والذُّبَالَةُ: الفَتِيلة الَّتِي تُسْرَج، وَالْجَمْعُ ذُبَال؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
بِتْنا بِتَدْوِرةٍ تُضِيء وجُوهُنا ... دسَم السَّلِيطِ، يُضِيء فَوْقَ ذُبَالِ
التَّهْذِيبِ: يُقَالُ للفَتِيلة الَّتِي يُصْبَح بِهَا السِّرَاجُ ذُبَالَة وذبَّالة، وَجَمْعُهَا ذُبال وذُبَّال؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كمِصْباحِ زَيْتٍ فِي قَنادِيل ذُبَّالِ
قَالَ: وَهُوَ الذُّبال الَّذِي يُوضَعُ فِي مِشكاة الزُّجاجة الَّتِي يُسْتَصْبَح بِهَا. والذَّبْل: ظَهْرُ السُّلَحْفاة، وَفِي الْمُحْكَمِ: جِلْدُ السُّلحْفاة البَرِّيَّة، وَقِيلَ الْبَحْرِيَّةِ، يُجْعَلُ مِنْهُ الأَمشاط ويُجْعَل مِنْهُ المَسَك أَيضاً، وَقِيلَ: الذَّبْل عِظَامُ ظَهْرِ دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ تَتَّخِذُ النِّسَاءُ مِنْهُ أَسْوِرة؛ قَالَ جَرِيرٌ يَصِفُ امرأَة رَاعِيَةً:
تَرَى العَبَس الحَوْلِيَّ جَوْناً بِكُوعِهَا ... لَهَا مَسَكاً، مِنْ غَيْرِ عَاجٍ وَلَا ذَبْل
وَيُرْوَى: جَوْناً بِسُوقِهَا؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
تَقُولُ ذاتُ الذَّبَلات جَيْهَلُ
فَجَمَعَ الذَّبْل بالأَلف وَالتَّاءِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي ذَاتُ الرَّبَلات. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الذَّبْل الْقُرُونُ يُسَوَّى مِنْهُ المَسَك. الْجَوْهَرِيُّ: والذَّبْل شَيْءٌ كَالْعَاجِ وَهُوَ ظَهْرُ السُّلَحْفاة الْبَرِّيَّةِ يُتَّخَذُ مِنْهُ السِّوار. والذَّبْل: جَبَل؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِشَاعِرٍ:
عَقِيلة إِجْل، تَنْتَمِي طَرِفاتُها ... إِلى مُؤْنِق مِنْ جَنْبة الدَّبْل رَاهِنِ
ويَذْبُلُ: اسْمُ جَبَلٍ بِعَيْنِهِ في بلاد نجد.
ذبكل: أَبو ذُبَاكِل: مِنْ شعرائهم.
ذجل: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي الذَّاجِل الظَّالِمُ، وَقَدْ ذَجَلَ إِذا ظَلَم.
ذحل: الذَّحْل: الثأْر، وَقِيلَ: طَلَبُ مكافأَة بِجِنَايَةٍ جُنِيَت عَلَيْكَ أَو عَدَاوَةٍ أُتِيَتْ إِليك، وَقِيلَ: هُوَ الْعَدَاوَةُ والحِقْد، وَجَمْعُهُ أَذْحَال وذُحُول، وَهُوَ التِّرة. يُقَالُ: طَلَبَ بذَحْله أَي بثأْره. وَفِي حَدِيثِ
عَامِرِ بْنِ المُلَوِّح: مَا كَانَ رَجُلٌ ليَقْتُل هَذَا الْغُلَامَ بذَحْله إِلا قَدِ اسْتَوْفى
؛ الذَّحْل: الوِتْر وَطَلَبُ المكافأَة بِجِنَايَةٍ جُنِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَتْلٍ أَو جرح ونحو ذلك.
ذرمل: التَّهْذِيبُ: ذَرْمَل الرجُل إِذا أَخرج خُبْزته مُرَمَّدَةً لِيُعَجِّلَهَا عَلَى الضَّيْفِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: ذَرْمَل ذَرْمَلةً إِذا سَلَح؛ وأَنشد:
لَعْواً مَتَى رأَيته تَقَهَّلا، ... وإِن حَطَأْت كَتِفيه ذَرْمَلا
ذعل: ابْنُ الأَعرابي: الذَّعَل الإِقرار بَعْدَ الْجُحُودِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا حَرْفٌ غَرِيبٌ مَا رأَيت لَهُ ذِكْرًا في الكتب.
ذفل: الذَّفْل والذِّفْل: القَطِران الرَّقِيقُ الَّذِي قَبْلَ الخَضْخاض.
ذلل: الذُّلُّ: نَقِيضُ العِزِّ، ذَلَّ يَذِلُّ ذُلًّا وذِلَّة وذَلالة ومَذَلَّة، فَهُوَ ذَلِيل بَيِّن الذُّلِّ والمَذَلَّة مِنْ قَوْمٍ أَذِلّاء وأَذِلَّة وذِلال؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئة:
وَشَاعِرُ قومٍ أُولي بِغْضة ... قَمَعْتُ، فصاروا لثاماً ذِلالا
وأَذَلَّه هُوَ وأَذَلَّ الرجلُ: صَارَ أَصحابه أَذِلَّاءَ.(11/256)
وأَذَلَّه: وَجَدَهُ ذَلِيلًا. واسْتَذَلُّوه: رأَوه ذَلِيلًا، ويُجْمَع الذَّلِيل مِنَ النَّاسِ أَذِلَّة وذُلَّاناً. والذُّلُّ: الخِسَّة. وأَذَلَّه واسْتَذَلَّه كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وتَذَلَّلَ لَهُ أَي خَضَعَ. وَفِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: المُذِلُّ؛ هُوَ الَّذِي يُلْحِق الذُّلَّ بِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَنْفِي عَنْهُ أَنواع الْعِزِّ جَمِيعَهَا. واسْتَذَلَّ البعيرَ الصَّعْبَ: نَزع القُراد عَنْهُ ليستلذَّ فيأْنس بِهِ ويَذِلّ؛ وإِياه عَنى الحُطَيئة بِقَوْلِهِ:
لَعَمْرُك مَا قُراد بَنِي قُرَيْع، ... إِذا نُزِع القُرادُ، بِمُسْتَطَاعِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ليَهْنِئْ تُرَاثي لامرئٍ غَيْرِ ذِلَّةٍ، ... صَنَابِرُ أُحْدانٌ لهُنَّ حَفِيف
أَراد غَيْرَ ذَلِيل أَو غَيْرَ ذِي ذِلَّة، وَرَفَعَ صَنَابر عَلَى الْبَدَلِ مِنْ تُرَاث. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
؛ قِيلَ: الذِّلَّة مَا أُمِروا بِهِ مِنْ قَتْلِ أَنفسهم، وَقِيلَ: الذِّلَّة أَخذ الْجِزْيَةِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْجِزْيَةُ لَمْ تَقَعْ فِي الَّذِينَ عَبَدُوا العِجْل لأَن اللَّهَ تَعَالَى تَابَ عَلَيْهِمْ بِقَتْلِ أَنفسهم. وذُلٌّ ذَلِيل: إِما أَن يَكُونَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، وإِما أَن يَكُونَ فِي مَعْنَى مُذِلّ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:
لَقَدْ لَقِيَتْ قُرَيْظَةُ مَا سَآهَا، ... وحَلَّ بِدَارِهِمْ ذُلٌّ ذَلِيل
والذِّلُّ، بِالْكَسْرِ: اللِّين وَهُوَ ضِدُّ الصُّعُوبَةِ. والذُّلُّ والذِّلُّ: ضِدُّ الصُّعُوبَةِ. ذَلَّ يَذِلُّ ذُلًّا وذِلًّا، فَهُوَ ذَلُولٌ، يَكُونُ فِي الإِنسان وَالدَّابَّةِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وَمَا يَكُ مِنْ عُسْرى ويُسْرى، فإِنَّني ... ذَلولٌ بحاجِ المُعْتَفِينَ، أَرِيبُ
عَلَّق ذَلُولًا بِالْبَاءِ لأَنه فِي مَعْنَى رَفِيق ورؤُوف، وَالْجَمْعُ ذُلُلٌ وأَذِلَّة. وَدَابَّةٌ ذَلُولٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَقَدْ ذَلَّلَه. الْكِسَائِيُّ. فَرَسٌ ذَلُول بيِّن الذِّلِّ، وَرَجُلٌ ذَلِيلٌ بيِّنُ الذِّلَّةِ والذُّلِّ، وَدَابَّةٌ ذَلولٌ بيِّنة الذُّلِّ مِنْ دَوَابٍّ ذُلُل. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: بَعْضُ الذُّلِّ أَبْقَى للأَهل وَالْمَالِ
؛ مَعْنَاهُ أَن الرَّجُلَ إِذا أَصابته خُطَّة ضَيْم يَنَالُهُ فِيهَا ذُلٌّ فصبَر عَلَيْهَا كَانَ أَبْقَى لَهُ ولأَهله وَمَالِهِ، فإِذا لَمْ يَصْبِرُ ومَرَّ فِيهَا طَالِبًا لِلْعِزِّ غَرَّر بِنَفْسِهِ وأَهله وَمَالِهِ، وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِهَلَاكِهِ. وعَيْرُ المَذَلَّة: الوتِدُ لأَنه يُشَجُّ رأْسه؛ وَقَوْلُهُ:
ساقَيْتُهُ كأْسَ الرَّدَى بأَسِنَّة ... ذُلُلٍ، مُؤَلَّلة الشِّفار، حِدَاد
إِنما أَراد مُذَلّلة بالإِحداد أَي قَدْ أُدِقَّت وأُرِقَّت؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وذَلَّ أَعْلى الحَوْض مِنْ لِطَامها
أَراد أَن أَعلاه تَثَلَّم وتهدَّم فكأَنه ذَلَّ وقَلَّ. وَفِي الْحَدِيثِ
: اللَّهُمَّ اسْقِنا ذُلُل السَّحَابِ
؛ هُوَ الَّذِي لَا رَعْدَ فِيهِ وَلَا بَرْق، وَهُوَ جَمْعُ ذَلُول مِنَ الذِّلّ، بِالْكَسْرِ، ضِدُّ الصَّعْبِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ذِي الْقَرْنَيْنِ: أَنه خُيِّر فِي رُكُوبِهِ بَيْنَ ذُلُل السَّحَابِ وصِعابه فَاخْتَارَ ذُلُله.
والذُّلُّ والذِّلُّ: الرِّفْقُ وَالرَّحْمَةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِينَ: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ
؛
قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَبو الْعَبَّاسِ: مَعْنَى قَوْلِهِ أَذِلَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ رُحَماء رُفَقاء عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، أَعِزَّة عَلَى الْكَافِرِينَ غِلاظ شِداد عَلَى الْكَافِرِينَ
؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى أَذِلَّةٍ(11/257)
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَي جَانِبُهُمْ لَيِّنٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ أَنهم أَذِلَّاء مُهانون، وَقَوْلُهُ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ أَي جَانِبُهُمْ غَلِيظٌ عَلَى الْكَافِرِينَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا
، أَي سُوِّيت عناقيدها وذُلِّيَت، وقيل: هذا كقوله: قُطُوفُها دانِيَةٌ، كُلَّمَا أَرادوا أَن يَقْطِفُوا شَيْئًا مِنْهَا ذُلِّل ذَلِكَ لَهُمْ فدَنا منهم، قُعوداً كانوا أَو مُضْطَجِعِينَ أَو قِيَامًا، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وتَذْليل العُذُوق فِي الدُّنْيَا أَنها إِذا انشقَّت عَنْهَا كَوَافيرها الَّتِي تُغَطِّيها يَعْمِد الآبِر إِليها فيُسَمِّحُها ويُيَسِّرها حَتَّى يُذلِّلها خَارِجَةً مِنْ بَيْنِ ظُهْران الْجَرِيدِ والسُّلَّاء، فَيَسْهُلُ قِطافها عِنْدَ يَنْعها؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وكَشْحٍ لَطِيف كالجَدِيل مُخَصَّرٍ، ... وساقٍ كأُنْبوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّل
قَالَ: أَراد سَاقًا كأُنبوب بَرْديٍّ بَيْنَ هَذَا النَّخْلِ المُذَلَّل، قَالَ: وإِذا كَانَ أَيام الثَّمَرَةِ أَلَحَّ النَّاسُ عَلَى النَّخْلِ بالسَّقْي فَهُوَ حِينَئِذٍ سَقِيٌّ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنعم لِلنَّخِيلِ وأَجْوَد لِلثَّمَرَةِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: السَّقِيُّ الَّذِي يَسْقِيهِ الْمَاءَ مِنْ غَيْرِ أَن يُتَكلَّف لَهُ السَّقْيُ. قَالَ شَمِرٌ: وسأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنِ المُذلَّل فَقَالَ: ذُلِّلَ طريقُ الْمَاءِ إِليه، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقِيلَ أَراد بالسَّقِيِّ العُنْقُر، وَهُوَ أَصل البَرْدِيِّ الرَّخْص الأَبيض، وَهُوَ كأَصل القَصَب؛ وَقَالَ العَجّاج:
عَلَى خَبَنْدَى قَصَب مَمْكُورِ، ... كعُنْقُرات الْحَائِرِ الْمَسْكُورِ
وَطَرِيقٌ مُذَلَّل إِذا كَانَ مَوْطُوءاً سَهْلًا. وذِلُّ الطَّرِيقِ: مَا وُطِّئَ مِنْهُ وسُهِّل. وَطَرِيقٌ ذَلِيلٌ مِنْ طُرُق ذُلُل، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: يَكُونُ الطَّرِيقُ ذَليلًا وَتَكُونُ هِيَ ذَلِيلة؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: ذُلُلًا نَعْتُ السُّبُل، يُقَالُ: سَبِيلٌ ذَلُولٌ وسُبُل ذُلُلٌ، وَيُقَالُ: إِن الذُّلُل مِنْ صِفَاتِ النَّحْلِ أَي ذُلِّلت لِيَخْرُجَ الشَّرَابُ مِنْ بُطُونِهَا. وذُلِّلَ الكَرْمُ: دُلِّيت عَنَاقِيدُهُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: التدْليل تَسْوِيَةُ عَنَاقِيدِ الكرْم وتَدْلِيتها، والتذْليل أَيضاً أَن يُوضَعَ العِذْق عَلَى الْجَرِيدَةِ لِتَحْمِلَهُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وَسَاقٍ كأُنبوب السَّقِيِّ المُذَلَّل
وَفِي الْحَدِيثِ
: كَمْ مِنْ عِذْق مُذَلَّل لأَبي الدَّحْداح
؛ تَذْلِيلُ العُذوق تَقَدَّمَ شَرْحُهُ، وإِن كَانَتِ الْعَيْنُ «3» مَفْتُوحَةً فَهِيَ النَّخْلَةُ، وَتَذْلِيلُهَا تَسْهِيلُ اجْتِنَاءِ ثَمَرَتِهَا وإِدْناؤها مِنْ قَاطِفِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ
: تَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مُذَلَّلة لَا يَغْشَاهَا إِلَّا الْعُوَافِي
، أَي ثِمَارُهَا دَانِيَةٌ سَهْلَةُ التَّنَاوُلِ مُخَلَّاة غَيْرُ مَحْمِيَّة وَلَا مَمْنُوعَةٍ عَلَى أَحسن أَحوالها، وَقِيلَ أَراد أَن الْمَدِينَةَ تَكُونُ مُخَلَّاة أَي خَالِيَةً مِنَ السُّكَّانِ لَا يَغْشَاهَا إِلَّا الْوُحُوشُ. وأُمور اللَّهِ جَارِيَةٌ عَلَى أَذلالها، وَجَارِيَةٌ أَذلالِها أَي مَجاريها وَطُرُقُهَا، وَاحِدُهَا ذِلٌّ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
لتَجْرِ المَنِيَّةُ بعد الفتى ... المُغادَر بالمَحْو أَذْلالَها
أَي لتَجْر عَلَى أَذلالها فَلَسْتُ آسَى عَلَى شيءٍ بَعْدَهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَذلال المَسالك. ودَعْه عَلَى أَذْلاله أَي عَلَى حَالِهِ، لَا وَاحِدَ لَهُ. وَيُقَالُ: أَجْرِ الأُمور عَلَى أَذلالها أَي عَلَى أَحوالها الَّتِي تَصْلُح عَلَيْهَا وتَسْهُل وتَتَيسر. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ جاءَ عَلَى أَذلاله أَي عَلَى وَجْهِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: مَا مِنْ شيءٍ من كتاب
__________
(3) . قوله [وإن كانت العين] أي من واحد العذوق وهو عذق(11/258)
اللَّهِ إِلَّا وَقَدْ جاءَ عَلَى أَذلاله
أَي عَلَى وُجُوهِهِ وطرُقه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جَمْعُ ذِلٍّ، بِالْكَسْرِ. يُقَالُ: رَكِبُوا ذِلَّ الطَّرِيقِ وَهُوَ مَا مُهِّد مِنْهُ وذُلِّل. وَفِي خُطبة زِيَادٍ: إِذا رأَيتموني أُنْفِذ فِيكُمُ الأَمرَ فأَنْفِذُوه عَلَى أَذلالِه. وَيُقَالُ: حَائِطٌ ذَلِيل أَي قَصِيرٌ. وَبَيْتٌ ذَلِيلٌ إِذا كَانَ قَرِيبَ السَّمْك مِنَ الأَرض. وَرُمْحٌ ذَلِيل أَي قَصِيرٌ. وذَلَّت الْقَوَافِي لِلشَّاعِرِ إِذا سَهُلت. وذَلاذِلُ الْقَمِيصِ: مَا يَلي الأَرض مِنْ أَسافله، الْوَاحِدُ ذُلذُلٌ مِثْلُ قُمْقُم وقَماقِم؛ قَالَ الزَّفَيانُ يَنْعَت ضِرْغامة:
إِنَّ لَنَا ضِرْغامةً جُنادِلا، ... مُشَمِّراً قَدْ رَفَع الذَّلاذِلا،
وَكَانَ يَوْماً قَمْطَرِيراً باسِلا
وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: يَخرج مِنْ ثَدْيِهِ يَتَذَلْذَل
أَي يَضْطرِب مِن ذَلاذِل الثَّوْبِ وَهِيَ أَسافله، وأَكثر الرِّوَايَاتِ يَتَزَلْزَلُ، بِالزَّايِ. والذُّلْذُلُ والذِّلْذِل والذِّلْذِلةُ والذُّلَذِلُ والذُّلَذِلةُ، كُلُّهُ: أَسافل الْقَمِيصِ الطَّوِيلِ إِذا ناسَ فأَخْلَق. والذَّلَذِلُ: مَقْصُورٌ عَنِ الذَّلاذِل الَّذِي هُوَ جَمْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَهِيَ الذّناذِنُ، واحدها ذُنْذُنٌ.
ذمل: الذَّمِيلُ: ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل، وَقِيلَ: هُوَ السَّيْرُ الليِّن مَا كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ فَوْقَ العَنَقِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِذا ارْتَفَعَ السَّيْرُ عَنِ العَنَق قَلِيلًا فَهُوَ التَّزَيُّد، فإِذا ارْتَفَعَ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ الذَّمِيلُ، ثُمَّ الرَّسِيم، ذَمَل يَذْمُلُ ويَذْمِلُ ذَمْلًا وذُمُولًا وذَمِيلًا وذَمَلاناً، وَهِيَ نَاقَةٌ ذَمُول مِنْ نُوق ذُمُل. قَالَ الأَصمعي: وَلَا يَذْمُلُ بَعِيرٌ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِلَّا مَهْرِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: يَسِير ذَمِيلًا
أَي سَيْراً سَرِيعًا لَيِّناً، وأَصله فِي سَيْرِ الإِبل. ابْنُ الأَعرابي: الذَّمِيلَةُ المُعْيِيَةُ. وَيُقَالُ للأَبْرَص: الأَذْمَل والأَعْرم والأَبْقَع، قَالَ: وَجَمْعُ الذَّامِلة مِنَ النُّوقِ الذَّوَامِل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَخُبُّ إِليه اليَعْمَلاتُ الذَّوامِلُ
وذَامِلٌ وذُمَيْلٌ: اسمان.
ذهل: الذَّهْل: تَرْكُكَ الشيءَ تَناساه عَلَى عَمْد أَو يَشْغَلك عَنْهُ شُغْلٌ، تَقُولُ: ذَهَلْت عَنْهُ وذَهِلْتُ وأَذْهَلَني كَذَا وَكَذَا عَنْهُ؛ وأَنشد:
أَذْهَلَ خِلِّي عَنْ فِراشِي مَسْجَدُهْ
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
؛ أَي تَسْلُو عَنْ وَلَدِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: ذَهَلَ الشيءَ وذَهَل عَنْهُ وذَهِلَه وذَهِل، بِالْكَسْرِ، عَنْهُ يَذْهَل فِيهِمَا ذَهْلًا وذُهُولًا تَرَكَهُ عَلَى عَمْد أَو غَفَل عَنْهُ أَو نَسِيَه لشُغُل، وَقِيلَ: الذَّهْل السُّلوُّ وَطِيبُ النَّفْس عَنِ الإِلْف، وَقَدْ أَذْهَلَه الأَمر، وأَذْهَلَه عَنْهُ. ومَرَّ ذَهْل مِنَ اللَّيْلِ وذُهْل أَي قِطْعة، وَقِيلَ: سَاعَةٌ مِنْهُ مِثْلُ دَهْل، وَالدَّالُ أَعلى، وجاءَ بَعْدَ ذَهْل مِنَ اللَّيْلِ ودَهْل أَي بَعْدَ هَدْءٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي جَهْمَةَ الذُّهلي:
مَضَى مِنَ اللَّيْلِ ذَهْلٌ، وَهِيَ واحدةٌ، ... كأَنَّها طائرٌ بالدَّوِّ مَذْعُور
قَالَ: وَقَالَ أَبو زَكَرِيَّا التَّبْرِيزِيُّ دَهْل، بِدَالٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ؛ قَالَ: وَكَذَا أَنشده فِي الحَماسة. والذُّهْلُول مِنَ الْخَيْلِ: الجَوادُ الدَّقيق. وذُهْل: قَبِيلَةٌ. وذُهْلٌ: حَيٌّ مِنْ بَكْرٍ وَهُمَا(11/259)
ذُهْلان كِلَاهُمَا مِنْ رَبِيعَةَ: أَحدهما ذُهْلُ بْنُ شَيْبَانَ بنِ ثَعْلبةَ بنِ عُكَابة، وَالْآخَرُ ذُهْل بنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابة، وَقَدْ سَمَّوا ذُهْلًا وذُهْلانَ وذُهَيلًا.
ذول: الذَّالُ: حَرْفُ هِجَاءٍ، وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ، يَكُونُ أَصلًا لَا بَدَلًا وَلَا زَائِدًا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما حَكَمْتُ عَلَى أَلفها أَنها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لأَن عَيْنَهَا أَلف مَجْهُولَةُ الِانْقِلَابِ وَتَصْغِيرُهَا ذُوَيْلة، وَقَدْ ذَوَّلْت ذَالًا. والذَّوِيلُ: الْيَابِسُ مِنَ النَّبَاتِ وَغَيْرِهِ؛ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ دُرَيْدٍ، وَالصَّحِيحُ الدَّويل، بالدال المهملة.
ذيل: الذَّيْل: آخِرُ كُلِّ شَيْءٍ. وذَيْل الثَّوْبِ والإِزارِ: مَا جُرَّ مِنْهُ إِذا أُسْبِل. والذَّيْل: ذَيْلُ الإِزار مِنَ الرِّداء، وَهُوَ مَا أُسْبِل مِنْهُ فأَصاب الأَرض. وذَيْل المرأَة لِكُلِّ ثَوْبٍ تَلْبَسه إِذا جرَّته عَلَى الأَرض مِنْ خَلْفِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الذَّيْلُ وَاحِدُ أَذْيال الْقَمِيصِ وذُيولِه. وذَيْلُ الرِّيح: مَا انْسَحَبَ مِنْهَا عَلَى الأَرض. وَذَيْلُ الرِّيح: مَا تَتْرُكُهُ فِي الرِّمَالِ عَلَى هَيْئَةِ الرَّسَن وَنَحْوِهِ كأَنَّ ذَلِكَ إِنما هُوَ أَثَرُ ذَيْل جرَّته؛ قَالَ:
لِكُلِّ رِيحٍ فِيهِ ذَيْلٌ مَسْفور
وذَيْلُها أَيضاً: مَا جرَّته عَلَى وَجْهِ الأَرض مِنْ التُّرَابِ والقَتام، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَذْيال وأَذْيُل؛ الأَخيرة عَنِ الهَجَرِيِّ؛ وأَنشد لأَبي الْبَقَرَاتِ النَّخَعِيِّ:
وَثَلَاثًا مِثلَ القَطا، مائِلاتٍ، ... لَحَفَتْهُن أَذْيُلُ الرِّيح تُرْبا
وَالْكَثِيرُ ذُيول؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
كأَنَّ مَجَرَّ الرَّامِساتِ ذُيُولَها ... عَلَيْهِ قَضِيمٌ، نمَّقتْه الصَّوانِعُ «4»
. وَقِيلَ: أَذْيَالُ الرِّيح مآخِيرها الَّتِي تَكْسَحُ بِهَا مَا خَفَّ لَهَا. وذَيْلُ الْفَرَسِ وَالْبَعِيرِ وَنَحْوِهِمَا: مَا أَسْبَلَ مِنْ ذَنَبه فتَعَلَّق، وَقِيلَ: ذَيْلُه ذَنَبُهُ. وذَالَ يَذِيل وأَذْيَل: صَارَ لَهُ ذَيْلٌ. وذَالَ بِهِ: شالَ، وَكَذَلِكَ الوعِلُ بذنَبه. وَفَرَسٌ ذَائِلٌ: ذُو ذَيْلٍ، وذَيَّال: طَوِيلُ الذَّيل؛ وَفِي الصِّحَاحِ: طَوِيلُ الذَّنَبِ، والأُنثى ذَائِلَة؛ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: ذَائِل طَوِيلُ الذَّيل، وذَيَّالٌ: طَوِيلُ الذَّيْلِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ أَيضاً: طَوِيلُ الذَّنَبِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَبَّاسِ بْنِ مِرْداس:
وإِني حاذِرٌ، أَنْمِي سلاحِي ... إِلى أَوْصالِ ذَيَّالٍ مَنيع
فإِن كَانَ الْفَرَسُ قَصِيرًا وَذَنَبُهُ طَوِيلًا قَالُوا ذَائِل، والأُنثى ذَائِلَة، أَو قَالُوا ذَيَّالُ الذَّنَبِ فَيُذَكِّرُونَ الذَّنَبَ، وَيُقَالُ لِذَنَبِ الْفَرَسِ إِذا طَالَ ذَيل أَيضاً، وَكَذَلِكَ الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ. والذَّيَّال مِنَ الخيلِ: المُتَبَختِر فِي مَشْيه واسْتِنانه كأَنه يَسْحَب ذَيْلَ ذنَبه. وذالَ الرَّجُلُ يَذِيلُ ذَيْلًا: تَبَخترَ فجرَّ ذَيْله؛ قَالَ طَرَفَةُ يَصِفُ نَاقَةً:
فَذَالَتْ كَمَا ذالَتْ وَليدةُ مَجْلِسٍ، ... تُرِي رَبَّها أَذْيالَ سَحْلٍ مُمَدَّد
يَعْنِي أَنها جَرَّت ذَنَبَهَا كَمَا ذَالَتْ مَمْلُوكَةٌ تَسْقِي الْخَمْرَ فِي مَجْلِسٍ. وَفِي حَدِيثِ
مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ: كَانَ مُتْرَفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يدَّهن بالعَبِير ويُذِيلُ يُمْنَة اليَمَن
أَي يُطيل ذَيْلها، واليُمنة ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ. وَيُقَالُ: ذَالَتِ الْجَارِيَةُ فِي مَشْيها تَذِيلُ ذَيْلًا إِذا ماسَت
__________
(4) . في ديوان النابغة: حصير بدل قضيم(11/260)
وجَرَّت أَذْيَالها عَلَى الأَرض وَتَبَخْتَرَتْ. وَذَالَتِ الناقةُ بِذَنَبِهَا إِذا نشَرتْه عَلَى فَخْذَيْهَا. خَالِدُ بْنُ جَنْبَة قَالَ: ذَيْلُ المرأَة مَا وَقَعَ عَلَى الأَرض مِنْ ثَوْبِهَا مِنْ نَوَاحِيهَا كُلِّهَا، قَالَ: فَلَا نَدْعو للرَّجُل ذَيْلًا، فإِن كَانَ طَوِيلَ الثَّوْبِ فَذَلِكَ الإِرْفال فِي الْقَمِيصِ والجُبَّة. والذَّيْلُ فِي دِرْع المرأَة أَو قِناعها إِذا أَرْخَتْه. وَتَذَيَّلَتِ الدابةُ: حرَّكت ذنَبها مِنْ ذَلِكَ. والتَّذَيُّل: التَّبَخْتُر مِنْهُ. ودِرْع ذَائِلَةٌ وذَائِل ومُذالةٌ: طَوِيلَةٌ. وَالذَّائِلُ: الدِّرْع الطَّوِيلَةُ الذَّيْل؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وَكُلُّ صَمُوتٍ نَثْلة تُبَّعِيَّة، ... ونَسْجُ سُلَيْم كلَّ قَضّاءَ ذَائِلِ
يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا السَّلَامُ؛ والصَّمُوتُ: الدِّرْع الَّتِي إِذا صُبَّت لَمْ يُسْمَعْ لَهَا صَوْتٌ. وذَيَّلَ فُلَانٌ ثَوْبَهُ تَذْيِيلًا إِذا طَوَّلَهُ. ومُلاءٌ مُذَيَّلٌ: طويلُ الذَّيْلِ، وَثَوْبٌ مُذَيَّل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَذَارَى دَوارٍ فِي مُلاء مُذَيَّلِ «1»
وَيُقَالُ: أَذَالَ فُلَانٌ ثَوْبَهُ أَيضاً إِذا أَطالَ ذَيْله؛ قَالَ كثيِّر:
عَلَى ابْنِ أَبي الْعَاصِي دِلاصٌ حَصِينةٌ، ... أَجادَ المُسَدِّي سَرْدَها فأَذَالَها
وأَذَالَت المرأَةُ قِناعَها أَي أَرْسَلَتْه. وحَلْقة ذَائِلَة ومُذالَة: رَقيقة لَطِيفَةٌ مَعَ طُول. والمُذالُ مِنَ الْبَسِيطِ وَالْكَامِلِ: مَا زِيدَ عَلَى وتِده مِنْ آخِرِ الْبَيْتِ حَرْفَانِ، وَهُوَ المُسَبّغ فِي الرَّمَل، وَلَا يَكُونُ المُذال فِي الْبَسِيطِ إِلَّا من المُسَدّس وَلَا فِي الْكَامِلِ إِلَّا مِنَ الْمُرَبَّعِ؛ مِثَالُ الأَول قَوْلُهُ:
إِنَّا ذَمَمْنا عَلَى مَا خَيَّلَتْ ... سَعْدُ بنُ زيدٍ، وعَمْراً مِنْ تَمِيمْ
وَمِثَالُ الثَّانِي قَوْلُهُ:
جَدَثٌ يكونُ مُقامُه، ... أَبَداً، بمُخْتَلِفِ [بمُخْتَلَفِ] الرِّياحْ
فَقَوْلُهُ رَنْ مِنْ تميمْ مُسْتَفْعِلَانِ، وَقَوْلُهُ تَلِفِرْ [تَلَفِرْ] رِياحْ مُتَفاعلان؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِذا زِيدَ عَلَى الْجُزْءِ حَرْفٌ وَاحِدٌ، وَذَلِكَ الْجُزْءُ مِمَّا لَا يُزاحَف، فَاسْمُهُ المُذال نَحْوُ مُتَفَاعِلَانِ أَصله مُتَفَاعِلُنْ فَزِدْتَ حَرْفًا فَصَارَ ذَلِكَ الْحَرْفُ بِمَنْزِلَةِ الذَّيْل لِلْقَمِيصِ. وذَال الشيءُ يَذِيلُ: هانَ، وأَذَلْتُه أَنا: أَهَنْته وَلَمْ أُحْسِن القِيام عَلَيْهِ. وأَذَالَ فُلَانٌ فَرَسَهُ وَغُلَامَهُ إِذا أَهانَه. والإَذالَةُ: الإِهانة. وَفِي الْحَدِيثِ
: نَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ إِذَالَة الْخَيْلِ وَهُوَ امْتِهانُها بِالْعَمَلِ والحملِ عَلَيْهَا
، وَفِي رِوَايَةٍ:
باتَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يُعَاتِبُنِي فِي إِذَالة الْخَيْلِ
أَي إِهانَتِها والاسْتِخْفاف بِهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَذالَ الناسُ الخيلَ
، وَقِيلَ إِنهم وضَعُوا أَدَاة الْحَرْبِ عَنْهَا وأَرسلوها. والمُذالُ: المُهانُ، وَقِيلَ للأَمَة المُهانةِ: المُذالَةُ. وَفِي الْمَثَلِ: أَخْيَلُ مِنْ مُذَالَةٍ، وَهِيَ الأَمَة لأَنها تُهان وَهِيَ تَتَبَخْتَر. وَيُقَالُ: ذَيْل ذَائِل وَهُوَ الهَوان والخِزْيُ. وَقَوْلُهُمْ: جَاءَ أَذْيَالٌ مِنَ النَّاسِ أَي أَواخِرُ مِنْهُمْ قَلِيلٌ. وذَالَت المرأَةُ والناقةُ تَذِيلُ: هُزِلت وَفَسَدَتْ. وأَذَلْتها: أَهْزَلْتها، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والمُذَيَّلُ والمُتَذَيَّلُ: المُتَبَذِّلُ. وَبَنُو الذَّيَّال: بطن من العرب.
فصل الراء
رأل: الرَّأْل: وَلَدُ النَّعام، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الحَوْلِيَّ مِنْهَا؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
__________
(1) . هذا البيت من معلقة إمرئ القيس، وصدره:
فعَنّ لَنَا سِربٌ كَأَنَّ نِعاجَه(11/261)
كأَنَّ مَكانَ الرِّدْفِ مِنْهُ عَلَى رالِ
أَراد عَلَى رَأْل، فإِما أَن يَكُونَ خَفَّفَ تَخْفِيفًا قِيَاسِيًّا، وإِما أَن يَكُونَ أَبدل إِبدالًا صَحِيحًا عَلَى قَوْلِ أَبي الْحَسَنِ لأَن ذَلِكَ أَمكن لِلْقَافِيَّةِ، إِذ الْمُخَفَّفُ تَخْفِيفًا قِيَاسِيًّا فِي حُكْمِ الْمُحَقَّقِ، وَالْجَمْعُ أَرْؤُلٌ ورِئْلانٌ ورِئالٌ ورِئَالَةٌ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
أَذُودُهمُ عنكمْ، وأَنتمْ رِئَالَةٌ ... شِلالًا، كَمَا ذِيدَ النِّهالُ الخَوامِسُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى الْهَاءَ لَحِقَتِ الرِّئَال لتأْنيث الْجَمَاعَةِ كَمَا لَحِقَتْ فِي الفِحالةِ، والأُنثى رَأْلة؛ أَنشد ثعلب:
أَبْلِغِ الحرثَ عَنِّي أَنَّني ... شَرُّ شَيْخٍ، فِي إِيادٍ ومُضَرْ
رَأْلَةٌ مُنْتَتِفٌ بُلْعُومُها، ... تأْكُلُ الفَثَّ وخَمّانَ الشجَرْ
ونَعامة مُرْئِلَةٌ: ذَاتُ رَأْلٍ؛ وقولُ بَعْضِ الأَغْفال يَصِفُ امرأَة رَاودَتْه:
قامَتْ إِلى جَنْبِي تَمَسُّ أَيْرِي، ... فَزَفَّ رَأْلي، واسْتُطِيرت طَيْري
إِنما أَراد أَن فِيهِ وَحْشِيَّةً كالرَّأْل مِنَ الفَزَع، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ شالَت نَعامَتُهم أَي فَزِعوا فَهَربوا. واسْتَرْأَلَتِ الرِّئْلانُ: كَبِرَتْ «1» واسْتَرْأَلَ النباتُ إِذا طَالَ، شُبِّهَ بعُنُق الرَّأْل. ومَرَّ فُلَانٌ مُرَائِلًا إِذا أَسرع. والرُّؤَالُ، مَهْمُوزٌ: الزِّيَادَةُ فِي أَسنان الدابة. والرُّؤَال والرَّاؤُول: لُعاب الدَّوابِّ؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ، وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: الرُّؤَالُ زَبَدُ الْفَرَسِ خَاصَّةً. والمِرْوَلُ: الرَّجل الْكَثِيرُ الرُّؤَال، وَهُوَ اللُّعاب. أَبو زَيْدٍ: الرُّؤَال والرُّؤَام اللُّعاب. وَابْنُ رَأْلانَ: رَجُلٌ مِنْ سِنْبِس طَيِءٍ، وَهُوَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الشَّيْءُ غَالِبًا عَلَيْهِ اسمٌ، يَكُونُ لكلِّ مَن كَانَ مِنْ أُمَّتِه أَو كَانَ فِي صِفَتِهِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَكَابْنِ الصَّعِق قَوْلُهُمُ ابْنُ رَأْلان وَابْنُ كُراع، لَيْسَ كلُّ مَنْ كَانَ ابْنًا لرَأْلانَ وَابْنًا لكُراعٍ غَلَبَ عَلَيْهِ الِاسْمُ، والنسَبُ إِليه رَأْلانِيٌّ، كَمَا قَالُوا فِي ابْنِ كُرَاعٍ كُراعِيٌّ. وذاتُ الرِّئَال وجَوُّ رِئَال: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ الأَعشى:
تَرْتَعِي السَّفْحَ فالكَثِيبَ، فَذَا قارٍ، ... فَرَوْضَ القَطا، فذاتَ الرِّئَالِ
وَقَالَ الرَّاعِي:
وأَمْسَتْ بِوَادِي الرَّقْمَتَينِ، وأَصبحَتْ ... بجوِّ رِئَالٍ، حيثُ بَيِّنَ فالقُهْ
الْجَوْهَرِيُّ: وذاتُ الرِّئَالِ رَوْضَةٌ. والرِّئَال: كواكِبُ.
رأبل: الرِّئْبَالُ: مِنْ أَسماء الأَسد وَالذِّئْبِ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ مِثْلُ حَلأْتُ السَّوِيقَ وحَلَّيْتُ، وَالْجَمْعُ الرَّآبيل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَيْسَ حَرْفُ اللِّينِ فِيهِ بَدَلًا مِنَ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْتُ عَلَى رِئبال الْمَهْمُوزِ أَنه رُبَاعِيٌّ عَلَى كَثْرَةِ زِيَادَةِ الْهَمْزَةِ مِنْ جِهَةِ قَوْلِهِمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى رِيبال، بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَذَلِكَ أَن رِيبَالًا بِغَيْرِ هَمْزٍ لَا يَخْلُو مِنْ أَن يَكُونَ فِيعالًا أَو فِعْلالًا، فَلَا يَكُونُ فِيعالًا لأَنه مِنْ أَبنية الْمَصَادِرِ،
__________
(1) . قوله [كبرت] الذي في القاموس: كبرت أسنانها، وضبطت الباء بضمها، وقال الشارح: ليس في العباب لفظة أسنانها(11/262)
وَلَا فِعْلالًا وياؤُه أَصل لأَن الْيَاءَ لَا تَكُونُ أَصلًا فِي بَنَاتِ الأَربعة، فَثَبَتَ مِنْ ذَلِكَ أَن رِئبالًا فِعلال، هَمْزَتُهُ أَصل بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ خَرَجُوا يَتَرَأْبَلُون، وأَن رِيبَالًا مُخَفَّفٌ عَنْهُ تَخْفِيفًا بَدَلِيًّا، وإِنما قَضَينا عَلَى تَخْفِيفِ هَمْزَةِ رِيبَالٍ أَنه بَدَلِيٌّ لِقَوْلِ بَعْضِ الْعَرَبِ يَصِفُ رَجُلًا: هُوَ لَيْثٌ أَبو رَيابِل، وإِنما قَالَ رِيَابِلُ وَلَمْ يَقِلْ رَيابيل لأَن بَعْدَهُ عَسَّافُ مَجاهِل. وَحَكَى أَبو عَلِيٍّ: رَيَابِيلُ الْعَرَبِ للُصوصِهم، فإِن قُلْتَ: فإِن رِئبالًا فِئعال لِكَثْرَةِ زِيَادَةِ الْهَمْزَةِ، وَقَدْ قَالُوا تَرَبَّل لَحْمُهُ، قُلْنَا إِن فِئعالًا فِي الأَسماء عَدَمٌ، وَلَا يَسُوغُ الْحَمْلُ عَلَى بَابِ إِنْقَحْلٍ مَا وُجِد عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ، وأَمّا تربَّل لَحْمُهُ مَعَ قَوْلِهِمْ رِئبال فَمِنْ بَابِ سِبَطْرٍ، إِنما هُوَ فِي مَعْنَى سَبْطٍ وَلَيْسَ مِنْ لَفْظِهِ، ولأْآل لِلَّذِي يَبِيع اللُّؤْلُؤ فِيهِ بَعْضُ حُرُوفِهِ وَلَيْسَ مِنْهُ، وَلَا يَجِبُ أَن يُحمل قَوْلُهُمْ يَتَرأْبلون عَلَى بَابِ تَمَسْكَن وتَمَدْرَعَ وَخَرَّجُوا يَتَمغْفَرُون لِقِلَّةِ ذَلِكَ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَمْزَةُ رِئبال بَدَلٌ مِنْ يَاءٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أُنَيْس: كأَنه الرِّئْبَال الهَصُور
أَي الأَسد، وَالْجَمْعُ الرَّآبل والرَّيابِيلُ، عَلَى الْهَمْزِ وَتَرْكِهِ. وَذِئْبٌ رِئْبَالٌ ولِصٌّ رِئْبَال: وَهُوَ مِنَ الجُرْأَة. وتَرَأْبَلُوا: تَلَصَّصُوا. وَخَرَجُوا يَتَرأْبَلُون إِذا غزَوْا عَلَى أَرجلهم وَحْدَهُمْ بِلَا والٍ عَلَيْهِمْ؛ وفَعل ذلك من رَأْبَلَتِه وخُبْثِه. وتَرَأْبَلَ تَرَأْبُلًا ورَأْبَلَ رَأْبَلةً، وَفُلَانٌ يَتَرأْبَلُ أَي يُغِير عَلَى النَّاسِ ويَفعل فِعْل الأَسد؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يَجُوزُ فِيهِ تَرْكَ الْهَمْزِ؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
رَيابِيل البلادِ يَخَفْنَ منِّي، ... وحَيّةُ أَرْيَحاء ليَ اسْتَجابا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ فِي شِعْرِ جَرِيرٍ:
شَياطِينُ الْبِلَادِ يَخَفْن زَأْرِي
وأَريحاء: بَيْتُ المَقْدِس «1» قَالَ: وَمِثْلُهُ للنُّمَيري:
وَيَلْقَى كَمَا كُنّا يَدًا فِي قِتَالِنَا ... رَيابِيل، مَا فِينَا كَهامٌ وَلَا نِكْسُ
ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ الرِّئْبال الَّذِي تَلِدُهُ أُمه وَحْدَهُ. وفعل ذلك من رَأْبَلته وخُبثه، والرَّأْبَلة: أَن يَمْشِيَ الرَّجُلُ مُتكفِّئاً فِي جَانِبَيْهِ كأَنه يَتَوَجَّى.
ربل: الرَّبْلَةُ والرَّبَلَةُ، تُسَكَّنُ وتُحرّك، قَالَ الأَصمعي وَالتَّحْرِيكُ أَفصح: كُلُّ لُحْمَةٍ غَلِيظَةٍ، وَقِيلَ: هِيَ مَا حَوْلَ الضَّرْع وَالْحَيَاءِ مِنْ بَاطِنِ الْفَخِذِ، وَقِيلَ: هِيَ بَاطِنُ الْفَخِذِ، وَجَمْعُهَا الرَّبَلات؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الرَّبَلات أُصُولُ الأَفخاذ؛ قَالَ:
كأَنَّ مجَامِعَ الرَّبَلات مِنْهَا ... فِئامٌ يَنْهَضُون إِلى فِئامِ
وَقَالَ المُسْتَوْغِر بْنُ رَبِيعَةَ يَصِفُ فَرَسًا عَرِقت، وَبِهَذَا الْبَيْتِ سُمِّيَ الْمُسْتَوْغِرَ:
يَنِشُّ الماءُ فِي الرَّبَلاتِ مِنْهَا، ... نَشِيشَ الرَّضْفِ فِي اللَّبنِ الوَغِيرِ
قَالَ: وامرأَة رَبِلة ورَبْلاء ضَخْمة الرَّبَلات، وَلِكُلِّ إِنسانٍ رَبَلَتانِ. وامرأَة رَبْلاء رفْغاء أَي ضَيَّقَةُ الأَرْفاغِ. والرَّبَالُ: كَثْرَةُ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الرَّبالَةُ كَثْرَةُ اللَّحْمِ. وَرَجُلٌ رَبِيل: كَثِيرُ اللَّحْمِ ورَبِلُ اللَّحْمُ، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْقُطَامِيِّ:
عَلى الفِراش الضَّجِيعُ الأَغْيَدُ الرَّبِلُ
__________
(1) . قوله [وأريحاء بيت المقدس] أريحاء كزليخاء وكربلاء، وتقصر، وفي ياقوت: بين أريحاء وبيت المقدس يوم للفارس في جبال صعبة المسلك(11/263)
وأَنشد أَيضاً للأَخطل:
بحُرَّةٍ كأَتانِ الضَّحْلِ ضَمَّرَها، ... بَعْدَ الرَّبالةِ، تَرْحالي وتَسْيارِي
وامرأَة رَبِلة ومُتَرَبِّلة: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ. والرَّبِيلة: السِّمَن والخَفْض والنَّعْمة؛ قَالَ أَبو خِراش:
وَلَمْ يَكُ مَثْلُوجَ الفُؤادِ مُهَبَّجاً، ... أَضاعَ الشَّبابَ فِي الرَّبِيلة والخَفْضِ
وَيُرْوَى مُهَبَّلًا. والرَّبِيلة: المرأَة السَّمِينَةُ. وتَرَبَّلَت المرأَة: كَثُرَ لَحْمُهَا، ورَبَلَت أَيضاً كَذَلِكَ. ورَبَلَ بَنُو فلان يَرْبِلُون [يَرْبُلُون] : كَثُرَ عَدَدُهم ونَمَوْا. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: رَبَلَ القومُ كَثُرُوا أَو كَثُر أَولادهم وأَموالهم. وَفِي حَدِيثِ
بَنِي إِسرائيل: فَلَمَّا كَثُروا ورَبَلُوا
أَي غَلُظوا، وَمِنْهُ تَرَبَّل جسمُه إِذا انْتَفَخَ ورَبا، قَالَ: هَذَا قَوْلُ الْهَرَوِيِّ. والرَّبْل: ضُرُوبٌ مِنَ الشَّجَرِ إِذا بَردَ الزَّمَانُ عَلَيْهَا وأَدبر الصيف تَقطَّرَت بِوَرَقٍ أَخضر مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ، يُقَالُ مِنْهُ: تَرَبَّلَتِ الأَرض. ابْنُ سِيدَهْ: والرَّبْل وَرَقٌ يَتَفَطَّرُ فِي آخِرِ الْقَيْظِ بَعْدَ الهَيْج بِبَرْدِ اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ، وَالْجَمْعُ رُبُول؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ فِراخ النَّعَامِ:
أَوَيْنَ إِلى مُلاطِفةٍ خَضُودٍ، ... لمَأْكَلِهِنّ أَطْرافَ الرُّبُول
يَقُولُ: أَوَيْنَ إِلى أُم مُلاطِفةٍ تُكَسّر لَهُنَّ أَطراف الشَّجَرِ ليأْكلن. ورَبْلٌ أَرْبَلُ: كأَنهم أَرادوا الْمُبَالَغَةَ والإِجادة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أُحِبُّ أَنْ أَصْطادَ ضَبًّا سَحْبَلا، ... ووَرَلًا يَرْتادُ رَبْلًا أَرْبَلا «2»
وقد تَرَبَّلَ الشحرُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مُكُوراً ونَدْراً مِنْ رُخامَى وخِطْرةٍ، ... وَمَا اهْتَزَّ مِن ثُدَّائِه المُتَرَبِّل
وَخَرَجُوا يَتَرَبَّلُون: يَرْعَوْن الرَّبْلَ. ورَبَلَتِ الأَرضُ وأَرْبَلَتْ: كَثُرَ رَبْلُها، وَقِيلَ: لَا يَزَالُ بِهَا رَبْل. وأَرض مِرْبال: كَثِيرَةُ الرَّبْل. ورَبَلَتِ الْمَرَاعِي: كَثُرَ عُشْبُها؛ وأَنشد الأَصمعي:
وذُو مُضاضٍ رَبَلَتْ مِنْهُ الحُجَرْ، ... حَيْثُ تَلاقَى واسِطٌ وذُو أَمَرْ
قَالَ: الحُجَر داراتٌ فِي الرَّمْل، والمُضاض نَبْت. الْفَرَّاءُ: الرِّيبال النَّبَاتُ المُلتفّ الطَّوِيلُ. وتَرَبَّلَتِ الأَرض: اخْضَرَّت بَعْدَ اليُبس عِنْدَ إِقبال الْخَرِيفِ. والرَّبْل: مَا تَربَّل مِنَ النَّبَاتِ فِي الْقَيْظِ وَخَرَجَ مِنْ تَحْتِ الْيَبِيسِ مِنْهُ نَبَاتٌ أَخضر. والرَّبِيل: اللِّصُّ الَّذِي يَغْزو الْقَوْمَ وَحْدَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: انْظُرُوا لَنَا رَجُلًا يَتَجنَّب بِنَا الطَّريقَ، فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ إِلا فُلَانًا فإِنه كَانَ رَبِيلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ
؛ التَّفْسِيرُ لِطَارِقِ بْنِ شِهَابٍ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الغَرِيبين. ورآبِلةُ الْعَرَبِ: هُمُ الخُبَثاء المُتَلَصِّصُون عَلَى أَسْؤُقهم، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَكَذَا جَاءَ بِهِ المحدِّث بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قَبْلَ الْيَاءِ، قَالَ: وأُراه الرَّيْبَل الْحَرْفَ الْمُعْتَلَّ قَبْلَ الْحَرْفِ الصَّحِيحِ. يُقَالُ: ذِئْبٌ رِيبال ولِصٌّ رِيبَال، وَهُوَ مِنَ الجُرأَة وارْتِصاد الشَّرّ، وقد تقدّم. ورَبالٌ:
__________
(2) . قوله [أحب إلخ] كذا في النسخ هنا والمحكم أيضاً، وسيأتي في رمل وسحبل:
أُحِبُّ أَنْ أَصْطَادَ ضَبًّا سَحْبَلَا ... رَعَى الرَّبِيعَ وَالشِّتَاءَ أرملا(11/264)
اسْمٌ. وَخَرَجُوا يَتَرَبَّلُون أَي يَتَصيَّدون. والرِّيبال، بِغَيْرِ هَمْزٍ: الأَسد وَمُشْتَقٌّ مِنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَكَذَا سَمِعْتُهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَهْمِزُهُ، قَالَ: وَجَمْعُهُ رَآبِلَة. والرِّيبال، بِغَيْرِ هَمْزٍ أَيضاً: الشَّيْخُ الضَّعِيفُ. وَفِعْلُ ذلك من رَأْبَلْتُه وخُبْثه.
ربحل: الرِّبَحْل: التارُّ فِي طُولٍ، وَقِيلَ: التامُّ. اللَّيْثُ: هُوَ سِبَحْل رِبَحْل إِذا وُصف بالتَّرارة والنَّعْمة. وَجَارِيَةٌ سِبَحْلة رِبَحْلَة: ضَخْمَةٌ لَحِيمة جيِّدة الخَلْق فِي طُولٍ أَيضاً. وَبَعِيرٌ رِبَحْل: عَظِيمٌ. وَقِيلَ لابْنَةِ الخُسِّ: أَيُّ الإِبل خَيْرٌ؟ فَقَالَتِ: السِّبَحْل الرِّبَحْل الراحلةُ الفَحْل. وَرَجُلٌ رِبَحْل: عَظِيمُ الشأْن. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَن: ومَلِكاً رِبَحْلًا
؛ الرِّبَحْلُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ: الْكَثِيرُ العطاء.
رتل: الرَّتَلُ: حُسْن تَناسُق الشَّيْءِ. وثَغْرٌ رَتَلٌ ورَتِلٌ: حَسَن التَّنْضِيدِ مُستوي النباتِ، وَقِيلَ المُفَلَّج، وَقِيلَ بَيْنَ أَسنانه فُروج لَا يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا. والرَّتَلُ: بَيَاضُ الأَسنان وَكَثْرَةُ مَائِهَا، وَرُبَّمَا قَالُوا رَجُلٌ رَتِلُ الأَسنان مِثْلُ تَعِبٍ بَيِّنُ الرَّتَل إِذا كَانَ مُفَلَّج الأَسنان. وكلامٌ رَتَل ورَتِلٌ أَي مُرَتَّلٌ حسَنٌ عَلَى تُؤَدَةٍ. ورَتَّلَ الكلامَ: أَحسن تأْليفه وأَبانَه وتمَهَّلَ فِيهِ. والتَّرْتِيلُ فِي الْقِرَاءَةِ: التَّرَسُّلُ فِيهَا وَالتَّبْيِينُ مِنْ غَيْرِ بَغْيٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا
؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَا أَعلم التَّرْتِيل إِلَّا التَّحْقِيقَ وَالتَّبْيِينَ وَالتَّمْكِينَ، أَراد فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: التَّرْتِيل: التَّرَسُّلُ، قَالَ: ورَتَّلته تَرْتِيلًا بَعْضِهِ عَلَى أَثر بَعْضٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ذَهَبَ بِهِ إِلى قَوْلِهِمْ ثَغْرٌ رَتَلٌ إِذا كَانَ حَسَنَ التَّنْضِيدِ، وَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا
؛ قَالَ: بَيِّنْه تَبْيِينًا؛ وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ: وَالتَّبْيِينُ «1» لَا يَتِمُّ بأَن يَعْجَل فِي الْقِرَاءَةِ، وإِنما يَتِمُّ التَّبْيِينُ بأَن يُبَيِّن جَمِيعَ الْحُرُوفِ ويُوفِّيها حَقَّهَا مِنَ الإِشباع؛ وَقَالَ الضَّحَّاكُ: انْبِذْه حَرْفًا حَرْفًا. وَفِي صِفَةِ
قِرَاءَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يُرَتِّلُ آيَةً آيَةً
؛ تَرْتِيلُ الْقِرَاءَةِ: التأَني فِيهَا والتّمهُّلُ وَتَبْيِينُ الْحُرُوفِ وَالْحَرَكَاتِ تَشْبِيهًا بِالثَّغْرِ المُرَتَّلِ، وَهُوَ المُشَبَّه بنَوْر الأُقْحُوان، يُقَالُ رَتَّلَ الْقِرَاءَةَ وتَرَتَّلَ فِيهَا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا
، أَي أَنزلناه عَلَى التَّرْتِيل، وَهُوَ ضِدُّ الْعَجَلَةِ والتمكُّث فِيهِ؛ هَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ. وتَرَتَّلَ فِي الْكَلَامِ: تَرَسَّل، وَهُوَ يَتَرَتَّلُ فِي كَلَامِهِ وَيَتَرَسَّلُ. والرَّتَلُ والرَّتِلُ: الطيِّب مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وما رَتِل بيِّن الرَّتَل: بَارِدٌ؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. والرُّتَيْلاء، مَقْصُورٌ وَمَمْدُودٌ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ: جِنْسٌ مِنَ الْهَوَامِّ. والرَّأْتَلَةُ: أَن يَمْشِيَ الرَّجُلُ مُتَكَفِّئاً فِي جَانِبَيْهِ كأَنه مُتَكَسِّرُ العظام، والمعروف الرأْبَلةُ.
رتبل: الرَّتْبَل: القصير.
رجل: الرَّجُل: مَعْرُوفٌ الذكرُ مِنْ نَوْعِ الإِنسان خِلَافُ المرأَة، وَقِيلَ: إِنما يَكُونُ رَجلًا فَوْقَ الْغُلَامِ، وَذَلِكَ إِذا احْتَلَمَ وشَبَّ، وَقِيلَ: هُوَ رَجُل سَاعَةَ تَلِدُه أُمُّه إِلى مَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَتَصْغِيرُهُ رُجَيْل ورُوَيْجِل، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. التَّهْذِيبُ: تَصْغِيرُ الرَّجُل رُجَيْل، وعامَّتهم يَقُولُونَ رُوَيْجِل صِدْق ورُوَيْجِل سُوء عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، يَرْجِعُونَ إِلى الرَّاجِل لأَن اشْتِقَاقَهُ مِنْهُ، كَمَا أَن العَجِل مِنَ الْعَاجِلِ والحَذِر مِنَ الحاذِر، وَالْجَمْعُ رِجَال. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ
؛ أَراد من
__________
(1) . قوله [وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَالتَّبْيِينُ إلخ] عبارة التهذيب: وقال أبو إسحاق وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا بينه تبييناً، والتبيين إلخ(11/265)
أَهل مِلَّتكم، ورِجَالاتٌ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَمْ يُكَسَّرْ عَلَى بِنَاءٍ مِنْ أَبنية أَدْنى الْعَدَدِ يَعْنِي أَنهم لَمْ يَقُولُوا أَرْجال؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا ثلاثةُ رَجْلةٍ جَعَلُوهُ بَدَلًا مِنْ أَرْجال، وَنَظِيرُهُ ثَلَاثَةُ أَشياء جَعَلُوا لَفْعاء بَدَلًا مِنْ أَفعال، قَالَ: وَحَكَى أَبو زَيْدٍ فِي جَمْعِهِ رَجِلَة، وَهُوَ أَيضاً اسْمُ الْجَمْعِ لأَن فَعِلة لَيْسَتْ مِنْ أَبنية الْجُمُوعِ، وَذَهَبَ أَبو الْعَبَّاسِ إِلى أَن رَجْلة مُخَفَّفٌ عَنْهُ. ابْنُ جِنِّي: وَيُقَالُ لَهُمُ المَرْجَل والأُنثى رَجُلة؛ قَالَ:
كلُّ جَارٍ ظَلَّ مُغْتَبِطاً، ... غيرَ جِيرَانِ بَنِي جَبَله
خَرَقُوا جَيْبَ فَتاتِهم، ... لَمْ يُبالوا حُرْمَة الرَّجُله
عَنى بجَيْبِها هَنَها وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَن أَبا زِيَادٍ الْكِلَابِيَّ قَالَ فِي حَدِيثٍ لَهُ مَعَ امرأَته: فَتَهايَجَ الرَّجُلانِ يَعْنِي نَفْسَهُ وامرأَته، كأَنه أَراد فَتَهايَجَ الرَّجُلُ والرَّجُلَة فغَلَّب الْمُذَكَّرَ. وتَرَجَّلَتِ المرأَةُ: صَارَتْ كالرَّجُل. وَفِي الْحَدِيثِ
: كَانَتْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، رَجُلة الرأْي
؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِ الرَّجُل أَرَاجِل؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
أَهَمَّ بَنِيهِ صَيْفُهُم وشِتاؤهم، ... وَقَالُوا: تَعَدَّ واغْزُ وَسْطَ الأَرَاجِل
يَقُولُ: أَهَمَّهم نفقةُ صَيْفِهِمْ وَشِتَائِهِمْ وَقَالُوا لأَبيهم: تعدَّ أَي انْصَرِفْ عَنَّا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَرَاجِل هُنَا جَمْعُ أَرْجَال، وأَرْجَال جَمْعُ رَاجِل، مِثْلُ صَاحِبٍ وأَصحاب وأَصاحيب إِلا أَنه حَذَفَ الْيَاءَ مِنَ الأَرَاجِيل لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ؛ قَالَ أَبو المُثَلَّم الْهُذَلِيُّ:
يَا صَخْرُ وَرَّادُ مَاءٍ قَدْ تتابَعَه ... سَوْمُ الأَراجِيل، حَتَّى مَاؤُهُ طَحِل
وَقَالَ آخَرُ:
كأَن رَحْلي عَلَى حَقْباء قارِبة ... أَحْمى عَلَيْهَا أَبانَيْنِ الأَرَاجِيل
أَبانانِ: جَبَلانِ؛ وَقَالَ أَبو الأَسود الدُّؤَلِيُّ:
كأَنَّ مَصاماتِ الأُسود ببَطْنه ... مَراغٌ، وآثارُ الأَرَاجِيلِ مَلْعَب
وَفِي قَصِيد كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
تَظَلُّ مِنْهُ سِباعُ الجَوِّ ضَامِزَةً، ... وَلَا تَمَشَّى بِواديه الأَرَاجِيلُ
وَقَالَ كُثَيِّرٌ فِي الأَرَاجِل:
لَهُ، بجَبُوبِ القادِسِيَّة فالشَّبا، ... مواطنُ، لَا تَمْشي بهنَّ الأَرَاجِلُ
قَالَ: ويَدُلُّك عَلَى أَن الأَراجل فِي بَيْتِ أَبي ذُؤَيْبٍ جَمْعُ أَرْجَال أَن أَهل اللُّغَةِ قَالُوا فِي بَيْتِ أَبي الْمُثَلَّمِ الأَرَاجِيل هُمُ الرَّجَّالَة وسَوْمُهم مَرُّهُم، قَالَ: وَقَدْ يُجْمَعُ رَجُل أَيضاً عَلَى رَجْلة. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُل صِفَةً يَعْنِي بِذَلِكَ الشِّدَّةَ وَالْكَمَالَ؛ قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ أَجاز سِيبَوَيْهِ الْجَرَّ فِي قَوْلِهِمْ مَرَرْتُ برَجُلٍ رَجُلٍ أَبوه، والأَكثر الرَّفْعُ؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِذا قُلْتَ هَذَا الرَّجُل فَقَدْ يَجُوزُ أَن تعْني كَمَالَهُ وأَن تُرِيدَ كُلَّ رَجُل تكلَّم وَمَشَى عَلَى رِجْلَيْن، فَهُوَ رَجُل، لَا تُرِيدُ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَن مَعْنَى قَوْلِكَ هَذَا زِيدٌ هَذَا الرَّجُل الَّذِي مِنْ شأْنه كَذَا، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ حِينَ ذَكَرَ ابْنَ الصَّعِق وَابْنَ كُرَاع: وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو(11/266)
مِنْ قِبَل أَن هَذِهِ أَعلام جَمَعَت مَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّطْوِيلِ فَحَذَفُوا، وَلِذَلِكَ قَالَ الْفَارِسِيُّ: إِن التَّسْمِيَةَ اخْتِصَارُ جُمْلة أَو جُمَل. غَيْرُهُ: وَفِي مَعْنَى تَقُولُ هَذَا رَجُل كَامِلٌ وَهَذَا رَجُل أَي فَوْقَ الْغُلَامِ، وَتَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ أَي رَاجِلٌ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى للمرأَة: هِيَ رَجُلة أَي رَاجِلَةٌ؛ وأَنشد:
فإِن يَكُ قولُهمُ صَادِقًا، ... فَسِيقَتْ نِسَائِي إِليكم رِجَالا
أَي رواجلَ. والرُّجْلة، بِالضَّمِّ: مَصْدَرُ الرَّجُل والرَّاجِل والأَرْجَل. يُقَالُ: رَجُلٌ جَيِّد الرُّجْلَة، ورَجُلٌ بيِّن الرُّجولة والرُّجْلة والرُّجْلِيَّة والرُّجُولِيَّة؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهِيَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي لَا أَفعال لَهَا. وَهَذَا أَرْجَل الرَّجُلين أَي أَشدُّهُما، أَو فِيهِ رُجْلِيَّة لَيْسَتْ فِي الْآخَرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه مِنْ بَابِ أَحْنَك الشَّاتَيْنِ أَي أَنه لَا فِعْلَ لَهُ وإِنما جَاءَ فِعْلُ التَّعَجُّبَ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ: امرأَة مُرْجِلٌ تَلِدُ الرِّجال، وإِنما الْمَشْهُورُ مُذْكِر، وَقَالُوا: مَا أَدري أَيُّ وَلَدِ الرَّجُلِ هُوَ، يَعْنِي آدَمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وبُرْدٌ مُرَجَّلٌ: فِيهِ صُوَر كَصُوَر الرِّجَالِ. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَنه لَعَنَ المُتَرَجِّلات مِنَ النِّسَاءِ
، يَعْنِي اللَّاتِي يَتَشَبَّهْنَ بِالرِّجَالِ فِي زِيِّهِم وَهَيْآتِهِمْ، فأَما فِي الْعِلْمِ والرأْي فَمَحْمُودٌ، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَعَنَ اللَّهُ الرَّجُلة مِنَ النِّسَاءِ
، بِمَعْنَى المترجِّلة. وَيُقَالُ: امرأَة رَجُلَة إِذا تَشَبَّهَتْ بِالرِّجَالِ فِي الرأْي وَالْمَعْرِفَةِ. والرِّجْل: قَدَم الإِنسان وَغَيْرِهِ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: والرِّجْل مِنْ أَصل الْفَخِذِ إِلى الْقَدَمِ، أُنْثى. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: لَا تَمْشِ برِجْلِ مَنْ أَبى، كَقَوْلِهِمْ لَا يُرَحِّل رَحْلَك مَنْ لَيْسَ مَعَكَ؛ وَقَوْلُهُ:
وَلَا يُدْرِك الحاجاتِ، مِنْ حَيْثُ تُبْتَغَى ... مِنَ النَّاسِ، إِلا المُصْبِحون عَلَى رِجْل
يَقُولُ: إِنما يَقْضِيها المُشَمِّرون القِيام، لَا المُتَزَمِّلون النِّيام؛ فأَما قَوْلُهُ:
أَرَتْنيَ حِجْلًا عَلَى سَاقِهَا، ... فَهَشَّ الفؤادُ لِذَاكَ الحِجِلْ
فَقُلْتُ، وَلَمْ أُخْفِ عَنْ صَاحِبِي: ... أَلابي أَنا أَصلُ تِلْكَ الرِّجِلْ «1»
. فإِنه أَراد الرِّجْل والحِجْل، فأَلقى حَرَكَةَ اللَّامِ عَلَى الْجِيمِ؛ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا وَضْعًا لأَن فِعِلًا لَمْ يأْت إِلا فِي قَوْلِهِمْ إِبِل وإِطِل، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَالْجَمْعُ أَرْجُل، قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا نَعْلَمُهُ كُسِّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: اسْتَغْنَوْا فِيهِ بِجَمْعِ الْقِلَّةِ عَنْ جَمْعِ الْكَثْرَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: كَانَتِ المرأَة رُبَّمَا اجْتَازَتْ وَفِي رِجْلِها الخَلْخال، وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِ الجَلاجِل، فإِذا ضَرَبت برِجْلها عُلِم أَنها ذَاتُ خَلْخال وَزِينَةٍ، فنُهِي عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ، كَمَا أُمِرْن أَن لَا يُبْدِين ذَلِكَ لأَن إِسماع صَوْتِهِ بِمَنْزِلَةِ إِبدائه. وَرَجُلٌ أَرْجَل: عَظِيمُ الرِّجْل، وَقَدْ رَجِلَ، وأَرْكبُ عَظِيمُ الرُّكْبة، وأَرْأَس عَظِيمُ الرأْس. ورَجَلَه يَرْجله رَجْلًا: أَصاب رِجْله، وَحَكَى الْفَارِسِيُّ رَجِلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى. أَبو عَمْرٍو: ارْتَجَلْت الرَّجُلَ إِذا أَخذته برِجْله. والرُّجْلة: أَن يَشْكُوَ رِجْله. وَفِي حَدِيثِ الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ:
إِنه لجَفاء بالرَّجُل
أَي بِالْمُصَلِّي نَفْسِهِ، وَيُرْوَى بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الجيم،
__________
(1) . قوله [ألابي أنا] هكذا في الأَصل، وفي المحكم: ألائَي، وعلى الهمزة فتحة(11/267)
يُرِيدُ جُلُوسَهُ عَلَى رِجْله فِي الصَّلَاةِ. والرَّجَل، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ رَجِلَ، بِالْكَسْرِ، أَي بَقِيَ رَاجِلًا؛ وأَرْجَلَه غَيْرُهُ وأَرْجَلَه أَيضاً: بِمَعْنَى أَمهله، وَقَدْ يأْتي رَجُلٌ بِمَعْنَى رَاجِلٍ؛ قَالَ الزِّبْرِقان بْنُ بَدْرٍ:
آلَيْتُ لِلَّهِ حَجًّا حَافِيًا رَجُلًا، ... إِن جَاوَزَ النَّخْل يَمْشِي، وَهُوَ مُنْدَفِعُ
وَمِثْلُهُ لِيَحْيَى بْنِ وَائِلٍ وأَدرك قَطَريّ بْنَ الفُجاءة الْخَارِجِيَّ أَحد بَنِي مَازِنٍ حَارِثِيٍّ:
أَمَا أُقاتِل عَنْ دِيني عَلَى فَرَسٍ، ... وَلَا كَذَا رَجُلًا إِلا بأَصحاب
لَقَدْ لَقِيت إِذاً شَرًّا، وأَدركني ... مَا كُنْتُ أَرْغَم فِي جِسْمِي مِنَ الْعَابِ
قَالَ أَبو حَاتِمٍ: أَما مُخَفَّفُ الْمِيمِ مَفْتُوحُ الأَلف، وَقَوْلُهُ رَجُلًا أَي رَاجِلًا كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ جَاءَنَا فُلَانٌ حَافِيًا رَجُلًا أَي رَاجِلًا، كأَنه قَالَ أَما أُقاتل فَارِسًا وَلَا رَاجِلًا إِلا وَمَعِي أَصحابي، لَقَدْ لَقِيتُ إِذاً شَرًّا إِن لَمْ أُقاتل وَحْدِي؛ وأَبو زَيْدٍ مِثْلُهُ وَزَادَ: وَلَا كَذَا أُقاتل رَاجِلًا، فَقَالَ: إِنه خَرَجَ يُقَاتِلُ السُّلْطَانَ فَقِيلَ لَهُ أَتخرج رَاجِلًا تُقَاتِلُ؟ فَقَالَ الْبَيْتَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَوْلُهُ وَلَا كَذَا أَي مَا تَرَى رَجُلًا كَذَا؛ وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: أَما خَفِيفَةٌ بِمَنْزِلَةِ أَلا، وأَلا تَنْبِيهٌ يَكُونُ بَعْدَهَا أَمر أَو نَهْيٌ أَو إِخبار، فَالَّذِي بَعْدَ أَما هُنَا إِخبار كأَنه قَالَ: أَما أُقاتل فَارِسًا وَرَاجِلًا. وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي الْحُجَّةِ بَعْدَ أَن حُكِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ مَا تَقَدَّمَ: فَرجُلٌ عَلَى مَا حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ صِفَةٌ، وَمِثْلُهُ نَدُسٌ وفَطُنٌ وحَذْرٌ وأَحرف نَحْوُهَا، وَمَعْنَى الْبَيْتِ كأَنه يَقُولُ: اعْلَمُوا أَني أُقاتل عَنْ دِينِي وَعَنْ حَسَبي وَلَيْسَ تَحْتِي فَرَسٌ وَلَا مَعِي أَصحاب. ورَجِلَ الرَّجُلُ رَجَلًا، فَهُوَ رَاجِل ورَجُلٌ ورَجِلٌ ورَجِيلٌ ورَجْلٌ ورَجْلان؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ ظَهْرٌ فِي سَفَرٍ يَرْكَبُهُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
عَلَيّ، إِذا لَاقَيْتُ لَيْلى بِخَلْوَةٍ، ... أَنَ ازْدَارَ بَيْتَ اللَّهِ رَجْلانَ حَافَيَا
وَالْجَمْعُ رِجَالٌ ورَجَّالَة ورُجَّال ورُجَالَى ورُجَّالى ورَجَالى ورُجْلان ورَجْلة ورِجْلة ورِجَلة وأَرْجِلة وأَرَاجِل وأَرَاجِيل؛ وأَنشد لأَبي ذُؤَيْبٍ:
واغُزُ وَسْط الأَرَاجِل
قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَرَاجِل جَمْعَ أَرْجِلَة، وأَرْجِلَة جَمْعَ رِجَال، ورِجَال جَمْعَ رَاجِل كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَقَدْ أَجاز أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ:
فِي لَيْلَةٍ مِنْ جُمادى ذَاتِ أَنديةٍ
أَن يَكُونَ كَسَّر نَدًى عَلَى نِداء كجَمَل وجِمال، ثُمَّ كَسَّر نِداء عَلَى أَندِية كرِداء وأَرْدِية، قَالَ: فَكَذَلِكَ يَكُونُ هَذَا؛ والرَّجْل اسْمٌ لِلْجَمْعِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَجَمْعٌ عِنْدَ أَبي الْحَسَنِ، وَرَجَّحَ الْفَارِسِيُّ قَوْلَ سِيبَوَيْهِ وَقَالَ: لَوْ كَانَ جَمْعًا ثُمَّ صُغِّر لرُدَّ إِلى وَاحِدِهِ ثُمَّ جُمِع وَنَحْنُ نَجِدُهُ مُصَغَّرًا عَلَى لَفْظِهِ؛ وأَنشد:
بَنَيْتُه بعُصْبةٍ مِنْ مَالِيَا، ... أَخشى رُكَيْباً ورُجَيْلًا عَادِيَا
وأَنشد:
وأَيْنَ رُكَيْبٌ وَاضِعُونَ رِحالهم ... إِلى أَهل بيتٍ مِنْ مَقَامَةِ أَهْوَدا؟
وَيُرْوَى: مِنْ بُيُوت بأَسودا؛ وأَنشد الأَزهري:(11/268)
وظَهْر تَنُوفةٍ حَدْباء تَمْشِي، ... بِهَا، الرُّجَّالُ خَائِفَةً سِراعا
قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ الرَّجْلة، وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ أَبي «1» :
ورَجْلة يَضْرِبُونَ البَيْضَ عَنْ عُرُض
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الرَّجْلَة الرَّجَّالة فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلة جَاءَ جَمْعًا غَيْرُ رَجْلَة جَمْعِ رَاجِل وكَمْأَة جَمْعِ كَمْءٍ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَيُجْمَعُ رَجاجِيلَ. والرَّجْلان أَيْضاً: الرَّاجِلُ، وَالْجَمْعُ رَجْلَى ورِجال مِثْلُ عَجْلان وعَجْلى وعِجال، قَالَ: وَيُقَالُ رَجِلٌ ورَجَالَى مِثْلُ عَجِل وعَجالى. وامرأَة رَجْلى: مِثْلُ عَجْلى، وَنِسْوَةٌ رِجَالٌ: مِثْلُ عِجال، ورَجَالَى مِثْلُ عَجَالَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ جِنِّي رَاجِل ورُجْلان، بِضَمِّ الرَّاءِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ومَرْكَبٍ يَخْلِطني بالرُّكْبان، ... يَقي بِهِ اللهُ أَذاةَ الرُّجْلان
ورُجَّال أَيضاً، وَقَدْ حُكِيَ أَنها قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ وَبِالتَّخْفِيفِ أَيضاً، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً
، أَي فَصَلُّوا رُكْباناً ورِجَالًا، جَمْعُ رَاجِل مِثْلُ صَاحِبٍ وصِحاب، أَي إِن لَمْ يُمْكِنْكُمْ أَن تَقُومُوا قَانِتِينَ أَي عَابِدِينَ مُوَفِّين الصَّلاةَ حَقَّها لِخَوْفٍ يَنَالُكُمْ فَصَلُّوا رُكْباناً؛ التَّهْذِيبُ: رِجَالٌ أَي رَجَّالة. وَقَوْمٌ رَجْلة أَي رَجَّالة. وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْخَوْفِ:
فإِن كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشدّ مِنْ ذَلِكَ صَلوا رِجالًا ورُكْباناً
؛ الرِّجال: جَمْعُ رَاجِل أَي مَاشٍ، والرَّاجِل خِلَافُ الْفَارِسِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ رَجِلْتُ، بِالْكَسْرِ، رَجَلًا أَي بَقِيتُ راجِلًا، وَالْكِسَائِيُّ مِثْلُهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الإِنسان: مَا لَهُ رَجِلَ أَي عَدِمَ المركوبَ فَبَقِيَ رَاجِلًا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ لَا تَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا أُمُّك رَاجِل، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، إِلا أَنه قَالَ قَبْلَ هَذَا: أُمُّك هَابِلٌ وَثَاكِلٌ، وَقَالَ بَعْدَ هَذَا: أُمُّك عَقْرى وخَمْشى وحَيْرى، فَدَلَّنا ذَلِكَ بِمَجْمُوعِهِ أَنه يُرِيدُ الْحُزْنَ والثُّكْل. والرُّجْلة: الْمَشْيُ رَاجِلًا. والرَّجْلة والرِّجْلة: شِدَّة المشي؛ حكاهما أَبو زَيْدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
العَجْماء جَرْحها جُبَار
، ويَرْوي بَعْضُهُمُ:
الرِّجْلُ جُبارٌ
؛ فسَّره مَنْ ذَهَبَ إِليه أَن رَاكِبَ الدَّابَّةِ إِذا أَصابت وَهُوَ رَاكِبُهَا إِنساناً أَو وَطِئَتْ شَيْئًا بِيَدِهَا فَضَمَانُهُ عَلَى رَاكِبِهَا، وإِن أَصابته برِجْلها فَهُوَ جُبار وَهَذَا إِذا أَصابته وَهِيَ تَسِيرُ، فأَمَّا أَن تُصِيبَهُ وَهِيَ وَاقِفَةٌ فِي الطَّرِيقِ فَالرَّاكِبُ ضَامِنٌ، أَصابت مَا أَصابت بِيَدٍ أَو رِجْلٍ. وَكَانَ الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَرَى الضَّمَانَ وَاجِبًا عَلَى رَاكِبِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، نَفَحَتْ برِجلها أَو خَبَطَتْ بِيَدِهَا، سَائِرَةً كَانَتْ أَو وَاقِفَةً. قَالَ الأَزهري: الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْكُوفِيُّونَ
أَن الرِّجل جُبار
غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ الْحُفَّاظِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ:
الرِّجل جُبار
أَي مَا أَصابت الدَّابَّةُ برِجْلها فَلَا قَوَد عَلَى صَاحِبِهَا، قَالَ: وَالْفُقَهَاءُ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ فِي حَالَةِ الرُّكُوبِ عَلَيْهَا وقَوْدها وسَوْقها وَمَا أَصابت برِجْلها أَو يَدِهَا، قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الطَّبَرَانِيُّ مَرْفُوعًا وَجَعَلَهُ الْخَطَّابِيُّ مِنْ كَلَامِ الشَّعْبِيِّ. وحَرَّةٌ رَجْلاءُ: وَهِيَ الْمُسْتَوِيَةُ بالأَرض الْكَثِيرَةِ الْحِجَارَةِ يَصْعُب الْمَشْيُ فِيهَا، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: حَرَّة رَجْلاء، الحَرَّة أَرض حِجَارَتُهَا سُودٌ، والرَّجْلاء الصُّلْبة الخَشِنة لَا تَعْمَلُ فِيهَا خَيْلٌ ولا إِبل ولا
__________
(1) . قوله [تميم بن أبي] هكذا في الأَصل وفي شرح القاموس. وأَنشده الأَزهري لأَبي مقبل، وفي التكملة: قال ابن مقبل(11/269)
يَسْلُكُهَا إِلا رَاجِل. ابْنُ سِيدَهْ: وحَرَّة رَجْلاء لَا يُسْتَطَاعُ الْمَشْيُ فِيهَا لِخُشُونَتِهَا وَصُعُوبَتِهَا حَتَّى يُتَرَجَّل فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ رِفاعة الجُذامي ذِكْر رِجْلى، هِيَ بِوَزْنِ دِفْلى، حَرَّةُ رِجْلى: فِي دِيَارِ جُذام. وتَرَجَّلَ الرجلُ: رَكِبَ رِجْليه. والرَّجِيل مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي لَا يَحْفى. ورَجُلٌ رَجِيل أَيْ قَوِيٌّ عَلَى الْمَشْيَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ امرأَة رَجِيلَة لِلْقَوِيَّةِ عَلَى الْمَشْيِ؛ قَالَ الحرب بْنُ حِلِّزة:
أَنَّى اهتديتِ، وكُنْتِ غَيْرَ رَجِيلةٍ، ... والقومُ قَدْ قَطَعوا مِتان السَّجْسَج
التَّهْذِيبُ: ارْتَجَل الرجلُ ارْتِجَالًا إِذا رَكِبَ رِجْلَيْهِ فِي حَاجَتِهِ ومَضى. وَيُقَالُ: ارْتَجِلْ مَا ارْتَجَلْتَ أَي ارْكَبْ مَا رَكِبْتَ مِنَ الأُمور. وتَرَجَّلَ الزَّنْدَ وارْتَجَلَهُ: وَضَعَهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. وتَرَجَّلَ القومُ إِذا نَزَلُوا عَنْ دَوَابِّهِمْ فِي الْحَرْبِ لِلْقِتَالِ. وَيُقَالُ: حَمَلك اللَّهُ عَلَى الرُّجْلة، والرُّجْلة هَاهُنَا: فِعْلُ الرَّجُل الَّذِي لَا دَابَّةَ لَهُ. ورَجَلَ الشاةَ وارْتَجَلَها: عَقَلها بِرِجْلَيْهَا. ورَجَلَها يَرْجُلُها رَجْلًا وارْتَجَلَها: علَّقها بِرِجْلِهَا. والمُرَجَّل مِنَ الزِّقاق: الَّذِي يُسْلَخ مِنْ رِجْل وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: الَّذِي يُسْلَخ مِنْ قِبَل رِجْله. الْفَرَّاءُ: الجِلْد المُرَجَّل الَّذِي يُسْلَخُ مِنْ رِجْل وَاحِدَةٍ، والمَنْجُول الَّذِي يُشَقُّ عُرْقوباه جَمِيعًا كَمَا يَسْلَخُ الناسُ اليومَ، والمُزَقَّق الَّذِي يُسْلَخُ مِنْ قِبَل رأْسه؛ الأَصمعي وَقَوْلُهُ:
أَيام أَلْحَفُ مِئْزَري عَفَرَ الثَّرى، ... وأَغُضُّ كُلَّ مُرَجَّلٍ رَيَّان «2»
. أَراد بالمُرَجَّل الزِّقَّ الْمَلْآنَ مِنَ الخَمْر، وغَضُّه شُرْبُه. ابْنُ الأَعرابي: قَالَ الْمُفَضَّلُ يَصِف شَعْره وحُسْنه، وَقَوْلُهُ أَغُضّ أَي أَنْقُص مِنْهُ بالمِقْراض لِيَسْتَوِيَ شَعَثُه. والمُرَجَّل: الشَّعْرُ المُسَرَّح، وَيُقَالُ لِلْمُشْطِ مِرْجَل ومِسْرَح. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ الترَجُّل إِلا غِبًّا
؛ التَّرَجُّل والتَّرْجِيل: تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَتَنْظِيفُهُ وَتَحْسِينُهُ، وَمَعْنَاهُ أَنه كَرِهَ كَثْرَةَ الادِّهان ومَشْطَ الشَّعْرِ وَتَسْوِيَتَهُ كُلَّ يَوْمٍ كأَنه كَرِهَ كَثْرَةَ التَّرفُّه وَالتَّنَعُّمِ. والرُّجْلة والتَّرْجِيل: بَيَاضٌ فِي إِحدى رِجْلَيِ الدَّابَّةِ لَا بياضَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ ذَلِكَ. أَبو زَيْدٍ: نَعْجة رَجْلاء وَهِيَ الْبَيْضَاءُ إِحدى الرِّجْلَيْنِ إِلى الْخَاصِرَةِ وَسَائِرُهَا أَسود، وَقَدْ رَجِلَ رَجَلًا، وَهُوَ أَرْجَل. وَنَعْجَةٌ رَجْلاء: ابْيَضَّتْ رِجْلاها مَعَ الْخَاصِرَتَيْنِ وَسَائِرُهَا أَسود. الْجَوْهَرِيُّ: الأَرْجَل مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي فِي إِحدى رِجْلَيْهِ بَيَاضٌ، ويُكْرَه إِلا أَن يَكُونَ بِهِ وَضَحٌ؛ غَيْرُهُ: قَالَ المُرَقِّش الأَصغر:
أَسِيلٌ نَبِيلٌ لَيْسَ فِيهِ مَعابةٌ، ... كُمَيْتٌ كَلَوْن الصِّرف أَرْجَل أَقرَح
فمُدِح بالرَّجَل لَمَّا كَانَ أَقرح. قَالَ: وَشَاةٌ رَجْلاء كَذَلِكَ. وَفَرَسٌ أَرْجَل: بَيِّن الرَّجَل والرُّجْلة. ورَجَّلَت المرأَةُ ولدَها «3» : وضَعَتْه بِحَيْثُ خَرَجَتْ رِجْلاه قبْل رأْسه عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَهَذَا يُقَالُ لَهُ اليَتْن. الأُموي: إِذا وَلَدت الغنمُ بعضُها بَعْدَ بَعْضٍ قِيلَ وَلَّدتُها الرُّجَيْلاء مِثَالُ الغُمَيْصاء، ووَلَّدتها طَبَقة بَعْدَ طَبَقة. ورِجْلُ الغُراب: ضَرْب مِنْ صَرِّ الإِبل لَا يَقْدِرُ
__________
(2) . قوله [أَيام ألحف إلخ] تقدم في ترجمة غضض:
أَيَّامَ أَسْحَبُ لِمَّتِي عَفَرَ الملا
ولعلهما روايتان
(3) . قوله [ورَجَّلَتِ المرأة ولدها] ضبط في القاموس مخففاً، وضبط في نسخ المحكم بالتشديد(11/270)
الْفَصِيلُ عَلَى أَن يَرْضَع مَعَهُ وَلَا يَنْحَلُّ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ في الناس، ... عَلَى مَنْ أَراد فِيهِ الْفُجُورَا
رِجْلَ الْغُرَابِ مَصْدَرٌ لأَنه ضَرْبٌ مِنَ الصَّرِّ فَهُوَ مِنْ بَابِ رَجَع القَهْقَرى وَاشْتَمَلَ الصَّمَّاء، وَتَقْدِيرُهُ صَرًّا مِثْلُ صَرِّ رِجْل الغُراب، وَمَعْنَاهُ اسْتَحْكَم مُلكُك فَلَا يُمْكِنُ حَلُّه كَمَا لَا يُمْكِنُ الفَصِيلَ حَلُّ رِجْل الْغُرَابِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ
: الرُّؤيا لأَوَّلِ عَابِرٍ وَهِيَ عَلَى رِجْل طَائِرٍ
أَي أَنها عَلَى رِجْلِ قَدَرٍ جارٍ وَقَضَاءٍ ماضٍ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ، وأَن ذَلِكَ هُوَ الَّذِي قَسَمه اللَّهُ لِصَاحِبِهَا، مِنْ قَوْلِهِمُ اقْتَسَمُوا دَارًا فَطَارَ سهمُ فُلَانٍ فِي نَاحِيَتِهَا أَي وَقَعَ سهمُه وخَرج، وكلُّ حَركة مِنْ كَلِمَةٍ أَو شَيْءٍ يَجْري لَكَ فَهُوَ طَائِرٌ، وَالْمُرَادُ أَن الرُّؤْيَا هِيَ الَّتِي يُعَبِّرها المُعَبِّر الأَول، فكأَنها كَانَتْ عَلَى رِجْل طَائِرٍ فَسَقَطَتْ فوقعتْ حَيْثُ عُبِّرت، كَمَا يَسْقُطُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رِجْل الطَّائِرِ بأَدنى حَرَكَةٍ. ورِجْل الطَّائِرِ: مِيسَمٌ. والرُّجْلة: القُوَّةُ عَلَى الْمَشْيِ. رَجِلَ الرَّجُلُ يَرْجَلُ رَجَلًا ورُجْلة إِذا كَانَ يَمْشِي فِي السَّفَرِ وَحْدَهُ وَلَا دَابَّةَ لَهُ يَرْكَبُهَا. ورَجُلٌ رُجْلِيٌّ: لِلَّذِي يَغْزُو عَلَى رِجليه، مَنْسُوبٌ إِلى الرُّجْلة. والرَّجِيل: القَوِيُّ عَلَى الْمَشْيِ الصَّبُورُ عَلَيْهِ؛ وأَنشد:
حَتى أُشِبَّ لَهَا، وَطَالَ إِيابُها، ... ذُو رُجْلة، شَثْنُ البَراثِن جَحْنَبُ
وامرأَة رَجِيلَة: صَبُورٌ عَلَى الْمَشْيِ، وَنَاقَةٌ رَجِيلة. ورَجُل رَاجِل ورَجِيل: قويٌّ عَلَى الْمَشْيِ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ وَالْحِمَارُ، وَالْجَمْعُ رَجْلى ورَجَالَى. والرَّجِيل أَيضاً مِنَ الرِّجَالِ: الصُّلْبُ. اللَّيْثُ: الرُّجْلة نَجَابَةُ الرَّجِيل مِنَ الدَّوَابِّ والإِبل وَهُوَ الصَّبُورُ عَلَى طُولِ السَّيْرِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع مِنْهُ فِعْلًا إِلا فِي النُّعُوتِ نَاقَةٌ رَجِيلة وَحِمَارٌ رَجِيل. ورَجُل رَجِيل: مَشَّاء. التَّهْذِيبُ: رَجُل بَيِّن الرُّجولِيَّة والرُّجولة؛ وأَنشد أَبو بَكْرٍ:
وإِذا خَلِيلُك لَمْ يَدُمْ لَكَ وَصْلُه، ... فَاقْطَعْ لُبانَته بحَرْفٍ ضامِر،
وَجْناءَ مُجْفَرةِ الضُّلوع رَجِيلةٍ، ... وَلْقى الْهَوَاجِرِ ذاتِ خَلْقٍ حَادِرِ
أَي سَرِيعَةِ الْهَوَاجِرِ؛ الرَّجِيلة: القَوية عَلَى الْمَشْيِ، وحَرْفٌ: شَبَّهَهَا بحَرْف السَّيْفِ فِي مَضائها. الْكِسَائِيُّ: رَجُلٌ بَيِّن الرُّجُولة وَرَاجِلٌ بيِّن الرُّجْلة؛ والرَّجِيلُ مِنَ النَّاسِ: المَشّاء الجيِّد الْمَشْيِ. والرَّجِيل مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي لَا يَعْرَق. وَفُلَانٌ قَائِمٌ عَلَى رِجْلٍ إِذا حَزَبه أَمْرٌ فَقَامَ لَهُ. والرِّجْل: خِلَافُ الْيَدِ. ورِجل الْقَوْسِ: سِيَتُها السفْلى، وَيَدُهَا: سِيَتُها الْعُلْيَا؛ وَقِيلَ: رِجْل الْقَوْسِ مَا سَفَل عَنْ كَبِدِهَا؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: رِجْل الْقَوْسِ أَتمُّ مِنْ يَدِهَا. قَالَ: وَقَالَ أَبو زِيَادٍ الْكِلَابِيُّ الْقَوَّاسُونَ يُسَخِّفون الشِّقَّ الأَسفل مِنَ الْقَوْسِ، وَهُوَ الَّذِي تُسميه يَداً، لتَعْنَت القِياسُ فَيَنْفُق مَا عِنْدَهُمْ. ابْنُ الأَعرابي: أَرْجُلُ القِسِيِّ إِذا أُوتِرَت أَعاليها، وأَيديها أَسافلها، قَالَ: وأَرْجُلُها أَشد مِنْ أَيديها؛ وأَنشد:
لَيْتَ القِسِيَّ كلَّها مِنْ أَرْجُل
قَالَ: وطَرفا الْقَوْسِ ظُفْراها، وحَزَّاها فُرْضتاها، وعِطْفاها سِيَتاها، وبَعْدَ السِّيَتين الطَّائِفَانِ، وَبَعْدَ الطَّائِفَيْنِ الأَبهران، وَمَا بَيْنَ الأَبهَرَين كبدُها، وَهُوَ مَا بَيْنَ عَقْدَي الحِمالة، وعَقْداها يُسَمَّيَانِ الكُليتين، وأَوتارُها الَّتِي تُشَدُّ فِي يَدِهَا وَرِجْلِهَا تُسَمَّى الوُقوف وَهُوَ الْمَضَائِغُ. ورِجْلا السَّهم: حَرْفاه. ورِجْلُ(11/271)
الْبَحْرِ: خَلِيجُهُ، عَنْ كُرَاعٍ. وارْتَجَلَ الفرسُ ارْتِجَالًا: رَاوَحَ بَيْنَ العَنَق والهَمْلَجة، وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا خَلَط العَنق بالهَمْلجة. وتَرَجَّلَ أَي مَشَى رَاجِلًا. وتَرَجَّلَ البئرَ تَرَجُّلًا وتَرَجَّلَ فِيهَا، كِلَاهُمَا: نَزَلَهَا مِنْ غَيْرِ أَن يُدَلَّى. وارْتِجَالُ الخُطْبة والشِّعْر: ابْتِدَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ تَهْيِئَةٍ. وارْتَجَلَ الكلامَ ارْتِجَالًا إِذا اقْتَضَبَهُ اقْتِضَابًا وَتَكَلَّمَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَن يُهَيِّئَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. وارْتَجَلَ برأْيه: انْفَرَدَ بِهِ وَلَمْ يُشَاوِرْ أَحداً فِيهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَمْرُك مَا ارْتَجَلْتَ، مَعْنَاهُ مَا اسْتَبْدَدْتَ برأْيك فِيهِ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وَمَا عَصَيْتُ أَميراً غَيْرَ مُتَّهَم ... عِنْدِي، ولكنَّ أَمْرَ الْمَرْءِ مَا ارْتَجَلا
وتَرَجَّلَ النهارُ، وارْتَجَلَ أَي ارْتَفَعَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَهَاجَ بِهِ، لَمَّا تَرَجَّلَتِ الضُّحَى، ... عصائبُ شَتى مِنْ كلابٍ ونابِل
وَفِي حَدِيثِ
العُرَنِيّين: فَمَا تَرَجَّلَ النهارُ حَتَّى أُتيَ بِهِمْ
أَي مَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ تَشْبِيهًا بِارْتِفَاعِ الرَّجُل عَنِ الصِّبا. وشعرٌ رَجَلٌ ورَجِلٌ ورَجْلٌ: بَيْنَ السُّبوطة وَالْجُعُودَةِ. وَفِي
صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ شَعْرُهُ رَجِلًا
أَي لَمْ يَكُنْ شَدِيدَ الْجُعُودَةِ وَلَا شَدِيدَ السُّبُوطَةِ بَلْ بَيْنَهُمَا؛ وَقَدْ رَجِلَ رَجَلًا ورَجَّلَه هُوَ تَرْجِيلًا، ورَجُلٌ رَجِلُ الشَّعر ورَجَلُه، وجَمْعهما أَرْجَال ورَجَالَى. ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما رَجْلٌ، بِالْفَتْحِ، فَلَا يُكَسَّرُ اسْتَغْنَوْا عَنْهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ وَذَلِكَ فِي الصِّفَةِ، وأَما رَجِلٌ، بالكسر، فإِنه لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ وَقِيَاسُهُ قِيَاسُ فَعُل فِي الصِّفَةِ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى بَابِ أَنجاد وأَنكاد جَمْعِ نَجِد ونَكِد لِقِلَّةِ تَكْسِيرِ هَذِهِ الصِّفَةِ مِنْ أَجل قِلَّةِ بِنَائِهَا، إِنما الأَعرف فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْجَمْعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، لَكِنَّهُ رُبَّمَا جَاءَ مِنْهُ الشَّيْءُ مُكَسَّراً لِمُطَابَقَةِ الِاسْمِ فِي الْبِنَاءِ، فَيَكُونُ مَا حَكَاهُ اللُّغَوِيُّونَ مِنْ رَجَالَى وأَرْجَال جَمْعِ رَجَل ورَجِل عَلَى هَذَا. وَمَكَانٌ رَجِيلٌ: صُلْبٌ. وَمَكَانٌ رَجِيل: بَعِيدُ الطَّرفين مَوْطُوءٌ رَكوب؛ قَالَ الرَّاعِي:
قَعَدوا عَلَى أَكوارها فَتَردَّفَتْ ... صَخِبَ الصَّدَى، جَذَع الرِّعان رَجِيلًا
وَطَرِيقٌ رَجِيلٌ إِذا كَانَ غَلِيظًا وَعْراً فِي الجَبَل. والرَّجَل: أَن يُترك الفصيلُ والمُهْرُ والبَهْمة مَعَ أُمِّه يَرْضَعها مَتَى شَاءَ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
فَصَافَ غلامُنا رَجَلًا عَلَيْهَا، ... إِرادَة أَن يُفَوِّقها رَضاعا
ورَجَلَها يَرْجُلُها رَجْلًا وأَرْجَلَها: أَرسله مَعَهَا، وأَرْجَلَها الرَّاعِي مَعَ أُمِّها؛ وأَنشد:
مُسَرْهَدٌ أُرْجِلَ حَتَّى فُطِما
ورَجَلَ البَهْمُ أُمَّه يَرْجُلُها رَجْلًا: رَضَعها. وبَهْمة رَجَلٌ ورَجِلٌ وبَهْمٌ أَرْجَال ورَجَلٌ. وارْتَجِلْ رَجَلك أَي عَلَيْكَ شأْنَك فالْزَمْه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَيُقَالُ: لِي فِي مَالِكَ رِجْلٌ أَي سَهْم. والرِّجْل: القَدَم. والرِّجْل: الطَّائِفَةُ مِنَ الشَّيْءِ، أُنثى، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْقِطْعَةَ الْعَظِيمَةَ مِنَ الْجَرَادِ، وَالْجَمْعُ أَرْجَال، وَهُوَ جَمْعٌ عَلَى غَيْرِ لَفْظِ الْوَاحِدِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ كَقَوْلِهِمْ لِجَمَاعَةِ الْبَقَرِ صِوَار، وَلِجَمَاعَةِ النَّعَامِ خِيط، وَلِجَمَاعَةِ الحَمِير عَانَةٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ الحُمُر فِي عَدْوها وتَطايُر الْحَصَى عَنْ حَوَافِرِهَا:
كأَنما المَعْزاء مِنْ نِضالها ... رِجْلُ جَرادٍ، طَارَ عَنْ خُذَّالها(11/272)
وَجَمْعُ الرِّجْل أَرْجَال. وَفِي حَدِيثِ
أَيوب، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنه كَانَ يَغْتَسِلُ عُرياناً فَخَرَّ عَلَيْهِ رِجْلٌ مِنْ جَراد ذَهَب
؛ الرِّجْل، بِالْكَسْرِ: الْجَرَادُ الْكَثِيرُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
: كأَنَّ نَبْلهم رِجْلُ جَراد
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه دَخَل مكَّة رِجْلٌ مِنْ جَراد فَجَعل غِلْمانُ مَكَّةَ يأْخذون مِنْهُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهم لَوْ عَلِمُوا لَمْ يأْخذوه
؛ كَرِه ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ لأَنه صَيْدٌ. والمُرْتَجِل: الَّذِي يَقَعُ بِرِجْلٍ مِنْ جَرَاد فيَشْتَوي مِنْهَا أَو يطبخُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
كدُخَان مُرْتَجِلٍ، بأَعلى تَلْعة، ... غَرْثانَ ضَرَّم عَرْفَجاً مبْلُولا
وَقِيلَ: المُرْتَجِل الَّذِي اقْتَدَحَ النَّارَ بزَنْدة جَعَلَهَا بَيْنَ رِجْليه وفَتل الزَّنْدَ فِي فَرْضِها بِيَدِهِ حَتَّى يُورِي، وَقِيلَ: المُرْتَجِل الَّذِي نَصَب مِرْجَلًا يَطْبُخُ فِيهِ طَعَامًا. وارْتَجَلَ فُلَانٌ أَي جَمَع قِطْعَة مِنَ الجَرَاد ليَشْوِيها؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَتَنَازَعَا سَبَطاً يَطِيرُ ظِلالُه، ... كَدُخَانِ مُرتَجِلٍ يُشَبُّ ضِرَامُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ للقِطْعة مِنَ الْجَرَادِ رِجْل ورِجْلَة. والرِّجْلَة أَيضاً: الْقِطْعَةُ مِنَ الْوَحْشِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والعَيْن عَيْن لِياحٍ لَجْلَجَتْ وَسَناً، ... لرِجْلَة مِنْ بَنات الْوَحْشِ أَطفال
وارْتَجَلَ الرجلُ: جَاءَ مِنْ أَرض بَعِيدَةٍ فَاقْتَدَحَ نَارًا وأَمسك الزَّنْد بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ لأَنه وَحْدَهُ؛ وَبِهِ فَسَّر بَعْضُهُمْ:
كدُخَان مُرْتَجِلٍ بأَعلى تَلْعةٍ
والمُرَجَّل مِنَ الجَراد: الَّذِي تَرَى آثَارَ أَجنحته فِي الأَرض. وَجَاءَتْ رِجْلُ دِفاعٍ أَي جيشٌ كَثِيرٌ، شُبّه برِجْل الجَراد. وَفِي النَّوَادِرِ: الرَّجْل النَّزْوُ؛ يُقَالُ: بَاتَ الحِصَان يَرْجُلُ الخيلَ. وأَرْجَلْت الحِصانَ فِي الْخَيْلِ إِذا أَرسلت فِيهَا فَحْلًا. والرِّجْل: السراويلُ الطاقُ؛ وَمِنْهُ الْخَبَرُ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه اشْتَرَى رِجْلَ سَراوِيل ثُمَّ قَالَ للوَزَّان زِنْ وأَرْجِحْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا كَمَا يُقَالُ اشْتَرَى زَوْجَ خُفٍّ وزوْجَ نَعْل، وإِنما هُمَا زَوْجان يُرِيدُ رِجْلَيْ سَرَاوِيلَ لأَن السَّرَاوِيلَ مِنْ لِبَاسِ الرِّجْلين، وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّي السَّرَاوِيلَ رِجْلًا. والرِّجْل: الْخَوْفُ وَالْفَزَعُ مِنْ فَوْتِ الشَّيْءِ، يُقَالُ: أَنا مِنْ أَمري عَلَى رِجْلٍ أَي عَلَى خَوْفٍ مِنْ فَوْتِهِ. والرِّجْل، قَالَ أَبو الْمَكَارِمِ: تَجْتَمِعُ القُطُر فَيَقُولُ الجَمَّال: لِي الرِّجْل أَي أَنا أَتقدم. والرِّجْل: الزَّمَانُ؛ يُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ عَلَى رِجْل فُلَانٍ أَي فِي حَيَاتِهِ وَزَمَانِهِ وَعَلَى عَهْدِهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ: لَا أَعلم نَبِيًّا هَلَكَ عَلَى رِجْله مِنَ الْجَبَابِرَةِ مَا هَلَك عَلَى رِجْل مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
، أَي فِي زَمَانِهِ. والرِّجْل: القِرْطاس الْخَالِي. والرِّجْل: البُؤْس وَالْفَقْرُ. والرِّجْل: الْقَاذُورَةُ مِنَ الرِّجَالِ. والرِّجْل: الرَّجُل النَّؤُوم. والرِّجْلة: المرأَة النَّؤُومُ؛ كُلُّ هَذَا بِكَسْرِ الرَّاءِ. والرَّجُل فِي كَلَامِ أَهل الْيَمَنِ: الكثيرُ الْمُجَامَعَةِ، كَانَ الْفَرَزْدَقُ يَقُولُ ذَلِكَ وَيَزْعُمُ أَن مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُسَمِّيهِ العُصْفُورِيَّ؛ وأَنشد:
رَجُلًا كنتُ فِي زَمَانِ غُروري، ... وأَنا اليومَ جافرٌ مَلْهودُ
والرِّجْلة: مَنْبِت العَرْفج الْكَثِيرِ فِي رَوْضَةٍ وَاحِدَةٍ. والرِّجْلة: مَسِيل الْمَاءِ مِنَ الحَرَّة إِلى السَّهلة. شَمِرٌ: الرِّجَل مَسايِلُ الْمَاءِ، وَاحِدَتُهَا رِجْلة؛(11/273)
قَالَ لَبِيدٌ:
يَلْمُج البارضَ لَمْجاً فِي النَّدَى، ... مِنْ مَرابيع رِياضٍ ورِجَل
اللَّمْج: الأَكل بأَطراف الْفَمِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرِّجَل تَكُونُ فِي الغِلَظ واللِّين وَهِيَ أَماكن سَهْلَةٌ تَنْصَبُّ إِليها الْمِيَاهُ فتُمْسكها. وَقَالَ مَرَّةً: الرِّجْلة كالقَرِيِّ وَهِيَ وَاسِعَةٌ تُحَلُّ، قَالَ: وَهِيَ مَسِيل سَهْلة مِنْبات. أَبو عَمْرٍو: الرَّاجِلَة كَبْش الرَّاعِي الَّذِي يَحْمِل عَلَيْهِ متاعَه؛ وأَنشد:
فظَلَّ يَعْمِتُ فِي قَوْطٍ ورَاجِلةٍ، ... يُكَفِّتُ الدَّهْرَ إِلَّا رَيْثَ يَهْتَبِد
أَي يَطْبُخ. والرِّجْلة: ضَرْبٌ مِنَ الحَمْض، وَقَوْمٌ يُسَمُّونَ البَقْلة الحَمْقاء الرِّجْلة، وإِنما هِيَ الفَرْفَخُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ هُوَ أَحمق مِنْ رِجْلَة، يَعْنون هَذِهِ البَقْلة، وَذَلِكَ لأَنها تَنْبُتُ عَلَى طُرُق النَّاسِ فتُدَاس، وَفِي المَسايل فيَقْلَعها مَاءُ السَّيْلِ، وَالْجَمْعُ رِجَل. والرِّجْل: نِصْفُ الرَّاوِيَةِ مِنَ الخَمْر وَالزَّيْتِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أُهدي لَنَا رِجْل شَاةٍ فَقَسَمْتُهَا إِلّا كَتِفَها
؛ تُرِيدُ نِصْفَ شَاةٍ طُولًا فسَمَّتْها بِاسْمِ بَعْضِهَا. وَفِي حَدِيثِ
الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامة: أَنه أَهدى إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، رِجْل حِمَارٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ
أَي أَحد شِقَّيْهِ، وَقِيلَ: أَراد فَخِذه. والتَّراجِيل: الكَرَفْس، سَوَادِيَّةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ بِلُغَة الْعَجَمِ، وَهُوَ اسْمٌ سَواديٌّ مِنْ بُقول الْبَسَاتِينِ. والمِرْجَل: القِدْر مِنَ الْحِجَارَةِ والنحاسِ، مُذَكَّر؛ قَالَ:
حَتَّى إِذا مَا مِرْجَلُ القومِ أَفَر
وَقِيلَ: هُوَ قِدْر النُّحَاسِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: هِيَ كُلُّ مَا طُبِخَ فِيهَا مِنْ قِدْر وَغَيْرِهَا. وارْتَجَل الرجلُ: طَبَخَ فِي المِرْجَل. والمَراجِل: ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ. الْمُحْكَمُ: والمُمَرْجَل ضَرْبٌ مِنْ ثِيَابِ الْوَشْيِ فِيهِ صُوَرُ المَراجل، فمُمَرْجَل عَلَى هَذَا مُمَفْعَل، وأَما سِيبَوَيْهِ فَجَعَلَهُ رُبَاعِيًّا لِقَوْلِهِ:
بشِيَةٍ كشِيَةِ المُمَرْجَل
وَجَعَلَ دَلِيلَهُ عَلَى ذَلِكَ ثَبَاتَ الْمِيمِ فِي المُمَرْجَل، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ من بَابِ تَمَدْرَع وتَمَسْكَن فَلَا يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ. وَثَوْبٌ مِرْجَلِيٌّ: مِنَ المُمَرْجَل؛ وَفِي الْمَثَلِ:
حَدِيثاً كَانَ بُرْدُك مِرْجَلِيّا
أَي إِنما كُسيت المَراجِلَ حَدِيثًا وَكُنْتَ تَلْبَسُ العَبَاء؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ رَحَلَ: وَفِي الْحَدِيثِ
حَتَّى يَبْنيَ الناسُ بُيُوتًا يُوَشُّونها وَشْيَ المراحِل
، وَيَعْنِي تِلْكَ الثِّيَابَ، قَالَ: وَيُقَالُ لَهَا الْمَرَاجِلُ بِالْجِيمِ أَيضاً، وَيُقَالُ لَهَا الراحُولات، والله أعلم.
رحل: الرَّحْل: مَرْكَبٌ لِلْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ، وَجَمْعُهُ أَرْحُلٌ ورِحَالٌ، قَالَ طَرَفَةُ:
جازتِ البِيدَ إِلى أَرْحُلنا، ... آخِرَ اللَّيْلِ، بيَعْفُورٍ خَدِر
والرِّحَالَة: نَحْوُهُ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ مَرَاكب النِّسَاءِ، وأَنكر الأَزهري ذَلِكَ، قَالَ: الرَّحْل فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهٍ. قَالَ شَمِرٌ: قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ الرَّحْل بِجَمِيعِ رَبَضه وحَقَبه وحِلْسه وَجَمِيعِ أَغْرُضه، قَالَ: وَيَقُولُونَ أَيضاً لأَعواد الرَّحْل بِغَيْرِ أَداة رَحْلٌ،(11/274)
وَأَنْشَدَ:
كأَنَّ رَحْلي وأَداةَ رَحْلي، ... عَلَى حَزَابٍ، كأَتان الضَّحْلِ
قَالَ الأَزهري: وَهُوَ كَمَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ وَهُوَ مِنْ مَرَاكِبِ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، وأَما الرِّحَالَة فَهِيَ أَكْبَرُ مِنَ السَّرْج وتُغَشَّى بِالْجُلُودِ وَتَكُونُ لِلْخَيْلِ وَالنَّجَائِبِ مِنَ الإِبل، وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاح:
فَتَرُوا النَّجائِبَ عِنْدَ ذلك ... بالرِّحَالِ وبالرَّحَائِل
وَقَالَ عَنْتَرَةُ فَجَعَلَهَا سَرْجاً:
إِذ لَا أَزال عَلَى رِحَالة سَابِحٍ ... نَهْدٍ مَراكِلُه، نَبِيلِ المَحْزِمِ
قَالَ الأَزهري: فَقَدْ صَحَّ أَن الرَّحْل والرِّحَالَة مِنْ مَرَاكِبِ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ. والرَّحْل فِي غَيْرِ هَذَا: مَنْزِلُ الرَّجُلِ وَمَسْكَنُهُ وَبَيْتُهُ. وَيُقَالُ: دَخَلْتُ عَلَى الرَّجُل رَحْله أَي مَنْزِلَهُ. وَفِي حَدِيثِ
يَزِيدَ بْنِ شَجَرة: أَنه خَطَبَ النَّاسَ فِي بَعْثٍ كَانَ هُوَ قَائِدَهُمْ فَحَثَّهم عَلَى الْجِهَادِ وَقَالَ: إِنكم تَرَوْن مَا أَرى مِنْ أَصفر «4» وأَحمر وَفِي الرِّحال مَا فِيهَا فاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُوا الحُورَ العِين
، يَقُولُ: مَعَكُم مِنْ زَهْرةِ الدُّنْيَا وزُخْرُفها مَا يُوجِبُ عَلَيْكُمْ ذِكْرَ نِعْمَةِ اللَّه عَلَيْكُمْ واتِّقاءَ سَخَطِه، وأَن تَصْدُقوا العدوَّ القتالَ وَتُجَاهِدُوهُمْ حَقَّ الْجِهَادِ، فَاتَّقُوا اللَّه وَلَا تَرْكَنوا إِلى الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا، وَلَا تُوَلُّوا عَنْ عَدُوِّكم إِذا الْتَقَيْتُمْ، وَلَا تُخْزُوا الْحُورَ العِين بِأَنْ لَا تُبْلُوا وَلَا تَجْتَهِدُوا، وأَن تَفْشَلوا عَنِ الْعَدُوِّ فَيُوَلِّين، يَعْنِي الحُورَ العِين، عَنْكُمْ بخَزاية وَاسْتِحْيَاءٍ لَكُمْ، وَتَفْسِيرُ الخَزاية فِي مَوْضِعِهِ. والرَّاحُولُ: الرَّحْل، وإِنه لخَصيب الرَّحْل. وانتهينا إِلَى رِحَالِنا أَي مَنَازِلِنَا. والرَّحْل: مَسْكَنُ الرَّجُلِ وَمَا يَصْحَبُهُ مِنَ الأَثاث. وَفِي الْحَدِيثِ
: إِذا ابْتَلَّت النِّعال فَالصَّلَاةُ فِي الرِّحَال
أَي صَلُّوا رُكْباناً، والنِّعال هُنَا: الحِرَار، وَاحِدُهَا نَعْل. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: فَالصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ يَعْنِي الدُّور وَالْمَسَاكِنَ وَالْمَنَازِلَ، وَهِيَ جَمْعُ رَحْل، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَنِ الْعَرَبِ: وَضَعا رِحَالَهما، يَعْنِي رَحْلَي الرَّاحِلَتَيْنِ، فأَجْروا الْمُنْفَصِلَ مِنْ هَذَا الْبَابِ كالرَّحْل مُجْرَى غَيْرِ الْمُنْفَصِلِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما، وَهَذَا فِي الْمُنْفَصِلِ قَلِيلٌ وَلِذَلِكَ خَتَمَ سِيبَوَيْهِ بِهِ فَصْلَ:
ظَهْراهُما مِثْلُ ظُهور التُّرْسَيْنِ
وَقَدْ كَانَ يَجِبُ أَن يَقُولُوا وَضَعا أَرْحُلَهما لأَن الِاثْنَيْنِ أَقرب إِلى أَدنى العدَّة، وَلَكِنْ كَذَا حُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ، وأَما فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي هَذَا الْمَكَانِ لأَن الْقَلْبَ لَيْسَ لَهُ أَدنى عَدَدٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَدنى عَدَدٍ لَكَانَ الْقِيَاسُ أَن يُسْتعمل هَاهُنَا، وَقَوْلُ خطَام:
ظَهْراهُما مِثْلُ ظُهور التُّرْسَيْنِ
مِنْ هَذَا أَيضاً، إِنما حُكْمُهُ مِثْلُ أَظهر التُّرْسَيْنِ لِمَا قَدَّمْنَا، وَهُوَ الرِّحَالَة وَجَمْعُهَا رَحَائِل. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والرِّحَالَة فِي أَشْعار الْعَرَبِ السَّرْجُ، قَالَ الأَعشى:
ورَجْرَاجَةٍ تُعْشِي النَّواظِرَ ضَخْمَةٍ، ... وشُعْثٍ عَلَى أَكتافِهِنَّ الرَّحَائِلُ
قَالَ: والرِّحَالَة سَرْجٌ مِنْ جُلُودٍ لَيْسَ فِيهِ خَشَبٌ كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ للرَّكْض الشَّدِيدِ، وَالْجَمْعُ الرَّحَائِل، قَالَ
__________
(4) . قوله [من أصفر] هكذا في الأَصل، وفي التهذيب: من بين أصفر، بزيادة بين.(11/275)
أَبو ذَؤَيْبٍ:
تَعْدُو بِهِ خَوْصاءُ يَفْصِمُ جَرْيُها ... حَلَقَ الرِّحَالَة، وهي رِخْوٌ [رَخْوٌ] تَمْزَعُ
يَقُولُ: تَعْدُو فَتَزْفِر فتَفْصِم حَلَق الحِزام، وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْل:
ومُقَطِّعٍ حَلَق الرِّحَالة سَابِحٍ، ... بادٍ نواجِذُهُ عَنِ الأَظَرابِ
وأَنشد لِعَنْتَرَةَ:
إِذ لَا أَزال عَلَى رِحَالةِ سابحٍ ... نهدٍ، تَعَاوَرَه الكماةُ مُكَلَّمِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُمَيْرَةَ بْنِ طَارِقٍ:
بِفِتْيَانِ صِدْقٍ فَوْقَ جْردٍ كأَنها ... طَوَالِبُ عِقْبان، عَلَيْهَا الرَّحَائِلُ
قَالَ: وَهُوَ أَكبر مِنَ السَّرْج ويُغَشَّى بِالْجُلُودِ وَيَكُونُ لِلْخَيْلِ وَالنَّجَائِبِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والرَّحْل رَحْل الْبَعِيرِ، وَهُوَ أَصغر مِنَ القَتَب، وَثَلَاثَةُ أَرْحُلٍ، وَالْعَرَبُ تُكَنِّي عَنِ القَذْف لِلرَّجُلِ بِقَوْلِهِمْ: يَا ابْنَ مُلْقَى أَرْحُل الرُّكْبان. ابْنُ سِيدَهْ: ورَحَلَ البعيرَ يَرْحَلُه رَحْلًا، فَهُوَ مَرْحُول ورَحِيل، وارْتَحَلَه: جَعَلَ عَلَيْهِ الرَّحْل، ورَحَلَه رِحْلةً: شدَّ عَلَيْهِ أَداته، قَالَ الأَعشى:
رَحَلَتْ سُمَيَّةُ غُدوةً أَجمالَها، ... غَضْبَى عَلَيْكَ، فَمَا تَقُولُ بَدَا لَها؟
وَقَالَ المثقِّب الْعَبْدِيُّ:
إِذا مَا قُمْتُ أَرْحَلُها بِلَيْلٍ، ... تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُل الحَزِينِ
وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَجَدَ فرَكِبه الْحَسَنُ فأَبطأَ فِي سُجُودِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ: إِن ابْنِي ارْتَحَلَني فَكَرِهْتُ أَن أُعْجِله
، أَي جَعَلني كَالرَّاحِلَةِ فَركِب عَلَى ظَهْرِي. وإِنه لَحَسَن الرِّحْلة أَي الرَّحْل للإِبل أَعني شَدَّه لرِحالها، قَالَ:
ورَحَلُوها رِحْلةً فِيهَا رَعَنْ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنما هُوَ رَحْل أَو سَرْج، فَرحْلٌ إِلى بَيْتِ اللَّه، وسَرْجٌ فِي سَبِيلِ اللَّه
، يُرِيدُ أَن الإِبل تُرْكَب فِي الْحَجِّ والخَيْل فِي الْجِهَادِ. الأَزهري: وَيُقَالُ رَحَلْتُ الْبَعِيرَ أَرْحَلُهُ رَحْلًا إِذا عَلَوْتَهُ. شَمِرٌ: ارْتَحَلْتُ البعيرَ إِذا رَكِبْتَهُ بقَتَب أَو اعْرَوْرَيته، قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وَمَا عَصَيْتُ أَميراً غَيْرَ مُتَّهَم ... عِنْدِي، ولكنَّ أَمْرَ المرءِ مَا ارْتَحَلَا
أَي يَرْتَحِلُ الأَمرَ يَرْكَبه. قَالَ شَمِرٌ: وَلَوْ أَن رَجُلًا صَرَعَ آخَرَ وَقَعَدَ عَلَى ظَهْرِهِ لَقُلْتَ رأَيته مُرْتَحِلَه. ومُرْتَحَلُ البعيرِ: مَوْضِعُ رَحْلِه. وارْتَحَلَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذا عَلَا ظهرَه وَرَكِبَهُ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ
: لَتَكُفَّنَّ عَنْ شَتْمه أَو لأَرْحَلَنَّكَ بِسَيْفِي
أَي لأَعْلُوَنَّك. يُقَالُ: رَحَلْته بِمَا يَكْرَهُ أَي رَكِبْتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ:
تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ قَعْر عَدَن تُرَحِّلُ النَّاسَ
، رَوَاهُ شُعْبَةُ قَالَ: وَمَعْنَى تُرَحِّلُ أَي تَرْحَل مَعَهُمْ إِذا رَحَلوا، وتَنْزِل مَعَهُمْ إِذا نَزَلُوا، وتَقِيل إِذا قَالُوا، جَاءَ بِهِ مُتَّصِلًا بِالْحَدِيثِ، قَالَ شَمِرٌ: وَقِيلَ مَعْنَى تُرَحِّلُهم أَي تُنْزِلهم المَرَاحِل، وَقِيلَ: تَحْمِلُهُمْ عَلَى الرَّحِيل، قَالَ: والتَّرْحِيل والإِرْحَال بِمَعْنَى الإِشخاص والإِزعاج. يُقَالُ: رَحَلَ الرجلُ إِذا(11/276)
سَارَ، وأَرْحَلْتُهُ أَنا. وَرَجُلٌ رَحُول وَقَوْمٌ رُحَّل أَي يَرْتَحِلُونَ كَثِيرًا. ورَجُل رَحَّال: عَالِمٌ بِذَلِكَ مُجِيدٌ لَهُ. وإِبل مُرَحَّلَة: عَلَيْهَا رِحالُها، وَهِيَ أَيضاً الَّتِي وُضِعت عَنْهَا رِحَالُها، قَالَ:
سِوَى تَرْحِيلِ راحلةٍ وعَينٍ، ... أُكالئُها مَخافَة أَن تَنامَا
والرَّحُول والرَّحُولة مِنَ الإِبل: الَّتِي تَصلح أَن تُرْحَل، وَهِيَ الرَّاحِلَةُ تَكُونُ لِلذَّكَرِ والأُنثى، فاعِلة بِمَعْنَى مَفَعُولَةٍ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى النَّسَبِ، وأَرْحَلَها صاحِبُها: رَاضَها حَتَّى صَارَتْ رَاحِلَةً. قَالَ أَبو زَيْدٍ: أَرْحَلَ الرجلُ البعيرَ، وَهُوَ رجُلٌ مُرْحِل، وَذَلِكَ إِذا أَخذ بَعِيرًا صَعْباً فَجَعَلَهُ رَاحِلَةً. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: تَجِدُونَ النَّاسَ بَعْدِي كإِبلٍ مائةٍ لَيْسَ فِيهَا رَاحِلة
، الرَّاحِلةُ مِنَ الإِبل: «1» البعيرُ القويُّ عَلَى الأَسفار والأَحمال، وَهِيَ الَّتِي يَخْتَارُهَا الرَّجُلُ لمَرْكَبه ورَحْله عَلَى النَّجابة وَتَمَامِ الخَلْق وَحُسْنِ المَنْظَر، وإِذا كَانَتْ فِي جَمَاعَةِ الإِبل تَبَيَّنَتْ وعُرِفت، يَقُولُ: فَالنَّاسُ مُتَسَاوُونَ لَيْسَ لأَحد مِنْهُمْ عَلَى أَحد فَضْلٌ فِي النَّسَبِ، وَلَكِنَّهُمْ أَشباه كإِبلٍ مائةٍ لَيْسَتْ فِيهَا رَاحِلَةٌ تَتَبَيَّنُ فِيهَا وَتَتَمَيَّزُ مِنْهَا بِالتَّمَامِ وَحُسْنِ المَنْظَر، قَالَ الأَزهري: هَذَا تَفْسِيرُ ابْنِ قُتَيْبَةَ وَقَدْ غَلِطَ فِي شَيْئَيْنِ مِنْهُ: أَحدهما أَنه جَعَلَ الرَّاحِلَة النَّاقَةَ وَلَيْسَ الجَمَل عِنْدَهُ رَاحِلَةً، والرَّاحِلَة عِنْدَ الْعَرَبِ كُلُّ بَعِيرٍ نَجِيبٍ، سواءٌ كَانَ ذَكَرًا أَو أُنثى، وَلَيْسَتِ النَّاقَةُ أَولى بِاسْمِ الرَّاحِلَة مِنَ الْجَمَلِ، تَقُولُ الْعَرَبُ لِلْجَمَلِ إِذا كَانَ نَجِيبًا رَاحِلَة، وَجَمْعُهُ رَوَاحِل، وَدُخُولُ الْهَاءِ فِي الرَّاحِلَة لِلْمُبَالَغَةِ فِي الصِّفَةِ، كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ دَاهِيَةٌ وَبَاقِعَةٌ وعلَّامة، وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَتْ رَاحِلَة لأَنها تُرْحَل كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ*، أَي مَرْضِيَّة، وخُلِق مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ، أَي مَدْفُوقٍ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ رَاحِلَة لأَنها ذَاتُ رَحْل، وَكَذَلِكَ عِيشَةٌ رَاضِيَةٌ ذَاتُ رِضًا، وماءٌ دَافِقٌ ذُو دَفْق، وأَما قَوْلُهُ: إِن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَراد أَن النَّاسَ مُتَسَاوُونَ فِي النَّسَبِ لَيْسَ لأَحد مِنْهُمْ فَضْلٌ عَلَى الْآخَرِ وَلَكِنَّهُمْ أَشباه كإِبل مِائَةٍ لَيْسَ فِيهَا رَاحِلَة، فَلَيْسَ الْمَعْنَى مَا ذَهَبَ إِليه، قَالَ: وَالَّذِي عِنْدِي فِيهِ أَن اللَّه تَعَالَى ذَمَّ الدُّنْيَا ورُكونَ الْخَلْقِ إِليها وحَذَّر عِبَادَهُ سُوء مَغَبَّتِها وزَهَّدهم فِي اقْتِنَائِهَا وزُخْرُفها، وضرَب لَهُمْ فِيهَا الأَمثال ليَعُوها وَيَعْتَبِرُوا بِهَا فَقَالَ: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ (الْآيَةَ) . وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُحَذِّر أَصحابه بِمَا حَذَّرهم اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَمِيمِ عَوَاقِبِهَا وَيَنْهَاهُمْ عَنِ التَّبَقُّر فِيهَا، ويُزَهِّدهم فِيمَا زَهَّدهم اللَّهُ فِيهِ مِنْهَا، فرَغِبَ أَكثرُ أَصحابه بعدَه فِيهَا «2» وتَشَاحُّوا عَلَيْهَا وَتَنَافَسُوا فِي اقْتِنَائِهَا حَتَّى كَانَ الزُّهْدُ فِي النَّادِرِ الْقَلِيلِ مِنْهُمْ فَقَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ: تَجِدُونَ النَّاسَ بَعْدِي كإِبلٍ مائةٍ لَيْسَ فِيهَا رَاحِلَة
، وَلَمْ يُرِد بِهَذَا تَسَاوِيهِمْ فِي الشَّرِّ وَلَكِنَّهُ أَراد أَن الْكَامِلَ فِي الْخَيْرِ وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا مَعَ رَغْبَتِهِ فِي الْآخِرَةِ وَالْعَمَلِ لَهَا قَلِيلٌ، كَمَا أَن الرَّاحِلَة النَّجِيبَةَ نَادِرَةٌ فِي الإِبل الْكَثِيرَةِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ مَشَايِخِنَا يَقُولُ: إِن زُهَّاد أَصحاب سَيِّدِنَا رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَتتامُّوا عَشَرَةً مَعَ وُفور عَدَدهم وَكَثْرَةِ خَيْرِهِمْ وسَبْقِهم الأُمة إِلى مَا يَسْتَوْجِبُونَ بِهِ كَرِيمَ الْمَآبِ بِرَحْمَةِ اللَّه إِياهم وَرِضْوَانِهِ
__________
(1) . قوله [الرَّاحِلَة من الإبل إلخ] عبارة التهذيب: قال ابن قتيبة: الرَّاحِلَة هي الناقة التي يختارها الرجل إلخ.
(2) . قوله [فَرَغِبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ بَعْدَهُ فيها إلخ] بهامش الأَصل هنا ما نصه: في هذه العبارة من إساءة الأَدب في حقهم، رضي اللَّه عنهم، ما لا يخفى على المتأمل المنصف.(11/277)
عَنْهُمْ، فَكَيْفَ مَن بَعْدَهُمْ وَقَدْ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ وَعَايَنُوا الرَّسُولَ، وَكَانُوا مَعَ الرَّغْبَةِ الَّتِي ظَهَرَت مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا خيرَ هَذِهِ الأُمَّة الَّتِي وَصَفَهَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَوَاجِبٌ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ الاستغفارُ لَهُمْ والتَّرَحُّم عَلَيْهِمْ، وأَن يسأَلوا اللَّه تَعَالَى أَن لَا يَجْعَلَ فِي قُلُوبِهِمْ غِلًّا لَهُمْ، وَلَا يَذْكُرُوا أَحداً مِنْهُمْ بِمَا فِيهِ مَنْقَصة لَهُمْ واللَّه يَرْحَمُنَا وإِياهم، ويَتَغَمَّد زلَلنا بِحِلْمِهِ، إِنه هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَقَوْلُ دُكَيْنٍ:
أَصبحتُ قَدْ صالَحَنِي عَوَاذِلِي، ... بَعْدَ الشِّقاق، ومَشَتْ رَوَاحِلي
قِيلَ: تَرَكْتُ جَهْلي وارْعَوَيْت وأَطَعْت عَوَاذِلِي كَمَا تُطِيع الراحلةُ زاجرَها فَتَمْشِي، وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:
وعُرِّيَ أَفراسُ الصِّبا ورَوَاحِلُه
اسْتَعَارَهُ للصِّبا، يَقُولُ: ذَهَبَتْ قُوَّةُ شَبَابِي الَّتِي كَانَتْ تَحْمِلني كَمَا تَحْمِلُ الفرسُ والراحلةُ صاحبَهما. وَيُقَالُ للرَّاحِلَة الَّتِي ريضَت وأُدِّبَت: قَدْ أُرْحِلَت إِرْحَالًا، وأُمْهِرَت إِمهاراً إِذا جَعَلَهَا الرَّائِضُ مَهْريَّةً ورَاحِلَة. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّاحِلَة المَرْكَب مِنَ الإِبل، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى. والرِّحَال: الطَّنَافِسُ الحيريَّة، وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
ومَصَابِ غاديةٍ، كأَنَّ تِجَارَها ... نَشَرَتْ عَلَيْهِ بُرودَها ورِحَالَها
والمُرَحَّل: ضَرْب مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ، سُمِّي مُرَحَّلًا لأَن عَلَيْهِ تَصَاوِيرَ رَحْل. ومِرْطٌ مُرَحَّل: إِزارُ خَزٍّ فِيهِ عَلَمٌ، وَقَالَ الأَزهري: سُمِّيَ مُرَحَّلًا لِمَا عَلَيْهِ مِنْ تَصَاوِيرِ رَحْل وَمَا ضَاهَاهُ، قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
عليهنَّ رَاحُولاتُ كلِّ قَطِيفة، ... مِنَ الخَزِّ، أَو مِنْ قَيْصَرَانَ عِلامُها
قَالَ: الرَّاحُولات الرَّحْل المَوْشِيُّ، عَلَى فاعُولات، قَالَ: وقَيْصَران ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ المَوْشِيَّة. ومِرْطٌ مُرَحَّل: عَلَيْهِ تَصَاوِيرُ الرِّحَالِ. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَّن رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّل
، المُرَحَّل الَّذِي قَدْ نُقِش فِيهِ تَصَاوِيرُ الرِّحال. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ وَذَكَرَتْ نِسَاءَ الأَنصار: فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلى مِرْطِها المُرَحَّل.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
: كَانَ يُصَلِّي وَعَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ المُرَحَّلات
، يَعْنِي المُروط المُرَحَّلة، وَتُجْمَعُ عَلَى المَرَاحِل. وَفِي الْحَدِيثِ
: حَتَّى يَبْنِيَ النَّاسُ بُيُوتًا يُوَشُّونها وَشْيَ المَرَاحِل
، يَعْنِي تِلْكَ الثِّيَابَ، وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْعَمَلِ التَّرْحِيل، وَيُقَالُ لَهَا المَرَاجِل، بِالْجِيمِ أَيضاً، وَيُقَالُ لَهَا الرَّاحُولات. وَنَاقَةٌ رَحِيلَة أَي شَدِيدَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى السَّيْرِ، وَكَذَلِكَ جَمَلٌ رَحِيل. وَبَعِيرٌ ذُو رُحْلة ورِحْلة أَي قوَّة عَلَى السَّيْرِ. الأَزهري: وَبَعِيرٌ مِرْحَل ورَحِيل إِذا كَانَ قَوِيّاً. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: نَاقَةٌ رَحِيلَة ورَحِيلٌ ومُرْحِلَة ومُسْتَرْحِلَة أَي نَجيبة. وَبَعِيرٌ مُرْحِل إِذا كَانَ سَمِيناً وإِن لَمْ يَكُنْ نَجِيباً. وَبَعِيرٌ ذُو رُحلَة ورِحْلَة إِذا كَانَ قَويّاً عَلَى أَن يَرْحَل. وارْتَحَلَ البعيرُ رِحْلةً: سَارَ فَمَضَى، ثُمَّ جَرَى ذَلِكَ فِي الْمَنْطِقِ حَتَّى قِيلَ ارْتَحَلَ القومُ عَنِ الْمَكَانِ ارْتِحَالًا. ورَحَلَ عَنِ الْمَكَانِ يَرْحَلُ وَهُوَ رَاحِلٌ مِنْ قَوْمٍ رُحَّلٌ: انْتَقَلَ، قَالَ:
رَحَلْت مِنْ أَقْصى بلادِ الرُّحَّلِ، ... مِنْ قُلَل الشِّحْر، فَجَنْبَيْ مَوْحَلِ
ورَحَّلَ غيرَه، قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا يَرْحَل الشيبُ عَنْ دارٍ يَحُلُّ بِهَا، ... حَتَّى يُرَحِّلُ عَنْهَا صاحبَ الدارِ(11/278)
وَيُرْوَى: عَامِرَ الدَّارِ. والتَّرَحُّل والارْتِحَال: الِانْتِقَالُ وَهُوَ الرِّحْلَة والرُّحْلَة. والرِّحْلَة: اسْمٌ لِلِارْتِحَالِ للمَسير. يُقَالُ: دَنَتْ رِحْلَتُنا. ورَحَلَ فُلَانٌ وارْتَحَلَ وتَرَحَّلَ بِمَعْنًى. وَفِي الْحَدِيثِ
: فِي نَجَابة وَلَا رُحْلة
، الرُّحْلَة، بِالضَّمِّ: القُوَّة والجَوْدة أَيضاً، وَيُرْوَى بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى الِارْتِحَالِ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لَذُو رِحْلَة إِلى الْمُلُوكِ ورُحْلة. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الرِّحْلة الِارْتِحَالُ، والرُّحْلة، بِالضَّمِّ، الْوَجْهُ الَّذِي تأْخذ فِيهِ وَتُرِيدُهُ، تَقُولُ: أَنتم رُحْلَتي أَي الَّذِينَ أَرتحلُ إِليهم. وأَرْحَلَتِ الإِبلُ: سَمِنت بَعْدَ هُزال فأَطاقت الرِّحْلة. ورَاحَلْتُ فُلَانًا إِذا عَاوَنْتَهُ عَلَى رِحْلته، وأَرْحَلْته إِذا أَعطيته راحِلة، ورَحَّلْتُه، بِالتَّشْدِيدِ، إِذا أَظعنته مِنْ مكانه وأَرسلته. وَرَجُلٌ مُرْحِل أَي لَهُ رَوَاحِلُ كَثِيرَةٌ، كَمَا يُقَالُ مُعْرِب إِذا كَانَ لَهُ خَيْلٌ عِرابٌ، عَنْ أَبي عُبَيْدٍ، وإِذا عَجِلَ الرَّجُل إِلى صَاحِبِهِ بالشَّرِّ قِيلَ: اسْتَقْدَمَتْ رِحالَتُكَ، وأَما قول إمرىء الْقَيْسِ:
فإِمَّا تَرَيْني فِي رِحَالةِ جابرٍ، ... عَلَى حَرَجٍ، كالقَرِّ تَخْفِق أَكفانِي
فَيُقَالُ: إِنما أَراد بِهِ الحَرَجَ وَلَيْسَ ثَمَّ رِحَالة فِي الْحَقِيقَةِ، هَذَا كَمَا يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ عَلَى نَاقَةِ الحَذَّاء، يَعْنُون النَّعْل، وَجَابِرٌ: اسْمُ رَجُلٍ نَجَّار. ابْنُ سِيدَهْ: الرُّحْلة السَّفْرَة الْوَاحِدَةُ. والرَّحِيل: اسمُ ارْتِحَالِ الْقَوْمِ لِلْمَسِيرِ، قَالَ:
أَما الرَّحِيلُ فَدُونَ بعدِ غَدٍ، ... فَمَتَى تَقُولُ الدَّارَ تَجْمَعُنا؟
والرَّحِيل: القَوِيُّ عَلَى الِارْتِحَالِ وَالسَّيْرِ، والأُنثى رَحِيلَة. وَفِي حَدِيثِ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ: أَن ابْنَ الزُّبَيْرِ أَمَرَ لَهُ براحلةٍ رَحِيل، قَالَ الْمُبَرِّدُ: رَاحِلَة رَحِيل أَي قَوِيٌّ عَلَى الرِّحْلة، كَمَا يُقَالُ فَحْل فَحِيل ذُو فِحْلة، وجَمَل رَحِيل وَنَاقَةٌ رَحِيلة بِمَعْنَى النَّجِيبِ والظَّهِير، قَالَ: وَلَمْ تَثْبُتِ الْهَاءُ فِي رَحِيل لأَن الرَّاحِلَة تَقَعُ عَلَى الذَّكَر. والمُرْتَحَل: نَقِيضُ المَحَلِّ، وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:
إِنَّ مَحَلًّا وإِنَّ مُرْتَحَلًا
يُرِيدُ إِنَّ ارْتِحَالًا وإِنَّ حُلولًا، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ المُرْتَحَل اسْمَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُحَلُّ فِيهِ. قَالَ: والتَّرَحُّل ارْتِحَالٌ في مُهْلَة، ويفسر قوله زُهَيْرٌ:
ومَنْ لَا يَزَلْ يَسْتَرْحِل النَّاسَ نفسَه، ... وَلَا يُعْفِها يَوْمًا مِنَ الذُّلِّ، يَنْدَم
تَفْسِيرَيْنِ: أَحدهما أَنه يَذِلُّ لَهُمْ حَتَّى يَرْكَبوه بالأَذى وَيَسْتَذِلُّوهُ، وَالثَّانِي أَنه يسأَلهم أَن يَحْمِلوا عَنْهُ كَلَّه وثِقْله وَمُؤْنَتَهُ، وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ رَوَى الْبَيْتَ:
وَلَا يُعفها يَوْمًا مِنَ النَّاسِ يُسأَم
قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِهِ فِي الْمَعَانِي وَغَيْرِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: واسْتَرْحَله أَي سأَله أَن يَرْحَلَ لَهُ. ورَحْلُ الرجلِ: مَنْزِلُه ومسكنُه، وَالْجَمْعُ أَرْحُل. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ يَا رَسُولَ اللَّه حَوَّلت رَحْلي الْبَارِحَةَ
، كَنَى برَحْله عَنْ زَوْجَتِهِ، أَراد بِهِ غِشْيانَها فِي قُبُلها مِنْ جِهَةِ ظَهْرِهَا لأَن الْمُجَامِعَ يَعْلُو المرأَة وَيَرْكَبُهَا مِمَّا يَلِي وَجْههَا، فَحَيْثُ رَكِبَهَا مِنْ جِهَةِ ظَهْرِهَا كَنَى عَنْهُ بِتَحْوِيلِ رَحْلِه، إِمَّا أَن يُرِيدَ بِهِ الْمَنْزِلَ والمأْوى، وإِما أَن يُرِيدَ بِهِ الرَّحْل الَّذِي(11/279)
تُرْكَب عَلَيْهِ الإِبلُ وَهُوَ الكُور. وَشَاةٌ رَحْلاء: سَوْدَاءُ بَيْضَاءُ مَوْضِعِ مَرْكَب الرَّاكِبِ مِنْ مَآخِيرِ كَتِفَيْهَا، وإِن ابيضَّت واسودَّ ظَهْرُهَا فَهِيَ أَيضاً رَحْلاء، الأَزهري: فإِن ابيضَّت إِحدى رِجْلَيْهَا فَهِيَ رَجْلاء. وَقَالَ أَبو الْغَوْثِ: الرَّحْلاء مِنَ الشِّياه الَّتِي ابْيَضَّ ظَهْرُهَا واسودَّ سَائِرُهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذا اسودَّ ظَهْرُهَا وَابْيَضَّ سَائِرُهَا، قَالَ: وَمِنَ الْخَيْلِ الَّتِي ابْيَضَّ ظَهْرُهَا لَا غَيْرُ. وَفَرَسٌ أَرْحَل: أَبيض الظَّهْرِ وَلَمْ يَصِل البياضُ إِلى الْبَطْنِ وَلَا إِلى العَجُز وَلَا إِلى العُنُق، وإِن كَانَ أَبيض الظَّهْرِ فَهُوَ آزَرُ. وتَرَحَّلَه: رَكِبَه بِمَكْرُوهٍ. الأَزهري: يُقَالُ إِن فُلَانًا يَرْحَلُ فُلَانًا بِمَا يَكْرَهُ أَي يَرْكَبُهُ. وَيُقَالُ: رَحَلْتُ لَهُ نَفْسِي إِذا صَبَرْتَ عَلَى أَذاه. والرَّحِيل: مَنْزِلٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ. ورَاحِيلُ: اسْمُ أُمِّ يُوسُفَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. ورِحْلة: هَضْبَة مَعْرُوفَةٌ، زَعَمَ ذَلِكَ يَعْقُوبُ، وأَنشد:
تُرادَى عَلَى دِمْنِ الحِياض، فإِن تَعَفْ، ... فإِنَّ المُنَدَّى رِحْلةٌ فَرَكُوبُ
قَالَ: ورَكُوب هَضْبة أَيضاً، ورواية سيبويه: رَحْلَة فرُكُوب أَي أَن يُشَدّ رَحْلها فتُرْكَب. والمَرْحَلَة: وَاحِدَةُ المَرَاحِل، يُقَالُ بَيْنِي وَبَيْنَ كَذَا مَرْحَلَة أَو مَرْحَلَتَان. والمَرْحَلَة: الْمَنْزِلَةُ يُرْتَحل مِنْهَا، وَمَا بَيْنَ الْمَنْزِلَيْنِ مَرْحَلَة، واللَّه أَعلم.
رخل: الرِّخْل والرَّخِل: الأُنثى مِنْ أَولاد الضأْن، والذَّكَر حَمَلٌ، وَالْجَمْعُ أَرْخُل ورِخال، ورُخَال، بِضَمِّ الرَّاءِ، مِثْلُ ظِئْر وظُؤَار، وَشَاةٌ رُبَّى ورُباب ورِخْلانٌ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَسلم فِي مِائَةِ رِخْل، فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ
؛ وإِنما كُرِهَ السَّلَم فِيهَا لِتَفَاوُتِ صفاتْها وَقَدْرِ سِنِّها، وَهِيَ الرِّخْلَة والرَّخِلة، وَيُقَالُ للرِّخل رِخْلَة؛ وَقَوْلُ الْكُمَيْتِ:
وَلَوْ وُليَ الهُوجُ السَّوائحُ بِالَّذِي ... وُلِينا بِهِ، مَا دَعْدَع المُترَخِّل
يُرِيدُ صَاحِبَ الرِّخال الَّتِي يُرَبِّيها. وَبَنُو رُخَيْلَة: بطن.
ردخل: اللَّيْثُ: الإِرْدَخْل التارُّ السَّمِين؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع الإِرْدَخْل لِغَيْرِ الليث.
ردعل: الرِّدَعْل: صِغَارُ الأَولاد؛ قَالَ عُجَيْرٌ:
أَلا هَلْ أَتى النصريُّ مَتْرَكُ صِبْيَتي ... رِدعْلًا، ومَسْبَى الْقَوْمِ غَصْباً نِسائياً؟
قَالَ: الرِّدَعْل الصِّغار.
رذل: الرَّذْل والرَّذِيل والأَرذَل: الدُّون مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: الدُّون فِي مَنْظَره وَحَالَاتِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الدُّون الخَسيس، وَقِيلَ: هُوَ الرَّديء مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَرَجُلٌ رَذْل الثِّيَابِ وَالْفِعْلِ، وَالْجَمْعُ أَرْذَال ورُذَلاء ورُذُول ورُذَال؛ الأَخيرة مِنَ الْجَمْعِ الْعَزِيزِ، والأَرْذَلون، وَلَا تُفَارِقُ هَذِهِ الأَلف وَاللَّامُ لأَنها عَقِيبة مِن. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ
؛ قَالَهُ قَوْمُ نُوحٍ لَهُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: نَسَبُوهُمْ إِلى الحِياكة والحِجامة، قَالَ: والصِّناعات لَا تَضُرُّ فِي بَابِ الدِّيَانَاتِ، والأُنثى رَذْلة، وَقَدْ رَذُلَ فُلَانٌ، بِالضَّمِّ، يَرْذُلُ رَذَالَة ورُذُولَة، فَهُوَ رَذْلٌ ورُذَال، بِالضَّمِّ، وأَرْذَلَه غَيْرُهُ، ورَذَلَه يَرْذُلُه رَذْلًا: جَعَلَهُ كَذَلِكَ، وَهُمُ الرَّذْلون والأَرْذَال وَهُوَ مَرْذُول. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ رُذِلَ، قَالَ: كأَنه وُضِعَ ذَلِكَ فِيهِ يَعْنِي أَنه لَمْ يَعْرض لرُذِل، وَلَوْ عَرض لَهُ لَقَالَ رذَّله وشَدَّد. وَثَوْبٌ رَذْل ورَذيل:(11/280)
وَسِخٌ رديءٌ. والرُّذَال والرُّذَالَة: مَا انْتُقي جَيِّده وَبَقِيَ رَدِيئُهُ. والرَّذِيلَة: ضِدُّ الْفَضِيلَةِ. ورُذَالَة كُلِّ شَيْءٍ: أَردؤُه. وَيُقَالُ: أَرْذَلَ فُلَانٌ دَرَاهِمِي أَي فَسَّلها، وأَرْذَلَ غَنَمِي وأَرْذَلَ مِنْ رِجَالِهِ كَذَا وَكَذَا رَجُلًا، وَهُمْ رُذَالَة النَّاسِ ورُذَالهم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ*
؛ قِيلَ: هُوَ الَّذِي يَخْرَف مِنَ الكِبَر حَتَّى لَا يَعْقِل، وبَيَّنه بقوله: لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً. وَفِي الْحَدِيثِ
: وأَعوذ بِكَ مِنْ أَن أُرَدَّ إِلى أَرْذَل الْعُمُرِ
أَي آخِرِهِ فِي حَالِ الكِبَر وَالْعَجْزِ. والأَرْذَل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الرَّديء مِنْهُ.
رسل: الرَّسَل: القَطِيع مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ أَرْسَال. والرَّسَل: الإِبل، هَكَذَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ مِنْ غَيْرِ أَن يَصِفَهَا بِشَيْءٍ؛ قَالَ الأَعشى:
يَسْقِي رِيَاضًا لَهَا قَدْ أَصبحت غَرَضاً، ... زَوْراً تَجانف عَنْهَا القَوْدُ والرَّسَل
والرَّسَل: قَطِيع بَعْدَ قَطِيع. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّسَل، بِالتَّحْرِيكِ، القَطِيع مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَقول للذَّائد: خَوِّصْ برَسَل، ... إِني أَخاف النَّائِبَاتِ بالأُوَل
وَقَالَ لَبِيدٌ:
وفِتْيةٍ كالرَّسَل القِمَاح
وَالْجَمْعُ الأَرْسَال؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا ذائدَيْها خَوِّصا بأَرْسَال، ... وَلَا تَذُوداها ذِيادَ الضُّلَّال
ورَسَلُ الحَوْض الأَدنى: مَا بَيْنَ عَشْرٍ إِلى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، يُذَكَّرُ ويؤَنث. والرَّسَل: قَطيعٌ مِنَ الإِبِل قَدْر عَشْرٍ يُرْسَل بَعْدَ قَطِيع. وأَرْسَلُوا إِبلهم إِلى الْمَاءِ أَرْسَالًا أَي قِطَعاً. واسْتَرْسَلَ إِذا قَالَ أَرْسِلْ إِليَّ الإِبل أَرْسَالًا. وجاؤوا رِسْلَةً رِسْلَةً أَي جَمَاعَةً جَمَاعَةً؛ وإِذا أَورد الرَّجُلُ إِبله مُتَقَطِّعَةً قِيلَ أَوردها أَرْسَالًا، فإِذا أَوردها جَمَاعَةً قِيلَ أَوردها عِراكاً. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن النَّاسَ دَخَلُوا عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَرْسَالًا يُصَلُّون عَلَيْهِ
أَي أَفواجاً وفِرَقاً مُتَقَطِّعَةً بَعْضُهُمْ يَتْلُو بَعْضًا، وَاحِدُهُمْ رَسَلٌ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالسِّينِ. وَفِي حَدِيثٍ فِيهِ ذِكْرُ السَّنَة:
ووَقِير كَثِيرُ الرَّسَل قَلِيلُ الرِّسْل
؛ كَثِيرُ الرَّسَل يَعْنِي الَّذِي يُرْسَل مِنْهَا إِلى الْمَرْعَى كَثِيرٌ، أَراد أَنها كَثِيرَةُ العَدَد قَلِيلَةُ اللَّبن، فَهِيَ فَعَلٌ بِمَعْنَى مُفْعَل أَي أَرسلها فَهِيَ مُرْسَلَة؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا فَسَّرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَقَدْ فَسَّرَهُ العُذْري فَقَالَ: كَثِيرُ الرَّسَل أَي شَدِيدُ التَّفَرُّقِ فِي طَلَبِ المَرْعى، قَالَ: وَهُوَ أَشبه لأَنه قَدْ قَالَ فِي أَول الْحَدِيثِ
مَاتَ الوَدِيُّ وهَلَك الهَدِيُ
، يَعْنِي الإِبل، فإِذا هَلَكَتِ الإِبل مَعَ صَبْرِهَا وَبَقَائِهَا عَلَى الجَدْب كَيْفَ تَسْلَمُ الْغَنَمُ وتَنْمي حَتَّى يَكْثُرَ عَدَدُهَا؟ قَالَ: وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ العُذْري وأَن الْغَنَمَ تتفرَّق وَتَنْتَشِرُ فِي طَلَبِ الْمَرْعَى لِقِلَّتِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الرَّسَل مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ مَا بَيْنَ عَشْرٍ إِلى خَمْسٍ وعشرين. وفي الحديث
: إِني لَكُمْ فَرَطٌ عَلَى الْحَوْضِ وإِنه سَيُؤتى بِكُمْ رَسَلًا رَسَلًا فتُرْهَقون عَنِّي
، أَي فِرَقاً. وَجَاءَتِ الْخَيْلُ أَرْسَالًا أَي قَطِيعاً قَطِيعاً. ورَاسَلَه مُرَاسَلَة، فَهُوَ مُرَاسِلٌ ورَسِيل. والرِّسْل والرِّسْلَة: الرِّفْق والتُّؤَدة؛ قَالَ صَخْرُ الغَيِّ وَيَئِسَ مِنْ أَصحابه أَن يَلْحَقوا بِهِ وأَحْدَق بِهِ أَعداؤه وأَيقن بِالْقَتْلِ فَقَالَ:
لَوْ أَنَّ حَوْلي مِنْ قُرَيْمٍ رَجْلا، ... لمَنَعُوني نَجْدةً أَو رِسْلا(11/281)
أَي لَمَنَعُونِي بِقِتَالٍ، وَهِيَ النَّجْدة، أَو بِغَيْرِ قِتَالٍ، وَهِيَ الرِّسْل. والتَّرَسُّل كالرِّسْل. والتَّرسُّلُ فِي الْقِرَاءَةِ والتَّرْسِيل وَاحِدٌ؛ قَالَ: وَهُوَ التَّحْقِيقُ بِلَا عَجَلة، وَقِيلَ: بعضُه عَلَى أَثر بَعْضٍ. وتَرَسَّلَ فِي قِرَاءَتِهِ: اتَّأَد فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ
: كَانَ فِي كَلَامِهِ تَرْسِيلٌ
أَي تَرْتِيلٌ؛ يُقَالُ: تَرَسَّلَ الرجلُ فِي كَلَامِهِ وَمَشْيِهِ إِذا لَمْ يَعْجَل، وَهُوَ والتَّرَسُّل سَوَاءٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذا أَذَّنْتَ فتَرَسَّلْ
أَي تَأَنَّ وَلَا تَعْجَل. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِن الأَرض إِذا دُفِن «3» فِيهَا الإِنسان قَالَتْ لَهُ رُبَّما مَشَيت عليَّ فَدَّاداً ذَا مالٍ وَذَا خُيَلاء.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَيُّما رجلٍ كَانَتْ لَهُ إِبل لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا بُطِحَ لَهَا بِقاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤه بأَخفافها إِلَّا مَنْ أَعْطَى فِي نَجْدتها ورِسْلها
؛ يُرِيدُ الشِّدَّة وَالرَّخَاءَ، يَقُولُ: يُعْطي وَهِيَ سِمانٌ حِسانٌ يشتدُّ عَلَى مَالِكِهَا إِخراجُها، فَتِلْكَ نَجْدَتها، ويُعْطِي فِي رِسْلِها وَهِيَ مَهازِيلُ مُقارِبة، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ إِلَّا مَنْ أَعْطى فِي إِبله مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ إِعطاؤه فَيَكُونُ نَجْدة عَلَيْهِ أَي شدَّة، أَو يُعْطي مَا يَهُون عَلَيْهِ إِعطاؤُه مِنْهَا فَيُعْطِي مَا يُعْطِي مُسْتَهِينًا بِهِ عَلَى رِسْله؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ: إِلا مَنْ أَعْطى فِي رِسْلها؛ أَي بطِيب نِفْسٍ مِنْهُ. والرِّسْلُ فِي غَيْرِ هَذَا: اللَّبَنُ؛ يُقَالُ: كَثُرَ الرِّسْل العامَ أَي كثر اللبن، وقد تقدم تَفْسِيرُهُ أَيضاً فِي نَجَدَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ لَيْسَ للهُزال فِيهِ مَعْنًى لأَنه ذَكَرَ الرِّسْل بَعْدَ النَّجْدة عَلَى جِهَةِ التَّفْخِيمِ للإِبل، فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِمْ إِلا مَنْ أَعْطى فِي سِمَنها وَحُسْنِهَا وَوُفُورِ لَبَنِهَا، قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ يَرْجِعُ إِلى مَعْنًى وَاحِدٍ فَلَا مَعْنَى للهُزال، لأَن مَنْ بَذَل حَقَّ اللَّهِ مِنَ الْمَضْنُونِ بِهِ كَانَ إِلى إِخراجه مِمَّا يَهُونُ عَلَيْهِ أَسهل، فَلَيْسَ لِذِكْرِ الهُزال بَعْدَ السِّمَن مَعْنًى؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَحسن، وَاللَّهُ أَعلم، أَن يَكُونَ الْمُرَادُ بالنَّجْدة الشِّدَّةَ والجَدْب، وبالرِّسْل الرَّخاء والخِصْب، لأَن الرِّسْل اللَّبَنُ، وإِنما يَكْثُرُ فِي حَالِ الرَّخَاءِ والخِصْب، فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنه يُخْرج حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَالِ الضِّيقِ وَالسَّعَةِ والجَدْب والخِصْب، لأَنه إِذا أَخرج حَقَّهَا فِي سَنَةِ الضِّيقِ وَالْجَدْبِ كَانَ ذَلِكَ شَاقًّا عَلَيْهِ فإِنه إِجحاف بِهِ، وإِذا أَخرج حَقَّهَا فِي حَالِ الرَّخَاءِ كَانَ ذَلِكَ سَهْلًا عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الْحَدِيثِ
: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا نَجْدتها ورِسْلها؟ قَالَ: عُسْرها وَيُسْرُهَا
، فَسَمَّى النَّجْدة عُسْرًا والرِّسْل يُسْرًا، لأَن الجَدب عُسْرٌ، والخِصْب يُسْرٌ، فَهَذَا الرَّجُلُ يُعْطِي حَقَّهَا فِي حَالِ الْجَدْبِ وَالضِّيقِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنَّجْدَةِ، وَفِي حَالِ الخِصب وَالسَّعَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بالرِّسْل. وَقَوْلُهُمُ: افعلْ كَذَا وَكَذَا عَلَى رِسْلك، بِالْكَسْرِ، أَي اتَّئدْ فِيهِ كَمَا يُقَالُ عَلَى هِينتك. وَفِي حَدِيثِ
صَفِيَّة: فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: عَلَى رِسْلكما
أَي اتَّئِدا وَلَا تَعْجَلا؛ يُقَالُ لِمَنْ يتأَنى وَيَعْمَلُ الشَّيْءَ عَلَى هِينَتِهِ. اللَّيْثُ: الرَّسْل، بِفَتْحِ الرَّاءِ، الَّذِي فِيهِ لِينٌ وَاسْتِرْخَاءُ، يُقَالُ: نَاقَةٌ رَسْلة الْقَوَائِمِ أَي سَلِسة لَيِّنة الْمَفَاصِلِ؛ وأَنشد:
برَسْلة وُثّق مُلْتَقَاهَا، ... مَوْضِعَ جُلْب الكُور مِنْ مَطاها
وسَيْرٌ رَسْلٌ: سَهْل. واسْتَرْسَلَ الشيءُ: سَلِس. وَنَاقَةٌ رَسْلة: سَهْلَةُ السَّيْرِ، وجَمَل رَسْلٌ كَذَلِكَ، وَقَدْ رَسِلَ رَسَلًا ورَسَالة. وَشَعَرٌ رَسْل: مُسْترسِل. واسْتَرْسَلَ الشعرُ أَي صَارَ سَبْطاً. وناقة مِرْسَال:
__________
(3) . قوله [إِنَّ الأَرض إِذَا دُفِنَ إلخ] هكذا في الأَصل وليس فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يناسب لفظ المادة، وقد ذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ فدد بغير هذا اللفظ(11/282)
رَسْلة الْقَوَائِمِ كَثِيرَةُ الشَّعَرِ فِي سَاقَيْهَا طَوِيلَتُهُ. والمِرْسال: النَّاقَةُ السَّهْلَةُ السَّيْرِ، وإِبِل مَراسيلُ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
أَضحت سُعادُ بأَرض، لَا يُبَلِّغها ... إِلا العِتاقُ النَّجيبات المَراسِيل
المَراسِيل: جَمْعُ مِرْسَال وَهِيَ السَّرِيعَةُ السَّيْرِ. وَرَجُلٌ فِيهِ رَسْلة أَي كَسَل. وَهُمْ فِي رَسْلة مِنَ الْعَيْشِ أَي لِينٍ. أَبو زَيْدٍ: الرَّسْل، بِسُكُونِ السِّينِ، الطَّوِيلُ المسترسِل، وَقَدْ رَسِلَ رَسَلًا ورَسَالة؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
غُولَيْن فَوْقَ عُوَّجٍ رِسَال
أَي قَوَائِمُ طِوال. اللَّيْثُ: الاسْتِرْسَال إِلى الإِنسان كَالِاسْتِئْنَاسِ والطمأْنينة، يُقَالُ: غَبْنُ المُسْتَرسِل إِليك رِباً. واستَرْسَلَ إِليه أَي انْبَسَطَ واستأْنس. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَيُّما مسلمٍ اسْتَرْسَلَ إِلى مُسْلِمٍ فغَبَنه فَهُوَ كَذَا
؛ الاسْتِرْسَال: الِاسْتِئْنَاسُ والطمأْنينة إِلى الإِنسان والثِّقةُ بِهِ فِيمَا يُحَدِّثه، وأَصله السُّكُونُ وَالثَّبَاتُ. قَالَ: والتَّرَسُّل مِنَ الرِّسْل فِي الأُمور وَالْمَنْطِقِ كالتَّمهُّل والتوقُّر والتَّثَبُّت، وَجَمْعُ الرِّسَالَة الرَّسَائِل. قَالَ ابْنُ جَنْبة: التَّرَسُّل فِي الْكَلَامِ التَّوقُّر والتفهمُ وَالتَّرَفُّقُ مِنْ غَيْرِ أَن يَرْفَعَ صَوْتَهُ شَدِيدًا. والتَّرَسُّل فِي الرُّكُوبِ: أَن يَبْسُطَ رِجْلَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ حَتَّى يُرْخِي ثِيَابَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى يُغَشِّيَهما، قَالَ: والتَّرَسُّل فِي الْقُعُودِ أَن يتربَّع ويُرْخي ثِيَابَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ حَوْلَهُ. والإِرْسَال: التَّوْجِيهُ، وَقَدْ أَرْسَلَ إِليه، وَالِاسْمُ الرِّسَالَة والرَّسَالَة والرَّسُول والرَّسِيل؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
لَقَدْ كَذَب الواشُون مَا بُحْتُ عِنْدَهُمْ ... بلَيْلى، وَلَا أَرْسَلْتُهم برَسِيل
والرَّسُول: بِمَعْنَى الرِّسالة، يُؤَنَّثُ ويُذكَّر، فَمَنْ أَنَّث جَمَعَهُ أَرْسُلًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ أَتَتْها أَرْسُلي
وَيُقَالُ: هِيَ رَسُولك. وتَرَاسَل القومُ: أَرْسَلَ بعضُهم إِلى بَعْضٍ. والرَّسول. الرِّسالة والمُرْسَل؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ فِي الرَّسُولِ الرِّسالة للأَسعر الجُعفي:
أَلا أَبْلِغ أَبا عَمْرٍو رَسُولًا، ... بأَني عَنْ فُتاحتكم غَنِيُ
عَنْ فُتاحتكم أَي حُكْمكم؛ وَمِثْلُهُ لِعَبَّاسِ بْنِ مِرْداس:
أَلا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي خُفافاً ... رَسُولًا، بَيْتُ أَهلك مُنْتهاها
فأَنث الرَّسُول حَيْثُ كَانَ بِمَعْنَى الرِّسالة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كثيِّر:
لَقَدْ كَذَب الواشُون مَا بُحتُ عِنْدَهُمْ ... بسِرٍّ، وَلَا أَرْسَلْتهم برَسُول
وَفِي التَّنْزِيلِ العزيز: نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
؛ وَلَمْ يَقُلْ رُسُل لأَن فَعُولًا وفَعِيلًا يَسْتَوِي فِيهِمَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ مِثْلُ عَدُوٍّ وصَدِيق؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
أَلِكْني إِليها، وخَيْرُ الرَّسول ... أَعْلَمهُم بِنَوَاحِي الخَبَر
أَراد بالرَّسول الرُّسُل، فَوَضَعَ الْوَاحِدَ مَوْضِعَ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِمْ كَثُرَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ، لَا يُرِيدُونَ بِهِ الدِّينَارَ بِعَيْنِهِ وَالدِّرْهَمَ بِعَيْنِهِ، إِنما يُرِيدُونَ كَثْرَةَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، وَالْجَمْعُ أَرْسُل ورُسُل ورُسْل ورُسَلاء؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقَدْ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعُ(11/283)
وَالْمُؤَنَّثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدًا عَلَى جَمْعِهِ عَلَى أَرْسُل لِلْهُذَلِيِّ:
لَوْ كَانَ فِي قَلْبِي كقَدْرِ قُلامة ... حُبًّا لِغَيْرِكِ، مَا أَتاها أَرْسُلي
وَقَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ الأَنباري فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ: أَشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَعلم وأُبَيِّن أَن مُحَمَّدًا مُتابِعٌ للإِخبار عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. والرَّسُول: مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ الَّذِي يُتابِع أَخبار الَّذِي بَعَثَهُ أَخذاً مِنْ قَوْلِهِمْ جَاءَتِ الإِبل رَسَلًا أَي مُتَتَابِعَةً. وَقَالَ أَبو إِسحاق النَّحْوِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ حِكَايَةً عن موسى وأَخيه: قُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
؛ مَعْنَاهُ إِنا رِسالة رَبّ الْعَالَمِينَ أَي ذَوَا رِسالة رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ وأَنشد هُوَ أَو غَيْرُهُ:
... مَا فُهْتُ عِنْدَهُمْ ... بسِرٍّ وَلَا أَرسلتهم برَسُول
أَراد وَلَا أَرسلتهم برِسالة؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ الأَخفش. وسُمِّي الرَّسول رَسُولًا لأَنه ذُو رَسُول أَي ذُو رِسالة. والرَّسول: اسْمٌ مِنْ أَرْسَلْتُ وَكَذَلِكَ الرِّسَالة. وَيُقَالُ: جَاءَتِ الإِبل أَرْسَالًا إِذا جَاءَ مِنْهَا رَسَلٌ بَعْدَ رَسَل. والإِبل إِذا وَرَدت الْمَاءَ وَهِيَ كَثِيرَةٌ فإِن القَيِّم بِهَا يُورِدُهَا الْحَوْضَ رَسَلًا بَعْدَ رَسَل، وَلَا يُورِدُهَا جُمْلَةً فَتَزْدَحِمُ عَلَى الْحَوْضِ وَلَا تَرْوَى. وأَرْسَلْت فُلَانًا فِي رِسالة، فَهُوَ مُرْسَل ورَسُول. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: يَدُلُّ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى أَن قَوْمَ نُوحٍ قَدْ كَذَّبوا غَيْرَ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِقَوْلِهِ الرُّسُل، وَيَجُوزُ أَن يُعْنى بِهِ نُوحٌ وَحْدَهُ لأَن مَنْ كَذَّبَ بنبيٍّ فَقَدْ كَذَّب بِجَمِيعِ الأَنبياء، لأَنه مُخَالِفٌ للأَنبياء لأَن الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَبِجَمِيعِ رُسُلِهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ يَعْنِي بِهِ الْوَاحِدَ وَيَذْكُرَ لَفْظَ الْجِنْسِ كَقَوْلِكَ: أَنت مِمَّنْ يُنْفِق الدَّرَاهِمَ أَي مِمَّنْ نَفَقَتُه مِنْ هَذَا الْجِنْسِ؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
حُبًّا لِغَيْرِكِ مَا أَتاها أَرْسُلي
ذَهَبَ ابْنُ جِنِّي إِلى أَنه كَسَّر رَسُولًا عَلَى أَرْسُل، وإِن كَانَ الرَّسُولُ هُنَا إِنما يُرَادُ بِهِ المرأَة لأَنها فِي غَالِبِ الأَمر مِمَّا يُسْتَخْدَم فِي هَذَا الْبَابِ. والرَّسِيل: المُوافِق لَكَ فِي النِّضال وَنَحْوِهِ. والرَّسِيل: السَّهْل؛ قَالَ جُبَيْهاء الأَسدي:
وقُمْتُ رَسِيلًا بِالَّذِي جَاءَ يَبْتَغِي إِليه ... بَلِيجَ الْوَجْهِ، لَسْتُ بِباسِر
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْعَرَبُ تُسَمِّي المُراسِل فِي الغِناء والعَمل المُتالي. وَقَوَائِمُ الْبَعِيرِ: رِسالٌ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلْفَحْلِ الْعَرَبِيِّ يُرْسَل فِي الشَّوْل لِيَضْرِبَهَا رَسِيل؛ يُقَالُ: هَذَا رَسِيل بَنِي فُلَانٍ أَي فَحْلُ إِبلهم. وَقَدْ أَرْسَلَ بَنُو فُلَانٍ رَسِيلَهم أَي فَحْلهم، كأَنه فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعَل، مِنْ أَرْسَلَ؛ قَالَ: وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ؛ يُرِيدُ، وَاللَّهُ أَعلم، المُحْكَم، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قوله: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ؛ وَمِمَّا يُشَاكِلُهُ قَوْلُهُمْ للمُنْذَرِ نَذير، وللمُسْمَع سَمِيع. وحديثٌ مُرْسَل إِذا كَانَ غَيْرَ مُتَّصِلِ الأَسناد، وَجَمْعُهُ مَرَاسِيل. والمُرَاسِل مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تُراسِل الخُطَّاب، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي فَارَقَهَا زَوْجَهَا بأَيِّ وَجْهٍ كَانَ، مَاتَ أَو طَلَّقَهَا، وَقِيلَ: المُرَاسِل الَّتِي قَدْ أَسَنَّتْ وَفِيهَا بَقِيَّة شَبَابٍ، وَالِاسْمُ الرِّسَال. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَن رَجُلًا مِنَ الأَنصار تزوَّج امرأَة مُراسِلًا، يَعْنِي ثَيِّباً، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فهَلَّا بِكْراً تُلاعِبُها وتلاعِبك
وَقِيلَ: امرأَة مُرَاسِل هِيَ الَّتِي(11/284)
يَمُوتُ زَوْجُهَا أَو أَحَسَّت مِنْهُ أَنه يُرِيدُ تَطْلِيقَهَا فَهِيَ تَزَيَّنُ لِآخَرَ؛ وأَنشد الْمَازِنِيُّ لِجَرِيرٍ:
يَمْشِي هُبَيرةُ بَعْدَ مَقْتَل شَيْخِهِ، ... مَشْيَ المُرَاسِل أُوذِنَتْ بِطَلَاقِ
يَقُولُ: لَيْسَ يَطْلُبُ بِدَمِ أَبيه، قَالَ: المُرَاسِل الَّتِي طُلِّقت مَرَّاتٌ فَقَدْ بَسَأَتْ بِالطَّلَاقِ أَي لَا تُباليه، يَقُولُ: فهُبَيرة قَدْ بَسَأَ بأَن يُقْتَل لَهُ قَتِيلٌ وَلَا يَطْلُبَ بثأْره مُعَوَّدٌ ذَلِكَ مِثْلَ هَذِهِ المرأَة الَّتِي قَدْ بَسَأَتْ بِالطَّلَاقِ أَي أَنِسَتْ بِهِ، وَاللَّهُ أَعلم. وَيُقَالُ: جَارِيَةٌ رُسُل إِذا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تَخْتَمر؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
وَلَقَدْ أَلْهُو بِبِكْرٍ رُسُلٍ، ... مَسُّها أَليَنُ مِنْ مَسِّ الرَّدَن
وأَرْسَلَ الشيءَ: أَطلقه وأَهْمَله. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ أَرْسَلْنا وَجْهَانِ: أَحدهما أَنَّا خَلَّينا الشَّيَاطِينَ وإِياهم فَلَمْ نَعْصِمهم مِنَ القَبول مِنْهُمْ، قَالَ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، أَنهم أُرْسِلوا عَلَيْهِمْ وقُيِّضوا لَهُمْ بِكُفْرِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً؛ وَمَعْنَى الإِرْسَال هُنَا التَّسْلِيطُ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الْفَرْقُ بَيْنَ إِرسال اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنبياءه وإِرْساله الشَّيَاطِينَ عَلَى أَعدائه فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ
، أَن إِرْسَاله الأَنبياء إِنما هُوَ وَحْيُه إِليهم أَن أَنذِروا عِبَادِي، وإِرْسَاله الشياطينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَخْلِيَتُه وإِياهم كَمَا تَقُولُ: كَانَ لِي طَائِرٌ فأَرْسَلْته أَي خَلَّيْتُهُ وأَطلقته. والمُرْسَلات، فِي التَّنْزِيلِ: الرِّيَاحُ، وَقِيلَ الخَيْل، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْمَلَائِكَةُ. والمُرْسَلَة: قِلادة تَقَعُ عَلَى الصَّدْرِ، وَقِيلَ: المُرْسَلَة القِلادة فِيهَا الخَرَزُ وَغَيْرُهَا. والرِّسْل: اللَّبن مَا كَانَ. وأَرْسَلَ القومُ فَهُمْ مُرْسَلُون: كَثُر رِسْلُهم، وَصَارَ لَهُمُ اللَّبَنُ مِنْ مَوَاشِيهِمْ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
دَعَانَا المُرْسِلون إِلى بِلادٍ، ... بِهَا الحُولُ المَفارِقُ والحِقاق
ورَجُلٌ مُرَسِّلٌ: كَثِيرُ الرِّسْل وَاللَّبَنِ والشِّرْب؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا:
وَلَسْتُ بِرَاعِي ثَلَّةٍ قَامَ وَسْطَها، ... طوِيل الْعَصَا غُرْنَيْقِ ضَحْلٍ مُرَسِّل
مُرَسِّل: كَثِيرُ اللَّبَنِ فَهُوَ كالغُرْنَيْق، وَهُوَ شِبْهُ الكُرْكِيّ فِي الْمَاءِ أَبداً. والرَّسَلُ: ذَوَاتُ اللَّبَنِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَعِيدٍ الخُدْري: أَنه قَالَ رأَيت فِي عَامٍ كَثُرَ فِيهِ الرِّسْل البياضَ أَكثر مِنَ السَّواد، ثُمَّ رأَيت بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَامٍ كَثُرَ فِيهِ التَّمْرُ السَّوادَ أَكثر مِنَ الْبَيَاضِ
؛ الرِّسْل: اللَّبَنُ وَهُوَ الْبَيَاضُ إِذا كَثُر قَلَّ التَّمْر وَهُوَ السَّواد، وأَهل البَدْو يَقُولُونَ إِذا كَثُرَ الْبَيَاضُ قَلَّ السَّوَادُ، وإِذا كَثُرَ السَّوَادُ قَلَّ الْبَيَاضُ. والرِّسْلان مِنَ الْفَرَسِ: أَطراف الْعَضُدَيْنِ. والرَّاسِلان: الكَتِفان، وَقِيلَ عِرْقان فِيهِمَا، وَقِيلَ الوابِلَتان. وأَلقَى الكلامَ عَلَى رُسَيْلاته أَي تَهاوَن بِهِ. والرُّسَيْلى، مَقْصُورٌ: دُوَيْبَّة. وأُمُّ رِسَالة: الرَّخَمة.
رطل: الرَّطْل والرِّطْل: الَّذِي يُوزَنُ بِهِ وَيُكَالُ؛ رَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر الْبَاهِلِيُّ:
لَهَا رِطْلٌ تَكِيل الزَّيْتَ فِيهِ، ... وفَلّاحٌ يَسُوق بِهَا حِمارا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرِّطْل ثِنْتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّة بأَواقي(11/285)
الْعَرَبِ، والأُوقِيَّة أَربعون دِرْهَمًا، فَذَلِكَ أَربعمائه وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا، وَجَمْعُهُ أَرْطَال. الْحَرْبِيُّ: السُّنَّة فِي النِّكَاحِ رِطْلٌ، وشَرَحه كَمَا شَرَحَهُ ابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: السُّنَّة فِي النِّكَاحِ ثِنْتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّة ونَشٌّ، والنَّشُّ عِشْرُونَ دِرهماً، فَذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهم؛ رُوِيَ ذَلِكَ
عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ صَداق رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَزواجه اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّة ونَشًّا
؛ وورد فِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اثْنَتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّة
وَلَمْ يَذْكُرِ النَّشَّ، والأُوقِيَّة مِكْيَالٌ أَيضاً. اللَّيْثُ: الرَّطْل مِقْدَارُ مَنٍّ، وَتُكْسَرُ الرَّاءُ فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّطْل والرِّطْل نِصْفُ مَنا. ورَطَلَه يَرْطُلُهُ رَطْلًا، بِالتَّخْفِيفِ، إِذا رَازَهُ ووزَنه لِيَعْلَمَ كمْ وزنُه. وَغُلَامٌ رَطْلٌ ورِطْلٌ: قَضيف. والرِّطْل: الْمُسْتَرْخِي مِنَ الرِّجَالِ. الأَزهري: الرَّطْل، بِالْفَتْحِ، الرَّجُلُ الرِّخْو الليِّن. والرَّطْل والرِّطْل أَيضاً: الَّذِي راهَق الِاحْتِلَامَ، وَقِيلَ الَّذِي لَمْ تشتدَّ عِظامُه. وَرَجُلٌ رَطْلٌ ورِطْل: إِلى اللِّين وَالرَّخَاوَةِ، وَهُوَ أَيضاً الْكَبِيرُ الضَّعِيفُ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الْخَيْلِ، والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ رِطْلَة ورَطْلَة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُمْرَانَ بْنِ حَطَّان:
مُوَثَّق الخَلْق لَا رَطْل وَلَا سَغِل
وأَنشد لِآخَرَ:
وَلَا أُقيم لِلْغُلَامِ الرَّطْل [الرِّطْل]
وأَنشد لِآخَرَ:
غُلَيِّم رَطْل وَشَيْخٌ دَامِرُ
وتَرْطِيل الشَّعْرِ: تَدْهِينُهُ وَتَكْسِيرُهُ. ورَطَّلَ شعرَه: لَيَّنه بالدُّهْن وكَسَّره وثَنَّاه. التَّهْذِيبِ: وَمِمَّا يُخْطِئُ الْعَامَّةُ فِيهِ قَوْلُهُمْ رَطَّلْت شَعَرِي إِذا رَجَّلته، وأَما التَّرْطِيل فَهُوَ أَن يُلَيِّن شَعَرَهُ بِالدُّهْنِ وَالْمَسْحِ حَتَّى يَلِينَ ويَبْرُق. ابْنُ الأَعرابي: رَطَّلَ شعرَه إِذا أَرخاه وأَرسله مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ رَطْلٌ إِذا كَانَ مُسْتَرْخِيًا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: لَوْ كُشِف الغِطاء لشُغِل مُحْسِن بإِحسانه ومُسِيءٌ بإِساءته عَنْ تَجْدِيدِ ثَوْبٍ أَو تَرْطِيل شَعَرٍ
؛ وَهُوَ تَلْيِينُهُ بالدُّهْن وَمَا أَشبهه. وَفَرَسٌ رِطْلٌ: خَفِيفٌ، بِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ. أَبو عُبَيْدٍ: فَرَسٌ رَطْل، والأُنثى رَطْلَة، وَالْجَمْعُ رِطَال، وَهُوَ الضَّعِيفُ الْخَفِيفُ؛ وأَنشد:
تَرَاهُ كَالذِّئْبِ خَفِيفًا رَطْلا
وَرَجُلٌ رَطْل: أَحمق، والأُنثى بِالْهَاءِ. والرَّطْل: العَدْل، بِفَتْحِ الراء. والرُّطَيْلاء: موضع.
رعل: الرَّعْل: شِدَّة الطَّعْنِ، والإِرْعال سُرْعَتُهُ وشِدَّته. ورَعَلَه وأَرْعَلَه بالرُّمْح: طَعَنه طَعْناً شَدِيدًا. وأَرْعَلَ الطَّعْنة: أَشبعها وَمَلَّكَ بِهَا يَدَهُ، ورَعَلَه بالسيف رَعْلًا إِذا نَفَخه بِهِ، وَهُوَ سَيْفٌ مِرْعَلٌ ومِخْذَم. والرَّعْلَة: القَطِيع أَو القِطْعة مِنَ الْخَيْلِ لَيْسَتْ بِالْكَثِيرَةِ، وَقِيلَ: هِيَ أَوَّلها ومُقَدِّمتها، وَقِيلَ: هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْخَيْلِ قَدْرُ الْعِشْرِينَ «4» ، وَالْجَمْعُ رِعَال وَكَذَلِكَ رِعَال القَطا؛ قَالَ:
تَقُود أَمام السِّرْب شُعْثاً كأَنَّها ... رِعَال القَطا، فِي وِرْدهن بُكُور
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وغارةٍ ذاتِ قَيْرَوانٍ، ... كأَن أَسرابَها الرِّعَال
__________
(4) . قوله [قدر العشرين] في المحكم زيادة: والخمسة والعشرين(11/286)
وأَنشد الجوهري لَطَرفة:
ذُلُقٌ فِي غَارَةٍ مَسْفُوحَةٍ، ... كَرِعَال الطَّيْرِ أَسراباً تَمُرّ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رِوَايَةُ الأَصمعي فِي صَدْرِ هَذَا الْبَيْتِ:
ذُلُق الْغَارَةِ فِي أَفْراعِهم
وَرِوَايَةُ غَيْرِهِ:
ذُلُق فِي غَارَةٍ مَسْفُوحَةٍ، ... ولَدى البأْس حُمَاةٌ مَا تَفِرّ
قَالَ: وَصَوَابُهُ أَن يَقُولَ الرَّعْلة الْقِطْعَةُ مِنَ الطَّيْرِ، وَعَلَيْهِ يَصِحُّ شَاهِدُهُ لَا عَلَى الْخَيْلِ، قَالَ: والرَّعْلَة الْقِطْعَةُ مِنَ الْخَيْلِ، مُتَقَدِّمَةٌ كَانَتْ أَو غَيْرُ مُتَقَدِّمَةٍ. قَالَ: وأَما الرَّعِيل فَهُوَ اسْمُ كُلِّ قِطْعَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ مِنْ خَيْلٍ وَجَرَادٍ وَطَيْرٍ وَرِجَالٍ وَنُجُومٍ وَإِبِلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ قَالَ: وَشَاهِدُ الرَّعِيل للإِبل قَوْلُ القُحَيف العُقَيلي:
أَتَعْرِف أَم لَا رَسْمَ دارٍ مُعَطَّلا، ... مِنَ الْعَامِ يَغْشَاهُ، وَمَنْ عَامَ أَوَّلا؟
قِطارٌ وتاراتٍ حَريق، كأَنَّها ... مَضَلَّة بَوٍّ فِي رَعِيل تَعَجَّلا
وَقَالَ الرَّاعِي:
يَحْدُون حُدْباً مَائِلًا أَشرافها، ... فِي كُلِّ مَنْزِلةٍ يَدَعْنَ رَعِيلا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والرَّعِيل كالرَّعْلة، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْخَيْلِ وَالرِّجَالِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
إِذ لَا أُبادِر فِي المَضِيق فَوَارِسِي، ... أَو لَا أُوَكَّل بالرَّعِيل الأَول
وَيَكُونُ مِنَ الْبَقَرِ؛ قَالَ:
تَجَرَّدُ مِنْ نَصِيَّتها نَواجٍ، ... كَمَا يَنْجو مِنَ البَقَر الرَّعِيلُ
وَالْجَمْعُ أَرْعَال وأَرَاعِيل، فإِما أَن يَكُونَ أَرَاعِيل جَمْعَ الْجَمْعِ، وإِما أَن يَكُونَ جُمِعَ رَعِيل كقَطِيع وأَقاطِيع، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَالُ لِلْقِطْعَةِ مِنَ الفُرْسان رَعْلة، وَلِجَمَاعَةِ الْخَيْلِ رَعِيل. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وجهه: سِراعاً إِلى أَمره رَعِيلًا
أَي رُكَّاباً عَلَى الْخَيْلِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ زِمْل: فكأَني بالرَّعْلة الأُولى حِينَ أَشْفَوا عَلَى المَرْج كَبَّروا، ثُمَّ جَاءَتِ الرَّعْلة الثَّانِيَةُ، ثُمَّ جَاءَتِ الرَّعْلة الثَّالِثَةُ
؛ قَالَ: يُقَالُ للقِطْعة مِنَ الفُرْسان رَعْلة، وَلِجَمَاعَةِ الْخَيْلِ رَعِيل. والمُسْتَرْعِل: الَّذِي يَنْهَض فِي الرَّعِيل الأَول، وَقِيلَ: هُوَ الْخَارِجُ فِي الرَّعِيل، وَقِيلَ: هُوَ قَائِدُهَا كأَنه يَسْتَحِثُّها؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا:
مَتَى تَبْغِني، مَا دُمْت حَيًّا مُسَلّماً، ... تَجِدْني مَعَ المُسْترعِل المُتَعَبْهل
وَقِيلَ: المُسْترعِل ذُو الإِبل، وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي المسترعِل فِي هَذَا الْبَيْتِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بجَيِّد. والرَّعْل: أَنف الْجَبَلِ كالرَّعْن، لَيْسَتْ لَامُهُ بَدَلًا مِنَ النُّونَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما رَعْل الْجَبَلِ، بِاللَّامِ، فَمِنَ الرَّعْلَة والرَّعِيل وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ مِنَ الْخَيْلِ، وَذَلِكَ أَن الْخَيْلَ تُوصَفُ بِالْحَرَكَةِ وَالسُّرْعَةِ. وأَرَاعِيل الرِّيَاحِ: أَوائلُها، وَقِيلَ: دُفَعُها إِذا تَتَابَعَتْ. وأَرَاعِيل الجَهام: مُقَدِّماتُها وَمَا تَفَرَّق مِنْهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تُزْجي أَرَاعِيلَ الجَهام الخُور
والرَّعْلة: النَّعامة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تَقَدَّمُ فَلَا تكادُ(11/287)
تُرى إِلا سَابِقَةً للظَّلِيم. واسْتَرْعَلَت الغنمُ: تَتَابَعَتْ فِي السَّيْرِ والمَرْعى فتقدَّمَ بعضُها بَعْضًا. ورَعَلَ الشيءَ رَعْلًا: وَسَّع شَقَّه، وَرَوَى الأَحمر مِنَ السَّمات فِي قَطْعِ الْجِلْدِ الرَّعْلَة، وَهُوَ أَن يُشَقَّ مِنَ الأُذن شَيْءٌ ثُمَّ يَتْرُكُ مُعَلَّقًا، وَاسْمُ ذَلِكَ المُعَلَّق الرَّعْل. والرَّعْلَة: جِلْدَةٌ مِنْ أُذن الشَّاةِ وَالنَّاقَةِ تُشَقُّ فَتُعَلَّقُ فِي مُؤَخَّرِهَا وَتُتْرَكُ نَائِسَةٌ، وَالصِّفَةُ رَعْلاء، وَقِيلَ: الرَّعْلاء الَّتِي شُقَّت أُذنها شَقّاً وَاحِدًا بَائِنًا فِي وَسَطِهَا فناسَتِ الأُذن مِنْ جَانِبَيْهَا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الرَّعْلَة والرَّعْل مَا يُقْطَعُ مِنْ أُذن الشَّاةِ وَيُتْرَكُ مُعَلَّقًا لَا يَبِين كأَنه زَنَمة. والرَّعْلَة: القُلْفة عَلَى التَّشْبِيهِ بَرَعْلَة الأُذن. وَغُلَامٌ أَرْعَلُ: أَقلف، وَهُوَ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَرْعَال ورُعْل؛ قَالَ الفِنْدُ الزِّمَّاني وَاسْمُهُ سَهْل بْنُ شَيْبَانَ وَكَانَ عَدِيد الأَلف فِي الْجَاهِلِيَّةِ:
رأَيت الفِتْيَة الأَعزال ... مِثْلَ الأَينُق الرُّعْل «5»
. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَوَاهُ الهَرَوي فِي الْغَرِيبَيْنِ الأَعزال جَمْعُ عُزُل الَّذِي لَا سِلَاحَ مَعَهُ مِثْلُ سُدُم وأَسدام، وَرَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ الأَغرال، بِالرَّاءِ، جَمْعُ أَغرل وَهُوَ الأَغلف. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والرُّعْل جُمَعُ رَعْلاء أَي لَا تَمْتَنِعُ مِنْ أَحد. قَالَ الأَزهري: وَكُلُّ شَيْءٍ مُتَدَلٍّ مُسْتَرْخٍ فَهُوَ أَرْعَل. وَيُقَالُ للقَلْفاء مِنَ النِّسَاءِ إِذا طَالَ مَوْضِعُ خَفْضها حَتَّى يَسْتَرْخِيَ أَرْعَل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
رَعَثات عُنْبُلها الغِدَفْل الأَرْعَل
أَراد بعُنْبُلها بَظْرَها، والغِدَفْل الْعَرِيضُ الْوَاسِعُ؛ وَيُقَالُ لِلشَّاةِ الطَّوِيلَةِ الأُذن رَعْلاء. ونَبْت أَرْعَلُ: طَوِيلٌ مُسْتَرْخٍ؛ قَالَ:
تَرَبَّعَتْ أَرْعَن كالنِّقَال، ... ومُظْلِماً لَيْسَ عَلَى دَمَال
وَرَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ: فَصَبَّحَت أَرْعَلَ. وعُشْبٌ أَرْعَل إِذا تَثَنَّى وَطَالَ «6» ؛ قَالَ: أَرْعَلَ مَجَّاجَ النَّدَى مَثَّاثا وَفِي النَّوَادِرِ: شَجَرَةٌ مُرْعِلَة ومُقْصِدة، فإِذا عسَتْ رَعْلَتها فَهِيَ مُمْشِرة إِذا غَلُظَت، وأَرْعَلَت العَوسجةُ: خَرَجَتْ رَعْلتها. ورَجُل أَرْعَلُ بيِّن الرَّعْلة والرَّعالة: مُضْطَرِبُ الْعَقْلِ أَحمق مُسْتَرْخٍ. والرَّعَالة: الحَماقة، والمرأَة رَعْلاء. وَفِي الأَمثال: الْعَرَبُ تَقُولُ للأَحمق: كُلَّما ازدَدْتَ مَثَالة زَادَكَ اللَّهُ رَعَالَة أَي زَادَهُ اللَّهُ حُمْقاً كُلَّمَا ازْدَادَ غِنًى. والرَّعَالَة: الرُّعونة، والمَثالة حُسْن الْحَالِ والغِنى. الأَصمعي: الأَرْعَل الأَحمق، وأَنكر الأَرعن؛ ورَعِلَ يَرْعَلُ، فَهُوَ أَرْعَل. والرُّعْل: الأَطراف الغَضَّة مِنَ الكَرْم، الْوَاحِدَةُ رُعْلَة؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وَقَدْ رَعَّلَ الكَرْمُ. والرَّعْلَة: اسْمُ نخْلة الدَّقَل، وَالْجَمْعُ رِعَال، والرَّاعِل فُحَّالُها، وَقِيلَ: هُوَ الْكَرِيمُ مِنْهَا، والرَّاعِل الدَّقَل. والرِّعْل: ذَكَرُ النَّحْل، وَمِنْهُ سُمِّي رِعْل بْنُ ذَكْوان. والرَّعْلة: وَاحِدَةُ الرِّعَال وَهِيَ الطِّوال مِنَ النَّخْلِ. وَتَرَكَ فُلَانٌ رَعْلة أَي عِيالًا. وَيُقَالُ: هُوَ أَخْبَث مِنْ أَبي رِعْلَة، وهو الذئب،
__________
(5) . قوله [الأَعزال] هي رواية التهذيب والجوهري والصاغاني، والذي في المحكم: الأَرغال
(6) . قوله [وطال] هكذا في الأصل، والذي في التكملة والقاموس: وطاب بالباء(11/288)
وَكَذَلِكَ أَبو عِسْلة. والرَّعْلة: اسْمُ نَاقَةٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
والرَّعْلة الخِيرة مِنْ بَنَاتِهَا
ورَعْلَة: اسْمُ فَرَسِ أَخي الْخَنْسَاءِ؛ قَالَتْ:
وَقَدْ فَقَدَتْك رَعْلَةُ فَاسْتَرَاحَتْ، ... فَلَيْتَ الخَيْل فَارِسُهَا يَرَاهَا
وَيُقَالُ: مَرَّ فُلَانٌ يَجُرُّ رَعْلَه أَي ثِيَابَهُ. وَيُقَالُ لِمَا «1» تَهَدَّل مِنَ الثِّيَابِ أَرْعَل. والمُرَعَّل: خِيَارُ الْمَالِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبَأْنا بقَتْلانا وسُقْنا بسَبْيِنا ... نِسَاءً، وَجِئْنَا بالهِجان المُرَعَّل
والرُّعْلُول: بَقْل، وَيُقَالُ هُوَ الطَّرْخون. وَابْنُ الرَّعْلاء: مِنْ شُعَرائهم. ورِعْل وذَكْوان: قَبِيلَتَانِ مِنْ سُلَيْم. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: رِعْل ورِعْلَة جَمِيعًا قَبِيلَةٌ بِالْيَمَنِ، وَقِيلَ: هُمْ مِنْ سُلَيْم. والرَّعْل: موضع.
رعبل: جَمَلٌ رَعْبَلٌ: ضَخْمٌ؛ فأَما قَوْلُهُ:
منتشرٌ، إِذا مَشَى، رَعْبَلُّ ... إِذا مَطاه السَّفَرُ الأَطْوَلُّ،
والبَلَدُ العَطَوّدُ الهَوْجَلُ
فإِنه أَراد رَعْبَل والأَطْوَل والهَوْجَل فثَقَّل كُلَّ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ. ورَعْبَل اللحمَ رَعْبَلَة: قَطَّعه لِتَصِلَ النَّارُ إِليه فتُنْضجه، والقطْعة الْوَاحِدَةُ رُعْبُولَة. ورَعْبَل الثوبَ فتَرَعْبَلَ: مَزَّقه فَتَمَزَّقُ. والرُّعْبُولَة: الخِرْقة الْمُتَمَزِّقَةُ. والرَّعْبِلَة: مَا أَخْلَق مِنَ الثَّوْبِ. وَثَوْبٌ مُرَعْبَل أَي مُمَزَّقٌ، وتَرَعْبَلَ. وَثَوْبٌ رَعَابِيلُ: أَخْلاقٌ، جَمَعُوا عَلَى أَن كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ رُعْبُولَة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَزَعَمَ ابْنُ الأَعرابي أَن الرَّعَابِيل جَمْعُ رِعْبِلَة، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَالصَّحِيحُ أَنه جَمْعُ رُعْبُولَة، وَقَدْ غَلِط ابْنُ الأَعرابي. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ فِي رَعَابِيل أَي فِي أَطمار وأَخلاق. والرَّعَابِيل: الثِّيَابُ الْمُتَمَزِّقَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن أَهل الْيَمَامَةِ رَعْبَلُوا فسُطاط خَالِدٍ بِالسُّيُوفِ
أَي قَطَّعوه؛ وَمِنْهُ قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
تَفْرِي اللَّبان بكَفَّيْها، ومِدْرَعُها ... مُشَقَّقٌ عَنْ تَرَاقِيها، رَعَابِيل
وَرِيحٌ رَعْبَلَة إِذا لم تسقم فِي هُبوبها؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ الرِّيحَ:
عَشْواء رَعْبَلَة الرَّواح، خَجَوْجاة ... الغُدُوِّ، رَواحُها شَهْر
وامرأَة رَعْبَلٌ: فِي خُلْقان الثِّيَابِ ذَاتُ خُلْقان؛ وَقِيلَ: هِيَ الرَّعْناء الحَمْقاء؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
كصَوْت خَرْقاء تلاحِي، رَعْبَل
وَفِي الدُّعَاءِ: ثَكِلته الرَّعْبَل أَي أُمُّه الحَمْقاء، وَقِيلَ: ثَكِلَته الرَّعْبَل أَي أُمُّه، حَمْقاء كَانَتْ أَو غَيْرُ حَمْقاء. يُقَالُ: ثَكِلَتْه الجَثَل وثَكِلته الرَّعْبَل، مَعْنَاهُمَا ثَكِلته أُمه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
وَقَالَ ذُو العَقْل لِمَنْ لَا يَعْقِل: ... اذْهَبْ إِليك، ثَكِلَتْك الرَّعْبَل
وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ الْكُمَيْتِ يَصِفُ ذِئْبًا:
يَرَانِي فِي اللِّمام لَهُ صَدِيقاً، ... وشادِنَةُ العَسابِرِ رَعْبَلِيب
__________
(1) . قوله [ويقال لما إلخ] عبارة القاموس وشرحه: وَيُقَالُ لِمَا تَهَدَّلَ مِنَ النبات أَرْعَل، كذا في العباب، وفي اللسان: لِمَا تَهَدَّلَ مِنَ الثِّيَابِ(11/289)
قَالَ شَمِرٌ: يَرَانِي يَعْنِي الذِّئْبَ، وَشَادِنَةُ العَسابر: يَعْنِي أَولادها ورَعْبَلِيب أَي مُلاطِفة؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: رَعْبَلِيب يُمَزِّق مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ رَعْبَلْت الْجِلْدَ إِذا مَزَّقته؛ ومنه ابْنِ أَبي الحُقَيْق:
مَنْ سَرَّه ضَرْبٌ يُرَعْبِل بعضُه ... بَعْضًا، كمَعْمَعة الأَباء المُحْرَق
الْجَوْهَرِيُّ: رَعْبَلْتُ اللحمَ قَطَّعته؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَرَى الْمُلُوكَ حَوْله مُرَعْبَلَه، ... يَقْتُل ذَا الذَّنْبِ، وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهْ
وَيُرْوَى مُغَرْبَله؛ وَقَالَ آخَرُ:
طَها هُذْرُبَانٌ قَلَّ تغميضُ عَيْنِهِ، ... عَلَى دَبَّةٍ، مِثْلِ الخَنِيف المُرَعْبَل
وَقَالَ آخَرُ:
قَدِ انْشَوَى شِواؤنا المُرَعْبَلُ، ... فاقْتَرِبوا إِلى الغَدَاء فكُلُوا
وأَبو ذُبيان بن الرَّعْبَل «1» .
رغل: الرُّغْلَة: القُلْفة كالغُرْلة. والأَرْغَل: الأَقلف، وَكَذَلِكَ الأَغْرَل. وغُلام أَرْغَل بَيِّن الرَّغَل أَي أَغْرَل، وَهُوَ الأَقْلَف؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
فإِنِّي امْرُؤٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، ... وإِنكِ دارِيَّةٌ ثَيْتَلُ
تَبُول العُنْوقُ عَلَى أَنفه، ... كَمَا بَالَ ذُو الوَدْعة الأَرْغَل
الثَّيْتَل: الوَعِل، والثَّيْتَل فِي هَذَا الْبَيْتِ: الَّذِي يَقْعُدُ مَعَ النِّسَاءِ، والدَّارِيَّة: الَّذِي يَلْزَمُ دَارَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه كَانَ يَكْرَهُ ذَبيحة الأَرْغَل
أَي الأَقلف؛ هُوَ مَقْلُوبُ الأَغْرَل كجَبَذَ وجَذَب. وَعَيْشٌ أَرْغَلُ وأَغْرَل أَي وَاسْعٌ نَاعِمٌ، وَكَذَلِكَ عَامٌ أَرْغَل. والرَّغْلة: رَضاعة فِي غَفْلَةٍ. يُقَالُ: رَغَل الْمَوْلُودُ أُمَّه يَرْغَلها رَغْلًا رَضعها، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الجَدْي. قَالَ الرِّيَاشِيُّ: رَغَل الجَدْيُ أُمَّه وأَرْغَلها رَضعها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَسْبِق فِيهَا الحَمَل العَجِيَّا ... رَغْلًا، إِذا مَا آنَسَ العَشِيَّا
يَقُولُ: إِنه يُبَادِرُ بالعَشِيِّ إِلى الشَّاةِ يَرْغَلُها دُونَ وَلَدِهَا، يَصِفه باللُّؤم. قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَيُقَالُ فُلَانٌ رَمٌّ رَغُولٌ إِذا اغْتَنَم كُلَّ شَيْءٍ وأَكله؛ قَالَ أَبو وَجْزة السَّعْدِيُّ:
رَمٌّ رَغُولٌ، إِذا اغْبَرَّتْ موارِدُه، ... وَلَا ينامُ لَهُ جارٌ، إِذا اخْتَرفا
يَقُولُ: إِذا أَجْدَب لَمْ يَحْتَقِرْ شَيْئًا وشَرِه إِليه، وإِن أَخْصب لَمْ يَنَم جَارُهُ خَوْفًا مِنْ غَائِلَتِهِ. وفَصِيل رَاغِل أَي لاهِجٌ، ورَغَل البَهْمةُ أُمَّه يَرْغَلُها كَذَلِكَ. والرَّغْل: البَهْمة لِذَلِكَ، وكأَنه سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والرَّغُول: الْبَهْمَةُ يَرْغَل أُمَّه أَي يَرْضَعُهَا. وأَرْغَلَت القَطاةُ فَرْخَها إِذا زَقَّتْه، بِالرَّاءِ وَالزَّايِ؛ وَيُنْشِدُ بَيْتَ ابْنِ أَحمر:
فأَرْغَلَتْ فِي حَلْقه رُغْلةً، ... لَمْ تُخْطئ الْجِيدَ وَلَمْ تَشْفَتِر
بِالرِّوَايَتَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
مِسْعَر: أَنه قرأَ عَلَى عَاصِمٍ فَلَحن فَقَالَ: أَرْغَلْتَ
أَي صِرْت صبيّاً ترضع بعد ما مَهَرْت القراءَة، مِنْ قَوْلِهِمْ رَغَلَ الصَّبيُّ يَرْغَلُ إِذا أَخذ ثَدْيَ أُمه فرضِعَه بِسُرْعَةٍ، وَيُرْوَى بِالزَّايِ لُغَةٌ
__________
(1) . قوله: وأَبو ذُبْيَانَ بْنُ الرَّعْبَل: هكذا في الأَصل، وفي الكلام سقط(11/290)
فِيهِ. وأَرْغَلَت المرأَةُ، وَهِيَ مُرْغِل: أَرضعت وَلَدَهَا، بِالرَّاءِ وَالزَّايِ جَمِيعًا. وأَرْغَلَت ولدَها: أَرضعته. وأَرْغَل إِليه: مَالَ كأَرْغَنَ. وأَرْغَل أَيضاً: أَخطأَ وَوَضَعَ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وأَرْغَلَت الإِبلُ عَنْ مَرَاتِعِهَا أَي ضَلَّت. والرَّغْل: أَن يُجَاوِزَ السُّنْبُل الإِلْحام، وَقَدْ أَرْغَلَ الزرعُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والرُّغْل، بِالضَّمِّ: ضَرْبٌ مِنَ الحَمْض، وَالْجَمْعُ أَرْغَال؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرُّغْل حَمْضة تَنْفَرِشُ وَعِيدَانُهَا صِلاب، وَوَرَقُهَا نَحْوٌ مَنْ وَرَقِ الجَماجم إِلا أَنها بَيْضَاءُ وَمَنَابِتُهَا السُّهُولُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
تَظَلُّ حِفْراه مِنَ التَّهَدُّل ... فِي رَوْضِ ذَفْراء، ورُغْلٍ مُخْجِل
قَالَ اللَّيْثُ: الرُّغْل نَبَاتٌ تُسَمِّيهِ الفُرْس السَّرْمَق وأَنشد:
بَاتَ مِنَ الخَلْصاء فِي رُغْل أَغَن
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غلِطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ الرُّغْل أَنه السَّرْمَق، والرُّغْل مِنْ شَجَرِ الحَمْض وَوَرَقُهُ مَفْتُولٌ، والإِبل تُحْمِض بِهِ؛ قَالَ: وأَنشدني أَعرابي وَنَحْنُ بالصَّمَّان:
تَرْعى مِنَ الصَّمَّان رَوْضًا آرِجا، ... ورُغُلًا بَاتَتْ بِهِ لواهِجا
وأَرْغَلَتِ الأَرْضُ: أَنبَتَت الرُّغْل. ورَغَالِ: الأَمة؛ قَالَتْ دَخْتَنُوس:
فَخْرَ البَغِيِّ بِحِدْج ... رَبَّتِها، إِذا النَّاسُ اسْتَقَلُّوا
«1» . لَا رِجْلَها حَمَلَتْ، وَلَا ... لرَغَالِ فِيهِ مُسْتَظَلُ
قَالَ: رَغَالِ هِيَ الأَمة لأَنها تَطْعَم وتَسْتَطْعِم. ورُغْلان: اسْمٌ. وأَبو رِغَال: كُنْيَةٌ، وَقِيلَ: كَانَ رَجُلًا عَشَّاراً فِي الزَّمَنِ الأَول جَائِرًا فقَبْره يُرجم إِلى الْيَوْمِ، وَقَبْرُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ، وَكَانَ عَبْدًا لشُعَيب، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
إِذا مَاتَ الْفَرَزْدَقُ فارجُموه، ... كَمَا تَرْمُون قَبْرَ أَبي رِغال
وَقِيلَ: كَانَ أَبو رِغَال دَلِيلًا لِلْحَبَشَةِ حِينَ تَوَجَّهُوا إِلى مَكَّةَ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ. رأَيت حَاشِيَةً هُنَا صُورَتُهَا: أَبو رِغَال اسْمُهُ زَيْدُ بْنُ مُخْلِفِ عَبْدٌ كَانَ لِصَالِحٍ النَّبِيِّ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، بَعَثَهُ مُصَدِّقاً، وإِنه أَتى قَوْمًا لَيْسَ لَهُمْ لِبْنٌ إِلا شَاةً وَاحِدَةً، وَلَهُمْ صَبِيٌّ قَدْ مَاتَتْ أُمُّه فَهُمْ يُعاجُونه بِلَبَنِ تِلْكَ الشَّاةِ، يَعْنِي يُغَذُّونه، والعَجِيُّ الَّذِي يُغَذَّى بِغَيْرِ لَبَنِ أُمه، فأَبى أَن يأْخذ غَيْرَهَا، فَقَالُوا: دَعْها نُحابي بِهَا هَذَا الصبيَّ، فأَبى، فَيُقَالُ إِنه نَزَلَتْ بِهِ قَارِعَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَيُقَالُ: بَلْ قَتَله رَبُّ الشَّاةِ، فَلَمَّا فَقَدَهُ صَالِحٍ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَامَ فِي الْمَوْسِمِ يَنْشُدُ النَّاسَ فأُخْبِر بِصَنِيعِهِ فَلَعَنه، فَقَبْرُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ يَرْجُمه الناس.
رفل: اللَّيْثُ: الرَّفْل جَرُّ الذَّيْلِ ورَكْضُه بالرِّجْل؛ وأَنشد:
يَرْفُلْن فِي سَرَق الحَرِير وقَزِّه، ... يَسْحَبْن مِنْ هُدَّابه أَذْيالا
رَفَل يَرْفُل رَفْلًا ورَفِلَ، بِالْكَسْرِ، رَفَلًا: خَرُق بِاللِّبَاسِ وكُلِّ عَمَلٍ، فَهُوَ رَفِلٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:
__________
(1) . قوله [إذا الناس استقلوا] هكذا في الأَصل والتهذيب، وأورده في ترجمة حدج: إِذَا مَا النَّاسُ شَلُّوا(11/291)
فِي الرَّكْب وَشْواشٌ وَفِي الحَيِّ رَفِل
وَكَذَلِكَ أَرْفَلَ فِي ثِيَابِهِ. ورجُل أَرْفَلُ ورَفِلٌ: أَخْرَق بِاللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ، والأُنثى رَفْلاء. وامرأَة رَافِلَة ورَفِلَة: تَجُرُّ ذَيْلَهَا إِذا مَشَتْ وتَمِيس فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: امرأَة رَفِلَة تتَرَفَّل فِي مِشْيتها خُرْقاً، فإِن لَمْ تُحْسِنِ الْمَشْيَ فِي ثِيَابِهَا قِيلَ رَفْلاء. ابْنُ سِيدَهْ: امرأَة رَفِلة ورِفِلة قَبِيحَةٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. ورَفَلَ يَرْفُلُ رَفْلًا ورَفَلاناً وأَرْفَل: جَرَّ ذَيْلَهُ وَتَبَخْتَرَ، وَقِيلَ: خَطَر بِيَدِهِ. وأَرْفَلَ الرجلُ ثيابَه إِذا أَرخاها. وإِزار مُرْفَلٌ: مُرْخًى. ورَفَلَ فِي ثِيَابِهِ يَرْفُلُ إِذا أَطالها وَجَرَّهَا مُتَبَخْتِرًا، فَهُوَ رَافِل. والرَّفِل: الأَحمق. وَرَجُلٌ تَرْفِيلٌ: يَرْفُلُ فِي مَشْيِهِ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. وأَرْفَلَ ثَوْبَهُ: أَرسله. وشَمَّر رِفْلَهُ أَي ذَيْلَهُ. وامرأَة رَفِلَةٌ: تَجُرُّ ذَيْلَهَا جَرّاً حَسَنًا، ورَفْلاء: لَا تُحْسِن الْمَشْيَ فِي الثِّيَابِ، فَهِيَ تَجُرُّ ذَيْلَهَا، ومِرْفَالٌ: كَثِيرُ الرَّفَلان. وامرأَة مِرْفَالٌ: كَثِيرَةُ الرُّفول فِي ثَوْبِهَا، وَلَوْ قِيلَ: امرأَة رَفِلَةٌ تُطَوِّل ذَيْلَهَا وتَرْفُلُ فِيهِ، كَانَ حَسَنًا. وَفِي الْحَدِيثِ
: إِن الرَّافِلَة فِي غَيْرِ أَهلها كالظُّلْمة يَوْمَ الْقِيَامَةِ
؛ هِيَ الَّتِي تَرْفُل فِي ثَوْبِهَا أَي تَتَبَخْتَرُ. والرِّفْل: الذَّيْلُ. ورَفَّلَ إِزاره إِذا أَسبله وَتَبَخْتَرَ فِيهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي جَهْلٍ: يَرْفُلُ فِي النَّاسِ
، وَيُرْوَى
يَزُول
، بِالزَّايِ وَالْوَاوِ، أَي يُكثر الْحَرَكَةَ وَلَا يَسْتَقِرُّ. والتَّرْفِيل فِي عَروض الْكَامِلِ: زِيَادَةُ سَبَبٍ فِي قَافِيَتِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: التَّرْفِيل فِي مُرَبَّع الْكَامِلِ أَن يُزَادَ [تُنْ] عَلَى مُتَفاعلن فَيَجِيءُ مُتَفاعِلاتُنْ وَهُوَ المُرَفَّل؛ وَبَيْتُهُ قَوْلُهُ:
ولقد سَبَقْتَهُمُ إِليَّ ... فلِمْ نَزَعْتَ، وأَنت آخِرُ؟
فَقَوْلُهُ [تَ وَأَنت آخِرُ] مُتَفَاعِلَاتُنْ؛ قَالَ: وإِنما سُمِّي مُرَفَّلًا لأَنه وُسِّع فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الثَّوْبِ الَّذِي يُرْفَل فِيهِ. وشَعرٌ رَفَالٌ: طَوِيلٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ
بفاحِمٍ مُنْسدِلٍ رَفَال
قَالَ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَرْفُلُ المَرَافِلا
فَمَعْنَاهُ تَمْشِي كُلَّ ضَرْبٍ مِنَ الرَّفْل. وَفَرَسٌ رِفَلٌّ: طَوِيلُ الذَّنَبِ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ والوَعِل؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فَعَرَفْنا هِزَّةً تأْخُذُه، ... فَقَرَنَّاه برَضْراضٍ رِفَل
أَيِّدِ الكاهلِ جَلْدٍ بازلٍ، ... أَخْلَف الْبَازِلَ عَامًا أَو بَزَل
ورِفَنٌّ لُغَةٌ، وَقِيلَ نُونُهَا بَدَلٌ مِنْ لَامِ رِفَلّ؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادة:
يَتْبَعْنَ سَدْوَ سَبِط جَعْدٍ رِفَل، ... كأَن حَيْثُ تَلْتَقِي مِنْهُ المُحُل،
مِنْ جَانِبَيْهِ، وَعِلان ووَعِل
وَقَالَ: الرَّفَلُّ والرِّفَنُّ مِنَ الْخَيْلِ جَمِيعًا الْكَثِيرُ اللَّحْمِ. وَبَعِيرٌ رِفَلٌّ: وَاسْعُ الْجِلْدِ، وَقَدْ يَكُونُ الطَّوِيلَ الذَّنَبِ يُوصَفُ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
جَعْدُ الدَّرانِيك، رِفَلُّ الأَجلاد، ... كأَنه مُخْتَضِبٌ فِي أَجساد
وثوبٌ رِفَلٌّ مِثْلُ هِجَفٍّ: واسعٌ. وَمَعِيشَةٌ رِفَلَّة: وَاسِعَةٌ. والتَّرْفِيل: التَّسْوِيدُ وَالتَّعْظِيمُ.(11/292)
ورَفَّلْت الرجلَ إِذا عَظَّمته ومَلَّكْته؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا نَحْنُ رَفَّلْنا امْرَأً سَادَ قومَه، ... وإِن لَمْ يَكُنْ، مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ، يُذْكَر
وَفِي حَدِيثِ
وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ: يَسْعى ويَتَرَفَّلُ عَلَى الأَقوال
أَي يَتَسَوَّد ويَتَرأَّس اسْتِعَارَةً مِنْ تَرْفِيل الثَّوْبِ وَهُوَ إِسباغه وإِسباله؛ قَالَ شَمِرٌ: التَرَفُّل التَّسَوُّدُ، والتَّرْفِيل التَّسْوِيدُ. ورُفِّلَ فُلَانٌ إِذا سُوّد عَلَى قَوْمِهِ، وَقِيلَ: رَفَّلْتُ الرجلَ ذَلَّلته ومَلَكْته. وتَرْفِيل الرَّكِيَّة: إِجْمامها. ورَفَّلْتُ الركيَّة: أَجْممتها. ورَفَلُ الرَّكِيَّةِ: مَكْلتُها. ورِفَال التَّيْسِ: شَيْءٌ يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْ قَضِيبه لِئَلَّا يَسْفِد. وَنَاقَةٌ مُرَفَّلَة: تُصَرُّ بخِرْقة ثُمَّ تُرْسَل عَلَى أَخْلافها فتُغَطَّى بِهَا. وَمَرَافِلُ: سَوِيقُ يَنْبُوتِ عُمان. ورَوْفَل: اسم.
رقل: الرَّقْلَة مِثْلُ الرَّعْلة: النخلةُ الَّتِي فَاتَتِ الْيَدَ وَهِيَ فَوْقُ الجَبَّارة؛ قَالَ الأَصمعي: إِذا فَاتَتِ النخلةُ يَد المتناوِل فَهِيَ جَبَّارة، فإِذا ارْتَفَعَتْ عَنْ ذَلِكَ فَهِيَ الرَّقْلَة، وَجَمْعُهَا رَقْلٌ ورِقَالٌ؛ قَالَ كَثِيرٌ:
حُزيَتْ لِي بحَزْم فَيْدةَ تُحْدى، ... كاليَهُودِيِّ من نَطاة الرِّقَال
أَراد كَنَخْلِ الْيَهُودِيِّ، ونَطاةُ خيبرُ. التَّهْذِيبُ: الرِّقَال مِنْ نَخِيلِ نَطاة وَهِيَ عَيْنٌ بِخَيْبَرَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ رَقْلَة ورَقْل؛ وَمِنْهُ الْمَثَلُ: تَرى الفتْيان كالرَّقْل، وَمَا يُدْريك بالدَّخْل. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: وَلَا تَقْطَعْ عَلَيْهِمْ رَقْلَة
؛ الرَّقْلَة: النَّخْلَةُ وَجِنْسُهَا الرَّقْل. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ: خَرَجَ رَجُلٌ كأَنه الرَّقْل فِي يَدِهِ حَرْبَةٌ
، وَفِي حَدِيثِ
أَبي حَثْمَةَ: لَيْسَ الصَّقْر فِي رؤوس الرَّقْل الرَّاسِخَاتِ فِي الوَحْل
؛ الصَّقْرُ: الدِّبسُ. والرَّاقُول: حَبْل يُصْعَد بِهِ النَّخْلُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ وَهُوَ الحابُول والكَرُّ. والإِرْقَال: ضَرْبٌ مِنَ الخَبَب. وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَصحابه: الإِرْقَال والإِجْذام والإِجْماز سُرْعَةُ سَيْرِ الإِبل. وأَرْقَلَتِ الدابةُ والناقةُ إِرْقَالًا: أَسرعت. وأَرْقَلَ القومُ إِلى الْحَرْبِ إِرْقَالًا: أَسرعوا؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
إِذا اسْتُنْزِلوا عنهنَّ للطَّعْن، أَرْقَلُوا ... إِلى الْمَوْتِ إِرْقَالَ الجِمالِ المَصاعِب
وَفِي حَدِيثِ قُسٍّ ذَكَرَ الإِرْقَال، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ العَدْو فَوْقَ الخَبَب. وأَرْقَلَتِ الناقةُ تُرْقِلُ إِرْقَالًا فَهِيَ مُرْقِل ومِرْقَالٌ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
فِيهَا عَلَى الأَيْن إِرْقَالٌ وتَبْغِيل
وَاسْتَعَارَهُ أَبو حَيَّة النُّميري لِلرِّمَاحِ فَقَالَ:
أَما إِنه لَوْ كَانَ غَيْرَكَ أَرْقلت ... إِليه الْقَنَا بالرّاعِفات اللهازِم
يَعْنِي الأَسنَّة. وأَرْقَلَ المَفازة: قَطَعها؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
لاهُمَّ، ربَّ الْبَيْتِ والمُشَرَّق، ... والمُرْقِلاتِ كُلَّ سَهْبٍ سَمْلَق
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ كُلَّ سَهْب مَنْصُوبًا عَلَى الظَّرْفِ. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ إِرْقَالُ الْمَفَازَةِ قَطْعُها خَطَأٌ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَمَعْنَى قَوْلِ الْعَجَّاجِ: والمُرْقِلات كُلّ سَهْب ورَبّ المُرْقِلات، وَهِيَ الإِبل الْمُسْرِعَةُ، وَنَصَبَ كُلَّ لأَنه جَعَلَهُ ظَرْفًا، أَراد وَرَبَّ المُرْقِلات فِي كُلِّ سَهْب، وَنَاقَةٌ مُرْقِل(11/293)
ومِرْقَال: كَثِيرَةُ الإِرْقال. ابْنُ سِيدَهْ: وَنَاقَةٌ مِرْقَال مُرْقِلَة؛ قَالَ طَرَفة:
وإِني لأُمْضِي الهَمَّ، عِندَ احْتِضَارِهِ، ... بعَوْجاء مِرْقَالٍ تَرُوحُ وَتَغْتَدِي
والمِرْقَال: لَقَبُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبة الزُّهْرِيِّ لأَن عَلِيًّا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، دَفَعَ إِليه الرَّايَةَ يَوْمَ صِفِّين فَكَانَ يُرْقِل بها إِرْقَالًا.
ركل: الرَّكل: ضَرْبُك الفرسَ برِجْلِك ليَعْدُوَ. والرَّكْل: الضَّرْبُ برجلْ وَاحِدَةٍ، رَكَلَهُ يَرْكُلُه رَكْلًا. وَقِيلَ: هُوَ الرَّكْضُ بالرِّجل، وتَرَاكَلَ القومُ. والمِرْكَل: الرِّجْل مِنَ الرَّاكِبِ. والمَرْكَل: الطَّرِيقُ. والمَرْكَل مِنَ الدَّابَّةِ: حَيْثُ تُصيب برِجْلك. الْجَوْهَرِيُّ: مَرَاكِلُ الدَّابَّةِ حَيْثُ يَرْكُلها الْفَارِسُ بِرِجْلِهِ إِذا حَرَّكَهُ للرَّكْض، وَهُمَا مَرْكَلان؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وحَشِيَّتي سَرْجٌ عَلَى عَبْل الشَّوَى، ... نَهْدٍ مَرَاكِلُه، نَبِيلِ المحْزِم
أَي أَنه وَاسِعُ الْجَوْفُ عَظِيمُ الْمَرَاكِلِ. والمَرْكَلانِ مِنَ الدَّابَّةِ: هُمَا مَوْضِعَا القُصْرَيَيْن مِنَ الْجَنْبَيْنِ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ فَرَس نَهْدُ المَرَاكِل. والتَّرَكُّل كَمَا يَحْفِر الْحَافِرُ بالمِسْحاة إِذا تَرَكَّل عَلَيْهَا برِجْله. وأَرض مُرَكَّلَة إِذا كُدَّت بِحَوَافِرِ الدَّوَابِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ يَصِفُ الْخَيْلَ:
مِسَحٌّ، إِذا مَا السابحاتُ عَلَى الوَنَى ... أَثرْنَ الغُبارَ بالكَدِيد المُرَكَّل
وَفِي الْحَدِيثِ
: فرَكَلَه بِرِجْلِهِ
أَي رَفَسه. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: أَنه كَتَبَ إِلى الحَجّاج: لأَرْكُلَنَّكَ رَكْلَة.
وتَرَكَّلَ الحافرُ برِجْله عَلَى المِسْحاة: تَوَرَّك عَلَيْهَا بِهَا؛ قَالَ الأَخطل يَصِفُ الخَمْر:
رَبَتْ ورَبَا فِي كَرْمها ابنُ مَدِينة، ... يَظَلُّ عَلَى مِسْحاته يَتَرَكَّلُ
وتَرَكَّلَ الرَّجُلُ بِمِسْحاته إِذا ضَرَبَهَا برِجْله لِتَدْخُلَ فِي الأَرض. والرَّكْل: الكُرَّاث بِلُغَةِ عَبْدِ الْقَيْسِ؛ قَالَ:
أَلا حَبَّذا الأَحساءُ طِيبُ تُرَابِهَا، ... ورَكْلٌ بِهَا غادٍ عَلَيْنَا وَرَائِحُ
وَبَائِعُهُ رَكَّال. ومَرْكَلانُ: موضع.
رمل: الرَّمْل: نَوْعٌ مَعْرُوفٌ مِنَ التُّرَابِ، وَجَمْعُهُ الرِّمَال، وَالْقِطْعَةُ مِنْهَا رَمْلَة؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَاحِدَتُهُ رَمْلة، وَبِهِ سُمِّيَتِ المرأَة، وَهِيَ الرِّمَال والأَرْمُلُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يَقْطَعْنَ عَرض الأَرض بالتمحُّل، ... جَوْزَ الفَلا، مِنْ أَرْمُل وأَرْمُل
ورَمَّلَ الطعامَ: جَعَلَ فِيهِ الرَّمْل. وَفِي حَدِيثِ الحُمُر الأَهلية:
أَمر أَن تُكْفأ القُدور وأَن يُرَمَّل اللَّحْمُ بِالتُّرَابِ
أَي يُلَتّ بِالتُّرَابِ لِئَلَّا يُنْتَفَعَ بِهِ. ورَمَّلَ الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ: لَطَّخه بِالدَّمِ، وَيُقَالُ: أَرْمَلَ السَّهْمُ إِرْمَالًا إِذا أَصابه الدَّمُ فَبَقِيَ أَثره؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ سِهَامًا:
مُحْمَرَّة الرِّيش عَلَى ارْتِمَالِها، ... مِنْ عَلَقٍ أَقْبَل فِي شِكالها «2»
. وَيُقَالُ: رُمِّل فُلَانٌ بِالدَّمِ وضُمِّخ بالدم وضُرِّج بالدم
__________
(2) . قوله [شكالها] هكذا في الأصل وشرح القاموس، والذي في التكملة: سعالها بالمهملتين مضبوطاً بضم السين(11/294)
كُلُّه إِذا لُطِّخَ بِهِ، وَقَدْ تَرَمَّلَ بِدَمِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: رَمَّلَه بِالدَّمِ فتَرَمَّلَ وارْتَمَلَ أَي تَلَطَّخ؛ قَالَ أَبو أَخزم الطَّائِيُّ:
إِنَّ بَنِيَّ رَمَّلُونِي بالدَّمِ، ... شِنْشِنةٌ أَعْرِفها مِنْ أَخْزَمِ
ورَمَلَ النَّسْجَ يَرْمُله رَمْلًا ورَمَّلَه وأَرْمَلَه: رَقَّقه. ورَمَل السريرَ والحصيرَ يَرْمُلُه رَمْلًا: زيَّنه بِالْجَوْهَرِ وَنَحْوِهِ. أَبو عُبَيْدٍ: رَمَلْت الحصيرَ وأَرْمَلْتُه، فَهُوَ مَرْمُول ومُرْمَل إِذا نَسَجته وسَفَفْته. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ مُضْطَجِعًا عَلَى رُمَال سَرير قَدْ أَثَّر فِي جَنْبِهِ
؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذ لَا يَزَالُ عَلَى طريقٍ لاحِب، ... وكأَنَّ صَفْحته حَصيرٌ مُرْمَل
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَخَلْتُ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإِذا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رُمَال سَرِيرٍ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
حَصِير
؛ الرُّمَالُ: مَا رُمِل أَي نُسِج؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَنَظِيرُهُ الحُطام والرُّكام لِمَا حُطِم ورُكِم، وَقَالَ غَيْرُهُ: الرِّمال جَمْعُ رَمْل بِمَعْنَى مَرْمُول كَخَلْق اللَّهِ بِمَعْنَى مَخْلُوقَةٍ، وَالْمُرَادُ أَنه كَانَ السَّرِيرُ قَدْ نُسِج وَجْهُهُ بالسَّعَف وَلَمْ يَكُنْ عَلَى السَّرِيرِ وِطاء سِوَى الحَصِير. والرَّوَامِل: نواسِج الحَصِير، الْوَاحِدَةُ رَامِلَة، وَقَدْ أَرْمَلَه؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
كأَنَّ نَسْج الْعَنْكَبُوتِ المُرْمَلُ
وَقَدْ رَمَلَ سَرِيرَهُ وأَرْمَلَه إِذا رَمَلَ شَرِيطاً أَو غَيْرَهُ فَجَعَلَهُ ظَهْراً لَهُ. وَيُقَالُ: خَبِيصٌ مُرْمَل إِذا عُصِد عَصْداً شَدِيدًا حَتَّى صَارَتْ فِيهِ طَرَائِقُ مَوْضُونَةٌ. وَطَعَامٌ مُرَمَّل إِذا أُلقي فِيهِ الرَّمْل. والرَّمَل، بِالتَّحْرِيكِ: الهَرْولة. ورَمَلَ يَرْمُلُ رَمَلًا: وَهُوَ دُونَ الْمَشْيِ «1» وَفَوْقَ العَدْو. وَيُقَالُ: رَمَلَ الرَّجلُ يَرْمُلُ رَمَلاناً ورَمَلًا إِذا أَسرع فِي مِشيته وهزَّ مَنْكِبَيْهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَنْزُو، وَالطَّائِفُ بِالْبَيْتِ يَرْمُلُ رَمَلاناً اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبأَصحابه، وَذَلِكَ بأَنهم رَمَلوا ليَعْلم أَهلُ مَكَّةَ أَن بِهِمْ قُوَّة؛ وأَنشد الْمُبَرِّدُ:
نَاقَتُهُ تَرْمُل فِي النِّقال، ... مُتْلِف مالٍ ومُفيد مَالِ
والنِّقال: المُناقَلة، وَهُوَ أَن تَضَعَ رِجْلَيْهَا مَوَاضِعَ يَدَيْهَا؛ ورَمَلْت بَيْنَ الصَّفا والمَرْوة رَمَلًا ورَمَلاناً. وَفِي حَدِيثِ الطَّوَافِ:
رَمَلَ ثَلَاثًا ومَشَى أَربعاً.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: فِيمَ الرَّمَلانُ والكَشْفُ عَنِ المَناكب وَقَدْ أَطَّأَ اللهُ الإِسلام؟
قَالَ ابْنُ الأَثير: يَكْثُرُ مَجِيءُ الْمَصْدَرِ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ فِي أَنواع الْحَرَكَةِ كالنَّزَوان والنَّسَلان والرَّسَفان وأَشباه ذَلِكَ؛ وَحَكَى الحربيُّ فِيهِ قَوْلًا غَرِيبًا قَالَ: إِنه تَثْنِيَةُ الرَّمَل وَلَيْسَ مَصْدَرًا، وَهُوَ أَن يَهُزَّ مَنْكِبَيْهِ وَلَا يُسْرع، وَالسَّعْيُ أَن يُسرع فِي الْمَشْيِ، وأَراد بالرَّمَلين الرَّمَل وَالسَّعْيَ، قَالَ: وَجَازَ أَن يُقَالَ للرَّمَل وَالسَّعْيِ الرَّمَلانِ، لأَنه لما خَفَّ اسْمُ الرَّمَل وثَقُل اسْمُ السَّعْيِ غُلِّب الأَخف فَقِيلَ الرَّمَلانِ، كَمَا قَالُوا القَمَرانِ والعُمَرانِ، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ ذَلِكَ الإِمام كَمَا تَرَاهُ، فإِن الْحَالَ الَّتِي شُرِع فِيهَا رَمَلُ الطَّوَافِ، وَقَوْلُ عُمَر فِيهِ مَا قَالَ يَشْهَدُ بِخِلَافِهِ لأَن رَمَل الطَّوَافِ هُوَ الَّذِي أَمر بِهِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَصحابه فِي عُمْرة الْقَضَاءِ ليُري الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُمْ حَيْثُ
__________
(1) . قوله [وهو دون المشي إلخ] هكذا في الأَصل وشرح القاموس: ولعله فوق المشي ودون العدو(11/295)
قَالُوا: وهَنَتْهم حُمَّى يَثْرِب وَهُوَ مَسْنُونٌ فِي بَعْضِ الأَطواف دُونَ الْبَعْضِ، وأَما السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَهُوَ شِعار قَدِيمٌ مِنْ عَهْدِ هاجَر أُمِّ إِسماعيل، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فإِذاً الْمُرَادُ بِقَوْلِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، رَمَلانُ الطوافِ وَحْدَهُ الَّذِي سُنَّ لأَجل الْكُفَّارِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، قَالَ: وَكَذَلِكَ شَرَحه أَهل الْعِلْمِ لَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ فِيهِ فَلَيْسَ لِلتَّثْنِيَةِ وَجْهٌ. والرَّمَل: ضَرْبٌ مِنْ عَرُوضٍ يَجِيءُ عَلَى فَاعِلَاتُنْ فَاعِلَاتُنْ؛ قَالَ:
لَا يُغْلَب النازعُ مَا دَامَ الرَّمَل، ... وَمَنْ أَكَبَّ صَامِتًا فَقَدْ حَمَل «1»
. ابْنُ سِيدَهْ: الرَّمَل مِنَ الشِّعْر كُلُّ شِعْرٍ مَهْزُولٍ غَيْرِ مؤتَلِف الْبِنَاءِ، وَهُوَ مِمَّا تُسَمِّي الْعَرَبُ مِنْ غَيْرِ أَن يَحُدُّوا فِي ذَلِكَ شَيْئًا نَحْوَ قَوْلِهِ:
أَقْفَرَ مِنْ أَهله مَلْحوبُ، ... فالقُطَبِيَّاتُ فالذَّنُوبُ «2»
. وَنَحْوَ قَوْلِهِ:
أَلا لِلَّهِ قَوْمٌ وَلَدَتْ ... أُختُ بَنِي سَهْم
أَراد وَلَدَتْهُمْ، قَالَ: وَعَامَّةُ المَجْزوء يَجْعَلونه رَمَلًا؛ كَذَا سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَوْلُهُ وَهُوَ مِمَّا تُسَمِّي الْعَرَبُ، مَعَ أَن كُلَّ لَفْظَةٍ وَلَقَبٍ اسْتَعْمَلَهُ العَروضيُّون فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، تأْويله إِنما اسْتَعْمَلَتْهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ العَروضيُّون، وَلَيْسَ مَنْقُولًا عَنْ مَوْضِعِهِ لَا نَقْلَ العَلَم وَلَا نَقْلَ التَّشْبِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِكَ فِي ذَيْنِكَ، أَلا تَرَى أَن العَروض والمِصْراع والقَبْض والعَقْل وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الأَسماء الَّتِي اسْتَعْمَلَهَا أَصحاب هَذِهِ الصِّنَاعَةِ قَدْ تَعَلَّقَتِ الْعَرَبُ بِهَا؟ وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي نَقَلَهَا أَهل هَذَا الْعِلْمِ إِليها، إِنما العَروض الخَشَبة الَّتِي فِي وَسَطِ الْبَيْتِ المَبْنِيِّ لَهُمْ، والمِصْراع أَحد صِفْقَي الْبَابِ فَنَقَلَ ذَلِكَ وَنَحْوَهُ تَشْبِيهًا، وأَما الرَّمَل فإِن الْعَرَبَ وَضَعَتْ فِيهِ اللَّفْظَةَ نَفْسَهَا عِبَارَةً عِنْدَهُمْ عَنِ الشِّعْر الَّذِي وَصَفَهُ بِاضْطِرَابِ الْبِنَاءِ وَالنُّقْصَانِ عَنِ الْأَصْلِ، فَعَلَى هَذَا وَضَعَهُ أَهل هَذِهِ الصِّنَاعَةِ، لَمْ يَنْقُلُوهُ نَقْلًا عَلَمِيًّا وَلَا نَقْلًا تَشْبِيهِيًّا، قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فإِن الرَّمَل كُلُّ مَا كَانَ غيرَ القَصِيد مِنَ الشِّعْر وغَيْرَ الرَّجَز. وأَرْمَلَ القومُ: نَفِد زادُهم، وأَرْمَلُوه أَنْفدوه؛ قَالَ السُّلَيْك بْنُ السُّلَكة:
إِذا أَرْمَلُوا زَادًا، عَقَرْت مَطِيَّةً ... تَجُرُّ بِرِجْلَيْهَا السَّرِيحَ المُخَدَّما
وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَد: وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلينَ مُسْنتين
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُرْمِلُ الَّذِي نَفِدَ زَادُهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَزَاة فأَرْمَلْنا وأَنْفَضْنا
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ أُم مَعْبَدٍ؛ أَي نَفِد زَادُهُمْ، قَالَ: وأَصله مِنَ الرَّمْل كأَنهم لَصِقوا بالرَّمْلِ كَمَا قِيلَ لِلْفَقِيرِ التَّرِبُ. وَرَجُلٌ أَرْمَل وامرأَة أَرْمَلَة: مُحْتَاجَةٌ، وَهُمُ الأَرْمَلَة والأَرَامِل والأَرَامِلَة، كَسَّروه تَكْسِيرَ الأَسماء لقِلَّته، وكُلُّ جَمَاعَةٍ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ أَو رِجَالٍ دُونَ نِسَاءٍ أَو نِسَاءٍ دُونَ رِجَالٍ أَرْمَلَةٌ، بَعْدَ أَن يَكُونُوا مُحْتَاجِينَ. وَيُقَالُ لِلْفَقِيرِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ رَجُلٍ أَو امرأَة أَرْمَلة، وَلَا يُقَالُ للمرأَة الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَهِيَ مُوسِرة أَرْمَلَة، والأَرَامِل: الْمَسَاكِينُ. وَيُقَالُ: جَاءَتْ أَرْمَلةٌ مِنْ نِسَاءٍ وَرِجَالٍ مُحْتَاجِينَ، وَيُقَالُ لِلرِّجَالِ الْمُحْتَاجِينَ الضُّعَفَاءِ أَرْمَلَة، وإِن لَمْ يكن
__________
(1) . هذا البيت من الرجز لا من الرَّمَل
(2) . قوله [فالقطبيات] هكذا في الأصل بتخفيف الطاء ومثله في القاموس، وضبطه ياقوت بتشديدها(11/296)
فِيهِمْ نِسَاءٌ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ: إِذا قَالَ الرَّجُلُ هَذَا الْمَالُ لأَرَامِل بَنِي فُلَانٍ فَهُوَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، لأَن الأَرَامِل يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَالنِّسَاءِ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الأَنباري يُدْفَع لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ لأَن الْغَالِبَ عَلَى الأَرَامِل أَنهن النِّسَاءُ، وإِن كَانُوا يَقُولُونَ رَجُل أَرْمَل، كَمَا أَن الْغَالِبَ عَلَى الرِّجَالِ أَنهم الذُّكُورُ دُونَ الإِناث وإِن كَانُوا يَقُولُونَ رَجُلة؛ وَفِي شِعْرِ أَبي طَالِبٍ يَمْدَحُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ثِمَال اليَتَامى عِصْمَة للأَرَامِل
قَالَ: الأَرَامِل الْمَسَاكِينُ مِنْ نِسَاءٍ وَرِجَالٍ. قَالَ: وَيُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى انْفِرَادِهِ أَرَامِل، وَهُوَ بِالنِّسَاءِ أَخص وأَكثر اسْتِعْمَالًا، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ ذَلِكَ. والأَرْمَل: الَّذِي مَاتَتْ زَوْجَتُهُ، والأَرْمَلَة الَّتِي مَاتَ زوجُها، وَسَوَاءٌ كَانَا غَنِيَّيْن أَو فقيرَين. ابْنُ بُزُرْج: يُقَالُ إِن بَيت فُلَانٍ لضَخْمٌ وإِنهم لأَرْمَلَة مَا يَحْمِلونه إِلا مَا اسْتَفْقَروا لَهُ، يَعْنِي الْعَارِيَةَ؛ قَوْلُهُ إِنهم لأَرْمَلَة لَا يَحْمِلونه إِلا مَا اسْتَفْقَرُوا لَهُ، يَعْنِي أَنهم قَوْمٌ لَا يَمْلِكُونَ الإِبل وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الِارْتِحَالِ إِلا عَلَى إِبل يَسْتَعِيرُونَهَا، مِنْ أَفْقَرْته ظَهْرَ بَعِيرِي إِذا أَعَرْته إِياه. وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ أَرْمَل إِذا كَانَ لَا امرأَة لَهُ، تَقُولُهُ الْعَرَبُ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَيِّم وامرأَة أَيِّمة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أُحِبُّ أَن أَصطاد ضَبًّا سَحْبَلا، ... رَعَى الرَّبيعَ وَالشِّتَاءَ أَرْمَلا
قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَلَّما يُسْتَعْمَلُ الأَرْمَل فِي المُذَكَّر إِلا عَلَى التَّشْبِيهِ والمُغالَطة؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كُلُّ الأَرَامِل قَدْ قَضَّيتَ حاجتَها، ... فَمَنْ لِحَاجَةِ هَذَا الأَرْمَل الذَّكَر؟ «1»
. يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ. وامرأَة أَرْمَلَة: لَا زَوْجَ لَهَا؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
ليَبْكِ عَلَى مِلْحانَ ضَيْفٌ مُدَفَّعٌ، ... وأَرْمَلَةٌ تُزْجِي مَعَ اللَّيْلِ أَرْمَلا
وَقَالَ أَبو خِرَاش:
بِذِي فَخَرٍ تأْوِي إِليه الأَرَامِلُ
وأَنشد ابْنُ قُتَيْبَةَ شَاهِدًا عَلَى الأَرْمَل الَّذِي لَا امرأَة لَهُ قَوْلَ الرَّاجِزِ:
رَعَى الربيعَ وَالشِّتَاءَ أَرْمَلا
قَالَ: أَراد ضَبًّا لَا أُنثى لَهُ لِيَكُونَ سَمِيناً. وأَرْمَلَت المرأَةُ إِذا مَاتَ عَنْهَا زوجُها، وأَرْمَلَتْ: صَارَتْ أَرْمَلة. وَقَالَ شَمِرٌ: رَمَّلَت المرأَةُ مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ أَرْمَلَة. ابْنُ الأَنباري: الأَرْمَلَة الَّتِي مَاتَ عَنْهَا زوجُها؛ سُمِّيت أَرْمَلَة لِذَهَابِ زَادِهَا وفَقْدِها كاسِبَها وَمَنْ كَانَ عَيْشُهَا صَالِحًا بِهِ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: أَرْمَل القومُ والرجلُ إِذا ذَهَبَ زادُهم، قَالَ: وَلَا يُقَالُ لَهُ إِذا مَاتَتِ امرأَته أَرْمَل إِلَّا فِي شُذُوذٍ، لأَن الرَّجُلَ لَا يَذْهَبُ زادُه بِمَوْتِ امرأَته إِذا لَمْ تَكُنْ قَيِّمة عَلَيْهِ والرجلُ قَيِّمٌ عَلَيْهَا وَتَلْزَمُهُ عَيْلولتها ومؤْنتها وَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: ورُدَّ عَلَى الْقُتَيْبِيِّ قَوْلُهُ فِيمَنْ أَوْصى بِمَالِهِ للأَرَامِل أَنه يُعْطِي مِنْهُ الرِّجَالَ الَّذِينَ مَاتَ أَزواجهم، لأَنه يُقَالُ رَجُلٌ أَرْمَل وامرأَة أَرْمَلَة. قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَهَذَا مِثْلُ الْوَصِيَّةِ للجَوارِي
__________
(1) . قوله [كل الأَرامل] كذا في الأصل، وفي شرح القاموس والتكملة والأَساس: هذي الأَرامل(11/297)
لَا يُعْطى مِنْهُ الغِلْمان ووَصيَّة الْغِلْمَانِ لَا يُعطى مِنْهُ الْجَوَارِي، وإِن كَانَ يُقَالُ لِلْجَارِيَةِ غُلامة. والمِرْمَل: القَيْد الصَّغير. والرَّمَل: الْمَطَرُ الضَّعِيفُ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الْقَلِيلُ مِنَ الْمَطَرِ. وعامٌ أَرْمَل: قَلِيلُ الْمَطَرِ وَالنَّفْعِ وَالْخَيْرِ، وسَنَة رَمْلاء كَذَلِكَ. وأَصابهم رَمَلٌ مِنْ مَطَرٍ أَي قليلٌ، وَالْجَمْعُ أَرْمَال، وَالْأَزْمَانُ أَقوى مِنْهَا «2» . قَالَ شَمِرٌ: لَمْ أَسمع الرَّمَل بِهَذَا الْمَعْنَى إِلا للأُموي. وأَرَامِل العَرْفَج: أُصوله. وأُرْمُولَة الْعَرْفَجِ: جُذْمُوره، وَجَمْعُهَا أَرَامِيل «3» ؛ قَالَ:
فجِئْت كالعَوْد النَّزِيع الهادِج، ... قُيِّد فِي أَرَامِل الْعْرَافِجِ،
فِي أَرض سَوْءٍ جَذْبةٍ هَجاهِج
الهَجاهِج الأَرض الَّتِي لَا نبتَ فِيهَا. والرَّمَل: خُطُوطٌ فِي يَدَيِ الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ وَرِجْلَيْهَا يُخَالِفُ سَائِرَ لَوْنِهَا، وَقِيلَ: الرُّمْلَة الخَطُّ الأَسود. غَيْرُهُ: يُقَالُ لوَشْي قَوَائِمِ الثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ رَمَلٌ، وَاحِدَتُهَا رَمَلَة؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
كأَنَّها، بعد ما جَدَّ النَّجاء بِهَا ... بالشَّيِّطَيْن، مَهاةٌ سُرْوِلَتْ رَمَلا
وَيُقَالُ للضَّبُع أُم رِمَال. ورَمْلَة: مَدِينَةٌ بِالشَّامِ. والأَرْمَل: الأَبلق. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَرْمَل مِنَ الشَّاءِ الَّذِي اسودَّت قَوَائِمُهُ كُلُّهَا. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ قَالَ: الرُّمَل، بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، خُطُوطٌ سُودٌ تَكُونُ عَلَى ظَهْرِ الْغَزَالِ وأَفخاذه، وأَنشد بَيْتَ الْجَعْدِيِّ أَيضاً؛ قَالَ: وَقَالَ أَيضاً:
بِذَهَابِ الكَوْر أَمسى أَهلُه ... كلَّ مَوْشِيٍّ شَواه، ذِي رُمَل
وَنَعْجَةٌ رَمْلاء: سَوْدَاءُ الْقَوَائِمِ كُلِّهَا وَسَائِرُهَا أَبيض. وغُلام أُرْمُولَة: كَقَوْلِكَ بِالْفَارِسِيَّةِ زَاذَهْ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف الأُرْمُولَة عَرَبيَّتها وَلَا فَارِسِيَّتَهَا. ورَامِل ورُمَيْل ورُمَيْلَة ويَرْمُول كُلُّهَا: أَسماء.
رمعل: ارْمَعَلَّ الثوبُ: ابْتَلَّ، وَقِيلَ: كلُّ مَا ابْتَلَّ فَقَدَ ارْمَعَلَّ. وارْمَعَلَّ الدمعُ وارْمَعَنَّ: سَالَ فَهُوَ مُرْمَعِلٌّ ومُرْمَعِنٌّ. وارْمَعَلَّ الشيءُ: تَتابع، وَقِيلَ: سَالَ فَتَتَابَعَ. الْجَوْهَرِيُّ: ارْمَعَلَّ الصبيُّ ارْمِعْلالًا سَالَ لُعابه. وارْمَعَلَّ الدمعُ أَي تَتَابَعَ قَطَرانه، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ جَمِيعًا؛ قَالَ الزَّفَيان:
يَقُولُ نَوِّرْ صُبْحُ لَوْ يَفْعَلُّ، ... والقَطْرُ عَنْ مَتْنَيه مُرْمَغِلُ
كنُظُم اللُّؤلُؤ مُرْمَعِلُّ، ... تَلُفُّه نَكباءُ أَو شَمْأَلُ
وارْمَعَلَّ الشِّواءُ أَي سَالَ دَسَمُه؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
وانْصِبْ لَنَا الدَّهْماءَ طاهِي، وعَجِّلَنْ ... لَنَا بشَواةٍ مُرْمَعِلٍّ ذُؤُوبُها
وَقَوْلُهُمُ ادْرَنْفِقْ مُرْمَعِلًّا أَي امْضِ رَاشِدًا. وارْمَعَلَّ الرجلُ أَي شَهِق؛ قَالَ مُدْرِك بْنِ حِصْن الأَسدي:
وَلَمَّا رَآنِي صاحِبي رابِطَ الحَشا، ... مُوَطَّن نَفْسٍ قَدْ أَراها يَقِينُها،
__________
(2) . قوله [والأزمان أقوى منها] كذا في الأصل، ولعله الأزمات بالتاء جمع أزمة (3) . قوله [أَرَامِيل] عبارة القاموس: أَرَامِل وأَرَامِيل، وقوله بعد الرجز الهجاهج الأرض إلخ، عبارته في هجج: والهجج الْأَرْضُ الْجَدْبَةُ الَّتِي لَا نَبَاتَ بِهَا وَالْجَمْعُ هَجَاهِجٌ، وأورد الرجز ثم قال: جَمْعٌ عَلَى إِرَادَةِ الْمَوَاضِعِ(11/298)
بَكى جَزَعاً مِنْ أَن يَمُوتَ، وأَجْهَشَتْ ... إِليه الجِرِشَّى، وارْمَعَلَّ خَنينُها «1» .
رمغل: المُرْمَغِلُّ: المُبْتَلُّ، وَهُوَ أَيضاً السَّائِلُ الْمُتَتَابِعُ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن غَيْنَهُ بَدَلٌ مِنْ عَيْنِ ارْمَعَلَّ. والمُرْمَغِلُّ: الْجِلْدُ إِذا وُضِعَ فِيهِ الدِّباغ. والمُرْمَغِلُّ: الرَّطْبُ.
رهل: الرَّهَلُ: الِانْتِفَاخُ حَيْثُ كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ شِبْهُ وَرَم لَيْسَ مِنْ دَاءٍ وَلَكِنَّهُ رَخاوة إِلى السِّمَن، وَهُوَ إِلى الضَّعْفِ، وَقَدْ رَهِل اللحمُ رَهَلًا، فَهُوَ رَهِلٌ. اضْطَرب وَاسْتَرْخَى؛ وَفَرَسٌ رَهِلُ الصَّدْر؛ قَالَ العُجَير السَّلولي:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ لَا مُتآزِفٌ، ... وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُه وبآدِلُه
وَيُرْوَى لِزَيْنَبَ أُخت يَزِيدَ بْنِ الطَّثَرِيَّة. وأَصبح فُلَانٌ مُرَهَّلًا إِذا تَهَبَّجَ مِنْ كَثْرَةِ النَّوْمِ، وَقَدْ رَهَّلَه ذَلِكَ تَرْهِيلًا. والرَّهَل: الْمَاءُ الأَصفر الَّذِي يَكُونُ فِي السُّخْد. والرِّهْل: سَحَابٌ رَقِيقٌ شَبِيهٌ بالنَّدى يَكُونُ فِي السَّمَاءِ.
رهبل: الرَّهْبَلَة: ضَرْبٌ مِنَ الْمَشْيِ، يُقَالُ: جَاءَ يَتَرَهْبَل.
رهدل: الرَّهْدَل والرِّهْدِل: طَائِرٌ يُشْبِهُ الحُمَّرة إِلا أَنه أَدْبَس، وَهُوَ أَكبر مِنَ الحُمَّر؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ طَائِرٌ شِبْهُ القُبَّرة إِلا أَنها لَيْسَتْ لَهَا قُنْزُعة. والرَّهْدَل: الأَحمق، وَقِيلَ الضَّعِيفُ. الأَزهري: الرَّهادِن والرَّهَادِل، وَاحِدَتُهَا رَهْدَنة ورَهْدَلَة.
رول: الرُّوَال، عَلَى فُعال بِالضَّمِّ: اللُّعاب. يُقَالُ: فُلَانٌ يَسِيلُ رُوَالُه. ابْنُ سِيدَهْ: الرُّوَال والرَّاوُول لُعاب الدَّوَابِّ، وَقِيلَ: الرُّوَال زَبَد الْفَرَسِ خَاصَّةً. ورُوَالٌ رَائِل: كَمَا قَالُوا شِعْرٌ شَاعِرٌ؛ قَالَ:
مِنْ مَجِّ شِدْقَيْه الرُّوَال الرَّائِلا
والرَّائِل والرَّاوُول: كُلُّ سِنٍّ زَائِدَةٍ لَا تَنْبُت عَلَى نِبْتَة الأَضراس؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تُرِيك أَشْغَى قَلِحاً أَفَلَّا، ... مُرَكَّباً راوُولهُ مُثْعَلَّا
وَفِي بَابِ المُلَح مِنَ الحَمَاسة:
لَهَا فَمٌ مُلْتَقَى شِدْقَيْه نُقْرَتُها، ... كأَنَّ مِشْفَرها قَدْ طُرَّ مِنْ فِيل
أَسْنانُها أُضْعِفَتْ فِي حَلْقِها عَدَداً، ... مُظاهَرات جَمِيعًا بالرَّوَاوِيل
غَيْرُهُ: الرَّوَاوِيل أَسنان صِغَارٌ تَنْبُتُ فِي أُصول الأَسنان الكِبار فيَحْفِرون أُصولَ الْكِبَارِ حَتَّى يَسْقُطن؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَزَعَمَ قَوْمٌ أَن الرَّاوُول سِنٌّ زَائِدَةٌ فِي الإِنسان وَالْفَرَسِ؛ قَالَ الأَصمعي: الرُّوَال والرَّاوُول مَعًا لُعاب الدَّوَابِّ وَالصِّبْيَانِ، وأَنكر أَن يَكُونَ زِيَادَةً فِي الأَسنان، وَقَالَ اللَّيْثُ: الرُّوَال بُزَاق الدَّابَّةِ، يُقَالُ: هُوَ يُرَوِّلُ فِي مِخْلاته، والرَّاوُول مِثْلُهُ؛ قَالَ: وَالْعَرَبُ لَا تَهْمِزُ فاعُولًا. غَيْرُهُ: والرَّائِل والرَّائِلَة سِنٌّ تَنْبُتُ لِلدَّابَّةِ تَمْنَعُهُ مِنَ الشَّراب والقَضْم؛ وأَنشد:
يَظَلُّ يَكْسوها الرُّوَال الرَّائِلا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بالرُّوَال الرَّائِل اللُّعاب الْقَاطِرَ مِنْ فِيهِ، قَالَ: هَكَذَا قَالَهُ أَبو عَمْرٍو. ابْنُ السِّكِّيتِ: الرُّوَال والمَرْغُ واللُّعاب والبُصاق كُلُّهُ بِمَعْنًى. ورَوَّلَ الخُبْزَةَ بالسَّمْن والوَدَك تَرْوِيلًا: دَلَكها بِهِ دَلْكاً شَدِيدًا، وَقِيلَ: رَوَّلَ طعامَه أَكثر دَسَمه.
__________
(1) . قوله [خنينها] كذا في الأصل هنا ونسخة من الصحاح بالمعجمة، وتقدم في جرش بالمهملة، وكلاهما بمعنى البكاء(11/299)
ورَوَّلَ الفرسُ: أَدْلى لِيَبُولَ، وَقِيلَ: إِذا أَخرج قَضِيبَهُ لِيَبُولَ. والتَّرْوِيل: أَن يَبُولَ بَوْلًا مُتَقَطِّعاً مُضْطَرِبًا. والمُرَوِّل: الَّذِي يَسْترخِي ذَكَرُهُ؛ وأَنشد:
لَمَّا رأَت بُعَيْلها زِئْجِيلا، ... طَفَنْشَلًا لَا يَمْنع الفَصِيلا
مُرَوَّلًا مِنْ دُونِهَا تَرْوِيلا، ... قَالَتْ لَهُ مَقَالَةً تَرْسِيلا:
لَيْتَكَ كُنْتَ حَيْضة تَمْصيلا
أَي تَمْصُل دَماً وتَقْطُر؛ الزِّئْجِيل والزُّؤَاجِل: الضَّعِيفُ مِنَ الرِّجَالِ، والتَّرْوِيل: إِنعاظ فِيهِ اسْتِرْخَاءٌ، وَهُوَ أَن يمتدَّ وَلَا يشتدَّ. والمِرْوَل، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ: القِطْعة مِنَ الحَبْل الَّذِي لَا يُنتفع بِهِ. والمِرْوَل أَيضاً: قِطْعَةُ الحَبْل الضَّعِيفِ؛ كِلَاهُمَا عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والمِرْوَل: النَّاعِمُ الإِدَام. والمِرْوَل: الفَرَس الكثير التَّحصُّن.
فصل الزاي المعجمة
زَأَلَ: التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ ضنأَ: قَالَ الشَّاعِرُ:
تَزَاءَلَ مُضْطَنِئٌ آرِمٌ، ... إِذا ائْتَبَّه الإِدُّ لَا يَفْطَؤُه
قَالَ: التَّزَاؤُل الاستحياء.
زأجل: الْفَرَّاءُ: الزِّئْجِيل الضَّعِيفُ الْبَدَنِ، مَهْمُوزٌ، وَهُوَ الزُّؤَاجِل، وَيُقَالُ الزِّنْجِيل، بِالنُّونِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ قَالَ الأُموي بِالنُّونِ، وَهُوَ الَّذِي يَخْتَارُهُ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَة؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي قَالَهُ الْفَرَّاءُ هُوَ الْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَمَّا رأَت زُوَيْجَها زِئْجِيلا، ... طَفَيْشَأَ لَا يَمْلك الفَصِيلا،
قَالَتْ لَهُ مَقَالَةً تَفْصِيلَا: ... لَيْتَكَ كُنْتَ حَيْضةً تَمْصِيلا
أَي يَمْصُل دَمُها ويَقْطُر، والطَّفَيْشَأُ الضَّعِيفُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَسْتُ أَرويه وإِنما نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَعْرُوفُ طَفَنْشَأ، بِالنُّونِ، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الطَّفَنْشَأُ الرِّخْو الفَسْل، والزَّأْجَل، بِفَتْحِ الْجِيمِ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ مَاءُ الْفَحْلِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي زَجَلَ.
زبل: الزِّبْل، بِالْكَسْرِ: السِّرْقِين وَمَا أَشبهه، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَخذوا زَبَلاتهم. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَيّ شَيْءٍ جَمَعَ. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن امرأَة نَشَزَت عَلَى زَوْجِهَا فَحَبسها فِي بَيْتِ الزِّبْل
؛ هُوَ بِالْكَسْرِ السِّرْجِين، وَبِالْفَتْحِ مَصْدَرُ زَبَلْت الأَرض إِذا أَصلحتها بالزِّبْل. وزَبَلَ الأَرضَ والزرعَ يَزْبِلُهُ زَبْلًا: سَمَّدَه. والمَزْبَلَة والمُزْبُلَة، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: مُلْقاه. والزِّبَال، بِالْكَسْرِ: مَا تَحْمِل النَّمْلة بِفِيهَا، وَمَا أَصاب مِنْهُ زِبَالًا وزُبَالًا أَي شَيْئًا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ فَحْلًا:
كَريم النِّجار حَمَى ظَهْرَهُ، ... فلم يُرْتَزأْ بركوب زِبَالا
وَمَا أَغْنَى عَنْهُ زَبَلَة أَي زِبالًا. وَمَا فِي السِّقَاء والإِناء وَالْبِئْرِ زُبَالَة أَي شَيْءٌ، وَبِهَا سُمِّيت زُبَالَة: مَنْزِلَةٌ مِنْ مَنَاهِلِ طَرِيقِ مَكَّةَ. والزَّبِيل والزِّنْبِيل: الجِراب، وَقِيلَ الوِعاء يُحْمل فِيهِ، فإِذا جَمَعوا قَالُوا زَنَابِيل، وَقِيلَ: الزِّنْبِيل خَطَأٌ وإِنما هُوَ زَبِيل، وَجَمْعُهُ زُبُل وزُبْلان.(11/300)
والزَّأْبَل: الْقَصِيرُ؛ قَالَ:
حَزَنْبَل الحِضْنَيْن فَدْم زَأْبَل
والزَّبِيل: القُفَّة، وَالْجَمْعُ زُبُل. الْجَوْهَرِيُّ: الزَّبِيل مَعْرُوفٌ فإِذا كسَرته شدَّدت فَقُلْتَ زِبِّيل أَو زِنْبِيل، لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْليل، بِالْفَتْحِ. وزَبَلْت الشيءَ وازْدَبَلْته: احْتَمَلْتُهُ، وَكَذَلِكَ زَمَلْته وازْدَمَلْته. والزُّبْلَة: اللُّقمة. والزُّبْلَة: النَّيْلة «1» . وزُبْلان وزُبَالَة: مَوْضِعٌ. وزُبَالَة بْنُ تَمِيمٍ: أَخو عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَهُمْ عَدَدٌ وَلَيْسُوا بِكَثِيرٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
لَا تأْمَنَنَّ زُبَالِيًّا بذِمَّتِه، ... إِذا تَقَنَّع ثوبَ الغَدْر وأْتَزرا
زجل: الزَّجْل: الرَّمْي بِالشَّيْءِ تأْخذه بِيَدِكَ فتَرْمِي بِهِ. زَجَلَ الشيءَ يَزْجُلُه وزَجَلَ بِهِ زَجْلًا: رَمَاهُ ودَفَعه. وزَجَلْت بِهِ: رَمَيت؛ قَالَ:
بِتْنَا وَبَاتَتْ رِياحُ الغَوْرِ تَزْجُلُه، ... حَتَّى إِذا هَمَّ أُولاه بإِنجاد
وَالْمَصْدَرُ عَنْ ثَعْلَبٍ. يُقَالُ: لَعَن اللَّهُ أُمًّا زَجَلَت بِهِ. وزَجَلَت النَّاقَةُ بِمَا فِي بَطْنِهَا زَجْلًا: رمت به كزَحَرَتْ بِهِ زَحْراً، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وزَجَلَت بِهِ زَجْلًا: دَفَعَته. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بن سَلام: فأَخَذَ بِيَدِي فزَجَلَ بِي
أَي رَمَانِي ودَفَع بِي. والزَّاجَل، بِفَتْحِ الْجِيمِ يُهْمز وَلَا يُهْمَزُ: مَاءُ الْفَحْلِ. وَقَدْ زَجَلَ الماءَ فِي رَحِمِها يَزْجُلُه زَجْلًا، وخَصَّ أَبو عُبَيْدَةَ بِهِ مَنِيَّ الظَّليم؛ وأَنشد لِابْنِ أَحمر:
وَمَا بَيْضاتُ ذِي لِبَدٍ هِجَفٍّ، ... سُقِينَ بزَاجَلٍ حَتَّى رَوِينا
قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُهَا بِفَتْحِ الْجِيمِ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَالْهَمْزُ لُغَةً؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَكَانَ أَصحابنا يَقُولُونَ الزَّاجَلُ مَاءُ الظَّلِيم؛ قَالَ: وأَخبرني مَنْ سَمِعَ العرب تقول إِن الزَّجَل هَاهُنَا مُزَاجَلة النَّعامة والهَيْقِ فِي أَيام حِضَانهما، وَهُوَ التَّقْلِيبُ، لأَنها إِن لَمْ تُزَاجِلْ مَذِر البَيْضُ فَهِيَ تُقَلِّبه ليَسْلَم مِنَ المذَر، وَقِيلَ: الزَّاجَلُ مَا يَسِيل مِنْ دُبُر الظَّليم أَيام تَحْضِينِهِ بيضَه. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الزَّاجَل وَسْمٌ يَكُونُ فِي الأَعناق؛ قَالَ:
إِنَّ أَحَقَّ إِبِلٍ أَن تُؤْكَلْ ... حَمْضِيَّةٌ جَاءَتْ عَلَيْهَا الزَّاجَلْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قِيَاسُ هَذَا الشِّعْرِ أَن يَكُونَ فِيهِ الزأْجل مَهْمُوزًا. التَّهْذِيبِ: الزَّاجَل سِمَةٌ يُوسَم بِهَا أَعناق الإِبل. والزَّجْل: إِرسال الحَمَام الْهَادِي مِنْ مَزْجَل بَعِيدٍ، وَقَدْ زَجَلَ بِهِ يَزْجُلُ. وزَجَلَ الحَمَام يَزْجُلُها زَجْلًا: أَرسلها عَلَى بُعْد، وَهِيَ حَمَام الزَّاجِل والزَّجَّال؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ. وزَجَلَه بالرُّمْح يَزْجُلُهُ زَجْلًا: زَجَّه، وَقِيلَ رَماه. والمِزْجَلُ: السِّنان، وَقِيلَ: هُوَ رُمْحٌ صَغِيرٌ. والمِزْجَل: المِزْراق. والمِزْجَال، شِبْهُ المِزْراق: وَهُوَ النَّيْزَك يُرْمَى بِهِ، وَقَدْ زَجَلَهُ زَجْلًا بالمِزْجال؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
ورَمَى بالصَّخْر زَجْلًا زاجِلا» .
__________
(1) . قوله [والزُّبْلَة النيلة] كذا في الأصل، ورمز له بعلامة التوقف، وفي ترجمة نيل من القاموس: وما أصاب نيلًا ونيلة أي شيئاً
(2) . قوله [ورمى بالصخر] في التهذيب: وترتمي(11/301)
أَي رَمْياً شَدِيدًا. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَنه أَخذ الْحَرْبَةَ لأُبيِّ بْنِ خَلَف فزَجَلَهُ بِهَا
أَي رَمَاهُ بِهَا فَقَتَلَهُ. والزَّاجِل والزَّاجَل: الحَلْقة مِنَ الخَشَبة تَكُونُ مَعَ المُكاري فِي الحِزام. ابْنُ سِيدَهْ: الزَّاجَل الحَلْقة فِي زُجِّ الرُّمْحِ. والزَّاجَل: خَشَبة تُعْطَف وَهِيَ رَطْبة حَتَّى تَصِيرَ كالحَلْقة ثُمَّ تُجَفَّف فُتُجْعَلُ فِي أَطراف الحُزُم والحِبال، وَقِيلَ: هُوَ الْعُودُ الَّذِي يَكُونُ فِي طَرَف الْحَبْلِ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ القِرْبة؛ قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَجَمْعُهُ زَوَاجِل؛ قَالَ الأَعشى:
فَهَانَ عَلَيْهِ أَن تَجِفَّ وِطابُكم، ... إِذا ثُنِيَتْ فِيمَا لَدَيه الزَّوَاجِل «1»
. والزَّجَل، بِالتَّحْرِيكِ: اللَّعِب والجَلَبة ورَفْع الصَّوْتِ، وخُص بِهِ التَّطْرِيبُ «2» ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
لَهُ زَجَلٌ كأَنْهُ صوتُ حادٍ، ... إِذا طَلَب الوَسِيقةَ، أَو زَمِير
وَقَدْ زَجِلَ زَجَلًا، فَهُوَ زَجِلٌ وزَاجِلٌ، وَرُبَّمَا أُوقِع الزَّاجِلُ عَلَى الغِناء؛ قَالَ:
وَهُوَ يُغَنِّيها غِناءً زَاجِلا
والزَّجَلُ: رَفْع الصَّوْتِ الطَّرِب؛ وَقَالَ:
يَا لَيْتَنا كُنَّا حَمَامَيْ زَاجِل
وَفِي حَدِيثِ الْمَلَائِكَةِ:
لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ
أَي صوتٌ رَفِيعٌ عالٍ. وسَحاب ذُو زَجَل أَي ذُو رَعْد. وَغَيْثٌ زَجِلٌ: لِرَعْدِهِ صَوْتٌ. ونَبْت زَجِلٌ: صَوَّتت فِيهِ الرِّيحُ؛ قَالَ الأَعشى:
كَمَا استعانَ بِرِيحٍ عِشْرِقٌ زَجِلٌ
والزَّجْلَة: صَوْتُ النَّاسِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
شَدِيدَةُ أَزِّ الآخِرَيْنِ كأَنَّها، ... إِذا ابْتَدَّها العِلْجانِ، زَجْلَةُ قافِل
شَبَّه حَفِيف شَخْبها بحَفيف الزَّجْلَة مِنَ النَّاسِ. والزُّجْلَة، بِالضَّمِّ: الجماعةُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ كُلِّ شَيْءٍ، وَجَمْعُهَا زُجَل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
كحَزيق الحَبَشِيّين الزُّجَل «3»
. الْفَرَّاءُ: الزِّئْجِيل والزُّؤاجل الضَّعِيفُ مِنَ الرِّجَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. ابْنُ الأَعرابي: الزَّاجِل الرَّامِي، والزَّاجِل قَائِدُ الْعَسْكَرِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الزُّجْلَة البِلَّة من الشيء الهُنَيْهة «4» مِنْهُ. يُقَالُ: زُجْلَة مِنْ مَاءٍ أَو بَرَد، قَالَ: والزُّجْلَة الجِلْدة الَّتِي بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ؛ وأَنشد:
كأَنَّ زُجْلةَ صَوْبٍ صابَ مِنْ بَرَدٍ، ... شُنَّت شَآبِيبُه مِنْ رائحٍ لَجِب
نَواصِحٌ بَيْنَ حَمَّاوَيْن أَحْصَنَتا ... مُمَنَّعاً، كهُمَام الثَّلْج بالضَّرَب «5»
. وَقَالَ فِي الْخُمَاسِيِّ فِي سَجَنْجَلٍ: والسَّجَنْجَل المِرآة، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: زَجَنْجَل، وَقِيلَ: هِيَ روميَّة دَخَلَتْ فِي كلام العرب.
زحل: زَحَلَ الشيءُ عَنْ مَقامه يَزْحَلُ زَحْلًا وزُحُولًا وتَزَحْوَلَ، كِلَاهُمَا: زَلَّ عَنْ مَكَانِهِ، وزَحْوَلَهُ هُوَ: أَزَلَّه وأَزاله؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
__________
(1) . قوله [أن تجف] هكذا في التهذيب بالجيم، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ بالخاء المعجمة
(2) . قوله [وخص به التطريب] عبارة المحكم: وخص بعضهم به إلخ
(3) . قوله [كحزيق] هو جمع حزيقة بمعنى القطعة من الشيء كما في القاموس
(4) . قوله [الهنيهة] هكذا في التهذيب بدون عاطف، وفي القاموس: والهنيهة بالواو، قال شارحه: ونص كتاب المعاني لابن السكيت بغير واو
(5) . قوله [نواصح إلخ] في التكملة والتهذيب: أَراد بالنواصح الثنايا البيض، وبالحماوين الشفتين، والضرب العسل(11/302)
لَوْ يَقومُ الفِيلُ أَو فَيَّاله، ... زَلَّ عَنْ مِثْلِ مَقامِي وزَحَل
وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: أَتاه عَبْدُ اللَّهِ يَتَحَدَّث عِنْدَهُ، فَلَمَّا أُقيمت الصَّلَاةُ زَحَلَ وَقَالَ: مَا كُنْتُ أَتَقَدَّم رَجُلًا مِنْ أَهل بَدْر
، أَي تأَخر وَلَمْ يَؤُمَّ الْقَوْمَ، وَفِي حَدِيثِ
الْخُدْرِيِّ: فَلَمَّا رَآهُ زَحَلَ لَهُ وَهُوَ جَالِسٌ إِلى جَنْبِ الْحُسَيْنِ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنُ المسيَّب: قَالَ لِقَتَادَةَ ازْحَلْ عَنِّي فَقَدَ نَزَحْتَني
أَي أَنْفَدْت مَا عِنْدِي. الْجَوْهَرِيُّ: تَزَحَّلَ تَنَحَّى وتَبَاعد، فَهُوَ زَحِلٌ وزِحْلِيلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
غَزَوْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَدُقُّنا ويُزَحِّلُنا مِنْ وَرَائِنَا
أَي يُنَحِّينا، وَيُرْوَى
يَزْجُلنا
، بِالْجِيمِ، أَي يَرْمِينا، وَيُرْوَى
يَدُفُّنا
، بِالْفَاءِ، مِنَ الدَّفِّ السَّيْرِ. وزَحَلَ الرجلُ كزَحَف إِذا أَعيا. وزَحَلَت الناقةُ: تأَخرت فِي سَيْرِهَا تَزْحَلُ؛ وأَنشد:
قَدْ جَعَلَتْ نابُ دُكَيْنٍ تَزْحَلُ ... أُخْراً، وإِنْ صَاحُوا بِهِ وحَلْحَلوا
والمَزْحَل: الْمَوْضِعُ الَّذِي تَزْحَل إِليه، وَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا. يُقَالُ: إِنَّ لِي عَنْكَ مَزْحَلًا أَي مُنْتَدَحاً؛ وَقَالَ الأَخطل:
يَكُنْ عَنْ قُرَيْشٍ مُسْتَمازٌ ومَزْحَل
وَنَاقَةٌ زَحُولٌ إِذا وَرَدت الْحَوْضَ فَضَرَبَ الذّائِدُ وَجْهَها فَوَلَّتْه عَجُزها وَلَمْ تَزَلْ تَزْحَل حَتَّى تَرِدَ الحَوْضَ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قِيلَ لِابْنَةِ الخُسِّ أَيُّ الجِمال أَفْرَهُ فِي الوِرْد؟ فَقَالَتْ: السِّبَحْل الزِّحَلّ، «6» الراحِلةُ الفحلُ. وَرَجُلٌ زُحَلٌ: يَزْحَلُ عَنِ الأَمر، قَبِيحًا كَانَ أَو حَسَنًا، والأُنثى بِالْهَاءِ. وعُقْبَة زَحُولٌ: بَعِيدَةٌ. وزُحَلُ: اسْمُ كَوْكَبٍ مِنَ الخُنَّس؛ سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ عَنْ صَرْفِهِ فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفُ لأَن فِيهِ الْعِلَّتَيْنِ الْمَعْرِفَةَ والعُدول مِثْلُ عُمَر، وَقِيلَ لِلْكَوْكَبِ زُحَل لأَنه زَحَلَ أَي بَعُد، وَيُقَالُ: إِنه فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ. والزِّحْلِيل: السَّرِيعُ؛ مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وفَسَّره السِّيرَافِيُّ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ أَبو عَلِيٍّ زِحْلِيلٌ مِنَ الزَّحْل كسِحْتِيت مِنَ السَّحْت. والزِّحْلِيل: الْمَكَانُ الضَّيِّق الزَّلِق مِنَ الصَّفا وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الزِّحْلِيف.
زحقل: الزَّحْقَلة: دَهْوَرَتُك الشيءَ فِي بِئْرٍ أَو مِنْ جَبَل.
زعل: الزَّعَلُ كالعَلَزِ مِنَ المَرَض، والفعلُ كَالْفِعْلِ. والزَّعَل: النَّشاط. والزَّعِلُ: النَّشِيط الأَشِرُ. وزَعِلَ زَعَلًا، فَهُوَ زَعِلٌ، وتَزَعَّلَ، كِلَاهُمَا: نَشِط؛ قَالَ العَجَّاج:
يَنْتُقْنَ بالقومِ مِنَ التَّزَعُّل ... مَيْسَ عُمانَ، ورِحالَ الإِسْحِل
وأَزْعَلَه الرَّعْيُ والسِّمَنُ: نَشَّطه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ أَيضاً فِي تَرْجَمَةِ سَعَلَ فِيمَا يأْتي:
أَكَلَ الجَمِيمَ وطاوَعَتْه سَمْحَجٌ ... مِثْلُ القَناةِ، وأَزْعَلَتْه الأَمْرُعُ
وزَعِلَ الفَرَسُ زَعَلًا: اسْتَنَّ بِغَيْرِ فَارِسِهِ. وفَرس سَعِلٌ زَعِلٌ: نَشِيط. وحِمار زَعِلٌ وإِزْعِيلٌ: نَشِيطٌ مُسَتَنٌّ. ورَجُل زُعْلُول: خَفِيفٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَفِي المصنَّف: زُغْلُول، بِالْغَيْنِ المعجمة
__________
(6) . قوله [الزَّحَل] فسره في التهذيب فقال: الزَّحَل الذي يزحل الإبل يزحمها في الورد حتى ينحيها فيشرب، حكاه عن بهدل الدبيري(11/303)
لَا غَيْرُ. والزَّعَل والعَلَزُ: التَّضَوُّر. والزَّعِلُ: المُتَضَوَّرُ جُوعاً. والزَّعْلَة: النَّعامة، لُغَةً فِي الصَّعْلة، وَحَكَى يَعْقُوبُ أَنه بَدَلٌ. والزُّعْلَة مِنَ الْحَوَامِلِ «1» الَّتِي تَلِد سَنَةً وَلَا تَلِد أُخْرى كَذَلِكَ تَكُونُ مَا عَاشَتْ. وزَعْلٌ وزُعَيْل: اسمانِ. والزِّعْل: موضع.
زعبل: الزَّعْبَل: الصبيُّ الَّذِي لَمْ يَنْجَع فِيهِ الغِذاء فعَظُم بطنُه ودَقَّت عُنُقُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
سِمْطاً يُرَبِّي وُلْدَةً زَعابِلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ أَنه لِرُؤْبَةَ؛ وَقَبْلَهُ:
جَاءَتْ فلاقَتْ عِنْدَهُ الضَّآبِلا
وَبَعْدَهُ:
يَبْني مِنَ الشَّجْراء بَيْتاً واغِلا
قَالَ: وسِمْطاً بَدَلٌ مِنَ الضَّآبِلِ، وَهُوَ جَمْعُ ضِئْبِل لِلدَّاهِيَةِ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ لَمْ يُفَسِّر لَنَا الزَّعْبَلَ إِلا الزاهدُ، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَعْظُم بطنُه مِنْ أَسفله ويَدِقُّ مِنْ أَعلاه ويكبُر رأْسُه ويَدِقُّ عُنُقه، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والسِّمْط فِي الْبَيْتِ الصَّائِدِ، يُرِيدُ أَنه مِثْلُ السِّمْط فِي صِغَره. والسِّمْط: النِّظام الصَّغِيرُ، والسِّمْط الْفَقِيرُ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ فِي السِّمْط لِلصَّائِدِ:
حَتَّى إِذا عايَنَ رَوْعاً رَائِعَا، ... كِلابَ كَلّابٍ، وسِمْطاً قابِعا
والزَّعْبَلة: الَّذِي يَسْمَن بدنُه وتَدِقُّ رقبتُه. والزَّعْبَلَة: الدَّلْو؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
زَعْبَلَة قَلِيلة الخُروقِ، ... بُلَّتْ بكَفَّيْ سَرَّبٍ مَمْشوقِ «2»
. ابْنُ سِيدَهْ: والزَّعْبَل الأُمُّ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا الرَّعْبَل، بِالرَّاءِ، وزَعْبَلَةٌ: كَثِيرٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا حَكَاهُ كَمَا كَتَبْنَاهُ. وزَعْبَلٌ وزَعْبَلَة: اسمانِ. وَيُقَالُ: هَبِلَتْه أُمُّه الزَّعْبَل أَي ثَكِلته أُمُّه الحَمْقاء؛ هَذَا نَصُّ الْجَوْهَرِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَن الرَّعْبَل، بِالرَّاءِ، المرأَة الحَمْقاء، وَلَمْ أَرَ أَحداً ذَكَر الزَّعْبل، بِالزَّايِ، المرأَة الحَمْقاء سِوَى الجوهري، والله أَعلم.
زغل: زَغَل الشيءَ زَغْلًا وأَزْغَلَهُ: صَبَّهُ دُفَعاً ومَجَّهُ. وَيُقَالُ: أَزْغِل لِي زُغْلةً مِنْ سِقائك أَي صُبَّ لِي شَيْئًا مِنْ لَبَنٍ. وزَغَلَت المَزادةُ مِنْ عَزْلائها: صَبَّتْ. والزُّغْلَة، بِالضَّمِّ: الدُّفْعة مِنَ الْبَوْلِ وَغَيْرِهِ. وأَزْغَلَتِ الناقةُ بِبَوْلِهَا: رَمَت بِهِ وقَطَّعَتْهُ زُغْلَة زُغْلَة. والزُّغْلة: مَا تَمُجُّه مِنْ فِيكَ مِنَ الشَّرَابِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لِآخَرَ: اسْقِني زُغْلَة مِنَ اللَّبَنِ؛ يُرِيدُ قَدْرَ مَا يَمْلأُ فَمَهُ. وأَزْغَلَتِ الطَّعْنَةُ بِالدَّمِ: مِثْلُ أَوْزَغَتْ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِصَخْرِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ:
وَلَقَدْ دَفَعتُ إِلى دُرَيْدٍ طَعْنَةً ... نَجْلاء، تُزْغِلُ مِثْلَ عَطِّ المَنْحَر
اللَّيْثُ: زَغَلَتِ المرأَةُ مِنْ عَزْلاء المَزادة مَاءً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَمَاعِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ أَزْغَلَ مِنْ عَزْلاء المَزادة الماءَ إِذا دَفَقَه. وأَزْغَلَ الطائرُ فَرْخَه إِذا
__________
(1) . قوله: [والزُّعْلَة من الحوامل] هكذا ضبط في التكملة، ومقتضى اصطلاح القاموس أَنه بالفتح، وقوله بعد: والزعل موضع، هكذا ضبط في التكملة وصرح به في القاموس، وضبط في المحكم بالفتح وصرح به ياقوت
(2) . قوله [سرّب] هكذا في الأَصل بالمهملتين مشدداً، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ: شزّب، مضبوطاً كركّع(11/304)
زَقَّهُ. وأَزْغَلَتِ القَطاةُ فَرْخَها: زَقَّتْه؛ قَالَ ابْنُ أَحمر وَذَكَرَ القَطاة وفَرْخَها وأَنها سَقَتْه مِمَّا شَرِبَتْ:
فأَزْغَلَتْ فِي حَلْقِه زُغْلَةً، ... لَمْ تُخْطئ الجِيدَ، وَلَمْ تَشْفَتِر
اسْتَعَارَ الجِيدَ لِلْقَطَاةِ. وزَغَلَتِ البَهْمةُ أُمَّها تَزْغَلها زَغْلًا: قَهَرتها فَرَضِعَتْها. الأَحمر: أَزْغَلَت المرأَةُ وَلَدَهَا، فَهِيَ مُزْغِلٌ إِذا أَرْضَعَتْه؛ وَقَالَ شَمِرٌ: أَرْغَلَت بِمَعْنَاهُ. الرِّيَاشِيُّ: يُقَالُ رَغَل الجَدْيُ أُمَّه وزَغَلَها رَغْلًا وزَغْلًا إِذا رَضِعها. والزَّغُول: اللَّهِج بالرَّضاع مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ. والزُّغْلَة: الاسْت؛ عَنِ الهَجَري. قَالَ: وَمِنْ سَبِّهم: يَا زُغْلة الثَّوْر والزُّغْلُول: الخفيفُ مِنَ الرِّجَالِ، وَحَكَاهُ كُرَاعٌ بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ جَمِيعًا. والزُّغْلول: الطِّفْل أَيضاً، وَجَمْعُهُ زَغَالِيل، وَيُقَالُ للصِّبيان الزَّغَالِيل، وَاحِدُهُمْ زُغْلُول؛ قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الزُّغْلُول الخفيفُ الرُّوحِ، واليتيمُ والخفيفُ الْجِسْمِ يُقَالُ لَهُ الزُّحْلُول. وزَغَلٌ وزُغَلٌ وزُغَيْل وزُغْلُول: أَسماء.
زغفل: ابن الأَعرابي: زَعْفَلَ الرجلُ إِذا أَوْقَدَ الزَّغْفَل «1» ابن بري: الزَّعْفَل الزِّئْبِر؛ قال جميل ابن مَرْثَد المَعْنيُّ:
ذَاكَ الكِساءُ ذُو عَلَيْهِ الزَّغْفَل
أَراد الَّذِي عَلَيْهِ الزَّغْفَل وَهُوَ زِئْبِره.
زفل: الأَزْفَلَةُ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْفَاءِ: الجماعةُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: الجماعةُ، وَكَذَلِكَ الزَّرافةُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ جَاؤُوا بأَزْفَلَتهم وبأَجْفَلَتهم أَي بِجَمَاعَتِهِمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: جَاؤُوا الأَجْفَلى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتيت النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي أَزْفَلَة
؛ الأَزْفَلَة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرُهُمْ، وَالْهَمْزَةُ زَائِدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عنها: أَنها أَرْسَلَت إِلى أَزْفَلَة مِنَ النَّاسِ
أَي جَمَاعَةٌ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
إِني لأَعْلَمُ مَا قَوْمٌ بأَزْفَلةٍ، ... جَاؤُوا لأُخْبِرَ مِنْ لَيْلى بأَكْياس
جَاؤُوا لأُخْبِرَ مِنْ لَيْلى فَقُلْتُ لَهُمْ: ... لَيْلى مِنَ الجِنِّ أَم لَيْلى مِنَ النَّاسِ؟
والأَزْفَلَى: الْجَمَاعَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ الزَّفَيان «2» .
حَتَّى إِذا ظَلْماؤها تَكَشَّفَتْ ... عنِّي، وَعَنْ صَيْهَبَةٍ قَدْ شَرَفَتْ
«3» . عادَت تُباري الأَزْفَلى واسْتأْنَفَتْ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الأَزْفَلَة الْجَمَاعَةُ مِنَ الإِبل. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: أَخَذَتْه إِزْفِلَّة، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، أَي خِفَّة. والأَزْفَلى: مِثْلَ الأَجْفَلى؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْمَخْرُوعِ بْنِ رُفَيْع:
جَاؤُوا إِليك أَزْفَلَى رُكُوبا
وزَوْفَلٌ: اسْمٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وزَيْفَلٌ اسْمُ رجل.
زقل: زَوْقَل فُلَانٌ عِمامَته: أَرْخى طَرَفيها مِنْ نَاحِيَةِ رأْسه. ابْنُ دُرَيْدٍ: الزَّقْل مِنْهُ اشْتقاق الزَّوَاقِيل، وَهُمْ قَوْمٌ بِنَاحِيَةِ الْجَزِيرَةِ وَمَا والاها.
زقفل: زَقْفَل: أَسْرَعَ.
__________
(1) . قوله [إذا أوقد الزَّغْفَل] زاد في التكملة: وهو شجر
(2) . قوله [قال الزفيان] الذي في ترجمة صهب من التهذيب: نسبة الرجز الى هميان
(3) . قوله [شرفت] كذا في الأصل، والذي في ترجمة صهب من التهذيب: شدفت بالدال، وفسره بقوله تحنت(11/305)
زلل: زَلَّ السَّهْمُ عَنِ الدِّرْع، والإِنسانُ عَنِ الصَّخْرة يَزِلُّ ويَزَلُّ زَلًّا وزَلِيلًا ومَزِلَّة: زَلِقَ، وأَزَلَّهُ عَنْهَا. وزَلَلْتَ يَا فُلَانُ تَزِلُّ زَلِيلًا إِذا زَلَّ فِي طِين أَو مَنْطِق. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: زَلِلْت، بِالْكَسْرِ، تَزَلُّ زَلَلًا، وَالِاسْمُ الزَّلَّة والزِّلِّيلَى. وزَلَّ فِي الطِّينِ زَلًّا وزَلِيلًا وزُلُولًا؛ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وزَلَّت قَدَمُه زَلًّا وزَلَّ فِي مَنْطِقه زَلَّةً وزَلَلًا. التَّهْذِيبِ: إِذا زَلَّت قَدَمُه قِيلَ زَلَّ، وإِذا زَلَّ فِي مَقالٍ أَو نَحْوِهِ قِيلَ زَلَّ زَلَّة، وَفِي الخَطيئة وَنَحْوِهَا؛ وأَنشد:
هَلَّا عَلَى غَيْرِي جَعَلْتَ الزَّلَّه؟ ... فَسَوْفَ أَعْلُو بالحُسَام القُلَّه
وزَلَّ فِي رَأْيِه ودِينِه يَزَلُّ زَلًّا وزَلَلًا وزُلُولًا وزِلِّيلى تُمَدُّ وَتُقْصَرُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وأَزَلَّه هُوَ واسْتَزَلَّهُ غيرُه، وَكَذَلِكَ زَلَّ فِي المَزَلَّة [المَزِلَّة] وأَزَلَّ فُلَانٌ فُلَانًا عَنْ مَكَانِهِ إِزْلالًا وأَزَالَه، وَقُرِئَ: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها
، وَقُرِئَ:
فأَزالَهُما
، أَي فنَحّاهما، وَقِيلَ: أَزَلَّهما الشَّيْطَانُ أَي كَسَبَهما الزَّلَّة. وَفَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: أَزَلَّهما فِي الرأْي، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَزَلهما. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبي سَرْح: فأَزَلَّه الشيطانُ فلَحِق بالكُفَّار
أَي حَمَله عَلَى الزَّلَل وَهُوَ الخَطَأ وَالذَّنْبُ. ومَقامٌ زُلٌّ: يُزَلُّ فِيهِ، ومَقامةٌ زُلٌّ كَذَلِكَ. وزُخْلُوقة زُلٌّ أَي زَلَقٌ؛ قَالَ:
لِمَنْ زُحْلُوقةٌ زُلُّ، ... بِهَا العَيْنانِ تَنْهَلُّ؟
وَيُرْوَى زُحْلُوفَةٌ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
ووَصْلُهُنَّ الصِّبَا إِنْ كُنْتَ فاعِلَه، ... وَفِي مَقَام الصِّبَا زُحْلُوقَةٌ زَلَلُ
والمَزَلَّة والمَزِلَّة، بِكَسْرِ الزَّايِ وَفَتْحِهَا: الْمَكَانُ الدَّحْضُ، وَهُوَ مَوْضِعُ الزَّلَل. والمَزَلَّة: الزَّلَل فِي الدَّحْض. والزَّلَل: مِثْلَ الزَّلَّة فِي الخَطَإِ؛ وَمَكَانٌ زَلُولٌ. والمَزَلَّة: مَوْضِعُ الزَّلَل؛ قَالَ الرَّاعِي:
بُنِيَتْ مَرافِقُهُنَّ فَوْقَ مَزَلَّةٍ، ... لَا يَسْتَطِيعُ بِهَا القُرادُ مَقِيلا
والمَزَلَّة: الزَّلَل، وَقِيلَ: المَزَلَّة والمَزِلَّة لُغَتَانِ. وَفِي صِفَةِ الصِّرَاطِ:
مَزِلَّة مَدْحَضَة
؛ المَزَلَّة مَفْعَلة مِنْ زَلَّ يَزِلُّ إِذا زَلِق، وَتُفْتَحُ الزَّايُ وَتُكْسَرُ، أَراد أَنه تَزْلَق عَلَيْهِ الأَقدام وَلَا تَثْبُتُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
بِسُلَّمٍ مِنْ دَفّةٍ مَزِلِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَزِلّ بَدَلًا مِنْ سُلَّم وَلَا يَكُونُ نَعْتًا لأَنَّ مَفْعِلًا لَمْ يَجِئْ صِفَةً، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ الرِّوَايَةُ مُزِلّ، بِضَمِّ الْمِيمِ. وزَلَّ عُمْرُه: ذَهَب، وزَلَّ مِنْهُ الشيءُ كَذَلِكَ؛ قَالَ:
أَعُدُّ اللَّيالي، إِذ نَأَيْتَ، وَلَمْ يَكُنْ ... بِمَا زَلَّ مِنْ عَيْشٍ أَعُدُّ اللَّياليا
وَقَوْسٌ زَلَّاءُ: يَزِلُّ السَّهْمُ عَنْهَا لِسُرْعَةِ خُرُوجِهِ. وزَلَّت الدراهمُ تَزِلُّ زُلُولًا: انْصَبَّت أَو نَقَصَتْ فِي وَزْنها؛ يُقَالُ: دِرْهَم زالٌّ. والزَّلُول: الْمَكَانُ الَّذِي تزِلُّ فِيهِ القَدَم؛ قَالَ:
بماءٍ زُلالٍ فِي زَلُولٍ بمعْرَكٍ ... يَخِرُّ ضَبابٌ، فَوْقَهُ، وضَرِيبُ
وأَزَلَّ إِليه نِعْمَةً أَي أَسداها. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أُزِلَّت إِليه نعمةٌ فليَشْكُرْها.
واتَّخَذَ عِنْدَهُ زَلَّة(11/306)
أَي صَنِيعة، وأَزْلَلْت إِليه نِعْمَةً أَي أَسْدَيْتها قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ
مَنْ أُزِلَّت إِليه نِعْمَةٌ
مَعْنَاهُ مَنْ أُسْدِيَتْ إِليه وأُعْطِيَها واصْطُنِعت عِنْدَهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَصله مِنَ الزَّلِيل وَهُوَ انْتِقَالُ الْجِسْمِ مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ، فَاسْتُعِيرَ لِانْتِقَالِ النِّعْمَةِ مِنَ المُنْعِم إِلى المُنْعَم عَلَيْهِ. يُقَالُ: زَلَّت مِنْهُ إِلى فلان نعمةٌ وأَزَلَّها إِليه وأَزْلَلْت إِلى فُلَانٍ نِعْمةً فأَنا أُزِلُّها إِزْلالًا؛ قَالَ كثيِّر يَذْكُرُ امرأَة:
وإِني، وإِن صَدَّتْ، لَمُثْنٍ وصادقٌ ... عَلَيْهَا بِمَا كَانَتْ إِلينا أَزَلَّتِ
والمُزَلِّل: الكثيرة الهَدايا وَالْمَعْرُوفِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: كُنَّا فِي زَلَّة فُلَانٍ أَي عُرْسه؛ وأَزْلَلْت فُلَانًا إِلى الْقَوْمِ أَي قَدَّمْته. وأَزْلَلْت إِليه مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا أَي أَعطيت. والزِّلِّيَّة: وَاحِدَةُ الزَّلاليِّ. وَفِي مِيزَانِهِ زَلَلٌ أَي نُقْصَانٌ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والزَّلَّة: مِنْ كَلَامِ النَّاسِ عِنْدَ الطَّعَامِ، يُقَالُ: اتَّخَذَ فُلَانٌ زَلَّةً أَي صَنِيعاً لِلنَّاسِ. قَالَ اللَّيْثُ: الزَّلَّة عِراقيّة اسْمٌ لِمَا يُحْمَل مِنَ الْمَائِدَةِ لِقَرِيبٍ أَو صَدِيقٍ، وإِنما اشْتُقَّ ذَلِكَ مِنْ الصَّنِيعِ إِلى النَّاسِ. أَبو عمرو: يُقَالُ أَزْلَلْت لَهُ زَلَّة، وَلَا يُقَالُ زَلَلْت. والزَّلِيلُ: مَشْيٌ خَفِيفٌ، وَقَدْ زَلَّ يَزِلُّ زَلِيلًا. والأَزَلُّ: السَّرِيعُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَزَلُّ إِن قِيدَ، وإِن قَامَ نَصَب
وَقَوْلُ أَبي مُحَمَّدٍ الحَذْلَمِيّ:
إِنَّ لَهَا فِي العامِ ذِي الفُتوق، ... وزَلَلِ النِّيَّة والتَّصْفِيق،
رِعْيَةَ مَوْلًى ناصحٍ شَفيق
فَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي الزَّلَل هَاهُنَا فَقَالَ: زَلَلُ النِّيَّة تَباعُدها فِي النَّجْعة، وَقَالَ مَرَّةً: يَعْنِي بزلَل النِّية أَن يَزِلُّوا مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ لِطَلَبِ الكَلإِ، والنِّيَّةُ: الموضعُ الَّذِي يَنْوون الْمَسِيرَ إِليه. وزَلَّ يَزِلُّ زَلِيلًا وزُلُولًا إِذا مَرَّ مَرًّا سَرِيعًا. وغلامٌ زُلْزُلٌ وقُلْقُلٌ إِذا كَانَ خَفِيفًا. وزَلَّ الماءُ فِي حَلْقِهِ يَزِلُّ زُلولًا: ذَهَب. وماءٌ زُلالٌ وزَلِيلٌ: سَرِيعُ النُّزُولِ والمَرّ فِي الْحَلْقِ. وماءٌ زُلالٌ: بَارِدٌ، وَقِيلَ: ماءٌ زُلالٌ وزُلازِلٌ عَذْبٌ، وَقِيلَ صافٍ خَالِصٌ، وَقِيلَ: الزُّلال الصَّافِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة:
كأَنّ جُلُودَهُنّ مُمَوَّهات، ... على أَنشارها ذَهَبٌ زُلالُ «1»
. ابْنُ الأَعرابي عَنْ أَبِي شَنْبَلٍ أَنه قَالَ: مَا زَلْزَلْت مَاءً قَطُّ أَبردَ مِنْ مَاءِ الثَّغوب، فَفَتَحَ الثَّاءَ، أَي مَا شرِبْتُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد مَا جَعَلْتُ فِي حَلْقِي مَاءً يَزِلُّ فِيهِ زَلُولًا أَبردَ مِنْ مَاءِ الثَّغْب، فَجَعَلَهُ ثَغُوباً. والزَّلَزِلُ: الأَثاثُ والمتاعُ، عَلَى فَعَلِل بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ اللَّامِ. قَالَ شَمِرٌ: وَهُوَ الزَّلَز أَيضاً. وَفِي كِتَابِ الْيَاقُوتِ: الزَّلَزِلُ والقُثْرُد والخُنْثُر قُمَاشُ الْبَيْتِ. والزُّلْزُل: الطَّبّال الْحَاذِقُ. والزَّلْزَلة والزَّلْزَال: تَحْرِيكُ الشَّيْءِ، وَقَدْ زَلْزَله زَلْزَلةً وزِلْزَالًا، وَقَدْ قَالُوا: إِن الفَعْلال والفِعْلال مُطَّرد فِي جَمِيعِ مَصَادِرِ الْمُضَاعَفِ، وَالِاسْمُ الزَّلْزَال. وزَلْزَلَ اللهُ الأَرْضَ زَلْزَلَةً وزِلْزالًا، بِالْكَسْرِ، فَتَزَلْزَلَتْ هِيَ. وَقَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها
؛ الْمَعْنَى إِذا حُرِّكَت
__________
(1) . أورده الزمخشري في الأساس: كَأَنَّ جُلُودَهُنَّ مُمَوَّهَاتٌ عَلَى أبشارها ذهباً زلالا ثم قال أي مشربات ماء ذهب صاف انتهى. فجعل الخبر مموهات ونصب ذهباً على المفعولية(11/307)
حَرَكَةً شَدِيدَةً، وَالْقِرَاءَةُ زِلْزَالَها، بِكَسْرِ الزَّايِ، وَيَجُوزُ فِي الْكَلَامِ زَلْزَالَها، قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلال، بِفَتْحِ الْفَاءِ، إِلَّا فِي الْمُضَاعَفِ نحو الصَّلْصال والزَّلْزَال، قال: والزِّلْزَال، بالكسر، المصدر، والزَّلزَال، بِالْفَتْحِ، الِاسْمُ، وَكَذَلِكَ الوِسواس الْمَصْدَرُ، والوَسْواس الِاسْمُ. قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ: أَصابت القومَ زَلْزَلةٌ، قَالَ: الزَّلْزَلة التَّخْوِيفُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ
؛ أَي خُوِّفوا وحُذِّروا. والزَّلازِل: الشَّدَائِدُ. والزَّلازِل: الأَهوال؛ قَالَ عِمْرانُ بْنُ حِطّان:
فَقَدْ أَظَلَّتك أَيام لَهَا خمسٌ، ... فِيهَا الزَّلازِلُ والأَهوالُ والوَهَلُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الزَّلْزَلَة مأْخوذة مِنَ الزَّلَل فِي الرأْي، فإِذا قِيلَ زُلْزِلَ القومُ فَمَعْنَاهُ صُرِفوا عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وأُوقِع فِي قُلُوبِهِمُ الخوفُ والحَذَر. وأُزِلَّ الرَّجُلُ فِي رأَيه حَتَّى زَلَّ، وأُزِيلَ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى زَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ اهْزِم الأَحزاب وزَلْزِلْهم
؛ الزَّلْزَلَة فِي الأَصل: الْحَرَكَةُ الْعَظِيمَةُ والإِزعاج الشَّدِيدُ؛ وَمِنْهُ زَلْزَلَة الأَرض، وَهُوَ هَاهُنَا كِنَايَةٌ عَنِ التَّخْوِيفِ وَالتَّحْذِيرِ، أَي اجْعَلْ أَمرهم مُضْطَرِبًا مُتَقَلْقِلًا غَيْرَ ثَابِتٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: لَا دَقَّ وَلَا زَلْزَلة فِي الكَيْل
أَي لَا يُحَرَّك مَا فِيهِ ويُهَزُّ لينضمَّ وَيَسَعَ أَكثر مِمَّا فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: حَتَّى يَخْرج مِنْ حَلَمة ثَدْيَيْهِ يَتَزَلْزَلُ.
وإِزِلْزِلْ: كلمةٌ تُقَالُ عِنْدَ الزَّلْزَلة؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَنْبَغِي أَن تَكُونَ مِنْ مَعْنَاهَا وَقَرِيبًا مِنْ لَفْظِهَا فَلَا تَكُونُ مِنْ حُرُوفِ الزَّلْزَلة، قَالَ: وإِنما حَكَمْنَا بِذَلِكَ لأَنها لَوْ كَانَتْ مِنْهَا لَكَانَتْ. «2» .... فَهُوَ أَنه مِثَالٌ فَائِتٌ فِيهِ بَلِيَّة مِنْ جِهَةٍ أُخرى، وَذَلِكَ أَن بَنَاتَ الأَربعة لَا تُدْرِكُهَا الزِّيَادَةُ مِنْ أَولها إِلَّا فِي الأَسماء الْجَارِيَةِ عَلَى أَسمائها نَحْوَ مُدَحْرج، وَلَيْسَ إِزِلْزِل مِنْ ذَلِكَ، فَيَجِبُ أَن يَكُونَ مِنْ لَفْظِ الأَزْل وَمَعْنَاهُ، ومثالُه فِعِلْعِل. وتَزَلْزَلت نفسُه: رَجَعَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ فِي صَدْرِهِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَقَالُوا: تَرَكْناهُ تَزَلْزَلُ نفسُه، ... وَقَدْ أَسْنَدوني، أَو كَذَا غيرَ سانِدِ
كَذَا مَنْصُوبَةُ الْمَوْضِعِ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ قَدْ أَسندوني أَو تَرَكُونِي كَذَا مُضْجَعاً، وأَكثر مَا تَحْذِفُ الْعَرَبُ أَحد الْفِعْلَيْنِ لِصَاحِبِهِ إِذا كَانَا مُتَّفِقَيْنِ نَحْوَ ضَرَبْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا أَي وَضَرَبْتُ عَمْرًا، وَحُذِفَ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الأَول لَفْظًا وَمَعْنًى، فَقَدْ يَجُوزُ حَذْفُ أَحد الْفِعْلَيْنِ لِصَاحِبِهِ وإِن كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ، فَمِنْ ذَلِكَ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي نَحْنُ بصَدَده، وَهُوَ قَوْلُهُ أَسندوني أَو تَرَكُونِي، فَحَذَفَ تَرَكُونِي وإِن كَانَ مُخَالِفًا لأَسندوني، وَذَلِكَ أَن الشَّيْءَ يَجْرِي مَجْرَى نَقِيضِهِ، كَمَا يَجْرِي مَجْرَى نَظِيرِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ طَوِيل كَمَا قَالُوا قصِير، وَقَالُوا ظَمْآن كَمَا قَالُوا رَيّان، وَقَالُوا كَثُرَ مَا تقولنَّ كَمَا قَالُوا قَلَّما تقولنَّ، وَنَحْوُهُ كَثِيرٌ، وإِذا ثَبَتَ هَذَا فِي الْمُخْتَلَفِ كَانَ حُكْمًا يُرْجَع إِليه فِي الْمُتَّفَقِ. وَيُقَالُ: تَرَكْت القومَ فِي زُلْزُولٍ وعُلْعُولٍ أَي فِي قِتَالٍ؛ قَالَ شَمِر: وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو سَعِيدٍ. والأَزَلُّ: الْخَفِيفُ الوَرِكَين. والأَزَلُّ الأَرْسَح، وَقِيلَ: هُوَ أَشد مِنْهُ لَا يَسْتَمْسِك إِزارُه، والأُنثى زَلّاء. وَقَدْ زَلَّ زَلَلًا. وامرأَة زَلّاء: لَا عَجِيزَة لَهَا أَي رَسْحاء بَيِّنة الزَّلل؛ وَقَالَ:
لَيْسَتْ بكَرْواءَ وَلَكِنْ خِدْلِمِ، ... وَلَا بِزَلّاءَ ولكنْ سُتْهُمِ،
__________
(2) . هنا بياض بالأَصل(11/308)
وَلَا بِكَحْلاءَ، وَلَكِنْ زُرْقُمِ
وسِمْعٌ أَزَلُّ: بَيْنَ الضَّبُع وَالذِّئْبِ؛ قَالَ:
مُسْبِلٌ فِي الحَيِّ أَحْوَى رِفَلُّ، ... وإِذا يَغْزُو فسِمْعٌ أَزَلُ
الْجَوْهَرِيُّ: والسِّمْعُ الأَزَلُّ الذِّئْبُ الأَرْسَح يَتَوَلَّدُ بَيْنَ الذِّئْبِ والضَّبُع، وَهَذِهِ الصِّفَةُ لَازِمَةٌ لَهُ كَمَا يُقَالُ الضَّبْع العَرْجاء. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَسْمَعُ مِنَ الذِّئب الأَزَلّ، وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام، كَتَبَ إِلى ابْنِ عَبَّاسٍ: اخْتَطَفْتَ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ أَموال الأُمَّة اخْتِطافَ الذِّئب الأَزَلِّ دامِيَةَ المِعْزَى
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَزَلُّ فِي الأَصل الصَّغِيرُ العَجُز، وَهُوَ فِي صِفَاتِ الذِّئْبِ الْخَفِيفُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ زَلَّ زَلِيلًا إِذا عَدَا، وخَصَّ الداميةَ لأَن مِنْ طَبْعِ الذِّئْبِ مَحَبَّة الدَّمِ حَتَّى إِنه يَرَى ذِئْبًا دَامِيًا فيَثِب عَلَيْهِ ليأْكله. التَّهْذِيبِ: والزَّلَل مَصْدَرُ الأَزَلّ مِنَ الذِّئَابِ وَغَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ الزُّلُّ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَعَادِيَةٍ سَوْمَ الجَراد وَزَعْتها، ... فكَلَّفتها سِيداً أَزَلَّ مُصَدَّرا
قَالَ: لَمْ يَعْنِ بالأَزَلِّ الأَرْسَح وَلَا هُوَ مِنْ صِفَةِ الْفَرَسِ، وَلَكِنَّهُ أَراد يَزِلُّ زَلِيلًا خَفِيفًا؛ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الأَعرابي فِيمَا رَوَى ثَعْلَبٌ لَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ هُوَ نَعْتٌ لِلذِّئْبِ، جَعَلَهُ أَزَلَّ لأَنه أَحق لَهُ شَبَّه بِهِ الْفَرَسَ ثُمَّ نَعَتَه. ابْنُ الأَعرابي: زُلَّ إِذا دُقِّقَ، وزَلَّ إِذا أَخطأَ. الْفَرَّاءُ: الزِّلَّة الحجارة المُلْس.
زمل: زَمَلَ يَزْمِل ويَزْمُلُ زِمَالًا: عَدَا وأَسْرَعَ مُعْتَمِداً فِي أَحد شِقَّيْه رَافِعًا جَنْبَهُ الْآخَرَ، وكأَنه يَعْتَمِدُ عَلَى رِجْل وَاحِدَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ بِذَلِكَ تَمَكُّنُ المعتمِد عَلَى رِجْلَيْهِ جَمِيعًا. والزِّمَال: ظَلْع يُصِيبُ الْبَعِيرَ. والزَّامِل مِنَ الدَّوَابِّ: الَّذِي كأَنه يَظْلَع فِي سَيْره مِنْ نَشَاطِهِ، زَمَلَ يَزْمُلُ زَمْلًا وزَمَالًا وزَمَلاناً، وَهُوَ الأَزْمَل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
راحَتْ يُقَحِّمُها ذُو أَزْمَلٍ، وُسِقَتْ ... لَهُ الفَرائشُ والسُّلبُ القَيادِيدُ
وَالدَّابَّةُ تَزْمُل فِي مَشْيِهَا وعَدْوِها زَمَالًا إِذا رأَيتها تَتَحَامَلُ عَلَى يَدَيْهَا بَغْياً ونَشاطاً؛ وأَنشد:
تَرَاهُ فِي إِحْدى اليَدَيْن زَامِلا
الأَصمعي: الأَزْمَل الصَّوْتُ، وَجَمْعُهُ الأَزَامِل؛ وأَنشد الأَخفش:
تَضِبُّ لِثاتُ الخَيْل فِي حَجَراتها، ... وتَسْمَع مِنْ تَحْتِ العَجاج لَهَا ازْمَلا
يُرِيدُ أَزْمَل، فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ كَمَا قَالُوا وَيْلُمِّه. والأَزْمَل: كُلُّ صَوْتٍ مُخْتَلِطٍ. والأَزْمَلُ: الصَّوْتُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ قُنْب الدَّابَّةِ، وَهُوَ وِعاء جُرْدانه، قَالَ: وَلَا فِعْلَ لَهُ. وأَزْمَلَةُ القِسِيِّ: رَنِينُها؛ قَالَ:
وللقِسِيِّ أَهازِيجٌ وأَزْمَلَةٌ، ... حِسّ الجَنوب تَسوق الْمَاءَ والبَرَدا
والأُزْمُولَة والإِزْمَوْلة: المُصَوِّت مِنَ الوُعول وَغَيْرِهَا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ وَعِلًا مُسِنًّا:
عَوْداً أَحَمَّ القَرا أُزْمُولةً وَقِلًا، ... عَلَى تُراث أَبيه يَتْبَع القُذَفا
والأَصمعي يَرْوِيهِ: إِزْمَوْلة، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ فِي الأَبنية؛ والقُذَف: جُمَعُ(11/309)
قُذْفة مِثْلُ غُرْفة وغُرَف. وَيُقَالُ: هُوَ إِزْمَوْل وإِزْمَوْلة، بِكَسْرِ الأَلف وَفَتْحِ الْمِيمِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِن قُلْتُ مَا تَقُولُ فِي إِزْمَوْل أَمُلْحَق هُوَ أَم غَيْرُ مُلْحق، وَفِيهِ كَمَا تَرَى مَعَ الْهَمْزَةِ الزَّائِدَةِ الواوُ زَائِدَةٌ، قِيلَ: هُوَ مُلْحَق بِبَابِ جِرْدَحْلٍ، وَذَلِكَ أَن الْوَاوَ الَّتِي فِيهِ لَيْسَتْ مَدًّا لأَنها مَفْتُوحٌ مَا قَبْلَهَا، فَشَابَهَتِ الأُصول بِذَلِكَ فأُلْحِقت بِهَا، وَالْقَوْلُ فِي إِدْرَوْنٍ كَالْقَوْلِ فِي إِزمَوْلٍ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الأُزْمُولة مِنَ الأَوعال الَّذِي إِذا عَدا زَمَل فِي أَحد شِقَّيه، مِنْ زَمَلَتِ الدابةُ إِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَهْوَ سَحَّاجٌ مُدِلٌّ سَنِقٌ، ... لَاحِقُ الْبَطْنِ، إِذا يَعْدُو زَمَل
الْفَرَّاءُ: فَرَسٌ أُزْمُولة أَو قَالَ إِزْمَولة إِذا انْشَمَرَ فِي عَدْوِه وأَسْرَع. وَيُقَالُ للوَعِل أَيضاً أُزْمُولَة فِي سُرْعَتِهِ، وأَنشد بَيْتَ ابْنِ مُقْبِلٍ أَيضاً، وفَسَّره فَقَالَ: القُذَفُ القُحَمُ والمَهالِكُ يُرِيدُ المَفاوِز، وَقِيلَ: أَراد قُذَف الْجِبَالِ، قَالَ: وَهُوَ أَجود. والزَّامِلة: البَعير الذي يُحْمَل عليه الطعامُ وَالْمَتَاعُ. ابْنُ سِيدَهْ: الزَّامِلَة الدَّابَّةُ الَّتِي يُحْمَل عَلَيْهَا مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا. والزَّوْمَلة واللَّطِيمة: العِيرُ الَّتِي عَلَيْهَا أَحمالها، فأَما العِيرُ فَهِيَ مَا كَانَ عَلَيْهَا أَحمالُها وَمَا لَمْ يَكُنْ، وَيُقَالُ للإِبِل اللَّطِيمة والعِير والزَّوْمَلة؛ وَقَوْلُ بَعْضِ لُصوص الْعَرَبِ:
أَشْكُو إِلى اللَّهِ صَبْري عَنْ زَوامِلِهم، ... وَمَا أُلاقي، إِذا مَرُّوا، مِنَ الحَزَن
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ زَاملة. والزِّمْلَة، بِالْكَسْرِ: مَا التفَّ مِنَ الجَبَّار والصَّوْرِ مِنَ الوَدِيِّ وَمَا فَاتَ اليدَ مِنَ الفَسِيل؛ كُلُّه عَنِ الهَجَري. والزَّمِيل: الرَّدِيف عَلَى الْبَعِيرِ الَّذِي يُحْمَل عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالْمَتَاعُ، وَقِيلَ: الزَّمِيل الرَّدِيف عَلَى الْبَعِيرِ، والرَّدِيف عَلَى الدَّابَّةِ يَتَكَلَّمُ بِهِ الْعَرَبُ. وزَمَلَه يَزْمُلُه زَمْلًا: أَردفه وعادَلَه؛ وَقِيلَ: إِذا عَمِل الرَّجُلَانِ عَلَى بَعِيرَيْهِمَا فهُما زَمِيلانِ، فإِذا كَانَا بِلَا عَمَلٍ فَهُمَا رَفِيقان. ابْنُ دُرَيْدٍ: زَمَلْتُ الرَّجلَ عَلَى الْبَعِيرِ فَهُوَ زَمِيلٌ ومَزْمُول إِذا أَردفته. والمُزامَلة: المُعادَلة عَلَى الْبَعِيرِ، وزَامَلْته: عَادَلْتَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَشى عَلَى زَمِيل
؛ الزَّمِيل: العَدِيل الَّذِي حِمْلُه مَعَ حِمْلك عَلَى الْبَعِيرِ. وزامَلني: عادَلَني. والزَّمِيل أَيضاً: الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ الَّذِي يُعِينُكَ عَلَى أُمورك، وَهُوَ الرَّدِيف أَيضاً؛ وَمِنْهُ قِيلَ الأَزَامِيل للقِسِيِّ، وَهُوَ جَمْعُ الأَزْمَل، وَهُوَ الصَّوْتُ، وَالْيَاءُ للإِشباع. وَفِي الْحَدِيثِ:
للقِسِيّ أَزَامِيل وغَمْغَمة
، والغَمْغَمة: كَلَامٌ غَيْرُ بَيِّن. والزَّامِلَة: بَعِيرٌ يَسْتَظْهِر بِهِ الرجلُ يَحْمِل عَلَيْهِ مَتَاعُهُ وَطَعَامُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وهَجا مَرْوانُ بنُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبي حَفْصة قَوْمًا مِنْ رُواة الشِّعر فَقَالَ:
زَوَامِل للأَشعار، لَا عِلْم عِنْدِهِمْ ... بجَيِّدها إِلا كعِلْم الأَباعر
لعَمْرُك مَا يَدْري البعيرُ، إِذا غَدَا ... بأَوساقِه أَو رَاحَ، مَا فِي الغَرائر
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ رَواحَة: أَنه غَزَا مَعَهُ ابْنُ أَخيه عَلَى زَامِلَة
؛ هُوَ الْبَعِيرُ الَّذِي يُحْمَل عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالْمَتَاعُ كأَنَّها فاعِلة مِنَ الزَّمْل الحَمْلِ. وَفِي حَدِيثِ(11/310)
أَسماء: كَانَتْ زِمالة رَسُولِ الله، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وزِمالة أَبي بَكْرٍ وَاحِدَةً
أَي مَركوبهما وإِداوتُهما وَمَا كَانَ مَعَهُمَا فِي السَّفَرِ. والزَّامِل مِنْ حُمُر الْوَحْشِ: الَّذِي كأَنه يَظْلَع مِنْ نَشاطه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَزْمُل غيرَه أَي يَتْبَعه. وزَمَّلَ الشيءَ: أَخفاه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يُزَمِّلون حَنينَ الضِّغْن بَيْنَهُم، ... والضِّغْن أَسْودُ، أَو فِي وَجْهه كَلَف
وزَمَّلَه فِي ثَوْبِهِ أَي لَفَّه. والتَّزَمُّل: التلفُّف بِالثَّوْبِ، وَقَدْ تَزَمَّل بِالثَّوْبِ وَبِثِيَابِهِ أَي تَدَثَّر، وزَمَّلْته بِهِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَنَّ أَباناً، فِي أَفانين وَدْقِه، ... كَبِيرُ أُناسٍ فِي بِجادٍ مُزَمَّل
وأَراد مُزَمَّل فِيهِ أَو بِهِ ثُمَّ حَذَفَ الجارَّ فَارْتَفَعَ الضَّمِيرُ فَاسْتَتَرَ فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ
؛ قال أَبو إِسحق: المُزَّمِّل أَصله المُتَزَمِّل وَالتَّاءُ تُدْغَمُ فِي الزَّايِ لِقُرْبِهَا مِنْهَا، يُقَالُ: تَزَمَّل فُلَانٌ إِذا تَلَفَّف بِثِيَابِهِ. وَكُلُّ شَيْءٍ لُفِّف فَقَدْ زُمِّلَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ للِفافة الراوية زِمَالٌ، وَجَمْعُهُ زُمُلٌ، وَثَلَاثَةُ أَزْمِلةٍ. وَرَجُلٌ زُمَّالٌ وزُمَّيْلَة وزِمْيَلٌّ إِذا كَانَ ضَعِيفًا فَسْلًا، وَهُوَ الزَّمِل أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
قَتْلى أُحُد: زَمِّلوهم بِثِيَابِهِمْ
أَي لُفُّوهم فِيهَا، وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ:
فإِذا رَجُلٌ مُزَمَّل بَيْنَ ظَهْرانَيْهم
أَي مُغَطًّى مُدَثَّر، يَعْنِي سَعْدَ بْنَ عُبَادة. والزِّمْل: الكَسْلان. والزُّمَل والزُّمَّل والزُّمَّيْلُ والزُّمَيْلَة والزُّمَّال: بِمَعْنَى الضَّعِيفِ الجَبان الرَّذْل؛ قَالَ أُحَيْحة:
وَلَا وأَبيك مَا يُغْني غَنائي، ... مِنَ الفِتْيانِ، زُمَّيْلٌ كَسُولُ
وَقَالَتْ أُمّ تأَبَّط شَرًّا: وَا ابْنَاهُ وَا ابْنَ اللَّيْل، لَيْسَ بزُمَّيْل، شَرُوبٌ للقَيْل، يَضْرب بالذَّيْل، كمُقْرَب الخَيْل. والزُّمَّيْلة: الضَّعِيفَةُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: غَلَب عَلَى الزُّمَّل الْجَمْعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ لأَن مُؤَنَّثَهُ مِمَّا تَدْخُلُهُ الْهَاءُ. والزِّمْل: الحِمْل. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: لَئِن فَقَدْتموني لتَفْقِدُنَّ زِمْلًا عظيماً
؛ الزِّمْل: الحِمْل، يريد حِمْلًا عَظِيمًا مِنَ الْعِلْمِ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ زُمَّل، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ خطأٌ. أَبو زَيْدٍ: الزُّمْلة الرُّفْقة؛ وأَنشد:
لَمْ يَمْرِها حالبٌ يَوْمًا، وَلَا نُتِجَتْ ... سَقْباً، وَلَا ساقَها فِي زُمْلةٍ حَادِي
النَّضْرُ: الزَّوْمَلة مِثْلُ الرُّفْقة. والإِزْمِيل: شَفْرة الحَذَّاء؛ قَالَ عَبْدة بْنُ الطَّبِيبِ:
عَيْرانة يَنْتَحِي فِي الأَرض مَنْسِمُها، ... كَمَا انْتَحَى فِي أَدِيم الصِّرْف إِزْمِيلُ
ورجل إِزْمِيلٌ: شديد الأَكل، شَبَّهَ بالشَّفْرة، قَالَ طَرَفَةُ:
تَقُدُّ أَجوازَ الفَلاة، كَمَا ... قُدَّ بإِزْمِيل الْمَعِينِ حَوَر
والحَوَر: أَديمٌ أَحمر، والإِزْمِيل: حَدِيدَةٌ كَالْهِلَالِ تُجْعَلُ فِي طَرَفِ رُمح لِصَيْدِ بَقَرِ الْوَحْشِ، وَقِيلَ: الإِزْمِيل المِطْرَقة. ورَجُلٌ إِزْمِيلٌ: شَدِيدٌ؛ قَالَ:
وَلَا بِغُسّ عَنِيد الفُحْشِ إِزْمِيل(11/311)
وأَخذ الشَّيْءَ بزَمَلته وأَزْمَله وأَزْمُله وأَزْمَلته أَي بأَثاثه. وتَرَك زَمَلَة وأَزْمَلة وأَزْمَلًا أَي عِيَالًا. ابْنُ الأَعرابي: خَلَّف فُلَانٌ أَزْمَلَة مِنْ عِيال؛ وأَنشد
نَسَّى غُلامَيْك طِلابَ العِشْق ... زَوْمَلةٌ، ذَاتُ عَبَاء بُرْق
وَيُقَالُ: عِيَالات أَزْمَلَة أَي كَثِيرَةٌ. أَبو زَيْدٍ: خَرَجَ فُلَانٌ وخَلَّف أَزْمَلَة وَخَرَجَ بأَزْمَلَة إِذا خَرَج بأَهله وإِبله وَغَنَمِهِ وَلَمْ يُخَلِّف مِنْ مَالِهِ شَيْئًا. وأَخذ الشَّيْءَ بأَزْمَلَه أَي كُلَّه. وازْدَمَل فُلَانٌ الحِمْل إِذا حَمَله، والازْدِمَال: احْتِمَالُ الشَّيْءِ كُلِّه بمَرَّة وَاحِدَةٍ. وازْدَمَل الشيءَ: احْتَمَلَهُ مَرَّة وَاحِدَةً. والزِّمْل عِنْدَ الْعَرَبِ: الحِمْل، وازْدَمَلَ افْتَعَلَ مِنْهُ، أَصله ازْتَمله، فَلَمَّا جَاءَتِ التَّاءُ بَعْدَ الزَّايِ جُعِلَتْ دَالًا. والزَّمَل: الرَّجَز؛ قَالَ:
لَا يُغْلب النازعُ مَا دَامَ الزَّمَل، ... إِذا أَكَبَّ صامِتاً فَقَدْ حَمَل
يَقُولُ: مَا دَامَ يَرْجُز فَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى السَّعْيِ، فإِذا سَكَتَ ذَهَبَتْ قُوَّتُهُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَكَذَا رُوِّينَاهُ عَنْ أَبي عَمْرٍو الزَّمَل، بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ الرَّمَل، بِالرَّاءِ أَيضاً غَيْرَ مُعْجَمَةٍ، قَالَ: وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صِحَّةٌ فِي طَرِيقِ الِاشْتِقَاقِ، لأَن الزَّمَل الخِفَّة والسُّرْعة، وَكَذَلِكَ الرَّمَل بِالرَّاءِ أَيضاً، أَلا تَرَى أَنه يُقَالُ زَمَلَ يَزْمُل زِمَالًا إِذا عَدَا وأَسرع مُعْتَمِدًا عَلَى أَحد شِقَّيه، كأَنه يَعْتَمِدُ عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ تَمَكُّنُ الْمُعْتَمِدِ عَلَى رِجْليه جَمِيعًا. والزِّمَال: مَشْيٌ فِيهِ مَيْلٌ إِلى أَحد الشِّقَّين، وَقِيلَ: هُوَ التَّحَامُلُ عَلَى الْيَدَيْنِ نَشَاطًا؛ قَالَ مُتَمَّم بْنُ نُوَيْرة:
فَهْيَ زَلُوجٌ ويَعْدُو خَلْفَها رَبِذٌ ... فِيهِ زِمَالٌ، وَفِي أَرساغه جَرَدُ
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الْعَالِمِ بالأَمر هُوَ ابْنُ زَوْمَلتها أَي عالِمُها. قَالَ: وَابْنُ زَوْمَلة أَيضاً ابْنُ الأَمَة. وزَامل وزَمْلٌ وزُمَيْل: أَسماء، وَقَدْ قِيلَ إِن زَمْلًا وزُمَيْلًا هُوَ قَاتِلُ ابْنِ دَارَةَ وإِنهما جَمِيعًا اسْمَانِ لَهُ. وزُمَيْل بْنُ أُمِّ دِينَارٍ: مِنْ شُعَرَائِهِمْ. وزَوْمَل: اسْمُ رَجُلٍ، وَقِيلَ اسْمُ امرأَة أَيضاً. وزَامِلٌ: فَرَسُ معاوية بن مِرْداس.
زمهل: مَاءٌ مُزْمَهِلٌّ: صافٍ. الأَزهري: يُقَالُ ازْمَهَلَّ المطرُ ازْمِهْلالًا إِذا وَقَعَ. وازْمَهَلَّ الثلجُ إِذا سَالَ بَعْدَ ذَوَبانه.
زنبل: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ: زَنْبَل اسْمٌ، وَهُوَ القَصِير مِنَ الرِّجَالِ. والزَّنْبِيل والزِّنْبِيْل: لغة في الزَّبِيل.
زنجل: الأُموي وابن الأَعرابي: الزِّنْجِيل الضَّعيف، بِالنُّونِ، وقال الفراء: الزِّئجِيل مَهْمُوزٌ، وَهُوَ الزُّؤَاجِل. والزِّنْجِيل: القويُّ الضَّخْم.
زنجبيل: الزَّنْجَبِيل: مِمَّا يَنْبُتُ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ بأَرض عُمَان، وَهُوَ عُرُوقٌ تَسْرِي فِي الأَرض، وَنَبَاتُهُ شَبِيهٌ بِنَبَاتِ الرَّاسَن وَلَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ بَرِّيًّا، وَلَيْسَ بِشَجَرٍ، يُؤْكَلُ رطْباً كَمَا يُؤْكَلُ البَقْلُ، وَيُسْتَعْمَلُ يَابِسًا، وأَجوده مَا يُؤْتَى بِهِ مِنَ الزِّنْج وَبِلَادِ الصِّين، وَزَعَمَ قَوْمٌ أَن الخَمْر يُسَمَّى زَنْجَبيلًا؛ قَالَ:
وزَنْجَبِيل عاتِق مُطَيَّب
وَقِيلَ: الزَّنْجَبِيل الْعُودُ الحِرِّيف الَّذِي يَحْذِي اللِّسَانَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ فِي خَمْر الجَنَّة: كانَ(11/312)
مِزاجُها زَنْجَبِيلًا. وَالْعَرَبُ تَصِفُ الزَّنْجَبِيل بِالطِّيبِ وَهُوَ مُسْتَطَابٌ عِنْدَهُمْ جِدًّا؛ قَالَ الأَعشى يَذْكُرُ طَعْمَ رِيقِ جَارِيَةٍ:
كأَن القَرنْفُلَ والزَّنْجَبِيلَ ... بَاتَا بِفيها، وأَرْياً مَشُورا
قَالَ: فَجَائِزٌ أَن يَكُونَ الزَّنْجَبِيل فِي خَمْر الجَنَّة، وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ مِزَاجَها وَلَا غَائِلَةَ لَهُ، وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ اسْماً للعَين الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا هَذَا الخَمْر، وَاسْمُهُ السَّلْسَبِيل أَيضاً.
زندبيل: الزَّنْدَبِيل: الفِيل؛ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الفِيلُ والكُلْثُوم والزَّنْدَبِيل.
زنفل: الزَّنْفَلة: أَن يتحرَّك فِي مَشْيِهِ كأَنه مُثْقَل بِحِمْل. وزَنْفَل فِي مَشْيِهِ: تَحَرَّك كالمُثْقَل بالحِمْل. وزَنْفَلٌ: مِنْ أَسماء الْعَرَبِ، وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ، وَمِنْهُ زَنْفَلٌ العرَفيُّ أَحد فُقَهاء مَكَّةَ. وأُمُّ زَنْفَل: الداهيةُ؛ حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبي عُثْمَانَ، قَالَ: وَلَمْ أَسمعها إِلا مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: زَنْفَلَ الرجلُ إِذا رَقَصَ رَقْصَ النَّبَط.
زنكل: الزَّوَنْكَلُ: القَصِير، وَكَذَلِكَ الزَّوَنَّكُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وبَعْلُها زَوَنَّكٌ زَوَنْزَى، ... يَفْزَعُ إِن فُزِّعَ بالضَّبَغْطَى
زهل: الزَّهَل: امْلِيسَاسُ الشَّيْءِ وبياضُه، زَهِل زَهَلًا. والزُّهْلُول: الأَمْلَس مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَفِي قَصِيد كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
يَمْشِي القُرادُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يُزْلِقُه ... عَنْهَا لَبانٌ، وأَقْرابٌ زَهَالِيلُ
الأَقراب: الْخَوَاصِرُ. ابْنُ الأَعرابي: الزُّهْلُول الأَمْلَسُ الظَّهْرِ، والزَّهْل التَّبَاعُدُ مِنَ الشرِّ، والزَّاهِل الْمُطْمَئِنُّ الْقَلْبِ. وزُهْلُولٌ: جَبَلٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ الْوَزِيرُ الْمَغْرِبِيُّ أَن الزُّهْلول الحيَّة لَهَا عُرْفٌ.
زول: الزَّوَال: الذَّهاب والاسْتِحالة والاضْمِحْلال، زَالَ يَزُول زَوَالًا وزَوِيلًا وزُؤُولًا؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وبَيْضاء لَا تَنْحاشُ مِنَّا وأُمُّها، ... إِذا مَا رَأَتْنا زِيلَ مِنَّا زَوِيلُها
أَراد بِالْبَيْضَاءِ بَيْضة النَّعامة، لَا تَنْحاش مِنَّا أَي لَا تَنْفِرُ، وأُمُّها النَّعَامَةُ الَّتِي باضَتْها إِذا رأَتنا ذُعِرَت مِنَّا وجَفَلَتْ نَافِرَةً، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ زِيلَ مِنَّا زَوِيلُها. وزَالَ الشيءُ عَنْ مَكَانِهِ يَزُول زَوَالًا وأَزَالَه غَيْرُهُ وزَوَّلَه فانْزَالَ، وَمَا زَالَ يَفْعل كَذَا وَكَذَا. وَحَكَى أَبو الْخَطَّابِ: أَن نَاسًا مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُونَ كِيدَ زيدٌ يَفْعَلُ كَذَا، وَمَا زِيلَ يَفْعَلُ كَذَا؛ يُرِيدُونَ كَادَ وَزَالَ فَنَقَلُوا الْكَسْرَ إِلى الْكَافِ فِي فَعِل كَمَا نَقَلُوا فِي فَعِلْتُ. وأَزَلْتُه وزَوَّلْتُه وزِلْتُه أَزالُه وأَزِيلُه وزُلْت عَنْ مَكَانِي أَزُول زَوَالًا وزُؤُولًا وأَزَلْتُ غَيْرِي إِزَالَة؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: الزَّوْل الحَرَكة؛ يُقَالُ رأَيت شَبَحاً ثُمَّ زَالَ أَي تحَرَّك. وزَالَ القومُ عَنْ مَكَانِهِمْ إِذا حَاصُوا عَنْهُ وتَنَحَّوْا. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ اسْتَحِل هَذَا الشخصَ واسْتَزِلْه أَي انظُر هَلْ يَحول أَي يَتحَرَّك أَو يَزول أَي يُفَارِقُ مَوْضِعَهُ. والزَّوَّال: الَّذِي يتحرَّك فِي مَشْيِهِ كَثِيرًا وَمَا يَقْطَعُهُ مِنَ الْمَسَافَةِ قَلِيلٌ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
البُحْتُرِ المُجَدَّرِ الزَّوَّال(11/313)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لأَبي الأَسود الْعِجْلِيِّ، قَالَ: وَهُوَ مُغَيَّر كُلُّه «3» وَالَّذِي أَنشده أَبو عَمْرٍو:
البُهْتُرِ المُجَذَّرِ الزَّوَّاكِ
وَقَبْلَهُ:
تَعَرَّضَتْ مُرَيْئَةُ الحَيَّاكِ ... لِناشِئٍ دَمَكْمَكٍ نَيَّاكِ
والمُجَذَّر والجَيْذَرُ: القَصير. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: رأَى رَجُلًا مُبَيَّضاً يَزُول بِهِ السَّرابُ
أَي يَرْفَعُهُ ويُظهره. يُقَالُ: زَالَ بِهِ السرابُ إِذا ظَهَرَ شَخْصُه فِيهِ خَيَالًا؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعب بْنِ زُهَيْرٍ:
يَوْماً تَظَلُّ حِدابُ الأَرضِ يَرْفَعُها، ... مِنَ اللَّوامِعِ، تَخْلِيطٌ وتَزْيِيلُ
يُرِيدُ أَن لَوامِعَ السَّراب تَبْدو دُون حِدابِ الأَرض فَتَرْفَعُهَا تَارَةً وتَخْفِضها أُخرى. والزَّوْلُ: الزَّوَلانُ. وزَالَ المُلْكُ زَوَالًا، وزَالَ زَوالُه إِذا دُعِي لَهُ بالإِقامة، وأَزَالَ اللهُ زَوَالَه. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ أَزَالَ اللهُ زوالَه وزَالَ اللهُ زَوَالَه يَدْعُو لَهُ بِالْهَلَاكِ وَالْبَلَاءِ؛ هَكَذَا قَالَ، وَالصَّوَابُ يَدْعُو عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
هَذا النَّهارَ بَدَا لَهَا منْ هَمِّها، ... مَا بالُها باللَّيل زَالَ زَوالَها؟
قِيلَ: مَعْنَاهُ زَالَ الخَيالُ زَوالَها؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وإِنما كَرِه الخيالَ لأَنه يَهِيج شَوْقَه وَقَدْ يَكُونُ عَلَى اللُّغَةِ الأَخيرة أَي أَزالَ اللهُ زَوالَها، ويقوِّي ذَلِكَ رِوَايَةُ أَبي عَمْرٍو إِياه بِالرَّفْعِ: زَالَ زَوَالُها، عَلَى الإِقواء؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: هَذَا مَثَلٌ لِلْعَرَبِ قَدِيمٌ تَسْتَعْمِلُهُ هَكَذَا بِالرَّفْعِ فَسَمِعَهُ الأَعشى فَجَاءَ بِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، والأَمثال تُؤَدَّى عَلَى مَا فَرَط بِهِ أَولُ أَحوال وُقُوعِهَا كَقَوْلِهِمْ: أَطِّرِي إِنَّكِ ناعِلة، والصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ، وأَطْرِقْ كَرَا، وأَصْبِحْ نَوْمانُ، يُؤَدَّى ذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي أُنشئ فِي مَبْدَئِهِ عَلَيْهَا، وَغَيْرُ أَبي عَمْرٍو رَوَى هَذَا المثَل بِالنَّصْبِ بِغَيْرِ إِقواء، عَلَى مَعْنَى زَالَ عنَّا طَيْفُها بِاللَّيْلِ كزَوَالها هِيَ بِالنَّهَارِ؛ وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: زَالَ زَوَالَها أَي أَزَالَ اللهُ زَوَالَها أَي زَالَ خَيالُها حِينَ تَزُول، فَنَصَبَ زوالَها فِي قَوْلِهِ عَلَى الْوَقْتِ ومَذْهَب المَحَلِّ. وَيُقَالُ: رُكوبي رُكوبَ الأَمير، والمَصادِرُ المؤَقَّتة تَجْرِي مَجْرَى الأَوقات. وَيُقَالُ: أَلْقى عَبْدَ اللَّهِ خُروجَه مِنْ مَنْزِلِهِ أَي حينَ خُرُوجِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَزَالَه عَنْ مَكَانِهِ يُزِيله، وَحُكِيَ زِيلَ زَوالُه، وَيُقَالُ: زَالَ الشيءَ مِنَ الشَّيْءِ يَزِيله زَيْلًا إِذا مازَه، وزِلْتُه فَلَمْ يَنْزَلْ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا يُحَقِّقُ مَا قَالَهُ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِ زَالَ زَوَالَها أَنَّهُ بِمَعْنَى أَزَالَ اللهُ زَوَالَها. والازْدِيالُ: الإِزالة، وَقَالَ كُثَيِّرٌ:
أَحاطَتْ يَداه بالخِلافة، بَعْدَ ما ... أَرادَ رِجالٌ آخَرُونَ ازْدِيالَها
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ؛ فَسَّره ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ نحَّاهما عَنْ مَوْضِعهما. والزَّوَائل: النُّجُومُ لِزَوَالِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ إِلى الْمَغْرِبِ فِي اسْتِدَارَتِهَا. والزَّوَال: زَوالُ الشَّمْسِ وزَوالُ المُلْكِ ونحوِ ذَلِكَ مِمَّا يَزُول عَنْ حَالِهِ. وزَالَتِ الشمسُ زَوَالًا وزُوُولًا، بِغَيْرِ هَمْزٍ، كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ ثَعْلَبٌ، وزِيالًا وزَوَلاناً: زَلَّتْ عن كَبِد
__________
(3) . قوله [وهو مغير كله] عبارة الصاغاني في التكملة عن الجوهري: البحتر المجذر الزَوَّال، وهو تصحيف قبيح، والصواب: الزوّاك، بالكاف والرجز كافيّ(11/314)
السَّمَاءِ. وزَالَ النهارُ: ارْتَفَعَ، مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
جُنْدب الجُهَنِيِّ: وَاللَّهِ لَقَدْ خالَطَه سَهْمايَ وَلَوْ كَانَ زَائِلةً لتَحَرَّك
؛ الزَّائِلَة: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ يَزُول عَنْ مَكَانِهِ، وَلَا يستَقِرُّ فِي مَكَانِهِ، يَقَعُ عَلَى الإِنسان وَغَيْرِهِ، وكأَن هَذَا المَرْمِيّ قَدْ سَكَّن نفسَه لَا يَتَحرَّك لِئَلَّا يُحَسَّ بِهِ فيُجْهَز عَلَيْهِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وكُنْتُ امْرَأً أَرْمِي الزَّوَائِلَ مَرَّةً، ... فأَصْبَحْتُ قَدْ وَدَّعْتُ رَمْيَ الزَّوَائِل
وعَطَّلْتُ قَوْسَ الجَهْلِ عَنْ شَرَعاتِها، ... وعادَتْ سِهامي بَيْنَ رَثٍّ وناصِل
وَهَذَا رَجُلٌ كَانَ يَخْتِل النِّسَاءَ فِي شَبِيبته بِحُسْنِهِ، فَلَمَّا شابَ وأَسَنَّ لَمْ تَصْبُ إِليه امرأَة، والشَّرَعاتُ: الأَوتار، وَاحِدَتُهَا شَرْعَة؛ وَفِي قصِيد كَعْبٍ:
فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيشٍ قَالَ قائِلُهم، ... ببَطْنِ مَكَّة لَمَّا أَسْلَموا: زُولوا
أَي انْتَقِلوا عَنْ مَكَّة مُهاجِرِين إِلى المدينةِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَرْمِي الزَّوَائِل إِذا كَانَ طَبًّا بإِصْباء النِّسَاءِ إِليه. والزَّوَائِل: الصَّيْد. وازْدَالَ: رَمَى الزَّوائل. والزَّوَائِل: النِّسَاءُ عَلَى التَّشْبِيهِ بالوَحْش؛ قَالَ:
فأَصْبَحْتُ قَدْ وَدَّعْتُ رَمْيَ الزَّوَائِل
وزَالَتِ الخيلُ برُكْبانِها زِيالًا: نَهَضَتْ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
كأَنّ رَحْلي، وَقَدْ زَالَ النَّهارُ بِنَا ... يَوْمَ الحُلَيْلِ، عَلَى مُسْتَأْنسٍ وَحِدِ «1»
. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ذَهَبَ وتمَطَّى؛ وَقِيلَ بَرِحَ كَقَوْلِهِ:
عَهْدِي بِهِمْ يومَ بَابِ الْقَرْيَتَيْنِ، وَقَدْ ... زَالَ الهَمَالِيجُ بالفُرْسانِ واللُّجُمِ
وزَالَ الظِّلُّ زَوَالًا كزَوال الشَّمْسِ، غَيْرَ أَنهم لَمْ يَقُولوا زُوُولًا كَمَا قَالُوا فِي الشَّمْسِ. وزَالَ زَائِلُ الظِّل إِذا قامَ قائمُ الظَّهِيرَةِ وعَقَلَ. وزَالَ عَنِ الرأْي يَزُولُ زُؤُولًا؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وزَالَتْ ظُعُنُهُم زَيْلُولةً إِذا ائْتَوَوْا مَكَانَهُمْ ثُمَّ بَدا لَهُمْ؛ عَنْهُ أَيضاً. وَقَالُوا: لَمَّا رَآنِي زَالَ زَوالُه وزَوِيلُه مِنَ الذُّعْر والفَرَق أَي جَانِبُه، وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّة، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ لأَيوب بْنِ عَبابة:
ويَأْمَنُ رُعْيانُها أَن يَزُولَ ... مِنْهَا، إِذا أَغْفَلُوها، الزَّوِيل
وَيُقَالُ: أَخَذَه الزَّوِيلُ والعَوِيلُ لأَمْرٍ مَّا أَي أَخذه الْبُكَاءُ وَالْحَرَكَةُ والقَلَق. وَيُقَالُ: زِيلَ زَوِيلُه أَي بَلَغَ مكنونَ نَفْسه. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا فَزِعَ مِنْ شَيْءٍ وحَذِرَ: زِيلَ زَوِيلُه. وَوَرَدَ فِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ: أَخَذه العَوِيلُ والزَّوِيلُ
أَي القَلَق وَالِانْزِعَاجُ بِحَيْثُ لَا يستقرُّ عَلَى الْمَكَانِ، وَهُوَ والزَّوَال بِمَعْنًى. وَفِي حَدِيثِ
أَبي جَهْلٍ: يَزُولُ فِي النَّاسِ
أَي يُكْثِر الْحَرَكَةَ وَلَا يَسْتَقِرُّ، وَيُرْوَى
يَرْفُل.
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: أَن رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا عِنْدَهُ وَكَانَ أَحَدُهما مِخْلَطاً مِزْيَلًا
؛ المِزْيَل، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الزَّايِ: الجَدِلُ فِي الْخُصُومَاتِ الَّذِي يَزُولُ مِنْ حُجَّة إِلى حجَّة، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. والمُزَاوَلة: مُعَالَجَةُ الشَّيْءِ، يُقَالُ: فُلَانٌ يُزَاوِل حَاجَةً لَهُ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ زَالَ يَزُولُ زَوْلًا وزَوَلاناً. وزَاوَلْته مُزَاوَلةً أَي عالجته
__________
(1) . قوله [يوم الحليل إلخ] كذا بالأَصل هنا بالمهملة، وفي ديوان النابغة: يوم الجَلِيلِ وتقدم في ترجمة أنس شطر قريب من هذا:
بِذِي الْجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحِدِ
وهما موضعان نص عليهما ياقوت في المعجم(11/315)
وزَاوَله: عَالَجَه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِابْنِ خَارِجَةَ:
فَوَقَفْتُ مُعْتاماً أُزَاوِلُها، ... بمُهَنَّدٍ ذِي رَوْنَقٍ عَضْب
والمُزَاوَلة: المُحَاولة والمُعَالَجة. وَقَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ عَيَّره بالجُبْن: وَاللَّهِ مَا كنتُ جَبَاناً وَلَكِنِّي زَاوَلْتُ مُلْكاً مُؤَجَّلًا وَقَالَ زُهَيْرٌ:
فبِتْنَا وُقوفاً عِنْدَ رَأْسِ جَوادِنا، ... يُزَاوِلُنا عَنْ نَفْسه ونُزَاوِلُه
وتَزَاوَلُوا: تَعَالَجُوا. وزَاوَلَه مُزَاوَلَةً وزِوالًا: حاوَلَه وطَالَبه. وكُلُّ مطالِبٍ مُحَاوِل مُزَاوِلٌ. وتَزَوَّلَه وزَوَّلَه: أَجاءه؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ. والزَّوْلُ: الخفِيف الظَّرِيف يُعْجَب مِنْ ظَرْفه، وَالْجَمْعُ أَزْوَالٌ. وزَالَ يَزُول إِذا تَظَرَّف، والأُنْثى زَوْلَة. ووَصِيفَةٌ زَوْلَة: نافِذة فِي الرَّسائل. وتَزَوَّلَ: تَنَاهَى ظَرْفُه. والزَّوْل: الغُلام الظَّريف. والزّوْل: الصَّقْر، والزَّوْلُ: فَرْجُ الرَّجُل. والزَّوْل: الشُّجَاعُ الَّذِي يَتَزايل الناسُ مِنْ شَجَاعَتِهِ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ فِي الزَّوْل لِكَثِيرِ بْنِ مُزَرِّد:
لَقَدْ أَرُوحُ بالكِرامِ الأَزْوَال، ... مُعَدِّياً لِذَاتِ لَوْثٍ شِمْلال
والزَّوْل: الجَواد. والزَّوْلَة: المرأَة البَرْزَة، وَيُقَالُ: هِيَ الفَطِنَةُ الدَّاهِية. وَفِي حَدِيثِ النِّسَاءِ:
بِزَوْلةٍ وجَلْسٍ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ الظَّرِيفة. والزَّوْل: الْخَفِيفُ الْحَرَكَاتِ. والزَّوْل: العَجَب. وزَوْلٌ أَزْوَل عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فَقَدْ صِرْت عَمًّا لها بالمَشِيبِ، ... زَوْلًا لَدَيْها، هُوَ الأَزْوَلُ
ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو السَّمْح الأَزْوَل أَن يأْتيه أَمر يَمْنَعه الفِرَار. والزَّوْل: الخَفِيف؛ وأَنشد القَزَّاز:
تَلِين وتَسْتَدْني لَهُ شَدَنِيَّةٌ، ... مَعَ الْخَائِفِ العَجْلانِ، زَوْلٌ وُثُوبُها
زيل: زِلْتُ الشيءَ مِنْ مَكَانِهِ أَزِيلُه زَيْلًا: لُغَةٌ فِي أَزَلْته؛ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ زِلْتُه زَيْلًا أَي أَزَلْته. وزِلْتُه زَيْلًا أَي مِزْتُه. ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: زَالَ الشيءَ زَيْلًا وأَزَاله إِزَالةً وإِزَالًا؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وزَيَّلَه فتَزَيَّلَ، كُلُّ ذَلِكَ: فَرَّقَه فتفَرَّق. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ
؛ وَهُوَ فَعَّلْت لأَنك تَقُولُ فِي مَصْدَرِهِ تَزْيِيلًا، قال: ولو كَانَ فَيْعَلْت لَقُلْتَ زَيَّلَةً. وَقَالَ مُرَّة: أَزَلْت الضأْنَ مِنَ المَعَز والبِيضَ مِنَ السُّود إِزَالًا وإِزَالَةً، وَكَذَلِكَ زِلْتُها أَزِيلُها زَيْلًا أَي مَيَّزْت. قَالَ الأَزهري: أَمَّا زَالَ يَزِيلُ فإِن الْفَرَّاءَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ
، قَالَ: لَيْسَتْ مِنْ زُلْت وإِنما هِيَ مَنْ زِلْتُ الشيءَ فأَنا أَزِيلُه إِذا فَرَّقْتَ ذَا مِنْ ذَا وأَبَنْتَ ذَا مِنْ ذَا، وَقَالَ فزَيَّلْنا لِكَثْرَةِ الْفِعْلِ، وَلَوْ قَلَّ لَقُلْتَ زِلْ ذَا مِنْ ذَا كَقَوْلِكَ مِزْ ذَا مِنْ ذَا، قَالَ: وقرأَ بَعْضُهُمْ
فزَايَلْنا بَيْنَهُمْ
، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِكَ لَا تُصَعِّر وَلَا تُصَاعِرْ وعاقَدَ وعَقَّد. وَقَالَ تَعَالَى: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا
؛ يَقُولُ لَوْ تَمَيَّزوا؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ لِلْكُمَيْتِ:
أَرادوا أَن تُزايِلَ خَالقاتٌ ... أَدِيمَهُمُ، يَقِسْنَ ويَفْتَرِينا
والزِّيالُ: الفِراق. والتَّزَايُل: التَّبَايُنُ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: فَزَيَّلْنا
أَي فَرّقنا وَهُوَ مِنْ زَالَ يَزُولُ وأَزَلْته أَنا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا(11/316)
غَلَطٌ مِنَ الْقُتَيْبِيِّ وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ زَالَ يَزُول وزَالَ يَزِيل كَمَا فَعَل الْفَرَّاءُ، وَكَانَ الْقُتَيْبِيُّ ذَا بَيَانٍ عَذْب وَقَدْ نَحِسَ حَظُّهُ مِنَ النَّحْوِ وَمَعْرِفَةِ مَقَايِيسِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ زِلْ ضَأْنَك مِنْ مِعْزاك، وزِلْتُه مِنْهُ فَلَمْ يَنْزَلْ، ومِزْتُه فَلَمْ يَنْمَزْ. وَتَزَيَّلَ القومُ تَزَيُّلًا وتَزْييلًا: تَفَرَّقوا؛ الأَخيرة حِجَازِيَّةٌ رَوَاهَا اللِّحْيَانِيُّ، قَالَ: وَرَبِيعَةُ تَقُولُ تَزَايَل القومُ تَزَايُلًا؛ وأَنشد لِلْمُتَلَمِّسِ:
أَحارِثُ إِنَّا لَوْ تُساطُ دِمَاؤُنَا، ... تَزَيَّلْن حَتَّى مَا يَمَسّ دَمٌ دَما
قَالَ: وَيَنْشُدُ تَزَايَلْنَ. والتَّزَايُل: التَّبايُن؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
إِلى ظُعُنٍ كالدَّوْم فِيهَا تَزايُلٌ، ... وهِزَّة أَحمالٍ لَهُنَّ وَشِيجُ
وزَايَلَهُ مُزَايَلَةً وزِيالًا: بَارَحَهُ. والمُزَايَلَة: المُفارَقة، وَمِنْهُ يُقَالُ: زَايَلَه مُزَايَلَة وزِيالًا إِذا فَارَقَهُ. والمُتَزَايِلَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تُزايِلُك بِوَجْهِهَا تَسْتره عَنْكَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وانْزَالَ عَنْهُ: زَايَلَه وفارَقه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وانْزَالَ عَنْ ذائِدها ونَصْرِه
أَي زَايَلَ الذائدَ وأَنصارَه. والزَّيَل، بِالتَّحْرِيكِ: تَباعُدُ مَا بَيْنَ الفَخِذين كالفَحَج. ورَجُل أَزْيَل الفَخِذين: مُنْفَرِجُهما مُتباعِدُهما، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن المُتباعِد مُفارِق. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه ذَكَرَ المَهْدِيَّ وأَنه يَكُونُ مِنْ وَلَدِ الحُسَين أَجْلى الجَبين أَقْنى الأَنف أَزْيَل الفخِذين أَفْلَج الثَّنايا بِفَخِذِهِ الأَيمن شامةٌ
؛ أَراد أَنه مُتَزَايِل الفَخِذين وَهُوَ الزَّيَل والتَّزَيُّل، وَالْفِعْلُ مِنْهُ زَيِلَ يَزْيَل. وأَزْيَلُ الفَخِذين أَي مُنْفَرِجُهما. التَّهْذِيبِ: يُقَالُ مَا زَالَ يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا وَلَا يَزال يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا كَقَوْلِكَ مَا انْفَكَّ وَمَا بَرِح وَمَا زِلْت أَفعل ذَاكَ، وَفِي الْمُضَارِعِ لَا يَزَال، قال: وقَلَّما يُتَكَلَّم بِهِ إِلا بِحَرْفِ النَّفْيِ، قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: لَيْسَ يُراد بِمَا زَالَ وَلَا يَزَال الفعلُ مِنْ زَالَ يَزُول إِذا انْصَرَفَ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ وزَالَ مِنْ مَكَانِهِ، وَلَكِنَّهُ يُرَادُ بِهِمَا مُلازَمةُ الشَّيْءِ والحالُ الدَّائِمَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خالِطوا الناسَ وزَايِلُوهم
أَي فارِقوهم فِي الأَفعال الَّتِي لَا تُرْضي اللهَ ورَسُولَه. وَمَا زِلْتُ أَفعله أَي مَا بَرِحْت، وَمَا زِلْت بِهِ، حَتَّى فَعَل ذلك، زِيالًا. وما زِلْت وزَيْداً حَتَّى فَعَل أَي بِزَيْدٍ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ زِلْت أَفْعَل بِمَعْنَى مَا زِلْت. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: زِلْت الشيءَ فَلَمْ يَنْزَلْ، لَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلا عَلَى هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ، يَعْنِي أَنهم لَا يَقُولُونَ زَيَّلْته فَلَمْ يَتَزَيَّل، كَمَا أَنهم لَا يَقُولُونَ أَيضاً مَيِّزْتُه فَلَمْ يَتَمَيَّز، إِنما يَقُولُونَ مِزْته فَلَمْ يَنْمَزْ. الْجَوْهَرِيُّ: زِلْت الشيءَ أَزِيلُه زَيْلًا أَي مِزْته وفَرَّقْتُه. وَيُقَالُ: أَزَالَ اللهُ زَوالَه إِذا دُعي عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ، مَعْنَاهُ أَي أَذهب اللهُ حَرَكَتَهُ وتَصَرُّفَه كَمَا يُقَالُ أَسْكَتَ اللَّهُ نامَّتَه. وَزَالَ زَوالُه أَي ذَهَبَتْ حَرَكَتُهُ، وَيُقَالُ: زِيلَ زَوِيُله؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ بَيْضَةَ النَّعَامَةِ:
وبَيْضاءَ لَا تَنْحاشُ مِنَّا وأُمُّها، ... إِذا مَا رأَتنا زِيلَ مِنَّا زَوِيلُها
أَي زِيلَ قَلْبُها مِنَ الفَزَع. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ زِيلَ فِي الْبَيْتِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مِنْ زَالَه اللهُ. والزَّوِيلُ بِمَعْنَى الزَّوال، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ زِيل لُغَةً فِي زالَ كَمَا يُقَالُ فِي كادَ كِيدَ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:(11/317)
وكِيدَ ضِباعُ القُفِّ يأْكُلْنَ جُثَّتي، ... وكِيدَ خِراشٌ، يَوْمَ ذَلِكَ، يَيْتَم
قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنه يُرْوَى زِيلَ مِنَّا زَوالُها وزالَ مِنَّا زَوِيلُها، قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ زِيلَ بِمَعْنَى زالَ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ دون المبني للمفعول.
فصل السين المهملة
سأل: سَأَلَ يَسْأَلُ سُؤَالًا وسَآلَةً ومَسْأَلةً وتَسْآلًا وسَأَلَةً «2» قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
أَسَاءَلْتَ رَسْمَ الدَّار، أَم لَمْ تُسَائِل ... عَنِ السَّكْنِ، أَم عَنْ عَهْده بالأَوائِل؟
وسَأَلْتُ أَسْأَلُ وسَلْتُ أَسَلُ، والرَّجُلانِ يَتَسَاءَلانِ ويَتَسايَلانِ، وَجَمْعُ المَسْأَلَة مَسَائِلُ بِالْهَمْزِ، فإِذا حَذَفُوا الْهَمْزَةَ قَالُوا مَسَلَةٌ. وتَسَاءَلُوا: سَأَل بعضُهم بَعْضًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَّاءَلون بِهِ والأَرحام، وقرئ: تَسائَلُونَ بِهِ
، فَمَنْ قرأَ تَسَّاءَلون فالأَصل تَتَساءَلون قُلِبَتِ التَّاءُ سِينًا لِقُرْبِ هَذِهِ مِنْ هذه ثم أُذغمت فِيهَا، قَالَ: وَمَنْ قرأَ تَسائَلُونَ
فأَصله أَيضاً تَتَساءَلون حُذِفَتِ التَّاءُ الثَّانِيَةُ كَرَاهِيَةً للإِعادة، وَمَعْنَاهُ تَطْلُبون حقوقَكم بِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا
؛ أَراد قولَ الْمَلَائِكَةِ: رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ (الْآيَةَ) ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ وَعْداً مَسْؤُولًا إِنْجازُه، يَقُولُونَ رَبَّنَا قَدْ وعَدْتَنا فأَنْجِزْ لَنَا وعدَك. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنما قَالَ سَواءً لِلسَّائِلِينَ
لأَن كُلًّا يَطْلُبُ القُوتَ ويَسْأَله، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ للسَّائِلِين لِمَنْ سَأَل في كم خُلِقَت السمواتُ والأَرضُ، فَقِيلَ خُلِقَتِ الأَرض فِي أَربعة أَيام سَوَاءً لَا زِيَادَةَ وَلَا نُقْصَانَ، جَوَابًا لِمَنْ سَأَل. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ
؛ مَعْنَاهُ سَوْفَ تُسْأَلُون عَنْ شُكْرِ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ لَكُمْ مِنَ الشَّرَفِ وَالذِّكْرِ، وَهُمَا يَتَسَاءلان. قَالَ: فأَما مَا حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ عَنْ أَبي زَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمُ اللَّهُمَّ أَعْطنا سَأَلاتِنا، فإِنما ذَلِكَ عَلَى وَضْع الْمَصْدَرِ موضعَ الِاسْمِ، وَلِذَلِكَ جُمِع، وَقَدْ يُخَفَّفُ عَلَى الْبَدَلِ فَيَقُولُونَ سَال يَسال، وَهُمَا يَتَساوَلانِ، وقرأَ نَافِعٌ وَابْنُ عُمَرَ سَالَ، غَيْرَ مَهموز، سائلٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ: سَالَ وادٍ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ، وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وَالْكُوفِيُّونَ: سَأَلَ سائِلٌ
، مَهْمُوزٌ عَلَى مَعْنَى دَعا داعٍ. الْجَوْهَرِيُّ: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ
؛ أَي عَنْ عَذَابٍ وَاقِعٍ. قَالَ الأَخفش: يُقَالُ خَرَجْنا نَسْأَل عَنْ فُلَانٍ وَبِفُلَانٍ، وَقَدْ يُخَفَّفُ فَيُقَالُ سالَ يَسَال؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ومُرْهَقٍ، سَالَ إِمْتاعاً بأُصْدتِه، ... لَمْ يَسْتَعِنْ وحَوامي الموتِ تَغْشاهُ
والأَمر مِنْهُ سَلْ بِحَرَكَةِ الْحَرْفِ الثَّانِي مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ، وَمِنَ الأَول اسْأَل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْعَرَبُ قَاطِبَةً تَحْذِفُ الْهَمْزَ مِنْهُ فِي الأَمر، فإِذا وَصَلُوا بِالْفَاءِ أَو الْوَاوِ هَمَزوا كَقَوْلِكَ فاسْأَلْ واسْأَلْ؛ قَالَ: وَحَكَى الْفَارِسِيُّ أَن أَبا عُثْمَانَ سَمع مَنْ يَقُولُ اسَلْ، يُرِيدُ اسْأَلْ، فَيَحْذِفُ الْهَمْزَةَ ويُلقي حَرَكَتِهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا، ثُمَّ يأْتي بأَلف الْوَصْلِ لأَن هَذِهِ السِّينَ وإِن كَانَتْ مُتَحَرِّكَةً فَهِيَ فِي نِيَّةِ السُّكُونِ، وَهَذَا كَقَوْلِ بَعْضِ الْعَرَبِ الاحْمَر فَيُخَفِّفُ الْهَمْزَةَ بأَن يَحْذِفَهَا ويلقي
__________
(2) . قوله [وسَأَلَةً] ضبط في الأَصل بالتحريك وهو كذلك في القاموس وشرحه؛ وقوله قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ: أسَاءَلْت، كذا في الأَصل، وفي شرح القاموس: وسَاءَلَهُ مُسَاءَلَة، قال أبو ذؤيب إلخ(11/318)
حَرَكَتَهَا عَلَى اللَّامِ قَبْلَهَا؛ فأَما قَوْلُ بِلَالِ بْنِ جَرِيرٍ:
إِذا ضِفْتَهُم أَو سَايَلْتَهُمْ، ... وجَدْتَ بِهِمْ عِلَّةً حاضِرَه
فإِن أَحمد بْنُ يَحْيَى لَمْ يَعْرِفْه، فَلَمَّا فَهِم قَالَ: هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، فَالْهَمْزَةُ فِي هَذَا هِيَ الأَصل، وَهِيَ الَّتِي فِي قَوْلِكَ سأَلْت زَيْدًا، وَالْيَاءُ هِيَ الْعِوَضُ وَالْفَرْعُ، وَهِيَ الَّتِي فِي قَوْلِكَ سَايَلْتُ زَيْدًا، فَقَدْ تَرَاهُ كَيْفَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ سَايَلْتَهم قَالَ: فَوَزْنُهُ عَلَى هَذَا فَعايَلْتَهم، قَالَ: وَهَذَا مِثَالٌ لَا يُعْرَف لَهُ فِي اللُّغَةِ نَظِيرٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: سُؤَالُهم سُؤَالُ تَوْبِيخٍ وَتَقْرِيرٍ لإِيجاب الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لأَن اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَالِمٌ بأَعمالهم. وَقَوْلُهُ: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ
؛ أَي لَا يُسْأَل ليُعْلم ذَلِكَ مِنْهُ لأَن اللَّهَ قَدْ عَلِمَ أَعمالهم. والسُّول: مَا سأَلْتَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى
؛ أَي أُعْطِيت أُمْنِيَّتك الَّتِي سَأَلْتها، قُرِئَ بِالْهَمْزِ وَغَيْرِ الْهَمْزِ. وأَسْأَلْته سُولَتَه ومَسْأَلَتَه أَي قَضَيت حَاجَتَهُ؛ والسُّولة: كالسُّول؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، وأَصل السُّول الْهَمْزُ عِنْدَ الْعَرَبِ، اسْتَثْقَلوا ضَغْطَة الْهَمْزَةِ فِيهِ فَتَكَلَّمُوا بِهِ عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي سَوَلَ، وسَأَلْته الشيءَ وسَأَلْته عَنِ الشَّيْءِ سُؤالًا ومَسْأَلة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سَأَلته الشيءَ بِمَعْنَى اسْتَعْطَيته إِياه، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ
. وسأَلْته عَنِ الشَّيْءِ: اسْتَخْبَرْتُهُ، قَالَ: وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ جَعَلَهُ مِثْلَ خَافَ، يَقُولُ: سِلْته أَسْالُه فَهُوَ مَسُولٌ مِثْلُ خِفْتُه أَخافه فَهُوَ مَخُوف، قَالَ: وأَصله الْوَاوُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ فِي هَذِهِ اللُّغَةِ هُمَا يَتَساولان. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْماً مَنْ سَأَلَ عَنْ أَمر لَمْ يُحَرَّم فحُرِّم عَلَى النَّاسِ مِنْ أَجل مَسْأَلته
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: السُّؤَال فِي كِتَابِ اللَّهِ وَالْحَدِيثِ نَوْعَانِ: أَحدهما مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّبْيِينِ وَالتَّعَلُّمِ مِمَّا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِليه فَهُوَ مُبَاحٌ أَو مَنْدُوبٌ أَو مأْمور بِهِ، وَالْآخَرُ مَا كَانَ عَلَى طَرِيقِ التَّكَلُّفِ والتعنُّت فَهُوَ مَكْرُوهٌ ومَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَوَقَعَ السُّكُوتُ عَنْ جَوَابِهِ فإِنما هُوَ رَدْعٌ وزَجْرٌ للسَّائِل، وإِن وَقَعَ الْجَوَابُ عَنْهُ فَهُوَ عُقُوبَةٌ وَتَغْلِيظٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَرِه المَسَائِلَ وعابَها
؛ أَراد الْمَسَائِلَ الدَّقِيقَةَ الَّتِي لَا يُحتاج إِليها. وَفِي حَدِيثِ المُلاعَنة:
لَمَّا سَأَلَه عَاصِمٌ عَنْ أَمر مَنْ يَجِدُ مَعَ أَهله رَجُلًا فأَظْهَر النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْكَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ إِيثاراً لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَكَرَاهَةً لهَتْك الحُرْمة.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ كَثْرَةِ السُّؤال
؛ قِيلَ: هُوَ مِنْ هَذَا، وَقِيلَ: هُوَ سُؤال النَّاسِ أَموالهم مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. ورجُلٌ سُؤَلَةٌ: كَثِيرُ السُّؤال. وَالْفَقِيرُ يُسَمَّى سَائِلًا، وجَمْعُ السَّائِل «1» الْفَقِيرِ سُؤَّال. وَفِي الْحَدِيثِ:
للسَّائِل حَقٌّ وإِن جَاءَ عَلَى فَرَس
؛ السَّائِل: الطَّالِبُ، مَعْنَاهُ الأَمر بحُسْن الظَّنِّ بِالسَّائِلِ إِذا تَعَرَّض لك، وأَن لا تُجِيبَهُ «2» بِالتَّكْذِيبِ والردِّ مَعَ إِمكان الصِّدْقِ أَي لَا تُخَيِّب السائلَ وإِن رابَك مَنْظَرُه وَجَاءَ رَاكِبًا عَلَى فَرَسٍ، فإِنه قَدْ يَكُونُ لَهُ فَرَسٌ وَوَرَاءَهُ عَائِلَةٌ أَو دَيْن يَجُوزُ مَعَهُ أَخذ الصَّدَقة، أَو يَكُونُ مِنَ الغُزاة أَو مِنَ الْغَارِمِينَ وَلَهُ فِي الصَّدَقَةِ سَهْم.
سبل: السَّبِيلُ: الطريقُ وَمَا وَضَحَ مِنْهُ، يُذَكَّر وَيُؤَنَّثُ. وسَبِيلُ اللَّهِ: طَرِيقُ الهُدى الَّذِي دَعَا إِليه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
__________
(1) . قَوْلُهُ [وجمع السَّائِل إلخ] عبارة شرح القاموس: وجمع السَّائِل سَأَلَة ككاتب وكتبة وسُؤَال كرمّان
(2) . قوله [وأن لا تجيبه] هكذا في الأَصل، وفي النهاية: وأن لا تجبهه(11/319)
وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا
، فذُكِّر؛ وَفِيهِ: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ
، فأُنِّث. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: عَلَى اللَّهِ أَن يَقْصِدَ السَّبِيلَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمِنْهَا جَائِرٌ أَي وَمِنَ الطُّرُق جائرٌ عَلَى غَيْرِ السَّبيل، فَيَنْبَغِي أَن يَكُونَ السَّبيل هُنَا اسْمَ الْجِنْسِ لَا سَبيلًا وَاحِدًا بِعَيْنِهِ، لأَنه قَدْ قَالَ وَمِنْهَا جائرٌ أَي وَمِنْهَا سَبيلٌ جَائِرٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَمُرة: فإِذا الأَرضُ عِنْدَ أَسْبُله
أَي طُرُقه، وَهُوَ جَمْعُ قِلَّة للسَّبِيلِ إِذا أُنِّثَتْ، وإِذا ذُكِّرَت فَجَمْعُهَا أَسْبِلة. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
، أَي فِي الْجِهَادِ؛ وكُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ فَهُوَ مِنْ سَبِيل اللَّهِ أَي مِنَ الطُّرُق إِلى اللَّهِ، وَاسْتَعْمَلَ السَّبِيل فِي الْجِهَادِ أَكثر لأَنه السَّبيل الَّذِي يقاتَل فِيهِ عَلَى عَقْد الدِّينِ، وَقَوْلُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أُريد بِهِ الَّذِي يُرِيدُ الغَزْو وَلَا يَجِدُ مَا يُبَلِّغُه مَغْزاه، فيُعْطى مِنْ سَهْمه، وكُلُّ سَبِيل أُريد بِهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ بِرٌّ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي سَبيل اللَّهِ، وإِذا حَبَّس الرَّجلُ عُقْدةً لَهُ وسَبَّل ثَمَرَها أَو غَلَّتها فإِنه يُسلَك بِمَا سَبَّل سَبيلُ الخَيْر يُعْطى مِنْهُ ابْنُ السَّبيل والفقيرُ والمجاهدُ وَغَيْرُهُمْ. وسَبَّل ضَيْعته: جَعَلها فِي سَبيل اللَّهِ. وَفِي حَدِيثِ وَقْف
عُمَر: احْبِسْ أَصلها وسَبِّلْ ثَمَرَتَها
أَي اجْعَلْهَا وَقَفًا وأَبِحْ ثَمَرَتَهَا لِمَنْ وقَفْتها عَلَيْهِ. وسَبَّلْت الشيءَ إِذا أَبَحْته كأَنك جَعَلْتَ إِليه طَرِيقاً مَطْروقة. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ سَبيل اللَّهِ وَابْنِ السَّبيل، والسَّبِيل فِي الأَصل الطَّرِيقُ، والتأْنيث فِيهَا أَغلب. قَالَ: وسَبِيل اللَّهِ عامٌّ يَقَعُ عَلَى كُلِّ عَمَلٍ خَالِصٍ سُلك بِهِ طَرِيقُ التقرُّب إِلى اللَّهِ تَعَالَى بأَداء الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ وأَنواع التطوُّعات، وإِذا أُطلق فَهُوَ فِي الْغَالِبِ وَاقِعٌ عَلَى الْجِهَادِ حَتَّى صَارَ لكثْرة الِاسْتِعْمَالِ كأَنه مَقْصُورٌ عَلَيْهِ، وأَما ابْنُ السَّبيل فَهُوَ الْمُسَافِرُ الْكَثِيرُ السَّفَرِ، سُمِّي ابْناً لَهَا لمُلازَمته إِياها. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَريمُ الْبِئْرِ أَربعون ذِرَاعًا مِنْ حَوالَيْها لأَعْطان الإِبل وَالْغَنَمِ، وَابْنُ السَّبِيل أَوْلى شَارِبٍ مِنْهَا
أَي عابِرُ السَّبيل المجتازُ بِالْبِئْرِ أَو الْمَاءِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْمُقِيمِ عَلَيْهِ، يُمَكَّن مِنَ الوِرْد وَالشُّرْبِ ثُمَّ يَدَعه لِلْمُقِيمِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ابنُ السَّبِيل ابنُ الطَّرِيقِ، وتأْويله الَّذِي قُطِع عَلَيْهِ الطريقُ، وَالْجَمْعُ سُبُلٌ. وسَبِيلٌ سَابِلَةٌ: مَسْلوكة. والسَّابِلَة: أَبناء السَّبيل الْمُخْتَلِفُونَ عَلَى الطُّرُقات فِي حَوَائِجِهِمْ، وَالْجَمْعُ السَّوَابِل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ابْنُ السَّبِيل الْغَرِيبُ الَّذِي أَتى بِهِ الطريقُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
عَلَى أَكْوارِهِنَّ بَنُو سَبِيلٍ، ... قَلِيلٌ نَوْمُهُم إِلّا غِرَارا
وَقَالَ آخَرُ:
ومَنْسوب إِلى مَنْ لَمْ يَلِدْه، ... كَذَاكَ اللهُ نَزَّل فِي الْكِتَابِ
وأَسْبَلَتِ الطريقُ: كَثُرت سابِلَتُها. وَابْنُ السَّبِيل: المسافرُ الَّذِي انْقُطِع بِهِ وَهُوَ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إِلى بَلَدِهِ وَلَا يَجِد مَا يَتَبَلَّغ بِهِ فَلَه فِي الصَّدَقات نَصِيبٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: سَهْمُ سَبيل اللَّهِ فِي آيةِ الصَّدَقَاتِ يُعْطَى مِنْهُ مَنْ أَراد الغَزْو مِنْ أَهل الصَّدَقَةِ، فَقِيرًا كَانَ أَو غَنِيًّا؛ قَالَ: وَابْنُ السَّبِيل عِنْدِي ابْنُ السَّبيل مِنْ أَهل الصَّدَقَةِ الَّذِي يُرِيدُ الْبَلَدَ غَيْرَ بَلَدِهِ لأَمر يَلْزَمُهُ، قَالَ: ويُعْطَى الْغَازِي الحَمُولة والسِّلاح والنَّفقة والكِسْوة، ويُعْطَى ابنُ السَّبِيل قدرَ مَا يُبَلِّغه البلدَ الَّذِي يُرِيدُهُ فِي نَفَقته وحَمُولته.(11/320)
وأَسْبَلَ إِزاره. أَرخاه. وامرأَة مُسْبِلٌ: أَسْبَلَتْ ذَيْلَهَا. وأَسْبَلَ الفرسُ ذَنَبَه: أَرسله. التَّهْذِيبِ: وَالْفَرَسُ يُسْبِلُ ذَنَبه والمرأَة تُسْبِلُ ذَيْلَهَا. يُقَالُ: أَسْبَلَ فُلَانٌ ثِيَابَهُ إِذا طَوَّلَهَا وأَرسلها إِلى الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمهم اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُر إِليهم ولا يُزَكِّيهم، قَالَ: قُلْتُ ومَنْ هُمْ خابُوا وخَسِرُوا؟ فأَعادها رَسُولُ الله، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: المُسْبِلُ والمَنّانُ والمُنَفِّقُ سِلْعته بالحَلِف الْكَاذِبِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُ: المُسْبِل الَّذِي يُطَوِّل ثَوْبَهُ ويُرْسِله إِلى الأَرض إِذا مَشَى وإِنما يَفْعَلُ ذَلِكَ كِبْراً واخْتِيالًا. وَفِي حَدِيثِ المرأَة والمَزَادَتَينِ:
سَابِلَةٌ رِجْلَيْها بَيْنَ مَزَادَتَينِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالصَّوَابُ فِي اللُّغَةِ مُسْبِلَة أَي مُدَلِّيَة رِجْلَيْهَا، وَالرِّوَايَةُ سادِلَةٌ أَي مُرْسِلة. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: مَنْ جَرَّ سَبَلَه مِنَ الخُيَلاء لَمْ يَنْظُر اللَّهُ إِليه يَوْمَ الْقِيَامَةِ
؛ السَّبَل، بِالتَّحْرِيكِ: الثِّيَابُ المُسْبَلة كالرَّسَل والنَّشَر فِي المُرْسَلة والمَنْشورة. وَقِيلَ: إِنها أَغلظ مَا يَكُونُ مِنَ الثِّيَابِ تُتَّخَذ مِنْ مُشاقة الكَتَّان؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: دَخَلْتُ عَلَى الحَجّاج وَعَلَيْهِ ثِيابٌ سَبَلَةٌ
؛ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا*
؛ قَالَ: لَا يَسْتَطِيعُونَ فِي أَمرك حِيلة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ
؛ كَانَ أَهل الْكِتَابِ إِذا بَايَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَيْسَ للأُمِّيِّين يَعْنِي الْعَرَبَ حُرْمَة أَهل دِينِنَا وأَموالُهم تَحِلُّ لنا. وقوله تعالي: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا
؛ أَي سَبَباً ووُصْلة؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِجَرِيرٍ:
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِكُم خَلِيلَ مُحَمَّدٍ، ... تَرْجُو القُيونُ مَعَ الرَّسُول سَبِيلا؟
أَي سَبَباً ووُصْلَةً. والسَّبَلُ، بِالتَّحْرِيكِ: المَطَر، وَقِيلَ: المَطَرُ المُسْبِلُ. وَقَدْ أَسْبَلَت السماءُ، وأَسْبَلَ دَمْعَه، وأَسْبَلَ المطرُ والدمعُ إِذا هَطَلا، وَالِاسْمُ السَّبَل، بِالتَّحْرِيكِ. وَفِي حَدِيثِ
رُقَيْقَةَ: فَجادَ بِالْمَاءِ جَوْنيٌّ لَهُ سَبَل
أَي مطَرٌ جَوْدٌ هاطِلٌ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَسْبَلَتِ السماءُ إِسْبَالًا، وَالِاسْمُ السَّبَلُ، وَهُوَ الْمَطَرُ بَيْنَ السَّحَابِ والأَرض حِينَ يَخْرج مِنَ السَّحَابِ وَلَمْ يَصِلْ إِلى الأَرض. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اسْقِنا غَيْثاً سابِلًا
أَي هاطِلًا غَزِيراً. وأَسْبَلَت السحابةُ إِذا أَرْخَتْ عثانِينَها إِلى الأَرض. ابْنُ الأَعرابي: السُّبْلَة المَطْرَة الْوَاسِعَةُ، وَمِثْلُ السَّبَل العَثانِينُ، وَاحِدُهَا عُثْنُون. والسَّبُولةُ والسُّبُولَةُ والسُّنْبُلَة: الزَّرْعة الْمَائِلَةُ. والسَّبَلُ: كالسُّنْبُل، وَقِيلَ: السَّبَل مَا انْبَسَطَ مِنْ شَعاع السُّنْبُل، وَالْجَمْعُ سُبُول، وَقَدْ سَنْبَلَتْ وأَسْبَلَتْ. اللَّيْثُ: السَّبولة هِيَ سُنْبُلة الذُّرَة والأَرُزِّ وَنَحْوِهِ إِذا مَالَتْ. وَقَدْ أَسْبَلَ الزَّرْعُ إِذا سَنْبَل. والسَّبَل: أَطراف السُّنْبُل، وقيل السَّبَل السُّنْبُل، وَقَدْ سَنْبَل الزَّرْعُ أَي خَرَجَ سُنْبُله. وَفِي حَدِيثِ
مَسْرُوقٍ: لَا تُسْلِمْ فِي قَراحٍ حَتَّى يُسْبِل
أَي حَتَّى يُسَنْبِل. والسَّبَل: السُّنْبُل، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ؛ وَقَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ الْبَكْرِيِّ:
وخَيْلٍ كأَسْراب القَطَا قَدْ وزَعْتُها، ... لَهَا سَبَلٌ فِيهِ المَنِيَّةُ تَلْمَعُ
يَعْنِي بِهِ الرُّمْح. وسَبَلَةُ الرَّجُل: الدائرةُ الَّتِي فِي وسَط الشَّفَةِ العُلْيا، وَقِيلَ: السَّبَلة مَا عَلَى الشَّارِبِ مِنَ الشَّعَرِ، وَقِيلَ طَرَفه، وَقِيلَ هِيَ مُجْتَمَع الشاربَين، وَقِيلَ هُوَ مَا عَلَى الذَّقَن إِلى طَرَف اللِّحْيَةِ، وَقِيلَ هُوَ(11/321)
مُقَدَّم اللِّحية خَاصَّةً، وَقِيلَ: هِيَ اللِّحْيَةُ كُلُّهَا بأَسْرها؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لَذُو سَبَلاتٍ، وَهُوَ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي فُرِّق فجُعل كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ سَبَلة، ثُمَّ جُمِع عَلَى هَذَا كَمَا قَالُوا لِلْبَعِيرِ ذُو عَثَانِين كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ عُثْنُوناً، وَالْجَمْعُ سِبَال. التَّهْذِيبِ: والسَّبَلَة مَا عَلَى الشَّفَة العُلْيا مِنَ الشَّعْرِ يَجْمَعُ الشاربَين وَمَا بَيْنَهُمَا، والمرأَة إِذا كَانَ لَهَا هُنَاكَ شَعْرٌ قِيلَ امرأَة سَبْلاءُ. اللَّيْثُ: يُقَالُ سَبَلٌ سَابِلٌ كَمَا يُقَالُ شِعْرٌ شاعِرٌ، اشْتَقُّوا لَهُ اسْمًا فَاعِلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ وافِرَ السَّبَلة
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يَعْنِي الشَّعَرَاتِ الَّتِي تَحْتَ اللَّحْي الأَسفل، والسَّبَلة عِنْدَ الْعَرَبِ مُقَدَّم اللِّحْيَةِ وَمَا أَسْبَلَ مِنْهَا عَلَى الصَّدْرِ؛ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ كَذَلِكَ: رَجُلٌ أَسْبَلُ ومُسَبَّل إِذا كَانَ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ، وَقَدْ سُبِّلَ تَسْبِيلًا كأَنه أُعْطِيَ سَبَلَة طَوِيلَةً. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ وَقَدْ نَشَر سَبَلَته إِذا جاءَ يَتَوَعَّد؛ قَالَ الشَّمَّاخ:
وَجَاءَتْ سُلَيْمٌ قَضُّها بقَضِيضِها، ... تُنَشِّرُ حَوْلي بالبَقِيع سَبَالَها
وَيُقَالُ للأَعداء: هُمْ صُهْبُ السِّبَال؛ وَقَالَ:
فظِلالُ السُّيُوفِ شَيَّبْنَ رأْسي، ... واعْتِناقي فِي الْقَوْمِ صُهْبَ السِّبال
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: السَّبَلة مَا ظَهَرَ مِنْ مُقَدَّم اللِّحْيَةِ بَعْدَ العارضَيْن، والعُثْنُون مَا بَطَن. الْجَوْهَرِيُّ: السَّبَلة الشَّارِبُ، وَالْجَمْعُ السِّبال؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وتَأْبَى السِّبالُ الصُّهْبُ والآنُفُ الحُمْرُ
وَفِي حَدِيثِ
ذِي الثُّدَيَّة: عَلَيْهِ شُعَيْراتٌ مِثْلُ سَبَالة السِّنَّوْر.
وسَبَلَةُ الْبَعِيرِ: نَحْرُه. وَقِيلَ: السَّبَلَة مَا سَالَ مِنْ وَبَره فِي مَنْحره. التَّهْذِيبِ: والسَّبَلَة المَنْحَرُ مِنَ الْبَعِيرِ وَهِيَ التَّريبة وَفِيهِ ثُغْرة النَّحْر. يُقَالُ: وَجَأَ بشَفْرَته فِي سَبَلَتِها أَي فِي مَنْحَرها. وإِنَّ بَعِيرَك لَحَسنُ السَّبَلَة؛ يُرِيدُونَ رِقَّة جِلْده. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لَتَمَ، بِالتَّاءِ، فِي سَبَلَة بَعِيرِهِ إِذا نَحَرَه فَطَعَن فِي نَحْرِهِ كأَنها شَعَراتٌ تَكُونُ فِي المَنْحَر. وَرَجُلٌ سَبَلانيٌّ ومُسْبِلٌ ومُسْبَلٌ ومُسَبِّلٌ وأَسْبَلُ: طَوِيلُ السَّبَلة. وعَيْن سَبْلاء: طَوِيلَةُ الهُدْب. ورِيحُ السَّبَل: داءٌ يُصِيب فِي الْعَيْنِ. الْجَوْهَرِيُّ: السَّبَل داءٌ فِي الْعَيْنِ شِبْه غِشاوة كأَنها نَسْج الْعَنْكَبُوتِ بِعُرُوقٍ حُمْر. ومَلأَ الكأْس إِلى أَسْبَالِها أَي حُرُوفِهَا كَقَوْلِكَ إِلى أَصْبارِها. ومَلأَ الإِناءَ إِلى سَبَلَته أَي إِلى رأْسه. وأَسْبَالُ الدَّلْوِ: شِفاهُها؛ قَالَ بَاعِثُ بْنُ صُرَيم اليَشْكُري:
إِذ أَرْسَلُوني مائحاً بدِلائِهِمْ، ... فَمَلأْتُها عَلَقاً إِلى أَسْبَالِها
يَقُولُ: بَعَثُوني طَالِبًا لتِراتِهم فأَكْثَرْت مِنَ القَتْل، والعَلَقُ الدَّمُ. والمُسْبِل: الذَّكَرُ. وخُصْية سَبِلةٌ: طَوِيلَةٌ. والمُسْبِل: الْخَامِسُ مِنْ قِداح المَيْسِر؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ السَّادِسُ وَهُوَ المُصْفَح أَيضاً، وَفِيهِ سِتَّةُ فُرُوضٍ، وَلَهُ غُنْم سِتَّةِ أَنْصِباء إِن فَازَ، وَعَلَيْهِ غُرْم سِتَّةِ أَنْصباء إِن لَمْ يَفُزْ، وَجَمْعُهُ المَسَابِل. وَبَنُو سَبَالَة «3» : قَبِيلَةٌ. وإِسْبِيلٌ: مَوْضِعٌ، قِيلَ هُوَ اسْمُ بَلَدٍ؛ قال خَلَف الأَحمر:
__________
(3) . قوله [بنو سَبَالَة] ضبط بالفتح في التكملة، عن ابن دريد، ومثله في القاموس، قال شارحه: وضبطه الحافظ في التبصير بالكسر(11/322)
لَا أَرضَ إِلَّا إِسْبِيل، ... وكلُّ أَرْضٍ تَضْلِيل
وَقَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
بإِسْبِيلَ أَلْقَتْ بِهِ أُمُّه ... عَلَى رأْس ذِي حُبُكٍ أَيْهَما
والسُّبَيْلَة: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
قَبَحَ الإِلهُ، وَلَا أُقَبِّح مُسْلِماً، ... أَهْلَ السُّبَيْلَة مِنْ بَني حِمَّانا
وسَبْلَلٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ صَخْر الغَيِّ:
وَمَا إنْ صَوْتُ نائحةٍ بلَيْلٍ ... بسَبْلَل لَا تَنامُ مَعَ الهُجود
جَعَله اسْمًا للبُقْعة فَتَرك صَرْفه. ومُسْبِلٌ: مِنْ أَسماء ذِي الحِجَّة عاديَّة. وسَبَل: اسْمُ فُرْسٍ قَدِيمَةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: سَبَل اسْمُ فُرْسٍ نَجِيبٍ فِي الْعَرَبِ؛ قَالَ الأَصمعي: هِيَ أُمُّ أَعْوَج وَكَانَتْ لِغَنيٍّ، وأَعْوَجُ لِبَنِي آكِلِ المُرَار، ثُمَّ صَارَ لِبَنِي هِلال بْنِ عَامِرٍ؛ وَقَالَ:
هُوَ الجَوَادُ ابْنُ الجَوَادِ ابنِ سَبَل
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لجَهْم بن شِبْل؛ قَالَ أَبو زِيَادٍ الْكِلَابِيُّ: وَهُوَ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ بَكْرٍ وَكَانَ شَاعِرًا لَمْ يُسْمَع فِي الْجَاهِلِيَّةِ والإِسلام مِنْ بَنِي بَكْرٍ أَشعرُ مِنْهُ؛ قَالَ: وَقَدْ أَدركته يُرْعَد رأْسُه وَهُوَ يَقُولُ:
أَنا الجَوَادُ ابنُ الجَوَاد ابنِ سَبَل، ... إِن دَيَّمُوا جادَ، وإِنْ جادُوا وَبَل
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَثَبَتَ بِهَذَا أَن سَبَل اسْمُ رَجُلٍ وَلَيْسَ بِاسْمِ فَرَسٍ كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ.
سبتل: سُبْتُلٌ: ضَرْبٌ مِنْ حَبَّة البَقْل.
سبحل: سَبْحَلَ الرجلُ إِذا قَالَ سُبْحان اللَّهِ. ابْنُ سِيدَهْ: وادٍ وسِقَاءٌ سَحْبَلٌ وسَبَحْلَلٌ وَاسِعٌ. والسَّحْبَلُ والسَّبَحْلَلُ: العظيم المُسِنُّ من الضَّباب. والسِّبَحْل، عَلَى وَزْنِ الهِجَفِّ: الضَّخْم مِنَ الضَّبّ وَالْبَعِيرِ والسِّقَاء وَالْجَارِيَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ السِّبَحْل الضَّبِّ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
سِبَحْلٌ لَهُ تَرْكانِ كَانَا فَضِيلةً، ... عَلَى كلِّ حافٍ فِي البلادِ وناعِلِ
قَالَ: وَشَاهِدُ السِّبَحْل البعيرِ قولُ ذِي الرُّمَّة:
سِبَحْلًا أَبا شَرْخَيْن أَحْيَا بَنَاتِه ... مَقَالِيتُها، وَهِيَ اللُّبَاب الحَبائش
وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ الإِبِل السِّبَحْلُ
أَي الضَّخْمُ، والأُنثى سِبَحْلة مِثْلُ رِبَحْلة. وَيُقَالُ: سِقَاءٌ سِبَحْلٌ وسَبَحْلَلٌ؛ عن ابن السكيت. والسِّبَحْلة: الْعَظِيمَةُ مِنَ الإِبل، وَهِيَ الغَرِيزة أَيضاً الْعَظِيمَةُ. وجَمَلٌ سِبَحْلٌ رِبَحْلٌ: عَظِيمٌ. أَبو عُبَيْدٍ: السِّبَحْلُ والسَّحْبَل والهِبَلُّ الفَحْل، والسِّبَحْلَة مِنَ النِّسَاءِ الطَّوِيلَةُ الْعَظِيمَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ نِسَاءِ الأَعراب تَصِف ابْنَتَهَا:
سِبَحْلَةٌ رِبَحْلَه ... تَنْمِي نَبَاتَ النَّخْلَه
اللَّيْثُ: سِبَحْلٌ رِبَحْلٌ إِذا وُصِف بالتَّرَارة والنَّعْمة؛ وَقِيلَ لِابْنَةِ الخُسِّ: أَيُّ الإِبل خيرٌ؟ فَقَالَتِ: السِّبَحْل الرِّبَحْلُ، الراحِلَةُ الفَحْلُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ أَيضاً: إِنَّه لَسِبَحْل رِبَحْلٌ أَي عَظِيمٌ، قَالَ: وَهُوَ عَلَى الِاتِّسَاعِ، وَلَمْ يُفَسِّر مَا عَنَى بِهِ مِنَ الأَنواع. وزِقٌّ سِبَحْل: طَوِيلٌ عَظِيمٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. وضَرْعٌ سِبَحْلٌ: عَظِيمٌ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:(11/323)
بِسَبْحَل الدَّفَّيْنِ عَيْسَجُور
قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَراد بسِبَحْل، فأَسكن الْبَاءَ وحَرَّك الْحَاءَ وغَيَّر حَرَكَةَ السِّينِ. اللَّيْثُ: السَّبَحْلَلُ هُوَ الشِّبْل إِذا أَدْرَكَ الصيد.
سبدل: السَّبَنْدَلُ: طَائِرٌ يَكُونُ بِالْهِنْدِ يَدْخُلُ فِي النَّارِ فَلَا يَحْترق رِيشُه؛ عَنْ كراع.
سبعل: رَجُلٌ سَبَعْلَلٌ: فَارِغٌ كَسَبَهْلَل؛ عن كراع.
سبغل: اسْبَغَلَّ الثوبُ اسْبِغْلالًا: ابْتَلَّ بِالْمَاءِ، وازْبَغَلَّ مِثْلُهُ، وَكَذَلِكَ اسْبَغَلَّ الشعرُ بالدُّهْن. وشَعَرٌ مُسْبَغِلٌّ: مُسْتَرْسِلٌ؛ قَالَ كثيِّر:
مَسَائِحُ فَوْدَيْ رأْسِه مُسْبَغِلَّةٌ، ... جَرَى مِسْكُ دارِينَ الأَحَمُّ خِلالَها
والمُسْبَغِلَّةُ: الضَّافِيَةُ. ودِرْعٌ مُسْبَغِلَّة: سَابِغَةٌ: وأَنشد:
ويَوْماً عَلَيْهِ لأْمَةٌ تُبَّعِيَّةٌ، ... مِنَ المُسْبَغِلَّات الضَّوافي فُضُولُها
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَتانا سَبَغْلَلًا أَي لَا شَيْءَ مَعَهُ وَلَا سِلَاحَ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ سَبَهْلَلًا. والسَّبَغْلَلُ: الْفَارِغُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: سَغْبَلَ طعامَه إِذا رَوّاه دَسَماً. وسَغْبَلَ رأْسَه وسَغْسَغَه ورَوَّلَه إِذا مَرَّغَه، وَقَالَ غَيْرُهُ: سَبْغَلَه فاسْبَغَلَّ، قُدِّمت الباء على الغين.
سبهل: جَاءَ سَبَهْلَلًا أَي بِلَا شَيْءٍ، وَقِيلَ بِلَا سِلَاحٍ وَلَا عَصًا. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِلْفَارِغِ النَّشيط الفَرِح سَبَهْلَلٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وكلُّ فارغٍ سَبَهْلَلٌ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ؛ وأَنشد الْكِسَائِيُّ:
إِذا الْجَارُ لَمْ يَعْلَمْ مُجِيراً يُجِيرُه، ... فَصَارَ حَرِيباً فِي الدِّيَارِ سَبَهْلَلا
قَطَعْنا لَهُ مِنْ عَفْوَة المالِ عِيشةً، ... فأَثْرَى، فَلَا يَبْغي سِوانا مُحَوَّلا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: جَاءَ سَبَهْلَلًا أَي غَيْرَ مَحْمُودِ الْمَجِيءِ. وأَنت فِي الضَّلال بنِ الأَلال بْنِ السَّبَهْلَل؛ يَعْنِي الْبَاطِلَ؛ وَيُقَالُ: هُوَ الضَّلال بنُ السَّبَهْلَل يَعْنِي الْبَاطِلَ وجئْتَ بالضَّلال بْنِ السَّبَهْلَل؛ أَي الْبَاطِلِ. وَيُقَالُ: جَاءَ سَبَهْلَلًا لَا شَيْءَ مَعَهُ. وَيُقَالُ: جَاءَ سَبَهْلَلًا يَعْنِي الْبَاطِلَ. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ سَبَهْلَلًا أَي ضَالًّا لَا يَدْرِي أَيْن يَتَوَجَّه. وَيُقَالُ: جَاءَ سَبَهْلَلًا وسَبَغْلَلًا أَي فَارِغًا، يُقَالُ لِلْفَارِغِ النَّشِيط الفَرِح. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَجِيئَنَّ أَحدكم يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبَهْلَلًا
؛ وفُسِّر فَارِغًا لَيْسَ مَعَهُ مِنْ عَمَلِ الْآخِرَةِ شَيْءٌ. وَرُوِيَ
عَنْ عُمَرَ أَنه قَالَ: إِني لأَكره أَن أَرى أَحَدَكم سَبَهْلَلًا لَا فِي عَمَل دُنْيا وَلَا فِي عَمَل أَخَّرَهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: التَّنْكِيرُ فِي دُنْيَا وَآخِرَةٍ يَرْجِع إِلى الْمُضَافِ إِليهما، وَهُوَ العَمَل كأَنه قَالَ لَا فِي عَمَلٍ مِنْ أَعمال الدُّنْيَا وَلَا فِي عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ. قَالَ الأَصمعي وأَبو عَمْرٍو: جَاءَ الرجلُ يَمْشِي سَبَهْلَلًا إِذا جَاءَ وَذَهَبَ فِي غَيْرِ شَيْءٍ. الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ: رأَيت فُلَانًا يَمْشِي سَبَهْلَلًا وَهُوَ المُخْتال فِي مِشْيته. يُقَالُ: مَشَى فُلَانٌ السِّبَهْلى كَمَا تَقُولُ السِّبَطْرَى، والسِّبَطْرى: الِانْبِسَاطُ فِي الْمَشْيِ، والسِّبَهْلى: التبختُر.
ستل: السِّتْلُ مِنْ قَوْلِكَ: تَسَاتَل عَلَيْنَا الناسُ أَي خَرَجُوا مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدًا بَعْدَ آخَرَ تِباعاً مُتَسايلين. وتَسَاتَلَ القومُ: جَاءَ بعضُهم فِي أَثر بَعْضٍ، وَجَاءَ الْقَوْمُ سَتْلًا. ابْنُ سِيدَهْ: سَتَلَ القومُ سَتْلًا(11/324)
وانْسَتَلوا خَرَجُوا مُتَتَابِعِينَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَقِيلَ: جَاءَ بَعْضُهُمْ فِي أَثر بَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سَفَرٍ، فبَيْنا نَحْنُ ليلَةً مُتَساتِلِين عَنِ الطَّرِيقِ نَعَس رسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والمَسَاتِلُ: الطُّرُق الضَّيِّقة لأَن النَّاسَ يَتَسَاتَلون فِيهَا. والمَسْتَل: الطَّريق الضَّيِّق؛ وكُلُّ مَا جَرَى قَطَراناً فَقَدْ تَسَاتَل نَحْوَ الدَّمْعِ وَاللُّؤْلُؤِ إِذا انْقَطَعَ سِلْكُه. والسَّتَل: طَائِرٌ شَبِيهٌ بالعُقاب أَو هُوَ هِيَ، وَقِيلَ: هُوَ طَائِرٌ عَظِيمٌ مِثْلُ النَّسْر يَضْرِب إِلى السَّوَادِ، يَحْمِل عَظْم الفَخِذ مِنَ الْبَعِيرِ وعظمَ السَّاقِ أَو كُلَّ عَظْم ذِي مُخٍّ حَتَّى إِذا كَانَ فِي كَبِد السَّمَاءِ أَرسله عَلَى صَخْر أَو صَفاً حَتَّى يَتَكَسَّر، ثُمَّ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فيأْكل مُخَّه، وَالْجَمْعَ سِتْلانٌ وسُتْلانٌ. والسُّتَالَةُ: الرُّذالة من كل شيء.
سجل: السَّجْلُ: الدَّلْو الضَّخْمَة المملوءةُ ماءً، مُذَكَّر، وَقِيلَ: هُوَ مِلْؤُها، وَقِيلَ: إِذا كَانَ فِيهِ مَاءً قَلَّ أَو كَثُر، وَالْجَمْعُ سِجَالٌ وسُجُول، وَلَا يُقَالُ لَهَا فَارِغَةً سَجْلٌ وَلَكِنْ دَلْو؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَلَا يُقَالُ لَهُ وَهُوَ فَارِغٌ سَجْلٌ وَلَا ذَنُوب؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
السَّجْلُ والنُّطْفَة والذَّنُوب، ... حَتَّى تَرَى مَرْكُوَّها يَثُوب
قَالَ: وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أُرَجِّي نَائِلًا مِنْ سَيْبِ رَبٍّ، ... لَهُ نُعْمَى وذَمَّتُه سِجَالُ
قَالَ: والذَّمَّة الْبِئْرُ الْقَلِيلَةُ الْمَاءِ. والسَّجْل: الدَّلْو المَلأَى، وَالْمَعْنَى قَلِيله كَثِيرٌ؛ وَرَوَاهُ الأَصمعي: وذِمَّتُه سِجَالٌ أَي عَهْده مُحْكَم مِنْ قَوْلِكَ سَجَّل الْقَاضِي لِفُلَانٍ بِمَالِهِ أَي اسْتَوْثق لَهُ بِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: السَّجْل اسْمُهَا مَلأَى مَاءً، والذَّنُوب إِنما يَكُونُ فِيهَا مِثْلُ نِصْفِهَا مَاءً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَعرابيّاً بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فأَمَرَ بسَجْلٍ فصُبَّ عَلَى بَوْلِهِ
؛ قَالَ: السَّجْل أَعظم مَا يَكُونُ مِنَ الدِّلاء، وَجَمْعُهُ سِجَال؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
يُحِيلون السِّجَال عَلَى السِّجَال
وأَسْجَله: أَعطاه سَجْلًا أَو سَجْلَين، وَقَالُوا: الْحُرُوبُ سِجَالٌ أَي سَجْلٌ مِنْهَا عَلَى هَؤُلَاءِ وَآخَرُ عَلَى هَؤُلَاءِ، والمُسَاجَلَة مأْخوذة مِنَ السَّجْل. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ: أَن هِرَقْلَ سأَله عَنِ الْحَرْبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: الحَرْب بَيْنَنَا سِجَالٌ
؛ مَعْنَاهُ إِنا نُدَالُ عَلَيْهِ مَرَّة ويُدَالُ عَلَيْنَا أُخرى، قَالَ: وأَصله أَن المُسْتَقِيَين بسَجْلَين مِنَ الْبِئْرِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَجْلٌ أَي دَلوٌ ملأَى مَاءً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: افْتَتَحَ سُورَةَ النِّسَاءِ فسَجَلَها
أَي قَرأَها قِرَاءَةً مُتَّصِلَةً، مِنَ السَّجْل الصَّبِّ. يُقَالُ: سَجَلْت الماءَ سَجْلًا إِذا صَبَبْتُهُ صَبًّا متَّصلًا. ودَلْوٌ سَجِيلٌ وسَجِيلَة: ضَخْمة؛ قَالَ:
خُذْها، وأَعْطِ عَمَّك السَّجِيلَه، ... إِن لَمْ يَكُنْ عَمُّك ذَا حَلِيله
وخُصْيَةٌ سَجِيلَة بَيِّنَة السَّجَالَة: مُسْترخِيَة الصَّفَن واسعةٌ. والسَّجِيل مِنَ الضُّروع: الطَّوِيل. وضَرْعٌ سَجِيلٌ: طَوِيلٌ مُتَدَلٍّ. وَنَاقَةٌ سَجْلاء: عَظيمة الضَّرْع. ابْنُ شُمَيْلٍ: ضَرْع أَسْجَلَ وَهُوَ الْوَاسِعُ الرِّخو الْمُضْطَرِبُ الَّذِي يَضْرِبُ رِجْلَيْهَا مِنْ خَلْفها وَلَا يَكُونُ إِلا فِي ضُرُوعِ الشَّاءِ.(11/325)
وسَاجَلَ الرَّجُلَ: بَارَاهُ، وأَصله فِي الِاسْتِقَاءِ، وَهُمَا يَتَسَاجَلان. والمُسَاجَلَة: المُفاخَرة بأَن يَصْنَع مثلَ صَنِيعه فِي جَرْيٍ أَو سَقْيٍ؛ قَالَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبي لَهَبٍ:
مَنْ يُسَاجِلْني يُسَاجِلْ ماجِداً، ... يَمْلأُ الدَّلْوَ إِلى عَقْدِ الكَرَب
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَصل المُسَاجَلَة أَن يَسْتَقِيَ سَاقِيَانِ فيُخْرج كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سَجْله مِثْلَ مَا يُخْرج الْآخَرُ، فأَيُّهما نَكَل فَقَدْ غُلِبَ، فَضَرَبَتْهُ الْعَرَبُ مَثَلًا للمُفاخَرة، فإِذا قِيلَ فُلَانٌ يُسَاجِل فُلَانًا، فَمَعْنَاهُ أَنه يُخْرِج مِنَ الشَّرَف مِثْلَ مَا يُخرِجه الآخرُ، فأَيهما نَكَل فَقَدْ غُلِب. وتَسَاجَلُوا أَي تَفاخَروا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: الحَرْبُ سِجَالٌ. وانْسَجَلَ الماءُ انْسِجَالًا إِذا انْصَبَّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وأَرْدَفَتِ الذِّراعَ لَهَا بعَيْنٍ ... سَجُومِ الْمَاءِ، فانْسَجَلَ انْسِجَالا
وسَجَلْت الماءَ فانْسَجَلَ أَي صَبَبْته فانْصَبَّ. وأَسْجَلْتُ الحوضَ: مَلَأْتُهُ؛ قَالَ:
وغادَر الأُخْذَ والأَوْجاذَ مُتْرَعَةً ... تطْفُو، وأَسْجَلَ أَنْهاءً وغُدْرانا
وَرَجُلٌ سَجْلٌ: جَواد؛ عَنْ أَبي العَمَيْثَل الأَعرابي. وأَسْجَلَ الرجلُ: كثُر خيرُه. وسَجَّلَ: أَنْعَظَ. وأَسْجَلَ الناسَ: ترَكَهم، وأَسْجَلَ لَهُمُ الأَمرَ: أَطلقه لَهُمْ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ، قَالَ: هِيَ مُسْجَلَة للبَرِّ وَالْفَاجِرِ
، يَعْنِي مُرْسلة مُطْلَقة فِي الإِحسان إِلى كُلِّ أَحد، لَمْ يُشْترَط فِيهَا بَرٌّ دُونَ فَاجِرٍ. والمُسْجَل: الْمَبْذُولُ الْمُبَاحُ الَّذِي لَا يُمْنَع مِنْ أَحد؛ وأَنشد الضبيُّ:
أَنَخْتُ قَلوصِي بالمُرَيْر، ورَحْلُها، ... لِما نَابَهُ مِنْ طارِق اللَّيْل، مُسْجَلُ
أَراد بالرَّحْل الْمَنْزِلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَلَا تُسْجِلُوا أَنعامَكم
أَي لَا تُطْلِقوها فِي زُروع النَّاسِ. وأَسْجَلْت الكلامَ أَي أَرْسَلْته. وفَعَلْنا ذَلِكَ وَالدَّهْرُ مُسْجَلٌ أَي لَا يَخَافُ أَحد أَحداً. والسِّجِلُّ: كِتَابُ العَهْد ونحوِه، وَالْجَمْعُ سِجِلّاتٌ، وَهُوَ أَحد الأَسماء المُذَكَّرة الْمَجْمُوعَةِ بِالتَّاءِ، وَلَهَا نَظَائِرُ، وَلَا يُكَسَّر السِّجِلُّ، وَقِيلَ: السِّجِلُّ الْكَاتِبُ، وَقَدْ سَجَّلَ لَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ
، وَقُرِئَ:
السِّجْل
، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن السِّجِلَّ الصَّحِيفَةُ الَّتِي فِيهَا الْكِتَابُ؛ وَحُكِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ: أَنه رَوَى عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قرأَها بِسُكُونِ الْجِيمِ، قَالَ: وقرأَ بَعْضُ الأَعراب السَّجْل بِفَتْحِ السِّينِ. وَقِيلَ السِّجِلُّ مَلَكٌ، وَقِيلَ السِّجِلُّ بِلُغَةِ الْحَبَشِ الرَّجُل، وَعَنْ أَبي الْجَوْزَاءِ أَن السِّجِلَّ كَاتِبٌ كَانَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ لِلْكِتَابِ. وَفِي حَدِيثِ الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:
فتُوضَع السِّجِلَّات فِي كِفَّة
؛ وَهُوَ جَمْعُ سِجِلٍّ، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ الْكِتَابُ الْكَبِيرُ. والسَّجِيل: النَّصيب؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ فَعِيلٌ مِنَ السَّجْل الَّذِي هُوَ الدَّلو الملأَى، قَالَ: وَلَا يُعْجِبني. والسِّجِلُّ: الصَّكُّ، وَقَدْ سَجَّلَ الحاكمُ تَسْجِيلًا. والسَّجِيلُ: الصُّلْب الشَّدِيدُ. والسِّجِّيل: حِجَارَةٌ كالمَدَر. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ
؛ وَقِيلَ: هُوَ حَجَرٌ مِنْ(11/326)
طِينٍ، مُعَرَّب دَخِيل، وَهُوَ سَنْك وكِل «4» أَي حِجَارَةٌ وَطِينٌ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: لِلنَّاسِ فِي السِّجِّيل أَقوال، وَفِي التَّفْسِيرِ أَنها مِنْ جِلٍّ وَطِينٍ، وَقِيلَ مِنْ جِلٍّ وَحِجَارَةٍ، وَقَالَ أَهل اللُّغَةِ: هَذَا فارسيٌّ وَالْعَرَبُ لَا تَعْرِفُ هَذَا؛ قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي عِنْدَنَا، وَاللَّهُ أَعلم، أَنه إِذا كَانَ التَّفْسِيرُ صَحِيحًا فَهُوَ فَارِسِيٌّ أُعْرِب لأَن اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْحِجَارَةَ فِي قِصَّةِ قَوْمِ لُوطٍ فَقَالَ: لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ؛ فَقَدْ بَيَّن لِلْعَرَبِ مَا عَنى بسِجِّيل. وَمِنْ كَلَامِ الفُرْس مَا لَا يُحْصى مِمَّا قَدْ أَعْرَبَتْه العربُ نَحْوَ جَامُوسٍ ودِيباج، فَلَا أُنْكِر أَن يَكُونَ هَذَا مِمَّا أُعْرِب؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ سِجِّيلٍ*
، تأْويله كَثِيرَةٌ شَدِيدَةٌ؛ وَقَالَ: إِن مِثْلَ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
ورَجْلةٍ يَضْرِبون البَيْضَ عَنْ عُرُضٍ، ... ضَرْباً تَوَاصَتْ بِهِ الأَبْطالُ سِجِّينا
قَالَ: وسِجِّينٌ وسِجِّيلٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سِجِّيل مِنْ أَسْجَلْته أَي أَرسلته فكأَنها مُرْسَلة عَلَيْهِمْ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وَقَالَ بَعْضُهُمْ سِجِّيل مِنْ أَسْجَلْت إِذا أَعطيت، وَجَعَلَهُ مِنَ السَّجْل؛ وأَنشد بَيْتَ اللَّهَبي:
مَنْ يُسَاجِلْني يُساجِلْ مَاجِدًا
وَقِيلَ مِنْ سِجِّيلٍ*
: كَقَوْلِكَ مِن سِجِلٍّ أَي مَا كُتِب لَهُمْ، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ إِذا فُسِّر فَهُوَ أَبْيَنُها لأَن مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى دَلِيلًا عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ مَا سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ؛ وسِجِّيل فِي مَعْنَى سِجِّين، الْمَعْنَى أَنها حِجَارَةٌ مِمَّا كَتَب اللهُ تَعَالَى أَنه يُعَذِّبهم بِهَا؛ قَالَ: وَهَذَا أَحسن مَا مَرَّ فِيهَا عِنْدِي. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ*
؛ قَالُوا: حِجَارَةٌ مِنْ طِينٍ طُبِخَتْ بِنَارِ جَهَنَّمَ مَكْتُوبٌ فِيهَا أَسماء الْقَوْمِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ. وسَجَّلَه بِالشَّيْءِ: رَماه بِهِ مِنْ فَوْقٍ. والسَّاجُول والسَّوْجَلُ والسَّوْجَلَة: غِلاف الْقَارُورَةِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والسَّجَنْجَلُ: الْمِرْآةُ. والسَّجَنْجَل أَيضاً: قِطَع الفِضَّة وسَبائِكُها، وَيُقَالُ هُوَ الذَّهَبُ، وَيُقَالُ الزَّعْفران، وَيُقَالُ إِنه رُومِيٌّ مُعَرَّب، وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ زَجَنْجَلٌ، وَقِيلَ هِيَ رُومِيَّة دَخَلَت فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضاء غَيْر مُفاضَةٍ، ... تَرائِبُها مَصْقولةٌ كالسَّجَنْجَل
سحل: السَّحْلُ والسَّحِيلُ: ثَوْبٌ لَا يُبْرَم غَزْلُه أَي لَا يُفْتَل طاقتَين، سَحَلَه يَسْحَلُه سَحْلًا. يُقَالُ: سَحَلُوه أَي لَمْ يَفْتِلوا سَداه؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ:
عَلَى كُلِّ حالٍ مِنْ سَحِيل ومُبْرَم
وَقِيلَ: السَّحِيل الغَزْل الَّذِي لَمْ يُبْرَم، فأَما الثَّوْبُ فإِنه لَا يُسَمَّى سَحِيلًا، وَلَكِنْ يُقَالُ لِلثَّوْبِ سَحْلٌ. والسَّحْلُ والسَّحِيل أَيضاً: الحبْل الَّذِي عَلَى قُوَّة وَاحِدَةٍ. والسَّحْل: ثَوْبٌ أَبيض، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الثَّوْبَ مِنَ القُطْن، وَقِيلَ: السَّحْل ثَوْبٌ أَبيض رَقِيق، زَادَ الأَزهري: مِنْ قُطْن، وجمعُ كلِّ ذَلِكَ أَسْحالٌ وسُحُولٌ وسُحُلٌ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
كالسُّحُلِ البِيضِ جَلا لَوْنَها ... سَحُّ نِجاءِ الحَمَل الأَسْوَلِ
__________
(4) . قوله [وهو سنك وكل] قال القسطلاني: سنك، بفتح السين المهملة وبعد النون الساكنة كاف مكسورة. وكل، بكسر الكاف وبعدها لام(11/327)
قَالَ الأَزهري: جَمْعُهُ عَلَى سُحُلٍ مِثْلَ سَقْفٍ وسُقُف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ رَهْنٌ ورُهُن وخَطْب وخُطُب وحَجْل وحُجُل وحَلْق وحُلُق ونَجْم ونُجُم. الْجَوْهَرِيُّ: السَّحِيل الخَيطُ غَيْرُ مَفْتُولٍ. والسَّحِيل مِنَ الثِّيَابِ: مَا كَانَ غَزْلُه طَاقًا وَاحِدًا، والمُبْرَم الْمَفْتُولُ الغَزْل طاقَيْن، والمِتْآم مَا كَانَ سدَاه ولُحْمته طاقَيْن طاقَيْن، لَيْسَ بِمُبْرَم وَلَا مُسْحَل. والسَّحِيل مِنَ الحِبَال: الَّذِي يُفْتل فَتْلًا وَاحِدًا كَمَا يَفْتِل الخَيَّاطُ سِلْكه، والمُبْرَم أَن يَجْمَعَ بَيْنَ نَسِيجَتَين فَتُفْتَلا حَبْلًا وَاحِدًا، وَقَدْ سَحَلْت الحَبْلَ فَهُوَ مَسْحُول، وَيُقَالُ مُسْحَل لأَجل المُبْرَم. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: قَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ مَسْعُودٍ مَا تَسْأَل عَمَّنْ سُحِلَتْ مَرِيرتُه
أَي جُعِل حَبْلُه المُبْرَم سَحِيلًا؛ السَّحِيل: الحَبْل المُبْرم عَلَى طَاقٍ، والمُبْرَم عَلَى طاقَيْن هُوَ المَرِيرُ والمَرِيرة، يُرِيدُ اسْتِرْخَاءَ قُوَّته بَعْدَ شِدَّةٍ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو فِي السَّحِيل:
فَتَلَ السَّحِيلَ بمُبْرَم ذِي مِرَّة، ... دُونَ الرِّجَالِ بفَضْل عَقْل رَاجِحِ
وسَحَلْت الحَبْلَ، وَقَدْ يُقَالُ أَسْحَلْته، فَهُوَ مُسْحَل، وَاللُّغَةُ الْعَالِيَةُ سَحَلْته. أَبو عَمْرٍو: المُسَحَّلة كُبَّة الغَزْل وَهِيَ الوَشِيعة والمُسَمَّطة. الْجَوْهَرِيُّ: السَّحْل الثَّوْبُ الأَبيض مِنَ الكُرْسُف مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ؛ قَالَ المُسَيَّب بْنُ عَلَس يَذْكُرُ ظُعُناً:
وَلَقَدْ أَرَى ظُعُناً أُبيِّنها ... تُحْدَى، كأَنَّ زُهَاءَها الأَثْلُ
فِي الْآلِ يَخْفِضُها ويَرْفَعُها ... رِيعٌ يَلُوح كأَنَّه سَحْلُ
شَبَّه الطَّرِيقَ بِثَوْبٍ أَبيض. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُفّن رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي ثَلَاثَةِ أَثواب سَحُولِيَّة كُرْسُف لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ
، يُرْوَى بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا، فَالْفَتْحُ مَنْسُوبٌ إِلى السَّحُول وَهُوَ القَصَّار لأَنه يَسْحَلُها أَي يَغْسِلُها أَو إِلى سَحُول قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ، وأَما الضَّمُّ فَهُوَ جَمْعُ سَحْل وَهُوَ الثَّوْبُ الأَبيض النَّقِيُّ وَلَا يَكُونُ إِلا مِنَ قُطْنٍ، وَفِيهِ شُذُوذٌ لأَنه نُسِبَ إِلى الْجَمْعِ، وَقِيلَ: إِن اسْمَ الْقَرْيَةِ بِالضَّمِّ أَيضاً. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ
أَن رَجُلًا جَاءَ بكَبائس مِنْ هَذِهِ السُّحَّل
؛ قَالَ أَبو مُوسَى: هَكَذَا يَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ الرُّطَب الَّذِي لَمْ يَتِمَّ إِدراكه وقُوَّته، وَلَعَلَّهُ أُخذ مِنَ السَّحِيل الحَبْلِ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وسَحَلَه يَسْحَله سَحْلًا فانْسَحَلَ: قَشَره ونَحَته. والمِسْحَل: المِنْحَت. والرِّياح تَسْحَل الأَرضَ سَحْلًا: تَكْشِط مَا عَلَيْهَا وتَنْزِع عَنْهَا أَدَمَتها. وَفِي الْحَدِيثِ
أَن أُم حَكِيمٍ بِنْتَ الزُّبَيْرِ أَتَتْه بكَتِف فجَعَلَتْ تَسْحَلُها لَهُ فأَكل مِنْهَا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ
؛ السَّحْل: القَشْر والكَشْط، أَي تكْشِط مَا عَلَيْهَا مِنَ اللَّحْمِ، وَمِنْهُ قِيلَ للمِبْرَد مِسْحَل؛ وَيُرْوَى: فجَعَلَتْ تَسْحَاها أَي تَقْشِرُها، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. والسَّاحِل: شَاطِئ الْبَحْرِ. والسَّاحِل: رِيفُ الْبَحْرِ، فاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ لأَن الْمَاءَ سَحَلَه أَي قَشَره أَو عَلاه، وَحَقِيقَتُهُ أَنه ذُو سَاحِلٍ مِنَ الْمَاءِ إِذا ارْتَفَع المَدُّ ثُمَّ جَزَر فَجَرف مَا مَرَّ عَلَيْهِ. وسَاحَلَ القومُ: أَتَوا السَّاحِلَ وأَخَذوا عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
فَسَاحَلَ أَبو سُفْيَانَ بالعِير
أَي أَتَى بِهِمْ ساحِلَ الْبَحْرِ. والسَّحْلُ: النَّقْد مِنَ الدَّرَاهِمِ. وسَحَلَ الدراهمَ يَسْحَلُها سَحْلًا: انْتَقَدها. وسَحَلَه مائةَ دِرْهَم سَحْلًا: نَقَده؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:(11/328)
فَبَاتَ بجَمْعٍ ثُمَّ آبَ إِلى مِنًى، ... فأَصْبَحَ رَأْدًا يَبْتَغِي المَزْجَ بالسَّحْل
فَجَاءَ بمَزْجٍ لَمْ يرَ النَّاسُ مِثْلَه، ... هُوَ الضَّحْكُ إِلا أَنه عَمَلُ النَّحْل
قَوْلُهُ: يَبْتَغِي المَزْجَ بالسَّحْل أَي النَّقْد، وَضَعَ الْمَصْدَرِ مَوْضِعَ الِاسْمِ. والسَّحْل: الضَّرْب بالسِّياط يَكْشِط الجِلْد. وسَحَلَه مائةَ سَوْطٍ سَحْلًا: ضَرَبه فَقَشر جِلْدَه. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: سَحَلَه بالسَّوْط ضَرَبه، فَعَدَّاهُ بِالْبَاءِ؛ وَقَوْلُهُ:
مِثْلُ انْسِحَالِ الوَرِق انْسِحَالُها
يَعْنِي أَن يُحَكَّ بعضُها بِبَعْضٍ. وانْسَحَلَتِ الدراهمُ إِذا امْلاسَّتْ. وسَحَلْتُ الدَّراهم: صَبَبْتها كأَنَّك حَكَكْت بَعْضَهَا بِبَعْضٍ. وسَحَلْت الشيءَ: سَحَقْته. وسَحَلَ الشيءَ: بَرَدَه. والمِسْحَل: المِبْرَد. والسُّحَالة: مَا سَقَط مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنَحْوِهِمَا إِذا بُرِدا. وَهُوَ مِنْ سُحَالَتِهِم أَي خُشَارتهم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وسُحَالَة البُرِّ والشَّعير: قِشْرُهما إِذا جُرِدا مِنْهُ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا مِنَ الحُبوب كالأَرُزِّ والدُّخْن. قَالَ الأَزهري: وَمَا تَحَاتَّ مِنَ الأَرُزِّ والذُّرَة إِذا دُقَّ شِبْهَ النُّخَالة فَهِيَ أَيضاً سُحَالَة، وكُلُّ مَا سُحِل مِنْ شَيْءٍ فَمَا سَقَط مِنْهُ سُحَالَة. اللَّيْثُ: السَّحْل نَحْتُكَ الخَشَبةَ بالمِسْحَل وَهُوَ المِبْرَد. والسُّحَالَة: مَا تَحَاتَّ مِنَ الْحَدِيدِ وبُرِد مِنَ الْمَوَازِينِ. وانْسِحَالُ النَّاقَةِ: إِسراعُها فِي سَيْرها. وسَحَلَتِ العَينُ تَسْحَلُ سَحْلًا وسُحُولًا: صَبَّت الدمعَ. وَبَاتَتِ السَّمَاءُ تَسْحَلُ ليلتَها أَي تَصُبُّ الْمَاءَ. وسَحَلَ البَغْلُ والحمارُ يَسْحَلُ ويَسْحِلُ سَحِيلًا وسُحَالًا: نَهَق. والمِسْحَل: الحِمار الوحشيُّ، وَهُوَ صِفَةٌ غَالِبَةٌ، وسَحِيلُه أَشَدُّ نَهِيقه. والسَّحِيل والسُّحَال، بِالضَّمِّ: الصَّوْتُ الَّذِي يَدُورُ فِي صَدْرِ الْحِمَارِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ سَحَلَ يَسْحِلُ، بِالْكَسْرِ، وَمِنْهُ قِيلَ لعَيْر الفَلاة مِسْحَلٌ. والمِسْحَل: اللِّجام، وَقِيلَ فَأْس اللِّجام. والمِسْحَلانِ: حَلْقتان إِحداهما مُدْخَلة فِي الأُخرى عَلَى طَرَفي شَكِيم اللِّجام وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي تَحْتَ الجَحْفَلة السُّفْلى؛ قَالَ رؤبة:
لولا شَكِيمُ المِسْحَلَين انْدَقَّا
وَالْجَمْعُ المَسَاحِل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
صَدَدْتَ عَنِ الأَعداء يَوْمَ عُبَاعِبٍ، ... صُدُودَ المَذاكِي أَفْرَعَتها المَسَاحِلُ
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: مِسْحَل اللِّجام الحديدةُ الَّتِي تَحْتَ الحَنَك، قَالَ: والفَأْس الْحَدِيدَةُ الْقَائِمَةُ فِي الشَّكِيمة، والشَّكِيمة الْحَدِيدَةُ المُعْتَرِضة فِي الْفَمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قال لأَيوب، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَا يَنْبغي لأَحد أَن يُخَاصِمني إِلا مَنْ يَجْعَل الزِّيارَ فِي فَم الأَسَد والسِّحَال فِي فَمِ العَنْقاء
؛ السِّحالُ والمِسْحَل وَاحِدٌ، كَمَا تَقُولُ مِنْطَقٌ ونِطَاقٌ ومِئْزَرٌ وإِزَارٌ، وَهِيَ الحَديدة الَّتِي تَكُونُ عَلَى طَرَفَيْ شَكِيم اللِّجام، وَقِيلَ: هِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي فَمِ الفرَس ليَخْضَعَ، وَيُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْكَافِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمِسْحَلانِ جَانِبَا اللِّحْيَةِ، وَقِيلَ: هُمَا أَسفلا العِذَارَيْن إِلى مُقَدَّم اللِّحْيَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الصُّدْغ، يُقَالُ شَابَ مِسْحَلاه؛ قَالَ الأَزهري: والمِسْحَلُ مَوْضِعُ العِذَار فِي قَوْلِ جَندل(11/329)
الطُّهَوي:
عُلِّقْتُها وَقَدْ تَرَى فِي مِسْحَلي
أَي فِي مَوْضِعٍ عِذاري مِنْ لِحْيَتِي، يَعْنِي الشَّيْبَ؛ قَالَ الأَزهري: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
الآنَ لَمَّا ابْيَضَّ أَعْلى مِسْحَلي
فالمِسْحَلانِ هَاهُنَا الصُّدْغانِ وَهُمَا مِنَ اللِّجَام الخَدَّانِ. والمِسْحَل: اللِّسَانُ. قَالَ الأَزهري: والمِسْحَل العَزْم الصَّارِمُ، يُقَالُ: قَدْ رَكِبَ فُلَانٌ مِسْحَله ورَدْعَه إِذا عَزَم عَلَى الأَمر وجَدَّ فِيهِ؛ وأَنشد:
وإِنَّ عِنْدي، إِن رَكِبْتُ مِسْحَلي، ... سُمَّ ذَرارِيحَ رِطابٍ وخَشِي
وأَورد ابْنُ سِيدَهْ هَذَا الرَّجَزَ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى قَوْلِهِ والمِسْحَل اللِّسَانُ. والمِسْحَل: الثَّوْبُ النَّقِيُّ مِنَ الْقُطْنِ. والمِسْحل: الشُّجاع الَّذِي يَعْمل وَحْدَهُ. والمِسْحَل: المِيزاب الَّذِي لَا يُطاق ماؤُه. والمِسْحَل: المَطَر الجَوْد. والمِسْحَل: الْغَايَةُ فِي السَّخَاءِ. والمِسْحَل: الجَلَّاد الَّذِي يُقِيمُ الْحُدُودَ بَيْنَ يَدَيِ السُّلْطَانِ. والمِسْحَلُ: السَّاقِي النَّشِيط. والمِسْحَل: المُنْخُلُ. والمِسْحَل: فَمُ المَزَادة. والمِسْحَل: الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ. والمِسْحَل: الْخَيْطُ يُفْتَل وَحْدَهُ، يُقَالُ: سَحَلْت الحَبْلَ، فإِن كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ مُبْرَمٌ ومُغَارٌ. والمِسْحَل: الخَطِيب الْمَاضِي. وانْسَحَل بِالْكَلَامِ: جَرَى بِهِ. وانْسَحَل الخَطِيبُ إِذا اسْحَنْفَر فِي كَلَامِهِ. ورَكِب مِسْحَله إِذا مَضَى فِي خُطْبته. وَيُقَالُ: رَكِب فُلَانٌ مِسْحَله إِذا رَكِب غَيَّه وَلَمْ يَنْتَه عَنْهُ، وأَصل ذَلِكَ الْفَرَسُ الجَمُوح يَرْكَبُ رأْسَه ويَعَضُّ عَلَى لِجامه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن ابْنَ مَسْعُودٍ افْتَتَحَ سُورَةَ النِّسَاءِ فَسَحَلَها
أَي قَرَأَها كُلَّها مُتَتَابِعَةً مُتَّصِلَةً، وَهُوَ مِنَ السَّحْل بِمَعْنَى السَّحِّ والصَّبِّ، وَقَدْ رُوِيَ بِالْجِيمِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: وَذَكَرَ الشِّعْر فَقَالَ الوَقْف والسَّحْلُ، قَالَ: والسَّحْل أَن يَتْبَعَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَهُوَ السَّرْد، قَالَ: وَلَا يجيءُ الكِتابُ إِلَّا عَلَى الوَقْف. وَفِي حَدِيثِ
عَليٍّ: إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَا يَزَالون يَطْعُنُون فِي مِسْحَلِ ضلالةٍ
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُوَ مِنَ قَوْلِهِمْ رَكِب مِسْحَلَه إِذا أَخذ فِي أَمر فِيهِ كَلَامٌ ومَضَى فِيهِ مُجِدّاً، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَراد أَنهم يُسْرِعون فِي الضَّلَالَةِ ويُجِدُّون فِيهَا. يُقَالُ: طَعَنَ فِي العِنَان يَطْعُنُ، وطَعَنَ فِي مِسْحَله يَطْعُن. يُقَالُ: يَطْعُن بِاللِّسَانِ ويَطْعُن بالسِّنان. وسَحَلَه بِلِسَانِهِ: شَتَمه؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلِّسان مِسْحَل؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَمِنْ خَطِيبٍ، إِذا مَا انْسَاحَ مِسْحَلُه ... مُفَرِّجُ الْقَوْلِ مَيْسُوراً ومَعْسُورا
والسِّحَالُ والمُسَاحَلَة: المُلاحاة بَيْنَ الرَّجُلَين. يُقَالُ: هُوَ يُسَاحِله أَي يُلاحِيه. ورَجُلٌ إِسْحِلانِيُّ اللِّحْيَةِ: طَوِيلُها حَسَنُها؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: الإِسْحِلانُ صِفَةٌ، والإِسْحِلانِيَّة مِنَ النِّسَاءِ الرائعةُ الجَمِيلة الطَّوِيلَةُ. وشابٌّ مُسْحُلانٌ ومُسْحُلانِيٌّ: طَوِيلٌ يُوصَفُ بِالطُّولِ وحُسْن القَوَام. والمُسْحُلانُ والمُسْحُلانِيُّ: السَّبْط الشَّعْرِ الأَفْرَع، والأُنثى بِالْهَاءِ. والسِّحْلال: الْعَظِيمُ الْبَطْنِ؛ قَالَ الأَعلم يَصِفُ ضِبَاعاً:
سُودٍ سَحَالِيلٍ كَأَنَّ ... جُلودَهُنَّ ثِيابُ راهِبْ(11/330)
أَبو زَيْدٍ: السِّحْلِيل النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ الضَّرع الَّتِي لَيْسَ فِي الإِبل مِثْلُهَا، فَتِلْكَ نَاقَةٌ سِحْليلٌ. ومِسْحَلٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ ومِسْحَلٌ: اسْمُ جِنِّيِّ الأَعشى فِي قَوْلِهِ:
دَعَوْتُ خَلِيلي مِسْحَلًا، ودَعَوْا لَهُ ... جِهِنَّامَ، جَدْعاً للهَجِينِ المُذَمَّمِ
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ومِسْحَلٌ اسْمُ تابِعَة الأَعشى. والسُّحَلَةُ مِثَالُ الهُمَزَة: الأَرنب الصُّغرى الَّتِي قَدِ ارْتَفَعَتْ عَنِ الخِرْنِق وَفَارَقَتْ أُمَّها؛ ومُسْحُلانُ: اسْمُ وَادٍ ذَكَره النابغةُ فِي شِعْرِهِ فَقَالَ:
فأَعْلى مُسحُلانَ فَحَامِرا «5»
وسَحُول: قَرْيَةٌ مِنْ قُرى الْيَمَنِ يُحْمل مِنْهَا ثيابُ قُطْنٍ بِيضٌ تُسَمَّى السُّحُوليَّة، بِضَمِّ السِّينِ، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ تُنْسَبُ إِليه الثِّيَابُ السَّحُوليَّة؛ قَالَ طَرَفة:
وبالسَّفْح آياتٌ كأَنَّ رُسُومَها ... يَمَانٍ، وَشَتْه رَيْدَةٌ وسَحُول
رَيْدَةُ وسَحُول: قَرْيَتَانِ، أَراد وَشَتْه أَهل رَيْدَة وسَحُول. والإِسْحِل، بالكسر: شَجَرٌ يُستاك بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ يَعْظُم يَنْبُت بِالْحِجَازِ بأَعالي نَجْد؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الإِسْحِل يُشْبِهُ الأَثْل ويَغْلُظ حَتَّى تُتَّخَذ مِنْهُ الرِّحال؛ وَقَالَ مُرَّة؛ يَغْلُظ كَمَا يَغْلُظ الأَثْل، وَاحِدَتُهُ إِسْحِلةٌ وَلَا نَظِيرَ لَهَا إِلَّا إِجْرِد وإِذْخِر، وَهُمَا نَبْتان، وإِبْلِم وَهُوَ الخُوصُ، وإِثْمِد ضَرْبٌ مِنَ الكُحْل، وَقَوْلُهُمْ لَقِيته ببَلْدة إِصْمِت؛ وَقَالَ الأَزهري: الإِسْحِلُ شَجَرَةٌ مِنْ شَجَرِ المَسَاويك؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وتَعْطُو برَخْصٍ غَير شَثْنٍ كأَنَّه ... أَسَارِيعُ ظَبْيٍ، أَو مَسَاوِيكُ إِسْحِلِ
سحبل: بَطْنٌ سَحْبَلٌ: ضَخْم؛ قَالَ هِمْيان:
وأَدْرَجَتْ بُطونَها السَّحَابِلا
اللَّيْثُ: السَّحْبَل الْعَرِيضُ الْبَطْنِ؛ وأَنشد:
لَكِنَّني أَحْبَبْتُ ضَبّاً سَحْبَلا
والسَّحْبَل مِنَ الأَودية: الْوَاسِعُ. وسَحْبَلٌ: اسْمُ وادٍ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ عُلْبة الحرثي:
أَلَهْفَى بِقُرَّى سَحْبَلٍ، حِينَ أَجْلَبَتْ ... عَلَينا الوَلايا، والعَدُوُّ المُباسِلُ
وقُرَّى: اسْمُ مَاءٍ. والسَّحْبَلة مِنَ الخُصَى: المُتَدَلِّية الْوَاسِعَةِ. والسَّحْبَلة: الضَّخْمة مِنَ الدِّلاءِ؛ قَالَ:
أَنْزِعُ غَرْباً سَحْبَلًا رَوِيَّا، ... إِذا عَلا الزَّوْرَ هَوَى هُوِيَّا
ووادٍ سَحْبَلٌ: وَاسْعٌ، وَكَذَلِكَ سِقَاء سَحْبَلٌ. وسَبَحْلَلٌ: ضَخْم، وَهُوَ فَعَلَّلٌ؛ وَقَالَ الجُمَيح:
فِي سَحْبَلٍ مِنْ مُسُوك الضَّأْن مَنْجُوب
يَعْنِي سِقاء وَاسِعًا قَدْ دُبِغ بالنَّجَب، وَهُوَ قِشْر السِّدْر. ودَلْوٌ سَحْبَلٌ: عَظِيمَةٌ. ووِعاء سَحْبَلٌ: وَاسِعٌ، وجِرَاب سَحْبَلٌ. وعُلْبَة سَحْبَلَةٌ: جَوْفاء. والسَّحْبَل والسَّبَحْلَل: الْعَظِيمُ المُسِنُّ مَنَّ الضِّباب. وصَحْراءُ سَحْبَلٍ: موضعٌ؛ قَالَ جَعْفَرُ
__________
(5) . قوله [فأعلى مسحلان إلخ] هكذا في الأَصل، والذي في التهذيب ومعجم ياقوت من شعر النابغة قوله:
سأربط كلبي أن يريبك نبحه ... وإن كنت أرعى مسحلان فحامرا(11/331)
ابن عُلْبة:
لَهُمْ صَدْرُ سَيْفِي يومَ صَحْراءِ سَحْبَلٍ، ... وَلي مِنْهُ مَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ الأَنامِلُ
أَبو عُبَيْدٍ: السَّحْبَل والسِّبَحْل والهِبِلُّ الفَحْل الْعَظِيمُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
أُحِبُّ أَن أَصطاد ضَبًّا سَحْبَلا، ... رَعَى الرَّبيعَ وَالشِّتَاءَ أَرْمَلا
سحجل: السَّحْجَلَةُ: دَلْكُ الشَّيْءِ أَو صَقْله؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بِثَبَت.
سخل: السَّخْلَةُ: وَلَدُ الشَّاةِ مِنَ المَعَز والضَّأْن، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، وَالْجَمْعُ سَخْلٌ وسِخَالٌ وسِخَلةٌ؛ الأَخيرة نادرة، وسُخْلانٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاح:
تُراقِبُه مُسْتَشِبَّاتُها، ... وسُخْلانُها حَوْلَه سارِحَه
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِوَلَدِ الْغَنَمِ سَاعَةَ تَضَعه أُمُّه مِنَ الضأْن والمَعَز جَمِيعًا، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، سَخلة، ثُمَّ هِيَ البَهْمة لِلذَّكَرِ والأُنثى، وَجَمْعُهَا بَهْمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
: كأَنِّي بجَبَّار يَعْمِد إِلى سَخْلي فيَقْتُله
؛ السَّخْل: الْمَوْلُودُ المُحَبَّب إِلى أَبويه، وَهُوَ فِي الأَصل وَلَدُ الْغَنَمِ. وَرِجَالٌ سُخَّلٌ وسُخَّالٌ: ضُعَفَاءُ أَرذال؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
فَلَقَدْ جَمَعْتُ مِنَ الصِّحاب سَريَّةً، ... خُدْباً لِدَاتٍ غَيْرَ وَخْشٍ سُخَّلٍ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ خَالِدٌ وَاحِدُهُمْ سَخْلٌ، وَهُوَ أَيضاً مَا لَمْ يُتَمَّم مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. التَّهْذِيبِ: وَيُقَالُ للأَوغاد مِنَ الرِّجَالِ سُخَّلٌ وسُخَّالٌ، قَالَ: وَلَا يُعْرف مِنْهُ وَاحِدٌ. وسَخَلَهم: نَفَاهم كخَسَلهم. والمَسْخُول: المَرْذُول كالمَخْسول. والسُّخَّل: الشِّيص. وسَخَّلَتِ النخلةُ: ضَعُف نَوَاهَا وتمرُها، وَقِيلَ: هُوَ إِذا نَفَضَتْه. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلتَّمْرِ الَّذِي لَا يشتدُّ نَواه الشِّيصُ، قَالَ: وأَهل الْمَدِينَةِ يُسَمُّونه السُّخَّل. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَنه خَرَج إِلى يَنْبُع حِينَ وادَعَ بَنِي مُدْلِجٍ فأَهْدَت إِليه امرأَة رُطَباً سُخَّلًا فقَبِلَه
؛ السُّخَّل، بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْخَاءِ: الشِّيصُ عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ، يَقُولُونَ: سَخَّلَتِ النخلةُ إِذا حَمَلَت شِيصاً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
: أَن رَجُلًا جَاءَ بكَبائس مِنْ هَذِهِ السُّخَّل
، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَيُقَالُ: سَخَّلْت الرجُلَ إِذا عِبْتَه وضعَّفْته، وَهِيَ لُغَةُ هُذَيْل. وأَسْخَلَ الأَمرَ: أَخَّره. والسِّخَال: مَوْضِعٌ أَو مَوَاضِعُ؛ قَالَ الأَعشى:
حَلَّ أَهْلي مَا بَيْنَ دُرْنَى فبادَوْلى ... ، وحَلَّتْ عُلْوِيَّةً بالسِّخَال
والسِّخَالُ: جَبَلٌ مِمَّا يَلِي مَطلَع الشَّمْسِ يُقَالُ لَهُ خِنْزير؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وقُلْتُ: لَحَى اللهُ رَبُّ الْعِبَادِ ... جَنُوبَ السِّخَالِ إِلى يَتْرَبِ
والسَّخْلُ: أَخْذُ الشَّيْءِ مُخاتَلةً واجْتِذاباً؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ لَا أَحفظه لِغَيْرِ اللَّيْثِ وَلَا أُحِقُّ مَعْرِفَتَهُ إِلا أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا مِنَ الخَلْسِ كَمَا قَالُوا جَذَبَ وجَبَذَ وبَضَّ وضَبَّ. وكواكِبُ مَسْخُولَةٌ أَي مَجْهولة؛ قَالَ:
ونَحْنُ الثُّرَيَّا وجَوْزاؤُها، ... ونَحْنُ الذِّراعانِ والمِرْزَمُ(11/332)
وأَنتم كواكبُ مَسْخُولَةٌ، ... تُرَى فِي السَّمَاءِ وَلَا تُعْلَمُ
وَيُرْوَى مَخْسولة، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَرْفِ الْخَاءِ.
سدل: سَدَلَ الشَّعْرَ والثوبَ والسِّتْرَ يَسْدِلُه ويَسْدُلُه سَدْلًا وأَسْدَلَه: أَرْخاه وأَرْسَلَه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه خَرَج فرأَى قَوْمًا يُصَلُّون قَدْ سَدَلُوا ثيابَهم فَقَالَ: كأَنَّهم اليهودُ خَرَجوا مِنْ فُهْرِهم
؛ قال أَبو عُبَيْدٍ: السَّدْل هُوَ إِسْبال الرَّجُلِ ثوبَه مِنْ غَيْرِ أَن يَضُمَّ جَانِبَيْهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فإِن ضَمَّه فَلَيْسَ بسَدْلٍ، وَقَدْ رُوِيت فِيهِ الكراهةُ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَنها سَدَلَتْ طَرَف قِناعها عَلَى وَجْهِهَا وَهِيَ مُحْرِمة
أَي أَسْبَلَتْه. وَفِي الْحَدِيثِ
: نُهِي عَنْ السَّدْل فِي الصَّلَاةِ
؛ هُوَ أَن يَلْتَحِف بِثَوْبِهِ وَيُدْخِلَ يَدَيْهِ مِنْ دَاخِلٍ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَفْعَلُهُ فنُهُوا عَنْهُ، وَهَذَا مطَّرد فِي الْقَمِيصِ وَغَيْرِهِ مِنَ الثِّيَابِ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَضَعَ وسَطَ الإِزار عَلَى رأْسه ويُرْسل طَرَفيه عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَن يجعلهما على كتفيه، قَالَ سِيبَوَيْهِ: فأَما قَوْلُهُمْ يَزْدُلُ ثَوْبَهُ فَعَلَى المُضارَعة، لأَن السِّينَ لَيْسَتْ بمُطْبَقة وَهِيَ مِنْ مَوْضِعِ الزَّايِ فحَسُنَ إِبدالُها لِذَلِكَ، وَالْبَيَانُ فِيهَا أَجْوَد إِذ كَانَ الْبَيَانُ فِي الصَّادِ أَكثر مِنَ المُضارَعة مَعَ كَوْنِ المُضارَعة فِي الصَّادِ أَكثر مِنْهَا فِي السِّينِ. وشَعر مُنْسَدِلٌ: مسترسلٌ، قال اللَّيْثُ: شَعْرٌ مُنْسَدِلٌ ومُنْسَدِرٌ كَثِيرٌ طَوِيلٌ قَدْ وَقَعَ عَلَى الظَّهر. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدِم المدينةَ وأَهل الْكِتَابِ يَسْدِلُون أَشعارهم وَالْمُشْرِكُونَ يَفْرُقون فسَدَلَ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَعْرَهُ ثُمَّ فَرَقَه
، وَكَانَ الفَرْق آخر الأَمرين؛ قال ابْنُ شُمَيْلٍ: المُسَدَّل مِنَ الشَّعر الكثيرُ الطويل، يقال: سَدَّلَ شَعرَه عَلَى عَاتِقَيْهِ وَعُنُقِهِ وسَدَلَه يَسْدِله. والسَّدْل: الإِرسال لَيْسَ بمَعْقوف وَلَا مُعَقَّد. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سَدَلْت الشَّعَر وسَدَنْته أَرخيته. الأَصمعي: السُّدُولُ والسُّدُون، بِاللَّامِ وَالنُّونِ، مَا جُلِّل بِهِ الهَوْدج مِنَ الثِّيَابِ، والسَّدِيلُ: مَا أُسْبِلَ عَلَى الْهَوْدَجِ، وَالْجَمْعُ السُّدُول والسَّدائِل والأَسْدَال. والسَّدِيل: شَيْءٌ يُعَرَّض فِي شُقَّة الخِباء، وَقِيلَ: هُوَ سِتْر حَجَلة المرأَة. والسِّدْل والسُّدْل: السِّتْر، وَجَمْعُهُ أَسْدَال وسُدُول؛ فأَما قَوْلُ حُمَيد بْنِ ثَوْرٍ:
فَرُحْنَ وَقَدْ زايَلْنَ كُلَّ ظَعِينةٍ ... لَهُنَّ، وباشَرْنَ السُّدُول المُرَقَّما
فإِنه لَمَّا كَانَ السُّدُول عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ كالسُّدوس لِضَرْبٍ مِنَ الثِّيَابِ وصَفَه بالواحد، قال: وَهَكَذَا رَوَاهُ يَعْقُوبُ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: السَّدِيل المُرَقَّما؛ قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لأَن السَّدِيل وَاحِدٌ. ابْنُ الأَعرابي: سَوْدَل الرجلُ إِذا طَالَ سَوْدَلاه أَي شَارِبَاهُ. والسِّدل: السِّمْط مِنَ الْجَوْهَرِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: مِنَ الدُّرِّ يَطُولُ إِلى الصَّدْرِ، وَالْجَمْعُ سُدُولٌ؛ وَقَالَ حَاجِبٌ الْمُزْنِيُّ:
كَسَوْنَ الفارِسِيَّةَ كُلَّ قَرْنٍ، ... وزَيَّنَّ الأَشِلَّةَ بالسُّدُول
وَيُرْوَى:
كَسَوْنَ القادِسِيَّة كُلَّ قَرْنٍ
والسَّدَلُ: المَيَل. وذَكَرٌ أَسْدَلُ: مَائِلٌ. وسَدَلَ ثوبَه يَسْدِلُه: شَقَّه. والسَّدِيلُ: مَوْضِعٌ. والسِّدِلَّى، عَلَى فِعِلَّى:(11/333)
معرَّب وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ سِهْدِلَّه كأَنه ثلاثة بُيُوت فِي بَيْت كالحارِيِّ بكُمَّيْن.
سرل: أَما سرل فَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ صَحِيحٍ، والسَّراوِيلُ: فَارِسِيٌّ مُعَرَّب، يُذَكَّر وَيُؤَنَّثُ، وَلَمْ يَعْرِفِ الأَصمعي فِيهَا إِلا التأْنيث؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبادة:
أَرَدْتُ لِكَيْما يَعْلَم الناسُ أَنها ... سَراوِيلُ قَيْس، والوُفُودُ شهودُ
وأَن لَا يَقُولوا: غابَ قَيْسٌ وَهَذِهِ ... سَرَاوِيلُ عادِيٍّ نَمَتْه ثَمُودُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: بَلَغَنا أَن قَيْساً طاوَل رُومِيّاً بَيْنَ يَدَيْ مُعَاوِيَةَ، أَو غَيْرِهِ مِنَ الأُمراء، فتجرَّد قَيْسٌ مِنْ سَراوِيله وأَلقاها إِلى الرُّومِيِّ ففَضِلَتْ عَنْهُ، فَعَلَ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ يَعْتَذِرُ مِنْ إِلقاء سَراويله فِي الْمَشْهَدِ الْمَجْمُوعِ. قَالَ اللَّيْثُ: السَّراوِيل أَعْجَمِيَّة أُعْرِبَتْ وأُنِّثَت، وَالْجَمْعُ سَراوِيلات، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُكَسَّر لأَنه لَوْ كُسِّر لَمْ يَرْجِعْ إِلا إِلى لَفْظِ الْوَاحِدِ فتُرِكَ، وَقَدْ قِيلَ سَرَاوِيل جَمْعٌ وَاحِدَتُهُ سِرْوَالة؛ قَالَ:
عَلَيْه مِن اللّؤْمِ سِرْوالةٌ، ... فلَيْسَ يَرِقُّ لمُسْتَعْطِف
وسَرْوَلَهُ فَتَسَرْوَلَ: أَلْبَسَه إِياها فلبَسها؛ الأَزهري: جَاءَ السَّرَاوِيل عَلَى لَفْظِ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ وَاحِدَةٌ، قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الأَعراب يَقُولُ سِرْوَال. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه كَرِه السَّرَاوِيل المُخَرْفَجَةَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ الْوَاسِعَةُ الطَّوِيلَةُ؛ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ سِيبَوَيْهِ سَرَاوِيل وَاحِدَةٌ، وَهِيَ أَعجمية أُعْرِبَتْ فأَشبهت مِنْ كَلَامِهِمْ مَا لَا يَنْصَرِفُ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ، فَهِيَ مَصْرُوفَةٌ فِي النَّكِرَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ فَهِيَ مَصْرُوفَةٌ فِي النَّكِرَةِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وإِن سَمَّيْتَ بِهَا رَجُلًا لَمْ تَصْرِفها، وَكَذَلِكَ إِن حَقَّرْتها اسْمُ رَجُلٍ لأَنها مُؤَنَّثٌ عَلَى أَكثر مِنْ ثَلَاثَةِ أَحرف مِثْلَ عَناق، قَالَ: وَفِي النَّحْوِيِّينَ مَنْ لَا يَصْرِفُهُ أَيضاً فِي النَّكِرَةِ وَيَزْعُمُ أَنه جَمْعُ سِرْوَال وسِرْوَالة ويُنْشِد:
عَلَيْه مِنَ اللُّؤْمِ سِرْوَالةٌ
ويَحْتَجُّ فِي تَرْكِ صَرْفِهِ بِقَوْلِ ابْنِ مُقْبِلٍ:
أَتى دُونَهَا ذَبُّ الرِّياد كأَنَّه ... فَتًى فارِسِيٌّ فِي سَرَاوِيل رامِح «1»
. قَالَ: وَالْعَمَلُ عَلَى الْقَوْلِ الأَول، وَالثَّانِي أَقوى؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِآخَرَ فِي تَرْكِ صَرْفِهَا أَيضاً:
يَلُحْنَ مِنْ ذِي زَجَلٍ شِرْواطِ، ... مُحْتَجِزٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ،
عَلَى سَرَاوِيلَ لَهُ أَسماط
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ شَرْحَلَ قَالَ: شَراحِيلُ اسْمُ رَجُلٍ لَا يَنْصَرِفُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ، وَيَنْصَرِفُ عِنْدَ الأَخفش فِي النَّكِرَةِ، فإِن حَقَّرْته انْصَرَفَ عِنْدَهُمَا لأَنه عَرَبِيٌّ، وَفَارَقَ السَّرَاوِيل لأَنها أَعجميَّة؛ قَالَ ابْنُ بري: العُجْمة هاهنا لَا تَمْنَعُ الصَّرْفَ مِثْلَ دِيبَاجٍ ونَيْرُوز، وإِنما تَمنع العُجْمةُ الصَّرْفَ إِذا كَانَ الْعَجَمِيُّ مَنْقُولًا إِلى كَلَامِ الْعَرَبِ وَهُوَ اسْمُ عَلَمٌ كإِبراهيم وإِسماعيل، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَنْصَرِفُ سَراوِيل إِذا صُغِّر فِي قَوْلِكَ سُرَيِّيل، وَلَوْ سَمَّيَتْ بِهِ شَيْئًا لَمْ يَنْصَرِفْ للتأْنيث وَالتَّعْرِيفِ، وطائرٌ مُسَرْوَلٌ: أَلْبَسَ ريشُه ساقَيْه؛ وأَما
__________
(1) . قوله [أتى دونها إلخ] تقدم في ترجمة رود: يُمَشِّي بِهَا ذَبُّ الرِّيَادِ(11/334)
قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ فِي صِفَةِ الثَّوْرِ:
تَرى الثَّوْرَ يَمْشي رَاجِعًا مَنْ ضَحائه ... بِهَا مِثْلَ مَشْي الهِبْرِزِيِّ المُسَرْوَل
فإِنه أَراد بالهِبْرزيِّ الأَسدَ، جَعَلَهُ مُسَرْوَلًا لِكَثْرَةِ قَوَائِمِهِ، وَقِيلَ: الهِبْرِزِيُّ الْمَاضِي فِي أَمره، وَيُرْوَى: بِهَا مِثْلَ مَشْي الهِرْبِذِيِّ، يَعْنِي مَلِكاً فَارِسِيًّا أَو دِهْقاناً مِنْ دَهاقينهم، وجَعَلَهُ مُسَرْوَلًا لأَنه مِنْ لِبَاسِهِمْ؛ يَقُولُ: هَذَا الثَّوْرُ يَتَبَخْتَرُ إِذا مَشَى تَبَخْتُر الْفَارِسِيِّ إِذا لَبِسَ سَرَاوِيلَه. وحَمامة مُسَرْوَلةٌ: فِي رِجْلَيْهَا رِيشٌ. والسَّراوِين: السَّراوِيل، زَعَمَ يَعْقُوبُ أَن النُّونَ فِيهَا بَدَلٌ مِنَ اللَّامِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي شِياتِ الْخَيْلِ: إِذا جَاوَزَ بياضُ التَّحْجِيلِ العَضُدين والفَخذين فَهُوَ أَبْلَق مُسَرْوَلٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ مُسَرْوَلٌ لِلسَّوَادِ الذي في قوائمه.
سرأل: إِسْرَائِيلُ وإِسْرائينُ: زَعَمَ يعقوب أَنه بدل اسم مَلَكٍ.
سربل: السِّرْبالُ: القَميص والدِّرْع، وَقِيلَ: كُلُّ مَا لُبِسَ فَهُوَ سِرْبالٌ، وَقَدْ تَسَرْبَلَ بِهِ وسَرْبَلَه إِياه. وسَرْبَلْتُه فَتَسَرْبَل أَي أَلبسته السِّرْبالَ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا أَخْلَع سِرْبالًا سَرْبَلَنِيه اللهُ تَعَالَى
؛ السِّرْبَالُ: القَمِيصُ وكَنَى بِهِ عَنِ الخِلافة ويُجْمَع عَلَى سَرَابِيلَ. وَفِي الْحَدِيثِ
: النَّوائحُ عليهنَّ سَرَابِيلُ مِنْ قَطِرانٍ
، وَتُطْلَقُ السَّرَابِيلُ عَلَى الدُّرُوعِ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
شُمُّ العَرانِينِ أَبْطالٌ لَبوسُهُمُ ... مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ، فِي الهَيْجا، سَرَابِيلُ
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ
؛ إِنها القُمُص تَقي الحَرَّ والبَرْد، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الحَرِّ كأَنَّ مَا وَقى الحَرَّ وَقى الْبَرْدَ. وأَما قوله تعالى: وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ
؛ فَهِيَ الدُّرُوع. والسَّرْبَلَة: الثَّرِيد الْكَثِيرُ الدَّسَمِ. أَبو عَمْرٍو: السَّرْبَلَة ثَرِيدة قَدْ رُوِّيَتْ دَسَماً.
سرطل: رَجُل سَرْطَلٌ: طَوِيلٌ مضطرب الخَلْق، وهي السَّرْطَلَة.
سرفل: إِسْرَافِيلُ وإِسْرافِينُ وَكَانَ القَنانيُّ يَقُولُ سَرافِيل وسَرافِين وإِسْرائيل وإِسْرائِينُ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنه بدلٌ اسمُ مَلَكٍ، قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ هَمْزَةُ إِسْرافِيل أَصلًا فَهُوَ عَلَى هذا خُماسيٌّ.
سطل: السَّيْطَل: الطُّسَيسَةُ الصغيرةُ، يُقَالُ إِنه عَلَى صِفَةِ تَوْرٍ لَهُ عُرْوَةٌ كعُرْوَةِ المِرْجَل، والسَّطْلُ مِثْلُهُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاح:
حُبِسَتْ صُهارَتُه فظَلَّ عُثانُه ... فِي سَيْطَلٍ كُفِئَتْ لَهُ يَتَرَدَّدُ
وَالْجَمْعُ سُطُول، عربي صحيح، والسَّيْطَل لُغَةٌ فِيهِ «1» والسَّيْطَل: الطَّسْت؛ وَقَالَ هِمْيان بْنُ قُحافة فِي الطَّسْل:
بَلْ بَلَدٍ يُكْسى القَتام الطَّاسِلا، ... أَمْرَقْتُ فِيهِ ذُبُلًا ذَوابِلا
قَالُوا: الطَّاسِلُ المُلْبِس. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الطَّاسِل والسَّاطِل مِنَ الْغُبَارِ المرتفعُ.
سعل: سَعَلَ يَسْعُلُ سُعالًا وسُعْلةً وَبِهِ سُعْلة، ثُمَّ كَثُر ذَلِكَ حَتَّى قَالُوا: رَمَاهُ فَسَعَلَ الدَّمَ أَي أَلقاه
__________
(1) . قوله [والسَّيْطَل لغة فيه] أي في السطل كما هو ظاهر، وسيأتي في ترجمة طسل أن الطيسل بتقديم الطاء لغة في السَّيْطَل(11/335)
مِنْ صَدْرِهِ؛ قَالَ:
فَتَآيا بطَرِيرٍ مُرْهَفٍ ... جُفْرةَ المَحْزِم منه، فَسَعَل
وسُعالٌ ساعِل عَلَى الْمُبَالَغَةِ، كَقَوْلِهِمْ شُغْلٌ شاغِلٌ وشِعْرٌ شاعِرٌ. والسَاعِلُ: الحَلْق؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
سَوَّافِ أَبْوالِ الحَمِير، مُحَشْرِجٍ ... مَاءُ الجَمِيم إِلى سَوافي السَّاعِل
سَوافِيهِ: حُلْقومُه ومَرِيئُه؛ قَالَ الأَزهري: والسَّاعِل الفَمُ فِي بَيْتِ ابْنِ مُقْبِلٍ:
عَلى إِثْرِ عَجَّاجٍ لَطِيفٍ مَصِيرُه، ... يَمُجُّ لُعاعَ العَضْرَسِ الجَوْنِ سَاعِلُه
أَي فَمُه، لأَن الساعِلَ بِهِ يَسْعُل. والمَسْعَلُ: مَوْضِعُ السُّعال مِنَ الحَلْق. وسَعَلَ سَعْلًا: نَشِطَ. وأَسْعَلَه الشيءُ: أَنْشَطَه؛ وَيُرْوَى بَيْتُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
أَكَلَ الجَمِيمَ وطاوَعَتْه سَمْحَجٌ ... مثلُ القَناةِ، وأَسْعَلَتْه الأَمْرُعُ
والأَعرف: أَزْعَلَتْه. أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ سَعِلٌ زَعِلٌ أَي نَشِيطٌ، وَقَدْ أَسْعَلَه الكَلأُ وأَزْعَلَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والسَّعَلُ: الشِّيصُ الْيَابِسُ. والسِّعْلاةُ والسِّعْلا: الغُولُ، وَقِيلَ: هِيَ سَاحِرَةُ الجِنِّ. واسْتَسْعَلَتِ المرأَةُ: صَارَتْ كالسِّعْلاة خُبْثاً وسَلاطَةً، يقال ذَلِكَ للمرأَة الصَّخَّابة البَذِيَّة؛ قال أَبو عَدْنَانَ: إِذا كَانَتِ المرأَة قَبِيحَةَ الْوَجْهِ سيِّئة الخُلُق شُبِّهت بالسِّعْلاة، وَقِيلَ: السِّعْلاة أَخبث الغِيلان، وَكَذَلِكَ السِّعْلا، يَمُدُّ وَيَقْصُرُ، وَالْجَمْعُ سَعَالى وسَعالٍ وسِعْلَياتٌ، وَقِيلَ: هِيَ الأُنثى مِنَ الغِيلان. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا صَفَرَ وَلَا هامَةَ وَلَا غُولَ وَلَكِنَّ السَّعَالى
؛ هِيَ جُمَعُ سِعْلاةٍ، قِيلَ: هُمْ سَحَرَةُ الجِنِّ، يَعْنِي أَن الغُولَ لَا تَقْدِرُ أَن تَغُول أَحداً وتُضِلَّه، وَلَكِنْ فِي الْجِنِّ سَحَرة كسَحَرة الإِنس لَهُمْ تَلْبِيسٌ وَتَخْيِيلٌ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْعَرَبُ فِي شِعْرِهَا؛ قَالَ الأَعشى:
ونِساءٍ كأَنَّهُنَّ السَّعَالي
قَالَ أَبو حَاتِمٍ: يُرِيدُ فِي سُوءَ حَالِهِنَّ حِينَ أُسِرْنَ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ الخَيل:
عَلَيْهِنَّ وِلْدانُ الرِّجالِ كأَنَّها ... سَعالى وعِقْبانٌ، عَلَيْهَا الرَّحائِلُ
وَقَالَ جِرانُ العَوْدِ:
هِيَ الغُولُ والسِّعْلاةُ خَلْفيَ مِنْهما ... مُخَدَّشُ مَا بَيْن التَّراقي مُكَدَّحُ
وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: لَمْ يَصِف العربُ بالسِّعْلاة إِلا العَجائزَ والخيلَ؛ قال شَمِر: وشبَّه ذُو الإِصْبَعِ الفُرْسان بالسَّعالي فَقَالَ:
ثُمَّ انْبَعَثْنا أُسودَ عاديةٍ، ... مِثْلَ السَّعالي نَقائياً نُزُعاً
فَهِيَ هاهنا الفُرْسانُ، نَقائِياً: مُخْتارات، النُّزُعُ: الَّذِينَ يَنْزِعُ كلٌّ مِنْهُمْ إِلى أَب شريف؛ قال أَبو زَيْدٍ: مِثْلَ قَوْلِهِمُ اسْتَسْعَلَتِ المرأَةُ قولُهم عَنْزٌ نَزَتْ فِي حَبْلٍ «2» فاسْتَتْيَسَتْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ اسْتِتْياسِها اسْتَعْنَزَتْ؛ ومثله:
__________
(2) . قوله [في حبل] هكذا في الأَصل بالحاء، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ جبل، بالجيم(11/336)
إِن البُغاثَ بأَرْضِنا يَسْتَنْسِر
واسْتَنْوَق الجَمَلُ، واسْتَأْسَدَ الرَّجُلُ، واسْتَكْلَبَتِ المرأَةُ.
سغل: السَّغِلُ: الدقيقُ الْقَوَائِمِ الصغيرُ الجُثَّة الضعيفُ؛ وَالِاسْمُ السَّغَل. والسَّغِلُ والوغِلُ: السَّيِءُ الغِذاء الْمُضْطَرِبُ الأَعضاء السَّيء الخُلُق. يُقَالُ: صَبِيٌّ سَغِلٌ بَيِّن السَّغَل. وسَغِلَ الفرسُ سَغَلًا: تَخَدَّدَ لَحْمُهُ وهُزِلَ؛ قَالَ سَلامَةُ بْنُ جَنْدَل يَصِفُ فَرَساً:
لَيْسَ بأَسْفى وَلَا أَقْنى وَلَا سَغِلٍ ... يُسْقى دَواءً، قَفِيّ السَّكْن مرْبُوب
وَيُقَالُ: هُوَ المُتَخَدِّدُ المَهْزُول. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ سَغَنَ: الأَسغانُ الأَغذية الرَّديئة، ويقال باللام أَيضاً.
سغبل: سَغْبَلَ الطعامَ: أَدَمَه بالإِهالة والسَّمْن، وَقِيلَ: رَوَّاهُ دَسَماً. وشَيءٌ سَغْبَلٌ: سَهْلٌ. وسَغْبَل رأْسه بالدُّهْن أَي رَوَّاه، وَقَالَ غَيْرُهُ: سَبْغَله فاسْبَغَلَّ، قُدِّمت الْبَاءُ عَلَى الْغَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. والسَّغْبَلَة: أَن يُثْرَدَ اللَّحْمُ مَعَ الشَّحْمِ فَيَكْثُرَ دَسَمه؛ وأَنشد:
مَنْ سَغْبَل اليومَ لَنا، فَقَدْ غَلَبْ، ... خُبْزاً ولَحْماً، فَهْوَ عِنْدَ النَّاسِ حَب
سفل: السُّفْلُ والسِّفْلُ والسُّفُولُ والسَّفَال والسُّفَالَة، بِالضَّمِّ. نقيضُ العُلْوِ والعِلْوِ والعُلُوِّ والعَلاءِ والعُلاوة. والسُّفْلَى: نقيضُ العُلْيا. والسُّفْلُ: نقيض العُلْوِ في التَّسَفُّل والتَّعَلِّي. والسَّافِلةُ: نَقِيضُ العالِية فِي الرُّمْح وَالنَّهْرِ وَغَيْرِهِ. والسَّافِلُ: نَقِيضُ الْعَالِي. والسِّفْلة: نقيضُ العِلْية. والسَّفَالُ: نَقِيضُ العَلاء. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَسْفَل نَقِيض الأَعْلى، يَكُونُ اسْمًا وَظَرْفًا. وَيُقَالُ: أَمرهم فِي سَفَال وَفِي عَلاء. والسُّفُولُ: مَصْدَرٌ وَهُوَ نَقِيضُ العُلُوِّ، والسِّفْل نَقِيضُ العِلْوِ فِي الْبِنَاءِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
، قُرِئَ بِالنَّصْبِ لأَنه ظَرْفٌ، وَيُقْرَأُ
أَسْفَلُ مِنْكُمْ
، بِالرَّفْعِ، أَي أَشدُّ تَسَفُّلًا مِنْكُمْ. والسَّفَالَة، بِالْفَتْحِ: النَّذَالة، قد سَفُلَ، بِالضَّمِّ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ إِلى الهَرَم، وَقِيلَ إِلى التَّلَف، وَقِيلَ رَدَدْناه إِلى أَرْذل العُمُر كأَنه قَالَ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ مَنْ سَفَل وأَسْفَلَ سافِلٍ، وَقِيلَ إِلى الضَّلَالِ، لأَن كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرة فَمَنْ كَفَرَ وَضَلَّ فَهُوَ الْمَرْدُودُ إِلى أَسفل السَّافِلِينَ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ؛ وَجَمْعُهَا أَسافِلُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بأَطْيَبَ مِن فِيهَا إِذا جِئْتُ طارِقاً، ... وأَشْهَى إِذا نَامَتْ كِلابُ الأَسَافِل
أَراد أَسافل الأَودية يَسْكُنُهَا الرُّعَاة، وَهُمْ آخِرُ مَنْ يَنَامُ لِتَشاغُلِهم بالرَّبْط والحَلْب، وَقَدْ سَفَلَ وسَفُلَ يَسْفُل فِيهِمَا سَفَالًا وسُفُولًا وتَسَفَّلَ. وسَفِلَة النَّاسِ وسِفْلَتُهم: أَسافِلهُم وغَوْغاؤهم، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُمُ السَّفِلة لأَرذال النَّاسِ، وَهُمْ مِنْ عِلْيَة الْقَوْمِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُخَفِّف فَيَقُولُ: هُمُ السِّفْلة. وَفُلَانٌ مِنْ سِفْلة الْقَوْمِ إِذا كَانَ مِنْ أَراذِلهم، فَيَنْقُل كَسْرَةَ الْفَاءِ إِلى السِّينِ. الْجَوْهَرِيُّ: السَّفِلة السُّقَاط مِنَ النَّاسِ، يُقَالُ: هُوَ مِنَ السَّفِلة، وَلَا يُقَالُ هُوَ سَفِلة لأَنها جَمْعٌ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ رَجُلٌ سَفِلة مِنْ قَوْمٍ سَفِلٍ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْعِيدِ:
فَقَالَتِ امرأَة مِنْ سَفِلة النِّساء
، بِفَتْحِ(11/337)
السِّينِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَهِيَ السُّقَاط، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى ابْنُ خَالَوَيْهِ أَنه يُقَالُ السِّفِلَة، بِكَسْرِهِمَا، وَحُكِيَ عَنْ أَبي عُمَرَ أَن الْمُرَادَ بِهَا أَسْفَل السُّفَّل، قَالَ: وَكَذَا قَالَ الْوَزِيرُ، يُقَالُ لأَسفل السُّفَّل سَفِلَة. وسأَل رَجُلٌ التِّرْمِذي فَقَالَ لَهُ: قَالَتْ لِي امرأَتي يَا سَفِلَة فَقُلْتُ لَهَا: إِن كُنْتُ سَفِلَة فأَنت طَالِقٌ فَقَالَ لَهُ: مَا صَنْعَتُك؟ قَالَ: سَمَّاكٌ، أَعَزَّك اللهُ قَالَ: سَفِلةٌ، وَاللَّهِ قَالَ: فَظَاهِرُ هَذِهِ الْحِكَايَةِ أَنه يَجُوزُ أَن يُقَالَ لِلْوَاحِدِ سَفِلَة. وأَسافِلُ الإِبل: صغارُها؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
تَوَاكَلَها الأَزْمانُ، حَتَّى أَجَأْنَها ... إِلى جَلَدٍ مِنْهَا قليلِ الأَسَافِل
أَي قَلِيلِ الأَولاد. والسَّافِلَة: المَقْعَدة والدُّبُرُ. والسَّفِلَة، بِكَسْرِ الْفَاءِ: قَوَائِمُ الْبَعِيرِ. ابْنُ سِيدَهْ: وسَفِلَةُ الْبَعِيرِ قوائمُه لأَنها أَسفل. وسَافِلَةُ الرُّمح: نِصْفُهُ الَّذِي يَلِي الزُّجَّ. وقَعَد فِي سُفَالَة الرِّيحِ وعُلاوتها وقَعَدَ سُفَالَتَها وعُلاوَتها. فالعُلاوةُ مِنْ حَيْثُ تَهُبُّ، والسُّفَالَة مَا كَانَ بإِزاء ذَلِكَ، وَقِيلَ: سُفَالة كُلِّ شَيْءٍ وعُلاوتُه أَسْفَلُه وأَعْلاه، وَقِيلَ: كُنْ فِي عُلاوةِ الرِّيح وسُفَالة الرِّيحِ، فأَما عُلاوتُها فأَن تَكُونَ فَوْقَ الصَّيْدِ، وأَما سُفَالَتها فأَن تَكُونَ تَحْتَ الصَّيْدِ لَا تَسْتَقْبِلُ الرِّيحَ. والتَّسْفِيل: التصويب. والتَّسَفُّل: التَّصوُّب.
سفرجل: السَّفَرْجَل: مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ سَفَرْجَلَة، وَالْجَمْعُ سَفَارِج؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَهُوَ كَثِيرٌ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ. وَقَوْلُ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلَ سِفِرجال، لَا يُرِيدُ أَن سِفِرْجالًا شَيْءٌ مَقُولٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلَ اسْفَرْجَلْت، لَا يُرِيدُ أَن اسْفَرْجَلْت مَقُولَةٌ إِنما نَفَى أَن يَكُونَ فِي الْكَلَامِ مِثْلَ هَذَا الْبِنَاءِ، لَا اسْفَرْجَلْت وَلَا غَيْرُهُ، وَتَصْغِيرُ السَّفَرْجَلة سُفَيْرِجٌ وسُفَيْجِلٌ، وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ.
سقل: السُّقْل: لُغَةٌ فِي الصُّقْل، وَهِيَ الخاصِرَة. والسَّقَل فِي الْيَدِ: كالصَّدَف، سَقِلَ سَقَلًا، وَهُوَ أَسْقَل. الْيَزِيدِيُّ: هُوَ السَّيْقَل والصَّيْقَل. وسَيْفٌ سَقِيل وصَقِيل؛ الأَزهري: وَالصَّادُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَفصح.
سلل: السَّلُّ: انتزاعُ الشَّيْءِ وإِخراجُه فِي رِفْق، سَلَّه يَسُلُّه سَلًّا واسْتَلَّه فانْسَلَّ وسَلَلْتُه أَسُلُّه سَلًّا. والسَّلُّ: سَلُّك الشعرَ مِنَ الْعَجِينِ وَنَحْوِهِ. والانْسِلالُ: المُضِيُّ وَالْخُرُوجُ مِنْ مَضِيق أَو زِحامٍ. سِيبَوَيْهِ: انْسَلَلْت لَيْسَتْ لِلْمُطَاوَعَةِ إِنما هِيَ كفَعَلْت كَمَا أَن افْتَقَرَ كضَعُف؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
غَدَاةَ تَوَلَّيْتُم، كأَنَّ سُيُوُفَكُم ... ذَآنِينُ فِي أَعناقِكُمْ، لَمْ تُسَلْسَل
فَكَّ التضعيفَ كَمَا قَالُوا هُوَ يَتَمَلْمَلُ وإِنما هُوَ يَتَمَلَّل، وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي، فأَما ثَعْلَبٌ فَرَوَاهُ لَمْ تُسَلَّل، تُفَعَّل مِنَ السَّلِّ. وسَيْف سَلِيلٌ: مَسْلُول. وسَلَلْت السيفَ وأَسْلَلْته بِمَعْنًى. وأَتيناهم عِنْدَ السَّلَّة أَي عِنْدَ اسْتِلال السيوف؛ قال حِمَاس بْنُ قَيْسِ بْنِ خَالِدٍ الْكِنَانِيُّ:
هَذَا سِلاحٌ كامِلٌ وأَلَّهْ، ... وَذُو غِرَارَيْنِ سَرِيعُ السَّلَّهْ
وانْسَلَّ وتَسَلَّلَ: انْطَلَق في استخفاء. الجوهري: وانْسَلَّ مِنْ بَيْنِهِمْ أَي خَرَجَ. وَفِي الْمَثَلِ: رَمَتْني بِدائها وانْسَلَّتْ، وتَسَلَّل مثلُه. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فانْسَلَلْتُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
أَي مَضَيْتُ وَخَرَجْتُ بتَأَنٍّ وَتَدْرِيجٍ. وَفِي حَدِيثِ
حَسَّان:(11/338)
لأَسُلَّنَّك مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرة مِنَ الْعَجِينِ.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ اسْلُل سَخِيمةَ قَلْبِي.
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
مَنْ سَلَّ سَخِيمَتَه فِي طَرِيقِ النَّاسِ.
وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْعٍ: مَضْجَعُه كمَسَلِّ شَطْبَةٍ
؛ المَسَلُّ: مَصْدَرٌ بِمَعْنَى المَسْلُول أَي مَا سُلَّ مِنْ قِشْرِهِ، والشَّطْبة: السَّعَفة الْخَضْرَاءُ، وَقِيلَ السَّيْف. والسُّلالَةُ: مَا انْسَلَّ مِنَ الشَّيْءِ. وَيُقَالُ: سَلَلْت السيفَ مِنَ الغِمْد فانْسَلَّ. وانْسَلَّ فُلَانٌ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ يَعْدو إِذا خَرَجَ فِي خُفْية يَعْدُو. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَلُوذُ هَذَا بِهَذَا يَسْتَتِر ذَا بِذَا؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: يَتَسَلَّلون ويَنْسَلُّون واحدٌ. والسَّلِيلَةُ: الشَّعَر يُنْفَش ثُمَّ يُطْوَى وَيُشَدُّ ثُمَّ تَسُلُّ مِنْهُ المرأَة الشيءَ بَعْدَ الشَّيْءِ تَغْزِله. وَيُقَالُ: سَلِيلةٌ مَنْ شَعَر لِمَا اسْتُلَّ مِنْ ضَريبته، وَهِيَ شَيْءٌ يُنْفَش مِنْهُ ثُمَّ يُطْوى ويُدْمَج طِوالًا، طُولُ كُلِّ وَاحِدَةٍ نَحْوٌ مِنْ ذِرَاعٍ فِي غِلَظ أَسَلة الذِّرَاعِ ويُشَدُّ ثُمَّ تَسُلُّ مِنْهُ المرأَةُ الشيءَ بَعْدَ الشَّيْءِ فتَغْزِله. وسُلالةُ الشَّيْءِ: مَا اسْتُلَّ مِنْهُ، والنُّطْفة سُلالَة الإِنسان؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
طَوَتْ أَحْشاءَ مُرْتِجَةٍ لوَقْتٍ، ... عَلَى مَشَجٍ، سُلالتُه مَهِينُ
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
فجاءت به عَضْبَ الأَدِيم غَضَنْفَراً، ... سُلالةَ فَرْجٍ كَانَ غَيْر حَصِين
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: السُّلالة الَّذِي سُلَّ مِنْ كُلِّ تُرْبة؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: السُّلالة مَا سُلَّ مِنْ صُلْب الرَّجُلِ وتَرائب المرأَة كَمَا يُسَلُّ الشيءُ سَلًّا. والسَّليل: الْوَلَدُ سُمِّي سَليلًا لأَنه خُلق مِنَ السُّلالة. والسَّلِيلُ: الْوَلَدُ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمه، وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنه قَالَ فِي السُّلالة: إِنه الْمَاءُ يُسَلُّ مِنَ الظَّهر سَلًّا؛ وَقَالَ الأَخفش: السُّلالة الوَلَد، والنُّطفة السُّلالة؛ وَقَدْ جَعَلَ الشَّمَّاخُ السُّلالة الْمَاءَ فِي قَوْلِهِ:
عَلَى مَشَجٍ سُلالَتُه مَهِينُ
قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه الْمَاءُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ، يَعْنِي آدَمَ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ
، ثُمَّ تَرْجَمَ عَنْهُ فَقَالَ: مِنْ ماءٍ مَهِينٍ؛ فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ
؛ أَراد بالإِنسان وَلد آدَمَ، جُعِل الإِنسان اسْمًا لِلْجِنْسِ، وَقَوْلُهُ مِنْ طِينٍ أَراد أَن تِلْكَ السُّلالة تَوَلَّدت مِنْ طِيْنٍ خُلق مِنْهُ آدمُ فِي الأَصل، وَقَالَ قَتَادَةُ: اسْتُلَّ آدَمُ مِنْ طِينٍ فسُمّي سُلالة، قَالَ: وإِلى هَذَا ذَهَبَ الْفَرَّاءُ؛ وَقَالَ الزجَّاج: مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ
، سُلالة فُعالة، فخَلق اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «1» .... والسُّلالَة والسَّليل: الْوَلَدُ، والأُنثى سَلِيلَة. أَبو عَمْرٍو: السَّلِيلة بِنْتُ الرَّجُلِ مِنْ صُلْبه؛ وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ النُّعمان:
وَمَا هِنْدُ إِلّا مُهْرةٌ عَرَبِيَّةٌ، ... سَلِيلةُ أَفراس تَجَلَّلها بَغْل
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنها تَصْحِيفٌ وأَن صَوَابَهُ نَغْل، بِالنُّونِ، وَهُوَ الخَسِيس مِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ لأَن البَغْل لَا يُنْسِل. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ للإِنسان أَيضاً أَوّلَ مَا تَضَعُه أُمُّه سَلِيلٌ. والسَّلِيل والسَّلِيلَة: المُهْر والمُهْرة، وَقِيلَ: السَّلِيل المُهْر يُولَد فِي غَيْرِ ماسِكَة وَلَا سَلًى، فإِن كَانَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَهُوَ بَقِيرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
__________
(1) . كذا بياض بالأصل(11/339)
أَشَقَّ قَسامِيًّا رَباعِيَّ جانِبٍ، ... وقارِحَ جَنْبٍ سُلَّ أَقرَحَ أَشقَرا
مَعْنَى سُلَّ أُخْرِج سَلِيلًا. والسَّلِيل: دِماغ الْفَرَسِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
كقَوْنَسِ الطِّرْفِ أَوفى شأْنُ قَمْحَدة، ... فِيهِ السَّلِيلُ حَوَاليْه لَهُ إِرَمُ «1»
. والسَّلِيلُ: السَّنام. الأَصمعي: إِذا وَضَعَت الناقةُ فَوَلَدُهَا ساعةَ تَضَعه سَلِيلٌ قَبْلَ أَن يُعلم أَذكر هُوَ أَم أُنثى. وسَلائِلُ السَّنام: طَرائق طِوالٌ تُقْطَع مِنْهُ. وسَلِيل اللَّحْمِ: خَصِيله، وَهِيَ السَّلائل. وَقَالَ الأَصمعي: السَّلِيل طَرَائِقُ اللَّحْمِ الطِّوال تَكُونُ ممتدَّة مَعَ الصُّلْب. وسَلْسَلَ إِذا أَكل السِّلْسِلَة، وَهِيَ القِطْعة الطَّوِيلَةُ مِنَ السَّنام، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو هِيَ اللَّسْلَسة، وَقَالَ الأَصمعي هِيَ اللِّسْلِسَة، وَيُقَالُ سَلْسَلة. وَيُقَالُ انْسَلَّ وانْشَلَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُقَالُ ذَلِكَ فِي السَّيل وَالنَّاسِ: قَالَهُ شَمِرٌ. والسَّلِيلُ: لَحْمُ المَتْنِ؛ وَقَوْلُ تَأَبَّطَ شَرًّا:
وأَنْضُو المَلا بالشَّاحِب المُتَسَلْسِل
هُوَ الَّذِي قَدْ تَخَدَّد لحمُه وقَلَّ، وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بِهِ نَفْسَهُ، أَراد أَقْطَعُ المَلا وَهُوَ مَا اتَّسَعَ مِنَ الفَلاة وأَنا شاحبٌ مُتَسَلْسِلٌ؛ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ:
وأَنْضُو الْمَلَا بِالشَّاحِبِ المُتَشَلْشِل
بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ، وفَسَّره أَنْضو أَجُوزُ، والمَلا الصَّحْراء، وَالشَّاحِبُ الرَّجُلُ الغَزَّاء، قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي الشاحبُ سَيْفٌ قَدْ أَخْلَق جَفْنُه، والمُتشَلْشِلُ الَّذِي يَقْطُر الدمُ مِنْهُ لِكَثْرَةِ مَا ضُرِب بِهِ. والسَّلِيلة: عَقَبة أَو عَصَبة أَو لُحْمَةٌ ذَاتُ طَرَائِقَ يَنْفَصِلُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ. وسَلِيلة المَتْن: مَا اسْتَطَالَ مِنْ لَحْمِهِ. والسَّلِيل: النُّخاع؛ قَالَ الأَعشى:
ودَأْياً لَواحِكَ مِثْل الفُؤوسِ، ... لَاءَمَ مِنْهَا السَّلِيلُ الفَقَارا
وَقِيلَ: السَّليل لُحْمَةُ المَتْنَين، والسَّلائل: نَغَفات مُسْتَطِيلَةٌ فِي الأَنف. والسَّلِيل: مَجْرَى الْمَاءِ فِي الْوَادِي، وَقِيلَ السَّلِيل وَسَطُ الْوَادِي حَيْثُ يَسِيل مُعْظَمُ الْمَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ
: اللَّهم اسْقِنا مِنْ سَلِيل الجَنَّة
، وَهُوَ صَافِي شَرَابِهَا، قِيلَ لَهُ سَلِيلٌ لأَنه سُلَّ حَتَّى خَلَص، وَفِي رِوَايَةٍ:
اللَّهُمَّ اسْقِ عبدَ الرَّحْمن مِنْ سَلِيل الجنَّة
؛ قَالَ: هُوَ الشَّرَابُ الْبَارِدُ، وَقِيلَ: السَّهْل فِي الحَلْق، وَيُرْوَى
: سَلْسَبيل الجنَّة
وَهُوَ عَيْنٌ فِيهَا؛ وَقِيلَ الْخَالِصُ الصَّافِي مِنَ القَذَى والكدَر، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَيُرْوَى سَلْسال وسَلْسَبيل. والسَّلِيل: وادٍ وَاسِعٌ غَامِضٌ يُنْبِت السَّلَم والضَّعَة واليَنَمة والحَلَمة والسَّمُر، وَجَمْعُهُ سُلَّانٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَهُوَ السَّالُّ وَالْجَمْعُ سُلَّانٌ أَيضاً. التَّهْذِيبِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: السَّالُّ مكانٌ وَطِيءٌ وَمَا حَوْلَه مُشْرِف، وَجَمْعُهُ سَوالُّ، يَجْتَمِعُ إِليه الْمَاءُ. الْجَوْهَرِيُّ: والسَّالُّ المَسِيل الضَّيِّق فِي الْوَادِي. الأَصمعي: السُّلّان وَاحِدُهَا سَالٌّ وَهُوَ المَسِيل الضَّيِّقُ فِي الْوَادِي، وَقَالَ غَيْرُهُ: السِّلْسِلة الوَحَرةُ، وَهِيَ رُقَيْطاءُ لَهَا ذَنَبٌ دَقِيقٌ تَمْصَع بِهِ إِذا عَدَتْ، يُقَالُ إِنها مَا تَطَأُ طَعَامًا وَلَا شَراباً إِلَّا سَمَّتْه فَلَا يأْكله أَحَدٌ
__________
(1) . قوله [قمحدة] هكذا ضبط في الأصل ومثله في التكملة، ولم نقف على البيت فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، غير أن في التكملة القمحدة بكسر ففتح فسكون هي القمحدوة(11/340)
إِلَّا وَحِرَ وأَصابه داءٌ رُبَّما مَاتَ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ سَلِيلٌ مِنْ سَمُرٍ، وغالٌّ مِنْ سَلَم، وفَرْشٌ مِنْ عُرْفُطٍ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
كأَنَّ عَيْني وَقَدْ سَالَ السَّليلُ بِهِم ... وجِيرَةٌ مَّا هُمُ، لَوْ أَنَّهم أمَمُ
وَيُرْوَى:
وعِبْرةٌ مَّا هُمُ لَوْ أَنَّهُم أمَمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ سَالَ السَّلِيلُ بِهِمْ أَي سَارُوا سَيْرًا سَرِيعًا، يَقُولُ انْحَدَروا بِهِ فَقَدْ سَالَ بِهِمْ، وَقَوْلُهُ مَا هُمْ، مَا زَائِدَةٌ، وهُمْ مُبْتَدَأٌ، وعِبْرةٌ خَبَرُهُ أَي هُمْ لِي عِبْرةٌ؛ وَمَنْ رَوَاهُ وجِيرَة مَّا هُم، فَتَكُونُ مَا اسْتِفْهَامِيَّةً أَي أَيُّ جِيرَةٍ هُم، وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لجِيرة، وجِيرة خَبَرُ مبتدإِ مَحْذُوفٍ. والسَّالُّ: مَوْضِعٌ فِيهِ شَجَرٌ. والسَّلِيل والسُّلّان: الأَودية. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ: بسُلالةٍ مِنْ ماءِ ثَغْبٍ
أَي مَا اسْتُخْرج مِنْ مَاءِ الثَّغْب وسُلَّ مِنْهُ. والسُّلُّ والسِّلُّ والسُّلال: الدَّاءُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: دَاءٌ يَهْزِل ويُضْني ويَقْتُل؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أَرَانا لَا يَزال لَنَا حَمِيمٌ، ... كَدَاء البَطْن سُلًّا أَو صُفَارا
وأَنشد ابْنُ قُتَيْبَةَ لِعُرْوة بْنِ حِزَامٍ فِيهِ أَيضاً:
بِيَ السُّلُّ أَو داءُ الهُيام أَصَابني، ... فإِيَّاكَ عَنِّي، لا يَكُن بِكَ مَا بِيا
وَمِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ أَحمر:
بِمَنْزِلةٍ لا يَشْتَكِي السُّلَّ أَهْلُها، ... وعَيْش كمَلْسِ السَّابِرِيِّ رَقِيقِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
غُبَارُ ذَيْل المرأَة الْفَاجِرَةِ يُورِث السِّلَ
؛ يُرِيدُ أَن مَنِ اتَّبَعَ الْفَوَاجِرَ وَفَجَرَ ذَهَب مالُه وَافْتَقَرَ، فشَبَّه خِفَّة الْمَالِ وذهابَه بخِفَّة الْجِسْمِ وذهابِه إِذا سُلَّ، وَقَدْ سُلَّ وأَسَلَّه اللهُ، فَهُوَ مَسْلُول، شَاذٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: كأَنه وُضع فِيهِ السُّلُّ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: رأَيت حَاشِيَةً فِي بَعْضِ الأُصول عَلَى تَرْجَمَةِ أَمَمَ عَلَى ذِكْرِ قُصَيٍّ: قَالَ قُصَيٌّ وَاسْمُهُ زَيْدٌ كَانَ يُدْعَى مُجَمِّعاً:
إِنِّي، لَدى الحَرْب، رَخِيٌّ لَبَبي ... عِنْدَ تَنَاديهم بهَالٍ وهَبِ
مُعْتزِمُ الصَّوْلَةِ عالٍ نَسَبي، ... أُمَّهَتي خِنْدِفُ، والياسُ أَبِي
قَالَ: هَذَا الرَّجَزُ حُجَّة لِمَنْ قَالَ إِن الْيَاسَ بْنَ مُضَر الأَلف وَاللَّامُ فِيهِ لِلتَّعْرِيفِ، فأَلفه أَلف وَصْلٍ؛ قَالَ المفضَّل بْنُ سَلَمَةَ وَقَدْ ذكَرَ إلياسَ النبيَّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: فأَما الياسُ بْنُ مُضَر فأَلفه أَلف وَصْلٍ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ اليأْسِ وَهُوَ السُّلُّ؛ وأَنشد بَيْتَ عُرْوة بْنِ حِزام:
بِيَ السُّلُّ أَو داءُ الهُيام أَصابني
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: الياسُ بْنُ مُضَر هُوَ أَول مَنْ مَاتَ مِنَ السُّلِّ فَسُمِّيَ السُّلُّ يأْساً، وَمَنْ قَالَ إِنه إِلْياسُ بْنُ مُضَر بِقَطْعِ الأَلف عَلَى لَفْظِ النَّبِيِّ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَنشد بَيْتَ قُصَيٍّ:
أُمَّهَتي خِنْدِف والياسُ أَبي «2»
. قَالَ وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ قَوْلِهِمُ رَجُلٌ أَلْيَسُ أَي شُجَاع، والأَلْيَسُ: الَّذِي لَا يَفِرُّ وَلَا يَبْرَحُ؛ وَقَدْ تَلَيَّس أَشدَّ التلَيُّس، وأُسودٌ لِيسٌ ولَبُوءَةٌ لَيْساءُ. والسَّلَّةُ: السَّرِقة، وَقِيلَ السَّرِقة الخَفِيَّةُ. وَقَدْ
__________
(2) . قوله [والياس] هكذا بالأصل بالواو. ولا بد على قطع الهمزة من إسقاط الواو أو تسكين فاء خندف ليستقيم الوزن(11/341)
أَسَلَّ يُسِلُّ إِسْلالًا أَي سَرَق، وَيُقَالُ: فِي بَني فُلَانٍ سَلَّةٌ، وَيُقَالُ لِلسَّارِقِ السَّلَّال. وَيُقَالُ: الخَلَّة تَدْعُو إِلى السَّلَّة. وسَلَّ الرجلُ وأَسَلَّ إِذا سَرَق؛ وسَلَّ الشيءَ يَسُلُّه سَلًّا. وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبه
سَيِّدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالحُدَيبية حِينَ وَادَعَ أَهل مَكَّةَ: وأَن لَا إِغلالَ وَلَا إِسْلال
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: الإِسْلال السَّرِقة الخَفِيَّة؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ الرَّشْوة وَالسَّرِقَةَ جَمِيعًا. وسَلَّ البعيرَ وغيرَه فِي جَوْفِ اللَّيْلِ إِذا انْتَزَعَهُ مِنْ بَيْنِ الإِبل، وَهِيَ السَّلَّة. وأَسَلَّ إِذا صَارَ ذَا سَلَّة وإِذا أَعان غَيْرَهُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: الإِسْلال الغارَةُ الظَّاهِرَةُ، وَقِيلَ: سَلُّ السُّيُوفِ. وَيُقَالُ: فِي بَنِي فُلَانٍ سَلَّة إِذا كَانُوا يَسْرِقون. والأَسَلُّ: اللِّصُّ. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَسَلَّ الرجلُ إِذا سَرَق، والمُسَلِّل اللَّطِيفُ الْحِيلَةِ فِي السَّرَق. ابْنُ سِيدَهْ: الإِسلال الرَّشوة وَالسَّرِقَةُ. والسَّلُّ والسَّلَّة كالجُؤْنَة المُطْبَقَة، وَالْجَمْعُ سَلٌّ وسِلالٌ. التَّهْذِيبِ: والسَّلَّة السَّبَذَة كالجُؤْنة المُطْبقة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: رأَيت أَعرابياً مَنْ أَهل فَيْد يَقُولُ لِسَبَذة الطِّين السَّلَّة، قَالَ: وسَلَّةُ الخُبْز مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحْسَب السَّلَّة عَرَبِيَّةً، وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ: سَلٌّ عِنْدِي مِنَ الْجَمْعِ الْعَزِيزِ لأَنه مَصْنُوعٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وأَن يَكُونَ مِنْ بَابِ كَوْكَبٍ وكَوْكَبةٍ أَولى، لأَن ذَلِكَ أَكثر مِنْ بَابِ سَفِينةٍ وسَفِين. وَرَجُلٌ سَلٌّ وامرأَة سَلَّة: سَاقِطَا الأَسنان، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ. وسَلَّتْ تَسِلُّ: ذَهَبَ أَسنانُها؛ كُلُّ هَذَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: السَّلَّة السُّلُّ [السِّلُ] وَهُوَ الْمَرَضُ؛ وَفِي تَرْجَمَةِ ظَبْظَبَ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنَّ بِي سُلًّا وَمَا بِيَ ظَبْظاب
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فِي هَذَا الْبَيْتِ شَاهِدٌ عَلَى صِحَّةِ السُّلِّ لأَن الْحَرِيرِيَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ دُرَّة الغَوَّاص: إِنه مِنْ غَلَط العامَّة، وَصَوَابُهُ عِنْدَهُ السُّلال، وَلَمْ يُصِبْ فِي إِنكاره السُّلَّ لِكَثْرَةِ مَا جَاءَ فِي أَشعار الْفُصَحَاءِ، وَذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ أَيضاً فِي كِتَابِهِ. والسَّلَّة: استلالُ السُّيُوفِ عِنْدَ الْقِتَالِ. والسَّلَّة: النَّاقَةُ الَّتِي سَقَطَت أَسنانُها مِنَ الهَرَم، وَقِيلَ: هِيَ الهَرِمة الَّتِي لَمْ يَبْقَ لَهَا سِنٌّ. والسَّلَّة: ارْتِدَادُ الرَّبْو فِي جَوْفِ الْفَرَسِ مِنْ كَبْوة يَكْبُوها، فإِذا انْتَفَخَ مِنْهُ قِيلَ أَخْرَجَ سَلَّته، فيُرْكَض رَكْضاً شَدِيدًا ويُعَرَّق ويُلْقَى عَلَيْهِ الجِلال فَيَخْرُجُ ذَلِكَ الرَّبْو؛ قَالَ المَرَّار:
أَلِزاً إِذ خَرَجَتْ سَلَّتُه، ... وَهِلًا تَمْسَحُه مَا يَسْتَقِر
الأَلِزُ: الوَثَّاب، وسَلَّة الفَرَس: دَفْعتُه مِنْ بَيْنِ الْخَيْلِ مُحْضِراً، وَقِيلَ: سَلَّته دَفْعته فِي سِباقه. وَفَرَسٌ شَدِيدُ السَّلَّة: وَهِيَ دَفْعته فِي سِباقه. وَيُقَالُ: خَرَجَتْ سَلَّةُ هَذَا الْفَرَسِ عَلَى سَائِرِ الْخَيْلِ. والمِسَلَّة، بِالْكَسْرِ: وَاحِدَةُ المَسَالِّ وَهِيَ الإِبَرُ الْعِظَامُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: مِخْيَطٌ ضَخْم. والسُّلَّاءة: شَوْكة النَّخْلَةِ، وَالْجَمْعُ سُلَّاءٌ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ يَصِفُ نَاقَةً أَو فَرَسًا:
سُلَّاءةٌ كعَصا النَّهْديِّ غُلَّ لَهَا ... ذُو فَيْئة، مِنْ نَوى قُرَّان، مَعْجومُ
والسَّلَّة: أَن يَخْرِزَ خَرْزَتَيْن فِي سَلَّةٍ وَاحِدَةٍ. والسَّلَّة: العَيْب فِي الحَوْض أَو الْخَابِيَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الفُرْجة بَيْنَ نَصائب الْحَوْضِ؛ وأَنشد:
أَسَلَّةٌ فِي حَوْضِها أَم انْفَجَر(11/342)
والسَّلَّة: شُقوق فِي الأَرض تَسْرِق الْمَاءَ. وسَلُولُ: فَخِذٌ مِنْ قَيْس بْنِ هَوازِن؛ الْجَوْهَرِيُّ: وسَلُولُ قَبِيلَةٌ مِنْ هَوازِن وَهُمْ بَنُو مُرَّة بْنِ صَعْصَعة بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوازن، وسَلُول: اسْمُ أُمهم نُسِبوا إِليها، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمَّام السَّلُوليُّ الشَّاعِرُ. وسُلَّان: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لِمَنِ الدِّيارُ برَوْضَةِ السُّلَّانِ ... فالرَّقْمَتَيْنِ، فجانِبِ الصَّمَّانِ؟
وسِلَّى: اسْمُ مَوْضِعٍ بالأَهواز كَثِيرُ التَّمْرِ؛ قَالَ:
كأَن عَذِيرَهُم بجَنُوب سِلَّى ... نَعامٌ، فَاقَ فِي بَلَدٍ قِفارِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ أَبو المِقْدام بَيْهَس بْنُ صُهَيْب:
بسِلَّى وسِلِّبْرى مَصارِعُ فِتْيةٍ ... كِرامٍ، وعَقْرى مِنْ كُمَيْت وَمِنْ وَرْد
وسِلَّى وسِلِّبْرى يُقَالُ لَهُمَا العاقُولُ، وَهِيَ مَناذِر الصُّغْرى كَانَتْ بِهَا وقْعة بين المُهَلَّب والأَزارقة، قُتِل بِهَا إِمامهم عُبَيد اللَّهِ بْنُ بَشِير بْنِ الماحُوز «1» الْمَازِنِيُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وسِلَّى أَيضاً اسْمُ الحرث بْنِ رِفاعة بْنِ عُذْرة بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَقِيلَ شُمَيس بْنُ طَرود بْنِ قُدامة بْنِ جَرْم بْنِ زَبان بْنِ حُلْوان بْنِ عَمْرِو بْنِ الحافِ بْنِ قُضاعة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا تَرَكَتْ سِلَّى بِهِزَّانَ ذِلَّةً، ... ولكِنْ أَحاظٍ قُسِّمَتْ وجُدُودُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى السِّيرَافِيُّ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ فِي قَيْسٍ سَلُول بْنُ مُرَّة بْنِ صَعْصَعة بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوازِن اسْمُ رَجُلٍ فِيهِمْ، وَفِيهِمْ يَقُولُ الشَّاعِرُ:
وإِنَّا أُناسٌ لَا نَرى القَتْل سُبَّةً، ... إِذا مَا رَأَتْه عامِرٌ وسَلُول «2»
يُرِيدُ عامرَ بْنَ صَعْصَعة، وسَلُول بْنَ مُرَّة بْنِ صَعْصَعَةَ؛ قَالَ: وَفِي قُضاعة سَلُول بنت زَبان بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ القَيْن بْنِ الجَرْم بْنِ قُضاعة، قَالَ: وَفِي خُزاعة سَلُولُ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَارِثَةَ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمَّام هُوَ مِنْ بَنِي مُرَّة بْنِ صَعْصَعَةَ أَخي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ مِنْ قَيْسِ عَيْلانَ، وبَنُو مُرَّة يُعْرفون بِبَنِي سَلُولَ لأَنها أُمُّهم، وَهِيَ بِنْتُ ذُهْل بْنُ شَيْبان بْنِ ثَعْلَبَةَ رَهْط أَبي مَرْيَمَ السَّلُولي، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ورأَيت فِي حَاشِيَةٍ: وسَلُولُ جَدّة عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ المُنافق.
سلسل: السَّلْسَلُ والسَّلْسَال والسُّلاسِلُ: الْمَاءُ العَذْب السَّلِس السَّهْل فِي الحَلْقِ، وَقِيلَ: هُوَ الْبَارِدُ أَيضاً. وَمَاءٌ سَلْسَلٌ وسَلْسالٌ: سَهْلُ الدُّخُولِ فِي الْحَلْقِ لعُذوبته وَصَفَائِهِ، والسُّلاسِل، بِالضَّمِّ، مِثْلُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ السَّلْسَل قَوْلُ أَبي كَبِيرٍ:
أَم لَا سَبِيلَ إِلى الشَّبابِ، وذِكْرُه ... أَشْهَى إِليَّ مِنَ الرَّحِيق السَّلْسَلِ
قَالَ: وَشَاهِدُ السُّلاسِل قَوْلُ لَبِيدٌ:
حَقائبُهُم راحٌ عَتِيقٌ ودَرْمَكٌ، ... ورَيْطٌ وفاثُوريَّةٌ وسُلاسِلُ
__________
(1) . قوله [الماحوز] هكذا في الأَصل بمهملة ثم معجمة، وفي عدة مواضع من ياقوت بالعكس
(2) . هذا البيت للسَّموأل بن عادياء، وهو في حماسة أبي تمَّام:
وإِنَّا لَقَومٌ ما نرى القتل سُبَّةً(11/343)
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
مِنْ مَاءِ لِصْبٍ سُلاسِل «1»
وَقِيلَ: مَعْنَى يَتَسَلْسَل «2» أَنه إِذا جَرى أَو ضَرَبَتْه الرِّيح يَصِيرُ كالسِّلْسِلة؛ قَالَ أَوس:
وأَشْبَرَنِيها الهالِكِيُّ، كأَنَّه ... غَديرٌ جَرَت فِي مَتنِه الرِّيحُ سَلْسَلُ
وخَمْرٌ سَلْسَلٌ وسَلْسَال: لَيِّنَة؛ قَالَ حَسَّان:
بَرَدى يُصَفَّقُ بالرَّحِيق السَّلْسَل
وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ السَّلْسَل وَهُوَ الْمَاءُ العَذْب الصَّافِي إِذا شُرب تَسَلْسَل فِي الحَلْق. وتَسَلْسَلَ الماءُ فِي الْحَلْقِ؛ جَرى، وسَلْسَلْتُهُ أَنا: صَبَبْته فِيهِ؛ وَقَوْلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَة:
إِنَّهُمْ عندَ رَبِّهِم فِي جِنانٍ، ... يَشْرَبُون الرَّحِيقَ والسَّلْسَبيلا
الرَّحِيق: الخَمْر، والسَّلْسَبيل: السَّهْل المَدْخَل فِي الحَلْق، وَيُقَالُ: شَرابٌ سَلْسَلٌ وسَلْسالٌ وسَلْسَبيلٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَمْ أَسمع سَلْسَبيل إِلَّا فِي الْقُرْآنِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: سَلْسَبيل اسْمُ الْعَيْنِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ لِمَا كَانَ فِي غَايَةِ السَّلاسة فكأَنَّ الْعَيْنَ سُمِّيت لصِفتها؛ غَيْرُهُ: سَلْسَبيل اسْمُ عَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ عَلَى أَنه صِفَةٌ، وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا
؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ السَّلْسَبيل اسْمًا لِلْعَيْنِ فنُوِّن، وحَقُّه أَن لَا يُجْرى لِتَعْرِيفِهِ وتأْنيثه ليكون موافقاً رؤوس الْآيَاتِ المُنوَّنة إِذ كَانَ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا أَخَفَّ عَلَى اللِّسَانِ وأَسهل عَلَى الْقَارِئِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ سَلْسَبيل صِفَةً لِلْعَيْنِ وَنَعْتًا لَهُ، فإِذا كَانَ وَصْفًا زَالَ عَنْهُ ثِقَلُ التَّعْرِيفِ واسْتَحَقَّ الإِجراء، وَقَالَ الأَخفش: هِيَ مَعْرِفة وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ رأْس آيَةٍ وَكَانَ مَفْتُوحًا زِيدَتْ فِيهِ الأَلف كَمَا قَالَ: كَانَتْ قَوَارِيرَ قَوَارِيرَا؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَلْسَبيلًا يَنْسَلُّ فِي حُلوقهم انْسِلالًا،
وَقَالَ أَبو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَعْنَاهَا لَيِّنة فِيمَا بَيْنُ الحَنْجَرَة وَالْحَلْقِ
؛ وأَما مَنْ فَسَّرَهُ سَلْ رَبَّك سَبيلًا إِلى هَذِهِ الْعَيْنِ فَهُوَ خطأٌ غَيْرُ جَائِزٍ. وَيُقَالُ: عَيْنٌ سَلْسَلٌ وسَلْسالٌ وسَلْسَبيلٌ مَعْنَاهُ أَنه عَذْب سَهْل الدُّخُولِ فِي الْحَلْقِ، قِيلَ: جَمْعُ السَّلْسَبيل سَلاسِبُ وسَلاسِيبُ، وَجَمْعُ السَّلْسَبيلة سَلْسَبيلات. وتَسَلْسَل الماءُ: جَرى فِي حَدُور أَو صَبَب؛ قَالَ الأَخطل:
إِذا خَافَ مِنْ نَجْمٍ عَلَيْهَا ظَماءَةً، ... أَدَبَّ إِليها جَدْوَلًا يَتَسَلْسَلُ
والسَّلْسَبِيل: اللَّيِّن الَّذِي لَا خُشُونَةَ فِيهِ، وَرُبَّمَا وُصف بِهِ الْمَاءُ. وَثَوْبٌ مُسَلْسَلٌ ومُتَسَلْسِلٌ: رَدِيءُ النَّسْج رَقِيقه. اللِّحْيَانِيُّ: تَسَلْسَل الثوبُ وتَخَلْخَل إِذا لُبِس حَتَّى رَقَّ، فَهُوَ مُتَسَلْسِلٌ. والتَّسَلْسُل: بَريق فِرِنْد السَّيْفِ ودَبيبُه. وسَيْفٌ مُسَلْسَل وَثَوْبٌ مُلَسْلَسٌ»
فِيهِ وَشْيٌ مُخَطَّطٌ، وبَعْضٌ يَقُولُ مُسَلْسَلٌ كأَنه مَقْلُوبٌ؛ وَقَالَ الْمُعَطِّلُ الْهُذَلِيُّ:
لَمْ يُنْسِني حُبَّ القَبُولِ مَطارِدٌ، ... وأَفَلُّ يَخْتَصِمُ الفُقَارَ مُسَلَّسُ
__________
(1) . قوله [من ماء لصب] هذا بعض بيت من الطويل تقدم في ترجمة شرج:
فَشَرَّجَهَا مِنْ نُطْفَةٍ رَحَبِيَّةٍ ... سُلَاسِلَةٍ مِنْ مَاءِ لِصْبٍ سُلَاسِلِ
(2) . قوله [وقيل معنى يتسلسل] هكذا في الأَصل، ولعل يتسلسل محرف عن سلسل بدليل الشاهد بعد
(3) . قوله [وثوب ملسلس] وقوله [وبعض يقول مسلسل] هكذا في الأَصل ومثله في التهذيب، وفي التكملة عكس ذلك(11/344)
أَراد بالمَطارِد سِهاماً يُشْبِه بَعْضُهَا بَعْضًا، وأَراد بِقَوْلِهِ مُسَلَّس مُسَلْسَل أَي فِيهِ مثل السِّلْسِلة من الفِرِنْد. والسَّلْسَلة: اتصالُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ. والسِّلْسِلةُ: مَعْرُوفَةٌ، دَائِرَةٌ مِنْ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ مِنَ الْجَوَاهِرِ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ
: عَجِبَ رَبُّك مِنْ أَقوام يُقادُون إِلى الجنَّة بالسَّلاسِل
؛ قِيلَ: هُمُ الأَسرى يُقادُون إِلى الإِسلام مُكْرَهين فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ لَيْسَ أَنَّ ثَمَّ سَلْسلَة، وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلٌّ مَنْ حُمِل عَلَى عَمَل مِنْ أَعمال الْخَيْرِ. وسَلاسِلُ البَرْق: مَا تَسَلْسَل مِنْهُ فِي السَّحَابِ، وَاحِدَتُهُ سِلْسِلة، وَكَذَلِكَ سَلاسِل الرَّمْل، وَاحِدَتُهَا سِلْسِلة وسِلْسِلٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
خَلِيلَيَّ بَيْنَ السِّلْسِلَيْنِ لَوَ انَّني ... بنَعْفِ اللِّوى، أَنْكَرْتُ مَا قلتُما لِيَا
وَقِيلَ: السِّلْسِلان هُنَا مَوْضِعَانِ. وبَرْقٌ ذُو سَلاسِل، وَرَمْلٌ ذُو سَلاسِل: وَهُوَ تَسَلْسُله الَّذِي يُرى فِي الْتِوَائِهِ. والسَّلاسِل: رَمْلٌ يتَعَقَّد بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَيَنْقَادُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَمْرٍو: فِي الأَرض الْخَامِسَةِ حَيَّات كسَلاسِل الرَّمْل
؛ هُوَ رَمْل يَنْعَقِدُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ مُمْتَدًّا. ابْنُ الأَعرابي: البَرْق المُسَلْسَل الَّذِي يتَسَلْسَل فِي أَعاليه وَلَا يَكَادُ يُخْلِف. وَشَيْءٌ مُسَلْسَلٌ: مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَمِنْهُ سِلْسِلة الْحَدِيدِ. وسِلْسِلة الْبَرْقِ: مَا اسْتَطَالَ مِنْهُ فِي عَرْض السَّحَابِ. وبِرْذَوْنٌ ذُو سَلاسِل إِذا رأَيت فِي قَوَائِمِهِ شَبَهَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ غَزْوة السُّلاسل، وَهُوَ بِضَمِّ السِّينِ الأُولى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ، مَاءٌ بأَرض جُذام، وَبِهِ سُمِّيَتِ الغَزاة، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْمَاءُ السَّلْسال، وَقِيلَ هُوَ بِمَعْنَى السَّلْسَل. وَيُقَالُ لِلْغُلَامِ الْخَفِيفِ الرُّوحِ: لُسْلُسٌ وسُلْسُل. والسِّلْسِلانُ: بِبِلَادِ بَنِي أَسَد. وسَلْسَلٌ: حَبْلٌ مِنَ الدَّهْناء؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَكْفِيك، جَهْلَ الأَحْمَق المُسْتَجْهَل، ... ضَحْيانةٌ مِنْ عَقَدات السَّلْسَل
سمل: سَمَلَ الثوبُ يَسْمُل سُمولًا وأَسْمَلَ: أَخْلَق، وثوبٌ سَمَلةٌ وسَمَلٌ وأَسْمالٌ وسَمِيلٌ وسَمُولٌ؛ قَالَ أَعرابي مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ سَعْدٍ:
صَفْقَةُ ذِي ذَعالِتٍ سَمُول، ... بَيْعَ امْرئٍ لَيْسَ بمُسْتَقِيل
أَراد ذِي ذَعالب، فأَبدل التَّاءَ مِنَ الْبَاءِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
بَيْعُ السَّمِيل الخَلَق الدَّرِيس
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: وَلَنَا سَمَلُ قَطِيفة
؛ السَّمَلُ: الخَلَق مِنَ الثِّيَابِ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلة: أَنها رأَت النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ أَسْمَالُ مُلَيَّتَيْن
؛ هِيَ جَمْعُ سَمَلٍ، والمُلَيَّةُ تَصْغِيرُ المُلاءة وَهِيَ الإِزار. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَسْمال الأَخْلاق، الْوَاحِدُ مِنْهُ سَمَلٌ. وثوبٌ أَخلاقٌ إِذا أَخْلَق، وثوبٌ أَسْمَالٌ كَمَا يُقَالُ رُمْحٌ أَقصادٌ وبُرْمةٌ أَعشارٌ. والسَّوْمَل: الكِساء الخَلَق؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ. والسَّمَلة: الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَبْقَى فِي أَسفل الإِناء وَغَيْرِهِ مِثْلَ الثَّمَلة، وَجَمْعُهُ سَمَلٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
الزَّاجِر العِيسِ فِي الإِمْلِيس، أَعْيُنها ... مثلُ الوَقائِع فِي أَنْصافِها السَّمَل
وسُمُولٌ عَنِ الأَصمعي؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَلَى حِمْيَريّاتٍ، كأَنَّ عُيونَها ... قِلاتُ الصَّفا، لَمْ يَبْقَ إِلَّا سُمولُها(11/345)
وأَسمالٌ عَنْ أَبي عَمْرٍو؛ وأَنشد:
يَتْرُكُ أَسْمال الحِياضِ يُبَّسا
والسُّمْلة، بِالضَّمِّ، مِثْلَ السَّمَلة. ابْنُ سِيدَهْ: السَّمَلة بَقِيَّة الْمَاءِ فِي الحَوْض، وَقِيلَ: هُوَ مَا فِيهِ مِنَ الحَمْأَة، وَالْجَمْعُ سَمَلٌ وسِمالٌ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
فأَوْرَدَها، فَيْحَ نَجْمِ الفُروعِ ... مِنْ صَيْهَدِ الصَّيفِ، بَرْدَ السِّمال
أَي أَوْرَد العَيرُ أُتُنَه بَرْدَ السِّمال فِي فَيْح نَجْمِ الفُروع، وَيُرْوَى:
فأَوْرَدَها فَيْحُ نجم الفُروعِ ... مِنْ صَيْهَدِ الصَّيفِ، بَردَ السِّمَال
بِالضَّمِّ أَي أَوْرَدَها الحَرُّ الْمَاءَ، ويُجْمَع السِّمَال عَلَى سَمَائِل؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ذَا هَبَواتٍ يَنْشَف السَّمَائِلا
والسَّمَلة: الحَمْأَة وَالطِّينُ. التَّهْذِيبِ: والسَّمَلُ، محرَّك الْمِيمِ، بَقِيَّةُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ؛ قَالَ حُمَيْد الأَرقط:
خَبْط النِّهالِ سَمَل المَطائطِ
وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلا سَمَلةٌ كسَمَلة الإِداوة
؛ وَهِيَ بِالتَّحْرِيكِ الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَبْقَى فِي أَسفل الإِناء. والتَّسَمُّل: شُرب السَّمَلة أَو أَخْذُها، يُقَالُ ترَكْتُه يَتَسَمَّل سَمَلًا مِنَ الشَّرَابِ وَغَيْرِهِ. وسَمَلَ الحوضَ سَمْلًا وسَمَّلَه: نَقَّاه مِنَ السَّمَلة. وسَمَّلَ الحوضُ: لَمْ يَخْرُج مِنْهُ إِلا ماءٌ قَلِيلٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد:
أَصْبَحَ حَوْضاكَ لِمَنْ يَراهُما ... مُسَمِّلَيْن، ماصِعاً قِراهُما
وسَمَّلَتِ الدَّلْوُ: خَرج مَاؤُهَا قَلِيلًا. وسُمْلانُ الْمَاءِ وَالنَّبِيذِ: بَقاياهما. وتَسَمَّلَ النَّبِيذَ: أَلحَّ فِي شُرْبه؛ كِلَاهُمَا عَنْهُ أَيضاً. والسَّمالُ: الدُّودُ الَّذِي يَكُونُ فِي الْمَاءِ النَّاقِعِ؛ قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:
كأَنَّ سِخالَها، بِذَوِي سُحار ... إِلى الخَرْماء، أَولادُ السَّمَال «4»
. وسَمَل بَيْنَهُمْ يَسْمُل سَمْلًا وأَسْمَل بَيْنَهُمْ: أَصْلَح بَيْنَهُمْ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وإِنْ يَأْوَدِ الأَمْرُ يَلْقَوْا لَهُ ... ثِقافاً، وإِنْ يَحْكُمُوا يَعْدِلوا
وتَنْأَى قُعُودُهمُ في الأُمورِ ... عَمَّنْ يَسُمُّ، ومَنْ يُسْمِلُ
ولَكِنَّني رائبٌ صَدْعَهُم، ... رَقُوءٌ لِمَا بَيْنَهم مُسْمِلُ
رَقُوءٌ: مُصْلِحٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ: وتَنْأَى قُعورُهم، بِالرَّاءِ، أَي تَبْعُد غايَتُهم عَمَّنْ يُدارِي ويُداهِن عَلَى مَنْ يَسُمُّ، وَهُوَ الَّذِي يَسْبُر الشيءَ ويَنْظُر مَا غَوْرُه؛ يُقَالُ: فُلَانٌ بَعِيدُ القَعْرِ أَي بَعِيدُ الغَوْر لَا يُدْرَك مَا عِنْدَهُ، يقول: هُمْ دُهاةٌ لَا يُبْلَغ أَقصى مَا عِنْدَهُمْ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي
__________
(4) . قوله [بذوي سحار] كذا في الأصل ومثله في المحكم وأورده ياقوت في الخرماء وسمار بلفظ:
كأن سخالها بلوى سمار ... إِلَى الْخَرْمَاءِ أَوْلَادُ السَّمَالِ
ثم قال قال الأَزدي: سمار رمل بأعلى بلاد قيس طوله قدر سبعين ميلًا(11/346)
رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ المصنَّف: عَلَى مَنْ يَسُمُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ قَالَ: وَفِي بَعْضِ نَسْخِ الْغَرِيبِ: عَمَّن يَسُمُّ. والسَّاملُ: السَّاعِي لإِصلاح الْمَعِيشَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: فِي إِصلاح مَعَاشِهِ. وسَمْلُ العَيْنِ: فَقْؤُها، يُقَالُ: سُمِلَتْ عينُه تُسْمَل إِذا فُقِئَتْ بِحَدِيدَةٍ مُحْماةٍ، وَفِي الْمُحْكَمِ: سَمَل عينَه يَسْمُلُها سَمْلًا واسْتَمَلَها فَقَأَها. وَفِي حَدِيثِ العُرَنِيِّين الَّذِينَ ارتدُّوا عَنِ الإِسلام:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمر بسَمْل أَعينهم.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: السَّمْل أَن تُفْقأَ العينُ بِحَدِيدَةٍ مُحْماةٍ أَو بِغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ السَّمْلُ فَقْأَها بِالشَّوْكِ، وَهُوَ بِمَعْنَى السَّمْرِ، وإِنما فَعَل ذَلِكَ بِهِمْ لأَنهم فَعَلوا بالرُّعاة مِثْلَهُ وقَتَلوهم فَجَازَاهُمْ عَلَى صَنِيعهم بِمِثْلِهِ، وَقِيلَ: إِن هَذَا كَانَ قَبْلَ أَن تَنْزل الْحُدُودُ فَلَمَّا نَزَلَتْ نَهَى عَنِ المُثْلة؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَرْثي بَنِين لَهُ مَاتُوا:
فالعَيْنُ بعدَهُمُ كأَنَّ حِداقَها ... سُمِلَتْ بشَوْكٍ، فَهِيَ عُورٌ تَدْمَعُ
ولطَمَ رجلٌ مِنَ العرب رجلًا ففَقأَ عينَه فسُمِّي سَمَّالًا؛ حَكَى الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: قَالَ أَعرابي فَقَأَ جَدُّنا عينَ رَجُلٍ فسُمِّينا بَني سَمَّال. والسَّمَّال: شجرٌ، يَمانِيَةٌ. والسَّوْمَلَة: فَيالِجَةٌ صَغِيرَةٌ، وَفِي الْمُحْكَمِ: فِنْجانَةٌ صَغِيرَةٌ. ومكانٌ سَمَوَّلٌ: سَهْل التُّرَابِ، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الْوَاسِعَةُ، وَقِيلَ: هُوَ الجَوف الْوَاسِعُ مِنَ الأَرض؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَثَرْن غُباراً بالكَدِيدِ السَّمَوَّل «1»
. وسَمْوِيل: طَائِرٌ، وَقِيلَ بَلْدَةٌ كَثِيرَةُ الطَّير؛ قَالَ الرَّبيع بْنُ زِياد: وَفِي الْمُحْكَمِ قَالَ الرَّبِيعُ الْكَامِلُ أَحد أَخوال لَبِيد بْنِ رَبِيعَةَ يُخَاطِبُ النُّعْمان:
لَئِن رَحَلْت جِمالي لَا إِلى سَعَةٍ، ... مَا مِثْلُها سَعَة عَرْضاً وَلَا طُولَا
بِحَيْثُ لَوْ وُزِنَتْ لَخْمٌ بأَجْمَعِها، ... لَمْ يَعْدِلوا رِيشَةً مِنْ رِيشِ سَمْوِيلا
تَرْعى الرَّوائمُ أَحْرارَ البُقُول بِهَا، ... لَا مِثْلَ رَعْيِكُمُ مِلْحاً وغَسْوِيلا «2»
. والغَسْوِيلُ: نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي السِّباخ، وأَبو السَّمَّال العَدَويُّ: رَجُلٌ مِنَ الأَعراب. وأَبو سَمَّال: كُنْيَةُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسد. أَبو زَيْدٍ: السُّمْلة جُوعٌ يأْخذ الإِنسان فيأْخذه لِذَلِكَ وَجَعٌ فِي عَيْنَيْهِ فَتُهَراقُ عَيْنَاهُ دَمْعاً فيُدْعَى ذَلِكَ السُّمْلة، كأَنه يفقأُ الْعَيْنَ. والسَّوْمَلَة: الطَّرْجَهارة، والحَوْجَلة القارُورة الْكَبِيرَةُ. قَالَ: ويقال حَوْجَلَة ودَوْخَلَة.
سمأل: السَّمْأَلُ والسَّمَوْأَلُ: الظِّلُّ. والسَّمَوْأَل والسَّمَوَّلُ: اسْمُ رَجُلٍ، سُرْيَانِيٌّ معرَّب. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: السَّمَوْأَلُ بْنُ عَادِيَاءَ بِالْهَمْزِ وَهُوَ فَعَوْأَل؛ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ فَعَوْلل. والمُسْمَئِلُّ: الضَّامِرُ. واسْمَأَلَّ اسْمِئْلالًا، بِالْهَمْزِ: ضَمُرَ. واسْمَأَلَّ الظِّلُّ إِذا ارْتَفَعَ؛ وَقَالَتْ سَلْمى «3» بِنْتُ مَجْذَعة الجُهَنِيَّة تَرْثي أَخاها أَسعد:
__________
(1) . في معلقة إمرئ القيس: بالكديد المُرَكَّلِ
(2) . قوله [ملحاً] كذا في الأصل والمحكم، وفي التهذيب والتكملة: طلحاً، قال في التكملة: ويروى علقى
(3) . قوله [وقالت سلمى] تقدم مثله في نفض وأن ابن بري صوب أن اسمها سعدى وإليها نسب في ترجمة تبع(11/347)
يَرِدُ المِياهَ حَضِيرةً ونَفِيضَةً، ... وِرْدَ القَطاةِ، إِذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ
أَي رَجَع الظِّلُّ إِلى أَصل العُود، وَقِيلَ: التُّبَّعُ الدَّبَرانُ، واسْمِئْلالُه ارتفاعُه طَالِعًا. ابْنُ الأَعرابي: أَبو بَراء طائرٌ واسْمه السَّمَوْأَلُ، بِالْهَمْزِ، وأَبو بَراءٍ كُنْيَتُهُ.
سمرطل: رجُل سَمَرْطَلٌ وسَمَرْطُولٌ: طويلٌ مُضْطَرِبٌ، وَهُوَ مِنَ الأَمثلة الَّتِي فَاتَتِ الْكِتَابَ، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: قَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مُحَرَّفاً مِنْ سَمْرَطُولٍ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةٍ عَضْرَفُوط، قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْهُ فِي نَثْرٍ وإِنما سَمِعْنَاهُ فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ:
عَلَى سَمَرْطُولٍ نِيافٍ شَعْشَعِ
سمرمل: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ: السَّمَرْمَلَةُ الغُول.
سمغل: المُسْمَغِلُّ مِنَ الإِبل: الطويلُ. وَنَاقَةٌ مُسْمَغِلَّة: طويلةٌ، بِالْغَيْنِ وَالسِّينِ، والجَسْرَةُ مِثْلُهَا. والمُسْمَغِلَّة: السريعة.
سمندل: أَبو سَعِيدٍ: السَّمَنْدَلُ طَائِرٌ إِذا انْقَطَعَ نَسْلُهُ وهَرِمَ أَلْقى نَفْسَهُ فِي الجَمْر فَيَعُودُ إِلى شَبابه، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ دابَّة يَدْخُلُ النَّارَ فَلَا تُحْرِقه.
سنبل: السُّنْبُل مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ السَّنَابِل. ابْنُ سِيدَهْ: السُّنْبُل مِنَ الزَّرْع وَاحِدَتُهُ سُنْبُلَةٌ، وَقَدْ سَنْبَلَ الزرعُ إِذا خَرَجَ سُنبُلُهُ. والسَّنَابِل: سَنابِلُ الزَّرْعِ مِنَ البُرِّ وَالشَّعِيرِ والذُّرَة، الْوَاحِدَةُ سُنْبُلَةٌ. والسُّنْبُلَةُ: برْجٌ فِي السَّمَاءِ. والسُّنْبُل: مِنَ الطِّيب. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمان: أَنه رؤي بِالْكُوفَةِ عَلَى حِمَارٍ عَرَبيٍّ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ سُنْبُلانيٌ
؛ قَالَ شَمِر: قَالَ أَبو عَبْدِ الْوَهَابِ الغَنَوي السُّنْبُلانيُّ مِنَ الثِّيَابِ السابغُ الطَّوِيلُ الَّذِي قَدْ أُسْبِل. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبة: سَنْبَلَ الرجلُ ثوبَه إِذا جَرَّ لَهُ ذَنَباً مِنْ خَلْفِهِ فَتِلْكَ السَّنْبَلَةُ، وَقَالَ أَخوه: مَا طَالَ مِنْ خَلْفه وأَمامه فَقَدْ سَنْبَلَه، فَهَذَا الْقَمِيصُ السُّنْبُلانيُّ؛ وَقَالَ شَمر وَغَيْرُهُ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ السُّنْبُلانيُّ مَنْسُوبًا إِلى مَوْضِعٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه أَرسل إِلى امرأَة بِشُقَيْقَةٍ سُنْبُلانِيَّةٍ
أَي سَابِغَةِ الطُّولِ. يُقَالُ: ثَوْبٌ سُنْبُلانيٌّ، وسَنْبَلَ ثوبَه إِذا أَسْبَلَهُ وجَرَّه مِنْ خَلْفِهِ أَو أَمامه، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ مِثْلُهَا فِي سُنْبُلِ الطعامِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَكُلُّهُمْ ذَكَرُوهُ فِي السِّينِ وَالنُّونِ حَمْلًا عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِهِ. وابنُ سِنْبِلٍ: رجُل بصريٌّ، أَحْرَق جارِيةُ بْنُ قُدامة، وَهُوَ مِنْ أَصحاب عَليٍّ، خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ أَهل الْبَصْرَةِ فِي دَارِهِ، وَيُقَالُ ابْنُ صِنْبِلٍ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الصَّادِ. والسُّنْبُلَة: بِئْرٌ قديمةٌ حَفَرَتْها بَنُو جُمَح بِمَكَّةَ؛ وَفِيهَا يَقُولُ قَائِلُهُمْ:
نَحْنُ حَفَرْنا للحَجِيج سُنْبُلَهْ
سنجل: سِنْجال: قَرْيَةٌ بأَرْمِينِيَة ذَكَرَهَا الشَّمَّاخ:
أَلا يَا اصْبَحاني قَبْلَ غَارَةِ سِنْجالِ، ... وقَبْلَ مَنايا قَدْ حَضَرْنَ وآجالِ
ابْنُ الأَعرابي: سَنْجَلَ إِذا مَلأَ حوضَه نَشَاطًا. وسِنْجال: موضع.
سندل: ابْنُ خَالَوَيْهِ: السَّنْدَلُ جَوْرَبُ الخُفِّ. ابْنُ الأَعرابي: سَنْدَلَ الرجلُ إِذا لَبِس الجَوْرَبَيْن لِيَصْطَادَ الْوَحْشَ فِي صَكَّةِ عُمَيٍّ. والسَّنْدَلُ: طَائِرٌ يأْكل البِيشَ عن الحائط.
سنطل: المُسَنْطَل: المتمايلُ لَا يَمْلِك نَفْسَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَنْحَدِرُ رأْسُه وعُنُقُه ثُمَّ يَرْتَفِعُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَمْشِي ويُطَأْطِئ رأْسَه؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: سَنْطَلَ الرجلُ إِذا مَشى مُطَأْطِئاً. ابْنُ(11/348)
الأَعرابي: السُّنْطالة المِشْيَة بِالسُّكُونِ وطَأْطَأَةِ الرأْس. والمُسَنْطَل: الْعَظِيمُ البَطْن. والسَّنْطَلة: الطُّول. والسِّنْطِيلُ: الطَّوِيلُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ورأَيت بِظَاهِرِ الصَّمَّان جُبَيْلًا صَغِيرًا لَهُ أَنْفٌ تَقَدَّمه يسمى سَنْطَلًا.
سهل: السَّهْلُ: نَقيضُ الحَزْن، وَالنِّسْبَةُ إِليه سُهْلِيٌّ. ونَهَرٌ سَهِلٌ: ذُو سِهْلَةٍ. والسُّهُولَة: ضِدُّ الحُزُونة، وَقَدْ سَهُلَ الموضعُ، بِالضَّمِّ. ابْنُ سِيدَهْ: السَّهْلُ كُلُّ شَيْءٍ إِلى اللِّين وقِلة الْخُشُونَةِ، وَالنَّسَبُ إِليه سُهْلِيٌّ، بِالضَّمِّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. والسَّهِلُ: كالسَّهْل؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ سَحَابًا:
حَتَّى إِذا هَبَط الأَفْلاحَ وانْقَطَعَتْ ... عَنْهُ الجَنوبُ، وحَلَّ الغائطَ السَّهِلا
وَقَدْ سَهُلَ سُهُولةً. وسَهَّلَه: صَيَّره سَهْلًا. وَفِي الدُّعَاءِ: سَهَّلَ اللهُ عَلَيْكَ الأَمرَ وَلَكَ أَي حَمَل مؤنَته عَنْكَ وخَفَّفَ عَلَيْكَ. والسَّهْل مِنَ الأَرض: نَقِيضُ الحَزن، وَهُوَ مِنَ الأَسماء الَّتِي أُجريت مُجْرى الظُّرُوفِ، وَالْجَمْعُ سُهُول. وأَرض سَهْلة، وَقَدْ سَهُلَتْ سُهُولةً، جاؤوا بِهِ عَلَى بِنَاءِ ضِدِّهِ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ حَزُنَتْ حُزُونةً. وأَسْهَلَ القومُ: صَارُوا فِي السَّهْل. وأَسْهَلَ القومُ إِذا نزلوا السَّهْل بعد ما كَانُوا نَازِلِينَ بالحَزْن. وَفِي حَدِيثِ رَمْيِ الْجِمَارِ:
ثُمَّ يأْخذ ذاتَ الشِّمال فيُسْهِل فَيَقُومُ مُسْتقبلَ الْقِبْلَةِ
؛ أَسْهَلَ يُسْهِل إِذا صَارَ إِلى السَّهْل مِنَ الأَرض، وَهُوَ ضِدُّ الحَزْن، أَراد أَنه صَارَ إِلى بَطْنِ الْوَادِي. وأَسْهَلُوا إِذا اسْتَعْمَلُوا السُّهولة مَعَ النَّاسِ، وأَحْزَنوا إِذا اسْتَعْمَلُوا الحُزونة؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فإِن يُسْهِلوا فالسَّهْلُ حَظِّي وطُرْقَتي، ... وإِن يُحْزِنوا أَرْكَبْ بِهِمْ كُلَّ مَرْكَب
وَقَوْلُ غَيْلان الرَّبَعي يَصف حَلْبة:
وأَسْهَلوهُنَّ دُقاقَ البَطْحا
إِنما أَراد أَسْهَلوا بهنَّ فِي دُقاق الْبَطْحَاءِ فَحَذَفَ الْحَرْفَ وأَوْصَل. وبعيرٌ سُهْلِيٌّ: يَرْعى فِي السُّهولة. وَالتَّسْهِيلُ: التَّيْسِيرُ. والتَّسَاهُل: التسامُح. واسْتَسْهَلَ الشيءَ: عَدَّه سَهْلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَقَدَ اسْتَهَلَ مكانَه مِنْ جَهَنَّمَ
أَي تَبَوَّأَ وَاتَّخَذَ مَكَانًا سَهْلًا مِنْ جهنَّم، وَهُوَ افْتَعَل مِنَ السَّهْل، وَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ سَهْلٌ أَعاذنا اللَّهُ مِنْهَا بِرَحْمَتِهِ. ورَجُلٌ سَهْلُ الْوَجْهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه يُعْنى بِذَلِكَ قِلَّةَ لَحْمِهِ وَهُوَ مَا يُسْتَحْسَن. وَفِي
صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه سَهْل الخَدَّين صَلْتُهُما
أَي سَائِلُ الْخَدَّيْنِ غَيْرُ مُرْتَفِعِ الْوَجْنَتَيْنِ، ورَجُلٌ سَهْلُ الخُلُق. والسِّهْلة والسِّهْل: تُرَابٌ كَالرَّمْلِ يَجِيءُ بِهِ الْمَاءُ. وأَرض سَهِلةٌ: كَثِيرَةُ السِّهْلة، فإِذا قُلْتُ سَهْلة فَهِيَ نَقِيضُ حَزْنة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع سَهِلة لِغَيْرِ اللَّيْثِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لرَمْل الْبَحْرِ السِّهْلة؛ هَكَذَا قَالَهُ بِكَسْرِ السِّينِ. أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: يُنْسَبُ إِلى الأَرض السَّهْلة سُهْلِيٌّ، بِضَمِّ السِّينِ. الْجَوْهَرِيُّ: السِّهْلة، بِكَسْرِ السِّينِ، رَمْلٌ لَيْسَ بالدُّقاق. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ فِي مَقْتَل الْحُسَيْنِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَن جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَتاه بسِهْلة أَو تُرَابٍ أَحمر
؛ السِّهْلة: رَمْلٌ خَشِن لَيْسَ بِالدِّقَاقِ النَّاعِمِ. وإِسْهالُ البَطْن: كالخِلْفَة، وَقَدْ أُسْهِل الرَّجُلُ وأُسْهِل بطنُه، وأَسْهَلَه الدَّواءُ، وإِسْهالُ الْبَطْنِ: أَن يُسْهِله دَواءٌ، وأَسْهَلَ الدواءُ طبيعتَه. والسَّهْل: الغُرابُ.(11/349)
وسَهْلٌ وسُهَيْلٌ: اسْمَانِ. وسُهَيْلٌ: كوكبٌ يَمانٍ. الأَزهري: سُهَيْلٌ كَوْكَبٌ لَا يُرى بخُراسان ويُرى بِالْعِرَاقِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: بَلَغَنا أَن سُهَيْلًا كَانَ عَشَّاراً عَلَى طَرِيقِ الْيَمَنِ ظَلوماً فمسَخَه اللَّهُ كَوْكَبًا. وَقَالَ ابْنُ كُناسة: سُهَيْلٌ يُرى بِالْحِجَازِ وَفِي جَمِيعِ أَرض الْعَرَبِ وَلَا يُرى بأَرض أَرمِينِيَة، وَبَيْنَ رُؤية أَهل الْحِجَازِ سُهَيْلًا وَرُؤْيَةِ أَهل الْعِرَاقِ إِيَّاه عِشْرُونَ يَوْمًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا سُهَيْلٌ مَطْلَعَ الشَّمْسِ طَلَعْ، ... فابْنُ اللَّبونِ الحِقُّ، والحِقُّ جَذَعْ
وَيُقَالُ: إِنه يَطْلُع عِنْدَ نَتاج الإِبل، فإِذا حالَتِ السَّنَةُ تَحَوَّلَت أَسنانُ الإِبل.
سهبل: السَّهْبَلُ: الجَريء.
سول: سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ كَذَا: زَيَّنَتْه لَهُ. وسَوَّل لَهُ الشيطانُ: أَغْواه. وأَنا سَوِيلُكَ فِي هَذَا الأَمر: عَدِيلُك. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اللَّهُمَّ إِلا أَن تُسَوِّلَ لِي نَفْسِي عِنْدَ الْمَوْتِ شَيْئًا لَا أَجِدُه الْآنَ
؛ التَّسْوِيل: تَحْسِينُ الشَّيْءِ وتزيينُه وتَحْبِيبُه إِلى الإِنسان لِيَفْعَلَهُ أَو يَقُولَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ*
؛ هَذَا قَوْلُ يَعْقُوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِوَلَدِهِ حِينَ أَخبروه بأَكل الذِّئْبِ يوسفَ فَقَالَ لَهُمْ: مَا أَكَلَهُ الذئْب بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفسكم فِي شأْنه أَمراً أَي زَيَّنَتْ لَكُمْ أَنفسكم أَمراً غَيْرَ مَا تَصِفُون، وكأَنَّ التَّسْوِيلَ تَفْعِيلٌ مِنْ سُوِلَ الإِنسان، وَهُوَ أُمْنِيَّته أَن يَتَمَنَّاها فتُزَيِّن لِطَالِبِهَا الباطلَ وغيرَه مِنْ غُرور الدُّنْيَا، وأَصل السُّول مَهْمُوزٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، اسْتَثْقَلُوا ضَغْطة الْهَمْزَةِ فِيهِ فَتَكَلَّمُوا بِهِ عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزِ؛ قَالَ الرَّاعِي فِيهِ فَلَمْ يَهْمِزه:
اخْتَرْنَك الناسُ، إِذ رَثَّتْ خَلائِقُهُم، ... واعْتَلَّ مَنْ كَانَ يُرْجى عِنْدَه السُّولُ «1»
. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَن أَصل السُّول هَمْزٌ قراءةُ القُرَّاء قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى؛ أَي أُعْطِيت أُمْنِيَّتك الَّتِي سَأَلْتَها. والتَّسَوُّلُ: استرخاءُ الْبَطْنِ، والتَّسَوُّنُ مِثْلُهُ. والسَّوَلُ: استرخاءُ مَا تَحْتَ السُّرَّة مِنَ الْبَطْنِ، ورجُل أَسْوَلُ وامرأَة سَوْلاء قوم سُولٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الأَسْوَلُ الَّذِي فِي أَسفله اسْتِرْخَاءٌ؛ قَالَ المُتَنَخِّل الهُذلي:
كالسُّحُل البيضِ، جَلا لَوْنَها ... سَحُّ نِجاءِ الحَمَل الأَسْوَل
أَراد بالحَمَل السَّحابَ الأَسود. وسَحابٌ أَسْوَلُ أَي مُسْتَرْخٍ بَيِّنُ السَّوَل، وَقَدْ سَوِلَ يَسْوَلُ سَوَلًا، وامرأَة سَوْلاء. والأَسْوَل مِنَ السَّحَابِ: الَّذِي فِي أَسفله اسْتِرْخَاءٌ ولهُدْبهِ إِسْبالٌ. ودَلْوٌ سَوْلاء: ضَخْمة؛ قَالَ:
سَوْلاء مَسْك فارضٍ نَهِيٍ
وسَلْتُ أَسالُ سُولًا: لُغَةٌ فِي سأَلْت؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: سُوالًا وسِوالًا كجُوَارٍ وجِوار، وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: هُمَا يَتَساوَلانِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنها وَاوٌ فِي الأَصل عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ، وَلَيْسَ عَلَى بَدَلِ الْهَمْزِ. ورَجُل سُوَلةٌ على هذه اللغة: سَؤول، وَحَكَى ابْنُ جِنِّي سُوَال وأَسْوِلَة.
سيل: سالَ الماءُ والشيءُ سَيْلًا وسَيَلاناً: جَرَى، وأَسَالَه غيرُه وسَيَّله هُوَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: القِطْرُ النُّحاس وَهُوَ
__________
(1) . قوله [اخترنك] هكذا في الأَصل، والصواب اختارك(11/350)
الصُّفْر، ذُكِر أَن الصُّفْر كَانَ لَا يُذَوَّبُ فَذَابَ مُذْ ذَلِكَ فأَسَالَه اللَّهُ لسُليْمان. وماءٌ سَيْلٌ: سائلٌ، وضَعوا الْمَصْدَرَ مَوْضِعَ الصِّفَةِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: وَمِنْ كَلَامِ بَعْضِ الرُّوَّاد: وجَدْتُ بَقْلًا وبُقَيْلًا وَمَاءً غَلَلًا سَيْلًا؛ قَوْلُهُ بَقْلًا وبُقَيْلًا أَي مِنْهُ مَا أَدْرَك فكَبُر وَطَالَ، وَمِنْهُ مَا لَمْ يُدْرِك فَهُوَ صَغِيرٌ. والسَّيْل: الماءُ الْكَثِيرُ السَّائِلُ، اسْمٌ لَا مَصْدَرٌ، وَجَمْعُهُ سُيُولٌ. والسَّيْل: مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ السُّيُول. ومَسِيلُ الْمَاءِ، وَجَمْعُهُ «2» أَمْسِلَةٌ: وَهِيَ مِيَاهُ الأَمطار إِذا سَالَتْ؛ قَالَ الأَزهري: الأَكثر فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي جَمْعِ مَسِيل الْمَاءِ مَسايِلُ، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، ومَن جَمَعَهُ أَمْسِلةً ومُسُلًا ومُسْلاناً فَهُوَ عَلَى تَوَهُّم أَن الْمِيمَ فِي مَسِيل أَصلية وأَنه عَلَى وَزْنِ فَعِيل، وَلَمْ يُرَدْ بِهِ مَفْعِل كَمَا جَمَعُوا مَكاناً أَمْكِنةً، وَلَهَا نَظَائِرُ. والمَسِيل: مَفْعِلٌ مِنْ سَالَ يَسِيلُ مَسِيلًا ومَسالًا وسَيْلًا وسَيَلاناً، وَيَكُونُ المَسِيل أَيضاً الْمَكَانَ الَّذِي يَسيل فِيهِ ماءُ السَّيْل، وَالْجَمْعُ مَسَايِل، وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى مُسُلٍ وأَمْسِلَة ومُسْلان، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، لأَن مَسِيلًا هُوَ مَفْعِل ومَفْعِلٌ لَا يُجْمَعُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمْ شَبَّهوه بفَعِيل كَمَا قَالُوا رَغيفٌ وأَرْغُف وأَرْغِفة ورُغْفان؛ وَيُقَالُ للمَسيل أَيضاً مَسَل، بِالتَّحْرِيكِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سالَ بِهِمُ السَّيْل وجاشَ بِنَا الْبَحْرُ أَي وقَعوا فِي أَمر شَدِيدٍ وَوَقَعْنَا نَحْنُ فِي أَشدَّ مِنْهُ، لأَن الَّذِي يَجِيش بِهِ الْبَحْرُ أَسْوَأُ حَالًا مِمَّنْ يَسِيل بِهِ السَّيْل؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
فَلَيْتَكَ حالَ البَحْرُ دونَكَ كُلُّه، ... وكُنْتَ لَقًى تَجْري عَلَيْكَ السَّوائِلُ
والسَّائلة مِنَ الغُرَر: المعتدلةُ فِي قَصَبة الأَنف، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي سَالَتْ عَلَى الأَرْنَبة حَتَّى رَثَمَتْها، وَقِيلَ: السَّائِلَة الغُرَّة الَّتِي عَرُضَت فِي الجَبْهة وقصَبة الأَنف. وَقَدْ سالَتِ الغُرَّةُ أَي اسْتَطَالَتْ وعَرُضَت، فإِن دَقَّت فَهِيَ الشِّمْراخ. وتَسَايَلَت الكَتائبُ إِذا سَالَتْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَفِي
صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَائِل الأَطراف
أَي مُمْتَدُّهَا، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالنُّونِ كجِبرِيل وجِبْرِين، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. ومُسالا الرَّجُلِ: جَانِبَا لِحْيَتِهِ، الْوَاحِدُ مُسالٌ؛ وَقَالَ:
فَلَوْ كَانَ فِي الحَيِّ النَّجِيِّ سَوادُه، ... لَمَا مَسَحَتْ تِلْك المُسَالاتِ عامِرُ
ومُسالاهُ أَيضاً: عِطْفاه؛ قَالَ أَبو حَيَّة:
فَمَا قامَ إِلَّا بَيْنَ أَيْدٍ تُقِيمُه، ... كَمَا عَطَفَتْ رِيحُ الصَّبا خُوطَ ساسَمِ
إِذا مَا نَعَشْناه عَلَى الرَّحْل يَنْثَني، ... مُسالَيْه عَنْهُ مِنْ وَراءٍ ومُقْدَم
إِنما نَصَبه عَلَى الظَّرف. وأَسالَ غِرارَ النَّصْل: أَطاله وأَتَمَّهُ؛ قَالَ المتنَخِّل الْهُذَلِيُّ وَذَكَرَ قَوْسًا:
قَرَنْت بِهَا مَعابِلَ مُرْهَفات، ... مُسَالاتِ الأَغِرَّةِ كالقِراط
والسِّيلانُ، بِالْكَسْرِ: سِنْخُ قَائِمَةِ السَّيْفِ والسِّكِّين وَنَحْوِهِمَا. وَفِي الصِّحَاحِ: مَا يُدْخَل مِنَ السَّيْفِ وَالسِّكِّينِ فِي النِّصاب؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُهُ وَلَمْ أَسمعه مِنْ عالِمٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الجَوالِيقي أَنشد أَبو عَمْرٍو للزِّبرِقان بْنِ بَدْرٍ:
ولَنْ أُصالِحَكُمْ مَا دَامَ لِي فَرَسٌ، ... واشتَدَّ قَبْضاً عَلَى السِّيلانِ إِبْهامي
والسَّيَالُ: شجرٌ سَبْط الأَغصان عَلَيْهِ شَوْكٌ أَبيض
__________
(2) . قوله [ومَسِيل الماء وجمعه] كذا في الأصل، وعبارة الجوهري: ومَسِيل الماء موضع سيله والجمع إلخ(11/351)
أُصوله أَمثال ثَنايا العَذارى؛ قَالَ الأَعشى:
باكَرَتْها الأَعْراب في سِنَةِ النَّوْمِ ... فتَجْري خِلالَ شَوْكِ السَّيَال
يَصِفُ الخَمْر. ابْنُ سِيدَهْ: والسَّيَال، بِالْفَتْحِ: شَجَرٌ لَهُ شَوْكٌ أَبيض وَهُوَ مِنَ العِضاه؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ السَّيَال مَا طَالَ مِنَ السَّمُر؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: السَّيَال هُوَ الشُّبُه، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ الرُّواةِ السَّيَال شَوْك أَبيض طَوِيلٌ إِذا نُزِع خَرَجَ مِنْهُ مِثْلُ اللَّبَنِ؛ قَالَ ذُو الرُّمة يَصِفُ الأَجمال:
مَا هِجْنَ إِذ بَكَّرْنَ بالأَجمال، ... مِثْلَ صَوَادِي النَّخْل والسَّيَال
وَاحِدَتُهُ سَيَالَةٌ. والسَّيَالَةُ: موضع.
فصل الشين المعجمة
شبل: الشِّبْلُ: وَلدُ الأَسَد إِذا أَدرك الصيدَ، وَالْجَمْعُ أَشْبَالٌ وأَشْبُلٌ وشُبول وشِبال؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي جَذِيمة:
شَثْنُ البَنان فِي غَداةٍ بَرْدَه، ... جَهْم المُحَيّا ذُو شِبالٍ وَرْده
ولَبُوءَةٌ مُشْبِلٌ: مَعَهَا أَولادُها. وشَبَلَ فِيهِمْ يَشْبُلُ شُبُولًا: رَبا وشَبَّ وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي نَعْمة. وشَبَلَ الغلامُ أَحسنَ شُبُول إِذا نَشَأَ. وأَشْبَلَ عَلَيْهِ أَي عَطَف. ابْنُ الأَعرابي: إِذا كَانَ الغُلام مُمْتَلِئَ الْبَدَنِ نَعْمة وَشَبَابًا فَهُوَ الشَّابِل والشَّابِن والحِضَجْر. أَبو زَيْدٍ فِيمَا رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْهُ: إِذا مَشَى الحُوَار مَعَ أُمه وقَوِي فَهِيَ مُشْبِلٌ، يَعْنِي الأُمَّ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قِيلَ لَهَا مُشْبِلٌ لشَفَقتها عَلَى الوَلد. وأَشْبَلَتِ المرأَةُ عَلَى وَلَدِهَا، فَهِيَ مُشْبِلٌ: أَقامت بَعْدَ زَوْجِهَا وصَبَرَت عَلَى أَولادها فَلَمْ تتزوَّج. وأَشْبَلَ عَلَيْهِ: عَطَف عَلَيْهِ وأَعانه؛ قَالَ الكمَيت:
ومِنَّا، إِذا حَزَبتْكَ الأُمور، ... عَلَيْكَ المُلَبْلِبُ والمُشْبِل
الْكِسَائِيُّ: الإِشْبَالُ التعَطُّف عَلَى الرَّجُلِ ومَعُونَتُه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ أَيضاً:
هُم رَئِمُوها غَيْرِ ظَأْرٍ، وأَشْبَلُوا ... عَلَيْهَا بأَطْرافِ القَنَا، وتَحَدَّبُوا
وشُبْلان: اسم.
شثل: رَجُلٌ شَثْل الأَصابع: غليظُها خَشِنُها. وقَدَمٌ شَثْلَةٌ: غليظةُ اللَّحْمِ مُتَراكِبةٌ، وَقَدْ شَثِلَتْ يَدُه ورِجْلُه، وَزَعَمَ يعقوب وأَبو عُبَيْدٍ أَن لَامَهَا بَدَلٌ مِنْ نُونِ شَثْن. ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّثْل لُغَةٌ فِي الشَّثْن، وَقَدْ شَثُل شُثُولة وشَثُنَ شُثُونةً.
شخل: شَخَلَ الشَّرابَ يَشْخَلُه شَخْلًا: صَفَّاه، وشَخَله يَشْخَله: بَزَلَه بالمِشْخَلة. والشَّخْل: التَّصْفية. والمِشْخَلة: المِصْفاةُ. وشَخَلَ فُلَانٌ ناقَته وشَخَبها إِذا حَلَبها. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ يَقُولُونَ شَخَلْت الشرابَ شَخْلًا إِذا صَفَّيته بالمِشْخَلة، وَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ شَخَلْنا الإِبلَ شَخْلًا أَي حَلَبناها حَلْباً. وشَخْلُ الرَّجُل وشَخِيلُه: صَفِيُّه، وَقَدْ شَاخَلَه. والشَّخْلُ: الغُلام الحَدَثُ يُصادِق رَجُلًا. أَبو زَيْدٍ: الشَّخْل الصَّديق، يُقَالُ: فُلَانٌ شَخْلي أَي صَدِيقي.
شرحل: شَرَاحِيلُ وشَرَاحِينُ: اسْمُ رَجُلٍ، نُونُهُ بَدَلٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا يَنْصَرِفُ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا(11/352)
نَكرة عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لأَنه بِزِنَة جَمْعِ الْجَمْعِ، قَالَ: وَيَنْصَرِفُ عِنْدَ الأَخفش فِي النَّكِرَةِ، فإِن حَقَّرته انْصَرَفَ عِنْدَهُمَا لأَنه عَرَبيٌّ، وفارَقَ السَّرَاوِيل لأَنها أَعجمية؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَمَا ظَنِّي، وظَنِّي كلُّ ظَنٍّ، ... أَمُسْلِمُني إِلى قَوْمٍ شَرَاحِي
قَالَ الْفَرَّاءُ: أَراد شَرَاحِيل فرَخَّمَ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ، وَقَالَ أَمُسْلِمُني، وَوَجْهُ الْكَلَامِ أَن يَقُولَ أَمُسْلِمِي، بِحَذْفِ النُّونِ كَمَا يَقُولُ هُوَ ضَارِبي؛ قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كُلُّ اسْمٍ كَانَ فِي آخِرِهِ إِيل أَو إِلٌّ فَهُوَ مُضَافٌ إِلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، إِذ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ مَصْرُوفًا لأَن الإِيل والإِلَّ عَرَبيّان «1» .
شرحبيل: شُرَحْبيلُ: اسْمُ رَجُلٍ، وَقِيلَ هِيَ أَعجمية؛ قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كُلُّ اسْمٍ كان في آخره إِيل أَو إِلٌّ فَهُوَ مُضَافٌ إِلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَن ذَلِكَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، إِذ لَوْ صَحَّ لصُرِف جِبْرِيل وأَشباهه لأَنه مُضَافٌ إِلى إِيل وإِلى إِلٍّ، وَهُمَا مُنْصَرِفَانِ لأَنهما عَلَى ثَلَاثَةِ أَحرف، وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يُرْفَعَا فِي حَالِ الرَّفْعِ وَيُنْصَبَا فِي حَالِ النَّصْبِ وَيُخْفَضَا فِي حَالِ الْخَفْضِ، كَمَا يَكُونُ عَبْد اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعلم.
شرذل: فِي الِاسْتِيعَابِ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي حَرْفِ الْقَافِ فِي تَرْجَمَةِ قَيْسِ بن الحرث الأَسدي عَنْ خَمِيصة بْنِ الشَّرْذَل: قَالَ ابْنُ أَبي خَيْثَمة: الشَّرْذَل، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، الرجلُ الطويل.
ششقل: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: الشَّشْقَلَةُ: كَلِمَةٌ حِمْيَريَّة لَهِجَ بِهَا صَيَارِفةُ أَهل الْعِرَاقِ فِي تَعْيِير الدَّنَانِيرِ، يَقُولُونَ قَدْ شَشْقَلْناها أَي عَيَّرناها أَي وَزَنَّاها دِينَارًا دِينَارًا، وَلَيْسَتِ الشَّشْقَلَة عَرَبِيَّةً مَحْضَة. ابْنُ سِيدَهْ: شَشْقَلَ الدينارَ عَيَّره، عَجَميَّة؛ وَقِيلَ لِيُونُسَ: بمَ تَعْرِف الشِّعْرَ الجَيِّد؟ قَالَ: بالشَّشْقَلَة. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ اشْقُل الدَّنانيرَ وَقَدْ شَقَلْتُها أَي وَزَنْتها؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا أَشبه بِكَلَامِ الْعَرَبِ، وأَما قَوْلُ اللَّيْثِ تَعْيير الدَّنَانِيرِ فإِن أَبا عُبَيْدٍ رَوَى عَنِ الْكِسَائِيِّ والأَصمعي وأَبي زَيْدٍ أَنهم قَالُوا جَمِيعًا عايَرْتُ المَكاييلَ وعاوَرْتها، وَلَمْ يُجِيزوا عَيَّرتها، وَقَالُوا التَّعْييرُ بهذا المعنى لَحْنٌ.
شصل: ابْنُ الأَعرابي: شَوْصلَ وشَفْصَلَ إِذا أَكل الشَّاصُلَّى، وهو نَبَات.
شعل: الشَّعَلُ والشُّعْلَة: البياضُ فِي ذَنَب الفَرَس أَو ناصيتِه فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا، وخَصَّ بعضهُم بِهِ عَرْضها. يُقَالُ: غُرَّةٌ شَعْلاءُ تأْخذ إِحدى الْعَيْنَيْنِ حَتَّى تَدْخُلَ فِيهَا، وَقَدْ يَكُونُ فِي القَذَال، وَهُوَ فِي الذَّنَب أَكثر، شَعِلَ شَعَلًا وشُعْلَةً؛ الأَخيرة شَاذَّةٌ، وَكَذَلِكَ اشْعَالَّ اشْعِيلالًا إِذا صَارَ ذَا شَعَلٍ؛ قَالَ:
وبَعدَ انتِهاضِ الشَّيْب فِي كلِّ جانبٍ، ... عَلَى لِمَّتِي، حَتَّى اشْعَأَلَّ بَهِيمُها
أَراد اشْعَالَّ فحرَّك الأَلف لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فَانْقَلَبَتْ هَمْزَةً لأَن الأَلف حَرْفٌ ضَعِيفٌ وَاسِعُ المَخْرَج لَا يَتَحَمَّل الْحَرَكَةَ، فإِذا اضطُرُّوا إِلى تَحْرِيكِهِ حَرَّكوه بأَقرب الْحُرُوفِ إِليه، وَيُقَالُ إِذا كَانَ الْبَيَاضُ فِي طَرَف ذَنَب الْفَرَسِ فَهُوَ أَشْعَلُ، وإِن كَانَ فِي وَسَط الذَّنَب فَهُوَ أَصْبَغ، وإِن كَانَ فِي صَدْره فَهُوَ أَدْعَم، فإِذا بَلَغَ التحجيلُ إِلى رُكْبَتَيْهِ فَهُوَ مُجَبَّب، فإِن كَانَ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ مُقَفَّزٌ، وَقَالَ الأَصمعي: إِذا
__________
(1) . قوله [لَأَنَّ الْإِيلَ وَالْإِلَّ عَرَبِيَّانِ] كذا في المحكم ومعناها ظاهر من العبارة الآتية في الترجمة بعدها(11/353)
خَالَطَ البياضُ الذَّنَب فِي أَيّ لَوْنٍ كَانَ فَذَلِكَ الشُّعْلة. والفَرَس أَشْعَلُ بَيِّنُ الشَّعَل، والأُنثى شَعْلاء. وشَعَل النارَ فِي الحَطَب يَشْعَلُها وشَعَّلَها وأَشْعَلها فاشْتَعَلَت وتَشَعَّلَتْ: أَلْهَبَها فالتَهَبَت. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: اشْتَعَلَت النارُ تَأَجَّجَتْ فِي الْحَطَبِ. وَقَالَ مُرَّةُ: نارٌ مُشْعَلَة مُلْتَهِبة مُتَّقدة. والشُّعْلَةُ: مَا اشْتَعَلَتْ فِيهِ مِنَ الْحَطَبِ أَو أَشْعَلَه فِيهَا؛ قَالَ الأَزهري: الشُّعْلَة شِبْه الجِذْوة وَهِيَ قِطْعَةُ خَشَب تُشْعَل فِيهَا النارُ، وَكَذَلِكَ القَبَس والشِّهَاب. والشُّعْلَة: وَاحِدَةُ الشُّعَل. والشُّعْلة والشُّعْلُول: اللَّهَبُ؛ والمَشْعَلَةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُشْعَل فِيهِ النارُ. والشَّعِيلَة: النَّارُ المُشْعَلة فِي الذُّبَال، وَقِيلَ: الفَتِيلة المُرَوَّاة بالدُّهْن شُعِل فِيهَا نَارٌ يُسْتَصْبَحُ بِهَا، وَلَا يُقَالُ لَهَا كَذَلِكَ إِلا إِذا اشْتَعَلَت بِالنَّارِ، وَجَمْعُهَا شُعُلٌ مِثْلُ صَحِيفةٍ وصُحُفٍ. والمَشْعَلة: وَاحِدَةُ المَشَاعِل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَصاحِ، تَرَى بُرَيْقاً هَبَّ وَهْناً، ... كَمِصباحِ الشَّعِيلَة فِي الذُّبَال
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ يَسْمُر مَعَ جُلَسائه فَكَادَ السِّراجُ يَخْمَد فَقَامَ وأَصْلَحَ الشَّعِيلة وَقَالَ: قُمْتُ وأَنا عُمَر وقَعَدْتُ وأَنا عُمَر
؛ الشَّعِيلَة: الفَتِيلة المُشْعَلَة. والمَشْعَل: القِنْديل. وشُعْلَةُ: اسْمُ فَرَسِ قَيس بْنِ سِبَاع عَلَى التَّشْبِيهِ بإِشعال النَّارِ لسُرْعتها. واشْتَعَل غَضَباً: هَاجَ، عَلَى الْمَثَلِ، وأَشْعَلْته أَنا. واشْتَعَلَ الشيبُ فِي الرأْس: اتَّقَد، عَلَى الْمَثَلِ، وأَصله مِنِ اشْتِعَال النَّارِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً
؛ وَنَصْبُ شَيْباً عَلَى التَّفْسِيرِ، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَهُ مَصْدَرًا، وَكَذَلِكَ قَالَ حُذَّاقُ النَّحْوِيِّينَ. واشْتَعَلَ الرأْسُ شَيْباً أَي كَثُر شيبُ رأْسه، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ الرأْس شَعَرُ الرأْسِ واللِّحية لأَنه كُلَّه مِنَ الرأْس. وأَشْعَلَتِ العينُ: كثُر دمعُها. وأَشْعَلَ إِبلَه بالقَطِران: كَثَّرَ عَلَيْهَا مِنْهُ وعَمَّها بالهِنَاء وَلَمْ يَطْلِ النُّقَب مِنَ الجَرَب دُونَ غَيْرِهَا مِنْ بَدَن البَعير الأَجْرَب. وكَتِيبةٌ مُشْعَلةٌ: مَبْثُوثة انْتَشَرَت. وأَشْعَلَ الخَيْلَ فِي الْغَارَةِ: بَثَّها؛ قَالَ:
والخَيْلُ مُشْعَلةٌ فِي ساطِعٍ ضَرِمٍ، ... كأَنَّهُنَّ جَرادٌ أَو يَعَاسِيبُ
وأَشْعَلَتِ الغارةُ: تَفَرَّقَت. وَالْغَارَةُ المُشْعِلَة: المنتشِرة المتفرِّقة. وَيُقَالُ: كَتِيبة مُشْعِلَة، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، إِذا انْتَشَرَتْ؛ قَالَ جَرِيرٌ يُخَاطِبُ رَجُلًا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ أَنه للأَخطل:
عايَنتَ مُشْعِلَةَ الرِّعالِ، كأَنَّها ... طَيْرٌ تُغَاوِلُ فِي شَمَامِ وُكُورا
وشَمَامِ: جَبَلٌ بِالْعَالِيَةِ. وجَرَادٌ مُشْعِلٌ: كَثِيرٌ متفرِّق إِذا انتَشَرَ وجَرَى فِي كُلِّ وَجْهٍ. يُقَالُ: جَاءَ جَيْشٌ كالجَراد المُشْعِل، وَهُوَ الَّذِي يَخْرُج فِي كُلِّ وَجْهٍ، وأَما قَوْلُهُمْ جَاءَ فُلَانٌ كالحَرِيقِ المُشْعَل، فَمَفْتُوحَةُ الْعَيْنِ، لأَنه مِنْ أَشْعَلَ النارَ فِي الحَطَب أَي أَضْرَمَها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِجَرِيرٍ:
واسْأَلْ، إِذا خَرِجَ الخِدَامُ، وأُحْمِشَتْ ... حَرْبٌ تَضَرَّمُ كالحَرِيقِ المُشْعَلِ
وأَشْعَلَ الإِبِلَ: فَرَّقَها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وأَشْعَلْت جَمْعَه إِذا فَرَّقته؛ قَالَ أَبو وَجْزَة:(11/354)
فَعاد زمانٌ بَعْدَ ذَاكَ مُفَرِّقٌ، ... وأُشعِلَ وَلْيٌ مِنْ نَوًى كلَّ مُشْعَل
والشُّعْلُول: الفِرْقة مِنَ النَّاسِ وغيرِهم. وذَهَبُوا شَعَالِيلَ بقِرْدَحْمَةٍ، وَمَا فِي قِرْدَحْمَة مِنَ اللُّغَاتِ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وذَهَب القومُ شَعَالِيلَ مِثْلُ شَعَارِيرَ إِذا تفرَّقوا؛ قَالَ أَبو وَجْزَة:
حَتَّى إِذا مَا دَنَتْ مِنْهُ سَوابِقُها، ... ولِلُّغَامِ بِعِطْفَيْه شَعَالِيلُ
وشعَلَ فِي الشَّيْءِ يَشْعَلُ شَعْلًا: أَمْعَنَ. وغلامٌ شَعْلٌ أَي خَفِيف مُتَوَقِّد، ومَعْلٌ مثلُه؛ وَقَالَ:
يُلِحْنَ مِن سَوْقِ غلامٍ شَعْلِ، ... قَامَ فنادَى برَواحٍ مَعْلِ
وَكَانَ تأَبَّط شَرًّا يُقَالُ لَهُ شَعْلٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
سَرَى ثابتٌ مَسْرًى ذَمِيماً، وَلَمْ أَكن ... سَلَلْتُ عَلَيْهِ، شَلَّ مِنِّي الأَصابِعُ
ويَأْمُرني شَعْلٌ لأَقْتُل مُقْبِلًا، ... فَقُلْتُ لشَعْلٍ: بِئْسَما أَنت شافِعُ
والمِشْعَل: شَيْءٌ مِنْ جُلُود لَهُ أَربع قوَائم يُنْتَبذُ فِيهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة:
أَضَعنَ مَوَاقِتَ الصَّلوَاتِ عَمْداً، ... وحالَفْنَ المَشاعِلَ والجِرَارا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
يَا حَشَراتِ القاعِ مِنْ جُلاجِل، ... قَدْ كَشَّ مَا هاجَ مِنَ المَشَاعِل «1»
. الحَشَرات: القَنَافِذ والضِّباب، كَشَّ ونَشَّ واحدٌ أَي عَلَيْكُنَّ بالهَرَب مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا تُؤْكَلْنَ؛ المِشْعَل، بِكَسْرِ الْمِيمِ: شَيْءٌ يَتَّخِذه أَهل الْبَادِيَةِ مِنْ أَدَمٍ يُخْرَزُ بَعْضُهُ إِلى بعضٍ كالنِّطعْ ثُمَّ يُشَدُّ إِلى أَربع قَوَائِمَ مِنْ خَشَبٍ فَيَصِيرُ كَالْحَوْضِ يُنْبَذُ فِيهِ لأَنه لَيْسَ لَهُمْ حِبَابٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه شَقَّ المَشَاعِلَ يَوْمَ خَيْبَر
؛ قَالَ: هِيَ زِقَاق كَانُوا يَنْتَبِذُون فِيهَا، وَاحِدُهَا مِشْعَلٌ ومِشْعالٌ. ورَجُلٌ شَاعِلٌ أَي ذُو إِشْعال مِثْلُ تامِرٍ ولابِنٍ، وَلَيْسَ لَهُ فِعْلٌ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الإِطْنابة، والإِطْنَابَةُ أُمُّه وَهِيَ امرأَة مِنْ بَنِي كِنانة بْنِ القَيْس بْنِ جَسْرِ بْنِ قُضَاعة، وَاسْمُ أَبيه زَيْدُ مَنَاة:
إِني مِنَ القومِ الَّذِينَ إِذا ابْتَدَوْا، ... بَدَؤُوا بحَقِّ اللهِ ثُمَّ السَّائِلِ
المانِعِين مِنَ الخَنَى جاراتِهم، ... والحاشِدين عَلَى طَعامِ النَّازِل
ليْسُوا بأَنْكاسٍ، وَلَا مِيلٍ، إِذا ... مَا الْحَرْبُ شُبَّتْ أَشعَلُوا بالشّاعِل
وأَشْعَلَتِ القِرْبةُ والمَزَادةُ إِذا سالَ ماؤُها متفرِّقاً. وأَشعَلَتِ الطَّعْنةُ أَي خَرَج دَمُها مُتَفَرِّقاً. وأَشعَلَ السَّقْيَ: أَكثَر الماءَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وشَعْلٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وَبَنُو شُعَل: حَيٌّ مِنْ تَمِيم. وشَعْلان: مَوْضِعٌ. والشَّعَلَّعُ: الطويلُ.
شغل: الشَّغْل والشَّغَل والشُّغْل والشُّغُل كُلُّه وَاحِدٌ، وَالْجَمْعُ أَشْغَالٌ وشُغُول؛ قَالَ ابْنُ مَيّادة:
وَمَا هَجْرُ لَيْلَى أَن تَكُونَ تَباعَدَتْ ... عَلَيْكَ، وَلَا أَن أَحْصَرَتْكَ شُغُولُ
وَقَدْ شَغَلَه يَشْغَلُه شَغْلًا وشُغْلًا؛ الأَخيرة عن
__________
(1) . قوله [قَدْ كَشَّ مَا هَاجَ] تقدم في ترجمة كشش: قَدْ نَشَّ مَا كَشَّ(11/355)
سِيبَوَيْهِ، وأَشْغَلَه واشْتَغَلَ بِهِ وشُغِلَ به وأَنا شاغِلٌ لَهُ، وَقِيلَ: لَا يُقَالُ أَشْغَلْته لأَنها لُغَةٌ رَدِيئة، وَقَدْ شُغِلَ فُلَانٌ، فَهُوَ مَشْغُولٌ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: شُغِلَ مِنَ الأَفعال الَّتِي غُلّبَت فِيهَا صيغةُ مَا لَمْ يُسَمَّ فاعلُه، قَالَ: وتَعَجَّبوا مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ فَقَالُوا مَا أَشْغَلَه، قَالَ: وَهَذَا شَاذٌّ إِنما يُحْفَظ حِفْظاً، يَعْنِي أَن التَّعَجُّبَ مَوْضُوعٌ عَلَى صِيغَةِ فِعْلِ الْفَاعِلِ، قَالَ: وَلَا يُتَعَجَّبُ مَا لَمْ يُسَمَّ فاعلُه. وَيُقَالُ شُغِلْتُ عَنْكَ بِكَذَا، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، واشْتَغَلْت. وَرَجُلٌ شَغِل: مِنَ الشُّغْل ومُشْتَغِلٌ ومُشْتَغَلٌ ومَشْغُولٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ورجُل شَغِلٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه عَلَى النَّسَب لأَنه لَا فِعْلَ لَهُ يَجِيءُ عَلَيْهِ فَعِلٌ، وَكَذَلِكَ رَجُل مُشْتَغِلٌ ومُشْتَغَل؛ الأَخيرة عَلَى لَفْظِ الْمَفْعُولِ، وَهِيَ نَادِرَةٌ؛ حَكَاهَا ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِنَّ الَّذِي يَأْمُلُ الدُّنْيا لَمُتَّلَهٌ، ... وكُلُّ ذِي أَمَلٍ عَنْهُ سَيَشْتَغِلُ
وشُغْلٌ شاغِلٌ، عَلَى الْمُبَالَغَةِ: مِثْلُ لَيْل لائِلٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ هَمٌّ ناصِبٌ وعِيشَةٌ رَاضِيَةٌ. واشْتَغَلَ فُلَانٌ بأَمره، فَهُوَ مُشْتَغِلٌ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّغْلة والعَرَمَةُ والبَيْدَر والكُدْسُ وَاحِدٌ، وَجَمْعُ الشَّغْلة شَغْلٌ وَهُوَ البَيْدَر، وَرَوَى
الشَّعْبي فِي الْحَدِيثِ: أَن عَلِيًّا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، خَطَبَ الناسَ بَعْدَ الحَكَمَيْن عَلَى شَغْلةٍ
، عَنَى البَيْدَرَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ بفتح الغين وسكونها.
شفصل: الشِّفْصِلَّى: حَمْل اللَّوِيِّ الَّذِي يَلْتَوِي عَلَى الشَّجَرِ وَيَخْرُجُ عَلَيْهِ أَمثالَ المَسَالِّ ويَتَفلَّق عَنْ قُطْنٍ وحَبٍّ كالسِّمْسِم. ابْنُ الأَعرابي: شَفْصَل وشَوْصَلَ إِذا أَكل الشَّاصُلَّى، وهو نَبَات.
شفطل: شَفْطَلٌ: اسْمٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَهُ شَيْخُ الأَزْد.
شفقل: شَفْقَل: اسْمٌ. وأَبو شَفْقَل: رَاوِيَةُ الفَرَزْدق، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: اسْمُ رَاوِيَةِ الْفَرَزْدَقِ شَفْقَل، قَالَ: وَلَا نَظِيرَ لِهَذَا الاسم.
شقل: الشَّاقُولُ: خَشَبَة قَدْرُ ذِرَاعَيْنِ فِي رأْسها زُجٌّ تَكُونُ مَعَ الزُّرَّاع بِالْبَصْرَةِ، يَجْعَلُ أَحدهم فِيهَا رأْس الحَبْل ثُمَّ يَرُزُّها فِي الأَرض ويَتَضَبَّطها حَتَّى يَمُدُّوا الحَبْلَ، وَاشْتَقُّوا مِنْهَا اسْمًا للذَّكَر فَقَالُوا: شَقَلَها بشاقُولِه يَشْقُلها شَقْلًا، يَكْنُون بِذَلِكَ عَنِ النِّكَاحِ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّقْل الوَزْنُ، يُقَالُ: اشْقُل لِي هَذَا الدِّينَارَ أَي زِنْه، قَالَ: وَقَدْ شَقَلْته. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَوَّل مَنْ شابَ إِبراهيمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِليه: اشْقُل وَقَاراً
، الشَّقْل: الأَخْذ، وَقِيلَ الرَّزْن، قَالَ: وشَوْقَلَ الرَّجُل إِذا تَرَزَّنَ حِلماً ووَقَاراً، وشَوْقَل إِذا عَبَّر ديناره تَعْبيراً مُصَحَّحاً.
شكل: الشَّكْلُ، بِالْفَتْحِ: الشِّبْه والمِثْل، وَالْجَمْعُ أَشْكَالٌ وشُكُول؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
فَلَا تَطلُبَا لِي أَيِّماً، إِن طَلَبْتُما، ... فإِن الأَيَامَى لَسْنَ لِي بشُكُولٍ
وَقَدْ تَشَاكَلَ الشَّيْئَانِ وشَاكَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صاحبَه. أَبو عَمْرٍو: فِي فُلَانٍ شَبَهٌ مِنْ أَبيه وشَكْلٌ وأَشْكَلَةٌ وشُكْلَةٌ وشَاكِلٌ ومُشَاكَلَة. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ
؛ قرأَ النَّاسُ وَآخَرُ إِلَّا مُجَاهِدًا فإِنه قرأَ: وأُخَرُ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قرأَ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ؛ فآخَرُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ أَي وعَذاب(11/356)
آخَرُ مِنْ شَكْلِه أَي مِنْ مِثْل ذَلِكَ الأَول، وَمَنْ قرأَ
وأُخَرُ
فَالْمَعْنَى وأَنواع أُخَرُ مِنْ شَكْلِه لأَن مَعْنَى قَوْلِهِ أَزْواجٌ أَنواع. والشَّكْل: المِثْل، تَقُولُ: هَذَا عَلَى شَكْل هَذَا أَي عَلَى مِثَاله. وَفُلَانٌ شَكْلُ فُلَانٍ أَي مِثْلُه فِي حَالَاتِهِ. وَيُقَالُ: هَذَا مِنْ شَكْل هَذَا أَي مِنْ ضَرْبه وَنَحْوِهِ، وَهَذَا أَشْكَلُ بِهَذَا أَي أَشْبَه. والمُشَاكَلَة: المُوافَقة، والتَّشَاكُلُ مِثْلُهُ. والشَّاكِلَةُ: النَّاحِيَةُ والطَّريقة والجَدِيلة. وشاكِلَةُ الإِنسانِ: شَكْلُه وَنَاحِيَتُهُ وَطَرِيقَتُهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ
؛ أَي عَلَى طَرِيقَتِهِ وجَدِيلَته ومَذْهَبه؛ وَقَالَ الأَخفش: عَلَى شَاكِلَته أَي عَلَى نَاحِيَتِهِ وَجِهَتِهِ وخَلِيقته. وَفِي الْحَدِيثِ:
فسأَلت أَبي عَنْ شَكْل النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي عَنْ مَذْهَبه وقَصْده، وَقِيلَ: عَمَّا يُشَاكِلُ أَفعالَه. والشِّكْل، بِالْكَسْرِ: الدَّلُّ، وَبِالْفَتْحِ: المِثْل والمَذْهب. وَهَذَا طَرِيقٌ ذُو شَواكِل أَي تَتَشَعَّب مِنْهُ طُرُقٌ جماعةٌ. وشَكْلُ الشَّيْءِ: صورتُه الْمَحْسُوسَةُ والمُتَوَهَّمة، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وتَشَكَّل الشيءُ: تَصَوَّر، وشَكَّلَه: صَوَّرَه. وأَشْكَل الأَمْرُ: الْتَبَس. وأُمورٌ أَشْكَالٌ: مُلْتَبِسَةٌ، وبَيْنَهم أَشْكَلَة أَي لَبْسٌ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ، عَلَيْهِ السلام: وأَن لَا يَبِيعَ مِنْ أَولاد نَخْل هَذِهِ القُرَى وَدِيَّةً حَتَّى تُشْكِل أَرْضُها غِرَاساً
أَي حَتَّى يكثُرَ غِراسُ النَّخْل فِيهَا فَيَرَاهَا النَّاظِرُ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ الَّتِي عَرَفها بِهَا فيُشْكِل عَلَيْهِ أَمْرُها. والأَشْكَلَة والشَّكْلاءُ: الحاجةُ. اللَّيْثُ: الأَشْكال الأُمورُ والحوائجُ المُخْتَلِفة فِيمَا يُتكَلَّف مِنْهَا ويُهْتَمُّ لَهَا؛ وأَنشد للعَجَّاج:
وتَخْلُجُ الأَشْكالُ دُونَ الأَشْكال
الأَصمعي: يُقَالُ لَنَا عِنْدَ فُلَانٍ رَوْبَةٌ وأَشْكَلَةٌ وَهُمَا الْحَاجَةُ، وَيُقَالُ لِلْحَاجَّةِ أَشْكَلَة وشَاكِلةٌ وشَوْكَلاءُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والأَشْكَل مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ: الَّذِي يَخْلِط سوادَه حُمْرةٌ أَو غُبْرةٌ كأَنه قَدْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ لونُه، وَتَقُولُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَلوان: إِنَّ فِيهِ لَشُكْلَةً مِنْ لَوْنِ كَذَا وَكَذَا، كَقَوْلِكَ أَسْمر فِيهِ شُكْلَة مِنْ سَوَادٍ؛ والأَشْكَل فِي سَائِرِ الأَشياء: بياضٌ وحُمْرة قَدِ اخْتَلَطَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يَنْفَحْنَ أَشْكَلَ مَخْلُوطًا تَقَمَّصَه ... مَناخِرُ العَجْرَفِيَّاتِ المَلاجِيج
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَمَا زالَتِ القَتْلى تَمُور دِماؤها ... بِدِجْلَة، حَتَّى ماءُ دِجْلَة أَشْكَلُ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الأَشْكَل فِيهِ بياضٌ وحُمْرة. ابْنُ الأَعرابي: الضَّبُع فِيهَا غُثْرة وشُكْلة لَوْنان فِيهِ سَوادٌ وصُفْرة سَمِجَة. وَقَالَ شَمِر: الشُّكْلة الحُمْرة تَخْتَلِطُ بِالْبَيَاضِ. وَهَذَا شيءٌ أَشْكَلُ، وَمِنْهُ قِيلَ للأَمر المشتَبه مُشْكِلٌ. وأَشْكَل عَلَيَّ الأَمُر «2» إِذا اخْتَلَط، وأَشْكَلَتْ عليَّ الأَخبار وأَحْكَلَتْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والأَشْكَل عِنْدَ الْعَرَبِ: اللَّوْنَانِ الْمُخْتَلِطَانِ. ودَمٌ أَشْكَلُ إِذا كَانَ فِيهِ بَيَاضٌ وحُمْرَة؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: إِنما سُمِّي الدَّمُ أَشْكَلَ لِلْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ المُخْتَلَطَيْن فِيهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَشْكَلُ مِنْ سَائِرِ الأَشياء الَّذِي فِيهِ حُمْرَةٌ وَبَيَاضٌ قَدِ اخْتَلَطَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي فِيهِ بياضٌ يَضْرِب إِلى حُمْرة وكُدْرة؛ قال:
__________
(2) . قوله [وأَشْكَلَ عليّ الأَمر] في القاموس: وأَشْكَلَ الأَمر التبس كشكل وشكل(11/357)
كَشَائطِ الرُّبِّ عَلَيْهِ الأَشْكَلِ
وَصَفَ الرُّبَّ بالأَشْكَل لأَنه مِنْ أَلْوانِه، وَاسْمُ اللَّوْنِ الشُّكْلة، والشُّكْلة فِي الْعَيْنِ مِنْهُ، وَقَدْ أَشْكَلَتْ. وَيُقَالُ: فِيهِ شُكْلة مِنْ سُمْرة وشُكْلة مِنْ سَوَادٍ، وعَيْنٌ شَكْلاءُ بَيِّنة الشَّكَلِ، ورَجُل أَشْكَلُ الْعَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ «1» رَضِيَ الله عنه: فِي عَيْنيه شُكْلةٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الشُّكْلة كَهَيْئَةِ الحُمْرة تَكُونُ فِي بَيَاضِ الْعَيْنِ، فإِذا كَانَتْ فِي سَوَادِ الْعَيْنِ فَهِيَ شُهْلة؛ وأَنشد:
وَلَا عَيْبَ فِيهَا غَير شُكْلة عَيْنِها، ... كَذَاكَ عِتَاقُ الطَّيْر شُكْلٌ عُيُونُها «2»
. عِتَاقُ الطَّيرِ: هِيَ الصُّقُور والبُزَاة وَلَا تُوصَفُ بالحُمْرة، وَلَكِنْ تُوصَفُ بزُرقة الْعَيْنِ وشُهْلتها. قَالَ: وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ: غَيْرَ شُهْلةِ عَيْنها؛ وَقِيلَ: الشُّكْلَة فِي الْعَيْنِ الصُّفْرة الَّتِي تُخَالِط بَيَاضَ الْعَيْنِ الَّذِي حَوْلَ الحَدَقة عَلَى صِفَة عَيْنِ الصَّقْر، ثُمَّ قَالَ: ولَكِنَّا لَمْ نَسْمَعِ الشُّكْلَة إِلا فِي الحُمْرة وَلَمْ نَسْمَعْهَا فِي الصُّفْرة؛ وأَنشد:
ونَحْنُ حَفَزْنَا الحَوْفَزَان بطَعْنَةٍ، ... سَقَتْه نَجِيعاً، مِنْ دَمِ الجَوْف، أَشْكلا
قَالَ: فَهُوَ هَاهُنَا حُمْرة لَا شَكَّ فِيهِ. وَقَوْلُهُ فِي
صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ ضَلِيعَ الفَم أَشْكَلَ الْعَيْنِ مَنْهُوسَ العَقِبين
؛ فَسَّرَهُ سِمَاك بْنُ حَرْب بأَنه طَوِيلُ شَقِّ العَيْن؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا نَادِرٌ، قَالَ: وَيُمْكِنُ أَن يَكُونَ مِنَ الشُّكْلة الْمُتَقَدِّمَةِ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي صِفَةِ أَشْكَلَ الْعَيْنِ قَالَ: أَي فِي بَيَاضِهَا شَيْءٌ مِنْ حُمْرة وَهُوَ مَحْمود مَحْبوب؛ يُقَالُ: مَاءٌ أَشْكَلُ إِذا خَالَطَهُ الدَّمُ. وَفِي حَدِيثِ مَقْتَل
عُمَر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَخَرج النَّبِيذُ مُشْكِلًا
أَي مُخْتَلِطًا بِالدَّمِ غَيْرَ صَرِيحٍ، وَكُلُّ مُخْتَلِطٍ مُشْكِلٌ. وتَشَكَّلَ العِنَبُ: أَيْنَعَ بعضُه. الْمُحْكَمُ: شَكَّلَ «3» العِنَبُ وتَشَكَّلَ اسْوَدَّ وأَخَذَ فِي النُّضْج؛ فأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ذَرَعَتْ بِهِمْ دَهْسَ الهِدَمْلَةِ أَيْنُقٌ ... شُكْلُ الغُرورِ، وَفِي العُيون قُدُوحُ
فإِنه عَنَى بالشُّكْلة هُنَا لَوْنَ عَرَقها، والغُرور هُنَا: جَمْعُ غَرٍّ وَهُوَ تَثَنِّي جُلودها «4» وَفِيهِ شُكْلَةٌ مِنْ دَمٍ أَي شَيْءٌ يَسِيرٌ. وشَكَلَ الكِتابَ يَشْكُله شَكْلًا وأَشْكَلَه: أَعجمه. أَبو حَاتِمٍ: شَكَلْت الْكِتَابَ أَشْكَلَه فَهُوَ مَشْكُول إِذا قَيَّدْتَه بالإِعْراب، وأَعْجَمْت الكِتابَ إِذا نَقَطْته. وَيُقَالُ أَيضاً: أَشْكَلْت الكتابَ بالأَلف كأَنك أَزَلْت بِهِ عَنْهُ الإِشْكال وَالِالْتِبَاسَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهَذَا نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابٍ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ. وحَرْف مُشْكِلٌ: مُشْتَبِهٌ ملتَبِس. والشِّكَال: العِقَال، وَالْجَمْعُ شُكْلٌ؛ وشَكَلْت الطائرَ وشَكَلْت الفرسَ بالشِّكَال. وشَكَل الدَّابَّة يَشْكُلُها شَكْلًا وشَكَّلَها: شَدَّ قَوَائِمَهَا بحَبْل، وَاسْمُ ذَلِكَ الحَبْلِ الشِّكَالُ، وَالْجَمْعُ شُكُلٌ. والشِّكَال فِي الرَّحْل: خَيط يُوضَعُ بَيْنَ الحَقَبِ والتَّصْدِيرِ لِئَلَّا يُلِحَّ الحَقَبُ عَلَى ثِيلِ البَعِيرِ
__________
(1) . قوله [وفي حديث علي إلخ] في التهذيب: وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، إلخ
(2) . قوله [شكل عيونها] في التهذيب شكلًا بالنصب
(3) . قوله [المحكم شكل إلخ] في القاموس: شكل العنب مخففاً ومشدداً وتشكل
(4) . قوله [وهو تثني جلودها] زاد في المحكم: هكذا قال والصحيح ثني جلودها(11/358)
فيَحْقَب أَي يَحْتبس بولُه، وَهُوَ الزِّوار أَيضاً. والشِّكال أَيضاً: وِثَاقٌ بَيْنَ الحَقَب والبِطَان، وَكَذَلِكَ الْوِثَاقُ بَيْنَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ. وشَكَلْت عَنِ الْبَعِيرِ إِذا شَدَدت شِكَاله بَيْنَ التَّصْدِيرِ والحَقَب، أَشْكُلُ شَكْلًا. والمَشْكُولُ مِنَ العَرُوض: مَا حُذف ثَانِيهِ وسابعُه نَحْوُ حَذْفِكَ أَلفَ فَاعِلَاتُنْ والنونَ مِنْهَا، سُمِّي بِذَلِكَ لأَنك حَذَفْتَ مِنْ طَرَفِهِ الآخِر وَمِنْ أَوّله فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الدابَّة الَّذِي شُكِلَت يَدُه ورجلُه. والمُشاكِلُ مِنَ الأُمور: مَا وَافَقَ فاعِلَه ونظيرَه. وَيُقَالُ: شَكَلْت الطيرَ وشَكَلْت الدَّابَّة. والأَشْكَالُ: حَلْيٌ يُشاكِلُ بعضُه بَعْضًا يُقَرَّط بِهِ النساءُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سَمِعْت مِنْ صَلاصِل الأَشْكَالِ ... أَدْباً عَلَى لَبَّاتِها الحَوَالي،
هَزَّ السَّنَى فِي لَيْلَةِ الشَّمَالِ
وشَكَّلَتِ المرأَةُ «1» شَعَرَها: ضَفَرَت خُصْلَتين مِنْ مُقَدَّم رأْسها عَنْ يَمِينٍ وَعَنْ شِمَالٍ ثُمَّ شَدَّت بِهَا سَائِرَ ذَوَائِبِهَا. والشِّكَال فِي الْخَيْلِ: أَن تَكُونَ ثلاثُ قَوائم مِنْهُ مُحَجَّلةً وَالْوَاحِدَةُ مُطْلَقة؛ شُبِّه بالشِّكال وَهُوَ العِقال، وإِنما أُخِذ هَذَا مِنَ الشِّكَال الَّذِي تُشْكَل بِهِ الْخَيْلُ، شُبِّه بِهِ لأَن الشِّكَال إِنما يَكُونُ فِي ثَلَاثِ قَوَائِمَ، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَكُونَ الثلاثُ مُطْلَقة وَالْوَاحِدَةُ مُحَجَّلة، وَلَا يَكُونُ الشِّكَال إِلا فِي الرِّجْل وَلَا يَكُونُ فِي الْيَدِ، والفرسُ مَشْكُولٌ، وَهُوَ يُكْرَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَرِه الشِّكال فِي الْخَيْلِ
؛ وَهُوَ أَن تَكُونَ ثلاثُ قَوَائِمَ مُحَجَّلة وَوَاحِدَةٌ مُطْلَقة تَشْبِيهًا بالشِّكَال الَّذِي تُشْكَل بِهِ الخيلُ لأَنه يَكُونُ فِي ثَلَاثِ قَوَائِمَ غَالِبًا، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَكُونَ الْوَاحِدَةُ محجَّلة وَالثَّلَاثُ مُطْلَقة، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَكُونَ إِحدى يَدَيْهِ وإِحدى رِجْلَيْهِ مِنْ خِلَافٍ مُحَجَّلتين، وإِنما كَرِهه لأَنه كَالْمَشْكُولِ صُورَةً تَفَاؤُلًا، قَالَ: وَيُمْكِنُ أَن يَكُونَ جَرَّب ذَلِكَ الْجِنْسَ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ نَجَابة، وَقِيلَ: إِذا كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَغَرَّ زَالَتِ الْكَرَاهَةُ لِزَوَالِ شَبَهِ الشِّكَال. ابْنُ الأَعرابي: الشِّكَال أَن يَكُونَ الْبَيَاضُ فِي رِجْلَيْهِ وَفِي إِحدى يَدَيْهِ. وفَرَسٌ مَشْكُول: ذُو شِكَال. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ رَوَى
أَبو قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: خَيْرُ الخَيْلِ الأَدْهَمُ الأَقْرَحُ المُحَجَّل الثَّلَاثُ طَلْقُ اليُمْنى أَو كُمَيْتٌ مِثْلُهُ
؛ قَالَ الأَزهري: والأَقْرَحُ الَّذِي غُرَّتُه صَغِيرَةٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَوْلُهُ طَلْق الْيُمْنَى لَيْسَ فِيهَا مِنَ الْبَيَاضِ شَيْءٌ، والمُحَجَّل الثَّلَاثُ الَّتِي فِيهَا بَيَاضٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الشِّكَال أَن يَكُونَ بَيَاضُ التَّحْجِيلِ فِي رِجْل وَاحِدَةٍ ويَدٍ مِنْ خِلافٍ قَلَّ البياضُ أَو كَثُر، وَهُوَ فَرَسٌ مَشْكُول. ابْنُ الأَعرابي: الشَّاكِل الْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الصُّدْغِ والأُذُنِ. وحُكي عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ:
أَنه أَوْصَى رَجُلًا فِي طَهارته فَقَالَ تَفَقَّدِ المَنْشَلَة والمَغْفَلة والرَّوْمَ والفَنِيكَيْن والشَّاكِلَ والشَّجْر.
وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
تَفَقَّدوا فِي الطُّهور الشَّاكِلَة والمَغْفَلة والمَنْشَلة
؛ المَغْفَلة: العَنْفَقة نفسُها، والمَنْشَلةُ: مَا تَحْتَ حَلْقة الخاتَم مِنَ الإِصْبَع، والرَّوْمُ: شَحْمَة الأُذُن، والشَّاكِل: مَا بَيْنَ العِذَار والأُذُن مِنَ الْبَيَاضِ. وشَاكِلَة الشَّيْءِ: جانبُه؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وعَمْداً تَصدَّت، يَوْمَ شَاكِلَة الحِمى، ... لِتَنْكأَ قَلْباً قد صَحَا وتَنَكَّرا
__________
(1) . قوله [وشَكَّلَتِ المرأة] ضبط مشدداً في المحكم والتكملة وتبعهما القاموس، قال شارحه: والصواب أنه من حد نصر كما قيده ابن القطاع(11/359)
وشَاكِلَةُ الفَرس: الَّذِي بَيْنَ عَرْض الْخَاصِرَةِ والثَّفِنة، وَهُوَ مَوْصِلُ الفَخِذ فِي السَّاقِ. والشَّاكِلَتان: ظاهرُ الطَّفْطَفَتين مِنْ لَدُنْ مَبْلَغ القُصَيْرَى إِلى حَرْف الحَرْقَفة مِنْ جَانِبَيِ الْبَطْنِ. والشَّاكِلَةُ: الخاصِرةُ، وَهِيَ الطَّفْطَفة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن ناضِحاً تَرَدَّى فِي بِئر فُذكِّي مِنْ قِبَل شَاكِلَتِه
أَي خاصِرِته. والشَّكْلاء مِنَ النِّعاج: البيضاءُ الشَّاكِلة. ونَعْجة شَكْلاء إِذا ابْيَضَّتْ شاكِلَتاها وسائرُها أَسودُ وَهِيَ بَيِّنَة الشَّكَل. والأَشْكَل مِنَ الشَّاءِ: الأَبيضُ الشاكِلة. والشَّواكِلُ مِنَ الطُّرُق: مَا انْشَعَب عَنِ الطَّرِيقِ الأَعظم. والشِّكْل: غُنْجُ المرأَة وغَزَلُها وحُسْن دَلِّها؛ شَكِلَتْ شَكَلًا، فَهِيَ شَكِلَةٌ؛ يُقَالُ: إِنها شَكِلة مُشْكِلةٌ حَسَنة الشِّكْل؛ وَفِي تَفْسِيرِ المرأَة العَرِبَة أَنها الشَّكِلَة، بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِ الْكَافِ، وَهِيَ ذاتُ الدَّلّ. والشَّكْل: المِثْل. والشِّكْل، بِالْكَسْرِ: الدَّلُّ، وَيَجُوزُ هَذَا فِي هَذَا وَهَذَا فِي هَذَا. والشِّكْلُ للمرأَة: مَا تَتَحسَّن بِهِ مِنَ الغُنْج. يُقَالُ: امرأَة ذَاتُ شِكْل. وأَشْكَلَ النَّخلُ: طَابَ رُطَبُه وأَدْرَك. والأَشْكَل: السِّدْر الجَبَليُّ، وَاحِدَتُهُ أَشْكَلَة. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني بَعْضُ الْعَرَبِ أَن الأَشْكَلَ شَجَرٌ مِثْلُ شَجَرِ العُنَّاب فِي شَوْكه وعَقَف أَغْصانه، غَيْرَ أَنه أَصغر وَرَقاً وأَكثر أَفْناناً، وَهُوَ صُلْبٌ جِدّاً وَلَهُ نُبَيْقَةٌ حَامِضَةٌ شَدِيدَةُ الحُمُوضة، مَنابِته شواهقُ الْجِبَالِ تُتَّخَذ مِنْهُ القِسِيُّ، وإِذا لَمْ تَكُنْ شَجَرَتُهُ عَتِيقة مُتقادِمة كَانَ عُودُها أَصفر شَدِيدَ الصُّفْرة، وإِذا تقادَمَتْ شجرتُه واسْتَتمَّت جَاءَ عودُها نِصْفَيْنِ: نِصْفًا شَدِيدَ الصُّفْرَةِ، وَنِصْفًا شَدِيدَ السَّوَادِ؛ قَالَ العَجَّاج ووَصَفَ المَطايا وسُرْعَتَها:
مَعْجَ المَرامي عَنْ قِياس الأَشْكَلِ
قَالَ: ونَبات الأَشْكَل مِثْلُ شَجَرِ الشَّرْيان؛ وَقَدْ أَوردوا هَذَا الشِّعْرَ الَّذِي لِلْعَجَّاجِ:
يَغْلُو بِهَا رُكْبانُها وتَغْتَلي ... عُوجاً، كَمَا اعْوَجَّتْ قِياسُ الأَشْكَل
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِهِ:
مَعْجَ المَرامي عَنْ قِياس الأَشْكَل
والمَعْجُ: المَرُّ، والمَرامي السِّهامُ، الْوَاحِدَةُ مِرْماةٌ؛ وَقَالَ آخَرُ:
أَو وَجْبَة مِنْ جَناةِ أَشْكَلَةٍ
يَعْنِي سِدْرة جَبَلِيَّة. ابْنُ الأَعرابي: الشَّكْلُ ضَرْب مِنَ النَّبَاتِ أَصفر وأَحمر. وشَكْلةُ: اسْمُ امرأَة. وبَنُو شَكَل: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ. والشَّوْكَل: الرَّجَّالَةُ، وَقِيلَ المَيْمنة والمَيْسَرة؛ كلُّ ذَلِكَ عَنِ الزَّجَّاجي. الْفَرَّاءُ: الشَّوْكَلَةُ الرَّجَّالَةُ، والشَّوْكَلَةُ النَّاحِية، والشَّوْكَلَةُ العَوْسَجَة.
شلل: الشَّلَلُ: يُبْسُ اليَدِ وذَهابُها، وَقِيلَ: هُوَ فَساد فِي الْيَدِ، شَلَّتْ يَدُه تَشَلُّ بِالْفَتْحِ شَلًّا وشَلَلًا وأَشَلَّها اللهُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: شَلَّ عَشْرُه وشَلَّ خَمْسُه، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ شَلَّت، قَالَ: وَهِيَ أَقَلُّ، يَعْنِي أَن حَذْفَ عَلَامَةِ التأْنيث فِي مِثْلِ هَذَا أَكثر مِنْ إِثباتها؛ وأَنشد:
فَشَلَّتْ يَميني، يَوْمَ أَعْلُو ابْنَ جَعْفَرٍ ... وشَلَّ بَناناها، وشَلَّ الخَناصِرُ
ورَجُلٌ أَشَلُّ، وَقَدْ أَشَلَّ يَدَه، وَلَا شَلَلًا(11/360)
وَلَا شَلالِ: مَبْنِيَّة كَحَذَامِ أَي لَا تَشْلَلْ يَدُك. وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ: لَا تَشْلَلْ يَدُك وَلَا تَكْلَلْ. وَقَدْ شَلِلْتَ يَا رَجُل، بِالْكَسْرِ، تَشَلُّ شَلَلًا أَي صِرْت أَشَلَّ، والمرأَة شَلَّاء. وَيُقَالُ لِمَنْ أَجاد الرَّمْيَ أَو الطَّعْن: لَا شَلَلًا وَلَا عَمًى، وَلَا شَلَّ عَشْرُك أَي أَصابِعُك؛ قَالَ أَبو الخُضْريِّ اليَرْبُوعي:
مُهْرَ أَبي الحَبْحابِ لَا تَشَلِّي ... بارَكَ فيكَ اللهُ مِنْ ذِي أَلِّ «2»
. حَرَّك تَشَلِّي لِلْقَافِيَةِ وَالْيَاءُ مِنْ صِلَةِ الْكَسْرِ؛ وَهُوَ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَلا أَيُّها اللَّيْلُ الطَّويل أَلا انْجَلي ... بصُبْحٍ، وَمَا الإِصْباحُ مِنكَ بأَمْثَل
الْفَرَّاءُ: لَا يُقَالُ شُلَّتْ يَدُه، وإِنما يُقَالُ أَشَلَّها اللهُ. اللَّيْثُ: وَيُقَالُ لَا شَلَلِ فِي مَعْنَى لَا تَشْلَلْ، لأَنه وَقَع مَوْقِع الأَمر فشُبِّه بِهِ وجُرَّ، وَلَوْ كَانَ نَعْتاً لنُصِب؛ وأَنشد:
ضَرْباً عَلَى الهاماتِ لَا شَلَلِ
قَالَ: وَقَالَ نَصْرُ بْنُ سَيَّار:
إِني أَقول لِمَنْ جَدَّتْ صَرِيمَتُه، ... يَوْماً، لِغانِيَةٍ: تَصْرِمْ وَلَا شَلَلِ
قَالَ: وَلَمْ أَسمع الْكَسْرَ لَا شَلَلِ لِغَيْرِهِ. الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلرَّجُلِ يُمارِسُ عَمَلًا وَهُوَ ذُو حِذقٍ بِهِ: لَا قَطْعاً وَلَا شَلَلًا أَي لَا شَلِلْتَ عَلَى الدُّعَاءِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ؛ وَقَوْلُهُ: تَصْرِم مَعْنَاهُ فِي هَذَا اصْرِم، وَلَا شَلَلِ أَي وَلَا شَلِلْتَ، وَقَالَ لَا شَلَلِ، فكَسَرَ لأَنه نَوى الجَزْم ثُمَّ جَرَّتْه الْقَافِيَةُ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
مُهْرَ أَبي الحَبْحاب لَا تَشَلِّي
قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ لَا شَلِلْتَ كَقَوْلِهِ:
أَلَيْلَتَنا بِذِي حُسُمٍ أَنِيري، ... إِذا أَنْتِ انْقَضَيْتِ فَلَا تَحُوري
أَي لَا حُرْتِ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ شُلَّ يَدُ فُلَانٍ بِمَعْنَى قُطِعَتْ، قَالَ: وَلَمْ أَسمعه مِنْ غَيْرِهِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: شَلَّتْ يَدُه لغةٌ فَصِيحَةٌ، وشُلَّت لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. قَالَ: وَيُقَالُ أُشِلَّت يدُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَفِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ إِذا قُطِعَتْ ثُلُثُ دِيتها
؛ هِيَ المُنْتَشِرة الْعَصَبِ الَّتِي لَا تُواتي صاحِبَها عَلَى مَا يُريد لِما بِهَا مِنَ الْآفَةِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ شَلَّتْ يدُه تَشَلُّ شَلَلًا، وَلَا تَضُمِّ الشِّينَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
شَلَّتْ يدُه يَوْمَ أُحُدٍ.
وَفِي حَدِيثِ بَيْعَةِ عَليٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
يَدٌ شَلَّاءُ وبَيْعَةٌ لَا تَتِمُ
؛ يُرِيدُ طَلْحَةَ، كَانَتْ أُصيبت يَدُه يَوْمَ أُحُد وَهُوَ أَوّل مَنْ بايَعَه. والشَّلَلُ فِي الثَّوْبِ: أَن يُصِيبَهُ سوادٌ أَو غَيْرُهُ فإِذا غُسِل لَمْ يَذْهَب. يُقَالُ: مَا هَذَا الشَّلَلُ فِي ثَوْبِكَ؟ والشَّلِيلُ: مِسْحٌ مِنْ صُوفٍ أَو شَعَر يُجْعَل عَلَى عَجُزِ الْبَعِيرِ مِنْ وَرَاءِ الرَّحْل؛ قَالَ جَمِيل:
تَئِجُّ أَجِيجَ الرَّحْلِ لَمَّا تَحَسَّرَتْ ... مَناكِبُها، وابْتُزَّ عَنْهَا شَلِيلُها
والشَّلِيلُ: الحِلْسُ؛ قَالَ:
إِلَيْك سارَ العِيسُ في الأَشِلَّه
__________
(2) . قوله [مهر أبي الحبحاب] قال في التكملة: والرواية مهر أبي الحرث(11/361)
والشَّلِيلُ: الغِلالة الَّتِي تُلْبَسُ فَوْقَ الدِّرْع، وَقِيلَ: هِيَ الدِّرْع الصَّغِيرَةُ الْقَصِيرَةُ تَكُونُ تَحْتَ الْكَبِيرَةِ، وَقِيلَ: تَحْتَ الدِّرْع مِنْ ثَوْبٍ أَو غَيْرِهِ، وَقِيلَ: هِيَ الدِّرْع مَا كَانَتْ، وَالْجَمْعُ الأَشِلَّة؛ قَالَ أَوس:
وجِئْنا بِهَا شَهْباءَ ذاتَ أَشِلَّةٍ، ... لَهَا عارِضٌ فِيهِ المَنِيَّةُ تَلْمَع
ابْنُ شُمَيْلٍ: شَلَّ الدِّرْعَ يَشُلُّها شَلًّا إِذا لَبِسها، وشَلَّها عَلَيْهِ. وَيُقَالُ للدِّرْع نفسِها شَلِيلٌ. والشُّلَّة: الدِّرْع. والشَّلِيلُ: النُّخاعُ وَهُوَ العِرْقُ الأَبيض الَّذِي فِي فِقَرِ الظَّهْر. والشَّلِيلُ: طَرَائِقُ طِوالٌ مِنْ لَحْمٍ تَكُونُ ممتدَّة مَعَ الظَّهْر، وَاحِدَتُهَا شَلِيلةٌ؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ «1» وَالسِّينُ فِيهَا أَعلى. والشَّلُّ والشَّلَلُ: الطَّرْد، شَلَّه يَشُلُّه شَلًّا فانْشَلَّ، وَكَذَلِكَ شَلَّ العَيْرُ أُتُنَه وَالسَّائِقُ إِبله. وحمارٌ مِشَلٌّ: كَثِيرُ الطرْد. والشَّلَّة: الطَّرْدُ. وشَلَلْت الإِبِلَ أَشُلُّها شَلًّا إِذا طَرَدتها فانشَلَّت. ومَرَّ فُلَانٌ يَشُلُّهم بِالسَّيْفِ أَي يَكْسَؤُهم ويطرُدُهم. وذهبَ القومُ شِلالًا أَي انشَلُّوا مطرودين. وجاؤوا شِلالًا إِذا جاؤوا يَطرُدون الإِبل. والشِّلالُ: القومُ الْمُتَفَرِّقُونَ؛ قَالَ ابْنُ الدُّمَيْنة:
أَما وَالَّذِي حجَّتْ قُرَيْشٌ قَطِينَه ... شِلالًا، ومَوْلى كُلِّ باقٍ وهالِكِ
والقَطِين: سَكْنُ الدَّارِ. ابْنُ الأَعرابي: شَلَّ يَشُلُّ إِذا طَرَد، وشَلَّ يَشِلُّ إِذا اعْوَجَّت يدُه بِالْكَسْرِ. والأَشَلُّ: المُعْوَجُّ المِعْصَم المتَعَطِّل الكَفِّ. قَالَ الأَزهري: الْمَعْرُوفُ شَلَّتْ يدُه تَشَلُّ، بِالْفَتْحِ، فَهِيَ شَلَّاءِ. وعَينٌ شَلَّاء: لِلَّتِي ذَهَبَ بَصرُها، وَفِي الْعَيْنِ عِرْقٌ إِذا قُطِع ذَهَبَ بصرُها أَو أَشَلَّها. وَرَجُلٌ مِشَلٌّ وشَلولٌ وشُلُلٌ وشُلْشُل: خَفِيفٌ سَرِيعٌ؛ قَالَ الأَعشى:
وَقَدْ غَدَوْتُ إِلى الحانوتِ يَتْبَعُني ... شاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلْشُلٌ شَوِلُ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَمْعُ الشُّلُلِ شُلُلونَ، وَلَا يُكَسَّر لقِلة فُعُلٍ فِي الصِّفَاتِ؛ وَقَالَ أَبو بَكْرٍ فِي بَيْتِ الأَعشى: الشّاوِي الَّذِي شَوى، والشَّلول الْخَفِيفُ، والمِشَلُّ المِطْرَد، والشُّلْشُل الْخَفِيفُ الْقَلِيلُ، وَكَذَلِكَ الشَّوِل، والأَلفاظ متقاربةٌ أُريد بِذِكْرِهَا وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا الْمُبَالَغَةُ. ابْنُ الأَعرابي: المُشَلِّل الْحِمَارُ النِّهايةُ فِي العِناية بأُتُنِه. وَيُقَالُ: إِنه لَمُشِلٌّ مِشَلٌّ مُشَلِّل لِعَانَتِهِ ثُمَّ يَنْقُلُ فيُضرب مَثَلًا لِلْكَاتِبِ النِّحْرير الْكَافِي، يُقَالُ: إِنه لمِشَلُّ عُونٍ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْغُلَامِ الحارِّ الرأْس الْخَفِيفِ الرُّوحِ النَّشِيطِ فِي عَمَلِهِ شُلْشُلٌ وشُنْشُن وسُلْسُل ولُسْلُس وشُعْشُعٌ وجُلْجُل. والمُتَشَلْشِل: الَّذِي قَدْ تخَدَّد لحمُه. وَرَجُلٌ شُلشُلٌ، بِالضَّمِّ، ومُتَشَلْشِل: قَلِيلُ اللحم خفيف فما أَخَذَ فِيهِ مِنْ عَمل أَو غَيْرِهِ؛ وَقَالَ تأَبَّط شَرًّا:
ولكِنَّني أُرْوِي مِنَ الخَمْرِ هامَتي، ... وأَنْضُو المَلا بالشَّاحِب المُتَشَلشِل
إِنما يَعْنِي الرَّجُلَ الْخَفِيفَ المتخدِّد الْقَلِيلَ اللَّحْمِ، وَالشَّاحِبُ عَلَى هَذَا يُرِيدُ بِهِ الصَّاحِبَ، وَقِيلَ: يُرِيدُ بِهِ السَّيْفَ؛ وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ سَيْفٌ يَقْطُر مِنْهُ الدمُ، والشاحِبُ: الَّذِي أَخْلَقَ جَفْنُه، قَالَ: وَرَجُلٌ مُتَشَلْشِل إِذا تخَدَّد لحمُه، ورجل شَلْشالٌ مثله.
__________
(1) . قوله [كلاهما عن كراع إلخ] عبارة المحكم: والشَّلِيل مَجْرَى الْمَاءِ فِي الْوَادِي وقيل وسطه الذي يجري فيه الماء، والشَّلِيل النُّخَاعُ وَهُوَ الْعِرْقُ الْأَبْيَضُ الَّذِي فِي فِقَرِ الظَّهْرِ، وَاحِدَتُهَا شَلِيلَة، كِلَاهُمَا عن كراع، والسين فيهما أعلى(11/362)
ابْنُ الأَعرابي: شَلَلْت الثوبَ خِطْتُه خِياطةً خَفِيفَةً. والشَّلْشَلة: قَطَرانُ الْمَاءِ وَقَدْ تَشَلْشَلَ. وماءٌ شَلْشَلٌ ومُتَشَلْشِلٌ: تَشَلْشَلَ يَتْبَع قَطَرانُ بَعْضِهِ بَعْضًا وسَيَلانُه، وَكَذَلِكَ الدَّمُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمّة:
وَفْراءَ غَرْفيَّةٍ أَثْأَى خَوارِزَها ... مُشَلْشَلٌ ضَيَّعَتْه، بَيْنَهَا، الكُتَبُ
والشَّلْشَل: الزِّقُّ السَّائِلُ. وشَلْشَلْتُ الْمَاءَ أَي قَطَّرته، فَهُوَ مُشَلْشَل. وَمَاءٌ ذُو شَلْشَلٍ وشَلْشَالٍ أَي ذُو قَطَرانٍ؛ وأَنشد الأَصمعي:
واهْتَمَّتِ النَّفْسُ اهْتِمامَ ذِي السَّقَم، ... ووافَتِ اللَّيْلَ بِشَلْشَالٍ سَجَم
وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِنه يأْتي يومَ الْقِيَامَةِ وجرحُه يَتَشَلْشَل
أَي يَتقاطَرُ دَماً. يُقَالُ: شَلْشَلَ الماءَ فتَشَلْشَلَ. وشَلْشَلَ السيفُ الدمَ وتَشَلْشَلَ بِهِ: صَبَّه، وَقِيلَ لنُصَيبٍ: مَا الشَّلْشَالُ؟ فِي بيتٍ قَالَهُ، فَقَالَ: لَا أَدري، سَمِعْتُهُ يُقَالُ فقُلته. وشَلْشَلَ بَوْلَهُ وَبِبَوْلِهِ شَلْشَلَةً وشِلْشَالًا: فرَّقه وأَرسله مُنْتَشِرًا، وَالِاسْمُ الشَّلْشَالُ، والصبيُّ يُشَلشِلُ بِبَوْلِهِ. وشَلَّتِ العينُ دَمْعَها كشَنَّتْه: أَرْسَلته، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنه مِنَ الْبَدَلِ. والشَّلِيلُ مِنَ الْوَادِي: وَسَطه حَيْثُ يَسيل مُعْظم الْمَاءِ. شَمِرٌ: انسَلَّ السَّيْلُ وانْشَلَّ، وَذَلِكَ أَوَّلَ ما يبتدئ حِينَ يَسيل قبلَ أَن يشتدَّ. والشَّلِيلُ: الْكِسَاءُ الَّذِي تَحْتَ الرَّحْل. والشَّلِيل: الحِلْس الَّذِي يَكُونُ عَلَى عَجُز الْبَعِيرِ؛ وَقَالَ حَاجِبٌ الْمَازِنِيُّ:
صَحا قَلبي وأَقْصَرَ غَيرَ أَنِّي ... أَهَشُّ، إِذا مَرَرتُ عَلَى الحُمول
كَسَوْنَ الفارِسِيَّةَ كُلَّ قَرْنٍ، ... وزَيَّنَّ الأَشِلَّةَ بالسُّدُولِ
وَرَوَاهُ ابْنُ الْغَرْقِيِّ: القادِسِيّة؛ والقرنُ: قَرْنُ الهَوْدَج، والسُّدول: جَمْعُ سَدِيل وَهُوَ مَا أُسْبِل عَلَى الْهَوْدَجِ. والشُّلَّى: النِّيّة فِي السَّفَرِ وَالصَّوْمِ وَالْحَرْبِ، يُقَالُ: أَينَ شُلَّاهم؟ ابْنُ سِيدَهْ: والشُّلَّة النِّيَّةُ حَيْثُ انتَوى القومُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: النِّيَّةُ فِي السَّفَرِ. والشَّلَّة والشُّلَّة: الأَمر الْبَعِيدُ تَطْلُبُهُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
نَهَيْتُكَ عَنْ طلابِكَ أُمَّ عَمْرو ... بِعاقِبةٍ، وأَنْتَ إِذٍ صَحِيحُ
وقلتُ: تجَنَّبَنْ سُخْطَ ابنِ عَمٍّ، ... ومَطْلَبَ شُلَّةٍ، وَهِيَ الطَّروحُ
وَرَوَاهُ الأَخفش: سُخْطَ ابْنِ عَمْرٍو، وَقَالَ: يَعْنِي ابْنَ عُوَيمر، ويروى: ونوًى طَروح، والطَّروح: النِّيَّة الْبَعِيدَةُ. والشُّلاشِلُ: الغَضُّ مِنَ النَّبَاتِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَرْعَيْن بالصُّلْب بِذِي شُلاشِلا
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
كَرِهْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيل «1»
. شَلِيلٌ: جَدُّ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلي. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ شغغ: ابْنُ الأَعرابي انشَغَّ الذئبُ فِي الغَنم وانْشَلَّ فِيهَا وانشَنَّ وأَغار فِيهَا واسْتَغار بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وشَلِيلُ: اسْمُ بَلَدٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
__________
(1) . قوله [كرهت العقر إلخ] صدر بيت تقدم في ترجمة عقر وتمامه:
[إِذَا هَبَّتْ لِقَارِيهَا الرِّيَاحُ]
وضبط هناك شُلَيْل كزُبَيْر خطأ والصواب ما هنا(11/363)
حَتَّى غَلَبْنا، وَلَوْلَا نَحْنُ قدْ عَلِموا، ... حَلَّتْ شَلِيلًا عَذاراهُم وجَمّالا «1» .
شمل: الشِّمالُ: نقيضُ اليَمِين، وَالْجَمْعُ أَشْمُلٌ وشَمائِل وشُمُلٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَأْتي لَهَا مِن أَيْمُنٍ وأَشْمُل
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ
، وَفِيهِ: وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي لأُغْوِيَنَّهم فِيمَا نُهُوا عَنْهُ، وَقِيلَ أُغْوِيهم حَتَّى يُكَذِّبوا بأُمور الأُمم السَّالِفَةِ وبالبَعْث، وَقِيلَ: مَعْنَى وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ
أَي لأُضِلَّنَّهُم فِيمَا يَعْمَلُونَ لأَن الكَسْب يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ بِمَا كَسَبَتْ يَداك، وإِن كَانَتِ اليَدان لَمْ تَجْنِيا شَيْئًا؛ وَقَالَ الأَزْرَق العَنْبري:
طِرْنَ انْقِطاعَةَ أَوتارٍ مُحَظْرَبَةٍ، ... فِي أَقْوُسٍ نازَعَتْها أَيْمُنٌ شُمُلا
وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَنْ أَبي الْخَطَّابِ فِي جَمْعِهِ شِمَال، عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ مِنْ بَابِ جُنُب لأَنهم قَدْ قَالُوا شِمالان، ولكِنَّه عَلَى حَدِّ دِلاصٍ وهِجانٍ. والشِّيمَالُ: لُغَةٌ فِي الشِّمَال؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَني، بفَتْخاء الجَناحَيْن لَقْوَةٍ ... صَيُودٍ مِنَ العِقْبان، طَأْطَأْتُ شِيمَالي
وَكَذَلِكَ الشِّمْلال، وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ: شِمْلالي، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَلَمْ يَعْرِفِ الْكِسَائِيُّ وَلَا الأَصمعي شِمْلال، قَالَ: وَعِنْدِي أَن شِيمَالًا إِنما هُوَ فِي الشِّعْر خاصَّةً أَشْبَع الْكَسْرَةَ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا يَكُونُ شِيمَالٌ فِيعالًا لأَن فِيعالًا إِنما هُوَ مِنْ أَبنية الْمَصَادِرِ، والشِّيمَالُ لَيْسَ بِمَصْدَرٍ إِنما هُوَ اسْمٌ. الْجَوْهَرِيُّ: واليَدُ الشِّمَال خِلَافُ اليَمِين، وَالْجَمْعُ أَشْمُلٌ مِثْلُ أَعْنُق وأَذْرُع لأَنها مُؤَنَّثَةٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْكُمَيْتِ:
أَقُولُ لَهُمْ، يَوْمَ أَيْمانُهُم ... تُخايِلُها، فِي النَّدى، الأَشْمُلُ
وَيُقَالُ شُمُلٌ أَيضاً؛ قَالَ الأَزرق العَنْبَري:
فِي أَقْوُسٍ نازعَتْها أَيْمُنٌ شُمُلا
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَكَرَ الْقُرْآنَ فَقَالَ: يُعْطى صاحِبُه يومَ الْقِيَامَةِ المُلْكَ بِيَمِينِهِ والخُلْدَ بِشَمَالِهِ
؛ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَن شَيْئًا يُوضَع فِي يَمِينِهِ وَلَا فِي شِماله، وإِنما أَراد أَن المُلْك والخُلْد يُجْعَلان لَهُ؛ وكلُّ مَنْ يُجْعَل لَهُ شَيْءٌ فمَلَكَه فَقَدْ جُعِل فِي يَدِه وَفِي قَبْضته، وَلَمَّا كَانَتِ اليَدُ عَلَى الشَّيْءِ سَبَبَ المِلْك لَهُ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ اسْتُعِير لِذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: الأَمْرُ فِي يَدِك أَي هُوَ فِي قَبْضَتِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: بِيَدِكَ الْخَيْرُ؛ أَي هُوَ لَهُ وإِلَيْه. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ؛ يُرَادُ بِهِ الوَليُّ الَّذِي إِليه عَقْدُه أَو أَراد الزَّوْجَ الْمَالِكَ لِنِكَاحِ المرأَة. وشَمَلَ بِهِ: أَخَذَ بِهِ ذاتَ الشِّمال؛ حَكَاهُ ابْنِ الأَعرابي؛ وَبِهِ فَسَّرَ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
جَرَتْ سُنُحاً، فَقُلْتُ لَهَا: أَجِيزِي ... نَوًى مَشْمُولةً، فمَتى اللِّقاءُ؟
قَالَ: مَشْمُولةً أَي مأْخُوذاً بِهَا ذاتَ الشِّمال؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَشْمُولة سَرِيعَةُ الِانْكِشَافِ، أَخَذَه مِنْ أَن الريحَ الشَّمال إِذا هَبَّت بِالسَّحَابِ لَمْ يَلْبَثْ أَن يَنْحَسِر ويَذْهب؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الهُذَلي:
حارَ وعَقَّتْ مُزْنَهُ الرِّيحُ، وانْقارَ ... بِهِ العَرْضُ، وَلَمْ يشْمَلِ
__________
(1) . قوله [حتى غلبنا] تقدم في ترجمة جمل: علمنا(11/364)
يَقُولُ: لَمْ تَهُبَّ بِهِ الشَّمالُ فَتَقْشَعَه، قَالَ: والنَّوى والنِّيَّة الْمَوْضِعُ الَّذِي تَنْويه. وطَيْرُ شِمالٍ: كلُّ طَيْرٍ يُتَشاءَم بِهِ. وجَرى لَهُ غُرابُ شِمالٍ أَي مَا يَكْرَه كأَنَّ الطَّائِرَ إِنما أَتاه عَنِ الشِّمال؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
زَجَرْتَ لَهَا طَيْرَ الشِّمال، فإِن تَكُنْ ... هَواك الَّذِي تَهْوى، يُصِبْك اجْتِنابُها
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
رَأَيْتُ بَني العَلّاتِ، لَمَّا تَضَافَرُوا، ... يَحُوزُونَ سَهْمي دُونَهُمْ فِي الشَّمائِل
أَي يُنْزِلُونَني بِالْمَنْزِلَةِ الخَسِيسة. والعَرَب تَقُولُ: فُلَانٌ عِنْدي باليَمِين أَي بِمَنْزِلَةٍ حَسَنة، وإِذا خَسَّتْ مَنْزِلَتُه قَالُوا: أَنت عِنْدِي بالشِّمال؛ وأَنشد أَبو سَعِيدٍ لعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ يُخَاطِبُ النُّعْمان فِي تَفْضِيلِهِ إِياه عَلَى أَخيه:
كَيْفَ تَرْجُو رَدَّ المُفِيض، وقد أَخْخَرَ ... قِدْحَيْكَ فِي بَياض الشِّمال؟
يَقُولُ: كُنْت أَنا المُفِيضَ لِقدْح أَخيك وقِدْحِك فَفَوَّزْتُك عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ أَخوك قَدْ أَخَّرَك وَجَعَلَ قِدْحَك بالشِّمال. والشِّمال: الشُّؤْم؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
وَلَمْ أَجْعَلْ شُؤُونَك بالشِّمَال
أَي لَمْ أَضعْها مَوْضع شُؤم؛ وَقَوْلُهُ:
وكُنْتَ، إِذا أَنْعَمْتَ فِي النَّاسِ نِعْمَةً، ... سَطَوْتَ عَلَيْهَا قَابِضًا بشِمَالِكا
مَعْنَاهُ: إِن يُنْعِمْ بِيَمِينِهِ يَقْبِضْ بشِمَالِه. والشِّمال: الطَّبْع، وَالْجَمْعُ شَمَائِل؛ وَقَوْلُ عَبْد يَغُوث:
أَلَمْ تَعْلَما أَن المَلامَةَ نَفْعُها ... قَلِيلٌ، وَمَا لَوْمي أَخي مِنْ شِمَالِيا
يَجُوزُ أَن يَكُونَ وَاحِدًا وأَن يَكُونَ جَمْعًا مِنْ بَابِ هِجانٍ ودِلاصٍ. والشِّمالُ: الخُلُق؛ قَالَ جَرِيرٌ:
قليلٌ، وَمَا لَوْمي أَخي مِنْ شِمالِيا
وَالْجَمْعُ الشَّمَائِل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لعَبْد يَغُوثَ بْنِ وقَّاص الحَرِثي، وَقَالَ صَخْر بْنُ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيد أَخو الخَنْساء:
أَبي الشَّتْمَ أَني قَدْ أَصابوا كَرِيمَتي، ... وأَنْ لَيْسَ إِهْداءُ الخَنَى مِنْ شِمَالِيا
وَقَالَ آخَرُ:
هُمُ قَوْمي، وقد أَنْكَرْتُ منهمُ ... شَمَائِلَ بُدِّلُوها مِنْ شِمَالي «2»
. أَي أَنْكَرْتُ أَخلاقهم. وَيُقَالُ: أَصَبْتُ مِنْ فُلَانٍ شَمَلًا أَي رِيحاً؛ وَقَالَ:
أَصِبْ شَمَلًا مِنِّي العَشيَّةَ، إِنَّني، ... عَلَى الهَوْل، شَرَّابٌ بلَحْمٍ مُلَهْوَج
والشَّمال: الرِّيح الَّتِي تَهُبُّ مِنْ نَاحِيَةِ القُطْب، وَفِيهَا خَمْسُ لُغَاتٍ: شَمْلٌ، بِالتَّسْكِينِ، وشَمَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ، وشَمَالٌ وشَمْأَلٌ، مَهْمُوزٌ، وشَأْمَلٌ مَقْلُوبٌ، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ؛ قال الزَّفَيانُ «3» :
__________
(2) . قوله [وقد أنكرت منهم] كذا في الأَصل هنا ومثله في التهذيب وسيأتي قريباً بلفظ وهم أنكرن مني
(3) . قوله [قال الزفيان] في ترجمة ومعل وشمل من التكملة إن الرجز ليس للزفيان ولم ينسبه لأَحد(11/365)
تَلُفُّه نَكْباءُ أَو شَمْأَلُ
وَالْجَمْعُ شَمَالاتٌ وشَمَائِل أَيضاً، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنهم جَمَعُوا شِمَالة مِثْلَ حِمَالة وحَمائل؛ قَالَ أَبو خِراش:
تَكَادُ يَدَاهُ تُسْلِمان رِدَاءه ... مِنَ الجُودِ، لَمَّا اسْتَقْبَلَتْه الشَّمَائِلُ
غَيْرُهُ: والشَّمَالُ رِيحٌ تَهُبُّ مِنْ قِبَل الشَّأْم عَنْ يَسار القِبْلة. الْمُحْكَمُ: والشَّمَالُ مِنَ الرِّيَاحِ الَّتِي تأْتي مِنْ قِبَل الحِجْر. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الشَّمَال مِنَ الرِّيَاحِ مَا استْقْبَلَك عَنْ يَمِينك إِذا وَقَفْت فِي القِبْلة. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَهَبُّ الشَّمَال مِنْ بَنَاتِ نَعْشٍ إِلى مَسْقَط النَّسْر الطائر، ومن تَذْكِرَة أَبي عَليٍّ، وَيَكُونُ اسْمًا وصِفَةً، وَالْجَمْعُ شَمَالاتٌ؛ قَالَ جَذِيمة الأَبْرش:
رُبَّما أَوْفَيْتُ فِي عَلَمٍ، ... تَرْفَعَنْ ثَوْبي شَمَالاتُ
فأَدْخَل النونَ الْخَفِيفَةَ فِي الْوَاجِبِ ضَرُورَةً، وَهِيَ الشَّمُولُ والشَّيمَل والشَّمْأَلُ والشَّوْمَلُ والشَّمْلُ والشَّمَلُ؛ وأَنشد:
ثَوَى مَالِكٌ بِبلاد العَدُوّ، ... تَسْفِي عليه رِياحُ الشَّمَل
فإِما أَن يَكُونَ عَلَى التَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ فِي الشَّمْأَل، وَهُوَ حَذْفُ الْهَمْزَةِ وإِلقاء الْحَرَكَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا، وإِما أَن يَكُونَ الْمَوْضُوعُ هَكَذَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَجَاءَ فِي شِعْرِ البَعِيث الشَّمْل بِسُكُونِ الْمِيمِ لَمْ يُسْمَع إِلا فِيهِ؛ قَالَ البَعِيث:
أَهَاجَ عَلَيْكَ الشَّوْقَ أَطلالُ دِمْنَةٍ، ... بناصِفَةِ البُرْدَيْنِ، أَو جانِبِ الهَجْلِ
أَتَى أَبَدٌ مِنْ دُونِ حِدْثان عَهْدِها، ... وجَرَّت عَلَيْهَا كُلُّ نافجةٍ شَمْلِ
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شَأْسٍ:
وأَفْراسُنا مِثْلُ السَّعالي أَصَابَها ... قِطَارٌ، وبَلَّتْها بنافِجَةٍ شَمْلِ
وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي الشَّمَل، بِالتَّحْرِيكِ:
ثَوَى مالِكٌ بِبِلَادِ العَدُوِّ، ... تَسْفِي عَلَيْهِ رِيَاحُ الشَّمَل
وَقِيلَ: أَراد الشَّمْأَلَ، فَخَفَّفَ الْهَمْزَ؛ وَشَاهِدُ الشَّمْأَل قَوْلُ الكُمَيت:
مَرَتْه الجَنُوبُ، فَلَمَّا اكْفَهَرْرَ ... حَلَّتْ عَزَالِيَهُ الشَّمْأَلُ
وَقَالَ أَوس:
وعَزَّتِ الشَّمْأَل الرِّيَاح، وإِذ ... بَاتَ كَمِيعُ الفَتَاةِ مُلْتَفِعا «1»
. وَقَوْلُ الطِّرِمَّاح:
لأْم تَحِنُّ به مَزَامِيرُ ... الأَجانِب والأَشَامِل
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه جَمَع شَمْلًا عَلَى أَشْمُل، ثُمَّ جَمَع أَشْمُلًا عَلَى أَشَامِل. وَقَدْ شَمَلَتِ الرِّيحُ تَشْمُل شَمْلًا وشُمُولًا؛ الأُولى عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: تَحَوَّلَتْ شَمَالًا. وأَشْمَلَ يَوْمُنا إِذا هَبَّتْ فِيهِ الشَّمَال. وأَشْمَلَ القومُ: دَخَلوا فِي رِيحِ الشَّمَال، وشُمِلُوا «2» أَصابتهم الشَّمَالُ، وهم
__________
(1) . قوله [وعزت الشمأل إلخ] تقدم في ترجمة كمع بلفظ وهبت الشمأَل البلبل إلخ
(2) . قوله [وشملوا] هذا الضبط وجد فِي نُسْخَةٍ مِنَ الصِّحَاحِ، والذي في القاموس: وكفرحوا أصابتهم الشمال(11/366)
مَشْمُولون. وغَدِيرٌ مَشْمولٌ: نَسَجَتْه ريحُ الشَّمَال أَي ضَرَبَته فَبَرَدَ مَاؤُهُ وصَفَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي كَبِيرٍ:
وَدْقُها لَمْ يُشْمَل
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
وكُلِّ قَضَّاءَ فِي الهَيْجَاءِ تَحْسَبُها ... نِهْياً بقَاعٍ، زَهَتْه الرِّيحُ مَشْمُولا
وَفِي قَصِيد كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
صَافٍ بأَبْطَحَ أَضْحَى وَهُوَ مَشْمول
أَي ماءٌ ضَرَبَتْه الشَّمَالُ. وَمِنْهُ: خَمْر مَشْمُولة بَارِدَةٌ. وشَمَلَ الخمْر: عَرَّضَها للشَّمَال فَبَرَدَتْ، وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الْخَمْرِ مَشْمُولة، وَكَذَلِكَ قِيلَ خَمْرٌ مَنْحُوسة أَي عُرِّضَتْ للنَّحْس وَهُوَ البَرْد؛ قَالَ
كأَنَّ مُدامةً فِي يَوْمِ نَحْس
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ؛ وَقَوْلُ أَبي وَجْزَة:
مَشْمُولَةُ الأُنْس مَجْنوبٌ مَوَاعِدُها، ... مِنَ الهِجان الجِمال الشُّطْب والقَصَب «1»
. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَفِي رِوَايَةٍ:
مَجْنوبَةُ الأُنْس مَشْمُولٌ مَوَاعِدُها
وَمَعْنَاهُ: أُنْسُها محمودٌ لأَن الجَنوب مَعَ الْمَطَرِ فَهِيَ تُشْتَهَى للخِصْب؛ وَقَوْلُهُ مَشْمُولٌ مَواعِدُها أَي لَيْسَتْ مَوَاعِدُهَا بِمَحْمُودَةٍ، وفَسَّره ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: يَذْهَب أُنْسُها مَعَ الشَّمَال وتَذْهَب مَوَاعِدُها مَعَ الجَنُوب؛ وَقَالَتْ لَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
حَبَاكَ بِهِ ابْنُ عَمِّ الصِّدْق، لَمَّا ... رَآكَ مُحارَفاً ضَمِنَ الشِّمَال
تَقُولُ: لَمَّا رَآكَ لَا عِنَانَ فِي يَدِك حَبَاك بفَرَس، والعِنَانُ يَكُونُ فِي الشِّمَال، تَقُولُ كأَنَّك زَمِنُ الشِّمَال إِذ لَا عِنَانَ فِيهِ. وَيُقَالُ: بِهِ شَمْلٌ «2» مِنْ جُنون أَي بِهِ فَزَعٌ كالجُنون؛ وأَنشد:
حَمَلَتْ بِهِ فِي لَيْلَةٍ مَشْمُولةً
أَي فَزِعةً؛ وَقَالَ آخَرُ:
فَمَا بيَ مِنْ طَيفٍ، عَلَى أَنَّ طَيْرَةً، ... إِذا خِفْتُ ضَيْماً، تَعْتَرِينيَ كالشَّمْل
قَالَ: كالشَّمْل كالجُنون مِنَ الفَزَع. والنَّارُ مَشْمولَةٌ إِذا هَبّتْ عَلَيْهَا رِيحُ الشَّمَال. والشِّمَال: كِيسٌ يُجْعَل عَلَى ضَرْع الشَّاةِ، وشَمَلَها يَشْمُلُها شَمْلًا: شَدَّه عَلَيْهَا. والشِّمَال: شِبْه مِخْلاةٍ يُغَشَّى
بِهَا ضَرْع الشَّاةِ إِذا ثَقُل، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ ضَرْع العَنْزِ، وَكَذَلِكَ النَّخْلَةُ إِذا شُدَّت أَعذاقُها بقِطَع الأَكسِية لِئَلَّا تُنْفَض؛ تَقُولُ مِنْهُ: شَمَل الشاةَ يَشْمُلها شَمْلًا ويَشْمِلُها؛ الْكَسْرُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، عَلَّق عَلَيْهَا الشِّمَال وشَدَّه فِي ضَرْع الشَّاةِ، وَقِيلَ: شَمَلَ الناقةَ عَلَّق عَلَيْهَا شِمَالًا، وأَشْمَلَها جَعَل لَهَا شِمَالًا أَو اتَّخَذَه لَهَا. والشِّمَالُ: سِمَةٌ فِي ضَرْع الشَّاةِ. وشَمِلَهم أَمْرٌ أَي غَشِيَهم. واشْتَمَلَ بِثَوْبِهِ إِذا تَلَفَّف. وشَمَلَهم الأَمر يَشْمُلُهم شَمْلًا وشُمُولًا وشَمِلَهم يَشْمَلُهم شَمَلًا وشَمْلًا وشُمُولًا: عَمَّهم؛ قَالَ ابْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّات:
__________
(1) . قوله [الشطب والقصب] كذا في الأصل والتهذيب، والذي في التكملة: الشطبة القصب
(2) . قوله [ويقال به شمل] ضبط في نسخة من التهذيب غير مرة بالفتح وكذا في البيت بعد(11/367)
كَيْفَ نَوْمي عَلَى الفِراشِ، ولَمَّا ... تَشْمَلِ الشَّامَ غارةٌ شَعْواءُ؟
أَي مُتَفَرِّقَةٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: شَمَلَهم، بِالْفَتْحِ، لُغَةٌ قَلِيلَةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَمْ يَعْرِفْهَا الأَصمعي. وأَشْمَلَهم شَرًّا: عَمَّهم بِهِ، وأَمرٌ شَامِلٌ. والمِشْمَل: ثَوْبٌ يُشْتَمَل بِهِ. واشْتَمَلَ بِالثَّوْبِ إِذا أَداره عَلَى جَسَدِهِ كُلِّه حَتَّى لَا تَخْرُجَ مِنْهُ يَدُه. واشْتَمَلَ عَلَيْهِ الأَمْرُ: أَحاط بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ*
. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه نَهى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاء.
الْمُحْكَمُ: والشِّمْلَة الصَّمَّاء الَّتِي لَيْسَ تَحْتَهَا قَمِيصٌ وَلَا سَراوِيل، وكُرِهَت الصَّلَاةُ فِيهَا كَمَا كُرِه أَن يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ويَدُه فِي جَوْفِهِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اشْتِمالُ الصَّمَّاء هُوَ أَن يَشْتَمِلَ بِالثَّوْبِ حَتَّى يُجَلِّل بِهِ جسدَه ولا يَرْفَع منه جانبا فَيَكُونُ فِيهِ فُرْجَة تَخْرج مِنْهَا يَدُهُ، وَهُوَ التَّلَفُّع، وَرُبَّمَا اضْطَجَعَ فِيهِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَما تَفْسِيرُ الْفُقَهَاءِ فإِنهم يَقُولُونَ هُوَ أَن يَشْتَمِل بِثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ثُمَّ يَرْفَعُهُ مِنْ أَحد جَانِبَيْهِ فيَضَعه عَلَى مَنْكِبه فَتَبْدُو مِنْهُ فُرْجَة، قَالَ: وَالْفُقَهَاءُ أَعلم بالتأْويل فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ أَصح فِي الْكَلَامِ، فَمَنْ ذَهَبَ إِلى هَذَا التَّفْسِيرِ كَرِه التَّكَشُّف وإِبداءَ الْعَوْرَةِ، وَمَنْ فَسَّره تَفْسِيرَ أَهل اللُّغَةِ فإِنه كَرِه أَن يَتَزَمَّل بِهِ شامِلًا جسدَه، مَخَافَةَ أَن يُدْفَعَ إِلى حَالَةٍ سادَّة لتَنَفُّسه فيَهْلِك؛ الْجَوْهَرِيُّ: اشْتِمَالُ الصَّمَّاء أَن يُجَلِّل جسدَه كلَّه بالكِساء أَو بالإِزار. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَضُرُّ أَحَدَكُم إِذا صَلَّى فِي بَيْتِهِ شَمْلًا
أَي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَشْمَله. الْمُحْكَمُ: والشَّمْلة كِساءٌ دُونَ القَطِيفة يُشْتَمل بِهِ، وَجَمْعُهَا شِمَالٌ؛ قَالَ:
إِذا اغْتَزَلَتْ مِنْ بُقامِ الفَرير، ... فَيَا حُسْنَ شَمْلَتِها شَمْلَتا
شَبَّه هَاءَ التأْنيث فِي شَمْلَتا بِالتَّاءِ الأَصلية فِي نَحْوِ بَيْتٍ وصَوْت، فأَلحقها فِي الْوَقْفِ عَلَيْهَا أَلفاً، كَمَا تَقُولُ بَيْتاً وَصَوْتًا، فشَمْلَتا عَلَى هَذَا منصوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ كَمَا تَقُولُ: يَا حُسْنَ وَجْهِك وَجْهاً أَي مِنْ وَجْهٍ. وَيُقَالُ: اشْتَرَيْتُ شَمْلةً تَشْمُلُني، وَقَدْ تَشَمَّلَ بِهَا تَشَمُّلًا وتَشْمِيلًا؛ الْمَصْدَرُ الثَّانِي عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهُوَ عَلَى غَيْرِ الْفِعْلِ، وإِنما هُوَ كَقَوْلِهِ: وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا. وَمَا كَانَ ذَا مِشْمَلٍ وَلَقَدْ أَشْمَلَ أَي صَارَتْ لَهُ مِشْمَلة. وأَشْمَلَه: أَعطاه مِشْمَلَةً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وشَمَلَه شَمْلًا وشُمُولًا: غَطَّى عَلَيْهِ المِشْمَلة؛ عَنْهُ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه إِنما أَراد غَطَّاه بالمِشْمَلة. وَهَذِهِ شَمْلةٌ تَشْمُلُك أَي تَسَعُك كَمَا يُقَالُ: فِراشٌ يَفْرُشك. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الشَّمْلة عِنْدَ الْعَرَبِ مِئْزَرٌ مِنْ صُوفٍ أَو شَعَر يُؤْتَزَرُ بِهِ، فإِذا لُفِّق لِفْقَين فَهِيَ مِشْمَلَةٌ يَشْتَمِل بِهَا الرَّجُلُ إِذا نَامَ بِاللَّيْلِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ قَالَ للأَشَعت بْنِ قَيْسٍ: إِنَّ أَبا هَذَا كَانَ يَنْسِجُ الشِّمَالَ بيَمينه
، وَفِي رِوَايَةٍ:
يَنْسِج الشِّمَال بِالْيَمِينِ
؛ الشِّمَالُ: جَمْعُ شَمْلةٍ وَهُوَ الكِساء والمِئْزَر يُتَّشَح بِهِ، وَقَوْلُهُ
الشِّمَال بِيَمِينِهِ
مِنْ أَحسن الأَلفاظ وأَلْطَفِها بلاغَةً وفصاحَة. والشِّمْلَةُ: الحالةُ الَّتِي يُشْتَمَلُ بِهَا. والمِشْمَلَة: كِساء يُشْتَمل بِهِ دُونَ القَطِيفة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
مَا رأَيْنا لغُرابٍ مَثَلًا، ... إِذ بَعَثْناهُ يَجي بالمِشمَلَه
غَيْرَ فِنْدٍ أَرْسَلوه قَابِسًا، ... فثَوى حَوْلًا، وسَبَّ العَجَله(11/368)
والمِشْمَل: سَيْفٌ قَصِيرٌ دَقيق نحْو المِغْوَل. وَفِي الْمُحْكَمِ: سَيْفٌ قَصِيرٌ يَشْتَمِل عَلَيْهِ الرجلُ فيُغَطِّيه بِثَوْبِهِ. وَفُلَانٌ مُشْتَمِل عَلَى دَاهِيَةٍ، عَلَى المثَل. والمِشْمَالُ: مِلْحَفَةٌ يُشْتَمَل بِهَا. اللَّيْثُ: المِشْمَلَة والمِشْمَل كِسَاءٌ لَهُ خَمْلٌ متفرِّق يُلْتَحَف بِهِ دُونَ القَطِيفة. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَلَا تَشْتَمِل اشْتِمَالَ اليَهود
؛ هُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الشَّمْلَة، وَهُوَ كِساء يُتَغَطّى بِهِ ويُتَلَفَّف فِيهِ، والمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ التَّجَلُّل بِالثَّوْبِ وإِسْبالُه مِنْ غَيْرِ أَن يَرْفَعَ طَرَفه. وَقَالَتِ امرأَة الْوَلِيدِ لَهُ: مَنْ أَنْتَ ورأْسُكَ فِي مِشْمَلِك؟ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ اشْتَمَلَ عَلَى ناقةٍ فَذَهَب بِهَا أَي رَكِبها وذهبَ بِهَا، وَيُقَالُ: جاءَ فُلَانٌ مُشْتَمِلًا عَلَى دَاهِيَةٍ. والرَّحِمُ تَشْتَمِلُ عَلَى الْوَلَدِ إِذا تَضَمَّنَته. والشَّمُول: الخَمْر لأَنَّها تَشْمَل بِريحها الناسَ، وَقِيلَ: سُمِّيت بِذَلِكَ لأَنَّ لَهَا عَصْفَةً كعَصْفَة الشَّمال، وَقِيلَ: هِيَ الْبَارِدَةُ، وَلَيْسَ بقَوِيٍّ. والشِّمَال: خَلِيقة الرَّجُل، وَجَمْعُهَا شَمَائِل؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
هُمُ قَوْمِي، وقد أَنْكَرْتُ منهم ... شَمَائِلَ بُدِّلُوها مِنْ شِمَالِي
وإِنَّها لحَسَنةُ الشَّمَائِل. ورجُل كَريم الشَّمَائِل أَي فِي أَخلاقه ومخالطتِه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مَشْمُول الخَلائق أَي كَريم الأَخلاق، أُخِذ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي هَبَّتْ بِهِ الشَّمالُ فبرَّدَتْه. ورَجُل مَشْمُول: مَرْضِيُّ الأَخلاق طَيِّبُها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه مِنَ الشَّمُول. وشَمْل القومِ: مُجْتَمع عَدَدِهم وأَمْرهم. واللَّوْنُ الشَّامِلُ: أَن يَكُونَ شَيْءٌ أَسود يَعْلوه لَوْنٌ آخَرُ؛ وَقَوْلُ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ نَاقَةً:
تَذُبُّ عَنْهُ بِلِيفٍ شَوْذَبٍ شَمِلٍ، ... يَحْمي أَسِرَّة بين الزَّوْرِ والثَّفَن
قَالَ شَمِرٌ: الشَّمِل الرَّقيق، وأَسِرَّة خُطوط وَاحِدَتُهَا سِرارٌ، بِلِيفٍ أَي بذَنَب. والشِّمْل: العِذْقُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد للطِّرمَّاح فِي تَشْبيه ذَنَب الْبَعِيرِ بالعِذْق فِي سَعَته وَكَثْرَةِ هُلْبه:
أَو بِشِمْلٍ شالَ مِنْ خَصْبَةٍ، ... جُرِّدَتْ للناسِ بَعْدَ الكِمام
والشِّمِلُّ: العِذْق القَلِيل الحَمْل. وشَمَل النَّخْلَةَ يَشْمُلها شَمْلًا وأَشْمَلَها وشَمْلَلَها: لقَطَ مَا عَلَيْهَا مِنَ الرُّطَب؛ الأَخيرة عَنِ السِّيرَافِيِّ. التَّهْذِيبُ: أَشْمَلَ فُلَانٌ خَرائفَه إِشْمَالًا إِذا لَقَط مَا عَلَيْهَا مِنَ الرُّطب إِلا قَلِيلًا، والخَرائفُ: النَّخِيل اللَّوَاتِي تُخْرَص أَي تُحْزَر، وَاحِدَتُهَا خَرُوفةٌ. وَيُقَالُ لِمَا بَقِي فِي العِذْق بعد ما يُلْقَط بَعْضُهُ شَمَلٌ، وإِذا قَلَّ حَمْلُ النَّخْلَةِ قِيلَ: فِيهَا شَمَلٌ أَيضاً، وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَقُولُ هُوَ حَمْلُ النَّخْلَةِ مَا لَمْ يَكْبُر ويَعْظُم، فإِذا كَبُر فَهُوَ حَمْلٌ. الْجَوْهَرِيُّ: مَا عَلَى النَّخْلَةِ إِلا شَمَلَةٌ وشَمَلٌ، وَمَا عَلَيْهَا إِلَّا شَمَالِيلُ، وَهُوَ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ يَبْقَى عَلَيْهَا مِنْ حَمْلها. وشَمْلَلْتُ النخلةَ إِذا أَخَذْت مِنْ شَمالِيلِها، وَهُوَ التَّمْرُ الْقَلِيلُ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهَا. وَفِيهَا شَمَلٌ مِنْ رُطَب أَي قليلٌ، وَالْجَمْعُ أَشْمالٌ، وَهِيَ الشَّمَالِيل وَاحِدَتُهَا شُمْلولٌ. والشَّمَالِيل: مَا تَفَرَّق مِنْ شُعَب الأَغصان في رؤوسها كشَمارِيخ العِذْق؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَقَدْ تَرَدَّى مِنْ أَراطٍ مِلْحَفاً، ... مِنْهَا شَمَالِيلُ وَمَا تَلَفَّفا
وشَمَلَ النَّخلةَ إِذا كَانَتْ تَنْفُض حَمْلَها فَشَدَّ تَحْتَ أَعْذاقِها قِطَعَ أَكْسِيَة. ووقعَ فِي الأَرض شَمَلٌ مِنْ مَطَرٍ أَي قليلٌ. ورأَيت شَمَلًا مِنَ النَّاسِ والإِبل(11/369)
أَي قَلِيلًا، وَجَمْعُهُمَا أَشْمَال. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَصابنا شَمَلٌ مِنْ مَطَرٍ، بِالتَّحْرِيكِ. وأَخْطأَنا صَوْبُه ووابِلُه أَي أَصابنا مِنْهُ شيءٌ قَلِيلٌ. والشَّمَالِيلُ: شَيْءٌ خَفِيفٌ مِنْ حَمْل النَّخْلَةِ. وَذَهَبَ القومُ شَمَالِيلَ: تَفَرَّقوا فِرَقاً؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:
بقَوٍّ شَمَالِيل الهَوَى أَنْ تبدَّرا
إِنما هِيَ فِرَقُه وطوائفُه أَي فِي كُلِّ قلْبٍ مِنْ قُلُوبِ هَؤُلَاءِ فِرْقةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
حَيُّوا أُمَامةَ، واذْكُروا عَهْداً مَضَى، ... قَبْلَ التَّفَرُّق مَنْ شَمالِيلِ النَّوَى
قَالَ: الشَّمَالِيلُ البَقايا، قَالَ: وَقَالَ عُمارة وأَبو صَخْر عَنَى بشَمَالِيل النَّوَى تَفَرُّقَها؛ قَالَ: وَيُقَالُ مَا بَقِيَ فِي النَّخْلَةِ إِلا شَمَلٌ وشَمَالِيلُ أَي شيءٌ متفرّقٌ. وثوبٌ شَمَالِيلُ: مِثْلُ شَماطِيط. والشِّمَالُ: كُلُّ قبْضَة مِنَ الزَّرْع يَقْبِض عَلَيْهَا الْحَاصِدُ. وأَشْمَلَ الفَحْلُ شَوْلَه إِشْمَالًا: أَلْقَحَ النِّصْفَ مِنْهَا إِلى الثُّلُثين، فإِذا أَلقَحَها كلَّها قِيلَ أَقَمَّها حَتَّى قَمَّتْ تَقِمُّ قُمُوماً. والشَّمَل، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ شَمِلَتْ ناقتُنا لِقَاحًا مِنْ فَحْل فُلَانٍ تَشْمَلُ شَمَلًا إِذا لَقِحَتْ. الْمُحْكَمُ: شَمِلَتِ الناقةُ لِقَاحًا قبِلَتْه، وشَمِلَتْ إِبْلُكُم لَنَا بَعِيرًا أَخْفَتْه. وَدَخَلَ فِي شَمْلها وشَمَلها أَي غُمارها. والشَّمْلُ: الِاجْتِمَاعُ، يُقَالُ: جَمعَ اللهُ شَمْلَك. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
أَسأَلك رَحْمةً تَجْمَع بِهَا شَمْلي
؛ الشَّمْل: الِاجْتِمَاعُ. ابْنُ بُزُرْج: يُقَالُ شَمْلٌ وشَمَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ؛ وأَنشد:
قَدْ يَجْعَلُ اللهُ بَعدَ العُسْرِ مَيْسَرَةً، ... ويَجْمَعُ اللهُ بَعدَ الفُرْقةِ الشَّمَلا
وَجَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهم أَي مَا تَشَتَّتَ مِنْ أَمرهم. وفَرَّق اللهُ شَمْلَه أَي مَا اجْتَمَعَ مِنْ أَمره؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ فِي نَوَادِرِهِ للبُعَيْث فِي الشَّمَل، بِالتَّحْرِيكِ:
وَقَدْ يَنْعَشُ اللهُ الفَتى بعدَ عَثْرةٍ، ... وَقَدْ يَجْمَعُ اللهُ الشَّتِيتَ مِنَ الشَّمَلْ
لَعَمْرِي لَقَدْ جَاءَتْ رِسالةُ مالكٍ ... إِلى جَسَدٍ، بَيْنَ الْعَوَائِدِ، مُخْتَبَلْ
وأَرْسَلَ فِيهَا مالكٌ يَسْتَحِثُّها، ... وأَشْفَقَ مِنْ رَيْبِ المَنُونِ وَمَا وَأَلْ
أَمالِكُ، مَا يَقْدُرْ لكَ اللهُ تَلْقَه، ... وإِن حُمَّ رَيْثٌ مِنْ رَفِيقك أَو عَجَل
وَذَاكَ الفِراقُ لَا فِراقُ ظَعائِنٍ، ... لهُنَّ بِذِي القَرْحَى مُقامٌ ومُرْتَحَل
قَالَ أَبو عَمْرٍو الجَرْمي: مَا سَمِعْتُهُ بِالتَّحْرِيكِ إِلَّا فِي هَذَا الْبَيْتِ. والشَّمْأَلةُ: قُتْرة الصَّائِدِ لأَنها تُخْفِي مَنْ يَسْتَتِرُ بِهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وبالشَّمَائِل مِنْ جِلّانَ مُقْتَنِصٌ ... رَذْلُ الثِّيَابِ، خَفِيُّ الشَّخْص مُنْزَرِبُ
وَنَحْنُ فِي شَمْلِكم أَي كَنَفِكم. وانْشَمَلَ الشيءُ: كانْشَمَر؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَيُقَالُ: انْشَمَلَ الرجلُ فِي حَاجَتِهِ وانْشَمَر فِيهَا؛ وأَنشد أَبو تُرَابٍ:
وَجْناءُ مُقْوَرَّةُ الأَلْياطِ يَحْسَبُها، ... مَنْ لَمْ يَكُنْ قبْلُ رَاها رَأْيَةً، جَمَلا
حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهَا خَلْقُ أَرْبعةٍ ... فِي لازقٍ لَحِقَ الأَقْراب فانْشَمَلا
أَراد أَربعة أَخلاف فِي ضَرْع لازقٍ لَحِقَ أَقرابها(11/370)
فانْضَمَّ وَانْشَمَرَ. وشَمَلَ الرجلُ وانْشَمَلَ وشَمْلَلَ: أَسرع، وشَمَّر، أَظهروا التَّضْعِيفَ إِشعاراً بإِلْحاقِه. وَنَاقَةٌ شِمِلَّة، بِالتَّشْدِيدِ، وشِمَال وشِمْلالٌ وشِمْلِيلٌ: خَفِيفَةٌ سَرِيعَةٌ مُشَمَّرة؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَير:
وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْلِيل «3»
. الشِّمْلِيل، بِالْكَسْرِ: الخَفِيفة السَّريعة. وَقَدْ شَمْلَلَ شَمْلَلَةً إِذا أَسْرَع؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا:
كأَني بفَتْخاءِ الجَنَاحَينِ لَقْوَةٍ، ... دَفُوفٍ مِنَ العِقْبانِ، طَأْطأْتُ شِمْلالي
وَيُرْوَى:
عَلَى عَجَلٍ منها أُطَأْطِئُ شِمْلالي
وَمَعْنَى طأْطأَت أَي حَرَّكْت واحْتَثَثْت؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رِوَايَةُ أَبي عَمْرٍو شِمْلالي بإِضافته إِلى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ أَي كأَني طأْطأْت شِمْلالي مِنْ هَذِهِ النَّاقَةِ بعُقابٍ، وَرَوَاهُ الأَصمعي شِمْلال مِنْ غَيْرِ إِضافة إِلى الْيَاءِ أَي كأَني بِطَأْطأَتي بِهَذِهِ الْفَرَسِ طَأْطأْتُ بعُقابٍ خَفِيفَةٍ فِي طَيَرانِها، فشِمْلال عَلَى هَذَا مِنْ صِفَةِ عُقاب الَّذِي تُقَدِّره قَبْلَ فَتْخاء تَقْدِيرُهُ بعُقاب فَتْخاء شِمْلالٍ. وطَأْطأَ فُلَانٌ فرسَه إِذا حَثَّها بساقَيْه؛ وَقَالَ المرَّار:
وإِذا طُوطِئَ طَيّارٌ طِمِرّ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: أَراد بقوله أُطَأْطِئُ شِمْلالي يَدَه الشِّمَال، والشِّمَالُ والشِّمْلالُ وَاحِدٌ. وجَمَلٌ شِمِلٌّ وشِمْلالٌ وشِمْلِيلٌ: سَرِيعٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
بأَوْبِ ضَبْعَيْ مَرِحٍ شِمِلِ
وأُمُّ شَمْلَة: كُنْيَةُ الدُّنْيا، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
مِنْ أُمِّ شمْلَة تَرْمِينا، بِذائفِها، ... غَرَّارة زُيِّنَتْ مِنْهَا التَّهاوِيل
والشَّمَالِيلُ: حِبَال رِمالٍ مُتَفَرِّقَةٌ بِنَاحِيَةِ مَعْقُلةَ. وأُمُّ شَمْلَة وأُمُّ لَيْلَى: كُنْيَةُ الخَمْر. وَفِي حَدِيثِ
مازنٍ بقَرْية يُقَالُ لَهَا شَمائِل
، يُرْوَى بِالسِّينِ وَالشِّينِ، وَهِيَ مِنْ أَرض عُمَان. وشَمْلَةُ وشِمَالٌ وشامِلٌ وشُمَيْلٌ: أَسماء.
شمردل: الشَّمَرْدَلُ، بِالدَّالِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، مِنَ الإِبل وغيرِها: القَوِيُّ السَّرِيعُ الفَتِيُّ الحَسَنُ الخَلْق، والأُنثى بالهاء؛ قَالَ المُساوِر بْنُ هِنْدٍ:
إِذا قُلْت عُودُوا، عَادَ كلُّ شَمَرْدَلٍ ... أَشَمَّ مِنَ الفِتْيانِ، جَزْلٍ مَوَاهِبُه
والشَّمَرْدَلَةُ: النَّاقَةُ الْحَسَنَةُ الجميلةُ الخَلْق. الْمُحْكَمُ: وشَمَرْدَلٌ والشَّمَرْدَل كِلَاهُمَا اسْمُ رجُل، قَالَ: دَخَلتْ فِيهِ اللَّامُ كَدُخُولِهَا في الحَرِث والحَسَن والعَبّاس وَسَقَطَتْ مِنْهُ عَلَى حَدِّ سُقُوطِهَا فِي قولك حَرِث وحَسَن وعَبّاس، عَلَى مَا قَدْ أَحْكَمه سِيبَوَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي ترْجَمه بِقَوْلِهِ هَذَا بَابٌ يَكُونُ فِيهِ الشَّيْءُ غَالِبًا عَلَيْهِ اسمٌ، يَكُونُ لِكُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّته أَو كَانَ فِي صِفَتِهِ مِنَ الأَسماء الَّتِي تَدْخُلُهَا الأَلف وَاللَّامُ، وَتَكُونُ نَكِرته الجامعةَ لِمَا ذكرتُ مِنَ الْمَعَانِي، فَتَفَهَّمْه هُنالك، فإِنه فَصْل غامِضُ الأَحكام فِي صِناعة الإِعراب وقَلَّ مَنْ يَأْبَهُ لَهُ. ابْنُ الأَعرابي: الهَمَرْجَلُ الجَمَل الضَّخْم وَمِثْلُهُ الشَّمَرْدَل. اللَّيْثُ:
__________
(3) . قوله [وعمها خالها إلخ] تقدم صدره في ترجمة حرف:
حَرْفٌ أَخُوهَا أَبُوهَا مِنْ مُهَجَّنَةٍ ... وَعَمُّهَا خَالُهَا قَوْدَاءُ شِمْلِيل(11/371)
الشَّمَرْدَل الفَتِيُّ القَوِيُّ الجَلْدُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ مِنَ الإِبل؛ وأَنشد:
مُوَاشِكَةُ الإِيغالِ حَرْفٌ شَمَرْدَلٌ
أَبو عَمْرٍو: الشَّمَرْدَلَة النَّاقَةُ الْقَوِيَّةُ عَلَى السَّير، وَيُقَالُ للجَمَل شَمَرْدَلٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بَعِيدُ مَسافِ الخَطْوِ عَوْجٌ شَمَرْدَلٌ
شمشل: الشِّمشِل: الفِيلُ؛ عن كراع.
شمطل: التَّهْذِيبُ: الشُّمْطالةُ البَضْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ يَكُونُ فِيهَا شحم.
شمعل: المُشْمَعِلُّ: المتفرِّق. والمُشْمَعِلُّ: السَّرِيعُ يَكُونُ فِي النَّاسِ والإِبل. وَفِي حَدِيثِ
صَفِيّة أُم الزُّبير: كيف رأَيتَ زَبْراً: أَأَقِطاً وتَمْراً، أَو مُشْمَعِلًّا صَقْراً؟
قَالَ: المُشْمَعِلُّ السَّرِيعُ الْمَاضِي، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. يُقَالُ: اشْمَعَلَّ فَهُوَ مُشْمَعِلٌّ. واشْمَعَلَّتِ الإِبلُ: تَفَرَّقتْ مُسرِعةً. وَنَاقَةٌ مُشْمَعِلٌّ: خَفِيفَةٌ سَرِيعَةٌ نَشِيطَةٌ. وَنَاقَةٌ شَمْعَلَة: سَرِيعَةٌ نشِيطة. والشَّمْعَلُ: النَّاقَةُ الْخَفِيفَةُ؛ وأَنشد:
يَا أَيُّها العَوْدُ الضَّعيف الأَثْيَلُ، ... مَا لَكَ إِذ حُثَّ المَطِيُّ تَزْحَلُ
أُخْراً، وتَنْجُو بالرِّكابِ شَمْعَلُ؟
وَقَدِ اشْمَعَلَّت الناقةُ، فَهِيَ مُشْمَعِلَّة؛ قَالَ رَبيعة بْنُ مَقْروم الضَّبِّي:
كأَنَّ هُوِيَّها، لِمَا اشْمَعَلَّت، ... هُوِيُّ الطَّيْرِ تَبْتَدِر الإِيابا
وَزَعْتُ بِكالهِرَاوةِ أَعْوَجيٍّ، ... إِذا وَنَتِ المَطِيُّ جَرَى وَثابا
الأَزهري: المُشْمَعِلَّة النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ، والمُسْمَغِلَّةُ الطَّوِيلَةُ؛ بِالْغَيْنِ وَالسِّينِ. وامرأَة مُشْمَعِلَّة: كَثِيرَةُ الْحَرَكَةِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
كوَاحِدَةِ الأُدْحِيِّ لَا مُشْمَعِلَّةٌ، ... وَلَا جَحْمةٌ تحْتَ الثِّياب جَشُوبُ
جَشُوبٌ: خَفِيفَةٌ. واشمَعَلَّت الغارةُ: شَمِلَتْ وتفرَّقتْ وانتشرَتْ؛ وأَنشد:
صَبَحْتُ شَبَاماً غارَةً مُشْمَعِلَّةً، ... وأُخْرَى سأُهْدِيها قرِيباً لِشاكِرِ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لأَوس بْنِ مَغْرَاء التَّمِيمِيِّ:
وَهُمْ عِنْد الحُروبِ، إِذا اشمَعَلَّتْ، ... بَنُوها ثَمَّ والمُتَثَوِّبُونا
قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ بَعْضَ قَيْسٍ يَقُولُ: اشْمَعَطَّ القومُ فِي الطَّلَب واشْمَعَلُّوا إِذا بادَروا فِيهِ وتفرَّقوا، واشْمَعَلَّت الإِبلُ واشْمَعَطَّت إِذا انْتَشَرَتْ. والمُشْمَعِلُّ: الْخَفِيفُ الظَّرِيفُ، وَقِيلَ الطَّوِيلُ. ولَبنٌ مُشْمعِلُّ: غَالِبٌ بحُمُوضته. وشَمْعَلَتِ الْيَهُودُ شَمْعَلَةً: وَهِيَ قِرَاءَتُهُمْ إِذا اجْتَمَعُوا فِي فُهْرِهم. واشْمَعَلَّ القومُ فِي الطَّلَبِ اشْمِعْلالًا إِذا بَادَرُوا فِيهِ وتفرَّقوا؛ قَالَ أُميَّة بْنُ أَبي الصَّلت:
لهُ دَاعٍ بمَكَّةَ مُشْمَعِلٌّ، ... وآخَرُ فوْقَ دارَتِه يُنادِي
الْخَلِيلُ: اشْمَعَلَّت الإِبل إِذا مَضَت وتفرَّقت مَرَحاً وَنَشَاطًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا اشْمَعَلَّتْ سَنَناً رَسا بِها ... بذاتِ حَرْفَين، إِذا خَجَا بِهَا(11/372)
شنبل: شَنْبَلٌ: اسْمٌ. ابْنُ الأَعرابي عَنِ الدُّبَيْريَّة: يُقَالُ قبَّلَهُ ورَشَفَه وثاغَمَه وشَنْبَلَه ولَثَمه بمعنى واحد.
شهل: الشُّهْلة فِي العَينِ: أَن يَشُوبَ سَوادَها زُرْقةٌ، وعَينٌ شَهْلاء ورجُل أَشْهَلُ العينِ بَيِّنُ الشَّهَل؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ «1» :
وَلَا عَيْبَ فِيهَا غيْرَ شُهْلَة عَيْنِها، ... كَذَاكَ عِتاقُ الطَّيْر شُهْلٌ عيونُها
قَالَ: وَبَعْضُ بَنِي أَسد وقُضاعة يَنْصِبُونَ غَيْرَ إِذا كَانَ فِي مَعْنَى إِلَّا، تَمَّ الكلامُ قَبْلَهَا أَو لَمْ يَتِمَّ. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّهَل والشُّهْلَة أَقلُّ مِنَ الزَّرَق فِي الحَدَقة، وَهُوَ أَحسن مِنْهُ، والشُّهْلَة أَن يَكُونَ سَوَادُ الْعَيْنِ بَيْنَ الحُمْرة وَالسَّوَادِ، وَقِيلَ: هِيَ أَن تُشْرَب الحَدَقةُ حُمْرةً لَيْسَتْ خُطوطاً كالشُّكْلة وَلَكِنَّهَا قلَّة سَوَادِ الحَدَقة حَتَّى كأَنَّ سَوَادَهَا يَضْرب إِلى الْحُمْرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن لَا يَخْلُص سوادُها. أَبو عُبَيْدٍ: الشُّهْلَة حُمْرة فِي سَوَادِ الْعَيْنِ، وأَما الشُّكْلة فَهِيَ كَهَيْئَةِ الْحُمْرَةِ تَكُونُ فِي بَيَاضِ الْعَيْنِ؛ شَهِلَ شَهَلًا واشْهَلَّ، ورَجُل أَشْهَلُ وامرأَة شَهْلاء؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَني أَشْهَلُ العَيْنينِ بازٍ، ... عَلَى عَلْياءَ شَبَّهَ فاسْتَحالا
أَبو زَيْدٍ: الأَشْهَلُ والأَشْكَلُ والأَسْجَر وَاحِدٌ. وعَيْنٌ شَهْلاء إِذا كَانَ بياضُها لَيْسَ بِخَالِصٍ فِيهِ كُدورة. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضَلِيعَ الفَم أَشْهَلَ العَيْنين مَنْهُوسَ الكَعْبين
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَشْكَلَ الْعَيْنَيْنِ.
قَالَ شُعْبة: قُلْتُ لسِمَاك: مَا أَشْكَلُ الْعَيْنَيْنِ؟ قَالَ: طَوِيلُ شَقِّ الْعَيْنِ؛ قَالَ: الشُّهْلة حُمْرة فِي سَوَادِ الْعَيْنِ كالشُّكْلة فِي الْبَيَاضِ. والأَشْهَل: رَجُل مِنَ الأَنصار صِفَةٌ غَالِبَةٌ أَو مُسَمًّى بِهَا؛ فأَما قَوْلُهُ:
حِينَ أَلْقَتْ بِقُباءٍ بَرْكَها، ... واسْتَحرَّ القَتْلُ فِي عَبْدِ الأَشَل
إِنما أَراد عبدَ الأَشهَل، هَذَا الأَنصاريَّ. ابْنُ السِّكِّيتِ: فِي فُلَانٍ وَلْعٌ وشَهْلٌ أَي كَذِبٌ، قَالَ والشَّهَلُ اخْتِلَاطُ اللَّوْنَيْنِ، والكَذَّاب يُشَرِّج الأَحاديث أَلواناً. والشَّهْلاءُ: الحاجةُ، يُقَالُ: قضَيْتُ مِنْ فُلَانٍ شَهْلائي أَي حَاجَتِي؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَمْ أَقْضِ، حَتَّى ارْتحَلوا، شَهْلائي ... مِنَ العَرُوب الكاعِبِ الحَسْناءِ
والشَّهْلةُ: العَجوز؛ قَالَ:
باتَتْ تُنَزِّي دَلوَها تَنْزِيّا، ... كَمَا تُنَزِّي شَهْلَةٌ صَبِيّا «2»
. وَقَالَ:
أَلا أَرى ذَا الضَّعْفة الهَبِيتا، ... يُشَاهِل العَمَيْثَل البِلِّيتا «3»
. وَقِيلَ: الشَّهْلة النَّصَفُ العاقلةُ، وَذَلِكَ اسْمٌ لَهَا خَاصَّةً
__________
(1) . قوله [وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ وَلَا عَيْبَ إلخ] تقدم في ترجمة [غير] أن الفراء أنشد البيت شاهداً لنصب غير على اللغة المذكورة فما تقدم هناك من ضبط غير بالرفع في قوله: وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ مَا جَاءَنِي غيره، خطأ
(2) . قوله [باتت تنزي دلوها] هكذا في الأصل والمحكم، وهو الموجود في الأشموني. وفي الصحاح والتهذيب: بات ينزي دلوه، فعلى هذا فيه روايتان
(3) . قوله [ألا أرى إلخ] لعل تخريج هذا هنا من الناسخ وسيأتي محله المناسب عند قوله والمشاهلة المشاتمة كما في التهذيب(11/373)
لَا يُوصَفُ بِهِ الرَّجُلُ. وامرأَة شَهْلة كَهْلة، وَلَا يُقَالُ رَجُلٌ شَهْلٌ كَهْلٌ، وَلَا يُوصَفُ بِذَلِكَ إِلا أَن ابْنَ دُرَيْدٍ حَكَى: رَجُلٌ شَهْلٌ كَهْل. والمُشاهَلةُ: المشاتمةُ والمُشارَّة والمُقارَصة، تَقُولُ: كَانَتْ بَيْنَهُمْ مُشَاهَلَةٌ أَي لِحاء ومُقارَصة، وَقِيلَ مُراجعة الْقَوْلِ؛ قَالَ أَبو الأَسود الْعِجْلِيِّ:
قَدْ كَانَ فِيمَا بَيْنَنا مُشَاهَلَه، ... ثُمَّ تَوَلَّتْ، وَهِيَ تَمْشِي البادَلَه
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ تَمْشِي البازَله، بِالزَّايِ: مشْية سَرِيعَةً. النَّضْرُ: جَبَل أَشْهَل إِذا كَانَ أَغْبر فِي بَيَاضٍ، وذِئبٌ أَشْهَلُ؛ وأَنشد:
مُتَوَضِّحُ الأَقْرابِ فِيهِ شُهْلةٌ، ... شَنِجُ اليَدَين تَخالُه مَشْكولا
وشَهْلُ بْنُ شَيْبان الزِّمَّانيُّ الْمُلَقَّبُ بفِنْدٍ.
شهمل: شَهْمِيل: أَبو بَطْن وَهُوَ أَخو العَتِيك، وَزَعَمَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَنه شِهْميل، كأَنه مُضَافٌ إِلى إِيل كجِبريل، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لكان مصروفاً.
شول: شَالَتِ الناقةُ بذنَبِها تَشولُه شَوْلًا وشَوَلاناً وأَشَالَتْه واسْتَشَالَتْه أَي رَفَعَتْه؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ يصف فَرَسًا:
جَمومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابى، ... تَخالُ بياضَ غُرَّتِها سِراجا
وشَالَ ذَنَبُها أَي ارْتَفَعَ؛ قَالَ أُحَيْحة بْنُ الجُلاح:
تَأَبَّري، يَا خَيْرَة الفَسِيلِ، ... تَأَبَّري مِنْ حَنَذٍ، فَشُولي
أَي ارْتَفِعي. الْمُحْكَمُ: وَشَالَ الذَّنبُ نفْسُه؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
كأَنَّ فِي أَذنابِهنَّ الشُّوَّل، ... مِن عَبَسِ الصَّيْفِ، قُرُونَ الإِيَّل
وَيُرْوَى: الشُّيَّل والشِّيَّل، عَلَى مَا يَطَّرِد فِي هَذَا النَّحْوِ مِنْ بَنَاتِ الْوَاوِ عِنْدَ الْكِسَائِيِّ، رَوَاهُ عَنْهُ اللِّحْيَانِيُّ. والشّائلةُ مِنَ الإِبل. الَّتِي أَتى عَلَيْهَا مِنْ حَمْلها أَو وَضْعها سبعةُ أَشهر فخَفَّ لبنُها، وَالْجَمْعُ شَوْلٌ؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلِّزة:
لَا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغبارِها، ... إِنَّك لَا تَدْري مَنِ النَّاتِجُ
وَقَوْلُهُ أَنشده سِيبَوَيْهِ:
مِنْ لَدُ شَوْلًا فإِلى إِتْلائها
فَسَّر وَجْهَ نَصْبِهِ وَدُخُولَ لَدُ عَلَيْهَا فَقَالَ: نَصَب لأَنه أَراد زَمَانًا، والشَّوْل لَا يَكُونُ زَمَانًا وَلَا مَكَانًا، فَيَجُوزُ فِيهَا الجرُّ كَقَوْلِكَ مِن لدُ صلاةِ الْعَصْرِ إِلى وَقْتِ كَذَا، وَكَقَوْلِكَ مِنْ لدُ الْحَائِطِ إِلى مَكَانِ كَذَا، فَلَمَّا أَراد الزَّمَانَ حَمَل الشَّوْلَ عَلَى شَيْءٍ يَحْسُن أَن يَكُونَ زَمَانَا إِذا عَمِل فِي الشَّوْل، وَلَمْ يَحْسُن الِابْتِدَاءُ كَمَا لَمْ يَحْسُن ابتداءُ الأَسماء بَعْدَ إِنْ حَتَّى أَضْمَرْتَ مَا يَحْسُن أَن يَكُونَ بَعْدَهَا عَامِلًا فِي الأَسماء، فَكَذَلِكَ هَذَا، فكأَنك قُلْتَ مِنْ لَدُ أَن كَانَتْ شَوْلًا إِلى إِتلائها، قَالَ: وَقَدْ جَرَّه قَوْمٌ عَلَى سَعَة الْكَلَامِ وَجَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَصْدَرِ حِينَ جَعَلُوهُ عَلَى الْحِينِ، وإِنما يُرِيدُ حِينَ كَذَا وَكَذَا وإِن لَمْ يَكُنْ فِي قوَّة الْمَصْدَرِ، لأَنها لَا تتَصرَّف تَصرُّفها، وأَشْوَالٌ جَمْعُ الْجَمْعِ. التَّهْذِيبُ: الشَّوْلُ مِنَ النُّوق الَّتِي خَفَّ لبنُها وَارْتَفَعَ ضَرْعُها، وأَتى عَلَيْهَا سبعةُ أَشهر مِنْ يَوْمِ نَتاجها أَو ثمانيةٌ فَلَمْ يَبْقَ فِي ضُروعِها إِلا شَوْلٌ(11/374)
مِنَ اللَّبَنِ أَي بَقِيَّة، مِقْدَارِ ثلثِ مَا كَانَتْ تَحْلُب حِدْثان نَتاجِها، وَاحِدَتُهَا شائِلةٌ، وَهُوَ جَمْعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَفِي حَدِيثِ
نَضْلة بْنِ عَمْرٍو: فهَجم عَلَيْهِ شَوَائِلُ لَهُ فسَقاه مِنْ أَلبانها
، هُوَ جَمْعُ شَائِلَةٍ، وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي شَالَ لبنُها أَي ارْتَفع، وَتُسَمَّى الشَّوْلَ أَي ذَاتَ شَوْلٍ لأَنه لَمْ يَبق فِي ضَرْعِها إِلا شَوْلٌ مِنْ لَبَنٍ أَي بَقِيّة. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ: فكأَنكم بِالسَّاعَةِ تحْدُوكم حَدْوَ الزَّاجِرِ بشَوْله
أَي الَّذِي يَزْجُر إِبله لتَسير، وَقِيلَ: الشَّوْلُ مِنَ الإِبل الَّتِي نقَصتْ أَلبانها، وَذَلِكَ إِذا فُصِلَ ولدُها عِنْدَ طُلُوعِ سُهَيلٍ فَلَا تزال شَوْلًا حَتَّى يُرْسَل فِيهَا الْفَحْلُ. وشَوَّلَ لبنُها: نقَصَ، وشَوَّلَتْ هِيَ: خَفَّتْ أَلبانها وقَلَّتْ، وَهِيَ الشَّوْلُ. وَقَدْ شَوَّلَت الإِبلُ أَي صَارَتْ ذاتَ شَوْل مِنَ اللَّبَنِ، كَمَا يُقَالُ شَوَّلَت المزادةُ إِذا قَلَّ مَا بَقِيَ فِيهَا مِنَ الْمَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: شَوَّلَت الناقةُ، بِالتَّشْدِيدِ، أَي صَارَتْ شَائِلَةً؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرُ:
حَتَّى إِذا مَا العَشْرُ عَنْهَا شَوَّلا
يَعْنِي ذَهَبَ وتصَرَّم، قَالَ: والشَّائِلُ، بِلَا هَاءٍ، الناقةُ الَّتِي تشُولُ بذَنَبها لِلِّقاح وَلَا لَبَنَ لَهَا أَصلًا، وَالْجَمْعُ شُوَّلٌ مِثْلُ راكِعٍ ورُكَّعٍ؛ وأَنشد شِعْرَ أَبي النَّجْمِ:
كأَنَّ فِي أَذنابِهِنَّ الشُّوَّل
وشَوَّلَت الإِبلُ: لحِقَتْ بُطونُها بظُهورها. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَالُ لِلَّتِي شالتْ بذَنَبِها شَائِل، وَلِلَّتِي شالَ لبَنُها شَائِلَةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ ضدُّ الْقِيَاسِ لأَن الْهَاءَ تَثْبُتُ فِي الَّتِي يَشُولُ لبَنُها وَلَا حَظَّ للذَّكَر فِيهِ، وأُسْقِطت مِنَ الَّتِي تَشول ذَنَبَها، والذَّكَر يَشُول ذنَبَه، وإِن لَمْ يَكُنْ مِنْ مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وكلُّ مَا ارْتَفَعَ شائلٌ. التَّهْذِيبُ: وأَما النَّاقَةُ الشائلُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، فَهِيَ اللَّاقِحُ الَّتِي تَشُول بذَنَبِها لِلْفَحْلِ أَي تَرْفَعُهُ فَذَلِكَ آيةُ لِقاحِها، وتَرْفَع مَعَ ذَلِكَ رأْسَها وتَشْمَخ بأَنْفِها، وَهِيَ حِينَئِذٍ شَامِذٌ، وَقَدْ شَمَذَتْ شِماذاً، وَجَمْعُ الشَّائِل والشامِذ مِنَ النُّوقِ شُوّلٌ وشُمَّذٌ، وَهِيَ العاسِر أَيضاً، وَقَدْ عَسَرَت عِساراً؛ قَالَ الأَزهري: أَكثر هَذَا الْقَوْلِ مَسْمُوعٌ عَنِ الْعَرَبِ صَحِيحٌ، وَقَدْ رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي أَكثرَه، إِلَّا أَنه قَالَ «1» : إِذا أَتى عَلَى النَّاقَةِ مِنْ يَوْمِ حَمْلها سبعةُ أَشهر كَمَا ذَكَرْنَاهُ اللَّهُمَّ إِلا أَن تَحْمِلَ الناقةُ كِشافاً، وَهُوَ أَن يَضْرِبَها الفَحْلُ بَعْدَ نَتاجها بأَيام قَلَائِلَ، وَهِيَ كَشُوفٌ حِينَئِذٍ، وَهُوَ أَرْدأُ النَّتاج. وشَالَ المِيزانُ: ارْتَفَعَت إِحدى كِفَّتَيْه. وَيُقَالُ: شَالَ ميزانُ فُلَانٍ يَشُولُ شَوَلاناً، وَهُوَ مَثَلٌ فِي الْمُفَاخَرَةِ، يُقَالُ فاخَرْتُه فَشَالَ مِيزانُه أَي فَخَرْتُه بِآبَائِي وغَلَبْتُه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الأَخطل:
وإِذا وَضَعْتَ أَبَاكَ فِي مِيزانِهم ... رَجَحُوا، وشَالَ أَبوكَ فِي المِيزان
وشَالَت العَقْربُ بذَنَبها: رَفَعَتْه. وشَوْلَةُ وشَوَّالَةُ: العَقْربُ اسمٌ عَلَمٌ لَهَا. وشَوْلَةُ العقربِ: مَا شَالَ مِنْ ذَنَبها، والعَقْربُ تَشُولُ بذَنَبها؛ وأَنشد:
كَذَنَب العَقْرَبِ شَوَّال عَلِق
وَقَالَ شَمِر: شَوْكَةُ العَقْرب التي تَضْرب بها
__________
(1) . قوله [إلا أنه قال إلخ] عبارة الأَزهري: إِلَّا أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَتَى عَلَى النَّاقَةِ مِنْ يَوْمِ حَمْلِهَا سَبْعَةُ أَشْهُرٍ خف لبنها وهو غلط والصواب إذا أتى عليها من يوم نتاجها سبعة أشهر كما ذكرته لا من يوم حملها اللهم إلى آخر ما هنا وبهذا يعلم ما هنا من السقط(11/375)
تُسَمَّى الشَّوْلَةَ والشَّباة والشَّوْكَةَ والإِبْرة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَبِهَا سُمِّيت إِحدى مَنازل القَمَر فِي بُرْج العَقْرب شَوْلَة تَشْبِيهًا بِهَا، لأَن البُرْج كلَّه عَلَى صُورَةِ الْعَقْرَبِ. والشَّوْلَة: مَنْزِلة وَهِيَ كَوْكَبَانِ نَيِّرانِ متقابِلانِ يَنْزِلهما القمرُ يُقَالُ لَهُمَا حُمَةُ العَقْرب. أَبو عَمْرٍو: أَشَلْتُ الحَجَر وشُلْتُ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: شُلْتُ بالجَرَّة أَشُولُ بِهَا شَوْلًا رفَعْتها، وَلَا تَقُلْ شِلتُ، وَيُقَالُ أَيضاً أَشَلْتُ الجَرَّة فانْشَالَتْ هِيَ؛ وَقَالَ الأَسدي:
أَإِبِلي تأْكُلُها مُصِنَّا، ... خافِضَ سِنٍّ ومَشِيلًا سِنَّا؟
أَي يأْخُذُ بنتَ لَبُون فَيَقُولُ هَذِهِ بِنْتُ مَخاض فَقَدْ خَفَضَها عَنْ سِنِّها الَّتِي هِيَ فِيهَا، وَتَكُونُ لَهُ بنْتُ مَخاضٍ فَيَقُولُ لِي بِنْتُ لَبُون، فَقَدْ رَفَع السِّنَّ الَّتِي هِيَ لَهُ إِلى سِنٍّ أُخرى أَعلى مِنْهَا، وَتَكُونُ لَهُ بِنْتُ لَبُون فيأْخذ حِقَّةً؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
حَتَّى إِذا اشْتَالَ سُهَيْلٌ فِي السَّحَر
واشْتَالَ هُنَا: بِمَعْنَى شَالَ، مِثْلُ ارْتَوى بِمَعْنَى رَوِيَ. الْمُحْكَمُ: وأَشَالَ الحَجَرَ وشَالَ بِهِ وشَاوَلَهُ رَفَعه. والمِشْوَالُ: حَجَرٌ يُشالُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الْيَزِيدِيُّ: أَشَلْتُ المِشْوَلَة فأَنا أُشِيلُها إِشَالةً، وشُلْتُ بِهَا أَشُولُ شَوْلًا وشَوَلاناً، قَالَ: والمِشْوَلةُ الَّتِي يُلْعَب بِهَا. وشَالَ السائلُ يَدَيْهِ إِذا رَفَعهما يسأَل بِهِمَا؛ وأَنشد:
وأَعْسَرَ الكَفِّ سأْآلًا بِهَا شَوِلًا
قَالَ: وأَما قَوْلُ الأَعشى:
شاوِ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلْشُلٌ شَوِلُ
فالشَّوِلُ الَّذِي يَشُول بِالشَّيْءِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ صاحبُه أَي يَرْفَعُهُ. ورجُل شَوِلٌ أَي خَفِيفٌ فِي العَمَل والخِدْمة مِثْلُ شُلْشُل. الْمُحْكَمُ: والشَّوِلُ الْخَفِيفُ. وشَاوَلَهُ وشَاوَلَ بِهِ: دَافَعَ؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الحكم:
فَشاوِلْ بِقَيْسٍ فِي الطِّعانِ، وَلَا تَكُنْ ... أَخاها، إِذا مَا المَشْرَفِيَّةُ سُلَّتِ
وشَالَتْ نَعامتُه: خَفَّ وغَضِبَ ثُمَّ سَكَن. وشَالَتْ نَعامَةُ الْقَوْمِ: خَفَّتْ مَنازلُهم مِنْهُمْ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا خَفُّوا ومَضَوْا: شَالَتْ نَعامَتُهم. وشَالَت نَعامَتُهم إِذا تفرَّقت كَلِمتُهم. وشَالَت نَعامَتُهم إِذا ذَهَبَ عِزُّهم؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَنَ:
أَتى هِرَقْلًا، وَقَدْ شَالَتْ نَعامَتُهم، ... فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَه النَّصْرَ الَّذِي سَالَا
يُقَالُ: شَالَتْ نَعامَتُهم إِذا مَاتُوا وتَفَرّقوا كأَنهم لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلا بَقِيَّة، والنَّعامَة الجماعةُ. والشَّوْلُ: بَقِيَّةُ الْمَاءِ فِي السِّقاء والدَّلْو، وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَكُونُ فِي أَسفل القِرْبة والمَزادة. وَفِي الْمَثَلِ: مَا ضَرَّ نَابًا شَوْلُها المُعَلَّق؛ يُضْرَب ذَلِكَ لِلَّذِي يُؤمر أَن يأْخذ بالحَزْم وأَن يَتَزَوَّد وإِن كَانَ يَصِيرُ إِلى زَادٍ؛ وَمِثْلُ هَذَا المَثَل: عَشِّ وَلَا تَغْتَرَّ أَي تَعَشَّ وَلَا تَتَّكلْ أَنك تَتَعَشَّى عِنْدَ غَيْرِكَ، وَالْجَمْعُ أَشوَالٌ؛ قَالَ الأَعشى:
حَتَّى إِذا لمَعَ الدَّلِيلُ بثَوْبه ... سُقِيَتْ، وصَبَّ رُواتُها أَشْوَالَها
وشَوَّلَ فِي القِرْبَة: أَبْقى فِيهَا شَوْلًا. وشَوَّلَ الماءُ: قَلَّ. وشَوَّلَت المَزادةُ وجَزَّعَتْ إِذا بَقيَ فِيهَا جُزْعَةٌ مِنَ الْمَاءِ، وَلَا يُقَالُ شَالَتِ المَزادةُ كَمَا يُقَالُ(11/376)
دِرْهَمٌ وازِنٌ أَي ذُو وَزْنٍ، وَلَا يُقَالُ وَزَنَ الدِّرْهَمُ. وفَرَسٌ مِشْيَالُ الخَلْق أَي مُضْطَرب الخَلْق. ابْنُ السِّكِّيتِ: مِنْ أَمثالهم فِي الَّذِي يَنْصَح القومَ: أَنت شَوْلةُ الناصِحةُ؛ قَالَ: وَكَانَتْ أَمَةً لعَدْوانَ رَعْناءَ تَنْصَحُ لِمَوَالِيهَا فتَعُود نصيحتُها وَبالًا عَلَيْهَا «2» لحُمْقِها. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الشَّوْلة الحَمْقاء. أَبو زَيْدٍ: تَشَاوَلَ الْقَوْمُ تَشاوُلًا إِذا تَناوَلَ بعضُهم بَعْضًا عِنْدَ القِتال بالرِّماح، والمُشَاوَلةُ مِثْلُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحمن بْنِ الحَكَم: فشَاوِلْ بقَيْسٍ فِي الطِّعان. والمِشْوَلُ: مِنْجَلٌ صَغِيرٌ. والشُّوَيْلاء: نَبْتٌ مِنْ نَجِيل السِّباخ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ مِنَ العُشْب ومَنابِتُها السَّهْل وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ يُتَداوى بِهَا، قَالَ: وَلَمْ يَحْضُرني صفتُها. والشُّوَيْلاء أَيضاً: مَوْضِعٌ. والشَّوِيلَة والشُّوَلاءُ، الأُولى عَلَى فَعِيلة مِثْلَ كَرِيمة، والثانية عَلَى فُعَلاء مِثْلَ رُحَضاء: مَوْضِعَانِ. وشَوَّالٌ: مِنْ أَسماء الشُّهُورِ مَعْرُوفٌ، اسْمُ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِي شَهْرَ رَمَضَانَ، وَهُوَ أَول أَشهر الْحَجِّ، قِيلَ: سُمِّي بتَشْوِيل لَبَنِ الإِبل وَهُوَ تَوَلِّيه وإِدْبارُه، وَكَذَلِكَ حَالُ الإِبل فِي اشْتِدَادِ الْحَرِّ وَانْقِطَاعِ الرُّطْب، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سُمِّي بِذَلِكَ لِشَوَلانِ النَّاقَةِ فِيهِ بذَنَبها. وَالْجَمْعُ شَوَاوِيلُ عَلَى الْقِيَاسِ، وشَواوِلُ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، وشَوَّالاتٌ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَطَيَّرُ مِنْ عَقْد الْمَنَاكِحِ فِيهِ، وَتَقُولُ: إِن الْمَنْكُوحَةَ تَمْتَنِعُ مَنْ نَاكَحَهَا كَمَا تَمْتَنِعُ طَروقة الجَمَل إِذا لقِحَت وشالَت بذَنَبها، فأَبْطَل النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طِيَرَتَهم. وَقَالَتْ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: تَزَوَّجَني رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي شَوَّالٍ وبَنى بِي فِي شَوَّال فأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظى عِنْدَهُ مِنِّي؟
وامرأَة شَوَّالةٌ: نَمَّامةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ليْسَتْ بذاتِ نَيْرَبٍ شَوَّاله
والأَشْوَل: رَجُلٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ أَبو سَماعَة بْنُ الأَشْوَل النَّعاميّ، هَذَا الشَّاعِرُ الْمَعْرُوفُ، يَعْنِي بِالشَّاعِرِ الْمَعْرُوفِ سَماعة. وشَوَّالٌ: اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ شَوَّال بْنُ نُعَيْم. وشَوْلَةُ: فرَسُ زَيْدِ الْفَوَارِسِ الضَّبِّيّ، والله أَعلم.
فصل الصاد المهملة
صأبل: الْكِسَائِيُّ: الضِّئْبل الدَّاهِيَةُ ولُغَةُ بَنِي ضَبَّةَ الصِّئْبِل، قَالَ: وَالضَّادُ أَعرف، وأَبو عُبَيْدَةَ رَوَاهُ الضِّئْبِل، بِالضَّادِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمعه بِالصَّادِ إِلا مَا جَاءَ بِهِ أَبو تُراب.
صأصل: الصَّأْصَلُ والصَّوْصَلاءُ، زَعَمَ بَعْضُ الرُّواة أَنهما شَيْءٌ وَاحِدٌ: وَهُوَ مِنَ العُشْب؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَلَمْ أَرَ من يعرفه.
صحل: صَحِل الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، وصَحِلَ صوتُه يَصْحَل صَحَلًا، فَهُوَ أَصْحَلُ وصَحِلٌ: بَحَّ؛ وَيُقَالُ: فِي صَوْتِهِ صَحَلٌ أَي بُحُوحة؛ وَفِي
صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ وصَفَتْه أُمّ مَعْبَد: وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ
؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ، كالبُحَّة وأَن لَا يَكُونَ حَادًّا؛ وَحَدِيثِ
رُقَيْقَة: فإِذا أَنا بهاتفٍ يَصْرُخُ بِصَوْتٍ صَحِل
؛ وَحَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يَرْفَع صوتَه بالتَّلْبية حَتَّى يَصْحَل
أَي يَبَحَّ. وَحَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ فِي نَبْذِ الْعَهْدِ فِي الحَجِّ: فكُنْت أُنادي حَتى صَحِلَ صوتي
؛ قال الراجز:
__________
(2) . قوله [وبالًا عليها] هكذا في التهذيب، والذي في الصحاح والقاموس: عليهم(11/377)
فَلَمْ يَزَلْ مُلَبِّياً وَلَمْ يَزَلْ، ... حتَّى عَلَا الصَّوتَ بُحوحٌ وصَحَل،
وكُلَّما أَوْفى عَلَى نَشْزٍ أَهَلْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ صَحِلَ حَلْقُه أَيضاً، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَدْ صَحِلَتْ مِنَ النَّوْحِ الحُلُوقُ
والصَّحَلُ: حِدَّة الصَّوْتِ مَعَ بَحَحٍ؛ وَقَالَ فِي صِفَةِ الْهَاجِرَةِ:
تُصْحِلُ صَوْتَ الجُنْدُب المُرَنِّم
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الصَّحَلُ مِنَ الصِّياح، قَالَ: والصَّحَل أَيضاً انْشقاق الصَّوْتِ وأَن لَا يَكُونَ مُسْتَقِيمًا يَزِيدُ مَرَّة ويَسْتقيم أُخْرى، قَالَ: والصَّحَل أَيضاً أَن يَكُونَ فِي صَدْره حَشْرَجَة.
صدل: الصَّيْدَلانُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
ضَبابِيَّةً مُرِّيَّةً حابسِيَّةً، ... مُنِيفاً بنَعْفِ الصَّيْدَلَيْن وَضيعُها
والصَّيْدَلانِيُّ: مَعْرُوفٌ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّب، والجمع صَيادِلة.
صطبل: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ الإِصْطَبْل لأَنه أَعجمي، وَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ؛ قَالَ أَبو نُخَيلة:
لوْلا أَبو الفَضْلِ ولوْلا فَضْلُه، ... لسُدَّ بابٌ لَا يُسَنَّى قُفْلُه،
ومِنْ صَلاح راشِدٍ إِصْطَبْلُه
صطفل: فِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: كَتَب إِلى مَلِك الرُّوم ولأَنْزِعَنَّك مِنَ المُلْك نَزْعَ الإِصْطَفْلينة
أَي الجَزَرة، قَالَ: وَذَكَرَهَا الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْهَمْزَةِ، وَغَيْرُهُ فِي الصَّادِ عَلَى أَصلية الْهَمْزَةِ وَزِيَادَتِهَا. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمَرة: إِنَّ الْوَالِيَ ليَنْحِتُ أَقاربُه أَمانَتَه كَمَا تَنْحِتُ القَدُوم الإِصْطَفْلِينة حَتَّى تَخْلُص إِلى قَلْبها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: لَيْسَتِ اللَّفْظَةُ بِعَرَبِيَّةٍ مَحْضَةٍ لأَن الصَّادَ وَالطَّاءَ لَا يَكَادَانِ يَجْتَمِعَانِ إِلا قَلِيلًا.
صعل: الصَّعْلة مِنَ النَّخْل: الَّتِي فِيهَا عَوَجٌ وَهِيَ جَرْداء أُصولِ السَّعَف؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي عَمْرٍو؛ وأَنشد:
لَا تَرْجُوَنَّ بِذِي الآطامِ حامِلَةً، ... مَا لَمْ تَكُن صَعْلَةً صَعْباً مَراقِيها
وَيُقَالُ لِلنَّخْلَةِ إِذا دَقَّتْ صَعْلة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والصَّعْلة مِنَ النَّخْلِ الطَّوِيلَةُ؛ قَالَ: وَهِيَ مَذْمُومَةٌ لأَنها إِذا طَالَتْ رُبَّمَا تَعْوَجُّ؛ قَالَ ذَكْوان العجْلي:
بعِيدة بيْن الزَّرْع لَا ذَاتَ حُشْوَةٍ ... صِغارٍ، وَلَا صَعْلٍ سَريعٍ ذَهابُها
قَالَ: والجَمْع صَعْلٌ. والصَّعْلُ والأَصْعَلُ: الدَّقيق الرأْس وَالْعُنُقِ، والأُنثى صَعْلة وصَعْلاء، يَكُونُ فِي النَّاسِ وَالنَّعَامِ وَالنَّخْلِ، وَقَدْ صَعِلَ صَعَلًا واصْعالَّ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يصفُ دَقَل السَّفِينَةِ وَهُوَ الَّذِي يُنْصَب فِي وَسَطه الشِّراع:
ودَقَلٌ أَجْرَدُ شَوْذَبيُّ، ... صَعْلٌ مِنَ السَّاجِ ورُبَّانِيُ
أَراد بالصَّعْل الطَّوِيل، وإِنما يَصِفُ مَعَ طُولِهِ اسْتِوَاءَ أَعلاه بِوَسَطِهِ وَلَمْ يَصِفْه بدِقَّة الرأْس. رأَيت فِي حَاشِيَةِ نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ عَلَى قَوْلِهِ صَعْل مِنَ السَّاجِ، قَالَ: صَوَابُهُ مِنَ السَّامِ، بِالْمِيمِ، شَجَرٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ دَقَلُ السُّفُن. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ: اسْتَكْثِروا مِنَ(11/378)
الطَّواف بِهَذَا الْبَيْتِ قَبْلَ أَن يَحُولَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مِنَ الحَبَشة رَجُلٌ أَصْعَلُ أَصْمَع
؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ لَهُ:
كأَنِّي برَجُلٍ مِنَ الحَبَشة أَصْعَلَ أَصْمَعَ قاعدٍ عَلَيْهَا وَهِيَ تُهْدَم
؛ قَالَ الأَصمعي: قَوْلُهُ أَصْعَل هَكَذَا يُرْوَى، فأَما كَلَامُ الْعَرَبِ فَهُوَ صَعْلٌ، بِغَيْرِ أَلف، وَهُوَ الصَّغِيرُ الرأْس. وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ آخَرَ فِي هَدْم الْكَعْبَةِ:
كأَنِّي بِهِ صَعْلٌ يَهْدِم الكعبةَ
، وأَصحاب الْحَدِيثِ يَرْوونه أَصْعَل. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ مَعْبَد فِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلةٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الصَّعْلة صِغَرُ الرأْس، وَيُقَالُ: هِيَ أَيضاً الدِّقّة والنُّحول والخِفَّة فِي الْبَدَنِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ عَيْراً:
نَفى عَنْهَا المَصِيفَ وصارَ صَعْلًا
يَقُولُ: خَفَّ جِسْمُه وضَمُر؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
جاريَةٌ لاقتْ غُلاماً عَزَبا، ... أَزَلَّ صَعْلَ النَّسَوَيْن أَرْقَبا
وَفِي صِفَةِ الأَحْنف: كَانَ صَعْلَ الرأْس. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: الأَصْعَلُ الصَّغِيرُ الرأْس، وَقَالَ غَيْرُهُ: الصَّعَل الدِّقَّة فِي العُنُق وَالْبَدَنِ كُلِّه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي ذَكَرَهُ الأَصمعي رجُلٌ صَعْلٌ وامرأَة صَعْلَةٌ لَا غَيْرُ؛ قَالَ: وحَكى غَيْرُهُ وامرأَة صَعْلاءُ، وَالرَّجُلُ عَلَى هَذَا أَصْعَلُ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ صَعْلُ الرأْس إِذا كَانَ صَغِيرَ الرأْس، وَلِذَلِكَ يُقَالُ للظَّلِيم صَعْلٌ لأَنه صَغِيرُ الرأْس. والصَّعْلة: النَّعامة؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ أَيّ نَعَامَةٍ هِيَ. والصَّاعِل: النَّعَامُ الْخَفِيفُ. وَقَالَ شَمِر: الصَّعْل مِنَ الرِّجال الصغيرُ الرأْس الطويلُ العُنُق الدَّقِيقُهُما. وحِمارٌ صَعْلٌ: ذاهِبُ الوَبَر؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بِهَا كُلُّ خَوّارٍ إِلى كُلِّ صَعلةٍ ... ضَهُولٍ، ورَفْضِ المُذْرِعاتِ القَرَاهِب
وَهَذَا الْبَيْتُ اسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ بِصَدْرِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى قَوْلِهِ. وحِمَار صَعْلٌ: ذَاهِبُ الوَبَر. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّعْلة فِي بَيْتِهِ النَّعَامة، والخَوَّارُ: الثَّورُ الْوَحْشِيُّ الَّذِي لَهُ خُوَارٌ وَهُوَ صَوْتُهُ، وضَهُول: تَذْهَب وتَرْجَع، والمُذْرِعات مِنَ الْبَقَرِ: الَّتِي مَعَهَا أَولادُها، يُقَالُ: ذَرَعٌ، وجَمْعُه ذِرْعانٌ. والصَّعَلُ: الدِّقَّة؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
رَهْطٌ مِنَ الهِنْدِ فِي أَيدِيهِمُ صَعَلُ «1»
صعقل: فِي تَرْجَمَةِ صَعْفَقَ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رأَيت بخطِّ أَبي سَهْل الهَرَوي عَلَى حَاشِيَةِ كِتَابٍ: جَاءَ عَلَى فَعْلُول صَعْفُوق وصَعْقُول لضَرْبٍ مِنَ الكَمْأَة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَثناء كَلَامِهِ: أَما الصَّعْقُول لضَرْبٍ مِنَ الكَمْأَة فَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، وَلَوْ كَانَ مَعْرُوفًا لذَكَره أَبو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ النَّبَاتِ؛ قَالَ: وأَظُنُّه نَبَطِيًّا أَو أَعجميّاً.
صغل: الصَّغِلُ: لغةٌ فِي السَّغِل وهو السَّيِءُ الغِذاء، وَالسِّينُ فِيهِ أَكثر مِنَ الصَّادِ. والصِّيَّغْل: التَّمْرُ الَّذِي يَلْتَزِق بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ويَكْتَنِز، فإِذا فُلِق أَو قُلِع رؤي فِيهِ كَالْخُيُوطِ، وقَلَّما يَكُونُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ البَرْنِيِّ؛ قَالَ:
يُغَذَّى بصِيَّغْلٍ كَنِيزٍ مُتارِزٍ، ... ومَحْضٍ مِنَ الأَلْبان غَيْرِ مَخِيض
قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ اسمٌ عَلَى فِيَّعْلٍ غيره. وفي
__________
(1) . قوله [في أيديهم] كذا أنشده الجوهري، قال في التكملة: والرواية في أبدانهم، وصدر البيت:
إِذا هُمُ ثَارُوا، وإِنْ هُمْ أَقْبلوا ... أَقْبَلَ مِسْماحٌ أَرِيبٌ مِصْقَلُ
فَسَّره فَقَالَ: إِنما أَراد مِصْلَق فقَلَب، وَهُوَ الْخَطِيبُ الْبَلِيغُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ.
صقعل: الصِّقْعَلُ، عَلَى وَزْنِ السِّبَحْل: التَّمْرُ الْيَابِسُ يُنْقَع فِي المَخْض؛ وأَنشد:
تَرَى لَهُم حَوْلَ الصِّقْعَلِ عِثْيَره
صلل: صَلَّ يَصِلُّ صَلِيلًا وصَلْصَلَ صَلْصَلَةً ومُصَلْصَلًا؛ قَالَ:
كأَنَّ صَوْتَ الصَّنْجِ فِي مُصَلْصَلِه
وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَوْضِعًا للصَّلْصَلَة. وصَلَّ اللِّجامُ: امْتَدَّ صوتُه، فإِن تَوَهَّمْت تَرْجيعَ صَوْتٍ قُلْتَ صَلْصَلَ وتَصَلْصَلَ؛ اللَّيْثُ: يُقَالُ صَلَّ اللِّجامُ إِذا تَوَهَّمْتَ فِي صَوْتِهِ حِكَايَةَ صَوْت صَلْ، فإِن تَوَهَّمْت تَرْجيعاً قُلْتَ صَلْصَلَ اللِّجامُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ يَابِسٍ يُصَلْصِلُ. وصَلْصَلَةُ اللِّجامُ: صوتُه إِذا ضُوعِف. وحِمَارٌ صُلْصُلٌ وصُلاصِلٌ وصَلْصَالٌ ومُصَلْصِلٌ: مُصَوِّت؛ قَالَ الأَعشى:
عَنْترِيسٌ تَعْدُو، إِذا مَسَّها الصَّوْتُ، ... كَعَدْوِ المُصَلْصِلِ الجَوَّال
وفَرس صَلْصَالٌ: حَادُّ الصَّوْتِ دَقيقُه. وفي الحديث:
__________
(1) . قوله [شيبان] هكذا في الأَصل، وفي المحكم: سفيان(11/379)
أَتُحِبُّون أَن تَكُونُوا مِثْلَ الحَمِير الصَّالَّة؟
قَالَ أَبو أَحمد الْعَسْكَرِيُّ: هُوَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فَرَوَوْه بِالْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ خطأٌ، يُقَالُ للحِمار الْوَحْشِيِّ الْحَادِّ الصَّوْتِ صالٌّ وصَلْصَالٌ، كأَنه يُرِيدُ الصَّحِيحَةَ الأَجساد الشَّدِيدَةَ الأَصوات لقُوَّتِها ونَشاطها. والصَّلْصَلَةُ: صَفاءُ صَوْت الرَّعْد، وقد صَلْصَلَ وتَصَلْصَلَ الحَلْيُ أَي صَوَّت، وَفِي صِفَةِ الْوَحْيِ: كأَنَّه صَلْصَلَةٌ عَلَى صَفْوانٍ؛ الصَّلْصَلَةُ: صَوْت الْحَدِيدِ إِذا حُرِّك، يُقَالُ: صَلَّ الحديدُ وصَلْصَلَ، والصَّلْصَلَة: أَشدُّ مِنَ الصَّلِيل. وَفِي حَدِيثِ حُنَين:
أَنَّهم سَمِعُوا صَلْصَلَةً بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض.
والصَّلْصَالُ مِنَ الطِّين: مَا لَمْ يُجْعَل خَزَفاً، سُمِّي بِهِ لتَصَلْصُله؛ وكلُّ مَا جَفَّ مِنْ طِينٍ أَو فَخَّار فَقَدْ صَلَّ صَلِيلًا. وطِينٌ صلَّال ومِصْلالٌ أَي يُصَوِّت كَمَا يصوِّت الخَزَفُ الْجَدِيدُ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
فإِنَّ صَخْرَتَنا أَعْيَتْ أَباكَ، فَلَا ... يَأْلُوها مَا اسْتَطاعَ، الدَّهْرَ، إِخْبالا
«1» رَدَّتْ مَعَاوِلَهُ خُثْماً مُفَلَّلةً، ... وصادَفَتْ أَخْضَرَ الجالَيْن صَلَّالا
يَقُولُ: صادَفَتْ «2» نَاقَتِي الحَوْضَ يَابِسًا، وَقِيلَ: أَراد صَخْرَةً فِي مَاءٍ قَدِ اخْضَرَّ جَانِبَاهَا مِنْهُ، وعَنى بالصَّخرة مَجْدَهم وشَرَفَهم فَضَرَبَ الصخرةَ مَثَلًا. وجاءَت الخيلُ تَصِلُّ عَطَشاً، وَذَلِكَ إِذا سَمِعْتَ لأَجوافها صَلِيلًا أَي صَوْتًا. أَبو إِسحاق: الصَلْصَالُ الطِّينُ الْيَابِسُ الَّذِي يَصِلُّ مِنْ يُبْسِه أَي يُصَوِّت. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ
؛ قَالَ: هُوَ صَلْصَالٌ مَا لَمْ تُصِبْه النارُ، فإِذا مَسَّته النارُ فَهُوَ حِينَئِذٍ فَخَّار، وَقَالَ الأَخفش نحوَه، وَقَالَ: كُلُّ شيءٍ لَهُ صَوْتٌ فَهُوَ صَلْصَالٌ مِنْ غَيْرِ الطِّينِ؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الصَّلْصَال: هُوَ الصَّالُّ الْمَاءُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الأَرض فَتَنْشَقُّ فيَجِفُّ فَيَصِيرُ لَهُ صَوْتٌ فَذَلِكَ الصَّلْصال
، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الصَّلْصالُ حَمَأٌ مَسْنون، قَالَ الأَزهري: جَعَله حَمأ مَسْنُونًا لأَنه جَعَله تَفْسِيرًا للصَّلْصَال ذَهَب إِلى صَلَّ أَي أَنْتَن؛ قَالَ:
وصَدَرَتْ مُخْلِقُها جَدِيدُ، ... وكُلُّ صَلّالٍ لَهَا رَثِيدُ
يَقُولُ: عَطِشَتْ فَصَارَتْ كالأَسْقِيَة الْبَالِيَةِ وصَدَرَتْ رِواءً جُدُداً، وَقَوْلُهُ وكُلُّ صَلَّالٍ لَهَا رَثِيد أَي صَدَقَت الأَكلَ بَعْدَ الرِّيِّ فَصَارَ كُلُّ صَلَّالٍ فِي كَرِشها رَثِيداً بِمَا أَصابت مِنَ النَّبَاتِ وأَكَلَت. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّلْصالُ الطِّينُ الحُرُّ خُلِط بِالرَّمْلِ فَصَارَ يَتَصَلْصَل إِذا جَفَّ، فإِذا طُبِخ بِالنَّارِ فَهُوَ الفَخَّار. وصَلَّ البَيْضُ صَلِيلًا: سَمِعت لَهُ طَنِيناً عِنْدَ مُقَارَعة السُّيوف. الأَصمعي: سَمِعت صَلِيلَ الْحَدِيدِ يَعْنِي صوتَه. وصَلَّ المِسْمارُ يَصِلُّ صَلِيلًا إِذا ضُرِب فأُكْرِه أَن يَدْخل فِي شَيْءٍ، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَن يَدْخُلَ فِي القَتِير فأَنت تَسْمع لَهُ صَوْتًا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَحْكَمَ الجُنْثِيّ مِنْ عَوْرَاتِها ... كُلَّ حِرْباءٍ، إِذا أُكْرِهَ صَلّ «3»
. الجُنْثِيّ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَمَنْ قَالَ الجُنْثِيُّ بِالرَّفْعِ جَعَله الحَدَّاد أَو الزَّرَّاد أَي أَحْكَمَ صَنْعَة هذه
__________
(1) . قوله [فلا يألولها] في التكملة: فلن يألوها.
(2) . قوله [يقول صادفت إلخ] قال الصاغاني في التكملة: والضمير في صادفت للمعاول لا للناقة، وتفسير الجوهري خطأ
(3) . قوله [عوراتها] هي عبارة التهذيب، وفي المحكم: صنعتها(11/382)
الدِّرْع، وَمَنْ قَالَ الجُنْثِيَّ بِالنَّصْبِ جَعَله السيفَ؛ يَقُولُ: هَذِهِ الدِّرْعُ لجَوْدة صَنْعَتِهَا تَمْنَع السيفَ أَن يَمْضي فيها، وأَحْكَم هُنَا: رَدَّ؛ وَقَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثُومٍ فِي قَوْلِ ابْنِ مُقْبِلٍ:
لِيَبْكِ بَنُو عُثْمانَ، مَا دَامَ جِذْمُهم، ... عَلَيْهِ بأَصْلالٍ تُعَرَّى وتُخْشَب
الأَصْلالُ: السُّيوفُ القاطعة، الواحد صِلُّ. وصَلَّت الإِبل تَصِلُّ صَلِيلًا: يَبِست أَمْعاؤها مِنَ العَطَش فَسمِعْت لَهَا صَوْتًا عِنْدَ الشُّرب؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَسَقَوْا صَوادِيَ يَسْمعون عَشيَّةً، ... لِلْماء فِي أَجْوافِهِنَّ، صَلِيلًا
التَّهْذِيبُ: سَمِعت لِجَوْفِهِ صَلِيلًا مِنَ الْعَطَشِ، وَجَاءَتِ الإِبل تَصِلُّ عَطَشاً، وَذَلِكَ إِذا سَمِعْتَ لأَجوافها صَوْتاً كالبُحَّة؛ وَقَالَ مُزاحِم العُقَيْلي يَصِفُ القَطَا:
غَدَتْ مِنْ عَلَيْه، بَعْدَ ما تَمَّ ظِمْؤُها، ... تَصِلُّ، وَعَنْ قَيْضٍ بزَيْزاءَ مَجْهَل
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ مِنْ عَلَيْه: مِنْ فَوْقِه؛ يَعْنِي مِنْ فَوْقِ الفَرْخ، قَالَ: وَمَعْنَى تَصِلُّ أَي هِيَ يَابِسَةٌ مِنَ الْعَطَشِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مَعْنَى قَوْلِهِ مِنْ عَلَيْه مِنْ عِنْدِ فَرْخها. وصَلَّ السِّقاءُ صَليلًا: يَبِس. والصَّلَّة: الجِلُد الْيَابِسُ قَبْلَ الدِّباغ. والصَّلَّة: الأَرضُ الْيَابِسَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الَّتِي لَمْ تُمْطَر «1» بَيْنَ أَرضيْن مَمْطورتين، وَذَلِكَ لأَنها يَابِسَةٌ مُصَوِّتة، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض مَا كَانَتْ كالسَّاهِرة، وَالْجَمْعُ صلالٌ. أَبو عُبَيْدٍ: قَبَرَهُ فِي الصَّلَّة وَهِيَ الأَرض. وخُفٌّ جَيِّد الصَّلَّة أَي جَيّد الْجِلْدِ، وَقِيلَ أَي جَيِّدُ النَّعْل، سُمِّي بِاسْمِ الأَرض لأَن النَّعْلَ لَا تُسمّى صَلَّةً؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن النَّعْل تُسَمّى صَلَّة ليُبْسها وَتَصْوِيتِهَا عِنْدَ الْوَطْءِ، وَقَدْ صَلَلْتُ الخُفَّ. والصِّلالة: بِطانة الخُفِّ. والصَّلَّة: المَطْرة الْمُتَفَرِّقَةُ الْقَلِيلَةُ، وَالْجَمْعُ صِلالٌ. وَيُقَالُ: وقَع بالأَرض صِلالٌ مِنْ مَطَرٍ؛ الْوَاحِدَةُ صَلَّة وَهِيَ القِطَعُ مِنَ الأَمطار الْمُتَفَرِّقَةِ يَقَعُ مِنْهَا الشيءُ بَعْدَ الشَّيْءِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَيَكْفِيك الإِلهُ بمُسْنَماتٍ، ... كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّردُ الصِّلالا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ:
كجندَل لُبْنَ تَطَّرِدُ الصِّلالا
قَالَ: أَراد الصَّلاصِلَ وَهِيَ بَقايا تَبْقى مِنَ الْمَاءِ، قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وغَلِطَ إِنما هِيَ صَلَّة وصِلالٌ، وَهِيَ مَواقع الْمَطَرِ فِيهَا نَبَاتٌ فالإِبل تَتْبَعُهَا وَتَرْعَاهَا. والصَّلَّة أَيضاً: القِطْعة الْمُتَفَرِّقَةُ مِنَ الْعُشْبِ سُمِّي بِاسْمِ الْمَطَرِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وصَلَّ اللحمُ يَصِلُّ، بِالْكَسْرِ، صُلولًا وأَصَلَّ: أَنتنَ، مَطْبُوخًا كَانَ أَو نَيْئًا؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
ذَاكَ فَتًى يَبْذُل ذَا قِدْرِهِ، ... لَا يُفْسِدُ اللحمَ لَدَيْهِ الصُّلول
وأَصَلَّ مِثْلُهُ، وَقِيلَ: لَا يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ إِلا فِي النِّيء؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَما قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ الصُّلول فإِنه قَدْ يُمْكِنُ أَن يُقَالَ الصُّلُّول وَلَا يُقَالَ صَلَّ، كَمَا يُقَالُ العَطاء مِنْ أَعْطى، والقُلوع مِنْ أَقلَعَتِ الحُمَّى؛ قَالَ الشماخ:
__________
(1) . قوله [وَقِيلَ هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ إلخ] هذه عبارة المحكم، وفي التكملة؛ وقال ابن دريد الصَّلَّة الأرض الممطورة بين أرضين لم يمطرن(11/383)
كأَنَّ نَطاةَ خَيْبَر زَوَّدَتْه ... بَكُورَ الوِرْدِ، رَيِّثَةَ القُلوع
وصَلَّلْت اللِّجامَ: شُدِّد لِلْكَثْرَةِ. وَقَالَ الزَّجّاج: أَصَلَّ اللحمُ وَلَا يُقَالُ صَلَّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَقَالُوا أَاذَا صَلَلْنا فِي الأَرض؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَنْ قرأَ صَلَلنا بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما أَنْتَنَّا وتَغَيَّرْنا وتَغَيَّرَت صُوَرُنا مِنْ صَلَّ اللحمُ وأَصَلَّ إِذا أَنتن وتغَير، وَالضَّرْبُ الثَّانِي صَلَلْنا يَبِسْنا مِنَ الصَّلَّة وَهِيَ الأَرض الْيَابِسَةُ. وَقَالَ الأَصمعي: يُقَالُ مَا يَرْفَعه مِنَ الصَّلَّة مِنْ هَوَانِهِ عَلَيْهِ، يَعْنِي مِنَ الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلْ مَا رَدَّت عَلَيْكَ قوسُك مَا لَمْ يَصِلَ
أَي مَا لَمْ يُنْتِنْ، وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ فإِنه يَجُوزُ أَكل اللَّحْمِ الْمُتَغَيِّرِ الرِّيحِ إِذا كَانَ ذكِيًّا؛ وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:
تُلَجْلِجُ مُضْغةً فِيهَا أَنِيضٌ ... أَصَلَّتْ، فهْيَ تحتَ الكَشْحِ داءُ
قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنتنَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنه يُسْتَعْمَلُ فِي الطَّبِيخِ والشِّواء، وَقِيلَ: أَصَلَّتْ هُنَا أَثقَلَتْ. وصَلَّ الماءُ: أَجَنَ. وماءٌ صَلَّالٌ: آجِنٌ. وأَصَلَّه القِدَمُ: غَيَّره. والصَّلْصَلةُ والصُّلْصُلةُ والصُّلْصُل: بَقِيّة الماء في الإِدارة وَغَيْرِهَا مِنَ الْآنِيَةِ أَو فِي الْغَدِيرِ. والصَّلاصِل: بَقايا الْمَاءِ؛ قَالَ أَبو وَجزة:
وَلَمْ يَكُنْ مَلَكٌ للقَوْمِ يُنْزِلُهم ... إِلا صَلاصِلُ، لَا تُلْوى عَلَى حَسَب
وَكَذَلِكَ الْبَقِيَّةُ مِنَ الدُّهْن والزَّيت؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنَّ عَيْنَيه مِنَ الغُؤُورِ ... قَلْتانِ، فِي لَحْدَيْ صَفاً مَنْقُورِ،
صِفْرانِ أَو حَوْجَلَتا قارُورِ، ... غَيَّرَتا، بالنَّضْحِ والتَّصْبير،
صَلاصِلَ الزَّيْتِ إِلى الشُّطور
وأَنشده الْجَوْهَرِيُّ: صَلاصِلُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ صَلاصِلَ، بِالْفَتْحِ، لأَنه مَفْعُولٌ لغَيَّرَتا، قَالَ: وَلَمْ يُشَبِّههما بالجِرار وإِنما شَبَّههما بالقارورتَين، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: شَبَّه أَعيُنَها حِينَ غارَتْ بالجِرار فِيهَا الزيتُ إِلى أَنصافها. والصُّلْصُل: نَاصِيَةُ الْفَرَسِ، وَقِيلَ: بَيَاضٌ فِي شَعْرِ مَعْرَفة الْفَرَسِ. أَبو عَمْرٍو: هِيَ الجُمَّة والصُّلْصُلة للوَفْرة. ابْنُ الأَعرابي: صَلْصَلَ إِذا أَوْعَد، وصَلْصَلَ إِذا قَتَل سَيِّدَ الْعَسْكَرِ. وَقَالَ الأَصمعي: الصُّلْصُل القَدَح الصَّغِيرُ؛ الْمُحْكَمُ: والصُّلْصُل مِنَ الأَقداح مِثْلُ الغُمَر؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ابْنُ الأَعرابي: الصُّلْصُل الرَّاعِي الحاذِق؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الصُّلْصُل طَائِرٌ تُسَمِّيهِ الْعَجَمُ الفاخِتة، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ الَّذِي يُشْبهها، قَالَ الأَزهري: هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ موسحة «1» ابْنُ الأَعرابي: الصَّلاصِلُ الفَواخِتُ، وَاحِدُهَا صُلْصُل. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الصُّلْصُلَة والعِكْرِمة والسَّعْدانةُ الحَمامة. الْمُحْكَمُ: والصُّلْصُل طَائِرٌ صَغِيرٌ. ابْنُ الأَعرابي: المُصَلِّلُ الأَسْكَفُ وَهُوَ الإِسكافُ عِنْدَ الْعَامَّةِ؛ والمُصَلِّل أَيضاً: الخالصُ الكَرَم والنَّسَب؛ والمُصَلِّل: الْمَطَرُ الجَوْد. الْفَرَّاءُ: الصَّلَّة بَقِيّة الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ، والصَّلَّة الْمَطْرَةُ الْوَاسِعَةُ. والصَّلَّة الجِلد الْمُنْتِنُ، والصَّلَّة الأَرض الصُّلبة، والصَّلَّة صوتُ الْمِسْمَارِ إِذا أُكْرِه. ابن
__________
(1) . قوله [موسحة] كذا في الأصل من غير نقط(11/384)
الأَعرابي: الصَّلَّة المطْرة الْخَفِيفَةُ، والصَّلَّة قُوارةُ الخُفِّ الصُّلبة. والصِّلُّ: الْحَيَّةُ الَّتِي تَقْتُل إِذا نَهَشتْ مِنْ سَاعَتِهَا. غَيْرُهُ: والصِّلُّ، بِالْكَسْرِ، الْحَيَّةُ الَّتِي لَا تَنْفَعُ فِيهَا الرُّقْية، وَيُقَالُ: إِنها لَصِلُّ صُفِيٍّ إِذا كَانَتْ مُنْكَرة مِثْلَ الأَفعى، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ داهِياً مُنْكَراً: إِنه لصِلُّ أَصْلالٍ أَي حَيّة مِنَ الْحَيَّاتِ؛ مَعْنَاهُ أَي داهٍ مُنْكَرٌ فِي الْخُصُومَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الدَّاهِي المُنْكَر فِي الْخُصُومَةِ وَغَيْرِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِن كُنْتَ داهَيةً تُخْشى بَوائقُها، ... فَقَدْ لَقِيتَ صُمُلًّا صِلَّ أَصْلالِ
ابْنُ سِيدَهْ: والصِّلُّ والصّالَّة الدَّاهِيَةُ. وصَلَّتْهم الصّالَّة تَصُلُّهم، بِالضَّمِّ، أَي أَصابتهم الدَّاهِيَةُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ إِنه لصِلُّ أَصْلالٍ وإِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ ذِي الدَّهاء والإِرْب، وأَصْلُ الصِّلِّ مِنَ الْحَيَّاتِ يُشَبَّه الرَّجُلُ بِهِ إِذا كَانَ دَاهِيَةً؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
مَاذَا رُزِئْنا بِهِ مِنْ حَيَّةٍ ذَكَرٍ، ... نَضْناضةٍ بالرَّزايا صِلِّ أَصْلال
وصَلَّ الشَّرابَ يَصُلُّه صَلًّا: صَفَّاه. والمِصَلَّة: الإِناء الَّذِي يُصَفَّى فِيهِ، يَمانِية، وَهُمَا صِلَّانِ أَي مِثْلان؛ عَنْ كُرَاعٍ. والصِّلُّ واليَعْضِيدُ والصِّفْصِلُّ: شَجَرٌ، والصِّلُّ نبْتٌ؛ قَالَ:
رَعَيْتُها أَكْرَمَ عُودٍ عُودا، ... الصِّلَّ والصِّفْصِلَّ واليَعْضِيدا
والصِّلِّيانُ: شَجَرٌ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصِّلِّيانُ مِنَ الطَّريفة وَهُوَ يَنْبُت صُعُداً وأَضْخَمهُ أَعجازُه، وأُصولُه عَلَى قَدْرِ نَبْت الحَليِّ، ومَنابتُه السُّهول والرِّياضُ. قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الصِّلِّيانُ مِنَ الجَنْبة لغِلَظه وَبَقَائِهِ، وَاحِدَتُهُ صِلِّيانةٌ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ تَقُولُ لِلرَّجُلِ يُقْدم عَلَى اليَمين الْكَاذِبَةِ وَلَا يَتَتَعْتَعُ فِيهَا: جَذَّها جَذَّ العَيْرِ الصِّلِّيانة؛ وَذَلِكَ أَن العَيْر إِذا كَدَمَها بِفِيه اجْتَثَّها بأَصلها إِذا ارْتَعَاها، وَالتَّشْدِيدُ فِيهَا عَلَى اللَّامِ، والياءُ خَفِيفَةٌ، فَهِيَ فِعْلِيانة مِنَ الصَّلْيِ مِثْلُ حِرْصِيانَةٍ مِنَ الحَرْص، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الصِّلِّ، والياءُ وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ. التَّهْذِيبُ: والصِّلِّيانُ مِنْ أَطيب الكَلإِ، وَلَهُ جِعْثِنةٌ ووَرَقُه رَقِيقٌ. ودارَةُ صُلْصُل: موضع؛ عن كراع.
صمل: الصَّمْلُ: اليُبْسُ والشِّدَّة. والصُّمُلُّ: الشَّدِيدُ الخَلْق مِنَ الناسِ والإِبلِ والجِبال، والأُنثى صُمُلَّةٌ. وَقَدْ صَمَلَ يَصْمُلُ صُمُولًا إِذا صَلُب واشْتَدَّ واكْتَنَزَ، يُوصَفُ بِهِ الجَمَل والجَبَل والرَّجُل؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
عَنْ صامِل عاسٍ إِذا مَا اصْلَخْمَما
يَصِف الجَبَل. والصُّمُلُّ: الشَّدِيدُ الخَلْق الْعَظِيمُ. واصْمَأَلَّ الشيءُ، بِالْهَمْزِ، اصْمِئْلالًا أَي اشْتَدَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنت رجُلٌ صُمُلٌ
، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ، أَي شَدِيدُ الخَلْق. واصْمَأَلَّ النباتُ إِذا الْتَفَّ. وَصَمَلَ الشجرُ إِذا عَطِشَ فخَشُن ويَبِسَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاوِيَةَ: إِنها صَمِيلةٌ
أَي فِي سَاقِهَا يُبْس وخُشُونة. وصَمَلَ السِّقاءُ والشجرُ صَمْلًا، فَهُوَ صَمِيلٌ وصامِلٌ: يَبِسَ، وَقِيلَ: صَمَلَ إِذا لَمْ يَجِدْ رِيّاً فخَشُن؛ قَالَ العُجَير السَّلُولي، وَيُرْوَى لِزَيْنَبَ أُخت يَزِيد بْنِ الطَّثَرِيَّةِ:
تَرى جازِرَيْه يُرْعَدانِ، وَنَارُهُ ... عَلَيْهَا عَدامِيلُ الهَشِيمِ وصامِلُه(11/385)
والعُدْمُول: الْقَدِيمُ؛ يَقُولُ: عَلَى النَّارِ حَطَب يابسٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي السَّوْدَاءِ العِجْلي:
ويَظَلُّ ضَيْفُك، يَا ابْنَ رَمْلَةَ، صامِلًا ... مَا إِنْ يَذُوقُ، سِوى الشَّراب، عَلُوسا
اللَّيْثُ: الصَّمِيل السِّقاء اليابسُ، والصَّامِل الخَلَق؛ وأَنشد:
إِذا ذَادَ عَنْ مَاءِ الفُراتِ، فَلَن تَرى ... أَخا قِرْبةٍ يَسْقي أَخاً بصَمِيل
وَيُقَالُ: صَمَلَ بدنُه وبَطْنُه، وأَصْمَلَه الصِّيامُ أَي أَيْبَسَه. أَبو عَمْرٍو: صَمَلَه بالعَصا صَمْلًا إِذا ضَرَبَه؛ وأَنشد:
هِراوةٌ فِيهَا شِفاء العَرِّ، ... صَمَلْتُ عُقْفانَ بِهَا فِي الجَرِّ،
فبُجْتُه وأَهْلَه بشرِّ
الجَرُّ: سَفْحُ الجَبَل، بُجْتُه: أَصَبْتُه بِهِ. السُّلَمي: صَقَلَه بالعَصا وصَمَلَه إِذا ضَرَبَه بِهَا. والصِّمْلِيلُ: الضَّعِيف البِنْيَة. والصِّمليل: ضَرْبٌ مِنَ النَّبْت؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَقفُ عَلَى حَدِّه وَلَمْ أَسمعه إِلا مِنْ رَجُلٍ مِنْ جَرْمٍ قَدِيماً. والمُصْمَئِلُّ: الْمُنْتَفِخُ مِنَ الغَضَب. أَبو زَيْدٍ: المُصْمَئِلُّ الشَّدِيدُ، وَيُقَالُ لِلدَّاهِيَةِ مُصْمَئِلَّة؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
وَلَمْ تَتَكَأّدْهُمُ المُعْضِلات، ... وَلَا مُصْمَئِلَّتُها الضِّئْبِلُ
والمُصْمَئِلَّةُ: الداهيةُ. والصَّوْمَلُ: شجرة بالعالية.
صنبل: الصُّنْبُل والصِّنْبِل: الخَبِيثُ المُنْكَر. وصِنْبِلٌ: اسْمٌ؛ قَالَ مُهَلْهِل:
لَمَّا تَوَقَّلَ فِي الكُراعِ هَجِينُهُم، ... هَلْهَلْتُ أَثْأَرُ مالِكاً أَو صِنْبِلا «2»
. وَابْنَ صِنْبِلٍ: رَجُلٌ مِنْ أَهل الْبَصْرَةِ أَحْرَقَ جاريةُ ابْنَ قُدامةَ، وَهُوَ مِنْ أَصحاب عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ أَهل الْبَصْرَةِ في داره.
صنتل: التَّهْذِيبُ: الصِّنْتِل النَّاقَةُ الضَّخْمة، عَلَى فِعْلِل بِكَسْرِ أَوّله وَثَالِثِهِ؛ قَالَ: رَوى هَذَا الحرفَ الفراءُ، قَالَ: وَلَا أَدري أَصحيح أَم لَا، وَهُوَ صِنْتِلُ الْهَادِي أَي طويلُه، قَالَ: وقرأْته فِي نَوَادِرِ أَبي عَمْرٍو.
صندل: الصَّنْدَل: خَشَبٌ أَحمر وَمِنْهُ الأَصفر، وَقِيلَ: الصَّنْدَل شَجَرٌ طَيِّب الرِّيحِ. وحِمارٌ صَنْدَلٌ وصُنادِلٌ: عظيمٌ شديدٌ ضَخْم الرأْس، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ. وصَنْدَلَ البعيرُ: ضَخُم رَأْسُه. التَّهْذِيبُ: الصَّنْدَلُ مِنَ الحُمُر الشَّدِيدُ الخَلْق الضَّخْم الرأْس؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَنْعَتُ عَيْراً صَنْدَلًا صُنادِلا
الْجَوْهَرِيُّ: الصَّنْدَل الْبَعِيرُ الضَّخْم الرأْس؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
رأَت لِعَمْروٍ، وابْنِه الشَّرِيسِ، ... عَنادِلًا صَنادِلَ الرُّؤُوس
والصَّيْدَلانِيُّ: لُغَةٌ فِي الصَّيْدَناني؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّيْدَلانيُّ والصَّيْدنَانيُّ العَطَّار مَنْسُوبٌ إِلى الصَّيْدَل والصَّيْدَن، والأَصل فِيهِمَا حِجَارَةُ الفِضَّة، فشُبِّه بِهَا حِجَارَةَ العَقاقِير؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الأَعشى يَصِفُ نَاقَةً شَبَّه زَوْرَها بصَلاءة العَطَّار:
__________
(2) . قوله [لما توقل] هكذا في المحكم، وفي القاموس: توغل، بالغين المعجمة، وفي التكملة توعر، بالمهملة والراء(11/386)
وزَوْراً تَرى فِي مِرْفَقَيه تَجانُفاً ... نَبِيلًا، كَدوْكِ الصَّيْدَنانيِّ، دامِكا
وَيُرْوَى: الصَّيْدَلانيِّ دَامِكَا. والدُّوكُ: الصَّلاءةُ، وَيُقَالُ للحَجَر الَّذِي يُطْحَن بِهِ الطِّيب، والدَّامِكُ: المُرْتفع.
صنطل: المُصَنْطِل: الَّذِي يَمْشي ويُطأْطِئ رأْسه.
صهل: الصَّهَلُ: حِدَّةُ الصَّوْتِ مَعَ بَحَح كالصَّحَل. يُقَالُ: فِي صَوْتِهِ صَهَلٌ وصَحَلٌ، وَهُوَ بُحَّة فِي الصَّوْتِ، والصَّهِيلُ لِلْخَيْلِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الصَّهِيل والصُّهَال صَوْتُ الْفَرَسِ مِثْلُ النَّهِيق والنُّهاق. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْع: فَجَعَلَني فِي أَهْل صَهِيلٍ وأَطِيطٍ
؛ تُرِيدُ أَنها كَانَتْ فِي أَهل قِلَّة فَنَقَلها إِلى أَهل كَثْرة وثَرْوة، لأَن أَهل الْخَيْلِ والإِبل أَكثر مِنْ أَهل الغَنم. ابْنُ سِيدَهْ: الصَّهِيل مِنْ أَصوات الْخَيْلِ، صَهَلَ الفرسُ يَصْهَل ويَصْهِلُ صَهِيلًا. وفَرَس صَهَّالٌ: كَثِيرُ الصَّهِيل. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ مَعْبَد: فِي صَوْتِهِ صَهَلٌ
؛ حِدَّةٌ وصَلابة مِنْ صَهِيلِ الْخَيْلِ وَهُوَ صَوْتُهَا. ورجُل ذُو صَاهِل: شَدِيدُ الصِّياح والهِياج. والصَّاهِلُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَخْبِط بِيَدِهِ وَرِجْلِهِ وَتَسْمَعُ لجَوْفه دَوِيّاً مِنْ عِزَّة نَفْسِهِ. النَّضْرُ: الصَّاهِل مِنَ الإِبل الَّذِي يَخْبِط ويَعَضُّ وَلَا يَرْغُو بِوَاحِدَةٍ مِنْ عِزَّة نَفْسِهِ. يُقَالُ: جَمَلٌ صَاهِلٌ وَذُو صاهِلٍ وناقةٌ ذاتُ صَاهِل؛ وأَنشد:
وَذُو صَاهِلٍ لَا يَأْمَن الخَبْطَ قائدُه
وَجُعِلَ ابنُ مُقْبل الذِّبَّانَ صَوَاهِلَ فِي العُشْب، يُريد غُنَّةَ طَيرانها وصَوْتَه، فَقَالَ:
كأَنَّ صَواهِلَ ذِبَّانِه، ... قُبَيْلَ الصَّباحِ، صَهِيلُ الحُصُن
وَجَعَلَ أَبو زُبَيدٍ الطَّائِيُّ أَصواتِ المَساحِي صَواهلَ فَقَالَ:
لَهَا صَواهِلُ فِي صُمِّ السِّلام، كَمَا ... صَاحَ القَسِيَّاتُ فِي أَيدي الصَّيارِيف
والصَّوَاهِلُ: جَمْعُ الصَّاهِلَة، مَصْدَرٌ عَلَى فاعِلَة بِمَعْنَى الصَّهِيل، وَهُوَ الصَّوْتُ كَقَوْلِكَ سَمِعْتُ رواغِيَ الإِبل. وصَاهِلَةُ: اسمٌ. وبَنُو صَاهِلةَ: بطنٌ.
صول: صَالَ عَلَى قِرْنِه صَوْلًا وصِيالًا وصُؤُولًا وصَوَلاناً وَصَالًا ومَصالةً: سَطا؛ قَالَ:
وَلَمْ يَخْشَوْا مَصالَتَهُ عَلَيْهِمْ، ... وتَحْتَ الرَّغْوَةِ اللَّبَنُ الصَّريحُ
والصَّؤُول مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَضْرب الناسَ ويَتَطاول عَلَيْهِمْ؛ قَالَ الأَزهري: الأَصل فِيهِ تَرْكُ الْهَمْزِ وكأَنه هُمِز لِانْضِمَامِ الْوَاوِ، وَقَدْ هَمَزَ بَعْضُ القُرَّاء:
وإِن تَلْؤُوا
، بِالْهَمْزِ، أَو تُعْرِضوا لِانْضِمَامِ الْوَاوِ. وصَالَ عَلَيْهِ إِذا اسْتطال. وصَالَ عَلَيْهِ: وَثَبَ صَوْلًا وصَوْلةً، يُقَالُ: رُبَّ قَوْلٍ أَشَدّ مِنْ صَوْل. والمُصَاوَلَةُ: المُواثَبة، وَكَذَلِكَ الصِّيالُ والصِّيالة. والفَحْلان يَتَصَاوَلانِ أَي يَتَواثَبانِ. اللَّيْثُ: صالَ الجَمَلُ يَصُولُ صِيالًا وصُوالًا وَهُوَ جَمَلٌ صَؤُولٌ، وَهُوَ الَّذِي يأْكل راعيَه ويُواثِبُ الناسَ فيأْكلهم. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
بِكَ أَصُول
، وَفِي رِوَايَةٍ:
أُصاوِل
أَي أَسْطُو وأَقْهَر. والصَّولة: الوَثْبة. وصَالَ الفَحْلُ عَلَى الإِبل صَوْلًا، فهو صَؤُول: قاتَلَها وقَدَّمَها. أَبو زَيْدٍ: صَؤُل الْبَعِيرُ يَصْؤُل، بِالْهَمْزِ، صَآلَةً إِذا صَارَ يَشُلُّ النَّاسَ ويَعْدُو(11/387)
عليهم، فهو صَؤُول. وصِيلَ لَهُمْ كَذَا أَي أُتِيح لَهُمْ؛ قَالَ خُفاف بْنُ نُدْبَة:
فَصِيلَ لهُم قَرْمٌ كأَنَّ بكَفِّه ... شِهاباً، بَدَا فِي ظُلْمة اللَّيل يَلْمَع
وصالَ العَيْرُ عَلَى العانةِ: شَلَّها وحَمَلَ عَلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ هَؤُلَاءِ الحَيَّيْنِ مِنَ الأَوْس والخَزْرج كَانَا يتصاوَلانِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَصَاوُلَ الفَحْلين
أَي لَا يَفْعَلُ أَحدُهما مَعَهُ شَيْئًا إِلا فَعَلَ الْآخَرُ مِثْلَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: فَصامِتٌ صَمْتُه أَنْفَذُ مِنْ صَوْلِ غَيْرِهِ
أَي إِمْساكُه أَشَدُّ مِنْ تَطاوُل غَيْرِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
لَا خَيْرَ فِيهِ غَيْر أَن لَا يَهْتَدي، ... وأَنَّه ذُو صَوْلَةٍ فِي المِزْوَدِ،
وأَنَّه غيرُ ثَقِيل فِي اليَدِ
قَوْلُهُ ذُو صَوْلَة فِي المِزْوَد، يَقُولُ: إِنه ذُو صَوْلةٍ عَلَى الطَّعَامِ يأْكله ويَنْهَكه ويُبالِغ فِيهِ، فكأَنه إِنما يَصُولُ عَلَى حَيَوان مَّا، أَو يَصُول عَلَى أَكِيله لذَوْدِه إِيَّاهم ومُدافَعَته لَهُمْ؛ وَقَوْلُهُ وأَنه غَيْرُ ثقيلٍ فِي الْيَدِ، يَقُولُ: إِذا بَلِلْتَ بِهِ لَمْ يَصِرْ فِي يَدِكَ مِنْهُ خَيْر تَثْقُل بِهِ يَدُك لأَنه لَا خَيْرَ عِنْدَهُ. ابْنُ الأَعرابي: المِصْوَلة المِكْنَسة الَّتِي يُكْنَس بِهَا نَوَاحِي البَيْدَر. أَبو زَيْدٍ: المِصْوَل شَيْءٌ يُنْقَع فِيهِ الحَنْظَل لتَذْهَب مَرارتُه، والصِّيلة، بِالْكَسْرِ: عُقْدة العَذَبة. وصُولٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ حُنْدُج ابن حُنْدُج المُرِّي:
فِي لَيْلِ صُولٍ تَناهى العَرْضُ والطُّولُ، ... كأَنما لَيْلُه باللَّيل مَوْصولُ
لِساهِرٍ طالَ فِي صُولٍ تَمَلْمُلُه، ... كأَنه حَيَّة بالسَّوْط مَقْتولُ
فصل الضاد المعجمة
ضأل: الضَّئِيلُ: الصَّغِيرُ الدَّقيق الحَقير. والضَّئِيل: النَّحيف، وَالْجَمْعُ ضُؤَلاء وضِئالٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
لَا ضِئالٌ وَلَا عَواوِيرُ حَمَّالون ... ، يَوْمَ الخِطابِ، للأَثقال
والأُنثى ضَئيلةٌ، وَقَدْ ضَؤُلَ ضَآلةً وتَضاءَل؛ قَالَ أَبو خِراش:
وَمَا بَعْدَ أَنْ قَدْ هَدَّني الدَّهْرُ هَدَّةً ... تَضالَ لَهَا جِسْمي، ورَقَّ لَهَا عَظْمي
أَراد تَضاءَل فَحَذَفَ، وَرَوَى أَبو عَمْرٍو تَضَاءَلْ لَهَا، بالإِدْغام «1» والمُضْطَئلُ: الضَّئيل؛ قَالَ:
رأَيتُك يَا ابنَ قُرْمَةَ حِينَ تَسْمو، ... مَعَ القَرِمَيْن، تَضْطئِل المَقاما
أَراد تَضْطَئِل للمَقام فَحَذَفَ وأَوْصَل، وَفِي التَّهْذِيبِ: مُضْطَئِل الْمَقَامِ. وضَاءَلَ شَخْصَه: صَغَّره؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
فبَيْنا نَذُودُ الوَحْشَ، جَاءَ غُلامُنا ... يَدِبُّ ويُخْفي شَخْصَه، ويُضائِلُه
وتَضاءَلَ الرجلُ: أَخْفى شخصَه قَاعِدًا وتَصاغَر. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن العَرْش عَلَى مَنْكِب إِسْرافِيل وإِنَّه لَيَتَضاءَلُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَصير مِثْلَ الوَصَع
؛ يُرِيدُ يَتَصاغر ويَدِقُّ تواضُعاً. أَبو زيد: ضَؤُلَ
__________
(1) . قوله [بالإدغام] زاد في المحكم: وهذا بعيد لأَنه لا يلتقي في شعر ساكنان(11/388)
رأْيُه ضَآلةً إِذا صَغُر وفالَ رَأْيُه. وَرَجُلٌ مُتضائلٌ أَي شَخْتٌ؛ وَقَالَ العُجَير السَّلولي، وَقِيلَ زَيْنَبُ أُخت يَزِيدَ بْنِ الطَّثَرِيَّة:
فَتًى قُدَّ السَّيفِ لَا مُتضائلٌ، ... وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُه وبآدِلُهْ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ نُوَيرة:
نُعِدُّ الجِيادَ الحُوَّ والكُمْتَ كالقَنا، ... وكُلَّ دِلاصٍ نَسْجُها مُتضائلُ
أَي دَقيقٌ. ورَجُل ضُؤَلةٌ أَي نَحِيفٌ. وتَضاءَلَ الشيءُ إِذا تَقَبَّضَ وانضمَّ بعضُه إِلى بَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ للجِنِّيِّ إِني أَراك ضَئيلًا شَخيتاً.
وَفِي حَدِيثِ
الأَحْنَف: إِنَّك لضَئيلٌ
أَي نَحِيفٌ ضَعِيفٌ. وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ التَّضاؤل فِي البَقْل فَقَالَ: إِن الكُرُنْبَ إِذا كَانَ إِلى جَنْب الحَبَلة تَضاءَل مِنْهَا وذَلَّ وَسَاءَتْ حالُه. وَهُوَ عَلَيْهِ ضُؤْلانٌ أَي كَلٌّ. وحسَبُه عَلَيْهِ ضُؤْلانٌ إِذا عِيب بِهِ؛ وأَنشد ابْنُ جِنِّي:
أَنا أَبو المِنْهالِ، بَعْضَ الأَحْيان، ... ليسَ عَلَيَّ حَسَبي بضُؤْلان
أَراد بِضَئِيلٍ أَي الْقَائِمِ مقامَه والمُغْنِي غَناءَه، وأَعْمَل فِي الظَّرْفِ مَعْنَى التَّشْبِيهِ أَي أُشْبِهُ أَبا الْمِنْهَالِ فِي بَعْضِ الأَحيان، وأَنا مِثْلُ أَبي المِنْهال. أَبو مَنْصُورٍ: ضَؤُلَ الرجل يضْؤُل ضَآلةً وضُؤُولةً إِذا فالَ رَأْيُه، وضَؤُل ضَآلةً إِذا صَغُر. وَقَالَ اللَّيْثُ: الضَّئيل نَعْتٌ لِلشَّيْءِ فِي ضَعْفه وصِغَره ودِقَّته، وجَمْعه ضُؤَلاءُ وضَئِيلُون، والأُنثى ضَئِيلة. والضُّؤُولة: الهُزال. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ ضَئِيل الْجِسْمِ إِذا كَانَ صَغِيرَ الْجِسْمِ نَحِيفًا. والضَّئيلة: الحَيَّة الدَّقِيقَةُ. الْمُحْكَمُ: الضَّئيلة حَيَّة كأَنها أَفْعَى. والضَّئيلة: اللَّهاة؛ عن ثعلب.
ضأبل: الأَزهري فِي الثُّلَاثِيِّ الصَّحِيحِ قَالَ: أَهمله اللَّيْثُ، قَالَ: وَفِيهِ حَرْفٌ زَائِدٌ، وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي: جَاءَ فُلَانٌ بالضِّئْبِل والنِّئْطِل وهُما الدَّاهِيَةُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَلا يَفْزَعُ الأَقْوامُ مِمّا أَظَلَّهُم، ... ولَمَّا تَجِئْهم ذاتُ وَدْقَينِ ضِئْبِلُ؟
قَالَ: وإِن كَانَتِ الْهَمْزَةُ أَصلية فَالْكَلِمَةُ رُباعِيَّة. ابْنُ سِيدَهْ: الضِّئْبِل، بِالْكَسْرِ وَالْهَمْزِ، مِثْلُ الزِّئْبِر، والضِّئْبِلُ الدَّاهِيَةُ؛ حَكَى الأَخيرة ابْنُ جِنِّي، والأَكثر مَا بَدَأْنا بِهِ، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ زِيادٌ المِلْقَطِيُّ:
تَلَمَّسُ أَنْ تُهْدِي لجارِك ضِئْبِلا، ... وتُلْفَى لَئِيماً لِلْوِعاءَيْن صامِلا
قَالَ: وَلُغَةُ بَنِي ضَبَّة الصِّئْبِل، بِالصَّادِ، والضادُ أَعرف؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا جاءَ ضَمُّ الْبَاءِ فِي الضِّئْبُل والزِّئبُر؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: لَا نَعْلَمُ فِي الْكَلَامِ فِعْلُل، فإِن كَانَ هَذَانِ الْحَرْفَانِ مَسْمُوعَيْنِ بِضَمِّ الْبَاءِ فِيهِمَا فَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ؛ وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هَذَا إِذا جَاءَ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ شَهِد لِلْهَمْزَةِ بأَنها زَائِدَةٌ، وإِذا وَقَعَتْ حُرُوفُ الزِّيَادَةِ فِي الْكَلِمَةِ جَازَ أَن تَخْرُجَ عَنْ بِنَاءِ الأُصول، فَلِهَذَا مَا جَاءَتْ هَكَذَا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلَمْ تَتَكَأَّدْهُمُ المُعْضِلات، ... وَلَا مُصْمَئِلَّتُها الضِّئْبِلُ
وَزَادَ ابْنُ بَرِّيٍّ عَلَى هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ نِئْدُل، وَقَالَ هو الكابوس.(11/389)
ضحل: الضَّحْلُ: القريبُ القَعْر. والضَّحْل: الماءُ الرَّقِيقِ عَلَى وَجْهِ الأَرض لَيْسَ لَهُ عَمْقٌ، وقيل: هُوَ كالضَّحْضاح إِلَّا أَن الضَّحْضاح أَعمُّ مِنْهُ لأَنه فِيمَا قَلَّ أَو كثُر، وَقِيلَ: الضَّحْل الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَكُونُ فِي الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ والجُمَّة وَنَحْوِهَا، وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَكُونُ فِي الغَدِير وَنَحْوِهِ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ مُقْبِلٍ:
وأَظْهَرَ، فِي غُلَّانِ رَقْدٍ وسَيْلُه، ... عَلاجِيمُ لَا ضَحلٌ، وَلَا مُتَضَحْضِحُ
والعُلْجُوم هُنَا: الْمَاءُ الْكَثِيرُ، وَالْجَمْعُ أَضْحال وضُحُولٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الضَّحْلُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ، وَمِنْهُ أَتَانُ الضَّحْل لأَنه لَا يَغْمُرها لقِلَّته؛ قَالَ الأَزهري: أَتانُ الضَّحْل الصَّخْرةُ بَعْضُهَا غَمَره الماءُ وَبَعْضُهَا ظَاهِرٌ. قَالَ شِمْرٌ: وغَدِيرٌ ضَاحِلٌ إِذا رَقَّ مَاؤُهُ فَذَهَبَ. وَفِي الْحَدِيثِ
فِي كِتَابِهِ لأُكَيْدِرِ دومَةَ: وَلَنَا الضّاحِيةُ مِنَ الضَّحْل
؛ هُوَ بِالسُّكُونِ الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ، وَقِيلَ: الْمَاءُ الْقَرِيبُ الْمَكَانِ، وَبِالتَّحْرِيكِ مَكَانُ الضَّحْل، وَيُرْوَى الضَّاحِيَةُ مِنَ البَعْل. والمَضْحَلُ: مكانٌ يَقِلُّ فِيهِ الْمَاءُ مِنَ الضَّحْل، وَبِهِ يُشَبَّه السَّراب. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المَضْحَلُ مَكَانُ الضَّحْل؛ قَالَ العَجّاج:
حَسِبْتُ يَوْمًا، غَيْر قَرٍّ، شامِلا ... يَنْسُج غُدْراناً عَلَى مَضاحِلا «1»
. يَصِفُ السَّرابَ شَبَّهَهُ بالغُدُر. وضَحَلَتِ الغُدُرُ: قَلَّ مَاؤُهَا. وَيُقَالُ: إِنَّ خَيْرَكَ لضَحْلٌ أَي قَلِيلٌ. وَمَا أَضْحَل خَيرَكَ أَي مَا أَقَلَّه. واضْمَحَلَّ السحابُ: تقَشَّعَ. واضْمَحَلَّ الشيءُ أَي ذَهَبَ، وَفِي لُغَةِ الكِلابيِّين امْضَحَلَّ، بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ، حَكَاهَا أَبو زيد.
ضرزل: أَبو خَيْرَة: رَجُل ضِرْزِلٌ أَي شَحِيحٌ.
ضعل: ابْنُ الأَعرابي: الضاعِلُ الجَمَل القَوِيُّ، والطاعِلُ السَّهم المُقَوَّم؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَلَمْ أَسمع هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ إِلّا لَهُ، قَالَ: والضَّعَل دِقَّة الْبَدَنِ مِنْ تَقارُب النَّسَب.
ضغل: الضَّغِيل: صَوْتُ فَمِ الحَجّام إِذا مَصَّ مِنْ مِحْجَمه، يقال: ضَغَلَ يَضْعَلُ ضَغِيلًا صَوَّت عِنْدَ الحِجامة؛ قَالَهُ أَبو عَمْرٍو وَغَيْرُهُ.
ضكل: الأَضْكَلُ والضَّيْكَل: الرجُل العُرْيانُ، والضَّيْكَل الْفَقِيرُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فأَمّا آلُ ذَيّالٍ، فإِنَّا ... تَرَكْناهمْ ضَياكِلَةً عَيامى
وَالْجَمْعُ ضَياكِلُ وضَياكِلةٌ. والضَّيْكَل: العظيمُ الضَّخْم؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: إِذا جَاءَ الرجلُ عُرْياناً فَهُوَ البُهْصُل والضَّيْكَل.
ضلل: الضَّلالُ والضَّلالةُ: ضدُّ الهُدَى والرَّشاد، ضَلَلْتَ تَضِلُّ هَذِهِ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ، وضَلِلْتَ تَضَلُّ ضَلالًا وضَلالةً؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ ضَلِلْتُ أَضَلُّ وضَلِلْتُ أَضِلُّ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ ضَلِلْتُ أَضَلُّ، وأَهل نَجْدٍ يَقُولُونَ ضَلَلْت أَضِلُّ، قَالَ وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا جَمِيعًا قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي
؛ وأَهل الْعَالِيَةِ يَقُولُونَ ضَلِلْتُ، بِالْكَسْرِ، أَضَلُّ، وَهُوَ ضالٌّ تالٌّ، وَهِيَ الضَّلالة والتَّلالة؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لُغَةُ نَجْدٍ هِيَ الْفَصِيحَةُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَانَ يَحْيَى بْنُ وَثَّاب يَقْرَأُ كلَّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ضَلِلْت وضَلِلْنا، بِكَسْرِ اللَّامِ، ورَجُلٌ ضَالٌّ. قَالَ: وأَما قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ
وَلَا الضّأَلِّينَ
، بِهَمْزِ الأَلف، فإِنه كَرِه التقاء
__________
(1) . قوله [حسبت] هكذا في المحكم، وفي التكملة: كأن(11/390)
السَّاكِنَيْنِ الأَلف وَاللَّامِ فحرَّك الأَلف لِالْتِقَائِهِمَا فَانْقَلَبَتْ هَمْزَةً، لأَن الأَلف حَرْفٌ ضَعِيفٌ وَاسِعُ المَخْرَج لَا يَتَحمَّل الْحَرَكَةَ، فإِذا اضْطُرُّوا إِلى تَحْرِيكِهِ قَلَبُوهُ إِلى أَقرب الْحُرُوفِ إِليه وَهُوَ الْهَمْزَةُ؛ قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ مَا حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ شأَبَّة ومَأَدَّة؛ وأَنشدوا:
يَا عَجَبا لَقَدْ رأَيْتُ عَجَبا: ... حِمَار قَبّانٍ يَسُوق أَرْنَبا،
خاطِمَها زَأَمَّها أَن تَذْهَبا
يُرِيدُ زَامَّها. وَحَكَى
أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ أَبي عُثْمَانَ عَنْ أَبي زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يقرأُ: فيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبهِ إِنْسٌ وَلَا جأَنٌ
، بِهَمْزِ جانٍّ، فظَنَنْتُه قَدْ لَحَن حَتَّى سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ شأَبَّة ومأَدَّة؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: فَقُلْتُ لأَبي عُثْمَانَ أَتَقِيس ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا وَلَا أَقبله. وضَلُولٌ: كضَالٍّ؛ قَالَ:
لَقَدْ زَعَمَتْ أُمامَةُ أَن مَالِي ... بَنِيَّ، وأَنَّني رَجُلٌ ضَلُولُ
وأَضَلَّه: جَعَلَهُ ضَالًّا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ
، وَقُرِئَتْ:
لَا يُهْدى مَنْ يُضِلُ
؛ قَالَ الزَّجّاج: هُوَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ
. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والإِضْلالُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ضِدُّ الْهِدَايَةِ والإِرْشاد. يُقَالُ: أَضْلَلْت فُلَانًا إِذا وَجَّهْتَه للضَّلال عَنِ الطَّرِيقِ؛ وإِياه أَراد لَبِيدٌ:
مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخيرِ اهْتَدَى ... ناعِمَ البالِ، وَمَنْ شاءَ أَضَلّ
قَالَ لَبِيدٌ: هَذَا فِي جاهِلِيَّته فَوَافَقَ قَوْلُهُ التَّنْزِيلَ الْعَزِيزَ: يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ*
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والأَصل فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَجْهٌ آخَرُ يُقَالُ: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا غَيَّبْتَه، وأَضْلَلْت المَيِّتَ دَفَنْته. وَفِي الْحَدِيثِ:
سيكُون عَلَيْكُمْ أُمَّةٌ إِنْ عَصَيْتُموهم ضَلَلْتم
، يُرِيدُ بِمَعْصِيَتِهِمُ الخروجَ عَلَيْهِمْ وشَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ؛ وَقَدْ يَقَعُ أَضَلَّهم فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى الحَمْل عَلَى الضَّلال والدُّخول فِيهِ. وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ
؛ أَي ضَلُّوا بِسَبَبِهَا لأَن الأَصنام لَا تَفْعَلُ شَيْئًا وَلَا تَعْقِل، وَهَذَا كَمَا تَقُولُ: قَدْ أَفْتَنَتْني هَذِهِ الدارُ أَي افْتَتَنتُ بِسَبَبِهَا وأَحْبَبتُها؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
رَآهَا الفُؤَادُ فاسْتُضِلَّ ضَلالُه، ... نِيَافاً مِنَ البِيضِ الكِرامِ العَطَابِل
قَالَ السُّكَّري: طُلِبَ مِنْهُ أَن يَضِلَّ فَضَلَّ كَمَا يُقَالُ جُنَّ جُنونُه، ونِيافاً أَي طَوِيلَةً، وَهُوَ مَصْدَرُ نافَ نِيَافاً وإِن لَمْ يُسْتعمل، وَالْمُسْتَعْمَلُ أَناف؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: نِيافاً مَفْعُولٌ ثَانٍ لِرَآهَا لأَن الرُّؤْيَةَ هَاهُنَا رُؤْيَةُ الْقَلْبِ لِقَوْلِهِ رَآهَا الفُؤَاد. وَيُقَالُ: ضَلَّ ضَلاله، كَمَا يُقَالُ جُنَّ جُنونُه؛ قَالَ أُمية:
لوْلا وَثَاقُ اللهِ ضَلَّ ضَلالُنا، ... ولَسَرَّنا أَنَّا نُتَلُّ فَنُوأَدُ
وَقَالَ أَوس بْنُ حَجَر:
إِذا ناقةٌ شُدَّتْ برَحْل ونُمْرُقٍ، ... إِلى حَكَمٍ بَعْدي، فضَلَّ ضَلالُها
وضَلَلْت المَسْجدَ والدارَ إِذا لَمْ تَعْرِفْ مَوْضِعَهُمَا، وضَلَلْت الدارَ والمَسْجدَ والطريقَ وكلَ شَيْءٍ مُقِيمٍ ثَابِتٍ لَا تَهْتَدي لَهُ، وضَلَّ هُوَ عَنِّي ضَلالًا وضَلالةً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ إِذا لَمْ تَعْرِفِ المكانَ قُلْتَ ضَلَلْتُه، وإِذا سَقَط مِنْ يَدِك شيءٌ قُلْتَ أَضْلَلْته؛ قَالَ: يَعْنِي أَن الْمَكَانَ لَا يَضِلُّ وإِنما(11/391)
أَنت تَضِلُّ عَنْهُ، وإِذا سَقَطَت الدراهمُ عَنْكَ فَقَدْ ضَلَّت عَنْكَ، تَقُولُ لِلشَّيْءِ الزَّائِلِ عَنْ مَوْضِعِهِ: قَدْ أَضْلَلْته، وَلِلشَّيْءِ الثَّابِتِ فِي مَوْضِعِهِ إِلا أَنك لَمْ تَهْتَدِ إِليه: ضَلَلْته؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَلَقَدْ ضَلَلْت أَباك يَدْعُو دارِماً، ... كضَلالِ مُلْتَمِسٍ طَريقَ وَبارِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
ضالَّة الْمُؤْمِنِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ الضَّائِعَةُ مِنْ كُلِّ مَا يُقْتَنَى مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الضّالَّة مَا ضَلَّ مِنَ الْبَهَائِمِ لِلذَّكَرِ والأُنثى، يُقَالُ: ضَلَّ الشيءُ إِذا ضَاعَ، وضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ إِذا جَارَ، قَالَ: وَهِيَ فِي الأَصل فاعِلةٌ ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهَا فَصَارَتْ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ، وَتَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ، وتُجْمَع عَلَى ضَوالَّ؛ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الضَّالَّةُ مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ مِمَّا يَحْمِي نفسَه وَيَقْدِرُ عَلَى الإِبْعاد فِي طَلَبِ المَرْعَى وَالْمَاءِ بِخِلَافِ الْغَنَمِ؛ والضّالَّة مِنَ الإِبل: الَّتِي بمَضْيَعَةٍ لَا يُعْرَفُ لَهَا رَبٌّ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
وسُئل النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، عَنْ ضَوالِّ الإِبل فَقَالَ: ضالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَرَقُ النَّارِ
، وخَرَجَ جوابُ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى سؤَال السَّائِلِ لأَنه سأَله عَنْ ضَوالِّ الإِبل فَنَهَاهُ عَنْ أَخذها وحَذَّره النارَ إِنْ تَعَرَّضَ لَهَا، ثُمَّ
قَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا لَكَ ولَها، مَعها حِذاؤُها وسِقاؤها تَرِدُ الماءَ وتأْكل الشَّجَرَ
؛ أَراد أَنها بَعِيدَةُ المَذهَب فِي الأَرض طَوِيلَةُ الظَّمَإِ، تَرِدُ الماءَ وتَرْعى دُونَ راعٍ يَحْفَظُهَا فَلَا تَعَرَّضْ لَهَا ودَعْها حَتَّى يأْتيها رَبُّها، قَالَ: وَقَدْ تُطْلَقُ الضَّالَّة عَلَى الْمَعَانِي، وَمِنْهُ الْكَلِمَةُ الحكيمةُ: ضالَّةُ الْمُؤْمِنِ، وَفِي رِوَايَةٍ: ضالَّةُ كُلِّ حَكِيمٍ أَي لَا يَزَالُ يَتَطَلَّبها كَمَا يَتَطَلَّبُ الرجُلُ ضالَّته. وضَلَّ الشيءُ: خَفِيَ وَغَابَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ذَرُّوني فِي الرِّيح لَعَلِّي أَضِلُّ اللَّهَ
، يُرِيدُ أَضِلُّ عَنْهُ أَي أَفُوتُه ويَخْفَى عَلَيْهِ مَكَانِي، وَقِيلَ: لَعَلِّي أَغيب عَنْ عَذَابِهِ. يُقَالُ: ضَلَلْت الشيءَ وضَلِلْته إِذا جعلتَه فِي مَكَانٍ وَلَمْ تَدْرِ أَين هُوَ، وأَضْلَلْته إِذا ضَيَّعْته. وضَلَّ النَّاسِي إِذا غَابَ عَنْهُ حفظُ الشَّيْءِ. وَيُقَالُ: أَضْلَلْت الشَّيْءَ إِذا وَجَدتَه ضَالًّا كَمَا تَقُولُ أَحْمَدْته وأَبْخَلْته إِذا وجدتَه مَحْمُودًا وبَخيلًا. وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَتى قومَه فأَضَلَّهم
أَي وَجَدَهُمْ ضُلَّالًا غَيْرَ مُهْتدِين إِلى الحَقِّ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ
أَي خَفِينا وغِبْنا. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ: أَي أَفُوتُه، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ لَا يَضِلُّ رَبِّي لَا يَفُوتُه. والمُضِلُّ: السَّراب؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَعْدَدْتُ للحِدْثانِ كلَّ فَقِيدةٍ ... أُنُفٍ، كَلَائِحَةِ المُضِلِّ، جَرُور
وأَضَلَّه اللهُ فَضَلَّ، تَقُولُ: إِنَّك لتَهْدِي الضَالَّ وَلَا تَهْدِي المُتَضَالَّ. وَيُقَالُ: ضَلَّني فلانٌ فَلَمْ أَقْدِر عَلَيْهِ أَي ذَهَب عَني؛ وأَنشد:
والسّائلُ المُبْتَغِي كَرائمها ... يَعْلَم أَني تَضِلُّني عِلَلي «2»
. أَي تَذْهَبُ عَنِّي. وَيُقَالُ: أَضْلَلْت الدابّةَ والدراهمَ وكلَّ شَيْءٍ لَيْسَ بِثَابِتٍ قَائِمٍ مِمَّا يَزُولُ وَلَا يَثْبُت. وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى
؛ أَي لَا يَضِلُّه رَبِّي وَلَا يَنْسَاهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَغِيب عَنْ شَيْءٍ وَلَا يَغِيب عَنْهُ شَيْءٌ. وَيُقَالُ: أَضْلَلْت
__________
(2) . قوله [المبتغي] هكذا في الأصل والتهذيب، وفي شرح القاموس: المعتري وكذا في التكملة مصلحاً عن المبتغي مرموزا له بعلامة الصحة(11/392)
الشيءَ إِذا ضَاعَ مِنْكَ مِثْلَ الدَّابَّةِ وَالنَّاقَةِ وَمَا أَشبهها إِذا انفَلَت مِنْكَ، وإِذا أَخْطَأْتَ موضعَ الشَّيْءِ الثَّابِتِ مِثْلَ الدَّارِ وَالْمَكَانِ قُلْتَ ضَلِلْته وضَلَلْته، وَلَا تَقُلْ أَضْلَلْته. قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ سَلام: سَمِعْتُ حَمَّاد بْنَ سَلَمة يقرأُ فِي كِتَابٍ: لَا يُضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسى، فسأَلت عَنْهَا يُونُسَ فَقَالَ: يَضِلُّ جَيِّدةٌ
، يُقَالُ: ضَلَّ فُلَانٌ بَعيرَه أَي أَضَلَّه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: خَالَفَهُمْ يُونُسُ فِي هَذَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْلَا أَن اللَّهَ لَا يُحِبُّ ضَلالةَ العَمل مَا رَزَأْناكم عِقالًا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي بُطْلانَ الْعَمَلِ وضَياعَه مأْخوذ مِنَ الضَّلال الضَّيَاعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
. وأَضَلَّه أَي أَضاعه وأَهلكه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ
؛ أَي فِي هَلَاكٍ. والضَّلال: النِّسْيان. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى
؛ أَي تَغِيب عَنْ حِفْظها أَو يَغيب حِفْظها عَنْهَا، وَقُرِئَ:
إِنْ تَضِلَ
، بِالْكَسْرِ، فَمَنْ كَسَر إِنْ قَالَ كَلَامٌ عَلَى لَفْظِ الْجَزَاءِ وَمَعْنَاهُ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى فِي إِنْ تَضِلَّ إِنْ تَنْسَ إِحداهما تُذَكِّرْها الأُخرى الذَّاكِرَةُ، قَالَ: وتُذْكِر وتُذَكِّر رَفْعٌ مَعَ كَسْرِ إِنْ «1» لَا غَيْرُ، وَمَنْ قرأَ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ
، وَهِيَ قِرَاءَةُ أَكثر النَّاسِ، قَالَ: وَذَكَرَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ أَن الْمَعْنَى اسْتَشْهِدوا امرأَتين لأَن تُذَكِّرَ إِحداهما الأُخرى ومِنْ أَجل أَن تُذَكِّرَها؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: فإِن قَالَ إِنسان: فَلِمَ جَازَ أَن تَضِلَّ وإِنما أُعِدَّ هَذَا للإِذكار؟ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الإِذكار لَمَّا كَانَ سَبَبُهُ الإِضلال جَازَ أَن يُذْكَر أَن تَضِلَّ لأَن الإِضلال هُوَ السَّبَبُ الَّذِي بِهِ وَجَب الإِذكارُ، قَالَ: وَمِثْلُهُ أَعْدَدْتُ هَذَا أَن يَميل الحائطُ فأَدْعَمَه، وإِنما أَعْدَدْته للدَّعم لَا لِلْمَيْلِ، وَلَكِنَّ الْمَيْلَ ذُكِر لأَنه سَبَبُ الدَّعْم كَمَا ذُكِرَ الإِضلال لأَنه سَبَبُ الإِذكار، فَهَذَا هُوَ البَيِّن إِن شَاءَ اللَّهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ
؛ وضَلَلْت الشيءَ: أُنْسِيتُه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ
؛ أَي يَذْهب كيدُهم بَاطِلًا ويَحِيق بِهِمْ مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى. وأَضَلَّ البعيرَ والفرسَ: ذهَبا عَنْهُ. أَبو عَمْرٍو: أَضْلَلْت بَعِيرِي إِذا كَانَ مَعْقُولًا فَلَمْ تَهْتَدِ لِمَكَانِهِ، وأَضْلَلْته إِضْلالًا إِذا كَانَ مُطْلَقاً فَذَهَبَ وَلَا تَدْرِي أَين أَخَذَ. وكلُّ مَا جَاءَ مِنَ الضَّلال مِنْ قِبَلِك قُلْتَ ضَلَلْته، وَمَا جَاءَ مِنَ الْمَفْعُولِ بِهِ قُلْتَ أَضْلَلْته. قَالَ أَبو عَمْرٍو: وأَصل الضَّلالِ الغَيْبوبة، يُقَالُ ضَلَّ الماءُ فِي اللَّبَنِ إِذا غَابَ، وضَلَّ الكافرُ إِذا غَابَ عَنِ الحُجَّة، وضَلَّ النَّاسِي إِذا غابَ عَنْهُ حِفْظه، وأَضْلَلْت بَعيري وغيرَه إِذا ذهَب مِنْكَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ*
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ لَمْ يُجازِهم عَلَى مَا عَمِلوا مِنْ خَيْرٍ؛ وَهَذَا كَمَا تَقُولُ لِلَّذِي عمِل عَمَلًا لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ نفعُه: قَدْ ضَلَّ سَعْيُك. ابْنُ سِيدَهْ: وإِذا كَانَ الْحَيَوَانُ مُقِيمًا قُلْتَ قَدْ ضَلَلْته كَمَا يُقَالُ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ مِنَ الأَشياء الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تَبْرَح؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ضَلَّ أَباه فادَّعى الضَّلالا
وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالًا: ضَاعَ. وتَضْلِيل الرَّجُلِ: أَن تَنْسُبَه إِلى الضَّلال. وَالتَّضْلِيلُ: تَصْيِيرُ الإِنسان إِلى الضَّلال؛ قَالَ الرَّاعِي:
وَمَا أَتَيْتُ نُجَيدةَ بْنَ عُوَيْمِرٍ ... أَبْغي الهُدى، فيَزِيدني تَضْليلا
__________
(1) . قوله [وَتُذْكِرُ وَتُذَكِّرُ رَفْعٌ مَعَ كسر إن] كذا في الأصل ومثله في التهذيب، وعبارة الكشاف والخطيب: وقرأ
حمزة وحده إن تضلّ
إحداهما بكسر إن على الشرط فتذكر بالرفع والتشديد، فلعل التخفيف مع كسر إن قراءة أُخْرَى(11/393)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا قَالَهُ الرَّاعِي بالوَقْص، وَهُوَ حَذْفُ التَّاءِ مِنْ مُتَفاعِلُن، فكَرِهت الرُّواةُ ذَلِكَ ورَوَته: ولمَا أَتيتُ، عَلَى الْكَمَالِ. والتَّضْلالُ: كالتَّضْلِيل. وضَلَّ فُلَانٌ عَنِ القَصْد إِذا جَارَ. وَوَقَعَ فِي وَادِي تُضُلِّلَ وتُضَلِّلَ أَي الْبَاطِلِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وقَع فِي وَادِي تُضُلِّلَ مِثْلُ تُخُيِّبَ وتُهُلِّك، كُلُّهُ لَا يَنْصَرِفُ. وَيُقَالُ لِلْبَاطِلِ: ضُلٌّ بتَضْلال؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شَأْسٍ الأَسدي:
تَذَكَّرْت لَيْلَى، لاتَ حينَ ادِّكارِها، ... وَقَدْ حُنِيَ الأَضْلاعُ، ضُلٌّ بتَضْلال
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ عَنْ أَبي زَيْدٍ ضُلًّا بِالنَّصْبِ؛ قَالَ وَمِثْلُهُ للعَجَّاج:
يَنْشُدُ أَجْمالًا، وَمَا مِنْ أَجمال ... يُبْغَيْنَ إِلَّا ضُلَّة بتَضْلال
والضَّلْضَلةُ: الضَّلالُ. وأَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَضَلَّةٌ: يُضَلّ فِيهَا وَلَا يُهْتَدى فِيهَا لِلطَّرِيقِ. وَفُلَانٌ يَلومُني ضَلَّةً إِذا لَمْ يُوَفَّق لِلرَّشَادِ فِي عَذْله. وَفِتْنَةٌ مَضَلَّة: تُضِلُّ الناسَ، وَكَذَلِكَ طَرِيقٌ مَضَلٌّ. الأَصمعي: المَضَلُّ والمَضِلُّ الأَرض المَتِيهةُ. غَيْرُهُ: أَرض مَضَلٌّ تَضِلُّ النَّاسُ فِيهَا، والمَجْهَلُ كَذَلِكَ. يُقَالُ: أَخَذْت أَرضاً مَضِلَّةً ومَضَلَّة، وأَخذْت أَرضاً مَجْهَلًا مَضَلًّا؛ وأَنشد:
أَلا طَرَقَتْ صَحْبي عُميرَةُ إِنها، ... لَنا بالمَرَوْراةِ المَضَلِّ، طَروق
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَزِلَّة، وَهُوَ اسْمٌ، وَلَوْ كَانَ نَعْتًا كَانَ بِغَيْرِ الْهَاءِ. وَيُقَالُ: فَلاةٌ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ مَضَلَّةٌ، الذَّكر والأُنثى وَالْجَمْعُ سَوَاءٌ، كَمَا قَالُوا الْوَلَدُ مَبْخَلةٌ؛ وَقِيلَ: أَرضٌ مَضَلَّةٌ ومَضِلَّة وأَرَضون مَضَلَّات ومَضِلَّاتٌ. أَبو زَيْدٍ: أَرض مَتِيهةٌ ومَضِلَّةٌ ومَزِلَّة مِن الزَّلَق. ابْنُ السِّكِّيتِ: قَوْلُهُمْ أَضَلَّ اللَّهُ ضَلالَك أَي ضَلَّ عَنْكَ فذَهب فَلَا تَضِلُّ. قَالَ: وَقَوْلُهُمْ مَلَّ مَلالُك أَي ذهَب عَنْكَ حَتَّى لَا تَمَلَّ. وَرَجُلٌ ضِلِّيل: كَثِيرُ الضَّلال. ومُضَلَّلٌ: لَا يُوَفَّق لِخَيْرٍ أَي ضالٌّ جِدًّا، وَقِيلَ: صَاحِبُ غَواياتٍ وبَطالاتٍ وَهُوَ الْكَثِيرُ التتبُّع للضَّلال. والضِّلِّيلُ: الَّذِي لَا يُقْلِع عَنْ الضَّلالة، وَكَانَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يُسَمَّى المَلِكَ الضِّلِّيل والمُضلَّل. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ وَقَدْ سُئل عَنْ أَشعر الشُّعَرَاءِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فالملِك الضِّلِّيل
، يَعْنِي إمْرَأَ الْقَيْسِ، كَانَ يُلَقَّب بِهِ. والضِّلِّيل، بِوَزْنِ القِنْدِيل: المُبالِغ فِي الضَّلال والكثيرُ التَّتبُّع لَهُ. والأُضْلُولةُ: الضَّلال؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
كَانَتْ مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلًا، ... وَمَا مَواعِيدُها إِلا الأَضَالِيلُ
وَفُلَانٌ صَاحِبُ أَضَالِيلَ، وَاحِدَتُهَا أُضْلُولةٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وسُؤَالُ الظِّباءِ عَنْ ذِي غَدِ الأَمْرِ ... أَضَالِيلُ مِنْ فُنُون الضَّلال
الْفَرَّاءُ: الضُّلَّة، بِالضَّمِّ، الحَذَاقة بالدَّلالة فِي السَّفَر. والضَّلَّة: الغَيْبوبةُ فِي خَيْرٍ أَو شَرٍّ. والضِّلَّة: الضَّلالُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَضَلَّني أَمْرُ كَذَا وَكَذَا أَي لَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ، وأَنشد:
إِنِّي، إِذا خُلَّةٌ تَضَيَّفَني ... يُريدُ مَالِي، أَضَلَّني عِلَلي
أَي فارَقَتْني فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهَا. وَيُقَالُ للدَّلِيل الْحَاذِقِ(11/394)
الضُّلاضِل والضُّلَضِلة «1» . قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي: وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالًا أَي ضَاعَ وهَلَك، وَالِاسْمُ الضُّلُّ، بِالضَّمِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ ضُلُّ بْنُ ضُلٍّ أَي مُنْهَمِكٌ فِي الضَّلال، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُعْرَف وَلَا يُعْرَف أَبوه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقِيلَ: إِذا لَمْ يُدْرَ مَنْ هُوَ ومِمَّنْ هُوَ، وَهُوَ الضَّلالُ بْنُ الأَلال والضَّلال بْنُ فَهْلَل وابْنُ ثَهْلَل؛ كُلُّه بِهَذَا الْمَعْنَى. يُقَالُ: فلان ضِلُّ [ضُلُ] أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ «2» بِالضَّادِ وَالصَّادِ إِذا كَانَ دَاهِيَةً. وَفِي الْمَثَلِ: يَا ضُلَّ مَا تَجْرِي بِهِ العَصَا أَي يَا فَقْدَه وَيَا تَلَفَه يَقُولُهُ قَصِير بْنُ سَعْدٍ لجَذِيمةَ الأَبْرَش حِينَ صَارَ مَعَهُ إِلى الزَّبَّاء، فَلَمَّا صَارَ فِي عَمَلِها نَدِمَ، فَقَالَ لَهُ قَصِيرٌ: ارْكَبْ فَرَسِي هَذَا وانْجُ عَلَيْهِ فإِنه لَا يُشَقُّ غُبَارُه. وَفَعَلَ ذَلِكَ ضِلَّةً أَي فِي ضَلال. وهُو لِضِلَّةٍ أَي لِغَيْرِ رشْدةٍ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وذَهَب ضِلَّةً أَي لَمْ يُدْرَ أَين ذَهَب. وذَهَبَ دَمُه ضِلَّةً: لَمْ يُثْأَرْ بِهِ. وفلانٌ تِبْعُ ضِلَّةٍ، مُضَافٌ، أَي لَا خَير فِيهِ وَلَا خَيْرَ عِنْدَهُ؛ عَنِ ثَعْلَبٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الْكُوفِيِّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنما هُوَ تِبْعٌ ضِلَّةٌ، عَلَى الْوَصْفِ، وفَسَّره بِمَا فَسَّره بِهِ ثَعْلَبٌ؛ وَقَالَ مُرَّة: هُوَ تِبْعُ ضِلَّة أَي داهيةٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقِيلَ: تِبْعُ صِلَّةٍ، بِالصَّادِ. وضَلَّ الرَّجُلُ: مَاتَ وَصَارَ تُرَابًا فَضَلَّ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ
؛ مَعْنَاهُ أَإِذا مِتْنا وصِرْنا تُرَابًا وعِظَاماً فَضَلَلْنا فِي الأَرض فَلَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْ خَلقنا. وأَضْلَلْته: دَفَنْته؛ قَالَ المُخَبَّل:
أَضَلَّتْ بَنُو قَيْسِ بنِ سَعْدٍ عَمِيدَها، ... وفارِسَها فِي الدَّهْر قَيْسَ بنَ عَاصِمِ
وأُضِلَّ المَيِّتُ إِذا دُفِنَ، وَرُوِيَ بَيْتُ النَّابِغَةِ الذُّبْياني يَرْثي النُّعمان بْنَ الْحَرْثَ بْنُ أَبي شِمْر الغَسَّانيّ:
فإِنْ تَحْيَ لا أَمْلِكْ حَياتي، وإِن تَمُتْ ... فَمَا فِي حَياةٍ بَعْدَ مَوْتِك طائلُ
فآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ، ... وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائلُ
يُرِيدُ بِمُضِلِّيه دافِنيه حِينَ مَاتَ، وَقَوْلُهُ بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ أَي بخبرٍ صادقٍ أَنه مَاتَ، والجَوْلانُ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ، أَي دُفِن بدَفْن النُّعمان الحَزْمُ والعطاءُ. وأَضَلَّتْ بِهِ أُمُّه: دَفَنتْه، نَادِرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَتًى، مَا أَضَلَّتْ بِهِ أُمُّه ... مِنَ القَوْم، لَيْلَة لَا مُدَّعَم
قَوْلُهُ لَا مُدَّعَم أَي لَا مَلْجَأَ وَلَا دِعَامَة. والضَّلَلُ: الْمَاءُ الَّذِي يَجرِي تَحْتَ الصَّخرة لَا تُصِيبُهُ الشَّمْسُ، يُقَالُ: ماءٌ ضَلَلٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الشَّجَرِ. وضَلاضِلُ الْمَاءِ: بَقَايَاهُ، والصادُ لُغةٌ، وَاحِدَتُهَا ضُلْضُلَةٌ وصُلْصُلة. وأَرضٌ ضُلَضِلَة وضَلَضِلَةٌ وضُلَضِلٌ وضَلَضِلٌ وضُلاضِلٌ: غَلِيظَةٌ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهِيَ أَيضاً الْحِجَارَةُ الَّتِي يُقِلُّها الرجلُ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الضَّلَضِلُ مَقْصُورٌ عَنِ الضَّلاضِل. التَّهْذِيبَ: الضُّلَضِلَةُ كُلُّ حَجَرٍ قَدْر مَا يُقِلُّه الرَّجُلُ أَو فَوْقَ ذَلِكَ أَملس يَكُونُ فِي بُطُونِ الأَودية؛ قَالَ: وَلَيْسَ فِي بَابِ التَّضْعِيفِ كَلِمَةٌ تُشْبِهُهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الضُّلَضِلة، بِضَمِّ الضَّادِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الضَّادِ الثَّانِيَةِ، حَجَرٌ
__________
(1) . قوله [ويقال للدليل إلى قوله الضلضلة] هكذا في الأصل، وعبارة القاموس وشرحه: وعلبطة عن ابن الأعرابي والصواب وعلبط كما هو نص العباب انتهى. لكن في التهذيب والتكملة مثل ما في القاموس
(2) . قوله [ضلُّ أَضْلال وَصِلُّ أَصْلَالٍ] عبارة القاموس: ضلُّ أَضْلال بالضم والكسر، وإذا قيل بالصاد فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْكَسْرُ(11/395)
قَدْر مَا يُقِلُّه الرَّجُلُ، قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ الْمُضَاعَفِ غَيْرُهُ؛ وأَنشد الأَصمعي لصَخْر الغَيِّ:
أَلَسْت أَيَّامَ حَضَرْنا الأَعْزَلَه، ... وبَعْدُ إِذْ نَحْنُ عَلَى الضُّلَضِله؟
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَكانٌ ضَلَضِلٌ وجَنَدِلٌ، وَهُوَ الشَّدِيدُ ذُو الْحِجَارَةِ؛ قَالَ: أَرادوا ضَلَضِيل وجَنَدِيل عَلَى بِنَاءِ حَمَصِيص وصَمَكِيك فَحَذَفُوا الْيَاءَ. الْجَوْهَرِيُّ: الضَّلَضِلُ والضَّلَضِلَة الأَرض الغليظةُ؛ عَنِ الأَصمعي، قَالَ: كأَنه قَصْر الضَّلاضِل. ومُضَلَّل، بِفَتْحِ اللَّامِ: اسْمُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسد؛ وَقَالَ الأَسود بْنُ يعْفُر:
وقَبْليَ مَاتَ الخالِدَان كِلاهُما: ... عَمِيدُ بَني جَحْوانَ وابْنُ المُضَلَّلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده فَقَبْلي، بِالْفَاءِ، لأَن قَبْلَهُ:
فإِنْ يَكُ يَوْمِي قَدْ دَنَا، وإِخالُه ... كَوَارِدَةٍ يَوْماً إِلى ظِمْءِ مَنْهَل
والخالِدَانِ: هُمَا خالِدُ بْنُ نَضْلة وخالِدُ بن المُضَلَّل.
ضمل: التَّهْذِيبُ: أَهمله اللَّيْثُ. وَرَوَى عَمْرٌو عَنْ أَبيه أَنه قَالَ: الضَّمِيلة المرأَة الزَّمِنَة، قَالَ: وخَطَبَ رجلٌ إِلى مُعَاوِيَةَ بِنْتاً لَهُ عَرْجاء، فَقَالَ: إِنَّها ضَمِيلةٌ، فَقَالَ: إِنِّي أَردت أَن أَتشَرَّف بمُصاهَرَتِك وَلَا أُريدها للسِّباق فِي الحَلْبة، فَزوَّجه إِيَّاها؛ الضَّمِيلُ: الزَّمِن، والضَّمِيلَة الزَّمِنة؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَاللَّامُ بَدَلٌ مِنَ النُّونِ مِنَ الضَّمَانة، وإِلا فَهِيَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، قِيلَ لَهَا ذَلِكَ ليُبْسٍ وجُسُوءٍ فِي سَاقِهَا، وكُلُّ يابسٍ ضامِلٌ وضَمِيلٌ.
ضمحل: اضْمَحَلَّ الشيءُ واضْمَحَنَّ، عَلَى الْبَدَلِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وامْضَحَلَّ، عَلَى الْقَلْبِ، كُلُّ ذَلِكَ: ذَهَب، وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَلْبِ أَن الْمَصْدَرَ إِنما هُوَ عَلَى اضْمَحَلَّ دُونَ امْضَحَلَّ، وَهُوَ الاضْمِحْلال، وَلَا يقولون امْضِحْلال.
ضهل: ضَهَلَ اللَّبَنُ يَضْهَلُ ضُهُولًا: اجْتَمَعَ، وَاسْمُ اللَّبَنِ الضَّهْل، وَقِيلَ كُلُّ مَا اجْتَمَعَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ كَانَ لَبناً أَو غيرَه، فَقَدْ ضَهَلَ يَضْهَلُ ضَهْلًا وضُهُولًا؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي: وضَهَلَتِ الناقةُ والشاةُ فَهِيَ ضَهُولٌ: قَلَّ لبَنُها، وَالْجَمْعُ ضُهُولٌ. وشاةٌ ضَهُولٌ: قَلِيلَةُ اللَّبَنِ. وناقةٌ ضَهُولٌ: يَخْرُجُ لَبَنُهَا قَلِيلًا قَلِيلًا. وَيُقَالُ: إِنَّها لضُهْلٌ بُهْلٌ مَا يُشَدُّ لَهَا صِرار وَلَا يَرْوَى لَهَا حُوار؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بِهَا كلُّ خَوَّارٍ إِلى كلِّ صَعْلَةٍ ... ضَهُولٍ، ورَفْضُ المُذْرِعاتِ القَراهِب
الخَوَّار: ثَوْرٌ يَخُوزُ أَي يَجْأَرُ، والصَّعْلة: النَّعامة. وَيُقَالُ: ضَهَلَ الظِّلُّ إِذا رَجَع ضُهُولًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَفْياءً بَطِيئاً ضُهُولُها
وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِلى كلِّ صَعْلةٍ ضَهُولٍ
ضَهُول مِنْ نَعْتِ النَّعَامَةِ أَنَّها تَرْجِعُ إِلى بَيْضِها. أَبو زَيْدٍ: الضَّهْلُ مَا ضَهَلَ فِي السِّقاء مِنَ اللَّبَنِ أَي اجْتَمَعَ. والضَّهْلُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ مِثْلُ الضَّحْل. وبِئْرٌ ضَهُولٌ: قَلِيلَةُ الْمَاءِ. وعَيْنٌ ضَاهِلةٌ: نَزْرة الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ حَمَّة ضَاهِلَةٌ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
يَقْرُو بِهِنَّ الأَعْيُنَ الضَّواهِلا
وضَهَلَ ماءُ الْبِئْرِ يَضْهَل ضَهْلًا إِذا اجْتَمَعَ شَيْئًا بَعْدَ(11/396)
شَيْءٍ، وَهُوَ الضَّهْلُ والضَّهُول. وضَهَلَه يَضْهَلُه أَي دَفَعَ إِليه شَيْئًا قَلِيلًا مِنَ الْمَاءِ الضَّهْل. وعَطِيَّةٌ ضَهْلَةٌ أَي نَزْرة. وَيُقَالُ: هَلْ ضَهَلَ إِليك خَيْرٌ أَي وَقَع. وَبِئْرٌ ضَهُولٌ إِذا كَانَ يَخْرُجُ مَاؤُهَا قَلِيلًا قَلِيلًا. وضَهَلَ الشَّرابُ: قَلَّ وَرَقَّ ونَزُرَ، وضَحَلَ صَارَ كالضَّحْضاح، وأَعطاه ضَحْلةً مِنْ مَالٍ أَي عَطِيَّةً نَزْرةً. وضَهَلَه حقَّه: نَقَصَه إِياه أَو أَبْطَلَه عَلَيْهِ، مِنَ الضَّهْل وَهُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ، كَمَا قَالُوا أَحْبَضَه إِذا نَقَصَه حَقَّه أَو أَبطله، مِنْ قَوْلِهِمْ حَبَضَ ماءُ الرَّكيَّة يَحْبِض إِذا نَقَصَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَر لِرَجُلٍ خاصَمَتْه امرأَتُه فماطَلَها فِي حَقِّها: أَأَنْ سأَلَتْك ثَمَنَ شَكْرِها وشَبرِك أَنْشأْتَ تطُلُّها وتَضْهَلُها؛ وَرَوَى الأَزهري فِي تَفْسِيرِ تَضْهَلُها قَالَ: تُمَصِّر عَلَيْهَا العَطاء، أَصله مِنْ بِئْرٍ ضَهُول إِذا كَانَ ماؤُها يَخْرُجُ مِنْ جَوانبها، وغُزْرُ الْمَاءِ إِذا نَبَع مِنْ قَرارِها. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ فِي قَوْلِهِ تَطُلُّها: أَي تَسْعَى فِي بُطْلَانِ حَقِّهَا، أُخِذَ مِنَ الدَّمِ المَطْلول، وشَكْرُها فَرْجُها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
صَناعٌ بإِشْفاها حَصانٌ بشَكْرِها
أَي عَفِيفة الفَرْج، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَضْهَلُها: تَرُدُّها إِلى أَهْلها وَتُخْرِجُهَا، مِنْ قَوْلِكَ ضَهَلْت إِلى فُلَانٍ إِذا رَجَعت إِليه. وَهَلْ ضَهَلَ إِليك مِنْ مَالِكَ شيءٌ أَي هَلْ عَادَ، وَقِيلَ: تَضْهَلُها أَي تُعْطِيها شَيْئًا قَلِيلًا. وضَهْيَلَ الرجلُ إِذا طَالَ سَفَره وَاسْتَفَادَ مَالًا قَلِيلًا. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الضَّهْلُ الْمَالُ الْقَلِيلُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا ضَهَلَ عِنْدَكَ مِنَ الْمَالِ أَي مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ مِنْهُ. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ قَدْ أَضْهَلْت إِلى فُلَانٍ مَالًا أَي صَيَّرته إِليه. وأَضْهَلَ النخلُ إِذا أَبصرت فِيهِ الرُّطَب. وأَضْهَلَ البُسْرُ إِذا بَدَا فِيهِ الإِرْطاب. وضَهَلَ إِليه يَضْهَلُ ضَهْلًا: رَجَع، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَرْجِعَ إِليه عَلَى غَيْرِ وَجْهِ القِتال والمُغالَبة. وَفُلَانٌ تَضْهَلُ إِليه الأُمورُ أَي تَرْجِع.
ضيل: الضَّالُ: السِّدْر البَرِّيُّ، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، والضَّالُ مِنَ السِّدْر: مَا كَانَ عِذْياً، وَاحِدَتُهَ ضالَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مَيَّادة:
قَطَعْتُ بمِصْلالِ الخِشاشِ يَرُدُّها، ... عَلَى الكُرْهِ مِنْهَا، ضالَةٌ وجَدِيلُ «3»
. يُرِيدُ الخِشاشةَ المُتَّخذة مِنَ الضالِ. وأَضْيَلَت الأَرْضُ وأَضالَتْ إِذا صَارَ فِيهَا الضَّالُ مِثْلُ أَغْيَلَتْ وأَغالَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لِجَرِيرٍ أَيْنَ مَنْزلُك؟ قَالَ: بأَكناف بِيشَةَ بَيْنَ نَخْلَةٍ وضالَةٍ
؛ الضَّالَة، بِتَخْفِيفِ اللَّامِ: وَاحِدَةُ الضَّالِ، وَهُوَ شَجَر السِّدر مِنْ شَجَرِ الشَّوْكِ، فإِذا نَبَت عَلَى شَطِّ الأَنهار قِيلَ لَهُ العُبْرِيُّ، وأَلفه مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْيَاءِ. وأَضْيَلَ المكانُ وأَضَالَ: أَنْبَتَ الضَّالَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ عَنِ الْفَرَّاءِ، وإِليه تَرَكَ ابْنُ جِنِّي مَا وَجَدَهُ مَضْبُوطًا بِخَطِّ جَعْفر بْنِ دِحْيةَ رَجُلٍ مِنْ أَصحاب ثَعْلَبٍ مِنَ الضَّأْل مَهْمُوزًا، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وأَردت أَن أَحْمِله عَلَى الضَّئِيل الَّذِي هُوَ الشَّخْت لأَن الضَّالَ هُوَ السِّدْر الجَبَلي، والجَبَليُّ أَرَقُّ عُودًا مِنَ النَّهْري، حَتَّى وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبي إِسحاق أَضْيَلَ المكانُ، فاطَّرَحْتُ مَا وَجَدْتُهُ بخَطِّ جَعْفَرٍ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الضَّالُ يَنْبُت فِي السُّهُول والوُعُور، وقَوْسُ الضَّالِ إِذا بُرِيَتْ بُرِيَتْ جَزْلةً لِيَكُونَ أَقوى لَهَا، وإِنما يُحْتَمَل ذَلِكَ مِنْهَا لخِفَّة عُودِها؛ قَالَ الأَعشى:
لاحَهُ الصَّيْفُ والغِيارُ وإِشْفاقٌ ... عَلَى سَقْبَةٍ، كقَوْسِ الضَّالِ
__________
(3) . قوله [قطعت إلى قوله من الضال] هذه عبارة الجوهري، قال الصاغاني: وهي تصحيف والرواية ضانة، بالنون، وهي البرة(11/397)
وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّة:
كَساها ضَالَّةً ثُجْراً، ... كأَنَّ ظُباتِها الوَرَقُ
أَراد سِهاماً بُرِيَتْ مِنْ ضالَةٍ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ ثُجْراً. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ أَيضاً: الضَّالُ شَجَرَةٌ مِنَ الدِّقِّ تَكُونُ بأَطراف الْيَمَنِ تَرْتَفِعُ قَدْرَ الذِّراع تَنْبُت نَبات السَّرْوِ، ولَها بَرَمَةٌ صَفْرَاءُ ذَكِيَّة جِدّاً تأْتيك رِيحُها مِنْ قَبْل أَن تَصِل إِليها، قَالَ: وَلَيْسَتْ بِضالِ السِّدْر؛ هَكَذَا حَكَاهُ؛ الضَّالُ شَجَرَةٌ فإِما أَن يَكُونَ مِمَّا قِيلَ بِالْهَاءِ وَغَيْرِ الْهَاءِ كحالَةٍ وحالٍ، وإِمّا أَن يُرِيدَ بِشَجَرَةٍ شَجَرًا فَوَضَعَ الْوَاحِدَ مَوْضِعَ الْجَمْعِ. التَّهْذِيبِ: يُقَالُ خَرَج فُلَانٌ بِضالَتِه أَي بسِلاحِه. والضَّالَة: السِّلاحُ أَجْمَعُ. يُقَالُ: إِنَّه لَكامل الضَّالَةِ، والأَصل فِي الضَّالَةِ النِّبالُ والقِسِيُّ الَّتِي تُسَوَّى مِنَ الضَّالِ؛ وَقَالَ بَعْضُ الأَنصار: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَهُوَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ:
أَبُو سُلَيْمانَ وَصُنْعُ المُقْعَدِ، ... وضالةٌ مِثْلُ الجَحِيمِ المُوقَدِ «1»
. أَراد بالضَّالةِ السِّهامَ، شَبَّه نِصالَها فِي حِدَّتها بنارٍ مُوقَدَة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يُعَبَّرُ بالضَّالَة عَنِ النَّبْل لأَنها تُعْمَل مِنْهَا؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
أَجَرْت بمَخْشُوبٍ صَقِيلٍ وضَالَةٍ ... مَباعِجَ ثُجْرٍ كُلُّها أَنت شَائِفُ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: قَالَ لَهُ أَبان بْنُ سَعِيدٍ وَبْرٌ تَدَلَّى مِنْ رأْس ضالٍ
، هُوَ بِالتَّخْفِيفِ، مكانٌ أَو جَبَلٌ بِعَيْنِهِ، يُرِيدُ بِهِ تَوْهِين أَمره وَتَحْقِيرَ قَدْره؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالنُّونِ وَهُوَ أَيضاً جَبَلٌ فِي أَرض دَوْسٍ، وَقِيلَ: أَراد بِهِ الضأْن مِنَ الْغَنَمِ فَتَكُونُ أَلفه هَمْزَةً.
فصل الطاء المهملة
طبل: الطَّبْلُ: مَعْرُوفٌ الَّذِي يُضْرَب بِهِ وَهُوَ ذُو الْوَجْهِ الْوَاحِدِ وَالْوَجْهَيْنِ، وَالْجَمْعُ أَطْبال وطُبُول. والطَّبَّال: صَاحِبُ الطَّبْل، وفِعْله التَّطْبِيل، وحِرْفته الطِّبالة، وَقَدْ طَبَلَ يَطْبُل. والطَّبْلة: شَيْءٌ مِنْ خَشَب تَتَّخِذُهُ النِّسَاءُ، والطَّبْل الرَّبْعة للطِّيب، والطَّبْل سَلَّة الطَّعَامِ. الْجَوْهَرِيُّ: وطَبْلُ الدراهِم وَغَيْرِهَا معروفٌ، والطَّبْلُ الخَلْق؛ قَالَ:
قَدْ عَلِمُوا أَنَّا خِيارُ الطَّبْل، ... وأَنَّنا أَهْلُ النَّدى والفَضْل
وَمَا أَدْري أَيُّ الطَّبْل هُو وأَيُّ الطَّبْن هُو أَي مَا أَدري أَيُّ النَّاسِ؛ قَالَ لَبِيدٌ «2» :
ثمَّ جَرَيْتُ لانْطِلاقِ رِسْلي، ... سَتَعْلمون مَنْ خِيارُ الطَّبْل
وَقَالَ البَعِيث:
وأَبْقى طَوالُ الدَّهْرِ، مِنْ عَرَصاتِها، ... بَقِيَّةَ أَرْمامٍ، كأَرْدِيَة الطَّبْل
والطَّبْل: ضَرْب مِنَ الثِّيَابِ، وَقِيلَ: هُوَ وَشْيٌ يَمانٍ فِيهِ كَهَيْئَةِ الطُّبُول. التَّهْذِيبِ: الطَّبْل ثِيَابٌ عَلَيْهَا صُورَةُ الطَّبْل تُسمَّى الطَّبْلِيَّة، وَيُقَالُ لَهَا أَرْدِية الطَّبْل تُحْمَل مِنْ مِصْرَ، صَانَهَا اللَّهُ تَعَالَى؛ قَالَ أَبو النجم:
__________
(1) . قوله [وصنع] كذا في التهذيب والذي في التكملة ومثله في قعد من اللسان وريش
(2) . قوله [قال لبيد] قال الصاغاني: ليس الرجز للبيد(11/398)
مِنْ ذِكْرِ أَيَّامٍ ورَسْمٍ ضَاحِي، ... كالطَّبْلِ فِي مُخْتَلَف الرِّياح
ابْنُ الأَعرابي: الطَّبْل الخَراج؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يُحِبُّ الطَّبْلِيَّةَ أَي يُحِبُّ دَرَاهِمَ الخَراج بِلَا تَعَبٍ. والطَّبالة: النَّعْجة، وَفِي الْمُحْكَمِ: الطُّوبالةُ، وَجَمْعُهَا طُوبالاتٌ، وَلَا يُقَالُ لِلْكَبْشِ طُوبالٌ؛ قَالَ طَرَفة أَو غَيْرُهُ:
نَعاني حَنانةُ طُوبَالةً، ... تُسَفُّ يَبِيساً مِنَ العِشْرِقِ
نَصَب طُوبالةً عَلَى الذَّمِّ لَهُ، كأَنه قال أَعْني طُوبالةً.
طبرزل: قَالَ فِي تَرْجَمَةِ طَبَرْزَذ الطَّبَرْزَذُ السُّكَّر، فارسيٌّ معرَّب، وَحَكَى الأَصمعي طَبَرْزَل وطَبَرْزَن، قَالَ يَعْقُوبُ: طَبَرْزُل وطبَرْزُن لهذا السُكَّر، بالنون وَاللَّامِ، قَالَ: وَهُوَ مِثَالٌ لَا أَعرفه. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: قَوْلُهُمْ طَبَرْزَل وطَبَرْزَن، لسْتَ بأَن تَجْعَل أَحدهما أَصلًا لِصَاحِبِهِ بأَولى مِنْكَ بحَمْله عَلَى ضِدِّه، لِاسْتِوَائِهِمَا في الاستعمال.
طحل: الطِّحالُ: لَحْمة سَوْدَاءُ عَريضة فِي بَطْنِ الإِنسان وَغَيْرِهِ عَنِ الْيَسَارِ لازِقةٌ بالجَنْب، مُذَكَّر؛ صَرَّحَ اللِّحْيَانِيُّ بِذَلِكَ، وَالْجَمْعُ طُحُلٌ، لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذلك. وطَحِلَ طَحَلًا: عَظُم طِحالُه، فَهُوَ طَحِلٌ، وطُحِلَ طَحْلًا: شَكا طِحالَه؛ أَنشد ابنُ بَرِّيٍّ للحَرِث بْنِ مُصَرِّف:
أَكْوِيه، إِمَّا أَراد الكَيَّ مُعْتَرِضاً، ... كَيَّ المُطَنِّي مِنَ النَّحْزِ الطَّني الطَّحِلا
وطَحَلَه يَطْحَلُه طَحْلًا وطَحَلًا: أَصاب طِحَالَه، فَهُوَ مَطْحُول. وَيُقَالُ: إِنّ الْفَرَسَ لَا طِحَالَ لَهُ، وَهُوَ مَثَلٌ لِسُرْعَتِهِ وجَرْيه، كَمَا يُقَالُ الْبَعِيرُ لَا مَرارة لَهُ أَي لَا جَسارة لَهُ. وطَحِلَ الماءُ طَحَلًا، فَهُوَ طَحِلٌ: فَسَدَ وتَغَيَّرت رائحتُه مِنْ حَمْأَته. الأَزهري: أَبو زَيْدٍ مَاءٌ طَحِلٌ أَي كَثِيرُ الطُّحْلُب. وَمَاءٌ طَحِلٌ: كَدِرٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
يَخْرُجْنَ مِنْ شَرَباتٍ، مَاؤُهَا طَحِلٌ، ... عَلَى الجُذُوعِ، يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقا
والطَّحِلُ: الغَضْبانُ. والطَّحِلُ: المَلآن؛ وأَنشد:
مَا إِنْ يَرُودُ وَلَا يَزالُ فِراغُه ... طَحِلًا، ويَمْنَعُه مِنَ الأَعْيالِ
وكِساءٌ أَطْحَلُ: عَلَى لَوْنِ الطِّحال. ورَمادٌ أَطْحَل إِذا لَمْ يَكُنْ صَافِيًا. ابْنُ سِيدَهْ: الطُّحْلة لَوْنٌ بَيْنَ الغُبْرة وَالْبَيَاضِ بِسَوَادٍ قَلِيلٍ كَلَوْن الرَّماد، ذِئبٌ أَطْحَل وَشَاةٌ طَحْلاء، وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ طَحِلَ طَحَلًا، وَجَعَلَ أَبو عبيدة الأَطْحَل اسْمَ اللَّوْنِ فَقَالَ: هُوَ لَوْنُ الرَّمَادِ، وأُرى أَبا حَنِيفَةَ حَكَى نَصْلٌ أَطْحَل وشَرابٌ طَاحِلٌ إِذا لَمْ يَكُنْ صَافِيَ اللَّون، وَكَذَلِكَ غُبارٌ طَاحِل؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وبَلْدة تُكْسى القَتَامَ الطَّاحِلا
ابْنُ الأَعرابي: الطَّحِل الأَسْود، وَيُقَالُ: فَرَس أَخضر أَطْحَل لِلَّذِي يَعْلُو خُضْرتَه قَلِيلُ صُفرة. الأَزهري: وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ ضَيَّعْتَ البِكارَ عَلَى طِحالٍ؛ يُضْرب مَثَلًا لِمَنْ طَلب حَاجَةً إِلى مَنْ أَساء إِليه، وأَصل ذَلِكَ أَن سُوَيد بْنُ أَبي كاهِلٍ هَجا بَني غُبَر فِي رَجَزٍ لَهُ فَقَالَ:
مَنْ سَرَّه النَّيْكُ بِغَيْرِ مالِ،(11/399)
فالغُبَريَّاتُ عَلَى طِحَالِ ... شَواغِراً، يُلْمِعْنَ بالقُفّالِ
ثُمَّ إِن سُوَيْداً أُسر فَطَلب إِلى بَنِي غُبَر «1» أَن يُعينوه فِي فَكَاكِه فَقَالُوا لَهُ: ضَيَّعْتَ البِكَارَ عَلَى طِحالٍ، والبِكارُ: جَمْعُ بَكْر وَهُوَ الفَتِيُّ مِنَ الإِبل؛ الأَزهري: طِحال مَوْضِعٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ مُقْبِلٍ فَقَالَ:
ليْتَ اللَّيالي، يَا كُبَيْشةُ، لَمْ تكُنْ ... إِلَّا كَلَيْلتنا بحَزْمِ طِحَال
وَقَالَ الأَخطل فِيهِ أَيضاً:
وعَلا البَسيطةَ فالشَّقِيقَ بِرَيِّقٍ، ... فالضَّوْجَ بَيْنَ رُوَيَّةٍ فطِحَالِ
الْجَوْهَرِيُّ: وأَطْحَلَ جَبَلٌ بمَكَّة يُضاف إِليه ثَوْرُ ابن عَبْدِ مَناة بْنِ أُدِّ بْنِ طَابِخَةَ، يُقَالُ: ثوْرُ أَطْحَلُ لأَنه نَزَله. ابْنُ سِيدَهْ: أَطْحَل اسْمُ جَبل، وَلَمْ يَخُصَّه بِمَكَّةَ وَلَا بِغَيْرِهَا. وطِحَال: اسْمُ كَلْبٍ.
طخمل: الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ خَرَطَ قَالَ: قرأْت فِي نُسْخَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّيْثِ:
عَجِبْتُ لخِرْطِيطٍ ورَقْمِ جَناحِه، ... ورُمَّة طِخْمِيلٍ ورَعْثِ الضَّغادِر
قَالَ: الطِّخْمِيل الدِّيك.
طربل: الطِّرْبال: عَلَمٌ يُبْنَى، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ بِنَاءٍ عَالٍ، وَقِيلَ: هِيَ كُلُّ قِطْعَةٍ مِنْ جَبَلٍ أَو حَائِطٍ مُسْتَطِيلَةٍ فِي السَّمَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذا مَرَّ أَحدكم بِطِرْبالٍ مَائِلٍ فَلْيُسْرِعِ الْمَشْيَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ شَبِيهٌ بالمَنْظَرة مِنْ مَناظِر الْعَجَمِ كَهَيْئَةِ الصَّوْمعة وَالْبِنَاءِ الْمُرْتَفِعِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَلْوى بِهَا شَذْبُ العُروق مُشَذَّبٌ، ... فكأَنَّما وَكَنَتْ عَلَى طِرْبال
قَالَ الأَزهري: ورأَيت أَهل النَّخْلِ فِي بَيضاء بَنِي جَذِيمَةَ يَبْنون خِياماً مِنْ سَعَف النَّخْلِ فَوْقَ نُقْيان الرَّمال، يَتَظَلَّل بِهَا نواطيرُهم ويُسَمُّونها الطَّرابِيل وَالْعَرَازِيلَ. وَقَالَ شَمِرٌ: الطَّرابِيلُ الأَميال، وَاحِدُهَا طِرْبَال؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هُوَ بناءٌ يُبْنَى عَلَماً لِلْخَيْلِ يُسْتَبَق إِليه وَمِنْهُ مَا هُوَ مِثْلُ الْمَنَارَةِ، وبالمَنْجَشانِيَّة وَاحِدٌ مِنْهَا بِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنَ الْبَصْرَةِ؛ قَالَ دُكَين:
حَتَّى إِذا كَانَ دُوَيْنَ الطِّرْبال، ... رَجَعْنَ مِنْهُ بصَهِيلٍ صَلْصال،
مُطَهَّر الصُّورة مِثْلُ التِّمْثال «2»
. فُسِّر الطِّرْبالُ هُنَا بِالْمَنَارَةِ. الْفَرَّاءُ: الطِّرْبال الصَّوْمَعة؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الْهَدَفُ المُشْرِف؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الطِّرْبَال القِطعة الْعَالِيَةُ مِنَ الجِدار والصخرةُ الْعَظِيمَةُ المُشْرِفة مِنَ الْجَبَلِ، قَالَ: وطَرابِيلُ الشَّامِ صَوامِعُها. ورَجلٌ مُطَرْبِلٌ: يَسحب ذُيوله. وكَتَب أَبو مُحَلِّم إِلى رَجُلٍ: اشترِ لَنَا جَرَّةً ولْتَكُنْ غَيْرَ قَعْراء وَلَا دَنَّاء وَلَا مُطَرْبَلة الْجَوَانِبِ؛ قَالَ ابْنُ حَمُّويه: سأَلت شمِراً عَنِ الدَّنَّاء فَقَالَ: الْقَصِيرَةُ، قَالَ: والمُطَرْبَلَة الطَّوِيلَةُ، وَيُقَالُ: طَرْبَلَ بَوْلَه إِذا مَدَّه إِلى فوق.
__________
(1) . قوله [بني غبر إلخ] ضبط في القاموس بالضم والتشديد ووزنه شارحه بسكر، وفي معجم ياقوت والتكملة والتهذيب بالتخفيف
(2) . قوله [رجعن] هكذا في الأصل، وفي التهذيب ومعجم ياقوت: بشر. وقوله [مطهر] كذا في الأصل ومعجم ياقوت بالراء، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ: مطهم بالميم(11/400)
طرجهل: الْجَوْهَرِيُّ: الطِّرْجِهالةُ كالفِنْجانة مَعْرُوفَةٌ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا طِرْجِهارَة، بِالرَّاءِ؛ قَالَ الأَعشى:
ولَقَدْ شَرِبْتُ الخَمْرَ أُسْقَى ... من إِناءِ الطِّرْجِهارَه
طرغل: التَّهْذِيبِ: فِي كِتَابِ شَمِرٍ الأُطْرُغُلّاتُ هِيَ الدَّباسِيُّ والقَمارِيُّ والصَّلاصلُ ذَوَاتُ الأَطواق، قَالَ: وَلَا أَدري أَمُعَرَّب هو أَم عربي.
طرفل: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ: طَرْفَل دَوَاءٌ مُؤَلَّف، وَلَيْسَ بعربي مَحْض.
طسل: الطَّسْل: الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الأَرض. والطَّسْل: ضَوْءُ السَّراب. والطَّسْل: اضْطِرَابُ السَّراب. وطَسَلَ السرابُ: اضْطَرَبَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تُقَنِّعُ المَوْماة طَسْلًا طاسِلا
وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ رُؤْبَةَ قولُ هِمْيان بْنِ قُحافة فِي الطَّسْل:
بَلْ بَلَدٍ يُكْسى القَتَامَ الطّاسِلا
قَالُوا: الطّاسِل المُلْبِس. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الطَاسِل والسّاطِلُ مِنَ الغُبار الْمُرْتَفِعُ. والطَّيْسَل: السَّراب البَرّاق. ولَيْل طَيْسَلٌ: مُظْلِم. والطَّيْسَل: الرِّيح الشَّدِيدَةُ. والطَّيْسَل: اللَّبَنُ الْكَثِيرُ، وَقِيلَ: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وطَيْسَلَة: اسْمٌ؛ قَالَ:
تَهْزَأُ مِنِّي أُخْتُ آلِ طَيْسَله، ... قَالَتْ: أَراهُ فِي الوَقارِ والعَلَه «1»
. وَيُقَالُ لِلْمَاءِ الْكَثِيرِ طَيْسَلٌ وطَسْلٌ؛ ابْنُ الأَعرابي: الطَّيْسَل الطَّسْتُ، قَالَ: وطَيْسَلَ الرجُل إِذا سَافَرَ سَفَرًا قَرِيبًا فكثُر مالُه؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
تَرْفَع فِي كُلِّ زُقاقٍ قَسْطَلا، ... فصَبَّحَتْ مِنْ شُبْرُمان مَنْهَلا،
أَخْضَرَ طَيْساً زَغْرَبِيٍّا طَيْسَلا
يَصِفُ حَميراً وَرَدَتْ مَاءً. قَالَ: والطَّيْسُ والطَّيْسَل والطَّرْطَبيس بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الْكَثْرَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: مَاءٌ طَيْسَل ونَعَمٌ طَيْسَلٌ أَي كثير. والطَّيْسَل: الغُبار.
طعل: ابْنُ الأَعرابي: الطاعِل السَّهْم المُقَوَّم. والطَّعْل: القَدْح فِي الأَنساب؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَانِ حَرْفَانِ غَرِيبَانِ لَمْ أسمعهما لغيره.
طفل: الطَّفْلُ: البَنان الرَّخْص. الْمُحْكَمُ: الطَّفْل، بِالْفَتْحِ، الرَّخْص النَّاعِمُ، وَالْجَمْعُ طِفالٌ وطُفول؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئة:
إِلى كَفَلٍ مِثْلِ دِعْصِ النَّقا، ... وكَفٍّ تُقَلِّبُ بِيضاً طِفَالا
وَقَالَ ابْنُ هَرْمة:
مَتى مَا يَغْفُلِ الْوَاشُونَ، تومِئْ ... بأَطْرافٍ مُنَعَّمةٍ طُفول
والأُنثى طَفْلة؛ قَالَ الأَعشى:
رَخْصَةٌ طَفْلَةُ الأَنامل، تَرْتَبْبُ ... سُخاماً تَكُفُّه بخِلال
وَقَدْ طَفُل طَفَالةً وطُفُولةً. وَيُقَالُ: جَارِيَةٌ طَفْلةٌ إِذا كَانَتْ رَخْصةً. والطِّفْلُ والطِّفْلة: الصَّغِيرَانِ. والطِّفْل: الصَّغِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بَيِّن الطَّفَل والطَّفالة والطُّفولة والطُّفولية، وَلَا فِعْل لَهُ؛ وَاسْتَعْمَلَهُ صَخْرُ الغَيِّ فِي الوَعِل فَقَالَ:
بِهَا كَانَ طِفْلًا، ثُمَّ أَسدَسَ واستَوى، ... فأَصْبَح لِهْماً فِي لُهوم قَراهِب
__________
(1) . قوله [في الوقار والعله] هكذا في المحكم، وأنشده في التكملة:
مبلطاً لَا شَيْءَ لَهُ
قَالَ: والمبلط المملق(11/401)
وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
ثَلاثاً، فلما اسْتُحِيلَ الجَهامُ، ... واستَجْمَعَ الطِّفْلُ فِيهَا رُشوحا
عَنَى بالطِّفْل السَّحابَ الصِّغار أَي جَمَعتها الرِّيحُ وضمَّتها، وَاسْتَعَارَ لَهَا الرُّشوحَ حِينَ جَعَلَهَا طِفْلًا؛ وَقَوْلُ أَبي كَبِيرٍ:
أَزُهَيْرُ، إِن يُصْبِحْ أَبوك مُقَصِّراً ... طِفْلًا يَنُوءُ، إِذا مَشى للكَلْكَل
أَراد أَنه يُقَصِّر عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ ويَضْعُف مِنَ الكِبَر وَيَرْجِعُ إِلى حَدِّ الصِّبا والطُّفولة، وَالْجَمْعُ أَطْفَال، لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الصَّبيُّ يُدْعى طِفْلًا حِينَ يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمه إِلى أَن يَحتلم. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
وَقَدْ شُغِلَتْ أُمُّ الصَّبيِّ عَنِ الطِّفْل
أَي شُغِلَت بِنَفْسِهَا عَنْ وَلَدِهَا بِمَا هِيَ فِيهِ مِنَ الجَدْب؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
. وَقَوْلُهُمْ: وَقَع فُلَانٌ فِي أَمر لَا يُنادى وَلِيدُه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: طِفْلًا هُنَا فِي مَوْضِعِ أَطفال يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ذكرُ الْجَمَاعَةِ، وكأَنَّ مَعْنَاهُ ثُمَّ يُخْرِج كلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ طِفْلًا. وَقَالَ تَعَالَى: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ
؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: جَارِيَةٌ طِفْلَةٌ وطِفْلٌ، وَجَارِيَتَانِ طِفْلٌ، وجَوارٍ طِفْلٌ، وغُلام طِفْلٌ، وغِلْمان طِفْلٌ. وَيُقَالُ: طِفْلٌ وطِفْلَةٌ وطِفْلانِ وأَطْفالٌ وطِفْلَتانِ وطِفْلاتٌ فِي الْقِيَاسِ. والطِّفْل: الْمَوْلُودُ، وولَدُ كلِّ وحْشِيَّة أَيضاً طِفْلٌ، وَيَكُونُ الطِّفْل وَاحِدًا وَجَمْعًا مِثْلَ الجُنُب. وغُلام طَفْلٌ إِذا كَانَ رَخْص القَدَمين وَالْيَدَيْنِ. وامرأَة طَفْلة البَنان: رَخْصَتُها فِي بَيَاضٍ، بَيِّنة الطُّفولة، وَقَدْ طَفُلَ طَفالةً أَيضاً؛ وبَنانٌ طَفْلٌ، وإِنما جَازَ أَن يُوصَفَ البَنانُ وَهُوَ جمعٌ بالطَّفْل وَهُوَ وَاحِدٌ، لأَن كُلَّ جَمْعٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ إِلَّا الْهَاءُ فإِنه يُوَحَّد ويُذَكَّر: وَلِهَذَا قَالَ حُمَيْدٌ:
فَلَمَّا كَشَفْنَ اللِّبْسَ عَنْهُ، مَسَحْنَه ... بأَطراف طَفْلٍ، زَانَ غَيْلًا مُوَشَّما
أَراد بأَطراف بَنان طَفْلٍ فَجَعَلَهُ بَدَلًا عَنْهُ، قَالَ: والطِّفْل الصَّغِيرُ مِنْ أَولاد النَّاسِ وَالدَّوَابِّ. وأَطْفَلَتِ المرأَةُ والظَّبْيَة والنَّعَم إِذا كَانَ مَعَهَا ولدٌ طِفْلٌ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
فعَلا فُروعَ الأَيْهَقان، وأَطْفَلَتْ ... بالجَلْهَتَيْن ظِباؤها ونَعامُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُ لَبِيدٍ وأَطْفَلَتْ بالجَلْهَتَيْن، فإِنه أَراد وباضَ نَعامُها؛ وَلَكِنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ:
شَرَّابُ أَلبانٍ وتَمْرٍ وأَقِط
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ؛ فَسِيبَوَيْهِ يَطْرُده والأَخفش يَقِفُه. أَبو عُبَيْدٍ: نَاقَةٌ مُطْفِلٌ وَنُوقٌ مَطافِلُ ومَطافِيلُ، بالإِشباع، مَعَهَا أَولادها. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَارَتْ قُرَيْشٌ بالعُوذ المَطَافِيل
أَي الإِبل مَعَ أَولادها، والعُوذ: الإِبل الَّتِي وَضَعَت أَولادها حَدِيثاً؛ وَيُقَالُ: أَطْفَلَتْ، فَهِيَ مُطْفِلٌ ومُطْفِلة، يُرِيدُ أَنهم جاؤوا بأَجمعهم كِبَارُهُمْ وَصِغَارُهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: فأَقْبَلْتم إِليّ إِقبالَ العُوذ المَطافِل
، فَجَمَعَ بِغَيْرِ إِشباع. والمُطْفِل: ذَاتُ الطِّفْل مِنَ الإِنسان وَالْوَحْشُ مَعَهَا طِفْلُها، وَهِيَ قَرِيبَةُ عَهْدٍ بالنَّتاج، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، وَالْجَمْعُ مَطافِيل ومَطافِلُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وإِنَّ حَديثاً مِنْكِ، لَوْ تَبْذُلِينَه، ... جَنَى النَّحْل فِي أَلبانِ عُوذٍ مَطافِل(11/402)
مَطافِيلَ أَبكارٍ حديثٍ نَتاجُها، ... تُشاب بماءٍ مِثْل مَاءِ المِفاصِل
وطَفَّلَتِ الناقةُ: رَشَّحَتْ طِفْلَها؛ قَالَ الأَخطل:
إِذا زَعْزَعَتْه الرِّيحُ جَرَّ ذُيولَه، ... كَمَا رَجَّعَتْ عُوذٌ ثِقالٌ تُطَفِّل
وَلَيْلَةٌ مُطْفِلٌ: تَقْتُل الأَطفال ببَرْدِها. والطِّفْل: الْحَاجَةُ. وأَطْفَالُ الْحَوَائِجِ: صِغارُها. والطِّفْل: الشمسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا. والطِّفْل: اللَّيْلُ: وَيُقَالُ لِلنَّارِ سَاعَةَ تُقْدَح: طِفْلٌ وطِفْلَة. ابْنُ سِيدَهْ: والطِّفْلُ سَقْطُ النَّارِ، وَالْجَمْعُ أَطْفال؛ وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ فُسِّرَ بِهِ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
لأَرْتَحِلَنْ بالفَجْرِ، ثُمَّ لأَدْأَبَنْ ... إِلى اللَّيْل، إِلَّا أَنْ يُعَرِّجَني طِفْلُ
يَعْنِي حَاجَةً يَسِيرَةً مِثْلَ قَدْح نَارٍ أَو نزولٍ لِلْبَوْلِ وَمَا أَشبهه، وكلُّ جُزْء مِنْ ذَلِكَ طِفْلٌ، كَانَ عَيْنَاً أَو حَدَثاً، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَمِنْ هُنَا قَالُوا طِفْل الهَمِّ والحُبِّ؛ قَالَ:
يَضُمُّ إِليّ اللَّيْلُ أَطْفالَ حُبِّها، ... كَمَا ضَمَّ أَزْرارَ القَميص البَنائقُ
والتَّطْفيلُ: السَّيْرُ الرُّوَيْد. يُقَالُ: طَفَّلْتُها تَطْفِيلًا يَعْنِي الإِبل، وَذَلِكَ إِذا كَانَ مَعَهَا أَولادها فَرَفَقْتَ بِهَا فِي السَّيْرِ ليَلْحَقَها أَولادها الأَطفالُ؛ فأَما قَوْلُ كَهْدَلٍ الرَّاجِزِ:
يَا ربِّ لَا تَرْدُدْ إِلينا طِفْيَلا
فإِما أَن يَكُونَ طِفْيَل بِنَاءً وَضْعِيّاً كرجُل طِرْيَم وَهُوَ الطَّوِيلُ ويَعْنِي بِهِ طِفْلًا، وإِما أَن يَكُونَ أَراد طُفَيْلًا يُصَغِّره بِذَلِكَ ويُحَقِّره، فلَمَّا لَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الْوَزْنُ غَيَّر بِنَاءَ التَّصْغِيرِ وَهُوَ يُرِيدُهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الأَعرابي، وَالْقِيَاسُ مَا بدأْنا بِهِ. وطَفَلُ العَشيِّ: آخرُه عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَاصْفِرَارِهَا، يُقَالُ: أَتيته طَفَلًا وعِشاءً طَفَلًا، فإِما أَن يَكُونَ صِفَةً، وإِما أَن يَكُونَ بَدَلًا. وطَفَلَت الشمسُ تَطْفُلُ طُفُولًا وطَفَّلَتْ تَطْفِيلًا: هَمَّت بِالْوُجُوبِ ودَنَتْ لِلْغُرُوبِ. وتَطْفيلُ الشَّمْسِ: مَيْلُها لِلْغُرُوبِ. الأَزْهري: طَفَلَتْ فَهِيَ تَطْفُلُ طَفْلًا. وَيُقَالُ: طَفَّلَت تَطْفيلًا إِذا وَقَعَ الطَّفَل فِي الْهَوَاءِ وَعَلَى الأَرض وَذَلِكَ بالعَشيِّ؛ وأَنشد:
باكَرْتُها طَفَلَ الغَداة بِغارةٍ، ... والمُبْتَغُون خِطارَ ذَاكَ قليلُ
وَقَالَ لبيد:
وعلى الأَرْضِ غَياباتُ الطَّفَل
وَقَالَ ابْنُ بُزُرْج: يُقَالُ أَتيته طَفَلًا أَي مُمْسِياً، وذلك بعد ما تَدْنُو الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ، وأَتيته طَفَلًا: وَذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، أُخِذ مِنَ الطِّفْل الصَّغِيرِ؛ وأَنشد:
وَلَا مُتَلافِياً، والشَّمْسُ طِفْلٌ، ... بِبَعْض نَواشِغ الْوَادِي حُمولا «1»
. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَرِه الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَازَةِ إِذا طَفَلَتِ الشمسُ لِلْغُرُوبِ
أَي دَنَتْ مِنْهُ، وَاسْمُ تِلْكَ السَّاعَةِ الطَّفَلُ. وَجَارِيَةٌ طِفْلَةٌ إِذا كَانَتْ صَغِيرَةً، وَجَارِيَةٌ طَفْلة إِذا كَانَتْ رَقِيقَةَ البَشَرة نَاعِمَةً. الأَصمعي: الطَّفْلة الجارية
__________
(1) . قوله [ولا متلافيا إلخ] لعل تخريج هذا هنا من الناسخ فإن محله تقدم عند قوله وَالطِّفْلُ الشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا كما صنع شارح القاموس(11/403)
الرَّخْصة النَّاعِمَةُ، وَكَذَلِكَ البَنانُ الطَّفْل. والطِّفْلة: الْحَدِيثَةُ السِّنِّ، والذَّكَرُ طِفْلٌ. وطَفَّلَ اللَّيْلُ: دَنا وأَقْبَل بِظَلَامِهِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وطَيِّبةٍ نَفْساً بتأْبين هالكٍ ... تَذَكَّرُ أَخْداناً، إِذا اللَّيْلُ طَفَّلا
قَوْلُهُ طَيِّبة نَفْساً أَي أَنها لَمْ تُعْطَ أَجراً عَلَى نَوْح هالِكٍ، إِنما تَنُوحُ لشَجْو أُخرى تَبْكِي عَلَى ابْنِهَا أَو غَيْرِهِ. وطَفَلْنا وأَطْفَلْنا: دَخَلْنَا فِي الطَّفَل. والطَّفَلُ: طَفَلُ الغَداة وطفَلُ العَشيّ مِنْ لَدُنْ أَن تَهُمَّ الشمسُ بالذُّرُور إِلى أَن يَسْتَمْكِنَ الضَّحُّ مِنَ الأَرض. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: طَفَلُ الغَداة مِنْ لَدُنْ ذُرور الشَّمْسِ إِلى اسْتِكْمَالِهَا فِي الأَرض. الْجَوْهَرِيُّ: والطَّفَل، بِالتَّحْرِيكِ، بَعْدَ الْعَصْرِ إِذا طَفَلت الشمسُ لِلْغُرُوبِ، والطَّفَل أَيضاً: مَطَرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لِوَهْدٍ جادَهُ طَفَلُ الثُّرَيَّا
وطُفَيْلٌ: شَاعِرٌ مَعْرُوفٌ؛ وطُفَيْلُ الأَعراس، وطُفَيْل الْعَرَائِسِ: رجُلٌ مَنْ أَهل الْكُوفَةِ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفان كَانَ يأْتي الْوَلَائِمَ دُونَ أَن يُدْعى إِليها، وَكَانَ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَن الْكُوفَةَ كُلَّها بِرْكة مُصَهْرَجَةٌ فَلَا يَخْفى عليَّ مِنْهَا شَيْءٌ، ثُمَّ سُمِّي كُلُّ راشِنٍ طُفَيْلِيّاً وصَرَّفوا مِنْهُ فِعْلًا فَقَالُوا طَفَّلَ. ورجُلٌ طِفْليلٌ: يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ فيأْكل طَعامَهم مِنْ غَيْرِ أَن يُدْعى. ابْنُ السِّكِّيتِ، وفي قَوْلِهِمْ فُلَانٌ طُفَيْليٌّ لِلَّذِي يَدْخُلُ الْوَلِيمَةَ والمآدبَ وَلَمْ يُدْعَ إِليها، وَقَدْ تَطَفَّلَ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى طُفَيْل الْمَذْكُورِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الطُّفَيْليَّ الرَّاشِنَ والوارِش. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: الطُّفَيْليّ والوارِش والواغِل والأَرْشم والزَّلَّال والقَسْقاس وَالنَّتِيلُ والدَّامِر والدَّامِق والزَّامِجُ واللَّعمَظ واللَّعْمُوظ والمَكْزَم. والطُّفَال والطَّفَال: الطِّين الْيَابِسُ، يَمانيةٌ. وطَفِيلٌ، بِفَتْحِ الطَّاءِ: اسْمُ جَبَلٍ، وَقِيلَ مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
وهَلْ أَرِدَنْ، يَوْمًا، مِياه مَجَنَّة؟ ... وهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شامةٌ وطَفِيل؟
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي شِعْرِ بِلَالٍ:
وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شامةٌ وطَفِيل؟
قَالَ: قِيلَ هُمَا جَبَلَانِ بِنَوَاحِي مَكَّةَ، وَقِيلَ عينانِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: التَّطْفِيل مِنْ كَلَامِ أَهل الْعِرَاقِ، وَيُقَالُ: هُوَ يَتَطَفَّل فِي الأَعراس، وَقَالَ أَبو طَالِبٍ قَوْلُهُمْ الطُّفَيْليُّ: قَالَ الأَصمعي: هُوَ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَى الْقَوْمِ مِنْ غَيْرِ أَن يَدْعُوه، مأْخوذ مِنَ الطَّفَل وَهُوَ إِقبال اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ بظُلْمته. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الطَّفَلُ الظُّلمة نفسُها؛ وأَنشد لِابْنِ هَرْمة:
وَقَدْ عَرانيَ مِنْ لَوْنِ الدُّجَى طَفَلُ
أَراد أَنه يُظْلِمُ عَلَى الْقَوْمِ أَمرُه فَلَا يَدْرُونَ مَن دَعاه وَلَا كَيْفَ دَخَل عَلَيْهِمْ؛ قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ نُسِبَ إِلى طُفَيْل بْنِ زَلَّالٍ رَجُلٍ مِنْ أَهل الْكُوفَةِ. وريحٌ طِفْلٌ إِذا كَانَتْ ليِّنة الْهُبُوبِ. وعُشْبٌ طِفْلٌ: لَمْ يَطُلْ، وطَفْلٌ أَي ناعمٌ.
طفأل: الطِّفْئِل: الْمَاءُ الرَّنْق الكَدِرُ يَبْقى فِي الْحَوْضِ، وَاحِدَتُهُ طِفْئلةٌ، يَعْنِي بِالْوَاحِدَةِ الطائفة.
طفنشل: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ عَنِ الأُموي: الطَّفَنْشَأُ، مَقْصُورٌ مَهْمُوزٌ، الضعيفُ مِنَ الرِّجَالِ. وَقَالَ شَمِرٌ: الطَّفَنْشَلُ بِاللَّامِ؛ وأَنشد:(11/404)
لمَّا رأَتْ بُعَيْلَها زِنْجِيلا، ... طَفَنْشَلًا لَا يَمْنَعُ الفَصِيلا
قَالَتْ لَهُ مَقَالَةً تَفْصِيلا: ... ليْتَكَ كُنْت حَيْضةً تَمْصيلا
قَالَ: أَنشَدَنيه الإِيادِيُّ كَذَلِكَ.
طلل: الطَّلُّ: المَطَرُ الصِّغارُ القَطر الدائمُ، وَهُوَ أَرْسخُ الْمَطَرِ نَدًى. ابْنُ سِيدَهْ: الطَّلُّ أَخَفُّ الْمَطَرِ وأَضعفه ثُمَّ الرَّذاذُ ثُمَّ البَغْش، وَقِيلَ: هُوَ النَّدى، وَقِيلَ: فَوْقَ النَّدى وَدُونَ الْمَطَرِ، وَجَمْعُهُ طِلالٌ؛ فأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
مِثْلُ النَّقا لبَّدَه ضَرْبُ الطَّلَل
فإِنه أَراد ضرْب الطَّلِّ ففَكَّ المُدْغَم ثُمَّ حرَّكه، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ ضربُ الطِّلل، أَراد ضَرْبُ الطِّلال فَحَذَفَ أَلف الْجَمْعِ. ويومٌ طَلٌّ: ذُو طَلٍّ. وطُلَّتِ الأَرضُ طَلًّا: أَصابها الطَّلُّ، وطلَّت فَهِيَ طَلَّةٌ: ندِيَتْ، وطَلَّها النَّدى، فَهِيَ مَطْلَولةٌ. وَقَالُوا فِي الدُّعَاءِ: طُلَّتْ بلادُك وطَلَّتْ، فطُلَّت: أُمْطِرت، وطَلَّت: نديَتْ. وَقَالَ أَبو إِسحاق: طُلَّتْ، بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ. يُقَالُ: رحُبَتْ بلادُك وطُلَّتْ، بِالضَّمِّ، وَلَا يُقَالُ طَلَّتْ لأَن الطَّلَّ لَا يَكُونُ مِنْهَا إِنما هِيَ مُفَعْوِلَةٌ، وَكُلُّ ندٍ طَلٌّ. وَقَالَ الأَصمعي: أَرضٌ طَلَّة نديَةٌ وأَرضٌ مَطْلُولة مِنَ الطَّلِّ. وطَلَّت السماءُ: اشْتَدَّ وقعُها. والمُطَلِّل: الضَّباب، وَيُقَالُ للنَّدى الَّذِي تُخْرِجُهُ عُرُوقُ الشَّجَرِ إِلى غُصُونِهَا طَلٌّ. وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ:
ثُمَّ يُرْسِل اللَّهُ مَطَرًا كأَنه الطَّلُ
؛ الطَّلُّ: الَّذِي يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فِي الصَّحْو، والطَّلُّ أَيضاً: أَضعف الْمَطَرِ. والطَّلُّ: قِلَّة لَبن النَّاقَةِ، وَقِيلَ: هُوَ اللَّبَنُ قَلَّ أَو كَثُر. والمَطْلُول: اللَّبَن المَحْضُ فَوْقَهُ رغْوة مصبوبٌ عَلَيْهِ ماءٌ فتَحْسبُه طَيِّباً وَهُوَ لَا خَيْرَ فِيهِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وبحَسْب قَوْمِك، إِن شَتَوْا، مَطْلُولَةٌ، ... شَرَع النَّهار، ومَذْقةٌ أَحياناً
وَقِيلَ: المَطْلولة هُنَا جِلدة موْدُونة بِلَبَنٍ مَحْضٍ يأْكلونها. وَقَالُوا: مَا بِهَا طَلٌّ وَلَا ناطِلٌ، فالطَّلُّ اللَّبَنُ، والنَّاطِلُ الْخَمْرُ. وَمَا بِهَا طَلٌّ أَي طِرْقٌ. وَيُقَالُ: مَا بِالنَّاقَةِ طَلٌّ أَي مَا بِهَا لَبَنٌ. والطُّلَّى: الشَّرْبة مِنَ الْمَاءِ. والطَّلُّ: هَدْرُ الدَّم وَقِيلَ: هُوَ أَن لَا يُثْأَر بِهِ أَو تُقْبَل ديَتُه، وَقَدْ طَلَّ الدمُ نفسُه طَلًّا وطَلَلْتُه أَنا؛ قَالَ أَبو حيَّة النُّميري:
ولكنْ، وبَيْتِ اللهِ، مَا طَلَّ مُسْلِماً ... كغُرِّ الثَّنايا واضحاتِ المَلاغِم
وَقَدْ طُلَّ طَلًّا وطُلُولًا، فَهُوَ مَطْلُولٌ وطَلِيلٌ، وأُطِلَّ وأَطَلَّه اللهُ. الْجَوْهَرِيُّ: طَلَّه اللهُ وأَطَلَّه أَي أَهدره. أَبو زَيْدٍ: طُلَّ دَمُه، فَهُوَ مَطْلُولٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
دِماؤُهُم لَيْسَ لَهَا طالِبٌ، ... مَطْلُولةٌ مِثْلُ دَمِ العُذْرَه
أَبو زَيْدٍ: طُلَّ دَمُه وأَطَلَّه اللهُ، وَلَا يُقَالُ طَلَّ دَمُه، بِالْفَتْحِ، وأَبو عُبَيْدَةَ وَالْكِسَائِيُّ يَقُولَانِهِ. وَيُقَالُ: أُطِلَّ دَمُه؛ أَبو عُبَيْدَةَ: فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: طَلَّ دَمُه وطُلَّ دَمُه وأُطِلَّ دَمُه. والطُّلَّاءُ: الدَّمُ المَطْلُول؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: هَمْزَتُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ مُبْدَلةٍ مِنْ لَامٍ وَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ مُحَوّل التَّضْعِيفِ، كَمَا قَالُوا لَا أَمْلاه يُرِيدُونَ لَا أَمَلُّه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ(11/405)
فَانْتَزَعَ يَدَه مِنْ فِيهِ فسَقَطَتْ ثَناياه فطَلَّها رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي أَهْدَرَها وأَبطلها؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى طَلَّها، بِالْفَتْحِ، وإِنما يُقَالُ طُلَّ دَمُه وأُطِلَّ وأَطَلَّه اللهُ، وأَجاز الأَوَّلَ الْكِسَائِيِّ؛ قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
مَنْ لَا أَكَل وَلَا شَربَ وَلَا اسْتَهَلَّ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ.
وطَلَّه حقَّه يَطُلُّه: نقَصَه إِيَّاه وأَبْطَله. خَالِدُ بْنُ جَنْبة: طَلَّ بَنُو فُلَانٍ فُلَانًا حقَّه يَطُلُّونه إِذا مَنَعُوهُ إِياه وحبسوه مِنْهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: طَلَّه أَي مَطَله؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ يَعْمَر لِزَوْجِ المرأَة الَّتِي حاكَمَتْه إِليه طَالِبَةً مَهْرَها: أَنْشَأْتَ تَطُلُّها وتَضَهَلُها
؛ تَطُلُّها أَي تَمْطُلها، طَلَّ فُلَانٌ غَرِيمَه يَطُلُّه إِذا مَطَله، وَقِيلَ يَطُلُّها يَسْعَى فِي بُطْلَانِ حقِّها كأَنه مِنَ الدَّم المَطلول. ورَجُلٌ طَلٌّ: كَبِيرُ السِّنِّ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والطَّلَّةُ: الخَمْر اللَّذيذة. وخَمْرةٌ طَلَّة أَي لَذيذةٌ؛ قَالَ حُمَيْد بْنُ ثَوْر:
أَظَلُّ كأَنِّي شارِبٌ لِمُدامةٍ، ... لَهَا فِي عِظامِ الشَّارِبِينَ دَبيبُ
رَكُودِ الحُمَيَّا طَلَّةٍ شابَ ماءَها ... بِهَا، مِنْ عَقاراءِ الكُرُومِ، رَبِيبُ
أَراد مِنْ كُرُومِ العَقاراء فَقَلب. ورائحةٌ طَلَّة: لَذِيذَةٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَجِيءُ بِرَيّا مِنْ عُثَيْلَة طَلَّةٍ، ... يَهَشُّ لَهَا القَلْبُ الدَّوِي فيُثِيبُ
وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
بِرِيحِ خُزامَى طَلَّةٍ مِنْ ثِيَابِهَا، ... وَمِنْ أَرَجٍ مِنْ جَيِّدِ المِسْك ثاقِب
وحديثٌ طَلٌّ أَي حَسَنٌ. الْفَرَّاءُ: الطُّلَّة الشَّرْبة مِنَ اللَّبَن، والطَّلَّة النَّعْمة، والطَّلَّة الخمْرة السَّلِسة، والطِّلَّة الحُصْر. قَالَ يَعْقُوبُ، وَحُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو: مَا بِالنَّاقَةِ طُلٌّ، بِالضَّمِّ، أَي بِهَا لَبَنٌ. وطَلَّةُ الرجُل: امرأَتُه، وَكَذَلِكَ حَنَّتُه؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ حَسَّان:
أَفي نابَيْنِ نالَهُما إِسافٌ ... تأَوَّهُ طَلَّتي، مَا إِنْ تَنامُ؟
والنَّابُ: الشَّارِف مِنَ النُّوق، وإِسافٌ: اسْمُ رَجُل؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
وإِنِّي لَمُحْتاجٌ إِلى مَوْتِ طَلَّتي، ... ولكنْ قَرِينُ السُّوءِ باقٍ مُعَمَّرُ
وَقَوْلُ أَبي صَخْر الهُذَلي:
كَمَوْرِ السُّقَى فِي حائِرٍ غَدِقِ الثَّرَى، ... عِذاب اللَّمَى بِحَنِينٍ طَلَّ المَناسِب «2»
. قَالَ السُّكَّري: مَعْنَاهُ أَحْسَن المَناسِب؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَهُوَ يَعُودُ إِلى مَعْنَى اللَّذَّة؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبي صَخْرٍ أَيضاً:
قَطَعْت بهنَّ العَيشَ والدَّهْرَ كُلَّه، ... فَحَبِّرْ وَلَوْ طَلَّتْ إِليك المَناسِبُ
أَي حَسُنَتْ وأَعْجَبَتْ. والطَّلل: مَا شَخَص مِنْ آثَارِ الدِّيَارِ، والرَّسْمُ مَا كَانَ لاصِقاً بالأَرض، وَقِيلَ: طَلَلُ كُلِّ شَيْءٍ شَخْصُه، وَجَمْعُ كَلِّ ذَلِكَ أَطْلالٌ وطُلول. والطَّلالةُ: كالطَّلَل؛ التَّهْذِيبُ: وطَلَلُ الدَّارِ يُقَالُ إِنه مَوْضِعٌ مِنْ صَحْنِها يُهَيَّأُ لِمَجْلِسِ أَهلها، وطَلَلُ الدار
__________
(2) . قوله [كمور السقى] كذا ضبط في الأَصل ولم ينقط فيه لفظ بحنين(11/406)
كالدُّكَّانةِ يُجْلَس عَلَيْهَا؛ أَبو الدُّقَيْش: كَانَ يَكُونُ بفِناءِ كُلِّ بَيْتٍ دُكَّانٌ عَلَيْهِ المَشْرَبُ والمَأْكَلُ، فَذَلِكَ الطَّلَلُ. وَيُقَالُ: حيَّا اللَّهُ طُلَلَك وأَطْلالَك أَي مَا شَخَصَ مِنْ جَسدَك، وحيَّا اللهُ طَلَلك وطَلالَتك أَي شَخْصَك. وَيُقَالُ: فرس حَسَنُ الطَّلالة، وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنْ خَلْقه. والإِطْلال: الإِشْرافُ عَلَى الشَّيْءِ. وَيُقَالُ: رأَيت نِسَاءً يَتَطالَلْنَ مِنَ السُّطُوح أَي يَتَشَوَّفْنَ. وتَطَالَلْت: تَطاوَلْت فنَظَرْت. أَبو العَمَيْثَل: تَطالَلْت لِلشَّيْءِ وتَطاوَلْت بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وتَطالَّ أَي مَدَّ عُنُقَه يَنْظُرُ إِلى الشَّيْءِ يَبْعُد عَنْهُ؛ وَقَالَ طَهْمانُ بْنُ عَمْرٍو:
كَفَى حَزَناً أَنِّي تَطالَلْتُ كَيْ أَرى ... ذُرَى قُلَّتَيْ دَمْخٍ، فَمَا تُرَيانِ
أَلا حَبَّذا، واللهِ، لَوْ تَعْلَمانِه ... ظِلالُكُما، يَا أَيُّها العَلَمانِ
وماؤكُما العَذْب الَّذِي لَوْ شَرِبْتُه، ... وَبِي نافِضُ الحُمَّى، إِذاً لشَفائي
أَبو عَمْرٍو: التَّطالُّ الاطِّلاع مِنْ فَوْق الْمَكَانِ أَو مِنَ السِّتْر. وأَطَلَّ عَلَيْهِ أَي أَشْرَف؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَنا البازِي المُطِلُّ عَلَى نُمَيْرٍ، ... أُتِيحَ مِنَ السَّمَاءِ لَهَا انْصبابا
وَتَقُولُ: هَذَا أَمرٌ مُطِلٌّ أَي لَيْسَ بمُسْفِرٍ. وَفِي حَدِيثِ
صَفِيَّة بِنْتِ عَبْدِ المُطَّلب: فأَطَلَّ عَلَيْنَا يهوديٌ
أَي أَشرف، قَالَ وَحَقِيقَتُهُ: أَوْفَى عَلَيْنَا بطَلَله أَي شَخْصِهِ. وتَطاوَلَ عَلَى الشَّيْءِ واسْتَطَلَّ: أَشْرَف؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
ومنْه يَمانٍ مُسْتَطِلٌّ، وجالسٌ ... لعَرْضِ السَّراة، مُكْفَهِرًّا صَبِيرُها
وطَلَلُ السَّفِينَةِ: جِلالُها، وَالْجَمْعُ الأَطْلال. والطَّلِيلُ: الحَصير؛ الْمُحْكَمُ: الطَّلِيل حَصيرٌ منسوجٌ مِنْ دَوْمٍ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُعْمَل مِنَ السَّعَف أَو مِنْ قُشور السَّعَف، وَجَمْعُهُ أَطِلَّةٌ وطُلُلٌ. التَّهْذِيبُ: أَبو عمرو الطَّلِيلة البُورِياءُ، وقال الأَصمعي: الباريُّ لَا غَيْرُ. أَبو عَمْرٍو: الطِّلُّ الحيَّة؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الطَّلُّ، بِالْفَتْحِ، للحَيَّة. وَيُقَالُ أَطَلَّ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ بالأَذى إِذا دَامَ عَلَى إِيذائه؛ وَقَوْلُهُمْ: لَيْسَتْ لِفُلَانٍ طَلالةٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَيْسَتْ لَهُ حالٌ حَسَنة وَهَيْئَةٌ حَسَنَةٌ، وَهُوَ مِنَ النَّبَاتِ المَطلولِ، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: لَيْسَتْ لَهُ طَلالة، قَالَ: الطَّلالة الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ؛ وأَنشد:
فَلَمَّا أَنْ وَبِهْتُ وَلَمْ أُصادِفْ ... سِوى رَحْلي، بَقِيتُ بِلَا طَلاله
مَعْنَاهُ بِغَيْرِ فَرَحٍ وَلَا سُرور. وَقَالَ الأَصمعي: الطَّلالة الحُسْنُ وَالْمَاءُ. وخَطَبَ فُلَانٌ خُطْبةً طَلِيلة أَي حَسَنَةً. وَعَلَى مَنْطِقه طَلالةُ الحُسْن أَي بَهْجتُه؛ وَقَالَ:
فقلتُ: أَلم تَعْلَمِي أَنَّه ... جَمِيل الطَّلالة حُسَّانُها؟
وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَنه كَانَ يُصَلي على أَطلال السفينة
؛ هي جَمْعُ طَلَلٍ وَيُرِيدُ بِهَا شِرَاعَهَا. وأَطلال: اسْمُ ناقةٍ، وَقِيلَ: اسْمُ فرَس يزْعم النَّاسُ أَنها تَكَلَّمَتْ لَمَّا هَرَبَت فارسُ يَوْمَ القادِسيَّة، وَذَلِكَ أَن الْمُسْلِمِينَ تَبِعوهم فَانْتَهَوْا إِلى نَهَرٍ قَدْ قُطِع جِسْرُه فَقَالَ(11/407)
فَارِسُهَا: ثِبي أَطْلالُ فَقَالَتْ: وَثَبْتُ وسُورةِ البقَرة؛ وإِياها عَنَى الشَّمّاخ بِقَوْلِهِ:
لَقَدْ غابَ عَنْ خَيْلٍ، بمُوقانَ أُحْجِرَتْ، ... بُكَيرُ بَني الشَّدَّاخِ فارِسُ أَطلال
وبُكَيرٌ: هُوَ اسْمُ فَارِسِهَا. وَذُو طِلالٍ: اسْمُ فَرَسٍ؛ قَالَ غُوَيَّة بْنُ سُلْمى بْنِ رَبيعة، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عُوَيَّة بِعَيْنِ مُهْمَلَةٍ:
أَلا نادَتْ أُمامَةُ باحْتِمالِ ... لتَحْزُنَني، فَلا بِكِ لَا أُبالي
فَسِيري، مَا بَدا لكِ، أَو أَقيمي، ... فأَيًّا مَّا أَتَيْتِ، فَعَنْ يُقَالُ
وكيفَ تَروعُني امرأَةٌ بِبَيْنٍ، ... حَياتيَ، بَعْدَ فَارِسِ ذِي طِلال
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ هُوَ مَوْضِعٌ بِبِلَادِ بَنِي مُرَّة، وَقِيلَ: هُنَاكَ قبرُ المُرِّي «1» والأَشهر أَن ذَا طِلال اسْمُ فَرَسٍ لِبَعْضِ الْمَقْتُولِينَ مِنْ أَصحاب غُوَيَّة، أَلا تُرَاهُ يَقُولُ بَعْدَ هَذَا:
وبَعْدَ أَبي ربيعةَ عَبدِ عَمْرٍو ... ومَسْعُودٍ، وبعدَ أَبي هِلالِ
والطُّلَطِلةُ والطُّلاطِلة، كِلْتَاهُمَا: الدَّاهِيَةُ، وَقِيلَ: الطُّلاطِلَة والطُّلاطِل دَاءٌ يأْخُذ الحُمُر فِي أَصلابها فيَقْطَع ظُهورَها. والطُّلاطِلةُ والطُّلاطِل: الْمَوْتُ، وَقِيلَ: هُوَ الدَّاءُ العُضال. وَقَالُوا: رَمَاهُ الله بالطُّلاطِلة والحُمَّى المماطِلة، وَهُوَ وَجَعٌ فِي الظَّهْر، وَقِيلَ: رَمَاهُ اللَّهُ بالطُّلاطِلة، هُوَ الدَّاءُ العُضال الَّذِي لَا يُقدَر لَهُ عَلَى حِيلَةٍ وَلَا دَوَاءٍ وَلَا يَعرِف المُعالِج مَوْضِعِهِ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: الطُّلاطِلة الذِّبْحةُ الَّتِي تُعْجِله؛ والحُمّى المماطِلة: الرِّبْعُ تماطِل صاحبَها أَي تُطاوِله؛ قَالَ: والطُّلاطِلة سُقوط اللَّهاة حَتَّى لَا يُسِيغ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا، وَزَادَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي ذَلِكَ قَالَ: رَمَاهُ اللهُ بالطُّلاطِلة والحُمّى الْمُمَاطَلَةِ، فإِنه إِسْبٌ مِنَ الرِّجَالِ، والإِسْبُ اللَّئِيمُ. والطُّلاطِلة: لُحْمَةٌ فِي الحَلْق؛ قَالَ الأَصمعي: الطُّلاطِلة هِيَ اللَّحْمة السَّائِلَةُ عَلَى طَرَف المُسْترَط. وَيُقَالُ: وَقعَتْ طُلاطِلتُه يَعْنِي لهَاتَه إِذا سقَطتْ. والطُّلْطُل: الْمَرَضُ الدَّائِمُ. وَذُو طَلالٍ: ماءٌ قَرِيبٌ مِنَ الرَّبَذة، وَقِيلَ: هُوَ وَادٍ بالشَّرَبَّة لغَطَفان؛ قَالَ عُرْوة بْنُ الوَرْد:
وأَيَّ النَّاسِ آمَنُ بَعْدَ بَلْجٍ، ... وقُرَّة صاحِبَيَّ بذي طَلال؟
طمل: الطَّمْلُ: السَّير الْعَنِيفُ. طَمَلَ الإِبلَ يَطمُلها طَمْلًا وطَمَلْت الناقةَ طَمْلًا: سيَّرْتها سَيْرًا فَسِيحًا. والطِّمْلُ مِنَ الرِّجَالِ: الفاحشُ البَذيُّ الَّذِي لَا يُبالي مَا صنَع وَمَا أَتى وَمَا قِيلَ لَهُ، وإِنه لَمِلْطٌ طِمْلٌ، وَالْجَمْعُ طُمُولٌ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
أَطاعوا فِي الغَوايةِ كُلَّ طِمْلٍ، ... يَجُرُّ المُخْزِيات وَلَا يُبالي
وَالِاسْمُ الطُّمُولة. ورجُلٌ طَمِيلٌ: خَفِيُّ الشأْن. والطِّمْل والطِّمْلِيل: اللصُّ، وَقِيلَ: اللِّصُّ الْفَاسِقُ، وعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ كلَّ لِصٍّ. وانْطَمَلَ فُلَانٌ إِذا شَارَكَ اللُّصوص. والطِّمْلالُ: اللصُّ. والطِّملال: الذِّئْبُ. والطِّمْلُ والطِّمِلُّ والطِّمْلالُ: الذِّئْبُ الأَطلَسُ الخفِيُّ الشَّخْصِ. والطِّمْلُ والطِّمْلال والطِّمْلِيل والطُّمْلُول: الفقير السيِءُ الحال القَشِف
__________
(1) . قوله [قبر المري] عبارة ياقوت: وفيه قَبْرُ تَمِيمُ بْنُ مُرِّ بْنِ أُدٍّ بن طابخة(11/408)
الْقَبِيحُ الْهَيْئَةِ الأَغبر، وَقِيلَ: هُوَ الْعَارِي مِنَ الثِّيَابِ وأَكثر مَا يُوصَفُ بِهِ الْقَانِصُ. والطَّمْلة والطَّمَلة: الحمْأَة والطينُ، وَقِيلَ: مَا بَقِيَ فِي أَسفل الْحَوْضِ مِنَ الْمَاءِ الكَدِر. والطِّمْلُ: الْمَاءُ الكَدِر. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ صَارَ الْمَاءُ دَكَلة وطَمَلة وثُرْمُطةً، كُلُّهُ الطِّينُ الرَّقِيقُ. واطُّمِلَ مَا فِي الْحَوْضِ. أُخرِج فَلَمْ يُترك فِيهِ قَطْرة، وَهُوَ افْتُعِل مِنْهُ. والطِّمْل: الثَّوْبُ الَّذِي أُشبِع صَبْغُه. والطِّمْل: النَّصِيب. والسَّهم الطَّمِيل والمَطْمُول: المُلَطَّخ بِالدَّمِ؛ قَالَ أَبو خِراش يَصِفُ سَهْمًا:
كأَنَّ النَّضِيَّ، بعد ما طَاشَ مارِقاً ... وَرَاءَ يَديه بالخَلاءِ، طَمِيلُ
وطَمَلَ الدَّمُ السهمَ وغيرَه طَمْلًا، فَهُوَ مَطمولٌ وطَمِيلٌ: لطَّخَه، وَقَدْ طَمِلَ هُوَ. وَقِيلَ: كلُّ مَا لُطِّخ، فَقَدْ طُمِل. ووَقع فِي طَمْلة إِذا وَقَعَ فِي أَمر قَبِيحٍ والتَطَخ بِهِ. ورجلٌ مَطمُول وطَمِيل: مَلْطوخ بِدَمٍ أَو بِقَبِيحٍ أَو بِغَيْرِهِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
فكَيفَ أَبِيتُ الليلَ، وابنَةُ مالكٍ ... بِزينتها، لَمَّا يُقَطَّعْ طَمِيلُها؟
يَقُولُ: أَبوها مالِكٌ ثَأْري أَي قَتَل حَمِيماً فأَنا أَطلبه بِدَمِهِ، فَيَقُولُ: كَيْفَ يأْخذني النومُ وَلَمْ تُسْبَ هِيَ وَلَمْ يُؤْخَذْ أَبوها وَلَمْ تُقَطَّع قِلادَتُها وَهِيَ طَميلها؟ وإِنما سُمِّيت القِلادة طَمِيلًا لأَنها تُطْمَل بالطِّيب أَي تُلَطَّخ. وَالْمِطْمَلُ: مَكْتَبُ تَبَابِ «1» الْعَرَائِسِ بِالذَّهَبِ. والمِطْمَلة: مَا تُوَسَّع بِهِ الخُبزة. وطمَلْت الْخُبْزَةَ: وَسَّعْتها. وَقَدْ طَمَلَ الحصِيرَ، فَهُوَ مَطْمُولٌ وطَمِيلٌ: رَمَله وجعَلَ فِيهِ الخُيوط. والطَّمِيل والطَّمِيلَة: الجدْيُ والعَناق لأَنهما يُطْمَلان أَي يُشَدَّان.
طهل: طَهِلَ الماءُ طَهَلًا، فَهُوَ طَهِلٌ وطَاهِلٌ: أَجِن، وطَهِلَ، بِالْكَسْرِ: فَسَدَ وتَغَيَّرت رائحتُه. وَفِي الأَرض طُهْلَةٌ مِنْ كَلإٍ أَي شيءٌ يسيرٌ مِنْهُ وَلَيْسَ بِالْكَثِيرِ، وَذَلِكَ فِي أَول نَبَاتِهَا، وَقَدْ أَطْهَلَتِ الأَرضُ. والطَّهْلة: الْقَلِيلُ الضَّعِيفُ مِنَ الكَلإِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والطِّهْلِئة: الْمَاءُ الرَّنْقُ الكَدِر فِي الْحَوْضِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الطِّهْلِئَة الطِّينُ فِي الْحَوْضِ وَهُوَ مَا انْحَتَّ فِيهِ مِنَ الحوض بَعْدَ ما لِيطَ، تَقُولُ: أَخْرِجْ هَذِهِ الطِّهْلِئة مِنْ حَوْضِك. وطَهْيَل الرَّجلُ إِذا أَكَل الطُّهْلة، وَهِيَ بَقْلة نَاعِمَةٌ. والطِّهْلِئة: القِطعة مِنَ الغَيْم عَلَى وَجْهِ السَّمَاءِ مأْخوذة مِنْ طَهِلَ الماءُ إِذا تَغَيَّر وعَلاه الطُّحْلُب. وَمَا فِي السَّمَاءِ طِهْلِئة أَي سَحَابَةٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: أَي شَيْءٍ مِنْ غَيْم، وَهُوَ فِعْلِئةٌ، وَهَمْزَتُهُ زَائِدَةٌ كَهَمْزَةِ الكِرْفِئة والغِرْقئ. والطِّهْلِيَةُ مِنَ النَّاسِ: الأَحمقُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ، كِلَاهُمَا غَيْرُ مَهْمُوزٍ، وَهُوَ المُدَفَّع، قَالَ: وَيُقَالُ للرَّاشِن. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ بَقِيَت مِنْ أَموالهم طُهْلةٌ أَي بَقِيَّة، وَقَالَ: هَاهُنَا طُهْلَةُ الْمَاءِ ونُضَاضَتُه وبُراضَتُه بَقِيَّةٌ مِنْهُ. التَّهْذِيبُ: وتَهَطْلأَت وتَطَهْلأَت أَي وقَعَتْ.
طهفل: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي طَهْفَلَ إِذا أَكَل خُبْزَ الذُّرَة وداوَمَ عَلَيْهِ، وَفِي أَمالي ابْنُ بَرِّيٍّ: لعَدَمِ غيره.
طَهْمَلَ: الطَّهْمَل: الجَسِيم القبيحُ الخِلْقة، والمرأَة طَهْمَلةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَقَفَت امرأَةٌ عَلَى عمر،
__________
(1) . قوله [والمطمل مكتب تباب إلخ] هكذا رسم في الأصل من غير ضبط(11/409)
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَتْ: إِنِّي امرأَة طَهْمَلةٌ
؛ هِيَ الْجَسِيمَةُ الْقَبِيحَةُ، وَقِيلَ الدَّقِيقَةُ. والطَّهْمَل: الَّذِي لَا يوجَد لَهُ حَجْمٌ إِذا مُسَّ. والطَّهْمَلَةُ والطِّهْمِلة؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، مِنَ النِّسَاءِ: السوداءُ القبيحةُ الخَلْق؛ قَالَ العجَّاج:
يُمْسِينَ عَنْ قَسِّ الأَذى غَوافِلا، ... لَا جَعْبَرِيَّاتٍ وَلَا طَهامِلا
يعْني قِباحَ الخِلْقة. والطَّهَامِل: الضِّخام.
طول: الطُّولُ: نَقِيضُ القِصَر فِي النَّاسِ وغيرهِم مِنَ الْحَيَوَانِ والمَوات. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الطَّويلِ: طالَ يَطُولُ طُولًا، فَهُوَ طَويلٌ وطُوالٌ. قَالَ النَّحْوِيُّونَ: أَصْلُ طالَ فَعُلَ اسْتِدْلَالًا بِالِاسْمِ مِنْهُ إِذا جَاءَ عَلَى فَعِيل نَحْوِ طَويل، حَمْلًا عَلَى شَرُفَ فَهُوَ شَرِيف وكَرُمَ فَهُوَ كَريم، وجَمْعُهُما طِوَال؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: صَحَّت الْوَاوُ فِي طِوال لصِحَّتها فِي طَويل، فَصَارَ طِوال مِنْ طَويل كجِوار مَنْ جاوَرْت، قَالَ: ووافَقَ الَّذِينَ قَالُوا فَعِيل الَّذِينَ قَالُوا فُعال لأَنهما أُخْتان فجَمَعوه جَمْعه، وَحَكَى اللُّغويون طِيال، وَلَا يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ لأَن الْوَاوَ قَدْ صَحَّت فِي الْوَاحِدِ فَحُكْمُهَا أَن تَصِحَّ فِي الْجَمْعِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي لَمْ تُقْلَبْ إِلا فِي بَيْتٍ شَاذٍّ وَهُوَ قَوْلُهُ:
تَبَيَّنَ لِي أَنَّ القَماءةَ ذِلَّةٌ، ... وأَنَّ أَعِزَّاء الرجالِ طِيالُها
والأُنثى طَويلةٌ وطُوالةٌ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَلَا يَمْتَنِعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنَ التَّسْلِيمِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ أَهْوَج الطُّول طُوَال وطُوَّال، وامرأَة طُوَالَة وطُوَّالة. الْكِسَائِيُّ فِي بَابِ المُغالَبة: طاوَلَني فَطُلْتُه مِنَ الطُّول والطَّوْل جَمِيعًا. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: يُقَالُ طُلْتُ عَلَى فَعُلْتُ لأَنك تَقُولُ طَويل وطُوال كَمَا قُلْتَ قَبُحَ وقَبيح، قَالَ: وَلَا يَكُونُ طُلْته كَمَا لا يَكُونُ فَعُلْتُه فِي شَيْءٍ؛ قَالَ الْمَازِنِيُّ: طُلْتُ فعُلْتُ أَصْلٌ واعْتَلَّت مِنْ فعُلْت غيرَ مُحَوَّلة، الدليلُ عَلَى ذَلِكَ طَوِيلٌ وطُوال؛ قَالَ: وأَما طاوَلْته فطُلْتُه فَهِيَ مُحَوَّلة كَمَا حُوِّلَت قُلْتُ، وَفَاعِلُهَا طائلٌ، لَا يُقَالُ فِيهِ طَويلٌ كَمَا لَا يُقَالُ فِي قَائِلٍ قَويل، قَالَ: وَلَمْ يؤْخذ هَذَا إِلا عَنِ الثِّقات؛ قَالَ: وقُلْتُ مُحَوَّلةٌ مَنْ فَعَلْت إِلى فَعُلْت كَمَا أَن بِعْتُ مُحَوَّلة مِنْ فَعَلْت إِلى فَعِلْت وَكَانَتْ فعِلْتُ أَولى بِهَا لأَن الْكَسْرَةَ مِنَ الْيَاءِ، كَمَا كَانَ فَعُلْت أَولى بقُلْت لأَن الضَّمَّةَ مِنَ الْوَاوِ؛ وطالَ الشيءُ طُولًا وأَطَلْته إِطالةً. والسَّبْع الطُّوَلُ مِنْ سُور الْقُرْآنِ: سَبْعُ سُوَر وَهِيَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَسُورَةُ آلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالْمَائِدَةِ والأَنعام والأَعراف، فَهَذِهِ سِتُّ سُوَرٍ متوالياتٌ وَاخْتَلَفُوا فِي السَّابِعَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ السَّابِعَةُ الأَنفال وبراءَة وَعَدَّهُمَا سُورَةً وَاحِدَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ السَّابِعَةَ سُورَةَ يُونُسَ؛ والطُّوَل: جَمْعُ طُولى، يُقَالُ هِيَ السُّورَةُ الطُّولى وهُنَّ الطُّوَل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قرأْت السَّبْع الطُّوَل؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
سَكَّنْته، بعدَ ما طارَتْ نَعامتُه، ... بِسُورَةِ الطُّورِ، لمَّا فاتَني الطُّوَلُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أُوتِيتُ السَّبْعَ الطُّوَل
؛ هِيَ بِالضَّمِّ جَمْعُ الطُّولى، وَهَذَا الْبِنَاءُ يَلْزَمُهُ الأَلف وَاللَّامُ أَو الإِضافة. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ سَلَمَة: أَنه كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بطُولى الطُّولَيَيْن
، هِيَ تَثْنِيَةُ الطُّولى ومُذَكَّرُها الأَطْوَل، أَي أَنه كَانَ يقرأُ فِيهَا بأَطْول السُّورَتَيْنِ الطَّوِيلَتَيْنِ، تَعْني الأَنعام والأَعراف.(11/410)
والطَّوِيل مِنَ الشِّعْر: جِنْسٌ مِنَ العَرُوض، وَهِيَ كَلِمَةٌ مُوَلَّدة، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه أَطْوَلُ الشِّعْر كُلِّه، وَذَلِكَ أَن أَصله ثَمَانِيَةٌ وأَربعون حَرْفًا، وأَكثر حُرُوفِ الشِّعْرِ مِنْ غَيْرِ دَائِرَتِهِ اثْنَانِ وأَربعون حَرْفًا، ولأَن أَوتاده مُبْتَدَأٌ بِهَا، فالطُّول لِمُتَقَدِّمِ أَجزائه لَازِمٌ أَبداً، لأَن أَول أَجزائه أَوتاد وَالزَّوَائِدُ أَبداً يَتَقَدَّمُ أَسبابَها مَا أَوَّلُه وَتِدٌ. والطُّوال، بِالضَّمِّ: المُفْرِط الطُّول؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ قَوْلَ طُفَيل:
طُوال السَّاعِدَيْن يَهُزُّ لَدْناً، ... يَلُوحُ سِنانُه مِثْلَ الشِّهاب
قَالَ: وَلَا يُكَسَّر «2» . إِنما يُجْمع جَمْعَ السَّلَامَةِ. وطَاوَلَني فَطُلْتُه أَي كُنْتُ أَشَدَّ طُولًا مِنْهُ؛ قَالَ:
إِنَّ الفَرَزْدَقَ صَخْرَةٌ عادِيَّةٌ ... طَالَتْ، فَلَيْسَ تَنالُها الأَوْعال
وطالَ فُلَانٌ فُلَانًا أَي فَاقَهُ فِي الطُّول؛ وأَنشد:
تَخُطُّ بِقَرْنَيْها بَرِيرَ أَراكةٍ، ... وتَعْطُو بِظِلْفَيْها، إِذا الغُصْنُ طَالَها
أَي طاوَلَها فَلَمْ تَنَلْه. والأَطْوَل: نقيضُ الأَقْصر، وتأْنيث الأَطْوَل الطُّولى، وَجَمْعُهَا الطُّوَل. الْجَوْهَرِيُّ: الطُّوَال، بِالضَّمِّ، الطَّوِيلُ. يُقَالُ طَوِيلٌ وطُوَالٌ، فإِذا أَفرَط فِي الطُّول قِيلَ طُوّال، بِالتَّشْدِيدِ. والطِّوَال، بِالْكَسْرِ: جَمْعُ طَوِيل، والطَّوَالُ، بِالْفَتْحِ: مِنْ قَوْلِكَ لَا أُكَلِّمه طَوَالَ الدَّهْر وطُولَ الدَّهْر بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: قَلانِسُ طِيَالٌ وطِوَالٌ بِمَعْنًى. والرِّجال الأَطاوِل: جَمْعُ الأَطْوَل، والطُّولَى تأْنيث الأَطْوَل، وَالْجَمْعُ الطُّوَل مِثْلُ الكُبْرَى والكُبَر. وأَطَالَتِ المرأَةُ إِذا وَلَدَتْ طِوَالًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن القَصِيرة قَدْ تُطِيل.
الْجَوْهَرِيُّ: والطُّولُ خِلاف العَرْض. وطَالَ الشيءُ أَي امتدَّ، قَالَ: وطُلْتُ أَصله طَوُلْتُ بِضَمِّ الْوَاوِ لأَنك تَقُولُ طَويل، فَنُقِلَتِ الضَّمَّةُ إِلى الطَّاءِ وَسَقَطَتِ الْوَاوُ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ مِنْهُ طُلْتُه، وأَما قَوْلُكَ طَاوَلَني فطُلْتُه فإِنما تَعْني بِذَلِكَ كُنْتُ أَطْولَ مِنْهُ مِنَ الطُّول والطَّوْل جَمِيعًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا مَشَى مَعَ طِوَالٍ إِلا طالَهُم
، فهذا مِنَ الطُّول؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ سُبَيح بْنِ رِياح الزِّنْجي، وَيُقَالُ رِيَاحِ بْنِ سُبَيْحٍ، حِينَ غَضِبَ لَمَّا قَالَ جَرِيرٌ في الفَرَزْدَق:
لَا تَطْلُبَنَّ خُؤُولةً فِي تَغْلِبٍ، ... فالزِّنْجُ أَكْرَمُ منهمُ أَخْوَالا
فَقَالَ سُبَيْحٌ أَو رِيَاحٌ لَمَّا سَمِع هَذَا الْبَيْتَ:
الزِّنْجُ لَوْ لاقَيْتَهم فِي صَفِّهِمْ، ... لاقَيْتَ، ثَمَّ، جَحَاجِحاً أَبْطَالًا
مَا بالُ كَلْبِ بَني كُلَيْبٍ سَبَّنا، ... أَنْ لَمْ يُوازِنْ حاجِباً وعِقَالا؟
إِنَّ الفَرَزْدَق صَخْرَةٌ عادِيَّةٌ ... طالَتْ، فَلَيْسَ تَنالُها الأَوْعالا «3»
. وَقَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
وَمَا بَلَغَتْ كَفُّ امرئٍ مُتَناوِلٍ، ... مِنَ المَجْدِ، إِلَّا وَالَّذِي نِلْتَ أَطْوَلُ
__________
(2) . قوله [قال ولا يكسر إلخ] هكذا في الأصل، وعبارة القاموس وشرحه: والطوال، كرمان، المفرط الطول، وَلَا يُكَسَّرُ، إِنَّمَا يُجْمَعُ جمع السلامة انتهى. وبهذا يعلم ما لعله سقط هنا، فقد تقدم في صدر المادة أَن طُوَالًا كغراب يجمع على طِوَال بالكسر
(3) . قوله [الأوعالا] تقدم إيراده قريباً الأَوعال بالرفع(11/411)
وَفِي حَدِيثِ اسْتِسْقَاءِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فطَالَ العَباسُ عمرَ
أَي غَلَبَه فِي طُولِ الْقَامَةِ، وَكَانَ عُمَرُ طَويلًا مِنَ الرِّجَالِ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ أَشدَّ طُولًا مِنْهُ. وَرُوِيَ أَن امرأَة قَالَتْ: رأَيت عَبّاساً يَطُوفُ بِالْبَيْتِ كأَنه فُسْطاطٌ أَبيض، وَكَانَتْ رأَت عَلِيَّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وقد فَرَعَ الناسَ كأَنه رَاكِبٌ مَعَ مُشَاةٍ فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا؟ فأُعْلِمَتْ فَقَالَتْ: إِنّ الناسَ ليَرْذُلون، وَكَانَ رأْس عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلى مَنْكِب أَبيه عَبْدِ اللَّهِ، ورأْسُ عَبْدِ اللَّهِ إِلى مَنْكِب الْعَبَّاسِ، ورأْسُ الْعَبَّاسِ إِلى مَنْكِب عَبْدِ المُطَّلِب. وأَطَلْتُ الشيءَ وأَطْوَلْت عَلَى النُّقْصَانِ وَالتَّمَامِ بِمَعْنًى. الْمُحْكَمُ: وأَطال الشيءَ وطَوَّلَه وأَطْوَلَه جَعَلَهُ طَويلًا، وكأَن الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ إِنما أَرادوا أَن يُنَبِّهُوا عَلَى أَصل الْبَابِ، قَالَ فَلَا يُقَاسُ هَذَا إِنما يأْتي لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الأَصل؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
صَدَدْتِ فأَطْوَلْتِ الصُّدودَ، وقَلَّما ... وِصالٌ، عَلَى طُولِ الصُّدود، يَدُومُ
وكلُّ مَا امتدَّ مِنْ زَمَن أَو لَزِمَ مِنْ هِمٍّ ونحوِه فَقَدْ طَالَ، كَقَوْلِكَ طَالَ الهَمُّ وطَالَ الليلُ. وَقَالُوا: إِنَّ اللَّيْلَ طَويلٌ فَلَا يَطُلْ إِلَّا بِخَيْرٍ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ: وَمَعْنَاهُ الدُّعاء. وأَطال اللَّهُ طِيلَتَه أَي عُمْرَه. وطَالَ طِوَلُك وطِيَلُك أَي عُمْرك، وَيُقَالُ غَيْبتك؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
إِنّا مُحَيُّوكَ فاسْلَمْ أَيُّها الطَّلَلُ، ... وإِن بَلِيتَ، وإِن طالَتْ بِكَ الطِّوَلُ
يُرْوَى الطِّيَل جَمْعُ طِيلة، والطِّوَل جَمْعُ طِوَلة، فاعْتَلَّ الطِّيَل وَانْقَلَبَتْ يَاؤُهُ وَاوًا لِاعْتِلَالِهَا فِي الْوَاحِدِ، فأَما طِوَلة وطِوَل فَمِنْ بَابِ عِنَبة وعِنَب. وطالَ طُوَلُك، بِضَمِّ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ، وطالَ طَوَالُك، بِالْفَتْحِ، وطِيَالُك، بِالْكَسْرِ؛ كُلُّ ذَلِكَ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. وجملٌ أَطْوَلُ إِذا طالتْ شَفَتُه العُليا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والطَّوَل طُولٌ فِي مِشْفَر الْبَعِيِرِ الأَعلى عَلَى الأَسفل، بَعِيرٌ أَطْوَل وَبِهِ طَوَلٌ. والمُطاوَلة فِي الأَمر: هُوَ التَّطْوِيل والتَّطَاوُلُ فِي مَعْنًى هُوَ الاسْتِطالة عَلَى النَّاسِ إِذا هُوَ رَفَع رأْسَه ورأَى أَنّ لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلًا فِي القَدْر؛ قَالَ: وَهُوَ فِي مَعْنًى آخَرَ أَن يَقُومَ قَائِمًا ثُمَّ يَتَطاوَل فِي قِيَامِهِ ثُمَّ يَرْفَع رأْسَه ويَمُدّ قوامَه لِلنَّظَرِ إِلى الشَّيْءِ. وطاوَلْته فِي الأَمر أَي ماطَلْته. وطَوَّلَ لَهُ تَطْوِيلًا أَي أَمْهَله. واسْتَطَالَ عَلَيْهِ أَي تَطَاوَلَ، يُقَالُ: اسْتَطَالُوا عَلَيْهِمْ أَي قَتَلوا مِنْهُمْ أَكثرَ مِمَّا كَانُوا قَتَلوا، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ اسْتَطَالَ بِمَعْنَى طَالَ، وتَطَاوَلْت بِمَعْنَى تَطالَلْت. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن هَذَيْنِ الحَيَّين مِنَ الأَوس والخَزْرَج كَانَا يتَطاوَلانِ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَطاوُلَ الفَحْلَين
أَي يَسْتَطِيلانِ عَلَى عَدُوِّه ويتباريانِ فِي ذَلِكَ لِيَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَبلغ فِي نُصْرَتِهِ مِنْ صَاحِبِهِ، فشُبِّه ذَلِكَ التَّباري والتغالُب بتَطاوُلِ الْفَحْلَيْنِ عَلَى الإِبل، يَذُبُّ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الفُحولَ عَنْ إِبله لِيَظْهَرَ أَيُّهما أَكثرُ ذَبًّا. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: فتَفَرَّق الناسُ فِرَقاً ثَلَاثًا، فصامِتٌ صَمْتُه أَنْفَذُ مِنْ طَوْلِ غَيْرِهِ
، وَيُرْوَى
مِنْ صَوْل غَيْرِهِ
، أَي إِمْساكُه أَشدُّ مِنْ تَطاوُل غَيْرِهِ. وَيُقَالُ: طَالَ عَلَيْهِ واسْتَطَالَ وتَطَاوَلَ إِذا عَلَاهُ وتَرَفَّع عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَرْبى الرِّبا الاسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِ النَّاسِ
أَي اسْتِحْقارُهم والتَّرَفُّعُ عَلَيْهِمْ والوَقِيعةُ فِيهِمْ. وتَطاوَلَ: تمدَّدَ إِلى الشَّيْءِ يَنْظُرُ نَحْوَهُ؛ قَالَ:
تَطَاوَلْتُ كَيْ يَبدو الحَصِيرُ فَمَا بَدَا ... لِعَيْني، وَيَا لَيْتَ الحَصِيرَ بَدا لِيا(11/412)
واسْتَطَالَ الشَّقُّ فِي الْحَائِطِ: امتدَّ وَارْتَفَعَ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، وَهُوَ كاسْتَطار. والطِّوَلُ: الحَبْلُ الطويلُ جِدًّا؛ قَالَ طَرَفَةُ:
لَعَمْرُكَ إِنَّ الموتَ، مَا أَخْطَأَ الفَتَى، ... لَكَالطِّوَلِ المُرْخَى، وثِنْياهُ باليَدِ
والطِّوَلُ والطِّيَلُ والطَّويلة والتِّطْوَلُ، كُلُّه: حَبْلٌ طَوِيلٌ تُشَدُّ بِهِ قائمةُ الدَّابَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ الْحَبَلُ تُشَدُّ بِهِ ويُمْسِك صاحبُه بطَرَفه ويُرْسِلها تَرْعى؛ قَالَ مُزاحِم:
وسَلْهَبةٍ قَوْداءَ قُلِّصَ لَحْمُها، ... كسِعْلاةِ بِيدٍ فِي خِلالٍ وتِطْوَل
وَقَدْ طَوَّلَ لَهَا. والطِّوَل: الْحَبْلُ الَّذِي يُطَوَّل لِلدَّابَّةِ فَتَرْعَى فِيهِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَتَكَلَّمُ بِهِ «1» ؛ يُقَالُ: طَوِّلْ لِفَرَسِكَ يَا فُلَانُ أَي أَرْخِ لَهُ حَبْلَه فِي مَرْعاه. الْجَوْهَرِيُّ: طَوِّلْ فرَسك أَي أَرْخِ طَويلتَه فِي المَرْعى؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع الطَّوِيلةَ بِهَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْعَرَبِ وَرَأَيْتُهُمْ يُسَمُّونه الطِّوَل فَلَمْ نَسْمَعْهُ إِلَّا بِكَسْرِ الأَول وَفَتْحِ الثَّانِي. غَيْرُهُ: يُقَالُ أَرْخ للفَرَس مِنْ طِوَلِه، وَهُوَ الحَبْل الَّذِي يُطَوَّل لِلدَّابَّةِ فَتَرْعَى فِيهِ، وأَنشد بَيْتَ طَرْفَةَ: لَكَالطِّوَل المُرْخَى؛ قَالَ: وَهِيَ الطَّويلة أَيضاً، وَقَوْلُهُ: مَا أَخْطَأَ الفَتَى أَي فِي إِخطائه الفَتى؛ وَقَدْ شَدَّد الراجزُ الطِّوَلَّ لِلضَّرُورَةِ فَقَالَ مَنْظور بْنُ مَرْثَد الأَسَدي:
تَعَرَّضَتْ لِي بمَكَانٍ حِلِّ، ... تَعَرُّضاً لَمْ تَأْلُ عَنْ قَتْلِلِّي،
تَعَرُّضَ المُهْرَة فِي الطِّوَلِ
وَيُرْوَى: عَنْ قَتْلًا لِي، عَلَى الْحِكَايَةِ، أَي عَنْ قَوْلِها قَتْلًا لَهُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الشِّعر كَثِيرًا وَيَزِيدُونَ فِي الْحَرْفِ مِنْ بَعْضِ حُرُوفِهِ؛ قَالَ ذُهْل بْنُ قَرِيعٍ، وَيُقَالُ قَارِبُ بْنُ سَالِمٍ المُرِّي:
كأَنَّ مَجْرَى دَمْعِها المُسْتَنِّ ... قُطْنُنَّةً مِنْ أَجْوَدِ القُطْنُنِ
وأَنشده غَيْرُهُ:
قُطُنَّةٌ مِنْ أَجْوَدِ القُطُنِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا هُوَ صَوَابُ إِنشاده. وَفِي الْحَدِيثِ:
ورجُلٌ طَوَّلَ لَهَا فِي مَرْجٍ فقَطَعَتْ طِوَلها
، وَفِي آخَرَ:
فأَطالَ لها فقَطَعَتْ طِيَلَها
؛ الطِّوَلُ والطِّيَلُ، بِالْكَسْرِ: هُوَ الْحَبْلُ الطَّوِيلُ يُشَدُّ أَحد طَرَفيه فِي وَتِدٍ أَو غَيْرِهِ وَالْآخَرُ فِي يَدِ الْفَرَسِ ليَدُور فِيهِ وَيَرْعَى وَلَا يَذْهَبُ لِوَجْهِهِ. وطَوَّلَ وأَطَالَ بِمَعْنًى أَي شَدَّها فِي الْحَبْلِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لِطِوَل الفَرَس حِمًى
أَي لِصَاحِبِ الْفَرَسِ أَن يَحْمِي الْمَوْضِعَ الَّذِي يَدُور فِيهِ فرسُه المشدودُ فِي الطِّوَل إِذا كَانَ مُباحاً لَا مَالِكَ لَهُ. وَفِي الْحَدِيثُ:
لَا حِمى إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: طِوَلِ الْفَرَسِ، وثَلَّةِ البئرِ، وحَلْقةِ الْقَوْمِ
؛ قَوْلُهُ لَا حِمى يَعْنِي إِذا نَزَلَ رَجُلٌ فِي عَسْكَرٍ عَلَى مَوْضِعٍ لَهُ أَن يَمْنَعَ غيرَه طَوِلَ فَرَسِهِ، وَكَذَلِكَ إِذا حَفَر بِئْرًا لَهُ أَن يَمْنَعَ غيرَه مقدارَ مَا يَكُونُ حَرِيماً لَهُ. ومَطَاوِلُ الْخَيْلِ: أَرسانُها، وَاحِدُهَا مِطْوَلٌ. والطِّوَلُ: التَّمَادِي فِي الأَمر وَالتَّرَاخِي. يُقَالُ: طالَ طِوَلُك وطِيَلُك وطِيلُك وطُولُك، سَاكِنَةَ الْيَاءِ وَالْوَاوِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، إِذا طَالَ مُكْثُه وتمادِيه فِي أَمر أَو تَرَاخِيه عَنْهُ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
أَتانا فلم نَدْفَعْه، إِذ جَاءَ طارِقاً، ... وَقُلْنَا لَهُ: قَدْ طالَ طُولُك فانْزِلِ
__________
(1) . قوله [وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَتَكَلَّمُ بِهِ] كذا في الأصل، وعبارة التهذيب: وقال الليث الطَّوِيلة اسم حبل يشد به قائمة الدابة ثم ترسل في المرعى، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَتَكَلَّمُ بِهِ انتهى(11/413)
أَي أَمرُك الَّذِي أَنت فِيهِ مِنْ طُول السَّفَرِ ومُكابدة السَّيْرِ، وَيُرْوَى: قَدْ طَالَ طِيلُك؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَما تَعْرِف الأَطلالَ قَدْ طالَ طِيلُها
والطَّوَالُ: مَدَى الدهرِ؛ يُقَالُ: لَا آتِيك طَوَال الدَّهْر. والطَّوْل والطَّائِل والطَّائِلة: الفَضْل والقُدْرة وَالْغِنَى والسَّعَة والعُلُوُّ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
ويَأْشِبُني فِيهَا الذينَ يَلُونَها، ... وَلَوْ عَلِموا لَمْ يَأْشِبُوني بطَائِل
وأَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ ذِئْبٍ:
وإِن أَغارَ فَلَمْ يَحْلُلْ بطَائِلَةٍ، ... فِي لَيْلةٍ مِنْ جُمَيْر ساوَرَ الفُطُما «1»
كَذَا أَنشده جُمَيْر عَلَى لَفْظِ التَّصْغِيرِ، وَقَدْ تَطَوَّل عَلَيْهِمْ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا
(الْآيَةَ) ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ مِنْكُمْ عَلَى مَهْرِ الحُرَّة، قَالَ: والطَّوْلُ الْقُدْرَةُ عَلَى المَهْر. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ذِي الطَّوْلِ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ
؛ أَي ذِي القُدْرة، وَقِيلَ: الطَّوْل الغِنى، والطَّوْلُ الفَضْل، يُقَالُ: لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ طَوْلٌ أَي فَضْلٌ. وَيُقَالُ: إِنه لَيَتَطَوَّل عَلَى النَّاسِ بِفَضْلِهِ وَخَيْرِهِ. والطَّوْل، بِالْفَتْحِ: المَنُّ، يُقَالُ مِنْهُ: طَالَ عَلَيْهِ وتَطوَّلَ عَلَيْهِ إِذا امْتَنَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللهمَّ بِكَ أُحاوِل وَبِكَ أُطاوِل
، مُفاعَلة مِنَ الطَّوْل، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الفَضْلُ والعُلُوُّ عَلَى الأَعداء؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
تَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الرَّبُّ بِفَضْلِهِ
أَي تَطَوَّل، وَهُوَ مِنْ بَابِ طارَقْتَ النَّعْلَ فِي إِطلاقها عَلَى الْوَاحِدِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
قَالَ لأَزواجه أَوَّلُكُنَّ لُحوقاً بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا، فاجْتَمَعْن يتَطاوَلْنَ فطالَتْهُنَّ سَوْدةُ فَمَاتَتْ زينبُ أَوَّلَهنَ
؛ أَراد أَمَدُّكُنَّ يَدًا بِالْعَطَاءِ مِنَ الطَّوْل فظَنَنَّه مِنَ الطُّول، وَكَانَتْ زَيْنَبُ تَعْمَل بِيَدِهَا وَتَتَصَدَّقُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والتَّطَوُّل عِنْدَ الْعَرَبِ مَحْمُودٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ المَحاسِن، والتطاوُلُ مَذْمُومٌ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِطَالَةُ يوضَعانِ مَوْضِعَ التَّكَبُّرِ. ابْنُ سِيدَهْ: التَّطاوُلُ والاسْتِطَالَة التَّفَضُّل ورَفْعُ النَّفْسِ، وَاشْتِقَاقُ الطَّائِل مِنَ الطُّول. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الخَسِيس الدُّون: مَا هُوَ بِطَائِلٍ الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سواءٌ؛ وأَنشد:
لَقَدْ كَلَّفوني خُطَّة غيرَ طَائِلِ
الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا أَمر لَا طائلَ فِيهِ إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَنَاءٌ ومَزِيّة، يُقَالُ ذَلِكَ فِي التَّذْكِيرِ والتأْنيث. وَلَمْ يَحْلَ مِنْهُ بِطائلٍ: لَا يُتَكَلَّم بِهِ إِلَّا فِي الجَحْد. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصحابه قُبِضَ فكُفِّن فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ
أَي غَيْرِ رَفيعٍ وَلَا نَفِيسٍ، وأَصل الطَّائِل النَّفْعُ وَالْفَائِدَةُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَتْلِ أَبي جَهْلٍ: ضَرَبْته بِسَيْفٍ غَيْرِ طَائِل
أَي غَيْرِ ماضٍ وَلَا قَاطِعٍ كأَنه كَانَ سَيْفًا دُوناً بَيْنَ السُّيُوفِ. والطَّوائل: الأَوتار والذُّحُول، وَاحِدَتُهَا طَائِلَة؛ يُقَالُ: فُلَانٌ يَطْلُب بَنِي فُلَانٍ بطَائِلَةٍ أَي بوَتْرٍ كأَن لَهُ فِيهِمْ ثأْراً فَهُوَ يَطْلُبُهُ بِدَمِ قَتِيلِهِ. وبيْنَهم طَائِلَةٌ أَي عَدَاوَةٌ وتِرَةٌ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
مَوَّارة الضَّبعِ مِثلُ الحَيْدِ حارِكُها، ... كأَنَّها طالةٌ فِي دَفِّها بَلَق
قَالَ: الطَّالة الأَتان؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَا أَعرفه فَلْيُنْظَرْ فِي شِعْرِ ذِي الرُّمَّةِ.
__________
(1) . قوله [وإن أغار إلخ] سبق إنشاده في ترجمة جمر:
وَإِنْ أَطَافَ وَلَمْ يَظْفَرْ بطَائِلَة ... فِي ظُلْمَةِ ابْنِ جَمِيرٍ ساوَر الْفُطُمَا(11/414)
والطُّوَّل، بِالتَّشْدِيدِ: طَائِرٌ. وطَيِّلَةُ الرِّيح: نَيِّحتُها. وطُوَالَة: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ بِئْرٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخ:
كِلا يَوْمَيْ طُوالةَ وَصْلُ أَرْوى ... ظَنُونٌ آنَ مُطَّرَحُ الظَّنُون
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ورأَيت بالصَّمَّان رَوْضَةً وَاسِعَةً يُقَالُ لَهَا الطَّوِيلَة، وَكَانَ عَرْضُها قدرَ مِيلٍ فِي طُول ثَلَاثَةِ أَميال، وَفِيهَا مَساكٌ لِمَاءِ السَّمَاءِ إِذا امتلأَ شَرِبوا مِنْهُ الشهرَ وَالشَّهْرَيْنِ؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: تَكُونُ ثَلَاثَةَ أَميال فِي مِثْلِهَا؛ وأَنشد:
عادَ قَلْبي مِنَ الطَّوِيلة عِيدُ
وبَنُو الأَطْوَل: بطن.
فصل الظاء المعجمة
ظلل: ظَلَّ نهارَه يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا يَظَلُّ ظَلًّا وظُلُولًا وظَلِلْتُ أَنا وظَلْتُ وظِلْتُ، لَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا فِي النَّهَارِ لَكِنَّهُ قَدْ سُمِعَ فِي بَعْضِ الشِّعْرِ ظَلَّ لَيْلَه، وظَلِلْت أَعْمَلُ كَذَا، بِالْكَسْرِ، ظُلُولًا إِذا عَمِلْته بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ
، وَهُوَ مِنْ شَواذِّ التَّخْفِيفِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ ظَلَّ فُلَانٌ نهارَه صَائِمًا، وَلَا تَقُولُ الْعَرَبُ ظَلَّ يَظَلُّ إِلا لِكُلِّ عَمَلٍ بِالنَّهَارِ، كَمَا لَا يَقُولُونَ بَاتَ يَبِيتُ إِلا بِاللَّيْلِ، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَحْذِفُ لَامَ ظَلِلْت وَنَحْوِهَا حَيْثُ يَظْهَرَانِ، فإِن أَهل الْحِجَازِ يَكْسِرُونَ الظَّاءَ عَلَى كَسْرَةِ اللَّامِ الَّتِي أُلْقِيَتْ فَيَقُولُونَ ظِلْنا وظِلْتُم المصدر الظُّلُول، والأَمر اظْلَلْ وظَلَّ؛ قَالَ تَعَالَى: ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً
، وَقُرِئَ
ظِلْتَ
، فَمَنْ فَتَح فالأَصل فِيهِ ظَلِلْت ولكن اللَّامَ حُذِفَتْ لثِقَل التَّضْعِيفِ وَالْكَسْرِ وَبَقِيَتِ الظَّاءُ عَلَى فَتْحِهَا، وَمَنْ قرأَ ظِلْتَ، بِالْكَسْرِ، حَوَّل كَسْرَةَ اللَّامِ عَلَى الظَّاءِ، وَيَجُوزُ فِي غير المكسور نحو هَمْت بِذَلِكَ أَي هَمَمْت وأَحَسْت بِذَلِكَ أَي أَحْسَسْت، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ حُذَّاق النَّحْوِيِّينَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ أَمَّا ظِلْتُ فأَصله ظَلِلْتُ إِلَّا أَنهم حَذَفُوا فأَلقوا الْحَرَكَةَ عَلَى الْفَاءِ كَمَا قَالُوا خِفْت، وَهَذَا النَّحْوُ شاذٌّ، قَالَ: والأَصل فِيهِ عَرَبِيٌّ كَثِيرٌ، قَالَ: وأَما ظَلْت فإِنها مُشَبَّهة بِلَسْت؛ وأَما مَا أَنشده أَبو زَيْدٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ:
أَلَمْ تَعْلَمِي مَا ظِلْتُ بِالْقَوْمِ وَاقِفًا ... عَلَى طَلَلٍ، أَضْحَتْ مَعارِفُه قَفْرا
قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ كَسَرُوا الظَّاءَ فِي إِنشادهم وَلَيْسَ مِنْ لُغَتِهِمْ. وظِلُّ النهارِ: لونُه إِذا غَلَبَتْه الشمسُ. والظِّلُّ: نَقِيضُ الضَّحِّ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الظِّلَّ الفَيْء؛ قال رؤبة: كلُّ مَوْضِعٍ يَكُونُ فِيهِ الشَّمْسُ فَتَزُولُ عَنْهُ فَهُوَ ظِلٌّ وفَيْء، وَقِيلَ: الْفَيْءُ بالعَشِيِّ والظِّلُّ بِالْغَدَاةِ، فالظِّلُّ مَا كَانَ قَبْلَ الشَّمْسِ، وَالْفَيْءُ مَا فَاءَ بَعْدُ. وَقَالُوا: ظِلُّ الجَنَّة، وَلَا يُقَالُ فَيْؤها، لأَن الشَّمْسَ لَا تُعاقِب ظِلَّها فَيَكُونُ هُنَالِكَ فَيْءٌ، إِنما هِيَ أَبداً ظِلٌّ، وَلِذَلِكَ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها
؛ أَراد وظِلُّها دَائِمٌ أَيضاً؛ وَجَمْعُ الظِّلِّ أَظلالٌ وظِلال وظُلُولٌ؛ وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ لِلْجَنَّةِ فَيْئاً غَيْرَ أَنه قَيَّده بالظِّلِّ، فَقَالَ يَصِفُ حَالَ أَهل الْجَنَّةِ وَهُوَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
فَسلامُ الإِلهِ يَغْدُو عَلَيْهِمْ، ... وفُيُوءُ الفِرْدَوْسِ ذاتُ الظِّلال
وَقَالَ كُثَيِّرٌ:
لَقَدْ سِرْتُ شَرْقيَّ البِلادِ وغَرْبَها، ... وَقَدْ ضَرَبَتْني شَمْسُها وظُلُولُها(11/415)
وَيُرْوَى:
لَقَدْ سِرْتُ غَوْرِيَّ البِلادِ وجَلْسَها
والظِّلَّة: الظِّلال. والظِّلال: ظِلال الجَنَّة؛ وَقَالَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ فِي الظِّلال وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ، حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
أَراد ظِلال الْجَنَّاتِ الَّتِي لَا شَمْسَ فِيهَا. والظِّلال: مَا أَظَلَّكَ مِنْ سَحابٍ وَنَحْوِهِ. وظِلُّ الليلِ: سَوادُه، يُقَالُ: أَتانا فِي ظِلِّ اللَّيْلِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة:
قَدْ أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهولَ مَعْسِفُه، ... فِي ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ
وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ لأَن الظِّلَّ فِي الْحَقِيقَةِ إِنما هُوَ ضَوْءُ شُعاع الشَّمْسِ دُونَ الشُّعاع، فإِذا لَمْ يَكُنْ ضَوْءٌ فَهُوَ ظُلْمة وَلَيْسَ بظِلٍّ. والظُّلَّةُ أَيضاً «2» : أَوّل سَحَابَةٍ تُظِلُّ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ
؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الظِّلُّ كلُّ مَا لَمْ تَطْلُع عَلَيْهِ الشمسُ فَهُوَ ظِلٌّ، قَالَ: والفَيْء لَا يُدْعى فَيْئاً إِلا بَعْدَ الزَّوَالِ إِذا فَاءَتِ الشمسُ أَي رَجَعَتْ إِلى الْجَانِبِ الغَرْبيِّ، فَمَا فَاءَتْ مِنْهُ الشمسُ وبَقِيَ ظِلًّا فَهُوَ فَيْء، والفَيْءُ شرقيٌّ والظِّلُّ غَرْبيٌّ، وإِنما يُدْعى الظِّلُّ ظِلًّا مِنْ أَوَّل النَّهَارِ إِلى الزَّوَالِ، ثُمَّ يُدْعى فَيْئًا بَعْدَ الزَّوَالِ إِلى اللَّيْلِ؛ وأَنشد:
فَلَا الظِّلَّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُه، ... وَلَا الفَيْءَ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوق
قَالَ: وسَوادُ اللَّيلِ كلِّه ظِلٌّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ أَظَلَّ يومُنا هَذَا إِذا كَانَ ذَا سَحَابٍ أَو غَيْرِهِ وَصَارَ ذَا ظِلٍّ، فَهُوَ مُظِلٌّ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَيْسَ شَيْءٌ أَظَلَّ مِنْ حَجَر، وَلَا أَدْفأَ مِنْ شَجَر، وَلَا أَشَدَّ سَواداً مِنْ ظِلّ؛ وكلُّ مَا كَانَ أَرْفع سَمْكاً كَانَ مَسْقَطُ الشَّمس أَبْعَد، وكلُّ مَا كَانَ أَكثر عَرْضا وأَشَد اكْتِنَازًا كَانَ أَشد لسَوادِ ظِلِّه. وظِلُّ اللَّيْلِ: جُنْحُه، وَقِيلَ: هُوَ اللَّيْلُ نَفْسُهُ، وَيَزْعُمُ المنجِّمون أَن اللَّيْلَ ظِلٌّ وإِنما اسْوَدَّ جِدًّا لأَنه ظِلُّ كُرَة الأَرض، وبِقَدْر مَا زَادَ بَدَنُها فِي العِظَم ازْدَادَ سَوَادُ ظِلِّها. وأَظَلَّتْني الشجرةُ وغيرُها، واسْتَظَلَّ بِالشَّجَرَةِ: اسْتَذْرى بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرةً يَسِير الراكبُ فِي ظِلِّها مائةَ عامٍ
أَي فِي ذَراها وَنَاحِيَتِهَا. وَفِي قَوْلِ
الْعَبَّاسِ: مِنْ قَبْلِها طِبْتَ فِي الظِّلال
؛ أَراد ظِلال الْجَنَّةِ أَي كنتَ طَيِّباً فِي صُلْب آدَمَ حَيْثُ كَانَ فِي الْجَنَّةِ، وَقَوْلُهُ مِنْ قَبْلِهَا أَي مِنْ قَبْلِ نُزُولِكَ إِلى الأَرض، فكَنى عَنْهَا وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهَا لِبَيَانِ الْمَعْنَى. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ
؛ أَي ويَسْجُد ظِلالُهم؛ وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الْكَافِرُ يَسْجُدُ لِغَيْرِ اللَّهِ وظِلُّه يَسْجُدُ لِلَّهِ، وَقِيلَ ظِلالُهم أَي أَشخاصهم، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلتَّفْسِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: الْكَافِرُ يَسْجُد لِغَيْرِ اللَّهِ وظِلُّه يَسْجُد لِلَّهِ
؛ قَالُوا: مَعْنَاهُ يَسْجُد لَهُ جِسْمُه الَّذِي عَنْهُ الظِّلُّ. وَيُقَالُ للمَيِّت: قَدْ ضَحَا ظِلُّه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: قِيلَ الظِّلُّ هُنَا الْجَنَّةُ، والحَرور النَّارُ، قَالَ: وأَنا أَقول الظِّلُّ الظِّلُّ بِعَيْنِهِ، والحَرُور الحَرُّ بِعَيْنِهِ. واسْتَظَلَّ الرجلُ: اكْتَنَّ بالظِّلِّ. واسْتَظَلَّ بالظِّلِّ: مَالَ إِليه وقَعَد فيه.
__________
(2) . قوله [والظلة أيضاً إلخ] هذه بقية عبارة للجوهري ستأتي، وهي قوله: وَالظُّلَّةُ، بِالضَّمِّ، كَهَيْئَةِ الصُّفَّةِ، إلى أن قال: والظلة أيضاً الى آخر ما هنا(11/416)
وَمَكَانٌ ظَلِيلٌ: ذُو ظِلٍّ، وَقِيلَ الدَّائِمُ الظِّلِّ قَدْ دَامَتْ ظِلالَتُه. وَقَوْلُهُمْ: ظِلٌّ ظَلِيل يَكُونُ مِنْ هَذَا، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَقَوْلِهِمْ شِعْر شَاعِرٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا
؛ وَقَوْلُ أُحَيْحَة بْنِ الجُلاح يَصِف النَّخْل:
هِيَ الظِّلُّ فِي الحَرِّ حَقُّ الظَّلِيلِ، ... والمَنْظَرُ الأَحْسَنُ الأَجْمَلُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْمَعْنَى عِنْدِي هِيَ الشَّيْءُ الظَّلِيل، فَوَضَعَ الْمَصْدَرَ مَوْضِعَ الِاسْمِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ
؛ قِيلَ: سَخَّر اللهُ لَهُمُ السحابَ يُظِلُّهم حَتَّى خَرَجُوا إِلى الأَرض المقدَّسة وأَنزل عَلَيْهِمُ المَنَّ والسَّلْوى، وَالِاسْمُ الظَّلالة. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ كَانَ ذَلِكَ فِي ظِلِّ الشِّتَاءِ أَي فِي أَوَّل مَا جَاءَ الشِّتَاءُ. وفَعَلَ ذَلِكَ فِي ظِلِّ القَيْظ أَي فِي شِدَّة الحَرِّ؛ وأَنشد الأَصمعي:
غَلَّسْتُه قَبْلَ القَطا وفُرَّطِه، ... فِي ظِلِّ أَجَّاج المَقيظ مُغْبِطِه «1»
. وَقَوْلُهُمْ: مَرَّ بِنَا كأَنَّه ظِلُّ ذِئْبٍ أَي مَرَّ بِنَا سَرِيعًا كَسُرْعَة الذِّئب. وظِلُّ الشيءِ: كِنُّه. وظِلُّ السَّحَابِ: مَا وَارَى الشمسَ مِنْهُ، وظِلُّه سَوادُه. والشمسُ مُسْتَظِلَّة أَي هِيَ فِي السَّحَابِ. وكُلُّ شَيْءٍ أَظَلَّك فَهُوَ ظُلَّة. وَيُقَالُ: ظِلٌّ وظِلالٌ وظُلَّة وظُلَل مِثْلُ قُلَّة وقُلَل. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ
. وظِلُّ كلِّ شَيْءٍ: شَخْصُه لِمَكَانِ سَوَادِهِ. وأَظَلَّني الشيءُ: غَشِيَني، وَالِاسْمُ مِنْهُ الظِّلُّ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قَوْلَهُ تَعَالَى: إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ
، قَالَ: مَعْنَاهُ أَن النَّارَ غَشِيَتْهم لَيْسَ كظِلِّ الدُّنْيَا. والظُّلَّة: الغاشيةُ، والظُّلَّة: البُرْطُلَّة. وَفِي التَّهْذِيبِ: والمِظَلَّة البُرْطُلَّة، قَالَ: والظُّلَّة والمِظَلَّة سواءٌ، وَهُوَ مَا يُسْتَظَلُّ بِهِ مِنَ الشَّمْسِ. والظُّلَّة: الشَّيْءُ يُسْتَتر بِهِ مِنَ الحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَهِيَ كالصُّفَّة. والظُّلَّة: الصَّيْحة. والظُّلَّة، بِالضَّمِّ: كَهَيْئَةِ الصُّفَّة، وَقُرِئَ:
فِي ظُلَلٍ عَلَى الأَرائك مُتَّكئون
، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ
؛ وَالْجَمْعُ ظُلَلٌ وظِلال. والظُّلَّة: مَا سَتَرك مِنْ فَوْقٍ، وَقِيلَ فِي عَذَابِ يَوْمِ «2» الظُّلَّة، قِيلَ: يَوْمُ الصُّفَّة، وَقِيلَ لَهُ يَوْمُ الظُّلَّة لأَن اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ غَمامة حَارَّةً فأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ وهَلَكوا تَحْتَهَا. وكُلُّ مَا أَطْبَقَ عَلَيْكَ فَهُوَ ظُلَّة، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا أَظَلَّك. الْجَوْهَرِيُّ: عذابُ يَوْمِ الظُّلَّة قَالُوا غَيْمٌ تَحْتَهُ سَمُومٌ؛ وقوله عَزَّ وَجَلَّ: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ ظُلَلٌ لمَنْ تَحْتَهُمْ وَهِيَ أَرض لَهُمْ، وَذَلِكَ أَن جَهَنَّمَ أَدْرَاكٌ وأَطباق، فبِساطُ هَذِهِ ظُلَّةٌ لمَنْ تحتَه، ثُمَّ هَلُمَّ جَرًّا حَتَّى يَنْتَهُوا إِلى القَعْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَرَ فِتَناً كأَنَّها الظُّلَل
؛ قَالَ: هِيَ كُلُّ مَا أَظَلَّك، وَاحِدَتُهَا ظُلَّة، أَراد كأَنَّها الجِبال أَو السُّحُب؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فكَيْفَ تَقُولُ العَنْكَبُوتُ وبَيتُها، ... إِذا مَا عَلَتْ مَوْجاً مِنَ البَحْرِ كالظُّلَل؟
وظِلالُ الْبَحْرِ: أَمواجُه لأَنها تُرْفَع فتُظِلُّ السفينةَ وَمَنْ فِيهَا، وَمِنْهُ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّة، وَهِيَ سحابة أَظَلَّتْهم فَلَجؤوا إِلى ظِلِّها مِنْ شِدَّة الحرّ فأَطْبَقَتْ
__________
(1) . قوله [غلسته إلخ] كذا في الأَصل والأساس، وفي التكملة: تقدم العجز على الصدر
(2) . قوله [وَقِيلَ فِي عَذَابِ يَوْمِ إلخ] كذا في الأَصل(11/417)
عَلَيْهِمْ وأَهْلَكَتْهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيت كأَنَّ ظُلَّةً تَنْطِف السَّمْنَ والعَسَل
أَي شِبْهَ السَّحَابة يَقْطُرُ مِنْهَا السَّمْنُ والعسلُ، وَمِنْهُ:
البقرةُ وآلُ عِمْرَانَ كأَنَّهما ظُلَّتانِ أَو غَمامتان
؛ وَقَوْلُهُ:
وَيْحَكَ، يَا عَلْقَمَةُ بنَ ماعِزِ ... هَلْ لَكَ فِي اللَّواقِح الحَرَائزِ،
وَفِي اتِّباعِ الظُّلَل الأَوَارِزِ؟
قِيلَ: يَعْني بُيوتَ السَّجْن. والمِظَلَّة والمَظَلَّة: بُيُوتُ الأَخبية، وَقِيلَ: المِظَلَّة لَا تَكُونُ إِلا مِنَ الثِّيَابِ، وَهِيَ كَبِيرَةٌ ذَاتُ رُواقٍ، وَرُبَّمَا كَانَتْ شُقَّة وشُقَّتين وَثَلَاثًا، وَرُبَّمَا كَانَ لَهَا كِفَاءٌ وَهُوَ مؤخَّرها. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وإِنما جَازَ فِيهَا فَتْحُ الْمِيمِ لأَنها تُنْقل بِمَنْزِلَةِ الْبَيْتِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: المِظَلَّة مِنَ الشَّعْرِ خَاصَّةً. ابْنُ الأَعرابي: الخَيْمة تَكُونُ مِنْ أَعواد تُسْقَف بالثُّمام فَلَا تَكُونُ الْخَيْمَةُ مِنْ ثِيَابٍ، وأَما المَظَلَّة فَمِنْ ثِيَابٍ؛ رَوَاهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: مِنَ بُيُوتِ الأَعراب المَظَلَّة، وَهِيَ أَعظم مَا يَكُونُ مِنَ بُيُوتِ الشَّعْرِ، ثُمَّ الوَسُوط نَعْتُ المَظَلَّة، ثُمَّ الخِباء وَهُوَ أَصغر بُيُوتِ الشَّعَر. والمِظَلَّة، بِالْكَسْرِ: الْبَيْتُ الْكَبِيرُ مِنَ الشَّعَر؛ قَالَ:
أَلْجَأَني اللَّيْلُ، وَرِيحٌ بَلَّه ... إِلى سَوادِ إِبلٍ وثَلَّه،
وسَكَنٍ تُوقَد فِي مِظَلَّه
وعَرْشٌ مُظَلَّل: من الظِّلِّ. وقال أَبو مَالِكٍ: المِظَلَّة وَالْخِبَاءُ يَكُونُ صَغِيرًا وَكَبِيرًا؛ قَالَ: وَيُقَالُ لِلْبَيْتِ الْعَظِيمِ مِظَلَّة مَطْحُوَّة ومَطْحِيَّة وطاحِيَة وَهُوَ الضَّخْم. ومَظَلَّة ومِظَلَّة: دَوْحة «1» . وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: عِلَّةٌ مَا عِلَّه أَوْتادٌ وأَخِلَّه، وعَمَدُ المِظَلَّه، أَبْرِزُوا لصِهْرِكم ظُلَّه؛ قَالَتْهُ جَارِيَةٌ زُوِّجَتْ رَجُلًا فأَبطأَ بِهَا أَهْلُها عَلَى زَوْجِهَا، وجَعَلُوا يَعْتَلُّون بِجَمْعِ أَدوات الْبَيْتِ فَقَالَتْ ذَلِكَ اسْتِحْثاثاً لَهُمْ؛ وَقَوْلُ أُمَيَّة بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيِّ:
ولَيْلٍ، كأَنَّ أَفانِينَه ... صَراصِرُ جُلِّلْنَ دُهْمَ المَظالي
إِنما أَراد المَظالَّ فخَفَّف اللَّامَ، فإِمَّا حَذَفها وإِمَّا أَبْدَلَها يَاءً لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ لَا سِيَّمَا إِن كَانَ اعْتَقَدَ إِظهار التَّضْعِيفِ فإِنه يَزْدَادُ ثِقَلًا ويَنْكَسِر الأَول مِنَ الْمِثْلَيْنِ فَتَدْعُو الكسرةُ إِلى الْيَاءِ فَيَجِبُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَن يُكْتب المَظالي بِالْيَاءِ؛ ومثْلُهُ سَواءً مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ لعِمْران بْنِ حِطَّان:
قَدْ كُنْتُ عِنْدَك حَوْلًا، لَا يُرَوِّعُني ... فِيهِ رَوَائعُ مِنْ إِنْس وَلَا جانِ
وإِبدالُ الْحَرْفِ أَسهلُ مِنْ حَذْفِهِ. وكُلُّ مَا أَكَنَّك فَقَدْ أَظَلَّكَ. واسْتَظَلَّ مِنَ الشَّيْءِ وَبِهِ وتَظَلَّل وظَلَّله عَلَيْهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ
. والإِظْلالُ: الدُّنُوُّ؛ يُقَالُ: أَظَلَّك فُلَانٌ أَي كأَنه أَلْقى عَلَيْكَ ظِلَّه مِنْ قُرْبه. وأَظَلَّك شهرُ رَمَضَانَ أَي دَنا مِنْكَ. وأَظَلَّك فُلَانٌ: دَنا مِنْكَ كأَنه أَلْقى عَلَيْكَ ظِلَّه، ثُمَّ قِيلَ أَظَلَّك أَمرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه خَطَبَ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ: أَيها النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ
أَي أَقْبَل عَلَيْكُمْ ودَنا مِنْكُمْ كأَنه أَلْقى عَلَيْكُمْ ظِلَّه. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: فَلَمَّا أَظَلَّ قَادِمًا حَضَرَني بَثِّي.
وَفِي الْحَدِيثِ:
الجنَّةُ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ
؛ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الدُّنُوِّ مِنَ الضِّراب فِي الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَعْلُوَه السيفُ ويَصِيرَ ظِلُّه عَلَيْهِ.
__________
(1) . قوله [ومظلة دوحة] كذا في الأَصل والتهذيب(11/418)
والظِّلُّ: الفَيْءُ الْحَاصِلُ مِنَ الْحَاجِزِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّمْسِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا كَانَ مِنْهُ إِلى الزَّوَالِ، وَمَا كَانَ بَعْدَهُ فَهُوَ الْفَيْءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَبْعَةٌ يُظِلُّهم اللهُ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ
أَي فِي ظِلِّ رَحْمَتِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
السُّلْطانُ ظِلُّ اللَّهِ فِي الأَرض لأَنه يَدْفَع الأَذى عَنِ النَّاسِ كَمَا يَدْفَع الظِّلُّ أَذى حَرِّ الشَّمْسِ
، قَالَ: وقد يُكْنى بالظِّلِّ عن الكَنَف وَالنَّاحِيَةُ. وأَظَلَّك الشَّيْءُ: دَنا مِنْكَ حَتَّى أَلقى عَلَيْكَ ظِلَّه مِنْ قُرْبِهِ. والظِّلُّ: الخَيال مِنَ الجِنِّ وَغَيْرِهَا يُرى، وَفِي التَّهْذِيبِ: شِبْه الْخَيَالِ مِنَ الجِنِّ، وَيُقَالُ: لَا يُجاوِزْ ظِلِّي ظِلَّك. ومُلاعِب ظِلِّه: طائرٌ سُمِّيَ بِذَلِكَ. وَهُمَا مُلاعِبا ظِلِّهما ومُلاعِباتُ ظِلِّهن، كُلُّ هَذَا فِي لُغَةٍ، فإِذا جَعَلته نَكِرَةً أَخْرَجْتَ الظِّلَّ عَلَى العِدَّةِ فَقُلْتَ هُنَّ مُلاعِباتٌ أَظْلالَهُنَّ؛ وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ:
وَلَقَدْ أَبِيتُ عَلَى الطَّوى وأَظَلُّه، ... حَتَّى أَنالَ بِهِ كَرِيمَ المأْكَل
أَراد: وأَظَلُّ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: لأَتْرُكَنَّه تَرْكَ ظَبْيٍ ظِلَّه؛ مَعْنَاهُ كَمَا تَرَكَ ظَبْيٌ ظِلَّه. الأَزهري: وَفِي أَمثال الْعَرَبِ: تَرَكَ الظَّبْيُ ظِلَّه؛ يُضْرَب لِلرَّجُلِ النَّفُور لأَن الظَّبْي إِذا نَفَر مِنْ شَيْءٍ لَا يَعُودُ إِليه أَبداً، وَذَلِكَ إِذا نَفَر، والأَصل فِي ذَلِكَ أَن الظَّبْيَ يَكْنِس فِي الحَرّ فيأْتيه السَّامِي فيُثِيره وَلَا يَعُودُ إِلى كِناسِه، فَيُقَالُ تَرَكَ الظَّبْيُ ظِلَّه، ثُمَّ صَارَ مَثَلًا لِكُلِّ نَافِرٍ مِنْ شَيْءٍ لَا يَعُودُ إِليه. الأَزهري: وَمِنْ أَمثالهم أَتيته حِينَ شَدَّ الظَّبْيُ ظِلَّه، وَذَلِكَ إِذا كَنَس نِصْف النَّهَارِ فَلَا يَبْرَح مَكْنِسَه. وَيُقَالُ: أَتيته حِينَ يَنْشُدُ الظَّبْيُ ظِلَّه أَي حِينَ يشتدُّ الحَرُّ فَيَطْلُبُ كِناساً يَكْتَنُّ فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ. وَيُقَالُ: انْتَعَلَتِ المَطايا ظِلالها إِذا انْتَصَفَ النَّهَارُ فِي القَيْظ فَلَمْ يكُن لَهَا ظِلٌّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ وَرَدَتْ تَمْشِي عَلَى ظِلالِها، ... وذابَت الشَّمْس عَلَى قِلالها
وَقَالَ آخَرُ فِي مِثْلِهِ:
وانْتَعَلَ الظِّلَّ فَكَانَ جَوْرَبا
والظِّلُّ: العِزُّ والمَنَعة. وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِي ظِلِّ فُلَانٍ أَي فِي ذَراه وكَنَفه. وَفُلَانٌ يَعِيشُ فِي ظِلِّ فُلَانٍ أَي فِي كَنَفه. واسْتَظَلَّ الكَرْمُ: التَفَّتْ نَوامِيه. وأَظَلُّ الإِنسان: بُطونُ أَصابعه وَهُوَ مِمَّا يَلِي صَدْرَ القَدَم مِنْ أَصل الإِبهام إِلى أَصل الخِنْصَرِ، وَهُوَ مِنَ الإِبل بَاطِنُ المَنْسِم؛ هَكَذَا عَبَّروا عَنْهُ بِبُطُونٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَن الأَظَلَّ بَطْنُ الأُصبع؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّة فِي مَنْسِم الْبَعِيرِ:
دَامِي الأَظلِّ بَعِيد الشَّأْوِ مَهْيُوم
قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً من طَيِءٍ يَقُولُ لِلَحْمٍ رقيقٍ لازقٍ بِبَاطِنِ المَنْسِم مِنَ الْبَعِيرِ هُوَ المُسْتَظِلَّاتُ، وَلَيْسَ فِي لَحْمِ الْبَعِيرِ مُضْغة أَرَقُّ وَلَا أَنعم مِنْهَا غَيْرَ أَنه لَا دَسَم فِيهِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ فِي اهْتِمَامِ الرَّجُلِ بشأْن أَخيه: قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ إِذا أَراد المَشْكُوُّ إِليه أَنه فِي نَحْوٍ مِمَّا فِيهِ صاحبُه الشَّاكي قَالَ لَهُ إِن يَدْمَ أَظَلُّكَ فَقَدْ نَقِبَ خُفِّي؛ يَقُولُ: إِنه فِي مِثْلِ حَالِكَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بنَكِيبٍ مَعِرٍ دَامِي الأَظَلّ
قَالَ: والمَنْسِمُ لِلْبَعِيرِ كالظُّفُر للإِنسان. وَيُقَالُ(11/419)
لِلدَّمِ الَّذِي فِي الْجَوْفِ مُسْتَظِلٌّ أَيضاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
مِنْ عَلَق الجَوْفِ الَّذِي كَانَ اسْتَظَلّ
وَيُقَالُ: اسْتَظَلَّت العينُ إِذا غَارَتْ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَلَى مُسْتَظِلَّاتِ العُيونِ سَوَاهِمٍ، ... شُوَيْكِيَةٍ يَكْسُو بُرَاها لُغَامُها
وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
كأَنَّما وَجْهُكَ ظِلٌّ مِنْ حَجَر
قَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد الوَقاحة، وَقِيلَ: إِنه أَراد أَنه أَسودُ الْوَجْهِ. غَيْرُهُ: الأَظَلُّ مَا تَحْتَ مَنْسِم الْبَعِيرِ؛ قَالَ العَجَّاج:
تَشْكو الوَجَى مِنْ أَظْلَلٍ وأَظْلَل، ... مِنْ طُولِ إِمْلالٍ وظَهْرٍ أَمْلَل
إِنما أَظهر التَّضْعِيفَ ضَرُورَةً وَاحْتَاجَ إِلى فَكِّ الإِدغام كَقَوْلِ قَعْنَب بْنُ أُمِّ صَاحِبٍ:
مَهْلًا أَعاذِلَ، قَدْ جَرَّبْتِ منْ خُلُقِي ... أَنِّي أَجُودُ لأَقوامٍ، وإِنْ ضَنِنُوا
وَالْجَمْعُ الظُّلُّ، عَامَلُوا الْوَصْفَ «2» أَو جَمَعُوهُ جَمْعًا شَاذًّا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا أَسبق لأَني لَا أَعرف كَيْفَ يَكُونُ صِفَةً. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: لَكِنْ عَلَى الأَثَلاثِ لَحْمٌ لَا يُظَلَّل؛ قَالَهُ بَيْهَسٌ فِي إِخوته الْمَقْتُولِينَ لَمَّا قَالُوا ظَلِّلوا لَحْمَ جَزُورِكم. والظَّلِيلة: مُسْتَنْقَع الْمَاءِ فِي أَسفل مَسِيل الْوَادِي. والظَّلِيلة: الرَّوْضة الْكَثِيرَةُ الحَرَجات، وَفِي التَّهْذِيبِ: الظَّلِيلَة مُسْتَنْقَع ماءٍ قليلٍ فِي مَسِيل وَنَحْوِهِ، وَالْجَمْعُ الظَّلائل، وَهِيَ شِبْهُ حُفْرة فِي بطنِ مَسِيل ماءٍ فَيَنْقَطِعُ السَّيْلُ وَيَبْقَى ذَلِكَ الْمَاءُ فِيهَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
غادَرَهُنَّ السَّيْلُ فِي ظَلائلا «3»
. ابْنُ الأَعرابي: الظُّلْظُل السُّفُن وَهِيَ المَظَلَّة. والظِّلُّ: اسْمُ فَرَس مَسْلمة بْنُ عَبْدِ المَلِك. وظَلِيلاء: مَوْضِعٌ، والله أَعلم.
فصل العين المهملة
عبل: العَبْلُ: الضَّخْم مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي صِفَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَانَ عَبْلًا مِنَ الرِّجال أَي ضَخْماً، والأُنثى عَبْلَة، وَجَمْعُهَا عِبَالٌ. وَقَدْ عَبُلَ، بِالضَّمِّ، عَبَالةً، فَهُوَ أَعْبَلُ: غَلُظ وابْيَضَّ، وأَصله فِي الذِّرَاعَيْنِ، وَجَارِيَةٌ عَبْلَة، وَالْجَمْعُ عَبْلاتٌ لأَنها نَعْتٌ. ورَجُل عَبْلُ الذِّراعين أَي ضَخْمُهما. وفَرَسٌ عَبْلُ الشَّوَى أَي غَلِيظُ الْقَوَائِمِ. وامرأَة عَبْلَة أَي تامَّة الخَلْق، وَالْجَمْعُ عَبْلاتٌ وعِبَالٌ مِثْلُ ضَخْماتٍ وضِخام. الأَصمعي: الأَعْبَل والعَبْلاء حِجَارَةٌ بِيضٌ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ نَابِ الذِّئْبِ:
يَبْرُق نابُه كالأَعْبَل
أَي كحَجر أَبيض مِنْ حِجَارَةِ المَرْو؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الأَعبَل حِجَارَةٌ بِيضٌ، وَصَوَابُهُ الأَعْبَل حَجر أَبيض لأَن أَفْعَل مِنْ صِفَةِ الْوَاحِدِ المذَكَّر؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
لَوْنُ السَّحابِ بِهَا كلَوْن الأَعْبَل
__________
(2) . قوله [عاملوا الوصف] هكذا في الأصل، وفي شرح القاموس: عاملوه معاملة الوصف
(3) . قوله [غادرهن السيل] صدره كما في التكملة:
بخصرات تنقع الغلائلا(11/420)
قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ بالأَعْبَل الْجِنْسَ كَمَا قَالَ:
والضَّرْبُ فِي أَقْبالِ مَلْمُومةٍ، ... كأَنَّما لأْمَتُها الأَعْبَل
وأَقبال: جَمْعُ قَبَلٍ لِمَا قابَلك مِنْ جَبَل وَنَحْوِهِ، وَجَمْعُ الأَعْبَل أَعْبِلَةٌ عَلَى غَيْرِ الْوَاحِدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الْمُسْلِمِينَ وَجَدوا أَعْبِلَةً فِي الخَنْدَق.
والعَبْلاء: الطَّريدة فِي سَواء الأَرض حِجارتها بِيضٌ كأَنها حِجَارَةُ القدَّاح، وَرُبَّمَا قدَحوا بِبَعْضِهَا وَلَيْسَ بالمَرْوِ كأَنها البِلَّوْر. والأَعْبَلُ: حَجرٌ أَخشن غَلِيظٌ يَكُونُ أَحمر، وَيَكُونُ أَبيض، وَيَكُونُ أَسود، كلٌّ يَكُونُ جَبلٌ غَلِيظٌ «1» فِي السَّمَاءِ. وجبَلٌ أَعْبَل، وَصَخْرَةٌ عَبْلاء: بَيْضَاءُ صُلْبة، وَقِيلَ: العَبْلاء الصَّخْرَةُ مِنْ غَيْرِ أَن تُخَصّ بِصِفَةٍ، فأَما ثَعْلَبٌ فَقَالَ: لَا يَكُونُ الأَعْبَل والعَبْلاء إِلّا أَبيَضين؛ وَقَوْلُ أَبي كَبِيرٍ الهُذَلي:
صَدْيانَ أُجْري الطَّرْفَ فِي مَلمومةٍ، ... لَوْنُ السَّحابِ بِهَا كَلوْن الأَعْبَل
عَنى بالأَعْبل الْمَكَانَ ذَا الْحِجَارَةِ الْبِيضِ. والعَبَنْبَل: الضَّخْم الشَّدِيدِ، مشتقٌّ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَتِ امرأَة:
كُنْتُ أُحِبُّ ناشِئاً عَبَنْبَلا، ... يَهْوَى النِّساءَ ويُحِبُّ الغَزَلا
وغُلامٌ عابِلٌ: سَمين، وَجَمْعُهُ عُبَّل. وامرأَة عَبُول: ثَكُولٌ، وَجَمْعُهَا عُبُل. والعَبَل، بِالتَّحْرِيكِ: الهَدَبُ وَهُوَ كُلُّ وَرَقٍ مَفْتُولٍ غَيْرِ مُنْبَسط كوَرق الأَرْطى والأَثْل والطَّرْفاء وأَشباه ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
أَوْدَى بلَيْلى كُلُّ نَيَّافٍ شَوِل، ... صاحبِ عَلْقى ومُضاضٍ وعَبَل
وَقِيلَ: هُوَ ثَمَرُ الأَرْطى، وَقِيلَ: هُوَ هَدَبه إِذا غَلُظ فِي القَيْظ واحْمَرَّ وصَلَحَ أَن يُدْبغ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَعْبَلَ الأَرْطى إِذا غَلُظ هَدَبُه فِي الْقَيْظِ، وَقِيلَ: العَبَل الوَرق الدَّقِيقُ، وَقِيلَ: العَبَل مِثْلُ الوَرَق وَلَيْسَ بوَرق، والعَبَل: الوَرق السَّاقِطُ والطالعُ، ضِدٌّ، وَقَدْ أَعْبَل فِيهِمَا. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ غَضاً مُعْبِلٌ وأَرْطى مُعْبِلٌ إِذا طَلَع ورَقُه، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِذا ذابَتِ الشَّمْس اتَّقى صقَراتِها ... بأَفنانِ مَرْبوعِ الصَّرِيمة مُعْبِل
وإِنما يَتَّقي الوَحْشيُّ حَرَّ الشمس فأَفنان الأَرطاة الَّتِي طَلَع وَرقُها، وَذَلِكَ حِينَ يَكْنِس فِي حَمْراء القَيْظ، وإِنما يسقُط وَرَقُهَا إِذا بَرَد الزمانُ وَلَا يَكْنِس الوحشُ حِينَئِذٍ وَلَا يتَّقي حرَّ الشَّمْسِ؛ وَقَالَ النَّضِرُ: أَعبَلَت الأَرْطاةُ إِذا نبَت ورَقُها، وأَعْبَلَت إِذا سَقَطَ ورقُها، فَهِيَ مُعْبِلٌ. قَالَ الأَزهري: جعَل ابنُ شُميل أَعْبَلَت الشَّجَرَةُ مِنَ الأَضداد، وَلَوْ لَمْ يَحْفَظْهُ عَنِ الْعَرَبِ مَا قَالَهُ لأَنه ثِقَةٌ مأْمون. وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: أَعْبَلَ الشجرُ إِذا خَرَجَ ثَمَرُهُ، قَالَ: وَقَالَ لَمْ أَجد ذَلِكَ مَعْرُوفًا. وَقَالَ الأَزهري: عَبَلَ الشجرُ إِذا طَلَع ورَقُه. وعَبَلَ الشجرَ يَعْبِلُه عَبْلًا: حَتَّ عَنْهُ ورقَه. وأَلقى عَلَيْهِ عَبالَّته، بِالتَّشْدِيدِ، أَي ثِقْله، وَالتَّخْفِيفُ فِيهَا لُغَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
__________
(1) . قوله [جبل غليظ] هكذا في الأصل والتهذيب والتكملة، وعبارة القاموس: والأعْبَل الجبل الأَبيض الحجارة أو حجر أخش غليظ يكون أحمر وأبيض وأسود(11/421)
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه، قَالَ لِرَجُلٍ: إِذا أَتيت مِنًى فَانْتَهَيْتَ إِلى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فإِنَّ هُنَاكَ سَرْحةً لَمْ تُعْبَل وَلَمْ تُجْرَد وَلَمْ تُسْرَف سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا فانزِلْ تَحْتَهَا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَمْ تُعْبَل لَمْ يَسْقُط ورقُها؛ والسَّرْو والنَّخْل لَا يُعْبَلان، وَكُلُّ شَجَرٍ نَبَتَ وَرَقُهُ شِتَاءً وَصَيْفًا فَهُوَ لَا يُعْبَل؛ وَقَوْلُهُ لَمْ تُجْرَد أَي لَمْ يأْكلها الْجَرَادُ. والمِعْبَلة: نَصْلٌ طَوِيلٌ عَرِيضٌ، وَالْجَمْعُ مَعَابِل؛ وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
وَفِي البَجْلِيّ مِعْبَلةٌ وَقِيعُ
وَقَالَ الأَصمعي: مِنَ النِّصال المِعْبَلة وَهُوَ أَن يُعَرَّض النَّصْل ويُطَوَّل؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ حَدِيدَةٌ مُصَفَّحة لَا عَيَر لَهَا. وعَبَلَ السَّهْمَ: جَعَلَ فِيهِ مِعْبَلةً؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: تَكَنَّفَتْكم غَوائلُه وأَقْصَدَتْكم مَعابِلُه.
وَفِي حَدِيثِ
عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ: تَزِلُّ عَنْ صَفْحَتيَ المَعَابِل.
والعَبُولُ: المَنِيَّة. وعَبَلَتْه عَبول: كَقَوْلِهِمْ غالَتْه غُولٌ؛ قَالَ المَرَّار الفَقْعسِيُّ:
وإِنَّ المالَ مُقْتَسَمٌ، وإِنِّي ... ببَعْضِ الأَرْضِ عَابِلَتي عَبُول
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا مَاتَ: عَبَلَتْه عَبُول، مِثْلُ اشْتَعَبَتْه شَعُوب؛ قَالَ الأَزهري: وأَصل العَبْل القطعُ المستأْصِل؛ وأَنشد: عَابِلَتِي عَبُول. وَمَا عَبَلَكَ أَي مَا شَغَلَك وحَبَسَك. والعَبَالُ: الجَبَليُّ مِنَ الوَرْدِ وَهُوَ يَغْلُظ ويَعْظُم حَتَّى تُقْطَع مِنْهُ العِصيُّ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَيَزْعُمُونَ أَن عَصَا مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَتْ مِنْهُ. وبَنو عَبِيل: قبيلةٌ قَدِ انْقَرَضُوا. وعَبْلَةُ: اسْمٌ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: اسْمُ جَارِيَةٍ. والعَبَلاتُ، بِالتَّحْرِيكِ: بَطْنٌ مِنْ بَنِي أُمية الصُّغْرى مِنْ قُرَيْشٍ نَسِبوا إِلى أُمهم عَبْلَة، إِحدى نِسَاءِ بَنِي تَمِيمٍ، حرَّكوا ثَانِيهِ «1» عَلَى مَنْ قَالَ فِي التَّسْمِيَةِ حَارِثٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: النَّسَب إِليه عَبْليٌّ، بِالسُّكُونِ، عَلَى مَا يَجِبُ فِي الْجَمْعِ الَّذِي لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تردُّه إِلى الْوَاحِدِ لأَن أُمَّهم اسْمُهَا عَبْلة. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
وَجَاءَ عَامِرٌ برَجُلٍ مِنَ العَبَلات.
أَبو عَمْرٍو: العَبْلاء مَعْدِن الصُّفر فِي بِلَادِ قَيْسٍ. والعَبْلاء: مَوْضِعٌ. وعَوْبَل: اسْمٌ. وَيُقَالُ: عَبَلْتُه إِذا رَدَدْته؛ وأَنشد:
ها إِنَّ رَمْيِ عَنْهُمُ لمَعْبُول، ... فَلَا صَرِيخَ اليومَ إِلَّا المَصْقول
كَانَ يَرْمي عَدُوَّه فَلَا يُغْني الرَّمْيُ شَيْئًا فَقَاتَلَ بِالسَّيْفِ وَقَالَ هَذَا الرَّجَزَ، والمَعْبُول: المردود.
عبقل: العَباقِيلُ: بَقايا المرضِ والحُبِّ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كالعَقَابِيل.
عبهل: فِي
كِتَابِ سَيِّدِنَا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِوَائِلِ بْنِ حُجْر وَلِقَوْمِهِ: مِنْ مُحَمَّدٍ رسولِ اللَّهِ إِلى الأَقْيال العَباهِلة مَنْ أَهل حَضْرَمَوْتَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العَبَاهِلة هُمُ الَّذِينَ أُقِرُّوا عَلَى مُلْكِهِم لَا يُزَالون عَنْهُ، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْءٍ أَهْمَلْته فَكَانَ مُهْمَلًا لَا يُمْنَع مِمَّا يُرِيدُ وَلَا يُضْرَب عَلَى يَدَيْهِ، فَهُوَ مُعَبْهَل، وَقَدْ عَبْهَلْته. الْجَوْهَرِيُّ: عَبَاهِلَةُ اليَمَن ملوكُهم الَّذِينَ أُقِرُّوا عَلَى مُلْكهم. والمُتَعَبْهِل: الْمُمْتَنِعُ الَّذِي لَا يُمْنَع؛ وَقَالَ تأَبَّط شرًّا:
__________
(1) . قوله [حركوا ثانيه إلخ] لا يخفى أن عَبْلَة الوصف يجمع على عَبْلات بتسكين الثاني كما تقدم فلما نقل من الوصفية إلى الاسمية وجب في جمعه إتباع عينه لفائه لقوله في الخلاصة: والساكن العين الثلاثي اسماً إلخ وبهذا النقل أشبه حارثاً(11/422)
مَتى تَبْغني، مَا دُمْتُ حَيًّا مُسَلَّماً، ... تَجِدْني مَعَ المُسْتَرْعِل المُتَعَبْهِل
وعَبْهَل الإِبلَ: أَهملها. وإِبل عَبَاهِل ومُعَبْهَلَة: مهمَلة لَا رَاعِيَ لَهَا وَلَا حَافِظَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَذْكُرُ الإِبل أَنها قَدْ أُرْسِلت عَلَى الْمَاءِ تَرِدُه كَيْفَ شَاءَتْ:
عَبَاهِلٍ عَبْهَلَها الوُرَّادُ «1»
ابْنُ الأَعرابي: المُعَبْهَل والمُعَزْهَل المُهْمَل. وعَبْهَلْت الإِبلَ إِذا تَرَكْتَهَا تَرِدُ مَتى شَاءَتْ. وَوَاحِدُ العَبَاهِلة عَبْهَل، وَالتَّاءُ لتأْكيد الْجَمْعِ كقَشْعَم وقَشاعِمَة، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الأَصل عَباهِيل جَمْعُ عُبْهُول أَو عِبْهال، فَحُذِفَتِ الْيَاءُ وعُوِّض مِنْهَا الْهَاءُ كَمَا قِيلَ فَرَازِنَةٌ فِي فَرَازِين، والأَول أَشبه. والعَبَاهِلَة: المُطْلَقون. اللَّيْثُ: مَلِكٌ مُعَبْهَل لَا يُرَدُّ أَمْرُه فِي شَيْءٍ. وعَبْهَلَ الإِبلَ أَي أَهملها مِثْلَ أَبْهَلَها، وَالْعَيْنُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْهَمْزَةِ. وعَبْهَل: اسْمُ رجل.
عتل: العَتَلةُ: حَدِيدة كأَنَّها رأْس فأْس عَرِيضةٌ، فِي أَسْفلها خَشَبةٌ يُحْفَر بِهَا الأَرْضُ والحِيطانُ، ليست بمُعَقَّفَة كالفأْس وَلَكِنَّهَا مُسْتَقِيمَةٌ مَعَ الْخَشَبَةِ، وَقِيلَ: العَتَلَة العَصا الضَّخْمة مِنْ حَدِيد لَهَا رأْس مُفَلْطَحٌ كقَبِيعة السَّيْف تَكُونُ مَعَ البَنَّاء يَهْدِم بِهَا الحيطانَ. والعَتَلَة أَيضاً: الهِراوة الْغَلِيظَةُ مِنَ الْخَشَبِ، وَقِيلَ: هِيَ المِجْثاث وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُقْطَع بِهَا فَسِيلُ النَّخْلِ وقُضُبُ الكَرْم، وَقِيلَ: هِيَ بَيْرَمُ النَّجَّارِ والمُجْتَابِ، وَالْجَمْعُ عَتَلٌ. والعَتَلة: المَدَرة الْكَبِيرَةُ تَتَقَلَّع مِنَ الأَرض إِذا أُثِيرت. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لعُتْبة بْنِ عَبْدٍ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: عَتَلة، «2» قَالَ: بَلْ أَنت عُتْبة
؛ قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ كأَنه كَرِه العَتَلة لِمَا فِيهَا مِنَ الغِلْظة والشِّدَّة، وَهِيَ عَمودُ حدِيدٍ يُهْدَمُ بِهِ الحِيطانُ، وَقِيلَ: حَدِيدَةٌ كَبِيرَةٌ يُقْلَع بِهَا الشجرُ والحجرُ. وَفِي حَدِيثِ هَدْم الْكَعْبَةِ:
فأَخذ ابنُ مُطِيعٍ العَتَلة
؛ وَمِنْهُ اشْتُقَّ العُتُلُّ، وَهُوَ الشَّدِيدُ الْجَافِي والفَظُّ الغَلِيظ مِنَ النَّاسِ. والعُتُلُّ: الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: الأَكُول المَنُوع، وَقِيلَ: هُوَ الْجَافِي الْغَلِيظُ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَافِي الخُلُق اللَّئِيمُ الضَّرِيبة، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ مِنَ الرِّجَالِ وَالدَّوَابِّ. وَفِي التَّنْزِيلِ: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ
؛ قِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ الخُصومَةِ، وَقِيلَ هُوَ مَا تَقَدَّمَ. والعَتَلة: وَاحِدَةُ العَتَل، وَهِيَ القِسِيُّ الفارسيَّة؛ قَالَ أُميَّة:
يَرْمُونَ عَنْ عَتَلٍ كأَنَّها غُبُطٌ ... بِزَمْخَرٍ، يُعْجِلُ المَرْمِيَّ إِعْجالا
وعَتَلَه يَعْتِلُه ويَعْتُله عَتْلًا فانْعَتَل: جَرَّه جَرًّا عَنِيفاً وجَذَبَه فحَمَله. وَفِي التَّنْزِيلِ: خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ
؛ قرأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وأَبو عَمْرٍو فَاعْتِلُوهُ، بِكَسْرِ التَّاءِ، وقرأَ
ابْنُ كَثِيرٍ ونافعٌ وَابْنُ عَامِرٍ ويعقوبُ فاعْتُلُوه
، بِضَمِّ التَّاءِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ، وَمَعْنَاهُ خُذُوه فاقْصِفُوه كَمَا يُقْصَف الحَطَبُ. والعَتْلُ: الدَّفْع والإِرْهاقُ بالسَّوْق العَنِيف. ابْنُ السِّكِّيتِ: عَتَلْته إِلى السِّجْن وعَتَنْتُه أَعْتِلُه وأَعْتُله وأَعْتِنُه وأَعْتُنُه إِذا دَفَعْته دَفْعاً عَنِيفًا. ابْنُ السِّكِّيتِ: عَتَلَه وعَتَنَه، بِاللَّامِ وَالنُّونِ جَمِيعًا، وَقِيلَ: العَتْلُ أَن تأْخُذَ
__________
(1) . قوله [عباهل إلخ] كذا في الصحاح، قال في التكملة والرواية:
عرامس عَبْهَلَها الذوّاد
جمع ذائد، وقبله:
أَفْرِغْ لِجُوفٍ وِرْدُهَا أَفْرَادُ ... عَبَاهَل عَبْهَلَها الورّاد
(2) . قوله [مَا اسْمُكَ قَالَ عَتَلَة] قال الصاغاني: وقيل كان اسمه نشبة(11/423)
بتَلْبيبِ الرَّجُل فتَعْتِله أَي تَجُرّه إِليك وتَذْهَب بِهِ إِلى حَبس أَو بَلِيَّة. ورَجُلٌ مِعْتَلٌ، بِالْكَسْرِ: قَوِيٌّ عَلَى ذَلِكَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصف فَرَسًا:
طارَ عَنِ المُهْرِ نَسِيلٌ يَنْسُلُه، ... عَنْ مُفْرَع الكِتْفَيْن حُرٍّ عَطَلُه،
نَفْرَعُه فَرْعاً ولَسْنَا نَعْتِلُه
وأَخَذَ فُلَانٌ بِزمَام النَّاقَةِ فَعَتَلَها إِذا قادَها قَوْداً عنِيفاً. وَيُقَالُ: لَا أَتَعَتَّلُ مَعَك وَلَا أَنْعَتِلُ مَعَكَ شِبْراً أَي لَا أَبْرَح مَكَانِي وَلَا أَجيء مَعَكَ. وإِنَّه لَعَتِلٌ إِلى الشرِّ أَي سَرِيعٌ. وعَتِلَ إِلى الشَّرِّ عَتَلًا، فَهُوَ عَتِلٌ: سَرُعَ؛ قَالَ:
وعَتِلٍ داوَيْتُه مِنَ العَتَل
والعَاتِل: الجِلْوازُ، وَجَمْعُهُ عُتُل. وَدَاءٌ عَتِيل: شَدِيدٌ. والعَتِيلُ: الخادمُ. وجَبَلٌ عُتُلٌّ: صُلْبٌ شَدِيدٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ثلاثةٌ أَشْرَفْنَ فِي طَوْدٍ عُتُلّ
والعَتِيل: الأَجيرُ، بلُغَةِ جَدِيلة طَيِءٍ، وَالْجَمْعُ عُتُلٌ وعُتَلاء. والعَتَلة: الَّتِي لَا تُلْقَح فَهِيَ أَبداً قَوِيَّةٌ. والعُتُلُّ: الرُّمْح الْغَلِيظُ. والعُنْتُل والعُنْتَل: البَظْر؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَالْمَعْرُوفُ العُنْبُل؛ وأَنشد:
بَدَا عُنْبُلٌ لَوْ تُوضَعُ الفَأْسُ فَوْقه ... مُذَكَّرةً، لانْفَلَّ عَنْهَا غُرابُها
عثل: العَثَلُ والعَثِلُ: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ الأَعْشَى:
إِنِّي لَعَمْرُ الَّذِي حَطَّتْ مَناسِمُها ... تَهْوِي، وسِيقَ إِليه الباقِرُ العَثَلُ
وَقَدْ عَثِلَ عَثَلًا. والعِثْوَلُّ مِنَ الرِّجَالِ: الْجَافِي الغليظُ. والعِثْوَلُّ والعَثَوْثَلُ: الكثيرُ اللَّحْمِ الرِّخْوُ. ونَخْلة عَثُولٌ: جافيةٌ غليظةٌ. ورَجُلٌ عِثْوَلٌّ أَي عَيِيٌّ فَدْمٌ ثَقِيلٌ مُسْتَرْخٍ مِثْلُ القِثْوَلِّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلرَّاجِزِ:
هاجَ بعِرْس حَوْقَلٍ عِثْوَلِ
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: قَالَ لِي أَعرابي وَلِصَاحِبٍ لِي كَانَ يَسْتَثْقِله وكُنَّا مَعًا نَخْتَلِفُ إِليه فَقَالَ لِي: أَنت قُلْقُلٌ بُلْبُلٌ، وصاحبُك هَذَا عِثْوَلٌّ قِثْوَلٌّ. والعَثُولُ: الأَحْمق، وَجَمْعُهُ عُثُلٌ. والعِثْوَلُّ: الكثيرُ شَعَر الْجَسَدِ والرأْس. ولِحْيَةٌ عِثْوَلَّة: ضَخْمة؛ قَالَ:
وأَنْتَ فِي الحَيِّ قَلِيلُ العِلَّه، ... ذُو سَبَلاتٍ ولِحًى عِثْوَلَّه
الْفَرَّاءُ: عَثَمَتْ يدُه وعَثَلَتْ تَعْثُلُ إِذا جَبَرتْ عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ؛ وأَنشد:
تَرَى مُهَجَ الرِّجالِ عَلَى يَدَيْه، ... كأَنَّ عِظامَهُ عَثَلَتْ بجَبْر
وَقَدْ رُوي حديثٌ
لِلنَّخَعِيِّ فِي الأَعضاء: إِذا انْجَبَرَت عَلَى غَيْرِ عَثْلٍ صُلْحٌ
«1» بِاللَّامِ، وأَصله عثْم بِالْمِيمِ. والعَثَل: ثَرْبُ الشَّاةِ وَهُوَ الخِلْمُ والسِّمْحاق. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ «2» : وَيُقَالُ للضَّبُع أُمُّ عِثْيَل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ أُمُّ عَنْثَل. وَيُقَالُ للضَّبُع عَنْثَل، وَكَذَا ذَكَرَهُ أَهل اللُّغَةِ أُمُّ عَنْثَل لَا غَيْرَ، وَقَالَ: قَدْ وَسَّعَ القَزَّاز فِي هَذَا الفصل
__________
(1) . قوله [إِذَا انْجَبَرَتْ عَلَى غَيْرِ عثل صلح] أورده ابْنُ الأَثير فِي حَرْفِ الميم على رواية عثم بالميم وتمامه: وَإِذَا انْجَبَرَتْ عَلَى عَثْمٍ الدية
(2) . قوله [قال الجوهري] أي ناقلًا من كتاب سيبويه كما هي عبارته(11/424)
عثجل: العَثْجَل: الْوَاسِعُ الضَّخْم مِنَ الأَوْعِيَة والأَسْقِية وَنَحْوِهَا. والعَثْجَل والعُثاجِل: الْعَظِيمُ الْبَطْنِ مِثْلُ الأَثْجَل. وعَثْجَل الرجُلُ: ثَقُل عَلَيْهِ النُّهُوض مِنْ هَرَمٍ أَو عِلَّة.
عثكل: العِثْكالُ والعُثْكول والعُثْكُولة: العِذْق. وعِذْقٌ مُعَثْكَلٌ ومُتَعَثْكِلٌ: ذُو عَثاكِيل. والعُثْكُولُ والعُثْكُولة: مَا عُلِّق مِنْ عِهْنٍ أَو صُوف أَو زِينة فَتَذَبْذَب فِي الْهَوَاءِ؛ وأَنشد:
تَرى الوَدْعَ فِيهَا والرَّجائزَ زِينةً، ... بأَعْناقِها مَعْقُودةً كالعَثَاكِل
وعَثْكَلَه: زَيَّنه بِذَلِكَ. والعَثْكَلة: الثَّقِيل مِنَ العَدْو. والعُثْكُول والعِثْكَال: الشِّمْراخ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ البُسْرُ مِنْ عِيدانِ الكِباسة، وَهُوَ فِي النَّخْلِ بِمَنْزِلَةِ العُنْقود مِنَ الكَرْم؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
لَوْ أَبْصَرَتْ سُعْدى بِهَا كَتائِلي، ... طَوِيلَة الأَقْناءِ والأَثاكِلِ
أَراد العَثاكِلَ فَقَلَبَ الْعَيْنَ هَمْزَةً. وتَعَثْكل العِذْقُ أَي كَثُرَتْ شَمارِيخُه. وعُثْكِلَ الهَوْدَجُ أَي زُيِّن. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن سَعْد بْنَ عُبادة جَاءَ بِرَجُلٍ فِي الحَيِّ مُخَدَّج إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وُجِد عَلَى أَمَةٍ يَخْبُث بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذُوا لَهُ عِثْكالًا فِيهِ مِائَةُ شِمْراخٍ فاضْرِبُوه بِهَا ضَرْبةً
؛ العِثْكَالُ: العذْق مِنْ أَعْذاق النَّخْلِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الرُّطَب، وَيُقَالُ إِثْكالٌ وأُثْكُول؛ وأَنشد الأَزهري لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
أَثِيثٍ كقِنْوِ النَّخلة المُتَعَثْكِل
والقِنْوُ: العِثْكال أَيضاً، وشَمارِيخُ العِثْكال: أَغْصانُه، واحدها شِمْراخ.
عجل: العَجَلُ والعَجَلة: السرْعة خِلَافُ البُطْء. ورجُلٌ عَجِلٌ وعَجُلٌ وعَجْلانُ وعَاجِلٌ وعَجِيلٌ مِنْ قَوْمٍ عَجَالى وعُجالى وعِجالٍ، وَهَذَا كلُّه جَمْعُ عَجْلان، وأَما عَجِلٌ وعَجْلٌ فَلَا يُكَسَّر عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وعَجِلٌ أَقرب إِلى حَدِّ التَّكْسِيرِ مِنْهُ لأَن فَعِلًا فِي الصِّفَةِ أَكثر مِنْ فَعُلٍ، عَلَى أَنَّ السَّلَامَةَ فِي فَعِلٍ أَكثر أَيضاً لقِلَّته وإِن زَادَ عَلَى فَعُلٍ، وَلَا يُجْمَعُ عَجْلانُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ لأَن مُؤَنَّثَهُ لَا تَلْحَقُهُ الْهَاءُ. وامرأَة عَجْلى مِثَالُ رَجْلى ونِسْوة عَجالى كَمَا قَالُوا رَجالى وعِجالٌ أَيضاً كَمَا قَالُوا رِجال. والاسْتِعْجال والإِعْجال والتَّعَجُّل وَاحِدٌ: بِمَعْنَى الاسْتِحْثاث وطَلَبِ العَجَلة. وأَعْجَلَه وعَجَّلَه تَعْجِيلًا إِذا اسْتَحَثَّه، وَقَدْ عَجِلَ عَجَلًا وعَجَّلَ وتَعَجَّلَ. واسْتَعْجَلَ الرجلَ: حَثَّه وأَمره أَن يَعْجَل فِي الأَمر. ومَرَّ يَسْتَعْجِل أَي مَرَّ طَالِبًا ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ مُتَكَلِّفاً إِياه؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، ووَضَع فِيهِ الضَّمِيرَ الْمُنْفَصِلَ مَكَانَ الْمُتَّصِلِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ
؛ أَي كَيْفَ سَبَقْتَهم. يُقَالُ: أَعْجَلَني فَعَجَلْتُ لَهُ. واسْتَعْجَلْته أَي تقدَّمته فَحَمَلتْه عَلَى العَجَلة. واسْتَعْجَلْته: طَلَبْت عَجَلَته؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
فاسْتَعْجَلُونا، وَكَانُوا مِنْ صَحابَتِنا، ... كَمَا تَعَجَّلَ فُرَّاطٌ لِوُرَّاد
وعَاجَلَه بذَنْبه إِذا أَخَذَه بِهِ وَلَمْ يُمْهِلْه. والعَجْلانُ: شَعْبانُ لسُرْعَة نَفَادِ أَيَّامه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بقَوِيٍّ لأَن شَعْبان إِن كَانَ فِي زَمَنِ طُول الأَيام فأَيَّامُه طِوالٌ وإِن كَانَ فِي زَمَنِ قِصَر الأَيام فأَيَّامُه قِصارٌ، وَهَذَا الَّذِي انْتَقَدَه ابنُ سِيدَهْ لَيْسَ بِشَيْءٍ لأَن شَعْبَانَ قَدْ ثَبَتَ فِي الأَذهان(11/425)
أَنه شَهْرٌ قَصِيرٌ سَرِيعُ الِانْقِضَاءِ فِي أَيِّ زَمَانٍ كَانَ لأَن الصومَ يَفْجَأُ فِي آخِرِهِ فَلِذَلِكَ سُمِّي العَجْلان، وَاللَّهُ أَعلم. وقَوْسٌ عَجْلى: سرعة السَّهْم؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والعَاجِلُ والعَاجِلةُ: نَقِيضُ الْآجِلِ وَالْآجِلَةِ عامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وجلَّ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها مَا نَشاءُ
؛ العَاجِلةُ: الدُّنْيَا، وَالْآجِلَةُ الْآخِرَةُ. وعَجِلَه: سَبَقَه. وأَعْجَلَه: اسْتَعْجَلَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ
؛ أَي أَسَبَقْتُم. قَالَ الْفَرَّاءُ: تَقُولُ عَجِلْتُ الشيءَ أَي سَبَقْتُه، وأَعْجَلْته اسْتَحْثَثْته. وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ
؛ فَمَعْنَاهُ لَوْ أُجِيبَ الناسُ في دعاء أَحدهم عَلَى ابْنِهِ وَشَبِيهُهُ فِي قَوْلِهِ: لَعَنَك اللهُ وأَخْزاك اللهُ وشِبْهه، لَهَلَكوا. قَالَ: ونُصِب قولُه اسْتِعْجالَهم بِوُقُوعِ الْفِعْلِ وَهُوَ يُعَجِّل، وَقِيلَ نُصِب اسْتِعْجالَهم عَلَى مَعْنَى مِثْلَ اسْتِعْجالهم عَلَى نعتِ مصدرٍ مَحْذُوفٍ؛ وَالْمَعْنَى: وَلَوْ يُعَجِّل اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ تَعْجِيلًا مِثْلَ اسْتِعْجَالِهِمْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَوْ عَجَّل اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ إِذا دَعَوْا بِهِ عَلَى أَنفسهم عِنْدَ الْغَضَبِ وَعَلَى أَهليهم وأَولادهم واسْتَعْجلوا بِهِ كَمَا يَسْتَعْجلون بِالْخَيْرِ فَيَسْأَلونه الخَيْرَ والرَّحْمَةَ لقُضي إِليهم أَجَلُهم أَي مَاتُوا؛ وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ وَلَوْ يُعَجِّل اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ فِي الدُّعَاءِ كَتَعْجِيلِهِ اسْتِعْجالَهم بِالْخَيْرِ إِذا دَعَوْه بِالْخَيْرِ لَهَلَكُوا. وأَعْجَلَتِ الناقةُ: أَلْقَتْ وَلَدَها لِغَيْرِ تَمَامِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
قِياماً عَجِلْنَ عَلَيْهِ النَّبات، ... يَنْسِفْنَه بالظُّلوف انْتِسافا
عَجِلْن عَلَيْهِ: عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ، يَنْسِفْنَه: يَنْسِفْن هَذَا النَّبات يَقْلَعْنه بأَرجلهن؛ وَقَوْلُهُ:
فَوَرَدَتْ تَعْجَل عَنْ أَحْلامِها
مَعْنَاهُ تَذْهَب عُقولُها، وعَدَّى تَعْجَل بِعَنْ لأَنها فِي مَعْنَى تَزِيغُ، وتَزِيغُ متعدِّية بعَنْ. والمُعْجِل والمُعَجِّل والمِعْجال مِنَ الإِبل: الَّتِي تُنْتَج قَبْلَ أَن تَسْتَكْمِلَ الْحَوْلَ فَيَعِيش ولَدُها، والوَلَدُ مُعْجَلٌ؛ قَالَ الأَخطل:
إِذا مُعْجَلًا غادَرْنَه عِنْدَ مَنْزِلٍ، ... أُتِيحَ لجَوَّابِ الفَلاةِ كَسُوب
يَعْنِي الذِّئْبَ. والمِعْجَال مِنَ الْحَوَامِلِ الَّتِي تَضَعُ ولدَها قَبْلَ إِناه، وَقَدْ أَعْجَلَتْ، فَهِيَ مُعْجِلةٌ، والوَلَدُ مُعْجَلٌ. والإِعْجال فِي السَّيْر: أَن يَثِبَ البعيرُ إِذا رَكِبه الرَّاكِبُ قَبْلَ اسْتِوَائِهِ عَلَيْهِ. والمِعْجَال: الَّتِي إِذا أَلْقى الرَّجُلُ رِجْلَه فِي غَرْزِها قَامَتْ ووَثَبَتْ. يُقَالُ: جَمَلٌ مِعْجالٌ وَنَاقَةٌ مِعْجالٌ، ولَقِي أَبو عَمْرِو بْنُ العَلاء ذَا الرُّمَّة فَقَالَ أَنشِدْني:
مَا بالُ عينِك مِنْهَا الماءُ يَنْسَكِبُ
فأَنشده حَتَّى انْتَهَى إِلى قَوْلِهِ:
حَتَّى إِذا مَا اسْتَوَى فِي غَرْزِها تَثِبُ
فَقَالَ لَهُ: عَمُّك الرَّاعِي أَحْسَنُ مِنْكَ وَصْفاً حِينَ يَقُولُ:
وهْيَ، إِذا قامَ فِي غَرْزِها، ... كَمِثْل السَّفِينة أَو أَوْقَرُ
وَلَا تُعْجِلُ المَرْءَ عند الوُرُوكِ، ... وهي برُكْبتِه أَبْصَرُ «1» .
__________
(1) . قوله [عند الوروك] الذي في المحكم، وتقدم في ورك: قبل الوروك(11/426)
فَقَالَ: وصَفَ بِذَلِكَ ناقَةَ مَلِكٍ، وأَنا أَصِفُ لَكَ ناقةَ سُوقةٍ. ونَخْلة مِعْجالٌ: مُدْرِكةٌ فِي أَول الحَمْل. والمُعَجِّل والمُتَعَجِّل: الَّذِي يأْتي أَهله بالإِعْجالةِ. والمُعَجِّل «1» مِنَ الرِّعاء: الَّذِي يَحْلُب الإِبلَ حَلْبةً وَهِيَ فِي الرَّعْي كأَنه يُعْجِلُها عَنْ إِتمام الرَّعْي فيأْتي بِهَا أَهلَه، وَذَلِكَ اللَّبن الإِعجَالةُ. والإِعْجَالةُ: مَا يُعَجِّله الرَّاعِي مِنَ اللَّبَنِ إِلى أَهله قَبْلَ الحَلْب؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ سَيَلانَ الدَّمْع:
كأَنَّهُما مَزَادَتَا مُتَعَجِّلٍ ... فَرِيّانِ، لَمَّا تُسْلَقا بِدِهَانِ
والعُجَالةُ، وَقِيلَ الإِعْجالةُ: أَن يُعَجِّل الرَّاعِي بِلَبَنِ إِبله إِذا صَدَرَتْ عَنِ الْمَاءِ، قَالَ: وَجَمْعُهَا الإِعْجَالاتُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَتَتْكُمْ بإِعْجالاتِها، وهْيَ حُفَّلٌ، ... تَمُجُّ لَكُمْ قَبْلَ احْتِلابٍ ثُمَالَها
يخاطِب اليَمَنَ يَقُولُ: أَتَتْكُم مَوَدَّةُ مَعَدٍّ بإِعْجالاتها، والثُّمالُ: الرَّغْوَة، يَقُولُ لَكُمْ عِنْدَنَا الصَّرِيحُ لَا الرَّغْوة. وَالَّذِي يَجِيءُ بالإِعْجالة مِنَ الإِبل مِنَ العَزيب يُقَالُ لَهُ: المُعَجِّل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
لَمْ يَقْتَعِدْها المُعَجِّلون، وَلَمْ ... يَمْسَخْ مَطاها الوُسُوق والحَقَبُ
وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: ويَحْمِل الرَّاعِي العُجَالة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ لَبَنٌ يَحْمِله الرَّاعِي مِنَ المَرْعى إِلى أَصحاب الْغَنَمِ قَبْلَ أَن تَرُوحَ عَلَيْهِمْ. والعُجَّال: جُمّاع الكَفِّ مِنَ الحَيْس والتَّمر يستعجلُ أَكْلهُ، والعُجَّال والعِجَّوْل: تَمْرٌ يُعْجَن بسَوِيق فيُتَعَجَّلُ أَكْلُه. والعَجَاجِيل: هَنَاتٌ مِنَ الأَقِط يَجْعَلُونَهَا طِوَالًا بِغِلَظِ الكَفِّ وطُولِها مِثْلُ عَجَاجِيل التَّمْر والحَيْس، وَالْوَاحِدَةُ عُجَّال. وَيُقَالُ: أَتانا بِعُجَّال وعِجَّوْل أَي بجُمْعَةٍ مِنَ التَّمْر قَدْ عُجِنَ بالسَّوِيق أَو بالأَقِط. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: العُجَّال والعِجَّوْل مَا اسْتُعْجِل بِهِ قَبْلَ الغِذاء كاللُّهنة. والعُجَالةُ والعَجَل: مَا اسْتُعْجِل بِهِ مِنْ طَعَام فقُدِّم قَبْلَ إِدراك الغِذاء؛ وأَنشد:
إِنْ لَمْ تُغِثْني أَكُنْ يَا ذَا النَّدَى عَجَلًا، ... كَلُقْمَةٍ وَقَعَتْ فِي شِدْقِ غَرْثان
والعُجَالةُ: مَا تعَجَّلْته مِنْ شَيْءٍ. وعُجَالة الراكبِ: تَمْر بسَوِيق. والعُجَالَة: مَا تَزَوَّدَه الراكبُ مِمَّا لَا يُتْعِبُه أَكْلُه كَالتَّمْرِ والسَّوِيق لأَنه يَسْتَعجِله، أَو لأَن السَّفَرَ يُعْجِله عَمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الطَّعَامِ المُعالَج، والتمرُ عُجَالة الرَّاكِبِ. يُقَالُ: عجَّلْتم كَمَا يُقَالُ لَهَّنْتُم. وَفِي الْمَثَلِ: الثَّيِّبُ عُجَالة الرَّاكِبِ. والعُجَيْلة والعُجَيْلى: ضَرْبانِ من المشيء فِي عَجَلٍ وَسُرْعَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَمْشِي العُجَيْلى مِنْ مَخَافَةِ شَدْقَمٍ، ... يَمْشي الدِّفِقَّى والخَنِيفَ ويَضْبِرُ
وذَكَره ابْنُ وَلَّاد العُجَّيْلى بِالتَّشْدِيدِ. وعَجَّلْت اللَّحْمَ: طَبَخْته عَلَى عَجَلة. والعَجُول مِنَ النِّسَاءِ والإِبل: الوالِه الَّتِي فَقَدَتْ وَلَدَها الثَّكْلَى لعَجَلتِها فِي جَيْئَتِها وذَهَابها جَزَعاً؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
فَمَا عَجُولٌ عَلَى بَوٍّ تُطِيفُ بِهِ، ... لَهَا حَنِينانِ: إِعْلانٌ وإِسرار
__________
(1) . قوله [والمعجل إِلى قوله وذلك اللبن الإعجالة] هي عبارة المحكم، وتمامها والعِجَالة والعُجَالة أي بالكسر والضم، وَقِيلَ: الإِعْجَالة أَنْ يُعَجِّلَ الراعي إلى آخر ما هنا(11/427)
وَالْجَمْعُ عُجُل وعَجائل ومَعاجِيل؛ الأَخيرة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ الأَعشى:
يَدْفَع بالرَّاح عَنْهُ نِسْوَةٌ عُجُلُ «1»
والعَجُول: المَنِيَّة؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو، لأَنها تُعْجِل مَنْ نَزَلَتْ بِهِ عَنْ إِدراك أَمَله؛ قَالَ الْمَرَّارُ الفَقْعسي:
وَنَرْجُو أَن تَخَاطَأَكَ المَنايا، ... وَنَخْشَى أَن تُعَجِّلَك العَجُولُ «2»
. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: خُلِقَ الإِنسانُ مِنْ عَجَلٍ وَعَلَى عَجَلٍ كأَنك قُلْتَ رُكِّبَ عَلَى العَجَلة، بِنْيَتُه العَجَلةُ وخِلْقَتُه العَجَلةُ وَعَلَى العَجَلة وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: خُوطِبَ الْعَرَبُ بِمَا تَعْقِل، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يُكْثِر الشيءَ: خُلِقْتَ مِنْهُ، كَمَا تَقُولُ: خُلِقْتَ مِنْ لعِبٍ إِذا بُولغ فِي وَصْفِهِ باللَّعِب. وخُلِقَ فُلَانٌ مِنَ الكَيْس إِذا بُولغ فِي صِفَتِهِ بالكَيْس. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ
؛ أَي لَوْ يَعْلَمُونَ مَا اسْتَعْجَلُوا، وَالْجَوَابُ مُضْمَرٌ، قِيلَ: إِن آدَمَ، صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ، لَمَّا بَلَغَ مِنْهُ الرُّوحُ الرُّكْبَتَيْنِ هَمَّ بالنُّهُوض قَبْلَ أَن تَبْلُغَ القَدَمين، فَقَالَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ
؛ فأَوْرَثَنا آدَمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، العَجَلة. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ خُلِقَت العَجَلةُ مِنَ الإِنسان؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي «3» الأَحسن أَن يَكُونَ تَقْدِيرُهُ خُلِقَ الإِنسان مِنْ عَجَلٍ لِكَثْرَةِ فِعْلِهِ إِياه وَاعْتِيَادِهِ لَهُ، وَهَذَا أَقوى مَعْنًى مِنْ أَن يَكُونَ أَراد خُلِقَ العَجَل مِنَ الإِنسان لأَنه أَمرٌ قَدِ اطّرَد واتَّسَع، وحَمْلُه عَلَى القَلْب يَبْعُد فِي الصَّنْعَةِ ويُصَغِّر الْمَعْنَى، وكأَن هَذَا الْمَوْضِعَ لمَّا خَفِيَ عَلَى بَعْضِهِمْ قَالَ: إِن العَجَل هَاهُنَا الطِّين، قَالَ: وَلَعَمْرِي إِنه فِي اللُّغَةِ لكَما ذَكَر، غَيْرَ أَنه فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَا يُرَادُ بِهِ إِلَّا نَفْسَ العَجَلة وَالسُّرْعَةِ، أَلا تَرَاهُ عَزَّ اسْمُه كَيْفَ قَالَ عَقيبة: سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ
؟ فَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا
وخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً؛ لأَن العَجَل ضَرْبٌ مِنَ الضَّعْفِ لِمَا يُؤْذَنُ بِهِ مِنَ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ، فَهَذَا وَجْهُ الْقَوْلِ فِيهِ، وَقِيلَ: العَجَل هَاهُنَا الطِّينُ والحَمْأَة، وَهُوَ العَجَلة أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والنَّبْعُ فِي الصَّخْرة الصَّمَّاءِ مَنْبِتُه، ... والنَّخْلُ يَنْبُتُ بينَ الماءِ والعَجَل
قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَ عِنْدِي فِي هَذَا حِكَايَةٌ عَمَّنْ يُرْجَع إِليه فِي عِلْمِ اللُّغَةِ. وتعَجَّلْتُ مِنَ الكِراءِ كَذَا وَكَذَا، وعجَّلْت لَهُ مِنَ الثَّمن كَذَا أَي قَدَّمْت. والمَعَاجِيلُ: مُخْتَصَرات الطُّرُق، يُقَالُ: خُذْ مَعاجِيلَ الطَّرِيق فإِنها أَقرب. وَفِي النَّوَادِرِ: أَخْذْتُ مُسْتَعْجِلة «4» مِنَ الطَّرِيقِ وَهَذِهِ مُسْتَعْجِلاتُ الطَّرِيقِ وَهَذِهِ خُدْعة مِنَ الطَّرِيقِ ومَخْدَع، ونَفَذٌ ونَسَمٌ ونَبَقٌ وأَنْباقٌ، كلُّه بِمَعْنَى القُرْبة والخُصْرة. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: لَقَدْ عَجِلَت بأَيِّمِك العَجُول أَي عَجِل بِهَا الزواجُ. والعَجَلة: كارَةُ الثَّوب، وَالْجَمْعُ عِجَالٌ وأَعْجَالٌ، عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ. والعَجَلة: الدَّوْلاب، وقيل
__________
(1) . قوله [يدفع بالراح إلخ] صدره كما في التكملة:
حتى يظل عميد الحي مرتفقا
(2) . قوله [تعجلك] كذا في المحكم، وبهامشه في نسخة تعاجلك
(3) . قوله [قال ابن جني إلخ] عبارة المحكم: قَالَ ابْنُ جِنِّي الأَحسن أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ، وجاز هذا وإن كان الإنسان جوهراً والعجلة عرضاً، وَالْجَوْهَرُ لَا يَكُونُ مِنَ العرض لكثرة فعله، إلى آخر ما هنا
(4) . قوله [أخذت مستعجلة إلخ] ضبط في التكملة والتهذيب بكسر الجيم، وفي القاموس بالفتح(11/428)
المَحَالة، وَقِيلَ الخَشَبة المُعْترِضة عَلَى النَّعَامَتين، وَالْجَمْعُ عَجَلٌ. والغَرْبُ مُعَلَّق بالعَجَلة. والعِجْلة: الإِداوة الصَّغِيرَةُ. والعِجْلة: المَزَادة، وَقِيلَ قِرْبة الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ عِجَلٌ مِثْلُ قِرْبة وقِرَب؛ قَالَ الأَعشى:
والساحباتِ ذُيُولَ الخَزِّ آوِنةً، ... والرَّافِلاتِ عَلَى أَعْجازِها العِجَلُ
قَالَ ثَعْلَبٌ: شَبَّه أَعْجازَهُنَّ بالعِجَل الْمَمْلُوءَةِ، وعِجَال أَيضاً. والعِجْلة: السِّقَاء أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا:
قَانَى لَهُ فِي الصَّيْف ظِلٌّ بارِدٌ، ... ونَصِيُّ ناعِجَةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ
حَتَّى إِذا نَبَحَ الظِّباءُ بَدَا لَهُ ... عَجِلٌ، كأَحْمِرة الصَّريمة، أَرْبَعُ
قَانَى لَهُ أَي دَامَ لَهُ. وَقَوْلُهُ نَبَحَ الظِّباء، لأَن الظَّبْيَ إِذا أَسَنَّ وَبَدَتْ فِي قَرْنِه عُقَدٌ وحُيُودٌ نَبَح عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ كَمَا يَنْبَح الْكَلْبُ؛ أَورد ابْنُ بَرِّيٍّ:
ويَنْبَحُ بَيْنَ الشِّعْب نَبْحاً، تَخالُه ... نُباحَ الكِلابِ أَبْصَرَتْ مَا يَرِيبُها
وَقَوْلُهُ كأَحْمِرة الصَّرِيمة يَعْنِي الصُّخُور المُلْس لأَن الصَّخْرَةَ المُلَمْلَمة يُقَالُ لَهَا أَتانٌ، فإِذا كَانَتْ فِي الْمَاءِ الضَّحْضاح فَهِيَ أَتانُ الضَّحْل، فلَمّا لَمْ يُمْكِنْهُ أَن يَقُولَ كأُتُنِ الصَّرِيمة وضَع الأَحْمِرة مَوْضِعَها إِذ كَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا، فَهُوَ يَقُولُ: هَذَا الْفَرَسُ كَرِيمٌ عَلَى صَاحِبِهِ فَهُوَ يَسْقِيهِ اللَّبَنَ، وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ أَربعَ أَسْقِية مملوءَة لَبناً كالصُّخُور المُلْس فِي اكْتِنَازِهَا تُقَدَّم إِليه فِي أَول الصُّبْحِ، وَتُجْمَعُ عَلَى عِجَالٍ أَيضاً مِثْلَ رِهْمة ورِهامٍ وذِهْبةٍ وذِهاب؛ قَالَ الطِّرمّاح:
تُنَشِّفُ أَوْشالَ النِّطافِ بطَبْخِها، ... عَلَى أَن مكتوبَ العِجال وَكِيع «1»
والعَجَلة، بِالتَّحْرِيكِ: الَّتِي يَجُرُّها الثَّوْرُ، وَالْجَمْعُ عَجَلٌ وأَعْجَالٌ. والعَجَلة: المَنْجَنُون يُسْقَى عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ عَجَلٌ. والعِجْلُ: وَلدُ الْبَقَرَةِ، وَالْجَمْعُ عِجَلة، وَهُوَ العِجَّوْل والأُنثى عِجْلة وعِجَّوْلة. وَبَقَرَةٌ مُعْجِل: ذَاتُ عِجْلٍ؛ قَالَ أَبو خِيرَةَ: هُوَ عِجْلٌ حِينَ تضَعُه أُمُّه إِلى شَهْرٍ، ثُمَّ بَرْغَزٌ وبُرْغُزٌ نَحْوًا مِنْ شَهْرَيْنِ وَنِصْفٍ، ثُمَّ هُوَ الفَرْقَد، وَالْجَمْعُ العَجَاجِيلُ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ ثَلَاثَةُ أَعْجِلة وَهِيَ الأَعْجَال. والعِجْلة: ضَرْب مِنَ النَّبْت، وَقِيلَ: هِيَ بَقْلة تَسْتَطِيلُ مَعَ الأَرض؛ قَالَ:
عَلَيْكَ سرْداحاً مِنَ السِّرْداحِ، ... ذَا عِجْلة وَذَا نَصِيٍّ ضَاحِي
وَقِيلَ: هِيَ شَجَرٌ ذَاتُ وَرَق وكعُوب وقُضُب ليِّنة مُسْتَطِيلَةٍ، لَهَا ثمرَة مِثْلُ رِجْلِ الدَّجاجة مُتقَبِّضة، فإِذا يَبِسَتْ تفَتَّحت وَلَيْسَ لَهَا زَهْرة، وَقِيلَ: العِجْلة شَجَرَةٌ ذَاتُ قُضُب ووَرَقٍ كوَرَقِ الثُّدّاء. والعَجْلاء، مَمْدُودٌ: مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ عَجْلان؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فهُنَّ يُصَرِّفْنَ النَّوَى، بَيْنَ عالِجٍ ... وعَجْلانَ، تَصْرِيف الأَدِيبِ المُذَلَّل
وَبَنُو عِجْل: حَيٌّ، وَكَذَلِكَ بَنُو العَجْلان. وعِجْلٌ: قَبِيلَةٌ مِنْ رَبيعة وَهُوَ عِجْل بْنُ لُجَيم بْنِ صَعْب بن
__________
(1) . قوله [تنشف إلخ] تقدم في ترجمة وكع، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُهُ:
تُنَشِّفُ أَوْشَالَ النِّطَافِ وَدُونَهَا ... كُلَى عِجَلٍ مَكْتُوبُهُنَّ وَكِيعُ(11/429)
عَلِيِّ بْنِ بكْر بْنِ وَائِلٍ؛ وَقَوْلُهُ:
عَلَّمَنا أَخْوالُنا بَنُو عِجِلْ ... شُرْبَ النَّبيذ، واعْتِقالًا بالرِّجِلْ
إِنما حَرَّك الْجِيمَ فِيهِمَا ضَرُورَةً لأَنه يَجُوزُ تَحَرِّيكُ السَّاكِنَ فِي الْقَافِيَةِ بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهُ كَمَا قَالَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ رِبْع الهُذَلي:
إِذا تَجاوَبَ نَوْحٌ قامَتا مَعَهُ، ... ضَرْباً أَلِيماً بسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدا
وعَجْلَى: اسمُ ناقةٍ؛ قَالَ:
أَقولُ لِنَاقَتي عَجْلَى، وحَنَّتْ ... إِلى الوَقَبَى وَنَحْنُ عَلَى الثِّمادِ:
أَتاحَ اللهُ يَا عَجْلَى بِلَادًا، ... هَواكِ بِهَا مُرِبّاتِ العِهَاد
أَراد لِبلادٍ؛ فَحَذَفَ وأَوْصَل. وعَجْلى: فَرَسُ دُرَيد بْنِ الصِّمَّة. وعَجْلى أَيضاً: فَرَسُ ثَعْلبة بْنِ أُمِّ حَزْنة. وأُمُّ عَجْلان: طَائِرٌ. وعَجْلان: اسْمُ رَجُل. وَفِي الْحَدِيثِ حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْس: فأَسْنَدُوا إِليه فِي عَجَلَة مِنْ نَخْل
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: العَجَلة دَرَجة مِنَ النَّخل نَحْوَ النَّقِير، أَراد أَن النَّقِير سُوِّيَ عَجَلة يُتَوَصَّل بِهَا إِلى الْمَوْضِعِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن يُنْقَر الجِذْع ويُجْعل فِيهِ شِبْه الدَّرَج لِيُصْعَدَ فِيهِ إِلى الغُرَف وَغَيْرِهَا، وأَصله الْخَشَبَةُ المُعْترِضة عَلَى الْبِئْرِ.
عدل: العَدْل: مَا قَامَ فِي النُّفُوسِ أَنه مُسْتقيم، وَهُوَ ضِدُّ الجَوْر. عَدَل الحاكِمُ فِي الْحُكْمِ يَعْدِلُ عَدْلًا وَهُوَ عادِلٌ مِنْ قَوْمٍ عُدُولٍ وعَدْلٍ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ كتَجْرِ وشَرْبٍ، وعَدَلَ عَلَيْهِ فِي القضيَّة، فَهُوَ عادِلٌ، وبَسَطَ الْوَالِي عَدْلَه ومَعْدِلَته. وَفِي أَسماء الله سبحانه: العَدْل، هو الَّذِي لَا يَمِيلُ بِهِ الْهَوَى فيَجورَ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ سُمِّي بِهِ فوُضِعَ مَوْضِعَ العادِلِ، وَهُوَ أَبلغ مِنْهُ لأَنه جُعِلَ المُسَمَّى نفسُه عَدْلًا، وَفُلَانٌ مِنْ أَهل المَعْدِلة أَي مِنْ أَهل العَدْلِ. والعَدْلُ: الحُكْم بِالْحَقِّ، يُقَالُ: هُوَ يَقْضي بِالْحَقِّ ويَعْدِلُ. وَهُوَ حَكَمٌ عَادِلٌ: ذُو مَعْدَلة فِي حُكْمِهِ. والعَدْلُ مِنَ النَّاسِ: المَرْضِيُّ قولُه وحُكْمُه. وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: رَجُلٌ عَدْلٌ وعادِلٌ جَائِزُ الشَّهَادَةِ. ورَجُلٌ عَدْلٌ: رِضاً ومَقْنَعٌ فِي الشَّهَادَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَمِنْهُ قَوْلُ كُثَيِّرٍ:
وبايَعْتُ لَيْلى فِي الخَلاء، وَلَمْ يَكُنْ ... شُهودٌ عَلَى لَيْلى عُدُولٌ مَقَانِعُ
ورَجُلٌ عَدْلٌ بيِّن العَدْلِ والعَدَالة: وُصِف بِالْمَصْدَرِ، مَعْنَاهُ ذُو عَدْلٍ. قَالَ فِي مَوْضِعَيْنِ: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ
، وَقَالَ: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ
؛ وَيُقَالُ: رَجُلٌ عَدْلٌ ورَجُلانِ عَدْلٌ ورِجالٌ عَدْلٌ وامرأَة عَدْلٌ ونِسْوةٌ عَدْلٌ، كلُّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى رجالٌ ذَوُو عَدْلٍ ونِسوةٌ ذَوَاتُ عَدْلٍ، فَهُوَ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُؤَنَّث، فإِن رأَيته مَجْمُوعًا أَو مُثَنًّى أَو مؤَنثاً فَعَلَى أَنه قَدْ أُجْرِي مُجْرى الْوَصْفِ الَّذِي لَيْسَ بِمَصْدَرٍ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ جِنِّي: امرأَة عَدْلة، أَنَّثوا الْمَصْدَرَ لَمَّا جَرَى وَصْفًا عَلَى الْمُؤَنَّثِ وإِن لَمْ يَكُنْ عَلَى صُورَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَلَا هُوَ الْفَاعِلُ فِي الْحَقِيقَةِ، وإِنما اسْتَهْواه لِذَلِكَ جَرْيُها وَصْفًا عَلَى الْمُؤَنَّثِ؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: قَوْلُهُمْ رَجُلٌ عَدْلٌ وامرأَة عَدْل إِنما اجْتَمَعَا فِي الصِّفَةِ المُذَكَّرة لأَن التَّذْكِيرَ إِنما أَتاها مِنْ قِبَل الْمَصْدَرِيَّةِ، فإِذا قِيلَ رَجُلٌ عَدْلٌ فكأَنه وَصَفَ بِجَمِيعِ الْجِنْسِ مُبَالَغَةً كَمَا تَقُولُ: استَوْلى عَلَى الفَضْل وَحَازَ(11/430)
جميعَ الرِّياسة والنُّبْل وَنَحْوَ ذَلِكَ، فوُصِف بِالْجِنْسِ أَجمع تَمْكِينًا لِهَذَا الْمَوْضِعِ وَتَوْكِيدًا، وجُعِل الإِفراد وَالتَّذْكِيرُ أَمارةً لِلْمَصْدَرِ الْمَذْكُورِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي خَصْمٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا وُصِف بِهِ مِنَ الْمَصَادِرِ، قَالَ: فإِن قُلْتَ فإِن لَفْظَ الْمَصْدَرِ قَدْ جَاءَ مُؤَنَّثًا نَحْوَ الزِّيادة والعِيادة والضُّؤُولة والجُهومة والمَحْمِيَة والمَوْجِدة والطَّلاقة والسَّباطة وَنَحْوِ ذَلِكَ، فإِذا كان نفس الْمَصْدَرِ قَدْ جَاءَ مؤَنثاً فَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ وَمَحْمُولٌ بالتأْويل عَلَيْهِ أَحْجى بتأْنيثه، قِيلَ: الأَصل لقُوَّته أَحْمَلُ لِهَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْفَرْعِ لِضَعْفِهِ، وَذَلِكَ أَن الزِّيادة وَالْعِيَادَةَ والجُهومة والطَّلاقة وَنَحْوَ ذَلِكَ مَصَادِرُ غَيْرُ مَشْكُوكٍ فِيهَا، فلحاقُ التَّاءِ لَهَا لَا يُخْرِجها عَمَّا ثَبَتَ فِي النَّفْسِ مِنْ مَصدَرِيَّتها، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الصِّفَةُ لأَنها لَيْسَتْ فِي الْحَقِيقَةِ مَصْدَرًا، وإِنما هِيَ مُتَأَوَّلة عَلَيْهِ وَمَرْدُودَةٌ بالصَّنْعة إِليه، وَلَوْ قِيلَ رجُلٌ عَدْلٌ وامرأَة عَدْلة وَقَدْ جَرَت صِفَةً كَمَا تَرَى لَمْ يُؤْمَنْ أَن يُظَنَّ بِهَا أَنها صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ كصَعْبة مِنْ صَعْبٍ، ونَدْبة مِنْ نَدْبٍ، وفَخْمة مِنْ فَخْمٍ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مِنْ قُوَّة الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ مَا فِي نَفْسِ الْمَصْدَرِ نَحْوَ الجُهومة والشُّهومة والخَلاقة، فالأُصول لقُوَّتها يُتَصَرَّف فِيهَا وَالْفُرُوعُ لِضَعْفِهَا يُتَوَقَّف بِهَا، ويُقْتَصر عَلَى بَعْضِ مَا تُسَوِّغه القُوَّةُ لأُصولها، فإِن قِيلَ: فَقَدْ قَالُوا رَجُلٌ عَدْل وامرأَة عَدْلة وفرسٌ طَوْعة القِياد؛ وَقَوْلُ أُميَّة:
والحَيَّةُ الحَتْفَةُ الرَّقْشاءُ أَخْرَجَهَا، ... مِنْ بيتِها، آمِناتُ اللهِ والكَلِمُ
قِيلَ: هَذَا قَدْ خَرَجَ عَلَى صُورَةِ الصِّفَةِ لأَنهم لَمْ يُؤْثِروا أَن يَبْعُدوا كلَّ البُعْد عَنْ أَصل الْوَصْفِ الَّذِي بَابُهُ أَن يَقع الفَرْقُ فِيهِ بَيْنَ مُذَكره ومؤَنَّثه، فَجَرَى هَذَا فِي حِفْظِ الأُصول والتَّلَفُّت إِليها للمُباقاة لَهَا وَالتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا مَجْرى إِخراج بَعْضِ المُعْتَلِّ عَلَى أَصله، نَحْوَ استَحْوَذَ وضَنِنُوا، ومَجرى إِعمال صُغْتُه وعُدْتُه، وإِن كَانَ قَدْ نُقِل إِلى فَعُلْت لِمَا كَانَ أَصله فَعَلْت؛ وَعَلَى ذَلِكَ أَنَّث بعضُهم فَقَالَ خَصْمة وضَيْفة، وجَمَع فَقَالَ:
يَا عَيْنُ، هَلَّا بَكَيْتِ أَرْبَدَ، إِذ ... قُمْنا، وقامَ الخُصومُ فِي كَبَد؟
وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْآخَرِ:
إِذا نزَلَ الأَضْيافُ، كَانَ عَذَوَّراً، ... عَلَى الحَيِّ، حَتَّى تَسْتَقِلَّ مَراجِلُه
والعَدالة والعُدولة والمَعْدِلةُ والمَعْدَلةُ، كلُّه: العَدْل. وَتَعْدِيلُ الشُّهُودِ: أَن تَقُولَ إِنهم عُدُولٌ. وعَدَّلَ الحُكْمَ: أَقامه. وعَدَّلَ الرجلَ: زَكَّاه. والعَدَلَةُ والعُدَلَةُ: المُزَكُّون؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ القُرْمُليُّ: سأَلت عَنْ فُلَانٍ العُدَلَة أَي الَّذِينَ يُعَدِّلونه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ رَجُلٌ عُدَلة وَقَوْمٌ عُدَلة أَيضاً، وَهُمُ الَّذِينَ يُزَكُّون الشهودَ وَهُمْ عُدُولٌ، وَقَدْ عَدُلَ الرجلُ، بِالضَّمِّ، عَدالةً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ
؛ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: ذَوَيْ عَقْل، وَقَالَ إِبراهيم: العَدْلُ الَّذِي لَمْ تَظْهَر مِنْهُ رِيبةٌ. وكَتَب عبدُ الْمَلِكِ إِلى سَعِيدِ بْنِ جُبَير يسأَله عَنِ العَدْل فأَجابه: إِنَّ العَدْلَ عَلَى أَربعة أَنحاء: العَدْل فِي الْحُكْمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
وإِن حَكَمْتَ «2» فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بالعَدْل.
والعَدْلُ فِي الْقَوْلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا
: والعَدْل: الفِدْية، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ. والعَدْل فِي الإِشْراك، قَالَ اللَّهُ عز
__________
(2) . قوله [قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ حَكَمْتَ إلخ] هكذا في الأصل ومثله في التهذيب والتلاوة بالقسط(11/431)
وَجَلَّ: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ
؛ أَي يُشْرِكون. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ
؛ قَالَ عُبَيْدَةُ السَّلماني والضَّحَّاك: فِي الحُبِّ والجِماع. وَفُلَانٌ يَعْدِل فُلَانًا أَي يُساوِيه. وَيُقَالُ: مَا يَعْدِلك عِنْدَنَا شيءٌ أَي مَا يقَع عِنْدَنَا شيءٌ مَوْقِعَك. وعَدَّلَ المَوازِينَ والمَكاييلَ: سَوَّاها. وعَدَلَ الشيءَ يَعْدِلُه عَدْلًا وعَادَله: وازَنَه. وعَادَلْتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وعَدَلْت فُلَانًا بِفُلَانٍ إِذا سَوَّيْت بَيْنَهُمَا. وتَعْدِيلُ الشَّيْءِ: تقويمُه، وَقِيلَ: العَدْلُ تَقويمُك الشيءَ بالشيءِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ حَتَّى تَجْعَلَهُ لَهُ مِثْلًا. والعَدْلُ والعِدْلُ والعَدِيلُ سَواءٌ أَي النَّظِير والمَثِيل، وَقِيلَ: هُوَ المِثْلُ وَلَيْسَ بالنَّظِير عَيْنه، وَفِي التَّنْزِيلِ: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً
؛ قَالَ مُهَلْهِل:
عَلَى أَنْ ليْسَ عِدْلًا مِنْ كُلَيْبٍ، ... إِذا بَرَزَتْ مُخَبَّأَةُ الخُدُور
والعَدْلُ، بِالْفَتْحِ: أَصله مَصْدَرُ قَوْلِكَ عَدَلْت بِهَذَا عَدْلًا حَسَناً، تَجْعَلُهُ اسْمًا للمِثْل لِتَفْرُق بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِدْل المَتاع، كَمَا قَالُوا امرأَة رَزانٌ وعَجُزٌ رَزِينٌ للفَرْق. والعَدِيلُ: الَّذِي يُعادِلك فِي الوَزْن والقَدر؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَشْتَرِطِ الْجَوْهَرِيُّ فِي العَدِيل أَن يَكُونَ إِنساناً مِثْلَهُ، وفَرَق سِيبَوَيْهِ بَيْنَ العَدِيل والعِدْل فَقَالَ: العَدِيلُ مَنْ عادَلَك مِنَ النَّاسِ، والعِدْلُ لَا يَكُونُ إِلَّا لِلْمَتَاعِ خاصَّة، فبَيَّن أَنَّ عَدِيل الإِنسان لَا يَكُونُ إِلَّا إِنساناً مِثْلَهُ، وأَنَّ العِدْل لَا يَكُونُ إِلَّا لِلْمَتَاعِ، وأَجاز غيرُه أَن يُقَالَ عِنْدِي عِدْلُ غُلامِك أَي مِثْله، وعَدْلُه، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ، قيمتُه. وَفِي حَدِيثِ قَارِئِ الْقُرْآنِ «1» . وَصَاحِبِ الصَّدَقة:
فَقَالَ ليْسَتْ لَهُمَا بعَدْل
؛ هُوَ المِثْل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِالْفَتْحِ، مَا عادَله مِنْ جِنْسِهِ، وَبِالْكَسْرِ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ؛ وَقَوْلُ الأَعلم:
مَتى مَا تَلْقَني ومَعي سِلاحِي، ... تُلاقِ المَوْتَ لَيْس لَهُ عَدِيلُ
يَقُولُ: كأَنَّ عَدِيلَ الْمَوْتِ فَجْأَتُه؛ يُرِيدُ لَا مَنْجَى مِنْهُ، وَالْجَمْعَ أَعْدالٌ وعُدَلاءُ. وعَدَلَ الرجلَ فِي المَحْمِل وعَادَلَهُ: رَكِب مَعَهُ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: إِذا جَاءَتْ عَمَّتي بأَبي وَخَالِي مَقْتولَيْنِ عَادَلْتُهما عَلَى ناضِحٍ
أَي شَدَدْتُهما عَلَى جَنْبَي البَعير كالعِدْلَيْن. وعَدِيلُك: المُعادِلُ لَكَ. والعِدْل: نِصْف الحِمْل يَكُونُ عَلَى أَحد جَنْبَيِ الْبَعِيرِ، وَقَالَ الأَزهري: العِدْل اسْمُ حِمْل مَعْدُولٍ بحِمْلٍ أَي مُسَوًّى بِهِ، وَالْجَمْعُ أَعْدالٌ وعُدُولٌ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً
، قَالَ: العَدْلُ مَا عَادَلَ الشيءَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَمَعْنَاهُ أَي فِداءُ ذَلِكَ. والعِدْلُ: المِثْل مِثْل الحِمْل، وَذَلِكَ أَن تَقُولَ عِنْدِي عِدْلُ غُلامِك وعِدْلُ شَاتِكَ إِذا كَانَتْ شاةٌ تَعْدِل شَاةً أَو غلامٌ يَعْدِل غُلَامًا، فإِذا أَردت قِيمَتَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ نَصَبْت العَيْن فَقُلْتَ عَدْل، وَرُبَّمَا كَسَرها بعضُ الْعَرَبِ، قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ عِدْله، وكأَنَّه منهم
__________
(1) . قوله [وَفِي حَدِيثِ قَارِئِ الْقُرْآنِ إلخ] صدره كما في هامش النهاية:
فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَكَ النَّجْدَةَ تَكُونُ فِي الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: ليست إلخ.
وبهذا يعلم مرجع الضمير في ليست. وقوله: قال ابن الأثير إلخ عبارته في النهاية: قد تكرر ذكر العِدْل والعَدْل بالكسر والفتح في الحديث وهما بمعنى المثل وقيل هو بالفتح إلى آخر ما هنا(11/432)
غلطٌ لتَقارُب مَعْنَى العَدْل مِنَ العِدْل، وَقَدْ أَجمعوا عَلَى أَن وَاحِدَ الأَعْدَال عِدْل؛ قَالَ: ونُصِب قَوْلُهُ صِيَامًا عَلَى التَّفْسِيرِ كأَنَّه عَدْلُ ذَلِكَ مِنَ الصِّيام، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: العَدْلُ والعِدْلُ وَاحِدٌ فِي مَعْنَى المِثْل، قَالَ: وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، كَانَ المِثْلُ مِنَ الْجِنْسِ أَو مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. قَالَ أَبو إِسحاق: وَلَمْ يَقُولُوا إِن الْعَرَبَ غَلِطَت وَلَيْسَ إِذا أَخطأَ مُخْطِئٌ وجَب أَن يَقُولَ إِنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ غَلِط. وقرأَ
ابْنُ عَامِرٍ: أَو عِدْلُ ذَلِكَ صِياماً
، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وقرأَها الْكِسَائِيُّ وأَهل الْمَدِينَةِ بِالْفَتْحِ. وشَرِبَ حَتَّى عَدَّلَ أَي صَارَ بَطْنُهُ كالعِدْل وامْتَلأَ؛ قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ عَدَّنَ وأَوَّنَ بِمَعْنَاهُ. وَوَقَعَ المُصْطَرِعانِ عِدْلَيْ بعيرٍ أَي وَقَعا مَعاً وَلَمْ يَصْرَع أَحدُهما الْآخَرَ. والعَدِيلَتان: الغِرَارتانِ لأَن كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُعادِل صاحبتَها. الأَصمعي: يُقَالُ عَدَلْت الجُوالِقَ عَلَى الْبَعِيرِ أَعْدِله عَدْلًا؛ يُحْمَل عَلَى جَنْب الْبَعِيرِ ويُعْدَل بِآخَرَ. ابْنُ الأَعرابي: العَدَلُ، محرّكٌ، تَسْوِيَةُ الأَوْنَيْن وَهُمَا العِدْلانِ. وَيُقَالُ: عَدَلْت أَمتعةَ الْبَيْتِ إِذا جَعَلْتها أَعدالًا مُسْتَوِيَةً للاعْتِكام يومَ الظَّعْن. والعَدِيل: الَّذِي يُعادِلُك فِي المَحْمِل. والاعْتِدالُ: تَوَسُّطُ حالٍ بَيْنَ حالَيْن فِي كَمٍّ أَو كَيْفٍ، كَقَوْلِهِمْ جِسْمٌ مُعْتَدِلٌ بَيْنَ الطُّول والقِصَر، وَمَاءٌ مُعْتَدِلٌ بَيْنَ الْبَارِدِ والحارِّ، وَيَوْمٌ مُعْتَدِلٌ طيِّب الْهَوَاءِ ضدُّ مُعْتَذِل، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. وكلُّ مَا تَناسَبَ فَقَدِ اعْتَدَل؛ وكلُّ مَا أَقَمْته فَقَدْ عَدَلْته. وَزَعَمُوا
أَن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَني فِي قَوْمٍ إِذا مِلْتُ عَدَلُوني كَمَا يُعْدَل السَّهْم فِي الثِّقافِ
، أَي قَوَّمُوني؛ قَالَ:
صَبَحْتُ بِهَا القَوْمَ حَتَّى امْتَسَكْتُ ... بالأَرض، أَعْدِلُها أَن تَمِيلا
وعَدَّلَه: كعَدَلَه. وإِذا مالَ شيءٌ قُلْتَ عَدَلته أَي أَقمته فاعْتَدَل أَي اسْتَقَامَ. وَمَنْ قرأَ قَوْلَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ
، بِالتَّخْفِيفِ، فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ؛ قَالَ الفراءُ: مَنْ خَفَّف فَوجْهُه، وَاللَّهُ أَعلم، فَصَرَفك إِلى أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ: إِمَّا حَسَنٍ وإِمَّا قَبِيحٌ، وإِمَّا طَويل وإِمَّا قَصير، وَهِيَ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ والأَخفش؛ وَقِيلَ أَراد عَدَلك مِنَ الْكُفْرِ إِلى الإِيمان وَهِيَ نِعْمة «1» وَمَنْ قرأَ
فعَدَّلَك
فشَدَّد، قَالَ الأَزهري: وَهُوَ أَعجبُ الْوَجْهَيْنِ إِلى الْفَرَّاءِ وأَجودُهما فِي الْعَرَبِيَّةِ، فَمَعْنَاهُ قَوَّمك وجَعَلَك مُعْتَدِلًا مُعَدَّل الخَلْق، وَهِيَ قِرَاءَةُ نَافِعٍ وأَهل الْحِجَازِ، قَالَ: واخْتَرْت عَدَّلك لأَنَّ في فِي التَّرْكِيبِ أَقوى فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَن تَكُونَ فِي العَدْل، لأَنك تَقُولُ عَدَلْتك إِلى كَذَا وصَرَفتك إِلى كَذَا، وَهَذَا أَجودُ في العربية من أَن تَقُولَ عَدَلْتك فِيهِ وصَرَفْتك فِيهِ، وَقَدْ قَالَ غَيْرُ الْفَرَّاءِ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قرأَ فَعَدَلك، بِالتَّخْفِيفِ: إِنه بِمَعْنَى فَسَوّاك وقَوَّمك، مِنْ قَوْلِكَ عَدَلْت الشَّيْءَ فاعْتَدَلَ أَي سَوّيْته فاسْتَوَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وعَدَلْنا مَيْلَ بَدْر فاعْتَدَل
أَي قَوَّمْناه فَاسْتَقَامَ، وكلُّ مُثَقَّفٍ مُعْتَدِلٌ. وعَدَلْت الشيءَ بِالشَّيْءِ أَعْدِلُه عُدولًا إِذا سَاوَيْتُهُ بِهِ؛ قَالَ شَمِر: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
__________
(1) . قوله [وهي نعمة] كذا في الأَصل، وعبارة التهذيب: وهما نعمتان(11/433)
أَفَذاكَ أَمْ هِي فِي النَّجاءِ، ... لِمَنْ يُقارِبُ أَو يُعادِل؟
يَعْنِي يُعادِلُ بَيْنَ نَاقَتِهِ والثَّوْر. واعْتَدَل الشِّعْرُ: اتَّزَنَ وَاسْتَقَامَ، وعَدَّلْته أَنا. وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ: لأَن المُرَاعى فِي الشِّعْر إِنما هُوَ تَعْدِيلُ الأَجزاء. وعَدَّلَ القَسَّامُ الأَنْصِباءَ للقَسْمِ بَيْنَ الشُّركاء إِذا سَوّاها عَلَى القِيَم. وَفِي الْحَدِيثِ:
العِلْم ثَلَاثَةٌ مِنْهَا فَرِيضةٌ عَادِلَةٌ
، أَراد العَدْل فِي القِسْمة أَي مُعَدَّلة عَلَى السِّهام الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ والسُّنَّة مِنْ غَيْرِ جَوْر، وَيَحْتَمِلُ أَن يُرِيدَ أَنها مُسْتَنْبَطة مِنَ الْكِتَابِ والسُّنَّة، فَتَكُونُ هَذِهِ الفَريضة تُعْدَل بِمَا أُخِذ عَنْهُمَا. وَقَوْلُهُمْ: لَا يُقْبَل لَهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، قِيلَ: العَدْل الفِداء؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْها
؛ أَي تَفْدِ كُلَّ فِداء. وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَقُولُ: وإِنْ تُقْسِطْ كلَّ إِقْساط لَا يُقْبَلْ مِنْهَا؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ وإِقدام مِنْ أَبي عُبَيْدَةَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَعْنَى فِيهِ لَوْ تَفْتدي بِكُلِّ فِدَاءٍ لَا يُقْبَل مِنْهَا الفِداءُ يومئذ. ومثله قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (الْآيَةَ) أَي لَا يُقْبَل ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يُنْجيه. وَقِيلَ: العَدْل الكَيْل، وَقِيلَ: العَدْل المِثْل، وأَصله فِي الدِّية؛ يُقَالُ: لَمْ يَقْبَلوا مِنْهُمْ عَدْلًا وَلَا صَرْفاً أَي لَمْ يأْخذوا مِنْهُمْ دِيَةً وَلَمْ يَقْتُلُوا بِقَتِيلِهِمْ رَجُلًا وَاحِدًا أَي طَلَبُوا مِنْهُمْ أَكثر مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: العَدْل الْجَزَاءُ، وَقِيلَ الْفَرِيضَةُ، وَقِيلَ النَّافِلَةُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَدْل الاستقامة، وسيذكر الصَّرْف فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ شَرِبَ الخَمْر لَمْ يَقْبَل اللهُ مِنْهُ صَرْفاً وَلَا عَدْلًا أَربعين لَيْلَةً
؛ قِيلَ: الصَّرْف الحِيلة، والعَدْل الفدْية، وَقِيلَ: الصَّرْف الدِّية والعَدْلُ السَّوِيَّة، وَقِيلَ: العَدْل الْفَرِيضَةُ، والصَّرْف التطَوُّع؛ وَرَوَى
أَبو عُبَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ ذَكَرَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ: مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً أَو آوَى مُحْدِثاً لَمْ يقبلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفاً وَلَا عَدْلًا
؛ رُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ أَنه قَالَ: الصَّرْف التَّوبة والعَدْل الفِدْية؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُهُ
مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً
؛ الحَدَثُ كلُّ حَدٍّ يَجِبُ لله عَلَى صَاحِبِهِ أَن يُقَامَ عَلَيْهِ، والعَدْل القِيمة؛ يُقَالُ: خُذْ عَدْلَه مِنْهُ كَذَا وَكَذَا أَي قيمتَه. وَيُقَالُ لِكُلِّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِيمًا حَدَل، وضِدُّه عَدَل، يُقَالُ: هَذَا قضاءٌ حَدْلٌ غَيْرُ عَدْلٍ. وعَدَلَ عَنِ الشَّيْءِ يَعْدِلُ عَدْلًا وعُدولًا: حَادَ، وَعَنِ الطَّرِيقِ: جَارَ، وعَدَلَ إِليه عُدُولًا: رَجَعَ. وَمَا لَه مَعْدِلٌ وَلَا مَعْدُولٌ أَي مَصْرِفٌ. وعَدَلَ الطريقُ: مَالَ. وَيُقَالُ: أَخَذَ الرجلُ فِي مَعْدِل الْحَقِّ ومَعْدِل الْبَاطِلِ أَي فِي طَرِيقِهِ ومَذْهَبه. وَيُقَالُ: انْظُروا إِلى سُوء مَعادِله وَمَذْمُومِ مَداخِله أَي إِلى سُوءِ مَذَاهِبه ومَسالِكه؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ:
وأَقْصرت عمَّا تَعلمينَ، وسُدِّدَتْ ... عليَّ، سِوى قَصْدِ الطَّرِيقِ، مَعادِلُه
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُعْدَل سارِحتُكم
أَي لَا تُصْرَف مَاشِيَتِكُمْ وتُمال عَنِ المَرْعى وَلَا تُمنَع؛ وَقَوْلُ أَبي خِراش:
عَلَى أَنَّني، إِذا ذَكَرْتُ فِراقَهُم، ... تَضِيقُ عليَّ الأَرضُ ذاتُ المَعادِل
أَراد ذاتَ السَّعة يُعْدَل فِيهَا يَمِينًا وَشِمَالًا مِنْ سَعَتها.(11/434)
والعَدْل: أَن تَعْدِل الشيءَ عَنْ وَجْهِهِ، تَقُولُ: عَدَلْت فُلَانًا عَنْ طَرِيقِهِ وعَدَلْتُ الدابَّةَ إِلى مَوْضِعِ كَذَا، فإِذا أَراد الاعْوِجاجَ نفسَه قِيلَ: هُوَ يَنْعَدِل أَي يَعْوَجُّ. وانْعَدَل عَنْهُ وعَادَلَ: اعْوَجَّ؛ قَالَ ذُو الرُّمة:
وإِني لأُنْحي الطَّرْفَ مِنْ نَحْوِ غَيْرِها ... حَياءً، وَلَوْ طاوَعْتُه لَمْ يُعادِل «2»
. قَالَ: مَعْنَاهُ لَمْ يَنْعَدِلْ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يُعادِل أَي لَمْ يَعْدِل بِنَحْوِ أَرضها أَي بقَصْدِها نَحْوًا، قَالَ: وَلَا يَكُونُ يُعادِل بِمَعْنَى يَنْعَدِل. والعِدال: أَن يَعْرِض لَكَ أَمْرانِ فَلَا تَدْرِي إِلى أَيِّهما تَصيرُ فأَنت تَرَوَّى فِي ذَلِكَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وأَنشد:
وذُو الهَمِّ تُعْدِيه صَرِيمةُ أَمْرِه، ... إِذا لَمْ تُميِّثْه الرُّقى، ويُعَادِلُ
يَقُولُ: يُعادِل بَيْنَ الأَمرين أَيَّهما يَرْكَب. تُميِّثْه: تُذَلِّله المَشورات وقولُ النَّاسِ أَين تَذْهَب. والمُعادَلَةُ: الشَّكُّ فِي أَمرين، يُقَالُ: أَنا فِي عِدالٍ مِنْ هَذَا الأَمر أَي فِي شكٍّ مِنْهُ: أَأَمضي عَلَيْهِ أَم أَتركه. وَقَدْ عَادَلْت بَيْنَ أَمرين أَيَّهما آتِي أَي مَيَّلْت؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِلى ابْنِ العامِرِيِّ إِلى بِلالٍ، ... قَطَعْتُ بنَعْفِ مَعْقُلَة العِدالا
قَالَ الأَزهري: الْعَرَبُ تَقُولُ قَطَعْتُ العِدالَ فِي أَمري ومَضَيْت عَلَى عَزْمي، وَذَلِكَ إِذا مَيَّلَ بَيْنَ أَمرين أَيَّهُما يأْتي ثُمَّ اسْتَقَامَ لَهُ الرأْيُ فعَزَم عَلَى أَوْلاهما عِنْدَهُ. وَفِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ:
أُتِيتُ بإِناءَيْن فَعَدَّلْتُ بَيْنَهُمَا
؛ يُقَالُ: هُوَ يُعَدِّل أَمرَه ويُعادِلهُ إِذا تَوَقَّف بَيْنَ أَمرين أَيَّهُما يأْتي، يُرِيدُ أَنهما كَانَا عِنْدَهُ مستويَيْنِ لَا يَقْدِرُ عَلَى اخْتِيَارِ أَحدهما وَلَا يَتَرَجَّحُ عِنْدَهُ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: عَدَلَ عَنْهُ يَعْدِلُ عُدولًا إِذا مَالَ كأَنه يَمِيلُ مِنَ الْوَاحِدِ إِلى الْآخَرِ؛ وَقَالَ المَرَّار:
فَلَمَّا أَن صَرَمْتُ، وَكَانَ أَمْري ... قَوِيماً لَا يَمِيلُ بِهِ العُدولُ
قَالَ: عَدَلَ عَنِّي يَعْدِلُ عُدُولًا لَا يَمِيلُ بِهِ عَنْ طَرِيقِهِ المَيْلُ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
إِذا الهَمُّ أَمْسى وَهُوَ داءٌ فأَمْضِه، ... ولَسْتَ بمُمْضيه، وأَنْتَ تُعادِلُه
قَالَ: مَعْنَاهُ وأَنتَ تَشُكُّ فِيهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُعَادِل أَمرَه عِدالًا ويُقَسِّمُه أَي يَميل بَيْنَ أَمرين أَيَّهُما يأْتي؛ قَالَ ابْنُ الرِّقاع:
فإِن يَكُ فِي مَناسِمها رَجاءٌ، ... فَقَدْ لَقِيَتْ مناسِمُها العِدالا
أَتَتْ عَمْراً فلاقَتْ مِنْ نَداه ... سِجالَ الْخَيْرِ؛ إِنَّ لَهُ سِجالا
والعِدالُ: أَن يَقُولَ واحدٌ فِيهَا بقيةٌ، ويقولَ آخرُ لَيْسَ فِيهَا بقيةٌ. وفرسٌ مُعْتَدِلُ الغُرَّةِ إِذا توَسَّطَتْ غُرَّتُه جبهتَهُ فَلَمْ تُصِب وَاحِدَةً مِنَ الْعَيْنَيْنِ وَلَمْ تَمِلْ عَلَى واحدٍ مِنَ الخدَّين، قَالَهُ أَبو عُبَيْدَةَ. وعَدَلَ الفحلَ عَنِ الضِّراب فانْعَدَلَ: نحَّاه فتنحَّى؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وانْعَدَلَ الفحلُ ولَمَّا يُعْدَل
__________
(2) . قوله [وإني لأنحي] كذا ضبط في المحكم، بضم الهمزة وكسر الحاء، وفي القاموس: وأنحاه عنه: عدله(11/435)
وعَدَلَ الفحلُ عَنِ الإِبل إِذا تَرَك الضِّراب. وعَدَلَ بِاللَّهِ يَعْدِلُ: أَشْرَك. والعَادِل: المُشْرِكُ الَّذِي يَعْدِلُ بربِّه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ المرأَة للحَجَّاج: إِنك لقاسطٌ عَادِلٌ؛ قَالَ الأَحمر: عَدَلَ الكافرُ بربِّه عَدْلًا وعُدُولًا إِذا سَوَّى بِهِ غيرَه فعبَدَهُ؛ وَمِنْهُ حديثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالُوا مَا يُغْني عَنَّا الإِسلامُ وَقَدْ عَدَلْنا بِاللَّهِ
أَي أَشْرَكْنا بِهِ وجَعَلْنا لَهُ مِثْلًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عنه: كَذَبَ العادِلون بِكَ إِذ شَبَّهوك بأَصنامهم.
وقولُهم لِلشَّيْءِ إِذا يُئِسَ مِنْهُ: وُضِعَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ؛ هُوَ العَدْلُ بنُ جَزْء بْنِ سَعْدِ العَشِيرة وَكَانَ وَليَ شُرَطَ تُبَّع فَكَانَ تُبَّعٌ إِذا أَراد قَتْلَ رَجُلٍ دفَعَه إِليه، فَقَالَ النَّاسُ: وُضِعَ عَلَى يَدَي عَدْلٍ، ثُمَّ قِيلَ ذَلِكَ لِكُلِّ شَيْءٍ يُئِسَ مِنْهُ. وعَدَوْلى: قريةٌ بِالْبَحْرَيْنِ، وَقَدْ نَفَى سِيبَوَيْهِ فَعَولى فاحتُجَّ عَلَيْهِ بعَدَوْلى فَقَالَ الْفَارِسِيُّ: أَصلها عَدَوْلًا، وإِنما تُرك صرفُه لأَنه جُعل اسْمًا للبُقْعة وَلَمْ نَسْمَعْ نَحْنُ فِي أَشعارهم عَدَوْلًا مَصْرُوفًا. والعَدَوْلِيَّةُ فِي شِعْرِ طَرَفَةَ: سُفُنٌ مَنْسُوبَةٌ إِلى عَدَوْلى؛ فأَما قَوْلُ نَهْشَل بْنِ حَرِّيّ:
فَلَا تأْمَنِ النَّوْكَى، وإِن كَانَ دارهُمُ ... وراءَ عَدَوْلاتٍ، وكُنْتَ بقَيْصَرا
فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنه بِالْهَاءِ ضَرُورَةً، وَهَذَا يُؤَنِّس بِقَوْلِ الْفَارِسِيِّ، وأَما ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: هِيَ مَوْضِعٌ وَذَهَبَ إِلى أَن الْهَاءَ فِيهَا وضْعٌ، لَا أَنه أَراد عَدَوْلى، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ قَهَوْباةٌ للنَّصْل الْعَرِيضِ. قَالَ الأَصمعي: العَدَوْلِيُّ مِنَ السُّفُن مَنْسُوبٌ إِلى قَرْيَةٍ بِالْبَحْرَيْنِ يُقَالُ لَهَا عَدَوْلى، قَالَ: والخُلُجُ سُفُنٌ دُونَ العَدَوْلِيَّة؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِ طَرَفة:
عَدَوْلِيَّة أَو مِنْ سَفين ابْنِ نَبْتَل «1»
. قَالَ: نَسَبَهَا إِلى ضِخَم وقِدَم، يَقُولُ هِيَ قَدِيمَةٌ أَو ضَخْمة، وَقِيلَ: العَدَوْليَّة نُسبَتْ إِلى مَوْضِعٍ كَانَ يُسَمَّى عَدَوْلاة وَهِيَ بِوَزْنِ فَعَوْلاة، وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ أَنه قَالَ: عَدَوْلى لَيْسُوا مِنْ ربيعةَ وَلَا مُضر وَلَا مِمَّنْ يُعْرَفُ مِنَ الْيَمَنِ إِنما هُمْ أُمَّةٌ عَلَى حِدَة؛ قَالَ الأَزهري: والقولُ فِي العَدَوْليِّ مَا قَالَهُ الأَصمعي. وشجر عَدَوْلِيٌّ: قديمٌ، وَاحِدَتُهُ عَدَوْلِيَّة؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العَدَوْليُّ القديمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
عَلَيْهَا عَدَوْلِيُّ الهَشِيم وصامِلُه
وَيُرْوَى: عَدامِيل الهَشيم يَعْنِي القديمَ أَيضاً. وَفِي خَبَرِ أَبي الْعَارِمِ: فآخُذُ فِي أَرْطًى عَدَوْلِيٍّ عُدْمُلِيٍّ. والعَدَوْلِيُّ: المَلَّاح. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِزَوَايَا الْبَيْتِ المُعَدَّلات والدَّراقِيع والمُرَوَّيات والأَخْصام والثَّفِنات، وَرَوَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: المُعْتَدِلةُ مِنَ النُّوقِ الحَسَنة المُثَقَّفَة الأَعضاء بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، قَالَ: وَرَوَى شَمِر عَنْ مُحارِب قَالَ: المُعَنْدِلة مِن النُّوقِ، وجَعَله رُباعيّاً مِنْ بَابِ عَندَل، قَالَ الأَزهري: وَالصَّوَابُ الْمُعْتَدِلَةُ، بِالتَّاءِ، وَرَوَى شَمِرٌ عَنْ أَبي عدنانَ الْكِنَانِيِّ أَنشده:
وعَدَلَ الفحلُ، وإِن لم يُعْدَلِ، ... واعْتَدَلَتْ ذاتُ السَّنام الأَمْيَلِ
قَالَ: اعْتِدَالُ ذَاتِ السَّنامِ الأَمْيلِ استقامةُ سَنامها مِنَ السِّمَن بعد ما كَانَ مَائِلًا؛ قَالَ الأَزهري: وهذا
__________
(1) . قوله [نبتل] كذا في الأَصل والتهذيب، والذي في التكملة: يا من؛ وتمامه:
يجوز بها الملاح طورا ويهتدي(11/436)
يَدُلُّ عَلَى أَن الْحَرْفَ الَّذِي رَوَاهُ شَمِرٌ عَنْ مُحَارِبٍ فِي المُعَنْدِلة غيرُ صَحِيحٍ، وأَن الصوابَ المُعْتَدِلة لأَن النَّاقَةَ إِذا سَمِنَت اعْتَدَلَتْ أَعضاؤها كلُّها مِنَ السَّنام وغيره، ومُعَنْدِلة من العَنْدَل وَهُوَ الصُّلْبُ الرأْس، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ، لأَن عَنْدَل رُباعيٌّ خَالِصٌ.
عدمل: العُدْمُلُ والعُدْمُلِيُّ والعُدامِلُ والعُدامِليُّ: كلُّ مُسِنٍّ قديمٍ «1» وَقِيلَ: هُوَ الْقَدِيمُ الضَّخْم مِنَ الضِّباب، قِيلَ ذَلِكَ لَهُ لِقِدَمِه، والأُنثى عُدْمُلِيَّة، وَزَعَمَ أَبو الدُّقَيْش أَنه يُعَمَّر عُمْرَ الإِنسان حَتَّى يَهْرَم فيُسَمى عُدْمُلِيّاً عِنْدَ ذَلِكَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
فِي عُدْمُلِيِّ الحَسَب القَدِيم
وخصَّ بعضُهم بِهِ الشجرَ الْقَدِيمَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي عَارِمٍ الْكِلَابِيِّ: وآخُذُ فِي أَرْطًى عَدَوْلِيٍّ عُدْمُلِيٍّ. وغُدُرٌ عَدَامِل: قَدِيمَةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
يُباكِرْنَ مِنْ غَوْلٍ مِياهاً رَوِيَّةً، ... وَمِنْ مَنْعِجٍ زُرْقَ المُتُونِ عَدامِلا
الأَزهري: وأَكثر مَا يُقَالُ عَلَى جِهَةِ النِّسْبَةِ رَكِيَّةٌ عُدْمُلِيَّة أَي عاديَّة قديمةٌ، وَالْجَمْعُ العَدامِل. والعُدْمُول: الضِّفْدِعُ عَنْ كُرَاعٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْرُوفٍ إِنما هُوَ العُلْجُوم؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لجِران العَوْد عَلَى أَن العُدْمُول الضِّفْدع:
ماشحون قَلِيلًا مِنْ مُسَوَّمةٍ ... مِنْ آجِنٍ رَكَضَتْ فِيهِ العَدامِيلُ «2»
. العُدْمُلُ: الشَّيْءُ الْقَدِيمُ، وَكَذَلِكَ العُدْمُول؛ وَقَالَتْ زَيْنَبُ أُخت يَزِيدَ بْنِ الطَّثَريَّة:
تَرى جازِرَيْه يُرْعَدان، ونارُه ... عَلَيْهَا عَدامِيلُ الهَشِيم، وصامِلُه
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي العُدْمُلِيِّ:
مِنْ مَعْدِنِ الصِّيران عُدْمُلِيِ
عدهل: العَيْدَهُولُ: النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ.
عذل: العَذْلُ: اللَّومُ، والعَذُل مثلُه. عَذَلَهُ يَعْذِلُه «3» عَذْلًا وعَذَّلَه فاعْتَذَل وتَعَذَّلَ: لامَهُ فَقَبِلَ مِنْهُ وأَعْتَبَ، وَالِاسْمُ العَذَلُ، وَهُمُ العَذَلةُ والعُذَّالُ والعُذَّلُ، والعواذِل مِنَ النِّسَاءِ: جَمْعُ العاذِلة وَيَجُوزُ العاذِلات؛ ابن الأَعرابي: العَذْلُ الإِحْراق فكأَنَّ اللَّائِمَ يُحْرِق بعَذْله قلبَ المَعْذول؛ وأَنشد الأَصمعي:
لوَّامةٌ لامَتْ بلَوْمٍ شِهَبِ
وَقَالَ: الشِّهَب أَراد الشِّهاب كأَنَّ لَوْمها يُحْرِقُه. ورجُلٌ عَذَّالٌ وامرأَة عَذَّالةٌ: كَثِيرَةُ العَذْل؛ قَالَ:
غَدَتْ عَذَّالتايَ فَقُلْتُ: مَهْلًا ... أَفي وَجْدٍ بسَلْمى تَعْذِلاني؟
ورجُلٌ عُذَلةٌ: يَعْذِلُ النَّاسَ كَثِيرًا مِثْلُ ضُحَكة وهُزَأَة. وَفِي الْمَثَلِ: أَنا عُذَله، وأَخي خُذَله، وَكِلَانَا لَيْسَ بابْنِ أَمَه؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: إِنما ذَكَرْتُ هَذَا للمَثَل وإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ لأَن فُعَلة مُطَّرد فِي كُلِّ فِعْلٍ ثُلاثي، يَقُولُ: أَنا أَعْذِل أَخي وَهُوَ يَخْذُلني. وأَيامٌ مُعْتَذِلاتٌ «4» شَدِيدَةُ الحَرِّ كأَنَّ بعضَها
__________
(1) . قوله [كل مسنّ قديم إلخ] عبارة المحكم: كُلُّ مُسِنٍّ قَدِيمٍ، وَقِيلَ هو القديم وَقِيلَ هُوَ الْقَدِيمُ الضَّخْمُ إلخ
(2) . قوله [ماشحون إلخ] هكذا رسم في الأَصل
(3) . قوله [عذله يعذله] هو من بابي ضرب وقتل كما في المصباح
(4) . قوله [وأيام معتذلات] ويقال لها أيضاً عذب بوزن كتب كما في التهذيب(11/437)
يَعْذِلُ بَعْضًا فَيَقُولُ اليومُ مِنْهَا لِصَاحِبِهِ. أَنا أَشَدُّ حَرًّا مِنْكَ ولِمَ لَا يَكُونُ حَرُّك كَحرِّي؟ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ومُعْتذِلاتُ سُهَيْلٍ أَيامٌ شديداتُ الحَرِّ تَجِيءُ قَبْلَ طُلُوعِهِ أَو بَعْدَهُ؛ وَيُقَالُ: مُعْتَدِلاتٌ، بِدَالٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، أَي أَنَّهُنَّ قَدِ اسْتَوَيْن فِي شِدَّةِ الحَرِّ، وَمَنْ رَوَاهُ بِالذَّالِ أَي أَنهن يَتَعاذَلْن ويأْمر بعضُهن بَعْضًا إِمَّا بشِدَّة الحَرِّ، وإِما بالكَفِّ عَنْهُ. والعاذِلُ: اسْمُ العِرْق الَّذِي يَسِيلُ مِنْهُ دَمُ الْمُسْتَحَاضَةِ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
تِلْكَ عاذِلٌ تَغْذُو
، يَعْنِي تَسيلُ، ورُبما سُمِّي ذَلِكَ العِرْق عاذِراً، بِالرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ وأُنِّث عَلَى مَعْنَى العِرْقَةِ، وَجَمْعُ العاذِلِ العرقِ عُذُلٌ مِثْلُ شارِف وشُرُف. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه سُئل عَنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ فَقَالَ: ذَلِكَ العاذِلُ يَغْذو، لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوبٍ ولْتُصَلِّ.
وَقَدْ حَمَل سِيبَوَيْهِ قَوْلَهُمُ: اسْتأْصَلَ اللهُ عِرْقاتِهم، عَلَى تَوَهُّم عِرْقة فِي الْوَاحِدِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: سَبَق السَّيْفُ العَذَلَ، يُضْرَبُ لِمَا قَدْ فَاتَ، وأَصل ذلك أَن الحرث بْنَ ظَالِمٍ ضَرَب رجُلًا فَقَتَله، فأُخْبر بعُذْره فَقَالَ: سَبَق السَّيْفُ العَذَل. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: سَمِعْتُ الْكِلَابِيَّ يَقُولُ رَمى فُلَانٌ فأَخْطأَ ثُمَّ اعْتَذَلَ أَي رَمَى ثَانِيَةً. ورجُلٌ مُعَذَّلٌ أَي يُعَذَّل لإِفراطه فِي الجُود، شُدِّد لِلْكَثْرَةِ. وعاذِلٌ: شَعْبان، وَقِيلَ: عاذِلٌ شَوَّالٌ، وَجَمْعُهُ عَواذِل. قَالَ المُفَضَّل الضَّبِّي: كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِشَعْبَانَ عاذِلٌ، وَلِرَمَضَانَ ناتِق، ولشَوَّال وَعْلٌ، وَلِذِي القَعْدة وَرْنَة، وَلِذِي الحِجَّة بُرَك، ولمُحَرَّم مُؤْتَمِر، ولصَفَر ناجِرٌ، ولربيعٍ الأَوّلِ خَوّان، ولرَبيعٍ الآخِر وَبْصانُ، ولجُمادَى الأُولى رُنَّى، ولجُمادَى الْآخِرَةِ حَنِين، ولرَجَب الأَصَمُّ.
عذفل: فِي شِعْرِ جَرِيرٍ: العِذَفْلُ «1» . العَرِيض الواسعُ.
عرجل: العَرْجَلة: القِطْعة مِنَ الْخَيْلِ، وَقِيلَ: الْجَمَاعَةُ مِنْهَا. والعَرْجَلة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: جَمَاعَةُ الرَّجّالة. وخَرَجَ القومُ عَرَاجِلَةً أَي مُشاةً. والعَرْجَلة: الجماعةُ مِنَ المَعَز؛ عَنْ كُرَاعٍ. والعَرْجَلةُ مِنَ الْخَيْلِ: القَطيعُ، وَهِيَ بلُغَة تَمِيمٍ الحَرْجَلةُ. والعَرْجَلة: الَّذِينَ يَمْشون عَلَى أَقدامهم، قَالَ: وَلَا يُقَالُ عَرْجَلة حَتَّى يَكُونُوا جَمَاعَةً مُشاةً؛ وأَنشد:
وعَرْجَلةٍ شُعْثِ الرؤوس كأَنهم ... بَنُو الجِنِّ، لَمْ تُطْبَخْ بنارٍ قُدورُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي وَقَعَ فِي الشِّعْرِ:
بَنَو الجنِّ لَمْ تُطْبَخْ بقدْرٍ جَزورُها
قَالَ: وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ فِي جَمْعِ العَرْجَلَةِ الرَّجّالةِ أَيضاً:
راحُوا يُماشُونَ القَلُوصَ عَشِيَّةً، ... عَرَاجِلةً مِنْ بَيْنِ حافٍ وناعِل
وأَنشد الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عرضن:
تَعْدُو العِرَضْنَى خَيلُهم حَرَاجِلا
وَقَالَ: حَرَاجِل وعَرَاجِل جَمَاعَاتٌ. قَالَ: وَيُقَالُ للرَّجّالة عَرَاجِلُ أَيضاً.
عردل: العَرْدَلُ: الصُّلْب الشَّدِيدُ، والعَرَنْدَلُ مثلُه، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ.
__________
(1) . قوله [عذفل: فِي شِعْرِ جَرِيرٍ العذفل إلخ] كذا في الأصل، ولم نجد هذه الترجمة بالعين المهملة والذال المعجمة في الصحاح والقاموس والمحكم والتهذيب والتكملة بل الموجود فيها غدفل بالمعجمة فالمهملة، وهناك استشهدوا بشعر جرير وهو قوله:
رعثات عنبلها الغدفل الأرغل(11/438)
عرزل: العِرْزالُ: عِرِّيسةُ الأَسَد، وَقِيلَ: هُوَ مأْوَى الأَسَد، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَجْمعه الأَسدُ فِي مأْواه لأَشْبالِه مِنْ شَيْءٍ يَمْهَده ويُهَذِّبه كالعُشِّ. والعِرْزالُ: مَوْضِعٌ يتَّخِذُه النّاطِر فَوْقَ أَطْراف النَّخْل وَالشَّجَرِ يَكُونُ فِيهِ فِرَاراً وخوْفاً مِنَ الأَسد. والعِرْزالُ: سَقِيفة النَّاطُور. والعِرْزَال: البَقِيَّة مِنَ اللَّحْم، وَقِيلَ: هُوَ مِثْل الجُوَالِق يُجْمع فِيهِ الْمَتَاعُ؛ قَالَ شَمِرٌ: بَقَايَا المَتاعِ عِرْزالٌ. وعِرْزالُ الصَّائِدِ: خِرَقُه وأَهْدامُه يَمْتَهِدُها ويَضْطَجِع عَلَيْهَا فِي القُتْرة، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَجْمَعُهُ الصَّائِدُ مِنَ القَدِيد فِي قُتْرته. والعِرْزال: مَا يُخْبَأُ لِلرَّجُلِ «2» والعِرْزالُ: فَمُ المَزَادة. والعِرْزَالُ: بَيْتٌ صَغِيرٌ يُتَّخَذُ للمَلِك إِذا قاتَلَ، وَقَدْ يَكُونُ لمُجْتَني الكَمْأَة؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
لَقَدْ ساءَني، والناسُ لَا يَعْلَمونَه، ... عَرَازِيلُ كَمَّاءٍ بِهِنَّ مُقِيم
وَقِيلَ: هُوَ بَيْتٌ صَغِيرٌ، لَمْ يُحَلَّ بأَكثرَ مِنْ هَذَا. وعِرْزَالُ الحَيَّة: جُحْرُها؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وكَرِهَتْ أَحْناشُها العَرَازِلا
يَقُولُ: جَاءَ الصَّيْفُ فَخَرَجَتْ مِنْ جِحَرَتِها؛ وأَنشد الإِيادِيُّ:
تَحْكِي لَهُ القَرْناءُ فِي عِرْزالِها ... أُمَّ الرَّحَى، تَجْري عَلَى ثِفَالِها
أَراد بالقَرْناء الحَيَّة؛ وأَورد ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا للأَعشى وتَتِمَّته:
تَحَكُّكَ الجَرْباء فِي عِقَالِها «3»
. وعِرْزالُ الرَّجُل: حانُوته. واحْتَمَلَ عِرْزالَه أَي متاعَه القليلَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والعِرْزالُ: غُصْن الشَّجَرَةِ. وعَرَازِيلُ الثُّمَامِ: عِيدَانُه؛ كِلَاهُمَا عَنْهُ أَيضاً؛ وأَنشد:
إِنْ وَرَدَتْ يَوْمًا شَدِيدًا شَبَمُه، ... لَا تَرِدُ الماءَ بعَظْمٍ تَعْجُمه،
وَلَا عَرَازِيلِ ثُمَامٍ تَكْدُمُه
والعِرْزَالُ: الفِرْقةُ مِنَ النَّاسِ. والعَرَازِيلُ: المُجَمَّعة مِنَ النَّاسِ. وَقَوْمٌ عَرَازِيلُ: مُجْتَمِعُونَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرَى أَنهم مُجْتَمِعُونَ فِي لُصُوصِيَّةٍ أَو خِرَابة؛ قَالَ:
قُلْتُ لقومٍ خَرَجُوا هَذَالِيل ... نَوْكَى، وَلَا يَنْفَعُ للنَّوْكى القِيل:
احْتَذِروا لَا تَلْقَكُمْ طَمالِيل، ... قَلِيلةٌ أَموالُهُم عَرَازِيل
هَذَالِيلُ: مُتَقَطِّعون، والعَرَازِيلُ عِنْدَ الْعَرَبِ: مَظَالُّ ذَلِيلةٌ فِيهَا مُتَيّعٌ خَفِيفٌ «4» . والعِرْزَالُ: الثِّقَلُ. وأَلْقَى عَلَيْهِ عِرْزَالَه أَي ثِقَله، وَكَذَلِكَ أَلْقَى عليه عَرَازِيلَه.
عرطل: العَرْطَلُ: الْفَاحِشُ الطُّول المُضْطرب مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
فِي سَرْطَم هادٍ وعُنْقٍ عَرْطَل
والعَرْطَلِيلُ: الطَّوِيلُ، وَقِيلَ: الْغَلِيظُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ عَرْطَلِيلًا فَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: لَمْ نُلْفِ تَفْسِيرَهُ، قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِنه الطَّوِيل، واستدلَّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ عَرْطَلٌ لِلطَّوِيلِ. والعَرْطَويلُ والعَرْطَلُ: الشابُّ الحَسَن.
__________
(2) . قوله [ما يخبأ للرجل] الذي في التهذيب: ما يخبأ للرجل من اللحم
(3) . قوله [تحكك الجرباء] زاد في التكملة قبله:
تحتك جنباها إلى قتالها
(4) . قوله [مُتَيّع: هكذا في الأَصل، ولم نجد هذه اللفظة في المعاجم حتى في اللسان نفسه(11/439)
والعَرْطَل: الضَّخْم، وعَمَّ بِهِ الأَزهريُّ فَقَالَ: العَرْطَلُ الطَّوِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
عرقل: عَرْقَلَ الرَّجُلُ إِذا جَارَ عَنِ القَصْد. والعَرْقَلَةُ: التَّعْويج. وعَرْقَلَ عَلَيْهِ كلامَه: عَوَّجَه. وعَرْقَلَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ وحَوَّقَ: مَعْنَاهُ قَدْ عَوَّجَ عَلَيْهِ الكلامَ والفِعْلَ وأَدار عَلَيْهِ كَلَامًا لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ قَالَ: وحَوَّقَ مأْخوذ مِنْ حُوقِ الكَمَرة وَهُوَ مَا دَارَ حَوْل الكَمَرة. قَالَ: وَمِنَ العَرْقَلَة سُمِّي عَرْقَل بْنُ الخَطِيم رَجُلٌ معروف وهو منه. والعِرْقِيلُ: صُفْرَة البَيْض؛ وأَنشد:
طَفْلَةٌ تُحْسَبُ المَجَاسِدُ مِنْهَا ... زَعْفَراناً يُدافُ، أَو عِرْقِيلا
وَقِيلَ: الغِرْقِيل بَيَاضُ البَيْض، بَالِغِينَ. والعَرْقَلَى: مِشْيَة تَبخْتُرٍ. ورَجُلٌ عِرْقالٌ: لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى رُشْدِه. والعَرَاقِيل: الدَّوَاهي. وعَرَاقِيلُ الأُمُورِ وعراقِيبُها: صِعابُها.
عركل: عَرْكَلٌ: اسم.
عرهل: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العُرَاهِلُ الكاملُ الخَلْق؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَتْبَعْنَ نَيَّافَ الضُّحَى عُرَاهلا
والعِرْهَلُّ: الشَّدِيدُ؛ قَالَ:
وأَعْطَاه عِرْهَلًّا مِنَ الصُّهْبِ دَوْسَرا
عزل: عَزَلَ الشيءَ يَعْزِلُه عَزْلًا وعَزَّلَهُ فاعْتَزَلَ وانْعَزَلَ وتَعَزَّلَ: نَحَّاه جانِباً فَتَنَحَّى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ
؛ مَعْنَاهُ أَنَّهم لَمَّا رُمُوا بِالنُّجُومِ مُنِعوا مِنَ السَّمْع. واعْتَزَلَ الشيءَ وتَعَزَّلَه، وَيَتَعَدَّيَانِ بعَنْ: تَنَحَّى عَنْهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ
، أَراد إِن لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَلَا تَكُونُوا عَليَّ وَلَا مَعِي؛ وَقَوْلُ الأَخوص:
يَا بَيْتَ عاتِكةَ الَّذي أَتَعَزَّلُ، ... حَذَرَ العِدى، وَبِهِ الفُؤادُ مُوكَّلُ
يَكُونُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ «1» . وتَعَازَلَ القومُ: انْعَزَلَ بَعْضُهم عَنْ بَعْض. والعُزْلةُ: الانْعِزال نفسُه، يُقَالُ: العُزْلةُ عِبادة. وكُنْتُ بمَعْزِلٍ عَنْ كَذَا وَكَذَا أَي كُنْتُ بموْضع عُزْلةٍ مِنْهُ. واعْتَزَلْتُ القومَ أَي فارَقْتهم وتَنَحَّيت عَنْهُمْ؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا:
ولَسْتُ بِجُلْبٍ جُلْب ريحٍ وقِرَّةٍ، ... وَلَا بصَفاً صَلْدٍ عَنِ الْخَيْرِ مَعْزِل
وقَوْمٌ مِنَ القَدَرِيَّةِ يُلَقَّبون المُعْتَزِلة؛ زَعَمُوا أَنهم اعْتَزَلوا فِئَتي الضَّلَالَةِ عِنْدَهُمْ، يَعْنُون أَهلِ السُّنَّة والجماعةِ والخَوَارجَ الَّذِينَ يَسْتَعْرِضون الناسَ قَتْلًا. ومَرَّ قَتادةُ بِعَمْرِو بْنِ عُبَيْد بْنِ بابٍ فَقَالَ: مَا هَذِهِ المُعْتَزِلة؟ فسُمُّوا المُعْتَزِلةَ؛ وَفِي عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ هَذَا يَقُولُ الْقَائِلُ:
بَرئْتُ مِنَ الخَوَارج لَسْتُ مِنْهُمْ ... مِنَ العُزَّالِ مِنْهُمْ وابنِ بَابِ «2»
. وعَزَل عَنِ المرأَة واعْتَزَلَها: لَمْ يُرِدْ ولَدها. وَفِي الْحَدِيثِ:
سأَله رجلٌ مِنَ الأَنصار عَنِ العَزْلِ
يعني
__________
(1) . قوله [يكون على الوجهين] فلعلهما تعدي أتعزل فيه بنفسه وبعن كما هو ظاهر
(2) . قوله [من العُزَّال] قال شارح القاموس: والعُزَّال كرمان المعتزلة، وأنشد البيت(11/440)
عَزْلَ الْمَاءِ عَنِ النِّسَاءِ حَذَرَ الحَمْل؛ قَالَ الأَزهري: العَزْلُ عَزْلُ الرَّجُلِ الماءَ عَنْ جَارِيَتِهِ إِذا جَامَعَهَا لِئَلَّا تَحْمِل. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَعِيدٍ الخُدْري أَنه قَالَ: بَيْنَا أَنا جالسٌ عِنْدَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصار فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نُصِيبُ سَبْياً فنُحِبُّ الأَثمان فَكَيْفَ تَرَى فِي العَزْل؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا، عَلَيْكم أَن لَا تَفْعَلوا ذَلِكَ فإِنَّها مَا مِنْ نَسَمةٍ كَتَب اللهُ أَن تخْرُجَ إِلا وَهِيَ خَارِجَةٌ
؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَا عَلَيْكُم أَن لَا تَفْعَلوا
، قَالَ: مَنْ رَوَاهُ لَا عَلَيْكُم أَن لَا تَفْعَلوا فَمَعْنَاهُ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ لَا بأْس عَلَيْكُمْ أَن لَا تَفْعَلُوا، حُذِف مِنْهُ بأْس لِمَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِ بِهِ، وَمَنْ رَوَاهُ مَا عَلَيْكُمْ أَن لَا تَفْعَلوا فَمَعْنَاهُ أَيُّ شيءٍ عَلَيْكُمْ أَن لَا تَفْعَلُوا كأَنه كَرِه لَهُمُ العَزْلَ وَلَمْ يُحَرِّمه، قَالَ: وَفِي قَوْلِهِ نُصِيب سَبْياً فنُحِبُّ الأَثمانَ فَكَيْفَ تَرَى فِي العَزْل، كالدَّلالة عَلَى أَن أُمّ الْوَلَدِ لَا تُباع. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَكْره عَشْرَ خِلالٍ مِنْهَا عَزْلُ الْمَاءِ لِغَيْرِ مَحَلِّه
أَي يَعْزِله عَنْ إِقْرَارِهِ فِي فَرْج المرأَة وَهُوَ مَحَلُّه، وَفِي قَوْلِهِ لِغَيْرِ مَحَلِّه تَعْرِيضٌ بإِتيان الدُّبُر. وَيُقَالُ: اعْزِلْ عَنْكَ مَا يَشِينُك أَي نحِّهِ عَنْكَ. والمِعْزَال: الَّذِي يَنْزِل نَاحِيَةً مِنَ السَّفْر يَنْزِل وَحْدَه، وَهُوَ ذَمٌّ عِنْدَ الْعَرَبِ بِهَذَا الْمَعْنَى. والمِعْزال: الرَّاعِي الْمُنْفَرِدُ؛ قَالَ الأَعشى:
تُخْرِج الشَّيْخَ عَنْ بَنِيه، وتَلْوي ... بِلَبُون المِعْزَابَةِ المِعْزَال
وَهَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ بذَمٍّ عِنْدَهُمْ لأَن هَذَا مِنْ فِعْل الشُّجْعان وذَوِي البَأْس والنَّجْدة مِنَ الرِّجَالِ، ويَكُون المِعْزَال الَّذِي يَسْتَبدُّ برأْيه فِي رَعْي أُنُف الكَلإِ ويَتَتَبَّع مَساقِطَ الْغَيْثِ ويَعْزُب فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ مِعْزابة ومِعْزَال؛ وأَنشد الأَصمعي:
إِذا الهَدَفُ المِعْزَالُ صَوَّبَ رأْسه، ... وأَعْجَبَه ضَفْوٌ مِنَ الثَّلَّة الخُطْلِ
وَيُرْوَى المِعْزاب، وَهُوَ الَّذِي قَدْ عَزَبَ بإِبِله، والهَدَف: الثَّقِيل الوَخِمُ، والضَّفْوُ: كَثْرَةُ الْمَالِ واتِّساعه، وَالْجَمْعُ المَعَازِيل؛ قَالَ عَبْدة بْنُ الطَّبِيبِ:
إِذ أَشْرَفَ الدِّيكُ يَدْعو بَعْضَ أُسْرتِه، ... إِلى الصَّباحِ، وَهُمْ قَوْمٌ مَعازِيلُ «1»
. قَالَ ابْنَ بَرِّيٍّ: المَعازِيلُ هُنَا الَّذين لَا سِلاح مَعَهُمْ، وأَراد بِقَوْلِهِ وَهُمْ قَوْمٌ الدَّجاجَ. والأَعْزَلُ: الرَّمْل الْمُنْفَرِدُ الْمُنْقَطِعُ المُنْعَزِل. والعَزَلُ فِي ذَنَب الدابَّة: أَن يَعْزِل ذَنَبه فِي أَحد الْجَانِبَيْنِ، وَذَلِكَ عَادَةً لَا خِلْقة وَهُوَ عَيْبٌ. ودابَّة أَعْزَلُ: مَائِلُ الذَّنَب عَنِ الدُّبُرِ عَادَةً لَا خِلْقة، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَعْزِل ذَنَبه فِي شِقٍّ، وَقَدْ عَزِلَ عَزَلًا، وكُلُّه مِنَ التَّنَحِّي وَالتَّنْحِيَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بأَعْزَل
وَقَالَ النَّضِرُ: الكَشَف أَن تَرَى ذَنَبه زَائِلًا عَنْ دُبُره وَهُوَ العَزَلُ. وَيُقَالُ لِسَائق الحِمَار: اقْرَعْ عَزَلَ حِمارك أَي مُؤَخَّره. والعَزَلة: الحَرْقَفة. والأَعْزَلُ: النَّاقِصُ إِحدى الحَرْقَفَتين؛ وأَنشد:
قَدْ أَعْجَلَت ساقَتُها قَرْعَ العَزَل
__________
(1) . قوله [إلى الصباح] قال الصاغاني في التكملة: كذا وقع في نسخ الصحاح، والرواية لدى الصباح وهو الصواب(11/441)
والعُزُل والأَعْزَلُ: الَّذِي لَا سِلاحَ مَعَهُ فَهُوَ يَعْتَزِل الحَرْبَ؛ حَكَى الأَوَّلَ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ وَرُبَّمَا خُصَّ بِهِ الَّذِي لَا رُمْحَ مَعَهُ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
وأَرَى المَدينَة، حِينَ كُنْتَ أَميرَها، ... أَمِنَ البَرِيءُ بِهَا وَنَامَ الأَعْزَلُ
وجَمْعهما أَعْزَالٌ وعُزْلٌ وعُزْلانٌ وعُزَّلٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
سُجَرَاءَ نَفْسِي غَيْرَ جَمْعِ أُشابةٍ ... حُشُداً، وَلَا هُلْكِ المَفارِشِ عُزَّلِ»
. وَقَالَ الأَعشى:
غَيْر مِيلٍ وَلَا عَوَاوِيرَ فِي الهَيْجا، ... وَلَا عُزَّلٍ وَلَا أَكفال
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الأَعْزال جَمْعُ العُزُل عَلَى فُعُل، كَمَا يُقَالُ جُنُبٌ وأَجْنَاب ومِيَاهٌ أَسدامٌ جَمْعُ سُدُم. وَفِي حَدِيثِ
سَلَمة: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالحُدَيْبِية عُزُلًا
أَي لَيْسَ مَعِيَ سِلَاحٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ رأَى مَقْتَل حَمْزة؟ فَقَالَ رَجُلٌ أَعْزَلُ: أَنا رأَيته
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: إِذا كَانَ الرَّجُلُ أَعْزَلَ فَلَا بأْس أَن يأْخُذَ مِنْ سِلَاحِ الغَنِيمة.
وَفِي حَدِيثِ
خَيْفان: مَسَاعِيرُ غَير عُزْلٍ
، بِالتَّسْكِينِ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
زَالُوا فَمَا زالَ أَنْكاسٌ وَلَا كُشُفٌ، ... عِنْدَ اللِّقاء، وَلَا مِيلٌ مَعازِيلُ
أَي لَيْس مَعَهُمْ سِلاحٌ، وَاحِدُهُمْ مِعْزالٌ، وَيُقَالُ فِي جَمْعِهِ أَيضاً مَعازِيلُ «2» عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ العَزَلُ. والمَعَازِيلُ أَيضاً: القومُ الَّذِينَ لَا رماحَ مَعَهُمْ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ولكنَّكُم حَيٌّ مَعازيلُ حِشْوةٌ، ... وَلَا يُمْنَع الجِيرانُ باللَّوْمِ والعَذْل
وأَما قَوْلِ أَبي خِراش الهُذلي:
فَهَلْ هُوَ إِلا ثَوْبُه وسِلاحُه؟ ... فَمَا بِكُمُ عُرْيٌ إِليه وَلَا عَزْلُ
فإِنما أَراد: ولا أَنتم عَزَلٌ، فَخَفَّف، وإِن كَانَ سِيبَوَيْهِ قَدْ نَفاه، وَقَدْ جَاءَتْ لَهُ نَظَائِرُ، وَرُوِيَ: وَلَا عُزْل، أَراد وَلَا أَنتم عُزْل، وَقَدْ يَكُونُ العُزْل لُغَةً فِي العَزَل، كالشُّغْل والشَّغَل والبُخْل والبَخَل. والسِّماكُ الأَعْزَل: كوكبٌ عَلَى المَجرَّة، سُمِّيَ بِذَلِكَ لعَزَله مِمَّا تَشَكَّل بِهِ السِّماك الرامحُ مِنْ شَكْل الرُّمْح؛ قَالَ الأَزهري: وَفِي نُجُومِ السَّمَاءِ سِماكان: أَحدهما السِّماك الأَعْزَل، وَالْآخَرُ السِّماك الرَّامِحُ، فأَما الأَعْزَل فَهُوَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ بِهِ يَنزِل وَهُوَ شَآمٍ، وَسُمِّيَ أَعْزَل لأَنه لَا شَيْءَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكَوَاكِبِ كالأَعْزَل الَّذِي لَا سِلَاحَ مَعَهُ كَمَا كَانَ مَعَ الرَّامِحِ، وَيُقَالُ: سُمِّيَ أَعْزَل لأَنه إِذا طَلَع لَا يَكُونُ فِي أَيامه رِيحٌ وَلَا بَرْدٌ؛ وَقَالَ أَوس بْنُ حجَر:
كأَنَّ قُرونَ الشَّمْس عِنْدَ ارْتِفَاعِهَا، ... وَقَدْ صادَفَتْ قَرْناً، مِنَ النَّجم، أَعزَلا
تَرَدَّدَ فيه ضَوْؤُها وشُعاعُها، ... فأَحْصِنْ وأَزْيِنْ لامرئٍ إِن تَسْربلا «3»
. أَراد: إِن تَسَرْبَل بِهَا، يَصِفُ الدِّرْعَ أَنك إِذا نظرْتَ
__________
(1) . قوله [سجراء] تقدم البيت في حشد وضبط فيه سجراء بفتح السين وسكون الجيم وهو خطأ والصواب ما هنا
(2) . قوله [ويقال في جمعه إلخ] هذا من جموع العُزُل بضمتين والأَعْزَل المتقدمين في صدر العبارة، وهو معطوف في عبارة ابن سيدة على الجموع المتقدمة
(3) . قوله [قرناً] كذا في الأصل تبعاً للتهذيب. وفي التكملة: طلقاً، والطلق كما في القاموس: الذي لا أذى فيه ولا حر، وقوله [فأحصن] كذا في الأصل والتهذيب بالصاد، وفي التكملة فأحسن بالسين(11/442)
إِليها وجَدْتها صَافِيَةً بَرَّاقة كأَن شُعاع الشَّمْسِ وَقَعَ عَلَيْهَا فِي أَيام طُلُوعِ الأَعْزَل والهواءُ صافٍ؛ وَقَوْلُهُ: تَرَدَّدَ فِيهِ يَعْنِي فِي الدِّرْع فذَكَّره للَّفظ «1» وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا التأْنيث؛ وَقَالَ الطِّرِمّاح:
مَحاهُنَّ صَيِّبُ نَوْء الرَّبِيع، ... مِنَ الأَنْجُم العُزْلِ والرَّامِحَه
وَقَوْلُهُ:
رَأَيْتُ الفِتْيَةَ الأَعْزال، ... مِثْلَ الأَينُق الرُّعْل
إِنما الأَعزالُ فِيهِ جَمْعُ الأَعْزَل؛ هَكَذَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ، بِالْعَيْنِ وَالزَّايِ، وَالْمَعْرُوفُ الأَرْعال. والعِزال: الضَّعْفُ. ابْنُ الأَعرابي: الأَعْزَل مِنَ اللَّحْمِ يَكُونُ نصيبَ الرَّجُلِ الْغَائِبِ، وَالْجَمْعُ عُزْلٌ. والعَزْل: مَا يورِدُه بيتَ الْمَالِ تَقْدِمةً غيرَ مَوْزُونٍ وَلَا مُنْتَقَد إِلى محِلِّ النَّجْم. والعَزْلاء: مَصَبُّ الْمَاءِ مِنَ الرَّاوِيَةِ والقِرْبةِ فِي أَسفلها حَيْثُ يُسْتَفْرَغ مَا فِيهَا مِنَ الْمَاءِ؛ سُميت عَزْلاء لأَنها فِي أَحد خُصْمَي المَزادة لَا فِي وَسَطها وَلَا هِيَ كفَمِها الَّذِي مِنْهُ يُسْتَقى فِيهَا، وَالْجَمْعُ العَزالِي، بِكَسْرِ اللَّامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وأَرْسَلَت السَّماءُ عَزالِيَها
، كثُر مطَرُها عَلَى الْمَثَلِ، وإِن شِئْتَ فَتَحْتَ اللَّامَ مِثْلَ الصَّحاري والصَّحارى والعَذاري والعَذارى، يُقَالُ لِلسَّحَابَةِ إِذا انهَمَرَتْ بالمَطر الجَوْد: قَدْ حَلَّت عَزالِيَها وأَرسَلتْ عَزالِيَها؛ قَالَ الْكُمَيْتِ:
مَرَتْه الجَنوبُ، فَلَمَّا اكْفَهرَّ ... حَلَّتْ عَزالِيَه الشَّمْأَلُ
وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
دُفاقُ العَزائِل جَمُّ البُعاق «2»
العَزَائِل: أَصله العَزالي مِثْلُ الشَّائِكِ وَالشَّاكِي، والعَزالِي جَمْعُ العَزْلاء، وَهُوَ فَمُ المَزادة الأَسفل، فشَبَّه اتِّساعَ الْمَطَرِ واندفاقَه بِالَّذِي يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الْمَزَادَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: كُنَّا نَنْبِذ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سِقاءٍ لَهُ عَزْلاء.
والأَعْزَل: سحابٌ لَا مَطَرَ فِيهِ. والعَزْلُ وعُزَيْلة: مَوْضِعَانِ. والأَعْزَلةُ: مَوْضِعٌ. والأَعَازِل: مَوَاضِعُ فِي بَنِي يَرْبوع؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تُرْوِي الأَجارِعَ والأَعَازِلَ كُلَّها ... والنَّعْفَ، حيثُ تَقابَلَ الأَحْجارُ
والأَعْزَلانِ: وادِيان لِبَنِي كُليب وَبَنِي العَدَوِيَّة، يُقَالُ لأَحدهما الرَّيّان وَلِلْآخِرِ الظَّمْآن. وعَزَلَه عَنِ العَمل أَي نحَّاه فعُزِل. وعُزَيْل: اسمٌ. وعَزَلَه أَي أَفْرَزَه. والمِعْزال: الضَّعيف الأَحْمق. والمِعْزال: الَّذِي يَعْتَزِل أَهلَ المَيْسِرِ لُؤماً؛ وعازِلة: اسْمُ ضَيْعة كَانَتْ لأَبي نُخَيْلة الحِمّاني، وَهُوَ الْقَائِلُ فِيهَا:
عَازِلةٌ عَنْ كلِّ خَيْر تَعْزِلُ، ... يابسةٌ بَطْحاؤُها تُفَلْفِلُ
لِلْجِنِّ بَيْنَ قارَتَيْها أَفْكَلُ، ... أَقْبَلَ بالخَيْر عَلَيْهَا مُقْبِلُ
مُقْبِل: اسْمُ جبل أَعْلى عَازِلة.
__________
(1) . قوله [فذكره للفظ] أورد في التكملة البيت بضمير المؤنث، فلعلهما روايتان
(2) . قوله [دفاق العزائل إلخ] صدر بيت، وعجزه كما فِي حَاشِيَةِ نُسْخَةٍ مِنَ النهاية:
أغاث به الله عليا مضر(11/443)
عزهل: العَزْهَل والعِزْهِل: ذكَرُ الحَمام، وَقِيلَ: فَرْخُها، وَجَمْعُهُ العَزاهِلُ؛ وأَنشد:
إِذا سَعْدانَةُ الشَّعَفاتِ ناحَتْ ... عَزاهِلُها، سَمِعْتَ لَهَا عَرِينا «1»
. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَرينُ الصَّوْت، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العِزْهِيلُ الذَّكَر مِنَ الحَمام. الأَزهري: رَجُلٌ عِزْهَلٌّ، مشدَّد اللَّامِ، إِذا كَانَ فَارِغًا، وَيُجْمَعُ عَلَى العَزاهِل؛ وأَنشد:
وَقَدْ أُرَى فِي الفِتْيِة العَزاهِلِ، ... أَجرُّ مِنْ خَزِّ العِراقِ الذَّائلِ
فَضْفاضةً تَضْفو عَلَى الأَنامِلِ
وبعيرٌ عِزْهَلٌّ: شَدِيدٌ؛ وأَنشد:
وأَعْطاه عِزْهَلًّا مِنَ الصُّهْبِ دَوسَراً ... أَخا الرُّبْع، أَو قَدْ كَادَ للبُزْل يُسدِسُ
والعُزاهِلُ مِنَ الخَيْل: الكاملُ الخَلْق؛ وأَنشد:
يَتْبَعْنَ زَيَّافَ الضُّحى عُزَاهِلا، ... يَنْفَحُ ذَا خَصائلٍ غُدافِلا،
كالبُرْد رَيَّانَ العَصا عَثاكِلا
غُدافِل: كَثِيرُ سَبِيب الذَّنَب. ابْنُ الأَعرابي: المُعَبْهَلُ والمُعَزْهَل المُهْمَل. والعَزاهِيل «2» : الْجَمَاعَةُ المُهْمَلة؛ قَالَ الشَّمَّاخ:
حَتَّى اسْتَغاثَ بأَحْوَى فَوْقَه حُبُكٌ، ... يَدْعُو هَدِيلًا بِهِ العُزْفُ العَزاهِيل
مَعْنَاهُ اسْتَغَاثَ الحمارُ الْوَحْشِيُّ بأَحوى، وَهُوَ الْمَاءُ، فَوْقَه حُبُكٌ أَي طَرَائِقُ يَدْعو هَدِيلًا، وَهُوَ الفَرخ، بِهِ العُزْف، وَهِيَ الحَمام الطُّورانيَّة؛ والعَزاهِيل: الإِبل المُهْمَلة، وَاحِدُهَا عُزْهولٌ. والمُعَزْهَلُ: الحَسنُ الغِذاء. وعَزْهَلٌ: اسْمٌ. وعَزْهَل وعُزاهِل: مَوْضِعٌ «3» وَقَالَ: المُعَلْهَز الحَسَن الغِذاء كالمُعَزْهَل.
عسل: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى
؛ العَسَلُ فِي الدُّنْيَا هُوَ لُعاب النَّحْل وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِلُطْفِهِ شِفاءً لِلنَّاسِ، وَالْعَرَبُ تُذَكِّر العَسَل وتُؤنِّثه، وَتَذْكِيرُهُ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ والتأْنيث أَكثر؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
كأَنَّ عُيونَ الناظِرِين يَشُوقُها ... بِهَا عَسَلٌ، طَابَتْ يَدًا مَنْ يَشُورُها
بِهَا أَي بِهَذِهِ المرأَة كأَنه قَالَ: يَشُوقُها بِشَوْقِها إِيَّاها عَسَلٌ؛ الواحدة عَسَلةٌ، جاؤوا بِالْهَاءِ لإِرادة الطَّائِفَةِ كَقَوْلِهِمْ لَحْمة ولبَنَة؛ وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ فِي جَمْعِهِ أَعْسال وعُسُلٌ وعُسْلٌ وعُسُولٌ وعُسْلانٌ، وَذَلِكَ إِذا أَردت أَنواعه؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
بَيْضاءُ مِنْ عُسْلِ ذِرْوَةٍ ضَرَبٌ، ... شِيبَتْ بِمَاءِ القِلاتِ مِنْ عَرِم
القِلاتُ: جَمْعُ قَلْتٍ، والعَرِمُ: جَمْعُ عَرِمة، وَهِيَ الصُّخور تُرْصَف ويُقْطَع بِهَا الْوَادِي عَرْضاً لِتَكُونَ رَدّاً للسَّيْل. وَقَدْ عَسَّلَتِ النَّحْل تَعْسِيلًا. والعَسَّالة: الشُّورة الَّتِي تَتَّخِذ فِيهَا النَّحْلُ العَسَلَ مِنْ راقُودٍ وَغَيْرِهِ فتُعَسِّل فِيهِ. والعَسَّالة والعاسِلُ: الَّذِي يَشْتارُ العَسَلَ مِنْ مَوْضِعِهِ ويأْخُذه من الخَلِيَّة
__________
(1) . قوله [الشعفات] كذا في الأصل هنا بالشين المعجمة ومثله في التكملة، وتقدم في ترجمة عرن بالمهملة
(2) . قوله [والعزاهيل إلخ] أورده الصاغاني في عرهل بالمهملة واستشهد ببيت الشماخ المذكور ثم قال: والزاي في كل هذا التركيب لغة، وتبعه صاحب القاموس
(3) . قوله [وعَزْهَلٌ وعُزَاهِل: موضع] أي كل منهما موضع كما هو مفاد القاموس(11/444)
؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بأَشْهَبَ مِنْ أَبكارِ مُزْنِ سَحابة، ... وأَرْيِ دُبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ عَاسِلُ
أَراد شارَه مِنَ النَّحْل فعدّى بحذف الوَسِيط كاخْتارَ مُوسى قومَه سَبْعِين رَجُلًا. ومَكانٌ عَاسِلٌ: فِيهِ عَسَلٌ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
تَنَمَّى بِهَا اليَعْسُوبُ حَتَّى أَقَرَّها ... إِلى مَأْلَفٍ، رَحْبِ المَباءةِ، عاسِلِ
إِنما هُوَ عَلَى النَّسَب أَي ذِي عَسَلٍ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي صَمْغَ العُرْفُط عَسَلًا لِحَلَاوَتِهِ، وَتَقُولُ لِلْحَدِيثِ الحُلْو: مَعْسُولٌ. وَاسْتَعَارَ أَبو حَنِيفَةَ العَسَلَ لِدِبْس الرُّطَب فَقَالَ: الصَّقْرُ عَسَلُ الرُّطَب وَهُوَ مَا سَالَ مِنْ سُلافَتِه، وَهُوَ حُلْوٌ بمَرَّةٍ، وعَسَلُ النَّحْل هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالِاسْمِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الحُلْو المسمَّى بِهِ عَلَى التَّشْبِيهِ. وعَسَلَ الشيءَ يَعْسِلُه ويَعْسُله عَسْلًا وعَسَّله: خَلَطَه بالعَسَل وطَيّبه وحَلَّاه. وعَسَّلْتُ الرجُلَ: جَعَلْتُ أُدْمَه العَسَل. واسْتَعْسَلَ القومُ: اسْتَوْهَبوا العَسَل. وعَسَّلْتُ القومَ: زوَّدتهم إِيَّاه. وعَسَلْتُ الطعامَ أَعْسِلُه وأَعْسُله أَي عمِلْته بالعَسَل. وزَنْجَبِيل مُعَسَّل أَي مَعْمول بالعَسَل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذا أَخَذَتْ مِسْواكَها مَنَحَتْ بِهِ ... رُضاباً، كطَعْم الزَّنْجَبِيل المُعَسَّل
وَفِي الْحَدِيثِ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّق امرأَته ثُمَّ تَنْكِح زَوْجًا غَيْرَهُ:
فإِن طَلَّقها الثَّانِي لَمْ تَحِلَّ للأَوَّل حَتَّى يَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَتِها وتَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَته
، يَعْنِي الجِماع عَلَى المَثَل. وَقَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لامرأَة رِفاعة القُرَظِيِّ، وَقَدْ سأَلَتْه عَنْ زَوْجٍ تَزَوَّجَتْه لِتَرْجِع بِهِ إِلى زَوْجِها الأَوَّل الَّذِي طَلَّقها، فَلَمْ يَنْتَشِرْ ذَكَرُه للإِيلاج فقال له: أَتُرِيدينَ أَن تَرْجِعي إِلى رِفاعة؟ لَا، حَتَّى تَذُوقي عُسَيْلَتَه ويَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ
، يَعْنِي جِماعَها لأَن الجِماع هُوَ المُسْتَحْلى مِنَ المرأَة، شَبَّهَ لَذَّة الْجِمَاعِ بذَوْق العَسَل فَاسْتَعَارَ لَهَا ذَوْقاً؛ وَقَالُوا لكُلِّ مَا اسْتَحْلَوْا عَسَلٌ ومَعْسول، عَلَى أَنه يُسْتَحْلى اسْتِحْلاء العَسَل، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ:
حَتَّى تَذُوقي عُسَيْلَته ويَذوق عُسَيْلَتَك
، إِنَّ العُسَيْلة مَاءُ الرَّجُلِ، والنُّطْفَةُ تُسَمَّى العُسَيْلة؛ وَقَالَ الأَزهري: العُسَيْلة فِي هَذَا الْحَدِيثِ كِنَايَةً عَنْ حَلاوة الجِماع الَّذِي يَكُونُ بِتَغْيِيبِ الحَشَفة فِي فَرْجِ المرأَة، وَلَا يَكُونُ ذَواقُ العُسَيْلَتَيْن مَعًا إِلا بِالتَّغْيِيبِ وإِن لَمْ يُنْزِلا، وَلِذَلِكَ اشْتَرَطَ عُسَيْلَتهما وأَنَّثَ العُسَيْلة لأَنه شَبَّهها بقِطْعة مِنَ العَسَل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمَنْ صَغَّرَه مُؤَنَّثًا قَالَ عُسَيْلة كَقُوَيْسة وشُمَيْسة، قَالَ: وإِنما صَغَّرَه إِشارة إِلى الْقَدْرِ الْقَلِيلِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الحِلُّ. وَيُقَالُ: عَسَلْت مِنْ طَعامه عَسَلًا أَي ذُقْت. وعَسَلَ المرأَةَ يَعْسِلُها عَسْلًا: نكَحها، فإِمَّا أَن تَكُونَ مشتقَّة مِنْ قَوْلِهِ
حَتَّى تَذُوقي عُسَيْلته ويَذُوق عُسَيْلتك
، وإِمَّا أَن تَكُونَ لفظَةً مُرْتَجَلَة عَلَى حِدَة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها مُشْتَقَّةٌ. والمَعْسُلَة «1» الخَلِيَّة؛ يُقَالُ: قَطَفَ فُلَانٌ مَعْسُلَتَه إِذا أَخذ مَا هُنَالِكَ مِنَ العَسَل، وخَلِيَّة عاسِلةٌ، والنَّحْل عَسَّالَة. وَمَا أَعرف لَهُ مَضْرِبَ عَسَلة: يعني أَعْراقَه؛ ويقال:
__________
(1) . قوله [والمَعْسُلَة] هكذا ضبط في الأصل وفي موضعين من المحكم بضم السين وعليه علامة الصحة، ووزنه في القاموس بمرحلة(11/445)
مَا لِفُلان مضرِبُ عَسَلَة يَعْنِي مِنَ النَّسَبِ، لَا يُسْتَعْمَلَانِ إِلَّا فِي النَّفْيِ؛ وَقِيلَ: أَصل ذَلِكَ فِي شَوْر العَسَل ثُمَّ صَارَ مَثَلًا للأَصل وَالنَّسَبِ. وعَسَلُ اللُّبْنى: شيءٌ يَنْضَحُ مِنْ شَجَرِها يُشْبِه العَسَل لَا حَلاوة لَهُ. وعَسَلُ الرِّمْث: شَيْءٌ أَبيض يَخْرُجُ مِنْهُ كأَنَّه الجُمَان. وعَسَلَ الرجُلَ: طَيَّب الثناءَ عَلَيْهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ مِنْ العَسَل لأَن سامِعَه يَلَذُّ بِطيبِ ذِكْرِه. والعَسَلُ: طِيبُ الثَّنَاءِ عَلَى الرَّجُلِ. وَفِي الْحَدِيثُ:
إِذا أَراد اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَه فِي النَّاسِ
أَي طَيَّب ثَناءه فِيهِمْ؛ وَرُوِيَ
أَنه قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: مَا عَسَلَه؟ فَقَالَ: يَفْتَح لَهُ عَمَلًا صَالِحًا بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يَرْضى عَنْهُ مَنْ حَوْلَه
أَي جَعَل لَهُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ ثَنَاءً طَيِّباً، شَبَّه مَا رَزَقَه اللهُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي طَابَ بِهِ ذِكْرُه بَيْنَ قَوْمِهِ بالعَسَل الَّذِي يُجْعَل فِي الطَّعَامِ فَيَحْلَوْلي بِهِ ويَطِيب، وَهَذَا مَثَلٌ، أَي وفَّقَه اللَّهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ يُتْحِفه كَمَا يُتْحِف الرَّجُلُ أَخاه إِذا أَطعمه العَسَل. وَيُقَالُ: لَبَنَهُ ولَحَمَه وعَسَلَهُ إِذا أَطعمه اللَّبَنَ وَاللَّحْمَ والعَسَل. والعُسُلُ: الرِّجَالُ الصَّالِحُونَ، قَالَ: وَهُوَ جَمْعُ عاسِلٍ وعَسُول، قَالَ: وَهُوَ مِمَّا جَاءَ عَلَى لَفْظِ فَاعِلٍ وَهُوَ مَفْعُولٌ بِهِ، قَالَ الأَزهري: كأَنه أَراد رَجُلٌ عَاسِلٌ ذُو عَسَل أَي ذُو عَمَلٍ صالِحٍ الثَّناء بِهِ عَلَيْهِ يُسْتَحْلى كالعَسَل. وَجَارِيَةٌ مَعْسُولة الْكَلَامِ إِذا كَانَتْ حُلْوة المَنْطِق مَلِيحة اللَّفْظِ طَيِّبة النَّغْمة. وعَسَلَ الرُّمْحُ يَعْسِلُ عَسْلًا وعُسُولًا وعَسَلاناً: اشْتَدَّ اهتزازُه واضْطَرَب. ورُمْحٌ عَسَّالٌ وعَسُولٌ: عاسِلٌ مُضْطَرِبٌ لَدْنٌ، وَهُوَ العاتِرُ وَقَدْ عَتَرَ وعَسَلَ؛ قَالَ:
بكُلِّ عَسَّالٍ إِذا هُزَّ عَتَر
وَقَالَ أَوس:
تَقاكَ بكَعْبٍ واحدٍ وتَلَذُّه ... يَداكَ، إِذا مَا هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ
والعَسَلُ والعَسَلانُ: أَن يَضْطَرِم الفرسُ فِي عَدْوِه فيَخْفِق برأْسه ويَطَّرِد مَتْنُه. وعَسَلَ الذِّئْبُ والثعلبُ يَعْسِلُ عَسَلًا وعَسَلاناً: مَضَى مُسْرِعاً واضْطَرب فِي عَدْوِه وهَزَّ رأْسَه؛ قَالَ:
واللهِ لَوْلَا وَجَعٌ فِي العُرْقُوب، ... لكُنْتُ أَبْقَى عَسَلًا مِنَ الذِّيب
اسْتَعَارَهُ للإِنسان؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
عَسَلانَ الذِّئْب أَمْسَى قارِباً، ... بَرَدَ اللَّيْلُ عَلَيْهِ فنَسَل
وَقِيلَ: هُوَ لِلنَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ، وَالذِّئْبُ عاسِلٌ، وَالْجَمْعُ العُسَّل والعَوَاسِل؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّة:
لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُه ... فِيهِ، كَمَا عَسَلَ الطَّريقَ الثَّعْلَبُ
أَراد عَسَلَ فِي الطَّرِيقِ فَحَذَفَ وأَوْصل، كَقَوْلِهِمْ دَخَلْتُ الْبَيْتَ، وَيُرْوَى لَذٌّ. والعَسَلُ حَبابُ الْمَاءِ إِذا جَرَى مِنْ هُبوب الرِّيح. وعَسَلَ الماءُ عَسَلًا وعَسَلاناً: حَرَّكَتْه الريحُ فاضْطَرَب وارْتَفَعَتْ حُبُكُه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
قَدْ صبَّحَتْ والظِّلُّ غَضٌّ مَا زَحَل ... حَوْضاً، كأَنَّ مَاءَهُ إِذا عَسَل
مِنْ نافِضِ الرِّيحِ، رُوَيْزِيٌّ سَمَل(11/446)
الرُّوَيْزِيُّ: الطَّيْلَسانُ، والسَّمَل: الخَلَق، وإِنما شَبَّه الماءَ فِي صَفائه بخُضْرة الطَّيْلَسان وَجَعْلَهُ سَمَلًا لأَن الشَّيْءَ إِذا أَخْلَق كَانَ لونُه أَعْتَق. وعَسَلَ الدَّليلُ بالمَفازة: أَسرع. والعَنْسَل: الناقةُ السَّرِيعَةُ، ذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَنه مِنَ العَسَلانِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ: قَالُوا للعَنْس عَنْسَل، فَذَهَبَ إِلى أَن اللَّامَ مِنْ عَنْسَل زَائِدَةٌ، وأَن وَزْنَ الْكَلِمَةِ فَعْلَلٌ وَاللَّامَ الأَخيرة زَائِدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ تَرَك فِي هَذَا الْقَوْلِ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ الَّذِي عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَن يَكُونَ الْعَمَلُ، وَذَلِكَ أَن عَنْسَل فَنْعَلٌ مِنَ العَسَلانِ الَّذِي هُوَ عَدْوُ الذِّئْبِ، وَالَّذِي ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ هُوَ الْقَوْلُ، لأَن زِيَادَةَ النُّونِ ثَانِيَةً أَكثر مِنْ زِيَادَةِ اللَّامِ، أَلا تَرَى إِلى كَثْرَةِ بَابِ قَنْبَر وعُنْصُل وقِنْفَخْرٍ وقِنْعاس وَقِلَّةِ بَابِ ذلِك وأُولالِك؟ قَالَ الأَعشى:
وَقَدْ أَقْطَعُ الجَوْزَ، جَوْزَ الفَلاةِ، ... بالحُرَّةِ البازِلِ العَنْسَل
وَالنُّونُ زَائِدَةٌ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَخْبَثُ مِنْ أَبي عِسْلة وَمِنْ أَبي رِعْلة وَمِنْ أَبي سِلْعامَة وَمِنْ أَبي مُعْطة، كُلُّه الذِّئب. ورَجُلٌ عَسِلٌ: شَدِيدُ الضَّرْب سَرِيعُ رَجْعِ الْيَدِ بالضَّرْب؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَمْشِي مُوالِيةً، والنَّفْس تُنْذِرُها ... مَعَ الوَبِيلِ، بكَفِّ الأَهْوَجِ العَسِل
والعَسِيلُ: مِكْنَسة الطِّيب، وَهِيَ مِكْنَسَة شَعَرٍ يَكْنِس بِهَا العطَّارُ بَلاطَه مِنِ العِطْر؛ قَالَ:
فَرِشْني بخَيْرٍ، لَا أَكونُ ومِدْحَتي ... كَناحِتِ، يَوْمًا، صَخْرةٍ بِعَسِيل
فَصَلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِليه بِالظَّرْفِ «1» ؛ أَراد كناحِتٍ صَخْرةً يَوْمًا بعَسِيلٍ، هَكَذَا أُنشد عَنِ الْفَرَّاءِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَبي الأَسود:
فأَلْفَيْتُه غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ، ... وَلَا ذاكِرِ اللهَ إِلا قَلِيلًا
أَراد: وَلَا ذاكِرٍ اللهَ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ أَيضاً:
رُبَّ ابْن عَمٍّ لسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ، ... طَبَّاخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الكَسِلْ
وَقِيلَ: أَراد لَا أَكونَنْ ومِدْحَتي. والعَسيل: الرِّيشة الَّتِي تُقْلَع بِهَا الغالِية، وَجَمْعُهَا عُسُلٌ. وإِنه لَعِسْلٌ مِنْ أَعْسالِ المالِ أَي حَسَنُ الرِّعية لَهُ، يُقَالُ عِسْلُ مالٍ كَقَوْلِكَ إِزاء مالٍ وخالُ مالٍ أَي مُصْلح مالٍ. والعَسيل: قَضيب الْفِيلِ، وَجَمْعُهُ عُسُلٌ. والعَسَلُ والعَسَلانُ: الخبَب. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه قَالَ لِعَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِب: كَذَبَ، عليْك العَسَلَ
أَي عليْك بسُرْعة المَشْي؛ هُوَ مِنَ العَسَلان مَشْيِ الذِّئْبِ وَاهْتِزَازِ الرُّمْحِ، وعَسَلَ بِالشَّيْءِ عُسُولًا. وَيُقَالُ: بَسْلًا لَهُ وعَسْلًا، وَهُوَ اللَّحْيُ فِي المَلام. وعَسَلِيُّ اليهودِ: علامَتُهم. وَابْنُ عَسَلة: مِنْ شُعَرَائِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَهُوَ عَبْد المَسيح بْنُ عَسَلة. وعَاسِلُ بْنُ غُزَيَّة: مِنْ شُعَراء هُذَيل.
__________
(1) . قوله [فَصَلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ بالظرف] هذه عبارة المحكم وضبط صخرة فيه بالجر. وقوله [أراد إلخ] هذه عبارة التهذيب وضبط صخرة فيه بالنصب وعليه يتم تمثيله ببيت أبي الأَسود فهما روايتان في البيت كما لا يخفى، وقوله بعد [وَقِيلَ أَرَادَ لَا أَكُونَنْ] لعله سقط قبل هذا ما يحسن العطف عليه، وفي التهذيب والصحاح: لا أكونن، بنون التوكيد(11/447)
وبَنُو عِسْلٍ: قَبيلةٌ يَزْعُمُونَ أَن أُمَّهم السِّعْلاة. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَسَمَ: قَالَ وَذَكَرٌ أَعرابي «1» أَمَةً فَقَالَ: هِيَ لَنَا وكُلُّ ضَرْبَةٍ لَهَا مِنْ عَسَلةٍ؛ قال: العَسَلة النَّسْل.
عسطل: العَسْطَلة والعَلْسَطة: كلامٌ غيرُ ذِي نِظامٍ، وَكَلَامٌ مُعَلْسَطٌ «2» .
عسقل: العَسْقَلة: مكانٌ فِيهِ صَلابةٌ وحجارةٌ بيضٌ. والعَسْقَلُ والعُسْقُولُ والعُسْقولَة، كُلُّه: ضَرْبٌ مِنَ الكَمْأَة بِيضٌ تُشَبَّهُ فِي لَوْنِهَا بِتِلْكَ الْحِجَارَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الكَمْأَةُ الَّتِي بَيْنَ البياضِ والحُمْرة، وَقِيلَ: هُوَ أَكبر مِنَ الفِقْع وأَشدُّ بَيَاضًا واستِرْخاءً؛ وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ العَساقيل؛ قَالَ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
وَلَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَساقِلًا، ... وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَناتِ الأَوْبَرِ
الأَزهري: القَعْبَلُ الفُطْرُ وَهُوَ العَسْقَل. والعَسْقَلُ والعَسْقَلَة والعَسقُول، كُلُّه: تَلمُّعُ السَّراب وتَرَيُّعُه، وَقِيلَ: عَسَاقِيلُ السّرابِ قِطَعُه لَا وَاحِدَ لَهَا؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
عَيْرانةٌ كأَتان الضَّحْل ناجِيةٌ، ... إِذا تَرَقَّصَ بالقُورِ العَسَاقِيلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
كأَنَّ أَوْبَ ذِراعَيْها، إِذا عَرِقَتْ، ... وَقَدْ تَلَفَّعَّ بالقُورِ العَسَاقِيلُ
والقُور: الرُّبى، أَي قَدْ تَغَشَّاها السَّرابُ وغَطَّاها، قَالَ: وَهَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ لأَن القُورَ هِيَ الَّتِي تَلَفَّعَت بالعَساقيل؛ وعَساقِل: جَمْعٌ عَسْقَلة، وعَساقيل: جَمَعَ عُسْقُول؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراد: وَقَدْ تَلَفَّعَتْ القُورُ بالعَساقيل، فَقَلب، وَقِيلَ: الْعَسَاقِيلُ والعَساقِل السَّرابُ جُعِلا اسْمًا لِوَاحِدٍ كَمَا قَالُوا حَضاجِر. قَالَ الأَزهري: وقِطَعُ السَّراب عساقِل؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
جَرَّدَ مِنْهَا جُدَداً عَساقِلا، ... تَجْرِيدَكَ المَصْقُولةَ السَّلائِلا
يَعْنِي المِسْحَل جَرَّدَ أُتُناً أَنْسَلَتْ شَعرَها فَخَرجَتْ جُدداً بِيضًا كأَنَّها عَساقِلُ السَّراب. وَيُقَالُ: ضَرَب عَسْقَلانه، وَهُوَ أَعلى رأْسه. الْجَوْهَرِيُّ: العَساقِيلُ ضَرْبٌ مِنَ الكَمْأَة وَهِيَ الكَمْأَة الكِبار البِيضُ يُقَالُ لَهَا شَحْمة الأَرض؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
وأَغْبَر فِلٍّ مُنِيفِ الرُّبى، ... عَلَيْهِ العَساقِيلُ مِثلُ الشَّحَم
وَيُقَالُ فِي الْوَاحِدِ عَسْقَلة وعُسْقُول؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
عَساقِلٌ وجَبَأٌ فِيهَا قَضَض
وعَسْقَلانُ: مَدِينَةٌ وَهِيَ عَرُوس الشَّام. وعَسْقَلان: سُوقٌ تَحُجُّه النَّصَارَى فِي كُلِّ سَنَةٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
كأَنَّ الوُحُوش بِهِ عَسْقَلانُ، ... صادَفَ فِي قَرْنِ حَجٍّ دِيافا
شَبَّه ذَلِكَ المكانَ لِكَثْرَةِ الوُحوش بسُوقِ عَسْقَلان. وَقَالَ الأَزهري: عَسْقَلان مِنْ أَجناد الشام.
عشل: العَاشِلُ والعاشِنُ والعاكِلُ: المُخَمِّن الَّذِي يَظُنُّ فيُصِيب.
__________
(1) . قوله [قال وذكر أعرابي] القائل هو النضر بن شميل كما يؤخذ من التهذيب
(2) . قوله [وكلام معلسط] هذه عبارة المحكم، وعبارة التكملة: يقال كلام مُعَسْطَل ومعلسط(11/448)
عصل: العَصَلُ: المِعى، وَالْجَمْعُ أَعْصالٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاح:
فَهُوَ خِلْوُ الأَعْصالِ، إِلَّا مِنَ الماء ... ومَلْجُوذِ بارِضٍ ذِي انْهِياض
وأَنشد الأَصمعي لأَبي النَّجْمِ:
يَرْمِي بِهِ الجَرْعُ إِلى أَعْصالِها
والعَصَلُ: الالْتواءُ فِي الشَّيْءِ. والعَصَلُ: الْتِوَاءٌ فِي عَسِيب ذَنَب الفَرس حَتَّى يُصِيب كاذَتَهُ وفائلَه. وفَرَسٌ أَعْصَلُ: مُلْتَوي العَسِيب حَتَّى يَبْرز بَعْضُ بَاطِنِهِ الَّذِي لَا شَعَر عَلَيْهِ. وَيُقَالُ للسَّهْم الَّذِي يَلْتوي إِذا رُمِي بِهِ مُعَصِّلٌ، بِالتَّشْدِيدِ؛ وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ قَالَ: هو المُعَضِّلُ، بالضاد المعجمة، مِنْ عَضَّلَتِ الدَّجاجةُ إِذا الْتَوَت البَيْضةُ في جوفه. وعَصَّلَ السَّهمُ: الْتَوى فِي الرَّمْيِ. والعاصِلُ: السَّهْم الصُّلْب. وَفِي حَدِيثِ
عُمَر وَجَرِيرٍ: وَمِنْهَا العَصِلُ الطَّائِشُ
أَي السَّهْم المُعْوَجُّ المَتْن. وسِهامٌ عُصْلٌ: مُعْوَجَّة؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَرَمَيْتُ القَوْمَ رِشْقاً صَائِبًا، ... لَسْنَ بالعُصْلِ وَلَا بالمُقْتَعَل
وَيُرْوَى: لَيْسَ. وَفِي حَدِيثِ
عَليٍّ: لَا عِوَج لِانْتِصَابِهِ وَلَا عَصَلَ فِي عُوده
؛ العَصَلُ: الاعْوِجاج، وكلُّ مُعْوَجٍّ فِيهِ صَلابةٌ أَعْصَلُ. وشَجَرة عَصِلة: عَوْجاء لَا يُقْدَر عَلَى اسْتِقَامَتِهَا لصَلابتها. والأَعْصَلُ أَيضاً: السَّهْم الْقَلِيلُ الرِّيش. وعَصِلَ الشيءُ عَصَلًا وَهُوَ أَعْصَلُ وعَصِلٌ: اعْوَجَّ وصَلُبَ؛ قَالَ:
ضَرُوس تَهُرُّ الناسَ، أَنْيابُها عُصْلُ
وَقَدْ كُسِّر عَلَى عِصال وَهُوَ نَادِرٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ عِصالًا جَمْعُ عَصَل كوَجَعٍ ووِجاعٍ. والعَصَلُ فِي النَّابِ: اعْوجاجُه. ونابٌ أَعْصَلُ بَيِّن العَصَلِ وعَصِلٌ أَي مُعْوجٌّ شَدِيدٌ؛ قَالَ أَوس:
رأَيتُ لَهَا نَابًا، مِنَ الشَّرِّ، أَعْصَلا
وَقَالَ آخَرُ:
عَلَى شَناحٍ، نابُه لَمْ يَعْصَل
وَقَالَ صَخْرٌ:
أَبا المُثَلَّم أَقْصِرْ قَبْلَ باهِظَةٍ، ... تأْتِيكَ منِّي، ضَرُوسٍ نابُها عَصِلُ
أَي هِيَ قَدِيمَةٌ، وَذَلِكَ أَن نابَ الْبَعِيرِ إِنما يَعْصَل بعد ما يُسِنُّ؛ أَي شَرٌّ عَظِيمٌ. والأَعْصَلُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي عُصِبت ساقُه فاعْوَجَّت. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ المُعْوَجِّ السَّاقُ: أَعْصَلُ. وعَصِلَ نابُه وأَعْصَلَ: اشتدَّ؛ ووَصَف رَجُلٌ جَملًا فَقَالَ: إِذا عَصِلَ نابُه وَطَالَ قِرابُه فبِعْه بَيْعاً دَلِيقاً، وَلَا تُحابِ بِهِ صَدِيقاً؛ وَقَالَ أَبو صَخْرٍ الهُذَلي:
أَفَحِينَ أَحْكَمَني المَشِيبُ، فَلَا فَتًى ... غُمْرٌ وَلَا قَحْمٌ، وأَعْصَلَ بَازِلِي؟
والمِعْصال: مِحْجَنٌ يُتناوَلُ بِهِ أَغصانُ الشَّجَرِ لاعْوِجاجه، وَيُقَالُ: هُوَ المِحْجَن والصَّوْلَجان والمِعْصِيل والمِعْصالُ والصَّاعُ والمِيجارُ وَالصَّوْلَجَانُ «3» والمِعْقَف؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّ لَهَا رَبّاً كمِعْصالِ السَّلَم «4»
. وامرأَة عَصْلاء: لَا لَحْمَ عَلَيْهَا. وعَصَلَ الرَّجُلُ
__________
(3) . قوله [والصولجان إلخ] هكذا في الأصل والتهذيب مكرراً
(4) . قوله [إن لها رباً إلخ] في التكملة بعده:
إِنَّكَ لَنْ تَرْوِيَهَا فَاذْهَبْ فنم(11/449)
وغيرُه: بَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ لِرَجُلٍ صَنَمٌ كَانَ يأْتي بالجُبُنِّ والزُّبْد فيَضَعُه عَلَى رأْس صَنَمه وَيَقُولُ: اطْعَمْ فَجَاءَ ثُعْلُبان فأَكل الجُبُنَّ والزُّبْد ثُمَّ عَصَل عَلَى رأْس الصَّنَمِ
أَي بَالَ؛ الثُّعْلُبان: ذَكَر الثَّعالب، وَفِي كِتَابِ الغَريبَيْن للهَرَوي: فَجَاءَ ثَعْلَبان فأَكلا، أَراد تَثْنِيَةَ ثَعْلَب. والعَصَلة: شَجَرَةٌ تُسَلِّح الإِبِلَ إِذا أَكل البعيرُ مِنْهَا سَلَّحَته، وَالْجَمْعُ العَصَلُ؛ قَالَ حسَّان:
تَخْرُج الأَضْياحُ مِنْ أَسْتاهِهِم، ... كسُلاحِ النِّيبِ يأْكُلْنَ العَصَل
الأَضْياح: الأَلْبان المَمْذوقة؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
وقَبِيلٌ مِنْ عُقَيْلٍ صادقٌ، ... كَلُيُوثٍ بَيْنَ غابٍ وعَصَل
وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ يُشْبِه الدِّفْلى تأْكله الإِبل وَتَشْرَبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ كُلَّ يَوْمٍ، وَقِيلَ: هُوَ حَمْضٌ يَنْبتُ عَلَى الْمِيَاهِ، وَالْجَمْعُ عَصَلٌ. وعَصَّلَ الرجلُ تَعْصيلًا، وَهُوَ البُطْء، أَي أَبْطأَ؛ وأَنشد:
يأْلِبُها حُمْرانُ أَيَّ أَلْبِ، ... وعَصَّلَ العَمْرِيُّ عَصْلَ الكَلْبِ «1»
. والأَلْبُ: السَّوْقُ الشَّدِيدُ. والعَصَلُ: الرَّمْلُ المُلْتوِي المُعْوَجُّ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
يامِنُوا عَنْ هَذَا العَصَل
، يَعْنِي الرَّمْلَ المعوجَّ الْمُلْتَوِيَ، أَي خُذُوا عَنْهُ يَمْنةً. ورجُلٌ أَعْصَل: يَابِسُ الْبَدَنِ، وَجَمْعُهُ عُصْلٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ورُبَّ خَيْرٍ فِي الرِّجال العُصْل
والعَصْلاء: المرأَة الْيَابِسَةُ الَّتِي لَا لَحْمَ عَلَيْهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ليستْ بِعَصلاءَ تَذْمي الكَلْبَ نَكْهَتُها، ... وَلَا بعَنْدَلةٍ يَصْطَكُّ ثَدْياها
والمِعْصَلُ: المتشدِّد عَلَى غَريمه. والعُنْصُلُ والعُنْصَلُ والعُنْصُلاء والعُنْصَلاء، مَمْدُودَانِ: البَصَلُ البرِّيُّ، وَالْجَمْعُ العَناصِل، وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الأَطباء الإِسْقال، وَيَكُونُ مِنْهُ خَلٌّ؛ عَنِ ابْنِ إِسْرَافَيُونَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ نَبْتٌ فِي البرارِيِّ، وَزَعَمُوا أَن الوَحَامى تَشْتهيه وتأْكله؛ قَالَ: وَزَعَمُوا أَنه البَصل البرِّي. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ وَرَق مِثْلُ الكُرَّاث يَظْهَرُ مُنْبَسِطًا سَبْطاً، وَقَالَ مُرَّة: العُنْصُل شُجَيْرة سُهْلِيَّة تنبتُ فِي مَوَاضِعِ الْمَاءِ والنَّدَى نَبَاتُ المَوْزة، وَلَهَا نَوْر كنَوْر السَّوْسَن الأَبيض تجْرُسه النحْلُ، وَالْبَقَرُ تأْكل وَرَقها فِي القُحُوط يُخْلَط لَهَا بالعَلَف. وَقَال كُرَاعٌ: العُنْصُل بَقْلة، وَلَمْ يُحَلِّها. وطريقُ العُنْصَلَيْن، بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّهَا: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَراد طَريق العُنْصَلَيْن، فيامَنَتْ ... بِهِ العِيسُ فِي نَائِي الصُّوَى مُتَشائم «2»
. والعُنْصُل: مَوْضِعٌ. وسَلَك طَرِيقَ العُنْصُلَيْن: يَعْنِي الْبَاطِلَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا ضَلَّ: أَخَذَ في طريق العُنصُلَيْن. وطريق العُنْصُل: هُوَ طَرِيقٌ مِنَ الْيَمَامَةِ إِلى الْبَصْرَةِ. وعُصْلٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ:
__________
(1) . قوله [حمران] كذا في الأصل بالراء، ومثله بهامش التكملة وفي صلبها حمدان بالدال
(2) . قوله [فيامنت] كذا في الأصل، والذي في معجم ياقوت والمحكم: فياسرت(11/450)
عَفَتْ ذاتُ عِرْقٍ عُصْلُها فَرِئامُها، ... فضَحْياؤها وَحْشٌ قدَ اجْلى سَوَامُها
عضل: العَضَلةُ والعَضِيلةُ: كلُّ عَصَبةٍ مَعَهَا لَحْم غَلِيظٌ. عَضِلَ عَضَلًا فَهُوَ عَضِلٌ وعُضُلٌّ إِذا كَانَ كَثِيرَ العَضَلات؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:
لَوْ تَنْطِحُ الكُنَادِرَ العُضُلَّا، ... فَضَّتْ شُؤُونَ رأْسِه فافْتَلَّا
وعَضَلْته: ضرَبْت عَضَلتَه. وَفِي
صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ مُعَضَّلًا
أَي مُوَثَّقَ الخَلْق، وَفِي رِوَايَةٍ:
مُقَصَّداً
، وَهُوَ أَثبت. وَقَالَ اللَّيْثُ: العَضَلة كُلُّ لَحْمة غَلِيظَةٍ مُنْتَبِرة مِثْلِ لَحْمِ السَّاقِ والعَضُد، وَفِي الصِّحَاحِ: كُلُّ لَحْمة غَلِيظَةٍ فِي عَصَبة، وَالْجَمْعُ عَضَلٌ، يُقَالُ: ساقٌ عَضِلَة ضَخْمة. وَفِي حَدِيثِ
مَاعِزٍ: أَنه أَعْضَلُ قصيرٌ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد أَن عَضَلة ساقِه كَبِيرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: أَخذَ النبيُّ، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، بأَسْفلَ مِنْ عَضلةِ ساقِي
وَقَالَ هَذَا مَوْضِعُ الإِزار. والعَضِلةُ مِنَ النِّسَاءِ: المُكْتنزة السَّمِجة. وعَضَلَ المرأَةَ عَنِ الزَّوْجِ: حَبَسها. وعَضَلَ الرَّجُلُ أَيِّمَه يَعْضُلُها ويَعْضِلُها عَضْلًا وعضَّلها: مَنَعها الزَّوْج ظُلْماً؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ
؛ نَزَلَتْ فِي مَعْقِل بْنِ يَسارٍ المُزَني وَكَانَ زَوَّج أُخْتَه رَجُلًا فطَلَّقها، فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُها خَطَبها، فَآلَى أَن لَا يُزَوِّجه إِياها، ورَغِبتْ فِيهِ أُخته فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ
؛ فإِن العَضْلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ الزَّوْجِ لامرأَته، وَهُوَ أَن يُضارَّها وَلَا يُحْسِن عِشْرَتها ليضْطَرَّها بِذَلِكَ إِلى الِافْتِدَاءِ مِنْهُ بِمَهْرِهَا الَّذِي أَمهرها، سَمَّاه اللهُ تَعَالَى عَضْلًا لأَنه يَمْنعها حَقَّها مِنَ النَّفَقَةِ وحُسْن العِشْرة، كَمَا أَن الْوَلِيُّ إِذا مَنع حُرْمته مِنَ التَّزْوِيجِ فَقَدْ مَنعها الحَقَّ الَّذِي أُبيح لَهَا مِنَ النِّكاح إِذا دَعَتْ إِلى كُفْءٍ لَهَا، وَقَدْ قِيلَ فِي الرَّجُلِ يَطَّلِع مِنِ امرأَته عَلَى فَاحِشَةٍ قَالَ: لَا بأْس أَن يُضارَّها حَتَّى تَخْتَلِع مِنْهُ، قَالَ الأَزهري: فَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اللَّواتي يأْتِين الْفَاحِشَةَ مُسْتَثْنَياتٍ مِنْ جُمْلَةِ النِّسَاءِ اللَّواتي نَهى اللَّهُ أَزواجهن عَنْ عَضْلِهِن ليَذْهبوا بِبَعْضِ مَا آتَوْهن مِنَ الصَّدَاق. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَمْرٍو: قَالَ لَهُ أَبوه زَوَّجْتُك امرأَةً فعَضَلْتها
؛ هُوَ مِنَ العَضْلِ المَنْعِ، أَراد إِنك لَمْ تُعامِلْها معاملةَ الأَزواج لِنِسَائِهِمْ وَلَمْ تَتْرُكْهَا تتصرَّف فِي نَفْسِهَا فكأَنك قَدْ مَنَعْتَهَا. وعَضَّلَ عَلَيْهِ فِي أَمره تَعْضِيلًا: ضَيَّق مِنْ ذَلِكَ وحالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُ ظُلْمًا. وعَضَّلَ بِهِمُ المكانُ: ضَاقَ. وعَضَّلَتِ الأَرضُ بأَهلها إِذا ضَاقَتْ بِهِمْ لِكَثْرَتِهِمْ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجر:
تَرى الأَرضَ مِنَّا بالفَضاءِ مَريضةً، ... مُعَضِّلةً مِنَّا بِجَمْعٍ عَرَمْرَم
وعَضَّلَ الشيءُ عَنِ الشَّيْءِ: ضَاقَ. وعضَّلَتِ المرأَةُ بِوَلَدِهَا تَعْضِيلًا إِذا نَشِبَ الولدُ فخرَج بعضُه وَلَمْ يَخْرُجْ بعضٌ فبقِيَ مُعْترِضاً، وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَحْمِلُ هَذَا عَلَى إِعْضال الأَمر وَيَرَاهُ مِنْهُ. وأَعْضَلَتْ، وَهِيَ مُعْضِلٌ، بِلَا هَاءٍ، ومُعَضِّل: عَسُر عَلَيْهَا وِلادُه، وَكَذَلِكَ الدَّجاجة ببَيْضِها، وَكَذَلِكَ الشَّاءُ وَالطَّيْرُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وإِذا الأُمورُ أَهَمَّ غِبُّ نِتاجِها، ... يَسَّرْتَ كلَّ مُعضِّلٍ ومُطَرِّق
وَفِي تَرْجَمَةِ عصل: والمُعصِّلُ، بِالتَّشْدِيدِ، السهمُ الَّذِي(11/451)
يَلْتوِي إِذا رُمِيَ بِهِ؛ وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ قَالَ: هو المُعَضِّل، بالضاد المعجمة، مِنْ عَضَّلَتِ الدجاجةُ إِذا الْتَوَت البَيْضةُ فِي جَوْفِهَا. والمُعضِّلة أَيضاً: الَّتِي يَعْسُرُ عَلَيْهَا ولدُها حَتَّى يموتَ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ للقَطَاة إِذا نَشِبَ بَيْضُها: قَطاةٌ مُعَضِّل. وَقَالَ الأَزهري: كَلَامُ الْعَرَبِ قَطَاةٌ مُطَرِّقٌ وامرأَة مُعَضِّلٌ. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: عَضَّلَتِ المرأَةُ بِوَلَدِهَا إِذا غَصَّ فِي فَرْجها فَلَمْ يَخْرُج وَلَمْ يَدْخُل. وَفِي حَدِيثِ
عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَنه مَرَّ بظَبْية قَدْ عَضَّلها ولَدُها
، قَالَ: يُقَالُ عَضَّلَتِ الحاملُ وأَعْضَلَتْ إِذا صَعُب خروجُ وَلَدِهَا، وَكَانَ الْوَجْهُ أَن يَقُولَ بظَبْية قَدْ عَضَّلَتْ فَقَالَ عَضَّلَها ولدُها، وَمَعْنَاهُ أَن وَلَدَهَا جَعَلَها مُعَضِّلة حَيْثُ نَشِبَ فِي بَطْنِهَا وَلَمْ يَخْرُجْ. وأَصل العَضْل المَنْعُ والشِّدَّة، يُقَالُ: أَعْضَلَ بِي الأَمر إِذا ضَاقَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الحِيَل. وأَعْضَلَه الأَمرُ: غَلَبَه. وَدَاءٌ عُضَالٌ: شديدٌ مُعْيٍ غالبٌ؛ قَالَتْ لَيْلى:
شَفَاها مِنَ الدَّاءِ العُضالِ الَّذي بِهَا ... غُلامٌ، إِذا هَزَّ القَناةَ سَقَاها
وَيُقَالُ: أَنْزَلَ بِيَ القومُ أَمراً مُعْضِلًا لَا أَقوم بِهِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَمْ أَقْذِفْ لمؤمنةٍ حَصانٍ، ... بإِذْنِ اللَّهِ، مُوجِبةً عُضالا
وَقَالَ شَمِرٌ: الدَّاء العُضال المُنْكَر الَّذِي يأْخُذُ مبادَهَة ثُمَّ لَا يَلْبَث أَن يَقْتُل، وَهُوَ الَّذِي يُعْيي الأَطِبَّاءَ عِلاجُه، يُقَالُ أَمْرٌ عُضالٌ ومُعْضِلٌ، فأَوَّلُه عُضَالٌ فإِذا لَزِم فَهُوَ مُعْضِلٌ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: لَمَّا أَراد عمرُ الخروجَ إِلى الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ: وَبِهَا الدَّاء العُضَال
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الْمَرَضُ الَّذِي يُعْجِزُ الأَطباءَ فَلَا دَوَاءَ لَهُ. وتَعَضَّلَ الدَّاءُ الأَطِبَّاءَ وأَعْضَلَهم: غَلَبَهم. وحَلْفَةٌ عُضالٌ: شديدةٌ غيرُ ذَاتِ مَثْنَوِيَّة؛ قَالَ:
إِنِّي حَلَفْتُ حَلْفَةً عُضالا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: عُضالٌ هُنَا داهِيَة عَجِيبَةٌ أَي حَلَفْتُ يَمِيناً دَاهِيَةً شَدِيدَةً. وَفُلَانٌ عُضْلَةٌ وعِضْل: شَدِيدٌ، دَاهِيَةٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفُلَانٌ عُضْلَةٌ مِنَ العُضَل أَي داهيةٌ مِنَ الدَّوَاهِي. والعُضْلة، بِالضَّمِّ: الداهيةُ. وَشَيْءٌ عِضْلٌ ومُعْضِلٌ: شديدُ القُبْح؛ عَنْهُ أَيضاً؛ وأَنشد:
ومِنْ حِفَافَيْ لِمَّةٍ لِي عِضْلِ
وَيُقَالُ: عَضَّلَتِ الناقةُ تَعْضِيلًا وبَدَّدت تَبْدِيداً وَهُوَ الإِعْياء مِنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ وكُلِّ عَمَل. وعَضَلَ بِي الأَمرُ وأَعْضَلَ بِي وأَعْضَلَني: اشْتَدَّ وغَلُظَ واسْتَغْلَق. وأَمْرٌ مُعْضِلٌ: لَا يُهْتَدى لِوَجْهِهِ. والمُعْضِلاتُ: الشَّدَائِدُ. وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: أَعْضَلَ بِي أَهْلُ الْكُوفَةِ، مَا يَرْضَوْن بأَمير وَلَا يَرْضَاهُمْ أَمير
؛ قَالَ الأُموي فِي قَوْلِهِ أَعْضَلَ بِي: هُوَ مِنَ العُضَال وَهُوَ الأَمر الشَّدِيدُ الَّذِي لَا يَقُومُ بِهِ صاحبُه، أَي ضَاقَتْ عَلَيَّ الحِيَلُ فِي أَمرهم وصَعُبَتْ عَلَيَّ مداراتُهم. يُقَالُ: قَدْ أَعْضَلَ الأَمرُ، فَهُوَ مُعْضِلٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
واحدةٌ أَعْضَلَني دَاؤُهَا، ... فكَيْفَ لَوْ قُمْتُ عَلَى أَرْبَع؟
وأَنشد الأَصمعيُّ هَذَا البيتَ أَبا تَوْبة مَيْمونَ بْنَ حَفْص مُؤَدِّبَ عُمَرَ بْنِ سَعِيد بْنِ سَلْم بحَضْرة سَعِيدٍ، ونَهَضَ الأَصْمَعي فَدَارَ عَلَى أَرْبَع يُلَبِّس(11/452)
بِذَلِكَ عَلَى أَبي تَوْبة، فأَجابه أَبو تَوْبَةَ بِمَا يُشاكِلُ فِعْلَ الأَصمعي، فضَحِكَ سَعيدٌ وَقَالَ لأَبي تَوْبة: أَلم أَنْهَكَ عَنْ مُجاراته فِي المَعاني؟ هَذِهِ صِناعتُه. وسُئل الشَّعْبي عَنْ مسأَلة مُشْكِلة فَقَالَ: زَبَّاءُ ذاتُ وَبَرٍ، لَوْ وَرَدَتْ عَلَى أَصحاب مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَعَضَّلَتْ بِهِمْ؛ عَضَّلَتْ بِهِمْ أَي ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنهم يَضِيقون بِالْجَوَابِ عَنْهَا ذَرْعاً لإِشْكالها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: أَعوذ بِاللَّهِ مِنْ كُلِّ مُعْضِلة لَيْسَ لَهَا أَبو حَسَن
، وَرُوِيَ
مُعَضِّلَة
؛ أَراد المسأَلة الصَّعْبَةَ أَو الخُطَّة الضَّيِّقة المَخارج مِنِ الإِعْضَال أَو التَّعْضِيل، وَيُرِيدُ بأَبي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كَرَّم اللهُ وجهَه. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ وَقَدْ جَاءَتْهُ مسأَلة مُشْكِلَةٌ فَقَالَ: مُعْضِلَةٌ وَلَا أَبا حَسَن
قَالَ ابْنُ الأَثير: أَبو حَسَنٍ مَعْرفةٌ وُضِعَت مَوْضِعَ النَّكِرَةِ كأَنه قَالَ: وَلَا رَجُلَ لَهَا كأَبي حَسَن، لأَن لَا النَّافِيَةَ إِنما تَدْخُلُ عَلَى النَّكِرَاتِ دُونَ المَعارِف. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَعْضَلَتْ بالمَلَكَيْن فَقَالَا يَا رَبِّ إِن عَبْدك قَدْ قَالَ مَقالةً لَا نَدْرِي كَيْفَ نَكْتُبُهَا.
واعْضَأَلَّت الشجرةُ: كَثُرت أَغْصانُها واشْتدَّ الْتِفافُها؛ قَالَ:
كأَنَّ زِمامَها أَيْمٌ شُجاعٌ، ... تَرَأَّدَ فِي غُصونٍ مُعْضَئِلَّه
هَمَزَ عَلَى قَوْلِهِمْ دَأَبَّة «1» وَهِيَ هُذَليَّة شاذَّة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الصَّوَابُ «2» مُعْطَئلَّة، بالطاء، وهي النَّاعمة؛ ومنه قيل: شجر عَيْطَلٌ أَي نَاعِمٌ. والعَضَلة: شُجَيرةٌ مِثْلَ الدِّفْلى تأْكُلُه الإِبل فَتَشْرَبُ عَلَيْهِ كلَّ يَوْمٍ الْمَاءِ «3» قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَحْسَبه «4» . العَصَلة، بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، فَصَحَّفَ. والعَضَل، بِفَتْحِ الضَّادِ وَالْعَيْنِ: الجُرَذُ، وَالْجَمْعُ عِضْلانٌ. ابْنُ الأَعرابي: العَضَلُ ذَكَر الفأْر، والعَضَل: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ كَثِيرُ الغِياض. وعَضَلٌ: حَيٌّ وبَنُو عُضَيْلة: بَطْنٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: بَنُو عَضَلٍ حَيٌّ مِنْ كِنانة، وَقَالَ غَيْرُهُ: عَضَلٌ والدِّيش حَيَّانِ يُقَالُ لَهُمَا القارَة وهُمْ مِنْ كِنانة. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَضَل قَبِيلَةٌ، وَهُوَ عَضَلُ بْنِ الهُون بْنِ خُزَيْمة أَخو الدِّيشِ، وَهُمَا القارَة.
عضبل: العَضْبَلُ: الصُّلْب؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ اللِّحْيَانِيِّ، قال: وليس بِثَبتٍ.
عضهل: عَضْهَلَ القارُورةَ وعَلْهَضَها: صَمَّ رَأْسَها
عطل: عَطِلَتِ المرأَةُ تَعْطَل عَطَلًا وعُطولًا وتَعَطَّلَتْ إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا حَلْيٌ وَلَمْ تَلْبَس الزِّينَةَ وخَلا جِيدُها مِنَ القَلائد. وامرأَةٌ عاطِلٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، مِنْ نِسْوَةٍ عَواطِلَ وعُطَّلٍ؛ أَنشد القَناني:
وَلَوْ أَشْرَفَتْ مِنْ كُفَّةِ السِّتْرِ عَاطِلًا، ... لَقُلْتَ: غَزالٌ مَا عَلَيْهِ خَضَاضُ
__________
(1) . قوله [هَمَزَ عَلَى قَوْلِهِمْ دَأَبَّةٌ إلخ] كتب بحاشية نسخة المحكم التي بأيدينا معزوّاً لابن خلصة ما نصه: هذا غلط ليست الهمزة في اعْضَأَلَّ مزيدة فيكون من باب الثلاثي ويكون وزنه حينئذ افعأل وإنما الهمزة أصلية على مذهب سيبويه، رحمه الله تعالى، وهو رباعي وزنه افعلل كاطمأن وشبهه هذا من نصوص سيبويه وليس في الأَفعال افعأل
(2) . قوله [قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الصَّوَابُ إلخ] أنشده الجوهري في عضل بالضاد كما رواه الليث، وقوله معطئلة بالطاء أي مع إهمال العين كما هو ظاهر اقتصاره على تصويبه بالطاء ولكن وقع في التكملة نقط العين ونص عبارتها بعد عبارة الأَزهري وصدق الأَزهري فَإِنَّ أَبَا عُبَيْدٍ ذَكَرَ فِي الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ فِي بَابِ مفعلل الْمُغْطَئِلُّ الرَّاكِبُ بَعْضُهُ بَعْضًا
(3) . هكذا في الأصل، ولعل في الكلام سقطاً
(4) . قوله [قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ أَحْسَبُهُ إلخ] عبارته في التهذيب: لا أدري أهي العضلة أم العصلة ولم يروها لنا الثقات عن أبي عمرو(11/453)
وامرأَة عُطُلٌ مِنْ نِسْوَةٍ أَعطال؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
يَا ظَبْيةً عُطُلًا حُسَّانةَ الجِيد
فإِذا كَانَ ذَلِكَ عَادَتَهَا فَهِيَ مِعْطالٌ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المِعْطَال مِنَ النِّسَاءِ الحَسْناء التي تُبالي أَن تَتَقَلَّد القِلادة لِجَمَالِهَا وَتَمَامِهَا. ومَعَاطِلُ المرأَة: مَواقِعُ حَلْيِها؛ قَالَ الأَخطل:
زانَتْ مَعَاطِلَها بالدُّرِّ والذَّهَب «5»
وامرأَة عَطْلاء: لَا حَلْيَ عَلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَا عَليُّ مُرْ نِسَاءَكَ لَا يُصَلِّين عُطُلًا
؛ العَطَل: فِقْدان الحليِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: كَرِهَت أَن تُصلي المرأَةُ عُطُلًا وَلَوْ أَن تُعَلِّق فِي عُنُقها خيْطاً.
وجِيدٌ مِعْطالٌ: لَا حَليَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: العَاطِل مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَيْسَ فِي عُنُقها حَليٌ وإِن كَانَ فِي يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا. والتَّعَطُّل: تَرْكُ الحَلْي. والأَعْطال مِنَ الْخَيْلِ والإِبل: الَّتِي لَا قَلائد عَلَيْهَا وَلَا أَرْسان لَهَا، وَاحِدُهَا عُطُلٌ؛ قَالَ الأَعشى:
ومَرْسُونُ خَيْلٍ وأَعْطالُها
وناقةٌ عُطُلٌ: بِلَا سِمةٍ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فِي جِلَّةٍ مِنْهَا عَداميسَ عُطُل «6»
. يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ عاطِل كبازِل وبُزُل، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ العُطُل يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ. وقَوْسٌ عُطُلٌ: لَا وَتر عَلَيْهَا، وَقَدْ عَطَّلها. وَرَجُلٌ عُطُلٌ: لَا سَلاح لَهُ، وَجَمْعُهُ أَعْطالٌ؛ وَكَذَلِكَ الرَّعِيَّة «7» إِذا لَمْ يَكُنْ لَهَا والٍ يَسوسُها فَهُمْ مُعَطَّلون. وَقَدْ عُطِّلوا أَي أُهْمِلوا. وإِبلٌ مُعَطَّلة: لَا رَاعِيَ لَهَا. والمُعَطَّل: المَواتُ مِنَ الأَرض، وإِذا تُرِك الثَّغْر بِلَا حامٍ يَحْمِيه فَقَدْ عُطِّل، وَالْمَوَاشِي إِذا أُهملت بِلَا رَاعٍ فَقَدْ عُطِّلت. والتَّعطيل: التَّفْرِيغُ. وعَطَّلَ الدارَ: أَخلاها. وكلُّ مَا تُرِك ضَيَاعاً مُعَطَّلٌ ومُعْطَل. وَمِنَ الشَّاذِّ قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:
وبئرٍ مُعْطَلة
؛ وبئرٌ مُعَطَّلةٌ؛ لَا يُسْتَقى مِنْهَا وَلَا يُنْتَفَع بِمَائِهَا، وَقِيلَ: بِئْرٌ مُعَطَّلة لبُيود أَهلها. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فِي امرأَة تُوُفِّيت: فَقَالَتْ عَطِّلوها
أَي انزِعُوا حَليَها وَاجْعَلُوهَا عَاطِلًا. والعَطَلُ: شَخْصُ الإِنسان، وعمَّ بِهِ بعضُهم جميعَ الأَشخاص، وَالْجَمْعُ أَعْطَال. والعَطَلُ: الشَّخْصُ مِثْلُ الطَّلَل؛ يُقَالُ: مَا أَحسَنَ عَطَلَه أَي شَطاطَه وتمامَه. والعَطَلُ: تمامُ الْجِسْمِ وَطُولُهُ. وامرأَة حَسَنةُ العَطَل إِذا كَانَتْ حَسَنَةَ الجُرْدة أَي المُجَرَّد. وامرأَة عَطِلَةٌ: ذَاتُ عَطَل أَي حُسْن جِسْمٍ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
وَرْهاء ذَاتُ عَطَلٍ وَسِيم
وَقَدْ يُسْتَعمل العَطَلُ فِي الخُلُوِّ مِنَ الشَّيْءِ، وإِن كَانَ أَصله فِي الحَلي؛ يُقَالُ: عَطِلَ الرجلُ مِنَ الْمَالِ والأَدب، فَهُوَ عُطْلٌ وعُطُلٌ مِثْلُ عُسْر وعُسُر. وتَعْطِيلُ الحُدود: أَن لَا تُقام عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ. وعُطِّلَت الغَلّاتُ والمَزارِعُ إِذا لَمْ تُعْمَر وَلَمْ تُحْرَث. وَفُلَانٌ ذُو عُطْلَة إِذا لَمْ تَكُنْ لَهُ ضَيْعة يُمارِسها. ودَلوٌ عَطِلة إِذا انقَطَع وذَمُها فتعطَّلت مِنَ الِاسْتِقَاءِ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ ووَصَفَتْ أَباها:
__________
(5) . قوله [زانت إلخ] صدره كما في التكملة:
من كل بيضاء مكسال برهرهة
(6) . قوله [عداميس] كذا في الأصل والمحكم بالدال، ولعله بالراء جمع عرمس كزبرج، وهي الناقة المكتنزة الصلبة
(7) . قوله [وكذلك الرعية إلخ] هي بقية عبارة الأزهري الآتية ومحلها بعد قوله: وَالْمَوَاشِي إِذَا أُهْمِلَتْ بِلَا راع فقد عطلت(11/454)
رَأَب الثَّأَى وأَوْذَم العَطِلة
؛ قَالَ: هِيَ الدَّلْوُ الَّتِي تُرِك العَمَل بِهَا حِينًا وعُطِّلَتْ وتقَطَّعتْ أَوذامُها وعُراها، تُرِيدُ أَنه أَعاد سُيورَها وعَمِلَ عُراها وأَعادها صَالِحَةً للعَمَل، وَهُوَ مَثَلٌ لِفعْله فِي الإِسلام بَعْدَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَي أَنه ردَّ الأُمور إِلى نِظامها وقَوَّى أَمْرَ الإِسلام بَعْدَ ارْتِدَادِ النَّاسِ وأَوْهى أَمرَ الرِّدَّة حَتَّى اسْتَقَامَ لَهُ النَّاسُ. وتعَطَّل الرجلُ إِذا بَقيَ لَا عَمَل لَهُ، وَالِاسْمُ العُطْلة. والعَطِلة مِنَ الإِبل: الحسَنة العَطَل إِذا كَانَتْ تامَّة الْجِسْمِ وَالطُّولِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العَطِلات مِنَ الإِبل الحِسانُ، فَلَمْ يَشتقَّه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن العَطِلات عَلَى هَذَا إِنما هُوَ عَلَى النَّسَبِ. والعَطِلَة أَيضاً: النَّاقَةُ الصَّفِيُّ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ لِلَبيد:
فَلَا نَتَجاوَزُ العَطِلاتِ مِنْهَا ... إِلى البَكْرِ المُقارِبِ والكَزُوم
وَلَكِنَّا نُعِضُّ السَّيْفَ مِنْهَا ... بأَسْؤُقِ عافياتِ اللَّحْم، كُوم
والعَطَلُ: العُنُق؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَوْقَصُ يُخْزي الأَقْرَبينَ عَطَلُه
وشاةٌ عَطِلَة: يُعْرَف فِي عُنُقها أَنها مِغْزار. وامرأَة عَيْطَلٌ: طَوِيلَةٌ، وَقِيلَ: طَوِيلَةُ العُنُق فِي حُسْن جِسْمٍ، وَكَذَلِكَ مِنَ النُّوقِ وَالْخَيْلِ، وَقِيلَ: كلُّ مَا طَالَ عُنُقُه مِنَ الْبَهَائِمِ عَيْطَلٌ. والعَيْطَل: النَّاقَةُ الطَّوِيلَةُ فِي حُسْن مَنْظَر وسِمَن؛ قَالَ ابْنُ كُلثوم:
ذِراعَيْ عَيْطَلٍ أَدْماء بِكْرٍ، ... هِجانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأْ جَنِينا
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
ذِراعَيْ عَيْطَلٍ أَدْماء بَكْرٍ، ... تَرَبَّعَتِ الأَماعِزَ والمُتُونا
وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
شَدَّ النهارِ ذِراعَيْ عَيْطَلٍ نَصَفٍ
قَالَ ابْنُ الأَثير: العَيْطَلُ الناقةُ الطَّوِيلَةُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. وهَضْبةٌ عَيْطَلٌ: طَوِيلَةٌ. والعَطَلُ والعَيْطَلُ والعَطِيلُ: شِمْراخٌ مِنْ طَلْع فُحَّال النَّخْلِ يُؤَبَّر بِهِ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُهُ مِنْ أَهل الأَحساء؛ وأَما قَوْلُ الرَّاجِزِ:
باتَ يُبارِي شَعْشَعاتٍ ذُبَّلا، ... فهْيَ تُسمَّى زَمْزَماً وعَيْطَلا،
وقدْ حدَوْناها بهَيْدٍ وَهَلا «1»
. فَهُمَا اسْمَانِ لِنَاقَةٍ وَاحِدِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّاجِزُ هُوَ غَيْلان بْنُ حُرَيْث الرَّبَعِيُّ، قَالَ: وَصَوَابُهُ بهَيْدٍ وحَلا، لأَن هَلا زَجْرٌ لِلْخَيْلِ وحَلا زَجْرٌ للإِبل، وَالرَّاجِزُ إِنما وَصَف إِبلًا لَا خَيْلًا. وعَطالةُ: اسْمُ رَجُلٍ وجَبل. والمُعَطَّل: مِنْ شُعَرَاءِ هُذَيْل؛ قَالَ الأَزهري: ورأَيت بالسَّودة مِنْ دِيارات بَنِي سَعْدٍ جَبَلًا مُنِيفاً يُقَالُ لَهُ عَطَالَة، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْقَائِلُ:
خَلِيليَّ، قُوما فِي عَطَالَة فانْظُرا: ... أَناراً تَرَى مِنْ ذِي أَبانَيْنِ أَم بَرْقا؟
وَفِي تَرْجَمَةِ عَضَلَ: اعْضَأَلَّتِ الشجرةُ كَثُرت أَغصانها والْتَفَّتْ؛ وأَنشد:
كأَنَّ زِمامَها أَيْمٌ شُجاعٌ، ... تَرَأَّدَ فِي غُصونٍ مُعْضَئِلَّة
__________
(1) . قوله [بات يباري] كذا في الأصل ونسختي الصحاح هنا، وسيأتي في ترجمة زمم: باتت تباري، بضمير المؤنث(11/455)
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الصَّوَابُ مُعْطَئِلَّة، بالطاء، وهي الناعمة، ومنه قيل شجر عَيْطَلٌ أَي ناعم.
عطبل: جاريةٌ عُطْبُلٌ وعُطْبُولٌ وعُطْبُولةٌ وعَيْطَبُولٌ: جَمِيلة فَتِيَّةٌ مُمْتَلِئَةٌ طَوِيلَةٌ العُنُق، وَقِيلَ: العَيْطَبُول الطَّوِيلَةُ. والعُطْبُل والعُطْبُول مِنَ الظِّبَاءِ وَالنِّسَاءِ: الطويلةُ العُنُق؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
بِمِثْل جِيدِ الرِّئْمةِ العُطْبُلِ
إِنما أَراد العُطْبُلَ فشَدَّد لِلضَّرُورَةِ، وَالْجَمْعُ العَطَابِيلُ والعَطَابِلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَوْ أَبْصَرَتْ سُعْدَى بِهَا كَتائِلي، ... مِثْلَ العَذَارَى الحُسَّرِ العَطَابِل
والعُطْبُول: الحَسَنة التامَّة؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
إِنَّ، مِنْ أَعْجَب العَجائِب عِنْدي، ... قَتْلَ بَيْضاءَ حُرَّةٍ عُطْبُول
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَا يُقَالُ رَجُل عُطْبُول إِنما يُقَالُ رَجُلٌ أَجْيَدُ إِذا كَانَ طَوِيلَ العُنُق، وَمِثْلُ العُطْبُول العَيْطاء والعَنْقاء؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ بَرِّيٍّ، وَقَدْ ذَكَرَ
ابْنُ الأَثير فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ أَنه وَرَدَ فِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه لَمْ يَكُنْ بعُطْبُولٍ وَلَا بقَصِير
، وفسَّرَه فَقَالَ: العُطْبُول الممتدُّ الْقَامَةِ الطَّوِيلُ العُنُق، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ الصُّلْب الأَملس، قَالَ: وَيُوصَفُ بِهِ الرجل والمرأَة.
عَظَلَ: العِظَالُ: المُلازَمة فِي السِّفَاد مِنَ الكِلابِ والسِّباعِ والجَراد وغيرِ ذَلِكَ مِمَّا يتَلازَمُ فِي السِّفَاد ويُنْشِبُ؛ وعَظَلَتْ وعَظَّلَتْ «1» : رَكِبَ بعضُها بَعْضًا. وعَاظَلَها فعَظَلَها يَعْظُلُها، وعاظَلَتِ الكِلابُ مُعاظَلَةً وعِظَالًا وتَعَاظَلَتْ: لَزِمَ بعضُها بَعْضًا فِي السِّفَاد؛ وأَنشد:
كِلاب تَعَاظَلُ سُودُ الفِقاحِ، ... لَمْ تَحْمِ شَيئاً وَلَمْ تَصْطَد
وَقَالَ أَبو زَحْفٍ الكَلْبي:
تَمَشِّيَ الكَلْبِ دَنَا للكَلْبةِ، ... يَبْغِي العِظالَ مُصْحِراً بالسَّوْأَة
وجَرَادٌ عَاظِلَةٌ وعَظْلَى: متعاظِلة لَا تَبْرَح؛ وأَنشد:
يَا أُمَّ عمرٍو، أَبشِري بالبُشْرَى ... مَوْتٌ ذَرِيعٌ وجَرَادٌ عَظْلى
قَالَ الأَزهري: أَراد أَن يَقُولَ يَا أُمَّ عَامِرٍ فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الْبَيْتُ فَقَالَ يَا أُمّ عمرٍو، وأُمُّ عَامِرٍ كُنْية الضَّبُع. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ لِلضَّبُعِ: أَبْشِرِي بجَرَادٍ عَظْلى، وكَمْ رِجالٍ قَتْلى. وتَعاظَلَتِ الجَرادُ إِذا تَسافَدَتْ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ رأَيت الجَرَادَ رُدَافى ورُكَابى وعُظَالى إِذا اعْتَظَلَتْ، وَذَلِكَ أَن تَرَى أَربعة وَخَمْسَةً قَدِ ارْتَدَفَتْ. ابْنُ الأَعرابي: سَفَدَ السَّبُع وعاظَلَ، قَالَ: والسِّباع كُلُّهَا تُعاظِلُ، والجَرَادُ والعِظَاء يُعاظِل. وَيُقَالُ: تعاظَلَت السِّباعُ وتشابَكتْ. والعُظُلُ: هُمُ المَجْبُوسون، مأْخوذ مِنَ المُعَاظَلة، والمَجْبُوس المأْبون. وتعَظَّلوا عَلَيْهِ: اجْتَمَعُوا، وَقِيلَ: ترَاكَبوا عليه
__________
(1) . قوله [وعَظَلَتْ وعَظَّلَت] كذا ضبط الثاني مشدداً في الأصل والمحكم، والذي في القاموس أن الفعل كنصر وسمع(11/456)
ليَضْربوه؛ وَقَالَ:
أَخذُوا قِسِيَّهُمُ بأَيْمُنِهِمْ، ... يتَعَظَّلون تعَظُّلَ النَّمْل
وَمِنْ أَيام الْعَرَبِ الْمَعْرُوفَةِ يوْم العُظَالى، وَهُوَ يَوْمٌ بَيْنَ بَكْرٍ وَتَمِيمٍ، وَيُقَالُ أَيضاً يَوْمُ العَظَالى، سُمِّي الْيَوْمُ بِهِ لِرُكُوبِ النَّاسِ فِيهِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا. وَقَالَ الأَصمعي: رَكِبَ فِيهِ الثلاثةُ وَالِاثْنَانِ الدَّابَّةَ الْوَاحِدَةَ؛ قَالَ العَوَّام بْنُ شَوْذَب الشَّيْباني:
فإِنْ يَكُ فِي يَوْمِ العُظَالى مَلامةٌ، ... فيَوْمُ الغَبيطِ كَانَ أَخْزَى وأَلْوَما
وَقِيلَ: سُمِّي يَوْمَ العُظَالى لأَنه تَعاظَلَ فِيهِ عَلَى الرِّياسة بِسْطامُ بنُ قَيْسٍ وهانئُ بْنُ قَبِيصة ومَفْروقُ بْنُ عَمْرٍو والحَوْفَزَانُ. والعِظَالُ فِي القَوَافي: التَّضْمِينُ، يُقَالُ: فُلَانٌ لَا يُعاظِل بَيْنَ القَوَافي. وعاظَلَ الشاعرُ فِي الْقَافِيَةِ عِظَالًا: ضَمَّن. وَرُوِيَ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ لِقَوْمٍ مِنَ الْعَرَبِ: أَشْعَرُ شُعَرائكم مَنْ لَمْ يُعاظِل الكلامَ وَلَمْ يتَتَبَّع حُوشِيَّه
؛ قَوْلُهُ: لَمْ يُعاظِل الْكَلَامَ أَي لَمْ يَحْمِل بعضَه عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بالرَّجِيع مِنَ الْقَوْلِ وَلَمْ يُكَرِّرِ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى، وحُوشِيُّ الكلامِ: وَحْشِيُّه وغريبُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ، أَيضاً أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَنْشِدْنا لِشَاعِرِ الشُّعراء، قَالَ: ومَنْ هُوَ؟ قَالَ: الَّذِي لَا يُعاظِل بَيْنَ الْقَوْلِ وَلَا يتَتَبَّع حُوشِيَّ الْكَلَامِ، قَالَ: ومَنْ هُوَ؟ قَالَ: زُهَيْر
، أَي لَا يُعَقِّده وَلَا يُوالي بعضَه فَوْقَ بَعْضٍ. وكلُّ شَيْءٍ رَكِب شَيِئًا فَقَدْ عَاظَلَه. والمُعْظِلُ والمُعْظَئِلُّ: الْمَوْضِعُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الضَّادِ اعْضَأَلَّت كَثُرَت أَغصانُها.
عفل: قَالَ المُفَضَّل بْنُ سَلَمة فِي قَوْلِ الْعَرَبِ رَمَتْني بدائِها وانْسلَّتْ، قَالَ: كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَن سَعْدِ بْنِ زَيدِ مَنَاةَ كَانَ تزَوَّج رُهْمَ بنتَ الخَزْرَج بنِ تَيْمِ اللَّهِ، وَكَانَتْ مِنْ أَجمل النِّسَاءِ، فَوَلَدَتْ لَهُ مَالِكَ بْنَ سَعْدٍ، وَكَانَ ضَرَائرُها إِذا سابَبْنَها يَقُلْنَ لَهَا يَا عَفْلاء فَقَالَتْ لَهَا أُمُّها: إِذا سابَبْنَكِ فابْدَئِيهنَّ بعَفَالِ، سُبِيتِ، فأَرْسَلَتْها مَثلًا، فسابَّتْها بَعْدَ ذَلِكَ امرأَةٌ مِنْ ضَرَائِرِهَا، فَقَالَتْ لَهَا رُهْم: يَا عَفْلاء فَقَالَتْ ضرَّتها: رَمَتْني بِدَائِهَا وانْسَلَّتْ. قَالَ: وَبَنُو مَالِكِ بْنِ سَعْدٍ رَهْطُ العَجَّاج كَانَ يُقَالُ لَهُمُ العُفَيْلى «1» ابْنُ الأَعرابي: العَفَلة بُظَارة المرأَة، وَحَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: العَفَل نَبَاتُ لَحْمٍ يَنْبُتُ فِي قُبُل المرأَة وَهُوَ القَرَنُ؛ وأَنشد:
مَا فِي الدَّوائِرِ مِنْ رِجْلَيَّ مِنْ عَقَلٍ، ... عِنْدَ الرِّهانِ، وَمَا أُكْوَى مِنَ العَفَل
قَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: القَرَن بِالنَّاقَةِ مِثْلُ العَفَل بالمرأَة، فيؤْخذ الرَّضْفُ فيُحْمَى ثُمَّ يُكْوَى بِهِ ذَلِكَ القَرَن، قَالَ: والعَفَل شيءٌ مُدَوَّر يَخْرُجُ بِالْفَرْجِ، قَالَ: والعَفَل لَا يَكُونُ فِي الأَبكار وَلَا يُصيب المرأَة إِلا بعدَ ما تَلِد؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: العَفَل فِي الرِّجَالِ غِلَظٌ يَحْدُث فِي الدُّبُر وَفِي النِّسَاءِ غِلَظٌ فِي الرَّحِم، قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الدَّوَابِّ، قَالَ اللَّيْثُ: عَفِلَت المرأَةُ عَفَلًا، فَهِيَ عَفْلاء، وعَفِلَت الناقةُ، والعَفَلة الِاسْمُ. والعَفَلُ والعَفَلة، بِالتَّحْرِيكِ فِيهِمَا: شَيْءٌ يَخْرُجُ فِي قُبُل النِّسَاءِ وحَياء النَّاقَةِ شِبْه الأُدْرة الَّتِي لِلرِّجَالِ فِي
__________
(1) . قوله [يقال لهم العفيلى] كذا في الأصل ونسخة من التهذيب، والذي في التكملة: بنو العُفَيْل مضبوطاً كزبير ومثله في القاموس(11/457)
الخُصْية، وَرُبَّمَا كَانَ فِي النَّاسِ تَحْتَ الصَّفَن؛ عَفِلَت عَفَلًا، فَهِيَ عَفْلاء؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَرْبَعٌ لَا يَجُزْنَ فِي الْبَيْعِ وَلَا النِّكَاحِ: الْمَجْنُونَةُ وَالْمَجْذُومَةُ والبَرْصاء والعَفْلاء
، قَالَ وَالتَّعْفِيلُ إِصلاح ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
مَكْحُولٍ فِي امرأَة بِهَا عَفَلٌ.
والعَفَلُ: كَثْرَةُ شَحْم «1» مَا بَيْنَ رِجْلي التَّيْس والثَّوْر، وَلَا يَكَادُ يُسْتَعْمَل إِلا فِي الخَصِيِّ مِنْهُمَا وَلَا يُسْتَعْمل فِي الأُنثى. والعَفْل: الخَطُّ الَّذِي بَيْنَ الذَّكَرِ وَالدُّبُرِ. والعَفْلُ، بإِسكان الْفَاءِ: شَحْم خُصْيَي الْكَبْشِ وَمَا حَوْلَه؛ قَالَ بِشْرٌ يَهْجُو رَجُلًا:
جَزِيزُ الْقَفَا شَبْعانُ يَرْبِضُ حَجْرَةً، ... حَدِيثُ الخِصاءِ وارِمُ العَفْلِ مُعْبَرُ
والعَفْلُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُجَسُّ مِنَ الكَبْش إِذا أَرادوا أَن يَعْرِفوا سِمَنه مِنْ غَيْرِهِ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ بِشْر؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُمَير بْنِ أَفصى: كَبْشٌ حَوْليٌّ أَعْفَلُ
أَي كَثِيرُ شَحْمِ الخُصْية مِنَ السِّمَن. وإِذا مَسَّ الرجلُ عَفْلَ الْكَبْشِ لِيَنْظُرَ سِمَنَه يُقَالُ: جَسَّهُ وغَبَطَه وعَفَلَه؛ والعَفْل: مَجَسُّ الشَّاةِ بَيْنَ رِجْلَيْهَا لِيَنْظُرَ سِمَنَهَا مِنْ هُزالها. ابْنُ الأَعرابي: العَافِلُ الَّذِي يَلْبَس ثِياباً قِصاراً فَوْقَ ثِياب طِوال.
عفجل: العَفَنْجَلُ: الثَّقيلُ الهَذِرُ الكثير فُضُول الكلام.
عفشل: عَجُوزٌ عَفْشَلِيلٌ: مُسِنَّة مُسْتَرْخِيَةُ اللَّحْمِ. وكِساءٌ عَفْشَلِيل: كَثِيرُ الوَبَر ثقيلٌ جافٍ، ورُبَّما سُمِّيت الضَّبُع عَفْشَلِيلًا بِهِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
كمَشْي الأَقْبَلِ السَّارِي عَلَيْهِ ... عِفاء، كالعَباءةِ عَفْشَلِيلُ
الْجَوْهَرِيُّ: العَفْشَلِيل الرجلُ الْجَافِي الْغَلِيظُ والكِساء الْغَلِيظُ. الأَزهري: رَجُلٌ عَفَنْشَلٌ ثقيلٌ وَخِمٌ.
عفطل: عَفْطَلَ الشيءَ وعَلْفَطَه: خَلَطَه بغيره.
عفكل: العَفْكَلُ: الأَحْمق.
عقل: العَقْلُ: الحِجْر والنُّهى ضِدُّ الحُمْق، وَالْجَمْعُ عُقولٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: تِلْك عُقولٌ كادَها بارِئُها
أَي أَرادها بسُوءٍ، عَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلًا ومَعْقُولًا، وَهُوَ مَصْدَرٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ صِفَةٌ، وَكَانَ يَقُولُ إِن الْمَصْدَرَ لَا يأْتي عَلَى وَزْنِ مَفْعُولٍ البَتَّةَ، ويَتأَوَّل المَعْقُول فَيَقُولُ: كأَنه عُقِلَ لَهُ شيءٌ أَي حُبسَ عَلَيْهِ عَقْلُه وأُيِّد وشُدِّد، قَالَ: ويُسْتَغْنى بِهَذَا عَنِ المَفْعَل الَّذِي يَكُونُ مَصْدَرًا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فَقَدْ أَفادَتْ لَهُم حِلْماً ومَوْعِظَةً ... لِمَنْ يَكُون لَهُ إِرْبٌ ومَعْقول
وعَقَل، فَهُوَ عاقِلٌ وعَقُولٌ مِنْ قَوْمٍ عُقَلاء. ابْنُ الأَنباري: رَجُل عاقِلٌ وَهُوَ الْجَامِعُ لأَمره ورَأْيه، مأْخوذ مِنْ عَقَلْتُ البَعيرَ إِذا جَمَعْتَ قَوَائِمَهُ، وَقِيلَ: العاقِلُ الَّذِي يَحْبِس نَفْسَهُ ويَرُدُّها عَنْ هَواها، أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِمْ قَدِ اعْتُقِل لِسانُه إِذا حُبِسَ ومُنِع الكلامَ. والمَعْقُول: مَا تَعْقِله بِقَلْبِكَ. والمَعْقُول: العَقْلُ، يُقَالُ: مَا لَهُ مَعْقُولٌ أَي عَقْلٌ، وَهُوَ أَحد الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى مَفْعُولٍ كالمَيْسور والمَعْسُور. وعاقَلَهُ فعَقَلَه يَعْقُلُه، بِالضَّمِّ: كَانَ أَعْقَلَ مِنْهُ. والعَقْلُ: التَّثَبُّت فِي الأُمور. والعَقْلُ: القَلْبُ، والقَلْبُ العَقْلُ، وسُمِّي العَقْلُ عَقْلًا لأَنه يَعْقِل
__________
(1) . قوله [والعفل كثرة شحم الخ] كذا في الأصل والمحكم بالتحريك وصنيع القاموس يقتضي أَنه مفتوح(11/458)
صاحبَه عَنِ التَّوَرُّط فِي المَهالِك أَي يَحْبِسه، وَقِيلَ: العَقْلُ هُوَ التَّمْيِيزُ الَّذِي بِهِ يَتَمَيَّزُ الإِنسان مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ، وَيُقَالُ: لِفُلان قَلْبٌ عَقُول، ولِسانٌ سَؤُول، وقَلْبٌ عَقُولٌ فَهِمٌ؛ وعَقَلَ الشيءَ يَعْقِلُه عَقْلًا: فَهِمه. وَيُقَالُ أَعْقَلْتُ فُلَانًا أَي أَلْفَيْته عاقِلًا. وعَقَّلْتُه أَي صَيَّرته عاقِلًا. وتَعَقَّل: تكَلَّف العَقْلَ كَمَا يُقَالُ تَحَلَّم وتَكَيَّس. وتَعَاقَل: أَظْهَر أَنه عاقِلٌ فَهِمٌ وَلَيْسَ بِذَاكَ. وَفِي حَدِيثِ
الزِّبْرِقانِ: أَحَبُّ صِبْيانِنا إِلينا الأَبْلَهُ العَقُول
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي يُظَنُّ بِهِ الحُمْقُ فإِذا فُتِّش وُجِد عَاقِلًا، والعَقُول فَعُولٌ مِنْهُ لِلْمُبَالَغَةِ. وعَقَلَ الدواءُ بَطْنَه يَعْقِلُه ويَعْقُلُه عَقْلًا: أَمْسَكَه، وَقِيلَ: أَمسكه بَعْدَ اسْتِطْلاقِهِ، واسْمُ الدَّوَاءِ العَقُولُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ عَقَلَ بطنُه واعْتَقَلَ، وَيُقَالُ: أَعْطِني عَقُولًا، فيُعْطِيه مَا يُمْسِك بطنَه. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذا اسْتَطْلَقَ بطنُ الإِنسان ثُمَّ اسْتَمْسَك فَقَدْ عَقَلَ بطنُه، وَقَدْ عَقَلَ الدواءُ بطنَه سَوَاءٌ. واعْتَقَلَ لِسانُه «2» : امْتَسَكَ. الأَصمعي: مَرِضَ فُلَانٌ فاعْتُقِل لسانُه إِذا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُعْتَقَل اللِّسانِ بغَيْر خَبْلٍ، ... يَميد كأَنَّه رَجُلٌ أَمِيم
واعْتُقِل: حُبِس. وعَقَلَه عَنْ حَاجَتِهِ يَعْقِله وعَقَّله وتَعَقَّلَهُ واعتَقَلَه: حَبَسَه. وعَقَلَ البعيرَ يَعْقِلُه عَقْلًا وعَقَّلَه واعْتَقَله: ثَنى وَظِيفَه مَعَ ذِرَاعِهِ وشَدَّهما جَمِيعًا فِي وَسَطِ الذِّرَاعِ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، وَذَلِكَ الحَبْلُ هُوَ العِقالُ، وَالْجَمْعُ عُقُلٌ. وعَقَّلْتُ الإِبلَ مِنَ العَقْل، شُدِّد لِلْكَثْرَةِ؛ وَقَالَ بُقَيْلة «3» الأَكبر وَكُنْيَتُهُ أَبو المِنْهال:
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدٌ شَيظَميٌّ، ... وبِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الظُّؤَارِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
القُرْآنُ كالإِبِلِ المُعَقَّلة
أَي الْمَشْدُودَةِ بالعِقال، وَالتَّشْدِيدُ فِيهِ لِلتَّكْثِيرِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: كُتِب إِليه أَبياتٌ فِي صَحِيفَةٍ، مِنْهَا:
فَما قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ ... قَفا سَلْعٍ، بمُخْتَلَفِ التِّجار «4» .
يَعْنِي نِساءً مُعَقَّلات لأَزواجهن كَمَا تُعَقَّل النوقُ عِنْدَ الضِّراب؛ وَمِنَ الأَبيات أَيضاً:
يُعَقِّلُهنَّ جَعْدَة مِنْ سُلَيْم
أَراد أَنه يَتَعرَّض لَهُنَّ فكَنى بالعَقْلِ عَنِ الْجِمَاعِ أَي أَن أَزواجهن يُعَقِّلُونَهُنَّ وَهُوَ يُعَقِّلهن أَيضاً، كأَنَّ البَدْء للأَزواج والإِعادة لَهُ، وَقَدْ يُعْقَل العُرْقوبانِ. والعِقالُ: الرِّباط الَّذِي يُعْقَل بِهِ، وَجَمْعُهُ عُقُلٌ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَيُقَالُ عَقَلَ فُلَانٌ فُلَانًا وعَكَلَه إِذا أَقامه عَلَى إِحدى رِجْلَيْهِ، وَهُوَ مَعْقُولٌ مُنْذُ اليومِ، وَكُلُّ عَقْلٍ رَفْعٌ. والعَقْلُ فِي العَروض: إِسقاط الْيَاءِ «5» مِنْ مَفاعِيلُنْ بَعْدَ إِسكانها فِي مُفاعَلَتُنْ فيصير مَفاعِلُنْ؛ وبيته:
__________
(2) . قوله [واعتقل لسانه إلخ] عبارة المصباح: واعتقل لسانه، بالبناء للفاعل والمفعول، إذا حبس عن الكلام أي منع فلم يقدر عليه
(3) . قوله [وقال بقيلة] تقدم في ترجمة أزر رسمه بلفظ نفيلة بالنون والفاء والصواب ما هنا
(4) . قوله [بمختلف التجار] كذا ضبط في التكملة بالتاء المثناة والجيم جمع تجر كسهم وسهام، فما سبق في ترجمة أزر بلفظ النجار بالنون والجيم فهو خطأ
(5) . قوله [إسقاط الياء] كذا في الأصل ومثله في المحكم، والمشهور في العروض أن العقل إسقاط الخامس المحرك وهو اللام من مفاعلتن(11/459)
مَنازِلٌ لفَرْتَنى قِفارٌ، ... كأَنَّما رسُومُها سُطور
والعَقْلُ: الديَة. وعَقَلَ القَتيلَ يَعْقِله عَقْلًا: وَدَاهُ، وعَقَلَ عَنْهُ: أَدَّى جِنايَته، وَذَلِكَ إِذا لَزِمَتْه دِيةٌ فأَعطاها عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ «1» بَيْنَ عَقَلْته وعَقَلْت عَنْهُ وعَقَلْتُ لَهُ؛ فأَما قَوْلُهُ:
فإِنْ كَانَ عَقْل، فاعْقِلا عَنْ أَخيكما ... بَناتِ المَخاضِ، والفِصَالَ المَقَاحِما
فإِنما عَدَّاه لأَن فِي قَوْلِهِ اعْقِلوا»
مَعْنَى أَدُّوا وأَعْطُوا حَتَّى كأَنه قَالَ فأَدِّيا وأَعْطِيا عَنْ أَخيكما. وَيُقَالُ: اعْتَقَل فُلَانٌ مِنْ دَمِ صَاحِبِهِ وَمِنْ طَائِلَتِهِ إِذ أَخَذَ العَقْلَ. وعَقَلْت لَهُ دمَ فُلَانٍ إِذا تَرَكْت القَوَد للدِّية؛ قَالَتْ كَبْشَة أُخت عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكرِب:
وأَرْسَلَ عبدُ اللَّهِ، إِذْ حانَ يومُه، ... إِلى قَوْمِه: لَا تَعْقِلُوا لَهُمُ دَمِي
والمرأَة تُعاقِلُ الرجلَ إِلى ثُلُثِ الدِّيَةِ أَي تُوازِيه، مَعْنَاهُ أَن مُوضِحتها ومُوضِحته سواءٌ، فإِذا بَلَغَ العَقْلُ إِلى ثُلُثِ الدِّيَةِ صَارَتْ دِيَةُ المرأَة عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ: المرأَة تُعاقِل الرَّجُلَ إِلى ثُلُث دِيَتِهَا، فإِن جَاوَزَتِ الثُّلُثَ رُدَّت إِلى نِصْفِ دِيَةِ الرَّجُلِ
، وَمَعْنَاهُ أَن دِيَةَ المرأَة فِي الأَصل عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ كَمَا أَنها تَرِث نِصْفَ ما يَرِث مَا يَرِث الذَّكَرُ، فجَعَلَها سعيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ تُساوي الرجلَ فِيمَا يَكُونُ دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ، تأْخذ كَمَا يأْخذ الرَّجُلُ إِذا جُني عَلَيْهَا، فَلها فِي إِصبَع مِنْ أَصابعها عَشْرٌ مِنَ الإِبل كإِصبع الرَّجُلِ، وَفِي إِصْبَعَيْن مِنْ أَصابعها عِشْرُونَ مِنَ الإِبل، وَفِي ثَلَاثٍ مِنْ أَصابعها ثَلَاثُونَ كَالرَّجُلِ، فإِن أُصِيب أَربعٌ مِنْ أَصابعها رُدَّت إِلى عِشْرِينَ لأَنه جَاوَزَتِ الثُّلُث فَرُدَّت إِلى النِّصْفِ مِمَّا لِلرَّجُلِ؛ وأَما الشَّافِعِيُّ وأَهل الْكُوفَةِ فإِنهم جَعَلُوا فِي إِصْبَع المرأَة خَمْساً مِنَ الإِبل، وَفِي إِصبعين لَهَا عَشْرًا، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الثُّلُثَ كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: فاعْتَصَم نَاسٌ مِنْهُمْ بِالسُّجُودِ فأَسْرَع فِيهِمُ القتلَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَمَر لَهُمْ بنصفِ العَقْل
؛ إِنما أَمر لَهُمْ بِالنِّصْفِ بَعْدِ عِلْمِهِ بإِسلامهم، لأَنهم قَدْ أَعانوا عَلَى أَنفسهم بمُقامهم بَيْنَ ظَهْراني الْكُفَّارِ، فَكَانُوا كَمَنْ هَلَك بِجِنَايَةِ نَفْسِهِ وَجِنَايَةِ غَيْرِهِ فَتَسْقُطُ حِصَّة جِنَايَتِهِ مِنَ الدِّيَةِ، وإِنما قِيلَ لِلدِّيَةِ عَقْلٌ لأَنهم كَانُوا يأْتون بالإِبل فيَعْقِلونها بفِناء وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، ثُمَّ كثُر ذَلِكَ حَتَّى قِيلَ لِكُلِّ دِيَةٍ عَقْلٌ، وإِن كَانَتْ دَنَانِيرَ أَو دَرَاهِمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن امرأَتين مِنْ هُذَيْل اقْتَتَلَتا فَرَمَتْ إِحداهما الأُخرى بِحَجَرٍ فأَصاب بطنَها فَقَتَلَها، فقَضَى رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِدِيَتِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الأُخرى.
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَضَى رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِدِيَةِ شِبْه العَمْد والخَطإِ المَحْض عَلَى العاقِلة يُؤدُّونها فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إِلى ورَثَة الْمَقْتُولِ
؛ الْعَاقِلَةُ: هُم العَصَبة، وَهُمُ الْقَرَابَةُ مِنْ قِبَل الأَب الَّذِينَ يُعْطُون دِيَةَ قَتْل الخَطَإِ، وَهِيَ صفةُ جَمَاعَةٍ عَاقلةٍ، وأَصلها اسْمُ فاعلةٍ مِنَ العَقْل وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ، قَالَ: وَمَعْرِفَةُ العاقِلة أَن يُنْظَر إِلى إِخوة الْجَانِي مِنْ قِبَل الأَب فيُحَمَّلون مَا تُحَمَّل العاقِلة، فإِن
__________
(1) . قوله [وهذا هو الفرق إلخ] هذه عبارة الجوهري بعد أن ذكر معنى عقله وعقل عنه وعقل له، فلعل قوله الآتي: وَعَقَلْتُ لَهُ دَمَ فُلَانٍ مع شاهده مؤخر عن محله، فإن الفرق المشار إليه لا يتم إلا بذلك وهو بقية عبارة الجوهري
(2) . قوله [اعقلوا إلخ] كذا في الأَصل تبعاً للمحكم، والذي في البيت اعقلا بأمر الاثنين(11/460)
احْتَمَلوها أَدَّوْها فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وإِن لَمْ يَحْتَمِلُوهَا رفِعَتْ إِلى بَني جَدِّهِ، فإِن لَمْ يَحْتَمِلُوهَا رُفِعت إِلى بَنِي جَدِّ أَبيه، فإِن لَمْ يَحْتَمِلُوهَا رُفِعَتْ إِلى بَنِي جَد أَبي جَدِّه، ثُمَّ هَكَذَا لَا تَرَفُّعَ عَنْ بَني أَب حَتَّى يَعْجِزُوا. قَالَ: ومَنْ فِي الدِّيوان وَمَنْ لَا دِيوان لَهُ فِي العَقْل سواءٌ، وَقَالَ أَهل الْعِرَاقِ: هُمْ أَصحاب الدَّواوِين؛ قَالَ إِسحاق بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْتُ لأَحمد بْنِ حَنْبَلٍ مَنِ العاقِلَةُ؟ فَقَالَ: القَبِيلة إِلا أَنهم يُحَمَّلون بِقَدْرِ مَا يُطِيقُونَ، قَالَ: فإِن لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ لَمْ تُجْعَل فِي مَالِ الْجَانِي وَلَكِنْ تُهْدَر عَنْهُ، وَقَالَ إِسحاق: إِذا لَمْ تَكُنِ الْعَاقِلَةُ أَصْلًا فإِنه يَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا تُهْدَر الدِّيَةُ؛ قَالَ الأَزهري: والعَقْل فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الدِّيةُ، سُمِّيَتْ عَقْلًا لأَن الدِّيَةَ كَانَتْ عِنْدَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِبلًا لأَنها كَانَتْ أَموالَهم، فَسُمِّيَتِ الدِّيَةُ عَقْلًا لأَن الْقَاتِلَ كَانَ يُكَلَّف أَن يَسُوقَ الدِّيَةَ إِلى فِناء وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ فَيَعْقِلُها بالعُقُل ويُسَلِّمها إِلى أَوليائه، وأَصل العَقْل مَصْدَرُ عَقَلْت البعيرَ بالعِقال أَعْقِلُهُ عَقْلًا، وَهُوَ حَبْلٌ تُثْنى بِهِ يَدُ الْبَعِيرِ إِلى رُكْبَتِهِ فتُشَدُّ به؛ قل ابْنُ الأَثير: وَكَانَ أَصل الدِّيَةِ الإِبل ثُمَّ قُوِّمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْبَقْرِ وَالْغَنَمِ وَغَيْرِهَا؛ قَالَ الأَزهري: وقَضَى النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي دِيَةِ الخطإِ المَحْض وشِبْه العَمْد أَن يَغْرَمها عَصَبةُ الْقَاتِلِ وَيَخْرُجَ مِنْهَا ولدُه وأَبوه، فأَما دِيَةُ الخطإِ المَحْض فإِنها تُقسم أَخماساً: عِشْرِينَ ابْنَةَ مَخَاض، وَعِشْرِينَ ابْنَةَ لَبُون، وَعِشْرِينَ ابْنَ لَبُون، وَعِشْرِينَ حِقَّة، وَعِشْرِينَ جَذَعة؛ وأَما دِيَةُ شِبْه العَمْد فإِنها تُغَلَّظ وَهِيَ مِائَةُ بَعِيرٍ أَيضاً: مِنْهَا ثلاثون حِقَّة، وَثَلَاثُونَ جَذَعة، وأَربعون مَا بَيْنَ ثَنِيَّة إِلى بازلِ عامِها كُلُّها خَلِفَةٌ، فعَصَبة الْقَاتِلِ إِن كَانَ الْقَتْلُ خطأَ مَحْضاً غَرِموا الدِّيَةَ لأَولياء الْقَتِيلِ أَخماساً كَمَا وصَفْتُ، وإِن كَانَ الْقَتْلُ شِبْه العَمْد غَرِموها مُغَلَّظَة كَمَا وصَفْت فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَهُمُ العاقِلةُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ عَقَلْت عَنْ فُلَانٍ إِذا أَعطيتَ عَنِ الْقَاتِلِ الدِّيَةَ، وَقَدْ عَقَلْت المقتولَ أَعْقِلُهُ عَقْلًا؛ قَالَ الأَصمعي: وأَصله أَن يأْتوا بالإِبل فتُعْقَل بأَفْنِية الْبُيُوتِ، ثُمَّ كَثُر استعمالُهم هَذَا الْحَرْفَ حَتَّى يُقَالَ: عَقَلْت المقتولَ إِذا أَعطيت دِيَتَهُ دَرَاهِمَ أَو دَنَانِيرَ، وَيُقَالُ: عَقَلْت فُلَانًا إِذا أَعطيت ديتَه وَرَثَتَه بَعْدَ قَتْله، وعَقَلْت عَنْ فُلَانٍ إِذا لَزِمَتْه جنايةٌ فغَرِمْت ديتَها عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَعقِل العاقِلةُ عَمْدًا وَلَا عَبْداً وَلَا صُلْحاً وَلَا اعْتِرَافًا
أَي أَن كُلَّ جِنَايَةِ عَمْدٍ فإِنها فِي مَالِ الْجَانِي خَاصَّةً، وَلَا يَلْزم العاقِلةَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ مِنَ الْجِنَايَاتِ فِي الخطإِ، وَكَذَلِكَ إِذا اعْتَرَفَ الْجَانِي بِالْجِنَايَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنة تَقُومُ عَلَيْهِ، وإِن ادَّعَى أَنها خَطأٌ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَا يُلْزَم بِهَا الْعَاقِلَةُ؛
وَرُوِيَ: لَا تَعْقِل العاقِلةُ العَمْدَ وَلَا العَبْدَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَما الْعَبْدُ فَهُوَ أَن يَجْنيَ عَلَى حُرٍّ فَلَيْسَ عَلَى عاقِلة مَوْلاه شَيْءٌ مِنْ جِنَايَةِ عَبْدِهِ، وإِنما جِنايته فِي رَقَبته، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبي حَنِيفَةَ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَجْنِيَ حُرٌّ عَلَى عَبْدٍ خَطَأً فَلَيْسَ عَلَى عاقِلة الْجَانِي شَيْءٌ، إِنما جِنَايَتُهُ فِي مَالِهِ خاصَّة، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبي لَيْلَى وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْعَرَبِ، إِذ لَوْ كَانَ الْمَعْنَى عَلَى الأَوّل لَكَانَ الكلامُ: لَا تَعْقِل العاقِلةُ عَلَى عَبْدٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَا تَعْقِل عَبْداً، وَاخْتَارَهُ الأَصمعي وَصَوَّبَهُ وَقَالَ: كلَّمت أَبا يُوسُفَ الْقَاضِيَ فِي ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ فَلَمْ يَفْرُق بَيْنَ عَقَلْتُه وعَقَلْتُ عَنْهُ حَتَّى فَهَّمْته، قَالَ: وَلَا يَعْقِلُ حاضرٌ عَلَى بادٍ، يَعْنِي أَن القَتيل إِذا كَانَ فِي الْقَرْيَةِ فإِن أَهلها يَلْتَزِمُونَ بَيْنَهُمُ الدِّيَةَ وَلَا يُلْزِمون أَهلَ الحَضَر مِنْهَا شَيْئًا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَن رَجُلًا أَتاه فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ عَمِّي شُجَّ مُوضِحةً، فَقَالَ:(11/461)
أَمِنْ أَهْلِ القُرى أَم مِنْ أَهل الْبَادِيَةِ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهل الْبَادِيَةِ، فَقَالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّا لَا نَتَعاقَلُ المُضَغَ بَيْنَنَا
؛ مَعْنَاهُ أَن أَهل القُرى لَا يَعْقِلون عَنْ أَهل الْبَادِيَةِ، وَلَا أَهلُ الْبَادِيَةِ عَنْ أَهل الْقُرَى فِي مِثْلِ هَذِهِ الأَشياء، والعاقلةُ لَا تَحْمِل السِّنَّ والإِصْبَعَ والمُوضِحةَ وأَشباه ذَلِكَ، وَمَعْنَى لَا نَتَعاقَل المُضَغَ أَي لَا نَعْقِل بَيْنَنَا مَا سَهُل مِنَ الشِّجاج بَلْ نُلْزِمه الْجَانِي. وتَعَاقَلَ القومُ دَمَ فُلَانٍ: عَقَلُوه بَيْنَهُمْ. والمَعْقُلة: الدِّيَة، يُقَالُ: لَنا عِنْدَ فُلَانٍ ضَمَدٌ مِنْ مَعْقُلة أَي بَقِيَّةٌ مِنْ دِيَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ. ودَمُه مَعْقُلَةٌ عَلَى قَوْمِهِ أَي غُرْمٌ يؤدُّونه مِنْ أَموالهم. وبَنُو فُلَانٍ عَلَى مَعَاقِلِهم الأُولى مِنَ الدِّيَةِ أَي عَلَى حَالِ الدِّيات الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُؤدُّونها كَمَا كَانُوا يؤدُّونها فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَعَلَى مَعاقِلهم أَيضاً أَي عَلَى مَرَاتِبِ آبَائِهِمْ، وأَصله مِنْ ذَلِكَ، وَاحِدَتُهَا مَعْقُلة. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَتَبَ بَيْنَ قُرَيْشٍ والأَنصار كِتَابًا فِيهِ: المُهاجِرون مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رَباعَتِهم يَتَعاقَلُون بَيْنَهُمْ مَعاقِلَهم الأُولى
أَي يَكُونُونَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ أَخذ الدِّيَاتِ وإِعطائها، وَهُوَ تَفاعُلٌ مِنَ العَقْل. والمَعاقِل: الدِّيات، جَمْعُ مَعْقُلة. والمَعاقِل: حَيْثُ تُعْقَل الإِبِل. ومَعاقِل الإِبل: حَيْثُ تُعْقَل فِيهَا. وفلانٌ عِقالُ المِئِينَ: وَهُوَ الرَّجُلُ الشَّرِيفُ إِذا أُسِرَ فُدِيَ بمئينَ مِنَ الإِبل. وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَيْدُ مائةٍ وعِقالُ مائةٍ إِذا كَانَ فِداؤُه إِذا أُسِرَ مِائَةً مِنَ الإِبل؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الصَّعِق:
أُساوِرُ بيضَ الدَّارِعِينَ، وأَبْتَغِي ... عِقالَ المِئِينَ في الصباع وَفِي الدَّهْر «1»
. واعْتَقَل رُمْحَه: جَعَلَه بَيْنَ رِكَابِهِ وَسَاقِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْع: واعْتَقَل خَطِّيّاً
؛ اعْتِقالُ الرُّمْح: أَن يَجْعَلَهُ الرَّاكِبُ تَحْتَ فَخِذه ويَجُرَّ آخرَه عَلَى الأَرض وَرَاءَهُ. واعْتَقَلَ شاتَه: وَضَعَ رِجْلَهَا بَيْنَ سَاقِهِ وَفَخِذِهِ فَحَلبها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: مَنْ اعْتَقَلَ الشاةَ وحَلَبَها وأَكَلَ مَعَ أَهله فَقَدْ بَرِئ مِنَ الكِبْر.
وَيُقَالُ: اعْتَقَلَ فُلَانٌ الرَّحْل إِذا ثَنى رِجْله فَوَضَعها عَلَى المَوْرِك؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَطَلْتُ اعْتِقالَ الرَّحْل فِي مُدْلَهِمَّةٍ، ... إِذا شَرَكُ المَوْماةِ أَوْدى نِظامُها
أَي خَفِيَتْ آثارُ طُرُقها. وَيُقَالُ: تَعَقَّلَ فُلَانٌ قادِمة رَحْله بِمَعْنَى اعْتَقَلها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ «2» :
مُتَعَقِّلينَ قَوادِمَ الأَكْوار
قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابياً يَقُولُ لِآخَرَ: تَعَقَّلْ لِي بكَفَّيْك حَتَّى أَركب بَعِيرِي، وَذَلِكَ أَن الْبَعِيرَ كَانَ قَائِمًا مُثْقَلًا، وَلَوْ أَناخه لَمْ يَنْهَضْ بِهِ وبحِمْله، فَجَمَعَ لَهُ يَدَيْهِ وشَبَّك بَيْنَ أَصابعه حَتَّى وَضَع فِيهِمَا رِجْله وَرَكِبَ. والعَقَلُ: اصْطِكاك الرُّكْبَتَيْنِ، وَقِيلَ الْتِوَاءٌ فِي الرِّجْل، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُفْرِطَ الرَّوَحُ فِي الرِّجْلَين حَتَّى يَصْطَكَّ العُرْقوبانِ، وَهُوَ مَذْمُومٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ نَاقَةً:
وحاجةٍ مِثْلِ حَرِّ النارِ داخِلةٍ، ... سَلَّيْتُها بأَمُونٍ ذُمِّرَتْ جَمَلا
__________
(1) . قوله [الصباع] هكذا في الأَصل بدون نقط، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ: الصباح
(2) . قوله [قول النابغة] قال الصاغاني: هكذا أنشده الأزهري، والذي في شعره:
فليأتينك قصائد وليدفعن ... جيش إليك قوادم الأكوار
وأورد فيه روايات أخر، ثم قال: وإنما هو لِلْمَرَّارِ بْنِ سَعِيدٍ الْفَقْعَسِيِّ وصدره:
يا ابن الهذيم إليك أقبل صحبتي(11/462)
مَطْوِيَّةِ الزَّوْر طَيَّ الْبِئْرِ دَوسَرةٍ، ... مَفروشةِ الرِّجل فَرْشاً لَمْ يَكُنْ عَقَلا
وَبَعِيرٌ أَعْقَلُ وَنَاقَةٌ عَقْلاء بَيِّنة العَقَل: وَهُوَ الْتِوَاءٌ فِي رِجْلِ الْبَعِيرِ واتساعٌ، وَقَدْ عَقِلَ. والعُقَّال: دَاءٌ فِي رِجْلِ الدَّابَّةِ إِذا مَشَى ظَلَع سَاعَةً ثُمَّ انْبَسَطَ، وأَكْثَرُ مَا يَعْتَرِي فِي الشِّتَاءِ، وخَصَّ أَبو عُبَيْدٍ بالعُقَّال الفرسَ، وَفِي الصِّحَاحِ: العُقَّال ظَلْعٌ يأْخذ فِي قَوَائِمِ الدَّابَّةِ؛ وَقَالَ أُحَيْحة بْنُ الجُلاح:
يَا بَنِيَّ التُّخُومَ لَا تَظْلِموها، ... إِنَّ ظلْم التُّخوم ذُو عُقَّال
وداءٌ ذُو عُقَّالٍ: لَا يُبْرَأُ مِنْهُ. وَذُو العُقَّال: فَحْلٌ مِنْ خُيُولِ الْعَرَبِ يُنْسَب إِليه؛ قَالَ حَمْزَةُ عَمُّ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لَيْسَ عِنْدِي إِلّا سِلاحٌ وَوَرْدٌ ... قارِحٌ مِنْ بَنات ذِي العُقَّالِ
أَتَّقِي دُونَهُ المَنايا بنَفْسِي، ... وهْوَ دُوني يَغْشى صُدُورَ العَوالي
قَالَ: وَذُو العُقَّال هُوَ ابْنُ أَعْوَج لصُلْبه ابْنِ الدِّيناريِّ بْنِ الهُجَيسِيِّ بْنِ زَادِ الرَّكْب، قَالَ جَرِيرٌ:
إِنَّ الجِياد يَبِتْنَ حَوْلَ قِبابِنا ... مِنْ نَسْلِ أَعْوَجَ، أَو لِذِي العُقَّال
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَسٌ يُسمَّى ذَا العُقَّال
؛ قَالَ: العُقَّال، بِالتَّشْدِيدِ، دَاءٌ فِي رِجْل الدَّوَابِّ، وَقَدْ يُخَفَّفُ، سُمِّيَ بِهِ لِدَفْعِ عَيْنِ السُّوءِ عَنْهُ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وَذُو عُقَّال اسْمُ فَرَسٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ ذُو العُقَّال بِلَامِ التَّعْرِيفِ. والعَقِيلة مِنَ النِّسَاءِ: الكَريمةُ المُخَدَّرة، وَاسْتَعَارَهُ ابْنُ مُقْبِل للبَقَرة فَقَالَ:
عَقيلة رَمْلٍ دافَعَتْ فِي حُقُوفِه ... رَخاخَ الثَّرى، والأُقحُوان المُدَيَّما
وعَقِيلَةُ القومِ: سَيِّدُهم. وعَقِيلة كُلِّ شَيْءٍ: أَكْرَمُه. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْمُخْتَصُّ بعَقائل كَراماتِه
؛ جَمْعُ عَقِيلة، وَهِيَ فِي الأَصل المرأَة الْكَرِيمَةُ النَّفِيسَةُ ثُمَّ اسْتُعْمِل فِي الْكَرِيمِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الذَّوَاتِ وَالْمَعَانِي، وَمِنْهُ عَقائل الْكَلَامِ. وعَقائل الْبَحْرِ. دُرَرُه، وَاحِدَتُهُ عَقِيلة. والدُّرَّة الكبيرةُ الصافيةُ: عَقِيلةُ الْبَحْرِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَقِيلة الدُّرَّة فِي صَدَفتها. وعَقائِلُ الإِنسان: كرائمُ مَالِهِ. قَالَ الأَزهري: العَقيلة الكَريمة مِنَ النِّسَاءِ والإِبل وَغَيْرِهِمَا، وَالْجَمْعُ العَقائِلُ. وعاقُولُ الْبَحْرِ: مُعْظَمُه، وَقِيلَ: مَوْجه. وعَوَاقِيلُ الأَودِية: دَراقِيعُها فِي مَعاطِفها، وَاحِدُهَا عاقُولٌ. وعَوَاقِيلُ الأُمور: مَا التَبَس مِنْهَا. وعاقُولُ النَّهر وَالْوَادِي وَالرَّمْلِ: مَا اعوَجَّ مِنْهُ؛ وكلُّ مَعطِفِ وادٍ عَاقُولٌ، وَهُوَ أَيضاً مَا التَبَسَ مِنَ الأُمور. وأَرضٌ عَاقُولٌ: لَا يُهْتَدى لَهَا. والعَقَنْقَل: مَا ارْتَكَم مِنَ الرَّمل وتعَقَّل بعضُه بِبَعْضٍ، ويُجْمَع عَقَنْقَلاتٍ وعَقَاقِل، وَقِيلَ: هُوَ الحَبل، مِنْهُ، فِيهِ حِقَفةٌ وجِرَفةٌ وتعَقُّدٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ مِنْ التَّعْقِيل، فَهُوَ عِنْدَهُ ثُلَاثِيٌّ. والعَقَنْقَل أَيضاً، مِنَ الأَودية: مَا عَظُم واتسَع؛ قَالَ:
إِذا تَلَقَّتْه الدِّهاسُ خَطْرَفا، ... وإِنْ تلَقَّته العَقاقِيلُ طَفا
والعَقنْقَلُ: الْكَثِيبُ الْعَظِيمُ المتداخِلُ الرَّمْل، وَالْجَمْعُ(11/463)
عَقاقِل، قَالَ: وَرُبَّمَا سَمَّوْا مصارِينَ الضَّبِّ عَقَنْقَلًا؛ وعَقنْقَلُ الضَّبِّ: قانِصَتُه، وَقِيلَ: كُشْيَته فِي بَطْنِهِ. وَفِي الْمَثَلِ: أَطعِمْ أَخاك مِنْ عقَنْقَل الضبِّ؛ يُضْرب هَذَا عِنْدَ حَثِّك الرجلَ عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَقِيلَ: إِن هَذَا مَوْضوع عَلَى الهُزْءِ. والعَقْلُ: ضَرْبٌ مِنَ المَشط، يُقَالُ: عَقَلَتِ المرأَةُ شَعرَها عَقْلًا؛ وَقَالَ:
أَنَخْنَ القُرونَ فعَقَّلْنَها، ... كعَقْلِ العَسِيفِ غَرابيبَ مِيلا
والقُرونُ: خُصَل الشَّعَر. والماشِطةُ يُقَالُ لَهَا: العاقِلة. والعَقْل: ضرْب مِنَ الوَشْي، وَفِي الْمُحْكَمِ: مِنَ الوَشْيِ الأَحمر، وَقِيلَ: هُوَ ثَوْبٌ أَحمر يُجَلَّل بِهِ الهوْدَج؛ قَالَ عَلْقَمَةُ:
عَقْلًا ورَقْماً تَكادُ الطيرُ تَخْطَفُه، ... كأَنه مِنْ دَمِ الأَجوافِ مَدْمومُ
وَيُقَالُ: هُمَا ضَرْبَانِ مِنَ البُرود. وعَقَلَ الرجلَ يَعْقِله عَقْلًا واعْتَقَلَه: صَرَعه الشَّغْزَبِيَّةَ، وَهُوَ أَن يَلْوي رِجله عَلَى رِجْلِهِ. وَلِفُلَانٍ عُقْلةٌ يَعْقِلُ بِهَا النَّاسَ. يَعْنِي أَنه إِذا صارَعهم عَقَلَ أَرْجُلَهم، وَهُوَ الشَّغْزَبيَّة والاعْتِقال. وَيُقَالُ أَيضاً: بِهِ عُقْلةٌ مِنَ السِّحر، وَقَدْ عُمِلَت لَهُ نُشْرة. والعِقالُ: زَكاةُ عامٍ مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ؛ وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ: أَنه اسْتَعْمَلَ ابْنَ أَخيه عَمرو بْنِ عُتْبة بْنِ أَبي سُفْيَانَ عَلَى صَدَقاتِ كلْب فاعتَدى عَلَيْهِمْ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ العَدَّاء الْكَلْبِيُّ:
سَعَى عِقالًا فَلَمْ يَتْرُكْ لَنَا سَبَداً، ... فكَيفَ لوْ قَدْ سَعى عَمرٌو عِقالَينِ؟
لأَصْبَحَ الحيُّ أَوْباداً، وَلَمْ يَجِدُوا، ... عِندَ التَّفَرُّقِ فِي الهَيْجا، جِمالَينِ
قَالَ ابْنُ الأَثير: نصَب عِقالًا عَلَى الظَّرْفِ؛ أَراد مُدَّةَ عِقال. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ امْتَنَعَتِ العربُ عَنْ أَداء الزَّكَاةِ إِليه: لَوْ مَنَعوني عِقالًا كَانُوا يُؤَدُّونه إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لقاتَلْتُهم عَلَيْهِ
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: العِقالُ صَدَقة عامٍ؛ يُقَالُ: أُخِذَ مِنْهُمْ عِقالُ هَذَا الْعَامِ إِذا أُخِذَت مِنْهُمْ صدقتُه؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بالعِقال الحَبل الَّذِي كَانَ يُعْقَل بِهِ الفَرِيضة الَّتِي كَانَتْ تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ إِذا قَبَضَهَا المُصَدِّق، وَذَلِكَ أَنه كَانَ عَلَى صَاحِبِ الإِبل أَن يُؤَدِّيَ مَعَ كُلِّ فَرِيضَةٍ عِقالًا تُعْقَل بِهِ، ورِواءً أَي حَبْلًا، وَقِيلَ: أَراد مَا يُسَاوِي عِقالًا مِنْ حُقُوقِ الصَّدَقَةِ، وَقِيلَ: إِذا أَخذ المصَدِّقُ أَعيانَ الإِبل قِيلَ أَخَذ عِقالًا، وإِذا أَخذ أَثمانها قِيلَ أَخَذ نَقْداً، وَقِيلَ: أَراد بالعِقال صدَقة الْعَامِ؛ يُقَالُ: بُعِثَ فُلَانٌ عَلَى عِقال بَنِي فُلَانٍ إِذا بُعِث عَلَى صَدَقاتهم، وَاخْتَارَهُ أَبو عُبَيْدٍ وَقَالَ: هُوَ أَشبه عِنْدِي، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنما يُضْرَب المثَل فِي مِثْل هَذَا بالأَقلِّ لَا بالأَكثر، وَلَيْسَ بسائرٍ فِي لِسَانِهِمْ أَنَّ العِقالَ صَدَقَةُ عَامٍ، وَفِي أَكثر الرِّوَايَاتِ:
لَوْ مَنَعوني عَناقاً
، وَفِي أُخرى:
جَدْياً
؛ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، فَمِنَ الأَول حديثُ
عُمَرَ أَنه كَانَ يأْخذ مَعَ كُلِّ فَرِيضَةٍ عِقالًا ورِواءً، فإِذا جَاءَتْ إِلى الْمَدِينَةِ بَاعَهَا ثمَّ تصَدَّق بِهَا
، وحديثُ
مُحَمَّدِ بْنِ مَسلمة: أَنه كَانَ يَعمَل عَلَى الصَّدَقَةِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يأْمر الرَّجُلَ إِذا جَاءَ بِفَرِيضَتَيْنِ أَن يأْتي بعِقالَيهما وقِرانيهما
، وَمِنَ الثَّانِي حديثُ
عُمَرَ أَنه أَخَّر الصدقةَ عَامَ الرَّمادة، فَلَمَّا أَحْيا الناسُ بَعَثَ عَامِلَهُ فَقَالَ: اعْقِلْ عَنْهُمْ عِقالَين، فاقسِمْ فِيهِمْ عِقالًا، وأْتِني بِالْآخَرِ
؛ يُرِيدُ صَدَقَةَ عامَين. وَعَلَى بَنِي فُلَانٍ عِقالانِ أَي صدقةُ سَنَتَيْنِ. وعَقَلَ المصَدِّقُ الصدقةَ(11/464)
إِذا قَبَضها، ويُكْرَه أَن تُشترى الصدقةُ حَتَّى يَعْقِلها السَّاعِي؛ يُقَالُ: لَا تَشْتَرِ الصَّدَقَةَ حَتَّى يَعْقِلها المصدِّق أَي يَقبِضَها. والعِقالُ: القَلوص الفَتِيَّة. وعَقَلَ إِليه يَعْقِلُ عَقْلًا وعُقولًا: لجأَ. وَفِي حَدِيثِ
ظَبْيان: إِنَّ مُلوك حِمْيَر مَلَكوا مَعاقِلَ الأَرض وقَرارها
؛ المَعاقِلُ: الحُصون، وَاحِدُهَا مَعْقِلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ليَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنَ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الأُرْوِيَّة مِنْ رأْس الْجَبَلِ
أَي ليَتحَصَّن ويَعتَصِم ويَلتَجئُ إِليه كَمَا يَلْتجئ الوَعِلُ إِلى رأْس الْجَبَلِ. والعَقْلُ: الملجأُ. والعَقْلُ: الحِصْن، وَجَمْعُهُ عُقول؛ قَالَ أُحَيحة:
وَقَدْ أَعْدَدْت للحِدْثانِ عَقْلًا، ... لوَ انَّ المرءَ يَنْفَعُهُ العُقولُ
وَهُوَ المَعْقِلُ؛ قَالَ الأَزهري: أُراه أَراد بالعُقول التَّحَصُّنَ فِي الْجَبَلِ؛ يُقَالُ: وَعِلٌ عاقِلٌ إِذا تَحَصَّن بوَزَرِه عَنِ الصَّيَّاد؛ قَالَ: وَلَمْ أَسمع العَقْلَ بِمَعْنَى المَعْقِل لِغَيْرِ اللَّيْثِ. وَفُلَانٌ مَعْقِلٌ لِقَوْمِهِ أَي مَلجأ عَلَى الْمَثَلِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
لَقَدْ عَلِمَ القومُ أَنَّا لَهُمْ ... إِزاءٌ، وأَنَّا لَهُمْ مَعْقِلُ
وعَقَلَ الوَعِلُ أَي امْتَنَعَ فِي الْجَبَلِ الْعَالِي يَعْقِلُ عُقولًا، وَبِهِ سُمِّي الْوَعْلُ عاقِلًا عَلَى حَدِّ التَّسْمِيَةِ بِالصِّفَةِ. وعَقَلَ الظَّبْيُ يَعْقِلُ عَقلًا وعُقولًا: صَعَّد وَامْتَنَعَ، وَمِنْهُ المَعْقِل وَهُوَ المَلْجأ، وَبِهِ سُمِّي الرجُل. ومَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ: مِنَ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَهُوَ مِنْ مُزَيْنةِ مُضَر يُنْسَبُ إِليه نهرٌ بِالْبَصْرَةِ، والرُّطَب المَعْقِليّ. وأَما مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَيضاً، فَهُوَ مِنْ أَشْجَع. وعَقَلَ الظِّلُّ يَعْقِل إِذا قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرة. وأَعْقَلَ القومُ: عَقَلَ بِهِمُ الظِّلُّ أَي لَجأَ وقَلَص عِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ. وعَقَاقِيلُ الكَرْمِ: مَا غُرِسَ مِنْهُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
نَجُذُّ رِقابَ الأَوْسِ مِنْ كلِّ جَانِبٍ، ... كَجَذِّ عَقَاقِيل الكُرُوم خَبِيرُها
وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا وَاحِدًا. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
ثُمَّ يأْتي الخِصب فيُعَقِّل الكَرْمُ
؛ يُعَقِّلُ الكَرْمُ مَعْنَاهُ يُخْرِجُ العُقَّيْلى، وَهُوَ الحِصْرِم، ثُمَّ يُمَجِّج أَي يَطِيب طَعْمُه. وعُقَّال الكَلإِ «3» : ثلاثُ بَقَلات يَبْقَيْنَ بَعْدَ انصِرَامه، وهُنَّ السَّعْدَانة والحُلَّب والقُطْبَة. وعِقَالٌ وعَقِيلٌ وعُقَيلٌ: أَسماء. وعاقِلٌ: جَبل؛ وثنَّاه الشاعرُ لِلضَّرُورَةِ فَقَالَ:
يَجْعَلْنَ مَدْفَعَ عاقِلَينِ أَيامِناً، ... وجَعَلْنَ أَمْعَزَ رامَتَينِ شِمَالا
قَالَ الأَزهري: وعاقِلٌ اسْمُ جَبَلٍ بِعَيْنِهِ؛ وَهُوَ فِي شِعْرِ زُهَيْرٍ فِي قَوْلِهِ:
لِمَنْ طَلَلٌ كالوَحْيِ عافٍ مَنازِلُه، ... عَفَا الرَّسُّ مِنْهُ فالرُّسَيْسُ فَعَاقِلُه؟
وعُقَيْلٌ، مُصَغَّرٌ: قَبِيلَةٌ. ومَعْقُلةُ. خَبْراء بالدَّهْناء تُمْسِكُ الْمَاءَ؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيتها وَفِيهَا حَوَايا كَثِيرَةٌ تُمْسِك مَاءَ السَّمَاءِ دَهْراً طَوِيلًا، وإِنما سُمِّيت مَعْقُلَة لأَنها تُمْسِك الْمَاءَ كَمَا يَعْقِل الدواءُ البَطْنَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حُزَاوِيَّةٍ، أَو عَوْهَجٍ مَعْقُلِيّةٍ ... تَرُودُ بأَعْطافِ الرِّمالِ الحَرائر
__________
(3) . قوله [وعقال الكلإ] ضبط في الأصل كرمان وكذا ضبطه شارح القاموس، وضبط في المحكم ككتاب(11/465)
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ مَا أَعْقِلُه عَنْكَ شَيْئًا أَي دَعْ عَنْكَ الشَّكَّ، وَهَذَا حَرْفٌ رَوَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ الِابْتِدَاءِ يُضْمَر فِيهِ مَا بُنِيَ عَلَى الِابْتِدَاءِ كأَنه قَالَ: مَا أَعلمُ شَيْئًا مِمَّا تَقُولُ فدَعْ عَنْكَ الشَّكَّ، وَيُسْتَدَلُّ بِهَذَا عَلَى صِحَّةِ الإِضمار فِي كَلَامِهِمْ لِلِاخْتِصَارِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: خُذْ عَنْك وسِرْ عَنْك؛ وَقَالَ بَكْرٌ الْمَازِنِيُّ: سأَلت أَبا زَيْدٍ والأَصمعي وأَبا مَالِكٍ والأَخفش عَنْ هَذَا الْحَرْفِ فَقَالُوا جَمِيعًا: مَا نَدْرِي مَا هُوَ، وَقَالَ الأَخفش: أَنا مُنْذُ خُلِقْتُ أَسأَل عَنْ هَذَا، قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ الَّذِي رَوَاهُ سِيبَوَيْهِ: مَا أَغْفَلَه «1» عَنْكَ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ، والقاف تصحيف.
عقبل: العَقَابِيلُ: بَقايا العِلَّة والعَداوةِ والعِشْقِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الشَّفَتَينِ غِبَّ الحُمَّى، الْوَاحِدَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا عُقْبُولة وعُقْبُول، وَالْجَمْعُ العَقَابِيل؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
منْ وِرْدِ حُمَّى أَسْأَرَتْ عَقابِلا
أَي أَبْقَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: ثُمَّ قَرَنَ بسَعَتِها عَقَابِيلَ فاقَتِها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَقابِيلُ بَقَايَا الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ. وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الشَّرِّ: إِنه لَذُو عَقَابِيل، وَيُقَالُ لَذُو عَوَاقِيلَ؛ والعَقابيلُ: الشَّدَائِدُ مِنَ الأُمور. والعَباقِيل: بَقَايَا الْمَرَضِ والحُبِّ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كالعَقابِيل. الأَزهري: رَماه اللَّهُ بالعَقَابِيس والعَقابِيل، وَهِيَ الدَّوَاهي. الْجَوْهَرِيُّ: العُقْبُولة والعُقْبُول الحَلاءُ، وَهُوَ قُروح صِغار تَخْرُجُ بالشَّفَة مِنْ بَقَايَا الْمَرَضِ، وَالْجَمْعُ العَقَابِيل.
عقرطل: العَقَرْطَلُ: اسْمٌ لأُنثى الفِيَلة.
عكل: عَكَلَ الشيءَ يَعْكِلُه ويَعْكُله عَكْلًا جَمَعَه. وعَكَلْتُ المَتاع أَعْكُله، بِالضَّمِّ، أَي نَضَدْت بعضَه عَلَى بَعْضٍ. وعَكَل السائقُ الخَيْلَ والإِبل يَعْكُلُها عَكْلًا: حازَها وساقَها وضَمَّ قَواصِيَها؛ وأَنشد لِلْفَرَزْدَقِ:
وَهُمُ عَلَى صَدَفِ الأَمِيل تَدَارَكُوا ... نَعَماً، تُشَلُّ إِلى الرَّئيسِ وتُعْكَل
وعَكَلَ البعيرَ يَعْكُلُه ويَعْكِلُه عَكْلًا: شَدَّ رُسْغَ يَدِهِ إِلى عَضُده بِحَبْلٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ أَن يُعْقَل بِحَبْلٍ، واسمُ ذَلِكَ الْحَبْلِ العِكَالُ. وإِبِلٌ مَعْكُولَة أَي مَعْقُولة. والمَعْكُول: الْمَحْبُوسُ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وعَكَلَه: حَبَسه؛ يُقَالُ: عَكَلُوهم مَعْكَل سَوْءٍ. والعَكَلُ مِنَ الإِبل: كالعَكَر، لُغَةٌ، وَالرَّاءُ أَحسن. والعِكْلُ والعُكْل: اللَّئِيمُ، وَخَصَّصَهُ الأَزهري فَقَالَ: مِنَ الرِّجَالِ، وَالْجَمْعُ أَعْكَال. وعَكَلَ فِي الأَمر يَعْكُلُ عَكْلًا: قَالَ فِيهِ برأْيه. وعَكَلَ برأْيه يَعْكُلُ عَكْلًا: مِثْلُ حَدَسَ يَحْدِسُ. والعَاكِلُ والمُعْكِلُ والغَيْذَانُ والمُخَمِّنُ: الَّذِي يَظُنُّ فَيُصِيبُ. وعَكَلَ عَلَيْهِ الأَمرُ وأَعْكَلَ واعتَكَلَ: الْتَبسَ وَاشْتَبَهَ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ مُرَّة: عِنْدَ اعْتِكال الضَّرَائر
أَي عِنْدَ اخْتِلَاطِ الأُمور، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والعَوْكَلَة: الأَرْنَب، وَقِيلَ: الأَرنب العَقُور. والعَوْكَلُ: ظَهْرُ الكَثِيب؛ قَالَ:
بكُلِّ عَقَنْقَلٍ أَو رَأْسِ بَرْثٍ، ... وعَوْكَلِ كلِّ قَوْزٍ مُسْتَطِير
__________
(1) . قوله [ما أغفله] كذا ضبط في القاموس، ولعله مضارع من أغفل الأمر تركه وأهمله من غير نسيان(11/466)
وَقِيلَ: هُوَ الكَثِيب الْعَظِيمُ إِلَّا أَنه دُونَ العَقَنْقَل، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيبُ المُترَاكِب المُتَداخِل، وَقِيلَ: عَوْكَلُ كلِّ رَمْلةٍ رأْسُها. والعَوْكَلَة: العظِيمة مِنَ الرَّمْل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ قابَلَتْه عَوْكَلاتٌ عوانِكٌ، ... رُكَامٌ نَفَيْنَ النَّبْتَ غيرَ المَآزِر
أَي لَيْسَ بِهَا نبتٌ إِلَّا مَا حَوْلَها. والعَوْكَل: المرأَة الحَمْقاء. والعَوْكَل: الرَّجل الْقَصِيرُ الأَفْحَج؛ قَالَ:
ليسَ بِرَاعِي نَعَجاتٍ عَوْكَلِ، ... أَحَلَّ يَمْشِي مِشْيَةَ المُحَجَّلِ
ورَجلٌ عاكِلٌ: وَهُوَ الْقَصِيرُ الْبَخِيلُ المشؤُوم، وَجَمْعُهُ عُكُلٌ. وقَلَّدْتُه قَلائِدَ عَوْكَلٍ: يَعْنِي الفَضائح؛ عَنْ كُرَاعٍ. والعَوْكلانِ: نَجْمَانِ. وعُكْلٌ وتَيْمٌ وعَدِيٌّ: قَبَائِلُ مِنَ الرَّباب. وعُكْلٌ: بَلَدٌ. وعُكْلٌ: قَبِيلَةٌ فِيهِمْ غَباوةٌ وقِلَّةُ فَهْمٍ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِكُلِّ مَنْ فِيهِ غَفْلةٌ ويُسْتَحْمَق: عُكْلِيٌّ؛ قَالَ:
جَاءتْ بِهِ عُجُزٌ مُقابَلَةٌ، ... مَا هُنَّ مِنْ جَرْمٍ وَلَا عُكْل
قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ «1» : هُوَ أَبو بَطْنٍ مِنْهُمْ، حَضَنَتْه أَمَةٌ تُسمَّى عُكْل فسُمِّيت الْقَبِيلَةُ بِهَا. وعَكَلَه: صَرَعَه. وعَكَلَ فِي الأَمر: جَدَّ. وعَكَلَ فُلَانٌ: مَاتَ. واعْتَكَلَ الثَّوْرانِ: تَناطَحا. والاعْتِكالُ: الاعْتِلاجُ والاصْطِراع؛ قَالَ البَوْلانيُّ:
واعْتَكَلا وأَيَّما اعْتِكالِ
وعَكِلَت المِسْرَجَةُ، بِالْكَسْرِ، أَي اجْتَمَعَ فِيهَا الدُّرْدِيُّ مِثْلُ عَكِرَتْ. وَقَدْ سَمَّوْا عَكَّالًا وعاكِلًا وعُكَيْلًا. وبَنُو عَوْكَلان: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ. وعَوْكَلانُ: مَوْضِعٌ. والعَوْكَلُ: الْقَصِيرُ.
عَكْبَلَ: العَكْبَل: الشَّدِيدُ. وعَكْبَل: اسم.
علل: العَلُّ والعَلَلُ: الشَّرْبةُ الثَّانِيَةُ، وَقِيلَ: الشُّرْب بَعْدَ الشُّرْبِ تِباعاً، يُقَالُ: عَلَلٌ بَعْدَ نَهَلٍ. وعَلَّه يَعُلُّه ويَعِلُّه إِذا سَقَاهُ السَّقْيَة الثَّانِيَةَ، وعَلَّ بِنَفْسِهِ، يَتعدَّى وَلَا يتعدَّى. وعَلَّ يَعِلُّ ويَعُلُّ عَلًّا وعَلَلًا، وعَلَّتِ الإِبِلُ تَعِلُّ وتَعُلُّ إِذا شَرِبت الشَّرْبةَ الثَّانِيَةَ. ابْنُ الأَعرابي: عَلَّ الرَّجلُ يَعِلُّ مِنَ الْمَرَضِ، وعَلَّ يَعِلُّ ويَعُلُّ مِنْ عَلَل الشَّراب. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يُسْتَعْمَل العَلَلُ والنَّهَل فِي الرَّضاع كَمَا يُسْتَعْمل فِي الوِرْد؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
غَزَال خَلاء تَصَدَّى لَهُ، ... فتُرْضِعُه دِرَّةً أَو عِلالا
واستَعْمَل بعضُ الأَغْفال العَلَّ والنَّهَلَ فِي الدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ فَقَالَ:
ثُمَّ انْثَنى مِنْ بَعْدِ ذَا فَصَلَّى ... عَلَى النَّبيّ، نَهَلًا وعَلَّا
وعَلَّتِ الإِبِلُ، وَالْآتِي كَالْآتِي «2» وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فَعْلى مِنَ العَلَل والنَّهَل. وإِبِلٌ عَلَّى: عَوَالُّ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد لِعَاهَانَ بْنِ كَعْبٍ:
تَبُكُّ الحَوْضَ عَلَّاها ونَهْلًا، ... ودُون ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيم
__________
(1) . قوله [قال ابن الكلبي إلخ] كذا في الأَصل وهي عبارة المحكم، وعبارة ياقوت: وعكل قبيلة من الرباب وهو اسم امرأة حضنت بني عوف بن وائل فغلبت عليهم وسموا باسمها
(2) . قوله [والآتي كالآتي إلخ] هذه بقية عبارة ابن سيدة وصدرها: عَلَّ يَعِلُّ ويَعُلُّ عَلًّا وعَلَلًا إلى أن قال وعَلَّتِ الإبل والآتي إلخ(11/467)
تَسْكُن إِليه فيُنِيمُها، وَرَوَاهُ ابْنُ جِنِّي: عَلَّاها ونَهْلى، أَراد ونَهْلاها فحَذَف واكْتَفى بإِضافة عَلَّاها عَنْ إِضافة نَهْلاها، وعَلَّها يَعُلُّها ويَعِلُّها عَلًّا وعَلَلًا وأَعَلَّها. الأَصمعي: إِذا وَرَدتِ الإِبلُ الماءَ فالسَّقْية الأُولى النَّهَل، وَالثَّانِيَةُ العَلَل. وأَعْلَلْت الإِبلَ إِذا أَصْدَرْتَها قَبْلَ رِيِّها، وَفِي أَصحاب الِاشْتِقَاقِ مَنْ يَقُولُ هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كأَنه مِنَ العَطَش، والأَوَّل هُوَ الْمَسْمُوعُ. أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي: أَعْلَلْت الإِبِلَ فَهِيَ إِبِلٌ عَالَّةٌ إِذا أَصْدَرْتَها وَلَمْ تُرْوِها؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا تَصْحِيفٌ، وَالصَّوَابُ أَغْلَلْت الإِبلَ، بِالْغَيْنِ، وَهِيَ إِبل غالَّةٌ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ نُصَير الرَّازِيِّ قَالَ: صَدَرَتِ الإِبلُ غالَّة وغَوَالَّ، وَقَدْ أَغْلَلْتها مِنَ الغُلَّة والغَلِيل وَهُوَ حَرَارَةُ الْعَطَشِ، وأَما أَعْلَلْت الإِبلَ وعَلَلْتها فَهُمَا ضِدَّا أَغْلَلْتها، لأَن مَعْنَى أَعْلَلْتها وَعَلَلتها أَن تَسْقِيها الشَّرْبةَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ تُصْدِرَها رِواء، وإِذا عَلَّتْ فَقَدْ رَوِيَتْ؛ وَقَوْلُهُ:
قِفِي تُخْبِرِينا أَو تَعُلِّي تَحِيَّةً ... لَنَا، أَو تُثِيبي قَبْلَ إِحْدَى الصَّوافِق
إِنَّما عَنى أَو تَرُدِّي تَحِيَّة، كأَنَّ التَّحِيَّة لَمَّا كَانَتْ مَرْدُودَةً أَو مُراداً بِهَا أَن تُرَدَّ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ المَعْلُولة مِنَ الإِبل. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مِنْ جَزيل عَطائك المَعْلول
؛ يُرِيدُ أَن عَطَاءَ اللَّهِ مضاعَفٌ يَعُلُّ بِهِ عبادَه مَرَّةً بَعْدَ أُخرى؛ وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاح مَعْلُول
وعَرَضَ عَلَيَّ سَوْمَ عالَّةٍ إِذا عَرَض عَلَيْكَ الطَّعامَ وأَنت مُسْتَغْنٍ عَنْهُ، بِمَعْنَى قَوْلِ العامَّة: عَرْضٌ سابِرِيٌّ أَي لَمْ يُبالِغْ، لأَن العَالَّةَ لَا يُعْرَضُ عَلَيْهَا الشُّربُ عَرْضاً يُبالَغ فِيهِ كالعَرْضِ عَلَى الناهِلة. وأَعَلَّ القومُ: عَلَّتْ إِبِلُهم وشَرِبَت العَلَل؛ واسْتَعْمَل بعضُ الشُّعَرَاءِ العَلَّ فِي الإِطعام وَعَدَّاهُ إِلى مَفْعُولَيْنِ، أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فباتُوا ناعِمِين بعَيْشِ صِدْقٍ، ... يَعُلُّهُمُ السَّدِيفَ مَعَ المَحال
وأُرَى أَنَّ مَا سَوَّغَ تَعْدِيَتَه إِلى مَفْعُولَيْنِ أَن عَلَلْت هَاهُنَا فِي مَعْنَى أَطْعَمْت، فَكَمَا أَنَّ أَطعمت متعدِّية إِلى مَفْعُولَيْنِ كَذَلِكَ عَلَلْت هُنَا متعدِّية إِلى مَفْعُولَيْنِ؛ وَقَوْلُهُ:
وأَنْ أُعَلَّ الرَّغْمَ عَلًّا عَلَّا
جعَلَ الرَّغْمَ بِمَنْزِلَةِ الشَّرَابِ، وإِن كَانَ الرَّغْم عَرَضاً، كَمَا قَالُوا جَرَّعْته الذُّلَّ وعَدَّاه إِلى مَفْعُولَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا بِحَذْفِ الوَسِيط كأَنه قَالَ يَعُلُّهم بالسَّدِيف وأُعَلّ بالرَّغْم، فَلَمَّا حَذَف الْبَاءَ أَوْصَلَ الْفِعْلَ، والتَّعْلِيل سَقْيٌ بَعْدَ سَقْيٍ وجَنْيُ الثَّمرة مَرَّةً بَعْدَ أُخرى. وعَلَّ الضاربُ المضروبَ إِذا تابَع عَلَيْهِ الضربَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَطَاءٍ أَو النَّخَعِيِّ فِي رَجُلٍ ضَرَب بالعَصا رَجُلًا فقَتَله قَالَ: إِذا عَلَّه ضَرْباً فَفِيهِ القَوَدُ
أَي إِذا تَابَعَ عَلَيْهِ الضربَ، مِنْ عَلَلِ الشُّرب. والعَلَلُ مِنَ الطَّعَامِ: مَا أُكِلَ مِنْهُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وطَعامٌ قَدْ عُلَّ مِنْهُ أَي أُكِل؛ وَقَوْلُهُ أَنشده أَبو حَنِيفَةَ:
خَلِيلَيَّ، هُبَّا عَلِّلانيَ وانْظُرا ... إِلى الْبَرْقِ مَا يَفْرِي السَّنى، كَيْفَ يَصْنَع
فَسَّرَه فَقَالَ: عَلِّلاني حَدِّثاني، وأَراد انْظُرا إِلى(11/468)
الْبَرْقِ وانْظُرَا إِلى مَا يَفرِي السَّنى، وفَرْيُه عَمَلُه؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:
خَلِيلَيَّ، هُبَّا عَلِّلانيَ وانْظُرَا ... إِلى الْبَرْقِ مَا يَفْرِي سَنًى وتَبَسَّما
وتَعَلَّلَ بالأَمر واعْتَلَّ: تَشاغَل؛ قَالَ:
فاسْتَقْبَلَتْ لَيْلَة خِمْسٍ حَنَّان، ... تَعْتلُّ فِيهِ بِرَجِيع العِيدان
أَي أَنَّها تَشاغَلُ بالرَّجِيع الَّذِي هُوَ الجِرَّة تُخْرِجها وتَمْضَغُها. وعَلَّلَه بِطَعَامٍ وَحَدِيثٍ وَنَحْوِهِمَا: شَغَلهُ بِهِمَا؛ يُقَالُ: فُلَانٌ يُعَلِّل نفسَه بتَعِلَّةٍ. وتَعَلَّل بِهِ أَي تَلَهَّى بِهِ وتَجَزَّأَ، وعَلَّلتِ المرأَةُ صَبِيَّها بِشَيْءٍ مِنَ المَرَق ونحو ليَجْزأَ بِهِ عَنِ اللَّبن؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تُعَلِّل، وَهِيَ ساغِبَةٌ، بَنِيها ... بأَنفاسٍ مِنَ الشَّبِم القَراحِ
يُرْوَى أَن جَرِيرًا لَمَّا أَنْشَدَ عبدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوان هَذَا البيتَ قَالَ لَهُ: لَا أَرْوى اللَّهُ عَيْمَتَها وتَعِلَّةُ الصبيِّ أَي مَا يُعَلَّل بِهِ لِيَسْكُتَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي حَثْمة يَصِف التَّمر: تَعِلَّة الصَّبيِّ وقِرى الضَّيْفِ.
والتَّعِلَّةُ والعُلالَة: مَا يُتَعَلَّل بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَنه أُتيَ بعُلالة الشَّاةِ فأَكَلَ مِنْهَا
، أَي بَقِيَّة لَحْمِهَا. والعُلُل أَيضاً: جَمْعُ العَلُول، وَهُوَ مَا يُعَلَّل بِهِ المريضُ مِنَ الطَّعَامِ الْخَفِيفِ، فإِذا قَوي أَكلُه فَهُوَ الغُلُل جَمْعُ الغَلُول. وَيُقَالُ لبَقِيَّة اللَّبَنِ فِي الضَّرْع وبَقيَّة قُوّة الشَّيْخِ: عُلالة، وَقِيلَ: عُلالة الشَّاةِ مَا يُتَعَلَّل بِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ مِنَ العَلَل الشُّرب بَعْدَ الشُّرْب؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَقِيل بْنِ أَبي طَالِبٍ: قَالُوا فِيهِ بَقِيَّةٌ مِنْ عُلالة
أَي بَقِيَّة مِنْ قُوَّةِ الشَّيْخِ. والعُلالةُ والعُراكةُ والدُّلاكة: مَا حَلَبْتَ قَبْلَ الفِيقة الأُولى وَقَبْلَ أَن تَجْتَمِعَ الفِيقة الثَّانِيَةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَيُقَالُ لأَوَّل جَرْي الْفَرَسِ: بُداهَته، وَلِلَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ: عُلالته؛ قَالَ الأَعشى:
إِلَّا بُداهة، أَو عُلالَة ... سابِحٍ نَهْدِ الجُزاره
والعُلالة: بَقِيَّة اللَّبَنِ وغيرِه. حَتَّى إِنَّهم لَيَقولون لبَقِيَّة جَرْي الفَرَس عُلالة، ولبَقِيَّة السَّيْر عُلالة. وَيُقَالُ: تَعَالَلْت نَفْسِي وَتَلوَّمْتها أَي استَزَدْتُها. وتَعَالَلْت الناقةَ إِذا اسْتَخْرَجْت مَا عِنْدَهَا مِنَ السَّيْر؛ وَقَالَ:
وَقَدْ تَعالَلْتُ ذَمِيل العَنْس
وَقِيلَ: العُلالة اللَّبَن بَعْدَ حَلْبِ الدِّرَّة تُنْزِله الناقةُ؛ قَالَ:
أَحْمِلُ أُمِّي وهِيَ الحَمَّاله، ... تُرْضِعُني الدِّرَّةَ والعُلاله،
وَلَا يُجازى والدٌ فَعَالَه
وَقِيلَ: العُلالة أَن تُحْلَب النَّاقَةُ أَوّل النَّهَارِ وَآخِرَهُ، وتُحْلَب وَسَطَ النَّهَارِ فَتِلْكَ الوُسْطى هِيَ العُلالة، وَقَدْ تُدْعى كُلُّهنَّ عُلالةً. وَقَدْ عالَلْتُ النَّاقَةَ، وَالِاسْمُ العِلال. وعالَلْتُ النَّاقَةَ عِلالًا: حَلَبتها صَبَاحًا ومَساء ونِصْفَ النَّهَارِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: العِلالُ الحَلْبُ بَعْدَ الحَلْب قَبْلَ اسْتِيجَابِ الضَّرْع للحَلْب بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ، وَقَالَ بَعْضُ الأَعراب:
العَنْزُ تَعْلَمُ أَني لَا أُكَرِّمُها ... عَنِ العِلالِ، وَلَا عَنْ قِدْرِ أَضيافي(11/469)
والعُلالة، بِالضَّمِّ: مَا تَعَلَّلت بِهِ أَي لَهَوْت بِهِ. وتَعَلَّلْت بالمرأَة تَعَلُّلًا: لَهَوْت بِهَا. والعَلُّ: الَّذِي يَزُورُ النِّسَاءَ. والعَلُّ: التَّيْس الضَّخْم الْعَظِيمُ؛ قَالَ:
وعَلْهَباً مِنَ التُّيوس عَلَّا
والعَلُّ: القُراد الضَّخْم، وَجَمْعُهَا عِلالٌ «3» ، وَقِيلَ: هُوَ القُراد المَهْزول، وَقِيلَ: هُوَ الصَّغِيرُ الْجِسْمِ. والعَلُّ: الْكَبِيرُ المُسِنُّ. ورَجُلٌ عَلٌّ: مُسِنٌّ نَحِيفٌ ضَعِيفٌ صَغِيرُ الجُثَّة، شُبِّه بالقُراد فَيُقَالُ: كأَنه عَلٌّ؛ قَالَ المُتَنَخِّل الْهُذَلِيُّ:
لَيْسَ بِعَلٍّ كبيرٍ لَا شَبابَ لَهُ، ... لَكِنْ أُثَيْلَةُ صَافِي الوَجْهِ مُقْتَبَل
أَي مُسْتَأْنَف الشَّباب، وَقِيلَ: العَلُّ المُسِنُّ الدَّقِيقُ الْجِسْمِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والعَلَّة: الضَّرَّة. وبَنُو العَلَّاتِ: بَنُو رَجل وَاحِدٍ مِنْ أُمهات شَتَّى، سُمِّيَت بِذَلِكَ لأَن الَّذِي تَزَوَّجها عَلَى أُولى قَدْ كَانَتْ قَبْلَهَا ثُمَّ عَلَّ مِنْ هَذِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وإِنما سُمِّيت عَلَّة لأَنها تُعَلُّ بَعْدَ صَاحِبَتِهَا، مِنَ العَلَل؛ قَالَ:
عَلَيْها ابْنُ عَلَّاتٍ، إِذا اجْتَشَّ مَنْزِلًا ... طَوَتْه نُجومُ اللَّيل، وَهِيَ بَلاقِع «4»
إِنَّما عَنى بِابْنِ عَلَّاتٍ أَن أُمَّهاته لَسْنَ بقَرائب، وَيُقَالُ: هُمَا أَخَوانِ مِنْ عَلَّةٍ. وَهُمَا ابْنا عَلَّة: أُمَّاهُما شَتَّى والأَب وَاحِدٌ، وَهُمْ بَنُو العَلَّات، وهُمْ مِنْ عَلَّاتٍ، وَهُمْ إِخُوةٌ مِنْ عَلَّةٍ وعَلَّاتٍ، كُلُّ هَذَا مِنْ كَلَامِهِمْ. وَنَحْنُ أَخَوانِ مِنْ عَلَّةٍ، وَهُوَ أَخي مِنْ عَلَّةٍ، وَهُمَا أَخَوانِ مِنْ ضَرَّتَيْن، وَلَمْ يَقُولُوا مِنْ ضَرَّةٍ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هُمْ بَنُو عَلَّةٍ وأَولاد عَلَّة؛ وأَنشد:
وهُمْ لمُقِلِّ المالِ أَولادُ عَلَّةٍ، ... وإِن كَانَ مَحْضاً فِي العُمومةِ مُخْوِلا
ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَخْيافُ اخْتِلَافُ الْآبَاءِ وأُمُّهُم وَاحِدَةٌ، وبَنُو الأَعيان الإِخْوة لأَب وأُمٍّ وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ
: الأَنبياء أَولاد عَلَّاتٍ
؛ مَعْنَاهُ أَنهم لأُمَّهات مُخْتَلِفَةٍ ودِينُهم وَاحِدٌ؛ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الأَثير، أَراد أَن إِيمانهم وَاحِدٌ وَشَرَائِعَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَتَوارَثُ بَنُو الأَعيان مِنَ الإِخوة دُونَ بَنِي العَلَّات
أَي يَتَوَارَثُ الإِخوة للأُم والأَب، وَهُمُ الأَعيان، دُونَ الإِخوة للأَب إِذا اجْتَمَعُوا مَعَهُمْ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ لبَني الضَّرائر بَنُو عَلَّات، وَيُقَالُ لِبَنِي الأُم الْوَاحِدَةِ بَنُو أُمٍّ، وَيَصِيرُ هَذَا اللَّفْظُ يُسْتَعْمَلُ لِلْجَمَاعَةِ الْمُتَّفِقِينَ، وأَبناء عَلَّاتٍ يُسْتَعْمَلُ فِي الْجَمَاعَةِ الْمُخْتَلِفِينَ؛ قَالَ عَبْدُ الْمَسِيحِ:
والنَّاسُ أَبناء عَلَّاتٍ، فَمَنْ عَلِمُوا ... أَنْ قَدْ أَقَلَّ، فَمَجْفُوٌّ ومَحْقُور
وهُمْ بَنُو أُمِّ مَنْ أَمْسى لَهُ نَشَبٌ، ... فَذاك بالغَيْبِ مَحْفُوظٌ ومَنْصور
وَقَالَ آخَرُ:
أَفي الوَلائِم أَوْلاداً لِواحِدة، ... وَفي المآتِم أَولاداً لِعَلَّات؟ «5» .
__________
(3) . قوله [وجمعها علال] كذا في الأصل وشرح القاموس، وفي التهذيب: أعلال
(4) . قوله [إذا اجتش] كذا في الأصل بالشين المعجمة، وفي المحكم بالمهملة
(5) . في المحكم هنا ما نصبه: وجمع العلة للضرة علائل، قَالَ رُؤْبَةُ:
دَوَّى بِهَا لا يغدو العَلَائِلَا(11/470)
وَقَدِ اعْتَلَّ العَلِيلُ عِلَّةً صَعْبَةً، والعِلَّة المَرَضُ. عَلَّ يَعِلُّ واعْتَلَّ أَي مَرِض، فَهُوَ عَلِيلٌ، وأَعَلَّه اللهُ، وَلَا أَعَلَّك اللهُ أَي لَا أَصابك بِعِلَّة. واعْتَلَّ عَلَيْهِ بِعِلَّةٍ واعْتَلَّه إِذا اعْتَاقَهُ عَنْ أَمر. واعْتَلَّه تَجَنَّى عَلَيْهِ. والعِلَّةُ: الحَدَث يَشْغَل صاحبَه عَنْ حَاجَتِهِ، كأَنَّ تِلْكَ العِلَّة صَارَتْ شُغْلًا ثَانِيًا مَنَعَه عَنْ شُغْله الأَول. وَفِي حَدِيثِ
عَاصِمِ بْنِ ثابت: مَا عِلَّتي وأَنا جَلْدٌ نابلٌ؟
أَي مَا عذْري فِي تَرْكِ الْجِهَادِ ومَعي أُهْبة الْقِتَالِ، فَوَضَعَ العِلَّة مَوْضِعَ الْعُذْرِ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا تَعْدَمُ خَرْقاءُ عِلَّةً، يُقَالُ هَذَا لِكُلٍّ مُعْتَلٍّ وَمُعْتَذِرٍ وَهُوَ يَقْدِر. والمُعَلِّل: دَافِعُ جَابِي الْخَرَاجِ بالعِلَل، وَقَدِ، اعْتَلَّ الرجلُ. وَهَذَا عِلَّة لِهَذَا أَي سبَب. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَضْرِب رِجْلي بِعِلَّة الرَّاحِلَةِ
أَي بِسَبَبِهَا، يُظْهِر أَنه يَضْرِبُ جَنْب الْبَعِيرِ برِجْله وإِنما يَضْرِبُ رِجْلي. وقولُهم: عَلَى عِلَّاتِه أَي عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ وَقَالَ:
وإِنْ ضُرِبَتْ عَلَى العِلَّاتِ، أَجَّتْ ... أَجِيجَ الهِقْلِ مِنْ خَيْطِ النَّعام
وَقَالَ زُهَيْرٌ:
إِنَّ البَخِيلَ مَلُومٌ حيثُ كانَ، ولَكِنَّ ... الجَوَادَ، عَلَى عِلَّاتِهِ، هَرِم
والعَلِيلة: المرأَة المُطَيَّبة طِيباً بَعْدَ طِيب؛ قَالَ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ:
وَلَا تُبْعِدِيني مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّل
أَي المُطَيَّب مرَّة بَعْدَ أُخرى، وَمَنْ رَوَاهُ المُعَلِّل فَهُوَ الَّذِي يُعَلِّلُ مُتَرَشِّفَه بِالرِّيقِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المُعَلِّل المُعِين بالبِرِّ بَعْدَ البرِّ. وحروفُ العِلَّة والاعْتِلالِ: الأَلفُ والياءُ والواوُ، سُمِّيت بِذَلِكَ لِلينها ومَوْتِها. وَاسْتَعْمَلَ أَبو إِسحاق لَفْظَةَ المَعْلول فِي المُتقارِب مِنَ العَروض فَقَالَ: وإِذا كَانَ بِنَاءُ المُتَقارِب عَلَى فَعُولن فَلَا بُدَّ مِنْ أَن يَبْقى فِيهِ سَبَبٌ غَيْرُ مَعْلُول، وَكَذَلِكَ اسْتَعْمَلَهُ فِي الْمُضَارِعِ فَقَالَ: أُخِّر المضارِع فِي الدَّائِرَةِ الرَّابِعَةِ، لأَنه وإِن كَانَ فِي أَوَّله وَتِدٌ فَهُوَ مَعْلول الأَوَّل، وَلَيْسَ فِي أَول الدَّائِرَةِ بَيْتٌ مَعْلولُ الأَول، وأَرى هَذَا إِنما هُوَ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ كأَنه جَاءَ عَلَى عُلَّ وإِن لَمْ يُلْفَظ بِهِ، وإِلا فَلَا وَجْهَ لَهُ، وَالْمُتَكَلِّمُونَ يَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَةَ المَعْلول فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبِالْجُمْلَةِ فَلَسْتُ مِنْهَا عَلَى ثِقَةٍ وَلَا عَلَى ثَلَجٍ، لأَن الْمَعْرُوفَ إِنَّما هُوَ أَعَلَّه اللَّهُ فَهُوَ مُعَلٌّ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَكُونَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ مِنَ قَوْلِهِمْ مَجْنُون ومَسْلول، مِنْ أَنه جَاءَ عَلَى جَنَنْته وسَلَلْته، وإِن لَمْ يُسْتَعْملا فِي الْكَلَامِ استُغْنِيَ عَنْهُمَا بأَفْعَلْت؛ قَالَ: وإِذا قالُوا جُنَّ وسُلَّ فإِنما يَقُولُونَ جُعِلَ فِيهِ الجُنُون والسِّلُّ كَمَا قَالُوا حُزِنَ وفُسِلَ. ومُعَلِّل: يومٌ مِنْ أَيام الْعَجُوزِ السَّبْعَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي آخِرِ الشِّتَاءِ لأَنه يُعَلِّل الناسَ بِشَيْءٍ مِنْ تَخْفِيفِ الْبَرْدِ، وَهِيَ: صِنٌّ وصِنَّبْرٌ ووَبْرٌ ومُعَلِّلٌ ومُطْفئُ الجَمْر وآمِرٌ ومُؤْتَمِر، وَقِيلَ: إِنما هُوَ مُحَلِّل؛ وَقَدْ قَالَ فِيهِ بعضُ الشُّعَرَاءِ فقدَّم وأَخَّر لإِقامة وَزْنِ الشِّعْرِ:
كُسِعَ الشِّتاءُ بسَبْعةٍ غُبْر، ... أَيّامِ شَهْلَتِنا مِنَ الشَّهْر
فإِذا مَضَتْ أَيّامُ شَهْلَتِنا: ... صِنٌّ وصِنَّبرٌ مَعَ الوَبْر(11/471)
وبآمرٍ وأَخِيه مُؤْتَمِر، ... ومُعَلِّل وبمُطْفِئِ الجَمْر
ذَهب الشِّتاءُ مولِّياً هَرَباً، ... وأَتَتْكَ واقدةٌ مِنَ النَّجْر «1»
. وَيُرْوَى: مُحَلِّل مَكَانَ مُعَلِّل، والنَّجْر الحَرُّ.. واليَعْلُول. الغَدِير الأَبيض المُطَّرِد. واليَعَالِيل: حَبَابُ الْمَاءِ. واليَعْلُول: الحَبَابة مِنَ الْمَاءِ، وَهُوَ أَيضاً السَّحَابُ المُطَّرِد، وَقِيلَ: القِطْعة الْبَيْضَاءُ مِنَ السَّحَابِ. واليَعَالِيل: سَحَائِبُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، الْوَاحِدُ يَعْلُولٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
كأَنَّ جُمَاناً واهِيَ السِّلْكِ فَوْقَه، ... كَمَا انهلَّ مِنْ بِيضٍ يَعاليلَ تَسْكُب
وَمِنْهُ قَوْلُ كَعْبٍ:
مِنْ صَوْبِ ساريةٍ بِيضٌ يَعالِيل
وَيُقَالُ: اليَعالِيلُ نُفَّاخاتٌ تَكُونُ فَوْقَ الْمَاءِ مِنْ وَقْع المَطَر، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. واليَعْلُول: المَطرُ بَعْدَ الْمَطَرِ، وَجَمْعُهُ اليَعالِيل. وصِبْغٌ يَعْلُولٌ: عُلَّ مَرَّة بَعْدَ أُخرى. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ ذِي السَّنَامَيْنِ: يَعْلُولٌ وقِرْعَوْسٌ وعُصْفُوريٌّ. وتَعَلَّلَتِ المرأَةُ مِنْ نِفَاسِهَا وتَعَالَّتْ: خَرَجَتْ مِنْهُ وطَهُرت وحَلَّ وَطْؤُها. والعُلْعُل والعَلْعَل؛ الْفَتْحُ عَنْ كُرَاعٍ: اسمُ الذَّكر جَمِيعًا، وَقِيلَ: هُوَ الذَّكر إِذا أَنْعَظ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي إِذا أَنْعَظَ وَلَمْ يَشْتَدّ. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: العُلْعُل الجُرْدَان إِذا أَنْعَظَ، والعُلْعُل رأْسُ الرَّهابَة مِنَ الفَرَس. وَيُقَالُ: العُلْعُل طَرَف الضِّلَعِ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى الرَّهابة وَهِيَ طَرَفُ المَعِدة، وَالْجَمْعُ عُلُلٌ وعُلٌّ وعِلٌّ، «2» ، وَقِيلَ: العُلْعُل، بِالضَّمِّ، الرَّهابة الَّتِي تُشْرِف عَلَى الْبَطْنِ مِنَ العَظْم كأَنه لِسانٌ. والعَلْعَل والعَلْعَالُ: الذَّكَر مِنَ القَنَابِر، وَفِي الصِّحَاحِ: الذَّكر مِنَ القنافِذ. والعُلْعُول: الشَّرُّ؛ الْفَرَّاءُ: إِنه لَفِي عُلْعُولِ شَرٍّ وزُلْزُولِ شَرٍّ أَي فِي قِتَالٍ وَاضْطِرَابٍ. والعِلِّيَّة، بِالْكَسْرِ: الغُرْفةُ، وَالْجَمْعُ العَلالِيُّ، وَهُوَ يُذْكر أَيضاً فِي المُعْتَلِّ. أَبو سَعِيدٍ: والعَرَب تَقُولُ أَنا عَلَّانٌ بأَرض كَذَا وَكَذَا أَي جَاهِلٌ. وامرأَة عَلَّانَةٌ: جَاهِلَةٌ، وَهِيَ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف هَذَا الْحَرْفَ وَلَا أَدري مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبي سَعِيدٍ. وتَعِلَّةُ: اسمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
أَلْبانُ إِبْلِ تَعِلَّةَ بنِ مُسافِرٍ، ... مَا دامَ يَمْلِكُها عَلَيَّ حَرَامُ
وعَلْ عَلْ: زَجْرٌ لِلْغَنَمِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلْعَاثِرِ لَعاً لَكَ وَتَقُولُ: عَلْ ولَعَلْ وعَلَّكَ ولَعَلَّكَ بِمِعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ العَبْدي:
وإِذا يَعْثُرُ فِي تَجْمازِه، ... أَقْبَلَتْ تَسْعَى وفَدَّتْه لَعل
وأَنشد لِلْفَرَزْدَقِ:
إِذا عَثَرَتْ بِي، قُلْتُ: عَلَّكِ وانتهَى ... إِلى بابِ أَبْوابِ الوَلِيد كَلالُها
__________
(1) . قوله [واقدة] كذا هو بالقاف في نسختين من الصحاح ومثله في المحكم، وسبق في ترجمة نجر وافدة بالفاء، والصواب ما هنا
(2) . قوله [وَالْجَمْعُ عُلُلٌ وعُلٌ وعِلٌ] هكذا في الأصل وتبعه شارح القاموس، وعبارة الأزهري: ويجمع على عُلُلٍ، أي بضمتين، وعلى عَلاعِل، وقال بعد هذا: والعُلُلُ أَيضاً جَمْعُ الْعَلُولِ، وَهُوَ مَا يُعَلَّلُ بِهِ المريض، إِلى آخر ما تقدم في صدر الترجمة(11/472)
وأَنشد الْفَرَّاءُ:
فَهُنَّ عَلَى أَكْتافِها، ورِمَاحُنا ... يقُلْنَ لِمَن أَدْرَكنَ: تَعْساً وَلَا لَعَا
شُدِّدت اللَّامُ فِي قَوْلِهِمْ عَلَّك لأَنهم أَرادوا عَلْ لَك، وَكَذَلِكَ لَعَلَّكَ إِنما هُوَ لَعَلْ لَك، قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْعَرَبُ تُصَيِّرُ لَعَلْ مَكَانَ لَعاً وَتَجْعَلُ لَعاً مَكَانَ لَعَلْ، وأَنشد فِي ذَلِكَ البيتَ، أَراد وَلَا لَعَلْ، وَمَعْنَاهُمَا ارْتَفِعْ مِنَ العثْرَة؛ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
عَلِّ صُروفِ الدَّهْرِ أَو دَوْلاتِها، ... يُدِلْنَنا اللَّمَّة مِنْ لَمَّاتِها
مَعْنَاهُ عًا لِصُروف الدَّهْرِ، فأَسْقَطَ اللَّامَ مِنْ لَعاً لِصُروف الدَّهْرِ وصَيَّر نُونَ لَعاً لَامًا، لِقُرْبِ مَخْرَجِ النُّونِ مِنَ اللَّامِ، هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ كَسَر صُرُوفَ، وَمَنْ نَصَبَهَا جَعَلَ عَلَّ بِمَعْنَى لَعَلَّ فَنَصَب صروفَ الدَّهْرِ، وَمَعْنَى لَعاً لَكَ أَي ارْتِفَاعًا؛ قَالَ ابْنُ رُومان: وَسَمِعْتُ الْفَرَّاءَ يُنْشد عَلِّ صُروفِ الدَّهْرِ، فسأَلته: لِمَ تَكْسِر عَلِّ صُروفِ؟ فَقَالَ: إِنما مَعْنَاهُ لَعاً لِصُروف الدَّهْرِ ودَوْلاتها، فَانْخَفَضَتْ صُروف بِاللَّامِ وَالدَّهْرُ بإِضافة الصُّرُوفِ إِليها، أَراد أَوْ لَعاً لِدَوْلاتها ليُدِلْنَنا مِنْ هَذَا التَّفَرُّقِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ اجْتِمَاعًا ولَمَّة مِنَ اللمَّات؛ قَالَ: دَعا لِصُرُوفِ الدَّهْرِ ولدَوْلاتِها لأَنَّ لَعاً مَعْنَاهُ ارْتِفَاعًا وتخَلُّصاً مِنَ الْمَكْرُوهِ، قَالَ: وأَو بِمَعْنَى الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ أَو دَوْلاتِها، وَقَالَ: يُدِلْنَنا فأَلقى اللَّامَ وَهُوَ يُرِيدُهَا كَقَوْلِهِ:
لَئِنْ ذَهَبْتُ إِلى الحَجَّاج يقتُلني
أَراد لَيَقْتُلني. ولعَلَّ ولَعَلِّ طَمَعٌ وإِشْفاق، وَمَعْنَاهُمَا التَّوَقُّع لِمَرْجُوٍّ أَو مَخُوف؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يَا أَبَتا عَلَّك أَو عَساكا
وَهُمَا كَعَلَّ؛ قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: اللَّامُ زَائِدَةٌ مؤَكِّدة، وإِنما هُوَ عَلَّ، وأَما سِيبَوَيْهِ فَجَعَلَهُمَا حَرْفًا وَاحِدًا غَيْرَ مَزِيدٍ، وَحَكَى أَبو زَيْدٍ أَن لُغَةَ عُقَيْل لعَلِّ زيدٍ مُنْطَلِقٌ، بِكَسْرِ اللَّامِ، مِنْ لَعَلِّ وجَرِّ زِيدٍ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ سُوَيد الغَنَوي:
فَقُلْتُ: ادْعُ أُخرى وارْفَع الصَّوتَ ثَانِيًا، ... لَعَلِّ أَبي المِغْوارِ مِنْكَ قَرِيب
وَقَالَ الأَخفش: ذَكَرَ أَبو عُبَيْدَةَ أَنه سَمِعَ لَامَ لَعَلَّ مَفْتُوحَةً فِي لُغَةِ مَنْ يَجُرُّ بِهَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
لَعَلَّ اللهِ يُمْكِنُني عَلَيْهَا، ... جِهاراً مِنْ زُهَيرٍ أَو أَسيد
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى
؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: والعِلم قَدْ أَتى مِنْ وَرَاءِ مَا يَكُونُ ولكِن اذْهَبا أَنتما عَلَى رَجائكما وطمَعِكما ومَبْلَغِكما مِنَ العِلم وَلَيْسَ لَهُمَا أَكثرُ مِنْ ذَا مَا لَمْ يُعْلَما، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ كَيْ يتَذَكَّر. أَخبر
مُحَمَّدُ بْنُ سَلَام عَنْ يُونُسَ أَنه سأَله عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ
وفَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ
، قَالَ: مَعْنَاهُ كأَنك فاعِلٌ ذَلِكَ إِن لَمْ يُؤْمِنُوا
، قَالَ: ولَعَلَّ لَهَا مَوَاضِعَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*
ولَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*
ولَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ
، قَالَ: مَعْنَاهُ كيْ تتَذَكَّروا كيْ تَتَّقُوا، كَقَوْلِكَ ابْعَثْ إِليَّ بدابَّتك لعَلِّي أَرْكَبُها، بِمَعْنَى كَيْ أَرْكَبَها، وَتَقُولُ: انطَلِقْ بِنَا لعَلَّنا نتَحدَّث أَي كَيْ نتحدَّث؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: لعَلَّ تَكُونُ تَرَجِّياً، وَتَكُونُ بِمَعْنَى كيْ عَلَى رأْي الْكُوفِيِّينَ؛ وَيُنْشِدُونَ:(11/473)
فأَبْلُوني بَلِيَّتَكُمْ لَعَلِّي ... أُصالِحُكُم، وأَسْتَدْرِجْ نُوَيّا «3»
. وَتَكُونُ ظَنًّا كَقَوْلِكَ لَعَلِّي أَحُجُّ العامَ، وَمَعْنَاهُ أَظُنُّني سأَحُجُّ، كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
لَعَلَّ مَنايانا تَبَدَّلْنَ أَبْؤُسا
أَي أَظُنُّ مَنَايَانَا تبدَّلنَ أَبؤُسا؛ وَكَقَوْلِ صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:
لعَلَّكَ هالِكٌ أَمَّا غُلامٌ ... تَبَوَّأَ مِنْ شَمَنْصِيرٍ مَقاما
وَتَكُونُ بِمَعْنَى عَسى كَقَوْلِكَ: لعَلَّ عبدَ اللَّهِ يَقُومُ، مَعْنَاهُ عَسى عبدُ اللَّهِ؛ وَذَلِكَ بِدَلِيلِ دُخُولِ أَن فِي خَبَرِهَا فِي نَحْوِ قَوْلِ مُتَمِّم:
لعَلَّكَ يَوْماً أَن تُلِمَّ مُلِمَّةٌ ... عَلَيْك مِنَ اللَّاتي يَدَعْنَكَ أَجْدَعا
وَتَكُونُ بِمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ كَقَوْلِكَ: لَعَلَّك تَشْتُمُني فأُعاقِبَك؟ مَعْنَاهُ هَلْ تشْتُمني، وَقَدْ جَاءَتْ فِي التَّنْزِيلِ بِمَعْنَى كَيْ، وَفِي حَدِيثِ
حَاطِبٍ: وَمَا يُدْريك لَعَلَّ اللهَ قَدِ اطَّلَع عَلَى أَهل بَدْرٍ فَقَالَ لَهُمُ اعْمَلوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ
؛ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَن مَعْنَى لَعَلَّ هَاهُنَا مِنْ جِهَةِ الظَّن والحِسْبان، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وإِنما هِيَ بِمَعْنَى عَسى، وعَسى ولعَلَّ مِنَ اللَّهِ تَحْقِيقٌ. وَيُقَالُ: عَلَّك تَفْعَل وعَلِّي أَفعَلُ ولَعَلِّي أَفعَلُ، وَرُبَّمَا قَالُوا: عَلَّني ولَعَّنِي ولعَلَّني؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
أَرِيني جَوَاداً مَاتَ هُزْلًا، لعَلَّني ... أَرى مَا تَرَيْنَ، أَو بَخِيلًا مُخَلَّدا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو عُبَيْدَةَ أَن هَذَا الْبَيْتَ لحُطائط بْنِ يَعْفُر، وَذَكَرَ الْحَوْفِيُّ أَنه لدُرَيد، وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لِحَاتِمٍ مَعْرُوفَةٍ مَشْهُورَةٍ. وعَلَّ ولَعَلَّ: لُغَتَانِ بِمَعْنًى مِثْلُ إِنَّ ولَيتَ وكأَنَّ ولكِنَّ إِلَّا أَنها تَعْمَلُ عَمَلَ الْفِعْلِ لشبههنَّ بِهِ فَتَنْصِبُ الِاسْمَ وَتَرْفَعُ الْخَبَرَ كَمَا تَفْعَلُ كَانَ وأَخواتها مِنَ الأَفعال، وَبَعْضُهُمْ يخفِض مَا بَعْدَهَا فَيَقُولُ: لعَلَّ زيدٍ قائمٌ؛ سَمِعَهُ أَبو زَيْدٍ مِنْ عُقَيل. وَقَالُوا لَعَلَّتْ، فأَنَّثُوا لعَلَّ بِالتَّاءِ، وَلَمْ يُبْدِلوها هَاءً فِي الْوَقْفِ كَمَا لَمْ يُبْدِلُوهَا فِي رُبَّتْ وثُمَّت ولاتَ، لأَنه لَيْسَ لِلْحَرْفِ قوَّةُ الِاسْمِ وتصَرُّفُه، وَقَالُوا لعَنَّك ولغَنَّك ورَعَنَّكَ ورَغَنَّك؛ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْبَدَلِ، قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ سَمِعْتُ أَبا النَّجْمِ يَقُولُ:
أُغْدُ لَعَلْنا فِي الرِّهان نُرْسِلُه
أَراد لعَلَّنا، وَكَذَلِكَ لَأَنَّا ولَأَنَّنا؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبا الصَّقْر يُنْشِدُ:
أَرِيني جَوَاداً مَاتَ هُزْلًا، لَأَنَّنِي ... أَرَى مَا تَرَيْنَ، أَو بَخِيلًا مُخَلَّدا
وَبَعْضُهُمْ يقول: لَوَنَّني.
عمل: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ الصَّدَقات: وَالْعامِلِينَ عَلَيْها
؛ هُمُ السُّعاة الَّذِينَ يأْخذون الصَّدَقات مِنْ أَربابها، وَاحِدُهُمْ عامِلٌ وساعٍ. وَفِي الْحَدِيثِ
: مَا ترَكْتُ بعد نَفقة عيالي ومَؤُونة عامِلي صَدَقةٌ
؛ أَراد بِعِيَالِهِ زَوْجاتِه، وبعامِله الخَلِيفة بَعْدَهُ، وإِنما خَصَّ أَزواجَه لأَنه لَا يَجُوزُ نكاحُهُن فجَرَت لهنَّ النفقةُ فإِنهن كالمُعْتَدَّات. والعامِلُ: هُوَ الَّذِي يتوَلَّى أُمور الرَّجُلِ فِي مَالِهِ ومِلْكِه وعمَلِه، وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّذِي يَسْتَخْرج الزَّكَاةَ: عامِل.
__________
(3) . فسره الدسوقي فقال: أبلوني أعطوني، والبلية الناقة تعقل على قبر صاحبها الميت بلا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ حَتَّى تموت، ونويّ بفتح الواو كهويّ، وأَصله نواي كعصاي قلبت الألف ياء على لغة هذيل والشاعر منهم، والنوى الجهة التي ينويها المسافر. وقوله: استدرج، هكذا مجزومة في الأَصل(11/474)
والعَمَل: المِهْنة والفِعْل، وَالْجَمْعُ أَعْمَال، عَمِلَ عَمَلًا، وأَعْمَلَه غَيرهُ واسْتَعْمَلَه، واعْتَمَلَ الرجلُ: عَمِلَ بِنَفْسِهِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
إِنَّ الكَرِيمَ، وأَبِيك، يَعْتَمِل ... إِنْ لَمْ يَجِدْ يَوْمًا عَلَى مَنْ يتَّكِل،
فيَكْتَسِي مِنْ بَعْدِها ويكتحِل
أَراد مَنْ يَتَّكِلُ عَلَيْهِ، فَحَذَفَ عَلَيْهِ هَذِهِ وَزَادَ عَلى متقدِّمةً، أَلا تَرَى أَنه يَعْتَمِل إِنْ لم يَجِدْ مَنْ يَتَّكِل عَلَيْهِ؟ وَقِيلَ: العَمَلُ لِغَيْرِهِ والاعْتِمالُ لِنَفْسِهِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا كَمَا يُقَالُ اخْتَدَم إِذا خَدَم نَفْسَه، واقْتَرَأَ إِذا قَرَأَ السلامَ عَلَى نَفْسِهِ. واسْتَعْمَلَ فُلَانٌ غيرَه إِذا سَأَله أَن يَعْمَل لَهُ، واسْتَعْمَلَه: طَلَب إِليه العَمَل. واعْتَمَلَ: اضْطَرَبَ فِي العَمَل. واسْتُعْمِلَ فُلَانٌ إِذا وَليَ عَمَلًا مِنْ أَعْمالِ السُّلْطَانِ. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
دَفَع إِليهم أَرْضَهُم عَلَى أَن يَعْتَمِلوها مِنْ أَموالهم
؛ الاعْتمال: افْتِعَالٌ مِنَ العَمَل أَي أَنهم يَقُومون بِمَا يُحْتاج إِليه مِنْ عِمارة وَزِرَاعَةٍ وتَلقيح وحِرَاسة وَنَحْوِ ذَلِكَ. وأَعْمَلَ فُلَانٌ ذِهْنَه فِي كَذَا وَكَذَا إِذا دَبَّره بِفَهْمِهِ. وأَعْمَلَ رَأْيَه وآلَتَه ولِسانَه واسْتَعْمَله: عَمِل بِهِ. قَالَ الأَزهري: عَمِلَ فُلَانٌ العَمَلَ يَعْمَلُه عَمَلًا، فَهُوَ عَامِلٌ، قال: ولم يجيء فَعِلْتُ أَفْعَلُ فَعَلًا متعدِّياً إِلا فِي هَذَا الْحَرْفِ، وَفِي قَوْلِهِمْ: هَبِلَتْه أُمُّه هَبَلًا، وإِلَّا فَسَائِرُ الْكَلَامِ يَجِيءُ عَلَى فَعْلٍ سَاكِنِ الْعَيْنِ كَقَوْلِكَ سَرِطْتُ اللُّقْمَة سَرْطاً، وبَلِعْته بَلْعاً وَمَا أَشبهه. ورجلٌ عَمُولٌ إِذا كَانَ كَسُوباً. وَرَجُلٌ عَمِلٌ: ذُو عَمَلٍ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ وأَنشد لِسَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّة:
حَتى شَآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ، ... بَاتَتْ طِراباً، وَبَاتَ اللَّيْلَ لَمْ يَنَمِ
نَصَب سِيبَوَيْهِ مَوْهِناً بعَمِل «1» ودَفَعَه غيرُه مِنَ النَّحْوِيِّينَ فَقَالَ: إِنما هُوَ ظَرْفٌ، وَهَذَا حَسَنٌ مِنْهُ لأَنه إِنما يُحْمَل الشَّيْءُ عَلَى إِعْمال فَعِلٍ إِذا لَمْ يُوجَدُ مِنْ إِعْماله بُدٌّ. وَرَجُلٌ عَمُولٌ: بِمَعْنَى رَجُلٍ عَمِلٌ أَي مَطْبُوعٌ عَلَى العَمَل. وتَعَمَّلَ فُلَانٌ لِكَذَا، والتَّعْمِيل: تَوْلِيَةُ العَمَل. يُقَالُ: عَمَّلْت فُلَانًا عَلَى الْبَصْرَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدْ يَكُونُ عَمَّلْته بِمَعْنَى وَلَّيته وَجَعَلْتُهُ عامِلًا؛ وأَما مَا أَنشده الْفَرَّاءُ لِلَبِيدٍ:
أَو مِسْحَل عَمِل عِضادَة سَمْحَجٍ، ... بَسَراتِها نَدَبٌ لَهُ وكُلوم
فَقَالَ: أَوقع عَمِل عَلَى عِضادَة سَمْحَج، قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ عامِل لَكَانَ أَبْيَنَ فِي الْعَرَبِيَّةِ، قَالَ الأَزهري: العِضَادة فِي بَيْتِ لَبِيدٍ جَمْعَ العَضُد، وإِنما وَصَفَ عَيْراً وأَتانه فَجَعَلَ عَمِلَ بِمَعْنَى مُعْمِل «2» أَو عامِل، ثُمَّ جَعَلَهُ عَمِلًا، وَاللَّهُ أَعلم. واسْتَعْمَل فُلَانٌ اللَّبِنَ إِذا مَا بَنى بِهِ بِناءً. والعَمِلةُ: العَمَلُ، إِذا أَدخلوا الْهَاءَ كَسَرُوا الْمِيمَ. والعَمِلَة والعِمْلَة: مَا عُمِلَ. والعِمْلَة: حالَةُ العَمَل. ورَجُلٌ خبيثُ العِمْلة إِذا كَانَ خَبِيثَ الْكَسْبِ. وعِمْلَةُ الرَّجُلِ: باطِنَته في الشرِّ خاصة،
__________
(1) . قوله [نَصَبَ سِيبَوَيْهِ مَوْهِنًا بِعَمِلَ] هي عبارة المحكم، وفي المغني: وردّ على سيبويه في استدلاله على إِعمال فعيل بقوله: حتى شآها كليل
(2) . قوله [فَجَعَلَ عَمِلٍ بِمَعْنَى مُعْمِلٍ إلخ] عبارة التهذيب في ترجمة عضد وَيُقَالُ: فُلَانٌ عَضُدُ فُلَانٍ وَعِضَادَتُهُ وَمُعَاضِدُهُ إِذا كَانَ يُعَاوِنُهُ وَيُرَافِقُهُ، وَقَالَ لَبِيدٌ: أَو مِسْحَلٌ سَنِقَ عِضَادَةَ إلخ ثم قال في تفسيره: يقول هُوَ يَعْضُدُهَا، يَكُونُ مَرَّةً عَنْ يَمِينِهَا وَمَرَّةً عَنْ يسارها لا يفارقها(11/475)
وكلُّه مِنَ العَمَل. وَقَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ: مَا كَانَ لِي عَمِلَةٌ إِلا فسادُكم أَي مَا كَانَ لِي عَمَلٌ. والعِمْلَة والعُمْلَةُ والعَمالة والعُمالة والعِمَالة؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كُلُّهُ: أَجْرُ مَا عُمِل. وَيُقَالُ: عَمَّلْت القومَ عُمالَتَهم إِذا أَعطيتهم إِيَّاهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لِابْنِ السَّعْدي: خُذْ مَا أُعْطِيتَ فإِنِّي عَمِلْتُ عَلَى عَهْد رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَمَّلَني
أَي أَعطاني عُمالتي وأُجْرَةَ عَمَلي، يُقَالُ مِنْهُ: أَعْملته وعَمَّلْته. قَالَ الأَزهري: العُمالة، بِالضَّمِّ، رِزْقُ العامِلِ الَّذِي جُعِل لَهُ عَلَى مَا قُلِّد مِنَ العَمَل. وعامَلْتُ الرجلَ أُعامِلُه مُعَامَلةً، والمُعامَلة فِي كَلَامِ أَهل الْعِرَاقِ: هِيَ المُساقاة فِي كَلَامِ الحِجازيين. والعَمَلَة: القومُ يَعْمَلون بأَيديهم ضُرُوبًا مِنَ العَمَل فِي طِينٍ أَو حَفْرٍ أَو غَيْرِهِ. وعَامَلَه: سامَه بعَمَلٍ. والعامِلُ فِي الْعَرَبِيَّةِ: مَا عَمِلَ عَمَلًا مَّا فرفَعَ أَو نَصَب أَو جَرَّ، كالفِعْل وَالنَّاصِبِ وَالْجَازِمِ وكالأَسماء الَّتِي مِنْ شأْنها أَن تَعْمَلَ أَيضاً وكأَسْماء الفِعْل، وَقَدْ عَمِلَ الشيءُ فِي الشَّيْءِ: أَحْدَثَ فِيهِ نَوْعًا مِنَ الإِعراب. وعَمِلَ بِهِ العِمِلِّين: بالَغ فِي أَذاه وعَمِلَه بِهِ، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: عَمِلَ بِهِ العِمْلِين، بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ العِمَلِين، بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا. وَيُقَالُ: لَا تَتَعَمَّلْ فِي أَمْر كَذَا كَقَوْلِكَ لَا تَتَعَنَّ. وَقَدْ تَعَمَّلْت لَكَ أَي تَعَنَّيْت مِنْ أَجلك؛ قَالَ مُزَاحم العُقَيلي:
تَكادُ مَغانِيها تَقُولُ مِنَ البِلى ... لِسائِلها عَنْ أَهْلِها؛ لَا تَعَمَّل
أَي لَا تَتَعَنَّ فَلَيْسَ لَكَ فَرَجٌ فِي سُؤَالِكَ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: سَوْفَ أَتَعَمَّلُ فِي حَاجَتِكَ أَي أَتَعَنَّى؛ وَقَوْلُ الْجَعْدِيِّ يَصِفُ فَرَسًا:
وتَرْقبُهُ بعامِلَةٍ قَذُوفٍ، ... سَرِيعٍ طَرْفُها قَلِقٍ قَذَاها
أَي تَرْقُبه بِعَيْنٍ بَعِيدَةِ النَّظَر. واليَعْمَلَة مِنَ الإِبل: النَّجِيبة المُعْتَمَلة الْمَطْبُوعَةُ عَلَى العَمَل، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلا للأُنثى؛ هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، وَقَدْ حَكَى أَبو عَلِيٍّ يَعْمَلٌ ويَعْمَلَة. واليَعْمَلُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ: اسْمٌ لأَنه لَا يُقَالُ جَمَلٌ يَعْمَلٌ وَلَا نَاقَةٌ يَعْمَلَةٌ، إِنما يُقَالُ يَعْمَلٌ ويَعْمَلَة، فيُعْلَم أَنه يُعْنى بِهِمَا الْبَعِيرُ وَالنَّاقَةُ، وَلِذَلِكَ قَالَ لَا نَعلَم يَفْعَلًا جَاءَ وَصْفًا، وَقَالَ فِي بَابِ مَا لَا يَنْصَرِفُ: إِن سَمَّيْتَهُ بيَعْمَلٍ جَمْعُ يَعْمَلَة فَحَجِّرْ بِلَفْظِ الْجَمْعِ أَن يَكُونَ صِفَةً لِلْوَاحِدِ الْمُذَكَّرِ، وَبَعْضُهُمْ يَرُدُّ هَذَا ويَجْعَل اليَعْمَلَ وَصْفًا. وَقَالَ كُرَاعٌ: اليَعْمَلَة النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ اشْتَقَّ لَهَا اسْمٌ مِنَ العَمَل، وَالْجَمْعُ يَعْمَلات؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلرَّاجِزِ:
يَا زَيْدُ زَيْدَ اليَعْمَلاتِ الذُّبَّل، ... تَطاوَلَ اللَّيْلُ عليكَ، فانْزِل
قَالَ: وَذَكَرَ النَّحَّاسُ فِي الطَّبَقَاتِ أَن هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحة. وَنَاقَةٌ عَمِلَةٌ بَيِّنة العَمالة: فَارِهَةُ مَثَلُ اليَعْمَلة، وَقَدْ عَمِلَتْ؛ قَالَ القَطامِيّ:
نِعْمَ الفَتى عَمِلَتْ إِليه مَطِيَّتي، ... لَا نَشْتَكي جَهْدَ السِّفار كِلَانَا
وحَبْلٌ مُسْتَعْمَلٌ: قَدْ عُمِل بِهِ ومُهِن. وَيُقَالُ:(11/476)
أَعْمَلْت الناقةَ فَعَمِلَت. وَفِي الْحَدِيثِ
: لَا تُعْمَلُ المَطِيُّ إِلا إِلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ
أَي لَا تُحَثُّ وَلَا تُساق؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الإِسْراء والبُراق:
فعَمِلَتْ بأُذُنَيْها
أَي أَسرعت لأَنها إِذا أَسْرَعَتْ حَرَّكت أُذُنيها لشدَّة السَّيْرِ. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ: يُعْمِل الناقةَ والسَّاقَ
،؛ أَخبر أَنه قَوِيٌّ عَلَى السَّيْرِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا، فَهُوَ يَجْمَعُ بَيْنَ الأَمرين، وأَنه حاذِقٌ بالرُّكُوب والمَشْي. وعَمِلَ البَرْقُ عَمَلًا، فَهُوَ عَمِلٌ: دامَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة وأَنشد:
حَتى شَآهَا كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ
وعُمِّلَ فُلَانٌ عَلَى الْقَوْمِ: أُمِّرَ. والعَوامِلُ: الأَرجل؛ قَالَ الأَزهري: عَوامِلُ الدَّابَّةِ قَوَائِمُهُ، وَاحِدَتُهَا عامِلة. والعَوامِل: بَقَر الحَرْث والدِّياسة. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
لَيْسَ فِي العَوامِل شَيْءٌ
؛ العَوامِل مِنَ الْبَقَرِ: جَمْعُ عَامِلَة وَهِيَ الَّتِي يُسْتَقى عَلَيْهَا ويُحْرَث وَتُسْتَعْمَلُ فِي الأَشغال، وَهَذَا الْحُكْمُ مطَّرد فِي الإِبل. وعامِلُ الرُّمح وعامِلته: صَدْرُه دُونَ السِّنان وَيُجْمَعُ عَوامِل، وَقِيلَ: عَامِلُ الرُّمْح مَا يَلي السِّنان، وَهُوَ دُونُ الثَّعْلب. وَطَرِيقٌ مُعْمَلٌ أَي لحْبٌ مَسْلُوكٌ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لَمْ أَرَ النَّفَقة تَعْمَل كَمَا تَعْمَل بِمَكَّةَ، وَلَمْ يُفَسِّره إِلَّا أَنه أَتبعه بِقَوْلِهِ: وَكَمَا تُنْفَق بِمَكَّةَ، فَعَسَى أَن يَكُونَ الأَول فِي هَذَا الْمَعْنَى: وعَمَلٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَتِ امرأَة تُرَقِّص وَلَدَهَا:
أَشْبِهْ أَبا أُمِّك، أَو أَشبِهْ عَمَل، ... وارْقَ إِلى الخَيرات زَنْأً فِي الجَبَل
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو زَيْدٍ الَّذِي رَقَّصه هُوَ أَبوه وَهُوَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ، وَاسْمُ الْوَلَدِ حَكِيمٌ، وَاسْمُ أُمه مَنْفُوسَةُ بِنْتُ زَيْد الخَيْل؛ وأَما الَّذِي قَالَتْهُ أُمه فِيهِ فَهُوَ:
أَشْبِهْ أَخي، أَو أَشبِهَنْ أَباكا، ... أَمَّا أَبي فَلَنْ تَنالَ ذَاكَا،
تَقْصُرُ أَن تَنالَهُ يَداكا
قَالَ الأَزهري: وَالْمُسَافِرُونَ إِذا مَشَوْا عَلَى أَرجلهم يُسَمَّوْن بَنِي العَمَل؛ وأَنشد الأَصمعي:
فذَكَرَ اللهَ وسَمَّى ونَزَل ... «1» . بِمَنْزِل يَنْزِله بَنُو عَمَل،
لَا ضَفَفٌ يَشْغَلُه وَلَا ثَقَل
وَبَنُو عامِلة وَبَنُو عُمَيْلة: حَيَّان مِنَ الْعَرَبِ؛ قَالَ الأَزهري: عَامِلَة قَبِيلَةٌ إِليها يُنْسَب عَدِيُّ بْنُ الرِّقاع العامِليُّ، وعامِلة حيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ عَامِلَة بْنُ سَبإٍ، وَتَزْعُمُ نُسَّاب مُضَر أَنهم مِنْ وَلَدِ قَاسِطٍ؛ قَالَ الأَعشى:
أَعامِلَ حَتَّى مَتى تَذْهَبِين ... إِلى غَيْرِ والدِكِ الأَكْرم؟
ووالِدُكُم قاسِطٌ، فارْجِعوا ... إِلى النَّسَبِ الأَتْلَد الأَقْدَم
وعَمَلى: مَوْضِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
: سُئِلَ عَنْ أَولاد الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: اللَّهُ أَعلم بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ
؛ رَوَى ابْنُ الأَثير عَنِ الْخَطَّابِيِّ قَالَ: ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ يُوهِمُ أَنه لَمْ يُفْتِ السَّائِلَ عَنْهُمْ وأَنه رَدَّ الأَمر فِي ذَلِكَ إِلى عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وإِنما مَعْنَاهُ أَنهم مُلْحَقون فِي الْكُفْرِ بِآبَائِهِمْ، لأَن اللَّهَ تَعَالَى قَدْ عَلِمَ أَنهم لَوْ بَقُوا أَحياءً حَتَّى يَكْبَروا لعَمِلوا عَمَلَ الكفَّار، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قُلْتُ فَذَرَارِيُّ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ، قُلْتُ: بِلا عَمَلٍ، قال: الله
__________
(1) . قوله [ونزل] قال في التهذيب: أي أقام بمنى(11/477)
أَعلم بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ
؛ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِيهِ: إِن كُلَّ مَوْلُودٍ إِنما يُولَد عَلَى فِطرته الَّتِي وُلد عَلَيْهَا مِنَ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ وَعَلَى مَا قُدِّر لَهُ مِنْ كُفْرِ وإِيمان، فكلٌّ مِنْهُمْ عامِلٌ فِي الدُّنْيَا بِالْعَمَلِ الْمَشَاكِلِ لفِطْرته وَصَائِرٌ فِي الْعَاقِبَةِ إِلى مَا فُطِر عَلَيْهِ، فَمِنْ عَلَامَاتِ الشَّقَاوَةِ لِلطِّفْلِ أَن يُولَد بَيْنَ مُشْرِكَين فيحْمِلانه عَلَى اعْتِقَادِ دِينِهِمَا ويُعَلِّمانه إِياه، أَو يَمُوتَ قَبْلَ أَن يَعْقِل ويَصِف الدِّينَ فيُحْكَم لَهُ بحُكم وَالِدَيْهِ إِذ هُوَ فِي حُكْمِ الشَّرِيعَةِ تَبَعٌ لَهُمَا، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لأَنا رأَينا وَعَلِمْنَا أَن ثَمَّ مَن وُلِدَ بَيْنَ مُشْركَين وَحَمَلَاهُ عَلَى اعْتِقَادِ دِينِهِمَا وعَلَّماه، ثُمَّ جَاءَتْ لَهُ خَاتِمَةٌ مِنْ إِسلامه وَدِينِهِ تَعُدُّه مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ الصَّالِحِينَ، وأَما الَّذِي فِي حَدِيثِ
الشَّعْبي: أَنه أُتي بِشَرَابٍ مَعْمول
، فَقِيلَ: هُوَ الَّذِي فِيهِ اللَّبن والعَسل والثَّلج.
عمثل: العَمَيْثَل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الْبَطِيءُ لعِظَمه أَو ترَهُّله، والأُنثى بِالْهَاءِ. والعَمَيْثَلة مِنَ الإِبل: الْجَسِيمَةُ. والعَمَيْثَل: الَّذِي يُطِيل ثِيَابَهُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: العَمَيْثَل الْبَطِيءُ الَّذِي يُسْبِل ثِيَابَهُ كالوادِع الَّذِي يُكْفَى العَمَل وَلَا يَحْتَاجُ إِلى التَّشْمِيرِ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّخْم الثَّقِيلُ كأَن فِيهِ بُطْأً مِنْ عِظَمه، وَجَمْعُهُ العَمائِل. والعَمَيْثَل: الطَّوِيلُ الذَّنَب مِنَ الظِّبَاءِ والوُعول. وَقَالَ الأَصمعي: العَمَيْثَل مِنَ الوُعول الذَّيَّال بِذَنَبِهِ. والعَمَيْثَل: الْقَصِيرُ الْمُسْتَرْخِي؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَهْدي بِهَا كُلُّ نِيافٍ عَنْدَل، ... رُكِّب فِي ضَخْم الذَّفارى قَنْدَل
«2» . لَيْسَ بمُلْتاثٍ وَلَا عَمَيْثَل، ... وَلَيْسَ بالفَيَّادة المُقَصْمِل
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ العَمَيْثَل هُنَا الَّذِي يُطِيلُ ثِيَابَهُ. والعَمَيْثَل: الجَلد النَّشيط؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ، وَقِيلَ: العَمَيْثَل الضَّخْمُ الشَّدِيدُ الْعَرِيضُ، وَهُوَ مِنْ صِفَةِ الأَسد وَالْجَمَلِ وَالْفَرَسِ وَالرَّجُلِ، وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ قَالَ: لَيْسَ أَحد فَسَّر العَميْثَل أَنه الفرسُ والأَسدُ والرجلُ الضَّخْم والكبشُ الكبيرُ الْقَرْنِ الكثيرُ الصُّوفِ والطويلُ الذَّيل غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ.
عنبل: العُنْبُل والعُنْبُلَة: البَظْر. وامرأَة عُنْبُلَة: طَوِيلَةُ العُنْبُل، وعَنْبَلتُها طُول بَظْرِها؛ قَالَ جَرِيرٌ:
إِذا تَرَمَّزَ بَعْدَ الطَّلْق عُنْبُلُها، ... قَالَ القَوابِلُ: هَذَا مِشْفَرُ الفِيل
والعُنْبُلَة: الْخَشَبَةُ الَّتِي يُدَقُّ عَلَيْهَا بالمِهْراس «3» . والعُنابِل: الْوَتَرُ الْغَلِيظُ، وَقِيلَ: العُنابِل الْغَلِيظُ؛ وَقَالَ عاصم بن ثابت:
ما عِلَّتي، وأَنا طَبٌّ خاتِلُ ... «4» . والقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عُنابِلُ
تَزِلُّ عَنْ صَفْحَتِه المَعابِلُ
وَيُقَالُ لبُظارة المرأَة: العُنْبُل والعُنْتُل مِثْلُ نَبَع الماءُ ونتَع. والعُنابِل، بِالضَّمِّ: الصُّلْب المَتِين، وَجَمْعُهُ عَنابِل، بِالْفَتْحِ، مِثْلَ جُوالِق وجَوالِق. ابْنُ بَرِّيٍّ: ابْنُ خَالَوَيْهِ العُنْبُليُّ الزِّنْجي، والعُنْبُل البُظارة؛ وأَنشد:
يَا رِيَّها، وَقَدْ بَدَا مَسِيحي، ... وابْتَلَّ ثوْبايَ مِنَ النَّضِيحِ،
وَصَارَ رِيحُ العُنْبُليّ رِيحي
__________
(2) . قوله [يهدي بها] هكذا في الأصل، وسيأتي في ترجمة قندل: تهدي بنا، وكذا في الصحاح
(3) . قوله [يدق عليها بالمهراس] هذه عبارة ابن سيدة وتبعه المجد، وعبارة الأزهري: يدق بها في المهراس الشيء انتهى. والمهراس: الهاون كما في كتب اللغة
(4) . قوله [طب خاتل] تقدم في مادة علل: جلد نابل(11/478)
والعَبَنْبَل: الْجَسِيمُ الْعَظِيمُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو للبَولاني:
لمَّا رأَتْ أَن زُوِّجَت حَزَنْبَلا، ... ذَا شَيْبةٍ يَمْشِي الهُوَيْنى حَوقلا،
إِذا تُناغِيه الفَتاةُ انْجَفَلا، ... وَقَامَ يَدْعو رَبَّه تَبَتُّلا،
قَالَتْ لَهُ: مُتَّ وَشِيكاً عَجِلا، ... كُنْتُ أُريدُ ناشِئاً عَبَنْبَلا
يَهْوَى النِّساءَ، ويُحِبُّ الغَزَلا
عنتل: العُنْتُل: الصُّلْب الشَّدِيدُ. وَيُقَالُ لبُظارة المرأَة: العُنْبُل والعُنْتُل مِثْلُ نَبَع الماءُ ونَتَع؛ قَالَ أَبو صَفْوَانَ الأَسدي يَهْجُو ابْنَ مَيَّادة:
أَلَهْفي عليْك، يَا ابْنَ مَيَّادةَ الَّتِي ... يَكُونُ ذِياراً، لَا يُحَتُّ خِضَابُها
إِذا زَبَنَتْ عَنْهَا الفَصِيلَ برِجْلِها، ... بَدَا مِنْ فُروج الشَّمْلَتَين عُنَابُها
بَدَا عُنْتُلٌ لَوْ تُوضَع الفَأْسُ فَوقه ... مُذَكَّرةً، لانْفَلَّ عَنْهَا غُرابُها
وَقَدْ رُوِيَ: بَدَا عُنْبُلٌ، بِالْبَاءِ أَيضاً؛ والذِّيار: البَعَر الَّذِي يُضَمَّد بِهِ الإِحْلِيل لِئَلَّا يؤثِّر فِيهِ الضِّراب، والعَنْتَل: فَرْجُ المرأَة، بِالْفَتْحِ، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ العُنْتُل، بضم العين والتاء.
عنثل: أُمُّ عَنْثَل: الضِّبُع؛ حكاه سيبويه.
عنجل: العُنْجُل: الشيخُ إِذا انْحَسَرَ لحمُه وبَدَت عِظامُه. والعُنْجُول: دُوَيْبَّة؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَقف عَلَى حَقِيقَةِ صِفَتِهَا. الأَزهري: العُنْجُف والعُنْجُوف جَمِيعًا الْيَابِسُ هُزالًا، وَكَذَلِكَ العُنْجُل، وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ قَالَ: لَمْ يَفْرُق أَحدٌ لَنَا بَيْنَ العُنْجُل والغُنْجُل إِلا الزَّاهِدُ قَالَ: العُنْجُل الشيخُ المُدْرَهِمُّ إِذا بَدَتْ عِظامُه، وَبِالْغَيْنِ التُّفَّة، وَهُوَ عَنَاق الأَرض.
عندل: عَنْدَل البعيرُ: اشتدَّ عَصَبه، وَقِيلَ: عَنْدَلَ اشتدَّ، وصَنْدَلَ ضَخُم رأْسُه. والعَنْدَل: النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ الرأْس الضَّخْمة، وَقِيلَ: هِيَ الشَّدِيدَةُ، وَقِيلَ: الطَّوِيلَةُ. والعَنْدَل: الطَّوِيلُ، والأُنثى عَنْدَلة، وَقِيلَ: هُوَ الْعَظِيمُ الرأْس مِثْلُ القَنْدَل. والعَنْدَل: الْبَعِيرُ الضَّخْمُ الرأْس، يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ والمؤَنث، ذَكَرَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَدَلَ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: المُعْتَدِلة مِنَ النُّوقِ المُثَقَّفَة الأَعضاء بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، قَالَ: وَرَوَى شَمِر عَنْ مُحَارِبٍ قَالَ المُعَنْدِلة مِنَ النُّوقِ، وَجَعَلَهُ رُبَاعِيًّا مِنْ بَابِ عَنْدَل، قَالَ الأَزهري: وَالصَّوَابُ المُعْتَدِلة، بِالتَّاءِ؛ وَرَوَى شَمِرٌ عَنْ أَبي عَدْنَانَ أَن الْكِنَانِيَّ أَنشده:
وعَدَلَ الفَحْلُ، وإِن لم يُعْدَل، ... واعْتَدَلتْ ذاتُ السَّنامِ الأَمْيَل
قَالَ: اعتدالُ ذَاتِ السَّنام الأَميل استقامةُ سَنامها من السِّمَن بعد ما كَانَ مَائِلًا، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الْحَرْفَ الَّذِي رَوَاهُ شَمِرٌ عَنْ مُحَارِبٍ فِي المُعَنْدِلة غَيْرُ صَحِيحٍ، وأَن الصَّوَابَ المُعْتَدِلة لأَن النَّاقَةَ إِذا سَمِنت اعْتَدَلَتْ أَعضاؤها كُلُّهَا مِنَ السَّنَامِ وَغَيْرِهِ. ومُعَنْدِلة: من العَنْدل وهو الصُّلْب الرأْس. والعَنْدَل: السَّرِيعُ. والعَنْدَلِيل: طَائِرٌ يُصَوِّتُ أَلواناً. والبُلْبُل يُعَنْدِل أَي يُصوِّت. وعَنْدَل الهُدْهُد إِذا صوَّت عَنْدَلة. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ سِيبَوَيْهِ إِذا كَانَتِ النُّونُ ثَانِيَةً فَلَا تُجْعَلُ زَائِدَةً إِلَّا بثَبَتٍ. الأَزهري: العَنْدَلِيب طَائِرٌ أَصغر مِنَ الْعُصْفُورِ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ البُلْبُل، وَقَالَ(11/479)
الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ الهَزَار، وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ أَنه قَالَ: عَلَيْكُمْ بشِعْر الأَعشى فإِنه بِمَنْزِلَةِ الْبَازِي يَصِيد مَا بَيْنَ الكُرْكِيِّ والعَنْدَلِيب، قَالَ: وَهُوَ طَائِرٌ أَصغر مِنَ الْعُصْفُورِ، وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ طَائِرٌ يُصوِّت أَلواناً، قَالَ الأَزهري: وجعَلْتُه رُباعيًّا لأَن أَصله العَنْدَل، ثُمَّ مُدَّ بِيَاءٍ وكُسِعت بِلَامٍ مُكَرَّرَةٍ ثُمَّ قُلِبت بَاءً؛ وأَنشد لِبَعْضِ شُعَرَاءٍ غَنِيّ:
والعَنْدَلِيلُ، إِذا زَقَا فِي جَنَّةٍ، ... خيْرٌ وأَحْسَنُ مِنْ زُقاءِ الدُّخَّل
وَالْجَمْعُ العَنَادِل؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ مَحْذُوفٌ مِنْهُ لأَن كُلَّ اسْمٍ جَاوَزَ أَربعة أَحرف وَلَمْ يَكُنِ الرَّابِعُ مِنْ حُرُوفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ فإِنه يُرَدُّ إِلى الرُّباعي، ثُمَّ يُبْنَى مِنْهُ الْجَمْعُ وَالتَّصْغِيرُ، فإِن كَانَ الْحَرْفُ الرَّابِعُ مِنْ حُرُوفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ فإِنها لَا تُرَدُّ إِلى الرُّبَاعِيِّ وَتُبْنَى مِنْهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
كَيْفَ تَرعى فِعْل طَلاحِيَّاتِها، ... عَنادِلِ الهاماتِ صَنْدَلاتِها؟
وامرأَة عَنْدَلَةٌ: ضَخْمة الثَّدْيَيْنِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ليسَتْ بعَصْلاءَ يَذْمِي الكَلبَ نَكْهَتُها، ... وَلَا بعَنْدَلةٍ يَصْطَكُّ ثَدْياها
عنسل: الأَزهري: اللَّيْثُ العَنْسَل النَّاقَةُ الْقَوِيَّةُ السَّرِيعَةُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: النُّونُ زَائِدَةٌ أُخذ مِنْ عَسَلان الذِّئْبِ؛ أَنشد الْجَوْهَرِيُّ للأَعشى:
وقدْ أَقْطَعُ الجَوْزَ، جَوْزَ الفَلاة، ... بالحُرَّة البازِلِ العَنْسَل
عنصل: الأَزهري: يُقَالُ عُنْصُل وعُنْصَل للبَصَل البَرِّي، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: العُنْصُل والعُنْصَل كُرَّاث بَرِّي يُعْمَل مِنْهُ خَلٌّ يُقَالُ لَهُ خَلُّ العُنْصُلانيّ، وَهُوَ أَشدُّ الخَلِّ حُموضةً؛ قَالَ الأَصمعي: ورأَيته فَلَمْ أَقدر عَلَى أَكله، وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: العُنْصُلاء نَبْتٌ، قَالَ الأَزهري: العُنْصُل نَبَاتٌ أَصله شِبْهُ البَصَل ووَرَقه كَوَرَقِ الكُرَّاث وأَعْرَضُ مِنْهُ، ونَوْره أَصفر تَتَّخِذُهُ صِبْيَانُ الأَعراب أَكالِيل؛ وأَنشد:
والضَّرْبُ فِي جَأْواءَ مَلْمومةٍ، ... كأَنَّما هامَتُها عُنْصُل
الْجَوْهَرِيُّ: العُنْصُلُ والعُنْصَل البَصَل البرِّي، والعُنْصُلاءُ والعُنْصَلاء مِثْلُهُ، وَالْجَمْعُ العَنَاصِل، وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الأَطباء الإِسْقال، وَيَكُونُ مِنْهُ خَلٌّ. قَالَ: والعُنْصُل مَوْضِعٌ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا ضَلَّ: أَخذ في طريق العُنْصُلَيْن، وَطَرِيقُ العُنْصُل هُوَ طَرِيقٌ مِنَ الْيَمَامَةِ إِلى الْبَصْرَةِ؛ وَرَوَى الأَزهري أَن الْفَرَزْدَقَ قَدِم مِنَ الْيَمَامَةِ ودَلِيلُه عاصمٌ رجلٌ مِنْ بَلْعَنْبَر فضَلَّ بِهِ الطريقَ فَقَالَ:
وَمَا نحْنُ، إِن جَارَتْ صُدورُ رِكابنا، ... بأَوَّلِ مَنْ غَوَّتْ دَلالةُ عَاصِمِ
أَرادَ طَريقَ العُنْصُلَيْن، فياسَرَتْ ... بِهِ العِيسُ فِي وَادِي الصُّوَى المُتَشائم
وكيْفَ يَضِلُّ العَنْبَريُّ ببَلْدةٍ، ... بِهَا قُطِعَتْ عَنْهُ سُيورُ التَّمائِم؟
قَالَ أَبو حَاتِمٍ: سأَلت الأَصمعي عَنْ طَرِيقٍ العُنْصُلين فَفَتَحَ الصاد، قال: ولا يقل بِضَمِّ الصَّادِ، قَالَ: وَتَقُولُهُ الْعَامَّةُ إِذا أَخطأَ إِنسان الطَّرِيقَ، وَذَلِكَ أَن الْفَرَزْدَقَ ذَكَرَ فِي شِعْرِهِ إِنساناً ضَلَّ فِي هَذَا الطَّرِيقِ فَقَالَ:
أَراد طَرِيقَ العُنْصَلَينِ فيَاسَرَتْ(11/480)
فَظَنَّتِ الْعَامَّةُ أَن كُلَّ مَنْ ضَلَّ يَنْبَغِي أَن يُقَالَ لَهُ هَذَا، قَالَ: وَطَرِيقُ العُنْصَلين هُوَ طَرِيقٌ مُسْتَقِيمٌ، وَالْفَرَزْدَقُ وَصَفَه عَلَى الصَّوَابِ فَظَنَّ النَّاسُ أَنه وَصَفَه على الخطإِ.
عنظل: العَنْظَل: بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والعَنظَلة والنَّعْظَلة، كِلَاهُمَا: العَدْو الْبَطِيءُ.
عنكل: العَنْكَل: الصُّلْب.
عهل: العَيْهَل والعَيْهَلَة والعَيْهُول والعَيْهال: النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ؛ وأَنشد فِي العَيْهَل:
وبَلْدَةٍ تَجَهَّمُ الجَهُوما، ... زَجَرْتُ فِيهَا عَيْهَلًا رَسُوما
وَقَالَ فِي العَيْهَلة:
ناشُوا الرِّجالَ فَسالَتْ كلُّ عَيْهَلة، ... عُبْر السِّفار مَلُوسِ اللَّيْل بالكُور «1»
. وَقِيلَ: العَيْهَل والعَيْهلة النَّجِيبَةُ الشَّدِيدَةُ، وَقِيلَ: العَيْهَل الذَّكَرُ مِنَ الإِبل، والأُنثى عَيْهَلة، وَقِيلَ: العَيْهل الطَّوِيلَةُ، وَقِيلَ: الشَّدِيدَةُ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا قَالُوا عَيْهَلٌّ، مُشَدَّدًا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ؛ قَالَ مَنْظُورُ بْنُ مَرْثَد الأَسدي:
إِنْ تَبْخَلي، يَا جُمْل، أَو تَعْتَلِّي ... أَو تُصْبحي فِي الظَّاعِنِ المُوَلِّي
نُسَلِّ وَجْد الْهَائِمِ المُعْتَلِّ، ... ببازِلٍ وَجْناءَ أَو عَيْهَلِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: شَدَّدَ اللَّامَ لِتَمَامِ الْبِنَاءِ إِذ لَوْ قَالَ أَو عَيْهَل، بِالتَّخْفِيفِ، لَكَانَ مِنْ كَامِلِ السَّرِيعِ، والأَول كَمَا تَرَاهُ مِنْ مَشْطُورِ السَّرِيعِ، وإِنما هَذَا الشَّدُّ فِي الْوَقْفِ فأَجراه الشَّاعِرُ لِلضَّرُورَةِ حِينَ وَصَل مُجْراه إِذا وَقَف. وامرأَة عَيْهَلٌ وعَيْهَلَة: لَا تَسْتَقِرُّ نَزَقاً تَرَدَّدُ إِقبالًا وإِدباراً. وَيُقَالُ للمرأَة عَيْهَلٌ وعَيْهَلةٌ؛ وَلَا يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِلَّا عَيْهَلة «2» وأَنشد:
لِيَبْكِ أَبا الجَدْعاء ضَيْفٌ مُعَيَّلُ، ... وأَرْمَلةٌ تَغْشَى الدَّواخِنَ عَيْهَلُ
وأَنشد غَيْرُهُ:
فَنِعْمَ مُناخُ ضِيفانٍ وتَجْرٍ، ... ومُلْقَى زِفْرِ عَيْهَلة بَجَال
وَنَاقَةٌ عَيْهَلَة: ضَخْمة عَظِيمَةٌ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ جَمَل عَيْهَل. وَنَاقَةٌ عَيْهلة وعَيْهَلٌ؛ قَالَ ابْنُ الزُّبَير الأَسدي:
جُمَالِيَّة أَو عَيْهَل شَدْقَمِيَّة، ... بِهَا مِنْ نُدوبِ النِّسْعِ والكُورِ عاذرُ
ورِيحٌ عَيْهَلٌ: شَدِيدَةٌ. والعاهِلُ: المَلِك الأَعظم كَالْخَلِيفَةِ. أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ للمرأَة الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا عاهلٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ عَيْهَلْتُ الإِبل أَهملتها؛ وأَنشد لأَبي وَجْزَةَ:
عَيَاهلٌ عَيْهَلَها الذُّوَّاد «3» .
عول: العَوْل: المَيْل فِي الحُكْم إِلى الجَوْر. عالَ يَعُولُ عَوْلًا: جَارَ ومالَ عَنِ الْحَقِّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا
؛ وَقَالَ:
إِنَّا تَبِعْنا رَسُولَ اللَّهِ واطَّرَحوا ... قَوْلَ الرَّسول، وعالُوا فِي المَوازِين
__________
(1) . قوله [ناشوا الرجال إلخ] هكذا في الأصل، وهذا البيت قد انفرد به الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فقط وفي نسخه اختلاف
(2) . قوله [إلا عيهلة] هكذا في الأصل، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ: إلا عيهل، بغير تاء
(3) . قوله [الذواد] تقدم في عبهل: الرواد بالراء(11/481)
والعَوْل: النُّقْصان. وَعَالَ المِيزانَ عَوْلًا، فَهُوَ عَائِل: مالَ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كتَب إِلى أَهل الْكُوفَةِ إِني لسْتُ بميزانٍ لَا أَعُول
«1» أَي لَا أَمِيل عَنِ الِاسْتِوَاءِ وَالِاعْتِدَالِ؛ يُقَالُ: عَالَ الميزانُ إِذا ارْتَفَعَ أَحدُ طَرَفيه عَنِ الْآخَرِ؛ وَقَالَ أَكثر أَهل التَّفْسِيرِ: مَعْنَى قَوْلِهِ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا
أَي ذَلِكَ أَقرب أَن لَا تَجُوروا وتَمِيلوا، وَقِيلَ ذَلِكَ أَدْنى أَن لَا يَكْثُر عِيَالكم؛ قَالَ الأَزهري: وإِلى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَرَبِ عَالَ الرجلُ يَعُول إِذا جَارَ، وأَعالَ يُعِيلُ إِذا كَثُر عِيالُه. الْكِسَائِيُّ: عَالَ الرجلُ يَعُولُ إِذا افْتقر، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ مَنْ يَقُولُ عَالَ يَعُولُ إِذا كَثُر عِيالُه؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إِليه الشَّافِعِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ لأَن الْكِسَائِيَّ لَا يَحْكِي عَنِ الْعَرَبِ إِلا مَا حَفِظه وضَبَطه، قَالَ: وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ نَفْسِهِ حُجَّة لأَنه، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عربيُّ اللِّسَانِ فَصِيحُ اللَّهْجة، قَالَ: وَقَدِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بَعْضُ المُتَحَذْلِقين فخَطَّأَه، وَقَدْ عَجِل وَلَمْ يَتَثَبَّتْ فِيمَا قَالَ، وَلَا يَجُوزُ للحضَريِّ أَن يَعْجَل إِلى إِنكار مَا لَا يَعْرِفُهُ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ. وَعَالَ أَمرُ الْقَوْمِ عَوْلًا: اشتدَّ وتَفاقَم. وَيُقَالُ: أَمر عالٍ وعائلٌ أَي مُتفاقِمٌ، عَلَى الْقَلْبِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
فذلِك أَعْلى مِنك فَقْداً لأَنه ... كَريمٌ، وبَطْني للكِرام بَعِيجُ
إِنما أَراد أَعْوَلَ أَي أَشَدّ فقَلَب فَوَزْنُهُ عَلَى هَذَا أَفْلَع. وأَعْوَلَ الرجلُ والمرأَةُ وعَوَّلا: رَفَعا صَوْتَهُمَا بِالْبُكَاءِ وَالصِّيَاحِ؛ فأَما قَوْلُهُ:
تَسْمَعُ مِنْ شُذَّانِها عَوَاوِلا
فإِنه جَمَع عِوّالًا مَصْدَرَ عَوَّلَ وَحَذَفَ الْيَاءَ ضَرُورَةً، وَالِاسْمُ العَوْل والعَوِيل والعَوْلة، وَقَدْ تَكُونُ العَوْلة حَرَارَةَ وَجْدِ الْحَزِينِ والمحبِّ مِنْ غَيْرِ نِدَاءٍ وَلَا بُكَاءٍ؛ قَالَ مُلَيح الْهُذَلِيُّ:
فَكَيْفَ تَسْلُبنا لَيْلى وتَكْنُدُنا، ... وَقَدْ تُمَنَّح مِنْكَ العَوْلة الكُنُدُ؟
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَوْل والعَوْلة رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ، وَكَذَلِكَ العَوِيل؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْكُمَيْتِ:
وَلَنْ يَستَخِيرَ رُسومَ الدِّيار، ... بِعَوْلته، ذُو الصِّبا المُعْوِلُ
وأَعْوَل عَلَيْهِ: بَكَى؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ:
زَعَمْتَ، فإِن تَلْحَقْ فَضِنٌّ مُبَرِّزٌ ... جَوَادٌ، وإِن تُسْبَقْ فَنَفْسَكَ أَعْوِل
أَراد فعَلى نَفْسِكَ أَعْوِلْ فَحَذف وأَوصَلَ. وَيُقَالُ: العَوِيل يَكُونُ صَوْتًا مِنْ غَيْرِ بُكَاءٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي زُبَيْد:
للصَّدْرِ مِنْهُ عَوِيلٌ فِيهِ حَشْرَجةٌ
أَي زَئِيرٌ كأَنه يَشْتَكِي صَدْرَه. وأَعْوَلَتِ القَوْسُ صَوَّتَتْ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا وَيْلَه وعَوْلَه، لَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلا مَعَ ويْلَه، قَالَ الأَزهري: وأَما قَوْلُهُمْ وَيْلَه وعَوْلَه فإِن العَوْل والعَوِيل الْبُكَاءُ؛ وأَنشد:
أَبْلِغْ أَمير الْمُؤْمِنِينَ رِسالةً، ... شَكْوَى إِلَيْك مُظِلَّةً وعَوِيلا
__________
(1) . قوله [لا أعول] كتب هنا بهامش النهاية ما نصه: لما كان خبر ليس هو اسمه في المعنى قال لا أعول، ولم يقل لا يعول وهو يريد صفة الميزان بالعدل ونفي العول عنه، ونظيره في الصلة قولهم: أنا الذي فعلت كذا في الفائق(11/482)
والعَوْلُ والعَوِيل: الِاسْتِغَاثَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مُعَوَّلي عَلَى فُلَانٍ أَي اتِّكالي عَلَيْهِ وَاسْتِغَاثَتِي بِهِ. وَقَالَ أَبو طَالِبٍ: النَّصْبُ فِي قَوْلِهِمْ وَيْلَه وعَوْلَه عَلَى الدُّعَاءِ وَالذَّمِّ، كَمَا يُقَالُ وَيْلًا لَهُ وتُرَاباً لَهُ. قَالَ شِمْرٌ: العَوِيل الصِّيَاحُ وَالْبُكَاءُ، قَالَ: وأَعْوَلَ إِعْوالًا وعَوَّلَ تَعْوِيلًا إِذا صَاحَ وَبَكَى. وعَوْل: كَلِمَةٌ مِثْلُ وَيْب، يُقَالُ: عَوْلَك وعَوْلَ زيدٍ وعَوْلٌ لِزَيْدٍ. وعالَ عَوْلُه وعِيلَ عَوْلُه: ثَكِلَتْه أُمُّه. الْفَرَّاءُ: عَالَ الرجلُ يَعُولُ إِذا شَقَّ عَلَيْهِ الأَمر؛ قَالَ: وَبِهِ قرأَ
عَبْدِ اللَّهِ فِي سُورَةِ يُوسُفَ وَلَا يَعُلْ أَن يَأْتِيَني بِهِمْ جَمِيعًا
، وَمَعْنَاهُ لَا يَشُقّ عَلَيْهِ أَن يأَتيني بِهِمْ جَمِيعًا. وعالَني الشَّيْءُ يَعُولُني عَوْلًا: غَلَبني وثَقُلَ عَلَيَّ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
ويَكْفِي العَشِيرةَ مَا عالَها، ... وإِن كَانَ أَصْغَرَهُمْ مَوْلِداً
وعِيلَ صَبْرِي، فَهُوَ مَعُولٌ: غُلِب؛ وَقَوْلُ كُثَيِّر:
وبالأَمْسِ مَا رَدُّوا لبَيْنٍ جِمالَهم، ... لَعَمْري فَعِيلَ الصَّبْرَ مَنْ يَتَجَلَّد
يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ أَراد عِيلَ عَلَى الصَّبْرِ فحَذف وَعَدَّى، وَيُحْتَمَلُ أَن يَجُوزَ عَلَى قَوْلِهِ عِيلَ الرَّجلُ صَبْرَه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَره لِغَيْرِهِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَالَ أَبو الجَرَّاح عالَ صَبْرِي فَجَاءَ بِهِ عَلَى فِعْلِ الْفَاعِلِ. وعِيلَ مَا هُوَ عَائِلُهُ أَي غُلِب مَا هُوَ غَالِبُهُ؛ يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُعْجَب مِنْ كَلَامِهِ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الدُّعَاءِ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَب:
وأَحْبِبْ حَبِيبَك حُبًّا رُوَيْداً، ... فلَيْسَ يَعُولُك أَن تَصْرِما «2»
. وَقَالَ ابْنُ مُقْبِل يَصِفُ فَرَسًا:
خَدَى مِثْلَ خَدْي الفالِجِيِّ يَنُوشُني ... بسَدْوِ يَدَيْه، عِيلَ مَا هُوَ عائلُه
وَهُوَ كَقَوْلِكَ لِلشَّيْءِ يُعْجِبك: قَاتَلَهُ اللَّهُ وأَخزاه اللَّهُ. قَالَ أَبو طَالِبٍ: يَكُونُ عِيلَ صَبْرُه أَي غُلِب وَيَكُونُ رُفِع وغُيِّر عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ قَوْلِهِمْ عالَتِ الفريضةُ إِذا ارْتَفَعَتْ. وَفِي حَدِيثِ
سَطِيح: فَلَمَّا عِيلَ صبرُه
أَي غُلِب؛ وأَما قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
وَمَا أَنا فِي ائْتِلافِ ابْنَيْ نِزَارٍ ... بمَلْبوسٍ عَلَيَّ، وَلَا مَعُول
فَمَعْنَاهُ أَني لَسْتُ بِمَغْلُوبِ الرأْي، مِنْ عِيل أَي غُلِبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المُعْوَلُ عَلَيْهِ يُعَذَّب
أَي الَّذِي يُبْكى عَلَيْهِ مِنَ المَوْتى؛ قِيلَ: أَراد بِهِ مَنْ يُوصي بِذَلِكَ، وَقِيلَ: أَراد الْكَافِرَ، وَقِيلَ: أَراد شَخْصًا بِعَيْنِهِ عَلِم بِالْوَحْيِ حالَه، وَلِهَذَا جَاءَ بِهِ معرَّفاً، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ مِنْ عَوَّلَ لِلْمُبَالَغَةِ؛ وَمِنْهُ رَجَز عَامِرٍ:
وبالصِّياح عَوَّلوا عَلَيْنَا
أَي أَجْلَبوا وَاسْتَغَاثُوا. والعَوِيل: صَوْتُ الصَّدْرِ بِالْبُكَاءِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
شُعْبَةَ: كَانَ إِذا سَمِعَ الْحَدِيثَ أَخَذَه العَوِيلُ والزَّوِيل حَتَّى يَحْفَظَهُ
، وَقِيلَ: كُلَّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَهُوَ مُعْوِل، بِالتَّخْفِيفِ، فأَما بِالتَّشْدِيدِ فَهُوَ مِنَ الِاسْتِعَانَةِ. يُقَالُ: عَوَّلْت بِهِ وَعَلَيْهِ أَي اسْتَعَنْتُ. وأَعْوَلَت القوسُ: صَوَّتَتْ. أَبو زَيْدٍ: أَعْوَلْت عَلَيْهِ أَدْلَلْت عَلَيْهِ دالَّة وحَمَلْت عَلَيْهِ. يُقَالُ: عَوِّل عليَّ بِمَا شِئْتَ أَي اسْتَعِنْ بِي كأَنه يَقُولُ احْملْ عَليَّ مَا أَحببت. والعَوْلُ: كُلُّ أَمر
__________
(2) . قوله [أن تصرما] كذا ضبط في الأَصل بالبناء للفاعل وكذا في التهذيب، وضبط فِي نُسْخَةٍ مِنَ الصِّحَاحِ بالبناء للمفعول(11/483)
عَالَك، كأَنه سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ. وعالَه الأَمرُ يَعُوله: أَهَمَّه. وَيُقَالُ: لَا تَعُلْني أَي لَا تَغْلِبْنِي؛ قَالَ: وأَنشد الأَصمعي قَوْلُ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَب:
وأَحْبِب حَبِيبَك حُبًّا رُوَيْداً
وقولُ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ:
هُوَ المُسْتَعانُ عَلَى مَا أَتى ... مِنَ النائباتِ بِعافٍ وعالِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ فاعِلًا ذَهَبت عينُه، وأَن يَكُونَ فَعِلًا كَمَا ذَهَبَ إِليه الْخَلِيلُ فِي خافٍ والمالِ وعافٍ أَي يأْخذ بِالْعَفْوِ. وعالَتِ الفَريضةُ تَعُول عَوْلًا: زَادَتْ. قَالَ اللَّيْثُ: العَوْل ارْتِفَاعُ الْحِسَابِ فِي الْفَرَائِضِ. وَيُقَالُ لِلْفَارِضِ: أَعِل الفريضةَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عالَت الفريضةُ ارْتَفَعَتْ فِي الْحِسَابِ، وأَعَلْتها أَنا الْجَوْهَرِيُّ: والعَوْلُ عَوْلُ الْفَرِيضَةِ، وَهُوَ أَن تَزِيدَ سِهامُها فَيَدْخُلُ النُّقْصَانُ عَلَى أَهل الْفَرَائِضِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَظنه مأْخوذاً مِنَ المَيْل، وَذَلِكَ أَن الْفَرِيضَةَ إِذا عالَت فَهِيَ تَمِيل عَلَى أَهل الْفَرِيضَةِ جَمِيعًا فتَنْقُصُهم. وعالَ زيدٌ الْفَرَائِضَ وأَعَالَها بِمَعْنًى، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْمُفَضَّلِ أَنه قَالَ: عالَت الفريضةُ أَي ارْتَفَعَتْ وَزَادَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَنه أُتي فِي ابْنَتَيْنِ وأَبوين وامرأَة فَقَالَ: صَارَ ثُمُنها تُسْعاً
، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد أَن السِّهَامَ عالَت حَتَّى صَارَ للمرأَة التُّسع، وَلَهَا فِي الأَصل الثُّمن، وَذَلِكَ أَن الْفَرِيضَةَ لَوْ لَمْ تَعُلْ كَانَتْ مِنْ أَربعة وَعِشْرِينَ، فَلَمَّا عَالَتْ صَارَتْ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، فَلِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا، وللأَبوين السُّدُسَانِ ثَمَانِيَةُ أَسهم، وللمرأَة ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَهُوَ التُّسْع، وَكَانَ لَهَا قَبْلَ العَوْل ثَلَاثَةٌ مِنْ أَربعة وَعِشْرِينَ وَهُوَ الثُّمن؛ وَفِي حَدِيثِ الْفَرَائِضِ وَالْمِيرَاثِ ذِكْرُ العَوْل، وَهَذِهِ المسأَلة الَّتِي ذَكَرْنَاهَا تُسَمَّى المِنْبَريَّة، لأَن
عَلِيًّا، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّة: صَارَ ثُمُنها تُسْعاً
، لأَن مَجْمُوعَ سهامِها واحدٌ وثُمُنُ وَاحِدٍ، فأَصلُها ثَمانيةٌ «1» والسِّهامُ تسعةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مَرْيَمَ: وعَالَ قَلَمُ زَكَرِيَّا
أَي ارْتَفَعَ عَلَى الْمَاءِ. والعَوْل: المُستعان بِهِ، وَقَدْ عَوَّلَ بِهِ وَعَلَيْهِ. وأَعْوَل عَلَيْهِ وعَوَّلَ، كِلَاهُمَا: أَدَلَّ وحَمَلَ. وَيُقَالُ: عَوِّلْ عَلَيْهِ أَي اسْتَعِنْ بِهِ. وعَوَّلَ عَلَيْهِ: اتَّكَلَ واعْتَمد؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ:
إِلى اللَّهِ مِنْهُ المُشْتَكى والمُعَوَّلُ
وَيُقَالُ: عَوَّلْنا إِلى فُلَانٍ فِي حَاجَتِنَا فوجَدْناه نِعْم المُعَوَّلُ أَي فَزِعْنا إِليه حِينَ أَعْوَزَنا كلُّ شَيْءٍ. أَبو زَيْدٍ: أَعَالَ الرجلُ وأَعْوَلَ إِذا حَرَصَ، وعَوَّلْت عَلَيْهِ أَي أَدْلَلْت عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ عِوَلي مِنَ النَّاسِ أَي عُمْدَتي ومَحْمِلي؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا:
لكِنَّما عِوَلي، إِن كنتُ ذَا عِوَلٍ، ... عَلَى بَصير بكَسْب المَجْدِ سَبَّاق
حَمَّالِ أَلْوِيةٍ، شَهَّادِ أَنْدِيةٍ، ... قَوَّالِ مُحْكَمةٍ، جَوَّابِ آفَاقِ
حَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ المُفَضَّل الضَّبِّيّ: عِوَل فِي الْبَيْتِ بِمَعْنَى الْعَوِيلِ والحُزْن؛ وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ جَمْعُ عَوْلة مِثْلُ بَدْرة وبِدَر، وَظَاهِرُ تَفْسِيرِهِ كَتَفْسِيرِ المفضَّل؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ أَبي كَبِيرٍ الهُذَلي:
فأَتَيْتُ بَيْتًا غَيْرَ بيتِ سَنَاخةٍ، ... وازْدَرْتُ مُزْدار الكَريم المُعْوِلِ
__________
(1) . قوله [فأصلها ثمانية إلخ] ليس كذلك فإن فيها ثلثين وسدسين وثمناً فيكون أصلها من أربعة وعشرين وقد عالت إلى سبعة وعشرين انتهى. من هامش النهاية(11/484)
قَالَ: هُوَ مِنْ أَعالَ وأَعْوَلَ إِذا حَرَص، وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده ابْنُ بَرِّيٍّ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى المُعْوِلِ الَّذِي يُعْوِل بدَلالٍ أَو مَنْزِلَةٍ. ورجُل مُعْوِلٌ أَي حَرِيصٌ. أَبو زَيْدٍ: أَعْيَلَ الرجلُ، فَهُوَ مُعْيِلٌ، وأَعْوَلَ، فَهُوَ مُعْوِل إِذا حَرَص. والمُعَوِّل: الَّذِي يَحْمِل عَلَيْكَ بدالَّةٍ. يُونُسُ: لَا يَعُولُ عَلَى الْقَصْدِ أَحدٌ أَي لَا يَحْتَاجُ، وَلَا يَعيل مِثْلُهُ؛ وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وإِنَّ شِفائي عَبْرةٌ مُهَراقةٌ، ... فهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دارسٍ مِن مُعَوَّل؟
أَي مِنْ مَبْكًى، وَقِيلَ: مِنْ مُسْتَغاث، وَقِيلَ: مِنْ مَحْمِلٍ ومُعْتَمَدٍ؛ وأَنشد:
عَوِّلْ عَلَى خالَيْكَ نِعْمَ المُعَوَّلُ «1»
. وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ:
فهلْ عِنْدَ رَسْمٍ دارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
مَذْهَبَانِ: أَحدهما أَنه مَصْدَرٌ عَوَّلْت عَلَيْهِ أَي اتَّكَلْت، فَلَمَّا قَالَ إِنَّ شِفائي عَبْرةٌ مُهَراقةٌ، صَارَ كأَنه قَالَ إِنما رَاحَتِي فِي الْبُكَاءِ فَمَا مَعْنَى اتِّكَالِي فِي شِفَاءِ غَلِيلي عَلَى رَسْمٍ دارسٍ لَا غَناء عِنْدَهُ عنِّي؟ فسَبيلي أَن أُقْبِلَ عَلَى بُكائي وَلَا أُعَوِّلَ فِي بَرْد غَلِيلي عَلَى مَا لَا غَناء عِنْدَهُ، وأَدخل الْفَاءَ فِي قَوْلِهِ فَهَلْ لِتَرْبُطَ آخِرَ الْكَلَامِ بأَوّله، فكأَنه قَالَ إِذا كَانَ شِفائي إِنما هُوَ فِي فَيْض دَمْعِي فسَبِيلي أَن لَا أُعَوِّل عَلَى رَسمٍ دارسٍ فِي دَفْع حُزْني، وَيَنْبَغِي أَن آخُذَ فِي الْبُكَاءِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الشِّفَاءِ، وَالْمَذْهَبُ الْآخَرُ أَن يَكُونَ مُعَوَّل مَصْدَرَ عَوَّلْتُ بِمَعْنَى أَعْوَلْت أَي بكَيْت، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: فَهَلْ عِنْدَ رَسْم دَارِسٍ مِنْ إِعْوالٍ وَبُكَاءٍ، وَعَلَى أَي الأَمرين حمَلْتَ المُعوَّلَ فدخولُ الْفَاءِ عَلَى هَلْ حَسَنٌ جَمِيلٌ، أَما إِذا جَعَلْت المُعَوَّل بِمَعْنَى العَوِيل والإْعَوال أَي الْبُكَاءِ فكأَنه قَالَ: إِن شِفَائِي أَن أَسْفَحَ، ثُمَّ خَاطَبَ نَفْسَهُ أَو صاحبَيْه فَقَالَ: إِذا كَانَ الأَمر عَلَى مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ أَن فِي الْبُكَاءِ شِفاءَ وَجْدِي فَهَلْ مِنْ بكاءٍ أَشْفي بِهِ غَليلي؟ فَهَذَا ظَاهِرُهُ اسْتِفْهَامٌ لِنَفْسِهِ، وَمَعْنَاهُ التَّحْضِيضُ لَهَا عَلَى الْبُكَاءِ كَمَا تَقُولُ: أَحْسَنْتَ إِليَّ فَهَلْ أَشْكُرُك أَي فلأَشْكُرَنَّك، وَقَدْ زُرْتَني فَهَلْ أُكافئك أَي فلأُكافِئَنَّك، وإِذا خَاطَبَ صَاحِبَيْهِ فكأَنه قَالَ: قَدْ عَرَّفْتُكما مَا سببُ شِفائي، وَهُوَ الْبُكَاءُ والإِعْوال، فَهَلْ تُعْوِلان وتَبْكيان مَعِي لأُشْفَى بِبُكَائِكُمَا؟ وَهَذَا التَّفْسِيرُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِن مُعَوَّل بِمَنْزِلَةِ إِعْوال، وَالْفَاءُ عَقَدَتْ آخِرَ الْكَلَامِ بأَوله، فكأَنه قَالَ: إِذا كُنْتُمَا قَدْ عَرَفتما مَا أُوثِرُه مِنَ الْبُكَاءِ فَابْكِيَا وأَعْوِلا مَعِي، وإِذا استَفْهم نَفْسَهُ فكأَنه قَالَ: إِذا كنتُ قَدْ علمتُ أَن فِي الإِعْوال رَاحَةً لِي فَلَا عُذْرَ لِي فِي تَرْكِ الْبُكَاءِ. وعِيَالُ الرَّجُلِ وعَيِّلُه: الَّذِينَ يَتَكفَّلُ بِهِمْ، وَقَدْ يَكُونُ العَيِّلُ وَاحِدًا وَالْجَمْعُ عالةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ وَعِنْدِي أَنه جَمْعُ عَائِل عَلَى مَا يَكْثُرُ فِي هَذَا النَّحْوِ، وأَما فَيْعِل فَلَا يُكَسَّر عَلَى فَعَلةٍ البتَّةَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا وِعاءُ العَشَرة؟ قَالَ: رجُلٌ يُدْخِل عَلَى عَشَرةِ عَيِّلٍ وِعاءً مِنْ طَعَامٍ
؛ يُريد عَلَى عَشَرةِ أَنفسٍ يَعُولُهم؛ العَيِّلُ وَاحِدُ العِيَال وَالْجَمْعُ عَيَائِل كَجَيِّد وجِياد وجَيائد، وأَصله عَيْوِلٌ فأَدغم، وَقَدْ يَقَعُ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَلِذَلِكَ أَضاف إِليه الْعَشَرَةَ فَقَالَ عشرةِ عَيِّلٍ وَلَمْ يَقُلْ عَيَائل، وَالْيَاءُ فِيهِ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْوَاوِ.
__________
(1) . قوله [عَوِّلْ على خاليك إلخ] هكذا في الأصل كالتهذيب، ولعله شطر من الطويل دخله الخرم(11/485)
وَفِي حَدِيثِ
حَنْظَلة الْكَاتِبِ: فإِذا رَجَعْتُ إِلى أَهلي دَنَتْ مِنِّي المرأَةُ وعَيِّلٌ أَو عَيِّلانِ.
وَحَدِيثُ
ذِي الرُّمَّةِ ورُؤبةَ فِي القَدَر: أَتُرَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدَّر عَلَى الذِّئْبِ أَن يأْكل حَلُوبةَ عَيائِلَ عَالَةٍ ضَرَائكَ؟
وَقَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حَدِيثِ النَّفَقَةِ: وابْدأْ بِمَنْ تَعُول
أَي بِمَنْ تَمُون وَتَلْزَمُكَ نَفَقَتُهُ مِنْ عِيَالك، فإِن فَضَلَ شيءٌ فَلْيَكُنْ للأَجانب. قَالَ الأَصمعي: عَالَ عِيالَه يَعُولُهم إِذا كَفَاهم مَعاشَهم، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِذا قَاتَهُمْ، وَقِيلَ: قَامَ بِمَا يَحْتَاجُونَ إِليه مِنْ قُوت وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
كَانَتْ لَهُ جاريةٌ فَعَالَها وعَلَّمها
أَي أَنفق عَلَيْهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العِيَال يَاؤُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لأَنه مِنْ عَالَهُم يَعُولهم، وكأَنه فِي الأَصل مَصْدَرٌ وُضِعَ عَلَى الْمَفْعُولِ. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ «1» : أَنه دَخل بِهَا وأَعْوَلَتْ
أَي وَلَدَتْ أَولاداً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَصل فِيهِ أَعْيَلَتْ أَي صَارَتْ ذاتَ عِيال، وَعَزَا هَذَا الْقَوْلَ إِلى الْهَرَوِيِّ، وَقَالَ: قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ الأَصل فِيهِ الْوَاوُ، يُقَالُ أَعَالَ وأَعْوَلَ إِذا كَثُر عِيالُه، فأَما أَعْيَلَتْ فإِنه فِي بِنَائِهِ مَنْظُورٌ فِيهِ إِلى لَفْظِ عِيال، لَا إِلى أَصله كَقَوْلِهِمْ أَقيال وأَعياد، وَقَدْ يُسْتَعَارُ العِيَال لِلطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبَهَائِمِ؛ قَالَ الأَعشى:
وكأَنَّما تَبِع الصُّوارَ بشَخْصِها ... فَتْخاءُ تَرْزُق بالسُّلَيِّ عِيالَها
وَيُرْوَى عَجْزاء؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ ذِئْبٍ وَنَاقَةٍ عَقَرها لَهُ:
فَتَرَكْتُها لِعِيالِه جَزَراً ... عَمْداً، وعَلَّق رَحْلَها صَحْبي
وعَالَ وأَعْوَلَ وأَعْيَلَ عَلَى الْمُعَاقَبَةِ عُؤولًا وعِيالةً: كَثُر عِيالُه. قَالَ الْكِسَائِيُّ: عالَ الرجلُ يَعُولُ إِذا كثُر عِيالُه، وَاللُّغَةُ الْجَيِّدَةُ أَعالَ يُعِيل. وَرَجُلٌ مُعَيَّل: ذُو عِيال، قُلِبَتْ فِيهِ الْوَاوَ يَاءً طَلَبَ الْخِفَّةِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا لَه عالَ ومالَ؛ فَعالَ: كثُر عِيالُه، ومالَ: جارَ فِي حُكْمِه. وعالَ عِيالَه عَوْلًا وعُؤولًا وعِيالةً وأَعَالَهم وعَيَّلَهُم، كلُّه: كَفَاهُمْ ومانَهم وقاتَهم وأَنفَق عَلَيْهِمْ. وَيُقَالُ: عُلْتُهُ شَهْرًا إِذا كَفَيْتَهُ مَعاشه. والعَوْل: قَوْتُ العِيال؛ وَقَوْلُ الْكُمَيْتُ:
كَمَا خامَرَتْ فِي حِضْنِها أُمُّ عامرٍ، ... لَدى الحَبْل، حَتَّى عَالَ أَوْسٌ عِيالَها
أُمُّ عَامِرٍ: الضَّبُعُ، أَي بَقي جِراؤُها لَا كاسِبَ لهنَّ وَلَا مُطْعِم، فَهُنَّ يتتَبَّعْنَ مَا يَبْقَى لِلذِّئْبِ وَغَيْرِهِ مِنَ السِّباع فيأْكُلْنه، والحَبْل عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ حَبْل الرَّمْل؛ كُلُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي، وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: لِذِي الحَبْل أَي لِصَاحِبِ الحَبْل، وَفَسَّرَ الْبَيْتَ بأَن الذِّئْبَ غَلَب جِراءها فأَكَلَهُنَّ، فَعَال عَلَى هَذَا غَلَب؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الضَّبُعُ إِذا هَلَكَت قَامَ الذِّئْبُ بشأْن جِرائها؛ وأَنشد هَذَا الْبَيْتَ:
والذئبُ يَغْذُو بَناتِ الذِّيخِ نَافِلَةً، ... بَلْ يَحْسَبُ الذئبُ أَن النَّجْل للذِّيب
يَقُولُ: لِكَثْرَةِ مَا بَيْنَ الضِّبَاعِ وَالذِّئَابِ مِنَ السِّفاد يَظُنُّ الذِّئْبُ أَن أَولاد الضَّبُع أَولاده؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لأَن الضَّبُع إِذا صِيدَت وَلَهَا ولَدٌ مِنَ الذِّئْبِ لَمْ يَزَلِ الذِّئْبُ يُطْعِم وَلَدَهَا إِلى أَن يَكْبَر، قَالَ: وَيُرْوَى
__________
(1) . قوله [وفي حديث القاسم] في نسخة من النهاية: ابن مخيمرة، وفي أُخرى ابن محمد، وصدر الحديث:
سئل هل تنكح المرأَة على عمتها أو خالتها فقال: لا، فقيل له: أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا وَأَعْوَلَتْ أفنفرق بينهما؟ قال: لا أدري(11/486)
غَالٍ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، أَي أَخَذ جِراءها، وَقَوْلُهُ: لِذِي الحَبْل أَي لِلصَّائِدِ الَّذِي يُعَلِّق الْحَبْلَ فِي عُرْقوبها. والمِعْوَلُ: حَديدة يُنْقَر بِهَا الجِبالُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: المِعْوَل الفأْسُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي يُنْقَر بِهَا الصَّخْر، وَجَمْعُهَا مَعَاوِل. وَفِي حَدِيثِ حَفْر الخَنْدق:
فأَخَذ المِعْوَل يَضْرِبُ بِهِ الصخرة
؛ والمِعْوَل، بِالْكَسْرِ: الفأْس، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَهِيَ مِيمُ الْآلَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ سَلَمة: قَالَتْ لِعَائِشَةَ: لَوْ أَراد رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن يَعْهَدَ إِليكِ عُلْتِ
أَي عَدَلْتِ عَنِ الطَّرِيقِ ومِلْتِ؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَرْوِيهِ:
عِلْتِ
، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، فإِن كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ مِنْ عالَ فِي الْبِلَادِ يَعيل إِذا ذَهَبَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ عَالَه يَعُولُه إِذا غَلَبَه أَي غُلِبْتِ عَلَى رأْيك؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: عِيلَ صَبْرُك، وَقِيلَ: جَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ أَي لَوْ أَراد فَعَلَ فتَرَكَتْه لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ قَوْلُهَا عُلْتِ كَلَامًا مستأْنفاً. والعالَةُ: شِبْهُ الظُّلَّة يُسَوِّيها الرجلُ مِنَ الشَّجَرِ يَسْتَتِرُ بِهَا مِنَ الْمَطَرِ، مُخَفَّفَةُ اللَّامِ. وَقَدْ عَوَّلَ: اتَّخَذَ عَالَةً؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ رِبْعٍ الهُذْلي:
الطَّعْنُ شَغْشَغةٌ والضَّرْبُ هَيْقَعةٌ، ... ضَرْبَ المُعَوِّل تحتَ الدِّيمة العَضَدا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ أَن الْبَيْتَ لِسَاعِدَةَ بْنِ جُؤيَّة الْهُذَلِيِّ. والعَالَة: النعامةُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، فإِمَّا أَن يَعْنيَ بِهِ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْحَيَوَانِ، وإِمَّا أَن يَعْنيَ بِهِ الظُّلَّة لأَن النَّعامة أَيضاً الظُّلَّة، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَمَا لَهُ عالٌ وَلَا مالٌ أَي شَيْءٌ. وَيُقَالُ للعاثِر: عًا لَكَ عَالِيًا، كَقَوْلِكَ لَعًا لَكَ عَالِيًا، يُدْعَى لَهُ بالإِقالة؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَخاكَ الَّذِي إِنْ زَلَّتِ النَّعْلُ لَمْ يَقُلْ: ... تَعِسْتَ، وَلَكِنْ قَالَ: عًا لَكَ عالِيا
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
سَنَةٌ أَزْمةٌ تَخَيَّلُ بالناسِ، ... تَرى للعِضاه فِيها صَرِيرا
لَا عَلَى كَوْكَبٍ يَنُوءُ، ولا رِيحِ ... جَنُوبٍ، وَلَا تَرى طُخْرورا
ويَسُوقون باقِرَ السَّهْلِ للطَّوْدِ ... مَهازِيلَ، خَشْيةً أَن تَبُورا
عاقِدِينَ النِّيرانَ فِي ثُكَنِ الأَذْنابِ ... مِنْهَا، لِكَيْ تَهيجَ النُّحورا
سَلَعٌ مَّا، ومِثْلُه عُشَرٌ مَّا عائِلٌ مَّا، ... وعَالَتِ البَيْقورا «1»
. أَي أَن السَّنَةَ الجَدْبة أَثْقَلَت البقرَ بِمَا حُمِّلَت مِنَ السَّلَع والعُشَر، وإِنما كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الجَدْبة فيَعْمِدون إِلى الْبَقَرِ فيَعْقِدون فِي أَذْنابها السَّلَع والعُشَر، ثُمَّ يُضْرمون فِيهَا النارَ وَهُمْ يُصَعِّدونها فِي الْجَبَلِ فيُمْطَرون لِوَقْتِهِمْ، فَقَالَ أُمية هَذَا الشِّعْرَ يذكُر ذَلِكَ. والمَعاوِلُ والمَعاوِلةُ: قَبَائِلُ مِنَ الأَزْد، النَّسَب إِليهم مِعْوَليٌّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ فِي صِفَةِ الحَمام:
فإِذا دخَلْت سَمِعْت فِيهَا رَنَّةً، ... لَغَطَ المَعاوِل فِي بُيوت هَداد
__________
(1) . قوله [فيها] الرواية: منها. وقوله [طخرورا] الرواية: طمرورا، بالميم مكان الخاء، وهو العود اليابس أو الرحل الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ. وقوله [سلع ما إلخ] الرواية: سلعاً ما إلخ، بالنصب(11/487)
فإِن مَعاوِل وهَداداً حَيَّانِ مِنَ الأَزْد. وسَبْرة بْنُ العَوَّال: رَجُلٌ مَعْرُوفٌ. وعُوالٌ، بِالضَّمِّ: حيٌّ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفان؛ وَقَالَ:
أَتَتْني تَميمٌ قَضُّها بقَضِيضِها، ... وجَمْعُ عُوالٍ مَا أَدَقَّ وأَلأَما
عيل: عالَ يَعِيلُ عَيْلًا وعَيْلة وعُيولًا وعِيُولًا ومَعِيلًا: افْتَقَرَ. والعَيِّلُ: الْفَقِيرُ، وَكَذَلِكَ الْعَائِلُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى
. وَفِي الْحَدِيثِ
: إِن اللَّهَ يُبْغِضُ العائلَ المُخْتال
؛ الْعَائِلُ: الْفَقِيرُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ صِلة:
أَمَّا أَنا فَلَا أَعِيلُ فِيهَا
أَي لَا أَفْتقر. وَفِي حَدِيثِ الإِيمان:
وَتَرَى العالَة رؤوسَ النَّاسِ
؛ الْعَالَةُ: الْفُقَرَاءُ، جَمْعُ عَائِل، وَقَالُوا فِي الدُّعَاءِ عَلَى الإِنسان: مَا لَه مالَ وعالَ، فمالَ: عَدَلَ عَنِ الْحَقِّ، وعالَ: افْتَقَرَ. وَقَالَ مرَّة «2» : مالَ وعالَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ افْتَقَرَ وَاحْتَاجَ. وَرَجُلٌ عَائِلٌ مِنْ قَوْمٍ عالةٍ وعُيَّلٍ؛ قَالَ:
فَتَرَكْنَ نَهْداً عُيَّلًا أَبناؤُهم، ... وبَنُو كِنانة كاللُّصُوت المُرَّد
وَالِاسْمُ العَيْلة. والعَيْلة والعَالَةُ: الْفَاقَةُ. يُقَالُ: عالَ يَعِيل عَيْلةً وعُيولًا إِذا افْتَقَرَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً
؛ وَقَالَ أُحَيْحة:
فهَلْ مِنْ كاهِنٍ أَو ذِي إِلَهٍ، ... إِذا مَا كَانَ مِنْ ريِّي قُفُول
«3» . أُراهِنُه فيَرْهَنُني بَنِيه، ... وأَرْهَنُه بَنِيَّ بِمَا أَقول
وَمَا يَدْري الفقيرُ مَتى غِناه، ... وَمَا يَدْري الغَنِيُّ مَتى يَعِيل
وَمَا تَدْري، إِذا أَزْمَعْتَ أَمْراً، ... بأَيِّ الأَرض يُدْرِكُك المَقِيل
وَهُوَ عائلٌ وَقَوْمٌ عَيْلة. وَفِي الْحَدِيثِ
: مَا عالَ مُقْتَصِدٌ وَلَا يَعِيل
أَي مَا افْتَقَرَ. والعالةُ: جَمْعُ عَائِلٍ، تَقُولُ: قَوْمٌ عالةٌ مِثْلُ حائكٍ وحاكةٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
: أَن تَدَعَ وَرَثَتَك أَغنياء خَيرٌ مِنْ أَن تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يتَكَفَّفُون النَّاسَ
أَي فُقَرَاءَ. وعِيالُ الرَّجُلِ وعَيِّله: الَّذِينَ يَتَكَفَّل بِهِمْ ويَعولهم؛ قَالَ:
سَلامٌ عَلَى يَحْيى وَلَا يُرْجَ عِنْدَه ... وَلاءٌ، وإِن أَزْرى بعَيِّلِه الفَقْرُ
وَقَدْ يَكُونُ العَيِّلُ وَاحِدًا، وَنِسْوَةٌ عَيَائِل، فخصَّص النِّسْوَةَ. وَرَجُلٌ مُعَيَّلٌ: ذُو عِيال. وَيُقَالُ: عِنْدَهُ كَذَا وَكَذَا عَيِّلًا أَي كَذَا وَكَذَا نَفْسًا مِنَ الْعِيَالِ. وَيُقَالُ: ترَك يَتامى عَيْلى أَي فُقَرَاءَ؛ وَوَاحِدُ العِيال عَيِّلٌ، وَيُجْمَعُ عَيائل، فعمَّ وَلَمْ يُخَصّص. وعَيَّلَ عِيالَه: أَهملهم؛ قَالَ:
لَقَدْ عَيَّلَ الأَيتامَ طعْنةُ ناشرَه
وَقِيلَ: عَيَّلهم صَيَّرَهم عِيالًا. وعَيَّلَ فُلَانٌ دابَّته إِذا أَهملها وسيَّبَها؛ وأَنشد:
وإِذا يَقومُ بِهِ الحَسِيرُ يُعَيَّل
أَي يُسَيَّب. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعالَ الرجلُ وأَعالَ وأَعْيَلَ وعَيَّلَ كُلُّهُ كَثُر عِيالُه، فَهُوَ مُعِيلٌ، والمرأَة مُعِيلة؛ وَقَالَ الأَخفش: صَارَ ذَا عِيال. ابْنُ
__________
(2) . قوله [وقال مرة إلخ] هي عبارة المحكم، ولعل فاعل القول ابن جني المتقدم في عبارته كما يعلم بالوقوف عليها
(3) . قوله [ربي] هكذا في الأصل(11/488)
الْكَلْبِيِّ: مَا زِلْت مُعِيلًا مِنَ العَيْلة أَي مُحْتَاجًا، ابْنُ الأَعرابي: العِيلُ «1» العَيْلة، والعِيلُ جَمْعُ العَائِل وَهُوَ الْفَقِيرُ، والعِيلُ جَمْعُ العَائِل وَهُوَ المُتَكَبِّر وَالْمُتَبَخْتِرُ. وَقَالَ يُونُسُ: يُقَالُ طَالَتْ عَيْلتي إِياك، بِالْيَاءِ، أَي طَالَمَا عُلْتُك. وأَعال الذئبُ والأَسد والنَّمِر يُعِيل إِعالةً إِذا التَمس شَيْئًا؛ والعَيِّل مِنْهُنَّ: الْمُلْتَمِسُ الْبَاحِثُ، وَالْجَمْعُ عَيَايِيل عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
فِيهَا عَيَايِيلُ أُسودٌ ونُمُر
وعالَ فِي مشْيه يَعِيل عَيْلًا، وَهُوَ عَيَّال، وتعَيَّل: تَبَخْتَرَ وَتَمَايَلَ وَاخْتَالَ، وتَعَيَّلَ يَتَعَيَّل إِذا فَعَلَ ذَلِكَ. وَفُلَانٌ عَيَّالٌ: متعيِّل أَي مُتَبَخْتِرٌ. وعَالَ فِي الأَرض يَعِيل عَيْلًا وعُيولًا وعِيُولًا: ضرَب فِيهَا، وَهُوَ عَيَّال «2» ذهَب وَدَارَ كعارَ؛ قَالَ أَوس فِي صِفَةِ فَرَسٍ:
لَيْثٌ عَلَيْهِ مِنَ البَرْدِيِّ هِبْرِيةٌ ... كالمَرْزُبانِيِّ عَيَّالٌ بأَوصال
أَي مُتَبَخْتِرٌ، وَيُرْوَى عَيَّار، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. والعَيَّال: الْمُتَبَخْتِرُ فِي مَشْيِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ عَيَّال أَن يَكُونَ تَمَامَ الْبَيْتِ بِآصَالٍ أَي يَخْرُجُ العَيَّال الْمُتَبَخْتِرُ بالعَشِيَّات، وَهِيَ الأَصائل، مُتَبَخْتِرًا، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ عَيَّال بأَوصال فِي تَرْجَمَةِ رزب، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي شِعْرِهِ إِنما هُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. وَجَمْعُ عَيَّال الْمُتَبَخْتِرِ عَيايِيلُ؛ قَالَ حَكِيمَ بْنَ مُعَيَّة الرَّبَعي مِنْ تَمِيمٍ يَصِفُ قَناةً نَبَتَتْ فِي مَوْضِعٍ مَحْفُوفٍ بِالْجِبَالِ وَالشَّجَرِ:
حُفَّتْ بأَطْواد جِبالٍ وحُظُر، ... فِي أَشَبِ الغِيظان مُلْتَفِّ السَّمُر،
فِيهِ عَيايِيلُ أُسودٌ ونُمُر
الحُظُر: الْمَوْضِعُ الَّذِي حَوْلَهُ شَجَرٌ كالحَظِيرة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنَ العَيْل التبختُر قَوْلُ حُمَيْدٍ:
.... لَمْ تَجِدْ لَهَا ... تَكالِيفَ إِلَّا أَن تَعِيلَ وتَسْأَما
وامرأَة عَيَّالةٌ: مُتَبَخْتِرَةٌ. وعَالَ الفرسُ يَعِيل عَيْلًا إِذا مَا تَكفَّأَ فِي مِشْيته وَتَمَايَلَ، فَهُوَ فَرَسٌ عَيَّالٌ، وَذَلِكَ لِكَرَمِهِ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إِذا تَبَخْتَرَ فِي مِشْيته وَتَمَايَلَ. وأَعَالَ الرجلُ وأَعْوَل إِعْوالًا أَي حَرَص وترَك أَولاده يَتامى عَيْلى أَي فُقَرَاءَ. وعالَني الشيءُ يَعِيلني عَيْلًا ومَعِيلًا: أَعْوَزني وأَعْجَزَني. وعَالَ الميزانُ يَعِيل: جَارَ، وَقِيلَ: زَادَ؛ قَالَ أَبو طَالِبِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
جَزَى اللهُ عَنَّا عَبْد شَمْسٍ ونَوْفَلًا ... عُقوبةَ شَرٍّ عاجلٍ غيرِ آجِل
بميزانِ صِدْقٍ، لَا يُغِلُّ شَعِيرةً، ... لَهُ شاهِدٌ مِنْ نَفْسِه غيرُ عائِل
وَمِكْيَالٌ عائلٌ: زَائِدٌ عَلَى غَيْرِهِ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وعالَ للضَّالَّةِ «3» يَعِيل عَيْلًا وعَيَلاناً إِذا لَمْ يَدْرِ أَين يَبْغِيها. رَوَى
صَخْرُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيدة عَنْ أَبيه عَنْ جَدِّهِ قَالَ: بَيْنا هُوَ جَالِسٌ بِالْكُوفَةِ فِي مَجْلِسٍ مَعَ أَصحابه فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: إِنَّ مِنَ البَيانِ لسِحْراً، وإِنَّ من العِلم جَهْلًا،
__________
(1) . قوله [ابن الأعرابي العِيل إلخ] كذا ضبط في الأصل بالكسر وكذا ضبط شارح القاموس بالعبارة نقلًا عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، وَالَّذِي في نسخة من التهذيب: العُيُل، مضبوطاً بضمتين
(2) . قوله [ضَرَبَ فِيهَا وَهُوَ عَيَّال إلخ] هكذا في الأصل، وعبارة المحكم: وعَالَ في الأرض عَيْلًا وعُيُولًا وعِيُولًا وهو عيال ذهب إلخ
(3) . قوله [وعال للضالة] كذا في الأصل باللام، وهو الذي في نسختي النهاية والمحكم والتهذيب، وفي القاموس ونسختين من الصحاح: وعال الضالة، من غير لام(11/489)
وإِنَّ مِنَ الشِّعر حِكَماً، وإِن مِنَ الْقَوْلِ عَيْلًا
؛ قِيلَ: قَوْلُهُ عَيْلًا عَرْضُك كلامَك عَلَى مَنْ لَا يُرِيدُهُ وَلَيْسَ مِنْ شأْنه كأَنه لَمْ يَهْتَدِ لِمَنْ يَطْلُبُ كلامَه فَعَرَضه عَلَى مَنْ لَا يُرِيدُ. يُونُسُ: لَا يَعُول أَحد عَلَى القَصْد أَي لَا يَحْتَاجُ، وَلَا يَعِيل مِثْلُهُ. وَالتَّعْيِيلُ: سُوءُ الغِذاء. وعَيَّلَ الرجلُ فرسَه إِذا سَيَّبه فِي الْمَفَازَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الْبَاهِلِيِّ:
نَسْقي قَلائصَنا بِمَاءٍ آجِنٍ، ... وإِذا يَقُوم بِهِ الحَسِيرُ يُعَيَّل
أَي إِذا حَسِر الْبَعِيرُ أُخِذَتْ عَنْهُ أَداته وتُركَ مُهمَلًا بِالْفَلَاةِ. والعَيْلان: الذَّكَر مِنَ الضِّباع. وعَيْلان: اسْمُ أَبي قَيْس بْنِ عَيْلان، وَقِيلَ: كَانَ اسْمَ فَرَسٍ فأُضيف إِليه، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ لِلنَّاسِ بْنُ مُضَر بْنِ نِزار قَيْسُ عَيْلان، وَلَيْسَ فِي الْعَرَبِ عَيْلانُ غَيْرُهُ، وَهُوَ فِي الأَصل اسْمُ فَرَسِهِ، وَيُقَالُ: هُوَ لَقَبُ مُضَر لأَنه يُقَالُ قَيْسُ بْنُ عَيْلانَ؛ وَقَالَ زُفَر بْنُ الْحَرْثِ:
أَلا إِنَّما قَيْسُ بنُ عَيْلانَ بَقَّةٌ، ... إِذا وَجَدَتْ رِيحَ العُصَيْر تَغَنَّتِ
فصل الغين المعجمة
غتل: غَتَلَ المكانُ غَتَلًا، فَهُوَ غَتِلٌ: كَثُرَ فِيهِ الشَّجَرُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. وَنَخْلٌ غتِلٌ: ملتفٌّ، يَمَانِيَّةٌ.
غدفل: رَجُلٌ غِدَفْلٌ: طَوِيلٌ. وَبَعِيرٌ غِدَفْلٌ: سابغُ شَعَرِ الذَّنَبِ؛ وأَنشد الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عزهل:
يَتْبَعْنَ زَيّافَ الضُّحَى عُزاهِلا، ... يَنْفُجُ ذَا خَصائلٍ غُدافِلا
وَقَالَ: غُدافِل كَثِيرُ سَبِيبِ الذَنَب. أَبو عَمْرٍو: كَبْشٌ غُدافِل كَثِيرُ سَبِيبِ الذَّنَبِ. وغَدافِلُ الثِّيَابِ: خُلْقانُها. وَفِي الْمَثَلِ: غَرَّني بُرْداكِ مِنْ غَدافِلِي؛ وَذَلِكَ أَن رَجُلًا سأَل رَجُلًا أَن يَكْسُوَهُ، فَوَعَدَهُ فأَلقى خُلْقانَه ثُمَّ لَمْ يَكْسُهُ. وَعَيْشٌ غَدْفَلٌ وغِدَفْلٌ وغِدْفِل ودَغْفَلٌ ودَغْفَلِيٌّ: وَاسِعٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:
رَعَثات عُنْبُلِها الغِدَفْلِ الأَرْعَل
وَرَحْمَةٌ غِدَفْلةٌ: وَاسِعَةٌ. ومُلاءة غِدَفْلة: واسعة.
غرل: الغُرْلة: القُلْفة. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: لأَنْ أَحْمِل عَلَيْهِ غُلاماً رَكِبَ الْخَيْلَ عَلَى غُرْلَتِه أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن أَحْمِلك عَلَيْهِ
؛ يُرِيدُ رَكِبَهَا فِي صِغَرِهِ وَاعْتَادَهَا قَبْلَ أَن يُخْتَن. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: كَانَ يَشُورُ نَفْسَه عَلَى غُرْلَتِه
أَي يَسْعَى ويَخِفُّ، وَهُوَ صَبِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ
الزِّبْرِقان: أَحَبُّ صِبْيانِنا إِلينا الطويلُ الغُرْلة
؛ إِنما أَعجبه طُولُهَا لِتَمَامِ خَلْقِهِ. والغُرْلُ: القُلْفُ. والأَغْرَلُ: الأَقْلف. الأَحمر: رَجُلٌ أَرْغَلُ وأَغْرَلُ وَهُوَ الأَقلف. وَفِي الْحَدِيثِ
: يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُراةً حُفاة غُرْلًا بُهْماً
أَي قُلْفاً؛ والغُرْلُ: جَمْعُ الأَغْرَل. وعامٌ أَغْرَلُ: خَصِيب. وَعَيْشٌ أَغْرَلُ أَي وَاسِعٌ. وَرَجُلٌ غَرِلٌ: مُسْتَرْخِي الخَلْقِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
لَا غَرِلُ الخَلْقِ وَلَا قَصِيرَ
وَرُمْحٌ غَرِلٌ: سيّء الطُّولِ مُفْرِطه، وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجِ أَيضاً. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الغِرْيَلُ والغِرْيَنُ مَا يَبْقَى مِنَ الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ، والغديرُ الذي تبقى فِيهِ الدَّعامِيصُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شُرْبِهِ، وَكَذَلِكَ مَا يَبْقَى فِي أَسفل الْقَارُورَةِ مِنَ الثُّفْل، وَقِيلَ: هُوَ ثُفْل مَا صُبِغَ بِهِ؛ وَقَالَ(11/490)
الأَصمعي: الغِرْيَلُ أَن يَجِيءَ السيل فيثبت على الأَرض ثُمَّ يَنْضُبَ، فإِذا جَفَّ رأَيت الطِّينَ رَقِيقًا قَدْ جَفَّ عَلَى وَجْهِ الأَرض قَدْ تَشَقَّقَ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْمَطَرِ: هُوَ الطِّينُ يَحْمِلُهُ السَّيْلُ فَيَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرض، رَطْبًا كَانَ أَو يَابِسًا، وَقِيلَ: الغِرْيَلُ الطِّينُ الَّذِي يَبْقَى فِي الْحَوْضِ.
غربل: غَرْبَلَ الشَّيْءَ: نَخَله. والغِرْبالُ: مَا غُرْبِلَ بِهِ، مَعْرُوفٌ، غَرْبَلْت الدَّقِيقَ وَغَيْرَهُ. وَيُقَالُ: غَرْبَلَه إِذا قَطَعَهُ؛ وَقَوْلُهُ:
فَلَوْلَا اللهُ والمُهْرُ المُفَدَّى، ... لَرُحْتَ وأَنت غِرْبالُ الإِهاب
فإِنه وَضَعَ الغِرْبالَ مَكَانَ مُخَرَّق، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا جَازَ أَن يَجْعَلَ الغِرْبال فِي مَوْضِعِ المُغَرْبَل. والمُغَرْبَلُ: المُنْتقى كأَنه نُقِّيَ بالغِرْبال. وَفِي الْحَدِيثِ
: كَيْفَ بِكُمْ إِذا كُنْتُمْ فِي زَمَانٍ يُغَرْبَلُ الناسُ فِيهِ غَرْبَلةً
أَي يَذْهَبُ خيارهُم وَيَبْقَى أَرْذالُهم؛ والمُغَرْبَلُ مِنَ الرِّجَالِ: الدُّونُ كأَنه خَرَجَ مِنَ الغِربال، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ
: يَذْهَبُ خِيَارُهُمْ بِالْمَوْتِ وَالْقَتْلِ وَتَبْقَى أَرذالُهم.
الْجَعْدِيُّ: غَرْبَلَ فلانٌ فِي الأَرض إِذا ذَهَبَ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بالغِرْبال
؛ عَنَى بالغِرْبال الدُّفَّ، شَبَّهَ الْغِرْبَالَ بِهِ فِي اسْتِدَارَتِهِ. وغَرْبَلَهم: قَتَلَهم وطحَنَهم. والمُغَرْبَل: الْمَقْتُولُ الْمُنْتَفِخُ؛ قَالَ:
أَحْيا أَباه هَاشِمُ بْنَ حَرْمَله، ... يومَ الهَباءَاتِ وَيَوْمَ اليَعْمَله،
تَرَى الملوكَ حَوْلَه مُغَرْبَلَه، ... ورُمْحَه لِلْوَالِدَاتِ مَثْكَله،
يَقْتُلُ ذَا الذنبِ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهْ
وَقِيلَ: عَنَى بالمُغَرْبَلة أَنه يَنْتَقي السَّادَةَ فَيَقْتُلُهُمْ فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنَ الأَول. وَقَالَ شَمِرٌ: المُغَرْبَلُ المُفَرَّق، غَرْبَلَه أَي فَرَّقَهُ. وَفِي حَدِيثِ
مَكْحُولٍ: ثُمَّ أَتَيْتُ الشأْم فغَرْبَلْتُها
أَي كَشَفْتُ حالَ مَنْ بِهَا وخَبَرْتُهم، كأَنه جَعَلَهُمْ فِي غِرْبالٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ الجيِّد وَالرَّدِيءِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَتَيْتُموني فاتِحي أَفواهِكم كأَنكم الغِرْبِيلُ
؛ قِيلَ: هُوَ العصفور.
غرزحل: أَبو زَيْدٍ: الغِرْزَحْلة «1» بَالْغَيْنِ، الْعَصَا؛ قَالَ: وَهِيَ القَحْزَنَة.
غرقل: غَرْقَلَتِ البيضةُ: مَذِرَت، والبِطِّيخة: فَسَدَ مَا فِي جَوْفِهَا. قَالَ الأَزهري: الغِرْقِلُ بَيَاضُ الْبَيْضِ، بِالْغَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: غَرْقَلَ إِذا صبَّ عَلَى رأْسه الْمَاءَ بِمَرَّةٍ واحدة.
غرمل: الغُرْمُولُ: الذَّكَرُ الضَّخْمُ الرِّخْوُ، وَقَدْ قِيلَ: الذَّكَرُ مُطْلَقًا، وَيُقَالُ لَهُ الْغُرْمُولُ قَبْلَ أَن تُقْطَعَ غُرْلتُه؛ هَذَا قَوْلُ أَبي زَيْدٍ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنه نَظَرَ إِلى غَرَامِيل الرِّجَالِ فِي الْحَمَّامِ فَقَالَ: أَخْرجوني وَكَانُوا مُخْتَتِنِين مِنْ غَيْرِ شكٍ
، وَقِيلَ: الغُرْمُول لِذَواتِ الْحَافِرِ؛ قَالَ بِشْرٌ:
وخِنْذِيذٍ، تَرَى الغُرْمولَ مِنْهُ ... كَطَيِّ الزِّقِّ عَلّقَه التِّجارُ
غزل: غَزَلَتِ المرأَة الْقُطْنَ وَالْكَتَّانَ وَغَيْرَهُمَا تَغْزلُه غَزْلًا، وَكَذَلِكَ اغْتَزَلَتْه وَهِيَ تَغْزِل بالمِغْزل، ونسوةٌ غُزَّلٌ غَوازِلُ؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ الْمُثَنَّى الْحَارِثِيُّ:
كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ، ... قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ
__________
(1) . قوله [الغرزحلة إلخ] هذا هو الصواب، وتقدم في مادة قسبر: القزرحلة والقحربة(11/491)
عَلَى أَن الغُزَّلَ قَدْ يَكُونُ هُنَا الرجالَ لأَن فُعَّلًا فِي جَمْعِ فاعلٍ مِنَ الْمُذَكَّرِ أَكثر مِنْهُ فِي جَمْعِ فاعِلة. والغَزْلُ أَيضاً: الْمَغْزُولُ. والغَزْلُ: مَا تغْزِلُه مُذَكَّرٌ، وَالْجَمْعُ غُزُول؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَسَمَّى سِيبَوَيْهِ مَا تَنْسِجُهُ الْعَنْكَبُوتُ غَزْلًا فَقَالَ فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ:
كأَنّ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ المُرْمَل
الغَزْلُ: مُذَكَّرٌ، وَالْعَنْكَبُوتُ أُنثى، كَذَا قَالَ الغَزْل مُذَكَّرٌ وأَضرب عَنْ ذِكْرِ النَّسْجِ الَّذِي فِي شِعْرِ العجاج؛ واستعمال أَبو النَّجْمِ الغَزْل فِي الْجَبَلِ «1» فَقَالَ:
يَنْفِشُ مِنْهُ الْمَوْتَ مَا لَا تَغْزِلُه
وَاسْمُ مَا تَغْزلُ بِهِ المرأَة المِغْزَلُ والمُغْزَلُ والمَغْزَلُ، تَمِيمٌ تَكْسِرُ الْمِيمَ وَقَيْسٌ تَضُمُّهَا، والأَخيرة أَقلها، والأَصل الضَّمُّ، وإِنما هُوَ مِنْ أُغْزِلَ أَي أُدِيرَ وفُتِل. وأَغْزَلَت المرأَة: أَدارت المِغْزَلَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنَ السَّيْلِ والغُثَّاءِ فَلْكة مِغْزَل
قَالَ الْفَرَّاءُ: وَقَدِ اسْتَثْقَلَتِ الْعَرَبُ الضَّمَّةَ فِي حُرُوفٍ وَكَسَرَتْ مِيمَهَا، وأَصلها الضَّمُّ، مِنْ ذَلِكَ مِصْحَف ومِخْدَع ومِجْسَد ومِطْرَف ومِغْزَل، لأَنها فِي الْمَعْنَى أُخذت مِنْ أُصْحِف أَي جُمعت فِيهِ الصُّحُفُ، وَكَذَلِكَ المِغْزَل إِنما هُوَ مِنْ أُغْزِل أَي فُتِل وأُدير فَهُوَ مُغْزَل، وَفِي كِتَابٍ لِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ: عَلَيْكُمْ كَذَا وَكَذَا ورُبع المُغْزَل أَي رُبُعُ مَا غَزَلَ نِسَاؤُكُمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِالْكَسْرِ الْآلَةُ، وَبِالْفَتْحِ مَوْضِعُ الغَزْل، وَبِالضَّمِّ مَا يُجْعَلُ فِيهِ الغَزْل، وَقِيلَ: هُوَ حُكْم خَصَّ بِهِ هَؤُلَاءِ. والمُغَيْزِل: حَبْلٌ دَقِيقٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه شُبّه بالمِغْزل لِدِقَّتِهِ؛ قَالَ: حَكَى ذَلِكَ الحِرْمازي؛ وأَنشد:
وَقَالَ اللَّواتي كُنَّ فِيهَا يَلُمْنَني: ... لَعَلَّ الْهَوَى، يَوْمَ المُغَيزِل، قاتِلُهْ
والغَزَلُ: حديثُ الفِتْيان والفَتَيات. ابْنُ سِيدَهْ: الغَزَلُ اللَّهْوُ مَعَ النِّسَاءِ، وَكَذَلِكَ المَغْزَلُ؛ قَالَ:
تَقُولُ لِيَ العَبْرَى المُصابُ حَلِيلُها: ... أَيا مالكٌ هَلْ فِي الظَّعائِن مَغْزَلُ؟
ومُغازَلَتُهنّ: مُحادثتُهن ومُراوَدتُهنَّ، وَقَدْ غَازَلَها، والتَّغَزُّلُ: التَّكَلُّفُ لِذَلِكَ؛ وأَنشد:
صُلْب العَصا جافٍ عَنِ التَّغَزُّل
تَقُولُ: غَازَلْتُها وغَازَلَتْني، وتَغَزَّلَ أَي تَكَلَّفَ الغَزَلَ، وَقَدْ غَزِلَ غَزْلًا وَقَدْ تَغَزَّلَ بِهَا وغَازَلَها وغَازَلَتْه مُغازَلة. وَرَجُلٌ غَزِلٌ: مُتَغَزِّلٌ بِالنِّسَاءِ عَلَى النَّسَبِ أَي ذُو غَزَلٍ. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَغْزَلُ مِنِ امْرِئِ الْقَيْسِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَغْزَلُ مِنَ الحُمَّى؛ يُرِيدُونَ أَنها مُعْتَادَةٌ لِلْعَلِيلِ مُتَكَرِّرَةٌ عَلَيْهِ فكأَنها عَاشِقَةٌ لَهُ مُتَغَزلة بِهِ. وَرَجُلٌ غَزِلٌ: ضَعِيفٌ عَنِ الأَشياء فاترٌ فِيهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وغَازَلَ الأَرْبَعين: دَنا مِنْهَا؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والغَزالُ مِنَ الظِّباء: الشادِنُ قَبْل الإِثْناءِ حِينَ يَتَحَرَّكَ وَيَمْشِي، وَتُشَبَّهُ بِهِ الْجَارِيَةُ فِي التَّشْبِيبِ فَيُذَكَّرُ النَّعْتُ وَالْفِعْلُ عَلَى تَذْكِيرِ التَّشْبِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ بَعْد الطَّلا، وَقِيلَ: هُوَ غَزالٌ مِنْ حِينِ تَلِدُهُ أُمُّه إِلى أَن يَبْلُغَ أَشَدَّ الإِحْضار، وَذَلِكَ حِينَ يَقْرُن قوائمه
__________
(1) . قوله [في الجبل] هكذا في الأصل(11/492)
فَيَضَعُهَا مَعًا وَيَرْفَعُهَا مَعًا، وَالْجَمْعُ غِزْلة وغِزْلانٌ مِثْلَ غِلْمة وغِلْمان، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَقَدْ أَغْزَلَت الظبيةُ. وَظَبْيَةٌ مُغْزِلٌ: ذَاتُ غَزال. وغَزِلَ الكلبُ، بِالْكَسْرِ، غَزَلًا إِذا طَلَبَ الغَزَالَ حَتَّى إِذا أَدركه وثَغا مِنْ فَرَقِه انْصَرَفَ مِنْهُ ولهِيَ عَنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: الغَزَلُ مِنْ غَزِلَ الكلبُ، بِالْكَسْرِ، أَي فَتَر وَهُوَ أَن يَطْلُبَ الغَزال فإِذا أَحسَّ بِالْكَلْبِ خَرِقَ أَي لَصِقَ بالأَرض ولَهِيَ عَنْهُ الكلبُ وَانْصَرَفَ، فَيُقَالُ: غَزِلَ واللهِ كلبُك، وَهُوَ كَلْبٌ غَزِلٌ. وَيُقَالُ لِلضَّعِيفِ الْفَاتِرِ عَنِ الشَّيْءِ: غَزِلٌ، وَمِنْهُ: رَجُلٌ غَزِلٌ لِصَاحِبِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ. والغَزَالةُ: الشَّمْسُ، وَقِيلَ: هِيَ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا، يُقَالُ: طَلَعَتِ الغَزالةُ ولا يقل غَابَتِ الغَزالةُ، وَيُقَالُ: غرَبت الجَوْنةُ، وإِنما سُمِّيَتَ جَوْنةً لأَنها تَسْودّ عِنْدَ الغُروب، وَيُقَالُ: الغَزالةُ الشَّمْسُ إِذا ارْتَفَعَ النَّهَارُ، وَقِيلَ: الغَزالةُ عَيْنُ الشَّمْسِ، وغَزالةُ الضُّحَى وغَزالاتُه بعد ما تَنْبَسِطُ الشَّمْسُ وتُضْحي، وَقِيلَ: هُوَ أَول الضُّحَى إِلى مَدِّ النَّهَارِ الأَكْبَرِ حَتَّى يَمْضِيَ مِنَ النَّهَارِ نحوٌ مَنْ خُمُسِه. يُقَالُ: أَتيتُه غَزالاتِ الضُّحى؛ قَالَ:
يَا حَبَّذا، أَيامَ غَيْلانَ، السُّرى ... ودَعْوةُ الْقَوْمِ: أَلا هَلْ مِنْ فتى
يَسُوق بالقوم غَزالاتِ الضُّحَى؟
وأَنشد أَبو عبيد لعُتَيبة بن الحرث الْيَرْبُوعِيُّ:
تَرَوَّحْنا مِنَ اللَّعْباءِ عَصْراً، ... فأَعْجَلْنا الغَزالةَ أَن تَؤُوبا
وَيُقَالُ: فأَعجلنا الإِلاهةَ وَهِيَ المَهاة. وَيُقَالُ: جَاءَنَا فُلان فِي غَزالةِ الضُّحَى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فأَشرفْتُ، الغزالةَ، رأْسَ حُزْوى ... أُراقِبُهم، وَمَا أَغْنَى قِبالا
يَعْنِي الأَظْعانَ، وَنَصْبُ الْغَزَالَةِ عَلَى الظَّرْفِ. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الْغَزَالَةُ فِي بَيْتِ ذِي الرُّمَّةِ الشَّمْسُ، وتقديرُه عِنْدَهُ فأَشرفتُ طلوعَ الغَزالةِ، ورأْس حُزْوى مَفْعُولُ أَشْرَفْت، عَلَى مَعْنَى علَوْت أَي عَلَوْتُ رأْس حُزْوَى طُلُوعَ الشَّمْسِ، وجمعُ غَزالةِ الضُّحَى غَزالاتٌ؛ قَالَ:
دَعَتْ سُلَيْمى دَعْوَةً: هَلْ مِنْ فَتًى ... يَسُوقُ بالقوم، غَزالاتِ الضُّحى؟
وغَزالَةُ والغَزالةُ: المرأَة الحَرُوريّة مَعْرُوفَةٌ، سُمِّيَتْ بأَحد هَذِهِ الأَشياء؛ قَالَ أَيْمُنُ بْنُ خُرَيم:
أَقامَت غَزالةُ سُوقَ الضِّراب، ... لأَهْلِ العِراقَيْن، حَوْلًا قَمِيطا
وَقَالَ آخَرُ:
هلَّا كَرَرْتَ عَلَى غَزالَة فِي الوَغى؟ ... بَلْ كَانَ قَلْبُك فِي جَناحَيْ طَائِرِ «2»
. وغَزالُ شَعْبانَ: ضربٌ مِنَ الْجَنَادِبِ. وغَزالٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سُوَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ الْهُذَلِيُّ:
أَقْرَرْت لمَّا أَن رأَيت عَدِيَّنا، ... ونَسِيت مَا قدّمْت يومَ غَزالِ
وفَيْفاء غَزالٍ، وقَرْنُ غَزَالٍ: مَوْضِعَانِ. والغَزَالَةُ: عُشْبة مِنَ السُّطَّاح يَنْفَرِشُ عَلَى الأَرض يَخْرُجُ مِنْ وَسَطِهِ قَضِيبٌ طَوِيلٌ يُقْشَر وَيُؤْكَلُ حُلْوًا. ودمُ الغَزَال: نَبَاتٌ شَبِيهٌ بِنَبَاتِ الْبَقْلَةِ الَّتِي تُسَمَّى الطَّرْخُون، يُؤْكَلُ وَلَهُ حُروفة، وَهُوَ أَخضر وَلَهُ عِرق أَحمر مِثْلُ عِرْقِ الأَرْطاة تخطِّط بِمَائِهِ مَسَكاً حُمْراً فِي أَيديهن. وغَزال وغُزَيّل: اسْمَانِ.
__________
(2) . هذا البيت لعمران بن حِطّان يتهكم فيه الحجَّاج، وفي رواية أخرى: هلّا برزت إلى غزالة في الوغى(11/493)
غسل: غَسَلَ الشَّيْءَ يَغْسِلُه غَسْلًا وغُسْلًا، وَقِيلَ: الغَسْلُ الْمَصْدَرُ مِنْ غَسَلْت، والغُسْل، بِالضَّمِّ، الِاسْمُ مِنَ الِاغْتِسَالِ، يُقَالُ: غُسْل وغُسُل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ:
تَحْتَ الأَلاءة فِي نَوْعَيْنِ مِنْ غُسُلٍ، ... بَاتَا عَلَيْهِ بِتَسْحالٍ وتَقْطارِ
يَقُولُ: يَسِيلُ عَلَيْهِ مَا عَلَى الشَّجَرَةِ مِنَ الْمَاءِ وَمَرَّةً مِنَ الْمَطَرِ. والغُسْل: تَمَامُ غَسل الْجَسَدِ كُلِّهِ، وَشَيْءٌ مَغْسول وغَسِيل، وَالْجَمْعُ غَسْلى وغُسَلاء، كَمَا قَالُوا قَتْلى وقُتَلاء، والأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْجَمْعُ غَسالى. الْجَوْهَرِيُّ: مِلْحَفة غَسِيل، وَرُبَّمَا قَالُوا غَسِيلة، يَذْهَبُ بِهَا إِلى مَذْهَبِ النُّعُوتِ نَحْوَ النَّطِيحة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ يَذْهَبُ بِهَا مَذْهَبَ الأَسماء مِثْلَ النَّطِيحة والذَّبِيحة والعَصِيدة. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَيِّتٌ غَسِيل فِي أَموات غَسْلى وغُسَلاء وَمَيِّتَةٌ غَسيل وغَسِيلة. الْجَوْهَرِيُّ: والمَغْسِل والمَغْسَل، بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا، مغسِل الْمَوْتَى. الْمُحْكَمُ: مَغْسِلُ الْمَوْتَى ومَغْسَلُهم مَوْضِعُ غَسْلهم، وَالْجَمْعُ المَغاسل، وَقَدِ اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ. والغَسُول: الْمَاءُ الَّذِي يُغْتَسل بِهِ، وَكَذَلِكَ المُغتَسَل. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هَذَا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ
؛ والمُغْتَسل: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُغْتَسل فِيهِ، وَتَصْغِيرُهُ مُغَيْسِل، وَالْجَمْعُ المَغاسِلُ والمَغاسيل. وَفِي الْحَدِيثِ
: وَضَعَتْ لَهُ غُسْلَه مِنَ الْجَنَابَةِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الغُسْلُ، بِالضَّمِّ، الْمَاءُ الْقَلِيلُ الَّذِي يُغْتَسل بِهِ كالأُكْل لِمَا يُؤْكَلُ، وَهُوَ الِاسْمُ أَيضاً مِنْ غَسَلْته. والغَسْل، بِالْفَتْحِ: الْمَصْدَرُ، وَبِالْكَسْرِ: مَا يُغْسل بِهِ مِنْ خِطْميّ وَغَيْرِهِ. والغِسل والغِسْلَة: مَا يُغْسَل بِهِ الرأْس مِنْ خِطْمِيٍّ وَطِينٍ وأُشْنان وَنَحْوِهِ، وَيُقَالُ غَسُّول؛ وأَنشد شَمِرٌ:
فالرَّحْبَتانِ، فأَكنافُ الجَنابِ إِلى ... أَرضٍ يَكُونُ بِهَا الغَسُّول والرَّتَمُ
وَقَالَ:
تَرْعى الرَّوائِمُ أَحْرارَ الْبُقُولِ، وَلَا ... تَرْعى، كَرَعْيكُم، طَلْحاً وغَسُّولا
أَراد بالغَسُّول الأُشنان وَمَا أَشبهه مِنَ الْحَمْضِ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ:
لَا مِثْلَ رعيكُم مِلْحاً وغَسُّولا
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دَارَةَ فِي الغِسْل:
فَيَا لَيْلَ، إِن الغِسْلَ مَا دُمْتِ أَيِّماً ... عَلَيَّ حَرامٌ، لَا يَمَسُّنيَ الغِسْلُ
أَي لَا أُجامع غَيْرَهَا فأَحتاج إِلى الغِسل طَمَعًا فِي تَزَوُّجِهَا. والغِسْلة أَيضاً: مَا تَجْعَلُهُ المرأَة فِي شَعْرِهَا عِنْدَ الِامْتِشَاطِ. والغِسْلة: الطِّيبُ؛ يُقَالُ: غِسْلةٌ مُطَرّاة، وَلَا تَقُلْ غَسْلة، وَقِيلَ: هُوَ آسٌ يُطَرَّى بأَفاوِيهَ مِنَ الطِّيبِ يُمْتَشط بِهِ. واغْتَسَلَ بالطِّيب: كَقَوْلِكَ تضَمَّخ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والغَسُول: كُلُّ شَيْءٍ غَسَلْت بِهِ رأْساً أَو ثَوْبًا أَو نَحْوَهُ. والمَغْسِل: مَا غُسِل فِيهِ الشَّيْءُ. وغُسالة الثَّوْبِ: مَا خَرَجَ مِنْهُ بالغَسْل. وغُسالةُ كُلِّ شَيْءٍ: ماؤُه الَّذِي يُغْسَل بِهِ. والغُسالة: مَا غَسَلْت بِهِ الشَّيْءَ. والغِسْلِينُ: مَا يُغْسَلُ مِنَ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ كالغُسَالَة.(11/494)
والغِسْلِينُ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ: مَا يَسِيل مِنْ جُلُودِ أَهل النَّارِ كَالْقَيْحِ وَغَيْرِهِ كأَنه يُغْسل عَنْهُمْ؛ التَّمْثِيلُ لِسِيبَوَيْهِ وَالتَّفْسِيرُ لِلسِّيرَافِيِّ، وَقِيلَ: الغِسْلِينُ مَا انْغَسل مِنْ لُحُومِ أَهل النَّارِ وَدِمَائِهِمْ، زِيدَ فِيهِ الْيَاءُ وَالنُّونُ كَمَا زِيدَ فِي عِفِرِّين؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عِنْدَ ابْنِ قُتَيْبَةَ أَن عِفِرِّين مِثْلُ قِنَّسْرِين، والأَصمعي يَرَى أَن عِفِرِّين مُعْرَبٌ بِالْحَرَكَاتِ فَيَقُولُ عفرينٌ بِمَنْزِلَةِ سِنينٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ
؛ قَالَ اللَّيْثُ: غِسْلِينٌ شَدِيدُ الْحَرِّ، قَالَ مُجَاهِدٌ: طَعَامٌ مِنْ طَعَامِ أَهل النَّارِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ مَا أَنْضَجَت النَّارُ مِنْ لُحُومِهِمْ وسَقَط أَكَلوه، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الغِسْلِينُ والضَّرِيعُ شَجَرٌ فِي النَّارِ، وَكُلُّ جُرْح غَسَلْتَه فَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ غِسْلِينٌ، فِعْلِينٌ مِنَ الغَسْل مِنَ الْجَرْحِ والدبَر؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنه مَا يَسِيل مِنْ صَدِيدِ أَهل النَّارِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: اشْتِقَاقُهُ مِمَّا يَنْغَسِل مِنْ أَبدانهم. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: شَرابُه الحميمُ والغِسْلِينُ
، قَالَ: هُوَ مَا يُغْسَل مِنْ لُحُومِ أَهل النَّارِ وصَدِيدهم. وغَسِيلُ الْمَلَائِكَةِ: حَنْظَلَةُ بْنُ أَبي عَامِرٍ الأَنصاري، وَيُقَالُ لَهُ: حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُد وغَسَّلَتْه الْمَلَائِكَةُ؛
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رأَيت الْمَلَائِكَةَ يُغَسِّلونه وَآخَرِينَ يَسْتُرونه
، فسُمِّي غَسِيل الْمَلَائِكَةِ، وأَولاده يُنْسَبون إِليه: الغَسيلِيِّين، وَذَلِكَ أَنه كَانَ أَلمَّ بأَهله فأَعجلَه النَّدْبُ عَنِ الاغتِسال، فَلَمَّا استُشْهِد رأَى النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الملائكةَ يُغَسِّلونه، فأَخبر بِهِ أَهله فذَكَرَتْ أَنه كَانَ أَلمَّ بِهَا. وغَسَلَ اللهُ حَوْبَتَك أَي إِثْمَك يَعْنِي طهَّرك مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
واغْسِلْني بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ
أَي طَهِّرْني مِنَ الذُّنُوبِ، وذِكْرُ هَذِهِ الأَشياء مُبَالَغَةٌ فِي التَّطْهِيرِ. وغَسَلَ الرجلُ المرأَة يَغْسِلُها غَسْلًا: أَكثر نِكَاحَهَا، وَقِيلَ: هُوَ نكاحُه إِيّاها أَكْثَرَ أَو أَقَلَّ، وَالْعَيْنُ الْمُهْمَلَةُ فِيهِ لُغَةٌ. وَرَجُلٌ غُسَلٌ: كَثِيرُ الضِّراب لامرأَته؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
وَقْع الوَبِيل نَحاه الأَهْوَجُ الغُسَلُ
وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ واغْتَسَلَ وبَكَّرَ وابتكر فيها ونِعْمَت
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَكثر النَّاسِ يَذْهَبُونَ إِلى أَن مَعْنَى غَسَّلَ أَي جَامَعَ أَهله قَبْلَ خُرُوجِهِ لِلصَّلَاةِ لأَن ذَلِكَ يَجْمَعُ غضَّ الطَّرْف فِي الطَّرِيقِ، لأَنه لَا يُؤْمَن عَلَيْهِ أَن يَرَى فِي طَرِيقِهِ مَا يَشْغل قلْبَه؛ قَالَ: وَيَذْهَبُ آخَرُونَ إِلى أَن مَعْنَى قَوْلِهِ غَسَّلَ توضأَ لِلصَّلَاةِ فغَسَلَ جَوَارِحَ الْوُضُوءِ، وثُقِّل لأَنه أَراد غَسْلًا بَعْدَ غَسْل، لأَنه إِذا أَسبغ الْوُضُوءَ غَسَلَ كُلَّ عُضْوٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اغْتَسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ مُخَفَّفًا مِنْ غَسَلَ، بِالتَّخْفِيفِ، وكأَنه الصَّوَابُ مِنْ قَوْلِكَ غَسَلَ الرجلُ امرأَتَه وغَسَّلَها إِذا جَامَعَهَا؛ وَمِثْلُهُ: فَحْلٌ غُسَلَةٌ إِذا أَكثر طَرْقَها وَهِيَ لَا تَحْمِل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ غَسَلَ الرجلُ امرأَتَه، بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، إِذا جَامَعَهَا، وَقِيلَ: أَراد غَسَّلَ غيرَه واغْتَسَلَ هُوَ لأَنه إِذا جَامَعَ زَوْجَتَهُ أَحْوَجَها إِلى الغُسْل. وَفِي الْحَدِيثِ
: مَنْ غَسَلَ الميِّتَ فلْيَغْتَسِلْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا أَعلم أَحداً مِنَ الْفُقَهَاءِ يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ مِنْ غُسْل الْمَيِّتِ وَلَا الْوُضُوءَ مِنْ حَمْلِه، وَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ الأَمر فِيهِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: الغُسْل مِنْ غسْل الْمَيِّتِ مَسْنُونٌ، وَبِهِ يَقُولُ الْفُقَهَاءُ؛ قَالَ الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وأُحِبُّ الغُسْل من غسْلِ الميِّت، وَلَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْتُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ(11/495)
رَبِّهِ: وأُنْزِلُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُه الْمَاءُ تقرؤُه نَائِمًا ويَقْظانَ
؛ أَراد أَنه لَا يُمْحَى أَبداً بَلْ هُوَ مَحْفُوظٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتوا الْعِلْمَ، لَا يأْتيه الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، وَكَانَتِ الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ لَا تُجْمَع حِفْظاً وإِنما يُعْتَمَدُ فِي حِفْظِهَا عَلَى الصُّحُفِ، بِخِلَافِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فإِن حُفَّاظَه أَضعاف مُضَاعَفَةٌ لصُحُفِه، وَقَوْلُهُ تقرؤُه نَائِمًا وَيَقْظَانَ أَي تَجْمَعُهُ حِفْظًا فِي حَالَتَيِ النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ، وَقِيلَ: أَراد تقرؤُه فِي يُسْرٍ وَسُهُولَةٍ. وغَسَلَ الفحلُ الناقةَ يَغْسِلُها غَسْلًا: أَكثر ضِرابها. وَفَحْلٌ غِسْلٌ وغُسَلٌ وغَسِيل وغُسَلة، مِثَالُ هُمَزة، ومِغْسَلٌ: يُكْثِرُ الضِّرَابَ وَلَا يُلَقِّحُ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا عَرِق: قَدْ غُسِلَ وَقَدِ اغْتَسَلَ؛ وأَنشد:
وَلَمْ يُنْضَحْ بماءٍ فيُغْسَل
وَقَالَ آخَرُ:
وكلُّ طَمُوحٍ فِي العِنانِ كأَنها، ... إِذا اغْتَسَلَتْ بِالْمَاءِ، فَتْخاءُ كاسِرُ
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
لَا تَذْكُروا حُلَلَ المُلوك فإِنكم، ... بَعْدَ الزُّبَيْر، كحائضٍ لَمْ تُغْسَل
أَي تغتَسِل. وَفِي حَدِيثِ الْعَيْنِ:
العَيْنُ حَقٌّ فإِذا اسْتُغْسِلْتُم فاغْسِلوا
أَي إِذا طَلَبَ مَن أَصابته «1» العينُ مِنْ أَحد جَاءَ إِلى الْعَائِنِ بقدَح فِيهِ مَاءٌ، فيُدْخل كَفَّهُ فِيهِ فَيَتَمَضْمَضُ، ثُمَّ يمجُّه فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَصُبُّ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يُدْخِلُ يدَه الْيُسْرَى فَيَصُبُّ عَلَى مِرْفَقِهِ الأَيمن، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ عَلَى مِرْفَقِهِ الأَيسر، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَصُبُّ عَلَى قَدَمِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ عَلَى قَدَمِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَصُبُّ عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يَغْسِلُ دَاخِلَةَ الإِزارِ، وَلَا يوضَع القدحُ عَلَى الأَرض، ثُمَّ يُصَبُّ ذَلِكَ الْمَاءُ المستعمَل عَلَى رأْس الْمُصَابِ بِالْعَيْنِ مِنْ خلفِه صبَّة وَاحِدَةً فيبرأُ بإِذن اللَّهِ تَعَالَى. وغَسَلَه بالسَّوط غَسْلًا: ضرَبه فأَوجعه. والمَغَاسِلُ: مَوَاضِعُ مَعْرُوفَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ أَوْدِية قِبَل الْيَمَامَةِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَقَدْ نَرْتَعِي سَبْتاً وأَهلُك حِيرةً، ... مَحَلَّ الملوكِ نُقْدة فالمَغَاسِلا
وذاتُ غِسْل: مَوْضِعٌ دُونَ أَرض بَنِي نُمَير؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَنَخْنَ جِمالَهنَّ بِذَاتِ غِسْلٍ ... سَراةُ الْيَوْمِ يَمْهَدْن الكُدونا
ابْنُ بَرِّيٍّ: والغَاسُول جَبَلٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَظَلُّ إِلى الغَاسُول تَرعى، حَزينَةً، ... ثَنايا بِراقٍ ناقتِي بالحَمالِق
وغَاسِلٌ وغَسْوِيل: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ؛ قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ:
تَرْعَى الرَّوائمُ أَحْرارَ البُقول بِهَا، ... لَا مِثْلَ رَعْيِكُمُ مِلْحاً وغَسْوِيلا
والغَسْوِيل وغَسْوِيل: نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي السِّبَاخِ، وَعَلَى وَزْنِهِ سَمْوِيل، وَهُوَ طَائِرٌ.
__________
(1) . قوله [أَيْ إِذَا طَلَبَ مَنْ أصابته] هكذا في الأصل بدون ذكر جواب إذا. وعبارة النهاية: أَيْ إِذَا طَلَبَ مَنْ أصابته العين أن يغتسل من أصابه بعينه فليجبه. كان من عادتهم أن الإنسان إذا أصابته عين مِنْ أَحَدٍ جَاءَ إِلَى العائن بقدح إلى آخر ما هنا(11/496)
غسبل: غَسْبَلَ الماءَ: ثَوَّرَه.
غضل: اغْضَأَلَّت الشَّجَرَةُ: لُغَةٌ فِي اخضأَلَّت. واغْضأَلَّ الشَّجَرُ: كَثُرَتْ أَغصانه واشتدَّ الْتِفَافُهَا؛ قَالَ:
كأَنَّ زِمامها أَيْمٌ شُجاعٌ، ... تَرَأَّدَ في غُصُونٍ مُغْضَئِلَّه
همَز الأَلف عَلَى قولهم احْمأَرَّ ونحوه.
غطل: غَطَلَت السَّمَاءُ وأَغْطَلَت: أَطبق دَجْنُها. وغَطِلَ الليلُ غَطَلًا: الْتَبَستْ ظلمتُه. والغَيْطَلةُ والغَيْطُولُ: الظُّلْمَةُ الْمُتَرَاكِمَةُ. وغَيْطَلة الليلِ: الْتِجاجُ سوادِه. والغَيْطَلَةُ: الْتِباسُ الظَّلَامِ وتراكُمُه؛ وأَنشد:
وَقَدْ كَسانا لَيْلُه غَيَاطِلا
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْفَرَزْدَقِ فِي الغَيْطَلة الظُّلْمَةِ:
والليلُ مُخْتَلِطُ الغَياطِل أَلْيَلُ
أَبو عُبَيْدٍ: المُغْطَئِلُّ الراكبُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: الغَيطَلةُ الْتِفافُ النَّاسِ، وَيُقَالُ الغَيْضةُ. الْمُحْكَمُ: والغَيْطلُ والغَيْطلةُ الشجرُ الْكَثِيرُ الملْتَفّ، وَكَذَلِكَ الْعُشْبُ، وَقِيلَ: هُوَ اجْتِمَاعُ الشَّجَرِ وَالْتِفَافُهُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فظَلَّ يُرَنَّحُ فِي غَيْطَلٍ، ... كَمَا يَسْتَدِيرُ الحِمارُ النَّعِر
تَرَنَّحَ: تمايَل مِنْ سُكْرٍ أَو غَيْرِهِ. والغَيْطَلُ: جَمْعُ غَيْطَلة. والغَيْطَلةُ: الأَجَمة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَيْطَلةُ جَمَاعَةُ الشَّجَرِ وَالْعُشْبِ، قَالَ: وَكُلُّ مُلْتَفٍّ مُخْتلِط غَيْطلة، وَخَصَّ أَبو حَنِيفَةَ مَرَّةً بالغَيْطلة جماعةَ الظُّرَفَاءِ؛ وأَما قَوْلُ زُهَيْرٌ:
كَمَا استَغاثَ، بِسَيءٍ، فَزُّ غَيْطلةٍ، ... خافَ العُيونَ، فَلَمْ يُنْظَرْ بِهِ الحَشَكُ
فَيُقَالُ: هِيَ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ أَي وَلَدَتْهُ أُمُّه فِي غَيْطلة. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الغَيْطَلةُ الْبَقَرَةُ الْوَحْشِيَّةُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الْبَقَرَةُ فَلَمْ يخُصَّ الوحشيةَ مِنْ غَيْرِهَا. والغَيْطَلةُ: واحدةُ الغَياطِل، وَهِيَ ذَوَاتُ اللَّبَنِ مِنَ الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ. والغَيْطَلةُ: ازدحامُ النَّاسِ، يُقَالُ: أَتانا فِي غَيْطَلةٍ أَي فِي زَحْمَةٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
بِغَيْطَلةٍ إِذا الْتَفَّتْ عَلَيْنَا، ... نَشَدْناها المَواعِدَ والدُّيُونا
أَراد مُزْدَحَم الظعائنِ يَوْمَ الظَّعْن. والغَيْطَلةُ: الأَكل وَالشُّرْبُ والفَرَح بالأَمْنِ. والغَيْطَلةُ: المالُ المُطْغي. والغَيْطَلةُ: الصوتُ والجلَبةُ، تَقُولُ: سَمِعْتُ غَيْطَلَتهم وغَيْطَلاتِهم. وغَيْطَلة الْحَرْبِ: كثرةُ أَصواتها وغُبارِها. وغَيْطَلوا فِي الْحَدِيثِ: أَفاضوا فِيهِ وَارْتَفَعَتْ أَصواتهم بِهِ؛ عَنِ الهَجَرِيّ. والغَيْطَلةُ: اجتماعُ النَّاسِ وَالْتِفَافُهُمْ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والغَيْطَلةُ: الْجَمَاعَةُ؛ عَنْ
ثَعْلَبٍ. ابْنُ الأَعرابي: الغُوطالةُ الرَّوْضةُ. والغَيْطَلةُ: غَلَبَةُ النُّعَاسِ. والغَيْطَلُ: السِّنَّوْرُ كالخَيْطَل؛ عن كراع.
غفل: غَفَلَ عَنْهُ يَغْفُلُ غُفولًا وغَفْلةً وأَغْفَلَه عَنْهُ غيرُه وأَغْفَلَه: تركَه وَسَهَا عَنْهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الغُفول:
فَآبَكَ هَلًّا واللَّيالي بِغِرَّةٍ ... تَدُورُ، وَفِي الأَيام عَنْكَ غُفُولُ «2» .
__________
(2) . قوله [فابك هلا إلخ] كذا في الأصل(11/497)
وأَغْفَلْتُ الرَّجُلَ: أَصبْتُه غَافِلًا، وَعَلَى ذَلِكَ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا
؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَ عَلَى الظَّاهِرِ لَوَجَبَ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ وَاتَّبَعَ هَواهُ، بِالْفَاءِ دُونَ الْوَاوِ؛ وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: مَنْ جَعَلْناه غَافِلًا، وَكَلَامُ الْعَرَبِ أَكثرُه أَغْفَلْته سَمَّيْتُهُ غافِلًا، وأَحْلَمْتُه سَمَّيْتُهُ حَليماً، قَالَ: وفعلَ هُوَ وأَفْعَلته أَنا، أَكثرُ اللُّغَةِ ذهَب وأَذْهَبْته، هَذَا أَكثر الْكَلَامِ، وفَعَّلْت أَكْثَرْتُ ذَلِكَ فِيهِ مِثْلُ غَلَّقْت الأَبواب وأَغْلَقْتها، وأَفْعَلْتُ يَجيءُ مكانَ فَعَّلْت مِثْلُ مَهَّلْتُه وأَمْهَلْته ووَصَّيْتُ وأَوْصَيْتُ وسَقَّيْتُ وأَسْقَيْتُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: لعَلَّنا أَغْفَلْنا رسولَ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَمينَه
أَي جَعَلْناه غَافِلًا عَنْ يَمِينِهِ بِسَبَبِ سُؤَالِنا، وَقِيلَ: سأَلْناه وَقْتَ شُغْله وَلَمْ نَنْتَظِرْ فَرَاغَهُ. يُقَالُ: تغَفَّلْته واسْتَغْفَلْته أَي تحيَّنْتُ غَفْلَته. وَيُقَالُ: هُوَ فِي غَفَلٍ مِنْ عَيشِه أَي فِي سَعَةٍ؛ أَبو الْعَبَّاسِ: الغَفَلُ الكثيرُ الرفيعُ. ونَعَمٌ أَغْفَالٌ: لَا لِقْحةَ فِيهَا وَلَا نَجِيب. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: لَنَا نَعَمٌ أَغْفَالٌ مَا تَبِضُّ؛ يصفُ سَنةً أَصابتهم فأَهلكت جيادَ مَالِهِمْ. وَقَالَ شَمِرٌ: إِبل أَغْفَالٌ لا سِماتِ عليها، وقِداحٌ أَغْفَالٌ. سِيبَوَيْهِ: غَفَلْتُ صِرْتُ غَافِلًا. وأَغْفَلْتُه وغَفَلْت عَنْهُ: وصَّلْت غَفَلي إِليه أَو تَرَكْتُهُ عَلَى ذُكْرٍ. قَالَ اللَّيْثُ: أَغْفَلْت الشَّيْءَ تَرَكْتَهُ غَفَلًا وأَنت لَهُ ذَاكِرٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ*
؛ يَصْلُحُ أَن يَكُونَ، وَاللَّهُ أَعلم، كَانُوا فِي تَرْكِهِمِ الإِيمانَ بِاللَّهِ والنظرَ فِيهِ والتدبُّرَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الغافِلين، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ وَكَانُوا عَمَّا يُرَادُ بِهِمْ مِنَ الإِثابة عَلَيْهِ غافِلين، وَالِاسْمُ الغَفْلة والغَفَل؛ قَالَ:
إِذْ نحْنُ فِي غَفَلٍ، وأَكْبَرُ هَمِّنا ... صِرْفُ النَّوَى، وفِراقُنا الجِيرانا
وَفِي الْحَدِيثِ
: مَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ
أَي يَشْتَغِلُ بِهِ قَلْبُهُ وَيَسْتَوْلِي عَلَيْهِ حَتَّى تَصِيرَ فِيهِ غَفْلة. والتَّغافُلُ: تَعمُّدُ الغَفْلة عَلَى حدِّ مَا يَجِيءُ عَلَيْهِ هَذَا النَّحْوُ. وتَغَافَلْت عَنْهُ وتَغَفَّلْتُه إِذا اهْتَبَلْتَ غَفْلَتَه. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ قَدْ غَفَلْت فِيهِ وأَغْفَلْتُه. والتَّغْفِيل: أَن يَكْفِيَكَ صاحبُك وأَنت غافِلٌ لَا تَعْنَى بِشَيْءٍ. والتَّغَفُّل: خَتْلٌ فِي غَفْلة. والمُغَفَّلُ: الَّذِي لَا فِطْنة لَهُ. والغَفُول مِنَ الإِبل: البَلْهاء التي لا تمنع مِنْ فَصِيل يَرْضَعُهَا وَلَا تُبَالِي منْ حَلبها. والغُفْل: المُقيّد الَّذِي أُغْفِل فَلَا يُرْجَى خيرُه وَلَا يُخْشَى شَرُّهُ، وَالْجَمْعُ أَغْفال. والأَغْفَالُ: المَواتُ. والغُفْلُ: سَبْسَبٌ مَيّتة لَا علامةَ فِيهَا؛ وأَنشد:
يتْركْنَ بالمَهامِهِ الأَغْفَالِ
وكلُّ مَا لَا عَلَامَةَ فِيهِ وَلَا أَثر عِمَارَةٌ مِنَ الأَرضين والطُّرقِ وَنَحْوِهَا غُفْلٌ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَفِي
كِتَابِهِ لأُكَيْدِرَ: إِنّ لَنَا الضاحيةَ والمَعامِيَ وأَغْفَالَ الأَرض
أَي الْمَجْهُولَةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَثر يُعْرَفُ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَرض أَغْفَالٌ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا غُفْلًا. وبلادٌ أَغْفالٌ: لَا أَعلام فِيهَا يُهتدى بِهَا، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا لَا سِمَةَ عَلَيْهِ مِنَ الإِبل وَالدَّوَابِّ. وَدَابَّةٌ غُفْل: لَا سِمَةَ عَلَيْهَا. وَنَاقَةٌ غُفْل: لَا تُوسَم لِئَلَّا تَجِب عَلَيْهَا صَدَقَةٌ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قَوْلَ الرَّاجِزِ:
لَا عيشَ إِلَّا كلُّ صَهْباءَ غُفُلْ ... تَناوَلُ الحوضَ، إِذا الْحَوْضُ شُغِلْ(11/498)
وَقَدْ أَغْفَلْتُها إِذا لَمْ تَسِمْها. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن نَفاذة الأَسْلَمي قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ مُغْفِلٌ فأَين أَسِمُ إِبلي؟
أَي صاحبُ إِبلٍ أَغْفالٍ لَا سِمَاتِ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
طَهْفَةَ: وَلَنَا نَعَمٌ هَمَلٌ أَغْفَالٌ لَا سِمَاتِ عَلَيْهَا
، وَقِيلَ: الأَغْفال هَاهُنَا الَّتِي لَا أَلبانَ لَهَا، وَاحِدُهَا غُفْل، وَقِيلَ: الغُفْل الَّذِي لَا يُرجى خَيْرُهُ وَلَا يُخْشَى شَرُّهُ. وقِدْحٌ غُفْل: لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا نَصِيبَ لَهُ وَلَا غُرْم عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قِداحٌ غُفْلٌ عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ لَيْسَتْ فِيهَا فُروضٌ وَلَا لَهَا غُنْم وَلَا عَلَيْهَا غُرْم، وَكَانَتْ تُثَقَّل بِهَا القِداحُ كَرَاهِيَةَ التُّهَمَة، يَعْنِي بِتُثَقَّلُ تُكَثَّرُ، قَالَ: وَهِيَ أَربعة: أَولها المُصَدَّرُ ثُمَّ المُضَعَّف ثُمَّ المَنِيح ثُمَّ السَّفيح. وَرَجُلٌ غُفْل: لَا حسَب لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَعْرِفُ مَا عِنْدَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يجرِّب الأُمور. وَشَاعِرٌ غُفْل: غَيْرُ مُسَمًّى وَلَا مَعْرُوفٍ، وَالْجَمْعُ أَغْفال. وشِعْر غُفْل: لَا يُعْرَفُ قَائِلُهُ. وأَرض غُفْل: لَمْ تُمْطَر. وغَفَلَ الشيءَ: ستَره. وغُفْل الإِبل، بِسُكُونِ الْفَاءِ: أَوبارُها؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والمَغْفَلة: العَنْفَقة؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، وَوَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ وَهِيَ جَانِبَا العَنْفَقة، رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ: عَلَيْكَ بالمَغْفَلة والمَنْشَلة؛ المَنْشَلةُ مَوْضِعُ حَلْقَةِ الْخَاتَمِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: رأَى رَجُلًا يَتَوَضَّأُ فَقَالَ: عَلَيْكَ بالمَغْفَلةِ
؛ هِيَ العَنْفقة يُرِيدُ الِاحْتِيَاطَ فِي غَسْلِهَا فِي الْوُضُوءِ، سُمِّيَتْ مَغْفَلة لأَن كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يُغْفلُ عَنْهَا. وغَافِلٌ وغَفْلة: اسْمَانِ. وَبَنُو غُفَيْلة وَبَنُو المُغَفَّل: بُطون، والله أَعلم.
غلل: الغُلُّ والغُلّة والغَلَلُ والغَلِيلُ، كُلُّهُ: شِدَّةُ الْعَطَشِ وَحَرَارَتُهُ، قلَّ أَو كَثُرَ؛ رَجُلٌ مَغْلول وغَلِيل ومُغْتَلّ بَيِّنُ الغُلّة. وَبَعِيرٌ غالٌّ وغَلَّانُ، بِالْفَتْحِ: عَطْشَانُ شَدِيدُ الْعَطَشِ. غُلَّ يُغَلٌّ غَلَلًا، فَهُوَ مَغْلول، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ؛ ابْنُ سِيدَهْ: غَلَّ يَغَلّ غُلّة واغْتَلّ، وَرُبَّمَا سُمِّيَتْ حَرَارَةُ الْحُزْنِ وَالْحُبِّ غَلِيلًا. وأَغَلّ إِبلَه: أَساءَ سَقْيَها فصدَرَت وَلَمْ تَرْوَ. وغَلَّ البعيرُ أَيضاً يَغَلُّ غُلّة إِذا لَمْ يَقْضِ رِيَّه. أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ: أَعْلَلْتُ الإِبلَ إِذا أَصْدَرْتها وَلَمْ تُرْوِهَا فَهِيَ عالَّة، بِالْعَيْنِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ أَغْلَلْت الإِبل إِذا أَصدرتها وَلَمْ تُرْوِهَا، بِالْغَيْنِ، مِنَ الغُلَّة وَهِيَ حَرَارَةُ الْعَطَشِ، وَهِيَ إِبل غالَّة؛ وَقَالَ نَصْرٌ الرَّازِيُّ: إِذا صدَرَت الإِبلُ عِطاشاً قُلْتَ صَدَرَتْ غالَّة وغَوالَّ، وَقَدْ أَغْلَلْتَها أَنت إِغْلالًا إِذا أَسَأْتَ سَقْيَها فأَصدرتها وَلَمْ تَرْوِهَا وَصَدَرَتْ غَوالَّ، الْوَاحِدَةُ غالَّة؛ وكأَن الرَّاوِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ غَلِطَ فِي رِوَايَتِهِ. والغَلِيلُ: حَرُّ الْجَوْفِ لَوْحاً وامْتِعاضاً. والغِلُّ، بِالْكَسْرِ، والغَلِيلُ: الغِشُّ والعَداوة والضِّغْنُ والحقْد وَالْحَسَدُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ*
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: حَقِيقَتُهُ، وَاللَّهُ أَعلم، أَنه لَا يَحْسُدُ بَعْضُ أَهل الْجَنَّةِ بَعْضًا فِي عُلُوِّ الْمَرْتَبَةِ لأَن الْحَسَدَ غِلٌّ وَهُوَ أَيضاً كَدر، وَالْجَنَّةُ مبرّأَة مِنْ ذَلِكَ، غَلَّ صدرُه يَغِلُّ، بِالْكَسْرِ، غِلًّا إِذا كَانَ ذَا غِشٍّ أَو ضِغْن وَحِقْدٍ. وَرَجُلٌ مُغِلٌّ: مُضِبٌّ عَلَى حِقْدٍ وغِلٍّ. وغَلَّ يَغُلُّ غُلولًا وأَغَلَّ: خانَ؛ قَالَ النَّمِرُ:
جزَى اللهُ عنَّا حَمْزة ابْنَةَ نَوْفَلٍ ... جزاءَ مُغِلٍّ بالأَمانةِ كاذبِ
وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْخَوْنَ فِي الفَيء والمَغْنم. وأَغَلَّه:(11/499)
خَوّنه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ
؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: لَمْ نَسْمَعْ فِي المَغْنم إِلا غَلَّ غُلُولًا، وَقُرِئَ:
وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يُغَلَ
، فَمَنْ قرأَ يَغُلّ فَمَعْنَاهُ يَخُون، وَمَنْ قرأَ يُغَلّ فَهُوَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحدهما يُخان يَعْنِي أَن يُؤْخَذَ مِنْ غَنِيمَتِهِ، وَالْآخَرُ يخوَّن أَي يُنْسَبُ إِلى الغُلول، وَهِيَ قِرَاءَةُ أَصحاب عَبْدِ اللَّهِ، يُرِيدُونَ يسرَّق؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: جُعِلَ يُغَلُّ بِمَعْنَى يُغَلَّل، قَالَ: وَكَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فِي فَعَّلْت وأَفْعَلْت، وأَفْعَلْت أَدخلت ذَلِكَ فِيهِ، وفَعَّلْت كثَّرت ذَلِكَ فِيهِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَائِزٌ أَن يَكُونَ يُغَلّ مِنْ أَغْلَلْت بِمَعْنَى يُغَلَّلُ أَي يُخوَّن كقوله فإِنهم لَا يكذِّبونك، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قُرِئا جَمِيعًا أَن يَغُلَّ وأَن يُغَلَّ، فَمَنْ قَالَ أَن يَغُلَّ فَالْمَعْنَى مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَخُون أُمّته، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَن الغَنائم جَمَعَهَا سَيِّدُنَا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَزَاة فَجَاءَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا: لَا تُقَسِّمْ غَنَائِمَنَا،
فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: لَوْ أَفاء اللَّهُ عَلَيَّ مِثْلَ أُحُد ذَهَبًا مَا مَنَعْتُكُمْ دِرْهَمًا، أَترَوْنني أَغُلُّكم مَغْنَمكم؟
قَالَ: وَمَنْ قرأَ أَن يُغَلَّ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى ضرْبين: أَحدهما مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُله أَصحابه أَي يُخَوِّنُوهُ، وَجَاءَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لأَعْرِفَنّ أَحدكم يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُ شَاةٌ قَدْ غَلَّها، لَهَا ثُغاءٌ، ثُمَّ قَالَ أَدّوا الخِياطَ والمِخْيَط
، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَن يَكُونَ يُغَلّ يخوَّن، وَكَانَ أَبو عَمْرِو بْنُ العَلاء وَيُونُسُ يَخْتَارَانِ: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ
، قَالَ يُونُسُ: كَيْفَ لَا يُغَلّ؟ بَلَى وَيُقْتَلُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الغُلُول مِنَ المَغْنَم خَاصَّةً وَلَا نَرَاهُ مِنَ الْخِيَانَةِ وَلَا مِنَ الحِقْد، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنه يُقَالُ مِنَ الْخِيَانَةِ أَغَلَّ يُغِلُّ، وَمِنَ الحِقْد غَلَّ يَغِلُّ، بِالْكَسْرِ، وَمِنَ الغُلول غَلَّ يَغُلُّ، بِالضَّمِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَلَّ أَن نَجِدَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا كَانَ لِفُلَانٍ أَن يُضْرَب عَلَى أَن يَكُونَ الْفِعْلُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وإِنما نَجِدُهُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، كَقَوْلِكَ مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَكْذِب، وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَخُون، وَمَا كَانَ لمُحرِم أَن يلبَس، قَالَ: وَبِهَذَا تَعْلَمُ صِحَّةَ قِرَاءَةِ مَنْ قرأَ: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ
، عَلَى إِسناد الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ دُونَ الْمَفْعُولِ؛ قَالَ: وَالشَّاهِدُ عَلَى قَوْلِهِ يُقال مِنَ الْخِيَانَةِ أَغَلَّ يُغِلُّ قَوْلُ الشَّاعِرُ:
حَدَّثْتَ نَفسَكَ بالوَفاء، وَلَمْ تَكُنْ ... للغَدْر خَائِنَةً مُغِلّ الإِصبع
وَفِي الْحَدِيثِ
: أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمْلى فِي صُلْح الحُدَيْبية: أَن لَا إِغْلال وَلَا إِسْلال
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِغْلال الخِيانة والإِسْلال السَّرِقة، وَقِيلَ: الإِغلال السَّرِقَةُ، أَي لَا خِيَانَةَ وَلَا سَرِقَةَ، وَيُقَالُ: لَا رِشْوة. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الغُلول فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ الْخِيَانَةُ فِي المَغْنم وَالسَّرِقَةِ مِنَ الغَنيمة؛ وكلُّ مَنْ خَانَ فِي شَيْءٍ خُفْية فَقَدْ غَلَّ، وَسُمِّيَتْ غُلُولًا لأَن الأَيدي فِيهَا مَغْلُولة أَي مَمْنُوعَةٌ مَجْعُولٌ فِيهَا غُلّ، وَهُوَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي تَجْمَعُ يَدَ الأَسير إِلى عُنقه، وَيُقَالُ لَهَا جامِعَة أَيضاً، وأَحاديث الغُلول فِي الْغَنِيمَةِ كَثِيرَةٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: رَجُلٌ مُغِلّ مُسِلّ أَي صَاحِبُ خِيَانَةٍ وسَلَّةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ شُرَيْحٍ: لَيْسَ عَلَى المُستعير غَيْرُ المُغِلّ وَلَا عَلَى المُستودَع غَيْرُ المُغِلّ ضَمان، إِذا لَمْ يَخُن فِي العارِيَّة والوَدِيعة فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، مِنَ الإِغْلال الخِيانةِ، يَعْنِي الْخَائِنَ، وَقِيلَ: المُغِلُّ هَاهُنَا المُسْتَغِلُّ وأَراد بِهِ الْقَابِضَ لأَنه بالقَبْض يَكُونُ مُسْتَغِلًّا، قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَوَّل الوَجْه؛ وَقِيلَ: الإِغْلال الْخِيَانَةُ وَالسَّرِقَةُ الْخَفِيَّةُ، والإِسْلال مِنْ سَلّ البعيرَ وغيرَه فِي جَوْفِ اللَّيْلِ إِذا انْتَزَعَهُ مِنْ الإِبل وَهِيَ السَّلَّة، وَقِيلَ: هُوَ الغارة(11/500)
الظاهرة، يقال: غَلَّ يَغُلُّ وسَلّ يَسُلّ، فأَما أَغَلَّ وأَسَلَّ فَمَعْنَاهُ صَارَ ذَا غُلول وسَلَّة، وَيَكُونُ أَيضاً أَن يُعِينَ غَيْرَهُ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ: الإِغْلال لُبْس الدُّروع، والإِسْلال سَلّ السُّيُوفِ؛
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثٌ لا يُغِلُّ عليهن قلبُ مُؤْمِنٍ: إِخْلاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، ومُناصَحة ذَوِي الأَمْر، وَلُزُومُ جماعة المسلمين فإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحيط مِنْ وَرَائِهِمْ
؛ قِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ أَي لَا يَكُونُ مَعَهَا فِي قَلْبِهِ غِشّ ودَغَل ونِفاق، وَلَكِنْ يَكُونُ مَعَهَا الإِخلاص فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرُوِيَ: لَا يَغِلُّ وَلَا يُغِلُّ، فَمَنْ قَالَ يَغِلُّ، بِالْفَتْحِ لِلْيَاءِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ، فإِنه يَجْعَلُ ذَلِكَ مِنَ الضِّغْن والغِلّ وَهُوَ الضِّغْن والشَّحْناء، أَي لَا يَدْخُلُهُ حِقْد يُزيله عَنِ الْحَقِّ، وَمَنْ قَالَ يُغِلُّ، بِضَمِّ الْيَاءِ، جَعَلَهُ مِنَ الْخِيَانَةِ؛ وأَما غَلَّ يَغُلُّ غُلُولًا فإِنه الْخِيَانَةُ فِي المَغْنَم خَاصَّةً، والإِغْلال: الْخِيَانَةُ فِي المَغانم وَغَيْرِهَا. وَيُقَالُ مِنَ الغِلّ: غَلَّ يَغِلُّ، وَمِنَ الغُلول: غَلَّ يَغُلُّ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: غَلَّ الرجلُ يَغُلُّ إِذا خَانَ لأَنه أَخْذ شَيْءٍ فِي خَفاء، وَكُلُّ مَنْ خَانَ فِي شَيْءٍ فِي خَفَاءٍ فَقَدْ غَلَّ يَغُلُّ غُلولًا، وَكُلُّ مَا كَانَ فِي هَذَا الْبَابِ رَاجِعٌ إِلى هَذَا، مِنْ ذَلِكَ الْغَالُّ، وَهُوَ الْوَادِي الْمُطَمْئِنُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ، وَجَمْعُهُ غُلَّان، وَمِنْ ذَلِكَ الغِلّ وَهُوَ الحِقْد الكامِن؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ لَا يُغِلّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ، قَالَ: وَيُرْوَى يَغِلُ، بِالتَّخْفِيفِ، مِنَ الوُغول الدُّخُولُ فِي الشَّيْءِ، قَالَ: وَالْمَعْنَى أَن هَذِهِ الخِلال الثَّلَاثَ تُستصلَح بِهَا الْقُلُوبُ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهَا طهُر قَلْبُهُ مِنَ الدَّغَل وَالْخِيَانَةِ وَالشَّرِّ، قَالَ: وَعَلَيْهِنَّ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ تَقْدِيرُهُ لَا يَغِلُ كَائِنًا عَلَيْهِنَّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: غَلَلْتم وَاللَّهِ
أَي خُنْتم فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَلَمْ تَصْدُقوه. ابْنُ الأَعرابي فِي النَّوَادِرِ: غُلَّ بصرُ فُلَانٍ حَادَ عَنِ الصَّوَابِ مِنْ غَلَّ يَغِلُّ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ
ثلاث لا يَغِلُّ عليهن قلبُ امرئ
أَي لَا يَحِيدُ عَنِ الصَّوَابِ غَاشًّا. وأَغَلَّ الخطيبُ إِذا لَمْ يُصِبْ فِي كَلَامِهِ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
خُطباء لَا خُرْق وَلَا غُلل، إِذا ... خُطَبَاءُ غيرهمُ أَغَلَّ شِرارُها
وأَغَلَّ فِي الجِلْد: أَخذ بَعْضَ اللَّحْمِ والإِهابَ. يُقَالُ: أَغْلَلْت الْجِلْدَ إِذا سَلَخْتَهُ وأَبقيت فِيهِ شَيْئًا مِنَ الشَّحم، وأَغْلَلْت فِي الإِهاب سَلَخْتَهُ فَتَرَكْتَ عَلَى الْجِلْدِ اللَّحْمَ. والغَلَل: اللَّحْمُ الَّذِي تُرِكَ عَلَى الإِهاب حِينَ سُلِخَ. وأَغَلَّ الْجَازِرُ فِي الإِهاب إِذا سلَخ فَتَرَكَ مِنَ اللَّحْمِ ملتزِقاً بالإِهاب. والغَلَل: دَاءٌ فِي الإِحليل مِثْلُ الرَّفَقِ، وَذَلِكَ أَن لَا يَنْفُض الْحَالِبُ الضَّرْع فَيَتْرُكَ فِيهِ شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ فَيَعُودُ دَمًا أَو خَرَطاً. وغَلَّ فِي الشَّيْءِ يَغُلُّ غُلولًا وانْغَلَّ وتَغَلَّلَ وتَغَلْغَلَ: دَخَلَ فِيهِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْجَوَاهِرِ والأَعراض؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الثَّوْرَ والكِناس:
يُحَفِّرُه عَنْ كلِّ ساقٍ دَقِيقةٍ، ... وَعَنْ كُلِّ عِرْقٍ فِي الثَّرى مُتَغَلْغِل «3»
. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فِي العَرَض رَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنْ شُيُوخِهِ:
تَغَلْغَلَ حُبُّ عَثْمةَ فِي فُؤادي، ... فَبادِيه مَعَ الْخَافِي يَسِيرُ
وغَلَّه يَغُلّه غَلًّا: أَدخله؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
غَلَلْت المَهَارى بَيْنَهَا كُلَّ لَيْلَةٍ، ... وَبَيْنَ الدُّجَى حَتَّى أَراها تمزَّق
__________
(3) . قوله [يحفره] هكذا في الأصل(11/501)
وغَلَّه فانغَلَّ أَي أَدخله فَدَخَلَ؛ قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: وَمِنْهَا مَا يُغِلّ يَعْنِي مِنَ الكِباش أَي يُدْخِل قَضِيبَهُ مِنْ غَيْرِ أَن يَرْفَعَ الأَلْية. وغَلَّ أَيضاً: دَخَلَ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وَيُقَالُ: غَلّ فُلَانٌ المَفاوِز أَي دَخَلَهَا وَتَوَسَّطَهَا. وغَلْغَلَه: كغَلَّه. والغُلَّة: مَا تَوَارَيْتَ فِيهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والغَلْغَلة: كالغَرْغَرة فِي مَعْنَى الْكَسْرِ. والغَلَلُ: الْمَاءُ الَّذِي يَتَغَلَّل بَيْنَ الشَّجَرِ، وَالْجَمْعُ الأَغْلال؛ قَالَ دُكين:
يُنْجِيه مِنْ مِثْل حَمام الأَغْلال ... وَقْعُ يَدٍ عَجْلى، ورِجْلٍ شِمْلال
ظَمْأَى النَّسا مِنْ تَحت رَيَّا مِن عَالِ
يَقُولُ: يُنْجي هَذَا الفرسَ مِنْ سِراع «1» فِي الْغَارَةِ كالحَمام الْوَارِدَةِ؛ وَفِي التَّهْذِيبَ قَالَ: أَراد يُنْجي هَذَا الفرسَ مِنْ خَيْلٍ مِثْلِ حَمَامٍ يَرِدُ غَلَلًا مِنَ الْمَاءِ وَهُوَ مَا يَجْرِي فِي أُصول الشَّجَرِ، وَقِيلَ: الغَلَل الْمَاءُ الظَّاهِرُ الْجَارِي، وَقِيلَ: هُوَ الظَّاهِرُ عَلَى وَجْهِ الأَرض ظُهوراً قَلِيلًا وَلَيْسَ لَهُ جِرْية فَيَخْفَى مَرَّةً وَيَظْهَرُ مَرَّةً، وَقِيلَ: الغَلَل الْمَاءُ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الشَّجَرِ؛ قَالَ الحُوَيْدِرة:
لَعِب السُّيُول بِهِ، فأَصبح مَاؤُهُ ... غَلَلًا يُقَطِّع فِي أُصول الخِرْوَع
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَلَل السَّيْلُ الضَّعِيفُ يَسِيل مِنْ بَطْنِ الْوَادِي أَو التِّلَع فِي الشَّجَرِ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، وَقِيلَ: أَن يأْتي الشجرَ غَلَلٌ مِنْ قَبْل ضعفِه واتّباعِه كلَّ مَا تَواطأَ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي فَلَا يَكَادُ يَرَى وَلَا يَتْبَعَ إِلَّا الوَطاء. وغَلَّ الماءُ بَيْنَ الأَشجار إِذا جَرَى فِيهَا يَغُلُّ، بِالضَّمِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. وتَغَلْغَلَ الْمَاءُ فِي الشَّجَرِ: تخلَّلها. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: لَا يَذْهَبُ كلامُنا غَلَلًا أَي لَا يَنْبَغِي أَن يَنْطوي عَنِ النَّاسِ بَلْ يَجِبُ أَن يَظْهَرَ. وَيُقَالُ لِعِرْقِ الشَّجَرِ إِذا أَمعن فِي الأَرض غَلْغَلٌ، وَجَمْعُهُ غَلاغِلُ؛ قَالَ كَعْبٌ:
وتَفْتَرّ عَنْ غُرِّ الثَّنايا، كأَنها ... أَقاحيّ تُرْوى عَنْ عُرُوق غُلاغِل
والغِلالة: شِعار يلبَس تَحْتَ الثَّوْبِ لأَنه يُتَغَلَّلُ فِيهَا أَي يُدْخَل. وَفِي التَّهْذِيبِ: الغِلالة الثَّوْبُ الَّذِي يُلْبَسُ تَحْتَ الثِّيَابِ أَو تَحْتَ دِرْع الْحَدِيدِ. واغْتَلَلْت الثوبَ: لَبِسته تَحْتَ الثِّيَابِ، وَمِنْهُ الغَلَل الْمَاءُ الَّذِي يَجْرِي فِي أُصول الشَّجَرِ. وغَلَّلَ الغِلالة: لَبِسَهَا تَحْتَ ثِيَابِهِ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والغُلَّة: الغِلالة، وَقِيلَ هِيَ كالغِلالة تُغَلّ تَحْتَ الدِّرْع أَي تدخَل. والغَلائل: الدرُوع، وَقِيلَ: بَطائن تلبَس تَحْتَ الدُّروع، وَقِيلَ: هِيَ مَسامير الدُّروع التي تَجمع بين رؤوس الحَلَق لأَنها تُغَلُّ فِيهَا أَي تُدخَل، وَاحِدَتُهَا غَلِيلَة؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
عُلِينَ بِكِدْيَوْنٍ وأُبْطِنّ كُرَّةً، ... فَهُنَّ وِضاءٌ صافياتُ الغَلائِل «2»
. خَصّ الغَلائل بالصَّفاء لأَنها آخِرُ مَا يَصْدَأُ مِنَ الدُّروع، وَمَنْ جَعَلَهَا البَطائن جَعَلَ الدُّروع نَقِيَّةً لَمْ يُصْدِئن الغَلائل. وغَلائل الدُّروع: مَسَامِيرُهَا المُدخَلة فِيهَا، الْوَاحِدُ غَلِيل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وأَحْكَم أَضْغان القَتِير الغَلائِل
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ فَهُنَّ وِضاء صَافِيَاتُ الغَلائل، قَالَ: الغِلالة المِسمار الَّذِي يَجمع بَيْنَ رأْسَي الحَلَقَة، وإِنما وَصف الغَلائل بالصَّفاء لأَنها أَسرع شيء صَدأً من
__________
(1) . قوله [من سراع] عبارة الصحاح: من خيل سراع
(2) . في ديوان النابغة: القلائل بدل الغلائل، ولعل الصواب ما هنا(11/502)
الدُّروع. ابْنُ الأَعرابي: العُظْمَة والغِلالة والرُّفاعة والأُضْخُومَة والحَشِيّة الثَّوْبُ الَّذِي تَشُدُّهُ المرأَة عَلَى عَجيزتها تَحْتَ إِزارها تُضَخِّمُ بِهِ عَجِيزَتَهَا؛ وأَنشد:
تَغْتال عَرْض النُّقْبة المُذالة، ... وَلَمْ تَنَطّقْها عَلَى غِلاله،
إِلَّا لحسْن الخَلْق والنَّباله
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ الغُلَّة، وَجَمْعُهَا غُلَل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَفاها الشَّبابُ وتَقْوِيمُه، ... وحُسْن الرُّواءِ ولُبْسُ الغُلَلْ
وغَلَّ الدهنَ فِي رأْسه: أَدخله فِي أُصول الشَّعْرِ. وغَلَّ شعرَه بِالطِّيبِ: أَدخَله فِيهِ. وتَغَلَّل بالغالِية، شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ، واغْتَلَّ وتَغَلْغَل: تَغَلَّف؛ أَبو صَخْرٍ:
سِراج الدُّجى تَغْتَلُّ بالمِسْك طِفْلَة، ... فَلَا هِيَ مِتْفال، وَلَا اللَّوْن أَكْهَب
وغَلَّلَه بِهَا. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: تَغَلَّى بالغالِية، فإِما أَن يَكُونَ مِنْ لَفْظِ الغالِية، وإِما أَن يَكُونَ أَراد تَغَلَّل فأَبدل مِنَ اللَّامِ الأَخيرة يَاءً، كَمَا قَالُوا تظنَّيْت في تَظَنَّنْت، قَالَ: والأَول أَقيس. غَيْرُهُ: وَيُقَالُ تَغَلَّيْت مِنَ الْغَالِيَةِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ تَغَلَّلْت بِالْغَالِيَةِ، قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ أَلْصقته بجِلدك وأُصول شَعْرِكَ فَقَدَ تَغَلَّلْته، قَالَ: وتَغَلَّيْت مُوَلَّدَةٌ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: سأَلت الأَصمعي هَلْ يَجُوزُ تَغَلَّلْت مِنَ الغالِية؟ فَقَالَ: إِن أَردت أَنك أَدخلته فِي لِحْيَتِكَ أَو شارِبك فَجَائِزٌ. اللَّيْثُ: وَيُقَالُ مِنَ الغالِية غَلَّلْت وغَلَّفْت وغَلَّيْت. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كُنْتُ أُغَلِّل لحيةَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالغالِية
أَي أُلطّخها وأُلبِسها بِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْفَرَّاءُ يُقَالُ تَغَلَّلْت بالغالِية وَلَا يُقَالُ تَغَلَّيْت، قَالَ: وأَجازه الْجَوْهَرِيُّ. وَفِي حَدِيثِ
المخنَّث هِيتِ قَالَ: إِذا قَامَتْ تَثَنَّتْ وإِذا تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ، فَقَالَ لَهُ: قَدْ تَغَلْغَلْت يَا عَدُوَّ اللَّهِ
الغَلْغَلَة: إِدخال الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ حَتَّى يلتبِس بِهِ وَيَصِيرَ مِنْ جُمْلَتِهِ، أَي بلغْت بِنَظَرِكَ مِنْ مَحَاسِنِ هَذِهِ المرأَة حَيْثُ لَا يَبْلُغُ نَاظِرٌ وَلَا يَصِل واصِل وَلَا يَصِف واصِف. وغَلَّ المرأَةَ: حَشاها، وَلَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ ضَخْمٍ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. السُّلَمِيُّ: غَشَّ لَهُ الخَنْجَر والسِّنَانَ وغَلَّه لَهُ أَي دَسَّه لَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ. والغُلَّان، بِالضَّمِّ: مَنابت الطَّلْح، وَهِيَ أَودية غَامِضَةٌ فِي الأَرض ذَاتُ شَجَرٍ، وَاحِدُهَا غَالّ وغلِيلٌ. وأَغَلَّ الْوَادِي إِذا أَنبت الغُلّان؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ بَطْنٌ غَامِضٌ فِي الأَرض، وَقَدِ انْغَلَّ. والغالُّ: أَرض مُطَمْئِنَةٌ ذَاتُ شَجَرٍ. وَمَنَابِتُ السَّلَم والطَّلْح يُقَالُ لَهَا غَالٌّ مِنْ سَلَم، كَمَا يُقَالُ عِيصٌ مِنْ سِدْر وقَصِيمة مِنْ غَضاً. وَالْغَالُّ: نَبْتٌ، وَالْجَمْعُ غُلَّان، بِالضَّمِّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ:
وأَظْهَرَ فِي غُلَّان رَقْدٍ وسَيْلُهُ ... عَلاجِيمُ، لَا ضُحْلٌ وَلَا مُتَضَحْضِحُ «1»
. أَظْهَرَ صَارَ فِي وَقْتِ الظَّهِيرَةِ، وَقِيلَ: إِنه بِمَعْنَى ظَهَرَ مِثْلُ تَبِع وأَتْبَع؛ وَقَالَ مضرِّس الأَسدي:
تَعَرُّضَ حَوْراء المَدافِع، تَرْتَعي ... تِلاعاً وغُلَّاناً سَوائل من رَمَمْ «2»
__________
(1) . قوله [وَأَظْهَرَ فِي غُلَّانِ رَقْدٍ إلخ] تَقَدَّمَ هَذَا الْبَيْتُ فِي مادة ضحح ورقد وظهر عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ والصواب ما هنا
(2) . قوله [تعرض إلخ] قبله كما في ياقوت: ولم أنس من ربا غداة تعرضت لنا دون أبواب الطراف من الأدم(11/503)
الغُلَّان: بُطُونُ الأَودية، ورَمَم: مَوْضِعٌ. والغالَّة: مَا يَنْقَطِعُ مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ فَيَجْتَمِعُ فِي مَوْضِعٍ. والغُلّ: جامِعة تُوضَعُ فِي العُنق أَو الْيَدِ، وَالْجَمْعُ أَغْلال لَا يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ وَيُقَالُ: فِي رَقَبَتِهِ غُلّ مِنْ حَدِيدٍ، وَقَدْ غُلَّ بالغُلّ الجامِعة يُغَلُّ بِهَا، فَهُوَ مَغْلُول. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: كَانَ عَلَيْهِمْ أَنه مَنْ قَتَل قُتِل لَا يقبَل فِي ذَلِكَ دِيَة، وَكَانَ عَلَيْهِمْ إِذا أَصاب جُلودهم شَيْءٌ مِنَ الْبَوْلِ أَن يقرِضوه، وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَن لَا يَعملوا فِي السَّبْت؛ هَذِهِ الأَغلال الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا عَلَى المَثل كَمَا تَقُولُ جَعَلْتُ هَذَا طَوْقاً فِي عُنقك وَلَيْسَ هُنَاكَ طَوْقٌ، وتأْويله ولَّيْتُك هَذَا وأَلزمتك الْقِيَامَ بِهِ فَجَعَلْتُ لُزُومَهُ لَكَ كالطَّوْق فِي عنُقك. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ
؛ أَراد بالأَغْلال الأَعمال الَّتِي هِيَ كالأَغْلال، وَهِيَ أَيضاً مؤدِّية إِلى كَوْنِ الأَغْلال فِي أَعناقهم يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لأَن قَوْلَكَ لِلرَّجُلِ هَذَا غُلٌّ فِي عُنقك لِلشَّيْءِ يَعْمَلُهُ إِنما مَعْنَاهُ أَنه لَازِمٌ لَكَ وأَنك مُجَازًى عَلَيْهِ بِالْعَذَابِ، وَقَدْ غَلَّه يَغُلُّه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى وتقدَّس: إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا
؛ هِيَ الجَوامِع تجمَع أَيديهم إِلى أَعناقهم. وغُلَّتْ يدُه إِلى عنُقه، وَقَدْ غُلّ، فَهُوَ مَغْلول. وَفِي حَدِيثِ الإِمارة:
فكَّه عَدْله وغَلَّه جَوْره
«1» أَي جَعَلَ فِي يَدِهِ وَعُنُقِهِ الغُلّ وَهُوَ الْقَيْدُ الْمُخْتَصُّ بِهِمَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ
؛ قِيلَ: مَمْنُوعَةٌ عَنِ الإِنفاق، وَقِيلَ: أَرادوا نعمتُه مَقْبُوضَةٌ عنَّا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَدُه مَقْبُوضَةٌ عَنْ عَذَابِنَا، وَقِيلَ: يدُ اللَّهِ مُمْسِكَةٌ عَنِ الِاتِّسَاعِ عَلَيْنَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ
؛ تأْويله لَا تُمْسِكها عَنِ الإِنفاق، وَقَدْ غَلَّه يَغُلُّه. وَقَوْلُهُمْ فِي المرأَة السَّيِّئة الخُلُق: غُلٌّ قَمِلٌ: أَصله أَن الْعَرَبَ كَانُوا إِذا أَسَروا أَسيراً غَلُّوه بغُلّ مِنْ قِدّ وَعَلَيْهِ شَعْرٌ، فَرُبَّمَا قَمِلَ فِي عُنقه إِذا قَبّ وَيَبِسَ فَتَجْتَمِعُ عَلَيْهِ مِحْنَتان الغُلّ والقَمْل، ضَرْبَهُ مَثَلًا للمرأَة السَّيِّئَةِ الخُلق الْكَثِيرَةِ المَهْر لَا يَجِدُ بَعْلها مِنْهَا مَخْلَصًا، وَالْعَرَبُ تَكْنِي عَنِ المرأَة بالغُلّ. وَفِي الْحَدِيثِ
: وإِن مِنَ النِّسَاءِ غُلًّا قَمِلًا يقذِفه اللَّهُ فِي عُنق مَنْ يَشَاءُ ثُمَّ لَا يُخْرِجُهُ إِلا هُوَ.
ابْنُ السِّكِّيتِ: بِهِ غُلٌّ مِنَ الْعَطَشِ وَفِي رَقَبَتِهِ غُلٌّ مِنْ حَدِيدٍ وَفِي صَدْرِهِ غِلٌّ. وَقَوْلُهَا: مَا لَهُ أُلَّ وغُلَّ؛ أُلَّ دُفِع فِي قَضَاءٍ، وغُلّ: جُنّ فَوُضِعَ فِي عُنقه الغُلّ. والغَلَّة: الدَّخْل مِنْ كِراءِ دَارٍ وأَجْر غُلَامٍ وَفَائِدَةِ أَرض. والغَلَّة: وَاحِدَةُ الغَلَّات. واستَغَلّ عبدَه أَي كلَّفه أَن يُغِلّ عَلَيْهِ. واسْتِغْلال المُسْتَغَلَّات: أَخْذُ غَلّتها. وأَغَلَّت الضَّيْعة: أَعطت الغَلَّة، فَهِيَ مُغِلَّة إِذا أَتت بِشَيْءٍ وأَصلها باقٍ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
فتُغْلِلْ لَكُمْ مَا لَا تُغِلّ لأَهْلِها ... قُرًى بِالْعِرَاقِ، مِنْ قَفِيزٍ ودِرْهَم
وأَغَلَّت الضِّياع أَيضاً: مِنَ الغَلَّة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَقْبَل سَيْلٌ، جَاءَ مِنْ عِند اللَّهْ ... يَحْرِدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلَّهْ
وأَغَلَّ القومُ إِذا بَلَغَتْ غَلّتهم. وَفِي الْحَدِيثِ
: الغَلَّة بالضَّمان
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ كَحَدِيثِهِ الْآخَرِ:
الخَراجُ بالضَّمان.
والغَلَّة: الدَّخْل الَّذِي يُحَصَّلُ مِنَ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَاللَّبَنِ والإِجارة والنِّتاج وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَفُلَانٌ يُغِلُّ عَلَى عِياله أَي يأْتيهم بالغَلَّة.
__________
(1) . قوله [وغله جوره] هكذا في الأصل، والذي في النهاية: أو غله جوره(11/504)
وَيُقَالُ: نِعْم الغَلول شَراب شَرِبْتُه أَو طَعَامٌ إِذا وَافَقَنِي. وَيُقَالُ: اغْتَلَلْت الشرابَ شربتُه، وأَنا مُغْتَلّ إِليه أَي مُشْتَاقٌ إِليه. ونِعْم غَلول الشَّيْخِ هَذَا الطَّعَامَ يَعْنِي التَّغْذِية الَّتِي تَغَذَّاها أَو الطَّعَامَ الَّذِي يُدخله جَوْفَهُ، عَلَى فَعُول، بِفَتْحِ الْفَاءِ. وغَلّ بصَرُه: حَادَ عَنِ الصَّوَابِ. وأَغَلَّ بصرَه إِذا شدَّد نَظَرَهُ. والغُلَّة: خِرْقة تَشُدُّ عَلَى رأْس الإِبريق؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْجَمْعُ غُلَل. والغَلَلُ: المِصْفاة؛ وَقَوْلُ لَبِيدٌ:
لَهَا غَلَلٌ مِنْ رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ، ... بأَيْمانِ عُجْمٍ يَنْصُفونَ المَقاوِلا
يَعْنِي الفِدام الَّذِي عَلَى رأْس الأَباريق، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ غُلَل بِالضَّمِّ، جَمْعُ غُلَّة. والغَلِيل: القَتّ وَالنَّوَى وَالْعَجِينُ تَعْلِفُهُ الدَّوَابَّ. والغَلِيل: النَّوَى يخلَط بالقَتِّ تَعْلِفُهُ النَّاقَةَ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ:
سُلَّاءَة، كعَصا النَّهْدِيِّ، غُلّ لَهَا ... ذُو فَيْئة مِنْ نَوى قُرّانَ مَعْجُوم
وَيُرْوَى:
سُلَّاءة، كَعَصَا النهديِّ، غُلَّ لَهَا ... مُنَظَّم مِنْ نَوَى قُرَّانَ مَعْجُومُ
قَوْلُهُ: ذُو فَيئة أَي ذُو رَجعة، يُرِيدُ أَن النَّوَى عُلِفته الإِبل ثُمَّ بَعَرته فَهُوَ أَصلب، شَبَّهَ نسورَها وَامِّلَاسَهَا بالنوَى الَّذِي بَعَرته الإِبل، والنَّهْدِيّ: الشَّيْخُ المُسِنّ فَعَصَاهُ مَلْسَاءُ، ومَعْجُوم: مَعْضُوض أَي عضَّته النَّاقَةُ فَرَمَتْهُ لِصَلَابَتِهِ. والغَلْغَلة: سُرْعَةُ السَّيْرِ، وَقَدْ تَغَلْغَلَ. وَيُقَالُ: تَغَلْغَلوا فَمَضَوْا. والمُغَلْغَلَة: الرِّسالة. ورِسالة مُغَلْغَلة: مَحْمُولَةٌ مِنْ بلدٍ إِلى بَلَدٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَبْلِغْ أَبا مالكٍ عنِّي مُغَلْغَلةً، ... وَفِي العِتاب حَياةٌ بَيْنَ أَقوام
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ ذِي يَزَن:
مُغَلْغَلة مَغالِقُها، تُغَالي ... إِلى صَنْعاء مِنْ فَجٍّ عَمِيق
المُغَلْغَلة، بِفَتْحِ الْغَيْنَيْنِ: الرِّسالة الْمَحْمُولَةُ مِنْ بلدٍ إِلى بَلَدٍ، وَبِكَسْرِ الْغَيْنِ الثَّانِيَةِ: المسرِعة، مِنَ الغَلْغَلةِ سُرْعَةُ السَّيْرِ. وغَلْغَلَة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
هنالِك لَا أَخْشى تنالُ مَقادَتي، ... إِذا حَلَّ بَيْتِي بين شُوطٍ وغَلْغَله
غمل: غَمَلَ الأَدِيمَ يَغْمُله غَمْلًا فانْغَمَل: أَفسده، وَهُوَ غَمِيل، وَقِيلَ: جَعَلَهُ فِي غُمَّة لِيَنْفَسِخَ عَنْهُ صُوفُهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُلفَّ الأَديمُ ويدفَن فِي الرَّمْلِ بَعْدَ البَلِّ حَتَّى يُنْتِن ويسْتَرْخِي ويسْمَح إِذا جُذِبَ صُوفُهُ فينتَف شَعْرُهُ، وَقِيلَ: إِنه إِذا غَفَلَ عَنْهُ سَاعَةً فَهُوَ غَمِيل وغَمِين. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ أَن يُطْوَى عَلَى بَلَلِه فيُطال طَيُّهُ فَوْقَ حقِّه فَيَفْسَدَ، وَقِيلَ: الغَمَل أَن يلفّ الإِهاب بعد ما يسلَخ ثُمَّ يُغَمُّ يَوْمًا وَلَيْلَةً حَتَّى يَسْتَرْخِيَ شَعْرُهُ أَو صُوفُهُ ثُمَّ يُمْرَطُ، فإِن تُرِكَ أَكثر مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَسَدَ. وأَغْمَلَ فُلَانٌ إِهابه إِذا تَرَكَهُ حَتَّى يَفْسَدَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
كَحالِئَةٍ عَنْ كُوعِهَا، وَهْيَ تَبْتَغِي ... صَلاحَ أَديمٍ ضَيَّعَته، وتُغْمِل
وغَمَلَ البُسْرَ: غَمَّه ليُدرك، وَكَذَلِكَ الرَّجُلَ تُلْقَى عَلَيْهِ الثِّيَابُ ليَعرق، فَهُوَ مَغْمُول، وإِذا غُمّ الْبُسْرَ(11/505)
لِيُدْرَكَ فَهُوَ مَغْمُول ومَغْمُون. وَرَجُلٌ مَغْمُول إِذا كَانَ خَامِلًا؛ وَقَوْلُ أَبي وَجْزَةَ:
وبِجَلْهَتَيْ عَمَّان يَوْمًا لَمْ يَكُنْ، ... لكمُ إِذا عُدّ العُلى، مَغْمُولا
أَي مُغَطَّى وَلَكِنَّهُ كَانَ مَشْهُودًا، وَكُلُّ شَيْءٍ كُبِس وَغُطِّيَ فَقَدْ غُمِلَ. وَنَخْلٌ مَغْمول: مُتَقَارِبٌ لَمْ يَنْفَسِخْ. والغَمْل: أَن يَنْحِتَ عِنَبَ الكَرْم فيخفِّفوا مِنْ وَرَقِهِ فيلقُطوه. وغَمَلَ العنبَ فِي الزَّبيل يَغْمُله غَمْلًا: نَضَّدَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. وغَمِل الجُرح غَمَلًا: أَفسده العِصاب. وغَمِلَ النبتُ غَمَلًا: فَسَدَ. والغَمِيل مِنَ النَّصِيّ: مَا رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا فَبَلِيَ، وَالْجَمْعُ غَمْلى؛ قَالَ الرَّاعِي:
وغَمْلى نَصِيّ بالمِتانِ، كأَنها ... ثَعالِب مَوْتى، جلدُها قَدْ تَزَلَّعا
وتَغَمَّل النَّبَاتُ: رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَيُقَالُ: غَمِلَ النَّبْتُ يَغْمَل غَمَلًا إِذا الْتَفَّ وَغَمَّ بَعْضُهُ بَعْضًا فعَفِن. وَلَحْمٌ مَغْمول ومَغْمُون إِذا غُطِّيَ شِوَاءً أَو طَبِيخًا. وإِهاب مَغْمول إِذا لُفَّ فَفَسَدَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وغَمَلَ الثعلبَ غَمْلًا شِبْرِقُهْ
يُرِيدُ طَالَ الشِّبْرق وَهُوَ الضَّرِيع حَتَّى غَمَلَ الثعلبَ وأَصلحه فَسَمِنَ وَتَنَاثَرَ شَعْرُهُ، كَمَا يُغْمَل الأَديم إِذا ذُرَّ فِيهِ الغَلْفَة وَأَلْقَى بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَسْتَرْخِيَ الشَّعْرَ، والغَلْفَة نَبْتٌ يُدْبَغُ بِهِ الأَديم. والغَمَل: الدأْب. والغُمْلُول: بَطْنٌ غَامِضٌ مِنَ الأَرض ذُو شَجَرٍ، وَقِيلَ: هُوَ الْوَادِي الضَّيِّقُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ وَالنَّبْتِ الْمُلْتَفِّ، وَقِيلَ: هُوَ الْوَادِي الطَّوِيلُ الْقَلِيلُ العَرْض الْمُلْتَفُّ؛ وأَنشد:
يَا أَيها الضَّاغِبُ بالغُمْلول، ... إِنَّكَ غُولٌ ولَدَتْكَ غُول
الضَّاغِب: الَّذِي يَخْتبئ فِي الخَمَرِ فيفزِّع الإِنسان بِمِثْلِ صَوْتِ السبُع وَالْوَحْشِ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مُجْتَمِعٍ نَحْوَ الشَّجَرِ وَالظُّلْمَةِ والغَمام إِذا أَظلم وتَراكم حَتَّى تُسَمَّى الزَّاوِية غُمْلُولًا؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الغُمْلول كَهَيْئَةِ السِّكة فِي الأَرض ضيِّق لَهُ سَنَدان طُولُ السَّنَدِ ذِرَاعَانِ يَقود الغَلْوة يُنْبِتُ شَيْئًا كَثِيرًا وَهُوَ أَضيق مِنَ الفاتِحة وَالْمَلِيعِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
ومَخارِيجَ مِنْ شَعارٍ وغِينٍ، ... وغَمالِيل مُدْحِيات الغِياضِ «2»
. وَيُقَالُ لَهُ الغُمْلول. وَفِي الْحَدِيثِ
: إِن بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلُوا أَرضاً غَمِلَة وَبِلَة
؛ الغَمِلة الْكَثِيرَةُ النَّبَاتِ الَّتِي يُوارِي النَّبَاتُ وَجْهَهَا. وغَمَلْت الأَمر إِذا سَتَرْتَهُ وَوَارَيْتَهُ. والغُمْلُول: الرَّابية. والغُمْلول: حَشِيشَةٌ تُؤْكَلُ مَطْبُوخَةً؛ تُسَمِّيهِ الفُرْس بَرْغَسْت؛ قَالَ:
كأَنه بالوَهْد ذِي الهُجُول، ... والمَتْن والغائِط والغُمْلول،
فَذّ أَديم الغَرْف بالإِزْمِيل «3»
. والغَمَالِيل: الرَّوابي. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغُمْلول بَقْلَةٌ دَسْتِيَّة تبكِّر فِي أَول الرَّبِيعِ ويأْكلها النَّاسُ. والغَمْل: مَوْضِعٌ؛ وَقَالَ:
كيفَ تَرَاهَا، والحُداة تَقْبِضُ ... بالغَمْل لَيْلًا، والرِّجال تُنْغِضُ؟
والقَبْضُ: السير السريع.
__________
(2) . قوله [مدحيات] هكذا في الأصل ولعلها مدجيات
(3) . قوله [فذ أديم] هكذا في الأصل(11/506)
غنبل: الغُنْبُول والنُّغْبُول: طَائِرٌ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَيْسَ بثبت.
غنتل: رَجُلٌ غَنْتَل وغُنْتُل: خامل.
غنجل: الغُنْجُل: ضَرْبٌ مِنَ السِّبَاعِ كالدُّلْدُل. الأَزهري: ابْنُ الأَعرابي قَالَ: التُّفَّة عَناق الأَرض وَهِيَ التُّمَيْلة، وَيُقَالُ لِذَكَرِهِ الغُنْجُل؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ مِثْلُ الْكَلْبِ الصِّينِيِّ يعلَّم فَتُصَادُ بِهِ الأَرانب وَالظِّبَاءُ وَلَا يأْكل إِلا اللَّحْمَ، وَجَمْعُهُ الغَناجِل. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: لَمْ يُفَرِّقْ أَحد لَنَا بَيْنَ العُنْجُل والغُنجُل إِلا الزَّاهِدُ، قَالَ: العُنْجُل الشَّيْخُ المُدْرَهِمّ إِذا بَدَتْ عِظَامُهُ، وَبِالْغَيْنِ التُّفَّة، وَهُوَ عَناق الأَرض.
غول: غَالَه الشيءُ غَوْلًا واغْتَالَهُ: أَهلكه وأَخذه مِنْ حَيْثُ لَمْ يَدْر. والغُول: الْمَنِيَّةُ. واغْتَالَه: قَتَله غِيلة، والأَصل الْوَاوُ. الأَصمعي وَغَيْرُهُ: قَتل فُلَانٌ فُلَانًا غِيلة أَي فِي اغْتيال وخُفْية، وَقِيلَ: هُوَ أَن يخدَع الإِنسان حَتَّى يَصِيرَ إِلى مَكَانٍ قَدِ اسْتَخْفَى لَهُ فِيهِ مَن يَقْتُلُهُ؛ قَالَ ذَلِكَ أَبو عُبَيْدٍ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ غَالَه يَغُوله إِذا اغْتاله، وَكُلُّ مَا أَهلك الإِنسان فَهُوَ غُول، وَقَالُوا: الْغَضَبُ غُول الْحِلْمِ أَي أَنه يُهْلكه ويَغْتاله وَيَذْهَبُ بِهِ. وَيُقَالُ: أَيَّةُ غُول أَغْوَل مِنَ الْغَضَبِ. وغالتْ فُلَانًا غُول أَي هَلَكَةٌ، وَقِيلَ: لَمْ يُدْر أَين صَقَع. ابْنُ الأَعرابي: وغَالَ الشيءُ زَيْدًا إِذا ذَهَبَ بِهِ يَغُوله. والغُول: كُلُّ شَيْءٍ ذَهَبَ بِالْعَقْلِ. اللَّيْثُ: غَالَه الْمَوْتُ أَي أَهلكه؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده أَبو زَيْدٍ:
غَنِينَا وأَغْنانا غِنَانَا، وغَالَنا ... مَآكِلُ، عَمَّا عِنْدَكُمْ، ومَشاربُ
يُقَالُ: غَالَنَا حَبَسنا. يُقَالُ: مَا غَالَك عَنَّا أَي مَا حبَسك عَنَّا. الأَزهري: أَبو عُبَيْدٍ الدَّوَاهِي وَهِيَ الدَّغاوِل، والغُول الدَّاهِيَةُ. وأَتَى غُوْلًا غَائِلَة أَي أَمراً منكَراً دَاهِيًا. والغَوائِل: الدَّوَاهِي. وغَائِلة الْحَوْضِ: مَا انْخَرَقَ مِنْهُ وَانْثَقَبَ فَذَهَبَ بِالْمَاءِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
يَا قيسُ، إِنكمُ وجدْتم حَوْضَكم ... غَالَ القِرَى بمُثَلَّمٍ مَفْجور
ذهبتْ غَوائِلُه بِمَا أَفْرَغْتُمُ، ... بِرِشاء ضَيِّقة الفُروع قَصِير
وتَغَوَّل الأَمرُ: تَنَاكَرَ وتَشابه. والغُول، بِالضَّمِّ: السِّعْلاة، وَالْجَمْعُ أَغْوال وغِيلان. والتَّغَوُّل: التَّلَوُّن، يُقَالُ: تَغَوَّلَت المرأَة إِذا تَلَوَّنَتْ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا ذاتُ أَهْوال ثَكُولٌ تَغَوَّلَت ... بِهَا الرُّبْدُ فَوْضى، والنَّعام السَّوارِحُ
وتَغَوَّلت الغُول: تَخَيَّلَتْ وَتَلَوَّنَتْ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فَيَوْماً يُوافِيني الهَوى غَيْرَ ماضِيٍ، ... وَيَوْمًا تَرَى مِنْهُنَّ غُولًا تَغَوَّلُ «1»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده سِيبَوَيْهِ، وَيُرْوَى: فَيَوْمًا يُجارِيني الهَوى، وَيُرْوَى: يوافِيني الْهَوَى دُونَ مَاضِي. وَكُلُّ مَا اغْتَالَ الإِنسانَ فأَهلكه فَهُوَ غُول. وتَغَوَّلتهم الغُول: تُوِّهوا. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيْكُمْ بالدُّلْجة فإِن الأَرض تُطْوَى بِاللَّيْلِ، وإِذا تَغَوَّلَت لَكُمُ الغِيلان فَبَادِرُوا بالأَذان وَلَا تَنْزِلُوا عَلَى جوادِّ الطَّرِيقِ وَلَا تُصَلُّوا عَلَيْهَا فإِنها مأْوى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ
أَي ادْفَعُوا شَرَّهَا بِذِكْرِ اللَّهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى
__________
(1) . قوله [غير ماضيٍ] هكذا في الأصل وفي ديوان جرير: فيوماً يجارين الهوى غير ماصِباً، وربما كان في الروايتين تحريف(11/507)
أَنه لَمْ يُرِدْ بِنَفْيِهَا عدمَها، وَفِي الْحَدِيثِ
: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا عَدْوى وَلَا هامَة وَلَا صَفَر وَلَا غُولَ
؛ كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ إِن الغِيلان فِي الفَلَوات تَراءَى لِلنَّاسِ، فتَغَوَّلُ تَغَوُّلًا أَي تَلَوَّنَ تَلَوُّنًا فَتُضِلُّهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ وتُهلكهم، وَقَالَ: هِيَ مِنْ مَردة الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ، وَذِكْرُهَا فِي أَشعارهم فاشٍ فأَبطل النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، مَا قَالُوا؛ قَالَ الأَزهري: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْحَيَّاتِ أَغْوَالًا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَوْلُهُ لَا غُولَ وَلَا صَفَر، قَالَ: الغُول أَحد الغِيلان وَهِيَ جِنْسٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَالْجِنِّ، كَانَتِ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَن الغُول فِي الفَلاة تتراءَى لِلنَّاسِ فتَتَغَوَّلَ تَغَوُّلًا أَي تتلوَّن تَلَوُّنًا فِي صُوَر شتَّى وتَغُولُهم أَي تُضِلُّهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ وَتُهْلِكُهُمْ، فَنَفَاهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَبطله؛ وَقِيلَ: قَوْلُهُ لَا غُولَ لَيْسَ نَفْيًا لِعَيْنِ الغُول ووُجوده، وإِنما فِيهِ إِبطال زَعْمِ الْعَرَبِ فِي تَلَوُّنِهِ بالصُّوَر الْمُخْتَلِفَةِ واغْتياله، فَيَكُونُ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ لَا غُولَ أَنها لَا تَسْتَطِيعُ أَن تُضل أَحداً، وَيَشْهَدُ لَهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
لَا غُولَ وَلَكِنِ السَّعالي
؛ السَّعالي: سَحَرَةُ الْجِنِّ، أَي وَلَكِنْ فِي الْجِنِّ سَحَرَةٌ لَهُمْ تَلْبِيسٌ وَتَخْيِيلٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أَيوب: كَانَ لِي تمرٌ فِي سَهْوَةٍ فَكَانَتِ الغُول تَجِيءُ فتأْخذ.
والغُول: الحيَّة، وَالْجَمْعُ أَغْوال؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ومَسْنونةٍ زُرقٍ كأَنْياب أَغْوال
قَالَ أَبو حَاتِمٍ: يُرِيدُ أَن يَكْبُرَ بِذَلِكَ ويعظُم؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ؛ وَقُرَيْشٌ لَمْ تَرَ رأْس شَيْطَانٍ قَطُّ، إِنما أَراد تَعْظِيمَ ذَلِكَ فِي صُدُورِهِمْ، وَقِيلَ: أَراد امْرُؤُ الْقَيْسِ بالأَغْوال الشَّيَاطِينَ، وَقِيلَ: أَراد الْحَيَّاتِ، وَالَّذِي هُوَ أَصح فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ لَا غُول مَا قَالَ
عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِن أَحداً لَا يَسْتَطِيعُ أَن يَتَحَوَّلَ عَنْ صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ لَهُمْ سحرَة كَسَحَرَتِكُمْ، فإِذا أَنتم رأَيتم ذَلِكَ فأَذِّنوا
؛ أَراد أَنها تُخَيَّلُ وَذَلِكَ سِحْرٌ مِنْهَا. ابْنُ شُمَيْلٍ: الغُول شَيْطَانٌ يأْكل النَّاسَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ مَا اغْتالك مِنْ جِنٍّ أَو شَيْطَانٍ أَو سبُع فَهُوَ غُول، وَفِي الصِّحَاحِ: كُلُّ مَا اغْتال الإِنسان فأَهلكه فَهُوَ غُول. وَذُكِرَتِ الغِيلان عِنْدَ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِذا رَآهَا أَحدكم فليؤذِّن فإِنه لَا يَتَحَوَّلُ عَنْ خَلْقِهِ الَّذِي خُلِقَ لَهُ.
وَيُقَالُ: غالَتْه غُول إِذا وَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ. والغَوْل: بُعْد المَفازة لأَنه يَغْتال مَنْ يَمُرُّ بِهِ؛ وَقَالَ:
بِهِ تَمَطَّتْ غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ، ... بِنا حَراجِيجُ المَهارى النُّفَّهِ
المِيلَهُ: أَرض تُوَلّه الإِنسان أَي تحيِّره، وَقِيلَ: لأَنها تَغْتال سَيْرَ الْقَوْمِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: غَوْل الأَرض أَن يَسِيرَ فِيهَا فَلَا تَنْقَطِعَ. وأَرض غَيِلة: بَعِيدَةُ الغَوْل، عَنْهُ أَيضاً. وَفَلَاةٌ تَغَوَّلَ أَي لَيْسَتْ بيِّنة الطُّرُقِ فَهِيَ تُضَلِّل أَهلَها، وتَغَوُّلها اشتِباهُها وتلوُّنها. والغَوْل: بُعْد الأَرض، وأَغْوالها أَطرافُها، وإِنما سُمِّيَ غَوْلًا لأَنها تَغُولُ السَّابِلَة أَي تقذِف بِهِمْ وتُسقطهم وتبعِدهم. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ مَا أَبعد غَوْل هَذِهِ الأَرض أَي مَا أَبعد ذَرْعها، وإِنها لِبَعِيدَةُ الغَوْل. وَقَدْ تَغَوَّلت الأَرض بِفُلَانٍ أَي أَهلكته وَضَلَّلَتْهُ. وَقَدْ غَالَتْهم تِلْكَ الأَرض إِذا هَلَكُوا فِيهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ورُبّ مَفازةٍ قُذُف جَمُوحٍ، ... تَغُولُ مُنَحِّبَ القَرَبِ اغْتِيالا
وَهَذِهِ أَرض تَغْتال المَشْيَ أَي لَا يَسْتَبين فِيهَا الْمَشْيُ مِنْ بُعْدها وَسِعَتِهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:(11/508)
وبَلْدَةٍ بعيدةِ النِّياطِ، ... مَجْهولةٍ تَغْتالُ خَطْوَ الْخَاطِّي
ابْنُ خَالَوَيْهِ: أَرض ذَاتُ غَوْل بَعِيدَةٌ وإِن كَانَتْ فِي مَرْأَى الْعَيْنِ قَرِيبَةً. وامرأَة ذَاتُ غَوْل أَي طَوِيلَةٌ تَغُول الثِّيَابَ فتقصُر عَنْهَا. والغَوْل: مَا انْهَبَطَ مِنَ الأَرض؛ وَبِهِ فَسَّرَ قَوْلَ لَبِيَدٍ:
عَفَتِ الديارُ مَحَلّها، فمُقامُها، ... بِمِنًى تأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجامُها
وَقِيلَ: إِن غَوْلها ورِجامها فِي هَذَا الْبَيْتِ مَوْضِعَانِ. والغَوْل: التُّراب الْكَثِيرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ ثَوْرًا يَحْفِر رَمْلًا فِي أَصل أَرْطاةٍ:
ويَبْري عِصِيّاً دُونَهَا مُتْلَئِبَّةً، ... يَرى دُونَها غَوْلًا، مِنَ الرَّمْلِ، غَائِلا
وَيُقَالُ للصَّقْر وَغَيْرِهِ: لَا يَغْتَالُهُ الشِّبَعُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ صَقْراً:
مِنْ مَرْقَبٍ فِي ذُرى خَلقاء راسِيةٍ، ... حُجْن المَخالِبِ لَا يَغْتاله الشِّبَعُ
أَي لَا يَذْهَبُ بقُوّته الشِّبَعُ، أَراد صَقْرًا حُجْناً مخالبُه ثُمَّ أَدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ. والغَوْل: الصُّداع، وَقِيلَ السُّكر، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ
؛ أَي لَيْسَ فِيهَا غَائِلَةُ الصُّداع لأَنه تَعَالَى قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الغَوْل أَن تَغْتال عقولَهم؛ وأَنشد:
وَمَا زَالَتِ الْخَمْرُ تَغْتالُنا، ... وتذهَبُ بالأَوَّلِ الأَوَّلِ
أَي توصِّل إِلينا شَرَّا وتُعْدمنا عقولَنا. التَّهْذِيبُ: مَعْنَى الغَوْل يَقُولُ لَيْسَ فِيهَا غِيلَةٌ، وَغَائِلَةٌ وغَوْل سَوَاءٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ: لَا تَغُول عُقُولُهُمْ وَلَا يسكَرون. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: غَالَتِ الْخَمْرُ فُلَانًا إِذا شَرِبَهَا فَذَهَبَتْ بِعَقْلِهِ أَو بِصِحَّةِ بَدَنِهِ، وَسُمِّيَتِ الغُول الَّتِي تَغُول فِي الفَلوات غُولًا بِمَا توصِّله مِنَ الشرِّ إِلى النَّاسِ، وَيُقَالُ: سُمِّيَتْ غُولًا لتلوُّنها، وَاللَّهُ أَعلم. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُهْدَةِ المَماليك:
لَا دَاءَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَا غَائِلة
؛ الْغَائِلَةُ فِيهِ أَن يَكُونَ مَسْرُوقًا، فإِذا ظَهَرَ وَاسْتَحَقَّهُ مَالِكُهُ غَالَ مَالَ مُشْتَرِيهِ الَّذِي أَدَّاه فِي ثَمَنِهِ أَي أَتلفه وأَهلكه. يُقَالُ: غَالَه يَغُولُه واغْتاله أَي أَذهبه وأَهلكه، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وفي حديث
بن ذِي يَزَن: ويَبْغُون لَهُ الغَوائل
أَي الْمَهَالِكَ، جَمْعُ غَائِلَةٍ. والغَوْل: المشقَّة. والغَوْل: الْخِيَانَةُ. وَيُرْوَى حَدِيثُ عُهْدَةِ الْمَمَالِيكِ:
وَلَا تَغْيِيب
؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يَكْتُبُ الرَّجُلُ العُهود فَيَقُولُ أَبيعُك عَلَى أَنه لَيْسَ لَكَ تَغْيِيب وَلَا دَاءٌ وَلَا غَائِلَةٌ وَلَا خِبْثة؛ قَالَ: والتَّغْيِيب أَن لَا يَبِيعه ضالَّة وَلَا لُقَطة وَلَا مُزَعْزَعاً، قَالَ: وَبَاعَنِي مُغَيَّباً مِنَ الْمَالِ أَي مَا زَالَ يَخْبَؤُه ويغيِّبه حَتَّى رَماني بِهِ أَي باعَنِيه؛ قَالَ: والخِبْثة الضالَّة أَو السَّرقة، وَالْغَائِلَةُ المغيَّبة أَو الْمَسْرُوقَةُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الدَّاءُ العَيْب الْبَاطِنُ الَّذِي لَمْ يُطْلِع البائعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَيْهِ، والخِبْثة فِي الرَّقيق أَن لَا يكون طيِّب الأَصل كأَنه حرُّ الأَصل لَا يَحِلُّ مِلْكُهُ لأَمانٍ سَبَقَ لَهُ أَو حرِّية وَجَبَتْ لَهُ، وَالْغَائِلَةُ أَن يَكُونَ مَسْرُوقًا، فإِذا استُحِق غَالَ مَالَ مُشْتَرِيهِ الَّذِي أَدَّاه فِي ثَمَنِهِ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: قَوْلُهُ الخِبْثة فِي الرَّقيق أَن لا يكون طَيِّبَ الأَصل كأَنه حُرُّ الأَصل فِيهِ تسمُّح فِي اللَّفْظِ، وَهُوَ إِذا كَانَ حُرَّ الأَصل كَانَ طيِّب الأَصل، وَكَانَ لَهُ فِي الْكَلَامِ متَّسع لَوْ عدَل عَنْ هَذَا.(11/509)
والمُغاوَلة: المُبادرة فِي الشَّيْءِ. والمُغاوَلة: المُبادَأَة؛ قَالَ جَرِيرٌ يَذْكُرُ رَجُلًا أَغارت عَلَيْهِ الْخَيْلُ:
عايَنْتُ مُشْعِلةَ الرِّعالِ، كأَنها ... طيرٌ تُغاوِلُ فِي شَمَامَ وُكُورَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للأَخطل لَا لِجَرِيرٍ. وَيُقَالُ: كُنْتُ أُغَاوِل حَاجَةً لِي أَي أُبادِرُها. وَفِي حَدِيثِ
عَمّار: أَنه أَوْجَز فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ إِني كُنْتُ أُغَاوِلُ حَاجَةً لِي.
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُغاوَلة المُبادَرة فِي السَّيْرِ وَغَيْرِهِ، قَالَ: وأَصل هَذَا مِنَ الغَوْل، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الْبُعْدُ. يُقَالُ: هوَّن اللَّهُ عَلَيْكَ غَوْل هَذَا الطَّرِيقِ. والغَوْل أَيضاً مِنَ الشَّيْءِ يَغُولك: يَذْهَبُ بِكَ. وَفِي حديث الإِفْك:
بعد ما نَزَلُوا مُغاوِلين
أَي مُبْعِدين فِي السَّير. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: كُنْتُ أُغاوِلُهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ
أَي أُبادِرهم بِالْغَارَةِ وَالشَّرِّ، مِنْ غَالَهُ إِذا أَهلكه، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
طِهْفَةَ: بأَرض غَائِلَة النَّطاة
أَي تَغُول سَاكِنَهَا بِبُعْدِهَا؛ وَقَوْلُ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ يَصِفُ حِمَارًا وأُتُناً:
إِذا غَرْبَة عَمَّهنَّ ارْتَفَعْنَ ... أَرضاً، ويَغْتالُها باغْتِيال
قَالَ السُّكَّرِيُّ: يَغْتال جريَها بِجَريٍ مِنْ عِنْدِهِ. والمِغْوَل: حَدِيدَةٌ تُجْعَلُ فِي السَّوْطِ فَيَكُونُ لَهَا غِلافاً، وَقِيلَ: هُوَ سَيْفٌ دَقِيقٌ لَهُ قَفاً يَكُونُ غِمْدُهُ كالسَّوْط؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي كَبِيرٍ:
أَخرجت مِنْهَا سِلْعَة مَهْزُولَةً، ... عَجْفاء يَبْرُق نابُها كالمِغْوَل
أَبو عُبَيْدٍ: المِغْول سَوْطٌ فِي جَوْفِهِ سَيْفٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ مِغْوَلًا لأَن صَاحِبَهُ يَغْتال بِهِ عدوَّه أَي يُهْلِكُهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُهُ، وَجَمْعُهُ مَغَاوِل. وَفِي حَدِيثِ
أُم سُلَيْمٍ: رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِيَدِهَا مِغْوَل فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: أَبْعَج بِهِ بُطُونَ الكفَّار
؛ المِغوَل، بِالْكَسْرِ: شِبْهُ سَيْفٍ قَصِيرٍ يَشْتَمِلُ بِهِ الرَّجُلُ تَحْتَ ثِيَابِهِ، وَقِيلَ: هُوَ حَدِيدَةٌ دَقِيقَةٌ لَهَا حدٌّ ماضٍ وقَفاً، وَقِيلَ: هُوَ سَوْطٌ فِي جَوْفِهِ سَيْفٌ دَقِيقٌ يشدُّه الفاتِك عَلَى وسَطه ليَغْتال بِهِ النَّاسَ. وَفِي حَدِيثِ
خَوَّات: انْتَزَعْتُ مِغْولًا فوَجَأْت بِهِ كَبِدَهُ.
وَفِي حَدِيثِ الْفِيلِ حِينَ أَتى مَكَّةَ:
فَضَرَبُوهُ بالمِغْوَل عَلَى رأْسه.
والمِغْوَل: كالمِشْمَل إِلا أَنه أَطول مِنْهُ وأَدقّ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المِغْوَل نَصْل طَوِيلٌ قَلِيلُ العَرْض غَلِيظُ المَتْن، فَوَصَفَ الْعَرْضَ الَّذِي هُوَ كمِّية بِالْقِلَّةِ الَّتِي لَا يُوصَفُ بِهَا إِلا الْكَيْفِيَّةُ. والغَوْل: جَمَاعَةُ الطَّلْح لَا يُشَارِكُهُ شَيْءٌ. والغُولُ: سَاحِرَةُ الْجِنِّ، وَالْجَمْعُ غِيلان. وَقَالَ أَبو الْوَفَاءِ الأَعرابيُّ: الغُول الذكَر مِنَ الْجِنِّ، فَسُئِلَ عَنِ الأُنثى فَقَالَ: هِيَ السِّعْلاة. والغَوْلان، بِالْفَتْحِ: ضَرْبٌ مِنَ الحَمْض. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَوْلان حَمْض كالأُشنان شَبِيهٌ بالعُنْظُوان إِلا أَنه أَدقُّ مِنْهُ وَهُوَ مَرْعًى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَنِينُ اللِّقاح الخُور حرَّق نَارُهُ ... بغَوْلان حَوْضَى، فَوْقَ أَكْبادها العِشْر
والغُولُ وغُوَيْلٌ والغَوْلان، كُلُّهَا: مَوَاضِعُ. ومِغْوَل: اسْمُ رجل.
غيل: الغَيْلُ: اللَّبَنُ الَّذِي ترضِعه المرأَة ولدَها وَهِيَ تؤْتَى؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَتْ أُم تأَبَّط شَرًّا تُؤَبِّنُه بَعْدَ مَوْتِهِ:
وَلَا أَرضعْته غَيْلا(11/510)
وَقِيلَ: الغَيْل أَن تُرضِع المرأَة ولدَها عَلَى حَبَل، وَاسْمُ ذَلِكَ اللَّبَنِ الغَيْل أَيضاً، وإِذا شَرِبَهُ الْوَلَدُ ضَوِيَ واعْتَلَّ عَنْهُ. وأَغالَتِ المرأَة ولدَها، فَهِيَ مُغِيلٌ، وأَغْيَلَتْه فَهِيَ مُغْيِل: سقَتْه الغَيْل الَّذِي هُوَ لَبَنُ المأْتِيَّة أَو لَبَنُ الْحُبْلَى، وَهِيَ مُغيل ومُغْيِل، وَالْوَلَدُ مُغالٌ ومُغْيَل؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ومِثْلك حُبْلى قَدْ طَرَقتُ ومُرْضِعاً، ... فأَلْهَيْتُها عَنْ ذِي تَمائم مُغْيَلِ «2»
. وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَمِثْلُكِ بِكْرًا قَدْ طَرَقْتُ وثيِّبا
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
كالأَيْمِ ذِي الطُّرَّة، أَو ناشِئِ البَرْدِيِّ ... تَحْتَ الحَفَإِ المُغْيِل
وأَغال فُلَانٌ وَلَدَهُ إِذا غشيَ أُمّه وَهِيَ تُرْضِعُهُ، واسْتَغْيَلتْ هِيَ نَفْسَهَا، وَالِاسْمُ الغِيلة. يُقَالُ: أَضرَّت الغِيلَة بِوَلَدِ فُلَانٍ إِذا أُتيت أُمّه وَهِيَ تُرْضِعُهُ، وَكَذَلِكَ إِذا حَمَلت أُمّه وَهِيَ تُرْضِعُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ
: لَقَدْ هَمَمْت أَن أَنْهَى عَنِ الغِيلَة ثُمَّ أُخبرت أَن فَارِسَ والرُّومَ تَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَا يَضِيرهم.
وَيُقَالُ: أَغْيَلَت الغَنم إِذا نُتِجت فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ؛ قَالَ: وَعَلَيْهِ قَوْلُ الأَعشى:
وسِيقَ إِليه الباقِر الغُيُلُ
وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي شَرْحِ النَّهْي عَنِ الغِيلَة، قَالَ: هُوَ أَن يُجَامِعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ إِذا حَمَلَتْ وَهِيَ مُرْضِعٌ، وَيُقَالُ فِيهِ الغِيلَة والغَيْلة بِمَعْنًى، وَقِيلَ: الْكَسْرُ لِلِاسْمِ وَالْفَتْحُ لِلْمَرَّةِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الْفَتْحُ إِلَّا مَعَ حَذْفِ الْهَاءِ. والغِيلَة: هُوَ الغَيْل، وَذَلِكَ أَن يُجَامِعَ الرَّجُلُ المرأَة وَهِيَ مُرْضِعٌ، وَقَدْ أَغَالَ الرَّجُلُ وأَغْيَل. والغَيْل والمُغْتال: السَّاعِدُ الرَّيَّانُ الْمُمْتَلِئُ؛ قَالَ:
لَكاعبٌ مَائِلَةٌ فِي العِطْفَيْن، ... بَيْضَاءُ ذاتُ ساعِدَين غَيْلَيْن
أَهْوَنُ مِنْ لَيْلِي وليلِ الزَّيْدَين، ... وعُقَب العِيسِ إِذا تمطَّيْن
وَقَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
كوَشْمِ المِعْصَم المُغْتالِ، غُلَّت ... نَواشِزُه بِوَسْمٍ مُسْتَشاطِ
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ الْفَرَّاءُ إِنما سُمِّيَ المِعصم الْمُمْتَلِئُ مُغْتالًا لأَنه مِنَ الغَوْل، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ لوجُودِنا سَاعِدَ غَيْل فِي مَعْنَاهُ. وَغُلَامٌ غَيْل ومُغْتال: عَظِيمٌ سَمِينٌ، والأُنثى غَيْلة. والغَيْلة، بِالْفَتْحِ: المرأَة السَّمِينَةُ. أَبو عُبَيْدَةَ: امرأَة غَيْلة عَظِيمَةٌ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
ويَبْرِي عِصِيًّا دُونَهَا مُتْلَئِبَّةً، ... يَرَى دُونَهَا غَوْلًا مِنَ التُّرْب غائِلا
أَي تُرْباً كَثِيرًا يَنْهال عَلَيْهِ، يَعْنِي ثَوْرًا وَحْشِيًّا يتَّخِذ كِناساً فِي أَصل أَرْطاة وَالتُّرَابُ وَالرَّمْلُ غَلَبه لِكَثْرَتِهِ؛ وَقَالَ آخَرُ:
يتبعْنَ هَيْقاً جافِلَا مُضَلّلا، ... قعُود حنٍّ مُسْتَقِرًّا أَغْيَلا «3»
. أَراد بالأَغْيَلَ الْمُمْتَلِئَ الْعَظِيمَ. واغْتال الغلامُ أَي غلُظ وَسَمِنَ. والغَيْل: الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ
: مَا سُقِيَ بالغَيْل فِيهِ العُشر، وَمَا سُقِيَ بالدَّلْو فَفِيهِ نِصْفُ العُشر
؛ وَقِيلَ: الغَيْل، بِالْفَتْحِ، مَا جَرَى مِنَ الْمِيَاهِ فِي الأَنهار والسَّواقي وَهُوَ الفَتْحُ، وأَما الغَلَلُ فَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الشَّجَرِ. وقال
__________
(2) . في المعلّقة: محوِلِ بدل مُغيِلِ
(3) . قوله [قعود حن] هكذا في الأصل(11/511)
اللَّيْثُ: الغَيْل مَكَانٌ مِنَ الغَيْضة فِيهِ مَاءٌ مَعِين؛ وأَنشد:
حِجارةُ غَيْلٍ وارِشات بطُحْلُب
والغَيْل: كُلُّ مَوْضِعٍ فِيهِ مَاءٌ مِنْ وَادٍ وَنَحْوِهِ. والغَيْل: العلَم فِي الثَّوْبِ، وَالْجَمْعُ أَغْيال؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ كثيِّر:
وحَشاً تَعاوَرُها الرِّياح، كأَنها ... تَوْشِيح عَصْبِ مُسَهَّم الأَغْيالِ
وَقَالَ غَيْرُهُ: الغَيْل الْوَاسِعُ مِنَ الثِّيَابِ، وَزَعَمَ أَنه يُقَالُ: ثَوْبٌ غَيْل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي الغَيْل ضَعِيفٌ لَمْ أَسمعه إِلا فِي هَذَا التَّفْسِيرِ. والغِيلُ: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ الْمُلْتَفُّ، يُقَالُ مِنْهُ: تَغَيَّل الشَّجَرُ، وَقِيلَ: الغِيلُ الشَّجَرُ الْكَثِيرُ الْمُلْتَفُّ الَّذِي لَيْسَ بشَوك؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
أَسَدٌ أَضْبَط، يَمْشِي ... بَيْنَ طَرْفاءٍ وغِيلِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغِيل جَمَاعَةُ القصَب والحَلْفاء؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِي غِيل قَصْباءٍ وخِيس مُخْتَلَق
وَالْجَمْعُ أَغْيال. والغِيل، بِالْكَسْرِ: الأَجَمة، وَمَوْضِعُ الأَسد غِيل مِثْلُ خِيسٍ، ولا تدخلها الْهَاءُ، وَالْجَمْعُ غُيول؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَجْلَانَ النَّهْدِيُّ:
وحُقَّة مِسْكٍ مِنْ نِساءٍ لَبِسْتُهَا ... شَبَابِي، وكأْس باكَرَتْني شَمُولُها
جَدِيدةُ سِرْبالِ الشَّبابِ، كأَنها ... سَقِيَّةُ بَرْدِيٍّ، نَمَتْها غُيُولُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والغُيول هَاهُنَا جَمْعُ غَيْل، وَهُوَ الْمَاءُ يَجْرِي بَيْنَ الشَّجَرِ لأَن الْمَاءَ يَسْقِي والأَجَمة لَا تَسْقِي. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: أَسدُ غِيلٍ
، الغِيل، بِالْكَسْرِ: شَجَرٌ مُلْتَفٌّ يُسْتَتَرُ فِيهِ كالأَجَمة؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
بِبَطْن عَثَّر غِيلٌ دونهُ غِيلُ
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
كَذَوائب الحَفَإِ الرَّطيب عَطابه ... غِيلٌ، ومَدَّ بجانِبَيْه الطُّحْلُبُ
غِيلٌ: الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الأَرض. والمُغَيِّل: النَّابت فِي الغِيل؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ جَارِيَةً:
كالأَيْمِ ذِي الطُّرَّة، أَو ناشِئ البَرْدِيِّ، ... تَحْتَ الحَفَإِ المُغْيِلِ
والمُغَيِّل: كالمُغْيِل، وَقِيلَ: كُلُّ شَجَرَةٍ كَثُرَتْ أَفْنانها وتَمَّت والتفَّت فَهِيَ مُتَغَيِّلة. والمِغْيال: الشَّجَرَةُ المُلْتَفَّة الأَفْنان الْكَثِيرَةُ الْوَرَقِ الوافِرَة الظِّلّ. وأَغْيَلَ الشَّجَرُ وتَغَيَّلَ واسْتَغْيَلَ: عظُم والتفَّ. ابْنُ الأَعرابي: الغَوائِل خُروق فِي الْحَوْضِ، وَاحِدَتُهَا غَائِلَة؛ وأَنشد:
وإِذا الذَّنوب أُحِيل فِي مُتَثَلِّمٍ، ... شُرِبت غَوائل مائِهِ وهُزُوم
وَالْغَائِلَةُ: الحِقْد الْبَاطِنُ، اسْمٌ كالوابِلَة. وَفُلَانٌ قَلِيلُ الْغَائِلَةِ والمَغَالَة أَي الشَّرِّ. الْكِسَائِيُّ: الغَوَائِل الدَّوَاهِي. والغِيلة، بِالْكَسْرِ: الخَدِيعة والاغْتِيال. وقُتِل فُلَانٌ غِيلة أَي خُدْعة، وَهُوَ أَن يَخْدَعَهُ فَيَذْهَبَ بِهِ إِلى مَوْضِعٍ، فإِذا صَارَ إِليه قَتَلَهُ وَقَدِ اغْتِيل. قَالَ أَبو بَكْرٍ: الغِيلة فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِيصال الشَّرِّ وَالْقَتْلِ إِليه مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ وَلَا يشعُر. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: قَتَلَهُ غِيلة(11/512)
إِذا قَتَلَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ، وفَتَك بِهِ إِذا قَتَلَهُ مِنْ حَيْثُ يَرَاهُ وَهُوَ غارٌّ غافِل غَيْرُ مستعدٍّ. وغَالَ فُلَانًا كَذَا وَكَذَا إِذا وَصَلَ إِليه مِنْهُ شَرٌّ؛ وأَنشد:
وغَالَ امْرَأً مَا كَانَ يَخْشَى غوائِلَه
أَي أَوصل إِليه الشرَّ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ فَيَسْتَعِدُّ. وَيُقَالُ: قَدِ اغْتاله إِذا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنّ صَبِيًّا قُتل بصَنْعاء غِيلة فقَتل بِهِ عُمَرُ سَبْعَةً
أَي فِي خُفْية واغْتيال وَهُوَ أَن يُخدَع ويُقتَل فِي مَوْضِعٍ لَا يَرَاهُ فِيهِ أَحد. والغِيلة: فِعْلة مِنَ الِاغْتِيَالِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
وأَعوذ بِكَ أَن أُغْتال مِنْ تَحْتِي
أَي أُدْهَى مِنْ حَيْثُ لَا أَشعرُ، يُرِيدُ بِهِ الخَسْف. والغِيلة: الشِّقْشِقَة؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَصْهَبُ هَدّار لِكُلِّ أَرْكَبِ، ... بغِيلةٍ تنسلُّ نَحْوَ الأَنْيبِ
وإِبل غُيُل: كَثِيرَةٌ، وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ؛ وأَنشد بَيْتَ الأَعشى:
إِنِّي لعَمْر الَّذِي خَطَتْ مَنَاشِبُها ... تَخْدِي، وسِيق إِليه الباقِرُ الغُيُلُ
وَيُرْوَى: خَطَتْ مَناسِمُها، الْوَاحِدُ غَيُول؛ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ جِنِّيٍّ عَنْ أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ جَدِّهِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الغَيُول الْمُنْفَرِدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَجَمْعُهُ غُيُل، وَيُرْوَى العُيُل فِي الْبَيْتِ بِعَيْنٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، يُرِيدُ الْجَمَاعَةَ أَي سِيق إِليه الْبَاقِرُ الْكَثِيرُ. وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والغُيُل السِّمان أَيضاً. وغَيْلان: اسْمُ رَجُلٍ. وغَيْلان بْنُ حُرَيث: مِنْ شُعَرَائِهِمْ، وَكَذَا وَقَعَ فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ، وَقِيلَ: غَيْلان حَرْبٍ، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. وَاسْمُ ذِي الرُّمَّةِ: غَيْلان بْنُ عُقْبة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ اسْمُهُ غَيْلان جَمَاعَةٌ: مِنْهُمْ غَيْلان ذُو الرُّمَّةِ، وغَيْلان بْنُ حُرَيْثٍ الرَّاجِزُ، وغَيْلان بْنُ خَرَشة الضَّبي، وَغِيلَانُ بْنُ سلمَة الثَّقَفِيُّ. وأُمّ غَيْلان: شَجَرُ السَّمُر.
فصل الفاء
فأل: الفأْل: ضِدُّ الطِّيَرَة، والجمع فُؤُول، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجَمْعُ أَفْؤُل، وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
وَلَا أَسْأَلُ الطَّيرَ عَمَّا تَقُولُ، ... وَلَا تَتَخالَجُني الأَفْؤُل
وتَفَاءَلْت بِهِ وتَفَأَّل بِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ تَفَاءَلْت بِكَذَا وتَفَأَّلْتُ، عَلَى التَّخْفِيفِ والقلْب، قَالَ: وَقَدْ أُولع النَّاسُ بِتَرْكِ هَمْزِهِ تَخْفِيفًا. والفَأْل: أَن يَكُونَ الرَّجُلُ مَرِيضًا فَيَسْمَعُ آخَرَ يَقُولُ يَا سالِمُ، أَو يَكُونُ طالِبَ ضالَّة فَيَسْمَعُ آخَرَ يَقُولُ يَا واجِد، فَيَقُولُ: تَفَاءَلْت بِكَذَا، وَيَتَوَجَّهُ لَهُ فِي ظنِّه كَمَا سَمِعَ أَنه يبرأُ مِنْ مَرَضِهِ أَو يَجِدُ ضالَّته. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يحبُّ الفَأْل وَيَكْرَهُ الطِّيَرَة
؛ والطِّيَرَة: ضِدُّ الفَأْل، وَهِيَ فِيمَا يُكْرَهُ كالفَأْل فِيمَا يستحَب، والطِّيرَة لَا تَكُونُ إِلا فِيمَا يَسُوءُ، والفَأْل يَكُونُ فِيمَا يحسُن وَفِيمَا يَسُوءُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ الفَأْل فِيمَا يكرَه أَيضاً، قَالَ أَبو زَيْدٍ: تَفاءَلْت تَفاؤُلًا، وَذَلِكَ أَن تَسْمَعَ الإِنسان وأَنت تُرِيدُ الْحَاجَةَ يَدْعُو يَا سَعِيدُ يَا أَفْلَح أَو يَدْعُو بَاسِمٍ قَبِيحٍ، وَالِاسْمُ الفَأْل، مَهْمُوزٌ، وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ لَا فَأْل عَلَيْكَ بِمَعْنَى لَا ضَيْر عَلَيْكَ وَلَا طَيْر عَلَيْكَ وَلَا شَرَّ عَلَيْكَ، وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ أَنس عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا عَدْوى وَلَا طِيَرَة ويعجبُني الفَأْل الصالِح
، والفأْل(11/513)
الصَّالِحُ: الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ؛ قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن مِنَ الفَأْل مَا يَكُونُ صَالِحًا وَمِنْهُ مَا يَكُونُ غَيْرَ صَالِحٍ، وإِنما أَحبَّ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، الفَأْل لأَن النَّاسَ إِذا أَمَّلوا فائدةَ اللَّهِ ورجَوْا عائدَته عِنْدَ كُلِّ سَبَبٍ ضَعِيفٍ أَو قويٍّ فَهُمْ عَلَى خَيْرٍ، وَلَوْ غلِطوا فِي جِهَةِ الرَّجَاءِ فإِن الرَّجَاءَ لَهُمْ خَيْرٌ، أَلا تَرَى أَنهم إِذا قَطَعُوا أَملَهم وَرَجَاءَهُمْ مِنَ اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّرِّ؟ وإِنما خَبَّر النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الفِطْرة كَيْفَ هِيَ وإِلى أَيِّ شَيْءٍ تَنْقَلِبُ، فأَما الطِّيرَة فإِن فِيهَا سُوءَ الظنِّ بِاللَّهِ وتوقُّع الْبَلَاءِ، ويُحَب للإِنسان أَن يَكُونَ لِلَّهِ تَعَالَى رَاجِيًا، وأَن يَكُونَ حَسَنَ الظَّنِّ بربِّه، قَالَ: والكَوادِس مَا يُتطيَّر مِنْهُ مِثْلُ الفَأْل والعُطاس وَنَحْوِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
أَنه كَانَ يتَفاءل وَلَا يتطيَّر.
وَفِي الْحَدِيثِ:
قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الفَأْل؟ قَالَ: الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ
، قَالَ: وَقَدْ جَاءَتِ الطِّيرَة بِمَعْنَى الجِنْس، والفَأْل بِمَعْنَى النَّوْعِ؛ قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
أَصدَقُ الطِّيرَة الفَأْل.
والافْتِئَال: افْتِعال مِنَ الفَأْل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ خَيْلًا:
إِذا مَا بَدَتْ تَحْتَ الخَوافِقِ، صَدَّقَتْ ... بأَيمَنِ فَأْل الزاجِرين افْتِئالَها
التَّهْذِيبُ: تَفَيَّل إِذا سمِن كأَنه فِيل. وَرَجُلٌ فَيِّل اللَّحْمِ: كَثِيرُهُ؛ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَهْمِزُهُ فَيَقُولُ: فَيْئِل عَلَى فَيْعِل. والفِئال، بِالْهَمْزَةِ: لِعْبَةٌ للأَعراب، وَسَيُذْكَرُ في فيل.
فتل: الفَتْل: لَيُّ الشَّيْءِ كَلَيِّك الْحَبْلَ وكفَتْل الفَتِيلة. يُقَالُ: انْفَتَل فُلَانٌ عَنْ صَلاته أَي انْصَرَفَ، ولَفَت فُلَانًا عَنْ رأْيه وفَتَله أَي صرَفه ولَوَاه، وفَتَله عَنْ وَجْهِهِ فانْفَتَلَ أَي صَرَفَهُ فَانْصَرَفَ، وَهُوَ قَلْبُ لَفَت. وفَتَل وَجْهَهُ عَنِ الْقَوْمِ: صرَفه كلَفته. وفَتَلْت الْحَبْلَ وَغَيْرَهُ وفَتَلَ الشَّيْءَ يَفْتِله فَتْلًا، فَهُوَ مَفْتُول وفَتِيل، وفَتَلَه: لَواه؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
لونُها أَحمر صافٍ، ... وَهِيَ كَالْمِسْكِ الفَتِيل
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَيُرْوَى كَالْمِسْكِ الفَتِيت، قَالَ: وَهُوَ كالفَتِيل؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنه شِعْرٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ إِذ لَوْ كَانَ مَعْرُوفًا لَمَا اخْتُلِفَ فِي قَافِيَتِهِ، فتفهَّمه جِدًّا. وَقَدِ انْفَتَلَ وتَفَتَّل. والفَتِيل: حَبْلٌ دَقِيقٌ مِنْ خَزَم أَو لِيف أَو عِرْق أَو قِدٍّ يشدُّ عَلَى الْعِنَانِ، وَهِيَ الْحَلْقَةُ الَّتِي عِنْدَ ملتقَى الدُّجْزَيْن، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والفَتِيل والفَتِيلة: مَا فتلْته بَيْنَ أَصابعك، وَقِيلَ: الفَتِيل مَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الإِصبعين إِذا فتلْتهما. والفَتِيل: السَّحَاة فِي شَقِّ النَّواة. وَمَا أَغنى عَنْهُ فَتِيلًا وَلَا فَتْلة وَلَا فَتَلة؛ الإِسكان عَنْ ثَعْلَبٍ، وَالْفَتْحُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، أَي مَا أَغنى عَنْهُ مِقْدَارَ تِلْكَ السَّحَاة الَّتِي فِي شَق النَّوَاةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا*
؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: القِطْمير الْقِشْرَةُ الرَّقِيقَةُ عَلَى النَّوَاةِ، والفَتِيل مَا كَانَ فِي شَق النَّوَاةِ، وَبِهِ سُمِّيَتْ فَتِيلة، وَقِيلَ: هُوَ مَا يفتَل بَيْنَ الإِصبعين مِنَ الْوَسَخِ، والنَّقير النُّكْتة فِي ظَهْرِ النَّواة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذِهِ الأَشياء تضرَب كُلُّهَا أَمثالًا لِلشَّيْءِ التافِه الْحَقِيرِ الْقَلِيلِ أَي لَا يُظْلمون قدرَها. والفتِيلة: الذُّبَالة. وذُبَال مفتَّل: شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَمَا زَالَ فُلَانٌ يَفْتِل مِنْ فُلَانٍ فِي الذِّرْوة والغارِب أَي يَدُور مِنْ وراءِ خَدِيعَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ وَعَائِشَةَ: فَلَمْ يَزَلْ يَفْتِل فِي الذِّرْوة وَالْغَارِبِ
، وَهُوَ مَثَلٌ فِي المُخادَعة. وَوَرَدَ فِي حَدِيثِ
حُيَي بْنِ أَخْطب أَيضاً: لَمْ يَزَلْ يَفتِل فِي الذِّرْوة والغارِب
؛(11/514)
والفَتْلة: وِعاء حَبِّ السَّلَم والسَّمُر خَاصَّةً، وَهُوَ الَّذِي يُشْبِهُ قُرون الباقِلَّا، وَذَلِكَ أَول مَا يَطْلُعُ، وَقَدْ أَفْتَلت السَّلَمة والسَّمُرة. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَلسْت ترعَى مَعْوَتَها وفَتْلَتَها؟
الفَتْلة: وَاحِدَةُ الفَتْل، وَهُوَ مَا يَكُونُ مَفْتولًا مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ كورَق الطَّرْفاء والأَثْل وَنَحْوِهِمَا، وَقِيلَ: الفَتْلَة حَمْلُ السمُر والعُرْفُط، وَقِيلَ: نَوْر العِضاه إِذا تَعقّد، وَقَدْ أَفْتَلْت إِفْتالًا إِذا أَخرجت الفَتْلة. والفَتْلَة: شِدَّةُ عصَب الذِّرَاعِ. والفَتَل أَيضاً: اندِماج فِي مِرْفق النَّاقَةِ وبُيُون عَنِ الْجَنْبِ، وَهُوَ فِي الوَظيف والفِرْسِن عَيْبٌ، وَمِرْفَقٌ أَفْتَل بيِّن الْفَتْلِ. الْجَوْهَرِيُّ: الفَتَل، بِالتَّحْرِيكِ، مَا بَيْنَ المِرْفقين عَنْ جَنْبَيِ الْبَعِيرِ، وَقَوْمٌ فُتْل الأَيدي؛ قَالَ طَرَفَةُ:
لَها مِرْفَقان أَفْتَلان، كأَنما ... أُمِرَّا بسَلْمَى دالِجٍ متَشدِّد
وَفِي الصِّحَاحِ: كأَنما تَمُرُّ بسَلْمَى «1» وَنَاقَةٌ فَتْلاء: ثَقِيلَةٌ. وَنَاقَةٌ فَتْلاء إِذا كَانَ فِي ذِرَاعِهَا فَتَل وبُيُون عَنِ الْجَنْبِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
حَرَجٌ من مِرْفقيْها كالفَتَل
وفَتِلَت النَّاقَةُ فَتَلًا إِذا امَّلَس جِلْدُ إِبْطها فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ عَرَك وَلَا حَازٌّ وَلَا خالِعٌ وَهَذَا إِذا اسْتَرْخَى جِلْدُ إِبْطها وتَبَخْبَخَ. والفَتْلة: نَوْرُ السَّمُرة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الفَتَل مَا لَيْسَ بِوَرَقٍ إِلا أَنه يَقُومُ مَقَامَ الْوَرَقِ، وَقِيلَ: الفَتَل مَا لَمْ يَنْبَسِطْ مِنَ النَّبَاتِ وَلَكِنْ تَفَتَّلَ فَكَانَ كالهَدَب، وَذَلِكَ كهَدَب الطَّرْفاء والأَثْل والأَرْطى. ابْنُ الأَعرابي: الفَتَّال البُلْبُل، وَيُقَالُ لِصياحه الفَتْل، فهو مصدر.
فثل: ابْنُ بَرِّيٍّ: رَجُلٌ فِثْوَلّ أَي عَيِيٌّ فَدْم؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا تَجْعَلِيني كَفَتًى فِثْوَلّ، ... خالٍ كعُود النَّبْعة المُبْتَلّ
قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ الأَصمعي إِلا بِالْقَافِ، وَلَمْ أَره أَنا لِغَيْرِ الشَّيْخِ أَبي مُحَمَّدِ بْنِ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
فجل: فَجَّل الشيءَ: عَرَّضَهُ. وَرَجُلٌ أَفْجَلَ: مُتَبَاعِدُ مَا بَيْنَ السَّاقَيْنِ. وفَجِلَ الشَّيْءُ وفَجَلَ يَفْجُل فَجْلا وفَجَلًا: اسْتَرْخَى وغلُظ. والفُجْل والفُجُل؛ جَمِيعًا عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: أُرومة نَبَاتٍ خَبِيثَةِ الجُشاء مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ فُجْلة وفُجُلة، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ وإِياه عَنَى بِقَوْلِهِ وَهُوَ مُجَهِّزُ السَّفِينَةِ يَهْجُو رَجُلًا:
أَشْبَه شَيْءٍ بِجُشاء الفُجْلِ ... ثِقْلًا عَلَى ثِقْل، وأَيّ ثِقْلِ
والفَنْجَلَة والفَنْجَلى: مِشْية فِيهَا اسْتِرْخَاءٌ يسحَب رِجْلَهُ عَلَى الأَرض؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قُضِيَتْ عَلَى نُونِهَا بِالزِّيَادَةِ لِقَوْلِهِمْ فَجِل إِذا اسْتَرْخَى. الصِّحَاحُ: الفَنْجَلَة مِشْية فِيهَا اسْتِرْخَاءٌ كمِشية الشَّيْخِ؛ وَقَالَ صَخْرُ بْنُ عُمَيْرٍ:
فإِنْ تَريني فِي المَشيب والعِلَهْ، ... فصِرْتُ أَمشي القَعْوَلى والفَنْجَلَهْ،
وَتَارَةً أَنْبُثُ نَبْثاً نَقْثَلَهْ
النَّقْثَلة: مِشْية الشَّيْخِ يُثِير التُّرَابَ إِذا مَشَى. والفَنْجَل: الَّذِي يَمْشِي الفَنْجَلة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا هِجْرَعاً رِخْواً وَلَا مُثَجَّلا، ... وَلَا أَصَكَّ أَو أَفَجَّ فَنْجَلا
والفَاجِلُ: القامِرُ.
__________
(1) . هذه الرواية هي كذلك رواية ديوان طرفة(11/515)
فحل: الفَحْل مَعْرُوفٌ: الذكَر مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ، وَجَمْعُهُ أَفْحُل وفُحول وفُحولة وفِحالٌ وفِحالة مِثْلُ الجِمالة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِحالةٌ تُطْرَدُ عَن أَشْوالِها
قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَلحقوا الْهَاءَ فِيهِمَا لتأْنيث الْجَمْعِ. وَرَجُلٌ فَحِيل: فَحْل، وإِنه لبيِّن الفُحُولة والفِحَالَة والفِحْلة. وفَحَلَ إِبلَه فَحْلًا كَرِيمًا: اخْتَارَ لَهَا، وافْتَحَلَ لدوابِّه فَحْلًا كَذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: فَحَلْت إِبلي إِذا أَرسلت فِيهَا فَحْلًا؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
نَفْحَلُها البِيضَ القَلِيلاتِ الطَّبَعْ ... مِنْ كلِّ عرَّاص، إِذا هُزَّ اهْتَزَعْ
أَي نُعَرْقِبُها بِالسُّيُوفِ، وَهُوَ مَثَل. الأَزهري: والفِحْلَة افْتحال الإِنسان فَحْلًا لِدَوَابِّهِ؛ وأَنشد:
نَحْنُ افْتَحَلْنا فَحْلَنا لَمْ نَأْثله «2»
. قَالَ: وَمَنْ قَالَ اسْتَفْحَلْنا فَحْلًا لدوابِّنا فَقَدْ أَخطأَ، وإِنما الِاسْتِفْحَالُ مَا يَفْعَلُهُ عُلوج أَهل كابُل وجُهَّالهم، وسيأْتي. والفَحِيل: فَحْل الإِبل إِذا كَانَ كَرِيمًا مُنْجِباً. وأَفْحَل: اتَّخَذَ فَحْلًا؛ قَالَ الأَعشى:
وكلُّ أُناسٍ، وإِن أَفْحَلوا، ... إِذا عايَنُوا فَحْلَكمْ بَصْبَصُوا
وَبَعِيرٌ ذُو فِحْلَة: يَصْلُحُ للافْتِحَال. وفَحْل فَحِيل: كَرِيمٌ منجِب فِي ضِرابه؛ قَالَ الرَّاعِي:
كَانَتْ نَجائبُ منذرٍ ومُحَرِّق ... أُمَّاتِهنّ، وطَرْقُهنّ فَحِيلا
قَالَ الأَزهري: أَي وَكَانَ طَرْقهنّ فَحْلًا منجِباً، والطَّرْق: الْفَحْلُ هَاهُنَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاد الْبَيْتِ: نجائبَ منذرٍ، بِالنَّصْبِ، وَالتَّقْدِيرُ كَانَتْ أُمَّاتُهُنَّ نجائبَ مُنْذِرٍ، وَكَانَ طَرْقهنّ فَحْلًا. وَقِيلَ: الفَحِيل كالفَحْل؛ عَنْ كُرَاعٍ. وأَفْحَلَه فَحْلًا: أَعاره إِيَّاه يَضْرِبُ فِي إِبله. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: فَحَلَ فُلَانًا بَعِيرًا وأَفْحَلَه إِيّاه وافْتَحَلَه أَي أَعطاه. والاسْتِفْحَال: شَيْءٌ يَفْعَلُهُ أَعلاج كابُل، إِذا رأَوا رَجُلًا جَسِيمًا مِنَ الْعَرَبِ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِسَائِهِمْ رَجَاءَ أَن يُولَدَ فِيهِمْ مِثْلُهُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وكَبْش فَحِيل: يُشْبِهُ الْفَحْلَ مِنَ الإِبل فِي عِظَمِهِ ونُبْله. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنه بَعَثَ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ أُضحية فَقَالَ: اشْتَرِهِ فَحْلًا فَحِيلًا
؛ أَراد بِالْفَحْلِ غَيْرَ خَصِيٍّ، وَبِالْفَحِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ فَحِيلًا: هُوَ الَّذِي يُشْبِهُ الفُحولة فِي عِظَمِ خُلُقِهِ وَنُبْلِهِ، وَقِيلَ: هُوَ المُنْجِب فِي ضِرابه، وأَنشد بَيْتَ الرَّاعِي، قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَالَّذِي يُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنه اخْتَارَ الْفَحْلَ عَلَى الْخَصِيِّ والنعجةِ وَطَلَبَ جَماله ونُبْله. وَفِي الْحَدِيثِ:
لِمَ يضرِبُ أَحدُكُم امرأَتَه ضرْبَ الفَحْل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، يُرِيدُ فَحْل الإِبل إِذا عَلَا نَاقَةً دُونَهُ أَو فَوْقَهُ فِي الْكَرَمِ والنَّجابة فإِنهم يَضْرِبُونَهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَمْنَعُونَهُ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَمَّا قدِم الشَّامَ تَفَحَّلَ لَهُ أُمَراء الشَّامِ
أَي أَنهم تلقَّوه متبذِّلين غَيْرَ متزيِّنين، مأْخوذ مِنَ الْفَحْلِ ضِدِّ الأُنثى لأَن التزيُّن والتصنُّع فِي الزِّيِّ مِنْ شأْن الإِناث والمُتَأَنِّثين والفُحول لَا يتزيَّنون. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن لَبَنَ الفَحْل حِرْم
؛ يُرِيدُ بالفَحْل الرجُل تَكُونُ لَهُ امرأَة وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا وَلَهَا لَبَنٌ، فكلُّ مَنْ أَرضعته مِنَ الأَطفال بِهَذَا فَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى الزَّوْجِ وإِخوتِه وأَولاده مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا، لأَن اللَبن للزوج حيث
__________
(2) . قوله [نأثله] هكذا في الأصل(11/516)
هُوَ سَبَبُهُ وَهَذَا مَذْهَبُ الْجَمَاعَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالنَّخَعِيُّ: لَا يُحَرِّمُ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي حَرْفِ النُّونِ. الأَزهري: اسْتَفْحَلَ أَمر الْعَدُوِّ إِذا قوِي وَاشْتَدَّ، فَهُوَ مُسْتَفْحِل، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي سُهَيْلًا الفَحْل تَشْبِيهًا لَهُ بفحْل الإِبل وَذَلِكَ لِاعْتِزَالِهِ عَنِ النُّجُومِ وعِظَمه، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَذَلِكَ لأَن الْفَحْلَ إِذا قَرَع الإِبل اعْتَزَلَهَا؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ لاحَ للسارِي سُهَيْل، كأَنه ... قَرِيعُ هِجانٍ دُسّ مِنْهُ المَساعِر
اللَّيْثُ: يُقَالُ للنَّخل الذكَر الَّذِي يُلْقَح بِهِ حَوائل النَّخْلِ فُحَّال، الْوَاحِدَةُ فُحَّالَة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الفَحْل والفُحَّال ذَكَرُ النَّخْلِ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ ذُكُورِهِ فَحْلًا لإِناثِه؛ وَقَالَ:
يُطِفْنَ بفُحَّالٍ، كأَنَّ ضِبابَهُ ... بُطونُ المَوالي، يَوْمَ عيدٍ تَغَدَّت
قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِغَيْرِ الذَّكَرِ مِنَ النَّخْلِ فُحَّال؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي عَمْرٍو: لَا يُقَالُ فَحْل إِلا فِي ذِي الرُّوح، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو نَصْرٍ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِ هَذَا. واستَفْحَلَت النَّخْلُ: صَارَتْ فُحَّالًا. وَنَخْلَةٌ مُسْتَفْحِلة: لَا تحمِل؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ: وَيُجْمَعُ فُحَّال النَّخْلِ فَحَاحِيل، وَيُقَالُ للفُحَّال فَحْل، وَجَمْعُهُ فُحُول؛ قَالَ أُحَيْحة بْنُ الجُلاح:
تَأَبَّرِي يَا خَيْرَةَ الفَسِيل، ... تَأَبَّرِي مِنْ حَنَذٍ فَشُول،
إِذ ضَنَّ أَهلُ النخْل بالفُحُول
الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ فُحَّال إِلا فِي النَّخْلِ. والفَحْل: حَصِير تُنسَج مِنْ فُحَّال النَّخْلِ، وَالْجَمْعُ فُحُول. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنصار وَفِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَحْل مِنْ تِلْكَ الفُحُول، فأَمر بناحية مِنْهُ فكُنِس وَرُشَّ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ
؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ قِيلَ لِلْحَصِيرِ فَحْل لأَنه يسوَّى مِنْ سَعَفِ الفَحْل مِنَ النَّخِيلِ، فَتَكَلَّمَ بِهِ عَلَى التَّجَوُّزِ كَمَا قَالُوا: فُلَانٌ يَلْبَسُ القُطْن وَالصُّوفَ، وإِنما هِيَ ثِيَابٌ تغزَل وتتَّخذ مِنْهُمَا؛ قَالَ الْمَرَّارُ:
والوَحْش سارِية، كأَنَّ مُتونَها ... قُطْن تُباع، شَدِيدَةُ الصَّقْلِ
أَراد كأَن مُتُونَهَا ثِيَابُ قُطْنٍ لشدَّة بَيَاضِهَا، وَسُمِّيَ الْحَصِيرُ فَحْلًا مَجَازًا. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه قَالَ لَا شُفْعة فِي بِئْرٍ وَلَا فَحْل والأُرَف تَقْطع كُلَّ شُفْعَةٍ
؛ فإِنه أَراد بالفَحْل فَحْل النَّخْلِ، وَذَلِكَ أَنه رُبَّمَا يَكُونُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ فَحْل نَخْلٍ يأْخذ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ فِيهِ، زمَن تَأْبِير النَّخْلِ، مَا يَحْتَاجُ إِليه مِنَ الحِرْقِ لتَأْبير النَّخْلِ، فإِذا بَاعَ وَاحِدٌ مِنَ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنَ الْفَحْلِ بعضَ الشُّرَكَاءِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِينَ مِنَ الشُّرَكَاءِ شُفْعَةٌ فِي الْمَبِيعِ، وَالَّذِي اشْتَرَاهُ أَحق بِهِ لأَنه لَا يَنْقَسِمُ، والشُّفْعة إِنما تَجِبُ فِيمَا يَنْقَسِمُ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهل الْمَدِينَةِ وإِليه يَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ
جَابِرٍ: إِنما جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الشُّفعة فِيمَا لَمْ يُقَسَّمْ، فإِذا حُدت الحُدود فَلَا شُفعة
لأَن قَوْلَهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِيمَا لَمْ يُقَسَّمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنه جَعَلَ الشُّفعة فِيمَا يَنْقَسِمُ، فأَما مَا لَا يَنْقَسِمُ مِثْلَ الْبِئْرِ وفَحْل النَّخْلِ يُبَاعُ مِنْهُمَا الشِّقْص بأَصله مِنَ الأَرض فَلَا شُفعة فِيهِ، لأَنه لَا ينقسِم؛ قَالَ: وَكَانَ أَبو عُبَيْدٍ فَسَّرَ حَدِيثَ عُثْمَانَ تَفْسِيرًا لَمْ يَرْتَضِهِ أَهل الْمَعْرِفَةِ فَلِذَلِكَ تَرَكْتُهُ وَلَمْ أَحكه بِعَيْنِهِ، قَالَ: وَتَفْسِيرُهُ عَلَى(11/517)
مَا بَيَّنْتُهُ، وَلَا يُقَالُ لَهُ إِلا فُحَّال. وفُحول الشُّعَرَاءِ: هُمُ الَّذِينَ غَلَبُوا بالهِجاء مَنْ هَاجَاهُمْ مِثْلُ جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ وأَشباههما، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ عارَض شَاعِرًا فَغَلَبَ عَلَيْهِ، مِثْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدَةَ، وَكَانَ يُسَمَّى فَحْلًا لأَنه عَارَضَ إمرأَ الْقَيْسِ فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي يَقُولُ فِي أَولها:
خليليَّ مُرّا بِي عَلَى أُمِّ جُنْدَبِ
بِقَوْلِهِ فِي قَصِيدَتِهِ:
ذَهَبْت مِنَ الْهِجْرَانِ فِي غَيْرِ مذهَب
وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُعَارِضُ صَاحِبَهُ فِي نَعْتِ فَرَسِهِ ففُضِّل علقمةُ عَلَيْهِ وَلُقِّبَ الفَحْل، وَقِيلَ: سُمِّيَ عَلْقَمَةُ الشَّاعِرُ الفَحْل لأَنه تزوَّج بأُمِّ جُنْدَب حِينَ طَلَّقَهَا امْرُؤُ الْقَيْسِ لَمَّا غَلَّبَتْه عَلَيْهِ فِي الشِّعْرِ. والفُحول: الرُّواة، الْوَاحِدُ فَحْل. وتَفَحَّلَ أَي تشبَّه بالفَحْل. واستَفْحَل الأَمر أَي تَفاقَم. وامرأَة فَحْلَة: سَلِيطة. وفَحْل والفَحْلاء: مَوْضِعَانِ. وفَحْلان: جَبَلَانِ صَغِيرَانِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
هَلْ تُونِسونَ بأَعْلى عاسِمٍ ظُعُناً ... وَرَّكْن فَحلَين، واستَقبَلْن ذَا بَقَرِ؟
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ فِحْل، بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ، مَوْضِعٌ بِالشَّامِ كَانَتْ بِهِ وَقْعَةُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الرُّومِ؛ وَمِنْهُ يَوْمُ فِحْل، وَفِيهِ ذِكْرُ فَحْلين، عَلَى التَّثْنِيَةِ، مَوْضِعٌ فِي جبل أُحُد.
فحطل: فَحْطَل: اسْمٌ؛ قَالَ:
تباعَد مِنِّي فَحْطَل، إِذ سأَلته ... أَمِينَ، فَزاد اللَّهُ مَا بَيْنَنَا بُعْدا
وَهَذِهِ تَرْجَمَةٌ وَجَدْتُهَا فِي الْمُحْكَمِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، ورأَيت هَذَا الْبَيْتُ فِي الصِّحَاحِ: تَبَاعَدَ مِنِّي فَطْحَل، وَاللَّهُ أَعلم.
فخل: تَفَخَّل الرجلُ: أَظهر الوَقار وَالْحِلْمَ. وتَفَخَّلَ أَيضاً: تهيَّأَ وَلَبِسَ أَحسن ثِيَابِهِ، والله أَعلم.
فرجل: الفَرْجَلة: التَّفَحُّج؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَقَحُّمَ الْفِيلِ إِذا مَا فَرْجَلا، ... تَمُرّ أَحْفافاً تَهُضُّ الجَنْدَلا
وفَرْجَل الرجلُ فَرْجَلَة: وَهُوَ أَن يتفحَّج وَيُسْرِعَ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي يُدَرْبِجُ فِي مَشْيِهِ وَهِيَ مِشْية سهلة.
فرزل: الفَرْزَلة: التَّقْيِيدُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَرَجُلٌ فُرْزُل: ضخْم؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بِثَبَتٍ.
فرعل: الفُرْعُل: وَلَدُ الضَّبُع، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَلَدُ الضَّبُعِ مِنَ الضَّبُعُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
تَنْزُو بعُثْنُون كَظَهْرِ الفُرْعُل
قَالَ: وَقَالَ أَبو مِهْرَاسٍ:
كأَنَّ ندَاءَهُنَّ قُشَاعُ ضَبْع، ... تَفَقَّدَ مِنْ فَرَاعِلِه أَكِيلا
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: سُئِلَ عَنِ الضبُع فَقَالَ: الفُرْعُل تِلْكَ نَعْجَةٌ مِنَ الْغَنَمِ
؛ الفُرْعُل: وَلَدُ الضَّبُعِ، فَسَمَّاهَا بِهِ أَراد أَنها حَلَالٌ كَالشَّاةِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ هُوَ وَلَدُ الوَبْر مِنِ ابْنِ آوَى، وَالْجَمْعُ فَرَاعِل وفَراعِلة، زَادُوا الْهَاءَ لتأْنيث الْجَمْعِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يُناط بأَلْحِيها فَرَاعِلَة غُثْرُ
والأُنثى فُرْعُلَة. وَفِي الْمَثَلِ: أَغْزَلُ مِنْ فُرْعُل، وَهُوَ مِنَ الغَزَل والمُراودة.(11/518)
فزل: الفَزْل: الصَّلابة. وأَرض فَيْزَلةٌ: سريعةُ السَّيْلِ إِذا أَصابها الغيث.
فسل: الفَسْل: الرَّذْل النَّذْل الَّذِي لَا مُروءة لَهُ وَلَا جَلَدَ، وَالْجَمْعُ أَفْسُل وفُسُول وفِسَال وفُسْل؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: والأَكثر فِيهِ فِعال، وأَما فُعول ففرْع دَاخِلٌ عَلَيْهِ أَجروه مُجْرَى الأَسماء، لأَن فِعالًا وفُعولًا يَعْتَقِبَانِ عَلَى فَعْل فِي الأَسماء كَثِيرًا فَحُمِلَتِ الصِّفَةُ عَلَيْهِ وَقَالُوا فُسُولة، فأَثبتوا الْجَمْعَ كَمَا قَالُوا فُحُولة وبُعولة؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ، وَقَالُوا فُسَلاء، وَهَذَا نَادِرٌ كأَنهم توهَّموا فِيهِ فَسِيلًا، وَمِثْلُهُ سَمْح وسُمَحاء كأَنهم تَوَهَّمُوا فِيهِ سَميحاً؛ وَقَدْ فَسُلَ، بِالضَّمِّ، وفَسِلَ فَسالةً وفُسُولةً وفُسُولًا، فَهُوَ فَسْل مِنْ قَوْمٍ فُسَلاء وأَفْسَالٍ وفِسالٍ وفُسُولٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا مَا عُدَّ أَربعةٌ فِسَالٌ، ... فزوجُك خامسٌ وأَبوك سادِي
وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: فُسِلَ، عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، قَالَ: كأَنه وُضِعَ ذَلِكَ فِيهِ، والمَفْسول كالفَسْل. أَبو عَمْرٍو: الفِسْل الرَّجُلُ الأَحمق. وَيُقَالُ: أَفْسَل فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ مَتاعَه إِذا أَرْذَله، وأَفْسَلَ عَلَيْهِ دراهمَه إِذا زَيَّفَها، وَهِيَ دَرَاهِمُ فُسُول؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَلَا تَقْبَلُوا مِنّي أَباعِرَ تُشْترَى ... بِوَكْسٍ، وَلَا سُوداً يصحُّ فُسُولها
أَراد: وَلَا تَقْبَلُوا مِنْهُمْ دَرَاهِمَ سُودًا. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: اشتَرَى نَاقَةً مِنْ رَجُلَيْنِ وَشَرَطَ لَهُمَا مِنَ النَّقْدِ رِضَاهُمَا، فأَخرج لَهُمَا كِيسًا فأَفْسَلا عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخرج كِيسًا فأَفْسَلا عَلَيْهِ
أَي أَرْذَلا وزيَّفا مِنْهَا، وأَصلها مِنَ الفَسْل وَهُوَ الرَّديء الرَّذل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، يُقَالُ: فَسَّلَه وأَفْسَلَه؛ وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
سِوَى الحَنْظَل العامِيّ والعِلْهِزِ الفَسْل
وَيُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وسيُذكر. والفَسِيلَة: الصَّغِيرَةُ مِنَ النَّخْلِ، وَالْجَمْعُ فَسائل وفَسِيلٌ، والفُسْلان جَمْعُ الْجَمْعِ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. الأَصمعي فِي صِغَارِ النَّخْلِ قَالَ: أَول مَا يُقْلَعُ مِنَ صِغَارِ النَّخْلِ الغِرس فَهُوَ الفَسِيل والوَدِيّ، وَالْجَمْعُ فَسائِل، وَقَدْ يُقَالُ لِلْوَاحِدَةِ فَسِيلة. وأَفْسَل الفَسِيلة: انْتَزَعَهَا مِنْ أُمّها وَاغْتَرَسَهَا. والفَسْل: قُضْبَانُ الكَرْم للغَرْس، وَهُوَ مَا أُخذ مِنْ أُمّهاته ثُمَّ غُرِس؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وفُسالة الْحَدِيدِ: سُحالَته. ابْنُ سِيدَهْ: فُسالة الْحَدِيدِ ونحوِه مَا تَناثر مِنْهُ عِنْدَ الضَّرْبِ إِذا طُبِع. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه لعَن مِنَ النساء المُسَوِّفَة والمُفَسِّلة
؛ والمفَسِّلة مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي إِذا أَراد زَوْجُهَا غِشْيانها ونَشِط لوطْئها اعتلَّت وَقَالَتْ إِنِّي حَائِضٌ، فيَفْسُل الزَّوْجُ عَنْهَا، وتفتِّره وَلَا حَيْضَ بِهَا تردُّه بِذَلِكَ عَنْ غشْيانها وتفتِّر نَشَاطَهُ، مِنَ الفُسُولة وَهِيَ الفُتور فِي الأَمر، والمسوِّفة: الَّتِي إِذا دَعَاهَا الزَّوْجُ لِلْفِرَاشِ ماطَلَتْه وَلَمْ تَجُبْهُ إِلى مَا يَدْعُو إِليه.
فسكل: الفِسْكِل والفُسْكُلُ والفِسْكَوْل والفُسْكُول: الَّذِي يَجِيءُ فِي آخِرِ الْحَلْبَةِ آخِرَ الْخَيْلِ. وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ فُشْكل، وَقِيلَ: الفِسْكِل والمُفَسْكَل هُوَ الْمُؤَخَّرُ الْبَطِيءُ، وَقَدْ فُسْكِلْت أَي أُخِّرْت؛ وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ فِسْكل إِذا كَانَ رَذْلًا. وَالْعَامَّةُ تَقُولُ فُسْكُل، بِالضَّمِّ؛ قَالَ أَبو الْغَوْثِ: أَولها المُجَلِّي وَهُوَ السَّابِقُ ثُمَّ الْمُصَلِّي ثُمَّ المُسَلِّي ثُمَّ التَّالِي ثُمَّ العاطِف ثُمَّ المُرْتاح ثُمَّ المؤمَّل ثُمَّ الحَظي ثُمَّ اللَّطيم(11/519)
ثُمَّ السُّكَيت، وَهُوَ الفِسْكل والفاشُور؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ فَسْكَل الفرسُ إِذا جَاءَ آخِرَ الحلْبة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَسماء بِنْتَ عُمَيْس قَالَتْ لِعَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِن ثَلَاثَةً أَنت آخرُهم لأَخْيار، فَقَالَ عَلِيٌّ لأَولادها: قَدْ فَسْكَلَتْني أُمُّكم
أَي أَخَّرتني وَجَعَلَتْنِي كالفِسْكل، وَهُوَ الْفَرَسُ الَّذِي يَجِيءُ فِي آخِرِ خَيْلِ السِّباق، وَكَانَتْ قَدْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَهُ بِجَعْفَرٍ أَخيه ثُمَّ بأَبي بَكْرٍ بَعْدَ جَعْفَرٍ فعدَّاه إِلى الْمَفْعُولِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ أَن يُذْكَرَ الحَظِيّ قَبْلَ المؤمَّل لَا بَعْدَهُ؛ قَالَ وَهَذَا تَرْتِيبُهَا مُنَظَّمًا:
أَتانا المُجَلِّي والمُصَلِّي، وَبَعْدَهُ ... مُسَلٍّ وتالٍ بَعْدَهُ عاطِفٌ يَجْرِي
ومُرْتاحُها ثُمَّ الحَظِي ومُؤَمَّل، ... يَحُثّ اللَّطِيم، والسُّكَيْت لَهُ يَبري
وَرَجُلٌ فُسْكُول وفِسْكَوْل: متأَخر تَابِعٌ، وَقَدْ فَسْكَلَ وفُسْكِلَ؛ قَالَ الأَخطل:
أَجُمَيْع قَدْ فُسْكِلْت عَبْدًا تابِعاً، ... فبَقِيت أَنت المُفْحَم المَكْعوم
فشل: الفَشِل: الرَّجُلُ الضَّعِيفُ الْجَبَانُ، وَالْجَمْعُ أَفْشَال. ابْنُ سِيدَهْ: فَشِلَ الرَّجُلُ فَشَلًا، فَهُوَ فَشِلٌ: كَسِلَ وضعُف وتراخَى وجَبُن. وَرَجُلٌ خَشِل فَشِل، وخَسْل فَسْل، وَقَوْمٌ فُشْل؛ قَالَ:
وَقَدْ أَدْرَكَتْني، وَالْحَوَادِثُ جَمَّةٌ، ... أَسِنَّة قومٍ لَا ضِعاف، وَلَا فُشْل
وَيُرْوَى: وَلَا فُسْل، يَعْنِي جَمْعَ فَسْل. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ يصِف أَبا بَكْرٍ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا: كُنْتَ للدِّين يَعْسُوباً أَولًا حِينَ نَفَرَ الناسُ عَنْهُ، وآخِراً حِينَ فَشِلُوا
؛ الفَشَل: الفزعُ والجُبْن والضَّعْف؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
جَابِرٍ: فِينَا نزلتْ: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا
؛ وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
سِوى الحَنْظَل الْعَامِيِّ والعِلْهِز الفَشْلِ
أَي الضَّعِيفِ يَعْنِي الفَشْل مُدَّخِرُه وَآكِلُهُ، فَصَرَفَ الْوَصْفَ إِلى العِلْهِز وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِآكِلِهِ، وَيُرْوَى الفَسْل، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. اللَّيْثُ: رَجُلٌ فَشِيل، وَقَدْ فَشِل يَفْشَل عِنْدَ الْحَرْبِ وَالشِّدَّةِ إِذا ضعُف وَذَهَبَتْ قُواه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي تَجْبُنوا عَنْ عَدُوِّكُمْ إِذا اخْتَلَفْتُمْ، أَخبر أَن اخْتِلَافَهُمْ يُضْعِفُهُمْ وأَن الأُلْفة تَزِيدُ فِي قُوَّتِهِمْ. النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: المِفْشَلة الكَبارِجة. والمَشافل جَمَاعَةٌ «3» قَالَ: والقِرْطالة الْكَبَارِجَةُ أَيضاً، وَقَالَ أَعرابي: المِشْفَلة الكَرِش. ابْنُ الأَعرابي: المِفشَل الَّذِي يَتَزَوَّجُ فِي الْغَرَائِبِ لِئَلَّا يَخْرُجَ الْوَلَدُ ضاوِياً، والمِفْشَل الهَوْدَج؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هُوَ الفِشْل وَهُوَ أَن يعلِّق ثَوْبًا عَلَى الْهَوْدَجِ ثُمَّ يُدْخِلَهُ فِيهِ وَيَشُدَّ أَطرافه إِلى الْقَوَاعِدِ، فَيَكُونَ وِقاية مِنْ رؤوس الأَحْناء والأَقْطاب وعُقَد العُصْمِ، وَهِيَ الْحِبَالُ، وَقِيلَ: الفِشْل سِتْرُ الْهَوْدَجِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الفِشْل شَيْءٌ مِنْ أَداة الْهَوْدَجِ تَجْعَلُهُ المرأَة تَحْتَهَا، وَالْجَمْعُ فُشُول؛ وَقَدِ افْتَشَلَت المرأَة فِشْلها وفَشَّلته وتَفَشَّلتْ. وتَفَشَّل الماءُ: سَالَ. وتَفَشَّل امرأَةً: تزوّجها. ابن
__________
(3) . قوله [والمشافل جماعة] هكذا في الأصل، ولعل فيه سقطاً، والأصل: وجمعها مَفَاشِل كالمشفلة والمشافل جماعة، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وقال أعرابي إلخ فإنه ليس من هذه المادة. وعبارة القاموس في مادة شفل: المشفلة كمكنسة الكبارجة والكرش الجمع مشافل انتهى. أي فهما مترادفان المفرد كالمفرد في معنييه والجمع كالجمع(11/520)
السِّكِّيتِ: يُقَالُ تَفَشَّلَ فُلَانٌ مِنْهُمُ امرأَة أَي تَزَوَّجَهَا. والفَيْشَلَة: الحَشَفة طرَف الذكَر، وَالْجَمْعُ الفَيْشَل والفَياشِل، وَقِيلَ: الفَيْشَلَة رأْس كُلِّ محوَّق، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَامُهَا زَائِدَةٌ كَزِيَادَتِهَا فِي زَيْدَل وعَبْدَل وأُلالِكَ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَن تَكُونَ فَيْشلة مِنْ غَيْرِ لَفْظِ فَيْشَة، فَتَكُونَ الْيَاءُ فِي فَيْشلة زَائِدَةً وَيَكُونَ وَزْنُهَا فَيْعَلة، لأَن زِيَادَةَ الْيَاءِ ثَانِيَةً أَكثر مِنْ زِيَادَةِ اللَّامِ، وَتَكُونَ الْيَاءُ فِي فَيْشَة عَيْنًا فَيَكُونَ اللَّفْظَانِ مُقْتَرِنَيْنِ والأَصْلان مُخْتَلِفَيْنِ، وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُمْ رَجُلٌ ضَيَّاط وضَيْطار؛ فأَما قَوْلُ جَرِيرٍ:
مَا كَانَ يُنكَرُ فِي نَدِيِّ مُجاشِعٍ ... أَكْلُ الخَزِير، وَلَا ارتِضاعُ الفَيْشَل
فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ فَيْشَلَة، وَهُوَ عَلَى الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ. والفَيَاشِل: مَاءٌ لِبَني حُصَيْن، سُمِّيَ بِذَلِكَ لإِكامٍ حُمْرٍ عِنْدَهُ حَوْلَهُ يُقَالُ لَهَا الفَياشِل، قَالَ: أَظن ذَلِكَ تَشْبِيهًا لَهَا بالفَياشِل الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا؛ قَالَ القَتَّال الْكِلَابِيُّ:
فَلَا يَسْتَرِثْ أَهْلُ الفَيَاشِل غارَتي، ... أَتَتْكم عِتاق الطيْر يحمِلْن أَنْسُرا
والفَيَاشِل: شجر.
فصل: اللَّيْثُ: الفَصْل بَوْنُ مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. والفَصْل مِنَ الْجَسَدِ: مَوْضِعُ المَفْصِل، وَبَيْنَ كُلِّ فَصْلَيْن وَصْل؛ وأَنشد:
وَصْلًا وفَصْلًا وتَجْميعاً ومُفْتَرقاً، ... فَتْقاً ورَتْقاً وتأْلِيفاً لإِنسان
ابْنُ سِيدَهْ: الفَصْل الحاجِز بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، فَصَلَ بَيْنَهُمَا يَفْصِل فَصْلًا فانْفَصَلَ، وفَصَلْت الشَّيْءَ فانْفَصَلَ أَي قَطَعْتُهُ فَانْقَطَعَ. والمَفْصِل: وَاحِدُ مَفاصِل الأَعضاء. والانْفِصَال: مطاوِع فصَل. والمَفْصِل: كُلُّ مُلْتَقَى عَظْمَيْنِ مِنَ الْجَسَدِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: فِي كُلِّ مَفْصِل مِنَ الإِنسان ثلُث دِيَة الإِصبع
؛ يُرِيدُ مَفْصِل الأَصابع وَهُوَ مَا بَيْنَ كُلِّ أَنْمُلَتين. والفاصِلة: الخَرزة الَّتِي تفصِل بَيْنَ الخَرزتين فِي النِّظام، وَقَدْ فَصَّلَ النَّظْمَ. وعِقْد مفصَّل أَي جُعِلَ بَيْنَ كُلِّ لُؤْلُؤَتَيْنِ خَرَزَةٌ. والفَصْل: الْقَضَاءُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَاسْمُ ذَلِكَ القَضاء الَّذِي يَفْصِل بَيْنَهُمَا فَيْصَل، وَهُوَ قَضَاءٌ فَيْصَل وفَاصِل. وَذَكَرَ الزَّجَّاجُ: أَن الفَاصِل صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يفصِل الْقَضَاءِ بَيْنَ الْخَلْقِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ
؛ أَي هَذَا يَوْمٌ يفصَل فِيهِ بَيْنَ الْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ وَيُجَازَى كُلٌّ بِعَمَلِهِ وَبِمَا يَتَفَضَّلُ اللَّهُ بِهِ عَلَى عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ. وَيَوْمُ الفَصْل: هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما أَدْراكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ
. وقَوْل فَصْل: حقٌّ لَيْسَ بِبَاطِلٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ
. وَفِي صِفَةِ
كَلَامِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَصْل لَا نَزْر وَلَا هَذْر
أَي بيِّن ظَاهِرٌ يفصِل بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ
؛ أَي فاصِل قاطِع، وَمِنْهُ يُقَالُ: فَصَلَ بَيْنَ الخَصْمين، والنَّزْر الْقَلِيلُ، والهَذْر الْكَثِيرُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَفَصْلَ الْخِطابِ
؛ قِيلَ: هُوَ الْبَيِّنَةُ عَلَى المدَّعي وَالْيَمِينُ عَلَى المدَّعى عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يفصِل بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ
؛ أَي يفصِل بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ
. وَفِي حَدِيثِ
وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: فمُرْنا(11/521)
بأَمر فَصْل
أَي لَا رَجْعَةَ فِيهِ وَلَا مردَّ لَهُ. وفَصَلَ مِنَ النَّاحِيَةِ أَي خَرَجَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ فَصَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ أَو قتِل فَهُوَ شَهِيدٌ
أَي خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ وَبَلَدِهِ. وفاصَلْت شَرِيكِي. وَالتَّفْصِيلُ: التَّبْيِينُ. وفَصَّل القَصَّاب الشاةَ أَي عَضَّاها. والفَيْصَل: الْحَاكِمُ، وَيُقَالُ الْقَضَاءُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَقَدْ فَصَلَ الْحُكْمَ. وَحُكْمٌ فاصِل وفَيْصَل: مَاضٍ، وَحُكُومَةٌ فَيْصَل كَذَلِكَ. وَطَعْنَةٌ فَيْصَل: تفصِل بَيْنَ القِرْنَيْن. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: كَانَتِ الفَيْصَل بَيْنِي وَبَيْنَهُ
أَي الْقَطِيعَةُ التَّامَّةَ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُبَيْرٍ: فَلَوْ عَلِمَ بِهَا لَكَانَتِ الفَيْصَل بَيْنِي وَبَيْنَهُ.
والفِصال: الفِطام؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً
؛ الْمَعْنَى ومَدى حَمْلِ المرأَة إِلى مُنْتَهَى الْوَقْتِ الَّذِي يُفْصَل فِيهِ الْوَلَدُ عَنْ رَضاعها ثَلَاثُونَ شَهْرًا؛ وفَصَلت المرأَة وَلَدَهَا أَي فطمَتْه. وفَصَل المولودَ عَنِ الرِّضَاعِ يَفْصِله فَصْلًا وفِصالًا وافْتَصَلَه: فَطَمه، وَالِاسْمُ الفِصال، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: فَصَلته أُمُّه، وَلَمْ يَخُصَّ نَوْعًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا رَضاع بَعْدَ فِصال
، قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي بَعْدَ أَن يُفْصَل الْوَلَدُ عَنْ أُمِّه، وَبِهِ سُمِّي الفَصِيل مِنْ أَولاد الإِبل، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعول، وأَكثر مَا يُطْلَقُ فِي الإِبل، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ فِي الْبَقَرِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ أَصحاب الْغَارِ:
فَاشْتَرَيْتُ بِهِ فَصِيلًا مِنَ الْبَقَرِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَصِيلةً
، وَهُوَ مَا فُصِل عَنِ اللَّبَنِ مِنْ أَولاد الْبَقَرِ. والفَصِيل: وَلَدُ النَّاقَةِ إِذا فُصِل عَنْ أُمه، وَالْجَمْعُ فُصْلان وفِصال، فَمَنْ قَالَ فُصْلان فَعَلَى التَّسْمِيَةِ كَمَا قَالُوا حَرْثٌ وعبَّاس، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا فِصْلان شَبَّهُوهُ بغُراب وغِرْبان، يَعْنِي أَن حكْم فَعِيل أَن يكسَّر عَلَى فُعْلان، بِالضَّمِّ، وَحُكْمَ فُعال أَن يكسَّر عَلَى فِعْلان، لَكِنَّهُمْ قَدْ أَدخلوا عَلَيْهِ فَعِيلًا لِمُسَاوَاتِهِ فِي العدَّة وَحُرُوفِ اللِّينِ، ومنْ قَالَ فِصال فَعَلَى الصِّفَةِ كقولهم الحرث والعبَّاس، والأُنثى فَصِيلة. ثَعْلَبٌ: الفَصِيلة الْقِطْعَةُ مِنْ أَعضاء الْجَسَدِ وَهِيَ دُونُ القَبيلة. وفَصِيلة الرَّجُلِ: عَشِيرته ورَهْطه الأَدْنَوْن، وَقِيلَ: أَقرب آبَائِهِ إِليه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَكَانَ يقال لعباس فَصِيلة النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الفَصِيلَة مِنْ أَقرب عَشِيرة الإِنسان، وأَصل الفَصِيلة قِطْعَةٌ مِنْ لَحْمِ الفخِذ؛ حَكَاهُ عَنِ الْهَرَوِيِّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ
. وَقَالَ اللَّيْثُ: الفَصِيلة فَخِذُ الرَّجُلِ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ هُوَ مِنْهُمْ، يُقَالُ: جاؤوا بفَصِيلَتهم أَي بأَجمعهم. والفَصْل: وَاحِدُ الفُصول. والفَاصِلة الَّتِي فِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَنفق نَفَقَةً فَاصِلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبِسَبْعِمِائَةٍ
، وَفِي رِوَايَةٍ
فَلَهُ مِنَ الأَجْر كَذَا
، تَفْسِيرُهَا فِي الْحَدِيثِ أَنها الَّتِي فَصَلَتْ بَيْنَ إِيمانه وَكُفْرِهِ، وَقِيلَ: يَقْطَعُهَا مِنْ مَالِهِ ويَفْصِل بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَالِ نَفْسِهِ. وفَصَلَ عَنْ بَلَدِ كَذَا يَفْصِلُ فُصُولًا؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
وَشِيكُ الفُصُول، بعيدُ الغُفُول، ... إِلَّا مُشاحاً بِهِ أَو مُشِيحا
وَيُرْوَى: وَشِيك الفُضُول. وَيُقَالُ: فَصَل فُلَانٌ مِنْ عِنْدِي فُصُولًا إِذا خَرَجَ، وفَصَلَ مِنِّي إِليه كِتَابٌ إِذا نَفَذَ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ
؛ أَي خَرَجَتْ، فَفَصَلَ يَكُونُ لَازِمًا وَوَاقِعًا، وإِذا كَانَ وَاقِعًا فَمَصْدَرُهُ الفَصْل، وإِذا كَانَ لَازِمًا فَمَصْدَرُهُ الفُصُول.(11/522)
والفَصِيل: حَائِطٌ دُونَ الحِصْن، وَفِي التَّهْذِيبِ: حَائِطٌ قَصِيرٌ دُونَ سُورِ الْمَدِينَةِ والحِصْن. وفَصَلَ الكَرْمُ: ظَهَرَ حبُّه صَغِيرًا أَمثال البُلْسُنِ. والفَصْلَة: النَّخْلَةُ المَنْقولة المحوَّلة وَقَدِ افْتَصَلَها عَنْ مَوْضِعِهَا؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَالَ هَجَرِيٌّ: خَيْرُ النَّخْلِ مَا حوِّل فَسِيلُهُ عَنْ مَنْبَتِهِ، والفَسِيلة المحوَّلة تُسَمَّى الفَصْلة، وَهِيَ الفَصْلات، وَقَدِ افْتَصَلْنَا فَصْلات كَثِيرَةً فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَي حوَّلناها. وَيُقَالُ: فَصَّلْت الوِشاح إِذا كَانَ نَظْمُهُ مُفَصَّلًا بأَن يَجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ لُؤْلُؤَتَيْنِ مَرْجانة أَو شَذْرة أَو جَوْهَرَةً تَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَتَيْنِ مِنْ لَوْنٍ وَاحِدٍ. وتَفْصيل الجَزور: تَعْضِيَتُه، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ تفصَّل أَعضاء. والمفاصِل: الْحِجَارَةُ الصُّلْبة المُتَراصِفة، وَقِيلَ: المَفاصِل مَا بَيْنَ الجَبلين، وَقِيلَ: هِيَ منفصَل الْجَبَلِ مِنَ الرمْلة يَكُونُ بَيْنَهَا رَضْراض وَحَصًى صِغار فيَصْفو مَاؤُهُ ويَرِقُّ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
مَطافِيلَ أَبكار حديثٍ نِتاجُها، ... يُشاب بِمَاءٍ مِثْلِ مَاءِ المَفَاصِل
هُوَ جَمْعُ المَفْصِل، وأَراد صَفَاءَ الْمَاءِ لِانْحِدَارِهِ مِنَ الْجِبَالِ لَا يمرُّ بِتُرَابٍ وَلَا بِطِينٍ، وَقِيلَ: مَاءُ المَفاصِل هُنَا شَيْءٌ يَسِيلُ مِنْ بَيْنِ المَفْصِلين إِذا قُطِعَ أَحدهما مِنَ الْآخَرِ شَبِيهٌ بِالْمَاءِ الصَّافِي، وَاحِدُهَا مَفْصِل. التَّهْذِيبُ: المَفْصِل كُلُّ مَكَانٍ فِي الْجَبَلِ لَا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وأَنشد بَيْتَ الْهُذَلِيِّ، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المَفْصِل مَفْرق مَا بَيْنَ الْجَبَلِ والسَّهْل، قَالَ: وَكُلُّ موضعٍ مَّا بَيْنَ جَبَلَيْنِ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ فَهُوَ مَفْصِل. وَقَالَ أَبو الْعُمَيْثِلِ: المَفَاصِل صُدوع فِي الْجِبَالِ يَسِيلُ مِنْهَا الْمَاءُ، وإِنما يُقَالُ لِمَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ الشِّعب. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: كَانَ عَلَى بَطْنِهِ فَصِيل مِنْ حَجَرٍ
أَي قِطْعَةٌ مِنْهُ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والمَفْصِل، بِفَتْحِ الْمِيمِ: اللِّسَانُ؛ قَالَ حَسَّانُ:
كِلْتاهما عَرق الزُّجاجة، فاسْقِني ... بزُجاجة أَرْخاهما للمَفْصِل
وَيُرْوَى المِفْصَل، وَفِي الصِّحَاحِ: والمِفْصَل، بِالْكَسْرِ، اللِّسَانُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ بَيْتَ حَسَّانَ:
كِلْتَاهُمَا حَلَب العَصِير، فعاطِني ... بزُجاجة أَرخاهما للمِفْصَل
والفَصْل: كلُّ عَرُوض بُنِيت عَلَى مَا لَا يَكُونُ فِي الحَشْو إِمَّا صِحَّةٌ وإِمَّا إِعلال كمَفاعِلن فِي الطَّوِيلِ، فإِنها فَصْل لأَنها قَدْ لَزِمَهَا مَا لَا يَلْزَمُ الحَشْو لأَن أَصلها إِنما هُوَ مَفاعيلن، وَمَفَاعِيلُنْ فِي الحَشْو عَلَى ثَلَاثَةِ أَوجه: مَفَاعِيلُنْ ومَفاعِلن ومفاعيلُ، والعَروض قَدْ لَزِمَهَا مَفاعِلن فَهِيَ فَصْل، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَزِمَهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَلْزَمُ الحَشْو، وَكَذَلِكَ فَعِلن فِي الْبَسِيطِ فَصْل أَيضاً؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وَمَا أَقلّ غَيْرَ الفُصُول فِي الأَعارِيض، وَزَعَمَ الْخَلِيلُ أَن مُسْتَفْعِلُن فِي عَروض المُنْسَرِح فَصْل، وَكَذَلِكَ زَعَمَ الأَخفش؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ لأَن مُسْتَفْعِلُنْ هُنَا لَا يَجُوزُ فِيهَا فَعَلَتُنْ فَهِيَ فَصْل إِذ لَزِمَهَا مَا لَا يَلْزَمُ الحَشْو، وإِنما سُمِّيَ فَصْلًا لأَنه النِّصْفُ مِنَ الْبَيْتِ. والفَاصِلة الصُّغْرَى مِنْ أَجزاء الْبَيْتِ: هِيَ السَّبَبَانِ الْمَقْرُونَانِ، وَهُوَ ثَلَاثُ مُتَحَرِّكَاتٍ بَعْدَهَا سَاكِنٌ نَحْوَ مُتَفا مِنْ مُتَفاعِلُن وَعَلَتُنْ مِنْ مُفَاعَلَتُنْ، فإِذا كَانَتْ أَربع حَرَكَاتٍ بَعْدَهَا سَاكِنٌ مِثْلُ فَعَلتن فَهِيَ الفاصِلة الكُبْرى، قَالَ: وإِنما بدأْنا بِالصُّغْرَى لأَنها أَبسط مِنَ الكُبْرى؛ الْخَلِيلُ: الفاصِلة فِي العَروض أَن يَجْتَمِعَ ثَلَاثَةُ أَحرف مُتَحَرِّكَةٍ وَالرَّابِعُ سَاكِنٌ مِثْلُ فَعَلَت، قَالَ:(11/523)
فإِن اجْتَمَعَتْ أَربعة أَحرف مُتَحَرِّكَةٍ فَهِيَ الفاضِلة، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، مِثْلُ فعَلتن. قَالَ: والفَصل عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ بِمَنْزِلَةِ العِماد عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ؛ فَقَوْلُهُ هُوَ فَصْل وعِماد، ونُصِب الْحَقَّ لأَنه خَبَرُ كَانَ ودخلتْ هُوَ للفَصْل، وأَواخر الْآيَاتِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَواصِل بِمَنْزِلَةِ قَوافي الشِّعْرِ، جلَّ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاحِدَتُهَا فاصِلة. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ
، لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما تَفْصِيل آياتِه بالفواصِل، وَالْمَعْنَى الثَّانِي فِي فَصَّلناه بيَّنَّاه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: آياتٍ مُفَصَّلاتٍ
، بَيْنَ كُلِّ آيَتَيْنِ فَصْل تَمْضِي هَذِهِ وتأْتي هَذِهِ، بَيْنَ كُلِّ آيَتَيْنِ مُهْلَةٌ، وَقِيلَ: مفصَّلات مبيَّنات، وَاللَّهُ أَعلم، وَسُمِّيَ المُفَصَّل مفَصَّلًا لقِصَر أَعداد سُوَرِه مِنَ الْآيِ. وفُصَيْلة: اسم.
فصعل: الفُصْعُل والفِصْعِل: اللَّئِيمُ. الأَزهري: الفُصْعُل العَقْرَب؛ وأَنشد:
وَمَا عَسَى يَبْلُغُ لَسْبُ الفُصْعُل
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الصَّغِيرُ مِنْ وَلَدِ العَقارب. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ أَسماء الْعَقْرَبِ الفُصْعُل، بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ، والفُرْضُخ والفِرْضِخُ مِثْلُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ الرَّجُلُ اللَّئِيمُ الَّذِي فِيهِ شرٌّ؛ وأَنشد:
قَامَةُ الفُصْعُل الضَّئِيل، وكفٌّ ... خِنْصَرَاها كُذَيْنِقَا قَصَّار
فَهَذَا يُمْكِنُ أَن يُرِيدَ الْعَقْرَبَ؛ وَقَالَ آخَرُ:
سأَلَ الولِيدة: هل سَقَتْني بعدَ ما ... شَرِب المُرِضَّة فُصْعُل حَدَّ الضُّحَى؟
فضل: الفَضْل والفَضِيلة مَعْرُوفٌ: ضدُّ النَّقْص والنَّقِيصة، وَالْجَمْعُ فُضُول؛ وَرُوِيَ بَيْتُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وَشِيكُ الفُصُول بَعِيدُ الغُفُول
رُوِيَ: وَشِيك الفُضُول، مَكَانَ الفُصُول، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةٍ فصل، بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ. وَقَدْ فَضَلَ يَفْضُلُ «1» وَهُوَ فاضِل. وَرَجُلٌ فَضَّال ومُفَضَّل: كَثِيرُ الفَضْل. والفَضِيلة: الدَّرَجة الرَّفِيعَةُ فِي الفَضْل، والفَاضِلَة الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ. والفِضَال والتَّفاضُل: التَّمازِي فِي الفَضْل. وفَضَّله: مَزَّاه. والتَّفاضُل بَيْنَ الْقَوْمِ: أَن يَكُونَ بَعْضُهُمْ أَفضَل مِنْ بَعْضٍ. وَرَجُلٌ فاضِل: ذُو فَضْل. وَرَجُلٌ مَفْضول: قَدْ فَضَله غَيْرُهُ. وَيُقَالُ: فَضَلَ فُلَانٌ عَلَى غَيْرِهِ إِذا غَلَبَ بالفَضْل عَلَيْهِمْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا
، قِيلَ: تأْويله أَن اللَّهَ فضَّلهم بِالتَّمْيِيزِ، وَقَالَ: عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا، وَلَمْ يَقُلْ عَلَى كُلٍّ لأَن اللَّهَ تَعَالَى فَضَّل الملائكة فقال: لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ
، وَلَكِنَّ ابْنَ آدَمَ مُفَضَّل عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَقِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: إِن فَضِيلة ابْنِ آدَمَ أَنه يَمْشِي قَائِمًا وأَن الدَّواب والإِبل وَالْحَمِيرَ وَمَا أَشبهها تَمْشِي منكَبَّة، وَابْنُ آدَمَ يَتَنَاوَلُ الطَّعَامَ بِيَدَيْهِ وَسَائِرُ الْحَيَوَانِ يَتَنَاوَلُهُ بِفِيه. وفاضَلَني ففَضَلْته أَفْضُلُه فَضْلًا: غَلَبَتْهُ بالفَضْل، وَكُنْتُ أَفضَل مِنْهُ. وتَفَضَّل عَلَيْهِ: تَمَزَّى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ
؛ مَعْنَاهُ يُرِيدُ أَن يَكُونَ لَهُ الفَضْل عَلَيْكُمْ فِي القَدْر وَالْمَنْزِلَةِ، وَلَيْسَ مِنَ التفضُّل الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الإِفْضال والتطوُّل. الْجَوْهَرِيُّ: المتفضِّل الَّذِي يدَّعي الفَضْل عَلَى أَقرانه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ
. وفَضَّلته عَلَى غَيْرِهِ تَفْضِيلًا إِذا حكَمْتَ لَهُ بِذَلِكَ أَو صيَّرته كذلك.
__________
(1) . قوله [وقد فَضَلَ يَفْضُلُ] عبارة القاموس: وقد فَضلَ كنصر وعلم، وأما فَضِلَ كعلم يَفْضُلُ كينصر فمركبة منهما(11/524)
وأَفْضَل عَلَيْهِ: زَادَ؛ قَالَ ذُو الإِصبع:
لَاهِ ابنُ عَمِّك، لَا أَفْضَلْتَ فِي حَسَب ... عَنِّي، وَلَا أَنتَ دَيّاني فتَخْزُوني
الدَّيَّان هُنَا: الَّذِي يَلي أَمْرَك ويَسُوسُك، وأَراد فتخزُوَني فأَسكن لِلْقَافِيَّةِ لأَن الْقَصِيدَةَ كُلَّهَا مُرْدَفة؛ وَقَالَ أَوس بْنُ حَجَر يَصِفُ قَوْسًا:
كَتومٌ طِلاعُ الكَفِّ لَا دُونَ مِلْئِها، ... وَلَا عَجْسُها عَنْ مَوضِع الكَفِّ أَفْضَلا
والفَواضِل: الأَيادي الْجَمِيلَةُ. وأَفْضَلَ الرَّجُلُ عَلَى فُلَانٍ وتَفَضَّلَ بِمَعْنَى إِذا أَناله مِنْ فَضْلِهِ وأَحسن إِليه. والإِفْضال: الإِحسان. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أَبي الزِّنَادِ: إِذا عَزَب المالُ قلَّت فَواضِلُه
أَي إِذا بعُدت الضَّيْعة قلَّ الرِّفْق مِنْهَا لِصَاحِبِهَا، وَكَذَلِكَ الإِبلُ إِذا عَزبت قلَّ انْتِفَاعُ رَبِّهَا بدَرِّها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سأَبْغِيكَ مَالًا بِالْمَدِينَةِ، إِنَّني ... أَرَى عازِب الأَموال قلَّتْ فَوَاضِله
والتَّفَضُّل: التَّطوُّل عَلَى غَيْرِكَ. وتَفَضَّلْت عَلَيْهِ وأَفْضَلْتُ: تطوَّلت. وَرَجُلٌ مِفْضَال: كَثِيرُ الفَضْل وَالْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ. وامرأَة مِفْضَالَة عَلَى قَوْمِهَا إِذا كَانَتْ ذَاتَ فَضْل سَمْحة. وَيُقَالُ: فَضَلَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذا غَلَبَ عَلَيْهِ. وفَضَلْت الرَّجُلَ: غَلَبْتُهُ؛ وأَنشد:
شِمَالُك تَفْضُل الأَيْمان، إِلَّا ... يمينَ أَبيك، نائلُها الغَزِيرُ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مَنْ كَانَ ذَا فَضْل فِي دِينِهِ فَضَّلَه اللَّهُ فِي الثَّوَابِ وفَضَّلَه فِي الْمَنْزِلَةِ فِي الدُّنيا بالدِّين كَمَا فضَّل أَصحاب سَيِّدِنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والفَضْل والفَضْلة: البقيَّة مِنَ الشَّيْءِ. وأَفْضَلَ فُلَانٌ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ إِذا تَرَكَ مِنْهُ شَيْئًا. ابْنُ السِّكِّيتِ: فَضِلَ الشيءُ يَفْضَلُ وفَضَلَ يَفْضُلُ، قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فَضِلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَلِيلٌ، فإِذا قَالُوا يَفْضُلُ، ضَمُّوا الضَّادَ فأَعادوها إِلى الأَصل، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ حَرْفٌ مِنَ السَّالِمِ يُشْبه هَذَا، قَالَ: وَزَعَمَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنه يُقَالُ حَضِرَ القاضيَ امرأَة ثُمَّ يَقُولُونَ تَحْضُر. الْجَوْهَرِيُّ: أَفْضَلْت مِنْهُ الشَّيْءَ واسْتَفْضَلْته بِمَعْنًى؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ للحرث بْنِ وَعْلَةَ:
فلمَّا أَبَى أَرْسَلْت فَضْلة ثوبِه ... إِليه، فَلَمْ يَرْجِع بحِلْم وَلَا عَزْم
مَعْنَاهُ أَقلعت عَنْ لَومه وتركتُه كأَنه كَانَ يُمْسِكُ حِينَئِذٍ بفَضْلة ثَوْبِهِ، فَلَمَّا أَبى أَن يَقْبَلَ مِنْهُ أَرسل فَضْلَةَ ثَوْبِهِ إِليه فخلَّاه وشأْنه، وَقَدْ أَفْضَل فَضْلَة؛ قَالَ:
كِلا قادِمَيْها تُفْضِل الكَفُّ نِصْفَه، ... كَجِيدِ الحُبارَى رِيشُهُ قَدْ تَزَلَّعا
وفَضَلَ الشيءُ يَفْضُلُ: مِثَالُ دخَل يدخُل، وفَضِلَ يَفْضَلُ كحذِر يحذَر، وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا فَضِلَ، بِالْكَسْرِ، يَفْضُلُ، بِالضَّمِّ، وَهُوَ شَاذٍّ لَا نَظِيرَ لَهُ، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ نَادِرٌ جَعَلَهَا سِيبَوَيْهِ كَمِتَّ تَمُوتُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ سِيبَوَيْهِ هَذَا عِنْدَ أَصحابنا إِنما يَجِيءُ عَلَى لُغَتَيْنِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ نَعِمَ يَنْعُم ومِتَّ تَموت وكِدْت تَكُود. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: فَضِلَ يَفْضَلُ كحَسِب يَحْسَب نَادِرٌ كُلُّ ذَلِكَ بِمَعْنًى. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ: كِدْت تَكُود، قَالَ: الْمَعْرُوفُ كِدْت تَكاد. والفَضِيلَة والفُضَالَة: مَا فَضَل مِنَ الشَّيْءِ. وَفِي(11/525)
الْحَدِيثِ:
فَضْلُ الإِزار فِي النَّارِ
؛ هُوَ مَا يجرُّه الإِنسان مِنْ إِزاره عَلَى الأَرض عَلَى مَعْنَى الخُيَلاء والكِبْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّارة فُضْلًا
أَي زِيَادَةً عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُرَتَّبِينَ مَعَ الْخَلَائِقِ، وَيُرْوَى بِسُكُونِ الضَّادِ وَضَمِّهَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالسُّكُونُ أَكثر وأَصوب، وَهُمَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الفَضْلة وَالزِّيَادَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اسْمَ دِرْعه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ ذَاتَ الفُضُول
، وَقِيلَ: ذُو الفُضُول لفَضْلة كَانَ فِيهَا وسَعة. وفَوَاضِل الْمَالِ: مَا يأْتيك مِنْ مَرافقه وغَلَّته. وفُضُول الْغَنَائِمِ: مَا فَضَل مِنْهَا حِينَ تُقْسَم؛ وقال ابن عَثْمة:
لَكَ المِرْباعُ مِنْهَا والصَّفَايا، ... وحُكْمُك والنَّشيطَةُ والفُضُول
وفَضَلات الْمَاءِ: بَقَايَاهُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لبقيَّة الْمَاءِ فِي المَزادة فَضْلة، ولبَقيَّة الشَّرَابِ فِي الإِناء فَضْلة، وَمِنْهُ قَوْلِ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدَةَ: والفَضْلَتين. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يُمْنَعُ فَضْل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن يَسْقِيَ الرَّجُلُ أَرضه ثُمَّ تَبْقَى مِنَ الْمَاءِ بقيَّة لَا يَحْتَاجُ إِليها فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَن يَبِيعَهَا وَلَا يَمْنَعَ مِنْهَا أَحداً يَنْتَفِعُ بِهَا، هَذَا إِذا لَمْ يَكُنِ الْمَاءُ ملْكه، أَو عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَن الْمَاءَ لَا يملَك، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
لَا يَمْنَعُ فَضْل الْمَاءِ لِيَمْنَعَ بِهِ الكَلأَ
؛ هُوَ نَفْع الْبِئْرِ المُباحة، أَي لَيْسَ لأَحد أَن يَغْلِبَ عَلَيْهِ وَيَمْنَعَ النَّاسَ مِنْهُ حَتَّى يَحُوزَهُ فِي إِناء وَيَمْلِكَهُ. والفَضْلة: الثِّيَابُ الَّتِي تُبْتَذَلُ لِلنَّوْمِ لأَنها فَضلت عَنْ ثِيَابِ التصرُّف. والتَفَضُّل: التوشُّح، وأَن يُخَالِفَ اللَّابِسُ بَيْنَ أَطراف ثَوْبِهِ عَلَى عاتِقِه. وَثَوْبٌ فُضُل وَرَجُلٌ فُضُل: متفضِّل فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَتْبَعها تِرْعِيَّة جافٍ فُضُل، ... إِنْ رَتَعَتْ صَلَّى، وإِلَّا لَمْ يُصَل
وَكَذَلِكَ الأُنثى فُضُل؛ قَالَ الأَعشى:
ومُسْتَجِيبٍ تَخال الصَّنْجَ يَسْمَعُه، ... إِذا تُرَدّدُ فِيهِ القَيْنَةُ الفُضُلُ
وإِنها لحسَنة الفِضْلة مِنَ التفضُّل فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، وَفُلَانٌ حسَن الفِضْلة مِنْ ذَلِكَ. وَرَجُلٌ فُضُل، بِالضَّمِّ، مِثْلُ جنُب ومُتَفَضِّل، وامرأَة فُضُل مِثْلُ جُنُب أَيضاً، ومُتَفَضِّلة، وَعَلَيْهَا ثوب فُضُل: وهو أَن تُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهَا وتتوشَّح بِهِ؛ وأَنشد أَبيات الرَّاعِي:
يَسُوقها تِرْعِيَّة جافٍ فُضُل
الأَصمعي: امرأَة فُضُل فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. اللَّيْثُ: الفِضَال الثَّوْبُ الْوَاحِدُ يتفضَّل بِهِ الرَّجُلُ يَلْبَسُهُ فِي بَيْتِهِ:
وأَلقِ فِضالَ الوَهْن عَنْهُ بوَثْبَةٍ ... حَواريَّةٍ، قَدْ طَالَ هَذَا التَّفَضُّل
وإِنه لحسَن الفِضْلة؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ، مِثْلُ الجِلْسة والرِّكْبة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
مَشْيَ الهَلُوكِ عَلَيْهِ الخَيْعَل الفُضُل
الْجَوْهَرِيُّ: تَفَضَّلَت المرأَة فِي بَيْتِهَا إِذا كَانَتْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ كالخَيْعَل وَنَحْوِهِ. وَفِي حَدِيثِ
امرأَة أَبي حُذَيْفَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِن سَالِمًا مَوْلَى أَبي حُذَيْفَةَ يَرَانِي فُضُلًا
أَي مُتَبَذِّلَةً فِي ثِيَابِ مَهْنَتي. يُقَالُ: تفضَّلت المرأَة إِذا لَبِسَتْ ثِيَابَ مَهْنَتِها [مِهْنَتِها] أَو كَانَتْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَهِيَ فُضُل والرجُلُ فُضُل أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ(11/526)
الْمُغِيرَةِ فِي صِفة امرأَة فُضُل: صَبَأَتْ كأَنها بُغاثٌ
، وَقِيلَ: أَراد أَنها مُختالة تُفْضِل مِنْ ذَيْلِهَا. والمِفْضَل والمِفْضَلة، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الثَّوْبُ الَّذِي تتفضَّل فِيهِ المرأَة. والفَضْلة: اسْمٌ لِلْخَمْرِ؛ ذَكَرَهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ أَسماء الْخَمْرِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الفَضْلة مَا يَلْحَقُ مِنَ الخَمْر بَعْدَ القِدَم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما سُمِّيَتْ فَضْلة لأَن صَمِيمها هُوَ الَّذِي بَقِيَ وفَضَل؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَمَا فَضْلة مِنْ أَذْرِعات هَوَتْ بِهَا ... مُذكَّرَة عُنْسٌ، كَهادِية الضَّحْل
وَالْجَمْعُ فَضَلات وفِضَال؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِي فِتْيَةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسامِحٍ، ... عِنْدَ الفِضَال قديمُهم لَمْ يَدْثُرِ
قَالَ الأَزهري: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْخَمْرَ فِضَالًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
والشَّارِبُون، إِذا الذَّوارِعُ أُغْلِيَتْ، ... صَفْوَ الفِضالِ بِطارِفٍ وتِلادِ
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُدْعان حِلْفاً لَوْ دُعِيت إِلى مِثْلِهِ فِي الإِسلام لأَجَبْت
؛ يَعْنِي حِلْف الفُضُول، سُمِّيَ بِهِ تَشْبِيهًا بحلْف كَانَ قَدِيمًا بِمَكَّةَ أَيّام جُرْهُم عَلَى التَّنَاصُفِ والأَخذ لِلضَّعِيفِ مِنَ القويِّ، وَالْغَرِيبِ مِنَ القاطِن، وَسُمِّيَ حِلْف الفُضُول لأَنه قَامَ بِهِ رِجَالٌ مِنْ جُرْهُم كُلُّهُمْ يُسَمَّى الفَضْل: الفَضْل بن الحرث، والفَضْل بْنُ وَدَاعة، والفَضْل بْنُ فَضَالة، فَقِيلَ حِلْف الفُضُول جَمْعًا لأَسماء هَؤُلَاءِ كَمَا يُقَالُ سَعْد وسُعود، وَكَانَ عقَده المُطَيَّبون وَهُمْ خَمْس قَبَائِلَ، وَقَدْ ذُكِرَ مُسْتَوْفًى فِي تَرْجَمَةِ حلف. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للخيَّاط القَرارِيُّ والفُضُولِيُّ. والفَضْل وفَضِيلة: اسْمَانِ. وفُضَيْلة: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ:
لَا تذْكُرا عِنْدِي فُضَيْلة، إِنها ... مَتَى مَا يراجعْ ذِكْرها القَلْب يَجْهَلِ
وفُضَالة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَلْمَى بْنُ الْمُقْعَدِ الْهُذَلِيُّ:
عليكَ ذَوِي فَضَالة فاتَّبِعْهم، ... وذَرْني إِن قُرْبي غَيْرُ مُخْلي
فطحل: الفِطَحْل، عَلَى وَزْنِ الهِزَبْر: دَهْرٌ لَمْ يخلَق النَّاسُ فِيهِ بَعْدُ، وزمنُ الفِطَحْل زَمَنُ نُوحٍ النَّبِيِّ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ وَسُئِلَ رُؤْبَةُ عَنْ قَوْلِهِ زَمَنَ الفِطَحْل فَقَالَ: أَيام كَانَتِ الْحِجَارَةُ فِيهِ رِطاباً، رُوِيَ أَن رُؤْبَةَ بْنَ الْعَجَّاجِ نَزَلَ مَاءً مِنَ الْمِيَاهِ فأَراد أَن يتزوَّج امرأَة فَقَالَتْ لَهُ المرأَة: مَا سِنُّك مَا مالُك مَا كَذَا؟ فأَنشأَ يَقُولُ:
لمَّا ازْدَرتْ نَقْدِي وقلَّت إِبلي ... تأَلَّقَتْ، واتَّصَلتْ بعُكْل
تَسْأَلُني عَنِ السِّنِين كَمْ لِي؟ ... فَقُلْتُ: لَوْ عَمَّرْتُ عمرَ الحِسْل،
أَو عُمْرَ نُوحٍ زمنَ الفِطَحْل، ... والصَّخْر مُبْتَلٌّ كطِين الوَحْل،
أَو أَنَّني أُوتِيتُ عِلْم الحُكْل، ... عِلْمَ سُلَيْمَانَ كلامَ النَّمْل،
كنتُ رَهِين هَرَم أَو قَتْل
وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
زَمَن الفِطَحْل إِذ السَّلام رِطاب
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُقَالُ أَتيتك عَامَ الفِطَحْل والهِدَمْلة يَعْنِي زمَن الخِصْب والرِّيفِ.(11/527)
الْجَوْهَرِيُّ: فَطْحَل، بِفَتْحِ الْفَاءِ، اسْمُ رَجُلٍ؛ وَقَالَ:
تَبَاعَد مِنِّي فَطْحَلٌ إِذْ رأَيتُه ... أَمينَ، فَزَادَ اللَّهُ مَا بَيْنَنَا بُعْدَا «2»
. والفِطَحْل: السَّيْل. وجملٌ فِطَحْل: ضخْم مِثْلُ السِّبَحْل؛ قاله الفراء.
فعل: الفِعل: كِنَايَةٌ عَنْ كُلِّ عَمَلٍ متعدٍّ أَو غَيْرِ متعدٍّ، فَعَلَ يَفْعَلُ فَعْلًا وفِعْلًا، فَالِاسْمُ مَكْسُورٌ وَالْمَصْدَرُ مَفْتُوحٌ، وفَعَلَه وَبِهِ، وَالِاسْمُ الفِعْل، وَالْجَمْعُ الفِعَال مِثْلُ قِدْح وقِداح وبِئر وبِئار، وَقِيلَ: فَعَلَه يَفْعَلُه فِعْلًا مَصْدَرٌ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلا سَحَره يَسْحَره سِحْراً، وَقَدْ جَاءَ خَدَع يَخْدَع خَدْعاً وخِدْعاً، وصَرَع صَرْعاً وصِرْعاً، والفَعْل بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ فَعَل يَفْعَل، وَقَدْ قرأَ بعضهم:
وأَوحينا إِليهم فَعْلَ الْخَيْرَاتِ
، وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ
؛ أَراد الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ كأَنه قَالَ قَتَلْت النَّفْسَ قَتْلَتَك، وقرأَ
الشَّعْبِيُّ فِعْلَتَك
، بِكَسْرِ الْفَاءِ، عَلَى مَعْنَى وقَتَلْت القِتْلة الَّتِي قَدْ عَرَفْتَهَا لأَنه قَتَله بوَكْزة؛ هَذَا عَنِ الزَّجَّاجِ، قَالَ: والأَول أَجود. والفَعَال أَيضاً مَصْدَرٌ مِثْلُ ذَهَب ذَهاباً، والفَعال، بِالْفَتْحِ: الْكَرَمُ؛ قَالَ هُدْبَةُ:
ضَرُوب بلَحْيَيْه عَلَى عَظْم زَوْرِه، ... إِذا الْقَوْمُ هَشُّوا للفَعال تَقَنَّعا
قَالَ اللَّيْثُ: والفَعال اسْمٌ للفِعْل الْحَسَنِ مِنَ الْجُودِ والكرَم وَنَحْوِهِ. ابْنُ الأَعرابي: والفَعال فِعْل الْوَاحِدِ خَاصَّةً فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. يُقَالُ: فُلَانٌ كَرِيمُ الفَعال وَفُلَانٌ لَئِيمُ الفَعال، قَالَ: والفِعال، بِكَسْرِ الْفَاءِ، إِذا كَانَ الْفِعْلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَا أَدري لمَ قَصَر الليثُ الفَعال عَلَى الحسَن دُونَ الْقَبِيحِ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: الفَعال يَكُونُ فِي المدْح والذمِّ، قَالَ: وَهُوَ مُخَلَّص لِفَاعِلٍ وَاحِدٍ، فإِذا كَانَ مِنْ فاعِلَين فَهُوَ فِعال، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْجَيِّدُ. وَكَانَتْ مِنْهُ فَعْلة حَسَنَةٌ أَو قَبِيحَةٌ، والفَعَلَة صِفَةٌ غالِبة عَلَى عَمَلةِ الطِّينِ وَالْحُفَرِ وَنَحْوِهِمَا لأَنهم يَفْعَلون؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: والنَّجَّار يُقَالُ لَهُ فَاعِلٌ. قَالَ النَّحْوِيُّونَ: الْمَفْعُولَاتُ عَلَى وُجوه فِي بَابِ النَّحْوِ: فَمَفْعُولٌ بِهِ كَقَوْلِكَ أَكرمت زَيْدًا وأَعَنْت عَمْرًا وَمَا أَشبهه، وَمَفْعُولٌ لَهُ كَقَوْلِكَ فَعَلْت ذَلِكَ حِذارَ غَضَبِكَ، وَيُسَمَّى هَذَا مَفْعُولًا مِنْ أَجلٍ أَيضاً، وَمَفْعُولٌ فِيهِ وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما الْحَالُ، وَالْآخَرُ فِي الظُّرُوفِ، فأَما الظَّرْف فَكَقَوْلِكَ نِمْت البيتَ وَفِي الْبَيْتِ، وأَما الْحَالُ فَكَقَوْلِكَ ضَرَبَ فُلَانٌ رَاكِبًا أَي فِي حَالِ رُكوبه، وَمَفْعُولٌ عَلَيْهِ كَقَوْلِكَ عَلَوْت السطحَ ورَقِيت الدرَجة، وَمَفْعُولٌ بِلَا صِلةٍ وَهُوَ الْمَصْدَرُ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْفِعْلِ اللَّازِمِ وَالْوَاقِعِ كَقَوْلِكَ حَفِظْت حِفْظاً وفَهِمْت فَهْماً، وَاللَّازِمُ كَقَوْلِكَ انْكَسَرَ انْكِسَارًا، وَالْعَرَبُ تشتقُّ مِنَ الفعْل المُثُلَ للأَبنية الَّتِي جَاءَتْ عَنِ الْعَرَبِ مِثْلُ فُعَالة وفَعُولة وأُفْعُول ومِفْعِيل وفِعْليل وفُعْلول وفِعْوَلَّ وفِعَّل وفُعُلّ وفُعْلة ومُفْعَنْلِل وفَعِيل وفِعْيَل. وَكَنَّى ابْنُ جِنِّي بالتَّفْعِيل عَنْ تَقْطِيع الْبَيْتِ الشعريِّ لأَنه إِنما يَزِنه بأَجزاء مادَّتها كلها [ف ع ل] كَقَوْلِكَ فَعُولُنْ مَفاعِيلُنْ وفاعِلاتن فاعِلن ومُسْتَفْعِلن فاعِلن وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ ضُروب مقطَّعات الشِّعْرِ؛ وفاعِليَّان: مِثَالٌ صِيغَ لِبَعْضِ ضُروب مربَّعِ الرَّمَل كَقَوْلِهِ:
يَا خليليَّ ارْبَعا، فاسْتَنْطِقا ... رَسْماً بِعُسْفان
فَقَوْلُهُ مَنْ بِعُسْفانْ فاعِليَّان.
__________
(2) . ورد هذا البيت في كلمة فحطل مختلفة روايته عما هي عليه هنا(11/528)
وَيُقَالُ: شِعْرٌ مُفْتَعَل إِذا ابتَدعه قَائِلُهُ وَلَمْ يَحْذُه عَلَى مِثالٍ تَقدَّمه فِيهِ مَنْ قَبْلَه، وَكَانَ يُقَالُ: أَعذب الأَغاني مَا افتُعِل وأَظرَفُ الشِّعْرِ مَا افتُعِل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
غَرائِبُ قَدْ عُرِفْن بكلِّ أُفْقٍ، ... مِنَ الْآفَاقِ، تُفْتَعَل افْتِعالا
أَي يبتدَع بِهَا غِناء بَدِيعٌ وَصَوْتٌ محدَث. وَيُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ يسوَّى عَلَى غَيْرِ مِثال تقدَّمه: مُفْتَعَل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٌ:
فرَمَيْت الْقَوْمَ رَشْقاً صائِباً، ... لَيْسَ بالعُصْل وَلَا بالمُفْتَعَل
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مُؤتون. وفِعال الفَأْس والقَدُوم والمِطْرَقة: نِصابها؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وتَهْوِي، إِذا العِيسُ العِتاق تَفاضَلَتْ، ... هُوِيَّ قَدُومِ القَيْن حَالَ فِعالها
يَعْنِي نِصابَها وَهُوَ العَمُود الَّذِي يُجْعَلُ فِي خُرْتِها يعمَل بِهِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَتَتْه، وَهِيَ جانِحة يَدَاهَا ... جُنوحَ الهِبْرقِيِّ عَلَى الفِعال
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الفَعال مَفْتُوحٌ أَبداً إِلَّا الفِعال لِخَشَبَةِ الفأْس فإِنها مَكْسُورَةُ الْفَاءِ، يُقَالُ: يَا بابوسُ أَوْلِج الفِعال فِي خُرْت الحَدَثان، والحَدَثان الفَأْس الَّتِي لَهَا رأْس وَاحِدَةٌ. والفِعال أَيضاً: مَصْدَرُ فاعَل. والفَعِلة: الْعَادَةُ. والفَعْل: كِنَايَةٌ عَنْ حَياء النَّاقَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الإِناث. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُئِلَ الدُّبَيْريُّ عَنْ جُرْحه فَقَالَ أَرَّقَني وَجَاءَ بالمُفْتَعَل أَي جَاءَ بأَمر عَظِيمٍ، قِيلَ لَهُ: أَتَقولُه فِي كُلِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: نَعَمْ أَقول جَاءَ مالُ فُلَانٍ بالمُفْتَعَل، وَجَاءَ بالمُفْتَعَل مِنَ الخطإِ، وَيُقَالُ: عَذَّبني وجَع أَسْهرَني فَجَاءَ بالمُفْتَعَل إِذا عَانَى مِنْهُ أَلماً لَمْ يعهَد مِثْلَهُ فِيمَا مَضَى لَهُ. ابْنُ الأَعرابي: افْتَعَلَ فُلَانٌ حَدِيثًا إِذا اخْتَرقه؛ وأَنشد:
ذكْر شيءٍ، يَا سُلَيْمى، قَدْ مَضى، ... وَوُشاة ينطِقون المُفْتَعَل
وافْتَعل عَلَيْهِ كَذِبًا وزُوراً أَي اختلَق. وفَعَلْت الشَّيْءَ فانْفَعَل: كَقَوْلِكَ كسَرْته فانكسَر. وفَعالِ: قَدْ جَاءَ بِمَعْنَى افْعَلْ وَجَاءَ بِمَعْنَى فاعِلة، بِكَسْرِ اللَّامِ.
فقل: النَّضْرُ فِي كِتَابِ الزّرْع: الفَقْل التَّذْرِية فِي لُغَةِ أَهل الْيَمَنِ، يُقَالُ: فَقَلُوا مَا دِيسَ مِنْ كُدْسِهم وَهُوَ رَفْعُ الدِّقِّ بالمِفْقَلة، وَهِيَ الحِفْراة، ثُمَّ نَثْرُه. وَيُقَالُ: كَانَتْ أَرضُهم العامَ كَثِيرَةَ الفَقْل أَي الريْع، وَقَدْ أَفْقَلَت أَرضُهم إِفْقالًا؛ والدِّقُّ: مَا قَدْ دِيسَ وَلَمْ يُذْرَ، قَالَ: وهذا الحرف غريب.
فقحل: فَقْحَل الرجلُ إِذا أَسرع الغَضبَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. الْفَرَّاءُ: رَجُلٌ فُقْحُل سريع الغضب.
فكل: الأَفْكَلُ، عَلَى أَفْعَل: الرِّعْدة، وَلَا يُبْنَى مِنْهُ فِعْل. التَّهْذِيبُ عَنِ اللَّيْثِ وَغَيْرِهِ: الأَفْكَل رِعْدة تَعْلُو الإِنسان وَلَا فِعْلَ لَهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
بعَيْشكِ هَاتِي فغَنِّي لَنَا، ... فإِن نَداماك لَمْ يَنْهَلُوا
فَباتَتْ تُغَني بغِرْبالها ... غِناءً رُويداً، لَهُ أَفْكَلُ(11/529)
وَقَالَ الأَخطل:
لَها بَعْدَ إِسْآدٍ مِراحٌ وأَفْكَل
ابْنُ الأَعرابي: افْتَكَلَ فُلَانٌ فِي فِعْله افْتِكَالًا واحْتَفَل احْتِفالًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: أَخذ فُلَانًا أَفْكَل إِذا أَخذته رِعْدة فَارْتَعَدَ مِنْ بَرْد أَو خَوْف، وَهُوَ ينصرِف، فإِن سمَّيت بِهِ رَجُلًا لَمْ تَصْرِفْهُ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلتَّعْرِيفِ وَوَزْنِ الفِعْل وَصَرَفْتَهُ فِي النَّكِرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَوحى اللَّهُ تَعَالَى إِلى الْبَحْرِ إِنّ مُوسَى يَضْرِبُكَ فأَطِعْه فَبَاتَ وَلَهُ أَفْكَل
أَي رِعْدة، وَهِيَ تَكُونُ مِنَ البَرْد أَو الْخَوْفِ، وَهَمْزَتُهُ زَائِدَةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فأَخذني أَفْكَل وَارْتَعَدَتْ مِنْ شِدَّةِ الغَيْرة.
والأَفْكَل: اسْمُ الأَفْوَه الأَوْديّ لرِعْدة كَانَتْ فِيهِ. والأَفْكَل: أَبو بَطْنٍ مِنَ الْعَرَبِ يُقَالُ لِبَنِيهِ الأَفَاكِل. وأَفْكَل: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَفوه:
تمنَّى الحِماسُ أَن تزورَ بلادَنا، ... وتُدْرِك ثأْراً مَنْ رَغانا بِأَفْكَل «3» .
فلل: الفَلُّ: الثَّلْم فِي السَّيْفِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الثَّلْم فِي أَيّ شَيْءٍ كَانَ، فَلَّه يَفُلُّه فَلًّا وَفَلَّلَه فتفَلَّل وانفَلَّ وافْتَلَّ؛ قَالَ بَعْضُ الأَغْفال:
لَوْ تنطِح الكُنادِرَ العُضُلَّا، ... فَضَّت شُؤونَ رأْسِه فافْتَلَّا
وَفِي حَدِيثِ أُمّ زَرْع: شَجَّكِ أَو فَلَّكِ أَو جَمَع كُلًّا لَكِ، الفلُّ: الْكَسْرُ وَالضَّرْبُ، تَقُولُ: إِنها مَعَهُ بَيْنَ شَجِّ رأْس أَو كَسْرِ عُضو أَو جَمْعٍ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: أَرادت بالفَلِّ الْخُصُومَةَ. وَسَيْفٌ فَلِيل مَفْلُول وأَفَلُّ أَي مُنْفَلٌّ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وسَيْفي كالعَقِيقة، وَهُوَ كِمْعي، ... سِلاحي، لَا أَفَلَّ وَلَا فُطارا
وفُلولُه: ثُلَمُه، وَاحِدُهَا فَلٌّ، وَقَدْ قِيلَ: الفُلول مَصْدَرٌ، والأَول أَصح. والتَّفْلِيل: تَفَلُّل فِي حَدِّ السِّكِّينِ وَفِي غُرُوب الأَسْنان وَفِي السَّيْفِ؛ وأَنشد:
بهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِراع الكَتائبِ
وَسَيْفٌ أَفَلُّ بيِّنُ الفَلَل: ذُو فُلول. والفَلُّ، بِالْفَتْحِ: وَاحِدُ فُلُول السَّيْفِ وَهِيَ كُسور فِي حدِّه. وَفِي حَدِيثِ سَيْفِ الزُّبَيْرِ:
فِيهِ فَلَّة فُلَّها يَوْمَ بَدْرٍ
؛ الفَلَّة الثَّلْمة فِي السَّيْفِ، وَجَمْعُهَا فُلُول؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَوْفٍ: وَلَا تَفُلُّوا المُدى بِالِاخْتِلَافِ بَيْنَكُمْ
؛ المُدى جَمْعُ مُدْية وَهِيَ السِّكِّينُ، كَنَّى بفَلِّها عَنِ النِّزَاعِ وَالشِّقَاقِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَلَا فَلُّوا لَهُ صَفاةً
أَي كَسَروا لَهُ حَجَرًا، كنَتْ بِهِ عَنْ قوَّته فِي الدِّين. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عنه: يَسْتَزِلّ لُبَّك ويَسْتَفِلّ غَرْبَك
؛ هُوَ يَسْتَفْعِلُ مِنَ الفَلِّ الكسْرِ، وَالْغَرْبُ الحدُّ. ونَصِيٌّ مُفَلَّل إِذا أَصاب الْحِجَارَةَ فَكَسَرَتْهُ. وتَفَلَّلَتْ مَضاربه أَي تَكَسَّرَتْ. والفَلِيل: نَابُ الْبَعِيرِ الْمُتَكَسِّرُ، وَفِي الصِّحَاحِ: إِذا انثلَم. والفَلُّ: المنهزِمون. وفَلَّ القومَ يفُلُّهم فَلًّا: هَزَمَهُمْ فانفَلُّوا وتَفَلَّلُوا. وَهُمْ قَوْمٌ فَلٌّ: مُنْهَزِمُونَ، وَالْجَمْعُ فُلُول وفُلَّال؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: لَا يَخْلُو مِنْ أَن يَكُونَ اسْمَ جَمْعٍ أَو مَصْدَرًا، فإِن كَانَ اسْمَ جَمْعٍ فَقِيَاسُ وَاحِدِهِ أَن يَكُونَ فَالًّا كشارِب وشَرْب، وَيَكُونُ فالٌّ فَاعِلًا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ لأَنه هُوَ الَّذِي فُلَّ، وَلَا يَلْزَمُ أَن يَكُونَ فُلولٌ جمعَ فَلٍّ بَلْ هُوَ جَمْعٌ فالٍّ،
__________
(3) . قوله [من رغانا] كذا بالأصل(11/530)
لأَن جَمْعَ اسْمِ الْجَمْعِ نادِر كَجَمْعِ الْجَمْعِ، وأَمَّا فُلَّال فَجَمْعُ فالٍّ لَا مَحَالَةَ، لأَن فَعْلًا لَيْسَ مِمَّا يُكَسَّرُ عَلَى فُعَّال وإِن كَانَ مَصْدَرًا فَهُوَ مِنْ بَابِ نَسْج الْيَمِينِ أَي أَنه فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا تَفْسِيرُ مَا أَجمله أَهل اللُّغَةِ. والفَلُّ: الْجَمَاعَةُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَهُوَ الفَلِيل. والفَلُّ: الْقَوْمُ الْمُنْهَزِمُونَ وأَصله مِنَ الْكَسْرِ، وانْفَلَّ سِنُّه؛ وأَنشد:
عُجَيِّز عارِضُها مُنْفَلُّ، ... طَعامُها اللُّهْنةُ أَو أَقَلُ
وثَغْر مُفَلَّل أَي مؤشَّر. والفُلَّى: الْكَتِيبَةُ المُنْهزمة، وَكَذَلِكَ الفُرَّى، يُقَالُ: جَاءَ فَلُّ الْقَوْمِ أَي مُنْهَزَمُوهُمْ، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
وأَراه لَمْ يُغادِر غَيْرَ فَلّ
أَي المَفْلول. وَيُقَالُ: رَجُلٌ فَلٌّ وَقَوْمٌ فَلٌّ، وَرُبَّمَا قَالُوا فُلُول وفِلال. وفَلَلْت الْجَيْشَ: هَزَمْتُهُ، وفَلَّه يفُلُّه، بِالضَّمِّ. يُقَالُ: فَلَّه فانْفَلَّ أَي كَسَرَهُ فَانْكَسَرَ. يُقَالُ: مَن فَلَّ ذَلَّ وَمَنْ أُمِرَ فَلَّ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ بْنِ عِلاط: لَعَلِّي أُصِيبُ مِنْ فَلِّ مُحَمَّدٍ وأَصحابه
؛ الفَلُّ: الْقَوْمُ الْمُنْهَزِمُونَ مِنَ الفَلِّ الْكَسْرِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ، أَراد لَعَلِّي أَشتري مِمَّا أُصيب مِنْ غَنَائِمِهِمْ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَاتِكَةَ: فَلّ مِنَ الْقَوْمِ هَارِبٌ
؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
أَنْ يَتْرُكَ القِرْن إِلَّا وَهُوَ مَفْلُولُ
أَي مَهْزُومٌ: والفَلُّ: مَا نَدَر مِنَ الشَّيْءِ كسُحالة الذَّهَبِ وبُرادة الْحَدِيدِ وشَرَر النَّارِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وأَرض فَلٌّ وفِلٌّ: جَدْبة، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي أَخطأَها الْمَطَرُ أَعواماً، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الَّتِي لَمْ تمطرَ بَيْنَ أَرْضَين مَمْطُورَتَيْنِ؛ أَبو عُبَيْدَةَ: هِيَ الخَطِيطة فأَما الفِلُّ فَالَّتِي تمطَر وَلَا تُنبِت. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَفَلَّت الأَرض صَارَتْ فَلًّا؛ وأَنشد:
وَكَمْ عسَفت مِنْ مَنْهَل مُتخاطَإٍ ... أَفَلَّ وأَقْوى، فالجِمَام طَوامِي
غَيْرُهُ: الفِلُّ: الأَرض الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ. وأَرض فَلٌّ: لا شيء بها، وفَلاةٌ مِنْهُ، وَقِيلَ: الفِلُّ الأَرض الْقَفْرَةُ، وَالْجَمْعُ كَالْوَاحِدِ، وَقَدْ تكسَّر عَلَى أَفْلال. وأَفْلَلْنا أَي صِرْنَا فِي فَلٍّ مِنَ الأَرض. وأَفْلَلْنا: وَطِئَنَا أَرضاً فِلًّا؛ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَصِفُ العُزَّى وَهِيَ شَجَرَةٌ كَانَتْ تُعبد:
شَهِدْت، وَلَمْ أَكذِب، بأَنَّ مُحَمَّدًا ... رسولُ الذي فوق السموات مِنْ عَلُ
وأَنَّ الَّتِي بالجِزْع مِنْ بَطْن نخلةٍ، ... ومَنْ دانَها، فِلٌّ مِنَ الْخَيْرِ مَعزِلُ
أَي خالٍ مِنَ الْخَيْرِ، وَيُرْوَى: وَمِنْ دُونِهَا أَي الصَّنَم الْمَنْصُوبِ حوْل العُزَّى؛ وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ إِبلًا:
حَرَّقَها حَمْضُ بلادٍ فِلِّ ... وغَتْمُ نَجْم غَيْرِ مُسْتَقِلِّ،
فَمَا تكادُ نِيبُها تُوَلِّي
الغتْم: شِدَّةُ الْحَرِّ الَّذِي يأْخذ بالنفَس. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الفَلالِيُّ واحدته فِلِّيَّة وَهِيَ الأَرض الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا مَطَرُ عامِها حَتَّى يُصِيبَهَا المطرُ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ. وَيُقَالُ: أَرض أَفْلال؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَرْتُ الصَّحارِي ذُو سُهُوبٍ أَفْلالْ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَفَلَّ الرجلُ صَارَ بأَرض فَلٍّ لَمْ يُصِبْهُ(11/531)
مَطَرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَفَلَّ وأَقْوَى، فَهُوَ طاوٍ، كأَنما ... يُجاوِبُ أَعْلى صَوتِه صوتُ مِعْوَل
وأَفَلَّ الرَّجُلُ: ذَهَبَ مَالُهُ، مأْخوذ مِنَ الأَرض الفَلِّ. واسْتَفَلَّ الشيءَ: أَخذ منه أَدنى جزء لعُسْره. والاسْتِفْلال: أَن يُصيب مِنَ الْمَوْضِعِ العَسِر شَيْئًا قَلِيلًا مِنْ مَوْضِعِ طلَب حقٍّ أَو صِلَة فَلَا يَسْتَفِلّ إِلا شَيْئًا يَسِيرًا. والفَلِيلة: الشَّعَرُ الْمُجْتَمِعُ. الْمُحْكَمُ: الفَلِيلة والفَلِيل الشَّعَرُ الْمُجْتَمِعُ، فإِما أَن يَكُونَ مِنْ بَابِ سَلَّة وسَلٍّ، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ومُطَّرِدِ الدِّماء، وَحَيْثُ يُلْقى ... مِنَ الشَّعَر المضَفَّر كالفَلِيل
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
تَحَدَّرَ رَشْحاً لِيتُه وفَلائِلُه
وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
وغُودِرَ ثاوِياً، وتَأَوَّبَتْه ... مُذرَّعةٌ، أُمَيْمُ، لَهَا فَلِيلُ
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: أَنه صَعِد الْمِنْبَرَ وَفِي يَدِهِ فَلِيلة وطَريدة
؛ الفَلِيلة: الكُبَّة مِنَ الشَّعَرِ. والفَلِيل: الليفُ، هُذَلِيَّةٌ. وفَلَّ عَنْهُ عَقْلُهُ يَفِلُّ: ذَهَبَ ثُمَّ عَادَ. والفُلْفُل، بِالضَّمِّ «1» : مَعْرُوفٌ لَا ينبُت بأَرض الْعَرَبِ وَقَدْ كَثُرَ مَجِيئُهُ فِي كَلَامِهِمْ، وأَصل الْكَلِمَةِ فَارِسِيَّةٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني مَنْ رأَى شجرَه فَقَالَ: شَجَرُهُ مِثْلُ شَجَرِ الرمَّان سَوَاءٌ، وَبَيْنَ الورَقتين مِنْهُ شِمْراخان مَنْظومان، والشِّمْراخ فِي طُولِ الأُصبع وَهُوَ أَخضر، فَيُجْتَنَى ثُمَّ يُشَرُّ فِي الظِّلِّ فَيَسْوَدُّ وينكمِش، وَلَهُ شَوْكٌ كَشَوْكِ الرُّمَّانِ، وإِذا كَانَ رطْباً رُبِّب بِالْمَاءِ وَالْمِلْحِ حَتَّى يُدْرِك ثُمَّ يُؤْكَلَ كَمَا تُؤْكَلُ البُقول المُرَبَّبة عَلَى الْمَوَائِدِ فَيَكُونُ هاضُوماً، وَاحِدَتُهُ فُلْفُلة، وَقَدْ فَلْفَلَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ؛ قَالَ: «2» .
كأَنَّ مَكاكِيَّ الجِواءِ، غُدَيَّةً، ... صُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحيقٍ مُفَلْفَل
ذكَّر عَلَى إِرادة الشَّرَابِ. والمُفَلْفَل: ضَرْبٌ مِنَ الوَشْي عَلَيْهِ كصَعَارِير الفُلْفُل. وَثَوْبٌ مُفَلْفَل إِذا كَانَتْ داراتُ وَشْيه تَحْكِي استِدارة الفُلْفُل وصِغَرَه. وخمرٌ مُفَلْفَل أُلقي فِيهِ الفُلْفُل فَهُوَ يَحْذِي اللسانَ. وشرابٌ مُفَلْفَل أَي يلذَع لذْع الفُلْفُل. وتَفَلْفَل قادِمَتا الضَّرْع إِذا اسودَّت حَلَمَتاهما؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فمرَّتْ على أَطْراف هِرٍّ، عَشِيَّةً، ... لَهَا تَوْأَبانِيَّانِ لَمْ يَتَفَلْفَلا
التَّوْأَبانِيَّان قادِمَتا الضَّرْعِ. والفُلْفُل: الْخَادِمُ الكيِّس. وشعَر مُفَلْفَل إِذا اشتدَّت جُعودته. الْمُحْكَمُ: وتَفَلْفَل شَعَرُ الأَسود اشتدَّت جُعودته، وَرُبَّمَا سُمِّيَ ثَمَرُ البَرْوَقِ فُلْفُلًا تَشْبِيهًا بِهَذَا الفُلْفُل الْمُتَقَدِّمِ؛ قَالَ:
وانْتَفَضَ البَرْوَقُ سُودا فُلْفُلُه
وَمَنْ رَوَى قِلْقِله فَقَدْ أَخطأَ، لأَن القِلْقِل ثَمَرُ شَجَرٍ مِنَ العِضاه، وأَهل الْيَمَنِ يُسَمُّونَ ثَمَرَ الغافِ فُلْفُلًا.
__________
(1) . قوله [والفُلْفُل بالضم إلخ] عبارة القاموس: والفُلْفُل كهدهد وزبرج حب هندي
(2) . إمرؤ القيس في معلقته(11/532)
وأَدِيم مُفَلْفَل: نَهَكه الدِّباغ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قَالَ عَبْد خَيرٍ إِنه خَرَجَ وَقْتَ السحَر فأَسرعْت إِليه لأَسأَله عَنْ وَقْتِ الوِتر فإِذا هُوَ يتَفَلْفَل
، وَفِي رِوَايَةِ
السُّلمي: خَرَجَ عَلَيْنَا عليٌّ وَهُوَ يتَفَلْفَل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ مُتَفَلْفِلًا إِذا جَاءَ والمِسواك فِي فِيه يَشُوصُه؛ وَيُقَالُ: جاءَ فُلَانٌ يَتَفَلْفَلُ إِذا مَشَى مِشْية الْمُتَبَخْتِرِ، وَقِيلَ: هُوَ مُقارَبة الخُطى، وَكِلَا التَّفْسِيرَيْنِ مُحْتَمِلٌ لِلرِّوَايَتَيْنِ؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: لَا أَعرف يتَفَلْفَلُ بِمَعْنَى يَسْتَاكُ، قَالَ: وَلَعَلَّهُ يتَتَفَّلُ لأَن مَنِ اسْتَاكَ تَفَل. وَقَالَ النَّضْرُ: جَاءَ فُلَانٌ مُتَفَلْفِلًا إِذا جَاءَ يشُوص فَاهُ بالسِّواك. وفَلْفَلَ إِذا اسْتَاكَ، وفَلْفَلَ إِذا تَبَخْتَرَ، قَالَ: وَمِنْ خَفِيفِ هَذَا الْبَابِ فُلُ فِي قَوْلِهِمْ لِلرَّجُلِ يَا فُلُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وجاءتْ حَوادِث فِي مِثْلِها ... يُقال لمثليَ: وَيْهاً فُلُ
وللمرأَة: يَا فُلَة. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وأَما قَوْلُ الْعَرَبِ يَا فُلْ فإِنهم لَمْ يَجْعَلُوهُ اسْمًا حُذِفَ مِنْهُ شَيْءٌ يَثْبُتُ فِيهِ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ، وَلَكِنَّهُمْ بَنَوْا الِاسْمَ عَلَى حَرْفَيْنِ وَجَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ دَم؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه تَرْخِيمُ فُلان أَنه لَيْسَ أَحد يَقُولُ يَا فُلْ، وَهَذَا اسْمٌ اخْتَصَّ بِهِ النِّدَاءُ، وإِنما بُني عَلَى حَرْفَيْنِ لأَن النِّدَاءَ مَوْضِعُ حَذْفٍ وَلَمْ يَجُزْ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ، لأَنه جُعِلَ اسْمًا لَا يَكُونُ إِلا كِنَايَةً لِمُنَادًى نَحْوُ يَا هَنَة وَمَعْنَاهُ يَا رَجُلُ، وَقَدِ اضْطَرَّ الشَّاعِرُ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
تَدافَعَ الشيبُ، وَلَمْ تقْتلِ ... فِي لَجَّة، أَمْسِكْ فُلاناً عَنْ فُلِ
فَكَسَرَ اللَّامَ لِلْقَافِيَّةِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ فِي النِّدَاءِ يَا فُلُ مُخَفَّفًا إِنما هُوَ مَحْذُوفٌ مِنْ يَا فُلَانُ لَا عَلَى سَبِيلِ التَّرْخِيمِ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ تَرْخِيمًا لَقَالُوا يَا فُلا. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَي فُلْ أَلم أُكْرِمْك وأُسَوِّدْك
؛ مَعْنَاهُ يَا فُلان؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَيْسَ تَرْخِيمًا لأَنه لَا يُقَالُ إِلا بِسُكُونِ اللَّامِ وَلَوْ كَانَ تَرْخِيمًا لَفَتَحُوهَا أَو ضَمُّوهَا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَتْ تَرْخِيمًا وإِنما هِيَ صِيغة ارتُجِلت فِي بَابِ النِّدَاءِ، وَجَاءَ أَيضاً فِي غَيْرِ النِّدَاءِ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَيْسَ بِتَرْخِيمِ فُلان وَلَكِنَّهَا كَلِمَةٌ عَلَى حِدَة، فَبَنُو أَسَد يُوقِعُونَهَا عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَغَيْرُهُمْ يُثَنِّي وَيَجْمَعُ وَيُؤَنِّثُ، وفُلان وفُلانة كِنَايَةٌ عَنِ الذَّكَرِ والأُنثى مِنَ النَّاسِ، فإِن كَنَّيْتَ بِهِمَا عَنْ غَيْرِ النَّاسِ قُلْتَ الفُلان والفُلانة، قَالَ: وَقَالَ قَوْمٌ إِنه تَرْخِيمُ فُلان، فَحُذِفَتِ النُّونُ للترْخيم والأَلف لِسُكُونِهَا، وَتُفْتَحُ اللَّامُ وَتُضَمُّ عَلَى مَذْهَبَيِ التَّرْخِيمِ. وَفِي حَدِيثِ
أُسامة فِي الْوَالِي الْجَائِرِ: يُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِق أَقْتابه فَيُقَالُ لَهُ أَي فُل أَين مَا كُنْتَ تَصِفُ؟
فنل: التَّهْذِيبِ فِي الثُّلَاثِيِّ: ابْنُ الأَعرابي يُقَالُ لِرَقَبَةِ الفِيل الفِنْئِل. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الفِنْئل، بِالْهَمْزِ، المرأَة الْقَصِيرَةُ.
فنجل: الفَنْجَلة والفَنْجَلى: مِشْية ضَعِيفَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الفَنْجَلة أَن يَمْشِيَ مُفَاجًّا، وَقَدْ فَنْجَلَ. والفَنْجَلَة أَيضاً: تباعُد مَا بَيْنَ السَّاقَيْنِ والقدَمين. والفَنْجَل مِنَ الرِّجَالِ: الأَفْحَج. وَرَجُلٌ فَنْجَل: وَهُوَ الْمُتَبَاعِدُ الْفَخِذَيْنِ الشَّدِيدُ الفَحَج؛ وأَنشد:
أَللهُ أَعْطانِيك غيرَ أَحْدَلا، ... وَلَا أَصَكّ أَو أَفَجَّ فَنْجَلا
والفُنْجُل: عَناق الأَرض.
فهل: أَنت فِي الضَّلالِ ابنُ فَهْلَلَ؛ وفَهْلَلُ، عَنْ يَعْقُوبَ، لَا يَنْصَرِفُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُعرَف. الْجَوْهَرِيُّ:(11/533)
هُوَ الضَّلالُ بنُ فَهْلَلَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ مِنْ أَسماء الباطل مثل تَهْلَل
فول: الفُول: حَبٌّ كالحِمَّص، وأَهل الشَّامِ يُسَمُّونَ الفُول البَاقِلَّا، الْوَاحِدَةُ فُولَة؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ اليابِس. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه سأَل الْمَفْقُودَ مَا كَانَ طَعَامُ الْجِنِّ؟ قَالَ: الفُول
؛ هُوَ الباقِلَّا، وَاللَّهُ أَعلم.
فوفل: قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الفُوفَل ثَمَرُ نَخْلَةٍ وَهُوَ صلْب كأَنه عُودُ خَشَبٍ؛ وَقَالَ مَرَّةً: شَجَرُ الفُوفل نَخْلَةٌ مِثْلُ نَخْلَةِ النارَجِيل تَحْمِلُ كَبَائس فِيهَا الفُوفل أَمثال التمر.
فيل: الفِيل: مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ أَفْيال وفُيُول وفِيَلة؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا تَقُلْ أَفْيِلة، والأُنثى، فِيلة، وَصَاحِبُهَا فَيَّال «1» قَالَ سِيبَوَيْهِ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَصل فِيل فُعْلًا فَكَسَرَ مِنْ أَجل الْيَاءِ كَمَا قَالُوا أَبيض وبِيض؛ قَالَ الأَخفش: هَذَا لَا يَكُونُ فِي الْوَاحِدِ إِنما يَكُونُ فِي الْجَمْعِ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ يَجُوزُ أَن يَكُونَ فِيل فِعْلًا وفُعْلًا فَيَكُونُ أَفْيال، إِذا كَانَ فُعْلًا، بِمَنْزِلَةِ الأَجناد والأَجْحار، وَيَكُونُ الفُيُول بِمَنْزِلَةِ الخِرَجَة «2» يَعْنِي جَمْعَ خُرْج. وَلَيْلَةٌ مِثْلُ لَوْنِ الفِيل أَي سَوْداء لَا يُهْتَدَى لَهَا، وأَلوان الفِيَلة كَذَلِكَ. واسْتَفْيَل الجملُ: صَارَ كالفِيل؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّيٍّ فِي بَابِ اسْتَحْوذ وأَخواته؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
يُرِيدُ عَينَيْ مُصْعَب مُسْتَفْيِل
والتَفَيُّل: زِيَادَةُ الشَّبَابِ ومُهْكَته؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَتَّى إِذا مَا حانَ مِنْ تَفَيُّله
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
كُلُّ جُلالٍ يَمْلأُ المُحَبَّلا ... عجَنَّس قَرْم، إِذا تَفَيَّلا
قَالَ: تَفَيَّل إِذا سَمِنَ كأَنه فِيل. وَرَجُلٌ فَيِّل اللَّحْمِ: كَثِيرُهُ، وَبَعْضُهُمْ يَهْمِزُهُ فَيَقُولُ فَيْئِل، عَلَى فَيْعِل. وتَفَيَّلَ النَّبَاتُ: اكْتَهَل؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وفَالَ رأْيُه يَفِيل فَيْلُولَة: أَخْطأَ وضَعُف. وَيُقَالُ: مَا كُنْتُ أُحب أَن يَرَى فِي رأْيك فِيَالة. وَرَجُلٌ فِيلُ الرأْي أَي ضَعِيفُ الرأْي؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
بَنِي رَبِّ الجَواد، فَلَا تَفِيلوا، ... فَمَا أَنتم، فنَعْذِرَكُم، لفِيل
وَقَالَ جَرِيرٌ:
رأَيتُك يَا أُخَيْطِل، إِذْ جَرَيْنا ... وجُرِّبَتِ الفِراسَةُ، كنتَ فَالا
وتَفَيَّلَ: كَفال. وفَيَّلَ رأْيَه: قبَّحه وخطَّأَه؛ وَقَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ:
فَلَوْ غَيْرَها، مِنْ وُلْد كَعْب بْنِ كاهِلِ، ... مدحْتَ بِقَوْلٍ صَادِقٍ، لَمْ تُفَيَّلِ
فإِنه أَراد: لَمْ يفيَّل رأْيُك، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن الْمُضَافَ إِذا حُذِفَ رفِض حُكْمُهُ، وَصَارَتِ الْمُعَامَلَةُ إِلى مَا صِرْتَ إِليه وَحَصَلْتَ عَلَيْهِ، أَلا تَرَى أَنه تَرَكَ حَرْفَ الْمُضَارَعَةِ الْمُؤْذِنَ بالغَيْبة، وَهُوَ الْيَاءُ، وَعَدَلَ إِلى الْخِطَابِ أَلْبَتَّةَ فَقَالَ تُفَيَّل، بِالتَّاءِ، أَي لَمْ تفيَّل أَنت؟ وَمِثْلُهُ بَيْتُ الْكِتَابِ:
__________
(1) . قوله [وصاحبها فَيَّال] مثله في القاموس، وكتب عليه هكذا في النسخ والأَصوب وصاحبه كما في الشرح
(2) . قوله [وَيَكُونُ الفُيُول بِمَنْزِلَةِ الْخِرِجَةِ] هكذا في الأصل ولعله محرف، والأصل: ويكون الفِيلة بمنزلة الخرجة أو أن في الكلام سقطاً(11/534)
أَولئك أَولَى مِنْ يَهودَ بِمِدْحَة، ... إِذا أَنتَ يَوْمًا قلتَها لَمْ تُفَنَّد
أَي يفنَّد رأْيُك. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الفَائِل مِنَ المتفرِّسين الذي يظن ويخطىء، قَالَ: وَلَا يُعَدَّ فَائِلًا حَتَّى يُنْظَرَ إِلى الفَرس فِي حَالَاتِهِ كُلِّهَا ويتفرَّس فِيهِ، فإِن أَخطأَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ فارِس غَيْرُ فَائِل. وَرَجُلٌ فِيلُ الرأْي والفِراسة وفالُهُ وفَيِّله وفَيْلُه إِذا كَانَ ضَعِيفًا، وَالْجَمْعُ أَفْيال. وَرَجُلٌ فالٌ أَي ضَعِيفُ الرأْي مُخْطِئُ الفِراسة، وَقَدْ فَالَ الرأْيُ يَفِيلُ فُيُولة. وفَيَّلَ رأْيَه تَفْيِيلًا أَي ضعَّفه، فَهُوَ فَيِّلُ الرأْي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ فَالَ الرَّجُلُ يَفِيل فُيُولًا وفَيالة وفِيالة؛ قَالَ أُفْنُون التَّغلَبي:
فَالُوا عليَّ، وَلَمْ أَملِك فَيالَتهم، ... حَتَّى انتَحَيْت عَلَى الأَرْساغ والقُنَنِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ يَصِفُ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كنتَ للدِّين يَعْسوباً أَوَّلًا حِينَ نفَر النَّاسُ عَنْهُ وَآخِرًا حِينَ فَيَّلوا
، وَيُرْوَى
فَشِلوا
، أَي حِينَ فَالَ رأْيُهُم فَلَمْ يَسْتبينوا الْحَقَّ. يُقَالُ: فَالَ الرَّجُلُ فِي رأْيه وفَيَّلَ إِذا لَمْ يصِب فِيهِ، وَرَجُلٌ فَائِل الرأْي وفَالُه وفَيِّله؛ وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
إِنْ تَمَّموا على فِيالة [فَيَالة] هَذَا الرأْي انْقَطَعَ نِظام الْمُسْلِمِينَ
؛ الْمُحْكَمُ: وَفِي رأْيه فَيالة وفِيالة وفُيُولة. والمُفايَلة والفِيَال والفَيَال لُعْبة لِلصِّبْيَانِ، وَقِيلَ: لِعْبَةٌ لفِتيان الأَعراب بالتراب يَخْبَؤُون الشَّيْءَ فِي التُّرَابِ ثُمَّ يقسِمونه بِقِسْمَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ الْخَابِئُ لِصَاحِبِهِ: فِي أَي الْقِسْمَيْنِ هُوَ؟ فإِذا أَخطأَ قَالَ لَهُ: فَالَ رأْيُك؛ قَالَ طَرَفَةُ:
يَشُقُّ حَبَابَ الماءِ حَيْزُومها بِهَا، ... كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ المُفايِلُ باليَدِ
قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ فَيَال وفِيَال، فَمِنْ فَتَحَ الْفَاءَ جَعَلَهُ اسْمًا، وَمِنْ كَسَرَهَا جَعَلَهُ مَصْدَرًا؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ لِهَذِهِ اللُّعْبَةِ الطُّبَن والسُّدَّر؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَبِتْنَ يَلْعَبْنَ حَوالَيَّ الطُّبَنْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والفِئال مِنَ الفأْل بِالظَّفَرِ، وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ جَعَلَهُ مِنْ فَالَ رأْيُه إِذا لَمْ يظفَر، قَالَ: وَذَكَرَهُ النُّحَاسُ فَقَالَ الفِيَال مِنَ المُفَايَلَة وَلَمْ يُقَلْ مِنَ المُفاءلة؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
مِنَ النَّاسِ أَقوامٌ، إِذا صادَفوا الغِنَى ... تَوَلَّوْا، وفَالوا لِلصَّدِيقِ وفَخَّموا
يَجُوزُ أَن يَكُونَ فالُوا تعظَّمُوا وتَفاخموا فَصَارُوا كالفِيَلة، أَو تجهَّموا لِلصَّدِيقِ لأَن الفِيل جَهْم، أَو فالَتْ آرَاؤُهُمْ فِي إِكرامه وَتَقْرِيبِهِ ومَعُونته عَلَى الدَّهْرِ فَلَمْ يُكْرِمُوهُ وَلَا أَعانوه. والفَائِل: اللحمُ الَّذِي عَلَى خُرْب الوَرِك، وَقِيلَ: هُوَ عِرْق؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الفَائِل عِرْقاً فِي الْفَخْذِ؛ قَالَ هِمْيَانُ:
كأَنما يَيْجَعُ عِرْقا أَبْيَضِهْ، ... ومُلْتَقى فائِله وأُبُضِهْ
وَقَالَ الأَصمعي فِي كِتَابِ الفَرس: فِي الورِك الخُرْبة وَهِيَ نَقْرَةُ فِيهَا لَحْمٌ لَا عَظْمَ فِيهَا، وَفِي تِلْكَ النَّقْرَةِ الْفَائِلُ، قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ تِلْكَ النَّقْرَةِ وَبَيْنَ الْجَوْفِ عَظْمٌ إِنما هُوَ جِلْدٌ وَلَحْمٌ، وَقِيلَ: الفَائِلان مُضَيْغَتان مِنْ لَحْمٍ أَسفلهما عَلَى الصَّلَوَيْن مِنْ لَدُن أَدْنَى الحَجَبَتَيْنِ إِلَى العَجْب، مُكْتَنِفتا العُصْعُص منحدِرتان فِي جَانِبَيِ الْفَخْذَيْنِ؛ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ الأَعشى:
قَدْ نَخْضِبُ العيرَ مِنْ مَكْنون فائِلِه، ... وَقَدْ يَشِيطُ عَلَى أَرْماحِنا البَطَل(11/535)
قَالُوا: فَلَمْ يَجْعَلْهُ مَكْنوناً إِلا وَهُوَ عِرْق، قَالَ الأَوَّلون: بَلْ أَغاب اللِّسَانَ فِي أَقْصى اللَّحْمِ، وَلَوْ كَانَ عِرْقاً مَا قَالَ أَشْرَفَت الحَجَبَتان عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: المَكْنون هُنَا الدَّمُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَكْنون الفَائِل دَمُه، وأَراد إِنَّا حُذاق بالطَّعْن فِي الْفَائِلِ، وَذَلِكَ أَن الْفَارِسَ إِذا حَذَق الطَّعْنَ قَصَدَ الخُرْبةَ لأَنه لَيْسَ دُونَ الجَوف عَظْمٌ، ومَكْنون فائِله دمُه الَّذِي قَدْ كُنَّ فِيهِ. والفَالُ: لُغَةٌ فِي الفَائِل؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وَلَمْ أَشْهَدِ الخَيْل المُغِيرة، بالضُّحَى، ... عَلَى هَيْكَلٍ نَهْدِ الجُزَارة جَوَّالِ،
سَلِيم الشَّظى، عَبْلِ الشَّوى، شَنِجِ النَّسا، ... لهُ حَجَباتٌ مُشْرِفاتٌ عَلَى الفَالِ
أَراد عَلَى الفَائِل فقلَب، وَهُوَ عِرْق فِي الْفَخْذَيْنِ يَكُونُ فِي خُرْبة الوَرِك ينحدِر فِي الرِّجْل، والله أَعلم.
فصل القاف
قبل: الْجَوْهَرِيُّ: قَبْلُ نَقِيضُ بَعْد. ابْنُ سِيدَهْ: قَبْل عَقِيبُ بَعْد، يُقَالُ: افْعَلْهُ قَبْل وبَعْد، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ إِلا أَن يُضاف أَوْ يُنَكَّرَ، وَسَمِعَ الْكِسَائِيُّ:
للَّه الأَمر مِنْ قَبْلِ وَمِنْ بَعْدِ
، فَحَذَفَ وَلَمْ يَبْن، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَيْهِ فِي بَعْد، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: افْعَلْهُ قَبْلًا وبَعداً وَجِئْتُكَ مِنْ قَبْلٍ وَمِنْ بَعْدٍ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَا هُوَ بِالَّذِي لَا قَبْل لَهُ وَمَا هُوَ بِالَّذِي لَا بَعْد لَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ
، مَذْهَبُ الأَخفش وَغَيْرِهِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ فِي تَكْرير قَبْلُ أَنه عَلَى التَّوْكِيدِ، وَالْمَعْنَى وإِن كَانُوا مِنْ قَبْلِ تَنْزِيلِ الْمَطَرِ لَمُبْلِسِين، وَقَالَ قُطْرُبٌ: إِن قَبْل الأُولى لِلتَّنْزِيلِ وقَبْل الثَّانِيةَ لِلْمَطَرِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الأَخفش لأَن تَنْزِيلَ الْمَطَرِ بِمَعْنَى الْمَطَرِ إِذ لَا يَكُونُ إِلَّا بِهِ، كَمَا قَالَ:
مَشَيْنَ، كَمَا اهتزَّت رِماحٌ تسفَّهَتْ ... أَعالِيَها مَرُّ الرِّياحِ النَّواسِم
فالرِّياح لَا تُعرف إِلا بِمُرُورِهَا فكأَنه قَالَ: تسفَّهت الرياحُ النَّواسِمُ أَعاليَها. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: قَبْل عَقِيب بَعْد، وإِذا أَفردوا قَالُوا هُوَ مِنْ قَبْلُ وَهُوَ مِنْ بَعْدُ، قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيلُ قبلُ وبعدُ رُفِعَا بلا تنوين لأَنهما غائيان، وَهُمَا مِثْلُ قَوْلِكَ مَا رأَيت مثلَه قَطُّ، فإِذا أَضفتَه إِلى شَيْءٍ نَصَبْتَ إِذَا وَقَعَ مَوْقِعَ الصِّفَةِ كَقَوْلِكَ جَاءَنَا قَبْلَ عبدِ اللَّه، وَهُوَ قَبْلَ زَيْدٍ قادِم، فإِذا أَوقَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ صَارَ فِي حدِّ الأَسماء كَقَوْلِكَ مِنْ قبلِ زَيْدٍ، فَصَارَتْ مِنْ صِفَةً، وخفِض قبلُ لأَن مِنْ مِنْ حُرُوفِ الْخَفْضِ، وإِنما صَارَ قبلُ مُنْقاداً لمِن وتحوَّل مِنْ وصْفِيَّتِه إِلى الِاسْمِيَّةِ لأَنه لَا يَجْتَمِعُ صِفتان، وَغَلَبَهُ مِنْ لأَن مِن صَارَ فِي صَدْرِ الْكَلَامِ فَغُلِّبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نسأَلك مِنْ خَيْرِ هَذَا الْيَوْمِ وخيرِ مَا قَبْله وَخَيْرِ مَا بعدَه وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذَا الْيَوْمِ وَشَرِّ مَا قَبْله وشر ما بعده
، سؤالُه خيرَ زَمَانٍ مضَى هُوَ قَبُولُ الْحَسَنَةِ الَّتِي قدَّمها فِيهِ، والاستعاذةُ مِنْهُ هُوَ طَلَبُ الْعَفْوِ عَنْ ذَنَبٍ قارَفَه فِيهِ، والوقتُ وإِن مَضَى فتَبِعَتُه بَاقِيَةٌ. والقُبْل والقُبُل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: نَقِيضُ الدُّبْر والدُّبُر، وَجَمْعُهُ أَقْبال، عَنْ أَبي زَيْدٍ. وقُبُل المرأَة: فرجُها، وَفِي الْمُحْكَمِ: والقُبُل فَرْجُ المرأَة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لعطاءٍ مُحرِمٌ قبَض عَلَى قُبُل امرأَته فَقَالَ إِذا وَغَل إِلى مَا هُنَالِكَ فَعَلَيْهِ دَمٌ
، القُبُل، بِضَمَّتَيْنِ: خِلَافَ الدُّبُر وَهُوَ الْفَرْجُ مِنَ الذَّكَرِ والأُنثى، وَقِيلَ:(11/536)
هُوَ للأُنثى خَاصَّةً، ووَغَل إِذَا دَخَلَ. ولَقِيته مِنْ قُبُلٍ ومن دُبُرٍ ومن قُبْلٍ ومن دُبْرٍ ومن قُبُلُ ومن دُبُرُ ومن قُبُلَ وَمِنْ دُبُرَ، وَقَدْ قرىء: إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ وَمِنْ دُبُرٍ، «3» بِالتَّثْقِيلِ، وَمِنْ قُبْلٍ وَمِنْ دُبْرٍ. وَوَقَعَ السَّهْمُ بقُبْل الهدَف وبدُبْره أَي مِنْ مقدَّمه وَمِنْ مؤَخَّره. الْفَرَّاءُ قَالَ: لَقِيته مِنْ ذِي قَبَلٍ وقِبَل وَمِنْ ذِي عَوَض وعِوَض وَمِنْ ذِي أُنُفٍ أَيْ فِيمَا يستقبَل. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا أَنت لَهُمْ فِي قِبَال وَلَا دِبَار أَيْ لَا يَكْتَرِثُونَ لَكَ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا أَنْتَ، إِنْ غَضِبَتْ عامِر، ... لَهَا فِي قِبَالٍ وَلَا فِي دِبَار
الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ مَا لَهُ قِبْلة وَلَا دِبْرة إِذا لَمْ يَهْتَدِ لِجِهَةِ أَمره. وَمَا لِكَلَامِهِ قِبْلة أَي جِهَةٌ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ جَلَسَ قُبَالته أَيْ تُجاهه، وَهُوَ اسْمٌ يَكُونُ ظَرْفًا. والقابِلة: اللَّيْلَةُ المُقْبِلة، وَقَدْ قَبَلَ وأَقْبَلَ بِمَعْنًى. يُقَالُ: عامٌ قابِل أَي مُقْبِل. وقَبَلَ الشيءُ وأَقْبَلَ: ضِدُّ دَبَر وأَدْبَرَ قَبْلًا وقُبلًا. وقَبَلْتُ بِفُلَانٍ وقَبِلْتُ بِهِ قَبَالةً فأَنا بِهِ قَبِيل أَي كَفِيلٌ. وقَبَلَتِ الريحُ قُبولًا وقُبِلْنا: أَصابنا رِيحُ القَبُول، وأَقْبَلْنا: صِرْنا فِيهَا. وقَبَلَتِ المكانَ: استقبلتْه. وقَبَلْتُ النعلَ وأَقْبَلْتها: جَعَلْتُ لَهَا قِبالًا. وقَبِلْتُ الهديةَ قَبُولًا، وَكَذَلِكَ قَبِلْتُ الخبرَ: صدَّقته. وقَبِلَت القَابِلة الولدَ قِبالةً، وقَبِلَ الدَّلْوَ مِنَ المُسْتقي، وقَبَلَتِ العينُ وقَبِلَت قَبَلًا، وَعَامٌ قَابِل خِلَافُ دابِر، وَعَامٌ قَابِل: مُقبل، وَكَذَلِكَ لَيْلَةٌ قابِلة، وَلَا فِعْلَ لَهُمَا «4» . وَمَا لَهُ فِي هَذَا الأَمر قِبْلة وَلَا دِبْرة أَي وِجْهة، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والقُبْل: الوَجْه. يُقَالُ: كَيْفَ أَنت إِذا أُقْبِل قُبْلك؟ وَهُوَ يَكُونُ اسْمًا وَظَرْفًا، فإِذا جَعَلْتَهُ اسْمًا رَفَعْتَهُ، وإِن جَعَلْتَهُ ظَرْفًا نَصَبْتَهُ. التَّهْذِيبِ: والقُبْل إِقبالك عَلَى الإِنسان كأَنك لَا تُرِيدُ غَيْرَهُ، تَقُولُ: كَيْفَ أَنت لَوْ أَقبلت قُبْلَك؟ وَجَاءَ رَجُلٌ إِلى الْخَلِيلِ فسأَله عَنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: كَيْفَ أَنت لَوْ أُقْبِل قُبْلُك؟ فَقَالَ أَراه مَرْفُوعًا لأَنه اسْمٌ وَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ كالقَصْد والنَّحْو إِنما هُوَ كَيْفَ لَوْ أَنت استُقْبل وَجْهك بِمَا تَكْرَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ إِذًا أُقْبِلُ قُبْلَك أَي أَقصِد قَصْدك وأَتوجه نحوَك. وَكَانَ ذَلِكَ في قُبْل الشتاء وفي قُبْل الصيف أَي فِي أَوله. وَفِي الْحَدِيثِ:
طَلِّقُوا النِّسَاءَ لقُبْل عدَّتهنَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فِي قُبْلِ طُهرهنَ
أَي فِي إِقباله وأَوَّله، وَحِينَ يُمْكِنُهَا الدُّخُولُ فِي العدَّة وَالشُّرُوعُ فِيهَا فَتَكُونُ لَهَا مَحْسُوبَةً، وَذَلِكَ فِي حَالَةِ الطُّهر. وأَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، وَالِاسْتِقْبَالُ: ضدُّ الِاسْتِدْبَارِ. واسْتَقْبَلَ الشيءَ وقَابَلَهُ: حَاذَاهُ بِوَجْهِهِ. وأَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ ذي قِبَل [قَبَل] أَي فِيمَا أَسْتَقْبِل. وافْعَلْ ذلك من ذي قِبَل [قَبَل] أَي فِيمَا تَسْتَقْبِلُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ قُبالَتي أَي مستقبَلي.
وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسْتَقْبِلوا الشهرَ اسْتِقْبَالًا
، يَقُولُ: لَا تقدَّموا رَمَضَانَ بصيامٍ قبلَه، وَهُوَ قَوْلُهُ:
وَلَا تَصِلوا رمضان بيوم
__________
(3) . قوله [وقد قرىء إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ ومِنْ دُبُرٍ] في حاشية زاده على تفسير البيضاوي: قرأهما الجمهور بضمتين وبالجر والتنوين بمعنى من خلفه ومن قدامه، وقرىء في الشواذ بثلاث ضمات من غير تنوين وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ لِأَنَّهُ قطع عن الإضافة، وقرىء مِنْ قُبُلٍ وَمِنْ دُبُرٍ بالفتح بجعلهما علمين للجهتين ومنعهما من الصرف للعلمية والتأنيث، وقرىء مِنْ قُبُلٍ وَمِنْ دُبُرٍ بسكون العين تخفيفاً، ثم إن من قرأ بسكون العين منهم من قرأ بالجر والتنوين على الأصل، ومنهم من جعلها كقبل وبعد في البناء على الضم.
(4) . قوله [ولا فعل لهما] تقدم له أن فعلهما قَبَلَ كنَصَرَ وأَقْبَلَ ومثله في القاموس والمصباح.(11/537)
مِنْ شَعْبَانَ.
ورأَيته قَبَلًا وقُبُلًا وقُبَلًا وقِبَلًا وقَبَلِيًّا وقَبيلًا أَي مُقابَلة وعِيَاناً. وَفِي حَدِيثِ
آدَمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسلام: أَن اللَّه خَلَقَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ سَوَّاه قِبَلًا
، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَن اللَّه كلَّمه قِبَلًا
أَي عِياناً ومُقابَلة لَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَمِنْ غَيْرِ أَن يولِّيَ أَمرَه أَو كَلَامَهُ أَحداً مِنْ مَلَائِكَتِهِ، ورأَيت الْهِلَالَ قَبَلًا كَذَلِكَ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: القَبَل، بِالْفَتْحِ، أَن تَرَى الهلال أَول ما يُرى وَلَمْ يُرَ قَبْل ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كَلُّ شَيْءٍ أَول مَا يُرَى فَهُوَ قَبَل. الأَصمعي: الأَقْبَال مَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْ مُشرِف، الْوَاحِدُ قَبَل، قَالَ: والقَبَل أَن يُرى الهلال أَول ما يُرَى وَلَمْ يُرَ قَبْلَ ذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكٍ: إِن الْحَقَّ بِقَبَل، فَمَنْ تعدَّاه ظَلم، وَمَنْ قَصَّرَ عَنْهُ عَجَزَ، وَمَنِ انْتَهَى إِليه اكْتَفَى، قَالَ: بقَبَل أَي يتَّضح لَكَ حَيْثُ تَرَاهُ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: إِن الْحَقَّ عارِي. وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ:
وأَن يُرَى الْهِلَالُ قَبَلًا
أَي يُرَى سَاعَةَ مَا يطلُع لِعِظَمِهِ ووضُوحه مِنْ غَيْرِ أَن يُتَطلَّب، وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ. الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَا عَايَنْتَهُ قلتَ فِيهِ أَتاني قَبَلًا أَي مُعاينة، وَكَلُّ مَا اسْتَقْبَلَكَ فَهُوَ قَبَل، وَتَقُولُ: لَا أُكلمك إِلَى عَشْرٍ مِنْ ذِي قَبَل وقِبَل، فَمَعْنَى قِبَل إِلَى عَشْرٍ مِمَّا تُشاهده مِنَ الأَيام، وَمَعْنَى قَبَل إِلَى عَشْرٍ يَستقبلنا،. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَي فِيمَا أَستأْنف. وقَبَّح اللَّه مِنْهُ مَا قَبَل وَمَا دَبَر، وَبَعْضُهُمْ لَا يَقُولُ مِنْهُ فَعَل. والإِقْبال: نَقِيضُ الإِدْبار، قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
تَرْتَعُ مَا غَفَلَتْ حَتَّى إِذا ادَّكَرَتْ، ... فإِنما هِيَ إِقْبَالٌ وإِدْبارُ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: جعلُها الإِقْبَالَ والإِدْبارَ عَلَى سَعَةِ الْكَلَامِ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: الأَحسن فِي هَذَا أَن يَقُولَ كأَنها خُلِقَتْ مِنَ الإِقبال والإِدْبار لَا عَلَى أَن يَكُونَ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ أَي هِيَ ذاتُ إِقبال وإِدبار، وَقَدْ ذُكِرَ تَعْلِيلُهُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ. وَقَدْ أَقْبَلَ إِقْبَالًا وقَبَلًا، عَنْ كُرَاعٍ وَاللِّحْيَانِيِّ، وَالصَّحِيحُ أَن القَبْل الِاسْمُ، والإِقْبال الْمَصْدَرُ. وقَبَلَ عَلَى الشَّيْءِ وأَقْبَلَ: لزِمه وأَخذ فِيهِ. وأَقْبَلَتِ الأَرض بِالنَّبَاتِ: جَاءَتْ بِهِ. وَرَجُلٌ مُقابَل مُدابَر: مَحْضٌ مِنْ أَبَوَيْهِ، وَقِيلَ: رَجُلٌ مُقابَل ومُدابَر إِذا كَانَ كَرِيمَ الطَّرَفين مِنْ قِبَل أَبيه وأُمِّه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: المُقَابَل الْكَرِيمُ مِنْ كِلَا طرَفيه، وَقِيلَ: مُقابَل كَرِيمُ النسَب مِنْ قِبَل أَبويه وَقَدْ قُوبِلَ، وَقَالَ:
إِن كَنْتَ فِي بكْرٍ تَمُتُّ خُؤُولةً، ... فأَنا المُقابَلُ فِي ذَوِي الأَعْمام
وَيُقَالُ: هَذَا جَارِي مُقابِلي ومُدابِري، وأَنشد:
حَمَتْك نفسِي معَ جَارَاتِي، ... مُقابِلاتي ومُدابِراتي
وَنَاقَةٌ مُقابَلة مُدابَرة وَذَاتُ إِقْبالة وإِدْبارة وإِقْبال وإِدْبار، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، إِذا شُقَّ مقدَّم أُذُنها ومؤخَّرها وفُتِلت كأَنها زَنَمَة، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ، وَقِيلَ: الإِقْبالة والإِدْبارة أَن تُشقَّ الأُذُن ثُمَّ تُفْتَل، فإِذا أُقبل بِهِ فَهُوَ الإِقْبالة وَإِذَا أُدْبِر بِهِ فَهُوَ الإِدْبارة، وَالْجِلْدَةُ المُعلَّقة أَيضاً هِيَ الإِقْبالة والإِدْبارة، وَيُقَالُ لَهَا القِبَال والدِّبارُ، وَقِيلَ: المُقابَلة النَّاقَةُ الَّتِي تُقرَض قَرْضةٌ مِنْ مقدَّم أُذنها مِمَّا يَلِي وَجْهَهَا، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: شَاةٌ مُقَابَلة ومُدابَرة وَنَاقَةٌ مُقَابَلة ومُدابَرة، فالمُقَابَلة الَّتِي تُقرَض أُذنها مِنْ قِبَل وَجْهِهَا، والمُدابَرة الَّتِي تُقرَض أُذنها مِنْ(11/538)
قِبَل قَفاها. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بشَرْقاء أَو خَرْقاء أَو مُقابَلة أَو مُدابَرة
، قَالَ الأَصمعي: المُقابَلة أَن يُقْطَعَ مِنْ طَرَفِ أُذنها شَيْءٌ ثُمَّ يَتْرُكُ معلَّقاً لَا يَبِين كأَنه زنَمَة، والمُدابَرة أَن يَفْعَلَ ذَلِكَ بمؤَخَّر الأُذُن مِنَ الشَّاةِ، قَالَ الأَصمعي: «1» وَكَذَلِكَ إِن كَانَ ذَلِكَ مِنَ الأُذن أَيضاً فَهِيَ مُقابَلة ومُدابَرة بَعْدَ أَن يَكُونَ قَدْ قُطِعَ. الْجَوْهَرِيُّ: شَاةٌ مُقابَلة قطعتْ مِنْ أُذنها قِطْعَةٌ لَمْ تَبِن فَتُرِكَتْ معلَّقة مِنْ قُدُمٍ، فإِن كَانَتْ مِنْ أُخُر فَهِيَ مُدابَرة، وَاسْمُ تِلْكَ السِّمَة القُبْلة والإِقْبَالة. أَبو الْهَيْثَمِ: قَبَلْت الشَّيْءَ ودَبَرْته إِذا استقبلتَه أَو استَدْبرته، وقُبْل عَامٍ ودُبْر عَامٍ، فَالدَّابِرُ المُوَلّي الَّذِي لَا يَرْجِعُ، والقابِل المستقبَل. والدابِرُ مِنَ السِّهام: الَّذِي خَرَجَ مِنَ الرَّمِيَّةِ. وَعَامٌ قابِل أَي مُقْبِل. والقَابِلة: اللَّيْلَةُ المُقْبِلة، وَكَذَلِكَ الْعَامُ القَابِل، وَلَا يَقُولُونَ فَعَل يَفْعُل، وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ قَطاة قَطَعَتْ فَلَاةً:
ومَهْمَهٍ تُمْسِي قَطاهُ نُسَّسا ... رَوابِعاً، وَبَعْدَ رِبْعٍ خُمَّسا
وإِن تَوَنَّى رَكْضَة، أَو عَرَّسا ... أَمسى مِنَ القابِلَتَين سُدَّسا
قَوْلُهُ مِنَ القَابِلَتين يَعْنِي اللَّيْلَةَ الَّتِي لَمْ تأْت بَعْدُ، وَقَالَ رَوابعاً وَبَعْدَ رِبْع خُمَّسَا، فإِن بني على الخِمْس فالقَابِلَتان السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ، وإِن بُنِيَ عَلَى الرِّبْع فالقابِلتان الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ، وإِنما القابِلة وَاحِدَةٌ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَالَّتِي لَمْ تأْت بَعْدُ غلَّب الِاسْمَ الأَشنع «2» وَقَالَ القابِلَتين كَمَا قَالَ:
لَنَا قَمَراها والنجومُ الطَّوالِعُ
فغلَّب الْقَمَرَ عَلَى الشَّمْسِ. وَمَا يعرِف قَبِيلًا مِنْ دَبِير: يُرِيدُ القُبُل والدُّبُر، وَقِيلَ: القَبِيل طَاعَةُ الرَّبِّ تَعَالَى، والدَّبِير مَعْصِيَتُهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَعْرِفُ الأَمر مُقبِلًا وَلَا مُدْبِراً، وَقِيلَ: هُوَ مَا أَقبلت بِهِ المرأَة مِنْ غَزْلها حِينَ تَفْتِله وأَدْبَرت، وَقِيلَ: القَبِيل مِنَ الفَتْل مَا أُقبِل بِهِ عَلَى الصدْر والدَّبِير مَا أُدْبِرَ بِهِ عَنْهُ، وَقِيلَ: القَبِيل باطِن الفَتْل والدَّبِير ظَاهِرُهُ، وَقِيلَ: القَبِيل والدَّبِير فِي فَتْل الْحَبْلِ، فالقَبِيل الفَتْل الأَوَّل الَّذِي عَلَيْهِ الْعَامَّةُ، والدَّبِير الفَتْل الْآخَرُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: القَبِيل فِي قُوى الْحَبْلِ كلُّ قُوَّةٍ عَلَى قُوَّة، وجهُها الدَّاخِلُ قَبِيل وَالْخَارِجُ دَبِير، وَقِيلَ: القَبِيل مَا أَقبل بِهِ الفاتِل إِلى حِقْوِه، والدَّبِير مَا أَدْبَر بِهِ الفاتِل إِلى رُكْبَتِهِ، وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: القَبِيل فَوْز الْقِدح فِي القِمار، والدَّبِير خَيْبة القِدْح، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَعراب: القَبِيل أَن يَكُونَ رأْس ضِمْن النَّعْل إِلى الإِبهام، والدَّبِير أَنْ يَكُونَ رأْس الضِّمْن إِلى الخِنْصَر، الْمُحْكَمِ: وَقِيلَ القَبِيل أَسفل الأُذُن والدَّبِير أَعلاها، وَقِيلَ: القَبِيل القُطْن والدَّبِير الكَتَّان، وَقِيلَ: مَا يَعْرِفُ مَن يُقبِل عَلَيْهِ، «3» وَقِيلَ: مَا يعرِف نسَب أُمِّه مِنْ نسَب أَبيه، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ قُبُل ودُبُر. وَمَا يعرِف مَا قَبِيلُ هَذَا الأَمر مِنْ دَبِيره وَمَا قِبَالُه مِنْ دِبارِه، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قول الأَعشى:
أَخو الْحَرْبِ لَا ضَرَعٌ واهِن، ... وَلَمْ ينتعِل بقِبالٍ خَدمِ «4»
__________
(1) . قوله [قال الأَصمعي وكذلك إلى قوله قد قطع] هكذا في الأَصل.
(2) . قوله [: الاسم الأَشنع] هكذا في الأصل.
(3) . قوله [مَا يَعْرِفُ مَنْ يُقْبِلُ عليه] هكذا في الأصل.
(4) . قوله [بقِبَال خدم] هكذا في الأصل.(11/539)
قَالَ: القِبَال الزِّمام، قَالَ: وَهَذَا كَمَا تَقُولُ هُوَ ثَابِتُ الغَدَر عِنْدَ الجَدَل والحُجَج والكَلام والقِتال أَي لَيْسَ بِضَعِيفٍ. وأَقْبَلَ: نقيضُ أَدْبَر. وَيُقَالُ: أَقْبَلَ مُقْبَلًا مِثْلَ أَدخلني مُدْخَل صِدْق. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: أَنه سُئِلَ عَنْ مُقْبَلِه مِنَ العِراق
، المُقْبَل، بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْبَاءِ: مَصْدَرُ أَقْبَلَ يُقْبِلُ إِذا قَدِمَ. وَقَدْ أَقْبَلَ الرجلَ وأَدْبَره. وأَقْبَلَ بِهِ وأَدبر فَمَا وجدَ عِنْدَهُ خَيْرًا. وقَبِلَ الشيءَ قَبُولًا وقُبُولًا، والأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وتَقَبَّلَه، كِلاهما: أَخذه. واللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ الأَعمال مِنْ عِبَادِهِ وَعَنْهُمْ ويَتَقَبَّلها. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ. أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا
، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيُرْوَى أَنها نَزَلَتْ فِي أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَبِلْت الهديةَ أَقْبَلُها قَبُولًا وقُبُولًا. وَيُقَالُ: عَلَيْهِ قَبُول إِذا كَانَتِ الْعَيْنُ تَقْبَله، وَعَلَى قَبولٍ أَي تقْبَله الْعَيْنُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ قَبِلته قَبُولًا وقُبُولًا، وَعَلَى وَجْهِهِ قَبُول لَا غَيْرَ، وقَبِلَه بقَبُول حَسَن، وَكَذَلِكَ تقبَّله بقَبُول أَيضاً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ
، وَلَمْ يَقُلْ بتقبُّل، قَالَ الزَّجَّاجُ: الأَصل فِي الْعَرَبِيَّةِ تَقَبَّلها رَبُّهَا بقَبُول حسَن أَي بتقبُّل حسَن، وَلَكِنَّ قَبُولًا مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِهِ قَبِلَها قَبُولًا حسَناً، يُقَالُ: قَبِلْت الشيءَ قَبُولًا إِذا رَضِيته، وتَقَبَّلْت الشيءَ وقَبِلْته قَبُولًا، بِفَتْحِ الْقَافِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ شَاذٌّ، وَحَكَى الْيَزِيدِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ: القَبُول، بِالْفَتْحِ، مَصْدَرٌ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع غَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ الوَضُوء والطَّهُور والوَلُوع والوَقُود وعِدَّتُها مَعَ القَبُول خَمْسَةٌ، يُقَالُ: عَلَى فُلَانٍ قَبُول إِذا قَبِلَتْه النَّفْسُ، وَفِي الْحَدِيثِ:
ثُمَّ يُوضَع لَهُ القَبُول فِي الأَرض
، وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ الْمَحَبَّةُ والرِّضا بِالشَّيْءِ ومَيْلُ النَّفْسِ إِليه. وتَقَبَّله النَّعِيمُ: بدَا عَلَيْهِ وَاسْتَبَانَ فِيهِ، قَالَ الأَخطل:
لَدْن تَقَبَّله النَّعيم، كأَنما ... مُسِحَتْ تَرائبُه بِمَاءٍ مُذهَب
وأَقْبَله وأَقْبَلَ بِهِ إِذا رَاوَدَهُ عَلَى الأَمر فَلَمْ يَقْبَله. وقَابَلَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ مُقَابَلةً وقِبالًا: عَارَضَهُ. اللَّيْثُ: إِذا ضَمَمْتَ شَيْئًا إِلى شَيْءٍ قلتَ قابَلْتُه بِهِ، ومُقابَلة الْكَتَابِ بِالْكَتَابِ وقِبالُه بِهِ: مُعارَضته. وتَقَابَلَ القومُ: اسْتَقْبَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي وَصْفِ أَهل الْجَنَّةِ: إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ
، جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه لَا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ فِي أَقْفاء بَعْضٍ. وأَقْبَلَه الشَّيْءَ: قابَله بِهِ. وأَقْبَلْناهم الرِّماح، وأَقْبَلَ إِبلَه أَفواه الْوَادِي واسْتَقْبَلَها إِياه وَقَدْ قَبَلَتْه تَقْبُله قُبولًا، وَكَذَلِكَ أَقبَلْنا الرِّماحَ نَحْوَ الْقَوْمِ. وأَقْبَلَ الإِبلَ الطريقَ: أَسلكها إِياه. أَبو زَيْدٍ: قَبَلَت الْمَاشِيَةُ الْوَادِيَ تَقْبُلُه وأَقْبَلْتُها أَنا إِياه، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ انزِل بقَابِل هَذَا الْجَبَلِ أَي بِمَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْ أَقباله وقَوابِله. وأَقْبَلْتُه الشيءَ أَي جعلتُه يَلي قُبالَته. يُقَالُ: أَقْبَلْنا الرِّمَاحَ نَحْوَ الْقَوْمِ. وقَبَلَتِ الماشيةُ الواديَ: استَقْبَلَتْه، وأَقبَلْتُها إِياه، فيتعدَّى إِلى مَفْعُولٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ:
فلأَبْغِيَنَّكُم قَناً وعَوارِضاً، ... ولأُقْبِلَنَّ الخيلَ لابةَ ضَرْغَدِ
وو المُقابَلَة: المُواجهة، والتَّقَابُل مِثْلُهُ. وَهُوَ قِبَالُك وقُبَالَتُك أَي تُجاهك، وَمِنْهُ الْكَلِمَةُ: قِبالَ كَلَامِكَ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، يَنْصِبُهُ عَلَى الظَّرْفِ، وَلَوْ رَفَعَهُ عَلَى المبتدإِ وَالْخَبَرِ لَجَازَ، وَلَكِنْ كَذَا رَوَاهُ عَنِ الْعَرَبِ،(11/540)
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هَذِهِ كَلِمَةٌ قِبالَ كَلِمَتِكَ كَقَوْلِكَ حِيالَ كَلِمَتِكَ. وقُبَالَة الطَّرِيقِ: مَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: اذْهَبْ بِهِ فأَقْبِلْه الطَّرِيقَ أَيْ دُلَّه عَلَيْهِ وَاجْعَلْهُ قِباله. وأَقْبَلَ المِكْواةَ الداءَ: جَعَلَهَا قُبالَته، قَالَ ابْنُ أَحمر:
شرِبْتُ الشُّكاعَى والْتَدَدْتُ أَلِدَّةً، ... وأَقْبَلْتُ أَفْواهَ العُروقِ المَكاوِيا
وَكُنَا فِي سَفَرٍ فأَقبَلْت زَيْدًا وأَدْبَرْته أَي جَعَلْتُهُ مرَّة أَمامي وَمَرَّةً خَلْفِي، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَقْبَلْت زَيْدًا مَرَّةً وأَدبرته أُخرى أَي جَعَلْتُهُ مَرَّةً أَمامي وَمَرَّةً خَلْفِي فِي الْمَشْيِ. وقَبَلْت الْجَبَلَ مَرَّةً ودَبَرْته أُخرى. وقَبَائِل الرأْس: أَطْباقه، وَقِيلَ: هِيَ أَربع قِطَع مَشْعوب بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَاحِدَتُهُا قَبيلة، وَكَذَلِكَ قَبائل القدَح والجَفْنة إِذا كَانَتْ عَلَى قِطعتين أَو ثَلَاثِ قِطَع، اللَّيْثُ: قَبيلة الرأْس كُلُّ فِلقة قَدْ قُوبلت بالأُخرى، وَكَذَلِكَ قَبائل بَعْضِ الْغُرُوبِ وَالْكَثْرَةِ لَهَا قَبائل، الْجَوْهَرِيُّ: القَبيلة وَاحِدَةُ قَبائل الرأْس وَهِيَ القِطع المَشْعوب بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ تصِل بها الشُّؤون، وَبِهَا سُمِّيَتْ قَبائل الْعَرَبِ، الْوَاحِدَةُ قَبِيلَةٌ. وقَبائل الرحْل: أَحْناؤه المَشْعوب بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ. وقَبائل الشَّجَرَةِ: أَغصانها. وَكُلُّ قِطْعَةٍ مِنَ الْجِلْدِ قَبِيلَةٌ. والقَبِيلة: صَخْرَةٌ تَكُونَ عَلَى رأْس الْبِئْرِ، والعُقابان دِعامَتا القَبيلة مِنْ جَنَبَتَيْها يعضِّدانها، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهِيَ القَبيلة والمَنْزَعَة وعُقاب الْبِئْرِ حَيْثُ يَقوم السَّاقِي. والقَبيلة مِنَ النَّاسِ: بَنُو أَب وَاحِدٍ. التَّهْذِيبِ: أَمَّا الْقَبِيلَةُ فَمِنْ قَبائل الْعَرَبِ وَسَائِرُهُمْ مِنَ النَّاسِ. ابْنُ الْكَلْبِيِّ: الشَّعْب أَكبر مِنَ القَبِيلة ثُمَّ الْقَبِيلَةُ ثُمَّ العِمارة ثُمَّ البَطْن ثُمَّ الفَخِذ. قَالَ الزَّجَّاجُ: القَبيلة مِنْ وَلَدِ إِسماعيل، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كالسِّبْط مِنْ وَلَدِ إِسحاق، عَلَيْهِ السَّلَامُ، سُمُّوا بِذَلِكَ ليُفرق بَيْنَهُمَا، وَمَعْنَى القَبيلة من ولد إِسماعيل مَعْنَى الْجَمَاعَةِ، يُقَالُ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ مِنْ وَاحِدٍ قَبِيلة، وَيُقَالُ لِكُلِّ جَمْعٍ مِنْ شَيْءٍ واحدٍ قَبِيل، قَالَ اللَّه تَعَالَى: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ
، أَي هُوَ وَمَنْ كَانَ مِنْ نَسْلِهِ، وَاشْتَقَّ الزجَّاج القَبائل مِنْ قَبائل الشَّجَرَةِ وَهِيَ أَغصانها. أَبو الْعَبَّاسِ: أُخذتْ قَبائل الْعَرَبِ مِنْ قَبائل الرأْس لِاجْتَمَاعِهَا وجَماعتها الشَّعْب والقَبائل دُونَهَا. وَيُقَالُ: رأَيت قَبائل مِنَ الطَّيْرِ أَي أَصنافاً، وَكُلُّ صِنْف مِنْهَا قَبيلة: فالغِرْبان قَبِيلة وَالْحَمَامُ قَبيلة، قَالَ الرَّاعِي:
رأَيت رُدافَى فَوْقَهَا مِنْ قَبيلة، ... مِنَ الطَّيْرِ، يدعُوها أَحَمُّ شَحُوجُ
يَعْنِي الغِرْبان فَوْقَ النَّاقَةِ. وَكُلُّ جِيلٍ مِنَ الْجِنِّ وَالنَّاسِ قَبِيل. والقَبيلة: اسْمُ فَرَسٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ عَلَى التَّفَاؤُلِ كأَنها إِنما تَحْمِلُ قَبيلة، أَو كأَن الْفَارِسَ الَّذِي عَلَيْهَا يَقُومُ مَقَامَ قَبيلة، قَالَ مِرْدَاسُ بْنِ حِصْنٍ جَاهِلِيٌّ:
قَصَرْت لَهُ القَبيلة إِذ تَجَهْنا، ... وَمَا ضاقَتْ بشِدَّته ذِراعِي
قَصَرْتُ: حَبَسْت وأَراد اتَّجَهْنا. والقَبيل: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ يَكُونُونَ مِنَ الثَّلَاثَةِ فَصَاعِدًا مِنْ قَوْمٍ شَتَّى، كالزِّنْج والرُّوم وَالْعَرَبِ، وَقَدْ يَكُونُونَ مِنْ نَحْوٍ وَاحِدٍ، وَرُبَّمَا كَانَ القَبيل مِنْ أَب وَاحِدٍ كالقَبيلة، وَجَمْعُ القَبيل قُبُل، وَاسْتَعْمَلَ سِيبَوَيْهِ القَبيل فِي الْجَمْعِ وَالتَّصْغِيرِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الأَبواب الْمُتَشَابِهَةِ. والقَبَل فِي الْعَيْنِ: إِقبال إِحدى الْحَدَقَتين عَلَى الأُخرى،(11/541)
وَقِيلَ: إِقبالها عَلَى المُوقِ، وَقِيلَ: إِقبالها عَلَى عُرْض الأَنْف، وَقِيلَ: إِقبالها عَلَى المَحْجِر، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الَّتِي أَقبلت عَلَى الْحَاجِبِ، وَقِيلَ: القَبَل مِثْلُ الحَوَل، قَبَلَتْ عينُه وقَبِلَت قَبَلًا واقْبَلَّت وَهِيَ عَيْنٌ قَبْلاء، وَرَجُلٌ أَقْبَلُ الْعَيْنِ وامرأَة قَبْلاء، وَقَدْ أَقْبَلَ عينَه: صيَّرها قَبْلاء. وَيُقَالُ: قَبِلَتِ العينُ قَبَلًا إِذا كَانَ فِيهَا إِقبال النظَر عَلَى الأَنْف، وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: إِذا كَانَ فِيهَا مَيل كالحوَل، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الأَقْبَل الَّذِي أَقبَلَت حَدَقتاه عَلَى أَنفه، والأَحول الَّذِي حَوِلت عَيْنَاهُ جَمِيعًا، وَقَالَ اللَّيْثُ: القَبَل فِي الْعَيْنِ إِقبال السَّوَادِ عَلَى المَحْجِر، وَيُقَالُ: بَلْ إِذا أَقبل سَوَادُهُ عَلَى الأَنف فَهُوَ أَقْبَل، وإِذا أَقبل عَلَى الصُّدْغين فَهُوَ أَخْزَر، وَقَدْ قَبِلَت عَيْنُهُ وأَقبَلْتُها أَنا. وَرَجُلٌ أَقبَل بيِّن القَبَل: وَهُوَ الَّذِي كأَنه يَنْظُرُ إِلى طَرف أَنفه، قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
ولمَّا أَن رَأَيتُ الخيلَ قُبْلًا، ... تُبارِي بالخُدود شَبا العَوالي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلَيْلَى الأَخيَليَّة، قَالَتْهُ فِي فَائِضِ بْنِ أَبي عَقِيلٍ، وَكَانَ قَدْ فَرَّ عَنْ تَوْبة يَوْمَ قُتِلَ، وَالصَّوَابُ فِي إِنشاده: ولَمَّا أَن رأَيتَ، بِفَتْحِ التَّاءِ، لأَن بَعْدَ الْبَيْتِ:
نَسِيتَ وِصالَه وصَدَدْت عَنْهُ، ... كَمَا صَدَّ الأَزَبُّ عَنِ الظِّلال
وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ هَارُونَ:
فِي عَيْنِهِ قَبَل
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي أَبي رَيْحانة: إِني لأَجد فِي بَعْضِ مَا أُنزِل مِنَ الْكُتُبِ: الأَقْبَلُ القَصيرُ القَصَرةِ صاحبُ العِراقين مبدِّلُ السُّنة يَلْعَنُهُ أَهلُ السَّمَاءِ والأَرض، وَيْلٌ لَهُ ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ! الأَقْبَلُ مِنَ القَبَل الَّذِي كأَنه يَنْظُرُ إِلى طرَف أَنفه، وَقِيلَ: هُوَ الأَفْحَج. وَشَاةٌ قَبْلاء بيِّنة القَبَل: وَهِيَ الَّتِي أَقبل قَرْنَاهَا عَلَى وَجْهِهَا. وعضُد قَبْلاء: فِيهَا مَيل. والقَابِل والدابِر: السَّاقِيَانِ. والقابِل: الَّذِي يَقْبَل الدَّلْوَ، قَالَ زُهَيْرٌ:
وقَابِل يتغنَّى كلَّما قَدَرَتْ، ... عَلَى العَراقي، يَدَاهُ قَائِمًا دَفَقا
وَالْجَمْعُ قَبَلَة، وَقَدْ قَبِلها قَبُولًا، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقِيلَ: القَبَلة الرِّشاء وَالدَّلْوُ وأَداتها مَا دَامَتْ عَلَى الْبِئْرِ يعمَل بِهَا، فإِذا لَمْ تَكُنْ عَلَى الْبِئْرِ فَلَيْسَتْ بقَبَلة. والمُقْبِلَتان: الفأْس والمُوسى. والقَبَل: صَدَد الجبل. والقَبَل: المحَجَّة الْوَاضِحَةُ. والقَبَل: مَا ارْتَفَعَ مِنْ جَبَلٍ أَو رَمْلٍ أَو عُلُوٍّ مِنَ الأَرض. والقَبَل: الْمُرْتَفِعُ فِي أَصل الْجَبَلِ كالسَّنَد. ويقال: انزل بقَبَل هذا الْجَبَلِ أَي بسَفْحه، وَتَقُولُ: قَدْ قَبَلَني هَذَا الْجَبَلُ ثُمَّ دَبَرَني، وَلِذَلِكَ قِيلَ عَامٌ قَابِل. والقَبَل أَيضاً، بِالتَّحْرِيكَ: النَّشْز مِنَ الأَرض أَو الْجَبَلُ يَسْتَقْبِلُكَ. يُقَالُ: رأَيت شَخْصًا بِذلك القَبَل، وأَنشد لِلْجَعْدِيِّ:
خَشْيةُ اللَّه وإِني رَجُلٌ، ... إِنما ذِكْرِي كَنارٍ بقَبَلْ
وَقَبْلَ الْبَيْتِ:
مَنَعَ الغَدْرَ فَلَمْ أَهْمُمْ بِهِ، ... وأَخو الغَدْرِ إِذا هَمَّ فَعَلْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَمِثْلُهُ:
يَا أَيُّهَذا النابِحي نَبْحَ القَبَلْ، ... يَدْعو عليَّ كلَّما قَامَ يُصَلّ(11/542)
أَيْ كَمنْ يَنْبَح الْجَبَلَ، قَالَ: والقَبَل والكَبْلُ والحَنْبَل والنِّيمُ الفَرْوُ. والقِبَل: الطَّاقَةُ، وَمَا لِي بِهِ قِبَل أَي طَاقَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِها
، أَيْ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهَا وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى مُقاوَمَتها، وقِبَل يَكُونُ لِمَا وَليَ الشَّيْءَ، تَقُولُ: ذَهَبَ قِبَلَ السُّوق، وَقَالُوا: لِي قِبَلَك مَالٌ أَو فِيمَا يَلِيك، اتُّسع فِيهِ فأُجري مُجْرَى عَلَى إِذا قُلْتَ لِي عَلَيْكَ مَالٌ، وَلِي قِبَل فُلَانٍ حَقٌّ أَي عِنْدَهُ. وَيُقَالُ: أَصابني هَذَا الأَمر مِنْ قِبَله أَي مِنْ تِلْقائه مِنْ لَدُنه، لَيْسَ مِنْ تِلْقاء المُلاقاة، لَكِنْ عَلَى مَعْنَى مِنْ عِنْدِهِ، قَالَهُ اللَّيْثُ. وأَخذت الأَمر بقَوابِله أَي بأَوائله وحِدْثانه، وَلَقِيتُهُ قِبَلًا أَي عِياناً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا
، ويُقرأُ
قُبُلًا
، فقِبَلًا عِياناً، وقُبُلًا قَبِيلًا قَبِيلًا، وقيل: قُبُلًا مستقبَلًا، وقرىء أَيضاً:
وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قَبيلًا
، فَهَذَا يقوِّي قِراءة مَنْ قرأَ قُبُلًا، التَّهْذِيبِ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ قُبُل جَمْعَ قَبِيل وَمَعْنَاهُ الكَفِيل، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: لَوْ حُشِرَ عَلَيْهِمْ كُلُّ شَيْءٍ فكفَل لَهُمْ بِصِحَّةِ مَا يَقُولُ مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا، وَيَجُوزَ أَن يَكُونَ قُبُلًا فِي مَعْنَى مَا يُقابلهم أَيْ لَوْ حَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ فقابَلَهم، وَيَجُوزُ قُبْلًا، عَلَى تَخْفِيفِ قُبُلًا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا
، قِيلَ: مَعْنَاهُ عِياناً،
الزَّجَّاجُ: أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا
وَقِبَلًا وقَبَلًا
، فَمَنْ قَالَ قُبُلًا فَهُوَ جَمْعُ قَبِيل، الْمَعْنَى أَوْ يأْتيهم الْعَذَابُ ضُروباً، ومن قال قِبَلًا فالمعنى أَو يأْتيهم الْعَذَابُ مُعاينة، ومن قال قَبَلًا فالمعنى أَو يأْتيهم الْعَذَابُ مُقَابَلة. ابْنُ الأَعرابي: فِي قَدَمَيْه قَبَل ثُمَّ حَنَف ثُمَّ فَحَج. وَفِي الْمُحْكَمِ: القَبَل كالفَحَج بَيْنَ الرِّجلين. اللَّيْثُ: القِبال شِبْهُ فَحَج وَتَبَاعُدٍ بَيْنَ الرِّجلين، وأَنشد:
حَنْكَلَةٌ فِيهَا قِبالٌ وفَجا
الْجَوْهَرِيُّ: القَبَل فَحَج، وَهُوَ أَن يَتدانى صَدْر الْقَدَمَيْنِ وَيَتَبَاعَدَ عَقِباهما. وقِبال النَّعْلِ، بِالْكَسْرِ: زِمَامُهَا، وَقِيلَ: هُوَ مِثْلَ الزِّمام بَيْنَ الإِصبع الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا وَقِيلَ: هُوَ الزِّمَامُ الَّذِي يَكُونُ فِي الإِصبع الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا. وَيُقَالُ: مَا رَزَأْته قِبالًا وَلَا زِبالًا، القِبال: مَا كَانَ قُدَّامَ عَقْدِ الشِّراك، والزِّبال الكُتْبَة الَّتِي يُخْزَم بِهَا النَّعْلُ قَبْلَ أَن يُحْذى، وَيُقَالَ: الزِّبال مَا تَحْمِلُهُ النَّمْلَةُ بِفِيهَا، أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا انْقَطَعَتْ نَعْلي فَلَا أُمّ مَالِكٍ ... قَرِيبٌ، وَلَا نَعلي شَدِيدٌ قِبالُها
يَقُولُ: لَسْتُ بِقَرِيبٍ مِنْهَا فأَستمتع بِهَا وَلَا أَنا بِصَبُورٍ فأَسْلى عَنْهَا. وأَقْبَل النعلَ وقَبَلَها وقَابَلَها: جَعَلَ لَهَا قِباليْن، وَقِيلَ: أَقْبَلَها جَعَلَ لَهَا قِبالًا، وقَبَلَها مُخَفَّفَةً شدَّ قِبالَها، وَقِيلَ: مُقابَلَتها أَن يَثْنِيَ ذُؤَابَة الشِّراك إِلَى العُقدة. وَيُقَالُ: قَابِلْ نعلَك أَي اجْعَلْ لَهَا قِبالَيْن. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ لِنَعْلِهِ قِبالان
أَي زِمامان، القِبال: زِمام النَّعْلِ وَهُوَ السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الإِصبعين. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَابِلوا النِّعال
أَي اعْمَلُوا لَهَا قِبالًا. وَنَعْلٌ مُقْبَلة إِذا جَعَلْتَ لَهَا قِبالًا، ومَقْبُولة إِذا شَدَدْتَ قِبالها. وَرَجُلٌ منقطع القِبال: سيِء الرأْي، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والقَابِلَة مِنَ النِّسَاءِ: مَعْرُوفَةٌ. والقَبَل: لُطْف القابِلة لإِخراج الولَد، وقَبِلَتِ القابِلة المرأَة تَقْبَلها قِبالةً، وَكَذَلِكَ قَبِل الرجلُ الغَرْبَ مِنَ المُستقي مِثْلُهُ، وَهُوَ القابِل. التَّهْذِيبِ: قَبِلَتِ(11/543)
القابِلة المرأَة إِذَا قَبِلَتِ الولدَ أَي تلقَّته عِنْدَ الوِلادة، وَكَذَلِكَ قَبِلَ الرَّجُلُ الدَّلْوَ مِنَ المُستقي قَبُولًا، فَهُوَ قَابِل. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيت عَقِيلًا يَقْبَل غَرْب زَمْزَمَ
أَي يَتَلَقَّاهَا فيأْخذها عِنْدَ الاسْتقاء. والقَبِيل والقَبُول: القابِلة. الْمُحْكَمِ: قَبِلَتِ القابِلةُ الولدَ قِبالًا أَخذته مِنَ الْوَالِدَةِ، وَهِيَ قابِلة المرأَة وقَبُولها وقَبِيلها، قَالَ الأَعشى:
أُصالحُكم حَتَّى تَبُوءُوا بمثلِها، ... كصَرْخَةِ حُبْلى أَسْلَمَتْها قَبِيلُها
وَيُرْوَى قَبُولها أَي يَئِست مِنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَبِلَتِ القابِلة «5» الْوَلَدَ تَقْبَلُه إِذا تَلَقَّتْهُ عِنْدَ وَلَادَتِهِ مِنْ بَطْنِ أُمه.
والقَبِيل: الْكَفِيلُ والعَرِيف، وقد قَبَل [قَبِل] «6» بِهِ يَقْبُلُ ويَقْبَلُ ويَقْبِلُ قَبَالةً: كَفَله. وَنَحْنُ فِي قَبالَته أَي فِي عِرافَته، وأَنشد:
إِنَّ كَفِّي لَكِ رَهْنٌ بالرِّضا، ... فاقْبُلي يَا هندُ، قَالَتْ: قَدْ وَجَبْ
قَالَ أَبو نَصْرٍ: اقْبُلي مَعْنَاهُ كُوني أَنت قَبِيلًا، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ كُتِبَتْ عَلَيْهِمُ القَبالة. وَيُقَالُ: قَبَّلْتُ العامِلَ تَقْبيلًا، وَالِاسْمُ القَبَالة، وتَقَبَّله العامِلُ تَقَبُّلًا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: إِياكم والقَبالات فإِنها صِغَارٌ وَفَضْلُهَا رِباً
، هُوَ أَن يتَقَبَّل بخَراج أَو جِباية أَكثر مِمَّا أَعطى، فَذَلِكَ الْفَضْلُ رِباً، فإِن تقبَّل وَزَرَعَ فَلَا بأْس. والقَبَالة، بِالْفَتْحِ: الْكَفَالَةُ وهي في الأصل مصدر قَبَل إِذا كَفَل. وقَبُلَ، بِالضَّمِّ، إِذا صَارَ قَبِيلًا أَي كَفِيلًا. وتَقَبَّلَ بِهِ: تَكَفَّلَ كقَبَل. وَقَالَ: قَبَّلْت العامِلَ الْعَمَلَ تَقَبُّلًا، وَهَذَا نَادِرٌ، وَالِاسْمُ القَبالة، وتَقَبَّله الْعَامِلُ تَقْبِيلًا، نَادِرٌ أَيضاً. وَقَدْ رُوِيَ قَبِلْتُ بِهِ وقَبَلْتُ: فِي مَعْنَى كفَلْت عَلَى مِثَالِ فَعِلْت وفَعَلْت. وَيُقَالُ: تَكَلَّمَ فُلَانٌ قَبَلًا [قَبِلًا] فأَجاد، والقَبَل: أَن يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَمْ يَكُنِ اسْتَعَدَّهُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَتَكَلَّمَ قَبَلًا أَي بِكَلَامٍ لَمْ يَكُنْ أَعدَّه ورَجَزه قَبَلًا أَنشده رَجَزاً لَمْ يَكُنْ أَعدَّه. واقْتَبَلَ الكلامَ والخُطبة اقْتِبالًا: ارتجَلَهما وَتَكَلَّمَ بِهِمَا مِنْ غَيْرِ أَن يُعِدَّهما. واقْتَبَلَ مِنْ قِبَله كَلَامًا فأَجاد، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ أَيضاً وَلَمْ يُفَسِّرْهُ إِلا أَن يُرِيدَ مِنْ قِبَلِه نَفْسَهُ. وسقَى عَلَى إِبِله قَبَلًا: صبَّ الْمَاءَ عَلَى أَفواهها. وأَقْبَلَ عَلَى الإِبل: وَذَلِكَ إِذا شَرِبَتْ مَا فِي الحوض فاستقى على رؤوسها وَهِيَ تَشْرَبُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ وَزَادَ فِيهِ: وَلَمْ يَكُنْ أَعدَّه قَبل ذَلِكَ وَهُوَ أَشد السَّقْيِ. الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: والقَبَل أَن تَشْرَبَ الإِبل الْمَاءَ وَهُوَ يصبُّ على رؤوسها وَلَمْ يَكُنْ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
بالرَّيْثِ مَا أَرْوَيتُها لَا بالعَجَلْ، ... وبالحَيا أَرْوَيتُها لَا بالقَبَلْ
التَّهْذِيبِ: يُقَالُ سَقَى إِبله قَبَلًا إِذا صُبَّ الْمَاءُ فِي الْحَوْضِ وَهِيَ تَشْرَبُ مِنْهُ فأَصابها، الأَصمعي: القَبَل أَن يُورِدَ الرَّجُلُ إِبله فِيسْتَقِيَ عَلَى أَفواهها وَلَمْ يَكُنْ هَيَّأَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ شَيْئًا. والقُبْلة: اللَّثمة مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ القُبَل وَفِعْلُهُ التَّقْبِيل، وَقَدْ قَبَّلَ المرأَةَ والصبيَّ. والقِبْلة: نَاحِيَةُ الصَّلَاةِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: القِبْلة وِجهة
__________
(5) . قوله [وَفِي الْحَدِيثِ
قَبِلَتِ الْقَابِلَةُ
] هكذا في الأصل، وأتي به في النهاية عقب حديث عقيل المتقدم قريباً بلفظ:
ومنه قبلت القابلة
إلخ على أنه من معناه لا أنه جاء في الحديث.
(6) . قوله [وقد قَبلَ به إلخ] عبارة القاموس: وقد قَبلَ به، كنصر وسمع وضرب.(11/544)
الْمَسْجِدِ. وَلَيْسَ لِفُلَانٍ قِبْلة أَي جِهَةٌ. وَيُقَالُ: أَين قِبْلَتُك أَي أَين جِهَتك، وَمِنْ أَين قِبْلَتك أَي مِنْ أَين جِهَتُكَ. والقِبْلَة: الَّتِي يُصَلَّى نَحْوَهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلة
، أَراد بِهِ الْمُسَافِرَ إِذا الْتُبِسَتْ عَلَيْهِ قِبْلَته، فأَما الْحَاضِرُ فِيجِبُ عَلَيْهِ التحرِّي وَالِاجْتِهَادُ، وَهَذَا إِنما يَصِحُّ لِمَنْ كَانَتِ القِبْلة فِي جَنُوبه أَو شَماله، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِهِ قِبْلة أَهل الْمَدِينَةِ وَنَوَاحِيَهَا فإِن الْكَعْبَةَ جَنوبها. والقِبْلة فِي الأَصل: الْجِهَةُ. والقَبُول مِنَ الرِّيَاحِ: الصَّبا لأَنها تستدْبِر الدَّبُور وَتَسْتَقْبِلُ بابَ الْكَعْبَةِ. التَّهْذِيبِ: القَبُول مِنَ الرِّيَاحِ الصَّبا لأَنها تَسْتَقْبِلُ الدَّبُور. الأَصمعي: الرِّياح معظَمها الأَربع الجَنُوب والشَّمال والدَّبُور والصَّبا، فالدَّبور الَّتِي تهُبُّ مِنْ دُبُر الْكَعْبَةِ، والقَبُول مِنْ تِلْقائها وَهِيَ الصَّبا، قَالَ الأَخطل:
فإِن تَبْخَل سَدُوسُ بدِرْهَمَيها، ... فإِنَّ الرِّيحَ طَيِّبة قَبُول
قَالَ ثَعْلَبٌ: القَبُول مَا اسْتَقْبَلَكَ بَيْنَ يَدَيْكَ إِذا وَقَفت فِي القِبْلة، قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ قَبُولًا لأَن النَّفْسَ تَقْبَلُها، وَهِيَ تَكُونُ اسْمًا وَصِفَةً عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَالْجَمْعُ قَبَائِل، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَدْ قَبَلَتِ الرِّيح، بِالْفَتْحِ، تَقْبُلُ قَبْلًا وقُبُولًا، الأَول عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهِيَ رِيحٌ قَبُول، وَالِاسْمُ مِنْ هَذَا مَفْتُوحٌ وَالْمَصْدَرُ مَضْمُومٌ. وأَقْبَلَ الْقَوْمُ: دَخَلُوا فِي القَبُول، وقَبِلوا: أَصابتهم القَبُول. ابْنُ بُزُرْجَ: قَالُوا قَبِّلُوها الريحَ أَي أَقْبِلوها الريحَ، قَالَ الأَزهري: وقَابِلُوها الريحَ بِمَعْنَاهُ، فَإِذَا قَالُوا استَقْبِلوها الريحَ فإِن أَكثر كَلَامِهِمُ اسْتَقْبِلوا بِهَا الرِّيحَ. والقَبُول: الحُسْن والشَارة، وَهُوَ القُبُول، بِضَمِّ الْقَافِ أَيضاً، لَمْ يَحْكِهَا إِلا ابْنُ الأَعرابي وإِنما الْمَعْرُوفُ القَبُول، بِالْفَتْحِ، وَقَوْلُ أَيوب بْنِ عَيَّابة:
وَلَا مَنْ عَلَيْهِ قَبُول يُرَى، ... وآخَر لَيْسَ عَلَيْهِ قَبُول
مَعْنَاهُ لَا يَسْتَوِي مَنْ لَهُ رُواءٌ وحَياءٌ ومُروءة وَمَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. والقَبُول: أَن تَقْبَل الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ وأُميت الْفِعْلُ مِنْهُ. وَيُقَالُ: اقْتَبَل أَمْره إِذا استأْنَفه. وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:
لَوِ اسْتَقْبَلتُ مِنْ أَمري مَا استدْبَرْت مَا سُقتُ الهَدْي
أَي لَوْ عَنَّ لِي هَذَا الرأْي الَّذِي رأَيته أَخيراً وأَمرتكم بِهِ فِي أَول أَمري لَما سُقْت الهَدْيَ مَعِي وقلَّدته وأَشْعَرته، فإِنه إِذا فَعَلَ ذَلِكَ لَا يُحِلُّ حَتَّى يَنْحَرَهُ وَلَا يَنْحَرُ إِلا يَوْمَ النَّحْرِ فَلَا يَصِحُّ لَهُ فَسْخ الْحَجِّ بعُمْرة، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ لَا يَلْتَزِمُ هَذَا وَيَجُوزُ لَهُ فَسْخُ الْحَجِّ، وإِنما أَراد بِهَذَا الْقَوْلِ تَطْيِيبَ قُلُوبِ أَصحابه لأَنه كَانَ يشقُّ عَلَيْهِمْ أَن يُحِلُّوا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ لِئَلًا يَجِدوا فِي أَنفسِهِم وَلِيَعْلَمُوا أَن الأَفضل لَهُمْ قَبُول مَا دَعَاهُمْ إِليه، وأَنه لَوْلَا الهَدْيُ لَفَعَلَهُ. وَرَجُلٌ مُقْتَبَل الشَّباب أَي مُسْتُقْبِلُ الشَّبَابِ إِذا لَمْ يُرَ عَلَيْهِ أَثر كِبَرٍ، وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ:
ولَرُبَّ مَنْ طَأْطأْته بِحَفِيرة، ... كالرُّمْحِ، مُقْتَبَل الشَّباب مُحَبَّر
الْفَرَّاءُ: اقْتَبَلَ الرجلُ إِذا كاسَ بعدَ حَمَاقَةٍ. وَيُقَالُ: انْزِلْ بقُبُل هَذَا الْجَبَلِ أَي بسَفْحِه. وَوَقَعَ السَّهْمُ بِقُبُل هَذَا وبدُبُره، وَكَانَ ذَلِكَ فِي قُبُلٍ مِنْ شَبابه، وَكَانَ ذلك في قُبُل الشِّتاء وفي قُبُل الصيف(11/545)
أَي فِي أَوله وَوَجْهِهِ. والقَبَلة: حَجَرٌ أَبيض يُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْفَرَسِ، يُقَالُ: قلَّدها بقَبَلة. والقَبْلة والقَبِيل: خَرَزَةٌ شَبِيهَةٌ بالفَلْكَة تعلَّق فِي أَعناق الْخَيْلِ. والقَبَل والقَبَلة: مِنْ أَسماء خَرَزِ الأَعراب. غَيْرُهُ: والقَبَلة خَرَزَةٌ مِنْ خَرَزِ نِسَاءِ الأَعراب اللَّوَاتِي يؤخِّذْن بِهَا الرِّجَالُ، يقُلْن فِي كلامهنَّ: يَا قَبَلة اقْبِليه وَيَا كَرارِ كُرِّيه، وَهَكَذَا جَاءَ الْكَلَامُ، وإِن كَانَ مَلْحُونًا، لأَن الْعَرَبَ تُجْري الأَمثال عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَنَى بكَرارِ الكَرَّة فأَنَّث لِذَلِكَ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ القَبَل، وأَنشد:
جَمَّعْنَ مِنْ قَبَلٍ لهنَّ وفَطْسَةٍ، ... والدَّرْدَبِيس مُقابَلًا فِي المَنْظَم
والقَبَلة: مَا تَتَّخِذُهُ السَّاحِرَةُ ليقبِل بِوَجْهِ الإِنسان عَلَى صَاحِبِهِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: القَبْلة والقَبَل مِنِ أَسْمَاءِ خَرَزِ الأَعراب. الْجَوْهَرِيُّ: والقَبَل جَمْعُ قَبَلَة وَهِيَ الفَلْكة، وَهِيَ أَيضاً ضرْب مِنَ الْخَرَزِ يؤخَّذ بِهَا، وَرُبَّمَا عُلِّقَتْ فِي عُنق الدَّابَّةِ تُدْفَعُ بِهَا الْعَيْنُ. والقَبَلة حَجَرٌ أَبيض عَرِيضٌ يعلَّق فِي عُنق الْفَرَسِ. وثوبٌ قَبَائِل أَي أَخْلاق، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. يُقَالُ: أَتانا فِي ثَوْبٍ لَهُ قَبَائِل وَهِيَ الرِّقاع. ابْنُ الأَعرابي: إِذا رُقِع الثَّوْبُ فَهُوَ المُقَبَّل والمَقْبُول والمُرَدَّم والمُلَبَّد والمَلْبُود. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ للخِرْقة الَّتِي يرقَع بِهَا قَبُّ الْقَمِيصِ القَبِيلة، وَالَّتِي يرقَع بِهَا صدْر الْقَمِيصِ اللِّبْدة. وقَبَائِل اللِّجَامِ: سُيوره، الْوَاحِدَةُ قَبِيلة، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
يُرْخِي العِذارَ، وإِن طالت قَبائلُه، ... عن حُزَّةٍ مِثْلِ سِنْفِ المَرْخةِ الصَّفِر
شَمِرٌ: قُصَيْرى قِبالٍ حيَّة سَمَّاهَا أَبو خِيرَةَ قُصَيْرى وسَمَّاها أَبو الدُّقيش قُصيْرى قِبَال، وَهِيَ مِنَ الأَفاعي غَيْرَ أَنها أَصغر جِسْمًا تقتُل عَلَى الْمَكَانِ، قَالَ: وأَزَمَتْ بفِرْسِن بَعِيرٍ فَمَاتَ مَكَانَهُ. التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ: حَيَّا اللَّه قَهْبَلَه أَي حيَّا اللَّه وَجْهَهُ، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: حيَّا اللَّه قَهْبَلَه ومُحَيَّاه وسَمَامَتَه وطَلَلَهُ وآلَهُ. وَقَالَ: قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ الْهَاءُ زَائِدَةٌ فيبقى حيَّا اللَّه قَبَلَه أَي مَا أَقبل مِنْهُ. وتَقَبَّلَ الرَّجُلُ أَباه إِذا أَشبهه، قَالَ الشَّاعِرُ:
تَقَبَّلْتها مِنْ أُمَّةٍ، ولَطالَما ... تُنوزِع فِي الأَسواق مِنْهَا خِمارُها
والأُمَّة هُنَا: الأُمُّ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْغَيْثِ:
أَرض مُقْبَلة وأَرض مُدْبَرة
أَي وَقَعَ الْمَطَرُ فِيهَا خِطَطاً وَلَمْ يَكُنْ عَامًّا. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
ورأَى دابَّة يُوَارِيهَا شَعْرُهَا أَهدب القُبال
، يُرِيدُ كَثْرَةَ الشَّعْرِ فِي قُبالها، القُبال: النَّاصِيَةُ والعُرْف لأَنهما اللَّذَانِ يَسْتَقْبِلَانِ النَّاظِرَ، وقُبال كُلِّ شَيْءٍ وقُبْله: أَوله وَمَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ الْمُزَارَعَةِ:
نَسْتَثْنِي مَا عَلَى الماذِياناتِ وأَقْبالِ الجَداوِل
، الأَقْبال: الأَوائل والرؤوس، جَمْعُ قُبْل. والقُبْل أَيضاً: رأْس الْجَبَلِ والأَكَمة، وَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ قَبَل بِالتَّحْرِيكَ، وَهُوَ الكَلأُ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الأَرض. والقَبَل أَيضاً: مَا اسْتَقْبَلَكَ مِنَ الشَّيْءِ. والقَبَلة: الخُبَّاز، حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ. وقَبَلٌ: مَوْضِعٌ، عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَقطع بِلَالَ بْنِ الْحَرْثِ مَعادِن القَبَلِيَّة: جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها
، القَبَلِيَّة: مَنْسُوبَةٌ إِلَى قَبَل، بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ، وَهِيَ نَاحِيَةٌ مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ خَمْسَةُ أَيام، وَقِيلَ: هِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الفُرْع وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ(11/546)
نَخْلة وَالْمَدِينَةِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: وَفِي كَتَابِ الأَمْكنة مَعادِن القِلَبة، بِكَسْرِ الْقَافِ وَبَعْدَهَا لَامٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ بَاءٌ، واللَّه أَعلم.
قتل: القَتْل: مَعْرُوفٌ، قَتَلَه يَقْتُلُه قَتْلًا وتَقْتَالًا وقَتَل بِهِ سَوَاءٌ عِنْدَ ثَعْلَبٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَعرفها عَنْ غَيْرِهِ وَهِيَ نَادِرَةٌ غَرِيبَةٌ، قَالَ: وأَظنه رَآهُ فِي بَيْتٍ فحسِب ذَلِكَ لُغَةً؛ قَالَ: وإِنما هُوَ عِنْدِي عَلَى زِيَادَةِ الْبَاءِ كَقَوْلِهِ:
سُودُ المَحاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بالسُّوَر
وإِنما هُوَ يقرأْن السُّوَر، وَكَذَلِكَ قَتَّلَه وقَتَل بِهِ غيرَه أَي قَتَلَهَ مَكَانَهُ؛ قَالَ:
قَتَلتُ بِعَبْدِ اللَّهِ خيرَ لِداتِه ... ذُؤاباً، فَلَمْ أَفخَرْ بِذَاكَ وأَجْزَعا
التَّهْذِيبِ: قَتَلَه إِذا أَماته بضرْب أَو حجَر أَو سُمّ أَو علَّة، وَالْمَنِيَّةُ قَاتِلَة؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ وَبَلَغَهُ مَوْتُ زِيَادٍ، وَكَانَ زِيَادٌ هَذَا قَدْ نَفَاهُ وَآذَاهُ وَنَذَرَ قَتْلَهُ فَلَمَّا بَلَغَ مَوْتُهُ الْفَرَزْدَقَ شَمِتَ بِهِ فَقَالَ:
كَيْفَ تَرَانِي قالِباً مِجَنِّي، ... أَقْلِب أَمري ظَهْره لِلْبَطْنِ؟
قَدْ قَتَلَ اللهُ زِيَادًا عَنِّي
عَدَّى قَتَلَ بعنْ لأَنَّ فِيهِ مَعْنَى صَرَفَ فكأَنه قَالَ: قَدْ صَرَف اللَّهُ زِيَادًا، وَقَوْلُهُ قالِباً مِجَنِّي أَي أَفعل مَا شِئْتُ لَا أَتَرَوَّع وَلَا أَتَوقَّع. وَحَكَى قُطْرُبٌ فِي الأَمر اقْتُل، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الشُّذُوذِ، جَاءَ بِهِ عَلَى الأَصل؛ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ جِنِّيٍّ عَنْهُ، وَالنَّحْوِيُّونَ يُنْكِرُونَ هَذَا كَرَاهِيَةَ ضَمَّةٍ بَعْدَ كَسْرَةٍ لَا يحجُز بِينَهُمَا إِلا حَرْفٌ ضَعِيفٌ غَيْرُ حَصِينٍ. وَرَجُلٌ قَتِيل: مَقْتول، وَالْجَمْعُ قُتَلاء؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وقَتْلَى وقَتَالى؛ قَالَ مَنْظُورُ بْنُ مَرْثَد:
فظلَّ لَحْماً تَرِبَ الأَوْصالِ، ... وَسْطَ القَتَالَى كالهَشِيم الْبَالِي
وَلَا يُجْمَعُ قَتِيل جمعَ السَّلَامَةِ لأَن مُؤَنَّثَهُ لَا تَدْخُلُهُ الْهَاءُ، وقَتَلَه قِتْلة سَوء، بِالْكَسْرِ. وَرَجُلٌ قَتِيل: مَقْتول. وامرأَة قَتِيل: مَقْتولة، فإِذا قُلْتَ قَتيلة بَني فُلَانٍ قُلْتَ بِالْهَاءِ، وَقِيلَ: إِن لَمْ تُذْكَرِ المرأَة قُلْتَ هَذِهِ قَتِيلة بَنِي فُلَانٍ، وَكَذَلِكَ مَرَرْتُ بقَتِيلة لأَنك تَسْلُكَ طَرِيقَ الِاسْمِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ يَجُوزُ فِي هَذَا طرْح الْهَاءِ وَفِي الأَوّل إِدخال الْهَاءِ يَعْنِي أَن تَقُولَ: هَذِهِ امرأَة قَتِيلة ونِسْوة قَتْلى. وأَقْتَلَ الرجلَ: عرَّضه للقَتْل وأَصْبَره عَلَيْهِ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرة لامرأَته يَوْمَ قَتَلَه خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: أَقْتَلْتِني أَي عرَّضْتِني بحُسْن وَجْهِكِ للقَتْل بِوُجُوبِ الدِّفَاعِ عَنْكِ والمُحاماة عَلَيْكِ، وَكَانَتْ جَمِيلَةً فقَتَلَه خَالِدٌ وتزوَّجها بَعْدَ مَقْتَله، فأَنكر ذَلِكَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؛ وَمِثْلُهُ: أَبَعْتُ الثَّوْب إِذا عَرَّضْته لِلْبِيعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَشدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا أَو قَتَلَه نبيٌ
؛ أَراد مَنْ قَتَله وَهُوَ كَافِرٌ كقَتْله أُبيَّ بْنَ خَلَف يَوْمَ بدْر لَا كمَن قَتَله تَطْهِيرًا لَهُ فِي الحَدِّ كماعِزٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يُقْتَل قُرَشيٌّ بَعْدَ الْيَوْمِ صبْراً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: إِن كَانَتِ اللَّامُ مَرْفُوعَةً عَلَى الخَبر فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا أَباح مِنْ قَتْل القُرَشيّين الأَربعة يَوْمَ الفَتْح، وَهُمُ ابْنُ خَطَل ومَنْ مَعَهُ أَي أَنهم لَا يَعُودُونَ كفَّاراً يُغْزوْن ويُقْتَلون عَلَى الْكُفْرِ كَمَا قُتِل هَؤُلَاءِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ الْآخَرِ:
لَا تُغْزَى مَكَّةُ بَعْدَ الْيَوْمِ
أَي لَا تعودُ دَارَ كُفْرٍ تُغْزى عَلَيْهِ، وإِن كَانَتِ اللَّامُ مَجْزُومَةً فِيكُونُ(11/547)
نَهْيًا عَنْ قَتْلهم فِي غَيْرِ حَدٍّ وَلَا قِصاص. وَفِي حَدِيثِ
سَمُرة: مَنْ قَتَلَ عَبْده قَتَلْناه وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْناه
؛ قَالَ ابْنَ الأَثير: ذَكَرَ فِي رِوَايَةِ
الْحَسَنِ أَنه نَسِيَ هَذَا الْحَدِيثَ فَكَانَ يَقُولُ لَا يُقْتَلَ حرٌّ بِعَبْدٍ
، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ الْحَسَنُ لَمْ يَنْسَ الْحَدِيثَ، وَلَكَنَّهُ كَانَ يتأَوَّله عَلَى غَيْرِ مَعْنَى الإِيجاب وَيَرَاهُ نَوْعًا مِنَ الزَّجْر ليَرْتَدِعوا وَلَا يُقْدِموا عَلَيْهِ كَمَا قَالَ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ: إِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ أَو الْخَامِسَةِ فاقتُلوه، ثُمَّ جِيءَ بِهِ فِيهَا فَلَمْ يَقْتله، قَالَ: وتأَوَّله بَعْضُهُمْ أَنه جَاءَ فِي عَبْد كَانَ يملِكه مرَّة ثُمَّ زَالَ مِلْكه عَنْهُ فَصَارَ كُفؤاً لَهُ بالحُرِّية، قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَحد إِلَّا فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ عَنْ سُفْيَانَ والمرويُّ عَنْهُ خِلَافُهُ قَالَ: وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلى القِصاص بَيْنَ الحرِّ وَعَبْدِ الْغَيْرِ، وأَجمعوا عَلَى أَن القِصاص بَيْنَهُمْ فِي الأَطراف سَاقِطٌ، فَلَمَّا سقَط الجَدْع بالإِجماع سَقَطَ القِصاص لأَنهما ثَبَتا مَعًا، فَلَمَّا نُسِخا نُسِخا مَعًا، فِيكُونُ حَدِيثُ سَمُرة مَنْسُوخًا؛ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ، قَالَ: وَقَدْ يَرِدُ الأَمر بالوَعيد رَدْعاً وزَجْراً وَتَحْذِيرًا وَلَا يُراد بِهِ وَقُوعُ الْفِعْلِ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ
جَابِرٍ فِي السَّارِقِ: أَنه قُطِع فِي الأُولى وَالثَّانِيةِ وَالثَّالِثَةِ إِلى أَن جِيءَ بِهِ فِي الْخَامِسَةِ فَقَالَ اقتُلوه، قَالَ جَابِرٌ: فقَتَلْناه
، وَفِي إِسناده مَقال قَالَ: وَلَمْ يَذْهَبْ أَحد مِنَ الْعِلْمَاءِ إِلى قَتْل السَّارِقِ وإِن تَكَرَّرَتْ مِنْهُ السَّرقة. وَمِنْ أَمثالهم: مَقْتَلُ الرَّجُلِ بَيْنَ فَكَّيْه أَي سَبَبُ قَتْله بَيْنَ لَحْيَيْه وَهُوَ لِسانه. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَرسَل إِليَّ أَبو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهل الْيَمَامَةِ
؛ المَقْتَل مَفْعَل مِنَ القَتْل، قَالَ: وَهُوَ ظَرْفُ زَمَانٍ هَاهُنَا أَي عِنْدَ قَتْلهم فِي الوَقْعة الَّتِي كَانَتْ بِالْيَمَامَةِ مَعَ أَهل الرِّدَّة فِي زَمَنِ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وتَقَاتَلَ الْقَوْمُ واقتَتَلُوا وتَقَتَّلوا وقَتَّلوا وقِتَّلوا، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَدْ أَدغم بَعْضُ الْعَرَبِ فأَسكن لمَّا كَانَ الْحَرْفَانِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَكُونَا مُنفَصِلين، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ يَقِتِّلون وَقَدْ قِتَّلوا، وَكَسَرُوا الْقَافَ لأَنهما سَاكِنَانِ الْتَقَيَا فشبِّهت بِقَوْلِهِمْ رُدِّ يَا فَتى، قَالَ: وَقَدْ قَالَ آخَرُونَ قَتَّلوا، أَلقَوْا حَرَكَةَ الْمُتَحَرِّكِ عَلَى السَّاكِنِ، قَالَ: وَجَازَ فِي قَافِ اقْتَتَلوا الوَجْهان ولم يكن بمنزلة عَصَّ وقِرَّ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لأَنه لَا يَجُوزُ فِي الْكَلَامِ «7» فِيهِ الإِظهار والإِخْفاء والإِدغام، فَكَمَا جَازَ فِيهِ هَذَا فِي الْكَلَامِ وتصرَّف دَخَله شيئَان يَعْرضان فِي الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَتُحْذَفُ أَلف الوَصْل حَيْثُ حرِّكت الْقَافُ كَمَا حُذِفَتِ الأَلف الَّتِي فِي رُدَّ حَيْثُ حُرِّكَتِ الرَّاءُ، والأَلف الَّتِي فِي قلَّ لأَنهما حَرْفَانِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَحِقَهَا الإِدغام، فَحُذِفَتِ الأَلف كَمَا حُذِفَتْ فِي رُبَّ لأَنه قَدْ أُدْغِم كَمَا أُدْغم، قَالَ: وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ قِرَاءَةُ
الْحَسَنِ: إِلا مَنْ خَطَّف الخَطْفة
؛ قَالَ: وَمَنْ قَالَ يَقَتِّلُ قَالَ مُقَتِّل، وَمَنْ قَالَ يَقِتِّلُ قَالَ مُقِتِّل، وأَهل مَكَّةَ يَقُولُونَ مُقُتِّل يُتْبِعون الضَّمَّةَ الضَّمَّةَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وحدثني الخليل وهرون أَنَّ نَاسًا يَقُولُونَ مُرُدِّفين يُرِيدُونَ مُرْتَدِفين أَتبَعُوا الضمةَ الضَّمَّةَ؛ وَقَوْلُ مَنْظُورُ بْنُ مَرْثَدٍ الأَسدي:
تَعَرَّضَتْ لِي بِمَكَانٍ حِلِّ، ... تَعَرُّضَ المُهْرةِ فِي الطِّوَلِّ،
تَعَرُّضاً لَمْ تَأْلُ عَنْ قَتْلَلِّي
أَراد عَنْ قَتْلي، فَلَمَّا أَدخل عَلَيْهِ لَامًا مشدَّدة كَمَا أَدخل نُونًا مشدَّدة فِي قَوْلِ دَهْلَب بْنُ قُرَيْعٍ:
جَارِيَةٌ ليسَتْ مِنَ الوَخْشَنِّ ... أُحِبُّ منكِ مَوْضِع القُرْطنِ
__________
(7) . قوله [لأَنه لَا يَجُوزُ فِي الْكَلَامِ إلخ] هكذا في الأَصل(11/548)
وَصَارَ الإِعراب فِيهِ فتَحَ اللامَ الأُولى كَمَا تُفْتَحُ فِي قَوْلِكَ مَرَرْتُ بتَمْرٍ وبتَمْرَةٍ وبرجُلٍ وبرَجُلَين؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَالْمَشْهُورُ فِي رَجَزِ مَنْظُورٍ:
لَمْ تَأْلُ عَنْ قَتْلًا لِي
عَلَى الحِكاية أَي عَنْ قَوْلِهَا قَتْلًا لَهُ أَي اقتُلوه. ثُمَّ يُدغم التَّنْوِينُ فِي اللَّامِ فِيصِيرُ فِي السَّمْع عَلَى مَا رَوَاهُ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: وَلَيْسَ الأَمر عَلَى مَا تأَوَّله. وقَاتَلَه مُقَاتَلةً وقِتالًا، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَفَّروا الْحُرُوفَ كَمَا وَفَّروها فِي أَفْعَلْت إِفْعالًا. قَالَ: والتَّقْتال القَتْل وَهُوَ بِنَاءٌ مَوْضُوعٌ للتَّكثير كأَنك قُلْتَ فِي فَعَلْت فَعَّلْت، وَلَيْسَ هُوَ مَصْدَرُ فَعَّلْت، وَلَكِنْ لَمَّا أَردت التَّكْثير بَنَيْت الْمَصْدَرَ عَلَى هَذَا كَمَا بَنَيْتَ فَعَّلْت عَلَى فَعَلْت. وقتَّلوا تقْتيلًا: شدِّد لِلْكَثْرَةِ. والمُقَاتَلَة: الْقِتَالُ؛ وَقَدْ قَاتَلَه قِتالًا وقِيتالًا، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَكَذَلِكَ المُقاتَل؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:
أُقَاتِلُ حَتَّى لَا أَرى لِي مُقاتَلًا، ... وأَنجو إِذا غُمَّ الجَبانُ مِنَ الكَرْب
وَقَالَ زَيْدُ الْخَيْلِ:
أُقاتِلُ حَتَّى لَا أَرى لِي مُقاتَلًا، ... وأَنجُو إِذا لَمْ يَنْجُ إِلا المُكَيّس
والمُقَاتِلَة: الَّذِينَ يَلُون القِتال، بِكَسْرِ التَّاءِ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْقَوْمُ الَّذِينَ يَصْلحون لِلْقِتَالِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ*
؛ أَي لَعَنَهم أَنَّى يُصْرَفون، وَلَيْسَ هَذَا بِمَعْنَى القِتال الَّذِي هُوَ مِنَ المُقاتلة وَالْمُحَارَبَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُتِلَ الْإِنْسانُ مَا أَكْفَرَهُ
؛ مَعْنَاهُ لُعِن الإِنسان، وقَاتَلَه اللَّهُ لعَنه اللَّهُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مَعْنَى قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا قَتَله. وَيُقَالُ: قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا أَي عَادَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَاتَلَ اللهُ اليهودَ
أَي قَتَلَهُم اللَّهُ، وَقِيلَ: لعَنهم اللَّهُ، وَقِيلَ: عَادَاهُمْ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ أَحد هَذِهِ الْمَعَانِي، قَالَ: وَقَدْ يَرِدُ بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ مِنَ الشَّيْءِ كَقَوْلِهِمْ: تَرِبَتْ يَدَاهُ، قَالَ: وَقَدْ تَرِدُ وَلَا يُرَادُ بِهَا وُقوعُ الأَمر، وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَاتَلَ اللَّهُ سَمُرة
؛ وسَبِيلُ فاعَلَ أَن يَكُونَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي الْغَالِبِ، وَقَدْ يَرِدُ مِنَ الْوَاحِدِ كسافرْت وطارَقْت النعْل. وَفِي حَدِيثِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي:
قَاتِلْه فإِنه شَيْطَانٌ
أَي دافِعْه عَنْ قِبْلَتِك، وَلَيْسَ كُلُّ قِتال بِمَعْنَى القَتْل. وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفة:
قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا فإِنه صَاحِبُ فِتْنَةٍ وشرٍّ
أَي دَفَعَ اللَّهُ شرَّه كأَنه إِشارة إِلى مَا كَانَ مِنْهُ فِي حَدِيثِ الإِفْك، وَاللَّهُ أَعلم؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
أَن عُمَرَ قَالَ يَوْمَ السَّقِيفة اقْتُلُوا سَعْدًا قَتَلَه اللَّهُ
أَي اجْعَلُوهُ كَمَنْ قُتِل واحْسِبوه [احْسُبوه] فِي عِداد مَنْ مَاتَ وَهَلَكَ، وَلَا تَعْتَدُّوا بمَشْهَده وَلَا تُعَرِّجوا عَلَى قَوْلِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَيضاً: مَنْ دَعا إِلى إِمارة نفسِه أَو غَيْرِهِ مَنِ الْمُسْلِمِينَ فاقْتُلُوه
أَي اجْعَلُوهُ كَمَنْ قُتِلَ وَمَاتَ بأَن لَا تَقْبَلوا لَهُ قَوْلًا وَلَا تُقِيموا لَهُ دَعْوَةً، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
إِذا بُويِع لخَلِيفتين فاقْتُلُوا الأَخير مِنْهُمَا
أَي أَبْطِلوا دَعْوَتَهُ وَاجْعَلُوهُ كمَنْ قَدْ مَاتَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَى المُقْتَتِلِين أَن يَنْحَجِزوا الأَوْلى فالأَوْلى، وإِن كَانَتِ امرأَة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَن يَكُفُّوا عَنِ القَتْل مِثْلَ أَن يُقْتَل رَجُلٌ لَهُ وَرَثة فأَيهم عَفَا سَقَطَ القَوَدُ، والأَوْلى هُوَ الأَقرب والأَدنى مِنْ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ، وَمَعْنَى المُقْتَتِلِين أَن يطلُب أَولياء القَتِيل القَوَد فِيمْتَنِعَ القَتَلة فِينْشَأَ(11/549)
بَيْنَهُمُ القِتال مِنْ أَجله، فَهُوَ جَمْعُ مُقْتَتِل، اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ اقْتَتَلَ، وَيُحْتَمَلُ أَن تَكُونَ الرِّوَايَةُ بِنَصْبِ التَّاءَيْنِ عَلَى الْمَفْعُولِ؛ يُقَالُ: اقْتُتِلَ، فَهُوَ مُقْتَتَل، غَيْرَ أَن هَذَا إِنما يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَنْ قَتَله الحُبُّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا حَدِيثٌ مُشْكِلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ أَقوال الْعِلْمَاءِ فَقِيلَ: إِنه فِي المُقْتَتِلِين مِنْ أَهل القِبْلة عَلَى التأْويل فإِن البَصائر رُبَّمَا أَدْرَكت بعضَهم فَاحْتَاجَ إِلى الِانْصِرَافِ مِنْ مَقامه الْمَذْمُومِ إِلى الْمَحْمُودِ، فإِذا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا يمرُّ فِيهِ إِليه بَقِيَ فِي مَكَانِهِ الأَول فَعَسَى أَن يُقْتَل فِيهِ، فأُمِرُوا بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَقِيلَ: إِنه يَدْخُلُ فِيهِ أَيضاً المُقْتَتِلون مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي قِتالهم أَهل الْحَرْبِ، إِذ قَدْ يَجُوزُ أَن يَطْرأَ عَلَيْهِمْ مَنْ مَعَهُ الْعُذْرُ الَّذِي أُبِيح لَهُمُ الِانْصِرَافُ عَنْ قِتاله إِلى فِئة الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَتَقَوَّون بِهَا عَلَى عدوِّهم، أَو يَصِيرُوا إِلى قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْوَون بِهِمْ عَلَى قِتال عدوِّهم فيقاتِلونهم مَعَهُمْ. وَيُقَالُ: قُتِلَ الرَّجُلُ، فإِن كَانَ قَتَله العِشْق أَو الجِنُّ قِيلَ اقْتُتِل. ابْنُ سِيدَهْ: اقْتُتِل فُلَانٌ قَتَلَهُ عَشِقُ النِّسَاءَ أَو قَتَله الجِنُّ، وَكَذَلِكَ اقْتَتَلَتْه النِّسَاءُ، لَا يُقَالُ فِي هَذَيْنِ إِلا اقْتُتِلَ. أَبو زَيْدٍ: اقْتُتِلَ جُنَّ، واقْتَتَلَه الجِنُّ خُبِل، واقْتُتِلَ الرَّجُلُ إِذا عَشِق عِشْقاً مُبَرِّحاً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا مَا امْرُؤٌ حاوَلْن أَن يَقْتَتِلْنه، ... بِلا إِحْنةٍ بَيْنَ النُّفوس، وَلَا ذَحْل
هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ؛ وَقَدْ قَالُوا قَتَلَه الجِنّ وَزَعَمُوا أَن هَذَا الْبَيْتَ:
قَتَلْنا سَيِّد الخَزْرَج ... سعدَ بْنَ عُباده
إِنما هُوَ لِلْجِنِّ. والقِتْلة: الْحَالَةُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهلُ الإِيمان
؛ القِتْلَة، بِالْكَسْرِ: الْحَالَةُ مِنَ القَتْل، وَبِفَتْحِهَا المرَّة مِنْهُ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ويفهَم الْمُرَادُ بِهِمَا مِنْ سِيَاقِ اللَّفْظِ. ومَقاتِل الإِنسان: الْمَوَاضِعُ الَّتِي إِذا أُصيبت مِنْهُ قَتَلَتْه، وَاحِدُهَا مَقْتَل. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي عَنْ أَبي الْمُجِيبِ: لَا وَالَّذِي أَتَّقِيه إِلا بمَقْتَلِه «1» أَي كُلُّ مَوْضِعٍ مَنِّي مَقْتَل بأَيِّ شيءٍ شَاءَ أَن ينزِل قَتْلي أَنزله، وأَضاف المَقْتَل إِلى اللَّهِ لأَن الإِنسان كُلَّهُ مِلْك لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فمَقاتِله مِلْكٌ لَهُ. وَقَالُوا فِي المَثل: قَتَلَتْ أَرْضٌ جاهلَها وقَتَّلَ أَرضاً عالِمُها. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ أَمثالهم فِي الْمَعْرِفَةِ وحمدِهم إِياها قولُهم قَتَّلَ أَرضاً عالمُها وقَتَلَتْ أَرضٌ جَاهِلَهَا، قَالَ: قَوْلُهُمْ قَتَّلَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ مُقَتَّل مُضَرَّس، وَقَالُوا قَتَلَه عِلْماً عَلَى المَثل أَيضاً، وقَتَلْت الشيءَ خُبْراً. قَالَ تَعَالَى: وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ
؛ أَي لَمْ يُحيطوا بِهِ عِلْماً، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْهَاءُ هَاهُنَا لِلْعِلْمِ كَمَا تَقُولُ قَتَلْتُه عِلْمًا وقَتَلْتَه يَقِينًا للرأْي وَالْحَدِيثِ، وأَما الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ
، فَهُوَ هَاهُنَا لِعِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى مَا قَتَلُوا علْمَهم يَقِينًا كَمَا تَقُولُ أَنا أَقْتُل الشَّيْءَ عِلْمًا تأْويله أَي أَعْلم عِلْمًا تَامًّا. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ هُوَ قَاتِل الشَّتَوات أَي يُطعِم فِيهَا ويُدْفِئُ النَّاسَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ الَّذِي قَدْ جرَّب الأُمور: هُوَ مُعاوِد السَّقْي سَقَى صَيِّباً. وقَتَلَ غَليلَه: سَقَاهُ فَزَالَ غَليلُه بالرِّيِّ، مَثَّلَ بِمَا تَقَدَّمَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والقِتْل، بِالْكَسْرِ: العدوُّ؛ قَالَ:
واغْتِرابي عَنْ عامِر بْنِ لُؤَيٍّ ... فِي بلادٍ كَثِيرَةِ الأَقْتال
__________
(1) . قوله [وَالَّذِي أَتَّقِيهِ إِلَّا بمَقْتَلِه] هكذا في الأصل.(11/550)
الأَقْتَال: الأَعداء، وَاحِدُهُمْ قِتْل وَهُمُ الأَقْران؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِابْنِ قَيْسِ الرُّقَيّات، ولُؤَي بِالْهَمْزِ تَصْغِيرُ اللأْيِ، وَهُوَ الثَّوْرُ الوحشيُّ. والقَتالُ والكَتَالُ: الكِدْنة والغِلظ، فإِذا قِيلَ نَاقَةٌ نَقِيَّة القَتال فإِنما يُرِيدُ أَنها، وإِن هُزِلت، فإِن عملَها باقٍ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
ذعرْت بِجَوْس نَهْبَلَةٍ قِذَافٍ ... مِنَ العِيدِيِّ باقِية القَتَال
والقِتْل: القِرْن فِي قِتال وَغَيْرِهِ. وَهُمَا قِتْلان أَي مِثْلان وحَتْنان [حِتْنان] . وقِتْل الرَّجُلِ: نَظِيرُهُ وابنُ عَمِّهِ. وإِنه لقِتْل شرٍّ أَي عَالِمٌ بِهِ، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَقْتال. وَرَجُلٌ مُقَتَّل: مجرِّب للأُمور. أَبو عَمْرٍو: المجرِّبُ والمُجَرَّس والمُقَتَّل كُلُّهُ الَّذِي جرَّب الأُمور وَعَرَفَهَا. وقَتَل الْخَمْرَ قَتْلًا: مَزَجَهَا فأَزال بِذَلِكَ حِدَّتها؛ قَالَ الأَخطل:
فقلتُ: اقْتُلوها عنكُم بمِزاجِها، ... وحُبَّ بِهَا مَقْتولة، حِينَ تُقْتَل
وقال حسان:
إِنَّ الَّتِي عاطَيْتَني فَرَدَدْتُها ... قُتِلَتْ، قُتِلْتَ فهاتِها لَمْ تُقْتَل
قَوْلُهُ قُتِلْتَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ أَي قَتَلك اللَّهُ لِمَ مَزَجْتَهَا؛ وَقَوْلُ دُكَيْنٌ:
أُسْقَى بَراوُوقِ الشَّباب الخاضِلِ، ... أُسْقَى مِنَ المَقْتولَةِ القَواتِلِ
أَي مِنَ الخُمور المَقْتولة بالمَزْج القَواتِل بحدَّتها وإِسكارها. وتَقَتَّل الرَّجُلُ للمرأَة: خضَع. وَرَجُلٌ مُقَتَّل أَي مُذَلَّل قَتَله الْعِشْقُ. وقلْب مُقَتَّل: قُتِل عِشْقًا، وَقِيلَ مذلَّل بِالْحُبِّ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ:
بسَهْمَيْكِ فِي أَعْشارِ قَلْب مُقَتَّل «1»
قَالَ: المُقَتَّل العَوْد المُضَرَّس بِذَلِكَ الْفِعْلِ كَالنَّاقَةِ المُقَتَّلة المُذَلَّلة لِعَمَلٍ مِنَ الأَعمال وَقَدْ رِيضت وذُلِّلَتْ وعُوِّدت؛ قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْخَمْرِ مَقْتُولَة إِذا مُزِجت بِالْمَاءِ حَتَّى ذَهَبَتْ شدَّتها فَصَارَ رِياضة لَهَا. والمُقَتَّل: المَكْدود بِالْعَمَلِ المُذَلَّلُ. وَجَمَلٌ مُقَتَّل: ذَلول؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
كأَنَّ عَيْنيَّ فِي غَرْبَيْ مُقَتَّلَةٍ، ... مِنَ النواضِحِ، تَسْقي جَنَّةً سُحُقَا
واسْتَقْتَل أَي اسْتَمات. التَّهْذِيبِ: المُقَتَّل مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي ذَلَّ ومَرَن عَلَى الْعَمَلِ. وَنَاقَةٌ مُقَتَّلَة: مُذَلَّلَةٌ. وتَقَتَّلَت المرأَةُ لِلرَّجُلِ: تَزَيَّنَتْ. وتَقَتَّلت: مَشَتْ مِشْية حَسَنَةً تقلَّبت فِيهَا وتثنَّت وتكسَّرت؛ يُوصَفُ بِهِ الْعِشْقُ؛ وَقَالَ:
تَقَتّلْتِ لِي، حَتَّى إِذا مَا قَتَلْتِني ... تنسَّكْتِ، مَا هَذَا بفِعْل النَّواسِكِ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ للمرأَة هِيَ تَقَتَّل فِي مِشْيتها؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ تَدَلُّلها واخْتيالها. واسْتَقْتَلَ فِي الأَمر: جدَّ فِيهِ. وتَقَتَّلَ لِحَاجَتِهِ: تهيَّأ وجدَّ. والقَتَال: النَّفْس، وَقِيلَ بقيَّتها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَلم تَعْلَمِي يَا مَيُّ أَني، وَبَيْنَنَا ... مَهاوٍ يَدَعْنَ الجَلْسَ نَحْلًا قَتَالُها،
أُحَدِّثُ عنكِ النَّفْسَ حَتَّى كأَنني ... أُناجِيكِ مِنْ قُرْبٍ، فيَنْصاحُ بالُها؟
__________
(1) . هَذَا الْبَيْتَ لِامْرِئِ الْقَيْسِ من معلقته، وصدره:
وَمَا ذَرَفَت عَيْنَاكِ إِلَّا لتضربي(11/551)
ونَحْلًا: جَمْعُ ناحِل، تَقُولُ مِنْهُ قَتْله كَمَا تَقُولُ صَدرَه ورأَسَه وفَأَدَه. والقَتَال: الجسمُ واللحمُ، وَقِيلَ: القَتال بقيَّة الْجِسْمِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: العُجُوس مَشْيُ العَجَاساء وَهِيَ النَّاقَةُ السَّمِينَةُ تتأَخَّر عَنِ النُّوق لثِقَل قَتالها، وقَتالُها شحمُها ولحمُها. وَدَابَّةٌ ذَاتُ قَتال: مُسْتَوِيَةُ الخَلْق وَثِيقة. وَبَقِيَ مِنْهُ قَتَال إِذا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ الهُزال غِلَظ أَلواح. وامرأَة قَتُول أَي قَاتِلَةٌ؛ وَقَالَ مُدْرِكُ بْنُ حُصَيْنٍ:
قَتُول بعَيْنَيْها رَمَتْكَ، وإِنما ... سِهامُ الغَواني القاتِلاتُ عُيونُها
والقَتُول وقَتْلَة: اسْمَانِ؛ وإِياها عَنَى الأَعشى بِقَوْلِهِ:
شاقَتْك مِنْ قَتْلَة أَطْلالُها، ... بالشَّطِّ فالوِتْر [فالوُتْر] إِلى حاجِرِ
والقَتَّال الكِلابي: من شُعَرائهم.
قثل: القِثْوَلُّ: العَيِيُّ الفَدْم المُسْتَرْخِي مَثْلَ العِثْوَلّ؛ قَالَ:
لَا تَحْسَبَنِّي كفَتًى قِثْوَلِّ، ... رَثٍّ كحَبْل الثَّلَّة المُبْتَلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو زَيْدٍ أَيضاً:
وشَمَّرَ الضِّبْعانُ واشْمَعَلَّا، ... وَكَانَ شَيْخًا حَمِقاً قِثْوَلَّا
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: قَالَ أَبو لَيْلَى الأَعرابيُّ لِي وَلِصَاحِبٍ لِي كُنَّا نَخْتَلِفُ إِليه: أَنت بُلْبُل قُلْقُل وصاحبُك هَذَا عِثْوَلٌّ قِثْوَلٌّ؛ قَالَ: والقُلْقُل والبُلْبُل الْخَفِيفُ مِنَ الرِّجَالِ، والعِثْوَلُّ والقِثْوَلُّ الثَّقِيلُ الفَدْم. وَرَجُلٌ قِثْوَلُّ اللِّحْيَةِ: كَثِيرُهَا. وعِذْقٌ قِثْوَلٌّ: كَثِيف. وَيُقَالُ: أَعطيته قِثْوَلًّا مِنَ اللَّحْمِ أَي بِضْعة كَبِيرَةً بِعظامها، والله أَعلم.
قثعل: الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ قَعْثَلَ: المُقْثَعِلُّ مِنَ السِّهَامِ الَّذِي لَمْ يُبْرَ بَرْياً جيِّداً؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فرَمَيْتُ القومَ رِشْقاً صَائِبًا، ... لَيْسَ بالعُصْلِ وَلَا بالمُقْثَعِلّ
قحل: القاحِل: الْيَابِسُ مِنَ الْجُلُودِ. وسِقاءٌ قَاحِل وَشَيْخٌ قَاحِل وَشَيْخٌ قَحْل، بِالسُّكُونِ، وَقَدْ قَحَل، بِالْفَتْحِ، يَقْحَل قُحُولًا، فَهُوَ قَاحِل؛ وَفِي حَدِيثِ وَقْعة الْجَمَلِ:
كَيْفَ نردُّ شَيْخَكم وقد قَحَل؟
أَي مَاتَ وَجَفَّ جِلْدُهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَخرجه الْهَرَوِيُّ فِي يومِ صِفِّين، وَالْخَبَرُ إِنما هُوَ فِي يَوْمِ الْجَمَلِ؛ والشِّعرُ:
نحنُ بَنُو ضَبَّة أَصحاب الجملْ، ... الموتُ أَحْلى عِنْدِنَا مِنَ العَسَلْ،
رُدُّوا عَلَيْنَا شيخَنا ثُمَّ بَجَلْ
فأُجيب:
كَيْفَ نردُّ شيخَكم وقد قَحَلْ؟
ابْنُ سِيدَهْ: قَحَلَ الشيءُ يَقْحَلُ قُحُولًا وقُحِلَ قُحُولًا كِلَاهُمَا يَبِس، فَهُوَ قَاحِل. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَحِلَ، بِالْكَسْرِ، قَحْلًا مِثْلُهُ، فَهُوَ قَحِلٌ. وقَحِلَ جلدُه وتَقَحَّلَ وتَقَهَّل عَلَى الْبَدَلِ: يَبِسَ مِنَ الْعِبَادَةِ خَاصَّةً؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَحِلَ الرجلُ وقَفِل [قَفَل] قُحُولًا وقُفُولًا إِذا يَبِس وقَبَّ قُبُوباً وقَفَّ قُفُوفاً؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ فِي صِفَةِ الذِّئْبِ:
صبَّ عَلَيْهَا، فِي الظَّلَامِ الغَيْطَلِ، ... كلَّ رَحِيب شِدْقُه مُسْتَقْبَلِ
يَدُقُّ أَوساطَ العِظام القُحَّلِ، ... لَا يَدْخَرُ العامَ لعامٍ مُقْبِلِ(11/552)
وَيُقَالُ: تَقَحَّلَ الشيخُ تَقَحُّلًا وتقهَّل تقهُّلًا إِذا يَبس جِلْدُهُ عَلَى عَظْمِهِ مِنَ البُؤْس والكِبَر. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَا أَقول قَحِلَ وَلَكِنْ قَحَلَ وَفِي الْحَدِيثِ:
قَحَلَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي يَبِسوا مِنْ شِدَّةِ القَحْط. وَقَدْ قَحِلَ يَقْحَلُ قَحَلًا إِذا الْتَزَقَ جِلْدُهُ بِعَظْمِهِ مِنَ الْهُزَالِ والبِلَى، وأَقْحَلْته أَنا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ اسْتِسْقَاءِ عبدِ الْمُطَّلِبِ:
تتابعتْ عَلَى قُرَيْشٍ سِنُو جدْب قَدْ أَقْحَلَتِ الظِّلْف
أَي أَهزلت الْمَاشِيَةَ وأَلصقت جلودَها بعِظامها، وأَراد ذَاتَ الظِّلفِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُمِّ لَيْلَى: أَمرنا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن لَا نُقْحِلُ أَيديَنا مِنْ خِضاب.
وَفِي حَدِيثٍ:
لأَنْ يَعْصُبه أَحدُكم بقِدٍّ حَتَّى يَقْحَلَ خيرٌ مِنْ أَن يسأَل النَّاسَ فِي نِكَاحٍ
، يَعْنِي الذَّكَرَ أَي حَتَّى يَيْبَس. والقُحَال: دَاءٌ يُصِيبُ الْغَنَمَ فَتَجِفُّ جُلُودُهَا فَتَمُوتُ. وَرَجُلٌ قَحْل وامرأَة قَحْلة: مُسِنَّان. وَرَجُلٌ إِنْقَحْل وامرأَة إِنْقَحْلة، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: مُخْلَقان مِنَ الكِبَر والهَرَم؛ أَنشد الأَصمعي:
لمَّا رأَتْني خَلَقاً إِنْقَحْلا
وَقَدْ يُقَالُ الإِنْقَحْل فِي الْبَعِيرِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَنْبَغِي أَن تَكُونَ الْهَمْزَةُ فِي إِنْقَحْل للإِلحاق بِمَا اقْترن بِهَا مِنَ النُّونِ مِنْ بَابِ جِرْدَحْل، وَمِثْلُهُ مَا رُوِيَ عَنْهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنْزَهْوٌ، وامرأَة إِنْزَهْوَة إِذا كَانَا ذوَي زَهْوٍ، وَلَمْ يَحْك سِيبَوَيْهِ مِنْ هَذَا الْوَزْنِ إِلّا إِنْقَحْلًا وَحْدَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: المُتَقَحِّل الرَّجُلُ الْيَابِسُ الجِلْد السيّء الْحَالِ. وأَقْحَلْت الشَّيْءَ: أَيْبَسْته.
قحفل: قَحْلَف مَا فِي الإِناءِ وقَحْفَلَه: أَكَله أَجمع.
قذل: القَذَال: جِماع مُؤَخَّر الرأْس مِنَ الإِنسان والفرسِ فَوْقَ فَأْس القَفا، وَالْجَمْعُ أَقْذِلة وقُذُل. ابْنُ الأَعرابي: والقَذَال مَا دُونَ القَمَحْدُوَة إِلى قِصاص [قُصاص] الشَّعْرِ؛ الأَزهري: القَمَحْدُوة مَا أَشرف عَلَى القَفا مِنْ عَظْمِ الرأْس وَالْهَامَةُ فَوْقَهَا، والقَذال دُونَهَا مِمَّا يَلِي المَقَذَّ. والمَقْذولُ: المَشْجوج فِي قَذاله. وَيُقَالُ: القَذَال مَعْقد العِذار مِنْ رأْس الْفَرَسِ خلْف النَّاصِيَةِ. وَيُقَالُ: القَذَالان مَا اكْتَنَفَ فَأْس القَفا مِنْ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ. وقَذَال الْفَرَسِ: مَوْضِعُ ملتَقى الْعِذَارِ مِنْ فَوْقِ القَوْنَسِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
ومَلْجَمُنا، مَا إِنْ يُنال قَذَالُه ... وَلَا قَدَماه الأَرض، إِلا أَنامِلُه
وقَذَلْت فُلَانًا أَقْذُلُه قَذْلًا إِذا تَبِعْته. الْفَرَّاءُ: القَذَل والوَكَف والنَّطَف والوَحَرُ العيبُ. يُقَالُ: قَذَلَه يَقْذُلُه قَذْلًا إِذا عَابَهُ، وقَذَلَه أَصاب قَذاله، وَهُوَ مؤخَّر رأْسه. والقَاذِل: الحجَّام لأَنه يَشْرِط مَا تَحْتَ القَذال. وَجَاءَ فُلَانٌ يَقْذُل فُلَانًا أَي يَتْبعه. والقَذْل: المَيْل والجَوْر.
قذعل: القِذَعْلُ، مِثال سِبَحْل: اللَّئِيمُ الْخَسِيسُ الهيِّن. والمُقْذَعِلُّ: الَّذِي يتعرَّض لِلْقَوْمِ لِيَدْخُلَ فِي أَمرهم وَحَدِيثِهِمْ وَيَتَزَحَّفُ إِليهم وَيَرْمِي الْكَلِمَةَ بَعْدَ الْكَلِمَةِ، وَهُوَ كالمُقْذَعِرِّ. والمُقْذَعِلُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: السَّرِيعُ؛ وأَنشد:
إِذا كُفِيت أَكْتفي، وإِلَّا ... وجَدْتني أَرْمُلُ مُقْذَعِلَّا
واقْذَعَلَّ: عسُر. الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: رَجُلٌ قِنْذَعْل إِذا كَانَ أَحمق، وَقِيلَ: هُوَ بالدال وبالذال معاً.(11/553)
قذعمل: القُذَعْمِل والقُذَعْمِلَة: الْقَصِيرُ الضَّخْمُ مِنَ الإِبل، مرخَّم بِتَرْكِ الْيَاءَيْنِ. والقُذَعْمِلَة: النَّاقَةُ الْقَصِيرَةُ. وَمَا فِي السَّمَاءِ قُذَعْمِلَة أَي شَيْءٌ مِنَ السَّحَابِ، وَهُوَ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِمَّا كَانَ. وَمَا أَصبت مِنْهُ قُذَعْمِيلًا أَي مَا أَصبت مِنْهُ شَيْئًا. والقُذَعْمِلَة: المرأَة الْقَصِيرَةُ الْخَسِيسَةُ، وَتَصْغِيرُهَا قُذَيْعِمٌ. الأَزهري: مَا عِنْدَهُ قُذَعْمِلَة وَلَا قِرْطَعْبة أَي لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ. وَشَيْخٌ قُذَعْمِيل: كبير.
قرل: القِرِلَّى: طَائِرٌ؛ وَفِي الأَمثال: أَحزم مِنْ قِرِلَّى، وأَخطف مِنْ قِرِلَّى، وأَحذر مِنْ قِرِلَّى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: القِرِلَّى طَائِرٌ صَغِيرٌ مِنْ طُيُورِ الْمَاءِ يَصِيدُ السَمك، وَقِيلَ: إِن قِرِلَّى طَيْرٌ مِنْ بَنَاتِ الْمَاءِ صَغِيرُ الْجِرْمِ، سَرِيعُ الغَوْص، حَدِيدُ الِاخْتِطَافِ، لَا يُرَى إِلا مُرَفْرِفاً عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ عَلَى جانِبٍ، يَهْوِي بإِحدى عَيْنَيْهِ إِلى قَعْر الْمَاءِ طَمَعاً، وَيَرْفَعُ الأُخرى فِي الْهَوَاءِ حَذَراً؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
يَا مَنْ جَفاني ومَلَّا، ... نَسِيت أَهْلًا وسَهْلا
وَمَاتَ مَرْحَبُ لَمَّا ... رأَيتَ مالِيَ قَلَّا
إِنِّي أَظُنُّك تَحْكِي، ... بِمَا فَعَلْتَ، القِرِلَّى
وَرُوِيَ فِي أَسْجاع ابْنَةِ الخُسّ: كُنْ حَذِراً كالقِرِلَّى، إِن رأَى خَيْرًا تَدَلَّى، وإِن رأَى شَرًّا تَوَلَّى؛ قَالَ الأَزهري: مَا أَرى قِرِلَّى عَرَبِيًّا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى كُنْ بَصيراً كالقِرِلَّى، يُقَالُ: إِنه إِذا أَبصر سَمَكَةً فِي قعْر الْبَحْرِ انقضَّ عَلَيْهَا كالسَّهْم، وإِن رأَى فِي السَّمَاءِ جَارِحًا مَرَّ فِي الأَرض. وَيُقَالُ: قِرِلَّى اسْمُ رَجُلٍ لَا يتخلَّف عَنْ طعام أَحد.
قرثل: رَجُلٌ قَرْثلٌ: زَرِيٌّ قصير، والأُنثى قَرْثَلَة.
قرزل: قَرْزَل الشيءَ: جَمَعَه. والقُرْزُلة: كالقُنْزُعة فَوْقَ رأْس المرأَة. يُقَالُ: قَرْزَلَتِ المرأَة شعرَها إِذا جَمَعَتْهُ وَسَطَ رأْسها. والقَرْزَلَة: جمعُك الشيءَ. والقُرْزُل: شَيْءٌ تَتَّخِذُهُ المرأَة فَوْقَ رأْسها كالقُنْزُعة. والقُرْزُل: الدَّابَّةُ الصُّلْبة. والقُرْزُل: الْقَيْدُ. وقُرْزُل، بِالضَّمِّ: اسْمُ فُرَسٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ فَرَسُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيل؛ وأَنشد:
وفَعَلْت فِعْلَ أَبيك فارسِ قُرْزُلٍ، ... إِنَّ النَّدودَ هُوَ ابْنُ كلِّ نَدُودِ
وَقِيلَ لِهَذَا الْفَرَسِ قُرْزُل كأَنه قَيْد للوَحْش يَلْحَقُهَا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وقُرْزُل الفرسُ المجتمِع الخلْق الشَّدِيدُ الأَسْر، وَقَالَ: كَانَ فرسَ الطُّفَيل أَبي عَامِرٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي القُرْزُلِ الفرسِ قولَ أَوس:
وَاللَّهِ لَوْلَا قُرْزُلٌ إِذ نجَا، ... لَكَانَ مَثْوَى خدِّك الأَخْرَما
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قُرْزُل فَرَسٌ كَانَ لِطُفَيْلِ بْنِ مَالِكٍ. والقُرْزُل: اللَّئِيمُ؛ قَالَ هُدْبة بْنُ الخَشْرَم:
وَلَا قُرْزُلًا وسْط الرِّجال جُنادِفاً، ... إِذا مَا مَشَى أَو قَالَ قوْلًا تَبَلْتَعا
قرزحل: قَالَتِ الْعَامِرِيَّةُ: القِرْزَحْلة، بِالْقَافِ، مِنْ خرَز الصِّبيان تَلْبَسُهَا المرأَة فَيَرْضَى بِهَا قَيِّمُها وَلَا يَبْتَغِي غَيْرَهَا وَلَا يَلِيق مَعَهَا أَحد؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
لَا تنفعُ القِرْزَحْلةُ العَجائزا، ... إِذا قطعْنا دُونَهَا المَفاوِزا(11/554)
والقِرْزَحْلة: خَشَبَةٌ طُولُهَا ذِرَاعٌ أَو شِبْرٌ نَحْوَ الْعَصَا، وَهِيَ أَيضاً المرأَة الْقَصِيرَةُ.
قرطل: القِرْطَلَّة: عِدْلُ حِمَارٍ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ فِي بَابِ الكرْم ووصَف قَرْيَةً بعِظَم العَناقيد: العُنْقودُ مِنْهُ يملأَ قِرْطَلَّة، والقِرْطَلَّة عِدْل حِمَارٍ. اللَّيْثُ: القِرْطالة البَرْذَعة، وكذلك القُرْطاطُ والقِرْطِيطُ. الْجَوْهَرِيُّ: القِرْطالَة وَاحِدَةُ القِرْطالِ.
قرعبل: القَرَعْبَلانَةُ: دوَيْبَّة عَرِيضَةٌ مُحْبَنْطِئة عَظِيمَةُ الْبَطْنِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ مِمَّا فَاتَ الكِتاب مِنَ الأَبنية إِلا أَن ابْنَ جِنِّيٍّ قَدْ قَالَ: كأَنه قَرَعْبَل، وَلَا اعتِداد بالأَلف وَالنُّونِ بَعْدَهَا، عَلَى أَن هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَمْ تُسْمَعْ إِلا فِي كِتَابِ الْعَيْنِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَصل القَرَعْبَلانَة قَرَعْبَل فَزِيدت فيه ثلاثة حروف، لأَن الِاسْمَ لَا يَكُونُ عَلَى أَكثر مِنْ خَمْسَةِ أَحرف، وَتَصْغِيرُهُ قُرَيْعِبَة. الأَزهري: مَا زَادَ عَلَى قَرَعْبَل فَهُوَ فَضْلٌ لَيْسَ مِنْ حُرُوفِهِمُ الأَصلية؛ قَالَ: وَلَمْ يأْت اسْمٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ زَائِدًا عَلَى خَمْسَةِ أَحرف إِلا بِزِيَادَاتٍ لَيْسَتْ مِنْ أَصلها، أَو وَصْلٍ بِحِكَايَةٍ كَقَوْلِهِمْ:
فتَفْتَحه طَوْراً، وَطَوْرًا تُجِيفُه، ... فتسمَع فِي الْحَالَيْنِ مِنْهُ جَلَنْ بَلَقْ
حَكَى صَوْتِ بابٍ ضَخْم فِي حَالَتَيْ فتحِه وإِسْفاقِه وَهُمَا حِكَايَتَانِ مُتباينتان: جَلَنْ عَلَى حِدَةٍ، وبَلَقْ عَلَى حِدَةٍ، إِلَّا أَنهما الْتَزَقَا فِي اللَّفْظِ فظنَّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ أَنهما كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ؛ وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُ فِي حِكَايَةِ أَصوات الدَّوَابِّ:
جَرَتِ الخَيْلُ فَقَالَتْ: حبَطَقْطقْ
وإِنما ذلك أَرداف أُردفت بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ كَقَوْلِهِمْ عَصَبْصَب، وأَصله مِنْ قَوْلِهِمْ يوم عَصِيب.
قرقل: القَرْقَل: ضرْب مِنَ الثِّيَابِ، وَقِيلَ: هُوَ ثَوْبٌ بِغَيْرِ كُمَّين. أَبو تُرَابٍ: القَرْقَلُ قَمِيصٌ مِنْ قُمُصِ النِّسَاءِ بِلَا لِبْنة، وَجَمْعُهُ قَراقِل، وَقَالَ الأَزهري فِي الثُّلَاثِيِّ عَنِ الأُموي: هُوَ القَرْقَل بِاللَّامِ لقَرْقَل المرأَة، قَالَ: وَنِسَاءُ أَهل الْعِرَاقِ يَقُولُونَ قَرْقَرٌ، قَالَ: وَهُوَ خطأَ وَكَلَامُ الْعَرَبِ القَرْقَل، بِاللَّامِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الأُموي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: القَرْقَلُ الَّذِي تُسَمِّيهِ النَّاسُ وَالْعَامَّةُ القَرْقَر.
قرمل: القَرْمَلُ: نَبَاتٌ، وَقِيلَ: شَجَرٌ صِغَارٌ ضِعاف لَا شَوْكَ لَهُ، وَاحِدَتُهُ قَرْمَلة. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: القَرْمَلة شَجَرَةٌ مِنَ الحَمْض ضَعِيفَةٌ لَا ذُرى لَهَا وَلَا سُتْرة وَلَا مَلْجأ، قَالَ: وَفِي المثَل: ذليلٌ عاذَ بقَرْمَلة، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: ذليلٌ عَائِذٌ بقَرْمَلة؛ يُقَالُ هَذَا لمَن يَسْتَعِينُ بمَن لَا دَفْعَ لَهُ وبأَذَلَّ مِنْهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ لِلرَّجُلِ الذَّليل يَعُوذ بِمَنْ هُوَ أَضعف مِنْهُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كأَنِ الفرزدقَ، إِذْ يَعوذُ بِخَالِهِ، ... مثلُ الذَّلِيلِ يَعوذ تَحْتَ القَرْمَل
يضرَب لِمَنِ اسْتَعَانَ بِضَعِيفٍ لَا نُصْرة لَهُ، لأَن القَرْمَلَة شَجَرَةٌ عَلَى سَاقٍ لَا تُكِنُّ وَلَا تُظِلُّ، والقَرْمَلَة مِنْ دِقّ الشَّجَرِ لَا أَصل لَهُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَخْبِطْنَ مُلَّاحاً كَذاوي القَرْمَل
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَرْمَلَة شَجَرَةٌ تَرْتَفِعُ عَلَى سُوَيْقة قَصِيرَةٍ لَا تَسْتُرُ، وَلَهَا زَهْرة صَغِيرَةٌ شديدة الصفرة وطعمها طعم القُلَّام. والقِرْمِلَة: إِبل كُلُّهَا ذُو سَنامَيْن. الْجَوْهَرِيُّ:(11/555)
القَرَامِل الإِبل ذَوَاتُ السَّنَامَيْنِ. والقُرامِل: البُخْتيُّ «2» أَو وَلَدُهُ. والقِرْمِل: الصِّغَارُ مِنَ الإِبل. الْجَوْهَرِيُّ: القِرْمِل، بِالْكَسْرِ، وَلَدُ البُخْتيِّ. التَّهْذِيبُ: والقِرْمِلِيَّة مِنَ الإِبل الصِّغَارِ الْكَثِيرَةُ الأَوبار، وَهِيَ إِبل التُّرْك. وَقَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: أُمُّها البُخْتِيَّة وأَبوها الفالِجُ، والفالِجُ: الْجَمَلُ الضَّخْمُ يحمَل مِنَ السِّنْدِ للفِحْلة. وفي
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنّ قِرْمِلِيّاً تَرَدَّى فِي بِئْرٍ.
وَفِي حَدِيثِ
مَسْرُوقٍ: تَرَدَّى قِرْمَل فِي بِئْرٍ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى نَحْرِهِ فسأَلوه فَقَالَ: جُوفوه ثُمَّ اقْطَعُوهُ أَعضاء
أَي اطعَنوه فِي جَوْفه. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ رَمَيْتُ أَرْنَباً فَدَرْبَيْتُها وقَصْمَلْتُها وقَرْمَلْتُها إِذا صرعتَها. وقَرْمَل: مَلِك مِنَ الْيَمَنِ. وقُرْمُل: اسْمُ قَيْل مِنْ أَقْيال حِمْير. وقَرْمَل: اسْمُ فَرَسِ عُرْوة بْنِ الوَرْد؛ قَالَ:
كَلَيلة شَيْباء الَّتِي لستُ ناسِياً ... ولَيْلَتنا، إِذْ مَنَّ، مَا مَنَّ، قَرْمَلُ
والقَرامِيل: مَا وَصَلَتْ بِهِ الشَّعْرَ مِنْ صُوفٍ أَو شَعْرٍ؛ التَّهْذِيبُ: والقَرامِيل مِنَ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ مَا وَصَلَتْ بِهِ المرأَة شَعْرَهَا. الْجَوْهَرِيُّ: القَرامِل مَا تشدُّه المرأَة فِي شَعْرِهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَخالُ فيه القُنَّة القُنُونا، ... أَو قَرْمَلِيّاً مانِعاً دَفُونا «3»
. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رخَّص فِي القَرامِل
، وَهِيَ ضَفَائِرُ مِنْ شَعْرٍ أَو صُوفٍ أَو إِبريسم تصِلُ بِهِ المرأَةُ شَعْرَهَا. وَحَكَى ابْنُ الأَثير: القَرْمَل، بِالْفَتْحِ، نَبَاتٌ طويل الفروع ليِّن.
قرنفل: القَرَنْفُل والقَرَنْفُول: شَجَرٌ هنديُّ لَيْسَ مِنْ نَبَاتِ أَرض الْعَرَبِ؛ وَذَكَرَهُ امْرُؤُ الْقَيْسِ فِي شِعْرِهِ فَقَالَ:
نَسِيم الصَّبا جَاءَتْ برَيَّا القَرَنْفُل «4»
. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ قَرَنْفُول. ابْنُ بَرِّيٍّ: القَرَنْفُل هَذَا الطَّيِّبُ الرَّائِحَةِ وَقَدْ كَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ وأَشعارهم؛ قال:
وا بأَبي ثَغْرك ذَاكَ المَعْسولْ، ... كأَنَّ فِي أَنْيابه القَرَنْفُولْ
وَقِيلَ: إِنما أَشبع الْفَاءَ لِلضَّرُورَةِ؛ وأَنشد الأَزهري فِي القَرَنْفول أَيضاً:
خَوْدٌ أَناةٌ كالمَهاة عُطْبُول، ... كأَنَّ فِي أَنْيابها القَرَنْفُول
وطيبٌ مُقَرْفَل: فِيهِ قَرَنْفُل، وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ مُقَرْنَف. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: القَرَنْفُل حَمْلُ شَجَرَةٍ هِنْدِيَّةٍ، والله أَعلم.
قزل: القَزَل، بِالتَّحْرِيكِ: أَسوأ العَرَج وأَشده. وَفِي حَدِيثِ
مُجَالِدِ بْنِ مَسْعُودٍ: فأَتاهم وَكَانَ فِيهِ قَزَل فأَوْسَعُوا لَهُ
؛ هُوَ أَسوأ العرَج وأَشده، قَزِلَ، بِالْكَسْرِ، قَزَلًا وقَزَلَ يَقْزِلُ قَزْلًا، وَهُوَ أَقْزَل، وَقِيلَ: الأَقْزَل الأَعرج الدَّقِيقُ الساقَيْن، لَا يَكُونُ أَقْزَل حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَ هاتَيْن الصِّفَتَيْن، رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلذِّئْبِ؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ لِلطَّائِرِ فَقَالَ:
تَدَعُ الفِراخَ الزُّغْبَ فِي آثارِها ... مِنْ بَيْنِ مَكْسور الجَناح، وأَقْزَلا
__________
(2) . قوله [والقرامل البختي إلخ] هكذا في الأصل
(3) . قوله [تخال فيه إلخ] هكذا في الأصل هنا، وأعاده في مادة قنن ضمن أبيات من المشطور في صفة بحر
(4) . صدرُ هذا البيت:
إذا قامتا تَضَوَّعَ المِسْكُ منهما(11/556)
وقَزِلَ قَزَلًا وَهُوَ أَقْزَل: تَبَخْتَرَ. وقَزَلَ يَقْزِلُ وَهُوَ أَقْزَلُ: مَشى مِشْية الْمَقْطُوعِ الرِّجْلِ. وَقَدْ قَزَلَ، بِالْفَتْحِ، قَزَلاناً إِذا مَشَى مِشْية العُرْجان. والقَزَلان: العَرَجان، وَقِيلَ: القَزَل دِقَّة السَّاقِ وذهابُ لَحْمِهَا، وَلَمْ يُذْكَرِ العرَج مَعَ ذَلِكَ. والأَقْزَل: ضرْب من الحيَّات.
قسطل: القَسْطَل والقَسْطَال والقُسْطُول والقَسْطَلان، كُلُّهُ: الغُبار الساطِع. والقَصْطَل، بِالصَّادِّ أَيضاً؛ زَادَ التَّهْذِيبُ: وكَسْطَل وكَسْطَن وقَسْطان وكَسْطان. قَالَ الأَزهري: جَعَلَ أَبو عَمْرٍو قَسْطان بِفَتْحِ القاف، فَعلاناً لا فَعْلالًا، وَلَمْ يُجِزْ قَسْطالًا وَلَا كَسْطالًا لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَعْلال مِنْ غَيْرِ الْمُضَاعَفِ غَيْرَ حَرْفٍ وَاحِدٍ جَاءَ نَادِرًا وَهُوَ قَوْلُهُمْ: نَاقَةٌ بِهَا خَزْعالٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: القَسْطال لُغَةٌ فِيهِ كأَنه مَمْدُودٌ مِنْهُ مَعَ قِلَّةِ فَعْلال فِي غَيْرِ الْمُضَاعَفِ؛ وأَنشد أَبو مَالِكٍ لأَوس بْنِ حَجَر يَرْثي رَجُلًا:
ولَنِعْم رِفْدُ الْقَوْمِ يَنْتَظِرُونَهُ، ... وَلَنِعْمَ حَشْوُ الدِّرْع والسِّرْبال
وَلَنِعْمَ مأْوى المُسْتَضيف إِذا دَعا، ... وَالْخَيْلُ خَارِجَةٌ مِنَ القَسْطال
وَقَالَ آخَرُ:
كأَنه قَسْطال رِيحٍ ذِي رَهَجْ
وَفِي خَبَرِ وَقْعَةِ نَهاوَنْد: لَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ والفُرْس غَشِيتهم قَسْطلانية أَي كَثْرَةُ الْغُبَارِ، بِزِيَادَةِ الأَلف وَالنُّونِ لِلْمُبَالَغَةِ؛ والقَسْطَلانِيَّة: قُطُف مَنْسُوبَةٌ إِلى بَلَدٍ أَو عَامِلٍ. غَيْرُهُ: القَسْطَلانيُّ قُطُف، الْوَاحِدَةُ قَسْطَلانِيَّة؛ وأَنشد:
كأَنَّ عَلَيْهَا القَسْطَلانيَّ مُخْمَلًا، ... إِذا مَا التقَتْ شُقَّاتُهُ بالمَناكِب
والقَسْطَلانِيَّة: بَدْأَة الشَّفَق. والقَسْطَلانيُّ: قوسُ قُزَح. الْجَوْهَرِيُّ: القَسْطَلانِيَّة قَوْسُ قُزَح وَحُمْرَةُ الشَّفَقِ أَيضاً؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْب:
تَرى جَدَثاً قَدْ جَرَّت الريحُ فَوْقَهُ ... تُراباً، كَلَوْن القَسْطَلانيِّ، هابِيَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والقُسْطالة والقُسْطانة قوسُ قُزَح. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَسْطَلانيُّ خُيوط كخُيُوط خَيْط المُزْن «1» تحِيط بِالْقَمَرِ، وَهِيَ مِنْ عَلَامَةِ الْمَطَرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَالَ أَبو حَنِيفَةَ خُيوط، وإِن لَمْ تَكُنْ خُيوطاً، عَلَى التَّشْبِيهِ، وَكَثِيرًا مَا يأْتي بِمِثْلِ هَذَا فِي كِتَابِهِ المَوْسوم بالنَّبات.
قسطبل: التَّهْذِيبُ فِي الْخُمَاسِيِّ: فِي نَوَادِرِ الأَعراب قُسْطَبِينَتُه وقُسْطَبِيلَتُه يعني الكُمُرَّة، والله أَعلم.
قسمل: القِسْمِل: وَلَدُ الأَسد. وقِسْمِل: بَطْنٌ مِنَ الأَزد. وقِسْمِيل: أَبو بَطْنٍ. والقَسَامِلَة والقَسَامِيل: الأَحياء مِنَ الْعَرَبِ. التَّهْذِيبُ: القَسَامِلَة حَيٌّ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم قِسْمليّ. وقَسْمَلَةُ الأَزديُّ: اسْمُهُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ أَخي هُناءَةَ ونِوَاء وفَراهِيم «2» وجَذِيمَة الأَبْرَش. والله أَعلم.
قصل: القَصْل: القَطْع، وَقِيلَ: القَصْل قَطْعُ الشَّيْءِ مِنْ وَسَطِهِ أَو أَسفل مِنْ ذَلِكَ قَطْعاً وَحِيّاً. قَصَلَ الشَّيْءَ يَقْصِله قَصْلًا واقْتَصَله: قطعة. وسيف
__________
(1) . قوله [كخيوط خيط المزن] هكذا في الأصل هنا، وتقدم في مادة قسط: كخيوط قوس المزن
(2) . قوله [ونواء وفراهيم] هكذا في الأصل(11/557)
قَاصِلٌ ومِقْصَل وقَصَّال: قَطَّاع؛ وأَنشد:
مَعَ اقْتِصالِ القَصَرِ العَرادِمِ
وَمِنْهُ سُمِّيَ القَصِيل. وَلِسَانٌ مِقْصَل: ماضٍ. وَجَمَلٌ مِقْصَل: يَحْطِم كُلَّ شَيْءٍ بأَنيابه. والقَصِيلُ: مَا اقتُصِل مِنَ الزَّرْعِ أَخْضَرَ، وَالْجَمْعُ قُصلان، والقَصْلة: الطَّائِفَةُ المُقْتَصَلة مِنْهُ، وقَصَل الدابةَ يَقْصِلُها قَصْلًا وقَصَلَ عَلَيْهَا: عَلَفَهَا القَصِيل. والقُصالة مِنَ البُرِّ: مَا عُزِل مِنْهُ إِذا نُقِّي، وقَصَلَها: داسَها. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قُصالة الطَّعَامِ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ فَيُرْمَى بِهِ ثُمَّ يُداس الثَّانِيَةَ، وَذَلِكَ إِذا كَانَ أَجَلَّ مِنَ التُّرَابِ والدِّقاق قَلِيلًا. والقَصَل: مَا يَخْرُجُ مِنَ الطَّعَامِ فَيُرْمَى بِهِ، والقَصْل لُغَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. غَيْرُهُ: والقَصَل فِي الطَّعَامِ مِثْلُ الزُّؤانِ؛ وَقَالَ:
يَحْمِلْنَ حَمْراءَ رَسوباً بالنَّقَلْ، ... قَدْ غُرْبِلَتْ وكُرْبِلَتْ مِنَ القَصَلْ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فِي الطَّعَامِ قَصَلٌ وزُؤان وغَفًى، مَنْقُوصٌ، وَكُلُّ هَذَا مِمَّا يُخْرَجُ مِنْهُ فَيُرْمَى بِهِ. والقَصْلَة والقِصْلة: الْجَمَاعَةُ مِنَ الإِبل نَحْوَ الصِّرْمة، وَقِيلَ هِيَ مِنَ الْعَشَرَةِ إِلى الأَربعين، فإِذا بَلَغَتِ السِّتِّينَ فَهِيَ الْكَدْحَةُ «1» . والقِصْل، بِالْكَسْرِ: الفَسْل الضَّعِيفُ الأَحمق، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَتَمالك حُمْقاً، والأُنثى قِصْلة؛ وأَنشد لِمَالِكِ بْنِ مِرْدَاسٍ:
لَيْسَ بِقِصْلٍ حَلِسٍ حِلْسَمِّ، ... عِنْدَ الْبُيُوتِ، راشِنٍ مِقَمِ
وإِنما سُمِّيَ القَصِيل الَّذِي تُعْلَفُ بِهِ الدَّوَابَّ قَصِيلًا لِسُرْعَةِ اقْتِصاله مِنْ رَخَاصَتِه. قَالَ أَبو الطَّيِّبِ: القِصْل فِي النَّاسِ، والقَصَل فِي الطَّعَامِ. وقَصَلَ عنُقَه: ضرَبها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وقَصَل: اسْمُ رَجُلٍ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: أُغْمِي عَلَى رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ فَلَمَّا أَفاق قَالَ مَا فَعَلَ القُصَل
؛ هُوَ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الصَّادِ اسم رجل.
قصعل: القُصْعُل، مِثْلُ الفُرْزُل: اللَّئِيمُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
قَامَةُ القُصْعُلِ الضعيفِ، وكَفٌّ ... خِنْصَراها كُذَيْنِقا قَصَّار «2»
. والقُصْعُل: وَلَدُ الْعَقْرَبِ، وَالْفَاءُ لُغَةٌ، وَقِيلَ: القِصْعل، بِكَسْرِ الْقَافِ، وَلَدُ الْعَقْرَبِ وَالذِّئْبِ. واقْصَعَلَّت الشمس: تكبَّدت السماءَ.
قصفل: فِي نَوَادِرِ الأَعراب: قَصْفَل الطعامَ وقَصْمَله وقَصْبَله إِذا أَكله أَجمع.
قصمل: قَصْمَلَ الشيءَ: قَطَعَهُ وَكَسَرَهُ، وقَصْمَلَ عنقَه: دَقَّه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ الأَزهري: القَصْمَلَة مأْخوذة مِنَ القَصْل، وَهُوَ الْقَطْعُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. والقَصْمَلَة: شِدَّةُ العَضِّ والأَكل، يُقَالُ: أَلقاه فِي فِيهِ فَالْتَقَمَهُ القَصْمَلى، مَقْصُورًا؛ وأَنشد فِي وَصْفِ الدَّهْرِ:
وَالدَّهْرُ أَخْنَى يقْتُل المقاتِلا، ... جارحَة أَنيابُه قَصَاملا
والمُقَصْمِل: الشَّدِيدُ الْعَصَا مِنَ الرِّعَاءِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
لَيْسَ بمُلْتَاثٍ وَلَا عَمَيْثَلِ، ... وَلَيْسَ بالفَيَّادَةِ المُقَصْمِلِ
__________
(1) . قوله [فهي الكدحة] هكذا في الأصل، وعبارته في مادة صدع: فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ فَهِيَ الصدعة أي بالكسر
(2) . ورد هذا البيت في مادة كذلق وفيه الضئيل بدل الضعيف(11/558)
لأَن الرَّاعِيَ إِنما يُوصَفُ بِلِينِ الْعَصَا. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: قَصْفَل الطعامَ وقَصْمَله وقَصْبَله إِذا أَكله أَجمع. ابْنُ الأَعرابي: رَمَيْتُ أَرْنَباً فَدَرْبَيْتها وقَصْمَلْتها وقَرْمَلْتُها إِذا صَرَعْتها؛ وزَحْزَحْته مثلُه، وَرَمَيْتُهُ بِحَجَرٍ فَتَدَرْبأَ. والقَصْمَلَة: دُوَيْبَّة تقَع فِي الأَسنان والأَضراس فَلَا تَلْبَثُ أَن تُقَصْمِلها فتَهْتِك الفَمَ. والقَصْمَلة مِنَ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ: مِثْلُ الصُّبَابة. والقُصَمِل، عَلَى مِثَالِ عُلَبِط، مِنَ الرِّجَالِ: الشَّدِيدُ. وقَصْمَل الرجلُ إِذا قَارَبَ الخُطَى فِي مَشْيِهِ. والقِصْمِل: مِنْ أَسماء الأَسد.
قطل: القَطْل: الْقَطْعُ. قَطَلَه يَقْطِله ويَقْطُله: قَطَعَه؛ الأَخيرة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَطْلًا، فَهُوَ مَقْطُول وقَطِيل؛ وَكَانَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ يلقَّب القَطِيل لأَنه الْقَائِلُ يَصِفُ قَبْراً:
إِذا مَا زارَ مُجْنَأَةً عَلَيْهَا ... ثِقالُ الصَّخْرِ، وَالْخَشَبُ القَطِيل
أَراد بالقَطِيل المَقْطول وَهُوَ الْمَقْطُوعُ، وَبِهَذَا الْبَيْتِ سُمِّيَ القَطِيل. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ دُرَيْدٍ وإِنما هُوَ فِي رِوَايَةِ السُّكَّرِيِّ لِسَاعِدَةَ. وقَطَّله: كَقَطله؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَطَلَ عُنُقَهُ وقَصَلها أَي ضَرَبَ عُنُقَهُ. وَنَخْلَةٌ قَطِيل: قُطِعت مِنْ أَصلها فَسَقَطَتْ. وَجِذْعٌ قَطِيل وقُطُل، بِالضَّمِّ: مَقْطُوعٌ، وَقَدْ تَقَطَّلَ. الأَصمعي: القُطُل الْمَقْطُوعُ مِنَ الشَّجَرِ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ قَتِيلًا:
مُجَدَّلًا يَتَكَسَّى جلْدُه دَمَه، ... كَمَا تقطَّر جِذْعُ الدُّومة القُطُل
وَيُرْوَى: يَتسَقَّى. والمِقْطَلَة: حَدِيدَةٌ يُقْطَعُ بِهَا، وَالْجَمْعُ مَقَاطِل. وقَطَّلَه: أَلقاه عَلَى جَنْبِهِ كقَطَّره، وَقِيلَ: صَرَعَهُ وَلَمْ يُحَدَّ أَعَلى جنْب وَاحِدٍ أَم عَلَى جَنْبَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: القَطَل الطُّول، والقَطَل القِصَر، والقَطَل اللِّين، والقَطَل الخَشْنُ. والقَطِيلَة: قِطْعَةُ كِساء أَو ثَوْبٍ ينشَّف بِهَا الْمَاءُ. والقَاطُول: مَوْضِعٌ على دِجْلة.
قطربل: قُطْرُبُّلٌ، بالضم والتشديد الباء: موضع بالعراق.
قعل: القُعال: مَا تَناثر عَنْ نَوْرِ الْعِنَبِ وفاغِية الحِنَّاء وشبهِه مِنْ كِمامه، وَاحِدَتُهُ قُعالة. وأَقعَل النَّوْرُ: انْشَقَّتْ عَنْهُ قُعالته. والاقتِعالُ: تَنْحِية القُعال. واقْتَعَلَه الرَّجُلُ إِذا اسْتَنْفَضَه فِي يَدِهِ عَنْ شَجَرِهِ. والقَعْل: عُودٌ يسمَّى المِشْحَط يُجْعَلُ تَحْتَ سُرُوغ القُطوف لِئَلَّا تتَعَفَّر، وَخَصَّصَ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: القُعَال نَوْرُ الْعِنَبِ. أَقْعَلَ الكرمُ: انشقَّ قُعاله وتَناثر. والقَاعِلَة: الجبل الطويل. والقَوَاعِل: رؤوس الْجِبَالِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عُقاب تَنُوفَى لَا عُقابُ القَواعِل «1»
وَقِيلَ: القَوَاعِل الْجِبَالُ الصِّغَارُ. الْجَوْهَرِيُّ: القَاعِلَة وَاحِدَةُ القَوَاعِل، وَهِيَ الطِّوال مِنَ الْجِبَالِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَمْرٍو وَاحِدَةُ القَواعِل قَوْعَلة؛ وَشِعْرُ الأَفوَه دَلِيلٌ عَلَى أَنه قَاعِلَة قَالَ:
والدهرُ، لَا يَبْقى عَلَيْهِ لِقْوَةٌ ... فِي رأْس قَاعِلة نَمَتْها أَرْبَعُ
قَوْلُهُ نَمَتْها أَربع أَي أَربع لِقْوات. وعُقاب قَيْعَلة: تأْوِي إِلى القَواعِل أَو تَعلوها؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِخَالِدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُنْقِذٍ:
لَيْتك، إِذ رُهِنْت آلَ مَوْأَلَهْ، ... حَزُّوا بنَصْل السَّيْفِ عِنْدَ السَّبَلَهْ،
وحَلَّقَت بِكَ العُقاب القَيْعَلهْ
__________
(1) . صدر هذا البيت: كَأَنَّ دِثاراً حلَّقَت بلَبُونِه(11/559)
وَقِيلَ: عُقاب قَيْعَلةٍ وقَوْعَلةٍ بالإِضافة أَي عُقاب مَوْضِعٍ يُسَمَّى بِهَذَا. والقَيْعَلة: المرأَة الْجَافِيَةُ الْعَظِيمَةُ. والمُقْتَعَلُ: السَّهْمُ الَّذِي لَمْ يُبْرَ بَرْياً جَيِّدًا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَرمَيْت الْقَوْمَ رِشْقاً صَائِبًا، ... لَيْسَ بالعُصْل وَلَا بالمُقْتَعَلْ
والاقعِيلالُ: الِانْتِصَابُ فِي الرُّكُوبِ. وصخرةٌ مُقْعالَّة: منتصِبة لَا أَصل لَهَا فِي الأَرض. والقَعْلُ: الرَّجُلُ الْقَصِيرُ المَشْؤُوم. والقَعْوَلَة فِي الْمَشْيِ: إِقبال القدَم كُلِّهَا عَلَى الأُخرى، وَقِيلَ: هُوَ تَبَاعُدُ مَا بَيْنَ الْكَعْبَيْنِ وإِقبال كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ القدَمين بِجَمَاعَتِهَا عَلَى الأُخرى، وَقِيلَ: هِيَ مشيٌ ضَعِيفٌ، وَقَدْ قَعْوَل فِي مَشْيِهِ قَعْوَلَة، وَقِيلَ: القَعْوَلَة أَن يَمْشِيَ كأَنه يَغْرِف التُّرَابَ بِقَدَمَيْهِ، يُقَالُ: قَعْوَل إِذا مَشَى مِشْية قَبِيحَةً كأَنه يَغْرف التُّرَابَ بِقَدَمَيْهِ. وقَعْوَل إِذا مَشَى مِشْية مَنْ يَحْثي الترابَ بإِحدى قَدَمَيْهِ عَلَى الأُخرى لقَبَلٍ فِيهِمَا؛ وَقَالَ صَخْرُ بْنُ عُمَيْرٍ:
فإِنْ تَريني فِي المَشِيب والعَلَهْ، ... فَصِرْت أَمشِي القَعْوَلى والفَنْجَلَهْ،
وَتَارَةً أَنْبُثُ نَبْثاً نَقْثَلَهْ
والفَنْجلة: مِثْلُ القَعْوَلَة؛ يُقَالُ: مَرَّ يُقَعْوِل ويُفَنْجِل؛ والنَّقْثَلة: أَن يُثِير الترابَ إِذا مَشَى.
قعبل: القَعْبَلُ والقُعْبُول: نبْت يُنابِت الكَمْأَة فِي الرَّبِيعِ، يُجْنى فيُشْوى وَيُطْبَخُ وَيُؤْكَلُ. والقَعْبَل والقِعْبِل: ضرْب مِنَ الكمْأَة ينبُت مُسْتَطِيلًا دَقِيقًا كأَنه عُودٌ، وإِذا يَبِسَ صَارَ لَهُ رأْس أَسود مِثْلُ الدُّجُنَّة السَّوْدَاءِ، يُقَالُ لَهُ فَسَوات الضِّباع؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ ضرْب مِنَ الكمْأَة ينبُت مُسْتَطِيلًا فإِذا يَبِسَ تَطاير. الأَزهري: القَعْبَل الفُطْر، وَهُوَ العَسْقَل. والقُعْبُول: القَعْبُ. وقَعْبَل: اسمٌ.
قعثل: تَقَعْثَلَ فِي مَشْيِهِ وتقَلْعَثَ كِلَاهُمَا إِذا مَرَّ كأَنه يَتَقلَّع مِنْ وَحَل، وَهِيَ القَلْعَثة. الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الأَصمعي: القَعْثَلة مِشْيَةٌ مِثْلُ القَعْوَلة.
قعطل: ضَرَبه فقَعْطَله أَي صَرَعَهُ. وقَعْطَلَ عَلَى غَرِيمِهِ إِذا ضيَّق عَلَيْهِ فِي التَّقاضي. وقَعْطَلَه قَعْطَلَة إِذا صَرَعَهُ. والقَعْطَلَ: السَّرِيعُ، وَقَدْ سَمَّوْا قَعْطَلًا.
قعمل: الأَزهري: القَعْمَلَة الطَّرْجَهارة، قال: وهي القَمْعَلة.
قفل: القُفُول: الرُّجوع مِنَ السَّفَرِ، وَقِيلَ: القُفُول رُجُوعُ الجُنْد بَعْدَ الغَزْوِ، قَفَلَ الْقَوْمُ يَقْفُلون، بِالضَّمِّ، قُفُولًا وقَفْلًا؛ وَرَجُلٌ قَافِل مِنْ قَوْمٍ قُفَّال، والقَفَل اسْمٌ لِلْجَمْعِ. التَّهْذِيبُ: وهُمُ القَفَل بِمَنْزِلَةِ القَعَد اسْمٌ يَلْزَمُهُمْ. والقَفَل أَيضاً: القُفُول. تَقُولُ: جَاءَهُمُ القَفَل والقُفول، واشتقَّ اسمُ القافِلة مِنْ ذَلِكَ لأَنهم يَقْفُلون، وَقَدْ جَاءَ القَفَل بِمَعْنَى القُفُول؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
عِلْباء، أَبْشِرْ بأَبيكَ والقَفَلْ ... أَتاكَ، إِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ بَاقِي الأَجَلْ،
هَوَلْوَل، إِذا وَنى القومُ نَزَلْ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سُمِّيَتْ القَافِلَة قافِلة تَفاؤلًا بقُفُولها عَنْ سَفرها الَّذِي ابتدأَته، قَالَ: وَظَنَّ ابنُ قُتَيْبَةَ أَن عوامَّ النَّاسِ يغلَطون فِي تَسْمِيَتِهِمُ الناهِضين فِي سَفَرٍ أَنشؤوه قافِلة، وأَنها لَا تسمَّى قافِلَة إِلا منصرِفة إِلى وَطنِها، وَهَذَا غلَط، مَا زَالَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي النَّاهِضِينَ فِي ابْتِدَاءِ الأَسفار قافِلة تَفَاؤُلًا بأَن يُيَسِّر اللَّهُ لَهَا القُفول، وَهُوَ شَائِعٌ فِي كَلَامِ فُصحائهم إِلى الْيَوْمِ. والقَافِلَة: الرُّفْقة الرَّاجِعَةُ مِنَ السَّفَرِ. ابْنُ سِيدَهْ:(11/560)
القَافِلَة القُفَّال، إِمَّا أَن يَكُونُوا أَرادوا القافِل أَي الفَريق القافِل فأَدخلوا الْهَاءَ لِلْمُبَالَغَةِ، وإِما أَن يُرِيدُوا الرُّفْقة القافِلة فَحَذَفُوا الْمَوْصُوفَ وَغَلَبَتِ الصِّفَةُ عَلَى الِاسْمِ، وَهُوَ أَجود، وَقَدْ أَقْفَلَهم هُوَ وقَفَلَهم، وأَقْفَلْتُ الجُنْدَ مِنْ مَبْعَثهم. وَفِي حَدِيثِ
جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِم: بَيْنا هُوَ يَسِير مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَقْفَلَه مِنْ حُنَينٍ
أَي عِنْدَ رُجوعه مِنْهَا. والمَقْفَل: مَصْدَرُ قَفَلَ يَقْفُلُ إِذا عَادَ مِنْ سَفَرِهِ؛ قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ للسَّفْر قُفُول فِي الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الرُّجوع، وَتَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ وَجَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ:
أَقْفَلَ الجيشُ وقَلَّما أَقْفَلْنا
، وَالْمَعْرُوفُ قَفَلَ وقَفَلْنا وأَقْفَلَنا غيرُنا وأُقْفِلْنا، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: قَفْلَةٌ كغَزْوة
؛ القَفْلة: المرَّة مِنَ القُفول أَي أَنَّ أَجْرَ المُجاهد فِي انْصِرَافِهِ إِلى أَهله بَعْدَ غَزْوِهِ كأَجْرِه فِي إِقباله إِلى الْجِهَادِ، لأَن فِي قُفُولِهِ إِراحةً لِلنَّفْسِ، وَاسْتِعْدَادًا بالقوَّة للعَوْد، وَحِفْظًا لأَهله بِرُجُوعِهِ إِليهم، وَقِيلَ: أَراد بِذَلِكَ التَّعْقِيبَ، وَهُوَ رُجُوعُهُ ثَانِيًا فِي الْوَجْهِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ منصرِفاً، وإِن لَمْ يَلْقَ عَدُوًّا وَلَمْ يَشْهَدْ قِتَالًا، وَقَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْجَيْشُ إِذا انْصَرَفُوا مِنْ مَغْزاهم لأَحد أَمرين: أَحدهما أَن الْعَدُوَّ إِذا رَآهُمْ قَدِ انْصَرَفُوا عَنْهُ أَمنوهم وَخَرَجُوا مِنْ أَمكنتهم فإِذا قَفَل الجيشُ إِلى دَارِ الْعَدُوِّ نَالُوا الفُرْصة مِنْهُمْ فأَغاروا عَلَيْهِمْ، وَالْآخَرُ أَنهم إِذا انْصَرَفُوا ظَاهِرِينَ لَمْ يأْمنوا أَن يَقْفُوَ العدوُّ أَثرهم فيُوقِعُوا بِهِمْ وَهُمْ غارُّون، فَرُبَّمَا اسْتَظْهَرَ الجيشُ أَو بعضهُم بِالرُّجُوعِ عَلَى أَدْراجهم، فإِن كَانَ مِنَ الْعَدُوِّ طلَب كَانُوا مستعدِّين لِلِقَائِهِمْ، وإِلا فَقَدَ سَلَّمُوا وأَحرزوا مَا مَعَهُمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ سُئل عَنْ قَوْمٍ قَفَلوا لِخَوْفِهِمْ أَن يَدْهَمَهم مِنْ عَدُوِّهِمْ مَن هُوَ أَكثر عَدَدًا مِنْهُمْ فقَفّلوا ليَستَضيفوا لَهُمْ عَدَدًا آخَرَ مِنْ أَصحابهم، ثُمَّ يَكُرُّوا عَلَى عَدُوِّهِمْ. والقُفول: اليُبوس، وَقَدْ قَفَلَ يَقْفِل، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
حَتَّى إِذا يَئِسَ الرُّماة، وأَرْسَلُوا ... غُضْفاً دَواجنَ قَافِلًا أَعْصامُها
والأَعْصام: القَلائد، وَاحِدَتُهَا عِصْمة ثُمَّ جُمِعَتْ عَلَى عِصَم، ثُمَّ جُمِعَ عِصَم عَلَى أَعْصام مِثْلَ شِيعة وشِيَع وأَشْياع. وقَفَلَ الْجِلْدُ يَقْفُلُ قُفُولًا وقَفِلَ، فَهُوَ قَافِل وقَفِيل: يَبِس. وشيخٌ قَافِل: يَابِسٌ. وَرَجُلٌ قَافِل: يَابِسُ الْجِلْدِ، وَقِيلَ: هُوَ الْيَابِسُ الْيَدِ. وأَقْفَلَه الصومُ إِذا أَيبسه. وأَقْفَلْتُ الْجِلْدَ إِذا أَيبسته. والقَفْل، بِالْفَتْحِ: مَا يَبِس مِنَ الشَّجَرِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
ومُفْرِهة عَنْسٍ قَدَرْتُ لِساقِها، ... فَخَرَّت كَمَا تَتَّايَعُ الريحُ بالقَفْل
وَاحِدَتُهَا قَفْلة وقَفَلة؛ الأَخيرة، بِالْفَتْحِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، حَكَاهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وأَسكنها سَائِرُ أَهل اللُّغَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ مُعَقِّر بْنِ حِمَار «1» لابنته بعد ما كُفَّ بصرُه وَقَدْ سَمِعَ صَوْتَ رَاعِدَةٍ: أَي بُنَيَّةُ وائِلي بِي إِلى جَانِبِ قَفْلة فإِنها لَا تنبُت إِلا بمَنْجاة مِنَ السَّيْل؛ فإِن كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا فقَفْل اسْمُ الْجَمْعِ. والقَفِيل: كالقَفْل، وَقَدْ قَفَلَ يَقْفِلُ وقَفِلَ. والقَفِيل أَيضاً: نَبْتٌ. والقَفِيل: السَّوْط؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه لأَنه يُصْنَعُ مِنَ الْجِلْدِ الْيَابِسِ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
لمَّا أَتاك يابِساً قِرْشَبَّا،
__________
(1) . قوله [وَمِنْهُ قَوْلُ مُعَقِّرِ بْنِ حِمَارٍ] هذا هو الصواب في اسمه وقد تقدم في مادة عقر أنه ابن حباب خطأ(11/561)
قُمْتَ إِليه بالقَفِيل ضَرْبا، ... ضَرْب بَعِير السُّوءِ إِذْ أَحَبَّا
أَحَبّ هُنَا برَك، وَقِيلَ: حَرَن. وَخَيْلٌ قَوَافِل أَي ضَوامر؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
نَحْنُ جَلَبْنا القُرَّح القَوَافِلا
وَقَالَ خُفَافُ بْنُ نُدْبَةَ:
سَلِيل نَجِيبةٍ لنَجِيب صِدْق ... تَصَنْدَلَ قَافِلًا، والمُخُّ رَارُ
وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا ضَمَر: قَفَلَ يَقْفِلُ قُفُولًا، وَهُوَ القافِل والشازِب والشاسِبُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ خشب:
قافِل جُرْشع تَراه كتَيْس ... الرمْلِ، لَا مُقْرِف وَلَا مَخْشُوب
قَافِل: ضَامِرٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: قَفَلَ القومُ الطَّعَامَ وَهُمْ يَقْفِلُون ومَكَرَ القومُ «1» إِذا احْتَكَرُوا يَمْكُرُون؛ رَوَاهُ الْمَصَاحِفِيُّ عَنْهُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: أَقْفَلْت القومَ فِي الطَّرِيقِ، قَالَ: وقَفَلْتهم بِعَيْنِي قَفْلًا أَتْبعتهم بَصَري، وَكَذَلِكَ قَذَذْتهم. وَقَالُوا فِي مَوْضِعٍ: أَقْفَلْتُهم عَلَى كَذَا أَي جَمَعَتْهُمْ. والقُفْل والقُفُلُّ: مَا يُغلَق بِهِ الْبَابُ مِمَّا لَيْسَ بِكَثِيفٍ وَنَحْوِهِ، وَالْجَمْعُ أَقْفال وأَقْفُل، وقرأَ بَعْضُهُمْ:
أَم عَلَى قُلُوبٍ أَقْفُلُها
؛ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ سِيدَهْ عَنِ ابْنِ جِنِّي، وقُفُول عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ قَالَ: وأَنشدت أُم الْقَرْمَدِ:
تَرَى عَيْنُه مَا فِي الْكِتَابِ، وقلبُه، ... عَنِ الدِّين، أَعْمَى واثِق بقُفُول
وفِعْلُه الإِقْفال. وَقَدْ أَقْفَل الْبَابَ وأَقْفَلَ عَلَيْهِ فانْقَفَلَ واقْتَفَل، وَالنُّونُ أَعلى، وَالْبَابُ مُقْفَل وَلَا يُقَالُ مَقْفول. الْجَوْهَرِيُّ: أَقْفَلْت الْبَابَ وقَفَّلَ الأَبواب مِثْلَ أَغْلَق وغَلَّق. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَنه قَالَ: أَربع مُقْفَلات: النذرُ وَالطَّلَاقُ والعِتاق والنكاحُ
، أَي لَا مَخْرج مِنْهُنَّ لِقَائِلِهِنَّ كأَن عَلَيْهِنَّ أَقْفالًا، فَمَتَى جَرَى بِهِنَّ اللِّسَانُ وَجَبَ بِهِنَّ الحُكْم. وَيُقَالُ لِلْبَخِيلِ: هُوَ مُقْفَل الْيَدَيْنِ. وَرَجُلٌ مُقْفَل الْيَدَيْنِ ومُقْتَفِل: لَئِيمٌ، كِلَاهُمَا عَلَى الْمَثَلِ. والمُقْتَفِل مِنَ النَّاسِ: الَّذِي لَا يُخرِج مِنْ يَدَيْهِ خَيْرًا، وامرأَة مُقْتَفِلة. وقَفَل الفَحْل يَقْفِل قُفولًا: اهْتَاجَ للضِّراب. والقَفْلة: إِعطاؤك إِنساناً شَيْئًا بِمَرَّةٍ، يُقَالُ: أَعطاه أَلفاً قَفْلة. ابْنُ دُرَيْدٍ: وَدِرْهَمٌ قَفْلة أَي وازِنٌ، وَالْهَاءُ أَصلية؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا مِنْ كَلَامِ أَهل الْيَمَنِ، قَالَ: وَلَا أَدري مَا أَراد بِقَوْلِهِ الْهَاءُ أَصلية وَرَجُلٌ قُفَلَة: حَافِظٌ لِكُلِّ مَا يَسْمَعُ. والقُفْل: شَجَرٌ بِالْحِجَازِ يضخُم وَيَتَّخِذُ النِّسَاءُ مِنْ ورَقه غُمْراً يَجِيءُ أَحمر، وَاحِدَتُهُ قُفْلة، وَحَكَاهُ كُرَاعٌ بِالْفَتْحِ، وَوَصَفَهَا الأَزهري فَقَالَ: تَنْبُتُ فِي نُجُود الأَرض وتَيْبَس فِي أَوَّل الهَيْج. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: القَفْل مَا يَبِس مِنَ الشَّجَرِ؛ وأَنشد قَوْلَ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَخَرَّت كَمَا تَتَّايَعُ الريحُ بالقَفْل
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: القَفْل جَمْعُ قَفْلة وَهِيَ شَجَرَةٌ بِعَيْنِهَا تَهِيج فِي وَغْرة الصَّيْفِ، فإِذا هبَّت البوارِح بِهَا قلعتْها وطيَّرتها فِي الجوِّ. والمِقْفَل مِنَ النَّخْلِ: الَّتِي يَتَحاتُّ مَا عَلَيْهَا مِنَ الْحَمْلِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ ابْنِ الأَعرابي. والقِيفال: عِرْق فِي اليَدِ يُفْصَد، وَهُوَ معرَّب.
__________
(1) . قوله [ومكر القوم إلخ] هكذا في الأصل مضبوطاً ولم يذكره في مادة مكر، والذي في القاموس فيها: والتمكير احتكار الحبوب في البيوت(11/562)
وقَفِيل والقُفَال: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَلَمْ تُلْمِم عَلَى الدِّمَنِ الخَوالي ... لِسَلْمى بالمَذانِب فالقُفالِ؟
قفثل: القَفْثَلَة: جَرْفُ الشَّيْءِ بسُرْعة.
قفخل: القُفاخِليَّة: النَّبِيلة الْعَظِيمَةُ النَّفِيسة مِنَ النِّسَاءِ؛ حَكَاهَا ابن جني.
قفشل: القَفْشَلِيلَة: المِغْرَفة، فارسيٌّ مُعَرَّبٌ، وَحُكِيَ عَنِ الأَحمر أَنها أَعجمية أَصلها كِبْجَلار «2» ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ صِفَةً وَلَمْ يُفَسِّرْهُ أَحد عَلَى ذَلِكَ؛ قَالَ السِّيرَافِيُّ: ليُطْلَب فإِني لا أَعرفه.
قفطل: قَفْطَل الشيءَ مِنْ يَدَيَّ: اختطَفه.
قفعل: الاقْفِعْلالُ: تَشَنُّجُ الأَصابع وَالْكَفِّ مِنْ بَرْد أَو دَاءٍ، وَالْجِلْدُ قَدْ يَتَقَفْعَل فيَنْزَوِي كالأُذن المُقْفَعِلَّة، وَفِي لُغَةٍ أُخرى: اقْلَعَفَّ اقْلِعْفافاً، وَذَلِكَ كالجَذْب والجَبْذ. وَفِي حَدِيثِ المِيلاد:
يدٌ مُقْفَعِلَّة
أَي متقبِّضة. يُقَالُ: اقْفَعَلَّت يدُه إِذا تَقَبَّضت وتشنَّجَت، وَقِيلَ: المُقْفَعِلُّ المُتَشَنِّجُ مِنْ بَرْد أَو كِبَر فَلَمْ يخصَّ بِهِ الأَنامِل، وَقِيلَ: المُقْفَعِلُّ الْيَابِسُ اليَدِ؛ اقْفَعَلَّت يدُه وأَنامله اقْفِعْلالًا: تقبَّضت وتشنَّجَت؛ وَفِي الأَزهري: المُقْفَعِلُّ الْيَابِسُ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
أَصْبَحْت بَعْدَ اللِّين مُقْفَعِلَّا، ... وَبَعْدَ طِيب جَسَدٍ مُصِلَّا
ققل: القَوْقَل: الذكَر مِنَ القَطا والحَجَل. والقَواقِلُ: مِنَ الخَزْرَج «3» وَكَانَ يُقَالُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِلرَّجُلِ إِذا اسْتَجَارَ بيَثْرِب: قَوْقِلْ ثُمَّ قَدْ أَمِنْت. والقاقُلَّى: نَبْت
قلل: القِلَّةُ: خِلاف الْكَثْرَةِ. والقُلُّ: خِلَافُ الكُثْر، وَقَدْ قَلَّ يَقِلُّ قِلَّة وقُلًّا، فَهُوَ قَليل وقُلال وقَلال، بِالْفَتْحِ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. وقَلَّلَه وأَقَلَّه: جَعَلَهُ قَلِيلًا، وَقِيلَ: قَلَّلَه جَعَلَهُ قَليلًا. وأَقَلَّ: أَتى بقَلِيل. وأَقَلَّ مِنْهُ: كقَلَّله؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. وقَلَّلَه فِي عَيْنِهِ أَي أَراه قَليلًا. وأَقَلَّ الشَّيْءَ: صادَفه قَليلًا. واسْتَقَلَّه: رَآهُ قَليلًا. يُقَالُ: تَقَلَّلَ الشيءَ واسْتَقَلَّه وتَقَالَّه إِذا رَآهُ قَليلًا. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَن نَفَراً سأَلوه عَنْ عِبادة النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِروا كأَنهم تَقالُّوها
أَي استقلُّوها، وَهُوَ تَفاعُل مِنَ القِلَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُقِلُّ اللَّغْوَ
أَي لَا يَلْغُو أَصلًا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا اللَّفْظُ يستعمَل فِي نَفْيِ أَصل الشَّيْءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ
، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ باللَّغْو الهزْلَ والدُّعابة، وأَن ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ قَليلًا. والقُلُّ: القِلَّة مِثْلُ الذُّلِّ والذِّلَّة. يُقَالُ: الحمد لله عَلَى القُلّ والكُثْر، والقِلِّ والكِثْرِ، وَمَا لَهُ قُلٌّ وَلَا كُثْرٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: الرِّبا، وإِن كَثُر، فَهُوَ إِلى قُلٍ
؛ مَعْنَاهُ إِلى قِلَّة أَي أَنه وإِن كَانَ زِيَادَةً فِي الْمَالِ عَاجِلًا فإِنه يَؤُول إِلى النَّقْصِ، كَقَوْلِهِ: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ؛ قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ وأَنشد قول لبيد:
__________
(2) . قوله [أصلها كبجلار] هكذا في الأصل مضبوطاً، وفي القاموس: القَفْشَلِيل المغرفة معرب كفجه لير، وضبط فيه بفتح الكاف والجيم وسكون الفاء والهاء وكسر اللام
(3) . قوله [والقواقل من الخزرج إلخ] عبارة القاموس: والقَوْقَل اسم أبي بطن من الأنصار، لأَنه كان إذا أتاه إنسان يستجير به أو بيثرب قال له: قَوْقِلْ في هذا الجبل وقد أمنت أي ارتق، وهم القَوَاقِلَة(11/563)
كلُّ بَني حُرَّةٍ مَصِيرُهُمْ ... قُلٌّ، وإِن أَكثرتْ مِنَ العَدَدْ
وأَنشد الأَصمعي لِخَالِدِ بْنِ عَلْقمَة الدَّارمي:
ويْلُ امِّ لَذَّات الشَّبَابِ مَعِيشه ... مَعَ الكُثْرِ يُعْطاه الفَتى المُتْلِف النَّدي
قَدْ يَقْصُر القُلُّ الفَتى دُونَ هَمِّه، ... وَقَدْ كَانَ، لَوْلَا القُلُّ، طَلَّاعَ أَنْجُدِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِآخَرَ:
فأَرْضَوْهُ إِنْ أَعْطَوْه مِنِّي ظُلامَةً، ... وَمَا كُنْتُ قُلًّا، قبلَ ذَلِكَ، أَزْيَبا
وَقَوْلُهُمْ: لَمْ يترُك قَليلًا وَلَا كَثِيرًا؛ قَالَ أَبو عبيد: فإِنَّهم يَبْدَؤون بالأَدْوَن كَقَوْلِهِمْ القَمَران، ورَبِيعة ومُضَر، وسُلَيم وَعَامِرٌ. والقُلال، بِالضَّمِّ: القَلِيل. وَشَيْءٌ قَلِيلٌ، وَجَمْعُهُ قُلُل: مِثْلَ سَرِير وسُرُر. وَشَيْءٌ قُلٌّ: قَليل. وقُلُّ الشَّيْءِ: أَقَلُّه. والقَلِيل مِنَ الرِّجَالِ: الْقَصِيرُ الدَّقِيق الجُثَّة، وامرأَة قَلِيلة كَذَلِكَ. وَرَجُلٌ قُلٌّ: قَصِيرُ الجُثَّة. والقُلُّ مِنَ الرِّجَالِ: الْخَسِيسُ الدِّين؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
وَمَا كُنْتُ قُلًّا، قبلَ ذَلِكَ، أَزْيَبا
ووصفَ أَبو حَنِيفَةَ العَرْض بالقِلَّة فَقَالَ: المِعْوَل نَصْل طويلٌ قَلِيل العَرْض، وقومٌ قَلِيلون وأَقِلَّاءُ وقُلُلٌ وقُلُلون: يَكُونُ ذَلِكَ فِي قِلَّة العَدَد ودِقَّة الجُثَّة، وقومٌ قَلِيل أَيضاً. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ
. وَقَالُوا: قَلَّما يَقُومُ زَيْدٌ؛ هَيَّأَتْ مَا قَلَّ ليقَعَ بَعْدَهَا الفعلُ؛ قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: قَلَّ مِنْ قَوْلِكَ قَلَّما فِعْلٌ لَا فَاعِلَ لَهُ، لأَن مَا أَزالته عَنْ حُكْمه فِي تَقَاضِيهِ الْفَاعِلَ، وأَصارته إِلى حُكْمِ الْحَرْفِ المتقاضِي لِلْفِعْلِ لَا الِاسْمِ نَحْوُ لَوْلَا وهلَّا جَمِيعًا، وَذَلِكَ فِي التَّحْضيض، وإِن فِي الشَّرْطِ وَحَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ؛ وَلِذَلِكَ ذَهَبَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
صَدَدْت فأَطولت الصُّدودَ، وقَلَّما ... وِصالٌ عَلَى طُول الصُّدود يَدُومُ
إِلى أَن وِصالٌ يرتفِع بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ يدلُّ عَلَيْهِ يَدُوم، حَتَّى كأَنه قَالَ: وقَلَّما يَدُومُ وِصالٌ، فَلَمَّا أَضمر يَدُوم فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا بعدُ يَدومُ، فَجَرَى ذَلِكَ فِي ارْتِفَاعِهِ بِالْفِعْلِ الْمُضْمَرِ لَا بِالِابْتِدَاءِ مَجْرَى قَوْلِكَ: أَوِصالٌ يَدومُ أَو هَلَّا وِصال يَدُوم؟ وَنَظِيرُ ذَلِكَ حَرْفُ الْجَرِّ فِي نَحْوَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا؛ فَمَا أَصلحتْ رُبَّ لِوُقُوعِ الْفِعْلِ بَعْدَهَا ومنعتْها وقوعَ الِاسْمِ الَّذِي هُوَ لَهَا فِي الأَصل بَعْدَهَا، فَكَمَا فَارَقَتْ رُبَّ بِتَرْكِيبِهَا مَعَ مَا حكمَها قَبْلَ أَن تركَّب مَعَهَا، فَكَذَلِكَ فارقتْ طالَ وقَلَّ بِالتَّرْكِيبِ الْحَادِثِ فِيهِمَا مَا كَانَتَا عَلَيْهِ مِنْ طَلَبِهِمَا الأَسماء، أَلا تَرَى أَنْ لَوْ قلتَ طَالَمَا زَيْدٌ عِنْدَنَا أَو قَلَّما مُحَمَّدٌ فِي الدَّارِ لَمْ يَجُزْ؟ وَبَعْدُ فإِنَّ التَّرْكِيبَ يُحْدِث فِي المركَّبَين مَعْنًى لَمْ يَكُنْ قَبْلُ فِيهِمَا، وَذَلِكَ نَحْوُ إِنَّ مُفْرَدَةً فإِنها لِلتَّحْقِيقِ، فإِذا دخلتْها مَا كافَّة صَارَتْ لِلتَّحْقِيرِ كَقَوْلِكَ: إِنَّما أَنا عبدُك، وإِنما أَنا رَسُولٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: أَقَلُّ امرأَتين تَقُولان ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَمَّا ضَارَعَ الْمُبْتَدَأُ حرفَ النَّفْيِ بَقَّوُا المبتدأَ بِلَا خَبَرٍ. وأَقَلَّ: افتقَرَ. والإِقْلالُ: قِلَّة الجِدَةِ، وقَلَّ مالُه. وَرَجُلٌ مُقِلٌّ وأَقَلُّ: فَقِيرٌ. يُقَالُ: فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ بَيْنِ أَثْرَى وأَقَلَّ أَي مِنْ بَيْنِ النَّاسِ كُلِّهِمْ.(11/564)
وقَالَلْتُ لَهُ الماءَ إِذا خفتَ الْعَطَشَ فأَردت أَن تستقِلَّ ماءَك. أَبو زَيْدٍ: قالَلْت لِفُلَانٍ، وَذَلِكَ إِذا قلَّلْت مَا أَعطيتَه. وتَقالَلْت مَا أَعطاني أَي استقلَلْته، وتكاثَرْته أَي اسْتَكْثَرْتُهُ. وَهُوَ قُلُّ بنُ قُلٍّ وضُلُّ بنُ ضُلٍّ: لَا يُعرف هُوَ وَلَا أَبوه، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا قُلُّ رَجُلٍ يَقُولُ ذَلِكَ إِلا زَيْدٌ. وَقَدِمَ عَلَيْنَا قُلُلٌ مِنَ النَّاسِ إِذا كَانُوا مِنْ قَبائل شتَّى متفرِّقين، فإِذا اجْتَمَعُوا جَمْعًا فَهُمْ قُلَلٌ. والقُلَّة: الحُبُّ الْعَظِيمُ، وَقِيلَ: الجَرَّة الْعَظِيمَةُ، وَقِيلَ: الجَرَّة عَامَّةً، وَقِيلَ: الكُوز الصَّغِيرُ، وَالْجَمْعُ قُلَل وقِلال، وَقِيلَ: هُوَ إِناءٌ لِلْعَرَبِ كالجَرَّة الْكَبِيرَةِ؛ وَقَالَ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ:
فظَلِلْنا بنِعمة واتَّكَأْنا، ... وشَرِبْنا الحَلالَ مِنْ قُلَلِهْ
وقِلال هَجَر: شَبِيهَةٌ بالحِبَاب؛ قالَ حَسَّانُ:
وأَقْفَر مِنْ حُضَّارِه وِرْدُ أَهْلِهِ، ... وَقَدْ كَانَ يُسقَى فِي قِلالٍ وحَنْتَم
وَقَالَ الأَخطل:
يَمْشُون حَولَ مُكَدَّمٍ، قَدْ كَدَّحَتْ ... مَتْنَيه حَمْلُ حَناتِمٍ وقِلال
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا بلَغ الماءُ قُلَّتين لَمْ يحمِل نَجَساً
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَمْ يحمِل خَبَثاً
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ قُلَّتين: يَعْنِي هَذِهِ الحِبَاب العِظام، وَاحِدَتُهَا قُلَّة، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِالْحِجَازِ وَقَدْ تَكُونُ بِالشَّامِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الْجَنَّةِ وَصِفَةِ سِدْرة المُنْتَهَى:
ونَبِقُها مِثْلُ قِلال هَجَر
، وهَجَر: قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ وَلَيْسَتْ هَجَر الْبَحْرَيْنِ، وَكَانَتْ تُعْمَلُ بِهَا القِلال. وَرَوَى شَمِرٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخبرني مَنْ رأَى قِلال هَجَرَ تَسَعُ القُلَّة مِنْهَا الفَرَق؛ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: الفَرَق أَربعة أَصْوُع بِصَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى
عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ قَالَ: القُلَّة يُؤْتَى بِهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ تَسَعُ فِيهَا خَمْسَ جِرار أَو سِتّاً
؛ قَالَ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ: قَدْرُ كُلِّ قُلَّة قِرْبتان، قَالَ: وأَخشى عَلَى القُلَّتين مِنَ البَوْل، فأَما غَيْرُ البَوْل فَلَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، وَقَالَ إِسحق: الْبَوْلُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ إِذا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتين لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ نَحْوُ أَربعين دَلْواً أَكْثَرُ مَا قِيلَ فِي القُلَّتين، قَالَ الأَزهري. وقِلال هَجر والأَحْساء وَنَوَاحِيهَا مَعْرُوفَةٌ تأْخذ القُلَّة مِنْهَا مَزادة كَبِيرَةً مِنَ الْمَاءِ، وتملأُ الرَّاوِيَةُ قُلَّتين، وَكَانُوا يُسَمُّونَهَا الخُرُوس، وَاحِدُهَا خَرْس، وَيُسَمُّونَهَا الْقِلَالَ، وَاحِدَتُهَا قُلَّة، قَالَ: وأَراها سُمِّيَتْ قِلالًا لأَنها تُقَلُّ أَي ترفَع إِذا مُلِئَتْ وتحمَل. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: فحَثَا فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّه فَلَمْ يستطِع
؛ يُقَالُ: أَقَلَّ الشيءَ يُقِلُّه واسْتَقَلَّه يَسْتَقِلُّه إِذا رَفَعَهُ وَحَمَلَهُ. وأَقَلَّ الجَرَّة: أَطاق حَمْلَهَا. وأَقَلَّ الشَّيْءَ واسْتَقَلَّه: حَمَلَهُ وَرَفَعَهُ. وقُلَّة كُلِّ شَيْءٍ: رأْسه. والقُلَّة: أَعلى الْجَبَلِ. وقُلَّة كُلِّ شَيْءٍ: أَعلاه، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ أَعلى الرأْس وَالسَّنَامِ وَالْجَبَلِ. وقِلالة الْجَبَلِ: كقُلَّته؛ قَالَ ابْنِ أَحمر:
مَا أُمُّ غَفْرٍ فِي القِلالة، لَمْ ... يَمْسَسْ حَشاها، قَبْلَهُ، غَفْر
ورأْس الإِنسان قُلَّة؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
عَجائب تُبْدِي الشَّيْبَ فِي قُلَّة الطِّفْل
وَالْجَمْعُ قُلَل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ فِراخ(11/565)
النعامة ويشبه رؤوسها بِالْبَنَادِقِ:
أَشْداقُها كصُدُوع النَّبْع فِي قُلَلٍ، ... مِثْلَ الدَّحارِيج لَمْ يَنْبُت لَهَا زَغَبُ
وقُلَّة السَّيْفِ: قَبِيعَتُه. وَسَيْفٌ مُقَلَّل إِذا كَانَتْ لَهُ قَبِيعة؛ قَالَ بَعْضُ الْهُذَلِيِّينَ:
وكُنَّا، إِذا مَا الحربُ ضُرِّس نابُها، ... نُقَوِّمُها بالمَشْرَفِيِّ المُقَلَّل
واستقلَّ الطَّائِرُ فِي طَيَرَانِهِ: نَهض لِلطَّيَرَانِ وَارْتَفَعَ فِي الْهَوَاءِ. واستقلَّ النَّبَاتُ: أَنافَ. واستقلَّ الْقَوْمُ: ذَهَبُوا وَاحْتَمَلُوا سارِين وَارْتَحَلُوا؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا
؛ أَي حَمَلت. واستقلَّت السَّمَاءُ: ارْتَفَعَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى تَقالَّت الشَّمْسُ
أَي استقلَّت فِي السَّمَاءِ وَارْتَفَعَتْ وتعالَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ عَنْبسة: قَالَ لَهُ إِذا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ فَالصَّلَاةُ مَحْظُورة حَتَّى يَسْتَقِلَّ الرُّمْحُ بالظِّل
أَي حَتَّى يبلُغ ظِلُّ الرُّمْحِ الْمَغْرُوسِ فِي الأَرض أَدنى غَايَةِ القِلَّة وَالنَّقْصِ، لأَن ظِلَّ كُلِّ شَخْصٍ فِي أَوَّل النَّهَارِ يَكُونُ طَوِيلًا ثُمَّ لَا يَزَالُ يَنْقُصُ حَتَّى يبلُغ أَقصره، وَذَلِكَ عِنْدَ انتِصاف النَّهَارِ، فإِذا زَالَتِ الشَّمْسُ عَادَ الظِّلُّ يَزِيدُ، وَحِينَئِذٍ يدخُل وَقْتُ الظُّهْرِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ وَيَذْهَبُ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ، وَهَذَا الظِّلُّ الْمُتَنَاهِي فِي الْقِصَرِ هُوَ الَّذِي يسمَّى ظِلَّ الزَّوَالِ أَي الظِّلَّ الَّذِي تَزُولُ الشَّمْسُ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ وَهُوَ مَوْجُودٌ قَبْلَ الزِّيَادَةِ، فَقَوْلُهُ يستقِلُّ الرمحُ بِالظِّلِّ، هُوَ مِنَ القِلَّة لَا مِنَ الإِقْلال والاسْتقلالِ الَّذِي بِمَعْنَى الِارْتِفَاعِ والاسْتبداد. والقِلَّة والقِلُّ، بِالْكَسْرِ: الرِّعْدة، وَقِيلَ: هِيَ الرِّعْدة مِنَ الْغَضَبِ والطمَع وَنَحْوِهِ يأْخذ الإِنسان، وَقَدْ أَقَلَّته الرِّعْدة واسْتَقَلَّتْه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَدْنَيْتِني حَتَّى إِذا مَا جَعَلْتِني ... عَلَى الخَصْرِ أَو أَدْنَى، اسْتَقَلَّك راجِفُ
يُقَالُ: أَخذه قِلٌّ مِنَ الْغَضَبِ إِذا أُرْعِد وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا غَضِبَ: قَدِ اسْتَقَلَّ. الْفَرَّاءُ: القَلَّة النَّهْضة مِنْ عِلَّة أَو فَقَرٍ، بِفَتْحِ الْقَافِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لأَخيه زَيْدٍ لمَّا ودَّعه وَهُوَ يُرِيدُ الْيَمَامَةَ: مَا هَذَا القِلُّ الَّذِي أَراه بِكَ؟
القِلُّ، بِالْكَسْرِ: الرِّعْدة. والقِلالُ: الخُشُب الْمَنْصُوبَةُ للتَّعريش؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
مِنْ خَمر عانَةَ، ساقِطاً أَفنانُها، ... رفَع النَّبيطُ كُرُومَها بقِلال
أَراد بالقِلال أَعْمِدة ترفَع بِهَا الكُروم مِنَ الأَرض، وَيُرْوَى بِظِلَالٍ. وَارْتَحَلَ الْقَوْمُ بقِلِّيَّتِهم أَي لَمْ يَدَعوا وَرَاءَهُمْ شَيْئًا. وأَكل الضَّبَّ بقِلِّيَّتِه أَي بِعِظَامِهِ وَجِلْدِهِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ قلِيلَةٌ وَلَا كَثِيرةٌ وَمَا أَخذت مِنْهُ قَلِيلَةً وَلَا كَثِيرَةً بِمَعْنَى لَمْ آخُذ مِنْهُ شَيْئًا، وإِنما تَدْخُلُ الْهَاءُ فِي النَّفْيِ. ابْنُ الأَعرابي: قَلَّ إِذا رفَع، وقَلَّ إِذا عَلَا. وَبَنُو قُلٍّ: بَطْنٌ. وقَلْقَلَ الشيءَ قَلْقَلَةً وقِلْقالًا وقَلْقالًا فَتَقَلْقَل وقُلْقالًا؛ عَنْ كُرَاعٍ وَهِيَ نَادِرَةٌ أَي حرَّكه فتحرَّك وَاضْطَرَبَ، فإِذا كَسَرْتَهُ فَهُوَ مَصْدَرٌ، وإِذا فتحته فَهُوَ اسْمٌ مِثْلُ الزِّلْزال والزَّلْزال، وَالِاسْمُ القُلْقال؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَلْقَل فِي الأَرض قَلْقَلةً وقِلْقالًا ضرَب فِيهَا، وَالِاسْمُ القَلْقالُ. وتَقَلْقل: كقَلْقَل. والقُلْقُل والقُلاقِلُ: الْخَفِيفُ فِي السفَر المِعْوان السَّرِيعُ التَّقَلْقُل. وَرَجُلٌ قَلْقال: صاحبُ أَسفار.(11/566)
وتَقَلْقَلَ فِي الْبِلَادِ إِذا تقلَّب فِيهَا. وَفَرَسٌ قُلْقُل وقُلاقِل: جَوَادٌ سَرِيعٌ. وقَلْقَلَ أَي صوَّت،. وَهُوَ حِكَايَةٌ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: رَجُلٌ قُلْقُل بُلْبُل إِذا كَانَ خَفِيفًا ظَرِيفًا، وَالْجَمْعُ قَلاقِل وبَلابِل. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قَالَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ خَرَجَ عَلَيْنَا عليٌّ وَهُوَ يَتَقَلْقَل
؛ التَّقَلْقُل: الخفَّة والإِسراع، مِنَ الفَرَسِ القُلْقُلِ، بِالضَّمِّ، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ونَفْسه تَقَلْقَلَ فِي صَدْرِهِ
أَي تَتَحَرَّكُ بِصَوْتٍ شَدِيدٍ وأَصله الْحَرَكَةُ وَالِاضْطِرَابُ. والقَلْقَلَة: شِدَّةُ الصياح. وذهب أَبو إِسحق فِي قَلْقَلَ وصَلْصَل وبابُه أَنه فَعْفَل. اللَّيْثُ: القَلْقَلَة والتَّقَلْقُل قِلَّة الثُّبُوتِ فِي الْمَكَانِ. والمِسْمارُ السَّلِسُ يَتَقلْقَلُ فِي مَكَانِهِ إِذا قَلِق. والقَلْقَلَة: شِدَّةُ اضْطِرَابِ الشَّيْءِ وَتَحَرُّكِهِ، وَهُوَ يَتَقَلْقَل ويَتَلقْلَق. أَبو عُبَيْدٍ: قَلْقَلْت الشَّيْءَ ولَقْلَقْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والقِلْقِل: شَجَرٌ أَو نَبْتٌ لَهُ حبٌّ أَسود؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وآضَتِ البُهْمَى كنَبْلِ الصَّيْقَلِ، ... وحازَتِ الرِّيحُ يَبِيس القِلْقِل
وَفِي الْمَثَلِ:
دَقَّك بالمِنْحازِ حَبَّ القِلْقِل
وَالْعَامَّةُ تَقُولُ حَبَّ الفُلْفُل؛ قَالَ الأَصمعي: وَهُوَ تَصْحِيفٌ، إِنما هُوَ بِالْقَافِ، وَهُوَ أَصلب مَا يَكُونُ مِنَ الْحُبُوبِ، حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ وَرَوَاهُ حَبَّ الفُلْفُل، بِالْفَاءِ، قَالَ: وَكَذَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ؛ وأَنشد:
وَقَدْ أَراني فِي الزمانِ الأَوَّلِ ... أَدُقُّ فِي جارِ اسْتِها بمِعْوَلِ،
دَقَّك بالمِنْحازِ حبَّ الفُلْفُلِ
وَقِيلَ: القِلْقِل نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي الجَلَد وغَلْظ السَّهْل وَلَا يَكَادُ ينبُت فِي الْجِبَالِ، وَلَهُ سِنْف أُفَيْطِحُ ينبُت فِي حَبَّاتٍ كأَنهنّ العدَس، فإِذا يَبِس فانتفَخ وهبَّت بِهِ الريحُ سمعْت تَقلقُلَه كأَنه جَرَس، وَلَهُ ورَق أَغبر أَطْلس كأَنه ورَق القَصَب. والقُلاقِل والقُلْقُلان: نَبْتان. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القِلْقِل والقُلاقِل والقُلْقُلان كُلُّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ نَبْت، قَالَ: وَذَكَرَ الأَعراب القُدُم أَنه شَجَرٌ أَخضر ينهَض عَلَى ساقٍ، ومَنابتُه الْآكَامُ دُونَ الرِّيَاضِ وَلَهُ حَبٌّ كحبِّ اللُّوبِياء يؤكَل والسائمةُ حَرِيصَةٌ عَلَيْهِ؛ وأَنشد:
كأَنّ صوتَ حَلْيِها، إِذا انْجَفَلْ، ... هَزُّ رِياحٍ قُلْقُلاناً قَدْ ذَبَلْ
والقُلاقِلُ: بَقْلة بَرِّيَّة يُشْبِه حبُّها حبَّ السِّمْسِم وَلَهَا أَكمام كأَكمامها. اللَّيْثُ: القِلْقِل شَجَرٌ لَهُ حبٌّ عِظام ويؤْكل؛ وأَنشد:
أَبْعارُها بالصَّيْفِ حَبُّ القِلقِل
وَحَبٌّ القِلقِل مُهَيِّج عَلَى البِضاع يأْكله النَّاسُ لِذَلِكَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ وأَنشده أَبو عَمْرٍو لِلَيْلَى:
أَنْعَتُ أَعْياراً بأَعلى قُنَّهْ ... أَكَلْنَ حَبَّ قِلْقِلٍ، فَهُنَّهْ
لَهُنَّ مِنْ حُبّ السِّفادِ رَنَّهْ
وَقَالَ الدينَوَري: القِلْقِل والقُلاقِل والقُلْقُلانُ كُلُّهُ وَاحِدٌ لَهُ حَبٌّ كحَب السِّمْسِم وَهُوَ مُهَيِّجٌ للباهِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي القِلقِل وَوَصَفَ الهَيْف:(11/567)
وساقَتْ حَصادَ القُلْقُلان، ... كأَنما هُوَ الخَشْلُ أَعْرافُ الرِّياحِ الزَّعازِع
والقُلْقُلانِيُّ: طَائِرٌ كالفاخِتة. وحُروف القَلْقَلَة: الجيمُ والطاءُ والدالُ وَالْقَافُ وَالْبَاءُ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وإِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلصَّوْتِ الَّذِي يَحْدُثُ عَنْهَا عِنْدَ الْوَقْفِ لأَنك لَا تَسْتَطِيعُ أَن تقِف عِنْدَهُ إِلا مَعَهُ لِشِدَّةِ ضَغْط الحرف.
قمل: القَمْل: مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ قَمْلَة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَوله الصُّؤابُ وَهِيَ بَيْض القَمْل، الْوَاحِدَةُ صُؤابة، وَبَعْدَهَا اللَّزِقة «4» ثُمَّ الفَرْعة ثُمَّ الهِرْنِعة ثُمَّ الحِنْبِجُ ثُمَّ الفِنْضِجُ ثُمَّ الحَنْدَلِسُ؛ وَقَوْلُهُ:
وصاحِبٍ، لَا خَيْرَ فِي شَبابه، ... أَصْبَحَ شُؤْمُ العَيْشِ قَدْ رَمَى بِهِ
حُوتاً إِذا مَا زادُنا جِئْنا بِهِ، ... وقَمْلةً إِنْ نحنُ باطَشْنا بِهِ
إِنما أَراد مِثْلَ قَمْلة فِي قلَّة غَنائه كَمَا قدَّمنا فِي قَوْلِهِ:
حُوتاً إِذا مَا زادُنا جِئْنا بِهِ
وَلَا يَكُونُ قَمْلةً حَالًا إِلَّا عَلَى هَذَا، كَمَا لَا يَكُونُ حُوتاً حَالًا إِلا عَلَى ذَلِكَ، وَنَظِيرُ كُلِّ ذَلِكَ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: مَرَرْتُ بزيدٍ أَسداً شدَّةً، لَا تُرِيدُ أَنه أَسد وَلَكِنْ تُرِيدُ أَنه مِثْلُ أَسد، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوَاضِعِهِ؛ وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً قَمال وقَمِلٌ. وقَمِلَ رأْسُه، بِالْكَسْرِ، قَمَلًا: كثُر قَمْل رأْسه. وَقَوْلُهُمْ: غُلٌّ قَمِلٌ، أَصله أَنهم كَانُوا يَغُلُّون الأَسِير بالقِدِّ وعليه الشَّعر فَيَقْمَل القِدُّ فِي عنقُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنَ النِّسَاءِ غُلُّ قَمِلٌ يقذِفها اللَّهُ فِي عنُق مَنْ يَشَاءُ ثُمَّ لَا يُخْرِجُهَا إِلا هُوَ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وصِفَةِ النِّسَاءِ: منهنَّ غُلٌّ قَمِلٌ
أَي ذُو قَمْل، كَانُوا يَغُلون الأَسِير بالقِدِّ وَعَلَيْهِ الشَّعْرُ فيَقْمَل وَلَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ عَنْهُ بِحِيلَةٍ، وَقِيلَ: القَمِل القَذِر، وَهُوَ مِنَ القَمَل أَيضاً. وقَمِلَ العَرْفَج قَمَلًا: اسودَّ شَيْئًا وَصَارَ فِيهِ كالقَمْل. وَفِي التَّهْذِيبِ: قَمِلَ العَرْفَج إِذا اسودَّ شَيْئًا بَعْدَ مطَر أَصابه فَلانَ عُوده، شبَّه مَا خَرَجَ مِنْهُ بالقَمْل. وقَمِلَ بطنُه: ضخُم. وأَقْمَلَ الرِّمْثُ: تَفَطَّر بالنَّبات، وَقِيلَ: بدَا ورَقُه صِغاراً. وقَمِلَ القومُ: كَثُرُوا؛ قَالَ:
حَتَّى إِذا قَمِلَتْ بطونُكمُ، ... ورأَيتم أَبْناءَكُمْ شَبُّوا،
وقَلَبْتُمُ ظَهْرَ المِجَنِّ لَنَا، ... إِن اللئيم العاجزُ الخِبُّ [الخَبُ]
الْوَاوُ فِي وقَلَبْتُم زَائِدَةٌ، وَهُوَ جَوَابُ إِذا، وقَمِلَتْ بُطُونُكُمْ كثُرت قَبَائِلُكُمْ؛ بِهَذَا فَسَّرَهُ لَنَا أَبو الْعَالِيَةِ. وقَمِلَ الرجلُ: سمِن بَعْدَ هُزال. وامرأَة قَمِلَة وقَمَلِيَّة: قَصِيرَةٌ جِدًّا؛ قَالَ:
مِنَ البِيض لَا دَرَّامة قَمَلِيَّة، ... إِذا خرجَتْ فِي يَوْمِ عِيدٍ تُؤَارِبُهْ
أَي تطلُب الإِرْبة. والقَمَليُّ، بِالتَّحْرِيكِ، مِنَ الرِّجَالِ: الْحَقِيرُ الصَّغِيرُ الشأْن؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
مِنَ البِيضِ لَا دَرَّامة قَمَلِيَّة، ... تَبُذُّ نساءَ النَّاسِ دَلًّا ومِيسَما
وأَنشد لآخر:
__________
(4) . قوله [وبعدها اللزقة] وقوله [ثم الفنضج] كل منهما في الأَصل بهذا الضبط(11/568)
أَفي قَمَلِيٍّ مِنْ كُلَيْبٍ هجَوْته، ... أَبو جَهْضَمٍ تَغْلِي عَلَيَّ مراجِلُه؟
والقَمَليُّ أَيضاً: الَّذِي كَانَ بدَوِيًّا فَعَادَ سَوادِيًّا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والقُمَّلُ: صِغار الذَّرِّ والدَّبى، وَقِيلَ: هُوَ الدَّبى الَّذِي لَا أَجنحة لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ صَغِيرٌ لَهُ جَنَاحٌ أَحمر، وَفِي التَّهْذِيبِ: هُوَ شَيْءٌ أَصغر مِنَ الطَّيْرِ لَهُ جَنَاحٌ أَحمر أَكدَر، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ
؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: قَالَ عِكْرِمَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْقُمَّلَ
الجَنادب وَهِيَ الصِّغَارُ مِنَ الْجَرَادِ، وَاحِدَتُهَا قُمَّلة؛ قال الْفَرَّاءُ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ وَاحِدُ القُمَّل قَامِل مِثْلَ رَاكِعٍ ورُكَّع وَصَائِمٍ وصُيَّم. الْجَوْهَرِيُّ: أَمّا قُمَّلَة الزَّرْعِ فدُوَيْبَّة تَطِيرُ كالجَراد فِي خِلقة الحَلَم، وَجَمْعُهَا قُمَّلٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: القُمَّل شَيْءٌ يَقَعُ فِي الزَّرْعِ لَيْسَ بِجَرَادٍ فيأْكل السُّنْبُلَةَ وَهِيَ غَضَّة قَبْلَ أَن تَخْرُجَ فَيَطُولُ الزَّرْعُ وَلَا سُنْبل لَهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: القُمَّل عِنْدَ الْعَرَبِ الحَمْنان؛ وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: القُمَّل جَرَادٌ صِغَارٌ يَعْنِي الدَّبى. وأَقْمَل العَرْفَج والرِّمْث إِذا بَدَا وَرَقُهُ صِغَارًا أَول مَا يتفطَّر. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القُمَّل شَيْءٌ يُشْبِهُ الحَلَم وَهُوَ لَا يأْكل أَكل الجَراد، وَلَكِنْ يَمْتَصُّ الحبَّ إِذا وَقَعَ فِيهِ الدَّقِيقُ وَهُوَ رَطْبٌ فَتَذْهَبُ قوَّته وَخَيْرُهُ، وَهُوَ خَبِيثُ الرَّائِحَةِ وَفِيهِ مُشَابَهَةٌ مِنَ الحلَم، وَقِيلَ: القُمَّل دَوَابُّ صِغَارٌ مِنْ جِنْسِ القِرْدان إِلَّا أَنها أَصغر مِنْهَا، وَاحِدَتُهَا قُمَّلة، تَرْكَبُ الْبَعِيرَ عِنْدَ الهُزال؛ قَالَ الأَعشى:
قَوْمًا تُعالج قُمَّلًا أَبْناؤهم، ... وسَلاسِلًا أُجُداً وَبَابًا مُؤْصَدا
وَقِيلَ: القُمَّل قَمْل النَّاسِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَاحِدَتُهَا قَمْلة. ابْنُ الأَعرابي: المِقْمَل الَّذِي قَدِ اسْتَغْنَى بَعْدَ فَقْرٍ. الْمُحْكَمُ: وقَمَلى مَوْضِعٌ، والله أَعلم.
قمثل: القَمَيْثَل: الْقَبِيحُ المِشْية؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِمَالِكِ بن مِرْدَاسٍ:
وَيْلَك يَا عاديُّ بَكِّي رَحُولًا ... عَبْدَكُم الفَيّادة القَمَيْثَلا «1» .
قمعل: القُمْعُل والقُلْعُم: القدَح الضَّخْمُ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ؛ وَقَالَ رَاجِزُهُمْ يَنْعَتُ حَافِرَ الْفَرَسِ:
بَلَتْهُم الأَرضُ بوَأْبٍ حَوْأَبِ، ... كالقُمْعُلِ المُنْكَبِّ فوقَ الأَثْأَبِ
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَدَحٌ قُمْعُل محدَّد الرأْس طَوِيلُهُ. والقُمْعَل والقُمْعُل: البظْر؛ عَنْهُ أَيضاً. والقِمْعال: سيِّد الْقَوْمِ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: القِمْعال رَئِيسُ الرُّعاة، وَكَذَلِكَ القُمادِية؛ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ. وَيُقَالُ: خَرَجَ مُقَمْعِلًا إِذا كَانَ عَلَى الرَّعايا يأْمرهم وَيَنْهَاهُمْ. والقِمْعالة: أَعْظم الفَياشِل. وقَمْعَل النبتُ: خَرَجَتْ بَراعيمُه؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ: وهي القَماعِيل. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ فِي رأْسه عُجَر: فِي رأْسه قَماعِيل، وَاحِدُهَا قُمْعول؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ ذَلِكَ ابْنُ دُرَيْدٍ. ابْنُ الأَعرابي: القَعْمَلة الطَّرْجَهارة وَهِيَ القَمْعَلة.
قنبل: القَنْبَلة والقَنْبل: طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْخَيْلِ، قِيلَ: هُمْ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إِلى الأَربعين وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: هُمْ جَمَاعَةُ النَّاسِ، قَنْبَلة مِنَ الْخَيْلِ، وقَنْبَلة من
__________
(1) . قوله [ويلك يا عادي إلخ] هكذا في الأصل(11/569)
النَّاسِ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، وَالْجَمْعُ القَنَابِل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
شَذَّبَ عَنْ عاناتِه القَنابِلا ... أَثْناءها، والرُّبَعَ القَنادِلا
وقِدْرٌ قُنْبُلانِيَّة: تَجْمَعُ القَنْبَلَة مِنَ النَّاسِ أَي الْجَمَاعَةَ. وَرَجُلٌ قُنْبُل وقُنابِل: غَلِيظٌ شَدِيدٌ. والقُنَابِل: الْعَظِيمُ الرأْس؛ قَالَ أَبو طَالِبٍ:
وعَرْبَةُ أَرْضٌ لَا يُحِلُّ حَرامَها، ... مِنَ النَّاسِ، غَيْرُ الشَّوْتَريّ القُنابِل «1»
عَرَبةُ: اسْمُ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ. والشَّوْتريُّ: الْجَرِيءُ. والقُنابِل: حِمَارٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
زُعْبةَ والشَّحَّاجَ والقُنابِلا
ابْنُ الأَعرابي: القُنْبُلة مِصْيدة يُصاد بِهَا النُّهَسُ، وَهُوَ أَبو بَراقِش. وقَنْبَل الرجلُ إِذا أَوقد القُنْبُل، وَهُوَ شجر.
قنثل: الأَصمعي: القَنْثَلةُ أَن يَنْبُث التُّرَابَ إِذا مَشَى وَهُوَ مُقَنْثِل، وَقَالَ غَيْرُهُ النَّقْثَلة؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ كأَنه مقلوب.
قنجل: القُنْجُل: العَبْد.
قنحل: القُنْحُل: شرُّ الْعَبِيدِ.
قندل: قَنْدَل الرجلُ: مَشى فِي اسْتِرْسَالٍ. والقَنْدَل: الطَّوِيلُ. والقَنْدل والقُنادِل: الضَّخْمُ الرأْس مِنَ الإِبل وَالدَّوَابِّ مِثْلُ العَنْدَل؛ قَالَ:
تَرَى لَهَا رأْساً وَأًى قَنْدَلَّا
أَراد قَنْدَلًا فثقَّل كَقَوْلِهِ:
بِبازِلٍ وَجْناء أَو عَيْهَلِ
وقَنْدَلَ الرجلُ: ضخُم رأْسه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا وَقَعَ فِي كِتَابِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وأَراه قَنْدَل الجمَل. الْجَوْهَرِيُّ: القَنْدَل الْعَظِيمُ الرأْس مِثْلُ العَنْدَل. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: القَنْدَل الْعَظِيمُ الرأْس والعَنْدَل الطَّوِيلُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يهدِي بِنا كُلُّ نِيافٍ عَنْدَلِ، ... رُكِّبَ فِي ضَخْم الذَّفارى قَنْدَلِ
والقَنْدَوِيلُ: كالقَنْدَل، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ، وَقِيلَ: القَنْدَوِيل الْعَظِيمُ الْهَامَةِ مِنَ الرِّجَالِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والقَنْدَوِيل: الطَّوِيلُ القَفا؛ وإِنّ فُلَانًا لقَنْدَلُ الرأْس وصَنْدَل الرأْس. وَيُقَالُ: مَرَّ الرَّجُلُ مُسَنْدِلًا ومُقَنْدِلًا، وَذَلِكَ اسْتِرْخَاءٌ فِي الْمَشْيِ. والقَنْدَليُّ: شَجَرٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والقِنْدِيل: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ فِعْلِيل.
قندعل: القِنْدَعْلُ، بِالدَّالِ وَالذَّالِ: الأَحمق.
قندفل: نَاقَةٌ قَنْدَفِيل: ضَخْمَةُ الرأْس؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. التَّهْذِيبُ فِي الْخُمَاسِيِّ: القَنْدَفِيل الضَّخْمُ؛ قَالَ الْمَخْرُوعُ السَّعْدِيُّ:
وتحتَ رَحْلِي حُرَّة ذَمُولُ، ... مائرةُ الضَّبْعَيْنِ قَنْدَفِيلُ،
للمَرْوِ فِي أَخْفافِها صَليلُ
وَالَّذِي حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ قَنْدَوِيل، وَهِيَ الضَّخْمَةُ الرأْس أَيضاً، فأَما القَنْدَفِيل، بِالْفَاءِ، فَلَمْ يَرْوِهِ إِلا ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَنا أَظنه معرَّباً كأَنه شبَّه نَاقَتَهُ بِفِيلٍ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ كَنْدَهْ پيل.
قنذعل: القِنْذَعْل، بِالدَّالِ وَالذَّالِ: الأَحمق.
__________
(1) . قوله [وعربة أرض إلخ] هي محركة وسكنها الشاعر ضرورة كما نبه على ذلك المجد في مادة عرب وأتى بعجز البيت:
مِنَ النَّاسِ إِلَّا اللَّوْذَعِيُّ الحلاحل(11/570)
قنصل: قُنْصُل: قَصِير.
قنفل: القَنْفَل: العَنْز الضَّخْمَةُ؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ وأَنشد:
عَنْزٌ مِنَ السُّكِّ ضَبُوبٌ قَنْفَلُ، ... تَكَادُ مِنْ غُزْرٍ تَدقُّ المِقْيَل
وقُنْفُل: اسم.
قنقل: القَنْقَلُ: مِكْيال عَظِيمٌ ضَخْمٌ؛ وَقَالَ:
كَيْلَ عِدَاءٍ بالجُرَافِ القَنْقَلِ ... مِنْ صُبْرَةٍ، مِثْلِ الكَثِيبِ الأَهْيَلِ
وَقَالَ رؤبة:
ما لكَ لَا تَجْرُفُها بالقَنْقَلِ؟ ... لَا خيرَ فِي الكَمأَةِ إِنْ لَمْ تَفْعَلِ
وَفِي الْخَبَرِ: كَانَ تاجُ كِسْرَى مِثْلَ القَنْقَل الْعَظِيمِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: كَانَ لِكِسْرَى تَاجٌ يُسَمَّى الْقَنْقَلُ.
قهل: القَهَل: كالقَرَهِ فِي قَشَف الإِنسان وقَذَر جلدِه. وَرَجُلٌ مُتَقَهِّل: لَا يتعهَّد جَسَدَهُ بِالْمَاءِ وَالنَّظَافَةِ. وَفِي الصِّحَاحِ: رَجُلٌ مُتَقَهِّل يَابِسُ الجلد سيِء الْحَالِ مِثْلُ المُتَقَحِّل. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: أَتاه شَيْخٌ مُتَقَهِّل
أَي شعِث وسِخ. يُقَالُ: أَقْهَلَ الرجلُ وتَقَهَّل. الْمُحْكَمُ: قَهِلَ جلدُه وقَهَلَ وتَقَهَّلَ يبِس، فَهُوَ قَاهِل قاحِل؛ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ اليُبْس مِنَ الْعِبَادَةِ قَالَ:
مِنْ راهِبٍ مُتَبَتِّلٍ مُتَقَهِّلٍ، ... صادِي النهارِ لليلِه مُتَهَجِّد
والقَهَل فِي الْجِسْمِ: القشَف، واليُبس القَرَهُ. وقَهِلَ قَهَلًا وتَقَهَّلَ: لَمْ يتعهَّد جِسْمَهُ بِالْمَاءِ وَلَمْ يُنَظِّفْهُ. والتَّقَهُّل: رَثاثة الملبَس والهيئةِ. وَرَجُلٌ مُتَقَهِّل إِذا كَانَ رَثَّ الْهَيْئَةِ متقشِّفاً. وأَقْهَلَ الرَّجُلُ: دنَّس نَفْسَهُ وتكلَّف مَا يَعِيبه؛ وأَنشد:
خَلِيفة اللَّهِ بِلَا إِقْهال
والقَهْل: كُفران الإِحسان. وقَهَلَه يَقْهَلُه قَهْلًا: أَثنى عَلَيْهِ ثَنَاءً قَبِيحًا. وقَهِلَ الرَّجُلُ قَهَلًا: استقلَّ الْعَطِيَّةَ وكفَر النِّعْمَةَ. وانْقَهَلَ: سَقَطَ وضعُف؛ فأَما قَوْلُهُ:
ورأَيتُه لمَّا مررتُ ببَيْتِه، ... وَقَدِ انْقَهَلَّ فَمَا يُريد بَراحا
فإِنه شَدَّدَ لِلضَّرُورَةِ وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ انْفَعَلَّ. الْجَوْهَرِيُّ أَيضاً: انْقَهَلَ ضعُف وَسَقَطَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي الأَلفاظ انْقَهَلَّ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، قَالَ: والانْقِهْلال السُّقُوطُ وَالضَّعْفُ؛ وأَورد الْبَيْتَ:
وَقَدِ انْقَهَلَّ فَمَا يُريدُ بَراحا
وَقَالَ: الْبَيْتُ لِرَيْسان بْنِ عِنْترة الْمُغَنِّي، قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَكُونُ وَزْنُهُ افْعَلَلَّ بِمَنْزِلَةِ اشْمَأَزَّ، قَالَ: وَلَا يَكُونُ انْفَعَلَّ. والتَّقَهُّل: شَكْوَى الْحَاجَةِ؛ وأَنشد:
فَلَا تكوننَّ رَكِيكاً تَنْتَلا ... لَعْواً، إِذا لاقَيْته تَقَهَّلا،
وإِنْ حَطَأْتَ كَتِفَيه ذَرْمَلا
الرَّكِيكُ: الضَّعِيفُ، والتَّنْتَل: القذِر، والذَّرْمَلة: إِرْسال السَّلْح. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَهَلَ الرَّجُلُ قَهْلًا إِذا جَدَّف؛ قَالَهُ الأُموي. وَرَجُلٌ مِقْهال إِذا كَانَ مُجَدِّفاً كَفُوراً. وتَقَهَّلَ: مشَى مَشْيًا بَطِيئًا. وحيَّا اللَّهُ هَذِهِ القَيْهَلة أَي الطَّلْعة والوَجْه. وقَيْهَلٌ: اسْمٌ.(11/571)
قهبل: القَهْبَلة: ضَرْبٌ مِنَ الْمَشْيِ. والقَهْبلة: الأَتان الْغَلِيظَةُ مِنَ الْوَحْشِ. الْفَرَّاءُ: حيَّا اللَّهُ قَهْبَلَته أَي حيَّا اللَّهُ وجهَه. ابْنُ الأَعرابي: حيَّا اللَّهُ قَهْبَله ومُحيَّاه وسَمَامَتَه وطَلَله وآلَه. أَبو العباس: الهاء زائدة فيبقى حيَّا اللَّهُ قَبَلَه أَي مَا أَقبل مِنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. الْمُؤَرِّجُ: القَهْبَلة القَمْلة.
قول: القَوْل: الْكَلَامُ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَهُوَ عِنْدَ المحقِّق كُلُّ لَفْظٍ قَالَ بِهِ اللِّسَانُ، تَامًّا كَانَ أَو نَاقِصًا، تَقُولُ: قَالَ يَقُولُ قَولًا، وَالْفَاعِلُ قَائِل، وَالْمَفْعُولُ مَقُول؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَاعْلَمْ أَن قُلْتَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِنما وَقَعَتْ عَلَى أَن تَحْكِي بِهَا مَا كَانَ كَلَامًا لَا قَوْلًا، يَعْنِي بِالْكَلَامِ الجُمَل كَقَوْلِكَ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ وَقَامَ زَيْدٌ، وَيَعْنِي بالقَوْل الأَلفاظ الْمُفْرَدَةَ الَّتِي يُبْنَى الْكَلَامُ مِنْهَا كَزَيْدٍ مِنْ قَوْلِكَ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ، وَعَمْرٌو مِنْ قَوْلِكَ قَامَ عَمْرٌو، فأَما تَجوُّزهم فِي تَسْمِيَتِهِمْ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْآرَاءَ قَوْلًا فلأَن الِاعْتِقَادَ يخفَى فَلَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالْقَوْلِ، أَو بِمَا يَقُومُ مَقَامَ القَوْل مِنْ شَاهِدِ الْحَالِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَا تَظْهَرُ إِلا بالقَوْل سُمِّيَتْ قَوْلًا إِذ كَانَتْ سَبَبًا لَهُ، وَكَانَ القَوْل دَلِيلًا عَلَيْهَا، كَمَا يسمَّى الشَّيْءَ بِاسْمِ غَيْرِهِ إِذا كَانَ مُلَابِسًا لَهُ وَكَانَ الْقَوْلُ دَلِيلًا عَلَيْهِ، فإِن قِيلَ: فَكَيْفَ عبَّروا عَنِ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْآرَاءِ بالقَوْل وَلَمْ يُعَبِّرُوا عَنْهَا بِالْكَلَامِ، وَلَوْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا أَو قَلَبُوا الِاسْتِعْمَالَ فِيهِمَا كَانَ مَاذَا؟ فَالْجَوَابُ: أَنهم إِنما فَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ كَانَ القَوْل بِالِاعْتِقَادِ أَشبه مِنَ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ الِاعْتِقَادَ لَا يُفْهَم إِلَّا بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْعِبَارَةُ عَنْهُ كَمَا أَن القَوْل قَدْ لَا يتمُّ مَعْنَاهُ إِلَّا بِغَيْرِهِ، أَلا تَرَى أَنك إِذا قُلْتَ قَامَ وأَخليته مِنْ ضَمِيرٍ فإِنه لَا يَتِمُّ مَعْنَاهُ الَّذِي وُضِعَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَلَهُ؟ لأَنه إِنما وُضِع عَلَى أَن يُفاد مَعْنَاهُ مقترِناً بِمَا يُسْنَدُ إِليه مِنَ الْفَاعِلِ، وَقَامَ هَذِهِ نَفْسُهَا قَوْل، وَهِيَ نَاقِصَةٌ مُحْتَاجَةٌ إِلى الْفَاعِلِ كَاحْتِيَاجِ الِاعْتِقَادِ إِلى الْعِبَارَةِ عَنْهُ، فَلَمَّا اشْتَبَهَا مِنْ هُنَا عُبِّرَ عَنْ أَحدهما بِصَاحِبِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْكَلَامُ لأَنه وُضِعَ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَمَّا سِوَاهُ، والقَوْل قَدْ يَكُونُ مِنَ المفتقِر إِلى غَيْرِهِ عَلَى مَا قدَّمْناه، فَكَانَ بِالِاعْتِقَادِ الْمُحْتَاجِ إِلى الْبَيَانِ أَقرب وبأَنْ يعبَّر عَنْهُ أَليق، فَاعْلَمْهُ. وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ القَوْل فِي غَيْرِ الإِنسان؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
قَالَتْ لَهُ الطيرُ: تقدَّم رَاشِدًا، ... إِنك لَا ترجِعُ إِلا حامِدا
وَقَالَ آخَرُ:
قَالَتْ لَهُ العينانِ: سَمْعًا وَطَاعَةً، ... وحدَّرتا كالدُّرِّ لمَّا يُثَقَّب
وَقَالَ آخَرُ:
امتلأَ الْحَوْضُ وقَالَ: قَطْني
وَقَالَ الْآخَرُ:
بَيْنَمَا نَحْنُ مُرْتعُون بفَلْج، ... قَالَتِ الدُّلَّح الرِّواءُ: إِنِيهِ
إِنِيهِ: صَوْت رَزَمة السَّحَابِ وحَنِين الرَّعْد؛ وَمِثْلُهُ أَيضاً:
قَدْ قَالَتِ الأَنْساعُ للبَطْن الحَقِي
وإِذا جَازَ أَن يسمَّى الرأْي وَالِاعْتِقَادُ قَوْلًا، وإِن لَمْ يَكُنْ صَوْتًا، كَانَ تَسْمِيَتُهُمْ مَا هُوَ أَصوات قَوْلًا أَجْدَر بِالْجَوَازِ، أَلا تَرَى أَن الطَّيْرَ لَهَا هَدِير، وَالْحَوْضَ لَهُ غَطِيط، والأَنْساع لَهَا أَطِيط، وَالسَّحَابَ لَهُ دَوِيّ؟ فأَما قَوْلُهُ:
قَالَتْ لَهُ العَيْنان: سَمْعاً وَطَاعَةً
فإِنه وإِن لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا صَوْتٌ، فإِن الْحَالَ آذَنَتْ بأَن لَوْ كَانَ لَهُمَا جَارِحَةُ نُطْقٍ لَقَالَتَا سَمْعًا وَطَاعَةً؛ قَالَ(11/572)
ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ حرَّر هَذَا الْمَوْضِعَ وأَوضحه عَنْتَرَةُ بِقَوْلِهِ:
لَوْ كَانَ يَدْرِي مَا المُحَاورة اشْتَكى، ... أَو كَانَ يَدْرِي مَا جوابُ تَكَلُّمي «2»
وَالْجَمْعُ أَقْوال، وأَقاوِيل جَمْعُ الْجَمْعِ؛ قَالَ يَقُولُ قَوْلًا وقِيلًا وقَوْلةً ومَقالًا ومَقالةً؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْحُطَيْئَةِ يُخَاطِبُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
تحنّنْ علَيَّ، هَداكَ المَلِيك ... فإِنَّ لكلِّ مَقام مَقالا
وَقِيلَ: القَوْل فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، والقَال والقِيل فِي الشرِّ خَاصَّةً، وَرَجُلٌ قَائِلٌ مِنْ قَوْمٍ قُوَّل وقُيَّل وقالةٍ. حَكَى ثَعْلَبٌ: إِنهم لَقالةٌ بِالْحَقِّ، وكذلك قَؤول وقَوُول، وَالْجَمْعُ قُوُل وقُوْل؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَوَّال وقَوَّالةٌ مِنْ قَوْمٍ قَوَّالين وقَوَلةٍ وتِقْوَلةٌ وتِقْوَالةٌ؛ وَحَكَى سِيبَوَيْهِ مِقْوَل، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ، قَالَ: وَلَا يُجْمَعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ لأَن مؤَنثه لَا تَدْخُلُهُ الْهَاءُ. ومِقْوَال: كمِقْوَل؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ عَلَى النسَب، كُلُّ ذَلِكَ حسَن القَوْل لسِن، وَفِي الصِّحَاحِ: كَثِيرُ القَوْل. الجوهري: رجل قَؤُول وَقَوْمٌ قُوُل مِثْلُ صَبور وصُبُر، وإِن شِئْتَ سَكَّنْتَ الْوَاوَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهل الْعَرَبِيَّةِ قَؤُول وقُوْل، بإِسكان الْوَاوِ، تَقُولُ: عَوان وعُوْن الأَصل عُوُن؛ وَلَا يُحَرَّكُ إِلا فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
تَمْنَحُه سُوُكَ الإِسْحِل «3»
. قَالَ: وَشَاهِدُ قوله رجل قَؤُول قَوْلُ كَعْبُ بْنُ سَعْدٍ الغَنَوي:
وعَوراء قَدْ قِيلَتْ فَلَمْ أَلْتَفِتْ لَهَا، ... وَمَا الكَلِمُ العُورانُ لِي بِقَبيل
وأُعرِضُ عَنْ مَوْلَايَ، لَوْ شِئْتُ سَبَّني، ... وَمَا كُلُّ حِينٍ حِلْمُهُ بأَصِيل
وَمَا أَنا، لِلشَّيْءِ الَّذِي لَيْسَ نافِعِي ... ويَغْضَب مِنْهُ صَاحِبِي، بِقَؤُول
ولستُ بِلاقي المَرْء أَزْعُم أَنه ... خليلٌ، وَمَا قَلْبي لَهُ بخَلِيل
وامرأَة قَوَّالَة: كَثِيرَةُ القَوْل، وَالِاسْمُ القَالَةُ والقَالُ والقِيل. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِنه لَمِقْوَل إِذا كَانَ بَيِّناً ظَرِيفَ اللِّسَانِ. والتِّقْولةُ، الكثيرُ الْكَلَامِ الْبَلِيغُ فِي حَاجَتِهِ. وامرأَة وَرَجُلٌ تِقْوالةٌ: مِنْطِيقٌ. وَيُقَالُ: كثُر القالُ والقِيلُ. الْجَوْهَرِيُّ: القُوَّل جَمْعُ قَائِل مِثْلُ راكِع ورُكَّع؛ قَالَ رُؤْبَةَ:
فَالْيَوْمَ قَدْ نَهْنَهَني تنَهْنُهِي، ... أَوَّل حِلْمٍ لَيْسَ بالمُسَفَّهِ،
وقُوَّل إِلَّا دَهٍ فَلا دَهِ
وَهُوَ ابنُ أَقوالٍ وابنُ قَوَّالٍ أَي جيدُ الْكَلَامِ فَصِيحٌ. التَّهْذِيبُ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ ذَا لسانٍ طَلِق إِنه لابنُ قَوْلٍ وَابْنُ أَقْوالٍ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه نُهِيَ عَنْ قِيل وقَالٍ وإِضاعةِ الْمَالِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ قِيلٍ وَقَالٍ نحوٌ وعربيَّة، وَذَلِكَ أَنه جَعَلَ القَال مَصْدَرًا، أَلا تَرَاهُ يَقُولُ عَنْ قِيلٍ وقالٍ كأَنه قَالَ عَنْ قيلٍ وقَوْلٍ؟ يُقَالُ عَلَى هَذَا: قلتُ قَوْلًا وقِيلًا وَقَالًا، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقُولُ فِي قِرَاءَةِ
عَبْدِ اللَّهِ: ذلك عيسى بنُ مَرْيَمَ قالَ الحقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ
؛ فَهَذَا مِنْ هذا كأَنه
__________
(2) . وفي رواية أخرى:
ولكان لو علمَ الكلامَ مُكَلمي
(3) . قوله [تمنحه إلخ] صدره كما في مادة سوك:
أغر الثنايا أحم اللثات ... تَمْنَحُهُ سُوُكَ الإِسحل(11/573)
قَالَ: قالَ قَوْلَ الْحَقِّ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: القالُ فِي مَعْنَى القَوْل مِثْلُ العَيْب والعابِ، قَالَ: وَالْحَقُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُرَادُ بِهِ الله تعالى ذِكرُه كأَنه قَالَ قَوْلَ اللهِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ القَالَةُ. يُقَالُ: كثرتْ قَالَةُ النَّاسِ، قَالَ: وأَصْل قُلْتُ قَوَلْتُ، بِالْفَتْحِ، وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ بِالضَّمِّ لأَنه يَتَعَدَّى. الْفَرَّاءُ فِي
قَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ونهيِه عَنْ قِيلٍ وقَالٍ وَكَثْرَةِ السؤَال
، قَالَ: فَكَانَتَا كَالِاسْمَيْنِ، وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَلَوْ خُفِضتا عَلَى أَنهما أُخرجتا مِنْ نِيَّةِ الْفِعْلِ إِلى نِيَّةِ الأَسماء كَانَ صَوَابًا كَقَوْلِهِمْ: أَعْيَيْتني مِنْ شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنه نهَى عَنِ فُضُول مَا يتحدَّث بِهِ المُتجالِسون مِنْ قَوْلِهِمْ قِيلَ كَذَا وقَالَ كَذَا، قَالَ: وَبِنَاؤُهُمَا عَلَى كَوْنِهِمَا فِعْلَيْنِ مَاضِيَيْنِ محكيَّيْن متضمِّنين لِلضَّمِيرِ، والإِعراب عَلَى إِجرائهما مَجْرَى الأَسماء خِلْوَيْن مِنَ الضَّمِيرِ وإِدخال حَرْفِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِمَا لِذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ القِيل والقَال، وَقِيلَ: القالُ الِابْتِدَاءُ، والقِيلُ الْجَوَابُ، قَالَ: وَهَذَا إِنما يَصِحُّ إِذا كَانَتِ الرِّوَايَةُ قِيل وَقَالَ عَلَى أَنهما فِعْلان، فَيَكُونُ النَّهْيُ عَنِ القَوْل بِمَا لَا يَصِحُّ وَلَا تُعلم حقيقتُه، وَهُوَ كَحَدِيثِهِ الْآخَرِ:
بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا
وأَما مَنْ حكَى مَا يَصِحُّ وتُعْرَف حقيقتُه وأَسنده إِلى ثِقةٍ صَادِقٍ فَلَا وَجْهَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلَا ذَمَّ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِنه جَعَلَ الْقَالَ مَصْدَرًا كأَنه قَالَ: نَهَى عَنْ قيلٍ وقوْلٍ، وَهَذَا التأْويل عَلَى أَنهما اسْمَانِ، وَقِيلَ: أَراد النَّهْيَ عَنْ كَثْرَةِ الْكَلَامِ مُبتدئاً ومُجيباً، وَقِيلَ: أَراد بِهِ حِكَايَةَ أَقوال النَّاسِ وَالْبَحْثَ عَمَّا لَا يُجْدِي عَلَيْهِ خَيْرًا وَلَا يَعْنيه أَمرُه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَلا أُنَبِّئُكم مَا العَضْهُ؟ هِيَ النميمةُ القَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ
أَي كَثْرَةُ القَوْلِ وإِيقاع الْخُصُومَةِ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا يَحْكِي البعضُ عَنِ الْبَعْضِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَفَشَتِ القَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ
، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ القَوْل والحديثَ. اللَّيْثُ: تَقُولُ الْعَرَبُ كَثُرَ فِيهِ القالُ والقِيلُ، وَيُقَالُ إِن اشتِقاقَهما مِنْ كَثْرَةِ مَا يَقُولُونَ قَالَ وَقِيلَ لَهُ، وَيُقَالُ: بَلْ هُمَا اسْمَانِ مُشْتَقَّانِ مِنَ القَوْل، وَيُقَالُ: قِيلَ عَلَى بِنَاءِ فِعْل، وقُيِل عَلَى بِنَاءِ فُعِل، كِلَاهُمَا مِنَ الْوَاوِ وَلَكِنَّ الْكَسْرَةَ غَلَبَتْ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ. الْفَرَّاءُ: بَنُو أَسد يَقُولُونَ قُولَ وقِيلَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وأَنشد:
وابتدأَتْ غَضْبى وأُمَّ الرِّحالْ، ... وقُولَ لَا أَهلَ لَهُ وَلَا مالْ
بِمَعْنًى وقِيلَ: وأَقْوَلَهُ مَا لَمْ يَقُلْ وقَوَّلَه مَا لَمْ يَقُل، كِلاهما: ادَّعَى عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أَقَالَهُ مَا لَمْ يقُل؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَوْل مَقُولٌ ومَقْؤول؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ أَيضاً، قَالَ: والإِتمام لُغَةُ أَبي الْجَرَّاحِ. وآكَلْتَني وأَكَّلْتَني مَا لَمْ آكُل أَي ادّعَيْته عَليَّ. قَالَ شَمِرٌ: تَقُولُ قَوَّلَني فُلان حَتَّى قلتُ أَي عَلَّمَنِي وأَمرني أَن أَقول، قَالَ: قَوَّلْتَني وأَقْوَلْتَني أَي علَّمتني مَا أَقول وأَنطقتني وحَمَلْتني عَلَى القَوْل. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ حِينَ قِيلَ لَهُ: مَا تقول في عثمان وعلي، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؟ فَقَالَ: أَقول فِيهِمَا مَا قَوَّلَنِيَ اللَّهُ تَعَالَى؛ ثُمَّ قرأَ: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ (الْآيَةَ) .
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: سَمِعَ امرأَة تندُب عمَر فَقَالَ: أَما وَاللَّهِ مَا قالتْه وَلَكِنْ قُوِّلَتْه
أَي لُقِّنَته وعُلِّمَته وأُلْقِيَ عَلَى لِسَانِهَا يَعْنِي مِنْ جَانِبِ الإِلْهام أَي أَنه حَقِيقٌ بِمَا قَالَتْ فِيهِ. وتَقَوَّلَ قَوْلًا: ابتدَعه كذِباً. وتَقَوَّلَ فُلَانٌ عليَّ بَاطِلًا أَي قَالَ عَليَّ مَا لَمْ أَكن قلتُ وَكَذِبَ عليَّ؛(11/574)
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ
. وَكَلِمَةٌ مُقَوَّلَة: قِيلتْ مرَّة بَعْدَ مرَّة. والمِقْوَل: اللِّسَانُ، وَيُقَالُ: إِنَّ لِي مِقْوَلًا، وَمَا يسُرُّني بِهِ مِقْوَل، وَهُوَ لِسَانُهُ. التَّهْذِيبُ: أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا، قَالَ: اعْلَمْ أَن الْعَرَبَ تَقُولُ: قَالَ إِنه وَزَعَمَ أَنه، فَكَسَرُوا الأَلف فِي قَالَ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَفَتَحُوهَا فِي زَعَمَ، لأَن زَعَمَ فِعْل وَاقِعٌ بِهَا متعدٍّ إِليها، تَقُولُ زَعَمْتُ عبدَ اللَّهِ قَائِمًا، وَلَا تَقُولُ قُلْتُ زَيْدًا خَارِجًا إِلَّا أَن تُدْخِلَ حَرْفًا مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِفْهَامِ فِي أَوله فَتَقُولُ: هَلْ تَقُولُه خَارِجًا، وَمَتَى تَقُولُه فعَل كَذَا، وَكَيْفَ تَقُولُه صَنَعَ، وعَلامَ تَقُولُه فَاعِلًا، فَيَصِيرُ عِنْدَ دُخُولِ حُرُوفِ الِاسْتِفْهَامِ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الظَّنِّ، وَكَذَلِكَ تَقُولُ: مَتَى تَقُولُني خَارُجًا، وَكَيْفَ تَقُولُك صَانِعًا؟ وأَنشد:
فَمَتَى تَقُولُ الدارَ تَجْمَعُنا
قَالَ الْكُمَيْتُ:
عَلامَ تَقُولُ هَمْدانَ احْتَذَتْنا ... وكِنْدَة، بالقوارِصِ، مُجْلِبينا؟
وَالْعَرَبُ تُجْري تَقُولُ وَحْدَهَا فِي الِاسْتِفْهَامِ مَجْرَى تظنُّ فِي الْعَمَلِ؛ قَالَ هُدْبَةُ بْنُ خَشْرم:
مَتَّى تَقُولُ القُلُصَ الرَّواسِما ... يُدْنِين أُمَّ قاسِمٍ وقاسِما؟
فَنَصَبَ القُلُص كَمَا يُنْصَبُ بالظنِّ؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:
عَلامَ تَقُولُ الرُّمْحَ يُثْقِلُ عاتِقي، ... إِذا أَنا لَمْ أَطْعُنْ، إِذا الخيلُ كَرَّتِ؟
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
أَمَّا الرَّحِيل فدُون بعدَ غدٍ، ... فَمَتَى تَقُولُ الدارَ تَجْمَعُنا؟
قَالَ: وَبَنُو سُلَيْمٍ يُجْرون متصرِّف قُلْتُ فِي غَيْرِ الِاسْتِفْهَامِ أَيضاً مُجْرى الظنِّ فيُعدُّونه إِلى مَفْعُولَيْنِ، فَعَلَى مَذْهَبِهِمْ يَجُوزُ فَتْحُ أنَّ بَعْدَ القَول. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سَمِعَ صوْت رَجُلٍ يقرأُ بِاللَّيْلِ فَقَالَ أَتَقُولُه مُرائياً
أَي أَتظنُّه؟ وَهُوَ مختصٌّ بِالِاسْتِفْهَامِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لمَّا أَراد أَن يعتَكِف ورأَى الأَخْبية فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: البِرَّ تَقُولون بهنَ
أَي تظنُّون وتَرَوْن أَنهنَّ أَردْنَ البِرَّ، قَالَ: وفِعْلُ القَوْلِ إِذا كَانَ بِمَعْنَى الْكَلَامِ لَا يعمَل فِيمَا بَعْدَهُ، تَقُولُ: قلْت زَيْدٌ قَائِمٌ، وأَقول عَمْرٌو مُنْطَلِقٌ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُعمله فَيَقُولُ قلْت زَيْدًا قَائِمًا، فإِن جعلتَ القَوْلَ بِمَعْنَى الظَّنِّ أَعملته مَعَ الِاسْتِفْهَامِ كَقَوْلِكَ: مَتَى تَقُولُ عمراً ذاهباً، وأَ تَقُولُ زَيْدًا مُنْطَلِقًا؟ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا أَحسن قِيلَك وقَوْلَك ومَقالَتَكَ ومَقالَك وقالَك، خَمْسَةُ أَوجُه. اللَّيْثُ: يُقَالُ انتشَرَت لِفُلَانٍ فِي النَّاسِ قالةٌ حَسَنَةٌ أَو قالةٌ سَيِّئَةٌ، والقَالَةُ تَكُونُ بِمَعْنَى قائلةٍ، والقَالُ فِي مَوْضِعِ قَائِلٍ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ لِقَصِيدَةٍ: أَنا قالُها أَي قائلُها. قَالَ: والقَالَةُ القَوْلُ الْفَاشِي فِي النَّاسِ. والمِقْوَل: القَيْل بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المِقْوَل والقَيْل الْمَلِكُ مِنْ مُلوك حِمْير يَقُول مَا شَاءَ، وأَصله قَيِّل؛ وقِيلَ: هُوَ دُونَ الْمَلِكِ الأَعلى، وَالْجَمْعُ أَقْوال. قَالَ سِيبَوَيْهِ: كسَّروه عَلَى أَفْعال تَشْبِيهًا بِفَاعِلٍ، وَهُوَ المِقْوَل وَالْجَمْعُ مَقاوِل ومَقاوِلة، دَخَلَتِ الْهَاءُ فِيهِ عَلَى حدِّ دُخُولِهَا فِي القَشاعِمة؛ قَالَ لَبِيدٌ:
لَهَا غَلَلٌ مِنْ رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ ... بأَيمان عُجْمٍ، يَنْصُفُون المَقاوِلا(11/575)
والمرأَة قَيْلةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَصل قَيْل قَيِّل، بِالتَّشْدِيدِ، مِثْلُ سَيِّد مِنْ سَادَ يَسُود كأَنه الَّذِي لَهُ قَوْل أَي ينفُذ قولُه، وَالْجَمْعُ أَقْوال وأَقْيال أَيضاً، وَمَنْ جمَعه عَلَى أَقْيال لَمْ يَجْعَلِ الْوَاحِدَ مِنْهُ مشدَّداً؛ التَّهْذِيبُ: وَهُمُ الأَقْوال والأَقْيَال، الْوَاحِدُ قَيْل، فَمَنْ قَالَ أَقْيال بَنَاهُ عَلَى لَفْظِ قَيْل، وَمَنْ قَالَ أَقْوال بَنَاهُ عَلَى الأَصل، وأَصله مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ؛ وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَتَبَ لِوَائِلِ بْنِ حُجْر وَلِقَوْمِهِ: مِنْ محمدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلى الأَقْوالِ العَباهِلة
، وَفِي رِوَايَةٍ:
إِلى الأَقْيال العَباهِلة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الأَقْيال ملوك باليمن دُونَ الْمَلِكِ الأَعظم، واحدُهم قَيْل يَكُونُ مَلِكًا عَلَى قَوْمِهِ ومِخْلافِه ومَحْجَره، وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ الْمَلِكُ قَيْلًا لأَنه إِذا قَالَ قَوْلًا نفَذ قولُه؛ وَقَالَ الأَعشى فَجَعَلَهُمْ أَقْوالًا:
ثُمَّ دانَتْ، بَعْدُ، الرِّبابُ، وَكَانَتْ ... كعَذابٍ عقوبةُ الأَقْوالِ
ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ قَالَ: الأَقْوال جَمْعُ قَيْل، وَهُوَ الْمَلِكُ النَّافِذُ القَوْل والأَمرِ، وأَصله قَيْوِل فَيْعِل مِنَ القَوْل، حُذِفَتْ عَيْنُهُ، قَالَ: وَمِثْلُهُ أَموات فِي جَمْعِ ميْت مُخَفَّفِ مَيِّتٍ، قَالَ: وأَما أَقْيال فَمَحْمُولٌ عَلَى لَفْظِ قَيْل كَمَا قِيلَ أَرْياح فِي جَمْعِ رِيحٍ، وَالشَّائِعُ المَقِيس أَرْواح. وَفِي الْحَدِيثِ:
سُبْحَانَ مَنْ تَعَطَّف العِزَّ وَقَالَ بِه
: تعطَّف العِزَّ أَي اشْتَمَلَ بالعِزِّ فَغَلَبَ بِالْعِزِّ كلَّ عَزِيزٍ، وأَصله مِنَ القَيْل ينفُذ قولُه فِيمَا يُرِيدُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَى وَقَالَ بِهِ أَي أَحبَّه واختصَّه لِنَفْسِهِ، كَمَا يُقال: فُلَانٌ يَقُول بِفُلَانٍ أَي بمحبَّته واختصاصِه، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ حَكَم بِهِ، فإِن القَوْل يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الحُكْم. وَفِي الْحَدِيثِ:
قُولُوا بقَوْلكم أَو بَعْضِ قَوْلِكم وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكم الشَّيْطَانُ
أَي قُولوا بقَوْل أَهل دِينكم ومِلَّتكم، يَعْنِي ادْعُونِي رَسُولًا وَنَبِيًّا كَمَا سمَّاني اللَّهُ، وَلَا تُسَمُّونِي سيِّداً كَمَا تسمُّون رُؤَسَاءَكُمْ، لأَنهم كَانُوا يحسَبون أَن السِّيَادَةَ بِالنُّبُوَّةِ كَالسِّيَادَةِ بأَسباب الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ بَعْضِ قولِكم يَعْنِي الاقتصادَ فِي الْمَقَالِ وتركَ الإِسراف فِيهِ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا مَدَحُوهُ فَكَرِهَ لَهُمُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْمَدْحِ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ، يُرِيدُ تكلَّموا بِمَا يحضُركم مِنَ القَوْلِ وَلَا تتكلَّفوه كأَنكم وُكلاءُ الشَّيْطَانِ ورُسُلُه تنطِقون عَنْ لِسَانِهِ. واقْتال قَوْلًا: اجْتَرَّه إِلى نفسِه مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ. واقْتَالَ عَلَيْهِمُ: احْتَكَم؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للغَطَمَّش مِنْ بَنِي شَقِرة:
فبالخَيْر لَا بالشرِّ فارْجُ مَوَدَّتي، ... وإِنِّي امرُؤٌ يَقْتَالُ مِنِّي التَّرَهُّبُ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ الْهَيْثَمَ بْنَ عَدِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ فِي رُقْية النَّمْلة: العَرُوس تَحْتَفِل، وتَقْتالُ وتَكْتَحِل، وكلَّ شَيْءٍ تَفْتَعِلْ، غَيْرَ أَن لَا تَعْصِي الرَّجُلْ؛ قَالَ: تَقْتَال تَحْتَكِم عَلَى زَوْجِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: اقْتال عَلَيْهِ أَي تحكَّم؛ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ سَعْدٍ الغَنَويّ:
ومنزلَةٍ فِي دَارِ صِدْق وغِبْطةٍ، ... وَمَا اقْتَال مِنْ حُكْمٍ عَليَّ طَبيبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده بِالرَّفْعِ ومنزلةٌ لأَن قَبْلَهُ:
وخَبَّرْتُماني أَنَّما الموتُ فِي القُرَى، ... فَكَيْفَ وَهَاتَا هَضْبَةٌ وكَثِيبُ
وماءُ سَمَاءٍ كَانَ غَيْرَ مَحَمَّة ... بِبَرِّيَّةٍ، تَجْري عَلَيْهِ جَنُوبُ(11/576)
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَعشى:
ولمِثْلِ الَّذِي جَمَعْتَ لِرَيْبِ الدهر ... تَأْبى حُكُومَةَ المُقْتالِ
وقاوَلْته فِي أَمره وتَقاوَلْنا أَي تَفاوَضْنا؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
وإِنَّ اللَّهَ نافِلةٌ تُقَاهُ، ... وَلَا يَقْتالُها إِلا السَّعِيدُ
أَي وَلَا يَقُولُهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ فإِنَّ اللَّهَ، بِالْفَاءِ؛ وَقَبْلَهُ:
حَمِدْتُ اللهَ واللهُ الحميدُ
والقالُ: القُلَةُ، مَقْلُوبٌ مغيَّر، وَهُوَ العُود الصَّغِيرُ، وَجَمْعُهُ قِيلان؛ قَالَ:
وأَنا فِي ضُرَّاب قِيلانِ القُلَهْ
الْجَوْهَرِيُّ: القالُ الْخَشَبَةُ الَّتِي يضرَب بِهَا القُلَة؛ وأَنشد:
كأَنَّ نَزْوَ فِراخِ الهامِ، بينَهُم، ... نَزْوُ القُلاة، قَلَاهَا قالُ قالِينا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ يُرْوَى لِابْنِ مُقْبِلٍ، قَالَ: وَلَمْ أَجده فِي شِعْرِهِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ اقْتَالَ بِالْبَعِيرِ بَعِيرًا وَبِالثَّوْبِ ثَوْبًا أَي اسْتَبْدَلَهُ بِهِ، وَيُقَالُ: اقْتَالَ باللَّوْن لَوْناً آخَرَ إِذا تَغَيَّرَ مِنْ سفرٍ أَو كِبَر؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
فاقْتَلْتُ بالجِدّة لَوْناً أَطْحَلا، ... وَكَانَ هُدَّابُ الشَّباب أَجْملا
ابْنُ الأَعرابي: الْعَرَبُ تَقُولُ قَالُوا بزيدٍ أَي قَتَلُوه، وقُلْنا بِهِ أَي قَتَلْناه؛ وأَنشد:
نَحْنُ ضَرَبْنَاهُ عَلَى نِطَابه، ... قُلْنا بِهِ قُلْنا بِهِ قُلْنا بِهِ
أَي قَتَلْناه، والنَّطابُ: حَبْل العاتِقِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
فقَالَ بِالْمَاءِ عَلَى يَده
؛ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
فقَالَ بِثَوبه هَكَذَا
، قَالَ ابْنُ الأَثير: الْعَرَبُ تَجْعَلُ الْقَوْلَ عِبَارَةً عَنْ جَمِيعِ الأَفعال وتطلِقه عَلَى غَيْرِ الْكَلَامِ وَاللِّسَانِ فَتَقُولُ قَالَ بِيَده أَي أَخذ، وقَالَ برِجْله أَي مَشَى؛ وَقَدْ تقدَّم قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وقَالَتْ لَهُ العَيْنانِ: سَمْعًا وَطَاعَةَ
أَي أَوْمَأَتْ، وقَالَ بِالْمَاءِ عَلَى يدِه أَي قَلب، وقَالَ بِثَوْبٍ أَي رفَعَه، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَجَازِ وَالِاتِّسَاعِ كَمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ السَّهْوِ
قَالَ: مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالُوا: صدَق
، رُوِيَ
أَنهم أَوْمَؤُوا برؤوسِهم
أَي نَعَمْ وَلَمْ يتكلَّموا؛ قَالَ: وَيُقَالُ قَالَ بِمَعْنَى أَقْبَلَ، وَبِمَعْنَى مَالَ واستراحَ وضرَب وغلَب وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
جُرَيْجٍ: فأَسْرَعَت القَوْلِيَّةُ إِلى صَوْمَعَتِه
؛ همُ الغَوْغاءُ وقَتَلَةُ الأَنبياء واليهودُ، وتُسمَّى الغَوْغاءُ قَوْلِيَّةً.
قيل: الْقَائِلَةُ: الظَّهِيرة. يُقَالُ: أَتانا عِنْدَ القائِلة، وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى القَيْلولة أَيضاً، وَهِيَ النَّوْم فِي الظَّهِيرَةِ. الْمُحْكَمُ: الْقَائِلَةُ نِصفُ النَّهَارِ. اللَّيْثُ: القَيْلُولَة نَوْمةُ نِصْف النَّهَارِ، وَهِيَ القَائِلَةُ، قَالَ يَقِيلُ، وَقَدْ قَالَ الْقَوْمُ قَيْلًا وقَائِلَةً وقَيْلُولَةً ومَقَالًا ومَقِيلًا، الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ. والمَقِيلُ أَيضاً: الْمَوْضِعُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ المَقَال لمَوْضع القَيْلولة، قَالَ الشَّاعِرُ:
فَمَا إِنْ يَرْعَوِينَ لِمَحْلِ سَبْتٍ، ... وَمَا إِنْ يَرْعَوينَ عَلَى مَقَالَ
وَقَالَتْ قُرَيْشٌ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْل أَن فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الفُتوحَ: إِنَّا لأَكْرَمُ مُقاماً(11/577)
وأَحسن مَقِيلًا، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا
، قَالَ الْفَرَّاءُ: قَالَ بَعْضُ المحدِّثين يُرْوَى
أَنه يُفْرَغ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ فِي نِصْف ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَقِيلُ أَهل الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وأَهلُ النَّارِ فِي النَّارِ
، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا
، قَالَ: وَأَهل الْكَلَامِ إِذا اجْتَمَعَ لَهُمْ أَحمق وَعَاقِلٌ لَمْ يَسْتَجِيزُوا أَن يَقُولُوا: هَذَا أَحمق الرَّجُلَيْنِ وَلَا أَعْقل الرَّجُلَيْنِ، وَيَقُولُونَ: لَا تَقُولُ هَذَا أَعْقل الرَّجُلَيْنِ إِلا لِعَاقِلٍ يفضُل عَلَى صَاحِبِهِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَقَدْ قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا فَجَعَلَ أَهل الْجَنَّةِ خَيْرًا مستَقرًّا مِنْ أَهل النَّارِ، وَلَيْسَ فِي مستَقرِّ أَهل النَّارِ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ، فَاعْرِفْ ذَلِكَ مِنْ خَطَئِهِمْ، وَقَالَ أَبو طَالِبٍ: إِنما جَازَ ذَلِكَ لأَنه مَوْضِعٌ فَيُقَالُ هَذَا الْمَوْضِعُ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وإِذا كَانَ نَعْتًا لَمْ يَسْتَقِمْ أَن يَكُونَ نعتُ وَاحِدٍ لِاثْنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، قَالَ الأَزهري: وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الزجَّاج وَقَالَ: يُفْرَق بَيْنَ المَنازِل والنُّعوت. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والقَيْلولة عِنْدَ الْعَرَبِ والمَقِيلُ الِاسْتِرَاحَةُ نِصْفَ النَّهَارِ إِذا اشتدَّ الْحَرُّ وإِن لَمْ يَكُنْ مَعَ ذَلِكَ نَوْمٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَن الْجَنَّةَ لَا نَوْمَ فِيهَا. وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ:
قِيلوا، فإِن الشَّيَاطِينَ لَا تَقِيل.
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لَا يُقِيلُ مَالًا وَلَا يُبِيتُه
أَي كَانَ لَا يُمسِك مِنَ الْمَالِ مَا جَاءَهُ صَبَاحًا إِلى وقْت الْقَائِلَةِ، وَمَا جَاءَهُ مَسَاءً لَا يُمسِكه إِلى الصَّبَاحِ. والمَقِيل والقَيْلولة: الِاسْتِرَاحَةُ نصفَ النَّهَارِ وإِن لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نَوْمٌ، يُقَالُ: قَالَ يَقِيلُ قَيْلُولَة، فَهُوَ قَائِل. وَمِنْهُ حَدِيثِ
زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْل: مَا مُهاجِرٌ كمَن قَالَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَا مُهَجِّر
، أَي لَيْسَ مَنْ هاجَر عَنْ وَطَنه أَو خَرَجَ فِي الهاجِرة كمَن سكَن فِي بَيْتِهِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ وأَقام بِهِ، وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ مَعْبَد:
رَفِيقَيْنِ قَالا خَيْمَتَيْ أُمّ مَعْبَدِ
أَي نَزَلَا فِيهَا «4» عِنْدَ الْقَائِلَةِ إِلا أَنه عدَّاه بِغَيْرِ حَرْفِ جرٍّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ بِتِعْهِن وَهُوَ قَائِل السُّقْيا
، تِعْهِنُ والسُّقْيا: مَوْضِعَانِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، أَي أَنه يَكُونُ بالسُّقْيا وقْتَ الْقَائِلَةِ، أَو هُوَ مِنَ القوْل أَي يَذْكُرُ أَنه يَكُونُ بالسُّقْيا، وَمِنْهُ حَدِيثُ الْجَنَائِزِ:
هَذِهِ فُلانة مَاتَتْ ظُهْراً وأَنت صَائِمٌ قَائِلٌ
أَي سَاكِنٌ فِي الْبَيْتِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ، وَفِي شِعْرِ ابْنِ رَواحة:
اليَوْمَ نَضْرِبْكُم عَلَى تَنْزِيلِه، ... ضَرْباً يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِه
الهامُ: جمعُ هامةٍ وَهِيَ أَعلى الرأْس، ومَقِيلُه: مَوْضِعُهُ، مستعارٌ مِنْ مَوْضِعِ الْقَائِلَةِ، وَسُكُونُ الْبَاءِ مِنْ نَضْرِبْكم مِنْ جَائِزَاتِ الشِّعْرِ، وموضعُها الرفعُ. وتَقَيَّلوا: نَامُوا فِي الْقَائِلَةِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُقَالُ مَا أَقْيَلَه، استَغْنوا عَنْهُ بِمَا أَنْوَمَهُ كَمَا قَالُوا تركْتُ وَلَمْ يَقُولُوا ودَعْتُ لَا لعلَّةٍ. وَرَجُلٌ قَائِلٌ وَالْجَمْعُ قُيَّلٌ، بِالتَّشْدِيدِ، وقُيَّال، والقَيْلُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ كالشَّرْب والصَّحْب والسَّفْر، قَالَ:
إِن قَالَ قَيْلٌ لَمْ أَقِلْ فِي القُيَّل
فَجَاءَ بالجَمْعَيْن، وقَيل: هُوَ جَمْعُ قَائِل. وَمَا أَكْلأَ قَائِلَتَه أَي نَوْمَه، فَأَمَّا قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
إِذا بَدَا دُهانِجٌ ذُو أَعْدَال «5»
فَقَدْ يَكُونُ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ قَالَ كضرَّاب وشَتَّام،
__________
(4) . قوله [فيها] هكذا في الأصل والنهاية بضمير الإِفراد والمناسب فيهما بضمير التثنية.
(5) . قوله [فَأَمَّا قَوْلُ الْعَجَّاجِ إِذَا بدا إلخ] هكذا في الأصل ولعل الشاهد فيما بعده.(11/578)
وَقَدْ يَكُونُ عَلَى النَّسَب، كَمَا قَالُوا نَبَّال لِصَاحِبِ النَّبْل. وشَرِبَتِ الإِبلُ قَائِلَةً أَي فِي الْقَائِلَةِ، كَقَوْلِكَ شرِبَتْ ظَاهِرَةً أَي فِي الظَّهِيرة، وَقَدْ يَكُونُ قَائِلَةً هُنَا مَصْدَرًا كالعافِية. وأَقَالَها هُوَ وقَيَّلَها: أَوردها ذَلِكَ الوقْت. واقْتَالَ: شَرِبَ نصْفَ النَّهَارِ. والقَيْلُ: اللَّبَنُ الَّذِي يُشْرَبُ نِصْفَ النَّهَارِ وقْتَ القَائِلَة، وَقَوْلُهُ:
وَكَيْفَ لَا أَبْكي، عَلَى عِلَّاتي، ... صَبَائِحِي غَبائِقِي قَيلاتي
عَنى بِهِ ذَوَاتَ قَيْلاتي، فقَيْلات عَلَى هَذَا جَمْعُ قَيْلَةٍ الَّتِي هِيَ المرَّة الْوَاحِدَةُ مِنَ القَيْل، الأَزهري: أَنشدني أَعرابي:
مَا لِيَ لَا أَسْقِي حُبَيِّباتي، ... وهُنَّ يَوْمَ الوِرْدِ أُمَّهاتي،
صَبَائِحي غَبائِقي قَيْلاتي
أَراد بِحُبَيِّباتِه إِبِلَه الَّتِي يَسْقِيها ويشرَبُ أَلْبانها، جعلهنَّ كأُمَّهاته. والقَيُول: كالقَيْل اسْمٌ كالصَّبُوح والغَبُوق. وقَيَّلَ الرجلَ: سَقَاهُ القَيْل. وتَقَيَّلَ هُوَ القَيْلَ: شَرِبه، أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَلَقَدْ تَقَيَّلَ صَاحِبِي مِنْ لِقْحةٍ ... لَبَناً يَحِلّ، ولحمُها لَا يُطْعَم
الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ قَيَّلَه فَتَقَيَّلَ أَي سَقَاهُ نصفَ النَّهَارِ فَشَرِبَ، قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا رُبَّ مُهْرٍ مَزْعُوق، ... مُقَيَّل أَو مَغْبُوقْ،
مِنْ لَبَنِ الدُّهْمِ الرُّوقْ
وَيُقَالُ: هُوَ شَرُوب لِلْقَيْل إِذا كَانَ مِهْيافاً دَقِيقَ الخَصْر يَحْتَاجُ إِلى شُرْبٍ نِصْفَ النَّهَارِ. وقالَ يَقِيلُ قَيْلًا إِذا شَرِبَ نصفَ النَّهَارِ، وتَقَيَّلَ أَيضاً. وَحَكَى ابْنُ دَرَسْتَوَيْه اقْتَالَ، وَوَزْنُهُ افْتَعَل، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةٍ قَوَلَ. واقْتَلْتُ اقْتِيَالًا إِذا شَرِبْتَ القَيْل. التَّهْذِيبُ: القَيْل شُرْب نِصْفَ النَّهَارِ، وأَنشد:
يُسْقَيْنَ رَفْهاً بِالنَّهَارِ والليلْ، ... مِنَ الصَّبُوحِ والغَبُوقِ والقَيْلْ
جَعَلَ القَيْل هَاهُنَا شَرْبة نِصْفَ النَّهَارِ، وَقَالَتْ أُم تأَبَّط شَرًّا: مَا سَقَيْتُه غَيْلًا، وَلَا حَرَمْتُه قَيْلًا. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: وأَكْتَفِي مِنْ حَمْلِه بالقَيْلَة
، القَيْلَة والقَيْلُ: شُرْب نِصْفَ النَّهَارِ يَعْنِي أَنه يَكْتَفِي بِتِلْكَ الشَّرْبَةِ لَا يَحْتَاجُ إِلى حَمْلِهَا للخِصْب وَالسَّعَةِ. وتَقَيَّلَ النَّاقَةَ: حلَبها عِنْدَ الْقَائِلَةِ، تَقُولُ: هَذِهِ قَيْلي وقَيْلَتي. وَفِي تَرْجَمَةِ صبح: والقَيْلُ والقَيْلَة النَّاقَةُ الَّتِي تحلَب فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلنَّاقَةِ الَّتِي يَشْرَبُونَ لَبَنها نِصْفَ النَّهَارِ قَيْلة، وهُنَّ قَيْلاتي للِّقاح الَّتِي يَحْتَلِبونها وَقْتَ الْقَائِلَةِ. والمِقْيَل: مِحْلَب ضَخْمٌ يحلَب فِيهِ فِي الْقَائِلَةِ، عَنِ الْهَجَرِيِّ وأَنشد:
عَنْزٌ مِنَ السُّكِّ ضَبوبٌ قَنْفَلْ، ... تَكادُ مِنْ غُزْرٍ تَدُقُّ المِقْيَلْ
وقَالَهُ البيعَ قَيْلًا وأَقالَهُ إِقالةً، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ أَنَّ قِلْتُهُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ. واستَقَالَني: طَلَبَ إِليَّ أَنْ أُقِيلَه. وتَقَايَلَ البيِّعان: تَفاسَخا صَفْقَتهما. وتركْتُهما يَتَقَايَلان البيعَ أَي يَسْتَقِيل كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. وَقَدْ تَقَايَلا بعد ما تَبَايَعَا أَي تَتَاركا.(11/579)