهم عَلَيْهِ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَسَنَذْكُرُهُ. والمَجَمُّ: الصَّدْر لأَنه مُجْتَمَع لِمَا وَعَاهُ مِنْ عِلْمٍ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:
رَحْبُ المَجَمِّ إِذا مَا الأَمر بَيَّته، ... كالسَّيْفِ لَيْسَ بِهِ فَلٌّ وَلَا طَبَعُ
ابْنُ الأَعرابي: فُلَانٌ واسعُ المَجَمِّ إِذا كَانَ واسعَ الصَّدْرِ رَحْبَ الذِّرَاعِ؛ وأَنشد:
رُبَّ ابْنِ عَمٍّ، لَيْسَ بِابْنِ عَمِّ، ... بَادِي الضَّغِين ضَيِّقِ المَجَمِ
وَيُقَالُ: إِنه لَضَيِّقُ المَجَمِّ إِذا كَانَ ضَيِّقَ الصَّدْرِ بالأُمور؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَمَا كُنْتُ أَخْشى أَنَّ فِي الحَدِّ رِيبةً، ... وإِنْ كانَ مَرْدُودُ السَّلام يَضِيرُ
وقَفْنا فَقُلْنَاهَا السَّلامُ عليكمُ، ... فأَنْكَرها ضَيْقُ المَجَمِّ غَيُورُ
أَي ضَيِّقُ الصَّدْر. ورجُل رَحْبُ الجَمَمِ: وَاسِعُ الصَّدْرِ. وأَجَمَّ العِنَبَ: قَطَعَ كلَّ مَا فَوْقَ الأَرض مِنْ أَغصانه؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والجَمامُ والجِمامُ والجُمامُ والجَمَمُ: الكَيْلُ إِلى رأْس الْمِكْيَالِ، وَقِيلَ: جُمامه طَفافُه [طِفافُه] وإِناء جَمَّامٌ: بَلَغَ الكيلُ جُمامَه، وَيُقَالُ: أَجْمَمْتُ الإِناء «1» . وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: فِي الإِناء جَمامُه وجَمُّه.
__________
(1) . 1 قوله [ويقال أجممت الإناء] وكذلك جمّمته وجممته مثقلًا ومخففاً كما في القاموس(12/106)
أَبو الْعَبَّاسِ فِي الْفَصِيحِ: عِنْدَهُ جِمام القَدَح وجُمام المَكُّوكِ، بِالرَّفْعِ، دَقيقاً. وجَمَمْتُ المكيالَ جَمّاً. الْجَوْهَرِيُّ: جِمامُ المَكُّوك وجُمامُه وجَمامُه وجَمَمُه، بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ مَا عَلَا رأْسَه فوق طَفافه [طِفافه] . وجَمَمْتُ المكيالَ وأَجْمَمْتُه، فَهُوَ جَمّان إِذا بَلَغَ الكيلُ جُمامَه. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: عِنْدِي جِمامُ القَدَحِ مَاءً، بِالْكَسْرِ، أَي مِلْؤُه. وجُمامُ المَكُّوك دَقيقاً، بِالضَّمِّ؛ وجَمامُ الْفَرَسِ، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ، وَلَا يُقَالُ جُمام بِالضَّمِّ إِلا فِي الدَّقِيقِ وأَشباهه، وهو ما علا رأْسَه بَعْدَ الِامْتِلَاءِ. يُقَالُ: أَعْطِني جُمامَ المَكُّوك إِذا حَطَّ مَا يَحْمله رأْسُه فأَعطاه، وجُمْجُمَةٌ جَمَّاءُ، وَقَدْ جَمَّ الإِناءَ وأَجَمَّه. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ أَعْطِه جُمامَ المَكُّوك أَي مَكُّوكاً بِغَيْرِ رأْس، واشْتُقَّ ذَلِكَ مِنَ الشَّاةِ الجَمّاء، هَكَذَا رأَيت فِي الأَصل، ورأَيت حَاشِيَةَ صَوَابِهِ: مَا حَمَله رأْسُ المَكُّوكِ. وجَمٌّ: مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ الأَوَّلِين. والجَمِيمُ: النَّبْتُ الْكَثِيرُ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ أَن يَنْهَضَ ويَنْتَشِرَ، وَقَدْ جَمَّم وتَجَمَّمَ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ وَذَكَرَ وَحْشًا:
يَقْرِمَنْ سَعْدانَ الأَباهِرِ فِي النَّدى، ... وعِذْقَ الخُزامى والنَّصِيَّ المُجَمَّما
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده أَبو حَنِيفَةَ عَلَى الخَرْم، لأَنَّ قَوْلَهُ يَقْرِمْ فَعْلُن وَحُكْمُهُ فَعْوَلْنَ، وَقِيلَ: إِذا ارْتَفَعَتِ البُهْمى عَنِ البارِضِ قَلِيلًا فَهُوَ جَميم؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ حِمَارًا: «1» :
رَعَتْ بارِضَ البُهْمى جَمِيماً وبُسْرَةً، ... وصَمْعاءَ حَتَّى آنَفَتْها نِصالُها
وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَجِمَّاءُ. والجَمِيمَةُ: النَّصِيَّةُ إِذا بَلَغَتْ نِصْفَ شَهْرٍ فملأَت الْفَمَ. واسْتَجَمَّتِ الأَرضُ: خَرَجَ نَبْتُهَا. والجَمِيمُ: النَّبْتُ الَّذِي طَالَ بَعض الطُّول وَلَمْ يَتِمَّ؛ وَيُقَالُ: فِي الأَرض جَمِيمٌ حَسنُ النَّبْتِ قَدْ غَطَّى الأَرضَ وَلَمْ يَتِمَّ بَعْدُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: جَمَّمَتِ الأَرضُ تَجْميماً إِذا وَفَى جَمِيمُها، وجَمَّمَ النَّصِيُّ والصِّلِّيانُ إِذا صَارَ لَهُمَا جُمَّةٌ. وَفِي حَدِيثِ
خُزيمة: اجْتاحَت جَمِيمَ اليَبِيس
؛ الجَمِيمُ: نَبْتٌ يَطُولُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ جُمَّة الشَّعْرِ. والجُمَّةُ، بِالضَّمِّ: مُجْتَمَعُ شَعْرِ الرأْس وَهِيَ أَكثر مِنَ الوَفْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جُمَّةٌ جَعْدَةٌ
؛ الجُمَّة مِنْ شَعْرِ الرأْس: مَا سَقَط عَلَى المَنْكِبَيْن؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عنها، حيث بَنى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: وَقَدْ وَفتْ لِي جُمَيْمَةٌ
أَي كَثُرت؛ والجُمَيْمَةُ: تَصْغِيرُ الجُمَّة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ زِمْلٍ: كأَنما جُمِّمَ شَعَرُه
أَي جُعل جُمَّةً، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَنَ اللَّهُ المُجَمِّماتِ مِنَ النِّسَاءِ
؛ هنَّ اللَّوَاتِي يَتَّخِذْن شعورَهن جُمَّةً تَشَبُّهًا بِالرِّجَالِ. ابْنُ سِيدَهْ: الجُمَّةُ الشَّعْرُ، وَقِيلَ: الْجُمَّةُ مِنَ الشَّعْرِ أَكثر مِنَ اللِّمَّةِ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ الشَّعْرُ الْكَثِيرُ، وَالْجَمْعُ جُمَمٌ وجِمامٌ. وَغُلَامٌ مُجَمَّمٌ: ذُو جُمَّة. قَالَ سِيبَوَيْهِ: رَجُلٌ جُمَّانيّ، بِالنُّونِ، عَظِيمُ الجُمَّة طَوِيلُهَا، وَهُوَ مِنْ نَادِرِ النَّسَبِ، قَالَ: فإِن سَمَّيْتَ بِجُمَّةٍ ثُمَّ أَضفت إِليها لَمْ تَقُلْ إِلَّا جُمِّيٌّ. والجُمَّةُ: الْقَوْمُ يسأَلون فِي الحَمالة
__________
(1) . 1 قوله [يصف حماراً] المراد الجنس لقوله رعت وآنفتها، وأورد المؤلف كالجوهري هذا البيت كذلك في غير موضع، رواه الجوهري في هذه المادة: رعى وآنفته، قال الصاغاني: الرواية رعت وآنفتها، وقبل البيت:
طوال الهوادي وَالْحَوَادِي كَأَنَّهَا ... سَمَاحِيجُ قُبٍّ طار عنها نسالها(12/107)
والدِّياتِ؛ قَالَ:
لَقَدْ كانَ فِي لَيْلى عَطاءٌ لجُمَّةٍ، ... أَناخَتْ بِكُمْ تَبْغي الفضائلَ والرِّفْدا
ابْنُ الأَعرابي: هُمُ الجُمَّةُ والبُرْكَةُ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِيُّ:
وجُمَّةٍ تَسْأَلني أَعْطَيْتُ، ... وسائِلٍ عَنْ خَبَرٍ لَوَيْتُ،
فقُلْتُ: لَا أَدْري، وَقَدْ دَرَيْتُ
وَيُقَالُ: جاءَ فُلَانٌ فِي جُمَّةٍ عظيمةٍ وجَمَّةٍ عظيمةٍ أَي فِي جَمَاعَةٍ يسأَلون الدِّيَة، وَقِيلَ: فِي جَمَّةٍ غَلِيظَةٍ أَي فِي جَمَاعَةٍ يسأَلون فِي حَمالةٍ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: مالُ أَبي زَرْعٍ عَلَى الجُمَمِ محبوسٌ
؛ الجُمَمُ: جَمْعُ جُمَّةٍ وَهُمُ الْقَوْمُ يسأَلون فِي الدِّيَةِ. يُقَالُ: أَجَمَّ يُجِمُّ إِذا أَعْطى الجُمَّةَ. والجَمَمُ: مصدرُ؛ الشَّاةُ الأَجَمِّ: هُوَ الَّذِي لَا قَرْنَ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أُمِرْنا أَن نَبْنيَ المَدائن شُرَفاً والمساجدَ جُمّاً
، يَعْنِي الَّتِي لَا شُرَفَ لَهَا، وجُمٌّ: جَمْعُ أَجَمَّ، شبَّه الشُّرَفَ بالقُرون. وَشَاةٌ جَمَّاءُ إِذا لَمْ تَكُنْ ذَاتَ قَرْن بَيِّنَةُ الجَمَمِ. وَكَبْشٌ أَجَمُّ: لَا قَرْنَيْ لَهُ، وَقَدْ جَمَّ جَمَماً، وَمِثْلُهُ فِي البَقر الجَلَحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيَدِيَنَّ الجَمَّاءَ مِنْ ذَاتِ القَرْنِ
، والجَمَّاء: الَّتِي لَا قَرنَيْ لَهَا، ويَدِيَنَّ أَي يَجْزي. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَما أَبو بَكْرِ بنُ حَزْم فَلَوْ كَتَبْتُ إِليه اذْبَحْ لأَهل الْمَدِينَةِ شَاةً لَرَاجَعَنِي فِيهَا: أَقَرْناء أَم جَمَّاء؟
وبُنْيانٌ أَجَمُّ: لَا شُرَف لَهُ. والأَجَمُّ: القَصْر الَّذِي لَا شُرَفَ لَهُ. وامرأَة جَمَّاء المَرافِقِ. وَرَجُلٌ أَجَمُّ: لَا رُمْحَ مَعَهُ فِي الْحَرْبِ؛ قَالَ أَوس:
وَيْلُمِّهِمْ مَعْشَراً جُمّاً بُيُوتُهُمُ ... مِنَ الرِّماح، وَفِي المَعْروفِ تَنْكِيرُ
وَقَالَ الأَعشى:
متى تَدْعُهُم لِقِراع الكُماةِ، ... تأْتِك خَيْلٌ لَهُمْ غيرُ جُمّ
وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
أَلمْ تَعْلَمْ، لَحاكَ اللَّهُ أَني ... أَجَمُّ إِذا لَقِيتُ ذَوِي الرِّماح
والجَمَمُ: أَن تُسَكِّنَ اللامَ مِنْ مُفاعَلَتُنْ فَيَصِيرَ مَفاعِيلُنْ، ثُمَّ تُسْقِطَ الْيَاءَ فَيَبْقَى مَفاعِلُنْ، ثُمَّ تَخْرِمَه فَيَبْقَى فاعِلُنْ؛ وَبَيْتُهُ:
أَنْتَ خَيْرُ مَنْ رَكِبَ المَطايا، ... وأَكْرَمُهُمْ أَخاً وأَباً وأُمّا
والأَجَمُّ: قُبُلُ المرأَة؛ قَالَ:
جارِيَةٌ أَعْظَمُها أَجَمُّها، ... «2» . بائِنةُ الرِّجْلِ فَمَا تَضُمُّها،
فَهْيَ تَمَنَّى عَزَباً يَشُمُّها
ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَجَمُّ زَرَدانُ القَرَنْبَى أَي فرجُها. وجَمَّ العظمُ، فَهُوَ أَجَمُّ: كَثُرَ لَحْمُهُ. ومَرَةٌ جَمَّاءُ العِظام: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ عَلَيْهَا؛ قَالَ:
يَطُفْنَ بِجَمَّاءِ المَرافِقِ مِكْسالِ
التَّهْذِيبُ: جُمَّ إِذا مُلِئَ، وجَمَّ إِذا عَلا.
__________
(2) . 1 قوله [جارية أعظمها إلخ] سقط بعد الشطر الأَول:
قَدْ سَمَّنَتْهَا بِالسَّوِيقِ أُمُّهَا
وبعد الثاني:
تبيت وسنى والنكاح همها
هكذا نص التكملة(12/108)
قَالَ: والجِمُّ الشيطانُ. والجِمُّ: الغَوْغاء والسِّفَل. والجَمَّاء الغَفِيرُ: جماعة الناس. وجاؤوا جَمّاً غَفِيراً، وجَمَّاء الغَفِير، والجَمَّاءَ الغَفِيرَ أَي بِجَمَاعَتِهِمْ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: الجَمَّاءُ الغَفِيرُ مِنَ الأَسماء الَّتِي وُضِعَتْ مَوْضِعَ الْحَالِ وَدَخَلَتْهَا الأِلف وَاللَّامُ كَمَا دَخَلَتْ فِي العِراكِ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَرْسَلَها العِراكَ، وقيل: جاؤوا بجَمَّاء الْغَفِيرِ أَيضاً. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الجَمَّاءُ الغفِيرُ الْجَمَاعَةُ، وَقَالَ: الجَمَّاءُ بَيْضَةُ الرأْس، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها جَمَّاء أَي مَلْساءُ، وَوُصِفَتْ بِالْغَفِيرِ لأَنها تَغْفِر أَي تُغَطِّي الرأْسَ؛ قَالَ: وَلَا أَعرف الجَمَّاءَ فِي بَيضة السِّلَاحِ عَنْ غَيْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمِ الرُّسُلُ؟ قَالَ: ثُلْثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
وَثَلَاثَةَ عَشَرَ جَمَّ الغَفِير
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ، قَالُوا: وَالصَّوَابُ جَمّاً غَفِيراً؛ يُقَالُ: جَاءَ الْقَوْمُ جَمّاً غَفِيراً، والجَمَّاءَ الغَفِيرَ، وجَمَّاءَ غَفِيرًا أَي مُجْتَمِعِينَ كَثِيرِينَ؛ قَالَ: وَالَّذِي أُنْكِرَ مِنَ الرِّوَايَةِ صَحِيحٌ، فإِنه يقال جاؤوا الجَمَّ الغفيَر ثُمَّ حَذَفَ الأَلف وَاللَّامَ وأَضاف مِنْ بَابِ صَلَاةِ الأُولى وَمَسْجِدِ الْجَامِعِ، قَالَ: وأَصل الْكَلِمَةِ مِنَ الجُمُومِ والجَمَّةِ، وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَالْكَثْرَةُ، والغَفِيرُ مِنَ الغَفْر وَهُوَ التَّغْطِيَةُ والسَّتْر، فَجُعِلَتِ الْكَلِمَتَانِ فِي مَوْضِعِ الشُّمُولِ والإِحاطة، وَلَمْ تَقُلِ الْعَرَبُ الجَمَّاء إِلَّا مَوْصُوفًا، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ كطُرّاً وَقَاطِبَةً فَإِنَّهَا أَسماء وُضِعَتْ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ. وأَجَمَّ الأَمرُ والفِراقُ: دَنَا وَحَضَرَ، لُغَةٌ فِي أَحَمَّ؛ قَالَ الأَصمعي: مَا كَانَ مَعْنَاهُ قَدْ حانَ وقوعُه فَقَدْ أَجَمَّ، بِالْجِيمِ، وَلَمْ يُعْرَفْ أَحَمَّ، بِالْحَاءِ؛ قَالَ:
حَيِّيَا ذَلِكَ الغَزالَ الأَحَمَّا، ... إِن يَكُنْ ذَاكُمَا الفِراقُ أَجَمَّا
وقال عَدِيّ بْنُ الْعَذِيرِ:
فإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلِكٌ مَنْ أَطاعَها، ... تنافسُ دُنْيا قَدْ أَجَمَّ انْصِرامُها
وَمِثْلُهُ لساعِدَةَ:
وَلَا يُغْني امْرَأً وَلَدٌ أَجمَّتْ ... مَنِيَّتُه، وَلَا مالٌ أَثِيلُ
وَمِثْلُهُ لزُهَيرٍ:
وكنتُ إِذا مَا جِئتُ يَوْمًا لحاجةٍ، ... مَضَتْ وأَجَمَّتْ حاجةُ الغَدِ لَا تَخْلُو
يُقَالُ: أَجَمَّتِ الحاجةُ إِذا دَنَتْ وَحَانَتْ تُجِمُّ إِجْماماً. وجَمَّ قُدُوم فُلانٍ جُمُوماً أَي دَنَا وَحَانَ. والجُمُّ: ضَرْبٌ مِنْ صَدَف الْبَحْرِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَعلم حَقِيقَتَهَا. والجُمَّى، مَقْصور: الباقِلَّى؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والجَمَّاء، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ: مَوْضِعٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ تكرَّر ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ. والجَمْجَمةُ: أَن لَا يُبَيِّنَ كلامَه مِنْ غَيْرِ عِيٍّ، وَفِي التهذيب: أَن لا تُبين كَلَامَكَ مِنْ عِيٍّ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
لعَمْرِي لَقَدْ طالَ مَا جَمْجَمُوا، ... فَمَا أَخَّروه وَمَا قَدَّموا
وَقِيلَ: هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا يُبَيَّنُ مِنْ غَيْرِ أَن يُقَيَّدَ بِعِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ، والتَّجَمْجُمُ مِثْلُهُ. وجَمْجَمَ فِي صَدْرِهِ شَيْئًا: أَخفاه وَلَمْ يُبْدِه؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ:
إِلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لَا يَتَجَمْجَمِ «1» .
__________
(1) . 1 قوله [إلى مطمئن إلخ] صدره كما في معلقة زهير:
ومن يوف لم يذمم ومن يهد قلبه(12/109)
يَقُولُ: مَنْ أَفضى قلبُه إِلى الإِحسان الْمُطَمْئِنِ الَّذِي لَا شُبْهَةَ فِيهِ لَمْ يَتَجَمْجَمْ لَمْ يَشْتَبِهْ عَلَيْهِ أَمره فَيَتَرَدَّدَ فِيهِ، والبِرُّ: ضِدَّ الفُجور. وجَمْجَمَ الرَّجُلُ وتَجَمْجَمَ إِذا لَمْ يُبَيِّنْ كلامَه. والجُمْجُمَةُ: عَظْمُ الرأْس المشتملُ عَلَى الدِّمَاغِ. ابْنُ سِيدَهْ: والجُمْجُمة القِحْفُ، وَقِيلَ: العظْم الَّذِي فِيهِ الدِّمَاغُ، وَجَمْعُهُ جُمْجُمٌ. ابْنُ الأَعرابي: عِظَامُ الرأْس كُلُّهَا جُمْجُمة وأَعلاها الهامةُ، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الْهَامَةُ هِيَ الجُمْجُمة جَمْعًا، وَقِيلَ: القِحْفُ القِطْعة مِنَ الجُمْجُمة، وَشَحْمَةُ الأُذن خَرْقُ القُرْط أَسْفلَ الأُذن أَجمعَ، وَهُوَ مَا لانَ مِنْ سُفْله. ابْنُ بَرِّيٍّ: والجُمْجُمة رُؤَسَاءُ الْقَوْمِ. وجَماجِمُ الْقَوْمِ: سَادَاتُهُمْ، وَقِيلَ: جَماجِمُهم القبائلُ الَّتِي تَجْمَع البطونَ ويُنسب إِليها دُونَهُمْ نَحْوَ كلْب بْنِ وَبْرة، إِذا قُلْتَ كَلْبِيٌّ اسْتَغْنَيْتَ أَن تَنْسُب إِلى شَيْءٍ مِنْ بُطُونِهِ، سُمُّوا بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بِذَلِكَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وجَماجم الْعَرَبِ رُؤَسَاؤُهُمْ، وكلُّ بَني أَبٍ لَهُمْ عِزٌّ وشَرَف فَهُمْ جُمْجُمة. والجُمْجُمة: أَربعُ قَبائل، بَيْنَ كُلِّ قَبِيلَتَيْنِ شأْنٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والجُمْجُمة سِتُّونَ مِنِ الإِبل؛ عَنِ ابْنِ فَارِسٍ. والجُمْجُمة: ضَرْبٌ مِنَ الْمَكَايِيلِ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ أَو عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: اسْتَسْقَى رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَتَيْتُه بجُمْجُمة فِيهَا مَاءٌ وَفِيهَا شَعْرة فَرَفَعْتُهَا وَنَاوَلْتُهُ، فَنَظَرَ إِليَّ وَقَالَ: اللَّهُمَّ جَمِّلْه
؛ قَالَ القُتَيْبيُّ: الجُمْجُمَة قَدَح مِنْ خَشَب، وَالْجَمْعُ الجَماجِمُ. ودَيْرُ الجَماجِمِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: سَمَّى دَيْر الجَماجم مِنْهُ لأَنه يُعْمَلُ فِيهَا الأَقداح مِنْ خَشَبٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: تُسَوَّى مِنَ الزُّجاج فَيُقَالُ قِحْفٌ وجُمْجمة؛ وبدَيْرِ الجَماجم كَانَتْ وَقْعَةُ ابْنِ الأَشعث مَعَ الحَجاج بِالْعِرَاقِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ دَيْرَ الجَماجم لأَنه بُني مِنْ جَماجم القَتْلى لِكَثْرَةِ مَنْ قُتِلَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّف: رأَى رَجُلًا يَضْحَكُ فَقَالَ: إِن هَذَا لَمْ يَشْهَدِ الجَماجِمَ
؛ يُرِيدُ وَقْعَةَ دَير الجَماجم أَي أَنه لَوْ رأَى كَثْرَةَ مَنْ قُتِلَ بِهِ مِنْ قُرَّاء الْمُسْلِمِينَ وَسَادَاتِهِمْ لَمْ يَضْحَكْ، وَيُقَالُ لِلسَّادَاتِ جَماجم. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِيتِ الْكُوفَةَ فإِن بِهَا جُمْجُمةَ الْعَرَبِ
أَي سَادَاتِهَا لأَن الجُمْجُمة الرأْس وَهُوَ أَشرف الأَعضاء. والجَماجم: مَوْضِعٌ بَيْنَ الدَهْناء ومُتالِع فِي دِيَارِ تَمِيمٍ. وَيَوْمُ الجَماجمِ: يَوْمٌ مِنْ وَقَائِعِ الْعَرَبِ فِي الإِسلام مَعْرُوفٌ. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنه لَمْ يَزَلْ يَرَى الناسَ يَجْعَلُونَ الجَماجم فِي الحَرْث
، هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي رأْسها سِكَّةُ الْحَرْثِ. والجُمْجُمَة: الْبِئْرُ تُحْفَر فِي السَّبَخَة. والجَمْجَمَة: الإِهْلاك؛ عَنْ كُرَاعٍ. وجَمْجَمه أَهلكه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كَمْ مِنْ عِدىً جَمْجَمَهم وجَحْجَبا
جنم: ابْنُ الأَعرابي: الجَنْمة جَمَاعَةُ الشَّيْءِ؛ قَالَ الأَزهري: أَصله الجَلْمة فَقُلِبَتِ اللَّامُ نُونًا، يُقَالُ: أَخذت الشَّيْءَ بجَلْمَته إِذا أَخذته كُلَّه.
جهم: الجَهْمُ والجَهِيمُ «1» . مِنَ الْوُجُوهِ: الْغَلِيظُ الْمُجْتَمِعُ فِي سَماجة، وَقَدْ جَهُم جُهُومةً وجَهامةً. وجَهَمَه يَجْهَمُه: اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهٍ كَرِيهٍ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ الفَضْفاض الجُهَنيُّ:
وَلَا تَجْهَمِينا، أُمَّ عَمْرٍو، فإِنما ... بِنَا داءُ ظَبْيٍ لَمْ تَخُنه عَوامِلُه «2» .
__________
(1) . قوله [والجهيم] كذا بالأصل والمحكم بوزن أمير، وفي القاموس الجهم وككتف
(2) . قوله [ولا تجهمينا] كذا بالأصل بالواو، والذي في الصحاح: فلا بالفاء، والذي في المحكم والتهذيب: لا تجهمينا بالخرم، زاد في التكملة: الاجتهام الدخول في مآخير الليل، ومثله في التهذيب(12/110)
داءُ ظَبْيٍ: أَنه إِذا أَراد أَن يَثِب مَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ وَثَب، وَقِيلَ: أَراد أَنه لَيْسَ بِنَا دَاءٌ كَمَا أَن الظَّبْيَ لَيْسَ بِهِ دَاءٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهَذَا أَحَبُّ إِليَّ. وتَجَهَّمَه وتَجَهَّم لَهُ: كَجَهِمَه إِذا اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهٍ كَرِيهٍ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
إِلى مَنْ تَكِلُني إِلى عَدُوٍّ يَتَجَهَّمُني
أَي يَلْقَانِي بالغِلْظة وَالْوَجْهِ الْكَرِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فتَجَهَّمَني القومُ.
وَرَجُلٌ جَهْمُ الْوَجْهِ أَي كالِحُ الْوَجْهِ، تَقُولُ مِنْهُ: جَهَمْتُ الرجلَ وتَجَهَّمْتُه إِذا كلَحْتَ فِي وَجْهِهِ. وَقَدْ جَهُم، بِالضَّمِّ، جُهُومةً إِذا صَارَ باسِرَ الْوَجْهِ. وَرَجُلٌ جَهْمُ الوَجْه وجَهِمُهُ: غليظُه، وَفِيهِ جُهُومة. وَيُقَالُ للأَسد: جَهْمُ الوَجْهِ. وجَهُمَ الرَّكَبُ: غَلُظ. وَرَجُلٌ جَهْم وجَهِمٌ وجَهُوم: عَاجِزٌ ضَعِيفٌ؛ قَالَ:
وبَلْدةٍ تَجَهَّمُ الجَهُوما، ... زَجَرْتُ فِيهَا عَيْهلًا رَسُوما
تَجَهَّمُ الجَهُوما أَي تَسْتَقْبِلُهُ بِمَا يَكْرَهُ. والجَهْمَةُ والجُهْمَة: أَوّلُ مَآخِيرِ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: هِيَ بقيةُ سَوادٍ مِنْ آخِرِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: جَهْمَةُ اللَّيْلِ وجُهْمَته، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَهُوَ أَوَّلُ مآخِير اللَّيْلِ، وَذَلِكَ مَا بَيْنَ اللَّيْلِ إِلى قَرِيبٍ مِنْ وَقْتِ السَّحَر؛ وأَنشد:
قَدْ أَغْتَدي لِفِتْيَةٍ أَنْجابِ، ... وجُهْمَةُ الليلِ إِلى ذَهابِ
وَقَالَ الأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُر
وقَهْوَةٍ صَهْباءَ باكَرْتُها ... بجُهْمةٍ، والدِّيكُ لَمْ يَنْعَب
أَبو عُبَيْدٍ: مَضى مِنَ اللَّيْلِ جُهْمةٌ وجَهْمة. والجَهْمَة: القِدْر الضَّخْمة؛ قَالَ الأَفْوَهُ:
ومَذانِبٌ مَا تُسْتَعارُ، وجَهْمةٌ ... سَوداءُ، عِنْدَ نَشِيجِها، لَا تُرْفَعُ
والجَهامُ، بِالْفَتْحِ: السَّحَابُ «1» . الَّذِي لَا مَاءَ فِيهِ، وَقِيلَ: الَّذِي قَدْ هَراقَ ماءَه مَعَ الرِّيحِ. وَفِي حَدِيثِ طَهْفَةَ: ونَسْتَحيلُ الجَهامَ؛ الجَهامُ: السَّحَابُ الَّذِي فَرَغَ مَاؤُهُ، وَمَنْ رَوَى نَسْتَخِيلُ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَراد نَتَخَيَّلُ فِي السَّحَابِ خَالًا أَي الْمَطَرُ، وإِن كَانَ جَهاماً لِشِدَّةِ حَاجَتِنَا إِليه، وَمَنْ رَوَاهُ بِالْحَاءِ أَراد لَا نَنْظُرُ مِنَ السَّحَابِ فِي حَالٍ إِلا إِلى جَهام مِنْ قِلَّةِ الْمَطَرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ أَسَدٍ لُحيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ: جِئتَني بجَهام أَي الَّذِي تَعْرِضُه عَليَّ مِنَ الدِّينِ لَا خَيْرَ فِيهِ كالجَهامِ الَّذِي لَا مَاءَ فِيهِ. وأَبو جَهْمَة اللَّيثيّ: مَعْرُوفٌ: حَكَاهُ ثَعْلَبٌ. وجُهَيْمٌ وجَيْهَمٌ: اسْمَانِ. وجُهَيْمة: امرأَة؛ قَالَ:
فَيَا رَبّ عَمِّرْ لِي جُهَيْمَةَ أَعْصُراً ... فمالِكُ مَوْتٍ بالفِراق دَهاني
وَبَنُو جاهِمَة: بَطْنٌ مِنْهُمْ. وجَيْهَمٌ: مَوْضِعٌ بالغَوْرِ كَثِيرُ الْجِنِّ؛ وأَنشد:
أَحاديثُ جِنٍّ زُرْنَ جِنّاً بجَيهما
جهرم: الجَهْرَمِيَّة: ثيابٌ مَنْسُوبَةٌ مِنْ نَحْوِ البُسُط وَمَا يُشْبهها، يُقَالُ هِيَ مِنْ كَتَّانٍ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
بَلْ بَلدٍ مِلْء الفِجاجِ قَتَمُه، ... لَا يُشْتَرى كَتَّانُه وجَهْرَمُه
جَعَلَهُ اسْمًا بإِخراج يَاءِ النِّسْبَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَهْرَم
__________
(1) . قوله [والجهام بالفتح السحاب] في التكملة بعد هذا: يقال أجهمت السماء(12/111)
قَرْيَةٌ مِنْ قُرى فارِسَ تُنْسَبُ إِليها الثيابُ والبُسُطُ؛ قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ للبِساطِ نَفْسِه جَهْرَم.
جهضم: الجَهْضَمُ: الضَّخْمُ الْجَنْبَيْنِ، وَقِيلَ: الضَّخْم الْهَامَةِ المستديرُها، وَفِي الصِّحَاحِ: الضَّخْم الهامةِ المُسْتَدِيرُ الْوَجْهِ، وَقِيلَ: هُوَ المُنْتَفِخ الجَنْبين الغليظُ الوَسَطِ. التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي الجَهْضَمُ الجَبان. فُلَانٌ جَهْضَمٌ ماهُ القَلْبِ: نهايةٌ فِي الجُبْنِ، وتَجَهْضَمَ الفحلُ عَلَى أَقرانه: عَلَاهُمْ بكَلْكَله. وَبَعِيرٌ جَهْضَمُ الجَنْبَيْنِ: ضَخْمٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: رَحْبُ الجَنْبَيْنِ. والجَهْضَم: الأَسد. والتَّجَهْضُم: كالتَّعَظُّمِ والتَّغَطْرُسِ.
جهنم: الجِهنّامُ: القَعْرُ الْبَعِيدُ. وَبِئْرٌ جَهَنَّمٌ وجِهِنَّامٌ، بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْهَاءِ: بَعِيدَةُ القَعْر، وَبِهِ سُمِّيَتْ جَهَنَّم لبُعْدِ قَعْرِها، ولم يقولوا حِهِنَّام فِيهَا؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: جِهِنَّام اسْمٌ أَعجمي، وجُهُنّام اسْمُ رَجُلٍ، وجُهُنَّام لَقَبُ عَمْرِو بْنِ قَطَنٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَكَانَ يُهاجِي الأَعشى، وَيُقَالُ هُوَ اسْمُ تَابِعَتِهِ؛ وَقَالَ فِيهِ الأَعشى:
دَعَوْتُ خَلِيلي مِسْحَلًا، ودَعَوْا لَهُ ... جُهُنَّامَ جَدْعاً للهَجِينِ المُذَمَّمِ
وتَرْكُه إِجراءَ جهُنَّام يَدُلُّ عَلَى أَنه أَعجمي، وَقِيلَ: هُوَ أَخو هُرَيْرَة الَّتِي يَتَغَزّل بِهَا فِي شِعْرِهِ: وَدِّعْ هُرَيْرَةَ. الجَوْهري: جَهَنَّم مِنْ أَسماء النَّارِ الَّتِي يُعَذِّبُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا؛ هَذِهِ عِبَارَةُ الْجَوْهَرِيِّ وَلَوْ قَالَ: يُعَذِّبُ بِهَا مَنِ اسْتَحَقَّ الْعَذَابَ مِنْ عَبِيدِهِ كَانَ أَجْوَدَ، قَالَ: وَهُوَ مُلْحَق بِالْخُمَاسِيِّ، بِتَشْدِيدِ الْحَرْفِ الثَّالِثِ مِنْهُ، وَلَا يُجْرَى لِلْمَعْرِفَةِ والتأْنيث: وَيُقَالُ: هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ الأَزهري: فِي جَهَنَّم قَوْلَانِ: قَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ وأَكثر النَّحْوِيِّينَ: جَهَنَّمُ اسْمُ النَّارِ الَّتِي يُعَذِّبُ اللَّهُ بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَهِيَ أَعجمية لَا تُجْرَى لِلتَّعْرِيفِ والعُجْمة، وَقَالَ آخَرُونَ: جَهَنَّم عَرَبِيٌّ سُمِّيَتْ نَارُ الْآخِرَةِ بِهَا لبُعْد قَعْرِها، وإِنما لَمْ تُجْرَ لِثقَلِ التَّعْرِيفِ وثِقَل التأْنيث، وَقِيلَ: هُوَ تَعْرِيبٌ كِهِنَّام بالعِبْرانية؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ جَعَلَ جهنَّم عَرَبِيًّا احْتَجَّ بِقَوْلِهِمْ بِئْرٌ جِهِنَّام وَيَكُونُ امْتِنَاعُ صَرْفِهَا للتأْنيث وَالتَّعْرِيفِ، وَمَنْ جَعَلَ جَهَنَّمَ اسْمًا أَعجميّاً احْتَجَّ بِقَوْلِ الأَعشى:
ودَعَوْا لَهُ جُهُنَّامَ
فَلَمْ يُصْرَفْ، فَتَكُونُ جَهَنَّمَ عَلَى هَذَا لَا تَنْصَرِفُ لِلتَّعْرِيفِ وَالْعُجْمَةِ والتأْنيث أَيضاً، وَمَنْ جَعَلَ جُهُنَّام اسْمًا لِتَابِعَةِ الشَّاعِرِ المُقاوِم للأَعشى لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لأَنه يَكُونُ امْتِنَاعُ صَرْفِهِ للتأْنيث وَالتَّعْرِيفِ لَا لِلْعُجْمَةِ. وَحَكَى أَبو عَلِيٍّ عَنِ يُونُسَ: أَن جَهَنَّمَ اسْمٌ عَجَمِيٌّ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وَيُقَوِّيهِ امْتِنَاعُ صَرْفِ جُهُنَّام فِي بَيْتِ الأَعشى. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: بِئْرٌ جِهِنَّامٌ لِلْبَعِيدَةِ الْقَعْرِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ جَهَنَّمُ، قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ أَنها عَرَبِيَّةٌ، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ أَيضاً: جُهُنَّامُ، بِالضَّمِّ، لِلشَّاعِرِ الَّذِي يُهاجِي الأَعشى، وَاسْمُ البئر جِهِنَّام، بالكسر.
جوم: الجَوْمُ: الرِّعاءُ يَكُونُ أَمرهم وَاحِدًا. اللَّيْثُ: الجَوْمُ كأَنها فَارِسِيَّةٌ، وَهُمُ الرُّعاةُ أَمرهم وَكَلَامُهُمْ وَمَجْلِسُهُمْ وَاحِدٌ. والجَامُ: إِناء مِنْ فِضَّةٍ، عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا بأَنَّ أَلفها وَاوٌ لأَنها عَيْنٌ. ابْنُ الأَعرابي: الجَامُ الفَاثُور مِنَ اللُّجَيْن ويُجْمَع عَلَى أَجْؤُمٍ. قَالَ: وجامَ يَجُومُ مِثْلُ حامَ يَحُوم حَوْماً إِذا طَلَبَ شَيْئًا خَيْرًا أَو شَرًّا. ابْنُ الأَعرابي: جمعُ الجَامِ جَامَاتٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ جُومٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: الجَامُ(12/112)
جَمْعُ جامَة، وَجَمْعُهَا جاماتٌ، وَتَصْغِيرُهَا جُوَيْمة، قَالَ: وَهِيَ مؤنثة أَعني الجام.
جيم: الْجِيمُ: حَرْفُ هِجَاءٍ، وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ؛ التَّهْذِيبُ: الْجِيمُ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي تُؤَنَّثُ وَيَجُوزُ تَذْكِيرُهَا. وَقَدْ جَيَّمْتُ جِيماً إِذا كَتَبْتَهَا «1» .
جيعم: الجَيْعَمُ: الجائع.
فصل الحاء المهملة
حبرم: الأَزهري: مِنَ الرُّبَاعِيِّ «2» . المؤلَّفِ المُحَبْرَمُ وَهُوَ مَرَقَةُ حَبِّ الرُّمَّان.
حتم: الحَتْمُ: الْقَضَاءُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحَتْمُ إِيجاب القَضاء. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا
؛ وَجَمْعُهُ حُتُومٌ؛ قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
حَنَانَيْ رَبِّنا، وَلَهُ عَنَوْنَا، ... بكَفَّيْهِ المَنايا والحُتُومُ
وَفِي الصِّحَاحِ:
عِبادُك يُخْطِئونَ، وأَنتَ رَبٌّ ... بكَفَّيْكَ المَنايا والحُتومُ
وحَتَمْتُ عليه الشيءَ: أَوْجَبْتُ. وَفِي حَدِيثِ الوِتْر:
الوِتْرُ لَيْسَ بحَتْمٍ كَصَلَاةِ المَكْتوبة
؛ الحَتْمُ:؛ اللَّازِمُ الْوَاجِبُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ. وحَتَمَ اللهُ الأَمرَ يَحْتِمُه: قَضَاهُ. والحاتِمُ: الْقَاضِي، وَكَانَتْ فِي الْعَرَبِ امرأَة مُفَوَّهَةٌ يُقَالُ لَهَا صَدُوفُ، قَالَتْ: لَا أَتَزَوَّج إِلا مَنْ يَرُدُّ عَلَيَّ جَوابي، فَجَاءَ خَاطِبٌ فَوَقَفَ بِبَابِهَا فَقَالَتْ: مَنْ أَنتَ؟ فَقَالَ: بَشَرٌ وُلِدَ صَغِيرًا ونشأَ كَبِيرًا، قَالَتْ: أَين مَنْزِلُكَ؟ قَالَ: عَلَى بِساطٍ وَاسِعٍ وَبَلَدٍ شاسِعٍ، قريبُهُ بعيدٌ وبعيدُهُ قريبٌ، فَقَالَتْ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: مَنْ شَاءَ أَحْدَثَ اسْماً، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتْماً، قَالَتْ: كأَنه لَا حَاجَةَ لَكَ، قَالَ: لَوْ لَمْ تَكُنْ حاجةٌ لَمْ آتِكِ، وَلَمْ أَقِفْ ببابِكِ، وأَصِلْ بأَسبابك، قَالَتْ: أَسِرٌّ حَاجَتُكَ أَمْ جَهْرٌ؟ قَالَ: سِرٌّ وسَتُعْلَنُ قَالَتْ: فأَنتَ خَاطِبٌ؟ قَالَ: هُوَ ذَاكَ، قَالَتْ: قُضِيَتْ، فتزوَّجها. والحَتْمُ: إِحْكام الأَمرِ. والحاتِمُ: الغُراب الأَسود؛ وأَنشد لمُرَقِّش السَّدوسي، وَقِيلَ هو لخُزَرِ بْنِ لَوْذان:
لَا يَمْنَعَنَّكَ، من بِغاءِ ... الخَيْرِ، تَعْقادُ التَّمائِمْ
وَلَقَدْ غَدَوْتُ، وكنتُ لَا ... أَغْدُو، عَلَى واقٍ وحاتِمْ
فإِذا الأَشائِمُ كالأَيامِنِ، ... والأَيامِنُ كالأَشائِمْ
وكذاكَ لَا خَيْرٌ، وَلَا ... شَرٌّ عَلَى أَحدٍ بدائِمْ
قَدْ خُطَّ ذلك في الزُّبورِ ... الأَوَّليَّاتِ القَدائِمْ
قَالَ: والحاتِمُ المَشْؤوم. والحاتِمُ: الأَسْود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
إِن جاءتْ بِهِ أَسْحَمَ
__________
(1) . زاد في شرح القاموس: الجيم بالكسر الجمل المغتلم، نقله في البصائر عن الخليل، وأنشد:
كأني جيم في الوغى ذو شكيمة ... ترى البزل فيه راتعات ضوامرا
والجيم: الديباج، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وبه سمى كتابه في اللغة لحسنه، نقله في البصائر
(2) . قوله [من الرباعي إلخ] عبارته: ومن الرباعي المؤلف قولهم لمرقة حب الرمان: المحبرم، ومنه قول الراجز: لم يعرف السكباج والمحبرما(12/113)
أَحْتَمَ
أَي أَسود. والحَتَمَةُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ «1» وَالتَّاءِ: السَّوَادُ، وَقِيلَ: سُمِّي الْغُرَابُ الأَسود حاتِماً لأَنه يَحْتِمُ عِنْدَهُمْ بالفِراق إِذا نَعَبَ أَي يَحْكم. والحاتِمُ: الحاكِم الموجِبُ للحُكْم. ابْنُ سِيدَهْ: الحاتِمُ غُرَابُ البَيْن لأَنه يَحْتِمُ بالفِراق، وَهُوَ أَحمر المِنْقار وَالرِّجْلَيْنِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الَّذِي يُولَعُ بِنَتْفِ رِيشِهِ وَهُوَ يُتشاءم بِهِ؛ قَالَ خُثَيْمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَقِيلَ الرقَّاص الكَلْبيُّ، يَمْدَحُ مَسْعُودَ بْنَ بَحْرٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَهُوَ الصَّحِيحُ:
وليسَ بهَيَّابٍ، إِذا شدَّ رَحْلَهُ ... يقولُ: عَداني اليومَ واقٍ وحاتِمُ
وأَنشده الْجَوْهَرِيُّ: ولسْتُ بهيَّابٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ وَلَيْسَ بهَيَّابٍ لأَن قَبْلَهُ:
وجَدْتُ أَباكَ الحُرَّ بحْراً بنجْدَةٍ، ... بَناها لَهُ مَجْداً أَشَمُّ قُماقِمُ «2» .
وَلَيْسَ بِهَيَّابٍ، إِذا شَدَّ رحلَه ... يَقُولُ: عَداني اليومَ واقٍ وحاتِمُ
وَلَكِنَّهُ يَمْضي عَلَى ذاكَ مُقْدِماً، ... إِذا صَدَّ عَنْ تِلْكَ الهَناتِ الخُثارِمُ
وَقِيلَ: الحاتِمُ الْغُرَابُ الأَسود لأَنه يَحْتِمُ عِنْدَهُمْ بالفِراق؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
زَعَمَ البَوارِحُ أَن رِحْلَتَنا غَداً، ... وبِذاكَ تَنْعابُ الغرابِ الأَسودِ
قول مُلَيْحٍ الهُذلي:
وصَدَّقَ طُوَّافٌ تَنادَوْا بِرَدِّهِمْ ... لَهامِيمَ غُلْباً، والسَّوامُ المُسَرَّحُ
حُتوم ظِباءٍ واجَهَتْنا مَرُوعَة، ... تَكادُ مَطايانا عليهِنَّ تَطْمَحُ
يَكُونُ حُتومٌ جمعَ حاتِمٍ كشاهِدٍ وشُهود، وَيَكُونُ مَصْدَرَ حَتَمَ. وتَحَتَّم: جعَل الشَّيْءَ عَلَيْهِ حَتْماً؛ قَالَ لَبيد:
ويَوْمَ أَتانا حَيُّ عُرْوَةَ وابنِهِ ... إِلى فاتِكٍ ذِي جُرْأَةٍ قَدْ تَحَتَّما
والحُتامةُ: مَا بَقِيَ عَلَى الْمَائِدَةِ مِنَ الطَّعَامِ أَو مَا سَقَطَ مِنْهُ إِذا أُكِلَ، وَقِيلَ: الحُتامةُ «3» مَا فَضَلَ مِنَ الطَّعَامِ عَلَى الطَّبَق الَّذِي يُؤْكَلُ عَلَيْهِ. والتَّحَتُّم: أَكل الحُتامة وَهِيَ فُتات الْخُبْزِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَكل وتَحَتَّم دَخَلَ الْجَنَّةَ
؛ التَّحَتُّم: أَكل الحُتامة، وَهِيَ فُتات الْخُبْزِ الساقطُ عَلَى الخِوَان. وتَحَتَّم الرجلُ إِذا أَكل شَيْئًا هَشّاً فِي فِيهِ. اللَّيْثُ: التَّحَتُّم الشَّيْءُ إِذا أَكلته فَكَانَ فِي فَمِك هَشّاً. والحَتَمَةُ: السَّوَادُ. والأَحْتَمُ: الأَسود. والتَّحتُّم: الهَشاشةُ. يُقَالُ: هُوَ ذُو تَحَتُّمٍ، وَهُوَ غَضُّ المُتَحَتَّم. والتَّحَتُّم: تَفَتُّتُ الثُّؤْلول إِذا جَفَّ. والتَّحتم: تَكسُّر الزُّجَاجِ بَعْضِهِ عَلَى بعضٍ. والحَتَمَةُ: الْقَارُورَةُ المُفَتَّتةُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ تَحَتَّمْتُ لَهُ بِخَيْرٍ أَي تمنيتُ لَهُ خَيْرًا وتَفاءلت لَهُ. وَيُقَالُ: هُوَ الأَخ الحَتْمُ أَي المَحْضُ الحقُّ؛ وَقَالَ أَبو خِراشٍ يَرْثِي رَجُلًا «4»
__________
(1) . قوله [والحتمة بفتح الحاء إلخ] كذا في النهاية والمحكم مضبوطاً بهذا الضبط أيضاً، والذي في القاموس والتكملة: والحتمة، بالضم، السواد انتهى. وجعلهما الشارح لغتين فيها
(2) . قوله [الحر] سيأتي في مادة خثرم بدله الخير
(3) . قوله [وقيل الحتامة إلخ] هكذا بالأصل
(4) . قوله [رجلًا] في التكملة: يرثي خالد بن زهير(12/114)
:
فواللهِ لَا أَنساكَ، مَا عِشْتُ، لَيْلَةً، ... صَفيِّي مِنَ الإِخْوانِ والولدِ الحَتْمِ
وحاتِمٌ الطائيُّ: يُضْرَب بِهِ المَثَلُ فِي الجُود، وَهُوَ حاتِمُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْد بْنِ الحَشْرَجِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
عَلَى حالةٍ لَوْ أَنَّ فِي القومِ حاتِماً، ... عَلَى جودِهِ، مَا جادَ بالمالِ، حاتِمِ «1»
. وإِنما خَفَضَهُ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْهَاءِ فِي جودِه؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وحاتِمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئِي
وَهُوَ اسْمٌ يَنْصَرِفُ، وإِنما تَرَكَ التَّنْوِينَ وَجُعِلَ بَدَلَ كَسْرَةِ النُّونِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، حذفَ النُّونَ لِلضَّرُورَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الشِّعْرُ لامرأَة مِنْ بَنِي عَقِيلٍ تَفْخَرُ بأَخوالها مِنَ الْيَمَنِ، وَذَكَرَ أَبو زَيْدٍ أَنه للعامِرِيّة؛ وَقَبْلَهُ:
حَيْدَةُ خَالِي ولَقِيطٌ وعَلِي، ... وحاتِمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئِي
وَلَمْ يَكُنْ كَخَالِكَ العَبْدِ الدَّعِي ... يأْكل أَزْمانَ الهزالِ والسِّنِي
هَيَّاب عَيْرٍ مَيْتةٍ غيرِ ذَكِي
وتَحْتَمُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ السُّلَيْك بْنُ السُّلَكة:
بِحَمْدِ الإِلَه وامْرِئٍ هُوَ دَلَّنِي، ... حَوَيْتُ النِّهابَ مِنْ قَضِيبٍ وتَحْتَما
حتلم: حَتْلَم وحِتْلِم «2» : مَوْضِعٌ.
حثم: الحَثْمةُ: أُكَيْمَةٌ صَغِيرَةٌ سَوْدَاءُ مِنْ حِجَارَةٍ. والحُثُمُ: الطُّرُقُ «3» . الْعَالِيَةُ. والحَثْمَة: أَرْنَبةُ الأَنف. والحَثْمَةُ: المُهر الصَّغِيرُ؛ الأَخيرتان عَنِ الْهَجَرِيِّ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حِثامٌ. وحَثَمَ لَهُ حَثْماً أَي أَعطاه. الْجَوْهَرِيُّ: الحَثْمَةُ الأَكَمة الْحَمْرَاءُ، وَبِهَا سُمِّيَتِ المرأَة حَثْمَةَ. الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلرَّابِيَةِ الحَثَمَة. يُقَالُ: انزِل بَهَاتِيكَ الحَثَمَة، وَجَمْعُهَا حَثَماتٌ، وَيَجُوزُ حَثْمَة، بِسُكُونِ الثَّاءِ، وَمِنْهُ ابْنُ أَبي حَثْمة. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ذَكَرَ حَثْمَة؛ هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الثَّاءِ: مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ قُرْبَ الحَجون. وأَبو حَثْمَةَ: رَجُلٌ مِنْ جُلَساء عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كُنِّيَ بِذَلِكَ. وحَثَمَ لَهُ الشَّيْءَ يَحْثِمُه حَثْماً ومَحَثَهُ: دلَكه بِيَدِهِ دلْكاً شَدِيدًا؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بثَبَتٍ.
حثرم: الحِثْرِمَةُ، بِالْكَسْرِ: الدَّائِرَةُ الَّتِي تَحْتَ الأَنف. الْجَوْهَرِيُّ: الحِثْرِمَةُ الدَّائِرَةُ فِي وسَط الشَّفَةِ الْعُلْيَا، وَقِيلَ هِيَ الأَرْنبة، كِلَاهُمَا بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ، وَرَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ بِفَتْحِهِمَا، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ الْكَسْرِ فِي الْخَاءِ وَالرَّاءِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِذا طَالَتِ الحِثْرِمةُ قَلِيلًا قِيلَ رَجُلٌ أَبْظَرُ؛ وَقَالَ:
كأَنَّما حِثْرِمَةُ ابْنِ غابِنِ ... قُلْفَةُ طِفْلٍ تَحْتَ مُوسى خاتِنِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ ابْنُ دُرَيْدٍ حِثْرِبَة، بِالْبَاءِ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ السِّجْزيّ: الخِثْرِمَةُ بِالْخَاءِ لِهَذِهِ الدَّائِرَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الحِثْرِمةُ بِالْحَاءِ؛ الأَزهري: هُمَا لُغَتَانِ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ. وَرَجُلٌ حُثارِمٌ: غَلِيظُ الشَّفَةِ، وَالِاسْمُ الحَثْرَمَةُ.
__________
(1) . قوله [على جوده إلخ] كذا في الأصل، والمشهور:
على جوده لضنّ بالماء حاتم
(2) . قوله [حتلم] كزبرج وجعفر كما في القاموس
(3) . قوله [والحثم الطرق] ضبط في نسخة من التهذيب بهذا الضبط(12/115)
حثلم: الحِثْلِبُ والحِثْلِمُ: عَكَرُ الدُّهْنِ أَو السَّمْنِ فِي بعض اللغات.
حجم: الإِحْجامُ: ضدُّ الإِقْدام. أَحْجَمَ عَنِ الأَمر: كَفَّ أَو نَكَصَ هَيْبةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخذَ سَيْفاً يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: مَنْ يأْخذ هَذَا السَّيْفَ بحَقِّه؟ فأَحْجَم الْقَوْمُ
أَي نَكَصُوا وتأَخروا وتَهَيَّبوا أَخْذه. وَرَجُلٌ مِحْجام: كَثِيرُ النُّكوص. والحِجامُ: شَيْءٌ يُجْعَلُ فِي فَمِ الْبَعِيرِ أَو خَطْمِه لِئَلَّا يَعَضَّ «1» ، وَهُوَ بَعِيرٌ مَحْجُوم، وَقَدْ حَجَمه يَحْجُمه حَجْماً إِذا جَعَلَ عَلَى فَمِهِ حِجَامًا وَذَلِكَ إِذا هاجَ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ: وَذَكَرَ أَباه فَقَالَ: كَانَ يَصيحُ الصَّيْحةَ يَكَادُ مَنْ سَمِعَهَا يَصْعَقُ كَالْبَعِيرِ المَحْجُوم.
وأَما قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
حَمْزَةَ: إِنه خَرَجَ يومَ أُحُدٍ كأَنه بَعِيرٌ مَحْجُوم
، وَفِي رِوَايَةٍ:
رَجُلٌ مَحْجوم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي جَسِيمٌ، مِنَ الحَجْمِ وَهُوَ النُّتُوُّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا قِيلَ فِي الشِّعْرِ فُلَانٌ يَحْجُم فُلَانًا عَنِ الأَمر أَي يَكُفُّهُ، والحَجْمُ: كَفُّكَ إِنساناً عَنْ أَمر يُرِيدُهُ. يُقَالُ: أَحْجَمَ الرجلُ عَنْ قِرْنِه، وأَحْجَمَ إِذا جَبُنَ وكَفَّ؛ قَالَهُ الأَصمعي وَغَيْرُهُ، وَقَالَ مُبْتَكِرٌ الأَعرابي: حَجَمْتُه عَنْ حَاجَتِهِ مَنَعْتُهُ عَنْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: حَجَوْتُه عَنْ حَاجَتِهِ مِثْلُهُ، وحَجَمْتُه عَنِ الشَّيْءِ أَحْجُمُه أَي كفَفْته عَنْهُ. يُقَالُ: حَجَمْتُه عَنِ الشَّيْءِ فأَحْجَمَ أَي كَفَفْتُهُ فكَفَّ، وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ مِثْلُ كبَبْتُه فأَكبَّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ حَجَمْته عَنِ الشَّيْءِ فأَحْجَم أَي كَفَفْتُهُ عَنْهُ وأَحْجَمَ هُوَ وكَبَبْتُه وأَكَبَّ هُوَ، وشَنَقْتُ البعيرَ وأَشنَقَ هُوَ إِذا رَفَعَ رأْسه، ونَسَلْتُ ريشَ الطَّائِرِ وأَنْسَلَ هُوَ، وقَشَعَتِ الريحُ الغيمَ وأَقْشَعَ هُوَ، ونَزَفْتُ البئرَ وأَنْزَفَتْ هِيَ، ومَرَيْتُ الناقةَ وأَمْرَتْ هِيَ إِذا دَرَّ لبنُها. وإِحْجام المرأَةِ المولودَ: أَوَّلُ إِرْضاعةٍ تُرْضِعُه، وَقَدْ أَحْجَمَتْ لَهُ. وحَجَمَ العظمَ يَحْجُمه حَجْماً: عَرَقَهُ. وحَجَمَ ثَدْيُ المرأَة يَحْجُم حُجُوماً: بَدَا نُهُوده؛ قَالَ الأَعشى:
قَدْ حَجَمَ الثَّدْيُ عَلَى نَحْرِها ... فِي مُشْرِقٍ ذِي بَهْجةٍ ناضِرِ «2»
. وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي التَّهْذِيبِ بالأَلف فِي النَّثْرِ وَالنَّظْمِ: قَدْ أَحْجَمَ الثديُ عَلَى نَحْرِ الْجَارِيَةِ. قَالَ: وحَجَّمَ وبَجَّم إِذا نَظَرَ نَظَرًا شَدِيدًا، قَالَ الأَزهري: وحَمَّجَ مِثْلُهُ. وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ إِذا غَطَّى اللحمُ رؤوس عِظَامِهَا فَسَمِنَتْ: مَا يَبْدُو لعِظامها حَجْمٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ: حَجْمُ الشَّيْءِ حَيْدهُ. يُقَالُ: لَيْسَ لِمِرْفَقِهِ حَجْمٌ أَي نُتُوٌّ. وحَجْم كلِّ شَيْءٍ: مَلْمَسُه النَّاتِئُ تَحْتَ يَدِكَ، وَالْجَمْعُ حُجُوم. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حَجْمُ الْعِظَامِ أَن يُوجَدَ مَسُّ العِظام مِنْ وَرَاءِ الْجِلْدِ، فَعَبَّرَ عَنْهُ تَعْبيرَه عَنِ الْمَصَادِرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَهو عِنْدَهُ مَصْدَرٌ أَم اسْمٌ. قَالَ اللَّيْثُ: الحَجْمُ وِجْدانُك مسَّ شَيْءٍ تَحْتَ ثَوْبٍ، تَقُولُ: مَسِسْت [مَسَسْت] بطنَ الحُبْلى فَوَجَدْتُ حَجْمَ الصبيِّ فِي بَطْنِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَصِف حَجْمَ عِظَامِهَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد لَا يَلْتَصِقُ الثَّوْبُ بِبَدَنِهَا فَيَحْكي الناتئَ والناشزَ مِنْ عِظَامِهَا وَلَحْمِهَا، وَجَعَلَهُ وَاصِفًا عَلَى التَّشْبِيهِ لأَنه إِذا أَظهره وبيَّنه كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاصِفِ لَهَا بِلِسَانِهِ. والحَجْمُ: المَصّ. يُقَالُ:
__________
(1) . قوله [لئلا يعض] في المحكم بعده: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الدَّيْنَوَرِيُّ هي مخلاة تجعل على خطمه لئلا يعض
(2) . قوله [ذي بهجة إلخ] كذا في المحكم، وفي التكملة: ذي صبح نائر(12/116)
حَجَمَ الصبيُّ ثَدي أُمه إِذا مَصَّهُ. وَمَا حَجَمَ الصبيُّ ثَدْيَ أُمه أَي مَا مَصَّه. وثَدْيٌ مَحْجوم أَي مَمْصُوصٌ. والحَجَّامُ: المَصَّاص. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ لِلْحَاجِمِ حَجَّامٌ لامْتِصاصه فَمَ المِحْجَمَة، وَقَدْ حَجَمَ يَحْجِمُ ويَحْجُم حَجْماً وحاجِمٌ حَجُومٌ ومِحْجَمٌ رَفيقٌ. والمِحْجَمُ والمِحْجَمَةُ: مَا يُحْجَم بِهِ. قَالَ الأَزهري: المحْجَمَةُ قارُورَتُهُ، وَتُطْرَحُ الْهَاءُ فَيُقَالُ مِحْجَم، وَجَمْعُهُ مَحاجِم؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وَلَمْ يُهَريقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجمِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعْلَقَ فِيهِ مِحْجَماً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: المِحْجَمُ، بِالْكَسْرِ، الْآلَةُ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا دَمُ الحِجامة عِنْدَ الْمَصِّ، قَالَ: والمِحْجَمُ أَيضاً مِشْرَطُ الحَجَّام؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَعْقَةُ عَسلٍ أَو شَرْطة مِحْجَمٍ
، وحِرفَتُه وفعلُه الحِجامةُ. والحَجْمُ: فِعْلُ الْحَاجِمِ وَهُوَ الحَجّامُ. واحْتَجَمَ: طَلَبَ الحِجامة، وَهُوَ مَحْجومٌ، وَقَدِ احْتَجَمْتُ مِنَ الدَّمِ. وَفِي حَدِيثِ الصَّوْمِ:
أَفْطَرَ الحاجِمُ والمَحْجومُ
؛ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ: أَنهما تَعَرَّضا للإِفْطار، أَما المَحْجومُ فَلِلضَّعْفِ الَّذِي يَلْحَقُهُ مِنْ خُرُوجِ دَمِهِ فَرُبَّمَا أَعجزه عَنِ الصَّوْمِ، وأَما الحاجمُ فَلَا يأْمَنُ أَن يَصِلَ إِلى حَلْقِهِ شَيْءٌ مِنَ الدَّمِ فيبلعَهُ أَو مِنْ طَعْمِه، قَالَ: وَقِيلَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمَا أَي بَطَلَ أَجْرُهما فكأَنهما صَارَا مُفْطِرَيْنِ، كقَوله:
مَنْ صَامَ الدَّهْرَ فَلَا صَامَ وَلَا أَفطر.
والمَحْجمة مِنَ الْعُنُقِ: مَوْضِعُ المِحْجمةِ. وأَصل الحَجْمِ الْمَصُّ، وَقَوْلُهُمْ: أَفْرَغُ مِنْ حَجَّام ساباطٍ، لأَنه كَانَ تَمُرُّ بِهِ الْجُيُوشُ فيَحْجُمهم نَسيئةً مِنَ الْكَسَادِ حَتَّى يَرْجِعُوا فَضَرَبُوا بِهِ المَثَلَ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الحِجامةُ مِنَ الحَجْمِ الَّذِي هُوَ البَداءُ لأَن اللَّحْمَ يَنْتَبِرُ أَي يَرْتَفِعُ. والحَوْجَمةُ: الوَرْدُ الأَحمر، وَالْجَمْعُ حَوْجَمٌ.
حدم: الأَزهري: الحَدْمُ شِدَّةُ إِحْمَاءِ الشَّيْءِ بحَرِّ الشَّمْسِ وَالنَّارِ، تَقُولُ: حَدَمَه كَذَا فاحْتَدَمَ؛ وَقَالَ الأَعشى:
وإدْلاجُ لَيْلٍ عَلَى غِرَّةٍ، ... وهاجِرَة حَرُّها محْتَدِمْ
الْفَرَّاءُ: لِلنَّارِ حَدَمَةٌ وحَمَدَةٌ وَهُوَ صَوْتُ الِالْتِهَابِ. وحَدَمةُ النَّارِ، بِالتَّحْرِيكِ: صَوْتُ الْتِهَابِهَا. وَهَذَا يَوْمٌ مُحْتَدِمٌ ومُحْتَمِدٌ: شَدِيدُ الْحَرِّ. والاحْتِدامُ: شِدَّةُ الْحَرِّ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: احْتَدَمَ يومُنا احْتَمَدَ. ابْنُ سِيدَهْ: حَدْمُ النَّارِ والحرِّ وحَدَمُهما شِدَّةُ احْتِرَاقِهِمَا وحَمْيُهما. الْجَوْهَرِيُّ: احْتَدَمَت النَّارُ الْتَهَبَتْ. غَيْرُهُ: احْتَدَمَتِ النارُ والحرُّ اتَّقَدَا. واحْتَدَمَ صدرُ فُلَانٍ غَيْظًا واحْتَدَمَ عليَّ غَيْظًا وتَحَدَّمَ: تَحَرّقَ، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ، وَمَا أَدْرِي مَا أَحْدَمَه. وَكُلُّ شَيْءٍ الْتهب فَقَدِ احْتَدَمَ. والحَدَمَةُ: صَوْتُ جَوْفِ الأَسْود مِنَ الحيَّات. الأَزهري: قَالَ أَبو حَاتِمٍ الحَدَمَةُ مِنْ أَصْوَاتِ الحيَّة صوتُ حَفِّه كأَنه دَوِيٌّ يَحْتَدِمُ. واحْتَدَمَتِ القِدْرُ إِذا اشْتَدَّ غَلَيانُها. قَالَ أَبو زَيْدٍ: زَفِيرُ النارِ لَهَبُها وشَهِيقُها وحَدَمُها وحَمَدُها وكَلْحَبَتُها بِمَعْنًى وَاحِدٍ. واحْتَدَمَ الشرابُ إِذا غَلَى؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ الْخَمْرَ:
رُدَّتْ إِلى أَكْلَفِ المَناكِبِ مَرْشومٍ ... مُقيمٍ فِي الطِّينِ مُحْتَدِمِ
قَالَ الأَزهري: أَنشد أَبو عمرو «1» .
__________
(1) . قوله [أنشد أبو عمرو إلخ] ليس محل ذكره هنا بل محل مادة د ح م(12/117)
قالَتْ: وكيفَ وَهُوَ كالمُبَرْتَكِ؟ ... إِنِّي لطولِ الفَشْلِ فِيهِ أَشْتَكِي،
فادْحَمْهُ شَيْئًا سَاعَةً ثُمَّ ابْرُكِ
ابْنُ سِيدَهْ: احْتَدَمَ الدمُ إِذا اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ حَتَّى يَسْوَدّ، وحدَمَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: قِدْرٌ حُدَمَةٌ سَرِيعَةُ الغَلْي، وَهُوَ ضِدُّ الصَّلُود. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: يوشِكُ أَن تَغشاكم دَواجي ظُلَلِهِ واحْتِدامُ عِلَلِه
أَي شِدَّتُهَا، وَهُوَ مِنِ احْتِدام النَّارِ أَي الْتِهَابِهَا وَشِدَّةِ حَرِّهَا. وحُدْمَة: موضع «2» معروف.
حذم: الحَذْمُ: الْقَطْعُ الوَحِيُّ. حَذَمَه يَحْذِمُه حَذْماً: قَطَعَهُ قَطْعًا وَحِيّاً، وَقِيلَ: هُوَ الْقَطْعُ مَا كَانَ. وَسَيْفٌ حَذِمٌ وحِذْيَمٌ. قَاطِعٌ. والحَذْمُ: الإِسراع فِي الْمَشْيِ وكأَنه مَعَ هَذَا يَهْوِي بِيَدَيْهِ إِلى خَلْف، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِبَعْضِ الْمُؤَذِّنِينَ: إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ وَإِذَا أَقَمْتَ فاحْذِمْ
؛ قَالَ الأَصمعي: الحَذْمُ الحَدْرُ فِي الإِقامة وَقَطْعُ التَّطْوِيلِ؛ يُرِيدُ عَجّلْ إِقامة الصَّلَاةِ وَلَا تُطَوِّلها كالأَذان، هَكَذَا رَوَاهُ الْهَرَوِيُّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَسَيَجِيءُ، وَقِيلَ: الحَذْم كالنَّتْفِ فِي المشي شيبةٌ بِمَشْيِ الأَرانب. والحَذْمُ: الْمَشْيُ الْخَفِيفُ. وَكُلُّ شَيْءٍ أَسرعت فِيهِ فَقَدَ حَذَمْتَهُ، يُقَالُ: حَذَمَ فِي قِرَاءَتِهِ، والحَمامُ يَحْذِمُ فِي طَيَرانِه كَذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: الحُذُمُ الأَرانب السِّرَاعُ، والحُذُمُ أَيضاً اللُّصُوصُ الحُذَّاقُ. والأَرنب تَحْذِمُ أَي تُسْرِعُ، وَيُقَالُ لَهَا حُذَمَةٌ لُذَمَةٌ، تسبِقُ الْجَمْعَ بالأَكَمَة؛ حُذمَةٌ إِذَا عَدَتْ فِي الأَكَمَةِ أَسرعت فَسَبَقَتْ مَنْ يَطْلُبُهَا، لُذَمَةٌ: لازمةٌ للعَدْوِ. وَيُقَالُ: حَذَمَ فِي مِشْيَته إِذا قَارَبَ الخُطى وأَسرع. والحُذَمُ: الْقَصِيرُ مِنَ الرِّجَالِ الْقَرِيبُ الخَطْو. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: الحَذَمانُ شَيْءٌ مِنَ الذَّمِيل فَوْقَ الْمَشْيِ، قَالَ: وَقَالَ لِي خَالِدُ بْنُ جَنْبة الحَذَمانُ إِبْطاءُ الْمَشْيِ، وَهُوَ مِنْ حُرُوفِ الأَضداد، قَالَ: وَاشْتَرَى فلانٌ عَبْدًا حُذامَ الْمَشْيِ لَا خَيْرَ فِيهِ. وامرأَة حُذَمَةٌ: قَصِيرَةٌ. والحُذَمةُ: الْمَرْأَةُ الْقَصِيرَةُ؛ وَقَالَ:
إِذا الخَرِيعُ العَنْقَقِيرُ الحُذَمَهْ ... يَؤُرُّها فحلٌ شَدِيدُ الصُّمَمَه
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَذَا ذَكَرَهُ يَعْقُوبُ الحُذَمَة، بِالْحَاءِ، وَكَذَا أَنشده أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ فِي نَوَادِرِهِ بِالْحَاءِ أَيضاً، وَالْمَعْرُوفُ الجَدَمَةُ، بِالْجِيمِ مَفْتُوحَةً وَالدَّالِ، وَصَوَابُ الْقَافِيَةِ الأَخيرة الضَّمْضَمَة، قَالَ: وَكَذَا أَنشده أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَكَذَا أَنشده ابْنُ السِّكِّيتِ أَيْضًا وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: الضَّمْضَمَةُ الأَخذ الشَّدِيدُ. يُقَالُ: أَخذه فَضَمْضَمَهُ أَي كَسَرَهُ؛ قَالَ وأَوَّله:
سَمِعتُ مِنْ فَوْقِ البُيوت كَدَمَهْ، ... إِذا الخَريعُ العَنْقَفِيرُ الجَدَمَهْ
يَؤُرُّها فَحْلٌ شَدِيدُ الضَّمْضَمَه، ... أَرّاً بعَتَّارٍ إِذا مَا قَدَّمهْ
فِيهَا انْفَرَى وَمَّاحُها وخَرَمَهْ، ... فَطَفِقَتْ تَدْعُو الهَجِينَ ابْنَ الأَمَهْ
فَمَا سَمِعْتُ بَعْدَ تِيك النَّأَمَهْ ... مِنْهَا، وَلَا مِنْهُ هُنَاكَ، أبْلُمَهْ
قَالَ: والرجز لرِياحٍ الدبيري.
__________
(2) . قوله [وحدمة موضع] عبارة المحكم: وحدمة مضبوطاً بالضم وقيل حدمة مضبوطاً كهمزة موضع، وصرح بذلك كله في التكملة(12/118)
والحِذْيَمُ: الْحَاذِقُ بِالشَّيْءِ. وحُذَمَةُ: اسْمُ فَرَسٍ. وحَذامِ: مِثْلُ قَطامِ. وحَذامِ: اسْمُ امْرَأَةٍ معدولةٌ عَنْ حاذِمَةٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هِيَ بِنْتُ العَتِيك بْنِ أَسْلَمَ بْنِ يَذْكُر بْنِ عَنَزَةَ؛ قَالَ وسِيمُ بْنُ طارقٍ، وَيُقَالُ لِجِيمِ بْنِ صَعْب وحَذامِ امرأَته:
إِذا قالتْ حَذامِ فَصَدِّقُوها، ... فإِنَّ القولَ مَا قالَتْ حَذامِ
التَّهْذِيبُ: حَذامِ مِنْ أَسماء النِّسَاءِ، قَالَ: جَرَّت العربُ حَذامِ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ لأَنها مصروفةٌ عَنْ حاذِمة، فَلَمَّا صُرِفَتْ إِلى فَعال كُسِرَتْ لأَنهم وَجَدُوا أَكثر حَالَاتِ الْمُؤَنَّثِ إِلى الْكَسْرِ، كَقَوْلِكَ: أَنتِ عَلَيْكِ، وكذلكِ فَجار وفَساقِ، قَالَ: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عُدِلَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ عَنْ وَجْهِهِ يُحْمَلُ عَلَى إِعراب الأَصوات والحكاياتِ مِنَ الزَّجْرِ وَنَحْوِهِ مَجْرُورًا، كَمَا يُقَالُ فِي زَجْر الْبَعِيرِ ياهٍ ياهٍ، ضَاعَفَ ياهٍ مَرَّتَيْنِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يُنَادِي بِيَهْياهٍ وياهٍ، كأَنَّهُ ... صُوَيْتُ الرُّوَيْعِي ضَلَّ بِاللَّيْلِ صاحِبُهْ «1»
. يَقُولُ: سَكَنَ الحَرْفُ الَّذِي قَبْلَ الْحَرْفِ الْآخِرِ فحُرِّكَ آخِرُهُ بكسرةٍ، وإِذا تَحَرَّكَ الحَرْفُ قَبْلَ الْحَرْفِ الْآخِرِ وَسُكِّنَ الآخِرُ جَزَمْتَ، كَقَوْلِكَ بَجَلْ وأَجَلْ، وأَما حَسْب وجَيْر فإِنك كَسَرْت آخِرَهُ وَحَرَّكْتَهُ بِسُكُونِ السِّينِ وَالْيَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما قَوْلُ الشاعر:
بَصيرٌ بِمَا أَعْيَا النِّطاسِيَّ حِذْيَما
فإِنما أَراد ابْنُ حِذْيَمٍ «2» ، فحذف ابن. وحَذِيمةُ: بْنِ يَرْبوع بْنِ غَيْظ بْنِ مُرَّة. وحُذَيْمٌ وحِذْيَمٌ: إسمان.
حذلم: الأَصمعي: حَذْلَمَ سِقاءه إِذَا ملأَه؛ وأَنشد:
بِشابةَ فالقُهْبِ المَزادَ المُحَذْلَما
وحَذْلَمَ فَرسَه: أَصلحه. وحَذْلَم العُودَ: بَرَاه وأَحَدَّه. وإِناء مُحَذْلَمٌ: مَمْلُوءٌ. والحُذْلوم: الْخَفِيفُ السَّرِيعُ. وتَحَذْلَمَ الرجلُ إِذَا تأَدَّب وَذَهَبَ فُضُولُ حُمْقه. وحَذْلَم: اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْهُ. وحَذْلَم: اسم رجل. وتميم ابن حَذْلَم الضَّبّيّ: مِنَ التَّابِعِينَ. والحَذْلَمَةُ: الهَذْلَمةُ، وَهُوَ الإِسراع. يُقَالُ: مرَّ يَتَحَذْلَمُ إِذَا مَرَّ كأَنه يتدحْرج. وحَذْلَمْتُ: دَحْرجت. وذَحْلَمْتُ، بِتَقْدِيمِ الذَّالِ: صَرَعْتُ. الأَزهري: الحَذْلمةُ السُّرْعَةُ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الْحَرْفُ وُجِدَ فِي كِتَابِ الْجَمْهَرَةِ لِابْنِ دريد مع حروف غَيْرِهَا وَمَا وَجَدْتُ أَكثرها لأَحد من الثقات.
حرم: الحِرْمُ، بِالْكَسْرِ، والحَرامُ: نَقِيضُ الْحَلَالِ، وَجَمْعُهُ حُرُمٌ؛ قَالَ الأَعشى:
مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ، ... وَبِاللَّيْلِ هُنَّ عليهمْ حُرُمْ
وَقَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ حُرْماً وحَراماً وحَرُمَ الشيءُ، بِالضَّمِّ، حُرْمَةً وحَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وحَرُمَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْأَةِ حُرُماً وحُرْماً، وحَرِمَتْ عليها
__________
(1) . قوله [ينادي بيهياه وياه] أَي ينادي ياهياه ثُمَّ يَسْكُتُ مُنْتَظَرًا الْجَوَابَ عَنْ دَعْوَتِهِ فإِذا أَبطأ عنه قال ياه
(2) . قوله [فإِنما أَراد ابْنُ حِذْيَمٍ إلخ] عبارة شرح القاموس: قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي شرح الديوان الطبيب هو حذيم نفسه أو هو ابن حذيم، وإنما حذف ابن اعتماداً على الشهرة، قال شيخنا: وهل يكون هذا من الحذف مع اللبس أو من الحذف مع أمن اللبس خلاف، وقد بسطه البغدادي في شرح شواهد الرضي بما فيه كفاية(12/119)
حَرَماً وحَراماً: لُغَةٌ فِي حَرُمَت. الأَزهري: حَرُمَت الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَحْرُمُ حُروماً، وحَرُمَتِ المرأةُ عَلَى زَوْجِهَا تَحْرُمُ حُرْماً وحَراماً، وحَرُمَ عَلَيْهِ السَّحورُ حُرْماً، وحَرِمَ لغةٌ. والحَرامُ: مَا حَرَّم اللهُ. والمُحَرَّمُ: الحَرامُ. والمَحارِمُ: مَا حَرَّم اللهُ. ومَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه الَّتِي يَحْرُم عَلَى الجَبان أَن يَسْلُكَهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَحارِمُ اللَّيْلِ لهُنَّ بَهْرَجُ، ... حِينَ يَنَامُ الوَرَعُ المُحَرَّجُ «1»
. وَيُرْوَى: محارِمُ اللَّيْلِ أَي أَوائله. وأَحْرَمَ الشَّيْءَ: جَعله حَراماً. والحَريمُ: مَا حُرِّمَ فَلَمْ يُمَسَّ. والحَريمُ: مَا كَانَ المُحْرِمون يُلْقونه مِنَ الثِّيَابِ فَلَا يَلْبَسونه؛ قَالَ:
كَفى حَزَناً كَرِّي عَلَيْهِ كأَنه ... لَقىً، بَيْنَ أَيْدي الطائفينَ، حَريمُ
الأَزهري: الحَريمُ الَّذِي حَرُمَ مَسُّهُ فَلَا يُدْنى مِنْهُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا حَجَّت الْبَيْتَ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا الَّتِي عَلَيْهَا إِذَا دَخَلُوا الحَرَمَ وَلَمْ يَلْبسوها مَا دَامُوا فِي الحَرَم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَقىً، بَيْنَ أَيدي الطائفينَ، حَريمُ
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ؛ كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُراةً وَيَقُولُونَ: لَا نَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي ثِيَابٍ قَدْ أَذْنَبْنا فِيهَا، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ عُرْيانَةً أَيضاً إِلّا أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَس رَهْطاً مِنْ سُيور؛ وَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ:
اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ، ... وَمَا بَدا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
تَعْنِي فَرْجَهَا أَنه يَظْهَرُ مِنْ فُرَجِ الرَّهْطِ الَّذِي لَبِسَتْهُ، فأَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ ذِكْرِهِ عُقوبة آدمَ وَحَوَّاءَ بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالاستتار فقال: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ؛ قَالَ الأَزهري: والتَّعَرِّي وظهور السوءة مَكْرُوهٌ، وَذَلِكَ مُذْ لَدُنْ آدَمَ. والحَريمُ: ثَوْبُ المُحْرم، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَطُوفُ عُراةً وثيابُهم مطروحةٌ بَيْنَ أَيديهم فِي الطَّوَافِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عِياضَ بْنَ حِمار المُجاشِعيّ كَانَ حِرْميَّ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ إِذَا حَجَّ طَافَ فِي ثِيَابِهِ
؛ كَانَ أَشراف الْعَرَبِ الَّذِينَ يتَحَمَّسونَ عَلَى دِينِهِمْ أَي يتشدَّدون إِذَا حَج أَحَدُهُمْ لَمْ يَأْكُلْ إِلّا طعامَ رجلٍ مِنَ الحَرَم، وَلَمْ يَطُفْ إلَّا فِي ثِيَابِهِ فَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْ أَشرافهم رجلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَيَكُونُ كُلُّ واحدٍ مِنْهُمَا حِرْمِيَّ صَاحِبَهُ، كَمَا يُقَالُ كَرِيٌّ للمُكْري والمُكْتَري، قَالَ: والنَّسَبُ فِي النَّاسِ إِلى الحَرَمِ حِرْمِيّ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ. يُقَالُ: رَجُلٌ حِرْمِيّ، فَإِذَا كَانَ فِي غَيْرِ النَّاسِ قَالُوا ثَوْبٌ حَرَمِيّ. وحَرَمُ مَكَّةَ: مَعْرُوفٌ وَهُوَ حَرَمُ اللَّهِ وحَرَمُ رَسُولِهِ. والحَرَمانِ: مَكَّةُ والمدينةُ، وَالْجَمْعُ أَحْرامٌ. وأَحْرَمَ القومُ: دَخَلُوا فِي الحَرَمِ. وَرَجُلٌ حَرامٌ: دَاخِلٌ فِي الحَرَمِ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَقَدْ جَمَعَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى حُرُمٍ. وَالْبَيْتُ الحَرامُ وَالْمَسْجِدُ الحَرامُ وَالْبَلَدُ الحَرام. وَقَوْمٌ حُرُمٌ ومُحْرِمون. والمُحْرِمُ: الدَّاخِلُ فِي الشَّهْرِ الحَرام، والنَّسَبُ إِلَى الحَرَم حِرْمِيٌّ،
__________
(1) . قوله [المحرج] كذا هو بالأَصل والصحاح، وفي المحكم؛ المزلج كمعظم(12/120)
والأُنثى حِرْمِيَّة، وَهُوَ مِنَ الْمَعْدُولِ الَّذِي يَأْتِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، قَالَ الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ امْرَأَةٌ حِرْمِيَّة وحُرْمِيَّة وأَصله مِنْ قَوْلِهِمْ: وحُرْمَةُ الْبَيْتِ وحِرْمَةُ الْبَيْتِ؛ قَالَ الأَعشى:
لَا تأوِيَنَّ لحِرْمِيّ مَرَرْتَ بِهِ، ... يَوْمًا، وإنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ فِي النَّارِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَماليه عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَالَ: هَذَا الْبَيْتُ مُصَحَّف، وإِنما هُوَ:
لَا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيّ ظَفِرْتَ بِهِ، ... يَوْمًا، وإِن أُلْقِيَ الجَرْميُّ فِي النَّارِ
الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بِذِي خُشُبٍ، ... والدَّاخِلين عَلَى عُثْمان فِي الدَّار
وَشَاهِدُ الحِرْمِيَّةِ قَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي ومِيثَرَتي، ... بِذِي المَجازِ، وَلَمْ تَحْسُسْ بِهِ نَغَما
مِنْ قَوْلِ حِرْمِيَّةٍ قَالَتْ، وَقَدْ ظَعنوا: ... هَلْ فِي مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها ... ضَرائرُ حِرْميّ تفاحشَ غارُها
قَالَ الأَصمعي: أَظنه عَنى بِهِ قُرَيْشاً، وَذَلِكَ لأَن أَهل الحَرَمِ أَول مَنِ اتَّخَذَ الضَّرَائِرَ، وَقَالُوا فِي الثَّوْبِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ حَرَمِيّ، وَذَلِكَ لِلْفَرْقِ الَّذِي يُحَافِظُونَ عَلَيْهِ كَثِيرًا وَيَعْتَادُونَهُ فِي مِثْلِ هَذَا. وَبَلَدٌ حَرامٌ وَمَسْجِدٌ حَرامٌ وَشَهْرٌ حَرَامٌ. والأَشهُر الحُرُمُ أَربعة: ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ أَي متتابِعة وَوَاحِدٌ فَرْدٌ، فالسَّرْدُ ذُو القَعْدة وَذُو الحِجَّة والمُحَرَّمُ، والفَرْدُ رَجَبٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ
؛ قَوْلُهُ مِنْها، يُرِيدُ الْكَثِيرَ، ثُمَّ قَالَ: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ لَمَّا كَانَتْ قَلِيلَةً. والمُحَرَّمُ: شَهْرُ اللَّهِ، سَمَّتْه الْعَرَبُ بِهَذَا الِاسْمِ لأَنهم كَانُوا لَا يستَحلُّون فِيهِ الْقِتَالَ، وأُضيف إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِعظاماً لَهُ كَمَا قِيلَ لِلْكَعْبَةِ بَيْتُ اللَّهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه مِنَ الأَشهر الحُرُمِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ. الْجَوْهَرِيُّ: مِنَ الشُّهُورِ أَربعة حُرُمٌ كَانَتِ الْعَرَبُ لَا تَسْتَحِلُّ فِيهَا الْقِتَالَ إِلا حَيّان خَثْعَم وطَيِءٌ، فَإِنَّهُمَا كَانَا يستَحِلَّان الشُّهُورَ، وكان الذين يَنْسؤُون الشُّهُورَ أَيام الْمَوَاسِمِ يَقُولُونَ: حَرّمْنا عَلَيْكُمُ القتالَ فِي هَذِهِ الشُّهُورِ إلَّا دِمَاءَ المُحِلِّينَ، فَكَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَحِلُّ دِمَاءَهُمْ خَاصَّةً فِي هَذِهِ الشُّهُورِ، وَجَمْعُ المُحَرَّم مَحارِمُ ومَحاريمُ ومُحَرَّماتٌ. الأَزهري: كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي شَهْرَ رَجَبٍ الأَصَمَّ والمُحَرَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ وأَنشد شَمِرٌ قَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْر:
رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ مِنْ كُلِّ مِذْنَبٍ، ... شهورَ جُمادَى كُلَّها والمُحَرَّما
قَالَ: وأَراد بالمُحَرَّمِ رَجَبَ، وَقَالَ: قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
أَقَمْنا بِهَا شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما، ... وشَهْرَيْ جُمادَى، واسْتَحَلُّوا المُحَرَّما
وَرَوَى
الأَزهري بإِسناده عَنْ أُم بَكْرَةَ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَطَبَ فِي صِحَّته فَقَالَ: أَلا إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ السموات والأَرض، السَّنَة اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَربعة حُرُمٌ، ثلاثةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدة وَذُو الحِجَّة والمحَرَّمُ،(12/121)
ورَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ.
والمُحَرَّم: أَول الشُّهُورِ. وحَرَمَ وأَحْرَمَ: دَخَلَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؛ قَالَ:
وإذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بِالنَّاسِ مُحْرِماً، ... فَمُلِّئَ مِنْ عَوْفِ بْنِ كعبٍ سَلاسِلُهْ
فَقَوْلُهُ مُحْرِماً لَيْسَ مِنْ إِحْرام الْحَجِّ، وَلَكِنَّهُ الدَّاخِلُ فِي الشَّهْرِ الحَرامِ. والحُرْمُ، بِالضَّمِّ: الإِحْرامُ بِالْحَجِّ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عنها: كُنْتُ أُطَيِّبُه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لحِلِّهِ ولِحُرْمِه
أَي عِنْدَ إِحْرامه؛ الأَزهري: الْمَعْنَى أَنها كَانَتْ تُطَيِّبُه إِذَا اغْتسل وأَراد الإِحْرام والإِهْلالَ بِمَا يَكُونُ بِهِ مُحْرِماً مِنْ حَجٍّ أَو عُمْرَةٍ، وَكَانَتْ تُطَيِّبُه إِذَا حَلّ مِنْ إِحْرامه؛ الحُرْمُ، بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: الإِحْرامُ بِالْحَجِّ، وَبِالْكَسْرِ: الرَّجُلُ المُحْرِمُ؛ يُقَالُ: أَنتَ حِلّ وأَنت حِرْمٌ. والإِحْرامُ: مَصْدَرُ أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إِحْراماً إِذَا أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَو الْعُمْرَةِ وباشَرَ أَسبابهما وَشُرُوطَهُمَا مِنْ خَلْع المَخِيط، وأَن يَجْتَنِبَ الأَشياء الَّتِي مَنَعَهُ الشَّرْعُ مِنْهَا كَالطِّيبِ وَالنِّكَاحِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، والأَصل فِيهِ المَنْع، فكأَنَّ المُحْرِم مُمْتَنِعٌ مِنْ هَذِهِ الأَشياء. وَمِنْهُ حَدِيثُ
الصَّلَاةِ: تَحْرِيمُها التَّكْبِيرُ
، كأَن الْمُصَلِّيَ بِالتَّكْبِيرِ وَالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ صَارَ مَمْنُوعًا مِنَ الْكَلَامِ والأَفعال الْخَارِجَةِ عَنْ كَلَامِ الصَّلَاةِ وأَفعالِها، فَقِيلَ لِلتَّكْبِيرِ تَحْرِيمٌ لِمَنْعِهِ الْمُصَلِّيَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ تكبيرَة الإِحْرام أَي الإِحرام بِالصَّلَاةِ. والحُرْمَةُ: مَا لَا يَحِلُّ لَكَ انْتِهَاكُهُ، وَكَذَلِكَ المَحْرَمَةُ والمَحْرُمَةُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا؛ يُقَالُ: إِنَّ لِي مَحْرُماتٍ فَلَا تَهْتِكْها، وَاحِدَتُهَا مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمَةٌ، يُرِيدُ أَنَّ لَهُ حُرُماتٍ. والمَحارِمُ: مَا لَا يَحِلُّ اسْتِحْلَالُهُ. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبية:
لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يعَظِّمون فِيهَا حُرُماتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطيتُهم إِياها
؛ الحُرُماتُ جَمْعُ حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ وظُلُماتٍ؛ يُرِيدُ حُرْمَةَ الحَرَمِ، وحُرْمَةَ الإِحْرامِ، وحُرْمَةَ الشَّهْرِ الْحَرَامِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ مَا وَجَبَ القيامُ بِهِ وحَرُمَ التفريطُ فِيهِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الحُرُماتُ مَكَّةُ وَالْحَجُّ والعُمْرَةُ وَمَا نَهَى اللَّهُ مِنْ مَعَاصِيهِ كُلِّهَا، وَقَالَ عَطَاءٌ: حُرُماتُ اللَّهِ مَعَاصِي اللَّهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَرَمُ حَرَمُ مَكَّةَ وَمَا أَحاط إِلى قريبٍ مِنَ الحَرَمِ، قَالَ الأَزهري: الحَرَمُ قَدْ ضُرِبَ عَلَى حُدوده بالمَنار الْقَدِيمَةِ الَّتِي بَيَّنَ خليلُ اللَّهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مشَاعِرَها وَكَانَتْ قُرَيْش تَعْرِفُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ والإِسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ، ويعملون أَن مَا دُونَ المَنارِ إِلى مَكَّةَ مِنَ الحَرَمِ وَمَا وَرَاءَهَا لَيْسَ مِنَ الحَرَمِ، وَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَمَّدًا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقرَّ قُرَيْشاً عَلَى مَا عَرَفُوهُ مِنْ ذَلِكَ،
وَكَتَبَ مَعَ ابْنِ مِرْبَعٍ الأَنصاري إِلَى قُرَيْشٍ: أَن قِرُّوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ فَإِنَّكُمْ عَلَى إرْثٍ مِنْ إرْثِ إِبْرَاهِيمَ، فَمَا كَانَ دُونَ الْمَنَارِ، فَهُوَ حَرَم لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ وَلَا يُقْطَع شَجَرُهُ، وَمَا كَانَ وَرَاءَ المَنار، فَهُوَ مِنَ الحِلّ يحِلُّ صَيْدُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَائِدُهُ مُحْرِماً.
قَالَ: فإِن قَالَ قَائِلٌ مِنَ المُلْحِدين فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ
؛ كَيْفَ يَكُونُ حَرَماً آمِنًا وَقَدْ أُخِيفوا وقُتلوا فِي الحَرَمِ؟ فَالْجَوَابُ فِيهِ أَنه عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَهُ حَرَماً آمِنًا أَمراً وتَعَبُّداً لَهُمْ بِذَلِكَ لَا إِخباراً، فَمَنْ آمَنَ بِذَلِكَ كَفَّ عَمَّا نُهِي عَنْهُ اتِّبَاعًا وَانْتِهَاءً إِلى مَا أُمِرَ بِهِ، وَمَنْ أَلْحَدَ وأَنكر أَمرَ(12/122)
الحَرَمِ وحُرْمَتَهُ فَهُوَ كَافِرٌ مباحُ الدمِ، وَمَنْ أَقَرَّ وَرَكِبَ النهيَ فَصَادَ صَيْدَ الْحَرَمِ وَقَتَلَ فِيهِ فَهُوَ فَاسِقٌ وَعَلَيْهِ الكفَّارة فِيمَا قَتَلَ مِنَ الصَّيْدِ، فإِن عَادَ فإِن اللَّهَ يَنْتَقِمُ مِنْهُ. وأَما الْمَوَاقِيتُ الَّتِي يُهَلُّ مِنْهَا لِلْحَجِّ فَهِيَ بَعِيدَةٌ مِنْ حُدُودِ الحَرَمِ، وَهِيَ مِنَ الْحِلِّ، وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْهَا بِالْحَجِّ فِي الأَشهر الحُرُمِ فَهُوَ مُحْرِمٌ مأْمور بِالِانْتِهَاءِ مَا دَامَ مُحْرِماً عَنِ الرَّفَثِ وَمَا وراءَه مِنْ أَمر النِّسَاءِ، وَعَنِ التَّطَيُّبِ بالطيبِ، وَعَنْ لُبْس الثَّوْبِ المَخيط، وَعَنْ صَيْدِ الصَّيْدِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِ الأَعشى:
بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا والمُحَرَّمِ
قَالَ: المُحَرَّمُ هُوَ الحَرَمُ. وَتَقُولُ: أَحْرَمَ الرجلُ، فَهُوَ مُحْرِمٌ وحَرامٌ، وَرَجُلٌ حَرامٌ أَي مُحْرِم، وَالْجَمْعُ حُرُم مِثْلُ قَذالٍ وقُذُلٍ، وأَحْرَم بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لأَنه يَحْرُم عَلَيْهِ مَا كَانَ لَهُ حَلالًا مِنْ قبلُ كَالصَّيْدِ وَالنِّسَاءِ. وأَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي الإِحْرام بالإِهلال، وأَحْرَمَ إِذا صَارَ فِي حُرَمِه مِنْ عَهْدٍ أَو مِيثَاقٍ هُوَ لَهُ حُرْمَةٌ مِنْ أَن يُغار عَلَيْهِ؛ وأَما قَوْلُ أُحَيْحَة أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
قَسَماً، مَا غيرَ ذِي كَذِبٍ، ... أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه «2»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَإِنِّي أَحسب الحُرَمَةَ لُغَةً فِي الحُرْمَةِ، وأَحسن مِنْ ذَلِكَ أَن يَقُولَ والحُرُمَة، بِضَمِّ الرَّاءِ، فَتَكُونَ من باب طُلْمة وظُلُمَةٍ، أَو يَكُونَ أَتبع الضَّمَّ الضَّمَّ لِلضَّرُورَةِ كَمَا أَتْبَعَ الأَعشى الْكَسْرَ الْكَسْرَ أَيضاً فَقَالَ:
أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها، ... وَقَدْ تُكْرَهُ الحربُ بَعْدَ السِّلِمْ
إِلَّا أَن قَوْلَ الأَعشى قَدْ يَجُوزُ أَن يَتَوَجَّه عَلَى الْوَقْفِ كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَرَرْتُ بالعِدِلْ. وحُرَمُ الرجلِ: عِيَالُهُ وَنِسَاؤُهُ وَمَا يَحْمِي، وَهِيَ المَحارِمُ، وَاحِدَتُهَا مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمة. ورَحِمٌ مَحْرَمٌ: مُحَرَّمٌ تَزْويجُها؛ قَالَ:
وجارةُ البَيْتِ أَراها مَحْرَمَا ... كَمَا بَراها اللَّهُ، إِلا إِنما
مكارِهُ السَّعْيِ لِمَنْ تَكَرَّمَا
كَمَا بَراها اللَّهُ أَي كَمَا جَعَلَهَا. وَقَدْ تَحَرَّمَ بصُحْبته؛ والمَحْرَمُ: ذَاتُ الرَّحِم فِي الْقَرَابَةِ أَي لَا يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا، تَقُولُ: هُوَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَهِيَ ذاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ هُوَ ذُو رَحِمٍ مِنْهَا إِذا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نكاحُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَعَ ذِي حُرْمَةٍ مِنْهَا
؛ ذُو المَحْرَمِ: مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا مِنَ الأَقارب كالأَب وَالِابْنِ وَالْعَمِّ وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُمْ. والحُرْمَة: الذِّمَّةُ. وأَحْرَمَ الرجلُ، فَهُوَ مُحْرِمٌ إِذا كَانَتْ لَهُ ذِمَّةٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ مُحْرِماً، ... ودَعا فَلَمْ أَرَ مثلَهُ مَقْتولا
وَيُرْوَى: مَخْذولا، وَقِيلَ: أَراد بِقَوْلِهِ مُحْرِماً أَنهم قَتَلُوهُ فِي آخِرِ ذِي الحِجَّةِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَي صَائِمًا. وَيُقَالُ: أَراد لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يوقِعُ بِهِ فَهُوَ مُحْرِمٌ.
الأَزهري: رَوَى شَمِرٌ لعُمَرَ أَنه قَالَ الصِّيَامُ إِحْرامٌ
، قَالَ: وإِنما قَالَ الصيامُ إِحْرام لَامْتِنَاعِ الصَّائِمِ مِمَّا يَثْلِمُ صيامَه، وَيُقَالُ لِلصَّائِمِ أَيضاً مُحْرِمٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ مُحْرِماً فِي بَيْتِ الرَّاعِي مِنَ الإِحْرام وَلَا مِنَ الدُّخُولِ فِي الشَّهْرِ الحَرام، قَالَ: وإِنما هُوَ مِثْلُ الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ، وإِنما
__________
(2) . قوله [أَن نبيح الخدن] كذا بالأَصل، والذي في نسختين من المحكم: أَن نبيح الحصن(12/123)
يُرِيدُ أَن عُثْمَانَ فِي حُرْمةِ الإِسلام وذِمَّته لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يُوقِعُ بِهِ، وَيُقَالُ لِلْحَالِفِ مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه بِهِ، وَمِنْهُ
قَوْلُ الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي الْغَضَبِ
أَي يَحْلِفُ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
قَتَلُوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِماً، ... غادَرُوه لَمْ يُمَتَّعْ بكَفَنْ
يُرِيدُ: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري: الحُرْمة المَهابة، قَالَ: وإِذا كَانَ بالإِنسان رَحِمٌ وَكُنَّا نَسْتَحِي مِنْهُ قُلْنَا: لَهُ حُرْمَةٌ، قَالَ: وَلِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حُرْمةٌ ومَهابةٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هُوَ حُرْمَتُك وَهُمْ ذَوو رَحِمِه وجارُه ومَنْ يَنْصره غَائِبًا وَشَاهِدًا وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقُّه. وَيُقَالُ: أَحْرَمْت عَنِ الشَّيْءِ إِذا أَمسكتَ عَنْهُ،
وَذَكَرَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ عَنِ الْيَزِيدِيِّ أَنه قَالَ: سَأَلْتُ عَمِّي عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كلُّ مُسْلم عَنْ مُسْلِمٍ مُحْرِمٌ، قَالَ: المُحْرِمُ الْمُمْسِكُ
، مَعْنَاهُ أَن الْمُسْلِمَ مُمْسِكٌ عَنْ مَالِ الْمُسْلِمِ وعِرْضِهِ ودَمِهِ؛ وأَنشد لمِسْكين الدَّارِمِيِّ:
أَتتْني هَناتٌ عَنْ رجالٍ، كأَنها ... خَنافِسُ لَيْلٍ لَيْسَ فِيهَا عَقارِبُ
أَحَلُّوا عَلَى عِرضي، وأَحْرَمْتُ عنهُمُ، ... وَفِي اللهِ جارٌ لَا ينامُ وطالِبُ
قَالَ: وأَنشد الْمُفَضَّلُ لأَخْضَرَ بْنِ عَبَّاد المازِنيّ جَاهِلِيٌّ:
لَقَدْ طَالَ إِعْراضي وصَفْحي عَنِ الَّتِي ... أُبَلَّغُ عنْكم، والقُلوبُ قُلوبُ
وَطَالَ انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ ... ليَرْجِعَ وُدٌّ، والمَعادُ قريبُ
ولستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عَنِ الَّتِي ... كرِهْتُ، وَمِنْهَا فِي القُلوب نُدُوبُ
فَلَا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ، ... فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ
ويَظْهَرَ مِنّاً فِي المَقالِ ومنكُمُ، ... إِذا مَا ارْتَمَيْنا فِي المَقال، عُيوبُ
وَيُقَالُ: أَحْرَمْتُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى حَرَّمْتُه؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
إِلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كَأَنَّهَا ... رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
قَالَ: وَالضَّمِيرُ فِي كَأَنَّهَا يَعُودُ عَلَى رِكابٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. وتَحَرَّم مِنْهُ بحُرْمَةٍ: تَحَمّى وتَمَنَّعَ. وأَحْرَمَ القومُ إِذا دَخَلُوا فِي الشَّهْرِ الحَرامِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
جَعَلْنَ القَنانَ عَنْ يَمينٍ وحَزْنَهُ، ... وَكَمْ بالقَنانِ مِنْ مُحِلّ ومُحْرِمِ
وأَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي حُرْمة لَا تُهْتَكُ؛ وأَنشد بَيْتَ زُهَيْرٍ:
وَكَمْ بالقنانِ مِنْ مُحِلّ ومُحْرِمِ
أَيْ مِمَّنْ يَحِلُّ قتالُه وَمِمَّنْ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ مِنْهُ. والمُحْرِمُ: المُسالمُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فِي قَوْلِ خِداش بْنُ زُهَيْرٍ:
إِذا مَا أصابَ الغَيْثُ لَمْ يَرْعَ غَيْثَهمْ، ... مِنَ النَّاسِ، إِلا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
هَكَذَا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، بِرَفْعِ الْغَيْثِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراها لُغَةً فِي صابَ أَو عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ(12/124)
كَأَنَّهُ إِذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الْغَيْثُ بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ وأَنشده مَرَّةً أُخرى:
إِذا شَرِبوا بالغَيْثِ
والمُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، والكَفيلُ مِنْ هَذَا أُخِذَ. وحُرْمَةُ الرَّجُلِ: حُرَمُهُ وأَهله. وحَرَمُ الرَّجُلِ وحَريمُه: مَا يقاتِلُ عَنْهُ ويَحْميه، فَجَمْعُ الحَرَم أَحْرامٌ، وَجَمْعُ الحَريم حُرُمٌ. وَفُلَانٌ مُحْرِمٌ بِنَا أَي فِي حَريمنا. تَقُولُ: فُلَانٌ لَهُ حُرْمَةٌ أَي تَحَرَّمَ بِنَا بصحبةٍ أَو بِحَقٍّ وذِمَّةِ. الأَزهري: والحَريمُ قَصَبَةُ الدارِ، والحَريمُ فِناءُ الْمَسْجِدِ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ وَاصِلٍ الْكِلَابِيِّ: حَريم الدَّارِ مَا دَخَلَ فِيهَا مِمَّا يُغْلَقُ عَلَيْهِ بابُها وَمَا خَرَجَ مِنْهَا فَهُوَ الفِناءُ، قَالَ: وفِناءُ البَدَوِيِّ مَا يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه وأَطنابُهُ، وَهُوَ مِنَ الحَضَرِيّ إِذا كَانَتْ تُحَاذِيهَا دَارٌ أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ مَا بَيْنَهُمَا. وحَريمُ الدَّارِ: مَا أُضيف إِلَيْهَا وَكَانَ مِنْ حُقُوقِهَا ومَرافِقها. وحَريمُ الْبِئْرِ: مُلْقى النَّبِيثَة والمَمْشى عَلَى جَانِبَيْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ الصِّحَاحُ: حَريم الْبِئْرِ وَغَيْرِهَا مَا حَوْلَهَا مِنْ مَرافقها وحُقوقها. وحَريمُ النَّهْرِ: مُلْقى طِينِهِ والمَمْشى عَلَى حَافَّتَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَريمُ الْبِئْرِ أَربعون ذِرَاعًا
، هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُحِيطُ بِهَا الَّذِي يُلْقى فِيهِ ترابُها أَي أَن الْبِئْرَ الَّتِي يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ فِي مَواتٍ فَحريمُها لَيْسَ لأَحد أَن يَنْزِلَ فِيهِ وَلَا يُنَازِعَهُ عَلَيْهَا، وَسُمِّيَ بِهِ لأَنه يَحْرُمُ مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْهُ أَو لأَنه مُحَرَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ التصرفُ فِيهِ. الأَزهري: الحِرْمُ الْمَنْعُ، والحِرْمَةُ الحِرْمان، والحِرْمانُ نَقيضه الإِعطاء والرَّزْقُ. يُقَالُ: مَحْرُومٌ ومَرْزوق. وحَرَمهُ الشيءَ يَحْرِمُهُ وحَرِمَهُ حِرْماناً وحِرْماً «1» وحَريماً وحِرْمَةً وحَرِمَةً وحَريمةً، وأَحْرَمَهُ لغةٌ لَيْسَتْ بِالْعَالِيَةِ، كُلُّهُ: مَنَعَهُ الْعَطِيَّةَ؛ قَالَ يَصِفُ امْرَأَةً:
وأُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قومَها ... لتَنْكِحَ فِي مَعْشَرٍ آخَرِينا
أَي حَرَّمَتْهُم عَلَى نَفْسِهَا. الأَصمعي: أَحْرَمَتْ قَوْمَهَا أَي حَرَمَتْهُم أَن يَنْكِحُوهَا. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: كُلُّ مُسلمٍ عَنْ مُسْلِمٍ مُحْرِمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ
؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي يُقَالُ إِنَّهُ لمُحْرِمٌ عَنْكَ أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عَلَيْهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا بِمَعْنَى الْخَبَرِ، أَراد أَنه يَحْرُمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن يُؤْذي صاحبَهُ لحُرْمة الإِسلام المانِعَتِه عَنْ ظُلْمِه. وَيُقَالُ: مُسلم مُحْرِمٌ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يُوقِعُ بِهِ، يُرِيدُ أَن الْمُسْلِمَ مُعْتَصِمٌ بالإِسلام مُمْتَنِعٌ بحُرْمتِهِ مِمَّنْ أَراده وأَراد مَالَهُ. والتَّحْرِيمُ: خِلَافُ التَّحْليل. وَرَجُلٌ مَحْروم: مَمْنُوعٌ مِنَ الْخَيْرِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: المَحْروم الَّذِي حُرِمَ الخيرَ حِرْماناً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
؛ قِيلَ: المَحْروم الَّذِي لَا يَنْمِي لَهُ مَالٌ، وَقِيلَ أَيضاً: إِنه المُحارِفُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَكْتَسِبُ. وحَرِيمةُ الربِّ: الَّتِي يَمْنَعُهَا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ. وأَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه، وحَرِمَ فِي اللُّعبة يحْرَمُ حَرَماً: قُمِرَ وَلَمْ يَقْمُرْ هُوَ؛ وأَنشد:
ورَمَى بسَهْمِ حَريمةٍ لَمْ يَصْطَدِ
ويُخَطُّ خَطٌّ فَيَدْخُلُ فِيهِ غِلمان وَتَكُونُ عِدَّتُهُمْ فِي خَارِجٍ مِنَ الخَطّ فيَدْنو هَؤُلَاءِ من الخط ويصافحُ
__________
(1) . قوله [وحرماً] أي بكسر فسكون، زاد في المحكم: وحرماً ككتف(12/125)
أَحدُهم صاحبَهُ، فإِن مسَّ الداخلُ الخارجَ فَلَمْ يَضْبُطْهُ الداخلُ قِيلَ لِلدَّاخِلِ: حَرِمَ وأَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، وإِن ضَبَطَهُ الداخلُ فَقَدْ حَرِمَ الخارِجُ وأَحْرَمَه الداخِلُ. وحَرِمَ الرجلُ حَرماً: لَجَّ ومَحَكَ. وحَرِمَت المِعْزَى وغيرُها مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْف حِراماً واسْتحْرَمَتْ: أَرادت الْفَحْلَ، وَمَا أَبْيَنَ حِرْمَتَها، وَهِيَ حَرْمَى، وَجَمْعُهَا حِرامٌ وحَرامَى، كُسِّرَ عَلَى مَا يُكَسَّرُ عَلَيْهِ فَعْلَى الَّتِي لَهَا فَعْلانُ نَحْوُ عَجْلان وعَجْلَى وغَرْثان وغَرْثى، وَالِاسْمُ الحَرَمةُ والحِرمةُ؛ الأَول عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ الذِّئْبَةُ وَالْكَلْبَةُ وَأَكْثَرُهَا فِي الْغَنَمِ، وَقَدْ حُكِيَ ذَلِكَ فِي الإِبل. وَجَاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمُ الساعةُ تُسَلَّطُ عَلَيْهِمُ الحِرْمَةُ
أَي الغُلْمَةُ ويُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل فِي ذُكُورِ الأَناسِيِّ، وَقِيلَ: الاسْتِحْرامُ لِكُلِّ ذَاتِ ظِلْفٍ خَاصَّةً. والحِرْمَةُ، بِالْكَسْرِ: الغُلْمةُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَكَأَنَّهَا بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنَ الْحَيَوَانِ أَخَصُّ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ اسْتَحْرَمَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِهِ مائةَ سنةٍ لَمْ يَضْحَكْ
؛ هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي حُرْمَةٍ لَا تهْتَكُ، قَالَ: وَلَيْسَ مِنِ اسْتِحْرام الشاة. الجوهري: والحِرْمةُ فِي الشَّاءِ كالضَّبْعَةِ فِي النُّوقِ، والحِنَاء فِي النِّعاج، وَهُوَ شَهْوَةُ البِضاع؛ يُقَالُ: اسْتَحْرَمَت الشاةُ وَكُلُّ أُنثى مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْفِ خَاصَّةً إِذا اشْتَهَتِ الْفَحْلَ. وَقَالَ الأُمَوِيُّ: اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ والكلبةُ إِذا أَرادت الْفَحْلَ. وَشَاةٌ حَرْمَى وَشِيَاهٌ حِرامٌ وحَرامَى مِثْلُ عِجالٍ وعَجالى، كأَنه لَوْ قِيلَ لمذكَّرِهِ لَقِيل حَرْمانُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَعْلَى مُؤَنَّثَةُ فَعْلان قَدْ تُجْمَعُ عَلَى فَعالَى وفِعالٍ نَحْوُ عَجالَى وعِجالٍ، وأَما شَاةٌ حَرْمَى فَإِنَّهَا، وإِن لَمْ يُسْتَعْمَلْ لَهَا مذكَّر، فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا قَدِ اسْتُعْمِلَ لأَن قِيَاسَ الْمُذَكَّرِ مِنْهُ حَرْمانُ، فَلِذَلِكَ قَالُوا فِي جَمْعِهِ حَرامَى وحِرامٌ، كَمَا قَالُوا عَجالَى وعِجالٌ. والمُحَرَّمُ مِنَ الإِبل مِثْلُ العُرْضِيِّ: وَهُوَ الذَلُول الوَسَط «1» الصعبُ التَّصَرُّفِ حِينَ تصَرُّفِه. وَنَاقَةٌ مُحَرَّمةٌ: لَمْ تُرَضْ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ نَاقَةٌ مُحَرَّمَةُ الظهرِ إِذا كَانَتْ صَعْبَةً لَمْ تُرَضْ وَلَمْ تُذَلَّلْ، وَفِي الصِّحَاحِ: نَاقَةٌ مُحَرَّمةٌ أَي لَمْ تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: إِنه أَراد البَداوَة فأَرسل إليَّ نَاقَةً مُحَرَّمةً
؛ هِيَ الَّتِي لَمْ تُرْكَبْ وَلَمْ تُذَلَّل. والمُحَرَّمُ مِنَ الْجُلُودِ: مَا لَمْ يُدْبَغْ أَو دُبغ فَلَمْ يَتَمَرَّن وَلَمْ يُبَالِغْ، وجِلد مُحَرَّم: لَمْ تَتِمَّ دِباغته. وَسَوْطٌ مُحَرَّم: جَدِيدٌ لَمْ يُلَيَّنْ بعدُ؛ قَالَ الأَعشى:
تَرَى عينَها صَغْواءَ فِي جنبِ غَرْزِها، ... تُراقِبُ كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّما
وَفِي التَّهْذِيبِ: فِي جَنْبِ مُوقِهَا تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سَوْطَهُ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت الْعَرَبَ يُسَوُّون سياطَهم مِنْ جُلُودِ الإِبل الَّتِي لَمْ تُدْبَغْ، يَأْخُذُونَ الشَّريحة الْعَرِيضَةَ فَيَقْطَعُونَ مِنْهَا سُيوراً عِراضاً وَيَدْفِنُونَهَا فِي الثَّرَى، فإِذا نَدِيَتْ وَلَانَتْ جَعَلُوا مِنْهَا أَربع قُوىً، ثُمَّ فَتَلُوهَا ثُمَّ علَّقوها مِنْ شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها فِي الأَرض فتُقِلُّها مِنَ الأَرض مَمْدُودَةً وَقَدْ أَثقلوها حَتَّى تَيَبَّسَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
وحِرْم عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنهم لَا يَرْجِعُونَ
؛ رَوَى قَتادةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ واجبٌ عَلَيْهَا إِذا هَلَكَتْ أَن لَا تُرْجَعُ إِلى دُنْياها؛ وَقَالَ أَبو مُعاذٍ النَّحْوِيُّ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قرأَها
وحَرمَ عَلَى قَرْيَةٍ
أَي وَجَب عَلَيْهَا، قَالَ: وحُدِّثْت
__________
(1) . قوله [وهو الذلول الوسط] ضبطت الطاء في القاموس بضمة، وفي نسختين من المحكم بكسرها ولعله أقرب للصواب(12/126)
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنه قرأَها:
وحِرْمٌ على قَرْيَةٍ أَهلكناها
؛ فَسُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ: عَزْمٌ عَلَيْهَا. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها
؛ يَحْتَاجُ هَذَا إِلى تَبْيين فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيَّنْ، قَالَ: وَهُوَ، وَاللَّهُ أَعلم، أَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا قَالَ: فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ، أَعْلَمنا أَنه قَدْ حَرَّمَ أَعْمَالَ الْكُفَّارِ، فَالْمَعْنَى حَرامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَن يُتَقَبَّل مِنْهُمْ عَمَلٌ، لأَنهم لَا يَرْجِعُونَ أَي لَا يَتُوبُونَ؛ وَرُوِيَ أَيضاً
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ: وحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها، قَالَ: واجبٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنه لَا يَرْجِعُ مِنْهُمْ رَاجِعٌ
أَي لَا يَتُوبُ مِنْهُمْ تَائِبٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وَرَوَى الْفَرَّاءُ بإِسناده
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وحِرْمٌ
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَي وَاجِبٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما تَأَوَّلَ الْكِسَائِيُّ وَحَرامٌ
فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى وَاجِبٍ، لِتَسْلَمَ لَهُ لَا مِنَ الزِّيَادَةِ فَيَصِيرَ الْمَعْنَى عِنْدَهُ واجبٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنهم لَا يَرْجِعُونَ، وَمِنْ جَعَلَ حَراماً بِمَعْنَى الْمَنْعِ جَعَلَ لَا زَائِدَةً تَقْدِيرُهُ وحَرامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنهم يَرْجِعُونَ، وَتَأْوِيلُ الْكِسَائِيِّ هُوَ تأْويل ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَيُقَوِّي قَوْلَ الْكِسَائِيِّ إِن حَرام فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى وَاجِبٌ قولُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُمانَةَ المُحاربيّ جَاهِلِيٌّ:
فإِنَّ حَراماً لَا أَرى الدَّهْرَ باكِياً ... عَلَى شَجْوِهِ، إِلَّا بَكَيْتُ عَلَى عَمْرو
وَقَرَأَ أَهل الْمَدِينَةِ وَحَرامٌ
، قَالَ الْفَرَّاءُ: وحَرامٌ أَفشى فِي الْقِرَاءَةِ. وحَرِيمٌ: أَبو حَيّ. وحَرامٌ: اسْمٌ. وَفِي الْعَرَبِ بُطون يُنْسَبُونَ إِلى آلِ حَرامٍ «1» بَطْنٌ من بني تميم وبَطْنٌ فِي جُذام وَبَطْنٌ فِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ. وحَرامٌ: مَوْلَى كُلَيْبٍ. وحَريمةُ: رَجُلٌ مِنْ أَنجادهم؛ قَالَ الكَلْحَبَةُ اليَرْبوعيّ:
فأَدْرَكَ أَنْقاءَ العَرَادةِ ظَلْعُها، ... وَقَدْ جَعَلَتْني مِنْ حَريمةَ إِصْبَعا
وحَرِمٌ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
حَيِّ دارَ الحَيِّ لَا حَيَّ بِهَا، ... بِسِخالٍ فأُثالٍ فَحَرِمْ
والحَيْرَمُ: الْبَقَرُ، وَاحِدَتُهَا حَيْرَمة؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
تَبَدَّلَ أُدْماً مِنْ ظِباءٍ وحَيْرَما
قَالَ الأَصمعي: لَمْ نَسْمَعْ الحَيْرَمَ إِلا فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر، وَلَهُ نَظَائِرُ مَذْكُورَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: والقولُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَنَحْوِهَا وجوبُ قَبُولِهَا، وَذَلِكَ لِمَا ثبتتْ بِهِ الشَّهادةُ مِنْ فَصاحة ابْنِ أَحمر، فإِما أَن يَكُونَ شَيْئًا أَخذه عَمَّنْ نَطَقَ بِلُغَةٍ قَدِيمَةٍ لَمْ يُشارَكْ فِي سَمَاعِ ذَلِكَ مِنْهُ، عَلَى حَدِّ مَا قُلْنَاهُ فِيمَنْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ، وَهُوَ فَصِيحٌ كَقَوْلِهِ فِي الذُّرَحْرَح الذُّرَّحْرَحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وإِما أَن يَكُونَ شَيْئًا ارْتَجَلَهُ ابْنُ أَحمر، فإِن الأَعرابي إِذا قَوِيَتْ فصاحتُه وسَمَتْ طبيعتُه تصرَّف وَارْتَجَلَ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ أَحد قَبْلَهُ، فَقَدْ حُكِيَ عَنْ رُؤبَة وأَبيه: أَنهما كَانَا يَرْتَجِلان أَلفاظاً لَمْ يَسْمَعَاهَا وَلَا سُبِقا إِليها، وَعَلَى هَذَا قَالَ أَبو عُثْمَانَ: مَا قِيس عَلَى كَلَامِ العَرَب فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. ابْنُ الأَعرابي: الحَيْرَمُ الْبَقَرُ، والحَوْرَمُ الْمَالُ الْكَثِيرُ مِنَ الصامِتِ وَالنَّاطِقِ. والحِرْمِيَّةُ: سِهام تُنْسَبُ إِلى الحَرَمِ، والحَرَمُ قَدْ يَكُونُ الحَرامَ، وَنَظِيرُهُ زَمَنٌ وزَمانٌ.
__________
(1) . قوله [إِلى آل حرام] هذه عبارة المحكم وليس فيها لفظ آل(12/127)
وحَريمٌ الَّذِي فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ حَريمُ بْنُ جُعْفِيّ جَدُّ الشُّوَيْعِر؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَعْنِي قَوْلَهُ:
بَلِّغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَني، ... عَمْدَ عَيْنٍ، قَلَّدْتُهُنَّ حَريما
وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ شِعْرٍ. والحرَيمةُ: مَا فَاتَ مِنْ كُلِّ مَطْموع فِيهِ. وحَرَمَهُ الشَّيْءَ يَحْرِمُه حَرِماً مِثْلُ سَرَقَه سَرِقاً، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وحِرْمَةً وحَريمةً وحِرْماناً وأَحْرَمَهُ أَيضاً إِذا مَنَعَهُ إِياه؛ وَقَالَ يَصِفُ امْرَأَةً:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَها ... لتَنْكِحَ فِي مَعْشَرٍ آخَرِينا «2»
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ شَاهِدًا عَلَى أَحْرَمَتْ بَيْتَيْنِ مُتَبَاعِدٌ أَحدهما مِنْ صَاحِبِهِ، وَهُمَا فِي قَصِيدَةٍ تُرْوَى لشَقِيق بْنِ السُّلَيْكِ، وَتُرْوَى لَابْنِ أَخي زِرّ ابن حُبَيْشٍ الْفَقِيهِ الْقَارِئِ، وَخَطَبَ امرأَة فَرَدَّتْهُ فَقَالَ:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَهَا ... لتَنكِح فِي معشرٍ آخَرينا
فإِن كنتِ أَحْرَمْتِنا فاذْهَبي، ... فإِن النِّساءَ يَخُنَّ الأَمينا
وطُوفي لتَلْتَقِطي مِثْلَنا، ... وأُقْسِمُ باللهِ لَا تَفْعَلِينا
فَإِمَّا نَكَحْتِ فَلَا بالرِّفاء، ... إِذا مَا نَكَحْتِ وَلَا بالبَنِينا
وزُوِّجْتِ أَشْمَطَ فِي غُرْبة، ... تُجَنُّ الحَلِيلَة مِنْهُ جُنونا
خَليلَ إماءٍ يُراوِحْنَهُ، ... وللمُحْصَناتِ ضَرُوباً مُهِينا
إِذا مَا نُقِلْتِ إِلى دارِهِ ... أَعَدَّ لظهرِكِ سَوْطًا مَتِينا
وقَلَّبْتِ طَرْفَكِ فِي مارِدٍ، ... تَظَلُّ الحَمامُ عَلَيْهِ وُكُونا
يُشِمُّكِ أَخْبَثَ أَضْراسِه، ... إِذا مَا دَنَوْتِ فتسْتَنْشِقِينا
كأَن المَساويكَ فِي شِدْقِه، ... إِذا هُنَّ أُكرِهن، يَقلَعنَ طِينَا
كأَنَّ تَواليَ أَنْيابِهِ ... وَبَيْنَ ثَناياهُ غِسْلًا لَجِينا
أَراد بالمارِدِ حِصْناً أَو قَصراً مِمَّا تُعْلى حيطانُه وتُصَهْرَجُ حَتَّى يَمْلاسَّ فَلَا يَقْدِرُ أَحد عَلَى ارْتِقَائِهِ، والوُكُونُ: جَمْعُ واكِنٍ مِثْلُ جَالِسٍ وجُلوسٍ، وَهِيَ الجاثِمة، يُرِيدُ أَن الْحَمَامَ يَقِفُ عَلَيْهِ فَلَا يُذْعَرُ لِارْتِفَاعِهِ، والغِسْل: الخطْمِيُّ، واللَّجِينُ: الْمَضْرُوبُ بِالْمَاءِ، شبَّه مَا رَكِبَ أَسنانَه وأَنيابَه مِنَ الْخُضْرَةِ بالخِطميّ الْمَضْرُوبِ بِالْمَاءِ. والحَرِمُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: الحِرْمانُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وإِنْ أَتاه خليلٌ يَوْمَ مَسْأَلةٍ ... يقولُ: لَا غائبٌ مَالِي وَلَا حَرِمُ
وإِنما رَفَعَ يقولُ، وَهُوَ جَوَابُ الْجَزَاءِ، عَلَى مَعْنَى التَّقْدِيمِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ كأَنه قَالَ: يَقُولُ إِن أَتاه خَلِيلٌ لَا غَائِبٌ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ عَلَى إِضْمَارِ الْفَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
__________
(2) . قَوْلُهُ [ونبئتها] في التهذيب: وأنبئتها(12/128)
الحَرِمُ الْمَمْنُوعُ، وَقِيلَ: الحَرِمُ الحَرامُ. يُقَالُ: حِرْمٌ وحَرِمٌ وحَرامٌ بِمَعْنًى. والحَريمُ: الصَّدِيقُ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ حَريمٌ صَريح أَي صَديق خَالِصٌ. قَالَ: وَقَالَ العُقَيْلِيُّونَ حَرامُ اللَّهِ لَا أَفعلُ ذَلِكَ، ويمينُ اللَّهِ لَا أَفعلُ ذَلِكَ، مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. قَالَ: وَقَالَ أَبو زَيْدٍ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا هُوَ بحارِم عَقْلٍ، وَمَا هُوَ بعادِمِ عَقْلٍ، مَعْنَاهُمَا أَن لَهُ عَقْلًا. الأَزهري: وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ
إِذا اجْتَمَعَتْ حُرْمتانِ طُرِحت الصُّغْرى للكُبْرى
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: يَقُولُ إِذا كَانَ أَمر فِيهِ مَنْفَعَةٌ لعامَّة النَّاسِ ومَضَرَّةٌ عَلَى خَاصٍّ مِنْهُمْ قُدِّمت مَنْفَعَةُ الْعَامَّةِ، مِثَالُ ذَلِكَ: نَهْرٌ يَجْرِي لشِرْب الْعَامَّةِ، وَفِي مَجْراه حائطٌ لِرَجُلٍ وحَمَّامٌ يَضُرُّ بِهِ هَذَا النَّهْرُ، فَلَا يُتْرَكُ إِجْرَاؤُهُ مِنْ قِبَلِ هَذِهِ المَضَرَّة، هَذَا وَمَا أَشبهه، قَالَ: وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي الحَرامِ كَفَّارةُ يمينٍ
؛ هُوَ أَن يَقُولَ حَرامُ اللَّهِ لَا أَفعلُ كَمَا يَقُولُ يمينُ اللهِ، وَهِيَ لُغَةُ العقيلِييّن، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ تَحْريمَ الزَّوْجَةِ وَالْجَارِيَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ
، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عنها: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ نِسَائِهِ وحَرَّمَ فَجَعَلَ الحَرامَ حَلَالًا
، تَعْنِي مَا كَانَ حَرّمهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ نِسَائِهِ بالإِيلاء عَادَ فأَحَلَّهُ وَجَعَلَ فِي الْيَمِينِ الكفارةَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ «1» فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَنتِ عليَّ حَرامٌ
، وَحَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ حَرّمَ امرأَته فَلَيْسَ بشيءٍ
، وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:
إِذا حَرَّمَ الرَّجُلُ امرأَته فَهِيَ يمينٌ يُكَفِّرُها.
والإِحْرامُ والتَّحْريمُ بِمَعْنًى؛ قَالَ يَصِفُ بَعِيرًا:
لَهُ رِئَةٌ قَدْ أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهرِهِ، ... فَمَا فِيهِ للفُقْرَى وَلَا الحَجِّ مَزْعَمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ وَلَّاد وَغَيْرُهُ: لَهُ رَبَّة، وَقَوْلُهُ مَزْعَم أَي مَطْمع. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ*
؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ المُحارِف. أَبو عَمْرٍو: الحَرُومُ النَّاقَةُ المُعْتاطةُ الرَّحِمِ، والزَّجُومُ الَّتِي لَا تَرْغُو، والخَزُوم الْمُنْقَطِعَةُ فِي السَّيْرِ، والزَّحُوم الَّتِي تزاحِمُ عَلَى الْحَوْضِ. والحَرامُ: المُحْرِمُ. والحَرامُ: الشَّهْرُ الحَرامُ. وحَرام: قَبِيلَةٌ مَنْ بَنِي سُلَيْمٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَمَنْ يَكُ خَائِفًا لأَذاةِ شِعْرِي، ... فَقَدْ أَمِنَ الهجاءَ بَنُو حَرامِ
وحَرَام أَيضاً: قَبِيلَةٌ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. والتَّحْرِيمُ: الصُّعوبة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
دَيَّثْتُ مِنْ قَسْوتِهِ التَّحرِيما
يُقَالُ: هُوَ بَعِيرٌ مُحَرَّمٌ أَي صَعْبٌ. وأَعرابيّ مُحَرَّمٌ أَي فَصِيحٌ لَمْ يُخَالِطِ الحَضَرَ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَما عَلِمْتَ أَن الصُّورَةَ مُحَرَّمةٌ؟
أَي مُحَرَّمَةُ الضربِ أَو ذَاتُ حُرْمةٍ، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
حَرَّمْتُ الظلمَ عَلَى نَفْسِي
أَي تَقَدَّسْتُ عَنْهُ وتعالَيْتُ، فَهُوَ فِي حَقِّهِ كَالشَّيْءِ المُحَرَّم عَلَى النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
فَهُوَ حَرامٌ بحُرمة اللَّهِ
أَي بِتَحْرِيمِهِ، وَقِيلَ: الحُرْمةُ الْحَقُّ أَي بِالْحَقِّ الْمَانِعِ مِنْ تَحْلِيلِهِ. وَحَدِيثُ الرَّضَاعِ:
فَتَحَرَّمَ بِلَبَنِهَا
أَي صَارَ عَلَيْهَا حَراماً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وذُكِرَ عِنْدَهُ قولُ عَلِيٍّ أَو عُثْمَانَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الأَمَتَيْن الأُختين: حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ وأَحَلَّتْهُنَّ آيةٌ، فَقَالَ: يُحَرِّمُهُنَّ عليَّ قرابتي
__________
(1) . قوله [وفي حديث عليّ إلخ] عبارة النهاية: ومنه حديث عليّ إلخ(12/129)
مِنْهُنَّ وَلَا يُحرِّمُهُنَّ قرابةُ بَعْضِهِنَّ مِنْ بَعْضٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد ابْنُ عَبَّاسٍ أَن يُخْبِرَ بالعِلَّة الَّتِي وَقَعَ مِنْ أَجْلِهَا تَحْريمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الأُختين الحُرَّتَين فَقَالَ: لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ بِقُرَابَةِ إِحداهما مِنَ الأُخرى إِذ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ وطءُ الثَّانِيَةِ بَعْدَ وَطْءِ الأُولى كَمَا يَجْرِي فِي الأُمِّ مَعَ الْبِنْتِ، وَلَكِنَّهُ وَقَعَ مِنْ أَجْلِ قَرَابَةِ الرَّجُلِ مِنْهُمَا فَحُرمَ عَلَيْهِ أَن يَجْمَعَ الأُختَ إِلى الأُخت لأَنها مِنْ أَصْهاره، فكأَن ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ أَخْرَجَ الإِماءَ مِنْ حُكْمِ الحَرائر لأَنه لَا قَرَابَةَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ إمائِه، قَالَ: وَالْفُقَهَاءُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ الْجَمْعَ بَيْنَ الأُختين فِي الحَرائر والإِماء، فَالْآيَةُ المُحَرِّمةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ، وَالْآيَةُ المُحِلَّةُ قَوْلُهُ تعالى: ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.
حرجم: حَرْجَمَ الإِبلَ: رَدَّ بعضَها عَلَى بَعْضٍ. وحَرْجَمْتُ الإِبل فاحْرَنْجَمَتْ إِذا رَدَدْتَها فَارْتَدَّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ واجْتَمعت؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عايَنَ حَيّاً كالحِراجِ نَعَمُهْ، ... يكونُ أَقْصى شَلِّهِ مُحْرَنْجِمُهْ
وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: وَذَكَرَ السَّنة فَقَالَ تَرَكَتْ كَذَا وَكَذَا والذِّيخ مُحْرَنْجِماً
أَي مُنْقَبِضًا مُجْتَمِعًا كَالِحًا مِنْ شِدَّةِ الجَدْب أَي عَمَّ المَحْلُ حَتَّى نَالَ السِّباعَ وَالْبَهَائِمَ، والذِّيخُ: ذَكَرُ الضِّباع، وَالنُّونُ فِي احْرَنْجَمَ زَائِدَةٌ. الأَصمعي: المُحْرَنْجِمُ الْمُجْتَمِعُ. اللَّيْثُ: حَرْجَمْتُ: الإِبل إِذا رددتَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ؛ وأَنشد الْبَيْتَ:
يَكُونُ أَقْصى شَلِّهِ مُحْرَنْجِمُهْ
قَالَ الْبَاهِلِيُّ: مَعْنَاهُ أَن الْقَوْمَ إِذا فاجأَتهم الغارةُ لَمْ يَطْرُدُوا نَعَمَهُمْ وَكَانَ أَقْصى طردِهِمْ لَهَا أَن يُنِيخوها فِي مَبَارِكِهَا ثُمَّ يقاتِلوا عَنْهَا، ومَبْرَكُها هُوَ مُحْرَنْجَمُها الَّذِي تَحْرَنْجِمُ فِيهِ وَتَجْتَمِعُ وَيَدْنُو بعضُها مِنْ بَعْضٍ. الْجَوْهَرِيُّ: احْرَنْجَمَ القومُ ازْدَحَمُوا. والمُحْرَنْجِمُ: الْعَدَدُ الْكَثِيرُ؛ وأَنشد:
الدَّارُ أَقْوَتْ بَعْدَ مُحْرَنْجِمِ، ... مِنْ مُعْرِبٍ فِيهَا وَمِنْ مُعْجِمِ
واحْرَنْجَمَ الرجلُ: أَراد الأَمر ثُمَّ كَذَّبَ عَنْهُ. واحْرَنْجَمَ القومُ: اجْتَمَعَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ. واحْرَنْجَمَت الإِبل: اجْتَمَعَتْ وَبَرَكَتْ، اعْرَنزَم واقْرَنْبَعَ واحْرَنْجَمَ إِذا اجْتَمَعَ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
إِن فِي بَلَدِنَا حَرَاجِمَةً
أَي لُصُوصًا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ كُتُبِ المتأَخرين، قَالَ: وَهُوَ تَصْحِيفٌ وإِنما هُوَ بِجِيمَيْنِ، كَذَا جَاءَ فِي كُتُبِ الْغَرِيبِ وَاللُّغَةِ إِلّا أَن يَكُونَ قَدْ أَثبتها فَرَوَاهَا.
حردم: الحَرْدَمَةُ: اللجاج.
حرزم: حَرْزَمَهُ: ملأَه. وحَرْزَمَهُ اللَّهُ: لَعَنَهُ. وحَرْزَمٌ: رَجُلٌ. وحَرْزَمٌ: جَمَلٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
لأَعْلِطَنَّ حَرْزَماً بعَلْطِ ... بلِيتِهِ عند وُضوحِ الشَّرْطِ
حرسم: الحِرْسِمُ: السَّمُّ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقَالَ مُرَّةُ: سَقَاهُ اللَّهُ الحِرْسِمَ وَهُوَ المَوْت. اللِّحْيَانِيُّ: سَقَاهُ اللَّهُ الحِرْسِمَ وَهُوَ السَّمُّ الْقَاتِلُ. وَيُقَالُ: مَا لَهُ سَقَاهُ الحِرْسِمَ وَكَأْسَ الذَّيفَان لَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ؛ قَالَ: رأَيته مُقَيَّدًا بِخَطِّهِ فِي كِتَابِ اللِّحْيَانِيِّ الجِرْسِم، بِالْجِيمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَيْسَ الجِرْسِمُ مِنْ هَذَا الْبَابِ هُوَ فِي الْجِيمِ. أَبو عَمْرٍو: الحَراسيمُ والحَراسِينُ السِّنون المُقْحِطاتُ. ابْنُ الأَعرابي: الحِرْسِمُ الزَّاوِيةُ.(12/130)
حرقم: حَرْقَمٌ: مَوْضِعٌ؛ التَّهْذِيبُ: قُرِئَ عَلَى شَمِرٍ فِي شِعْرِ الحُطَيْئةِ:
فقلتُ لَهُ: أَمْسِكْ فَحَسْبُكَ، إِنَّما ... سأَلْتُكَ صِرْفاً مِنْ جيادِ الحَراقِمِ
قَالَ: الحَراقِمُ الأَدَمُ والصُّوف الأَحمر «1» .
حرهم: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: نَاقَةٌ حُراهِمَةٌ أَي ضَخْمَةٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جؤَيَّة يصف ضبعا:
تَرَاهَا، الضَّبْعُ أَعْظَمَهُنَّ رأْساً، ... حُراهِمَةً لَهَا حِرَةٌ وثِيلُ
الضَّبُعُ حُراهِمَةٌ عُراهِمَةٌ.
حزم: الحَزْمُ: ضَبْطُ الإِنسان أَمره والأَخذ فِيهِ بالثِّقة. حَزُمَ، بِالضَّمِّ، يَحْزُم حَزْماً وحَزامَةً وحُزُومة، وَلَيْسَتِ الحُزُومةُ بِثَبْتٍ. وَرَجُلٌ حازمٌ وحَزيمٌ مِنْ قَوْمٍ حَزَمة وحُزَماء وحُزَّمٍ وأَحْزامٍ وحُزَّامٍ: وَهُوَ الْعَاقِلُ الْمُمَيِّزُ ذُو الحُنْكةِ. وَقَالَ ابْنُ كَثْوَةَ: مِنْ أَمثالهم: إِن الوَحَا مِنْ طَعَامِ الحَزْمَة؛ يُضْرَبُ عِنْدَ التَّحَشُّد عَلَى الانْكِماش وحَمْدِ المُنْكَمِشِ. والحَزْمَةُ: الحَزْمُ. وَيُقَالُ: تَحَزَّم فِي أَمرك أَي اقْبَلْهُ بالحَزْم والوَثاقة. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحَزْمُ سُوءُ الظَّنِّ
؛ الحَزْمُ ضَبْطُ الرَّجُلِ أَمْرَه والحَذَرُ مِنْ فَوَاتِهِ. وَفِي حَدِيثِ الوِتْر:
أَنه قَالَ لأَبي بَكْرٍ أَخذتَ بالحَزْم.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا رأَيتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ ودِينٍ أَذهبَ للُبِّ الحازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ
أَي أَذْهَبَ لِعَقْلِ الرَّجُلِ المُحْتَرِزِ فِي الأُمور، الْمُسْتَظْهِرِ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سُئِلَ مَا الحَزْمُ؟ فَقَالَ: الحَزْمُ أَن تَسْتَشِيرَ أَهل الرأْي وَتُطِيعَهُمْ.
الأَزهري: أُخِذَ الحَزْمُ فِي الأُمور، وَهُوَ الأَخذ بالثِّقة، مِنَ الحَزْمِ، وَهُوَ الشَّدُّ بالحِزامِ وَالْحَبْلِ اسْتِيثَاقًا مِنَ المَحْزوم؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي الْمَثَلِ: قَدْ أَحْزِمُ لَوْ أَعْزِمُ أَي قَدْ أَعرف الحَزْمَ وَلَا أَمضي عَلَيْهِ. والحَزْمُ: حزْمُكَ الْحَطَبَ حُزْمةً. وحَزَمَ الشَّيْءَ يَحْزِمُه حَزْماً: شَدُّهُ. والحُزْمَةُ: مَا حُزِمَ. والمِحْزَمُ والمِحْزَمةُ والحِزامُ والحِزامَةُ: اسْمُ مَا حُزِمَ بِهِ، وَالْجَمْعُ حُزُمٌ. واحْتَزَمَ الرجلُ وتَحَزَّمَ بِمَعْنًى، وَذَلِكَ إِذا شَدَّ وَسَطَهُ بِحَبْلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى أَن يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بِغَيْرِ حِزامٍ
أَي مِنْ غَيْرِ أَن يشُدَّ ثَوْبُهُ عَلَيْهِ، وإِنما أَمر بِذَلِكَ لأَنهم قَلَّما يَتَسَرْوَلُونَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَراويلُ، أَو كَانَ عَلَيْهِ إِزَارٌ، أَو كَانَ جَيْبُه وَاسِعًا وَلَمْ يَتَلَبَّبْ أَو لَمْ يَشُدَّ وسْطه فَرُبَّمَا انْكَشَفَتْ عورتُه وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى أَن يُصَلِّيَ الرجلُ حَتَّى يَحْتَزِمَ
أَي يتَلَبَّبَ وَيَشُدَّ وَسَطَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
أَنه أَمر بالتَّحَزُّمِ فِي الصَّلَاةِ.
وَفِي حَدِيثِ الصَّوْمِ:
فتَحَزَّمَ الْمُفْطِرُونَ
أَي تلَبَّبُوا وَشَدُّوا أَوساطهم وعَمِلُوا لِلصَّائِمِينَ. والحِزامُ للسَّرْج والرحْل والدابةِ وَالصَّبِيِّ فِي مَهْدِه. وَفَرَسٌ نبيلُ المِحْزَمِ. وحِزامُ الدَّابَّةِ مَعْرُوفٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جاوَزَ الحِزامُ الطُّبْيَيْنِ. وحَزَمَ الفرسَ: شَدَّ حزامَهُ: قَالَ لَبِيدٌ:
حَتَّى تَحَيَّرَتِ الدِّبارُ كأَنها ... زَلَفٌ، وأُلقِيَ قِتْبُها المَحْزوم
تَحَيَّرَت: امتلأَت مَاءً. والدّبارُ: جَمْعُ دَبْرةٍ
__________
(1) . قوله [والصوف الأَحمر] هكذا في الأَصل، والذي في التهذيب: والصرف بالراء ومثله في التكملة ومقصودهما تفسير لفظ الصرف المذكور في البيت بالأَحمر، وقد نطقت بذلك عبارة التكملة ومنه يعلم ما في القاموس من جعله كلا من الأَدم والصرف الأَحمر معنى للحراقم وما في شرحه من تصويب الصوف الأَحمر اغتراراً بنسخة اللسان(12/131)
أَو دِبارَة، وَهِيَ مَشارَةُ الزَّرْعِ. والزَّلَفُ: جَمْعُ زَلَفَةٍ وَهِيَ مَصْنَعة الْمَاءِ الْمُمْتَلِئَةُ، وَقِيلَ: الزَّلَفَةُ المَحارَةُ أَي كأَنها مَحَارٍ مَمْلُوءَةٌ. وأَحْزَمهُ: جَعَلَ لَهُ حِزاماً، وَقَدْ تَحَزَّمَ واحْتَزَمَ. ومَحْزِمُ الدَّابَّةِ: مَا جَرَى عَلَيْهِ حِزامُها. والحَزيمُ: مَوْضِعُ الحِزامِ مِنَ الصَّدْرِ والظهرِ كُلِّهِ مَا اسْتَدَارِ، يُقَالُ: قَدْ شَمَّر وشدَّ حَزيمَهُ؛ وأَنشد:
شيخٌ، إِذا حُمِّلَ مَكْروهة، ... شَدَّ الحَيازِيمَ لَهَا والحَزِيما
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
اشْدُدْ حَيازيمكَ للمَوْتِ، ... فإِن المَوْتَ لاقِيكا «1» .
هِيَ جَمْعُ الحَيْزُوم، وَهُوَ الصَّدْر، وَقِيلَ: وَسَطُهُ، وَهَذَا الْكَلَامُ كِنَايَةٌ عَنِ التَّشَمُّرِ للأَمر وَالِاسْتِعْدَادِ لَهُ. والحَزيمُ: الصَّدْرُ، وَالْجَمْعُ حُزُمٌ وأَحْزِمَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَزيمُ والحَيْزُومُ وسط الصدر وما يُضَمُّ عَلَيْهِ الحِزامُ حَيْثُ تلتقي رؤوس الجَوانح فَوْقَ الرُّهابةِ بحِيالِ الكاهِل؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والحَزيمُ مِثْلُهُ. يُقَالُ: شَدَدْتُ لِهَذَا الأَمر حَزيمي، وَاسْتَحْسَنَ الأَزهري التَّفْرِيقَ بَيْنَ الحَزيم والحَيْزُوم وَقَالَ: لَمْ أَر لِغَيْرِ اللَّيْثِ هَذَا الْفَرْقَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَيْزوم أَيضاً الصَّدْرُ، وَقِيلَ: الْوَسَطُ، وَقِيلَ: الحيَازيمُ ضُلُوعُ الفُؤاد، وَقِيلَ: الحَيْزوم مَا اسْتَدَارَ بِالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ، وَقِيلَ: الحَيْزومانِ مَا اكْتَنَفَ الحُلْقوم مِنْ جَانِبِ الصَّدْرِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يدافِعُ حَيْزومَيْهِ سُخْنُ صَريحِها، ... وَحَلْقًا تَرَاهُ للثُّمالَةِ مُقْنَعا
واشْدُدْ حَيْزومَكَ وحيَازيمك لِهَذَا الأَمر أَي وطِّنْ عَلَيْهِ. وَبَعِيرٌ أَحْزَمُ: عَظِيمُ الحَيْزوم، وَفِي التَّهْذِيبِ: عظيمُ موضعِ الحِزام. والأَحْزَمُ: هُوَ المَحْزِمُ أَيضاً، يُقَالُ: بَعِيرٌ مُجْفَرُ الأَحْزَمِ؛ قَالَ ابْنُ فَسْوة التَّمِيمِيُّ:
تَرى ظَلِفات الرَّحْل شُمّاً تُبينها ... بأَحْزَمَ، كَالتَّابُوتِ أَحزَمَ مُجْفَرِ
وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنَةِ الخُسِّ لأَبيها: اشْتَرِه أَحْزَمَ أَرْقَب. الْجَوْهَرِيُّ: والحَزَمُ ضدُّ الهَضَمِ، يُقَالُ: فَرَسٌ أَحْزَمُ وَهُوَ خِلَافُ الأَهْضَم. والحُزْمةُ: مِنَ الْحَطَبِ وَغَيْرِهِ. والحَزْمُ: الْغَلِيظُ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: الْمُرْتَفِعُ وَهُوَ أَغْلَظُ وأَرفع مِنَ الحَزْنِ، وَالْجَمْعُ حُزومٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، لَمَّا أَشْرَفَتْ ... فِي الآلِ، وارْتَفَعَتْ بهنَّ حُزومُ،
نَخْلٌ كَوارِعُ فِي خَليج مُحَلِّمٍ ... حَمَلَتْ، فَمِنْهَا موقَرٌ مَكْمومُ
وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن مِيمَ حَزْمٍ بَدَلٌ مِنْ نُونِ حَزْنٍ. والأَحْزَمُ والحَيْزُوم: كالحَزْم؛ قَالَ:
تاللهِ لَوْلَا قُرْزُلٌ، إِذ نَجا، ... لكانَ مَأْوَى خَدِّكَ الأَحْزَما
وَرَوَاهُ بعضهم الأَحَرَما أَي لَقَطَعَ رَأْسَكَ فَسَقَطَ عَلَى أَخْرَمِ كَتِفَيْهِ. والحَزْمُ مِنَ الأَرض: مَا احْتَزَمَ مِنَ السَّيْلِ مِنْ نَجَوات الأَرض والظُّهور، والجمع
__________
(1) . قوله [اشدد حيازيمك إلخ] هذا بيت من الهزج مخزوم كما استشهد به العروضيون على ذلك وبعده:
ولا تجزع من الموت ... إِذا حل بناديكا(12/132)
الحُزُوم. والحَزْمُ: مَا غَلُظ مِنَ الأَرض وَكَثُرَتْ حِجَارَتُهُ وأَشرف حَتَّى صَارَ لَهُ إِقبال لَا تَعْلُوهُ الإِبلُ وَالنَّاسُ إِلا بالجَهْد، يَعْلُونَهُ مِنْ قِبَلِ قُبْلهِ، أَو هُوَ طِينٌ وَحِجَارَةٌ وَحِجَارَتُهُ أَغلظ وأَخشن وأكْلَبُ مِنْ حِجَارَةِ الأَكَمَةِ، غَيْرَ أَن ظَهْرَهُ عَرِيضٌ طَوِيلٌ يَنْقَادُ الْفَرْسَخَيْنِ والثلاثةَ، وَدُونَ ذَلِكَ لَا تَعْلُوهَا الإِبل إِلا فِي طَرِيقٍ لَهُ قُبْل، وَقَدْ يَكُونُ الحَزْم فِي القُفِّ لأَنه جَبَلٌ وقُفٌّ غَيْرَ أَنه لَيْسَ بِمُسْتَطِيلٍ مِثْلَ الجَبَلِ، وَلَا يُلْفَى الحَزْمُ إِلا فِي خُشُونَةٍ وقُفّ؛ قَالَ المَرَّارُ بْنُ سَعِيدٍ فِي حَزمِ الأَنْعَمَيْنِ:
بحَزْم الأَنْعَمَيْنِ لهُنَّ حادٍ، ... مُعَرّ ساقَهُ غَرِدٌ نَسولُ
قَالَ: وَهِيَ حُزومٌ عِدَّةٌ، فَمِنْهَا حَزْما شَعَبْعَبٍ وحَزْمُ خَزازى، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّقاعِ فِي شِعْرِهِ:
فَقُلْتُ لَهَا: أَنَّى اهْتَدَيْتِ ودونَنا ... دُلوكٌ، وأَشرافُ الجِبالِ القَواهِرُ
وجَيْحانُ جَيْحانُ الجُيوشِ وآلِسٌ، ... وحَزْمُ خَزازَى والشُّعوبُ القَواسِرُ
وَيُرْوَى العَواسِرُ؛ وَمِنْهَا حَزْمُ جَديدٍ ذَكَرَهُ المرَّار فَقَالَ:
يقولُ صِحابي، إِذ نَظَرْتُ صَبابةً ... بحَزْمِ جَدِيدٍ: مَا لِطَرْفِك يَطْمَحُ؟
وَمِنْهَا حَزْمُ الأَنْعَمَيْنِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَرَّارُ أَيضاً؛ وسَمَّى الأَخطلُ الحَزْمَ مِنَ الأَرض حَيْزُوماً فَقَالَ:
فَظَلّ بحَيْزُومٍ يفُلُّ نُسورَهُ، ... ويوجِعُها صَوَّانُهُ وأَعابِلُهْ
ابْنُ بَرِّيٍّ: الحَيزُوم الأَرض الْغَلِيظَةُ؛ عَنِ الْيَزِيدِيِّ. والحَزَمُ: كالغَصَصِ فِي الصَّدْرِ، وَقَدْ حَزِمَ يَحْزَمُ حَزَماً. وحَزْمَةُ: اسْمُ فَرَسٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ، قَالَ: وحَزْمَةُ فِي قَوْلِ حَنْظَلَةَ بْنِ فاتِكٍ الأَسَدِيّ:
أَعْدَدْتُ حَزْمَةَ، وَهِيَ مُقْرَبَةٌ، ... تُقْفَى بقوتِ عِيالِنا وتُصانُ
اسْمُ فَرَسٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الكلبيُّ أَن اسْمَهَا حَزْمَةُ، قَالَ: وَكَذَا وَجَدْتُهُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ، بِخَطِّ مَنْ لَهُ عِلمٌ؛ وأَنشد لحَنْظَلَة بْنِ فاتِكٍ الأَسديّ أَيضاً:
جَزَتْني أَمْسِ حَزْمَةُ سَعْيَ صِدْقٍ، ... وَمَا أَقْفَيْتُها دُونَ العِيالِ
وحَيْزُومُ: اسْمُ فَرَسِ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
أَنه سَمِعَ صَوْتَهُ يَوْمَ بَدْرٍ يَقُولُ: أَقْدِم حَيْزُومُ
؛ أَراد أقْدِمْ يَا حَيْزومُ فَحَذَفَ حَرْفَ النِّدَاءِ، وَالْيَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَيْزُوم اسْمُ فَرَسٍ مِنْ خَيْلِ الْمَلَائِكَةِ. وحِزامٌ وحازِمٌ: اسْمَانِ. وحَزيمةُ: اسْمُ فَارِسٍ مِنْ فُرْسَانِ الْعَرَبِ. والحَزيمَتانِ والزَّبينتانِ مِنْ باهِلَةَ بْنِ عَمْرو بْنِ ثَعْلبَة، وَهُمَا حَزِيمَةُ وزبينةُ؛ قَالَ أَبو مَعْدانَ الْبَاهِلِيُّ:
جَاءَ الحزائِمُ والزّبائِنُ دُلْدُلًا، ... لَا سابِقينَ وَلَا مَعَ القُطَّانِ
فَعَجِبْتُ مِنْ عَوفٍ وَمَاذَا كُلِّفَتْ، ... وتَجِيء عَوْفٌ آخِرَ الرُّكْبانِ(12/133)
حزرم: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَزْرَمٌ جَبَلٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَيَسْعَى لزَيدِ اللهِ وافٍ بِذِمَّةٍ، ... إِذا زالَ عَنْهُمْ حَزْرَمٌ وأَبانُ
حَسَمَ: الحَسْمُ: الْقَطْعُ، حَسَمَهُ يَحْسِمُهُ حَسْماً فانْحَسَمَ: قَطعه. وحَسَمَ العِرْقَ: قَطَعَهُ ثُمَّ كواهُ لِئَلَّا يَسِيلَ دَمُهُ، وَهُوَ الحَسْمُ. وحَسَمَ الداءَ: قَطَعَهُ بِالدَّوَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بِالصَّوْمِ فإِنه مَحْسَمةٌ للعِرْق ومَذْهَبَةٌ للأَشَرِ
أَي مَقْطَعَةٌ لِلنِّكَاحِ؛ وَقَالَ الأَزهري: أَي مَجْفَرة مَقْطعة للباهِ. والحُسامُ: السَّيْفُ الْقَاطِعُ. وَسَيْفٌ حُسامٌ: قَاطِعٌ، وَكَذَلِكَ مُدْيَةٌ حُسامٌ كَمَا قَالُوا مُدْيَةٌ هُذام وجُرازٌ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ وَقَوْلُ أَبي خِراش الْهُذَلِيِّ:
وَلَوْلَا نَحْنُ أَرْهَقَهُ صُهَيْبٌ، ... حُسامَ الحَدِّ مَذْروباً خَشيبا
يَعْني سَيْفًا حديدَ الحدِّ، وَيُرْوَى: حُسامَ السيفِ أَي طَرَفَهُ. وَخَشِيبًا أَي مَصْقولًا. وحُسامُ السَّيْفِ: طرَفُهُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَحْسِمُ «2» ، الدَّمَ أَي يَسْبِقُهُ فكأَنه يَكْوِيهِ. والحَسْمُ: الْمَنْعُ. وحَسَمَه الشيءَ يَحْسِمُهُ حَسْماً: مَنَعَهُ إِياه. والمَحْسُومُ: الَّذِي حُسِمَ رَضاعُه وغِذاؤُه أَي قُطِعَ. وَيُقَالُ لِلصَّبِيِّ السَّيِء الْغِذَاءِ: مَحسُومٌ. وَتَقُولُ: حَسَمَتْه الرَّضاعَ أُمُّه تَحْسِمُهُ حَسْماً، وَيُقَالُ: أَنا أَحْسِمُ عَلَى فُلَانٍ الأَمر أَي أَقطعه عَلَيْهِ لَا يَظْفَرُ مِنْهُ بِشَيْءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أُتيَ بِسَارِقٍ فَقَالَ اقْطعوه ثُمَّ احْسِموه
أَي اقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ اكْوُوهَا لِيَنْقَطِعَ الدَّمُ. والمَحْسومُ: السَّيِءُ الغِذاء؛ وَمِنْ أَمثالهم: وَلْغُ جُرَيّ كَانَ مَحْسوماً؛ يُقَالُ عِنْدَ اسْتِكْثَارِ الْحَرِيصِ مِنَ الشَّيْءِ، لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فقَدَرَ عَلَيْهِ، أَو عِنْدَ أَمره بِالِاسْتِكْثَارِ حِينَ قَدَرَ. والحُسُوم: الشُّؤْمُ. وأَيام حُسومٌ، وُصِفَتْ بِالْمَصْدَرِ: تَقْطَعُ الخيرَ أَو تَمْنَعُهُ، وَقَدْ تُضَافُ، وَالصِّفَةُ أَعلى. وَفِي التَّنْزِيلِ: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً
؛ وَقِيلَ: الأَيام الحُسومُ الدَّائِمَةُ فِي الشَّرِّ خَاصَّةً، وَعَلَى هَذَا فَسَّرَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي تَلَوْنَاهَا، وَقِيلَ: هِيَ المُتَواليةُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه الْمُتَوَالِيَةَ فِي الشَّرِّ خَاصَّةً؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الحُسومُ التِّباعُ، إِذا تَتابع الشيءُ فَلَمْ يَنْقَطِعْ أَولهُ عَنْ آخِرِهِ قِيلَ لَهُ حُسومٌ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ: ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً
أَي مُتَتَابِعَةً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد مُتَتَابِعَةً لَمْ يُقطع أَوله عَنْ آخِرِهِ كَمَا يُتابَعُ الكَيُّ عَلَى الْمَقْطُوعِ ليَحْسِمَ دمَهُ أَي يَقْطَعُهُ، ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ شَيْءٍ تُوبِعَ: حاسِمٌ، وَجَمْعُهُ حُسومٌ مِثْلُ شاهِدٍ وشُهودٍ. وَيُقَالُ: اقْطَعُوهُ ثُمَّ احْسِموهُ أَي اقْطَعُوا عَنْهُ الدَّمَ بِالْكَيِّ، والحَسْمُ: كَيُّ العِرْقِ بِالنَّارِ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: أَنه كَوَاهُ فِي أَكْحَلِهِ ثُمَّ حَسَمَهُ
أَي قَطَعَ الدَّمَ عَنْهُ بالكَيّ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ اللَّيَالِي الحُسُومُ لأَنها تَحْسِمُ الْخَيْرَ عَنْ أَهلها، قِيلَ: إِنما أُخِذَ مِنْ حَسْمِ الدَّاءِ إِذا كُوِيَ صاحبُه، لأَنه يُحْمَى يُكوى بالمِكْواة ثُمَّ يتابَعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الَّذِي توجِبُه اللغةُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ حُسوماً أَي تَحْسِمُهُمْ حُسوماً أَي تُذْهبهم وتُفْنيهم؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَعَلَا: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا. وَقَالَ يُونُسُ: الحُسُومُ يورِثُ الحُشومَ، وَقَالَ: الحُسومُ الدُّؤوبُ، قال: والحُشومُ الإِعْياءُ.
__________
(2) . قوله [لأَنه يحسم إلخ] عبارة المحكم: لأَنه يحسم العدو عما يريد من بلوغ عداوته، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يحسم الدم إلخ(12/134)
وَيُقَالُ: هَذِهِ لَيَالِي الحُسوم تَحْسِمُ الخيرَ عَنْ أَهلها كَمَا حُسِمَ عَنْ عَادٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً
أَي شُؤْماً عَلَيْهِمْ ونَحْساً. والحَيْسُمانُ والحَيْمُسان جَمِيعًا: الآدَمُ «1» ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ حَيْسُماناً. والحَيْسُمانُ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وعَرَّدَ عَنّا الحَيْسُمانُ بْنُ حَابِسٍ
الْجَوْهَرِيُّ: وحِسْمَى، بِالْكَسْرِ، أَرض بِالْبَادِيَةِ فِيهَا جِبَالٌ شَواهِقُ مُلسُ الْجَوَانِبِ لَا يَكَادُ القَتامُ يُفَارِقُهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لتُخْرِجَنَّكم الرُّومُ مِنْهَا كَفْراً كَفْراً إِلى سُنْبُكٍ مِنَ الأَرض، قِيلَ: وَمَا ذَاكَ السُّنْبُكُ؟ قَالَ: حِسْمى جُذامَ
؛ ابْنُ سِيدَهْ حِسْمى مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ، وَقِيلَ: قَبِيلَةُ جُذامَ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِذا لَمْ يَذْكُرْ كُثَيِّرٌ غَيْقَةَ فحِسْمَى، وإِذا ذَكَرَ غَيْقَة فَحَسْنا «2» ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِلنَّابِغَةِ:
فأَصبَحَ عاقِلًا بِجِبَالٍ حِسْمَى، ... دِقاقَ التُّرْبِ مُحْتَزِمَ القَتامِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَي حِسْمى قَدْ أَحاط بِهِ القَتامُ كَالْحِزَامِ لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَهُ مِثْلُ قُورِ حِسْمَى
؛ حِسْمى، بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ: اسْمُ بَلَدِ جُذام. والقُور: جَمْعُ قارةٍ وَهِيَ دُونَ الْجَبَلِ. أَبو عَمْرٍو: الأَحْسَمُ الرجلُ البازِل الْقَاطِعُ للأُمور. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الحَيْسَمُ الرَّجُلُ الْقَاطِعُ للأُمور الكيِّس. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: حِسْمَى وحُسُمٌ وَذُو حُسُمٍ وحُسَمٌ وحاسِمٌ مَوَاضِعُ بِالْبَادِيَةِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
عَفا حُسُمٌ مِنْ فَرْتَنا فالفَوارِعُ، ... فجَنْبا أَريكٍ، فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ
وَقَالَ مُهَلْهِلٌ:
أَليْلَتَنا بِذِي حُسُمٍ أَنِيري، ... إِذا أَنْتِ انقضيْتِ فَلَا تَحُوري
حشم: الحِشْمَةُ: الحَياءُ والانْقِباضُ، وَقَدِ احْتَشَمَ عَنْهُ وَمِنْهُ، وَلَا يُقَالُ احْتَشَمَهُ. قَالَ اللَّيْثُ: الحِشْمَةُ الِانْقِبَاضُ عَنْ أَخيك فِي المَطْعَمِ وطلبِ الحاجةِ؛ تَقُولُ: احْتَشَمْتَ وَمَا الَّذِي أَحْشَمَكَ، وَيُقَالُ حَشَمَكَ، فأَما قَوْلُ الْقَائِلِ: وَلَمْ يَحْتَشِمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ حَذَفَ مِنْ وأَوصل الفعلَ. والحِشْمَةُ والحُشْمَةُ: أَن يَجْلِسَ إِلَيْكَ الرَّجُلُ فتؤذِيَهُ وتُسْمِعَهُ مَا يَكْرَهُ، حَشَمَه يَحْشِمُهُ ويَحْشُمُه حَشْماً وأَحْشَمَهُ. وحَشَمْتُه: أَخجلته، وأَحْشَمْتُهُ: أَغضبته. قَالَ ابْنُ الأَثير: مَذْهَبُ ابْنِ الأَعرابي أَن أَحْشَمْتُه أَغضبته، وحَشَمْتُه أَخجلته، وَغَيْرُهُ يَقُولُ: حَشَمْتُه وأَحْشَمْتُه أَغضبته، وحَشَمْتُه وأَحْشَمتُه أَيضاً أَخْجَلْتُه. وَيُقَالُ للمُنْقَبِض عَنِ الطَّعَامِ: مَا الَّذِي حَشَمَكَ وأَحْشَمكَ، مِنَ الحِشْمَةِ وَهِيَ الِاسْتِحْيَاءُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الإِبَةُ الحَياء، يُقَالُ: أَوْأَبْتُه فاتّأَبَ أَي احْتَشَمَ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: لِكُلِّ داخلٍ دَهشةٌ فابْدَؤُوه بالتَّحِيَّةِ، وَلِكُلِّ طَاعِمٍ حشْمَةٌ فابدؤوه بِالْيَمِينِ
، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لكُثَيِّر فِي الاحتِشام بِمَعْنَى الِاسْتِحْيَاءِ:
إنِّي، مَتى لَمْ يَكُنْ عَطاؤهما ... عِنْدِي بِمَا قد فَعَلْتُ، أَحْتَشِمُ
__________
(1) . قوله [جميعاً الآدم] الذي في المحكم: الضخم الآدم
(2) . قوله [فحسنا] بالفتح ثم السكون ونون وألف مقصورة وكتابته بالياء أولى لأَنه رباعيّ، قال ابن حبيب: حسنى جبل قرب ينبع. وكلام ابن الأَعرابي غامض، لا يُدرى إِلى أَي قولٍ قاله كثيّر يعود(12/135)
وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
وأَرى مَطاعِمَ لَوْ أَشاءُ حَوَيتُها، ... فيَصُدُّني عَنْهَا كثيرُ تَحَشُّمِي
وَقَالَ سَاعِدَةُ:
إِن الشَّبابَ رِداءٌ مَنْ يَزِنْ تَرَهُ ... يُكْسَى جَمالًا ويُفْسِدْ غَيْرَ مُحتَشِم «1»
. وَفِي الْحَدِيثِ حَدِيثِ
عَلِيٍّ فِي السَّارِقِ: إِنِّي لأَحْتَشِمُ أَن لَا أَدَعَ لَهُ يَدًا
أَي أَستحي وأَنقبص. والحِشْمةُ: الِاسْتِحْيَاءُ. وَهُوَ يَتَحَشَّم المَحارم أَي يَتَوَقَّاهَا. وحَشِمَ حَشَماً: غَضِبَ. وحَشَمهُ يَحْشِمُه حَشْماً وأَحْشمهُ: أَغضبه؛ وأَنشدوا فِي ذَلِكَ:
لَعَمْرُكَ إِنَّ قُرْصَ أَبي خُبَيْب ... بَطِيءُ النُّضْج، مَحْشوم الأَكيل
أَي مُغْضَب، وَالِاسْمُ الحِشْمة، وَهُوَ الِاسْتِحْيَاءُ وَالْغَضَبُ أَيضاً. وَقَالَ الأَصمعي: الحِشْمَةُ إِنما هُوَ بِمَعْنَى الْغَضَبِ لَا بِمَعْنَى الِاسْتِحْيَاءِ. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ فُصَحاء الْعَرَبِ أَنه قَالَ: إِن ذَلِكَ لَمِمَّا يُحْشِمُ بَنِي فُلَانٍ أَي يُغْضِبُهُمْ، واحْتَشَمْتُ واحْتَشَمْتُ مِنْهُ بِمَعْنًى؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ورأَيتُ الشَّريفَ فِي أَعْيُنِ النَّاس ... وَضِيعاً، وقَلَّ مِنْهُ احْتِشامي
والاحْتِشامُ: التَّغَضُّبُ. وحَشَمْتُ فُلَانًا وأَحْشمْتُه أَي أَغضبته. وحُشْمَةُ الرَّجُلِ وحَشَمُهُ وأَحْشامُهُ: خاصَّتُهُ الَّذِينَ يَغْضَبُونَ لَهُ مِنْ عبيدٍ أَو أَهلٍ أَو جِيرةٍ إِذا أَصَابَهُ أَمر. ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي أَن الحَشَمَ واحدٌ وَجَمْعٌ، قَالَ: يُقَالُ هَذَا الْغُلَامُ حَشَمٌ لِي، فأُرى أَحْشاماً إِنما هُوَ جَمْعٌ هَذَا لأَن جَمْعَ الْجَمْعِ وَجَمْعَ الْمُفْرَدِ الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ غَيْرُ كَثِيرٍ. وحَشَمُ الرَّجُلِ أَيضاً: عِيَالُهُ وَقَرَابَتُهُ. الأَزهري: والحَشَمُ خَدَمُ الرَّجُلِ، وسُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم يَغْضَبُونَ لَهُ. والحُشْمَةُ، بِالضَّمِّ: الْقَرَابَةُ. يُقَالُ: فِيهِمْ حُشْمَةٌ أَي قُرَابَةٌ. وَهَؤُلَاءِ أَحشامي أَي جِيرَانِي وأَضيافي. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ إِنَّهُ لمُحْتَشمِ بِأَمْرِي أَي مُهْتَمّ بِهِ. وَقَالَ يُونُسُ: لَهُ الحُشْمةُ الذِّمامُ، وَهِيَ الحُشْمُ «2» ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الحُشْمَة والحَشَمُ، وإِني لأَتَحَشَّمُ مِنْهُ تَحَشُّماً أَي أَتَذَمَّمُ وأَستحي. ابْنُ الأَعرابي: الحُشُمُ ذَوُو الْحَيَاءِ التَّامِّ، والحُسُمُ، بِالسِّينِ، الأَطِبَّاء، وَالْحَشَمُ الِاسْتِحْيَاءُ «3» . والحُشُمُ: الْمَمَالِيكُ. والحُشُم: الأَتباع، مماليكَ كَانُوا أَو أَحراراً. وَفِي حَدِيثِ الأَضاحي:
فشكَوْا إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن لَهُمْ عِيَالًا وحَشَماً
؛ الحَشَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: جَمَاعَةُ الإِنسان اللَّائذون بِهِ لِخِدْمَتِهِ. والحُشومُ: الإِقبال بَعْدَ الْهُزَالِ؛ حَشَمَ يَحْشِمُ حُشوماً: أَقبل بَعْدَ هُزَالٍ، وَرَجُلٌ حاشِمٌ. وحَشَمَتِ الدوابُّ فِي أَول الرَّبِيعِ تَحْشِمُ حَشْماً: وَذَلِكَ إِذا أَصابت مِنْهُ شَيْئًا فصَلَحَتْ وسَمِنَتْ وَعَظُمَتْ بُطُونُهَا وحَسُنَتْ. وحَشَمَتِ الدوابُّ: صاحَتْ. وَمَا حَشَمَ مِنْ طَعَامِهِ شَيْئًا أَي مَا أَكل. وغَدَوْنا نُريغُ الصَّيْدَ فَمَا حَشَمْنا صَافِرًا أَي مَا أَصبنا. يُونُسُ: تَقُولُ الْعَرَبُ الحُسُومُ يُورِثُ الحُشُومَ، قَالَ: والحُسُومُ
__________
(1) . قوله [إِن الشباب رداء إِلى آخر البيت] هكذا هو موجود بالأَصل
(2) . قوله [وهي الحشم] وكذلك قوله بعد [الحشمة والحشم] كذا هو بضبط الأَصل
(3) . قوله [والحشم الاستحياء] كذا بالأَصل بدون ضبط، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ غير موثوق بها مضبوط بالتحريك، لكن الذي في القاموس: التحشم الاستحياء(12/136)
الدُّؤُوب، والحُشُوم الإِعْياء؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ مُزاحم:
فَعنَّتْ عُنوناً، وَهْيَ صَغْواءُ، مَا بِهَا، ... وَلَا بالخَوافي الضَّارباتِ، حُشُومُ
أَي إِعياء؛ وَقَدْ حُشِم حَشْماً. وَقَالَ الأَصمعي: فِي يَدَيْهِ حُشُومٌ أَيِ انْقِبَاضٌ، وَرَوَى الْبَيْتَ:
وَلَا بِالْخَوَافِي الخافقاتِ حُشوم
وَرَجُلٌ حَشِيمٌ أي مُحْتَشِمٌ.
حصم: حَصَم بِهَا يَحْصِم حَصْماً: ضرطَ، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الفَرس؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فباسَتْ أَتانٌ باتَتِ الليلَ تَحْصِم
والحَصُومُ: الضَّرُوطُ. يُقَالُ: حَصَم بِهَا ومَحَصَ بِهَا وحَبَجَ بِهَا وخَبَجَ بِهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والمِحْصَمَةُ: مِدَقَّةُ الْحَدِيدِ. قَالَ: والحَصْماءُ الأَتانُ الخَضَّافة، وَهِيَ الضَّرَّاطة. وانْحَصَمَ العُودُ: انْكَسَرَ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَبَيَاضًا أَحْدثَتْهُ لِمّتي، ... مِثْلَ عِيدانِ الحَصادِ المُنْحَصِمْ
حصرم: الحِصْرِمُ: أَولُ العِنَب، وَلَا يَزَالُ العنبُ مَا دَامَ أَخضر حِصْرِماً. ابْنُ سِيدَهْ: الحِصْرِمُ الثَّمر قَبْلَ النُّضج. والحِصْرِمةُ، بِالْهَاءِ: حَبَّةُ العِنب حِينَ تَنْبُتُ؛ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مَرَّةً: إِذا عَقَد حَبُّ الْعِنَبِ فَهُوَ حِصْرِمٌ. الأَزهري: الحِصْرِمُ حَبُّ الْعِنَبِ إِذا صَلُبَ وَهُوَ حَامِضٌ. أَبو زَيْدٍ: الحِصْرِمُ حَشَفُ كلِّ شَيْءٍ. والحِصْرِمُ: العَوْدَقُ، وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُخْرَجُ بِهَا الدَّلْوُ. ورَجل حِصْرِمٌ ومُحَصْرَمٌ: ضَيِّقُ الخُلُقِ بَخِيلٌ، وَقِيلَ: حِصْرِم فَاحِشٌ ومُحَصْرَمٌ قَلِيلُ الْخَيْرِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الضَّيِّقِ الْبَخِيلِ حِصْرِمٌ ومُحَصْرَمٌ. وَعَطَاءٌ مُحَصْرَمٌ: قَلِيلٌ. وحَصْرَم قَوْسَهُ: شَدَّ وتَرَها. والحَصْرَمَةُ: شِدَّةُ فَتْلِ الْحَبْلِ. والحَصْرَمةُ: الشُّحُّ. وَشَاعِرٌ مُحَصرَمٌ: أَدرك الْجَاهِلِيَّةَ والإِسلام، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الضَّادِ. وحَصْرَمَ القلمَ: بَراهُ. وحَصْرَمَ الإِناءَ: ملأَه؛ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. الأَصمعي: حَصْرَمْتُ القِربة إِذا ملأْتها حَتَّى تَضِيقَ. وَكُلُّ مُضَيَّق مُحَصْرَمٌ. وزُبْدٌ مُحَصْرَمٌ؛ وتَحَصْرَمَ الزُّبْدُ: تَفَرَّقَ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ فَلَمْ يجتمع.
حصلم: الحِصْلِبُ والحِصْلِمُ: التُّرَابُ.
حضجم: الحِضْجِمُ والحُضاجِمُ: الْجَافِي الْغَلِيظُ اللَّحْمِ؛ وأَنشد:
لَيْسَ بمِبْطان ولا حُضاجِمِ
حضرم: الحَضْرَمِيَّةُ: اللُّكْنَةُ. وحَضْرَمَ فِي كَلَامِهِ حَضْرَمةً: لَحَنَ، بِالْحَاءِ، وَخَالَفَ بالإِعراب عَنْ وَجْهِ الصَّوَابِ. والحَضْرَمَةُ: الْخَلْطُ، وَشَاعِرٌ مُحَضْرَمٌ. وحَضْرَمَوْت: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ مَعْرُوفٌ. وَنَعْلٌ حَضْرَمِيُّ إِذا كَانَ مُلَسَّناً. وَيُقَالُ لأَهل حَضْرَمَوْتَ: الحَضارِمَةُ، وَيُقَالُ للعرب الذي يَسْكُنُونَ حَضْرَمَوْتَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ: الحَضارِمَةُ؛ هَكَذَا يَنْسُبُونَ كما يقولون المَهالِبَة والصَّقالِبَة. وَفِي حَدِيثِ
مُصْعَب بْنِ عُمَيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي فِي الحَضْرَمِيّ
؛ هُوَ النَّعْلُ المنسوبة إِلى حَضْرَمَوْتَ المتَّخَذَة بها.
حطم: الحَطْمُ: الْكَسْرُ فِي أَيِّ وَجْهٍ كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ كَسْرُ الشَّيْءِ الْيَابِسِ خاصَّةً كالعَظْم وَنَحْوِهِ. حَطَمهُ يَحْطِمُهُ حَطْماً أَيْ كَسَرَهُ، وحَطَّمَهُ(12/137)
فانْحَطَم وتَحَطَّم. والحطْمَةُ والحُطامُ: مَا تَحَطَّمَ مِنْ ذَلِكَ. الأَزهري: الحُطامُ مَا تَكّسّرَ مِنَ اليَبيس، والتَّحْطيمُ التَّكْسِيرُ. وصَعْدَةٌ حِطَمٌ كَمَا قَالُوا كِسَرٌ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ قِطْعَةٍ مِنْهَا حِطْمةً؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
مَاذَا هُنالِكَ مِنْ أسْوانَ مُكْتَئِبٍ، ... وساهِفٍ ثَمِلٍ فِي صَعْدَةٍ حِطَمِ
وحُطامُ البَيْضِ: قِشره؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
كأَنَّ حُطامَ قَيْضِ الصَّيْفِ فِيهِ ... فَراشُ صَميمِ أَقْحافِ الشُّؤُونِ
والحَطيمُ: مَا بَقِيَ مِنْ نَبَاتِ عامِ أَوَّلَ ليُبْسِهِ وتَحَطُّمِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الأَزهري عَنِ الأَصمعي: إِذا تَكَسَّرَ يَبيسُ البَقْل فَهُوَ حُطامٌ. والحَطْمَةُ والحُطْمَةُ وَالْحَاطُومُ: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ لأَنها تَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: لَا تُسَمَّى حَاطُومًا إِلا فِي الجَدْب الْمُتَوَالِي. وَأَصَابَتْهُمْ حَطْمَةٌ أَيْ سَنَةٌ وجَدْبٌ: قَالَ ذُو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
مِنْ حَطْمَةٍ أَقْبَلَتْ حَتَّتْ لَنَا وَرَقاً ... نُمارِسُ العُودَ، حَتَّى يَنْبُت الوَرَقُ
وَفِي حَدِيثِ
جَعْفَرٍ: كُنَّا نَخْرُجُ سَنَةَ الحُطْمةِ
؛ هِيَ الشَّدِيدَةُ الجَدْبِ. الْجَوْهَرِيُّ: وحَطْمَةُ السَّيْلِ مِثْلُ طَحْمَتِه، وَهِيَ دُفعَتُهُ. والحَطِمُ: الْمُتَكَسِّرُ فِي نَفْسِهِ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا تَهَدَّمَ لِطُولِ عُمْرِهِ: حَطِمٌ. الأَزهري: فَرَسٌ حَطِمٌ إِذا هُزِلَ وأَسَنَّ «4» فَضَعُفَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ حَطِمَتِ الدابةُ، بِالْكَسْرِ، أَيْ أَسَنَّتْ، وحَطَمَتْهُ السِّنُّ، بِالْفَتْحِ، حَطْماً. وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَطَمَتْهُ السِّنُّ إِذا أَسَنَّ وَضَعُفَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنها قَالَتْ: بعد ما حَطَمْتُموه
، تَعْنِي النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يُقَالُ: حَطَمَ فُلَانًا أَهلُه إِذا كَبِرَ فِيهِمْ كأَنهم بِمَا حَمَّلُوه مِنْ أَثقالهم صَيَّروه شَيْخًا مَحْطوماً. وحُطامُ الدُّنْيَا: كلُّ مَا فِيهَا مِنْ مَالٍ يَفْنى وَلَا يَبْقَى. وَيُقَالُ للهاضومِ: حاطُومٌ. وحَطْمَةُ الأَسَد فِي الْمَالِ: عَيْثُه وفَرْسُهُ لأَنه يَحْطِمُه. وأَسد حَطُومٌ: يَحْطِمُ كلَّ شَيْءٍ يَدُقُّه، وَكَذَلِكَ رِيحٌ حَطُومٌ. وَلَا تَحْطِمْ عَلَيْنَا المَرْتَعَ أَي لَا تَرْعَ عِنْدَنَا فَتُفْسِدَ عَلَيْنَا المَرْعى. وَرَجُلٌ حُطَمَةٌ: كَثِيرُ الأَكل. وإِبل حُطَمَةٌ وَغَنَمٌ حُطَمَةٌ: كَثِيرَةٌ تَحْطِمُ الأَرض بخِفافِها وأَظْلافِها وتَحْطِمُ شَجَرَهَا وبَقْلَها فتأْكله، وَيُقَالُ للعَكَرةِ مِنَ الإِبل حُطَمَةٌ لأَنها تَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ؛ وَقَالَ الأَزهري: لِحَطْمِها الكَلأَ، وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ إِذا كَثُرَتْ. وَنَارٌ حُطَمَةٌ: شَدِيدَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ
؛ الحُطَمَة: اسْمٌ مِنْ أَسماء النَّارِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا، لأَنها تَحْطِمُ مَا تَلْقى، وَقِيلَ: الحُطَمَةُ بَابٌ مِنْ أَبواب جَهَنَّمَ، وكلُّ ذَلِكَ مِنَ الحَطْمِ الَّذِي هُوَ الْكَسْرُ وَالدَّقُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن هَرِمَ بْنَ حَيَّان غَضِبَ عَلَى رَجُلٍ فَجَعَلَ يَتَحَطَّمُ عَلَيْهِ غَيْضاً
أَيْ يَتَلَظَّى ويتوقَّد؛ مأْخوذاً مِنَ الحُطَمَة وَهِيَ النَّارُ الَّتِي تَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَجْعَلُهُ حُطاماً أَيْ مُتَحَطِّماً مُتَكَسِّرًا. وَرَجُلٌ حُطَمٌ وحُطُمٌ: لَا يَشْبَعُ لأَنه يَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ؛ قَالَ:
قَدْ لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
__________
(4) . قوله [وأسن] كذا في الأَصل بالواو وفي التهذيب أو(12/138)
وَرَجُلٌ حُطَمٌ وحُطَمَةٌ إِذا كَانَ قَلِيلَ الرَّحْمَةِ لِلْمَاشِيَةِ يَهْشِمُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ. وَفِي المَثَلِ: شَرُّ الرِّعاءِ الحُطَمَةُ «1» ؛ ابْنُ الأَثير: هُوَ العنيفُ بِرِعَايَةِ الإِبل فِي السَّوْق والإِيراد والإِصْدارِ، ويُلْقي بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ويَعْسِفُها، ضَرَبَهُ مَثَلًا لِوالي السُّوءِ، وَيُقَالُ أَيضاً حُطَمٌ، بِلَا هَاءٍ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَتْ قُرَيْشٌ إِذا رأَتْهُ فِي حَرْب قَالَتْ: احْذَرُوا الحُطَمَ، احْذَرُوا القُطَمَ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَجَّاجِ فِي خُطْبَتِهِ:
قَدْ لَفّها الليلُ بسَوّاق حُطَم
أَيْ عَسُوف عنيفٍ. والحُطَمَةُ: مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ الَّذِي يَكْثُرُ مِنْهُ الحَطْمُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ النَّارُ الحُطَمَةَ لأَنها تَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
رأَيت جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
الأَزهري: الحُطَمةُ هُوَ الرَّاعِي الَّذِي لَا يُمَكِّنُ رَعِيَّتَهُ مِنَ الْمَرَاتِعِ الخَصيبة وَيَقْبِضُهَا وَلَا يَدَعُها تَنْتَشِرُ فِي المَرْعى، وحُطَمٌ إِذا كَانَ عَنِيفًا كأَنه يَحْطِمُها أَي يَكْسِرُهَا إِذا سَاقَهَا أَوْ أَسامها يَعْنُفُ بِهَا؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِهِ:
قَدْ لَفَّها الليلُ بسَوَّاق حُطَمْ
هُوَ للحُطَمِ القَيْسِيّ، وَيُرْوَى لأَبي زُغْبَة الخَزْرَجيّ يَوْمَ أُحُدٍ؛ وَفِيهَا:
أَنا أَبو زُغْبَةَ أَعْدو بالهَزَمْ، ... لَنْ تُمْنَعَ المَخْزاةُ إِلَّا بالأَلَمْ
يَحْمِي الذِّمار خَزْرَجِيٌّ مِنْ جُشَمْ، ... قَدْ لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
الهَزَمُ: مِنَ الِاهْتِزَامِ وَهُوَ شِدَّةُ الصَّوْتِ، وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ الهَزِيمة. وَقَوْلُهُ بِسَوَّاقٍ حُطَمٍ أَي رَجُلٍ شَدِيدِ السَّوْقِ لَهَا يَحْطِمُها لِشِدَّةِ سَوْقِهِ، وَهَذَا مَثَلٌ، وَلَمْ يُرِدْ إِبلًا يَسُوقُهَا وإِنما يُرِيدُ أَنه دَاهِيَةٌ مُتَصَرِّفٌ؛ قَالَ: وَيُرْوَى الْبَيْتُ لرُشَيْد بْنِ رُمَيْضٍ العَنَزِيِّ مِنْ أَبيات:
بَاتُوا نِياماً، وابنُ هِنْدٍ لَمْ يَنَمْ ... بَاتَ يُقَاسِيهَا غُلَامٌ كالزَّلَمْ،
خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ خَفَّاقُ القَدَمْ، ... ليْسَ بِراعي إبِلٍ وَلَا غَنَمْ،
وَلَا بِجَزَّار عَلَى ظَهْرِ وَضَمْ
ابْنُ سِيدَهْ: وانْحَطَمَ الناسُ عَلَيْهِ تَزَاحَمُوا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سَوْدَةَ: إِنها استأْذَنَتْ أَن تَدْفَعَ مِنْ مِنىً قَبْلَ حَطْمةِ النَّاسِ
أَي قَبْلَ أَن يَزْدَحِمُوا ويَحْطِمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَفِي حَدِيثُ تَوْبَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:
إِذَنْ يَحْطِمُكم الناسُ
أَيْ يَدُوسُونَكُمْ وَيَزْدَحِمُونَ عَلَيْكُمْ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطيمُ مَكَّةَ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، وَقِيلَ: هُوَ الحِجْر المُخْرَجُ مِنْهَا، سُمِّيَ بِهِ لأَن الْبَيْتَ رُفِع وَتُرِكَ هُوَ مَحْطوماً، وَقِيلَ: لأَن الْعَرَبَ كَانَتْ تَطْرَحُ فِيهِ مَا طَافَتْ بِهِ مِنَ الثِّيَابِ، فَبَقِيَ حَتَّى حُطِمَ بِطُولِ الزَّمَانِ، فَيَكُونُ فَعيلًا بِمَعْنَى فَاعِلٍ. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:
قَالَ للعبَّاس احْبِسْ أَبا سُفْيانَ عِنْدَ حَطْمِ الجَبَل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَتْ فِي كِتَابِ أَبي مُوسَى، وَقَالَ: حَطْمُ الجَبَل الْمَوْضِعُ الَّذِي حُطِمَ مِنْهُ أَيْ ثُلِمَ فَبقي مُنْقَطِعًا، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ عِنْدَ مَضِيقِ الجَبَل حَيْثُ يَزْحَمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، قَالَ: وَرَوَاهُ أَبو نَصْرٍ الْحُمَيْدِيُّ فِي كِتَابِهِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَفَسَّرَهَا فِي غَرِيبِهِ فقال:
__________
(1) . قوله [وَفِي الْمَثَلِ شَرُّ الرِّعَاءِ الحطمة] كونه مثلًا لا ينافي كونه حديثاً وكم من الأَحاديث الصحيحة عدت في الأَمثال النبوية، قاله ابن الطيب محشي القاموس راداً به عليه وأَقره الشارح(12/139)
الخَطْمُ والخَطْمَةُ أَنف الْجَبَلِ «1» النَّادِرُ مِنْهُ، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ حَطْمِ الخَيْلِ، هَكَذَا مَضْبُوطًا، قَالَ: فإِن صَحَّتِ الرِّوايةُ وَلَمْ يَكُنْ تَحْرِيفًا مِنَ الكَتَبَةِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، أَنه يَحْبِسُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُتَضَايِقِ الَّذِي تَتَحَطَّمُ فِيهِ الخَيْلُ أَيْ يَدُوسُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَزْحَمُ بعضُها بَعْضًا فَيَرَاهَا جَمِيعَهَا وَتَكْثُرُ فِي عَيْنِهِ بِمُرُورِهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الضَّيِّقِ، وَكَذَلِكَ أَراد بِحَبْسِهِ عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ، عَلَى مَا شَرَحَهُ الْحُمَيْدِيُّ، فإِن الأَنف النَّادِرَ مِنَ الْجَبَلِ يُضَيِّقُ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الحَطِيمُ الجِدار بِمَعْنَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: الحَطِيمُ حِجْرُ مَكَّةَ مِمَّا يَلِي المِيزاب، سُمِّيَ بِذَلِكَ لانْحِطام النَّاسِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لأَنهم كَانُوا يَحْلِفُونَ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فيَحْطِمُ الكاذِبَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. الأَزهري: الحَطِيمُ الَّذِي فِيهِ المِرْزابُ، وإِنما سُمي حَطيماً لأَن الْبَيْتَ رُفِعَ وَتُرِكَ ذَلِكَ مَحْطوماً. وحَطِمَتْ حَطَماً: هَزِلَتْ. وَمَاءٌ حاطُومٌ: مُمْرِئٌ. والحُطَمِيَّةُ: دُرُوعٌ تُنْسَبُ إِلى رَجُلٍ كَانَ يَعْمَلُهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، دِرْعٌ يُقَالُ لَهَا الحُطَمِيَّةُ. وَفِي حَدِيثِ
زَوَاجِ فَاطِمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنه قَالَ لِعَلِيٍّ أَيْنَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ؟ هِيَ الَّتِي تَحْطِمُ السُّيُوفَ
أَيْ تَكْسِرُهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْعَرِيضَةُ الثَّقِيلَةُ، وَقِيلَ: هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى بطْنٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ يُقَالُ لَهُمْ حُطَمَةُ بنُ محاربٍ كَانُوا يَعْمَلُونَ الدُّرُوعَ، قَالَ: وَهَذَا أَشبه الأَقوال. ابْنُ سِيدَهْ: وَبَنُو حَطْمَةَ بطنٌ.
حظم: الأَزهري: قَالَ أَبُو تُرَابٍ «2» . سَمِعْتُ بَعْضَ بَنِي سُلَيْمٍ يَقُولُ حَمَزَهُ وحمظهُ أَيْ عَصَرَهُ، وَجَاءَ بِهِ فِي بَابِ الظَّاءِ وَالزَّايِ.
حقم: الحَقْمُ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ يُشْبِهُ الْحَمَامَ، وَقِيلَ: هُوَ الْحَمَامُ يَمَانِيَةٌ. والحَقِيمانِ: مُؤَخَّرُ الْعَيْنَيْنِ مِمَّا يَلِي الصدْغَيْنِ.
حكم: اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحْكَمُ الحاكمِينَ، وَهُوَ الحَكِيمُ لَهُ الحُكْمُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. قَالَ اللَّيْثُ: الحَكَمُ اللَّهُ تَعَالَى. الأَزهري: مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ الحَكَمُ والحَكِيمُ والحاكِمُ، وَمَعَانِي هَذِهِ الأَسماء متقارِبة، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَراد بِهَا، وَعَلَيْنَا الإِيمانُ بأَنها مِنْ أَسمائه. ابْنُ الأَثير: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى الحَكَمُ والحَكِيمُ وَهُمَا بِمَعْنَى الحاكِم، وَهُوَ الْقَاضِي، فَهو فعِيلٌ بِمَعْنَى فاعِلٍ، أَوْ هُوَ الَّذِي يُحْكِمُ الأَشياءَ وَيُتْقِنُهَا، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ، وَقِيلَ: الحَكِيمُ ذُو الحِكمة، والحِكْمَةُ عِبَارَةٌ عَنْ مَعْرِفَةِ أَفْضَلِ الأَشياء بِأَفْضَلِ الْعُلُومِ. وَيُقَالُ لمَنْ يُحْسِنُ دَقَائِقَ الصِّناعات ويُتقنها: حَكِيمٌ، والحَكِيمُ يَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى الحاكِمِ مِثْلَ قَدِير بِمَعْنَى قَادِرٍ وعَلِيمٍ بِمَعْنَى عالِمٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُكْم الحِكْمَةُ مِنَ الْعِلْمِ، والحَكِيمُ العالِم وَصَاحِبُ الحِكْمَة. وَقَدْ حَكُمَ أَيْ صَارَ حَكِيماً؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَب:
وأَبْغِض بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً، ... إِذا أَنتَ حاوَلْتَ أَن تَحْكُما
أَي إِذا حاوَلتَ أَن تَكُونَ حَكيِماً. والحُكْمُ: العِلْمُ وَالْفِقْهُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا
،
__________
(1) . قوله [والخطمة أنف الجبل] مضبوطة في نسخة النهاية بالفتح، وفي نسخة الصحاح مضبوطة بالضم
(2) . قوله [الْأَزْهَرِيُّ قَالَ أَبُو تُرَابٍ إلخ] عبارته أهمل الليث وجوهه وقال أبو تراب إلخ(12/140)
أَي عِلْمًا وَفِقْهًا، هَذَا لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:
الصَّمْتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعِلُهْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لحُكْماً
أَيْ إِن فِي الشِّعْرِ كَلَامًا نَافِعًا يَمْنَعُ مِنَ الْجَهْلِ والسَّفَهِ ويَنهى عَنْهُمَا، قِيلَ: أَراد بِهَا الْمَوَاعِظَ والأَمثال الَّتِي يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهَا. والحُكْمُ: العِلْمُ وَالْفِقْهُ وَالْقَضَاءُ بِالْعَدْلِ، وَهُوَ مَصْدَرُ حَكَمَ يَحْكُمُ، وَيُرْوَى:
إِن مِنَ الشِّعْرِ لحِكْمَةً
، وَهُوَ بِمَعْنَى الحُكم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الخِلافةُ فِي قُرَيش والحُكْمُ فِي الأَنصار
؛ خَصَّهُم بالحُكْمِ لأَن أَكثر فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ فِيهِمْ، منهم مُعاذُ ابن جَبَلٍ وأُبَيّ بن كَعْبٍ وزيد بْنُ ثَابِتٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ اللَّيْثُ: بَلَغَنِي أَنه نَهَى أَن يُسَمَّى الرجلُ حكِيماً «1» ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ سَمَّى الناسُ حَكيماً وحَكَماً، قَالَ: وَمَا علمتُ النَّهي عَنِ التَّسْمِيَةِ بِهِمَا صَحيحاً. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
أَبِي شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يُكَنَّى أَبَا الحَكَمِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن اللَّهَ هُوَ الحَكَمُ، وَكَنَّاهُ بأَبي شُرَيْحٍ
، وإِنما كَرِه لَهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يُشارِكَ اللَّهَ فِي صِفَتِهِ؛ وَقَدْ سَمّى الأَعشى الْقَصِيدَةَ المُحْكمَةَ حَكِيمَةً فَقَالَ:
وغَريبَةٍ، تأْتي المُلوكَ، حَكِيمَةٍ، ... قَدْ قُلْتُها ليُقالَ: مَنْ ذَا قالَها؟
وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ:
وَهُوَ الذِّكْرُ الحَكِيمُ
أَيِ الحاكِمُ لَكُمْ وَعَلَيْكُمْ، أَوْ هُوَ المُحْكَمُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَلَا اضْطِرَابَ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعَلٍ، أُحْكِمَ فَهُوَ مُحْكَمٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: قرأْت المُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ يُرِيدُ المُفَصَّلَ مِنَ الْقُرْآنِ لأَنه لَمْ يُنْسَخْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَشَابِهًا لأَنه أُحْكِمَ بيانُه بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلى غَيْرِهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: حَكَمْتُ وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بِمَعْنَى مَنَعْتُ وَرَدَدْتُ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلْحَاكِمِ بَيْنَ النَّاسِ حاكِمٌ، لأَنه يَمْنَعُ الظَّالِمَ مِنَ الظُّلْمِ. وَرَوَى
الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِمْ: حَكَمَ اللَّهُ بَيْنَنَا
؛ قَالَ الأَصمعي: أَصل الْحُكُومَةِ رَدُّ الرَّجُلِ عَنِ الظُّلْمِ، قَالَ: وَمِنْهُ سُمِّيَتْ حَكَمَةُ اللِّجَامِ لأَنها تَرُدُّ الدَّابَّةَ؟ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ مِنْ عَوْراتِها ... كلَّ حِرْباءٍ، إِذا أُكْرِهَ صَلّ
والجِنْثِيُّ: السَّيْفُ؛ الْمَعْنَى: رَدَّ السيفُ عَنْ عَوْراتِ الدِّرْعِ وَهِيَ فُرَجُها كلَّ حِرْباءٍ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَحْرَزَ الجِنثيُّ وَهُوَ الزَّرَّادُ مَسَامِيرَهَا، وَمَعْنَى الإِحْكامِ حِينَئِذٍ الإِحْرازُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحُكْمُ القَضاء، وَجَمْعُهُ أَحْكامٌ، لَا يكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ حَكَمَ عَلَيْهِ بالأَمر يَحْكُمُ حُكْماً وحُكومةً وَحَكَمَ بَيْنَهُمْ كَذَلِكَ. والحُكْمُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ يَحْكُمُ أَيْ قَضَى، وحَكَمَ لَهُ وَحَكَمَ عَلَيْهِ. الأَزهري: الحُكْمُ الْقَضَاءُ بِالْعَدْلِ؛ قَالَ النابغة:
واحْكمْ كحكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ، إِذ نَظَرَتْ ... إِلى حَمامٍ سِراعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ «2»
. وَحَكَى يَعْقُوبُ عَنِ الرُّواةِ أَن مَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ:
__________
(1) . قوله [أَن يُسَمَّى الرَّجُلُ حَكِيمًا] كذا بالأَصل، والذي في عبارة الليث التي في التهذيب: حكماً بالتحريك
(2) . قوله [حمام سراع] كذا هو في التهذيب بالسين المهملة وكذلك في نسخة قديمة من الصحاح، وقال شارح الديوان: ويروى أيضاً شراع بالشين المعجمة أَي مجتمعة(12/141)
كُنْ حَكِيماً كَفَتَاةِ الْحَيِّ أَي إِذا قُلْتَ فأَصِبْ كَمَا أَصابت هَذِهِ المرأَة، إِذ نظَرَتْ إِلى الحمامِ فأَحْصَتْها ولم تُخْطِئ عَدَدَهَا؛ قَالَ: ويَدُلُّكَ عَلَى أَن مَعْنَى احْكُمْ كُنْ حَكِيماً قولُ النَّمر بْنِ تَوْلَب:
إِذا أَنتَ حاوَلْتَ أَن تَحْكُما
يُرِيدُ إِذا أَردت أَن تَكُونَ حَكِيماً فَكُنْ كَذَا، وَلَيْسَ مِنَ الحُكْمِ فِي الْقَضَاءِ فِي شَيْءٍ. والحاكِم: مُنَفّذُ الحُكْمِ، وَالْجَمْعُ حُكّامٌ، وَهُوَ الحَكَمُ. وحاكَمَهُ إِلى الحَكَمِ: دَعَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وبكَ حاكَمْتُ
أَي رَفَعْتُ الحُكمَ إِليك وَلَا حُكْمَ إِلا لَكَ، وَقِيلَ: بكَ خاصمْتُ فِي طَلَبِ الحُكْمِ وإِبطالِ مَنْ نازَعَني فِي الدِّين، وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الحُكْمِ. وحَكَّمُوهُ بَيْنَهُمْ: أَمروه أَن يَحكمَ. وَيُقَالُ: حَكَّمْنا فُلَانًا فِيمَا بَيْنَنَا أَي أَجَزْنا حُكْمَهُ بَيْنَنَا. وحَكَّمَهُ فِي الأَمر فاحْتَكَمَ: جَازَ فِيهِ حُكْمُه، جَاءَ فِيهِ الْمُطَاوِعُ عَلَى غَيْرِ بَابِهِ وَالْقِيَاسُ فَتَحَكَّمَ، وَالِاسْمُ الأُحْكُومَةُ والحُكُومَةُ؛ قَالَ:
ولَمِثْلُ الَّذِي جَمَعْتَ لرَيْبِ الدَّهْرِ ... يَأْبى حُكومةَ المُقْتالِ
يَعْنِي لَا يَنْفُذُ حُكومةُ مَنْ يَحْتَكِمُ عَلَيْكَ مِنَ الأَعداء، وَمَعْنَاهُ يأْبى حُكومةَ المُحْتَكِم عَلَيْكَ، وَهُوَ المُقْتال، فَجَعَلَ المُحْتَكِمَ المُقْتالَ، وَهُوَ المُفْتَعِلُ مِنَ الْقَوْلِ حَاجَةً مِنْهُ إِلى الْقَافِيَةِ، وَيُقَالُ: هُوَ كَلَامٌ مستعمَلٌ، يُقَالُ: اقْتَلْ عليَّ أَي احْتَكِمْ، وَيُقَالُ: حَكَّمْتُه فِي مَالِي إِذا جعلتَ إِليه الحُكْمَ فِيهِ فاحْتَكَمَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ. واحْتَكَمَ فلانٌ فِي مَالِ فُلَانٍ إِذا جَازَ فِيهِ حُكْمُهُ. والمُحاكَمَةُ: الْمُخَاصَمَةُ إِلى الحاكِمِ. واحْتَكَمُوا إِلى الحاكِمِ وتَحاكَمُوا بِمَعْنًى. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الحَكَمُ؛ الحَكَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْحَاكِمُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَقادَتْ بَنُو مَرْوانَ قَيْساً دِماءَنا، ... وَفِي اللَّهِ، إِن لَمْ يَحْكُمُوا، حَكَمٌ عَدْلُ
والحَكَمَةُ: الْقُضَاةُ. والحَكَمَةُ: الْمُسْتَهْزِئُونَ. وَيُقَالُ: حَكَّمْتُ فُلَانًا أَي أَطلقت يَدَهُ فِيمَا شَاءَ. وحاكَمْنا فُلَانًا إِلى اللَّهِ أَي دَعَوْنَاهُ إِلى حُكْمِ اللَّهِ. والمُحَكَّمُ: الشَّارِي. والمُحَكَّمُ: الَّذِي يُحَكَّمُ فِي نَفْسِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والخَوارِج يُسَمَّوْنَ المُحَكِّمَةَ لإِنكارهم أَمر الحَكَمَيْن وقولِهِمْ: لَا حُكْم إِلا لِلَّهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وتحْكِيمُ الحَرُوريَّةِ قَوْلُهُمْ لَا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ وَلَا حَكَمَ إِلا اللهُ، وكأَن هَذَا عَلَى السَّلْبِ لأَنهم يَنْفُونَ الحُكْمَ؛ قَالَ:
فكأَني، وَمَا أُزَيِّنُ مِنْهَا، ... قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما «3»
. وَقِيلَ: إِنما بدءُ ذَلِكَ فِي أَمر عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، ومعاوِيةَ. والحَكَمان: أَبو مُوسَى الأَشعريُّ وعمرو بْنُ الْعَاصِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الْجَنَّةَ للمُحَكّمين
، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا، فَالْفَتْحُ هُمُ الَّذِينَ يَقَعُون فِي يَدِ الْعَدُوِّ فيُخَيَّرُونَ بَيْنَ الشِّرْك وَالْقَتْلِ فَيَخْتَارُونَ الْقَتْلَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ أَصحاب الأُخْدودِ فُعِل بِهِمْ ذَلِكَ، حُكِّمُوا وخُيِّروا بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْكُفْرِ، فَاخْتَارُوا الثَّبات عَلَى الإِسلام مَعَ الْقَتْلِ، قَالَ: وأَما الْكَسْرُ فَهُوَ المُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَول الْوَجْهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
كَعْبٍ:
__________
(3) . قوله [وما أزين] كذا في الأَصل، والذي في المحكم: مما أزين(12/142)
إِن فِي الْجَنَّةِ دَارًا، وَوَصْفَهَا ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْزِلُها إِلا نَبِيٌّ أَو صِدِّيق أَو شَهيد أَو مُحَكَّمٌ فِي نَفْسِهِ.
ومُحَكَّم اليَمامَةِ رَجُلٌ قَتَلَهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ. والمُحَكَّمُ، بِفَتْحِ الْكَافِ «1» ، الَّذِي فِي شِعْرِ طَرَفَةَ إِذ يَقُولُ:
لَيْتَ المُحَكَّمَ والمَوْعُوظَ صوتَكُما ... تحتَ التُّرابِ، إِذا مَا الباطِلُ انْكشفا «2»
. هُوَ الشَّيْخُ المُجَرّبُ الْمَنْسُوبُ إِلى الحِكْمة. والحِكْمَةُ: الْعَدْلُ. وَرَجُلٌ حَكِيمٌ: عَدَلٌ حَكِيمٌ. وأَحْكَمَ الأَمر: أَتقنه، وأَحْكَمَتْه التجاربُ عَلَى المَثَل، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ حَكِيمًا: قَدْ أَحْكَمَتْه التجارِبُ. وَالْحَكِيمُ: الْمُتْقِنُ للأُمور، وَاسْتَعْمَلَ ثَعْلَبٌ هَذَا فِي فَرْجِ المرأَة فَقَالَ: المكَثَّفَة مِنَ النِّسَاءِ الْمُحْكَمَةُ الْفَرْجِ، وَهَذَا طَرِيفٌ جِدًّا. الأَزهري: وحَكَمَ الرجلُ يَحْكُمُ حُكْماً إِذا بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي مَعْنَاهُ مَدْحًا لَازِمًا؛ وَقَالَ مُرَقَّشٌ:
يأْتي الشَّبابُ الأَقْوَرينَ، وَلَا ... تَغْبِطْ أَخاك أَن يُقالَ حَكَمْ
أَي بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي مَعْنَاهُ. أَبو عَدْنَانَ: اسْتَحْكَمَ الرجلُ إِذا تَنَاهَى عَمَّا يَضُرُّهُ فِي دِينه أَو دُنْياه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لمُسْتَحْكِمٌ جَزْل المُرُوءَةِ مؤمِنٌ ... مِنَ الْقَوْمِ، لَا يَهْوى الْكَلَامَ اللَّواغِيا
وأَحْكَمْتُ الشَّيْءَ فاسْتَحْكَمَ: صَارَ مُحْكَماً. واحْتَكَمَ الأَمرُ واسْتَحْكَمَ: وثُقَ. الأَزهري: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
؛ فإِن التَّفْسِيرَ جَاءَ: أُحْكِمَتْ آياتُهُ
بالأَمر وَالنَّهِيِ والحلالِ والحرامِ ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، قَالَ: وَالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعلم، أَن آيَاتِهِ أُحْكِمَتْ وفُصِّلَتْ بِجَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إِليه مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَتَثْبِيتِ نُبُوَّةِ الأَنبياء وَشَرَائِعِ الإِسلام، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ
؛ إِنه فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعَلٍ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ
؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا إِن شَاءَ اللَّهُ كَمَا قِيل، والقرآنُ يُوَضِّحُ بعضُه بَعْضًا، قَالَ: وإِنما جَوَّزْنَا ذَلِكَ وَصَوَّبْنَاهُ لأَن حَكَمْت يَكُونُ بِمَعْنَى أَحْكَمْتُ فَرُدَّ إِلى الأَصل، وَاللَّهُ أَعلم. وحَكَمَ الشَّيْءَ وأَحْكَمَهُ، كِلَاهُمَا: مَنَعَهُ مِنَ الْفَسَادِ. قَالَ الأَزهري: وَرُوِّينَا
عَنْ إِبراهيم النَّخَعِيُّ أَنه قَالَ: حَكِّم اليَتيم كَمَا تُحكِّمُ وَلَدَكَ
أَي امْنَعْهُ مِنَ الْفَسَادِ وأَصلحه كَمَا تُصْلِحُ وَلَدَكَ وَكَمَا تَمْنَعُهُ مِنَ الْفَسَادِ، قَالَ: وَكُلُّ مَنْ مَنَعْتَهُ مِنْ شَيْءٍ فَقَدْ حَكَّمْتَه وأحْكَمْتَهُ، قَالَ: وَنَرَى أَن حَكَمَة الدَّابَّةِ سُمِّيَتْ بِهَذَا الْمَعْنَى لأَنها تَمْنَعُ الدَّابَّةَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الجَهْل. وَرَوَى
شمرٌ عَنْ أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِ النَّخَعِيِّ: حَكِّمِ اليَتيم كَمَا تُحكِّمُ وَلَدَكَ
؛ مَعْنَاهُ حَكِّمْهُ فِي مَالِهِ ومِلْكِه إِذا صَلَحَ كَمَا تُحكِّمُ وَلَدَكَ فِي مِلْكِه، وَلَا يَكُونُ حَكَّمَ بِمَعْنَى أَحْكَمَ لأَنهما ضدان؛
__________
(1) . قوله [والمحكم بفتح الكاف إلخ] كذا في صحاح الجوهري، وغلطه صاحب القاموس وصوب أَنه بكسر الكاف كمحدث، قال ابن الطيب محشيه: وجوز جماعة الوجهين وقالوا هو كالمجرب فإِنه بالكسر الذي جرب الأمور، وبالفتح الذي جربته الحوادث، وكذلك المحكم بالكسر حكم الحوادث وجربها وبالفتح حكمته وجربته، فلا غلط
(2) . قوله [ليت المحكم إلخ] في التكملة ما نصه: يقول ليت أَني والذي يأمرني بالحكمة يوم يكشف عني الباطل وأَدع الصبا تحت التراب، ونصب صوتكما لأَنه أَراد عاذليّ كفّا صوتكما(12/143)
قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ لَيْسَ بِالْمَرْضِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: حَكَمَ فلانٌ عَنِ الأَمر وَالشَّيْءِ أَي رَجَعَ، وأَحْكَمْتُه أَنا أَي رَجَعْتُه، وأَحْكَمه هُوَ عَنْهُ رَجَعَهُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَبَني حنيفةَ، أَحْكِمُوا سُفَهاءَكم، ... إِني أَخافُ عليكمُ أَن أَغْضَبا
أَي رُدُّوهم وكُفُّوهُمْ وَامْنَعُوهُمْ مِنَ التَّعَرُّضِ لِي. قَالَ الأَزهري: جُعِلَ ابْنُ الأَعرابي حَكَمَ لَازِمًا كَمَا تَرَى، كَمَا يُقَالُ رَجَعْتُه فرَجَع ونَقَصْتُه فنَقَص، قَالَ: وَمَا سَمِعْتُ حَكَمَ بِمَعْنَى رَجَعَ لِغَيْرِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَهُوَ الثِّقَةُ المأْمون. وحَكَمَ الرجلَ وحَكَّمَه وأَحْكَمَهُ: مَنَعَهُ مِمَّا يُرِيدُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ الرَّجُلُ يَرِثُ امرأَةً ذاتَ قَرَابَةٍ فيَعْضُلُها حَتَّى تموتَ أَو تَرُدَّ إِليه صَدَاقَهَا، فأَحْكَمَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ
أَي مَنَعَ مِنْهُ. يُقَالُ: أَحْكَمْتُ فُلَانًا أَي مَنَعْتُهُ، وَبِهِ سُمِّيَ الحاكمُ لأَنه يَمْنَعُ الظَّالِمَ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ حَكَمْتُ الفَرسَ وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه إِذا قَدَعْتَهُ وكَفَفْتَه. وحَكَمْتُ السَّفِيه وأَحْكَمْتُه إِذا أَخذت عَلَى يَدِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
أَبَني حَنِيفَةَ، أَحْكِمُوا سُفهاءكم
وحَكَمَةُ اللِّجَامِ: مَا أَحاط بحَنَكَي الدَّابَّةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: بالحَنَك، وَفِيهَا العِذاران، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تَمْنَعُهُ مِنَ الْجَرْيِ الشَّدِيدِ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَجَمْعُهُ حَكَمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وأَنا آخِذٌ بحَكَمَة فَرَسِهِ
أَي بِلِجَامِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلا وَفِي رأْسه حَكَمَةٌ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فِي رأْس كُلِّ عَبْدٍ حَكَمَةٌ إِذا هَمَّ بسيئةٍ، فإِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَن يَقْدَعَه بِهَا قَدَعَه
؛ والحَكَمَةُ: حَدِيدَةٌ فِي اللِّجَامِ تَكُونُ عَلَى أَنف الْفَرَسِ وحَنَكِهِ تَمْنَعُهُ عَنْ مُخَالَفَةِ رَاكِبِهِ، وَلَمَّا كَانَتِ الحَكَمَة تأْخذ بِفَمِ الدَّابَّةِ وَكَانَ الحَنَكُ متَّصلًا بالرأْس جَعَلَهَا تَمْنَعُ مَنْ هِيَ فِي رأْسه كَمَا تَمْنَعُ الحَكَمَةُ الدَّابَّةَ. وحَكَمَ الفرسَ حَكْماً وأَحْكَمَهُ بالحَكَمَةِ: جَعَلَ لِلِجَامِهِ حَكَمَةً، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَتَّخِذُهَا مِنَ القِدِّ والأَبَقِ لأَن قَصْدَهُمُ الشجاعةُ لَا الزِّينَةُ؛ قَالَ زُهَيْرٍ:
الْقَائِدَ الخَيْلَ مَنْكوباً دوائرُها، ... قَدْ أُحْكِمَتْ حَكَمات القِدِّ والأَبَقا
يُرِيدُ: قَدْ أُحْكِمَتْ بحَكَماتِ القِدِّ وبحَكَماتِ الأَبَقِ، فَحَذَفَ الحَكَمات وأَقامَ الأَبَقَ مَكَانَهَا؛ وَيُرْوَى:
مَحْكومَةً حَكَماتِ القِدِّ والأَبَقا
عَلَى اللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: عَدَّى قَدْ أُحْكِمَتْ لأَن فِيهِ مَعْنًى قُلِّدَتْ وقُلِّدَتْ مُتَعَدِّيَةٌ إِلى مَفْعُولَيْنِ. الأَزهري: وَفَرَسٌ مَحْكومةٌ فِي رأْسها حَكَمَةٌ؛ وأَنشد:
مَحْكومة حَكَمات القِدِّ والأَبقا
وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ: قد أُحْكِمَتْ، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ حَكَمْتُ الْفَرَسَ وأَحْكَمْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَكَمَةُ حَلْقَةٌ تَكُونُ فِي فَمِ الْفَرَسِ. وحَكَمَةُ الإِنسان: مُقَدَّمُ وَجْهِهِ. وَرَفَعَ اللَّهُ حَكَمَتَهُ أَي رأْسه وشأْنه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِن الْعَبْدَ إِذا تَوَاضَعَ رَفَعَ اللهُ حَكَمَتَهُ
أَي قَدْرَهُ وَمَنْزِلَتَهُ. يُقَالُ: لَهُ عِنْدَنَا حَكَمَةٌ أَي قَدْرٌ، وَفُلَانٌ عَالِي الحَكَمَةِ، وَقِيلَ: الحَكَمَةُ مِنَ الإِنسان أَسفل(12/144)
وَجْهِهِ، مُسْتَعَارٌ مِنْ مَوْضِعِ حَكَمَةِ اللِّجَامِ، ورَفْعُها كِنَايَةٌ عَنِ الإِعزاز لأَن مِنْ صِفَةِ الذَّليل تنكيسَ رأْسه. وحَكَمة الضَّائِنَةِ: ذَقَنُها. الأَزهري: وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي أَرْش الجِراحات الحُكومَةُ
؛ وَمَعْنَى الحُكومة فِي أَرش الْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا دِيَةٌ مَعْلُومَةٌ: أَن يُجْرَحَ الإِنسانُ فِي موضع في بَدَنه يُبْقِي شَيْنَهُ وَلَا يُبْطِلُ العُضْوَ، فيَقْتاس الْحَاكِمُ أَرْشَهُ بِأَنْ يَقُولَ: هَذَا المَجْروح لَوْ كَانَ عَبْدًا غَيْرَ مَشينٍ هَذَا الشَّيْنَ بِهَذِهِ الجِراحة كَانَتْ قيمتُه أَلفَ دِرْهمٍ، وَهُوَ مَعَ هَذَا الشِّينِ قيمتُه تِسْعُمائة دِرْهَمٍ فَقَدْ نَقَصَهُ الشَّيْنُ عُشْرَ قِيمَتِهِ، فَيَجِبُ عَلَى الْجَارِحِ عُشْرُ دِيَتِه فِي الحُرِّ لأَن الْمَجْرُوحَ حُرٌّ، وَهَذَا وَمَا أَشبهه بِمَعْنَى الْحُكُومَةِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْفُقَهَاءُ فِي أَرش الْجِرَاحَاتِ، فاعْلَمْه. وَقَدْ سَمَّوْا حَكَماً وحُكَيْماً وحَكِيماً وحَكّاماً وحُكْمان. وحَكَمٌ: أَبو حَيّ مِنَ الْيَمَنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
شَفاعَتي لأَهل الْكَبَائِرِ مِنْ أُمتي حَتَّى حَكَم وحاءَ
؛ وَهُمَا قَبِيلَتَانِ جافِيتان مِنْ وَرَاءِ رَمْلِ يَبرين.
حلم: الحُلْمُ والحُلُم: الرُّؤْيا، وَالْجَمْعُ أَحْلام. يُقَالُ: حَلَمَ يَحْلُمُ إِذا رأَى فِي المَنام. ابْنُ سِيدَهْ: حَلَمَ فِي نَوْمِهِ يَحْلُمُ حُلُماً واحْتَلَم وانْحَلَمَ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
أَحَقٌّ مَا رأَيتَ أَمِ احْتِلامُ؟
وَيُرْوَى أَم انْحِلامُ. وتَحَلَّمَ الحُلْمَ: اسْتَعْمَلَهُ. وحَلَمَ بِهِ وحَلَمَ عَنْهُ وتَحَلَّم عَنْهُ: رأَى لَهُ رُؤْيا أَو رَآهُ فِي النَّوْمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَحَلَّم مَا لَمْ يَحْلُمْ كُلِّفَ أَنْ يَعقِدَ بَيْنَ شَعيرتين
، أَي قَالَ إِنه رأَى فِي النَّوْمِ مَا لَمْ يَرَهُ. وتَكَلَّفَ حُلُماً: لَمْ يَرَه. يُقَالُ: حَلَم، بِالْفَتْحِ، إِذا رأَى، وتَحَلَّم إِذا ادَّعَى الرؤْيا كَاذِبًا، قَالَ: فإِن قِيلَ كَذِبُ الكاذِبِ فِي منامِه لَا يَزِيدُ عَلَى كَذبه فِي يَقَظَتِه، فلِمَ زادَتْ عُقوبته وَوَعِيدُهُ وتَكليفه عَقْدَ الشَّعِيرَتَيْنِ؟ قِيلَ: قَدْ صَحَّ الخَبَرُ أَن الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّة، والنبوةُ لَا تَكُونُ إِلَّا وَحْياً، وَالْكَاذِبُ فِي رُؤْيَاهُ يَدَّعِي أَن اللَّهَ تَعَالَى أَراه مَا لَمْ يُرِهِ، وأَعطاه جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ولم يعطه إِياه، والكذِبُ عَلَى اللَّهِ أَعظم فِرْيَةً مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى الْخَلْقِ أَو عَلَى نَفْسِهِ. والحُلْمُ: الِاحْتِلَامُ أَيضاً، يُجْمَعُ عَلَى الأَحْلامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ والحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ
، وَالرُّؤْيَا والحُلْمُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَرَاهُ النَّائِمُ فِي نَوْمِهِ مِنَ الأَشياء، وَلَكِنْ غَلَبت الرُّؤْيَا عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّيْءِ الْحَسَنِ، وَغَلَبَ الحُلْمُ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الشَّرِّ وَالْقَبِيحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: أَضْغاثُ أَحْلامٍ*
، ويُستعمل كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ، وتُضَم لامُ الحُلُمِ وَتُسَكَّنُ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُلُمُ، بِالضَّمِّ، مَا يَرَاهُ النَّائِمُ. وَتَقُولُ: حَلَمْتُ بِكَذَا وحَلَمْتُه أَيضاً؛ قَالَ:
فَحَلَمْتُها وبنُو رُفَيْدَةَ دُونَهَا، ... لَا يَبْعَدَنَّ خَيالُها المَحْلُومُ «1»
. وَيُقَالُ: قَدْ حَلَم الرجلُ بالمرأَة إِذا حَلَم فِي نَوْمِهِ أَنه يُبَاشِرُهَا، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ شَاهِدٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ خالوَيْه: أَحْلامُ نائمٍ ثِيابٌ غِلاظٌ «2» . والحُلْم والاحْتِلامُ: الجِماع وَنَحْوُهُ فِي النَّوْمِ، وَالِاسْمُ الحُلُم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ؛ والفِعْل
__________
(1) . إِن هذا البيت للأَخطل
(2) . قوله [أَحْلَامُ نَائِمٍ ثِيَابٌ غِلَاظٌ] عبارة الأَساس: وهذه أحلام نائم للأَماني الكاذبة. ولأَهل المدينة ثياب غلاظ مخططة تسمى أحلام نائم، قال:
تبدلت بعد الخيزران جريدة ... وبعد ثياب الخز أحلام نائم
يقول: كبرت فاستبدلت بقدّ في لين الخيزران قدّاً في يبس الجريدة وبجلد في لين الخز جلداً في خشونة هذه الثياب(12/145)
كالفِعْل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمر مُعاذاً أَن يأْخذ مِنْ كُلِّ حالِمٍ دِينَارًا
يَعْنِي الْجِزْيَةَ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَراد بالحالِمِ كلَّ مَنْ بَلَغَ الحُلُمَ وَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّجَالِ، احتَلَمَ أَو لَمْ يَحْتَلِم. وَفِي الْحَدِيثِ:
الغُسْلُ يومَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حالِمٍ إِنما هُوَ عَلَى مَنْ بَلَغَ الحُلُم
أَي بَلَغَ أَن يَحْتَلم أَو احْتَلَم قَبْلَ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ: مُحْتَلِمٍ أَي بَالِغٍ مُدْرِك. والحِلْمُ، بِالْكَسْرِ: الأَناةُ وَالْعَقْلُ، وَجَمْعُهُ أَحْلام وحُلُومٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا؛ قَالَ جَرِيرٌ:
هَلْ مِنْ حُلُومٍ لأَقوامٍ، فَتُنْذِرَهُم ... مَا جَرَّبَ الناسُ مِنْ عَضِّي وتَضْرِيسي؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا أَحد مَا جُمِعَ مِنَ الْمَصَادِرِ. وأَحْلامُ الْقَوْمِ: حُلَماؤهم، وَرَجُلٌ حَلِيمٌ مِنْ قَوْمٍ أَحْلامٍ وحُلَماء، وحَلُمَ، بِالضَّمِّ، يحْلُم حِلْماً: صَارَ حَليماً، وحلُم عَنْهُ وتَحَلَّم سَوَاءً. وتَحَلَّم: تَكَلَّفَ الحِلْمَ؛ قَالَ:
تَحَلَّمْ عَنِ الأَدْنَيْنَ واسْتَبْقِ وُدَّهم، ... وَلَنْ تستطيعَ الحِلْمَ حَتَّى تَحَلَّما
وتَحالَم: أَرَى مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِهِ. والحِلْم: نقيضُ السَّفَه؛ وشاهدُ حَلُمَ الرجُلُ، بِالضَّمِّ، قولُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْس الرُّقَيَّات:
مُجَرَّبُ الحَزْمِ فِي الأُمورِ، وإِن ... خَفَّتْ حُلُومٌ بأَهلِها حَلُمَا
وحَلَّمه تَحليماً: جَعَلَهُ حَلِيماً؛ قَالَ المُخَبَّل السَّعْدِيُّ:
ورَدُّوا صُدورَ الخَيْل حَتَّى تَنَهْنَهَتْ ... إِلى ذِي النُّهَى، واسْتَيْدَهُوا للمُحَلِّمِ
أَي أَطاعوا الَّذِي يأْمرهم بالحِلْمِ، وقيل «1» : حَلَّمه أَمره بالحِلْمِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ: لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولوا الأَحْلام والنُّهَى
أَي ذَوُو الأَلباب وَالْعُقُولِ، وَاحِدُهَا حِلْمٌ، بِالْكَسْرِ، وكأَنه مِنَ الحِلْم الأَناة والتثبُّت فِي الأُمور، وَذَلِكَ مِنْ شِعار الْعُقَلَاءِ. وأَحْلَمَت المرأَةُ إِذا وَلَدَتِ الحُلَماء. والحَلِيمُ فِي صِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: مَعْنَاهُ الصَّبور، وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنه الَّذِي لَا يسْتَخِفُّهُ عِصْيان العُصاة وَلَا يستفِزّه الْغَضَبُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ شيءٍ مِقْداراً، فَهُوَ مُنْتَهٍ إِليه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ
؛ قَالَ الأَزهري: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه كِنايةٌ عَنْ أَنهم قَالُوا إِنك لأَنتَ السَّفِيهُ الْجَاهِلُ، وَقِيلَ: إِنهم قَالُوهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا مِنْ أَشدّ سِباب الْعَرَبِ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ إِذا اسْتَجْهَلَهُ يَا حَلِيمُ أَي أَنت عِنْدَ نَفْسِكَ حَلِيمٌ وَعِنْدَ النَّاسِ سَفِيهٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ؛ أَي بِزَعْمِكَ وَعِنْدَ نَفْسِكَ وأَنتَ المَهِينُ عِنْدَنَا. ابْنُ سِيدَهْ: الأَحْلامُ الأَجسام، قَالَ: لَا أَعرف وَاحِدَهَا. والحَلَمَةُ: الصَّغِيرَةُ مِنَ القِرْدانِ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ آخِرُ أَسنانها، وَالْجَمْعُ الحَلَمُ وَهُوَ مِثْلُ العَلّ، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يَنْهَى أَن تُنْزَع الحَلَمَةُ عَنْ دَابَّتِهِ
؛ الحَلَمَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْقُرَادَةُ الْكَبِيرَةُ. وحَلِمَ البعيرُ حَلَماً، فَهُوَ حَلِمٌ: كَثُرَ عَلَيْهِ الحَلَمُ، وبعِير حَلِمٌ: قَدْ أَفسده الحَلَمُ
__________
(1) . قوله [أَي أَطاعوا الَّذِي يَأْمُرُهُمْ بالحلم وقيل إلخ] هذه عبارة المحكم، والمناسب أَن يقول: أَي أَطاعوا من يعلمهم الحلم كما في التهذيب، ثم يقول: وقيل حلمه أَمره بالحلم، وعليه فمعنى البيت أَطاعوا الَّذِي يَأْمُرُهُمْ بِالْحِلْمِ(12/146)
مِنَ كَثْرَتِهَا عَلَيْهِ. الأَصمعي: القرادُ أَوّل مَا يكونُ صَغِيرًا قَمْقامَةٌ، ثُمَّ يَصِيرُ حَمْنانةً، ثُمَّ يَصِيرُ قُراداً، ثُمَّ حَلَمَة. وحَلَّمْتُ الْبَعِيرَ: نَزَعْتُ حَلَمَهُ. وَيُقَالُ: تَحَلَّمَتِ القِرْبةُ امتلأَت مَاءً، وحَلَّمْتُها ملأْتها. وعَناقٌ حَلِمة وتِحْلِمَةٌ «2» : قَدْ أَفسد جلدَها الحَلَمُ، وَالْجَمْعُ الحُلَّامُ. وحَلَّمَهُ: نَزَعَ عَنْهُ الحَلَمَ، وَخَصَّصَهُ الأَزهري فَقَالَ: وحَلَّمْتُ الإِبل أَخذت عَنْهَا الحَلَم، وَجَمَاعَةٌ تِحْلِمَةٌ تَحالِمُ: قَدْ كَثُرَ الحَلَمُ عَلَيْهَا. والحَلَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: أَن يَفْسُد الإِهابُ في العمل ويقعَ فِيهِ دُودٌ فيَتَثَقَّبَ، تَقُولُ مِنْهُ: حَلِمَ، بِالْكَسْرِ. والحَلَمَةُ: دُودَةٌ تَكُونُ بَيْنَ جِلْدِ الشَّاةِ الأَعلى وَجِلْدِهَا الأَسفل، وَقِيلَ: الحَلَمةُ دُودَةٌ تَقَعُ فِي الْجِلْدِ فتأْكله، فإِذا دُبغ وَهَى موضعُ الأَكل فَبَقِيَ رَقِيقًا، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كلِّه حَلَمٌ، تَقُولُ مِنْهُ: تَعَيَّب الجلدُ وحَلِمَ الأَديمُ يَحْلَمُ حَلَماً؛ قَالَ الوَليد بْنُ عُقْبَةَ ابن أَبي عُقْبَةَ «3» .
مِنْ أَبيات يَحُضُّ فِيهَا مُعاوية عَلَى قِتَالِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَقُولُ لَهُ: أَنتَ تَسْعَى فِي إِصلاح أَمر قَدْ تمَّ فسادُه، كَهَذِهِ المرأَة الَّتِي تَدْبُغُ الأَديم الحَلِمَ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الحَلَمَةُ، فنَقَّبَته وأَفسدته فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ:
أَلا أَبْلِغْ معاوِيةَ بنَ حَرْبٍ ... بأَنَّكَ، مِنْ أَخي ثِقَةٍ، مُلِيمُ
قطعتَ الدَّهْرَ كالسَّدِم المُعَنَّى، ... تُهَدِّرُ فِي دِمَشْق وَمَا تَرِيمُ
فإنَّكَ والكتابَ إِلى عليٍ، ... كدابِغةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأَدِيمُ
لكَ الوَيْلاتُ، أَقْحِمْها عَلَيْهِمْ، ... فَخَيْرُ الطالِبي التِّرَةِ الغَشُومُ
فقَوْمُكُ بِالْمَدِينَةِ قَدْ تَرَدَّوْا، ... فَهُمْ صَرْعى كأَنَّهُمُ الهَشِيمُ
فَلَوْ كنتَ المُصابَ وَكَانَ حَيّاً، ... تَجَرَّدَ لَا أَلَفُّ وَلَا سَؤُومُ
يُهَنِّيكَ الإِمارةَ كلُّ رَكْبٍ ... مِنَ الْآفَاقِ، سَيْرُهُمُ الرَّسِيمُ
وَيُرْوَى:
يُهَنِّيك الإِمارةَ كلُّ ركبٍ، ... لإنْضاءِ الفِراقِ بِهِمْ رَسِيمُ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الحَلَمُ أَن يَقَعَ فِي الأَديم دوابُّ فَلَمْ يَخُصَّ الحَلَم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مِنْهُ إِغفال. وأَديم حَلِمٌ وحَلِيم: أَفسده الحَلَمُ قَبْلَ أَن يُسْلَخَ. والحَلَمَةُ: رأْس الثَّدْي، وَهُمَا حَلَمتان، وحَلَمَتا الثَّدْيَيْن: طَرَفاهما. والحَلَمَةُ: الثُّؤْلول الَّذِي فِي وَسَطِ الثَّدْيِ. وتَحَلَّم المالُ: سَمِنَ. وتَحَلَّم الصبيُّ والضَّبُّ واليَرْبوع والجُرَذ والقُراد: أَقبل شَحْمُهُ وسَمن وَاكْتَنَزَ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَر:
لحَيْنَهُمُ لَحْيَ العَصا فطرَدْنَهُمْ ... إِلى سَنةٍ، قِرْدانُها لَمْ تَحَلَّمِ
وَيُرْوَى: لحَوْنَهم، وَيُرْوَى: جِرْذانها، وأما أَبو
__________
(2) . قوله [وعناق حلمة وتحلمة] كذا هو مضبوط في المحكم بالرفع على الوصفية وبكسر التاء الأُولى من تحلمة وفي التكملة مضبوط بكسر تاء تحلمة والجر بالإضافة وكذا فيما يأتي من قوله وجماعة تحلمة تحالم
(3) . قوله [عُقْبَةَ بْنِ أَبي عُقْبَةَ] كذا بالأَصل، والذي في شرح القاموس: عُقْبَةَ بْنِ أَبي مُعَيْطٍ انتهى. ومثله في القاموس في مادة م ع ط(12/147)
حَنِيفَةَ فَخَصَّ بِهِ الإِنسان. والحَلِيم: الشَّحْمُ الْمُقْبِلُ؛ وأَنشد:
فإِن قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعَةً ... مِنَ المُخِّ فِي أَنقاءِ كلِّ حَلِيم
وَقِيلَ: الحَلِيمُ هُنَا الْبَعِيرُ المُقْبِلُ السِّمَنِ فَهُوَ عَلَى هَذَا صِفَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف لَهُ فِعْلًا إِلَّا مَزيداً. وَبَعِيرٌ حَلِيمٌ أَي سَمِينٌ. ومُحَلِّم فِي قَوْلِ الأَعشى:
وَنَحْنُ غداةَ العَيْنِ، يومَ فُطَيْمةٍ، ... مَنَعْنا بَنِي شَيْبان شُرْبَ مُحَلِّمِ
هُوَ نَهْرٌ يأْخذ مِنْ عَيْنِ هَجَرَ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ ظُعُناً وَيُشَبِّهُهَا بِنَخِيلٍ كَرَعَتْ فِي هَذَا النَّهْرِ:
عُصَبٌ كَوارِعُ فِي خَليج مُحَلِّمٍ ... حَمَلَت، فَمِنْهَا مُوقَرٌ مكْمومُ
وَقِيلَ: مُحَلِّمٌ نَهْرٌ بِالْيَمَامَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَسِيلٌ دَنَا جَبَّارُه مِنْ مُحَلِّمٍ
وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ وَذَكَرَ السَّنَةَ: وبَضَّت الحَلَمَةُ
أَي دَرَّتْ حَلَمةُ الثَّدْيِ وَهِيَ رأْسه، وَقِيلَ: الحَلَمةُ نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ، والحديثُ يَحْتَمِلُهُمَا، وَفِي حَدِيثِ
مَكْحُولٍ: فِي حَلَمَةِ ثَدْيِ المرأَة رُبع دِيَتِها.
وقَتيلٌ حُلَّامٌ: ذَهَبَ بَاطِلًا؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:
كلُّ قتيلٍ فِي كُلَيْبٍ حُلَّامْ، ... حَتَّى يَنَالَ القَتْلُ آلَ هَمّامْ
والحُلامُ والحُلَّامُ: وَلَدَ الْمَعْزِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الجَدْيُ والحَمَلُ الصَّغِيرُ، يَعْنِي بِالْحَمَلِ الخروفَ. والحُلَّامُ: الْجَدْيُ يُؤْخَذُ مِنْ بَطْنِ أُمه؛ قَالَ الأَصمعي: الحُلَّامُ والحُلَّانُ، بِالْمِيمِ وَالنُّونِ، صِغَارُ الْغَنَمِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُمِّيَ الْجَدْيُ حُلَّاماً لِمُلَازَمَتِهِ الحَلَمَةَ يَرْضَعُهَا؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:
كُلُّ قَتِيلٍ فِي كُلَيْبٍ حُلَّامْ
وَيُرْوَى: حُلّان؛ والبيتُ الثَّانِي:
حَتَّى يَنَالَ القتلُ آلَ شَيْبانْ
يَقُولُ: كلُّ مَنْ قُتِلَ مِنْ كُلَيْبٍ ناقصٌ عَنِ الْوَفَاءِ بِهِ إِلا آلَ هَمَّامٍ أَو شَيْبَانَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه قَضى فِي الأَرْنَب يقتلُه المُحْرِمُ بحُلَّام
، جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه هُوَ الجَدْيُ
، وَقِيلَ: يَقَعُ عَلَى الجَدْي والحَمَل حِينَ تَضَعُهُ أُمّه، وَيُرْوَى بِالنُّونِ، وَالْمِيمِ بَدَلٌ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ الصَّغِيرُ الَّذِي حَلَّمهُ الرَّضاعُ أَي سَمَّنَهُ فَتَكُونُ الْمِيمُ أَصلية؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الأَصل حُلَّان، وَهُوَ فُعْلان مِنَ التَّحْلِيلِ، فَقُلِبَتِ النونُ مِيمًا. وَقَالَ عَرّام: الحُلَّانُ مَا بَقَرْتَ عَنْهُ بَطْنَ أُمه فَوَجَدْتَهُ قَدْ حَمَّمَ وشَعَّرَ، فإِن لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ غَضِينٌ، وَقَدْ أَغْضَنَتِ الناقةُ إِذا فَعَلَتْ ذَلِكَ. وَشَاةٌ حَلِيمةٌ: سَمِينَةٌ. وَيُقَالُ: حَلَمْتُ خَيالَ فُلَانَةٍ، فَهُوَ مَحْلُومٌ؛ وأَنشد بَيْتَ الأَخطل:
لَا يَبْعَدَنَّ خيالُها المَحْلُوم
والحالُوم، بِلُغَةِ أَهل مِصْرَ: جُبْنٌ لَهُمْ. الجوهري: الحالُومُ لبن يغلُط فَيَصِيرُ شَبِيهًا بِالْجُبْنِ الرَّطْبِ وَلَيْسَ بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: الحالُومُ ضَرْبٌ مِنَ الأَقِط. والحَلَمةُ: نَبْتٌ؛ قَالَ الأَصمعي: هِيَ الحَلَمةُ
واليَنَمة، وَقِيلَ: الحَلَمةُ نَبَاتٌ يَنْبُتُ بنَجْدٍ فِي الرَّمْلِ فِي جُعَيْثنة، لَهَا زَهْرٌ وَوَرَقُهَا أُخَيْشِنٌ عَلَيْهِ شَوْكٌ كأَنه أَظافير الإِنسان، تَطْنى الإِبل وتَزِلُ(12/148)
أَحناكُها، إِذا رَعَتْهُ، مِنَ الْعِيدَانِ الْيَابِسَةِ. والحَلَمَةُ: شَجَرَةُ السَّعْدان وَهِيَ مِنْ أَفاضل المَرْعَى، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَلَمةُ دُونَ الذِّرَاعِ، لَهَا وَرَقَةٌ غَلِيظَةٌ وأَفْنانٌ وزَهْرَةٌ كَزَهْرَةِ شَقائق النُّعْمانِ إِلا أَنها أَكبر وأَغلظ، وَقَالَ الأَصمعي: الحَلَمةُ نَبْتٌ مِنَ العُشْبِ فِيهِ غُبْرَةٌ لَهُ مَسٌّ أَخْشَنُ أَحمر الثَّمَرَةِ، وَجَمْعُهَا حَلَمٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَيْسَتِ الحَلَمَةُ مِنْ شَجَرِ السَّعْدان فِي شَيْءٍ؛ السَّعدانُ بَقْلٌ لَهُ حَسَكٌ مُسْتَدِيرٌ لَهُ شَوْكٌ مُسْتَدِيرٌ «1» ، والحَلَمةُ لَا شَوْكَ لَهَا، وَهِيَ مِنَ الجَنْبةِ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيتها، وَيُقَالُ للحَلَمَةِ الحَماطةُ، قَالَ: والحَلَمةُ رأْس الثَّدْيِ فِي وَسَطِ السَّعْدانة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الحَلَمةُ الهُنَيَّةُ الشَّاخِصَةُ مِنْ ثَدْيِ المرأَة وثُنْدُوَة الرَّجُلِ، وَهِيَ القُراد، وأَما السَّعْدانة فَمَا أَحاطَ بالقُراد مِمَّا خَالَفَ لونُه لَوْنَ الثَّدْيِ، واللَّوْعَةُ السَّوَادُ حَوْلَ الحَلَمةِ. ومُحَلِّم: اسْمُ رَجُلٍ، وَمِنْ أَسماء الرَّجُلِ مُحَلِّمٌ، وَهُوَ الَّذِي يُعَلّم الحِلْمَ؛ قَالَ الأَعشى:
فأَمَّا إِذا جَلَسُوا بالعَشِيّ ... فأَحْلامُ عادٍ، وأَيْدي هُضُمْ
ابْنُ سِيدَهْ: وَبَنُو مُحَلَّمٍ وَبَنُو حَلَمَةَ قَبِيلَتَانِ. وحَلِيمةُ: اسْمُ امرأَة. وَيَوْمُ حَلِيمةَ: يَوْمٌ مَعْرُوفٌ أَحد أَيام الْعَرَبِ الْمَشْهُورَةِ، وَهُوَ يَوْمَ التَقَى المُنْذِرُ الأَكبر والحَرثُ الأَكبر الغَسَّانيّ، وَالْعَرَبُ تَضْرِبُ المَثَلَ فِي كُلِّ أَمر مُتَعالَمٍ مَشْهُورٍ فَتَقُولُ: مَا يَوْمُ حَلِيمةَ بسِرٍّ، وَقَدْ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ النابهِ الذِّكْرِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ: مَا يَوْمُ حَلِيمةَ بشَرّ، قَالَ: والأَول هُوَ الْمَشْهُورُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ السُّيُوفَ:
تُوُرِّثْنَ مِنْ أَزمان يومِ حَلِيمةٍ ... إِلى الْيَوْمِ، قَدْ جُرّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هِيَ حَليمةُ بنت الحَرِث بْنَ أَبي شِمْر، وَجَّهَ أَبوها جَيْشًا إِلى المُنْذِرِ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ، فأَخْرجَتْ حليمةُ لَهُمْ مِرْكَناً فطَيَّبتهم. وأَحْلام نائمٍ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَحقُّها. والحُلَّامُ: اسْمُ قَبَائِلَ. وحُلَيْماتٌ، بِضَمِّ الْحَاءِ: مَوْضِعٌ، وهُنَّ أَكمات بطن فَلْج؛ وأَنشد:
كأَنَّ أَعْناقَ المَطِيِّ البُزْلِ، ... بَيْنَ حُلَيْماتٍ وَبَيْنَ الجَبْلِ
مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، جُذُوعُ النَّخلِ
أَراد أَنها تَمُدُّ أَعناقها مِنَ التَّعَبِ. وحُلَيْمَةُ، عَلَى لَفْظِ التَّحْقِيرِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ إِبلًا:
تَتَبَّعُ أَوضاحاً بسُرَّةِ يَذْبُلٍ، ... وتَرْعَى هَشِيماً مِنْ حُلَيْمةَ بالِياً
ومُحَلِّمٌ: نَهْرٌ بِالْبَحْرَيْنِ؛ قَالَ الأَخطل:
تَسَلسَلَ فِيهَا جَدْوَلٌ مِنْ مُحَلِّمٍ، ... إِذا زَعْزَعَتْها الريحُ كادتْ تُمِيلُها
الأَزهري: مُحَلِّمٌ عينٌ ثَرَّةٌ فَوَّارة بِالْبَحْرَيْنِ وَمَا رأَيت عَيْنًا أَكثر مَاءً مِنْهَا، وَمَاؤُهَا حَارٌّ فِي مَنْبَعِه، وإِذا بَرَد فَهُوَ مَاءٌ عَذْبٌ؛ قَالَ: وأَرى مُحَلِّماً اسمَ رَجُلٍ نُسِبَت العينُ إِليه، وَلِهَذِهِ الْعَيْنِ إِذا جَرَتْ فِي نَهْرِهَا خُلُجٌ كَثِيرَةٌ، تَسْقِي نَخِيلَ جُؤاثا وعَسَلَّج وقُرَيَّات مِنْ قُرَى هَجَرَ.
__________
(1) . قوله [له شوك مستدير] كذا بالأَصل، وعبارة أَبي منصور في التهذيب: له حسك مستدير ذو شوك كثير(12/149)
حلسم: الحِلَّسْمُ: الْحَرِيصُ الَّذِي لَا يأْكل مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الحَلِسُ؛ قَالَ:
لَيْسَ بِقِصْلٍ حَلِسٍ حِلَّسْمِ، ... عِنْدَ الْبُيُوتِ، راشِنٍ مِقَمِ
حلقم: الحُلْقُوم: الحَلْقُ. ابْنُ سِيدَهْ: الحُلْقُومُ مَجْرى النَّفَس والسُّعال مِنَ الْجَوْفِ، وَهُوَ أَطْباقُ غَراضِيفَ، لَيْسَ دُونَهُ مِنْ ظَاهِرِ بَاطِنِ العُنُقِ إِلَّا جِلْدٌ، وطرفُه الأَسفل فِي الرئةِ، وطَرَفُهُ الأَعلى فِي أَصل عكَدَةِ اللِّسَانِ، وَمِنْهُ مَخْرَجُ النَّفَس وَالرِّيحِ والبُصاق وَالصَّوْتِ، وَجَمْعُهُ حَلاقِمُ وحَلاقيم. التَّهْذِيبُ قَالَ: فِي الحُلْقُوم والحُنجور مَخْرَجُ النَّفَس لَا يَجْرِي فِيهِ الطعامُ وَالشَّرَابُ الْمَرِّيءُ «1» ، وَتَمَامُ الذَّكَاةِ قَطْعُ الحُلْقُوم والمَريء والوَدَجَيْنِ، وَقَوْلُهُمْ: نَزَلْنَا فِي مِثْلِ حُلْقُوم النَّعامة، إِنما يُرِيدُونَ بِهِ الضِّيقَ. والحَلْقَمةُ: قَطْعُ الحُلْقُوم. وحَلْقَمَه: ذَبَحَهُ فَقَطَعَ حُلْقومَهُ. وحَلْقَمَ التمرُ: كَحَلْقَن، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنه بَدَلٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُلُقوم الحلْقُ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: قِيلَ لَهُ إِن الْحَجَّاجَ يأْمر بِالْجُمُعَةِ فِي الأَهْواز فَقَالَ: يَمْنَعُ الناسَ فِي أَمصارهم ويأْمر بِهَا فِي حَلاقيم البلادِ
أَي فِي أَواخرها وأَطرافها، كَمَا أَن حُلْقُومَ الرَّجُلِ وَهُوَ حَلْقُه فِي طَرَفه، والميمُ أَصلية، وَقِيلَ: هُوَ مأْخوذ مَنْ الحَلْقِ، وَهِيَ والواوُ زَائِدَتَانِ. وحَلاقيمُ الْبِلَادِ: نَوَاحِيهَا، واحدُها حُلْقُوم عَلَى الْقِيَاسِ. الأَزهري: رُطَبٌ مُحَلْقِمٌ ومُحَلْقِنٌ وَهِيَ الحُلْقامةُ والحُلقانة، وَهِيَ الَّتِي بَدَا فِيهَا النُّضْجُ مِنْ قِبَلِ قِمَعها، فإِذا أَرطبت مِنْ قِبَلِ الذَّنَبِ، فَهِيَ التَّذْنوبةُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تحريمُ الْخَمْرِ كُنَّا نَعْمِدُ إِلى الحُلْقامة، وَهِيَ التَّذْنُوبةُ، فَنَقْطَعُ مَا ذَنَّبَ مِنْهَا حَتَّى نَخْلُص إِلى البُسْرِ ثُمَّ نَفْتَضِخُه. أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ للبُسر إِذا بَدَا فِيهِ الإِرْطابُ مِنْ قِبَلِ ذَنَبَهُ مُذَنِّبٌ فإِذا بَلَغَ الإِرطابُ نصفَهُ فهو مُجَزِّعٌ، فإِذا بلغ ثلثيه فهو حُلْقان ومُحَلْقِنٌ.
حلكم: الحُلْكُمُ: الرَّجُلُ الأَسود، وَفِيهِ حَلْكَمةٌ؛ قَالَ هَمَيان:
مَا منهمُ إِلَّا لَئِيمٌ شُبْرُمُ، ... أَرْصَعُ لَا يُدْعَى لخيرٍ، حُلْكُمُ
وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَوردها ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ حَلَكَ، قَالَ: وأَهمل الْجَوْهَرِيُّ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ الحُلْكُمَ، وَهُوَ الأَسود، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. الْفَرَّاءُ: الحُلْكُمُ الأَسود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فِي باب فُعْلُلٍ.
حمم: قَوْلُهُ تَعَالَى: حم*
؛ الأَزهري: قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ قَضَى مَا هُوَ كَائِنٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ: وَعَلَيْهِ العَمَلُ. وآلُ حامِيمَ: السُّوَرُ الْمُفْتَتَحَةُ بِحَامِيمْ. وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلَاثَةُ أَقوال: قَالَ حَامِيمْ اسْمُ اللَّهِ الأَعظم، وَقَالَ حَامِيمْ قَسَم، وَقَالَ حَامِيمْ حُرُوفُ الرَّحْمَنِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَعْنَى أَن الر وَحَامِيمْ وَنُونْ بِمَنْزِلَةِ الرَّحْمَنِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: آلُ حَامِيمْ دِيباجُ القرآنِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ كَقَوْلِكَ آلُ فُلانٍ كأَنه نَسَبَ السورةَ كُلَّهَا إِلى حم؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَجَدْنا لَكُمْ فِي آلِ حامِيمَ آيَةً، ... تأَوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُعْرِبُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُ الْعَامَّةِ الحَوامِيم فَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الحَواميم سُوَرٌ فِي الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ وأَنشد:
__________
(1) . قوله [لَا يَجْرِي فِيهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ المريء] كذا هو بالأصل، وعبارة التهذيب: لَا يَجْرِي فِيهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ يقال له المريء(12/150)
وبالطَّواسِين التي قد ثُلِّثَثْ، ... وبالحَوامِيم الَّتِي قَدْ سُبِّعَتْ
قَالَ: والأَولى أَن تُجْمَعَ بذَواتِ حَامِيمْ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ فِي حَامِيمْ لشُرَيْحِ بْنِ أَوْفَى العَبْسِيّ:
يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجِرٌ، ... فهلَّا تَلا حامِيمَ قبلَ التَّقَدُّمِ
قَالَ: وأَنشده غَيْرُهُ للأَشْتَرِ النَّخْعِيّ، وَالضَّمِيرُ فِي يُذَكِّرُنِي هُوَ لِمُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَة، وَقَتَلَهُ الأَشْتَرُ أَو شُرَيْحٌ. وَفِي حَدِيثِ الْجِهَادِ:
إِذا بُيِّتُّمْ فَقُولُوا حَامِيمْ لَا يُنْصَرون
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ لَا يُنْصَرُون، قَالَ: ويُرِيدُ بِهِ الخَبرَ لَا الدُّعاء لأَنه لَوْ كَانَ دُعَاءً لَقَالَ لَا يُنصروا مَجْزُومًا فكأَنه قَالَ وَاللَّهِ لَا يُنصرون، وَقِيلَ: إِن السُّوَر الَّتِي أَوَّلها حَامِيمْ لَهَا شأْن، فَنبَّه أَن ذِكْرَهَا لِشَرَفِ مَنْزِلَتِهَا مِمَّا يُسْتَظهَرُ بِهِ عَلَى اسْتِنْزَالِ النَّصْرِ مِنَ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ لَا يُنصرون كَلَامٌ مستأْنف كأَنه حِينَ قَالَ قُولُوا حَامِيمْ، قِيلَ: مَاذَا يَكُونُ إِذا قُلْنَاهَا؟ فَقَالَ: لَا يُنصرون. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قَالَتِ الْعَامَّةُ فِي جَمْعِ حم وَطس حَواميم وطَواسين، قَالَ: وَالصَّوَابُ ذَواتُ طس وذَواتُ حم وذواتُ أَلم. وحُمَّ هَذَا الأَمرُ حَمّاً إِذا قُضِيَ. وحُمَّ لَهُ ذَلِكَ: قُدِّرَ؛ قأَما مَا أَنشده ثَعْلَبٌ مِنْ قَوْلِ جَميل:
فَلَيْتَ رِجَالًا فيكِ قَدْ نذَرُوا دَمِي ... وحُمُّوا لِقائي، يَا بُثَيْنَ، لَقوني
فإِنه لَمْ يُفَسِّرْ حُمُّوا لِقائي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالتَّقْدِيرُ عِنْدِي للِقائي فَحَذَفَ أَي حُمَّ لَهُمْ لِقائي؛ قَالَ: وروايتُنا وهَمُّوا بِقَتْلِي. وحَمَّ اللهُ لَهُ كَذَا وأَحَمَّهُ: قَضَاهُ؛ قَالَ عَمْرُو ذُو الْكَلْبِ الهُذَليُّ:
أَحَمَّ اللهُ ذَلِكَ مِنْ لِقاءٍ ... أُحادَ أُحادَ فِي الشَّهْرِ الحَلال
وحُمَّ الشيءُ وأُحِمَّ أَي قُدِّرَ، فَهُوَ مَحْموم؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لخَبَّابِ بْنِ غُزَيٍّ:
وأَرْمي بِنَفْسِي فِي فُروجٍ كثيرةٍ، ... وليْسَ لأَمرٍ حَمَّهُ اللَّهُ صارِفُ
وَقَالَ البَعيثُ:
أَلا يَا لَقَوْمِ كلُّ مَا حُمَّ واقِعُ، ... وللطَّيْرِ مَجْرى والجُنُوب مَصارِعُ
والحِمامُ، بِالْكَسْرِ: قَضَاءُ الْمَوْتِ وقَدَرُه، مِنْ قَوْلِهِمْ حُمَّ كَذَا أَي قُدِّرَ. والحِمَمُ. المَنايا، وَاحِدَتُهَا حِمَّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ الحِمام كَثِيرًا، وَهُوَ الْمَوْتُ؛ وَفِي شِعْرِ ابْنِ رَواحةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ:
هَذَا حِمامُ الموتِ قَدْ صَلِيَتْ
أَي قَضَاؤُهُ، وحُمَّةُ الْمَنِيَّةِ والفِراق مِنْهُ: مَا قُدِّرَ وقُضِيَ. يُقَالُ: عَجِلَتْ بِنَا وَبِكُمْ حُمَّةُ الفِراق وحُمَّةُ الْمَوْتِ أَي قَدَرُ الفِراق، وَالْجَمْعُ حُمَمٌ وحِمامٌ، وَهَذَا حَمٌّ لِذَلِكَ أَي قَدَرٌ؛ قَالَ الأَعشى:
تَؤُمُّ سَلَامَةَ ذَا فائِشٍ، ... هُوَ اليومَ حَمٌّ لِمِيعَادِهَا
أَي قَدَرٌ، وَيُرْوَى: هُوَ الْيَوْمَ حُمَّ لِمِيعَادِهَا أَي قُدِّر لَهُ. وَنَزَلَ بِهِ حِمامُه أَي قَدَرُهُ وموتُه. وَحَمَّ حَمَّهُ: قَصَدَ قَصْدَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ بِعِيرَهُ:
فَلَمَّا رَآنِي قَدْ حَمَمْتُ ارْتِحالَهُ، ... تَلَمَّكَ لَوْ يُجْدي عَلَيْهِ التَّلَمُّكُ(12/151)
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَعْنِي عَجَّلْتُ ارْتِحَالَهُ، قَالَ: وَيُقَالُ حَمَمْتُ ارْتِحَالَ الْبَعِيرِ أَي عَجَلَتَهُ. وحامَّهُ: قارَبه. وأَحَمَّ الشيءُ: دَنَا وَحَضَرَ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وكنتُ إِذا مَا جِئْتُ يَوْمًا لحاجةٍ ... مَضَتْ، وأَحَمَّتْ حاجةُ الغَد مَا تَخْلو
مَعْنَاهُ حانَتْ وَلَزِمَتْ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ: وأَجَمَّتْ. وَقَالَ الأَصمعي: أَجَمَّتِ الحاجةُ، بِالْجِيمِ، تُجِمُّ إِجْماماً إِذا دنَتْ وَحَانَتْ، وأَنشد بَيْتَ زُهَيْرٍ: وأَجَمَّتْ، بِالْجِيمِ، وَلَمْ يَعْرِفْ أَحَمَّتْ، بِالْحَاءِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَحَمَّتْ فِي بَيْتِ زُهَيْرٍ يُرْوَى بِالْحَاءِ وَالْجِيمِ جَمِيعًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَرِدْ بالغَدِ الَّذِي بَعْدَ يَوْمِهِ خَاصَّةً وإِنما هُوَ كِنَايَةٌ عَمَّا يستأْنف مِنَ الزَّمَانِ، وَالْمَعْنَى أَنه كلَّما نَالَ حَاجَةً تطلَّعتْ نَفْسُهُ إِلى حَاجَةٍ أُخرى فَمَا يَخْلو الإِنسان مِنْ حَاجَةٍ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَحَمَّت الحاجةُ وأَجَمَّت إِذا دَنَتْ؛ وأَنشد:
حَيِّيا ذَلِكَ الغَزالَ الأَحَمَّا، ... إِن يَكُنْ ذَلِكَ الفِراقُ أَجَمَّا
الْكِسَائِيُّ: أَحَمَّ الأَمرُ وأَجَمَّ إِذا حَانَ وَقْتُهُ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ للَبيد:
لِتَذودَهُنَّ. وأَيْقَنَتْ، إِن لَمْ تَذُدْ، ... أَن قَدْ أَحَمَّ مَعَ الحُتوفِ حِمامُها
وَقَالَ: وَكُلُّهُمْ يَرْوِيهِ بِالْحَاءِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَحَمَّ قُدومُهم دَنَا، قَالَ: وَيُقَالُ أَجَمَّ، وَقَالَتِ الْكِلَابِيَّةُ: أَحَمَّ رَحِيلُنا فَنَحْنُ سَائِرُونَ غَدًا، وأَجَمَّ رَحيلُنا فَنَحْنُ سَائِرُونَ الْيَوْمَ إِذا عَزَمْنا أَن نَسِيرَ مِنْ يَوْمِنَا؛ قَالَ الأَصمعي: مَا كَانَ مَعْنَاهُ قَدْ حانَ وُقوعُه فَهُوَ أَجَمُّ بِالْجِيمِ، وإِذا قُلْتَ أَحَمّ فَهُوَ قُدِّرَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَن أَبا الأَعور السُّلَمِيَّ قَالَ لَهُ: إِنا جِئْنَاكَ فِي غَيْرِ مُحِمَّة
؛ يُقَالُ: أَحَمَّت الْحَاجَةُ إِذا أَهَمَّتْ وَلَزِمَتْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ المُحِمَّةُ الْحَاضِرَةُ، مِنْ أَحَمَّ الشيءُ إِذا قَرُبَ وَدَنَا. والحَمِيمُ: الْقَرِيبُ، وَالْجَمْعُ أَحِمَّاءُ، وَقَدْ يَكُونُ الحَمِيم لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ. والمُحِمُّ: كالحَمِيم؛ قَالَ:
لَا بأْس أَني قَدْ عَلِقْتُ بعُقْبةٍ، ... مُحِمٌّ لَكُمْ آلَ الهُذَيْلِ مُصِيبُ
العُقْبَةُ هُنَا: البَدَلُ. وحَمَّني الأَمرُ وأَحَمَّني: أَهَمَّني. واحْتَمَّ لَهُ: اهْتَمَّ. الأَزهري: أَحَمَّني هَذَا الأَمر واحْتَمَمْتُ لَهُ كَأَنَّهُ اهْتِمَامٌ بِحَمِيمٍ قَرِيبٍ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
تَعَزَّ عَلَى الصَّبابةِ لَا تُلامُ، ... كأَنَّكَ لَا يُلِمُّ بِكَ احْتِمامُ
واحْتَمَّ الرجلُ: لَمْ يَنَمْ مِنَ الْهَمِّ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
عَلَيْهَا فَتًى لَمْ يَجعل النومَ هَمَّهُ ... وَلَا يُدْرِكُ الحاجاتِ إِلا حَمِيمُها
يَعْنِي الكَلِفَ بِهَا المُهْتَمَّ. وأَحَمَّ الرجلُ، فَهُوَ يُحِمُّ إِحْماماً، وأَمر مُحِمٌّ، وَذَلِكَ إِذا أَخذك مِنْهُ زَمَعٌ وَاهْتِمَامٌ. واحْتَمَّتْ عَيْنِي: أَرِقتْ مِنْ غَيْرِ وَجَعٍ. وَمَا لَهُ حُمٌّ وَلَا سُمٌّ غَيْرُكَ أَي مَا لَهُ هَمٌّ غيرُك، وَفَتْحُهُمَا لُغَةٌ، وَكَذَلِكَ مَا لَهُ حُمٌّ وَلَا رُمّ، وحَمٌّ وَلَا رَمٌّ، وَمَا لَكَ عَنْ ذَلِكَ حُمٌّ وَلَا رُمٌّ، وحَمٌّ وَلَا رَمٌّ أَي بُدٌّ، وَمَا لَهُ حَمٌّ وَلَا رَمٌّ أَي قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:(12/152)
جَعَلَتْهُ حَمَّ كَلْكَلَها ... مِنْ ربيعٍ ديمةٌ تَثِمُهْ
وحامَمْتُه مُحامَّةً: طَالَبْتُهُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ أَنا مُحامٌّ عَلَى هَذَا الأَمر أَي ثَابِتٌ عَلَيْهِ. واحْتَمَمْتُ: مِثْلَ اهْتَمَمْتُ. وَهُوَ مِنْ حُمَّةِ نَفْسِي أَي مِنْ حُبَّتها، وَقِيلَ: الْمِيمُ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: فُلَانٌ حُمَّةُ نَفْسِي وحُبَّة نَفْسِي. والحامَّةُ: العامَّةُ، وَهِيَ أَيضاً خاصَّةُ الرجل من أَهله وولده. يُقَالُ: كَيْفَ الحامَّةُ وَالْعَامَّةُ؟ قَالَ اللَّيْثُ: والحَميمُ الْقَرِيبُ الَّذِي تَوَدُّه ويَوَدُّكَ، والحامَّةُ خاصةُ الرجل من أَهله وَوَلَدِهِ وَذِي قَرَابَتِهِ؛ يُقَالُ: هَؤُلَاءِ حامَّتُه أَي أَقرِباؤه. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللهمَّ هَؤُلَاءِ أَهلُ بَيْتِي وحامَّتي أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وطَهِّرْهم تَطْهِيرًا
؛ حامَّة الإِنسان: خاصتُه وَمَنْ يَقْرُبُ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
انْصَرَفَ كلُّ رجلٍ مِنْ وَفْد ثَقيف إِلى حامَّته.
والحَمِيمُ القَرابةُ، يُقَالُ: مُحِمٌّ مُقْرِبٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً
؛ لَا يسأَل ذُو قَرَابَةٍ عَنْ قَرَابَتِهِ، وَلَكِنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُمْ سَاعَةً ثُمَّ لَا تَعارُفَ بَعْدَ تِلْكَ السَّاعَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: حَميمكَ قَرِيبُكَ الَّذِي تَهْتَمُّ لأَمره. وحُمَّةُ الحَرِّ: معظمُه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للضِّباب بْنِ سُبَيْع:
لعَمْري لَقَدْ بَرَّ الضِّبابَ بَنُوه، ... وبَعْضُ الْبَنِينَ حُمَّةٌ وسُعالُ
وحَمُّ الشَّيْءِ: مُعْظَمُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِذا الْتَقَى الزَّحْفانِ وَعِنْدَ حُمَّةِ النَّهْضات
أَي شِدَّتِهَا وَمُعْظَمِهَا. وحُمَّةُ كُلِّ شَيْءٍ: مُعْظَمُهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَصلها مِنَ الحَمِّ الْحَرَارَةُ وَمِنْ حُمَّة السِّنان.، وَهِيَ حِدَّتُه. وأَتيته حَمَّ الظَّهيرةِ أَي فِي شِدَّةِ حَرِّهَا؛ قَالَ أَبو كَبير:
وَلَقَدْ ربَأْتُ، إِذا الصِّحابُ تَوَاكَلُوا، ... حَمَّ الظَّهيرةِ فِي اليَفاع الأَطْولِ
الأَزهري: مَاءٌ مَحْموم ومَجْموم ومَمْكُول ومَسْمول وَمَنْقُوصٌ ومَثْمود بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والحَمِيمُ والحَمِيمةُ جَمِيعًا: الْمَاءُ الْحَارُّ. وشربتُ الْبَارِحَةَ حَميمةً أَي مَاءً سُخْنًا. والمِحَمُّ، بِالْكَسْرِ: القُمْقُمُ الصَّغِيرُ يُسَخَّنُ فِيهِ الْمَاءُ. وَيُقَالُ: اشربْ عَلَى مَا تَجِدُ مِنَ الْوَجَعِ حُسىً مِنْ مَاءٍ حَمِيمٍ؛ يُرِيدُ جَمْعَ حُسْوَةٍ مِنْ مَاءٍ حَارٍّ. والحَمِيمَةُ: الْمَاءُ يُسَخَّنُ. يُقَالُ: أَحَمُّوا لَنَا الْمَاءَ أَي أَسخنوا. وحَمَمْتُ الْمَاءَ أَي سَخَّنْتُهُ أَحُمُّ، بِالضَّمِّ. والحَمِيمةُ أَيضاً: المَحْضُ إِذا سُخِّنَ. وَقَدْ أَحَمَّهُ وحَمَّمَه: غَسَلَهُ بالحَمِيم. وَكُلُّ مَا سُخِّنَ فَقَدْ حُمِّمَ؛ وَقَوْلُ العُكْلِيِّ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وبِتْنَ عَلَى الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها، ... وحارَدْنَ إِلا مَا شَرِبْنَ الحَمائِما
فَسَّرَهُ فَقَالَ: ذهبتْ أَلْبانُ المُرْضِعاتِ إِذ لَيْسَ لَهُنَّ مَا يأَكلْنَ وَلَا مَا يشربْنَ إِلا أَن يُسَخِّنَّ الْمَاءَ فَيَشْرَبْنَهُ، وإِنما يُسَخِّنَّهُ لِئَلَّا يشربْنه عَلَى غَيْرِ مأْكول فيَعْقِرَ أَجوافهن، فَلَيْسَ لَهُنَّ غِذاءٌ إِلا الْمَاءُ الحارُّ، قَالَ: والحَمائِمُ جَمْعُ الحَمِيم الَّذِي هُوَ الْمَاءُ الحارُّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خطأٌ لأَن فَعِيلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فَعائل، وإِنما هُوَ جَمْعُ الحَمِيمَةِ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ الحارُّ، لُغَةٌ فِي الحَميم، مِثْلَ صَحيفةٍ وصَحائف. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه كَانَ يَغْتَسِلُ بالحَميم
، وَهُوَ الْمَاءُ الحارُّ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَمّامُ مُشدّد وَاحِدُ الحَمّامات الْمَبْنِيَّةِ؛(12/153)
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُبَيْدِ بْنِ القُرْطِ الأَسديّ وَكَانَ لَهُ صَاحِبَانِ دَخَلَا الحَمّامَ وتَنَوَّرا بنُورةٍ فأَحْرقتهما، وَكَانَ نَهَاهُمَا عَنْ دُخُولِهِ فَلَمْ يَفْعَلَا:
نَهَيْتُهما عَنْ نُورةٍ أَحْرقَتْهما، ... وحَمَّامِ سوءٍ ماؤُه يَتَسَعَّرُ
وأَنشد أَبو الْعَبَّاسِ لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ:
خليليَّ بالبَوْباة عُوجا، فَلَا أَرى ... بِهَا مَنْزِلًا إِلا جَديبَ المُقَيَّدِ
نَذُقْ بَرْدَ نَجْدٍ، بَعْدَ مَا لعِبَت بِنَا ... تِهامَةُ فِي حَمَّامِها المُتَوَقِّدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جاءَ الحَمَّامُ مُؤَنَّثًا فِي بَيْتٍ زَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ أَنه يَصِفُ حَمّاماً وَهُوَ قَوْلُهُ:
فإِذا دخلْتَ سمعتَ فِيهَا رَجَّةً، ... لَغَط المَعاوِلِ فِي بُيُوتِ هَدادِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَمَّامُ الدِّيماسُ مُشْتَقٌّ مِنَ الحَميم، مُذَكَّرٌ تُذَكِّرُه الْعَرَبُ، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ مِنَ الأَسماء عَلَى فَعّالٍ نَحْوَ القَذَّافِ والجَبَّانِ، وَالْجَمْعُ حَمَّاماتٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَمَعُوهُ بالأَلف وَالتَّاءِ وإِن كَانَ مُذَكَّرًا حِينَ لَمْ يكسَّر، جَعَلُوا ذَلِكَ عِوَضًا مِنَ التَّكْسِيرِ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: سَأَلْتُ ابْنَ الأَعرابي عَنْ الحَمِيم فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وساغَ لِي الشَّرابُ، وكنتُ قِدْماً ... أَكادُ أَغَصُّ بِالْمَاءِ الحَميمِ
فَقَالَ: الحَميم الْمَاءُ الْبَارِدُ؛ قَالَ الأَزهري: فالحَميم عِنْدَ ابْنِ الأَعرابي مِنَ الأَضداد، يَكُونُ الماءَ الْبَارِدَ وَيَكُونُ الماءَ الحارَّ؛ وأَنشد شَمِرٌ بَيْتَ المُرَقِّش:
كلُّ عِشاءٍ لَهَا مِقْطَرَةٌ ... ذاتُ كِباءٍ مُعَدّ، وحَميم
وَحَكَى شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الحَمِيم إِن شِئْتَ كَانَ مَاءً حَارًّا، وإِن شِئْتَ كَانَ جَمْرًا تَتَبَخَّرُ بِهِ. والحَمَّةُ: عَيْنُ مَاءٍ فِيهَا مَاءٌ حَارٌّ يُسْتَشْفى بِالْغَسْلِ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هِيَ عُيَيْنَةٌ حارَّةٌ تَنْبَعُ مِنَ الأَرض يَستشفي بِهَا الأَعِلَّاءُ والمَرْضَى. وَفِي الْحَدِيثِ
مَثَلُ الْعَالِمِ مثَلُ الحَمَّةِ يأْتيها البُعَداءُ وَيَتْرُكُهَا القُرَباءُ، فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذ غَارَ ماؤُها وَقَدِ انْتَفَعَ بِهَا قَوْمٌ وَبَقِيَ أَقوام يَتَفَكَّنون
أَي يتندَّمون. وَفِي حَدِيثِ
الدَّجَّالِ: أَخبروني عَنْ حَمَّةِ زُغَرَ
أَي عَيْنِهَا، وزُغَرُ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ. واسْتَحَمَّ إِذا اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ الحَميم، وأَحَمَّ نفسَه إِذا غَسَلَهَا بِالْمَاءِ الْحَارِّ. والاستِحْمامُ: الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، هَذَا هُوَ الأَصل ثُمَّ صَارَ كلُّ اغْتِسَالٍ اسْتِحْماماً بِأَيِّ مَاءٍ كَانَ. وَفِي الْحَدِيثُ:
لَا يبولَنَّ أَحدُكم فِي مُسْتَحَمِّه
؛ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَغْتَسِلُ فِيهِ بالحَميم، نَهَى عَنْ ذَلِكَ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْلَكٌ يَذْهَبُ مِنْهُ الْبَوْلُ أَو كَانَ الْمَكَانُ صُلْباً، فَيُوهَمُ الْمُغْتَسِلُ أَنه أَصابه مِنْهُ شَيْءٌ فَيَحْصُلُ مِنْهُ الوَسْواسُ؛ وَمِنْهُ حديث
ابن مُغَغَّلٍ: أَنه كَانَ يَكْرَهُ البولَ فِي المُسْتَحَمِّ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن بعضَ نِسَائِهِ اسْتَحَمَّتْ مِنْ جَنابةٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْتَحِمُّ مِنْ فَضْلِهَا
أَي يَغْتَسِلُ؛ وَقَوْلُ الحَذْلَمِيّ يَصِفُ الإِبل:
فذاكَ بَعْدَ ذاكَ مِنْ نِدامِها، ... وبعد ما اسْتَحَمَّ فِي حَمَّامها
فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: عَرِقَ مِنْ إِتعابها إِياه فَذَلِكَ اسْتحمامه.(12/154)
وحَمَّ التَّنُّورَ: سَجَرَه وأَوقده. والحَمِيمُ: الْمَطَرُ الَّذِي يأْتي فِي الصَّيْفِ حِينَ تَسْخُن الأَرض؛ قَالَ الهُذَليُّ:
هُنَالِكَ، لَوْ دَعَوْتَ أَتاكَ مِنْهُمْ ... رِجالٌ مِثْلَ أَرْمية الحَمِيمِ
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحَمِيم الْمَطَرُ الَّذِي يأْتي بَعْدَ أَن يَشْتَدَّ الْحَرُّ لأَنه حَارٌّ. والحَمِيمُ: القَيْظ. وَالْحَمِيمُ: العَرَقُ. واسْتَحَمَّ الرَّجُلُ: عَرِقَ، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ؛ قَالَ الأَعشى:
يَصِيدُ النَّحُوصَ ومِسْحَلَها ... وجَحْشَيْهما، قَبْلَ أَن يَسْتَحِم
قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا:
فكأَنَّه لَمَّا اسْتَحَمَّ بمائِهِ، ... حَوْلِيُّ غِرْبانٍ أَراح وأَمطرا
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي ذُؤَيْبٍ:
تأْبَى بدِرَّتها، إِذا مَا اسْتُكْرِهَتْ، ... إِلا الحَمِيم فإِنه يَتَبَضَّعُ
فأَما قَوْلُهُمْ لِدَاخِلِ الحمَّام إِذا خَرَجَ: طَابَ حَمِيمُك، فَقَدْ يُعْنى بِهِ الاستحْمامُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبي عُبَيْدٍ، وَقَدْ يُعْنَى بِهِ العَرَقُ أَي طَابَ عَرَقُكَ، وإِذا دُعِيَ لَهُ بِطِيبِ عَرَقِه فَقَدْ دُعِي لَهُ بِالصِّحَّةِ لأَن الصَّحِيحَ يَطِيبُ عرقُه. الأَزهري: يُقَالُ طَابَ حَمِيمُك وحِمَّتُكَ لِلَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الحَمَّام أَي طَابَ عَرَقُك. والحُمَّى والحُمَّةُ: عِلَّةٌ يسْتَحِرُّ بِهَا الجسمُ، مِنَ الحَمِيم، وأَما حُمَّى الإِبلِ فبالأَلف خَاصَّةً؛ وحُمَّ الرجلُ: أَصابه ذَلِكَ، وأَحَمَّهُ اللَّهُ وَهُوَ مَحْمُومٌ، وَهُوَ مِنَ الشَّوَاذِّ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ مَحْمُوم بِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهَا عَلَى ثِقَةٍ، وَهِيَ أَحد الْحُرُوفِ الَّتِي جَاءَ فِيهَا مَفْعُول مِنْ أَفْعَلَ لِقَوْلِهِمْ فُعِلَ، وكأَنَّ حُمَّ وُضِعَتْ فِيهِ الحُمَّى كَمَا أَن فُتِنَ جُعِلَتْ فِيهِ الفِتْنةُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حُمِمْتُ حَمّاً، وَالِاسْمُ الحُمَّى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الحُمَّى مَصْدَرٌ كالبُشْرَى والرُّجْعَى. والمَحَمَّةُ: أَرض ذَاتُ حُمَّى. وأَرض مَحَمَّةٌ: كَثِيرَةُ الحُمَّى، وَقِيلَ: ذَاتُ حُمَّى. وَفِي حَدِيثِ
طَلْقٍ: كُنَّا بأَرض وَبِئَةٍ مَحَمَّةٍ أَي ذَاتِ حُمَّى، كالمأْسَدَةِ والمَذْأَبَةِ لِمَوْضِعِ الأُسود والذِّئاب.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى الْفَارِسِيُّ مُحِمَّةً، وَاللُّغَوِيُّونَ لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنهم قَالُوا: كَانَ مِنَ الْقِيَاسِ أَن يُقَالَ، وَقَدْ قَالُوا: أَكْلُ الرَّطْبِ مَحَمَّةٌ أَي يُحَمُّ عَلَيْهِ الآكلُ، وَقِيلَ: كُلُّ طَعَامٍ حُمَّ عَلَيْهِ مَحَمَّةٌ، يُقَالُ: طعامٌ مَحَمَّةٌ إِذا كَانَ يُحَمُّ عَلَيْهِ الَّذِي يأْكله، وَالْقِيَاسُ أَحَمَّتِ الأَرضُ إِذا صَارَتْ ذَاتَ حُمَّى كَثِيرَةٍ. والحُمامُ، بِالضَّمِّ: حُمَّى الإِبل وَالدَّوَابِّ، جَاءَ عَلَى عَامَّةٍ مَا يَجِيءُ عَلَيْهِ الأَدواءُ. يُقَالُ: حُمَّ البعيرُ حُماماً، وحُمَّ الرَّجُلُ حُمَّى شَدِيدَةً. الأَزهري عَنِ ابْنِ شُمَيْلٍ: الإِبل إِذا أَكلت النَّدى أَخذها الحُمامُ والقُماحُ، فأَما الحُمامُ فيأْخذها فِي جِلْدِهَا حَرٌّ حَتَّى يُطْلَى جسدُها بِالطِّينِ، فَتَدَعُ الرَّتْعَةَ ويَذهَبُ طِرْقها، يَكُونُ بِهَا الشهرَ ثُمَّ يَذْهَبُ، وأَما القُماحُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ. وَيُقَالُ: أَخذ الناسَ حُمامُ قُرٍّ، وَهُوَ المُومُ يأْخذ النَّاسَ. والحَمُّ: مَا اصطَهَرْتَ إِهالته مِنَ الأَلْيَةِ وَالشَّحْمِ، وَاحِدَتُهُ حَمَّةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يُهَمُّ فِيهِ القومُ هَمَّ الحَمِ(12/155)
وَقِيلَ: الحَمُّ مَا يَبقى مِنَ الإِهالة أَي الشَّحْمِ الْمُذَابِ؛ قَالَ:
كأَنَّما أَصواتُها، فِي المَعْزاء، ... صوتُ نَشِيشِ الحَمِّ عِنْدَ القَلَّاء
الأَصمعي: مَا أُذيب مِنَ الأَلْيَةِ فَهُوَ حَمٌّ إِذا لَمْ يَبْقَ فِيهِ وَدَكٌ، وَاحِدَتُهُا حَمَّة، قَالَ: وَمَا أُذيب مِنَ الشَّحْمِ فَهُوَ الصُّهارة والجَمِيلُ؛ قَالَ الأَزهري: وَالصَّحِيحُ مَا قَالَ الأَصمعي، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِمَا أُذيب مِنْ سَنَامِ الْبَعِيرِ حَمّ، وَكَانُوا يسمُّون السَّنام الشحمَ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَمُّ مَا بَقِيَ مِنَ الأَلية بَعْدَ الذَّوْب. وحَمَمْتُ الأَليةَ: أَذبتها. وحَمَّ الشحمةَ يَحُمُّها حَمّاً: أَذابها؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وجارُ ابْنِ مَزْرُوعٍ كُعَيْبٍ لَبُونُه ... مُجَنَّبَةٌ، تُطْلَى بحَمّ ضُروعُها
يَقُولُ: تُطْلَى بَحمّ لِئَلَّا يُرْضِعَهَا الرَّاعِي مِنْ بُخْلِهِ. وَيُقَالُ: خُذْ أَخاك بحَمِّ اسْتِهِ أَي خُذْهُ بأَول مَا يُسْقِطُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ. والحَمَمُ: مَصْدَرُ الأَحَمّ، والجمعُ الحُمُّ، وَهُوَ الأَسود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالِاسْمُ الحُمَّةُ. يُقَالُ: بِهِ حُمَّةٌ شَدِيدَةٌ؛ وأَنشد:
وقاتمٍ أَحْمَرَ فِيهِ حُمَّةٌ
وَقَالَ الأَعشى:
فَأَمَّا إِذا رَكِبوا للصَّباحِ ... فأَوجُههم، مِنْ صدىَ البَيْضِ، حُمُ
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
أَحْوَى أَحَمّ المُقْلَتَيْن مُقَلَّد
وَرَجُلٌ أَحَمُّ بيِّن الحَمَم، وأَحَمَّهُ اللَّهُ: جَعَلَهُ أَحَمَّ، وكُمَيْتٌ أَحَمُّ بيِّن الحُمَّة. قَالَ الأَصمعي: وَفِي الكُمْتة لَوْنَانِ: يَكُونُ الْفَرَسُ كُمَيْتاً مْدَمّىً، وَيَكُونُ كُمَيْتاً أَحَمَّ، وأَشدُّ الْخَيْلِ جُلوداً وحوافرَ الكُمْتُ الحُمُّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحمَّةُ لَوْنٌ بَيْنَ الدُّهْمَة والكُمْتة، يُقَالُ: فَرَسٌ أَحَمُّ بَيِّنُ الحُمَّة، والأَحَمُّ الأَسْود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: الْوَافِدُ فِي اللَّيْلِ الأَحَمِ
أَي الأَسود، وَقِيلَ: الأَحَمّ الأَبيض؛ عَنِ الهَجَريّ؛ وأَنشد:
أَحَمُّ كَمِصْبَاحِ الدُّجى
وَقَدْ حَمِمْتُ حَمَماً واحمَوْمَيْتُ وتَحَمَّمْتُ وتَحَمْحَمْتُ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الهُذَلي:
أحَلا وشِدْقاه وخُنْسَةُ أَنْفِهِ، ... كَحِنَاءِ ظَهْرِ البُرمة المُتَحَمِّم «2»
. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
وَقَدْ أَلَّ مِنْ أَعضادِه ودَنا لَهُ، ... مِنَ الأَرض، دانٍ جَوزُهُ فَتَحَمْحَما
وَالِاسْمُ الحُمَّة؛ قَالَ:
لَا تَحْسِبَنْ أَن يَدِي فِي غُمَّهْ، ... فِي قَعْرِ نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ حُمَّهْ،
أَمْسَحُها بتُرْبةٍ أَو ثُمَهْ
عَنَى بالحُمَّة مَا رسَب فِي أَسفل النِّحيِ مِنْ مُسْوَدّ مَا رسَب مِنَ السَّمن وَنَحْوِهِ، وَيَرْوِي خُمَّه، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا. والحَمَّاءُ، عَلَى وَزْنِ فَعْلاء: الاسْتُ لِسَوادها، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَمَّاء سافِلَةُ الإِنسان، والجمع حُمٌّ.
__________
(2) . قوله [كحناء ظهر] كذا بالأَصل، والذي في المحكم: كجآء(12/156)
والحِمْحِمُ والحُماحِمُ جَمِيعًا: الأَسْود. الْجَوْهَرِيُّ: الحِمْحِمُ، بِالْكَسْرِ، الشديدُ السوادِ. وشاةٌ حِمْحِم، بِغَيْرِ هَاءٍ: سَوْدَاءُ؛ قَالَ:
أَشَدُّ مِنْ أُمّ عُنُوقٍ حِمْحِمِ ... دَهْساءَ سَوْداءَ كلَوْن العِظْلِمِ،
تَحْلُبُ هَيْساً فِي الإِناء الأَعْظَمِ
الهَيْسُ، بِالسِّينِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ: الحَلْبُ الرُّوَيْد. والحُمَمُ: الفَحْمُ، وَاحِدَتُهُ حُمَمَةٌ. والحُمَمُ: الرَّماد والفَحْم وكلُّ مَا احْتَرَقَ مِنَ النَّارِ. الأَزهري: الحُمَم الفَحْم الْبَارِدُ، الْوَاحِدَةُ حُمَمَةٌ، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ حُمَمة. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: إِن رَجُلًا أَوصى بَنيه عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ: إِذا أَنا مُتُّ فأَحْرِقُوني بِالنَّارِ، حَتَّى إِذا صِرْتُ حُمَماً فاسْحَقوني، ثُمَّ ذَرُّوني فِي الرِّيحِ لَعَلِّي أَضِلُّ اللهَ
؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:
أَشَجاك الرَّبْعُ أَم قِدَمُهْ، ... أَم رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُه؟
وحَمَّت الجَمْرةُ تَحَمُّ، بِالْفَتْحِ، إِذا صَارَتْ حُمَمةً. وَيُقَالُ أَيضاً: حَمَّ الماءُ أَي صَارَ حَارًّا. وحَمَّم الرَّجُلُ: سَخَّم وجْهَه بالحُمَم، وَهُوَ الفحمُ. وَفِي حَدِيثِ الرَّجْم:
أَنه أَمَرَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّم مَجْلود
أَي مُسْوَدّ الْوَجْهِ، مِنَ الحُمَمَة الفَحْمةِ. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ: خُذي مِنِّي أَخي ذَا الحُمَمة
؛ أَراد سَوادَ لَونه. وَجَارِيَةٌ حُمَمَةٌ: سَوْدَاءُ. واليَحْموم مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، يَفْعُولُ مِنَ الأَحَمِّ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَغَيْرُ سُفْعٍ مُثَّلٍ يَحامِم
باختلاسِ حركةِ الْمِيمِ الأُولى، حَذْفُ الْيَاءِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا قَالَ:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا
وأَظهر التَّضْعِيفَ لِلضَّرُورَةِ أَيضاً كَمَا قَالَ:
مهْلًا أَعاذِلَ، قَدْ جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقي ... أَني أَجودُ لأَقْوامٍ، وإِنْ ضَنِنوا
واليَحْمومُ: دُخَّانٌ أَسود شَدِيدُ السَّوَادِ؛ قَالَ الصَّبَّاح بْنُ عَمْرٍو الهَزَّاني:
دَعْ ذَا فكَمْ مِنْ حالكٍ يَحْمومِ، ... ساقِطةٍ أَرْواقُه، بَهيمِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: اليَحْمومُ الدخانُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ
، عَنى بِهِ الدُّخَانَ الأَسود، وَقِيلَ أَي مِنْ نَارٍ يُعَذَّبون بِهَا، وَدَلِيلُ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ؛ إِلا أَنه مَوْصُوفٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِشِدَّةِ السَّوَادِ، وَقِيلَ: اليَحْمومُ سُرادِق أَهل النَّارِ، قَالَ اللَّيْثُ: واليَحْمومُ الفَرَس، قَالَ الأَزهري: اليَحْمومُ اسْمُ فُرْسٍ كَانَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، سُمِّيَ يَحموماً لِشِدَّةِ سَوَادِهِ؛ وَقَدْ ذَكَرَهُ الأَعشى فَقَالَ:
ويأْمُرُ للْيَحْمومِ كلَّ عَشِيَّةٍ ... بِقَتٍّ وتَعْليقٍ، فَقَدْ كَادَ يَسْنَقُ
وَهُوَ يَفْعولٌ مِنَ الأَحَمِّ الأَسْودِ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
والحارِثانِ كِلَاهُمَا ومُحَرِّقٌ، ... والتُّبَّعانِ وفارِسُ اليَحْمومِ
واليَحْمومُ: الأَسْود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَتَسْمِيَتُهُ بالَيحْمومِ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: إِما أَن يَكُونَ مِنَ الحَميمِ الَّذِي هُوَ العَرَق، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ(12/157)
السَّواد كَمَا سُمِّيَتْ فُرُسٌ أُخرى حُمَمة؛ قَالَتْ بَعْضُ نِسَاءِ الْعَرَبِ تَمْدَحُ فَرَسَ أَبيها: فَرَسُ أَبي حُمَمةُ وَمَا حُمَمةُ. والحُمَّةُ دُونَ الحُوَّةِ، وَشَفَةٌ حَمَّاء، وَكَذَلِكَ لِثَةٌ حَمَّاءُ. وَنَبْتٌ يَحْمومٌ: أَخضرُ رَيَّانُ أَسودُ. وحَمَّمَتِ الأَرضُ: بَدَا نباتُها أَخضرَ إِلى السَّوَادِ. وحَمَّمَ الفرخُ: طلَع ريشُه، وَقِيلَ: نَبْتٌ زَغَبُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ لَجَإٍ:
فَهُوَ يَزُكُّ دائمَ التَّزَعُّمِ، ... مِثْلَ زَكيكِ الناهِضِ المُحمِّمِ
وحَمَّم رأْسُه إِذا اسْوَدَّ بَعْدَ الحَلْق؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَمَّمَ الرأْسُ نَبَتَ شَعَرُه بَعْدَ مَا حُلِق؛ وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَنه كَانَ إِذا حَمَّمَ رأْسُه بِمَكَّةَ خَرَجَ وَاعْتَمَرَ
، أَي اسْوَدَّ بَعْدَ الحلْق بِنَبَاتِ شَعْرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنه كَانَ لَا يُؤَخِّرُ الْعُمْرَةَ إِلى المُحَرَّمِ، وإِنما كَانَ يَخْرُجُ إِلى الْمِيقَاتِ وَيَعْتَمِرُ فِي ذِي الحِجَّة؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ زِمْلٍ: كأَنما حُمِّمَ شَعْرُهُ بِالْمَاءِ
أَي سُوِّدَ، لأَن الشَّعْرَ إِذا شَعِثَ اغْبَرَّ، وإِذا غُسِل بِالْمَاءِ ظَهَرَ سَوَادُهُ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ أَي جُعل جُمَّةً. وحَمَّمَ الغلامُ: بَدَتْ لِحْيَتُهُ. وحَمَّمَ المرأَةَ: متَّعها بِشَيْءٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ قَالَ:
أَنتَ الَّذِي وَهَبْتَ زَيداً، بَعْدَ مَا ... هَمَمْتُ بِالْعَجُوزِ أَن تُحَمَّما
هَذَا رَجُلٌ وُلِدَ لَهُ ابنٌ فَسَمَّاهُ زَيْدًا بَعْدَ مَا كَانَ هَمّ بِتَطْلِيقِ أُمِّه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وحَمَّمْتُها قَبْلَ الْفِرَاقِ بِطعنةٍ ... حِفاظاً، وأَصحابُ الحِفاظِ قَلِيلُ
وَرَوَى
شَمِرٌ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ مَسْلمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَرَبِيًّا، وَكَانَ يَقُولُ فِي خُطبته: إِن أَقلَّ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا هَمّاً أَقلُّهم حَمّاً
أَي مَالًا وَمَتَاعًا، وَهُوَ مِنَ التَّحْميمِ المُتْعَةِ؛ وَقَالَ الأَزهري: قَالَ سُفْيَانُ أَراد بِقَوْلِهِ أَقلُّهم حَمّاً أَي مُتْعةً، وَمِنْهُ تَحْمِيم المطلَّقة. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنه طَلَّقَ امرأَته فمتَّعها بخادمٍ سَوْداءَ حَمَّمَها إِياها
أَي مَتَّعها بِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تسمِّي المُتْعةَ التَّحْميمَ، وعَدَّاه إِلى مَفْعُولَيْنِ لأَنه فِي مَعْنَى أَعطاها إِياها، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد حَمَّمَها بِهَا فَحَذَفَ وأَوصَل. وثِيابُ التَّحِمَّة: مَا يُلْبِس المطلِّقُ المرأَةَ إِذا مَتَّعها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فإِنْ تَلْبَسي عَنّي ثيابَ تَحِمَّةٍ، ... فَلَنْ يُفْلِحَ الْوَاشِي بِكِ المُتَنَصِّحُ
الأَزهري: الحَمامة طَائِرٌ، تَقُولُ الْعَرَبُ: حمامَةٌ ذكرٌ وَحَمَامَةٌ أُنثى، وَالْجَمْعُ الحَمام. ابْنُ سِيدَهْ: الحَمام مِنَ الطَّيْرِ البَرّيُّ الَّذِي لَا يأْلَف الْبُيُوتَ، قَالَ: وَهَذِهِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ هِيَ اليَمام. قَالَ الأَصمعي: اليَمام ضَرْبٌ مِنَ الْحَمَامِ برِّيّ، قَالَ: وأَما الْحَمَامُ فكلُّ مَا كَانَ ذَا طَوْق مِثْلَ القُمْريّ والفاخِتة وأَشباهِها، واحِدته حَمامة، وَهِيَ تَقَعُ عَلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ كالحَيّة والنَّعامة وَنَحْوِهَا، وَالْجَمْعُ حَمائم، وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ حَمام؛ فأَما قَوْلُهُ:
حَمامَيْ قفرةٍ وَقَعا فَطَارَا
فَعَلَى أَنه عَنى قَطِيعَيْنِ أَو سِرْبين كَمَا قَالُوا جِمالان؛ وأَما قَوْلُ العَجَّاج:
ورَبِّ هَذَا البلدِ المُحَرَّمِ، ... والقاطِناتِ الْبَيْتِ غيرِ الرُّيَّمِ،
قَوَاطِنًا مكةَ مِنْ وُرْقِ الحَمي(12/158)
فإِنما أَراد الحَمام، فَحَذَفَ الْمِيمَ وَقَلَبَ الأَلف يَاءً؛ قال أَبو إِسحق: هَذَا الحذفُ شَاذٌّ لَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ فِي الحِمار الحِمي، تُرِيدُ الحِمار، فأَما الحَمام هُنَا فإِنما حُذِفَ مِنْهَا الأَلف فَبَقِيَتِ الحَمَم، فَاجْتَمَعَ حَرْفَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَلَزِمَهُ التَّضْعِيفُ فأَبدل مِنَ الْمِيمِ يَاءً، كَمَا تَقُولُ فِي تظنَّنْت تظنَّيْت، وَذَلِكَ لِثِقَلِ التَّضْعِيفِ، وَالْمِيمُ أَيضاً تُزِيدُ فِي الثِّقَلِ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ. وَرَوَى
الأَزهري عَنِ الشَّافِعِيِّ: كلُّ مَا عَبَّ وهَدَر فَهُوَ حَمام
، يَدْخُلُ فِيهَا القَمارِيُّ والدَّباسِيُّ والفَواخِتُ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُطَوَّقة أَو غَيْرَ مطوَّقة، آلِفةً أَو وَحْشِيَّةً؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ الشَّافِعِيُّ اسْمَ الحَمام وَاقِعًا عَلَى مَا عَبَّ وهَدَر لَا عَلَى مَا كَانَ ذَا طَوْقٍ، فَتَدْخُلُ فِيهِ الوُرْق الأَهلية والمُطَوَّقة الْوَحْشِيَّةُ، وَمَعْنَى عَبَّ أَي شَرِبَ نَفَساً نَفَساً حَتَّى يَرْوَى، وَلَمْ يَنْقُر الْمَاءَ نَقْراً كَمَا تَفْعَلُهُ سَائِرُ الطَّيْرِ. والهَدير: صَوْتُ الْحَمَامِ كُلِّهِ، وجمعُ الحَمامة حَمام وحَمامات وحَمائم، وَرُبَّمَا قَالُوا حَمام لِلْوَاحِدِ؛ وأَنشد قَوْلَ الْفَرَزْدَقِ:
كأَنَّ نِعالَهن مُخَدَّماتٍ، ... عَلَى شرَك الطريقِ إِذا اسْتَنَارَا
تُساقِطُ رِيشَ غادِيةٍ وغادٍ ... حَمامَيْ قَفْرةٍ وقَعا فَطَارَا
وَقَالَ جِرانُ العَوْد:
وذَكَّرَني الصِّبا، بَعْدَ التَّنائي، ... حَمامةُ أَيْكةٍ تَدْعو حَماما
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والحَمام عِنْدَ الْعَرَبِ ذَوَاتُ الأَطواق مِنْ نَحْوِ الفَواخِت والقَمارِيّ وساقِ حُرٍّ والقَطا والوَراشِين وأَشباه ذَلِكَ، يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى، لأَن الْهَاءَ إِنما دَخَلَتْهُ عَلَى أَنه وَاحِدٌ مِنْ جِنْسٍ لَا للتأْنيث، وَعِنْدَ الْعَامَّةِ أَنها الدَّواجِنُ فَقَطْ، الْوَاحِدَةُ حَمامة؛ قَالَ حُمَيْد بْنُ ثوْرٍ الْهِلَالِيُّ:
وَمَا هاجَ هَذَا الشَّوْقَ إِلَّا حمامةٌ ... دَعَتْ ساقَ حُرٍّ، تَرْحةً وتَرَنُّما
والحَمامة هَاهُنَا: قُمْرِيَّةٌ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:
واحْكُمْ كحُكْمِ فَتَاةِ الْحَيِّ، إِذ نَظَرتْ ... إِلى حَمامٍ شِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ «3»
هَذِهِ زَرْقاء الْيَمَامَةِ نَظَرَتْ إِلى قَطاً؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهَا:
لَيت الحَمامَ لِيَهْ ... إِلى حمامَتِيَهْ،
ونِصْفَه قَدِيَهْ، ... تَمَّ القَطاةُ مِيَهْ
قَالَ: والدَّواجن الَّتِي تُسْتَفْرَخ فِي الْبُيُوتِ حَمام أَيضاً، وأَما اليَمام فَهُوَ الحَمامُ الْوَحْشِيُّ، وَهُوَ ضَرْب مِنْ طَيْرِ الصَّحْرَاءِ، هَذَا قَوْلُ الأَصمعي، وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَقُولُ: الحَمام هُوَ الْبَرِّيُّ، وَالْيَمَامُ هُوَ الَّذِي يأْلف الْبُيُوتَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ:
أَنه كَانَ يُعْجبه النَّظَرُ إِلى الأُتْرُجِّ والحَمام الأَحْمَر
؛ قَالَ أَبو مُوسَى: قَالَ هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ هُوَ التُّفَّاحُ؛ قَالَ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ. وحُمَة الْعَقْرَبِ، مُخَفَّفَةُ الْمِيمِ: سَمُّها، وَالْهَاءُ عِوَضٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَسَنَذْكُرُهُ فِي الْمُعْتَلِّ. ابْنُ الأَعرابي: يقال لِسَمّ العقرب الحُمَّة والحُمَةُ، وَغَيْرُهُ لَا يُجِيزُ التَّشْدِيدَ، يَجْعَلُ أَصله حُمْوَةً.
__________
(3) . وفي رواية أَخرى: سِراعٍ(12/159)
والحَمامة: وسَطُ الصَّدْر؛ قَالَ:
إِذا عَرَّسَتْ أَلْقَتْ حَمامةَ صَدْرِها ... بتَيْهاء، لَا يَقْضي كَراها رَقِيبُهَا
والحَمامة: المرأَة؛ قَالَ الشَّمَّاخ:
دارُ الفتاةِ الَّتِي كُنَّا نَقُولُ لَهَا: ... يَا ظَبْيَةً عُطُلًا حُسّانَةَ الجيدِ
تُدْني الحمامةَ مِنْهَا، وَهِيَ لاهِيةٌ، ... مِنْ يانِعِ الكَرْمِ غرْبانَ العَناقيدِ
وَمَنْ ذَهَبَ بالحَمامةِ هُنَا إِلى مَعْنَى الطَّائِرِ فَهُوَ وجْهٌ؛ وأَنشد الأَزهري للمُؤَرِّج:
كأَنَّ عَيْنَيْهِ حَمامتانِ
أَي مِرآتانِ. وحَمامةُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ الشمَّاخ:
ورَوَّحَها بالمَوْرِ مَوْرِ حَمامةٍ ... عَلَى كلِّ إِجْرِيَّائِها، وَهُوَ آبِرُ
والحَمامة: خِيار الْمَالِ. والحَمامة: سَعْدانة الْبَعِيرِ. والحَمامة: سَاحَةُ الْقَصْرِ النَّقِيَّةُ. والحَمامةُ: بَكَرة الدَّلْو. والحَمامة: المرأَة الْجَمِيلَةُ. وَالْحَمَامَةُ: حَلْقة الْبَابِ. والحَمامةُ مِنَ الفَرَس: القَصُّ. والحَمائِم: كَرَائِمُ الإِبل، وَاحِدَتُهَا حَميمة، وَقِيلَ: الحَميمة كِرام الإِبل، فَعَبَّرَ بِالْجَمْعِ عَنِ الْوَاحِدِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ قَوْلُ كُرَاعٍ. يُقَالُ: أَخذ المُصَدِّقُ حَمائِمَ الإِبل أَي كَرَائِمَهَا. وإِبل حامَّةٌ إِذا كَانَتْ خِيَارًا. وحَمَّةُ وحُمَّةُ: مَوْضِعٌ؛ أَنشد الأَخفش:
أَأَطْلالَ دارٍ بالسِّباع فَحُمَّةِ ... سأَلْت، فَلَمَّا اسْتَعْجَمَتْ ثُمَّ صَمَّتِ
ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَمَّةُ حِجَارَةٌ سُودٌ تَرَاهَا لَازِقَةً بالأَرض، تقودُ فِي الأَرض الليلةَ وَاللَّيْلَتَيْنِ والثلاثَ، والأَرضُ تَحْتَ الْحِجَارَةِ تَكُونُ جَلَداً وسُهولة، وَالْحِجَارَةُ تَكُونُ مُتدانِية وَمُتَفَرِّقَةً، تَكُونُ مُلْساً مِثْلَ الجُمْع وَرُؤُوسِ الرِّجَالِ، وَجَمْعُهَا الحِمامُ، وَحِجَارَتُهَا مُتَقَلِّعٌ ولازقٌ بالأَرض، وَتَنْبُتُ نَبْتًا كَذَلِكَ لَيْسَ بِالْقَلِيلِ وَلَا بِالْكَثِيرِ. وحَمام: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَالِمُ بْنُ دارَة يَهْجُو طَريفَ بْنَ عَمْرٍو:
إِني، وإِن خُوِّفْتُ بالسِّجن، ذاكِرٌ ... لِشَتْمِ بَنِيَ الطَّمَّاح أَهلِ حَمام
إِذا مَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ دَهَنوا اسْتَهُ ... بِزيت، وحَفُّوا حَوْله بِقِرام
نَسَبهم إِلى التَّهَوُّدِ. والحُمَامُ: اسْمُ رَجُلٍ. الأَزهري: الحُمام السَّيِّدُ الشَّرِيفُ، قَالَ: أُراه فِي الأَصل الهُمامَ فقُلبت الْهَاءُ حَاءً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنا ابنُ الأَكرَمينَ أَخو المَعالي، ... حُمام عَشيرتي وقِوامُ قَيْسِ
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْعَامِرِيُّ قُلْتُ لِبَعْضِهِمْ أَبَقِيَ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ فَقَالَ: هَمْهامِ وحَمْحامِ ومَحْماحِ وبَحْباح أَي لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ. وحِمَّانُ: حَيٌّ مِنْ تَمِيمٍ أَحد حَيَّيْ بَنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَناةَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وحَمَّانُ، بِالْفَتْحِ، اسْمُ رَجُلٍ «1» . وحَمُومةُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ: مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، قَالَ: وأَظنه أَسود يَذْهَبُ إِلى اشْتِقَاقِهِ مِنَ الحُمَّة الَّتِي هِيَ السَّوَادُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالُوا: جَارَا حَمومةَ، فَحَمومةُ هُوَ هَذَا الْمَلِكُ، وَجَارَاهُ: مَالِكُ بْنُ جعفر
__________
(1) . قوله [وَحَمَّانُ بِالْفَتْحِ اسْمُ رَجُلٍ] قَالَ في التكملة:؛ المشهور فيه كسر الحاء(12/160)
ابْنُ كِلَابٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُشَيْر. والحَمْحَمة: صَوْتُ البِرْذَوْن عِنْدَ الشَّعِير «1» . وَقَدْ حَمْحَمَ، وَقِيلَ: الحَمْحَمة والتَّحَمْحُم عَرُّ الْفَرَسِ حِينَ يُقَصِّر فِي الصَّهيل وَيَسْتَعِينُ بنفَسه؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَمْحَمة صَوْتُ البِرْذَوْنِ دُونَ الصَّوْتِ الْعَالِي، وصَوتُ الْفَرَسِ دونَ الصَّهيل، يُقَالُ: تَحَمْحَمَ تَحَمْحُماً وحَمْحَمَ حَمْحَمَةً؛ قَالَ الأَزهري: كأَنه حِكَايَةُ صَوْتِهِ إِذا طَلَبَ العَلَفَ أَو رأَى صَاحِبَهُ الَّذِي كَانَ أَلِفه فاستأْنس إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَجِيءُ أَحدُكم يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِفَرَسٍ لَهُ حَمْحَمةٌ.
الأَزهري: حَمْحَم الثورُ إِذا نَبَّ وأَراد السِّفادَ. والحِمْحِمُ: نَبْتٌ، واحدتُه حِمْحِمةٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحِمْحِم والخِمْخِم وَاحِدٌ. الأَصمعي: الحِمْحِم الأَسْود، وَقَدْ يُقَالُ لَهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وَسْطَ الديارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وحُماحِمٌ لَوْنٌ مِنَ الصِّبغ أَسود، والنَّسبُ إِليه حُماحِمِيٌّ. والحَماحِم: رَيْحانة مَعْرُوفَةٌ، الْوَاحِدَةُ حَماحِمَةٌ. وَقَالَ مُرَّةُ: الحَماحِم بأَطراف الْيَمَنِ كَثِيرَةٌ وَلَيْسَتْ ببَرّية وتَعْظُم عِنْدَهُمْ. وَقَالَ مُرَّةُ: الحِمْحِم عُشْبةٌ كَثِيرَةُ الْمَاءِ لَهَا زغَبٌ أَخشنُ يَكُونُ أَقل مِنَ الذِّرَاعِ. والحُمْحُمُ والحِمْحِم جَمِيعًا: طَائِرٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنه سَمِعَ أَعرابيّاً مِنْ بَنِي عَامِرٍ يَقُولُ: إِذا قِيلَ لَنَا أَبَقِيَ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قُلْنَا: حَمْحامِ. واليَحْموم: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ الأَخطل:
أَمْسَتْ إِلى جَانِبِ الحَشَّاك جيفَتُهُ، ... ورأْسُه دونَهُ اليَحْمُوم والصُّوَرُ
وحَمُومةُ: اسْمُ جَبَلٍ بِالْبَادِيَةِ. واليَحاميمُ: الْجِبَالُ السُّودُ.
حنم: الأَزهري: رَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: الحَنَمة الْبُومَةُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ ثِقة.
حنتم: الحَنْتَم: جِرارٌ خُضْرٌ تَضرب إِلى الْحُمْرَةِ؛ قَالَ طُفَيْلٌ يَصِفُ سَحَابًا:
لَه هَيْدبٌ دانٍ كأَن فُروجَه، ... فُوَيْقَ الحَصى والأَرْضِ، أَرفاضُ حَنْتَمِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ عَمرو بْنِ شَأْس:
رَجَعْتُ إِلى صَدْرٍ كجَرَّةِ حَنْتَمٍ، ... إِذا قُرِعَتْ صِفْراً مِنَ الْمَاءِ صَلَّتِ
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ عَدِيٍّ:
مَنْ مُبْلِغُ الحَسْناء أَنَّ حَليلَها، ... بمَيْسانَ، يُسْقى مِنْ رُخامٍ وحَنْتَمِ؟
والحَنْتَمُ: سَحَابٌ، وَقِيلَ: سَحَابٌ سُودٌ. والحَناتم: سَحائب سُودٌ لأَن السَّوَادَ عِنْدَهُمْ خُضْرَةٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
سَقى أُمَّ عمروٍ، كلَّ آخرِ ليلةٍ، ... حناتمُ سُحْمٌ ماؤُهنَّ ثَجيجُ
وَالْوَاحِدَةُ حَنتمةٌ، وأَصل الحَنْتَمِ الْخُضْرَةُ، وَالْخُضْرَةُ قَرِيبَةٌ مِنَ السَّوَادِ. وحَنتَمٌ: اسْمُ أَرض؛ قَالَ الرَّاعِي:
كأَنكَ بالصحْراءِ مِنْ فَوقِ حَنْتَم ... تُناغِيكَ، مِنْ تَحْتِ الخُدُورِ، الجَآذر
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ والحَنْتَم
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ جِرارٌ حُمْرٌ
__________
(1) . قوله [عند الشعير] أَي عند طلبه، أَفاده شارح القاموس(12/161)
كَانَتْ تُحْمَلُ إِلى الْمَدِينَةِ فِيهَا الخمرُ؛ قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ لِلسَّحَابِ حَنْتَم وحَناتم لِامْتِلَائِهَا مِنَ الْمَاءِ، شُبِّهَتْ بحَناتم الجِرار الْمَمْلُوءَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ: الحَنْتَمُ جِرَارٌ مَدْهُونَةٌ خُضْرٌ كَانَتْ تُحْمَلُ الخمرُ فِيهَا إِلى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهَا فَقِيلَ للخَزَف كلِّه حَنْتم، وَاحِدَتُهَا حَنْتَمةٌ، وإِنما نَهَى عَنِ الِانْتِبَاذِ فِيهَا لأَنها تُسْرِعُ الشدةُ فِيهَا لأَجل دَهْنِهَا، وَقِيلَ: لأَنها كَانَتْ تُعْمل مَنْ طِينٍ يُعْجَنُ بِالدَّمِ وَالشَّعْرِ، فَنَهَى عَنْهَا ليُمْتنَع مِنْ عَمَلِهَا، والأَول الْوَجْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْعَاصِ: أَن ابْنَ حَنْتَمَةَ بعَجَتْ لَهُ الدُّنْيَا مِعاها
؛ حَنْتَمَةُ: أُم عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهِيَ بِنْتُ هاشم بن المغيرة.
حندم: الحَنْدَمُ: شَجَرٌ حُمْرُ العُروق؛ قَالَ يَصِفُ إِبلًا:
حُمْراً ورُمْكاً كعُروقِ الحَنْدَمِ
وَاحِدَتُهُ حَنْدَمَة. وحَنْدَمٌ: اسْمٌ. والحِنْدِمانُ: قَبِيلَةٌ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السيرافي.
حنذم: الْجَوْهَرِيُّ: الحِنْذِمانُ الْجَمَاعَةُ، وَيُقَالُ الطائفةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وإِنا لزَوَّارُونَ بالمِقْنَبِ العِدى، ... إِذا حِنْذِمانُ اللُّؤْمِ طابَتْ وِطابُها
حوم: الحَوْمُ: القَطيع الضخمُ مِنَ الإِبل أَكثرُه إِلى الأَلف؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ونَعَماً حَوْماً بِهَا مُؤَبَّلا
وَقِيلَ: هِيَ الإِبل الْكَثِيرَةُ مِنْ غَيْرِ أَن يُحَدَّ عددُها. وحَوْمةُ كُلِّ شَيْءٍ: مُعْظَمُهُ كَالْبَحْرِ وَالْحَوْضِ وَالرَّمْلِ. والحَوْمةُ: أَكثر مَوْضِعٍ فِي الْبَحْرِ مَاءً وأَغْمَرُه، وَكَذَلِكَ فِي الْحَوْضِ. وحَوْمَةُ الْقِتَالِ: مُعْظَمُهُ وأَشدُّ موضعٍ فِيهِ، وَكَذَلِكَ مِنَ الرَّمْلِ وَالْمَاءِ وَغَيْرِهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرُؤْبَةَ:
حَتَّى إِذا كَرَعْنَ فِي الحَوْمِ المَهَقْ
وحَوْمةُ الْمَاءِ: غَمْرَتُهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والحَوَمانُ: دَومانُ الطَّائِرِ يُدَوِّم ويَحُومُ حَوْلَ الْمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَا وَليَ أَحدٌ إِلَّا حامَ عَلَى قَرَابَتِهِ
أَي عَطَفَ كَفِعْلِ الْحَائِمِ عَلَى الْمَاءِ، وَيُرْوَى حَامَى. وحامَ الطائرُ عَلَى الشَّيْءِ حَوْماً وحَوَماناً: دَوَّمَ. والطائرُ يَحُومُ حَوْلَ الْمَاءِ ويَلُوبُ إِذا كَانَ يَدُورُ حَوْلَهُ مِنَ الْعَطَشِ. الْجَوْهَرِيُّ: حامَ الطَّائِرُ وَغَيْرُهُ حَوْلَ الشَّيْءِ يَحُومُ حَوْماً وحَوَماناً أَي دَارَ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اللَّهُمَّ ارْحَمْ بهائمَنا الحائمةَ
؛ هِيَ الَّتِي تَحُومُ حَوْلَ الْمَاءِ أَي تَطُوفُ فَلَا تَجِدُ مَاءً تَرِدُهُ، وحامَتِ الإِبلُ حَوْلَ الْمَاءِ حَوْماً كَذَلِكَ. وكلُّ مَنْ رامَ أَمْراً فَقَدْ حامَ عليه حَوْماً وحِياماً وحُؤُوماً وحَوَماناً. والحَومُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: جَمْعُ. وكلُّ عَطْشَانَ حائمٌ. وإِبل حَوائم وحُوَّمٌ: عِطَاشٌ جِدّاً؛ الأَصمعي: الحوَّمُ مِنَ الإِبل العِطاش الَّتِي تَحومُ حَوْلَ الْمَاءِ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ عَلْقَمة بْنِ عَبدَةَ:
كأْسٌ عَزِيزٌ مِنَ الأَعْناب عَتَّقَها، ... لبَعْضِ أَربابها، حانِيَّةٌ حُومُ
قَالَ: الحُومُ الْكَثِيرَةُ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثُومٍ الحُومُ الَّتِي تَحُومُ فِي الرأْس أَي تَدُورُ، والمُعَتَّقة: الَّتِي طَالَ مُكْثُها. وهامَةٌ حائِمةٌ: عَطْشى، وَفِي التَّهْذِيبِ: قَدْ عَطِشَ دِماغُها.(12/162)
والحَوْمانةُ: مَكَانٌ غليظٌ منْقادٌ، وَجَمْعُهُ حَوْمان وحَوامِينُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَومْانُ مِنَ السَّهْلِ مَا أَنبت العَرْفَجَ، وَقُرِئَ بِخَطِّ شَمرٍ لأَبي خَيْرَةَ قَالَ: الحَوْمانُ وَاحِدَتُهَا حَوْمانةٌ شَقَائِقُ بَيْنَ الْجِبَالِ، وهي أَطيب الحُزُونة، ولكنها جَلَدٌ ليس فيها إِكام وَلَا أَبارقُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: مَا كَانَ فَوْقَ الرَّمْلِ وَدُونَهُ حِينَ تَصْعَدُه أَو تَهْبِطُهُ. وَفِي حَدِيثِ وَفْد مَذْحِج:
كأَنها أَخاشِبُ بالحَوْمان
أَي الأَرض الْغَلِيظَةِ الْمُنْقَادَةِ. والحَوْمانُ: نَبَاتٌ بِالْبَادِيَةِ، وَاحِدَتُهُ حَوْمانةٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع الحَوْمان فِي أَسماء النَّبَاتِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ؛ قَالَ: وأَظنه وَهَماً. وحَامٌ: أَحدُ أَولاد نَبِيِّ اللَّهِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ أَبو السُّودان؛ يُقَالُ: غُلَامٌ حامِيٌّ وعَبْدٌ حامِيٌّ. والحَوْمانُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ ثَوْرَ وَحْشٍ:
وأَضحى يَقْتَرِي الحَوْمانَ فَرْداً ... كنَصْلِ السَّيف حُودِثَ بالصِّقالِ
الأَزهري: وردتُ رَكِيَّة فِي جَوٍّ وَاسِعٍ يَلِي طَرَفاً مِنْ أَطراف الدَّوّ يُقَالُ لَهَا رَكِيَّة الحَوْمانة، قَالَ: وَلَا أَدري الحَوْمان فَوْعال مِن حَمَنَ، أَو فَعْلان مِنْ حَامَ.
فصل الخاء المعجمة
ختم: خَتَمَه يَخْتِمُه خَتْماً وخِتاماً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: طَبَعَه، فَهُوَ مَختوم ومُخَتَّمٌ، شُدِّد لِلْمُبَالَغَةِ، والخاتِمُ الفاعِلُ، والخَتْم عَلَى القَلْب: أَن لَا يَفهَم شَيْئًا وَلَا يَخرُج مِنْهُ شَيْءٌ كأَنه طَبْعٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ
؛ هُوَ كَقَوْلِهِ: طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ*، فَلَا تَعْقِلُ وَلَا تَعِي شَيْئًا؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَى خَتَمَ وطَبَعَ فِي اللُّغَةِ واحدٌ، وَهُوَ التَّغْطِيَةُ عَلَى الشَّيْءِ والاستِيثاقُ مِنْ أَن لَا يَدخله شَيْءٌ كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَلَا: أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها؛ وَفِيهِ: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ؛ مَعْنَاهُ غَلَبَ وغَطَّى عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ
؛ قَالَ قَتَادَةُ: الْمَعْنَى إِن يشإِ اللَّهُ يُنْسِكَ مَا آتاكَ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ إِن يشإِ اللَّهُ يَرْبِطْ عَلَى قَلْبِكَ بِالصَّبْرِ عَلَى أَذاهم وَعَلَى قَوْلِهِمُ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً. والخاتَمُ: مَا يُوضَع عَلَى الطيِّنة، وَهُوَ اسْمٌ مِثْلُ العالَمِ. والخِتامُ: الطِّينُ الَّذِي يُخْتَم بِهِ عَلَى الْكِتَابِ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
وصَهْباء طَافَ يَهُودِيُّها، ... وأَبْرَزَها وَعَلَيْهَا خَتَمْ
أَي عَلَيْهَا طِينَةٌ مَخْتُومَةٌ، مِثلُ نَفَضٍ بِمَعْنَى مَنْفُوضٍ وقَبَضٍ بِمَعْنَى مَقبوضٍ. والخَتْمُ: الْمَنْعُ. والخَتْم أَيضاً: حفْظُ مَا فِي الْكِتَابِ بتَعْلِيم الطِّينَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
آمِينَ خاتَمُ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ طَابَعُه، وعلامتُه الَّتِي تدفَعُ عَنْهُمُ الأَعراضَ وَالْعَاهَاتِ، لأَن خاتَمَ الْكِتَابِ يَصُونهُ ويمنَعُ النَّاظِرِينَ عَمَّا فِي بَاطِنِهِ، وَتُفْتَحُ تَاؤُهُ وتُكْسَرُ، لُغَتان. والخَتَمُ والخاتِمُ والخاتَمُ والخاتامُ والخَيْتامُ: مِنَ الحَلْي كأَنه أَوّل وَهْلة خُتِمَ بِهِ، فَدَخَلَ بِذَلِكَ فِي بَابِ الطابَع ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ لِذَلِكَ وإِن أُعِدَّ الخاتَمُ لِغَيْرِ الطَّبْع؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الخَيْتام:
يَا هِنْدُ ذاتَ الجَوْرَبِ المُنْشَقّ، ... أَخَذْتِ خَيْتامي بِغَيْرِ حَقِّ
وَيُرْوَى: خاتامِي؛ قَالَ: وَقَالَ آخَرُ:(12/163)
أَتُوعِدُنا بِخَيْتام الأَمِير
قَالَ: وَشَاهِدُ الْخَاتَامِ مَا أَنشده الْفَرَّاءُ لِبَعْضِ بَنِي عُقَيْلٍ:
لئِن كَانَ مَا حُدِّثْته اليومَ صَادِقًا، ... أَصُمْ فِي نهارِ القَيْظ لِلشَّمْسِ بَادِيَا
وأَرْكبْ حِماراً بَيْنَ سَرْجٍ وفَرْوة، ... وأُعْرِ مِنَ الخاتامِ صُغْرَى شِمالِيَا
وَالْجَمْعُ خَواتِم وخَواتِيم. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الَّذِينَ قَالُوا خَواتِيم إِنما جَعَلُوهُ تَكْسِيرَ فاعالٍ، وإِن لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِهِمْ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن سِيبَوَيْهِ لَمْ يَعْرِفْ خَاتَامًا، وَقَدْ تَخَتَّم بِهِ: لَبِسَهُ؛
ونَهى النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، عَنِ التختُّم بِالذَّهَبِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
التَّخَتُّم بِالْيَاقُوتِ يَنْفي الْفَقْرَ
؛ يُريد أَنه إِذا ذهَبَ مالُه بَاعَ خاتَمَه فوجدَ فِيهِ غِنىً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَشبه، إِن صَحَّ الْحَدِيثُ، أَن يَكُونَ لخاصَّة فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عن لُبْس الخاتَم إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ
أَي إِذا لَبسه لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَكَانَ للزِّينة المَحْضَةِ، فَكَرَّهَ لَهُ ذَلِكَ ورخَّصها لِلسُّلْطَانِ لِحَاجَتِهِ إِليها فِي خَتْم الكُتُب. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ خاتَمُ شَبَهٍ فَقَالَ: مَا لِي أَجدُ مِنك رَيحَ الأَصنام؟
لأَنها كَانَتْ تُتّخذُ مِنَ الشَّبَه، وَقَالَ فِي خاتَم الْحَدِيدِ:
مَا لِي أَرى عليكَ حِلْيَةَ أَهلِ النَّارِ؟
لأَنه كَانَ مِنْ زِيِّ الْكُفَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَصحاب النَّارِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ خَتَمَ عَلَيْكَ بابَهُ أَعرَض عَنْكَ. وخَتَم فُلَانٌ لكَ بابَه إِذا آثَرَكَ عَلَى غَيْرِكَ. وخَتَم فُلَانٌ الْقُرْآنَ إِذا قرأَه إِلى آخِرِهِ. ابْنُ سِيدَهْ. خَتَم الشَّيْءَ يَخْتِمُه خَتْماً بَلَغَ آخرَه، وخَتَمَ اللَّهُ لَهُ بخَير. وخاتِمُ كُلِّ شَيْءٍ وخاتِمَته: عَاقِبَتُهُ وآخِرُه. واخْتَتَمْتُ الشَّيْءَ: نَقيض افتَتَحْتُه. وخاتِمَةُ السُّورَةِ: آخرُها؛ وَقَوْلُهُ أَنشده الزَّجَّاجُ:
إِن الخليفَة، إِن اللَّهَ سَرْبَلَه ... سِرْبالَ مُلْك، بِهِ تُرْجى الخَواتِيمُ
إِنما جَمَع خاتِماً عَلَى خَوَاتِيمَ اضْطِرَارًا. وخِتامُ كُلِّ مَشروب: آخرُه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: خِتامُهُ مِسْكٌ
، أَي آخرُه لأَن آخِرَ مَا يَجدونه رَائِحَةُ الْمِسْكِ، وَقَالَ عَلْقَمَةُ: أَي خِلْطُه مِسك، أَلم ترَ إِلى المرأَة تَقُولُ للطِّيب خِلْطُه مِسكٌ خِلْطُه كَذَا؟ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ مِزاجُه مِسْكٌ، قَالَ: وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ عَلْقَمَة؛ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: عاقِبتُه طَعْم المِسك، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَ عَلِيٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، خاتِمُه مِسك؛ وَقَالَ: أَما رأَيتَ المرأَةَ تَقُولُ للعطَّار اجْعَلْ لِي خاتِمَه مِسكاً، تُرِيدُ آخرَه؟ قَالَ الْفَرَّاءُ: والخاتِمُ والخِتام مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى، إِلَّا أَن الخاتِمَ الاسمُ، والخِتام الْمَصْدَرُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فبِتْنَ جَنَابَتَيَّ مُصَرَّعاتٍ، ... وبِتُّ أَفُضُّ أَغلاقَ الخِتامِ
وَقَالَ: ومثلُ الخاتِم والخِتام قَوْلُكَ لِلرَّجُلِ: هُوَ كَرِيمُ الطَّابِع والطِّباع، قَالَ: وَتَفْسِيرُهُ أَن أَحدهم إِذا شَرِبَ وَجَدَ آخِرَ كأْسِه ريحَ المِسك. وخِتامُ الْوَادِي: أَقصاه. وخِتامُ القَوْم وخاتِمُهُم وخاتَمُهُم: آخرُهم؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وَمُحَمَّدٌ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خاتِمُ الأَنبياء، عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. التَّهْذِيبُ: والخاتِم والخاتَم مِنْ أَسماء النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ
؛ أَي آخِرَهُمْ، قَالَ: وَقَدْ قُرِئَ
وخاتَمَ
؛ وَقَوْلُ العَجَّاج:
مُبارَكٍ للأَنبياء خاتِمِ
إِنما حَمَلَهُ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ فَكَسَرَ، وَمِنْ أَسمائه(12/164)