وَالْجَمْعُ أَشْراك مِثْلُ شِبْر وأَشبار، وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَعتق شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ
أَي حِصَّةً وَنَصِيبًا. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ: أَنه أَجاز بَيْنَ أَهل الْيَمَنِ الشِّرْكَ
أَي الاشتراكَ فِي الأَرض، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَهَا صَاحِبُهَا إِلَى آخَرَ بِالنِّصْفِ أَوِ الثُّلُثِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الِعَزِيزِ: إِنَّ الشِّركَ جَائِزٌ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ: والأَشْراكُ أَيضاً جَمْعُ الشِّرْك وَهُوَ النَّصِيبُ كَمَا يُقَالُ قِسْمٌ وَأَقْسَامٌ، فَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ الأَشْراك فِي بَيْتِ لَبِيدٍ جَمْعَ شَرِيكٍ، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ جَمْعَ شِرْك، وَهُوَ النَّصِيبُ. وَيُقَالُ: هَذِهِ شَرِيكَتي، وَمَاءٌ لَيْسَ فِيهِ أَشْراك أَي لَيْسَ فِيهِ شُركاء، وَاحِدُهَا شِرْك، قَالَ: ورأَيت فُلَانًا مُشْتركاً إِذَا كَانَ يُحَدِّث نَفْسَهُ أَن رأْيه مُشْتَرَك لَيْسَ بِوَاحِدٍ. وَفِي الصِّحَاحِ: رأَيت فُلَانًا مُشْتَرَكاً إِذَا كَانَ يحدِّث نَفْسَهُ كَالْمَهْمُومِ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: الناسُ شُرَكاء فِي ثَلَاثٍ: الكَلإِ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَعْنَى النَّارِ الحَطَبُ الَّذِي يُستوقد بِهِ فَيُقْلَعُ مِنْ عَفْوِ الْبِلَادِ، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ الَّذِي يَنْبُع والكلأُ الَّذِي مَنْبته غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَالنَّاسُ فِيهِ مُسْتَوُون؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بِالْمَاءِ مَاءَ السَّمَاءِ وَالْعُيُونِ والأَنهار الَّذِي لَا مَالِكَ لَهُ، وأَراد بالكلإِ المباحَ الَّذِي لَا يُخَصُّ بِهِ أَحد، وأَراد بِالنَّارِ الشجَر الَّذِي يَحْتَطِبُهُ النَّاسُ مِنَ الْمُبَاحِ فَيُوقِدُونَهُ؛ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى الْعَمَلِ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فِي الثَّلَاثَةِ، وَالصَّحِيحُ الأَول؛ وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ:
تَشارَكْنَ هَزْلى مُخُّهنَّ قَليلُ
أَي عَمَّهنَّ الهُزال فَاشْتَرَكْنَ فِيهِ. وفَريضة مُشتَرَكة: يَسْتَوِي فِيهَا الْمُقْتَسِمُونَ، وَهِيَ زَوْجٌ وأُم وأَخوان لأُم، وأَخوان لأَب وأُم، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وللأُم السُّدُسُ، وللأَخوين للأُم الثُّلُثُ، ويَشْرَكُهم بَنُو الأَب والأُم لأَن الأَب لَمَّا سَقَطَ سَقَطَ حُكْمُهُ، وَكَانَ كَمَنْ لَمْ يَكُنْ وَصَارُوا بَنِي أُم مَعًا؛ وَهَذَا قَوْلُ زِيدٍ. وَكَانَ
عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَكَمَ فِيهَا بأَن جَعَلَ الثُّلُثَ للإِخوة للأُم، وَلَمْ يَجْعَلْ للإِخوة للأَب والأُم شيئاً، فراجعه الإِخوة للأَب والأُم وَقَالُوا لَهُ: هَبْ أَن أَبانا كَانَ حِمَارًا فأَشْرِكْنا بِقَرَابَةِ أُمنا، فأَشَرَكَ بَيْنَهُمْ
، فَسُمِّيَتِ الفريضةُ مُشَرَّكةً ومُشَرِّكةً، وَقَالَ اللَّيْثُ: هِيَ المُشْتَرَكة. وَطَرِيقٌ مُشْتَرَك: يَسْتَوِي فِيهِ النَّاسُ. وَاسْمٌ مُشْتَرَك: تَشْتَرِكُ فِيهِ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ كَالْعَيْنِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ يَجْمَعُ مَعَانِيَ كَثِيرَةً؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وَلَا يَسْتَوِي المَرْآنِ: هَذَا ابنُ حُرَّةٍ، ... وَهَذَا ابنُ أُخْرى، ظَهْرُها مُتَشَرَّكُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ مُشْتَرَك. وأَشْرَك بِاللَّهِ: جَعَلَ لَهُ شَريكاً فِي مُلْكِهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَالِاسْمُ الشِّرْكُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عَبْدِهِ لُقْمَانَ أَنه قَالَ لِابنه: يا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
. والشِّرْكُ: أَن يجعل لِلَّهِ شَرِيكًا فِي رُبوبيته، تَعَالَى اللَّهُ عَنِ الشُّرَكاء والأَنداد، وإِنما دَخَلَتِ التَّاءُ فِي قَوْلِهِ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ
لأَن مَعْنَاهُ لَا تَعْدِلْ به غَيْرِهِ فَتَجْعَلَهُ شَرِيكًا لَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً
؛ لأَن مَعْنَاهُ عَدَلُوا بِهِ، وَمَنْ عَدَلَ بِهِ شَيْئًا مِنْ خَلقه فَهُوَ كَافِرٌ مُشْرِك، لأَن اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ وَلَا نِدَّ لَهُ وَلَا نَديدَ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ
؛ مَعْنَاهُ الَّذِينَ هُمْ صَارُوا مُشْرِكِينَ بِطَاعَتِهِمْ لِلشَّيْطَانِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنهم آمَنُوا بِاللَّهِ وأَشركوا بِالشَّيْطَانِ، وَلَكِنْ عَبَدُوا اللَّهَ وَعَبَدُوا مَعَهُ الشَّيْطَانَ فَصَارُوا بِذَلِكَ مُشْركين، لَيْسَ(10/449)
أَنهم أَشركوا بِالشَّيْطَانِ وَآمَنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ؛ رَوَاهُ عَنْهُ أَبو عُمر الزَّاهِدُ، قَالَ: وعَرَضَه عَلَى المُبرِّد فَقَالَ مُتْلَئِبٌّ صَحِيحٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الشِّرْك الْكُفْرُ. وَقَدْ أَشرك فُلَانٌ بِاللَّهِ، فَهُوَ مُشْرِك ومُشْرِكيٌّ مِثْلُ دَوّ ودَوِّيّ وسَكّ وسَكِّيّ وقَعْسَرٍ قَعْسَريّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ومُشْرِكِيّ كافرٍ بالفُرْقِ
أَي بالفُرقان. وَفِي الْحَدِيثِ:
الشّرْك أَخْفَى فِي أُمتي مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرِيدُ بِهِ الرِّيَاءَ فِي الْعَمَلِ فَكَأَنَّهُ أَشْرَكَ فِي عَمَلِهِ غَيْرَ اللَّهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً
. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَك
حَيْثُ جَعَلَ مَا لَا يُحْلَفُ بِهِ مَحْلُوفًا بِهِ كاسم الله الذي به يكون القَسَم. وَفِي الْحَدِيثِ:
الطِّيَرةُ شِرْكٌ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ
؛ جَعَلَ التَطَيُّرَ شِرْكاً بِهِ فِي اعْتِقَادِ جَلْبِ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ، وَلَيْسَ الكفرَ بِاللَّهِ لأَنه لَوْ كَانَ كُفْرًا لَمَا ذَهَبَ بِالتَّوَكُّلِ. وَفِي حَدِيثِ تَلْبية الْجَاهِلِيَّةِ:
لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَّا شَرِيكٌ هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ
، يَعْنون بِالشَّرِيكِ الصَّنَمَ، يُرِيدُونَ أَن الصَّنَمَ وَمَا يَمْلِكُهُ وَيَخْتَصُّ بِهِ مِنَ الْآلَاتِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَهُ وَحَوْلَهُ وَالنُّذُورِ الَّتِي كَانُوا يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَيْهِ كُلُّهَا مِلْكٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ صِحَّةَ التَّوْحِيدِ والإِخلاص فِي الإِيمان، انْظُرْ إِلَى هَؤُلَاءِ لَمْ يَنْفَعْهُمْ طَوَافُهُمْ وَلَا تَلْبِيَتُهُمْ وَلَا قَوْلُهُمْ عَنِ الصَّنَمِ هُوَ لَكَ، وَلَا قَوْلُهُمْ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَك مَعَ تَسْمِيَتِهِمُ الصَّنَمَ شَرِيكًا، بَلْ حَبِطَ عَمَلُهم بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ، وَلَمْ يَصِحَّ لَهُمُ التَّوْحِيدُ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَا نَفَعَتْهُمْ مَعْذِرَتُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي
؛ أَي اجْعَلْهُ شَرِيكِي فِيهِ. وَيُقَالُ فِي المُصاهرة: رَغِبْنا فِي شِرككم وصِهْرِكم أَي مُشاركتكم فِي النَّسَبِ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: فُلَانٌ شَرِيكُ فُلَانٍ إِذَا كَانَ مُتَزَوِّجًا بِابْنَتِهِ أَو بأُخته، وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ النَّاسُ الخَتَنَ، قَالَ: وامرأَة الرَّجُلِ شَرِيكَتُه وَهِيَ جَارَتُهُ، وَزَوْجُهَا جارُها، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الشَّرِيكَ جَارٌ، وأَنه أَقرب الْجِيرَانِ. وَقَدْ شَرِكه فِي الأَمر بالتحريك، يَشْرَكُه إِذَا دَخَلَ مَعَهُ فِيهِ وأَشْرَكه مَعَهُ فِيهِ. وأَشْرَك فلانٌ فُلَانًا فِي الْبَيْعِ إِذا أَدخله مَعَ نَفْسِهِ فِيهِ. واشْتَرَكَ الأَمرُ: الْتَبَسَ. والشَّرَكُ: حَبَائِلُ الصَّائِدِ وَكَذَلِكَ مَا يُنْصَبُ لِلطَّيْرِ، وَاحِدَتُهُ شَرَكَة وَجَمْعُهَا شُرُكٌ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ نَادِرَةٌ. وشَرَكُ الصَّائِدِ: حِبالَتُه يَرْتَبِك فِيهَا الصَّيْدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعوذ بِكَ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وشِرْكِه
أَيْ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ وَيُوَسْوِسُ بِهِ مِنَ الإِشراك بِاللَّهِ تَعَالَى، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ، أَي حَبائله ومَصايده، وَاحِدَتُهَا شَرَكَة. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: كَالطَّيْرِ الحَذِر يَرى أَن لَهُ فِي كُلِّ طَرِيقٍ شَرَكاً.
وشَرَكُ الطَّرِيقِ: جَوادُّه، وَقِيلَ: هِيَ الطُّرُقُ الَّتِي لَا تَخْفَى عَلَيْكَ وَلَا تَسْتَجْمِعُ لَكَ فأَنت تَرَاهَا وَرُبَّمَا انْقَطَعَتْ غَيْرَ أَنها لَا تَخْفَى عَلَيْكَ، وَقِيلَ: هِيَ الطُّرق الَّتِي تخْتَلجُ، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ، وَاحِدَتُهُ شَرَكَة. الأَصمعي: الْزَمْ شَرَك الطَّرِيقِ وَهِيَ أَنْساع الطَّرِيقِ، الْوَاحِدَةُ شَرَكَة، وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ أَخاديد الطَّرِيقِ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَهِيَ مَا حَفَرَت الدوابُّ بِقَوَائِمِهَا فِي مَتْنِ الطَّرِيقِ شَرَكَة هَاهُنَا وأُخرى بِجَانِبِهَا. شَمِرٌ: أُمُّ الطَّرِيقِ مُعْظَمُه، وبُنَيَّاتُه أَشْراكُه صِغارٌ تَتَشَعَّبُ عَنْهُ ثُمَّ تَنْقَطِعُ. الْجَوْهَرِيُّ: الشَّرَكة مُعْظَمُ الطَّرِيقِ وَوَسَطُهُ، وَالْجَمْعُ شَرَك؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّمَّاخ:(10/450)
إِذَا شَرَكُ الطريقِ تَوَسَّمَتْهُ، ... بخَوْصاوَيْنِ فِي لُحُجٍ كَنِينِ
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
بالعِيسِ فَوْقَ الشَّرَكِ الرِّفاضِ
والكلأُ فِي بَنِي فُلَانٍ شُرُكٌ أَي طَرَائِقُ، وَاحِدُهَا شِراك. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَرْعَى مُتَّصِلًا وَكَانَ طَرَائِقَ فَهُوَ شُرُكٌ. والشِّراكُ: سَيْرُ النَّعْلِ، والجمعُ شُرُك. وأَشْركَ النعلَ وشَرَّكها: جَعَلَ لَهَا شِراكاً، والتَّشْرِيك مِثْلُهُ. ابْنُ بُزُرْج: شَرِكَت النعلُ وشَسِعَتْ وزَمَّتْ إِذا انْقَطَعَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَ الفَيْءُ بِقَدْرِ الشِّراكِ
؛ هُوَ أَحد سُيور النَّعْلِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى وَجْهِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْرُهُ هَاهُنَا لَيْسَ عَلَى مَعْنَى التَّحْدِيدِ، وَلَكِنَّ زَوَالَ الشَّمْسِ لَا يَبِينُ إِلَّا بأَقل مَا يُرى مِنَ الظِّلِّ، وَكَانَ حينئد بِمَكَّةَ، هَذَا القَدْر وَالظِّلُّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَزمنة والأَمكنة وَإِنَّمَا يَبِينُ ذَلِكَ فِي مِثْلِ مَكَّةَ مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي يَقِلّ فِيهَا الظِّلُّ، فَإِذَا كَانَ أَطول النَّهَارِ وَاسْتَوَتِ الشَّمْسُ فَوْقَ الْكَعْبَةِ لَمْ يُرَ لِشَيْءٍ مِنْ جَوَانِبِهَا ظِلٌّ، فَكُلُّ بَلَدٍ يَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى خَطِّ الِاسْتِوَاءِ ومُعْتَدل النَّهَارِ يَكُونُ الظِّلُّ فِيهِ أَقصر، وَكُلَّمَا بَعُدَ عَنْهُمَا إِلَى جِهَةِ الشَّمال يَكُونُ الظِّلُّ فِيهِ أَطول. ولطْمٌ شُرَكِيّ: مُتَتَابِعٌ. يُقَالُ: لَطَمَهُ لطْماً شُرَكِيّاً، بِضَمِّ الشِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، أَي سَرِيعًا مُتَتَابِعًا كلَطْمِ المُنْتَقِشِ مِنَ الْبَعِيرِ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَر:
وَمَا أَنا إِلَّا مُسْتَعِدٌّ كَمَا تَرى، ... أَخُو شُرَكيّ الوِرْدِ غَيْرُ مُعَتِّمِ
أَي وِرْد بَعْدَ وِرْدٍ مُتَتَابِعٍ؛ يَقُولُ: أَغْشاك بِمَا تَكْرَهُ غَيْرَ مُبْطِئ بِذَلِكَ. وَلَطَمَهُ لطمَ المُنْتَقِش وَهُوَ الْبَعِيرُ تَدْخُلُ فِي يَدِهِ الشَّوْكَةُ فَيَضْرِبُ بِهَا الأَرض ضَرْبًا شَدِيدًا، فَهُوَ مُنْتَقِش. والشُّرَكِيّ والشُّرَّكِيُّ، بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِهَا: السَّرِيعُ من السير. وشِرْكٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
إِذَا عَضَلٌ سِيقَت إِلَيْنَا كأنَّهم ... جِدايَةُ شِرْكٍ، مُعْلَماتُ الحَواجِب
ابْنُ بَرِّيٍّ: وشَرْكٌ اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ عُمارة:
هَلْ تَذكُرون غَداةَ شَرْك، وأَنتُمُ ... مِثْلُ الرَّعيل مِنَ النَّعامِ النَّافِرِ؟
وبنو شُرَيْك: بطنٌ. وشَريك: اسم رجل.
شكك: الشَّكُّ: نَقِيضُ الْيَقِينِ، وَجَمْعُهُ شُكُوك، وَقَدْ شَكَكْتُ فِي كَذَا وتَشَكَّكْتُ، وشَكَّ فِي الأَمر يَشُكُّ شَكّاً وشَكَّكَه فِيهِ غيرُه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
مَنْ كَانَ يزعمُ أَن سيَكتُم حبَّه، ... حَتَّى يُشَكِّكَ فِيهِ، فَهُوَ كَذُوبُ
أَراد حَتَّى يُشَكِّك فِيهِ غَيْرَهُ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنا أَولى بالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ لما نزل قوله: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى
؛ قَالَ قَوْمٌ لَمَّا سَمِعُوا الْآيَةَ: شَكَّ إبراهيمُ وَلَمْ يَشُكَّ نبينا، فَقَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، تَوَاضُعًا مِنْهُ وَتَقْدِيمًا لإِبراهيم عَلَى نَفْسِهِ:
أَنا أَحق بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ
، أَي أَنا لَمْ أَشُكَّ وأَنا دُونَهُ، فَكَيْفَ يَشُكُّ هُوَ؟ وَهَذَا كَحَدِيثِهِ الْآخَرِ:
لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ متَّى
؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: نَقَلْتُ هَذَا الْكَلَامَ عَلَى نَصّه وَفِي قَلَمِي نَبْوَةٌ عَنْ قَوْلِهِ وأَنا دُونَهُ، وَلَقَدْ كَانَ فِي قَوْلِهِ أَنا لَمْ أَشك فَكَيْفَ يَشُكُّ هُوَ كِفَايَةٌ، وَغَنًى عَنْ قَوْلِهِ وأَنا دُونَهُ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مُنَاسَبَةٌ لِقَوْلِهِ
لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ(10/451)
مَتَّى
، فَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يُونُسَ بْنَ مَتَّى أَفضل مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ يُعْطِي مَعْنَى التأَدب مَعَ الأَنبياء، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، أَي وَإِنْ كُنْتُ أَفْضَلَ مِنْهُ فَلَا تُفَضِّلُونِي عَلَيْهِ، تَوَاضُعًا مِنْهُ وشَرَفَ أَخلاقٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُمْ: صُمْتُ الشَّهْرَ الَّذِي شَكَّه الناسُ؛ يُرِيدُونَ شَكَّ فِيهِ النَّاسُ. والشَّكُوكُ: النَّاقَةُ الَّتِي يُشَكُّ فِي سَنَامِهَا أَبه طِرْق أَم لَا لِكَثْرَةِ وَبَرِهَا فيُلْمَسُ سنامُها، وَالْجَمْعُ شُكٌّ. وشَكَّه بِالرُّمْحِ وَالسَّهْمِ وَنَحْوِهِمَا يشُكُّه شَكّاً: انْتَظَمَهُ، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ الِانْتِظَامُ شَكًّا إِلَّا أَن يَجْمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ بِسَهْمٍ أَو رُمْحٍ أَو نَحْوِهِ. وشَككْتُه بِالرُّمْحِ إِذَا خَزَقْتَهُ وَانْتَظَمْتَهُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
حِفافَيْه شُكَّا فِي العَسِيب بمِسْرَدِ
وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
وشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه، ... لَيْسَ الكريمُ عَلَى القَنا بمُحَرَّمِ
وَفِي حَدِيثِ
الخُدْريّ: أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ بَيْتَهُ فَوَجَدَ حَيَّةً فشَكَّها بِالرُّمْحِ
أَي خَزَقَهَا وَانْتَظَمَهَا بِهِ. والشِّكَّةُ: السِّلَاحُ، وَقِيلَ: الشِّكَّةُ مَا يُلْبَسُ مِنَ السِّلَاحِ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: شاكٌّ فِي سِلَاحِهِ أَي دَاخِلٌ فِيهِ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ أَدخلته فِي شَيْءٍ، فَقَدْ شَكَكْته. والشِّكَّةُ: خَشَبَةٌ عَرِيضَةٌ تُجْعَلُ فِي خُرْت الْفَأْسِ وَنَحْوِهِ يُضيَّقُ بِهَا. وَيُقَالُ: رَجُلٌ شاكُّ السِّلَاحِ، وشاكٌّ فِي السِّلَاحِ، والشَّاكُّ فِي السِّلَاحِ وَهُوَ اللَّابِسُ السِّلَاحِ التَّامِّ. وَقَوْمٌ شُكَّاكٌ فِي الْحَدِيدِ. وَفِي حَدِيثِ فِداء
عَيَّاش بْنِ أَبي رَبِيعَةَ: فأَبى النبيّ أَنْ يَفديَه إِلا بِشِكَّةِ أَبيه
أَي بِسِلَاحِهِ. وَفِي حَدِيثِ
مُحَلَّم بْنِ جَثَّامَة: فَقَامَ رَجُلٌ عَلَيْهِ شِكَّةٌ.
وشَكَّ فِي السِّلَاحِ: دَخَلَ. وَيُقَالُ: هُوَ شاكٌّ فِي السِّلَاحِ، وَقَدْ خُفِّفَ فَقِيلَ: شاكِ السِّلَاحِ وشاكُ السِّلَاحِ، وَتَفْسِيرُهُ فِي الْمُعْتَلِّ، وَقَدْ شَكّ فِيهِ فَهُوَ يشُكُّ شَكّاً أَي لَبِسَهُ تَامًّا فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا، فَهُوَ شاكٌّ فِيهِ. أَبو عُبَيْدٍ: فُلَانٌ شَاكِ السِّلَاحِ مأْخوذ مِنَ الشِّكَّةِ أَي تَامُّ السِّلَاحِ. والشَّاكي، بِالتَّخْفِيفِ، والشائِكُ جَمِيعًا: ذُو الشَّوكة والحَدِّ فِي سِلَاحِهِ. ابْنُ الأَعرابي: شُكَّ إِذَا أُلْحِقَ بِنَسَبِ غَيْرِهِ، وشَكَّ إِذَا ظَلَع وغَمَزَ. أَبو الجرَّاح وَاحِدُ الشَّواكِّ شاكٌّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: شاكَّةٌ وَهُوَ وَرَمٌ يَكُونُ فِي الْحَلْقِ وأَكثر مَا يَكُونُ فِي الصِّبْيَانِ. والشَّكائكُ مِنَ الْهَوَادِجِ: مَا شُكَّ مِنْ عِيدَانِهَا الَّتِي بقيت بِهَا بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَمَا خِفْتُ بَيْنَ الْحَيِّ حَتَّى تَصَدَّعَتْ، ... عَلَى أَوجُهٍ شَتَّى، حُدوجُ الشَّكائِكِ
والشَّكُّ: لُزوقُ العَضُدِ بالجَنْب، وَقِيلَ: هُوَ أَيسر مِنَ الظَّلَع. وشكَّ يشُكُّ شَكّاً، وَبَعِيرٌ شاكُّ: أَصابه ذَلِكَ. والشَّكُّ: اللُّزومُ واللُّصوق؛ قَالَ أَبو دَهْبَل الجُمَحيّ:
دِرْعي دِلاصٌ، شَكُّها شَكٌّ عَجَبْ، ... وجَوْبُها القاتِرُ مِنْ سَيْرِ اليَلَبْ
وَفِي حَدِيثِ الْغَامِدِيَّةِ:
أَنه أَمر بِهَا فشُكَّتْ عَلَيْهَا ثيابُها ثُمَّ رُجمت
، أَي جُمعت عَلَيْهَا ولُفَّت لِئَلَّا تَنْكَشِفَ كأَنها نُظمت وزُرَّت عَلَيْهَا بِشَوكة أَو خِلال، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أُرسلت عَلَيْهَا ثِيَابُهَا. والشَّكُّ: الاتصالُ واللُّصوقُ. وشَكَّ البعيرُ يشُكُّ شَكًّا أَي ظَلَع ظَلْعاً خَفِيفًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ نَاقَتَهُ وشَبَّهها بِحِمَارٍ وَحْشٍ:
وثْبَ المُسَحَّجِ مِنْ عاناتِ مَعْقُلَةٍ، ... كأَنه مُسْتَبانُ الشَّكِّ أَو جَنِبُ
يَقُولُ: تَثِبُ هَذِهِ الناقةُ وثْبَ الْحِمَارِ الَّذِي هُوَ فِي تَمَايُلِهِ فِي الْمَشْيِ مِنَ النَّشَاطِ كالجَنِبِ الَّذِي يَشْتَكِي جنْبَه. والشَّكِيكَةُ: الْفِرْقَةُ مِنَ النَّاسِ: وَالشَّكَائِكُ: الفِرَقُ(10/452)
مِنَ النَّاسِ. ودَعْه عَلَى شَكِيكَته أَي طَرِيقَتِهِ، وَالْجَمْعُ شَكائك، عَلَى الْقِيَاسِ، وشُكَكٌ نَادِرَةٌ. وَرَجُلٌ مُخْتَلِفُ الشَّكَّةِ والشِّكَّةِ: مُتَفَاوِتُ الأَخلاق. ابْنُ الأَعرابي: الشُّكَكُ الأَدعياءُ، والشُّكَكُ الجماعاتُ مِنَ الْعَسَاكِرِ يَكُونُونَ فِرَقًا؛ وَقَوْلُ ابْنُ مُقْبِل يَصِفُ الْخَيْلَ:
بكُلِّ أَشَقَّ مَقْصوصِ الذُّنابى، ... بشَكِّيَّات فارِسَ قَدْ شُجِينا
يَعْنِي اللُّجُم. والشِّكُّ: الحُلَّة الَّتِي تُلْبَسُ ظهورَ السِّيَتينِ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ شَكَّ القومُ بيوتَهم يشُكُّونها شَكّاً إِذَا جَعَلُوهَا عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ وَنَظْمٍ وَاحِدٍ، وَهِيَ الشِّكاكُ لِلْبُيُوتِ المصطفَّة؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَإِنِّي، كَمَا قَالَتْ نَوارُ، إِنِ اجْتَلَتْ ... عَلَى رجُلٍ مَا شَكَّ كَفّي خَليلُها «2»
. أَي مَا قارنَ. ورحمٌ شاكَّة أَي قَرِيبَةٌ، وَقَدْ شَكَّت إِذَا اتَّصَلَتْ. وَضَرَبُوا بيوتَهم شِكاكاً أَي صَفًّا وَاحِدًا، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنَّمَا هُوَ سِكاكٌ يَشْتَقُّهُ مِنَ السِّكَّةِ، وَهُوَ الزُّقاق الْوَاسِعُ. أَبو سَعِيدٍ: كُلُّ شَيْءٍ إِذَا ضَمَمْتَهُ إِلَى شَيْءٍ، فَقَدْ شَكَكْتَه؛ قَالَ الأَعشى:
أَو اسْفَنْطَ عانةَ، بعدَ الرُّقادِ، ... شَكَّ الرِّصافُ إِلَيْهَا الغَديرا
وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
جُماناً ومَرْجاناً يشُكُّ المَفاصِلا
أَراد بِالْمَفَاصِلِ ضُروبَ مَا فِي العِقْدِ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمَنْظُومَةِ، وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: خَطَبهم عَلَى مِنبر الْكُوفَةِ وَهُوَ غَيْرُ مَشْكوك
أَي غَيْرُ مَشْدُودٍ؛ وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
بيضٌ سَوابغُ قَدْ شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ، ... كأَنها حَلَقُ القَفْعاءِ مَجْدُولُ
وَيُرْوَى بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ السَّكَك، وَهُوَ الضِّيقُ، وقد تقدم.
شوك: الشَّوْكُ مِنَ النَّبَاتِ: مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ شَوْكة، والطاقةُ مِنْهَا شَوْكَة؛ وَقَوْلُ أَبي كَبِيرٍ:
فَإِذَا دَعَانِي الدَّاعِيانِ تَأَيَّدا، ... وَإِذَا أُحاوِلُ شَوْكَتي لَمْ أُبْصِرِ
إِنَّمَا أَراد شَوْكَةً تَدْخُلُ فِي بَعْضِ جَسَدِهِ وَلَا يُبْصِرُهَا لِضَعْفِ بَصَرِهِ مِنَ الْكِبَرِ. وأَرضٌ شاكَةٌ: كَثِيرَةُ الشَّوْك. وَشَجَرَةٌ شاكَةٌ وشَوِكَةٌ وشائكَةٌ ومُشيكة: فِيهَا شَوْكٌ. وَشَجَرٌ شَائِكٌ أَي ذُو شَوْك. وَقَدْ أَشْوَكَتِ النَّخْلَةُ أَي كَثُرَ شَوْكُها، وَقَدْ شَوَّكَتْ وأَشْوكَتْ. وَقَدْ شاكَتْ إِصبَعه شَوْكةٌ إِذَا دَخَلَتْ فِيهَا. وَشَاكَتْهُ الشَّوْكةُ تَشُوكه: دَخَلَتْ فِي جِسْمِهِ. وشُكْتُه أَنا: أَدخلت الشَّوْك فِي جِسْمِهِ. وَشَاكَ يَشاكُ: وَقَعَ فِي الشَّوْك. وشاكَ الشَّوْكة يَشاكُها: خَالَطَهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وشِكْتُ الشَّوْكَ أَشاكه إِذَا دَخَلْتَ فِيهِ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنه أَصابك قُلْتَ شَاكَنِي الشَّوْكُ يَشوُكُني شَوْكاً. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ شِكْتُ فأَنا أَشاك شاكَةً وشِيكةً، بالكسرِ، إذا وقعت فِي الشَّوْك. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شِكْتُ فأَنا أَشاكُ، أَصله شَوِكْتُ فَعَمِلَ بِهِ مَا عملَ بقِيلَ وصِيغَ. وَمَا أَشاكه شَوْكةً وَلَا شاكَه بِهَا أَي مَا أَصابه. قَالَ بَعْضُهُمْ: شاكَتْه الشَّوْكَةُ تَشُوكه أَصابته. وَتَقُولُ: مَا أشَكْتُه أَنا شَوْكَةً وَلَا شكْتُه بِهَا، فَهَذَا مَعْنَاهُ أَي لَمْ أُوذِهِ بِهَا؛ قَالَ:
لَا تَنْقُشَنَّ بِرِجْلِ غيرِكَ شَوْكَةً، ... فَتقِي برجلِكَ رجلَ مَنْ قَدْ شاكَها
شَاكَهَا: مِنْ شِكْتُ الشَّوْك أَشاكُه. بِرِجْلِ غَيْرِكَ أَي مِنْ رِجْلِ غَيْرِكَ. الكسائي: شُكْتُ الرجلَ
__________
(2) . في ديوان الفرزدق: ما سَدَّ كفي بدل ما شكَ(10/453)
أَشُوكه إِذَا أَدخلت الشَّوْكَةَ فِي رِجْلِهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه جَعَلَهُ مُتَعَدِّيًا إِلَى مَفْعُولَيْنِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي وَجْزَةَ:
شاكَت رُغامَى قَذوفِ الطَّرفِ خائفةٌ ... هَوْل الجَنانِ، نَزوُر غَيْرَ مخداجِ
حَرَّى مُوَقَّعَةٌ ماجَ البَنَانُ بِهَا، ... عَلَى خِضَمٍّ يُسَقَّى الماءَ عَجَّاجِ
يَصِفُ قَوْسًا رَمَى عَلَيْهَا فَشَاكَتِ القوسُ رُغامى طَائِرٍ، مِرْماةٌ مُوقَّعَةٌ: مَسنونةٌ، والرُّغامى: زِيَادَةُ الكَبَد، والحَرَّى: المِرْماة العَطشى. وشِيكَ الرجلُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعلُه، يُشاكُ شَوكاً وشِكْتُ الشَّوكَ أَشاكُه شَاكَةً وشِيكَةً، بِالْكَسْرِ، إِذَا وَقَعْتَ فِيهِ. وشَوَّكَ الحائطَ: جَعَلَ عَلَيْهِ الشوكَ. وأَشوَكتِ الأَرضُ: كَثُرَ فِيهَا الشَّوْكُ. وَشَجَرَةٌ مُشْوِكةٌ وأَرض مُشوِكَة: فِيهَا السِّحاءُ والقَتاد والهَراسُ، وَذَلِكَ لأَن هَذَا كُلَّهُ شاكٌ. وشَوَّك الزرعُ وأَشوَك: حَدَّد وَابْيَضَّ قَبْلَ أَن يَنْتَشِرَ. وشاكَ لَحْيا الْبَعِيرِ: طَالَتْ أَنيابه، وشَوَّك تَشويكاً مِثْلَهُ، وَمِنْهُ إِبِلٌ شُوَيْكِيَّةٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَلَى مُسْتَظِلَّاتِ العُيونِ سَواهِمٍ ... شُوَيْكِيَة، يَكْسو بُراها لُغامُها
وشوكةُ الْعَقْرَبِ: إِبرته. وشَوْكةُ الْحَائِكِ: الَّتِي تُسَوَّى بِهَا السَّداةُ واللُّحْمةُ، وَهِيَ الصِّيصة. وشَوَّك الفرخُ تَشْويكاً: خرجت رؤوسُ رِيشِهِ. وشَوَّكَ شاربُ الْغُلَامِ: خشُن لَمْسُه. وشَوَّكَ ثديُ الْجَارِيَةِ: تحدَّد طرَفُه. التَّهْذِيبُ: شَاكَ ثديُ الْمَرْأَةِ يَشَاكُ إِذَا تهيأَ للنُّهود، وشَوَّك ثَدْيَاهَا إِذَا تهيَّآ لِلْخُرُوجِ تَشويكاً، وشَوَّك الرأسُ بَعْدَ الْحَلْقِ أَي نَبَتَ شَعْرُهُ؛ وحُلَّة شَوْكاءُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: عَلَيْهَا خُشُونَةُ الجِدَّة، وَقَالَ الأَصمعي: لَا أَدري مَا هِيَ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
وأَكسو الحُلَّةَ الشَّوْكاءَ خِدْني، ... وبعضُ القَوْمِ فِي حُزَنٍ وِراطِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده ابْنُ بَرِّيٍّ:
وأَكسو الْحُلَّةَ الشَّوْكَاءَ خَدِّي، ... إِذَا ضَنَّت يَدُ اللَّحِزِ اللَّطاطِ
والشَّوْكةُ: السِّلَاحُ، وَقِيلَ حِدَّةُ السِّلَاحِ. وَرَجُلٌ شَاكِي السِّلَاحِ وشائكُ السِّلَاحِ. أَبو عُبَيْدٍ: الشَّاكي وَالشَّائِكُ جَمِيعًا ذُو الشَّوْكة وَالْحَدِّ فِي سِلَاحِهِ. أَبو زَيْدٍ: هُوَ شاكٍ فِي السِّلَاحِ وَشَائِكٌ، قَالَ: وَإِنَّمَا يُقَالُ شاكٍ إِذَا أَردت مَعْنَى فَاعِلٍ، فَإِذَا أَردت مَعْنَى فعِلٍ قُلْتَ: هُوَ شاكٌ لِلرَّجُلِ، وَقِيلَ: رَجُلٌ شَاكِي السِّلَاحِ حديدُ السِّنانِ والنَّصْل وَنَحْوِهِمَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: رَجُلٌ شَاكِي السِّلَاحِ وشاكُ السِّلَاحِ، بِرَفْعِ الْكَافِ، مِثْلُ جُرُفٍ هارٍ وهارٌ؛ قَالَ مَرْحَبٌ الْيَهُودِيُّ حِينَ بَارَزَ عَلِيًّا، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
قَدْ علمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ، ... شاكُ السِّلَاحِ، بَطَلٌ مُجَرَّبُ
أَبو الْهَيْثَمِ: الشَّاكِي مِنَ السِّلَاحِ أَصْلُهُ شائكٌ مِنَ الشَّوْكِ ثُمَّ نُقِلَتْ فَتُجْعَلُ مِنْ بَنَاتِ الأَربعة فَيُقَالُ هُوَ شَاكِي، وَمَنْ قَالَ شاكُ السِّلَاحِ، بِحَذْفِ الْيَاءِ، فَهُوَ كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ مالٌ ونالٌ مِنَ الْمَالِ والنَّوال، وَإِنَّمَا هُوَ مَائِلٌ وَنَائِلٌ. وشَوِكُ السِّلَاحِ، يَمَانِيَةٌ: حديدهُ. والشَّوْكة: شِدَّةُ الْبَأْسِ والحدُّ فِي السِّلَاحِ. وَقَدْ شَاكَ الرجلُ يَشَاك شَوْكاً أَيْ ظَهَرَتْ شَوْكتُه وحِدَّته، فَهُوَ شَائِكُ السِّلَاحِ. وشَوْكة الْقِتَالِ: شِدَّةُ بَأْسِهِ. وشَوْكة المُقاتل: شِدَّةُ بَأْسِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ حدّةُ السِّلَاحِ، وَقِيلَ شِدَّةُ الكِفاحِ. وَفُلَانٌ ذُو شَوْكة أَي ذُو نِكاية فِي الْعَدُوِّ. وَفِي حَدِيثِ(10/454)
أَنَسٍ: قَالَ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ بالهُرْمُزانِ: تركتُ بَعْدِي عَدُوًّا كَثِيرًا وشَوْكةً شَدِيدَةً
أَي قِتَالًا شَدِيدًا وقوَّة ظَاهِرَةً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
هلُمَّ إِلَى جِهَادٍ لَا شَوْكَة فِيهِ
، يَعْنِي الحجَّ. والشَّوْكةُ: دَاءٌ كَالطَّاعُونِ. والشَّوْكةُ: حُمْرة تَرْقَى الجسدَ فتُرْقَى؛ وَقَدْ شيكَ الرَّجُلُ: أَصابته هَذِهِ الْعِلَّةُ. اللَّيْثُ: الشَّوْكة حُمْرَةٌ تَظْهَرُ فِي الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْجَسَدِ فتُسَكَّن بالرُّقَى، وَرَجُلٌ مَشُوك. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَوَى سَعْدَ بْنَ زُرارة مِنَ الشَّوْكة
، وَهِيَ حُمْرَةٌ تَعْلُو الْوَجْهَ وَالْجَسَدَ. يُقَالُ: قَدْ شيكَ، فَهُوَ مَشُوك، وَكَذَلِكَ إِذَا دَخَلَ فِي جِسْمِهِ شَوْكة. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ
أَي إِذَا شَاكَتْهُ شَوْكةٌ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِقَاشِهَا، وَهُوَ إِخْرَاجُهَا بالمِنْقاش؛ وَمِنْهُ:
وَلَا يُشاكُ الْمُؤْمِنُ
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
حَتَّى الشَّوْكةُ يُشاكُها.
والشَّوْكة: طِينَةٌ تُدارُ رَطْبةً ويُغْمَزُ أَعلاها حَتَّى تَنْبَسِطَ ثُمَّ يُجْعَلُ فِي أَعلاها سُلَّاء النَّخْلِ ليُخَلَّص بِهَا الكتَّانُ، وَتُسَمَّى شُوَاكة الْكَتَّانِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: شَوْكة الْكَتَّانِ. والشُّوَيْكةُ: ضَرْبٌ مِنَ الإِبل. وشَوْكة: بِنْتُ عَمْرِو بْنِ شَأْسٍ؛ وَلَهَا يَقُولُ:
أَلم تَعْلَمي، يَا شَوْكُ، أَن رُبَّ هالِكٍ، ... وَلَوْ كَبُرَتْ رُزءاً عَليَّ وجَلَّتِ
والشُّوَيْكة وشُوكٌ وشَوْكانُ والشَّوْكان: مَوَاضِعُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي.
صَوادِرٌ عَنْ شُوكَ أَو أَضايحا «1»
. وَقَالَ:
كالنَّخْلِ مِنْ شَوْكانَ ذاتِ صِرَامِ
فصل الصاد المهملة
صأك: الصَّأْكةُ، مَجْزُومَةً: الرائحةُ تجدها من الخشبة إذ نَدِيَتْ فَتَغَيَّرَ رِيحُهَا، وَمِنَ الرَّجُلِ إِذا عَرِقَ فَهَاجَتْ مِنْهُ رِيحٌ مُنْتِنة، وَقَدْ صئكَ يَصْأَكُ صأَكاً إِذَا عَرِقَ فَهَاجَتْ مِنْهُ رِيحٌ مُنْتِنَةٌ مِنْ ذَفَر أَو غَيْرِهِ. وصَئِك بِهِ الشَّيْءُ: لَزِقَ. والصائِكُ: الواكِفُ إِذَا كَانَتْ فِيهِ تِلْكَ الرِّيحُ، والفعلُ صَئِكَتِ الْخَشَبَةُ، وَهِيَ تَصْأك صَأكاً؛ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
ومثلكِ مُعْجِبةٍ بالشباب، ... صَاكَ العبيرُ بأَثوابها
أَراد بِهِ صِئِكَ فَخَفَّفَ ولَيَّن. فَقَالَ صَاكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ عِنْدِي عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَلْ لَفْظُهُ عَلَى مَوْضُوعِهِ، وَإِنَّمَا يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الضَّرْبِ مِنَ التَّخْفِيفِ الْبَدَلِيِّ إِذَا لَمْ يَحْتَمِلِ الشَّيْءُ وَجْهًا غَيْرَهُ. وَفِي النَّوَادِرِ: رَجُلٌ صِئكٌ وَهُوَ الشَّدِيدُ مِنَ الرجال.
صطك: المُصْطُكَى: مِنَ العُلُوك؛ رُومِيٌّ وَهُوَ دَخِيلٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ:
فشامَ فِيهَا مثلَ مِحراث الغَضَا، ... تَقْذِفُ عَيْنَاهُ بمثلِ المُصْطُكَى
وَدَوَاءٌ مُمَصْطَكٌ: خَلَطَ بالمُصْطُكَى. ابْنُ الأَنباري: مَصْطَكاء، بِالْمَدِّ، عَنِ الْفَرَّاءِ، وثَرْمداءُ: مَوْضِعٌ، قَالَ: وَهِيَ عَلَى مِثَالِ فَعْلَلاء؛ وَقَدْ قَصَرَهُ الأَغلب ضَرُورَةً «2» . فِي قَوْلِهِ:
تَقذِفُ عيناه بِعلْك المَصْطَكَا
صعلك: الصُّعْلُوك: الْفَقِيرُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ، زَادَ الأَزهري: وَلَا اعْتِمَادَ. وَقَدْ تَصَعْلَكَ الرجل إذا
__________
(1) . وقوله [أو أضايحا] كذا بالأَصل ولم نجده في ياقوت ولا في غيره
(2) . قوله [وَقَدْ قَصَرَهُ الأَغلب ضَرُورَةً] في القاموس أن المقصور فيه الفتح والضم والممدود فيه الفتح فقط انتهى. وعليه فلا ضرورة(10/455)
كَانَ كَذَلِكَ؛ قَالَ حَاتِمُ طيِء:
غَنِينَا زَماناً بالتَّصَعْلُكِ والغِنى، ... فكُلًّا سَقَانَاهُ، بكَأسَيْهما، الدهرُ
فَمَا زَادَنَا بَغْياً عَلَى ذِي قرابةٍ ... غِنانا، وَلَا أَزْرَى بأَحْسابنا الفَقْرُ «1»
. أَي عِشنا زَمَانًا. وتَصَعْلَكت الإِبل: خَرَجَتْ أَوبارها وَانْجَرَدَتْ وطَرحتها. وَرَجُلٌ مُصَعْلَكُ الرَّأْسِ: مُدَوَّرُهُ. وَرَجُلٌ مُصَعْلَك الرَّأْسِ: صَغِيرُهُ؛ وأَنشد:
يُخَيِّلُ فِي المَرْعَى لهنَّ بِشَخْصِهِ، ... مُصَعْلَكُ أَعلى قُلَّة الرأسِ نِقْنِقُ
وَقَالَ شَمِرٌ: المُصَعْلَكُ، مِنَ الأَسْنمة، الَّذِي كَأَنَّمَا حَدْرَجْتَ أَعلاه حدْرجةً، كأَنما صَعْلَكْتَ أَسفله بِيَدِكَ ثُمَّ مَطَلْتَه صُعُداً أَي رَفَعْتَهُ عَلَى تِلْكَ الدَّمْلَكة وَتِلْكَ الِاسْتِدَارَةِ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ أَبِي دُواد يَصِفُ خَيْلًا:
قَدْ تَصَعْلَكْن فِي الرَّبِيعِ، وَقَدْ قرْرَعَ ... جَلْدَ الفرائضِ الأَقدامُ
قَالَ: تَصَعْلَكْن دَقَقْن وَطَارَ عِفاؤها عَنْهَا، وَالْفَرِيضَةُ مَوْضِعُ قَدَمِ الْفَارِسِ. وَقَالَ شَمِرٌ: تَصَعْلَكَتِ الإِبل إِذَا دَقَّت قَوَائِمُهَا مِنَ السِّمن. وصَعْلَكَها البقلُ وصَعْلَك الثريدةَ: جَعَلَ لَهَا رَأْسًا، وَقِيلَ: رَفَعَ رَأْسَهَا. والتَّصَعْلُكُ: الْفَقْرُ. وصَعاليكُ الْعَرَبِ: ذُؤبانُها. وَكَانَ عُرْوة بْنُ الوَرْد يُسَمَّى: عُرْوَةُ الصَّعَالِيكِ لأَنه كَانَ يَجْمَعُ الْفُقَرَاءَ في حظيرة فيَرْزُقُهم مما يَغْنَمُه.
صكك: الصَّكُّ: الضَّرْبُ الشَّدِيدُ بِالشَّيْءِ الْعَرِيضِ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّرْبُ عَامَّةً بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، صَكَّه يَصُكُّه صَكّاً. الأَصمعي: صَكَمْته ولكَمْتُه وصَكَكْتُه ودَكَكْتُه ولكَكْتُه، كلُّه إِذَا دَفَعْتَهُ. وصَكَّه أَي ضَرَبَهُ؛ قَالَ مُدْرِك بْنُ حِصْن:
يا كَرَواناً صُكَّ فاكْيَأَنَّا، ... فشَنَّ بالسَّلْحِ فَلَمَّا شَنَّا
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَصَكَّتْ وَجْهَها
. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الأَكوع: فأَصُكّ سَهْمًا فِي رجْله
أَي أَضْرِبُهُ بِسَهْمٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فاصْطَكُّوا بِالسُّيُوفِ
أَي تَضَارَبُوا بِهَا، وَهُوَ افْتَعلوا مِنَ الصَّكِّ، قُلِبَتِ التَّاءُ طَاءً لأَجل الصَّادِ، وَفِيهِ ذِكْرُ الصَّكيكِ، وَهُوَ الضَّعِيفُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، مِنَ الصَّكِّ الضَّرْبُ أَيْ يُضْرب كَثِيرًا لِاسْتِضْعَافِهِ. وَبَعِيرٌ مَصْكوك ومُصَكَّكٌ: مَضْرُوبٌ بِاللَّحْمِ «2» . واصْطَكَّ الجِرْمانِ: صَكَّ أَحدهُما الْآخَرَ. والصَّكَكُ: اضْطِرَابُ الرُّكبتين والعُرقوبين مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ، وَالنَّعْتُ رَجُلٌ أَصَكُّ، صَكَّ يَصَكُّ صَكَكاً فَهُوَ أَصَكُّ ومِصَكّ، وَقَدْ صَكِكْتَ يا رجل. أَبو عَمْرٍو: كَلُّ مَا جَاءَ عَلَى فَعِلَتْ سَاكِنَةِ التَّاءِ مِنْ ذَوَاتِ التَّضْعِيفِ فَهُوَ مُدْغَمٌ نَحْوَ صَمَّتِ الْمَرْأَةُ وأَشباهه، إِلَّا أَحرفاً جَاءَتْ نَوَادِرَ فِي إِظْهَارِ التَّضْعِيفِ: وَهُوَ لَحِحَتْ عَيْنُهُ إِذَا الْتَصَقَتْ، وَقَدْ مَشِشَت الدَّابَّةَ وصَكِكتْ، وَقَدْ ضَبِبَ البلدُ إِذَا كَثُرَ ضِبابُه، وأَلِلَ السِّقاء إِذَا تَغَيَّرَتْ رِيحُهُ، وَقَدْ قَطِطَ شَعْرُهُ. ابْنُ الأَعرابي: فِي قَدَمَيْهِ قَبَلٌ ثُمَّ حَنَفٌ ثُمَّ فَحَجٌ، وَفِي رُكْبَتَيْهِ صَكَكٌ وَفِي فَخِذَيْهِ فَجًى. والمِصَكُّ: القويُّ الشَّدِيدُ مِنَ النَّاسِ والإِبل وَالْحَمِيرِ؛ وأَنشد يَعْقُوبُ:
تَرَى المِصَكَّ يَطْرُد العَواشِيا ... جِلَّتَها والأُخَرَ الحَواشِيا
__________
(1) . رواية ديوان حاتم لهذين البيتين تختلف عن الرواية التي هنا
(2) . قوله [مضروب باللحم] قال شارح القاموس: كأن اللحم صك فيه صكاً أي شك(10/456)
وَرَجُلٌ مِصَكّ: قَوِيٌّ شَدِيدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَى جَمَلٍ مِصَكّ
، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ؛ هُوَ الْقَوِيُّ الْجَسِيمُ الشَّدِيدُ الخَلْق، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الصَّكِّ احتكاكِ العُرقوبين. والأَصَكُّ: كالمِصَكّ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
قَبَحَ الإِلهُ خُصاكُما، إِذْ أَنتما ... رِدْفانِ، فَوْقَ أَصَكَّ كاليَعْفورِ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: والأُنثى مِصَكَّة، وَهُوَ عَزِيزٌ عِنْدَهُ لأَن مِفْعَلًا ومِفْعَالًا قَلَّمَا تَدْخُلُ الْهَاءُ فِي مُؤَنَّثِهِ. والصَّكَّةُ: شدَّة الْهَاجِرَةِ. يُقَالُ: لَقِيتُهُ صَكَّةَ عُمَيٍّ وصَكَّةَ أَعْمَى، وَهُوَ أَشد الْهَاجِرَةِ حَرًّا، قَالَ بَعْضُهُمْ: عُمَيٌّ اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الْعَمَالِيقِ أَغار عَلَى قَوْمٍ فِي وَقْتِ الظَّهِيرَةِ فَاجْتَاحَهُمْ، فَجَرَى بِهِ الْمَثَلُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
صَكَّ بِهَا عَيْنُ الظَّهِيرَةِ غَائِرًا ... عُمَيٌّ، وَلَمْ يَنْعَلْنَ إِلَّا ظِلالَها
وَيُقَالُ: هُوَ تَصْغِيرُ أَعمى مُرَخَّمًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُسْتظل بِظِلِّ جَفْنة عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُدْعانَ صَكَّةَ عُمَيٍ
، يُرِيدُ فِي الْهَاجِرَةِ، والأَصل فِيهَا أَن عُمَيًّا مصغَّر مُرَخَّمٌ كَأَنَّهُ تَصْغِيرُ أَعْمَى، وَقِيلَ إِنَّ عُمَيًّا اسْمُ رَجُلٍ مِنْ عَدَوانَ كَانَ يُفيض بِالْحَجِّ عِنْدَ الْهَاجِرَةِ وَشِدَّةِ الْحَرِّ، وَقِيلَ: إِنَّهُ أَغار عَلَى قَوْمِهِ فِي حَرِّ الظَّهِيرَةِ فَضُرِبَ بِهِ الْمَثَلُ فِيمَنْ يَخْرُجُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، يُقَالُ: لَقِيتُهُ صَكَّةَ عُمَيٍّ، وَهَذِهِ الجَفْنة كَانَتْ لِابْنِ جُدْعَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُطعم فِيهَا النَّاسَ وَكَانَ يَأْكُلُ مِنْهَا الْقَائِمَ وَالرَّاكِبَ لِعِظَمِهَا، وَكَانَ لَهُ منادٍ يُنَادِي: هَلُمَّ إِلَى الفالوذِ، وَرُبَّمَا حَضَرَ طعامَه سيدُنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وظَليم أَصَكُّ: لِتَقَارُبِ رُكْبَتَيْهِ يُصيب بعضُها بَعْضًا إِذَا عَدَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إنَّ بَني وَقْدانَ قومٌ سُكُّ، ... مثْلُ النَّعامِ، والنَّعامُ صُكُ
الْجَوْهَرِيُّ: ظَليم أَصَكُّ لأَنه أَرَحُّ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ رُبَّمَا أَصاب لتَقاربِ رُكْبَتَيْهِ بعضُها بَعْضًا إِذَا مَشَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَرَّ بجَدْيٍ أَصَكَّ ميِّتٍ
؛ الصَّكَكُ: أَن تَضْرِبَ إِحْدَى الرُّكْبَتَيْنِ الأُخرى عِنْدَ العدْو فَتُؤَثِّرَ فِيهَا أَثَرًا، كأَنه لَمَّا رَآهُ مَيِّتًا قَدْ تقلَّصت رُكْبَتَاهُ وَصَفَهُ بِذَلِكَ، أَو كأَنَّ شَعَرَ رُكْبَتَيْهِ قَدْ ذَهَبَ مِنَ الاصْطكاك وانْجَرَدَ فعرَّفه بِهِ، وَيُرْوَى بِالسِّينِ؛ وَمِنْهُ كِتَابِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ: قَاتَلَكَ اللَّهُ، أُخَيْفِشَ الْعَيْنَيْنِ أَصَكَّ الرِّجْلَيْنِ! والصَّكُّ: الْكِتَابُ، فَارِسِيٌّ معرَّب، وَجَمْعُهُ أَصُكُّ وصُكُوكٌ وصِكَاك؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالصَّكُّ الَّذِي يُكتبُ للعُهدة، معرَّب أَصله چَكّ، ويُجمَعُ صِكَاكاً وصُكوكاً، وَكَانَتِ الأَرزاق تُسَمَّى صِكاكاً لأَنها كَانَتْ تُخْرَجُ مَكْتُوبَةً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي النَّهْيِ عَنْ شِرَاءِ الصِّكاك والقُطُوط، وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: قَالَ لمَرْوانَ أَحْلَلْتَ بَيْعَ الصِّكاك
؛ هِيَ جَمْعُ صَكٍّ وَهُوَ الْكِتَابُ، وَذَلِكَ أَن الأُمراء كَانُوا يَكْتُبُونَ لِلنَّاسِ بِأَرْزَاقِهِمْ وأَعْطياتهم كُتُبًا فَيَبِيعُونَ مَا فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضُوهَا مُعَجَّلًا، ويُعطُون الْمُشْتَرِيَ الصَّكَّ لِيَمْضِيَ وَيَقْبِضَهُ، فنُهوا عَنْ ذَلِكَ لأَنه بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَض. وصَكَّ البابَ صَكّاً: أَغلقه، وصَكَكْتُه: أَطبقته. والمِصَكُّ: الْمِغْلَاقُ. والصَّكِيكُ: الضَّعِيفُ؛ عَنِ ابْنِ الأَنباري، حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. أَبو عَمْرٍو: كَانَ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيِّ قُعْدُداً وَكَانَتْ فِيهِ خَصْلة لَمْ تَكُنْ فِي هَاشِمِيٍّ: كَانَتْ أَسنانه وأَضراسه كُلُّهَا مُلْتَصِقَةً؛ قَالَ: وَهَذَا يُسَمَّى أَصَكَّ، قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لَهُ الأَلَصُّ أَيضاً.(10/457)
صمك: الصَّمكيكُ والصَّمَكُوكُ: الْغَلِيظُ مِنَ الرِّجَالِ الْجَافِي، وَقِيلَ: الْجَاهِلُ السَّرِيعُ إِلَى الشَّرِّ والغَواية؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شاهدُ الصَّمَكُوك قَوْلُ زِيَادٍ المِلْقَطِيّ:
فقلتُ، وَلَمْ أَمْلِكْ: أَغوْثَ بنَ طَيِءٍ ... عَلَى صَمَكوكِ الرأْسِ حَشْرِ القَوادمِ
قَالَ: وَقَالَ آخَرُ فِي الصَّمَكِيكِ:
وصَمَكيكٍ صَمَيَانٍ صِلِ
والصَّمَكُوكُ والصَّمَكِيك: الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ وَهُوَ الشيءُ اللَّزِج. والصَّمَكْمَكُ: الْقَوِيُّ، وَقَدِ اصْمَاكَّ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
وصَمَكيكٍ صَمَيانٍ صِلِّ، ... ابْنِ عجوزٍ لَمْ يَزَلْ فِي ظِلِّ،
هَاجٍ بعِرْسٍ حَوْقَلٍ قِثْوَلِ
والصَّمَكِيك: التارُّ الْغَلِيظُ مِنَ الرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّمَكِيك الأَهوج الشَّدِيدُ.، وَهُوَ الصَّمَكُوكُ المُصْمَئِكُّ الأَهوجُ الشَّدِيدُ الجيِّدُ الْجِسْمِ الْقَوِيُّ. واصْمَأَكَّ الرَّجُلُ وازْمَأَكَّ واهْمَأَكَّ إِذَا غَضِبَ. والمُصْمَئِكُّ: الْغَضْبَانُ. أَبو الْهُذَيْلِ: السماءُ مُصْمَئِكَّة أَي مُسْتَوِيَةٌ خَليقة للمطر؛ وَرَوَى شَمِرٌ عَنْهُ: أَصبحت الأَرض مُصْمَئِكَّةً عَنِ الْمَطَرِ أَي مبتلَّة. وَجَمَلٌ صَمَكَةٌ أَي قَوِيٌّ، وَكَذَلِكَ عَبْدٌ صَمَكَةٌ. واصْمَأَكَّتِ الأَرض، فَهِيَ مُصْمَئِكَّة: وَهِيَ النَّدِيَّة الْمَمْطُورَةُ، وَهَذِهِ ذَكَرَهَا الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ وَقَالَ: أَصل هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَمَا أَشْبهها ثُلَاثِيٌّ، وَالْهَمْزَةُ فِيهَا مجْتَلبة. واصْماكَّ اللبنُ: خَثُرَ جِدّاً حَتَّى يَصِيرَ كالجُبن. ابْنُ السِّكِّيتِ: لَبَنٌ صَمَكيكٌ وصَمَكُوك وَهُوَ اللَّزِج. واصْماكَّ الرجلُ: غضبَ، وَالْهَمْزُ فِيهِمَا لُغَةٌ. واصْمأَكَّ الجُرْح، مَهْمُوزٌ: انْتَفَخَ. والصَّمَكِيكُ مِنَ اللَّبَنِ: الخاثِرُ جِدًّا وَهُوَ حَامِضٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وصَمَكِيكٌ موضع، زعموا.
صملك: الصُّمَّلِكُ «3» . الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ البَضْعَةِ والقوَّة، قَالَ: وَالْجَمْعُ الصَّمالِكُ.
صهك: أَبو عَمْرٍو: الصُّهْكُ الجواري السُّود.
صوك: صاكَ بِهِ الدمُ وَالزَّعْفَرَانُ وغيرهُما يَصُوك صَوْكاً: لَزِقَ؛ وأَنشد:
سَقى اللَّهُ طِفْلًا خَوْدةً ذاتَ بَهْجَةٍ، ... يَصُوكُ بكَفَّيْها الخِضابُ ويَلْبَقُ
يَصُوك: يَلْزَقُ، وَالْيَاءُ فِيهِ لُغَةٌ، وَسَنَذْكُرُهَا. أَبو عَمْرٍو: الصَّائِكُ اللَّازِقُ، وَقَدْ صاكَ يصِيك؛ وظَلَّ يُصايكُني مُنْذُ الْيَوْمِ ويُحايِكُني. وَلَقِيتُهُ أَوَّلَ صَوْكٍ وبوْكٍ. أَي أَوَّل شَيْءٍ؛ وافْعله أَوَّلَ كلِّ صَوْكٍ وبَوْكٍ. والصَّوْكُ: مَاءُ الرَّجُلِ؛ عَنْ كُرَاعٍ وَثَعْلَبٍ. وتَصَوَّك فِي عُذْرَتِهِ: الْتَطَخَ بِهَا كَتَضَوَّك، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ. والصائِكُ: الدَّمُ اللَّازِقُ، وَيُقَالُ: الصَّائِكُ دَمَ الجَوْف.
صيك: صَاكَ الشيءُ صَيْكاً: لَزِقَ. وصاكَ الدمُ يَبِسَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه إِذا يَبِسَ لَزِقَ. وصاكَ بِهِ الطيبُ يَصِيكُ أَي لَصِقَ بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
ومِثْلكِ مُعْجَبة بالشَّبابِ، ... صاكَ العَبِيرُ بأَجْلادِها «4» .
__________
(3) . قوله [الصملك إلخ] كذا بضبط الأَصل، وفي القاموس وشرحه: الصملك كعملس أي بفتحات مشدد اللام وضبطه بعضهم بضم الصاد وتشديد الميم المفتوحة وكسر اللام
(4) . قوله [بأجلادها] أنشده في ص أَك: بأجسادها، وأنشده الصحاح: بأثوابها(10/458)
فصل الضاد المعجمة
ضأك: رجل مَضْؤُوك «1» مَزْكُوم.
ضبك: ضَبَكَ الرجلَ وضَبَّكه: غَمَزَ يَدَيْهِ، يَمَانِيَةٌ. والضَّبِيك: أَوّل مَصَّةٍ يَمُصُّهَا الصَّبِيُّ مِنْ ثَدْيِ أُمه. واضْبَأَكَّتِ الأَرضُ واضْمَأَكَّتْ: خَرَجَ نَبَاتُهَا، بِالضَّادِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: إِذَا اخْضَرَّتْ وَطَلَعَ نَبَاتُهَا. وَزَرْعٌ مُضْبَئِكٌّ: أَخضر؛ عَنْ كراع.
ضبرك: الضِّبْراكُ والضُّبارِك: الشَّدِيدُ الطولِ الضَّخْمُ الثَّقِيلُ، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ لِلثَّقِيلِ الْكَثِيرِ الأَهل؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ورَدُوا أُراقَ بجَحْفَلٍ مِنْ تَغْلِبٍ، ... لَجِبِ العَشِيِّ ضُبارِكِ الأَركانِ
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للأَسد ضُبارِمٌ وضُبارك، وَهُمَا مِنَ الرِّجَالِ الشُّجَاعُ. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ وَجَمَلُ ضِبْراكٌ أَي ضَخْمٌ، وَكَذَلِكَ الضُّبارِك؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَعْدَدْتُ فِيهَا بَازِلًا ضُبارِكا، ... يَقْصُر يَمْشي، ويَطُولُ بارِكا
قَالَ: والجمع الضَّبارِكُ بالفتح.
ضحك: الضَّحِكُ: مَعْرُوفٌ، ضَحِكَ يَضْحَك ضَحْكاً وضِحْكاً وضِحِكاً وضَحِكاً أَربع لُغَاتٍ، قَالَ الأَزهري: وَلَوْ قِيلَ ضَحَكاً لَكَانَ قِيَاسًا لأَن مَصْدَرَ فَعِلَ فَعَلٌ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ جَاءَتْ أَحرف مِنَ الْمَصَادِرِ عَلَى فَعِل، مِنْهَا ضَحِكَ ضَحِكاً، وخَنَقَه خَنِقاً، وخَضَفَ خَضِفاً، وضَرطَ ضَرِطاً، وسَرَقَ سَرِقاً. والضَّحْكَة: المرَّة الْوَاحِدَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كُثَيِّر:
غَمْر الرِّداء، إِذَا تَبَسَّمَ ضَاحِكًا ... غَلِقَتْ لضَحْكَتِهِ رقابُ المالِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
يَبْعَثُ اللَّهُ السحابَ فيَضْحَكُ أَحسنَ الضَّحِكِ
؛ جَعَلَ انْجِلَاءَهُ عَنِ الْبَرْقِ ضَحِكاً اسْتِعَارَةً وَمَجَازًا كَمَا يفْتَرُّ الضاحِكُ عَنِ الثَّغْر، وَكَقَوْلِهِمْ ضَحِكَتِ الأَرضُ إِذا أَخرجت نَبَاتَهَا وزَهْرَتها. وتضَحَّك وتَضاحَك، فَهُو ضَاحِكٌ وضَحَّاك وضَحُوك وضُحَكة: كَثِيرُ الضَّحِك. وضُحْكة، بِالتَّسْكِينِ: يُضْحَك مِنْهُ يطَّرد عَلَى هَذَا بَابٌ. اللَّيْثُ: الضُّحْكة الشَّيْءُ الَّذِي يُضْحك مِنْهُ. والضُّحَكة: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الضَّحِك يُعاب عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ ضَحَّاك: نَعْتٌ عَلَى فَعَّال. وضَحِكْتُ بِهِ وَمِنْهُ بِمَعْنًى. وتَضاحك الرَّجُلُ واسْتَضْحَك بِمَعْنًى. وأَضْحَكه اللهُ عَزَّ وَجَلَّ. والأُضْحُوكة: مَا يُضْحك بِهِ. وامرأَة مِضْحاك: كَثِيرَةُ الضَّحِك. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّاحِك مِنَ السَّحَابِ مِثْلُ العارِضِ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا بَرَق قِيلَ ضَحِك، والضَّحَّاك مَدْح، والضُّحَكَة دَمٌّ، والضُّحْكَة أَذَمُّ، وَقَدْ أَضْحكني الأَمرُ وَهُمْ يَتَضاحكون، وَقَالُوا: ضَحِكَ الزَّهْرُ عَلَى المَثَل لأَن الزَّهْر لَا يَضْحَك حَقِيقَةً. والضَّاحِكَة: كُلُّ سِنّ مِنَ مُقَدَّمِ الأَضراس مِمَّا يَنْدُر عِنْدَ الضَّحِكِ. والضَّاحِكَة: السِّنُّ الَّتِي بَيْنَ الأَنياب والأَضراس، وَهِيَ أَربع ضَواحِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَوْضَحُوا بضاحِكة
أَي مَا تَبَسَّمُوا. والضَّواحِكُ: الأَسنان الَّتِي تَظْهَرُ عِنْدَ التَّبَسُّمِ. أَبو زَيْدٍ: لِلرَّجُلِ أَربع ثَنَايَا وأَربع رَباعِيَات وأَربع ضَواحِك، وَالْوَاحِدُ ضاحِك وَثِنْتَا عَشْرَةَ رَحًى، وَفِي كُلِّ شِقّ ستٌّ: وَهِيَ الطَّواحين ثُمَّ النَّواجِذ بَعْدَهَا، وَهِيَ أَقصى الأَضراس. والضَّحِكُ: ظُهُورُ الثَّنَايَا مِنَ الْفَرَحِ. والضَّحْكُ: العَجَب وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا تقدَّم. والضَّحْك: الثَّغر الأَبيض. والضَّحْك:
__________
(1) . قوله [رجل مضؤوك] وقد ضئك كعني كما في القاموس.(10/459)
الْعَسَلُ، شُبِّهَ بالثَّغْر لِشِدَّةِ بَيَاضِهِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَجَاءَ بِمَزْجٍ لَمْ يَرَ الناسُ مِثْلَهُ، ... هُوَ الضَّحْك، إِلا أَنه عَمَلُ النَّحْلِ
وَقِيلَ: الضَّحْك هُنَا الشَّهْد، وَقِيلَ الزُّبْدُ، وَقِيلَ الثَّلْج. والضَّحْكُ أَيضاً: طَلْعُ النَّخْل حِينَ يَنْشَقُّ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مَا فِي جَوْفِ الطَّلْعة. وضَحِكَتِ النخلةُ وأَضْحَكَتْ: أَخرجت الضَّحْكَ. أَبو عَمْرٍو: الضَّحْكُ والضَّحَّاك وَلِيعُ الطَّلْعة الَّذِي يُؤْكَلُ. والضَّحْك: النَّوْرُ. والضَّحْك: المَحَجَّة. وضَحِكَتِ المرأةُ: حَاضَتْ؛ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ
؛ وَقَدْ فُسِّرَ عَلَى مَعْنَى العَجَب أَي عَجِبَتْ مِنْ فَزَعِ إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَرُوِيَ الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: لَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِعَبْدِهِ ولخليله إِبْرَاهِيمَ لَا تَخَفْ ضَحِكَتْ عِنْدَ ذَلِكَ امرأَته، وَكَانَتْ قَائِمَةً عَلَيْهِمْ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَضَحِكت فبُشرت بَعْدَ الضَّحِك بإسحق، وَإِنَّمَا ضَحِكَتْ سُرُورًا بالأَمن لأَنها خَافَتْ كَمَا خَافَ إِبْرَاهِيمُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا مقدَّم، وَمُؤَخَّرٌ الْمَعْنَى فِيهِ عندهم: فبشرناها بإسحق فَضَحِكَتْ بِالْبِشَارَةِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهُوَ مَا يَحْتَمِلُهُ الْكَلَامُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصَوَابِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فَضَحِكَتْ حَاضَتْ فَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ ثِقَةٍ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: وَسَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الْحَامِضَ يَسْأَلُ أَبَا الْعَبَّاسِ عَنْ قَوْلِهِ فَضَحِكَتْ
أَيْ حَاضَتْ، وَقَالَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ، فَقَالَ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَالتَّفْسِيرُ مُسَلَّمٌ لأَهل التَّفْسِيرِ، فَقَالَ لَهُ فَأَنْتَ أَنْشَدْتَنَا:
تَضْحَكُ الضَّبْعُ لقَتْلى هُذَيْلٍ، ... وتَرى الذئبَ بِهَا يَسْتَهِلّ
فَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: تَضْحَكُ هَاهُنَا تَكْشِرُ، وَذَلِكَ أَنَّ الذِّئْبَ يُنَازِعُهَا عَلَى الْقَتِيلِ فتَكْشِر فِي وَجْهِهِ وَعيداً فَيَتْرُكُهَا مَعَ لَحْمِ الْقَتِيلِ وَيَمُرُّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وضَحِكَت الأَرنبُ ضِحْكاً حَاضَتْ؛ قَالَ:
وضِحْك الأَرانبِ فَوْقَ الصَّفا، ... كمثلِ دَمِ الجَوْفِ يَوْمَ اللِّقا
يَعْنِي الحيضَ فِيمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِ تأَبط شَرًّا:
تَضْحَكُ الضَّبْعُ لِقَتْلَى هُذَيْلٍ
أَي أَن الضَّبُعَ إِذَا أَكلت لُحُومَ النَّاسِ أَو شَرِبَتْ دِمَاءَهُمْ طَمِثَتْ، وَقَدْ أَضْحكها الدمُ؛ قَالَ الكُمَيْت:
وأَضْحَكَتِ الضِّباعَ سُيوفُ سَعْدٍ، ... لقَتْلى مَا دُفِنَّ وَلَا وُدِينا
وَكَانَ ابْنُ دُرَيْدٍ يَرُدُّ هَذَا وَيَقُولُ: مَنْ شَاهَدَ الضِّباعَ عِنْدَ حَيْضِهَا فَيَعْلَمُ أَنها تَحِيضُ؟ وَإِنَّمَا أَراد الشَّاعِرُ أَنها تَكْشِرُ لأَكل اللُّحُومِ، وَهَذَا سَهْوٌ مِنْهُ فَجَعَلَ كَشْرَها ضَحِكاً؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنها تَسْتَبْشِرُ بِالْقَتْلَى إِذَا أَكَلَتْهُمْ فيَهِرُّ بعضُها عَلَى بَعْضٍ فَجَعَلَ هَرِيرها ضَحِكاً وَقِيلَ أَراد أَنها تُسَرّ بِهِمْ فَجَعَلَ السُّرُورَ ضَحِكاً لأَن الضَّحِكَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْهُ كَتَسْمِيَةِ الْعِنَبِ خَمْرًا، ويسْتَهِلُّ: يَصِيحُ ويَسْتَعْوِي الذئابَ. قَالَ أَبو طَالِبٍ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ فَضَحِكَتْ
حَاضَتْ إِنَّ أَصله مِنْ ضَحَّاك الطَّلْعة «1» إِذَا انْشَقَّتْ؛ قَالَ: وقال الأَخطل فهي بِمَعْنَى الْحَيْضِ:
تَضْحَكُ الضَّبْعُ من دِماءِ سُلَيْمٍ، ... إذ رَأَتْها عَلَى الحِداب تَمُورُ
وَكَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: فَضَحِكَتْ
عَجِبَت مِنْ فَزَعِ إِبْرَاهِيمَ.
وَقَالَ أَبو إِسْحَقَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
__________
(1) . قوله [من ضحاك الطلعة] كذا بالأَصل، والإِضافة بيانية لأَن الضحاك، كشداد: طلع النخلة إذا انشق عنه كمامه.(10/460)
وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ
؛ يَرْوِي أَنها ضَحِكَتْ لأَنها كَانَتْ قَالَتْ لإِبراهيم اضْمُمْ لُوطاً ابْنَ أَخيك إِلَيْكَ فَإِنِّي أَعلم أَنَّهُ سَيَنْزِلُ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَذَابٌ، فضحِكَتْ سُروراً لَمَّا أَتى الأَمر عَلَى مَا تَوَهَّمَتْ، قَالَ: فَأَمَّا مَنْ قَالَ فِي تَفْسِيرِ ضَحِكَتْ حَاضَتْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وأَضْحَكَ حَوْضَه: ملأَه حَتَّى فَاضَ، وكأَنَّ الْمَعْنَى قريبٌ بعضُه مِنْ بَعْضٍ لأَنه شَيْءٌ يَمْتَلِئُ ثُمَّ يَفِيضُ، وَكَذَلِكَ الْحَيْضُ. والضَّحُوكُ مِنَ الطُّرُق: مَا وَضَح وَاسْتَبَانَ؛ قَالَ:
عَلَى ضَحُوكِ النَّقْبِ مُجْرَهِدِّ
أَي مُسْتَقِيمٍ. والضَّاحِكُ: حَجَرٌ أَبْيَضُ يَبْدُو فِي الْجَبَلِ. والضَّحُوك: الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ. وطريق ضَحَّاك: مُسْتبين؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذَا هِيَ بالرَّكْبِ العِجالِ تَرَدَّفَتْ ... نَحائزَ ضَحَّاكِ المَطالِعِ فِي نَقْبِ
نَحَائِزُ الطُّرُقِ: جَوادُّها. أَبو سَعِيدٍ: ضَحِكاتُ الْقُلُوبِ مِنَ الأَموال والأَولاد خِيارُها الَّتِي تَضْحَك الْقُلُوبُ إِليها. وضَحِكاتُ كُلِّ شَيْءٍ: خِيارُه. ورأيٌ ضاحِكُ ظَاهِرٌ غَيْرُ مُلْتَبِسٍ. وَيُقَالُ: إِنَّ رأْيك ليُضاحِكُ الْمُشْكِلَاتِ أَي تَظْهَرُ عِنْدَهُ الْمُشْكِلَاتُ حَتَّى تُعْرف. وَيُقَالُ: القِرد يَضْحَك إِذَا صَوَّتَ. وبُرْقَةُ ضاحِكٍ: فِي دِيَارِ تَمِيمٍ. ورَوْضة ضاحِك: بالصَّمَّان مَعْرُوفَةٌ. والضَّحَّاك بْنُ عَدْنان: زَعَمَ ابْنُ دَأْبٍ المَدني أَنَّهُ الَّذِي مَلَكَ الأَرض وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ المُذْهَب، وَكَانَتْ أُمه مِنَ الْجِنِّ فلَحِقَ بِالْجِنِّ وَسَدَا الْقَرَا «1» ، وَتَقُولُ الْعَجَمُ: إِنَّهُ لَمَّا عَمِلَ السِّحْرَ وَأَظْهَرَ الْفَسَادَ أُخذ فشُدَّ فِي جَبَلِ دُنْباوَنْدَ، وَيُقَالُ: إِنَّ الَّذِي شدَّه أفْرِيدون الَّذِي كَانَ مَسَح الدُّنْيَا فَبَلَغَتْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ فَرْسَخٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ لَا يُؤْمِنُ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَحْمَقُ لا عقل له.
ضرك: الضَّرِيكُ: الْفَقِيرُ الْيَابِسُ الْهَالِكُ سُوءَ حالٍ، والأَنثى ضَرِيكة، وقلَّما يُقَالُ ذَلِكَ فِي النِّسَاءِ، وَقَدْ ضَرُكَ ضَراكَةً، وقلَّما يُقَالُ للمرأَة ضَرِيكة. الأَصمعي: الضَّرِيك الضَّرِير، وَهُوَ أَيْضًا الْفَقِيرُ الْجَائِعُ، وَلَا يُصَرَّف لَهُ فِعْل لَا يَقُولُونَ ضرَكه فِي مَعْنَى ضَرَّه، وَالْجَمْعُ ضَرائك وضُرَكاء؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ مَسْلَمة بْنَ هِشَامٍ:
فغَيْثٌ أَنتَ للضُّرَكاءِ مِنَّا، ... بسَيْبِك حِينَ تُنْجِدُ أَو تَغُورُ
وَقَالَ أَيْضًا:
إِذْ لَا تَبِضُّ، إِلَى التَّرائك ... والضَّرائِكِ، كَفُّ جازِرْ
وَفِي قِصَّةِ ذِي الرُّمة وَرُؤْبَةَ: عالَمُهُ ضَرائك؛ جَمْعُ ضَرِيك وهو الفقير السيء الْحَالِ، وَقِيلَ: الْهَزِيلُ. والضَّرِيكُ: النَّسْرُ الذَّكَرُ، قَالَ: وضُراك مِنْ أَسْمَاءِ الأَسد وَهُوَ الْغَلِيظُ الشديدُ عَصَب الخَلْق فِي جِسْم، وَالْفِعْلُ ضَرُكَ يَضْرُك ضَراكة.
ضكك: ضَكَّه يَضُكُّه ضَكًّا وضَكْضَكه: غَمَزه غَمْزاً شَدِيدًا وضَغَطه. وضَكَّه بالحُجة: قَهَره. وضَكَّه الأَمْرُ: كَرَبه. والضَّكُّ: الضِّيقُ. والضَّكْضَكة: ضَرْبٌ مِنَ الْمَشْيِ فِيهِ سُرْعَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ سُرْعَةُ الْمَشْيِ. والضَّكْضاك والضُّكاضِكُ مِنَ الرِّجَالِ: الْقَصِيرُ المُكْتَنِز، وَامْرَأَةٌ ضَكْضاكة كَذَلِكَ، وَقِيلَ: امْرَأَةٌ ضَكْضاكة مُكْتَنِزَةُ اللَّحْمِ صُلْبة. وَفِي النَّوَادِرِ: ضُكْضِكَتِ الأَرضُ وفُضْفِضَتْ
__________
(1) . قوله [وسدا القرا] كذا بالأَصل بدون نقط، ولعله محرف عن وبيداء القرى أي ولحق ببيداء القرى(10/461)
بِمَطَرٍ ورُقْرِقَتْ ومُصْمِصَتْ ومُضْمِضَتْ كُلُّ هَذَا إِذَا غَسَلَهَا المطر.
ضمك: اضْمَأَكَّت الأَرضُ اضمِئْكاكاً: كاضْبأَكَّتْ إِذَا خَرَجَ نَبْتُهَا. والمُضْمَئِكُّ: الزَّرْعُ الأَخضر كالمُضْبَئِكّ، عَنْ كُرَاعٍ. أَبو زَيْدٍ: اضْمأَكَّ النَّبْتُ إِذَا رَوِيَ واخْضَرَّ. واضْمَأَكَّ السَّحَابُ: لَمْ يُشَك فِي مَطَرِهِ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
ضنك: الضَّنْكُ: الضِّيقُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ، وَمَعِيشَةٌ ضَنْكٌ ضَيِّقة. وَكُلُّ عَيْشٍ مِنْ غيرِ حِلٍّ ضَنْك وَإِنْ كَانَ وَاسِعًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً
؛ أَيْ غَيْرَ حَلال؛ قال أبو إسحق: الضَّنْك أَصله فِي اللُّغَةِ الضِّيقُ والشدَّة، وَمَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ هَذِهِ الْمَعِيشَةَ الضَّنْك فِي نَارِ جَهَنَّمَ، قَالَ: وَأَكْثَرُ مَا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّهُ عَذَابُ الْقَبْرِ؛ وَقَالَ قَتادة: مَعِيشَةً ضَنْكاً
جَهَنَّمُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْكَسْبُ الْحَرَامُ، وَقَالَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِهِ: أَكلُ مَا لَمْ يَكُنْ مِنَ حَلَالٍ فَهُوَ ضَنْكٌ وَإِنْ كَانَ مُوَسَّعاً عَلَيْهِ، وَقَدْ ضَنُك عيشُه. والضَّنْك: ضَيق الْعَيْشِ. وكلُّ مَا ضَاقَ فَهُوَ ضنْك. والضَّنيكُ: الْعَيْشُ الضَّيِّقُ، والضَّنيك الْمَقْطُوعُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلضَّعِيفِ فِي بَدَنِهِ وَرَأْيِهِ ضَنِيك. والضَّنِيك: التَّابِعُ الَّذِي يَعْمَل بخُبْزِه. وضَنُك الشيءُ ضَنْكاً وضَنَاكة وضُنُوكة: ضَاقَ. وضَنُك الرجلُ ضَنَاكَةً، فَهُوَ ضَنِيكٌ: ضَعُف فِي جِسْمِهِ وَنَفْسِهِ وَرَأْيِهِ وَعَقْلِهِ. والضُّنْكَة والضُّنَاك، بِالضَّمِّ: الزُّكام، وَقَدْ ضُنِكَ، عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَهُوَ مَضْنُوك إِذَا زُكِمَ، وَاللَّهُ أَضْنَكه وأَزْكَمه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه عَطَسَ عِنْدَهُ رَجُلٌ فشَمَّته رَجُلٌ ثُمَّ عَطَس فشَمَّته ثُمَّ عَطَس فأَراد أَن يُشَمِّته، فَقَالَ: دَعْه فَإِنَّهُ مَضْنُوك
أَي مزْكوم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْقِيَاسُ أَن يُقَالَ فَهُوَ مُضْنَك ومُزْكَم، وَلَكِنَّهُ جَاءَ عَلَى أُضْنِك وأُزْكِم. وَفِي الْحَدِيثِ: أَيضاً:
فَإِنَّكَ مَضْنُوك
؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ جَارِيَةً:
فَهِيَ ضِنَاكٌ كالكَثِيبِ المُنْهالْ ... عَزَّزَ مِنْهُ، وَهُوَ مُعْطي الإِسْهالْ،
ضَرْبُ السَّواري مَتْنَه بالتَّهْتالْ
الضِّنَاكُ: الضَّخْمة كالثيب الَّذِي يَنْهَالُ، عَزَّزَ مِنْهُ أَي سَدَّد مِنَ الْكَثِيبِ، ضَرْبُ السَّوَارِي أَي أَمطار اللَّيْلِ فَلَزِمَ بعضُه بَعْضًا، شَبَّهَ خَلْقَهَا بِالْكَثِيبِ وَقَدْ أَصابه الْمَطَرُ، وَهُوَ معْطي الإِسْهال أَي يُعْطِيكَ سُهولة مَا شِئْتَ. والضِّنَاك: المُوَثَّقُ الخَلْق الشَّدِيدُ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي النَّاسِ والإِبل، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ. والضِّنَاك: الْمَرْأَةُ الضَّخمة. وَقَالَ اللَّيْثُ: الضِّنَاك التّارَّة المُكْتَنزة الصُّلْبة اللَّحْمِ. وامرأَة ضِناك: ثَقِيلَةُ الْعَجِيزَةِ ضَخْمة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَقَدْ أُناغي الرَّشأَ المُحَبَّبَا، ... خَوْداً ضِناكاً لَا تَمُدُّ العُقبَا «2»
. خَوْداً هُنَا: إِمَّا بَدَلٌ وَإِمَّا حَالٌ، أَراد أَنها لَا تَسِيرُ مَعَ الرِّجَالِ. وَنَاقَةٌ ضِنَاك: غَلِيظَةُ الْمُؤَخَّرِ، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنَ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ. وَفِي كِتَابِهِ لِوَائِلِ بْنِ حُجْر: فِي التِّيعة شاةٌ لَا مُقَوَّرةُ الأَلْياطِ وَلَا ضِناكٌ؛ الضِّناك، بِالْكَسْرِ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ، وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ والأَنثى بِغَيْرِ هَاءً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الضَّنَاك، بِالْفَتْحِ، الْمَرْأَةُ الْمُكْتَنِزَةُ، قَالَ: وَصَوَابُهُ الضِّناك، بِالْكَسْرِ. وَرَجُلٌ ضُنأَكٌ، عَلَى فُعْلَلٍ مهموز الأَلف: وهو
__________
(2) . قوله [لا تمد العقبا] مد في السير: مضى، والعقب جمع عقبة كغرفة وغرف. وأنشده شارح القاموس في ع ق ب: لا تسير بدل لا تمد(10/462)
الصُّلْب الْمَعْصُوبُ اللَّحْمِ، وَالْمَرْأَةُ بِعَيْنِهَا عَلَى هَذَا اللَّفْظِ ضُنْأَكَة.
ضوك: تَضَوَّكَ فِي عَذِرته تَضَوُّكاً: تَلَطَّخَ بِهَا؛ قَالَ يَعْقُوبُ: رَوَاهَا اللِّحْيَانِيُّ عَنْ أَبِي زِيَادٍ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَعَنِ الأَصمعي بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ: وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ العُقَيلي: توَرَّك فِيهِ تَوَرُّكاً إِذَا تَلَطَّخ. وَرَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ عَرَّام: رأَيت ضُوَاكَةً مِنَ النَّاسِ وضَوِيكَة أَي جَمَاعَةً، وَكَذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ. وَيُقَالُ: اضْطَوَكُوا عَلَى الشَّيْءِ واعْتَلَجُوا وادَّوَّسُوا «1» إذا تنازعوه بشدة.
ضيك: ضاكتِ النَّاقَةُ تَضِيك ضَيكاً: تَفاجَّتْ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فَلَمْ تَقْدِرْ أَن تَضُمَّ فَخِذَيْهَا عَلَى ضَرْعها، وَهِيَ ضَائِكٌ مِنْ نُوق ضُيَّك؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَلَا تَراها كالهِضابِ بُيَّكَا، ... مَتالِياً جَنْبَى وعُوذاً ضُيَّكا؟
أَبو زَيْدٍ: الضَّيَكانُ والحَيَكانُ فِي مَشْيِ الإِنسان أَن يحرِّك فِيهِ مَنْكِبَيْهِ وَجَسَدَهُ حِينَ يَمْشِي مَعَ كثرة لحم.
فصل العين المهملة
عبك: العَبْكُ: خَلْطُكَ الشيءَ. عَبَك الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ يَعْبُكُه عَبْكاً: لَبَكه. وعَبَكه بِهِ أَيْضًا: خَلَطه. والعَبَكة: الْقِطْعَةَ مِنَ الشَّيْءِ. يُقَالُ: مَا ذُقْتُ عَبَكةً وَلَا لَبَكة، وَقِيلَ: العَبَكة الْكَفُّ مِنَ السَّويق أَو القطعةُ مِنَ الحَيْس، وَقِيلَ: الكِسْرة. وَمَا أَغْنَى عَنِي عَبَكةً أَي مَا يَتَعَلَّقُ فِي السِّقَاءِ مِنَ الوَضَر، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلشَّيْءِ الْهَيِّنِ، وَقِيلَ: العَبَكة مثلُ الحَبَكة وَهِيَ الْحَبَّةُ مِنَ السَّوِيقِ، واللَّبَكةَ قِطْعَةُ ثَرِيدٍ أَوْ لُقْمَةٌ مِنْهُ. وَمَا فِي النِّحْيِ عَبَكة أَي شَيْءٌ مِنَ السَّمْنِ مِثْلُ عَبَقَة، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا أُباليه عَبَكةً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَجُلٌ عَبَكةٌ أَي بغيض هِلْبَاجة.
عبنك: رَجُلٌ عَبَنَّك: صُلْب شَدِيدٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: جَمل عَبَنَّكٌ.
عتك: عَتَكَ يَعْتِكُ عَتْكاً: كَرَّ، وَفِي التَّهْذِيبِ: كرَّ فِي الْقِتَالِ. وعَتَكَ عَتْكَةً مُنْكَرة إِذَا حَمَلَ. وعَتَك الفرسُ: حَمَل للعَضِّ؛ قَالَ:
نُتْبِعهُم خَيْلًا لَنَا عَواتِكَا، ... فِي الْحَرْبِ، حُرْداً تَركَبُ المَهالكا
أَي مُغْتاظة عَلَيْهِمْ، وَيُرْوَى عَوانكا. وعَتَك فِي الأَرض يَعْتِك عُتُوكاً: ذَهَبَ وَحْدَهُ. وعَتَك عَلَيْهِ يَضْرِبُهُ: حَمَلَ عَلَيْهِ حَمْلةَ بَطْش. وعَتَك عَلَيْهِ بِخَيْرٍ أَو شَرٍّ: اعْتَرَضَ. وعَتَك عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ. أَقْدَم. والعاتِك: الرَّاجِعُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ. وعَتَكَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ يَعْتِك بِهِ إِذَا لَزِمَهُ. وعَتَكتِ المرأةُ عَلَى زَوْجِهَا: نَشَزَت. وعَتَكَتْ عَلَى أَبيها: عَصَتْهُ وَغَلَبَتْهُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنَّمَا هُوَ عَنَكت، بِالنُّونِ، وَالتَّاءِ تَصْحِيفٌ. وعَتَكَ القومُ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا إِذَا عَدَلُوا إِلَيْهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
سارُوا فلستُ، عَلَى أَني أُصِبْتُ بِهِمْ، ... أَدْري عَلَى أَيِّ صَرْفَيْ نِيَّةٍ عَتَكوا
وَرَجُلٌ عَاتِكٌ: لَجُوجٌ لَا يَنْتَهي وَلَا يَنْثَني عَنْ أَمر؛ وأَنشد الأَزهري هُنَا:
نُتْبعهم خَيْلًا لَنَا عواتِكا
وعَتَكَتِ القَوْسُ تَعْتِك عَتْكاً وعُتوكاً، وَهِيَ عاتِك: احْمَرَّت مِنَ القِدَم وَطُولِ الْعَهْدِ. والعاتِكة: الْقَوْسُ إِذَا قَدُمَتْ واحْمَرَّت. وَامْرَأَةٌ عَاتِكَةٌ: مُحْمَرَّة مِنَ الطِّيب، وَقِيلَ: بِهَا رَدْعُ طِيبٍ،
__________
(1) . قوله [وادوسوا] هكذا في الأَصل.(10/463)
وَسُمِّيَتِ المرأَة عَاتِكَةً لِصَفَائِهَا وحُمْرتها. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ حُنَيْنٍ: أَنا ابْنُ العَواتك مِنْ سُلَيْم
؛ الْعَوَاتِكُ: جَمْعُ عَاتِكَةٍ، وأَصل الْعَاتِكَةِ المُتَضَمِّخة بِالطِّيبِ. وَنَخْلَةٌ عَاتِكَةٌ: لَا تأتَبِر أَي لَا تَقْبَلُ الإِبار وَهِيَ الصَّلُودُ تَحْمِلُ الشِّيصَ. وَالْعَوَاتِكُ مِنْ سُلَيم: ثَلَاثٌ يَعْنِي جَدَّاتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُنَّ عَاتِكَةُ بِنْتُ هِلال بْنِ فالَج بْنِ ذَكْوان أُمُّ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ جَدِّ هَاشِمٍ، وَعَاتِكَةُ بِنْتُ مُرّة بْنِ هِلَالِ بْنِ فالَج بْنِ ذَكْوَانَ أُم هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مُنَافٍ، وَعَاتِكَةُ بِنْتُ الأَوْقَص بْنِ مُرَّة بْنِ هِلَالِ بْنِ فالَج بْنِ ذَكْوَانَ أُم وَهْبِ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرة جَدِّ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَبي أُمه آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، فالأُولى مِنَ الْعَوَاتِكِ «1» عَمَّةُ الوُسْطَى والوُسطى عمةُ الأُخرى، وَبَنُو سُلَيْمٍ تَفْخَرُ بِهَذِهِ الْوِلَادَةِ؛ وَلِبَنِي سُلَيم مَفاخِر: مِنْهَا أَنها أَلَّفَتْ مَعَهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ أَي شَهِدَهُ مِنْهُمْ أَلفٌ، وأَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدَّم لواءَهم يَوْمَئِذٍ عَلَى الأَلْوِية وَكَانَ أَحْمَرَ، وَمِنْهَا أَن عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَمِصْرَ وَالشَّامِ أَنِ ابْعَثُوا إِلَيَّ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ أَفضلَه رَجُلًا، فَبَعَثَ أَهل الْكُوفَةِ عُتْبة بْنَ فَرْقَدٍ السُّلَمي، وَبَعَثَ أَهل الْبَصْرَةِ مُجاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ السُّلَمي، وَبَعَثَ أَهْلُ مِصْرَ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ السُّلَمِي، وَبَعْثَ أَهل الشام أَبا الأَعْوَر السُّلَمِي، وَسَائِرُ العَواتك أُمهاتِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ غَيْرِ بَنِي سُلَيْم. قَالَ ابْنُ بَرِّي: وَالْعَوَاتِكُ اللَّاتي وَلَدْنَهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اثْنَتَا عَشْرَةَ: اثْنَتَانِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَثَلَاثٌ مِنْ سُليم هُنَّ اللَّوَاتِي أَسْمَيْنَاهُنَّ، وَاثْنَتَانِ مِنْ عَدْوان، وكِنانية وَأَسَدِيَّةٌ وهُذَلية وقُضاعية وأَزْدية. وأَحمر عَاتِكٌ: شَدِيدُ الحُمْرة. والعَتِيك: الأَحمَر مِنَ القِدَم، وَهُوَ نَعْتٌ. وأَحمر عاتكٌ وأَحمر أَقْشَر إِذَا كَانَ شَدِيدَ الحُمْرة. وَلَوْنٌ عَاتِكٌ: خَالِصٌ أَيّ لَوْنٍ كَانَ. وَالْعَاتِكُ: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شيءٍ وَلَوْنٍ. وعِرْقٌ عاتِك: أَصفر. وعَتَكَ اللبنُ وَالنَّبِيذُ يَعْتِكُ عُتوكاً: اشْتَدَّتْ حُموضته. وَنَبِيذٌ عَاتِكٌ إِذَا صَفَا. أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ لُزوق الشَّيْءِ: عَسِقَ وعَبِقَ وعَتَكَ، والعاتِك مِنَ اللَّبَنِ الحازِرُ. وعَتَكَ اللبنُ والشيءُ يَعْتِكُ عَتْكاً: لَزِقَ. وعَتَكَ بِهِ الطيبُ أَي لَزِقَ بِهِ. وعَتَك البولُ عَلَى فَخْذِ النَّاقَةِ أَي يَبِسَ. وكلُّ كَرِيمٍ عاتِك. وأَقام عَتْكاً أَي دَهْراً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وَالْمَعْرُوفُ عَنْكاً. وعَتِيكٌ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَقِيلَ: العَتِيك بالأَلف وَاللَّامِ فَخِذٌ مَنِ الأَزد؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا عَتَكِيٌّ. وعَتِيك: حيٌّ مِنَ الْعَرَبِ. والعَتْكُ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَلَيْتَ ثَنايا العَتْكِ قَبْلَ احْتِمالِها ... شَواهِقُ، يَبلُغْنَ السَّحابَ، صِعابُ
عثك: كالعَثَكُ والعُثَكُ والعُثُكُ: عِرْق النَّخْلِ خاصةً.
عدك: عَدَكَه يَعْدِكه عَدْكاً: ضَرَبَهُ بالمِطْرَقة وَهِيَ المِعْدَكَة.
عرك: عَرَكَ الأَدِيمَ وَغَيْرَهُ يَعْرُكه عَرْكاً: دَلَكَه دَلْكاً. وعَرَكْتُ الْقَوْمَ فِي الْحَرْبِ عَرْكاً، وعَرَك بِجَنْبِهِ مَا كَانَ مِنْ صَاحِبِهِ يَعْرُكه: كَأَنَّهُ حَكَّهُ حَتَّى عَفَّاه، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الأَخبار:
أَن ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ للحُطَيئة: هلَّا عَرَكْتَ بجَنْبك مَا كَانَ مِنَ الزِّبْرِقانِ؛ قَالَ:
إِذَا أَنتَ لَمْ تَعْرُكْ بجَنْبك بعضَ مَا ... يَرِيبُ مِنَ الأَدْنَى، رَمَاكَ الأَباعِدُ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
__________
(1) . قوله [فالأَولى من العواتك إلخ] عبارة النهاية: فالأَولى مِنَ الْعَوَاتِكِ عَمَّةُ الثانية والثانية عمة الثالثة.(10/464)
العَارِكِينَ مَظَالِمِي بجُنُوبِهم، ... والمُلْبِسِيَّ، فثَوْبُهم ليَ أَوْسَعُ
أَي خَيْرُهُمْ عليَّ ضافٍ. وعَرَكه الدَّهْر: حَنَّكه. وعَرَكَتْهم الحربُ تَعْرُكهم عَرْكاً: دَارَتْ عَلَيْهِمْ، وَكِلَاهُمَا عَلَى المَثل؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
فتعْرُكُكم عَرْكَ الرَّحَى بِثفَالِها، ... وتَلْقَحْ كِشافاً ثُمَّ تَحْمِلْ فتُتْئِمِ «1»
الثِّفَالُ: الْجِلْدَةُ تُجْعَلُ حَوْلَ الرَّحَى تُمْسِكُ الدَّقِيقَ، والعُراكة والعُلالة والدُّلاكة: مَا حلبتَ قَبْلَ الفِيقَةِ الأُولى وَقَبْلَ أَن تَجْتَمِعَ الفِيقَةُ الثَّانِيَةُ. والمَعْرَكة والمَعْرُكة، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا: مَوْضِعُ الْقِتَالِ الَّذِي يَعْتَرِكون فِيهِ إِذَا الْتَقَوْا، وَالْجَمْعُ مَعَارِك. وَفِي حَدِيثِ ذَمِّ السُّوقِ:
فَإِنَّهَا مَعْركة الشَّيْطَانِ وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: المَعْرَكة والمُعْتَرك مَوْضِعُ الْقِتَالِ أَي مَوْطن الشَّيْطَانِ وَمَحَلُّهُ الَّذِي يَأْوِي إِلَيْهِ وَيُكْثِرُ مِنْهُ لِمَا يَجْرِي فِيهِ مِنَ الْحَرَامِ وَالْكَذِبِ والرِّبا والغَصْب، وَلِذَلِكَ قَالَ
وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ
، كِنَايَةً عَنْ قُوَّةِ طَمَعِهِ فِي إِغْوَائِهِمْ لأَن الرَّايَاتِ فِي الْحُرُوبِ لَا تُنْصَبُ إِلَّا مَعَ قوَّة الطَّمَعِ فِي الْغَلَبَةِ، وإلَّا فَهِيَ مَعَ الْيَأْسِ تُحَطُّ وَلَا تُرْفَعُ. والمُعارَكة: الْقِتَالُ: والمُعْتَرك: مَوْضِعُ الْحَرْبِ، وَكَذَلِكَ المَعْرَك. وعارَكهُ مُعارَكة وعِراكاً: قاتَله، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ مُعاركاً. ومُعْتَرَكُ المَنايا: مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ. واعْترَك الْقَوْمُ فِي المَعْرَكة وَالْخُصُومَةُ: اعْتَلَجُوا. واعْتِراك الرِّجَالِ فِي الْحُرُوبِ: ازْدِحَامُهُمْ وعَرْك بَعْضِهِمْ بَعْضًا. واعْتَرَك القومُ: ازْدَحموا، وَقِيلَ: ازْدَحَمُوا فِي المُعْتَرَك. والعِراكُ: ازْدِحَامُ الإِبل عَلَى الْمَاءِ. واعْتَركت الإِبل فِي الوِرد: ازْدَحَمَتْ. وماءٌ مَعْروكٌ أَي مُزْدَحم عَلَيْهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا أَرْسَلَها العِراكَ أَي أَوردها جَمِيعًا الْمَاءَ، أَدخلوا الأَلف وَاللَّامَ عَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي فِي مَوْضِعِ الْحَالِ كَأَنَّهُ قَالَ اعْتِراكاً أَي مُعْتَرِكةً؛ وأَنشد قَوْلَ لَبِيدٍ يَصِفُ الْحِمَارَ والأُتن.
فأَرْسَلَها العِراكَ، وَلَمْ يَذُدها، ... وَلَمْ يشْفِقْ عَلَى نَغَصِ الدِّخال
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَوْرَدَ إِبله العِراكَ ونُصِبَ نَصْبَ الْمَصَادِرِ أَي أَوردها عِراكاً، ثُمَّ أَدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ كَمَا قَالُوا مَرَرْتُ بِهِمُ الجَمّاءَ الغَفِيرَ والحمدَ لِلَّهِ فِيمَنْ نَصَبَ وَلَمْ تُغَيِّرِ الأَلف وَاللَّامُ الْمَصْدَرَ عَنْ حَالِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّي: العِراك وَالْجَمَّاءَ الغَفِير مَنْصُوبَانِ عَلَى الْحَالِ، وأَما الْحَمْدُ لِلَّهِ فَعَلَى الْمَصْدَرِ لَا غَيْرُ. والعَرِكُ: الشَّدِيدُ الْعِلَاجِ وَالْبَطْشِ فِي الْحَرْبِ، وَقَدْ عَرِكَ عَرَكاً؛ قَالَ جَرِيرٌ:
قَدْ جَرَّبَتْ عَرَكي، فِي كلِّ مُعْترَكٍ، ... غُلْبُ الأُسُودِ، فَمَا بالُ الضَّغابيسِ؟
والمُعارِك: كالعَرِك. والعَرْكُ وَالْحَازُّ وَاحِدٌ: وَهُوَ حَزّ مِرْفَق الْبَعِيرِ جَنْبَه حَتَّى يَخلُصَ إِلَى اللَّحْمِ وَيَقْطَعَ الْجِلْدَ بحَزِّ الكِرْكِرة؛ قَالَ:
لَيْسَ بِذي عَرْكٍ وَلَا ذِي ضَبِ
وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ الْبَعِيرَ بِأَنَّهُ بَائِنُ المِرْفَق:
قليلُ العَرْكِ يَهْجُرُ مِرْفَقاها
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَصِفُ أَبَاهَا: عُرَكَةٌ للأَذاة بجَنْبه
أَي يَحْتَمِلُهُ؛ وَمِنْهُ عَرَك البعيرُ جَنْبه بِمِرْفَقِهِ إِذَا دَلَّكَهُ فأَثر فِيهِ. والعَرَكْرَكُ: كالعارِكِ، وَبَعِيرٌ عَرَكْرَك إِذَا كَانَ بِهِ ذَلِكَ؛ قَالَ حَلْحَلَة بنُ قَيْسِ بْنِ أَشْيَمَ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قد
__________
(1) . في ديوان زهير: تُنتَج بدل تحمِل.(10/465)
أَقعده ليُقادَ مِنْهُ، وَقَالَ لَهُ: صَبْراً حَلْحَلُ فَقَالَ مُجِيبًا لَهُ:
أَصْبَرُ مِنْ ذِي ضاغطٍ عَرَكْرَك، ... أَلْقَى بَوانِي زَوْرهِ لِلمَبْرَكِ
والعَرَكْركُ: الجَمَلُ الْقَوِيُّ الْغَلِيظُ، يُقَالُ: بَعِيرٌ ضاغِطٌ عَرَكْرَكٌ، وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هُنَا أَيْضًا رَجَزَ حَلْحلة الْمَذْكُورَ قَبْلَهُ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ لِلنَّاقَةِ السَّمِينَةِ عَرَكْرَكَة، وَجَمْعُهَا عَرَكْرَكات؛ أَنشد أَعرابي مِنْ بَنِي عُقَيْل:
يَا صاحِبَيْ رحْلي بليلٍ قُوما، ... وقَرِّبا عَرَكْرَكاتٍ كُوما
فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي لِرَجُلٍ مِنْ عُكْلٍ يَقُولُهُ لِلَيْلَى الأَخيلية:
حَيَّاكة تَمْشِي بعُلْطَتينِ، ... وقارِمٍ أَحْمَر ذِي عَرْكَيْنِ
فَإِنَّمَا يَعْنِي حِرَها وَاسْتَعَارَ لَهَا العَرْك، وأَصله فِي الْبَعِيرِ. وعَرِيكَةُ الجمل والناقة: بقية سَنامها، وَقِيلَ: هُوَ السَّنَامُ كُلُّهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
خِفاف الخُطى مُطْلَنْفِئات العَرائِك
وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن الْمُشْتَرِيَ يَعْرُك ذَلِكَ الْمَوْضِعَ لِيَعْرِفَ سِمَنَهُ وَقُوَّتَهُ. والعَرِيكَة: الطَّبِيعَةُ، يُقَالُ: لانَتْ عَرِيكَتُه إِذَا انْكَسَرَتْ نَخْوَتُه، وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً وأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً؛ الْعَرِيكَةُ: الطَّبِيعَةُ، يُقَالُ: فُلَانٌ لَيِّنُ العَريكة إِذَا كَانَ سَلِساً مُطَاوِعًا منْقاداً قَلِيلَ الْخِلَافِ والنُّفُور. وَرَجُلٌ لَيِّنُ العَرِيكة أَيْ لَيِّنُ الخُلُق سَلِسُه وَهُوَ مِنْهُ، وَشَدِيدُ الْعَرِيكَةِ إِذَا كَانَ شَدِيدَ النَّفْسِ أَبِيّاً. والعَريكة: النَّفْس، يُقَالُ: إِنَّهُ لصَعْب العَرِيكة وَسَهْلُ العَرِيكة أَي النَّفْسِ؛ وَقَوْلُ الأَخطل:
مِنَ اللَّواتي إِذَا لانَتْ عَرِيكَتُها، ... كَانَ لَهَا بَعْدَهَا آلٌ ومَجْلُودُ
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: عَرِيكَتُهَا قُوَّتُهَا وَشِدَّتُهَا، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ مِمَّا تَقَدَّمَ لأَنها إِذَا جَهَدَتْ وأَعْيَتْ لانَتْ عَرِيكتها وانقادَتْ. وَرَجُلٌ مَيْمُونُ العَرِيكة والحَرِيكة والسَّلِيقَة والنَّقِيبَة والنَّقِيمَةِ والنَّخِيجَةِ والطَّبِيعَةِ والجَّبِيلَةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والعَرَكِيَّة: الْمَرْأَةُ الْفَاجِرَةُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبل يَهْجُو النَّجَاشِيَّ:
وجاءتْ بِهِ حَيَّاكَةٌ عَرَكِيَّةٌ، ... تَنَازَعَها فِي طُهْرِها رَجُلانِ
وعَرَك ظَهْرَ النَّاقَةِ وَغَيْرَهَا يَعْرُكُه عَرْكاً: أَكثر جَسَّه لِيَعْرِفَ سِمَنَهَا؛ وَنَاقَةٌ عَرُوك مِثْلُ الشَّكُوكِ: لَا يُعْرَفُ سِمَنُهَا إِلَّا بِذَلِكَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يُشَكُّ فِي سَنامها أَبه شَحْمٌ أَم لَا، وَالْجَمْعُ عُرُكٌ. وعَرَكْتُ السَّنام إِذَا لَمَسْتَهُ تَنْظُرُ أَبه طِرْق أَم لَا. وعَرِيكة الْبَعِيرِ: سَنامُه إِذَا عَرَكه الحِمْلُ، وَجَمْعُهَا العَرائك. وَلَقِيتُهُ عَرْكَةً أَو عَرْكَتَيْن أَي مَرَّةً أَو مَرَّتَيْنِ، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا ظَرْفًا. وَلَقِيتُهُ عَرَكاتٍ أَي مَرَّاتٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه عاوَدَه كَذَا كَذَا عَرْكَةً أَي مَرَّةً
؛ يُقَالُ: لَقِيتُهُ عَرْكَة بَعْدَ عَرْكة أَيْ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى. وعَرَكه بشَرٍّ: كَرَّرَهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عَرَكَه يَعْرُكه عَرْكاً إِذَا حَمَلَ الشَّرَّ عَلَيْهِ. وعَرَك الإِبلَ فِي الحَمْضِ: خَلَّاها فِيهِ تَنَالُ مِنْهُ حَاجَتَهَا. وعَرَكتِ الماشيةُ النَّبَاتَ: أَكلته؛ قَالَ:
وَمَا زِلْت مثلَ النَّبْتِ يُعْرَكُ مَرَّةً ... فيُعْلَى، ويُولَى مَرَّةً ويَثُوبُ(10/466)
يُعْرَكُ: يؤكَلُ، ويُولَى مِنَ الوَلْيِ. والعَرْك مِنَ النَّبَاتِ: مَا وُطِئَ وأُكل؛ قَالَ رؤُبة:
وإنْ رَعاها العَرْكَ أَو تَأنَّقا
وَأَرْضٌ مَعْروكة: عَركَتْها السائمةُ حَتَّى أَجْدَبَتْ، وَقَدْ عُرِكَتْ إِذَا جَرَدتْها الماشيةُ مِنَ المَرعى. وَرَجُلٌ مَعْروك: أُلِحَّ عَلَيْهِ فِي المسأَلة. والعِراك: المَحِيضُ، عَرَكَتِ المرأَة تَعْرُك عَرْكاً وعِراكاً وعُرُوكاً؛ الأُولى عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهِيَ عارِكٌ، وأَعْرَكَتْ وَهِيَ مُعْرِكٌ: حَاضَتْ، وخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بالعَرْك الجاريةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن بَعْضَ أَزواج النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ مُحْرِمَة فَذَكَرَت العِراكَ قَبْلَ أَن تُفِيضَ
؛ العِراك: الحَيْضُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: حَتَّى إِذَا كُنَّا بسَرِفَ عَرَكْتُ
أَي حِضْتُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لحُجْر بْنِ جَلِيلَةَ:
فغَرْت لَدى النُّعْمانِ، لَمَّا رأَيته، ... كَمَا فَغَرَتْ للحَيْضِ شَمْطاءُ عارِكُ
وَنِسَاءٌ عَواركُ أَي حُيَّض؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ أَيضاً:
أَفي السِّلْمِ أَعْياراً جَفاءً وغِلْظَةً، ... وَفِي الحَرْبِ أَمْثالَ النساءِ العوارِكِ؟
وَقَالَتِ الخَنْساء:
لَا نَوْمَ أَو تَغسِلُوا عَارًا أَظَلَّكُمُ، ... غَسْلَ العوارِكِ حَيضاً بَعْدَ إِطْهارِ
والعَرْكُ: خُرْءُ السِّبَاعِ. والعَرَكِيُّ. صَيَّادُ السَّمَكِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ العَرَكِيّ سأَل النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، عَنِ الطُّهُور بِمَاءِ الْبَحْرِ
؛ العَرَكِيُّ صَيَّادُ السَّمَكِ، وَجَمْعُهُ عَرَكٌ كَعَربِيٍّ وعَرَب وَهُمُ العُروك؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ:
وَفِي غَمْرَةِ الْآلِ خِلْتُ الصُّوَى ... عُرُوكاً، عَلَى رائسٍ، يَقْسِمُونا
رَائِسٌ: جَبَلٌ فِي الْبَحْرِ وَقِيلَ رَئِيسٌ مِنْهُمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي كِتَابِهِ إِلى قَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ:
إِن عَلَيْكُمْ رُبْعَ مَا أَخرَجَتْ نَخْلُكم ورُبْع مَا صادَتْ عُرُوكُكُمْ ورُبُعَ المِغْزل
؛ قَالَ: العُرُوك جَمْعُ عَرَك، بِالتَّحْرِيكِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَصِيدُونَ السَّمَكَ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْمَلَّاحِينَ عَرَك لأَنهم يَصِيدُونَ السَّمَكَ، وَلَيْسَ بأَن العَرَك اسْمٌ لَهُمْ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
يُغْشي الحُداةُ بِهِمْ حُرَّ الكَثيبِ، كَمَا ... يُغْشِي السفائنَ مَوْجَ اللُّجَّةِ العَرَكُ
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: رَوَى أَبو عُبَيْدَةَ مَوْجَ، بِالرَّفْعِ، وَجَعَلَ العَرِكَ نَعْتًا لِلْمَوْجِ يَعْنِي الْمُتَلَاطِمَ. والعرَك: الصَّوْتُ، وَكَذَلِكَ العَرِكُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ. وَرَجُلٌ عَرِكٌ أَي شَدِيدٌ صِرِّيعٌ لَا يُطاق. وَقَوْمٌ عَرِكُونَ أَي أَشدّاءُ صُرَّاع. ورَمْلٌ عَرِيك ومُعْرَوْرِك: مُتَدَاخِلٌ. والعَرَكْرَكُ: الرَّكَبُ الضَّخْمُ، وَقَيَّدَهُ الأَزهري فَقَالَ: مِنْ أَرْكابِ النِّسَاءِ، وَقَالَ: أَصله ثَلَاثِيٌّ وَلَفْظُهُ خُمَاسِيٌّ. والعَرَكْرَكَةُ، عَلَى وَزْنِ فعَلْعَلَة، مِنَ النِّسَاءِ: الْكَثِيرَةُ اللَّحْمِ الْقَبِيحَةُ الرَّسْحاء؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا مِنْ هَوايَ وَلَا شِيمَتي ... عَرَكْرَكَةٌ، ذاتُ لَحْمٍ زِيَمْ
وعِرَاك ومُعارِكٌ ومِعْرَك ومِعْرَاك: أَسماء. وَذُو مُعارِك: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تُليحُ مِنْ جَنْدَلِ ذِي مَعارِكِ، ... إِلاحَةَ الرومِ مِنَ النَّيازِكِ
أَي تُلِيح مِنْ حَجَر هَذَا الْمَوْضِعِ، وَيُرْوَى: مِنْ جندلَ ذِي مَعارك؛ جَعَلَ جَنْدَلَ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ فَلَمْ(10/467)
يَصْرِفْهُ، وَذِي مَعارِك بَدَلٌ مِنْهَا كأَنَّ الْمَوْضِعَ يُسَمَّى بجنْدَلَ وذي مَعارك.
عسك: عَسِكَ بِهِ عَسَكاً، فَهُوَ عَسِكٌ: لَصِق بِهِ ولَزِمَه، وَكَذَلِكَ سَدِكَ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن كَافَ عَسِك بَدَلٌ مِنْ قَافِ عَسِقَ. وتَعَسَّك الرَّجُلُ فِي مَشْيِهِ: تَلَوَّى.
عضنك: العَضَنَّكُ: المرأةُ العَجْزاء اللَّفَّاءُ الْكَثِيرَةُ اللَّحْمِ المُضْطَربة، وَقِيلَ: هِيَ الْعَظِيمَةُ الرَّكَب، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ العَضَنَّكة، وَقَالَ اللَّيْثُ: العَضَنَّكُ المرأَة اللَّفَّاءُ الَّتِي ضَاقَ مُلْتَقَى فَخِذَيْهَا مَعَ تَرارَتها وذلك لكثرة اللحم.
عفك: رَجُلٌ أَعْفَكُ: لَا يُحْسن العملَ بَيِّنُ العَفَك، وَقِيلَ أَحمق لَا يَثْبُتُ عَلَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ، وَلَا يُتِمُّ وَاحِدًا حَتَّى يأْخذ فِي آخَرَ غَيْرِهِ، وَهُوَ المُخَلَّع مِنَ الرِّجَالِ أَيضاً؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
صاحِ أَلَمْ تَعْجَبْ لقوْلِ الضَّيْطَرِ، ... الأَعْفَكِ الأَحْدَلِ ثُمَّ الأَعْسَرِ
والأَعْفَكُ: الأَعْسَرُ، وَقِيلَ: هُوَ الأَحمق فَقَطْ، وَقَدْ عَفِكَ عَفَكاً وعَفْكاً، فَهُوَ عَفِكٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَا أَنتَ إِلَّا أَعْفَكٌ بَلَنْدَمُ، ... هَوْهَاءةٌ هِرْدَبَّةٌ مُزَرْدَمُ
والعَفِيكُ اللَّفِيكُ: المُشْبَعُ حُمْقاً. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ عَفِكٌ لَفِكٌ عَفِتٌ مَدِشٌ فَدِشٌ أَي خَرِقٌ، وامرأَة عَفْتاء وعَفْكاء ونَفْتاء إِذَا كَانَتْ خرْقاء. والعَفَكُ والعَفَتُ: يَكُونُ العُسْرَ والخُرْقَ. وعَفَكَ الكلامَ يَعْفِكه عَفْكاً: لَمْ يُقِمْهُ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ أَنه قَالَ: هَؤُلَاءِ الطَّمَاطِمة يَعْفِكون الْقَوْلَ عَفْكاً ويَلْفِتُونه لَفْتاً. والعَفَّاك: الَّذِي يَرْكَبُ بعضُهُ بَعْضًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ عَنِ كراع.
عكك: العُكَّة والعِكَّة والعَكَّةُ والعَكَكُ والعَكيك: شِدَّةُ الْحَرِّ مَعَ سُكُونِ الرِّيحِ، وَالْجَمْعُ عِكاك. وَيَوْمٌ عَكٌّ وعَكِيكٌ: شَدِيدُ الْحَرِّ بِغَيْرِ رِيحٍ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ يَوْمُ عَكٌّ أَكٌ إِذَا كَانَ شَدِيدَ الْحَرِّ مَعَ لَثَقٍ واحْتباسِ رِيحٍ؛ حَكَاهَا فِي أَشياء إِتْباعيَّة، فَلَا أَدري أَذَهَبَ بأَكٍّ إِلى الإِتباع أَم ذَهَبَ فِيهِ إِلَى أَنَّهُ الشَّدِيدُ الْحَرِّ وأَنه يُفْصَل مِنْ عَكٍّ كَمَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ وَلَيْلَةٌ عَكَّة أَكَّةٌ: كَذَلِكَ، وَقَدْ عَكَّ يومُنا يَعِكّ عَكّاً. وَقَالَ اللَّيْثُ: العَكَّة والعُكَّةُ فَوْرَةٌ شَدِيدَةٌ فِي القَيْظ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي تَرْكُد فِيهِ الرِّيحُ، وَفِي لُغَةٍ أُخرى أَكَّةٌ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَكِيكُ والعِكاكُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
تُرَجّي عِكاكَ الصَّيْفِ أَخْصامها العُلا، ... وَمَا نَزَلَتْ حَوْلَ المِقَرِّ عَلَى عَمْدِ
ويومٌ عَكيكٌ وَذُو عَكِيكٍ: حَارٌّ. وحَرّ عَكيكٌ: شَدِيدٌ، قَالَ طَرَفَةُ يَصِفُ جَارِيَةً:
تَطْرُد القُرّ بحَرٍّ صادقٍ، ... وعَكِيكَ القَيْظِ إِن جاءَ بقُرّ
في الْحَدِيثِ حَدِيثُ
عُتْبة بْنِ غَزْوانَ وَبِنَاءِ البَصْرة: ثُمَّ نَزَلُوا وَكَانَ يَوْم عِكاكٍ
، وَقَالَ: العِكاكُ جَمْعُ عَكَّة وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ. والعُكَّة: الرَّمْلَةُ الْحَارَّةُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: العُكَّة رَمْلَةٌ حَمِيَتْ عَلَيْهَا الشَّمْسُ، وَالْجَمْعُ عِكاكٌ. والعَكَّةُ عُرَوَاء الحُمَّى، وَقَدْ عُكَّ أَيْ حُمَّ، وعكّتْه الحُمَّى عَكّاً: لَزِمَتْهُ وأَحَمَّتْه حَتَّى تُضْنِيه. وعُكَّ إِذَا غَلَى مِنَ الْحَرِّ أَيضاً. والعُكَّة للسَّمْن: كالشَّوْكَة لِلَّبَنِ، وَقِيلَ: العُكَّة أَصغر مِنَ القِرْبة لِلسَّمْنِ، وَهُوَ زُقَيْقٌ صَغِيرٌ،(10/468)
وَجَمْعُهَا عُكَكٌ وعِكَاكٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا كَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، العُكَّةَ مِنَ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير فِي النِّهَايَةِ: وَهِيَ وِعَاءٌ مِنْ جُلُودٍ مُسْتَدِيرٌ يَخْتَصُّ بِهِمَا وَهُوَ بِالسَّمْنِ أَخص؛ قَالَ أَبو القَمْقام الأَعرابي: غبْتُ غَيْبة عَنْ أَهلي فقَدِمْتُ فقَدَّمتْ إِلَيَّ امرأَتي عُكَّتين صَغِيرَتَيْنِ مِنْ سَمْنٍ ثُمَّ قَالَتْ لِي: حَلِّني اكْسُني، فَقُلْتُ:
تَسْلأُ كلُّ حُرَّةٍ نِحْيَيْنِ، ... وَإِنَّمَا سَلأْتِ عُكَّتَينِ،
ثُمَّ تَقُولِي: اشْتَرِ لِي قُرْطَيْنِ، ... قَرَّطَكِ اللهُ عَلَى الأُذْنَيْنِ
عَقارِباً تَمْشِي، وأَرْقَمَيْنِ
وعَكَّه بِشَرٍّ: كَرّره عَلَيْهِ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وعَكَّ الرجلَ يَعُكّه عَكّاً: حَدَّثه بِحَدِيثٍ فَاسْتَعَادَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَكَذَلِكَ عَكَكْته الْحَدِيثَ: وَفِي حَوَاشِي بعض التَّهْذِيبِ الْمَوْثُوقِ بِهَا عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: سَوْفَ أَعُكُّه لَكَ؛ يُرِيدُ أُفَسِّره. وعَكَّه يَعُكُّه عَكّاً: حَبَسَهُ. وَإِبِلٌ مَعْكُوكَة أَي مَحْبُوسَةٌ. وعَكَّه عَنْ حَاجَتِهِ يَعُكُّه عَكّاً: عَقَله وصَرَفه مِثْلُ عَجَسَه، وَكَذَلِكَ إِذا مَطَلَه بحق؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
ماذَا تَرى رَأْيَ أَخٍ قَدْ عَكَّا «2»
. قَالَ: عَكَّ الرجلُ إِذَا أَقام واحْتَبَس، وعَكَّه بِالْحُجَّةِ يَعُكُّه عَكّاً: قَهَرَهُ. وعَكَّني بالأَمر عَكّاً إِذَا رَدَّدَهُ عَلَيْكَ حَتَّى يُتْعِبَك، وَكَذَلِكَ عَكَّه بِالْقَوْلِ عَكّاً إِذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ مُتَعَنِّتًا. وعَكَّ عَلَيْهِ: عَطَف كَعاكَ. وَفَرَسٌ مِعَكٌّ: يَجْرِي قَلِيلًا ثُمَّ يحتاح إِلَى الضَّرْبِ. وَرَجُلٌ مِعَكٌّ إِذَا كَانَ ذَا لَدَد وَالْتِوَاءٍ وَخُصُومَةٍ. وعَكَّه بِالسَّوْطِ: ضَرَبَهُ. وعَكٌّ: قَبِيلَةٌ وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الْحَيِّ. والعَكَوَّك: الْقَصِيرُ المُلَزَّزُ المُقْتَدِرُ الخَلْقِ؛ وأَنشد لِدَلَمٍ أَبي زُعَيْبٍ العَبْشَمِيّ:
لما رأَيتُ رَجُلًا دِعْكايَهْ ... عَكَوَّكاً، إِذَا مَشَى، دِرْحايَه
وَقِيلَ: هُوَ السَّمِينُ، وَقِيلَ: الصُّلب الشَّدِيدُ؛ قَالَ نِجادٌ الخَيْبَري:
عَكَوَّك المِشْيَةِ كالقَفَنْدَرِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَكَوَّكٌ فَعَلَّع بِتَكْرِيرِ الْعَيْنِ وَلَيْسَ مِنَ الْمُضَاعَفِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عَكَوَّكٌ فَعَوَّلٌ، وَلَيْسَ فعَلَّع كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ. وَمَكَانٌ عَكَوَّك: غَلِيظٌ صُلْب، وَقِيلَ سَهْل؛ قَالَ:
إِذَا هَبَطْنَ مَنْزِلًا عَكَوَّكا، ... كأَنما يَطْحَنَّ فِيهِ الدَّرْمَكا
وَالْهَاءُ لُغَةٌ؛ وأَما قَوْلُ العجاج:
عَكٌّ شَدِيدُ الأَمْرِ قُسْبُرِيُ
قَالَ أَبو زَيْدٍ: العَكُّ الصُّلْبُ الشَّدِيدُ الْمُجْتَمِعُ. وعَكَوَّكٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وعُكَّةُ العِشارِ أَيضاً: لَوْنٌ يَعْلُو النُّوق عِنْدَ لِقاحها. وَقَدْ أَعَكَّتِ الناقةُ العُشَراء تُعِكُّ إِذَا تبدَّلت لَوْنًا غَيْرَ لَوْنِهَا، وَالِاسْمُ العُكّة، وَكَذَلِكَ إِذَا سَمِنَتْ فأَخصبت. وعَكُّ بْنُ عَدْنان: أَخو مَعَدٍّ، وَهُوَ الْيَوْمَ فِي الْيَمَنِ؛ هَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ؛ وَقَالَ بَعْضُ النَّسَّابِينَ: إِنَّمَا هُوَ مَعَدُّ بْنُ عَدْنَانَ، فأَما عَكٌّ فَهُوَ ابْنُ عُدْثان، بِالثَّاءِ، وَعُدْثَانُ، بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ: مِنْ وَلَدِ قَحْطَانَ. وَعَدْنَانُ، بالنون: من ولد إسمعيل. وَقَوْلُهُمُ ائتَزَرَ فلانٌ إزْرةَ عَكَّ وَكَّ وإزْرَة عَكَّى وَهُوَ أَن يُسْبِل طَرَفَيْ إزاره ويضم
__________
(2) . قوله [ماذا ترى إلخ] صدره كما في شرح القاموس:
يا ابن الرفيع حسباً وبنكا(10/469)
سَائِرَهُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إزْرَتُه تَجِدْهُ عَكَّ وَكَّا، ... مِشْيَتُه فِي الدَّارِ هاكَ رَكَّا «1»
. قَالَ: وهاكَ رَكَّ حِكَايَةُ تَبَخْتُرِهِ. وعَكَّةُ: اسْمُ بَلَدٍ فِي الثُّغور؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
طُوبى لِمَنْ رأَى عَكَّةَ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ هَذِهِ أَرضُ عُكَّةٍ بِإِضَافَةٍ وَغَيْرِ إِضَافَةٍ إِذَا كَانَتْ حَارَّةً؛ وأَنشد:
بِبلدةِ عُكَّةٍ لَزِجٍ نَداها، ... تَضَمَّنَتِ السَّمائمَ والذُّبابا
والعُكَّةُ: تَكُونُ مَعَ الجَنُوب والصَّبا. وَقَالَ سَاجِعُ الْعَرَبِ: إِذَا طَلَعَتِ العُذْرة، لَمْ يَبْقَ بعُمانَ بُسْرة، وَلَا لأَكَّارٍ بُرَّة، وَكَانَتْ عُكَّةٌ نُكْرة، عَلَى أَهل الْبَصْرَةِ. وَفِي حَاشِيَةِ التَّهْذِيبِ: رِوَايَةُ اللَّيْثِ نُكْرَةٌ، بِالنُّونِ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: وَالصَّحِيحُ بُكْرَةٌ، بِالْبَاءِ؛ وَفِي الْحَاشِيَةِ: قَالَ الْجُرْجَانِيُّ هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وهو تَرَدُّد الشيء وتكاتفه، تَقُولُ مَا زلتُ أَعُكُّهُ بِالْقَوْلِ حَتَّى غَضِبَ أَي أُردِّدُ عَلَيْهِ الْكَلَامَ، وَمِنْهُ عَكَّتْه الحُمَّى، وَمِنْهُ عُكَّة السَّمْنِ لأَنه يُكْنَزُ فِيهَا كَنْزاً، وَيُقَالُ: سَمِنَتِ المرأَة حَتَّى صَارَتْ كالعُكَّة، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْيَوْمِ الْحَارِّ: يَوْمٌ عَكٌّ وعَكِيكٌ، يُرِيدُ شدَّة احْتِدامه وَتَكَاثُفِهِ؛ قَالَ: وَهَذَا قول المبرد.
علك: عَلَكَتِ الدابةُ اللجامَ تَعْلُكه عَلْكاً: لَاكَتْه وَحَرَّكَتْهُ فِي فِيهَا، قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
خَيْلٌ صيامٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ، ... تحتَ العَجاجِ، وأُخْرى تَعْلُك اللُّجُما
وعَلَكَ نَابَيْه: حَرَقَ أَحدهما بِالْآخَرِ فَحَدَثَ بَيْنَهُمَا صَوْتٌ، قَالَ العُجَيرُ السَّلوليُّ:
فجئتُ، وخَصْمِي يَعْلُكونَ نُيوبَهم، ... كَمَا وُضِعَتْ تحتَ الشِّفارِ عَزُوزُ
وعَلَكَ الشيءَ يَعْلُكه ويَعْلِكه عَلْكاً: مَضَغه ولَجْلَجه. وَطَعَامٌ عَالِكٌ وعَلِكٌ: مَتِينُ المَمْضغة. والعِلْكُ: ضَرْبٌ مِنْ صَمْغِ الشَّجَرِ كاللُّبان يُمْضَغُ فَلَا يَنماع، وَالْجَمْعُ عُلوك وأَعْلاك، وَقَدْ عَلَكه، وَبَائِعُهُ عَلَّاك. وَمَا ذُقْتُ عَلاكاً أَي مَا يُعْلَك. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بِرَجُلٍ وبُرْمَتُه تَفور عَلَى النَّارِ فتناوَلَ مِنْهَا بَضْعَةً فَلَمْ يَزَلْ يَعْلُكُها حَتَّى أَحرم فِي الصَّلَاةِ
أَي يَمْضَغُها. وعَلَّكَ القِرْبة، بِالتَّشْدِيدِ: أَجاد دَبْغَهَا، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وعَلَّكَ مالَه: أَحسن القيامَ عَلَيْهِ، قَالَ:
وكائنْ مِنْ فَتًى سَوْءٍ تَراه ... يُعَلِّكُ هَجْمَةً: حُمْراً وجُونا
وَشَيْءٌ عَلِكٌ أَي لزِجٌ. وعَلَّكَ يَدَيْهِ عَلَى مَالِهِ: شَدَّهما مِنْ بُخْلِهِ فَلَمْ يَقْرِ ضَيْفًا وَلَا أَعطى سَائِلًا. والعَلِكَةُ: شِقْشِقَةُ الْجَمَلِ عِنْدَ الْهَدِيرِ، قَالَ رؤية:
يَجْمَعْنَ رَاراً وهَدِيراً مَحْضا، ... فِي عَلِكاتٍ يَعْتَلِينَ النَّهْضا
والعَلَكُ والعُلاكُ: شَجَرٌ يَنْبُتُ بِالْحِجَازِ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ شَجَرٌ لَمْ أَسمع لَهُ بحِلْيَة. وَفِي حَدِيثٍ
لِجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سأَله عَنْ مَنْزِلِهِ بِبيشَةَ فَوَصَفَهَا جَرِيرٌ فَقَالَ: سَهْلٌ ودَكْداك، وسَلَمٌ وأَراك، وحَمْضٌ وعَلاك
، العَلاك: شَجَرٌ يَنْبُتُ بِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ، وَيُرْوَى بِالنُّونِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَيُقَالُ لَهُ العَلَكُ أَيضاً، قَالَ لَبِيَدٌ:
لَتَبَقَّطَتْ عَلَكَ الحِجازِ مُقيمةً، ... فَجُنوبَ ناصِفَةٍ لِقاحُ الحَوْأَبِ
والعَوْلَكُ: عِرْق فِي رَحِمِ الشَّاةِ، وهو أَيضاً عِرْق
__________
(1) . قوله: تَجِدْه، بالجزم، هكذا في الأَصل(10/470)
فِي الْخَيْلِ والحُمُر وَالْغَنَمِ، يَكُونُ غَامِضًا فِي البُظارة دَاخِلًا فِيهَا، والبُظارة بَيْنَ الأَسْكَتَيْنِ وَهُمَا جَانِبَا الحَياء، وَاسْتَعَارَ بعضُ الرُّجَّاز ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ فَقَالَ:
يَا صاحِ! مَا أَصْبَر ظَهْرَ غَنَّامْ! ... خَشِيتُ أَن تَظْهَر فِيهِ أَوْرامْ،
مِنْ عَوْلَكَينِ غَلَبا بالإِبْلامْ
وَذَلِكَ أَن امرأَتين كَانَتَا رَكِبَتَا هَذَا الْبَعِيرَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ غنَّام. وجمعُ العَوْلَكِ: عَوَالِكُ. وَفِي الصِّحَاحِ: العَوْلَكُ عِرْقٌ فِي الرَّحِمِ، وَلَمْ يُخَصَّصْ، ثُمَّ قَالَ مَا قُلْنَاهُ وَذَكَرَ الرَّجَزَ وَنَسَبَهُ إِلى العَدَبَّسِ الْكِنَانِيِّ وَقَالَ: إِن الْبَعِيرَ الْمَرْكُوبَ أَيضاً لَهُ. وشَعر مُعْلَنْكِكٌ: كَثِيرٌ مُتَرَاكِبٌ. واعْلَنْكَكَ أَي اعْلَنْكَدَ وَاجْتَمَعَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والمِعْلاك شَيْءٌ كالسهم يرمى به «1» .
عنك: عَنَكَ الرَّمْلُ يَعْنُكُ عُنُوكاً وتَعَنَّكَ: تعَقَّد وَارْتَفَعَ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ طَرِيقٌ. ورَملة عانِكٌ: فِيهَا تَعَقُّد لَا يَقْدِرُ الْبَعِيرُ عَلَى الْمَشْيِ فِيهَا إِلا أَن يَحْبُوَ؛ يُقَالُ: قَدْ أَعْنَك البعيرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةُ:
أَوْدَيْتَ إِنْ لَمْ تَحْبُ حَبْوَ المُعْتَنِك
يَقُولُ: هلكتَ إِنْ لَمْ تحملْ حَمالَتي بجَهْد. واعْتَنَك الْبَعِيرُ واستَعْنَك: حَبَا فِي العانِك فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السَّيْرِ. وأَعنَكَ الرجلُ: وَقَعَ فِي العِنْكة، وَاحِدُهَا عِنْك، وَهُوَ الرَّمْلُ الْكَثِيرُ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: مَا كَانَ لَكِ أَن تُعَنِّكيها
؛ التَّعْنيك: الْمَشَقَّةُ وَالضِّيقُ وَالْمَنْعُ، مِنِ اعْتَنَك البعيرُ إِذَا ارْتَطَمَ فِي الرَّمْلِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهُ، أَو مِنْ عَنَك البابَ وأَعْنَكَه إِذَا أَغلقه، وَقَدْ رُوِيَ
مَا كَانَ لَكِ أَن تُعَنِّقِيها
، بِالْقَافِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَقَدْ مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ عَلَكَ فِي وَصْفِ جَرِيرٍ مُنْزِلَهُ بِبيشَة وحُموض وعَلاك، وَقَعَ هَذَا الْحَرْفُ عَلَى رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ: وعَنَاك، بِالنُّونِ، وَفُسِّرَ بِالرَّمْلِ، وَالرِّوَايَةُ بِاللَّامِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وعَنَكَت المرأةُ عَلَى زَوْجِهَا: نَشَزت، وَعَلَى أَبيها: عَصَتْهُ. وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: عَتَكَتْ، بِالتَّاءِ. وعَنَكَ الفرسُ: حَمَلَ وكرَّ؛ قَالَ:
نُتْبعُهم خَيْلًا لَنَا عَوانِكا
وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِالتَّاءِ أَيضاً، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والعَانِكُ: اللَّازِمُ، وَالتَّاءُ أَعلى. اللَّيْثُ: والعَانِكُ الأَحمر، يُقَالُ: دَمٌ عانكٌ وعِرْق عانِك إِذَا كَانَ فِي لَوْنِهِ صُفْرَةٌ؛ وأَنشد:
أَو عانِكٍ كَدمِ الذَّبِيحِ مُدامِ
والعانِكُ مِنَ الرَّمْلِ: فِي لَوْنِهِ حُمْرَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: كُلُّ مَا قَالَهُ اللَّيْثُ فِي الْعَانِكِ فَهُوَ خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ، وَالَّذِي أَراد اللَّيْثُ مِنْ صِفَةِ الْحُمْرَةِ فَهُوَ عَاتِكٌ، بِالتَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقَالَ أَيضاً عَنِ ابْنُ الأَعرابي: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ أَتانا بِنَبِيذٍ عَاتِكٍ، يُصَيِّرُ النَّاسِكَ مِثْلَ الفَاتِك؛ والعانِكُ مِنَ الرِّمَالِ: مَا تَعَقَّد كَمَا فَسَّرَهُ الأَصمعي لَا مَا فِيهِ حُمْرَةٌ؛ وأَما اسْتِشْهَادُهُ بِقَوْلِهِ:
أَو عَانَكٍ كَدَمِ الذَّبِيحِ مُدَامِ
فَإِنَّ الرُّوَاةَ يَرْوُونَهُ: أَو عَاتِقٍ، قَالَ: وَكَذَا الإِيادي فِيمَا رَوَاهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ لِلَّيْثِ بِالْكَافِ فَهُوَ عَاتِكٌ كَمَا رَوَيْتُهُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والعِنْكُ والعَنْكُ والعُنْكُ: سُدْفَةٌ مِنَ اللَّيْلِ تَكُونُ مِنْ أَوّله إِلَى ثُلُثِهِ، وَقِيلَ: قِطْعة مُظْلِمَةٌ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ قَالَ: وَالْكَسْرُ أَفصح، وَالْجَمْعُ أَعْناك، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي التَّاءِ. قَالَ الأَزهري: رُوِيَ لَنَا عَنِ الأَصمعي أَتانا بَعْدَ عِنْك أَي بَعْدَ سَاعَةٍ وهُدُوٍّ؛ وَيُقَالُ: مَكَثَ عِنْكاً أَي عَصْراً وَزَمَانًا؛ قَالَ أَبو تُراب: العِنْك الثُّلُثُ الْبَاقِي مِنَ اللَّيْلِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
__________
(1) . 1 زاد المجد: العلكة، محركة، الناقة السمينة.(10/471)
بَاتَا يَجُوسانِ، وَقَدْ تَجَرَّما، ... ليلُ التِّمامِ غيرَ عِنْكٍ أَدْهَما
وَقِيلَ: هُوَ الثُّلُثُ الثَّانِي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ عِنْك وعَنْك وعُنْك كَمَا يُقَالُ عِنْدٌ وعَنْد وعُنْدٌ، وعِنْكُ كُلِّ شَيْءٍ مَا عَظُم مِنْهُ، يُقَالُ: جَاءَنَا مِنَ السَّمَكِ وَمِنَ الطَّعَامِ بِعِنْكٍ أَي بِشَيْءٍ كَثِيرٍ مِنْهُ. والعِنْكُ: الْبَابُ، يَمانية. وعَنَكَ البابَ وأَعْنكه: أَغلقه، يَمَانِيَةٌ. وأَعْنَك الرجلُ إِذَا تَجَرَ فِي العُنُوك، وَهِيَ الأَبواب. يُقَالُ لِلَّبَابِ العِنْك، وَلِصَانِعِهِ الفَيْتَق، والمِعْنَك: الغَلَق. وعَنَك اللبنُ أَي خَثُرَ.
عنفك: العَنْفَكُ: الأَحمق. وَامْرَأَةٌ عَنْفَكٌ، وَهُوَ عَيْبٌ. والعَنْفَك: الثقيل الوَخِمُ.
عهك: قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَرَأْتُ فِي نَوَادِرِ الأَعراب تَرَكْتُهُمْ فِي عَيْهَكَةٍ وعَوْهَكةٍ ومَعْوَكةٍ ومَحْوَكةٍ وعَويكة. وَقَدْ تعاوَكوا إذا اقتتلوا.
عوك: عاكَ عَلَيْهِ يَعُوك عَوْكاً: عَطَفَ وكرَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ عَكَم يَعْكِمُ وعَتَكَ يعْتِكُ. وعاكَتِ الْمَرْأَةُ تَعُوك عَوْكاً: رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا فأَكلت مَا فِيهِ. وَفِي الْمَثَلِ: إِذَا أَعْياكِ بيتُ جاراتِك فَعُوكِي عَلَى ذِي بيتِك أَي فَارْجِعِي إِلَى بَيْتِكِ فَكُلِي مَا فِيهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كُرِّي عَلَى بَيْتِكِ. وَعَاكَ عَلَى الشَّيْءِ: أَقبل عَلَيْهِ. والمَعَاكُ: الْمَذْهَبُ، يُقَالُ: مَا لَهُ مَعاكٌ أَي مَذْهَبٌ. وَمَا بِهِ عَوْكٌ وَلَا بَوْكٌ أَي حَرَكَةٌ. وَلَقِيتُهُ قَبْلَ كُلِّ عَوْكٍ وبَوْكٍ أَي قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ. ابْنُ الأَعرابي: لَقِيتُهُ عِنْدَ أَول صَوْكٍ وبَوْكٍ وعَوْكٍ أَي عِنْدَ أَوَّلِ كُلِّ شَيْءٍ. وَالْعَائِكُ: الكَسُوب، عَاكَ مَعاشَه يَعُوكه عَوْكاً ومَعاكاً. ابْنُ الأَعرابي: عُسْ مَعاشَك وعُكْ مَعاشكَ معاسا ومَعاكاً. والعَوْسُ: إصلاح المعيشة.
عيك: قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَاكَ عَيَكَاناً مَشَى وحَرَّكَ مَنْكِبَيْه كَحاكَ. والعَيْكُ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ، لُغَةٌ فِي الأَيكِ، وَاحِدَتُهُ عَيْكَة. والعَيْكتانِ، بِفَتْحِ أَوّله عَلَى لَفْظِ تَثْنِيَةِ عَيْكة: مَوْضِعٌ فِي دِيارِ بَجيلة؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا:
ليلةَ صاحُوا، وأَغْرَوْا بِي سِراعَهُمُ ... بالعَيْكَتَيْنِ، لَدَى مَعْدَى ابنِ بَرَّاقِ
قَالَ الأَخفش: ويروى بالعَيْتَتَيْنِ.
فصل الغين المعجمة
غسك: أَبو زَيْدٍ: الغَسَكُ لُغَةٌ فِي الغَسَق، وَهُوَ الظُّلْمة.
فصل الفاء
فتك: الفَتْكُ: رُكُوبُ مَا هَمَّ مِنَ الأُمور ودَعَتْ إِلَيْهِ النفسُ، فَتَك يَفْتِكُ ويَفْتُكُ فَتْكاً وفِتْكاً وفُتْكاً وفُتُوكاً. والفَاتِكُ: الجَريء الصَّدْرِ، وَالْجَمْعُ الفُتَّاك. وَرَجُلٌ فاتِكٌ: جَرِيءٌ. وفَتَك بِالرَّجُلِ فَتْكاً وفُتْكاً وفِتْكاً. انْتَهَزَ مِنْهُ غِرَّة فَقَتَلَهُ أَو جَرَحَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَتْلُ أَو الْجَرْحُ مُجاهَرة؛ وَكُلُّ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا غَارًّا، فَهُوَ فَاتِكٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن رَجُلًا أَتى الزُّبَيْرَ فَقَالَ لَهُ: أَلا أَقتل لَكَ عَلِيًّا؟ قَالَ: فَكَيْفَ تَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ: أَفْتكُ بِهِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: قَيَّد الإِيمانُ الفَتْكَ لَا يَفْتِكُ مؤمنٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الفَتْك أَن يأْتي الرَّجُلُ صَاحِبَهُ وَهُوَ غارٌّ غَافِلٌ حَتَّى يَشُدُّ عَلَيْهِ فَيَقْتُلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعطاه أَماناً قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَن يُعْلِمَهُ ذَلِكَ؛ قَالَ المُخَبَّل السَّعْدِيُّ:(10/472)
وإذْ فَتَك النُّعْمانُ بالناسِ مُحْرِماً، ... فَمُلِّئَ مِنْ عَوْفِ بْنِ كعبٍ سَلاسِله
وَكَانَ النُّعْمَانُ بَعَثَ إِلَى بَنِي عَوْفِ بْنِ كَعْبٍ جَيْشًا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَهُمْ آمِنُونَ غَارُّونَ فَقَتَلَ فِيهِمْ وَسَبَى؛ الْجَوْهَرِيُّ: فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ فَتْك وفُتْك وفِتْك مِثْلُ وَدٍّ ووُدٍّ ووِدٍّ وزَعْمٍ وزُعْم وزِعْم؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
قلْ للغَواني: أَما فيكنَّ فاتِكةٌ ... تَعْلُو اللَّئِيمَ بضَرْبٍ فِيهِ امْحاضُ؟
الْفَرَّاءُ: الفَتْكُ والفُتْكُ الرَّجُلُ يَفْتِك بِالرَّجُلِ يَقْتُلُهُ مُجَاهَرَةً، وَقَالَ بَعْضُهُمُ الفِتْكُ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ أَيْضًا: فَتَك بِهِ وأَفْتَك، وَذُكِرَ عَنْهُ اللُّغَاتُ الثَّلَاثُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: تَفَتَّك فُلَانٌ بأَمره أَي مَضَى عَلَيْهِ لَا يُؤامر أَحداً؛ الأَصمعي فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
لَيْسَ امْرُؤٌ، يَمْضِي بِهِ مَضَاؤهُ ... إِلَّا امْرُؤٌ، مِنْ فَتْكهِ دَهاؤُهُ
أَي مَعَ فَتْكه كَقَوْلِهِ
الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمان
أَي هُوَ مَعَهُ لَا يُفَارِقُهُ، قَالَ: ومَضاؤه نَفاذه وَذَهَابُهُ. وَفِي النَّوَادِرِ: فاتَكْتُ فُلَانًا مُفاتَكة أَي داوَمته واسْتَأكلته. وَإِبِلٌ مُفاتِكَةٌ للحَمْض إِذَا دَاوَمَتْ عَلَيْهِ مُسْتأكِلَة مُسْتَمْرئَةً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَصل الفَتْك فِي اللُّغَةِ مَا ذَكَرَهُ أَبو عُبَيْدٍ ثُمَّ جَعَلُوا كُلَّ مَنْ هَجَمَ عَلَى الأُمور الْعِظَامِ فاتِكاً؛ قَالَ خَوَّات بْنُ جُبَير:
عَلَى سَمْتِها والفَتْكُ مِنْ فَعَلاتي
وَالْغِيلَةُ: أَن يَخْدَع الرجلَ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ إِلَى مَوْضِعٍ يَخْفى فِيهِ أَمرُه ثُمَّ يَقْتُلُهُ. وَفِي مَثَل: لَا تَنْفَعُ حِيلَة مَعَ غِيلَة. والمُفاتكة: مُوَاقَعَةُ الشَّيْءِ بِشِدَّةٍ كالأَكل وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِ. وفاتَكَ الأَمْر: وَاقَعَهُ، والإِسم الفِتاكُ. وفاتَكَتِ الإِبلُ الْمَرْعَى: أَتت عَلَيْهِ بأَحْناكها. وَفَاتَكَهُ: أَعطاه مَا اسْتَامَ بِبَيْعِهِ، فَإِنْ سَاوَمَهُ وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا قِيلَ: فاتَحَه. وفَتَكَ فتْكاً: لَجَّ. وفتَّكَ القُطْنَ: نَفَشه كَفَدَّكَه.
فدك: فَدَّكَ القطنَ تَفْدِيكاً: نَفَشَهُ، وَهِيَ لُغَةٌ أَزْدية. وفَدَكٌ وفَدَكِيٌّ: اسْمَانِ. وفُدَيْكٌ: اسْمٌ عَرَبِيٌّ. وفَدَكٌ: مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
لئنْ حَلَلْتُ بِجَوّ فِي بَنِي أَسَدٍ، ... فِي دِينِ عَمْرو، وحالَتْ بَيْنَنَا فَدَكُ
الأَزهري: فَدَكٌ قَرْيَةٌ بِخَيْبَرَ، وَقِيلَ بِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ فِيهَا عَيْنٌ وَنَخْلٌ أَفاءَها اللهُ عَلَى نَبِيَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، يَتَنَازَعَانِهَا وَسَلَّمَهَا عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَيْهِمَا
فَذَكَرَ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ جَعَلَهَا فِي حَيَاتِهِ لِفَاطِمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَوَلَدِهَا وأَبى الْعَبَّاسُ ذَلِكَ.
وأَبو فُدَيْكٍ: رَجُلٌ. والفُدَيْكاتُ: قَوْمٌ مِنَ الْخَوَارِجِ نُسِبُوا إِلَى أَبي فُدَيْكٍ الْخَارِجِيِّ.
فرك: الفَرْك: دَلْكُ الشَّيْءِ حَتَّى يَنْقَلِعَ قِشْرُه عَنْ لبِّه كالجَوْز، فَرَكه يَفْرُكه فَرْكاً فانْفَرَك. والفَرِكُ: المُتَفَرِّك قِشْرُهُ. واسْتَفْرَك الحبُّ فِي السُّنْبُلة: سَمِنَ وَاشْتَدَّ. وبُرٌّ فرِيكٌ: وَهُوَ الَّذِي فُرِكَ ونُقِّي. وأَفْرَك الحبُّ: حَانَ لَهُ أَن يُفْرك. والفَرِيك: طَعَامٌ يُفْرك ثُمَّ يُلَتّ بِسَمْنٍ أَو غَيْرِهِ، وفَرَكْتُ الثَّوْبَ وَالسُّنْبُلَ بِيَدِي فَرْكاً. وأَفْرَكَ السنبلُ أَي صَارَ فَرِيكاً، وَهُوَ حِينَ يَصْلُح أَن يُفْرَك فَيُؤْكَلَ، وَيُقَالُ لِلنَّبْتِ أَوَّلَ مَا يَطْلُع:(10/473)
نجَمَ ثُمَّ فَرَّخَ وقَصَّبَ ثُمَّ أَعْصَفَ ثُمَّ أَسْبَلَ ثُمَّ سَنْبَل ثُمَّ أَحَبَّ وأَلَبَّ ثُمَّ أسْفى ثُمَّ أَفْرَكَ ثُمَّ أَحْصَدَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ بيع الحَب حَتَّى يُفْرِكَ
أَي يَشْتَدَّ وَيَنْتَهِيَ. يُقَالُ: أَفْرَكَ الزرعُ إِذَا بَلَغَ أَن يُفْرَك بِالْيَدِ، وفَرَكْته وَهُوَ مَفْرُوكٌ وفَرِيك، وَمَنْ رَوَاهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَمَعْنَاهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ قِشْرِهِ. وَثَوْبٌ مَفْرُوك بِالزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ: صُبِغَ بِهِ صَبْغًا شَدِيدًا. والفَرَكُ، بِالتَّحْرِيكِ: اسْتِرْخَاءُ أَصل الأُذن. يُقَالُ: أُذن فَرْكاء وفَرِكَةٌ، وَقِيلَ: الفَرْكاء الَّتِي فِيهَا رَخاوة وَهِيَ أَشدّ أَصلًا مِنَ الخَذْواء، وَقَدْ فَرِكَتْ فِيهِمَا فَرَكاً. والانْفِراكُ: اسْتِرْخَاءُ المَنْكِب. وانْفَرَك المَنْكِبُ: زَالَتْ وابِلَتُه مِنَ العَضُد عَنْ صَدَفة الْكَتِفِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَابِلَةِ الْفَخِذِ وَالْوِرْكِ قِيلَ حُرق. اللَّيْثُ: إِذَا زَالَتِ الْوَابِلَةُ مِنَ الْعَضُدِ عَنْ صَدَفَةِ الْكَتِفِ فَاسْتَرْخَى الْمَنْكِبُ قِيلَ: قَدِ انْفرك مَنْكِبُهُ وانْفَركت وابلتُه، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَابِلَةِ الْفَخِذِ وَالْوِرْكِ لَا يُقَالُ انْفرك، وَلَكِنْ يُقَالُ حُرِقَ فَهُوَ مَحْرُوق. النَّضْرُ: بَعِيرٌ مَفْرُوك وَهُوَ الأَفَكُّ الَّذِي يَنْخَرِمُ مَنْكِبُهُ، وتَنْفَكُّ العصبةُ الَّتِي فِي جَوْفِ الأَخْرَم. وتَفَرَّك المخنثُ فِي كَلَامِهِ ومِشْيَته: تَكَسَّرَ. والفِرْكُ، بِالْكَسْرِ: البغْضَةُ عَامَّةً، وَقِيلَ: الفِرْك بغْضَةُ الرَّجُلِ لامرأَته أَو بغْضة امرأَته لَهُ، وَهُوَ أَشهر؛ وَقَدْ فَرِكَتْه تَفْرَكُه فِرْكاً وفَرْكاً وفُروكاً: أَبغضته. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: فَرَكَتْه تَفْرُكه فُروكاً وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ أَيضاً: فَرِكَها فَرْكاً وفِرْكاً أَي أَبغضها؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فَعفَّ عَنْ اسْرارِها بَعْدَ الغَسَقْ، ... وَلَمْ يُضِعْها بَيْنَ فِرْكٍ وعَشَقْ
وَامْرَأَةٌ فاركٌ وفَرُوكٌ؛ قَالَ القطامِيّ:
لَهَا رَوْضَةٌ فِي القَلْبِ لَمْ يَرْعَ مِثْلَها ... فَرُوكٌ، وَلَا المُسْتَعْبِرات الصَّلائِفُ
وَجَمْعُهَا فَوارِكُ. وَرَجُلٌ مُفَرَّك: لَا يَحْظى عِنْدَ النِّسَاءِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: تُبْغِضهُ النِّسَاءُ، وَكَانَ امْرُؤُ الْقَيْسِ مُفَرَّكاً. وامرأَة مُفَرَّكة: لَا تَحْظَى عِنْدَ الرِّجَالِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مُفَرَّكَة أَزْرى بِهَا عِنْدَ زَوْجِها، ... وَلَوْ لَوَّطَتْه هَيَّبانٌ مُخالِفُ
أَي مُخَالِفٌ عَنِ الجَوْدة، يَقُولُ: لَوْ لَطَّخته بِالطَّيِّبِ مَا كَانَتْ إِلَّا مُفَرَّكة لسُوءِ مَخْبُرَتِها، كأَنه يَقُولُ: أَزرى بِهَا عِنْدَ زَوْجِهَا مَنْظَرٌ هَيَّبانٌ يَهابُ ويَفْزَع مَنْ دَنَا مِنْهُ أَي أَن مَنْظَر هَذِهِ الْمَرْأَةِ شيءٌ يُتحامى فَهُوَ يُفْزِع، وَيُرْوَى عِنْدَ أَهلها، وَقِيلَ: إِنَّمَا الهَيَّبانُ المخالفُ هُنَا ابنُه مِنْهَا إِذَا نَظَرَ إِلَى وَلَدِهِ مِنْهَا أَبغضها وَلَوْ لَطَّخَتْهُ بِالطَّيِّبِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَن رَجُلًا أَتاه فقاله لَهُ: إِنِّي تزوَّجت امْرَأَةً شَابَّةً أَخاف أَن تَفْرُكَني فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ الحُب مِنَ اللَّهِ والفَرْك [الفِرْك] مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْكَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ادْعُ بِكَذَا وَكَذَا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الفَرْك والفِرْك أَن تُبْغضَ المرأَة زَوْجَهَا، قَالَ: وَهَذَا حَرْفٌ مَخْصُوصٌ بِهِ المرأَة والزوجُ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ فِي غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَفْرُك مؤمنٌ مُؤْمِنَةً
أَي لَا يُبْغِضها كأَنه حَثَّ عَلَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ إِبِلًا:
إِذَا الليلُ عَنْ نَشْزٍ تَجَلَّى، رَمَيْنَهُ ... بأَمْثالِ أَبْصارِ النِّساء الفَوارِكِ
يصِفُ إِبِلًا شَبَّهَهَا بِالنِّسَاءِ الْفَوَارِكِ، لأَنهن يَطْمَحْن إِلَى الرِّجَالِ وَلَسْنَ بِقَاصِرَاتِ الطَّرْفِ عَلَى الأَزواج، يَقُولُ: فَهَذِهِ الإِبل تُصْبِح وَقَدْ سَرَتْ لَيْلَهَا كُلَّهُ(10/474)
فَكُلَّمَا أَشرف لَهُنَّ نَشَزٌ رَمَيْنَهُ بأَبصارهن مِنَ النَّشاط والقوَّة عَلَى السَّيْرِ. ابْنُ الأَعرابي: أَولادُ الفِرْك فِيهِمْ نَجَابَةٌ لأَنهم أَشبه بِآبَائِهِمْ، وَذَلِكَ إِذَا وَاقَعَ امرأَته وَهِيَ فاركٌ لَمْ يُشْبِهْهَا وَلَدُهُ مِنْهَا، وَإِذَا أَبغض الزَّوْجُ المرأَة قِيلَ: أَصْلَفَها، وصَلِفَتْ عِنْدَهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: خَرَجَ أَعرابي وَكَانَتِ امرأَته تَفْرُكُه وَكَانَ يُصْلِفُها، فأَتْبَعَتْه نَوَاةً وَقَالَتْ: شَطَّتْ نَوَاكَ، ثُمَّ أَتبعته رَوْثَةً وَقَالَتْ: رَثَيْتُك وراثَ خَبَرُك، ثُمَّ أَتبعَته حَصاةً وَقَالَتْ: حاصَ رِزْقُك وحُصَّ أَثَرُك؛ وأَنشد:
وَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنكِ تَفْرُكيني، ... وأُصْلِفُكِ الغَداةَ فَلَا أُبالي
وفارَك الرجلُ صاحِبَهُ مُفَارَكَةً وتارَكة مُتاركَةً بِمَعْنًى وَاحِدٍ. الْفَرَّاءُ: المُفَرَّكُ الْمَتْرُوكُ المُبْغَضُ. يُقَالُ: فارَك فلانٌ فُلَانًا تَارَكَهُ. وفَرَك بلدَه ووطَنَه؛ قَالَ أَبو الرُّبَيْسِ التَّغْلِبِيُّ:
مُراجِع نَجْدٍ بَعْدَ فِرْكٍ وبِغْضَةٍ ... مُطَلِّق بُصْرى أَصْمَع القَلْبِ جافِله
والفِرِكَّانُ: البِغْضَةُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. وفُرُكَّان: أَرض، زَعَمُوا. ابْنُ بَرِّيٍّ: وفِرِكَّان اسْمُ أَرض، وَكَذَلِكَ فِرِكٌ؛ قَالَ:
هَلْ تَعْرِفُ الدارَ بأَدْنى ذِي فِرِكْ
فرتك: فَرْتَك عَمَله: أَفسده، يَكُونُ ذَلِكَ فِي النَّسْجِ وَغَيْرِهِ. وَفِي النَّوَادِرِ: بَرْتَكْتُ الشيءَ بَرْتَكَةً وفَرْتَكْتُه فَرْتَكَةً وكَرْنَفْتُه إِذَا قطَعْته مِثْلَ الذَّرِّ.
فرسك: الفِرْسِكُ: الخَوْخ، يَمَانِيَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ الخَوْخ فِي القَدْرِ، وَهُوَ أَجْرَدُ أَملس أَحمر وأَصفر. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ حِميْرِيَّة فَصِيحَةً سَأَلْتُهَا عَنْ بِلَادِهَا فَقَالَتْ: النَّخْلُ قُلٌّ وَلَكِنَّ عِيشَتَنَا امْقَمْحُ امْفِرْسِكُ امْعِنَبُ امْحَماطُ طُوبٌ أَي طَيِّبٌ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا الفِرْسِكُ؟ فَقَالَتْ: هُوَ امْتِينُ عِنْدَكُمْ؛ قَالَ الأَغلب:
كَمُزْلَعِبّ الفِرْسِكِ الْمَهَالِبِ «2»
. الْجَوْهَرِيُّ: الفِرْسِكُ ضَرْبٌ مِنَ الخَوْخ لَيْسَ يَتَفَلَّق عَنْ نَوَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُتِبَ إِلَيْهِ سفيانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفي، وَكَانَ عَامِلًا لَهُ عَلَى الطَّائِفِ: إنَّ قِبَلَنا حِيطاناً فِيهَا مِنَ الفِرْسِكِ
؛ هُوَ الخَوْخ، وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ الْخَوْخِ مِنْ شَجَرِ العِضاه، وَهُوَ أَجْرَدُ أَمْلَس أَحمر وأَصفر وطَعْمُه كَطَعْمِ الْخَوْخِ، وَيُقَالُ لَهُ الفِرْسِقُ أَيضاً.
فكك: اللَّيْثُ: يُقَالُ فَكَكْتُ الشَّيْءَ فانْفَكَّ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابِ الْمَخْتُومِ تَفُكُّ خاتَمه كَمَا تَفُكُّ الحَنَكيْنِ تَفْصِل بَيْنَهُمَا. وفَكَكْتُ الشَّيْءَ: خَلَّصْته. وَكُلُّ مُشْتَبِكَيْنِ فَصَلْتَهُمَا فَقَدْ فَكَكْتَهما، وَكَذَلِكَ التَّفْكِيك. ابْنُ سِيدَهْ: فَكَّ الشيءَ يفُكُّه فَكّاً فانْفَكَّ فَصْلُهُ. وفَكَّ الرهنَ يَفُكُّه فَكّاً وافْتَكَّه: بِمَعْنَى خَلَّصه. وفَكاكُ الرَّهْنِ وفِكاكُه، بِالْكَسْرِ: مَا فُكَّ بِهِ. الأَصمعي: الفَكُّ أَن تَفُكَّ الخَلْخال والرَّقَبة. وفَكَّ يدَه فَكّاً إِذَا أَزَالَ المَفْصِلَ، يُقَالُ: أَصابه فَكَكٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
هاجَكَ مِنْ أَرْوَى كَمُنْهاضِ الفَكَكْ
وفَكُّ الرَّقَبَةِ: تخليصُها مِنْ إِسَارِ الرِّق. وفَكُّ الرهن وفَكاكُه فِكاكُه: تَخْلِيصُهُ مِنْ غَلَق الرَّهْنِ. ويقال: هَلُمَّ فَكاكَ وفِكاكَ رَهْنِك. وَكُلُّ شَيْءٍ أَطلقته فَقَدْ فَكَكْتَه. وَفُلَانٌ يَسْعَى فِي فِكاكِ رَقبته، وانْفَكَّت رَقَبَتُهُ مِنَ الرِّقِّ، وفَكَّ الرقبةَ يفُكُّها فَكّاً: أَعتقها،
__________
(2) . قوله [المهالب] كذا بالأَصل(10/475)
وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنها فُصِلَتْ مِنَ الرِّقِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعْتِق النَّسَمَة وفُكَّ الرَّقَبَةَ
، تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَن عِتْقَ النَّسَمَةِ أَن يَنْفَرِدَ بِعِتْقِهَا
، وفَكّ الرقبةِ: أَن يُعِينَ فِي عِتْقِهَا، وأَصل الفَك الفصلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَتَخْلِيصُ بَعْضِهِمَا مِنْ بَعْضٍ. وفَكَّ الأَسيرَ فَكّاً وفَكاكَةً: فَصَلَهُ مِنَ الأَسْر. والفِكاكُ والفَكاكُ: مَا فُكَّ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عُودُوا الْمَرِيضَ وفُكُّوا العانيَ
أَي أَطْلقُوا الأَسير، وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ الْعِتْقَ. وفَكَكْتُ يدَه فَكّاً، وفَكَّ يدَه: فَتَحَهَا عَمَّا فِيهَا. والفَكُّ فِي الْيَدِ: دُونَ الْكَسْرِ. وَسَقَطَ فُلَانٌ فانْفَكَّتْ قدمُه أَو إِصبعه إِذَا انْفَرَجَتْ وَزَالَتْ. والفَكَكُ: انْفِسَاخُ القَدَم، وأَنشد قَوْلَ رُؤْبَةَ: كَمُنْهَاضِ الْفَكَكِ؛ قَالَ الأَصمعي: إِنَّمَا هُوَ الفَكُّ مِنْ قَوْلِكَ فَكَّه يَفُكُّه فَكّاً، فأَظهر التَّضْعِيفَ ضَرُورَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رَكِبَ فَرَسًا فصَرَعه عَلَى جِذْم نخلةٍ فانْفَكَّتْ قَدَمُه
؛ الانْفِكاكُ: ضَرْبٌ مِنَ الوَهْنِ والخَلْع، وَهُوَ أَن يَنْفَكَّ بعضُ أَجزائها عَنْ بَعْضٍ. والفَكَكُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: والفَكُّ انفراجُ المَنْكِب عَنْ مَفْصِلِهِ اسْتِرْخَاءً وَضَعْفًا؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
أَبَدُّ يَمْشِي مِشْيَةَ الأَفَكِ
وَيُقَالُ: فِي فُلَانٍ فَكَّة أَي اسْتِرْخَاءٌ فِي رَأْيِهِ؛ قَالَ أَبو قَيْسِ بنُ الأَسْلَتِ:
الحَزْمُ والقُوَّةُ خيرٌ من الإشْفاقِ ... والفَكَّةِ والهاعِ
وَرَجُلٌ أَفَكُّ المَنْكِب وَفِيهِ فَكَّة أَي اسْتِرْخَاءٌ وَضَعْفٌ فِي رَأْيِهِ. والأَفَكُّ: الَّذِي انْفَرَجَ مَنْكِبُهُ عَنْ مَفْصِلِهِ ضَعْفًا وَاسْتِرْخَاءً، تَقُولُ مِنْهُ: مَا كنتَ أَفَكَّ وَلَقَدْ فَكِكْتَ تَفَكُّ فَكَكاً. والفَكَّة أَيْضًا: الحُمْق مَعَ اسْتِرْخَاءٍ. وَرَجُلٌ فاكٌّ: أَحمق بَالِغُ الحُمْق، ويُتْبَع فَيُقَالُ: فاكٌّ تاكٌّ، وَالْجَمْعُ فِكَكَة وفِكاكٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعَرابي. وَقَدْ فَكُكْتَ وفَكِكْتَ وَقَدْ حَمُقْتَ وفَكُكْتَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فَكِكْتَ، وَيُقَالُ: مَا كُنْتُ فَاكًّا وَلَقَدْ فَكِكْتَ، بِالْكَسْرِ، تَفَكُّ فَكَّةً. وَفُلَانٌ يتَفَكَّكُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ تَمَاسُكٌ مِنْ حُمْقٍ. وَقَالَ النَّضْرُ: الفاكُّ المُعْيي هُزالًا. نَاقَةٌ فاكَّة وَجَمَلٌ فَاكٌّ، والفاكُّ: الهَرِمُ مِنَ الإِبل وَالنَّاسِ، فَكَّ يَفُكّ فَكّاً وفُكُوكاً. وَشَيْخٌ فَاكٌّ إِذَا انْفَرَجَ لَحْياه مِنَ الهَرَم. وَيُقَالُ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ: قَدْ فَكَّ وفَرَّجَ، يريدُ فَرَّجَ لَحْيَيْهِ، وَذَلِكَ فِي الْكِبَرِ إِذَا هَرِم. وفكَكْتُ الصبيَّ: جَعَلْتُ الدَّوَاءَ فِي فِيهِ. وَحَكَى يَعْقُوبُ: شَيْخٌ فاكٌّ وَتَاكٌّ، جَعَلَهُ بَدَلًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ إِتْبَاعًا؛ قَالَ: وَقَالَ الحُصَيْني: أَحمق فاكٌّ وَهَاكٌّ، وَهُوَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِمَا يَدْري وَمَا لَا يَدْرِي وَخَطَؤُهُ أَكْثَرُ مِنْ صَوَابِهِ، وَهُوَ فَكَّاكٌ هَكَّاك. والفَكُّ: اللَّحْيُ. والفَكَّان: اللَّحْيانِ، وَقِيلَ: مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ عِنْدَ الصُّدغ مِنْ أَعلى وأَسفل يَكُونُ مِنَ الإِنسان وَالدَّابَّةِ. قَالَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيّ: مَقْتَلُ الرَّجُلِ بَيْنَ فَكَّيْهِ، يَعْنِي لِسَانَهُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الفَكَّان مُلْتَقَى الشِّدْقين مِنَ الْجَانِبَيْنِ. والفَكُّ: مُجْتَمَعُ الخَطْم. والأَفَكُّ: هُوَ مَجْمع الخَطْم، وَهُوَ مَجْمع الفَكَّيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ أَفعل. وَفِي النَّوَادِرِ: أَفَكَّ الظبيُ مِنَ الْحِبَالَةِ إِذَا وَقَعَ فِيهَا ثُمَّ انْفَلَتَ، وَمِثْلُهُ: أَفْسَحَ الظبيُ مِنَ الْحِبَالَةِ. والفَكَكُ: انْكِسَارُ الفَكِّ أَو زَوَالُهُ. وَرَجُلٌ أَفَكُّ: مَكْسُورُ الفَكِّ، وَانْكَسَرَ أَحدُ فَكّيْهِ أَيْ لَحْييه؛ وأَنشد:
كأَنَّ بَيْنَ فَكِّها والفَكِّ ... فَأرَةَ مِسْكٍ، ذُبِحَتْ فِي سُكِ
والفَكَّةُ: نُجُومٌ مُسْتَدِيرَةٌ بحِيال بَنَاتِ نَعْش خَلَفَ(10/476)
السَّمَاكِ الرَّامِح تُسَمِّيهَا الصِّبْيَانُ قَصْعَةَ الْمَسَاكِينِ، وَسُمِّيتْ قَصْعة الْمَسَاكِينَ لأَن فِي جَانِبِهَا ثُلْمَةً، وَكَذَلِكَ تِلْكَ الْكَوَاكِبُ الْمُجْتَمِعَةُ فِي جَانِبٍ مِنْهَا فَضَاءٌ. وَيُقَالُ: نَاقَةٌ مُتَفَكِّكةٌ إِذَا أَقْرَبَتْ فَاسْتَرْخَى صَلَواها وعَظُم ضَرْعُها وَدَنَا نِتاجها، شُبِّهَتْ بِالشَّيْءِ يُفَكّ فَيَتَفَكَّك أَي يَتَزايل وَيَنْفَرِجُ، وَكَذَلِكَ نَاقَةٌ مُفِكَّة قَدْ أَفَكَّتْ، وَنَاقَةٌ مُفْكِهَةٌ ومُفْكِهٌ بِمَعْنَاهَا، قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ بتَفَكُّكِ النَّاقَةِ إِلَى شِدَّةِ ضَبَعَتها؛ وَرَوَى الأَصمعي:
أَرْغَثَتْهُمْ ضَرْعَها الدنيا، ... وقامَتْ تَتَفَكَّكْ
انفِشاحَ النَّابِ للسَّقب، ... مَتَى مَا يَدْنُ تحْشِك
أَبو عُبَيْدٍ: المُتَفَكِّكةُ مِنَ الْخَيْلِ الوَدِيقُ الَّتِي لَا تَمْتَنِعُ عَنِ الْفَحْلِ. وَمَا انْفَكَّ فُلَانٌ قَائِمًا أَي مَا زَالَ قَائِمًا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمُشْرِكِينَ فِي مَوْضِعِ نَسَقٍ عَلَى أَهل الْكِتَابِ، الْمَعْنَى لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهل الْكِتَابِ وَمِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَقَوْلُهُ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ
أَي لَمْ يَكُونُوا مُنْفَكِّينَ مِنْ كُفْرِهِمْ أَي مُنْتَهِينَ عَنْ كُفْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ الأَخفش: مُنْفَكِّينَ
زَائِلِينَ عَنْ كُفْرِهِمْ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَمْ يَكُونُوا لِيُؤْمِنُوا حَتَّى تبيَّن لَهُمُ الحقُّ، وَقَالَ أَبو عَبْدِ اللَّهِ نِفْطَوَيْهِ: مَعْنَى قَوْلِهِ مُنْفَكِّينَ
يَقُولُ لَمْ يَكُونُوا مُفَارِقِينَ الدُّنْيَا حَتَّى أَتَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أُبِينَتْ لهم في التوارة مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنُبُوَّتِهِ؛ وتَأْتِيَهُمُ لَفْظُهُ لَفْظُ الْمُضَارِعِ وَمَعْنَاهُ الْمَاضِي، وأَكد ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى: وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ، وَمَعْنَاهُ أَن فِرَقَ أَهل الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَانُوا مُقرِّين قَبْلَ مَبْعَث مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه مَبعوث، وَكَانُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعث تَفَرَّقُوا فِرْقتين كُلُّ فِرْقَةٍ تُنْكِرُهُ، وَقِيلَ: مَعْنَى وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ أَنه لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمُ اختلاف في أمده، فَلَمَّا بُعِثَ آمَنَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَجَحَدَ الْبَاقُونَ وحَرَّفُوا وبَدَّلوا مَا فِي كِتَابِهِمْ مِنْ صِفَتِهِ وَنُبُوَّتِهِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: قَدْ يَكُونُ الانْفِكاكُ عَلَى جِهَةِ يَزالُ، وَيَكُونُ عَلَى الانْفِكاكُ الَّذِي نَعْرِفُهُ، فَإِذَا كَانَ عَلَى جِهَةِ يَزالُ فَلَا بدَّ لَهَا مِنْ فِعْلٍ وأَن يَكُونَ مَعْنَاهَا جَحْداً، فَتَقُولُ مَا انْفَكَكْتُ أَذكركَ، تُرِيدُ مَا زِلْتُ أَذكرك، وَإِذَا كَانَتْ عَلَى غَيْرِ جِهَةِ يَزالُ قُلْتَ قَدِ انْفَكَكْتُ مِنْكَ وانْفَكَّ الشيءُ مِنَ الشَّيْءِ، فَتَكُونُ بِلَا جَحْدٍ وَبِلَا فِعْل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قَلائِص لَا تَنْفَكُّ إِلَّا مُناخَةً ... عَلَى الخَسْفِ، أَو نَرْمِي بِهَا بَلَدًا قَفْرا
فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهَا إِلَّا: إِلَّا، وَهُوَ يَنْوِي بِهِ التَّمَامَ، وخلافَ يَزال لأَنك لَا تَقُولُ مَا زِلْت إِلَّا قَائِمًا. وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ حَرَاجِيج مَا تَنْفكُّ؛ وَقَالَ: يُرِيدُ مَا تَنْفكّ مُنَاخَةً فَزَادَ أَلَّا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّوَابُ أَن يَكُونَ خَبَرُ تَنْفَكُّ قَوْلَهُ عَلَى الخَسْف، وَتَكُونُ إِلَّا مُناخةً نَصْبًا عَلَى الْحَالِ، تَقْدِيرُهُ مَا تَنْفَكُّ عَلَى الْخَسْفِ والإِهانة إِلَّا فِي حَالِ الإِناخة فَإِنَّهَا تَسْتَرِيحُ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى مُنْفَكِّينَ
لَيْسَ مِنْ بَابِ مَا انْفَكَّ وَمَا زَالَ، إِنَّمَا هُوَ مِنِ انْفِكاك الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ إِذَا انْفَصَلَ عَنْهُ وَفَارَقَهُ، كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَاللَّهُ أَعلم. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: فُكَّ فلانٌ أَي خُلّص وأُريح مِنَ الشَّيْءِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ مُنْفَكِّينَ
، قَالَ: مَعْنَاهُ لَمْ يَكُونُوا(10/477)
مُسْتَرِيحِينَ حَتَّى جَاءَهُمُ الْبَيَانُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ.
فلك: الفَلَك: مَدارُ النُّجُومُ، وَالْجَمْعُ أَفْلاك. والفَلَكُ: وَاحِدُ أَفْلاك النُّجُومِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُجْمَعَ عَلَى فُعْل مِثْلَ أَسَدٍ وأُسْدٍ، وخَشَب وخُشْب. وفَلَكُ كُلِّ شَيْءٍ: مُسْتداره ومُعْظمه. وفَلَكُ الْبَحْرِ: مَوْجُه المسْتَدير المترَدّد. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ: أَن رَجُلًا أَتى رَجُلًا وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَهُ فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ فَرَسَك كَأَنَّهُ يَدُورُ فِي فَلَكٍ
، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ
فِي فَلَكٍ
فِيهِ قَوْلَانِ: فأَما الَّذِي تَعِرِفُهُ الْعَامَّةُ فَإِنَّهُ شَبَّهَهُ بفَلَكِ السَّمَاءِ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ النُّجُومُ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ القُطْب شُبِّه بقُطْب الرَّحى، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ الفَلَكُ هُوَ الْمَوْجُ إِذَا مَاجَ فِي الْبَحْرِ فَاضْطَرَبَ وَجَاءَ وَذَهَبَ فشبَّه الْفَرَسَ فِي اضْطِرَابِهِ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ عَيْناً أَصابته، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. والفَلَكُ: مَوْجُ الْبَحْرِ. والفَلَكُ: جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
أَنه دَورَانُ السَّمَاءِ
، وَهُوَ اسْمٌ للدوَران خَاصَّةً، وَالْمُنَجِّمُونَ يَقُولُونَ سَبْعَةَ أَطْواقٍ دُونَ السَّمَاءِ قَدْ رُكِّبَت فِيهَا النُّجُومُ السَّبْعَةُ، فِي كُلِّ طَوْقٍ مِنْهَا نَجْمٌ، وَبَعْضُهَا أَرفع مِنْ بَعْضٍ يَدُور فِيهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى. الْفَرَّاءُ: الفَلَكُ اسْتِدَارَةُ السَّمَاءِ. الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ*
؛ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا فَلَكٌ. والفَلَكُ: قِطَعٌ مِنَ الأَرض تَسْتَدِيرُ وَتَرْتَفِعُ عَمَّا حَوْلَهَا، الواحدة فَلَكةٌ، بِفَتْحِ اللَّامِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
إِذَا خِفْنَ هَوْل بُطونِ البِلاد، ... تَضَمَّنها فَلَكٌ مُزْهِرُ
يَقُولُ: إِذَا خَافَتِ الأَدغالَ وبُطونَ الأَرض ظهرتِ الفَلَكُ. والفَلْكةُ، بِسُكُونِ اللَّامِ: الْمُسْتَدِيرُ مِنَ الأَرض فِي غِلَظٍ أَو سُهُولَةٍ، وَهِيَ كالرَّحى. والفَلَكُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَيْسَ بِجَمْعٍ، وَالْجَمْعُ فِلاكٌ كَصَحْفَةٍ وصِحاف. والفَلَكُ مِنَ الرِّمَالِ: أَجْوِية غِلَاظٌ مُسْتَدِيرَةٌ كالكَذَّانِ يَحْتَفِرُهَا الظباءُ. ابْنُ الأَعرابي: الأَفْلَكُ الَّذِي يَدُورُ حَوْلَ الفَلَك، وَهُوَ التَّل مِنَ الرَّمْلِ حَوْلَهُ فَضَاءٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الفَلْكَةُ أَصاغِر الْإِكَامِ، وَإِنَّمَا فَلَّكها اجتماعُ رَأْسِهَا كأَنه فَلْكَةُ مِغْزَل لَا يُنْبت شَيْئًا. والفَلْكَة: طَوِيلَةُ قَدْرَ رُمْحين أَو رُمْحٍ وَنِصْفٍ؛ وأَنشد:
يَظَلَّانِ، النهارَ، برأسِ قُفّ ... كُمَيْتِ اللَّوْنِ، ذِي فَلَكٍ رَفيعِ
الْجَوْهَرِيُّ: والفَلْكة قِطْعَةٌ مِنَ الأَرض تَسْتَدِيرُ وَتَرْتَفِعُ عَلَى مَا حَوْلَهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
خِوانُهم فَلْكَةٌ لَمِغْزَلهم، ... يحَارُ فِيهِ، لحُسْنِه، البَصَرُ
وَالْجَمْعُ فَلْكٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فَلَا تَبْكِ العِراصَ ودِمْنَتَيْها ... بناظِرةٍ، وَلَا فَلْكَ الأَميلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي غَرِيبِ الْمُصَنَّفِ فَلَكةٌ وفَلَك، بِالتَّحْرِيكِ، وَفِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ: فَلْكَة وفَلَكٌ مِثْلُ حَلْقة وحَلَقٍ ونَشْفَة ونَشَفٍ، وَمِنْهُ قِيلَ: فَلَّكَ ثديُ الْجَارِيَةِ تَفْليكاً، وتَفَلَّك: اسْتَدَارَ. والفَلْكة مِنَ الْبَعِيرِ: مَوْصِل مَا بَيْنَ الفَقْرتين. وفَلْكة اللِّسَانِ: الهَنَةُ النَّاتِئَةُ عَلَى رَأْسِ أَصل اللِّسَانِ. وفَلْكةُ الزَّوْر: جانِبُه وَمَا اسْتَدَارَ مِنْهُ. وفَلْكة المِغْزَلِ: مَعْرُوفَةٌ سُمِّيَتْ لِاسْتِدَارَتِهَا، وكلُّ مُسْتَدِيرٍ فَلْكة، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فِلَكٌ إِلَّا الفَلْكَة مِنَ الأَرض. وفَلَّك الفصيلَ: عَمَلَ لَهُ مِنَ الهُلْبِ(10/478)
مِثْلَ فَلْكَة الْمِغْزَلِ، ثُمَّ شَقَّ لِسَانَهُ فَجَعَلَهَا فِيهِ لِئَلَّا يَرْضَع؛ قَالَ ابْنُ مُقبل فِيهِ:
رُبَيِّبٌ لَمْ تُفَلِّكْهُ الرّعاءُ، وَلَمْ ... يَقْصُرْ بحَومَلَ، أَدْنى شُرْبه ورَعُ
أَي كَفٌّ. التَّهْذِيبُ: أَبو عَمْرٍو والتَّفْلِيك أَن يَجْعَلَ الرَّاعِيَ مِنَ الهُلْب مثلَ فَلْكة المِغْزل ثُمَّ يَثْقُبُ لِسَانَ الْفَصِيلِ فَيَجْعَلَهُ فِيهِ لِئَلَّا يَرْضَعَ أُمه. اللَّيْثُ: فَلَّكْتُ الجَدْيَ، وَهُوَ قَضِيب يُدارعلى لِسَانَهُ لِئَلَّا يَرْضَعَ؛ قَالَ الأَزهري: وَالصَّوَابُ فِي التَّفْليك مَا قَالَ أَبو عَمْرٍو. والثُّدِيُّ الفَوالك: دُونَ النَّواهِد. وفَلَكَ ثديُها وفَلَّكَ وأَفْلَكَ: وَهُوَ دُونَ النُّهُودِ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ. وفَلَّكَتِ الْجَارِيَةُ تَفْلِيكاً، وَهِيَ مُفَلِّكٌ، وفَلَّكَتْ، وَهِيَ فَالِكٌ إِذَا تَفَلَّكَ ثديُها أَي صَارَ كالفَلْكة؛ وأَنشد:
جاريةٌ شَبَّتْ شَبَابًا هَبْرَكا، ... لَمْ يَعْدُ ثَدْيا نَحْرِها أَن فَلَّكا،
مُسْتَنْكِرانِ المَسَّ قَدْ تَدَمْلَكا
والفُلْكُ: بِالضَّمِّ: السَّفِينَةُ، تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَتَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ، فَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ مِنْ بَابِ جُنُبٍ، وَإِنْ شِئْتَ مِنْ بابِ دلاصٍ وهِجانٍ، وَهَذَا الْوَجْهُ الأَخير هُوَ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، أَعني أَن تَكُونَ ضَمَّةُ الْفَاءِ مِنَ الْوَاحِدِ بِمَنْزِلَةِ ضَمَّةِ بَاءِ بُرْد وَخَاءِ خُرْج، وَضَمَّةُ الْفَاءِ فِي الْجَمْعِ بِمَنْزِلَةِ ضَمَّةِ حَاءِ حُمْر وَصَادِ صُفْر جَمْعِ أَحمر وأَصفر، قَالَ اللَّهُ فِي التَّوْحِيدِ وَالتَّذْكِيرِ: فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ*
، فذكَّر الفُلْك وَجَاءَ بِهِ مُوَحّداً، وَيَجُوزُ أَن يُؤَنَّثَ وَاحِدُهُ كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ، فَقَالَ: جاءَتْها فَأَنَّثَ، وَقَالَ: وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ
، فَجَمَعَ، وَقَالَ تَعَالَى: وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ
، فأَنث وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ وَاحِدًا وَجَمْعًا، وَقَالَ تَعَالَى: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ
، فَجَمَعَ وأَنث فكأَنه يُذْهب بِهَا إِذَا كَانَتْ وَاحِدَةً إِلَى المَرْكَب فَيُذَكَّرُ وَإِلَى السَّفِينَةِ فَيُؤَنَّثُ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَ سِيبَوَيْهِ يَقُولُ الفُلْكُ الَّتِي هِيَ جَمْعُ تَكْسِيرٍ للفُلْك الَّتِي هِيَ وَاحِدٌ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُنَا صَوَابُهُ الفُلْكُ الَّذِي هُوَ وَاحِدٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ الجُنُبِ الَّذِي هُوَ وَاحِدٌ وَجَمْعُ والطِّفْلِ وَمَا أَشبههما مِنَ الأَسماء لأَن فُعْلًا وفَعَلًا يَشْتَرِكَانِ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مِثْلُ العُرْب والعَرَب والعُجْم والعَجَم والرُّهْب والرَّهَب، ثُمَّ جَازَ أَن يُجْمَعُ فَعَل عَلَى فُعْل مِثْلُ أَسَدٍ وأُسْدٍ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ أَن يُجْمَعُ فُعْل عَلَى فُعْلٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِذَا جَعَلَتِ الْفُلْكَ وَاحِدًا فَهُوَ مُذَكَّرٌ لَا غَيْرُ، وَإِنْ جَعَلْتَهُ جَمْعًا فَهُوَ مُؤَنَّثٌ لَا غَيْرُ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْفَلَكَ يُؤَنِّثُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ. وفَلَّكَ الرجلُ فِي الأَمر وأَفْلَك: لَجَّ. وَرَجُلٌ فَلِكٌ: جَافِي المَفاصِل، وَهُوَ أَيضاً الْعَظِيمُ الأَلْيتين؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَا شَظٍ فَدْمٍ وَلَا عَبْدٍ فَلِكْ، ... يَرْبِضُ فِي الرَّوْثِ كبِرْذَوْنٍ رَمَكْ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الفَلِكُ الْعَبْدُ الَّذِي لَهُ أَلية عَلَى خِلْقَةِ الفَلْكَة، وأَلْياتُ الزِّنْج مُدوَّرة. والإِفْلِيكانِ: لَحْمتانِ تَكْتَنِفَانِ اللَّهاةَ. ابْنُ الأَعرابي: الفَيْلَكُون الشُّوْبَقُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهُوَ مُعَرَّب عندي. والفَيْلَكُونُ: البَرْدِيّ.
فنك: الفَنْكُ: العَجَبُ، والفَنْك الْكَذِبُ، والفَنْكُ التَّعَدِّي، والفَنْكُ اللَّحاج.(10/479)
وفَنَك بِالْمَكَانِ يَفْنُكُ فُنُوكاً وأَرَكَ أُرُوكاً إِذَا أَقام بِهِ. وفَنَكَ فُنُوكاً وأَفْنَكَ: وَاظَبَ عَلَى الشَّيْءِ. وفَنَك فِي الطَّعَامِ يَفْنُك فُنُوكاً إِذَا اسْتَمَرَّ عَلَى أَكله وَلَمْ يَعَفْ مِنْهُ شَيْئًا، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى: فَنِكَ فِي الطَّعَامِ، بِالْكَسْرِ، فُنُوكاً. وفَنَك فِي أَمره: ابْتَزَّه ولَجَّ فِيهِ وغَلَبَ عَلَيْهِ؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبْرَص:
ودِّعْ لَمِيسَ ودَاعَ الصَّارِمِ اللَّاحِي، ... إِذْ فَنَكَتْ فِي فسادٍ بعدَ إصْلاحِ
وفَنَكَ فُنُوكاً وأَفْنَك: كذبَ. وفَنَكَ فِي الْكَذِبِ: مَضى ولَجَّ فِيهِ؛ قَالَ:
لَمَّا رأَيتُ أَنها فِي خُطِّي، ... وفَنَكَتْ فِي كَذِبٍ ولَطِّ،
أَخَذْتُ مِنْهَا بقُرونٍ شُمْطِ
وَقَالَ أَبو طَالِبٍ: فَانَكَ فِي الْكَذِبِ وَالشَّرِّ وفَنَكَ وفَنَّكَ وَلَا يُقَالُ فِي الْخَيْرِ، وَمَعْنَاهُ لَجَّ فِيهِ ومَحَكَ، وَهُوَ مِثْلُ التَتايُع لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الشَّرِّ. الْجَوْهَرِيُّ: الفُنُوك اللَّجاجُ؛ عَنِ الكسائي وأَبو عُبَيْدَةَ مِثْلُهُ، وَقَدْ فَنَك فِي هَذَا الأَمر يَفْنُك فُنوكاً أَي لَجَّ فِيهِ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنه مَقْلُوبٌ مِنْ فَكَنَ. الْفَرَّاءُ قَالَ: فَنَكْتَ فِي لَوْمِي وأَفْنَكْتَ إِذَا مَهَرْتَ ذَلِكَ وأَكثرت فِيهِ، فَنَكْتَ تَفْنُك فَنْكاً وفُنوكاً. والفَنِيكُ مِنَ الإِنسان: مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ فِي وَسط الذَّقَنِ، وَقِيلَ: هُوَ طَرَفُ اللَّحْيَيْنِ عِنْدَ العَنْفَقة، وَيُقَالُ: هُوَ الإِفْنِيكُ، قَالَ وَلَمْ يَعْرِفِ الْكِسَائِيُّ الإِفْنِيكَ، وَقِيلَ: الفَنيك عَظْمٌ يَنْتَهِي إِلَيْهِ حَلْقُ الرَّأْسِ، وَقِيلَ: الفَنِيكان مِنْ كُلِّ ذِي لَحْيَيْنِ الطَّرَفَانِ اللَّذَانِ يتحرَّكان فِي المَاضِغِ دُونَ الصُّدْغَين، وَقِيلَ: هُمَا مِنْ عَنْ يَمِينِ الْعَنْفَقَةِ وَشَمَالِهَا، ومَن جَعَلَ الفَنِيكَ وَاحِدًا فِي الإِنسان فَهُوَ مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ فِي وَسَطِ الذَّقَنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَمَرَنِي جِبْرِيلُ أَن أَتعاهد فَنِيكَيَّ بِالْمَاءِ عِنْدَ الْوُضُوءِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ: إِذَا توضأتَ فَلَا تَنْسَ الفَنِيكَيْن
، يَعْنِي جَانِبَيِ الْعَنْفَقَةِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ، وَهُمَا المَغْفَلَة؛ وَقِيلَ: أَراد بِهِ تَخْلِيلَ أُصول شَعَرِ اللِّحْيَةِ. شَمِرٌ: الفَنِيكان طَرَفَا اللَّحْيَين الْعَظْمَانِ الدَّقِيقَانِ النَّاشِزَانِ أَسفل مِنَ الأُذنين بَيْنَ الصُّدْغ والوَجْنة، والصَّبِيَّان مُلْتَقى اللَّحْيَيْنِ الأَسفلين. والفَنِيكان مِنَ الْحَمَامَةِ: عُظَيمان مُلزَقانِ بقَطَنِها إِذَا كَسَرَا لَمْ يَسْتَمْسِكْ بَيْضُهَا فِي بَطْنِهَا وأَخْدَجَتْها، وَقِيلَ: الفَنِيك والإِفْنِيكُ زِمِكَّى الطَّائِرِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَحقه. أَبو عَمْرٍو: الفَنِيك عَجْبُ الذَّنَبِ. ابْنُ سِيدَهْ: والفَنْكُ العَجَبُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَلَا فَنْكَ إِلَّا سَعْيُ عَمْروٍ ورَهْطِه، ... بِمَا اخْتَشَبُوا مِنْ مِعْضَدٍ ودَدانِ
اخْتَشَبُوا: اتَّخَذُوهُ خَشِيباً، وَهُوَ السَّيْفُ الَّذِي لَمْ يُتَأنَّق فِي صُنْعه؛ وَقَالَ آخَرُ:
جاءتْ بفَنْكٍ أُختُ بِنْتِ عَمْرِو
والفَنَكُ: كالفَنْكِ. وَمَضَى فِنْكٌ مِنَ اللَّيْلِ وفُنْكٌ أَي سَاعَةٌ؛ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ ثَعْلَبٍ. والفَنَكُ: جِلْدٌ يُلْبَسُ، معرَّب؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبه عَرَبِيًّا، وَقَالَ كُرَاعٌ: الفَنَكُ دَابَّةٌ يُفْتَرى جلدُها أَي يُلْبَسُ جِلْدُهَا فَرْواً. أَبو عُبَيْدٍ: قِيلَ لأَعرابي إِنَّ فُلَانًا بَطَّنَ سَرَاوِيلَهُ بفَنَك، فَقَالَ: الْتَقى الثَّرَيانِ، يَعْنِي وَبَرَ الفَنَك وَشَعَرَ اسْتِهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ يَصِفُ ديَكة:
كأَنما لَبِسَتْ أَو أُلْبِسَتْ فَنَكاً، ... فقَلَّصَتْ مِنْ حَواشِيه عَنِ السُّوقِ(10/480)
فهك: امْرَأَةٌ فَيْهَك عَلَى مثال صَيْرَقٍ: حمقاء؛ عن كراع.
فصل الكاف
كذاك: هَذِهِ كَلِمَةٌ اخْتَرْتُ إِيرادها فِي هَذَا الْمَكَانِ لأَنه قَدْ قِيلَ إِنها اسْتُعْمِلَتْ كُلُّهَا اسْتِعْمَالَ الِاسْمِ الْوَاحِدِ فَوَضَعْتُهَا هُنَا، وسأَذكرها أَيضاً فِي مَوْضِعِهَا. قَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ دَرْمَكَ: الدَّرْمَكُ النَّقِيُّ الحُوَّارى؛ قَالَ: وخَطَبَ بعضُ الحَمْقَى إِلى بَعْضِ الرُّؤَسَاءِ كَرِيمَةً لَهُ فردَّه وَقَالَ:
امْسَحْ مِنَ الدَّرْمَكِ عَنِّي فَاكَا، ... إِني أَراكَ خاطِباً كَذاكا
قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ فُلَانٌ كَذاكَ أَي سَفِلَةٌ مِنَ النَّاسِ. يُقَالُ: رَجُلٌ كَذَاكَ أَي خَسِيسٌ. واشْتَرِ لِي غُلَامًا وَلَا تَشْتَرِه كَذَاكَ أَي دَنِيّاً، قَالَ: وَقِيلَ حَقِيقَةُ كَذَاكَ أَي مِثْلُ ذَاكَ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ الْزَمْ مَا أَنت عَلَيْهِ وَلَا تَتَجَاوَزْهُ، وَالْكَافُ الأُولى مَنْصُوبَةٌ بِالْفِعْلِ المضمر.
كرك: الكَرِكُ: الأَحمر؛ ثَوْبٌ كَرِكٌ وخَوْخ كَرِكٌ؛ وأَنشد الإِيادِيُّ لأَبي دُواد:
كَرِكٌ كلَوْنِ التِّين أَحْوى يانِعٌ، ... مُتَراكبُ الأَكمامِ غَيْرُ صَوادِي
والكُرْكِيُّ: طَائِرٌ، وَالْجَمْعُ الكَراكِيّ. والكَرْك: جَبَلٌ. والكُرَّك: الكُرَّجُ الَّذِي يُلْعَبُ بِهِ. قَالَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ: الكاروكَةُ القَوَّادَةُ؛ قَالَ:
لَا حَظَّ فِي الدينارِ للكارُوكَه
قَالَ: وَقَالَ يُونُسُ كَرَّكت الدَّجَاجَةُ وَهِيَ كُرُكَّة، ورأَيت فِي بَعْضِ حَوَاشِي أَمالي ابْنِ بَرِّيٍّ: أَكْرَكَت الدَّجَاجَةُ وَهِيَ كُرُكَّة، وَنُسِبَ إِلَى الصَّاغَانِيِّ.
كشك: الكَشْكُ: مَاءُ الشَّعِيرِ.
كعك: الكَعْك: الخُبْز الْيَابِسُ، وَقِيلَ: الكَعْك خُبْزٌ، فَارِسِيٌّ معرَّب، قَالَ اللَّيْثُ: أَظنه معرَّباً؛ وأَنشد:
يَا حَبَّذا الكَعْكُ بلَحْمٍ مَثْرودْ، ... وخشْكُنانٌ بسَويقٍ مَقْنُودْ
كوك: ابْنُ شُمَيْلٍ: الكَيْكاء والكَوْكَى هُمَا السَّرَطانُ أَي مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ مِنَ الرِّجَالِ. شَمِرٌ: رَجُلٌ كُواكِيَة وزُوازِيَة أَي قَصِيرٌ. وَمَاءٌ عُرانية: شَدِيدُ الجِرْية. شَمِرٌ: رَجُلٌ كَوْكاةٌ وَهُوَ الْقَصِيرُ، قَالَ: ورأَيت فُلَانًا مُكَوْكياً؛ وَهُوَ الِاهْتِزَازُ فِي المِشْية والسُّرْعة، وَهُوَ مِنْ عَدْو القِصار؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
دَعَوْتُ كَوْكاةً بغَرْبٍ مِرْجَسِ، ... فَجَاءَ يَسْعَى حاسِراً لَمْ يَلْبَسِ
كيك: ابْنُ سِيدَهْ: الكَيْكَة الْبَيْضَةُ، وَجَمْعُهَا كَياكي؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَصلها كَيْكِيَةٌ مِثْلَ اللَّيْلَةِ أَصلها لَيْلِيَة، وَلِذَلِكَ جُمِعتا كَياكِيَ ولَيالِيَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الكَيْكاء والكَوْكى هُمَا السَّرَطانُ أَي مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ مِنَ الرِّجَالِ.
فصل اللام
لأك: المَلأَكُ والمَلأَكَةُ: الرِّسَالَةُ. وأَلِكْني إِلَى فُلَانٍ: أَبْلِغْه عَنِّي، أَصله أَلْئِكْني فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ وأُلقيت حَرَكَتِهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ آلَكْتُه إِلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ أُلِيكه إلاكَةً، وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ إِبْدَالًا صَحِيحًا؛ وَمَنْ رَوَى بَيْتَ زُهَيْرٍ:
إِلَى الظَّهيرةِ أَمْرٌ بَيْنَهُمْ لِيَكُ
فَإِنَّهُ أَراد لِئَكٌ، وَهِيَ الرَّسَائِلُ؛ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ ثَعْلَبٌ وَلَمْ يَهْمِزْ لأَنه حِجَازِيٌّ. والمَلأَكُ: المَلَكُ لأَنه يُبَلِّغُ(10/481)
الرِّسَالَةَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ وأُلقيت حَرَكَتَهَا عَلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا، وَالْجَمْعُ مَلَائِكَةٌ جَمَعُوهُ مُتَمَّماً وَزَادُوا الْهَاءَ لِلتَّأْنِيثِ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها
؛ إِنَّمَا عَنى بِهِ الْجِنْسَ، وَفِي الْمُحْكَمِ لِابْنِ سِيدَهْ تَرْجَمَةُ أَلك مقدَّمة عَلَى تَرْجَمَةِ لأَك، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ مَا نَصُّهُ: إِنَّمَا قدَّمت بَابَ مألَكة عَلَى بَابِ مَلأَكة لأَن مأْلكة أَصل وملأَكة فَرْعٌ مَقْلُوبٌ عَنْهَا، أَلا تَرَى أَن سِيبَوَيْهِ قدَّم مَأْلَكَةً عَلَى ملأَكة فَقَالَ: وَقَالُوا مَألَكة ومَلأَكة؟ فَلَمْ يَكُنْ سِيبَوَيْهِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ مِنَ التقدُّم وَالْفَضْلِ لِيَبْدَأَ بِالْفَرْعِ عَلَى الأَصل، هَذَا مَعَ قَوْلِهِمُ الأَلوكُ، قَالَ: فَلِذَلِكَ قدَّمناه، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ الْحُكْمُ أَن نقدِّم مَلأَكة عَلَى مَألكة لتقدُّم اللَّامِ فِي هَذِهِ الرُّتْبَةِ عَلَى الْهَمْزَةِ، وَهَذَا هُوَ تَرْتِيبُهُ فِي كِتَابِهِ؛ قَالَ وأَما قَوْلُ رُوَيْشِدٍ:
فأَبْلِغْ مَالَكاً أَنَّا خَطَبْنا، ... فَإِنَّا لَمْ نُلايِمْ بَعْدُ أَهلا
قَالَ: فَإِنَّهُ ظَنَّ مَلَك الْمَوْتِ مِنْ مَ لَ كَ فَصَاغَ مالَكاً مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ؛ وَقَدْ غَلِطَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ شِعْرِهِ كَقَوْلِهِ:
غَدا مالَكٌ يَبْغِي نِسَائِي، كأَنما ... نِسائي لسَهْمَيْ مالَكٍ غَرَضانِ
وَقَوْلِهِ:
فَيَا رَبِّ فاتْرُكْ لِي جُهَيْنَةَ أَعْصُراً، ... فمالَكُ مَوْتٍ بالفِراق دَهاني
وَذَلِكَ أَنه رَآهُمْ يَقُولُونَ مَلَكٌ، بِغَيْرِ هَمْزَةٍ، وَهُمْ يُرِيدُونَ مَلأَك فَتَوَهَّمَ أَن الْمِيمَ أَصل وأَن مِثَالَ مَلَك فَعَلٌ كفَلَكٍ وسَمَكٍ، وَإِنَّمَا مثالهِ مَلأَكٌ مَفْعَلٌ، وَالْعَيْنُ مَحْذُوفَةٌ أُلزمت التَّخْفِيفَ إِلَّا فِي الشَّاذِّ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:
فلسْتَ لإِنْسِيٍّ، وَلَكِنْ لمَلأَكٍ ... تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ
وَمِثْلُ غَلَطِ رُوَيْشد كَثِيرٌ فِي شِعْرِ الأَعراب الجُفاة. واسْتَلأَكَ لَهُ: ذَهَبَ بِرِسَالَتِهِ، عَنْ أَبي عَلِيٍّ. وَفِي تَرْجَمَةِ مَلَكَ أَشياء كَثِيرَةٌ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحَرْفِ فليتأَمل هناك.
لبك: اللَّبْكُ: الخَلْطُ، لَبَكْتُ الأَمْرَ أَلْبُكُه لَبْكاً. اللَّبْكُ واللَّبْكَةُ: الشَّيْءُ الْمَخْلُوطُ. لَبَكَه يَلْبُكه لَبْكاً: خَلَطَهُ، ولَبِكَ الأَمْرُ لَبَكاً. وسأَل الحسنَ رجلٌ عَنْ مسأَلة ثُمَّ أَعاد عَلَيْهِ فغيَّر مسأَلته فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: لَبَكْتَ عَلَيَّ أَي خَلَطْتَ عَلَيَّ، وَيُرْوَى: بَكَلْتَ، والتَبَكَ الأَمْرُ: اخْتَلَطَ وَالْتَبَسَ. وأَمر مُلْتَبِكٌ: مُلْتَبِسٌ، عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
رَدَّ القِيانُ جِمالَ الْحَيِّ، فاحْتَمَلُوا ... إِلَى الظَّهِيرَةِ؛ أَمْرٌ بَيْنَهُمْ لَبِكُ
أَي مُلْتَبِسٌ لَا يَسْتَقِيمُ رأْيهم عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ. وأَمر لَبِيكٌ أَي مُخْتَلِطٌ. ولَبَكْتُ السَّوِيقَ بِالْعَسَلِ: خَلَطْتُهُ؛ وَقَالَ أُمَيّة بْنُ أَبي الصَّلْتِ الثَقَفيّ:
إِلى رُدُحٍ مِنَ الشِّيزَى مِلاء، ... لُبابَ البُرّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ
أَي مِنْ لُبَابِ الْبِرِّ يَعْنِي الفالُوذَ. واللَّبِيكَةُ مِنَ الغَنَم: كالبَكِيلَة. ابْنُ السِّكِّيتِ عَنِ الْكِلَابَيِّ قَالَ: أَقول لَبِيكة مِنْ غَنَمٍ، وَقَدْ لَبَكُوا بَيْنَ الشَّاءِ أَي خَلَطُوا بَيْنَهَا، وَهُوَ مِثْلُ البَكِيلَة. وَقَالَ عَرَّام: رأَيت لُباكةً مِنَ النَّاسِ ولَبِيكة أَي جَمَاعَةً. واللَّبِيكة: أَقِطٌ ودقيقٌ أَو تَمْرٌ وَدَقِيقٌ يُخْلَطُ وَيُصَبُّ السَّمْنُ عَلَيْهِ أَوِ الزَّيْتُ وَلَا يُطْبَخُ. واللَّبْكُ: جَمْعُكَ الثَّرِيدَ لتأْكله. واللَّبَكَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: اللُّقْمَةُ مِنَ الثَّرِيدِ، وَقِيلَ:(10/482)
الْقِطْعَةُ مِنَ الثَّرِيدِ أَو الحَيْس. وَمَا ذُقْتُ عِنْدَهُ عَبَكَةً وَلَا لَبَكَةً؛ العَبَكَةُ: الحَبُّ مِنَ السَّوِيقِ وَنَحْوِهِ، واللَّبَكَةُ مَا تَقَدَّمَ. وَيُقَالُ: لَبَكَ وبَكَلَ بِمَعْنًى كَجَذَب وجَبَذ، وَكَذَلِكَ البَكِيلة واللَّبِيكة.
لحك: لَحَكَه لَحْكاً: أَوْجَره الدَّوَاءَ. واللَّحْكُ: والمُلاحَكَةُ: شدَّةُ التِئَامِ الشَّيءِ بالشَّيء، وَقَدْ لُوحِكَ فَتَلاحَكَ، وَرُبَّمَا قِيلَ لَحِكَ لَحَكاً، وَهِيَ مُمَاتَةٌ. واللَّحْكُ: مُداخلة الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ وَالْتَزَاقُهُ بِهِ؛ يُقَالُ: لُوحِك فَقارُ ظَهْرِهِ إِذَا دَخَلَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ. ومُلاحَكة البُنْيان وَنَحْوُهُ وتَلاحُكه: تَلَاؤُمُهُ؛ قَالَ الأَعشى:
ودأْياً لَوَاحِك مِثْلَ الفُؤُوسِ، ... لاءَمَ مِنْهَا السَّلِيلُ الفَقارا
وَشَيْءٌ مُتَلاحِكٌ أَي مُتَدَاخِلٌ. وَفِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِذَا سُرَّ فكأَنَّ وَجْهَهُ المِرآة وكأَنّ الجُدُرَ تُلاحِكُ وجهَه
؛ المُلاحَكةُ: شِدَّة المُلاءَمة أَي لإِضاءة وَجْهِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُرى شخصُ الجُدُر فِي وَجْهِهِ فكأَنها قَدْ دَاخَلَتْ وَجْهَهُ. أَبو عُبَيْدٍ: المُتَلاحِكة النَّاقَةُ الشَّدِيدَةُ الخَلْق. واللُّحَكَة: دُويْبَّة قَالَ أَظنها مَقْلُوبَةً مِنَ الحُلَكة؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هِيَ دُوَيْبَّةٌ شَبِيهَةٌ بالعَظايَة تَبْرُق زَرْقاء، وَلَيْسَ لَهَا ذَنَب طَوِيلٌ مِثْلُ ذَنَبِ العَظاية، وَقَوَائِمُهَا خَفِيَّةٌ.
لدك: اللَّدَكُ: لُزوق الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ كاللَّكَدِ، وَرَوَاهُ الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ وَقَالَ: إِنْ صَحَّ مَا قَالَ اللَّيْثُ فإِن الأَصل فِيهِ لكِدَ أَي لَصِقَ، ثُمَّ قُلِبَ فَقِيلَ لَدِكَ لَدَكاً، كَمَا قَالُوا جَذَب وجَبَذ.
لزك: لَزِكَ الجُرْحُ لَزَكاً: تَمَّ اسْتِوَاءُ لَحْمِهِ وَلَمْ يبرأْ بعدُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع لَزِكَ بِهَذَا الْمَعْنَى وَلَا بِغَيْرِهِ إِلَّا لِلَّيْثِ، قَالَ: وَمَا أَراه إِلا تَصْحِيفًا وَالصَّوَابُ بِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبَ إليه لليث أَرَكَ الجُرْحُ يأْرِكُ ويأْرُك أُروكاً إِذَا صَلَح وتَماثَلَ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: هُوَ أَن تَسْقُطَ جُلْبَتُه ويُنْبت لَحْمًا.
لفك: رَجُلٌ أَلْفَكُ: أَخْرَقُ كأَلْفَت؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقِيلَ: الأَلْفَكُ والأَلْفَتُ الأَعْسَرُ، وَقِيلَ: الأَلْفَتُ الأَحْمقُ. أَبو عَمْرٍو: العَفِيك واللَّفِيك المُشْبَعُ حُمْقاً.
لكك: لَكَّ الرجلَ يَلُكُّه لَكّاً. ضَرَبَهُ بجُمْعه فِي قَفَاهُ، وَقِيلَ: هُوَ إِذَا ضَرَبَهُ وَدَفَعَهُ، وَقِيلَ لَكَّه ضَرْبَهُ مِثْلُ صَكّه. الأَصمعي: صَكَمْته ولَكَمْتُه وصَكَكْتُه ودَكَكْنُه ولَكَكْتُه كُلُّه إِذَا دَفَعْتَهُ. واللِّكاكُ: الزِّحامُ. والْتَكَّ الوِرْدُ التِكاكاً إِذَا ازْدَحم وَضَرَبَ بعضه بعضاً؛ قال رؤبة:
مَا وَجَدُوا عِنْدَ التِكاكِ الدَّوْسِ
وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ يَذْكُرُ قَلِيباً:
صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحى قَلِيباً سُكّاً، ... يَطْمُو إِذَا الوِرْدُ عَلَيْهِ الْتَكَّا
وَشْحى: اسْمُ بِئْرٍ، والسُّكُّ: الضَّيِّقة. وَعَسْكَرٌ لَكِيكٌ: مُتَضامٌّ مُتَدَاخِلٌ، وَقَدِ التَكَّ. وَجَاءَنَا سكرانَ مُلْتَكّاً: كَقَوْلِكَ مُلْتَخّاً أَي يَابِسًا مِنَ السُّكْر. والتَكَّ الرَّجُلُ فِي كَلَامِهِ: أَخطأَ. والتَكَّ فِي حُجته. أَبطأَ. واللُّكُّ واللَّكِيكُ: الصُّلْب المُكْتَنِزُ مِنَ اللَّحْمِ مِثْلَ الدَّخيس واللَّدِيم؛ قَالَ: وَهُوَ المَرمِيُّ بِاللَّحْمِ، وَالْجَمْعُ اللِّكاكُ. وَفَرَسٌ لَكِيكُ اللَّحْمِ والخَلْق: مُجْتَمَعُهُ، وَعَسْكَرٌ لَكِيك. وَقَدِ التَكَّتْ جَمَاعَتُهُمْ لِكاكاً أَي ازْدَحَمَتِ ازْدِحَامًا. والتَكَّ الْقَوْمُ: ازْدَحَمُوا. وَرَجُلٌ لُكِّيٌّ: مُكْتَنِزُ(10/483)
اللَّحْمِ. وناقةٌ لُكِّيَّة ولِكاكٌ: شَدِيدَةُ اللَّحْمِ مَرْمية بِهِ رَمْيًا، وَجَمَلٌّ لِكاكٌ كَذَلِكَ، وَجَمْعُهَمَا لُكُكٌ ولِكاكٌ عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ، وَإِنِ اختلفَ التأْويلان. واللُّكالِكُ مِنَ الإِبل: كاللِّكاكِ؛ قَالَ:
أَرْسَلْتُ فِيهَا قَطِماً لُكالِكا، ... مِنَ الذَّرِيحيَّات، جَعْداً آرِكا
يَقْصُر مَشْياً، ويَطُولُ بارِكا، ... كأَنه مُجَلَّلٌ دَرانِكا
وَيُرْوَى: يَقْصُرُ يَمْشِي، أَراد يُقَصِّرُ مَاشِيًا فَوَضَعَ الْفِعْلَ مَوْضِعَ الِاسْمِ، وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: يَقْصُرُ إِذَا مَشِيَ لِانْخِفَاضِ بَطْنِهِ وضِخَمِه وَتَقَارُبِهِ مِنَ الأَرض، فَإِذَا بَرَكَ رَأَيْتَهُ طَوِيلًا لِارْتِفَاعِ سَنَامِهِ فَهُوَ بَارِكًا أَطول مِنْهُ قَائِمًا، يَقُولُ: إِنَّهُ عَظِيمُ الْبَطْنِ فَإِذَا قَامَ قَصُرَ، وَإِذَا بَرَكَ طالَ، والذَّرِيحِيَّات: الحُمْرُ، وآرِك يَعْنِي يَرْعَى الأَراك. أَبو عُبَيْدٍ: اللُّكالِك الْعَظِيمُ مِنَ الْجِمَالِ؛ حَكَاهُ عَنِ الْفَرَّاءِ. وَجَمَلٌ لُكَالِكٌ أَي ضَخْمٌ. ولُكَّتْ بِهِ: قُذِفت؛ قَالَ الأَعلم:
عَنَّتْ لَهُ سَفْعاءُ لُكَّتْ ... بالبَضِيع لَهَا الجَنائِب
ولُكَّ لَحْمَهُ لَكّاً، فَهُوَ مَلْكُوك؛ وأَنشد:
إِلى عُجايات لَهُ مَلْكُوكَةٍ ... فِي دُخُسٍ دُرْمِ الكُعُوب اسان «3»
واللَّكَكُ: الضَّغْطُ، يُقَالُ: لَكَكْتُه لَكّاً. ولَكَّ اللحمَ يَلُكُّه لَكّاً: فَصَله عَنْ عِظَامِهِ. اللَّيْثُ: اللَّكُّ صِبْغ أَحمر يُصْبَغُ بِهِ جلودُ المِعْزَى للخِفاف وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مَعْرُوفٌ. واللُّكّ، بِالضَّمِّ: ثُفْلُه يُرَكَّب بِهِ النَّصْلُ فِي النِّصاب، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: واللُّكَّة واللُّكُّ، بِضَمِّهِمَا، عُصارته الَّتِي يُصْبَغُ بِهَا؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ رَقْمَ هَوادج الأَعراب:
بأَحمَر مِنْ لُكِّ العِراقِ وأَصْفَرا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ لَا يُسَمَّى لُكّاً بِالضَّمِّ إِلَّا إِذَا طُبِخَ وَاسْتُخْرِجَ صِبْغه. وَجِلْدٌ مَلْكُوك: مَصْبُوغٌ باللُّكِّ. واللَّكَّاء: الْجُلُودُ الْمَصْبُوغَةُ باللُّكِّ اسْمٌ لِلْجَمْعِ كالشَّجْراء. واللُّكُّ واللَّكُّ: مَا يُنْحَت مِنَ الْجُلُودِ المَلْكوكة فَتُشَدُّ بِهِ نُصُبُ السَّكَاكِينِ. واللَّكِيك: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
إِذَا هَبَطَتْ بطنَ اللَّكِيك تَجاوَبَتْ ... بِهِ، واطَّبَاهَا رَوْضُه وأَبارِقُه
وَرَوَاهُ ابْنُ جَبَلَةَ اللِّكاك وَهُوَ أَيضاً موضع.
لمك: اللَّيْثُ: لَمَكُ أَبو نُوحٍ، ولامَكُ جدُّه، وَيُقَالُ: نُوحُ بْنُ لَمَك، وَيُقَالُ: ابْنُ لامَك. وَقَوْلُهُمْ: مَا ذَاقَ لَمَاكاً أَي مَا ذَاقَ شَيْئًا، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي النَّفْيِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مَا تَلَمَّجَ عِنْدَنَا بلَماجٍ وَلَا تَلَمَّكَ عِنْدَنَا بلَماكٍ وَمَا ذَاقَ لَماكاً وَلَا لَماجاً. قَالَ المُفَضَّل: التَّلَمُّكُ تَحَرُّكُ اللَّحْيين بِالْكَلَامِ أَو الطَّعَامِ، قَالَ: والتَّلَمُّكُ مِثْلُ التَّلَمُّظِ. وتَلَمَّكَ البعيرُ إِذَا لَوَى لَحْيَيه؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
فَلَمَّا رَآنِي قَدْ حَمَمْتُ ارْتِحالَهُ، ... تَلَمَّكَ لَوْ يُجْدِي عَلَيْهِ التَّلَمُّكُ
ابْنُ الأَعرابي: اللُّماكُ واللَّمْكُ الجِلاء يُكَحَّلُ بِهِ الْعَيْنُ. أَبو عَمْرٍو: اللَّميكُ الْمَكْحُولُ الْعَيْنَيْنِ، وَفِي النَّوَادِرِ: اليَلْمَكُ الشَّابُّ الشَّدِيدُ، وَلَا يَكُونُ إِلا فِي الرجال.
لوك: اللَّوْكُ: أَهْوَن المَضْغِ، وَقِيلَ: هُوَ مَضْغُ الشَّيْءِ الصُّلْبِ المَمْضَغة تُدِيرُهُ فِي فِيكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولَوْكُهُمُ جَدْلَ الحَصَى بشفاهِهم، ... كأَنَّ عَلَى أَكْتافِهم فِلَقاً صَخْرا
__________
(3) . قوله اسان كذا بالأصل بدون نقط.(10/484)
وَقَدْ لَاكَهُ يَلُوكه لَوْكاً. وَمَا ذاقَ لَواكاً أَي مَا يُلاك. وَيُقَالُ: مَا لُكْتُ عِنْدَهُ لوَاكاً أَيْ مَضاغاً. ولُكْتُ الشيءَ فِي فَمِي أَلُوكُه إِذَا عَلَكْتَه، وَقَدْ لاكَ الفرسُ اللِّجَامَ. وَفُلَانٌ يَلُوكُ أَعراض النَّاسِ أَيْ يَقَعُ فِيهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَإِذَا هِيَ فِي فِيهِ يَلُوكُها
أَي يَمْضَغُها. واللَّوْكُ: إِدَارَةُ الشَّيْءِ فِي الْفَمِ. الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: وَقَوْلُ الشُّعَرَاءِ أَلِكْني إِلَى فُلَانٍ يُريدون كُنْ رَسُولِي وتَحَمَّلْ رِسَالَتِي إِلَيْهِ، وَقَدْ أَكثروا فِي هَذَا اللَّفْظِ؛ قَالَ عَبْدُ بَنِي الحَسْحاسِ:
أَلِكْني إِلَيْهَا، عَمْرَكَ اللَّهُ يَا فَتَى ... بآيةِ مَا جاءتْ إِلينا تَهادِيا
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
أَلِكْني إليها، وخَيْرُ الرَّسُولِ ... أَعْلَمُهم بِنُوَاحِي الخَبَرْ
قَالَ: وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ أَلاكه يُلِيكه إِلاكةً، قَالَ: وَقَدْ حُكِيَ هَذَا عَنْ أَبِي زيد وهو إن كَانَ مِنَ الأَلُوكِ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ الرِّسَالَةُ فَلَيْسَ منه في اللَّفْظِ، لأَن الأَلُوك فَعُول وَالْهَمْزَةُ فَاءُ الْفِعْلِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَقْلُوبًا أَوْ عَلَى التَّوَهُّمِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَلكني مِنْ آلَكَ إِذَا أَرسل، وأَصله أَأْلِكْني ثُمَّ أُخرت الْهَمْزَةُ بَعْدَ اللَّامِ فَصَارَ أَلْئِكْني، ثُمَّ خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ بأَن نُقِلَتْ حَرَكَتُهَا عَلَى اللَّامِ وَحُذِفَتْ كَمَا فَعَلَ بمَلَكٍ وأَصله مأْلَكٌ ثُمَّ مَلأَكٌ ثُمَّ مَلَك، قَالَ: وَحَقُّ هَذَا أَن يَكُونَ فِي فَصْلِ أَلِكَ لَا فَصْلِ لَوَكَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا نَحْنُ هُنَاكَ أَكثر هذا الباب.
فصل الميم
متك: فِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً؛ قرأَ أَبو رَجاء العُطارِدِيّ:
وأَعتدت لَهُنَّ مُتْكاً
عَلَى فُعْل، رَوَاهُ الأَعمش عَنْهُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وَاحِدَةُ المُتْكِ مُتْكَة مِثْلُ بُسْرٍ وبُسْرة وَهُوَ الأُتْرُجُّ، وَكَذَا رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَى أَبو رَوْق عَنِ الضَّحَّاكَ: وأَعتدت لَهُنَّ مُتْكاً
، قَالَ بَزْماوَرْدَ «1» . ابْنُ سِيدَهْ المُتْك الأُتْرُجُّ، وَقِيلَ الزُّماوَرْدُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَصل المُتْكِ الزُّماوَرْدُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ ثِقَاتِ أَهل الْبَصْرَةِ أَنَّهُ الزُّماوَرْدُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الأُترج حَكَاهُ الأَخفش، وَقَالَ غَيْرُهُ: المَتْكُ والبَتْكُ الْقَطْعُ، وَسُمِّيَتِ الأُتْرُجَّة مُتْكاً لأَنها تُقْطَعُ. ابْنُ سِيدَهْ: والمَتْكُ والمُتْكُ أَنف الذُّباب، وَقِيلَ ذَكَرُهُ. والمَتْكُ والمُتْكُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: طرَفُ الزُّبِّ. والمَتْكُ مِنَ الإِنسان: عِرْق أَسفلَ الكَمَرة، وَقِيلَ: بَلِ الْجِلْدَةُ مِنَ الإِحليل إِلَى بَاطِنِ الحُوك وَهُوَ الْعِرْقُ الَّذِي فِي بَاطِنِ الذَّكَرِ عِنْدَ أَسفل حُوقِه، وَهُوَ الَّذِي إِذَا خُتِنَ الصَّبِيُّ لَمْ يَكَدْ يَبْرَأُ سَرِيعًا، قَالَ: وأَرى أَن كُرَاعًا حَكَى فِيهِ المُتُكَّ. غَيْرُهُ: والمُتْكُ مِنَ الإِنسان وتَرَتُه أَمَامَ الإِحْليل. والمُتْكُ: عِرْقٌ فِي غُرْمُول الرَّجُلِ، قَالَ ثَعْلَبٌ: زَعَمُوا أَنه مَخْرَجُ الْمَنِيِّ. والمَتْكُ والمُتْكُ مِنَ المرأَة: عِرْقُ البَظْر، وَقِيلَ: هُوَ مَا تُبْقِيهِ الْخَاتِنَةُ. وامرأَة مَتْكاء: بَظْراء، وَقِيلَ: المَتْكاء مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَمْ تُخْفَضُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي السَّب: يَا ابْنَ المَتْكاء أَيْ عَظِيمَةِ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَرَفَعَ عَقِيرتَه بِالْغِنَاءِ فَاجْتَمَعَ الناسُ عَلَيْهِ فقرأَ الْقُرْآنَ فَتَفَرَّقُوا فَقَالَ: يَا بَنِي المَتْكاء
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: أَراد يَا بَنِي البَظْراء، وَقِيلَ: هِيَ المُفْضاة، وَقِيلَ: الَّتِي لَا تُمْسِك الْبَوْلَ. والمَتْك، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّاءِ: نَبَاتٌ تَجْمُد عُصارته.
__________
(1) . قوله [بزماورد] في القاموس: الزماورد، بالضم، طعام من البيض واللحم معرب، والعامة يقولون بزماورد.(10/485)
محك: المَحْكُ: المُشارَّة والمُنازعة فِي الْكَلَامِ. والمَحْكُ: التَّمَادِي فِي اللَّجاجَة عِنْدَ المُساوَمة والغَضب وَنَحْوِ ذَلِكَ. والمُماحَكَة: المُلاجَّة، وَقَدْ مَحَكَ يَمْحَكُ ومَحِكَ مَحْكاً ومَحَكاً، فَهُوَ ماحِك ومَحِك وأَمْحَكَه غيرهُ؛ وَقَوْلُ غَيْلانَ:
كُلُّ أَغَرَّ مَحِكٍ وغَرَّا
إِنَّمَا أَرَادَ الَّذِي يَلِجُّ فِي عَدْوِه وَسَيْرِهِ. وتَماحك البَيِّعان والخَصْمان: تَلاجَّا؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
يَا ابنَ المَراغَةِ والهِجاء إِذَا التَقَتْ ... أعناقُه، وتَماحَك الخَصْمانِ
وَرَجُلٌ مَحِكٌ ومُماحِك ومَحْكانُ إِذَا كَانَ لَجُوجاً عَسِر الخُلق. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لَا تَضِيق بِهِ الأُمورُ وَلَا تُمْحِكُه الخُصومُ
؛ المَحْكُ: اللَّجاج، وَفِي النَّوَادِرِ: رَجُلٌ مُمْتحِكٌ وَرَجُلٌ مُسْتَلْحِك ومُتَلاحِك فِي الْغَضَبِ، وَقَدْ أَمْحَكَ وأَلْكَدَ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْغَضَبِ وَفِي الْبُخْلِ. وَابْنُ مَحْكان التَّيْمِيّ السَّعْدِي: مِنْ شُعَرَائِهِمْ.
مرتك: المَرْتَكُ: فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ «2»
مسك: المَسْكُ، بِالْفَتْحِ وَسُكُونِ السِّينِ: الْجِلْدُ، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ جِلْدَ السَّخْلة، قَالَ: ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى صَارَ كُلُّ جِلْدٍ مَسْكاً، وَالْجَمْعُ مُسُكٌ ومُسُوك؛ قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدل:
فاقْنَيْ لعلَّكِ أَنْ تَحْظَيْ وتَحْتَبِلي ... فِي سَحْبَلٍ، مِنْ مُسُوك الضأْن، مَنْجُوب
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَنَا فِي مَسْكِك إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
أَين مَسْكُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَب كَانَ فِيهِ ذَخِيرَةٌ مِنْ صامِتٍ وحُليّ قُوِّمت بِعَشَرَةِ آلَافِ دِينَارٍ، كَانَتْ أَوَّلًا فِي مَسْك جَمَل ثُمَّ مَسْك ثَوْرٍ ثُمَّ مَسْك جَمَل.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا كَانَ عَلَى فِراشي إِلَّا مَسْكُ كَبْشٍ
أَيْ جِلْدُهُ. ابْنُ الأَعرابي: وَالْعَرَبُ تَقُولُ نَحْنُ فِي مُسُوك الثَّعَالِبِ إِذَا كَانُوا خَائِفِينَ؛ وَأَنْشَدَ المُفَضَّل:
فَيَوْمًا تَرانا فِي مُسُوك جِيادنا ... وَيَوْمًا تَرانا فِي مُسُوك الثعالِبِ
قَالَ: فِي مُسُوكِ جِيَادِنَا مَعْنَاهُ أنَّا أُسِرْنا فكُتِّفْنا فِي قُدودٍ مِنْ مُسُوك خُيُولِنَا الْمَذْبُوحَةِ، وَقِيلَ فِي مُسُوك أَيْ عَلَى مُسُوكِ جِيَادِنَا أَيْ تَرَانَا فُرْسَانًا نُغِير عَلَى أَعدائنا ثُمَّ يَوْمًا تَرَانَا خَائِفِينَ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا يَعْجِزُ مَسْكُ السَّوْءِ عَنْ عَرْفِ السَّوْءِ أَيْ لَا يَعْدَم رَائِحَةً خَبِيثَةً؛ يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ اللَّئِيمِ يَكْتُمُ لُؤْمَهُ جُهْدَه فَيَظْهَرُ فِي أَفْعَالِهِ. والمَسَكُ: الذَّبْلُ. والمَسَكُ: الأَسْوِرَة وَالْخَلَاخِيلُ مِنَ الذَّبْلِ وَالْقُرُونِ وَالْعَاجِ، وَاحِدَتُهُ مَسَكة. الْجَوْهَرِيُّ: المَسَك، بِالتَّحْرِيكِ، أَسْوِرة مِنْ ذَبْلٍ أَوْ عَاجٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تَرَى العَبَسَ الحَوْليَّ جَوْباً بكُوعِها ... لَهَا مسَكاً، مِنْ غَيْرِ عاجٍ وَلَا ذَبْلِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبِي عَمْرٍو النَّخَعيّ: رأَيت النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ وَعَلَيْهِ قُرْطان ودُمْلُجانِ ومَسَكتَان
، وَحَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: شَيْءٌ ذَفِيفٌ يُرْبَطُ بِهِ المَسَكُ.
وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
قَالَ ابْنُ عَوْفٍ وَمَعَهُ أُمية بْنُ خَلَفٍ: فَأَحَاطَ بِنَا الأَنصار حَتَّى جَعَلُونَا فِي مِثْلِ المَسَكَةِ
أَيْ جَعَلُونَا فِي حَلْقةٍ كالسِّوارِ وَأَحْدَقُوا بِنَا؛ وَاسْتَعَارَهُ أَبو وَجْزَة فَجَعَلَ مَا تُدخِلُ فِيهِ الأُتُنُ أَرجلَها مِنَ الْمَاءِ مَسَكاً فَقَالَ:
حَتَّى سَلَكْنَ الشَّوى منهنَّ فِي مَسَكٍ، ... مِنْ نَسْلِ جوَّابةِ الآفاقِ مِهْداجِ
التَّهْذِيبُ: المَسَكُ الذَّبْلُ مِنَ الْعَاجِ كهيئة السِّوار
__________
(2) . قوله: المرتك فارسي معرّب، هكذا في الأَصل غير مفْسر. وفي القاموس: المرتَك: المُردَاسَنجُ. وأَراد الآنك أي الرصاص أسودَه أو أبيضَه.(10/486)
تَجْعَلُهُ المرأَة فِي يَدَيْهَا فَذَلِكَ المَسَكُ، والذَّبْلُ القُرون، فَإِنْ كَانَ مِنْ عَاجٍ فَهُوَ مَسَك وَعَاجٌ ووَقْفٌ، وَإِذَا كَانَ مِنْ ذَبْلٍ فَهُوَ مَسَكٌ لَا غَيْرَ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو المَسَكُ مِثْلُ الأَسْوِرة مِنْ قُرون أَوْ عَاجٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تَرَى الْعَبَسَ الْحَوْلِيَّ جَوْنًا بِكُوعِهَا ... لَهَا مَسَكًا، مِنْ غَيْرِ عَاجٍ وَلَا ذَبْلِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ رَأَى عَلَى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، مَسَكَتَيْن مِنْ فِضَّةٍ
، المَسَكةُ، بِالتَّحْرِيكِ: السُّوَارُ مِنَ الذَّبْلِ، وَهِيَ قُرون الأَوْعال، وَقِيلَ: جُلُودُ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ، وَالْجَمْعُ مَسَكٌ. اللَّيْثُ: المِسْكُ مَعْرُوفٌ إِلَّا أَنه لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ مَحْضٍ. ابْنُ سِيدَهْ: والمِسْكُ ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ مُذَكَّرٌ وَقَدْ أَنثه بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ جَمْعٌ، وَاحِدَتُهُ مِسْكة. ابْنُ الأَعرابي: وَأَصْلُهُ مِسَكٌ مُحَرَّكَةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَأَمَّا قَوْلُ جِرانِ العَوْدِ:
لَقَدْ عاجَلَتْني بالسِّبابِ وثوبُها ... جديدٌ، وَمِنْ أَرْدانها المِسْكُ تَنْفَحُ
فَإِنَّمَا أَنثه لأَنه ذَهَبَ بِهِ إِلَى رِيحِ الْمِسْكِ. وَثَوْبٌ مُمَسَّك: مَصْبُوغٌ بِهِ؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
إِنْ تُشْفَ نَفْسي مِنْ ذُباباتِ الحَسَكْ، ... أَحْرِ بِهَا أَطْيَبَ مِنْ ريحِ المِسِكْ
فَإِنَّهُ عَلَى إِرَادَةِ الْوَقْفِ كَمَا قَالَ:
شُرْبَ النَّبِيذِ واعْتِقالًا بالرِّجِلْ
وَرَوَاهُ الأَصمعي:
أَحْرِ بِهَا أَطيب مِنْ رِيحِ المِسَك
وَقَالَ: هُوَ جَمْعُ مِسْكة. وَدَوَاءٌ مُمَسَّك: فِيهِ مِسك. أَبو الْعَبَّاسِ فِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْحَيْضِ: خُذِي فِرْصةً فَتَمَسَّكي بِهَا
، وَفِي رِوَايَةٍ:
خُذِي فَرِصَة مُمَسّكة فَتَطَيَّبي بِهَا
؛ الفِرصَةُ: القِطْعة يُرِيدُ قِطْعَةً مِنَ الْمِسْكِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَيَّبِي بِهَا
، قَالَ بَعْضُهُمْ: تَمَسَّكي تَطَيَّبي مِنَ المِسْك، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ مِنَ التَّمَسُّك بِالْيَدِ، وَقِيلَ: مُمَسَّكة أَيْ مُتَحَمَّلة يَعْنِي تَحْتَمِلِينَهَا مَعَكِ، وأَصل الفِرْصة فِي الأَصل الْقِطْعَةُ مِنَ الصُّوفِ وَالْقُطْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: المُمَسَّكة الخَلَقُ الَّتِي أُمْسِكَتْ كَثِيرًا، قَالَ: كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يُسْتَعْمَلَ الْجَدِيدُ مِنَ الْقُطْنِ وَالصُّوفِ للارْتِفاق بِهِ فِي الْغَزْلِ وَغَيْرِهِ، ولأَن الخَلَقَ أَصْلَحُ لِذَلِكَ وأَوفق؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذِهِ الأَقوال أَكْثَرُهَا مُتَكَلَّفَة وَالَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أنا الْحَائِضَ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضِ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تأْخذ شَيْئًا يَسِيرًا مِنَ المِسْك تَتَطَيَّبُ بِهِ أَوْ فِرصةً مطيَّبة مِنَ الْمِسْكِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: المِسْك مِنَ الطِّيبِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، قَالَ: وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِ المَشْمُومَ. ومِسْكُ البَرِّ: نَبْتٌ أَطْيَبُ مِنَ الخُزامى وَنَبَاتُهَا نَبَاتُ القَفْعاء وَلَهَا زَهْرة مِثْلُ زَهْرَةِ المَرْوِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ نَبَاتٌ مِثْلُ العُسْلُج سَوَاءً. ومَسَكَ بالشيءِ وأَمْسَكَ بِهِ وتَمَسَّكَ وتَماسك واسْتمسك ومَسَّك، كُلُّه: احْتَبَس. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ
؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ زُهَيْرٍ:
فكُنْ مَعْقِلًا فِي قَوْمِكَ، ابنَ خُوَيْلدٍ، ... ومَسِّكْ بأَسْبابٍ أَضاعَ رُعاتُها
التَّهْذِيبُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ
؛ بِسُكُونِ الْمِيمِ وَسَائِرُ الْقُرَّاءِ يُمَسِّكون بِالتَّشْدِيدِ، وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ
، فَإِنَّ أَبا عَمْرٍو وَابْنَ عامر ويعقوب الحَضْرَمِيَّ قرؤُوا وَلَا تُمَسِّكوا، بِتَشْدِيدِهَا وَخَفَّفَهَا الْبَاقُونَ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ
، أَيْ يؤْمنون بِهِ وَيَحْكُمُونَ بِمَا فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَمْسَكْت بِالشَّيْءِ(10/487)
وتَمَسَّكتُ بِهِ واسْتَمْسَكت بِهِ وامْتَسَكْتُ كُلُّه بِمَعْنَى اعْتَصَمْتُ، وَكَذَلِكَ مَسَّكت بِهِ تَمْسِيكاً، وقرئَ
وَلَا تُمَسِّكوا بعِصَمِ الكَوافرِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى *
؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ:
بأَيِّ حَبْلِ جِوارٍ كُنْتُ أَمْتَسِكُ
وَلِي فِيهِ مُسْكة أَيْ مَا أَتَمَسَّكُ بِهِ. والتَّمَسُّك: اسْتِمْساكك بِالشَّيْءِ، وَتَقُولُ أَيضاً: امْتَسَكْت بِهِ؛ قَالَ الْعَبَّاسُ:
صَبَحْتُ بِهَا القومَ حَتَّى امْتَسكْتُ ... بالأَرْضِ، أَعْدِلُها أَن تَمِيلا
وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يُمْسِكَنَّ الناسُ عليَّ بشيءِ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلَا أُحرِّم إِلَّا مَا حَرَّم اللَّهُ
؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَاهُ إِنْ صحَّ أنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحل لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَشياء حَظَرَها عَلَى غَيْرِهِ مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ وَالْمَوْهُوبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفَرَضَ عَلَيْهِ أَشياء خَفَّفَهَا عَنْ غَيْرِهِ فَقَالَ: لَا يُمْسِكَنَّ الناسُ عليَّ بِشَيْءٍ، يَعْنِي بِمَا خصِّصْتُ بِهِ دُونَهُمْ فَإِنَّ نِكَاحِي أَكثر مِنْ أَربع لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَن يَبْلُغُوهُ لأَنه انْتَهَى بِهِمْ إِلَى أَربع، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مَا وَجَبَ عليَّ مِنْ تَخْيِيرِ نِسَائِهِمْ لأَنه لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَيْهِمْ. وأَمْسَكْتُ عَنِ الْكَلَامِ أَيْ سَكَتُّ. وَمَا تَماسَكَ أَنْ قَالَ ذَلِكَ أَيْ مَا تَمَالَكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ مَسَّك مِنْ هَذَا الفَيْءِ بشيءٍ
أَيْ أَمسَك. والمُسْكُ والمُسْكةُ: مَا يُمْسِكُ الأَبدانَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَقِيلَ: مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ مِنْهُمَا، وَتَقُولُ: أَمْسَك يُمْسِكُ إمْساكاً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أَبي هالَة فِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بادنٌ مُتَماسك
؛ أَرَادَ أَنه مَعَ بَدَانَتِهِ مُتَماسك اللَّحْمِ لَيْسَ بِمُسْتَرْخِيهِ وَلَا مُنْفَضِجه أَيْ أَنَّهُ مُعْتَدِلُ الْخَلْقِ كأَن أعضاءَه يُمْسِك بَعْضُهَا بَعْضًا. وَرَجُلٌ ذُو مُسْكةٍ ومُسْكٍ أَيْ رأْي وَعَقْلٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفُلَانٌ لَا مُسْكة لَهُ أَيْ لَا عَقْلَ لَهُ. وَيُقَالُ: مَا بِفُلَانٍ مُسْكة أَيْ مَا بِهِ قوَّة وَلَا عَقْلٌ. وَيُقَالُ: فِيهِ مُسْكَةٌ مِنْ خَيْرٍ، بِالضَّمِّ، أَيْ بَقِيَّةٌ. وأَمْسَكَ الشيءَ: حَبَسَهُ. والمَسَكُ والمَسَاكُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُمْسِك الماءَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَرَجُلٌ مَسِيكٌ ومُسَكَةٌ أَيْ بَخِيلٌ. والمِسِّيك: الْبَخِيلُ، وَكَذَلِكَ المُسُك، بِضَمِّ الْمِيمِ وَالسِّينِ، وَفِي حَدِيثِ
هِنْدِ بِنْتِ عُتْبة: أَنَّ أَبا سُفْيَانَ رَجُلٌ مَسِيكٌ
أَيْ بَخِيلٌ يُمْسِكُ مَا فِي يَدَيْهِ لَا يُعْطِيهِ أَحداً وَهُوَ مِثْلُ الْبَخِيلِ وَزْنًا وَمَعْنًى. وَقَالَ أَبو مُوسَى: إِنَّهُ مِسِّيكٌ، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ، بِوَزْنِ الخِمِّير والسِّكِّير أَيْ شَدِيدُ الإِمْساك لِمَالِهِ، وَهُوَ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ، قَالَ: وَقِيلَ المِسِّيك الْبَخِيلُ إلَّا أَنَّ الْمَحْفُوظَ الأَول؛ وَرَجُلٌ مُسَكَةٌ، مِثْلُ هُمَزَة، أَيْ بَخِيلٌ؛ وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي لَا يَعْلَقُ بِشَيْءٍ فَيَتَخَلَّصَ مِنْهُ وَلَا يُنازِله مُنازِلٌ فيُفْلِتَ، وَالْجَمْعُ مُسَكٌ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ فِيهِمَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: التَّفْسِيرُ الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ، وَهَذَا الْبِنَاءُ أَعْنِي مُسَكة يَخْتَصُّ بِمَنْ يَكْثُرُ مِنْهُ الشَّيْءُ مِثْلُ الضُّحكة والهُمَزَة. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ قَالَ لَهُ ابْنُ عُرَانَةَ: أَما هَذَا الحَيُّ مِنْ بَلْحرث بْنِ كَعْبٍ فَحَسَكٌ أَمْراسٌ، ومُسَكٌ أَحْماس، تَتَلَظَّى المَنايا فِي رِماحِهِم
؛ فَوَصَفَهُمْ بالقوَّة والمَنَعةِ وأَنهم لِمَنْ رَامَهُمْ كَالشَّوْكِ الحادِّ الصُّلْب وَهُوَ الحَسَك، وَإِذَا نازَلوا أَحداً لَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ وَلَمْ يَتَخَلَّصْ؛ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حِلِّزة:
وَلَمَّا أَن رأَيتُ سَراةَ قَوْمِي ... مَسَاكَى، لَا يَثُوبُ لَهُمْ زَعِيمُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَسَاكَى فِي بَيْتِهِ(10/488)
اسْمًا لِجَمْعِ مَسِيك، وَيَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ فِي الْوَاحِدِ مَسْكان فَيَكُونُ مِنْ بَابِ سَكَارَى وحَيَارَى. وَفِيهِ مُسْكةٌ ومُسُكةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِي، ومَسَاكٌ ومِساك ومَسَاكة وإمْساك: كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْبُخْلِ والتَّمَسُّكِ بِمَا لَدَيْهِ ضَنّاً بِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المِسَاك الِاسْمُ مِنَ الإِمْساك؛ قَالَ جَرِيرٌ:
عَمِرَتْ مُكَرَّمةَ المَساكِ وفارَقَتْ، ... مَا شَفَّها صَلَفٌ وَلَا إقْتارُ
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ حَسَكة مَسَكة أَيْ شُجَاعٌ كأَنه حَسَكٌ فِي حَلْق عدوِّه. وَيُقَالُ: بَيْنَنَا ماسِكة رحِم كَقَوْلِكَ ماسَّة رَحِمٍ وواشِجَة رَحِمٍ. وَفَرَسٌ مُمْسَك الأَيامِن مُطْلَقُ الأَياسر: مُحَجَّلُ الرجل واليد من الشِّقِّ الأَيمن وَهُمْ يَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ كَانَ مُحَجَّل الرِّجْلِ وَالْيَدِ مِنَ الشِّقِّ الأَيسر قَالُوا: هُوَ مُمْسَكُ الأَياسر مُطْلَق الأَيامن، وَهُمْ يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ. وَكُلُّ قَائِمَةٍ فِيهَا بَيَاضٌ، فَهِيَ مُمْسَكة لأَنها أُمسِكت بِالْبَيَاضِ؛ وَقَوْمٌ يَجْعَلُونَ الإِمْسَاك أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْقَائِمَةِ بَيَاضٌ. التَّهْذِيبُ: والمُطْلَق كُلُّ قَائِمَةٍ لَيْسَ بِهَا وَضَحٌ، قَالَ: وَقَوْمٌ يَجْعَلُونَ الْبَيَاضَ إِطْلَاقًا وَالَّذِي لَا بَيَاضَ فِيهِ إِمْسَاكًا؛ وأَنشد؛
وَجَانِبٌ أُطْلِقَ بالبَياضِ، ... وَجَانِبٌ أُمْسك لَا بَياض
وقال: وَفِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ عَلَى الْقَلْبِ كَمَا وَصَفَ فِي الإِمْساك. والمَسَكةُ والمَاسِكة: قِشْرة تَكُونُ عَلَى وَجْهِ الصَّبِيِّ أَو المُهْر، وَقِيلَ: هِيَ كالسَّلى يَكُونَانِ فِيهَا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المَاسِكة الْجِلْدَةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى رأْس الْوَلَدِ وَعَلَى أَطْرَافِ يَدَيْهِ، فَإِذَا خَرَجَ الْوَلَدُ مِنَ الماسِكة والسَّلى فَهُوَ بَقِير، وَإِذَا خَرَجَ الْوَلَدُ بِلَا ماسِكة وَلَا سَلًى فَهُوَ السَّلِيل. وَبَلَغَ مَسَكة الْبِئْرِ ومُسْكَتَها إِذَا حَفَرَ فَبَلَغَ مَكَانًا صُلْباً. ابْنُ شُمَيْلٍ: المَسَكُ الْوَاحِدَةُ مَسَكة وَهُوَ أَنْ تَحْفِر الْبِئْرَ فَتَبْلُغَ الموضعَ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ أَن يُطْوَى فَيُقَالُ: قَدْ بَلَغُوا مَسَكةً صُلْبةً وَإِنَّ بِئارَ بَنِي فُلَانٍ فِي مَسَك؛ قال الشاعر:
اللهُ أَرْواكَ وعَبْدُ الجَبَّارْ، ... تَرَسُّمُ الشَّيخِ وضَرْبُ المِنْقارْ،
فِي مَسَكٍ لَا مُجْبِلٍ وَلَا هارْ
الْجَوْهَرِيُّ: المُسْكَةُ مِنَ الْبِئْرِ الصُّلْبةُ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى طَيّ. ومَسَك بِالنَّارِ. فَحَصَ لَهَا فِي الأَرض ثُمَّ غَطَّاهَا بِالرَّمَادِ وَالْبَعْرِ وَدَفَنَهَا. أَبُو زَيْدٍ: مَسَّكْتُ بِالنَّارِ تَمْسِيكاً وثَقَّبْتُ بِهَا تَثْقْيباً، وَذَلِكَ إِذَا فَحَصت لَهَا فِي الأَرض ثُمَّ جَعَلْتَ عَلَيْهَا بَعْرًا أَوْ خَشَبًا أَوْ دَفَنْتَهَا فِي التُّرَابِ. والمُسْكان: العُرْبانُ، وَيُجْمَعُ مَساكينَ، وَيُقَالُ: أَعطه المُسْكان. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ المُسْكانِ
؛ وهو بِالضَّمِّ بَيْعُ العُرْبانِ والعَرَبُونِ، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ السِّلعة وَيَدْفَعَ إِلَى صَاحِبِهَا شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ إِنْ أَمضى الْبَيْعَ حُسب مِنَ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يُمْضِ كَانَ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ وَلَمْ يَرْتَجِعْهُ الْمُشْتَرِي، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَرض مَسَكٌ وَطَرَائِقُ: فَمَسَكة كَذَّانَةٌ ومَسَكة مُشاشَة ومَسَكة حِجَارَةٌ ومَسَكة لَيِّنَةٌ، وَإِنَّمَا الأَرض طَرَائِقُ فَكُلُّ طَرِيقَةٍ مَسَكة، وَالْعَرَبُ تَقُولُ للتَّناهي الَّتِي تُمْسِك مَاءَ السَّمَاءِ مَساك ومَساكة ومَساكاتٌ، كُلُّ ذَلِكَ مَسْمُوعٌ مِنْهُمْ. وسقاءٌ مَسِيك: كَثِيرُ الأَخذ لِلْمَاءِ. وَقَدْ مَسَك، بِفَتْحِ السِّينِ، مَساكة، رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. أَبُو زَيْدٍ: المَسِيك مِنَ الأَساقي الَّتِي تَحْبِسُ الْمَاءَ فَلَا(10/489)
يَنْضَحُ. وَأَرْضٌ مَسِيكة: لَا تُنَشِّفُ الماءَ لِصَلَابَتِهَا. وأَرض مَساك أَيْضًا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يَكُونُ مَعَ الْقَوْمِ يَخُوضُونَ فِي الْبَاطِلِ: إِنَّ فِيهِ لَمُسْكةً عَمَّا هُمْ فِيهِ. وماسِكٌ: اسْمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ مَسْك «1» هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْكَافِ صُقْع بِالْعِرَاقِ قُتِلَ فِيهِ مُصْعَب بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمَوْضِعٌ بدُجَيْل الأَهْواز حَيْثُ كَانَتْ وَقْعَةُ الحجاج وابن الأَشعث.
مصطك: الأَزهري فِي الثُّلَاثِيِّ: وَأَمَّا المَصْطَكا العِلْكُ الرُّومِيُّ فَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ وَالْمِيمُ أَصلية وَالْحَرْفُ رُبَاعِيٌّ. ابْنُ الأَنباري: المَصْطَكاءُ قَالَ وَمِثْلُهُ ثَرْمَداءُ عَلَى بناء فَعْلَلاء.
معك: المَعْكُ: الدَّلْكُ، مَعكه فِي التُّرَابِ يَمْعَكُه مَعْكاً دَلَكَه، ومعَّكه تَمْعِيكاً: مَرَّغه فِيهِ والتَّمَعُّك: التَّقَلُّبُ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَتَمَعَّك فِيهِ
أَيْ تَمرَّغ فِي تُرَابِهِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
ارْدُدْ يَساراً، وَلَا تَعنُف عَلَيْهِ، وَلَا ... تَمْعَكْ بِعِرْضِك، إنَّ الغادِر المَعِكُ
ومَعَكْتُ الأَدِيمَ أَمْعكه مَعْكاً إِذَا دَلَكْتَهُ دَلْكاً شَدِيدًا، ومَعَكه بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالِ وَالْخُصُومَةِ: لَواه. وَرَجُلٌ مَعِكٌ: شَدِيدُ الْخُصُومَةِ. ومَعَكَه دَيْنَه مَعْكاً وماعَكه: لَوَاهُ. وَرَجُلٌ مَعِكٌ ومِمْعكٌ ومُماعِكٌ: مَطُولٌ. والمَعْكُ: المِطالُ واللَّيُّ بِالدَّيْنِ: يُقَالُ: مَعَكه بِدَيْنه يَمْعَكه مَعْكاً إِذَا مَطَله وَدَافَعَهُ، وماعَكه ودَالَكه: ماطَلَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَوْ كَانَ المَعْكُ رَجُلًا لَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ.
وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْح: المَعْكُ طَرَفٌ مِنَ الظُّلْم
، والحمارُ يَتَمَعَّكُ ويَتَمَرَّغُ فِي التُّرَابِ. والمَعْكاءُ: الإِبل الغِلاظ السِّمان؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلنَّابِغَةِ:
الواهِب الْمِائَةَ المَعْكاءَ، زَيَّنَها ... سَعْدانُ تُوضِحَ فِي أَوْبارِها اللِّبَدِ
والمَعِكُ: الأَحْمق، وَقَدْ مَعُكَ مَعاكة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وطاوَعْتُماني داعِكاً ذَا مَعاكَةٍ، ... لعمْري لَقَدْ أوْدى وَمَا خِلْتُهُ يُودي
ومَعَكْتُ الرجلَ أَمْعَكُه إِذَا ذَلَّلْته وأَهنته. وإبلٌ مَعْكَى: كَثِيرَةٌ. وَوَقَعُوا فِي مَعْكُوكاء أَيْ فِي غُبار وجَلَبة وَشَرٍّ، عَلَى وَزْنِ فَعْلُولاء؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ كأَنَّ مِيمَ مَعْكُوكاء بَدَلٌ مِنْ بَاءِ بَعْكُوكاء أَوْ بضدّ ذلك.
مكك: مَكَّ الفصيلُ مَا فِي ضَرْعِ أُمه يَمُكُّه مَكّاً وامْتَكَّه وتَمَكَّكَه ومَكْمَكَهُ: امْتَصَّ جَمِيعَ مَا فِيهِ وَشَرِبَهُ كُلَّهُ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إِذَا اسْتَقْصَى ثَدْيَ أُمه بِالْمَصِّ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما مَا حَكَاهُ الأَصمعي مِنْ قَوْلِهِمُ امْتَكَّ الفصيلُ مَا فِي ضَرْعِ أُمه وتَمَكَّكَ وامْتَقَّ وتَمَقَّقَ، فالأَظهر فِيهِ أَنْ تَكُونَ الْقَافُ بَدَلًا مِنَ الْكَافِ. ومَكَّ العظمَ مَكّاً وامْتَكَّه وتَمَكَّكَهُ وتَمَكْمَكه: امْتَصَّ مَا فِيهِ مِنَ الْمُخِّ، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ المُكاكة والمُكاكُ. التَّهْذِيبُ: مَكَكْتُ المُخَّ مَكّاً وتَمَكَّكْتُه وتَمَخَّخْتُهُ وتَمَخَّيْتُه إِذَا اسْتَخْرَجْتَ مُخَّهُ فأَكلته. ومَكَكْتُ الشَّيْءَ: مَصِصْتُهُ. وَرَجُلٌ مَكَّانُ: مِثْلُ مَصَّان ومَلْجان، وَهُوَ الَّذِي يَرْضَعُ الْغَنَمَ مِنْ لُؤْمِهِ وَلَا يَحْلُب. والمَكُّ: مَصُّ الثَّدْيِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ اللَّئِيمِ يَرْضَع الشَّاةَ مِنْ لُؤْمِهِ: مَكَّانُ ومَلْجانُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: تقول العرب
__________
(1) . قوله [ذكر مسك إلخ] كذا بالأَصل والنهاية، وفي ياقوت: إن الموضع الذي قتل به مصعب والذي كانت به وقعة الحجاج مسكن بالنون آخره كمسجد وهو المناسب لقول الأَصل وكسر الكاف وليس فيه ولا في القاموس مسك؛(10/490)
قَبَحَ اللهُ اسْتَ مَكَّانَ، وَذَلِكَ إِذَا أَخطأَ إِنْسَانٌ أَوْ فَعَلَ فِعْلًا قَبِيحًا يُدْعَى بِهَذَا. والمَكُّ: الِازْدِحَامُ كالبَكِّ. ومَكَّهُ يَمُكُّه مَكّاً: أَهلكه. ومَكَّةُ: مَعْرُوفَةٌ، الْبَلَدُ الْحَرَامُ، قِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقِلَّةِ مَائِهَا، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يَمْتَكُّون الْمَاءَ فِيهَا أَيْ يَسْتَخْرِجُونَهُ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ مَكَّةَ لأَنها كَانَتْ تَمُكُّ مَنْ ظَلَم فِيهَا وأَلْحَدَ أَيْ تُهْلِكُهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا مَكَّة، الفاجِرَ مُكِّي مَكَّا، ... وَلَا تَمُكِّي مَذْحِجاً وعَكَّا
وَقَالَ يَعْقُوبُ: مكةُ الحرَمُ كُلُّهُ، فأَما بَكَّةُ فَهُوَ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ؛ حَكَاهُ فِي الْبَدَلِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا لأَنه قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ مَكَّةَ وَبَيْنَ بَكَّةَ فِي الْمَعْنَى، وبَيِّنٌ أَنَّ مَعْنَى الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ سَوَاءٌ، وتَمَكَكَ عَلَى الْغَرِيمِ: أَلَحَّ عَلَيْهِ فِي اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُمَكِّكوا عَلَى غُرَمَائِكُمْ
، يَقُولُ لَا تُلِحُّوا عَلَيْهِمْ إِلْحَاحًا يَضُرُّ بِمَعَايِشِهِمْ، وَلَا تأْخذوهم عَلَى عُسْرَة وارْفُقُوا بِهِمْ فِي الِاقْتِضَاءِ والأَخذ وأَنْظِروُهم إِلَى مَيْسَرة وَلَا تَسْتَقْصُوا؛ وَأَصْلُهُ مأْخوذ مِنْ مَكَّ الفصيلُ مَا فِي ضَرْع أُمه وامْتَكَّه إِذَا لَمْ يُبْق فِيهِ مِنَ اللَّبَنِ شَيْئًا إِلَّا مَصَّهُ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ كلابِيّاً يَقُولُ لِرَجُلٍ عَنَّتَهُ. قَدْ مَكَكْتَ رُوحِي؛ أَرَادَ أَنَّهُ أَحْرَجه بلَجاجِه فِيمَا أَشْكَاهُ. والمَكْمَكَةُ: التَّدَحْرُج فِي المَشْيِ. والمَكُّوكُ: طاسٌ يُشْرَبُ بِهِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: طَاسٌ يُشْرَبُ فِيهِ أَعلاه ضَيِّقٌ وَوَسَطُهُ وَاسِعٌ. والمَكُّوكُ: مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ لأَهل الْعِرَاقِ، وَالْجَمْعُ مَكاكِيكُ ومَكاكِيّ عَلَى الْبَدَلِ كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ، وَهُوَ صَاعٌ وَنِصْفٌ وَهُوَ ثَلَاثٌ كَيْلَجات، والكَيْلَجَة مَناً وَسَبْعَةُ أَثمان مَناً، والمَنا رِطْلَانِ، وَالرِّطْلُ اثْنَتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، والأُوقِيَّةُ إسْتار وَثُلُثَا إِسْتار، والإِسْتار أَربعة مَثَاقِيلَ وَنِصْفٌ، وَالْمِثْقَالُ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسباع دِرْهَمِ، وَالدِّرْهَمُ سِتَّةُ دوانِيقَ، والدَّانِقُ قِيرَاطَانِ، والقيراطُ طَسُّوجانِ، والطَّسُّوجُ حَبَّتان، وَالْحَبَّةُ سُدُسُ ثُمُنِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وأَربعين جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ؛ زَادَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الكُرُّ سِتُّونَ قَفِيزًا، وَالْقَفِيزُ ثَمَانِيَةُ مَكاكيك، والمَكُّوكُ صَاعٌ وَنِصْفٌ وَهُوَ ثَلَاثٌ كَيْلَجات، وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يتوضأُ بمَكُّوكٍ وَيَغْتَسِلُ بِخَمْسَةِ مَكاكِيكَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
بخَمْسةِ مَكاكِيَ
؛ أَرَادَ بالمَكُّوك المُدَّ، وَقِيلَ الصَّاعُ، والأَول أَشْبَهُ لأَنه جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مُفَسَّرًا بِالْمُدِّ. والمَكاكِيُّ؛ جَمْعُ مَكُّوكٍ عَلَى إِبْدَالِ الْيَاءِ مِنَ الْكَافِ الأَخيرة، قَالَ: والمَكُّوكُ اسْمٌ لِلْمِكْيَالِ، قَالَ: وَيَخْتَلِفُ مِقْدَارُهُ بِاخْتِلَافِ اصْطِلَاحِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي الْبِلَادِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: صُواعَ الْمَلِكِ، قَالَ: كَهَيْئَةِ المَكُّوك، وَكَانَ لِلْعَبَّاسِ مِثْلُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَشْرَبُ بِهِ.
وضَرَبَ مَكُّوكَ رأْسه عَلَى التَّشْبِيهِ. وامرأَة مَكْماكَةٌ ومُتَمَكْمِكَةٌ: ككَمْكامَة، وَرَجُلٌ مَكْماكٌ كَذَلِكَ، الأَزهري فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: والمُكَّاءُ طَائِرٌ وَجَمْعُهُ مَكاكِيُّ، قَالَ: وَلَيْسَ المُكَّاءُ مِنَ الْمُضَاعَفِ وَلَكِنَّهُ مِنَ الْمُعْتَلِّ بِالْوَاوِ مِنْ مَكا يَمْكُو إِذَا صَفَر، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شاء الله.
ملك: اللَّيْثُ: المَلِكُ هُوَ الله، تعالى ونقدّس، مَلِكُ المُلُوك لَهُ المُلْكُ وَهُوَ مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ وَهُوَ مَلِيكُ الْخَلْقِ أَيْ رَبُّهُمْ وَمَالِكُهُمْ. وَفِي التَّنْزِيلِ: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
؛ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وأَبو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ: مَلِك يَوْمِ الدِّينِ، بِغَيْرِ أَلف، وقرأَ عَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ مالِكِ
، بأَلف، وَرَوَى عَبْدُ(10/491)
الْوَارِثِ عَنْ أَبي عَمْرٍو: مَلْكِ يَوْمِ الدِّينِ، سَاكِنَةَ اللَّامِ، وَهَذَا مِنَ اخْتِلَاسِ أَبِي عَمرو، وَرَوَى
الْمُنْذِرُ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه اخْتَارَ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
، وَقَالَ: كُلُّ مَنْ يَمْلِك فَهُوَ مَالِكٌ لأَنه بتأْويل الْفِعْلِ مَالِكُ الدَّرَاهِمِ، وَمَالِكُ الثَّوْبِ، ومالكُ يَوْمِ الدِّينِ، يَمْلِكُ إِقَامَةَ يَوْمَ الدِّينِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: مالِكَ الْمُلْكِ
، قَالَ: وَأَمَّا مَلِكُ النَّاسِ وَسَيِّدُ النَّاسِ وَرَبُّ النَّاسِ فَإِنَّهُ أَراد أَفضل مِنْ هَؤُلَاءِ، وَلَمْ يُرِدْ أَنه يَمْلِكُ هَؤُلَاءِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: مالِكَ الْمُلْكِ
؛ أَلا تَرَى أَنَّهُ جَعَلَ مَالِكًا لِكُلِّ شيءٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْفِعْلِ؛ ذَكَرَ هَذَا بِعُقْبِ قَوْلِ أَبي عُبَيْدٍ وَاخْتَارَهُ. والمُلْكُ: مَعْرُوفٌ وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ كالسُّلْطان؛ ومُلْكُ اللَّهِ تَعَالَى ومَلَكُوته: سُلْطَانُهُ وَعَظْمَتُهُ. وَلِفُلَانٍ مَلَكُوتُ الْعِرَاقِ أَيْ عِزُّهُ وَسُلْطَانُهُ ومُلْكه؛ عَنِ اللِّحْيَانِي، والمَلَكُوت مِنَ المُلْكِ كالرَّهَبُوتِ مِنَ الرَّهْبَةِ، وَيُقَالُ للمَلَكُوت مَلْكُوَةٌ، يُقَالُ: لَهُ مَلَكُوت الْعِرَاقِ ومَلْكُوةُ الْعِرَاقِ أَيضاً مِثَالُ التَّرْقُوَةِ، وَهُوَ المُلْكُ والعِزُّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ: هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الأُمة قَدْ ظَهَرَ
، يُرْوَى بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِفَتْحِهَا وَكَسْرِ اللَّامِ وَفِي الْحَدِيثِ:
هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَنْ مَلَكَ؟
يُرْوَى بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ وَاللَّامِ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ الأُولى وَكَسْرِ اللَّامِ. والْمَلْكُ والمَلِكُ والمَلِيكُ والمالِكُ: ذُو المُلْكِ. ومَلْك ومَلِكٌ، مِثَالُ فَخْذٍ وفَخِذٍ، كَأَنَّ المَلْكَ مُخَفَّفٌ مِنْ مَلِك والمَلِك مَقْصُورٌ مِنْ مَالِكٍ أَوْ مَلِيك، وَجَمْعُ المَلْكِ مُلوك، وَجَمْعُ المَلِك أَمْلاك، وَجَمْعُ المَلِيك مُلَكاء، وَجَمْعُ المالِكِ مُلَّكٌ ومُلَّاك، والأُمْلُوك اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وَرَجُلٌ مَلِكٌ وَثَلَاثَةُ أَمْلاك إِلَى الْعَشْرَةِ، وَالْكَثِيرُ مُلُوكٌ، وَالِاسْمُ المُلْكُ، وَالْمَوْضِعُ مَمْلَكَةٌ. وتَمَلَّكه أَيْ مَلَكه قَهْرًا. ومَلَّكَ القومُ فُلَانًا عَلَى أَنفسهم وأَمْلَكُوه: صَيَّروه مَلِكاً؛ عَنِ اللِّحْيَانِي. وَيُقَالُ: مَلَّكَه المالَ والمُلْك، فَهُوَ مُمَلَّكٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ فِي خَالِ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ:
وَمَا مثلُه فِي النَّاسِ إِلَّا مُمَلَّكاً، ... أَبو أُمِّه حَيٌّ أَبوه يُقارِبُه
يَقُولُ: مَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ حَيٌّ يُقَارِبُهُ إِلَّا مملَّك أَبو أُم ذَلِكَ المُمَلَّكِ أَبوه، وَنَصَبَ مُمَلَّكاً لأَنه اسْتِثْنَاءٌ مُقَدَّمٌ، وَخَالُ هِشَامٍ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: المَلِكُ والمَلِيكُ لِلَّهِ وَغَيْرِهِ، والمَلْكُ لِغَيْرِ اللَّهِ. والمَلِكُ مِنْ مُلوك الأَرض، وَيُقَالُ لَهُ مَلْكٌ، بِالتَّخْفِيفِ، وَالْجَمْعُ مُلُوك وأَمْلاك، والمَلْكُ: مَا مَلَكَتِ الْيَدُ مِنْ مَالٍ وخَوَل. والمَلَكة: مُلْكُكَ والمَمْلَكة: سلطانُ المَلِك فِي رَعِيَّتِهِ. وَيُقَالُ: طَالَتْ مَمْلَكَتُه وَسَاءَتْ مَمْلَكَتُه وحَسُنَت مَمْلَكَتُه وعَظُم مِلْكه [مُلْكه] وكَثُر مِلْكُه [مُلْكُه] . أَبو إِسْحَقَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ
؛ مَعناه تَنْزِيهُ اللَّهِ عَنْ أَنْ يُوصَفَ بِغَيْرِ الْقُدْرَةِ، قَالَ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ
أَيِ الْقُدْرَةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَيْ يَبْعَثُكُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ. وَيُقَالُ: مَا لِفُلَانٍ مَولَى مِلاكَةٍ دُونَ اللَّهِ أَيْ لَمْ يَمْلِكْهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ سِيدَهْ: المَلْكُ والمُلْكُ والمِلْك احْتِوَاءُ الشَّيْءِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الِاسْتِبْدَادِ بِهِ، مَلَكه يَمْلِكه مَلْكاً ومِلْكاً ومُلْكاً وتَمَلُّكاً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِي، لَمْ يَحْكِهَا غَيْرُهُ. ومَلَكَةً ومَمْلَكَة ومَمْلُكة ومَمْلِكة: كَذَلِكَ. وما له مَلْكٌ ومِلْكٌ ومُلْكٌ ومُلُكٌ أَيْ شَيْءٌ يَمْلِكُهُ؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَحُكِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ: ارْحَمُوا هَذَا الشَّيْخَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُلْكٌ ولا بَصَرٌ أَيْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ؛ بِهَذَا فَسَّرَهُ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ خطأٌ، وَحَكَاهُ الأَزهرى أَيضاً وَقَالَ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يَمْلِكُهُ. وأَمْلَكه الشيءَ ومَلَّكه إِيَّاهُ(10/492)
تَمْليكاً جَعَلَهُ مِلْكاً لَهُ يَمْلِكُه. وَحَكَى اللِّحْيَانِي: مَلِّكْ ذَا أَمْرٍ أَمْرَه، كَقَوْلِكَ مَلِّك المالَ رَبَّه وَإِنْ كَانَ أَحمق، قَالَ هَذَا نَصُّ قَوْلِهِ: وَلِي فِي هَذَا الْوَادِي مَلْكٌ ومِلْك ومُلْك ومَلَكٌ يَعْنِي مَرْعًى ومَشْرباً وَمَالًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا تَمْلِكه، وَقِيلَ: هِيَ الْبِئْرُ تَحْفِرُهَا وَتَنْفَرِدُ بِهَا. وَجَاءَ فِي التَّهْذِيبِ بِصُورَةِ النَّفْيِ: حُكِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ مَا لَهُ مَلْكٌ وَلَا نَفْرٌ، بِالرَّاءِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ، وَلَا مِلْكٌ ولا مُلْك وَلَا مَلَكٌ؛ يُرِيدُ بِئْرًا وَمَاءً أَيْ مَا لَهُ مَاءٌ. ابْنُ بُزُرْج: مِيَاهُنَا مُلُوكنا. وَمَاتَ فلانٌ عَنْ مُلُوك كَثِيرَةٍ، وَقَالُوا: الْمَاءُ مَلَكُ أَمْرٍ أَيْ إِذَا كَانَ مَعَ الْقَوْمِ مَاءٌ مَلَكُوا أَمْرَهم أَيْ يَقُومُ بِهِ الأَمر؛ قَالَ أَبو وَجْزَة السَّعْدي:
وَلَمْ يَكُنْ مَلَكٌ لِلْقَوْمِ يُنْزِلُهم، ... إِلَّا صَلاصِلُ لَا تُلْوَى عَلَى حَسَبِ
أَيْ يُقْسَم بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لَا يُؤثَرُ بِهِ أَحدٌ. الأُمَوِيُّ: وَمِنْ أَمثالهم: الماءُ مَلَكُ أَمْرِه أَيْ أَنَّ الْمَاءَ مِلاكُ الأَشياء، يُضْرَبُ لِلشَّيْءِ الَّذِي بِهِ كَمَالُ الأَمر. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: يُقَالُ لَيْسَ لَهُمْ مِلْك وَلَا مَلْكٌ وَلَا مُلْكٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَاءٌ. ومَلَكَنا الماءُ: أرْوانا فقَوِينا عَلَى مَلْكِ أَمْرِنا. وَهَذَا مِلْك يَميني ومَلْكُها ومُلْكُها أَيْ مَا أَملكه؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيمانكم
، يُرِيدُ الإِحسانَ إِلَى الرَّقِيقِ، والتخفيفَ عَنْهُمْ، وَقِيلَ: أَراد حُقُوقَ الزَّكَاةِ وَإِخْرَاجَهَا مِنَ الأَموال الَّتِي تَمْلِكُهَا الأَيْدي كأَنه عَلِمَ بِمَا يَكُونُ مِنْ أَهل الرِّدَّةِ، وَإِنْكَارِهِمْ وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَامْتِنَاعِهِمْ مِنْ أَدائها إِلَى الْقَائِمِ بَعْدَهُ فَقَطَعَ حُجَّتَهُمْ بِأَنْ جَعَلَ آخِرَ كَلَامِهِ الْوَصِيَّةَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَعَقَلَ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هَذَا الْمَعْنَى حِينَ قَالَ:
لأَقْتُلَنَّ مَنْ فَرَّق بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ.
وأَعطاني مِنْ مَلْكِه ومُلْكِه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، أَيْ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: المَلْكُ مَا مُلِكَ. يُقَالُ: هَذَا مَلْكُ يَدِي ومِلْكُ يَدِي، وَمَا لأَحدٍ فِي هَذَا مَلْكٌ غَيْرِي ومِلْكٌ، وَقَوْلُهُمْ: مَا فِي مِلْكِه شَيْءٌ ومَلْكِه شَيْءٌ أَيْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا. وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ مَا فِي مَلَكَته شَيْءٌ، بِالتَّحْرِيكِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ومَلْكُ الوَليِّ المرأَةَ ومِلْكُه ومُلْكه: حَظْرُه إِيَّاهَا ومِلْكُه لَهَا. والمَمْلُوك: الْعَبْدُ. وَيُقَالُ: هُوَ عَبْدُ مَمْلَكَةٍ ومَمْلُكة ومَمْلِكة؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، إِذَا مُلِكَ وَلَمْ يُمْلَكْ أَبواه. وَفِي التَّهْذِيبِ: الَّذِي سُبيَ وَلَمْ يُمْلَكْ أَبواه. ابْنُ سِيدَهْ: وَنَحْنُ عَبِيدُ مَمْلَكَةٍ لَا قِنٍّ أَيْ أَننا سُبِينا وَلَمْ نُمْلَكْ قبلُ. وَيُقَالُ: هُمْ عبِيدُ مَمْلُكة، وَهُوَ أَن يُغْلَبَ عَلَيْهِمْ ويُستْعبدوا وَهُمْ أَحرار. والعَبْدُ الْقِنُّ: الَّذِي مُلِك هُوَ وأَبواه، وَيُقَالُ: القِنُّ المُشْتَرَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَاصَمَ أَهل نَجْرانَ إِلَى عُمَرَ فِي رِقابهم وَكَانَ قَدِ اسْتَعْبَدَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا أَسلموا أَبَوْا عَلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا إِنَّمًا كُنَّا عَبِيدَ مَمْلُكة وَلَمْ نَكُنْ عبيدَ قِنٍ
؛ المَمْلُكة، بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا، أَن يَغْلِبَ عَلَيْهِمْ فيستعبدَهم وَهُمْ فِي الأَصل أَحرار. وَطَالَ مَمْلَكَتُهم الناسَ ومَمْلِكَتُهم إِيَّاهُمْ أَيْ مِلْكهم إِيَّاهُمْ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ لأَن مَفْعِلًا ومَفْعِلَةً قَلَّمَا يَكُونَانِ مَصْدَرًا. وَطَالَ مِلْكُه ومُلْكه ومَلْكه ومَلَكَتُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِي، أَي رِقُّه. وَيُقَالُ: إِنَّهُ حَسَنُ المِلْكَةِ والمِلْكِ؛ عَنْهُ أَيضاً. وأَقرّ بالمَلَكَةِ والمُلُوكةِ أَيِ المِلْكِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَدْخُلُ الجنةَ سَيءُ المَلَكَةِ
، مُتَحَرِّكٌ، أَيِ الَّذِي يُسيءُ صُحْبة الْمَمَالِيكِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ المَلَكة إِذَا كَانَ حَسَنَ الصُّنْع إِلَى مَمَالِيكِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حُسْنُ المَلَكة نَمَاءٌ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ.(10/493)
ومُلُوك النحْل: يَعاسيبها الَّتِي يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَقْتَادُهَا، عَلَى التَّشْبِيهِ، وَاحِدُهَا مَلِيكٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
وَمَا ضَرَبٌ بَيْضاءُ يأْوي مَلِيكُها ... إِلَى طَنَفٍ أَعْيَا بِراقٍ ونازِلِ
يُرِيدُ يَعْسُوبَها، ويَعْسُوبُ النَّحْلِ أَميره. والمَمْلَكة والمُمْلُكة: سلطانُ المَلِكِ وعَبيدُه؛ وَقَوْلُ ابْنِ أَحمر:
بَنَّتْ عَلَيْهِ المُلْكُ أَطْنابها، ... كأْسٌ رَنَوْناةٌ وطِرْفٌ طِمِرّ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: المُلْكُ هُنَا الكأْس، والطِّرْف الطِّمِرُّ، وَلِذَلِكَ رَفَعَ الْمُلْكُ والكأْس مَعًا بِجَعْلِ الكأْس بَدَلًا مِنَ الْمُلْكُ؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
بنَّتُ عَلَيْهِ المُلْكَ أَطنابَها
فَنَصَبَ الْمُلْكَ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مَوْضُوعٌ مَوْضِعِ الْحَالِ كأَنه قَالَ مُمَلَّكاً وَلَيْسَ بِحَالٍ، وَلِذَلِكَ ثَبَتَتْ فِيهِ الأَلف وَاللَّامُ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: فأَرْسَلَها العِرَاكَ أي مُعْتَرِكةً وكأْسٌ حينئذ رفع ببنَّت، وَرَوَاهُ ثَعْلَبٌ بَنْتَ عَلَيْهِ الْمُلْكَ، مُخَفَّفَ النُّونِ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ مدَّتْ عَلَيْهِ الملكُ، وَكُلُّ هَذَا مِنَ المِلْكِ لأَن المُلْكَ مِلْكٌ، وَإِنَّمَا ضَمُّوا الْمِيمَ تَفْخِيمًا لَهُ. ومَلَّكَ النَّبْعَةَ: صَلَّبَها، وَذَلِكَ إِذَا يَبَّسَها فِي الشَّمْسِ مَعَ قِشْرِهَا. وتَمالَكَ عَنِ الشَّيْءِ: مَلَكَ نَفْسَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
امْلِكْ عَلَيْكَ لسانَك
أَيْ لَا تُجْرِه إِلَّا بِمَا يَكُونُ لَكَ لَا عَلَيْكَ وَلَيْسَ لَهُ مِلاكٌ أَيْ لَا يَتَمالك. وَمَا تَمالَك أَنْ قَالَ ذَلِكَ أَيْ مَا تَماسَك وَلَا يَتَماسَك. وَمَا تَمالَكَ فُلَانٌ أَنْ وَقَعَ فِي كَذَا إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَن يَحْبِسَ نَفْسَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَا تَمَالَكَ عَنْ أَرضٍ لَهَا عَمَدُوا
وَيُقَالُ: نَفْسِي لَا تُمالِكُني لأَن أَفعلَ كَذَا أَي لَا تُطاوعني. وَفُلَانٌ مَا لَهُ مَلاكٌ، بِالْفَتْحِ، أَيْ تَماسُكٌ. وَفِي حَدِيثِ
آدَمَ: فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنه خَلق لَا يَتَمالَك
أَيْ لَا يَتَماسَك. وَإِذَا وُصِفَ الإِنسان بِالْخِفَّةِ والطَّيْش قِيلَ: إِنَّهُ لَا يَتَمالَكُ. ومِلاكُ الأَمر ومَلاكُه: قِوامُه الَّذِي يُمْلَكُ بِهِ وصَلاحُه. وَفِي التَّهْذِيبِ: ومِلاكُ الأَمر الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، ومَلاكُ الأَمر ومِلاكُه مَا يَقُومُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِلاكُ الدِّينِ الْوَرَعُ
؛ الْمِلَاكُ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: قِوامُ الشَّيْءِ ونِظامُه وَمَا يُعْتَمَد عَلَيْهِ فِيهِ، وَقَالُوا: لأَذْهَبَنَّ فَإِمَّا هُلْكاً وَإِمَّا مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً أَيْ إِمَّا أَنْ أَهْلِكَ وَإِمَّا أَنْ أَمْلِكَ. والإِمْلاك: التَّزْوِيجُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا تَزَوَّجَ: قَدْ مَلَكَ فلانٌ يَمْلِكُ مَلْكاً ومُلْكاً ومِلْكاً. وشَهِدْنا إمْلاك فُلَانٍ ومِلاكَه ومَلاكه؛ الأَخيرتان عَنِ اللِّحْيَانِي، أَيْ عَقْدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ. وأَمْلكه إِيَّاهَا حَتَّى مَلَكَها يَمْلِكها مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً: زوَّجه إِيَّاهَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِي. وأُمْلِكَ فلانُ يُمْلَكُ إمْلاكاً إِذَا زُوِّج؛ عَنْهُ أَيضاً. وَقَدْ أَمْلَكْنا فُلَانًا فلانَة إِذَا زَوَّجناه إِيَّاهَا؛ وَجِئْنَا مِنْ إمْلاكه وَلَا تَقُلْ مِنْ مِلاكِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ شَهِدَ مِلاكَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ
؛ نَقَلَ ابْنُ الأَثير: المِلاكُ والإِمْلاكُ التزويجُ وَعَقْدُ النِّكَاحِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا يُقَالُ مِلاك وَلَا يُقَالُ مَلَك بِهَا «2» وَلَا أُمْلِك بِهَا. ومَلَكْتُ المرأَة أَيْ تَزَوَّجْتُهَا. وأُمْلِكَتْ فلانةُ أَمرها: طُلّقَتْ؛ عَنِ اللِّحْيَانِي، وَقِيلَ: جُعِل أَمر طَلَاقِهَا بِيَدِهَا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مُلِّكَتْ فلانةُ أَمرها، بِالتَّشْدِيدِ، أَكْثَرَ مِنْ أُمْلِكَت؛
__________
(2) . قوله [وَلَا يُقَالُ مَلَكَ بِهَا إلخ] نقل شارح القاموس عن شيخه ابن الطيب أن عليه أكثر أهل اللغة حتى كاد أن يكون اجماعاً منهم وجعلوه من اللحن القبيح ولكن جوزه صاحب المصباح والنووي محافظة على تصحيح كلام الفقهاء.(10/494)
وَالْقَلْبُ مِلاكُ الْجَسَدِ. ومَلَك العجينَ يَمْلِكُه مَلْكاً وأَمْلَكَه: عَجَنَهُ فأَنْعَمَ عَجْنَهُ وأَجاده. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَمْلِكُوا الْعَجِينَ فإِنه أَحد الرَّيْعَينِ
أَي الزِّيَادَتَيْنِ؛ أَراد أَن خُبْزه يَزِيدُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ مِنَ الْمَاءِ لجَوْدة العجْن. ومَلَكَ العجينَ يَمْلِكه مَلْكاً: قَوِيَ عَلَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: ومَلَكْتُ الْعَجِينَ أَمْلِكُه مَلْكاً، بِالْفَتْحِ، إِذا شَدَدْتَ عَجْنَهُ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ يَصِفُ طَعْنَةً:
مَلَكْتُ بِهَا كَفِّي، فأَنْهَرْتُ فَتْقَها، ... يَرى قائمٌ مِنْ دُونها مَا وَراءَها
يَعْنِي شَدَدْتُ بِالطَّعْنَةِ. وَيُقَالُ: عجَنَت المرأَة فأَمْلَكَتْ إِذا بَلَغَتْ مِلاكَتَهُ وأَجادت عَجْنَهُ حَتَّى يأْخذ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَقَدْ مَلَكَتْه تَمْلِكُه مَلْكاً إِذا أَنعمت عَجنه؛ وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَر يصف قَوْسًا:
فَمَلَّك باللِّيطِ الَّتِي تَحْتَ قِشْرِها، ... كغِرْقِئ بيضٍ كَنَّهُ القَيْضُ مِنْ عَلُ
قَالَ: مَلَّكَ كَمَا تُمَلِّكُ المرأَةُ العجينَ تَشُدُّ عَجْنَهُ أَي تَرَكَ مِنَ الْقِشْرِ شَيْئًا تَتمالك القوسُ بِهِ يَكُنُّها لِئَلَّا يَبْدُوَ قَلْبُ الْقَوْسِ فَيَتَشَقَّقُ، وَهُمْ يَجْعَلُونَ عَلَيْهَا عَقَباً إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا قِشْرٌ، يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ تَمْثِيلُهُ إِياه بالقَيْض للغِرْقِئ؛ الْفَرَّاءُ عَنِ الدُّبَيْرِيَّة: يُقَالُ لِلْعَجِينِ إِذا كَانَ مُتَمَاسِكًا مَتِينًا مَمْلُوكٌ ومُمْلَكٌ ومُمَلَّكٌ، وَيُرْوَى فَمَنْ لَكَ، والأَول أَجود؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ الشَّمَّاخِ يَصِفُ نَبْعَةً:
فَمَصَّعَها شَهْرَيْنِ ماءَ لِحائها، ... وينْظُرُ مِنْهَا أَيَّها هُوَ غامِزُ
والتَّمْصِيع: أَن يُتْرَكَ عَلَيْهَا قِشْرُهَا حَتَّى يَجِفَّ عَلَيْهَا لِيطُها وَذَلِكَ أَصلب لَهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى فمظَّعَها، وَهُوَ أَن يُبْقِيَ قِشْرَهَا عَلَيْهَا حَتَّى يَجِفَّ. ومَلَكَ الخِشْفُ أُمَّه إِذا قَوِيَ وقدَر أَن يَتْبَعها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وناقةٌ مِلاكُ الإِبل إِذا كَانَتْ تَتْبَعُهَا؛ عَنْهُ أَيضاً. ومَلْكُ الطَّرِيقِ ومِلْكُه ومُلْكه: وَسَطُهُ وَمُعْظَمُهُ، وَقِيلَ حَدُّهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِي. ومِلْكُ الوادي ومَلْكه ومُلْكه: وَسَطُهُ وحَدّه؛ عَنْهُ أَيضاً. وَيُقَالُ: خَلِّ عَنْ مِلْكِ الطَّرِيقِ ومِلْكِ الْوَادِي ومَلْكِه ومُلْكه أَي حَدِّه وَوَسَطِهِ. وَيُقَالُ: الْزَمْ مَلْكَ الطَّرِيقِ أَي وَسَطَهُ؛ قَالَ الطِّرمّاح:
إِذا مَا انْتَحتْ أُمَّ الطريقِ، توَسَّمَتْ ... رَتِيمَ الحَصى مِنْ مَلْكِها المُتَوَضِّحِ
وَفِي حَدِيثِ
أَنس: البَصْرةُ إِحْدى الْمُؤْتَفِكَاتِ فانْزلْ فِي ضَواحيها، وإِياك والمَمْلُكَةَ
، قَالَ شَمِرٌ: أَراد بالمَمْلُكة وَسَطَها. ومَلْكُ الطَّرِيقِ ومَمْلُكَتُه: مُعْظمه وَوَسَطُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَقامَتْ عَلَى مَلْكِ الطريقِ، فمَلْكُه ... لَهَا ولِمَنْكُوبِ المَطايا جَوانِبُهْ
ومُلُك الدَّابَّةِ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَاللَّامِ: قَوَائِمُهُ وَهَادِيهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعَلَيْهِ أُوَجِّه مَا حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ مِنْ قَوْلِ الأَعرابي: ارْحَمُوا هَذَا الشَّيْخَ الَّذِي لَيْسَ له مُلُكٌ ولا بَصَرٌ أَي يَدَانِ وَلَا رِجْلَانِ وَلَا بَصَرٌ، وأَصله مِنْ قَوَائِمِ الدَّابَّةِ فَاسْتَعَارَهُ الشَّيْخُ لِنَفْسِهِ. أَبو عُبَيْدٍ: جَاءَنَا تَقُودُه مُلُكُه يَعْنِي قَوَائِمَهُ وَهَادِيَهِ، وَقَوَائِمُ كُلِّ دَابَّةٍ مُلُكُه؛ ذَكَرَهُ عَنِ الْكِسَائِيِّ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ، وَقَالَ شَمِرٌ: لَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ، يَعْنِي المُلُك بِمَعْنَى الْقَوَائِمِ. والمُلَيْكَةُ: الصَّحِيفَةُ. والأُمْلُوك: قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ حِمْيَرَ، وَفِي(10/495)
التَّهْذِيبِ: مَقاوِلُ مِنْ حِمْيَرَ كَتَبَ إِليهم النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِلى أُمْلُوك رَدْمانَ
، ورَدْمانُ مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ. والأُمْلُوك: دُوَيبَّة تَكُونُ فِي الرَّمْلِ تُشَبَّهُ العَظاءة. ومُلَيْكٌ ومُلَيْكَةُ وَمَالِكٌ ومُوَيْلِك ومُمَلَّكٌ ومِلْكانُ، كُلُّهَا: أَسماء؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ورأَيت فِي بَعْضِ الأَشعار مالَكَ الموتِ فِي مَلَكِ الْمَوْتِ وَهُوَ قَوْلُهُ:
غَدًا مالَكٌ يَبْغِي نِسائي كأَنما ... نِسَائِي، لسَهْمَيْ مالَكٍ، غرَضانِ
قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي خَطَأٌ وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ من جَفَاءِ الأَعراب وَجَهْلِهِمْ لأَن مَلَك الْمَوْتِ مُخَفَّفٌ عَنْ مَلأَك، اللَّيْثُ: المَلَكُ وَاحِدُ الْمَلَائِكَةِ إِنما هُوَ تَخْفِيفُ المَلأَك، وَاجْتَمَعُوا عَلَى حَذْفِ هَمْزِهِ، وَهُوَ مَفْعَلٌ مِنَ الأَلُوكِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُعْتَلِّ. والمَلَكُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ: وَاحِدٌ وَجَمْعٌ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَصله مَأْلَكٌ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ مِنَ الأَلُوكِ، وَهِيَ الرِّسَالَةُ، ثُمَّ قُلِبَتْ وَقُدِّمَتِ اللَّامُ فَقِيلَ مَلأَكٌ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِرَجُلٍ مِنْ عَبْدِ القَيْس جَاهِلِيٍّ يَمْدَحُ بَعْضَ الْمُلُوكِ قِيلَ هُوَ النُّعْمَانُ وَقَالَ ابْنُ السِّيرَافِيِّ هُوَ لأَبي وَجْزة يَمْدَحُ بِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ:
فَلَسْتَ لإِنْسِيٍّ، وَلَكِنْ لِمَلأَكٍ ... تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّماءِ يَصُوبُ
ثُمَّ تُرِكَتْ هَمْزَتُهُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَقِيلَ مَلَكٌ، فَلَمَّا جَمَعُوهُ رَدُّوها إِليه فَقَالُوا مَلائكة ومَلائك أَيضاً؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
وكأَنَّ بِرْقِعَ، والملائكَ حَوْلَه، ... سَدِرٌ تَواكَلَهُ القوائمُ أَجْرَبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَجْرَدُ بِالدَّالِ لأَن الْقَصِيدَةَ دَالِيَّةٌ؛ وَقَبْلَهُ:
فأَتَمَّ سِتًّا، فاسْتَوَتْ أَطباقُها، ... وأَتى بِسابعةٍ فأَنَّى تُورَدُ
وَفِيهَا يَقُولُ فِي صِفَةِ الْهِلَالِ:
لَا نَقْصَ فِيهِ، غَيْرَ أَن خَبِيئَه ... قَمَرٌ وساهورٌ يُسَلُّ ويُغْمَدُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد الْمَلَائِكَةَ السَّيَّاحِينَ غَيْرَ الْحَفَظَةِ وَالْحَاضِرِينَ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقَدْ حَكَمْت بِحُكْمِ المَلِكِ
؛ يُرِيدُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيُرْوَى بِفَتْحِ اللَّامِ، يَعْنِي جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَنُزُولُهُ بِالْوَحْيِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَلأَكٌ مَقْلُوبٌ مِنْ مَأْلَكٍ، ومَأْلَكٌ وَزْنُهُ مَفْعَل فِي الأَصل مِنَ الأَلوك، قَالَ: وَحَقُّهُ أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ أَلك لَا فِي فَصْلِ مَلَكَ. ومالِكٌ الحَزينُ: اسْمُ طَائِرٌ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ. والمالِكان: مَالِكُ بْنُ زَيْدٍ وَمَالِكُ بْنُ حَنْظَلَةَ. ابْنُ الأَعرابي: أَبو مَالِكٍ كُنْيَةُ الكِبَر والسِّنّ كُنِيَ بِهِ لأَنه مَلَكه وَغَلَبَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبا مالِكٍ إِنَّ الغَواني هَجَرْنَني، ... أَبا مالِك إِني أَظُنُّكَ دَائِبًا
وَيُقَالُ للهَرَمِ أَبو مَالِكٍ؛ وَقَالَ آخَرُ:
بئسَ قرينُ اليَفَنِ الهالِكِ: ... أُمُّ عُبَيْدٍ وأَبو مالِكِ
وأَبو مَالِكٍ: كُنْيَةُ الجُوعِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبو مالكٍ يَعْتادُنا فِي الظهائرِ، ... يَجيءُ فيُلْقِي رَحْلَه عِنْدَ عامِرِ
ومِلْكانُ: جَبَلٌ بِالطَّائِفِ. وَحَكَى ابْنِ الأَنباري عَنْ أَبيه عَنْ شُيُوخِهِ قَالَ: كُلُّ مَا فِي الْعَرَبِ مِلْكان، بِكَسْرِ الْمِيمِ، إِلَّا مَلْكان بْنَ حَزْمِ بْنِ زَبَّانَ فإِنه(10/496)
بِفَتْحِهَا. وَمَالِكٌ: اسْمُ رَمْلٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لعَمْرُك إِني يومَ جَرْعاءِ مالِك ... لَذو عَبْرةٍ، كَلأً تَفِيضُ وتخْنُقُ
مهك: مَهْكَةُ الشَّبابِ ومُهْكَتُه: نَفْخَته وامتِلاؤه وارْتِواؤه وَمَاؤُهُ. يُقَالُ: شابٌّ مُمَهَّكٌ، ومُهْكَتُه، بِالضَّمِّ، أَعلى. والمُمَهَّكُ أَيضاً: الطَّوِيلُ. ومَهَكَ الشَّيْءَ يَمْهَكُه مَهْكاً ومَهَّكَه: سَحَقَهُ فَبَالَغَ. وَيُقَالُ: مَهَكْتُ الشَّيْءَ إِذا مَلَّسْتَه؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
إِلى الملكِ النُّعْمانِ، حِينَ لَقِيتُه، ... وَقَدْ مُهِكَتْ أَصلابُها والجناجِنُ
قَالَ: مُهِكَتْ مُلِّسَتْ. ومَهَكْتُ السهم: مَلَّسْتُه.
فصل النون
نبك: النَّبَكَة: أَكَمة مُحَدَّدة الرأْس، وَرُبَّمَا كَانَتْ حَمْرَاءَ وَلَا تَخْلُو مِنَ الْحِجَارَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض فِيهَا صَعُود وهَبُوط، وَالْجَمْعُ نَبَك، بِالتَّحْرِيكِ، ونِباكٌ. الأَزهري: شَمِرٌ فِيمَا قرأَ بِخَطِّهِ هِيَ رَوابٍ مِنْ طِينٍ، وَاحِدَتُهَا نَبَكَة. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ النَّبْكة مِثْلُ الفَلْكة غَيْرَ أَن الفَلْكة أَعلاها مُدوَّر مُجْتَمِعٌ، والنَّبْكَة رأْسها محدَّد كأَنه سِنان رُمْحٍ، وَهُمَا مُصْعِدَتانِ. وَقَالَ الأَصمعي: النَّبْكُ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض؛ قَالَ طَرَفَةُ:
تَتَّقِي الأَرضَ بِرُحٍّ وُقَّحٍ، ... وُرُقٍ تَقْعَرُ أَنْباكَ الأَكَمْ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالَّذِي سَمِعْتُهُ مِنَ الْعَرَبِ فِي النَّبَكَة وَشَاهَدَتْهُمْ يُومِئُون إِليها كُلُّ رَابِيَةٍ مِنْ رَوَابِي الرِّمَالِ كَانَتْ مُسَلَّكَة الرأْس ومحَدَّدته. الْجَوْهَرِيُّ: النِّباكُ التِّلال الصِّغَارُ. وَمَكَانٌ نابِكٌ أَي مُرْتَفَعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وَقَدْ خَنَّقَ الآلُ الشِّعافَ، وغَرَّقَتْ ... جَوارِيه جُذْعانَ الهِضابِ النَّوابِك
ونَبْكٌ ونُبُوكٌ ونُباكة: مَوَاضِعُ. وتَنْبُوكُ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى تَائِهِ بِالزِّيَادَةِ وإِن لَمْ نَقْضِ عَلَى التَّاءِ إِذا كَانَتْ أَوَّلًا بالزياة إِلَّا بِدَلِيلٍ، لأَنها لَوْ كَانَتْ أَصْلًا لَكَانَ وَزْنُ الْحَرْفِ فَعْلولًا وَهَذَا الْبِنَاءُ خَارِجٌ عَنْ كَلَامِهِمْ إِلَّا مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: بَنُو صَعْفُوقٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بشِعْبِ تَنْبُوكَ وشِعْبِ العَوْثَبِ
نتك: النَّتْكَ: شَبِيهٌ بالنَّتْف، يَمَانِيَّةٌ، نَتَكَ يَنْتِكُ نَتْكاً. اللَّيْثُ: النَّتْكُ جَذْبُ الشَّيْءِ تَقْبِضُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَكْسِرُهُ إِليك بجَفْوَةٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهُوَ النَّتْرُ أَيضاً. يُقَالُ: نَتَر ذَكَرَهُ ونَتَكه إِذا استبرأَ بعد ما بال.
نزك: النِّزْكُ، بِالْكَسْرِ: ذكَر الوَرَل والضَّبِّ، وَلَهُ نِزْكانِ عَلَى مَا تَزْعُمُ الْعَرَبُ، وَيُقَالُ نِزْكانِ أَي قضِيبان، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ نَيْزكانِ وللأُنثى قُرْنتان؛ قَالَ الأَزهري: وأَنشدني غُلَامٌ مِنْ بَنِي كُلَيْبٍ:
تَفَرَّقْتُمُ، لَا زِلْتُمُ قَرْنَ واحدٍ، ... تَفَرُّقَ نِزْكِ الضَّبِّ، والأَصلُ واحدُ
وَقَالَ أَبو الْحَجَّاجِ يَصِفُ ضَبًّا، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ هُوَ لحُمْرانَ ذِي الغُصَّة، وَكَانَ قَدْ أَهدى ضِباباً لخالد ين عَبْدِ اللَّهِ القَسْرِيّ فَقَالَ فِيهَا:
جَبَى العامَ عُمَّالُ الخَراجِ، وحِبْوَتي ... مُحَلَّقَةُ الأَذْناب، صُفْرُ الشَّواكِلِ
رَعَيْن الدَّبى والنَّقْدَ، حَتَّى كأَنَّما ... كَساهُنَّ سُلْطانٌ ثيابَ المَراجِلِ(10/497)
تَرى كُلَّ ذيَّالٍ، إِذا الشمسُ عارَضَتْ، ... سَما بَيْنَ عِرْسَيْه سُمُوَّ المُخاتِلِ
سِبَحْلٌ لَهُ نِزْكانِ، كَانَا فَضِيلَةً ... عَلَى كُلِّ حافٍ فِي الأَنام، وناعِلِ
وَحَكَى ابْنُ القَطَّاع فِيهِ النَّزْكَ، بِالْفَتْحِ أَيضاً. قَالَ أَبو زِيَادٍ: الضَّبُّ لَهُ نِزْكانِ، وَكَذَلِكَ الوَرَل والحِرْباء والطُّحَنُ، وَجَمْعُهُ طِحْنانٌ، وللضَّبَّة والوَرَلَةِ رَحِمانِ؛ أَنشد أَبو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ الْجَاحِظُ لامرأَة وَقَدْ لَامَهَا ابْنُهَا فِي زَوْجِهَا:
وَدِدْتُ لَوْ أَنَّهُ ضَبٌّ، وأَني ... ضُبَيْبَةُ كُدْيَةٍ، وَحَداً خَلاءَا
أَرادت بأَن لَهُ أَيْرَيْنِ وأَن لَهَا رَحِمين شَبَقاً وغُلمةً؛ ورأَيت فِي حَوَاشِي أَمالي ابْنِ بَرِّيٍّ بِخَطِّ فَاضِلٍ أَن المُفَجَّعَ أَنشد فِي التَّرْجُمان عَنِ الْكِسَائِيِّ:
تفرَّقتمُ، لَا زلتمُ قَرْنَ واحدٍ، ... تفرُّقَ أَيْرِ الضَّبِّ، والأَصلُ واحدُ
قَالَ: رَمَاهُمْ بالقِلَّة والذِّلَّة والقطيعة والتفرُّق، قَالَ: وَيُقَالُ إِن أَير الضَّبِّ لَهُ رأْسان والأَصل وَاحِدٌ عَلَى خِلْقَةِ لِسَانِ الْحَيَّةِ، وَلِكُلِّ ضَبَّةٍ مَسْلَكانِ. والنَّزْكُ: الطَّعْنُ بالنَّيْزَك. والنَّيْزَكُ: الرُّمْحُ الصَّغِيرُ، وَقِيلَ: هُوَ نَحْوُ المِزْراقِ، وَقِيلَ: هُوَ أَقصر مِنَ الرُّمْحِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْفُصَحَاءُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
مُطَرَّرٌ كالنَّيْزَكِ المَطْرُور
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقْتُلُ الدَّجَّالَ بالنَّيْزَكِ
، وَالْجَمْعُ النَّيازِكُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَلا مَنْ لِقَلْبٍ لَا يَزالُ كأَنه، ... مِنَ الوَجْدِ، شَكَّتْه صُدور النَّيازِكِ؟
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَنٍ:
لَا يَضْجَرُونَ وإِنْ كَلَّتْ نَيازِكُهم
هِيَ جَمْعُ نَيْزَك لِلرُّمْحِ الْقَصِيرِ، وَحَقِيقَتُهُ تَصْغِيرُ الرُّمْحِ بِالْفَارِسِيَّةِ. وَرُمْحٌ نَيْزَك: قَصِيرٌ لَا يُلْحَقُ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، وَبِهِ يَقْتُلُ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، الدَّجَّالَ. ونَزَكَه نَزْكاً: طَعَنَهُ بالنَّيْزَك، وَكَذَلِكَ إِذا نَزَغَه وطَعَن فِيهِ بِالْقَوْلِ. والنَّيْزَكُ: ذُو سِنانٍ وزُجٍّ، والعُكاز لَهُ زُجٌّ وَلَا سِنَانَ لَهُ. والنَّزْكُ: سُوءُ الْقَوْلِ فِي الإِنسان ورَمْيُك الإِنسان بِغَيْرِ الْحَقِّ. وَتَقُولُ: نَزَكَه بِغَيْرِ مَا رأَى مِنْهُ. وَرَجُلٌ نُزَكٌ: طَعَّان فِي النَّاسِ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَرَجُلٌ نَزَّاك أَي عَيَّاب. أَبو زَيْدٍ: نَزَكْتُ الرَّجُلَ إِذا خَرَّقْتَه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ ذَكَر الأَبْدَال فَقَالَ: ليسوا بنَزَّاكين ولا مَعْجِبِينَ وَلَا مُتَماوِتِينَ
؛ النَّزَّاك: الَّذِي يَعِيبُ النَّاسَ. يُقَالُ: نَزَكْتُ الرجلَ إِذا عِبْتَه، كَمَا يقالُ: طَعَنْتُ عَلَيْهِ وَفِيهِ، وأَصله مِنَ النَّيْزَكِ للرُّمْح الْقَصِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَوْنٍ وذُكِرَ عِنْدَهُ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ فَقَالَ: إِن شَهْراً نَزَكُوه
أَي طعنوا عليه وعابوه.
نسك: النُّسْكُ والنُّسُك: الْعِبَادَةُ وَالطَّاعَةُ وَكُلُّ مَا تُقُرب بِهِ إِلى اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ لِثَعْلَبٍ: هَلْ يُسَمَّى الصَّوْمُ نُسُكاً؟ فَقَالَ: كُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ عزَّ وَجَلَّ يسمى نُسُكاً. نَسَك لله تَعَالَى يَنْسُكُ نَسْكاً ونِسْكاً ونَسُكَ، الضَّمُّ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وتَنَسَّك. وَرَجُلٌ ناسِك: عَابِدٌ. وَقَدْ نَسَك وتَنَسَّكَ أَي تَعَبَّدَ. ونَسُك، بِالضَّمِّ، نَساكة أَي صَارَ نَاسِكًا، وَالْجَمْعُ نُسَّاك. والنُّسُكُ والنِّسِيكة: الذَّبِيحَةُ، وَقِيلَ: النُّسُك الدَّمُ، والنَّسِيكة: الذَّبِيحَةُ، تَقُولُ: مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَعَلَيْهِ نُسُك أَي دَمٌ يُهَرِيقُه بِمَكَّةَ، شَرَّفَهَا اللَّهُ(10/498)
تَعَالَى، وَاسْمُ تِلْكَ الذَّبِيحَةِ النَّسِيكَة، وَالْجَمْعُ نُسُك ونَسَائِكُ. والنُّسُك: مَا أَمرت بِهِ الشريعةُ، والوَرَع: مَا نَهَتْ عَنْهُ. والمَنْسَك والمَنْسِكُ: شِرْعة النَّسْك. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَرِنا مَناسِكَنا
؛ أَي مُتَعَبَّداتِنا، وَقِيلَ: المَنْسَكُ النَّسْك نَفْسُهُ. والمَنْسِكُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُذْبَحُ فِيهِ النَّسِيكة والنَّسائك. النَّضْرُ: نَسَك الرجلُ إِلى طَرِيقَةٍ جَمِيلَةٍ أَي دَاوَمَ عَلَيْهَا. ويَنْسُكون البيتَ: يأْتونه. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: المَنْسَكُ والمَنْسِكُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمَوْضِعُ الْمُعْتَادُ الَّذِي تَعْتَادُهُ. وَيُقَالُ: إِنَّ لِفُلَانٍ مَنْسِكاً يَعْتَادُهُ فِي خَيْرٍ كَانَ أَو غَيْرِهِ، وَبِهِ سُمِّيَتِ المَناسِكُ. وَقَالَ أَبو إِسحق: قرئَ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً
، ومَنْسِكاً، قَالَ: والنَّسْكُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى النَّحْر كأَنه قَالَ: جَعَلْنَا لِكُلِّ أُمة أَن تَتَقربَ بأَن تَذْبَحَ الذَّبَائِحَ لِلَّهِ، فَمَنْ قَالَ مَنْسِك فَمَعْنَاهُ مَكَانُ نَسْك مِثْلَ مَجلِس مَكَانُ جُلُوسٍ، وَمَنْ قَالَ مَنْسَك فَمَعْنَاهُ الْمَصْدَرُ نَحْوَ النُّسُك والنُّسُوك. غَيْرُهُ: والمَنْسَك والمَنْسِك الْمَوْضِعُ الَّذِي تُذْبَحُ فِيهِ النُّسُك، وقرئَ بِهِمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ
. ابْنُ الأَثير: قَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ المَناسِك والنُّسُك والنَّسِيكة فِي الْحَدِيثِ، - فالمَنَاسك جَمْعُ مَنْسَك ومَنْسِك، بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ المُتَعَبَّد وَيَقَعُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، ثُمَّ سُمِّيَتْ أُمور الْحَجِّ كُلُّهَا مَناسك. والمَنْسَك والمَنْسِك: المَذْبَحُ. وَقَدْ نَسَكَ يَنْسُك نَسْكاً إِذا ذَبَحَ. ونَسَك الثَّوْبَ: غَسَلَهُ بِالْمَاءِ وَطَهَّرَهُ، فَهُوَ مَنْسوك؛ قَالَ:
وَلَا يُنْبِتُ المَرْعَى سِباخُ عُراعِرٍ، ... وَلَوْ نُسِكَتْ بِالْمَاءِ سِتَّةَ أَشْهُرِ
وأَرض ناسِكة: خَضْرَاءُ حَدِيثَةُ الْمَطَرِ، فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مُفَعْوِلَةٍ. والنَّسِيك: الذَّهَبُ، والنَّسِيك: الْفِضَّةُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والنَّسِيكة: الْقِطْعَةُ الْغَلِيظَةُ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: النُّسُك سَبائك الْفِضَّةِ كلُّ سَبِيكة مِنْهَا نَسِيكَةٌ، وَقِيلَ لِلْمُتَعَبِّدِ ناسِكٌ لأَنه خَلَّص نَفْسَهُ وَصَفَّاهَا لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ دَنَسِ الْآثَامِ كالسَّبيكة المُخَلَّصة مِنَ الخَبَثِ. وَسُئِلَ ثَعْلَبٌ عَنِ النَّاسِكِ مَا هُوَ فَقَالَ: هُوَ مأْخوذ مِنَ النَّسِيكة وَهُوَ سَبِيكة الفِضة المُصَفَّاة كأَنه خَلَّص نَفْسَهُ وَصَفَّاهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. والنُّسَك، بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ السِّينِ: طَائِرٌ؛ عن كراع.
نطك: التَّهْذِيبُ فِي الثُّلَاثِيِّ: أَنطَاكِيَةُ اسْمُ مَدِينَةٍ، قَالَ: وأُراها رُومية.
نفك: اللَّيْثُ: النَّفَكَة لُغَةٌ فِي النَّكَفَة وَهِيَ الغُدَّة.
نكك: رَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: نَكْنَكَ غَرِيمَهُ إِذا تشدَّدَ عَلَيْهِ.
نلك: النُّلْك والنِّلْكُ: شَجَرُ الدُّبِّ، وَاحِدَتُهَا نُلْكَة ونِلْكَة، وَهِيَ شَجَرَةٌ حَمْلُها زُعْرُورٌ أَصْفَرُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النُّلْكُ، بِضَمِّ النُّونِ، شَجَرَةُ الزُّعْرُورِ، وَاحِدَتُهُ نُلْكة ونِلكة، قَالَ: وَيُقَالُ لَهَا شَجَرَةُ الدُّبِّ، قَالَ: وَلَمْ أَجد ذَلِكَ مَعْرُوفًا.
نهك: النَّهْكُ: التَّنَقُّصُ. ونَهَكَتْه الحُمَّى نَهْكاً ونَهَكاً ونَهاكةً ونَهْكَةً: جَهَدَتْه وأَضْنَتْه ونَقَصَتْ لَحْمَه، فهو مَنْهُوك، رُؤِيَ أَثَر الهُزالِ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَهُوَ مِنَ التَّنَقُّصِ أَيضاً، وفيه لُغَةٌ أُخرى: نَهِكَتْه الْحُمَّى، بِالْكَسْرِ، تَنْهَكُه نَهَكاً، وَقَدْ نُهِكَ أَي دَنِف وضَنِيَ. وَيُقَالُ: بَانَتْ عَلَيْهِ نَهْكَةُ الْمَرَضِ، بِالْفَتْحِ، وبَدَتْ فِيهِ نَهْكَةٌ. ونَهَكَتِ الإِبلُ ماءَ الْحَوْضِ إِذا شَرِبْتَ جَمِيعَ مَا فِيهِ؛(10/499)
قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ إِبلًا:
نَواهِكُ بَيُّوتِ الحِياض إِذا غَدَتْ ... عَلَيْهِ، وَقَدْ ضَمَّ الضَّرِيبُ الأَفاعِيَا
ونَهَكْت الناقةَ حَلْباً أَنْهَكُها إِذا نقَصْتها فَلَمْ يَبْقَ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: غَيْرُ مُضِرٍّ بنَسْلٍ وَلَا ناهِكٍ فِي حَلَبٍ
أَي غَيْرُ مُبَالَغٍ فِيهِ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ لِلْخَافِضَةِ: أَشِمِّي وَلَا تَنْهَكي
أَي لَا تُبالغي فِي اسْتِقْصَاءِ الْخِتَانِ وَلَا فِي إِسْحاتِ مَخفِضِ الْجَارِيَةِ، وَلَكِنِ اخْفِضِي طُرَيفَه. والمَنْهوك مِنَ الرَّجَزِ والمنْسرح: مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ كَقَوْلِهِ فِي الرَّجَزِ:
يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعْ
وَقَوْلُهُ فِي الْمُنْسَرِحِ:
وَيْلُ امِّ سَعْدٍ سعْدَا
وإِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنك حَذَفْتَ ثُلُثَيْهِ فَنَهَكْتَه بِالْحَذْفِ أَي بَالَغْتَ فِي إِمْرَاضِهِ والإِجحاف بِهِ. والنَّهْك: الْمُبَالَغَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. والنّاهِك والنَّهِيكُ: الْمُبَالَغُ فِي جَمِيعِ الأَشياء. الأَصمعي: النَّهْك أَن تُبَالِغَ فِي الْعَمَلِ، فإِن شَتَمْتَ وبالغتَ فِي شَتْم العِرْض قِيلَ: انْتَهَكَ عِرْضَه. والنَّهِيكُ والنَّهُوكُ مِنَ الرِّجَالِ: الشجاعُ، وَذَلِكَ لِمُبَالَغَتِهِ وثَباته لأَنه يَنْهَك عَدُوَّه فيَبْلُغ مِنْهُ، وَهُوَ نَهِيكٌ بَيِّنُ النَّهاكة فِي الشَّجَاعَةِ، وَهُوَ مِنَ الإِبل الصَّؤُولُ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَلَوْ نُبِزُوا بأَبي ماعِزٍ ... نَهِيكِ السلاحِ، حَدِيدِ البَصَرْ
أَراد أَن سِلَاحَهُ مبالِغٌ فِي نَهْك عَدُوِّهِ. وَقَدْ نَهُكَ، بِالضَّمِّ، يَنْهُكُ نَهاكَةً إِذا وُصِفَ بِالشَّجَاعَةِ وَصَارَ شُجَاعًا. وَفِي حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ: كَانَ مِنْ أَنْهَكِ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي مِنْ أَشجعهم. وَرَجُلٌ نَهِيكٌ أَي شُجَاعٌ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وأَعْلم أَنَّ الموتَ لَا بُدّ مُدْرِكٌ، ... نَهِيكٌ عَلَى أَهلِ الرُّقَى والتَّمائمِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: نَهِيكٌ قَوِيٌّ مُقْدِم مُبَالِغٌ. وَرَجُلٌ مَنْهُوك إِذا رأَيته قَدْ بَلَغ مِنْهُ الْمَرَضُ. ومَنْهوكُ الْبَدَنِ: بَيِّنُ النَّهْكَة فِي الْمَرَضِ. ونَهَك فِي الطَّعَامِ: أَكل مِنْهُ أَكلًا شَدِيدًا فَبَالَغَ فِيهِ؛ يُقَالُ: مَا يَنْفَكُّ فُلَانٌ يَنْهَك الطَّعَامَ إِذا مَا أَكل يَشْتَدُّ أَكلُه. ونَهَكْتُ مِنَ الطَّعَامِ أَيضاً: بالَغْتُ فِي أَكله. وَيُقَالُ: انْهَك مِنْ هَذَا الطَّعَامِ، وَكَذَلِكَ عِرْضَه، أَي بالِغْ فِي شَتْمِهِ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: يُقَالُ مَا يَنْهَكُ فُلَانٌ يَصْنَعُ كَذَا وَكَذَا أَي مَا يَنْفَكُّ؛ وأَنشد:
لَمْ يَنْهَكُوا صَقْعاً إِذا أَرَمُّوا
أَي ضَرْباً إِذا سَكَتُوا؛ قَالَ الأَزهري: مَا أَعرف مَا قَالَهُ اللَّيْثُ وَلَا أَدري مَا هُوَ وَلَمْ أَسمع لأَحد مَا يَنْهَكُ يَصْنَعُ كَذَا أَي مَا يَنْفَكُّ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَلَا أَحقُّه. وَقَالَ اللَّيْثُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ ناهيكَ مِنْ رَجُلٍ أَي كَافِيكَ وَهُوَ غَيْرُ مُشْكل. وَرَجُلٌ يَنْهَكُ فِي العدُوّ أَي يُبَالِغُ فِيهِمْ. ونَهَكه عُقوبةً. بَالَغَ فِيهَا يَنْهَكه نَهْكاً. وَيُقَالُ: انْهَكْهُ عُقُوبَةً أَي ابْلُغْ فِي عُقُوبَتِهِ. ونَهَكَ الشيءَ وانْتَهَكَه: جَهده. وَفِي الْحَدِيثِ:
لِيَنْهَكِ الرجلُ مَا بَيْنَ أَصابعه أَو لَتَنتَهِكَنَّها النارُ
أَي ليُقْبِل عَلَى غَسْلِهَا إِقبالًا شَدِيدًا وَيُبَالِغْ فِي غَسْلِ مَا بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي الْوُضُوءِ مُبَالَغَةً حَتَّى يُنْعِمَ تنظيفَها، أَو لَتُبالِغَنَّ النارُ فِي إِحراقه. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
انْهَكُوا الأَعقابَ أَو لتَنْهَكَنَّها النارُ
أَي(10/500)
بَالِغُوا فِي غَسْلِهَا وَتَنْظِيفِهَا فِي الْوُضُوءِ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الْحَثِّ عَلَى الْقِتَالِ. وَفِي حَدِيثِ
يَزِيدَ بْنِ شجرةَ حِينَ حَضَّ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي غُزَاةٍ وَهُوَ قَائِدُهُمْ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ: انْهَكوا وجُوهَ الْقَوْمِ
يَعْنِي اجْهَدُوهم أَي ابْلُغُوا جُهْدَكم فِي قِتَالِهِمْ؛ وَحَدِيثِ الخَلُوق:
اذْهَبْ فانْهَكْه، قَالَهُ ثَلَاثًا
، أَي بالغْ فِي غَسْلِهِ. ونَهَكْتُ الثوبَ، بِالْفَتْحِ، أَنْهَكُه نَهْكاً: لَبِسْتُهُ حَتَّى خَلَقَ. والأَسَدُ نَهِيكٌ، وَسَيْفٌ نَهيكٌ أَي قَاطِعٌ مَاضٍ. ونَهَكَ الرجلَ يَنْهكُه نَهْكةً ونَهاكةً: غَلَبَهُ. والنَّهِيك مِنَ السُّيُوفِ: الْقَاطِعُ الْمَاضِي. وانْتِهاكُ الحُرْمة: تناوُلُها بِمَا لَا يَحِلُّ وَقَدِ انْتَهَكها. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن قَوْمًا قَتَلُوا فأَكثروا وزَنَوْا وانْتَهَكُوا
أَي بَالَغُوا فِي خَرْق مَحَارِمِ الشَّرْعِ وإِتيانها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: يَنْتَهِكُ ذِمّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ
، يُرِيدُ نَقْضَ الْعَهْدِ وَالْغَدْرَ بالمُعاهد. والنَّهِيكُ: البَئِيسُ. والنُّهَيْكُ: الحُرْقُوصُ، وعَضَّ الحُرْقُوصُ فرجَ أَعرابية فَقَالَ زَوْجُهَا:
وَمَا أَنا، للحُرْقوصِ إِن عَضَّ عَضَّةً ... لمَا بَيْنَ رِجْلَيْهَا بجِدٍّ، عَقُورُ
«3» تُطَيِّبُ نَفْسِي، بعد ما تَسْتَفِزُّني ... مَقالَتُها، إِنَّ النُّهَيكَ صَغيرُ
وَفِي النَّوَادِرِ: النُّهَيْكةُ دَابَّةٌ سُوَيْداءُ مُدارَةٌ تدخُل مَدَاخِل الحراقِيصِ.
نوك: النُّوكُ، بِالضَّمِّ «4» : الحُمْق؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:
وَمَا بَعْضُ الإِقامةِ فِي دِيارٍ، ... يُهانُ بِهَا الْفَتَى، إِلا بلاءُ
فَقُلْ للمُتَّقِي غَرَضَ المَنايا: ... تَوَقَّ فَلَيْسَ يَنْفَعُك اتِّقاءُ
وَلَا يُعطَى الحريصُ غِنىً لحِرْصٍ، ... وَقَدْ يُنْمَى لِذِي الجُودِ الثَّراءُ
غَنِيُّ النَّفْسِ، مَا اسْتَغْنَت، غَنيٌّ، ... وفَقْرُ النَّفْسِ، مَا عَمِرَتْ، شَقاءُ
ودَاءُ الجِسْمِ مُلْتَمِسٌ شِفاءً، ... وَدَاءُ النُّوكِ ليسَ لَهُ دَواءُ
والأَنْوَك: الأَحْمَقُ، وَجَمْعُهُ النَّوْكَى. قَالَ: وَيَجُوزُ فِي الشِّعْرِ قَوْمٌ نُوكٌ. والنَّوَاكة: الْحَمَاقَةُ. وَرَجُلٌ أَنْوَكُ ومُسْتَنْوِك أَي أَحمق. وَقَوْمٌ نَوْكَى ونُوكٌ أَيضاً عَلَى الْقِيَاسِ مِثْلُ أَهْوَج وهُوج؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ ضَحُوكُ، ... واسْتَنْوَكَت وللشَّبابِ نُوكُ
وَقَدْ نَوِكَ نَوَكاً ونُوكاً ونَواكَةً: حَمُقَ، وَهُوَ أَنْوَكُ، وَالْجَمْعُ نَوْكَى؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أُجْرِيَ مُجْرَى هَلْكَى لأَنه شَيْءٌ أُصيبوا بِهِ فِي عُقُولِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
الضَّحَّاكِ: إِن قُصّاصَكم نَوْكَى
أَي حَمْقى. واسْتَنْوَكَ الرجلُ: صَارَ أَنْوَكَ، وأَنْوَكَه: صَادَفَهُ أَنْوكَ. واسْتَنْوَكتُ فُلَانًا أَي اسْتَحْمَقْتُهُ. وَقَالُوا: مَا أَنْوَكَه وَلَمْ يَقُولُوا أَنْوِكْ بِهِ، وَهُوَ قِيَاسٌ؛ عَنِ ابْنِ السَّرَّاج. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَعَ التَّعَجُّبُ فِيهِ بِمَا أَفْعَلَه وإِن كَانَ كالخِلَقِ لأَنه لَيْسَ بِلَوْنٍ فِي الْجَسَدِ وَلَا بخلْقةٍ فِيهِ، وإِنما هُوَ مِنْ نُقْصَانِ الْعَقْلِ. قَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ فُلَانٌ أَنْوَكُ: قَالَ الأَصمعي الأَنْوَكُ الْعَاجِزُ الْجَاهِلُ. والنُّوكُ عِنْدَ الْعَرَبِ: العَجْزُ وَالْجَهْلُ. وَقَالَ الأَصمعي: الأَنْوَكُ العَييُّ في
__________
(3) . قوله بجدّ عقورُ، هكذا في الأَصل، والوزن مختلّ، وإذا قيل هي: بجدّ عقورِ، صحّ الوزن وكان في البيت إقواء.
(4) . قوله: النوك، بالضم ويفتح أَيضاً كما في القاموس(10/501)
كَلَامِهِ؛ وأَنشد:
فكُنْ أَنْوَكَ النَّوْكَى إِذا مَا لَقِيتَهُمْ
نيك: النَّيْكُ: مَعْرُوفٌ، وَالْفَاعِلُ: نائِكٌ، وَالْمَفْعُولُ بِهِ مَنِيكٌ ومَنْيُوكٌ، والأَنثى مَنْيُوكة، وَقَدْ ناكَها يَنيكها نَيْكاً. والنَّيّاك: الْكَثِيرُ النَّيْك؛ شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ؛ وَفِي الْمَثَلِ قَالَ:
مَنْ يَنِكِ العَيْرَ يَنِكْ نَيّاكا
وتَنَايَكَ القوْمُ: غَلَبَهُمُ النُّعاسُ. وتَنايَكَتِ الأَجْفانُ: انْطَبَقَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ نكح: ناكَ المطرُ الأَرضَ وناكَ النعاسُ عَيْنَهُ إِذا غلب عليها.
فصل الهاء
هبرك: الهَبْرَكَةُ: الْجَارِيَةُ النَّاعِمَةُ. وَشَبَابٌ هَبْرَكٌ: تامٌّ؛ قَالَ:
جَارِيَةٌ شَبَّتْ شَباباً هَبْرَكا، ... لَمْ يَعْدُ ثَدْيا نَحْرِها أَن فَلَّكَا
وشَبابٌ هَبْرَكٌ وهُبارِك: كذلك.
هبنك: الهَبَنَّكُ: الْكَثِيرُ الحُمْق، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ الأَحمق فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِقِلَّةٍ وَلَا بكثرة، والأُنثى هَبَنَّكة.
هتك: الهَتْكُ: خَرْقُ السِّتْر عَمَّا وَرَاءَهُ، وَالْاسْمُ الهُتْكة، بِالضَّمِّ. والهَتِيكةُ: الْفَضِيحَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْهَا: فَهَتَك العِرْضَ حَتَّى وَقَعَ بالأَرض
؛ والهَتْكُ: أَن تَجْذِبَ سِتْراً فَتَقْطَعَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ أَو تَشُقَّ مِنْهُ طَائِفَةً يُرَى مَا وَرَاءَهُ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: هَتَكَ اللَّهُ سِتْرَ الْفَاجِرِ. وَرَجُلٌ مَهْتُوك السِّتْر: مُتَهَتِّكُه. وتَهَتَّك أَي افْتَضَح. ابْنُ سِيدَهْ: هَتَكَ السِّتْرَ والثَّوْبَ يَهْتِكُه هَتْكاً فانْهَتَكَ وتَهَتَّكَ: جَذَبَهُ فَقَطَعَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ أَو شُقَّ مِنْهُ جُزْءًا فَبَدَا مَا وَرَاءَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الدُّعَاءِ وَالْخَبَرِ: هَتَكَ اللهُ سِتْرَ فُلَانٍ، وهَتَّكَ الأَسْتارَ؛ شدِّد لِلْكَثْرَةِ. وَرَجُلٌ مُنْهَتِكٌ ومُتَهَتِّكٌ ومُسْتَهْتِك: لَا يُبالي أَن يُهْتَك سِتْرُه عَنْ عَوْرَتِهِ؛ وَكُلُّ مَا انْشَقَّ كَذَلِكَ، فَقَدَ انْهَتَك وتَهَتَّك؛ قَالَ يَصِفُ كَلَأً:
مُتَهَتِّكُ الشَّعْران نَضّاحُ العَذَبْ
أَبو عَمْرٍو: الهُتْكُ وَسَطُ اللَّيْلِ. وَفِي حَدِيثِ
نَوْفٍ البِكَالّي: كُنْتُ أَبيتُ عَلَى بَابِ دَارِ عَلِيٍّ، فَلَمَّا مَضَتْ هُتْكة مِنَ اللَّيْلِ قُلْتُ كَذَا
؛ الهُتْكةُ: طَائِفَةٌ مِنَ اللَّيْلِ. يُقَالُ: سِرْنا هُتْكةً مِنَ اللَّيْلِ كأَنه جَعَلَ اللَّيْلَ حِجَابًا، فَلَمَّا مَضَى مِنْهُ ساعةٌ فَقَدْ هُتِكَ بِهَا طائفةٌ مِنْهُ. والهُتْكَة: سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ لِلْقَوْمِ إِذا سَارُوا. يُقَالُ: سِرْنا هُتْكةً مِنْهَا، وَقَدْ هاتَكْناها: سِرنا فِي دُجاها؛ قَالَ:
هاتَكْتُه حَتَّى انْجَلتْ أَكْراؤُه ... عَنِّي، وَعَنْ مَلْمُوسةٍ أَحْناؤُه
يَصِفُ اللَّيْلَ وَالْبَعِيرَ. والهِتَكُ: قِطَعُ الغِرْس تَتَمَزَّقُ عَنِ الْوَلَدِ، الْوَاحِدَةُ هِتَكَة، وَثَوْبٌ هَتِكٌ؛ قَالَ مُزاحِمٌ:
جَلا هَتِكاً كالرَّيْطِ عَنْهُ، فبَيَّنَتْ ... مَشابِههُ حُدْبَ العِظامِ كَواسِيَا
أَي استبانتْ مَشابِهُ أَبيه فيه.
هفك: الأَزهري: امرأَة هَيْفَكٌ أَي حَمْقَاءُ؛ وَقَالَ عُجَيْرٌ السَّلُوليُّ يَصِفُ مَزَادَةً:
زَمَّتهما هَيْفَكٌ حَمقْاءُ مُصْبِيَةٌ ... لَا يتبعُ الْعَيْنُ أَشْقاها إِذا وَغَلا
وَيُقَالُ: فُلَانٌ مِهَفَّكٌ ومُؤَفَّكٌ ومُفَنِّنٌ ومُتَهَفِّكٌ إِذا كَانَ كَثِيرَ الخطإِ وَالِاخْتِلَاطِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قُلْ(10/502)
لأُمَّتك فلْتَهْفِكْه فِي الْقُبُورِ
أَي لِتُلْقِه فِيهَا، وَقَدْ هَفَكه إِذا أَلقاه. والتَّهَفُّك: الِاضْطِرَابُ وَالِاسْتِرْخَاءُ فِي الْمَشْيِ.
هكك: الأَزهري: أَهمل اللَّيْثُ هَكَّ وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا مَا قَالَ أَبو عَمْرٍو فِي نَوَادِرِهِ: هَكَّ بسَلْحِه وسَكَّ بِهِ إِذا رَمَى بِهِ. قَالَ: وَهَكَّ وسَجَّ وتَرّ إِذا حذَفَ بسَلْحِه. وهَكَّ الطائرُ هَكّاً: حذَفَ بذَرْقِه. وهَكَّ النَّعامُ: سَلَح. وهَكّ الشيءَ يَهُكُّه هَكّاً، فَهُوَ مَهْكُوك وهَكِيكٌ: سَحَقَه. وهَكّ اللبنَ هَكّاً: اسْتَخْرَجَهُ ونَهَكَه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا تَرَكَتْ شُرْبَ الرَّثِيئَة هاجَرٌ ... وهَكَّ الخَلايا، لَمْ تَرِقَّ عُيُونُها
هاجَرُ: قَبِيلَةٌ، يَقُولُ: شُرْبُ الرَّثِيئة مَجْدُهم أَي هُمْ رُعاة لَا صَنِيعة لَهُمْ غَيْرُ شُرْبِ هَذَا اللَّبَنِ الَّذِي يُسَمَّى الرَّثِيئَةَ، وَقَوْلُهُ: لَمْ ترقَّ عُيُونُهَا أَي لَمْ تَسْتَحِ. وهَكَّ الرجلُ المرأَة يَهُكُّها هَكًّا: نَكَحَهَا: وأَنشد:
يَا ضَبُعاً أَلْفَتْ أَباها قَدْ رَقَدْ، ... فَنَفَرَتْ فِي رأْسِه تَبْغِي الوَلَدْ
فقامَ وَسْنانَ بِعَرْدٍ ذِي عُقَدْ، ... فهَكَّها سُخْناً بِهِ حَتَّى بَرَدْ
والهَكُّ: الْجِمَاعُ الْكَثِيرُ، وهَكَّها إِذا أَكثر جِمَاعَهَا. أَبو عَمْرٍو: الهَكِيكُ المُخَنَّثُ. وَيُقَالُ: هَكَّ فُلَانًا النبيذُ إِذا بَلَغَ مِنْهُ مِثْلُ تَكَّهُ، فانْهَكَّ. وَيُقَالُ: هُكَّ إِذا أُسْقِط. والهَكُّ: تَهَوُّر الْبِئْرِ. والهَكُّ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ. والهَكُّ: مُداركة الطَّعْنِ بِالرِّمَاحِ. وهَكَّه بِالسَّيْفِ: ضَرَبَهُ. والهَكَوَّكُ: الْمَكَانُ الصُّلْبُ الْغَلِيظُ، وَقِيلَ السَّهْل؛ قَالَ:
إِذا بَرَكْنَ مَبْرَكاً هَكَوَّكا، ... كأَنما يَطْحَنَّ فِيهِ الدَّرْمَكا
أَوْشَكْنَ أَن يَتْرُكْنَ ذَاكَ المَبْرَكا ... تَرْكَ النساءِ العاجِزَ الزَّوَنَّكا
وَيُرْوَى: مَبْرَكاً عَكَوَّكا، وَهُوَ السَّهْل أَيضاً، يُرِيدُ أَنهم عَلَى سَفَرٍ ورحْلة. والزَّوَنَّكُ: الْمُخْتَالُ فِي مَشْيِهِ الرَّافِعُ نَفْسَهُ فَوْقَ قَدْرِهَا. الأَزهري: وعَكَوَّكٌ عَلَى بِنَاءِ هَكَوَّك، وَهُوَ السَّمِينُ. وانْهَكَّ صَلا المرأَة انْهِكاكاً إِذا انْفَرَجَ فِي الْوِلَادَةِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: تَهَكَّكَتِ الناقةُ وَهُوَ تَوَخِّي صَلَوَيْها ودُبُرها، وَهُوَ أَن يُرَى كأَنه سِقاء يَمْتَخِضُ. قَالَ الأَزهري: وتَفَكَّكَتِ الأُنثى إِذا أَقْرَبَتْ فاسْتَرْخَى صَلَوَاها وعَظُم ضَرْعها وَدَنَا نتاجُها، شُبِّهَتْ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَتَزَايَلُ وَيَتَفَتَّحُ بَعْدَ انْعِقَادِهِ وارْتِتاقِه.
هلك: الهَلْكُ: الْهَلَاكُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ الهَلْك والهُلْكُ أو المُلْكُ والمَلْكُ؛ هَلَكَ يَهْلِكُ هُلْكاً وهَلْكاً وهَلاكاً: مَاتَ. ابْنُ جِنِّي: وَمِنَ الشَّاذِّ قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:
ويَهْلَكُ الحَرْثُ والنَّسْلُ
، قَالَ: هُوَ مِنْ بَابِ رَكَنَ يَرْكَنُ وقَنَطَ يَقْنَطُ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ أَبي بَكْرٍ لُغَاتٌ مُخْتَلِطَةٌ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَاضِيَ يَهْلكُ هَلِك كعَطِبَ، فَاسْتَغْنَى عَنْهُ بهَلَكَ وَبَقِيَتْ يَهْلَك دَلِيلًا عَلَيْهَا، وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ الهَلَكَة فِي جُفُوف النَّبَاتِ وبَيُوده فَقَالَ يَصِفُ النَّبَاتَ: مِنْ لَدُنِ ابْتِدَائِهِ إِلى تَمَامِهِ، ثُمَّ تَوَلِّيه وإِدباره إِلى هَلَكَتِه وبَيُوده. وَرَجُلٌ هالِكٌ مِنْ قَوْمٍ هُلَّكٍ وهُلَّاك وهَلْكَى وهَوَالِكَ، الأَخيرة شَاذَّةٌ؛ وَقَالَ الْخَلِيلُ: إِنما قَالُوا هَلْكَى وزَمْنَى ومَرْضَى لأَنها أَشياء ضُرِبُوا بِهَا(10/503)
وأُدْخِلوا فِيهَا وَهُمْ لَهَا كَارِهُونَ. الأَزهري: قومٌ هَلْكَى وهالِكُون. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ يُجْمَعُ هالِك عَلَى هَلْكَى وهُلَّاك؛ قَالَ زيادُ بْنُ مُنْقِذ:
تَرَى الأَرامِلَ والهُلَّاكَ تَتْبَعُه، ... يَسْتَنُّ مِنْهُ عَلَيْهِمْ وابِلٌ رَزِمُ
يَعْنِي بِهِ الْفُقَرَاءُ؛ وهَلَكَ الشيءَ وهَلَّكه وأَهْلَكَه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ومَهْمَهٍ هالِكِ مَنْ تَعَرَّجا، ... هائلةٍ أَهْوالُه مَنْ أَدْلَجا
يَعْنِي مُهْلِك، لُغَةُ تَمِيمٍ، كَمَا يُقَالُ لَيْلٌ غاضٍ أَي مُغْضٍ. وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ هالِكِ مَنْ تَعَرَّجا أَي هالكِ المُتَعَرِّجين إِن لَمْ يُهَذَّبوا فِي السَّيْرِ أَي مَنْ تعرَّض فِيهِ هَلَكَ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
قَالَتْ سُلَيْمى هَلِّكوا يَسارا
الْجَوْهَرِيُّ: هَلَكَ الشيءُ يَهْلِكُ هَلاكاً وهُلوكاً ومَهْلَكاً ومَهْلِكاً ومَهْلُكاً وتَهْلُكَةً، وَالِاسْمُ الهُلْكُ، بِالضَّمِّ؛ قَالَ الْيَزِيدِيُّ: التَّهْلُكة مِنْ نَوَادِرِ الْمَصَادِرِ لَيْسَتْ مِمَّا يَجْرِي عَلَى الْقِيَاسُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ التُّهْلوك الهَلاكُ؛ قَالَ: وأَنشد أَبو نُخَيْلة لشَبِيبِ بْنِ شَبَّةَ:
شَبيبُ، عَادَى اللهُ مِنْ يَجْفُوكا ... وسَبَّبَ اللهُ لَهُ تُهْلوكا
وأَهْلكه غَيْرُهُ واسْتَهْلَكه. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا قَالَ الرجلُ هَلَكَ الناسُ فَهُوَ أَهْلَكهم
؛ يُرْوَى بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا، فَمَنْ فَتَحَهَا كَانَتْ فِعْلًا مَاضِيًا وَمَعْنَاهُ أَن الغالِين الَّذِينَ يُؤيِسُون الناسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى يَقُولُونَ هَلَك الناسُ أَي اسْتَوْجَبُوا النَّارَ وَالْخُلُودَ فِيهَا بِسُوءِ أَعمالهم، فإِذا قَالَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَهُوَ الَّذِي أَوجبه لَهُمْ لَا اللَّهُ تَعَالَى، أَو هُوَ الَّذِي لَمَّا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ وأَيأَسهم حَمَلَهُمْ عَلَى تَرْكِ الطَّاعَةِ وَالِانْهِمَاكِ فِي الْمَعَاصِي، فَهُوَ الَّذِي أَوقعهم فِي الْهَلَاكِ، وأَما الضَّمُّ فَمَعْنَاهُ أَنه إِذا قَالَ ذَلِكَ لَهُمْ فَهُوَ أَهْلَكهم أَي أَكثرهم هَلاكاً، وَهُوَ الرجلُ يُولَعُ بِعَيْبِ النَّاسِ ويَذْهبُ بِنَفْسِهِ عُجْباً، وَيَرَى لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلًا. وَقَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ أَهلكهم أَي أَبْسَلُهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا خالَطتِ الصدقةُ مَالًا إِلَّا أَهْلَكَتْه
؛ قِيلَ: هُوَ حضٌّ عَلَى تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ مِنْ قَبْلِ أَن تَخْتَلِطَ بِالْمَالِ بَعْدَ وُجُوبِهَا فِيهِ فَتَذْهَبُ بِهِ، وَقِيلَ: أَراد تَحْذِيرَ العُمَّال عَنِ اخْتِزال شَيْءٍ مِنْهَا وَخَلْطِهِمْ إِياه بِهَا، وَقِيلَ: أَن يأْخذ الزَّكَاةَ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتاه سَائِلٌ فَقَالَ لَهُ: هَلَكْتُ وأَهْلَكْتُ
أَي أَهلكت عِيَالِي. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا
. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَخبرني رُؤْبة أَنه يَقُولُ هَلَكْتَني بِمَعْنَى أَهْلَكتني، قَالَ: وَلَيْسَتْ بِلُغَتِي. أَبو عُبَيْدَةَ: تَمِيمٌ تَقُولُ هَلَكَه يَهْلِكُه هَلْكاً بِمَعْنَى أَهْلَكه. وَفِي الْمَثَلِ: فُلَانٌ هالِكٌ فِي الْهَوَالِكِ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِابْنِ جذْلِ الطِّعانِ:
تَجاوَزْتُ هِنْداً رَغْبَةً عَنْ قِتالِه، ... إِلى مالِكٍ أَعْشُو إِلى ذكْرِ مالكِ
فأَيْقَنْتُ أَني ثائِرُ ابن مُكَدَّمٍ، ... غَداةَ إِذٍ، أَو هالِكٌ فِي الهَوالِكِ
قَالَ: وَهَذَا شَاذٌّ عَلَى مَا فُسِّرَ فِي فَوَارِسَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَجُوزُ أَن يُرِيدَ هَالِكٌ فِي الأُمم الهَوالِك فَيَكُونُ جَمْعُ هَالِكَةٍ، عَلَى الْقِيَاسِ، وإِنما جَازَ فَوَارِسُ لأَنه مَخْصُوصٌ بِالرِّجَالِ فَلَا لَبْسَ فِيهِ، قَالَ: وَصَوَابُ إِنْشَادِ الْبَيْتِ:
فأَيقنت أَني عِنْدَ ذَلِكَ ثَائِرُ
والهَلَكَة: الهَلاكُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هِيَ الهَلَكَة الهَلْكاءُ، وَهُوَ تَوْكِيدٌ لَهَا، كَمَا يُقَالُ هَمَجٌ هامجٌ.(10/504)
أَبُو عُبَيْدٍ: يُقَالُ وَقَعَ فُلَانٌ فِي الهَلَكَةِ الهَلْكى والسَّوْأَةِ السَّوْأى. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً
؛ أَيْ لِوَقْتِ هَلاكِهم أَجَلًا، وَمَنْ قَرَأَ لمَهْلَكِهم فَمَعْنَاهُ لإِهلاكهم. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْعٍ: وَهُوَ إمامُ القَوْم فِي المَهالِك
؛ أَرَادَتْ فِي الْحُرُوبِ وَأَنَّهُ لثِقَته بِشَجَاعَتِهِ يتقدَّم وَلَا يَتَخَلَّفُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ لِعِلْمِهِ بالطُّرق يتقدَّم القومَ فَيَهْدِيهِمْ وَهُمْ عَلَى أَثَرِهِ. واسْتَهْلَكَ المالَ: أَنْفَقَهُ وَأَنْفَدَهُ؛ أَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
تقولُ، إِذَا اسْتَهْلَكْتُ مَالًا للَذَّةٍ، ... فُكَيْهَةُ: هَشَّيْءٌ بكَفَّيْكَ لائِقُ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: يُرِيدُ هَلْ شَيْءٌ فَأَدْغَمَ اللَّامَ فِي الشِّينِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ كَوُجُوبِ إِدْغَامِ الشَّمِّ وَالشَّرَابِ وَلَا جَمِيعُهُمْ يُدْغِمُ هَلْ شَيْءٌ. وأهْلَكَ المالَ: بَاعَهُ. فِي بَعْضِ أَخْبَارِ
هُذَيْلٍ: أَنَّ حَبيباً الهُذَليّ قَالَ لمَعْقِلِ بْنِ خُوَيْلِد: ارجِعْ إِلَى قَوْمِكَ، قَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِإِبِلِي؟ قَالَ: أهْلِكْها
أَيْ بعْها. والمَهْلَكة والمَهلِكة والمَهْلُكة: المَفازة لأَنه يُهْلَكُ فِيهَا كَثِيرًا. وَمَفَازَةٌ هالكةٌ مَنْ سَلَكها أَيْ هَالِكَةٌ لِلسَّالِكِينَ. وَفِي حَدِيثِ التَّوْبَةِ:
وتَرْكُها مَهْلِكة
أَيْ مَوْضِعٌ لهَلاكِ نفْسه، وَجَمْعُهَا مَهالِكُ، وَتُفْتَحُ لَامُهَا وَتُكْسَرُ أَيْضًا لِلْمَفَازَةِ. والهَلَكُونُ: الأَرض الجَدْبة وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَاءٌ. ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ هَذِهِ أَرْضٌ آرمَةٌ هَلَكُونٌ، وَأَرْضٌ هَلَكون إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ. يُقَالُ: هَلَكونُ نَبَاتُ أَرْضِينَ. وَيُقَالُ: ترَكها آرِمَةً هَلَكِينَ إِذَا لَمْ يَصِبْهَا الغَيْثُ مُنْذُ دَهْرٍ طَوِيلٍ. يُقَالُ: مَرَرْتُ بِأَرْضٍ هَلَكِينَ، بِفَتْحِ الْهَاءِ وَاللَّامِ «5» . والهَلَكُ والهَلَكاتُ: السِّنُونَ لأَنها مُهْلِكَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَأَنْشَدَ لأَسْودَ بْنِ يَعْفُرَ:
قَالَتْ لَهُ أمُّ صَمْعا، إِذْ تُؤَامِرُه: ... أَلَا تَرَى لِذَوي الأَموالِ والهَلَكِ؟
الْوَاحِدَةُ هَلَكة بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْضًا. والهَلاكُ: الجَهْدُ المُهْلِكُ. وهَلاكٌ مُهْتَلِكٌ: عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مِنَ السِّنينَ والهَلاكِ المُهْتَلِكْ
ولأَذْهَبَنَّ فَإِمَّا هُلْكٌ وَإِمَّا مُلْكٌ، وَالْفَتْحُ فِيهِمَا لُغَةٌ، أَيْ لأَذْهَبَنَّ فَإِمَّا أَنْ أهْلِكَ وَإِمَّا أَنْ أمْلِكَ. وهالِكُ أهْلٍ: الَّذِي يَهْلِكُ فِي أهْله؛ قَالَ الأَعشى:
وهالِك أهْلٍ يَعودُونه، ... وآخَرُ فِي قَفْرةٍ لَمْ يُجَنْ
قَالَ: وَيَكُونُ وَهَالِكُ أهلٍ الَّذِي يُهْلِك أهْلَه. والهَلَكُ: جِيفَةُ الشَّيْءِ الهالِك. والهَلَكُ: مَشْرَفَةُ المَهْواةِ مِنْ جَوِّ السُّكاكِ لأَنها مَهْلَكة، وَقِيلَ: الهَلَكُ مَا بَيْنَ كُلِّ أَرْضٍ إِلَى الَّتِي تَحْتَهَا إِلَى الأَرض السَّابِعَةِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ فَأَمَّا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
الموتُ تَأْتِي لميقاتٍ خَواطِفُه، ... وَلَيْسَ يُعْجِزُهُ هَلْكٌ وَلَا لُوح
فَإِنَّهُ سَكَّنَ لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ كُوفِيٌّ، وَقَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ إِلَّا فِي الْمَكْسُورِ وَالْمَضْمُومِ، وَقِيلَ: الهَلَكُ مَا بَيْنَ أَعْلَى الْجَبَلِ وَأَسْفَلِهِ ثُمَّ يُسْتَعَارُ لِهَوَاءِ مَا بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ، وَكُلُّهُ مِنَ الهَلاك، وَقِيلَ: الهَلَكُ المَهْواة بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ؛ وَأَنْشَدَ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
أَرَى ناقَةَ القَيْسِ قَدْ أصْبَحَتْ، ... عَلَى الأَيْنِ، ذاتَ هِبابٍ نِوارا
رأتْ هَلَكاً بنِجاف الغَبِيط، ... فكادَتْ تَجُدُّ الحُقِيّ الهِجارا
وَيُرْوَى: تَجُدّ لِذَاكَ الهِجارا؛ قَوْلُهُ هِباب: نَشاط، ونِواراً: نِفاراً، وَتَجِدُّ: تَقْطَعُ الْحَبْلَ نُفوراً من
__________
(5) . قوله: [هَلَكينَ بفتح النون دون تنوين] ، هكذا في الأَصل. وفي القاموس: أرضٌ هَلَكِينٌ وأرضٌ هَلكونٌ، بتنوين الضمّ(10/505)
المَهْواةِ، والهِجار: حَبْلٌ يُشَدُّ فِي رُسْغِ الْبَعِيرِ. والهَلَكُ: المَهْواة بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ امْرَاةً جَيْداء:
تَرى قُرْطَها فِي واضِحِ اللِّيتِ مُشْرِفاً ... عَلَى هَلَكٍ، فِي نَفْنَفٍ يَتَطَوّحُ
والهَلَكُ، بِالتَّحْرِيكِ: الشَّيْءُ الَّذِي يَهْوي ويسقُط. والتَّهْلُكَةُ: الْهَلَاكُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ
؛ وَقِيلَ: التَّهْلُكة كُلُّ شَيْءٍ تَصِيرُ عَاقِبَتُهُ إِلَى الهَلاك. والتُّهْلُوك: الهَلاك؛ وَأَنْشَدَ بَيْتَ شَبيبٍ:
وسَبَّبَ اللَّهُ لَهُ تُهْلوكا
وَوَقَعَ فِي وَادِي تُهُلِّكَ، بِضَمِّ التَّاءِ وَالْهَاءِ واللامُ مُشَدَّدَةٌ، وَهُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ مِثْلُ تُخيبَ أَيْ فِي الْبَاطِلِ وَالْهَلَاكِ كَأَنَّهُمْ سَمَّوْه بِالْفِعْلِ. والاهْتِلاكُ والانْهِلاكُ: رَمْيُ الإِنسان بِنَفْسِهِ فِي تَهْلُكة. والقَطاة تَهْتَلِكُ مِنْ خَوْفِ الْبَازِيِّ أَيْ تَرْمِي بِنَفْسِهَا فِي المَهالك. وَيُقَالُ: تَهْتَلِكُ تَجْتَهِدُ فِي طَيَرَانِهَا، وَيُقَالُ مِنْهُ: اهْتَلَكتِ القَطاةُ. والمِهْتَلِكُ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ همٌّ إِلَّا أَنْ يَتَضَيَّفه الناسُ، يَظَلُّ نهارَه فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ أسرعَ إِلَى مَنْ يَكْفُله خَوْفَ الهَلاكِ لَا يَتَمَالَكُ دونَه؛ قَالَ أَبُو خِراشٍ:
إِلَى بَيْتِه يَأْوِي الغريبُ إِذَا شَتا، ... ومُهتَلِكٌ بَالِي الدَّريسَيْنِ عائِلُ
والهُلّاكُ: الصَّعاليك الَّذِينَ يَنْتابون الناسَ ابْتِغَاءَ مَعْرُوفِهِمْ مِنْ سُوءِ حَالِهِمْ، وَقِيلَ: الهُلّاك المُنْتَجِعون الَّذِينَ قَدْ ضَلُّوا الطَّرِيقَ، وَكُلُّهُ مِنْ ذَلِكَ؛ أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ لجَمِيل:
أبِيتُ مَعَ الهُلّاكِ ضَيْفاً لأَهْلِها، ... وأهْلي قريبٌ مُوسِعُون ذَوُو فَضْلِ
وكذلك المُتَهَلِّكُون؛ أنشد ثَعْلَبٌ للمُتَنَخِّل الهُذَليّ:
لَوْ أَنَّهُ جَاءَنِي جَوْعانُ مُهْتَلِكٌ، ... مِنْ بُؤَّس النَّاسِ، عَنْهُ الخيْرُ مَحْجُوزُ
وافْعَلْ ذَلِكَ إِمَّا هَلَكَتْ هُلُكٌ أَيْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، بِضَمِّ الْهَاءِ وَاللَّامِ غَيْرُ مَصْرُوفٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبَعْضُهُمْ لَا يَصْرِفُهُ أَيْ عَلَى مَا خَيَّلَتْ نَفْسُك وَلَوْ هَلَكْتَ، والعامَّة تَقُولُ: إِنْ هَلَكَ الهُلُكُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى أَبُو عَلِيٍّ عَنِ الْكِسَائِيِّ هَلَكَتْ هُلُكُ، مَصْرُوفًا وَغَيْرَ مَصْرُوفٍ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
وَذَكَرَ صِفَتَهُ ثُمَّ قَالَ: وَلَكِنَّ الهُلْكُ كلُّ الهُلْكِ أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَإِمَّا هَلَكَتْ هُلَّكُ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ
؛ الهُلْكُ الهَلاك، وَمَعْنَى الرِّوَايَةِ الأُولى الهَلاكُ كلُّ الهَلاك لِلدَّجَّالِ لأَنه وَإِنِ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ ولَبَّس عَلَى النَّاسِ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِزَالَةِ العَور لأَن اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقَائِصِ وَالْعُيُوبِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فهُلَّكٌ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ، جَمْعُ هَالِكٍ أَيْ فَإِنْ هَلَكَ بِهِ نَاسٌ جَاهِلُونَ وضلُّوا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَلَوْ رُويَ: فَإِمَّا هَلَكَتْ هُلُك عَلَى قَوْلِ الْعَرَبِ افْعَلْ كَذَا إِمَّا هَلَكَتْ هُلَّكُ وهُلُكٌ بِالتَّخْفِيفِ منوَّناً وَغَيْرَ مُنَوَّنٍ، لَكَانَ وَجْهًا قَوِيًّا ومُجْراه مُجْرى قَوْلِهِمْ افْعَلْ ذَلِكَ عَلَى مَا خَيَّلَتْ أَيْ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وهُلُكٌ: صِفَةٌ مُفْرَدَةٌ بِمَعْنَى هَالِكَةٌ كَنَاقَةٍ سُرُحٌ وَامْرَأَةٍ عُطُلٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَكَيْفَمَا كَانَ الأَمر فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَإِمَّا هَلَكَ الهُلُكُ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ افْعَلْ ذَلِكَ إِمَّا هَلَكَتْ هُلُكُ، وهُلُكٌ بإجراءٍ وَغَيْرِ إِجْرَاءٍ، وَبَعْضُهُمْ يُضيفه إِمَّا هَلَكتْ هُلُكُه أَيْ عَلَى مَا خَيَّلَتْ أَيْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقِيلَ(10/506)
فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ:
إِنْ شَبَّه عَلَيْكُمْ بِكُلِّ مَعْنًى وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يُشَبِّهَنَّ عَلَيْكُمْ أنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ
، وَقَوْلُهُ عَلَى مَا خَيَّلَتْ أَيْ أرَتْ وشَبَّهَتْ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ حَدِيثَ الدَّجَّالِ وَخِزْيِهِ وَبَيَانَ كَذِبِهِ فِي عَوَرِهِ. والهَلُوك مِنَ النِّسَاءِ: الْفَاجِرَةُ الشَّبِقَةُ الْمُتَسَاقِطَةُ عَلَى الرِّجَالِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تَتهالك أَيْ تَتَمايل وَتَنْثَنِي عِنْدَ جِمَاعِهَا، وَلَا يُوصَفُ الرَّجُلُ الزَّانِي بِذَلِكَ فَلَا يُقَالُ رَجُلٌ هَلُوكٌ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الهَلُوك الحَسَنة التَّبَعُّلِ لِزَوْجِهَا. وَفِي حَدِيثِ
مازِنٍ: إِنِّي مُولَعٌ بِالْخَمْرِ والهَلُوكِ مِنَ النِّسَاءِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
فتهالَكْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ
أَيْ سَقَطْتُ عَلَيْهِ وَرَمَيْتُ بِنَفْسِي فَوْقَهُ. وتَهالك الرجلُ عَلَى الْمَتَاعِ والفِراشِ: سَقَطَ عَلَيْهِ، وتَهالَكَتِ المرأةُ فِي مَشْيِهَا: مِنْ ذَلِكَ. والهالِكِيُّ: الحدَّادُ، وَقِيلَ الصَّيْقَل؛ قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ الحديدَ مِنَ الْعَرَبِ الهالكُ بْنُ عَمْرُو بْنُ أسَد بْنِ خُزيْمة، وَكَانَ حَدَّادًا نُسِبَ إِلَيْهِ الْحَدَّادُ فَقِيلَ الهالِكيُّ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِبَنِي أَسَدٍ القُيونُ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
جُنوحَ الهالِكِيِّ عَلَى يدَيْهِ، ... مُكِبّاً يَجْتَلي نُقَبَ النِّصالِ
أَرَادَ بالهالِكيّ الْحَدَّادَ؛ وَقَالَ آخَرُ:
وَلَا تَكُ مِثلَ الهالِكيِّ وعِرْسِه، ... سَقَتْه عَلَى لَوْحٍ سِمامَ الذَّرارِحِ
فَقَالَتْ: شَرابٌ بارِدٌ قَدْ جَدَحْتُه، ... وَلَمْ يَدْر مَا خاضَتْ لَهُ بالمَجادِحِ
أَيْ خَلَطْتُهُ بِالسَّوِيقِ. قَالَ عَرَّامٌ فِي حَدِيثِهِ: كُنْتُ أتَهَلَّكُ فِي مَفاوز أَيْ كُنْتُ أَدُورُ فِيهَا شِبْهَ الْمُتَحَيِّرِ؛ وَأَنْشَدَ:
كَأَنَّهَا قَطرةٌ جَادَ السحابُ بِهَا، ... بَيْنَ السَّمَاءِ وَبَيْنَ الأَرْضِ تَهْتَلِكُ
واسْتَهْلَكَ الرجلُ فِي كَذَا إِذَا جَهَدَ نَفْسَه، واهْتَلَكَ مَعَهُ؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
لهنَّ حديثٌ فاتِنٌ يَتْرُك الفَتى ... خفيفَ الْحَشَا، مُسْتَهْلِكَ الرِّبْح، طامِعا
أَيْ يَجْهَدُ قَلْبَه فِي إِثْرِهَا. وَطَرِيقٌ مُسْتَهْلِكُ الوِرْد أَيْ يُجْهِدُ مَنْ سَلَكَه؛ قَالَ الحُطَيئة يَصِفُ الطَّرِيقَ:
مُسْتَهْلِكُ الوِرْدِ، كالأُسْتيِّ، قَدْ جعَلَتْ ... أَيْدِي المَطيِّ بِهِ عاديَّةً رُكُبا
الأُسْتِيُّ والأُسْديُّ: يَعْنِي بِهِ السَّدى والسَّتى؛ شبَّه شَرَك الطَّرِيقِ بسَدَى الثَّوْبِ. وَفُلَانٌ هِلْكَةٌ مِنَ الهِلَكِ أَيْ سَاقِطَةٌ مِنَ السَّوَاقِطِ أَيْ هالِكٌ. والهَلْكى: الشَّرِهُونَ مِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، يُقَالُ: رِجَالٌ هَلْكى وَنِسَاءٌ هَلْكى، الْوَاحِدْ هالِكٌ وَهَالِكَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الهالِكَة النَّفْسُ الشَّرِهَة؛ يُقَالُ: هَلَكَ يَهْلِكُ هَلاكاً إِذَا شَرِهَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وَلِمَ أهلِكْ إِلَى اللَّبَنِ «1»
أَيْ لَمْ أشْرَهْ. وَيُقَالُ للمُزاحِمِ عَلَى الْمَوَائِدِ: المُتَهالِكُ والمُلاهسُ وَالْوَارِشُ والحاضِرُ «2» واللَّعْوُ، فَإِذَا أَكَلَ بِيَدٍ وَمَنَعَ بِيَدٍ فَهُوَ جَرْدَبانُ؛ وَأَنْشَدَ شَمِرٌ:
إنَّ سَدى خَيْرٍ إِلَى غيرِ أهْلِه، ... كَهالِكَةٍ مِنَ السحابِ المُصَوِّبِ
__________
(1) . تمامه كما في شرح القاموس:
جللته السيف إذا مالت كوارته ... تحت العجاج وَلِمَ أَهْلِكْ إِلَى اللَّبَنِ
(2) . قوله [والحاضر] كذا بالأَصل. والذي في مادّة حضر: رجل حضر ككتف وندس: يتحين طعام الناس ليحضره.(10/507)
قَالَ: هُوَ السَّحَابُ الَّذِي يَصُوبُ المَطَر ثُمَّ يُقلِعُ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَطَرٌ فذلك هَلاكه.
همك: هَمَكه فِي الأَمر فانْهَمَك: لَجَّجَه فَلَجَّ. وانْهَمكَ الرَّجُلُ فِي الأَمر أَيْ جَدَّ ولَجَّ وتَمادَى فِيهِ، وَكَذَلِكَ تَهَمَّك فِي الأَمر، وَتَقُولُ: مَا الَّذِي هَمَكه فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَنَّ النَّاسَ انْهَمَكُوا فِي الْخَمْرِ
؛ الانْهماكُ التَّمادي فِي الشَّيْءِ واللَّجاجُ فِيهِ. وَيُقَالُ: فَرَسٌ مَهْموك المَعَدَّيْنِ أَيْ مُرْسَلُ المَعَدَّينِ؛ وَقَالَ أَبُو دُواد:
سَلِطُ السُّنْبُكِ لأْمٌ فَصُّه، ... مُكْرَبُ الأَرْساغِ مَهْموكُ المَعَدّ
واهْمَأكَّ فُلَانٌ يَهْمَئِكُّ، فَهُوَ مُهْمَئِكٌّ ومُزْمَئِكٌّ ومُصْمَئِكٌّ إِذَا امتلأَ غضباً.
هنك: قَالَ الأَزهري: قَرَأْتُ فِي نُسْخَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّيْثِ: الهَنَكُ حبٌّ يُطْبَخُ أَغْبَرُ أَكدَر وَيُقَالُ لَهُ القُفْص؛ قَالَ الأَزهري: وَمَا أُرَاهُ عربياً.
هنبك: الأَزهري فِي النَّوَادِرِ: هَنْبَكةٌ مِنْ دَهْرٍ وسَنْبةٌ من دهر بمعنى.
هندك: رَجُلٌ هِنْدِكيٌّ: مِنْ أَهْلِ الهِنْدِ، وَلَيْسَ مِنْ لَفْظِهِ لأَن الْكَافَ لَيْسَتْ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ، وَالْجَمْعُ هَنادِكُ؛ قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:
مُقْرَبَةٌ دُهْمٌ وكُمْتٌ، كَأَنَّهَا ... طَماطِمُ، يوفُونَ الوِفارَ، هَنادِكُ
وَقَالَ الأَحوص:
فالهِنْدِكيُّ عَدا عَجْلانَ فِي هَدَمِ
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:
بَني أمَةٍ مَجْنونةٍ هِنْدِكيَّةٍ، ... بَني جُمَحٍ عَبِيد قَيْسِ بْنِ عَاقِلِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الهِنادِكَةُ الْهُنُودُ، وَالْكَافُ زَائِدَةٌ، نُسبوا إِلَى الْهِنْدِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. الأَزهري: سُيُوفٌ هِنْدِكيَّة أَيْ هِنْدية، وَالْكَافُ زَائِدَةٌ، يُقَالُ: سَيْفٌ هِنْدِكيٌّ وَرَجُلٌ هِنْدِكيّ.
هوك: الأَهْوَكُ الأَحمق وَفِيهِ بقيَّةٌ، وَالِاسْمُ الهَوَكُ، وَقَدْ هَوِكَ هَوَكاً. وَرَجُلٌ هَوَّاك ومُتَهَوِّك: مُتَحَيِّرٌ؛ أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
إِذَا تُرِكَ الكَعْبيُّ والقَوْلَ سادِراً، ... تَهَوَّكَ حَتَّى مَا يَكادُ يَرِيعُ
وَقَدْ هَوَّكه غيرُه. والأَهْوَكُ والأَهوَجُ وَاحِدٌ. والتَّهَوُّكُ: السُّقوط فِي هُوَّة الرَّدى. وَرُوِيَ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا نَسْمَعُ أَحَادِيثَ مَنْ يَهُودَ تُعْجِبُنَا أفَتَرى أَنْ نكتبها؟ فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمُتَهَوِّكونَ أَنْتُمْ كَمَا تَهَوَّكَتِ اليهودُ وَالنَّصَارَى؟ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نقِيَّةً
«3» . قَالَ أَبُو عُبَيْدَةُ: مَعْنَاهُ أمُتَحَيِّرونَ أَنْتُمْ فِي الإِسلام حَتَّى تَأْخُذُوهُ مِنَ الْيَهُودِ؟ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ؛ يَعْنِي أَمُتَحَيَّرُونَ؟ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أمُتَرَدِّدُونَ سَاقِطُونَ؟ وَإِنَّهُ لمُتَهَوِّكٌ لِمَا هُوَ فِيهِ أَيْ يَرْكَبُ الذُّنُوبَ وَالْخَطَايَا. الْجَوْهَرِيُّ: التَّهَوُّكُ مِثْلُ التَّهَوُّر، وَهُوَ الْوُقُوعُ فِي الشَّيْءِ بِقِلَّةِ مُبالاة وَغَيْرِ رَوِيَّةٍ. والتَّهَوُّك: التحيُّر. ابْنُ الأَعرابي: الأَهْكاء المُتَحيرون، وَهَاكَاهُ إِذَا اسْتَصْغَرَ عَقْلَهُ. والمُتَهَوِّك: الَّذِي يَقَعُ فِي كُلِّ أَمر. وَفِي الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ:
أَنَّ عُمَرَ أَتَاهُ بِصَحِيفَةٍ أَخَذَهَا مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَغَضِبَ وَقَالَ: أمُتَهَوِّكونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟
__________
(3) . تمامه كما بهامش النهاية: ولو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي(10/508)
فصل الواو
وتك: الأَوْتَكُ والأَوْتَكَى: التَّمْرُ الشِّهْرِيزُ وَهُوَ القُطَيْعاء، وَقِيلَ السَّوادِيُّ؛ قَالَ:
بَاتُوا يُعَشُّونَ القُطَيْعاءَ ضَيْفَهُمْ، ... وَعِنْدَهُمُ البَرْنيُّ فِي حُلَلٍ دُسْمِ
فَمَا أطعَمونا الأَوْتَكَى عَنْ سَماحةٍ، ... وَلَا مَنَعوا البَرْنيَّ إِلَّا مِنَ اللُّؤْمِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: جَعَلَهُ كُرَاعٌ فَوْعَلى، قَالَ: وَزِيَادَةُ الْهَمْزَةِ عِنْدِي أَوْلَى. الأَزهري: البَحرانِيُّونَ يُسَمُّونَهُ أوتَكَى؛ وَقَالَ قَائِلُهُمْ:
تُدِيمُ لَهُ، فِي كُلِّ يومٍ إِذَا شَتا ... وَرَاحَ، عِشارُ الحيِّ مِنْ بَرْدِها صُعْرا
مُصَلَّبةً مِنْ أوتَكَى القاعِ، كُلَّمَا ... زَهَتْها النُّعامَى، خِلتَ، مِنْ لَيِّنٍ، صَخْرا
قَالَ: وَإِذَا بَلَغَ الرُّطَب اليُبْسَ فَذَلِكَ التَّصْليب، وَقَدْ صَلَّب فَهُوَ مُصَلِّب، وصَلَبَتْه الشمسُ تَصْلُبه فَهُوَ مَصْلوب. وأوْتَكَى: بِوَزْنٍ أجْفَلَى، وَقِيلَ: الأَوْتَكَى ضرب من التمر.
ودك: الوَدَكُ: الدَّسَمُ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: دَسَمُ اللحمِ، وَدِكَتْ يدُه وَدَكاً. ووَدَّك الشيءَ: جَعَلَ فِيهِ الوَدَك. وَلَحْمٌ وَدِكٌ، عَلَى النَّسَبِ: ذُو وَدَك. وَفِي حَدِيثِ الأَضْاحي:
ويَحْمِلون مِنْهَا الوَدَك
؛ هُوَ دَسَم اللَّحْمِ ودُهنه الَّذِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ، ووَدَّكْتُه تَوْدِيكاً، وَذَلِكَ إِذَا جَعَلْتَهُ فِي شَيْءٍ هُوَ وَالشَّحْمُ، أَوْ حِلابةُ السَّمْنِ. وَشَيْءٌ وَدِيكٌ ووَدِكٌ، والدِّكَة: اسْمٌ مِنَ الوَدَك. وَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ: كنتُ وَحْمى لِلدِّكَة أَيْ كُنْتُ مُشْتَهِيَةً للوَدَك. وَدَجَاجَةٌ وَدِيكة أَيْ سَمِينَةٌ، ودِيكٌ وَدِيكٌ. وَدَجَاجَةٌ وَدِيكٌ ووَدُوك: ذَاتُ وَدَكٍ. وَرَجُلٌ وادكٌ: سَمِينٌ ذُو وَدَكٍ. والوَدِيكة: دَقِيقٌ يُساط بِشَحْمٍ شِبْهِ الخَزيرة. الْفَرَّاءُ: لَقِيتُ مِنْهُ بناتِ أودَكَ وَبَنَاتِ بَرْحٍ وَبَنَاتِ بِئْسَ؛ يَعْنِي الدَّواهي. وَقَوْلُهُمْ: مَا كُنْتُ أَدْرِي أَيُّ أوْدَكٍ هُوَ أَيْ أَيُّ النَّاسِ هُوَ. ووادِكٌ ووَدُوك ووَدَّاكٌ: أَسْمَاءٌ. والوَدْكاء: رَمْلَةٌ أَوْ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ:
بانَ الشبابُ وأفْنى ضِعْفَه العُمُرُ، ... لِلَّهِ دَرُّكَ أيَّ العَيْشِ تَنْتظِرُ؟
هَلْ أنتَ طالبُ شَيْءٍ لَسْتَ مُدْرِكَه؟ ... أَمْ هَلْ لقَلْبِكَ عَنْ أُلَّافِه وطَرُ؟
أَمْ كنتَ تَعْرِف آياتٍ؟ فَقَدْ جَعَلَتْ ... أطْلالُ إلْفِك، بالوَدْكاء، تَعْتَذِرُ
قَوْلُهُ تَعْتَذِرُ أي تَدْرُسُ.
ورك: الوَرِكُ: مَا فَوْقَ الفَخذِ كَالْكَتِفِ فَوْقَ الْعَضُدِ، أُنْثَى، وَيُخَفَّفُ مِثْلَ فخِذٍ وفَخْذٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
جاريةٌ شَبَّتْ شَباباً غَضّاً، ... تُصْبَحُ مَحْضاً وتُعَشَّى رَضّا
مَا بينَ وِرْكَيْها ذِراعٌ عَرْضَا ... لَا تُحسِنُ التقبيلَ إلَّا عَضَّا
وَالْجَمْعُ أوْراكٌ، لَا يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، اسْتَغْنَوْا بِبِنَاءِ أَدْنَى العَدَد؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ورَمْل كأوْراكِ العَذارى قَطَعْتُهُ، ... إِذَا ألْبَسَتْه المُظْلِماتُ الحَنادِسُ
شبَّه كُثْبان الأَنقاء بِأَعْجَازِ النِّسَاءِ فَجَعَلَ الْفَرْعَ أَصْلًا(10/509)
والأَصل فَرْعًا، والعُرْف عَكْسُ ذَلِكَ، وَهَذَا كَأَنَّهُ يَخْرُجُ مَخْرَجَ الْمُبَالَغَةِ أَيْ قَدْ ثَبَتَ هَذَا الْمَعْنَى لأَعجاز النِّسَاءِ، وَصَارَ كَأَنَّهُ الأَصل فِيهِ حَتَّى شُبِّهَتْ بِهِ كُثْبَانُ الأَنقاء. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لَعَظِيمُ الأَوْراك، كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الوَركَيْنِ وَرِكاً ثُمَّ جَمَعَ عَلَى هَذَا. اللَّيْثُ: الوَرِكان هُمَا فَوْقَ الْفَخِذَيْنِ كَالْكَتِفَيْنِ فَوْقَ الْعَضُدَيْنِ. والوَرَكُ: عِظَمُ الوَركَيْنِ. وَرَجُلٌ أوْرَكُ: عَظِيمُ الوَركَيْنِ. وَفُلَانٌ وَرَكَ عَلَى دَابَّتِهِ وتَوَرَّكَ عَلَيْهَا إِذَا وَضَعَ عَلَيْهَا وَرْكَه فَنَزَلَ، بِجَزْمِ الرَّاءِ، يُقَالُ مِنْهُ: وَرَكْتُ أَركُ. وثَنى وَرْكَه فَنَزَلَ: جَعَلَ رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ أَوْ ثَنَى رِجْلَهُ كَالْمُتَرَبِّعِ. ووَرَكَ وَرْكاً وتَوَرَّكَ وتَوارَك: اعْتَمَدَ عَلَى وَرِكه؛ أَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي:
تَوارَكْتُ فِي شِقِّي لَهُ، فانْتَهَزْتُه ... بفَتْخاءَ فِي شَدٍّ مِنَ الخَلْقِ لِينُها
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّون عَلَى أوْراكهم
؛ فُسِّرَ بِأَنَّهُ الَّذِي يَسْجُدُ وَلَا يَرْتَفِعُ على الأَرض ويُعْلي وَرِكَه لَكِنَّهُ يُفَرِّج رُكْبَتَيْهِ فَكَأَنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى وَرِكه. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَتَوَرَّك الرَّجُلُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى فِي الأَرض المُسْتَحِيلة فِي الصَّلَاةِ
أَيْ يَضَعُ وَرِكَهُ عَلَى رِجْلِهِ، وَالْمُسْتَحِيلَةُ غَيْرُ الْمُسْتَوِيَةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: التَّوَرُّك عَلَى الْيُمْنَى وضعُ الوَرك عَلَيْهَا، وَفِي الصِّحَاحِ: وَضْعُ الْوَرِكِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الرِّجْلِ الْيُمْنَى. وَفِي حَدِيثِ
إِبْرَاهِيمَ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّوَرُّكَ فِي الصَّلَاةِ
؛ يَعْنِي وضع الأَلْيَتَيْن أو إحداهما عَلَى عَقِبَيْه، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ وَضْعُ الأَلْيتين أَوْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأَرض؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: التَّوَرُّك فِي الصَّلَاةِ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا سُنَّة وَالْآخِرُ مَكْرُوهٌ، فَأَمَّا السُّنَّةُ فأنْ يُنْحِي رِجْلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ الأَخير ويُلْزِقَ مقعَدته بالأَرض كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ، وَأَمَّا التَّوَرُّك الْمَكْرُوهُ فَأَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى وَرِكَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ قَائِمٌ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ ثَنى وَرِكَه فَنَزَلَ وَلَا يَجُوزُ وَرْكه فِي ذَا الْمَعْنَى إِنَّمَا هُوَ مَصْدَرُ وَرَكَ يَرِكُ وَرْكاً، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنَ الرِّجل المَوْرِكَةَ لأَن الإِنسان يَثْنِي عَلَيْهِ رِجْلَهُ ثَنْياً، كَأَنَّهُ يَتَرَبَّعُ وَيَضَعَ رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ، وَأَمَّا الوَرِكُ نَفْسُهَا فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْنِيَهَا لأَنها لَا تَنْكَسِرُ. وَفِي الوَرك لُغَاتٌ: الوَرِكُ والوَرْكُ والوِرْك. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَسْجُدَ الرَّجُلُ مُتَورِّكاً أَوْ مُضْطَجِعًا.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ متورِّكاً أَيْ أَنْ يَرْفَعَ وَركيه إِذَا سَجَدَ حَتَّى يُفْحِش فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مُضْطَجِعًا يَعْنِيَ أَنْ يَتَضَامَّ ويُلصِقَ صَدْرَهُ بالأَرض ويَدَعَ التَّجافيَ فِي سُجُودِهِ، وَلَكِنْ يَكُونُ بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ: وَيُقَالُ التورُّك أَنْ يُلْصق أَلْيَتَيْهِ بِعَقِبَيْهِ فِي السُّجُودِ؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَى التورُّك فِي السُّجُودِ أَنْ يُوَرِّكَ يُسْراه فيجعلَها تَحْتَ يُمْنَاهُ كَمَا يَتَوَرَّك الرَّجُلُ فِي التَّشَهُّدِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: التَّوَرُّك أَنْ يَسْدِلَ رِجْلَيْهِ فِي جَانِبٍ ثُمَّ يَسْجُدُ وَهُوَ سابِلُهما، وَالرَّاكِبُ إِذَا أَعْيَا فيتورَّك فَيُثْنِي رِجْلَيْهِ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا عَلَى مَعْرَفَة الدَّابَّةِ، وأُمِرَ النساءُ أَنْ يتَوَرَّكن فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ سَدْلُ الرِّجْلَيْنِ فِي شِقِّ السُّجُودِ ونُهيَ الرِّجَالُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَأَنْكَرَ التَّفْسِيرُ الأَول أَنْ يَرْفَعَ وَركه حَتَّى يُفْحِشَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ: يتورَّك الْمُصَلِّي فِي الرَّابِعَةِ وَلَا يَتَوَرَّكُ فِي الْفَجْرِ وَلَا فِي صَلَاةِ الْجُمْعَةَ لأَن فِيهَا جَلْسَةً وَاحِدَةً، وَكَانَ يتورَّك فِي الْفَجْرِ لأَن التَّوَرُّكَ إِنَّمَا جُعِلَ مِنْ طُولِ الْقُعُودِ. ويَتَوَرَّك الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ فيَصْرَعُه:(10/510)
وَهُوَ أَن يَعْتَقِلَه بِرِجْلِهِ. ابْنُ الأَعرابي: مَا أَحسن رِكَتَه ووُرْكَه، مِنَ التَّوَرُّك. وَيُقَالُ: وَرَكْتُ عَلَى السَّرْجِ وَالرَّحْلِ وَرْكاً ووَرَّكْتُ تَوْريكاً وثَنى وَرْكَه، بِجَزْمِ الرَّاءِ. وتَوَرَّكَ عَلَى الدَّابَّةِ أَي ثَنَى رِجْلَهُ وَوَضَعَ إِحدى وَرِكَيْه فِي السَّرْجِ، وَكَذَلِكَ التَّوْرِيك؛ قَالَ الرَّاعِي:
وَلَا تُعْجِلِ المَرْءَ قَبْلَ الوُرُوكِ، ... وَهِيَ بُركْبَتِه أَبْصَرُ
وتَوَرَّكَتِ المرأَة الصبيَّ إِذا حَمَلَتْهُ عَلَى وَرِكها. وَفِي الْحَدِيثِ:
جَاءَتْ فَاطِمَةُ مُتَوَرِّكَةً الحَسَنَ
أَي حَامِلَتَهُ عَلَى وَرِكها. وتَوَرَّك الصبيَّ: جَعَلَهُ فِي وَرِكِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَبَيَّنَ أَنَّ أُمَّك لَمْ تَوَرَّكْ، ... وَلَمْ تُرْضِعْ أَميرَ المُؤْمِنينا
وَيُرْوَى: تُؤَرَّك مِنَ الأَرِيكة، وَهِيَ السَّرِيرُ، وَقَدْ تقدَّم. وَنَعْلٌ مَوْرِكٌ ومَوْرِكةٌ، بِتَسْكِينِ الْوَاوِ: مِنْ حِيال الوَرِك، وَفِي الصِّحَاحِ: إِذا كَانَتْ مِنَ الوَرِكِ يَعْنِي نَعْلَ الخفِّ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المَوْرِكُ والمَوْرِكة الْمَوْضِعُ الَّذِي يُثْنِي الرَّاكِبُ رِجْلَهُ عَلَيْهِ قُدَّام واسِطَةِ الرحْل إِذا مَلَّ مِنَ الرُّكُوبِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَوْرِك الرَّحْل ومَوْرِكَته ووِراكُه الْمَوْضِعُ الَّذِي يَضَعُ فِيهِ الرَّاكِبُ رِجْلَهُ، وَقِيلَ: الوراكُ ثَوْبٌ يُزَيَّنُ بِهِ المَوْرِكُ، وأَكثر مَا يَكُونُ مِنَ الحِبَرة، وَالْجَمْعُ وُرُك؛ وأَنشد:
إِلا القُتُود عَلَى الأَوْراكِ والوُرُك
وَقِيلَ: الوِراك والمَوْرَكة قادِمة الرحْل. والمِوْرَكة: كالمِصْدَغَة يَتَّخِذُهَا الرَّاكِبُ تَحْتَ وَرِكِه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه كَانَ يَنْهى أَن يُجْعل فِي وِراكٍ صَلِيبٌ
؛ الوراكُ: ثَوْبٌ يُنْسَجُ وَحْدَهُ يُزَيَّنُ بِهِ الرَّحْلُ، وَقِيلَ هُوَ النُّمْرُقَةُ الَّتِي تُلْبَسُ مُقدّمَ الرَّحْلِ ثُمَّ تُثْنى تَحْتَهُ. أَبو عُبَيْدَةَ: الوِراك رَقْم يُعْلى المِوْركَةَ وَلَهَا ذُؤابةُ عُهونٍ، قَالَ: والمَوْرِكةُ حَيْثُ يَتَوَرَّك الرَّاكِبُ عَلَى تِيكَ الَّتِي كأَنها رفادَة مِنْ أَدَمٍ، يُقَالُ لَهَا مَوْرِكة ومَوْرِكٌ. والمَوْرِكُ: حَبْلٌ يُحَف بِهِ الرَّحْلُ، قَالَ: والمِيْرَكة تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْلِ يَضَعُ الرَّجُلَ رِجْلَهُ عَلَيْهَا إِذا أَعيا وَهِيَ المَوْرِكة؛ وأَنشد:
إِذا حَرَّدَ الأَكتافَ مَوْرُ المَوارِك
أَبو زَيْدٍ: الوِراكُ الَّذِي يُلْبَسُ المَوْرِكَ، وَيُقَالُ: هِيَ خِرْقَةٌ مُزَيَّنَةٌ صَغِيرَةٌ تُغَطِّي المَوْرِكَة، وَيُقَالُ: وَرَك الرجلُ عَلَى المَوْرِكَة. الْجَوْهَرِيُّ: الوِراكُ النُّمْرُقَةُ الَّتِي تُلْبَسُ مُقَدَّمَ الرَّحْلِ ثُمَّ تُثْنى تَحْتَهُ يُزَيِّنُ بِهَا، وَالْجَمْعُ وُرُك؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
مُقْوَرَّة تَتَبارَى لَا شَوارَ لَهَا ... إِلا القُطوعُ، عَلَى الأَجْوازِ، والوُرُك «1»
. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى إِن رأْس نَاقَتِهِ لتُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْله
؛ المَوْرِكُ: المِرْفَقَة الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ قادِمةِ الرَّحْلِ يَضعُ الرَّاكِبُ رِجْلَهُ عَلَيْهَا لِيَسْتَرِيحَ مِنْ وَضْعِ رِجْلِهِ فِي الرِّكَابِ، أَراد أَنه قَدْ بَالَغَ فِي جَذْبِ رأْسها إِليه لِيَكُفَّهَا عَنِ السَّيْرِ. ووَرَك الحَبْلَ وَرْكاً: جَعَلَهُ حِيالَ وَرِكه، وَكَذَلِكَ وَرَّكَه؛ قَالَ بَعْضُ الأَغْفال:
حَتَّى إِذا وَرَّكْتُ مِنْ أُيَيْرِي ... سَوادَ ضِيفَيْهِ إِلى القُصَيْرِ،
__________
(1) . في ديوان زهير: مُقَوَّرة بدل مُقورَّة والأَنساع بدل الأَجواز(10/511)
رَأَتْ شُحوبي وبَذاذَ شَوْرِي
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِزُهَيْرٍ:
ووَرَّكْنَ بالسُّوبان يَعلونَ مَتْنَه، ... عليهنَّ دَلُّ الناعِمِ المُتَنَعِّمِ
وَيُقَالُ: وَرَّكْنَ أَي عَدَلْنَ. وورَّكت الجبلَ تَوْرِيكًا إِذا جَاوَزْتُهُ. ووَرَكَ عَلَى الأَمر وُروكاً ووَرَّكَ وتَوَرَّك: قَدَر عَلَيْهِ. ووارَكَ الْجَبَلَ: جَاوَزَهُ. ووَرَّك الشَّيْءَ: أَوجبه. والتَّوْرِيكُ: تَوْرِيكُ الرَّجُلُ ذَنْبَهُ غَيْرَهُ كأَنه يُلْزِمُه إِياه. ووَرَّكَ فُلَانٌ ذَنْبَهُ عَلَى غَيْرِهِ تَوْريكاً إِذا أَضافه إِليه وقَرَفَه بِهِ. وإِنه لمُوَرَّكٌ فِي هَذَا الأَمر أَي لَيْسَ لَهُ فِيهِ ذَنْبٌ. ووَرَّكَ الذنبَ عَلَيْهِ: حَمَلَه؛ وَاسْتَعْمَلَهُ ساعدةُ فِي السَّيْفِ فَقَالَ:
فَوَرَّكَ لَيْناً لَا يُثَمْثَمُ نَصْلُه، ... إِذا صابَ أَوساطَ العِظامِ صَميمُ
أَراد نَصْلُه صميمٌ أَي يُصَمِّمُ فِي الْعَظْمِ. ووَرَّكَ لَيْنًا أَي أَماله لِلضَّرْبِ حَتَّى ضَرَبَ بِهِ يَعْنِي السَّيْفَ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ فِي الرَّجُلِ يُسْتَحْلَف قَالَ: إِن كَانَ مَظْلُومًا فَوَرَّكَ إِلى شَيْءٍ جَزَى عَنْهُ التَّوْرِيك، وإِن كَانَ ظَالِمًا لَمْ يَجْز عَنْهُ التَّوْرِيكُ
، كأَنَّ التوريكَ فِي الْيَمِينِ نِيَّةٌ يَنْوِيهَا الْحَالِفُ غَيْرَ مَا يَنْوِيهِ مُسْتَحْلِفُه، مِنْ وَرَّكْتُ فِي الْوَادِي إِذا عَدَلْتَ فِيهِ وَذَهَبْتَ، وَقَدْ وَرَكَ يَرِكُ وُروكاً أَي اضْطَجَعَ كأَنه وَضَعَ وَرِكه عَلَى الأَرض. ووَرَكَ بِالْمَكَانِ وُروكاً: أَقام، وَكَذَلِكَ تَوَرَّك بِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ: وَقَالَ أَبو زِيَادٍ التَّوَرُّك التّبَطُّؤُ عَنِ الْحَاجَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى اللِّحْيَانِيَّ حَكَى عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ العُقَيْليّ تَوَرَّكَ فِي خُرْئِه كتَضَوَّكَ. والوِرْكُ: جَانِبُ الْقَوْسِ ومَجْرى الوَتَرِ مِنْهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
هَلْ وصْلُ غانيةٍ عَضَّ العَشيرُ بِهَا، ... كَمَا يَعَضُّ بظَهْرِ الغارِبِ القَتَبُ،
إِلَّا ظُنونٌ كوِرْكِ القَوْس، إِن تُرِكت ... يَوْمًا بِلَا وَتَرٍ، فالوِرْكُ مُنْقَلبُ
عَضَّ العشيرُ بِهَا: لَزِمَهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَرِكُ الشَّجَرَةِ عَجُزها. والوَرْكُ والوِرْك: القَوْسُ الْمَصْنُوعَةُ مِنْ وَرِكها؛ وأَنشد لِلْهُذَلِيِّ:
بِهَا مَحِصٌ غيرُ جَافِي القُوَى، ... إِذا مُطْيَ حَنَّ بِوَرْكٍ حُدالْ
أَراد مُطِيَ فأَسكن الْحَرَكَةَ. والوَرِكانِ، بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ:؛ مَا يَلِي السِّنْخَ مِنَ النَّصْل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَرَ فِتْنَةً تَكُونُ فَقَالَ: ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كوَرِكٍ عَلَى ضِلع
أَي يَصْطَلِحُونَ عَلَى أَمر واهٍ لَا نِظَامَ لَهُ وَلَا اسْتِقَامَةَ، لأَن الوَرِكَ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الضِّلَعِ وَلَا يَتَرَكَّبُ عَلَيْهِ لِاخْتِلَافِ ما بينهما وبُعده.
وزك: أَوْزَكَتِ المرأَةُ: أَسرعت؛ قَالَ:
يَا ابنَ بَراءٍ، هَلْ لَكَمَ إِليها، ... إِذا الفَتاةُ أَوْزَكَتْ لَدَيْها؟
أَوْزَكَتِ المرأَةُ فِي مِشْيتها: وَهِيَ مِشْية قَبِيحَةٌ مِنْ مَشْيِ القِصارِ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
فأَوْزَكَتْ لِطَعْنه الدَّرَّاكِ، ... عِنْدَ الخِلاطِ، أَيَّما إِيزاكِ
يُرِيدُ حركتها.(10/512)
وشك: الوَشِيك: السَّرِيعُ. أَمْرٌ وَشِيكٌ: سَرِيعٌ، وَشُكَ وَشاكةً ووَشَّكَ وأَوشَكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُوشِك أَن يَكُونَ كَذَا وَكَذَا، ويُوشِكُ أَن يَكُونَ الأَمرُ، ويُوشِكُ الأَمرُ أَن يَكُونَ، وَلَا يُقَالُ أُوشِكَ وَلَا يُوشَكُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَوْشَكَ الأَمر أَن يَكُونَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَلَوْ سُئِلَ الناسُ الترابَ، لأَوْشَكُوا ... إِذا قِيلَ: هاتُوا، أَن يَمَلُّوا ويَمْنَعُوا
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ جِنِّي:
مَا كنتُ أَخْشَى أَن يَبِيتُوا أُشْكَ ذَا
إِنما أَراد: وُشْكَ ذَا فأَبدل الْهَمْزَةَ مِنَ الْوَاوِ. ووُشْكانَ ما يكون ذلك، ووَشْكانَ ووِشْكانَ، وَالنُّونُ مَفْتُوحَةٌ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَكَذَلِكَ سَرْعانَ مَا يَكُونُ ذَاكَ وسُرْعانَ وسِرْعانَ أَي سَرُعَ، كلُّ ذَلِكَ اسْمٌ لِلْفِعْلِ كَهَيْهَاتَ. التَّهْذِيبُ: لَوُشْكان مَا كَانَ ذَلِكَ أَي لَسُرْعانَ؛ وأَنشد:
أَتَقْتُلُهم طَوْراً وتَنْكِحُ فيهمُ؟ ... لَوُشْكانَ هَذَا، والدِّماءُ تَصَبَّبُ
وَمِنْ أَمثالهم: لوُشْكانَ ذَا إِهالَةً؛ يَضْرِبُ مَثَلًا لِلشَّيْءِ يأْتي قَبْلَ حِينهِ؛ وَشْكانَ مَصْدَرٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. ووَشْكُ البَيْنِ: سُرْعَةُ الفِراقِ. ووُشْكُ الفِراق ووِشْكُه ووَشْكانُه ووُشْكانُه: سُرْعَتُهُ. وَقَالُوا: وَشْكانَ ذَا خُرُوجًا أَي عَجْلانَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَوَشْكانَ مَا عَنَّيْتُمُ وشَمِتُّمُ ... بإِخوانكم، والعِزُّ لَمْ يَتَجَمَّع
وَقَدْ أَوْشَكَ الخروجُ، وأَوْشَك فلانٌ خُرُوجًا وَقَوْلُهُمْ: وَشُك ذَا خُرُوجًا؛ بِالضَّمِّ، يَوْشُكُ وَشْكاً أَي سَرُعَ. وَعَجِبْتُ مِنْ وَشْك ذَلِكَ الأَمر ووُشْك ذَلِكَ الأَمر، بِضَمِّ الْوَاوِ، وَمِنْ وَشْكانِ ذَلِكَ الأَمر ووُشْكانِ ذَلِكَ الأَمر أَي مِنْ سُرْعته؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وخَرَجَ وَشِيكاً أَي سَرِيعًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلَ حَسَّانَ:
لتَسْمَعَنَّ وَشِيكاً فِي دِيارِهِمُ: ... اللهُ أَكْبَرُ يَا ثاراتِ عُثمانا
وَقَدْ أَوْشَك فُلَانٌ يُوشِكُ إِيشاكاً أَي أَسرع السَّيْرَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: يُوشِك أَن يَكُونَ كَذَا؛ قَالَ جَرِيرٌ يَهْجُو الْعَبَّاسَ بْنَ يزيدَ الكِنْدِيَّ:
إِذا جَهِل الشَّقِيُّ، وَلَمْ يُقَدِّرْ ... ببعضِ الأَمرِ، أَوْشَك أَن يُصابا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الكَلْحَبةِ:
إِذا المَرْءُ لَمْ يَغْشَ الكَرِيهةَ، أَوْشَكَتْ ... حِبالُ الهُوَيْنا بالفَتَى أَن تَقَطَّعا
قَالَ: وَقَدْ يأْتي يُوشِكُ مُسْتَعْمَلًا بَعْدَهَا الِاسْمُ، والأَكثر أَن يَكُونَ الَّذِي بَعْدَهَا أَن وَالْفِعْلَ، وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِ حَسَّانَ:
مِنْ خمرِ بَيْسانَ تَخَيَّرْتُها، ... تُرْياقَةً تُوشِكُ فَتْرَ العِظامْ
وَيُرْوَى: تُسْرِعُ فَتْرَ الْعِظَامِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ
يُوشِكُ أَن يَكُونَ كَذَا وَكَذَا
أَي يَقْرُب وَيَدْنُو ويُسْرع. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:(10/513)
يُوشِكُ مِنْهُ الفَيْئةَ
أَي يُسْرِعُ الرجوعَ فِيهِ. والوَشِيكُ: السَّرِيعُ وَالْقَرِيبُ، والعامَّةُ تَقُولُ يُوشَك، بفتح وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. وَقَالَ أَبو يُوسُفَ: واشَك يُواشِكُ وِشاكاً مِثْلُ أَوْشَك، يُقَالُ: إِنه مُواشِكٌ مُسْتَعْجِلٌ أَي مُسارع. وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ: هَذَا يُقَالُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَا يُقَالُ مِنْهُ واشَكَ. وَنَاقَةٌ مُواشِكة: سَرِيعَةٌ، وَقَدْ أَوْشَكَتْ، وَهِيَ الحَثَّةُ فِي العَدْو وَالسَّيْرِ، وَالِاسْمُ الوِشاكُ. أَبو عُبَيْدَةَ: فرسٌ مُواشِكٌ والأُنثى مُواشِكةٌ. والمُواشَكة: سُرعة النَّجاء وَالْخِفَّةِ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَثْمَةَ يَرْثي بِسْطامَ بْنَ قَيْس:
حَقِيبةُ سَرْجِه بَدَنٌ ودِرْعٌ، ... وتَحْمِلُه مُواشِكةٌ دَؤُوكُ
وعك: وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ ذكرُ الوَعْك وَهُوَ الحُمَّى، وَقِيلَ: أَلمها، وَقَدْ وَعَكه الْمَرَضُ وَعْكاً ووُعِك، فَهُوَ مَوْعُوك. والوَعْكُ: مَغْثُ المَرض، وَقِيلَ: أَذَى الْحُمَّى وَوَجَعُهَا فِي الْبَدَنِ. ووَعَكَتْه وَعْكاً: دَكَّتْه. والوَعْكُ: الأَلم يَجِدُهُ الإِنسانُ مِنْ شِدّة التَّعَبِ. وَرَجُلٌ وَعْك ووَعِكٌ: مَوْعُوك، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ عَلَى تَوَهُّمِ فَعِلَ كأَلِمَ، أَو عَلَى النَّسَب كَطَعِمَ. والمَوْعُوك: الْمَحْمُومُ، وَقَدْ وَعَكَتْه الْحُمَّى تَعِكُه. والمَمْغُوث والمَمْعُوك: الْمَحْمُومُ. والوَعْكُ والوَعْكة: سُكُونُ الرِّيحِ وَشِدَّةُ الْحَرِّ. والوَعْكة: المَعْركة. قَالَ الأَزهري: والوَعْكة مَعْرَكَةُ الأَبطال إِذا أَخذ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. ووَعْكةُ الأَمر: دَفْعَتُه وشدَّته. والوَعْكة: الوَقْعة الشَّدِيدَةُ فِي الجرْي أَو السَّقْطَةُ فِيهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الدَّفْعة الشَّدِيدَةُ فِي الجَرْي. والوَعْكة: ازْدِحام الإِبل فِي الوِرْدِ، وَقَدْ أَوْعَكَتْ إِذا ازْدَحَمَتْ فَرَكِبَ بعضُها بَعْضًا عِنْدَ الْحَوْضِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا ازْدحمت الإِبل فِي الوِرْدِ واعْتَرَكَتْ فَتِلْكَ الوَعْكةُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: وَعْكةُ الإِبل جَماعاتُها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِي:
قَدْ جَعَلَت وَعْكَتُهُنَّ تَنْجَلي ... عَنِّي، وَعَنْ مَبِيتِها المُوَصَّلِ
ووَعَكَه فِي التُّرَابِ: مَعَكهُ. قَالَ اللَّيْثُ: الكلابُ إِذا أَخذت الصيدَ أَوْعَكَتْه أَي مَرَّغَتْه.
وَكَكَ: الوَكْوَكةُ فِي الْمَشْيِ: مِثْلُ الزَّكِيكِ، وَقِيلَ: التَّدَحْرُجُ؛ وَقَدْ تَوَكْوكَ إِذا مَشَى كَذَلِكَ؛ وَرَجُلٌ وَكْواك: مِشْيَتُه كَذَلِكَ. الأَصمعي: رَجُلٌ وَكْواك إِذا كَانَ كأَنه يَتَدَحْرَجُ مِنْ قِصَره. ووَكْوَكةُ الحَمامِ: هَديرُها؛ قَالَ:
كَوكْوَكةِ الحَمائِم فِي الوُكُونِ
ابْنُ الأَعرابي: الوَكُّ الدَّفْعُ والكَوُّ الكِنُّ. وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: ائْتَزَرَ فُلَانٌ إِزْرَةَ عَكَّ وَكَّ، وَهُوَ أَن يُسْبِلَ طَرَفَيْ إِزاره؛ وأَنشد:
إِنْ زُرْتَه تَجِدْه عَكَّ وَكَّا، ... مِشْيَتُه فِي الدارِ هاكَ رَكَّا(10/514)
قَالَ: هاكَ رَكَّ حِكَايَةٌ لتَبَخْتُره. الْجَوْهَرِيُّ: الوَكْواكُ الجَبانُ؛ قَالَتِ امرأَة تَرْثِي زَوْجَهَا:
ولَسْتَ بوَكْواكٍ وَلَا بِزَوَنَّكٍ، ... مَكانَكَ حَتَّى يَبْعَثَ الخَلْقَ باعِثُه
وَمَكَ: ابْنُ الأَعرابي: الوَكْمَةُ الغَيْضَةُ المَسْبَعة، والوَمْكةُ الفُسْحَة «2» .
فصل الياء المثناة تحتها
يكك: يَكّ بالفارسي: واحدٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ «3» :
تَحَدِّيَ الرُّوميِّ مِنْ يَكٍّ لِيَكّ.
__________
(2) . زاد المجد: ونك في قومه: تمكن فيهم؛ والوانك: الواكن
(3) . قوله [قال رؤبة] صدره:
وقد أقاسي حجة الخصم المحك
قال شارح القاموس يروى: من يك، بالكسر منوَّناً وبالفتح ممنوعاً أَيضاً أَي من واحد لواحد، فَلَمَّا لَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ أَن يقول تحدي الفارسي قال: تحدي الرومي، ثم إِن الذي بالفارسية يك، بتخفيف الكاف، وإنما شدّده الراجز ضرورة فلا يقال: يكك بكافين كما فعله الصاغاني وصاحب اللسان. ويك: بلد بالمغرب نسب إليه هجّاء العرب أَبو بكر يحيى بن سهل اليكي المتوفي سنة 660. ويكك، محركة: موضع آخر في بلاد العرب(10/515)
ا
لجزء الحادي عشر
ل
حرف اللام
ل: اللَّامُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ وَهِيَ من الحروف الذُّلْق، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَحرف: الرَّاءُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ، وَهِيَ فِي حَيْزٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَول حَرْفِ الْبَاءِ كَثْرَةَ دُخُولِ الْحُرُوفِ الذُّلْق والشَّفَوِيَّة فِي الْكَلَامِ.
فصل الألف
أبل: الإِبِلُ والإِبْلُ، الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، مَعْرُوفٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهِيَ مؤَنثة لأَن أَسماء الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا إِذا كَانَتْ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّينَ فالتأْنيث لَهَا لَازِمٌ، وإِذا صَغَّرْتَهَا دَخَلَتْهَا التَّاءُ فَقُلْتَ أُبَيلة وغُنَيْمة وَنَحْوُ ذَلِكَ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا للإِبِل إِبْل، يسكِّنون الْبَاءَ لِلتَّخْفِيفِ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ إِبِلانِ قَالَ: لأَن إِبِلًا اسْمٌ لَمْ يُكَسَّر عَلَيْهِ وإِنما يُرِيدُونَ قَطِيعَيْنِ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: إِنَّمَا ذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى الإِيناس بِتَثْنِيَةِ الأَسْماء الدَّالَّةِ عَلَى الْجَمْعِ فَهُوَ يُوَجِّهُهَا إِلى لَفْظِ الْآحَادِ، وَلِذَلِكَ قَالَ إِنما يُرِيدُونَ قَطِيعَيْنِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُكَسَّر عَلَيْهِ لَمْ يُضْمَرْ فِي يُكَسَّر، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنه لَيَرُوحَ عَلَى فُلَانٍ إِبِلانِ إِذا رَاحَتْ إِبل مَعَ راعٍ وإِبل مَعَ راعٍ آخَرَ، وأَقل مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الإِبل الصِّرْمَةُ، وَهِيَ الَّتِي جَاوَزَتِ الذَّوْدَ إِلى الثَلَاثِينَ، ثُمَّ الهَجْمةُ أَوَّلها الأَربعون إِلى مَا زَادَتْ، ثُمَّ هُنَيْدَةٌ مِائَةٌ مِنَ الإِبل؛ التَّهْذِيبُ: وَيَجْمَعُ الإِبل آبَالٌ. وتَأَبَّل إِبِلًا: اتَّخَذَهَا. قَالَ أَبو زَيْدٍ: سمعتُ رَدَّاداً رَجُلًا مِنْ بَنِي كِلَابٍ يَقُولُ تأَبَّل فُلَانٌ إِبلًا وتَغَنَّم غَنَمًا إِذَا اتَّخَذَ إِبلًا وَغَنَمًا وَاقْتَنَاهَا. وأَبَّلَ الرجلُ، بِتَشْدِيدِ الباء، وأَبَلَ: كَثُرَتْ إِبلُه «4» ؛ وَقَالَ طُفيل فِي تَشْدِيدِ الْبَاءِ:
فأَبَّلَ واسْتَرْخى بِهِ الخَطْبُ بعدَ ما ... أَسافَ، وَلَوْلَا سَعيُنا لَمْ يُؤَبِّل
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْفَرَّاءُ وَابْنُ فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ: إِن أَبَّلَ فِي الْبَيْتِ بِمَعْنَى كَثُرَتْ إِبلُه، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وأَساف هُنَا: قَلَّ مَالُهُ، وَقَوْلُهُ اسْتَرْخَى بِهِ الْخَطْبُ أَي حَسُنَت حَالُهُ. وأُبِّلَتِ الإِبل أَي
__________
(4) . قوله [كثرت إبله] زاد في القاموس بهذا المعنى آبَلَ الرجل إِيبَالًا بوزن أفعل إفعالًا(11/3)
اقتُنِيت، فَهِيَ مَأْبُولَة، وَالنِّسْبَةُ إِلَى الإِبِل إِبَلِيٌّ، يَفْتَحُونَ الْبَاءَ اسْتِيحَاشًا لِتَوَالِي الْكَسَرَاتِ. وَرَجُلٌ آبِلٌ وأَبِلٌ وإِبَلِيٌّ وإِبِلِيٌّ: ذُو إِبل، وأَبَّال: يَرْعَى الإِبل. وأَبِلَ يَأْبَلُ أَبَالَة مِثْلَ شَكِس شَكَاسة وأَبِلَ أَبَلًا، فَهُوَ آبِلٌ وأَبِل: حَذَق مَصْلَحَةَ الإِبل وَالشَّاءِ، وَزَادَ ابْنُ بَرِّيٍّ ذَلِكَ إِيضاحاً فَقَالَ: حَكَى الْقَالِي عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ أَنه قَالَ رَجُلٌ آبِلٌ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ عَلَى مِثَالِ فَاعِلٍ إِذا كَانَ حَاذِقًا برِعْية الإِبل وَمَصْلَحَتِهَا، قَالَ: وَحَكَى فِي فِعْلِهِ أَبِل أَبَلًا، بِكَسْرِ الْبَاءِ فِي الْفِعْلِ الْمَاضِي وَفَتْحِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ قَالَ: وَحَكَى أَبو نَصْرٍ أَبَلَ يَأْبُلُ أَبَالةً، قَالَ: وأَما سِيبَوَيْهِ فَذَكَرَ الإِبَالَة فِي فِعالة مِمَّا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الوِلاية مِثْلَ الإِمارة والنِّكاية، قَالَ: ومثلُ ذَلِكَ الإِيالةُ والعِياسةُ، فَعَلَى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ تَكُونُ الإِبَالَة مَكْسُورَةً لأَنها وِلَايَةٌ مِثْلَ الإِمارة، وأَما مَنْ فَتَحَهَا فَتَكُونُ مَصْدَرًا عَلَى الأَصل، قَالَ: وَمَنْ قَالَ أَبَلَ بِفَتْحِ الْبَاءِ فَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُ آبِل بِالْمَدِّ، وَمَنْ قَالَهُ أَبِلَ بِالْكَسْرِ قَالَ فِي الْفَاعِلِ أَبِلٌ بِالْقَصْرِ؛ قَالَ: وَشَاهِدُ آبِل بِالْمَدِّ عَلَى فَاعِلٍ قَوْلُ ابن الرِّفاع:
فَنَأَتْ، وانْتَوى بِهَا عَنْ هَواها ... شَظِفُ العَيْشِ، آبِلٌ سَيّارُ
وَشَاهِدُ أَبِلٍ بِالْقَصْرِ عَلَى فَعِلٍ قولُ الرَّاعِي:
صُهْبٌ مَهاريسُ أَشباهٌ مُذَكَّرةٌ، ... فَاتَ العَزِيبَ بِهَا تُرْعِيَّةٌ أَبِلُ
وأَنشد لِلْكُمَيْتِ أَيضاً:
تَذَكَّرَ مِنْ أَنَّى وَمِنْ أَيْنَ شُرْبُه، ... يُؤامِرُ نَفْسَيْه كَذِي الهَجْمةِ الأَبِل
وَحَكَى سيبوبه: هَذَا مِنْ آبَلِ النَّاسِ أَي أَشدِّهم تأَنُّقاً فِي رِعْيةِ الإِبل وأَعلَمِهم بِهَا، قَالَ: وَلَا فِعْلَ لَهُ. وإِن فُلَانًا لَا يأْتَبِلُ أَي لَا يَثْبُت عَلَى رِعْيةِ الإِبل وَلَا يُحْسِنُ مهْنَتَها، وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا رَاكِبًا، وَفِي التَّهْذِيبِ: لَا يَثْبُتُ عَلَى الإِبل وَلَا يُقِيمُ عَلَيْهَا. وَرَوَى الأَصمعي عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: رأَيت رَجُلًا مِنْ أَهل عُمَانَ وَمَعَهُ أَب كَبِيرٌ يَمْشِي فَقُلْتُ لَهُ: احْمِلْهُ فَقَالَ: لَا يَأْتَبِلُ أَي لَا يَثْبُتُ عَلَى الإِبل إِذا رَكِبَهَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ أَن مَعْنَى لَا يَأْتَبِل لَا يُقِيمُ عَلَيْهَا فِيمَا يُصْلِحُها. وَرَجُلٌ أَبِلٌ بالإِبل بيِّنُ الأَبَلَةِ إِذا كَانَ حَاذِقًا بِالْقِيَامِ عَلَيْهَا، قَالَ الرَّاجِزُ:
إِن لَهَا لَرَاعِياً جَريّا، ... أَبْلًا بِمَا يَنْفَعُها، قَوِيّا
لَمْ يَرْعَ مأْزُولًا وَلَا مَرْعِيّا، ... حَتَّى عَلا سَنامَها عُلِيّا
قَالَ ابْنُ هَاجَكَ: أَنشدني أَبو عُبَيْدَةَ لِلرَّاعِي:
يَسُنُّها آبِلٌ مَا إِنْ يُجَزِّئُها ... جَزْءاً شَدِيداً، وَمَا إِنْ تَرْتَوي كَرَعا
الْفَرَّاءُ: إِنه لأَبِلُ مالٍ عَلَى فَعِلٍ وتُرْعِيَّةُ مالٍ وإِزاءُ مالٍ إِذا كَانَ قَائِمًا عَلَيْهَا. وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَبِلُ مَالٍ بِقَصْرِ الأَلْف وآبِلُ مالٍ بِوَزْنِ عَابِلٍ مِنْ آلَهُ يؤُوله إِذا سَاسَهُ «1» ، قَالَ: وَلَا أَعرف آبِل بِوَزْنِ عَابِلٍ. وتَأْبِيل الإِبل: صَنْعَتُها وتسمينُها، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي زِيَادٍ الْكِلَابِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
النَّاسُ كإِبلٍ مائةٍ لَا تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً
، يَعْنِي أَن المَرْضِيّ المُنْتَخَبَ مِنَ النَّاسِ فِي عِزَّة وُجوده كالنِّجيب مِنَ الإِبل الْقَوِيِّ عَلَى الأَحمال والأَسفار الَّذِي لَا يُوجَدُ في كثير
__________
(1) . قوله مِنْ آلَهُ يَؤُولُهُ إِذَا ساسه: هكذا في الأَصل، ولعل في الكلام سقطاً(11/4)
مِنَ الإِبل؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي عِنْدِي فِيهِ أَن اللَّهَ تَعَالَى ذمَّ الدُّنْيَا وحذَّر العبادَ سُوءَ مَغَبَّتها وَضَرَبَ لَهُمْ فِيهَا الأَمثال لِيَعْتَبِرُوا وَيَحْذَرُوا، وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُحَذِّرهم مَا حَذَّرَهُمُ اللَّهُ وَيُزَهِّدُهُمْ فِيهَا، فَرَغِبَ أَصْحابُه بَعْدَهُ فِيهَا وَتَنَافَسُوا عَلَيْهَا حَتَّى كَانَ الزُّهْدُ فِي النَّادِرِ الْقَلِيلِ مِنْهُمْ فَقَالَ:
تَجِدُونَ النَّاسَ بَعْدِي كإِبل مِائَةٍ لَيْسَ فِيهَا رَاحِلَةٌ
أَي أَن الْكَامِلَ فِي الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةِ فِي الْآخِرَةِ قَلِيلٌ كَقِلَّةِ الرَّاحِلَةِ فِي الإِبل، وَالرَّاحِلَةُ هِيَ الْبَعِيرُ الْقَوِيُّ عَلَى الأَسفار والأَحمال، النَّجِيبُ التَّامُّ الخَلْق الْحَسَنُ المَنْظَر، قَالَ: وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى وَالْهَاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ. وأَبَلَتِ الإِبلُ والوحشُ تَأْبِلُ وتَأْبُلُ أَبْلًا وأُبُولًا وأَبِلَتْ وتَأَبَّلَتْ: جَزَأَتْ عَنِ الْمَاءِ بالرُّطْب؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ، ... أَو قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ «1»
الْوَاحِدُ آبِلٌ وَالْجَمْعُ أُبَّالٌ مِثْلَ كَافِرٍ وكفَّار؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده أَبو عَمْرٍو:
أَوابِلُ كالأَوْزانِ حُوشٌ نُفُوسُها، ... يُهَدِّر فِيهَا فَحْلُها ويَرِيسُ
يَصِفُ نُوقاً شَبَّهَهَا بالقُصور سِمَناً؛ أَوَابِلُ: جَزَأَتْ بالرُّطْب، وحُوشٌ: مُحَرَّماتُ الظُّهُورِ لعِزَّة أَنفسها. وتَأَبَّلَ الوحشيُّ إِذا اجتزأَ بالرُّطْب عَنِ الْمَاءِ. وأَبَلَ الرجلُ عَنِ امرأَته وتَأَبَّلَ: اجتَزأَ عَنْهَا، وَفِي الصِّحَاحِ وأَبَلَ الرجلُ عَنِ امرأَته إِذا امْتَنَعَ مِنْ غِشْيانِها وتأَبَّلَ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
وَهْبٍ: أَبَلَ آدمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَى ابْنِهِ الْمَقْتُولِ كَذَا وَكَذَا عَامًا لَا يُصِيب حَوَّاء
أَي امْتَنَعَ مِنْ غِشْيَانِهَا، وَيُرْوَى:
لَمَّا قَتَلَ ابْنُ آدَمَ أَخَاهُ تَأَبَّلَ آدمُ عَلَى حَوَّاء
أَي تَرَكَ غِشْيانَ حَوَّاءَ حُزْنًا عَلَى وَلَدِهِ وتَوَحَّشَ عَنْهَا. وأَبَلَتِ الإِبل بِالْمَكَانِ أُبُولًا: أَقامت؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بِهَا أَبَلَتْ شَهْرَيْ ربيعٍ كِلاهما، ... فَقَدْ مارَ فِيهَا نَسْؤُها واقْتِرارُها «2»
اسْتَعَارَهُ هُنَا لِلظَّبْيَةِ، وَقِيلَ: أَبَلَتْ جَزَأَتْ بالرُّطْب عَنِ الْمَاءِ. وإِبل أَوَابِلُ وأُبَّلٌ وأُبَّالٌ ومُؤَبَّلَة: كَثِيرَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي جُعِلَتْ قَطِيعاً قَطِيعاً، وَقِيلَ: هِيَ الْمُتَّخَذَةُ للقِنْية، وَفِي حَدِيثِ ضَوالِّ الإِبل:
أَنها كَانَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ أُبَّلًا مُؤَبَّلة لَا يَمَسُّها أَحد
، قَالَ: إِذا كَانَتِ الإِبل مُهْمَلَةً قِيلَ إِبِلٌ أُبَّلٌ، فإِذا كَانَتْ للقِنْية قِيلَ إِبل مُؤَبَّلة؛ أَراد أَنها كَانَتْ لِكَثْرَتِهَا مُجْتَمِعَةً حَيْثُ لَا يُتَعَرَّض إِليها؛ وأَما قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:
عَفَتْ بَعْدَ المُؤَبَّلِ فالشَّوِيِ
فإِنه ذَكَّر حَمْلًا عَلَى الْقَطِيعِ أَو الْجَمْعِ أَو النَّعَمِ لأَن النَّعَمَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ؛ أَنشد سيبوبه:
أَكُلَّ عامٍ نَعَماً تَحْوُونَه
وَقَدْ يَكُونُ أَنه أَراد الْوَاحِدَ، وَلَكِنَّ الْجَمْعَ أَولى لِقَوْلِهِ فالشَّوِيّ، والشَّوِيُّ اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وإِبل أَوابِلُ: قَدْ جَزَأَتْ بالرُّطْب عَنِ الْمَاءِ. والإِبِلُ الأُبَّلُ: الْمُهْمَلَةُ؛ قَالَ ذُو الرُّمّة:
وَرَاحَتْ فِي عَوازِبَ أُبَّلِ
الْجَوْهَرِيُّ: وإِبِلٌ أُبَّلٌ مثالُ قُبَّرٍ أَي مهملة، فإِن
__________
(1) . قوله [وإذا حركت، البيت] أورده الجوهري بلفظ:
وإذا حركت رجلي أرقلت ... بي تعدو عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ
(2) . قوله [كلاهما] كذا بأصله، والذي في الصحاح بلفظ: كليهما.(11/5)
كَانَتْ لِلقِنْية فَهِيَ إِبِل مُؤَبَّلَة. الأَصمعي: قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ مَنْ قرأَها: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ
، بِالتَّخْفِيفِ يَعْنِي بِهِ الْبَعِيرَ لأَنه مِنْ ذَوَاتِ الأَربع يَبْرُك فيُحمل عَلَيْهِ الْحُمُولَةُ وَغَيْرُهُ مِنْ ذَوَاتِ الأَربع لَا يُحْمَل عَلَيْهِ إِلا وَهُوَ قَائِمٌ، وَمَنْ قرأَها بِالتَّثْقِيلِ قَالَ الإِبِلُ: السحابُ الَّتِي تَحْمِلُ الْمَاءَ لِلْمَطَرِ. وأَرض مَأْبَلَة أَي ذَاتُ إِبل. وأَبَلَتِ الإِبلُ: هَمَلَت فَهِيَ آبِلَةٌ تَتبعُ الأُبُلَ وَهِيَ الخِلْفَةُ تَنْبُت فِي الكَلإِ الْيَابِسِ بَعْدَ عَامٍ. وأَبِلَت أَبلًا وأُبولًا: كَثُرَت. وأَبَلَت تَأْبِلُ: تأَبَّدَت. وأَبَلَ يَأْبِلُ أَبْلًا: غَلَب وَامْتَنَعَ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْمَعْرُوفُ أَبَّلَ. ابْنُ الأَعرابي: الإِبَّوْلُ طَائِرٌ يَنْفَرِدُ مِنَ الرَّفّ وَهُوَ السَّطْرُ مِنَ الطَّيْرِ. ابْنُ سِيدَهْ: والإِبِّيلُ والإِبَّوْل والإِبَّالَة الْقِطْعَةُ مِنَ الطَّيْرِ وَالْخَيْلِ والإِبل؛ قَالَ:
أَبَابِيل هَطْلَى مِنْ مُراحٍ ومُهْمَل
وَقِيلَ: الأَبَابِيلُ جماعةٌ فِي تَفْرِقة، وَاحِدُهَا إِبِّيلٌ وإِبَّوْل، وَذَهَبَ أَبو عُبَيْدَةَ إِلى أَن الأَبَابِيل جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ عَبابِيدَ وشَماطِيطَ وشَعالِيلَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِبِّيل، قَالَ: وَلَمْ أَجد الْعَرَبَ تَعْرِفُ لَهُ وَاحِدًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ
، وَقِيلَ إِبَّالَة وأَبَابِيل وإِبَالَة كأَنها جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: إِبَّوْل وأَبَابِيل مِثْلَ عِجَّوْل وعَجاجيل، قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ أَحد مِنْهُمْ إِبِّيل عَلَى فِعِّيل لِوَاحِدِ أَبَابِيل، وزَعم الرُّؤَاسي أَن وَاحِدَهَا إِبَّالَة. التَّهْذِيبُ أَيضاً: وَلَوْ قِيلَ وَاحِدُ الأَبَابِيل إِيبَالَةٌ كَانَ صَوَابًا كَمَا قَالُوا دِينَارٌ وَدَنَانِيرُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ طير أَبَابِيل: جَمَاعَاتٌ مِنْ هَاهُنَا وَجَمَاعَاتٌ مِنْ هَاهُنَا، وَقِيلَ: طَيْرٌ أَبَابِيل يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا إِبِّيلًا إِبِّيلًا أَي قَطيعاً خَلْفَ قَطِيعٍ؛ قَالَ الأَخفش: يُقَالُ جَاءَتْ إِبلك أَبَابِيل أَي فِرَقاً، وَطَيْرٌ أَبَابِيل، قَالَ: وَهَذَا يَجِيءُ فِي مَعْنَى التَّكْثِيرِ وَهُوَ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا وَاحِدَ لَهُ؛ وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: جَاءَ فُلَانٌ فِي أُبُلَّتِه وإِبَالَته أَي فِي قَبِيلَتِهِ. وأَبَّلَ الرجلَ: كأَبَّنه؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي؛ اللِّحْيَانِيِّ: أَبَّنْت الْمَيِّتَ تَأْبِيناً وأَبَّلْته تَأْبِيلًا إِذَا أَثنيت عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. والأَبِيلُ: الْعَصَا: والأَبِيل والأَبِيلَةُ والإِبَالَة: الحُزْمةُ مِنَ الحَشيش وَالْحَطَبِ. التَّهْذِيبُ: والإِيبالة الْحُزْمَةُ مِنَ الْحَطَبِ. ومَثَلٌ يُضْرَبُ: ضِغْثٌ عَلَى إِيبالةٍ أَي زِيَادَةٌ عَلَى وِقْر. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: ضِغْثٌ عَلَى إِبَّالَة، غَيْرَ مَمْدُودٍ لَيْسَ فِيهَا يَاءٌ، وَكَذَلِكَ أَورده الْجَوْهَرِيُّ أَيضاً أَي بَلِيَّةٌ عَلَى أُخرى كَانَتْ قَبْلَهَا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَقُلْ إِيبَالَة لأَن الِاسْمَ إِذا كَانَ عَلَى فِعَّالة، بِالْهَاءِ، لَا يُبْدَلُ مِنْ أَحد حَرْفَيْ تَضْعِيفِهِ يَاءً مِثْلَ صِنَّارة ودِنَّامة، وإِنما يُبْدَلُ إِذا كَانَ بِلَا هَاءٍ مِثْلَ دِينَارٍ وَقِيرَاطٍ؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إِبَالَة مُخَفَّفًا، وَيَنْشُدُ لأَسماء بْنِ خَارِجَةَ:
ليَ، كُلَّ يومٍ مِنْ، ذُؤَالَة ... ضِغْثٌ يَزيدُ عَلَى إِبَالَه
فَلأَحْشَأَنَّك مِشْقَصاً ... أَوْساً، أُوَيْسُ، مِنَ الهَبالَه
والأَبِيلُ: رَئِيسُ النَّصَارَى، وَقِيلَ: هُوَ الرَّاهِبُ، وَقِيلَ الرَّاهِبُ الرَّئِيسُ، وَقِيلَ صَاحِبُ النَّاقُوسِ، وَهُمُ الأَبِيلُون؛ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْجِنِّ «1» :
أَما وَدِماءٍ مائِراتٍ تَخالُها، ... عَلَى قُنَّةِ العُزَّى أَو النَّسْر، عَنْدَ ما
__________
(1) . قوله [ابن عبد الجن] كذا بالأصل، وفي شرح القاموس: عمرو بن عبد الحق(11/6)
وَمَا قَدَّسَ الرُّهْبانُ، فِي كلِّ هَيْكَلٍ، ... أَبِيلَ الأَبِيلِينَ، المَسِيحَ بْنَ مَرْيَما
لَقَدْ ذَاقَ مِنَّا عامِرٌ يومَ لَعْلَعٍ ... حُساماً، إِذا مَا هُزَّ بالكَفِّ صَمَّما
قَوْلُهُ أَبِيل الأَبِيلِين: أَضافه إِليهم عَلَى التَّسْنِيعِ لِقَدْرِهِ، وَالتَّعْظِيمِ لِخَطَرِهِ؛ وَيُرْوَى:
أَبِيلَ الأَبِيلِيين عيسى بْنَ مَرْيَمَا
عَلَى النَّسَبِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَبِيلَ الأَبِيلِيين، وَقِيلَ: هُوَ الشَّيْخُ، وَالْجَمْعُ آبَال؛ وَهَذِهِ الأَبيات أَوردها الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ فِيهَا:
عَلَى قُنَّةِ الْعُزَّى وَبِالنَّسْرِ عَندما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَلف وَاللَّامُ فِي النَّسْرِ زَائِدَتَانِ لأَنه اسْمُ عَلَمٍ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَقَدْ نَهَيْتُك عَنْ بَنَاتِ الأَوبر
قَالَ: وَمَا، فِي قَوْلِهِ وَمَا قَدَّسَ، مصدريةٌ أَي وَتَسْبِيحُ الرُّهْبَانِ أَبِيلَ الأَبِيلِيين. والأَيْبُلِيُّ: الرَّاهِبُ، فإِما أَن يَكُونَ أَعجميّاً، وإِما أَن يَكُونَ قَدْ غَيَّرَتْهُ يَاءُ الإِضافة، وَإِمَّا أَن يَكُونَ مِنْ بابِ انْقَحْلٍ، وقد قال سيبوبه: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَيْعِل؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ بَيْتَ الأَعشى:
وَمَا أَيْبُلِيٌّ عَلَى هَيْكَلٍ ... بَناهُ، وصَلَّب فِيهِ وَصارا
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، يُسَمَّى أَبِيلَ الأَبِيلِين
؛ الأَبِيل بِوَزْنِ الأَمير: الرَّاهِبُ، سُمِّيَ بِهِ لتَأَبُّلِهِ عَنِ النِّسَاءِ وَتَرْكِ غشْيانهن، وَالْفِعْلُ مِنْهُ أَبَلَ يَأْبُلُ أَبَالَة إِذا تَنَسَّك وتَرَهَّب. أَبو الْهَيْثَمِ: الأَيْبُلِيُّ والأَيْبُلُ صاحبُ النَّاقُوسِ الَّذِي يُنَقّسُ النَّصَارَى بِنَاقُوسِهِ يَدْعُوهُمْ بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ؛ وأَنشد:
وَمَا صَكَّ ناقوسَ الصلاةِ أَبِيلُها
وَقِيلَ: هُوَ رَاهِبُ النَّصَارَى؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
إِنَّني وَاللَّهِ، فاسْمَعْ حَلِفِي ... بِأَبِيلٍ كُلَّما صَلى جأَرَ
وَكَانُوا يُعَظِّمُونَ الأَبِيل فَيَحْلِفُونَ بِهِ كَمَا يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ. والأَبَلَة، بِالتَّحْرِيكِ. الوَخامة والثِّقلُ مِنَ الطَّعَامِ. والأَبَلَةُ: العاهةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَبعِ الثَّمَرَةَ حَتَّى تَأْمَنَ عَلَيْهَا الأَبَلَة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأُبْلَةُ بِوَزْنِ العُهْدة الْعَاهَةُ وَالْآفَةُ، رأَيت نُسْخَةً مِنْ نُسَخِ النِّهَايَةِ وَفِيهَا حَاشِيَةٌ قَالَ: قَوْلُ أَبي مُوسَى الأُبْلَة بِوَزْنِ الْعُهْدَةِ وَهْمٌ، وَصَوَابُهُ الأَبَلَة، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ، كَمَا جَاءَ فِي أَحاديث أُخر. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ يَعْمَر: كلُّ مَالٍ أَديت زَكَاتَهُ فَقَدْ ذَهَبَتْ أَبَلَتُهُ
أَي ذَهَبَتْ مَضَرَّتُهُ وَشَرُّهُ، وَيُرْوَى
وَبَلَته
؛ قَالَ: الأَبَلَةُ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ، الثِّقَل والطَّلِبة، وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْوَبَالِ، فإِن كَانَ مِنَ الأَول فَقَدْ قُلِبَتْ هَمْزَتُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَاوًا، وإِن كَانَ مِنَ الثَّانِي فَقَدْ قُلِبَتْ وَاوُهُ فِي الرِّوَايَةِ الأُولى هَمْزَةً كَقَوْلِهِمْ أَحَدٌ وأَصله وَحَدٌ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
كُلُّ مَالٍ زُكِّيَ فَقَدْ ذَهَبَتْ عَنْهُ أَبَلَتُه
أَي ثِقَلُهُ ووَخامته. أَبو مَالِكٍ: إِن ذَلِكَ الأَمر مَا عَلَيْكَ فِيهِ أَبَلَةٌ وَلَا أَبْهٌ أَي لَا عَيْبَ عَلَيْكَ فِيهِ. وَيُقَالُ: إِن فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجْتَ مِنْ أَبَلَته أَي مِنْ تَبِعته وَمَذَمَّتِهِ. ابْنُ بَزْرَجٍ: مَا لِي إِليك أَبِلَة أَي حَاجَةٌ، بِوَزْنِ عَبِلة، بِكَسْرِ الْبَاءِ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ السَّحَابِ(11/7)
فأُبِلْنا
أَي مُطِرْنا وابِلًا، وَهُوَ الْمَطَرُ الْكَثِيرُ الْقَطْرِ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ مِثْلَ أَكد وَوَكَدَ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ:
فأَلف اللَّهُ بَيْنَ السَّحَابِ فَوَبَلَتْنا
، جَاءَ بِهِ عَلَى الأَصل. والإِبْلة: الْعَدَاوَةُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والأَبَلَةُ الحِقْد؛ قَالَ الطِّرِمَّاح:
وجاءَتْ لَتَقْضِي الحِقْد مِنْ أَبَلاتها، ... فثَنَّتْ لَهَا قَحْطانُ حِقْداً عَلَى حِقْد
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ أَبَلاتُها طَلِباتُها. والأُبُلَّةُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: تَمْرٌ يُرَضُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ وَيُحْلَبُ عَلَيْهِ لَبَنٌ، وَقِيلَ: هِيَ الفِدْرة مِنَ التَّمْرِ؛ قَالَ:
فَيأْكُلُ مَا رُضَّ مِنْ زَادِنَا، ... ويَأْبى الأُبُلَّةَ لَمْ تُرْضَضِ
لَهُ ظَبْيَةٌ وَلَهُ عُكَّةٌ، ... إِذا أَنْفَضَ الناسُ لَمْ يُنْفِضِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والأُبُلَّة الأَخضر مِنْ حَمْل الأَراك، فإِذا احْمَرَّ فكبَاثٌ. وَيُقَالُ: الآبِلَة عَلَى فَاعِلَةٍ. والأُبُلَّة: مَكَانٌ بِالْبَصْرَةِ، وَهِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، الْبَلَدُ الْمَعْرُوفُ قُرْبَ الْبَصْرَةِ مِنْ جَانِبِهَا الْبَحْرِيِّ، قِيلَ: هُوَ اسمٌ نَبَطِيّ. الْجَوْهَرِيُّ: الأُبُلَّة مَدِينَةٌ إِلى جَنْبِ الْبَصْرَةِ. وأُبْلَى: مَوْضِعٌ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ بِوَزْنِ حُبْلَى مَوْضِعٌ بأَرض بَنِي سُليم بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ بَعَثَ إِليه رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَوْمًا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: قَالَ زُنَيم بْنُ حَرَجة فِي دُرَيْدٍ:
فَسائِلْ بَني دُهْمانَ: أَيُّ سَحابةٍ ... عَلاهُم بأُبْلَى ودْقُها فاسْتَهَلَّتِ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنشده أَبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ السويّ السَّرَّاجُ:
سَرَى مِثلَ نَبْضِ العِرْقِ، والليلُ دونَه، ... وأَعلامُ أُبْلَى كلُّها فالأَصالقُ
وَيُرْوَى: وأَعْلام أُبْل. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: رِحْلةُ أُبْلِيٍّ مَشْهُورَةٌ، وأَنشد:
دَعَا لُبَّها غَمْرٌ كأَنْ قَدْ وَرَدْنَه ... برِحلَة أُبْلِيٍّ، وإِن كَانَ نَائِيَا
وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ آبِل، وَهُوَ بِالْمَدِّ وَكَسْرِ الْبَاءِ، مَوْضِعٌ لَهُ ذِكْرٌ فِي جَيْشِ أُسامة يُقَالُ لَهُ آبِل الزَّيْتِ. وأُبَيْلَى: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَالَتْ أُبَيْلَى لِي: وَلَمْ أَسُبَّه، ... مَا السِّنُّ إِلا غَفْلَةُ المُدَلَّه
أبهل: عَبْهَلَ الإِبلَ مِثْلَ أَبْهَلَهَا، وَالْعَيْنُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الهمزة.
أتل: الْفَرَّاءُ: أَتَلَ الرجلُ يَأْتِلُ أُتُولًا، وَفِي الصِّحَاحِ: أَتْلًا، وأَتَنَ يَأْتِنُ أُتُوناً إِذا قَارَبَ الخَطْوَ فِي غَضَبٍ؛ وأَنشد لثَرْوانَ العُكْلي:
أَرانِيَ لَا آتِيكَ إِلا كأَنَّما ... أَسَأْتُ، وإِلا أَنت غَضْبانُ تَأْتِلُ
أَردتَ لِكَيْما لَا تَرَى لِيَ عَثْرَةً، ... ومَنْ ذَا الَّذِي يُعْطَى الكَمال فيَكْمُلُ؟
وَقَالَ فِي مَصْدَرِهِ: الأَتَلان والأَتَنان؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو زَيْدٍ فِي مَاضِيهِ:
وَقَدْ مَلأْتُ بطنَه حَتَّى أَتَل ... غَيْظاً، فأَمْسَى ضِغْنُه قَدِ اعْتَدَل(11/8)
وَفِي تَرْجَمَةِ كرفأَ:
كَكِرْفِئَةِ الغَيْثِ، ذاتِ الصَّبِيرِ، ... تَأْتي السَّحَابُ وتَأْتالَها
تَأْتالُ: تُصْلِحُ، وأَصله تَأْتَوِل وَنَصَبَهُ بإِضمار أَن.
أثل: أَثْلَةُ كُلِّ شَيْءٍ: أَصله؛ قَالَ الأَعشى:
أَلَسْتَ مُنْتَهياً عَنْ نَحْتِ أَثْلَتِنا؛ ... ولَسْتَ ضائِرَها، مَا أَطَّتِ الإِبلُ
يُقَالُ: فُلَانٌ يَنْحَتُ [يَنْحِتُ] أَثْلَتَنا إِذا قَالَ فِي حَسَبه قَبِيحًا. وأَثَلَ يَأْثِل أُثُولًا وتَأَثَّلَ: تأَصَّل. وأَثَّلَ مالَه: أَصَّله. وتَأَثَّلَ مَالًا: اكْتَسَبَهُ وَاتَّخَذَهُ وثَمَّره. وأَثَّلَ اللهُ مالَه: زَكَّاهُ. وأَثَّلَ مُلْكَه: عَظَّمه. وتَأَثَّلَ هُوَ: عَظُم. وكلُّ شَيْءٍ قَدِيمٍ مُؤَصَّلٍ: أَثِيلٌ ومُؤَثَّلٌ ومُتَأَثِّل، وَمَالٌ مُؤَثَّل. والتَّأَثُّلُ: اتِّخَاذُ أَصل مَالٍ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ فِي وَصِيِّ الْيَتِيمِ: إِنه يأْكل مِنْ مَالِهِ غَيْرَ مُتَأَثِّل مَالًا
؛ قَالَ: المُتَأَثِّلُ الْجَامِعُ، فَقَوْلُهُ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ أَي غَيْرَ جَامِعٍ، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي
قَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلِمَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُل ويُؤْكِلَ صَديقاً غيرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا
، يُقَالُ: مَالٌ مُؤَثَّل ومَجْدٌ مُؤَثَّل أَي مَجْمُوعٌ ذُو أَصل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ مَالٌ أَثِيلٌ؛ وأَنشد لِسَاعِدَةَ:
وَلَا مَالَ أَثِيلٌ
وَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ أَصل قَدِيمٌ أَو جُمِعَ حَتَّى يَصِيرَ لَهُ أَصل، فَهُوَ مُؤَثَّل؛ قَالَ لَبِيدٌ:
لِلَّهِ نافِلَةُ الأَجَلِّ الأَفضل، ... وَلَهُ العُلى وأَثِيثُ كُلِّ مُؤَثَّل
ابْنُ الأَعرابي: المُؤَثَّل الدَّائِمُ. وأَثَّلْتُ الشيءَ: أَدَمْتُه. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: مُؤَثَّل مُهَيَّأٌ لَهُ. وَيُقَالُ: أَثَّلَ اللهُ مُلْكاً آثِلًا أَي ثَبَّته؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَثَّل مُلْكاً خِنْدِفاً فَدَعَما
وَقَالَ أَيضاً:
رِبابَةً رُبَّتْ ومُلْكاً آثِلا
أَي مُلْكًا ذَا أَثْلَةٍ. والتَّأْثِيل: التأْصيل. وتَأْثِيل الْمَجْدِ: بِنَاؤُهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي قَتَادَةَ: إِنه لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُه.
والأَثَال، بِالْفَتْحِ: الْمَجْدُ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. وَمَجْدٌ مُؤَثَّل: قَدِيمٌ، مِنْهُ، وَمَجْدٌ أَثِيل أَيضاً؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ولكِنَّما أَسْعى لمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ، ... وَقَدْ يُدْرِكُ المَجْدَ المؤثَّل أَمثالي
والأَثْلَةُ والأَثَلَةُ: مَتَاعُ الْبَيْتِ وبِزَّتُه. وتَأَثَّلَ فُلَانٌ بَعْدَ حَاجَةٍ أَي اتَّخَذَ أَثْلَةً، والأَثْلة: المِيرةُ. وأَثَّلَ أَهْلَه: كَسَاهُمْ أَفضل الكُسوة، وَقِيلَ: أَثَّلَهم كَسَاهُمْ وأَحسن إِليهم. وأَثَّلَ: كَثُرَ مالُه؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
فَأَثَّلَ واسْتَرْخَى بِهِ الخَطْبُ بعد ما ... أَسافَ، وَلَوْلَا سَعْيُنا لَمْ يُؤَثِّل
وَرِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ: فأَبّل وَلَمْ يُؤَبِّل. وَيُقَالُ: هُمْ يَتَأَثَّلُون الناسَ أَي يأْخذون مِنْهُمْ أَثالًا، والأَثَال الْمَالُ. وَيُقَالُ: تَأَثَّلَ فُلَانٌ بِئْرًا إِذا احْتَفَرَهَا لِنَفْسِهِ. الْمُحْكَمُ: وتَأَثَّلَ الْبِئْرَ حَفَرها؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ قَوْمًا حَفَرُوا بِئْرًا، وَشَبَّهَ الْقَبْرَ بِالْبِئْرِ:
وَقَدْ أَرْسَلُوا فُرّاطَهُم، فَتَأَثَّلو ا ... قَلِيباً سَفَاهَا كالإِماءِ القَواعِد(11/9)
أَراد أَنهم حَفَرُوا لَهُ قَبْرًا يُدْفَن فِيهِ فَسَمَّاهُ قَلِيبًا عَلَى التَّشْبِيهِ، وَقِيلَ: فتأَثّلوا قَلِيبًا أَي هَيَّأُوه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
تُؤَثِّلُ كَعْبٌ عَليَّ القَضاء، ... فَرَبِّي يُغَيِّرُ أَعمالَها
فَسَّره فَقَالَ: تُؤَثِّلُ أَي تُلْزِمني، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا. والأَثْلُ: شَجَرٌ يُشْبِهُ الطَّرْفاء إِلا أَنه أَعظم مِنْهُ وأَكرم وأَجود عُوداً تسوَّى بِهِ الأَقداح الصُّفْر الْجِيَادُ، وَمِنْهُ اتُّخِذ مِنبر سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ الطَّرْفاء. والأَثْل: أُصول غَلِيظَةٌ يُسَوَّى مِنْهَا الأَبواب وَغَيْرُهَا وَوَرَقُهُ عَبْلٌ كَوَرَقِ الطَّرْفَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ مِنْ أَثْل الْغَابَةِ
، وَالْغَابَةُ غَيْضة ذَاتُ شَجَرٍ كَثِيرٍ وَهِيَ عَلَى تِسْعَةِ أَميال مِنَ الْمَدِينَةِ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ مِنَ الْعِضَاهِ الأَثْل وَهُوَ طُوَال فِي السَّمَاءِ مُسْتَطِيلُ الْخَشَبِ وَخَشَبُهُ جَيِّدٌ يُحْمَلُ مِنَ الْقُرَى فَتُبْنَى عَلَيْهِ بُيُوتُ الْمَدَرِ، وورقُه هَدَبٌ طُوَال دُقَاق وَلَيْسَ لَهُ شَوْكٌ، وَمِنْهُ تُصنع القِصَاع والجِفَان، وَلَهُ ثَمَرَةٌ حَمْرَاءُ كأَنها أُبْنَة، يَعْنِي عُقْدة الرِّشاء، وَاحِدَتُهُ أَثْلَة وَجَمْعُهُ أُثُول كتَمْر وتُمور؛ قَالَ طُرَيح:
مَا مُسْبِلٌ زَجَلُ البَعُوضِ أَنِيسُه، ... يَرْمي الجِراعَ أُثُولَها وأَراكَها
وَجَمْعُهُ أَثَلات. وَفِي كَلَامِ بَيْهَسٍ الْمُلَقَّبِ بنَعامةَ: لكِنْ بالأَثَلات لَحْمٌ لَا يُظَلَّل؛ يَعْنِي لَحْمَ إِخوته القَتْلى؛ وَمِنْهُ قِيلَ للأَصل أَثْلَة؛ قَالَ: ولسُمُوّ الأَثلة وَاسْتِوَائِهَا وَحُسْنِ اعْتِدَالِهَا شَبَّهَ الشُّعَرَاءُ المرأَة إِذا تَمَّ قَوامها وَاسْتَوَى خَلْقها بِهَا؛ قَالَ كُثَيِّر:
وإِنْ هِيَ قَامَتْ، فَمَا أَثْلَةٌ ... بعَلْيا تُناوحُ رِيحاً أَصيلا،
بأَحْسَنَ مِنْهَا، وإِن أَدْبَرَتْ ... فأَرْخٌ بِجُبَّةَ تَقْرْو خَمِيلا
الأَرْخُ والإِرْخُ: الفَتيُّ مِنَ البَقَر. والأُثَيْل: مَنْبِتُ الأَراك. وأُثَيْل، مصغَّر: مَوْضِعٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ وَبِهِ عَيْنُ مَاءٍ لِآلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وأُثَال، بِالضَّمِّ: اسْمُ جَبَلٍ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ أُثَالًا. وأُثَالَة: اسْمٌ. وأَثْلَة والأَثِيل: مَوْضِعَانِ؛ وَكَذَلِكَ الأُثَيْلة. وأُثَال: بالقَصِيم مِنْ بِلَادِ بَنِي أَسد؛ قَالَ:
قاظَتْ أُثَالَ إِلى المَلا، وتَرَبَّعَتْ ... بالحَزْنِ عازِبَةً تُسَنُّ وتُودَع
وَذُو المَأْثُول: وادٍ، قَالَ كُثَيِّر عَزَّة:
فَلَمَّا أَنْ رأَيْتُ العِيسَ صَبَّتْ، ... بِذِي المَأْثُولِ، مُجْمِعَةَ التَّوالي
أثجل: العَثْجَلُ والعُثَاجِل: الْعَظِيمُ الْبَطْنِ مِثْلُ الأَثْجَل.
أثكل: فِي تَرْجَمَةِ عُثْكُلَ: العُثْكُول والعِثْكال الشِّمْراخ، وما هو عَلَيْهِ البُسْر مِنْ عِيدان الكِبَاسة وَهُوَ فِي النَّخْلِ بِمَنْزِلَةِ العُنقود مِنَ الكَرْم؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
لَوْ أَبْصَرَتْ سُعْدَى بِهَا، كَنَائِلي، ... طَوِيلَةَ الأَقْناءِ والأَثَاكِلِ
أَرَادَ العَثَاكل فَقَلَبَ الْعَيْنَ هَمْزَةً، وَيُقَالُ إِثْكَال وأُثْكُول. وَفِي حَدِيثِ الْحَدِّ:
فَجُلِد بأُثْكُول
، وَفِي رِوَايَةٍ:
بإِثْكَال
، هُمَا لُغَةٌ فِي العُثْكُول(11/10)
والعِثْكال، وَهُوَ عِذْق النَّخْلَةِ بِمَا فِيهِ مِنَ الشَّمَارِيخِ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ العين وليست زائدة، والجوهري جَعَلَهَا زَائِدَةً وَجَاءَ بِهِ فِي فَصْلِ الثَّاءِ مِنْ حَرْفِ اللَّامِ، وَسَنَذْكُرُهُ أَيضاً هناك.
أجل: الأَجَلُ: غايةُ الْوَقْتِ فِي الْمَوْتِ وحُلول الدَّين ونحوِه. والأَجَلُ: مُدَّةُ الشَّيْءِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ
؛ أَي حَتَّى تَقْضِيَ عِدَّتَهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى
؛ أَي لَكَانَ الْقَتْلُ الَّذِي نَالَهُمْ لَازِمًا لَهُمْ أَبداً وَكَانَ الْعَذَابُ دَائِمًا بِهِمْ، وَيُعْنَى بالأَجَل الْمُسَمَّى الْقِيَامَةُ لأَن اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَهُمْ بِالْعَذَابِ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالْجَمْعُ آجَال. والتَّأْجِيل: تَحْدِيدُ الأَجَلِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: كِتاباً مُؤَجَّلًا
. وأَجِلَ الشيءُ يَأْجَلُ، فَهُوَ آجِل وأَجِيل: تأَخر، وَهُوَ نَقِيضُ الْعَاجِلِ. والأَجِيل: المُؤَجَّل إِلى وَقْتٍ؛ وأَنشد:
وغايَةُ الأَجِيلِ مَهْواةُ الرَّدَى
والآجِلَة: الْآخِرَةُ، وَالْعَاجِلَةُ: الدُّنْيَا، والآجِل والآجِلَة: ضِدُّ الْعَاجِلِ وَالْعَاجِلَةِ. وَفِي حَدِيثِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛
يَتَعَجَّلونه وَلَا يَتَأَجَّلُونه.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
يتعجَّله وَلَا يَتَأَجَّله
؛ التَأَجُّل تَفَعُّلٌ مِنَ الأَجَل، وَهُوَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ الْمَحْدُودُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَي أَنهم يَتَعَجَّلُونَ الْعَمَلَ بِالْقُرْآنِ وَلَا يُؤَخِّرُونَهُ. وَفِي حَدِيثِ
مَكْحُولٍ: كُنَّا بِالسَّاحِلِ مُرَابِطِينَ فَتَأَجَّل مُتَأَجِّل مِنَّا
أَي استأْذن فِي الرُّجُوعِ إِلى أَهله وَطَلَبَ أَن يُضْرَبَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَجل، واسْتَأْجَلْتُه فأَجَّلَنِي إِلى مُدَّةٍ. والإِجْلُ، بِالْكَسْرِ: الْقَطِيعُ مِنْ بَقْرِ الْوَحْشِ، وَالْجَمْعُ آجَال. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ: فِي يَوْمٍ مَطير تَرْمَضُ فِيهِ الآجَال
؛ هِيَ جَمْعُ إِجْل، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، وَهُوَ الْقَطِيعُ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ وَالظِّبَاءِ، وتأَجَّلَت الْبَهَائِمُ أَي صَارَتْ آجَالًا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
والعِينُ ساكنةٌ، عَلَى أَطْلائِها، ... عُوذاً، تَأَجَّلُ بالفَضاءِ بِهامها
وتَأَجَّلَ الصُّوارُ [الصِّوارُ] : صَارَ إِجْلًا. والإِجَّلُ: لُغَةٌ فِي الإِيَّل وَهُوَ الذَّكَرُ مِنَ الأَوعال، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ كَوَزْنٍ، وَالْجِيمُ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ كَقَوْلِهِمْ فِي بَرْنِيٍّ بَرْنِجّ؛ قَالَ أَبو عَمْرِو ابن الْعَلَاءِ: بَعْضُ الأَعراب يَجْعَلُ الْيَاءَ المشدَّدة جِيمًا وإِن كَانَتْ أَيضاً غَيْرَ طَرَفٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لأَبي النَّجْمِ:
كأَنَّ فِي أَذْنابِهِنَّ الشُّوَّلِ، ... مِنْ عَبَسِ الصَّيْفِ، قُرونَ الإِجَّلِ
قَالَ: يُرِيدُ الإِيَّل، وَيُرْوَى قُرُونُ الإِيَّل، وَهُوَ الأَصل. وتَأَجَّلُوا عَلَى الشَّيْءِ: تَجَمَّعوا. والإِجْل: وَجَع فِي العُنُق، وَقَدْ أَجَلَه مِنْهُ يَأْجِلُه؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ، وأَجَّلَه وآجَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ، كُلُّ ذَلِكَ: دَاوَاهُ فأَجَلَه، كحَمأَ البئرَ نزعَ حَمْأَتها، وأَجَّلَه كقَذَّى العَينَ نَزَعَ قَذاها، وآجَلَهُ كَعَاجَلَهُ، وَقَدْ أَجِلَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، أَي نَامَ عَلَى عُنُقِهِ فَاشْتَكَاهَا. والتَّأْجِيلُ: الْمُدَاوَاةُ، مِنْهُ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الجَرَّاح: بِي إِجْل فأَجِّلُونِي أَي دَاوُونِي مِنْهُ كَمَا يُقَالُ طَنَّيْته مِنَ الطَّنى ومَرَّضْتُه. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الإِجْل والإِدْل وَهُوَ وجَع الْعُنُقِ مِنْ تَعادِي الوِساد؛ الأَصمعي: هُوَ البَدَل أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ الْمُنَاجَاةِ:
أَجْلَ أَن يُحْزِنَه
أَي مِنْ أَجله ولأَجله، وَالْكُلُّ لُغَاتٌ وَتُفْتَحُ هَمْزَتُهَا وَتُكْسَرُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن تَقْتُلَ وَلَدَكَ أَجْلَ أَن(11/11)
يأْكل مَعَكَ.
والأَجْلُ: الضِّيقُ. وأَجَلُوا مالَهم: حَبَسُوهُ عَنِ المَرعى. وأَجَلْ، بِفَتْحَتَيْنِ: بِمَعْنَى نَعَمْ، وَقَوْلُهُمْ أَجَلْ إِنما هُوَ جَوَابٌ مِثْلُ نعَمْ؛ قَالَ الأَخفش: إِلا أَنه أَحسن مِنْ نَعَمْ فِي التَّصْدِيقِ، وَنَعَمْ أَحسن مِنْهُ فِي الِاسْتِفْهَامِ، فإِذا قَالَ أَنت سَوْفَ تَذْهَبُ قُلْتُ أَجَلْ، وَكَانَ أَحسن مِنْ نَعَمْ، وإذا قَالَ أَتذهب قُلْتُ نعَم، وَكَانَ أَحسن مِنْ أَجَلْ. وأَجَلْ: تَصْدِيقٌ لِخَبَرٍ يُخْبِرُكَ بِهِ صَاحِبُكَ فَيَقُولُ فَعَلَ ذَلِكَ فَتَصْدُقُهُ بِقَوْلِكَ لَهُ أَجَلْ، وأَما نعَمْ فَهُوَ جَوَابُ الْمُسْتَفْهِمِ بِكَلَامٍ لَا جَحْد فِيهِ، تَقُولُ لَهُ: هَلْ صَلَّيْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَهُوَ جَوَابُ الْمُسْتَفْهِمِ. والمَأْجَلُ، بِفَتْحِ الْجِيمِ: مُسْتنقَع الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ المَآجِل. ابْنُ سِيدَهْ: والمَأْجَل شِبْهُ حَوْضٍ وَاسِعٍ يُؤَجَّلُ أَي يُجْمَعُ فِيهِ الْمَاءُ إِذا كَانَ قَلِيلًا ثُمَّ يُفَجَّر إِلَى المَشارات والمَزْرَعة وَالْآبَارِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ طَرَحَهُ. وأَجَّلَه فِيهِ: جَمَعَهُ، وتَأَجَّلَ فِيهِ: تَجَمَّع. والأَجِيل: الشَّرَبَةُ وَهُوَ الطِّينُ يُجْمع حَوْلَ النَّخْلَةِ؛ أَزْديَّة، وَقِيلَ: المَآجِل الجِبَأَةُ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِيهَا مِيَاهُ الأَمطار مِنَ الدُّورِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَبَعْضُهُمْ لَا يَهْمِزُ المأْجل وَيَكْسِرُ الْجِيمَ فَيَقُولُ المَاجِل وَيَجْعَلُهُ مِنَ المَجْل، وَهُوَ الْمَاءُ يَجْتَمِعُ مِنَ النَّفْطة تَمْتَلِئُ مَاءً مِنْ عَمَل أَو حَرَق. وَقَدْ تَأَجَّلَ الْمَاءُ، فَهُوَ مُتَأَجِّل: يَعْنِي اسْتَنْقَع فِي مَوْضِعٍ. وَمَاءٌ أَجِيل أَي مُجْتَمِعٌ. وَفَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِكَ وإِجْلِكَ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ
، الأَلف مَقْطُوعَةٌ، أَي مِنْ جَرَّا ذَلِكَ؛ قَالَ: وَرُبَّمَا حَذَفَتِ الْعَرَبُ مِنْ فَقَالَتْ فَعَلْتُ ذَلِكَ أَجْلَ [إِجْلَ] كَذَا، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَدْ قُرِئَ
مِنْ إِجْل ذَلِكَ
، وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فَعَلْتُهُ مِنْ أَجْلاك وإِجْلاك أَي مِنْ جَرَّاك، ويُعَدَّى بِغَيْرٍ مِنْ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
أَجْلَ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ، ... فَوْقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً بإِزار
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ: إِجْلَ أَن اللَّهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ. قَالَ الأَزهري: والأَصل فِي قَوْلِهِمْ فعلتُه مِنْ أَجْلِكَ أَجَلَ عَلَيْهِمْ أَجْلًا أَي جَنى عَلَيْهِمْ وجَرَّ. والتَّأَجُّلُ: الإِقبال والإِدبار، قَالَ:
عَهْدي بِهِ قَدْ كُسْيَ ثُمَّتَ لَمْ يَزَلْ، ... بِدَارِ يَزيدَ، طاعِماً يَتَأَجَّلُ «2»
والأَجْل: مَصْدَرٌ. وأَجَلَ عَلَيْهِمْ شَرّاً يَأْجُلُه ويَأْجِلُهُ أَجْلًا: جَناه وهَيَّجه؛ قَالَ خَوَّات بْنُ جُبَير:
وأَهلِ خِباءٍ صالحٍ كُنتُ بَيْنَهُمْ، ... قَدِ احْتَرَبوا فِي عَاجِلٍ أَنا آجِلُه «3»
أَي أَنا جَانِيَهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ هُوَ للخِنَّوْتِ؛ قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُهُ أَنا فِي شِعْرِ زُهَيْرٍ فِي القصيد الَّتِي أَولها:
صَحا القلبُ عَنْ لَيْلى وأَقْصَرَ باطلُه
قَالَ: وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الأَصمعي؛ وَقَوْلُهُ وأَهل مَخْفُوضٌ بِوَاوِ رُبَّ؛ عَنِ ابْنِ السِّيرَافِيِّ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ وَجَدْتُهُ فِي شِعْرِ زُهَيْرٍ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ تَوْبة بْنِ مُضَرِّس العَبْسي:
فإِن تَكُ أُمُّ ابْنَيْ زُمَيْلَةَ أُثْكِلَتْ، ... فَيا رُبَّ أُخْرَى قَدْ أَجَلْتُ لها ثُكْلا
__________
(2) . قوله [عهدي، البيت] هو من الطويل دخله الخرم وسكنت سين كسي للوزن
(3) . قوله [كنت بينهم] الذي في الصحاح: ذات بينهم(11/12)
أَي جَلَبْت لها تُكْلًا وهَيَّجْته؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ أَيضاً لِتَوْبَةَ:
وأَهلِ خِباءٍ آمِنِينَ فَجَعْتُهم ... بشَيْء عَزيرٍ عاجلٍ، أَنا آجِلُه
وأَقْبَلْتُ أَسْعى أَسأَل القَوْمَ مَا لَهم، ... سُؤَالَك بِالشَّيْءِ الَّذِي أَنت جاهلُه
قَالَ: وَقَالَ أُطَيْط:
وهَمٍّ تَعَنَّاني، وأَنت أَجَلْتَه، ... فعَنَّى النَّدَامَى والغَرِيرِيَّةَ الصُّهْبا
أَبو زَيْدٍ: أَجَلْتُ عَلَيْهِمْ آجُلُ وآجِلُ أَجْلًا أَي جَرَرْت جَريرة. قَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ جَلَبْت عَلَيْهِمْ وجَرَرْت وأَجَلْت بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي جَنَيت. وأَجَل لأَهله يَأْجُلُ ويَأْجِلُ: كَسَب وجمَع وَاحْتَالَ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وأَجَلَى، عَلَى فَعَلى: مَوْضِعٌ وَهُوَ مَرْعًى لَهُمْ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَلَّتْ سُلَيْمى ساحةَ القَلِيب ... بأَجَلَى، مَحَلَّةَ الغَرِيب «1» .
أدل: الإِدْلُ: وَجَعٌ يأْخذ فِي الْعُنُقِ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَجَعُ العُنُق مِنْ تَعَادي الْوِسَادَةِ مِثْلُ الإِجْل. والإِدْل: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ المُتَكَبِّد الشَّدِيدُ الْحُمُوضَةِ، زَادَ فِي التَّهْذِيبِ: مِنْ أَلبان الإِبل، الطَّائِفَةُ مِنْهُ إدْلَة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي حَبِيبٍ الشَّيْبَانِيِّ:
مَتَى يَأْتهِ ضَيْفٌ، فَلَيْسَ بِذَائِقٍ ... لَمَاجاً، سِوَى المَسْحوطِ واللَّبَنِ الإِدْل
وأَدَلَه يَأْدِلُهُ: مَخَضَه وحَرَّكه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِذَا مَا مَشَى وَرْدَانُ واهْتَزَّتِ اسْتُه، ... كَمَا اهْتَزَّ ضِئْنِيٌّ لقَرْعاءَ يُؤْدَلُ
الأَصمعي: يُقَالُ جَاءَنَا بإِدْلَة مَا تُطاق حَمَضاً أَي مِنْ حُموضتها. وَبَابٌ مَأْدُولٌ أَي مُغْلَق. وَيُقَالُ: أَدَلْتُ البابَ أَدْلًا أَغلقته؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَمَّا رأَيت أَخِي الطاحِيَ مُرْتَهَناً، ... فِي بَيْتِ سِجنٍ، عليه البابُ مَأْدُول
أرل: أُرُلٌ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
وَهَبَّتِ الريحُ، مِنْ تِلقاءِ ذِي أُرُلٍ، ... تُزْجِي مَعَ اللَّيْلِ مِنْ صُرَّادِها صِرَما
قَالَ ابن بري: الصِّرَمُ هاهنا جَماعةُ السَّحاب.
أردخل: ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ أَبي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: قِيلَ لَهُ مَنِ انْتَخَبَ هَذِهِ الأَحاديث؟ قَالَ: انْتَخَبَهَا رَجُلٌ إِرْدَخْلٌ؛ الإِرْدَخْلُ: الضَّخْم، يُرِيدُ أَنه فِي الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ ضَخْم كَبِيرٌ. والإِرْدَخْلُ: التَّارُّ السَّمِينُ.
أزل: الأَزْلُ: الضَّيِّقُ وَالشِّدَّةُ. والأَزْلُ: الْحَبْسُ. وأَزَلَه يَأْزِلُه أَزْلًا: حَبَسَهُ. والأَزْلُ: شِدَّةُ الزَّمَانِ. يُقَالُ: هُمْ فِي أَزْلٍ مِنَ الْعَيْشِ وأَزْلٍ مِنَ السَّنَة. وآزَلَتِ السَّنَةُ: اشْتَدَّتْ؛ وَمِنْهُ الحديثُ
قولُ طَهْفةَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصابتنا سَنَة حَمْرَاءُ مُؤْزِلَة
أَي آتِيَةٌ بالأَزْل، وَيُرْوَى
مُؤَزِّلَة
، بِالتَّشْدِيدِ عَلَى التَّكْثِيرِ. وأَصبح الْقَوْمُ آزِلِينَ أَي فِي شِدَّةٍ؛ وقال الكميت:
__________
(1) . قوله [ساحة القليب] كذا بالأصل، وفي الصحاح: جانب الجريب(11/13)
رَأَيْتُ الكِرامَ به واثقِين ... أَن لَا يُعيمُوا، وَلَا يُؤْزِلُوا
وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
وَليَأْزِلَنَّ وتَبْكُؤَنَّ لِقاحُه، ... ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّه بسَمَار
أَي لَيُصيبَنَّه الأَزْلُ وَهُوَ الشِّدَّةُ. وأَزَلَ الفَرَسَ: قَصَّرَ حَبْلَه وَهُوَ مِنَ الْحَبْسِ. وأَزَلَ الرجلُ يَأْزِلُ أَزْلًا أَي صَارَ فِي ضِيقٍ وجَدْب. وأَزَلْتُ الرجلَ أَزْلًا: ضَيَّقْت عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْلِكم وقُنوطكم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ
مِنْ أَلِّكم
، وَسَنَذْكُرُهُ في موضعه؛ الأَزْل: الشِّدَّةُ وَالضِّيقُ كأَنه أَراد مِنْ شِدَّةِ يأْسكم وَقُنُوطِكُمْ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
أَنه يَحْصُر الناسَ فِي بَيْتِ المَقْدِس فيُؤزَلُون أَزْلًا
أَي يُقْحَطون ويُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: إِلَّا بَعْدَ أَزْلٍ وَبَلَاءٍ.
وأَزَلْت الْفَرَسَ إِذَا قَصَّرْتَ حَبْله ثُمَّ سَيَّبْتَه وَتَرَكْتَهُ فِي الرِّعي؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
لَمْ يَرْعَ مَأْزُولًا ولَمَّا يُعْقَلِ
وأَزَلُوا مالَهم يَأْزِلُونَهُ أَزْلًا: حَبَسُوهُ عَنِ المَرْعَى مِنْ ضِيقٍ وَشِدَّةٍ وَخَوْفٍ؛ وَقَوْلُ الأَعشَى:
ولَبونِ مِعْزَابٍ حَوَيْتُ فأَصْبَحَتْ ... نُهْبَى، وآزِلَةٍ قَضَبْتُ عِقَالَها
الآزِلَة: الْمَحْبُوسَةُ الَّتِي لَا تَسْرَح وَهِيَ مَعْقُولَةٌ لِخَوْفِ صَاحِبِهَا عَلَيْهَا مِنَ الْغَارَةِ، أَخَذْتها فَقَضَبْتُ عِقالَها. وآزَلُوا: حَبَسُوا أَموالهم عَنْ تَضْيِيقٍ وَشِدَّةٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والمَأْزِل: المَضِيق مِثْلُ المَأْزِق؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
إِذا دَنَتْ مِنْ عَضُدٍ لَمْ تَزْحل ... عَنْهُ، وإِنْ كَانَ بضَنْكٍ مَأْزِلِ
قَالَ الْفَرَّاءُ يُقَالُ تَأَزَّلَ صَدْرِي وتَأَزَّق أَي ضَاقَ. والأَزْل: ضِيقُ الْعَيْشِ؛ قَالَ:
وإِنْ أَفسَد المالَ المجَاعاتُ والأَزْلُ
وأَزْلٌ آزِلٌ: شَدِيدٌ؛ قَالَ:
إِبْنَا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا، ... عَنِ المُصَلِّينَ، وأَزْلًا آزِلا
والمَأْزِل: مَوْضِعُ الْقِتَالِ إِذا ضَاقَ، وَكَذَلِكَ مَأْزِلُ الْعَيْشِ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والإِزْل: الدَّاهِيَةُ. والإِزْل: الكَذِب، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دَارَةَ:
يَقُولُونَ: إِزْلٌ حُبُّ لَيْلى وَوُدُّها، ... وَقَدْ كَذَبوا، مَا فِي مَوَدَّتِها إِزْلُ
والأَزَل، بِالتَّحْرِيكِ: القِدَم. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ هَذَا شَيْءٌ أَزَلِيٌّ أَي قَدِيمٌ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ أَن أَصل هَذِهِ الْكَلِمَةِ قَوْلُهُمْ لِلْقَدِيمِ لَمْ يَزَل، ثُمَّ نُسِب إِلى هَذَا فَلَمْ يَسْتَقِمْ إِلا بِالِاخْتِصَارِ فَقَالُوا يَزَليٌّ ثُمَّ أُبدلت الْيَاءُ أَلفاً لأَنها أَخف فَقَالُوا أَزَلِيٌّ، كَمَا قَالُوا فِي الرُّمْحِ الْمَنْسُوبِ إِلَى ذِي يَزَنَ: أَزَنيٌّ، وَنَصْلٌ أَثْرَبيٌّ.
أسل: الأَسَل: نَبَاتٌ لَهُ أَغصان كَثِيرَةٌ دِقَاق بِلَا وَرَقٍ، وَقَالَ أَبو زِيَادٍ: الأَسَل مِنَ الأَغْلاث وَهُوَ يَخْرُجُ قُضْباناً دِقَاقاً لَيْسَ لَهَا وَرَقٌ وَلَا شَوْكٌ إِلا أَن أَطرافها مُحدَّدة، وَلَيْسَ لَهَا شُعَب وَلَا خَشَب، ومَنْبِته الْمَاءُ الرَّاكِدُ وَلَا يَكَادُ يَنْبُتُ إِلا فِي مَوْضِعِ مَاءٍ أَو قريبٍ مِنْ مَاءٍ، وَاحِدَتُهُ أَسَلَة، تُتخذ مِنْهُ الغَرابيل(11/14)
بِالْعِرَاقِ، وإِنما سُمِّي القَنَا أَسَلًا تَشْبِيهًا بِطُولِهِ وَاسْتِوَائِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَعدُو المَنايا على أُسامةَ في الخِيس، ... عَلَيْهِ الطَّرْفاءُ والأَسَلُ
والأَسَل: الرِّماح عَلَى التَّشْبِيهِ بِهِ فِي اعْتِدَالِهِ وَطُولِهِ وَاسْتِوَائِهِ وَدِقَّةِ أَطرافه، وَالْوَاحِدُ كَالْوَاحِدِ. والأَسَل: النَّبْل. والأَسَلَة: شَوْكَةُ النخل، وجمعها أَسَل. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأَسَل عِيدانٌ تَنْبُتُ طِوَالًا دِقَاقاً مُسْتَوِيَةً لَا وَرَقَ لَهَا يُعْمَل مِنْهَا الحُصُر. والأَسَل: شَجَرٌ. وَيُقَالُ: كُلُّ شَجَرٍ لَهُ شَوْكٌ طَوِيلٌ فَهُوَ أَسَل، وَتُسَمَّى الرِّمَاحُ أَسَلًا. وأَسَلَة اللِّسَانِ: طَرَف شَبَاته إِلى مُسْتَدَقّه، وَمِنْهُ قِيلَ لِلصَّادِّ وَالزَّايِ وَالسِّينِ أَسَلِيَّة، لأَن مبدأَها مِنْ أَسَلَة اللِّسَانِ، وَهُوَ مُسْتَدَقُّ طَرَفِهِ، والأَسَلَة: مُسْتَدَقّ اللِّسَانِ وَالذِّرَاعِ. وَفِي كَلَامِ
عَلِيٍّ: لَمْ تَجِفَّ لطُول الْمُنَاجَاةِ أَسَلاتُ أَلسنتهم
؛ هي جَمْعُ أَسَلَة وَهِيَ طَرَف اللِّسَانِ. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: إِن قُطِعَت الأَسَلَة فبَيَّن بَعْضَ الْحُرُوفِ وَلَمْ يُبَيِّن بَعْضًا يُحْسَب بِالْحُرُوفِ
أَي تُقسم دِيَةُ اللِّسَانِ عَلَى قَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ حُرُوفِ كَلَامِهِ الَّتِي يَنْطِقُ بِهَا فِي لُغَته، فَمَا نَطَق بِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ دِيَتَهُ، وَمَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ اسْتَحَقَّ دِيَتَهُ. وأَسَلَة الْبَعِيرِ: طَرَف قَضيبه. وأَسَلَة الذِّرَاعِ: مُسْتَدَقّ السَّاعِدِ مِمَّا يَلِي الْكَفِّ. وكَفٌّ أَسِيلَة الأَصابع: وَهِيَ اللَّطِيفَةُ السَّبْطة الأَصابع. وأَسَّلَ الثَّرى: بَلَغ الأَسَلة. وأَسَلة النَّصْل: مُسْتَدَقُّه. والمُؤَسَّل: المُحَدَّد مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: لَا قَوَد إِلا بالأَسَل
؛ فالأَسَل عِنْدَ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: كُلُّ مَا أُرِقَّ مِنَ الْحَدِيدِ وحُدِّد مِنْ سَيْفٍ أَو سِكِّينٍ أَو سِنان، وأَصل الأَسَل نَبَاتٌ لَهُ أَغصان دِقاق كَثِيرَةٌ لَا وَرَق لَهَا. وأَسَّلْتُ الْحَدِيدَ إِذا رَقَّقْتَه؛ وَقَالَ مُزاحِم العُقَيلي:
تَبارى سَدِيساها، إِذا مَا تَلَمَّجَتْ ... شَباً مِثْلَ إِبزِيمِ السِّلاحِ المُؤَسَّل
وَقَالَ
عُمَرُ: وإِياكم وحَذْف الأَرنب «2» بِالْعَصَا وليُذَكِّ لَكُمُ الأَسَل الرِّماح والنَّبْل
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَمْ يُرد بالأَسَل الرِّمَاحَ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ السِّلَاحِ الَّذِي حُدِّد ورُقِّق، وَقَوْلُهُ الرِّمَاحُ وَالنَّبْلُ يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ الأَسَل الرِّمَاحُ خَاصَّةً لأَنه قَدْ جَعَلَ النَّبْلَ مَعَ الرِّمَاحِ أَسَلًا، والأَصل فِي الأَسَل الرِّمَاحُ الطِّوال وَحْدَهَا، وَقَدْ جَعَلَهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ كِنَايَةً عَنِ الرِّمَاحِ وَالنَّبْلِ مَعًا، قَالَ: وَقِيلَ النَّبْلُ مَعْطُوفٌ عَلَى الأَسَل لَا عَلَى الرِّمَاحِ، وَالرِّمَاحُ بَيَانٌ للأَسَل وَبَدَلٌ؛ وَجَمَعَ الْفَرَزْدَقُ الأَسَل الرماحَ أَسَلاتٍ فَقَالَ:
قَدْ مَاتَ فِي أَسَلاتِنا، أَو عَضَّه ... عَضْبٌ برَوْنَقِه المُلوكُ تُقَتَّلُ
أَي فِي رِمَاحِنَا. والأَسَلة: طَرَف السِّنان، وَقِيلَ للقَنا أَسَل لِما رُكِّب فِيهَا مِنْ أَطراف الأَسِنَّة. وأُذُن مُؤَسَّلَة: دَقِيقَةٌ مُحَدَّدة مُنْتَصبة. وَكُلُّ شَيْءٍ لَا عِوَجَ فِيهِ أَسَلَة. وأَسَلَة النَّعْلِ: رأْسُها المسْتدِقّ. والأَسِيلُ: الأَمْلس الْمُسْتَوِي، وَقَدْ أَسُلَ أَسَالَة. وأَسُلَ خَدُّه أَسَالَةً: امَّلَسَ وَطَالَ. وخدٌّ أَسِيل: وَهُوَ السَّهْلُ الليِّن، وَقَدْ أَسُلَ أَسَالَةً. أَبو زَيْدٍ: مِنَ الْخُدُودِ الأَسِيلُ وَهُوَ السَّهْلُ اللِّينُ الدَّقِيقُ الْمُسْتَوِي وَالْمَسْنُونُ اللَّطِيفُ الدَّقِيقُ الأَنف. وَرَجُلٌ أَسِيل الخَدِّ
__________
(2) . قوله [وإياكم وحذف الأرنب] عبارة الأشموني في شرح الألفية: وشذ، التحذير بغير ضمير المخاطب نحو إياي فِي قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه: لتذك لكم الأَسَل والرماح والسهام وإياي وَأَنْ يَحْذِفَ أَحَدُكُمُ الْأَرْنَبَ(11/15)
إِذا كَانَ ليِّن الْخَدِّ طويلَه. وَكُلُّ مسترسِلٍ أَسِيلٌ، وَقَدْ أَسُلَ، بِالضَّمِّ، أَسَالَةً. وَفِي
صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ أَسِيل الْخَدِّ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَسَالَة فِي الْخَدِّ الِاسْتِطَالَةُ وأَن لَا يَكُونَ مُرْتَفِعَ الوَجْنة. وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الإِنسان: بَسْلًا وأَسْلًا كَقَوْلِهِمْ تَعْساً ونُكْساً. وتَأَسَّل أَباه: نزَع إِليه فِي الشَّبَه كتأَسَّنَه. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ عَلَى آسَالٍ مِنْ أَبيه مِثْلُ آسانٍ أَي عَلَى شَبَه مِنْ أَبيه وَعَلَامَاتٍ وأَخلاق؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَمْ أَسمع بِوَاحِدِ الآسَال. ومَأْسَل، بِالْفَتْحِ: اسْمُ رَمَلَةٍ. ومَأْسَل: اسْمُ جَبَلٍ. وَدَارَةُ مَأْسَل: مَوْضِعٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقِيلَ: مَأْسَل اسْمُ جَبَلٍ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ.
اسمعل: إِسْمَعِيل وإِسْمَعِين: اسمان.
أشل: اللَّيْثُ: الأَشْلُ مِنَ الذَّرْع بِلغة أَهل الْبَصْرَةِ، يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا حَبْلًا، وكذا وَكَذَا أَشْلًا لِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُمْ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَا أَراه عَرَبِيًّا. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: الأُشُول هِيَ الحِبال، وَهِيَ لُغَةٌ مِنْ لُغَاتِ النَّبَط، قَالَ: وَلَوْلَا أَنني نبَطيٌّ مَا عَرَفْتُهُ.
أصل: الأَصْلُ: أَسفل كُلِّ شَيْءٍ وَجَمْعُهُ أُصُول لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذلك، وَهُوَ اليأْصُول. يُقَالُ: أَصْلٌ مُؤَصَّل؛ وَاسْتَعْمَلَ ابْنُ جِنِّي الأَصْلِيَّة مَوْضِعَ التَأَصُّل فَقَالَ: الأَلف وإِن كَانَتْ فِي أَكثر أَحوالها بدلًا أَو زائدة فإِنها إِذا كَانَتْ بَدَلًا مِنْ أَصل جَرَتْ فِي الأَصلية مَجْرَاهُ، وَهَذَا لَمْ تَنْطِقْ بِهِ الْعَرَبُ إِنما هُوَ شَيْءٌ اسْتَعْمَلَتْهُ الأَوائل فِي بَعْضِ كَلَامِهَا. وأَصُلَ الشيءُ: صَارَ ذَا أَصل؛ قَالَ أُمية الْهُذَلِيُّ:
وَمَا الشُّغْلُ إِلا أَنَّني مُتَهَيِّبٌ ... لعِرْضِكَ، مَا لَمْ تجْعَلِ الشيءَ يَأْصُلُ
وَكَذَلِكَ تَأَصَّلَ. وَيُقَالُ: اسْتَأْصَلَتْ هَذِهِ الشجرةُ أَي ثَبَتَ أَصلها. واسْتَأْصَلَ اللَّه بَنِي فُلَانٍ إِذا لَمْ يَدَعْ لَهُمْ أَصْلًا. واسْتَأْصَلَهُ أَي قَلَعه مِنْ أَصله. وَفِي حَدِيثِ الأُضحية:
أَنه نَهَى عَنِ المُسْتَأْصَلَة
؛ هِيَ الَّتِي أُخِذ قَرْنُها مِنْ أَصله، وَقِيلَ هُوَ مِنَ الأَصِيلَة بِمَعْنَى الْهَلَاكِ. واسْتَأْصَلَ القومَ: قَطَعَ أَصلَهم. واسْتَأْصَلَ اللَّهُ شَأْفَتَه: وَهِيَ قَرْحة تَخْرُجُ بالقَدَم فتُكْوى فَتَذْهَبُ، فدَعا اللَّه أَن يَذْهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ «1» . وقَطْعٌ أَصِيل: مُسْتَأْصِل. وأَصَل الشيءَ: قَتَله عِلْماً فعَرَف أَصلَه. وَيُقَالُ: إِنَّ النخلَ بأَرضِنا لأَصِيلٌ أَي هُوَ بِهِ لَا يَزَالُ وَلَا يَفْنى. وَرَجُلٌ أَصِيل: لَهُ أَصْل. ورَأْيٌ أَصِيل: لَهُ أَصل. وَرَجُلٌ أَصِيل: ثَابِتُ الرأْي عَاقِلٌ. وَقَدْ أَصُلَ أَصَالَة، مِثْلُ ضَخُم ضَخامة، وَفُلَانٌ أَصِيلُ الرأْي وَقَدْ أَصُلَ رأْيُه أَصَالَةً، وإِنه لأَصِيل الرأْي وَالْعَقْلِ. وَمَجْدٌ أَصِيل أَي ذُو أَصالة. ابْنُ الكسيت: جاؤوا بأَصِيلتهم أَي بأَجمعهم. والأَصِيلُ: العَشِيُّ، وَالْجَمْعُ أُصُل وأُصْلان مِثْلُ بَعِيرٌ وبُعران وآصَال وأَصَائِل كأَنه جَمْعُ أَصِيلَة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
لعَمْري لأَنتَ البَيْتُ أُكْرِمُ أَهْلَه، ... وأَقْعُدُ فِي أَفيائه بالأَصَائِل
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: آصَالٌ جَمْعُ أُصُل، فَهُوَ عَلَى هَذَا جَمْعُ الْجَمْعِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أُصُل وَاحِدًا كطُنُب؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فتَمَذَّرَتْ نَفْسِي لِذَاكَ، وَلَمْ أَزَلْ ... بَدِلًا نَهارِيَ كُلَّه حَتى الأُصُلْ
__________
(1) . قوله [أَن يَذْهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ] كذا بالأصل، وعبارته في ش اف: فيقال في الدعاء: أَذْهَبَهُمُ اللَّهُ كَمَا أَذْهَبَ ذلك الداء بِالْكَيّ(11/16)
فَقَوْلُهُ بَدِلًا نَهَارِيَ كُلَّهَ يَدُلُّ عَلَى أَن الأُصُل هاهنا وَاحِدٌ، وَتَصْغِيرُهُ أُصَيْلان وأُصَيْلال عَلَى الْبَدَلِ أَبدلوا مِنَ النُّونِ لَامًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
وَقَفْتُ فِيهَا أُصَيْلالًا أُسائِلُها، ... عَيَّتْ جَواباً، وَمَا بالرَّبْع مِنْ أَحَد
قَالَ السِّيرَافِيُّ: إِن كَانَ أُصَيْلان تَصْغِيرَ أُصْلان وأُصْلان جَمْعُ أَصِيل فَتَصْغِيرُهُ نَادِرٌ، لأَنه إِنما يُصَغَّرُ مِنَ الْجَمْعِ مَا كَانَ عَلَى بِنَاءِ أَدنى الْعَدَدِ، وأَبنية أَدنى الْعَدَدِ أَربعة: أَفعال وأَفعُل وأَفعِلة وفِعْلة، وَلَيْسَتْ أُصْلان وَاحِدَةً مِنْهَا فَوَجَبَ أَن يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالشُّذُوذِ، وإِن كَانَ أُصْلان وَاحِدًا كرُمَّان وقُرْبان فَتَصْغِيرُهُ عَلَى بَابِهِ؛ وأَما قَوْلُ دَهْبَل:
إِنِّي الَّذِي أَعْمَل أَخْفافَ المَطِي، ... حَتَّى أَناخَ عِنْدَ بابِ الحِمْيَرِي،
فَأُعْطِي الحِلْقَ أُصَيْلالَ العَشِي
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنه مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ، إِذ الأَصِيل والعَشِيُّ سَوَاءٌ لَا فَائِدَةَ فِي أَحدهما إِلا مَا فِي الْآخَرِ. وآصَلْنا: دَخَلْنا فِي الأَصِيل. وَلَقِيتُهُ أُصَيْلالًا وأُصَيلاناً إِذا لقِيتَه بالعَشِيِّ، ولَقيتُه مُؤْصِلًا. والأَصِيلُ: الْهَلَاكُ؛ قَالَ أَوس:
خَافُوا الأَصِيلَ وَقَدْ أَعْيَتْ ملوكُهُمُ، ... وحُمِّلوا مِنْ أَذَى غُرْمٍ بأَثقال
وأَتَيْنا مُؤْصِلِين «1» وَقَوْلُهُمْ لَا أَصْل لَهُ وَلَا فَصْل؛ الأَصْل: الحَسَب، والفَصْل اللِّسَانُ. والأَصِيلُ: الْوَقْتُ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلى الْمَغْرِبِ. والأَصَلَة: حَيَّة قَصِيرَةٌ كالرِّئَة حَمْرَاءُ لَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ الْحُمْرَةِ لَهَا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ تَقُومُ عَلَيْهَا وتُساور الإِنسان وَتَنْفُخُ فَلَا تُصِيبُ شَيْئًا بِنَفْخَتِهَا إِلا أَهلكته، وَقِيلَ: هِيَ مِثْلُ الرَّحَى مُسْتَدِيرَةٌ حمراءُ لَا تَمَس شَجَرَةً وَلَا عُودًا إِلا سَمَّته، لَيْسَتْ بِالشَّدِيدَةِ الْحُمْرَةِ لَهَا قَائِمَةٌ تَخُطُّ بِهَا فِي الأَرض وتَطْحَن طَحْنَ الرَّحَى، وَقِيلَ: الأَصَلَة حَيَّةٌ صَغِيرَةٌ تَكُونُ فِي الرِّمَالِ لَوْنُهَا كَلَوْنِ الرِّئَة وَلَهَا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ تَقِفُ عَلَيْهَا تَثِب إِلى الإِنسان وَلَا تُصِيبُ شَيْئًا إِلا هَلَكَ، وَقِيلَ: الأَصَلَة الْحَيَّةُ الْعَظِيمَةُ، وَجَمْعُهَا أَصَل؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الأَصَلَة، بِالتَّحْرِيكِ، جِنْسٌ مِنَ الْحَيَّاتِ وَهُوَ أَخبثها. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ:
أَعور جَعْدٌ كأَن رأْسه أَصَلَة
، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالصَّادِ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: الأَصَلَة الأَفْعَى، وَقِيلَ: حَيَّةٌ ضَخْمة عَظِيمَةٌ قَصِيرَةُ الْجِسْمِ تَثِب عَلَى الْفَارِسِ فَتَقْتُلُهُ فَشَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رأْس الدَّجَّالِ بِهَا لِعِظَمِه وَاسْتِدَارَتِهِ، وَفِي الأَصَلة مَعَ عِظَمِهَا اسْتِدَارَةٌ؛ وأَنشد:
يَا ربِّ إِنْ كَانَ يَزيدُ قَدْ أَكَل ... لَحْمَ الصَّديق عَلَلًا بَعْدَ نَهَل
ودَبَّ بالشَّرِّ دَبِيبًا ونَشَل، ... فاقْدُر لَهُ أَصَلةً مِنَ الأَصَل
«2» . كَبْساءَ، كالقُرْصة أَو خُفِّ الجَمَل، ... لَهَا سَحِيفٌ وفَحِيحٌ وزَجَل
السَّحِيفُ: صَوْتُ جِلْدِهَا، والفَحِيح مِنْ فَمِهَا، وَالْكَبْسَاءُ: العظيمة الرأْس؛ رجل أَكبس وكُبَاس، وَالْعَرَبُ تُشَبِّهُ الرأْس الصَّغِيرَ الْكَثِيرَ الْحَرَكَةِ برأْس الْحَيَّةِ؛ قَالَ طَرَفة:
خَشَاشٌ كرأْسِ الحَيّة المُتَوَقِّدِ» .
__________
(1) . قوله [وأتينا مؤصلين] كذا بالأصل
(2) . قوله [ونشل] كذا بالأصل بالشين المعجمة، ولعله بالمهملة من النسلان المناسب للدبيب
(3) . قوله [خشاش إلخ] هو عجز بيت صدره كما في الصحاح:
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تعرفونه
والخشاش: هو الماضي من الرجال(11/17)
وأَخذ الشَّيْءَ بأَصَلَته وأَصِيلَته أَي بِجَمِيعِهِ لَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا؛ الأَول عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَصِلَ الماءُ يَأْصَلُ أَصَلًا كأَسِن إِذا تَغَيَّرَ طَعْمُهُ وَرِيحُهُ مِنْ حَمْأَة فِيهِ. وَيُقَالُ: إِني لأَجِد مِنْ مَاءِ حُبِّكم طَعْمَ أَصَلٍ. وأَصِيلَة الرَّجُلِ: جَمِيعُ مَالِهِ. وَيُقَالُ: أَصِلَ فُلَانٌ يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا كَقَوْلِكَ طَفِق وعَلِق.
اصطبل: الرُّباعي: الإِصْطَبْلُ مَوْقِف الدَّابَّةِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَوْقِف الفَرَس، شاميّة؛ قال سِيبَوَيْهِ: الإِسْفَنْطُ والإِصْطَبْلُ خُماسيَّان جَعَلَ الأَلف فِيهِمَا أَصلية كَمَا جَعَلَ يَسْتَعُور خُمَاسِيًّا، جُعِلَتِ الْيَاءُ أَصلية. الْجَوْهَرِيُّ: الإِصْطَبْل لِلدَّوَابِّ وأَلفه أَصلية لأَن الزِّيَادَةَ لَا تَلْحَقُ بَنَاتِ الأَربعة مِنْ أَوائلها إِلا الأَسماء الْجَارِيَةَ عَلَى أَفعالها وَهِيَ مِنَ الْخَمْسَةِ أَبعد، قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الإِصْطَبْل لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ.
اصطفل: التَّهْذِيبُ: الإِصْطَفْلِين: الجَزَرُ الَّذِي يُؤْكَلُ، لُغَةٌ شَامِيَّةٌ، الواحدة إِصْطَفْلِينَة، قال: وَهِيَ المَشَا أَيضاً، مَقْصُورٌ، وقيل: الإِصْطَفْلِينَة كالجَزَرة. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمَرة: إِن الْوَالِيَ ليَنْحِت أَقارِبُه أَمانَتَه كَمَا تَنْحِت القَدُومُ الإِصْطَفْلِينَة حَتَّى يَخْلُصَ إِلى قَلْبها.
وَفِي كِتَابِ مُعَاوِيَةَ إِلى مَلِكِ الرُّومِ: ولأَنْزِعَنَّك مِنَ المُلك نَزْعَ الإِصْطَفْلِينَة أَي الجَزَرة، لُغَةٌ شَامِيَّةٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَوردها بَعْضُهُمْ فِي حَرْفِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنها أَصلية، وَبَعْضُهُمْ فِي الصَّادِ عَلَى أَن الْهَمْزَةَ زَائِدَةٌ؛ قَالَ شَمِرٌ: الإِصْطَفْلِينَة كالجَزَرة لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ مَحْضة لأَن الصَّادَ وَالطَّاءَ لَا يكاد يَجْتَمِعَانِ فِي مَحْض كَلَامِهِمْ، قال: وإِنما جَاءَ فِي الصِّراط والإِصطَبْل والأُصطُمَّة أَن أَصلها كلها السين.
أطل: الإِطِلُ والإِطْلُ مِثْلُ إِبِل وإِبْل، والأَيْطَل: مُنْقَطَع الأَضلاع مِنَ الحَجَبة، وَقِيلَ القُرُبُ، وَقِيلَ الخاصرةُ كُلُّهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الإِطِل قَوْلَ الشَّاعِرِ:
لَمْ تُؤْزَ خَيْلُهُمُ بالثَّغْر رَاصِدَةً ... ثُجْلَ الخَواصِرِ، لَمْ يَلْحَقْ لَهَا إِطِلُ
وَجَمْعُ الإِطِلِ آطَال، وَجَمْعُ الأَيْطَل أَياطِل، وأَيْطَلٌ فَيْعَلٌ والأَلف أَصلية؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الأَيْطَل قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
لَهُ أَيْطَلا ظَبْيٍ وسَاقا نَعامةٍ
أفل: أَفَلَ أَي غَابَ. وأَفَلَت الشمسُ تَأْفِل وتَأْفُلُ أَفْلًا وأُفولًا: غَرَبت، وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا غَابَتْ فَهِيَ آفِلَة وآفِل، وَكَذَلِكَ الْقَمَرُ يأْفِلُ إِذا غَابَ، وَكَذَلِكَ سائر الكواكب. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ
. والإِفَال والأَفَائِل: صِغار الإِبل بَنَاتُ المخَاض ونحوُها. ابْنُ سِيدَهْ: والأَفِيل ابْنُ المخَاض فَمَا فَوْقَهُ، والأَفِيل الفَصِيل؛ وَالْجَمْعُ إِفَال لأَن حَقِيقَتَهُ الْوَصْفُ، هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ أَفِيل وأَفَائِل، شَبَّهُوهُ بذَنُوب وذَنائب، يَعْنِي أَنه لَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلا الْيَاءُ وَالْوَاوُ، وَاخْتِلَافُ مَا قَبْلَهُمَا بِهِمَا، وَالْيَاءُ وَالْوَاوُ أُخْتانِ، وَكَذَلِكَ الْكَسْرَةُ وَالضَّمَّةُ. أَبو عُبَيْدٍ: وَاحِدُ الإَفالِ بَنَاتُ المخَاض أَفِيلٌ والأُنثى أَفِيلَة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
فأَصْبَحَ يُجْري فيهمُ مِنْ تِلادكم ... مَغانم شَتَّى، مِنْ إِفَالٍ مُزَنَّمِ
وَيُرْوَى: يُجْدي. النَّوَادِرَ: أَفِلَ الرجلُ إِذا نَشِط، فَهُوَ أَفِلٌ عَلَى فَعِلٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ:
أَبُو شَتِيمَين مِنْ حَصَّاءَ قَدْ أَفِلَت، ... كأَنَّ أَطْباءَها فِي رُفْغها رُقَعُ(11/18)
وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِيمَا رُوِيَ بِخَطِّهِ فِي قَوْلِهِ: قَدْ أَفِلَتْ: ذَهَبَ لَبَنُها، قَالَ: والرُّفْغ مَا بَيْنَ السُّرَّة إِلى الْعَانَةِ، والحَصَّاء الَّتِي انْحَصَّ وَبَرُها، وَقِيلَ: الرُّفْغ أَصل الفَخِذ والإِبْط. ابْنُ سِيدَهْ: أَفَلَ الحَمْلُ فِي الرَّحِم اسْتَقَرَّ. وسَبُعَةٌ آفِل وآفِلَة: حَامِلٌ. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا اسْتَقَرَّ اللَّقاح فِي قَرار الرَّحِم قِيلَ قَدْ أَفَلَ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْحَامِلِ آفِل. والمَأْفُول إِبدال المَأْفون: وهو الناقص العقل.
أفكل: النِّهَايَةَ: فِي الْحَدِيثِ
فَبَات وَلَهُ أَفْكَلٌ
؛ الأَفْكَلُ، بِالْفَتْحِ: الرِّعْدة مِنْ بَرْد أَو خَوْفٍ، قَالَ: وَلَا يُبْنى مِنْهُ فِعْل وَهَمْزَتُهُ زَائِدَةٌ وَوَزْنُهُ أَفْعَل، وَلِهَذَا إِذا سَمَّيْتَ بِهِ لَمْ تَصْرِفْهُ لِلتَّعْرِيفِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فأَخَذَني أَفْكَلٌ فَارْتَعَدْتُ مِنْ شدة الغَيْرة.
أكل: أَكَلْت الطَّعَامَ أَكْلًا ومَأْكَلا. ابْنُ سِيدَهْ: أَكَلَ الطَّعَامَ يأْكُلُه أَكْلًا فَهُوَ آكِل والجمع أَكَلَة، وقالوا فِي الأَمر كُلْ، وأَصله أُؤْكُلْ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ هَمْزَتَانِ وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْكَلِمَةِ حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ الأَصلية فَزَالَ السَّاكِنُ فَاسْتُغْنِيَ عَنِ الْهَمْزَةِ الزَّائِدَةِ، قَالَ: وَلَا يُعْتَدّ بِهَذَا الْحَذْفِ لقِلَّته ولأَنه إِنما حُذِفَ تَخْفِيفًا، لأَن الأَفعال لَا تُحْذَفُ إِنما تُحْذَفُ الأَسماء نَحْوُ يَدٍ ودَمٍ وأَخٍ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ، وَلَيْسَ الْفِعْلُ كَذَلِكَ، وَقَدْ أُخْرِجَ عَلَى الأَصل فَقِيلَ أُوكُل، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي خُذْ ومُر. والإِكْلَة: هَيْئَةُ الأَكْل. والإِكْلَة: الْحَالُ الَّتِي يأْكُل عَلَيْهَا مُتَّكِئًا أَو قَاعِدًا مِثْلُ الجِلْسة والرِّكْبة. يُقَالُ: إِنه لحَسَن الإِكْلَة. والأَكْلَة: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ حَتَّى يَشْبَع. والأُكْلَة: اسْمٌ للُّقْمة. وقال اللِّحْيَانِيُّ: الأَكْلَة والأُكْلَة كاللَّقْمة واللُّقْمة يُعْنَى بِهِمَا جَمِيعًا المأْكولُ؛ قَالَ:
مِنَ الآكِلِين الماءَ ظُلْماً، فَمَا أَرَى ... يَنالون خَيْراً، بعدَ أَكْلِهِمِ المَاءَ
فإِنما يُرِيدُ قَوْمًا كَانُوا يَبِيعُونَ الماءَ فَيَشْتَرُونَ بِثَمَنِهِ مَا يأْكلونه، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ المأْكول عَنْ ذِكْرِ المأْكول. وَتَقُولُ: أَكَلْت أُكْلَة وَاحِدَةً أَي لُقْمة، وَهِيَ القُرْصة أَيضاً. وأَكَلْت أَكْلَة إِذا أَكَل حَتَّى يَشْبَع. وَهَذَا الشَّيْءُ أُكْلَة لَكَ أَي طُعْمة لَكَ. وَفِي حَدِيثِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ:
مَا زَالَتْ أُكْلَة خَيْبَرَ تُعَادُّني
؛ الأُكْلَة، بِالضَّمِّ: اللُّقمة الَّتِي أَكَل مِنَ الشَّاةِ، وَبَعْضُ الرُّواة بفتح الأَلف وَهُوَ خَطَأٌ لأَنه مَا أَكَل إِلّا لُقْمة وَاحِدَةً. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فَلْيَجْعَلْ فِي يَدِهِ أُكْلَة أَو أُكْلَتَيْنِ
أَي لُقْمة أَو لُقْمتين. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَخْرَجَ لَنَا ثلاثَ أُكَل
؛ هِيَ جَمْعُ أُكْلَة مِثْلُ غُرْفة وغُرَف، وَهِيَ القُرَص مِنَ الخُبْز. وَرَجُلٌ أُكَلَةٌ وأَكُولٌ وأَكِيلٌ: كَثِيرُ الأَكْلِ. وآكَلَه الشيءَ: أَطعمه إِياه، كِلَاهُمَا عَلَى الْمَثَلِ «4» وآكَلَنِي مَا لَمْ آكُلْ وأَكَّلَنِيه، كِلَاهُمَا: ادَّعَاهُ عليَّ. وَيُقَالُ: أَكَّلْتَنِي مَا لَمْ آكُلْ، بِالتَّشْدِيدِ، وآكَلْتَنِي مَا لَمْ آكُلْ أَيضاً إِذا ادَّعيتَه عليَّ. وَيُقَالُ: أَليس قَبِيحًا أَن تُؤَكِّلَنِي مَا لَمْ آكُلْ؟ وَيُقَالُ: قَدْ أَكَّلَ فُلَانٌ غَنَمِي وشَرَّبَها. وَيُقَالُ: ظَلَّ مَالِي يُؤَكَّلُ ويُشَرَّب. وَالرَّجُلُ يَسْتأْكِل قَوْمًا أَي يأْكل أَموالَهم مِنَ الإِسْنات. وَفُلَانٌ يَسْتَأْكِل الضُّعفاء أَي يأْخذ أَموالهم؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَوْلُ أَبي طَالِبٍ:
__________
(4) . قوله [وآكَلَهُ الشيءَ أَطْعَمَهُ إِيَّاهُ كلاهما إلخ] هكذا في الأصل، ولعل فيه سقطاً نظير ما بعده بدليل قوله كلاهما إلخ(11/19)
وَمَا تَرْكُ قَوْمٍ، لَا أَبا لَك، سَيِّداً ... مَحُوطَ الذِّمَارِ غَيْرَ ذِرْبٍ مؤَاكِل
أَي يَسْتأْكل أَموالَ النَّاسِ. واسْتَأْكَلَه الشيءَ: طَلَب إِليه أَن يَجْعَلَهُ لَهُ أُكْلة. وأَكَلَتِ النارُ الحَطَبَ، وآكَلْتُها أَي أَطْعَمْتُها، وَكَذَلِكَ كُلُّ شيءٍ أَطْعَمْتَه شَيْئًا. والأُكْل: الطُّعْمة؛ يُقَالُ: جَعَلْتُه لَهُ أُكْلًا أَي طُعْمة. وَيُقَالُ: مَا هُمْ إِلَّا أَكَلَة رَأْسٍ أَي قليلٌ، قَدْرُ مَا يُشْبِعهم رأْسٌ وَاحِدٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وَقَوْلُهُمْ هُمْ أَكَلَة رأْس أَي هُمْ قَلِيلٌ يُشْبِعُهُمْ رأْس وَاحِدٌ، وَهُوَ جَمْعُ آكِل. وآكَلَ الرجلَ ووَاكَلَهُ: أَكل مَعَهُ، الأَخيرة عَلَى الْبَدَلِ وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وَهُوَ أَكِيل مِنَ المُؤَاكَلَة، وَالْهَمْزُ فِي آكَلَه أَكثر وأَجود. وَفُلَانٌ أَكِيلِي: وَهُوَ الَّذِي يأْكل مَعَكَ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَكِيل الَّذِي يُؤَاكِلُكَ. والإِيكَال بَيْنَ النَّاسِ: السَّعْيُ بَيْنَهُمْ بالنَّمائم. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَكَلَ بأَخيه أُكْلَة
؛ مَعْنَاهُ الرَّجُلُ يَكُونُ صَدِيقاً لِرَجُلٍ ثُمَّ يَذْهَبُ إِلى عَدُوِّهِ فَيَتَكَلَّمُ فِيهِ بِغَيْرِ الْجَمِيلِ ليُجيزه عَلَيْهِ بِجَائِزَةٍ فَلَا يُبَارِكُ اللَّهُ لَهُ فِيهَا؛ هِيَ بِالضَّمِّ اللُّقْمَةُ، وَبِالْفَتْحِ المرَّة مِنَ الأَكل. وآكَلْتُه إِيكَالًا: أَطْعَمْته. وآكَلْتُه مُؤَاكَلَةً: أَكَلْت مَعَهُ فَصَارَ أَفْعَلْت وفَاعَلْت عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا تَقُلْ وَاكَلْتُهُ، بِالْوَاوِ. والأَكِيل أَيضاً: الْآكِلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَعَمْرُك إِنَّ قُرْصَ أَبي خُبَيْبٍ ... بَطِيءُ النَّضْج، مَحْشُومُ الأَكِيل
وأَكِيلُكَ: الَّذِي يُؤَاكِلك، والأُنثى أَكِيلَة. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ فُلَانَةٌ أَكِيلِي لِلْمَرْأَةِ الَّتِي تُؤَاكلك. وَفِي حَدِيثِ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ:
فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَن يَكُونَ أَكِيلَه وشَرِيبَه
؛ الأَكِيل والشَّرِيب: الَّذِي يُصَاحِبُكَ فِي الأَكل وَالشُّرْبِ، فعِيل بِمَعْنَى مُفاعل. والأُكْل: مَا أُكِل. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ عمر، رضي الله عنها: وبَعَج الأَرضَ فَقاءَت أُكْلَها
؛ الأَكْل، بِالضَّمِّ وَسُكُونِ الْكَافِ: اسْمُ المأْكول، وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ؛ تُرِيدُ أَن الأَرض حَفِظَت البَذْر وشَرِبت ماءَ الْمَطَرِ ثُمَّ قَاءَتْ حِينَ أَنْبتت فكَنَت عَنِ النَّبَاتِ بالقَيء، وَالْمُرَادُ مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْبِلَادِ بِمَا أَغْزَى إِليها مِنَ الْجُيُوشِ. وَيُقَالُ: مَا ذُقْت أَكَالًا، بِالْفَتْحِ، أَي طَعَامًا. والأَكَال: مَا يُؤْكَل. وَمَا ذَاقَ أَكَالًا أَي مَا يُؤْكَل. والمُؤْكِل: المُطْعِم. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبا ومُؤْكِلَه
، يُرِيدُ بِهِ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
نَهَى عَنِ المُؤَاكَلَة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ دَيْنٌ فيُهْدِي إِليه شَيْئًا ليؤَخِّره ويُمْسك عَنِ اقْتِضَائِهِ، سُمِّيَ مُؤَاكَلَةً لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤْكِل صاحبَه أَي يُطْعِمه. والمَأْكَلَة والمَأْكُلَة: مَا أُكِل، وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: شَاةٌ مَأْكَلَة ومَأْكُلَة. والمَأْكُلَة: مَا جُعل للإِنسان لَا يحاسَب عَلَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: المَأْكَلَة والمَأْكُلَة الْمَوْضِعُ الَّذِي مِنْهُ تَأْكُل، يُقَالُ: اتَّخَذت فُلَانًا مَأْكَلَة ومَأْكُلَة. والأَكُولَة: الشَّاةُ الَّتِي تُعْزَل للأَكل وتُسَمَّن وَيُكْرَهُ للمصدِّق أَخْذُها. التَّهْذِيبُ: أَكُولَة الرَّاعِي الَّتِي يُكْرَهُ للمُصَدِّق أَن يأْخذها هِيَ الَّتِي يُسَمِّنها الرَّاعِي، والأَكِيلَة هِيَ المأْكولة. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ أَكَلْتُه الْعَقْرَبُ، وأَكَل فُلَانٌ عُمْرَه إِذا أَفناه، وَالنَّارُ تَأْكُلُ الْحَطَبَ. وأَما حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه: دَعِ الرُّبَّى والماخِض والأَكُولَة
، فإِنه أَمر المُصَدِّق بأَن يَعُدَّ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ هَذِهِ الثَّلَاثَ وَلَا يأْخذها فِي(11/20)
الصَّدَقَةِ لأَنها خِيار الْمَالِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: والأَكُولَة التي تُسَمَّن للأَكل، وقال شَمِرٌ: قَالَ غَيْرُهُ أَكُولَة غَنَمِ الرَّجُلِ الخَصِيُّ والهَرِمة والعاقِر، وقال ابْنُ شُمَيْلٍ: أَكُولَة الحَيِّ الَّتِي يَجْلُبون يأْكلون ثَمَنَهَا «1» التَّيْس والجَزْرة والكَبْش الْعَظِيمُ الَّتِي لَيْسَتْ بقُنْوة، والهَرِمة وَالشَّارِفُ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ جَوارح الْمَالِ، قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ أَكِيلةً فِيمَا زَعَمَ يُونُسُ فَيُقَالُ: هَلْ غَنَمُكُ أَكُولة؟ فَتَقُولُ: لَا، إِلَّا شاة واحدة. يقال: هَذِهِ مِنَ الأَكولة وَلَا يقال للواحدة هذه أَكُولة. وَيُقَالُ: مَا عِنْدَهُ مِائَةُ أَكَائِل وَعِنْدَهُ مِائَةٌ أَكُولَة. وقال الْفَرَّاءُ: هِيَ أَكُولَة الرَّاعِي وأَكِيلَة السَّبُعِ الَّتِي يأْكل مِنْهَا وتُسْتَنْقذ مِنْهُ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: هِيَ أَكِيلَة الذِّئب وَهِيَ فَريسته، قَالَ: والأَكُولَة مِنَ الْغَنَمِ خَاصَّةً وَهِيَ الْوَاحِدَةُ إِلى مَا بَلَغَتْ، وَهِيَ القَواصي، وَهِيَ الْعَاقِرُ والهَرِمُ والخَصِيُّ مِنَ الذِّكارة، صِغَاراً أَو كِبَارًا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الَّذِي يُرْوَى فِي الْحَدِيثِ
دَعِ الرُّبَّى والماخِض والأَكِيلَة
، وإِنما الأَكِيلَة المأْكولة. يُقَالُ: هَذِهِ أَكِيلَة الأَسد وَالذِّئْبِ، فأَما هَذِهِ فإِنها الأَكُولة. والأَكِيلَة: هِيَ الرأْس الَّتِي تُنْصب للأَسد أَو الذِّئْبِ أَو الضَّبُعِ يُصاد بِهَا، وأَما الَّتِي يَفْرِسها السَّبُع فَهِيَ أَكِيلة، وإِنما دَخَلَتْهُ الْهَاءُ وإِن كَانَ بِمَعْنَى مُفَعْوِلَةٍ لِغَلَبَةِ الِاسْمِ عَلَيْهِ. وأَكِيلَة السَّبُعِ وأَكِيله: مَا أَكل مِنَ الْمَاشِيَةِ، وَنَظِيرُهُ فَرِيسة السَّبُعِ وفَرِيسه. والأَكِيل: المأْكول فَيُقَالُ لِمَا أُكِل مَأْكُول وأَكِيل. وآكَلْتُك فُلَانًا إِذا أَمكنته مِنْهُ؛ وَلَمَّا أَنشد المُمَزَّق قَوْلَهُ:
فإِنْ كنتُ مَأْكولًا، فكُنْ خيرَ آكِلٍ، ... وإِلَّا فَأَدْرِكْني، ولَمَّا أُمَزَّقِ
فقال النُّعْمَانُ: لَا آكُلُك وَلَا أُوكِلُك غَيْرِي. وَيُقَالُ: ظَلَّ مَالِي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كَيْفَ شَاءَ. وَيُقَالُ أَيضاً: فُلَانٌ أَكَّلَ مَالِي وشَرَّبه أَي أَطعمه النَّاسَ. نَوَادِرَ الأَعراب: الأَكَاوِل نُشوزٌ مِنَ الأَرض أَشباه الْجِبَالِ. وأَكَلَ البَهْمة تَنَاوُلُ التُّرَابِ تُرِيدُ أَن تأْكل «2» ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والمَأْكَلَة والمَأْكُلَة: المِيرة، تَقُولُ الْعَرَبُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَغنانا بالرِّسل عَنِ المأْكلة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ الأُكْل، قَالَ: وَهِيَ المِيرة وإِنما يَمْتَارُونَ فِي الجَدْب. والآكَال: مَآكِلُ الْمُلُوكِ. وآكَال الْمُلُوكِ: مَأْكَلُهم وطُعْمُهم. والأُكُل: مَا يَجْعَلُهُ الْمُلُوكُ مأْكَلة. والأُكْل: الرِّعْي أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عَمْرِو بْنِ عَبْسة: ومَأْكُول حِمْير خَيْرٌ مِنْ آكُلِهَا
المأْكول: الرَّعِيَّة، وَالْآكِلُونَ الْمُلُوكُ جَعَلُوا أَموال الرَّعِيَّة لَهُمْ مأْكَلة، أَراد أَن عَوَامَّ أَهل اليَمن خَيْرٌ مِنْ مُلُوكِهِمْ، وَقِيلَ: أَراد بمأْكولهم مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فأَكلتهم الأَرض أَي هُمْ خَيْرٌ مِنَ الأَحياء الْآكِلِينَ، وَهُمُ الْبَاقُونَ. وآكَال الجُنْد: أَطماعُهم؛ قَالَ الأَعْشَى:
جُنْدُك التالدُ العتيق من السَّاداتِ، ... أَهْل القِباب والآكَال
والأُكْل: الرِّزق. وإِنه لعَظيم الأُكْل فِي الدُّنْيَا أَي عَظِيمُ الرِّزْقِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَيِّتِ: انْقَطَعَ أُكْله، والأُكْل: الْحَظُّ مِنَ الدُّنْيَا كأَنه يُؤْكَل. أَبو سَعِيدٍ: وَرَجُلٌ مُؤْكَل أَي مَرْزُوقٌ؛ وأَنشد:
منْهَرِتِ الأَشْداقِ عَضْبٍ مُؤْكَل، ... فِي الآهِلين واخْتِرامِ السُّبُل
وَفُلَانٌ ذُو أُكْل إِذا كَانَ ذَا حَظٍّ مِنَ الدُّنْيَا وَرِزْقٌ وَاسِعٌ. وآكَلْت بَيْنَ الْقَوْمِ أَي حَرَّشْت وأَفسدت.
__________
(1) . قوله: [الَّتِي يَجْلُبُونَ يَأْكُلُونَ ثَمَنَهَا،] هكذا في الأصل
(2) . قوله: [وأَكَلَ الْبَهْمَةِ تَنَاوُلُ التُّرَابِ تريد أن تأكل،] هكذا في الأَصل(11/21)
والأُكْل: الثَّمَر. وَيُقَالُ: أُكْل بستانِك دَائِمٌ، وأُكْله ثَمَرُهُ. وَفِي الصِّحَاحِ: والأُكْل ثَمَرُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ. وكُلُّ مَا يُؤْكل، فَهُوَ أُكْل. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أُكُلُها دائِمٌ
. وآكَلَتِ الشجرةُ: أَطْعَمَتْ، وآكَلَ النخلُ والزرعُ وكلُّ شَيْءٍ إِذا أَطْعَم. وأُكُل الشجرةِ: جَنَاها. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها
، وَفِيهِ: ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ
؛ أَي جَنًى خمطٍ. وَرَجُلٌ ذُو أُكْل أَي رَأْي وَعَقْلٍ وحَصَافَة. وَثَوْبٌ ذُو أُكْل: قَوِيٌّ صَفِيق كَثِير الغَزْل. وقال أَعرابي: أُريد ثَوْبًا لَهُ أُكْل أَي نَفْسٌ وَقُوَّةٌ؛ وَقِرْطَاسٌ ذُو أُكْل. وَيُقَالُ لِلْعَصَا الْمُحَدَّدَةِ: آكِلَةُ اللَّحْمِ تَشْبِيهًا بِالسِّكِّينِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: واللهِ ليَضْربَنَّ أَحدكُم أَخاه بِمِثْلِ آكِلَة اللَّحْمِ ثُمَّ يَرَى أَني لَا أُقِيدُه، وَاللَّهِ لأُقِيدَنَّهُ مِنْهُ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ الْعَجَّاجُ أَراد بآكِلَة اللَّحْمِ عَصًا محدّدة؛ قال: وقال الأُموي الأَصل فِي هَذَا أَنها السِّكِّينُ وإِنما شُبِّهَتِ العصا المحدّدة بها؛ وقال شَمِرٌ: قِيلَ فِي آكِلَة اللَّحْمِ إِنها السِّيَاط، شَبَّهها بِالنَّارِ لأَن آثَارَهَا كَآثَارِهَا. وَكَثُرَتِ الآكِلَة فِي بِلَادِ بَنِي فُلَانٍ أَي الرَّاعِيَةُ. والمِئْكَلَة مِنَ البِرَام: الصغيرةُ الَّتِي يَسْتَخِفُّها الحيُّ أَن يَطْبُخُوا اللَّحْمَ فِيهَا وَالْعَصِيدَةَ، وقال اللِّحْيَانِيُّ: كُلُّ مَا أُكِل فِيهِ فَهُوَ مِئْكَلَة؛ والمِئْكَلَة: ضَرْبٌ مِنَ الأَقداح وَهُوَ نحوٌ مِمَّا يُؤْكَلُ فِيهِ، والجمع المَآكِل؛ وفي الصِّحَاحِ: المِئْكَلَة الصِّحاف الَّتِي يستخفُّ الْحَيُّ أَن يَطْبُخُوا فِيهَا اللَّحْمَ وَالْعَصِيدَةَ. وأَكِل الشيءُ وأْتَكَلَ وتَأَكَّلَ: أَكل بعضُه بَعْضًا، وَالِاسْمُ الأُكَال والإِكَال؛ وَقَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
سَأَلَتْني عَنْ أُناسٍ هَلَكوا، ... شرِبَ الدَّهْرُ عَلَيْهِمْ وأَكَلَ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: يقول مَرَّ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَثَل، وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَاهُ شَرِب الناسُ بَعْدَهم وأَكَلُوا. والأَكِلَة، مَقْصُورٌ: دَاءٌ يَقَعُ فِي الْعُضْوِ فيَأْتَكِل مِنْهُ. وتَأَكَّلَ الرجلُ وأْتَكَلَ: غضِب وَهَاجَ وَكَادَ بَعْضُهُ يأْكل بَعْضًا؛ قَالَ الأَعشى:
أَبْلِغْ يَزيدَ بَني شَيْبَان مَأْلُكَةً: ... أَبا ثُبَيْتٍ، أَمَا تَنْفَكُّ تَأْتَكِل؟
وَقَالَ يَعْقُوبُ: إِنما هُوَ تَأْتَلِكُ فَقَلَبَ. التَّهْذِيبُ: وَالنَّارُ إِذا اشْتَدَّ الْتهابُها كأَنها يأْكل بَعْضُهَا بَعْضًا، يُقَالُ: ائْتَكَلت النَّارُ. وَالرَّجُلُ إِذا اشْتَدَّ غَضَبُهُ يَأْتَكِل؛ يُقَالُ: فُلَانٌ يَأْتَكِل مِنَ الْغَضَبِ أَي يَحْتَرِقُ ويَتَوَهَّج. وَيُقَالُ: أَكَلَتِ النارُ الحطبَ وآكَلْتُها أَنا أَي أَطعمتها إِياه. والتَّأَكُّل: شِدَّةُ بَرِيقِ الْكُحْلِ إِذا كسِر أَو الصَّبِرِ أَو الْفِضَّةِ والسيفِ والبَرْقِ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
عَلَى مِثْل مِسْحاة اللُّجَينِ تَأَكُّلا «3»
وقال اللِّحْيَانِيُّ: ائتَكَلَ السَّيْفُ اضْطَرَبَ. وتَأَكَّلَ السَّيْفُ تَأَكُّلًا إِذا مَا تَوَهَّج مِنَ الحدَّة؛ وَقَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
وأَبْيَضَ صُولِيًّا، كأَنَّ غِرَارَه ... تَلأْلُؤُ بَرْقٍ فِي حَبِيٍّ تَأَكَّلا
وأَنشده الْجَوْهَرِيُّ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُ إِنشاده: وأَبيض هِنْدِيًّا، لأَن السُّيُوفَ تُنْسَبُ إِلى الْهِنْدِ وَتُنْسَبُ الدُّروع إِلى صُول؛ وقبل البيت:
__________
(3) . قوله [على مثل مسحاة إلخ] هو عجز بيت صدره كما في شرح القاموس:
إذا سل من غمد تأكل أثره(11/22)
وأَمْلَسَ صُولِيًّا، كَنِهْيِ قَرَارةٍ، ... أَحَسَّ بِقاعٍ نَفْخَ رِيحٍ فأَحْفَلا
وتَأَكَّلَ السَّيْفُ تَأَكُّلًا وتَأَكَّلَ البرقُ تَأَكُّلًا إِذا تلأْلأَ. وَفِي أَسنانه أَكَلٌ أَي أَنها مُتأَكِّلة. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: فِي الأَسنان القادحُ، وَهُوَ أَن تَتَأَكَّلَ الأَسنانُ. يُقَالُ: قُدِحَ فِي سِنِّه. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ أَكِلَتْ أَسنانه مِنَ الكِبَر إِذا احْتَكَّت فَذَهَبَتْ. وَفِي أَسنانه أَكَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ، أَي أَنها مؤْتكِلة، وَقَدِ ائْتَكَلَتْ أَسنانُه وتَأَكَّلَت. والإِكْلَةُ والأُكَال: الحِكَّة وَالْجَرَبُ أَيّاً كَانَتْ. وَقَدْ أَكَلَنِي رأْسي. وإِنه ليَجِدُ فِي جِسْمِهِ أَكِلَةً، مِنَ الأُكال، عَلَى فَعِلة، وإِكْلَةً وأُكَالًا أَي حَكَّةً. الأَصمعي وَالْكِسَائِيُّ: وَجَدُتُ فِي جَسَدِي أُكَالًا أَي حَكَّةً. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: جِلْدي يَأْكُلُنِي إِذا وَجَدَ حَكَّةً، وَلَا يُقَالُ جِلْدي يَحُكُّني. والآكَال: سادَةُ الأَحياء الَّذِينَ يأْخذون المِرْباعَ وَغَيْرَهُ. والمَأْكَل: الكَسْب. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُمِرْت بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَى
؛ هي الْمَدِينَةُ، أَي يَغْلِب أَهلُها وَهُمُ الأَنصار بالإِسلام عَلَى غَيْرِهَا مِنَ القُرَى، وَيَنْصُرُ اللهُ دينَه بأَهلها وَيَفْتَحُ الْقُرَى عَلَيْهِمْ ويُغَنِّمهم إِياها فيأْكلونها. وأَكِلَتِ الناقةُ تَأْكَلُ أَكَلًا إِذا نَبَتَ وَبَرُ جَنينها فِي بَطْنِهَا فَوَجَدَتْ لِذَلِكَ أَذى وحِكَّة فِي بَطْنِهَا؛ وَنَاقَةٌ أَكِلَة، عَلَى فَعِلة، إِذا وَجَدَتْ أَلماً فِي بَطْنِهَا مِنْ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: أَكِلَت الناقةُ أَكَالًا مِثْلُ سَمِع سَمَاعاً، وَبِهَا أُكَال، بِالضَّمِّ، إِذا أَشْعَرَ وَلَدُها فِي بَطْنِهَا فحكَّها ذَلِكَ وتَأَذَّتْ. والأُكْلَة والإِكْلَة، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: الْغَيْبَةُ. وإِنه لَذُو أُكْلة لِلنَّاسِ وإِكْلة وأَكْلَة أَي غَيْبَةٍ لَهُمْ يَغْتَابُهُمْ؛ الْفَتْحُ عَنْ كُرَاعٍ. وآكَلَ بَيْنَهُمْ وأَكَّلَ: حَمَلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ كأَنه مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً
؛ وَقَالَ أَبو نَصْرٍ فِي قَوْلِهِ:
أَبا ثُبَيْتٍ، أَما تَنْفَكُّ تَأْتَكِل
مَعْنَاهُ تأْكل لُحُومَنَا وَتَغْتَابُنَا، وَهُوَ تَفْتَعِل مِنَ الأَكل.
ألل: الأَلُّ: السُّرْعَةُ، والأَلُّ الإِسراع. وأَلَّ فِي سَيْرِهِ وَمَشْيِهِ يَؤُلُّ ويَئِلُّ أَلًّا إِذا أَسرع واهْتَزَّ؛ فأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ جِنِّي:
وإِذْ أَؤُلُّ المَشْيَ أَلًّا أَلَّا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِما أَن يَكُونَ أَراد أَؤُلُّ فِي الْمَشْيِ فَحَذَفَ وأَوصل، وإِما أَن يَكُونَ أَؤُلُّ مُتَعَدِّيًا فِي مَوْضِعِهِ بِغَيْرِ حَرْفِ جَرٍّ. وَفَرَسٌ مِئَلٌّ أَي سَرِيعٌ. وَقَدْ أَلَّ يَؤُلُّ أَلًّا: بِمَعْنَى أَسرع؛ قَالَ أَبو الْخَضِرِ الْيَرْبُوعِيُّ يَمْدَحُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ وَكَانَ أَجرى مُهْراً فَسَبَق:
مُهْرَ أَبي الحَبْحابِ لَا تَشَلِّي، ... بارَكَ فيكَ اللَّهُ مِنْ ذِي أَلِ
أَي مِنْ فَرَسٍ ذِي سُرْعَةٍ. وأَلَّ الفرسُ يَئِلُّ أَلًّا: اضْطَرَبَ. وأَلَّ لونُه يَؤُلُّ أَلًّا وأَلِيلًا إِذا صَفَا وبرَقَ، والأَلُّ صَفَاءُ اللَّوْنِ. وأَلَّ الشيءُ يَؤُلُّ ويَئِلُّ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ، أَلًّا: بَرَقَ. وأَلَّتْ فرائصُه تَئِلُّ: لَمَعَتْ فِي عَدْو؛ قَالَ:
حَتَّى رَمَيْت بِهَا يَئِلُّ فَرِيصُها، ... وكأَنَّ صَهْوَتَها مَدَاكُ رُخَام
وأَنشد الأَزهري لأَبي دُوادٍ يَصِفُ الْفَرَسَ وَالْوَحْشَ:
فلَهَزْتُهُنَّ بِهَا يَؤُلُّ فَرِيصُها ... مِنْ لَمْعِ رايَتِنا، وهُنَّ غَوَادي
والأَلَّة: الحَرْبة الْعَظِيمَةُ النَّصْل، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبَرِيقِهَا(11/23)
ولَمَعانها، وفرَق بَعْضُهُمْ بَيْنَ الأَلَّة والحَرْبة فَقَالَ: الأَلَّة كُلُّهَا حَدِيدَةٌ، والحَرْبة بَعْضُهَا خَشَبٌ وَبَعْضُهَا حَدِيدٌ، وَالْجَمْعُ أَلٌّ، بِالْفَتْحِ، وإِلالٌ؛ وأَلِيلُها: لَمَعانها. والأَلُّ: مَصْدَرُ أَلَّهُ يَؤُلُّه أَلًّا طَعَنَهُ بالأَلَّة. الْجَوْهَرِيُّ: الأَلُّ، بِالْفَتْحِ، جَمْعُ أَلَّة وَهِيَ الحَرْبة فِي نَصْلِهَا عِرَضٌ؛ قَالَ الأَعشى:
تَدَارَكَه فِي مُنْصِلِ الأَلِّ بعدَ ما ... مَضى غيرَ دَأْدَاءٍ، وَقَدْ كَادَ يَعْطَب
وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى إِلالٍ مِثْلَ جَفْنَة وجِفَان. والأَلَّة: السِّلاح وَجَمِيعُ أَداة الْحَرْبِ. وَيُقَالُ: مَا لَه أُلَّ وغُلَّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أُلَّ دُفع فِي قَفَاهُ، وغُلَّ أَي جُنَّ. والمِئَلُّ: القَرْنُ الَّذِي يُطْعَنُ بِهِ، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَّخِذُونَ أَسِنَّة مِنْ قُرُونِ الْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ. التَّهْذِيبُ: والمِئَلَّانِ القَرْنانِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الثَّوْرَ:
إِذا مِئَلًّا قَرْنِه تَزَعْزَعا
قَالَ أَبو عمرو: المِئَلُّ حَدُّ رَوْقه وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الأَلَّة وَهِيَ الحَرْبة. والتَّأْلِيل: التَّحْدِيدُ وَالتَّحْرِيفُ. وأُذن مُؤَلَّلَة: مُحَدَّدَةٌ مَنْصُوبَةٌ مُلَطَّفة. وإِنه لمُؤَلَّل الْوَجْهِ أَي حَسَنه سَهْله؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كأَنه قَدْ أُلِّل. وأَلَلا السِّكينِ والكتفِ وَكُلِّ شَيْءٍ عَريض: وَجْهَاه. وَقِيلَ: أَلَلا الكتفِ اللَّحمتان الْمُتَطَابِقَتَانِ بَيْنَهُمَا فَجْوة عَلَى وَجْهِ الْكَتِفِ، فإِذا قُشرت إِحداهما عَنِ الأُخرى سَالَ مِنْ بَيْنِهِمَا مَاءٌ، وَهُمَا الأَلَلان. وَحَكَى الأَصمعي عَنْ عِيسَى بْنِ أَبي إِسحق أَنه قَالَ: قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ لِابْنَتِهَا لَا تُهْدِي إِلى ضَرَّتِك الكتفَ فإِن الماءَ يَجْري بَيْنَ أَلَلَيْها أَي أَهْدي شَرًّا مِنْهَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِحدى هَاتَيْنِ اللَّحمتين الرُّقَّى وَهِيَ كَالشَّحْمَةِ الْبَيْضَاءِ تَكُونُ فِي مَرْجِع الكَتِف، وَعَلَيْهَا أُخرى مثلُها تُسَمَّى المأْتَى. التَّهْذِيبُ: والأَلَلُ والأَلَلانِ وَجْها السِّكين ووَجْها كُلِّ شَيْءٍ عَرِيض. وأَلَّلْتُ الشيءَ تَأْلِيلًا أَي حَدَّدْتُ طَرَفه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفة بْنِ الْعَبْدِ يَصِفُ أُذني نَاقَتِهِ بالحِدَّة وَالِانْتِصَابِ:
مُؤَلَّلتانِ يُعْرَف العِتْقُ فِيهِمَا، ... كَسَامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَلَ مُفْرَدِ
الْفَرَّاءُ: الأُلَّة الراعِية الْبَعِيدَةُ المَرْعَى مِنَ الرُّعاة. والإِلَّة: الْقَرَابَةُ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ إِلِّكم وقُنوطِكم وَسُرْعَةِ إِجابته إِياكم
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمُحَدِّثُونَ رَوَوْهُ مِنْ إِلِّكم، بِكَسْرِ الأَلف، وَالْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا
مِنْ أَلِّكم
، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ أَشبه بِالْمَصَادِرِ كأَنه أَراد مِنْ شِدَّةِ قُنُوطِكُمْ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ قَوْلِكَ أَلَّ يَئِلُّ أَلًّا وأَلَلَا وأَلِيلَا، وَهُوَ أَن يَرْفَعَ الرَّجُلُ صَوْتَهُ بِالدُّعَاءِ ويَجْأَر؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ رَجُلًا:
وأَنتَ مَا أَنتَ، فِي غَبْراءَ مُظْلِمةٍ، ... إِذا دَعَتْ أَلَلَيْها الكاعِبُ الفُضُل
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ أَلَلَيها أَنه يُرِيدُ الأَلَل الْمَصْدَرَ ثُمَّ ثَنّاه وَهُوَ نَادِرٌ كأَنه يُرِيدُ صَوْتًا بَعْدَ صَوْتٍ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَلَلَيْها أَن يُرِيدَ حِكَايَةَ أَصوات النِّسَاءِ بالنَّبَطية إِذا صَرَخْنَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ فِي غَبْرَاءَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَالْعَامِلُ فِي الْحَالِ مَا فِي قَوْلِهِ مَا أَنت مِنْ مَعْنَى التَّعْظِيمِ كأَنه قَالَ عَظُمْتَ حَالًا فِي غَبْراء. والأَلُّ: الصِّيَاحُ. ابْنُ سِيدَهْ: والأَلَلُ والأَلِيلُ والأَلِيلَة والأَلَلانُ كُلُّهُ الأَنين، وَقِيلَ: عَلَزُ الحُمَّى.(11/24)
التَّهْذِيبُ: الأَلِيل الأَنين؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَما تَرَانِي أَشتكي الأَلِيلا
أَبو عمرو: يقال لَهُ الوَيْل والأَلِيل، والأَلِيل الأَنين؛ وأَنشد لِابْنِ مَيّادة:
وقُولا لَهَا: مَا تَأْمُرينَ بوامقٍ، ... لَهُ بَعْدَ نَوْماتِ العُيُونِ أَلِيلُ؟
أَي تَوَجُّع وأَنين؛ وَقَدْ أَلَّ يَئِلُّ أَلًّا وأَلِيلًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَسَّرَ الشَّيْبَانِيُّ الأَلِيل بالحَنين؛ وأَنشد الْمَرَّارُ:
دَنَوْنَ، فكُلُّهنَّ كَذَاتِ بَوٍّ، ... إِذا حُشِيَت سَمِعْتَ لَهَا أَلِيلا
وَقَدْ أَلَّ يَئِلُّ وأَلَّ يَؤُلُّ أَلًّا وأَلَلًا وأَلِيلًا: رَفَعَ صَوْتَهُ بِالدُّعَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَن امرأَة سأَلت عَنِ المرأَة تَحْتَلِم فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: تَرِبَتْ يَدَاك وأَلَّتْ وَهَلْ تَرَى المرأَة ذَلِكَ؟
أَلَّتْ أَي صَاحَتْ لِمَا أَصابها مِنْ شِدَّةِ هَذَا الْكَلَامِ، وَيُرْوَى بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مَعَ تَشْدِيدِ اللَّامِ، أَي طُعِنَت بالأَلَّة وَهِيَ الحَرْبة؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِيهِ بُعد لأَنه لَا يُلَائِمُ لَفْظَ الْحَدِيثِ. والأَلِيلُ والأَلِيلَة: الثُّكْلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلِيَ الأَلِيلةُ، إِن قَتَلْتُ خُؤُولتي، ... ولِيَ الأَلِيلَة إِنْ هُمُ لم يُقْتَلوا
وقال آخَرُ:
يَا أَيها الذِّئْبُ، لَكَ الأَلِيل، ... هَلْ لَكَ فِي باعٍ كَمَا تَقُولُ؟ «1»
. قَالَ: مَعْنَاهُ ثَكِلتك أُمُّك هَلْ لَكَ فِي بَاعٍ كَمَا تُحِبُّ؛ قَالَ الكُمَيت:
وضِياءُ الأُمُور فِي كُلِّ خَطْبٍ، ... قِيلَ للأُمَّهاتِ مِنْهُ الأَلِيل
أَي بُكَاءٌ وَصِيَاحٌ من الأَلَلِيِّ؛ وقال الكميتُ أَيضاً:
بضَرْبٍ يُتْبِعُ الأَلَلِيّ مِنْهُ ... فَتاة الحَيِّ، وَسْطَهُمُ، الرَّنِينا
والأَلُّ، بِالْفَتْحِ: السُّرْعةُ وَالْبَرِيقُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ، وَجَمْعُ أَلَّة للحَرْبة. والأَلِيلُ: صَلِيلُ الحَصَى، وَقِيلَ: هُوَ صَلِيلُ الحَجَر أَيًّا كَانَ؛ الأُولى عَنْ ثَعْلَبٍ. والأَلِيل: خَرِيرُ الماءِ. وأَلِيلُ الماءِ: خَرِيرُه وقَسِيبُه. وأَلِلَ السِّقاء، بِالْكَسْرِ، أَي تَغَيَّرَتْ رِيحُهُ، وَهَذَا أَحد مَا جَاءَ بإِظهار التَّضْعِيفِ. التَّهْذِيبُ: قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَلَّ فُلَانٌ فأَطال المسأَلة إِذا سأَل، وَقَدْ أَطال الأَلَّ إِذا أَطال السؤَال؛ وَقَوْلُ بَعْضِ الرُّجّاز:
قَامَ إِلى حَمْراءَ كالطِّرْبال، ... فَهَمَّ بالصَّحْن بِلَا ائْتِلال،
غَمامةً تَرْعُدُ مِنْ دَلال
يَقُولُ: هَمَّ اللبَن فِي الصَّحن وَهُوَ القَدَح، وَمَعْنَى هَمَّ حَلَب، وَقَوْلُهُ بِلَا ائْتِلال أَي بِلَا رِفْقٍ وَلَا حُسْن تَأَتٍّ للحَلْب، ونَصَب الغَمامةَ بِهَمَّ فشَبَّه حَلب اللَّبَنِ بِسَحَابَةٍ تُمْطِر. التَّهْذِيبُ: اللِّحْيَانِيُّ: فِي أَسنانه يَلَلٌ وأَلَلٌ، وَهُوَ أَن تُقْبل الأَسنان عَلَى بَاطِنِ الْفَمِ. وأَلِلَتْ أَسنانُه أَيضاً: فَسَدَتْ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: رَجُلٌ مِئَلٌّ يَقَعُ فِي النَّاسِ. والإِلُّ: الحِلْف والعَهْد. وَبِهِ فسَّر أَبو عُبَيْدَةَ قَوْلَهُ تَعَالَى: لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً
. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: وَفِيُّ الإِلِّ كرِيمُ الخِلِ
؛ أَرادت أَنها وَفِيَّة الْعَهْدِ، وإِنما ذُكِّر لأَنه إِنما ذُهِبَ بِهِ إِلى
__________
(1) . قَوْلِهِ [في باع] كذا في الأصل، وفي شرح القاموس: في راع، بالراء(11/25)
مَعْنَى التَّشْبِيهِ أَي هِيَ مِثْلُ الرَّجُلِ الوَفيِّ الْعَهْدِ. والإِلُّ: الْقَرَابَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَخُونُ العَهْد وَيَقْطَعُ الإِلَ
؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَقَدْ خَفَّفَت الْعَرَبُ الإِلَّ؛ قَالَ الأَعشى:
أَبيض لَا يَرْهَب الهُزالَ، وَلَا ... يَقْطعُ رُحْماً، وَلَا يَخُون إِلَّا
قَالَ أَبو سَعِيدٍ السِّيرَافِيُّ: فِي هَذَا الْبَيْتِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَن يَكُونَ إِلَّا فِي مَعْنَى نِعْمة، وَهُوَ وَاحِدُ آلَاءِ اللَّهِ، فإِن كَانَ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. والإِلُّ: الْقَرَابَةُ؛ قَالَ حَسّان بْنُ ثَابِتٍ:
لَعَمْرُك إِنَّ إِلَّك، مِنْ قُرَيْش، ... كإِلِّ السَّقْبِ مِنْ رَأْلِ النَّعَام
وقال مُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ: لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً
، قِيلَ: الإِلُّ الْعَهْدُ، وَالذِّمَّةُ مَا يُتَذَمَّم بِهِ؛ وقال الْفَرَّاءُ: الإِلُّ الْقَرَابَةُ، والذِّمة العَهد، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِالْوَجْهِ لأَن أَسماء اللَّهِ تَعَالَى مَعْرُوفَةٌ كَمَا جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ وَتُلِيَتْ فِي الأَخبار. قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعِ الدَّاعِيَ يَقُولُ فِي الدُّعَاءِ يَا إِلُّ كَمَا يَقُولُ يَا اللَّهُ وَيَا رَحْمَنُ وَيَا رَحِيمُ يَا مُؤْمِنُ يَا مُهَيْمِنُ، قَالَ: وحقيقةُ الإِلِّ عَلَى مَا تُوجِبُهُ اللُّغَةُ تحديدُ الشَّيْءِ، فَمِنْ ذَلِكَ الأَلَّة الحَرْبة لأَنها مُحَدَّدَةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ أُذن مُؤَلَّلَة إِذا كَانَتْ مُحَدَّدَةً، فالإِلُّ يَخْرُجُ فِي جَمِيعِ مَا فُسِّرَ مِنَ الْعَهْدِ وَالْقَرَابَةِ والجِوَار، عَلَى هَذَا إِذا قُلْتَ فِي الْعَهْدِ بَيْنَهُمَا الإِلُّ، فتأْويله أَنهما قَدْ حَدَّدَا فِي أَخذ الْعَهْدِ، وإِذا قُلْتَ فِي الجِوَار بَيْنَهُمَا إِلٌّ، فتأْويله جِوَار يُحَادُّ الإِنسان، وإِذا قُلْتَهُ فِي الْقَرَابَةِ فتأْويله الْقَرَابَةُ الَّتِي تُحادّ الإِنسان. والإِلُّ: الْجَارُ. ابْنُ سِيدَهْ: والإِلُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا تُلِيَ عَلَيْهِ سَجْع مُسَيْلِمة: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا جَاءَ مِنْ إِلّ وَلَا برٍّ فَأَيْن ذُهِب بِكُمْ
، أَي مِنْ رُبُوبِيَّةٍ؛ وَقِيلَ: الإِلُّ الأَصل الْجَيِّدُ، أَي لَمْ يَجئ مِنَ الأَصل الَّذِي جَاءَ مِنْهُ الْقُرْآنُ، وَقِيلَ: الإِلُّ النَّسَب وَالْقَرَابَةُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى إِن هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ صَادِرٍ مِنْ مُنَاسَبَةِ الْحَقِّ والإِدلاء بِسَبَبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصّدِّيق. وَفِي حَدِيثِ
لَقيط: أُنبئك بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي إِلِّ اللَّهِ
أَي فِي رُبُوبِيَّتِهِ وإِلَهيته وَقُدْرَتِهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي عَهْدِ اللَّهِ مِنَ الإِلِّ العهدِ. التَّهْذِيبُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن يَعْقُوبَ بن إِسحق، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَانَ شَدِيدًا فَجَاءَهُ مَلَك فَقَالَ: صارِعْني، فَصَارَعَهُ يَعْقُوبُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: إِسْرَإِلّ، وإِلّ اسْمٌ مِنْ أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِلُغَتهم وإِسْر شَدَّةٌ، وَسُمِّي يَعْقُوبُ إِسْرَإِلّ بِذَلِكَ وَلَمَّا عُرِّب قِيلَ إِسرائيل؛ قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كُلُّ اسْمٍ فِي الْعَرَبِ آخِرُهُ إِلّ أَو إِيل فَهُوَ مُضَافٌ إِلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَشُرَحْبِيل وشَرَاحيل وشِهْمِيل، وَهُوَ كَقَوْلِكَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ إِذ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَصُرِفَ جِبْرِيلُ وَمَا أَشبهه. والإِلُّ: الرُّبُوبِيَّةُ. والأُلُّ، بِالضَّمِّ: الأَوّل فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ وَلَيْسَ مِنْ لَفْظِ الأَوّل؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لِمَنْ زُحْلوقَةٌ زُلُّ، ... بِهَا العَيْنان تَنْهلُ
يُنَادِي الآخِرَ الأُلُّ: ... أَلا حُلُّوا، أَلا حُلّوا
وإِن شِئْتَ قُلْتَ: إِنما أَراد الأَوَّل فبَنَى مِنَ الْكَلِمَةِ عَلَى مِثال فُعْل فَقَالَ وُلّ، ثُمَّ هَمَزَ الْوَاوَ لأَنها مَضْمُومَةٌ غَيْرَ أَنا لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا وُلّ، قَالَ الْمُفَضَّلُ فِي(11/26)
قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ أَلا حُلُّوا، قَالَ: هَذَا مَعْنَى لُعْبة لِلصِّبْيَانِ يَجْتَمِعُونَ فيأْخذون خَشَبَةً فَيَضَعُونَهَا عَلَى قَوْزٍ مِنْ رَمْلٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عَلَى أَحد طَرَفيها جَمَاعَةٌ وَعَلَى الْآخَرِ جَمَاعَةٌ، فأَيُّ الْجَمَاعَتَيْنِ كَانَتْ أَرزن ارْتَفَعَتِ الأُخرى، فَيُنَادُونَ أَصحاب الطَّرَفِ الْآخَرِ أَلا حُلُّوا أَي خَفِّفُوا عَنْ عَدَدِكُمْ حَتَّى نُسَاوِيَكُمْ فِي التَّعْدِيلِ، قَالَ: وَهَذِهِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ الدَّوْدَاةَ والزُّحْلوقة، قَالَ: تُسَمَّى أُرْجوحة الْحَضَرِ الْمُطَوِّحَةَ. التَّهْذِيبُ: الأَلِيلَة الدُّبَيْلة، والأَلَلَة الهَوْدَج الصَّغِيرُ، والإِلُّ الحِقد. ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الضَّلال بنُ الأَلال بْنِ التَّلال؛ وأَنشد:
أَصبحتَ تَنْهَضُ فِي ضَلالِك سادِراً، ... إِن الضَّلال ابْنُ الأَلال، فَأَقْصِر
وإِلالٌ وأَلالٌ: جبل بمكة؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
بمُصْطَحَباتٍ مِنْ لَصَاف وثَبْرَةٍ ... يَزُرْنَ أَلالًا، سَيْرُهنّ التَّدافُعُ
والأَلالُ، بِالْفَتْحِ: جَبَلٌ بِعَرَفَاتٍ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الإِلُّ حَبْل مِنْ رَمْلٍ بِهِ يَقِفُ النَّاسُ مِنْ عَرَفَاتٍ عَنْ يَمِينِ الإِمام. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ إِلالٍ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ الأُولى، جَبَل عَنْ يَمِينِ الإِمام بِعَرَفَةَ. وإِلّا حَرْفُ اسْتِثْنَاءٍ وَهِيَ النَّاصِبَةُ فِي قَوْلِكَ جَاءَنِي الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدًا، لأَنها نَائِبَةٌ عَنْ أَستثني وَعَنْ لَا أَعني؛ هَذَا قَوْلُ أَبي الْعَبَّاسِ المبرد؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا مَرْدُودٌ عِنْدَنَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَدَافُعِ الأَمرين الإِعمال الْمُبْقِي حُكْمَ الْفِعْلِ وَالِانْصِرَافِ عَنْهُ إِلى الْحَرْفِ الْمُخْتَصِّ بِهِ الْقَوْلُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ خَفِيفِ هَذَا الْبَابِ أُولُو بِمَعْنَى ذَوو لَا يُفْرد لَهُ وَاحِدٌ وَلَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلا مُضَافًا، كَقَوْلِكَ أُولُو بأْس شَدِيدٍ وأُولُو كَرَمٍ، كأَن وَاحِدَهُ أُلٌ، وَالْوَاوَ لِلْجَمْعِ، أَلا تَرَى أَنها تَكُونُ في الرفع واواً وفي النَّصْبِ وَالْجَرِّ يَاءً؟ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: هُمْ أَصحاب النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ أَهل الْعِلْمِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنهم الأُمراء، والأُمراء إِذا كَانُوا أُولي عِلْمٍ وَدِينٍ وَآخِذِينَ بِمَا يَقُولُهُ أَهل الْعِلْمِ فَطَاعَتُهُمْ فَرِيضَةٌ، وَجُمْلَةُ أُولي الأَمر مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقُومُ بشأْنهم فِي أَمر دِينِهِمْ وَجَمِيعِ مَا أَدّى إِلى صلاحهم.
أمل: الأَمَل والأَمْل والإِمْل: الرَّجاء؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَالْجَمْعُ آمَال. وأَمَلْتُه آمُلُه وَقَدْ أَمَلَه يَأْمُلُه أَمْلًا؛ الْمَصْدَرُ عَنِ ابْنِ جِنِّي، وأَمَّلَه تَأْمِيلًا، وَيُقَالُ أَمَلَ خَيْرَه يَأْمُلُه أَمْلًا، وَمَا أَطول إِمْلَته، مِنَ الأَمَل أَي أَمَله، وإِنه لَطويلُ الإِمْلَة أَي التأْميل؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، مِثْلَ الجِلسة والرِّكبة. والتَّأَمُّلُ: التَّثَبُّت. وتأَمَّلْتُ الشيءَ أَي نَظَرْتُ إِليه مُستثْبِتاً لَهُ. وتَأَمَّلَ الرجلُ: تَثَبَّت فِي الأَمر وَالنَّظَرِ. والأَمِيلُ عَلَى فَعيل: حَبْلٌ مِنَ الرَّمْلِ مُعْتَزَلٌ عَنْ مُعْظَمِهِ عَلَى تَقْدِيرِ مِيل؛ وأَنشد:
كالبَرْق يَجْتاز أَمِيلًا أَعْرَفا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الأَمِيل حَبْل مِنَ الرَّمْلِ يَكُونُ عَرْضه نَحْوًا مِنْ مِيل، وَقِيلَ: يَكُونُ عَرْضُهُ مِيلًا وَطُولُهُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَقِيلَ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ، وَقِيلَ عَرْضُهُ نِصْفُ يَوْمٍ، وَقِيلَ الأَمِيل ما ارتفع من الرَّمْلِ مِنْ غَيْرِ أَن يُحَدَّ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَمِيل اسْمُ مَوْضِعٍ أَيضاً، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:(11/27)
وهُمُ عَلَى هَدَبِ الأَمِيل تَداركوا ... نَعَماً، تُشَلُّ إِلى الرَّئيس وتُعْكَل «2»
. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنهم أَرادوا بالأَمِيلِ مِنَ الرَّمْلِ الأَمْيَلَ فَخُفِّف بِشَيْءٍ؛ قَالَ: وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا يُشْبِهُ هَذَا، وَجَمْعُ الأَمِيلِ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الرَّمْلِ: أُمُل؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وأَمُول: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
رِجالُ بَنِي زُبَيْدٍ غَيَّبَتْهم ... جِبالُ أَمُولَ، لَا سُقِيَتْ أَمُولُ
ابْنُ الأَعرابي: الأَمَلَة أَعوان الرجل، واحدهم آمل.
أهل: الأَهْل: أَهل الرَّجُلِ وأَهْلُ الدَّارِ، وَكَذَلِكَ الأَهْلَة؛ قَالَ أَبو الطَّمَحان:
وأَهْلَةِ وُدٍّ قَدْ تَبَرَّيتُ وُدَّهم، ... وأَبْلَيْتُهم في الحمد جُهْدي ونَائلي
ابْنُ سِيدَهْ: أَهْل الرَّجُلِ عَشِيرتُه وذَوُو قُرْباه، وَالْجَمْعُ أَهْلُون وآهَالٌ وأَهَالٍ وأَهْلات وأَهَلات؛ قَالَ المُخَبَّل السَّعْدِيُّ:
وهُمْ أَهَلاتٌ حَوْلَ قَيْسِ بنِ عَاصِمٍ، ... إِذا أَدْلَجوا باللَّيل يَدْعُونَ كَوْثَرا
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
وبَلْدَةٍ مَا الإِنْسُ مِنْ آهَالِها، ... تَرَى بِها العَوْهَقَ مِنْ وِئالِها
وِئالُها: جَمْعُ وَائِلٍ كَقَائِمٍ وقِيام؛ وَيُرْوَى الْبَيْتُ:
وبَلْدَةٍ يَسْتَنُّ حَازِي آلِها
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا أَهْلات، فَخَفَّفُوا، شَبَّهوها بصعْبات حَيْثُ كَانَ أَهْل مذكَّراً تَدْخُلُهُ الْوَاوُ وَالنُّونُ، فَلَمَّا جَاءَ مُؤَنَّثُهُ كَمُؤَنَّثِ صَعْب فُعل بِهِ كَمَا فُعِلَ بِمُؤَنَّثِ صَعْب؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ الأَهْل فِيمَا حَكى أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ أَن حَكِيم بْنَ مُعَيَّة الرَّبَعي كَانَ يُفَضِّل الفَرَزْدق عَلَى جَرير، فهَجَا جَرِيرٌ حَكِيمًا فَانْتَصَرَ لَهُ كِنَانُ بْنُ رَبِيعَةَ أَو أَخوه رَبَعِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ، فَقَالَ يَهْجُو جَرِيرًا:
غَضِبْتَ عَلَيْنَا أَن عَلاك ابْنُ غَالِبٍ، ... فهَلَّا عَلَى جَدَّيْك، في ذاك، تَغْضَبُ؟
هما، حينَ يَسْعَى المَرْءُ مَسْعاةَ أَهْلِهِ، ... أَناخَا فشَدَّاك العِقال المُؤَرَّبُ
«3» . وَمَا يُجْعَل البَحْرُ الخِضَمُّ، إِذا طَمَا، ... كَجُدٍّ ظَنُونٍ، ماؤُه يُتَرقَّبُ
أَلَسْتَ كُلَيبيًّا لأَلأَمِ وَالدٍ، ... وأَلأَمِ أُمٍّ فَرَّجَتْ بِكَ أَو أَبُ؟
وَحَكَى سِيبَوَيْهِ فِي جَمْعِ أَهْل: أَهْلُون، وَسُئِلَ الْخَلِيلُ: لِمَ سَكَّنُوا الْهَاءَ وَلَمْ يُحَرِّكُوهَا كَمَا حَرَّكُوا أَرَضِين؟ فَقَالَ: لأَن الأَهْل مُذَكَّرٌ، قِيلَ: فَلِمَ قَالُوا أَهَلات؟ قَالَ: شَبَّهُوهَا بأَرَضات، وأَنشد بَيْتَ الْمُخَبَّلِ السَّعْدِيِّ، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ أَهْلات عَلَى الْقِيَاسِ. والأَهَالِي: جَمْعُ الْجَمْعِ وَجَاءَتِ الْيَاءُ الَّتِي فِي أَهَالِي مِنَ الْيَاءِ الَّتِي فِي الأَهْلين. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهْل الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّته
أَي حَفَظة الْقُرْآنِ الْعَامِلُونَ بِهِ هُمْ أَولياء اللَّهِ وَالْمُخْتَصُّونَ بِهِ اختصاصَ أَهْلِ الإِنسان بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ فِي اسْتِخْلَافِهِ عُمَرَ: أَقول لَهُ، إِذا لَقِيتُه، اسْتعملتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ
؛ يُرِيدُ خَيْرَ الْمُهَاجِرِينَ وَكَانُوا يسمُّون أَهْلَ مَكَّةَ أَهْل اللَّهِ
__________
(2) . قوله [وَهُمُ عَلَى هَدَبِ الْأَمِيلِ] الذي في المعجم: على صدف الأَمِيل
(3) . قوله: [شداك العقال] ؛ أراد: بالعقال، فنصب بنزع الخافض، وورد مؤرب، في الأَصل، مضموماً، وحقه النصب لأَنه صفة لعقال، ففي البيت إذاً إقواء(11/28)
تَعْظِيمًا لَهُمْ كَمَا يُقَالُ بَيْتُ اللَّهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد أَهل بَيْتِ اللَّهِ لأَنهم كَانُوا سُكَّان بَيْتِ اللَّهِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: لَيْسَ بكِ عَلَى أَهْلكِ هَوَانٌ
؛ أَراد بالأَهْل نَفْسَه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَي لَا يَعْلَق بكِ وَلَا يُصيبكِ هَوَانٌ عَلَيْهِمْ. واتَّهَلَ الرجلُ: اتَّخَذَ أَهْلًا؛ قَالَ:
فِي دَارَةٍ تُقْسَمُ الأَزْوادُ بَيْنَهم، ... كأَنَّما أَهْلُنا مِنْهَا الَّذِي اتَّهَلا
كَذَا أَنشده بِقَلْبِ الْيَاءِ تَاءً ثُمَّ إِدغامها فِي التَّاءِ الثَّانِيَةِ، كَمَا حُكِيَ مِنْ قَوْلِهِمُ اتَّمَنْته، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ الْهَمْزَةُ أَو التَّخْفِيفُ الْقِيَاسِيُّ أَي كأَن أَهلنا أَهلُه عِنْدَهُ أَي مِثلُهم فِيمَا يَرَاهُ لَهُمْ مِنَ الْحَقِّ. وأَهْلُ الْمَذْهَبِ: مَنْ يَدين بِهِ. وأَهْلُ الإِسلام: مَن يَدِين بِهِ. وأَهْلُ الأَمر: وُلاتُه. وأَهْلُ الْبَيْتِ: سُكَّانه. وأَهْل الرَّجُلِ: أَخَصُّ النَّاسِ بِهِ. وأَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَزواجُه وبَناته وصِهْرُه، أَعني عَلِيًّا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ: نِسَاءِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وَالرِّجَالُ الَّذِينَ هُمْ آلُهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
؛ الْقِرَاءَةُ أَهْلَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَدْحِ كَمَا قَالَ: بِكَ اللهَ نَرْجُو الفَضْل وسُبْحانك اللهَ العظيمَ، أَو عَلَى النِّدَاءِ كأَنه قَالَ يَا أَهل الْبَيْتِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَراد لَيْسَ مِنْ أَهْلِك الَّذِينَ وعدتُهم أَن أُنجيهم، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ لَيْسَ مِنْ أَهل دِينِكَ. وأَهَلُ كُلِّ نَبيٍّ: أُمَّته. ومَنْزِلٌ آهِلٌ أَي بِهِ أَهْلُه. ابْنُ سِيدَهْ: وَمَكَانٌ آهِلٌ لَهُ أَهْل؛ سِيبَوَيْهِ: هُوَ عَلَى النَّسَبِ، ومَأْهُول: فِيهِ أَهل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وقِدْماً كَانَ مَأْهُولًا، ... وأَمْسَى مَرْتَعَ العُفْر
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
عَرَفْتُ بالنَّصْرِيَّةِ المَنازِلا ... قَفْراً، وَكَانَتْ مِنْهُمُ مَآهِلا
وَمَكَانٌ مَأْهُول، وَقَدْ جَاءَ: أُهِلَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
قَفْرَيْنِ هَذَا ثُمَّ ذَا لَمْ يُؤْهَل
وكلُّ شَيْءٍ مِنَ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا أَلِف المَنازلَ أَهْلِيٌّ وآهِلٌ؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ، وَكَذَلِكَ قِيلَ لِمَا أَلِفَ الناسَ والقُرى أَهْلِيٌّ، وَلِمَا اسْتَوْحَشَ بَرِّيّ وَوَحْشِيٌّ كَالْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ. والأَهْلِيُّ: هُوَ الإِنْسِيّ.
ونَهى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَكل لُحُومِ الحُمُر الأَهْلِيَّة يومَ خَيْبَرَ
؛ هِيَ الحُمُر الَّتِي تأْلف الْبُيُوتَ وَلَهَا أَصْحاب وَهِيَ مِثْلُ الأُنْسية ضِدُّ الْوَحْشِيَّةِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الدُّعَاءِ: مَرْحَباً وأَهْلًا أَي أَتيتَ رُحْباً أَي سَعَة، وَفِي الْمُحْكَمِ أَي أَتيت أَهْلًا لَا غُرباء فاسَأْنِسْ وَلَا تَسْتَوْحِشْ. وأَهَّلَ بِهِ: قَالَ لَهُ أَهْلًا. وأَهِلَ بِهِ: أَنِس. الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: أَهِلْتُ بِهِ وودَقْتُ بِهِ إِذا استأْنستَ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمُضَارِعُ مِنْهُ آهَلُ بِهِ، بِفَتْحِ الْهَاءِ. وَهُوَ أَهْلٌ لِكَذَا أَي مُسْتَوجب لَهُ، الواحدُ والجمعُ فِي ذَلِكَ سَواء، وَعَلَى هَذَا قَالُوا: المُلْك لِلَّهِ أَهْلِ المُلْك. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه، عَزَّ وَجَلَّ، أَهْلٌ لأَن يُتَّقَى فَلَا يُعْصَى وأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ لِمَنِ اتَّقاه، وَقِيلَ: قَوْلُهُ أَهل التَّقْوَى مَوْضِعٌ لأَن يُتَّقى، وأَهْل الْمَغْفِرَةِ مَوْضِعٌ لِذَلِكَ.(11/29)
الأَزهري: وخطَّأَ بعضُهم قولَ مَنْ يَقُولُ فُلَانٌ يَسْتَأْهِل أَن يُكْرَم أَو يُهان بِمَعْنَى يَسْتحق، قَالَ: وَلَا يَكُونُ الاسْتِئْهَال إِلَّا مِنَ الإَهالَة، قَالَ: وأَما أَنا فَلَا أُنكره وَلَا أُخَطِّئُ مَنْ قَالَهُ لأَني سَمِعْتُ أَعرابيّاً فَصِيحاً مِنْ بَنِي أَسد يَقُولُ لِرَجُلٍ شَكَرَ عِنْدَهُ يَداً أُولِيَها: تَسْتَأْهِل يَا أَبا حَازِمٍ مَا أُولِيتَ، وَحَضَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَعراب فَمَا أَنكروا قَوْلَهُ، قَالَ: ويُحَقِّق ذَلِكَ قولُه هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ
. الْمَازِنِيُّ: لَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ أَنت مُسْتَأْهِل هَذَا الأَمر وَلَا مُسْتَأْهِل لِهَذَا الأَمر لأَنك إِنما تُرِيدُ أَنت مُسْتَوْجِبٌ لِهَذَا الأَمر، وَلَا يَدُلُّ مُسْتَأْهِل عَلَى مَا أَردت، وإِنما مَعْنَى الْكَلَامِ أَنت تَطْلُبُ أَن تَكُونَ مِنْ أَهل هَذَا الْمَعْنَى وَلَمْ تُرِدْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ تَقُولُ أَنت أَهْلٌ لِهَذَا الأَمر، وَرَوَى أَبو حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الْمُزَالِ وَالْمُفْسِدِ عَنِ الأَصمعي: يُقَالُ اسْتَوْجَبَ ذَلِكَ وَاسْتَحَقَّهُ وَلَا يُقَالُ اسْتَأْهَلَه وَلَا أَنت تَسْتَأْهِل وَلَكِنْ تَقُولُ هُوَ أَهل ذَاكَ وأَهل لِذَاكَ، وَيُقَالُ هُوَ أَهْلَةُ ذَلِكَ. وأَهَّلَه لِذَلِكَ الأَمر تَأْهِيلًا وآهَلَهُ: رَآهُ لَهُ أَهْلًا. واسْتَأْهَلَه: اسْتَوْجَبَهُ، وَكَرِهَهَا بَعْضُهُمْ، وَمَنْ قَالَ وَهَّلْته ذَهَبَ بِهِ إِلي لُغَةِ مَنْ يَقُولُ وامَرْتُ وواكَلْت. وأَهْل الرَّجُلِ وأَهلته: زَوْجُه. وأَهَلَ الرجلُ يَأْهِلُ ويَأْهُلُ أَهْلًا وأُهُولًا، وتَأَهَّلَ: تَزَوَّج. وأَهَلَ فُلَانٌ امرأَة يَأْهُلُ إِذا تَزَوَّجَهَا، فَهِيَ مَأْهُولَة. والتَأَهُّلُ: التَّزَوُّجُ. وَفِي بَابِ الدُّعَاءِ:
آهَلَكَ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ إِيهَالًا
أَي زَوَّجَكَ فِيهَا وأَدخلكها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَعْطى الآهِلَ حَظَّين والعَزَب حَظًّا
؛ الآهِل: الَّذِي لَهُ زَوْجَةٌ وَعِيَالٌ، والعَزَب الَّذِي لَا زَوْجَةَ لَهُ، وَيُرْوَى الأَعزب، وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَاللُّغَةُ الفُصْحى العَزَب، يُرِيدُ بِالْعَطَاءِ نصيبَهم مِنَ الفَيْء. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقَدْ أَمست نِيران بَنِي كَعْبٍ آهِلَةً
أَي كَثِيرَةَ الأَهل. وأَهَّلَك اللَّهُ لِلْخَيْرِ تَأْهِيلًا. وآلُ الرَّجُلِ: أَهْلُه. وَآلُ اللَّهِ وَآلُ رَسُولِهِ: أَولياؤه، أَصلها أَهل ثُمَّ أُبدلت الْهَاءُ هَمْزَةً فَصَارَتْ فِي التَّقْدِيرِ أَأْل، فَلَمَّا تَوَالَتِ الْهَمْزَتَانِ أَبدلوا الثَّانِيَةَ أَلفاً كَمَا قَالُوا آدَمُ وَآخَرُ، وَفِي الْفِعْلِ آمَنَ وآزَرَ، فإِن قِيلَ: ولمَ زَعَمْتَ أَنهم قَلَبُوا الْهَاءَ هَمْزَةً ثُمَّ قَلَبُوهَا فِيمَا بَعْدُ، وَمَا أَنكرتَ مِنْ أَن يَكُونَ قَلَبُوا الْهَاءَ أَلفاً فِي أَوَّل الْحَالِ؟ فَالْجَوَابُ أَن الْهَاءَ لَمْ تُقْلَبْ أَلفاً فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فيُقاسَ هَذَا عَلَيْهِ، فَعَلَى هَذَا أُبدلت الْهَاءُ هَمْزَةً ثُمَّ أُبدلت الْهَمْزَةُ أَلفاً، وأَيضاً فإِن الأَلف لَوْ كَانَتْ مُنْقَلِبَةً عَنْ غَيْرِ الْهَمْزَةِ الْمُنْقَلِبَةِ عَنِ الْهَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لِجَازَ أَن يُسْتَعْمَلَ آلُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ أَهل، وَلَوْ كَانَتْ أَلف آلٍ بَدَلًا مِنْ أَهل لَقِيلَ انْصَرِفْ إِلى آلِكَ، كَمَا يُقَالُ انْصَرِف إِلى أَهلك، وآلَكَ والليلَ كَمَا يُقَالُ أَهْلَك والليلَ، فَلَمَّا كَانُوا يَخُصُّونَ بِالْآلِ الأَشرفَ الأَخصَّ دُونَ الشَّائِعِ الأَعم حَتَّى لَا يُقَالَ إِلا فِي نَحْوِ قَوْلِهِمْ: القُرَّاء آلُ اللَّهِ، وَقَوْلُهُمْ: اللهمَّ صلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ؛ وَكَذَلِكَ مَا أَنشده أَبو الْعَبَّاسِ لِلْفَرَزْدَقِ:
نَجَوْتَ، وَلَمْ يَمْنُنْ عَلَيْكَ طَلاقةً، ... سِوى رَبَّة التَّقْريبِ مِنْ آلِ أَعْوَجا
لأَن أَعوج فِيهِمْ فَرَسٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، فَلِذَلِكَ قَالَ آلَ أَعوجا كَمَا يُقَالُ أَهْل الإِسكاف، دلَّ عَلَى أَن الأَلف لَيْسَتْ فِيهِ بَدَلًا مِنَ الأَصل، وإِنما هِيَ بَدَلٌ مِنَ الأَصل «1» فَجَرَتْ فِي ذَلِكَ مَجْرَى التَّاءِ في القسم،
__________
(1) . قوله [وَإِنَّمَا هِيَ بَدَلٌ مِنَ الأَصل] كذا في الأَصل. ولعل فيه سقطاً. وأصل الكلام، والله أعلم: وَإِنَّمَا هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ مِنَ الأَصل، أو نحو ذلك.(11/30)
لأَنها بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ فِيهِ، وَالْوَاوُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ، فَلَمَّا كَانَتِ التَّاءُ فِيهِ بَدَلًا مِنْ بَدَلٍ وَكَانَتْ فَرْعَ الْفَرْعِ اخْتُصَّتْ بأَشرف الأَسماء وأَشهرها، وَهُوَ اسْمُ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُقَل تَزَيْدٍ وَلَا تالبَيْتِ كَمَا لَمْ يُقَل آلُ الإِسكاف وَلَا آلُ الخَيَّاط؛ فإِن قُلْتَ فَقَدْ قَالَ بِشْرٌ:
لعَمْرُك مَا يَطْلُبْنَ مِنْ آلِ نِعْمَةٍ، ... ولكِنَّما يَطْلُبْنَ قَيْساً ويَشْكُرا
فَقَدْ أَضافه إِلى نِعْمَةٍ وَهِيَ نَكِرَةٌ غَيْرُ مَخْصُوصَةٍ وَلَا مُشَرَّفة، فإِن هَذَا بَيْتٌ شَاذٌّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: وَالَّذِي الْعَمَلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ رأْي الأَخفش، قَالَ: فإِن قَالَ أَلست تَزْعُمُ أَن الْوَاوَ فِي وَاللَّهِ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ فِي بِاللَّهِ وأَنت لَوْ أَضمرت لَمْ تَقُلْ وَهُ كَمَا تَقُولُ بِهِ لأَفعلن، فَقَدْ تَجِدُ أَيضاً بَعْضَ الْبَدَلِ لَا يَقَعُ مَوْقِعَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، فَمَا نُنْكِرُ أَيضاً أَن تَكُونَ الأَلف فِي آلٍ بَدَلًا مِنَ الْهَاءِ وإِن كَانَ لَا يَقَعُ جَمِيعَ مَوَاقِعِ أَهل؟ فَالْجَوَابُ أَن الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَن الْوَاوَ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ وُقُوعِهَا فِي جَمِيعِ مَوَاقِعِ الْبَاءِ مِنْ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنْ وُقُوعِ آلٍ فِي جَمِيعِ مَوَاقِعِ أَهل، وَذَلِكَ أَن الإِضمار يَرُدُّ الأَسماء إِلى أُصولها فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ، أَلا تَرَى أَن مَنْ قَالَ أَعطيتكم دِرْهَمًا فحذف الْوَاوَ الَّتِي كَانَتْ بَعْدَ الْمِيمِ وأَسكن الْمِيمَ، فإِنه إِذا أَضمر لِلدِّرْهَمِ قَالَ أَعطيتكموه، فَرَدَّ الْوَاوَ لأَجل اتِّصَالِ الْكَلِمَةِ بِالْمُضْمَرِ؟ فأَما مَا حَكَاهُ يُونُسُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَعْطَيْتُكُمْه فَشَاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَامَّةِ أَصحابنا، فَلِذَلِكَ جَازَ أَن تَقُولَ: بِهِمْ لأَقعدن وَبِكَ لأَنطلقن، وَلَمْ يَجُزْ أَن تَقُولَ: وَكَ وَلَا وَهُ، بَلْ كَانَ هَذَا فِي الْوَاوِ أَحرى لأَنها حَرْفٌ مُنْفَرِدٌ فَضَعُفَتْ عَنِ الْقُوَّةِ وَعَنْ تَصَرُّفِ الْبَاءِ الَّتِي هِيَ أَصل؛ أَنشدنا أَبو عَلِيٍّ قَالَ: أَنشدنا أَبو زَيْدٍ:
رأَى بَرْقاً فأَوْضَعَ فوقَ بَكْرٍ، ... فَلَا بِكَ مَا أَسالَ وَلَا أَغاما
قَالَ: وأَنشدنا أَيضاً عَنْهُ:
أَلا نادَتْ أُمامةُ باحْتِمالِ ... ليَحْزُنَني، فَلَا بِك مَا أُبالي
قَالَ: وأَنت مُمْتَنِعٌ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْآلِ فِي غَيْرِ الأَشهر الأَخص، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَضفته إِلى مُظْهَر أَو أَضفته إِلى مُضْمَرٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن قِيلَ أَلست تَزْعُمُ أَن التَّاءَ فِي تَوْلَج بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ، وأَن أَصله وَوْلَج لأَنه فَوْعَل مِنَ الوُلُوج، ثُمَّ إِنك مَعَ ذَلِكَ قَدْ تَجِدُهُمْ أَبدلوا الدَّالَ مِنْ هَذِهِ التَّاءِ فَقَالُوا دَوْلَج، وأَنت مَعَ ذَلِكَ قَدْ تَقُولُ دَوْلَج فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَقُولُ فِيهَا تَوْلَج، وإِن كَانَتِ الدَّالُ مَعَ ذَلِكَ بَدَلًا مِنَ التَّاءِ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ؟ فَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَن هَذِهِ مُغَالَطَةٌ مِنَ السَّائِلِ، وَذَلِكَ أَنه إِنما كَانَ يطَّرد هَذَا لَهُ لَوْ كَانُوا يَقُولُونَ وَوْلَج ودَوْلَج وَيَسْتَعْمِلُونَ دَوْلَجاً فِي جَمِيعِ أَماكن وَوْلَج، فَهَذَا لَوْ كَانَ كَذَا لَكَانَ لَهُ بِهِ تَعَلّقٌ، وَكَانَتْ تُحْتَسَبُ زِيَادَةً، فأَما وَهُمْ لَا يَقُولُونَ وَوْلَج البَتَّةَ كَرَاهِيَةَ اجْتِمَاعِ الْوَاوَيْنِ فِي أَول الْكَلِمَةِ، وإِنما قَالُوا تَوْلَج ثُمَّ أَبدلوا الدَّالَ مِنَ التَّاءِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْوَاوِ فَقَالُوا دَوْلَج، فإِنما اسْتَعْمَلُوا الدَّالَ مَكَانَ التَّاءِ الَّتِي هِيَ فِي الْمَرْتَبَةِ قَبْلَهَا تَلِيهَا، وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا الدَّالَ مَوْضِعَ الْوَاوِ الَّتِي هِيَ الأَصل فَصَارَ إِبدال الدَّالِ مِنَ التَّاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كإِبدال الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ فِي نَحْوِ أُقِّتَتْ وأُجُوه لِقُرْبِهَا مِنْهَا، ولأَنه لَا مَنْزِلَةَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ عَارَضَ مُعَارِضٌ بهُنَيْهَة تَصْغِيرِ هَنَة فَقَالَ: أَلست تَزْعُمُ أَن أَصلها هُنَيْوَة ثُمَّ صَارَتْ هُنَيَّة ثُمَّ صَارَتْ هُنَيْهة، وأَنت(11/31)
قَدْ تَقُولُ هُنَيْهة فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَدْ تَقُولُ فِيهِ هُنَيَّة؟ كَانَ الْجَوَابُ وَاحِدًا كَالَّذِي قَبْلَهُ، أَلا تَرَى أَن هُنَيْوة الَّذِي هُوَ أَصل لَا يُنْطَق بِهِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ البَتَّة فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى وَوْلَج فِي رَفْضِهِ وَتَرْكِ اسْتِعْمَالِهِ؟ فَهَذَا كُلُّهُ يؤَكد عِنْدَكَ أَن امْتِنَاعَهُ مِنِ اسْتِعْمَالِ آلٍ فِي جَمِيعِ مَوَاقِعِ أَهل إِنما هُوَ لأَن فيه بدلا من بدل، كَمَا كَانَتِ التَّاءُ فِي الْقَسَمِ بَدَلًا مَنْ بَدَلٍ. والإِهَالَةُ: مَا أَذَبْتَ مِنَ الشَّحْمِ، وَقِيلَ: الإِهَالة الشَّحْمُ وَالزَّيْتُ، وَقِيلَ: كُلُّ دُهْنٍ اؤْتُدِم بِهِ إِهالةٌ، والإِهَالَة الوَدَك. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُدْعى إِلى خُبْز الشَّعِيرِ والإَهالَة السَّنِخَة فيُجيب
، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الأَدهان مِمَّا يُؤْتَدَم بِهِ إِهالَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَا أُذيب مِنَ الأَلْية والشَّحم، وَقِيلَ: الدَّسَم الْجَامِدُ والسَّنِخة الْمُتَغَيِّرَةُ الرِّيحِ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ فِي صِفَةِ النَّارِ: يُجَاءُ بجهنَم يَوْمَ الْقِيَامَةِ كأَنها مَتْنُ إِهَالَة
أَي ظَهْرُها. قَالَ: وَكُلُّ مَا اؤْتدم بِهِ مِنْ زُبْد ووَدَك شَحْمٍ ودُهْنِ سِمْسِمٍ وَغَيْرِهِ فَهُوَ إِهالَة، وَكَذَلِكَ مَا عَلا القِدْرَ مِنْ وَدَك اللَّحْمِ السَّمين إِهالَة، وَقِيلَ: الأَلْية المُذابة وَالشَّحْمُ الْمُذَابُ إِهالَة أَيضاً. ومَتْن الإِهَالَة: ظَهْرُها إِذا سُكِبَت فِي الإِناء، فَشَبَّه كَعْبٌ سُكُونَ جَهَنَّمَ قَبْلَ أَن يَصِيرَ الْكُفَّارُ فِيهَا بِذَلِكَ. واسْتَأْهَل الرجلُ إِذا ائْتَدَمَ بالإِهالة. والمُسْتَأْهِل: الَّذِي يأْخذ الإِهالة أَو يأْكلها؛ وأَنشد ابْنُ قُتَيْبَةَ لِعَمْرِو بْنِ أَسْوَى:
لَا بَلْ كُلِي يَا أُمَّ، واسْتَأْهِلي، ... إِن الَّذِي أَنْفَقْتُ مِنْ مالِيَه
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ فُلَانٌ أَهل لِكَذَا وَلَا تَقُلْ مُسْتَأْهِل، والعامَّة تقول. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ فِي أَماليه قَالَ: حَدَّثَنِي أَبو الْهَيْثَمِ خَالِدٌ الْكَاتِبُ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ لإِبراهيم بْنِ الْمَهْدِيِّ بِالْخِلَافَةِ طَلَبَنِي وَقَدْ كَانَ يَعْرِفُنِي، فَلَمَّا دَخَلْتُ إِليه قَالَ: أَنْشِدْني، فَقُلْتُ: يَا أَمير المؤْمنين، لَيْسَ شِعْرِي كَمَا قَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكَمًا
، وإِنما أَنا أَمزحُ وأَعْبَثُ بِهِ؛ فَقَالَ: لَا تَقُلْ يَا خَالِدُ هَكَذَا، فَالْعِلْمُ جِدٌّ كُلُّهُ؛ ثُمَّ أَنْشدته:
كُنْ أَنت للرَّحْمَة مُسْتَأْهِلًا، ... إِن لَمْ أَكُنْ مِنْكَ بِمُسْتَأْهِل
أَلَيْسَ مِنْ آفَةِ هَذَا الهَوى ... بُكاءُ مَقْتُولٍ عَلَى قَاتِلِ؟
قَالَ: مُسْتَأْهِل لَيْسَ مِنْ فَصِيحِ الْكَلَامِ وإِنما المُسْتَأْهِل الَّذِي يأْخذ الإِهالة، قَالَ: وَقَوْلُ خَالِدٍ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لأَنه مُوَلَّدٌ، والله أَعلم.
أول: الأَوْلُ: الرُّجُوعُ. آلَ الشيءُ يَؤُولُ أَوْلًا ومَآلًا: رَجَع. وأَوَّلَ إِليه الشيءَ: رَجَعَه. وأُلْتُ عَنِ الشَّيْءِ: ارْتَدَدْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ صَامَ الدَّهْرَ فَلَا صَامَ وَلَا آلَ
أَي لَا رَجَعَ إِلى خير، والأَوْلُ الرجوع. في حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ السُّلَمِيِّ: حَتَّى آلَ السُّلامِيُ
أَي رَجَعَ إِليه المُخ. وَيُقَالُ: طَبَخْت النبيذَ حَتَّى آلَ إِلَى الثُّلُث أَو الرُّبع أَي رَجَع؛ وأَنشد الْبَاهِلِيُّ لِهِشَامٍ:
حَتَّى إِذا أَمْعَرُوا صَفْقَيْ مَباءَتِهِم، ... وجَرَّد الخَطْبُ أَثْباجَ الجراثِيم
آلُوا الجِمَالَ هَرامِيلَ العِفاءِ بِها، ... عَلَى المَناكِبِ رَيْعٌ غَيْرُ مَجْلُوم
قَوْلُهُ آلُوا الجِمَال: ردُّوها لِيَرْتَحِلُوا عَلَيْهَا. والإِيَّل والأُيَّل: مِنَ الوَحْشِ، وَقِيلَ هُوَ الوَعِل؛(11/32)
قَالَ الْفَارِسِيُّ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَآلِهِ إِلى الْجَبَلِ يَتَحَصَّنُ فِيهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِيَّل وأُيَّل عَلَى هَذَا فِعْيَل وفُعيْل، وَحَكَى الطُّوسِيُّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَيِّل كسَيِّد مِنْ تذكِرة أَبي عَلِيٍّ. اللَّيْثُ: الأَيِّل الذَّكَرُ مِنَ الأَوْعال، وَالْجَمْعُ الأَيَايِل، وأَنشد:
كأَنَّ فِي أَذْنابِهنَّ الشُّوَّل، ... مِنْ عَبَسِ الصَّيْف، قُرونَ الإِيَّل
وَقِيلَ: فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: إِيَّل وأَيِّل وأُيَّل عَلَى مِثَالِ فُعَّل، وَالْوَجْهُ الْكَسْرُ، والأُنثى إِيَّلة، وَهُوَ الأَرْوَى. وأَوَّلَ الكلامَ وتَأَوَّلَهُ: دَبَّره وقدَّره، وأَوَّلَهُ وتَأَوَّلهُ: فَسَّره. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ
؛ أَي لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ عِلْمُ تأْويله، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن عِلْمَ التَّأْوِيل يَنْبَغِي أَن يُنْظَرَ فِيهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَمْ يأْتهم ما يؤُول إِليه أَمرهم فِي التَّكْذِيبِ بِهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَدَلِيلُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ فَقِّهه فِي الدِّينِ وعَلِّمه التَّأْوِيل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنْ آلَ الشيءُ يَؤُولُ إِلى كَذَا أَي رَجَع وَصَارَ إِليه، وَالْمُرَادُ بالتَّأْوِيل نَقْلُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ عَنْ وَضْعِهِ الأَصلي إِلى مَا يَحتاج إِلى دَلِيلٍ لَوْلَاهُ مَا تُرِك ظاهرُ اللَّفْظِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُكْثِرُ أَن يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ يَتَأَوَّل القرآنَ
، تَعْنِي أَنه مأْخوذ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّهْرِيُّ قَالَ: قُلْتُ لعُروة مَا بالُ عائشةَ تُتِمُّ فِي السَّفَر يَعْنِي الصَّلَاةَ؟ قَالَ: تَأَوَّلَت «2» كَمَا تَأَوَّلَ عثمانُ
؛ أَراد بتَأْوِيل عُثْمَانَ مَا رُوِيَ عَنْهُ
أَنه أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ فِي الْحَجِّ
، وَذَلِكَ أَنه نَوَى الإِقامة بِهَا. التَّهْذِيبُ: وأَما التَّأْوِيل فَهُوَ تَفْعِيلٌ مِنْ أَوَّلَ يُؤَوِّلُ تَأْوِيلًا وثُلاثِيُّه آلَ يَؤُولُ أَي رَجَعَ وَعَادَ. وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنِ التَّأْوِيل فَقَالَ: التَّأْوِيل وَالْمَعْنَى وَالتَّفْسِيرُ وَاحِدٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يُقَالُ أُلْتُ الشيءَ أَؤُولُهُ إِذا جَمَعْتَهُ وأَصلحته فَكَانَ التَّأْوِيل جَمْعَ مَعَانِي أَلفاظ أَشكَلَت بِلَفْظٍ وَاضِحٍ لَا إِشْكَالَ فِيهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: أَوَّلَ اللهُ عَلَيْكَ أَمرَك أَي جَمَعَه، وإِذا دَعَوا عَلَيْهِ قَالُوا: لَا أَوَّلَ اللهُ عَلَيْكَ شَمْلَك. وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ للمُضِلِّ: أَوَّلَ اللهُ عَلَيْكَ أَي رَدَّ عَلَيْكَ ضالَّتك وجَمَعها لَكَ. وَيُقَالُ: تَأَوَّلت فِي فُلَانٍ الأَجْرَ إِذا تَحَرَّيته وَطَلَبْتَهُ. اللَّيْثُ: التَّأَوُّلُ والتَّأْوِيلُ تَفْسِيرُ الْكَلَامِ الَّذِي تَخْتَلِفُ مَعَانِيهِ وَلَا يَصِحُّ إِلّا بِبَيَانِ غَيْرِ لَفْظِهِ؛ وأَنشد:
نَحْنُ ضَرَبْناكم عَلَى تَنْزِيلِهِ، ... فاليَوْمَ نَضْرِبْكُم عَلَى تَأْوِيلِه «3»
. وأَما قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ
؛ فَقَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا ما يَؤُول إِليه أَمرُهم مِنَ البَعْث، قَالَ: وَهَذَا التَّأْوِيل هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ
؛ أَي لَا يَعْلَمُ مَتَى يَكُونُ أَمْرُ البعث وما يؤول إِليه الأَمرُ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ إِلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ أَي آمَنَّا بِالْبَعْثِ، وَاللَّهُ أَعلم؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا حَسَنٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَعلم اللهُ جَلَّ ذكرُه أَن فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَنزله آياتٍ محكماتٍ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ لَا تَشابُهَ فِيهِ فَهُوَ مَفْهُومٌ مَعْلُومٌ، وأَنزل آيَاتٍ أُخَرَ مُتَشَابِهَاتٍ تَكَلَّمَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ مُجْتَهِدِينَ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَن الْيَقِينَ الَّذِي هُوَ الصَّوَابُ لَا يَعْلَمُهُ إِلا اللَّهُ، وذلك
__________
(2) . قوله [قال تَأَوَّلت إلخ] كذا بالأَصل. وفي الأَساس: وتأملته فتَأَوَّلت فيه الخير أي توسمته وتحرَّيته
(3) . قوله: [نضربْكم] ، بالجزم؛ هكذا في الأَصل ولعل الشَّاعِرَ اضطُرّ إِلَى ذَلِكَ محافظة على وزن الشعر الذي هو الرجز(11/33)
مِثْلُ الْمُشْكَلَاتِ الَّتِي اخْتَلَفَ المُتَأَوِّلُون فِي تأْويلها وَتَكَلَّمَ فيها من تكلم على مَا أَدَّاه الِاجْتِهَادُ إِليه، قَالَ: وإِلى هَذَا مَالَ ابْنُ الأَنباري. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ
، قَالَ: جَزَاءَهُ. يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ
، قَالَ: جَزَاؤُهُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ
، قَالَ: التَّأْوِيل المَرجِع والمَصير مأْخوذ مِنْ آلَ يَؤُولُ إِلى كَذَا أَي صَارَ إِليه. وأَوَّلْتُهُ: صَيَّرته إِليه. الْجَوْهَرِيُّ: التَّأْوِيل تَفْسِيرُ مَا يؤول إِليه الشَّيْءُ، وَقَدْ أَوّلته تَأْوِيلًا وتَأَوَّلْته بِمَعْنَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعْشَى:
عَلَى أَنها كَانَتْ، تَأَوُّلُ حُبِّها ... تَأَوُّلُ رِبْعِيِّ السِّقاب، فأَصْحَبا
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: تَأَوُّلُ حُبِّها أَي تَفْسِيرُهُ وَمَرْجِعُهُ أَي أَن حُبَّهَا كَانَ صَغِيرًا فِي قَلْبِهِ فَلَمْ يَزَلْ يَثْبُتُ حَتَّى أَصْحَب فَصَارَ قَديماً كَهَذَا السَّقْب الصَّغِيرِ لَمْ يَزَلْ يَشِبُّ حَتَّى صَارَ كَبِيرًا مِثْلَ أُمه وَصَارَ لَهُ ابْنٌ يَصْحَبُهُ. والتَّأْوِيل: عِبَارَةُ الرُّؤْيَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هَذَا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ
. وآلَ مالَه يَؤُولُه إِيَالَة إِذا أَصلحه وَسَاسَهُ. والائْتِيَال: الإِصلاح وَالسِّيَاسَةُ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ عَامِرِ بْنِ جُوَين:
كَكِرْفِئَةِ الغَيْثِ، ذاتِ الصَّبيرِ، ... تَأْتي السَّحاب وتَأْتَالَها
وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف: قَدْ بَلَوْنا فُلَانًا فَلَمْ نَجِدْ عِنْدَهُ إِيَالَة للمُلْك
، والإِيَالَة السِّياسة؛ فلان حَسَن الإِيَالَة وسيِءُ الإِيَالَة؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
بِصَبُوحِ صافِيَةٍ، وجَذْبِ كَرِينَةٍ ... بِمُؤَتَّرٍ، تَأْتَالُه، إِبْهامُها
قِيلَ هُوَ تَفْتَعِلُهُ مِنْ أُلْتُ أَي أَصْلَحْتُ، كَمَا تَقُولُ تَقْتَاله مَنْ قُلت، أَي تُصْلِحهُ إِبهامُها؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَعْنَاهُ تُصْلِحُهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَرْجِعُ إِليه وتَعطِف عَلَيْهِ، وَمَنْ رَوَى تَأْتَا لَه فإِنه أَراد تأْتوي مِنْ قَوْلِكَ أَوَيْت إِلى الشَّيْءِ رَجَعْت إِليه، فَكَانَ يَنْبَغِي أَن تَصِحَّ الْوَاوُ، وَلَكِنَّهُمْ أَعَلُّوه بِحَذْفِ اللَّامِ وَوَقَعَتِ الْعَيْنُ مَوْقِعَ اللَّامِ فَلَحِقَهَا مِنَ الإِعلال مَا كَانَ يَلْحَقُ اللَّامَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُهُ أُلْنَا وإِيلَ عَلَيْنَا أَي سُسْنَا وسَاسونا. والأَوْل: بُلُوغُ طِيبِ الدُّهْن بِالْعِلَاجِ. وآلَ الدُّهْن والقَطِران والبول والعسل يَؤُولُ أَوْلًا وإِيَالًا: خَثُر؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنَّ صَاباً آلَ حَتَّى امْطَلَّا
أَي خَثُر حَتَّى امتدَّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ:
عُصَارَةُ جَزْءٍ آلَ، حَتَّى كأَنَّما ... يُلاقُ بِجَادِيٍّ ظُهُورُ العَراقبِ
وأَنشد لِآخَرَ:
ومِنْ آيِلٍ كالوَرْسِ نَضْحاً كَسَوْنَهُ ... مُتُونَ الصَّفا، مِنْ مُضْمَحِلٍّ وناقِع
التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لأَبوال الإِبل الَّتِي جَزَأَت بالرُّطْب فِي آخِرِ جَزْئِها: قَدْ آلَتْ تَؤُولُ أَوْلًا إِذا خَثُرت فَهِيَ آيِلَة؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:
ومِنْ آيِلٍ كالوَرْسِ نَضْح سُكُوبه ... مُتُونَ الحَصَى، مِنْ مُضْمَحِلٍّ وَيَابِسِ
وآلَ اللبنُ إِيالًا: تَخَثَّر فَاجْتَمَعَ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ، وأُلْتُهُ أَنا. وأَلْبانٌ أُيَّل؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا عَزِيزٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن تُجْمَعَ صِفَةُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ عَلَى فُعَّل وإِن كَانَ قَدْ جَاءَ مِنْهُ نَحْوَ عِيدان(11/34)
قُيَّسٌ، وَلَكِنَّهُ نَادِرٌ، والآخَرُ أَنه يَلْزَمُ فِي جَمْعِهِ أُوَّل لأَنه مِنَ الْوَاوِ بِدَلِيلِ آلَ أَوْلًا لَكِنَّ الْوَاوَ لَما قَرُبت مِنَ الطَّرَفِ احْتَمَلت الإِعلال كَمَا قَالُوا نُيَّم وصُيَّم. والإِيَالُ: وِعَاءُ اللّبَن. اللَّيْثُ: الإِيَال، عَلَى فِعال، وِعاء يُؤَالُ فِيهِ شَراب أَو عَصِيرٌ أَو نَحْوُ ذَلِكَ. يُقَالُ: أُلْتُ الشرابَ أَؤُولُهُ أَوْلًا؛ وأَنشد:
فَفَتَّ الخِتامَ، وَقَدْ أَزْمَنَتْ، ... وأَحْدَث بَعْدَ إِيالٍ إِيَالا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالَّذِي نَعْرِفُهُ أَن يُقَالَ آلَ الشرابُ إِذا خَثُر وَانْتَهَى بلوغُه ومُنْتهاه مِنَ الإِسكار، قَالَ: فَلَا يُقَالُ أُلْتُ الشرابَ. والإِيَال: مَصْدَرُ آلَ يَؤُول أَوْلًا وإِيَالًا، والآيِل: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ، وَالْجَمْعُ أُيَّل مِثْلُ قَارِحٍ وقُرَّح وَحَائِلٍ وحُوَّل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
وكأَنَّ خاثِرَه إِذا ارْتَثَؤُوا بِهِ ... عَسَلٌ لَهُمْ، حُلِبَتْ عَلَيْهِ الأُيَّل
وَهُوَ يُسَمِّن ويُغْلِم؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ يَهْجُو لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ:
وبِرْذَوْنَةٍ بَلَّ البَراذينُ ثَغْرَها، ... وَقَدْ شَرِبتْ مِنْ آخِرِ الصَّيْفِ أُيَّلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: بُريْذِينةٌ، بِالرَّفْعِ وَالتَّصْغِيرِ دُونَ وَاوٍ، لأَن قَبْلَهُ:
أَلا يَا ازْجُرَا لَيْلى وقُولا لَهَا: هَلا، ... وَقَدْ ركبَتْ أَمْراً أَغَرَّ مُحَجَّلا
وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ عِنْدَ قَوْلِهِ شَرِبَتْ أَلْبان الأَيَايِل قَالَ: هَذَا مِحَالٌ، وَمِنْ أَين تُوجَدُ أَلبان الأَيايل؟ قَالَ: وَالرِّوَايَةُ وَقَدْ شَرِبَتْ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أُيَّلا، وَهُوَ اللَّبَنُ الْخَاثِرُ مِنْ آلَ إِذا خَثُر. قَالَ أَبو عَمْرٍو: أُيَّل أَلبان الأَيايل، وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُوَ الْبَوْلُ الْخَاثِرُ بِالنَّصْبِ «1» مِنْ أَبوال الأُرْوِيَّة إِذا شَرِبَتْهُ المرأَة اغْتَلَمَتْ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الأُيَّل هُوَ ذُو الْقَرْنِ الأَشعث الضخمِ مِثْلُ الثَّوْرِ الأَهلي. ابْنُ سِيدَهْ: والأُيَّل بَقِيَّةُ اللَّبَنِ الْخَاثِرِ، وَقِيلَ: الْمَاءُ فِي الرَّحِمِ، قَالَ: فأَما مَا أَنشده ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ قَوْلِ النَّابِغَةِ:
وَقَدْ شَرِبَتْ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِيَّلا
فَزَعَمَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنه أَراد لَبَنَ إِيَّل، وَزَعَمُوا أَنه يُغْلِم ويُسَمِّن، قَالَ: وَيُرْوَى أُيَّلا، بِالضَّمِّ، قَالَ: وَهُوَ خطأٌ لأَنه يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أُوَّلًا. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَقَدْ أَخطأَ ابْنُ حَبِيبٍ لأَن سيبوبه يَرَى الْبَدَلَ فِي مِثْلِ هَذَا مُطَّرِدًا، قَالَ: وَلَعَمْرِي إِن الصَّحِيحَ عِنْدَهُ أَقوى مِنَ الْبَدَلِ، وَقَدْ وَهِم ابْنُ حَبِيبٍ أَيضاً فِي قَوْلِهِ إِن الرِّوَايَةَ مَرْدُودَةٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، لأَن أُيَّلا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مثْلُها فِي إِيّلا، فَيُرِيدُ لَبَنَ أُيَّل كَمَا ذَهَبَ إِليه فِي إِيَّل، وَذَلِكَ أَن الأُيَّل لُغَةٌ فِي الإِيَّل، فإِيَّل كحِثْيَل وأُيَّل كَعُلْيَب، فَلَمْ يَعْرِفِ ابْنُ حَبِيبٍ هَذِهِ اللُّغَةَ. قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلى أَن أُيَّلا فِي هَذَا الْبَيْتِ جَمْعُ إِيَّل، وَقَدْ أَخْطأَ مِنْ ظَنَّ ذَلِكَ لأَن سِيبَوَيْهِ لَا يَرَى تَكْسِيرَ فِعَّل عَلَى فُعَّل وَلَا حَكَاهُ أَحد، لَكِنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ اسْمًا لِلْجَمْعِ؛ قَالَ وَعَلَى هَذَا وَجَّهت أَنا قَوْلَ الْمُتَنَبِّي:
وقِيدَت الأُيَّل فِي الحِبال، ... طَوْع وهُوقِ الخَيْل وَالرِّجَالِ
غَيْرُهُ: والأُيَّل الذَّكَر مِنَ الأَوعال، وَيُقَالُ لِلَّذِي يُسَمَّى
__________
(1) . قوله [بالنصب] يعني فتح الهمزة(11/35)
بالفارسية گوزن، وَكَذَلِكَ الإِيَّل، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ الأَيِّل، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْيَاءِ، قَالَ الْخَلِيلُ: وإِنما سمي أَيِّلًا لأَنه يَؤُول إِلى الْجِبَالِ، وَالْجَمْعُ إِيَّل وأُيَّل وأَيَايِل، وَالْوَاحِدُ أَيِّل مِثْلَ سَيِّد ومَيِّت. قَالَ: وَقَالَ أَبو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ مُوَافِقًا لِهَذَا الْقَوْلِ الإِيَّل جَمْعُ أَيِّل، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ بِدَلِيلِ قَوْلِ جَرِيرٍ:
أَجِعثنُ، قَدْ لاقيتُ عِمْرَانَ شَارِبًا، ... عَنِ الحَبَّة الخَضْراء، أَلبان إِيَّل
وَلَوْ كَانَ إِيَّل وَاحِدًا لَقَالَ لَبَنَ إِيَّل؛ قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى أَن وَاحِدَ إِيَّل أَيِّل، بِالْفَتْحِ، قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
وَقَدْ شَرِبت مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أَيِّلًا
قَالَ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ، قَالَ: تَقْدِيرُهُ لبن أَيِّل ولأَن أَلبان الإِيَّل إِذا شَرِبَتْهَا الْخَيْلُ اغتَلَمت. أَبو حَاتِمٍ: الآيِل مِثْلُ الْعَائِلِ اللَّبَنُ الْمُخْتَلِطُ الْخَاثِرُ الَّذِي لَمْ يُفْرِط فِي الخُثورة، وَقَدْ خَثُرَ شَيْئًا صَالِحًا، وَقَدْ تَغَيَّرَ طَعمه إِلى الحَمَض شَيْئًا وَلَا كُلَّ ذَلِكَ. يقال: آلَ يَؤُولُ أَوْلًا وأُوُولًا، وَقَدْ أُلْتُهُ أَي صَبَبْتُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى آلَ وَطَابَ وخَثُر. وآلَ: رَجَع، يُقَالُ: طَبَخْتُ الشَّرَابَ فآلَ إِلى قَدْر كَذَا وَكَذَا أَي رَجَعَ. وآلَ الشيءُ مَآلًا: نَقَص كَقَوْلِهِمْ حَارَ مَحاراً. وأُلْتُ الشيءَ أَوْلًا وإِيالًا: أَصلحته وسُسْتُه. وإِنه لَآيِلُ مَالٍ وأَيِّل مَالٍ أَي حَسَنُ الْقِيَامِ عَلَيْهِ. أَبو الْهَيْثَمِ: فُلَانٌ آيِلُ مَالٍ وَعَائِسُ مَالٍ ومُراقِح مَالٍ «1» وإِزَاء مَالٍ وسِرْبال مَالٍ إِذا كَانَ حَسَنَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَالسِّيَاسَةِ لَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ خالُ مالٍ وَخَائِلُ مَالٍ. والإِيَالة: السِّياسة. وآلَ عَلَيْهِمْ أَوْلًا وإِيَالًا وإِيَالة: وَليَ. وَفِي الْمَثَلِ: قَدْ أُلْنا وإِيل عَلَيْنَا، يَقُولُ: ولِينا وَوُلي عَلَيْنَا، وَنَسَبَ ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْقَوْلُ إِلى عُمَرَ وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَي سُسْنا وسِيسَ عَلَيْنَا، وقال الشَّاعِرُ:
أَبا مالِكٍ فانْظُرْ، فإِنَّك حَالِبُ ... صَرَى الحَرْب، فانْظُرْ أَيَّ أَوْلٍ تَؤُولُها
وآلَ المَلِك رَعِيَّته يَؤُولُها أَوْلًا وإِيالًا: سَاسَهُمْ وأَحسن سِيَاسَتَهُمْ وَوَليَ عَلَيْهِمْ. وأُلْتُ الإِبلَ أَيْلًا وإِيالًا: سُقْتها. التَّهْذِيبُ: وأُلْتُ الإِبل صَرَرْتها فَإِذَا بَلَغَتْ إِلى الحَلْب حَلْبَتُهَا. وَالْآلُ: مَا أَشرف مِنَ الْبَعِيرِ. وَالْآلُ: السَّرَابُ، وَقِيلَ: الْآلُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ ضُحى كَالْمَاءِ بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْض يَرْفَعُ الشُّخوص ويَزْهَاهَا، فأَما السَّرَاب فَهُوَ الَّذِي يَكُونُ نِصْفَ النَّهَارِ لاطِئاً بالأَرْض كأَنه مَاءٌ جَارٍ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْآلُ فِي أَوّل النَّهَارِ؛ وأَنشد:
إِذ يَرْفَعُ الآلُ رأْس الْكَلْبِ فَارْتَفَعَا
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّرَاب يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ؛ وَفِي حَدِيثِ قُسّ بْنِ ساعدَة:
قَطَعَتْ مَهْمَهاً وَآلًا فَآلَا
الآل: السَّراب، والمَهْمَهُ: القَفْر. الأَصمعي: الْآلُ وَالسَّرَابُ وَاحِدٌ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ: الْآلُ مِنَ الضُّحَى إِلى زَوَالِ الشَّمْسِ، وَالسَّرَابُ بَعْدَ الزَّوَالِ إِلى صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَاحْتَجُّوا بأَن الْآلَ يَرْفَعُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى يَصِيرَ آلًا أَي شَخْصاً، وآلُ كُلِّ شَيْءٍ: شَخْصه، وأَن السَّرَابَ يُخْفِضُ كُلَّ شَيْءٍ فِيهِ حتى يصير لاصقاً
__________
(1) . قوله [ومراقح مال] الذي في الصحاح وغيره من كتب اللغة: رقاحيّ مال(11/36)
بالأَرض لَا شَخْصَ لَهُ؛ وَقَالَ يُونُسُ: تَقُولُ الْعَرَبُ الْآلُ مُذ غُدْوة إِلى ارْتِفَاعِ الضُّحَى الأَعلى، ثُمَّ هُوَ سَرَابٌ سائرَ الْيَوْمِ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْآلُ الَّذِي يَرْفَعُ الشُّخُوصَ وَهُوَ يَكُونُ بِالضُّحَى، والسَّراب الَّذِي يَجْري عَلَى وَجْهِ الأَرض كأَنه الْمَاءُ وَهُوَ نِصْفُ النَّهَارِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ الَّذِي رأَيت الْعَرَبَ بِالْبَادِيَةِ يَقُولُونَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الْآلُ الَّذِي تَرَاهُ فِي أَول النَّهَارِ وَآخِرِهِ كأَنه يَرْفَعُ الشُّخُوصَ وَلَيْسَ هُوَ السَّرَابُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
حَتَّى لَحِقنا بِهِمْ تُعْدي فَوارِسُنا، ... كأَنَّنا رَعْنُ قُفٍّ يَرْفَعُ الْآلَا
أَراد يَرْفَعُهُ الْآلُ فَقَلَبَهُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَجْهُ كَوْنِ الْفَاعِلِ فِيهِ مَرْفُوعًا وَالْمَفْعُولِ مَنْصُوبًا باسمٍ «2» صَحِيحٍ، مَقُول بِهِ، وَذَلِكَ أَن رَعْن هَذَا القُفِّ لَمَّا رَفَعَهُ الآل فرُؤي فِيهِ ظَهَرَ بِهِ الْآلُ إِلى مَرْآة الْعَيْنِ ظُهُورًا لَوْلَا هَذَا الرَّعْن لَمْ يَبِنْ لِلْعَيْنِ بَيانَه إِذا كَانَ فِيهِ، أَلا تَرَى أَن الْآلَ إِذا بَرَق لِلْبَصَرِ رَافِعًا شَخْصه كَانَ أَبدى لِلنَّاظِرِ إِليه مِنْهُ لَوْ لَمْ يُلَاقِ شَخْصًا يَزْهاه فَيَزْدَادُ بِالصُّورَةِ الَّتِي حَمَلَهَا سُفوراً وَفِي مَسْرَح الطَّرْف تجَلِّياً وَظُهُورًا؟ فإِن قُلْتَ: فَقَدْ قَالَ الأَعشى:
إِذ يَرْفَع الآلُ رأْسَ الكلبِ فَارْتَفَعَا
فَجَعَلَ الْآلَ هُوَ الْفَاعِلُ وَالشَّخْصَ هُوَ الْمَفْعُولُ، قِيلَ: لَيْسَ فِي هَذَا أَكثر مِنْ أَن هَذَا جَائِزٌ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَن غَيْرَهُ لَيْسَ بِجَائِزٍ، أَلا تَرَى أَنك إِذا قُلْتَ مَا جَاءَنِي غَيْرُ زَيْدٍ فإِنما فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن الَّذِي هُوَ غَيْرَهُ لَمْ يأْتك، فأَما زَيْدٌ نَفْسُهُ فَلَمْ يُعَرَّض للإِخبار بإِثبات مَجِيءٍ لَهُ أَو نَفْيِهِ عَنْهُ، فَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ قَدْ جَاءَ وأَن يَكُونَ أَيضاً لَمْ يَجِئْ؟ وَالْآلُ: الخَشَبُ المُجَرَّد؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
آلٌ عَلَى آلٍ تَحَمَّلَ آلَا
فَالْآلُ الأَول: الرَّجُلُ، وَالثَّانِي السَّرَابُ، وَالثَّالِثُ الْخَشَبُ؛ وَقَوْلُ أَبي دُوَاد:
عَرَفْت لَهَا مَنزلًا دَارِسًا، ... وَآلًا عَلَى الْمَاءِ يَحْمِلْنَ آلَا
فَالْآلُ الأَول عِيدانُ الخَيْمة، وَالثَّانِي الشَّخْصُ؛ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الْآلُ بمعنى السَّرَابِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة:
تَبَطَّنْتُها والقَيْظَ، مَا بَيْن جَالِها ... إِلى جَالِها سِتْرٌ مِنَ الْآلِ نَاصِحُ
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
كأَنَّ حُدُوجَها فِي الآلِ ظُهْراً، ... إِذا أُفْزِعْنَ مِنْ نَشْرٍ، سَفِينُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَقَوْلُهُ ظُهْراً يَقْضِي بأَنه السَّرَابُ، وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
وأَشْعَثَ فِي الدارِ ذِي لِمَّة، ... لَدَى آلِ خَيْمٍ نَفَاهُ الأَتِيُ
قِيلَ: الْآلُ هُنَا الْخَشَبُ. وآلُ الْجَبَلِ: أَطرافه وَنَوَاحِيهِ. وآلُ الرَّجُلِ: أَهلُه وعيالُه، فإِما أَن تَكُونَ الأَلف مُنْقَلِبَةً عَنْ وَاوٍ، وإِما أَن تَكُونَ بَدَلًا مِنَ الْهَاءِ، وَتَصْغِيرُهُ أُوَيْل وأُهَيْل، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِما لَا يَعْقِلُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
نَجَوْتَ، وَلَمْ يَمْنُنْ عَلَيْكَ طَلاقَةً ... سِوَى رَبَّة التَّقْريبِ من آل أَعْوَجا
وَالْآلُ: آلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أَبو
__________
(2) . أراد بالاسم الصحيح: الرَّعْن(11/37)
الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْآلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: آلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنِ اتَّبَعَهُ قَرَابَةً كَانَتْ أَو غَيْرَ قَرَابَةٍ، وَآلُهُ ذُو قَرَابَتِهِ مُتَّبعاً أَو غَيْرَ مُتَّبع؛ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْآلُ والأَهل وَاحِدٌ، وَاحْتَجُّوا بأَن الْآلَ إِذا صُغِّرَ قِيلَ أُهَيْل، فكأَن الْهَمْزَةَ هَاءٌ كَقَوْلِهِمْ هَنَرْتُ الثَّوْبَ وأَنَرْته إِذا جَعَلْتَ لَهُ عَلَماً؛ قَالَ: وَرَوَى الْفَرَّاءُ عَنِ الْكِسَائِيِّ فِي تَصْغِيرِ آلٍ أُوَيْل؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: فَقَدْ زَالَتْ تِلْكَ الْعِلَّةُ وَصَارَ الْآلُ والأَهل أَصلين لِمَعْنَيَيْنِ فَيَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ كُلُّ مَنِ اتَّبَعَ النَّبِيَّ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، قُرَابَةً كَانَ أَو غَيْرَ قُرَابَةٍ؛ وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ أَنه سُئِلَ عَنْ
قَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ
: مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: قَالَ قَائِلٌ آلُهُ أَهله وأَزواجه كأَنه ذَهَبَ إِلى أَن الرَّجُلَ تَقُولُ لَهُ أَلَكَ أَهْلٌ؟ فَيَقُولُ: لَا وإِنما يَعْنِي أَنه لَيْسَ لَهُ زَوْجَةٌ، قَالَ: وَهَذَا مَعْنَى يَحْتَمِلُهُ اللِّسَانُ وَلَكِنَّهُ مَعْنَى كَلَامٍ لَا يُعْرَف إِلَّا أَن يَكُونَ لَهُ سَبَبُ كَلَامٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَن يُقَالَ لِلرَّجُلِ: تزوَّجتَ؟ فَيَقُولُ: مَا تأَهَّلت، فَيُعْرَف بأَول الْكَلَامِ أَنه أَراد مَا تَزَوَّجْتُ، أَو يَقُولُ الرَّجُلُ أَجنبت مِنْ أَهلي فَيُعْرَفُ أَن الْجَنَابَةَ إِنما تَكُونُ مِنَ الزَّوْجَةِ، فأَما أَن يَبْدَأَ الرَّجُلُ فَيَقُولُ أَهلي بِبَلَدِ كَذَا فأَنا أَزور أَهلي وأَنا كَرِيمُ الأَهْل، فإِنما يَذْهَبُ النَّاسُ فِي هَذَا إِلى أَهل الْبَيْتِ، قَالَ: وَقَالَ قَائِلٌ آلُ مُحَمَّدٍ أَهل دِينِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَمَنْ ذَهَبَ إِلى هَذَا أَشبه أَن يَقُولَ قَالَ اللَّهُ لِنُوحٍ: احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ، وَقَالَ نُوحٌ: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ، أَي لَيْسَ مِنْ أَهل دِينِكَ؛ قَالَ: وَالَّذِي يُذْهَب إِليه فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ أَن مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ من أَهلك الذين أَمرناك بِحَمْلِهِمْ مَعَكَ، فإِن قَالَ قَائِلٌ: وَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ؟ قِيلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ*، فأَعلمه أَنه أَمره بأَن يَحْمِل مِنْ أَهله مَنْ لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْ أَهل الْمَعَاصِي، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ، قَالَ: وَذَهَبَ نَاسٌ إِلى أَن آلَ مُحَمَّدٍ قَرَابَتُهُ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنْ قَرَابَتِهِ، وإِذا عُدَّ آلُ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الَّذِينَ إِليه نَسَبُهم، ومن يُؤْويه بَيْتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَو مَمْلُوكٍ أَو مَوْلى أَو أَحد ضَمَّه عِيَالُهُ وَكَانَ هَذَا فِي بَعْضِ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَل أَبيه دُونَ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَل أُمه، لَمْ يَجُزْ أَن يَسْتَدِلَّ عَلَى مَا أَراد اللَّهُ مِنْ هَذَا ثُمَّ رَسُولَهُ إِلا بسنَّة رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَالَ: إِن الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ دَلَّ عَلَى أَن آلَ مُحَمَّدٍ هُمُ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ وعُوِّضوا مِنْهَا الخُمس، وَهِيَ صَلِيبة بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَهُمُ الَّذِينَ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ بَعْدَ نَبِيِّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجمعين. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَاخْتُلِفَ فِي آلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِينَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لَهُمْ، فالأَكثر عَلَى أَنهم أَهل بَيْتِهِ؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ: دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَن آلَ مُحَمَّدٍ هُمُ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ وَعُوِّضُوا مِنْهَا الخُمس، وَقِيلَ: آلُهُ أَصحابه وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
لَقَدْ أُعْطِي مِزْماراً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ
، أَراد مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ نَفْسِهِ. وَالْآلُ: صِلَةٌ زَائِدَةٌ. وَآلُ الرَّجُلِ أَيضاً: أَتباعه؛ قَالَ الأَعشى:
فكذَّبوها بِمَا قَالَتْ، فَصَبَّحَهم ... ذُو آلِ حَسَّانَ يُزْجي السَّمَّ والسَّلَعا
يَعْنِي جَيْشَ تُبَّعٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ
. التَّهْذِيبُ: شَمِرٌ قَالَ أَبو عَدْنَانَ قَالَ لِي مَنْ لَا أُحْصِي(11/38)
مِنْ أَعراب قَيْسٍ وَتَمِيمٍ: إِيلة الرَّجُلِ بَنُو عَمِّه الأَدْنَوْن. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنْ أَطاف بِالرَّجُلِ وَحَلَّ مَعَهُ مِنْ قَرَابَتِهِ وعِتْرته فَهُوَ إِيلته؛ وَقَالَ العُكْلي: وَهُوَ مِنْ إِيلَتِنا أَي مِنْ عِتْرَتنا. ابْنُ بَزْرَجٍ: إِلَةُ الرَّجُلِ الَّذِينَ يَئِلُ إِليهم وَهُمْ أَهله دُنيا. وهؤُلاء إِلَتُكَ وَهُمْ إِلَتي الَّذِينَ وأَلْتُ إِليهم. قَالُوا: رَدَدْتُهُ إِلى إِلَتِهِ أَي إِلى أَصله؛ وأَنشد:
وَلَمْ يَكُنْ فِي إِلَتِي عَوَالَا
يُرِيدُ أَهل بَيْتِهِ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ نَوَادِرِهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَما إِلَة الرَّجُلِ فَهُمْ أَهل بَيْتِهِ الَّذِينَ يَئِلُ إِليهم أَي يلجأُ إِليهم. وَالْآلُ: الشَّخْصُ؛ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ
يَمانِيَةٍ أَحْيا لَهَا مَظَّ مائِدٍ ... وَآلَ قِراسٍ، صَوْبُ أَرْمِيَةٍ كُحْلِ
يَعْنِي مَا حَوْلَ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ النَّبَاتِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الْآلُ الَّذِي هُوَ الأَهل. وَآلُ الخَيْمة: عَمَدها. الْجَوْهَرِيُّ: الْآلَةُ وَاحِدَةُ الْآلِ وَالْآلَاتِ وَهِيَ خَشَبَاتٌ تُبْنَى عَلَيْهَا الخَيْمة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كثيِّر يَصِفُ نَاقَةً وَيُشَبِّهُ قَوَائِمَهَا بِهَا:
وتُعْرَف إِن ضَلَّتْ، فتُهْدَى لِرَبِّها ... لموضِع آلَاتٍ مِنَ الطَّلْح أَربَع
والآلةُ: الشِّدَّة. وَالْآلَةُ: الأَداة، وَالْجَمْعُ الْآلَاتُ. وَالْآلَةُ: مَا اعْتَمَلْتَ بِهِ مِنَ الأَداة، يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ.
وَقَوْلُ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: تُسْتَعْمَل آلَةُ الدِّينِ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا
؛ إِنما يَعْنِي بِهِ الْعِلْمَ لأَن الدِّينَ إِنما يَقُومُ بِالْعِلْمِ. وَالْآلَةُ: الْحَالَةُ، وَالْجَمْعُ الآلُ. يُقَالُ: هُوَ بآلَة سُوءٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ أَرْكَبُ الآلَةَ بَعْدَ الْآلَهْ، ... وأَتْرُك العاجِزَ بالجَدَالَه
وَالْآلَةُ: الجَنازة. وَالْآلَةُ: سَرِيرُ الْمَيِّتِ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي العَمَيْثَل؛ وَبِهَا فَسَّرَ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
كُلُّ ابنِ أُنْثَى، وإِن طالَتْ سَلَامَتُه، ... يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمُولُ
التَّهْذِيبُ: آلَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ أَي وَأَل مِنْهُ ونَجَا، وَهِيَ لُغَةُ الأَنصار، يَقُولُونَ: رَجُلٌ آيِل مَكَانَ وَائِلٍ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
يَلُوذ بشُؤْبُوبٍ مِنَ الشَّمْسِ فَوْقَها، ... كَمَا آلَ مِن حَرِّ النَّهَارِ طَرِيدُ
وَآلَ لحمُ النَّاقَةِ إِذا ذَهَب فضَمُرت؛ قَالَ الأَعْشَى:
أَذْلَلْتُهَا بعد المِرَاح، ... فَآلَ مِنْ أَصلابها
أَي ذَهَبَ لحمُ صُلْبها. والتَّأْوِيل: بَقْلة ثَمَرَتِهَا فِي قُرُونٍ كَقُرُونِ الْكِبَاشِ، وَهِيَ شَبِيهة بالقَفْعاء ذَاتِ غِصَنَة وَوَرَقٍ، وَثَمَرَتُهَا يَكْرَهُهَا الْمَالُ، وَوَرَقُهَا يُشْبِهُ وَرَقَ الْآسِ وهيَ طَيِّبة الرِّيحِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّنْبيت، وَاحِدَتُهُ تَأْوِيلَة. وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ قَالَ: إِنما طَعَامُ فُلَانٍ الْقَفْعَاءُ والتَّأْوِيل، قَالَ: والتَّأْوِيل نَبْتٌ يَعْتَلِفُهُ الْحِمَارُ، وَالْقَفْعَاءُ شَجَرَةٌ لَهَا شَوْكٌ، وإِنما يُضْرَبُ هَذَا الْمَثَلَ لِلرَّجُلِ إِذا اسْتَبْلَدَ فَهْمُهُ وَشُبِّهَ بِالْحِمَارِ فِي ضَعْفِ عَقْلِهِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ. الْعَرَبُ تَقُولُ أَنت فِي ضَحَائك «1» بين القَفْعاء
__________
(1) . قوله [أنت في ضحائك] هكذا في الأَصل، والذي في شرح القاموس: أنت من الفحائل(11/39)
والتَّأْوِيل، وَهُمَا نَبْتَان مَحْمُودَانِ مِنْ مَرَاعي الْبَهَائِمِ، فإِذا أَرادوا أَن يَنْسِبُوا الرَّجُلَ إِلى أَنه بَهِيمَةٌ إِلا أَنه مُخْصِب مُوَسَّع عَلَيْهِ ضَرَبُوا لَهُ هَذَا الْمَثَلَ؛ وأَنشد غَيْرُهُ لأَبي وَجْزَة السَّعْدِيِّ:
عَزْبُ المَراتع نَظَّارٌ أَطاعَ لَهُ، ... مِنْ كُلِّ رَابِيَةٍ، مَكْرٌ وتأْويل
أَطاع لَهُ: نَبَت لَهُ كَقَوْلِكَ أَطَاعَ لَهُ الوَرَاقُ، قَالَ: ورأَيت فِي تَفْسِيرِهِ أَن التَّأْوِيل اسْمُ بَقْلَةٍ تُولِعُ بَقْرَ الْوَحْشِ، تَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والمَكْر والقَفْعاء قَدْ عَرِفْتُهُمَا ورأَيتهما، قَالَ: وأَما التَّأْوِيل فإِني مَا سَمِعْتُهُ إِلَّا فِي شِعْرِ أَبي وَجْزَةَ هَذَا وَقَدْ عَرَفَهُ أَبو الْهَيْثَمِ وأَبو سَعِيدٍ. وأَوْل: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَيا نَخْلَتَيْ أَوْلٍ، سَقَى الأَصْلَ مِنكما ... مَفِيضُ الرُّبى، والمُدْجِناتُ ذُرَاكُما
وأُوَال وأَوَالُ: قَرْيَةٌ، وَقِيلَ اسْمُ مَوْضِعٍ مِمَّا يَلِي الشَّامَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ: أَنشده سِيبَوَيْهِ:
مَلَكَ الخَوَرْنَقَ والسَّدِيرَ، ودَانَه ... مَا بَيْنَ حِمْيَرَ أَهلِها وأَوَال
صَرَفَهُ لِلضَّرُورَةِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأُنَيف بْنِ جَبَلة:
أَمَّا إِذا اسْتَقْبَلْتُهُ فكأَنَّه ... للعَيْنِ جِذْعٌ، مِنْ أَوَال، مُشَذَّبُ
أيل: أَيْلَة: اسْمُ بلدٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فإِنَّكُمُ، والمُلْكَ، يا أَهْل أَيْلَةٍ ... لَكَالمُتأَبِّي، وَهْو لَيْسَ لَهُ أَبُ
أَراد كالمتأَبي أَباً؛ وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
مَلَكَا مِنْ جَبَل الثلْجِ إِلى ... جَانِبَيْ أَيْلَةَ، مِنْ عَبْدٍ وحُرّ
وإِيلُ: مِنْ أَسماء اللَّهِ عزَّ وَجَلَّ، عِبْراني أَو سُرْياني. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وَقَوْلُهُمْ جَبْرائيل ومِيكائيل وشَرَاحِيل وإِسْرافِيل وأَشباهها إِنما تُنْسَب إِلى الرُّبُوبِيَّةِ، لأَن إِيلًا لُغَةٌ فِي إِلّ، وَهُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، كَقَوْلِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ وتَيْم اللَّهِ، فجَبْر عَبْدٍ مُضَافٍ إِلى إِيل، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَائِزٌ أَن يَكُونَ إِيل أُعرب فَقِيلَ إِلٌّ. وإِيلِياء: مَدِينَةُ بَيْتِ المَقدس، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْصر الْيَاءَ فَيَقُولُ إِلياءُ، وكأَنهما رُومِيَّان؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وبَيْتانِ: بَيْتُ اللَّهِ نَحن وُلاتُه، ... وبَيْتٌ بأَعْلى إِيلِياءَ مُشَرَّف
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَهَلَّ بحَجَّةٍ مِنْ إِيلياء
؛ هِيَ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ اسْمُ مَدِينَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَقَدْ تشدَّد الْيَاءُ الثَّانِيَةُ وَتُقْصَرُ الْكَلِمَةُ، وَهُوَ معرَّب. وأَيْلَة: قَرْيَةٌ عربية وَوَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، الْبَلَدُ الْمَعْرُوفُ فِيمَا بَيْنَ مِصْرَ وَالشَّامِ. وأَيَّل: اسْمُ جَبَل؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
تَرَبَّع أَكناف القَنَانِ فَصارَةٍ، ... فأَيَّلَ فالمَاوَانِ، فَهْو زَهُوم
وَهَذَا بناءٌ نَادِرٌ كَيْفَ وَزَنْتَه لأَنه فَعَّلٌ أَوْ فَيْعَل أَو فَعْيَل، فالأَوَّل لَمْ يجئْ مِنْهُ إِلَّا بَقَّم وشَلَّم، وَهُوَ أَعجميٌّ، وَالثَّانِي لَمْ يَجِئْ مِنْهُ إِلَّا قَوْلُهُ:
مَا بَالُ عَيْني كالشَّعِيبِ العَيَّنِ(11/40)
وَالثَّالِثُ مَعْدُومٌ. وأَيْلُول: شَهْرٌ مِنْ شُهُورِ الرُّومِ. والإِيَّل: ذَكَرُ الأَوعال مَذْكُورٌ فِي ترجمة أَول.
فصل الباء الموحدة
بأل: البَئِيلُ: الصَّغِيرُ النَّحيفُ الضعيفُ مَثَّلَ الضَّئِيل؛ بَؤُلَ يَبْؤُلُ بَآلَة وبُؤُولَة؛ وَقَالُوا: ضَئِيل بَئِيل، فَذَهَبَ ابْنُ الأَعرابي إِلى أَنه إِتباع، وَهَذَا لَا يَقْوَى لأَنه إِذا وُجِدَ لِلشَّيْءِ مَعْنًى غَيْرَ الإِتباع لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بالإِتباع، وَهِيَ الضَّآلة والبآلة والضُّؤُولة والبُؤُولة. وَحَكَى أَبو عَمْرٍو: ضَئِيل بَئِيل أَي قَبِيحٌ. أَبو زَيْدٍ: بَؤُلَ يَبْؤُلُ فَهُوَ بَئِيل إِذا صَغُر، وَقَدْ بَؤُلَ بَآلَةً مِثْلَ ضَؤُل ضَآلة، فَهُوَ بَئيل مِثْلَ ضَئِيل؛ وأَنشد لِمَنْظُورٍ الأَسدي:
حَلِيلة فاحِشٍ وانٍ بَئِيل ... مُزَوْزِكَة، لَهَا حَسَبٌ لَئِيمُ
بأدل: البَأْدَلة: اللَّحْمُ بَيْنَ الإِبط والثَّنْدُوة كلِّها، وَالْجَمْعُ البَآدِل، وَقِيلَ: هِيَ أَصل الثَّدْي، وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ العُنق إِلى التَّرْقُوة، وَقِيلَ: هِيَ جَانِبُ المَأْكَمَة، وَقِيلَ: هِيَ لَحْمُ الثَّدْيين؛ قَالَتْ أُختُ يزيدَ بنِ الطَّثَرِيَّة تَرْثِيهِ:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ لَا مُتآزِفٌ، ... وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُه وبَآدِلُه
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أُخت يَزِيدَ اسْمُهَا زَيْنَبُ، وَيُقَالُ: البيت للعُجَيْر السَّلولي يَرْثِي بِهِ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَمِّهِ يُقَالُ لَهُ سُلَيْمُ بْنُ خَالِدِ بْنِ كَعْبٍ السَّلُولِيُّ؛ قَالَ: وَرِوَايَتُهُ:
فَتًى قُدّ قَدَّ السَّيْفِ لَا مُتَضائِلٌ، ... وَلَا رَهِلٌ لبَّاتُه وبَآدِلُه
يَسُرُّكَ مَظْلوماً، ويُرْضِيكَ ظالِماً، ... وكُلُّ الَّذِي حَمَّلْتَه فَهُوَ حامِلُه
والمُتضائل: الضَّئِيلُ الدقيقُ، والرَّهِلُ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ المُسْتَرْخِيه، والبَأْدَلَة: اللَّحمة بَيْنَ الْعُنُقِ والتَّرْقُوة، وَقَوْلُهُ قُدَّ قَدَّ السَّيْف أَي هُوَ مُهَفْهَف مَجْدول الخَلْقِ سَيْفَان، والسَّيْفان: الطَّوِيلُ الْمَمْشُوقُ، وَقِيلَ: هِيَ ثُلاثيّة لِقَوْلِهِ بَدِل إِذا شَكَا ذَلِكَ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والبَأْدَلَة: مِشْيَة سريعة.
بأزل: البَأْزَلَة: اللِّحَاء وَالْمُقَارَضَةُ. أَبو عَمْرٍو: البَأْزَلَة مِشْيَة فِيهَا سُرْعة؛ وأَنشد لأَبي الأَسود الْعِجْلِيِّ:
قَدْ كَانَ فِيمَا بَيْنَنَا مُشَاهَلَه، ... فأَدْبَرَتْ غَضْبَى تَمَشَّى البَازَلَه
والمُشاهلة: الشَّتْم.
ببل: بَابِل: مَوْضِعٌ بِالْعِرَاقِ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ إِليه يُنْسب السِّحرُ وَالْخَمْرُ، قَالَ الأَخفش: لَا يَنْصَرِفُ لتأْنيثه وَذَلِكَ أَن اسْمَ كُلِّ شَيْءٍ مُؤَنَّثٍ إِذا كَانَ أَكثر مِنْ ثَلَاثَةِ أَحرف فإِنه لَا يَنْصَرِفُ فِي الْمَعْرِفَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ
؛ قَالَ الأَعشى:
بِبَابِلَ لَمْ تُعْصَر، فَجَاءَتْ سُلافَةً ... تُخالِطُ قِنْدِيداً، ومِسْكاً مُخَتَّما
وَقَوْلُ أَبي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ يَصِفُ سِهَامًا:
يَكْوِي بِهَا مُهَجَ النُّفُوسِ، كأَنَّما ... يَكْوِيهِمُ بالبَابِلِيّ المُمْقِرِ
قَالَ السُّكَّري: عَنَى بالبَابِلِيِّ هُنَا سُمّاً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: إِن حِبِّي نَهَانِي أَن أُصلي فِي أَرض بَابِلَ فإِنها مَلْعُونَةٌ
؛ بَابِلُ: هَذَا الصُّقْع(11/41)
الْمَعْرُوفُ بأَرض الْعِرَاقِ، وأَلفه غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِي إِسناد هَذَا الْحَدِيثِ مَقَالٌ، قَالَ: وَلَا أَعلم أَحداً مِنَ الْعُلَمَاءِ حَرَّمَ الصَّلَاةَ فِي أَرْضِ بَابِلَ، وَيُشْبِهُ إِن ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ أَن يَكُونَ نَهَاهُ أَن يَتَّخِذَهَا وَطَناً ومُقاماً، فإِذا أَقام بِهَا كَانَتْ صَلَاتُهُ فِيهَا، قَالَ: وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ أَو لَعَلَّ النَّهْيَ لَهُ خَاصَّةً، أَلا تَرَاهُ قَالَ: نَهَانِي؟ وَمِثْلُهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
نَهَانِي أَن أَقرأ سَاجِدًا وَرَاكِعًا وَلَا أَقول نَهَاكُمْ
، وَلَعَلَّ ذَلِكَ إِنذار مِنْهُ بِمَا لَقِيَ مِنَ الْمِحْنَةِ بِالْكُوفَةِ، وَهِيَ من أَرض بَابِلَ.
بتل: البَتْل: القَطْع. بَتَلَهُ يَبْتِلُهُ ويَبْتُلُهُ بَتْلًا وبَتَّلَهُ فانْبَتَلَ وتَبَتَّلَ: أَبانَه مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: طَلَّقَهَا بَتَّةً بَتْلَةً؛ وَقَوْلُ ذِي الرمة:
رَخِيمات الكَلام مُبَتَّلات، ... جَوَاعِلُ فِي البَرَى قَصَباً خِدَالا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: زَعَمَ الْفَارِسِيُّ أَن الْكَسْرَ رِوَايَةً وَجَاءَ بِهِ شَاهِدًا عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ؛ أَراد مُبَتِّلات الْكَلَامِ مُقَطِّعات لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: أُقيمت الصَّلَاةُ فَتَدافَعُوها وأَبَوْا إِلا تقديمَه، فَلَمَّا سَلَّم قَالَ: لَتَبْتِلُنَّ لَهَا إِماماً أَو لَتُصَلُّنَّ وُحْداناً
، مَعْنَاهُ لتَنْصِبُنَّ لَكُمْ إِماماً وتَقْطَعُنَّ الأَمرَ بإِمامته مِنَ البَتْلِ القَطْعِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَورده أَبو مُوسَى فِي هَذَا الْبَابِ وأَورده الْهَرَوِيُّ فِي بَابِ الْبَاءِ وَاللَّامِ وَالْوَاوِ، وشَرَحَه بِالِامْتِحَانِ وَالِاخْتِبَارِ مِنْ الِابْتِلَاءِ، فَتَكُونُ التاءَان فِيهَا عِنْدَ الْهَرَوِيِّ زَائِدَتَيْنِ الأُولى لِلْمُضَارَعَةِ وَالثَّانِيَةُ لِلِافْتِعَالِ، وَتَكُونُ الأُولى عِنْدَ أَبي مُوسَى زَائِدَةً لِلْمُضَارَعَةِ وَالثَّانِيَةُ أَصلية، قَالَ: وَشَرَحَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي غَرِيبِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَعًا. التَّهْذِيبُ: الأَصمعي المُبْتِل النَّخْلة يَكُونُ لَهَا فَسِيلة قَدِ انْفَرَدَتْ وَاسْتَغْنَتْ عَنْ أُمّها فَيُقَالُ لِتِلْكَ الفَسِيلة البَتُول. ابْنُ سِيدَهْ: البَتُول والبَتِيل والبَتِيلة مِنَ النخْل الفَسِيلة المُنْقَطِعةُ عَنْ أُمها المستغنيةُ عَنْهَا. والمُبْتِلةُ: أُمُّها، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ؛ وَقَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
ذَلِكَ مَا دِينُكَ، إِذ جُنِّبَتْ ... أَجْمالُها كالبُكُرِ المُبْتل
إِنما أَراد جَمْعَ مُبْتِلة كتَمْرة وتَمْر، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ مَا دِينُكَ أَي ذَلِكَ الْبُكَاءُ دِينُكَ وَعَادَتُكَ، والبُكُر: جَمْعُ بَكُور وَهِيَ الَّتِي تُدرك أَوّلَ النَّخْل، وَقَدِ انْبتَلَت مِنْ أُمِّها وتَبَتَّلت واسْتَبْتَلَتْ، وَقِيلَ: البَتْلَة مِنَ النَّخْلِ الوَدِيَّة، وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ الفَسِيلة الَّتِي بَانَتْ عَنْ أُمها، وَيُقَالُ للأُم مُبْتِل. والبَتْل: الحَقُّ، بَتْلًا أَي حَقًّا؛ وَمِنْهُ: صَدَقَة بَتْلَة أَي مُنْقَطِعَةٌ عَنْ صَاحِبِهَا كبَتَّة أَي قَطَعها مِنْ مَالِهِ، وأَعطيته عَطَاءً بَتْلًا أَي مُنْقَطعاً، إِما أَن يُرِيدَ الْغَايَةَ أَي أَنه لَا يُشْبِهُهُ عَطَاءٌ، وإِما أَن يُرِيدَ أَنه لَا يُعْطِيهِ عَطَاءً بَعْدَهُ. وحَلَف يَمِينًا بَتْلَة أَي قَطَعَها. وتَبَتَّلَ إِلى اللَّهِ تَعَالَى: انْقَطَعَ وأَخلص. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا
؛ جَاءَ الْمَصْدَرُ فِيهِ عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ الْفِعْلِ، وَلَهُ نَظَائِرُ، وَمَعْنَاهُ أَخْلِصْ لَهُ إِخْلاصاً. والتَّبَتُّلُ: الِانْقِطَاعُ عَنِ الدُّنْيَا إِلى اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ التَّبْتِيل. يُقَالُ لِلْعَابِدِ إِذا تَرَكَ كُلَّ شَيْءٍ وأَقبل عَلَى الْعِبَادَةِ: قَدْ تَبَتَّلَ أَي قَطَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلا أَمْرَ اللَّهِ وطاعتَه. وَقَالَ أَبو إِسحق: وتَبَتَّلْ إِليه، أَي انقطِعْ إِليه فِي الْعِبَادَةِ؛ وَكَذَلِكَ صَدَقَةٌ بَتْلَة أَي مُنْقَطِعة مِنْ مَالِ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا خَارِجَةٌ إِلى سَبِيلِ اللَّهِ؛ والأَصل فِي تَبَتَّلَ أَن تَقُولَ تَبَتَّلْتُ تَبَتُّلًا، فتَبْتِيلًا مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَى بَتِّل إِليه تَبْتِيلًا. وانْبَتَل، فَهُوَ مُنْبَتِل أَي انْقَطَعَ، وَهُوَ(11/42)
مِثْلُ المُنْبَتِّ؛ وأَنشد:
كأَنَّه تيسُ إِرانٍ مُنْبَتِل
وَرَجُلٌ أَبْتَلَ إِذا كَانَ بعيدَ مَا بَين المَنْكِبَينِ. وَقَدْ بَتَلَ يَبْتُلَ بَتْلًا. والبَتُول مِنَ النِّسَاءِ: الْمُنْقَطِعَةُ عَنِ الرِّجَالِ لَا أَرَبَ لَهَا فِيهِمْ؛ وَبِهَا سُمِّيت مريمُ أُمُّ المَسيح، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقَالُوا لِمَرْيَمَ العَذْراء البَتُول والبَتِيل لِذَلِكَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لِتَرْكِهَا التَّزْوِيجَ. والبَتُول مِنَ النِّسَاءِ: العَذْراء الْمُنْقَطِعَةُ مِنَ الأَزواج، وَيُقَالُ: هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ إِلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الدُّنْيَا. والتَّبَتُّل: تَرْكُ النِّكَاحُ والزهدُ فِيهِ وَالِانْقِطَاعُ عَنْهُ. التَّهْذِيبُ: البَتُول كُلُّ امرأَة تَنْقَبِضُ مِنَ الرِّجَالِ لَا شَهْوَةَ لَهَا وَلَا حَاجَةَ فِيهِمْ، وَمِنْهُ التَّبَتُّل وَهُوَ تَرْكُ النِّكَاحِ؛ وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ مَقْرُومٍ الضَّبَّيُّ:
لَوْ أَنَّها عَرَضَتْ لأَشْمَطَ راهِبٍ، ... عَبَدَ الإِلهَ، صَرُورَةٍ مُتَبَتِّل
وَرَوَى
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنه سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبي وَقَّاصٍ يَقُولُ: لَقَدْ ردَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّل وَلَوْ أَحَلَّه لاخْتَصَيْنا
، وَفَسَّرَ أَبو عُبَيْدٍ التَّبَتُّل بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا رَهْبانيَّة وَلَا تَبَتُّل فِي الإِسلام
؛ والتَّبَتُّلُ: الِانْقِطَاعُ عَنِ النِّسَاءِ وَتَرْكُ النِّكَاحَ، وأَصل البَتْلِ القَطْع. وَسُئِلَ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنِ فَاطِمَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا، بِنْتِ سَيِّدِنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِمَ قِيلَ لَهَا البَتُول؟ فَقَالَ: لِانْقِطَاعِهَا عَنْ نِسَاءِ أَهل زَمَانِهَا وَنِسَاءِ الأُمة عَفَافًا وَفَضْلًا وَدِينًا وَحَسَبًا، وَقِيلَ: لِانْقِطَاعِهَا عَنِ الدُّنْيَا إِلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وامرأَة مُبَتَّلَة الخَلْق أَي منْقطعة الخَلْق عَنِ النِّسَاءِ لَهَا عَلَيْهِنَّ فَضْلٌ؛ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الأَعشى:
مُبَتَّلة الخَلْقِ مِثْل المَهَاةِ، ... لمْ تَرَ شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيرا
وَقِيلَ: المُبَتَّلَة التَّامَّةُ الخَلْقِ؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
طَالَتْ إِلى تَبْتِيلِها فِي مَكْرِ
أَي طَالَتْ فِي تَمَامِ خَلْقِها؛ وَقِيلَ: تَبْتِيل خَلْقِها انْفِرَادُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهَا بِحُسْنِهِ لَا يَتَّكِلُ بعضُه عَلَى بَعْضٍ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْمُبَتَّلَةُ مِنَ النِّسَاءِ الحسَنة الخَلْقِ لَا يَقْصُر شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، لَا تَكُونُ حَسَنة الْعَيْنِ سَمِجَة الأَنف، وَلَا حَسَنة الأَنف سَمِجَة الْعَيْنِ، وَلَكِنْ تَكُونُ تامَّة؛ قَالَ غَيْرُهُ: هِيَ الَّتِي تَفَرَّدَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا بِالْحُسْنِ عَلَى حِدَتِه. والمُبَتَّلَة مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي بُتِّلَ حُسْنُهَا عَلَى أَعضائها أَي قُطِّع، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَمْ يَرْكَبْ بعضُ لَحْمِهَا بَعْضًا فَهُوَ لِذَلِكَ مُنْماز؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الَّتِي فِي أَعضائها اسْتِرْسَالٌ لَمْ يَرْكَبْ بَعْضُهُ بَعْضًا، والأَول أَقرب إِلى الِاشْتِقَاقِ، وَجَمَلٌ مُبَتَّل كَذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: امرأَة مُبَتَّلَة، بِتَشْدِيدِ التَّاءِ مَفْتُوحَةً، أَي تامَّة الخَلْق لَمْ يَرْكَبْ لَحْمُهَا بَعْضُهُ بَعْضًا، وَلَا يُوصَفْ بِهِ الرَّجُلُ؛ وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ:
رَخِيمات الكَلامِ مُبَتَّلات
وَيُقَالُ للمرأَة إِذا تَزَيَّنَتْ وَتَحَسَّنَتْ: إِنها تَتَبَتَّلُ، وإِذا تَرَكَتِ النِّكَاحَ فَقَدْ تَبَتَّلَتْ، وَهَذَا ضِدُّ الأَول، والأَول مأْخوذ مِنَ المُبَتَّلَة الَّتِي تَمَّ حُسْنُ كُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا. والبَتِيلَة: كُلُّ عُضْوٍ مُكْتَنِزٍ مُنْمازٍ. اللَّيْثُ: البَتِيلَةُ كُلُّ عُضْوٍ بِلَحْمِهِ مُكْتَنز مِنْ أَعضاء اللَّحْمِ عَلَى حِيَاله، وَالْجَمْعُ بَتَائِل؛ وأَنشد:
إِذا المُتُونُ مَدَّتِ البَتَائِلا(11/43)
وَفِي الْحَدِيثِ:
بَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، العُمْرَى
أَي أَوجبها ومَلَّكَها مِلْكاً لَا يَتَطَرَّقُ إِليه نَقْضٌ، والعُمْرَى بَتَاتٌ «2» . وَفِي حَدِيثِ
النَّضْرِ بْنِ كَلدة: وَاللَّهِ، يَا مَعْشر قُرَيْشٍ، لَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمر مَا أَبْتَلْتُمْ بَتْله.
يُقَالُ: مَرَّ عَلَى بَتِيلَة مِنْ رأْيه ومُنْبَتِلة أَي عَزِيمة لَا تُرَدُّ. وانْبَتَلَ فِي السَّيْرِ: مَضَى وَجَدَّ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ مَا انْتَبَلْتم نَبْله أَي مَا انْتَبَهْتُمْ لَهُ وَلَمْ تَعْلَمُوا عِلْمَه. تَقُولُ الْعَرَبُ: أَنْذرْتُكَ الأَمرَ فَلَمْ تَنْتَبِلْ نَبْله أَي لَمْ تَنْتَبه لَهُ، قَالَ: فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ بَابِ النُّونِ لَا مِنْ بَابِ الْبَاءِ. والبَتِيلَة: العَجُز فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ لِانْقِطَاعِهِ عَنِ الظَّهْرِ؛ قَالَ:
إِذا الظُّهُورُ مَدَّتِ البَتَائِلا
والبَتْل: تَمْيِيزُ الشَّيْءِ من غيره. والبُتُل: كالمَسابل فِي أَسفل الْوَادِي، وَاحِدُهَا بَتِيلٌ. وبَتِيلُ اليَمامة: جَبَل هُنَالِكَ، وَهُوَ البَتِيل أَيضاً؛ قَالَ:
فإِنَّ بَنِي ذُبْيان حَيْثُ عَلِمْتُمُ، ... بجِزْعِ البَتِيلِ، بَينَ بادٍ وحاضِرِ
بثل: الأَزهري: أَهمله اللَّيْثُ. ابْنُ الأَعرابي: الثُّبْلة البَقِيَّة والبُثْلة الشُّهْرَةُ.
بجل: التَّبجيل: التَّعْظِيمُ. بَجَّلَ الرجلَ: عَظَّمَه. وَرَجُلٌ بَجَال وبَجِيل: يُبَجِّله الناسُ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الْعَظِيمُ السَّيِّدُ مَعَ جَمَال ونُبْل، وَقَدْ بَجُلَ بَجَالَة وبُجُولًا، وَلَا تُوصَفُ بِذَلِكَ المرأَة. شَمِرٌ: البَجَال مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يُبَجِّله أَصحابه ويسوِّدونه. والبَجِيل: الأَمر الْعَظِيمُ. وَرَجُلٌ بَجَال: حَسَن الْوَجْهِ. وَكُلُّ غَلِيظٍ مِنْ أَيِّ شيءٍ كَانَ: بَجِيل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لِقَتْلى أُحُد: لَقِيتُم خَيْرًا طَوِيلًا، ووُقِيتُم شَرًّا بَجِيلًا، وسَبَقْتم سَبْقًا طَوِيلًا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَتَى الْقُبُورَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَصبتم خَيْرًا بَجِيلًا
أَي وَاسِعًا كَثِيرًا، مِنَ التَّبْجِيلِ التَّعْظِيمِ، أَو مِنَ البَجَال الضَّخْم. وأَمر بَجِيل: مُنْكَر عَظِيمٌ. والبَاجِل: المُخْصِب الحَسَنُ الْحَالِ مِنَ النَّاسِ والإِبل. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْكَثِيرِ الشَّحْمِ: إِنه لبَاجِل، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ وَالْجَمَلُ. وَشَيْخٌ بَجَال وبَجِيل أَي جَسِيم؛ وَرَجُلٌ بَاجِل وَقَدْ بَجَلَ يَبْجُل بُجُولًا: وَهُوَ الحسَن الجَسيمُ الخَصيب فِي جِسْمه؛ وأَنشد:
وأَنت بالبابِ سَمِينٌ بَاجِل
وبَجِلَ الرجلُ بَجَلًا: حَسُنَتْ حَالُهُ، وَقِيلَ: فَرِحَ. وأَبْجَله الشيءُ إِذا فَرِحَ بِهِ. والأَبْجَلُ: عِرْق غَلِيظ فِي الرِّجْلِ، وَقِيلَ: هُوَ عِرْق فِي باطِنِ مَفْصِلِ السَّاقِ فِي المَأْبِض، وَقِيلَ: هُوَ فِي الْيَدِ إِزَاءَ الأَكْحَل، وَقِيلَ: هُوَ الأَبْجَلُ فِي الْيَدِ، والنَّسا فِي الرِّجْلِ، والأَبْهَرُ فِي الظَّهْر، والأَخْدَع فِي العُنُق؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
رُزِئْتُ بَني أُمِّي، فَلَمَّا رُزِئْتُهم ... صَبَرْتُ، وَلَمْ أَقْطَعْ عَلَيْهِمْ أَبَاجِلي
والأَبْجَل: عِرْق وَهُوَ مِنَ الْفَرَسِ وَالْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ الأَكْحَل مِنَ الإِنسان. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الأَبْجَل والأَكْحَل والصّافِنُ عُروق نُقْصَدُ، وَهِيَ مِنَ الْجَدَاوِلِ لَا مِنَ الأَوْرِدة. اللَّيْثُ: الأَبْجَلان عِرْقان فِي الْيَدَيْنِ وَهُمَا في الأَكْحَلان مِنْ لَدُنِ المَنْكِب إِلى الكَتِف؛ وأَنشد:
عَارِي الأَشَاجِعِ لَمْ يُبْجَل
أَي لَمْ يُفْصَد أَبْجَلُه. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ:
__________
(2) . قوله [والعمرى بتات] هكذا في الأَصل(11/44)
أَنه رُمِيَ يَوْمَ الأَحزاب فَقَطَعُوا أَبْجَلَه
؛ الأَبْجَل: عِرْق فِي بَاطِنِ الذِّرَاعِ، وَقِيلَ: هُوَ عِرْقٌ غَلِيظٌ فِي الرِّجل فِيمَا بَيْنُ الْعَصَبِ وَالْعَظْمِ. وَفِي حَدِيثِ الْمُسْتَهْزِئِينَ:
أَما الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةَ فأَوْمأَ جِبْرِيلُ إِلى أَبْجَله.
والبُجْل: البُهْتان الْعَظِيمُ، يُقَالُ: رَمَيْتُهُ ببُجْل؛ وَقَالَ أَبو دُوادٍ الإِيادي:
إمرَأَ القَيْسِ بْنَ أَرْوَى مُولِيا ... إِن رَآنِي لأَبُوأَنْ بسُبَد
«1» . قُلْتَ بُجْلًا قلتَ قوْلًا كَاذِبًا، ... إِنَّما يَمْنَعُني سَيْفي ويَد
قَالَ الأَزهري: وَغَيْرُهُ يَقُولُهُ بُجْراً، بِالرَّاءِ، بِهَذَا الْمَعْنَى، قَالَ: وَلَمْ أَسمعه بِاللَّامِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، قَالَ: وأَرجو أَن تَكُونَ اللَّامُ لُغَةً، فإِن الرَّاءَ وَاللَّامَ مُتَقَارِبَا الْمَخْرَجِ وَقَدْ تَعَاقَبَا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ. والبَجَلُ: العَجَب. والبَجْلَة: الصَّغِيرَةُ مِنَ الشَّجَر؛ قال كثير:
وبِجِيد مُغْزِلَةٍ تَرُودُ بوَجْرَةٍ ... بَجَلاتِ طَلْحٍ، قَدْ خُرِفْنَ، وضَالِ
وبَجَلِي كَذَا وبَجَلِي أَي حَسْبي؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بَجَلِي الآنَ مِنَ العَيْشِ بَجَل
قَالَ اللَّيْثَ: هُوَ مَجْزُومٌ لِاعْتِمَادِهِ عَلَى حَرَكَاتِ الْجِيمِ وأَنه لَا يَتَمَكَّنُ فِي التَّصْرِيفِ. وبَجَلْ: بِمَعْنَى حَسْب؛ قَالَ الأَخفش هِيَ سَاكِنَةٌ أَبداً. يَقُولُونَ: بَجَلْك كَمَا يَقُولُونَ قَطْك إِلا أَنهم لَا يَقُولُونَ بَجَلْني كَمَا يَقُولُونَ قَطْني، وَلَكِنْ يَقُولُونَ بَجَلِي وبَجْلِي أَي حَسْبي، قَالَ لَبِيدٌ:
فَمَتى أَهْلِكْ فَلَا أَحْفِلُه، ... بَجَلي الآنَ مِنَ العَيْشِ بَجَل
وَفِي حَدِيثِ
لُقْمان بْنِ عَادٍ حِينَ وَصَفَ إِخْوته لامرأَة كَانُوا خَطَبوها، فَقَالَ لقمانُ فِي أَحدهم: خُذي مِنِّي أَخي ذَا البَجَل
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةُ: مَعْنَاهُ الحَسْبُ والكِفَاية؛ قَالَ: وَوَجْهُهُ أَنه ذَمَّ أَخاه وأَخبر أَنه قَصير الهِمَّة وأَنه لَا رَغْبَة لَهُ فِي مَعالي الأُمور، وَهُوَ راضٍ بأَن يُكْفَى الأُمور ويكونَ كَلًّا عَلَى غَيْرِهِ، وَيَقُولُ حَسْبي مَا أَنا فِيهِ؛ وأَما
قَوْلُهُ فِي أَخيه الْآخَرِ: خُذِي مِنِّي أَخي ذَا البَجْلة يَحْمِلُ ثِقْلي وثِقْله
، فإِن هَذَا مَدْحٌ لَيْسَ مِنَ الأَوَّل، يُقَالُ: ذُو بَجْلة وَذُو بَجَالة، وَهُوَ الرُّوَاءُ والحُسْن والحَسَب والنُّبْل، وَبِهِ سُمِّي الرَّجُلُ بَجَالة. وإِنه لَذُو بَجْلة أَي شَارَةٍ حَسَنَة، وَقِيلَ: كَانَتْ هَذِهِ أَلْقاباً لَهُمْ، وَقِيلَ: البَجَال الَّذِي يُبَجِّله النَّاسُ أَي يُعَظِّمُونَهُ. الأَصمعي فِي قَوْلِهِ خُذِي مِنِّي أَخي ذَا البَجَل: رَجُلٌ بَجَالٌ وبَجيل إِذا كَانَ ضَخْماً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
شَيْخاً بَجَالًا وغُلاماً حَزْوَرَا
وَلَمْ يُفَسِّرْ قَوْلَهُ أَخي ذَا الْبَجْلَةِ، وكأَنه ذَهَبَ بِهِ إِلى مَعْنَى البَجَل. اللَّيْثُ: رَجُلٌ ذُو بَجَالة وبَجْلة وَهُوَ الكَهْل الَّذِي تَرَى لَهُ هَيئة وتَبْجِيلًا وسِنّاً، وَلَا يُقَالُ امرأَة بَجَالة. الْكِسَائِيُّ: رَجُلٌ بَجَال كَبِيرٌ عَظِيمٌ. أَبو عَمْرٍو: البَجَال الرَّجُلُ الشَّيْخُ السَّيِّدُ؛ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ، وَهُوَ أَحد المُعَمَّرين:
أَبَنِيَّ، إِن أَهْلِكْ فإِني ... قَدْ بَنَيْتُ لَكُمْ بَنيَّه
__________
(1) . امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ أَرْوَى مقسم على الإخبار وهو ظاهر إن صحت به الرواية. ووقع في مادة [سبد] بحراً؛ والصواب بجراً، بالجيم، كما هي رواية غير الليث(11/45)
وجَعَلْتُكُم أَوْلادَ سادات، ... زِنادُكُمْ وَرِيّه
مِنْ كُلِّ مَا نالَ الفَتَى ... قَدْ نِلْتُه، إِلا التَّحِيّه
فالمَوْتُ خَيْرٌ للفَتَى، ... فَليَهْلِكَنْ وَبِهِ بَقِيّه،
مِن أَن يَرَى الشَّيخ البَجَالَ ... يُقادُ، يُهْدَى بالعَشِيّه
ولَقَدْ شَهِدْتُ النارَ لِلْأَسْلافِ ... تُوقَد فِي طَمِيّه
وخَطَبْتُ خُطْبَة حازِمٍ، ... غَيْرِ الضعيفِ وَلَا العَيِيّه
ولقدْ غَدَوْتُ بمُشرِف الحَجَباتِ ... لَمْ يَغْمِزْ شَظِيّه
فأَصَبْتُ من بَقَر الحباب، ... وصِدتُ مِنْ حُمُر القفِيّه
ولقد رَحَلْت البازِلَ الكَوْماءَ، ... لَيْسَ لَهَا وَلِيّه
فَجَعَلَ قَوْلَهُ يُهْدَى بالعَشِيّة حَالًا ليُقاد كأَنه قَالَ يُقاد مَهْدِيّاً، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالَ ويُهْدَى بِالْوَاوِ. وَقَدْ أَبْجَلَنِي ذَلِكَ أَي كَفاني؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ عَبْدَ الرَّحِيمِ بْنَ عَنْبَسَة بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ:
وعَبْدُ الرَّحيم جِمَاعُ الأُمُور، ... إِليه انْتَهى اللَّقَمُ المُعْمَلُ
إِليه مَوارِدُ أَهلِ الخَصَاص، ... ومِنْ عِنْدَهُ الصَّدَرُ المُبْجِلُ
اللَّقَم: الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ، والمُعْمَل: الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ سَيْرُ النَّاسِ، والمَوارِدُ: الطُّرُقُ، وَاحِدَتُهَا مَوْرِدَةٌ؛ وأَهل الخَصاص: أَهْلُ الْحَاجَةِ، وجِماعُ الأُمور: تَجتمع إِليه أُمور النَّاسِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ بَجَلَك دِرْهَمٌ وبَجْلُك درهمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَلقى تَمَراتٍ فِي يَدِهِ وَقَالَ: بَجَلي مِنَ الدُّنْيَا
أَي حَسْبي مِنْهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ يَوْمَ الجَمَل:
نَحْنُ بَني ضَبَّة أَصحابُ الجَمَل، ... رُدُّوا عَلَيْنا شَيْخَنا ثُمَّ بَجَل
أَي ثمَّ حَسْبُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
مَعاذَ العَزيز اللَّهِ أَنْ يُوطِنَ الهَوَى ... فُؤَادِيَ إِلْفاً، لَيْسَ لِي بِبَجِيل
فَسَّرَهُ فَقَالَ: هُوَ مِنْ قَوْلِكَ بَجَلِي كَذَا أَي حَسْبي، وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بمُعَظِّم لِي، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بِعَظِيمِ الْقَدْرِ مُشْبِه لِي. وبَجَّلَ الرجلَ: قَالَ لَهُ بَجَلْ أَي حَسْبُك حَيْثُ انْتَهَيْتَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَمِنْهُ اشْتَقَّ الشَّيْخُ البَجَال وَالرَّجُلُ البَجِيل والتَّبْجِيل. وبَجِيلَة: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ وَالنِّسْبَةِ إِليهم بَجَلِيٌّ، بِالتَّحْرِيكِ، وَيُقَالُ إِنهم مِنْ مَعَدّ لأَن نِزَارَ بْنَ مَعَدّ وَلَدَ مُضَرَ وربيعة وإِياداً وأَنماراً ثُمَّ إِن أَنماراً وَلَد بَجِيلَة وخَثْعَم فَصَارُوا بِالْيَمَنِ؛ أَلا تَرَى أَن جَرِيرَ بْنَ عبدِ اللَّهِ البَجَلِيّ نَافِرٌ رَجُلًا مِنَ اليَمَن إِلى الأَقْرَع بْنِ حَابِسٍ التَّمِيمي حَكَم الْعَرَبَ فَقَالَ:
يَا أَقْرَعُ بنَ حابسٍ يَا أَقْرَعُ ... إِنك إِن يُصْرَعْ أَخُوك تُصْرَعُ
فَجَعَلَ نَفْسَهُ لَهُ أَخاً، وَهُوَ مَعَدِّيٌّ، وإِنما رَفَعَ تُصْرَع وحقُّه الْجَزْمُ عَلَى إِضمار الْفَاءِ كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ(11/46)
بْنُ حَسَّانَ:
مَنْ يَفْعَلِ الحَسَناتِ، اللهُ يشكرُها، ... والشَّرُّ بالشرِّ عندَ اللَّهِ مِثْلانِ
أَيْ فَاللَّهُ يَشْكُرُهَا، وَيَكُونُ مَا بَعْدَ الْفَاءِ كَلَامًا مبتدأً، وكان سيبوبه يَقُولُ: هُوَ عَلَى تَقْدِيمِ الْخَبَرِ كأَنه قَالَ إِنك تُصْرع إِن يَصْرَعْ أَخوك، وأَما الْبَيْتُ الثَّانِي فَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنه مَرْفُوعٌ بإِضمار الْفَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ ثَعْلَبٌ أَن هَذَا الْبَيْتَ لِلْحُصَيْنِ بْنِ الْقَعْقَاعِ وَالْمَشْهُورُ أَنه لِجَرِيرٍ. وبَنُو بَجْلَة: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ؛ وَقَوْلُ عَمْرٍو ذِي الْكَلْبِ:
بُجَيْلَةُ يَنْذِروا رَمْيِي وفَهْمٌ، ... كَذَلِكَ حالُهم أَبَداً وَحَالِي «2»
إِنما صَغَّر بَجْلَة هَذِهِ القبيلَة. وَبَنُو بَجَالَة: بَطْنٌ مِنْ ضَبَّة. التَّهْذِيبُ: بَجْلَة حَيٌّ مِنْ قَيْسِ عَيْلانَ. وبَجْلَة: بَطْنٌ مِنْ سُلَيْم، وَالنِّسْبَةُ إِليهم بَجْليٌّ، بِالتَّسْكِينِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
وآخَر مِنْهُمْ أَجْرَرْتُ رُمْحي، ... وَفِي البَجْلِيِّ مِعْبَلَةٌ وَقيعُ
بحل: الأَزْهري: قَالَ فِي تَرْجَمَةِ ح ل ب قَالَ: أَما بَحَلَ وَلَبَحَ فإِن اللَّيْثَ أَهْمَلَهُمَا، قَالَ: وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: البَحْلُ الإِدْقاع الشَّدِيدُ، قَالَ وهذا غريب.
بحدل: البَهْدَلة والبَحْدَلَة: الْخِفَّةُ فِي السَّعْيِ. ابْنُ الأَعرابي: بَحْدَلَ الرجلُ إِذا مَالَتْ كَتِفُهُ. الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لِصَاحِبٍ لَهُ: بَحْدِلْ؛ يأْمره بالإِسراع فِي مَشْيِهِ. وبَحْدَلٌ: اسم رجل.
بحشل: البَحْشَل والبَحْشَلِيُّ مِنَ الرِّجَالِ: الأَسْود الْغَلِيظُ، وَهِيَ البَحْشَلَة. ابْنُ الأَعرابي: بَحْشَلَ الرجلُ إِذا رَقَصَ رَقْصَ الزِّنْج.
بحظل: البَحْظَلَة: أَن يَقْفِز الرجلُ قَفَزان اليَرْبُوع أَو الفأَرة. يُقَالُ: بَحْظَلَ الرجلُ بَحْظَلة، والظاء معجمه.
بخل: البُخْل والبَخَل: لُغَتَانِ وَقُرِئَ بِهِمَا «3» . والبَخْل والبُخُول: ضِدُّ الْكَرَمِ، وَقَدْ بَخِلَ يَبْخَلُ بُخْلًا وبَخَلًا، فَهُوَ بَاخِل: ذُو بُخْل، وَالْجَمْعُ بُخَّال، وبَخِيل والجميع بُخَلاء. ورَجُل بَخَل: وُصِف بِالْمَصْدَرِ؛ عَنْ أَبي العَمَيْثل الأَعرابي، وَكَذَلِكَ بَخَّال ومُبَخَّل. والبَخَّال: الشَّدِيدُ البُخْل؛ قَالَ رؤبة:
فَذَاك بَخَّالٌ أَرُوزُ الأَرْزِ، ... وكُرَّزٌ يَمْشِي بَطِينَ الكُرْزِ
وَرِجَالٌ بَاخِلُونَ. والبَخْلَة: بُخْل مَرَّة وَاحِدَةً. وبَخَّلَه: رَمَاهُ بالبُخل وَنَسَبَهُ إِلى البُخْل. وأَبْخَلَهُ: وَجَدَهُ بَخيلًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكرب: يَا بَنِي سُلَيْم، لَقَدْ سأَلْناكم فَمَا أَبْخَلْنَاكم؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا مُعدّ بُخْله عَنْ إِبْخَال
وَيُرْوَى أَبْخَال، فإِن كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ جَمْعُ بُخْل أَو بَخَل لأَنه قَدْ جَاءَتْ مَصَادِرُ مَجْمُوعَةٌ كالحُلوم والعُقول، وَفَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي وَجْهَ جَمْعِهِ قَالَ: مَعْنَاهُ بَعْدَ بُخْلٍ مِنْكَ كَثِيرٍ؛ وَعَنْ هَاهُنَا بِمَعْنَى بَعْدَ كَمَا قَالَ:
وتُصْبح عَنْ غِبِّ الضَّباب، كأَنَّما ... تَرَوَّح قَيْنُ الهَضْبِ عَنْهَا بِمصْقَلَه
والمَبْخَلة: الشَّيْءُ الَّذِي يَحْمِلك عَلَى الْبُخْلِ. وفي
__________
(2) . قوله: ينذروا، بالجزم، هكذا في الأَصل
(3) . قوله [وقرئ بهما] يؤخذ من القاموس وشرحه: أَنه قرئ باللغات الأربع وهي: البُخْل والبُخُل كقُفْل وعُنُق والبَخْل والبَخَل كنَجْم وجَبَل(11/47)
حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الوَلَد مَجْبَنَة مَجْهَلة مَبْخَلة
: هُوَ مَفْعَلة مِنَ البُخل، ومَظِنّة لأَن يَحْمِل أَبويه عَلَى الْبُخْلِ، وَيَدْعُوهُمَا إِليه فَيَبْخَلان بِالْمَالِ لأَجله. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِنكم لتُبَخِّلون وتُجَبِّنون.
بدل: الْفَرَّاءُ: بَدَلٌ وبِدْلٌ لُغَتَانِ، ومَثَل ومِثْل، وشَبَه وشِبْه، ونَكَل ونِكْل. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَمْ يُسْمَع فِي فَعَل وفِعْل غَيْرَ هَذِهِ الأَربعة الأَحرف. والبَدِيل: البَدَل. وبَدَلُ الشَّيْءِ: غَيْرُه. ابْنُ سِيدَهْ: بِدْل الشَّيْءِ وبَدَله وبَدِيله الخَلَف مِنْهُ، والجمع أَبْدَال. قال سيبوبه: إِنَّ بَدَلك زَيد أَي إِنَّ بَديلك زَيْد، قَالَ: وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ اذْهَبْ مَعَكَ بِفُلَانٍ، فَيَقُولُ: مَعِي رَجُلٌ بَدَلُه أَي رَجُلٌ يُغْني غَناءه وَيَكُونُ فِي مَكَانِهِ. وتَبَدَّل الشيءَ وتَبَدَّلَ بِهِ واسْتَبْدَلَهُ واسْتَبْدَلَ بِهِ، كُلُّه: اتَّخَذَ مِنْهُ بَدَلًا. وأَبْدَلَ الشيءَ مِنَ الشَّيْءِ وبَدَّلَه: تَخِذَه منه بَدَلًا. وأَبْدَلْتُ الشيءَ بِغَيْرِهِ وبَدَّلَه اللَّهُ مِنَ الْخَوْفِ أَمْناً. وتَبْدِيل الشَّيْءِ: تَغْيِيرُهُ وإِن لَمْ تأْت بِبَدَلٍ. واسْتَبْدَلَ الشَّيْءَ بِغَيْرِهِ وتَبَدَّلَهُ بِهِ إِذا أَخذه مَكَانَهُ. والمُبَادَلَة: التبادُل. والأَصل فِي التَّبْدِيل تَغْيِيرُ الشَّيْءِ عَنْ حَالِهِ، والأَصل فِي الإِبْدَال جَعْلُ شَيْءٍ مَكَانَ شَيْءٍ آخَرَ كإِبدالك مِنَ الْوَاوِ تَاءً فِي تَاللَّهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يَبِيعُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ المأْكولات بَدَّال؛ قَالَهُ أَبو الْهَيْثَمِ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ بَقَّال. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: تَبْدِيلها، وَاللَّهُ أَعلم، تسييرُ جِبَالِهَا وَتَفْجِيرُ بِحارها وكونُها مُسْتَوِيَةً لَا تَرى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أَمْتاً، وتَبْدِيل السَّمَاوَاتِ انْتِثَارُ كواكِبها وانفطارُها وانشقاقُها وَتَكْوِيرُ شَمْسِهَا وَخُسُوفُ قَمَرِهَا، وأَراد غيرَ السَّمَاوَاتِ فاكتَفى بِمَا تَقَدَّمَ. أَبو الْعَبَّاسِ: ثَعْلَبٌ يُقَالُ أَبْدَلْتُ الخاتمَ بالحَلْقة إِذا نَحَّيت هَذَا وَجَعَلْتَ هَذَا مَكَانَهُ. وبَدَّلْتُ الخاتمَ بالحَلْقة إِذا أَذَبْتَه وسوَّيته حَلْقة. وَبَدَّلْتَ الحَلْقة بِالْخَاتَمِ إِذا أَذبتها وَجَعَلْتَهَا خَاتَمًا؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَحَقِيقَتُهُ أَن التَّبْدِيل تَغْيِيرُ الصُّورَةِ إِلى صُورَةٍ أُخرى والجَوْهرةُ بِعَيْنِهَا. والإِبْدَال: تَنْحيةُ الْجَوْهَرَةِ وَاسْتِئْنَافُ جَوْهَرَةٍ أُخرى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
عَزْل الأَمير للأَمير المُبْدَل
أَلا تَرَى أَنه نَحَّى جِسْمًا وَجَعَلَ مَكَانَهُ جِسْمًا غَيْرَهُ؟ قَالَ أَبو عَمْرٍو: فَعَرَضْتُ هَذَا عَلَى الْمُبَرِّدِ فَاسْتَحْسَنَهُ وَزَادَ فِيهِ فَقَالَ: وَقَدْ جَعَلَتِ الْعَرَبُ بَدَّلت بِمَعْنَى أَبْدَلت، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ
؛ أَلا تَرَى أَنه قَدْ أَزال السَّيِّئَاتِ وَجَعَلَ مَكَانَهَا حَسَنَاتٍ؟ قَالَ: وأَمَّا مَا شَرَط أَحمد بْنُ يَحْيَى فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها
. قَالَ: فَهَذِهِ هِيَ الْجَوْهَرَةُ، وَتَبْدِيلُهَا تَغْيِيرُ صُورَتِهَا إِلى غَيْرِهَا لأَنها كَانَتْ نَاعِمَةً فَاسْوَدَّتْ مِنَ الْعَذَابِ فَرُدَّتْ صورةُ جُلودهم الأُولى لَمَّا نَضِجَت تِلْكَ الصُّورَةُ، فَالْجَوْهَرَةُ وَاحِدَةٌ وَالصُّورَةُ مُخْتَلِفَةٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: اسْتَبْدَلَ ثَوْبًا مَكَانَ ثَوْبٍ وأَخاً مَكَانَ أَخ وَنَحْوَ ذَلِكَ الْمُبَادَلَةُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَذَا بَابُ المَبْدُول مِنَ الْحُرُوفِ وَالْمُحَوَّلِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَدَهْته ومَدَحْته، قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن بَدَلت مُتَعَدٍّ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: جَمْعٌ بَدِيل بَدْلَى، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن بَدِيلًا بِمَعْنَى مُبْدَل. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: سُمِّيَ البَدَّال بَدَّالًا لأَنه يُبَدِّل بَيْعًا بِبَيْعٍ فَيَبِيعُ الْيَوْمَ شَيْئًا وَغَدًا شَيْئًا آخَرَ، قَالَ: وَهَذَا كله يدل على أَن بَدَلت، بِالتَّخْفِيفِ، جَائِزٌ وأَنه مُتَعَدٍّ. والمُبَادَلَة مُفَاعَلَةٌ مِنْ بَدَلت؛ وَقَوْلُهُ:(11/48)
فَلَمْ أَكُنْ، والمالِكِ الأَجَلِّ، ... أَرْضى بِخِلٍّ، بعدَها، مُبْدَلِ
إِنما أَراد مُبْدَل فشدَّد اللَّامَ لِلضَّرُورَةِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه شدَّدها لِلْوَقْفِ ثُمَّ اضطُرَّ فأَجرى الْوَصْلَ مُجْرى الْوَقْفِ كَمَا قَالَ:
ببازِلٍ وَجْناءَ أَو عَيْهَلِ
وَاخْتَارَ الْمَالِكُ عَلَى المَلك لِيَسْلَمَ الْجُزْءُ مِنَ الخَبْل، وَحُرُوفُ البَدَل: الْهَمْزَةُ والأَلف وَالْيَاءُ وَالْوَاوُ وَالْمِيمُ وَالنُّونُ وَالتَّاءُ وَالْهَاءُ وَالطَّاءُ وَالدَّالُ وَالْجِيمُ، وإِذا أَضفت إِليها السِّينَ وَاللَّامَ وأَخرجت مِنْهَا الطَّاءَ وَالدَّالَ وَالْجِيمَ كَانَتْ حروفَ الزيادةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْنَا نُرِيدُ البَدَل الَّذِي يَحْدُثُ مَعَ الإِدغام إِنما نُرِيدُ الْبَدَل فِي غَيْرِ إِدغام. وبَادَلَ الرجلَ مُبَادَلَة وبِدَالًا: أَعطاه مِثْلَ مَا أَخَذَ مِنْهُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قَالَ: أَبي خَوْنٌ، فَقِيلَ: لَا لَا ... لَيْسَ أَباك، فاتْبَعِ البِدَالا
والأَبْدَال: قَوْمٌ مِنَ الصَّالِحِينَ بِهِمْ يُقيم اللهُ الأَرض، أَربعون فِي الشَّامِ وَثَلَاثُونَ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ، لَا يَمُوتُ مِنْهُمْ أَحد إِلا قَامَ مَكَانَهُ آخَرُ، فَلِذَلِكَ سُمُّوا أَبْدَالًا، وَوَاحِدُ الأَبْدَال العُبَّاد بِدْل وبَدَل؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْوَاحِدُ بَدِيل. وَرَوَى
ابْنُ شُمَيْلٍ بِسَنَدِهِ حَدِيثًا عَنْ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، أَنه قَالَ: الأَبْدَال بِالشَّامِ، والنُّجَباء بِمِصْرَ، وَالْعَصَائِبُ بِالْعِرَاقِ
؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَبْدَال خِيارٌ بَدَلٌ مِنْ خِيار، وَالْعَصَائِبُ عُصْبة وَعَصَائِبُ يَجْتَمِعُونَ فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: سُمِّيَ المُبَرِّزون فِي الصَّلَاحِ أَبْدَالًا لأَنهم أُبْدِلوا مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، قَالَ: والأَبْدَال جَمْعُ بَدَل وبِدْل، وجَمْع بَدِيل بَدْلى، والأَبْدَال: الأَولياء والعُبَّاد، سُموا بِذَلِكَ لأَنهم كُلَّمَا مَاتَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ أُبدل بِآخَرَ. وبَدَّلَ الشيءَ: حَرَّفه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ أَنهم مَاتُوا عَلَى دِينِهِمْ غَيْرَ مُبَدِّلين. وَرَجُلٌ بِدْل: كَرِيمٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْجَمْعُ أَبْدَال. وَرَجُلٌ بِدْل وبَدَل: شَرِيفٌ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَهَاتَانِ الأَخيرتان غَيْرُ خَالِيَتَيْنِ مِنْ مَعْنَى الخَلَف. وتَبَدَّلَ الشيءُ: تَغَيَّر؛ فأَما قَوْلُ الرَّاجِزِ:
فبُدِّلَتْ، والدَّهْرُ ذُو تَبَدُّلِ، ... هَيْفا دَبُوراً بالصَّبا والشَّمْأَلِ
فإِنه أَراد ذُو تَبْدِيلٍ. والبَدَل: وَجَع فِي الْيَدَيْنِ وَالرَّجُلَيْنِ، وَقِيلَ: وَجَعُ الْمَفَاصِلِ وَالْيَدَيْنِ وَالرَّجُلَيْنِ؛ بَدِلَ، بِالْكَسْرِ، يَبْدَلُ بَدلًا فَهُوَ بَدِلٌ إِذا وَجِع يَديه وَرِجْلَيْهِ؛ قَالَ الشَّوْأَل بْنُ نُعيم أَنشده يَعْقُوبُ فِي الأَلفاظ:
فَتَمَذَّرَتْ نَفْسِي لِذَاكَ، وَلَمْ أَزل ... بَدِلًا نَهارِيَ كُلَّه حَتَّى الأُصُل
والبَأْدَلة: مَا بَيْنَ العُنُق والتَّرْقُوَة، وَالْجَمْعُ بَآدِل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ، لَا مُتآزفٌ، ... وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُه وبَآدِلُه
وَقِيلَ: هِيَ لَحْمُ الصَّدْرِ وَهِيَ البَأْدَلَة والبَهْدَلة وَهِيَ الفَهْدَة. ومَشى البَأْدَلَة إِذا مَشى مُحَرِّكاً بَآدِلَهُ، وَهِيَ مِن مِشْية القِصار مِنَ النِّسَاءِ؛ قَالَ:
قَدْ كَانَ فِيمَا بَيْنَنَا مُشاهَلَه، ... ثُمَّ تَوَلَّتْ، وَهِيَ تَمْشي البَادَلَه(11/49)
أَراد البَأْدَلة فَخَفَّف حَتَّى كأَن وَضْعَهَا أَلف، وَذَلِكَ لِمَكَانِ التأْسيس. وبَدِل: شَكَا بَأْدَلته عَلَى حُكْمِ الْفِعْلِ المَصُوغ مِنْ أَلفاظ الأَعضاء لَا عَلَى الْعَامَّةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبِذَلِكَ قَضينا عَلَى هَمْزَتِهَا بِالزِّيَادَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ فِي الْهَمْزَةِ إِذا كَانَتِ الْكَلِمَةُ تَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ؛ وَفِي الصِّفَاتِ لأَبي عُبَيْدٍ: البَأْدَلَة اللَّحمة فِي بَاطِنِ الْفَخْذِ. وَقَالَ نُصير: البَأْدَلَتَان بُطُونُ الْفَخِذَيْنِ، والرَّبْلتان لَحْمُ بَاطِنِ الفَخذ، وَالْحَاذَانِ لَحْمُ ظاهِرهما حَيْثُ يَقَعُ شَعْرُ الذَّنَب، والجاعِرتان رأْسا الْفَخِذَيْنِ حَيْثُ يُوسَم الْحِمَارُ بحَلْقة، والرَّعْثاوان والثَّنْدُوَتان يُسَمَّينَ البَآدِل، والثَّنْدُوَتان لَحْمتان فَوْقَ الثَّدْيَيْنِ. وبَادَوْلَى وبَادُولَى، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَعشى:
حَلَّ أَهْلي بَطْنَ الغَمِيس فَبَادَوْلَى ... ، وحَلَّتْ عُلْوِيَّة بالسِّخَال
يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ جَمِيعًا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يأْتي بالرأْي السَّخِيفِ: هَذَا رأْي الجَدَّالين والبَدَّالِين. والبَدَّال: الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَالٌ إِلا بِقَدْرِ مَا يَشْتَرِي بِهِ شَيْئًا، فإِذا بَاعَهُ اشْتَرَى بِهِ بَدَلًا مِنْهُ يُسَمَّى بَدَّالًا، والله أَعلم.
بذل: البَذْل: ضِدُّ المَنْع. بَذَلَه يَبْذِلُه ويَبْذُلُه بَذْلًا: أَعطاه وجادَ بِهِ. وَكُلُّ مَنْ طَابَتْ نَفْسُهُ بإِعطاء شَيْءٍ فَهُوَ بَاذِلٌ لَهُ. والابْتِذَال: ضِدُّ الصِّيانة. وَرَجُلٌ بَذَّال وبَذُول إِذا كَانَ كَثِيرَ الْبَذْلِ لِلْمَالِ. والبِذْلَة والمِبْذَلة مِنَ الثِّيَابِ: مَا يُلبس ويُمتهن وَلَا يُصان. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنكر عليُّ بْنُ حَمْزَةَ مِبْذَلَة، وَقَالَ مِبْذَل بِغَيْرِ هَاءٍ، وَحَكَى غَيْرُهُ عَنْ أَبي زَيْدٍ مِبْذَلة، وَقَدْ قِيلَ أَيضاً: مِيدَعَة ومِعْوَزَة عَنْ أَبي زَيْدٍ لِوَاحِدَةِ المَوادِع والمَعاوِز، وَهِيَ الثِّيَابُ والخُلْقان، وَكَذَلِكَ المَبَاذِل، وَهِيَ الثِّيَابُ الَّتِي تُبْتذل فِي الثِّيَابِ؛ ومِبْذَل الرَّجُلِ ومِيدعُه ومِعْوَزه: الثَّوْبُ الَّذِي يَبْتَذِلُهُ ويَلْبَسه؛ وَاسْتَعَارَ ابْنُ جِنِّي البِذْلَة فِي الشِّعْر فَقَالَ: الرَّجَز إِنما يُسْتَعَانُ بِهِ فِي البِذْلَة وَعِنْدَ الِاعْتِمَالِ والحُداء والمِهْنَة؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهِ:
لَوْ قَدْ حَداهُنَّ أَبو الجُودِيَّ ... برَجَزٍ مُسْحَنْفِر الرَّوِيِّ،
مُسْتَوِياتٍ كَنَوى البَرْنِيِ
واسْتَبْذَلْتُ فُلَانًا شَيْئًا إِذا سأَلته أَن يَبْذُله لَكَ فَبذَله. وَجَاءَنَا فُلَانٌ فِي مَبَاذِلِهِ أَي فِي ثِيَابِ بِذْلته. وابْتِذَال الثَّوْبِ وَغَيْرُهُ: امتهانُه. والتَّبَذُّل: تَرْكُ التَّصَاوُنِ. والمِبْذَل والمِبْذَلَة: الثَّوْبُ الخَلَق، والمُتَبَذِّل لَابِسُهُ. والمُتَبَذِّل والمُبْتَذِل مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَلِي الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الَّذِي يَلِي عَمَلَ نَفْسِهِ؛ قَالَ:
وَفَاءً للخَلِيفَةِ، وابْتِذَالًا ... لنَفْسِيَ مِنْ أَخي ثِقَةٍ كَرِيم
وَيُقَالُ: تَبَذَّلَ فِي عَمَلِ كَذَا وَكَذَا ابْتَذَلَ نَفْسَهُ فِيمَا تَوَلَّاهُ مِنْ عَمَلٍ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فَخَرَجَ مُتَبَذِّلًا مُتَخَضِّعاً
؛ التَّبَذُّل: تركُ التَّزيُّن والتَّهَيُّؤِ بالهَيئة الْحَسَنَةِ الْجَمِيلَةِ عَلَى جِهَةِ التَّوَاضُعِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سَلْمَانَ: فرأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَة
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مُبْتَذِلَةً.
وَفُلَانٌ صَدْقُ المُبْتَذَل إِذا كَانَ صُلْباً فِيمَا يَبْتَذِلُ بِهِ نَفْسَهُ. وفَرَس ذُو صَوْن وابْتِذَال إِذا كَانَ لَهُ حُضْر قَدْ صَانَهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ إِليه وعَدْوٌ دُونَهُ قَدِ ابْتَذَلَه. وبَذْلٌ: اسْمٌ. ومَبْذُول: شَاعِرٌ مِنْ غَنِيٍّ.(11/50)
برأل: البُرَائل: الَّذِي ارْتَفَعَ مِنْ رِيشِ الطَّائِرِ فَيَسْتَدِيرُ فِي عُنُقه؛ قَالَ حُمَيْد الأَرْقط:
وَلَا يَزَال خَرَبٌ مُقَنَّعُ ... بُرَائِلاهُ، والجَنَاحُ يَلْمَعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ مَنْصُوبٌ وَالْمَعْرُوفُ فِي رَجْزِهِ:
فَلَا يَزَالُ خَرَبٌ مُقَنَّعَا ... بُرَائِلَيْه، وَجَنَاحاً مُضْجعَا
أَطارَ عَنْهُ الزَّغَبَ المُنَزَّعا، ... يَنْزِعُ حَبَّاتِ الْقُلُوبِ اللُّمَّعا
ابْنُ سِيدَهْ: البُرَائِل مَا اسْتَدَارَ مِنْ رِيشِ الطَّائِرِ حَوْلَ عُنُقِهِ، وَهُوَ البُرْؤُلَة، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ عُرْفَ الحُبَارَى فإِذا نَفَشَه لِلْقِتَالِ قِيلَ بَرْأَلَ، وَقِيلَ: هُوَ الرِّيشُ السَّبْط الطَّوِيلُ لَا عِرَضَ لَهُ عَلَى عُنُق الدِّيكِ، فإِذا نَفَشَهُ لِلْقِتَالِ قِيلَ: قَدِ ابْرَأَلَّ الدِّيكُ وتَبَرْأَلَ، قَالَ: وَهُوَ البُرَائِل للدِّيك خَاصَّةً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَدْ بَرْأَلَ الدِّيكُ بَرْأَلَةً إِذا نَفَشَ بُرَائِلَه، والبُرَائِل: عُفْرَة الدِّيك والحُبَارَى وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ الرِّيشُ الَّذِي يَسْتَدِيرُ فِي عُنُقه. وأَبو بُرَائِل: كُنْيَةُ الدِّيكِ. وتَبَرْأَلَ للشرِّ أَي «4» ... نَافِشًا عُرْفَه فَذَلِكَ دَلِيلٌ مِنْ قَوْلِهِ إِن البُرَائِل يَكُونُ للإِنسان. وابْرَأَلَّ: تَهَيَّأَ لِلشَّرِّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ.
برزل: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: رَجُلٌ بُرْزُل، وَهُوَ الضَّخْم، وليس بثَبَتٍ.
برطل: البِرْطِيل: حَجَر أَو حَدِيد طَوِيلٌ صُلْب خِلْقة لَيْسَ مِمَّا يُطَوِّله الناسُ وَلَا يُحَدِّدونه تُنْقَرُ بِهِ الرَّحى وَقَدْ يُشَبَّهُ بِهِ خَطْم النَّجيبة، وَالْجَمْعُ بَرَاطِيل؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَقْعَس:
تَرَى شُؤُونَ رَأْسِها العَوارِدَا ... مَضْبورَةً إِلى شَبا حَدَائِدا،
ضَبْرَ بَرَاطِيلَ إِلى جَلامِدا
قَالَ السِّيرَافِيُّ: هُوَ حَجَرٌ قَدْرُ ذِرَاعٍ. أَبو عَمْرٍو: البَرَاطِيل المَعاوِل، وَاحِدُهَا بِرْطِيل، والبِرْطِيل: الْحَجَرُ الرَّقِيقُ وَهُوَ النَّصِيل، وَقِيلَ: هُمَا ظُرَرَانِ مَمْطُولانِ تُنْقَرُ بِهِمَا الرَّحَى، وَهُمَا مِنْ أَصْلب الحِجَارة مَسْلَكَةً مُحَدَّدة؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
كأَنَّ مَا فَاتَ عَيْنَيها ومَذْبَحَها، ... مِنْ خَطْمِها وَمِنَ اللَّحْيَيْن، بِرْطِيل
قَالَ: البِرْطِيل حَجَر مُسْتَطِيلٌ عَظِيمٌ شُبِّهَ بِهِ رأْس النَّاقَةِ. والبُرْطُلَة: المِظَلَّة الصَّيْفِيَّةُ «5» نَبَطيّة، وَقَدِ اسْتُعْمِلَتْ فِي لَفْظِ الْعَرَبِيَّةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما هُوَ ابْنُ الظُّلَّة «6» . والبُرْطُل، بِالضَّمِّ: قَلَنْسُوَة، وَرُبَّمَا شُدّد. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ البُرْطُلَّة، قَالَ: وَقَالَ الْوَزِيرُ السَّرْقَفانَةُ بُرْطُلَّة الْحَارِسِ. والبِرْطِيل: خَطْمُ الفَلْحَس وَهُوَ الْكَلْبُ، قَالَ: والفَلْحَسُ الدُّبُّ المُسِنُّ «7» .
برعل: البُرْعُل: وَلَدُ الضَّبُع كالفُرْعُل، وَقِيلَ: هُوَ وَلَدُ الوَبْرِ مِنِ ابْنِ آوَى.
برغل: البَرَاغِيل: الْبِلَادُ الَّتِي بَيْنَ الرِّيف والبَرِّ مِثْلَ الأَنبار وَالْقَادِسِيَّةِ وَنَحْوِهِمَا، وَاحِدُهَا بِرغِيل، وَهِيَ المَزالف أَيضاً. والبَراغِيل: القُرَى؛ عَنْ ثَعْلَبٍ فَعَمَّ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا وَاحِدًا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: البِرْغِيل الأَرض القَرِيبة من الماء.
برقل: البِرْقِيل: الجُلاهِق وَهُوَ الَّذِي يَرْمي بِهِ الصبيانُ البُندقَ. ابْنُ الأَعرابي: بَرْقَل الرجلُ إِذا كَذَب.
__________
(4) . هنا بياض بالأصل
(5) . في القاموس: المِظَلَّة الضَّيقة
(6) . قوله: ابن الظُّلَّة؛ هكذا في الأَصل
(7) . والبِرْطِيل، في الأَساس: الرشوة. وفي القاموس: بَرْطَلَه فتَبَرْطَلَ: رشاه فارتشى(11/51)
بزل: بَزَل الشيءَ يَبْزُلُهُ بَزْلًا وبَزَّلَهُ فَتَبَزَّل: شَقَّه. وتَبَزَّل الْجَسَدُ: تَفَطَّر بِالدَّمِ، وتَبَزَّل السِّقاء كَذَلِكَ. وسِقَاءٌ فِيهِ بَزْلٌ: يَتَبزَّلُ بِالْمَاءِ، وَالْجَمْعُ بُزُول. الْجَوْهَرِيُّ: بَزَل البعيرُ يَبْزُل بُزُولًا فَطَر نابُه أَي انْشَقَّ، فَهُوَ بَازِل، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، وَذَلِكَ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ، قَالَ: وَرُبَّمَا بَزَلَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: بَزَلَ نابُ الْبَعِيرِ يَبْزُل بَزْلًا وبُزُولًا طَلَع؛ وجَمَلٌ بَازِل وَبَزُولٌ. قَالَ ثَعْلَبٌ فِي كَلَامِ بَعْضِ الرُّوَّاد: يَشْبَع مِنْهُ الجَمل البَزُول، وَجَمْعُ البَازِل بُزَّل، وَجَمْعُ البَزُول بُزُل، والأُنثى بَازِل وَجَمْعُهَا بَوَازِل، وبَزُول وجَمْعُها بُزُل. الأَصمعي وَغَيْرُهُ: يُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا اسْتَكْمَلَ السَّنَةَ الثَّامِنَةَ وَطَعَنَ فِي التَّاسِعَةِ وفَطَر نابُه فَهُوَ حِينَئِذٍ بَازِل، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ. جَمَلٌ بَازِل وَنَاقَةٌ بَازِل: وَهُوَ أَقصى أَسنان الْبَعِيرِ، سُمِّي بَازِلًا مِنَ البَزْل، وَهُوَ الشَّقُّ، وَذَلِكَ أَن نَابَهُ إِذا طَلَع يُقَالُ لَهُ بَازِل، لشَقِّه اللَّحْمَ عَنْ مَنْبِته شَقّاً؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ فِي السِّنِّ وسَمّاها بَازِلًا:
مَقْذوفة بدَخِيس النَّحْضِ بَازِلُها، ... لَهُ صَرِيفٌ صَريفَ القَعْو بالمَسَد
أَراد ببَازِلها نَابَهَا، وَذَهَبَ سيبوبه إِلى أَن بَوَازِل جَمْعُ بَازِل صِفَةٌ لِلْمُذَكَّرِ، قَالَ: أَجروه مُجْرَى فَاعِلَةٍ لأَنه يُجْمَعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فَلَا يَقْوَى ذَلِكَ قُوَّةَ الْآدَمِيِّينَ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَيْسَ بَعْدَ الْبَازِلِ سِنٌّ تُسَمَّى، قَالَ: والبَازِل أَيضاً اسْمُ السِّن الَّتِي تَطْلُعُ فِي وَقْتِ البُزُول، وَالْجَمْعُ بَوَازِل؛ قَالَ القطَامي:
تَسَمَّعُ مِنْ بَوَازِلها صَرِيفاً، ... كَمَا صاحَت عَلَى الخَرِب الصِّقَارُ
وَقَدْ قَالُوا: رَجُلٌ بَازِل، عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْبَعِيرِ، وَرُبَّمَا قَالُوا ذَلِكَ يَعْنُونَ بِهِ كَمَالَهُ فِي عَقْلِهِ وتَجْربته؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ:
بَازِلُ عامَيْن حَديثٌ سِنِّي
يَقُولُ: أَنا مُسْتَجْمِعُ الشَّبَابِ مُسْتَكْمِلُ الْقُوَّةِ؛ وَذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ أَبي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ: قَالَ أَبو جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ:
مَا تُنْكِرُ الحَرْبُ العَوَانُ مِنِّي، ... بَازِلُ عامَينِ حَدِيثٌ سِنِّي
قَالَ: إِنما عَنَى بِذَلِكَ كَمَالَهُ لَا أَنه مُسِنٌّ كالبَازِل، أَلا تَرَاهُ قَالَ حَدِيثٌ سنِّي وَالْحَدِيثُ لَا يَكُونُ بَازِلًا؛ وَنَحْوَهُ قَوْلُ قَطَرِيّ بْنِ الفُجاءة:
حَتَّى انصرفْتُ، وَقَدْ أَصَبْتُ، وَلَمْ أُصَبْ ... جَذَعَ البَصيرة قارِحَ الأقْدام
فإِذا جَاوَزَ الْبَعِيرُ البُزُول قِيلَ بَازِل عَامٍ وَعَامَيْنِ، وَكَذَلِكَ مَا زَادَ. وتَبَزَّلَ الشيءُ إِذا تَشَقَّقَ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
سَعَى سَاعِيَا غَيْظِ بنِ مُرَّةَ بَعدَ ما ... تَبَزَّلَ، مَا بَيْنَ العَشِيرة بالدَّم
وَمِنْهُ يُقَالُ للحَدِيدة الَّتِي تَفْتح مِبْزَل الدَّنِّ: بِزَالٌ ومِبْزَل، لأَنه يُفْتَح بِهِ. وبَزَلَ الخَمرَ وغيرَها بَزْلًا وابْتَزَلَها وتَبَزَّلَها: ثَقَبَ إِناءها، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ البُزَالُ. وبَزَلَها بَزْلًا: صَفّاها. والمِبْزَل والمِبْزَلَة: المِصْفاة الَّتِي يُصَفَّى بِهَا؛ وأَنشد:
تَحَدَّر مِنْ نَوَاطِبِ ذِي ابْتِزَال
والبَزْل: تَصْفية الشَّرَابِ وَنَحْوَهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف البَزْل بِمَعْنَى التَّصْفِيَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: المِبْزَل مَا يُصَفَّى بِهِ الشَّرَابُ. وشَجَّة بَازِلَة: سَالَ دَمُها.(11/52)
وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: قَضَى فِي البَازِلَة بِثَلَاثَةِ أَبْعِرة
؛ البَازِلَة مِنَ الشِّجَاج: الَّتِي تَبْزُلُ اللَّحْمَ أَي تَشُقُّه وَهِيَ المُتَلاحمة. وانْبَزَل الطَّلعُ أَي انْشَقَّ. وبَزَلَ الرأَيَ والأَمر: قَطَعه. وخُطَّةٌ بَزْلاءُ: تَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. والبَزْلاءُ: الرَّأْي الجَيِّد. وإِنه لَذُو بَزْلاءَ أَي رأْي جَيِّد وعَقْل؛ قَالَ الرَّاعِي:
مِنْ أَمْرِ ذِي بَدَواتٍ لَا تَزَال لَهُ ... بَزْلاءُ، يَعْيَا بِهَا الجَثَّامة اللُّبَدُ
وَيُرْوَى: مِنِ امْرِئٍ ذِي سمَاح. أَبو عَمْرٍو: مَا لِفُلَانٍ بَزْلاء يَعِيشُ بِهَا أَي مَا لَهُ صَرِيمة رأْي، وَقَدْ بَزَلَ رأْيه يَبْزُلُ بُزُولًا. وإِنه لنَهَّاض ببَزْلاء أَي مُطيق عَلَى الشَّدَائِدِ ضَابِطٌ لَهَا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: إِذا كَانَ مِمَّنْ يَقُومُ بالأُمور الْعِظَامِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِني، إِذا شَغَلَتْ قَوماً فُروجُهُمُ، ... رَحْبُ المَسَالِكِ نَهّاض ببَزْلاء
وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ لأَهل مَكَّةَ: أَسْلِمُوا تَسْلموا فَقَدَ استُبْطِنْتم بأَشْهَبَ بَازِل
أَي رُمِيتُم بأَمر صَعْب شَدِيدٍ، ضَرَبَهُ مَثَلًا لِشِدَّةِ الأَمر الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ. والبَزْلاء: الدَّاهِيَةُ الْعَظِيمَةُ. وأَمر ذُو بَزْلٍ أَي ذُو شدَّة؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شَأْس:
يُفَلِّقْنَ رأْسَ الكَوْكَب الفَخْمِ، بعدَ ما ... تَدُورُ رَحَى المَلْحاءِ فِي الأَمر ذِي البَزْل
وَمَا عِنْدَهُمْ بَازِلَة أَي لَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْمَالِ. وَلَا تَرَكَ اللَّهُ عِنْدَهُ بَازِلَة أَي شَيْئًا. وَيُقَالُ: لَمْ يُعْطِهِم بَازِلَة أَي لَمْ يُعْطهم شَيْئًا. وَقَوْلُهُمْ: مَا بَقِيَت لَهُمْ بَازِلَة كَمَا يُقَالُ مَا بَقِيَت لَهُمْ ثاغِيَةٌ وَلَا رَاغِيَة أَي وَاحِدَةٌ. وَفِي النَّوَادِرِ: رَجُلٌ تِبْزِيلَة وتِبْزِلَةٌ قَصِير. وبُزْل: اسْمُ عَنْزٍ؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ:
أَلَمّا أَغزَرَت فِي العُسِّ بُزْلٌ ... ودُرْعَةُ بنْتُها، نَسِيَا فَعَالي
بسل: بسَل الرجلُ يَبْسُلُ بُسُولًا، فَهُوَ بَاسِل وبَسْل وبَسِيل وتَبَسَّلَ، كِلَاهُمَا: عَبَس مِنَ الْغَضَبِ أَو الشَّجَاعَةِ، وأَسَد بَاسِل. وتَبَسَّلَ لِي فُلَانٌ إِذا رأَيته كَرِيهَ المَنْظَر. وبَسَّلَ فُلَانٌ وَجْهَه تَبْسِيلًا إِذا كَرَّهه. وتَبَسَّلَ وجههُ: كَرُهَتْ مَرْآته وفَظُعَتْ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ قَبْرًا:
فكُنْتُ ذَنُوبَ الْبِئْرِ لَمَّا تَبَسَّلَتْ، ... وسُرْبِلْتُ أَكفاني ووُسِّدْتُ سَاعِدِي
لَمَّا تَبَسَّلَت أَي كَرُهت؛ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
إِذا غَلَبَتْه الكأْسُ لَا مُتَعَبِّس ... حَصُورٌ، وَلَا مِن دونِها يَتَبَسَّلُ
وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: لَمَّا تَنَسَّلَتْ، وَكَذَلِكَ ضَبْطُهُ فِي كِتَابِ النَّبَاتِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا هُوَ. والبَاسِل: الأَسَد لِكَرَاهَةِ مَنْظَره وَقُبْحِهِ. والبَسَالَة: الشَّجَاعَةُ. والبَاسِل: الشَّدِيدُ. والبَاسِل: الشُّجَاعُ، وَالْجَمْعُ بُسَلاء وبُسْل، وَقَدْ بَسُلَ، بِالضَّمِّ، بَسَالَة وبَسَالًا، فَهُوَ بَاسِل أَي بَطُل؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
وأَحْلى مِنَ التَّمْر الحَلِيِّ، وفيهمُ ... بَسَالَةُ نَفْس إِن أُريد بَسَالُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَلَى أَن بَسَالًا هُنَا قَدْ يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بَسَالَتَهَا فَحُذِفَ كَقَوْلِ أَبي ذؤَيب:
أَلا ليْتَ شِعْري هَلْ تَنَظَّر خالدٌ ... عِيَادي عَلَى الهِجْرانِ، أَم هُوَ يَائِسُ؟(11/53)
أَي عِيَادَتِي. والمُبَاسَلَة: الْمُصَاوَلَةُ فِي الْحَرْبِ. وَفِي حَدِيثِ
خَيْفان: قَالَ لِعُثْمَانَ أَمَّا هَذَا الْحَيُّ مِنْ هَمْدانَ فأَنْجادٌ بُسْلٌ
أَي شُجعان، وَهُوَ جَمْعُ بَاسِل، وَسُمِّيَ بِهِ الشُّجَاعُ لِامْتِنَاعِهِ مِمَّنْ يَقْصِدُهُ. وَلَبَنٌ بَاسِل: كَريه الطَّعم حَامِضٌ، وَقَدْ بَسَلَ، وَكَذَلِكَ النَّبِيذُ إِذا اشْتَدَّ وحَمُض. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ حَذَقَ: خَلٌّ بَاسِل وَقَدْ بَسَلَ بُسُولًا إِذا طَالَ تَرْكُهُ فأَخْلَفَ طَعْمُه وتَغَيَّر، وخَلٌّ مُبَسَّل؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: ضَافَ أَعرابي قَوْمًا فَقَالَ: ائْتُونِي بكُسَعٍ جَبِيزات وببَسِيل مِنْ قَطَاميٍّ نَاقِسٍ؛ قَالَ: البَسِيلُ الفَضْلة، والقَطَاميُّ النَّبِيذ، وَالنَّاقِسُ الْحَامِضُ، والكُسَعُ الكِسَرُ، والجَبِيزات الْيَابِسَاتُ. وباسِلُ الْقَوْلِ: شَدِيدُه وكَرِيهه؛ قَالَ أَبو بُثَيْنَة الهُذَلي:
نُفَاثَةَ أَعْني لَا أُحاول غَيْرَهَمْ، ... وبَاسِلُ قَوْلِي لَا ينالُ بَنِي عَبْد
وَيَوْمٌ بَاسِل: شَدِيدٌ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الأَخطل:
نَفْسِي فداءُ أَمير المؤْمنين، إِذا ... أَبْدَى النواجِذَ يَوْمٌ بَاسِلٌ ذَكَرُ
والبَسْل: الشِّدّة. وبَسَّلَ الشيءَ: كَرَّهه. والبَسِيل: الكَريه الْوَجْهِ. والبَسِيلة: عُلَيْقِمَة فِي طَعْم الشَّيْءِ. والبَسِيلَة: التُّرْمُس؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وأَحسبها سُمِّيَتْ بَسِيلَة للعُلَيْقِمة الَّتِي فِيهَا. وحَنْظَلٌ مُبَسَّل: أُكِل وَحْدَهُ فتُكُرِّه طَعْمُه، وَهُوَ يُحْرِق الكَبِد؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
بِئْس الطَّعامُ الحَنْظل المُبَسَّلُ، ... تَيْجَع مِنْهُ كَبِدِي وأَكْسَلُ
والبَسْلُ: نَخْل الشَّيْءِ فِي المُنْخُل. والبَسِيلَة والبَسِيل: مَا يَبْقَى مِنْ شَرَابِ الْقَوْمِ فَيَبِيتُ فِي الإِناء؛ قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: دَعَانِي إِلى بَسِيلة لَهُ. وأَبْسَل نَفْسَه للموتِ واسْتَبْسَل: وَطَّن نَفْسَهُ عَلَيْهِ واسْتَيْقَن. وأَبْسَله لِعَمَلِهِ وَبِهِ: وَكَلَه إِليه. وأَبْسَلْت فُلَانًا إِذا أَسلمتَه للهَلَكة، فَهُوَ مُبْسَلٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا
؛ قَالَ الْحَسَنُ: أُبْسِلوا أُسلِموا بجَرائرهم، وَقِيلَ أَي ارْتُهِنوا، وَقِيلَ أُهلِكوا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ فُضِحوا، وَقَالَ قَتَادَةُ حُبِسوا. وأَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ
؛ أَي تُسْلَم لِلْهَلَاكِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ أَي لِئَلَّا تُسْلم نَفْسٌ إِلى الْعَذَابِ بعَملها؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
ونَحْن رَهَنَّا بالأُفَاقَةِ عَامِرًا، ... بِمَا كَانَ فِي الدَّرْداءِ، رَهْنًا فأُبْسِلا
والدَّرْداء: كَتيبة كَانَتْ لَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: مَاتَ أُسَيْد بْنُ حُضَيْر وأُبْسِل مَالُهُ
أَي أُسْلِم بدَيْنِه واسْتَغْرَقه وَكَانَ نَخْلًا فَرَدَّهُ عُمَر وَبَاعَ ثَمَرَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وقَضى دَيْنَهُ. والمُسْتَبْسِل: الَّذِي يَقَعُ فِي مَكْرُوهٍ وَلَا مَخْلَص لَهُ مِنْهُ فيَسْتَسْلم مُوقِناً للهَلَكة؛ وَقَالَ الشَّنْفَرَى:
هُنَالِكَ لَا أَرْجُو حَياةً تَسُرُّني، ... سَمِيرَ اللَّيالي مُبْسَلًا لجَرائري
أَي مُسْلَماً. الْجَوْهَرِيُّ: المُسْتَبْسِل الَّذِي يُوَطِّن نَفسه عَلَى الْمَوْتِ وَالضَّرْبِ. وَقَدِ اسْتَبْسَلَ أَي اسْتَقْتَل وَهُوَ أَن يَطْرَحَ نَفْسَهُ فِي الْحَرْبِ، يُرِيدُ أَن يَقْتل أَو يُقْتَل لَا مَحَالَةَ. ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ
: أَي تُحْبَس فِي جَهَنَّمَ. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ أَبْسَلْتُهُ بجَرِيرته أَي أَسْلمته بِهَا، قَالَ: وَيُقَالُ جَزَيْته بِهَا: ابْنُ سِيدَهْ: أَبْسَلَهُ لِكَذَا رَهِقه(11/54)
وعَرَّضه؛ قَالَ عَوْف بْنُ الأَحوص بْنِ جَعْفَرٍ:
وإِبْسَالِي بَنِيَّ بِغَيْرِ جُرْمٍ ... بَعَوْناه، وَلَا بِدَمٍ قِراض
وَفِي الصِّحَاحِ: بِدَمٍ مُراق. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَ حَمَلَ عَنْ غَنِيٍّ لِبَنِي قُشَير دَم ابْني السَّجَفِيَّةِ فَقَالُوا لَا نَرْضَى بِكَ، فَرَهَنَهُمْ بَنِيه طَلَبًا لِلصُّلْحِ. والبَسْل مِنَ الأَضداد: وَهُوَ الحَرام والحَلال، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ قَالَ الأَعْشَى فِي الْحَرَامِ:
أَجارَتُكم بَسْلٌ عَلَيْنَا مُحَرَّمٌ، ... وجارَتُنا حِلٌّ لَكُم وحَلِيلُها؟
وأَنشد أَبو زَيْدٍ لضَمْرة النَّهْشَلِيِّ:
بَكَرَتْ تَلُومُك، بَعْدَ وَهْنٍ فِي النَّدَى، ... بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلامَتي وعِتَابي
وَقَالَ ابْنُ هَمَّام فِي البَسْل بِمَعْنَى الحَلال:
أَيَثْبُت مَا زِدْتُمْ وتُلْغَى زِيادَتي؟ ... دَمِي، إِنْ أُحِلَّتْ هَذِهِ، لَكُمُ بَسْلُ
أَي حَلال، وَلَا يَكُونُ الْحَرَامُ هُنَا لأَن مَعْنَى الْبَيْتِ لَا يُسَوِّغُنا ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: البَسْل المُخَلَّى فِي هَذَا الْبَيْتِ. أَبو عَمْرٍو: البَسْل الْحَلَالُ، والبَسْل الْحَرَامُ. والإِبْسَال: التَّحْرِيمُ. والبَسْل: أَخْذ الشَّيْءِ قَلِيلًا قَلِيلًا. والبَسْل: عُصارة العُصْفُر والحِنَّاء. والبَسْل: الحَبْس. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: البَسْل يَكُونُ بِمَعْنَى التَّوْكِيدِ فِي المَلام مِثْلَ قولِك تَبًّا. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لِابْنٍ لَهُ عَزَم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: عَسْلًا وبَسْلًا أَراد بِذَلِكَ لَحْيَه ولَومَه. والبَسْل: ثَمَانِيَةُ أَشهر حُرُمٍ كَانَتْ لِقَوْمٍ لَهُمْ صِيتٌ وذِكْر فِي غَطَفان وَقَيْسٍ، يُقَالُ لَهُمْ الهَبَاءَات، مِنْ سِيَرِ محمد بن إِسحق. والبَسْل: اللَّحيُ واللَّوْمُ. والبَسْل أَيضاً فِي الكِفاية، والبَسْل أَيضاً فِي الدُّعَاءِ. ابْنُ سِيدَهْ: قَالُوا فِي الدُّعَاءِ عَلَى الإِنسان: بَسْلًا وأَسْلًا كَقَوْلِهِمْ: تَعْساً ونُكْساً وَفِي التَّهْذِيبِ: يُقَالُ بَسْلًا لَهُ كَمَا يُقَالُ ويْلًا لَهُ وأَبْسَل البُسْرَ: طَبَخَهُ وجَفَّفَهُ. والبُسْلة، بِالضَّمِّ: أُجْرَة الرَّاقي خَاصَّةً. وابْتَسَل: أَخذ بُسْلَتَه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَعْطِ الْعَامِلَ بُسْلَتَه، لَمْ يَحْكِها إِلا هُوَ. اللَّيْثُ: بَسَلْت الرَّاقِي أَعطيته بُسْلَتَه، وَهِيَ أُجرته. وابْتَسَلَ الرجلُ إِذا أَخذ عَلَى رُقْيته أَجراً. وبَسَل اللحمُ: مِثْلَ خَمَّ. وبَسَلَنِي عَنْ حَاجَتِي بَسْلًا: أَعجلني. وبَسْلٌ فِي الدُّعَاءِ: بِمَعْنَى آمِينَ؛ قَالَ الْمُتَلَمِّسُ:
لَا خَابَ مِنْ نَفْعك مَنْ رَجَاكا ... بَسْلًا، وعادَى اللَّهُ مَنْ عَادَاكَا
وأَنشده ابْنُ جِنِّي بَسْلٌ، بِالرَّفْعِ، وَقَالَ: هُوَ بِمَعْنَى آمِينَ. أَبو الْهَيْثَمِ: يَقُولُ الرَّجُلُ بَسْلًا إِذا أَراد آمِينَ فِي الِاسْتِجَابَةِ. والبَسْل: بِمَعْنَى الإِيجاب. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ عُمَرُ يَقُولُ فِي آخِرِ دُعَائِهِ آمِينَ وبَسْلًا
أَي إِيجاباً يَا رَبِّ. وإِذا دَعَا الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ يَقُولُ: قَطَعَ اللَّهُ مَطَاه، فَيَقُولُ الْآخَرُ: بَسْلًا بَسْلًا أَي آمِينَ آمِينَ. وبَسَلْ: بِمَعْنَى أَجَلْ. وبَسِيل: قَرْيَةٌ بحَوْرَان؛ قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:
فَبِيدُ المُنَقَّى فالمَشارِبُ دُونَهُ، ... فَروضَةُ بُصْرَى أَعْرَضَتْ، فَبَسِيلُها «1»
__________
(1) . [فالمشارب] كذا في الأَصل وشرح القاموس، ولعلها المشارف بالفاء جمع مشرف: قرى قرب حوران منها بصرى من الشام كما في المعجم(11/55)
بسكل: البُسْكُل مِنَ الخَيْل: كالفُسْكُل، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
بسمل: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: بَسْمَلَ الرجلُ إِذا كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ بَسْمَلَة؛ وأَنشد قَوْلَ الشَّاعِرِ:
لَقَدْ بَسْمَلَت لَيْلى غَداةَ لَقِيتُها، ... فَيَا حَبَّذا ذَاكَ الحَبِيبُ المُبَسْمِل «1»
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: كَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُولَ قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ بِهَذَا الْبَيْتِ: وبَسْمَلَ إِذا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَيضاً، وَيُنْشِدُ الْبَيْتَ. وَيُقَالُ: قَدْ أَكثرت مِنَ البَسْمَلَة أَي مِنْ قَوْلِ بسم الله.
بصل: التَّهْذِيبُ: البَصَل مَعْرُوفٌ، الْوَاحِدَةُ بَصَلَة، وتُشَبَّه بِهِ بَيْضة الحَدِيد. والبَصَل: بَيْضَة الرأْسِ مِنْ حَدِيد، وَهِيَ المُحَدَّدة الْوَسَطِ شُبِّهَتْ بِالْبَصَلِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: البَصَلَة إِنما هِيَ سَفِيفة وَاحِدَةٌ وَهِيَ أَكبر مِنَ التَّرْك. وقِشْرٌ مُتَبَصِّل: كَثِيرُ القُشور؛ قال لبيد:
فَخْمة دَفْراء تُرْتَى بالعُرَى ... قُرْدُمانِيًّا وتَرْكاً كالبَصَل
بطل: بَطَل الشيءُ يَبْطُل بُطْلًا وبُطُولًا وبُطْلاناً: ذَهَبَ ضَياعاً وخُسْراً، فَهُوَ بَاطِل، وأَبْطَله هُوَ. وَيُقَالُ: ذَهَبَ دَمُه بُطْلًا أَي هَدَراً. وبَطِل فِي حَدِيثِهِ بَطَالَة وأَبْطَلَ: هَزَل، وَالِاسْمُ البَطل. والبَاطِل: نَقِيضُ الْحَقِّ، وَالْجِمْعُ أَبَاطِيل، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنه جَمْعُ إِبْطَال أَو إِبْطِيل؛ هَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَيَجْمَعُ البَاطِل بَوَاطِل؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وَاحِدَةُ الأَبَاطِيل أُبْطُولَة؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَاحِدَتُهَا إِبْطَالَة. ودَعْوى بَاطِلٌ وبَاطِلَةٌ؛ عَنِ الزَّجَّاجِ. وأَبْطَلَ: جَاءَ بِالْبَاطِلِ؛ والبَطَلَةُ: السَّحَرة، مأْخوذ مِنْهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
وَلَا تَسْتَطِيعُهُ البَطَلَة
؛ قِيلَ: هُمُ السَّحَرة. وَرَجُلٌ بَطَّال ذُو بَاطِلٍ. وَقَالُوا: بَاطِل بَيِّن البُطُول. وتَبَطَّلُوا بَيْنَهُمْ: تَدَاوَلُوا الْبَاطِلَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والتَّبَطُّل: فِعْلُ البَطَالة وَهُوَ اتِّبَاعُ اللَّهْوِ والجَهالة. وَقَالُوا: بَيْنَهُمْ أُبْطُولة يَتَبَطَّلون بِهَا أَي يَقُولُونَهَا وَيَتَدَاوَلُونَهَا. وأَبْطَلْتُ الشيءَ: جَعَلَتْهُ بَاطِلًا. وأَبْطَلَ فُلَانٌ: جَاءَ بِكَذِبٍ وادَّعى بَاطِلًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ
؛ قَالَ: البَاطِل هُنَا إِبليس أَراد ذو الْبَاطِلِ أَو صَاحِبَ الْبَاطِلِ، وَهُوَ إِبليس. وَفِي حَدِيثِ
الأَسود بْنِ سَرِيع: كُنْتُ أُنشد النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا دَخَلَ عُمَرُ قَالَ: اسْكُتْ إِن عُمَرَ لَا يحبُّ البَاطِل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بِالْبَاطِلِ صِناعَة الشِّعْرِ واتخاذَه كَسْباً بِالْمَدْحِ وَالذَّمِّ، فأَما مَا كَانَ يُنْشَدُه النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ خَافَ أَن لَا يُفَرِّقَ الأَسود بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِهِ فأَعلمه ذَلِكَ. والبَطَل: الشُّجَاعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
شَاكِي السِّلَاحِ بَطَل مُجَرَّب.
وَرَجُلٌ بَطَل بَيِّن البَطَالَة والبُطُولَة: شُجَاع تَبْطُل جِرَاحته فَلَا يكتَرِثُ لَهَا وَلَا تَبْطُل نَجَادته، وَقِيلَ: إِنما سُمّي بَطَلًا لأَنه يُبْطِل الْعَظَائِمَ بسَيْفه فيُبَهْرجُها، وَقِيلَ: سُمِّيَ بَطَلًا لأَن الأَشدّاءِ يَبْطُلُون عِنْدَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَبْطُلُ عِنْدَهُ دِمَاءُ الأَقران فَلَا يُدْرَك عِنْدَهُ ثَأْر مِنْ قَوْمٍ أَبْطَال، وبَطَّالٌ بَيِّن البَطَالَة والبِطَالَة. وَقَدْ بَطُلَ، بِالضَّمِّ، يَبْطُلُ بُطُولَة وبَطَالَة أَي صَارَ شُجَاعًا وتَبَطَّلَ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
ذهَبَ الشَّبَابُ وَفَاتَ مِنْهُ مَا مَضَى، ... ونَضَا زُهَير كَرِيهَتِي وتَبطّلا
__________
(1) . قوله [ذاك الحبيب إلخ] كذا بالأَصل، والمشهور: الحديث المبسمل بفتح الميم الثانية(11/56)
وَجَعَلَهُ أَبو عُبَيْدٍ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي لَا أَفعال لَهَا، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي بَطَّال بَيِّن البَطَالة، بِالْفَتْحِ، يَعْنِي بِهِ البَطَل. وامرأَة بَطَلَة، وَالْجَمْعُ بالأَلف وَالتَّاءِ، وَلَا يُكَسَّر عَلَى فِعَال لأَن مُذَكَّرَهَا لَمْ يُكَسَّر عَلَيْهِ. وبَطَل الأَجيرُ، بِالْفَتْحِ، يَبْطُل بَطالة وبِطالة أَي تَعَطَّل فهو بَطَّال.
بعل: البَعْلُ: الأَرض الْمُرْتَفِعَةُ الَّتِي لَا يُصِيبُهَا مَطَرٌ إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي السَّنَةِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا يُصِيبُهَا سَيْح وَلَا سَيْل؛ قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
إِذا مَا عَلَونا ظَهْرَ بَعْل عَرِيضةٍ، ... تَخَالُ عَلَيْهَا قَيْضَ بَيْضٍ مُفَلَّق
أَنثها عَلَى مَعْنَى الأَرض، وَقِيلَ: البَعْل كُلُّ شَجَرٍ أَو زَرْعٍ لَا يُسْقى، وَقِيلَ: البَعْل والعَذْيُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَا سقَتْه السَّمَاءُ، وَقَدِ اسْتَبْعَلَ الْمَوْضِعُ. والبَعْلُ مِنَ النَّخْلِ: مَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْي وَلَا مَاءِ سَمَاءٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اكْتَفَى بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَبِهِ فَسَرَّ ابْنُ دُرَيْدٍ مَا فِي كِتَابِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأُكَيْدِر بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ: لَكُم الضَّامنة مِنَ النَّخْل وَلَنَا الضَّاحِيَةُ مِنَ البَعْل
؛ الضَّامِنَةُ: مَا أَطاف بِهِ سُورُ الْمَدِينَةِ، وَالضَّاحِيَةِ: مَا كَانَ خَارِجًا أَي الَّتِي ظَهَرَتْ وَخَرَجَتْ عَنِ العِمارة مِنْ هَذَا النَّخيل؛ وأَنشد:
أَقسمت لَا يَذْهَبُ عَنِّي بَعْلُها، ... أَوْ يَسْتوِي جَثِيثُها وجَعْلُها
وَفِي حَدِيثِ صَدَقَةِ النَّخْلِ:
مَا سُقِيَ مِنْهُ بَعْلًا فَفِيه الْعُشْرُ
؛ هُوَ مَا شَرِبَ مِنَ النَّخِيلِ بِعُرُوقِهِ مِنَ الأَرض مِنْ غَيْرِ سَقْي سَمَاءٍ وَلَا غَيْرِهَا. قَالَ الأَصمعي: البَعْل مَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ مِنْ الأَرض بِغَيْرِ سَقْي مِنْ سَمَاءٍ وَلَا غَيْرِهَا. والبَعْل: مَا أُعْطِي مِنَ الإِتَاوة عَلَى سَقْي النَّخْلِ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الأَنصاري:
هُنالك لَا أُبالي نَخْلَ بَعْل، ... وَلَا سَقْيٍ، وإِنْ عَظُم الإِتَاء
قَالَ الأَزهري: وَقَدْ ذَكَرَهُ القُتَيبي فِي الْحُرُوفِ الَّتِي ذَكَرَ أَنه أَصلح الْغَلَطَ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا وأَلفيته يَتَعَجَّبُ مِنْ قَوْلِ الأَصمعي: البَعْل مَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ مِنْ الأَرض من غير سقي مِنْ سَمَاءٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَقَالَ: لَيْتَ شِعْرِي أَنَّى يَكُونُ هَذَا النَّخْلُ الَّذِي لَا يُسْقى مِنْ سَمَاءٍ وَلَا غَيْرِهَا؟ وَتَوَهَّمَ أَنه يُصْلِحُ غَلَطًا فَجَاءَ بأَطَمّ غَلَطٍ، وَجَهِلَ مَا قَالَهُ الأَصمعي وَحَمله جَهْلُه عَلَى التَّخبط فِيمَا لَا يَعْرِفُهُ، قَالَ: فرأَيت أَن أَذكر أَصناف النَّخِيلِ لِتَقِفَ عَلَيْهَا فَيضِحَ لَكَ مَا قَالَهُ الأَصمعي: فَمِنَ النَّخِيلِ السَّقِيُّ وَيُقَالُ المَسْقَوِيُّ، وَهُوَ الَّذِي يُسْقَى بِمَاءِ الأَنهار وَالْعُيُونِ الْجَارِيَةِ، وَمِنَ السَّقِيّ مَا يُسْقى نَضْحاً بالدِّلاء وَالنَّوَاعِيرِ وَمَا أَشبهها فَهَذَا صِنْفٌ، وَمِنْهَا العَذْي وَهُوَ مَا نَبَتَ مِنْهَا فِي الأَرض السَّهْلَةِ، فإِذا مُطِرت نَشَّفت السُّهُولَةُ مَاءَ الْمَطَرِ فَعَاشَتْ عُرُوقُهَا بِالثَّرَى الْبَاطِنِ تَحْتَ الأَرض، وَيَجِيءُ ثَمَرُهَا قَعْقَاعاً لأَنه لَا يَكُونُ رَيَّان كالسَّقِّيّ، وَيُسَمَّى التَّمْرُ إِذا جَاءَ كَذَلِكَ قَسْباً وسَحّاً، وَالصِّنْفُ الثالث من النخل مَا نَبَتَ ودِيُّه فِي أَرض يَقْرُبُ مَاؤُهَا الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَحْتَ الأَرض في رقاب الأَرض ذَاتِ النَّزِّ فرَسَخَت عروقُها فِي ذَلِكَ الْمَاءِ الَّذِي تَحْتَ الأَرض وَاسْتَغْنَتْ عَنْ سَقْي السَّمَاءِ وَعَنْ إِجْراء مَاءِ الأَنهار وسَقْيِها نَضْحاً بِالدِّلَاءِ، وَهَذَا الضَّرْبُ هُوَ البَعْل الَّذِي فَسَّرَهُ الأَصمعي، وَتَمْرُ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ التَّمْرِ أَن لَا يَكُونَ رَيَّان وَلَا سَحّاً، وَلَكِنْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَهَكَذَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ البَعْل فِي بَابِ الْقِسْمِ فَقَالَ: البَعْل مَا رَسَخ عُروقه فِي الْمَاءِ فاسْتَغْنَى عَنْ أَن يُسْقَى(11/57)
؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت بِنَاحِيَةِ البَيْضاء مِنْ بِلَادِ جَذِيمَة عَبْدِ القَيْس نَخْلًا كَثِيرًا عُرُوقُهَا رَاسِخَةٌ فِي الْمَاءِ، وَهِيَ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنِ السَّقْي وَعَنْ مَاءِ السَّمَاءِ تُسَمَّى بَعْلًا. واسْتَبْعَلَ الْمَوْضِعُ وَالنَّخْلُ: صَارَ بَعْلًا رَاسِخَ الْعُرُوقِ فِي الْمَاءِ مُسْتَغْنِيًا عَنِ السَّقْي وَعَنْ إِجراء الْمَاءِ فِي نَهر أَو عَاثُورٍ إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:
العَجْوة شِفاء مِنَ السُّمِّ وَنَزَلَ بَعْلُها مِنَ الْجَنَّةِ
أَي أَصلها؛ قَالَ الأَزهري: أَراد بِبَعْلِها قَسْبَها الرَّاسِخَةَ عُروقُه فِي الْمَاءِ لَا يُسْقَى بنَضْح وَلَا غَيْرِهِ وَيَجِيءُ تَمْره يَابِسًا لَهُ صَوْتٌ. واسْتَبْعَلَ النخلُ إِذا صَارَ بَعْلًا. وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ
عُرْوَةَ: فَمَا زَالَ وَارِثُهُ بَعْلِيّاً حَتَّى مَاتَ
أَي غَنِيّاً ذَا نَخْل وَمَالٍ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَدري مَا هَذَا إِلا أَن يَكُونَ مَنْسُوبًا إِلى بَعْل النخلِ، يُرِيدُ أَنه اقْتَنَى نَخْلًا كَثِيراً فنُسِب إِليه، أَو يَكُونَ مِنَ البَعْل المَالك وَالرَّئِيسِ أَي مَا زَالَ رَئِيسًا مُتَمَلِّكًا. والبَعْل: الذَّكَر مِنَ النَّخل. قَالَ اللَّيْثُ: البَعْلُ مِنَ النَّخْلِ مَا هُوَ مِنَ الْغَلَطِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عن القُتَيبي، زَعَمَ أَن البَعْل الذَّكَرُ مِنَ النَّخْلِ وَالنَّاسُ يُسَمُّونَهُ الفَحْل؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ وكأَنه اعْتَبَرَ هَذَا التَّفْسِيرَ مِنْ لَفْظِ البَعْل الَّذِي مَعْنَاهُ الزَّوْجُ، قَالَ: قُلْتُ وبَعْل النَّخْلِ الَّتِي تُلْقَح فَتَحْمِل، وأَما الفُحَّال فإِن تَمْرَهُ يَنْتَفِضُ، وإِنما يلْقَح بطَلْعه طَلْع الإِناث إِذا انشقَّ. والبَعْل: الزَّوْجُ. قَالَ اللَّيْثُ: بَعَلَ يَبْعَلُ بُعُولَة، فَهُوَ بَاعِل أَي مُسْتَعْلِج؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ أَغاليط اللَّيْثِ أَيضاً وإِنما سُمِّيَ زَوْجُ المرأَة بَعْلًا لأَنه سَيِّدُهَا وَمَالِكُهَا، وَلَيْسَ مِنْ الِاسْتِعْلَاجِ فِي شَيْءٍ، وَقَدْ بَعَلَ يَبْعَلُ بَعْلًا إِذا صَارَ بَعْلًا لَهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَهذا بَعْلِي شَيْخاً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: نَصْبُ شَيْخًا عَلَى الْحَالِ، قَالَ: وَالْحَالُ هَاهُنَا نَصْبُهَا مِنْ غَامِضِ النَّحْوِ، وَذَلِكَ إِذا قُلْتَ هَذَا زَيْدٌ قَائِمًا، فإِن كُنْتَ تَقْصِدُ أَن تُخْبِرَ مَنْ لَمْ يَعْرِف زَيْدًا أَنه زِيدٌ لَمْ يَجُز أَن تَقُولَ هَذَا زَيْدٌ قَائِمًا، لأَنه يَكُونُ زَيْدًا مَا دَامَ قَائِمًا، فإِذا زَالَ عَنِ الْقِيَامِ فَلَيْسَ بِزَيْدٍ، وإِنما تَقُولُ لِلَّذِي يَعْرِفُ زَيْدًا هَذَا زَيْدٌ قَائِمًا فَيَعْمَلُ فِي الْحَالِ التَّنْبِيهُ؛ الْمَعْنَى: انْتَبِه لِزَيْدٍ فِي حَالِ قِيَامِهِ أَو أُشيرُ إِلى زَيْدٍ فِي حَالِ قِيَامِهِ، لأَن هَذَا إِشارة إِلى مَنْ حَضَرَ، وَالنَّصْبُ الْوَجْهُ كَمَا ذَكَرْنَا؛ وَمَنْ قرأَ:
هَذَا بَعْلِي شيخٌ
، فَفِيهِ وُجُوهٌ: أَحدها التَّكْرِيرُ كأَنك قُلْتَ هَذَا بَعْلِي هَذَا شَيْخٌ، وَيَجُوزُ أَن يُجْعَلَ شَيْخٌ مُبِيناً عَنْ هَذَا، وَيَجُوزُ أَن يُجْعَلَ بَعْلِي وَشَيْخٌ جَمِيعًا خَبَرَيْنِ عَنْ هَذَا فَتَرْفَعُهُمَا جَمِيعًا بِهَذَا كَمَا تَقُولُ هَذَا حُلْوٌ حَامِضٌ، وَجَمْعُ البَعْل الزوجِ بِعَال وبُعُول وبُعُولَة؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ
. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِلا امرأَة يَئِسَتْ مِنَ البُعُولَة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْهَاءُ فِيهَا لتأْنيث الْجَمْعِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ البُعُولَة مَصْدَرَ بَعَلَت المرأَة أَي صَارَتْ ذَاتَ بَعْل؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَلحقوا الْهَاءَ لتأْكيد التأْنيث، والأُنثى بَعْل وبَعْلة مِثْلَ زَوْج وزَوْجة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
شَرُّ قَرِينٍ للكَبِير بَعْلَتُه، ... تُولِغُ كَلْباً سُؤرَه أَو تَكْفِتُه
وبَعَلَ يَبْعَلُ بُعُولَة وَهُوَ بَعْل: صَارَ بَعْلًا؛ قَالَ
يَا رُبَّ بَعْلٍ ساءَ مَا كَانَ بَعَل
واسْتَبْعَلَ: كبَعَلَ. وتَبَعَّلَت المرأَةُ: أَطاعت بَعْلَها، وتَبَعَّلَت لَهُ: تزينتْ. وامرأَة حَسَنَة التَّبَعُّل إِذا كَانَتْ مُطاوِعة لِزَوْجِهَا مُحِبَّة لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَسماء الأَشهلية: إِذا أَحْسَنْتُنَّ تَبَعُّل أَزواجكن
أَي مُصَاحَبَتِهِمْ فِي الزَّوْجِيَّةِ والعِشْرة. والبَعْل والتَّبَعُّل: حُسْن العِشْرة مِنَ الزَّوْجَيْنِ.(11/58)
والبِعَال: حَدِيثُ العَرُوسَيْن. والتَّبَاعُل والبِعَال: مُلَاعَبَةُ المرءِ أَهلَه، وَقِيلَ: البِعَال النِّكَاحُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي أَيام التَّشْرِيقِ:
إِنها أَيام أَكل وَشُرْبٍ وبِعَال.
والمُبَاعَلَة: المُباشَرة. وَيُرْوَى عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذا أَتى يومُ الْجُمُعَةَ قَالَ: يَا عَائِشَةُ، اليَوْمُ يومُ تَبَعُّل وقِرانٍ
؛ يَعْنِي بالقِران التزويجَ. وَيُقَالُ للمرأَة: هِيَ تُبَاعِلُ زَوْجَها بِعَالًا ومُبَاعَلَة أَي تُلاعبه؛ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
وكَمْ مِن حَصانٍ ذاتِ بَعْلٍ تَرَكْتَها، ... إِذا اللَّيْلُ أَدْجَى، لَمْ تَجِدْ مَنْ تُبَاعِلُه
أَراد أَنك قَتَلْتَ زَوْجَهَا أَو أَسرته. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: هُوَ بَعلُ المرأَة، وَيُقَالُ للمرأَة: هِيَ بَعْلُه وبَعْلَتُه. وبَاعَلَتِ المرأَةُ: اتَّخَذَتْ بَعْلًا. وبَاعَلَ القومُ قَوْمًا آخَرِينَ مُبَاعَلَةً وبِعَالًا: تَزَوَّجَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ. وبَعْلُ الشَّيْءِ: رَبُّه ومالِكُه. وَفِي حَدِيثِ الْإِيمَانِ:
وأَن تَلِدَ الأَمة بَعْلَها
؛ الْمُرَادُ بالبَعْل هَاهُنَا الْمَالِكُ يَعْنِي كَثْرَةَ السَّبْيِ وَالتَّسَرِّي، فإِذا اسْتَوْلَدَ الْمُسْلِمُ جَارِيَةً كَانَ وَلَدُهَا بِمَنْزِلَةِ رَبِّهَا. وبَعْلٌ والبَعْل جَمِيعًا: صَنَم، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعِبَادَتِهِمْ إِياه كأَنه رَبُّهم. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَتدعون رَبًّا، وَقِيلَ: هُوَ صَنَمٌ؛ يُقَالُ: أَنا بَعْل هَذَا الشَّيْءِ أَي رَبُّه وَمَالِكُهُ، كأَنه قَالَ: أَتدعون رَبّاً سِوَى اللَّهِ. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن ضالَّة أُنْشِدَت فَجَاءَ صَاحِبُهَا فَقَالَ: أَنا بَعْلُها
، يُرِيدُ رَبَّهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِ أَتَدْعُونَ بَعْلًا
أَي رَبّاً. وَوَرَدَ أَن ابْنَ عَبَّاسٍ مَرَّ بِرَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِي نَاقَةٍ وأَحدهما يَقُولُ: أَنا وَاللَّهِ بَعْلُها أَي مَالِكُهَا ورَبُّها. وَقَوْلُهُمْ: مَنْ بَعْلُ هَذِهِ النَّاقَةِ أَي مَنْ رَبُّها وَصَاحِبُهَا. والبَعْلُ: اسْمُ مَلِك. والبَعْل: الصَّنَمُ مَعْموماً بِهِ؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ صَنَم كَانَ لِقَوْمِ يُونُسَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: البَعْل صَنَمٌ كَانَ لِقَوْمِ إِلياس، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ الأَزهري: قِيلَ إِن بَعْلًا كَانَ صَنَمًا مِنْ ذَهَبٍ يَعْبُدُونَهُ. ابْنُ الأَعرابي: البَعَل الضَّجَر والتَّبَرُّم بِالشَّيْءِ؛ وأَنشد:
بَعِلْتَ، ابنَ غَزْوانٍ، بَعِلْتَ بصاحبٍ ... بِهِ قَبْلَكَ الإِخْوَانُ لَمْ تَكُ تَبْعَل
وبَعِلَ بِأَمره بَعَلًا، فَهُوَ بَعِلٌ: بَرِمَ فَلَمْ يَدْرِ كَيْفَ يَصْنَعُ فِيهِ. والبَعَل: الدَّهَش عِنْدَ الرَّوع. وبَعِلَ بَعَلًا: فَرِق ودَهِشَ، وامرأَة بَعِلَة. وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف: لَمَّا نَزَل بِهِ الهَياطِلَة وَهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْهِنْدِ بَعِلَ بالأَمر
أَي دَهِش، وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ. وامرأَة بَعِلَة: لَا تُحْسِن لُبْسَ الثِّيَابِ. وبَاعَلَه: جالَسه. وَهُوَ بَعْلٌ عَلَى أَهله أَي ثِقْلٌ عَلَيْهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُبايعك عَلَى الْجِهَادِ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ بَعْلٍ؟
البَعْل: الكَلُّ؛ يُقَالُ: صَارَ فُلَانٌ بَعْلًا عَلَى قَوْمِهِ أَي ثِقْلًا وعِيَالًا، وَقِيلَ: أَراد هَلْ بَقِيَ لَكَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْكَ طَاعَتُهُ كَالْوَالِدَيْنِ. وبَعَلَ عَلَى الرَّجُلِ: أَبى عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ الشُّورَى:
فَقَالَ عُمَرُ قُومُوا فَتَشَاوَرُوا، فَمَنْ بَعَلَ عَلَيْكُمْ أَمرَكم فَاقْتُلُوهُ
أَي مَنْ أَبى وَخَالَفَ؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَنْ تأَمَّر عَلَيْكُمْ مِنْ غَيْرِ مَشُورة أَو بَعَلَ عَلَيْكُمْ أَمراً
؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فإِن بَعَلَ أَحد عَلَى الْمُسْلِمِينَ، يُرِيدُ شَتَّت أَمرهم، فَقدِّموه فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ.
وبَعْلَبَكُّ: مَوْضِعٌ، تَقُولُ: هَذَا بَعْلَبَكُّ وَدَخَلْتُ بَعْلَبَكَّ وَمَرَرْتُ ببَعْلَبَكَّ، وَلَا تَصْرف، وَمِنْهُمْ(11/59)
مَنْ يُضِيفُ الأَول إِلى الثَّانِي ويُجري الأَول بِوُجُوهِ الإِعراب؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْقَوْلُ فِي بَعْلَبَكّ كَالْقَوْلِ فِي سامِّ أَبْرَص؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سامُّ أَبرص اسْمُ مُضَافٍ غَيْرُ مُرَكَّبٍ عِنْدَ النحويين.
بغل: البَغْل: هَذَا الْحَيَوَانُ السَّحّاج الَّذِي يُرْكَب، والأُنثى بَغْلة، وَالْجَمْعُ بِغَال، ومَبْغُولاء اسْمُ لِلْجَمْعِ. والبَغَّال: صَاحِبُ البِغَال؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهَ وعُمارة بْنُ عَقِيلٍ؛ وأَما قَوْلُ جَرِيرٍ:
مِنْ كُلِّ آلِفَةِ الْمَوَاخِرِ تَتَّقِي ... بِمُجَرَّدٍ، كَمُجَرَّدِ البَغَّال
فَهُوَ البَغْل نَفْسُهُ. ونَكَح فِيهِمْ فبَغَلَهم وبَغَّلَهم: هَجَّن أَولادهم. وتزوَّج فُلَانٌ فُلَانَةً فَبَغَّلَ أَولادَها إِذا كَانَ فِيهِمْ هُجْنة، وَهُوَ مِنَ البَغْل لأَن البَغْلَ يَعْجَز عَنْ شَأْوِ الفَرس. والتَّبْغيل مِنْ مَشْي الإِبلِ: مَشْيٌ فِيهِ سَعَة، وَقِيلَ: هُوَ مَشْيٌ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَاخْتِلَاطٌ بَيْنَ الهَمْلَجَة والعَنَق؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدُهُ:
فِيهَا، إِذا بَغَّلَتْ، مَشْيٌ ومَحْقَرةٌ ... عَلَى الجِيَاد، وَفِي أَعناقها خَدَب
وأَنشد لأَبي حَيَّة النُّمَيري:
نَضْح البَرِيِّ وَفِي تَبْغِيلها زَوَرُ
وأَنشد لِلرَّاعِي:
رَبِذاً يُبَغِّل خَلْفَها تَبْغِيلا «2»
وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
فِيهَا عَلَى الأَيْنِ إِرْقال وتَبْغِيل
هُوَ تَفْعِيل مِنَ البَغْل كأَنه شَّبَهَ سَيْرَهَا بِسَيْرِ الْبَغْلِ لشدَّته.
بغسل: الأَزهري: بَغْسَلَ الرجلُ إِذا أَكثر الجماع.
بقل: بَقَلَ الشيءُ: ظهَر. والبَقْل: مَعْرُوفٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: البَقْل مِنَ النَّبَاتِ مَا لَيْسَ بِشَجَرِ دِقٍّ ولا جِلٍّ، وحقيقة رَسْمِهِ أَنه مَا لَمْ تَبْقَ لَهُ أُرومة عَلَى الشتاء بعد ما يُرْعى، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مَا كَانَ مِنْهُ يَنْبُتُ فِي بَزْره وَلَا يَنْبُتُ فِي أُرومة ثَابِتَةٍ فَاسْمُهُ البَقْل، وَقِيلَ: كُلُّ نَابِتَةٍ فِي أَول مَا تَنْبُتُ فَهُوَ البَقْل، وَاحِدَتُهُ بَقْلَة، وفَرْقُ مَا بَيْنَ البَقْل ودِقِّ الشَّجَرِ أَن البَقْل إِذا رُعي لَمْ يَبْقَ لَهُ سَاقٌ وَالشَّجَرُ تَبْقَى لَهُ سُوق وإِن دَقَّت. وَفِي الْمَثَلِ: لَا تُنْبِتُ البَقْلَة إِلا الحَقْلة؛ والحَقْلَة: القَراح الطَّيِّبة مِنَ الأَرض. وأَبْقَلَت: أَنبتت البَقْل، فَهِيَ مُبْقِلَة. والمُبْقِلَة: ذَاتُ البَقْل. وأَبْقَلَت الأَرضُ: خَرَجَ بَقْلها؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ جُوَين الطَّائِيُّ:
فَلَا مُزْنَةٌ ودَقَتْ وَدْقَها، ... وَلَا أَرْض أَبْقَلَ إِبْقَالَها
وَلَمْ يَقُلْ أَبْقَلت لأَن تأْنيث الأَرض لَيْسَ بتأْنيث حَقِيقِيٍّ. وَفِي وَصْفِ مَكَّةَ: وأَبْقَلَ حَمْضُها، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. والمَبْقَلة: مَوْضِعُ البَقْل؛ قَالَ دُوَاد بْنُ أَبي دُوَاد حِينَ سأَله أَبوه: مَا الَّذِي أَعاشك؟ قَالَ:
أَعاشَني بَعْدَك وادٍ مُبْقِلُ، ... آكُلُ مِنْ حَوْذانِه وأَنْسِلُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: مَكَانٌ مُبْقِل هُوَ الْقِيَاسُ، وبَاقِلٌ أَكثر فِي السَّمَاعِ، والأَوَّل مَسْمُوعٌ أَيضاً. الأَصمعي: أَبْقَلَ المكانُ فَهُوَ بَاقِلٌ مِنْ نَبَاتِ البَقْل، وأَوْرَسَ الشجرُ فَهُوَ وَارِسٌ إِذا أَوْرَق، وَهُوَ بالأَلف. الْجَوْهَرِيُّ:
__________
(2) . قوله [ربذاً إلخ] صدره كما في شرح القاموس:
وَإِذَا تَرَقَّصَتِ الْمَفَازَةُ غَادَرَتْ(11/60)
أَبْقَلَ الرِّمْت إِذا أَدْبَى وَظَهَرَتْ خُضْرة وَرَقِهِ، فَهُوَ بَاقِلٌ. قَالَ: وَلَمْ يَقُولُوا مُبْقِل كَمَا قَالُوا أَوْرَسَ فَهُوَ وَارِسٌ، وَلَمْ يَقُولُوا مورِس، قَالَ: وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ مُبْقِل؛ قَالَ أَبو النجم:
يَلْمَحْنَ مِنْ كُلِّ غَميسٍ مُبْقِل
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ هَرْمة:
لَرُعْت بصَفْراءِ السُّحالةِ حُرَّةً، ... لَهَا مَرْتَعٌ بَيْنَ النَّبِيطَينِ مُبْقِل
قَالَ: وَقَالُوا مُعْشِب؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
عَلَى جانِبَيْ حَائِرٍ مُفْرد ... بِبَرْثٍ، تَبَوَّأْتُه مُعْشِب
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وبَقَلَ الرِّمْثُ يَبْقُلُ بَقْلًا وبُقُولًا وأَبْقَلَ، فَهُوَ بَاقِلٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كِلَاهُمَا: فِي أَول مَا يَنْبُتُ قَبْلَ أَن يخضرَّ. وأَرض بَقِيلَةٌ وبَقِلَةٌ مُبْقِلَةٌ؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ أَي ذَاتُ بَقْل؛ وَنَظِيرُهُ: رَجُلٌ نَهِرٌ أَي يأْتي الأُمور نِهَارًا. وأَبْقَلَ الشجرُ إِذا دَنَتْ أَيام الرَّبِيعِ وَجَرَى فِيهَا الْمَاءُ فرأَيت فِي أَعراضها مِثْلَ أَظفار الطَّيْرِ؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: أَبْقَلَ الشجرُ خَرَجَ فِي أَعراضه مِثْلُ أَظفار الطَّيْرِ وأَعْيُنِ الجَرَادِ قَبْلَ أَن يَسْتَبِينَ وَرَقُهُ فَيُقَالُ حِينَئِذٍ صَارَ بَقْلَة وَاحِدَةً، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ البَاقِل. وبَقَلَ النَّبْتُ يَبْقُلُ بُقُولًا وأَبْقَلَ: طَلَع، وأَبْقَلَهُ اللَّهُ. وبَقَلَ وجهُ الْغُلَامِ يَبْقُلُ بَقْلًا وبُقُولًا وأَبْقَلَ وبَقَّلَ: خَرَجَ شعرُه، وَكَرِهَ بَعْضُهُمُ التَّشْدِيدَ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا تَقُلْ بَقَّلَ، بِالتَّشْدِيدِ. وأَبْقَلَهُ اللَّهُ: أَخرجه، وَهُوَ عَلَى الْمِثْلِ بِمَا تَقَدَّمَ. اللَّيْثُ: يُقَالُ للأَمرد إِذا خَرَجَ وَجْهُهُ: قَدْ بَقَلَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ والنَّسابة: فقامَ إِليه غُلَامٌ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ حِينَ بَقَلَ وجهُه
أَي أَول مَا نَبَتَتْ لِحْيَتُهُ. وبَقَلَ نابُ الْبَعِيرِ يَبْقُل بُقُولًا: طَلَع، عَلَى الْمِثْلِ أَيضاً، وَفِي التَّهْذِيبِ: بَقَلَ نابُ الْجَمَلِ أَول مَا يَطْلُعُ، وجَمَلٌ بَاقِل النَّابِ. والبُقْلَة: بَقْل الرَّبِيع؛ وأَرض بَقِلَة وبَقِيلَة ومَبْقَلَة ومَبْقُلَة وبَقَّالَة، وَعَلَى مِثَالِهِ مَزْرَعَة ومَزْرُعَة وزَرَّاعة. وابْتَقَلَ القومُ إِذا رَعَوا البَقْل. والإِبل تَبْتَقِلُ وتَتَبَقَّلُ، وابْتَقَلَتِ الْمَاشِيَةُ وتَبَقَّلَتْ: رَعَت البَقْل، وَقِيلَ: تَبَقُّلُها سِمَنُها عَنِ البَقْل. وابْتَقَلَ الْحِمَارُ: رَعَى البَقْل؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الخُزاعي الْهُذَلِيُّ:
تاللهِ يَبْقَى عَلَى الأَيَّامِ مُبْتَقِلٌ، ... جَوْنُ السَّرَاةِ رَبَاعٍ سِنُّه غَرِدُ
أَي لَا يَبْقَى، وتَبَقَّلَ مِثْلُهُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
كُوم الذُّرَى مِنْ خَوَل المُخَوَّل ... تَبَقَّلَتْ فِي أَوَّل التَّبَقُّلِ،
بَيْنَ رِمَاحَيْ مالِكٍ ونَهْشَل
وتَبَقَّلَ القومُ وابْتَقَلُوا وأَبْقَلُوا: تَبَقَّلت ماشيتُهم. وخَرَجَ يَتَبَقَّلُ أَي يَطْلُبُ البَقْل. وبَقْلَة الضَّبّ: نَبْت؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ذَكَرَهَا أَبو نَصْرٍ وَلَمْ يُفَسِّرْهَا. والبَقْلَة: الرِّجْلة وَهِيَ البَقْلَة الحَمْقاء. وَيُقَالُ: كُلُّ نَبات اخْضَرَّت لَهُ الأَرضُ فَهُوَ بَقْل؛ قَالَ الحرث بن دَوْس الإِيادِيّ يُخَاطِبُ المُنْذِر بنَ مَاءِ السَّمَاءِ:
قَوْمٌ إِذا نَبَتَ الرَّبِيعُ لَهُمْ، ... نَبَتَتْ عَدَاوتُهم مَعَ البَقْل
الْجَوْهَرِيُّ: وقولُ أَبي نُخَيْلة:
بَرِّيَّةٌ لَمْ تأْكل المُرَقَّقا، ... وَلَمْ تَذُقْ مِنَ البُقُول الفُسْتُقا «3» .
__________
(3) . قوله: بريّة، وفي رواية أُخرى: جارية(11/61)
قَالَ: ظَنَّ هَذَا الأَعرابي أَن الفُسْتُق مِنَ البَقْل، قَالَ: وَهَكَذَا يُرْوى البَقْل بِالْبَاءِ، قَالَ: وأَنا أَظنه بِالنُّونِ لأَن الفُسْتُق مِنَ النَّقْل وَلَيْسَ مِنَ البَقْل. والبَاقِلاءُ والبَاقِلَّى: الفُول، اسْمٌ سَوادِيٌّ، وحَمْلُه الجَرْجَر، إِذا شدَّدت اللَّامَ قَصَرْت، وإِذا خَفَّفْت مَدَدْت فَقُلْتَ البَاقِلَاء، وَاحِدَتُهُ بَاقِلَّاة وباقِلَّاءَة، وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ البَاقِلَى، بِالتَّخْفِيفِ وَالْقَصْرِ، قَالَ: وَقَالَ الأَحمر وَاحِدَةُ البَاقِلَاء بَاقِلَاء، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِذا كَانَ ذَلِكَ فَالْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ، قَالَ: وأَرى الأَحمر حَكَى مِثْلَ ذَلِكَ فِي البَاقِلَّى. قَالَ: والبُوقَالُ، بِضَمِّ الْبَاءِ، ضَرْب مِنَ الكِيزَان، قَالَ: وَلَمْ يفسِّر مَا هُوَ فَفَسَّرْنَاهُ بِمَا عَلِمْنا. وبَاقِلٌ: اسْمُ رَجُلٍ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي العِيِّ؛ قَالَ الأُموي: مِنْ أَمثالهم فِي بَابِ التَّشْبِيهِ: إِنه لأَعْيَا مِنْ بَاقِل، قَالَ: وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ مِنَ رَبِيعَةَ وَكَانَ عَييّاً فَدْماً؛ وإِياه عَنى الأُرَيْقِط فِي وَصْف رَجُل مَلأَ بطنَه حَتَّى عَيِيَ بِالْكَلَامِ فَقَالَ يَهْجُوه، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِحُمَيْدٍ الأَرْقَط:
أَتَانَا، وَمَا دَانَاهُ سَحْبانُ وائلٍ ... بَيَاناً وعِلْماً بِالذي هُوَ قَائِلُ،
يَقُول، وَقَدْ أَلْقَى المَرَاسِيَ للقِرَى: ... أَبِنْ ليَ مَا الحَجَّاجُ بِالنَّاسِ فَاعِلُ
فَقُلْتُ: لعَمْرِي مَا لِهَذَا طَرَقْتَنا، ... فكُلْ، ودَعِ الإِرْجافَ، مَا أَنت آكِلُ
تُدَبِّل كَفَّاه ويَحْدُر حَلْقُه، ... إِلى البَطْنِ، مَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ الأَنامل
فَمَا زَالَ عِنْدَ اللُّقَمِ حَتَّى كأَنَّه، ... مِنَ العِيِّ لَمَّا أَن تَكَلَّم، بَاقِل
قَالَ: وسَحْبان هُوَ مِنْ رَبِيعَةَ أَيضاً مِنْ بَنِي بكْر كَانَ لَسِناً بَلِيغًا؛ قَالَ اللَّيْثُ: بَلَغَ مِنْ عِيِّ بَاقِل أَنه كَانَ اشْتَرَى ظَبْياً بأَحد عَشَرَ دِرْهماً، فَقِيلَ لَهُ: بِكَم اشْتَرَيْتَ الظَّبْيَ؟ فَفَتَحَ كَفَّيْهِ وفرَّق أَصابعه وأَخرج لِسَانَهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلى أَحد عَشَرَ فَانْفَلَتَ الظَّبْيُ وَذَهَبَ فَضَرَبُوا بِهِ الْمَثَلَ فِي العِيّ. والبَقْل: بَطْنٌ مِنَ الأَزْد وَهُمْ بَنُو بَاقِل. وبَنُو بُقَيْلَة: بَطْنٌ مِنَ الحِيرَة. ابْنُ الأَعرابي: البُوقَالَة الطِّرْجهَارَة.
بكل: البَكْل: الدَّقِيق بالرُّبّ؛ قَالَ:
لَيْسَ بغَشٍّ هَمُّه فِيمَا أَكَل، ... وأَزْمةٌ وَزْمتُه مِنَ البَكَل «1»
. أَراد البَكْل فحَرَّك لِلضَّرُورَةِ. والبَكِيلَة والبَكَالَةُ جَمِيعًا: الدَّقِيقُ يُخْلط بالسَّوِيق والتَّمْرُ يُخْلَط بالسَّمْن فِي إِناءٍ وَاحِدٍ وَقَدْ بُلَّا باللَّبَن، وَقِيلَ: تخلِطُه بِالسَّوِيقِ ثُمَّ تَبُلُّه بِمَاءٍ أَو زَيْتٍ أَو سَمْن، وَقِيلَ: البَكِيلَة الأَقِطُ الْمَطْحُونُ تَخْلِطُهُ بِالْمَاءِ فتُثَرِّيه كأَنك تُرِيدُ أَنْ تَعْجِنه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: البَكِيلَة الدَّقِيقُ أَو السَّويق الَّذِي يُبَلُّ بَلًّا، وَقِيلَ: البَكِيلَة الجافُّ مِنَ الأَقِط الَّذِي يُخْلَط بِهِ الرَّطْبُ، وَقِيلَ: البَكِيلَة طَحِينٌ وتَمْر يُخْلَط فيُصَبُّ عَلَيْهِ الزَّيْتُ أَو السَّمْنُ وَلَا يُطْبَخ. والبَكِيلُ: مَسُوطُ الأَقِط. الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الأُموي: البَكِيلَة السَّمْن يُخْلَط بالأَقِط؛ وأَنشد:
هَذَا غُلامٌ شَرِثُ النَّقِيلَه، ... غَضْبَانُ لَمْ تُؤْدَمْ لَهُ البَكِيلَه
قَالَ: وَكَذَلِكَ البَكَالَة. وَقَوْلُهُ لَمْ تؤْدم أَي لَمْ يُصَبَ
__________
(1) . قوله [ليس بغش] الغش كما في اللسان والقاموس عظيم السرّة، قال شارحه والصواب: عظيم الشره، بالشين محركة(11/62)
عَلَيْهَا زَيْتٌ أَو إِهَالة، وَيُقَالُ: نَعْلٌ شَرِثَة أَي خَلَقٌ. وَقِيلَ: البَكِيلَة السَّوِيق وَالتَّمْرُ يُؤْكَلان فِي إِناءٍ واحد وقد بُلَّا باللبن. وبَكَلْت البَكِيلة أَبْكُلُها بَكْلًا أَي اتَّخَذْتُهَا. وبَكَلْت السَّوِيق بِالدَّقِيقِ أَي خَلَطْتُهُ. وَيُقَالُ: بَكَلَ ولَبَك بِمَعْنًى مِثْلَ جَبَذَ وجَذَبَ. والبَكْل: الخَلْط؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
يَهِيلون مِنْ هَذَاك فِي ذَاكَ، بَينَهُم ... أَحاديثُ مَغْرورِين بَكْلٌ مِنَ البَكْل
أَحاديث مُبْتَدَأٌ وَبَيْنَهُمُ الْخَبَرُ. وبَكَلَه إِذا خَلَطه. وبَكَّلَ عَلَيْهِ: خَلَّط. الأُموي: البَكْل الأَقِط بالسَّمْن. وَيُقَالُ: ابْكُلِي واعْبِثي. والبَكِيلَة: الضأْن والمَعَز تَخْتلط، وَكَذَلِكَ الغَنَم إِذا لَقِيَتْ غَنَماً أُخرى، وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَكَلَ يَبْكُل بَكْلًا. وَيُقَالُ للغَنم إِذا لَقِيت غَنَماً أُخرى فدَخَلت فِيهَا: ظَلَّت عَبِيثَة وَاحِدَةً وبَكِيلَة وَاحِدَةً أَي قَدِ اخْتَلَطَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَهُوَ مَثَل، أَصلُه مِنَ الدَّقِيقِ والأَقِط يُبْكَلُ بالسَّمْن فيؤْكل؛ وبَكَلَ عَلَيْنَا حَديثَه وأَمْرَه يَبْكُلُهُ بَكْلًا: خَلَطَهُ وجاءَ بِهِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، وَالِاسْمُ البَكِيلة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَمِنْ أَمثالهم فِي الْتِبَاسِ الأَمر: بَكْلٌ مِنَ البَكْل، وَهُوَ اخْتِلَاطُ الرأْي وارْتِجانُه. وتَبَكَّل الرَّجُلُ فِي الْكَلَامِ أَي خَلَطَ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: سأَله رَجُلٌ عَنْ مسأَلة ثُمَّ أَعادها فقَلَبها، فَقَالَ: بَكَّلْتَ عَلَيَ
أَي خَلَّطت، مِنَ البَكِيلة وَهِيَ السَّمْنُ وَالدَّقِيقُ الْمَخْلُوطُ. والمُتَبَكِّل: المخلِّط فِي كَلَامِهِ. وتَبَكَّلُوا عَلَيْهِ: عَلَوْه بالشَّتْم وَالضَّرْبِ والقَهْر. وتَبَكَّلَ فِي مِشْيَتهِ. اختالَ. والإِنسان يَتَبَكَّلُ أَي يَخْتال. وَرَجُلٌ جَمِيل بَكِيلٌ: مُتَنَوِّق فِي لِبْسَته ومَشْيه. والبَكِيلَة: الْهَيْئَةُ والزِّيُّ. والبِكْلَة: الخُلُق. والبِكْلَة: الحَالُ والخِلْقة؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:
لَسْتُ إِذاً لِزَعْبَله، ... إِنْ لَمْ أُغَيِّرْ بِكْلَتِي،
إِن لَمْ أُسَاوَ بالطُّوَلْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْبَيْتُ مِنْ مُسَدَّس الرَّجَز جَاءَ عَلَى التَّمَامِ. والبَكْل: الغَنِيمة وَهُوَ التَّبَكُّل، اسْمٌ لَا مَصْدَرٌ، ونظِيره التَّنَوُّط؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَر:
عَلى خَيْرِ مَا أَبْصَرْتها مِنْ بِضَاعة، ... لِمُلْتَمِسٍ بَيْعاً لَهَا أَو تَبَكُّلا
أَي تَغَنُّماً. وبَكَّلَه إِذا نَحَّاه قِبَله كائِناً مَا كَانَ. وبَنُو بَكِيلٍ: حَيٌّ مِنْ هَمْدان؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
يقولونَ: لَمْ يُورَثْ، وَلَوْلَا تُرَاثُه، ... لَقَدْ شركَتْ فِيهِ بَكِيلٌ وأَرْحَبُ
وبَنُو بِكَالٍ: مِنْ حِمْيَر مِنْهُمْ نَوْفٌ البِكَاليُّ صَاحِبُ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْمُهَلَّبِيُّ بِكَالَةُ قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ، والمُحَدِّثون يقولونَ نَوْفٌ البَكَّاليُّ، بِفَتْحِ الباء والتشديد.
بلل: البَلَل: النَّدَى. ابْنُ سِيدَهْ. البَلَل والبِلَّة النُّدُوَّةُ؛ قَالَ بَعْضُ الأَغْفال:
وقِطْقِطُ البِلَّة فِي شُعَيْرِي
أَراد: وبِلَّة القِطْقِط فَقَلَبَ. والبِلال: كالبِلَّة؛ وبَلَّهُ بِالْمَاءِ وَغَيْرِهِ يَبُلُّه بَلًّا وبِلَّة وبَلَّلهُ فَابْتَلَّ وتَبَلَّلَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:(11/63)
وَمَا شَنَّتَا خَرْقاءَ واهِيَة الكُلَى، ... سَقَى بِهِمَا سَاقٍ، ولَمَّا تَبَلَّلا
والبَلُّ: مَصْدَرُ بَلَلْت الشيءَ أَبُلُّه بَلًّا. الْجَوْهَرِيُّ: بَلَّه يَبُلُّه أَي نَدَّاه وبَلَّلَه، شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ، فابْتَلَّ. والبِلال: الْمَاءُ. والبُلالة: البَلَل. والبِلال: جَمْعُ بِلَّة نَادِرٌ. واسْقِه عَلَى بُلَّتِه أَي ابْتِلَالِهِ. وبَلَّة الشَّباب وبُلَّتُه: طَرَاؤه، وَالْفَتْحُ أَعلى. والبَلِيل والبَلِيلَة: رِيحٌ بَارِدَةٌ مَعَ نَدًى، وَلَا تُجْمَع. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا جَاءَتِ الرِّيحُ مَعَ بَرْد ويُبْس ونَدًى فَهِيَ بَلِيل، وَقَدْ بَلَّتْ تَبِلُّ بُلولًا؛ فأَما قَوْلُ زِيَادٍ الأَعجم:
إِنِّي رأَيتُ عِدَاتِكم ... كالغَيْث، لَيْسَ لَهُ بَلِيل
فَمَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ لَهَا مَطْل فَيُكَدِّرَها، كَمَا أَن الغَيْث إِذا كَانَتْ مَعَهُ رِيحٌ بَلِيل كدَّرَتْه. أَبو عَمْرٍو: البَلِيلَة الرِّيحُ المُمْغِرة، وَهِيَ الَّتِي تَمْزُجها المَغْرة، والمَغْرة المَطَرة الضَّعِيفَةُ، والجَنُوب أَبَلُّ الرِّياح. وَرِيحٌ بَلَّة أَي فِيهَا بَلَل. وَفِي حَدِيثِ
المُغيرة: بَلِيلة الإِرْعاد
أَي لَا تَزَالُ تُرْعِد وتُهَدِّد؛ والبَليلة: الرِّيحُ فِيهَا نَدى، جَعَلَ الإِرعاد مَثَلًا لِلْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَرْعَد الرجلُ وأَبْرَق إِذا تَهَدَّد وأَوعد، وَاللَّهُ أَعلم. وَيُقَالُ: مَا فِي سِقَائك بِلال أَي مَاءٌ. وكُلُّ مَا يُبَلُّ بِهِ الحَلْق مِنَ الْمَاءِ واللَّبن بِلال؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: انْضَحُوا الرَّحِمَ بِبلالها أَي صِلُوها بصِلَتِها ونَدُّوها؛ قَالَ أَوس يَهْجُو الْحَكَمَ بْنَ مَرْوَانَ بْنِ زِنْبَاع:
كأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ، حِينَ مَدَحْتُه، ... صَفَا صَخْرَةٍ صَمَّاء يَبْسٍ بِلالُها
وبَلَّ رَحِمَه يَبُلُّها بَلًّا وبِلالًا: وَصَلَهَا. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بُلُّوا أَرحامَكم وَلَوْ بالسَّلام
أَي نَدُّوها بالصِّلة. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُمْ يُطْلِقون النَّداوَة عَلَى الصِّلة كَمَا يُطْلِقون اليُبْس عَلَى القَطِيعة، لأَنهم لَمَّا رأَوا بَعْضَ الأَشياء يَتَّصِلُ وَيَخْتَلِطُ بالنَّداوَة، وَيَحْصُلُ بَيْنَهُمَا التَّجَافِي وَالتَّفَرُّقُ باليُبْس، اسْتَعَارُوا البَلَّ لِمَعْنَى الوصْل واليُبْسَ لِمَعْنَى القَطِيعة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فإِن لَكُمْ رَحِماً سأَبُلُّها بِبلالِها
أَي أَصِلُكم فِي الدُّنْيَا وَلَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا. والبِلال: جَمْعُ بَلَل، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مَا بَلَّ الحَلْق مِنْ مَاءٍ أَو لَبَنٍ أَو غَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
طَهْفَة: ما تَبِضُّ بِبِلال
، أَراد بِهِ اللَّبَنَ، وَقِيلَ المَطَر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه: إِنْ رأَيت بَلَلًا مِنْ عَيْش
أَي خِصْباً لأَنه يَكُونُ مِنَ الْمَاءِ. أَبو عَمْرٍو وَغَيْرُهُ: بَلَلْت رَحِمي أَبُلُّها بَلًّا وبِلالًا وَصَلْتها ونَدَّيْتُها؛ قَالَ الأَعْشَى:
إِما لِطَالِب نِعْمَةٍ تَمَّمتها، ... ووِصَالِ رَحْم قَدْ بَرَدْت بِلالَها
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
والرَّحْمَ فابْلُلْها بِخيْرِ البُلَّان، ... فإِنها اشْتُقَّتْ مِنِ اسْمِ الرَّحْمن
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ البُلَّان اسْمًا وَاحِدًا كالغُفْران والرُّجْحان، وأَن يَكُونَ جَمْعَ بَلَل الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَهُ الْمَصْدَرَ لأَن بَعْضَ الْمَصَادِرِ قَدْ يُجْمَعُ كالشَّغْل والعَقْل والمَرَض. وَيُقَالُ: مَا فِي سِقَائك بِلال أَي مَاءٌ، وَمَا فِي الرَّكِيَّة بِلال. ابْنُ الأَعرابي: البُلْبُلة الهَوْدَج لِلْحَرَائِرِ وَهِيَ المَشْجَرة. ابْنُ الأَعرابي: التَّبَلُّل «1» . الدَّوَامُ وَطُولُ
__________
(1) . قوله [التبلل] كذا في الأصل، ولعله محرف عن التبلال كما يشهد به الشاهد وكذا أورده شارح القاموس(11/64)
الْمُكْثِ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ الرَّبِيعِ بْنِ ضَبُع الْفَزَارِيِّ:
أَلا أَيُّها الْبَاغِي الَّذِي طالَ طِيلُه، ... وتَبْلالُهُ فِي الأَرض، حَتَّى تَعَوَّدا
وبَلَّك اللهُ ابْناً وبَلَّك بابْنٍ بَلًّا أَي رَزَقَك ابْنًا، يَدْعُو لَهُ. والبِلَّة: الخَيْر وَالرِّزْقُ. والبِلُّ: الشِّفَاء. وَيُقَالُ: مَا قَدِمَ بِهِلَّة وَلَا بِلَّة، وَجَاءَنَا فُلَانٌ فَلَمْ يأْتنا بِهَلَّة وَلَا بَلَّة؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: فالهَلَّة مِنَ الْفَرَحِ وَالِاسْتِهْلَالِ، والبَلَّة مِنَ البَلل وَالْخَيْرِ. وَقَوْلُهُمْ: مَا أَصاب هَلَّة وَلَا بَلَّة أَي شَيْئًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قَدَّر فِي مَعِيشته بَلَّهُ اللَّهُ
أَي أَغناه. وبِلَّة اللِّسَانِ: وقوعُه عَلَى مَوَاضِعِ الْحُرُوفِ واستمرارُه عَلَى الْمَنْطِقِ، تَقُولُ: ما أَحسن بِلَّة لسانه وَمَا يَقَعُ لِسَانُهُ إِلا عَلَى بِلَّتِه؛ وأَنشد أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي:
يُنَفِّرْنَ بالحيجاء شاءَ صُعَائد، ... وَمِنْ جَانِبِ الْوَادِي الحَمام المُبَلِّلا
وَقَالَ: المبَلِّل الدَّائِمُ الهَدِير، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَا أَحسن بِلَّة لِسَانِهِ أَي طَوْعَه بِالْعِبَارَةِ وإِسْماحَه وسَلاسَته ووقوعَه عَلَى مَوْضِعِ الْحُرُوفِ. وبَلَّ يَبُلُّ بُلُولًا وأَبَلَّ: نَجَا؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ وأَنشد:
مِنْ صَقْع بازٍ لَا تُبِلُّ لُحَمُه
لُحْمَة البَازِي: الطائرُ يُطْرَح لَهُ أَو يَصِيده. وبَلَّ مِنْ مَرَضِهِ يَبِلُّ بَلًّا وبَلَلًا وبُلُولًا واسْتَبَلَّ وأَبَلَّ: برَأَ وصَحَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا بَلَّ مِنْ دَاءٍ بِهِ، خَالَ أَنه ... نَجا، وَبِهِ الدَّاءُ الَّذِي هُوَ قاتِله
يَعْنِي الهَرَم؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ عَجُوزًا:
صَمَحْمَحة لَا تشْتكي الدَّهرَ رأْسَها، ... وَلَوْ نَكَزَتْها حَيَّةٌ لأَبَلَّتِ
الْكِسَائِيُّ والأَصمعي: بَلَلْت وأَبْلَلْت مِنَ الْمَرَضِ، بِفَتْحِ اللَّامِ، مَنْ بَلَلْت. والبِلَّة: الْعَافِيَةُ. وابْتَلَّ وتَبَلَّلَ: حَسُنت حَالُهُ بَعْدَ الهُزال. والبِلُّ: المُباحُ، وَقَالُوا: هُوَ لَكَ حِلٌّ وبِلٌّ، فَبِلٌّ شِفَاءٌ مِنْ قَوْلِهِمْ بَلَّ فُلَانٌ مِنْ مَرَضه وأَبَلَّ إِذا بَرَأَ؛ وَيُقَالُ: بِلٌّ مُبَاح مُطْلَق، يمانِيَة حِمْيَريَّة؛ وَيُقَالُ: بِلٌّ إِتباع لحِلّ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِلْمُؤَنَّثِ: هِيَ لَكَ حِلٌّ، عَلَى لَفْظِ الْمُذَكَّرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي زَمْزَمَ: لَا أُحِلُّها لِمُغْتَسِلٍ وَهِيَ لشارب حِلٌّ وبِلٌّ، وَهَذَا الْقَوْلُ نَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلَبِ، وَالصَّحِيحُ أَن قَائِلَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ، وَحَكَاهُ ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ؛ وَحُكِيَ أَيضاً عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّار: أَن زَمْزَمَ لَمَّا حُفِرَتْ وأَدرك مِنْهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مَا أَدرك، بَنَى عَلَيْهَا حَوْضًا وملأَه مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَشَرِبَ مِنْهُ الحاجُّ فَحَسَدَهُ قَوْمٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَهَدَمُوهُ، فأَصلحه فَهَدَمُوهُ بِاللَّيْلِ، فَلَمَّا أَصبح أَصلحه فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ ذَلِكَ دَعَا رَبَّهُ فأُرِيَ فِي الْمَنَامِ أَن يَقُولَ: اللَّهُمَّ إِني لَا أُحِلُّها لِمُغْتَسِلٍ وَهِيَ لِشَارِبٍ حِلٌّ وبِلٌّ فإِنك تُكْفَى أَمْرَهم، فَلَمَّا أَصبح عَبْدُ الْمُطَّلِبِ نَادَى بِالَّذِي رأَى، فَلَمْ يَكُنْ أَحد مِنْ قُرَيْشٍ يَقْرُبُ حَوْضَهُ إِلا رُميَ فِي بَدَنه فَتَرَكُوا حَوْضَهُ؛ قَالَ الأَصمعي: كُنْتُ أَرى أَن بِلًّا إِتباع لحِلّ حَتَّى زَعَمَ الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَن بِلًّا مُبَاحٌ فِي لُغَةِ حِمْيَر؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَابْنُ السِّكِّيتِ: لَا يَكُونُ بِلٌّ إِتباعاً لحِلّ لِمَكَانِ الْوَاوِ. والبُلَّة، بِالضَّمِّ: ابْتِلَالُ الرُّطْب. وبُلَّة الأَوابل: بُلَّة الرُّطْب. وَذَهَبَتْ بُلَّة الأَوابل أَي ذَهَبَ ابْتِلَالُ الرُّطْب عَنْهَا؛ وأَنشد لإِهاب(11/65)
بْنِ عُمَيْر:
حَتَّى إِذا أَهْرَأْنَ بالأَصائل، ... وفارَقَتْها بُلَّة الأَوابل
يَقُولُ: سِرْنَ فِي بَرْدِ الرَّوَائِحِ إِلى الْمَاءِ بعد ما يَبِسَ الكَلأَ، والأَوابل: الْوُحُوشُ الَّتِي اجتزأَت بالرُّطْب عَنِ الْمَاءِ. الْفَرَّاءُ: البُلَّة بَقِيَّةُ الكَلإِ. وَطَوَيْتُ الثَّوْبَ عَلَى بُلُلَته وبُلَّته وبُلالَته أَي عَلَى رُطُوبَتِهِ. وَيُقَالُ: اطْوِ السِّقاء عَلَى بُلُلَته أَي اطْوِهِ وَهُوَ نَدِيٌّ قَبْلَ أَن يَتَكَسَّرَ. وَيُقَالُ: أَلم أَطْوك عَلَى بُلُلَتِك وبَلَّتِك أَي عَلَى مَا كَانَ فِيكَ؛ وأَنشد لحَضْرَميّ بْنِ عَامِرٍ الأَسدي:
وَلَقَدْ طَوَيْتُكُمُ عَلَى بُلُلاتِكم، ... وعَلِمْتُ مَا فِيكُمْ مِنَ الأَذْرَاب
أَي طَوَيْتُكُمْ عَلَى مَا فِيكُمْ مِنْ أَذى وَعَدَاوَةٍ. وبُلُلات، بِضَمِّ اللَّامِ: جَمْعُ بُلُلَة، بِضَمِّ اللَّامِ أَيضاً، وَقَدْ رُوِيَ عَلَى بُلَلَاتكم، بِفَتْحِ اللَّامِ، الواحدة بُلَلَة، بِفَتْحِ اللَّامِ أَيضاً، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ عَلَى بُلُلاتكم: يُضْرَبُ مَثَلًا لإِبقاء الْمَوَدَّةِ وإِخفاء مَا أَظهروه مِنْ جَفَائهم، فَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِمْ اطْوِ الثوبَ عَلَى غَرِّه لِيَضُمَّ بَعْضَهُ إِلى بَعْضٍ وَلَا يَتَبَايَنُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: اطوِ السِّقاء عَلَى بُلُلَتِه لأَنه إِذا طُوِيَ وَهُوَ جَافٌّ تَكَسَّرَ، وإِذا طُوِيَ عَلَى بَلَله لَمْ يَتَكسَّر وَلَمْ يَتَباين. وَانْصَرَفَ الْقَوْمُ ببَلَلَتِهم وبُلُلَتِهم وبُلُولَتِهم أَي وَفِيهِمْ بَقِيّة، وَقِيلَ: انْصَرَفُوا ببَلَلَتِهم أَي بِحَالٍ صَالِحَةٍ وَخَيْرٍ، وَمِنْهُ بِلال الرَّحِم. وبَلَلْتُه: أَعطيته. ابْنُ سِيدَهْ: طَوَاهُ عَلَى بُلُلَته وبُلُولَتِه وبَلَّتِه أَي عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْعَيْبِ، وَقِيلَ: عَلَى بَقِيَّةِ وُدِّه، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: تَغَافَلْتُ عَمَّا فِيهِ مِنْ عَيْبٍ كَمَا يُطْوَى السِّقاء عَلَى عَيْبه؛ وأَنشد:
وأَلبَسُ المَرْءَ أَسْتَبْقِي بُلُولَتَه، ... طَيَّ الرِّدَاء عَلَى أَثْنائه الخَرِق
قَالَ: وَتَمِيمٌ تَقُولُ البُلُولَة مِنْ بِلَّة الثَّرَى، وأَسد تَقُولُ: البَلَلَة. وَقَالَ اللَّيْثُ: البَلَل والبِلَّة الدُّون. الْجَوْهَرِيُّ: طَوَيْت فُلَانًا عَلَى بُلَّتِه وبُلَالَتِه وبُلُولِهِ وبُلُولَتِهِ وبُلُلَتِه وبُلَلَتِه إِذا احْتَمَلْتَهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الإِساءة وَالْعَيْبِ ودَارَيْته وَفِيهِ بَقِيّة مِنَ الوُدِّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
طَوَيْنا بَنِي بِشْرٍ عَلَى بُلُلاتهم، ... وَذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ لِقَاء بَنِي بِشْر
يَعْنِي باللِّقاء الحَرْبَ، وَجَمْعُ البُلَّة بِلال مِثْلَ بُرْمَة وبِرَام؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وصاحِبٍ مُرَامِقٍ دَاجَيْتُه، ... عَلَى بِلال نَفْسه طَوَيْتُه
وَكَتَبَ عُمَرُ يَسْتحضر المُغيرة مِنَ الْبَصْرَةِ: يُمْهَلُ ثَلَاثًا ثُمَّ يُحْضَر عَلَى بُلَّته أَي عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الإِساءة وَالْعَيْبِ، وَهِيَ بِضَمِّ الْبَاءِ. وبَلِلْتُ بِهِ بَلَلًا: ظَفِرْتُ بِهِ. وَقِيلَ: بَلِلْتُ أَبَلُّ ظَفِرت بِهِ؛ حَكَاهَا الأَزهري عَنِ الأَصمعي وَحْدَهُ. قَالَ شَمِرٌ: وَمِنْ أَمثالهم: مَا بَلِلْت مِنْ فُلَانٍ بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي مَا ظَفِرْتُ، والأَفْوَق: السَّهْمُ الَّذِي انْكَسَرَ فُوقُه، والناصِل: الَّذِي سَقَطَ نَصْلُه، يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ المُجْزِئ الْكَافِي أَي ظَفِرْت بِرَجُلٍ كَامِلٍ غَيْرِ مُضَيَّعٍ وَلَا نَاقِصٍ. وبَلِلْت بِهِ بَلَلًا: صَلِيت وشَقِيت. وبَلِلْت بِهِ بَلَلًا وبَلالة وبُلُولًا وبَلَلْت: مُنِيت بِهِ وعُلِّقْته. وبَلِلْته: لَزِمْته؛ قَالَ:(11/66)
دَلْو تَمَأَّى دُبِغَتْ بالحُلَّب، ... بُلَّتْ بكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّب،
فَلَا تُقَعْسِرْها وَلَكِنْ صَوِّب
تُقَعْسِرُهَا أَي تُعَازُّهَا. أَبو عَمْرٍو: بَلَّ يَبِلُّ إِذا لَزِمَ إِنساناً وَدَامَ عَلَى صُحْبَتِهِ، وبَلَّ يَبَلُّ مِثْلُهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:
فبَلِّي إِنْ بَلِلْتِ بأَرْيَحِيٍّ ... مِنَ الفِتْيان، لَا يَمْشي بَطِينا
وَيُرْوَى فبَلِّي يَا غَنِيَّ. الْجَوْهَرِيُّ: بَلِلْت بِهِ، بِالْكَسْرِ، إِذا ظَفِرت بِهِ وَصَارَ فِي يَدِكَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
بَيْضَاءُ تَمْشِي مِشْيَةَ الرَّهِيص، ... بَلَّ بِهَا أَحمر ذُو دَرِيصِ
يُقَالُ: لئن بَلَّتْ بك يَدي لَا تُفَارِقُنِي أَو تُؤَدِّيَ حَقِّي. النَّضْرُ: البَذْرُ والبُلَل وَاحِدٌ، يُقَالُ: بَلُّوا الأَرض إِذا بَذَروها بالبُلَل. وَرَجُلٌ بَلٌّ بِالشَّيْءِ: لَهِجٌ؛ قَالَ:
وإِني لبَلٌّ بالقَرِينةِ مَا ارْعَوَتْ، ... وإِني إِذا صَرَمْتُها لصَرُوم
وَلَا تَبُلُّك عِنْدِي بَالَّةٌ وبَلالِ مِثل قَطامِ أَي لَا يُصيبك مِنِّي خَيْرٌ وَلَا نَدًى وَلَا أَنفعك وَلَا أَصدُقك. وَيُقَالُ: لَا تُبَلُّ لِفُلَانٍ عِنْدِي بَالَّةٌ وبَلالِ مَصْرُوفٌ عَنْ بَالَّة أَي نَدًى وَخَيْرٍ. وَفِي كَلَامِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: فإِن شَكَوُا انْقِطَاعَ شِرْب أَو بَالَّة
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَتْ لَيْلَى الأَخْيَلية:
نَسيتَ وصالَه وصَدَرْتَ عَنْهُ، ... كَمَا صَدَر الأَزَبُّ عَنِ الظِّلالِ
فَلَا وأَبيك، يَا ابْنَ أَبي عَقِيل، ... تَبُلُّك بَعْدَهَا فِينَا بَلالِ
فَلَوْ آسَيْتَه لَخَلاك ذَمٌّ، ... وفارَقَكَ ابنُ عَمِّك غَيْر قَالِي
ابْنُ أَبي عَقِيل كَانَ مَعَ تَوْبَة حِينَ قُتِل فَفَرَّ عَنْهُ وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ. والبَلَّة: الْغِنَى بَعْدَ الْفَقْرِ. وبَلَّتْ مَطِيَّتُه عَلَى وَجْهِهَا إِذا هَمَتْ ضالَّة؛ وَقَالَ كثيِّر:
فَلَيْتَ قَلُوصي، عِنْدَ عَزَّةَ، قُيِّدَتْ ... بحَبْل ضَعِيفٍ غُرَّ مِنْهَا فَضَلَّتِ
فأَصْبَح فِي الْقَوْمِ الْمُقِيمِينَ رَحْلُها، ... وَكَانَ لَهَا باغٍ سِوَاي فبَلَّتِ
وأَبَلَّ الرجلُ: ذَهَبَ فِي الأَرض. وأَبَلَّ: أَعيا فَساداً وخُبْثاً. والأَبَلُّ: الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ الجَدِلُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَحِي، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ اللُّؤْمِ الَّذِي لَا يُدْرَك مَا عِنْدَهُ، وَقِيلَ: هُوَ المَطول الَّذِي يَمْنَع بالحَلِف مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ مَا عِنْدَهُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي للمرَّار بْنِ سَعِيدٍ الأَسدي:
ذَكَرْنَا الدُّيُونَ، فجادَلْتَنا ... جدالَك فِي الدَّيْن بَلًّا حَلوفا «2»
. وَقَالَ الأَصمعي: أَبَلَّ الرجلُ يُبِلُّ إِبْلالًا إِذا امْتَنَعَ وَغَلَبَ. قَالَ: وإِذا كَانَ الرَّجُلُ حَلَّافاً قِيلَ رَجُلٌ أَبَلُّ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا تَتَّقون اللَّهَ، يَا آلَ عَامِرٍ؟ ... وَهَلْ يَتَّقِي اللهَ الأَبَلُّ المُصَمِّمُ؟
__________
(2) . قوله [جدالك في الدين] هكذا في الأصل وسيأتي إيراده بلفظ:
[جِدَالَكَ مَالًا وَبَلًّا حَلُوفَا]
وكذا أورده شارح القاموس ثم قال: والمال الرجل الغني(11/67)
وَقِيلَ: الأَبَلُّ الْفَاجِرُ، والأُنثى بَلَّاء وَقَدْ بَلَّ بَلَلًا فِي كُلِّ ذَلِكَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. الْكِسَائِيُّ: رَجُلٌ أَبَلُّ وامرأَة بَلَّاء وَهُوَ الَّذِي لَا يُدْرَك مَا عِنْدَهُ مِنَ اللُّؤْمِ، وَرَجُلٌ أَبَلُّ بَيِّن البَلَل إِذا كَانَ حَلَّافاً ظَلوماً. وأَما قَوْلُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَمَّا وابنُ الْخَطَّابِ حَيٌّ فَلا وَلَكِنْ إِذا كَانَ النَّاسُ بذي بِلِّيٍّ وذي بِلَّى؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُرِيدُ تَفَرُّقَ النَّاسِ وأَن يَكُونُوا طَوَائِفَ وفِرَقاً مِنْ غَيْرِ إِمام يَجْمَعُهُمْ وبُعْدَ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ؛ وكلُّ مَنْ بَعُد عَنْكَ حَتَّى لَا تَعْرِف موضعَه، فَهُوَ بِذِي بِلِّيٍّ، وَهُوَ مِنْ بَلَّ فِي الأَرض أَي ذَهَبَ؛ أَراد ضياعَ أُمور النَّاسِ بَعْدَهُ، قَالَ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى بِذِي بِلِّيَان، وَهُوَ فِعْلِيَان مِثْلَ صِلِّيان؛ وأَنشد الْكِسَائِيُّ:
يَنام وَيَذْهَبُ الأَقوام حَتَّى ... يُقالَ: أَتَوْا عَلَى ذِي بِلِّيَان
يَقُولُ: إِنه أَطال النَّوْمَ وَمَضَى أَصحابه فِي سَفَرِهِمْ حَتَّى صَارُوا إِلى مَوْضِعٍ لَا يَعْرِف مكانَهم مِنْ طُولِ نَوْمِهِ. وأَبَلَّ عَلَيْهِ: غَلَبه؛ قَالَ سَاعِدَةُ:
أَلا يَا فَتى، مَا عبدُ شَمْسٍ بِمِثْلِهِ ... يُبَلُّ عَلَى الْعَادِيِّ وتُؤْبَى المَخاسِفُ
الْبَاءُ فِي بِمِثْلِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ يُبَلُّ، وَقَوْلُهُ مَا عبدُ شَمْسٍ تَعْظِيمٌ، كَقَوْلِكَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هُوَ وَمَنْ هُوَ، لَا تُرِيدُ الِاسْتِفْهَامَ عَنْ ذَاتِهِ تَعَالَى إِنما هُوَ تَعْظِيمٌ وَتَفْخِيمٌ. وخَصمٌ مِبَلٌّ: ثَبْت. أَبو عُبَيْدٍ: المِبَلُّ الَّذِي يُعِينُكَ أَي يُتَابِعُكَ «1» عَلَى مَا تُرِيدُ؛ وأَنشد:
أَبَلَّ فَمَا يَزْداد إِلَّا حَماقَةً ... ونَوْكاً، وإِن كَانَتْ كَثِيرًا مخارجُه
وصَفاة بَلَّاء أَي مَلْساء. وَرَجُلٌ بَلٌّ وأَبَلُّ: مَطول؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
جِدَالَكَ مَالًا وبَلًّا حَلُوفا
والبَلَّة: نَوْرُ السَّمُر والعُرْفُط. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَلَسْتَ تَرْعى بَلَّتَها؟
البَلَّة: نَوْرُ العِضاهِ قَبْلَ أَن يَنْعَقِدَ. التَّهْذِيبُ: البَلَّة والفَتْلة نَوْرُ بَرَمة السَّمُر، قَالَ: وأَول مَا يَخْرُج البرَمة ثُمَّ أَول مَا يَخْرُجُ مِنَ بَدْو الحُبْلَة كُعْبورةٌ نَحْوُ بَدْو البُسْرة فَتِيك البَرَمة، ثُمَّ يَنْبُتُ فِيهَا زَغَبٌ بِيضٌ هُوَ نَوْرَتُهَا، فإِذا أَخرجت تِيكَ سُمِّيت البَلَّة والفَتْلة، فإِذا سَقَطْنَ عنن طَرَف العُود الَّذِي يَنْبُتْنَ فِيهِ نَبَتَتْ فِيهِ الخُلْبة فِي طَرَفِ عُودِهِنَّ وَسَقَطْنَ، والخُلْبة وِعَاءُ الحَب كأَنها وِعَاءُ الباقِلاء، وَلَا تَكُونُ الخُلْبة إِلَّا للسَّمُر والسَّلَم، وَفِيهَا الْحَبُّ وَهُنَّ عِراض كأَنهم نِصال، ثُمَّ الطَّلْح فإِن وِعَاءَ ثَمَرَتِهِ للغُلُف وَهِيَ سِنَفة عِراض. وبِلال: اسْمُ رَجُلٍ. وبِلال بْنُ حَمَامَةَ: مُؤَذِّنُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ الْحَبَشَةِ. وبِلال آبَادٍ: مَوْضِعٌ. التَّهْذِيبُ: والبُلْبُل العَنْدَليب. ابْنُ سِيدَهْ: البُلْبُل طَائِرٌ حَسَن الصَّوْتِ يأْلف الحَرَم وَيَدْعُوهُ أَهل الْحِجَازِ النُّغَر. والبُلْبُل: قَناةُ الْكُوزِ الَّذِي فِيهِ بُلْبُل إِلى جَنْبِ رأْسه. التَّهْذِيبُ: البُلْبُلَة ضَرْبٌ مِنَ الْكِيزَانِ فِي جَنْبِهِ بُلْبُل يَنْصَبُّ مِنْهُ الْمَاءُ. وبَلْبَلَ متاعَه: إِذا فرَّقه وبدَّده. والمُبَلِّل: الطَّاوُوسُ الصَّرَّاخ، والبُلْبُل الكُعَيْت. والبَلْبَلَة: تَفْرِيقُ الْآرَاءِ. وتَبَلْبَلَتِ الأَلسن: اخْتَلَطَتْ. والبَلْبَلَة: اخْتِلَاطُ الأَلسنة. التَّهْذِيبُ: البَلْبَلَة بَلْبلة الأَلسن، وَقِيلَ: سميت أَرض بابِل
__________
(1) . قوله [يعينك أي يتابعك] هكذا في الأصل، وفي القاموس: يعييك أن يتابعك(11/68)
لأَن اللَّهَ تَعَالَى حِينَ أَراد أَن يُخَالِفَ بَيْنَ أَلسنة بَنِي آدَمَ بَعَث رِيحًا فَحَشَرَهُمْ مِنْ كُلِّ أُفق إِلى بَابِلَ فبَلْبَل اللَّهُ بِهَا أَلسنتهم، ثُمَّ فَرَّقتهم تِلْكَ الرِّيحُ فِي الْبِلَادِ. والبَلْبَلَة والبَلابِل والبَلْبَال: شدَّة الْهَمِّ والوَسْواس فِي الصُّدُورِ وَحَدِيثُ النَّفْسِ، فأَما البِلْبَال، بِالْكَسْرِ، فَمَصْدَرٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ أَبي بُرْدَةَ عَنْ أَبيه عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن أُمتي أُمة مَرْحُومَةٌ لَا عَذَابَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، إِنما عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا البَلابِل وَالزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: البَلابِل وَسْوَاسُ الصَّدْرِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِبَاعِثِ بْنِ صُرَيم وَيُقَالُ أَبو الأَسود الأَسدي:
سائلُ بيَشْكُرَ هَلْ ثَأَرْتَ بِمَالِكٍ، ... أَم هَلْ شَفَيْت النفسَ مِنْ بَلْبَالها؟
وَيُرْوَى:
سائِلْ أُسَيِّدَ هَلْ ثَأَرْتَ بِوائلٍ؟
وَوَائِلٌ: أَخو بَاعِثِ بْنِ صُرَيم. وبَلْبَلَ القومَ بَلْبَلَة وبِلْبَالًا: حَرَّكهم وهَيَّجهم، وَالِاسْمُ البَلْبَال، وَجَمْعُهُ البَلابِل. والبَلْبَال: البُرَحاء فِي الصَّدر، وَكَذَلِكَ البَلْبَالَة؛ عَنِ ابْنِ جِنِّيٍّ؛ وأَنشد:
فَبَاتَ مِنْهُ القَلْبُ فِي بَلْبَالِه، ... يَنْزُو كَنَزْوِ الظَّبْيِ فِي الحِباله
وَرَجُلٌ بُلْبُلٌ وبُلابِل: خَفِيف فِي السَّفَر معْوان. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: قَالَ لِي أَبو لَيْلَى الأَعرابي أَنت قُلْقُل بُلْبُل أَي ظَريف خَفيف. وَرَجُلٌ بُلابِل: خَفِيفُ الْيَدَيْنِ وَهُوَ لَا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ. والبُلْبُل مِنَ الرِّجَالِ: الخَفِيفُ؛ قَالَ كَثِيرُ بْنُ مُزَرِّد:
سَتُدْرِك مَا تَحْمي الحِمارة وابْنُها ... قَلائِصُ رَسْلاتٌ، وشُعْثٌ بَلابِل
والحِمارة: اسْمُ حَرَّة وابنُها الجَبَل الَّذِي يُجَاوِرُهَا، أَي سَتُدْرِكُ هَذِهِ الْقَلَائِصُ مَا مَنَعَتْهُ هَذِهِ الحَرَّة وابنُها. والبُلْبُول: الْغُلَامُ الذَّكِيُّ الكَيِّس. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: غُلَامٌ بُلْبُل خَفِيفٌ فِي السَّفَر، وقَصَره عَلَى الْغُلَامِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: لَهُ أَلِيلٌ وبَلِيلٌ، وَهُمَا الأَنين مَعَ الصَّوْتِ؛ وَقَالَ المَرَّار بْنُ سَعِيدٍ:
إِذا مِلْنا عَلَى الأَكْوار أَلْقَتْ ... بأَلْحِيها لأَجْرُنِها بَليل
أَراد إِذا مِلْنا عَلَيْهَا نَازِلِينَ إِلى الأَرض مَدَّت جُرُنَها عَلَى الأَرض مِنَ التَّعَبِ. أَبو تُرَابٍ عَنْ زَائِدَةَ: مَا فِيهِ بُلالَة وَلَا عُلالة أَي مَا فِيهِ بَقِيَّة. وبُلْبُول: اسْمُ بَلَدٍ. والبُلْبُول: اسْمُ جَبَل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ طَالَ مَا عارَضَها بُلْبُول، ... وهْيَ تَزُول وَهْوَ لَا يَزول
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ: مَا شَيْءٌ أَبَلَّ لِلْجِسْمِ مِنَ اللَّهْو
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ شَيْءٌ كَلَحْمِ الْعُصْفُورِ أَي أَشد تَصْحِيحًا وَمُوَافَقَةً لَهُ. وَمِنْ خَفِيفِ هَذَا الْبَابِ بَلْ، كَلِمَةُ اسْتِدْرَاكٍ وإِعلامٍ بالإِضْراب عَنِ الأَول، وَقَوْلُهُمْ قَامَ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو وبَنْ زَيْدٌ، فإِن النُّونَ بَدَلٌ مِنَ اللَّامِ، أَلا تَرَى إِلى كَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ بَلْ وَقِلَّةِ اسْتِعْمَالِ بَنْ، والحُكْمُ عَلَى الأَكثر لَا الأَقل؟ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ أَمره، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ لَسْتُ أَدفع مَعَ هَذَا أَن تَكُونَ بَنْ لُغَةً قَائِمَةً بِنَفْسِهَا. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ بَلى: بَلى تَكُونُ جَوَابًا لِلْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ الجَحْد. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى
؛ قَالَ: وإِنما صَارَتْ بَلى تَتَّصِلُ بالجَحْد لأَنها رُجُوعٌ عَنِ الجَحْد إِلى(11/69)
التَّحْقِيقِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَلْ، وبَلْ سَبِيلها أَن تأَتي بَعْدَ الجَحْد كَقَوْلِكَ مَا قَامَ أَخوك بَلْ أَبوك، وَمَا أَكرمت أَخاك بَلْ أَباك، وإِذا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: أَلا تَقُومَ؟ فَقَالَ لَهُ: بَلى، أَراد بَلْ أَقوم، فزادوا الأَلف على بَلْ لِيَحْسُنَ السُّكُوتُ عَلَيْهَا، لأَنه لَوْ قَالَ بَلْ كَانَ يَتَوَقَّعُ «1» كَلَامًا بَعْدَ بلْ فزادوا الأَلف ليزول عَنِ الْمُخَاطَبِ هَذَا التَّوَهُّمُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً
، وَالْمَعْنَى بَلْ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: بَلْ حُكْمُهَا الِاسْتِدْرَاكُ أَينما وَقَعَتْ فِي جَحْد أَو إِيجاب، قَالَ: وبَلى تَكُونُ إِيجاباً للمَنْفِيِّ لا غيرُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: بَلْ تأْتي بِمَعْنَيَيْنِ: تَكُونُ إِضراباً عَنِ الأَول وإِيجاباً لِلثَّانِي كَقَوْلِكَ عِنْدِي لَهُ دِينَارٌ لَا بَلْ دِينَارَانِ، وَالْمَعْنَى الْآخَرُ أَنها تُوجِبُ مَا قَبْلَهَا وَتُوجِبُ مَا بَعْدَهَا، وَهَذَا يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فَنَسِيَهُ ثُمَّ اسْتَدْرَكَهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ بَلْ وَاللَّهِ لَا آتِيكَ وبَنْ وَاللَّهِ، يَجْعَلُونَ اللَّامَ فِيهَا نُونًا، وَهِيَ لُغَةُ بَنِي سَعْدٍ وَلُغَةُ كَلْبٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْبَاهِلِيِّينَ يَقُولُونَ لَا بَنْ بِمَعْنَى لَا بَلْ. الْجَوْهَرِيُّ: بَلْ مُخَفَّفٌ حرفٌ، يُعْطَفُ بِهَا الْحَرْفُ الثَّانِي عَلَى الأَول فَيَلْزَمُهُ مثْلُ إعرابه، فهو للإِضراب عَنِ الأَول لِلثَّانِي، كَقَوْلِكَ: مَا جاءَني زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو، وَمَا رأَيت زَيْدًا بَلْ عَمْرًا، وَجَاءَنِي أَخوك بَلْ أَبوك تَعْطِفُ بِهَا بَعْدَ النَّفْيِ والإِثبات جَمِيعًا؛ وَرُبَّمَا وَضَعُوهُ مَوْضِعَ رُبَّ كَقَوْلِ الرَّاجِزِ:
بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
يَعْنِي رُبَّ مَهْمَهٍ كَمَا يوضع غَيْرِهِ اتِّسَاعًا؛ وَقَالَ آخَرُ:
بَلْ جَوْزِ تَيْهاء كظَهْرِ الحَجَفَتْ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ
؛ قَالَ الأَخفش عَنْ بَعْضِهِمْ: إِن بَلْ هاهنا بِمَعْنَى إِن فَلِذَلِكَ صَارَ القَسَم عَلَيْهَا؛ قَالَ: وَرُبَّمَا اسْتَعْمَلَتِ الْعَرَبُ فِي قَطْع كلام واستئناف آخر فيُنْشد الرَّجُلُ مِنْهُمُ الشِّعْرَ فَيَقُولُ:
...... بَل ... مَا هاجَ أَحْزاناً وشَجْواً قَدْ شَجا
وَيَقُولُ:
...... بَلْ ... وبَلْدَةٍ مَا الإِنْسُ مِنْ آهالِها،
تَرى بِهَا العَوْهَقَ من وِئالِها، ... كَالنَّارِ جَرَّتْ طَرَفي حِبالِها
قَوْلُهُ بَلْ لَيْسَتْ مِنَ الْبَيْتِ وَلَا تُعَدُّ فِي وَزْنِهِ وَلَكِنْ جُعِلَتْ عَلَامَةً لِانْقِطَاعِ مَا قَبْلَهُ؛ وَالرَّجَزُ الأَول لِرُؤْبَةَ وَهُوَ:
أَعْمَى الهُدَى بالجاهِلِينَ العُمَّهِ، ... بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
وَالثَّانِي لسُؤْرِ الذِّئْبِ وَهُوَ:
بَلْ جَوْزِ تَيْهاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ، ... يُمْسي بِهَا وُحُوشُها قَدْ جُئِفَتْ
قَالَ: وبَلْ نُقْصانها مَجْهُولٌ، وَكَذَلِكَ هَلْ وَقَدْ، إِن شِئْتَ جَعَلْتَ نُقْصَانَهَا وَاوًا قُلْتَ بَلْوٌ هَلْوٌ قَدْوٌ، وإِن شِئْتَ جَعَلَتْهُ يَاءً. وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ نُقْصَانَهَا مَثَلَ آخِرِ حُرُوفِهَا فيُدْغم وَيَقُولُ هَلٌّ وبَلٌّ وقَدٌّ، بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْحُرُوفُ الَّتِي هِيَ عَلَى حَرْفَيْنِ مِثْلُ قَدْ وبَلْ وهَلْ لَا يُقَدَّرُ فِيهَا حَذْفُ حَرْفٍ ثَالِثٍ كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأَسماء نَحْوُ يَدٍ ودَمٍ، فإِن
__________
(1) . قوله [كان يتوقع] أي المخاطب كما هو ظاهر مما بعد(11/70)
سَمَّيْتَ بِهَا شَيْئًا لَزِمَكَ أَن تُقَدِّرَ لَهَا ثَالِثًا، قَالَ: وَلِهَذَا لَوْ صَغَّرْتَ إِن الَّتِي لِلْجَزَاءِ لَقُلْتَ أُنَيٌّ، وَلَوْ سَمَّيت بإِن الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ لَقُلْتَ أُنَيْنٌ، فَرَدَدْتَ مَا كَانَ مَحْذُوفًا، قَالَ: وَكَذَلِكَ رُبَ الْمُخَفَّفَةُ تَقُولُ فِي تَصْغِيرِهَا اسمَ رَجُلٍ رُبَيْبٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
بهل: التَبَهُّل: العَناء بِالطَّلَبِ. وأَبْهَلَ الرجلَ: تَرَكه. وَيُقَالُ: بَهَلْتُهُ وأَبْهَلْتُهُ إِذا خَلَّيْتَه وإِرادتَه. وأَبْهَلَ الناقةَ: أَهْمَلَها. الأَزْهري: عَبْهَل الإِبلَ أَي أَهْمَلَها مِثْلَ أَبْهَلَها، وَالْعَيْنُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْهَمْزَةِ. وَنَاقَةٌ بَاهِل بيِّنة البَهَل: لَا صِرارَ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: لَا خِطام عَلَيْهَا، وَقِيلَ: لَا سِمَة عَلَيْهَا، وَالْجَمْعُ بُهَّل وبُهْل. وَقَدْ أَبْهَلْتُها أَي تَرَكْتُهَا بَاهِلًا، وَهِيَ مُبْهَلَة ومُبَاهِل لِلْجَمْعِ»
. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ البُهَّل وَاحِدُهَا بَاهِلٌ وبَاهِلَة وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ مُهْمَلَة بِغَيْرٍ رَاعٍ، يُرِيدُ أَنها سَرَحَت للمَرْعى بِغَيْرِ رَاعٍ؛ قَالَ: وَشَاهِدُ أَبْهَل قَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَدْ غَاثَ رَبُّك هَذَا الخَلْقَ كُلَّهُمُ، ... بعامِ خِصْبٍ، فَعَاشَ المالُ والنَّعَمُ
وأَبْهَلُوا سَرْحَهُم مِنْ غَيْرِ تَوْدِيةٍ ... وَلَا دِيَارٍ، وَمَاتَ الفَقْر والعَدَم
وَقَالَ آخَرُ:
قَدْ رَجَعَ المُلْكُ لمُسْتَقَرِّه، ... وَعَادَ حُلْو العَيْشِ بَعْدَ مُرِّه،
وأَبْهَلَ الحالِبُ بَعْدَ صَرِّه
وَنَاقَةٌ بَاهِل: مُسَيَّبَة. وأَبْهَلَ الرَّاعِي إِبله إِذا تَرَكَهَا، وأَبْهَلَها: تَرَكَهَا مِنَ الحَلبِ. والبَاهِل: الإِبل الَّتِي لَا صِرار عَلَيْهَا، وَهِيَ المُبْهَلَة. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو فِي البُهَّل مِثْلَهُ: وَاحِدُهَا بَاهِل. وأَبْهَلَ الْوَالِي رعِيَّتَهُ واسْتَبْهَلَهَا إِذا أَهملها؛ وَمِنْهُ قِيلَ فِي بَنِي شَيْبانَ: اسْتَبْهَلتها السواحلُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ فِي ذَلِكَ:
وشيْبان حَيْثُ اسْتَبْهَلَتْها السَّواحِلُ
أَي أَهملها ملوكُ الحِيرة لأَنهم كَانُوا نَازِلِينَ بِشَطِّ البحرِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: عَلَى سَاحِلِ الفُرات لَا يَصِل إِليهم السُّلْطَانُ يفعلون ما شاؤُوا، وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي إِبل أُبْهِلَتْ:
إِذا اسْتُبْهِلَتْ أَو فَضَّها العَبْدُ، حَلَّقَتْ ... بسَرْبك، يوْم الوِرْدِ، عَنْقاءُ مُغْرِب
يَقُولُ إِذا أُبْهِلَتْ هَذِهِ الإِبل وَلَمْ تُصَرّ أَنْفَدت الجِيرانُ أَلبانها، فإِذا أَرادت الشُّرْب لَمْ يَكُنْ فِي أَخْلافها مِنَ اللَّبَنِ مَا تَشْتَري بِهِ مَاءً لِشُرْبِهَا. وبَهِلَت النَّاقَةُ تَبْهَلُ بَهَلًا: حُلَّ صِرارُها وتُرك وَلَدُها يَرْضَعها؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
غَدَت مِنْ هِلالٍ ذاتَ بَعْلٍ سَمِينَةً، ... وآبَتْ بثَدْي بَاهِلِ الزَّوْجِ أَيِّمِ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ بَاهِل الزَّوْجِ باهلَ الثَّدْي لَا يَحْتَاجُ إِلى صِرار، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنَ النَّاقَةِ البَاهِل الَّتِي لَا صِرار عَلَيْهَا، وإِذا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْج لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ؛ يَقُولُ: لَمَّا قُتِلَ زَوْجُها فَبَقِيَتْ أَيِّماً لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: التَّفْسِيرُ لِابْنِ الأَعرابي. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: حَدَّثني بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ أَن دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّة أَراد أَن يُطَلِّق امرأَته فَقَالَتْ: أَتطلقني وَقَدْ أَطْعَمْتُكَ مأْدُومي وأَتيتك بَاهِلًا غَيْرَ ذاتِ صِرار؟ قَالَ: جَعَلَتْ هَذَا مَثَلًا لِمَالِهَا وأَنها أَباحت لَهُ مَالَهَا، وَكَذَلِكَ الناقة لا
__________
(2) . قوله [ومُبَاهِل للجمع] كذا وقع في الأَصل ميم مباهل مضموماً وكذا في القاموس وليس فيه لفظ الجمع(11/71)
عِرانَ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الَّتِي لَا سِمَة عَلَيْهَا. واسْتَبْهَلَ فُلَانٌ النَّاقَةَ إِذا احْتَلَبَهَا بِلَا صِرار؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فاسْتَبْهَلَ الحَرْب مِنْ حَرَّانَ مُطَّرِدٍ، ... حَتَّى يَظَلَّ، عَلَى الكَفَّين، مَرْهُونا
أَراد بالحرَّان الرُّمْحَ، والبَاهِل الْمُتَرَدِّدُ بِلَا عَمَلٍ، وَهُوَ أَيضاً الرَّاعِي بِلَا عَصًا. وامرأَة بَاهِلَة: لَا زَوْجَ لَهَا. ابْنُ الأَعرابي: البَاهِل الَّذِي لَا سِلَاحَ مَعَهُ. والبَهْل: اللَّعْن. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الصَّبْغاء قَالَ: الَّذِي بَهَلَهُ بُرَيْقٌ أَي الَّذِي لَعَنه وَدَعَا عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْمُهُ بُرَيْقٌ. وبَهَلَهُ اللهُ بَهْلًا: لَعَنه. وَعَلَيْهِ بَهْلَة اللَّهِ وبُهْلَتُه أَي لعْنَتُه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمور النَّاسِ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطِهم كِتَابَ اللَّهِ فَعَلَيْهِ بَهْلَة اللَّهِ
أَي لَعْنة اللَّهِ، وَتُضَمُّ بَاؤُهَا وَتُفْتَحُ. وبَاهَلَ القومُ بعضُهم بَعْضًا وتَبَاهَلُوا وابْتَهَلُوا: تَلاعنوا. والمُبَاهَلَة: المُلاعَنة. يقال: بَاهَلْتُ فُلَانًا أَي لَاعَنْتُهُ، وَمَعْنَى المُبَاهَلَة أَن يَجْتَمِعَ الْقَوْمُ إِذا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ فَيَقُولُوا: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِ مِنَّا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ شَاءَ بَاهَلْته أَن الحَقَّ مَعِي.
وابْتَهَلَ فِي الدُّعَاءِ إِذا اجْتَهَدَ. ومُبْتَهِلًا أَي مُجْتَهِداً فِي الدُّعَاءِ. والابْتِهَال: التضرُّع. والابْتِهَال: الِاجْتِهَادُ فِي الدُّعَاءِ وإِخْلاصُه لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ
؛ أَي يُخْلِصْ وَيَجْتَهِدْ كلٌّ مِنَّا فِي الدُّعَاءِ واللَّعْنِ عَلَى الْكَاذِبِ مِنَّا. قَالَ أَبو بَكْرٍ: قَالَ قَوْمٌ المُبْتَهِل مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ المُسَبِّح الذاكر لله، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ نَابِغَةِ شَيْبَانَ:
أَقْطَعُ اللَّيل آهَةً وانْتِحاباً، ... وابْتِهَالًا لِلَّهِ أَيَّ ابْتِهَال
قَالَ: وَقَالَ قَوْمٌ المُبْتَهِل الدَّاعِي، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ نَبْتَهِلْ
: ثُمَّ نَلْتَعِن؛ قَالَ: وأَنشدنا ثَعْلَبٌ لِابْنِ الأَعرابي:
لَا يَتَأَرَّوْنَ فِي المَضِيقِ، وإِنْ ... نَادَى مُنادٍ كيْ يَنْزِلُوا، نَزَلوا
لَا بُدَّ فِي كَرَّةِ الفوارِسِ أَن ... يُتْرَكَ فِي مَعْرَكٍ لَهُمْ بَطَل
مُنْعَفِرُ الوجهِ فِيهِ جائفةٌ، ... كَمَا أَكَبَّ الصَّلاةَ مُبْتَهِل
أَراد كَمَا أَكَبَّ فِي الصَّلاةِ مُسَبِّح. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
والابْتِهَالُ أَن تَمُدَّ يَدَيْكَ جَمِيعًا
، وأَصله التَضَرُّع وَالْمُبَالَغَةُ فِي السُّؤَالِ. والبَهْل: الْمَالُ الْقَلِيلُ، وَفِي المُحْكَم: والبَهْل مِنَ الْمَاءِ الْقَلِيلُ؛ قَالَ:
وأَعْطاكَ بَهْلًا مِنْهُما فَرَضِيته، ... وَذُو اللُّبِّ للبَهْلِ الحَقِيرِ عَيُوفُ
والبَهْل: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ الْحَقِيرُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
كَلْبٌ عَلَى الزَّادِ يُبْدي البَهْلَ مَصْدَقُه، ... لَعْوٌ يُهادِيك فِي شَدٍّ وتَبْسيل
وامرأَة بِهِيلَة: لُغَةٌ فِي بَهِيرة. وبَهْلًا: كَقَوْلِكَ مَهْلًا، وَحَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ قَالَ: قَالَ أَبو عَمْرٍو بَهْلًا مِنْ قَوْلِكَ مَهْلًا وبَهْلًا إِتباع؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: العَرَب تَقُولَ مَهْلًا وبَهْلًا؛ قَالَ أَبو جُهَيْمة الذُّهَلِيُّ:
فَقُلْتُ لَهُ: مَهْلًا وبَهْلًا فَلَمْ يُثِب ... بِقَوْل، وأَضْحى الغُسُّ مُحْتَمِلًا ضِغْنَا «1»
. وبَهْل: اسْمٌ للشديدة «2» ككَحْل.
__________
(1) . قوله [الغس] هو بضم المعجمة: الضعيف اللئيم، والفسل من الرجال. وأورده شارح القاموس بلفظ: النفس، بالنون والفاء
(2) . قوله [اسم للشديدة] أي للسنة الشديدة(11/72)
وبَاهِلَة: اسْمُ قَبِيلَةٍ مِنْ قَيْس عَيْلان، وَهُوَ فِي الأَصل اسْمُ امرأَة مِنْ هَمْدان، كَانَتْ تَحْتَ مَعْن بْنِ أَعْصُرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عَيْلان فَنَسَبَ وَلَدَهُ إِليها؛ وَقَوْلُهُمْ بَاهِلَة بْنُ أَعْصُر، إِنما هُوَ كَقَوْلِهِمْ تَمِيم بْنُ مُرٍّ، فَالتَّذْكِيرُ للحَيِّ والتأْنيث لِلْقَبِيلَةِ، سَوَاءً كَانَ الِاسْمُ فِي الأَصل لِرَجُلٍ أَو امرأَة. ومُبْهِل: اسْمُ جَبَلٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفان؛ قَالَ مُزَرِّد يَرُدُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
وأَنْتَ امرؤٌ مِنْ أَهْلِ قُدْسِ أُوَارَةٍ، ... أَحَلَّتْكَ عَبْدَ اللَّهِ أَكْنافُ مُبْهِل
والأَبْهَل: حَمْل شَجَرَةٍ وَهِيَ العَرْعَر؛ وَقِيلَ: الأَبْهَل ثَمَرُ العَرْعَر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بعربيٍّ مَحْضٍ. الأَزهري: الأَبْهَل شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا الْإِيرِسُ، وَلَيْسَ الأَبْهَل بِعَرَبِيَّةٍ مَحْضَةٍ. والبُهْلُول مِنَ الرِّجَالِ: الضَّحَّاك؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لطُفَيل الغَنَوي:
وغارَةٍ كَحَرِيقِ النَّارِ زَعْزَعَها ... مِخْرَاقُ حرْبٍ، كصَدْرِ السَّيْفِ، بُهْلُولُ
والبُهْلُول: الْعَزِيزُ الْجَامِعُ لَكَلِّ خَيْرٍ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. والبُهْلُول: الحَييُّ الْكَرِيمُ، وَيُقَالُ: امرأَة بُهْلُول. الأَحمر: هُوَ الضَّلال بْنُ بُهْلُلَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ، بِالْبَاءِ كأَنه المُبْهَل المُهْمَل مِثْلَ ابْنِ ثُهْلُل، مَعْنَاهُ الْبَاطِلُ، وَقِيلَ: هُوَ مأْخوذ مَنْ الإِبْهَال وَهُوَ الإِهْمال. غَيْرُهُ: يُقَالُ لِلَّذِي لَا يُعْرَف بُهْل بْنُ بُهْلانَ؛ وَلَمَّا قَتَلَ الْمُنْتَشِرُ بْنُ وَهْبٍ البَاهِلِي مُرَّة بْنَ عَاهَانَ قَالَتْ نَائِحَتُهُ:
يَا عَيْن جُودِي لمُرَّةَ بنِ عَاهَانا، ... لَوْ كَانَ قاتِلُه مِنْ غَيْر مَنْ كَانَا،
لَوْ كَانَ قاتِلُه يَوْمًا ذَوِي حَسَبٍ، ... لَكِنَّ قاتِلَهُ بُهْلُ بن بُهْلانا
بهدل: البَهْدَلة: الخِفَّة. والبَهْدَلَة: طَائِرٌ أَخضر، وَجَمْعُهُ بَهْدَل. والبَهْدَلَة: أَصل الثَّدْيِ. وبَهْدَلَة: اسْمُ رَجُلٍ، وَقِيلَ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ تَمِيمٍ. وبَهْدَلَة: قَبِيلَةٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ وَابْنُ الأَعرابي. وبَهْدَل الرجلُ إِذا عظُمت ثَنْدُوَته. وَيُقَالُ للمرأَة: إِنها ذَاتُ بَهَادِل وَبَآدِلٍ، وَهِيَ لَحَمات بَيْنَ العُنُق إِلى التَّرْقُوَة.
بهصل: البَهْصَلَة والبُهْصُلَة مِنَ النِّسَاءِ: الشديدةُ الْبَيَاضِ، وَقِيلَ هِيَ القَصيرة؛ قَالَ مَنْظُورُ الأَسدي:
قَدِ انْتَثَمَتْ عَلَيَّ بِقَوْلِ سوءٍ ... بُهَيْصِلَةٌ، لَهَا وَجْهٌ دَمِيمُ
حَليلَةُ فاحِشٍ وانٍ لئِيمٍ، ... مُزَوْزِكَةٌ لَهَا حَسَبٌ لَئيمُ
الانْتِثَام: الِانْفِجَارُ بِالْقَوْلِ الْقَبِيحِ. انْتَثَمَتْ: انْفَجَرَتْ بِالْقَبِيحِ. وَرَجُلٌ بُهْصُل: أَبيض جَسِيم. والبُهْصُل: الصَّخَّابة الجَرِيئة. والبُهْصُل، بِالضَّمِّ: الجَسِيمُ، والصادُ غَيْرُ مُعْجَمَةٍ. وبَهْصَلَهُ الدهرُ مِنْ مَالِهِ: أَخرجه، وَكَذَلِكَ بَهْصَلَ القومَ مِنْ أَموالهم. وحِمارٌ بُهْصُل: غَلِيظٌ. ابْنُ الأَعرابي: إِذا جَاءَ الرَّجُلُ عُرْياناً فَهُوَ البُهْصُل والضَّيْكَل.
بهكل: امرأَة بَهْكَلَة وبَهْكَنَة: غَضَّةٌ، وَهِيَ ذَاتُ شَباب بَهْكَنٍ أَي غَضٍّ، قَالَ: وربما قالوا بَهْكَل؛ قال الشَّاعِرُ:
وكَفَلٍ مِثْلِ الكَثِيبِ الأَهْيَل، ... رُعْبُوبَة ذَاتُ شَبَابٍ بَهْكَل
بول: البَوْل: وَاحِدُ الأَبْوَال، بَالَ الإِنسانُ وغيرُه يَبُولُ بَوْلًا؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ:
بَالَ سُهَيْلٌ فِي الفَضِيخِ فَفَسَد(11/73)
وَالِاسْمُ البِيلَة كالجِلْسة والرِّكْبة. وكَثْرَةُ الشَّرابِ مَبْوَلَة، بِالْفَتْحِ. والمِبْوَلَة، بِالْكَسْرِ: كُوزٌ يُبال فِيهِ. وَيُقَالُ: لنُبِيلَنَّ الخَيْلَ فِي عَرَصاتكم؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
وإِنَّ الَّذِي يَسْعَى ليُفْسِدَ زَوْجَتِي، ... كسَاعٍ إِلى أُسْدِ الشَّرَى يَسْتَبِيلُها
أَي يأْخذ بَوْلَها فِي يَدِهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرة الْيَرْبُوعِيِّ وَقَالَ: أَنشده ثَعْلَبٌ:
كأَنَّهُمُ، إِذ يَعْصِرون فُظُوظَها ... بِدَجْلة أَو فَيْض الأُبُلَّةِ، مَوْرِدُ
إِذا مَا اسْتَبَالُوا الخَيْلَ، كَانَتْ أَكُفُّهم ... وَقائِعَ للأَبْوَالِ، والماءُ أَبْرَدُ
يَقُولُ: كَانَتْ أَكُفُّهم وَقائع حِينَ بَالَتْ فِيهَا الْخَيْلُ، والوَقَائع نُقَرٌ، يَقُولُ: كأَنَّ مَاءَ هَذِهِ الفُظُوظ مِنْ دَجْلة أَو فَيْضِ الفُرَات. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ نَامَ حَتَّى أَصبح بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنه
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ سَخِر مِنْهُ وظَهَر عَلَيْهِ حَتَّى نَامَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
بَالَ سُهَيْل فِي الفَضِيخِ فَفَسَد
أَي لَمَّا كَانَ الفَضِيخ يَفْسُد بِطُلُوعِ سُهَيْل كَانَ ظُهورُه عَلَيْهِ مُفْسِداً لَهُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ
الْحَسَنِ مُرْسَلًا أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: فإِذا نَامَ شَغَر الشيطانُ برجْله فبَالَ فِي أُذنه.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: كَفَى بِالرَّجُلِ شَرًّا أَن يَبُولَ الشيطانُ فِي أُذنيه
، قَالَ: وَكُلُّ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَالتَّمْثِيلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه خَرَجَ يُرِيدُ حَاجَةً فاتَّبعه بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: تَنَحَّ فإِن كُلَّ بَائِلَةٍ تُفيخُ
أَي مَنْ يَبُولُ يَخْرُجُ مِنْهُ الرِّيحُ، وأَنَّثَ الْبَائِلَةَ ذِهَابًا إِلى النَّفْسِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ ورأَى أَسْلَمَ يَحْمِلُ مَتَاعَهُ عَلَى بَعِيرٍ مِنْ إِبل الصَّدَقَةِ قَالَ: فَهَلَّا نَاقَةً شَصُوصاً أَو ابنَ لَبُون بَوَّالًا؟
وَصَفَهُ بِالْبَوْلِ تَحْقِيرًا لشأْنه وأَنه لَيْسَ عِنْدَهُ ظَهْرٌ يُرْغَب فِيهِ لقُوَّة حَمْله وَلَا ضَرْعٌ فيُحْلَبَ وإِنما هُوَ بَوَّال. وأَخَذَهُ بُوَال، بِالضَّمِّ، إِذا جَعَلَ البولُ يَعْتَرِيهِ كَثِيرًا. ابْنُ سِيدَهْ: البُوَال دَاءٌ يَكْثُرُ مِنْهُ البَوْل. وَرَجُلٌ بُوَلَة: كَثِيرُ البَوْل، يطَّرد عَلَى هَذَا بَابٌ. وإِنَّه لحَسن البِيلَة: مِنَ البَوْل. والبَوْلُ: الولَد. ابْنُ الأَعرابي عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: الرَّجُلُ يَبُولُ بَوْلًا شَرِيفاً فاخِراً إِذا وُلِدَ لَهُ وَلدٌ يُشْبِهُهُ. والبَالُ: الْحَالُ والشأْن؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فبِتْنا عَلى مَا خَيَّلَتْ ناعِمَيْ بَالٍ
وَفِي الْحَدِيثِ:
كُلُّ أَمر ذِي بَالٍ لَا يُبْدأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَبتر
؛ البَالُ: الْحَالُ والشأْن. وأَمر ذُو بَالٍ أَي شريفٌ يُحْتَفل لَهُ ويُهْتَمُّ بِهِ. والبَالُ فِي غَيْرِ هَذَا: القَلْبُ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
الأَحنف: نُعِيَ لَهُ فُلَانٌ الحَنْظَلي فَمَا أَلْقَى لَهُ بَالًا
أَي مَا اسْتَمَعَ إِليه وَلَا جَعَلَ قَلْبَهُ نَحْوَهُ. والبَال: الْخَاطِرُ. والبَال: المَرُّ الَّذِي يُعْتَمَل بِهِ فِي أَرض الزَّرْعِ. والبَالُ: سَمَكة غَلِيظَةٌ تُدْعَى جَمَل البحرِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: سَمَكة عَظِيمَةٌ فِي الْبَحْرِ، قَالَ: وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: البَالُ الحُوت الْعَظِيمُ مِنْ حِيتَانِ الْبَحْرِ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. والبَال: رَخَاء العَيْش «1» ، يُقَالُ: فُلَانٌ فِي بالٍ رَخِيٍّ ولَبَب رَخِيٍّ أَي فِي سَعَة وخِصْبٍ وأَمْنٍ، وإِنه لَرَخِيُّ البَالِ وَنَاعِمُ البَالِ.
__________
(1) . كتب هنا بهامش الأَصل: في نسخة رخاء النفس(11/74)
يُقَالُ: مَا بَالُك؟ والبالُ: الأَمَل. يُقَالُ: فُلَانٌ كاسِفُ البَال، وكُسُوف بَاله: أَن يُضَيَّقَ عَلَيْهِ أَمله. وَهُوَ رَخِيُّ البَال إِذا لَمْ يَشْتَدَّ عَلَيْهِ الأَمر وَلَمْ يَكْتَرِثْ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ
، أَي حَالَهُمْ فِي الدُّنْيَا. وَفِي الْمُحْكَمِ: أَي يُصْلح أَمر مَعَاشِهِمْ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يُجَازِيهِمْ بِهِ فِي الْآخِرَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنا عَلَى هَذِهِ الأَلف بِالْوَاوِ لأَنها عَيْن مَعَ كثرة [ب ول] وَقِلَّةِ [ب ي ل] . والبالُ: القَلْبُ. وَمِنْ أَسْماء النَّفْسِ البَالُ. والبَالُ: بَالُ النَّفْسِ وَهُوَ الِاكْتِرَاثُ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ بَالَيْت، وَلَمْ يَخْطُر بِبَالِي ذَلِكَ الأَمر أَي لَمْ يَكْرِثْني. وَيُقَالُ: مَا يَخْطِرُ فُلَانٌ بِبَالِي. وَقَوْلُهُمْ: لَيْسَ هَذَا مِنْ بَالِي أَي مِمَّا أُباليه، وَالْمَصْدَرُ البَالَةُ. وَمِنْ كَلَامِ الْحَسَنِ: لَمْ يُبَالِهم اللهُ بَالَةً. وَيُقَالُ: لَمْ أُبَالِ وَلَمْ أُبَلْ، عَلَى الْقَصْرِ؛ وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:
لَقَدْ بَالَيْتُ مَظْعَنَ أُمِّ أَوْفَى، ... ولكنْ أُمُّ أَوْفَى لَا تُبَالي
بَالَيْتُ: كَرِهت، وَلَا تُبَالِي: لَا تَكْرَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَخْرَجَ مِنْ صُلْب آدَمَ ذُرِّيّة فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي، ثُمَّ أَخرج ذُرِّيّة فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي النار وَلَا أُبَالِي
أَي لَا أَكره. وَهُمَا يَتَبَالِيَان أَي يَتَبارَيان؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وتَبَالَيَا فِي الشَّدِّ أَيَّ تَبَالِي
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
مَا لِي أَراك قَائِمًا تُبَالِي، ... وأَنْتَ قدْ مُتَّ مِنَ الهُزالِ؟
قَالَ: تُبَالِي تَنْظُر أَيُّهم أَحْسَنُ بَالًا وأَنت هَالِكٌ. يُقَالُ: المُبَالاة فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَتَكُونُ المُبَالاة الصَّبْرَ. وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ: مَا أُبَالِيه بَالَةً فِي الْمُعْتَلِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والبَال المُبالاة؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أَغَدْواً واعَدَ الحَيُّ الزِّيالا، ... وسَوْقاً لَمْ يُبَالُوا العَيْنَ بَالا؟
والبَالَة: القارُورة والجِرَاب، وَقِيلَ: وِعاء الطِّيب، فَارِسِيٌّ مُعرَّب أَصله پاله. التَّهْذِيبُ: البَالُ جَمْعُ بَالَة وَهِيَ الجِرَاب الضَّخْم؛ قَالَ الجوهري: أَصله بالفارسية پيله؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
كأَنَّ عَلَيْهَا بَالَةً لَطَمِيَّةً، ... لَهَا مِنْ خِلال الدَّأْيَتَينِ أَرِيجُ
وَقَالَ أَيضاً:
فأُقْسِمُ مَا إِنْ بَالَةٌ لَطَمِيّةٌ ... يَفُوحُ بِبَابِ الفَارِسِيِّينَ بابُها
أَراد بَابَ هَذِهِ اللَّطِيمة قَالَ: وقيل هي بالفارسية پيله الَّتِي فِيهَا المِسْك فأَلف بَالَة عَلَى هَذَا يَاءٌ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: البَالَة الرَّائِحَةُ والشَّمَّة، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ بَلَوْتُهُ إِذا شَمَمْتَهُ وَاخْتَبَرْتَهُ، وإِنما كَانَ أَصلها بَلَوَة وَلَكِنَّهُ قَدَّم الْوَاوَ قَبْلَ اللَّامِ فَصَيَّرها أَلفاً، كَقَوْلِكَ قاعَ وقَعَا؛ أَلا تَرَى أَن ذَا الرُّمَّةِ يَقُولُ:
بأَصْفَرَ وَرْد آلَ، حتَّى كأَنَّما ... يَسُوفُ بِهِ الْبَالِي عُصارَةَ خَرْدَل
أَلا تَرَاهُ جَعَلَه يَبْلُوه؟ والبالُ: جَمْعُ بَالَةٍ وَهِيَ عَصاً فِيهَا زُجٌّ تَكُونُ مَعَ صَيّادي أَهل الْبَصْرَةِ، يَقُولُونَ: قَدْ أَمكنك الصيدُ فأَلْقِ البَالَة. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: أَنه كَرِهَ ضَرْبَ البَالَة
؛ هِيَ بِالتَّخْفِيفِ، حَديدة يُصَادُ بِهَا السَّمَكُ، يُقَالُ لِلصَّيَّادِ: ارْمِ بِهَا فَمَا خَرَجَ فَهُوَ لِي بِكَذَا، وإِنما كَرِهَهُ لأَنه غَرَرٌ وَمَجْهُولٌ.(11/75)
وبَوْلان: حيٌّ مِنْ طَيِءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَطِيفَة بَوْلانِيَّة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى بَوْلان اسْمُ مَوْضِعٍ كَانَ يَسْرِق فِيهِ الأَعْرابُ متاعَ الحاجِّ، قَالَ: وبَوْلان أَيْضاً فِي أَنساب العرب.
بيل: بِيل: نَهْر، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل التاء المثناة فوقها
تأل: ابْنُ الأَعرابي: التُّؤلة، بِالضَّمِّ وَالْهَمْزِ، الدَّاهِيَةُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ بالدُّؤَلة والتُّؤَلة، وَهُمَا الدَّوَاهِي. وَقَالَ اللَّيْثُ: التَّأَلانُ الَّذِي كأَنه يَنْهض برأْسه إِذا مَشى يُحَرِّكه إِلى فَوْقُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا تَصْحِيفٌ فَاضِحٌ وإِنما هُوَ النَّأَلان، بِالنُّونِ، وَذَكَرَهُ اللَّيْثُ فِي أَبواب التَّاءِ فَلَزِمَ التَّنْبِيهُ عَلَى صَوَابِهِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ، وَقَدْ أَوضحناه أَيضاً في موضعه.
تبل: التَّبْل: العَدَاوة، وَالْجَمْعُ تُبُول، وَقَدْ تَبَلَنِي يَتْبُلُنِي. والتَّبْل: الحِقْد. والتَّبْل: عَدَاوَةٌ يُطْلَب بِهَا. يُقَالُ: قَدْ تَبَلَنِي فُلَانٌ وَلِي عِنْدَهُ تَبْل، وَالْجَمْعُ التُّبُول. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ تَبَلَهم الدَّهْرُ وأَتْبَلَهم أَي أَفناهم، وتَبَلَهم الدَّهْرُ تَبْلًا رَماهم بِصُروفه، ودَهْرٌ تَبْل مِنْ تَبَلَه. وتَبَلَت المرأَة فؤَادَ الرَّجُلِ تَبْلًا: كأَنما أَصابته بتَبل؛ قَالَ أَيوب بْنُ عَبَاية:
أَجَدَّ بأُمِّ البَنِينَ الرَّحِيل، ... فقَلْبُكَ صَبٌّ إِليها تَبِيل
والتَّبْل: أَن يُسْقِم الْهَوَى الإِنسان، رَجُلٌ مَتْبُولٌ؛ قَالَ الأَعشى:
أَأَنْ رَأْت رَجُلًا أَعْشَى أَضَرَّ بِهِ ... رَيْبُ المَنُون، ودهْرٌ مُتْبِلٌ خَبِلُ
وَيُرْوَى: ودَهْرٌ خابِل تَبِلٌ أَي مُسْقِم. وَفِي الصِّحَاحِ: أَي يَذْهب بالأَهل وَالْوَلَدِ. وأَصل التَّبْل التِّرَة والذَّحْلُ، يُقَالُ: تَبْلي عِنْدَ فُلَانٍ. وَيُقَالُ: أُصيب بتَبْل وَقَدْ أَتْبَلَه إِتْبَالًا؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليومَ مَتْبُول
أَي مُصاب بتَبْل، وَهُوَ الذَّحْل والعَدَاوة. يُقَالُ: قَلْب مَتْبُول إِذا غَلَبَه الحُبُّ وهَيَّمه. وتَبَلَه الحُبُّ يَتْبُلُه وأَتْبُلُهُ: أَسقمه وأَفسده، وَقِيلَ: تَبَلَه تَبْلًا ذَهَبَ بِعَقْلِهِ. والتَّابَل والتَّابِل: الفِحَا. وتَوْبَلْت القِدْر وتَبَلْتها وتَبَّلْتها: فَحَّيتُها، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَهْمِزُ التَّابِل فَيَقُولُ التأْبل، وَكَذَلِكَ كَانَ يَقُولُ تَأْبَلْت القِدْر. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهُوَ مِمَّا هُمِزَ مِنَ الأَلِفات الَّتِي لَا حَظَّ لَهَا فِي الْهَمْزِ. وتَوابِلُ القِدْر: أَفْحَاؤها، وَاحِدُهَا تَوْبَل، وَقِيلَ لِلْوَاحِدِ تَابَل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَوْبَلْت القِدْر جَعَلْتُ فِيهَا التَّوَابِلَ، بُنِي الْفِعْلُ مِنْ لَفْظِ التَّوَابِل بِزِيَادَتِهِ كَمَا بُنِي تَمنْطَق مَنْ لَفْظِ المَنْطقة بِزِيَادَتِهَا. وتُبَل: اسْمُ وَادٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
كُلَّ يَوْمٍ مَنَعُوا جامِلهم، ... ومُرِنّاتٍ كآرامِ تُبَل
وتَبَالَة: مَوْضِعٌ. وَفِي الْمَثَلِ: أَهْوَن مِنْ تَبَالةَ عَلَى الحَجّاج، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلّاه إِياها، فَلَمَّا أَتاها اسْتَحْقَرَهَا فَلَمْ يَدْخُلْهَا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فالضَّيْفُ والجارُ الجَنيبُ، كأَنَّما ... هَبَطا تَبَالة مُخْصِباً أَهْضامُها
وتَبَالَة: اسْمُ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ؛ وَمِنْهُ الْمَثَلُ السَّائِرُ: مَا حَلَلْتَ(11/76)
تَبَالَة لتَحْرِمَ الأَضْيافَ، وَهُوَ بَلَدٌ مُخْصِبٌ مَرِيعٌ. الْجَوْهَرِيُّ: تَبَالة بَلَدٌ بِالْيَمَنِ خَصْبة، بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ، وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ.
تتل: ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: التُّتْلَة القُنْفُذة.
تربل: تِرْبِل وتَرْبَل: مَوْضِعٌ.
تعل: ابْنُ الأَعرابي: التَّعَل حَرَارة الحَلْق الهائجةُ، تفرَّد به الأَزهري.
تفل: تَفَل يَتْفُلُ ويَتْفِلُ تَفْلًا: بَصَق؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَتى يَحْسُ مِنْهُ مائحُ القومِ يَتْفُلُ
وَمِنْهُ تَفْل الرَّاقِي. والتُّفْل والتُّفَال: البُصاق والزَّبَد ونحوُهما. والتَّفْل بِالْفَمِ لَا يَكُونُ إِلا وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الرِّيقِ، فإِذا كَانَ نَفْخًا بِلَا رِيقٍ فَهُوَ النَّفْث. الْجَوْهَرِيُّ: التَّفْل شَبِيهٌ بالبَزْق وَهُوَ أَقل مِنْهُ، أَوَّله البَزْق ثُمَّ التَّفْل ثُمَّ النَّفْث ثُمَّ النَّفْخ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فتَفَل فِيهِ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وتَفِل الشيءُ تَفَلًا: تغَيَّرت رَائِحَتُهُ. والتَّفَل: تَرْكُ الطِّيب. رَجُلٌ تَفِل أَي غَيْرُ مُتَطَيِّب بَيِّن التَّفَل، وامرأَة تَفِلة ومِتْفَال؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِتَخْرُجِ النِّساءُ إِلى الْمَسَاجِدِ تَفِلات
أَي تارِكات للطِّيب؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّفِلَة الَّتِي لَيْسَتْ بِمُتَطَيِّبَةٍ وَهِيَ الْمُنْتِنَةُ الرِّيحُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
إِذا مَا الضَّجِيعُ ابْتَزَّها مِنْ ثِيابها، ... تَمِيل عَلَيْهِ هَوْنَةً غيرَ مِتْفال
وأَتْفَلَه غَيْرُهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا ابنَ الَّتِي تَصَيَّدُ الوِبَارا، ... وتُتْفِلُ العَنْبَرَ والصُّوَارا
وَفِي الْحَدِيثِ:
قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنِ الحاجُّ؟ قَالَ: الشَّعِثُ التَّفِل
؛ التَّفِل: الَّذِي تَرَكَ اسْتِعْمَالَ الطِّيب مِنَ التَّفَل وَهِيَ الرِّيحُ الْكَرِيهَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: قُمْ عَنِ الشَّمْسِ فإِنها تُتْفِل الريحَ.
والتَّتْفُل والتُّتْفُل والتِّتْفَل والتَّتْفَل والتِّتْفِل: الثَّعْلبُ، وَقِيلَ جرْوُه، وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ، والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِالْهَاءِ؛ وَبَيْتُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
لَهُ أَيْطَلا ظَبْيٍ وساقَا نَعامةٍ، ... وإِرْخاءُ سِرْحانٍ وتقريبُ تَتْفُل
قَالَ: لَمْ يُرْوَ إِلَّا هَكَذَا كتَنْضُب؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الأَعراب يَقُولُونَ تُفَّل عَلَى فُعَّل؛ قَالَ وأَنشده أَي بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وعَارَةُ سِرْحانٍ وتقْريب تُفَّل
ابْنُ شُمَيْلٍ: مَا أَصاب فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ إِلا تِفْلًا طَفِيفاً أَي قَلِيلًا. والتَّتْفُل: نَبَاتٌ أَخضر فِيهِ خطبْة وَهُوَ آخِرُ مَا يَجِفُّ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَر؛ قَالَ كُرَاعٌ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ اسْمٌ تَوَالَتْ فِيهِ تاءَان غَيْرُهُ.
تلل: تَلَّه يَتُلُّه تَلًّا، فَهُوَ مَتْلُول وتَلِيل: صَرَعه، وَقِيلَ: أَلقاه عَلَى عُنقه وخَدِّه، والأَول أَعلى، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ
؛ مَعْنَى تَلَّه صَرَعه كَمَا تَقُولُ كَبَّه لِوَجْهِهِ. والتَّلِيلُ والمَتْلُول: الصَّرِيع؛ وَقَالَ قَتَادَةُ: تَلَّه للجَبِين كَبَّه لَفِيهِ وأَخذَ الشَّفْرة. وتُلَّ إِذا صُرِع؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وتَلَّهُ للجَبين مُنْعَفِراً، ... مِنْهُ مَناطُ الوَتِينِ مُنْقَضِبُ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: وترَكوك لمَتَلّك
أَي لمَصْرَعك مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ
. وَفِي الْحَدِيثِ(11/77)
الْآخَرِ:
فَجَاءَ بِنَاقَةٍ كوْماء فتَلَّها
أَي أَناخَها وأَبْرَكها. والمُتَلَّل: الصَّرِيع وَهُوَ المُشَغْزَب. وَقَوْلُ الأَعرابية: مَا لَهُ تُلَّ وغُلَّ؛ هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ، وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ: أٌلَّ وغُلَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْحِكَايَةُ فِي أُهْتِرَ. وَقَوْمٌ تَلَّى: صَرْعى؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
وأَخُو الإِنابة إِذ رأَى خُلَّانَهُ، ... تَلَّى شِفَاعاً حَوْله كالإِذْخِر
أَراد أَنهم صُرِعُوا شَفْعاً، وَذَلِكَ أَنَّ الإِذْخِر لَا يَنْبُتُ مُتَفِرِقًا وَلَا تَكَادُ تَرَاهُ إِلا شَفْعاً. وتَلَّ هُوَ يَتُلُّ ويَتِلُّ: تَصَرَّع وسقَط. والمِتَلُّ: مَا تَلَّه بِهِ. والمِتَلُّ: الشَّدِيدُ. ورُمْحٌ مِتَلٌّ: يُتَلُّ بِهِ أَي يُصْرع بِهِ، وَقِيلَ: قَوِيٌّ مُنْتَصِبٌ غَلِيظٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
رَابِطُ الجَأْشِ عَلَى فَرْجهم، ... أَعْطِفُ الجَوْنَ بمَرْبُوعٍ مِتَلُ
المِتَلُّ: الَّذِي يُتَلُّ بِهِ أَي يُصْرَع بِهِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مِتَلٌّ شَدِيدٌ أَي وَمَعِي رُمْح مِتَلٌّ، والجَوْن: فَرَسه. وَقَالَ شَمِرٌ: أَراد بالجَوْن جَمَله، والمَرْبوع جَرِيرٌ ضُفِرَ عَلَى أَربع قُوًى؛ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ فِي مَعْنَى الْبَيْتِ أَي أَعْطِفه بعِنَانٍ شَدِيدٍ مِنْ أَربع قُوًى؛ وَقِيلَ: بِرُمْحٍ مَرْبُوعٍ لَا طَوِيلٍ وَلَا قَصِيرٍ. وَرَجُلٌ تُلاتِلٌ: قَصِيرٌ. ورُمْحٌ مِتَلٌّ: غَلِيظٌ شَدِيدٌ، وَهُوَ العُرُدُّ أَيضاً؛ وَكُلُّ شيءٍ أَلقيته إِلى الأَرض مِمَّا لَهُ جُثَّة، فَقَدَ تَلَلْته. وتَلَّ يَتُلُّ وَيَتِلُّ إِذا صَبَّ. وتَلَّ يَتُلُّ [يَتِلُ] إِذا سَقَطَ. والتَّلَّة: الصَّبَّة. والتَّلَّة: الضَّجْعة والكَسَل.
وَقَوْلُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نُصِرْت بالرُّعْب وأُوتيت جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وبَيْنَا أَنا نَائِمٌ أُتِيت بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرض فتُلَّت فِي يَدِي
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِهِ: أُلقيت فِي يَدِي، وَقِيلَ: التَّلُّ الصَّبُّ فَاسْتَعَارَهُ للإِلقاء. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: صُبَّت فِي يَدِي، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وتأْويل قَوْلِهِ أُتِيت بمفاتيح خزائن الأَرض فتُلَّت فِي يَدِي؛ هُوَ مَا فَتَحَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لأُمته بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ خَزَائِنِ مُلُوكِ الفُرْس وَمُلُوكِ الشَّامِ وَمَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْبِلَادِ، حَقَّقَ اللَّهُ رُؤْيَاهُ الَّتِي رَآهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ لَدُن خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلى يَوْمِنَا هَذَا؛ هَذَا قَوْلُ أَبِي مَنْصُورٍ، رَحِمَهُ الله، والذي نقول نَحْنُ فِي يَوْمِنَا هَذَا: إِنا نَرْغَبُ إِلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَتَضَرَّعُ إِليه فِي نُصْرَةِ مِلَّتِهِ وإِعْزاز أُمته وإِظهار شَرِيعَتِهِ، وأَن يُبْقِي لَهُمْ هِبَة تأْويل هَذَا الْمَنَامِ، وأَن يُعِيدَ عَلَيْهِمْ بِقُوَّتِهِ مَا عَدَا عَلَيْهِ الْكُفَّارُ للإِسلام بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الْمَشَايِخُ، فَقَالَ: أَتأْذن لِي أَن أُعطي هؤُلاء؟ فَقَالَ: والله لَا أُوثر بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحداً فَتَلَّه رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي يَدِهِ
أَي أَلقاه. والتَّلُّ مِنَ التُّرَابِ: مَعْرُوفٌ وَاحِدُ التِّلال، وَلَمْ يُفَسِّرِ ابْنُ دُرَيْدٍ التَّلّ مِنَ التُّرَابِ. والتَّلُّ مِنَ الرَّمل: كَوْمَة مِنْهُ، وَكِلَاهُمَا مِنَ التَّلِّ الَّذِي هُوَ إِلقاء كُلِّ جُثَّة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْجَمْعُ أَتْلال؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
والفُوفُ تَنْسُجُه [تَنْسِجُه] الدَّبُورُ، وأَتْلالٌ ... مُلَمَّعَة القَرَا شُقْرُ
والتَّلُّ: الرَّابِيَةُ، وَقِيلَ: التَّلُّ الرَّابِيَةُ مِنَ التُّرَابِ مَكْبُوسًا لَيْسَ خِلْقَةً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا غَلَطٌ، التِّلال عِنْدَ الْعَرَبِ الرَّوَابِي الْمَخْلُوقَةُ. ابْنُ شُمَيْلٍ:(11/78)
التَّلُّ مِنْ صِغَارِ الْآكَامِ، والتَّلُّ طُولُهُ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الْبَيْتِ وعَرْض ظَهْره نَحْوُ عَشَرَةِ أَذرع، وَهُوَ أَصغر مِنَ الأَكَمة وأَقل حِجَارَةً مِنَ الأَكَمة، وَلَا يُنْبِت التَّلُّ حُرّاً، وَحِجَارَةُ التَّلِّ غاصٌّ بعضُها بِبَعْضٍ مِثْلُ حِجَارَةِ الأَكَمة سَوَاءٌ. والتَّلِيل: العُنُق؛ قَالَ لَبِيدٌ:
تَتَّقِيني بِتَليلٍ ذِي خُصَل
أَي بعُنُق ذِي خُصَل مِنَ الشَّعْرِ، وَالْجَمْعُ أَتِلَّة وتُلُل وتَلائِل. والمِتَلُّ: الشَّدِيدُ مِنَ النَّاسِ والإِبل. وَرَجُلٌ مِتَلٌّ إِذا كَانَ غَلِيظًا شَدِيدًا. وَرَجُلٌ مِتَلٌّ: مُنْتَصِبٌ فِي الصَّلَاةِ؛ وأَنشد:
رِجالٌ يَتُلُّون الصَّلاةَ قِيام
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا خطأٌ وإِنما هُوَ:
رِجَالٌ يُتَلُّون الصلاةَ قِيَامُ
مَنْ تَلَّى يُتَلِّي إِذا أَتْبَع الصلاةَ الصلاةَ؛ قَالَ شَمِرٌ: تَلَّى فُلَانٌ صلاتَه الْمَكْتُوبَةَ بِالتَّطَوُّعِ أَي أَتْبَع؛ قَالَ البُعَيْث:
عَلَى ظَهْرِ عادِيٍّ كأَنَّ أُرُومَه ... رِجالٌ، يُتَلُّون الصَّلاة، قِيامُ
وَقَوْلُهُ أَنشده سِيبَوَيْهِ:
طَوِيل مِتَلِّ العُنْقِ أَشْرَف كاهِلًا ... أَشَقّ رَحيب الجَوفِ مُعْتَدِلُ الْجِرْمِ
عَنى مَا انْتَصَبَ مِنْهُ. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ بِتِلَّة سُوءٍ إِنما هُوَ كَقَوْلِهِمْ بِبِيئة سُوء أَي بِحَالَةِ سُوءٍ. وثَلَطَه بِتِلَّة سُوءٍ أَي رَمَاهُ بأَمر قَبِيحٍ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَبَاتَ بِتِلَّة سُوءٍ أَي بِحَالَةِ سُوءٍ. والتَّلُّ: صَبُّ الحَبْل فِي الْبِئْرِ عِنْدَ الِاسْتِقَاءِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
يَومانِ: يَوْمُ نِعْمَةٍ وظِلِّ، ... ويَوْمُ تَلّ مَحِصٍ مُبْتَلِ
وتَلَّ جَبِينُه يَتِلُّ تَلًّا: رَشَح بالعَرَق، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْحَوْضُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: يُقَالُ إِن جَبِينَهُ ليَتِلُّ أَشد التَّلِّ، وَحَكَى: مَا هَذِهِ التِّلَّة بِفِيكَ أَي البِلَّة؟ وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ أَبو السَّمَيْدَع فَقَالَ: التَّلَل والبَلَل والتِّلَّة والبِلَّة شَيْءٌ وَاحِدٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا عِنْدِي مِنْ قَوْلِهِمْ تَلَّ أَي صَبَّ، وَمِنْهُ قِيلَ للمِشْرَبة التَّلْتَلَة لأَنه يُصَبُّ مَا فِيهَا فِي الحَلْق. والتَّلْتَلة: مِشْرَبة مِنْ قِشْرِ الطَّلْعة يُشْرب فِيهِ النَّبِيذُ، وَفِي الصِّحَاحِ: تُتَّخذ مِنْ قِيقَاءة الطَّلْع. والتَّلْتَلَة: التَّحْرِيكُ والإِقْلاق. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ تَرَرَ: التَّرْتَرة أَن تُحَرِّك وتُزَعْزِع، قَالَ: وَهِيَ التَّرْتَرة والتَّلْتَلة والمَزْمَزة؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ جَمَلًا:
بَعِيدُ مَسَافِ الخَطْوِ عَوْجٌ شَمَرْدَلٌ، ... يُقَطِّعُ أَنفاسَ المَهَاري تَلاتِلُه
وتَلْتَلَهُ أَي زَعْزَعه وأَقْلَقه وزَلْزَله. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أُتِيَ بِشَارِبٍ فَقَالَ تَلْتِلُوه
؛ هُوَ أَن يُحَرَّك ويُسْتَنْكَه ليُعْلَم أَشرب أَم لَا، وَهُوَ فِي الأَصل السَّوْق بعُنْف. وتَلْتَلَ الرجلُ: عَنُف بسَوْقه. والتَّلْتَلَة: الشِّدَّة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وإِن تَشَكَّى الأَيْنَ والتَّلاتِلا
أَبو تُرَابٍ: البَلابِل والتَّلاتِلُ الشَّدَائِدُ مِثْلُ الزَّلَازِلِ؛(11/79)
وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاعِي:
واخْتَلَّ ذُو الْمَالِ والمُثْرُونَ قَدْ بَقِيَتْ، ... عَلَى التَّلاتِل مِنْ أَموالهم، عُقَدُ
والتَّلَّة والتَّلْتَلَة: مِنْ وصْف الإِبل. وتَلَّهُ فِي يَدَيْهِ: دَفَعَهُ إِليه سَلَماً، وَرَجُلٌ ضَالٌّ تَالٌّ آلٌّ، وَقَدْ ضَلِلْت وتَلِلْت ضَلالة وتَلالة، وَجَاءَ بالضَّلالة والتَّلالة والأَلالة، وَهُوَ الضَّلال بْنُ التَّلال؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكُلُّ ذَلِكَ إِتباع. وَقَوْلُهُمْ: ذَهَبَ يُتَالُّ أَي يَطْلُبُ لِفَرَسِهِ فَحْلًا وَهُوَ يُفاعِل؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي حَوَاشِيهِ هَذَا الْبَيْتَ وَلَمْ يُفْصِح عَمَّا اسْتَشْهَدَ بِهِ عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَالَ النَّضْرِيُّ:
لَقَدْ غَنِينا تَلَّةً مِنْ عَيْشِنا ... بحَنَاتمٍ مملوءةٍ وزِقَاق
وتَلَّى وتِلَّى: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَلا تَرَى مَا حَلَّ دُونَ المَقْرَب، ... مِنْ نَعْفِ تَلَّى، فدِبابِ الأَخْشَب؟
وتَلْتَلَة بَهْراء: كَسْرُهم تَاءَ تِفْعلون يَقُولُونَ تِعْلَمون وتِشْهَدون وَنَحْوُهُ، وَاللَّهُ أَعلم.
تمل: التُّمَيْلَة: دُويبَّة بِالْحِجَازِ عَلَى قَدْرِ الهِرَّة، وَالْجَمْعُ تِمْلانٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الْجَمْعُ التُّمَيْلات. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ التُّفَّة والتُّمَيلَة لعَناق الأَرض، وَيُقَالُ لذَكرها الفُنْجُل. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: التُّمْلُول القُنَّابَرَى، بِتَشْدِيدِ النُّونِ. ابْنُ سِيدَهْ: والتُّمْلُول البَرْغَشْت، أَعجمي، وَهُوَ الغُمْلول والقُنَّابرى بِالنَّبَطِيَّةِ. والتَّامُول: نَبْت كالقَرْع، وَقِيلَ: التَّامُول نَبْتٌ طيِّب الرِّيحِ يُنْبِتُ نَبَاتَ اللُّوبياء، طَعْمُه طَعم القَرَنْفُل يُمْضَغ فيُطَيِّب النَّكْهة، وَهُوَ بِبِلَادِ الْعَرَبِ مِنْ أَرض عُمَان كثير.
تمأل: المُتْمَئِلُّ: الطَّوِيلُ الْمُنْتَصِبُ. وَقَدِ اتْمَهَلَّ سَنَامُ الْبَعِيرِ واتْمَأَلَّ إِذا اسْتَوَى وَانْتَصَبَ، فَهُوَ مُتْمَئِلٌّ ومُتْمَهِلٌّ. واتمَأَلَّ الشَّيْءُ أَي طَالَ واشتدَّ.
تمهل: أَبو زَيْدٍ: المُتْمَهِلُّ الْمُعْتَدِلُ. وَقَدِ اتْمَهَلَّ سَنامُ الْبَعِيرِ واتْمَأَلَّ إِذا اسْتَوَى وَانْتَصَبَ، فَهُوَ مُتْمَئِلٌّ ومُتْمَهِلٌّ. الْجَوْهَرِيُّ: اتْمَهَلَّ الشَّيْءُ اتْمِهْلالًا أَي طَالَ، وَيُقَالُ اعْتَدَلَ، وَكَذَلِكَ اتْمَأَلَّ واتْمَأَرَّ أَي طال واشتَدَّ.
تنبل: ابْنُ سِيدَهْ: التِّنْبال والتِّنْبَل والتِّنْبَالَة الرَّجُل القَصِير، رباعيٌّ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ لأَن التَّاءَ لَا تُزَادُ أَوَّلًا إِلا بثَبَت، وَكَذَلِكَ النُّونُ لَا تُزَادُ ثَانِيَةً إِلا بِذَلِكَ، وَعِنْدَ ثَعْلَبٍ ثُلَاثِيٌّ، وَذَهَبَ إِلى زِيَادَةِ التَّاءِ، ويَشْتَقُّه مِنَ النَّبَل الَّذِي هُوَ الصِّغَرُ، وَرَوَاهُ أَبو تُرَابٍ فِي بَابِ الْبَاءِ وَالتَّاءِ مِنَ الِاعْتِقَابِ، وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي الثُّلَاثِيِّ، وجَمْعه التَّنَابِيل؛ وأَنشد شَمِرٌ لِكَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
يَمْشُون مَشْيَ الجِمال الزُّهْرِ يَعْصِمُهُم ... ضَرْبٌ، إِذا عَرَّدَ السُّودُ التَّنَابِيل
أَي القِصَار. والتُّنْبُول: كالتِّنْبَال. وتَنْبَل: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَخطل:
عَفَا واسِطٌ مِنْ آلِ رَضْوَى فتَنْبَلُ، ... فمُجْتَمَعُ الحُرَّيْن فالصَّبرُ أَجْمَلُ «2» .
تنتل: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: إِذا مَذِرَت البَيْضة فَهِيَ التَّنْتَلة. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: تَنتَل الرجلُ إِذا تَقَذَّر بَعْدَ تَنْظِيفٍ، وتَنْتَل إِذا تَحامَق بعد تَعاقُل.
__________
(2) . قوله [عفا واسط إلخ] أورده ياقوت في المعجم: بلفظ نبتل، بالنون أوله ثم الموحدة(11/80)
تنطل: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: التَّنْطُلُ «1» القُطْن؛ قَالَ:
ومَسَحْتُ أَسْفَل بطنِها كالتَّنْطُل
تول: التُّوَلَة: الدَّاهِيَةُ، وَقِيلَ: هِيَ بِالْهَمْزِ، يُقَالُ: جَاءَنَا بتُولاته ودُولاته وَهِيَ الدَّوَاهِي. ابْنُ الأَعرابي: إِن فُلَانًا لَذُو تُولات إِذا كَانَ ذَا لُطْف وتَأَتٍّ حَتَّى كأَنه يَسْحَر صَاحِبَهُ. وَيُقَالُ: تُلْتُ بِهِ أَي دُهِيتُ ومُنِيت؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تُلْتُ بساقٍ صَادِقِ المَرِيسِ
وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ: قَالَ
أَبو جَهْلٍ إِن اللَّهَ قَدْ أَراد بِقُرَيْشٍ التُّوَلة
؛ هِيَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ الدَّاهِيَةُ، قَالَ: وَقَدْ تُهْمَزُ. والتُّوَلة والتِّوَلة: ضَرْب مِنَ الخَرَز يُوضَعُ للسِّحْر فتُحَبَّب بِهَا المرأَةُ إِلى زَوْجِهَا، وَقِيلَ: هِيَ مَعَاذَة تُعَلَّق عَلَى الإِنسان، قَالَ الْخَلِيلُ: التِّوَلة والتُّولة، بِكَسْرِ التَّاءِ وَضَمِّهَا، شَبِيهَةٌ بالسِّحر. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ الْقَزَّازِ: التُّوَلة والتِّوَلة السِّحْر. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: التِّوَلَة والتَّمَائم والرُّقَى مِنَ الشِّرْك
؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد بالتَّمائم والرُّقَى مَا كَانَ بِغَيْرِ لِسَانِ الْعَرَبِيَّةِ مِمَّا لَا يُدْرَى مَا هُوَ، فأَما الَّذِي يُحَبِّب المرأَةَ إِلى زَوْجِهَا فَهُوَ مِنَ السِّحْر. والتِّوَلة، بِكَسْرِ التَّاءِ: هُوَ الَّذِي يُحَبِّب المرأَة إِلى زَوْجِهَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: التِّوَلَة الَّذِي يُحَبِّب بَيْنَ الرَّجُلِ والمرأَة، صِفَةٌ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ شيء طِيَبَة؛ قال ابْنُ الأَثير: التِّوَلة، بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ، مَا يُحَبِّب المرأَة إِلى زَوْجِهَا مِنَ السِّحْر وَغَيْرِهِ، جَعَلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنَ الشِّرْك لِاعْتِقَادِهِمْ أَن ذَلِكَ يُؤَثِّرُ وَيَفْعَلُ خِلَافَ مَا يُقَدِّرُه اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ الأَعرابي: تَالَ يَتُولُ إِذا عَالَجَ التِّوَلة وَهِيَ السِّحْر. أَبو صَاعِدٍ: تَوِيلةٌ مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعَةٌ جَاءَتْ مِنْ بُيُوت وصِبْيان وَمَالٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: التَّالُ صِغارُ النَّخْل وفَسِيله، الْوَاحِدَةُ تَالَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَفْتِنا فِي دَابَّةٍ تَرْعى الشَّجر وَتَشْرَبُ الْمَاءَ فِي كَرِش لَمْ تُثْغَر، قَالَ: تِلْكَ عِنْدَنَا الفَطِيمُ والتَّوْلَة والجَذَعة
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَكَذَا رُوِيَ، قَالَ: وإِنما هُوَ التِّلْوة، يُقَالُ للجَدْيِ إِذا فُطِم وتَبِعَ أُمَّه تِلْوٌ، والأُنثى تِلْوَة، والأُمهات حِينَئِذٍ المَتَالي، فَتَكُونُ الْكَلِمَةُ مِنْ بَابِ تَلَا لَا تَوَلَ، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الثاء المثلثة
ثأل: الثُّؤْلُول: وَاحِدُ الثَّآلِيل. الْمُحْكَمُ: الثُّؤْلُول خُرَاجٌ، وَقَدْ ثُؤْلِلَ الرجلُ وَقَدْ تَثَأْلَلَ جسدُه بالثَّآلِيل. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ:
كأَنه ثَآلِيل
؛ الثآلِيل: جَمْعُ ثُؤْلُول وَهُوَ الحَبَّة تَظْهَرُ فِي الجِلد كالحِمَّصة فَمَا دُونَهَا. والثُّؤْلُول: حَلَمَة الثَّدْيِ؛ عَنْ كُرَاعٍ فِي الْمُنَجَّدِ، والله أَعلم.
ثبل: الأَزهري: أَهمله اللَّيْثُ. ابْنُ الأَعرابي: الثُّبْلة البَقِيَّة والبُثْلة الشُّهْرة، قَالَ: وَهُمَا حَرْفَانِ عَرَبِيَّانِ جُعِلت الثُّبْلة بمنزل الثُّمْلة.
ثتل: الثَّيْتَل: الوَعِل عَامَّةً، وَقِيلَ: هُوَ المُسِنُّ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ ذَكَرُ الأَرْوَى، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لسُرَاقة الْبَارَقِيِّ:
عَمْداً جَعَلْت ابنَ الزُّبَيْرِ لذَنْبه، ... يَعْدُو وراءَهمُ كعَدْوِ الثَّيْتَل
وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: فِي الثَّيْتَل بَقَرةٌ
؛ هُوَ الذَّكَرُ المُسِنُّ مِنَ الوُعُول وَهُوَ التَّيْسُ الْجَبَلِيُّ يعني إِذا صاده
__________
(1) . قوله [التنطل] كذا وقع في الأَصل غير مضبوط مع ضبطه في الشاهد كما ترى، ومقتضى ذكره في الرباعي أصالة التاء والنون فيه، وقد استدركه شارح القاموس ولم يتعرض لوزنه(11/81)
المُحْرِم وَجَبَ عَلَيْهِ بقرةٌ فِداءً. ابْنُ شُمَيْلٍ: الثَّيَاتِل تَكُونُ صِغارَ القُرون، والثَّيْتَل أَيضاً جِنْس مِنْ بَقَر الْوَحْشِ يَنْزِلُ الجبالَ. قَالَ أَبو خيرة: الثَّيْتَل مِنَ الْوُعُولِ لَا يَبْرَح الجَبَلَ ولقَرْنَيْه شُعَبٌ؛ قَالَ: والوُعُولُ عَلَى حِدَةٍ، الوُعول كُدْرُ الأَلوان فِي أَسافلها بَيَاضٌ، والثَّيَاتِل مِثْلُهَا فِي أَلوانها وإِنما فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْقُرُونُ، الوَعِل قَرْنَاهُ طَوِيلَانِ عَدَا قَراه «1» حَتَّى يُجاوِزَ صَلَوَيْه يَلتقيان مِنْ حَوْلِ ذَنَبه مِنْ أَعلاه؛ وأَنشد شِمْرٌ لأُمية بْنِ أَبي الصَّلْتِ:
والتَّمَاسِيحُ والثَّيَاتِلُ والإِيْيَلُ ... شَتَّى، والرِّيمُ واليَعْفُورُ
ابْنُ السِّكِّيتِ: أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِخَداش:
فإِني امْرُؤٌ مِنْ بَنِي عامِرٍ، ... وإِنَّكِ دَاريَّة ثَيْتَل
ابْنُ سِيدَهْ: وثَيْتَل اسْمُ جَبَلٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: الثَّيْتَل اسْمُ جَبَلٍ. أَبو عَمْرٍو: الثَّيْتَل الضَّخْم مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي تَظُن أَن فِيهِ خَيْرًا وَلَيْسَ فِيهِ خَيْرٌ، وَرَوَاهُ الأَصمعي تَنْتَلُ. ابْنُ سِيدَهْ: والثَّيْتَل ضَرْبٌ مِنَ الطِّيب زَعَموا، والله أَعلم.
ثجل: الثَّجَل: عِظَمُ البَطْن وَاسْتِرْخَاؤُهُ، وَقِيلَ: هُوَ خُرُوجُ الْخَاصِرَتَيْنِ، ثَجِل ثَجَلًا وَهُوَ أَثْجَلَ. والمُثَجَّلُ: كالأَثْجَل؛ قَالَ:
لَا هِجْرَعاً رَخْواً وَلَا مُثَجَّلا
وَفِي حَدِيثِ
أُم عَبْدٍ فِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمْ تُزْرِ بِهِ ثُجْلة
أَي ضِخَمُ بَطْن، وَيُرْوَى بِالنُّونِ وَالْحَاءِ، أَي نُحُول ودِقَّة. الْجَوْهَرِيُّ: الثُّجْلة، بِالضَّمِّ، عِظَم الْبَطْنِ وسَعَتُه. رَجُلٌ أَثْجَل بَيِّن الثَّجَل وامرأَة ثَجْلاء وجُلَّة ثَجْلاء عَظِيمَةٌ؛ قَالَ:
باتُوا يُعَشُّون القُطَيْعاءَ ضَيْفَهُم، ... وعِنْدهم البَرْنِيُّ فِي جُلَلٍ ثُجْل
ومَزَادة ثَجْلاء: عَظِيمَةٌ وَاسِعَةٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
تَمْشي مِنَ الرِّدَّةِ مَشْيَ الحُفَّل، ... مَشْيَ الرَّوَابا بالمَزَادِ الأَثْجَل
وَقَدْ رُوِيَ بِالنُّونِ، يُرَادُ بِهِ الْوَاسِعُ. والأَثْجَل: الْقِطْعَةُ الضَّخْمة مِنَ اللَّيْلِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وأَقْطَعُ الأَثْجَلَ بَعْدَ الأَثْجَل
وَشَيْءٌ مُثَجَّل أَي ضَخْم. وَقَوْلُهُمْ: طَعَنَ فلانٌ فُلَانًا الأَثْجَلَينِ «2» أَي رَمَاهُ بِدَاهِيَةٍ مِنَ الكلام.
ثرطل: الثَّرْطَلة: الِاسْتِرْخَاءُ. ومَرَّ مُثَرْطِلًا إِذا مَرَّ يسْحب ثيابه.
ثرعل: الثُّرْعُلة: الرِّيشُ الْمُجْتَمِعُ على عنق الديك.
ثرغل: الثُّرْغُول: نَبْت.
ثرمل: ثَرْمَل القومُ مِنَ الطعام والشراب ما شاؤوا أَي أَكلوا. والثَّرْمَلَة: سُوءُ الأَكل وأَن لا يُبَالِي الإِنسان كَيْفَ كَانَ أَكْلُه ويُرَى الطعامُ يَتَنَاثَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ وَفَمِهِ وَيُلَطِّخُ يَدَيْهِ. وثَرْمَل الطعامَ: لَمْ يُحْسِن صِنَاعَتَهُ وَلَمْ يُنْضِجْه صانعُه وَلَمْ يَنْفُضه مِنَ الرَّمَادِ حِينَ يَمُلُّه، قَالَ: ويُعْتَذر إِلى الضَّيْفِ فَيُقَالُ قَدْ ثَرْمَلْنا لَكَ العَمل أَي لَمْ نَتَنَوَّق فِيهِ وَلَمْ نُطَيِّبه لَكَ لِمَكَانِ العَجَلة. وثَرْمَل اللحمَ: لَمْ يُنْضِجْه. وثَرْمَلَ
__________
(1) . قوله: عدا قراه، هكذا في الأَصل، ولعلها على قراه أي على ظهره
(2) . قوله [الأَثجلين] قال الميداني: يروى بالتثنية، والصواب الجمع كالأَقورين للدواهي والعرب تجمع أَسماء الدواهي على هذا الوجه للتأكيد والتهويل والتعظيم(11/82)
الرجلُ إِذا لَمْ يُنْضِجْ طَعَامَهُ تَعْجِيلًا للقِرَى. وثَرْمَل عَمَلَهُ: لَمْ يَتَنَوَّق فِيهِ. وثَرْمَل: سَلَح كذَرْمَل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وإِن حَطَأْت كتِفَيْه ثَرْمَلا، ... وخَرَّ يَكْبُو خَرَعاً وهَوْذَلا
هَوْذَل قَذَف بِبَوْلِهِ. وثَرْمَلَ وذَرْمَل: سَلَح. والثُّرْمُل: دَابَّةٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ وَلَمْ يُحَلِّها. والثُّرْمُلَة، بِالضَّمِّ: مِنْ أَسماء الثَّعَالِبِ، الأَصمعي: الأُنثى مِنَ الثَّعَالِبِ ثُرْمُلَة، بِالضَّمِّ. والثُّرْمُلَة: الفَرْق الَّذِي وَسَطَ ظَاهِرِ الشَّفَة العُلْيا. والثُّرْمُلَة: البَقِيَّة مِنَ التَّمْر وَغَيْرِهِ. وبَقِيَتْ ثُرْمُلَة فِي الإِناء أَي بَقِيّة مِنْ بُرٍّ أَو شَعِيرٍ أَو تَمْرٍ. وثُرْمُلَة: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
ذَهَبَ لَمّا أَن رَآهَا ثُرْمُلَه، ... وَقَالَ: يَا قَوْمِ رأَيتُ مُنْكَرَه
ثعل: الثُّعْل: السِّنُّ الزَّائِدَةُ خَلْفَ الأَسنان. والثُّعْل والثَّعَل والثُّعْلُول، كُلُّهُ: زيادةُ سِنٍّ أَو دخولُ سِنٍّ تَحْتَ أُخرى فِي اخْتِلَافٍ مِنَ المَنْبِت يَرْكَبُ بعضُها بَعْضًا. وَقِيلَ: نَبَات سِنٍّ فِي أَصل سِنٍّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرَاجِزٍ:
إِذا أَتَتْ جَارَتَهَا تَسْتَفْلي، ... تَفْتَرُّ عَنْ مُخْتَلِفات ثُعْلِ
شَتَّى، وأَنْفٍ مِثْلِ أَنفِ العِجلِ
وأَنشد لِآخَرَ:
وتَضْحَكُ عَنْ غُرٍّ عِذَابٍ نَقِيّة، ... رِقَاقِ الثَّنَايا، لَا قِصَارٍ وَلَا ثُعْل
وثَعِلَتْ سِنُّه ثَعَلًا، وَهُوَ أَثْعَلَ، وَتِلْكَ السِّنُّ الزَّائِدَةُ يُقَالُ لَهَا الرَّاوول، وامرأَة ثَعْلاء، وَقَدْ ثَعِلَ ثَعَلًا، وَفِي أَسنانه ثَعَلٌ: وَهُوَ تَرَاكُبُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ؛ قَالَ:
لَا حَوَلٌ فِي عَيْنِه وَلَا قَبَل، ... وَلَا شَغاً فِي فَمِه وَلَا ثَعَل،
فَهُوَ نَقِيٌّ كالحُسَامِ قَدْ صُقِل
ولِثَةٌ ثَعْلاء: خَرَجَ بعضُها عَلَى بَعْضٍ فَانْتَشَرَتْ وَتَرَاكَبَتْ؛ وَقَوْلُهُ:
فَطارَتْ بالجُدُودِ بَنُو نِزَارٍ، ... فَسُدْناهُمْ وأَثْعَلَتِ المِضَارُ
مَعْنَاهُ كَثُرت فَصَارَتْ وَاحِدَةً عَلَى وَاحِدَةٍ مِثْلَ السِّنِّ الْمُتَرَاكِبَةِ، والمِضَار: جَمْعُ مَضَر. وَيُقَالُ: أَخْبَثُ الذِّئاب الأَثْعَل وَفِي أَسنانه شَخَصٌ وَهُوَ اخْتِلَافُ النِّبْتة. وأَثْعَل الضيِّفانُ: كَثُروا، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وأَثْعَلَ الأَمرُ: عَظُم، وَكَذَلِكَ الْجَيْشُ، قَالَ القُلاخُ بْنُ حَزْن:
وأَدْنَى فُرُوعاً للسَّماءِ أَعَالِيا، ... وأَمْنَعُه حَوْضاً، إِذا الوِرْدُ أَثْعَلا
أَخو الحَرْب لَبّاساً إِليها جِلالَها، ... وَلَيْسَ بوَلَّاجِ الخَوالِف أَعْقَلا
وكَتِيبَةٌ ثَعُولٌ: كَثِيرَةُ الحَشْو والتُّبَّاع. والثَّعْل والثُّعْل والثَّعَل: زِيَادَةٌ فِي أَطْبَاء النَّاقَةِ وَالْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ، وَقِيلَ: زِيَادَةُ طُبْيٍ عَلَى سَائِرِ الأَطْبَاء، وَقِيلَ: خِلْف زَائِدٌ صَغِيرٌ فِي أَخْلاف النَّاقَةِ وضَرْع الشَّاةِ. وَشَاةٌ ثَعُول: تُحْلَب مِنْ ثَلَاثَةِ أَمكنة وأَربعة لِلزِّيَادَةِ الَّتِي فِي الطُّبْي، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَهَا حَلَمة زَائِدَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي فَوْقَ خِلْفِها خِلْف(11/83)
صَغِيرٌ وَاسْمُ ذَلِكَ الخِلْف الثُّعْل. وَيُقَالُ: مَا أَبْيَنَ ثُعْلَ هَذِهِ الشَّاةِ، وَالْجَمْعُ ثُعُول؛ قَالَ ابْنُ هَمّام السَّلُولي يَهْجُو الْعُلَمَاءَ:
وذَمُّوا لَنَا الدُّنيا، وَهُمْ يَرْضِعُونَها ... أَفَاوِيقَ، حَتَّى مَا يَدِرُّ لَهَا ثُعْل
وإِنما ذُكِرَ الثُّعْل لِلْمُبَالَغَةِ فِي الِارْتِضَاعِ، والثُّعْل لَا يَدِرُّ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَشُعَيْبٍ: لَيْسَ فِيهَا ضَبُوب وَلَا ثَعُول
؛ الثَّعُول: الشَّاةُ الَّتِي لَهَا زِيَادَةُ حَلَمة، وَهِيَ الثَّعْلُ، وَهُوَ عَيْب، والضَّبُوب: الضَّيِّقة مَخْرَجِ اللَّبَنِ. والأَثْعَلُ: السَّيِّد الضَّخْم لَهُ فُضُول مَعْرُوفٌ عَلَى الْمَثَلِ. وثُعَالَة وثُعَل، كِلْتَاهُمَا: الأُنثى مِنَ الثَّعَالِبِ، وَيُقَالُ لِجَمْعِ الثَّعلب ثَعالب وثَعَالي، بِالْبَاءِ وَالْيَاءِ؛ وَقَوْلُهُ:
لَهَا أَشَارِيرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّره ... مِنَ الثَّعَالي، ووَخْزٌ مِنْ أَرَانِيها
أَراد مِنَ الثَّعَالِبِ وَمِنْ أَرانبها؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَحْتَمِلُ عِنْدِي أَن يَكُونَ الثَّعَالي جَمْعُ ثُعَالة وَهُوَ الثَّعْلب، وأَراد أَن يَقُولَ الثَّعَائِلُ فَقُلِبَ اضْطِرَارًا، وَقِيلَ: أَراد الثَّعَالِبَ والأَرانب فَلَمْ يُمْكِنْهُ أَن يَقِف الْبَاءَ فأَبدل مِنْهَا حَرْفًا يُمْكِنُهُ أَن يَقِفَه فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ وَهُوَ الْيَاءُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ أَنه حَذَفَ مِنَ الْكَلِمَةِ شَيْئًا ثُمَّ عَوَّضَ مِنْهَا الْيَاءَ، وَهَذَا أَقيس لِقَوْلِهِ أَرانيها، ولأَن ثُعَالة اسْمُ جِنْسٍ وَجَمْعُ أَسماء الأَجناس ضَعِيفٌ. وأَرض مَثْعَلَة، بِالْفَتْحِ: كَثِيرَةُ الثَّعَالِبِ، كَمَا قَالُوا مَعْقَرة للأَرض الْكَثِيرَةِ الْعَقَارِبِ. والثَّعْلَب: الذكَر، والأُنثى ثَعْلَبَةٌ. وَيُقَالُ لِكُلٍّ ثَعْلَبٌ إِذا كَانَ ذكَراً ثُعَالَةُ كَمَا تَرَى بِغَيْرِ صَرْفٍ، وَلَا يُقَالُ للأُنثى ثُعَالة، وَيُقَالُ للأَسد أُسَامَةُ بِغَيْرِ صَرْفٍ وَلَا يُقَالُ للأُنثى أُسَامة. والثُّعْلُول: الرجل الغضبان؛ وأَنشد:
وليس بثُعْلُولٍ، إِذا سِيلَ واجْتُدي، ... وَلَا بَرِماً، يَوْماً، إِذا الضَّيْف أَوْهَما
وَيُقَالُ. أَثْعَل القومُ عَلَيْنَا إِذا خَالَفُوا. الأَصمعي: وِرْدٌ مُثْعِل إِذا ازْدَحَمَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ مِنْ كَثْرَتِهِ. وثُعَالَة: الكَلأُ اليابِسُ، مَعْرفة. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اللَّهُمَّ اسْقِنا حَتَّى يَقُومَ أَبو لُبَابة يَسُدُّ ثَعْلَبَ مِرْبَده بإِزَاره
؛ المِرْبَد: مَوْضِعٌ يُجَفَّف فِيهِ التَّمْرُ، وثَعْلَبُه ثَقْبُه الَّذِي يَسِيلُ مِنْهُ مَاءُ الْمَطَرِ. وبَنو ثُعَل: بَطْنٌ وَلَيْسَ بِمَعْدُولٍ إِذ لَوْ كَانَ مَعْدُولًا لَمْ يُصْرَفْ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وثُعَلٌ أَبو حَيّ مِنْ طَيِءٍ وَهُوَ ثُعَلُ بْنُ عَمْرٍو أَخو نَبْهان؛ وَهُمُ الَّذِينَ عَنَاهم امْرُؤُ الْقَيْسِ بِقَوْلِهِ:
رُبَّ رَامٍ مِنْ بَنِي ثُعَلٍ، ... مُخْرِجٍ كَفَّيْه مِنْ سُتُرِه
وثُعْل: موضع بِنَجْد.
ثفل: ثُفْل كلِّ شَيْءٍ وثَافِلُه: مَا استقرَّ تَحْتَهُ مِنْ كَدَره. اللَّيْثُ: الثُّفْل مَا رَسَب خُثَارته وعَلا صَفْوُه مِنَ الأَشياءِ كُلِّهَا، وثُفْلُ الدَّوَاءِ ونحوِه. والثُّفْل: مَا سَفَل مِنْ كلِّ شَيْءٍ. والثَافِل: الرَّجِيع، وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْهُ. والثُّفْل: الحَبُّ. وَوَجَدْتُ بَنِي فُلَانٍ مُتَثَافِلِينَ أَي يأْكلون الحَبَّ وَذَلِكَ أَشدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّظَف؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وَذَلِكَ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ لَبَن. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَهل البَدْوِ إِذا أَصابوا مِنَ اللَّبَنِ مَا يَكْفِيهِمْ لقُوتهم فَهُمْ مُخْصِبون، لَا يَخْتَارُونَ عَلَيْهِ غِذاء مِنْ تَمْرٍ أَو زَبِيبٍ أَو حَبٍّ، فإِذا أَعْوَزَهم اللبنُ وأَصابوا مِنَ الْحَبِّ وَالتَّمْرِ مَا يَتَبَلَّغون بِهِ فَهُمْ مُثَافِلُون، ويسمُّون كُلَّ مَا يُؤْكَلُ(11/84)
مِنْ لَحْمٍ أَو خُبْزٍ أَو تَمْرٍ ثُفْلًا. وَيُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ مُثَافِلُون، وَذَلِكَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ حالُ الْبَدَوِيِّ. أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: الثِّفال، بِالْكَسْرِ، الجِلْد الَّذِي يُبْسط تَحْتَ رَحَى الْيَدِ لِيَقي الطَّحِين مِنَ التُّرَابِ، وَفِي الصِّحَاحِ: جِلْدٌ يُبْسَطُ فَتُوضَعُ فَوْقَهُ الرَّحَى فيُطْحَن بِالْيَدِ لِيَسْقُطَ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ يَصِفُ الْحَرْبَ:
فتَعْرُكْكُمُ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِها، ... وتَلْقَحْ كِشَافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فتُتْئِمِ
قَالَ: وَرُبَّمَا سُمِّيَ الحَجَر الأَسفل بِذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: وتَدُقُّهم الفِتَن دَقَّ الرَّحَى بثِفَالها
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى أَنها تَدُقُّهم دَقَّ الرَّحَى للحَبِّ إِذا كَانَتْ مُثَفَّلَة وَلَا تُثَفَّل إِلَّا عِنْدَ الطَّحن. وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
اسْتَحارَ مَدَارُها وَاضْطَرَبَ ثِفَالها.
وَفِي حَدِيثِ غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ:
مَنْ كَانَ مَعَهُ ثُفْل فَلْيَصْطَنِع
؛ أَراد بالثُّفْل الدقيقَ وَالسَّوِيقَ وَنَحْوَهُمَا، وَالِاصْطِنَاعُ: اتِّخَاذُ الصَّنِيع، أَراد فليَطْبُخ وَلْيَخْتَبِزْ؛ وَمِنْهُ كَلَامُ
الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وبيَّن فِي سنَّته، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنَ الثُّفْل مِمَّا يَقْتات الرجلُ، وَمِمَّا فِيهِ الزَّكَاةَ
، وإِنما سُمِّي ثُفْلًا لأَنه مِنَ الأَقوات الَّتِي يَكُونُ لَهَا ثُفْل بِخِلَافِ الْمَائِعَاتِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه كَانَ يُحِبُّ الثُّفْل
؛ قِيلَ: هُوَ الثَّرِيدُ؛ وأَنشد:
يَحْلِفُ بِاللَّهِ، وإِن لَمْ يُسْأَل: ... مَا ذَاقَ ثُفْلًا منذُ عَامِ أَول
ابْنُ سِيدَهْ: الثُّفْل والثِّفَال مَا وُقِيَتْ بِهِ الرَّحَى مِنَ الأَرض، وَقَدْ ثَفَّلَها، فإِن وُقيَ الثِّفَالُ مِنَ الأَرض بِشَيْءٍ آخَرَ فَذَلِكَ الوِفَاض، وَقَدْ وَفَّضها. وَبَعِيرٌ ثَفَال: بَطِيء، بالفتح. وفي
حُذَيْفَةَ: أَنه ذَكَرَ فِتْنَةً فَقَالَ: تَكُونُ فِيهَا مِثْلَ الجَمَل الثَّفَال وإِذا أُكْرِهْت فتباطأْ عَنْهَا
؛ الثَّفَال: الْبَطِيءُ الثَّقِيلُ الَّذِي لَا يَنْبعث إِلَّا كَرْهاً، أَي لَا تَتَحَرَّكْ فِيهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ الثَّافِل؛ قَالَ مُدْرِكٌ:
جَرُورُ القِيَادِ ثَافِلٌ لَا يَرُوعُه ... صِيَاحُ المُنَادِي، واحْتِثاثُ المُرَاهِن
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: كُنْتُ عَلَى جَمَلٍ ثَفَال.
والثَّفْلُ: نَثْرُك الشَّيْءَ كُلَّهُ بمرَّة. والثِّفَالَة: الإِبريق. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه أَكل الدَّجْر وَهُوَ اللُّوبِياء ثُمَّ غَسَل يَدَيْهِ بالثِّفَالة
، وَهُوَ فِي التَّهْذِيبِ الثِّفال، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الثِّفال الإِبريق؛ وَذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير فِي النِّهَايَةِ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: الثِّفال الإِبريق. أَبو تُرَابٍ عَنْ بَعْضِ بَنِي سُلَيْمٍ: فِي الغِرَارة ثُفْلة مِنْ تَمْرٍ وثُمْلة مِنْ تَمْرٍ أَي بَقِيَّةٌ منه.
ثقل: الثِّقَل: نَقِيضُ الخِفَّة. والثِّقَل: مَصْدَرُ الثَّقِيل، تَقُولُ: ثَقُلَ الشيءُ ثِقَلًا وثَقَالَة، فَهُوَ ثَقِيل، وَالْجَمْعُ ثِقالٌ. والثِّقَل: رُجْحَانُ الثَّقِيل. والثِّقْل: الحِمْل الثَّقِيل، وَالْجَمْعُ أَثْقَال مِثْلَ حِمْل وأَحمال. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها
؛ أَثْقَالُها: كنوزُها ومَوْتَاها؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: لَفَظَتْ مَا فِيهَا مِنْ ذَهَبٍ أَو فِضَّةٍ أَو مَيِّتٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَخرجت مَوْتَاهَا، قَالُوا: أَثْقَالُها أَجسادُ بَنِي آدَمَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا فِيهَا مِنْ كُنُوزِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، قَالَ: وخروج الموتى بعد ذلك، وَمِنْ أَشراط السَّاعَةِ أَن تَقِيءَ الأَرض أَفْلاذَ كَبِدها وَهِيَ الْكُنُوزُ؛ وَقَوْلُ الخَنْساء:
أَبَعْدَ ابنِ عَمْرو مِنَ آل الشّريدِ ... حَلَّتْ بِهِ الأَرضُ أَثْقَالَهَا؟(11/85)
إِنما أَرادت حَلَّت بِهِ الأَرض مَوْتَاهَا أَي زَيَّنَتْهم بِهَذَا الرَّجُلِ الشَّرِيفِ الَّذِي لَا مِثْل لَهُ مِنَ الحِلْية. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ: الْفَارِسُ الجَواد ثِقْل عَلَى الأَرض، فإِذا قُتِلَ أَو مَاتَ سَقَطَ بِهِ عَنْهَا ثِقْل، وأَنشد بَيْتَ الْخَنْسَاءِ، أَي لَمَّا كَانَ شُجَاعًا سَقَطَ بِمَوْتِهِ عَنْهَا ثِقْل. والثِّقْل: الذَّنْب، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ
؛ وَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ يَعْنِي أَوزارهم وأَوزار مَنْ أَضلوا وَهِيَ الْآثَامُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى
؛ يَقُولُ: إِن دَعَت نَفْسٌ داعيةٌ أَثْقَلَتها ذُنُوبُها إِلى حِمْلها أَي إِلى ذُنُوبِهَا لِيَحْمِلَ عَنْهَا شَيْئًا مِنَ الذُّنُوبِ لَمْ تَجِدْ ذَلِكَ، وإِن كَانَ المدعوُّ ذَا قُرْبى مِنْهَا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
؛ قِيلَ: الْمَعْنَى ثَقُلَ عِلْمُها على أَهل السموات والأَرض؛ وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ: ثَقُلَت فِي السَّمَاوَاتِ والأَرض خَفِيَتْ، والشيءُ إِذا خَفِي عَلَيْكَ ثَقُل. وَالتَّثْقِيلُ: ضِدُّ التَّخْفِيفِ، وَقَدْ أَثْقَلَهُ الحِمْل. وثَقَّلَ الشيءَ: جَعَلَهُ ثَقِيلًا، وأَثْقَلَه: حمَّله ثَقِيلًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ*
. واسْتَثْقَلَه: رَآهُ ثَقِيلًا. وأَثْقَلَت المرأَةُ، فَهِيَ مُثْقِل: ثَقُل حَمْلها فِي بَطْنِهَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: ثَقُلَت وَاسْتَبَانَ حَمْلها. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما
؛ أَي صَارَتْ ذاتَ ثِقْل كَمَا تَقُولُ أَتْمَرْنا أَي صِرْنَا ذَوِي تَمْر. وامرأَة مُثْقِل، بِغَيْرِ هَاءٍ: ثَقُلَت مِنْ حَمْلها. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا
؛ يَعْنِي الْوَحْيَ الَّذِي أَنزله اللَّهُ عَلَيْهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَعَله ثَقِيلًا مِنْ جِهَةِ عِظَم قَدْرِهِ وجَلالة خَطَره، وأَنه لَيْسَ بسَفْساف الْكَلَامِ الَّذِي يُسْتَخَفُّ بِهِ، فَكُلُّ شَيْءٍ نَفِيسٍ وعِلْقٍ خَطيرٍ فَهُوَ ثَقَل وثَقِيل وثَاقِل، وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ قَوْلًا ثَقِيلًا
بِمَعْنَى الثَّقيل الَّذِي يَسْتَثْقِلُهُ النَّاسُ فيتَبرَّمون بِهِ؛ وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه ثِقَلُ الْعَمَلِ بِهِ لأَن الْحَرَامَ وَالْحَلَالَ وَالصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَجَمِيعَ مَا أَمر اللَّهُ بِهِ أَن يُعْمَل لَا يُؤَدِّيهِ أَحد إِلا بِتَكَلُّفٍ يَثْقُل؛ ابْنُ سِيدَهْ: قِيلَ مَعْنَى الثَّقيل مَا يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ فِيهِ مِنَ الْعَمَلِ لأَنه ثَقِيل، وَقِيلَ: إِنما كَنَّى بِهِ عَنْ رَصانة الْقَوْلِ وجَوْدته؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ أَهل اللُّغَةِ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنه قَوْلٌ لَهُ وَزْنٌ فِي صِحَّتِهِ وَبَيَانِهِ وَنَفْعِهِ، كَمَا يُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ رَصين، وَهَذَا قَوْلٌ لَهُ وَزْنٌ إِذا كُنْتَ تَسْتَجِيدُهُ وَتَعْلَمُ أَنه قَدْ وَقَعَ مَوْقِعَ الْحِكْمَةِ وَالْبَيَانِ؛ وَقَوْلُهُ:
لَا خَيْرَ فِيهِ غَيْرَ أَن لَا يَهْتَدِي، ... وأَنه ذُو صَوْلةٍ فِي المِذْوَدِ،
وأَنه غَيْرُ ثَقيل فِي اليَدِ
إِنما يُرِيدُ أَنك إِذا بَلِلْتَ بِهِ لَمْ يَصِرْ فِي يَدِك مِنْهُ خَيْرٌ فيَثْقُلَ فِي يَدِك. ومِثْقَال الشَّيْءِ: مَا آذَنَ وزْنَه فثَقُل ثِقَلَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
يَا بُني إِنها إِن تَكُ مِثْقالُ حَبَّة مِنْ خَرْدل
، بِرَفْعِ مِثْقال مَعَ عَلَامَةِ التأْنيث فِي تَكُ، لأَن مِثْقال حَبَّةٍ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى الْحَبَّةِ فكأَنه قَالَ إِن تَكُ حَبَّةٌ مِنْ خَرْدَلٍ. التَّهْذِيبِ: المِثْقَال وَزْن مَعْلُومٌ قَدْرُه، وَيَجُوزُ نصبُ الْمِثْقَالِ ورفعُه، فَمَنْ رَفَعه رَفَعَهُ بتَكُ وَمَنْ نَصَبَ جَعَلَ فِي تَكُ اسْمًا مُضْمَرًا مَجْهُولًا مِثْلَ الْهَاءِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّها إِنْ تَكُ، قَالَ: وَجَازَ تأْنيث تَكُ والمِثْقَال ذَكَرٌ لأَنه مُضَافٌ إِلى الْحَبَّةِ، وَالْمَعْنَى لِلْحَبَّةِ فَذَهَبَ التأْنيث إِليها كَمَا قَالَ الأَعشى:
كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ القَناة مِنَ الدَّم
وَيُقَالُ: أَعطه ثِقْله أَي وَزْنَه. ابْنُ الأَثير: وَفِي(11/86)
الْحَدِيثِ
لَا يَدْخُل النارَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّة مِنْ إِيمان
؛ المِثْقال فِي الأَصل: مِقْدَارٌ مِنَ الْوَزْنِ أَيَّ شيءٍ كَانَ مِنْ قَلِيلٍ أَو كَثِيرٍ، فَمَعْنَى مِثْقال ذرَّة وَزْنُ ذَرَّةٍ، وَالنَّاسُ يُطْلِقُونَهُ فِي الْعُرْفِ عَلَى الدِّينَارِ خَاصَّةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: قَوْلُ ابْنِ الأَثير النَّاسُ يُطْلِقُونَهُ فِي الْعُرْفِ عَلَى الدِّينَارِ خَاصَّةً قَوْلٌ فِيهِ تجوُّز، فإِنه إِن كَانَ عَنَى شَخْصَ الدِّينَارِ فَالشَّخْصُ مِنْهُ قَدْ يَكُونُ مِثْقَالًا وأَكثر وأَقل، وإِن كَانَ عَنى المِثْقَالَ الوَزْنَ الْمَعْلُومَ، فَالنَّاسُ يُطْلِقُونَ ذَلِكَ عَلَى الذَّهَبِ وَعَلَى الْعَنْبَرِ وَعَلَى الْمِسْكِ وَعَلَى الْجَوْهَرِ وَعَلَى أَشياء كَثِيرَةٍ قَدْ صَارَ وَزْنُهَا بِالْمَثَاقِيلِ مَعْهُودًا كالتِّرياق والرَّاوَنْد وَغَيْرِ ذَلِكَ. وزِنة المِثْقَالِ هَذَا المُتعامَلِ بِهِ الْآنَ: دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَثَلَاثَةُ أَسباع دِرْهَمٍ عَلَى التَّحْرِيرِ، يُوزَن بِهِ مَا اخْتِيرَ وَزْنه بِهِ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلى رِطْل مِصْرَ الَّذِي يُوزَنُ بِهِ عُشْرُ عُشْرِ رِطْلٍ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ
، قَالَ: الْمَعْنَى أَن فَعْلة الإِنسان، وإِن صَغُرت، فَهِيَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى يأْتي بِهَا. والمِثْقال: وَاحِدُ مَثَاقِيل الذَّهَبِ. قَالَ الأَصمعي: دِينَارٌ ثَاقِل إِذا كَانَ لَا يَنْقُصُ، وَدَنَانِيرُ ثَوَاقِل؛ ومِثْقَال الشَّيْءِ: مِيزانُه مِنْ مِثْلِهِ. وَقَوْلُهُمْ: أَلْقى عَلَيْهِ مَثَاقِيله أَي مُؤْنَتَهُ وثِقْله؛ حَكَاهُ أَبو نَصْرٍ؛ قُلْتُ: وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبي نَصْرٍ وَاحِدُ مَثَاقِيل الذَّهَبِ كَانَ الأَولى أَن يَقُولَ وَاحِدُ مَثَاقِيلِ الذَّهَبِ وَغَيْرُهُ، وإِلا فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ. والمُثَقَّلة: رُخامة يُثَقَّل بِهَا الْبِسَاطُ. وامرأَة ثَقَال: مِكْفال، وثَقَال: رَزان ذَاتُ مآكِمَ وكَفَلٍ عَلَى التَّفْرِقَةِ، فَرَّقُوا بَيْنَ مَا يُحْمل وَبَيْنَ مَا ثَقُل فِي مَجْلِسِهِ فَلَمْ يَخِفَّ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ، وَيُقَالُ: فِيهِ ثِقَل، وَهُوَ ثَاقِل؛ قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:
وَفِيكَ، ابْنَ لَيْلى، عِزَّةٌ وبَسالة، ... وغَرْبٌ ومَوْزونٌ مِنَ الحِلْمِ ثاقِل
وَقَدْ يَكُونُ هَذَا عَلَى النَّسَبِ أَي ذُو ثِقَل. وبَعِيرٌ ثَقَالٌ؛ بَطِيءٌ؛ وَبِهِ فَسَّرَ أَبو حَنِيفَةَ قَوْلَ لَبِيدٍ:
فَبَاتَ السَّيْلُ يَحْفِرُ جَانِبَيْهِ، ... مِنَ البَقَّار، كالعَمِد الثَّقَال «3»
وثَقَلَ الشيءَ يَثْقُلُه بِيَدِهِ ثَقْلًا: رَازَ ثِقَلَه. وثَقَلْت الشاةَ أَيضاً أَثْقُلُها ثَقْلًا: رَزَنْتها، وَذَلِكَ إِذَا رَفَعْتها لِتَنْظُرَ مَا ثِقَلُها مِنْ خفَّتها. وتَثَاقَلَ عَنْهُ: ثَقُل. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ
؛ وعَدَّاه بإِلى لأَن فِيهِ مَعْنَى مِلْتُم. وَحَكَى النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ثَقَلَ إِلى الأَرض أَخْلدَ إِليها واطْمَأَنَّ فِيهَا، فإِذا صَحَّ ذَلِكَ تَعَدَّى اثَّاقَلْتم فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ
بإِلى، بِغَيْرِ تأْويل يُخْرِجُهُ عَنْ بَابِهِ. وتَثَاقَلَ القومُ: اسْتُنْهِضوا لنَجْدة فَلَمْ يَنْهَضوا إِليها. والتَّثَاقُل: التَّباطُؤُ مِنَ التَّحامُل فِي الْوَطْءِ، يُقَالُ: لأَطَأَنَّه وَطْءَ المُتَثَاقِل. والثَّقَل، بِالتَّحْرِيكِ: المَتاع والحَشَمُ، وَالْجَمْعُ أَثْقَال؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الثَّقَل متاعُ الْمُسَافِرِ وحَشَمُه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
لَا ضَفَفٌ يَشْغَلُه وَلَا ثَقَل
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الثَّقَل مِنْ جَمْعٍ بِلَيْل.
وَفِي حَدِيثِ
السَّائِبِ بْنِ زَيْدٍ: حُجَّ بِهِ فِي ثَقَل رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وثَقِلَة الْقَوْمِ، بِكَسْرِ الْقَافِ: أَثقالُهم. وَارْتَحَلَ الْقَوْمُ بثَقَلَتهم وثَقْلَتهم وثِقْلَتهم وثِقَلَتهم أَي
__________
(3) . قوله [يحفر] الذي في الصحاح: يركب بدل يحفر(11/87)
بأَمتعتهم وبأَثقالهم كُلِّهَا. الْكِسَائِيُّ: الثَّقِلَة أَثقال الْقَوْمِ، بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الثَّاءِ، وَقَدْ يُخَفَّفُ فَيُقَالُ الثَّقْلة. والثَّقْلة أَيضاً: مَا وَجَد الرجلُ فِي جَوْفِهِ مِنْ ثِقَل الطَّعَامِ. ووَجَد فِي جَسَدِهِ ثَقَلَة أَي ثِقَلًا وفُتُوراً. وثَقُلَ الرَّجُلُ ثِقَلًا فَهُوَ ثَقِيل وثَاقِل: اشتدَّ مَرَضُه. يُقَالُ: أَصبح فُلَانٌ ثاقِلًا أَي أَثقله المَرَض؛ قَالَ لَبِيدٌ:
رأَيت التُّقَى والحَمْدَ خَيْرَ تِجارةٍ ... رَباحاً، إِذا مَا المَرْءُ أَصْبَح ثَاقِلًا
أَي ثَقِيلًا مِنَ المَرَض قَدْ أَدْنَفَه وأَشْرَف عَلَى الْمَوْتِ، وَيُرْوَى نَاقِلًا أَي مَنْقُولًا مِنَ الدُّنْيَا إِلى الأُخرى؛ وَقَدْ أَثْقَلَه الْمَرَضُ وَالنَّوْمُ. والثَّقْلَة: نَعْسة غَالِبَةٌ. والمُثْقَل: الَّذِي قَدْ أَثقله المرضُ. والمُستَثْقَل: الثَّقِيل مِنَ النَّاسِ. والمُسْتَثْقَل: الَّذِي أَثقله النَّوْمُ وَهِيَ الثَّقْلة. وثَقُل العَرْفَج والثُّمام والضَّعَةُ: أَدْبى وتَرَوَّتْ عِيدانُه. وثَقُلَ سَمْعُه: ذَهَبَ بعضُه، فإِن لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شيءٌ قِيلَ وُقِر. والثَّقَلانِ: الجِنُّ والإِنْسُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ
؛ وَقَالَ لَكُمْ لأَن الثَّقَلين وإِن كَانَ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ فَمَعْنَاهُ الْجَمْعُ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
ومَيَّةُ أَحسنُ الثَّقَلين وَجْهاً ... وَسَالِفَةً، وأَحْسَنُه قَذَالا
فَمَنْ رَوَاهُ أَحسنه بإِفراد الضَّمِيرِ فإِنه أَفرده مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى جَمْعِهِ لأَن هَذَا مَوْضِعٌ يَكْثُر فِيهِ الْوَاحِدُ، كَقَوْلِكَ مَيَّة أَحسن إِنسان وَجْهًا وأَجمله، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: هُوَ أَحسن الفِتْيان وأَجمله لأَن هَذَا مَوْضِعٌ يَكْثُرُ فِيهِ الْوَاحِدُ كَمَا قُلْنَا، فكأَنك قُلْتَ هُوَ أَحسن فَتًى فِي النَّاسِ وأَجمله، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقُلْتَ وأَجملهم حَمْلًا عَلَى الفِتْيان. التَّهْذِيبِ: وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ: إِني تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلين: كِتَابَ اللَّهِ وعتْرَتي
، فَجَعَلَهُمَا كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وعِتْرَته، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ العِتْرة. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: سُمِّيا ثَقَلَين لأَن الأَخذ بِهِمَا ثَقِيل وَالْعَمَلَ بِهِمَا ثَقِيل، قَالَ: وأَصل الثَّقَل أَن الْعَرَبَ تَقُولُ لِكُلِّ شيءٍ نَفيس خَطِير مَصون ثَقَل، فسمَّاهما ثَقَلين إِعظاماً لِقَدْرِهِمَا وَتَفْخِيمًا لشأْنهما، وأَصله فِي بَيْضِ النَّعام المَصُون؛ وَقَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ صُعَير المازِني يَذْكُرُ الظَّليم والنَّعامة:
فَتَذَكَّرا ثَقَلًا رَثِيداً، بَعْدَ ما ... أَلْقَتْ ذُكاءٌ يَمينَها فِي كافِر
وَيُقَالُ للسَّيِّد العَزيز ثَقَلٌ مِنْ هَذَا، وسَمَّى اللَّهَ تَعَالَى الْجِنَّ والإِنس الثَّقَلَين، سُمِّيا ثَقَلَين لِتَفْضِيلِ اللَّهِ تَعَالَى إِياهما عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانِ الْمَخْلُوقِ فِي الأَرض بِالتَّمْيِيزِ وَالْعَقْلِ الَّذِي خُصَّا بِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: قِيلَ لِلْجِنِّ والإِنس الثَّقَلان لأَنهما كالثَّقَل للأَرض وَعَلَيْهَا. والثَّقَل بِمَعْنَى الثِّقْل، وَجَمْعُهُ أَثقال، وَمَجْرَاهُمَا مَجْرَى قَوْلِ الْعَرَبِ مَثَل ومِثْل وشَبَه وشِبْه ونَجَس ونِجْس. وَفِي حَدِيثِ سُؤَالِ الْقَبْرِ:
يَسْمَعُهَا مَنْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلا الثَّقَلين
؛ الثَّقَلانِ: الإِنسُ والجنُّ لأَنهما قُطَّان الأَرض.
ثكل: الثُّكْل: الْمَوْتُ وَالْهَلَاكُ. والثُّكْل والثَّكَل، بِالتَّحْرِيكِ: فِقْدان [فُقْدان] الْحَبِيبِ وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي فُقْدان المرأَة زَوْجَها، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي فُقْدان الرَّجُلِ والمرأَة وَلدَهما، وَفِي الصحاح: فِقْدان [فُقْدان] المرأَة ولدَها. والثَّكُول: الَّتِي ثَكِلَتْ(11/88)
وَلَدَها، وَقَدْ ثَكِلَتْه أُمُّه ثُكْلًا وثَكَلًا، وَهِيَ ثَكُولٌ وثَكْلَى وثَاكِلٌ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لَا تَفْعَلْ ذَلِكَ، ثَكِلَتْك الثَّكول قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه يَعْنِي بِذَلِكَ الأُمَّ. والثَّكُولُ: المرأَة الْفَاقِدُ، وَالرَّجُلُ ثَاكِلٌ وثَكْلان. وأَثْكَلَت المرأَةُ ولدَها وَهِيَ مُثْكَلة بِوَلَدِهَا وَهِيَ مُثْكِل، بِغَيْرِ هَاءٍ، مِنْ نِسْوَةٍ مَثَاكِيل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُسْتَشْحَجاتٍ لِلفِرَاقِ، كأَنَّها ... مَثَاكِيلُ مِنْ صُيَّابةِ النُّوبِ نُوَّحُ
كأَنه جَمْعُ مِثْكال؛ وَقَوْلُ الأَخطل:
كلَمْعِ أَيْدِي مَثاكِيلٍ مُسَلَّبَةٍ، ... يَنْدُبْنَ ضَرْسَ بَناتِ الدَّهْرِ والخَطْب
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَقوى الْقِيَاسَيْنِ أَن يُنْشَدَ مَثاكِيل غيرَ مَصْرُوفٍ يَصِيرُ الْجُزْءُ فِيهِ مِنْ مُسْتَفْعِلُنْ إِلى مُفْتَعِلُنْ، وَهُوَ مَطْويٌّ، وَالَّذِي رُوِي مَثاكِيلٍ بِالصَّرْفِ. وأَثْكَلَهَا اللَّهُ وَلدَها وأَثْكَلَه اللَّهُ أُمَّه، وَيُقَالُ: رُمْحُه لِلْوَالِدَاتِ مَثْكَلَة، كَمَا يُقَالُ لِلْوَلَدِ مَبْخَلة مَجْبَنة؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
تَرَى المُلوك حَوْلَه مُغَرْبَلَه، ... ورُمْحَه للوالداتِ مَثْكَلَه،
يَقْتُلُ ذَا الذَّنْب ومَنْ لَا ذنْبَ لَه
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِبَعْضِ أَصحابه ثَكِلَتْك أُمُّك
أَي فَقَدتْك؛ الثُّكْل: فَقْدُ الوَلد كأَنه دَعَا عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ لِسُوءِ فِعْلِهِ أَو قَوْلِهِ، وَالْمَوْتُ يعمُّ كُلَّ أَحد فإِذاً هَذَا الدُّعَاءُ عَلَيْهِ كَلَا دُعَاءٍ، أَو أَراد إِذا كُنْتَ هَكَذَا فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَكَ لئلَّا تَزْدَادَ سُوءًا؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الأَلفاظ الَّتِي تَجْرِي عَلَى أَلسنة الْعَرَبِ وَلَا يُرَادُ بِهَا الدُّعَاءُ كَقَوْلِهِمْ: تَرِبَتْ يَداك وقاتَلك اللَّهُ؛ وَمِنْهُ قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
قامَتْ فجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ
قَالَ: هُنَّ جَمْعُ مِثْكَال وَهِيَ المرأَة الَّتِي فَقَدت وَلَدَهَا. وقَصِيدة مُثْكِلَة: ذُكِرَ فِيهَا الثُّكْل؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والإِثْكَال والأُثْكُول: لُغَةٌ فِي العِثْكال والعُثْكول وهو العِذْق الَّذِي تَكُونُ فِيهِ الشَّماريخ، وَقِيلَ: هُوَ الشِّمْراخ الَّذِي عَلَيْهِ البُسْر؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
قَدْ أَبْصَرَتْ سُعْدى بِهَا كَتائِلي، ... مِثْلَ العَذارى الحُسَّرِ العَطابِلِ،
طويلَة الأَقْناء والأَثاكِلِ
كَتائِل: جَمْعُ كَتِيلة وَهِيَ النَّخْلَةُ. وفَلاة ثَكول: مَنْ سَلَكَها فُقِد وثُكِل؛ قَالَ الْجُمَيْحُ:
إِذا ذاتُ أَهْوالٍ ثَكُولٌ تَغَوَّلَتْ ... بِهَا الرُّبْدُ فَوْضى، والنَّعامُ السَّوارحُ
ثلل: الثَّلَّة: جَماعة الغَنَم وأَصْوافُها. ابْنُ سِيدَهْ: الثَّلَّة جَمَاعَةُ الْغَنَمِ، قَلِيلَةً كَانَتْ أَو كَثِيرَةً، وَقِيلَ: الثَّلَّة الْكَثِيرُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هِيَ القَطِيع مِنَ الضَّأْن خَاصَّةً، وَقِيلَ: الثَّلَّة الضأْن الْكَثِيرَةُ، وَقِيلَ: الضأْن مَا كَانَتْ؛ وَلَا يُقَالُ للمِعْزى الْكَثِيرَةِ ثَلَّة وَلَكِنْ حَيْلة إِلَّا أَن يُخَالِطَهَا الضأْن فَتَكْثُرُ فَيُقَالُ لَهُمَا ثَلَّة، وإِذا اجْتَمَعَتِ الضأْن والمِعْزى فكَثُرَتا قِيلَ لَهُمَا ثَلَّة، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ثِلَلٌ، نَادِرٌ مِثْلَ بَدْرَة وبِدَر. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: لَمْ تَكُنْ أُمُّه بِراعِيَةِ ثَلَّة
؛ الثَّلَّة، بِالْفَتْحِ: جَمَاعَةُ الْغَنَمِ، والثَّلَّة: الصُّوف فَقَطْ؛ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ. يُقَالُ: كِسَاءٌ جَيِّد الثَّلَّة أَي الصُّوفِ. وحَبْلُ ثَلَّةٍ أَي صُوف؛ قَالَ الرَّاجِزُ:(11/89)
قَدْ قَرَنوني بامْرِئٍ قِثْوَلِّ، ... رَثٍّ كَحَبْل الثَّلَّة المُبْتَلِ
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: إِذا كَانَتْ لِلْيَتِيمِ مَاشِيَةٌ فَلِلْوَصِيِّ أَن يُصِيبَ مِنْ ثَلَّتِها ورِسْلِها
أَي مِنْ صُوفها ولَبنها؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: سُمِّيَ الصُّوفُ بالثَّلَّة مَجَازًا، وَقِيلَ: الثَّلَّة الصُّوفُ وَالشَّعْرُ وَالْوَبَرُ إِذا اجْتَمَعَتْ وَلَا يُقَالُ لِوَاحِدٍ مِنْهَا دُونَ الْآخَرِ ثَلَّة. ورَجُل مُثِلٌّ: كَثِيرُ الثَّلَّة، وَلَا يُقَالُ للشَّعر ثَلَّة وَلَا للوَبَر ثَلَّة، فإِذا اجْتَمَعَ الصُّوفُ وَالشَّعْرُ وَالْوَبَرُ قِيلَ: عِنْدَ فُلَانٍ ثَلَّة كَثِيرَةٌ. والثُّلَّة، بِالضَّمِّ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَقَدْ أَثَلَّ الرَّجُلُ فَهُوَ مُثِلُّ إِذا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الثُّلَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ
؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: نَزَلَ فِي أَول السُّورَةِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ
، فشَقَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى فِي أَصحاب الْيَمِينِ أَنهم ثُلَّتَان: ثُلَّة مِنْ هَؤُلَاءِ، وثُلَّة مِنْ هَؤُلَاءِ، وَالْمَعْنَى هُمْ فِرْقَتَانِ فِرْقَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَفِرْقَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الثُّلَّة الفِئَة.
وَفِي كِتَابِهِ لأَهل نَجْران: إِن لَهُمْ ذِمَّة اللَّهِ وذِمَّة رَسُولِهِ عَلَى دِيَارِهِمْ وأَموالهم وثُلَّتِهم
؛ الثُّلَّة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، بِالضَّمِّ. والثُّلَّة: الْكَثِيرُ مِنَ الدَّرَاهِمِ. والثَّلَّة: شَيْءٌ مِنْ طِينٍ يُجْعَلُ فِي الفَلاة يُسْتَظَلُّ بِهِ. والثَّلَّة: التُّرَابُ الَّذِي يُخْرَج مِنَ الْبِئْرِ. والثَّلَّة: مَا أَخرجت مِنْ أَسفل الرَّكِيَّة مِنَ الطِّينِ، وَقَدْ ثَلَّ البِئْرَ يثُلُّها ثَلًّا. وثَلَّة الْبِئْرِ: مَا أُخْرِج مِنْ تُرَابِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا حِمًى إِلا فِي ثَلَاثٍ: ثَلَّة البِئْر، وطِوَل الفَرَس، وحَلْقَة الْقَوْمِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد بِثَلَّة الْبِئْرِ أَن يَحْتَفِرَ الرَّجُلُ بِئْرًا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ بِمِلْكٍ لأَحد، فَيَكُونُ لَهُ مِنْ حَوالي الْبِئْرِ مِنَ الأَرض مَا يَكُونُ مُلْقًى لثَلَّة الْبِئْرِ، وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ تُرَابِهَا وَيَكُونُ كالحَريم لَهَا، لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَحد عَلَيْهِ حَرِيمًا لِلْبِئْرِ «4» وتَثَلَّل الترابُ إِذا مارَ فَذَهب وَجَاءَ؛ قَالَ أُمية:
لَهُ نَفَيانٌ يَحْفِشُ الأُكْمَ وَقْعَهُ، ... تَرى التُّرْبَ مِنْهُ مَائِرًا يَتَثَلَّلُ
وثُلَّ إِذا هَلَكَ، وثُلَّ إِذا اسْتَغْنى. ابْنُ سِيدَهْ: الثَّلَل، بِالتَّحْرِيكِ، الْهَلَاكُ. ثَلَلْت الرَّجُلَ أَثُلُّه ثَلًّا وثَلَلًا؛ عَنِ الأَصمعي، وثَلَّهم يَثُلُّهم ثَلًّا: أَهلكهم؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَصَلَقْنا فِي مُرادٍ صَلْقَةً، ... وصُداءٍ أَلْحَقَتْهُم بالثَّلَل
أَي بِالْهَلَاكِ، وَيُرْوَى بالثِّلَل، أَراد الثِّلال «5» جَمْعَ ثَلَّة مِنَ الْغَنَمِ فَقَصَرَ أَي أَغنام يَعْنِي يَرْعَوْنها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّحِيحُ الأَول؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
إِن يَثْقَفُوكم يُلْحِقُوكم بالثَّلَل
أَي بِالْهَلَاكِ. وثَلَّ البَيْتَ يَثُلُّه ثَلًّا: هَدَمه، وَهُوَ أَن يُحْفَر أَصل الْحَائِطِ ثُمَّ يُدْفَع فيَنْقاض، وَهُوَ أَهول الهَدْم. وتَثَلَّلَ هُوَ: تَهَدَّم وَتَسَاقَطَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ؛ قَالَ طُرَيْح:
فيُجْلبُ مِنْ جَيْشٍ شَآمٍ بِغارَةٍ، ... كشُؤْبُوب عَرْضِ الأَبْرَدِ المُتَثَلِّل
وثُلَّ عَرْشُ فُلَانٍ ثَلًّا: هُدِم وَزَالَ أَمر قَوْمه.
__________
(4) . قوله [حريماً للبئر] كذا في الأَصل، وليست في عبارة ابن الأَثير وهي كعبارة أبي عبيد
(5) . قوله [أَراد الثلال إلخ] عبارة القاموس وشرحه: والثلة، بالكسر، الهلكة جمع ثلل كعنب، قال لبيد، رضي الله عنه: فصلقنا البيت أَي بالهلكات(11/90)
وَفِي التَّهْذِيبِ: وَزَالَ قِوام أَمره وأَثَلَّه اللَّهُ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: ثُلَّ عَرْشُهُ ثَلًّا تَضَعْضَعَتْ حَالُهُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
تَدارَكْتُما الأَحْلافَ قَدْ ثُلَّ عَرْشُها، ... وذُبْيانَ قَدْ زَلَّتْ بأَقدامِها النَّعْل
كأَنه هُدِم وأُهْلك. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا ذَهَبَ عِزُّهم: قَدْ ثُلَّ عَرْشُهُم. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ ثَلَّ اللهُ عَرْشَهم أَي هَدَم مُلْكَهم. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: رؤي فِي الْمَنَامِ وَسُئِلَ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ: كَادَ يُثَلُّ عَرْشِي
أَي يُكْسر ويُهْدَم، وَهُوَ مَثَل يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ إِذا ذَلَّ وهَلِك، قَالَ: وَلِلْعَرْشِ هَاهُنَا مَعْنَيَانِ: أَحدهما السَّرِيرُ والأَسِرَّة للمُلوك فإِذا هُدِم عرشُ المَلِك فَقَدْ ذَهَبَ عِزُّه، وَالثَّانِي الْبَيْتُ يُنْصَبُ بِالْعِيدَانِ ويُظَلَّل، فإِذا هُدِم فَقَدْ ذَلَّ صاحبُه. وثُلَّ عَرْشُه وعُرْشُه: قُتِل؛ وأَنشد:
وعَبْدُ يَغُوثَ تَحْجِلُ الطَّيْرُ حَوْلَه، ... وَقَدْ ثَلَّ عُرْشيه الحُسامُ المُذْكَّرُ
العُرْشان هَاهُنَا: مَغْرِزُ العُنقِ فِي الْكَاهِلِ؛ وَكُلُّ مَا انْهَدَمَ مِنْ نَحْوِ عَرْش الكَرْم والعَريش الَّذِي يُتَّخذ شِبه الظُّلَّة، فَقَدْ ثُلَّ. وثَلَّ الشَّيْءَ: هَدَمه وكَسَره. وأَثَلَّه: أَمر بِإِصْلَاحِهِ، تَقُولُ مِنْهُ: أَثْلَلْت الشيءَ أَي أَمرت بإِصلاح مَا ثُلَّ مِنْهُ. وَقَدْ أَثْلَلْته إِذا هَدَمْتَه وكسرتَه. وثَلَّ الدَّرَاهِمَ يَثُلُّها ثَلًّا: صَبَّها. وثَلِيلُ الْمَاءِ: صَوْت انْصِبَابِهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الثَّلِيل صَوْتُ الْمَاءِ، وَلَمْ يَخُصَّ صَوْتَ الِانْصِبَابِ. وثَلَّت الدَّابَّةُ تَثُلُّ أَي رَاثَتْ، وَكَذَلِكَ كَلُّ ذِي حَافِرٍ، ومُهْرٌ مِثَلٌّ؛ قَالَ يَصِفُ بِرْذَوْناً:
مِثَلٌّ عَلَى آرِيِّه الرَّوْثُ مُنْثَلُ
وَيُرْوَى عَلَى آرِيِّه الرَّوْثَ، بِنَصْبِهِ بِمِثَلٌّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَا يَقْوى لأَن ثَلَّ الَّذِي فِي مَعْنَى رَاثَ لَا يَتَعَدَّى. ابْنُ سِيدَهْ: ثلَّ الحافرُ رَاثَ، وثَلَّ الترابَ الْمُجْتَمِعَ حَرَّكه بِيَدِهِ أَو كَسَره مِنْ أَحد جَوَانِبِهِ. وَيُقَالُ: ثَلَلتُ الترابَ فِي الْقَبْرِ وَالْبِئْرِ أَثُلُّه ثَلًّا إِذا أَعَدْتَه فِيهِ بعد ما تَحْفِره، وَفِي الصِّحَاحِ: إِذا هِلْتَه. وثَلَّة مَثْلولة أَي تُرْبة مَكْبُوسَةٌ بَعْدَ الحَفْر. والثُّلْثُل: الهَدْم، بِضَمِّ الثَّاءَيْنِ. والثُّلْثُل أَيضاً: مِكْيال صَغِيرٌ. والثِّلْثِلانُ: يَبيسُ الكَلإِ، والضَّمُّ لُغَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ: ثُلْ ثُلْ إِذا أَمرته أَن يَحْمُق ويَجْهَل.
ثمل: الثُّمْلة والثَّمِيلة: الحَبُّ والسَّويق وَالتَّمْرُ يَكُونُ فِي الوِعاء يَكُونُ نِصْفَه فَمَا دُونَهُ، وَقِيلَ: نِصْفَه فَصَاعِدًا. والثُّمَل: جَمْعُ ثُمْلة. أَبو حَنِيفَةَ: الثَّمِيل الحَبُّ لأَنه يُدَّخر؛ وأَنشد لتأَبَّط شَرّاً:
ويَوْماً عَلَى أَهل المَواشي، وَتَارَةً ... لأَهْلِ رَكيبٍ ذِي ثَمِيلٍ وسُنْبُل
والثُّمْلة والثَّمَلة والثَّمِيلة والثُّمَالة: الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَبْقَى فِي أَسفل الْحَوْضِ أَو السِّقاء أَو فِي أَي إِناء كَانَ. والمَثْمَلة: مُسْتَنْقَع الْمَاءِ، وَقِيلَ: الثُّمَالةُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ فِي أَيّ شَيْءٍ كَانَ. وَقَدْ أَثْمَلَ اللبنُ أَي كَثُرَتْ ثُمالته. وَيُقَالُ لِبَقِيَّةِ الْمَاءِ فِي الغُدْران والحَفير: ثَمِيلة وثَمِيل؛ قَالَ الأَعشى:
بعَيْرانَةٍ كأَتان الثَّميل، ... تُوَافِي السُّرى بَعْدَ أَيْنٍ عَسِيرا «1» .
__________
(1) . قوله [توافي السرى] كذا بالأَصل، وفي ترجمة عسر: تقضِّي بدل توافي(11/91)
تُوَافِي السُّرى أَي تُوَافِيهَا. والثَّمِيلة: البَقِيَّة مِنَ الْمَاءِ فِي الصَّخرة وَفِي الْوَادِي، وَالْجَمْعُ ثَمِيل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
ومُدَّعَسٍ فِيهِ الأَنِيضُ اخْتَفَيْتُه ... بِجَرْداءَ، يَنْتابُ الثَّمِيلَ حِمارُها
أَي يَرِدُ حِمارُ هَذِهِ المَفازة بَقَايَا الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ لأَن مِيَاهَ الغُدْران قَدْ نَضَبَت؛ وَقَالَ دُكَيْن:
جادَ بِهِ مِنْ قَلْتِ الثَّمِيل
الثَّميل جَمْعُ ثَمِيلة وَهِيَ بقِيَّة الْمَاءِ فِي القَلْتِ أَعْنِي النُّقْرة الَّتِي تُمْسِك الْمَاءَ فِي الْجَبَلِ. والثَّمِيلة: البَقِيَّة مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ تَبْقَى فِي الْبَطْنِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ عَيْراً وَابْنَهُ:
وأَدْرَكَ المُتَبَقَّى مِنْ ثَمِيلَتِه ... ومِن ثَمائِلِها، واسْتُنْشِئَ الغَرَبُ
يَعْنِي مَا بَقِيَ فِي أَمعائها وأَعضائها مِنَ الرُّطْب والعَلَف؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ الذِّئْبِ:
وطَوى ثَمِيلَتَه فأَلْحَقها ... بالصُّلْبِ، بَعْدَ لُدُونَةِ الصُّلْب
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: ثَميلة النَّاسِ مَا يَكُونُ فِيهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ. والثَّمِيلَة أَيضاً: مَا يَكُونُ فِيهِ الشَّرَابُ فِي جَوْفِ الحِمار. وَمَا ثَمَل شرابَه بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ أَي مَا أَكل شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَن يَشْرَبَ، وَذَلِكَ يُسَمَّى الثَّمِيلة. وَيُقَالُ: مَا ثَمَلْتُ طَعَامِي بِشَيْءٍ مِنْ شَرَابٍ أَي مَا أَكلت «1» بَعْدَ الطَّعَامِ شَراباً. والثَّمِيلة: البَقِيَّة تَبْقَى مِنَ العَلَف وَالشَّرَابِ فِي بَطْنِ الْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ، فَكُلُّ بَقِيَّة ثَمِيلة. وَقَدْ أَثْمَلَت الشَّيْءَ أَي أَبقيته. وثمَّلته تَثْمِيلًا: بَقَّيته. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: قَالَ لِلْحَجَّاجِ أَما بَعْدُ فَقَدْ وَلَّيتُكَ العِرَاقَيْن صَدْمة فسِر إِليها مُنْطَوِيَ الثَّمِيلة
؛ أَصل الثَّمِيلة: مَا يَبْقَى فِي بَطْنِ الدَّابَّةِ مِنَ العَلَف وَالْمَاءِ وَمَا يَدَّخِره الإِنسان مِنْ طَعَامٍ أَو غَيْرِهِ، الْمَعْنَى سِرْ إِليها مُخِفّاً. والثُّمْلة: مَا اخْرجَ مِنْ أَسفل الرَّكيَّة مِنَ الطِّينِ وَالتُّرَابِ، وَالْمِيمُ فِيهَا وَفِي الحَبِّ والسَّويق سَاكِنَةٌ، وَالثَّاءُ مضمونة. قَالَ الْقَالِيُّ: رَوَيْنَا الثَّمْلة فِي طِينِ الرَّكِيِّ وَفِي التَّمْرِ والسَّويق بِالْفَتْحِ؛ عَنْ أَبي نَصْرٍ، وَبِالضَّمِّ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. والثَّمَل: السُّكْر. ثَمِل، بِالْكَسْرِ، يَثْمَل ثَمَلًا، فَهُوَ ثَمِل إِذا سَكِر وأَخذ فِيهِ الشَّرابُ؛ قَالَ الأَعشى:
فَقُلْت للشَّرْب فِي دُرْنَى، وَقَدْ ثَمِلوا: ... شِيمُوا، وكَيْف يَشِيمُ الشَّارب الثَّمِلُ؟
وَفِي حَدِيثِ
حَمْزَةَ وشارِفَيْ عليٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فإِذا حَمْزَةُ ثَمِل مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ
؛ الثَّمِل: الَّذِي قَدْ أَخذ مِنْهُ الشرابُ والسُّكْر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ تَزْوِيجِ
خَدِيجَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنها انْطَلَقَتْ إِلى أَبيها وَهُوَ ثَمِل
؛ وَجَعَلَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّة الثَّمَل السُّكْرَ مِنَ الجِراح؛ قَالَ:
مَاذَا هُنالك مِنْ أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ، ... وسَاهِفٍ ثَمِلٍ فِي صَعْدَةٍ حِطَم
والثَّمَل: الظِّلُّ. والثَّمْلة والثَّمَلة، بِتَحْرِيكِ الْمِيمِ: الصُّوفة أَو الخِرْقة الَّتِي تُغْمَس فِي القَطِران ثُمَّ يُهْنَأُ بِهَا الجَرِب ويُدْهَن بِهَا السِّقاء؛ الأُولى عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ صَخْرُ بْنُ عُمَيْرٍ
__________
(1) . قوله [أَي ما أَكلت إلخ] هكذا في الأصل(11/92)
:
مَمْغُوثَة أَعراضُهم مُمَرْطَله، ... فِي كُلِّ مَاءٍ آجِنٍ وسَمَله،
كَمَا تُلاثُ بالهِنَاءِ الثَّمَله
وَهِيَ المِثْمَلة أَيضاً، بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه طَلَى بَعِيرًا مِنَ الصَّدَقَةِ بقَطِران فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَوْ أَمَرْتَ عَبْداً كَفاكَهُ، فَضَرَب بالثَّمَلة فِي صَدْرِهِ وَقَالَ: عَبْدٌ أَعْبَدُ مِنِّي
الثَّمَلة، بِفَتْحِ الثَّاءِ وَالْمِيمِ: صُوفَة أَو خِرْقة يُهْنَأُ بِهَا الْبَعِيرُ ويُدْهَن بِهَا السِّقاء؛ وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
أَنه جَاءَتْهُ امرأَة جَلِيلَةٌ فَحَسَرَتْ عَنْ ذِرَاعَيْهَا وَقَالَتْ: هَذَا مِنِ احْتِراش الضِّباب، فَقَالَ: لَوْ أَخَذْتِ الضَّبَّ فورَّيْتِه ثُمَّ دعَوْتِ بِمَكْتَفِهِ «1» فَثَمَلْتِه كَانَ أَشْبَع
أَي أَصلحته. والثَّمَلة: خِرْقة الحَيضِ، وَالْجَمْعُ ثَمَل. والثَّمَل: بَقِيَّة الهِناء فِي الإِناء. والثُّمُول والثَّمَل: الإِقامة والمُكْث والخَفْض. يُقَالُ: مَا دارُنا بِدَارِ ثَمَل أَي بِدَارِ إِقامة. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ: مَكَانٌ ثَمْل عَامِرٌ؛ وأَنشد بَيْتَ زُهَيْرٍ:
مَشارِبُها عَذْب وأَعْلامُها ثَمْل
وَقَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:
إِذا سَكَنَ الثَّمْل الظِّباءُ الكَواسِعُ
ودارُ ثَمَلٍ وثَمْل أَي إِقامة. وسَيْفٌ ثَامِلٌ أَي قَدِيمٌ طَالَ عَهْدُه بالصِّقال فَدَرَسَ وبَلِي؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
لِمَنِ الدِّيارُ عَرَفْتُها بالسَّاحِلِ، ... وكأَنَّها أَلواحُ سَيْفٍ ثَامِلِ؟
الأَصمعي: الثَّامِل الْقَدِيمُ العَهْدِ بالصِّقَال كأَنه بَقِيَ فِي أَيدي أَصحابه زَمَانًا مِنْ قَوْلِهِمْ ارْتَحَلَ بَنُو فُلَانٍ وثَمَل فُلَانٌ فِي دَارِهِمْ أَي بَقِيَ. والثَّمْل: المُكْث. والثُّمال، بِالضَّمِّ: السُّمُّ المُنْقَع. وَيُقَالُ: سَقاه المُثَمَّلَ أَي سَقَاهُ السُّمَّ، قَالَ الأَزهري: ونُرى أَنه الَّذِي أُنْقِع فَبَقِي وثَبَت. والمُثَمَّل: السُّم المُقَوَّى بالسَّلَع وَهُوَ شَجَرٌ مُرٌّ. ابْنُ سِيدَهِ: وسُمٌّ مُثَمَّل طَالَ إِنقاعُه وبَقِي، وَقِيلَ: إِنه مِنَ المَثْمَلة الَّذِي هُوَ المُسْتَنْقَع؛ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْداس السُّلَمي:
فَلا تَطْعَمَنْ مَا يَعْلِفونَكَ، إِنَّهُم ... أَتَوْكَ عَلَى قُرْبانِهم بالمُثَمَّل
وَهُوَ الثُّمال. والمَثْمِل: أَفضل العَشِيرة. وَقَالَ شِمْرٌ: المُثَمَّل مِنَ السُّمِّ المُثَمَّن الْمَجْمُوعُ. وَكُلُّ شَيْءٍ جَمَعْتَهُ فَقَدَ ثَمَّلْته وثَمَّنْته. وثَمَلْت الطَّعَامَ: أَصلحته، وثَمَلْته سَتَرته وغَيَّبته. والثُّمالُ: جَمْعُ ثُمالة وَهِيَ الرَّغوة. ابْنُ سِيدَهْ: والثُّمالَة رَغْوة اللَّبَنِ. والثُّمالة: بَيَاضُ البَيْضة الرَّقِيقُ ورَغْوَتُه، وَبِهِ شُبِّهَتْ رَغْوَة اللَّبَنِ؛ قَالَ مُزَرِّد:
إِذا مَسَّ خِرْشاءَ الثُّمالة أَنْفُه، ... ثَنى مِشْفَرَيْه للصَّرِيح فأَقْنَعا
ابْنُ سِيدَهْ: الثُّمالة رَغْوَة اللَّبن إِذا حُلِب، وَقِيلَ: هِيَ الرَّغْوة مَا كَانَتْ، وأَنشد بَيْتَ مُزَرِّد؛ وأَنشد الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ قَشْعَمَ:
وقِصَعٍ تُكْسَى ثُمالًا قَشْعَما
وَقَالَ: الثُّمال الرَّغْوة؛ وَقَالَ آخَرُ:
وقِمَعاً يُكْسى ثُمالًا زَغْرَبا
وَجَمْعُهَا ثُمال؛ قال الشاعر:
__________
(1) . قوله [بمكتفه] هكذا في الأَصل وسيأتي في وري مثله، وفي ثمل من النهاية: بمنكفة(11/93)
وأَتَتْه بزَغْرَبٍ وحَتِيٍّ، ... بَعْدَ طِرْمٍ وتامِكٍ وثُمال
تامكٍ يَعْنِي سَنَاماً تامِكاً. وَلَبَنٌ مُثَمِّل ومُثْمِل: ذُو ثُمَالة، يُقَالُ: احْقِن الصَّريح وأَثْمِل الثُّمالةَ أَي أَبْقِها فِي المِحْلَب. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ فُعَالة: الثُّمالة بَقِيَّة الْمَاءِ وَغَيْرِهِ، وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَد: فحَلَب فِيهِ ثَجًّا حَتَّى عَلاه الثُّمال
؛ هُوَ، بالضَّم، جَمْعُ ثُمالة الرَّغوة. والثُّمال: كَهَيْئَةِ زُبْد الْغَنَمِ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ فِي كَلَامِهَا: قَالَتِ اليَنَمة أَنا اليَنَمه، أَغْبُق الصَّبيَّ قَبْلَ العَتَمه، وأَكُبّ الثُّمَال فَوْقَ الأَكَمه؛ اليَنَمة: نَبْتٌ لَيِّنٌ تَسْمَن عَلَيْهِ الإِبل، وقيل: بَقْلَة طَيِّبة، وَقَوْلُهَا أَغْبُق الصَّبيَّ قَبْلَ العَتَمة أَي أُعَجِّل وَلَا أُبْطِئ، وَقَوْلُهَا وأَكُبُّ الثُّمَال فَوْقَ الأَكَمَة، تقول: ثُمَال لَبَنِها كَثيرٌ، وَقِيلَ: أَراد بالثُّمَال جَمْعُ الثُّمَالة وَهِيَ الرَّغْوَةُ، وَزَعَمَ ثَعْلَبٌ أَن الثُّمَال رَغْوَةُ اللَّبَنِ فَجَعَلَهُ وَاحِدًا لَا جَمْعًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فالثُّمَال والثُّمَالة عَلَى هَذَا مِنْ بَابِ كَوْكَبٍ وكَوْكَبَة، فأَما أَبو عُبَيْدٍ فَجَعَلَهُ جَمْعًا كَمَا بيَّنَّا. ابْنُ بُزْرُجَ: ثَمَلْتُ القومَ وأَنا أَثْمِلُهم، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَاهُ أَن يَكُونَ ثِمَالًا لَهُمْ أَي غِيَاثاً وقِوَاماً يَفْزَعون إِليه. والثَّمل: المُقام والخَفْض، يُقَالُ: ثَمَلَ فُلَانٌ فَمَا يَبْرَح. وَاخْتَارَ فُلَانٌ دَارَ الثَّمل أَي دَارَ الخَفْض والمُقَام. والثِّمَال، بِالْكَسْرِ: الغِيَاث. وَفُلَانٌ ثِمَال بَنِي فُلَانٍ أَي عِمَادُهم وغِيَاثٌ لَهُمْ يَقُومُ بأَمرهم؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
فِدًى لِابْنِ حِصْنٍ مَا أُرِيحُ، فإِنه ... ثِمَالُ اليَتَامى، عِصْمَةٌ فِي المَهَالِكِ
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: ثِمَال الْيَتَامَى غِياثُهم. وثَمَلَهم ثَمْلًا: أَطعمهم وَسَقَاهُمْ وَقَامَ بأَمرهم؛ وَقَالَ أَبو طَالِبٍ يَمْدَحُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وأَبيَض يُستَسقَى الغَمامُ بِوَجْهِهِ، ... ثِمَال اليتَامى، عِصْمَة للأَرامل
والثِّمَال، بِالْكَسْرِ: المَلْجأُ والغِيَاث والمُطْعِم فِي الشِّدَّة. وَيُقَالُ: أَكَلَتِ الْمَاشِيَةُ مِنَ الكَلإِ مَا يَثْمَلُ مَا فِي أَجوافها مِنَ الْمَاءِ أَي يَكُونُ سَوَاءً لِمَا شَرِبَتْ مِنَ الْمَاءِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: المَثْمِل المَلْجأُ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ:
وعَلَوْت مُرْتَقِباً عَلَى مَرْهُوبَةٍ ... حَصَّاءَ، لَيْسَ رَقِيبُها فِي مَثْمِل
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: فإِنها ثِمال حَاضِرَتِهِمْ
أَي غِيَاثُهم وعِصْمَتُهم. وثَمَلَت المَرْأَةُ الصِّبيانَ تَثْمُلُهم: كَانَتْ لَهُمْ أَصلًا يُقيم مَعَهم. والمِثْمَلة: خَريطة وَسَطٌ يَحْمِلها الرَّاعِي فِي مَنكِبه. والثَّمَائِل: الضَّفَائِرُ الَّتِي تُبْنَى بِالْحِجَارَةِ لِتُمسِكَ الْمَاءَ عَلَى الحَرْث، وَاحِدَتُهَا ثَمِيلَة، وَقِيلَ: الثَّمِيلَة الجَدْر نَفْسُه، وَقِيلَ: الثَّمِيلَة الْبِنَاءُ الَّذِي فِيهِ الغِراسُ «2» والخَفْضُ وَالْوَقَائِدُ. والثَّمِيلَة: طَائِرٌ صَغِيرٌ يَكُونُ بِالْحِجَازِ. وَبَنُو ثُمَالَة: بَطْنٌ مِنَ الأَزْدِ إِليهم يُنسب المُبَرَّد. وثُمَالَة: لَقَبٌ. وثُمَالَة: حَيٌّ مِنَ العَرَب.
ثنتل: رَجُلٌ ثِنْتِلٌ: قَذِرٌ.
ثهل: الثَّهَل: الِانْبِسَاطُ عَلَى الأَرض. وثَهْلان: جَبَل مَعْرُوفٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عُقَابٌ تَدَلَّتْ مِنْ شَمارِيخِ ثَهْلان
__________
(2) . قوله: الغراس، هكذا في الأصل. وفي القاموس: الفراش(11/94)
وثَهْلان أَيضاً: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ؛ وَهُوَ الضَّلال بْنُ ثُهْلُل وفُهْلُل، لَا يَنْصَرِفُ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَهُوَ الَّذِي لَا يُعرَف، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الضَّلَالُ بْنُ ثُهْلُل وثُهْلَل، حَكَاهُ فِي بَابِ قُعْدُد وقُعْدَد.
ثول: الثَّوْل: جَمَاعَةُ النَّحْل يُقَالُ لَهَا الثَّوْل والدَّبْر وَلَا وَاحِدَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا مِنْ لَفْظِهِ، وَكَذَلِكَ الخَشْرَم. وتَثَوَّلتِ النَّحْلُ: اجْتَمَعَتْ والْتَفَّتْ. والثَّوَّالَة: الكَثِير مِنَ الجَرَاد، اسْمٌ كالجَمَّالة والجَبَّانة. وَقَوْلُهُمْ: ثَوِيلَة مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعة جَاءَتْ مِنْ جُمْلة مُتَفرِّقة وصِبْيان وَمَالٌ. اللَّيْثُ: الثَّوْل الذَّكَر مِنَ النَّحْل، والثَّوَّالة الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ والجَراد. وتَثَوَّل عَلَيْهِ القومُ وانْثَالوا: عَلَوْه بالشَّتْم وَالضَّرْبِ والقَهْر. وانْثَالَ عَلَيْهِ القَوْلُ: تَتَابَعَ وَكَثُرَ فَلَمْ يَدْرِ بأَيِّهِ يبدأُ. وانْثَال عَلَيْهِ التُّرابُ أَي انْصَبَّ؛ يُقَالُ: انْثَال عَلَيْهِ الناسُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَي انْصَبُّوا. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: انْثَال عَلَيْهِ الناسُ
أَي اجْتَمَعوا وانْصَبُّوا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهُوَ مُطَاوِعُ ثَالَ يَثُول ثَوْلًا إِذا صَبَّ مَا فِي الإِناء. والثَّوْل: الْجَمَاعَةُ، والثَّوْل: شَجَر الحَمْضِ. والثَّوِيلَة: مُجْتَمَع العُشْب؛ عَنْ ثَعْلب. ابْنُ الأَعرابي: الثَّوْل النَّحْل، والثَّوْل الجُنون، والأَثْوَل المَجْنون، والأَثْوَل الأَحْمَق. يُقَالُ: ثَالَ فُلَانٌ يَثُول ثَوْلًا إِذا بَدا فِيهِ الجُنُون وَلَمْ يَسْتَحْكم، فإِذا اسْتَحْكم قِيلَ ثَوِل يَثْوَل ثَوَلًا، قَالَ: وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ الْحَيَوَانِ، اللَّيْثُ: الثَّوَل، بِالتَّحْرِيكِ، شِبْه جُنون فِي الشَّاءِ، يُقَالُ لِلذَّكَرِ أَثْوَل وللأُنثى ثَوْلاء؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ جُنُونٌ يُصِيبُ الشَّاةَ فَلَا تَتْبَع الْغَنَمَ وتَسْتَدير فِي مَرْتَعِها؛ وَشَاةٌ ثَوْلاءُ وتَيْسٌ أَثُولُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
تَلْقَى الأَمَانَ عَلَى حِيَاض مُحَمَّدٍ، ... ثَوْلاءُ مُخْرِفَةٌ، وذِئْبٌ أَطْلَسُ
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الثَّوَل اسْتِرْخَاءٌ فِي أَعضاء الشَّاةِ، وَقِيلَ: هُوَ كَالْجُنُونِ يُصِيبُ الشَّاةَ، وَقَدْ ثَوِلَ ثَوَلًا واثْوَلَّ؛ حَكَى الأَخيرة سِيبَوَيْهِ. وَكَبْشٌ أَثْوَلُ ونَعَم ثَوْلاء، وَقَدْ نُهِي عَنِ التَّضْحِية بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: لَا بأْس أَن يُضَحَّى بالثَّوْلاء
، قَالَ: الثَّوَل دَاءٌ يأْخذ الْغَنَمَ كَالْجُنُونِ يَلْتَوِي مِنْهُ عُنُقُهَا، وَقِيلَ: هُوَ دَاءٌ يأْخذها فِي ظُهُورِهَا ورؤوسها فَتَخِرُّ مِنْهُ. والأَثْوَلُ: الْبَطِيءُ النُّصْرة والخَيْرِ والعَمَل وَالْجَدِّ. وثَوَلُ الضِّباع: فَحْلُهَا؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَيَسْتَمِرُّ ثَوَل الضِّبَاع
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُرَيْجٍ: سأَل عَطَاءً عَنْ مَسِّ ثُول الإِبِل، قَالَ: لَا يُتَوَضأ مِنْهُ
؛ الثُّول لُغَةٌ فِي الثِّيل وَهُوَ وِعاء قَضيب الجَمَل، وَقِيلَ: هُوَ قَضِيبُه.
ثيل: الثَّيل والثِّيل: وِعاء قَضِيب الْبَعِيرِ والتَّيْس والثَّور، وَقِيلَ: هُوَ الْقَضِيبُ نَفْسُهُ، وَقَدْ يُقَالُ فِي الإِنسان، وأَصله فِي الْبَعِيرِ. والثُّول: لُغَةٌ فِي الثَّيل، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي ثَوَلَ. اللَّيْثُ: الثَّيل جِرَابُ قُنْب البَعِير، وَيُقَالُ بَلْ هُوَ قَضِيبُه، وَلَا يُقَالُ قُنْب إِلا لِلْفَرَسِ. والأَثْيَل: الجَمَل الْعَظِيمُ الثَّيل، وَقِيلَ: هُوَ وِعاء قَضِيبِهِ. وبَعِير أَثْيَل: عَظِيمُ الثَّيل وَاسِعُهُ؛ وأَنشد ابْنَ بَرِّيٍّ لِرَاجِزٍ:
يَا أَيها العَوْدُ الثَّفالُ الأَثْيَلُ، ... مَا لَكَ، إِنْ حُثَّ المَطِيُّ، تَزحَلُ؟
والثِّيل: نَبَاتٌ يَشْتَبِكُ فِي الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ نَبَاتٌ لَهُ أُرومة وأَصل، فإِذا كَانَ قَصِيرًا سُمِّي نَجْماً. والثَّيِّل: حَشِيش، وَقِيلَ: نَبْتٌ يَكُونُ عَلَى شُطُوطِ(11/95)
الْأَنْهَارِ فِي الرِّيَاضِ، وجَمْعُه نَجْم، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الجَنْبَة يَنْبُتُ بِبِلَادِ تَمِيمٍ ويَعْظُم حَتَّى تَرْبِض الْغَنَمُ فِي أَدْفائه. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الثَّيِّل وَرَقُه كَوَرَقِ البُرّ إِلا أَنه أَقصر، وَنَبَاتُهُ فَرْشٌ عَلَى الأَرض يَذْهَبُ ذَهَابًا بَعِيدًا وَيَشْتَبِكُ حَتَّى يَصِيرَ عَلَى الأَرض كاللُّبْدة، وَلَهُ عُقَدٌ كَبِيرَةٌ وأَنابِيبُ قِصار وَلَا يَكَادُ يَنْبُتُ إِلا عَلَى مَاءٍ أَو فِي مَوْضِعٍ تَحْتَهُ مَاءٌ، وَهُوَ مِنَ النَّبَاتِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمَاءِ، وَاحِدَتُهُ ثَيِّلَة. شِمْرٌ: الثِّيلة شُجَيرة خَضْراء كأَنها أَول بَذْر الحَبِّ حِينَ تَخْرج صِغَارًا. ابْنُ الأَعرابي: الثِّيل ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ يُقَالُ إِنه لِحْية التَّيْس.
فصل الجيم
جأل: جأَلَ الصُّوفَ والشعَر: جَمَعَه. وجَيْأَلُ وجَيْأَلَةُ: الضَّبُعُ، مَعْرِفَةٌ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ زَوَّجُوني جَيْأَلًا فِيهَا حَدَب، ... دَقِيقَةَ الرُّفْغَيْنِ ضَخْماء الرَّكَب
وأَنشد ثَعْلَبٌ لِخَالِدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ طَرِيف:
وحَلَّقَت بِكَ العُقابُ القَيْعَله، ... وشَارَكَتْ مِنْكَ بشَأْو جَيْأَلَه
قِيلَ: هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ كُراع: هِيَ الجَيْأَل فأَدْخَل عَلَيْهَا الأَلف وَاللَّامَ؛ قَالَ العَجَّاج:
يَدَعْن ذَا الثَّرْوةِ كالمُعَيَّل، ... وصاحِبَ الإِقْتارِ لَحْمَ الجَيْأَل
ابْنُ بُزُرْجَ: قَالُوا فِي الجَيْأَل وَهِيَ الضَّبُع عَلَى فَيْعَل: جَأَلَتْ تَجْأَلُ إِذا جَمعَت؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَيْأَلُ غَيْرُ مَصْرُوفٍ للتأْنيث وَالتَّعْرِيفِ؛ وأَنشد لِمُشَعَّثٍ:
وَجَاءَتْ جَيْأَلٌ وبَنُو بَنِيها، ... أَجَمَّ المَاقِيَيْنِ بِهَا خُماع
قَالَ أَبو عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ: وَرُبَّمَا قَالُوا جَيَل، بِالتَّخْفِيفِ، وَيَتْرُكُونَ الْيَاءَ مصحَّحة لأَن الْهَمْزَةَ وإِن كَانَتْ مُلْقاة مِنَ اللَّفْظِ فَهِيَ مُبْقاة فِي النِّيَّةِ مُعامَلَةٌ معاملةَ المثبَتة غَيْرِ الْمَحْذُوفَةِ، أَلا تَرَى أَنهم لَمْ يَقْلِبُوا الْيَاءَ أَلفاً كَمَا قَلَبُوهَا فِي نَابٍ وَنَحْوِهِ لأَن الْيَاءَ فِي نِيَّةِ السُّكُونِ؟ قَالَ: والجَيْأَل الضَّخْم مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والاجْئِلالُ، بِوَزْنِ افْعِلال: الفزَعُ والوَهَل والوَجَل؛ قَالَ: وَزَعَمُوا لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
وغائِطٍ قَدْ هَبَطْتُ وَحْدي، ... لِلْقَلْب مِنْ خَوْفهِ اجْئِلالُ
أَصله مِنَ الْوَجَلِ؛ قَالَ الأَزهري: لَا يَسْتَقِيمُ هَذَا الْقَوْلُ إِلا أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا كأَنه فِي الأَصل ائْجِلال، فأُخرت الْيَاءُ وَالْهَمْزَةُ بَعْدَ الْجِيمِ، قَالَ الأَزهري: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ اجْئِلال افْعِلَالٌ مِنْ جَأَلَ يَجْأَلُ إِذا ذَهَبَ وَجَاءَ كَمَا يُقَالُ وجَبَ القلبُ إِذا اضْطَرَبَ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: اجْأَلَّ فَزِع، وأَنشد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
للقَلْبِ مِنْ خَوْفِه اجْئِلالُ
وَقَدْ قِيلَ: إِن جَيْأَلًا مُشْتَقٌّ مِنْهُ، قَالَ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ.
جبل: الجَبَل: اسْمٌ لِكُلِّ وَتِدٍ مِنْ أَوتاد الأَرض إِذا عَظُم وَطَالَ مِنَ الأَعلام والأَطواد والشَّناخِيب، وأَما مَا صغُر وَانْفَرَدَ فَهُوَ مِنَ القِنان والقُور والأَكَم، وَالْجَمْعُ أَجْبُل وأَجْبَال وجِبَال.(11/96)
وأَجْبَلَ القومُ: صَارُوا إِلى الجَبَل. وتَجَبَّلُوا: دَخَلوا فِي الجَبَل؛ وَاسْتَعَارَهُ أَبو النَّجْمِ للمَجْد والشَّرَف فَقَالَ:
وجَبَلًا، طَالَ مَعَدّاً فاشْمَخَر، ... أَشَمَّ لَا يَسطِيعُه النَّاسُ، الدَّهَر
وأَراد الدَّهْرَ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ابْنُ الأَعرابي: أَجْبَلَ إِذا صَادَفَ جَبَلًا مِنَ الرَّمْل، وَهُوَ الْعَرِيضُ الطَّوِيلُ، وأَحْبَل إِذا صَادَفَ حَبْلًا مِنَ الرَّمْل، وَهُوَ الدَّقِيقُ الطَّوِيلُ. وجَبْلَة الجَبَل وجَبَلته: تأْسيس خِلْقته الَّتِي جُبِل وخُلِق عَلَيْهَا. وأَجْبَلَ الحافرُ: انْتَهَى إِلى جَبَل. وأَجْبَلَ القومُ إِذا حَفَروا فبَلَغوا الْمَكَانَ الصُّلْب؛ قَالَ الأَعْشَى:
وطالَ السَّنامُ عَلَى جِبْلَةٍ، ... كخَلْقَاءَ مِنْ هَضَباتِ الحَضَن
وَفِي حَدِيثِ
عِكْرِمَةَ: أَن خَالِدًا الحَذَّاء كَانَ يسأَله فَسَكَتَ خَالِدٌ فَقَالَ لَهُ عِكْرِمَةُ: مَا لَكَ أَجْبَلْت
أَي انْقَطَعْتَ، مِنْ قَوْلِهِمْ أَجْبَلَ الحافرُ إِذا أَفْضى إِلى الجَبَل أَو الصَّخْر الَّذِي لَا يَحِيك فِيهِ المِعْوَل. وسأَلته فَأَجْبَلَ أَي وَجَدْتُهُ جَبَلًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا حَكَاهُ وإِنما الْمَعْرُوفُ فِي هَذَا أَن يُقَالَ فِيهِ فَأَجْبَلته. الْفَرَّاءُ: الجَبَل سيِّد الْقَوْمِ وعالِمُهم. وأَجْبَلَ الشاعرُ: صَعُب عَلَيْهِ القولُ كأَنه انْتَهَى إِلى جَبَل مِنْهُ، وَهُوَ مِنْهُ. وابْنَة الجَبَل: الحَيَّة لأَن الجَبَل مأْواها؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد لسَدُوس بْنِ ضَبَابٍ:
إِني إِلى كُلِّ أَيسار وبادية ... أَدْعُو حُبَيْشاً، كَمَا تُدْعَى ابْنَةُ الجَبَل
أَي أُنَوِّه بِهِ كَمَا يُنَوَّه بِابْنَةِ الجَبَل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ابْنَةُ الجَبَل تَنْطلق عَلَى عِدَّة مَعَانٍ: أَحدها أَن يُرَادَ بِهَا الصَّدَى وَيَكُونُ مَدْحاً لِسُرْعَةِ إِجابته كَمَا قَالَ سَدُوسُ بْنُ ضَبَابٍ، وأَنشد الْبَيْتَ: كَمَا تُدْعَى ابْنَةُ الجَبَل؛ وَبَعْدَهُ:
إِن تَدْعُه مَوْهِناً يَعْجَلْ بِجابَتِه، ... عارِي الأَشاجِعِ يَسْعَى غَيْرَ مُشْتَمِل
قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
كأَني، إِذ دَعَوْت بَني سُلَيْمٍ ... دَعَوْتُ بِدَعْوَتي لَهُمُ الجِبالا
قَالَ: وَقَدْ يُضْرَبُ ابْنَةُ الجَبَل الَّذِي هُوَ الصَّدَى مَثَلًا لِلرَّجُلِ الإِمَّعَة الْمُتَابِعِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ. وَفِي بَعْضِ الأَمثال: كُنْتَ الجَبَل مَهْما يُقَلْ تَقُلْ. وَابْنَةُ الجَبَل: الدَّاهِيَةُ لأَنها تَثْقُل كأَنها جَبَل؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
فإِيَّاكُمُ إِيَّاكُمُ وَمُلِمَّةً، ... يقُول لَهَا الكانُونُ صَمِّي ابْنةَ الجَبَل
قَالَ: وَقِيلَ إِن الأَصل فِي ابْنَةِ الجَبَل هُنَا الحَيَّةُ الَّتِي لَا تُجيب الرَّاقِي. وَابْنَةُ الجَبَل: القَوْس إِذا كَانَتْ مِنَ النَّبْع الَّذِي يَكُونُ هُنَاكَ لأَنها مِنْ شَجَرِ الْجَبَلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشد أَبو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ وَغَيْرُهُ:
لَا مالَ إِلَّا العِطافُ تُوزِرُه ... أُمّ ثَلاثينَ، وَابْنَةُ الجَبَل
ابْنَةُ الجَبَل: القَوْسُ، والعِطاف السَّيْفُ، كَمَا يُقَالُ لَهُ الرِّداء؛ قَالَ: وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْآخَرِ:
وَلَا مالَ لِي إِلَّا عِطافٌ ومِدْرَعٌ، ... لَكُمْ طَرَفٌ مِنْهُ جَدِيدٌ وَلِي طَرَف(11/97)
وَرَجُلٌ مَجْبُول: عَظِيمٌ، عَلَى التَّشْبِيهِ بالجَبَل. وجَبْلَة الأَرض: صَلابتها. والجُبْلَة، بِالضَّمِّ: السَّنام. والجَبْل: السَّاحَة؛ قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:
وأَقْوَله للضَّيْفِ أَهْلًا ومَرْحَباً، ... وآمَنه جَارًا وأَوْسَعه جَبْلا
وَالْجَمْعُ أُجْبُل وجُبُول. وجَبَل اللهُ الخَلْقَ يَجْبِلُهم ويَجْبُلُهم: خَلَقَهم. وجَبَلَه عَلَى الشَّيْءِ: طَبَعه. وجُبِلَ الإِنسانُ عَلَى هَذَا الأَمر أَي طُبِع عَلَيْهِ. وجِبْلَة الشَّيْءِ: طبيعتُه وأَصلُه وَمَا بُنِيَ عَلَيْهِ. وجُبْلَتُه وجَبْلَتُه، بِالْفَتْحِ؛ عَنْ كُرَاعٍ: خَلْقُه. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الجَبْلَة الخِلْقة، وَجَمْعُهَا جِبَالٌ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ أَجَنَّ اللهُ جِبَاله أَي جَعَلَهُ كَالْمَجْنُونِ، وَهَذَا نَصُّ قَوْلِهِ. التَّهْذِيبُ فِي قَوْلِهِمْ: أَجَنَّ اللَّهُ جِبَاله، قَالَ الأَصمعي: مَعْنَاهُ أَجَنَّ اللَّهُ جِبْلَته أَي خِلْقته، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَجَنَّ اللَّهُ جِباله أَي الجِبال الَّتِي يَسْكُنُهَا أَي أَكثر اللَّهُ فِيهَا الجِنَّ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
أَسأَلك مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ مَا جُبِلَت عَلَيْهِ
أَي خُلِقَت عَلَيْهِ وطُبِعَت عَلَيْهِ. والجِبْلَة، بِالْكَسْرِ: الخِلْقة؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:
بَيْنَ شُكُول النِّساء خِلقَتُها ... قَصْدٌ، فَلَا جِبْلَةٌ وَلَا قَضَفُ
قَالَ: الشُّكُول الضُّروب؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِ قَيْسِ بْنِ الخَطِيم جَبْلة، بِالْفَتْحِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ: وَهُوَ اسْمُ الْفَاعِلِ مِنْ جَبِلَ يَجْبَلُ فَهُوَ جَبِلَ وجَبْل إِذا غَلُظ، والقَضَف: الدِّقَّة وَقِلَّةُ اللَّحْمِ، والجَبْلَة: الْغَلِيظَةُ؛ يُقَالُ: جَبِلَتْ فَهِيَ جَبِلَة وجَبْلَة. وَثَوْبٌ جَيِّد الجِبْلَة أَي الغَزْل وَالنَّسْجِ والفَتْل. وَرَجُلٌ مَجْبُول: غَلِيظُ الجِبْلة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: كَانَ رَجُلًا مَجْبُولًا ضَخْماً
؛ المَجْبُول الْمُجْتَمِعُ الخَلْق، والجَبِل مِنَ السِّهامِ: الْجَافِي البَرْي؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد الْكُمَيْتُ فِي ذِكْرِ صَائِدٍ:
وأَهْدى إِليها مِنْ ذَواتِ حَفِيرَةٍ، ... بِلَا حظْوةٍ مِنْهَا، وَلَا مُصْفَحٍ جَبِل
والجَبْلُ: الضَّخْم؛ قَالَ أَبو الأَسود الْعِجْلِيُّ:
عُلاكِمُهُ مثلُ الفَنِيقِ شِمِلَّةٌ، ... وحافِرُه فِي ذَلِكَ المِحْلَب الجَبْل
والجِبْلَة والجُبْلَة والجِبِلُّ والجِبِلَّة والجَبِيل والجَبْل والجُبْل والجُبُلُّ والجِبْلُ، كُلُّ ذَلِكَ: الأُمَّة مِنَ الخَلْق وَالْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. وحَيٌّ جِبْلٌ: كَثِيرٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتوفَ لأَهْلِها ... جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجِبْل
أَي الْكَثِيرِ. يَقُولُ: النَّاسُ كُلُّهُمْ مُتْعَة لِلْمَوْتِ يَسْتَمْتِع بِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى الجُبْل، بِضَمِّ الْجِيمِ، قَالَ: وَكَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ. الأَصمعي: الجُبْل والعُبْر النَّاسُ الْكَثِيرُ. وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً
؛ يقرأُ
جُبْلًا عَنْ أَبي عَمْرٍو
،
وجُبُلًا عَنِ الْكِسَائِيِّ
،
وجِبْلًا عَنِ الأَعرج وَعِيسَى بْنِ عُمَرَ
، وجِبِلًّا، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ عن أهل المدينة،
وجُبُلًّا، بالضم وَالتَّشْدِيدِ، عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ أَبي إِسحاق
، قَالَ: وَيَجُوزُ أَيضاً جِبَل، بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، جَمْعُ جِبْلَة وجِبَل وَهُوَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ خَلْقاً كَثِيرًا. قال أَبو الْهَيْثَمِ: جُبْل وجُبُلٌ وجِبْل وجِبِلٌّ وَلَمْ يَعْرِفْ جُبُلًّا، قَالَ: وجَبِيلٌ وجِبِلَّة لُغَاتٌ كُلُّهَا. والجِبِلَّة: الخِلْقة.(11/98)
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ
؛ وقرأَها الْحَسَنُ بِالضَّمِّ، وَالْجَمْعُ الجِبِلَّات. التَّهْذِيبُ: قَالَ الْكِسَائِيُّ الجِبِلَّة والجُبُلَّة تُكْسَرُ وَتُرْفَعُ مُشَدَّدَةً كُسِرَتْ أَو رُفِعَتْ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً
، قَالَ: فإِذا أَردتَ جِماع الجَبِيل قُلْتَ جُبُلًا مِثَالُ قَبيل وقُبُلًا، وَلَمْ يقرأْ أَحد جُبُلًّا. اللَّيْثُ: الجَبْل الخَلْق، جَبَلَهم اللَّهُ فَهُمْ مَجْبُولُونَ، وأَنشد:
بِحَيْثُ شَدَّ الجَابِلُ المَجَابِلا
أَي حَيْثُ شَدَّ أَسْر خَلْقِهم. وَكُلُّ أُمَّة مَضَتْ عَلَى حِدَةٍ فَهِيَ جِبِلَّة. والجُبْل: الشَّجَرُ الْيَابِسُ. ومالٌ جِبْلٌ: كَثِيرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وحاجبٍ كَرْدَسه فِي الحَبْل ... مِنَّا غُلَامٌ، كَانَ غَيْرَ وَغْل،
حَتَّى افْتَدَى مِنْهُ بِمَالٍ جِبْل
قَالَ: وَرُوِيَ بَيْتُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وَيَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَس الجِبْل
وَقَالَ: الأَنَسُ الإِنْس، والجِبْل الْكَثِيرُ. وحَيٌّ جِبْل أَي كَثِير. والجَبُولاء: العَصِيدة وَهِيَ الَّتِي تَقُولُ لَهَا الْعَامَّةُ الكَبُولاء. والجَبْلة والجِبْلة: الْوَجْهُ، وَقِيلَ مَا اسْتَقْبَلَكَ، وَقِيلَ جَبْلة الْوَجْهِ بَشَرته. وَرَجُلٌ جَبْل الْوَجْهِ: غَلِيظُ بَشَرَةِ الْوَجْهِ. وَرَجُلٌ جَبْل الرأْس: غَلِيظُ جِلْدة الرأْس وَالْعِظَامِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا رَمَيْنا جَبْلَة الأَشَدّ ... بِمَقْذَف باقٍ عَلَى الْمَرَدِّ
وَيُقَالُ: أَنت جَبِل وجَبْل أَي قَبِيحٌ. والمُجْبِل فِي الْمَنْعِ «3» . الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ غَلِيظًا إِنه لَذُو جِبْلَة. وامرأَة مِجْبَال أَي غَلِيظَةُ الخَلْق. وَشَيْءٌ جَبِلَ، بِكَسْرِ الْبَاءِ، أَي غَلِيظٌ جَافٌّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي الْمُثَلَّمِ:
صَافِي الحَدِيدةِ لَا نِكْسٌ وَلَا جَبِل
ورجُل جَبِيل الوجْه: قَبِيحُهُ، وَهُوَ أَيضاً الْغَلِيظُ جِلْدَةِ الرأْس وَالْعِظَامِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ جَبَل مِنَ الجِبال إِذا كَانَ عَزِيزاً، وعِزُّ فُلَانٍ يَزْحَم الجِبالَ؛ وأَنشد:
أَلِلبأْسِ أَم للجُودِ أَم لِمَقَاوِمٍ، ... مِنَ العِزِّ، يَزْحَمْنَ الجِبالَ الرَّوَاسِيا؟
وَفُلَانٌ مَيْمونُ العَريكة والجَبِيلة والطَّبِيعة. والجَبْل: القَدَح الْعَظِيمُ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وأَجْبَلْته وجَبَلْته أَي أَجْبَرْته. والجَبَلان: جَبَلا طَيِءٍ أَجَأٌ وسَلْمَى. وجبَلَة بْنُ الأَيْهَم: آخِرُ مُلُوكِ غَسان. وجَبَلٌ وجُبَيْلٌ وجَبَلة: أَسماء. وَيَوْمُ جَبَلة: مَعْرُوفٌ. وجَبَلَة: موضع بنجد.
جبرل: جِبْرِيلُ وجِبرِينُ وجَبْرَئِيلُ، كُلُّه: اسْمُ رُوح القُدُس، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: وَزْنُ جَبْرَئِيل فَعْلَئيل وَالْهَمْزَةُ فِيهِ زَائِدَةٌ لقولهم جِبْريل.
جبهل: رَجُلٌ جَبَهْلٌ إِذا كَانَ جَافِيًا؛ وأَنشد لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ التغلَبي:
إِيّاكِ لَا تَسْتَبْدِلي قَرِدَ القَفا، ... حَزَابِيَةً وهَيَّبَاناً جَبَاجِبا
أَلَفَّ كأَنَّ الغازِلاتِ مَنَحْنَه ... مِنَ الصُّوفِ نِكْثاً، أَو لئِيماً دُبادِبا
جَبَهْلًا تَرَى مِنْهُ الجَبِينَ يَسُوءُها، ... إِذا نَظَرت مِنْهُ الجَمال وَحَاجِبَا
__________
(3) . قوله [والمجبل في المنع] هكذا في الأَصل، وعبارة شرح القاموس: ومن المجاز الإِجْبَال المنع، ويقال سألناهم حاجة فَأَجْبَلُوا أي منعوا(11/99)
الجَبَاجِب والدُّبادِب: الكثير الشَّرِّ والجَلَبة.
جثل: الجَثْل والجَثِيل مِنَ الشَّجَرِ والثِّيابِ والشَّعَر: الكثيرُ الْمُلْتَفُّ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الشَّعَرِ مَا غَلُظ وقَصُر، وَقِيلَ: مَا كَثُف واسْوَدَّ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّخْم الكَثِيف مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. جَثُلَ جَثَالَةً وجُثُولَةً وجَثِل واجْثَأَلَّ النَّبْتُ: طَالَ وغَلُظَ والتفَّ، وَقِيلَ: اجْثَأَلَّ النبتُ اهْتَزَّ وأَمكن أَن يُقْبَض عَلَيْهِ. واجْثَأَلَّ الشَّعَرُ والريشُ: انْتَفَشَ، وَنَاصِيَةٌ جَثْلة، وتُسْتَحبُّ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ الجَثْلَةُ وَهِيَ الْمُعْتَدِلَةُ فِي الْكَثْرَةِ وَالطُّولِ، وَالِاسْمُ الجُثُولة والجَثَالة، وَشَجَرَةٌ جَثْلة إِذا كَانَتْ كَثِيرَةَ الْوَرَقِ ضَخْمة. وشَعَر مُجْثَئِلٌّ أَي مُنْتَفِشٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ مُحْزَئِلُّها، ... مُوَفَّرُ اللِّمَّةِ مُجْثَئِلُّها
واجْثَأَلَّ الطَّائِرُ، بِالْهَمْزِ: تَنَفَّشَ للنَّدَى وَالْبَرَدِ. واجْثَأَلَّ الرجلُ إِذا غَضِبَ وتهيَّأَ للشَّرِّ وَالْقِتَالِ. والمُجْثَئِلُّ: العَرِيض، وَالْهَمْزَةُ عَلَى هَذَا زَائِدَةٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ. والجُثَال: القُبَّرُ. واجْثَأَلَّ: انْتَفَشَتْ قُنْزُعَته؛ قَالَ جَنْدَل بْنُ الْمُثَنَّى:
جَاءَ الشِّتَاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ، ... وطَلَعَتْ شَمْسٌ عَلَيْهَا مِغْفَرُ،
وجَعَلَتْ عَينُ الحَرُورِ تَسكَرُ
تَسْكَرُ أَي يَذْهَبُ حَرُّها. واجْثَأَلَّ النبتُ إِذا اهتزَّ وأَمكن لأَن يُقبض عَلَيْهِ. والمُجْثَئِلُّ مِنَ الرِّجَالِ: الْمُنْتَصِبُ الْقَائِمُ. والجَثْلَة: النَّملة السَّوْدَاءُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: النَّمْلَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالْجَمْعُ جَثْلٌ؛ قَالَ:
وتَرَى الذَّمِيم عَلَى مَرَاسِنِهم، ... غِبَّ الهِيَاجِ، كَمَازِنِ الجَثْل
وعَمَّ بعضُهم بِهِ النَّمل. وثَكِلَتْكَ الجَثَل؛ قِيلَ: الجَثَل هُنَا الأُم؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ، وَقِيلَ: قَيِّمات الْبُيُوتِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وجَثْلة الرَّجُلِ: امرأَتُه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرَى الجَثَل فِي قَوْلِهِمْ ثَكِلَتْكَ الجَثَل إِنما يُعْنى بِهِ الزَّوْجَاتُ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ ابْنِ الأَعرابي: إِن الجَثَل مِنْ قَوْلِهِمْ ثَكِلَتْكَ الجَثَل إِنما يُعْنى بِهِ قَيِّمات الْبُيُوتِ لأَن امرأَة الرَّجُلِ قَيِّمة بَيْتِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ثَكِلَتْكَ الجَثَل، قَالَ: هِيَ الأُمُّ الرَّعْناء، وَكَذَلِكَ ثَكِلَتْك الرَّعْبَل. وجَثَلَتْه الريحُ: كجَفَلَتْه سَوَاءً. والجُثَالة: مَا تَنَاثَرَ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ فِي بَعْضِ اللغات.
جثعل: ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ جَعْثَلٍ: فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ سِتَّةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مِنْهُمُ الجَعْثَل، فَقِيلَ: مَا الجَعْثَل؟ فَقَالَ: هُوَ الفظُّ الْغَلِيظُ
، قَالَ: وَقِيلَ هُوَ مَقْلُوبُ الجَثْعَل وَهُوَ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنما هُوَ العَثْجَل وَهُوَ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ، قَالَ: وكذلك قال الجوهري.
جحل: الجَحْل: الحِرْباء، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْب مِنَ الحِرْباء، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ ذَكَر أُمِّ حُبَيْن؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
فَلما تَقَضَّتْ حاجةٌ مِنْ تَحَمُّلٍ، ... وقَلَّصَ واقْلَوْلى عَلَى عُودِهِ الجَحْلُ
وَيُرْوَى: وأَظهرن، مَكَانَ وقَلَّصَ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّبُّ المُسِنُّ الْكَبِيرُ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ مِنَ الضِّبَاب، والجَحْلُ: يَعْسُوب النَّحْلِ، والجَحْل الجُعَل، وَقِيلَ: هُوَ الْعَظِيمُ مِنَ الْيَعَاسِيبِ والجِعْلان؛(11/100)
قَالَ عَنْتَرَةَ:
كأَنَّ مُؤَشَّرَ العَضُدَيْنِ جَحْلًا ... هَدُوجاً، بَيْنَ أَقْلِبَةٍ مِلاحِ
يَعْنِي الجُعَل، وَالْجَمْعُ جُحُول وجِحْلان. وَقَالَ الأَزهري: الجَحْل ضَرْبٌ مِنَ اليَعاسيب مِنْ صِغارها، وَقِيلَ: الجَحْل اليَعْسوب الْعَظِيمُ وَهُوَ فِي خَلْق الجَرادة إِذا سَقَطَ لَمْ يَضُمَّ جَنَاحَيْهِ. والجَحْلاءُ مِنَ النُّوق: العظيمةُ الخَلْق. والجَحْل: السَّيِّدُ مِنَ الرِّجَالِ. والجَحْل: وَلَدُ الضَّب. والجَحْل: الزِّق، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْعَظِيمَ مِنْهَا. وسِقَاء جَحْل: ضَخْم عَظِيمٌ، وَجَمْعُهُ جُحُول. والجَحْل: الْعَظِيمُ الجَنْبَين، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَرَجُلٌ جَحْل: غَلِيظُ الْوَجْهِ وَاسِعُ الْجَبِينِ كَزُّه فِي غِلَظ وَعِظَمِ أَسنان. وَقَالَ الْجَرْمِيُّ: الجَحْل الْعَظِيمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَيُقَالُ: جَاءَ مُقَدِّحَةً عَيْنُه وَجَاحِلَةً عَيْنُه إِذا غَارَتْ؛ قَالَ ثَعْلَبُ بْنُ عَمْرٍو الْعَبْدِيُّ:
وأَهْلَكَ مُهْرَ أَبيك الدَّوَاءُ، ... لَيْسَ لَهُ مِنْ طعامٍ نَصِيبُ
فَتُصْبحُ جَاحِلَةً عَيْنُه ... لحِنْوِ اسْتِه، وصَلاه غُيوبُ
قَالَ: وَالْقَصِيدَةُ فِي الْجُزْءِ الأَول مِنَ الأَصمَعِيَّات، وَهَذَا الْبَيْتُ: فَتُصْبِحُ جَاحِلَةً عَيْنُهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَالْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ حَجَلَ وأَنشده شَاهِدًا عَلَى حجَلَت عَيْنُهُ إِذا غَارَتْ وَيَحْتَاجُ إِلى نَظَرٍ. وضَرَبه فجَحَلَه جَحْلًا أَي صَرَعَه. وجَحَّلَه: شُدِّد لِلْمُبَالَغَةِ. والجَحْل: صَرْعُ الرجلِ صاحبَه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ومالَ أَبو الشَّعْثاءِ أَشْعَثَ دامِياً، ... وإِنَّ أَبا جَحْلٍ قَتِيلٌ مُجَحَّل
وَرُبَّمَا قَالُوا جَحْلَمَه إِذا صَرَعه، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والجُحَال، بِالضَّمِّ، السَّمُّ الْقَاتِلُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَنشد الأَحمر:
جَرَّعَه الذَّيْفَانَ والجُحَالا
قَالَ: وأَما الجُخَال، بِالْخَاءِ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو زَيْدٍ «1» قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لِشَرِيكِ بْنِ حَيَّانَ الْعَنْبَرِيِّ وَصَوَابُهُ جَرَّعْتُه؛ وَقَبْلَهُ:
لاقَى أَبو نَخْلَةَ مِنِّي مَا لَا ... يَرُدُّهُ، أَو يَنْقُلَ الْجِبَالَا
جَرَّعْتُه الذَّيْفَان والجُحَالا، ... وسَلَعاً أَوْرَثَه سُلالا
وَهَذَا الْبَيْتُ بِعَيْنِهِ أَعني جَرَّعْتُه ذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَماليه فِي تَرْجَمَةِ حَجَلَ، بِالْحَاءِ قَبْلَ الْجِيمِ، وَقَالَ مَا صُورَتُهُ: وَمِنْ هَذَا الْفَصْلِ الحُجَال السُّمُّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
جَرَّعْتُهُ الذَّيْفَانَ وَالْحُجَالَا
وَذَكَرَهُ بِعَيْنِهِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الْحَاءِ، وَلَا أَدري هَلْ هُمَا بَيْتَانِ بِهَاتَيْنِ اللُّغَتَيْنِ أَو هُمَا بَيْتٌ وَاحِدٌ دَاخَلَ الشيخَ الوَهْمُ فِيهِ، وَاللَّهُ أَعلم. وجَحْلة وجَحْل: اسْمُ رَجُلٍ. وامرأَة جَيْحَل: غَلِيظَةُ الخَلْق ضَخْمة. والجَيْحَل: الْعَظِيمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والجَيْحَل: الصَّخْرَةُ العَظيمةُ المَلْساءُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
مِنْهُ بعَجْزٍ كالصَّفاة الجَيْحَل
والجَيْحَل: الجبل.
جحدل: جَحْدَله: صَرَعَه، وَقَذَهُ أَو لَمْ يَقِذْه، وجحْدَلْته صَرَعته؛ قال الشاعر:
__________
(1) . قوله [أَبو زيد] في نسخ الصحاح: أَبو سعيد(11/101)
نحْنُ جَحْدَلْنا عيَاذاً وابنَه ... بِبَلاطٍ، بَينَ قَتْلَى لَمْ تُجَن
وفي الحديث
: رأَت فِي الْمَنَامِ أَن رأْسي قَدْ قُطِعَ فَهُوَ يَتَجَحْدَل وأَنا أَتْبَعه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا فِي مُسْنَدِ أَحمد وَالْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَةِ
يَتَدَحْرَجُ
، قَالَ: فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ بِهِ فَالَّذِي جَاءَ فِي اللُّغَةِ أَن جَحْدَلْته بِمَعْنَى صَرَعْته. والجَحْدَلة: الجَمْع. وجَحْدَلَ الأَموالَ: جَمَعَها. وجَحْدَلَ إِبِلَه: ضَمَّها، وجَحْدَلَها: أَكْرَاها؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
عَجِيج المُذَكَّى شدَّه، بعدَ هَدْأَةٍ، ... مُجَحْدَل آفَاقٍ بَعِيدُ المَذَاهب
الأَزهري: ابْنُ حَبِيبٍ تَجَحْدَلَتِ الأَتَانُ إِذا تَقَبَّض حَيَاؤها للوِدَاق؛ وأَنشد بَيْتَ جَرِيرٍ:
وكَشَفْتُ عَنْ أَيْرِي لَهَا فَتَجَحْدَلتْ، ... وَكَذَاكَ صاحبةُ الوِدَاقُ تَجَحْدَلُ
قَالَ: تَجَحْدُلُها تَقَبضُها واجْتِماعُها؛ وَقَالَ الْوَالِبِيُّ وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ للأَسدي:
تَعَالَوْا نجْمَعِ الأَمْوالَ حَتَّى ... نُجَحْدِلَ، مِنْ عَشِيرتِنا، المِئِينا
وَفِي نُسْخَةٍ: مِئِينا. والمُجَحْدِل: الَّذِي يُكْرِي مِنْ قَرْية إِلى قَرْيَةٍ أُخرى، قَالَ: وَهُوَ الضَّفَّاطُ أَيضاً. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: المُجَحْدِل الَّذِي يُكْرِي مِنْ مَاءٍ إِلى مَاءٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِلى أَيِّ شيءٍ يُثْقِلُ السَّيفُ عاتِقِي، ... إِذا قادَني، وَسْطَ الرِّفاقِ، المُجَحْدِلُ؟
والجَحْدَل: الْحَادِرُ السَّمِين. ابْنُ الأَعرابي: جَحْدَلَ إِذا اسْتَغْنَى بَعْدَ فَقْرٍ، وجَحْدَلَ إِذا صَارَ جَمّالًا. وجَحْدَلَ إِناءَه: ملأَه. وجَحْدَلَ قِرْبَتَه: ملأَها. ابْنُ بَرِّيٍّ: والجَحْدَلَة مِنَ الحُدَاء الحَسَنُ المُوَلَّدُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَوْرَدَها المُجَحْدِلون فَيْدا، ... وزَجَرُوها فَمَشَتْ رُويدا
جحشل: الجَحْشَل والجُحَاشِل: السَّرِيع الْخَفِيفُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لاقَيْتُ مِنْهُ مُشْمَعِلًّا جَحْشَلا، ... إِذا خَبَبْتُ فِي اللِّقاءِ هَرْوَلا
جحفل: الجَحْفَل: الْجَيْشُ الْكَثِيرُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خَيْل؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
وأَرْعَنَ مَجْرٍ عَلَيْهِ الأَداةُ، ... ذِي تُدْرَإٍ لَجِبٍ جَحْفَلِ
والجَحْفَل: السَّيِّد الْكَرِيمُ. وَرَجُلٌ جَحْفَل: سَيِّدٌ عَظِيمُ القَدْر؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
بَني أُمِّ ذِي الْمَالِ الْكَثِيرِ يَرَوْنَه، ... وإِن كَانَ عَبْدًا، سَيِّدَ القَوْم جَحْفَلا
وتَجَحْفَل القومُ: تَجَمَّعوا، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وجَحَافِل الخَيْل: أَفْواهُها. وجَحْفَلة الدَّابَّةِ: مَا تَنَاوَلُ بِهِ العَلَفَ، وَقِيلَ: الجَحْفَلة مِنَ الخَيْل والحُمُر والبغالِ وَالْحَافِرِ بِمَنْزِلَةِ الشَّفَةِ مِنَ الإِنسان والمِشْفَر لِلْبَعِيرِ؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ لِذَوَاتِ الخُفِّ؛ قَالَ:
جَابَ لَهَا لُقْمانُ فِي قِلاتِها ... مَاءً نَقُوعاً لَصَدى هاماتِها،
تَلْهَمُه لَهْماً بجَحْفَلاتها(11/102)
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرَاجِزٍ يَصِفُ إِبلًا:
تَسْمَعُ لِلْمَاءِ كصَوْتِ المَسْحَلِ، ... بَينَ وَرِيدَيْها، وبَينَ الجَحْفَلِ
ابْنُ الأَعرابي: الجَحْفَل العريضُ الْجَنْبَيْنِ. وجَحْفَلَهُ أَي صَرَع وَرَمَاهُ، وَرُبَّمَا قَالُوا جَعْفَله. والجَحَنْفَل، بِزِيَادَةِ النُّونِ: الْغَلِيظُ، وَهُوَ أَيضاً الْغَلِيظُ الشَّفَتَيْنِ، وَنُونُهُ مُلْحِقة لَهُ بِبِنَاءِ سَفَرْجَلٍ.
جخدل: غُلَامٌ جَخْدَل وجُخْدُل، كلاهما: حادِرٌ سمين.
جدل: الجَدْل: شِدَّة الفَتْل. وجَدَلْتُ الحَبْلَ أَجْدِلُه جَدْلًا إِذا شَدَدْتَ فَتْله وفَتَلْتَه فَتْلًا مُحْكَماً؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِزِمَامِ النَّاقَةِ الجَدِيل. ابْنُ سِيدَهْ: جَدَلَ الشيءَ يَجْدُلُهُ ويَجْدِلُهُ جَدْلًا أَحكم فَتْله؛ وَمِنْهُ جَارِيَةٌ مَجْدُولة الخَلْق حَسَنة الجَدْل. والجَدِيل: الزِّمَامُ الْمَجْدُولُ مِنْ أَدم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وكَشْحٍ لطيفٍ كالجَدِيل مُخَصَّرٍ، ... وسَاقٍ كأُنْبُوب السَّقِيِّ المُذلَّل
قَالَ: وَرُبَّمَا سُمِّي الوِشاح جَدِيلًا؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَجْلَانَ النَّهْدِيُّ:
جَديدة سِرْبالِ الشَّبابِ، كأَنَّها ... سَقِيّة بَرْدِيٍّ نَمَتْها غُيُولها
كأَنَّ دِمَقْساً أَو فُروعَ غَمامةٍ، ... عَلَى مَتْنِها، حَيْثُ اسْتَقَرَّ جَديلُها
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِآخَرَ:
أَذكَرْت مَيَّةَ إِذ لَهَا إِتْبُ، ... وجَدَائلٌ وأَنامِلٌ خُطْبُ
والجَدِيل: حَبْل مَفْتُولٌ مِنْ أَدم أَو شَعْرٍ يَكُونُ فِي عُنق الْبَعِيرِ أَو النَّاقَةِ، وَالْجَمْعُ جُدُلٌ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. التَّهْذِيبُ: وإِنه لَحَسن الأَدَم وحَسَن الجَدْل إِذا كَانَ حَسَنَ أَسْرِ الخَلْق. وجُدُول الإِنسان: قَصَبُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. والجَدْل والجِدْل: كُلُّ عَظْم مُوَفَّر كَمَا هُوَ لَا يكسَر وَلَا يُخْلَط بِهِ غيرُه. والجِدْل [الجَدْل] : الْعُضْوُ، وَكُلُّ عُضْوٍ جِدْل، وَالْجَمْعُ أَجْدال وجُدُول، وَقِيلَ: كُلُّ عَظْمٍ لَمْ يُكْسَرْ جَدْل وجِدْل. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عنها: العَقِيقة تُقْطَع جُدُولًا لَا يُكْسَر لَهَا عَظْم
؛ الجدُول: جَمْعُ جَدْل وجِدْل، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَهُوَ الْعُضْوُ. وَرَجُلٌ مَجْدول، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَجْدول الخَلْق لَطيف القَصَب مُحْكَم الفَتْل. وَالْمَجْدُولُ: القَضِيف لَا مِنْ هُزَال. وَغُلَامٌ جَادِل: مُشْتَدّ. وساقٌ مَجْدولة وجَدْلاء: حَسنَة الطَّيِّ، وَسَاعِدٌ أَجْدَل كَذَلِكَ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فأَخْرَجَهم أَجْدَلُ السَّاعِدَيْنِ، ... أَصْهَبُ كالأَسَدِ الأَغْلَب
وجَدَلَ وَلَدُ النَّاقَةِ وَالظَّبْيَةِ يَجْدُلُ جُدُولًا: قَوِي وتَبِع أُمه. والجَادِل مِنَ الإِبل: فَوْقَ الرَّاشِح، وَكَذَلِكَ مِنْ أَولاد الشَّاءِ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ قَوِي ومَشى مَعَ أُمه، وجَدَل الْغُلَامُ يَجْدُل جُدُولًا واجْتَدَلَ كَذَلِكَ. والأَجْدَل: الصَّقْر، صِفَةٌ غَالِبَةٌ، وأَصله مِنَ الجَدْل الَّذِي هُوَ الشِّدَّة، وَهِيَ الأَجَادِل، كَسَّروه تَكْسِيرَ الأَسماءِ لِغَلَبَةِ الصِّفَةِ، وَلِذَلِكَ جعله سيبوبه مِمَّا يَكُونُ صِفَةً فِي بَعْضِ الْكَلَامِ وَاسْمًا فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَقَدْ يُقَالُ للأَجْدَل أَجْدَليٌّ، وَنَظِيرُهُ عَجَمِيٌّ وأَعْجَمِيٌّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:(11/103)
كأَنَّ بَني الدعماءِ، إِذ لَحِقُوا بِنا، ... فِراخُ القَطَا لاقَيْنَ أَجْدَلَ بازِيَا
اللَّيْثُ: إِذا جَعَلْت الأَجْدل نَعْتًا قُلْتَ صَقْر أَجْدَل وصُقُور جُدْل، وإِذا تَرَكْتَهُ اسْمًا للصَّقْر قُلْتَ هَذَا الأَجْدَل وَهِيَ الأَجَادِل، لأَن الأَسماء الَّتِي عَلَى أَفْعَل تُجْمَعُ عَلَى فُعْل إِذا نُعِت بِهَا، فإِذا جَعَلْتَهَا أَسماء مَحْضة جُمِعَتْ عَلَى أَفَاعل؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
يَخُوتُونَ أُخْرى القَوْم خَوْتَ الأَجَادِل
أَبو عُبَيْدٍ: الأَجَادِل الصُّقُور، فإِذا ارْتَفَعَ عَنْهُ فَهُوَ جَادِل. وَفِي حَدِيثِ
مُطَرِّفٍ: يَهْوِي هُوِيَّ الأَجَادِل
؛ هِيَ الصُّقُورُ، وَاحِدُهَا أَجْدَل وَالْهَمْزَةُ فِيهِ زَائِدَةٌ. والأَجْدَلُ: اسْمُ فَرَسِ أَبي ذَرٍّ الغِفاري، رَحِمَهُ اللَّهُ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ. وجَدَالة الخَلْق: عَصْبُه وطَيُّه؛ ورَجل مَجْدُول وامرأَة مَجْدُولة. والجَدَالَة: الأَرض لشِدَّتها، وَقِيلَ: هِيَ أَرض ذَاتُ رَمْلٍ دَقِيقٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ أَرْكَب الآلَةَ بَعْدَ الْآلَهْ، ... وأَتْرُك العَاجِزَ بالجَدَاله
والجَدْل: الصَّرْع. وجَدَلَهُ جَدْلًا وجَدَّلَهُ فانْجَدَلَ وتَجَدَّلَ: صَرَعه عَلَى الجَدَالة وَهُوَ مَجْدُول، وَقَدْ جَدَلْتُه جَدْلًا، وأَكثر مَا يُقَالُ جَدَّلْتُهُ تَجْدِيلًا، وَقِيلَ للصَّرِيع مُجَدَّل لأَنه يُصْرَع عَلَى الجَدَالة. الأَزهري: الْكَلَامُ الْمُعْتَمَدُ: طَعَنَه فَجَدَّلَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَنا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ فِي أُم الْكِتَابِ وإِن آدَمَ لَمُنْجَدِل فِي طِينَتِهِ
؛ شَمِرٌ: المُنْجَدِل السَّاقِطُ، والمُجَدَّل المُلْقى بالجَدَالة، وَهِيَ الأَرض؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ صَيَّادٍ: وَهُوَ مُنْجَدِل فِي الشَّمْسِ
، وَحَدِيثُ
عَلِيٍّ حِينَ وَقَفَ عَلَى طَلْحَةَ وَهُوَ قَتِيلٌ فَقَالَ: أَعْزِزْ عَلَيَّ أَبا مُحَمَّدٍ أَن أَراك مُجَدَّلًا تَحْتَ نُجوم السَّمَاءِ
أَي مُلْقًى عَلَى الأَرض قَتيلًا. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ أَنه قَالَ لِصَعْصَعَةَ: مَا مرَّ عَلَيْكَ جَدَّلْته
أَي رَمَيْتَهُ وَصَرَعْتَهُ؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
مُجَدَّل يَتَكَسَّى جِلْدُه دَمَه، ... كَمَا تَقَطَّرَ جِذْعُ الدَّوْمة القُطُلُ
يُقَالُ: طَعَنَهُ فجَدَلَه أَي رَمَاهُ بالأَرض فانْجَدَلَ سَقَط. يُقَالُ: جَدَلْته، بِالتَّخْفِيفِ، وجَدَّلته، بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ أَعم. وعَنَاق جَدْلاء: فِي أُذُنها قِصَر. والجَدَالة: البَلَحة إِذا اخْضَرَّت وَاسْتَدَارَتْ، وَالْجَمْعُ جَدَالٌ؛ قَالَ بَعْضُ أَهل الْبَادِيَةِ وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْمُخَبَّلِ السَّعْدِيِّ:
وَسَارَتْ إِلى يَبْرِينَ خَمْساً، فأَصْبَحَتْ ... يَخِرُّ عَلَى أَيدي السُّقَاة جَدَالُها
قَالَ أَبو الْحَسَنِ: قَالَ لِي أَبو الْوَفَاءِ الأَعرابي جَدَالها هَاهُنَا أَولادُها، وإِنما هُوَ لِلْبَلَحِ فَاسْتَعَارَهُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الجَدَالة فَوْقَ البَلَحة، وَذَلِكَ إِذا جَدَلَتْ نَوَاتُها أَي اشتدَّت، واشتُقَّ جُدول، وَلَدُ الظَّبْيَةِ، مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ قَالَ إِذا جَدَلَتْ نَوَاتُهَا لأَن الجَدَالة لَا نَوَاةَ لَهَا، وَقَالَ مرَّة: سمِّيت البُسْرَة جَدَالة لأَنها تَشْتَدُّ نَوَاتُهَا وَتَسْتَتِمُّ قَبْلَ أَن تُزْهِي، شُبِّهَتْ بالجَدَالة وَهِيَ الأَرض. الأَصمعي: إِذا اخضرَّ حَبُّ طَلْع النَّخِيلِ وَاسْتَدَارَ قَبْلَ أَن يَشْتَدَّ فإِن أَهل نَجْدٍ يُسَمُّونَهُ الجَدَال. وجَدَلَ الحَبُّ فِي السُّنْبُلِ يَجْدُلُ: وَقَعَ فِيهِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ قَوِي. والمِجْدَل: القَصْر المُشْرِف لوَثَاقَة بِنَائِهِ، وَجَمْعُهُ مَجَادِل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:(11/104)
كَسَوْتُ العِلافِيَّاتِ هُوجاً كأَنَّها ... مَجَادِلُ، شدَّ الرَّاصِفُونَ اجْتِدَالَها
وَالِاجْتِدَالُ: الْبُنْيَانُ، وأَصل الجَدْل الفَتْل؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لأَبي كَبِيرٍ:
فِي رأْس مُشْرِفة القَذال، كأَنما ... أَطْرُ السحابِ بِهَا بَياضُ المِجْدَل
وَقَالَ الأَعشى:
فِي مِجْدَلٍ شُدِّدَ بنيانُه، ... يَزِلُّ عَنْهُ ظُفُرُ الطَّائِرِ «2»
ودِرْع جَدْلاءُ ومَجْدُولَة: مُحْكَمة النَّسْجِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الجَدْلاء والمَجْدُولة مِنَ الدُّرُوعِ نحوُ المَوْضونة وَهِيَ الْمَنْسُوجَةُ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَهِيَ الْمَحْكَمَةُ؛ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
فِيهِ الجِيَادُ، وَفِيهِ كُلُّ سَابِغَةٍ ... جَدْلاءُ مُحْكمة مِنْ نَسْج سَلَّام
اللَّيْثُ: جَمْعُ الجَدْلاء جُدْل. وَقَدْ جُدِلَت الدروعُ جَدْلًا إِذا أُحكمت. شَمِرٌ: سمِّيت الدُّروع جَدْلًا وَمَجْدُولَةً لإِحكام حَلَقِها كَمَا يُقَالُ حَبْل مَجْدُولٌ مَفْتُولٌ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
فَهُنَّ كعِقْبان الشَّرِيج جَوَانِحٌ، ... وَهُمْ فَوْقَهَا مُسْتَلْئِمو حَلَق الجَدْل
أَراد حَلَق الدِّرْعِ الْمَجْدُولَةَ فَوَضَعَ الْمَصْدَرَ مَوْضِعَ الصِّفَةِ الْمَوْضُوعَةِ مَوْضِعَ المَوصوف. والجَدْل: أَن يُضْرب عُرْضُ الحَديد حَتَّى يُدَمْلَج، وَهُوَ أَن تُضْرَبَ حُرُوفَهُ حَتَّى تَسْتَدِيرَ. وأُذُن جَدْلاء: طَوِيلَةٌ لَيْسَتْ بِمُنْكَسِرَةٍ، وَقِيلَ: هِيَ كالصَّمْعاءِ إِلَّا أَنها أَطول، وَقِيلَ: هِيَ الوَسَط مِنَ الْآذَانِ. والجِدْل والجَدْل: ذَكَر الرَّجُلِ، وَقَدْ جَدَلَ جُدولًا فَهُوَ جَدِلٌ وجَدْلٌ عَرْدٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى جَدِلًا عَلَى النَّسَبِ. ورأَيت جَدِيلَةَ رَأْيه أَي عزيمتَه. والجَدَل: اللَّدَدُ فِي الخُصومة والقدرةُ عَلَيْهَا، وَقَدْ جَادَلَهُ مُجَادَلَةً وجِدَالًا. وَرَجُلٌ جَدِل ومِجْدَل ومِجْدال: شَدِيدُ الجَدَل. وَيُقَالُ: جَادَلْتُ الرجلَ فجَدَلْتُهُ جَدْلًا أَي غَلَبْتُهُ. وَرَجُلٌ جَدِلٌ إِذا كَانَ أَقوى فِي الخِصام. وجَادَلَهُ أَي خَاصَمَهُ مُجَادَلَةً وجِدالًا، وَالِاسْمُ الجَدَل، وَهُوَ شدَّة الخصومة. وفي الْحَدِيثِ
: مَا أُوتيَ الجَدَلَ قومٌ إِلَّا ضَلُّوا
؛ الجَدَل: مُقَابَلَةُ الْحُجَّةِ بِالْحُجَّةِ؛ وَالْمُجَادَلَةُ: الْمُنَاظَرَةُ وَالْمُخَاصَمَةُ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الجَدَلُ عَلَى الْبَاطِلِ وطَلَبُ الْمُغَالَبَةِ بِهِ لَا إَظهار الْحَقِّ فإِن ذَلِكَ مَحْمُودٌ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
. وَيُقَالُ: إِنه لَجَدِل إِذا كَانَ شَدِيدَ الخِصام، وإِنه لمَجْدُول وَقَدْ جَادَلَ. وَسُورَةُ المُجَادَلَة: سُورَةُ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ لِقَوْلِهِ: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ
؛ وَهُمَا يَتَجَادَلان فِي ذَلِكَ الأَمر. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: قَالُوا مَعْنَاهُ لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَن يُجَادِلَ أَخاه فَيُخْرِجَهُ إِلى مَا لَا يَنْبَغِي. والمَجْدَل: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه، لأَن الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ إِذا اجْتَمَعُوا أَن يَتَجَادَلُوا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فانْقَضَّ بالسَّيْر وَلَا تَعَلَّلِ ... بِمَجْدَل، ونِعْم رأْسُ المَجْدَلِ
والجَدِيلة: شَرِيجة الْحَمَامِ وَنَحْوُهَا، وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الجَدِيلة: جَدَّال، وَيُقَالُ: رَجُلٌ جَدَّال بَدَّال مَنْسُوبٌ إِلى الجَدِيلة الَّتِي فِيهَا الحَمام. والجَدَّال: الَّذِي يَحْصُر الحَمام فِي الجَدِيلة. وحَمام جَدَلِيٌّ:
__________
(2) . في الصحاح: شيّد(11/105)
صَغِيرٌ ثَقِيلُ الطَّيَرَانِ لِصِغَرِهِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يأْتي بالرأْي السَّخِيف: هَذَا رأْي الجَدّالين والبَدّالين، والبَدَّال الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَالٌ إِلَّا بِقَدْرِ مَا يَشْتَرِي بِهِ شَيْئًا، فإِذا بَاعَهُ اشْتَرَى بِهِ بَدَلًا مِنْهُ فَسُمِّيَ بَدَّالًا. والجَدِيلَة: القَبِيلة وَالنَّاحِيَةُ. وجَدِيلَة الرَّجُلِ وجَدْلاؤُه: نَاحِيَتُهُ. وَالْقَوْمُ عَلَى جَدِيلة أَمرهم أَي عَلَى حَالِهِمُ الأَول. وَمَا زَالَ عَلَى جَدِيلة وَاحِدَةٍ أَي عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ وَطَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الشَّاكِلَةُ النَّاحِيَةُ وَالطَّرِيقَةُ والجَدِيلة، مَعْنَاهُ عَلَى جَدِيلته أَي طَرِيقَتِهِ وَنَاحِيَتِهِ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: وعَبْدُ الْمَلِكِ إِذ ذَاكَ عَلَى جَدِيلته وَابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى جَدِيلته، يُرِيدُ نَاحِيَتَهُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ عَلَى جَدِيلته وجَدْلائه كَقَوْلِكَ عَلَى نَاحِيَتِهِ. قَالَ شَمِرٌ: مَا رأَيت تَصْحِيفًا أَشبه بِالصَّوَابِ مِمَّا قرأَ مَالِكُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ، فصحَّف فَقَالَ عَلَى حَدٍّ يَلِيه، وإِنما هُوَ عَلَى جَدِيلته أَي نَاحِيَتِهِ وَهُوَ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. والجَدِيلة: الشاكلة. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَتَب فِي الْعَبْدِ إِذا غَزَا عَلَى جَدِيلته لَا يَنْتَفِعُ مَوْلَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ خِدْمَتِهِ فأَسْهِم لَهُ
؛ الجَدِيلة: الْحَالَةُ الأُولى. يُقَالُ: الْقَوْمُ عَلَى جَدِيلَة أَمرهم أَي عَلَى حَالَتِهِمُ الأُولى. وَرَكِبَ جَدِيلة رأْيه أَي عَزيمتَه، أَراد أَنه إِذا غَزا مُنْفَرِدًا عَنْ مَوْلَاهُ غَيْرَ مَشْغُولٍ بِخِدْمَتِهِ عَنِ الْغَزْوِ. والجَدِيلة: الرَّهْط وَهِيَ مِنْ أَدَم كَانَتْ تُصنع فِي الْجَاهِلِيَّةِ يأْتَزِر بِهَا الصِّبْيَانُ وَالنِّسَاءُ الحُيَّض. وَرَجُلٌ أَجْدَل المَنْكِب: فِيهِ تَطَأْطؤ وَهُوَ خِلَافُ الأَشْرَف مِنَ الْمَنَاكِبِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ بِالْحَاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الطَّائِرُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: بِهِ سُمِّي الأَجْدَل وَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ. ابْنُ سِيدَهْ: الجَدِيلَة النَّاحِيَةُ وَالْقَبِيلَةُ. وجَدِيلة: بَطْنٌ مِنْ قَيْسٍ مِنْهُمْ فَهْم وعَدْوان، وَقِيلَ: جَدِيلَة حيٌّ من طيِء وَهُوَ اسْمُ أُمهم وَهِيَ جَدِيلَة بِنْتُ سُبَيْع بْنِ عَمْرِو بْنِ حِمْيَر، إِليها يُنْسَبُونَ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم جَدَليٌّ مِثْلُ ثَقَفيٍّ. وجَدِيل: فَحْل لمَهْرة بْنِ حَيْدان، فأَما قَوْلُهُمْ فِي الإِبل جَدَلِيَّة فَقِيلَ: هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى هَذَا الْفَحْلِ، وَقِيلَ: إِلى جَديلة طيِء، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَيُنْسَبُ إِليهم فَيُقَالُ: جَدَلِيٌّ. اللَّيْثُ: وجَدِيلة أَسَدٍ قَبِيلَةٌ أُخرى. وجَدِيل وشَدْقَم: فَحْلان مِنَ الإِبل كَانَا لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ. والجَدْوَل: النَّهْرُ الصَّغِيرُ، وَحَكَى ابْنُ جِنِّيٍّ جِدْوَل، بِكَسْرِ الْجِيمِ، عَلَى مِثَالِ خِرْوَع. اللَّيْثُ: الجَدْوَل نَهْرُ الْحَوْضِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الأَنهار الصِّغَارِ يُقَالُ لَهَا الجَداوِل. وَفِي حَدِيثِ
الْبَرَاءِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا، قَالَ: جَدْوَلًا
وَهُوَ النَّهْرُ الصَّغِيرُ. والجَدْوَل أَيضاً: نهر معروف.
جذل: الجِذْل: أَصل الشَّيْءِ الْبَاقِي مِنْ شَجَرَةٍ وَغَيْرِهَا بَعْدَ ذَهَابِ الْفَرْعِ، وَالْجَمْعُ أَجذال وجِذال وجُذُول وجُذُولة. والجِذْل: مَا عَظُم مِنْ أُصول الشَّجَرِ المُقَطَّع، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْعِيدَانِ مَا كَانَ عَلَى مِثَالِ شَمَارِيخِ النَّخْلِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. اللَّيْثُ: الجِذْل أَصل كُلِّ شَجَرَةٍ حِينَ يَذْهَبُ رأْسها. يُقَالُ: صَارَ الشَّيْءُ إِلى جِذْلِه أَي أَصله، وَيُقَالُ لأَصل الشَّيْءِ جِذْل، وَكَذَلِكَ أَصل الشَّجَرِ يُقَطَّعُ، وَرُبَّمَا جُعِل العُود جِذْلًا فِي عَيْنِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: الجِذْل وَاحِدُ الأَجْذال وَهِيَ أُصول الحَطَب الْعِظَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ
: يُبْصِرُ أَحدكم القَذى فِي عَيْنِ أَخيه وَلَا يُبْصِرُ الجِذْل فِي عَيْنِهِ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ التَّوْبَةِ:
ثُمَّ مَرَّت بجِذْل شَجَرَةٍ فَتَعَلَّق بِهِ(11/106)
زِمامُها
، وَمِنْهُ حَدِيثُ
سَفِينَةَ: أَنه أَشاط دَمَ جَزُور بِجِذْل
أَي بِعُودٍ. والجِذْل: عُودٌ يُنْصَبُ للإِبل الجَرْبى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ عُطارد، وَقِيلَ بَلْ هُوَ الحُباب بْنُ الْمُنْذِرِ: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك؛ قَالَ يَعْقُوبُ: عَنى بالجُذَيْل هَاهُنَا الأَصل مِنَ الشَّجَرَةِ تحتكُّ بِهِ الإِبل فَتَشْتَفِي بِهِ، أَي قَدْ جَرَّبتني الأُمور وَلِي رأْي وَعِلْمٌ يُشْتَفَى بِهِمَا كَمَا تَشْتَفِي هَذِهِ الإِبل الجَرْبى بِهَذَا الجِذْل، وصَغَّره عَلَى جِهَةِ الْمَدْحِ، وَقِيلَ: الجِذْل هُنَا العُود الَّذِي يُنْصَبُ للإِبل الجَرْبى؛ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو ذؤَيب أَو ابْنُهُ شِهَابٌ:
رِجالٌ بَرَتْنا الحَرْبُ حَتَّى كأَنَّنا ... جِذَال حِكاكٍ، لَوَّحَتْها الدَّواجِنُ
وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ. وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ:
أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك.
وجِذْلا النَّعْلِ: جَانِبَاهَا. اللَّيْثُ: الجذلُ انْتِصَابُ «1» الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ وَنَحْوُهُ عُنُقه، وَالْفِعْلُ جَذَل يَجْذُل جُذُولًا، قَالَ: وجَذِل يَجْذَل جَذَلًا فَهُوَ جَذِل وجَذْلانُ، وامرأَة جَذْلى، مِثْلُ فَرِحٍ وفَرْحان. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ أَجاز لَبِيدٌ جَاذِل بِمَعْنَى جَذِلٍ فِي قَوْلِهِ:
وَعانٍ فَكَكْناه بِغَيْرِ سُوامِه، ... فأَصْبَحَ يَمْشي فِي المَحَلَّة جَاذِلا
أَي فَرِحاً. والجَاذِلُ والجاذِي: المُنْتَصب، وَقَدْ جَذَا يَجْذُو وجَذَلَ يَجْذُلُ. الْجَوْهَرِيُّ: الجَاذِل الْمُنْتَصِبُ مَكَانَهُ لَا يَبْرَح، شُبِّه بالجِذْل الَّذِي يُنْصَب فِي المعاطنِ لتَحْتَكَّ بِهِ الإِبل الجَرْبى، وجَذَلَ الشيءُ يَجْذُلُ جُذُولًا: انْتَصَبَ وَثَبَتَ لَا يَبْرَح؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
لاقَتْ عَلَى الْمَاءِ جُذَيْلًا واتِدا، ... وَلَمْ يَكُنْ يُخْلِفُها المَواعِدا
وَيُرْوَى جُذَيْلًا واطِداً، والواطِدُ والواتِدُ: الثَّابِتُ. وجُذَيْلًا: يُرِيدُ راعِياً شَبَّهَه بالجِذْل. وإِنه لجِذْلُ رِهان أَي صَاحِبُ رِهان؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
هَلْ لَكَ فِي أَجْوَدِ مَا قادَ العَرَب؟ ... هَلْ لَكَ فِي الخالِص غَيْرِ المُؤْتَشَب؟
جِذْل رِهانٍ فِي ذِراعَيْه حَدَب، ... أَزَلَّ إِن قِيدَ، وإِن قَامَ نَصَب
يَقُولُ: إِذا قَامَ رأَيته مُشْرِف العُنُق والرأْس. وَيُقَالُ: فُلَانٌ جِذْل مَالٍ إِذا كَانَ رَفِيقاً بسِياسَته حَسَنَ الرِّعْية. والأَجْذال: مَا بَرَزَ وظهر من رؤوس الْجِبَالِ، وَاحِدُهَا جِذْل. والجَذَل، بِالتَّحْرِيكِ: الفَرَحُ. وجَذِل، بِالْكَسْرِ، بِالشَّيْءِ يَجْذَل جَذَلًا، فَهُوَ جَذِلٌ وجَذْلانُ: فَرِح، وَالْجَمْعُ جَذالى، والأُنثى جَذْلانَةٌ وَقَدْ يَجُوزُ فِي الشِّعْرِ جَاذِلٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ أَصْهَرَتْ ذَا أَسْهُمٍ بَاتَ جاذِلًا، ... لَهُ فَوْق زُجَّيْ مِرفَقَيْه وحاوحُ
وأَجْذَلَه غيرُه أَي أَفْرَحَه. واجْتَذَلَ أَي ابْتَهَج. وسِقاءٌ جَاذِل: قَدْ مَرَنَ وغَيَّر طَعْم اللَّبَن.
جرل: الجَرَلُ، بِالتَّحْرِيكِ: الحِجارة وَكَذَلِكَ الجَرْوَلُ، وَقِيلَ: الحِجارة مَعَ الشَّجَر؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرَاجِزٍ:
كُلّ وَآةٍ وَوَأًى ضَافِي الخُصَل ... مُعْتَدلات فِي الرِّقاق والجَرَل
__________
(1) . قوله [الجذل انتصاب إلخ] كذا بالأصل من غير ضبط للجذل ولعله محرف عن الجذول(11/107)
والجَرَل: المَكان الصُّلْب الغَلِيظ الشَّدِيد مِنْ ذَلِكَ. ومَكانٌ جَرِلٌ وَالْجَمْعُ أَجْرال؛ قَالَ جَرِيرٌ:
مِنْ كُلِّ مُشْتَرِفٍ، وإِن بَعُدَ المَدى، ... ضَرِمِ الرِّقاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ
وأَرْضٌ جَرِلَة: ذَاتُ جَرَاوِلَ وغِلَظٍ وَحِجَارَةٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ يَكُونُ جَمْعُ جَرَل مِثْلُ جَبَل وأَجْبال. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ أَرض جَرِلَةٌ وَجَمْعُهَا أَجْرال فخطأٌ، إِلا أَن يَكُونَ هَذَا الْجَمْعُ عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ، وَالصَّوَابُ البَيِّن أَن يَقُولَ مَكَانٌ جَرِلٌ، لأَن فَعِلًا مِمَّا يُكَسَّر عَلَى أَفعال اسْمًا وَصِفَةً، وَقَدْ جَرِلَ المَكانُ جَرَلًا. والجَرْوَل: الحِجارة، وَالْوَاوُ للإِلحاق بجَعْفر، وَاحِدَتُهَا جَرْوَلة، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْحِجَارَةِ مِلْءُ كَفِّ الرَّجُلِ إِلى مَا أَطاق أَن يَحْمِل، وَقِيلَ: الجَراولُ الْحِجَارَةُ، وَاحِدَتُهَا جَرْوَلة. والجَرْوَل والجُرْوَل: مَوْضِعٌ مِنَ الْجَبَلِ كثيرُ الْحِجَارَةِ. التَّهْذِيبُ: الجَرَل الخَشِن مِنَ الأَرض الكثيرُ الْحِجَارَةِ. وَمَكَانٌ جَرِلٌ، قَالَ: وَمِنْهُ الجَرْوَل وَهُوَ مِنَ الحَجَر مَا يُقِلُّه الرَّجُلُ وَدُونَهُ وَفِيهِ صَلَابَةٌ؛ وأَنشد:
هُمْ هَبَطُوه جَرِلًا شَراسا، ... لِيَتْرُكُوه دَمِناً دَهاسا
قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: أَما الجَرْوَل فَزَعَمَ أَبو وَجْزَة أَنه مَا سَالَ بِهِ الْمَاءُ مِنَ الْحِجَارَةِ حَتَّى تَرَاهُ مُدَلَّكاً مِنْ سَيْلِ الْمَاءِ بِهِ فِي بَطْن الْوَادِي؛ وأَنشد:
مُتَكَفِّت ضَرِم السِّباقِ، ... إِذا تَعَرَّضَتِ الجَراوِل
الْكِلَابِيُّ: وَادٍ جَرِلٌ إِذا كَانَ كَثِير الجِرفَة والعَتَب وَالشَّجَرِ، قَالَ: وَقَالَ حِتْرِشٌ مَكان جَرِلٌ فِيهِ تَعادٍ واختلافٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَعراب قيس: أَرْضٌ جَرِفَة مُخْتَلِفة، وقَدَحٌ جَرِفٌ ورجل جَرِفٌ كَذَلِكَ. اللَّيْثُ: والجَرْوَل اسْمٌ لبَعض السِّباع. قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف شَيْئًا مِنَ السِّباع يُدْعَى جَرْوَلًا. ابْنُ سِيدَهْ: الجَرْوَل مِنْ أَسماء السِّباعِ. وجَرْوَل بنُ مُجاشِع: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَهُوَ الْقَائِلُ: مُكْرَهٌ أَخْوكَ «1» لَا بَطَل. وجَرْوَلٌ: الحُطَيْئَة العَبْسِيُّ سمِّي الْحَجَرُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمَا ضَرَّها أَنَّ كَعباً نَوى، ... وفَوَّزَ مِنْ بَعْدِه جَرْوَلُ
والجِرْيال والجِرْيالة: الخَمْرُ الشَّدِيدَةُ الحُمْرة، وَقِيلَ: هِيَ الحُمْرة؛ قَالَ الأَعْشَى:
وسَبِيئَةٍ مِمَّا تُعَتِّقُ بابلٌ، ... كَدَمِ الذَّبِيح سَلَبْتُها جِرْيالَها
وَقِيلَ: جِرْيال الخَمْر لَوْنُها. وَسُئِلَ الأَعشى عَنْ قَوْلِهِ سَلَبْتُهَا جِرْيَالَهَا فَقَالَ أَي شَرِبْتُهَا حَمْرَاءَ فَبُلْتُها بَيْضَاءَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يَعْنِي أَن حُمْرتها ظَهَرَتْ فِي وَجْهِهِ وخَرَجَت عَنْهُ بيضاءَ، وَقَدْ كَسَّرَها سِيبَوَيْهِ يُرِيدُ بِهَا الخَمْر لَا الحُمْرة، لأَن هَذَا الضَّرْب مِنَ العَرَض لَا يُكَسَّرُ وإِنما هُوَ جِنْسٌ كَالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الجِرْيال صَفْوَة الخَمْر؛ وأَنشد:
كأَنَّ الرِّيقَ مِنْ فِيها ... سَحِيقٌ بَيْنَ جِرْيال
أَي مِسْك سَحِيق بَيْنَ قِطَع جِرْيال أَو أَجزاء جِرْيال. وَزَعَمَ الأَصمعي أَن الجِرْيال اسم أَعجمي
__________
(1) . قوله [مكره أَخوك] كذا في الأصل بالواو وكذا أورده الميداني، والمشهور في كتب النحو: أخاك(11/108)
رُوميٌّ عُرِّب كأَن أَصله كِرْيال. قَالَ شِمْرٌ: الْعَرَبُ تَجْعَلُ الجِرْيالَ لونَ الخَمْر نَفْسِها وَهِيَ الجِريالة؛ قَالَ ذُو الرمَّة:
كأَنَّي أَخُو جِرْيَالةٍ بَابِلِيَّةٍ ... كُمَيْتٍ، تَمَشَّتْ فِي العِظامِ شَمُولُها
فَجَعَلَ الجِرْيالة الخَمْر بِعَيْنِهَا، وَقِيلَ: هُوَ لَوْنُهَا الأَصفر والأَحمر. الْجَوْهَرِيُّ: الجِرْيال الخَمْر وَهُوَ دُونَ السُّلاف فِي الجَوْدة. ابن سيدة: والجِرْيال أَيضاً سُلافة العُصْفُر. ابْنُ الأَعرابي: الجِرْيال مَا خَلَص مِنْ لَوْن أَحمر وَغَيْرِهِ. والجِرْيَال: البَقَّم. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ النَّشَاسْتَج. والجِرْيال: صِبْغ أَحمر. وجِرْيَال الذَّهَبِ: حُمْرته؛ قَالَ الأَعْشَى:
إِذا جُرِّدَتْ يَوْماً، حَسِبْتَ خَمِيصَة ... عَلَيْها، وجِرْيَالَ النَّضِيرِ الدُّلامِصا
شَبَّه شَعْرَهَا بالخَمِيصة فِي سَوَادِهِ وسُلُوسَته، وجَسَدَها بالنَّضِير وَهُوَ الذَّهَبُ، والجِرْيال لَوْنُه. والجِرْيَال: فَرَس قَيْس بْنِ زُهَيْرٍ.
جرثل: جَرْثَل التُّرَابَ: سَفَاه بيده.
جردحل: الجِرْدَحْل مِنَ الإِبل: الضَّخْم. نَاقَةٌ جِرْدَحْل: ضَخْمة غَلِيظَةٌ. وَذُكِرَ عَنِ الْمَازِنِيِّ أَن الجِرْدَحْل الْوَادِي؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ولَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَة. الأَزهري: شَمِرٌ رَجُل جِرْدَحْل وَهُوَ الْغَلِيظُ الضَّخْم، وَامْرَأَةٌ جِرْدَحْلة كَذَلِكَ؛ وأَنشد:
تَقْتَسِرُ الهَامَ، ومَرًّا تُخْلي ... أَطباق صَرِّ العُنُق الجِرْدَحْل
جَزَلَ: الجَزْل: الحَطَب الْيَابِسُ، وَقِيلَ الغَلِيظ، وَقِيلَ مَا عَظُم مِنَ الحَطَب ويَبِس ثُمَّ كَثُر اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى صَارَ كُلُّ مَا كَثُر جَزْلًا؛ وأَنشد أَحمد بْنُ يَحْيَى:
فَوَيْهاً لِقِدْرِكَ، وَيْهاً لَها ... إِذا اخْتِيرَ فِي المَحْل جَزْلُ الحَطَب
وَفِي الْحَدِيثِ:
اجْمَعُوا لِي حَطَباً جَزْلًا
أَي غَليظاً قَويًّا. وَرَجُلٌ جَزْل الرأْي وامرأَة جَزْلة بَيِّنة الجَزَالة: جَيّدة الرأْي. وَمَا أَبْيَنَ الجَزَالَة فِيهِ أَي جَوْدَةَ الرأْي. وَفِي حَدِيثِ مَوْعِظة النِّسَاءِ:
قَالَتِ امرأَة مِنْهُنَّ جَزْلة
أَي تامَّة الخَلْق؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ ذاتَ كَلَامٍ جَزْل أَي قَويّ شَدِيدٍ. وَاللَّفْظُ الجَزْل: خِلَافُ الرَّكِيك. ورَجُل جَزْل: ثَقِفٌ عَاقِلٌ أَصيل الرَّأْي، والأُنثى جَزْلة وجَزْلاء. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَتِ الأَخيرة بِثَبَت. والجَزْلة مِنَ النِّسَاءِ: العَظيمةُ العَجِيزة، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ كلِّه الجَزَالة. وامرأَة جَزْلة: ذَاتُ أَرداف وَثِيرةٍ. والجَزِيل: العَظِيم. وأَجْزَلْت لَهُ مِنَ الْعَطَاءِ أَي أَكثرت. وَعَطَاءٌ جَزْلٌ وجَزيل إِذا كَانَ كَثِيرًا. وَقَدْ أَجْزَلَ لَهُ الْعَطَاءَ إِذا عَظُم، وَالْجَمْعُ جِزَالٌ. والجَزْلَة: البَقِيَّة مِنَ الرَّغيف والوَطْب والإِناء والجُلَّة، وَقِيلَ: هُوَ نِصْفُ الجُلَّة. ابْنُ الأَعرابي: بَقِي فِي الإِناء جَزْلة وَفِي الجُلَّة جَزْلة وَمِنَ الرَّغِيفِ جَزْلة أَي قِطْعَة. ابْنُ سِيدَهْ: الجِزْلة، بِالْكَسْرِ، القِطْعَة الْعَظِيمَةُ مِنَ التَّمْر. وجَزَلَه بِالسَّيْفِ: قَطَعه جِزْلَتَيْن أَي نِصْفين. والجَزْل: القَطْع. وجَزَلْت الصَّيْدَ جَزْلًا: قَطَعْتُهُ بِاثْنَتَيْنِ. وَيُقَالُ: ضَرَب الصَّيْدَ فَجَزَلَه جِزْلَتَيْنِ أَي قَطَعه قِطْعتين. وجَزَل يَجْزِل إِذا قَطَع. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
يَضْرِبُ رَجُلًا بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جِزْلَتَيْنِ
؛ الجِزْلَة، بالكسر: القِطْعة، وبالفتح الْمَصْدَرُ. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدٍ: لَمَّا انْتَهَى إِلى العُزَّى لِيَقْطَعَهَا فَجَزَلَها بِاثْنَتَيْنِ.
وَجَاءَ زَمَنُ الجَزالِ(11/109)
والجِزَال أَي زَمَنُ الصِّرَام للنَّخْل؛ قَالَ:
حَتَّى إِذا مَا حانَ مِنْ جِزَالِها جَزَالِها، ... وحَطَّتِ الجُرَّامُ مِنْ جِلالها
والجَزَل: أَن يَقْطَع القَتَبُ غارِبَ البَعِير، وَقَدْ جَزَله يَجْزِله جَزْلًا وأَجْزَله، وَقِيلَ: الجَزَل أَن يُصِيبَ الغاربَ دَبَرَةٌ فيخرجَ مِنْهُ عَظْمٌ ويُشَدّ فَيَطْمَئِنَّ مَوْضِعُه؛ جَزِل البَعِيرُ يَجْزَل جَزَلًا وَهُوَ أَجْزَل؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يأْتِي لَهَا مِنْ أَيْمُنٍ وأَشْمُلِ، ... وهْيَ حِيالَ الفَرْقَدَيْن تَعْتَلي،
تُغَادِرُ الصَّمْدَ كظَهْرِ الأَجْزَل
وَقِيلَ: الأَجْزَل الَّذِي تَبْرأُ دَبَرَته وَلَا يَنْبُت فِي مَوْضِعِهَا وَبَر، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي هَجَمَت دَبَرته عَلَى جَوْفه؛ وجَزَلَه القَتَبُ يَجْزِلُه جَزْلًا وأَجْزَلَه: فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: جُزِل غاربُ البَعير، فَهُوَ مَجْزول مِثْلُ جَزِل؛ قَالَ جَرِيرٌ:
مَنَعَ الأَخَيْطِلَ، أَنْ يُسَامِيَ عِزَّنا، ... شَرَفٌ أَجَبُّ وغَارِبٌ مَجْزولُ
والجَزْل فِي زِحاف الْكَامِلِ: إِسكانُ الثَّانِي مِنْ مُتَفَاعِلُن وإِسقاطُ الرَّابِعِ فَيَبْقَى مُتْفَعِلُنْ، وَهُوَ بِنَاءٌ غَيْرُ مَنْقُولٍ، فَيُنْقَلُ إِلى بِنَاءٍ مَقُول مَنْقُول وَهُوَ مُفْتَعلُن؛ وبيتُه:
مَنْزِلة صَمَّ صَدَاها وعَفَتْ ... أَرْسُمُها، إِن سُئِلَتْ لَمْ تُجِبِ
وَقَدْ جَزَلَه يَجْزِلُه جَزْلًا. قَالَ أَبو إِسحق: سُمِّي مَجْزُولًا لأَن رَابِعَهُ وَسَطُه فشُبِّه بالسَّنَام المَجْزول. والجَزْل: نَبَات؛ عَنْ كُرَاعٍ. وبَنُو جَزِيلة: بَطنٌ. وجَزَالى، مَقْصور: مَوْضع. والجَوْزَل: فَرْخُ الحَمَام، وعَمَّ بِهِ أَبو عُبَيْدٍ جميعَ نَوْعِ الفِرَاخ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَتْبَعْنَ وَرْقَاء كَلَوْنِ الجَوْزَلِ
وجَمْعُه الجَوَازِل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سِوَى مَا أَصاب الذّئبُ مِنْهُ، وسُرْبَةٌ ... أَطافت بِهِ مِنْ أُمَّهاتِ الجَوَازِل
وَرُبَّمَا سُمِّي الشَّابُّ جَوْزَلًا. والجَوْزَل: السَّمُّ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِف نَاقَةً:
إِذا المُلْوِيات بالمُسُوح لَقِينَها، ... سَقَتْهُنَّ كأْساً مِنْ ذُعَاقٍ وجَوْزَلا
قَالَ الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ لَمْ أَسمعه لِغَيْرِ أَبي عَمْرٍو، وَحَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ أَيضاً، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي شرح بَيْتِ ابْنِ مُقْبِلٍ: هِيَ النُّوقُ الَّتِي تَطِيرُ مُسُوحُهَا مِنْ نَشَاطِهَا. والجَوْزَل: الرَّبْو والبُهْر. والجَوْزَل مِنَ النُّوق: الَّتِي إِذا أَرادت المَشْي وَقَعَت من الهُزَال.
جَعَلَ: جَعَلَ الشيءَ يَجْعَله جَعْلًا ومَجْعَلًا واجْتَعَلَه: وَضَعه؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
وَمَا مُغِبٌّ بِثَنْي الحِنْوِ مُجْتَعِلٌ، ... فِي الغِيلِ فِي ناعِمِ البَرْدِيِّ، مِحْرَابا
وَقَالَ يَرْثِي اللَّجلاج ابن أُخته:
ناطَ أَمْرَ الضِّعافِ، واجْتَعَلَ اللّيْلَ ... كحَبْلِ العَادِيَّةِ المَمْدُود
أَي جَعَلَ يَسِيرُ الليلَ كلَّه مُسْتَقِيمًا كَاسْتِقَامَةِ حَبْل الْبِئْرِ إِلى الْمَاءِ، والعادِيَّة الْبِئْرُ الْقَدِيمَةُ. وجَعَلَه يَجْعَلُه جَعْلًا: صَنَعه، وجَعَلَه صَيَّرَه. قَالَ سِيبَوَيْهِ:(11/110)
جَعَلْت مَتاعَكَ بَعْضُه فَوْقَ بَعْضٍ أَلقيته، وَقَالَ مُرَّةُ: عَمِلْته، وَالرَّفْعُ عَلَى إِقامة الْجُمْلَةِ مُقام الْحَالِ؛ وجَعَل الطينَ خَزَفاً والقَبِيحَ حَسَناً: صيَّرَه إِياه. وجَعَل البَصْرةَ بَغْداد: ظَنَّها إِياها. وجَعَلَ يَفْعَلُ كَذَا: أَقْبَل وأَخذ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَقَدْ جَعَلَتْ نَفْسي تَطِيبُ لضَغْمَةٍ، ... لضَغْمِهِماها يَقْرَع العَظْمَ نابُها
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: جَعَلْت زَيْدًا أَخاك نَسَبْته إِليك. وجَعَل: عَمِلَ وهَيَّأَ. وجَعَلَ: خَلَق. وجَعَلَ: قَالَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا
؛ مَعْنَاهُ إِنا بَيَّنَّاه قُرْآنًا عَرَبِيًّا؛ حَكَاهُ الزَّجَّاجُ، وَقِيلَ قُلْناه، وَقِيلَ صَيَّرناه؛ وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ: وَجَعَلَنِي نَبِيًّا
، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً
. قَالَ الزَّجَّاجُ: الجَعْل هاهنا بِمَعْنَى الْقَوْلِ وَالْحُكْمِ عَلَى الشَّيْءِ كَمَا تَقُولُ قَدْ جَعَلْتُ زَيْدًا أَعلم النَّاسِ أَي قَدْ وَصَفْتُهُ بِذَلِكَ وَحَكَمْتُ بِهِ. وَيُقَالُ: جَعَلَ فُلَانٌ يَصْنَعُ كَذَا وَكَذَا كَقَوْلِكَ طَفِقَ وعَلِقَ يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا. وَيُقَالُ: جَعَلْته أَحذق النَّاسِ بِعَمَلِهِ أَي صَيَّرته. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ
، أَي خَلَقْنا. وإِذا قَالَ الْمَخْلُوقُ جَعَلْتُ هَذَا الْبَابَ مِنْ شَجَرَةِ كَذَا فَمَعْنَاهُ صَنَعْتَه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
؛ أَي صَيَّرهم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ*
، أَي هَلْ رأَوا غَيْرَ اللَّهِ خَلَق شَيْئًا فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ خَلْقُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِ غَيْرِهِ؟ وَقَوْلُهُ: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً
؛ أَي سمَّوْهم. وتَجاعلوا الشيءَ: جَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ. وجَعَل لَهُ كَذَا «2» شَارَطَهُ بِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ جَعَل لِلْعَامِلِ كَذَا. والجُعْل والجِعال والجَعِيلة والجُعالة والجِعالة والجَعالة؛ الْكَسْرُ وَالضَّمُّ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كُلُّ ذَلِكَ: مَا جَعَلَهُ لَهُ عَلَى عَمَلِهِ. والجَعالة، بِالْفَتْحِ: الرَّشْوة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ أَيضاً، وخَصَّ مرَّة بالجُعالة مَا يُجْعَل لِلْغَازِي وَذَلِكَ إِذا وَجَبَ عَلَى الإِنسان غَزْوٌ فَجَعَلَ مَكَانَهُ رَجُلًا آخَرَ بِجُعْلٍ يَشْتَرِطُهُ؛ وَبَيْتُ الأَسدي:
فأَعْطَيْتُ الجِعالة [الجُعالة] مُسْتَمِيتاً، ... خَفِيفَ الحاذِ مِنْ فِتْيانِ جَرْم
يُرْوَى بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا، وَرَوَاهُ ابْنُ بَرِّيٍّ:
سَيَكْفِيكَ الجِعالة مُسْتَميتٌ
شَاهِدًا عَلَى الجِعالة بِالْكَسْرِ. وأَجْعَله جُعْلًا وأَجْعَله لَهُ: أَعطاه إِياه. والجَعالة، بِالْفَتْحِ، مِنَ الشَّيْءِ تَجْعله للإِنسان. والجِعالة والجِعَالات: مَا يَتَجاعلونه عِنْدَ البُعُوث أَو الأَمْر يَحزُبهم مِنَ السُّلْطَانِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: أَن ابْنَ عُمَرَ ذَكَرُوا عِنْدَهُ الجَعَائِل فَقَالَ لَا أَغْزُو عَلَى أَجْرٍ وَلَا أَبيع أَجْري مِنَ الْجِهَادِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جمْع جَعيلة أَو جَعَالة، بِالْفَتْحِ. والجُعْل: الِاسْمُ، بِالضَّمِّ، وَالْمَصْدَرُ بِالْفَتْحِ. يُقَالُ: جَعَلَ لَكَ جَعْلًا وجُعْلًا وَهُوَ الأَجر عَلَى الشَّيْءِ فِعْلًا أَو قَوْلًا، قَالَ: وَالْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ أَن يُكْتَبَ الْغَزْوُ عَلَى الرَّجُلِ فَيُعْطِيَ رَجُلًا آخَرَ شَيْئًا لِيَخْرُجَ مَكَانَهُ، أَو يَدْفَعُ الْمُقِيمُ إِلى الْغَازِي شَيْئًا فَيُقِيمُ الْغَازِي وَيَخْرُجُ هُوَ، وَقِيلَ: الجُعْل والجَعَالة أَن يُكتب الْبَعْثُ عَلَى الغُزاة فَيَخْرُجَ مِنَ الأَربعة وَالْخَمْسَةِ رَجُلٌ وَاحِدٌ ويُجْعَل لَهُ جُعْل. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِن جَعَلَهُ عَبْدًا أَو أَمة فَهُوَ غَيْرُ طَائِلٍ، وإِن جَعَلَهُ فِي كُراع أَو سِلَاحٍ فَلَا بأْس، أَي أَن الجُعْل الَّذِي يُعْطِيهِ لِلْخَارِجِ، إِن كَانَ عَبْدًا أَو أَمة يَخْتَصُّ بِهِ، فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وإِن كان يعينه
__________
(2) . قوله [وجعل له كذا إلخ] هكذا في الأَصل(11/111)
فِي غَزْوِهِ بِمَا يَحْتَاجُ إِليه مِنْ سِلَاحٍ أَو كُراع فَلَا بأْس. والجَاعِل: المُعْطِي، والمُجتعِل: الْآخِذُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الجَعالات فَقَالَ: إِذا أَنت أَجمعت الغَزْوَ فعَوَّضك اللَّهُ رزْقاً فَلَا بأْس بِهِ، وأَما إِن أُعْطِيت دَرَاهِمَ غَزَوْت، وإِن مُنِعْت أَقَمْت، فَلَا خَيْرَ فِيهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
جَعِيلة الغَرَق سُحْت
؛ هُوَ أَن يَجْعل لَهُ جُعْلًا ليُخْرِج مَا غَرِق مِنْ مَتَاعِهِ؛ جَعَله سُحْتاً لأَنه عَقْدٌ فَاسِدٌ بِالْجَهَالَةِ الَّتِي فِيهِ. وَيُقَالُ: جَعَلوا لَنَا جَعِيلَةً فِي بَعِيرهم فأَبَيْنا أَن نَجْتَعِل مِنْهُمْ أَي نأْخذ. وَقَدْ جَعَلت لَهُ جُعْلًا عَلَى أَن يَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا. والجِعال والجُعالة والجِعالة: مَا تُنْزل بِهِ القِدْر مِنْ خِرْقة أَو غَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ جُعُل مِثْلُ كِتاب وكُتُب؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
فَذُبَّ عَنِ العَشِيرَةِ، حيثُ كَانَتْ، ... وكُنْ مِنْ دُونِ بَيْضَتها جِعالا
وأَنشد ابْنُ بَرِّي:
وَلَا تُبادِرُ، فِي الشِّتاءِ وَلِيدَتي، ... أَلْقِدْرَ تُنْزِلُها بِغَيْرِ جِعال
قَالَ: وأَما الَّذِي تُوضَعُ فِيهِ القِدْر فَهُوَ الجِئَاوة. وأَجْعَل القِدْر إِجْعالًا: أَنزلها بالجِعال، وجَعَلْتُها أَيضاً كَذَلِكَ. وأَجْعَلَتِ الكلبةُ والذِّئبةُ والأَسَدَةُ وكُلُّ ذاتِ مِخْلَب، وَهِيَ مُجْعِل، واسْتَجْعَلَت: أَحَبَّت السِّفاد وَاشْتَهَتِ الفَحْل. والجَعْلة: الفَسِيلة أَو الوَدِيَّة، وَقِيلَ النَّخْلة الْقَصِيرَةُ، وَقِيلَ هِيَ الْفَائِتَةُ لِلْيَدِ، وَالْجَمْعُ جَعْلٌ؛ قَالَ:
أَقْسَمْتُ لَا يَذْهَبُ عَني بَعْلُها، ... أَو يَسْتَوِي جَثِيثُها وجَعْلُها
البَعْل: المُسْتبعل. والجَثِيثة: الفَسِيلة. والجَعْل أَيضاً مِنَ النَّخْل: كالبَعْل. الأَصمعي: الجَعْل قِصار النَّخْلِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
جَعْلٌ قِصارٌ وعَيْدانٌ يَنُوء بِهِ، ... مِنَ الكَوافِر، مهضُومٌ ومُهتَصَرُ «1»
. ابْنُ الأَعرابي: الجَعَل القِصَرُ مَعَ السِّمَن واللَّجاجُ. ابْنُ دُرَيْدٍ: الجَعْوَل الرَّأْلُ وَلَدُ النَّعام. والجُعَل: دَابَّةٌ سَوْدَاءُ مِنْ دَوَابِّ الأَرض، قِيلَ: هُوَ أَبو جَعْران، بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَجَمْعُهُ جِعْلانٌ. وَقَدْ جَعِلَ الماءُ، بِالْكَسْرِ، جَعَلًا أَي كَثُرَ فِيهِ الجِعْلانُ. وَمَاءٌ جَعِلٌ ومُجْعِلٌ: مَاتَتْ فِيهِ الجِعْلان والخَنافس وتَهافتت فِيهِ. وأَرض مُجْعِلة: كَثِيرَةُ الجِعْلان. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَمَا يُدَهْدِهُ الجُعَلُ بأَنفه
؛ هُوَ حَيَوَانٌ مَعْرُوفٌ كالخُنْفُساء، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو حَاتِمٍ أَبو سَلْمان أَعظمُ الجِعْلان ذُو رأْس عَرِيضٍ وَيَدَاهُ ورأْسه كالمآشِيرِ، قَالَ: وَقَالَ الهَجَري: أَبو سَلْمان دُوَيْبَّة مِثْلُ الجُعَل لَهُ جَناحان. قَالَ كُرَاعٌ: وَيُقَالُ للجُعَل أَبو وَجْزة بِلُغَةِ طيِء. ورَجُل جُعَل: أَسود دَمِيمٌ مُشَبَّه بالجُعَل، وَقِيلَ: هُوَ اللَّجُوج لأَن الجُعَل يُوصَفُ باللَّجاجة، يُقَالُ: رَجُلٌ جُعَلٌ. وجُعَلُ الإِنسان: رَقِيبُه. وَفِي الْمَثَلِ: سَدِك بامرِئٍ «2» جُعَلُه؛ يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ يُرِيدُ الخَلاء لِطَلَبِ الْحَاجَةِ فَيَلْزَمُهُ آخَرُ يَمْنَعُهُ مِنْ ذِكْرِهَا أَو عَمَلِهَا؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِنما يُضْرَب هَذَا مَثَلًا للنَّذْل يَصْحَبه مِثْلُه، وَقِيلَ: يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّنْغِيصِ والإِفساد؛ وأَنشد أَبو زيد:
__________
(1) . قوله [مهضوم] كذا في الأَصل هنا، وأورده في ترجمة كفر بلفظ مكموم بدل مهضوم، ولعلهما روايتان
(2) . قوله [بامرئ] كذا بالأَصل، وأورده الميداني بلفظ امرئ بالهمز في آخره، ثم قال في شرحه: وقال أبو الندى: سدك بأمري واحد الأَمور، ومن قال بامرئ فقد صحف(11/112)
إِذا أَتَيْتُ سُلَيْمى، شَبَّ لِي جُعَلٌ ... إِنَّ الشَّقِيَّ الَّذِي يَصْلى بِهِ الجُعَل
قَالَهُ رَجُلٌ كَانَ يتحدَّث إِلى امرأَة، فَكُلَّمَا أَتاها وَقَعَدَ عِنْدَهَا صَبَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مَنْ يَقْطَعُ حَدِيثَهُمَا. وَقَالَ ابْنُ بُزْرُجٍ: قَالَتِ الأَعراب لَنَا لُعْبَةٌ يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ نُسَمِّيها جَبَّى جُعَلُ، يَضَعُ الصَّبِيُّ رأْسه عَلَى الأَرض ثُمَّ يَنْقَلِبُ عَلَى الظَّهْرِ، قَالَ: وَلَا يُجْرُون جَبَّى جُعَلُ إِذا أَرادوا بِهِ اسْمَ رَجُلٍ، فإِذا قَالُوا هَذَا جُعَلٌ بِغَيْرِ جَبَّى أَجْرَوْه. والجَعْوَل: وَلَدُ النَّعام، يَمَانِيَّةٌ. وجُعَيْل: اسْمُ رَجُلٍ. وبَنُو جِعال: حَيٌّ، ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ قَالَ: ذَكَرَ أَبو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْبَصْرِيُّ فِي التَّنْبِيهَاتِ عَلَى الْمُبَرِّدِ فِي كِتَابِهِ الْكَامِلِ: وَجَمَعَ جَعْل عَلَى أَجْعال، وَهُوَ رَوْث الْفِيلِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
قَبَحَ الإِلهُ بَني خَضَافِ ونِسْوَةً، ... بَاتَ الخَزِيرُ لَهُنَّ كالأَجْعال
جَعْثَلٍ: فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: سِتَّةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مِنْهُمُ الجَعْثَل، فَقِيلَ: مَا الجَعْثَل؟ فَقَالَ: هُوَ الفَظُّ الْغَلِيظُ
، وَقِيلَ: هُوَ مَقْلُوبُ العَثْجَل، وَهُوَ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ.
جَعْدَلَ: الجَعْدَل: الْبَعِيرُ الضَّخْم، وَفِي الأَزهري: الجَنَعْدَل الْبَعِيرُ القويُّ الضَّخْمُ. والجَنَعْدَل: التَّارُّ الْغَلِيظُ مِنَ الرِّجَالِ، زَادَ الأَزهري: الرَّبْعة. وَرَجُلٌ جَنْعَدَلٌ إِذا كَانَ غَلِيظًا شَدِيدًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ مُنِيَتْ بناشِئٍ جَنَعْدَل
ابْنُ بَرِّيٍّ: الجَنَعْدَل مِنَ الجِمال الشديدُ القويُّ.
جَعْفَلَ: جَعْفَلَهُ: صَرَعَه؛ وَقَالَ طُفَيْلٌ:
وَراكِضَةٍ، مَا تَسْتَجِنُّ بجُنَّةٍ، ... بَعِيرَ حِلالٍ غادَرَتْه مُجَعْفَلِ
وَقَالَ: المُجَعْفَل الْمَقْلُوبُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ومُجَعْفَل نعتٌ لِحلال وَهُوَ مَرْكَب مِنْ مَراكب النِّسَاءِ، وبَعِيرَ مَفْعُولٌ براكِضَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: الجَعْفَلِيل القَتِيل الْمُنْتَفِخُ. وطَعَنَه فَجَعْفَلَهُ إِذا قَلَبَهُ عَنِ السَّرْج فصَرَعه.
جَفَلَ: جَفَل اللحمَ عَنِ الْعَظْمِ والشَّحْمَ عَنِ الجِلْد والطَّيْرَ عَنِ الأَرض يَجْفِلُه جَفْلًا وجَفَّلَه، كِلاهما: قَشَرَه؛ قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْرُوفُ بِهَذَا الْمَعْنَى جَلَفت وكأَنَّ الجَفْل مَقْلُوبٌ. وجَفَلَ الطيرَ عَنِ الْمَكَانِ: طَرَدَها. اللَّيْثُ: الجَفْل السَّفينة، والجُفُول السُّفُن؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ. وجَفَلَتِ الريحُ السحابَ تَجْفِلُه جَفْلًا: اسْتَخَفَّتْه وَهُوَ الجَفْل، وَقِيلَ: الجَفْل مِنَ السَّحَابِ الَّذِي قَدْ هَراقَ ماءَه فخفَّ رُواقه ثُمَّ انْجَفَلَ ومَضى. وأَجْفَلَتِ الريحُ الترابَ أَي أَذهبته وطَيَّرَته؛ وأَنشد الأَصمعي لِمُزَاحِمٍ الْعُقَيْلِيُّ:
وَهابٍ، كجُثْمان الحَمامَة، أَجْفَلَتْ ... بِهِ ريحُ تَرْج والصَّبا كلَّ مُجْفَل
اللَّيْثُ: الريحُ تَجْفِل السَّحَابَ أَي تَسْتَخِفُّه فَتَمْضي فِيهِ، وَاسْمُ ذَلِكَ السَّحَابِ الجَفْل. وريحٌ جَفُول: تَجْفِل السحابَ. وَرِيحٌ مُجْفِل وَجَافِلَةٌ: سَرِيعَةٌ، وَقَدْ جَفَلَت وأَجْفَلَت. اللَّيْثُ: جَفَل الظَّليمُ وأَجْفَل إِذا شَرَد فَذَهَبَ. وَمَا أَدري مَا الَّذِي جَفَّلَها أَي نَفَّرها. وجَفَلَ الظَّليمُ يَجْفُلُ ويَجْفِلُ جُفُولًا وأَجْفَلَ: ذَهَبَ فِي الأَرض وأَسرع، وأَجْفَلَه هُوَ، والجَافِل(11/113)
الْمُنْزَعِجُ؛ قَالَ أَبو الرُّبَيْس التَّغْلَبي «3» وَاسْمُهُ عبَّاد بْنُ طَهْفه بْنِ مازِن، وثَعْلَبة هُوَ ابْنُ مَازِنٍ:
مُراجِعُ نَجْدٍ بَعْدَ فَرْكٍ وبِغْضَةٍ، ... مُطَلِّقُ بُصْرَى أَصْمَعُ القَلْبِ جَافِلُه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما ابْنُ جِنِّي فَقَالَ أَجْفَلَ الظَّليمُ وجَفَلَته الريحُ، جَاءَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ مَعْكُوسَةً مُخَالِفَةً لِلْعَادَةِ، وَذَلِكَ أَنك تَجِدُ فِيهَا فَعَلَ مُتَعَدِّيًا وأَفْعَل غَيْرَ متعدٍّ، قَالَ: وَعِلَّةُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنه جَعَلَ تَعَدِّي فَعَلْت وَجُمُودَ أَفعلت كَالْعِوَضِ لفَعَلْت مِنْ غَلَبَةِ أَفْعَلْت لَهَا عَلَى التَّعَدِّي، نَحْوَ جَلَسَ وأَجلسته وَنَهَضَ وأَنهضته، كَمَا جُعِلَ قَلْبُ الْيَاءِ وَاوًا فِي التَّقْوى والدَّعْوى والثّنْوى والفَتْوى عِوَضًا لِلْوَاوِ مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِ الْيَاءِ عَلَيْهَا، وَكَمَا جُعِلَ لُزُومُ الضَّرْبِ الأَول مِنَ الْمُنْسَرِحِ لِمُفْتَعِلِنْ، وَحَظَرَ مَجِيئَهُ تَامًّا أَو مَخْبُونًا، بَلْ تُوبِعَتْ فِيهِ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ أَلْبَتَّةَ تَعْوِيضًا لِلضَّرْبِ مِنْ كَثْرَةِ السَّوَاكِنِ فِيهِ نَحْوَ مَفْعُولِنْ وَمَفْعُولَانِ وَمُسْتَفْعِلَانِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا الْتَقَى فِي آخِرِهِ مِنَ الضَّرْبِ سَاكِنَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا يَلِي رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ أُمور الْمُسْلِمِينَ إِلا جِيءَ بِهِ فيُجْفَل عَلَى شَفير جَهَنَّمَ.
والجُفُول: سُرْعَةُ الذَّهَابِ والنُّدود فِي الأَرض. يُقَالُ: جَفَلَت الإِبل جُفُولًا إِذا شَرَدَت نادَّة، وجَفَلَت النَّعامةُ. والإِجْفِيل: الجَبان. وظليمٌ إِجْفِيل: يَهْرُب مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي صِفَةِ الظَّليم:
بالمَنْكِبَيْن سُخام الرِّيش إِجْفِيل
قَالَ: وَمِثْلُهُ لِلرَّاعِي:
يَراعَةً إِجْفِيلا
وأَجْفَلَ القومُ أَي هَرَبُوا مُسْرِعِينَ. وَرَجُلٌ إِجْفِيل: نَفُورٌ جَبان يَهْرُب من كل شيء فَرَقاً، وَقِيلَ: هُوَ الجَبان مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وأَجْفَلَ القومُ: انْقَلَعُوا كُلُّهم فَمَضوْا؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
لَا يُجْفِلون عَنِ المُضافِ، وَلَوْ رَأَوْا ... أُولَى الوَعاوِعِ كالغُطاط المُقْبل
وانْجَفَل الْقَوْمُ انْجِفَالًا إِذا هَرَبُوا بِسُرْعَةٍ وَانْقَلَعُوا كُلُّهم ومَضَوْا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا قدِمَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ الناسُ قِبَله
أَي ذَهَبُوا مُسْرِعِينَ نَحْوَهُ. وانْجَفَلَتِ الشجرةُ إِذا هَبّت بِهَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ فقَعَرَتْها. وَانْجَفَلَ الظلُّ: ذَهَبَ. والجُفَالَة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ ذَهَبُوا أَو جاؤوا. ودَعاهم الجَفَلَى والأَجْفَلَى أَي بِجَمَاعَتِهِمْ، والأَصمعي لَمْ يَعْرِفِ الأَجْفَلَى، وَهُوَ أَن تَدْعُوَ النَّاسَ إِلى طَعَامِكَ عامَّة، قَالَ طَرَفَةُ:
نَحْنُ فِي المَشْتاةِ نَدْعُو الجَفَلَى، ... لَا تَرَى الآدِبَ فِينَا يَنْتَقِر
قَالَ الأَخفش: دُعِيَ فُلَانٌ فِي النَّقَرَى لَا فِي الجَفَلَى والأَجْفَلَى أَي دُعي فِي الْخَاصَّةِ لَا فِي الْعَامَّةِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَاءَ الْقَوْمُ أَجْفَلَة وأَزْفَلة أَي جماعة، وجاؤوا بأَجْفَلَتهم وأَزْفَلَتهم أَي بِجَمَاعَتِهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الأَجْفَلَى والأَزْفَلَى الْجَمَاعَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وجَفَل الشعرُ يَجْفِلُ جُفُولًا: شَعِثَ. وجُمَّة جَفُول: عَظِيمَةٌ. وشَعَر جُفَال: كَثِيرٌ. والجُفَال، بِالضَّمِّ: الصُّوف الْكَثِيرُ. وأَخذت جُفْلَة
__________
(3) . قوله [التغلبي] كذا في الأصل بالمثناة والمعجمة، وسبق مثله في ترجمة ربس: وأنه من شعراء تغلب، وفي القاموس: الثعلبي، قال شارحه مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سعد، كذا قاله الصاغاني وذكره ابن الكلبي وغيره وهو الصواب وما في اللسان تصحيف(11/114)
مِنْ صُوفٍ أَي جُزَّة، وَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِثْلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً. والجُفَال مِنَ الشَّعْرِ: الْمُجْتَمِعُ الْكَثِيرُ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ شَعْرَ امرأَة:
وأَسْوَد كالأَساوِدِ مُسْبَكِرّاً، ... عَلَى المَتْنَيْنِ، مُنسَدِلًا جُفَالا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ وأَسود مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْصُوبٍ قَبْلَ الْبَيْتِ وَهُوَ:
تُريكَ بَيَاضَ لَبَّتها ووَجْهاً ... كقَرْن الشَّمْسِ، أَفْتَق ثُمَّ زَالَا
وَلَا يُوصَفُ بالجُفَال إِلا فِي كَثْرَةٍ. وَفِي صِفَةِ الدَّجَّالِ:
أَنه جُفَال الشَّعْرِ
أَي كَثِيرُهُ. وشَعَر جُفَال أَي مُنْتَفِشٌ. وَيُقَالُ: إِنه لَجَافِل الشَّعَر إِذا شَعِثَ وتَنَصَّب شَعَره تَنَصُّباً، وَقَدْ جَفَلَ شَعْرُهُ يَجْفِلُ جُفُولًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ حُنَيْنٍ: رأَيت قَوْمًا جَافِلة جِبَاهُهم يَقْتُلُونَ النَّاسَ
؛ الْجَافِلُ: القائمُ الشَّعَر المُنْتَفِشُه، وَقِيلَ: الجَافِل الْمُنْزَعِجُ، أَي مُنْزَعِجَةً جِباهُهم كَمَا يَعْرض لِلصِّبْيَانِ. وجَزَّ جَفِيلَ الْغَنَمِ وجُفَالَها أَي صوفَها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ فِيمَا تَضَعُهُ عَلَى لِسَانِ الضَّائِنَةِ: أُوَلَّد رُخالًا، وأُحْلَب كُثَباً ثِقالًا، وأُجَزُّ جُفالًا، وَلَمْ تَرَ مِثْلي مَالًا؛ قَوْلُهُ جُفالًا أَي أُجَزّ بِمَرَّة وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ أَن الضَّائِنَةَ إِذا جُزَّت فَلَيْسَ يَسْقُطُ مِنْ صُوفِهَا إِلى الأَرض شَيْءٌ حَتَّى يُجَزّ كُلُّهُ وَيَسْقُطَ أَجمع. والجُفال مِنَ الزَّبَد كالجُفاء، وَكَانَ
رُؤْبَةُ يقرأُ: فأَما الزَّبَد فَيَذْهَبُ جُفالًا
، لأَنه لَمْ يَكُنْ مِنْ لُغَتِهِ جَفأَتِ القِدْرُ وَلَا جَفَأَ السَّيل. والجُفَالَة: الزَّبَد الَّذِي يَعْلُو اللَّبَنَ إِذا حُلِب، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ رَغْوة اللَّبَنِ، وَلَمْ يَخُصَّ وَقْتَ الحَلْب. وَيُقَالُ لرَغْوة القِدْر جُفَال. والجُفَال: مَا نَفَاهُ السَّيْلُ. وجُفَالة القِدْر: مَا أَخذته مِنْ رأْسها بالمِغْرَفة. وضَرَبَه ضَرْبَةً فَجَفَلَه أَي صَرَعَه وأَلقاه إِلى الأَرض. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادَةَ: كَانَ مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سَفَرٍ فَنَعَس رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى رَاحِلَتِهِ حَتَّى كَادَ يَنْجَفِلُ عَنْهَا
أَي يَنْقَلِبَ وَيَسْقُطَ عَنْهَا؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ إِبلًا:
يَجْفِلُها كُلُّ سَنامٍ مُجْفِلُ، ... لأْياً بِلأْيٍ فِي المَراغِ المُسْهِل
يُرِيدُ: يَقْلِبها سَنامها مِنْ ثِقَله، إِذا تمرَّغت ثُمَّ أَرادت الِاسْتِوَاءَ قَلَبها ثِقَلُ أَسْنِمتها؛ وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ: مَعْنَاهُ أَن يَصْرَعَهَا سَنامُها لعِظَمه كأَنه أَراد سَنَامٍ مِنْهَا مُجْفَلٍ، وبالَغَ بِكُلّ كَمَا تَقُولُ أَنت عَالِمُ كُلُّ عَالِمٍ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: أَنه ذَكَرَ النَّارَ فأَجْفَلَ مَغْشيّاً عَلَيْهِ
أَي خرَّ إِلى الأَرض. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَن رَجُلًا يَهُودِيًّا حَمَل امرأَة مُسْلِمَةً عَلَى حِمار، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ جَفَلَها ثُمَّ تَجَثَّمها لِيَنْكِحَهَا، فأُتِيَ بِهِ عُمَرَ فَقَتَلَهُ
، أَي أَلقاها إِلى الأَرض وَعَلَاهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: سأَله رَجُلٌ فَقَالَ آتِي الْبَحْرَ فأَجدُه قَدْ جَفَلَ سَمَكاً كَثِيرًا، فَقَالَ: كُلْ مَا لَمْ تَرَ شَيْئًا طَافِيًا
، أَي أَلقاه وَرَمى بِهِ إِلى البَرِّ وَالسَّاحِلِ. والجَفُول: المرأَة الْكَبِيرَةُ الْعَجُوزُ؛ قَالَ:
سَتَلْقى جَفُولًا أَو فَتاةً كأَنَّها، ... إِذا نُضِيَت عَنْهَا الثِّيابُ، غَرِير
أَي ظَبْيٌ غَرِير. والجَفْل: لُغَة فِي الجَثْل، وَهُوَ ضَرب مِنَ النَّمْلِ سُودٌ كِبار. والجَفْل والجِفْل: خِثْيُ الْفِيلِ، وَجَمْعُهُ أَجْفَال؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِجَرِيرٍ:
قَبَح الإِله بَني خَضافِ ونِسْوَةً، ... بَاتَ الخَزِيرُ لَهُنَّ كالأَجْفَال(11/115)
والجَفْل: تَصْلِيع الْفِيلِ وَهُوَ سَلْحُه. وَقَدْ جَفَلَ الفِيلُ إِذا بَاتَ يَجْفِلُ. وجَيْفَلُ: مِنْ أَسماء ذِي القِعدة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراها عادِيَّة. والجُفُول: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
تَرَوَّحْنَ مِنْ حَزْمِ الجُفُول، فأَصْبَحَتْ ... هِضابُ شَرَوْرَى دُونَها والمُضَيَّحُ
جَلَلَ: اللهُ الجَليلُ سُبْحَانَهُ ذُو الجَلال والإِكرام، جَلَّ جَلال اللَّهِ، وجَلالُ اللَّهِ: عظمتُه، وَلَا يُقَالُ الجَلال إِلا لِلَّهِ. والجَلِيل: مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَقَدَّسَ وَتَعَالَى، وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ الأَمر الْعَظِيمُ، وَالرَّجُلُ ذُو الْقَدْرِ الخَطِير. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلِظُّوا بِيَا ذَا الجَلال والإِكرام
؛ قِيلَ: أَراد عَظِّمُوه، وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ: أَسْلِمُو؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَبي الدَّرْدَاءِ فِي الأَكثر؛ وَهُوَ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى الجَلِيلُ الْمَوْصُوفُ بِنُعُوتِ الجَلال، وَالْحَاوِي جميعَها، هُوَ الجَلِيلُ المُطْلَق وَهُوَ رَاجِعٌ إِلى كَمَالِ الصِّفَاتِ، كَمَا أَن الْكَبِيرَ رَاجِعٌ إِلى كَمَالِ الذَّاتِ، وَالْعَظِيمُ رَاجِعٌ إِلى كَمَالِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ. وجَلَّ الشيءُ يَجِلُّ جَلالًا وجَلالةً وَهُوَ جَلٌّ وجَلِيلٌ وجُلال: عَظُم، والأُنثى جَلِيلة وجُلالة. وأَجَلَّه: عَظَّمه، يُقَالُ جَلَّ فُلَانٌ فِي عَيني أَي عَظُم، وأَجْلَلته رأَيته جَلِيلًا نَبيلًا، وأَجْلَلْتُه فِي الْمَرْتَبَةِ، وأَجْلَلْتُه أَي عَظَّمته. وجَلَّ فُلَانٌ يَجِلُّ، بالكسرِ، جَلالَةً أَي عَظُم قَدْرُه فَهُوَ جَلِيل؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
غَيْرَ أَن لَا تَكْذِبَنْها فِي التقَى، ... واجْزِها بالبِرِّ لِلَّهِ الأَجَلّ
يَعْنِي الأَعظم؛ وَقَوْلُ أَبي النجم:
الحمدُ الله العَلِيِّ الأَجْلَل، ... أَعْطى فَلَمْ يَبْخَل وَلَمْ يُبَخَّل
يُرِيدُ الأَجَلَّ فأَظهر التَّضْعِيفَ ضَرُورَةً. والتَّجِلَّة: الجَلالة، اسْمٌ كالتَّدْوِرَة والتَّنْهيَة؛ قَالَ بَعْضُ الأَغْفال:
ومَعْشَرٍ غِيدٍ ذَوي تَجِلَّه، ... تَرى عَلَيْهِمْ لِلنَّدَى أَدِلَّه
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلَيْلَى الأَخْيَلية:
يُشَبَّهون مُلوكاً فِي تَجِلَّتِهم، ... وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَم
وجُلُّ الشيءِ وجُلاله: مُعْظَمُهُ. وتَجَلَّلَ الشيءَ: أَخَذ جُلَّه وجُلاله. وَيُقَالُ: تَجَلَّلِ الدراهمَ أَي خُذْ جُلالها. وتَجَالَلْت الشَّيْءَ تَجَالًّا وتَجَلَّلت إِذا أَخذت جُلاله وَتَدَاقَقْتُهُ إِذا أَخذت دُقاقه؛ وَقَوْلُ ابْنُ أَحمر:
يَا جَلَّ مَا بَعُدَتْ عَلَيْكَ بِلادُنا ... وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرضك وارْعُدِ
يَعْنِي مَا أَجَلَّ مَا بَعُدت. والتَّجالُّ: التَّعَاظُمُ. يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَجالُّ عَنْ ذَلِكَ أَي يَتَرَفَّعُ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: تَزَوَّجَتِ امرأَة قد تَجَالَّتْ
؛ تَجَالَّت أَي أَسَنَّت وكَبِرَتْ. وَفِي حَدِيثِ
أُم صِبْيَة: كُنَّا نَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ نِسْوةً قَدْ تَجَالَلْنَ
أَي كَبِرْنَ. يُقَالُ: جَلَّتْ فَهِيَ جَلِيلَة، وتَجَالَّتْ فَهِيَ مُتَجَالَّة، وتَجَالَّ عَنْ ذَلِكَ تَعاظم. والجُلَّى: الأَمر الْعَظِيمُ؛ قَالَ طَرَفة:
وإِنْ أُدْعَ للجُلَّى أَكُنْ مِنْ حُماتِها، ... وإِن تَأْتِك الأَعداء بالجَهْد أَجْهَد
وَمِنْهُ قَوْلُ بَشامة بْنِ حَزْن النَّهْشَلي:(11/116)
وإِنْ دَعَوْتُ إِلى جُلَّى ومَكْرُمَة، ... يَوْمًا، كِراماً مِنَ الأَقْوامِ، فادْعِينا
قَالَ ابْنُ الأَنباري: مَنْ ضَمَّ الجُلَّى قَصَرَه، وَمَنْ فَتَحَ الْجِيمَ مَدَّهُ، فَقَالَ الجَلَّاء الْخَصْلَةُ الْعَظِيمَةُ؛ وأَنشد:
كَمِيش الإِزارِ خَارِجٌ نِصْفُ ساقِه، ... صَبُور عَلَى الجَلّاءِ طَلَّاع أَنْجُد
وَقَوْمٌ جِلَّة: ذَوُو أَخطار؛ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ. ومِشْيَخة جِلَّة أَي مَسانٌّ، وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ جَلِيل. وجَلَّ الرَّجُلُ جَلالًا، فَهُوَ جَلِيل: أَسَنَّ واحْتُنِك؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
يَا مَنْ لِقَلْبٍ عِنْدَ جُمْلٍ مُخْتَبَلْ ... عُلِّق جُمْلًا، بعد ما جَلَّت وجَلّ
وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَ إِبليس فِي صُورَةِ شَيْخٍ جَلِيل
أَي مُسنٍّ، وَالْجَمْعُ جِلَّة، والأُنثى جَلِيلة. وجِلَّة الإِبل: مَسَانُّها، وَهُوَ جَمْعُ جَلِيل مِثْلُ صَبيٍّ وصِبْية؛ قَالَ النَّمِرُ:
أَزْمانَ لَمْ تأْخذ إِليَّ سِلاحَها ... إِبِلي بجِلَّتِها، وَلَا أَبْكارِها
وجَلَّت الناقةُ إِذا أَسَنَّت. وجَلَّتِ الهاجِنُ عَنِ الْوَلَدِ أَي صَغُرَتْ. وَفِي حَدِيثِ
الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ: أَخذت جِلَّة أَموالهم
أَي العِظام الكِبار مِنَ الإِبل، وَقِيلَ المَسانُّ مِنْهَا، وَقِيلَ هُوَ مَا بَيْنَ الثَّنِيِّ إِلى الْبَازِلِ؛ وجُلُّ كُلِّ شَيْءٍ، بِالضَّمِّ: مُعْظَمه، فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد أَخذت مُعْظَمَ أَموالهم. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الجِلَّة المَسانُّ مِنَ الإِبل، يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى؛ بعيرٌ جِلَّةٌ وَنَاقَةٌ جِلَّة، وَقِيلَ الجِلَّة النَّاقَةُ الثَّنِيَّة إِلى أَن تَبْزُل، وَقِيلَ الجِلَّة الجَمل إِذا أَثْنى. وَهَذِهِ نَاقَةٌ قَدْ جَلَّت أَي أَسَنَّت. وَنَاقَةُ جُلالة: ضَخْمة. وبَعِير جُلال: مُخْرَجٌ مِنْ جَلِيلٍ. وَمَا لَهُ دَقِيقَةٌ وَلَا جَلِيلة أَي مَا لَهُ شَاةٌ وَلَا نَاقَةٌ. وجُلُّ كُلِّ شَيْءٍ: عُظْمه. وَيُقَالُ: مَا لَهُ دِقٌّ وَلَا جِلٌّ أَي لَا دَقِيقٌ وَلَا جَلِيل. وأَتيته فَمَا أَجَلَّنِي وَلَا أَحْشاني أَي لَمْ يُعْطِنِي جَلِيلة وَلَا حَاشِيَةً وَهِيَ الصَّغِيرَةُ مِنَ الإِبل. وَفِي الْمَثَلِ: غَلَبَتْ جِلَّتَها حَوَاشِيهَا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الجَلِيلة الَّتِي نُتِجَتْ بَطْنًا وَاحِدًا، والحَواشي صِغَارُ الإِبل. وَيُقَالُ: مَا أَجَلَّنِي وَلَا أَدَقَّني أَي مَا أَعطاني كَثِيرًا وَلَا قَلِيلًا؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
بَكَتْ فأَدَقَّتْ فِي البُكا وأَجَلَّتِ
أَيْ أَتت بِقَلِيلِ الْبُكَاءِ وَكَثِيرِهِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّه دِقَّه وجِلَّه
أَي صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ. والجَلَل: الشَّيْءُ الْعَظِيمُ وَالصَّغِيرُ الهَيِّن، وَهُوَ مِنَ الأَضداد فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَيُقَالُ لِلْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ جَلَل؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ لَمَّا قُتل أَبوه:
بِقَتْلِ بَنِي أَسَدٍ رَبَّهُم، ... أَلا كُلُّ شَيْءٍ سِوَاهُ جَلَل
أَي يسيرٌ هَيِّنٌ؛ وَمِثْلُهُ لِلَبِيدٍ:
كُلُّ شيءٍ، مَا خَلَا اللَّهَ، جَلَل ... وَالْفَتَى يَسْعى ويُلْهِيه الأَمَل
وَقَالَ الْمُثَقَّبُ الْعَبْدِيُّ:
كُلُّ يومٍ كَانَ عَنَّا جَلَلًا، ... غيرَ يومِ الحِنْو مَنْ يَقْطَعْ قَطَر
وأَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
إِن يُسْرِ عَنْكَ اللَّهُ رُونَتَها، ... فعَظِيمُ كلِّ مُصِيبةٍ جَلَلُ(11/117)
والرُّونة: الشِّدَّةُ؛ قَالَ: وَقَالَ زويهر بن الحرث الضَّبِّيُّ:
وَكَانَ عَمِيَدنا وبَيْضَةَ بَيتِنا، ... فكلُّ الَّذِي لاقَيْت مِنْ بعدِه جَلَل
وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ القَتْلى جَلَلٌ مَا عَدَا مُحَمَّدًا
أَي هَيِّنٌ يَسِيرٌ. والجَلَل: مِنَ الأَضداد يَكُونُ لِلْحَقِيرِ وَلِلْعَظِيمِ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لأَبي الأَخوص الرِّيَاحِيِّ:
لَوْ أَدْرَكَتْه الخَيْلُ، والخَيْلُ تَدَّعي ... بِذِي نَجَبٍ، ما أَقْرَبَتْ وأَجَلَّتِ
أَي دَخَلت فِي الجَلَل وَهُوَ الأَمر الصَّغِيرُ. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ هَذَا الأَمر جَلَل فِي جَنْب هَذَا الأَمر أَي صَغِيرٌ يَسِيرٌ. والجَلَل: الأَمر العظيم؛ قال الحرث بْنُ وَعْلَةَ «1» بْنِ الْمُجَالِدِ بْنِ يَثْرِبِيِّ بْنِ الرَّبَابِ بْنُ الْحَرْثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سِنَانِ بْنِ ذُهَلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ:
قَوْمي هُمُ قَتَلوا أُمَيْمَ أَخِي، ... فإِذا رَمَيْتُ يُصِيبُني سَهْمي
فَلَئِنْ عَفَوْتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلًا، ... وَلَئِنْ سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمي
وأَما الجَليل فَلَا يَكُونُ إِلا لِلْعَظِيمِ. والجُلَّى: الأَمر الْعَظِيمُ، وَجَمْعُهَا جُلَل مِثْلُ كُبْرى وكُبَر. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَسْتُر المصلّيَ مِثْلُ مُؤَخِرة الرَّحْل فِي مِثْلِ جُلَّة السَّوْط
أَي فِي مِثْلِ غِلَظِه. وَفِي حَدِيثِ
أُبيّ بْنِ خَلَف: إِن عِنْدِي فَرَسًا أُجِلُّها كُلَّ يَوْمٍ فَرَقاً مِنْ ذَرَّةٍ أَقْتُلك عَلَيْهَا، فَقَالَ: عَلَيْهِ السَّلَامُ: بَلْ أَنا أَقْتُلك عَلَيْهَا، إِن شَاءَ اللَّهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي أَعلفها إِياه فَوَضَعَ الإِجْلال مَوْضِعَ الإِعطاء وأَصله مِنَ الشَّيْءِ الجَلِيل؛ وَقَوْلُ أَوس يَرْثي فَضَالَةَ:
وعَزَّ الجَلُّ وَالْغَالِي
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي بأَن الجَلَّ الأَمر الجَلِيل، وَقَوْلُهُ وَالْغَالِي أَي أَن مَوْتَهُ غالٍ عَلَيْنَا مِنْ قَوْلِكَ غَلا الأَمر زَادَ وعَظُم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ نَسْمَعِ الجَلَّ فِي مَعْنَى الجَلِيل إِلَّا فِي هَذَا الْبَيْتِ. والجُلْجُل: الأَمر الْعَظِيمِ كالجَلَل. والجِلُّ: نَقِيضُ الدِّقِّ. والجُلال: نَقِيضُ الدُّقاق. والجُلال، بِالضَّمِّ: الْعَظِيمُ. والجُلالة: النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ. وَكُلُّ شَيْءٍ يَدِقُّ فجُلاله خِلَافُ دُقاقه. وَيُقَالُ: جِلَّة جَريمة للعِظام الأَجْرام. وجَلَّل الشيءُ تَجْلِيلًا أَي عَمَّ. والمُجَلِّل: السَّحَابُ الَّذِي يُجَلِّل الأَرض بِالْمَطَرِ أَي يَعُمُّ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
وابِلًا مُجَلِّلًا
أَي يُجَلِّل الأَرض بِمَائِهِ أَو بِنَبَاتِهِ، وَيُرْوَى بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَفْعُولِ. والجِلُّ مِنَ الْمَتَاعِ: القُطُف والأَكسية والبُسُط وَنَحْوُهُ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ. والجَلُّ والجِلُّ، بِالْكَسْرِ: قَصَب الزَّرْعِ وسُوقه إِذا حُصِد عَنْهُ السُّنبل. والجُلَّة: وِعَاءٌ يُتَّخَذُ مِنَ الْخُوصِ يُوضَعُ فِيهِ التَّمْرُ يُكْنَزُ فِيهَا، عَرَبِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا ضَرَبْتَ مُوقَراً فابطُنْ لُهْ، ... فَوْقَ قُصَيراه وتَحْتَ الجُلَّه
يَعْنِي جَمَلًا عَلَيْهِ جُلَّة فَهُوَ بِهَا مُوقَر، وَالْجَمْعُ جِلال وجُلَل؛ قَالَ:
بَاتُوا يُعَشُّون القُطَيْعاء جَارَهُمْ، ... وعندهُمُ البَرْنيُّ فِي جُلَل دُسْم
__________
(1) . قوله [قال الحرث بن وعلة] هكذا في الأصل، والذي في الصحاح: وعلة بن الحرث(11/118)
وَقَالَ:
يَنْضَح بِالْبَوْلِ، والغُبار عَلَى ... فَخْذَيه، نَضْحَ العِيديَّة الجُلَلا
وجُلُّ الدَّابَّةِ وجَلُّها: الَّذِي تُلْبَسه لتُصان بِهِ؛ الْفَتْحُ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَهِيَ لُغَةٌ تَمِيمِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ جِلال وأَجْلال؛ قَالَ كثيِّر:
وَتَرَى الْبَرْقَ عَارِضًا مُسْتَطِيراً، ... مَرَحَ البُلْق جُلْنَ فِي الأَجْلال
وَجَمْعُ الجِلال أَجِلَّة. وجِلال كُلِّ شَيْءٍ: غِطاؤه نَحْوَ الحَجَلة وَمَا أَشبهها. وَتَجْلِيلُ الْفَرَسِ: أَن تُلْبِسه الجُلَّ، وتَجَلَّلَه أَي عَلاه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه جَلَّلَ فَرَسًا لَهُ سَبَق بُرْداً عَدَنِيّاً
أَي جَعَلَ البُرْد لَهُ جُلًّا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يُجَلِّل بُدْنه القَباطِيَّ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: اللَّهُمَّ جَلِّل قَتلة عُثْمَانَ خِزْياً
أَي غَطِّهم بِهِ وأَلْبِسْهم إِياه كَمَا يَتَجَلَّلُ الرَّجُلُ بِالثَّوْبِ. وتجَلَّلَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ وَالْفَرَسُ الحِجْر: عَلَاهَا. وتجَلَّلَ فُلَانٌ بِعِيرِهِ إِذا عَلَا ظَهْرَهُ. والجَلَّة والجِلَّة: البَعَر، وَقِيلَ: هُوَ الْبَعَرُ الَّذِي لَمْ يَنْكَسِرْ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الجِلَّة البَعَرة فأَوقع الجِلَّة عَلَى الْوَاحِدَةِ. وإِبِل جَلَّالة: تأْكل العَذِرة، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ لُحُومِهَا وأَلبانها. والجَلَّالة: الْبَقَرَةُ الَّتِي تَتْبَعُ النَّجَاسَاتِ،
وَنَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَكل الجلَّالة وَرُكُوبِهَا
؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
نُهِيَ عَنْ لَبَنِ الجلَّالة
؛ والجلَّالة مِنَ الْحَيَوَانِ: الَّتِي تأْكل الجِلَّة والعَذِرة. والجِلَّة: الْبَعَرُ فَاسْتُعِيرَ وَوُضِعَ مَوْضِعَ العَذِرة، يُقَالُ: إِن بَنِي فُلَانٍ وَقودهم الجِلَّة وَوَقُودُهُمُ الوَأْلة وَهُمْ يَجْتَلُّون الجِلَّة أَي يَلْقُطُونَ الْبَعَرَ. وَيُقَالُ: جَلَّت الدَّابَّةُ الجِلَّة واجْتَلَّتها فَهِيَ جَالَّة وجَلَّالة إِذا الْتَقَطَتْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِنما قَذِرَتْ عَلَيْكُمْ جَالَّة القُرى.
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
فإِنما حَرَّمتها مِنْ أَجل جَوَالِّ القَرْية
؛ الجَوَالُّ، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: جَمْعُ جَالَّة كسامَّة وسَوامّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِني أُريد أَن أَصحبك، قَالَ: لَا تَصْحَبْنِي عَلَى جَلَّال
، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ، فأَما أَكل الجلَّالة فَحَلَالٌ إِن لَمْ يَظْهَرِ النَّتْنُ فِي لَحْمِهَا، وأَما رُكُوبُهَا فَلَعَلَّهُ لِمَا يَكْثُرُ مِنْ أَكلها العَذِرة وَالْبَعَرَ، وَتَكْثُرُ النَّجَاسَةُ عَلَى أَجسامها وأَفواهها وَتَلْمِسُ رَاكِبَهَا بِفَمِهَا وَثَوْبَهُ بِعَرَقها وَفِيهِ أَثر العَذِرة أَو الْبَعَرِ فَيَتَنَجَّسُ. وجَلَّ البَعَر يَجُلُّه جَلًّا: جَمعه والتقطعه بِيَدِهِ. واجْتَلَّ اجْتِلالًا: الْتَقَطَ الجِلَّة لِلْوَقُودِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الدَّابَّةُ الَّتِي تأْكل الْعَذِرَةَ الجَلَّالة، واجْتَلَلت الْبَعَرَ. الأَصمعي: جَلَّ يَجُلُّ جَلًّا إِذا الْتَقَطَ الْبَعَرَ واجْتَلَّه مِثْلُهُ؛ قَالَ ابْنُ لجَإٍ يَصِفُ إِبلًا يَكْفي بعرُها مِنْ وَقود يُسْتَوقد بِهِ مِنْ أَغصان الضَّمْران:
يَحْسَبُ مُجْتَلّ الإِماءِ الْحُرُمِ، ... مِنْ هَدَب الضَّمْران، لَمْ يُحَطَّم «2»
وَيُقَالُ: خَرَجَتِ الإِماء يَجْتَلِلْن أَيْ يَلْتَقِطْنَ الْبَعَرَ. وَيُقَالُ: جَلَّ الرجلُ عَنْ وَطَنِهِ يَجُلُّ ويجِلُّ جُلُولًا «3» وَجَلَا يَجْلو جَلاء وأَجْلى يُجْلي إِجلاء إِذا أَخْلى موطنِه. وجَلَّ القومُ مِنَ الْبَلَدِ يَجُلُّون، بِالضَّمِّ، جُلولًا أَي جَلَوا وَخَرَجُوا إِلى بَلَدٍ آخَرَ، فَهُمْ جالَّة. ابْنُ سِيدَهْ: وجَلَّ القومُ عَنْ مَنَازِلِهِمْ يَجُلُّون جُلولًا جَلَوا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للعجاج:
__________
(2) . قوله [يحسب إلخ] كذا في الأَصل هنا، وتقدم في ضمر: بحسب بموحدة وفتح الحاء وسكون السين والخرم بضم المعجمة وتشديد الراء، وقوله لم يحطم سبق أيضاً في المادة المذكورة لم يحزم.
(3) . قوله [يجلُّ جلولًا] قال شارح القاموس: من حد ضرب، واقتصر الصاغاني على يجل من حد نصر، وجمع بينهما ابن مالك وغيره وهو الصواب(11/119)
كأَنَّما نجومها، إِذ وَلَّتِ، ... عُفْرٌ، وصِيرانُ الصَّريم جَلَّتِ
وَمِنْهُ يُقَالُ: اسْتُعْمِل فُلَانٌ عَلَى الجالِيَة والجَالَّة، وَهُمْ أَهل الذِّمَّةِ، وإِنما لَزِمَهُمْ هَذَا الِاسْمُ لأَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَجْلى بَعْضَ الْيَهُودِ مِنَ الْمَدِينَةِ وأَمر بإِجلاء مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فأَجْلاهم عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فسُمُّوا جالِية لِلُزُومِ الِاسْمِ لَهُمْ، وإِن كَانُوا مُقِيمِينَ بِالْبِلَادِ الَّتِي أَوْطَنوها. وَهَذِهِ نَاقَةٌ تَجِلُّ عَنِ الْكَلَالِ: مَعْنَاهُ هِيَ أَجَلُّ مِنْ أَن تَكِلّ لِصَلَابَتِهَا. وَفَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ جَرَّاك وَمِنْ جُلِّك؛ ابْنُ سِيدَهْ: فِعْلُهُ مِنْ جُلِّك وجَلَلِك وجَلالِك وتَجِلَّتِك وإِجلالِك وَمِنْ أَجْل إِجْلالك أَي مِنْ أَجلك؛ قَالَ جَمِيلٌ:
رَسمِ دارٍ وَقَفْتُ فِي طَلَله، ... كِدْتُ أَقْضي الغَداة مِنْ جَلَله
أَي مِنْ أَجله؛ وَيُقَالُ: مِنْ عِظَمه فِي عَيْنِي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وأَنشده ابْنُ السِّكِّيتِ:
كِدْتُ أَقضي الْحَيَاةَ مِنْ جَلَله
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراد ربَّ رَسْمِ دَارٍ فأَضمر رُبَّ وأَعملها فِيمَا بَعْدَهَا مُضْمَرَةً، وَقِيلَ: مِنْ جَلَلك أَي مِنْ عَظَمتك. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ جَلَل كَذَا وَكَذَا أَي مِنْ عِظَمه فِي صَدْرِي؛ وأَنشد الْكِسَائِيُّ عَلَى قَوْلِهِمْ فَعَلْتُهُ مِنْ جَلالِك أَي مِنْ أَجلك قَوْلَ الشَّاعِرِ:
حَيائيَ مِنْ أَسْماءَ، والخَرْقُ بَيْنَنَا، ... وإِكْرامِيَ القومَ العِدى مِنْ جَلالِها
وأَنت جَلَلْت هَذَا عَلَى نَفْسِكَ تجُلُّه أَي جَرَرْته يَعْنِي جَنَيته؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمَجَلَّة: صَحِيفَةٌ يُكْتَبُ فِيهَا. ابْنُ سِيدَهْ: والمَجَلَّة. الصَّحِيفَةُ فِيهَا الْحِكْمَةُ؛ كَذَلِكَ رُوِيَ بَيْتُ النَّابِغَةِ بِالْجِيمِ:
مَجَلَّتُهم ذاتُ الإِله، ودِينُهم ... قَوِيم فَمَا يَرْجُون غَيْرَ الْعَوَاقِبِ
يُرِيدُ الصَّحِيفَةَ لأَنهم كَانُوا نَصَارَى فَعَنى الإِنْجيل، وَمَنْ رَوَى مَحَلَّتهم أَراد الأَرض الْمُقَدَّسَةَ وَنَاحِيَةَ الشَّامِ وَالْبَيْتَ المقدَّس، وَهُنَاكَ كَانَ بَنُو جَفْنة؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَعْنَاهُ أَنهم يحُجُّون فَيَحِلُّون مَوَاضِعَ مُقَدَّسَةً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كُلُّ كِتَابٍ عِنْدَ الْعَرَبِ مَجَلَّة. وَفِي حَدِيثِ
سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ: قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَلَّ الَّذِي مَعَكَ مِثْلَ الَّذِي مَعِي، فَقَالَ: وَمَا الَّذِي مَعَكَ؟ قَالَ: مَجَلَّة لُقْمَانَ
؛ كُلُّ كِتَابٍ عِنْدَ الْعَرَبِ مَجَلَّة، يُرِيدُ كِتَابًا فِيهِ حِكْمَةُ لُقْمَانَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَنس: أُلقي إِلينا مَجالُ
؛ هِيَ جَمْعُ مَجَلَّة يَعْنِي صُحُفاً قِيلَ إِنها معرَّبة مِنَ الْعِبْرَانِيَّةِ، وَقِيلَ: هِيَ عَرَبِيَّةٌ، وَقِيلَ: مَفْعَلة مِنَ الْجَلَالِ كَالْمَذَلَّةِ مِنَ الذُّلِّ. والجَلِيل: الثُّمام، حِجازيَّة، وَهُوَ نَبْتٌ ضَعِيفٌ يُحْشَى بِهِ خَصاص الْبُيُوتِ، وَاحِدَتُهُ جَلِيلة؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ لِبِلَالٍ:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبيتَنَّ لَيْلَةً ... بفَجٍّ، وحَوْلي إِذْخِر وجَلِيل؟
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِياه مَجَنَّةٍ؟ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شامَةٌ وطَفِيل؟
وَقِيلَ: هُوَ الثُّمام إِذا عَظُمَ وجَلَّ، وَالْجَمْعُ جَلائل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَلُوذُ بجَنْبَيْ مَرْخَة وجَلائل(11/120)
وَذُو الجَلِيل: وَادٍ لِبَنِي تَمِيمٍ يُنبت الجَلِيل وَهُوَ الثُّمَامُ. والجَلُّ، بِالْفَتْحِ: شِرَاعُ السَّفِينَةِ، وَجَمْعُهُ جُلُول، قَالَ الْقَطَامِيُّ:
فِي ذِي جُلُول يُقَضِّي الموتَ صاحبُه، ... إِذا الصَّرارِيُّ مِنْ أَهواله ارتَسما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جُمِعَ عَلَى أَجْلال؛ قَالَ جَرِيرٌ:
رَفَعَ المَطِيّ بِهَا وشِمْت مُجَاشِعًا ... والزَّنْبَرِيّ يَعُوم ذُو الأَجْلال «1»
. وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ:
ومَدَّه، إِذ عَدَل الجَليُّ، ... جَلٌّ وأَشْطانٌ وصَرَّاريُ
يَعْنِي مَدَّ هَذَا القُرْقورَ أَي زَادَ فِي جَرْيه جَلٌّ، وَهُوَ الشِّراع، يَقُولُ: مَدَّ فِي جَرْيِهِ، والصُّرَّاء: جَمْعُ صارٍ وَهُوَ مَلَّاح مِثْلُ غازٍ وغُزَّاء. وَقَالَ شِمْرٌ: رَوَاهُ أَبو عَدْنَانَ الْمَلَّاحُ جُلٌّ وَهُوَ الْكِسَاءُ يُلْبَس السَّفِينَةَ، قَالَ: وَرَوَاهُ الأَصمعي جَلٌّ، وَهُوَ لُغَةُ بَنِي سَعْدٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ. والجُلُّ: الْيَاسَمِينُ، وَقِيلَ: هُوَ الْوَرْدُ أَبيضه وأَحمره وأَصفره، فَمِنْهُ جَبَليّ وَمِنْهُ قَرَويّ، وَاحِدَتُهُ جُلَّة؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وَهُوَ كَلَامٌ فَارِسِيٌّ، وَقَدْ دَخَلَ فِي الْعَرَبِيَّةِ؛ والجُلُّ الَّذِي فِي شِعْرِ الأَعشى فِي قوله:
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسمين ... والمُسْمِعاتُ بقُصَّابها
هُوَ الْوَرْدُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ وقُصَّابها: جَمْعُ قَاصِبٍ وَهُوَ الزَّامِرُ، وَيُرْوَى بأَقصابها جَمْعُ قُصْب. وجَلُولاء، بِالْمَدِّ: قَرْيَةٌ بِنَاحِيَةِ فَارِسَ وَالنِّسْبَةُ إِليها جَلُوليٌّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ مِثْلُ حَرُورِي فِي النِّسْبَةِ إِلى حَرُوراء. وجَلٌّ وجَلَّان: حَيَّان مِنَ الْعَرَبِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
إِنا وَجَدْنَا بَنِي جَلَّان كُلَّهمُ، ... كَسَاعِدِ الضَّبِّ لَا طُول وَلَا قِصَر
أَي لَا كَذِي طُولٍ وَلَا قِصَر، عَلَى الْبَدَلِ مِنْ سَاعِدٍ؛ قَالَ: كَذَلِكَ أَنشده أَبو عَلِيٍّ بِالْخَفْضِ. وجَلٌّ: اسْمٌ؛ قَالَ:
لَقَدْ أَهْدَت حُبابَة بنتُ جَلٍّ، ... لأَهل حُباحبٍ، حَبْلًا طَوِيلًا
وجَلُّ بْنُ عَدِيّ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ رَهْط ذِي الرُّمَّةِ العَدَوي. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لَهُ رَجُلٌ الْتَقَطْتُ شَبَكَةً عَلَى ظَهْر جَلَّال
؛ قَالَ: هُوَ اسْمٌ لِطَرِيقِ نَجْدٍ إِلى مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى. والتَّجَلْجُل: السُّؤُوخ فِي الأَرض أَو الْحَرَكَةُ والجوَلان. وتَجَلْجَل فِي الأَرض أَي سَاخَ فِيهَا وَدَخَلَ. يُقَالُ: تَجَلْجَلَت قواعدُ الْبَيْتِ أَي تَضَعْضَعَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن قَارُونَ خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ يَتَبَخْتَرُ فِي حُلَّة لَهُ فأَمر اللَّهُ الأَرض فأَخذته فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنَ الخُيَلاء خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يتَجَلْجل إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يَتَجَلْجَلُ يَتَحَرَّكُ فِيهَا أَي يَغُوصُ فِي الأَرض حِينَ يُخسف بِهِ. والجَلْجَلَة: الْحَرَكَةُ مَعَ الصَّوْتِ أَي يَسُوخ فِيهَا حِينَ يُخْسف بِهِ. وَقَدْ تَجَلْجَل الريحُ تَجَلْجُلًا، والجَلْجَلَة: شِدَّةُ الصَّوْتِ وحِدَّته، وَقَدْ جَلْجَلَهُ؛ قال:
__________
(1) . قوله [والزنبري إلخ] هكذا في الأَصل هنا، وتقدم مثل هذا الشطر في ترجمة زنبر بلفظ كالزنبري يقاد بالأجلال(11/121)
يَجُرُّ ويَسْتأْبي نَشَاصاً كأَنه، ... بغَيْفَة لَمّا جَلْجَلَ الصوتَ، جَالِبُ
والجَلْجَلَة: صَوْتُ الرَّعْدِ وَمَا أَشبهه. والمُجَلْجِل مِنَ السَّحَابِ: الَّذِي فِيهِ صَوْتُ الرَّعْدِ. وسحابٌ مُجَلْجِل: لِرَعْدِهِ صَوْتٌ. وَغَيْثٌ جَلْجَال: شَدِيدُ الصَّوْتِ، وَقَدْ جَلْجَلَ وجَلْجَلَهُ: حَرَّكَهُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: جَلْجَلْت الشَّيْءَ جَلْجَلَة إِذا حَرَّكْتَهُ بِيَدِكَ حَتَّى يَكُونَ لِحَرَكَتِهِ صَوْتٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ تحرَّك فَقَدْ تَجَلْجَلَ. وَسَمِعْنَا جَلْجَلَة السَّبُع: وَهِيَ حَرَكَتُهُ. وتَجَلْجَل القومُ لِلسَّفَرِ إِذا تحرَّكوا لَهُ. وخَمِيسٌ جَلْجَال: شَدِيدٌ. شِمْرٌ: المُجَلْجَل الْمَنْخُولُ الْمُغَرْبَلُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
حَتَّى أَجالته حَصًى مُجَلْجَلا
أَي لَمْ تَتْرُكْ فِيهِ إِلا الْحَصَى المُجَلْجَل. وجَلْجَلَ الفرسُ: صَفَا صَهِيله وَلَمْ يَرِقَّ وَهُوَ أَحسن مَا يَكُونُ، وَقِيلَ: صَفَا صَوْتُهُ ورَقَّ، وَهُوَ أَحسن لَهُ. وَحِمَارٌ جُلاجِل، بِالضَّمِّ: صَافِي النَّهيق. وَرَجُلٌ مُجَلْجَل: لَا يَعْدِله أَحد فِي الظَّرْف. التَّهْذِيبُ: المُجَلْجِل السَّيِّدُ الْقَوِيُّ وإِن لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَبٌ وَلَا شَرَفٌ وَهُوَ الْجَرِيءُ الشَّدِيدُ الدَّافِعُ «1» ... وَاللِّسَانُ، وَقَالَ شِمْرٌ: هُوَ السَّيِّدُ الْبَعِيدُ الصَّوْتِ؛ وأَنشد ابْنُ شُمَيْلٍ:
جَلْجَلَ سِنَّك خَيْرَ الأَسنان، ... لَا ضَرَع السِّنِّ وَلَا قَحْمٌ فَانِ
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَمِنْ أَمثالهم فِي الرَّجُلِ الْجَرِيءِ إِنه ليُعَلِّق الجُلْجُل؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
إِلا امْرأً يَعْقِد خَيْط الجُلْجُل
يُرِيدُ الْجَرِيءَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ؛ التَّهْذِيبُ: وَقَوْلُهُ:
يُرْعد إِن يُرْعد فؤادُ الأَعزل، ... إِلَّا امْرَأً يَعْقِدُ خَيْطَ الجُلْجُل
يَعْنِي رَاعِيَهُ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ وَرَبَّاهُ وَهُوَ صَغِيرٌ يَعْرِفُهُ فَلَا يُؤْذِيهِ؛ قَالَ الأَصمعي: هَذَا مَثَلٌ، يَقُولُ: فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ إِلَّا شُجَاعٌ لَا يُبَالِيهِ، وَهُوَ صَعْبٌ مَشْهُورٌ، كَمَا يُقَالُ مَنْ يُعَلِّق الجُلْجُل فِي عُنُقِهِ. ابْنُ الأَعرابي: جَلْجَل الرجلُ إِذا ذَهَبَ وَجَاءَ. وَغُلَامٌ جُلْجُل وجُلاجِل: خَفِيفُ الرُّوحِ نَشِيط فِي عَمَلِهِ. والمُجَلْجَل: الْخَالِصُ النَّسَبِ. والجُلْجُل: مَعْرُوفٌ، وَاحِدُ الجَلاجِل. والجُلْجُل: الجَرَس الصَّغِيرُ، وَصَوْتُهُ الجَلْجَلة. وَفِي حَدِيثِ السَّفَرِ:
لَا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةً فِيهَا جُلْجُل
؛ هُوَ الْجَرَسُ الصَّغِيرُ الَّذِي يُعَلَّقُ فِي أَعناق الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا. والجَلْجَلة: تَحْرِيكُ الجُلْجُل. وإِبل مُجَلْجَلة: تُعَلَّقُ عَلَيْهَا الأَجراس؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ التَّمِيمِيُّ:
أَيا ضَيَاع الْمِائَةِ المُجَلْجَله
والجُلْجُل: الأَمر الصَّغِيرُ وَالْعَظِيمُ مِثْلُ الجَلَل؛ قَالَ:
وَكُنْتُ، إِذا مَا جُلْجُل الْقَوْمُ لَمْ يَقُم ... بِهِ أَحد، أَسْمو لَهُ وأَسُور
والجُلْجُلان: ثَمَرَةُ الكُزْبُرة، وَقِيلَ حَبُّ السِّمسم. وَقَالَ أَبو الْغَوْثِ: الجُلْجُلان هُوَ السِّمْسِمُ فِي قِشْرِهِ قَبْلَ أَن يُحْصَدَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُرَيْجٍ: وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ فِي الجُلْجُلان هُوَ السِّمْسِمُ
، وَقِيلَ: حَبٌّ كالكُزْبُرة، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يَدَّهِن عِنْدَ إِحرامه بدُهْن جُلْجُلان.
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِمَا فِي جَوْفِ التِّينِ مِنَ الْحَبِّ الجُلْجُلان؛ وأَنشد غَيْرُهُ لوَضّاح:
__________
(1) . ترك هنا بياض بأصله، وعبارة القاموس: والجريء الدفاع المنطيق(11/122)
ضحِك النَّاسُ وَقَالُوا: ... شِعْر وَضَّاحِ الْكَبَانِي،
إِنما شِعْرِيَ مِلْح ... قَدْ خُلِطْ بجُلْجُلانِ
وجُلْجُلان الْقَلْبِ: حَبَّته ومُنَّته. وعَلِمَ ذَلِكَ جُلْجُلان قَلْبِهِ أَي علِمَ ذَلِكَ قَلْبُهُ. وَيُقَالُ: أَصبت حبَّة قَلْبِهِ وجُلْجُلان قَلْبِهِ وحَمَاطة قَلْبِهِ. وجَلْجَل الشيءَ: خَلَطَهُ. وجَلاجِل وجُلاجِل وَدَارَةُ جُلْجُل، كُلُّهَا: مَوَاضِعُ، وجَلاجِل، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ الدَّهناء؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
أَيا ظَبْيَةَ الوَعْساء، بَيْنَ جَلاجِل ... وَبَيْنَ النَّقَا، آأَنتِ أَمْ أُمُّ سَالِمِ؟
وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمَضْمُومَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَوَتِ الرُّوَاةُ هَذَا الْبَيْتَ فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ جُلاجِل، بِضَمِّ الْجِيمِ لَا غَيْرُ، وَاللَّهُ أَعلم.
جمل: الجَمَل: الذَّكَر مِنِ الإِبل، قِيلَ: إِنما يَكُونُ جَمَلًا إِذا أَرْبَعَ، وَقِيلَ إِذا أَجذع، وَقِيلَ إِذا بزَل، وَقِيلَ إِذا أَثْنَى؛ قَالَ:
نَحْنُ بَنُو ضَبَّة أَصحابُ الجَمَل، ... الْمَوْتُ أَحلى عِنْدِنَا مِنَ الْعَسَلْ
اللَّيْثُ: الجَمَل يَسْتَحِقُّ هَذَا الِاسْمَ إِذا بَزَل، وَقَالَ شَمِرٌ: البَكْر والبَكْرة بِمَنْزِلَةِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ، والجَمَل وَالنَّاقَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ والمرأَة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الجَمَل هُوَ زَوْجُ النَّاقَةِ. وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قرأَ: الجُمَّل
، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، يَعْنِي الحِبَال الْمَجْمُوعَةَ، وَرُوِيَ
عَنْ أَبي طَالِبٍ أَنه قَالَ: رواه القراء الجُمَّل
، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، قَالَ: وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنه أَراد التَّخْفِيفَ؛ قَالَ أَبو طَالِبٍ: وَهَذَا لأَن الأَسماء إِنما تأْتي عَلَى فَعَل مُخَفَّفٍ، وَالْجَمَاعَةُ تَجِيءُ عَلَى فُعَّل مِثْلَ صُوَّم وقُوَّم. وَقَالَ
أَبو الْهَيْثَمِ: قرأَ أَبو عَمْرٍو وَالْحَسَنُ وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ: حَتَّى يَلِجَ الجُمَل
، مِثْلَ النُّغَر فِي التَّقْدِيرِ. وَحُكِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الجُمَّل
، بِالتَّثْقِيلِ وَالتَّخْفِيفِ أَيضاً، فأَما الجُمَل، بِالتَّخْفِيفِ، فَهُوَ الحَبْل الْغَلِيظُ، وَكَذَلِكَ الجُمَّل، مُشَدَّدٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ الجُمَل عَلَى مثال نُغَر، والجُمْل عَلَى مِثَالِ قُفْل، والجُمُل عَلَى مِثَالِ طُنُب، والجَمَل عَلَى مِثَالِ مَثَل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَعَلَيْهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ
، فأَما الجُمْل فَجَمْعُ جَمَل كأَسَد وأُسْد. والجُمُل: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. وَحُكِيَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ وأُبَيٍّ: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ.
الأَزهري: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: جِمَالات صُفْر، فإِن الْفَرَّاءَ قَالَ: قرأَ عَبْدُ اللَّهِ وأَصحابه جِمالَتٌ
، وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قرأَ: جِمَالات، قَالَ: وَهُوَ أَحَبُّ إِليَّ لأَن الجِمَال أَكثر مِنِ الجِمَالة فِي كَلَامِ الْعَرَبِ
، وَهُوَ يَجُوزُ كَمَا يُقَالُ حَجَر وحِجَارة وذَكَر وذِكَارة إِلّا أَن الأَول أَكثر، فإِذا قُلْتَ جِمالات فَوَاحِدُهَا جِمَال مِثْلَ مَا قَالُوا رِجَال ورِجَالات وبُيُوت وبُيُوتات، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ وَاحِدُ الجِمَالات جِمَالة، وَقَدْ
حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْقُرَّاءِ جُمَالات، بِرَفْعِ الْجِيمِ
، فَقَدْ يَكُونُ مِنَ الشَّيْءِ الْمُجْمَلِ، وَيَكُونُ الجُمَالات جَمْعًا مِنْ جَمْعِ الجِمال كَمَا قَالُوا الرَّخْل والرُّخال؛ قَالَ الأَزهري: وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ الجِمَالات حِبَال السُّفن يُجْمَعُ بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ حَتَّى تَكُونَ كأَوساط الرِّجَالِ
؛ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: جِمَالات حِبال الجُسور، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قَرأَ جِمَالات فَهُوَ جَمْعُ(11/123)
جِمالة، وَهُوَ القَلْس مِنْ قُلوس سُفُن الْبَحْرِ، أَو كالقَلْس مِنْ قُلوس الجُسور، وقرئت جِمالَتٌ صُفْرٌ
، عَلَى هَذَا الْمَعْنَى. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: أَنه قرأَ حَتَّى يَلِجَ الجُمَّل
، بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، قَلْس السَّفِينَةِ. قَالَ الأَزهري: كأَن الحَبْل الْغَلِيظَ سُمِّيَ جِمَالة لأَنها قُوًى كَثِيرَةٌ جُمِعت فأُجْمِلَت جُمْلة، وَلَعَلَّ الجُمْلة اشْتُقَّتْ مِنْ جُمْلة الحَبْل. ابْنُ الأَعرابي: الجَامِل الجِمَال. غَيْرُهُ: الجامِل قَطِيع مِنِ الإِبل مَعَهَا رُعْيانها وأَربابها كالبَقَر والباقِر؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
فإِن تكُ ذَا مالٍ كثيرٍ فإِنَّهم ... لَهُمْ جَامِل، مَا يَهْدأُ الليلَ سامِرُه
الجَامِل: جَمَاعَةٌ مِنِ الإِبل تَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ والإِناث، فإِذا قُلْتَ الجِمَال والجِمَالة فَفِي الذُّكُورِ خَاصَّةً، وأَراد بِقَوْلِهِ سَامِرُهُ الرِّعاء لَا يَنَامُونَ لِكَثْرَتِهِمْ. وَفِي الْمَثَلِ: اتَّخَذَ الليلَ جَمَلًا، يُضْرَبُ لِمَنْ يَعْمَلُ بِاللَّيْلِ عَمَلَهُ مِنْ قِرَاءَةٍ أَو صَلَاةٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: كَانَ يَسِيرُ بِنَا الأَبْرَدَيْن وَيَتَّخِذُ اللَّيْلَ جَمَلًا
، يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا سَرَى لَيْلَتَهُ جَمْعاء أَو أَحياها بِصَلَاةٍ أَو غَيْرِهَا مِنِ الْعِبَادَاتِ: اتَّخَذَ اللَّيْلَ جَمَلًا؛ كأَنه رَكِبه وَلَمْ يَنَمْ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَاصِمٍ: لَقَدْ أَدركت أَقواماً يَتَّخِذُونَ هَذَا اللَّيْلَ جَمَلًا يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ وَيَلْبَسُونَ المُعَصْفَر، مِنْهُمْ زِرُّ بْنُ حُبَيْش وأَبو وَائِلٍ.
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: قَالَ أَعرابي الجَامِل الحَيّ الْعَظِيمُ، وأَنكر أَن يكون الجامل الجِمَال؛ وأَنشد:
وجَامِل حَوْم يَرُوح عَكَرُه، ... إِذا دَنَا مِنْ جُنْحِ لَيْلٍ مَقْصِرُه،
يُقَرْقِر الهَدْرَ وَلَا يُجَرْجِرُه
قَالَ: وَلَمْ يَصْنَعِ الأَعرابي شَيْئًا فِي إِنكاره أَن الجَامِل الجِمَال؛ قَالَ الأَزهري: وأَما قَوْلُ طَرَفَةَ:
وجَاملٍ خَوَّعَ مِن نِيبِه ... زَجْرُ المُعَلَّى أُصُلًا والسَّفيح
فإِنه دَلَّ عَلَى أَن الجَامِل يَجْمَعُ الجِمَال والنُّوق لأَن النِّيب إِناث، وَاحِدَتُهَا نَابٌ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: اتَّخَذَ اللَّيْلَ جَمَلًا إِذا سَرَى اللَّيْلَ كُلَّهُ. وَاتَّخَذَ اللَّيْلَ جَمَلًا إِذا رَكِبَهُ فِي حَاجَتِهِ، وَهُوَ عَلَى الْمِثْلِ؛ وَقَوْلُهُ:
إِني لِمَنْ أَنْكَرَني ابنْ اليَثْرِبي، ... قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِي
إِنما أَراد رَجُلًا كَانَ مِنْ أَصحاب عَائِشَةَ، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَن عَائِشَةَ غَزَت عَلِيّاً عَلَى جَمَل، فَلَمَّا هُزِمَ أَصحابها ثَبَتَ مِنْهُمْ قَوْمٌ يَحْمُون الجَمَل الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ. وجَمَل: أَبو حَيٍّ مِنْ مَذْحِجٍ، وَهُوَ جَمَل بْنُ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ مِنْهُمْ هِنْدُ بْنُ عَمْرٍو الجَمَليُّ، وَكَانَ مَعَ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقُتِل؛ وَقَالَ قَاتِلُهُ:
قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِيّ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لعمرو بْنِ يَثْرِبِيِّ الضَّبِّي، وَكَانَ فَارِسَ بَنِي ضَبَّة يَوْمَ الجَمَل، قَتَلَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ وَتَمَامُ رَجَزِهِ:
قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِيّ، ... وابْناً لصُوحانَ عَلَى دِينِ عَلِي
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: والجُمَالة الْخَيْلُ؛ وأَنشد:
والأُدْم فيه يَعْتَرِكْنَ، ... بجَوِّه، عَرْكَ الجُمَاله
ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ أَوقعوا الجَمَل عَلَى النَّاقَةِ فَقَالُوا شَرِبْتُ لَبَنَ جَمَليّ، وَهَذَا نَادِرٌ، قَالَ: وَلَا أُحِقُّه، والجَمْع(11/124)
أَجْمال وجِمَال وجُمْل وجِمَالات وجِمالة وجَمَائل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْق الجَمَائِل، بَعْدَ مَا ... تَقَوَّبَ، عَنْ غِرْبانِ أَوْراكها، الخَطْرُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
هَمَّ النَّاسُ بنَحْر بَعْضِ جَمَائِلِهم
؛ هِيَ جَمْعُ جَمَل، وَقِيلَ: جَمْعُ جِمَالة، وجِمَالة جَمْعُ جَمَل كرِسالة ورَسائل. ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ الجَمَالة الطَّائِفَةُ مِنَ الجِمَال، وَقِيلَ: هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ النُّوقِ لَا جَمَل فِيهَا، وَكَذَلِكَ الجَمَالَة والجُمَالة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للإِبل إِذا كَانَتْ ذُكورة وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا أُنثى هَذِهِ جِمَالة بَنِي فُلَانٍ، وقرئ: كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ
. والجَامِلُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ كَالْبَاقِرِ والكالِب، وَقَالُوا الجَمَّال والجَمّالة كَمَا قَالُوا الحَمّار والحَمّارة والخَيَّالة. ورَجُل جَامِل: ذُو جَمَل. وأَجْمَل القومُ إِذا كثُرت جِمالهم. والجَمَّالة: أَصحاب الجِمال مِثْلَ الخَيّالة والحَمّارة؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ رِبْع الْهُذَلِيِّ:
حَتَّى إِذا أَسْلكوهم فِي قُتَائدة ... شَلًّا، كَمَا تَطْرُد الجَمَّالةُ الشُّرُدا
واسْتَجْمَل البَعِيرُ أَي صَارَ جَمَلًا. واسْتَقْرَم بَكْر فُلَانٍ أَي صَارَ قَرْماً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لِكُلِّ أُناس فِي جَمَلهم خُبْر
، وَيُرْوَى جُمَيْلهم، عَلَى التَّصْغِيرِ، يُرِيدُ صَاحِبَهُمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَثَلٌ يُضْرب فِي مَعْرِفَةِ كُلِّ قَوْمٍ بِصَاحِبِهِمْ يَعْنِي أَن المُسَوَّد يُسَوَّد لِمَعْنًى، وأَن قَوْمَهُ لَمْ يُسَوِّدوه إِلا لِمَعْرِفَتِهِمْ بشأْنه؛ وَيُرْوَى:
لِكُلِّ أُناس فِي بَعِيرهم خُبْر
، فَاسْتَعَارَ الْبَعِيرَ والجَمَل لِلصَّاحِبِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: وسأَلتها امرأَة أَأُوَخِّذ جَمَلِي
؟ تُرِيدُ زَوْجَهَا أَي أَحبسه عَنْ إِتيان النِّسَاءِ غَيْرِي، فكَنَتْ بالجَمَل عَنِ الزَّوج لأَنه زَوْجُ النَّاقَةِ. وجَمَّلَ الجَمَلَ: عَزَله عَنِ الطَّرُوقة. وَنَاقَةٌ جُمَاليَّة: وَثيقة تُشْبِهُ الجَمَل فِي خِلْقتها وشدَّتها وعِظَمها؛ قَالَ الأَعشى:
جُمَالِيَّة تَغْتَلي بالرِّدَاف، ... إِذا كَذَّبَ الآثِماتُ الهَجِيرا
وَقَوْلُ هِمْيَانَ:
وقَرَّبُوا كلَّ جُمَالِيٍّ عَضِه، ... قَرِيبَة نُدْوَتُه مِنْ مَحْمَضِه،
كأَنما يُزْهَم عِرْقا أَبْيَضِه «2»
. يُزْهَم: يُجْعل فِيهِمَا الزَّهَم، أَراد كُلَّ جُمَاليَّة فحَمَل عَلَى لَفْظِ كُلّ وذكَّر، وَقِيلَ: الأَصل فِي هَذَا تَشْبِيهُ النَّاقَةِ بِالْجَمَلِ، فَلَمَّا شَاعَ ذَلِكَ واطَّرد صَارَ كأَنه أَصل فِي بَابِهِ حَتَّى عَادُوا فشَبَّهوا الجَمَل بِالنَّاقَةِ فِي ذَلِكَ؛ وَهَذَا كَقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
ورَمْلٍ، كأَوْراك النِّساءِ، قَطَعْتُه، ... إِذا أَظلمته المُظْلِمات الحَنادِسُ
وَهَذَا مِنْ حَمْلِهِمُ الأَصل عَلَى الْفَرْعِ فِيمَا كَانَ الْفَرْعُ أَفاده مِنَ الأَصل، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ هَذَا كَثِيرًا، أَعني أَنها إِذا شَبَّهَتْ شَيْئًا بِشَيْءٍ مكَّنَتْ ذَلِكَ الشَّبَهَ لَهُمَا وعَمَّت بِهِ وَجْهَ الْحَالِ بَيْنَهُمَا، أَلا تَرَاهُمْ لَمَّا شَبَّهُوا الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ بِالِاسْمِ فأَعربوه تَمَّمُوا ذَلِكَ الْمَعْنَى بَيْنَهُمَا بأَن شَبَّهُوا اسْمَ الْفَاعِلِ بِالْفِعْلِ فأَعملوه؟ وَرَجُلٌ جُمَالِيٌّ، بِالضَّمِّ وَالْيَاءِ مُشَدَّدَةً: ضَخْم الأَعضاء تامُّ الخَلْق عَلَى التَّشْبِيهِ بالجَمَل لِعِظَمِهِ. وَفِي حَدِيثِ
فَضَالَةَ: كَيْفَ أَنتم إِذا قَعَد الجُمَلاءُ عَلَى المَنابر يَقْضون بالهَوَى ويَقْتلون بالغَضَب
؛ الجُمَلاءُ
__________
(2) . قوله [كأنما يزهم] تقدم في ترجمة بيض: ييجع بدل يزهم(11/125)
: الضِّخَام الخَلْق كأَنه جَمْعُ جَمِيل. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
فإِن جاءَت بِهِ أَوْرَق جَعْداً جُمَالِيّاً فَهُوَ لِفُلَانٍ
؛ الجُمَاليّ، بِالتَّشْدِيدِ: الضَّخم الأَعضاء التامُّ الأَوصال؛ وَقَوْلُهُ أَنشده أَبو حَنِيفَةَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي:
إِنَّ لَنَا مِنْ مَالِنَا جِمَالا، ... مِنْ خَيْرِ مَا تَحْوِي الرجالُ مَالًا،
يُنْتَجْن كُلَّ شَتْوَة أَجْمالا
إِنما عَنى بالجَمَل هُنَا النَّخل، شَبَّهَهَا بالجَمَل فِي طولِها وضِخَمها وإِتَائها. ابْنُ الأَعرابي: الجَمَل الكُبَع؛ قَالَ الأَزهري: أَراد بالجَمَل والكُبَع سَمَكَةً بَحريَّة تُدْعَى الجَمَل؛ قَالَ رؤْبة:
واعْتَلَجتْ جِماله ولُخْمُه
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الجَمَل سَمَكَةٌ تَكُونُ فِي الْبَحْرِ وَلَا تَكُونُ فِي العَذْب، قَالَ: واللُّخْمُ الكَوْسَجُ، يُقَالُ إِنه يأْكل النَّاسُ. ابْنُ سِيدَهْ: وجَمَل الْبَحْرِ سَمَكَةٌ مِنْ سَمَكِهِ قِيلَ طُولُهُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا؛ قَالَ العجاج:
كجَمَل البحر إِذا خَاضَ حَسَر
وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدَةَ: أَنه أَذن فِي جَمَل الْبَحْرِ
؛ قِيلَ: هُوَ سَمَكَةٌ ضَخْمَةٌ شَبِيهَةٌ بالجَمَل يُقَالُ لَهَا جَمَل الْبَحْرِ. والجُمَيل والجُمْلانة والجُمَيلانة: طَائِرٌ مِنَ الدَّخَاخِيلِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: الجُمَيل البُلْبل لَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلَّا مصغَّراً فإِذا جَمَعُوا قَالُوا جِمْلان. الْجَوْهَرِيُّ: جُمَيل طَائِرٌ جاءَ مُصَغَّرًا، وَالْجَمْعُ جِمْلان مِثْلَ كُعَيْت وكِعْتان. والجَمَال: مَصْدَرُ الجَمِيل، وَالْفِعْلُ جَمُلَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ
؛ أَي بَهَاءٌ وَحُسْنٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الجَمَال الْحُسْنُ يَكُونُ فِي الْفِعْلِ والخَلْق. وَقَدْ جَمُلَ الرجُل، بِالضَّمِّ، جَمَالًا، فَهُوَ جَمِيل وجُمَال، بِالتَّخْفِيفِ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وجُمَّال، الأَخيرة لَا تُكَسَّر. والجُمَّال، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: أَجْمَل مِنَ الجَمِيل. وجَمَّلَهُ أَي زَيَّنه. والتَّجَمُّل: تَكَلُّف الجَمِيل. أَبو زَيْدٍ: جَمَّلَ اللَّهُ عَلَيْكَ تَجْمِيلًا إِذا دَعَوْتَ لَهُ أَن يَجْعَلَهُ اللَّهُ جَمِيلًا حَسَناً. وامرأَة جَمْلاء وجَمِيلَة: وَهُوَ أَحد مَا جاءَ مِنْ فَعْلاء لَا أَفْعَل لَهَا؛ قَالَ:
وَهَبْتُه مِنْ أَمَةٍ سَوْدَاءَ، ... لَيْسَتْ بِحَسْناء وَلَا جَمْلاء
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَهْيَ جَمْلاء كَبدْرٍ طَالِعِ، ... بَذَّتِ الخَلْق جَمِيعًا بالجَمَال
وَفِي حَدِيثِ الإِسراءِ:
ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ امرأَة حَسْناء جَمْلاء
أَي جَمِيلة مَلِيحَةٌ، وَلَا أَفعل لَهَا مِنْ لَفْظِهَا كدِيمة هَطْلاء. وَفِي الْحَدِيثِ:
جَاءَ بِنَاقَةٍ حَسْناء جَمْلاء.
قَالَ ابْنُ الأَثير: والجَمَال يَقَعُ عَلَى الصُّوَر وَالْمَعَانِي؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِن اللَّهَ جَمِيل يُحِبُّ الجَمَال
أَي حَسَن الأَفعال كَامِلُ الأَوصاف؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ:
وَمَا الحَقُّ أَن تَهْوَى فتُشْعَفَ بِالَّذِي ... هَوِيتَ، إِذا مَا كَانَ لَيْسَ بأَجْمَل
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَجمل فِيهِ بِمَعْنَى جَمِيل، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد لَيْسَ بأَجمل مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا قَالُوا اللَّهُ أَكبر، يُرِيدُونَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والمُجَامَلَة: المُعاملة بالجَمِيل، الْفَرَّاءُ: المُجَامِل الَّذِي(11/126)
يَقْدِرُ عَلَى جَوَابِكَ فَيَتْرُكُهُ إِبقاءً عَلَى مَوَدَّتِك. والمُجَامِل: الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى جَوَابِكَ فَيَتْرُكُهُ ويَحْقد عَلَيْكَ إِلى وَقْتٍ مَا؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
جَمَالَك أَيُّها القلبُ القَرِيحُ، ... سَتَلْقَى مَنْ تُحبُّ فتَسْتَريحُ
يُرِيدُ: الْزَمْ تَجَمُّلَك وحياءَك وَلَا تَجْزَع جَزَعاً قَبِيحًا. وجَامَلَ الرجلَ مُجَامَلَةً: لَمْ يُصْفِه الإِخاءَ وماسَحَه بالجَمِيل. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: اجْمُل إِن كُنْتَ جَامِلًا، فإِذا ذَهَبُوا إِلى الْحَالِ قَالُوا: إِنه لجَمِيل: وجَمَالَك أَن لَا تَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا أَي لَا تَفْعَلَهُ، وَالْزَمِ الأَمر الأَجْمَل؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَخُو الحَرْب أَمّا صادِراً فَوَسِيقُه ... جَمِيل، وأَمَّا وَارِدًا فمُغَامِس
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَعْنَى قول جَمِيل هُنَا أَنه إِذا اطَّرد وَسِيقَةً لَمْ يُسْرع بِهَا وَلَكِنْ يَتَّئد ثِقَةً مِنْهُ ببأْسه، وَقِيلَ أَيضاً: وَسِيقُه جَمِيل أَي أَنه لَا يَطْلُبُ الإِبل فَتَكُونُ لَهُ وَسِيقة إِنما وَسِيقَتُهُ الرِّجَالُ يَطْلُبُهُمْ ليَسْبِيَهم فيجلُبهم وَسَائق. وأَجْمَلْت الصَّنِيعة عِنْدَ فُلَانٍ وأَجْمَلَ فِي صَنِيعِهِ وأَجْمَلَ فِي طَلَبِ الشَّيْءِ: اتَّأَد وَاعْتَدَلَ فَلَمْ يُفْرِط؛ قَالَ:
الرِّزق مَقْسُومٌ فأَجْمِلْ فِي الطَّلَب
وَقَدْ أَجْمَلْت فِي الطَّلَبِ. وجَمَّلْت الشيءَ تَجْمِيلًا وجَمَّرْته تَجْمِيرًا إِذا أَطلت حَبْسَهُ. وَيُقَالُ لِلشَّحْمِ المُذَاب جَمِيل؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
نُقابِلُ جُوعَهم بمُكَلَّلاتٍ، ... مِنَ الفُرْنيِّ، يَرْعَبُها الجَمِيل
وجَمَلَ الشيءَ: جَمَعَه. والجَمِيل: الشَّحم يُذَاب ثُمَّ يُجْمَل أَي يُجْمَع، وَقِيلَ: الجَمِيل الشَّحْمُ يُذَابُ فكُلما قَطَر وُكِّفَ عَلَى الخُبْزِ ثُمَّ أُعِيد؛ وَقَدْ جَمَلَه يَجْمُلُه جَمْلًا وأَجْمَلَهُ. أَذابه وَاسْتَخْرَجَ دُهْنه؛ وجَمَلَ أَفصح مِنْ أَجْمَلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمت عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوها وَبَاعُوهَا وأَكلوا أَثمانها.
وَفِي الْحَدِيثِ:
يأْتوننا بالسِّقَاء يَجْمُلُون فِيهِ الوَدَك.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَعِنْدَ الأَكثر
يَجْعَلُونَ فِيهِ الْوَدَكَ.
واجْتَمَلَ: كاشْتَوَى. وتَجَمَّلَ: أَكل الجَمِيل، وَهُوَ الشَّحْمُ المُذاب. وَقَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ لِابْنَتِهَا: تَجَمَّلِي وتَعَفَّفِي أَي كُلي الجَمِيل وَاشْرَبِي العُفَافَةَ، وَهُوَ بَاقِي اللَّبَنِ فِي الضَّرْع، عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ. والجَمُول: المرأَة الَّتِي تُذيب الشَّحْمَ، وَقَالَتِ امرأَة لِرَجُلٍ تَدْعُو عَلَيْهِ: جَمَلَك اللَّهُ أَي أَذابك كَمَا يُذاب الشَّحْمُ؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِذ قَالَتِ النَثُّول للجَمُولِ: ... يَا ابْنة شَحْمٍ؛ فِي المَرِيءِ بُولي
فإِنه فَسَّرَ الجَمُول بأَنه الشَّحْمَةُ المُذابة، أَي قَالَتْ هَذِهِ المرأَة لأُختها: أَبشري بِهَذِهِ الشَّحمة المَجْمولة الَّتِي تَذُوبُ فِي حَلْقك؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا التفسير ليس بقويّ وإِذا تُؤُمِّل كَانَ مُسْتَحِيلًا. وَقَالَ مرَّة: الجَمُول المرأَة السَّمِينَةُ، والنَّثُول المرأَة الْمَهْزُولَةُ. والجَمِيل: الإِهالة المُذابة، وَاسْمُ ذَلِكَ الذَّائِبِ الجُمَالة، والاجْتِمَال: الادِّهَان بِهِ. والاجْتِمَال أَيضاً: أَن تَشْوِيَ لَحْمًا فَكُلَّمَا وَكَفَتْ إِهَالته اسْتَوْدَقْتَه عَلَى خُبْز ثُمَّ أَعدته. الْفَرَّاءُ: جَمَلْت الشَّحْمَ أَجْمُلُه جَمْلًا واجْتَملته إِذا أَذَبْته، وَيُقَالُ: أَجْمَلته وجَمَلْت أَجود، واجْتَمَلَ الرجُل؛(11/127)
قَالَ لَبِيدٌ:
فاشْتَوَى لَيْلة رِيحٍ واجْتَمَلَ
والجُمْلَة: وَاحِدَةُ الجُمَل. والجُمْلَة: جَمَاعَةُ الشَّيْءِ. وأَجْمَلَ الشيءَ: جَمَعه عَنْ تَفْرِقَةٍ؛ وأَجْمَلَ لَهُ الْحِسَابَ كَذَلِكَ. والجُمْلَة: جَمَاعَةُ كُلِّ شَيْءٍ بِكَمَالِهِ مِنِ الْحِسَابِ وَغَيْرِهِ. يُقَالُ: أَجْمَلْتُ لَهُ الحسابَ والكلامَ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً
؛ وَقَدْ أَجْمَلْتُ الحسابَ إِذا رَدَدْتَهُ إِلى الجُمْلة. وَفِي حَدِيثِ القَدَر:
كِتَابٌ فِيهِ أَسماء أَهل الْجَنَّةِ وَالنَّارِ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يُنْقَصُ
؛ وأَجْمَلْتُ الحسابَ إِذا جَمَعْتَ آحَادَهُ وَكَمَّلْتَ أَفراده، أَي أُحْصوا وجُمِعوا فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يُنْقَصُ. وَحِسَابُ الجُمَّل، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ: الحروفُ الْمُقَطَّعَةُ عَلَى أَبجد، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبه عَرَبِيًّا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ حِسَابُ الجُمَل، بِالتَّخْفِيفِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَة. وجُمْل وجَوْمَل: اسْمُ امرأَة. وجَمَال: اسْمُ بِنْتِ أَبي مُسافر. وجَمِيل وجُمَيْل: اسْمَانِ. والجَمَّالان: مِنْ شُعَرَاءَ الْعَرَبِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وَقَالَ: أَحدهما إِسْلامي وَهُوَ الجَمَّال بن سَلَمة الْعَبْدِيُّ، وَالْآخَرُ جَاهِلِيٌّ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلى أَب. وجَمَّال: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
حَتَّى عَلِمْنَا، وَلَوْلَا نَحْنُ قَدْ عَلِمُوا، ... حَلَّت شَلِيلًا عَذَاراهم وجَمَّالا
جَمْحَلَ: الجُمَّحْلُ: اللَّحْمُ الَّذِي يَكُونُ فِي الأَصداف؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الأَغلب فِي أُرجوزة لَهُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الجُمَّحْلُ اللَّحْمُ الَّذِي يَكُونُ فِي الصَّدَفة إِذا شُقِّقَت.
جمعل: ابْنُ سِيدَهْ: الجُمَعْلِيلة الضَّبُع، وَقَالَ الأَزهري: الجُمَعْليلة الناقة الهَرِمة.
جنبل: الجُنْبُل: العُسُّ الضَّخْم الخَشِبُ النَّحْت الَّذِي لَمْ يَسْتَو؛ وأَنشد:
مَلْمومة لَمًّا كظَهْرِ الجُنْبُل
الجُنْبُل والمِجْوَل: القَدَح الضَّخم. والجُنْبُل: قَدَح غَلِيظٌ مِنْ خَشَبٍ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لأَبي الْغَرِيبِ النَّصْرِيِّ:
وكُلْ هَنِيئاً ثُمَّ لَا تُزَمِّل، ... وادْعُ، هُدِيتَ، بعَتَادٍ جُنْبُل
وَقَالَ آخَرُ فِي مِثْلِهِ:
إِذا انبَطَحتْ جافَى عَنِ الأَرض بَطنُها، ... وخَوَّأَها رَابٍ كهامَةِ جُنْبُل
جنثل: جَنْثَل: اسم.
جنجل: الجُنْجُل: بَقْلة بِالشَّامِ نَحْوُ الهِلْيَوْنِ تُؤْكَلُ مَسْلوقة.
جنحدل: هَذِهِ كَلِمَةٌ ذَكَرَهَا الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ فَقَالَ: وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ لِمَالِكِ بْنِ الرَّيب:
عَلامَ تَقولُ السَّيْفُ يُثْقِل عَاتِقِي، ... إِذا قَادَنِي بَيْنَ الرِّجَالِ الجَنَحْدَل؟
قال: والجَنَحْدَل القَصِير.
جندل: الجَنْدَل: الحِجَارة، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ. ابْنُ سِيدَهْ: الجَنْدَل مَا يُقِلُّ الرجلُ مِنِ الحِجَارة، وَقِيلَ: هُوَ الحَجَر كُلُّه، الْوَاحِدَةُ جَنْدَلَة؛ قَالَ أُمية الْهُذَلِيُّ:
تَمُرُّ كجَنْدَلة المَنْجَنِيقِ ... يُرْمَى بِهَا السُّور، يَوْمَ القِتَال(11/128)
والجَنَدِل: الجَنَادِل، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا جَنَدِلٌ يَعْنُون الجَنَادِل، وَصَرَفُوهُ لِنُقْصَانِ الْبِنَاءِ عَمَّا لَا يَنْصَرِفُ. وأَرض جَنَدِلة: ذَاتُ جَنَدِل؛ وَقِيلَ: الجَنَدِل، بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالنُّونِ وَكَسْرِ الدَّالِ، الْمَكَانُ الْغَلِيظُ فِيهِ حِجَارَةٌ. وَمَكَانٌ جَنَدِل: كَثِيرُ الجَنْدَل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَاهُ كُرَاعٌ بِضَمِّ الْجِيمِ، قَالَ: وَلَا أُحِقُّه. التَّهْذِيبُ: الجَنْدَل صَخْرَةٌ مِثْلُ رأْس الإِنسان، وَجَمْعُهُ جَنَادِل. والجُنَادِل: الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وجَنْدَل: اسْمُ رَجُلٍ. ودُومة الجَنْدَل: مَوْضِعٌ. وجَنْدَل، غَيْرَ مَصْرُوفٍ: بُقْعة مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ:
يَلُحْن مِنْ جَنْدَلَ ذِي مَعَارك
كأَن الْمَوْضِعَ يُسَمَّى بجَنْدَل وَبِذِي مَعَارك فأَبدل ذِي مَعَارِكَ مِنْ جَنْدَلَ، وأَحسن الرِّوَايَتَيْنِ مِنْ جَندلِ ذِي مَعَارِكَ أَي مِنْ حِجَارَةِ هَذَا الْمَوْضِعِ. والجُنَادِل: الْعَظِيمُ القَوِيُّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَن تَحْتي صَخِباً جُنَادِلا
جهل: الجَهْل: نَقِيضُ العِلْم، وَقَدْ جَهِلَه فُلَانٌ جَهْلًا وجَهَالَة، وجَهِلَ عَلَيْهِ. وتَجَاهَلَ: أَظهر الجَهْل؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: تَجَاهَلَ أَرَى مِنْ نَفْسِهِ الجَهْل وَلَيْسَ بِهِ، واسْتَجْهَلَه: عَدَّه جاهِلًا واسْتَخَفَّه أَيضاً. والتَّجْهِيل: أَن تَنْسُبَهُ إِلى الجَهْل، وجَهِلَ فُلَانٌ حَقَّ فُلَانٍ وجَهِلَ فُلَانٌ عَلَيَّ وجَهِلَ بِهَذَا الأَمر. والجَهَالَة: أَن تَفْعَلَ فِعْلًا بِغَيْرِ العِلْم. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِن فُلَانًا لَجَاهِل مِنْ فُلَانٍ أَي جاهِلٌ بِهِ. وَرَجُلٌ جَاهِلٌ وَالْجَمْعُ جُهْلٌ وجُهُلٌ وجُهَّلٌ وجُهَّالٌ وجُهَلَاء؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: شَبَّهوه بِفَعيل كَمَا شَبَّهُوا فَاعِلًا بفَعُول؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالُوا جُهَلاء كَمَا قَالُوا عُلَماء، حَمْلًا لَهُ عَلَى ضِدِّهِ. وَرَجُلٌ جَهُول: كجاهِل، وَالْجَمْعُ جُهُلٌ وجُهْلٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
جُهْل العَشِيِّ رُجَّحاً لقَسْرِه
قَوْلُهُ جُهْل العَشِيِّ يَقُولُ: فِي أَول النَّهَارِ تَسْتَنُّ وبالعَشِيِّ يَدْعُوهَا لينضمَّ إِليه مَا كَانَ مِنْهَا شَاذًا فيأْمن عَلَيْهَا السِّباع وَاللَّيْلَ فيَحُوطها، فإِذا فَعَلَ ذَلِكَ رَجَعْن إِليه مَخَافَةَ قَسْرِه لِهَيْبَتِهَا إِياه. والمَجْهَلَة: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى الجَهْل؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الْوَلَدُ مَبْخَلة مَجْبَنة مَجْهَلة.
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنكم لتُجَهِّلُون وتُبَخِّلون وتُجَبِّنون
أَي يَحْمِلون الْآبَاءَ عَلَى الجَهْل بِمُلَاعَبَتِهِمْ إِياهم حِفْظًا لِقُلُوبِهِمْ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الأَلفاظ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقَوْلُ مُضَرِّس بْنِ رِبْعِيٍّ الفَقْعَسِي:
إِنا لَنَصْفَح عَنْ مَجَاهِل قَوْمَنَا، ... ونُقِيم سالِفَةَ الْعَدُوِّ الأَصْيَد
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَجَاهِل فِيهِ جَمْعٌ لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مُكَسَّر عَلَيْهِ إِلا قَوْلَهُمْ جَهْل، وفَعْل لَا يُكَسَّر عَلَى مَفاعِل، فَمَجَاهِل هاهنا مِنْ بَابِ مَلامِح ومَحاسِن. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: مَنِ اسْتَجْهَلَ مؤْمناً فَعَلَيْهِ إِثْمه
؛ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ مَنِ اسْتَجْهَلَ مُؤْمِنًا أَي حَمَله عَلَى شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ خُلُقه فيُغْضِبه فإِنما إِثمه عَلَى مَنْ أَحوجه إِلى ذَلِكَ، قَالَ: وجَهْله أَرجو أَن يَكُونَ مَوْضُوعًا عَنْهُ وَيَكُونُ عَلَى مَنِ اسْتَجْهَله. قَالَ شَمِرٌ: وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ جَهِلْت الشَّيْءَ إِذا لَمْ تَعْرِفْهُ، تَقُولُ: مِثْلي لَا يَجْهَلُ مِثْلَكَ. وَفِي حَدِيثِ الإِفْك:
وَلَكِنِ اجْتَهَلَتْه الحَمِيَّة
أَي حَمَلَتْه الأَنَفَة والغَضَب عَلَى الجَهْل، قَالَ: وجَهَّلْته نَسَبته إِلى الجَهْل، واسْتَجْهَلْتُه: وَجَدْتُهُ جاهِلًا، وأَجْهَلْته: جَعَلْته جاهِلًا. قَالَ: وأَما الاسْتِجْهَال بِمَعْنَى الْحَمْلِ عَلَى الجَهْل فَمِنْهُ مَثَل لِلْعَرَبِ: نَزْوَ الفُرارِ اسْتَجْهَلَ(11/129)
الفُرارَ، ومثله: اسْتَجْعَلْته حَمَلْته عَلَى العَجَلة؛ قَالَ:
فاسْتَعْجَلونا وَكَانُوا مِنْ صَحابتنا
يَقُولُ: تَقدَّمونا فحَمَلونا عَلَى العَجَلة، واسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ: حَمَلَهم عَلَى الزَّلَّة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ
؛ يَعْنِي الجاهِل بِحَالِهِمْ وَلَمْ يُرِدِ الجَاهِلَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْعَاقِلِ، إِنما أَراد الجَهْل الَّذِي هُوَ ضِدُّ الخِبْرة، يُقَالُ: هُوَ يَجْهَلُ ذَلِكَ أَي لَا يَعْرِفُهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ
؛ مِنْ قَوْلِكَ جَهِلَ فُلَانٌ رأْيه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن مِنَ العِلْم جَهْلًا
؛ قِيلَ: وَهُوَ أَن يَتَعَلَّمَ مَا لَا يَحْتَاجُ إِليه كَالنُّجُومِ وَعُلُومِ الأَوائل، ويَدَعَ مَا يَحْتَاجُ إِليه فِي دِينِهِ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ والسنَّة، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَتَكَلَّفَ الْعَالِمُ إِلى عِلْمِ مَا لَا يَعْلَمُهُ فيُجَهِّله ذَلِكَ. والجاهِلِيَّة: زَمَنُ الفَتْرة وَلَا إِسلامَ؛ وَقَالُوا الجاهِلِيَّة الجَهْلاء، فبالَغوا. والمَجْهَل: المَفازة لَا أَعْلام فِيهَا، يُقَالُ: رَكِبْتُها عَلَى مَجْهُولها؛ قَالَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ:
فَرَكِبْناها عَلَى مَجْهُولِها، ... بِصِلابِ الأَرْضِ فيهِنَّ شَجَع
وَقَوْلُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ فِي الجاهِلِيَّة الجَهْلاء، هُوَ تَوْكِيدٌ للأَول، يُشْتَقُّ لَهُ مِنِ اسْمِهِ مَا يُؤَكَّدُ بِهِ كَمَا يُقَالُ وَتِدٌ واتِدٌ وهَمَجٌ هامِجٌ ولَيْلة لَيْلاء ويَوْمٌ أَيْوَم. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنك امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّة
؛ هِيَ الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا الْعَرَبُ قَبْلَ الإِسلام مِنَ الجَهْل بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَرَسُولِهِ وَشَرَائِعِ الدِّينِ والمُفاخَرَة بالأَنساب والكِبْر والتَّجَبُّر وَغَيْرِ ذَلِكَ. وأَرض مَجْهَل: لَا يُهْتَدَى فِيهَا، وأَرضانِ مَجْهَل؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا كُلُّ صَفْواءَ صَفْوَةٍ، ... بِصَحْراء تِيهٍ، بَيْنَ أَرْضَيْنِ مَجْهَلِ
وأَرَضُونَ مَجْهَلٌ كَذَلِكَ، وَرُبَّمَا ثَنَّوا وجَمَعوا. وأَرض مَجْهولة: لَا أَعلام بِهَا وَلَا جِبال، وإِذا كَانَ بِهَا مَعَارِفُ أَعلام فَلَيْسَتْ بِمَجْهُولَةٍ. يُقَالُ: عَلَوْنا أَرضاً مَجْهولة ومَجْهَلًا سَواءً؛ وأَنشدنا:
قُلْتُ لصَحْراءَ خَلاءٍ مَجْهَلِ: ... تَغَوَّلي مَا شِئْتِ أَن تَغَوَّلي
قَالَ: وَيُقَالُ مَجْهُولَةٌ وَمَجْهُولَاتٌ ومَجاهِيل. وَنَاقَةٌ مَجْهُولَةٌ: لَمْ تُحْلَب قَطُّ. وَنَاقَةٌ مَجْهُولَةٌ إِذا كَانَتْ غُفْلة لَا سِمَةَ عَلَيْهَا؛ وَكُلُّ مَا اسْتَخفَّكَ فَقَدَ اسْتَجْهَلَكَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
دَعاك الهَوى واسْتَجْهَلَتْك المَنَازِلُ، ... وكَيْفَ تَصابي المَرءِ، والشَّيْبُ شامِلُ؟
واسْتَجْهَلَتِ الريحُ الغُصْنَ: حَرَّكته فَاضْطَرَبَ. والمِجْهَل والمِجْهَلَة والجَيْهَل والجَيْهَلَة: الخَشَبة الَّتِي يُحَرَّك بِهَا الجَمْر والتَّنُّور فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. وصَفاة جَيْهَل: عَظِيمَةٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: جَيْهَلُ اسْمُ امرأَة؛ وأَنشد:
تَقُولُ ذاتُ الرَّبَلاتِ، جَيهَلُ
جهبل: الجَهْبَلة: المرأَة الْقَبِيحَةُ الدَّمِيمة. والجَهْبَل: المُسِنُّ مِنَ الوُعُول، وَقِيلَ: الْعَظِيمُ مِنْهَا؛ قَالَ:
يَحْطِم قَرْنَيْ جَبَليٍّ جَهْبَل
جول: جَالَ فِي الحَرْب جَوْلة، وجَالَ فِي التَّطْواف يَجُول جَوْلًا وجَوَلاناً وجُؤُولًا؛ قَالَ أَبو حَيَّةَ(11/130)
النُّمَيْرِيُّ:
وجَالَ جُؤُولَ الأَخْدَرِيِّ بِوَافِدٍ ... مُغِذٍّ، قَلِيلًا مَا يُنِيخُ ليَهْجُدا
وتَجَاوَلُوا فِي الْحَرْبِ أَي جَالَ بعضهُم عَلَى بَعْضٍ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ مُجاوَلات، وجَالَ واجْتَالَ وانْجَالَ بِمَعْنًى؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وأَبي الَّذِي وَرَدَ الكُلابَ مُسَوَّماً ... بالخَيْل، تَحْتَ عَجاجِها المُنْجال
والتَّجْوال: التَّطْواف. وَفِي الْحَدِيثِ:
فاجْتَالَتْهم الشَّيَاطِينُ
أَي اسْتَخَفَّتْهم فَجَالُوا مَعَهُمْ فِي الضَّلَالِ، وجَالَ واجْتَالَ إِذا ذَهَبَ وَجَاءَ؛ وَمِنْهُ الجَوَلان فِي الْحَرْبِ. واجْتَالَ الشيءَ إِذا ذَهَبَ بِهِ وَسَاقَهُ. والجَائِل: الزَّائِلُ عَنْ مَكَانِهِ، وَرُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَمَّا جَالَت الخيلُ أَهْوَى إِلى عُنُقِي.
يُقَالُ: جَالَ يَجُول جَوْلَة إِذا دَارَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لِلْبَاطِلِ جَوْلَةٌ ثُمَّ يَضْمَحِلُ
؛ هُوَ مِنْ جَوَّلَ فِي الْبِلَادِ إِذا طَافَ، يَعْنِي أَن أَهله لَا يَسْتَقِرُّونَ عَلَى أَمر يَعْرِفُونَهُ وَيَطْمَئِنُّونَ إِليه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَما حَدِيثُ
الصدِّيق: إِن لِلْبَاطِلِ نَزْوة ولأَهل الحقِّ جَوْلَة
، فإِنه يُرِيدُ غَلَبة مِنْ جَالَ فِي الْحَرْبِ عَلَى قِرْنه، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الأَول لأَنه قَالَ بَعْدَهُ:
يَعْفُو لَهَا الأَثَرُ وَتَمُوتُ السُّنن.
وجَوَّلْتُ البلادَ تَجْوِيلًا أَي جُلْت فِيهَا كَثِيرًا. وجَوَّلَ فِي الْبِلَادِ أَي طَوَّف. ابْنُ سِيدَهْ: وجَوَّلَ تَجْوَالًا؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: والتَّفْعال بناء موضوع للكثرة كفَعَّلْت فِي فَعَلْت. وجَوَّلَ الأَرضَ: جالَ فِيهَا. وجَالَ القومُ جَوْلَة إِذا انْكَشَفُوا ثُمَّ كَرُّوا. والمِجْوَل: ثَوْبٌ صَغِيرٌ تَجُول فِيهِ الْجَارِيَةُ. غَيْرُهُ: والمِجْوَل ثَوْبٌ يُثْنَى ويُخَاط مِنْ أَحد شِقَّيْهِ وَيُجْعَلُ لَهُ جَيْبٌ تَجُول فِيهِ المرأَة، وَقِيلَ: المِجْوَل للصَّبيَّة والدِّرْع للمرأَة؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
إِلى مِثْلِها يَرْنُو الحَلِيمُ صَبَابَةً، ... إِذا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَل
أَي هِيَ بَيْنَ الصبِيّة والمرأَة. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذا دَخَلَ عَلَيْنَا لَبِس مِجْوَلًا
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: المِجْوَل الصُّدْرة والصِّدَار؛ وَرَوَى
الْخَطَّابِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَيضاً قَالَتْ: كَانَ لَهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِجْوَل
؛ قَالَ: تُرِيدُ صُدْرة مِنْ حَدِيد يَعْنِي الزَّرَدِيَّة؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا سُمِّيَ التُّرْس مِجْوَلًا. وجَالَ الترابُ جَوْلًا وانْجَال: ذَهَب وسَطَع. والجَوْل والجُول والجَوْلان والجَيْلان؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: التُّرَابُ وَالْحَصَى الَّذِي تَجُولُ بِهِ الرِّيحُ عَلَى وَجْهِ الأَرض. وَيَوْمٌ جَوْلانيٌّ وجَيْلانيٌّ: كَثِيرُ التُّرَابِ وَالرِّيحِ. ويومٌ جَوْلان وجَيْلان: كَثِيرُ التُّرَابِ وَالْغُبَارِ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وانْجَال الترابُ وجالَ، وانْجِيالُه انكِشاطُه. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا تَرَكُوا القَصْد والهُدَى: اجْتَالَهُم الشَّيْطَانُ أَي جَالُوا مَعَهُ فِي الضَّلَالَةِ؛ وَقَوْلُ حُمَيْدٍ:
مُطَوَّقة خَطْباء تَسْجَع كُلَّما ... دَنَا الصّيفُ، وانْجَالَ الرَّبيعُ فأَنْجَما
انْجَالَ أَي تَنَحَّى وَذَهَبَ. أَبو حَنِيفَةَ: الجَائِل والجَوِيل مَا سَفَرَتْه الريحُ مِنْ حُطَام النَّبْت وَسَوَاقِطِ وَرَقِ الشَّجَرِ فَجالَت بِهِ. واجْتالَهم الشَّيْطَانُ: حوَّلهم عَنِ القَصْد. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن اللَّهَ تَعَالَى قَالَ إِني خَلَقْتُ عِبَادِيَ حُنَفاء فاجْتَالهم الشَّيْطَانُ أَي اسْتَخَفَّهم فجَالُوا مَعَهُ.
قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ اجْتَالَ الرجلُ الشيءَ إِذا ذَهَبَ(11/131)
بِهِ وَطَرَدَهُ وَسَاقَهُ، واجْتَالَ أَموالَهم أَي ذَهَبَ بِهَا، واسْتَجَالَها مِثْلُهُ. وَفِي حَدِيثٍ
طَهْفة: وتَسْتَجِيل الجَهامَ
أَي تَرَاهُ جَائِلًا تَذْهَبُ بِهِ الريح هاهنا وهاهنا، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ وَالْحَاءِ، وَهُوَ الأَشهر، وسيأْتي ذِكْرُهُمَا. والإِجالة: الإِدَارة، يُقَالُ فِي المَيْسِر: أَجِلِ السِّهام. وأَجَالَ السِّهَامَ بَيْنَ الْقَوْمِ: حَرَّكها وأَفْضَى بِهَا فِي القِسْمة. وَيُقَالُ أَجَالُوا الرأْي فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
وَهَى خَرْجُه، واسْتُجِيلَ الرَّبابُ ... مِنْهُ، وغُرِّم مَاءً صَرِيحا «3»
. مَعْنَى اسْتُجِيل كُرْكِرَ ومُخِض. والخَرْجُ: الوَدْق، وأَورد الأَزهري بَيْتَ أَبي ذؤَيب عَلَى غَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ فَقَالَ:
ثَلاثاً، فَلمّا اسْتُجِيلَ الجَهَامُ ... عَنْه، وغُرِّم مَاءً صَرِيحا
وَقَالَ: اسْتُجِيل ذَهَبَتْ بِهِ الريح هاهنا وهاهنا وتَقَطَّع. وأَجِلْ جَائِلَتك أَي اقْضِ الأَمر الَّذِي أَنت فِيهِ. والجُول والجَالُ والجِيلُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: ناحيةُ البئرِ والقبرِ وَالْبَحْرِ وجانبُها. والجُول، بِالضَّمِّ: جِدَارُ الْبِئْرِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهُوَ كُلُّ نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْبِئْرِ إِلى أَعلاها مِنْ أَسفلها؛ وأَنشد:
رَمَاني بأَمرٍ كنتُ مِنْهُ وَوَالِدِي ... بَرِيًّا، وَمِنْ جُولِ الطَّوِيِّ رَماني
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِابْنِ أَحمر؛ قَالَ: وَقِيلَ هُوَ للأَزرق بْنِ طَرْفَةَ بْنِ العَمَرَّد الفَراصِيّ، أَي رَمَانِي بأَمر عَادَ عَلَيْهِ قُبْحُهُ لأَن الَّذِي يَرْمي مِنْ جُول الْبِئْرِ يَعُودُ مَا رَمَى بِهِ عَلَيْهِ، وَيُرْوَى: وَمِنْ أَجْل الطَّوِيّ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لأَن الشَّاعِرَ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ حُكُومة فِي بِئْرٍ فَقَالَ خَصْمَهُ: إِنه لِصٌّ ابْنُ لِصٍّ، فَقَالَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ؛ وَبَعْدَ الْبَيْتِ:
دَعَانِيَ لِصًّا فِي لُصُوص، وَمَا دَعا ... بِهَا وَالِدِي، فِيمَا مَضَى، رَجُلان
والجَالُ: مِثْلُ الجُول؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
رُدَّتْ مَعَاولُه خُثْماً مُفَلَّلةً، ... وصادَفَتْ أَخْضَرَ الجَالَينِ صَلَّالا «4»
. وَقِيلَ: جُولُ الْقَبْرِ مَا حَوْله؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ أَبي ذؤَيب:
حَدَرْناه بالأَثواب فِي قَعْرِ هُوَّةٍ ... شَدِيدٍ، عَلَى مَا ضُمَّ فِي اللَّحْدِ، جُولُها
وَالْجَمْعُ أَجْوال وجُوَالٌ وجُوَالة»
. والجُول: الْعَزِيمَةُ، وَيُقَالُ الْعَقْلُ، وَلَيْسَ لَهُ جُول أَي عَقْلٌ وعَزِيمة تَمْنَعُهُ مِثْلُ جُول الْبِئْرِ لأَنها إِذا طُوِيَت كَانَ أَشدَّ لَهَا. وَرَجُلٌ لَيْسَ لَهُ جَالٌ أَي لَيْسَ لَهُ عَزِيمة تَمْنَعُهُ مِثْلُ جُول الْبِئْرِ؛ وأَنشد:
وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْعَزَائِمِ جُولُ
والجُول: لُبُّ الْقَلْبِ ومَعْقُوله. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَهُ رَأْيٌ ومُسُكة لَهُ زَبْر وجُول أَي يَتَماسَك جُولُه، وَهُوَ مَزْبور مَا فَوْقَ الجُول مِنْهُ، وصُلْب مَا تَحْتَ الزَّبْر مِنَ الجُول. ويقال للرجل
__________
(3) . قوله [وغرم] هكذا في الأَصل هنا بالمعجمة المضمومة، وتقدم في ترجمة صرح: وكرم بالكاف وقال هناك وأراد بالتكريم التكثير، وفي الصحاح: وكرّم السحاب إذا جاد بالغيث
(4) . قوله [وصادفت] أي الناقة كما نص عليه الجوهري في ترجمة صلل حيث قال: أي صَادَفَتْ نَاقَتِي الْحَوْضَ يَابِسًا
(5) . قوله [وجوال وجوالة] قال شارح القاموس: هما في النسخ عندنا بالضم وفي المحكم بالكسر(11/132)
الَّذِي لَا تَماسُك لَهُ وَلَا حَزْم: لَيْسَ لِفُلَانٍ جُول أَي يَنْهَدِمُ جُولُه فَلَا يُؤْمَن أَن يَكُونَ الزَّبْر يَسْقُط أَيضاً؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ عَبْدَ الْمَلِكِ:
فأَبُوك أَحْزَمُهم، وأَنت أَمِيرُهم، ... وأَشَدُّهم عِنْدَ الْعَزَائِمِ جُولا
وَيُقَالُ فِي مَثَل: لَيْسَ لِفُلَانٍ جُولٌ وَلَا جَالٌ أَي حَزْم؛ ابْنُ الأَعرابي: الجُول الصَّخْرة الَّتِي فِي الْمَاءِ يَكُونُ عَلَيْهَا الطَّيُّ، فإِن زَالَتْ تِلْكَ الصَّخْرَةُ تَهَوَّر الْبِئْرُ، فَهَذَا أَصل الجُول؛ وأَنشد:
أَوْفَى عَلَى رُكْنَين، فَوْقَ مَثَابة، ... عَنْ جُولِ رازِحَة الرِّشاءِ شَطُون
وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف: لَيْسَ لَكَ جُولٌ
أَي عَقْلٌ مأْخوذ مِنْ جُول الْبِئْرِ، بِالضَّمِّ، وَهُوَ جِدَارها. اللَّيْثُ: جَالا الْوَادِي جانِبا مَائِهِ، وجَالا الْبَحْرُ: شَطَّاه، وَالْجَمْعُ الأَجْوَال؛ وأَنشد:
إِذا تَنَازَعَ جَالَا مَجْهَلٍ قُذُف
والأَجْوَلِيُّ مِنَ الْخَيْلِ: الجَوَّال السَّرِيعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أَجْوَلِيٌّ ذُو مَيْعةِ إِضْريجُ
الأَصمعي: هُوَ الجُول والجَال لِجَانِبِ الْقَبْرِ وَالْبِئْرِ. وجَوَلان الْمَالِ، بِالتَّحْرِيكِ: صِغاره ورَدِيئُه. والجَوْل: الْجَمَاعَةُ مِنَ الْخَيْلِ والجماعةُ مِنِ الإِبل. حَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: الجُول والجَوْل، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، مِنِ الإِبل ثَلَاثُونَ أَو أَربعون، قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ قَرَّبوا للبَيْنِ والتَّمَضِّي ... جَوْل مَخاضٍ كالرَّدى المُنْقَضِ
قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ النَّعَامِ وَالْغَنَمِ. واجْتَالَ مِنْهُمْ جَوْلًا: اخْتَارَ؛ قَالَ عَمْرُو ذُو الْكَلْبِ يَصِفُ الذِّئْبَ:
فاجْتَالَ مِنْهَا لَجْبَةً ذاتَ هَزَم
واجْتَالَ مِنْ مَالِهِ جَوْلًا وجَوَالة: اخْتَارَ. الْفَرَّاءُ: اجْتَلْت مِنْهُمْ جَوْلة وانْتَضَلْت نَضْلة، وَمَعْنَاهُمَا الِاخْتِيَارُ. وجُلْتُ هَذَا مِنْ هَذَا أَي اخْتَرْتُهُ مِنْهُ. واجْتَلْت مِنْهُمْ جَوْلًا أَي اخْتَرْتُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ رَجُلًا:
وكائِنْ وكَم مِنْ ذِي أَواصِرَ حَوْله، ... أَفادَ رَغِيباتِ اللُّهى وجِزالَها
لآخَرَ مُجْتالٍ بِغَيْرِ قَرابة، ... هُنيْدَة لَمْ يَمْنُن عَلَيْهِ اجْتِيالَها
والجَوْل: الحَبْل ورُبَّما سُمِّيَ العِنان جَوْلًا. اللَّيْثُ: وِشاحٌ جَائِل وبِطان جَائِل وَهُوَ السَّلِس. وَيُقَالُ: وِشاح جالٍ [جالٌ] كَمَا يُقَالُ كَبْش صافٍ [صافٌ] وَصَائِفٌ. والجَوْل: الوَعِل المُسِنُّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْجَمْعُ أَجْوَال. والجَوْل: شَجَرٌ مَعْرُوفٌ. وجَوْلَى، مَقْصُورٌ: مَوْضِعٌ. وجَوْلانُ والجَوْلانُ، بِالتَّسْكِينِ: جَبَلٌ بِالشَّامِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: قَرْيَةٌ بالشام؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الجَوْلان جَبَلٌ بِالشَّامِ، قَالَ: وَيُقَالُ لِلْجَبَلِ حَارِثُ الجَوْلان؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
بَكى حارِثُ الجَوْلان مِنْ فَقْدِ رَبِّه، ... وحَوْرانُ مِنْهُ مُوحِشٌ مُتَضائل
وحارِث: قُلَّةٌ مِنْ قِلاله. والجَوْلان: أَرض، وَقِيلَ: حارثٌ وحَوْران جَبَلان. والأَجْوَل: جَبَلٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنَّ قَلُوصي تَحْمِلُ الأَجْوَلَ الَّذِي ... بشَرْقيِّ سَلْمى، يومَ جَنْب قُشام(11/133)
وَقَالَ زُهَيْرٌ:
فشَرْقيِّ سَلْمى حَوْضه فأَجاوِله
جَمَع الجَبَل بِمَا حَوْله أَو جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ أَجْوَل. والمِجْوَل: الفِضَّة؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والمِجْوَل: ثَوْبٌ أَبيض يُجْعَل عَلَى يَدِ الرَّجُلِ الَّذِي يَدْفع إِليه الأَيْسار القِداح إِذا تَجَمَّعوا. التَّهْذِيبُ: المِجْوَل الصُّدْرة والصِّدار، والمِجْوَل الدِّرْهَم الصَّحِيحُ. والمِجْوَل: العُوذة. والمِجْوَل: الحِمار الْوَحْشِيُّ. والمِجْوَل: هِلال مِنْ فِضَّة يَكُونُ فِي وَسَط القِلادَة. وَالْجَالُ: لُغَةٌ فِي الخالِ الَّذِي هُوَ اللِّواء؛ ذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيِّ.
جيل: الجِيل: كُلُّ صِنْف مِنَ النَّاسِ، التُّرْك جِيل والصِّين جِيل وَالْعَرَبُ جِيل وَالرُّومُ جِيل، وَالْجَمْعُ أَجْيال. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: مَا أَعْلَمُ مِنْ جِيل كَانَ أَخبث مِنْكُمْ
؛ الجِيل الصِّنْفُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ الأُمَّة، وَقِيلَ كُلُّ قَوْمٍ يَخْتَصُّونَ بِلُغَة جِيلٌ. وجِيلان وجَيْلان: قَوْمٌ رَتَّبهم كِسْرى بِالْبَحْرَيْنِ شِبْه الأَكَرة لخَرْص النَّخْل أَو لمِهْنَةٍ مَا؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ: جَيْلان وجِيلان فَعَلة المُلوك، وَكَانُوا مِنْ أَهل الجَبَل؛ وأَنشد:
أُتِيحَ لَهُ جِيْلانُ [جَيْلانُ] عِنْدَ جَذاذِه، ... ورَدَّد فِيهِ الطَّرْفَ حَتَّى تَحَيَّرا
وأَنشد الأَصمعي:
أَرْسَل جَيْلان يَنْحِتُون لَهُ ... ساتِيذَما بالحَديدِ فانْصَدَعا «6»
. المُؤَرِّج فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هُوَ وَقَبِيلُهُ؛ أَي جِيلُه، وَمَعْنَاهُ جِنْسه. وجِيل جِيلان: قَوْمٌ خَلْفَ الدَّيْلم. التَّهْذِيبُ: جِيلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ خَلْفَ الدَّيلم، يُقَالُ جِيل جَيلان. وجَيْلان، بِفَتْحِ الْجِيمِ: حَيٌّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ. الْجَوْهَرِيُّ: وجَيْلان الحَصى مَا أَجالَته الرِّيحُ مِنْهُ؛ يُقَالُ مِنْهُ: رِيحٌ ذَاتُ جَيْلان.
فصل الحاء المهملة
حبل: الحَبْل: الرِّباط، بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالْجَمْعُ أَحْبُل وأَحبال وحِبَال وحُبُول؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لأَبي طَالِبٍ:
أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ، لَا أَباكَ، ضَرَبْتَه ... بمِنْسَأَة؟ قَدْ جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ قَدْ جَرَّ حَبْلَك أَحْبُلُ؛ قَالَ: وَبَعْدَهُ:
هَلُمَّ إِلى حُكْمِ ابْنِ صَخْرة، إِنَّه ... سَيَحكُم فِيمَا بَيْننا، ثُمَّ يَعْدِلُ
والحبْل: الرَّسَن، وَجَمْعُهُ حُبُول وحِبَال. وحَبَلَ الشيءَ حَبْلًا: شَدَّه بالحَبْل؛ قَالَ:
فِي الرأْس مِنْهَا حبُّه مَحْبُولُ
وَمِنْ أَمثالهم: يَا حَابِلُ اذْكُرْ حَلًّا أَي يَا مَنْ يَشُدُّ الحَبْلَ اذْكُرْ وَقْتَ حَلِّه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرَوَاهُ اللِّحْيَانِيُّ يَا حَامِلُ، بِالْمِيمِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَذَاكَرْتُ بِنَوَادِرِ اللِّحْيَانِيِّ شَيْخَنَا أَبا عَلِيٍّ فرأَيته غَيْرَ رَاضٍ بِهَا، قَالَ: وَكَانَ يَكَادُ يُصَلِّي بِنَوَادِرِ أَبي زَيْدٍ إِعْظاماً لَهَا، قَالَ: وَقَالَ لِي وَقْتَ قِرَاءَتِي إِياها عَلَيْهِ لَيْسَ فِيهَا حَرْفٌ إِلَّا ولأَبي زَيْدٍ تَحْتَهُ غَرَضٌ مَا، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهُوَ كَذَلِكَ لأَنها مَحْشُوَّة بالنُّكَت والأَسرار؛ اللَّيْثُ: المُحَبَّل الحَبْل فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
كُلُّ جُلال يَمْلأَ المُحَبَّلا
__________
(6) . قوله: ساتيذَما، هكذا في الأَصل، وهو في معجم البلدان: ساتيدما بالدال، قيل إنه جبل وقيل إنه نهر(11/134)
وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: يَغْدو النَّاسُ بِحبالهم فَلَا يُوزَع رَجُلٌ عَنْ جَمَل يَخْطِمُه
؛ يُرِيدُ الحِبال الَّتِي تُشَدُّ فِيهَا الإِبل أَي يأْخذ كُلُّ إِنسان جَمَلًا يَخْطِمُه بحَبْله وَيَتَمَلَّكُهُ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي يَغْدُو النَّاسُ بِجِمَالِهِمْ، وَالصَّحِيحُ بحِبالهم. والحَابُول: الكَرُّ الَّذِي يُصْعد بِهِ عَلَى النَّخْلِ. والحَبْل: العَهْد والذِّمَّة والأَمان وَهُوَ مِثْلُ الجِوار؛ وأَنشد الأَزهري:
مَا زلْتُ مُعْتَصِماً بحَبْلٍ منكمُ، ... مَنْ حَلَّ ساحَتَكم بأَسْبابٍ نَجا
بعَهْدٍ وذِمَّةٍ. والحَبْل: التَّواصُل. ابْنُ السِّكِّيتِ: الحَبْل الوِصال. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الِاعْتِصَامُ بحَبْل اللَّهِ هُوَ تَرْكُ الفُرْقة واتباعُ الْقُرْآنِ، وإِيَّاه أَراد
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِقَوْلِهِ: عَلَيْكُمْ بحَبْل اللَّهِ فإِنه كِتَابُ اللَّهِ.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
يَا ذَا الحَبْل الشَّدِيدِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُونَ بِالْبَاءِ، قَالَ: وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ أَو الدِّينُ أَو السَّبَبُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا
؛ وَوَصَفَهُ بالشدَّة لأَنها مِنْ صِفات الحِبال، والشدَّةُ فِي الدِّينِ الثَّباتُ وَالِاسْتِقَامَةُ؛ قَالَ الأَزهري: وَالصَّوَابُ الحَيْل، بِالْيَاءِ، وَهُوَ القُوَّة، يُقَالُ حَيْل وحَوْل بِمَعْنًى. وَفِي حَدِيثِ
الأَقرع والأَبرص والأَعمى: أَنا رَجُلٌ مِسْكِينٌ قَدِ انْقَطَعَتْ بِي الحِبَال فِي سَفَري
أَي انْقَطَعَتْ بِيَ الأَسباب، مِنَ الحَبْل السَّبَبِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَصل الحَبْل فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَنْصَرِفُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا الْعَهْدُ وَهُوَ الأَمان. وَفِي حَدِيثِ الْجِنَازَةِ:
اللَّهُمَّ إِن فلانَ بْنَ فلانٍ فِي ذِمَّتِكَ وحَبْل جِوارك
؛ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَن يُخِيف بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذا أَراد سَفَرًا أَخذ عَهْدًا مِنْ سَيِّدِ كُلِّ قَبِيلَةٍ فيأْمن بِهِ مَا دَامَ فِي تِلْكَ الْقَبِيلَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلى الأُخرى فيأْخذ مِثْلَ ذَلِكَ أَيضاً، يُرِيدُ بِهِ الأَمان، فَهَذَا حَبْل الجِوار أَي مَا دَامَ مُجَاوِرًا أَرضه أَو هُوَ مِنَ الإِجارة الأَمان وَالنُّصْرَةِ؛ قَالَ: فَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَيْكُمْ بحَبْل اللَّهِ أَي عَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَتَرْكِ الفُرْقة، فإِنه أَمان لَكُمْ وَعَهْدٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ؛ وَقَالَ الأَعشى يَذْكُرُ مَسِيرًا لَهُ:
وإِذا تُجَوِّزها حِبالُ قَبِيلة، ... أَخَذَتْ مِنَ الأُخرى إِليك حِبالَها
وَفِي الْحَدِيثِ:
بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ حِبال
أَي عُهُودٌ وَمَوَاثِيقُ. وَفِي حَدِيثِ
ذِي المِشْعار: أَتَوْك عَلَى قُلُصٍ نَواجٍ مُتَّصِلَةٍ بحَبَائِل الإِسلام
أَي عُهُودِهِ وأَسبابه، عَلَى أَنها جَمْعُ الْجَمْعِ. قَالَ: والحَبْل فِي غَيْرِ هَذَا المُواصَلة؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
إِني بحَبْلك واصِلٌ حَبْلي، ... وبِرِيش نَبْلِك رَائِشٌ نَبْلي
والحَبْل: حَبْل الْعَاتِقِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَبْل الْعَاتِقِ عَصَب، وَقِيلَ: عَصَبة بَيْنَ العُنُق والمَنْكِب؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
والقُرْطُ فِي حُرَّة الذِّفْرى مُعَلَّقُهُ، ... تَباعَدَ الحَبْلُ مِنْهَا، فَهْوَ يَضْطَرِبُ
وَقِيلَ: حَبْل الْعَاتِقِ الطَّرِيقة الَّتِي بَيْنَ العُنُق ورأْس الْكَتِفِ. الأَزهري: حَبْلُ الْعَاتِقِ وُصْلة مَا بَيْنَ الْعَاتِقِ والمَنْكِب. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادَةَ: فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْل عَاتِقِهِ
، قَالَ: هُوَ مَوْضِعُ الرِّدَاءِ مِنَ الْعُنُقِ، وَقِيلَ: هُوَ عِرْق أَو عَصَب هُنَاكَ. وحَبْل الوَرِيد: عِرْق يَدِرُّ فِي الحَلْق، والوَرِيدُ عِرْق يَنْبِض(11/135)
مِنَ الْحَيَوَانِ لَا دَم فِيهِ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ
؛ قَالَ: الحَبْل هُوَ الوَرِيد فأُضيف إِلى نَفْسِهِ لِاخْتِلَافِ لَفْظِ الِاسْمَيْنِ، قَالَ: والوَرِيد عِرْق بَيْنَ الحُلْقوم والعِلْباوَيْن؛ الْجَوْهَرِيُّ: حَبْل الوَرِيد عِرْق فِي الْعُنُقِ وحَبْلُ الذِّرَاعِ فِي الْيَدِ. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ عَلَى حَبْل ذِرَاعِكَ أَي فِي القُرب مِنْكَ. ابْنُ سِيدَهْ: حَبْل الذِّرَاعِ عِرْق يَنْقَادُ مِنَ الرُّسْغ حَتَّى يَنْغَمِسَ فِي المَنْكِب؛ قَالَ:
خِطَامُها حَبْلُ الذِّرَاعِ أَجْمَع
وحَبْل الفَقار: عِرق يَنْقَادُ مِنْ أَول الظَّهْرِ إِلى آخِرِهِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد الْبَيْتَ أَيضاً:
خِطامها حَبْلُ الفَقار أَجْمَع
مَكَانَ قَوْلِهِ حَبْل الذِّرَاعِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَهَذَا عَلَى حَبْل ذِرَاعِكَ أَي مُمْكِن لَكَ لَا يُحال بَيْنَكُمَا، وَهُوَ عَلَى الْمِثْلِ، وَقِيلَ: حِبال الذِّرَاعَيْنِ العَصَب الظَّاهِرُ عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنَ الفَرَس. الأَصمعي: مِنْ أَمثالهم فِي تَسْهِيلِ الْحَاجَةِ وَتَقْرِيبِهَا: هُوَ عَلَى حَبْل ذِرَاعِكَ أَي لَا يُخَالِفُكَ، قَالَ: وحَبْل الذِّرَاعِ عِرْق فِي الْيَدِ، وحِبال الفَرَس عُرُوقُ قَوَائِمِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كأَنَّ نُجوماً عُلِّقَتْ فِي مَصامِه، ... بأَمراس كَتَّانٍ إِلى صُمِّ جَنْدَل
والأَمراس: الحِبال، الْوَاحِدَةُ مَرَسة، شَبَّه عُرُوقَ قَوَائِمِهِ بحِبال الكَتَّان، وَشَبَّهَ صَلَابَةَ حَوَافِرِهِ بصُمِّ الجَنْدَل، وَشَبَّهَ تَحْجِيلَ قَوَائِمِهِ بِبَيَاضِ نُجُومِ السَّمَاءِ. وحِبال السَّاقَيْنِ: عَصَبُهما. وحَبَائِل الذَّكَرِ: عُرُوقُهُ. والحِبالة: الَّتِي يُصَادُ بِهَا، وَجَمْعُهَا حَبائل، قَالَ: وَيُكَنَّى بِهَا عَنِ الْمَوْتِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
حَبائلُه مَبْثُوثَةٌ بَسبِيلهِ، ... ويَفْنى إِذا مَا أَخطأَتْه الحَبَائل
وَفِي الْحَدِيثِ:
النِّساء حَبَائِل الشَّيْطَانِ
أَي مَصايِدُه، وَاحِدَتُهَا حِبَالة، بِالْكَسْرِ، وَهِيَ مَا يُصَادُ بِهَا مِنْ أَيّ شَيْءٍ كَانَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَن: ويَنْصِبون لَهُ الحَبَائل.
والحَابِل: الَّذِي يَنْصِب الحِبالة لِلصَّيْدِ. والمَحْبُول: الوَحْشيُّ الَّذِي نَشِب فِي الحِبَالة. والحِبالة: المِصْيَدة مِمَّا كَانَتْ. وحَبَلَ الصيدَ حَبْلًا واحْتَبَلَه: أَخذه وَصَادَهُ بالحِبالة أَو نَصَبَهَا لَهُ. وحَبَلَته الحِبَالةُ: عَلِقَتْه، وَجَمْعُهَا حَبَائِل؛ وَاسْتَعَارَهُ الرَّاعِي لِلْعَيْنِ وأَنها عَلِقَت القَذَى كَمَا عَلِقَت الحِبَالةُ الصيدَ فَقَالَ:
وَبَاتَ بثَدْيَيْها الرَّضِيعُ كأَنه ... قَذًى، حَبَلَتْه عَيْنُها، لَا يُنيمُها
وَقِيلَ: المَحْبُول الَّذِي نُصِبَتْ لَهُ الحِبالة وإِن لَمْ يَقَعْ فِيهَا. والمُحْتَبَل: الَّذِي أُخِذ فِيهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
ومَحْبُول ومُحْتَبَل
الأَزهري: الحَبْل مَصْدَرُ حَبَلْت الصَّيْدَ وَاحْتَبَلْتُهُ إِذا نَصَبْتَ لَهُ حِبالة فنَشِب فِيهَا وأَخذته. والحِبالة: جَمْعُ الحَبَل. يُقَالُ: حَبَلَ وحِبَال وحِبَالَة مِثْلُ جَمَل وجِمال وجِمالة وذَكَر وذِكار وذِكارة. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيِّ: سأَلت ابْنَ المسيَّب عَنْ أَكل الضَّبُع فَقَالَ: أَوَيأْكلها أَحد؟ فَقُلْتُ: إِن نَاسًا مِنْ قَوْمِي يَتَحَبَّلُونها فيأْكلونها
، أَي يَصْطَادُونَهَا بالحِبالة.(11/136)
ومُحْتَبَل الفَرَس: أَرْساغه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
وَلَقَدْ أَغدو، وَمَا يَعْدِمُني ... صاحبٌ غَيْرُ طَوِيل المُحْتَبَل
أَي غَيْرُ طَوِيلِ الأَرساغ، وإِذا قَصُرت أَرساغه كَانَ أَشدّ. والمُحْتَبَل مِنَ الدَّابَّةِ: رُسْغُها لأَنه مَوْضِعُ الحَبْل الَّذِي يُشَدُّ فِيهِ. والأُحْبُول: الحِبالة. وَحَبَائِلُ الْمَوْتِ: أَسبابُه؛ وَقَدِ احْتَبَلَهم الموتُ. وشَعرٌ مُحَبَّل: مَضْفور. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ، لَعَنَهُ اللَّهُ: إِنه مُحبَّل الشَّعْرِ
أَي كأَن كُلَّ قَرْن مِنْ قُرُونِ رأْسه حَبْل لأَنه جَعَلَهُ تَقاصيب لجُعُودة شَعْرِهِ وَطُولِهِ، وَيُرْوَى بِالْكَافِ
مُحَبَّك الشَّعر.
والحُبال: الشَّعر الْكَثِيرُ. والحَبْلانِ: الليلُ وَالنَّهَارُ؛ قَالَ مَعْرُوفُ بْنُ ظَالِمٍ:
أَلم تَرَ أَنَّ الدَّهْرَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، ... وأَنَّ الْفَتَى يُمْسِي بحَبْلَيْه عانِيا؟
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِ وذُلِّهم إِلى آخِرِ الدُّنْيَا وَانْقِضَائِهَا: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ
؛ قَالَ الأَزهري: تَكَلَّمَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَاخْتَلَفَتْ مَذَاهِبُهُمْ فِيهَا لإِشكالها، فَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةَ إِلا أَن يَعْتَصِمُوا بحَبْل مِنَ اللَّهِ فأَضمر ذَلِكَ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:
رَأَتْني بحَبْلَيْها فَصَدَّت مَخافةً، ... وَفِي الحَبْل رَوْعاءُ الْفُؤَادِ فَرُوق
أَراد رأَتني أَقْبَلْتُ بحَبْلَيْها فأَضمر أَقْبَلْت كَمَا أَضمر الِاعْتِصَامَ فِي الْآيَةِ؛ وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَحمد بْنِ يَحْيَى أَنه قَالَ: الَّذِي قَالَهُ الْفَرَّاءُ بَعِيدٌ أَن تُحْذف أَن وَتَبْقَى صِلَتُها، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى إِن شَاءَ اللَّهُ ضُرِبَت عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَينما ثُقِفوا بِكُلِّ مَكَانٍ إِلا بِمَوْضِعِ حَبْل مِنَ اللَّهِ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ كَمَا تَقُولُ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ فِي الأَمكنة إِلا فِي هَذَا الْمَكَانِ؛ قَالَ: وَقَوْلُ الشَّاعِرِ رأَتني بحَبْلَيْها فَاكْتَفَى بِالرُّؤْيَةِ مِنَ التَّمَسُّكِ، قَالَ: وَقَالَ الأَخفش إِلا بحَبْل مِنَ اللَّهِ إِنه اسْتِثْنَاءٌ خَارِجٌ مِنْ أَول الْكَلَامِ فِي مَعْنَى لَكِنْ، قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: أُوصيكم بِكِتَابِ اللَّهِ وعِتْرَتي أَحدهما أَعظم مِنَ الْآخَرِ وَهُوَ كِتَابُ اللَّهِ حَبْل مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلى الأَرض
أَي نُورٌ مَمْدُودٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اتِّصَالُ كِتَابِ اللَّهِ «1» عَزَّ وَجَلَّ وإِن كَانَ يُتْلى فِي الأَرض ويُنسَخ ويُكتَب، وَمَعْنَى الحَبْل الْمَمْدُودِ نُورُ هُدَاه، وَالْعَرَبُ تُشَبِّه النُّورَ الْمُمْتَدَّ بالحَبْل والخَيْط؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ؛ يَعْنِي نُورَ الصُّبْحِ مِنْ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَالْخَيْطُ الأَبيض هُوَ نُورُ الصُّبْحِ إِذا تَبَيَّنَ للأَبصار وَانْفَلَقَ، وَالْخَيْطُ الأَسود دُونَهُ فِي الإِنارة لِغَلَبَةِ سَوَادِ اللَّيْلِ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ نُعِتَ بالأَسود ونُعِت الْآخَرُ بالأَبيض، والخَيْطُ والحَبْل قَرِيبَانِ مِنَ السَّواء. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
وَهُوَ حَبْل اللَّهِ المَتِين
أَي نُورُ هُدَاهُ، وَقِيلَ عَهْدُه وأَمانُه الَّذِي يُؤمِن مِنَ الْعَذَابِ. والحَبْل: الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ للرَّمْل يَسْتَطِيلُ حَبْل، والحَبْل الرَّمْل الْمُسْتَطِيلُ شُبِّه بالحَبل. والحَبْل مِنَ الرَّمْلِ: المجتمِعُ الْكَثِيرُ الْعَالِي. والحَبْل: رَمْل يَسْتَطِيلُ وَيَمْتَدُّ. وَفِي حَدِيثِ
عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّس: أَتيتك من جَبَلَيْ طَيِء مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبْل إِلا وَقَفْتُ عَلَيْهِ
؛ الحَبْل: الْمُسْتَطِيلُ مِنَ الرَّمْل، وَقِيلَ الضَّخْمُ مِنْهُ، وَجَمْعُهُ حِبَال، وَقِيلَ: الحِبَال فِي الرَّمْلِ كالجِبال في
__________
(1) . قوله [اتصال كتاب الله] أي بالسماء(11/137)
غَيْرِ الرَّمْلِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ بَدْرٍ:
صَعِدْنا عَلَى حَبْل
أَي قِطْعَةٍ مِنَ الرَّمْلِ ضَخْمة ممتدَّة. وَفِي الْحَدِيثِ: وجَعَل حَبْلَ المُشاة بَيْنَ يَدَيْهِ أَي طريقَهم الَّذِي يَسْلُكُونَهُ فِي الرَّمْل، وَقِيلَ: أَراد صَفَّهم ومُجْتَمعهم فِي مَشْيِهِمْ تَشْبِيهًا بحَبْل الرَّمْلِ. وَفِي صِفَةِ الْجَنَّةِ:
فإِذا فِيهَا حَبَائِل اللُّؤْلُؤِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وَالْمَعْرُوفُ
جَنابِذُ اللُّؤْلُؤِ
، وَقَدْ تَقَدَّمَ، قَالَ: فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَيَكُونُ أَراد بِهِ مَوَاضِعَ مُرْتَفِعَةً كحِبال الرَّمْلِ كأَنه جَمْعُ حِبَالَة، وحِبَالَة جَمْعُ حَبْل أَو هُوَ جَمْعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْمَوْتِ حَبِيلَ بَراح؛ ابْنُ سِيدَهْ: فُلَانٌ حَبِيل بَراح أَي شُجاعٌ، وَمِنْهُ قِيلَ للأَسد حَبِيل بَراح، يُقَالُ ذَلِكَ لِلْوَاقِفِ مَكَانَهُ كالأَسد لَا يَفِرُّ. والحبْل والحِبْل: الدَّاهِيَةُ، وجَمْعها حُبُول؛ قَالَ كثيِّر:
فَلَا تَعْجَلي، يَا عَزّ، أَن تَتَفَهَّمِي ... بنُصْحٍ أَتى الواشُونَ أَم بحُبُول
وَقَالَ الأَخطل:
وكنتُ سَلِيمَ الْقَلْبِ حَتَّى أَصابَني، ... مِنَ اللَّامِعات المُبْرِقاتِ، حُبُولُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا رَوَاهُ الشَّيْبَانِيُّ خُبُول، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، فَزَعَمَ الْفَارِسِيُّ أَنه تَصْحِيفٌ. وَيُقَالُ لِلدَّاهِيَةِ مِنَ الرِّجَالِ: إِنه لحِبْل مِنْ أَحْبالها، وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الْقَائِمِ عَلَى الْمَالِ. ابْنُ الأَعرابي: الحِبْل الرَّجُلُ الْعَالِمُ الفَطِن الدَّاهِي؛ قَالَ وأَنشدني الْمُفَضَّلُ:
فَيَا عَجَبا لِلْخَوْدِ تُبْدِي قِناعَها، ... تُرَأْرِئُ بالعَيْنَيْنِ لِلرَّجُل الحِبْل
يُقَالُ: رَأْرَأَتْ بِعَيْنَيْهَا وغَيَّقَتْ وهَجَلَتْ إِذا أَدارتهما تَغْمِز الرَّجُل. وَثَارَ حابِلُهم عَلَى نابِلِهم إِذا أَوقدوا الشرَّ بَيْنَهُمْ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ فِي الشِّدَّةِ تُصِيبُ النَّاسَ: قَدْ ثَارَ حابِلُهم ونابِلُهم؛ والحَابِل: الَّذِي يَنْصِب الحِبالة، والنابلُ: الرَّامِي عَنْ قَوْسِهِ بالنَّبْل، وَقَدْ يُضرب هَذَا مَثَلًا لِلْقَوْمِ تَتَقَلَّبُ أَحوالهم ويَثُور بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بَعْدِ السُّكُونِ والرَّخاء. أَبو زَيْدٍ: مِنْ أَمثالهم: إِنه لَوَاسِعُ الحَبْل وإِنه لضَيِّق الحَبْل، كَقَوْلِكَ هُوَ ضَيِّق الخُلُق وَوَاسِعُ الخُلُق؛ أَبو الْعَبَّاسِ فِي مِثْلِهِ: إِنه لَوَاسِعُ العَطَن وضَيِّق العَطَن. والْتَبَس الْحَابِلُ بالنابِل؛ الحَابِلُ سَدَى الثَّوْبِ، والنابِلُ اللُّحْمة؛ يُقَالُ ذَلِكَ فِي الِاخْتِلَاطِ. وحَوَّل حَابِلَه عَلَى نابِلِه أَي أَعلاه عَلَى أَسفله، واجْعَل حَابِلَه نابِلَه، وحَابِله عَلَى نَابِلِهِ كَذَلِكَ. والحَبَلَةُ والحُبَلَةُ: الكَرْم، وَقِيلَ الأَصل مِنْ أُصول الكَرْم، والحَبَلة: طَاقٌ مِنْ قُضْبان الكَرْم. والحَبَلُ: شَجَرُ العِنَب، وَاحِدَتُهُ حَبَلة. وحَبَلة عَمْرو: ضَرْب مِنَ الْعِنَبِ بِالطَّائِفِ، بَيْضَاءُ مُحَدَّدة الأَطراف مُتَدَاحِضَةُ «2» الْعَنَاقِيدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقُولُوا للعِنَب الكَرْم وَلَكِنْ قُولُوا الْعِنَبُ والحَبَلة
، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ وَرُبَّمَا سُكِّنَتْ، هِيَ القَضيب مِنْ شَجَرِ الأَعناب أَو الأَصل. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا خَرَجَ نُوحٌ مِنَ السَّفِينَةِ غَرَس الحَبَلة.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِين: لَمَّا خَرَجَ نُوحٌ مِنَ السَّفِينَةِ فَقَدَ حَبَلَتَيْن كَانَتَا مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ المَلَك: ذَهَب بِهِمَا الشَّيْطَانُ
، يُرِيدُ مَا كَانَ فِيهِمَا مِنَ الخَمْر والسُّكْر. الأَصمعي: الجَفْنة الأَصل مِنْ أُصول الكَرْم، وَجَمْعُهَا الجَفْن، وَهِيَ الحَبَلة، بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَيَجُوزُ الحَبْلة، بِالْجَزْمِ. وَرُوِيَ عَنْ
أَنس بْنِ مَالِكٍ: أَنه كَانَتْ لَهُ حَبَلة تَحْمِل كُرًّا وَكَانَ يسميها أُمَّ العِيال
،
__________
(2) . قوله: متداحضة، هكذا في الأَصل(11/138)
وَهِيَ الأَصل مِنَ الكَرْم انْتَشَرَت قُضْبانُها عَنْ غِرَاسِها وَامْتَدَّتْ وَكَثُرَتْ قُضْبَانُهَا حَتَّى بَلَغَ حَمْلُها كُرًّا. والحَبَل: الِامْتِلَاءُ. وحَبِل مِنَ الشَّرَابِ: امتلأَ. وَرَجُلٌ حَبْلانُ وامرأَة حَبْلى: مُمْتَلِئَانِ مِنَ الشَّرَابِ. والحُبَال: انْتِفَاخُ الْبَطْنِ مِنَ الشَّرَابِ وَالنَّبِيذِ وَالْمَاءِ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِنما هُوَ رَجُلٌ حُبْلانُ وامرأَة حُبْلى، وَمِنْهُ حَبَلُ المرأَة وَهُوَ امْتِلَاءُ رَحِمها. والحَبْلان أَيضاً: الْمُمْتَلِئُ غَضَبًا. وحَبِل الرجلُ إِذا امتلأَ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ، فَهُوَ حَبْلانُ، والمرأَة حَبْلى. وَفُلَانٌ حَبْلان عَلَى فُلَانٍ أَي غَضْبَانُ. وَبِهِ حَبَلٌ أَي غَضَب، قَالَ: وأَصله مِنْ حَبَل المرأَة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَبَل الحَمْل وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه امْتِلَاءُ الرَّحِم. وَقَدْ حَبِلت المرأَةُ تَحْبَل حَبَلًا، والحَبَل يَكُونُ مَصْدَرًا وَاسْمًا، وَالْجَمْعُ أَحْبال؛ قَالَ سَاعِدَةُ فَجَعَلَهُ اسْمًا:
ذَا جُرْأَةٍ تُسْقِط الأَحْبالَ رَهْبَتُه، ... مَهْما يَكُنْ مِنْ مَسام مَكْرَهٍ يَسُم
وَلَوْ جَعَلَهُ مَصْدَرًا وأَراد ذَوَاتَ الأَحْبَال لَكَانَ حَسَناً. وامرأَة حَابِلَةٌ مِنْ نِسْوَةٍ حَبَلة نَادِرٌ، وحُبْلى مِنْ نِسْوَةٍ حُبْلَيات وحَبالى، وَكَانَ فِي الأَصل حَبالٍ كدَعاوٍ تَكْسِيرُ دَعْوَى؛ الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِهِ: نِسْوة حَبالى وحَبالَيات، قَالَ: لأَنها لَيْسَ لَهَا أَفْعَل، فَفَارَقَ جَمْعَ الصُّغْرى والأَصل حَبالي، بِكَسْرِ اللَّامِ، قَالَ: لأَن كُلَّ جَمْعٍ ثَالِثُهُ أَلف انْكَسَرَ الْحَرْفُ الَّذِي بَعْدَهَا نَحْوَ مَساجِد وجَعافِر، ثُمَّ أَبدلوا مِنَ الْيَاءِ الْمُنْقَلِبَةِ مِنْ أَلف التأْنيث أَلفاً، فَقَالُوا حَبالى، بِفَتْحِ اللَّامِ، ليفْرِقوا بَيْنَ الأَلفين كَمَا قُلْنَا فِي الصَّحارِي، وَلِيَكُونَ الحَبالى كحُبْلى فِي تَرْكِ صَرْفِهَا، لأَنهم لَوْ لَمْ يُبْدِلوا لَسَقَطَتِ الْيَاءُ لِدُخُولِ التَّنْوِينِ كَمَا تَسْقُطُ فِي جَوَارٍ، وَقَدْ رَدَّ ابْنُ بَرِّيٍّ عَلَى الْجَوْهَرِيِّ قَوْلَهُ فِي جَمْعِ حُبْلى حَبَالَيَات، قَالَ: وَصَوَابُهُ حُبْلَيَات. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ قِيلَ امرأَة حَبْلانة، وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ نِسَاءِ الأَعراب: أَجِدُ عَيْني هَجَّانة وشَفَتي ذَبَّانَة وأَراني حَبْلانة، وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الصِّفَةِ أَعَامَّة للإِناث أَم خَاصَّةٌ لِبَعْضِهَا، فَقِيلَ: لَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ حُبْلى إِلا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ:
نُهِيَ عَنْ بَيْعِ حَبَل الحَبَلة
، وَهُوَ أَن يُبَاعَ مَا يَكُونُ فِي بَطْنِ النَّاقَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَى حَبَل الحَبَلة حَمْل الكَرْمة قَبْلَ أَن تَبْلُغَ، وَجُعِلَ حَمْلها قَبْلَ أَن تَبْلُغَ حَبَلًا، وَهَذَا كَمَا
نُهِيَ عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ النَّخْلِ قَبْلَ أَن يُزْهِي
، وَقِيلَ: حَبَل الحَبَلة ولدُ الْوَلَدِ الَّذِي فِي الْبَطْنِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَتَبَايَعُ عَلَى حَبَل الحَبَلة فِي أَولاد أَولادها فِي بُطُونِ الْغَنَمِ الْحَوَامِلِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: كَانُوا يَتَبَايَعُونَ أَولاد مَا فِي بُطُونِ الْحَوَامِلِ فَنَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: حَبَل الحَبَلة نِتَاج النِّتاج وَوَلَدُ الجَنين الَّذِي فِي بَطْنِ النَّاقَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقِيلَ: كُلُّ ذَاتِ ظُفُر حُبْلى؛ قَالَ:
أَو ذِيخَة حُبْلى مُجِحّ مُقْرِب
الأَزهري: يَزِيدُ بْنُ مُرَّة نُهِيَ عَنْ حَبَل الحَبَلة، جَعَلَ فِي الحَبَلة هَاءً، قَالَ: وَهِيَ الأُنثى الَّتِي هِيَ حَبَل فِي بَطْنِ أُمها فَيَنْتَظِرُ أَن تُنْتَج مِنْ بَطْنِ أُمها، ثُمَّ يَنْتَظِرُ بِهَا حَتَّى تَشِبَّ، ثُمَّ يُرْسِلُ عَلَيْهَا الفَحْل فتَلْقَح فَلَهُ مَا فِي بَطْنِهَا؛ وَيُقَالُ: حَبَل الحَبَلة للإِبل وَغَيْرِهَا، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَ الأَول حَبَلة بِالْهَاءِ لأَنها أُنثى فإِذا نُتِجت الحَبَلة فَوَلَدُهَا حَبَل، قَالَ: وحَبَل الحَبَلة الْمُنْتَظَرَةِ أَن تَلْقِحَ الحَبَلة(11/139)
الْمُسْتَشْعِرَةَ هَذِي الَّتِي فِي الرَّحِمِ لأَن المُضْمَرة مِنْ بَعْدِ مَا تُنْتَج إِمَّرة. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الحَبَل وَلَدُ المَجْر وَهُوَ وَلَد الْوَلَدِ. ابْنُ الأَثير فِي قَوْلِهِ:
نُهِيَ عَنْ حَبَل الحَبَلة
، قَالَ: الحَبَل، بِالتَّحْرِيكِ، مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ الْمَحْمُولُ كَمَا سُمِّيَ بِهِ الحَمْل، وإِنما دَخَلَتْ عَلَيْهِ التَّاءُ للإِشعار بِمَعْنَى الأُنوثة فِيهِ، والحَبَل الأَول يُرَادُ بِهِ مَا فِي بُطُونِ النُّوق مِنَ الحَمْل، وَالثَّانِي حَبَل الَّذِي فِي بُطُونِ النُّوقِ، وإِنما نُهِيَ عَنْهُ لِمَعْنَيَيْنِ: أَحدهما أَنه غَرَر وَبَيْعُ شَيْءٍ لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ وَهُوَ أَن يَبِيعَ مَا سَوْفَ يَحْمِلُهُ الجَنِين الَّذِي فِي بَطْنِ أُمه عَلَى تَقْدِيرِ أَن يَكُونَ أُنثى فَهُوَ بَيْعُ نِتَاج النِّتَاج، وَقِيلَ: أَراد بحبَل الحَبَلة أَن يَبِيعَهُ إِلى أَجل يُنْتَج فِيهِ الحَمْل الَّذِي فِي بَطْنِ النَّاقَةِ، فَهُوَ أَجل مَجْهُولٌ وَلَا يَصِحُّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ لَمَّا فُتِحت مِصْرُ: أَرادوا قَسْمها فَكَتَبُوا إِليه فَقَالَ لَا حتى يَغْزُوَ حَبَلُ الحَبَلة
؛ يُرِيدُ حَتَّى يَغْزُوَ مِنْهَا أَولاد الأَولاد وَيَكُونُ عَامًّا فِي النَّاسِ وَالدَّوَابِّ أَي يَكْثُرُ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا بِالتَّوَالُدِ، فإِذا قُسِّمَتْ لَمْ يَكُنْ قَدِ انْفَرَدَ بِهَا الْآبَاءُ دُونَ الأَولاد، أَو يَكُونُ أَراد الْمَنْعَ مِنَ الْقِسْمَةِ حَيْثُ عَلَّقَهُ عَلَى أَمر مَجْهُولٍ. وسِنَّوْرَة حُبْلى وَشَاةٌ حُبْلى. والمَحْبَل: أَوان الحَبَل. والمَحْبِل: مَوْضِعُ الحَبَل مِنَ الرَّحِم؛ وَرُوِيَ بَيْتُ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
إِن يُمْسِ نَشْوانَ بمَصْروفة ... مِنْهَا بِرِيٍّ، وَعَلَى مِرْجَل
لَا تَقِهِ الموتَ وَقِيَّاتُه، ... خُطَّ لَهُ ذَلِكَ فِي المَحْبِل
والأَعْرف: فِي المَهْبِل؛ ونَشْوان أَي سَكْرَانُ، بمَصْروفة أَي بخَمْر صِرْف، عَلَى مِرْجَل أَي عَلَى لَحْمٍ فِي قِدْر، وإِن كَانَ هَذَا دَائِمًا فَلَيْسَ يَقِيه الْمَوْتَ، خُطَّ لَهُ ذَلِكَ فِي المَحْبِل أَي كُتِب لَهُ الْمَوْتُ حِينَ حَبِلَتْ بِهِ أُمُّه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد مَعْنَى حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: إِن النُّطْفَةَ تَكُونُ فِي الرَّحمِ أَربعين يَوْمًا نُطْفة ثُمَّ عَلَقة كَذَلِكَ ثُمَّ مُضْغة كَذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ المَلَك فَيَقُولُ لَهُ اكْتُبْ رزقَه وَعَملَه وأَجَلَه وشَقِيٌّ أَو سَعِيدٌ فيُخْتَم لَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَمَا مِنْ أَحد إِلا وَقَدْ كُتِب لَهُ الْمَوْتُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الأَجَل المؤَجَّل لَهُ.
وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ فِي مَحْبَل فُلَانٍ أَي فِي وَقْتِ حَبَل أُمه بِهِ. وحَبَّل الزَّرعُ: قَذَف بعضُه عَلَى بَعْضٍ. والحَبَلة: بَقْلة لَهَا ثَمَرَةٌ كأَنها فِقَر الْعَقْرَبِ تُسَمَّى شَجَرَةَ الْعَقْرَبِ، يأْخذها النِّسَاءُ يَتَدَاوَيْنَ بِهَا تَنْبُتُ بنَجْد فِي السُّهولة. والحُبْلة: ثَمَرُ السَّلَم والسَّيَال والسَّمُر وَهِيَ هَنَة مُعَقَّفة فِيهَا حَبٌّ صُغَار أَسود كأَنه العَدَس، وَقِيلَ: الحُبْلة ثَمَرُ عامَّةِ العِضاه، وَقِيلَ: هُوَ وِعَاءُ حَبِّ السَّلَم والسَّمُر، وأَما جَمِيعُ العِضَاه بَعْدُ فإِن لَهَا مَكَانَ الحُبْلة السِّنَفة، وَقَدْ أَحْبَل العِضَاهُ. والحُبْلة: ضَرْب مِنَ الحُلِيِّ يُصَاغُ عَلَى شَكْلِ هَذِهِ الثَّمَرَةِ يُوضَعُ فِي الْقَلَائِدِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: كَانَ يُجْعَلُ فِي الْقَلَائِدِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلِيمٍ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ الدُّول:
وَلَقَدْ لَهَوْتُ، وكُلُّ شيءٍ هالِكٌ، ... بنَقَاة جَيْبِ الدِّرْع غَير عَبُوس
ويَزِينُها فِي النَّحْر حَلْيٌ وَاضِحٌ، ... وقَلائدٌ مِنْ حُبْلة وسُلُوس
والسَّلْس: خَيْط يُنْظَم فِيهِ الخَرَز، وَجَمْعُهُ سُلوس. والحُبْلة: شَجَرَةٌ يأْكلها الضِّبَاب. وضَبٌّ حابِل: يَرْعَى الحُبْلة. والحُبْلة: بَقْلة طَيِّبة مِنْ ذُكُورِ الْبَقْلِ.(11/140)
والحَبَالَّة: الِانْطِلَاقُ «1» ؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَتيته عَلَى حَبَالَّة انْطِلَاقٍ، وأَتيته عَلَى حَبَالَّة ذَلِكَ أَي عَلَى حِينِ ذَلِكَ وإِبَّانه. وَهِيَ عَلَى حَبَالَّة الطَّلاق أَي مُشْرِفة عَلَيْهِ. وَكُلُّ مَا كَانَ عَلَى فَعَالَّة، مُشَدَّدَةِ اللَّامِ، فَالتَّخْفِيفُ فِيهَا جَائِزٌ كحَمَارَّة القَيْظ وحَمَارَته وصَبَارَّة البَرْد وصَبَارتَه إِلَّا حَبَالَّة ذَلِكَ فإِنه لَيْسَ فِي لَامِهَا إِلَّا التَّشْدِيدُ؛ رَوَاهُ اللِّحْيَانِيُّ. والمَحْبَل: الْكِتَابُ الأَوَّل. وَبَنُو الحُبْلى: بَطْنٌ، النَّسَبُ إِليه حُبْلِيّ، عَلَى الْقِيَاسِ، وحُبَليٌّ عَلَى غَيْرِهِ. والحُبَل: مَوْضِعٌ. اللَّيْثُ: فُلَانٌ الحُبَليّ مَنْسُوبٌ إِلى حَيٍّ مِنَ الْيَمَنِ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: يُنْسَبُ مِنْ بَنِي الحُبْلى، وَهُمْ رَهْطُ عَبْدُ اللَّه بْنُ أُبيٍّ الْمُنَافِقِ، حُبَليٌّ، قَالَ: وَقَالَ أَبو زَيْدٍ يُنْسَبُ إِلى الحُبْلى حُبْلَويٌّ وحُبْليٌّ وحُبْلاوِيٌّ. وَبَنُو الحُبْلى: مِنَ الأَنصار؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والنسبة إِليه حُبَليٌّ، يفتح الْبَاءِ. والحَبْل: مَوْضِعٌ بِالْبَصْرَةِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
وَرَاحَ بِهَا مِنْ ذِي المَجَاز، عَشِيَّةً، ... يُبَادر أُولى السَّابِقِينَ إِلى الحَبْل
قَالَ السُّكَّرِيُّ: يَعْنِي حَبْلَ عَرفة. والحَابِل: أَرض؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَبنيَّ، إِنَّ العَنْزَ تَمْنَعُ ربَّها ... مِنْ أَن يَبِيت وأَهْله بالحَابِل
والحُبَليل: دُويبَّة يَمُوتُ فإِذا أَصابه الْمَطَرُ عَاشَ، وَهُوَ مِنَ الأَمثلة الَّتِي لَمْ يَحْكِهَا سِيبَوَيْهِ. ابْنُ الأَعرابي: الأَحْبَل والإِحْبَل والحُنْبُل اللُّوبِيَاء، والحَبْل الثِّقَل. ابْنُ سِيدَهْ: الحُبْلة، بِالضَّمِّ، ثَمَرُ العِضاه. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاص: لَقَدْ رأَيتُنا مَعَ رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا لَنا طَعَامٌ إِلَّا الحُبْلة وَوَرَقَ السَّمُر
؛ أَبو عُبَيْدٍ: الحُبْلة والسَّمُر ضَرْبان مِنَ الشَّجَرِ؛ شَمِرٌ: السَّمُر شِبْهُ اللُّوبِيَاء وهو الغُلَّف مِنَ الطَّلْح والسِّنْف مِنَ المَرْخ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الحُبْلة، بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ، ثَمَرٌ للسَّمُر يُشْبِهُ اللُّوبِيَاء، وَقِيلَ: هُوَ ثَمَرُ العِضَاه؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَلَسْتَ تَرْعَى مَعْوتَها وحُبْلتها
؟ الْجَوْهَرِيُّ: ضَبٌّ حَابِل يَرْعَى الحُبْلة. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: ضَبٌّ حابِلٌ ساحٍ يَرْعَى الحُبْلة والسِّحَاء. وأَحْبَله أَي أَلقحه. وحِبَال: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ أَصحاب طُلَيْحة بْنِ خُوَيْلِدٍ الأَسدي أَصابه الْمُسْلِمُونَ فِي الرِّدَّة فَقَالَ فِيهِ:
فإِن تَكُ أَذْوادٌ أُصْبِنَ ونِسْوة، ... فَلَنْ تَذْهَبوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبَال
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْطَع مُجَّاعة بْنَ مَرَارة الحُبَل
؛ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، مَوْضِعٌ بِالْيَمَامَةِ، وَاللَّهِ أَعلم.
حبتل: الحَبْتَل، والحُبَاتل: الْقَلِيلُ الجسم.
حبجل: الحُبَاجِل: القَصيرُ المجتمِعُ الخَلْق.
حبركل: الحَبَرْكَل كالحَزَنْبَل: وَهُمَا الغليظا الشَّفَة.
حتل: الحَتْل: الرديءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وحَتِلَتْ عينُه حَتَلًا: خَرَجَ فِيهَا حَبٌّ أَحمر؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: الحَاتِل المِثْل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ الأَزهري: الأَصل فِيهِ الحاتنُ، فَقُلِبَتِ النُّونُ لَامًا. وَهُوَ حَتْنه وحِتْنه وحَتْله وحِتْله أَي مِثْلُهُ، وَاللَّهُ أَعلم.
__________
(1) . قوله [والحبالّة الانطلاق] وفي القاموس: من معانيها الثقل، قال شارحه: يقال ألقى عليه حبالته وعبالته أي ثقله(11/141)
حتفل: الحُتْفُل: بقِيَّة المَرَق وحُتَاتُ اللَّحْمِ فِي أَسفل القِدر، وأَحسبه يُقَالُ بِالثَّاءِ؛ كَذَا قَالَ ابْنُ سِيدَهْ.
حثل: الحَثْل: سُوءُ الرَّضَاع والحَالِ، وَقَدْ أَحْثَلته أُمُّه. والمُحْثَل: السَّيِءُ الغِذَاءِ؛ قَالَ مُتَمَّم:
وأَرْمَلةٍ تَسْعَى بأَشعثَ مُحْثَل، ... كفَرْخ الحُبَارَى، رِيشُه قَدْ تَصَوَّعا
والحِثْل: الضَّاوِي الدقيقُ كالمُحْثَل. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
وارْحَم الأَطفالَ المُحْثَلة
، يَعْنِي السَّيِّئِي الغِذاء مِنَ الحَثْل، وَهُوَ سُوء الرَّضَاعِ وَسُوءُ الْحَالِ. وَيُقَالُ: أَحْثَلْت الصبيَّ إِذا أَسأْت غِذاءَه. وأَحْثله الدَّهْرُ: أَساءَ حَالَهُ. الأَزْهري: وَقَدْ يُحْثِله الدهرُ بسوءِ الْحَالِ؛ وأَنشد:
وأَشْعَثَ يَزْهاه النُّبُوحُ مُدَفَّعٍ ... عَنِ الزَّادِ، مِمَّنْ حَرَّف الدَّهْرُ، مُحْثَلِ
وحُثَالة الطَّعَامِ: مَا يُخْرَج مِنْهُ مِنْ زُؤَان وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا خَيْرَ فِيهِ فيُرْمَى بِهِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَجَلُّ مِنَ التُّرَابِ والدُّقَاق قَليلًا. والحُثَالة والحُثال: الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ القُشَارة مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ والأَرُزِّ وَمَا أَشبهها، وكُلِّ ذِي قُشَارة إِذا نُقِّي. وحُثَالة القَرَظِ: نُفَايته؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
مُعَاوِيَةَ فِي خُطْبته؛ فأَنا فِي مِثْلِ حُثالة القَرَظ
، يَعْنِي الزَّمَانَ وأَهله، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بالحُثالة رَدِيءَ الْحِنْطَةِ ونُفْيَتَها. وحُثَالةُ الدَّهْر وَغَيْرِهِ مِنَ الطِّيب والدُّهْن: ثُفْلُه فكأَنَّه الرديءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وحُثَالة النَّاسِ: رُذَالتهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى حُثَالة النَّاسِ
؛ هِيَ الرديءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوِيهِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وأَنه ذَكَرَ آخِرَ الزَّمَانِ: فَيَبْقَى حُثَالة مِنَ النَّاسِ لَا خَيْرَ فِيهِمْ
؛ أَراد بحُثَالة النَّاسِ رُذَالَهم وشِرَارَهم، وأَصله مِنْ حُثَالة التَّمْرِ وحُفَالته، وَهُوَ أَردؤه وَمَا لَا خَيْرَ فِيهِ مِمَّا يَبْقَى فِي أَسفل الجُلَّة. ابْنُ الأَعرابي: الحُثَال السِّفَل.
الأَزهري: وَقَدْ جَاءَ فِي مَوْضِعٍ أَعوذ بِكَ مِنْ أَن أَبْقى فِي حَثْل مِنَ النَّاسِ
بَدَلَ حُثَالة، وَهُمَا سَوَاءٌ، وَفِي رِوَايَةٍ
أَنه قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: كَيْفَ أَنت إِذا بَقِيتَ فِي حُثَالة مِنَ النَّاسِ
؛ يُرِيدُ أَراذلهم. أَبو زَيْدٍ: أَحْثَلَ فُلَانٌ غَنَمه، فَهِيَ مُحْثَلة إِذا هَزَلها. وَرَجُلٌ حِثْيَل: قَصِيرٌ: والحِثْيَل مِثْلُ الهِمْيَع: ضَرْبٌ مِنْ أَشجار الْجِبَالِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: زَعَمَ أَبو نَصْرٍ أَنه شَجَرٌ يُشْبِهُ الشَّوْحَط يَنْبُتُ مَعَ النَّبْع؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
تَعْلَمُهَا فِي غِيلها، وَهِيَ حَظْوةٌ ... بِوَادٍ بِهِ نَبْعٌ طِوالٌ وحِثْيَل
الأَزهري عَنِ الأَصمعي: الحِثْيَل مِنْ أَسماء الشَّجَرِ مَعْرُوفٌ. الْجَوْهَرِيُّ: وأَحْثَلت الصَّبيَّ إِذا أَسأْت غِذَاءَهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بِهَا الذِّئْبُ مَحْزوناً كأَن عُوَاءه عُوَاء ... فَصِيل، آخِرَ اللَّيْلِ، مُحْثَل
وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:
خَوْصاء تَرْمِي باليَتيم المُحْثَل
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تُطْعِم فَرْخاً لَهَا سَاغِباً، ... أَزْرَى بِهِ الجوعُ والإِحْثال
حثفل: الحُثْفُل: مَا بَقِيَ فِي أَسفل القِدْر، وَقَدْ ذُكِرَتْ بِالتَّاءِ، وَقِيلَ: الحُثْفُل سِفْلة النَّاسِ؛ عَنِ ابْنِ(11/142)
الأَعرابي. الأَزهري: الحُثْفُل ثُرْتُم المَرَق. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لثُفْل الدُّهْن وَغَيْرِهِ فِي الْقَارُورَةِ حُثْفُل، قَالَ: ورَدِيء الْمَالِ حُثْفُله، وَقِيلَ: الحُثْفُل يَكُونُ فِي أَسفل الْمَرَقِ مِنْ بَقِيَّة الثَّرِيدِ؛ قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: الحُتْفُل والحُثْفُل مَا يَبْقَى فِي أَسفل الْقَارُورَةِ مِنْ عَكَرِ الزيت.
حثكل: حَثْكَل: اسم.
حجل: الحَجَل: القَبَج: وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحَجَل الذُّكُورُ مِنَ القَبَج، الْوَاحِدَةُ حَجَلة وحِجْلانٌ، والحِجْلى اسْمٌ لِلْجَمْعِ، ولم يجيء الْجَمْعُ عَلَى فِعْلى إِلَّا حَرْفَانِ: هَذَا والظِّرْبى جَمْعُ ظَرِبَان، وَهِيَ دُوَيبَّة مُنْتِنَةُ الرِّيحِ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَجَّاجِ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيان يُخَاطِبُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ وَيَعْتَذِرُ إِليه لأَنه كَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ:
فَارْحَمْ أُصَيْبِيَتي الَّذِينَ كأَنهم ... حِجْلى، تَدَرَّجُ بالشَّرَبَّة، وُقَّعُ
أَدْنُو لِتَرْحَمَني وتَقْبَلَ تَوْبتي، ... وأَراك تَدْفَعُني، فأَيْنَ المَدْفَع؟
فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِلى النَّارِ الأَزهري: سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: قَالَتِ القَطَا للحَجَل: حَجَلْ حَجَلْ، تَفِرُّ فِي الجَبَل، مِنْ خَشْية الوَجَل، فَقَالَتِ الحَجَل للقَطا: قَطا قَطا، بَيْضُك ثِنْتا، وبَيْضِي مِائَتَا. الأَزهري: الحَجَل إِناث اليَعَاقِيب واليَعَاقِيب ذكورُها. وَرَوَى
ابْنُ شُمَيْلٍ حَدِيثًا: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِني أَدعو قُرَيْشًا وَقَدْ جَعَلُوا طَعَامي كطَعام الحَجَل
؛ قَالَ النَّضِرُ: الحَجَل يأْكل الحَبَّة بَعْدَ الْحَبَّةِ لَا يُجِدُّ فِي الأَكل؛ قَالَ الأَزهري: أَراد أَنهم لَا يُجِدُّون فِي إِجابتي وَلَا يَدْخُلُ مِنْهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ إِلا الخَطِيئة بَعْدَ الخَطِيئة يَعْنِي النَّادِرَ الْقَلِيلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَاصْطَادُوا حَجَلًا
؛ هُوَ القَبَج. الأَزهري: حَجَل الإِبل صغَار أَولادها. ابْنُ سِيدَهْ: الحَجَل صِغارُ الإِبل وأَوْلادُها؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ الإِبل بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وأَن رؤوس أَولادها صَارَتْ قُرْعاً أَي صُلْعاً لِكَثْرَةِ مَا يَسِيلُ عَلَيْهَا مِنْ لَبَنِهَا وتَتَحلَّب أُمهاتُها عَلَيْهَا:
لَهَا حَجَلٌ قَدْ قَرَّعَتْ من رُؤوسها، ... لَهَا فَوْقَهَا مِمَّا تَوَلَّفُ وَاشِلُ «2»
. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: اسْتَعَارَ الحَجَل فَجَعَلَهَا صغَار الإِبل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَجَدْتُ هَذَا الْبَيْتَ بِخَطِّ الْآمِدِيِّ قَرَّعت أَي تَقَرَّعت كَمَا يُقَالُ قَدَّم بِمَعْنَى تَقَدَّم، وخَيَّل بِمَعْنَى تَخَيَّل، ويَدُلُّكَ عَلَى صِحَّتِهِ أَن قَوْلَهُمْ قُرِّع الفَصِيلُ إِنما مَعْنَاهُ أُزِيل قَرَعُه بِجَرِّه عَلَى السَّبَخَة مِثْلُ مَرَّضْته، فَيَكُونُ عَكْسَ الْمَعْنَى؛ وَمِثْلُهُ لِلْجَعْدِيِّ:
لَهَا حَجَل قُرْعُ الرؤوس تَحَلَّبت ... عَلَى هامِه، بالصَّيْف، حَتَّى تَمَوّرا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا أَوقعوا ذَلِكَ عَلَى فَتَايا المَعَزِ. قَالَ لُقْمَانُ العاديُّ يَخْدَع ابْنَيْ تِقْن بِغَنَمِهِ عَنْ إِبلهما: اشْتَرِياها يَا ابْنَي تِقْن، إِنها لَمِعزى حَجَل، بأَحْقِيها عِجَل؛ يَقُولُ: إِنَّهَا فَتِيَّة كالحَجَل مِنَ الإِبل، وَقَوْلُهُ بأَحقِيها عِجَل أَي أَن ضُروعها تَضْرِبُ إِلى أَحْقِيها فَهِيَ كالقِرَب الْمَمْلُوءَةِ؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ أَنها لمِعْزَى حِجَل، بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ ابْنُ الأَعرابي وَلَا ثَعْلَبٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنهم إِنما قالوا حِجَل،
__________
(2) . قوله [تولف] كذا في الأصل هنا، وسبق في ترجمة قرع: تحلب بدل تولف، ولعل ما هنا محرف عن توكف بالكاف أَي سال وقطر(11/143)
فِيمَنْ رَوَاهُ بِالْكَسْرِ، إِتباعاً لعِجَل. والحَجَلة: مِثْلُ القُبَّة. وحَجَلة الْعَرُوسِ: مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ بَيْتٌ يُزَيَّن بِالثِّيَابِ والأَسِرَّة وَالسُّتُورِ؛ قَالَ أَدهم بْنُ الزَّعراء:
وبالحَجَل الْمَقْصُورِ، خَلْف ظُهورنا، ... نَوَاشِئُ كالغِزْلان نُجْلٌ عيونُها
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ خاتَم النُّبُوَّةِ مِثْلَ زِرِّ الحَجَلة
، بِالتَّحْرِيكِ؛ هُوَ بَيْتٌ كالقُبَّة يُسْتَرُ بِالثِّيَابِ وَيَكُونُ لَهُ أَزرار كِبَارٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الِاسْتِئْذَانِ:
لَيْسَ لِبُيُوتِهِمْ سُتور وَلَا حِجال
؛ وَمِنْهُ: أعْرُوا النِّسَاءَ يَلْزَمْن الحِجَال، وَالْجَمْعُ حَجَل وحِجَال؛ قَالَ الْفَرَزْدَقَ:
رَقَدْن عَلَيْهِنَّ الحِجَال المُسَجَّف
قَالَ الحِجال وَهُمْ جَمَاعَةٌ، ثُمَّ قَالَ المُسَجَّف فَذَكَّر لأَن لَفْظَ الحِجَال لَفْظُ الْوَاحِدِ مِثْلُ الجِرَاب والجِدَاد، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، وَلَمْ يَقُلْ رَمِيمة. وحَجَّل العَروسَ: اتَّخَذ لَهَا حَجَلة؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وَرَابِغَةٌ أَلا أُحَجِّل قِدْرَنا ... عَلَى لَحْمِها، حِين الشِّتَاءِ، لنَشْبَعَا
فَسَّرَهُ فَقَالَ: نَسْتُرُهَا وَنَجْعَلُهَا فِي حَجَلة أَي إِنا نُطْعِمُهَا الضِّيفَانَ. اللَّيْثُ: الحَجْل والحِجْل القَيْد، يُفْتَحُ وَيُكْسَرُ. والحَجْل: مَشْيُ المُقَيَّد. وحَجَل يَحْجُلُ حَجْلًا إِذا مَشَى فِي الْقَيْدِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَجَلَ المُقَيَّد يَحْجُل ويَحْجِل حَجْلًا وحَجَلاناً وحَجَّل: نَزا فِي مَشْيِهِ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ العَقِير: الأَزهري: الإِنسان إِذا رَفَعَ رِجْلًا وتَرَيَّث فِي مَشْيِهِ عَلَى رِجْل فَقَدْ حَجَل. ونَزَوانُ الغُراب: حَجْلُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِزَيْدٍ أَنت مَوْلانا فَحَجَل
؛ الحَجْل: أَن يَرْفَعَ رِجْلًا ويَقْفِز عَلَى الأُخرى مِنَ الفَرَح، قَالَ: وَيَكُونُ بِالرِّجْلَيْنِ جَمِيعًا إِلا أَنه قَفْزٌ وَلَيْسَ بِمَشْيٍ. قَالَ الأَزهري: والحَجَلان مِشية المُقَيَّد. يُقَالُ: حَجَل الطائرُ يَحْجُل ويَحْجِل حَجَلاناً كَمَا يَحْجُل الْبَعِيرُ العَقِير عَلَى ثَلَاثٍ، والغُلامُ عَلَى رِجْل وَاحِدَةٍ وَعَلَى رِجْلَيْنِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَقَدْ بَهأَتْ بالحاجِلاتِ إِفالُها، ... وسَيْف كَرِيمٍ لَا يَزَالُ يَصُوعُها
يَقُولُ: قَدْ أَنِسَتْ صِغارُ الإِبل بِالْحَاجِلَاتِ وَهِيَ الَّتِي ضرِبت سُوقُها فَمَشَتْ عَلَى بَعْضِ قَوَائِمِهَا، وَبِسَيْفِ كَرِيمٍ لِكَثْرَةِ مَا شَاهَدَتْ ذَلِكَ لأَنه يُعَرْقِبُها. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَن رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ أَوْبَشَ الثَّنايا يَحْجُل فِي الْفِتْنَةِ
؛ قِيلَ: أَراد يَتَبَخْتَرُ فِي الْفِتْنَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْخَيْلِ:
الأَقْرَح المُحَجَّل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي يَرْتَفِعُ الْبَيَاضُ فِي قَوَائِمِهِ فِي مَوْضِعِ الْقَيْدِ وَيُجَاوِزُ الأَرساغ وَلَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ لأَنها مَوَاضِعُ الأَحجال، وَهِيَ الْخَلَاخِيلُ وَالْقُيُودُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أُمتي الغُرُّ المُحَجَّلون
أَي بِيض مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنَ الأَيدي وَالْوَجْهِ والأَقدام، اسْتَعَارَ أَثر الْوُضُوءِ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ للإِنسان مِنَ الْبَيَاضِ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وإِني امْرُؤٌ لَا تَقْشَعِرُّ ذؤابَتي ... مِنَ الذِّئْب يَعْوِي والغُرابِ المُحَجَّل
فإِنه رَوَاهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ كأَنه مِنَ التَّحْجِيلِ فِي الْقَوَائِمِ، قَالَ: وَهَذَا بَعِيدٌ لأَن ذَلِكَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي الغِرْبان، قَالَ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى أَنه اسْمُ(11/144)
الْفَاعِلِ مِنْ حَجَّل. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن المرأَة الصَّالِحَةَ كالغُرَاب الأَعْصَم
وَهُوَ الأَبيض الرِّجْلَيْنِ أَو الْجَنَاحَيْنِ، فإِن كَانَ ذَهَبَ إِلى أَن هَذَا مَوْجُودٌ فِي النَّادِرِ فَرِوَايَةُ ابْنِ الأَعرابي صَحِيحَةٌ. والحَجْل والحِجْل جَمِيعًا: الخَلْخَال، لُغَتَانِ، وَالْجَمْعُ أَحْجال وحُجُول. الأَزهري: رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَصحابه حِجْل، بِكَسْرِ الْحَاءِ، قَالَ: وَمَا عَلِمْتُ أَحداً أَجاز الحِجل «1» غَيْرَ مَا قَالَهُ اللَّيْثُ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِن اللُّصُوصَ أَخذوا حِجْلَي امرأَتي
أَي خَلْخالَيْها. وحِجْلا الْقَيْدِ: حَلْقَتاه؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ العِبَادي:
أَعاذِل، قد لاقَيْتُ ما يَزِعُ الفَتَى، ... وَطَابَقْتُ فِي الحِجْلَينْ مَشْيِ المقيَّد
والحِجْل: الْبَيَاضُ نَفْسُهُ، وَالْجَمْعُ أَحْجال؛ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَن الْمُفَضَّلَ أَنشده:
إِذا حُجِّل المِقْرَى يَكُونُ وَفَاؤه ... تَمام الَّذِي تَهْوي إِليه المَوَارِد
قَالَ: المِقْرَى القَدَح الَّذِي يُقْرى فِيهِ، وتَحْجِيلُه أَن تُصَبَّ فِيهِ لُبَيْنة قَلِيلَةٌ قَدْر تَحْجِيلِ الفَرَس، ثُمَّ يُوَفَّى المِقْرَى بِالْمَاءِ، وَذَلِكَ فِي الجُدُوبة وعَوَزِ اللَّبَن. الأَصمعي: إِذا حُجِّل المِقْرَى أَي سُتِر بالحَجَلة ضَنًّا بِهِ لِيَشْرَبُوهُ هُمْ. وَالتَّحْجِيلُ: بَيَاضٌ يَكُونُ فِي قَوَائِمِ الْفَرَسِ كُلِّهَا؛ قَالَ:
ذُو مَيْعَةٍ مُحَجَّلُ الْقَوَائِمِ
وَقِيلَ: هُوَ أَن يَكُونَ الْبَيَاضُ فِي ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ دُونَ الأُخرى فِي رِجْل ويَدَيْن؛ قَالَ:
تَعَادَى مِنْ قَوائمها ثَلاثٌ ... بِتَحْجِيلٍ، وَقَائمةٌ بَهِيمُ
وَلِهَذَا يُقَالُ مُحَجَّل الثَّلَاثِ مُطْلَقُ يَدٍ أَو رِجْلٍ، وَهُوَ أَن يَكُونَ أَيضاً فِي رِجْلَيْنِ وَفِي يَدٍ وَاحِدَةٍ؛ وَقَالَ:
مُحَجَّل الرِّجْلين مِنْهُ واليَدِ
أَو يَكُونُ الْبَيَاضُ فِي الرِّجْلَيْنِ دُونَ الْيَدَيْنِ؛ قَالَ:
ذُو غُرَّة مُحَجَّلُ الرِّجْلين ... إِلى وَظِيفٍ، مُمْسَكُ اليَدَين
أَو أَن يَكُونَ الْبَيَاضُ فِي إِحدى رِجْلَيْهِ دُونَ الأُخرى وَدُونَ الْيَدَيْنِ، وَلَا يَكُونُ التَّحْجيل فِي الْيَدَيْنِ خَاصَّةً إِلا مَعَ الرِّجْلَيْنِ، وَلَا فِي يَدٍ وَاحِدَةٍ دُونَ الأُخرى إِلا مَعَ الرِّجْلَيْنِ، وَقِيلَ: التَّحْجِيل بَيَاضٌ قَلَّ أَو كَثُرَ حَتَّى يَبْلُغَ نِصْفَ الوَظِيفِ ولونٌ سَائِرِهِ مَا كَانَ، فإِذا كَانَ بَيَاضُ التَّحْجِيلِ فِي قَوَائِمِهِ كُلِّهَا قَالُوا مُحَجَّل الأَربع. الأَزهري: تَقُولُ فَرَسٌ مُحَجَّل وَفَرَسٌ بادٍ جُحُولُه؛ قَالَ الأَعشى:
تَعَالَوْا، فإِنَّ العِلْم عِنْدَ ذَوِي النُّهَى ... مِنَ النَّاسِ، كالبَلْقاء بادٍ جُحُولُها
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المُحَجَّل مِنَ الْخَيْلِ أَن تَكُونَ قَوَائِمُهُ الأَربع بِيضاً، يَبْلُغُ البياضُ مِنْهَا ثُلُثَ الوَظِيف أَو نصفَه أَو ثُلُثَيْهِ بَعْدَ أَن يَتَجَاوَزَ الأَرساغ وَلَا يَبْلُغُ الرُّكْبَتَيْنِ والعُرْقُوبَيْن فَيُقَالُ مُحَجَّل الْقَوَائِمِ، فإِذا بَلَغَ البياضُ مِنَ التَّحْجِيلِ ركبةَ الْيَدِ وعُرْقوب الرِّجل فَهُوَ فَرَسٌ مُجَبَّب، فإِن كَانَ الْبَيَاضُ بِرِجْلَيْهِ دُونَ الْيَدِ فَهُوَ مُحَجَّل إِن جَاوَزَ الأَرساغ، وإِن كَانَ الْبَيَاضُ بِيَدَيْهِ دُونَ رِجْلَيْهِ فَهُوَ أَعْصَم، فإِن كَانَ فِي ثَلَاثِ قَوَائِمَ دُونَ رِجْلٍ أَو دُونَ يَدٍ فهو مُحَجَّل
__________
(1) . قوله [أجاز الحجل] كذا في الأصل مضبوطاً بكسر الحاء، وعبارة القاموس: والحجل بالكسر ويفتح وكإبل وطمرّ الخلخال(11/145)
الثَّلَاثِ مُطْلَق الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ، وَلَا يَكُونُ التَّحْجيل وَاقِعًا بِيَدٍ وَلَا يَدَيْنِ إِلا أَن يَكُونَ مَعَهَا أَو مَعَهُمَا رِجْل أَو رِجلان؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: التَّحْجيل بَيَاضٌ فِي قَوَائِمِ الْفَرَسِ أَو فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا أَو فِي رِجْلَيْهِ، قَلَّ أَو كَثُر، بَعْدَ أَن يُجَاوِزَ الأَرساغ وَلَا يُجَاوِزَ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْعُرْقُوبَيْنِ لأَنها مَوَاضِعُ الأَحْجَال، وَهِيَ الخَلاخِيل والقُيُود. يُقَالُ: فَرَسٌ مُحَجَّل، وَقَدْ حُجِّلَت قوائمُه تَحْجِيلًا، وإِنَّها لَذَات أَحْجال، فإِن كَانَ فِي الرِّجْلَيْنِ فَهُوَ مُحَجَّل الرِّجْلَيْنِ، وإِن كَانَ بإِحدى رِجْلَيْهِ وَجَاوَزَ الأَرساغ فَهُوَ مُحَجَّل الرِّجل الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى، فإِن كَانَ مُحَجَّل يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ شِقٍّ فَهُوَ مُمْسَك الأَيامِن مُطْلَق الأَياسر، أَو مُمْسَك الأَياسر مُطْلَق الأَيامن، وإِن كَانَ مِنْ خِلاف قَلَّ أَو كَثُرَ فَهُوَ مَشْكُول. قَالَ الأَزهري: وأُخِذَ تَحْجِيلُ الْخَيْلِ مِنَ الحِجْل وَهُوَ حَلْقة القَيْد جُعِل ذَلِكَ الْبَيَاضُ فِي قَوَائِمِهَا بِمَنْزِلَةِ الْقُيُودِ. وَيُقَالُ: أَحْجَلَ الرجُلُ بعيرَه إِحْجالًا إِذا أَطْلق قَيْدَهُ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى وشَدَّه فِي الأُخرى. وحَجَّلَ فلانٌ أَمْرَه تَحْجِيلًا إِذا شَهْرَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْجَعْدِيُّ يَهْجُو لَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
أَلا حَيِّيا هِنْداً، وقُولا لَهَا: هَلا ... فَقَدْ رَكِبَتْ أَمْراً أَغَرَّ مُحَجَّلا
والتَّحْجِيل والصَّلِيب: سِمَتان مِنْ سِمات الإِبل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ إِبلًا:
يَلُوح بِهَا تحجيلُها وصَلِيبُها
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَلَم تَعْلَمِي أَنَّا إِذا القِدْرُ حُجِّلَت، ... وأُلْقِيَ عَنْ وَجْه الفَتاة سُتُورُها
حُجِّلَت القِدْر أَي سُتِرَت كَمَا تُسْتَر الْعَرُوسُ فَلَا تَبْرُز. وَالتَّحْجِيلُ: بَيَاضٌ فِي أَخلاف النَّاقَةِ مِنْ آثَارِ الصِّرار. وضَرْع مُحَجَّل: بِهِ تَحْجِيلٌ مِنْ أَثر الصِّرار؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:
عَنْ ذِي قَرامِيصَ لَهَا مُحَجَّلِ
والحَجْلاء مِنَ الضأْن: الَّتِي ابْيَضَّت أَوْظِفَتُها وَسَائِرُهَا أَسود، تَقُولُ مِنْهُ نَعْجة حَجْلاء. وحَجَلَت عَيْنُه تَحْجُلُ حُجُولًا وحَجَّلَت، كِلَاهُمَا: غَارَتْ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الإِنسان وَالْبَعِيرِ وَالْفَرَسِ، قَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرٍو:
فَتُصْبِح حَاجِلةً عينُه ... لِحِنْو اسْتِه، وصَلاه عُيُوب
وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
حَواجِل العُيون كالقِداح
وَقَالَ آخَرُ فِي الإِفراد دُونَ الإِضافة:
حَواجِل غَائِرَةُ العُيون
وحَجَّلَت المرأَة بَنانَها إِذا لَوَّنَت خِضابَها. والحُجَيْلاء: الْمَاءُ الَّذِي لَا تُصِيبُهُ الشَّمْسُ. والحَوْجَلَة: الْقَارُورَةُ الْغَلِيظَةُ الأَسفل، وَقِيلَ: الحَوْجَلة مَا كَانَ مِنَ القَوارِير شِبْه قَوارير الذَّرِيرة وَمَا كَانَ وَاسِعَ الرأْس مِنْ صِغارها شِبْه السُّكُرَّجات وَنَحْوِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الحَوْجَلة قَارُورة صَغِيرَةٌ وَاسِعَةُ الرأْس؛ وأَنشد العَجَّاج:
كأَنَّ عَيْنَيْهِ مِنَ الغُؤُور ... قَلْتانِ، أَو حَوْجَلَتا قارُور
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي رَجَزِ الْعَجَّاجِ:(11/146)
قَلْتانِ فِي لَحْدَيْ صَفاً مَنْقُور، ... صِفْرانِ، أَو حَوْجَلَتا قارُور
وَقِيلَ: الحَوْجَلَة والحَوْجَلَّة الْقَارُورَةُ فَقَطْ؛ عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ: وَنَظِيرُهُ حَوْصَلَة وحَوْصَلَّة وَهِيَ لِلطَّائِرِ كالمَعِدَة للإِنسان. ودَوْخَلَة ودَوْخَلَّة: وَهِيَ وِعَاءُ التَّمْرِ، وسَوْجَلَة وسَوْجَلَّة: وَهِيَ غِلاف الْقَارُورَةِ، وقَوْصَرَة وقَوْصَرَّة: وَهِيَ غِلَافُ القارورةِ أَيضاً؛ «1» . وَقَوْلُهُ:
كأَنَّ أَعينها فِيهَا الحَواجِيلُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَلحق الياءَ لِلضَّرُورَةِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ حَوْجَلَّة، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، فَعَوَّضَ الْيَاءَ مِنْ إِحدى اللَّامين. والحَواجِل: القَوارير، والسَّواجل غُلُفُها؛ وأَنشد ابْنُ الأَنباري:
نَهْج تَرَى حَوْله بَيْضَ القَطا قَبَصاً، ... كأَنَّه بالأَفاحِيص الحَواجِيل
حَواجِل مُلِئَت زَيْتاً مُجَرَّدة، ... لَيْسَتْ عَلَيْهِنَّ مِنْ خُوصٍ سَواجِيل
القَبَص: الجَماعات والقِطَع. والسَّواجِيل: الغُلُف، واحِدُها ساجُول وسَوْجَل. وتَحْجُل: اسْمُ فَرَس، وَهُوَ فِي شِعْرِ لَبِيدٍ:
تَكاثَر قُرْزُلٌ والجَوْنُ فِيهَا، ... وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبال
والحُجَيْلاء: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فأَشْرَب مِنْ مَاءِ الحُجَيْلاء شَرْبَةً، ... يُداوى بِهَا، قَبْلَ الْمَمَاتِ، عَلِيلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنَ هَذَا الْفَصْلِ الحُجال السَّمُّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
جَرَّعْته الذَّيفان والحُجالا
حدل: الأَزهري: حَدَل عَلَيَّ فُلَانٌ يَحْدِل ويَحْدَلُ حَدْلًا أَي ظَلَمَني، الْجَوْهَرِيُّ: ومالَ عليَّ بِالظُّلْمِ؛ يُقَالُ: رَجُلٌ حَدْل غَيْرُ عَدْل. ابْنُ سِيدَهْ: وحَدَل عليَّ يَحْدِل حُدُولًا وحَدْلًا جارَ. وإِنه لَقَضَاءٌ حَدْل: غَيْرُ عَدْل؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ، رجلٌ عَلِمَ فَحَدَلَ
أَي جارَ. الأَزهري: حادَلَني فُلَانٌ مُحَادَلة إِذا رَاوَغَكَ، وحَادَلَتِ الأُتُنُ مِسْحَلَها راوغَتْه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مِنَ العَضِّ بالأَفخاذ أَو حَجَباتِها، ... إِذا رابَه اسْتِعْصاؤها وحِدَالُها
والأَحْدَل: ذُو الخِصْية الْوَاحِدَةِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ: وَيُقَالُ فِي بَعْضِ التَّفْسِيرِ إِذا كَانَ مَائِلَ أَحد الشِّقَّيْن فَهُوَ أَحْدَلُ أَيضاً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الأَحْدَلُ الْمَائِلُ وَقَدْ حَدِلَ حَدَلًا. قَالَ: وَقَالَ أَبو زَيْدٍ الأَحْدَل الَّذِي يَمْشِي فِي شِقٍّ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَحْدَل الَّذِي فِي مَنْكِبيه وَرَقَبَتِهِ انْكِبَابٌ أَو إِقبال عَلَى صَدْرِهِ. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: فِي عُنُقِهِ حَدَل أَو مَيَل وَفِي مَنْكِبَيْهِ دَفَأٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: قَوْس مُحْدَلَة، وَذَلِكَ لِاعْوِجَاجِ سِيَتها، قَالَ: والتَّحادُل الِانْحِنَاءُ عَلَى الْقَوْسِ. وَيُقَالُ للقَوْس حُدَال إذا طُومِن من طائفها؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ قَوْسًا:
لَهَا مَحِصٌ غَيْرُ جَافِي القُوى، ... مِنَ الثَّوْر حَنَّ بوِرْكٍ حُدَال
__________
(1) . قوله [وَقَوْصَرَّةٌ وَهِيَ غِلَافُ الْقَارُورَةِ أَيضاً] كذا في الأصل، والذي في القاموس والصحاح واللسان في ترجمة قصر أنها وعاء التمر وكناية عن المرأة(11/147)
المَحِص: الوَتَر، وَقَوْلُهُ بِورْك أَي بِقَوْسٍ عُمِلَت مِنْ وَرِك شَجَرَةٍ أَي أَصل شَجَرَةٍ. مِنَ الثَّوْرِ أَي مِنْ عُلَبِ الثَّور مِنْ عَقَب الثَّوْر. ابْنُ سِيدَهْ: الحَدَل إِشْراف أَحد العاتِقَيْن عَلَى الْآخَرِ، وَهُوَ أَحْدَل، قَالَ: وَقِيلَ هُوَ الْمَائِلُ الْعُنُقِ مِنْ خِلْقَة أَو وَجَع لَا يَمْلِكُ أَن يُقِيمه. وَقَوْسٌ مُحْدَلة وحَدْلاء بَيِّنة الحَدَل والحُدُولَة: حُدِرَت إِحدى سِيَتَيْها ورُفِعَت الأُخرى، قَالَ:
حَتَّى أُتِيح لَهَا رَامٍ بمُحْدَلةٍ، ... ذُو مِرَّةٍ، بدوَارِ الصَّيْد، شَمَّاسُ
والحَوْدَل: الذَّكَر مِنَ القِرَدَة. الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لِآخَرَ: أَلا وانْزِل بهاتِيكَ الحَوْدَلة، وأَشار إِلى أَكَمة بِحذَائه أَمره بِالنُّزُولِ عَلَيْهَا؛ والحَدَال: شَجَرٌ فِي الْبَادِيَةِ، ذَكَرَهُ بَعْضُ الْهُذَلِيِّينَ فَقَالَ:
إِذا دُعِيَتْ لِمَا فِي الْبَيْتِ قَالَتْ: ... تَجَنَّ مِن الحَدَال، وَمَا جُنِيت
أَي وَمَا جُنِي لِي مِنْهُ. ابْنُ سِيدَهْ: وحِدْل الرَّجُل حُجْزته. والحَدَالى: مَوْضِعٌ. وَبَنُو حُدَال: حَيٌّ، نُسِبُوا إِلى مَحَلَّة كَانُوا يَنْزِلُونَهَا. وحَدَال: اسْمُ أَرض لِكَلْبٍ بالشأْم؛ قَالَ الرَّاعِي:
فِي إِثْر مَنْ قُرِنَتْ منِّي قَرِينَتُه، ... يوْمَ الحَدَاك، بتَسْبِيبٍ مِنَ القَدَر
وَيُرْوَى الحَدَال، بِاللَّامِ. وَقَالَ شَمِرٌ: الحُضَض هُوَ الحُدُل. وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ حُدَيْلة، بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ: هِيَ مَحَلَّة بِالْمَدِينَةِ نُسِبَتْ إِلى بَنِي حُدَيْلة، بَطْنٍ من الأَنصار.
حدقل: الحَدْقَلة: إِدَارة الْعَيْنِ فِي النَّظَرِ، قَالَ الأَزهري: هَذَا الْحَرْفُ فِي كِتَابِ الْجَمْهَرَةِ لِابْنِ دُرَيْدٍ فِي حُرُوفٍ لَمْ أَجد ذِكْرَهَا لأَحد مِنَ الثِّقَاتِ، وَمَنْ وَجَدَهَا لإِمام مَوْثُوقٍ بِهِ أَلحقه بِالرُّبَاعِيِّ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْهَا لِثِقَةٍ فَلْيَكُنْ مِنْهَا عَلَى رِيبة وحَذَر.
حذل: الحَذَل، مُثَقَّل، فِي الْعَيْنِ: حُمْرةٌ وانْسِلاقٌ وسَيَلانُ دَمْعٍ، وانسلاقُها: حُمْرةٌ تَعْتَرِيهَا. حَذِلت عَيْنُهُ حَذَلًا، فَهِيَ حَذْلاء، وأَحْذَلَها الْبُكَاءُ أَوِ الحَرُّ؛ قَالَ العُجَير السَّلُولي:
وَلَمْ يُحْذِل العَيْنَ مثْلُ الفرَاقِ، ... وَلَمْ يُرْمَ قَلْبٌ بِمِثْلِ الْهَوَى
وعَيْن حَاذِلَة: لَا تَبْكي البَتَّة، فإِذا عَشِقَتْ بَكَتْ؛ قَالَ رُؤْبَةُ وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْعَجَّاجِ:
والشَّوْق شَاجٍ للعُيون الحُذَّل
وقيل: وَصَفها بما تؤول إِليه بَعْدَ الْبُكَاءِ، فَهِيَ عَلَى هَذَا مِمَّا تَقَدَّمَ؛ الأَزهري: وَصَفَهَا كأَن تِلْكَ الْحُمْرَةَ اعْتَرَتْها مِنْ شِدَّةِ النَّظَرِ إِلى مَا أُعْجِبَتْ بِهِ. والحَذَل، بِاللَّامِ: طُولُ الْبُكَاءِ وأَن لَا تَجِفَّ عَيْنُ الإِنسان. والحَذَال والحُذَال: شَيْءٌ شِبْهُ الدَّمِ يَخْرُجُ مِنَ السَّمُرة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا دعِيتْ لِمَا فِي البيت قالت: ... تَجَنَّ من الحذَال، وَمَا جُنِيت «2»
. أَي قَالَتِ اذْهَبْ إِلى هَذَا الشَّجَرِ فاقْلَع الحَذَال فكُلْه، وَلَمْ تَقْرِه. والحُذَالة: صَمْغة حَمْرَاءُ فِيهَا. الأَزهري: الحَذْل، بِفَتْحِ الْحَاءِ، صَمْغ الطَّلْح إِذا خَرَجَ فأَكل الْعُودُ فانْحَتَّ وَاخْتَلَطَ بِالصَّمْغِ، وإِذا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُؤْكَلْ وَلَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ. والحُذَال: حَيْض
__________
(2) . روي هذا البيت في مادة حدل وفيه الحدال بدل الحذال(11/148)
السَّمُر، وَقَالَ: تُسَمِّيه الدُّوَدِم؛ وأَنشد:
كأَن نَبِيذَك هَذَا الحُذَال
والحَذَل: ضَرْب مِنْ حَبِّ الشَّجَرِ يُخْتَبَز وَيُؤْكَلُ فِي الجَدْب؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّ بَوَاء زادِكُم لَمّا أُكل ... أَن تُحْذِلُوا، فتُكْثِروا مِنَ الحَذَل
وَيُقَالُ: الحَذَال شَيْءٌ يَخْرُج مِنْ أُصول السَّلَمِ يُنْقَع فِي اللَّبَنِ فَيُؤْكَلُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الدُّوَدِم الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ السَّمُر هُوَ الحَذال. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الحَذَال يُشْبِهُ الدُّوَدِم وَلَيْسَ إِيَّاه، وَهُوَ جَنًى يأْكله مَنْ يَعْرِفُهُ، وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ يَظُنُّهُ دُوَدِماً. والحَذَل والحُذَال والحُذَالة: مُسْتَدَارُ ذَيْلِ الْقَمِيصِ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُذْل حَاشِيَةُ الإِزار وَالْقَمِيصِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فليأْكل مِنْهُ غَيْرَ آخِذٍ فِي حَذْله شَيْئًا
؛ الحَذْل، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: حُجْزة الإِزار وَالْقَمِيصِ وطَرَفُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: هَلُمِّي حَذْلَكِ أَي ذَيْلَكِ فَصَبَّ فِيهِ الْمَالَ.
والحِذْل والحُذْل، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا وَسُكُونِ الذَّالِ فِيهِمَا: حُجْزة السَّرَاوِيلِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهِيَ الحُذَل، بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الذَّالِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. الأَزهري: الحُذْل الحُجْزة، قَالَ ثَعْلَبٌ: يُقَالُ حُجْزته وحُذْلته وحُزَّته وحُبْكته وَاحِدٌ. والحُذْل: الأَصْل عَنْ كُرَاعٍ. وحُذَيْلاء: مَوْضِعٌ. الْجَوْهَرِيُّ: حَذِلت عينُه، بِالْكَسْرِ، تَحْذَل حَذَلًا أَي سَقَطَ هُدْبُها مِنْ بَثْرة تَكُونُ فِي أَشفارها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ مُعَقِّر بْنُ حِمَار الْبَارِقِيُّ:
فأَخْلَفْنا مَوَدَّتها فَقَاظَتْ، ... ومَأْقِي عَيْنِها حَذِلٌ نَطُوف
أَي أَقامت فِي القَيْظ تَبْكِي عَلَيْهِمْ؛ رأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ بَعْضِ الأَفاضل قَالَ: نَقَلْتُ مِنْ شِعْرِ دُرَيْد بْنِ الصِّمَّة بِخَطِّ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَكِّي، قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ ناعِصَة السُّلَمي جَارًا لِدُرَيْدٍ فَقَتَل عَمْرُو بْنُ نَاعِصَةَ رَجُلًا مِنْ بَنِي غاضِرة بْنِ صَعْصَعَة يُقَالُ لَهُ قَيْسُ بْنُ رَوَاحة، فَخَرَجَ ابْنُ قَيْسٍ يَطْلُبُ بِدَمِهِ فَلقِي عَمْرَو بْنَ ناعِصَة فَقَتَلَهُ، فَقَالَتِ امرأَة ابْنِ نَاعِصَةَ:
أَبْكِي بِعَيْنٍ حَذِلَتْ مُضَاعَه، ... تَبْكي عَلَى جَارِ بَني جُدَاعه،
أَيْنَ دُرَيْدٌ، وَهُوَ ذُو بَرَاعه؟ ... حَتَّى تَرَوْه كَاشِفًا قِنَاعه،
تَغْدو بِهِ سَلْهَبَةٌ سُرَاعه
حرجل: الحُرْجُل والحُرَاجِل: الطَّوِيلُ. وحَرْجَل إِذا طَالَ. والحُرْجُل: الطَّوِيلُ الرِّجْلَين؛ ذَكَرَهُ أَبو عُبَيْدٍ. والحَرْجَل والحَرْجَلَة: الْجَمَاعَةُ مِنَ الْخَيْلِ، تميمِية؛ وأَنشد الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عرضن:
تَعْدُو العِرَضْنَى خَيْلُهم حَرَاجِلا
وَقَالَ: حَرَاجِل وَعَرَاجِل جَمَاعَاتٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الحَرْجَل قَطِيع مِنَ الْخَيْلِ. وَجَاءَ الْقَوْمُ حَرَاجِلَة عَلَى خَيْلِهِمْ وعَرَاجِلَة أَي مُشَاة. والحَرْجَلَة: العَرَج. والحَرْجَلَة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ كالعَرْجَلَة، وَلَا يَكُونُونَ إِلا مُشَاة. وَيُقَالُ: حَرْجَل الرجلُ إِذا تَمَّم صَفًّا فِي صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا، وَيُقَالُ لَهُ: حَرْجِلْ أَي تَمِّمْ. والحَرْجَلَة: الْقِطْعَةُ مِنَ الْجَرَادِ. والحَرْجَلَة: الحَرَّة مِنَ الأَرض؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ النَّبَاتِ وَلَمْ يَحْكِهَا غَيْرُهُ. وحَرْجَل: اسم.
حركل: ابْنُ سِيدَهْ: الحَرْكَلَة ضَرْب مِنَ الْمَشْيِ. والحَرْكَلَة: الرَّجَّالة كالحَوْكَلَة؛ قَالَ الأَزهري:(11/149)
هَذَا الْحَرْفُ فِي كِتَابِ الْجَمْهَرَةِ لِابْنِ دُرَيْدٍ مَعَ غَيْرِهِ، وَمَا وَجَدْتُ أَكثرها لأَحد مِنَ الثِّقَاتِ، فَمَنْ وَجَدَهَا لإِمام يُوثَقُ بِهِ أَلحقه بِالرُّبَاعِيِّ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْهَا فَلْيَكُنْ مِنْهَا عَلَى رِيبة وحَذَر.
حرمل: الحَرْمَل حَبٌّ كالسِّمْسم، وَاحِدَتُهُ حَرْمَلَة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَرْمَل نَوْعَانِ: نَوْعٌ وَرَقُهُ كَوَرَقِ الخِلاف ونَوْره كنَوْر الْيَاسَمِينَ يُطَيَّب بِهِ السِّمْسِمِ وحَبُّه فِي سِنَفة كسِنَفة العِشْرِق، وَنَوْعٌ سِنَفته طِوال مُدَوَّرة؛ قَالَ: والحَرْمَل لَا يأْكله شَيْءٌ إِلا المِعْزى، قَالَ: وَقَدْ تُطْبَخُ عُرُوقُهُ فيُسْقاها الْمَحْمُومُ إِذا مَاطَلَتْهُ الحُمَّى؛ وَفِي امْتِنَاعِ الحَرْمَل عَنِ الأَكَلة قَالَ طَرَفة وذَمَّ قَوْمًا:
هُمُ حَرْمَلٌ أَعْيا عَلَى كلِّ آكِلٍ ... مَبِيتاً، وَلَوْ أَمْسَى سَوامُهم دَثْرا
وحَرمَلَة: اسْمُ رَجُلٍ، مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ:
أَحْيا أَباه هاشمُ بْنُ حَرْمَله
والحُرَيْمِلَة: شَجَرَةٌ مِثْلُ الرُّمَّانة الصَّغِيرَةِ وَرَقُهَا أَدق مِنْ وَرَقِ الرُّمَّانِ خَضْرَاءُ تَحْمِلُ جِراء دُونَ جِراء العُشَر، فإِذا جَفَّت انْشَقَّت عَنْ أَلين قُطْنٍ، فتُحْشَى بِهِ المَخادُّ فَتَكُونُ نَاعِمَةً جِدًّا خَفِيفَةً، وتُهْدَى إِلى الأَشراف. وحَرْمَلاء: مَوْضِعٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَرْمَل هَذَا الحبُّ الَّذِي يُدَخَّن به،
حزل: اللَّيْثُ: الْحَزْلُ مِنْ قَوْلِكَ احْزأَلَّ يَحْزِئِلُّ احْزِئْلالًا يُرَادُ بِهِ الِارْتِفَاعُ فِي السَّيْرِ والأَرض. قَالَ: والسحابُ إِذا ارْتَفَعَ نَحْوَ بَطْنِ السَّمَاءِ قِيلَ احْزَأَلَّ. والمُحْزَئِلُّ: الْمُرْتَفِعُ؛ قَالَ:
فَمَرَّتْ، وأَطراف الصُّوَى مُحْزَئِلَّة، ... تَئِجُّ كَمَا أَجَّ الظَّلِيم المُفَزَّع
واحْزَأَلَّ أَي ارْتَفَعَ وَاجْتَمَعَ؛ قَالَ أَبو دُواد يَصِفُ نَاقَةً:
أَعددت لِلْحَاجَةِ القُصْوَى يَمانِيَة، ... بَيْنَ المَهَارَى وَبَيْنَ الأَرْحَبِيَّات
ذَاتَ انْتِبَاذٍ مِنَ الْحَادِي، إِذا برَكتْ ... خَوَّت عَلَى ثَفِناتٍ مُحْزَئِلَّات
وأَنشده الْجَوْهَرِيُّ: ذَاتُ، بِالرَّفْعِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده ذَاتَ انْتِبَاذٍ بِالنَّصْبِ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ. واحْزَأَلَّ القومُ: اجْتَمَعُوا؛ قَالَ الطِّرمَّاح:
وَلَوْ خَرَجَ الدَّجَّالُ يَنْشُرُ دِينَه، ... لزافَت تمِيمٌ حَوْلَه، واحزَأَلَّتِ
أَي اجْتَمَعَتْ إِليه؛ وَقَالَ المَرَّار الفَقْعَسي يَصِفُ إِبلًا وحادِيَها:
تَغَنَّى ثُمَّ هَزَّج، فاحْزَأَلَّتْ ... تَميل بِهَا النَّحائزُ والسُّدُول
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ احْزَلَّت أَيضاً، بِغَيْرِ هَمْزٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَرْمي الفَيافيَ إِذا مَا احْزَلَّتِ، ... بِمِثْلِ عَيْنَيْ فارِكٍ قَدْ مَلَّتِ
وَيُقَالُ أَيضاً مِنَ الْمَهْمُوزِ: صَدْر مُحْزَئِلُّ أَي مُرْتَفِعٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
رَابِي الْقَصِيرِ مُحْزَئِلّ الصَّدْر «1»
. واحْزَأَلَّت الإِبلُ اجْتَمَعَتْ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ عَنْ مَتن
__________
(1) . قوله [رابي القصير] كذا في الأصل، ولعله محرف عن القصيرى، بضم ففتح، وهي كما في القاموس: الضلع وأصل العنق(11/150)
مِنَ الأَرض فِي ذَهَابِهَا. واحْزَأَلَّ الْجَبَلُ: ارْتَفَعَ فَوْقَ السَّراب. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: دَعَانِي أَبو بَكْرٍ إِلى جَمْعِ الْقُرْآنِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وعُمَر مُحْزَئِلٌّ فِي الْمَجْلِسِ
أَي مُنْضَمٌّ بعضُه إِلى بَعْضٍ، وَقِيلَ: مُسْتَوفِز؛ وَمِنْهُ: احْزَأَلَّت الإِبل فِي السَّيْرِ إِذا ارْتَفَعَتْ فِيهِ. اللَّيْثُ: الاحْتِزال هُوَ الاحْتِزام بِالثَّوْبِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ الاحْتِزاك، بِالْكَافِ، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي فِي بَابِ ضُرُوبِ اللُّبْس، وأَصله مِنَ الحَزْك والحَزْق، وَهُوَ شدَّة المَدِّ، وأَنشد، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا بَرَك ثُمَّ تَجافى عَنِ الأَرض: قَدِ احْزَأَلَّ. واحْزَأَلَّت إِذا اجْتَمَعَتْ. واحْزَأَلَّ فؤادُه إِذا انضمَّ مِنَ الْخَوْفِ. وَيُقَالُ: احْزَأَلَّ إِذا شَخَصَ.
حزبل: الحَزَنْبَل: الحَمْقاء، وَقِيلَ: الْعَجُوزُ المُتَهِدِّمة. والحَزَنْبَل مِنَ الرِّجَالِ: الْقَصِيرُ الموَثَّق الخَلْق، وَقِيلَ: هُوَ الْقَصِيرُ فَقَطْ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للبَوْلاني:
لَمَّا رأَت أَن زُوِّجَتْ حَزَنْبَلا، ... ذَا شَيْبة، يَمْشِي الهُوَيْنا، حَوْقَلا
وأَنشد لآخر:
حَزَنْبَل الحِضْنَين فَدْم زَأْبَل
وحَزَنْبَل: نبْتٌ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قُضِيَتْ عَلَى النُّونِ بِالزِّيَادَةِ وإِن لَمْ يُشْتَقَّ مَا يَذْهَبُ فِيهِ لِكَثْرَةِ زِيَادَتِهِ ثَالِثَةً فِيمَا يُظْهِرُهُ الِاشْتِقَاقُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الحَبَرْكَل كالحَزَنْبَل وَهُمَا الْغَلِيظَا الشَّفَة. الأَزْهري فِي الْخُمَاسِيِّ: الحَزَنْبَل المُشْرِف مِنْ كلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ المجتَمِع. وهَنٌ حَزَنْبَل: مُشْرِف الرَّكَب؛ قَالَتْ مَجِعة مِنْ نِسَاءِ الأَعراب:
إنَّ هَني حَزَنْبَل حَزَابِيَه، ... إِذا قَعَدْت فوقَه نَبا بيَه
حزجل: حَزْجَلٌ: بَلد؛ قَالَ أُمية:
أَداحَيْتَ بالرِّجْلَيْن رِجْلًا تُغِيرها ... لتَجْنى، وأَمْطٌ دُونَ الْأُخْرَى وحَزْجل «1»
. أَراد الأُخْرى فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ وأَلقى حَرَكَتِهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا.
حزقل: الحَزاقِل: خُشارة النَّاسِ؛ قَالَ:
بِحَمْدِ أَمير الْمُؤْمِنِينَ أَقرّهم ... شَبَابًا، وأَغزاكم حَزاقِلة الجُنْد
وحِزْقِل: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ الأَصمعي: وَلَا أَدري مَا أَصله مِنْ كَلَامِ العرب.
حزكل: حَزَوْكَل: قَصِير.
حسل: الحِسْل: وَلَدُ الضَّبِّ، وَقِيلَ وَلَدُ الضَّبِّ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْضته، فإِذا كَبِر فَهُوَ غَيْداق، وَالْجَمْعُ أَحْسال وحِسْلان، الْكَسْرَةُ فِي حِسْل غَيْرُ الْكَسْرَةِ فِي حِسْلان، تِلْكَ وضْعِيَّة وَهَذِهِ مُجْتَلَبَة لِلْجَمْعِ، وحِسَلة وحُسُول، هَذِهِ فِي الأَزهري. وَالضَّبُّ يُكَنَّى أَبا حِسْل وأَبا الحِسْل وأَبا الحُسَيل. وَقَالَ أَبو الدُّقيش: تَقُولُ الْعَرَبُ للضَّبِّ إِنه لَقاضي الدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ، قَالَ الأَزهري: وَمِمَّا يُحَقِّقُ قَوْلَهُ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: يَا أَيها النَّاسُ، إِني مَا وَجَدْتُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلا الضَّبُع وَالثَّعْلَبَ أَتَيا الضبَّ فِي جُحْره فَقَالَا: أَبا الحِسْل قَالَ: أَجئتما؟
__________
(1) . قوله [لتجنى إلخ] تجنى بفتح أوله كما في القاموس بلد، وقوله أَمط كذا في الأصل(11/151)
قَالَا: جِئْنَاكَ نَحْتَكِم، قَالَ: فِي بَيْتِهِ يُؤتى الحَكَم، فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ، وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: لَا آتِيكَ سِنَّ الحِسْل أَي أَبداً لأَن سِنَّها لَا تَسْقُطُ أَبداً حَتَّى تَمُوتَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
ثُمَّتَ لَا أُرْسِلها سِنَّ الحِسِل
والحُسالة: الرَّذْل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَقَالَ بَعْضُ العَبْسِيِّين:
قَتَلْتُ سَراتَكم، وحَسَلْت مِنْكُمْ ... حَسِيلًا، مِثْلَ مَا حُسِل الوِبار
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: حَسَلْت أَبْقَيت مِنْكُمْ بَقِيَّة رُذالًا. والحُسَالَة: مِثْلُ الحُثالة. والمَحْسول، مِثْلُ المَخْسول: وَهُوَ المَرْذُول. وَقَدْ حَسَله وخَسَله أَي رَذَله. وحُسِل بِهِ أَي أُخِسَّ حَظُّه. وَفُلَانٌ يُحَسِّل بِنَفْسِهِ أَي يُقَصِّر وَيَرْكَبُ الدَّنَاءَةَ، وَهُوَ مِنْ حَسِيلَتهم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، أَي مِنْ خُشارتهم. والحَسِيل: الرُّذال مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والحُسالة: كالحَسِيلة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى اللِّحْيَانِيُّ قَالَ الحُسالة مِنَ الفِضَّة كالسُّحالة، وَهُوَ مَا سَقَطَ مِنْهَا، وَلَسْتُ مِنْهَا عَلَى ثِقَة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحُسالة مَا تَكَسَّر مِنْ قِشْرِ الشَّعِيرِ وَغَيْرِهِ. والمَحْسول: الخَسِيس، وَالْخَاءُ أَعلى. والحَسْل: السَّوْق الشَّدِيدُ. يُقَالُ: حَسَلَها حَسْلًا إِذا ضَبَطَهَا سَوْقاً. والحَسِيلة: حَشَف النَّخْلِ الَّذِي لَمْ يَحْلُ بُسْره يُيَبِّسونه حَتَّى يَيْبَس، فإِذا ضُرِب انْفَتَّ عَنْ نَواه وَودَنُوه بِاللَّبَنِ ومَرَدُوا لَهُ تَمْرًا حَتَّى يُحَلِّيه فيأْكلونه لَقِيماً، يُقَالُ: بُلُّوا لَنَا مِنْ تِلْكَ الحَسِيلة، ورُبَّما وُدِن بِالْمَاءِ. والحَسِيل: وَلَدُ الْبَقَرَةِ الأَهلية وعَمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ هُوَ وَلَدُ الْبَقَرَةِ، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَجَمْعُهَا حَسِيل عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ الْمُذَكَّرِ، وَقِيلَ: الحَسِيلُ الْبَقَرُ الأَهلي لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّنْفَرَى الأَزدي يَصِفُ السُّيُوفَ:
وهُنَّ كأَذناب الحَسِيل صَوادر، ... وَقَدْ نَهِلَتْ مِنَ الدِّماءِ وعَلَّتِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ والحَسِيل وَلَدُ الْبَقَرَةِ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ: صَوَابُهُ والحَسِيل أَولاد الْبَقَرِ، وَقَالَ: قَالَ الأَصْمعي وَاحِدُهَا حَسِيلة فَقَدْ ثَبَتَ أَن لَهُ وَاحِدًا مِنْ لَفْظِهِ، وَشَبَّهَ السُّيُوفَ بأَذناب الحَسيل إِذا رأَت أُمهاتها فحرَّكتها؛ وَقِيلَ لِوَلَدِ الْبَقَرَةِ حَسِيل وحَسِيلة لأَن أُمه تُزْجِيه مَعَهَا. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْبَقَرَةِ الحَسِيلة والحائرة والعَجوز والبعبة «2» وأَنشد غَيْرُهُ:
عَليَّ الحَشِيش ورِيٌّ لَهَا، ... وَيَوْمَ العُوار لحسْل بن ضَب
يقولها المستأْثر مَرْزِئة عَلَى الَّذِي يَفْعَلُهُ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: يُقَالُ لِوَلَدِ الْبَقَرَةِ إِذا قَرَم أَي أَكل مِنْ نَبَاتِ الأَرض حَسِيل، قَالَ: والحَسِيل إِذا هَلَكت أُمُّه أَو ذَأَّرتْه أَي نَفَرت مِنْهُ فأُوجِر لَبَنًا أَو دَقِيقاً فَهُوَ مَحْسول؛ أَنشد:
لَا تَفْخَرَنَّ بِلحيَةٍ، ... كَثُرَتْ مَنابِتُها، طوِيله
تَهْوى تَفَرُّقَها الرِّياحُ، ... كأَنَّها ذَنَبُ الحَسِيلَه
__________
(2) . قوله [والحائرة] وقوله [البعبة] هكذا في الأَصل من غير نقط للكلمتين، ولعل الأولى الجائرة أو الخائرة من الجؤار أو الخوار(11/152)
حسفل: الحِسْفِل: الرَّدِيء مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. ابْنُ الأَعرابي: إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ وَمَعَهُ صِبْيَانُهُ قُلْنَا: جَاءَ بحِسْكِله وحِسْفِله وحَمَكه ودَهْدائه. والحَساكِل والحَسافِل: صِغار الصِّبْيَانِ؛ قَالَ النَّضْرُ: أَنشدنا أَبو الذُّؤَيْبِ:
حِسْفِل البَطْن فَمَا يَمْلاه شيْءٌ، ... وَلَوْ أَوْرَدْتَه حَفْرَ الرِّباب
قَالَ: حِسْفِل وَاسِعُ البطن لا يَشْبَع.
حسقل: الحَساقِل: الصِّغار كالحَساكِل؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
حسكل: الحَسْكَل، بِالْفَتْحِ: الرَّديء مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والحِسْكِل، بِالْكَسْرِ: الصِّغار مِنْ وَلَدِ كُلِّ شَيْءٍ، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بالحِسْكِل وَلَدَ النَّعام أَوَّلَ مَا يُولَدُ وَعَلَيْهِ زغَبُهُ، الْوَاحِدَةُ حِسْكِلة؛ قَالَ عَلْقَمَةُ:
تَأْوِي إِلى حِسْكِل زُغْبٍ حَواصِلُها ... كأَنَّهُن، إِذا بَرَّكْن، جُرْثُوم
وَيُقَالُ لِلصِّبْيَانِ حِسْكِل. وتَرَك عِيالًا يَتَامَى حِسْكِلًا أَي صِغاراً. ابْنُ الأَعرابي: إِذا جَاءَ الرَّجُلُ وَمَعَهُ صِبْيَانُهُ قُلْنَا: جَاءَ بحِسْكِله وحِسْقِله. ابْنُ الفَرَج: الحَساكِل والحَساقِل صِغار الصِّبْيَانِ؛ يُقَالُ: مَاتَ فُلَانٌ وخَلَّفَ يَتَامَى حَسَاكِل، واحِدُهم حِسْكِل، وَكَذَلِكَ صِغار كُلِّ شَيْءٍ حَسَاكِل. وحَسَاكِلَة الجُنْد: صِغارُهم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراهم زَادُوا الْهَاءَ لتأْنيث الْجَمَاعَةِ؛ قَالَ:
بفَضْل أَمير الْمُؤْمِنِينَ أَقَرَّهم ... شَباباً، وأَغزاكم حَسَاكِلَة الجُنْد «1»
. الْجَوْهَرِيُّ: الْجَمْعُ حَسَاكِل وحِسْكِلَة؛ وأَنشد الأَصْمعي:
أَنت سَقَيْت الصِّبْية العِياما، ... الدَّرْدَقَ الحِسْكِلَة الهِياما،
خَنَاجِراً تَحْسَبُها خِياما
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرَاجِزٍ:
وبَرَزَتْ حِسْكِلةُ الوُلْدان، ... كأَنَّهم قَطارِبُ الجِنان
حشل: رَجُل حَشْل: رَذْل، وَقَدْ حَشَلَهُ خَفِيفَةً؛ حَكَاهُ يعقوب.
حشبل: حَشْبَلة الرَّجُل: مَتاعُه. والحَشْبَلة: كثرة العِيال؛ عَنِ اللَّيْثِ وَابْنِ شُمَيْلٍ. وإِن فُلَانًا لَذُو حَشْبَلة أَي ذُو عِيال كثير.
حصل: الحاصِل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا بَقِي وثَبَتَ وذَهَب مَا سِوَاهُ، يَكُونُ مِنَ الحِساب والأَعمال وَنَحْوِهَا؛ حَصَلَ الشيءُ يَحْصُلُ حُصُولًا. وَالتَّحْصِيلُ: تَمْيِيزُ مَا يَحْصُل، وَالِاسْمُ الحَصِيلَة؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وكُلُّ امْرِئٍ يَوْمًا سَيُعْلَم سعيُه، ... إِذا حُصِّلَت عِنْدَ الإِله الحَصَائِل
والحَصَائِل: البَقايا، الْوَاحِدَةُ حَصِيلَة. وَقَدْ حَصَّلْتُ الشَّيْءَ تَحْصِيلًا. وحَاصِلُ الشيءِ ومَحْصُولُه: بَقِيَّتُه. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ
؛ أَي بُيِّن؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: مُيِّز، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جُمِع. وتَحَصَّلَ الشيءُ: تَجَمَّع وَثَبَتَ. والمَحْصُول: الْحَاصِلُ، وَهُوَ أَحد الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى مَفْعُولٍ كالمَعْقُول والمَيْسُور والمَعْسور. وتَحْصِيل الْكَلَامِ: رَدُّه إِلى مَحْصُولِهِ. وَمِنْ أَدْواء الخَيْل الحَصَل والقَصَل، فالحَصَل سفُّ الْفَرَسِ الترابَ مِنَ البَقْل فَيَجْتَمِعُ مِنْهُ تُرَابٌ فِي بَطْنِهِ
__________
(1) . روي هذا البيت في مادة حزقل وفيه حزاقلة بدل حَسَاكِلَة(11/153)
فَيَقْتُلُهُ فإِن قَتَلَهُ الحَصَل قِيلَ إِنه لَحَصِلٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَصِلَتِ الدابةُ حَصَلًا أَكلت التُّرَابَ فَبَقِيَ فِي جَوْفِهَا ثَابِتًا، وإِذا وَقَعَ فِي الكَرِش لَمْ يَضُرَّهَا، وإِذا وَقَعَ فِي القِبَة قتَلَها. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والحَصِيل نَبْتٌ. وَقَدْ حَصِلَ الفَرَسُ حَصَلًا إِذا اشْتَكَى بَطْنَهُ مِنْ أَكل تُرَابِ النَّبْت، وَقِيلَ: الحَصَل أَن يَثْبُتَ الحَصَى فِي لاقِطَة الْحَصَى وَهِيَ ذَوَاتُ الأَطباق مِنْ قِطْنة الْبَعِيرِ فَلَا تَخْرُجُ فِي الجِرَّة حِينَ يَجْتَرُّ، فَرُبَّمَا قُتِل إِذا تَوَكَّأْت عَلَى جُرْدانه؛ وَقَالَ الأَزهري: الحَصَل فِي أَولاد الإِبل أَن تأْكل التُّرَابَ وَلَا تَخْرُجَ الجِرَّة وَرُبَّمَا قَتَلَهَا ذَلِكَ. وحَصَّلَ النخلُ: اسْتَدَارَ بَلَحُه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَصَل مَا تَنَاثَرَ مِنْ حَمْل النَّخْلَةِ وَهُوَ أَخضر غَضٌّ مِثْلُ الخَرَز الخُصْر الصِّغار. والحَصَل: البَلَح قَبْلَ أَن يَشْتَدَّ وَتَظْهَرَ تَفَاريقه، وَاحِدَتُهُ حَصَلَة؛ قَالَ:
مُكَمَّمٌ جَبّارُها، والجَعْلُ ... يَنْحَتُّ مِنْهُنَّ السَّدَى، والحَصْلُ
سُكِّنَ لِلضَّرُورَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّلْع إِذا اصفرَّ، وَقَدْ أَحْصَلَ النخلُ، وَقِيلَ: التَّحْصِيل اسْتِدَارَةُ الْبَلَحِ؛ وَقَدْ أَحْصَلَ البَلَحُ إِذا خَرَجَ مِنْ تَفَارِيقِهِ صِغَارًا. وأَحْصَلَ القومُ، فَهُمْ مُحْصِلُون إِذا حَصَّل نَخْلُهم، وَذَلِكَ إِذا اسْتَبَانَ البُسْر وتَدَحْرَج. والحَصَل مِنَ الطَّعَامِ: مَا يُخْرَج مِنْهُ فيُرْمى بِهِ مِنْ دَنْقة وزؤَان وَنَحْوِهِمَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَصَل والحُصالة مَا يَبْقَى مِنَ الشَّعِيرِ وَالْبُرِّ فِي البَيْدَر إِذا نُقِّي وعُزِل رَدِيئُهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الحُصالة مَا يُخْرَج مِنْهُ فيُرْمى بِهِ إِذا كَانَ أَجَلَّ مِنَ التُّرَابِ والدُّقاق قَلِيلًا. ابْنُ الأَعرابي: وَفِي الطَّعَامِ مُرَيْراؤه وحَصَلُه وغَفَاه وفَغَاه وحُثَالته وحُفَالَته بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والحُصَالة، بِالضَّمِّ، مَا يَبْقَى فِي الأَنْدَر مِنَ الحَبّ بعد ما يُرْفَع الحَبُّ وَهُوَ الكُنَاسة. والحَصِيل: ضَرْب مِنَ النَّبَاتِ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ الحِرْمازي؛ قَالَ وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. والحَوْصَل والحَوْصَلة والحَوْصَلَّة والحَوْصَلاء، مَمْدُودٌ، مِنَ الطَّائِرِ والظَّلِيم: بِمَنْزِلَةِ المَعِدة مِنَ الإِنسان وَهِيَ المَصارين لِذِي الظِّلْف والخُفِّ، قَالَ: والقانِصَة مِنَ الطَّيْرِ تُدْعَى الجِرِّيئة، مَهْمُوزٌ عَلَى فِعِّيلة، وَقَدْ حَوْصَل أَي مَلأَ حَوْصَلته. وَيُقَالُ: حَوْصِلي وطِيري. واحْوَنْصَل الطَّائِرُ: ثَنَى عُنُقَهُ وأَخرج حَوْصلته. وحَوْصَلة الإِنسان وكلِّ شَيْءٍ: مُجْتَمَع الثُّفْل أَسفلَ مِنَ السُّرَّة، وَقِيلَ: الحَوْصَلة المُرَيْطاء، وَهُوَ أَسفل الْبَطْنِ إِلى الْعَانَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إِلى الْعَانَةِ. وَنَاقَةٌ ضَخْمة الحَوْصَلة أَي الْبَطْنِ. والمُحَوْصِل والمُحَوْصَل: الَّذِي يَخْرج أَسفله مِنْ قِبَل سُرَّته مِثْلَ بَطْنِ الحُبْلى. والحَوْصَلة: الشَّاةُ الَّتِي عَظُم مِنْ بَطْنِهَا مَا فَوْقَ سُرَّتها؛ وأَنشد:
أَو ذَات أَوْنَينِ لَهَا حَوْصَل
وحَوْصَلة الْحَوْضِ: مُسْتَقَرُّ الْمَاءِ فِي أَقصاه؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وأَصبح الروضُ لَوِيّاً حَوْصَلُه
وحَوْصَلُ الروضِ: قَرارُه وَهُوَ أَبطؤُها هَيْجاً، وَبِهِ سُمِّيَتْ حَوْصَلة الطَّائِرِ لأَنها قَرَارُ مَا يأْكله. ابْنُ الأَعرابي: زَاوِرَةُ القَطَاة مَا تَحْمِل فِيهِ الماءَ لفِراخها وَهِيَ حَوْصَلتها، قَالَ: والغَراغِر الحَوَاصِل. ابْنُ الأَعرابي: الحَاصِل مَا خَلَص مِنَ الفِضَّة مِنْ حِجَارَةِ المَعْدِن، وَيُقَالُ لِلَّذِي يُخَلِّصه مُحَصِّلٌ. الْجَوْهَرِيُّ: والمُحَصِّلة المرأَة الَّتِي تُحصِّل تُرَابَ(11/154)
المَعْدِن؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا رَجُلٌ جَزَاه اللَّهُ خَيْرًا، ... يَدُلُّ عَلَى مُحَصِّلَة تُبِيتُ
قَالَ الأَزهري: أَي تُبِيتُني عِنْدَهَا لأُجامِعَها؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَي تَبيتُ تَفْعَلُ كَذَا، وَالْبَيْتُ مُضَمَّن؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَجُلٌ فَاعِلٌ بإِضمار فِعْلٍ يُفَسِّرُهُ يَدُلُّ تَقْدِيرُهُ هَلّا يَدُلُّ رَجُلٌ عَلَى مُحَصِّلة، وأَنشده سِيبَوَيْهِ: أَلا رَجُلًا، بِالنَّصْبِ، وَقَالَ: تَقْدِيرُهُ أَلا تُرُوني رَجُلًا، وَقِيلَ: بِمَعْنَى هَاتِ لِي رَجُلًا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيُرْوَى أَلا رجلٍ، بِمَعْنَى أَما من رَجُلٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ المُحَصِّلة الَّتِي تُمَيِّز الذَّهَبَ مِنَ الْفِضَّةِ؛ وَبَعْدَ الْبَيْتِ:
تُرَجِّل جُمَّتي وتَقُمُّ بَيْتي، ... وأُعْطِيها الإِتاوَة، إِنْ رَضِيتُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
بذَهَب «1» لَمْ تُحَصَّل مِنْ تُرَابِهَا
أَي لَمْ تُخَلَّص، وَالذَّهَبُ يُذَكَّر ويؤَنث. وحَصَّلْت الأَمر: حَقَّقْتُه وأَبَنْته. وحَوْصَلاءُ والحَوْصَلاء: موضع.
حضل: حَضِلَت النخلةُ حَضَلًا: فَسَدَتْ أُصُولُ سَعَفِها، وصلاحُها أَن تُشْعَل النَّارُ فِي كَرَبها حَتَّى يَحْتَرِقَ مَا فَسَدَ مِنْ لِيفِها وسَعَفِها ثُمَّ تَجُود بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ حَضِلَتْ وحَظِلَت، بِالضَّادِ وَالظَّاءِ، وَاللَّهُ أَعلم.
حطل: الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الحِطْل الذِّئْب، وَالْجَمْعُ أَحْطال.
حظل: الحَظْل: المَنْع مِنَ التَّصَرُّفِ والحركةِ، حَظَل يَحْظِل ويَحْظُل حَظْلًا وحِظْلاناً وحَظَلاناً؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِمَنْظُورٍ الدُّبَيري:
تُعَيِّرُني الحِظْلانَ أُمُّ مُغَلِّس ... فَقُلْتُ لَهَا: لَمْ تَقْذِفِينِي بِدَائياً
فإِني رأَيت الباخِلينَ مَتَاعُهُمْ ... يُذَمُّ ويَفْنى، فارْضَخي مِنْ وِعائياً
فَلَنْ تَجِدِيني فِي الْمَعِيشَةِ عَاجِزًا، ... وَلَا حِصْرِماً خِبًّا شَدِيدًا وِكائياً
وَيُرْوَى:
تُعَيِّرُني الحِظْلانَ أُمُّ مُحَلِّم
والحَظْل: غَيْرة الرَّجُلِ عَلَى المرأَة ومَنْعُه إِياها مِنَ التَّصَرُّفِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ البَخْتَري الجَعْدي يَصِفُ رَجُلًا بشدَّة الغَيْرة والطَّبانة لِكُلِّ مَنْ يَنْظُرُ إِلى حَلِيلته:
فَمَا يُخْطِئْك لَا يُخْطِئْك مِنْهُ ... طَبَانِيةٌ، فَيَحْظُل أَو يَغَار
وحَظَل عَلَيْهِ حِظْلاناً: حَجَر. شَمِرٌ: حَظَلْتُ عَلَى الرَّجُلِ وحَظَرْت وعَجَرْت وعَجَزْت وحَجَرْت بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُهُ وأَنشد بَيْتَ البَخْتري الجَعْدي؛ وأَنشده الْجَوْهَرِيُّ:
فَمَا يُعْدِمْكَ لَا يُعْدِمْكَ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ فَمَا يُعْدِمْكِ لَا يُعْدِمْكِ، بِكَسْرِ الْكَافِ، لأَنه يُخَاطِبُ مؤَنثاً، وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ: فَمَا يُخْطِئْك لَا يُخْطِئْك، كَمَا أَوْردناه أَولًا؛ وَقَبْلَهُ:
أَلا يَا لَيْل، إِنْ خُيِّرْتِ فِينَا ... بِنَفْسِي، فانْظُري أَيْنَ الخِيار
وَلَا تَسْتَبْدِلي مِنِّي دَنِيئاً ... وَلَا بَرَماً، إِذا خَبَّ القُتَار
__________
(1) . قوله [بذهب] هكذا في الأصل، والذي في نسخة النهاية التي بأَيدينا: بذهبة بالهاء(11/155)
فَمَا يُخْطِئْكِ لَا يُخْطِئْكِ منه ... طَبَانِيَةٌ، فَيَحْظِل [فَيَحْظُل] أَو يَغار
وَيُرْوَى:
بعَيْشِكِ فانْظُري أَين الخِيَار
والطَّبَانة والطَّبَانِيَة: أَن يَنْظُر الرَّجُلُ إِلى حَلِيلته، فإِما أَن يَحْظِل [يَحْظُل] أَي يَكُفَّها عَنِ الظُّهُورِ، وإِما أَن يَغْضَبَ ويَغار. ويَحْظِل [يَحْظُل] : يُضَيِّق ويَحْجُر. والحَظِل: المُقَتِّر، وأَنشد: يَحْظُل أَو يَغارا؛ قَالَ الأَزهري: وأَما الْبَيْتُ الَّذِي احتجَّ بِهِ فِي المُقَتِّر فَيَحْظُلَ أَو يَغَارا، فإِن الرُّوَاةَ رَوَوْه مَرْفُوعًا فَيَحْظُلُ أَو يَغارُ، وَرَفْعُهُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. وَرَجُلٌ حَظُول: مُضَيِّق عَلَى أَهله. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ: حَظِلٌ وحَظَّال للمُقَتِّر الَّذِي يُحَاسِبُ أَهله بِمَا يُنْفِق عَلَيْهِمْ، وَالِاسْمُ الحِظْلان، بِكَسْرِ الْحَاءِ، والحَظَلان، بِالتَّحْرِيكِ: مَشْيُ الغَضْبان، وَقَدْ حَظَلَ؛ قَالَ:
فَظَلَّ كأَنَّه شاةٌ رَمِيٌّ، ... خَفيفَ المَشْيِ، يَحْظُل مُسْتَكِينا
أَي يَكُفُّ بَعْضَ مِشْيَتِه وَيَمْشِي غَضْبان. وحَظَلَ يَحْظُلُ: مَشَى فِي شِقّ مِنْ شَكَاةٍ وَهُوَ الحَاظِل. يُقَالُ: مَرَّ بَنَا فُلَانٌ يَحْظُلُ ظَالِعًا. وَقَدْ حَظَلَ المَشْي يَحْظُلُ حَظَلاناً إِذا كَفَّ بَعْضَ مَشْيِهِ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ للمَرّار العَدَويّ:
وحَشَوْت الغَيْظَ فِي أَضْلاعه، ... فَهْوَ يَمْشي حَظَلاناً كالنَّقِر
قَالَ: والكَبْشُ النَّقِر الَّذِي قَدِ الْتَوَى عِرْق فِي عُرْقوبَيْه فَهُوَ يَكُفُّ بَعْضَ مَشْيِهِ، قَالَ: وَهُوَ الحَظَلان. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: حَظِلَت النَّقِرةُ مِنَ الشَّاءِ تَحْظَلُ حَظَلًا أَي كَفَّت بَعْضَ مِشْيَتها. والحَظَلان: عَرَج الرِّجْل. وحَظِلت الشاةُ حَظَلًا، وَهِيَ حظُول: ظَلَعَتْ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهَا لِوَرَم فِي ضَرْعها. وحَظِلَت النخلةُ وحَضِلَت، بِالضَّادِ وَالظَّاءِ: فَسَدَت أُصول سَعَفِها، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي حَضِلَ. وحَظِل البعيرُ، بِالْكَسْرِ، إِذا أَكثر مِنْ أَكل الحَنْظَل، يُذْكَرُ فِي تَرْجَمَةِ حَنْظَلٍ، إِن شاء الله.
حعل: ابْنُ بَرِّيٍّ: حَيْعَل الرجلُ إِذا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا رُبَّ طَيْفٍ منكِ باتَ مُعانِقي، ... إِلى أَن دَعَا دَاعِي الصَّبَاح فحَيْعَلا
قَالَ: وَقَالَ آخَرُ:
أَقول لَهَا، ودَمْعُ العَينِ جارٍ: ... أَلم تَحْزُنْكِ حَيْعَلةُ المُنَادي؟
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ بَرِّيٍّ هُنَا قَالَ: وأَهمل الْجَوْهَرِيُّ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ وعَجِبْتُ مِنْهُ فإِنه لَمْ يَكْفِه أَن تَرْجَم عَلَيْهَا هُنَا حَتَّى قَالَ أَهملها الْجَوْهَرِيُّ، وَالْجَوْهَرِيُّ لَمْ يُهْمِلها لَكِنَّهُ ذَكَرَهَا فِي حِرَفِ اللَّامِ هِيَ وحَيَّهَلًا، وَاسْتَشْهَدَ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ أَيضاً عَلَيْهَا وَلَمْ يُفْرِد لَهَا تَرْجَمَةً بِذِكْرِهَا، وَلَوْ أَفرد لَهَا تَرْجَمَةً لَزِمَهُ أَن يُتَرْجِمَ عَلَى بَسْمَل وحَمْدَل وحَوْقَل وسَبْحَل وما أَشبه ذلك.
حفل: الحَفْل: اجْتِمَاعُ الْمَاءِ فِي مَحْفِلِه، تَقُولُ: حَفَلَ الماءُ يَحْفِلُ حَفْلًا وحُفُولًا وحَفِيلًا، وحَفَلَ الْوَادِي بالسَّيْل واحْتَفَلَ: جَاءَ بِملءِ جَنْبَيْه؛ وَقَوْلُ صخْر الغَيِّ:
أَنا المثَلَّم أَقْصِرْ قَبْلَ فاقِرَة، ... إِذا تُصِيبُ سَوَاءَ الأَنف تَحْتَفِلُ(11/156)
مَعْنَاهُ تأْخذ مُعْظَمَه. ومَحْفِل الْمَاءِ: مُجْتَمَعُه. وَفِي الْحَدِيثِ
فِي صِفَةِ عُمَرَ: وَدَفَقَتْ فِي مَحَافِلِها
؛ جَمْعُ مَحْفِل أَو مُحْتَفَل حَيْثُ يَحْتَفِلُ الْمَاءُ أَي يَجْتَمِعُ. وحَفَلَ اللَّبنُ فِي الضَّرْع يَحْفِلُ حَفْلًا وحُفُولًا وتَحَفَّلَ واحْتَفَلَ: اجْتَمَعَ؛ وحَفَلَه هُوَ وحَفَّلَه. وضَرْع حَافِل أَي مُمْتَلِئٌ لَبَنًا. وشُعْبة حَافِل ووَادٍ حَافِل إِذا كَثُر سَيْلُهما، وَالْجَمْعُ حُفَّل. وَيُقَالُ: احْتَفَلَ الْوَادِي بِالسَّيْلِ أَي امتلأَ. والتَّحْفِيل: مِثْلُ التَّصْرِية وَهُوَ أَن لَا تُحْلَب الشَّاةُ أَياماً لِيَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعها لِلْبَيْعِ،
وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ التَّصْرِيَةِ والتَّحْفِيل.
وَنَاقَةٌ حَافِلَة وحَفُول وَشَاةٌ حَافِل وَقَدْ حَفَلَتْ حُفُولًا وحَفْلًا إِذا احْتَفَلَ لَبَنُها فِي ضَرْعها، وهُنَّ حُفَّل وحَوَافِل. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَة «1» فَلَمْ يَرْضَها رَدَّها ورَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْر
؛ قَالَ: المُحَفَّلَة النَّاقَةُ أَو الْبَقَرَةُ أَو الشَّاةُ لَا يحْلُبها صَاحِبُهَا أَياماً حَتَّى يَجْتَمِعَ لَبَنُهَا فِي ضَرْعها، فإِذا احْتَلَبَهَا الْمُشْتَرِي وَجَدها غَزِيرة فَزَادَ فِي ثَمَنِهَا، فإِذا حَلَبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدَهَا نَاقِصَةَ اللَّبَنِ عَمَّا حَلَبَهُ أَيام تَحْفِيلها، فَجَعَلَ سَيِّدُنَا رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَدَل لَبَنِ التَّحْفِيل صَاعًا مِنْ تَمْرٍ؛ قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وأَهل السنَّة الَّذِينَ يَقُولُونَ بِسُنَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والمُحَفَّلَة والمُصَرَّاة وَاحِدَةٌ، وَسُمِّيَتْ مُحَفَّلَة لأَن اللَّبَنَ حُفِّلَ فِي ضَرْعها أَي جُمع. والتَّحْفِيل مِثْلُ التَّصْرِيَةِ: وَهُوَ أَن لَا تُحْلَبَ الشَّاةُ أَياماً لِيَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا لِلْبَيْعِ، وَالشَّاةُ مُحَفَّلَة ومُصَرَّاة؛ وأَنشد الأَزهري للقطَامي يَذْكُرُ إِبلًا اشتدَّ عَلَيْهَا حَفْلُ اللَّبَنِ فِي ضُرُوعِهَا حَتَّى آذَاهَا:
ذَوَارِف عَيْنَيها مِنَ الحَفْل بالضُّحَى، ... سُجُومٌ كَنَضَّاح الشِّنَانِ المُشَرَّب
وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: الحُفَال الجَمْع الْعَظِيمُ. والحُفَال: اللَّبَنُ المجتمِع. وَهَذَا ضَرْع حَفِيل أَي مَمْلُوءٌ لَبَنًا؛ قَالَ رَبِيعَةُ بْنُ هَمّام بْنِ عَامِرٍ الْبَكْرِيُّ:
أَآخُذُ بالعُلا نَابًا ضَرُوساً ... مُدَمَّمة، لَهَا ضَرْع حَفِيل؟
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لِلَّهِ أُمٌّ حَفَلَتْ لَهُ ودَرَّتْ عَلَيْهِ
أَي جَمَعت اللَّبَنَ لَهُ فِي ثَدْيِهَا. وَفِي حَدِيثِ
حَلِيمَةَ: فإِذا هِيَ حَافِل
أَي كَثِيرَةُ اللَّبَنِ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَشُعَيْبٍ: فَاسْتَنْكَرَ أَبوهما سُرْعَةَ مَجِيئِهِمَا بِغَنَمِهِمَا حُفَّلًا بِطاناً
، جَمْعُ حَافِل أَي مُمْتَلِئَةَ الضُّرُوعِ. وحَفَلَتِ السماءُ حَفْلًا: جَدَّ وَقْعُها واشتدَّ مطرُها، وَقِيلَ: حَفَلَت السماءُ إِذا جَدَّ وَقْعُها، يَعْنُون بِالسَّمَاءِ حِينَئِذٍ الْمَطَرَ لأَن السَّمَاءَ لَا تَقَع. وحَفَل الدمعُ: كثُر؛ قَالَ كثيِّر:
إِذا قُلْتُ أَسْلُو، غارَتِ العينُ بالبُكا ... غِرَاءً، ومَدَّتْها مَدامعُ حُفَّلُ
وحَفَلَ القومُ يَحْفِلُونَ حَفْلًا واحْتَفَلوا: اجْتَمَعُوا واحْتَشَدوا. وَعِنْدَهُ حَفْل مِنَ النَّاسِ أَي جَمْع، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ. والحَفْل: الجَمْع. والمَحْفِل: المَجْلِس والمُجْتَمَع فِي غَيْرِ مَجْلِسٍ أَيضاً. ومَحْفِلُ الْقَوْمِ ومُحْتَفَلُهم: مُجْتَمَعُهم. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ المَحْفِل، وَهُوَ مُجْتَمَع النَّاسِ وَيُجْمَعُ عَلَى المَحَافِل. وتَحَفَّل المجلسُ: كَثُرَ أَهلهُ. ودَعاهم الحَفَلى والأَحْفَلَى أَي بِجَمَاعَتِهِمْ، وَالْجِيمُ أَكثر. وجَمْعٌ حَفْلٌ وحَفِيلٌ: كثير. وجاؤوا بحَفِيلَتِهم وحَفْلَتهم أَي بأَجمعهم. قَالَ أَبو تُرَابٍ: قَالَ بَعْضُ بني سليم
__________
(1) . قوله [مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَة] كذا في الأصل، والذي في نسخة النهاية التي بأيدينا: من اشترى مُحَفَّلَة، بدون لفظ شاة(11/157)
فُلَانٌ مُحَافِظٌ عَلَى حَسَبه ومُحَافِل عَلَيْهِ إِذا صَانَهُ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
يَا وَرْسُ ذاتَ الجِدِّ والحَفِيل، ... مَا بَرِحَتْ وَرْسَةُ أَو نَشِيل
وَرْسَةُ: اسمُ عَنْزٍ كَانَتْ غَزِيرة. يُقَالُ: ذُو حَفِيل فِي أَمره أَي ذُو اجْتِهَادٍ. والحَفِيل: الْوُضُوءُ؛ عَنْ كُرَاعٍ «2» ، وَقَالَ: هُوَ مِنَ الْجَمْعِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ. والحَفِيل والاحْتِفَال: الْمُبَالَغَةُ. وَرَجُلُ ذُو حَفْل وحَفْلة: مُبالغ فِيمَا أَخذ فِيهِ مِنْ الأُمور. وكانَ حَفِيلَةُ مَا أَعطى دِرْهَماً أَي مَبْلَغُ مَا أَعطى. الأَزهري: ومُحْتَفَل الأَمر مُعْظَمُه. ومُحْتَفَل [مُحْتَفِل] لَحْمِ الفَخِذ وَالسَّاقِ: أَكثرُه لَحْمًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ سَيْفًا:
أَبْيضُ كالرَّجْع، رَسُوبٌ إِذا ... مَا ثاخَ فِي مُحْتَفِل يَخْتَلي
قَالَ: وَيَجُوزُ فِي مُحْتَفَل. أَبو عُبَيْدَةَ: الاحْتِفَالُ مِنْ عَدْوِ الْخَيْلِ أَن يَرَى الفارسُ أَن فَرَسَهُ قَدْ بَلَغَ أَقصى حُضْره وَفِيهِ بقِيَّة. يُقَالُ: فَرَس مُحْتَفِل. والحُفَال: بَقِيَّةُ التَّفَارِيقِ والأَقماع مِنَ الزَّبِيبِ والحَشَف. وحُفَالةُ الطَّعَامِ: مَا يُخْرَج مِنْهُ فيُرْمى بِهِ. والحُفَالة والحُثالة: الرديءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والحُفَالَة أَيضاً: بَقِيَّة الأَقماع والقُشور فِي التَّمْرِ والحَبِّ، وَقِيلَ: الحُفَالَة قُشَارة التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَمَا أَشبهها. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ مَا يُلْقَى مِنْهُ إِذا كَانَ أَجَلَّ مِنَ التُّرَابِ والدُّقاق. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَتَبْقَى حُفَالَة كحُفَالَة التَّمْرِ
أَي رُذالة مِنَ النَّاسِ كرَدِيء التَّمْرِ ونُفَايَتِه، وَهُوَ مِثْل الحُثَالة، بِالثَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والحُفَالة: مِثْل الحُثالة؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ مِنَ حُفَالتهم وحُثَالتهم أَي مِمَّنْ لَا خَيْرَ فِيهِ مِنْهُمْ، قَالَ: وَهُوَ الرَّذْل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَرَجُلٌ ذُو حَفْلة إِذا كَانَ مبالِغاً فِيمَا أَخَذ فِيهِ؛ وأَخَذَ للأَمر حَفْلَته إِذا جَدَّ فِيهِ. والحُفَالة: مَا رَقَّ مِنْ عَكَر الدُّهن وَالطِّيبِ. وحُفَالَة اللَّبَنِ: رَغْوَته كجُفَالته؛ حَكَاهُمَا يَعْقُوبُ. وحَفَلَ الشيءَ يَحْفِلُه حَفْلًا: جَلاه؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازم يَصِفُ جَارِيَةً:
رأَى دُرَّةً بيضاءَ يَحْفِلُ لَوْنَها ... سُخَامٌ، كغِرْبان البَرِير، مُقَصَّبُ
يَحْفِلُ لَوْنَها: يَجْلُوه؛ يُرِيدُ أَن شَعَرَها يَشُبُّ بَيَاضَ لَوْنِها فيَزِيده بَيَاضًا بشدَّة سَوَادِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَراد بالسُّخَام شَعَرَها. وَكُلُّ لَيِّنٍ مِنْ شَعْرٍ أَو صُوف فَهُوَ سُخَام؛ والمُقَصَّبُ: الجَعْد. والتَّحَفُّل: التزيُّنُ. والتَّحْفِيل: التَّزْيِينُ؛ قَالَ: وجاءَ فِي حَدِيثِ رُقْيَة النَّمْلة:
العَرُوس تَقْتَال وتَحْتَفِل، وكُلَّ شيءٍ تَفْتَعِل، غَيْرَ أَنَّها لَا تَعْصِي الرَّجُل
؛ مَعْنَى تَقْتَال تَحْتَكم عَلَى زَوْجِهَا، وتَحْتَفِل تَتَزَيَّنُ وَتَحْتَشِدُ لِلزِّينَةِ. وَيُقَالُ للمرأَة: تَحَفَّلي لِزَوْجِكِ أَي تَزَيَّني لتَحْظَيْ عِنْدَهُ. وحَفَّلْت الشيءَ أَي جَلوته فَتَحَفَّلَ واحْتَفَلَ. وَطَرِيقٌ مُحْتَفِل أَي ظَاهِرٌ مُسْتَبِين، وَقَدِ احْتَفَل أَي اسْتَبَانَ، واحْتَفَلَ الطريقُ: وَضَح؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ طَرِيقًا:
تَرْزُم الشارِفُ مِنْ عِرْفانِه، ... كُلَّما لَاحَ بنَجْدٍ واحْتَفَلَ
__________
(2) . قوله [والحَفِيل الْوُضُوءُ عَنْ كُرَاعٍ] هكذا في الأَصل، وعبارة القاموس وشرحه: والاحْتِفَال الوضوح، عن كراع(11/158)
وَقَالَ الرَّاعِي يَصِفُ طَرِيقًا:
فِي لاحِبٍ برِقاق الأَرض مُحْتَفِل؛ ... هادٍ إِذا غَرَّه الحُدْبُ الحَدَابِيرُ
أَراد بالحُدْب الحَدَابير صَلَابَةَ الأَرض، أَي هَذَا الطَّرِيقُ وَاضِحٌ مُسْتَبِينٌ فِي الصَّلابة أَيضاً. وَمَا حَفَلَه وَمَا حَفَلَ بِهِ يَحْفِلُ حَفْلًا وَمَا احْتَفَلَ بِهِ أَي مَا بَالَى. والحَفْل: المُبَالاة. يُقَالُ: مَا أَحْفِلُ بِفُلَانٍ أَي مَا أُبالي بِهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَمَتى أَهْلِك فَلَا أَحْفِلُه، ... بَجَلي الآنَ مِنَ العَيْش بَجَل
وحَفَلْت كَذَا وَكَذَا أَي بَالَيْتُ بِهِ. يُقَالُ: لَا يَحْفِل بِهِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَهْذِي بظَبْيَةَ، لَوْ تُساعِفُ دَارُها، ... كَلَفاً وأَحْفِل صُرْمَها وأُبالي
وَقَوْلُ مُلَيح:
وإِني لأَقْرِي الهَمَّ، حِينَ يَنُوبُني، ... بُعَيْدَ الكَرَى مِنْهُ ضَرِيرٌ مُحَافِل
أَراد مُكاثِر مُطَاوِل. والحِفْوَل: شَجَرٌ مِثْلُ شَجَرِ الرُّمَّانِ فِي القَدْر، وَلَهُ وَرَقٌ مُدَوَّر مُفَلْطَح رَقِيقٌ كأَنها فِي تَحَبُّب ظَاهِرُهَا تُوثَة، وَلَيْسَتْ لَهَا رُطُوبَتُهَا، تَكُونُ بِقَدْرِ الإِجَّاصة، وَالنَّاسُ يأْكلونه وَفِيهِ مَرَارَةٌ وَلَهُ عَجَمَة غَيْرُ شَدِيدَةٍ تُسَمَّى الحَفَص؛ كُلُّ هَذَا عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. الأَزهري: سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ: الحَوْفَلَة القَنْفاء. ابْنُ الأَعرابي: حَوْفَل الشيءُ إِذا انْتَفَخَتْ حَوْفَلته. وَفِي تَرْجَمَةِ حَقْلٍ: الحَوْقَلة، بِالْقَافِ، الغُرْمُول اللَّيِّن؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ غَلِطَ فِيهِ اللَّيْثُ فِي لَفْظِهِ وَتَفْسِيرِهِ، وَالصَّوَابُ الحَوْفَلة، بِالْفَاءِ، وَهِيَ الكَمَرَة الضَّخْمة مأْخوذة مِنَ الحَفْل وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَالِامْتِلَاءُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: قَالَ ابْنُ الأَعرابي والحَوْقَلة، بِالْقَافِ، بِهَذَا الْمَعْنَى خطأٌ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَوْقَلة الغُرْمُول اللَّيِّن، وَفِي المتأَخرين مَنْ يَقُولُهُ بِالْفَاءِ، وَيَزْعُمُ أَنه الكَمَرَة الضَّخْمَةُ، وَيَجْعَلُهُ مأْخوذاً مِنَ الحَفْل، قَالَ: وَمَا أَظنه مَسْمُوعًا. وحَفَائِل وحَفَايِل وحُفَائِل: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تَأَبَّط نَعْلَيْه وشقَّ بَرِيرَة، ... وَقَالَ: أَلَيْسَ النَّاسُ دُونَ حَفَائِل؟ «1»
. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: مِنْ ضَمَّ الْحَاءَ هَمَزَ الْيَاءَ البَتَّة كَبَرَائِلَ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعَايل غَيْرُ مَهْمُوزِ الْيَاءِ، وَمَنْ فَتَحَ الْيَاءَ احْتَمَلَ الْهَمْزَةَ وَالْيَاءَ جَمِيعًا، أَما الْهَمْزُ فَكَقَوْلِكَ سَفَائن ورَسَائل، وأَما الْيَاءُ فَكَقَوْلِكَ فِي جَمْعِ غِرْيَن وحِثْيَل غَرَايِن وحَثَايِل؛ وَقَوْلُهُ:
أَلا لَيت جَيْشَ العِير لاقَوْا كَتيبةً، ... ثَلَاثِينَ مِنَّا شِرْعَ ذَاتِ الحَفَائِل
فإِنه زَادَ اللَّامَ عَلَى حَدِّ زِيَادَتِهَا فِي قَوْلِهِ:
وَلَقَدْ نَهَيْتك عَنْ بَنَاتِ الأَوبَر
والحَفَيْلَل: شَجَرٌ، مَثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرافي.
حفأل: ابْنُ سِيدَهْ: حُفَائِل مَوْضِعٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي حَفَلَ لأَن هَمْزَتَهُ تَحْتَمِلُ أَن تَكُونَ زَائِدَةً وأَصلًا، فَمِثَالُ مَا هِيَ فِيهِ زَائِدَةٌ حُطائط وجُرَائض، وَمِثَالُ مَا هِيَ فِيهِ أَصل عَتَائِلُ وبُرَائل، قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَفَلَ.
__________
(1) . قوله [بريرة] هكذا في الأَصل بالباء، والذي في معجم ياقوت: مريرة بالميم(11/159)
حقل: الحَقْل: قَرَاح طَيّب، وَقِيلَ: قَرَاح طَيِّبٌ يُزْرَع فِيهِ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ فِيهِ الحَقْلَة. أَبو عَمْرٍو: الحَقْل الْمَوْضِعُ الجادِس وَهُوَ الْمَوْضِعُ البِكْرُ الَّذِي لَمْ يُزْرَع فِيهِ قَطُّ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الحَقْل القَرَاح مِنَ الأَرض. وَمِنْ أَمثالهم: لَا يُنْبِت البَقْلة إِلا الحَقْلة، وَلَيْسَتِ الحَقْلة بِمَعْرُوفَةٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراهم أَنَّثُوا الحَقْلَة فِي هَذَا الْمَثَلِ لتأْنيث البَقْلة أَو عَنَوا بِهَا الطَّائِفَةَ مِنْهُ، وَهُوَ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلْكَلِمَةِ الْخَسِيسَةِ تَخْرُجُ مِنَ الرَّجُلِ الْخَسِيسِ. والحَقْل: الزَّرْعُ إِذا اسْتَجْمَع خروجُ نَبَاتِهِ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا ظَهَرَ وَرَقُهُ واخْضَرَّ؛ وَقِيلَ: هُوَ إِذا كَثُرَ وَرَقُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّرْعُ مَا دَامَ أَخضر، وَقَدْ أَحْقَل الزرعُ، وَقِيلَ: الحَقْل الزَّرع إِذا تَشَعَّب ورقُه مِنْ قَبْلِ أَن تَغْلُظ سُوقُهُ، وَيُقَالُ مِنْهَا كُلِّها: أَحْقَل الزرعُ وأَحْقَلَت الأَرضُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الأَخطل:
يَخْطُر بالمِنْجَل وَسْطَ الحَقْلِ، ... يَوْم الحَصَاد، خَطَرَانَ الفَحْلِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا تَصْنَعُونَ بمَحَاقِلِكم
أَي مَزَارعكم، وَاحِدَتُهَا مَحْقَلة مِنَ الحَقْل الزرعِ، كالمَبْقَلة مِنَ البَقْل. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
كَانَتْ فِينَا امرأَة تَحْقِل عَلَى أَرْبعاءَ لَهَا سِلْقاً
، وَقَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَصَوَّبَهُ أَي تَزْرع، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ
تَزْرَع وتَحْقِل
؛ وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَة الحَقْل المَزْرَعة الَّتِي يُزْرَع فِيهَا البُرُّ؛ وأَنشد:
لَمُنْداحٌ مِنَ الدَّهْنَا خَصِيبٌ، ... لِتَنْفَاح الجَنوبِ بِهِ نَسيم
أَحَبُّ إِليَّ مِنْ قُرْيان حِسْمَى، ... وَمِنْ حَقْلَيْن بَيْنَهُمَا تُخُوم
وَقَالَ شَمِرٌ: الحَقْلُ الرَّوْضَةُ، وَقَالُوا: مَوْضِعُ الزرْع. والحَاقِلُ: الأَكَّار. والمَحَاقِل: المَزَارع. والمُحَاقَلة: بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَقِيلَ: بَيْعُ الزَّرْعِ فِي سُنْبُله بالحِنْطة، وَقِيلَ: الْمُزَارَعَةَ عَلَى نَصِيبٍ مَعْلُومٍ بِالثُّلْثِ وَالرُّبْعِ أَو أَقل مِنْ ذَلِكَ أَو أَكثر وَهُوَ مِثْلُ المُخابَرة، وَقِيلَ: المُحَاقَلَة اكْتِرَاءُ الأَرض بالحِنْطة وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الزَّرّاعون المُجارَبة؛ وَنَهَى
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ المُحَاقَلَة
وَهُوَ بَيْعُ الزَّرْعِ فِي سُنْبُلِهِ بالبُرّ مأْخوذ مِنَ الْحَقْلِ القَراحِ. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ مَا المُحَاقَلَة؟ قَالَ: المُحَاقَلَة بَيْعُ الزَّرْعِ بالقَمْح
؛ قَالَ الأَزهري: فإِن كَانَ مأْخوذاً مِنْ إِحْقَال الزَّرْعِ إِذا تَشَعَّب فَهُوَ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ صَلَاحِهِ، وَهُوَ غَرَر، وإِن كَانَ مأْخوذاً مِنَ الحَقْل وَهُوَ القَرَاح وَبَاعَ زَرْعًا فِي سُنْبُلِهِ نَابِتًا فِي قَراح بالبُرّ، فَهُوَ بَيْعُ بُرٍّ مَجْهُولٍ بِبُرٍّ مَعْلُومٍ، وَيَدْخُلُهُ الرِّبَا لأَنه لَا يُؤْمَنُ التَّفَاضُلُ، وَيَدْخُلُهُ الغَرَر لأَنه مُغَيَّب فِي أَكمامه. وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: الحَقْل بالحَقْل أَن يَبِيعَ زَرْعًا فِي قَرَاح بِزَرْعٍ فِي قَراح؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما نَهَى عَنِ المُحَاقَلة لأَنهما مِنَ المَكِيل وَلَا يَجُوزُ فِيهِ إِذا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ إِلا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَيَدًا بِيَدٍ، وَهَذَا مَجْهُولٌ لَا يُدْرَى أَيهما أَكثر، وَفِيهِ النَّسِيئَةُ. والمُحَاقَلَة، مُفَاعلة مِنَ الحَقْل: وَهُوَ الزَّرْعُ الَّذِي يَزْرَعُ إِذا تَشَعَّب قَبْلَ أَن تَغْلُظ سُوقُه، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الحَقْل وَهِيَ الأَرض الَّتِي تُزْرَع، وَتُسَمِّيهِ أَهل الْعِرَاقِ القَرَاح. والحَقْلَة والحِقْلَة؛ الْكَسْرُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: مَا يَبْقَى مِنَ الْمَاءِ الصَّافِي فِي الْحَوْضِ وَلَا تُرَى أَرضه مِنْ وَرَائِهِ. والحَقْلَة: مِنْ أَدواء الإِبل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري أَيّ دَاءٍ هُوَ، وَقَدْ حَقِلَت تَحْقَل حَقْلَة(11/160)
وحَقَلًا؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَمْدَحُ بِلَالًا وَنَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ لِلْعَجَّاجِ:
يَبْرُق بَرْق العارِضِ النَّغَّاص ... ذَاكَ، وتَشْفي حَقْلة الأَمْراض
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
فِي بَطْنِهِ أَحْقَاله وبَشَمُه
وَهُوَ أَن يَشْرَبَ الْمَاءَ مَعَ التُّرَابِ فيَبْشمَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ أَكلِ التُّرَابَ مَعَ البَقْل، وَقَدْ حَقِلَت الإِبِلُ حَقْلة مِثْلُ رَحِمَ رَحْمة، وَالْجَمْعُ أَحْقَال. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ الحَقْلة والحُقَال، قَالَ: وَدَوَاؤُهُ أَن يُوضَعَ عَلَى الدَّابَّةِ عِدَّةُ أَكسية حَتَّى تَعْرَق، وحَقِلَ الفرسُ حَقَلًا: أَصابه وَجَع فِي بَطْنِهِ مِنْ أَكل التُّرَابِ وَهِيَ الحَقْلة. والحِقْل: دَاءٌ يَكُونُ فِي الْبَطْنِ. والحِقْل والحُقَال والحَقِيلَة: مَاءُ الرُّطْب فِي الأَمعاء، وَالْجَمْعُ حَقَائِل؛ قَالَ:
إِذا العَرُوض اضْطَمَّت الحَقَائِلا
وَرُبَّمَا صَيَّرَهُ الشَّاعِرُ حَقْلًا؛ قَالَ الأَزهري: أَراد بالرُّطْب الْبُقُولَ الرَّطْبة مِنَ العُشْب الأَخضر قَبْلَ هَيْج الأَرض، ويَجْزَأُ المالُ حِينَئِذٍ بالرُّطْب عَنِ الْمَاءِ، وَذَلِكَ الْمَاءُ الَّذِي تَجْزَأُ بِهِ النَّعَم مِنَ البُقول يُقَالُ لَهُ الحَقْل والحَقِيلة، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الحَقْل مِنَ الزَّرْعِ مَا كَانَ رَطْباً غَضًّا. والحَقِيلَة: حُشافة التَّمْر وَمَا بَقِيَ مِنْ نُفاياته؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف هَذَا الْحَرْفَ وَهُوَ مُريب. والحَقِيل: نبْتٌ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ وَقَالَ: لَا أَعرف صِحَّتَهُ. وحَقِيل: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
لَهَا بحَقِيلٍ فالنُّمَيْرةِ مَنْزِلٌ، ... تَرَى الوَحْشَ عُوذاتٍ بِهِ ومَتالِيا
وحَقْل: وَادٍ بِالْحِجَازِ. والحَقْل، بالأَلف وَاللَّامِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري أَين هُوَ. والحَوْقَلَة: سُرْعَةُ المَشْي ومقارَبةُ الخَطْو، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الإِعْياء وَالضَّعْفُ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: حَوْقَلَ حَوْقَلَة وحِيقالًا إِذا كَبِر وفَتَر عَنِ الْجِمَاعِ. وحَوْقَل الرجلُ إِذا مَشَى فأَعْيا وضَعُف. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: رَجُل حَوْقَل مُعْيٍ، وحَوْقَل إِذا أَعْيا؛ وأَنشد:
مُحَوْقِلٌ وَمَا بِهِ مَنْ بَاسِ ... إِلَّا بَقايا غَيْطَل النُّعَاس
وَفِي النَّوَادِرِ: أَحْقَل الرجلُ فِي الرُّكُوبِ إِذا لزِم ظَهْرَ الرَّاحِلَةِ. وحَوْقَل الرجلُ: أَدْبَر، وحَوْقَل: نَامَ، وحَوْقَل الرجلُ: عَجَز عَنِ امرأَته عِنْدَ العُرْس. والحَوْقَل: الشَّيْخُ إِذا فَتَر عَنِ النِّكَاحِ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّيْخُ المُسِنُّ مِنْ غَيْرِ أَن يُخَصَّ بِهِ الْفَاتِرُ عَنِ النِّكَاحِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الحَوْقَل الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى مُجَامَعَةِ النِّسَاءِ مِنَ الكِبَر وَالضَّعْفِ؛ وأَنشد:
أَقولُ: قَطْباً ونِعِمَّا، إِنْ سَلَق ... لِحَوْقَلٍ، ذِراعُه قَدِ امَّلَق «1»
والحَوْقَل: ذَكَر الرَّجُل. اللَّيْثُ: الحَوْقَلَة الغُرْمول اللَّيِّن، وَهُوَ الدَّوْقَلة أَيضاً. قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ غَلِطَ فِيهِ اللَّيْثُ فِي لَفْظِهِ وَتَفْسِيرِهِ: وَالصَّوَابُ الحَوْفَلة، بِالْفَاءِ، وَهِيَ الكَمَرة الضَّخْمة مأْخوذة من الحَقْل، وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَالِامْتِلَاءُ، وَقَالَ: قَالَ أَبو عَمْرٍو وَابْنُ الأَعرابي قَالَ: والحَوْقَلة: بِالْقَافِ، بِهَذَا الْمَعْنَى خطأٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَوْقَلَة الغُرْمول اللَّيِّن، وَفِي المتأَخرين مَنْ يَقُولُهُ بِالْفَاءِ،
__________
(1) . قوله [أقول قطباً إلخ] أورده الجوهري:
وحوقل ذراعه قد املق ... يَقُولُ قَطْبًا وَنِعِمًّا إِنْ سَلَقَ(11/161)
وَيَزْعُمُ أَنه الكَمَرة الضَّخْمة وَيَجْعَلُهُ مأْخوذاً مِنَ الحَفْل وَمَا أَظنه مَسْمُوعًا، قَالَ: وَقُلْتُ لأَبي الْغَوْثِ مَا الحَوْقَلة؟ قَالَ: هَنُ الشَّيْخِ المُحَوْقِل. وحَوْقَل الشيخُ: اعْتَمَدَ بِيَدَيْهِ عَلَى خَصْرَيْه؛ قَالَ:
يَا قومِ، قَدْ حَوْقَلْتُ أَو دَنَوْتُ ... وبَعْدَ حِيقالِ الرِّجالِ المَوْتُ
وَيُرْوَى: وبَعْدَ حَوْقال، وأَراد الْمَصْدَرَ فَلَمَّا اسْتَوْحَشَ مِنْ أَن تَصِيرَ الْوَاوُ يَاءً فَتَحه. وحَوْقَله: دَفَعَه. والحَوْقَلة: الْقَارُورَةُ الطَّوِيلَةُ العُنُق تَكُونُ مَعَ السَّقَّاء. والحَيْقَل: الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ؛ وأَما قَوْلُ الرَّاعِي:
وأَفَضْنَ بَعْدَ كُظومِهِنَّ بحَرّة، ... مِنْ ذِي الأَبارق، إِذ رَعَيْن حَقِيلا
فَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كُظومهن إِمساكهن عَنِ الحَرَّة، وَقِيلَ: حَقِيلًا نَبْتٌ، وَقِيلَ: إِنه جَبَل مِنْ ذِي الأَبارق كَمَا تَقُولُ خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ فَتَزَوَّدَ مِنَ المُخَرِّم، والمُخَرِّم مِنْ بَغْدَادَ، وَمِثْلُهُ مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ جَمْعِ الْجَمْعِ:
لَهَا بحَقِيل فالنُّمَيرة منزِلٌ، ... تَرَى الوَحْشَ عُوذاتٍ بِهِ وَمَتَالِيَا
وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَيُقَالُ: احْقلْ لِي مِنَ الشَّرَابِ، وَذَلِكَ مِنَ الحِقْلة والحُقْلة، وَهُوَ مَا دُونُ مِلْءِ القَدَح. وقال أَبو عبيد: الحِقْلة الْمَاءُ الْقَلِيلُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الحِقْلة البَقِيَّة مِنَ اللَّبَنِ وَلَيْسَتْ بالقَلِيلة.
حكل: الحُكْلة كالعُجْمة لَا يُبين صاحبُها الْكَلَامَ. والحُكْلة والحَكِيلة: اللُّثْغة. ابْنُ الأَعرابي: فِي لِسَانِهِ حُكْلَة أَي عُجْمة لَا يُبين الْكَلَامَ. والحُكْلُ العُجْم مِنَ الطُّيُورِ وَالْبَهَائِمِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَوْ أَنَّني أُعْطِيتُ عِلْم الحُكْل، ... عِلْمَ سُلَيْمَانَ كلامَ النَّمْل
هكذا أَورده الجوهري والأَزهري، ونسبه الأَزهري لِرُؤْبَةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لِلْعَجَّاجِ، وَصَوَابُهُ: أَو كُنْتُ، وَقَبْلَهُ:
فقُلْتُ: لَوْ عُمِّرْتُ عُمْرَ الحِسْل، ... وَقَدْ أَتاه زَمَنُ الفِطَحْل،
والصَّخْرُ مُبْتَلٌّ كطِين الوَحْل، ... أَو كُنْتُ قَدْ أُوتِيتُ علْمَ الحُكْل،
كنتُ رَهِينَ هَرَمٍ أَو قَتْل
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحُكْل مِنَ الْحَيَوَانِ مَا لَا يُسْمع لَهُ صَوْتٌ كالذَّرّ والنَّمْل؛ قَالَ:
ويَفْهَم قَوْلَ الحُكْل، لَوْ أَنَّ ذَرَّةً ... تُساوِدُ أُخْرَى، لَمْ يَفُتْه سِوادُها
وكلامُ الحُكْل: كلامٌ لَا يُفْهَم؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ. وحَكَلَ عَلَيْهِ الأَمرُ وأَحْكَلَ واحْتَكَلَ: التَبَس وَاشْتَبَهَ كعَكَل. وأَحْكَل عَلَى الْقَوْمِ إِذا أَبَرَّ عَلَيْهِمْ شَرًّا؛ وأَنشد:
أَبَوْا عَلَى النَّاسِ أَبَوْا فأَحْكَلُوا، ... تأْبى لَهُمْ أُرُومة وأَوَّلُ،
يَبْلى الحَدِيدُ قَبْلَهَا والجَنْدَل
الْفَرَّاءُ: أَشْكَلَتْ عليّ الأَخبار وأَحْكَلَت وأَعلكت واحْتَكَلت أَي أَشكلت. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: حَكَلَ وأَحْكَلَ وأَعْكَل واعْتَكَل بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والحَكَل فِي الْفَرَسِ: امِّساحُ نَساه ورَخاوة كَعْبِهِ. والحَوْكَل(11/162)
: القَصير، وَقِيلَ الْبَخِيلُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أُحِقُّه. والحَاكِل: المُخَمِّن.
حلل: حَلَّ بِالْمَكَانِ يَحُلُّ حُلولًا ومَحَلًّا وحَلًّا وحَلَلًا، بِفَكِّ التَّضْعِيفِ نَادِرٌ: وَذَلِكَ نُزُولُ الْقَوْمِ بمَحَلَّة وَهُوَ نَقِيضُ الِارْتِحَالِ؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
كَمْ فاتَني مِنْ كَريمٍ كَانَ ذَا ثِقَة، ... يُذْكي الوَقُود بجُمْدٍ لَيْلة الحَلَل
وحَلَّه واحْتَلَّ بِهِ واحْتَلَّه: نَزَلَ بِهِ. اللَّيْثُ: الحَلُّ الحُلول وَالنُّزُولُ؛ قَالَ الأَزهري: حَلَّ يَحُلُّ حَلًّا؛ قَالَ المُثَقَّب العَبْدي:
أَكُلَّ الدَّهْرُ حَلٌّ وَارْتِحَالُ، ... أَما تُبْقِي عَلَيَّ وَلَا تَقِيني؟
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَنَاء: لَا حُلِّي وَلَا سِيرِي، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كأَن هَذَا إِنما قِيلَ أَوَّل وَهْلَة لِمُؤَنَّثٍ فَخُوطِبَ بِعَلَامَةِ التأْنيث، ثُمَّ قِيلَ ذَلِكَ لِلْمُذَكَّرِ وَالِاثْنَيْنِ وَالِاثْنَتَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ مَحْكِيًّا بِلَفْظِ الْمُؤَنَّثِ، وَكَذَلِكَ حَلَّ بِالْقَوْمِ وحَلَّهُم واحْتَلَّ بِهِمْ، واحْتَلَّهم، فإِما أَن تَكُونَا لُغَتَيْنِ كِلْتَاهُمَا وُضِع، وإِمَّا أَن يَكُونَ الأَصل حَلَّ بِهِمْ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْبَاءُ وأُوصل الْفِعْلُ إِلى مَا بَعْدَهُ فَقِيلَ حَلَّه؛ ورَجُل حَالٌّ مِنْ قَوْمٍ حُلُول وحُلَّالٍ وحُلَّل. وأَحَلَّه المكانَ وأَحَلَّه بِهِ وحَلَّلَه بِهِ وحَلَّ بِهِ: جَعَله يَحُلُّ، عاقَبَت الْبَاءُ الْهَمْزَةَ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:
دِيَار الَّتِي كَانَتْ وَنَحْنُ عَلَى مِنًى ... تَحُلُّ بِنَا، لَوْلَا نَجَاءُ الرَّكائب
أَي تَجْعلُنا نَحُلُّ. وحَالَّهُ: حَلَّ مَعَهُ. والمَحَلُّ: نَقِيضُ المُرْتَحَل؛ وأَنشد:
إِنَّ مَحَلًّا وإِن مُرْتَحَلا، ... وإِنَّ فِي السَّفْر مَا مَضَى مَهَلا
قَالَ اللَّيْثُ: قُلْتُ لِلْخَلِيلِ: أَلست تَزْعُمُ أَن الْعَرَبَ الْعَارِبَةَ لَا تَقُولُ إِن رَجُلًا فِي الدَّارِ لَا تبدأْ بِالنَّكِرَةِ وَلَكِنَّهَا تَقُولُ إِن فِي الدَّارِ رَجُلًا؟ قَالَ: لَيْسَ هَذَا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقُولُ، هَذَا حِكَايَةٌ سَمِعَهَا رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ: إِنَّ مَحَلًّا وإِنَّ مُرْتَحَلا؛ وَيَصِفُ بَعْدَ حَيْثُ يَقُولُ:
هَلْ تَذْكُرُ العَهْد فِي تَقَمُّصٍ، إِذ ... تَضْرِب لِي قَاعِدًا بِهَا مَثَلا؛
إِنَّ مَحَلًّا وإِنَّ مُرْتَحَلا
المَحَلُّ: الآخرة والمُرْتَحَل؛ «2» ... وأَراد بالسَّفْر الَّذِينَ مَاتُوا فَصَارُوا فِي البَرْزَخ، والمَهَل الْبَقَاءُ وَالِانْتِظَارُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا صَحِيحٌ مِنْ قَوْلِ الْخَلِيلِ، فإِذا قَالَ اللَّيْثُ قُلْتُ لِلْخَلِيلِ أَو قَالَ سَمِعْتُ الْخَلِيلَ، فَهُوَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحمد لأَنه لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ، وإِذا قَالَ قَالَ الْخَلِيلُ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ قَدَّم الأَزهري فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ التَّهْذِيبِ أَنه فِي قَوْلِ اللَّيْثِ قَالَ الْخَلِيلُ إِنما يَعْني نَفْسَه أَو أَنه سَمَّى لِسانَه الخَليل؛ قَالَ: وَيَكُونُ المَحَلُّ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُحَلُّ فِيهِ وَيَكُونُ مَصْدَرًا، وَكِلَاهُمَا بِفَتْحِ الْحَاءِ لأَنهما مِنْ حَلَّ يَحُلُّ أَي نَزَلَ، وإِذا قُلْتَ المَحِلّ، بِكَسْرِ الْحَاءِ، فَهُوَ مَنْ حَلَّ يَحِلُّ أَي وَجَب يَجِب. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ
؛ أَي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ نَحْرُه، وَالْمَصْدَرُ مِنْ هَذَا بِالْفَتْحِ أَيضاً، وَالْمَكَانُ بِالْكَسْرِ، وَجَمْعُ المَحَلِّ مَحَالُّ، وَيُقَالُ مَحَلٌّ ومَحَلَّة بِالْهَاءِ كَمَا يُقَالُ مَنْزِل ومنزِلة. وَفِي حَدِيثِ الهَدْي:
لَا يُنْحَر حَتَّى يَبْلُغَ مَحِلَّه
أَي الْمَوْضِعَ أَو الْوَقْتَ اللَّذَيْنِ يَحِلُّ فِيهِمَا نَحْرُه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ بِكَسْرِ
__________
(2) . هكذا ترك بياض في الأَصل(11/163)
الْحَاءِ يَقَعُ عَلَى الْمَوْضِعِ وَالزَّمَانِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ: قَالَ لَهَا هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لَا، إِلا شَيْءٌ بَعَثَتْ بِهِ إِلينا نُسَيْبَة مِنَ الشَّاةِ الَّتِي بَعَثْتَ إِليها مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: هَاتِي فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّها
أَي وَصَلَتْ إِلى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَحِلُّ فِيهِ وقُضِيَ الواجبُ فِيهَا مِنَ التَّصَدّق بِهَا، وَصَارَتْ مِلْكاً لن تُصُدِّق بِهَا عَلَيْهِ، يَصِحُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا وَيَصِحُّ قَبُولُ مَا أُهدي مِنْهَا وأَكله، وإِنما قَالَ ذَلِكَ لأَنه كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكل الصَّدَقَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَرِهَ التَّبَرُّج بِالزِّينَةِ لِغَيْرِ مَحِلِّها
؛ يجوز أَن تَكُونَ الْحَاءُ مَكْسُورَةً مِنَ الحِلِّ وَمَفْتُوحَةً مِنَ الحُلُول، أَراد بِهِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ، الْآيَةَ، والتَّبَرُّج: إِظهار الزِّينَةِ. أَبو زَيْدٍ: حَلَلْت بِالرَّجُلِ وحَلَلْته ونَزَلْت بِهِ ونَزَلْته وحَلَلْت القومَ وحَلَلْت بِهِمْ بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: أَحَلَّ فُلَانٌ أَهله بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا إِذا أَنزلهم. وَيُقَالُ: هُوَ فِي حِلَّة صِدْق أَي بمَحَلَّة صِدْق. والمَحَلَّة: مَنْزِل الْقَوْمِ. وحَلِيلة الرَّجُلِ: امرأَته، وَهُوَ حَلِيلُها، لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُحَالُّ صَاحِبَهُ، وَهُوَ أَمثل مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنما هُوَ مِنَ الحَلال أَي أَنه يَحِلُّ لَهَا وتَحِلُّ لَهُ، وَذَلِكَ لأَنه لَيْسَ بِاسْمٍ شَرْعِيٍّ وإِنما هُوَ مِنْ قَدِيمِ الأَسماء. والحَلِيل والحَلِيلة: الزَّوْجان؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وحَلِيل غانيةٍ تَرَكْتُ مُجَدَّلًا، ... تَمْكُو فَرِيصَتُه كشِدْقِ الأَعْلَم
وَقِيلَ: حَلِيلَته جارَتُه، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنهما يَحُلَّان بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَالْجَمْعُ الحَلائِل؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سُمِّيا بِذَلِكَ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُحَالُّ صاحبَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن تُزَاني حَلِيلة جَارِكَ
، قَالَ: وَكُلُّ مَنْ نَازَلَكَ وجَاوَرَك فَهُوَ حَليلك أَيضاً. يُقَالُ: هَذَا حَليله وَهَذِهِ حَليلته لِمَنْ تُحَالُّه فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ؛ وأَنشد:
ولَستُ بأَطْلَسِ الثَّوْبَيْن يُصْبي ... حَلِيلَته، إِذا هَدَأَ النِّيَامُ
قَالَ: لَمْ يُرِدْ بالحَلِيلة هُنَا امرأَته إِنما أَراد جَارَتَهُ لأَنها تُحَالُّه فِي الْمَنْزِلِ. وَيُقَالُ: إِنما سُمِّيَتِ الزَّوْجَةُ حَلِيلة لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحَلُّ إِزار صَاحِبِهِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ: أَن الحَلِيل يَكُونُ لِلْمُؤَنَّثِ بِغَيْرِ هَاءٍ. والحِلَّة: الْقَوْمُ النُّزُولُ، اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: قَوْمٌ نُزُولٌ؛ وَقَالَ الأَعشى:
لَقَدْ كَانَ فِي شَيْبان، لَوْ كُنْتَ عَالِمًا، ... قِبَابٌ وحَيٌّ حِلَّة وقَبائل
وحَيٌّ حِلَّة أَي نُزُول وَفِيهِمْ كَثْرَةٌ؛ هَذَا الْبَيْتُ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ، وَقَالَ فِيهِ:
وحَوْلي حِلَّة ودَراهم «1»
. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ وَقَبَائِلُ لأَن الْقَصِيدَةَ لاميَّة؛ وأَولها:
أَقَيْس بنَ مَسْعود بنِ قَيْسِ بْنِ خالدٍ، ... وأَنتَ امْرُؤ يَرْجُو شَبَابَك وَائِلُ
قَالَ: وللأَعشى قَصِيدَةٌ أُخرى مِيمِيَّةٌ أَولها:
هُرَيْرَةَ ودِّعْها وإِن لَامَ لَائِمُ
يَقُولُ فِيهَا:
طَعَام الْعِرَاقِ المُسْتفيضُ الَّذِي تَرَى، ... وَفِي كُلِّ عَامٍ حُلَّة وَدَارهِم
__________
(1) . قوله [وحولي] هكذا في الأَصل، والذي في نسخة الصحاح التي بأيدينا: وحيّ(11/164)
قَالَ: وحُلَّة هُنَا مَضْمُومَةُ الْحَاءِ، وَكَذَلِكَ حَيٌّ حِلال؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
لِحَيٍّ حِلالٍ يَعْصِمُ الناسَ أَمْرُهُم، ... إِذا طَرَقَت إِحْدى اللَّيَالي بمُعْظَم
والحِلَّة: هَيئة الحُلُول. والحِلَّة: جَمَاعَةُ بُيُوتِ النَّاسِ لأَنها تُحَلُّ؛ قَالَ كُرَاعٌ: هِيَ مِائَةُ بَيْتٍ، وَالْجَمْعُ حِلال؛ قَالَ الأَزهري: الحِلال جَمْعُ بُيُوتِ النَّاسِ، وَاحِدَتُهَا حِلَّة؛ قَالَ: وحَيٌّ حِلال أَي كَثِيرٌ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
حَيٌّ حِلالٌ يَزْرَعون القُنْبُلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد الأَصمعي:
أَقَوْمٌ يَبْعَثُونَ العِيرَ نَجْداً ... أَحَبُّ إِليك، أَم حَيٌّ حِلال؟
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
لا هُمَّ إِنَّ المَرْءَ يَمْنَعُ ... رَحْلَه، فامْنَعْ حِلالَك
الحِلال، بِالْكَسْرِ: القومُ الْمُقِيمُونَ الْمُتَجَاوِرُونَ يُرِيدُ بِهِمْ سُكَّان الحَرَم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنهم وَجَدوا نَاسًا أَحِلَّة
، كأَنه جَمْعُ حِلال كعِماد وأَعْمِدَة وإِنما هُوَ جَمْعُ فَعال، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَيْسَ أَفْعِلة فِي جَمْعِ فِعال، بِالْكَسْرِ، أَولى مِنْهَا فِي جَمْعِ فَعال، بِالْفَتْحِ، كفَدَان وأَفْدِنة. والحِلَّة: مَجْلِسُ الْقَوْمِ لأَنهم يَحُلُّونه. والحِلَّة: مُجْتَمَع الْقَوْمِ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمَحَلَّة: مَنْزِلُ الْقَوْمِ. ورَوْضة مِحْلال إِذا أَكثر الناسُ الحُلول بِهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها تُحِلُّ النَّاسَ كثيراً، لأَن مِفْعالًا إِنما هِيَ فِي مَعْنَى فَاعِلٍ لَا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ، وَكَذَلِكَ أَرض مِحْلال. ابْنُ شُمَيْلٍ: أَرض مِحْلال وَهِيَ السَّهْلة اللَّيِّنة، ورَحَبة مِحْلال أَي جَيِّدة لمحَلّ النَّاسِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِ الأَخطل:
وشَرِبْتها بأَرِيضَة مِحْلال
قَالَ: الأَرِيضَة المُخْصِبة، قَالَ: والمِحْلال المُخْتارة للحِلَّة والنُّزول وَهِيَ العَذاة الطَّيِّبة؛ قال الأَزهري: لا يُقَالُ لَهَا مِحْلال حَتَّى تُمْرِع وتُخْصِب وَيَكُونَ نَبَاتُهَا نَاجِعًا لِلْمَالِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بأَجْرَعَ مِحْلالٍ مِرَبٍّ مُحَلَّل
والمُحِلَّتانِ: القِدْر والرَّحى، فإِذا قُلْتَ المُحِلَّات فَهِيَ القِدْر والرَّحى والدَّلْو والقِرْبة والجَفْنَة والسِّكِّين والفَأْس والزَّنْد، لأَن مَنْ كَانَتْ هَذِهِ مَعَهُ حَلَّ حَيْثُ شَاءَ، وإِلا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَن يُجَاوِرَ النَّاسَ يَسْتَعِيرُ مِنْهُمْ بَعْضَ هَذِهِ الأَشياء؛ قَالَ:
لَا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون تَضْرِبُهم ... نَكْباءُ صِرٌّ بأَصحاب المُحِلَّات
الأَتاويُّون: الغُرَباء أَي لَا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون أَحداً بأَصحاب المُحِلَّات؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: هَذَا عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ؛ أَي والسمواتُ غيرَ السمواتِ، وَيُرْوَى: لَا يُعْدَلَنَّ، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، أَي لَا يَنْبَغِي أَن يُعْدل فَعَلَى هَذَا لَا حَذْفَ فِيهِ. وتَلْعة مُحِلَّة: تَضُمُّ بَيْتًا أَو بَيْتَيْنِ. قَالَ أَعرابي: أَصابنا مُطَيْر كسَيْل شِعَابِ السَّخْبَرِ رَوَّى التَّلْعة المُحِلَّة، وَيُرْوَى: سَيَّل شِعابَ السَّخْبَر، وإِنما شَبَّه بشِعاب السَّخْبَر، وَهِيَ مَنابِته، لأَن عَرْضَها ضَيِّق وَطُولَهَا قَدْرُ رَمْية حَجَر.(11/165)
وحَلَّ المُحْرِمُ مِنْ إِحرامه يَحِلُّ حِلًّا وحَلالًا إِذا خَرج مِنْ حِرْمه. وأَحَلَّ: خَرَج، وَهُوَ حَلال، وَلَا يُقَالُ حالٌّ عَلَى أَنه الْقِيَاسُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَحَلَّ يُحِلُّ إِحْلالًا إِذا حَلَّ لَهُ مَا حَرُم عَلَيْهِ مِنْ مَحْظورات الحَجِّ؛ قَالَ الأَزهري: وأَحَلَّ لُغَةٌ وكَرِهها الأَصمَعي وَقَالَ: أَحَلَّ إِذا خَرج مِنَ الشُّهُور الحُرُم أَو مِنْ عَهْد كَانَ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ للمرأَة تَخْرُج مِنْ عِدَّتها: حَلَّتْ. وَرَجُلٌ حِلٌّ مِنَ الإِحرام أَي حَلال. والحَلال: ضِدُّ الْحَرَامِ. رَجُل حَلال أَي غَيْرُ مُحْرِم وَلَا مُتَلَبِّسٍ بأَسباب الْحَجِّ، وأَحَلَّ الرجلُ إِذا خَرَجَ إِلى الحِلِّ عَنِ الحَرَم، وأَحَلَّ إِذا دَخَلَ فِي شُهُورِ الحِلِّ، وأَحْرَمْنا أَي دَخَلْنَا فِي الشُّهُورِ الحُرُم. الأَزهري: وَيُقَالُ رَجُلٌ حِلٌّ وحَلال وَرَجُلٌ حِرْم وحَرام أَي مُحْرِم؛ وأَما قَوْلُ زُهَيْرٌ:
جَعَلْن القَنانَ عَنْ يَمينٍ وحَزْنَه، ... وَكَمْ بالقَنان مِنْ مُحِلّ ومُحْرِم
فإِن بَعْضَهُمْ فَسَّرَهُ وَقَالَ: أَراد كَمْ بالقَنان مِنْ عَدُوٍّ يَرْمِي دَماً حَلالًا وَمِنْ مُحْرم أَي يَرَاهُ حَراماً. وَيُقَالُ: المُحِلُّ الَّذِي يَحِلُّ لَنَا قِتالُه، والمُحْرِم الَّذِي يَحْرُم عَلَيْنَا قِتَالُهُ. وَيُقَالُ: المُحِلُّ الَّذِي لَا عَهْد لَهُ وَلَا حُرْمة، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَنْ لَهُ ذِمَّةٌ وَمَنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ. والمُحْرِم: الَّذِي لَهُ حُرْمة. وَيُقَالُ لِلَّذِي هُوَ فِي الأَشهر الحُرُم: مُحْرِم، وَلِلَّذِي خَرَجَ مِنْهَا: مُحِلٌّ. وَيُقَالُ لِلنَّازِلِ فِي الحَرَم: مُحْرِم، وَالْخَارِجِ مِنْهُ: مُحِلّ، وَذَلِكَ أَنه مَا دَامَ فِي الحَرَم يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّيْدُ وَالْقِتَالُ، وإِذا خَرَجَ مِنْهُ حَلَّ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: أَحِلَّ بِمَنْ أَحَلَّ بِكَ
؛ قَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَاهُ مَنْ تَرَكَ الإِحرام وأَحَلَّ بِكَ فقاتَلَك فأَحْلِل أَنت أَيضاً به فقائِلُه وإِن كُنْتَ مُحْرماً، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ: أَن الْمُؤْمِنِينَ حَرُم عَلَيْهِمْ أَن يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ويأْخذ بَعْضُهُمْ مَالَ بَعْضِهِمْ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُحْرِم عَنْ صَاحِبِهِ، يَقُولُ: فإِذا أَحَلَّ رَجُلٌ مَا حَرُم عَلَيْهِ مِنْكَ فَادْفَعْهُ عَنْ نَفْسِكَ بِمَا تَهَيَّأَ لَكَ دفعُه بِهِ مِنْ سِلَاحٍ وَغَيْرِهِ وإِن أَتى الدَّفْعُ بِالسِّلَاحِ عَلَيْهِ، وإِحْلال الْبَادِئِ ظُلْم وإِحْلال الدَّافِعِ مُبَاحٌ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا تَفْسِيرُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَنْ حَلَّ بِكَ فاحْلِلْ بِهِ
أَي مَنْ صَارَ بِسَبَبِكَ حَلالًا فَصِرْ أَنت بِهِ أَيضاً حَلالًا؛ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالَّذِي جَاءَ فِي كِتَابِ
أَبي عُبَيْدٍ عَنِ النَّخَعِيِّ فِي المُحْرِم يَعْدو عَلَيْهِ السَّبُع أَو اللِّصُّ: أَحِلَّ بِمَنْ أَحَلَّ بِكَ.
وَفِي حَدِيثِ
دُرَيد بْنِ الصِّمَّة: قَالَ لِمَالِكِ بْنِ عَوْفٍ أَنت مُحِلٌّ بِقَوْمِكَ
أَي أَنك قَدْ أَبَحْت حَرِيمهم وعَرَّضتهم لِلْهَلَاكِ، شَبَّههم بالمُحْرِم إِذا أَحَلَّ كأَنهم كَانُوا مَمْنُوعِينَ بالمُقام فِي بُيُوتِهِمْ فحَلُّوا بِالْخُرُوجِ مِنْهَا. وَفَعَلَ ذَلِكَ فِي حُلِّه وحُرْمه وحِلِّه وحِرْمه أَي فِي وَقْتِ إحْلاله وإِحرامه. والحِلُّ: الرَّجُلُ الحَلال الَّذِي خَرَجَ مِنْ إِحرامه أَو لَمْ يُحْرِم أَو كَانَ أَحرم فحَلَّ مِنْ إِحرامه. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: قَالَتْ طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لحِلِّه وحِرْمه
؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لحِرْمِه حِينَ أَحْرَم ولحِلِّه حِينَ حَلَّ مِنْ إِحرامه
، وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الأَثير: لإِحْلاله حِينَ أَحَلَّ. والحِلَّة: مَصْدَرُ قَوْلِكَ حَلَّ الهَدْيُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ
؛ قِيلَ مَحِلُّ مَنْ كَانَ حَاجًّا يَوْمَ النَّحر، ومَحِلُّ مَنْ كَانَ مُعْتَمِرًا يَوْمَ يَدْخُلُ مَكَّةَ؛ الأَزهري: مَحِلُّ الْهَدْيِ يَوْمَ النَّحْرِ بمِنًى، وَقَالَ: مَحِلُّ هَدْي المُتَمَتِّع بالعُمْرة إِلى الْحَجِّ بِمَكَّةَ إِذا قَدِمها وَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ. ومَحِلُّ هَدْيِ الْقَارِنِ: يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، ومَحِلُّ الدَّيْن: أَجَلُه،(11/166)
وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذا نَظَرَتْ إِلى الْهِلَالِ قَالَتْ: لَا مَرْحَباً بمُحِلِّ الدَّيْن مُقَرِّب الأَجَل. وَفِي حَدِيثِ مَكَّةَ:
وإِنما أُحِلَّت لِي سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ
، يَعْنِي مَكَّة يَوْمَ الْفَتْحِ حَيْثُ دَخَلَهَا عَنْوَة غَيْرَ مُحْرِم. وَفِي حَدِيثِ العُمْرة:
حَلَّت العُمْرة لِمَنِ اعْتَمَرَ
أَي صَارَتْ لَكُمْ حَلالًا جَائِزَةً، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا لَا يَعْتَمِرُونَ فِي الأَشهر الحُرُم، فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ
إِذا دَخَل صَفَر حَلَّت العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَر.
والحِلُّ والحَلال والحِلال والحَلِيل: نَقِيض الْحَرَامِ، حَلَّ يَحِلُّ حِلًّا وأَحَلَّه اللَّهُ وحَلَّله. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: هَذَا هُوَ النسِيء، كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَجْمَعُونَ أَياماً حَتَّى تَصِيرَ شَهْرًا، فَلَمَّا حَجَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: الآنَ اسْتَدارَ الزمانُ كَهَيْئَتِهِ.
وَهَذَا لَكَ حِلٌّ أَي حَلال. يُقَالُ: هُوَ حِلٌّ وبِلٌّ أَي طَلْق، وَكَذَلِكَ الأُنثى. وَمِنْ كَلَامِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: لَا أُحِلُّها لِمُغْتَسِلٍ وَهِيَ لِشَارِبٍ حِلٌّ وبِلٌ
أَي حَلال، بِلٌّ إِتباع، وَقِيلَ: البِلُّ مُبَاحٌ، حِمْيَرِيَّة. الأَزهري: رَوَى سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هِيَ حِلٌّ وبِلٌّ يَعْنِي زَمْزَمَ، فسُئِل سُفْيَانُ: مَا حِلٌّ وبِلٌّ؟ فَقَالَ: حِلٌّ مُحَلَّل. وَيُقَالُ: هَذَا لَكَ حِلٌّ وحَلال كَمَا يُقَالُ لِضِدِّهِ حِرْم وحَرام أَي مُحَرَّم. وأَحْلَلت لَهُ الشيءَ. جَعَلْتُهُ لَهُ حَلالًا. واسْتَحَلَّ الشيءَ: عَدَّه حَلالًا. وَيُقَالُ: أَحْلَلْتُ المرأَةَ لِزَوْجِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، المُحَلِّل والمُحَلَّل لَهُ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
المُحِلَّ والمُحَلَّ لَهُ
، وَهُوَ أَن يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امرأَته ثَلَاثًا فَيَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ آخَرُ بِشَرْطِ أَن يُطَلِّقَهَا بَعْدَ مُوَاقَعته إِياها لتَحِلَّ لِلزَّوْجِ الأَول. وَكُلُّ شَيْءٍ أَباحه اللَّهُ فَهُوَ حَلال، وَمَا حَرَّمه فَهُوَ حَرَام. وَفِي حَدِيثِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ:
وَلَا أُوتَى بحَالٍّ وَلَا مُحَلَّل إِلا رَجَمْتُهما
؛ جَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ هَذَا الْقَوْلَ حَدِيثًا لَا أَثراً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ حَلَّلْت وأَحْلَلْت وحَلَلْت، فَعَلَى الأَول جَاءَ الْحَدِيثُ الأَول، يُقَالُ حَلَّل فَهُوَ مُحَلِّل ومُحَلَّل، وَعَلَى الثَّانِيَةِ جَاءَ الثَّانِي تَقُولُ أَحَلَّ فَهُوَ مُحِلٌّ ومُحَلٌّ لَهُ، وَعَلَى الثَّالِثَةِ جَاءَ الثَّالِثُ تَقُولُ حَلَلْت فأَنا حَالٌّ وَهُوَ مَحْلُول لَهُ؛ وَقِيلَ: أَراد بِقَوْلِهِ
لَا أُوتَى بحالٍ
أَي بِذِي إِحْلال مِثْلَ قَوْلِهِمْ رِيحٌ لاقِح أَي ذَاتُ إِلْقاح، وَقِيلَ: سُمِّي مُحَلِّلًا بِقَصْدِهِ إِلى التَّحْلِيلِ كَمَا يُسَمَّى مُشْتَرِيًا إِذا قَصَدَ الشِّرَاءَ. وَفِي حَدِيثِ
مَسْرُوقٍ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ تَحْتَهُ الأَمة فيُطَلِّقها طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا قَالَ: لَا تَحِلُّ لَهُ إِلا مِنْ حَيْثُ حَرُمت عَلَيْهِ
أَي أَنها لَا تَحِلُّ لَهُ وإِن اشْتَرَاهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، يَعْنِي أَنها حَرُمت عَلَيْهِ بِالتَّطْلِيقَتَيْنِ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي تَطْلِيقَتَيْنِ، فتَحِلّ لَهُ بِهِمَا كَمَا حَرُمت عَلَيْهِ بِهِمَا. واسْتَحَلَّ الشيءَ: اتَّخَذَهُ حَلالًا أَو سأَله أَن يُحِلَّه لَهُ. والحُلْو الحَلال: الْكَلَامُ الَّذِي لَا رِيبة فِيهِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَصَيَّدُ بالحُلْوِ الحَلالِ، وَلَا تُرَى ... عَلَى مَكْرَهٍ يَبْدو بِهَا فيَعِيب
وحَلَّلَ اليمينَ تَحْلِيلًا وتَحِلَّة وتَحِلًّا، الأَخيرة شَاذَّةٌ: كَفَّرَها، والتَّحِلَّة: مَا كُفِّر بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ
؛ وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الحِلُّ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَلَا أَجْعَلُ الْمَعْرُوفَ حِلَّ أَلِيَّةٍ، ... وَلَا عِدَةً فِي النَّاظِرِ المُتَغَيَّب
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا وَجَدْتُهُ المُتَغَيَّب، مَفْتُوحَةَ(11/167)
الْيَاءِ، بخَطِّ الحامِض، وَالصَّحِيحُ المُتَغَيِّب، بِالْكَسْرِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَعْطِ الْحَالِفَ حُلَّانَ يَمينه أَي مَا يُحَلِّل يَمِينَهُ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: لأَفعلن كَذَا إِلَّا حِلُّ ذَلِكَ أَن أَفعل كَذَا أَي وَلَكِنْ حِلُّ ذَلِكَ، فحِلُّ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهَا مَبْنِيٌّ عَلَيْهَا؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: مَعْنَاهُ تَحِلَّةُ قَسَمِي أَو تحليلُه أَن أَفعل كَذَا. وَقَوْلُهُمْ: فَعَلْتُهُ تَحِلَّة القَسَم أَي لَمْ أَفعل إِلا بِمِقْدَارِ مَا حَلَّلت بِهِ قَسَمي وَلَمْ أُبالِغ. الأَزهري: وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَمُوتُ لِمُؤْمِنٍ ثَلَاثَةُ أَولاد فتَمَسّه النَّارُ إِلا تَحِلَّة القَسَم
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ تَحِلَّة القَسَم قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها، قَالَ: فإِذا مَرَّ بِهَا وَجَازَهَا فَقَدْ أَبَرَّ اللَّهُ قَسَمَه. وَقَالَ غَيْرُ أَبي عُبَيْدٍ: لَا قَسَم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها، فَكَيْفَ تَكُونُ لَهُ تَحِلَّة وإِنما التَّحِلَّة للأَيْمان؟ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِلا تَحِلَّة القَسَم إِلا التعذير الذي لا يَبْدَؤُه مِنْهُ مَكْرُوهٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ العَرَب: ضَرَبْته تَحْلِيلًا ووَعَظْته تَعْذيراً أَي لَمْ أُبالِغ فِي ضَرْبِهِ ووَعْظِه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مَثَل فِي القَلِيل المُفْرِط القِلَّة وَهُوَ أَن يُباشِر مِنَ الْفِعْلِ الَّذِي يُقْسِم عَلَيْهِ المقدارَ الَّذِي يُبِرُّ بِهِ قَسَمَه ويُحَلِّلُه، مِثْلَ أَن يَحْلِفَ عَلَى النُّزُولِ بِمَكَانٍ فَلَوْ وَقَع بِهِ وَقْعة خَفِيفَةً أَجزأَته فَتِلْكَ تَحِلَّة قَسَمِه، وَالْمَعْنَى لَا تَمَسُّه النَّارُ إِلا مَسَّة يَسِيرَةً مِثْلَ تَحِلَّة قَسَم الْحَالِفِ، وَيُرِيدُ بتَحِلَّتِه الوُرودَ عَلَى النَّارِ والاجْتيازَ بِهَا، قَالَ: وَالتَّاءُ فِي التَّحِلَّة زَائِدَةٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
مَنْ حَرَس لَيْلَةً مِنْ وَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ مُتَطَوِّعاً لَمْ يأْخذه الشَّيْطَانُ وَلَمْ يَرَ النَّارَ تَمَسُّه إِلا تَحِلَّة القَسَم؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها
، قَالَ الأَزهري: وأَصل هَذَا كُلِّهِ مِنْ تَحْلِيلِ الْيَمِينِ وَهُوَ أَن يَحْلِفَ الرَّجُلُ ثُمَّ يَسْتَثْنِيَ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ غَيْرَ مُنْفَصِلٍ عَنْهَا، يُقَالُ: آلَى فُلَانٌ أَلِيَّة لَمْ يَتَحَلَّل فِيهَا أَي لَمْ يَسْتثْنِ ثُمَّ جَعَلَ ذَلِكَ مَثَلًا لِلتَّقْلِيلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
تَخْدِي عَلَى يَسَراتٍ، وَهِيَ لَاحِقَةٌ، ... بأَرْبَعٍ، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل «2»
. وَفِي حَوَاشِي ابْنِ بَرِّيٍّ:
تَخْدِي عَلَى يَسَرات، وَهِيَ لَاحِقَةٌ، ... ذَوَابِل، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل
أَي قَلِيلٌ «3» كَمَا يَحْلِفُ الإِنسان عَلَى الشَّيْءِ أَن يَفْعَلَهُ فَيَفْعَلَ مِنْهُ الْيَسِيرَ يُحَلِّل بِهِ يَمِينه؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُرِيدُ وَقْعَ مَناسِم النَّاقَةِ عَلَى الأَرض مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
أَرَى إِبلي عَافَتْ جَدُودَ، فَلَمْ تَذُقْ ... بِهَا قَطْرَةً إِلا تَحِلَّة مُقْسِم
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لعَبْدَةَ بْنِ الطَّبِيبِ:
تُحْفِي الترابَ بأَظْلافٍ ثَمانية ... فِي أَرْبَع، مَسُّهنَّ الأَرضَ تَحْلِيلُ
أَي قَلِيلٌ هَيِّن يَسِيرٌ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا أَمْعَن فِي وَعِيد أَو أَفرط فِي فَخْر أَو كَلَامٍ: حِلًّا أَبا فُلَانٍ أَي تَحَلَّلْ فِي يَمِينِكَ، جَعَلَهُ فِي وَعِيدِهِ إِياه كَالْيَمِينِ فأَمره بِالِاسْتِثْنَاءِ أَي اسْتَثْن يَا حَالِفُ واذْكُر حِلًّا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَنه قَالَ لامرأَة حَلَفت أَن لَا تُعْتِق مَوْلاة لَهَا فَقَالَ لَهَا: حِلًّا أُمَّ فُلَانٍ، وَاشْتَرَاهَا وأَعتقها
، أَي تَحَلَّلِي مِنْ يَمِينِكِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرِو بْنِ مَعَدِيكَرِبَ: قال
__________
(2) . قوله [لاحقة] في نسخة النهاية التي بأيدينا: لاهية
(3) . قوله [أي قليل] هذا تفسير لتحليل في البيت(11/168)
لِعُمَرَ حِلًّا يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ فِيمَا تَقُولُ
أَي تَحَلَّلْ مِنْ قَوْلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: قِيلَ لَهُ حَدِّثْنا بِبَعْضِ مَا سمعتَه مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وأَتَحلَّل
أَي أَستثني. وَيُقَالُ: تَحَلَّل فُلَانٌ مِنْ يَمِينِهِ إِذا خَرَجَ مِنْهَا بِكَفَّارَةٍ أَو حِنْث يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وآلَتْ حِلْفةً لَمْ تَحَلَّل
وتَحَلَّل فِي يَمِينِهِ أَي اسْتَثْنَى. والمُحَلِّل مِنَ الْخَيْلِ: الفَرَسُ الثَّالِثُ مِنْ خَيْلِ الرِّهان، وَذَلِكَ أَن يَضَعَ الرَّجُلانِ رَهْنَين بَيْنَهُمَا ثُمَّ يأْتي رَجُلٌ سِوَاهُمَا فَيُرْسِلَ مَعَهُمَا فرسه ولا يضع رَهْناً، فإِن سَبَق أَحدُ الأَوَّليْن أَخَذَ رهنَه ورهنَ صَاحِبِهِ وَكَانَ حَلالًا لَهُ مِنْ أَجل الثَّالِثِ وَهُوَ المُحَلِّل، وإِن سبَقَ المُحَلِّلُ وَلَمْ يَسْبق وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَخَذَ الرَّهْنَيْنِ جَمِيعًا، وإِن سُبِقَ هُوَ لَمْ يَكُنْ عليه شيء، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الَّذِي لَا يُؤْمَن أَن يَسْبق، وأَما إِذا كَانَ بَلِيدًا بَطِيئًا قَدْ أُمِن أَن يَسْبِقهما فَذَلِكَ القِمَار الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، ويُسَمَّى أَيضاً الدَّخِيل. وضَرَبه ضَرْباً تَحْلِيلًا أَي شِبْهَ التَّعْزِيرِ، وإِنما اشْتُقَّ ذَلِكَ مِنْ تَحْلِيل الْيَمِينِ ثُمَّ أُجْري فِي سَائِرِ الْكَلَامِ حَتَّى قِيلَ فِي وَصْفِ الإِبل إِذا بَرَكَتْ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
نَجَائِب وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْليل
أَي هَيِّن. وحَلَّ العُقْدة يَحُلُّها حَلًّا: فتَحَها ونَقَضَها فانْحَلَّتْ. والحَلُّ: حَلُّ العُقْدة. وَفِي الْمَثَلِ السَّائِرِ: يَا عاقِدُ اذْكُرْ حَلًّا، هَذَا الْمَثَلُ ذَكَرَهُ الأَزهري وَالْجَوْهَرِيُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا قَوْلُ الأَصمعي وأَما ابْنُ الأَعرابي فَخَالَفَهُ وَقَالَ: يَا حابِلُ اذْكُرْ حَلًّا وَقَالَ: كَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَكثر مِنْ أَلف أَعرابي فَمَا رَوَاهُ أَحد مِنْهُمْ يَا عاقِدُ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ إِذا تحَمَّلْتَ فَلَا تُؤَرِّب مَا عَقَدْت، وَذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فِي تَرْجَمَةِ حَبْلٍ: يَا حابِلُ اذْكُرْ حَلًّا. وَكُلُّ جَامِدٍ أُذِيب فَقَدْ حُلَّ. والمُحَلَّل: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ، كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ يَصِفُ جَارِيَةً:
كبِكْرِ المُقاناةِ البَيَاض بصُفْرة، ... غَذَاها نَمِير الماءِ غَيْر المُحَلَّل
وَهَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحدهما أَن يُعْنَى بِهِ أَنه غَذَاها غِذَاء لَيْسَ بمُحَلَّل أَي لَيْسَ بِيَسِيرٍ وَلَكِنَّهُ مُبالَغ فِيهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَرِيءٌ ناجِعٌ، وَالْآخَرُ أَن يُعْنى بِهِ غَيْرُ مَحْلُولٍ عَلَيْهِ فيَكْدُر ويَفْسُد. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: غَيْرُ مُحَلَّل يُقَالُ إِنه أَراد مَاءَ الْبَحْرِ أَي أَن الْبَحْرَ لَا يُنْزَل عَلَيْهِ لأَن مَاءَهُ زُعَاق لَا يُذَاق فَهُوَ غَيْرُ مُحَلَّل أَي غَيْرُ مَنْزولٍ عَلَيْهِ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ غَيْرُ مُحَلَّل أَي غَيْرُ قَلِيلٍ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لأَن مَاءَ الْبَحْرِ لَا يُوصَفُ بِالْقِلَّةِ وَلَا بِالْكَثْرَةِ لِمُجَاوَزَةِ حدِّه الوصفَ، وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى قَوْلِهِ: وَمَكَانٌ مُحَلَّل إِذا أَكثر الناسُ بِهِ الحُلُولَ، وَفَسَّرَهُ بأَنه إِذا أَكثروا بِهِ الحُلول كدَّروه. وكلُّ مَاءٍ حَلَّتْه الإِبل فكَدَّرَتْه مُحَلَّل، وعَنى إمرُؤ الْقَيْسِ بِقَوْلِهِ بِكْر المُقَاناة دُرَّة غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ. وحَلَّ عَلَيْهِ أَمرُ اللَّهِ يَحِلُّ حُلولًا: وجَبَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ
، وَمَنْ قرأَ:
أَن يَحُلَ
، فَمَعْنَاهُ أَن يَنْزِل. وأَحَلَّه اللهُ عَلَيْهِ: أَوجبه؛ وحَلَّ عَلَيْهِ حَقِّي يَحِلُّ مَحِلًّا، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ مِنَ الْمَصَادِرِ عَلَى مِثَالِ مَفْعِل بِالْكَسْرِ كالمَرْجِعِ والمَحِيص وَلَيْسَ ذَلِكَ بمطَّرد، إِنما يُقْتَصَرُ عَلَى مَا سُمِعَ مِنْهُ، هَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ.(11/169)
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَحْلِلْ
[يَحْلُلْ] عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى؛ قرئَ وَمَنْ يَحْلُل ويَحْلِلْ
، بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِهَا، وكذلك قرئَ: فَيَحِلَ
[فَيَحُلَ] عَلَيْكُمْ غَضَبِي، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالْكَسْرُ فِيهِ أَحَبُّ إِليَّ مِنَ الضَّمِّ لأَن الحُلُول مَا وَقَعَ مِنْ يَحُلُّ، ويَحِلُّ يَجِبُ، وَجَاءَ بِالتَّفْسِيرِ بِالْوُجُوبِ لَا بِالْوُقُوعِ، قَالَ: وكلٌّ صَوَابٌ، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ
، فَهَذِهِ مَكْسُورَةٌ، وإِذا قُلْتَ حَلَّ بِهِمُ العذابُ كَانَتْ تَحُلُّ لَا غَيْرَ، وإِذا قُلْتَ عَليَّ أَو قُلْتَ يَحِلُّ لَكَ كَذَا وَكَذَا، فَهُوَ بِالْكَسْرِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَمَنْ قَالَ يَحِلُّ لَكَ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَمَنْ قرأَ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ
فَمَعْنَاهُ فيَجِب عَلَيْكُمْ، وَمَنْ قرأَ
فيَحُلَ
فَمَعْنَاهُ فيَنْزِل؛ قَالَ: وَالْقِرَاءَةُ وَمَنْ يَحْلِلْ
بِكَسْرِ اللَّامِ أَكثر. وحَلَّ المَهْرُ يَحِلُّ أَي وَجَبَ. وحَلَّ الْعَذَابُ يَحِلُّ، بِالْكَسْرِ، أَي وَجَب، ويَحُلُّ، بِالضَّمِّ، أَي نَزَلَ. وأَما قَوْلُهُ أَو تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ، فَبِالضَّمِّ، أَي تَنْزل. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِد رِيحَ نَفَسه إِلَّا مَاتَ
أَي هُوَ حَقٌّ وَاجِبٌ وَاقِعٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ؛ أَي حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
حَلَّت لَهُ شَفَاعَتِي
، وَقِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى غَشِيَتْه ونَزَلَتْ بِهِ، فأَما قَوْلُهُ: لَا يَحُلُّ المُمْرِض عَلَى المُصِحّ، فَبِضَمِّ الْحَاءِ، مِنَ الحُلول النزولِ، وَكَذَلِكَ فَلْيَحْلُل، بِضَمِّ اللَّامِ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ
، فَقَدْ يَكُونُ المصدرَ وَيَكُونُ الموضعَ. وأَحَلَّت الشاةُ والناقةُ وَهِيَ مُحِلٌّ: دَرَّ لبَنُها، وَقِيلَ: يَبِسَ لبنُها ثُمَّ أَكَلَت الرَّبيعَ فدَرَّت، وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بأَنه نُزُولُ اللَّبَنِ مِنْ غَيْرِ نِتاج، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَلَكِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا مَيَاسِراً، ... وحائلَ حُول أَنْهَزَتْ فأَحَلَّتِ «1»
. يَصِفُ إِبلًا وَلَيْسَتْ بِغَنَمٍ لأَن قَبْلَ هَذَا:
فَلو أَنَّها كَانَتْ لِقَاحِي كَثيرةً، ... لَقَدْ نَهِلَتْ مِنْ مَاءِ جُدٍّ وعَلَّت «2»
. وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لأُمية بْنِ أَبي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ:
غُيوث تَلتَقي الأَرحامُ فِيهَا، ... تُحِلُّ بِهَا الطَّروقةُ واللِّجاب
وأَحَلَّت الناقةُ عَلَى وَلَدِهَا: دَرَّ لبنُها، عُدِّي بعَلى لأَنه فِي مَعْنَى دَرَّت. وأَحَلَّ المالُ فَهُوَ يُحِلُّ إِحْلالًا إِذا نَزَلَ دَرُّه حِينَ يأْكل الرَّبِيعَ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ وَغَيْرِهِ: المَحالُّ الْغَنَمُ الَّتِي يَنْزِلُ اللَّبَنُ فِي ضُرُوعِهَا مِنْ غَيْرِ نِتاج وَلَا وِلاد. وتَحَلَّل السَّفَرُ بِالرَّجُلِ: اعْتَلَّ بَعْدَ قُدُومِهِ. والإِحْلِيل والتِّحْلِيل: مَخْرَج الْبَوْلِ مِنَ الإِنسان ومَخْرج اللَّبَنِ مِنَ الثَّدْيِ والضَّرْع. الأَزهري: الإِحْلِيل مَخْرج اللَّبَنِ مِنْ طُبْي النَّاقَةِ وَغَيْرِهَا. وإِحْلِيل الذَّكَرِ: ثَقْبه الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ، وَجَمْعُهُ الأَحالِيل؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
تُمِرُّ مثلَ عَسِيب النَّخْلِ ذَا خُصَلٍ، ... بِغَارِبٍ، لَمْ تُخَوِّنْه الأَحَالِيل
هُوَ جَمْعُ إِحْلِيل، وَهُوَ مَخْرَج اللَّبَنِ مِنَ الضَّرْع، وتُخَوِّنه: تَنْقُصه، يَعْنِي أَنه قَدْ نَشَفَ لبنُها فَهِيَ سَمِينَةٌ لَمْ تَضْعُفْ بِخُرُوجِ اللَّبَنِ مِنْهَا. والإِحْلِيل: يقع
__________
(1) . قوله [أَنهزت] أورده في ترجمة نهز بلفظ أنهلت باللام، وقال بعده: وَرَوَاهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ أَنْهَزَتْ بالزاي ولا وجه له
(2) . قوله [من ماء جد] روي بالجيم والحاء كما أورده في المحلين(11/170)
عَلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ وفَرْج المرأَة، وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَحْمَد إِليكم غَسْل الإِحْلِيل
أَي غَسْل الذَّكَرِ. وأَحَلَّ الرجلُ بِنَفْسِهِ إِذا اسْتَوْجَبَ الْعُقُوبَةَ. ابْنُ الأَعرابي: حُلَّ إِذا سُكِن، وحَلَّ إِذا عَدا، وامرأَة حَلَّاء رَسْحاء، وذِئْب أَحَلُّ بَيِّن الحَلَل كَذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: ذِئْبٌ أَحَلُّ وَبِهِ حَلَل، وَلَيْسَ بِالذِّئْبِ عَرَج، وإِنما يُوصَفُ بِهِ لخَمَع يُؤنَس مِنْهُ إِذا عَدا؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
يُحِيلُ به الذِّئْبُ الأَحَلُّ، وَقُوتُه ... ذَوات المَرادِي، مِنْ مَناقٍ ورُزّح «1»
. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَحَلُّ أَن يَكُونَ مَنْهوس المُؤْخِر أَرْوَح الرِّجلين. والحَلَل: اسْتِرْخَاءُ عَصَب الدَّابَّةِ، فَرَسٌ أَحَلُّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الحَلَل فِي الْبَعِيرِ ضَعْفٌ فِي عُرْقوبه، فَهُوَ أَحَلُّ بَيِّن الحَلَل، فإِن كَانَ فِي الرُّكْبة فَهُوَ الطَّرَق. والأَحَلُّ: الَّذِي فِي رِجْلِهِ اسْتِرْخَاءٌ، وَهُوَ مَذْمُومٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلا فِي الذِّئْبِ. وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ بَيْتَ الطِّرِمَّاحِ: يُحِيلُ بِهِ الذِّئبُ الأَحَلُّ، وَنَسَبَهُ إِلى الشَّمَّاخِ وَقَالَ: يُحِيلُ أَي يُقِيم بِهِ حَوْلًا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَس أَحَلُّ، وحَلَلُه ضَعْفُ نَساه ورَخاوة كَعْبه، وخَصّ أَبو عُبَيْدَةَ بِهِ الإِبل. والحَلَل: رَخَاوَةٌ فِي الْكَعْبِ، وَقَدْ حَلِلْت حَلَلًا. وَفِيهِ حَلَّة وحِلَّة أَي تَكَسُّر وَضَعْفٌ؛ الْفَتْحُ عَنْ ثَعْلَبٍ وَالْكَسْرُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادَةَ: ثُمَّ تَرَك فتَحَلَّل
أَي لَمَّا انْحَلَّت قُواه تَرَكَ ضَمَّه إِليه، وَهُوَ تَفَعُّل مِنَ الحَلِّ نَقِيضِ الشَّدّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
إِذا اصْطَكَّ الأَضاميمُ اعْتَلاها ... بصَدْرٍ، لَا أَحَلَّ وَلَا عَموج
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعَث رَجُلًا عَلَى الصَّدَقَةِ فَجَاءَ بفَصِيل مَحْلُول أَو مَخْلول بِالشَّكِّ
؛ الْمَحْلُولُ، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: الهَزِيل الَّذِي حُلَّ اللَّحْمُ عَنْ أَوصاله فعَرِيَ مِنْهُ، والمَخْلُول يَجِيءُ فِي بَابِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الصَّلَاةُ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وتَحْلِيلها التَّسْلِيمُ
أَي صَارَ المُصَلِّي بِالتَّسْلِيمِ يَحِلُّ لَهُ مَا حُرِمَ فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ مِنَ الْكَلَامِ والأَفعال الْخَارِجَةِ عَنْ كَلَامِ الصَّلَاةِ وأَفعالها، كَمَا يَحِلُّ للمُحْرِم بِالْحَجِّ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ مَا كَانَ حَراماً عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَحِلُّوا اللَّهَ يَغْفِرْ لَكُمْ
أَي أَسلموا؛ هَكَذَا فُسِّرَ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ الْخُرُوجُ مِنْ حَظْر الشِّرك إِلى حِلِّ الإِسلام وسَعَته، مِنْ قَوْلِهِمْ حَلَّ الرجلُ إِذا خَرَجَ مِنَ الحَرَم إِلى الحِلِّ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ عِنْدَ الأَكثر مِنْ كَلَامِ أَبي الدَّرْدَاءِ، ومنهم مَنْ جَعَلَهُ حَدِيثًا. وَفِي الْحَدِيثِ
: مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمة مِنْ أَخيه فَلْيسْتَحِلَّه.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنها قَالَتْ لامرأَة مَرَّتْ بِهَا: مَا أَطول ذَيْلَها فَقَالَ: اغْتَبْتِها قُومي إِليها فَتَحلَّليها
؛ يُقَالُ: تَحَلَّلته واسْتَحْلَلْته إِذا سأَلته أَن يَجْعَلَكَ فِي حِلٍّ مِنْ قِبَله. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَنه سُئِلَ أَيّ الأَعمال أَفضل فَقَالَ: الحالُّ المُرْتَحِل، قِيلَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: الخاتِم المفتَتِح هُوَ الَّذِي يَخْتم الْقُرْآنَ بِتِلَاوَتِهِ ثم يَفْتَتح التِّلَاوَةَ مِنْ أَوّله
؛ شبَّهه بالمُسافر يَبْلُغُ الْمَنْزِلَ فيَحُلُّ فِيهِ ثُمَّ يَفْتَتِحُ سَيْرَهُ أَي يبتدئه، وَكَذَلِكَ قُرَّاء أَهل مَكَّةَ إِذا خَتَمُوا الْقُرْآنَ بِالتِّلَاوَةِ ابتدأُوا وقرأُوا الْفَاتِحَةَ وَخَمْسَ آيَاتٍ مِنْ أَول سُورَةِ الْبَقَرَةِ إِلى قَوْلِهِ: أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، ثُمَّ يَقْطَعُونَ الْقِرَاءَةَ ويُسَمُّون ذَلِكَ الحالَّ المُرْتَحِل أَي أَنه خَتَمَ الْقُرْآنَ وابتدأَ بأَوَّله وَلَمْ يَفْصِل بَيْنَهُمَا زَمَانٌ، وَقِيلَ: أَراد بالحالِّ الْمُرْتَحِلِ الغازِيَ الَّذِي لَا يَقْفُل عَنْ غَزْوٍ إِلا عَقَّبه بِآخَرَ.
__________
(1) . قوله [المرادي] هكذا في الأَصل، وفي الصحاح: الهوادي، وهي الأَعناق. وفي ترجمة مرد: أن المراد كسحاب العنق(11/171)
والحِلال: مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ؛ قَالَ طُفَيْل:
وراكضةٍ، مَا تَسْتَجِنُّ بجُنَّة، ... بَعِيرَ حِلالٍ، غادَرَتْه، مُجَعْفَلِ
مُجَعْفَل: مَصْرُوعٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ أَحمر:
وَلَا يَعْدِلْنَ مِنْ مَيْلٍ حِلالا
قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ متاعَ رَحْل الْبَعِيرِ. والحِلُّ: الغَرَض الَّذِي يُرْمى إِليه. والحِلال: مَتاع الرَّحْل؛ قَالَ الأَعشى:
وكأَنَّها لَمْ تَلْقَ سِتَّة أَشهر ... ضُرّاً، إِذا وَضَعَتْ إِليك حِلالَها
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: بَلَغَتْنِي هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْن، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ جِلالَها، بِالْجِيمِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ومُلْوِيَةٍ تَرى شَماطِيطَ غَارَةٍ، ... عَلَى عَجَلٍ، ذَكَّرْتُها بِحِلالِها
فَسَّرَهُ فَقَالَ: حِلالُها ثِيابُ بَدَنِهَا وَمَا عَلَى بَعِيرِهَا، وَالْمَعْرُوفُ أَن الحِلال المَرْكَب أَو مَتَاعُ الرَّحْل لَا أَن ثِيَابَ المرأَة مَعْدودة فِي الحِلال، وَمَعْنَى الْبَيْتِ عِنْدَهُ: قُلْتُ لَهَا ضُمِّي إِليك ثِيابَك وَقَدْ كَانَتْ رَفَعَتْها مِنَ الفَزَع. وَفِي حَدِيثِ
عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عِنْدَ نُزُولِهِ: أَنه يَزِيدُ فِي الحِلال
؛ قِيلَ: أَراد أَنه إِذا نَزَل تَزَوَّجَ فَزَادَ فِيمَا أَحَلَّ اللهُ له أَي ازْدَادَ مِنْهُ لأَنه لَمْ يَنْكِح إِلى أَن رُفِع. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَنه كَسَا عَلِيًّا، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، حُلَّة سِيَراء
؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبة: الحُلَّة رِداء وَقَمِيصٌ وَتَمَامُهَا العِمامة، قَالَ: وَلَا يَزَالُ الثَّوْبُ الجَيِّد يُقَالُ لَهُ فِي الثِّيَابِ حُلَّة، فإِذا وَقَعَ عَلَى الإِنسان ذَهَبَتْ حُلَّته حَتَّى يَجْتَمِعْنَ لَهُ إِمَّا اثْنَانِ وإِما ثَلَاثَةٌ، وأَنكر أَن تَكُونَ الحُلَّة إِزاراً ورِداء وَحْدَه. قَالَ: والحُلَل الوَشْي والحِبرَة والخَزُّ والقَزُّ والقُوهِيُّ والمَرْوِيُّ والحَرِير، وَقَالَ اليَمامي: الحُلَّة كُلُّ ثَوْبٍ جَيِّد جَدِيدٍ تَلْبسه غليظٍ أَو دَقِيقٍ وَلَا يَكُونُ إِلّا ذَا ثوبَين، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الحُلَّة الْقَمِيصُ والإِزار وَالرِّدَاءُ لَا تَكُونُ أَقل مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ شَمِرٌ: الحُلَّة عِنْدَ الأَعراب ثَلَاثَةُ أَثواب، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للإِزار وَالرِّدَاءِ حُلَّة، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ حُلَّة؛ قَالَ الأَزهري: وأَما أَبو عُبَيْدٍ فإِنه جَعَلَ الحُلَّة ثَوْبَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ
: خَيْرُ الكَفَن الحُلَّة، وَخَيْرُ الضَّحِيَّة الْكَبْشُ الأَقْرَن.
والحُلَل: بُرود اليمن ولا تسمى حُلَّة حَتَّى تَكُونَ ثَوْبَيْنِ، وَقِيلَ ثَوْبَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ؛ قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه رأَى رَجُلًا عَلَيْهِ حُلَّة قَدِ ائتزرَ بأَحدهما وارْتَدى بِالْآخَرِ
فَهَذَانِ ثَوْبَانِ؛ وبَعَث
عمر إِلى مُعاذ بن عَفْراء بحُلَّة فَبَاعَهَا وَاشْتَرَى بِهَا خَمْسَةَ أَرؤس مِنَ الرَّقِيقِ فأَعتقهم ثُمَّ قَالَ: إِن رَجُلًا آثَرَ قِشْرَتَيْن يَلْبَسُهما عَلَى عِتْق هَؤُلَاءِ لَغَبينُ الرأْي
: أَراد بالقِشْرَتَين الثَّوْبَيْنِ؛ قَالَ: والحُلَّة إِزار وَرِدَاءٌ بُرْد أَو غَيْرُهُ وَلَا يُقَالُ لَهَا حُلَّة حَتَّى تَكُونَ مِنْ ثَوْبَيْنِ وَالْجَمْعُ حُلَل وحِلال؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَيْسَ الفَتى بالمُسْمِن المُخْتال، ... وَلَا الَّذِي يَرْفُل في الحِلال
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَلْحَلْت بِالنَّاقَةِ إِذا قُلْتُ لَهَا حَلْ، قَالَ: وَهُوَ زَجْر لِلنَّاقَةِ، وحَوْبٌ زَجْر لِلْبَعِيرِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وَقَدْ حَدَوْناها بحَوْبٍ وحَلِ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: إِن حَلْ لَتُوطِئُ النَّاسَ وتُؤْذِي وتَشْغَل عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: حَلْ زَجْر لِلنَّاقَةِ إِذا حَثَثْتَها عَلَى السَّيْرِ أَي إِن زَجْرَكَ إِياها عِنْدَ الإِفاضة مِنْ عَرَفَاتٍ يُؤَدِّي إِلى ذَلِكَ مِنَ الإِيذاء والشَّغْل عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، فَسِرْ عَلَى هِينَتِك.
حمل: حَمَلَ الشيءَ يَحْمِلُهُ حَمْلًا وحُمْلاناً فَهُوَ مَحْمول وحَمِيل، واحْتَمَلَه؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَحَمَلْتُ بَرَّة واحْتَمَلْتَ فَجَارِ
عَبَّر عَنِ البَرَّة بالحَمْل، وَعَنِ الفَجْرة بالاحْتِمَال، لأَن حَمْل البَرَّة بالإِضافة إِلى احْتِمَالِ الفَجْرَة أَمر يَسِيرٌ ومُسْتَصْغَر؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ اسْمُهُ: لَها مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
مَا حُمِّلَ البُخْتِيُّ عَامَ غِيَاره، ... عَلَيْهِ الوسوقُ: بُرُّها وشَعِيرُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِنما حُمِّل فِي مَعْنَى ثُقِّل، وَلِذَلِكَ عَدَّاه بِالْبَاءِ؛ أَلا تَرَاهُ قَالَ بَعْدَ هَذَا:
بأَثْقَل مِمَّا كُنْت حَمَّلت خَالِدَا
وَفِي الْحَدِيثِ
: مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاح فَلَيْسَ مِنَّا
أَي مِنْ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِكَوْنِهِمْ مُسْلِمِينَ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ، فإِن لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَيْهِمْ لإِجل كَوْنِهِمْ مُسْلِمِينَ فَقَدِ اخْتُلِف فِيهِ، فَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَيْسَ مِنَّا أَي لَيْسَ مِثْلَنَا،(11/172)
وَقِيلَ: لَيْسَ مُتَخَلِّقاً بأَخلاقنا وَلَا عَامِلًا بِسُنَّتِنا، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا
؛ قَالَ: مَعْنَاهُ وَكَمْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَدَّخِر رِزْقَهَا إِنما تُصْبح فَيَرْزُقُهَا اللَّهُ. والحِمْل: مَا حُمِل، وَالْجَمْعُ أَحْمَال، وحَمَلَه عَلَى الدَّابَّةِ يَحْمِلُه حَمْلًا. والحُمْلان: مَا يُحْمَل عَلَيْهِ مِنَ الدَّواب فِي الهِبَة خَاصَّةً. الأَزهري: وَيَكُونُ الحُمْلان أَجْراً لِمَا يُحْمَل. وحَمَلْت الشيءَ عَلَى ظَهْرِي أَحْمِلُه حَمْلًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا
؛ أَي وِزْراً. وحَمَلَه عَلَى الأَمر يَحْمِلُه حَمْلًا فانْحَمَلَ: أَغْراه بِهِ؛ وحَمَّلَه عَلَى الأَمر تَحْمِيلًا وحِمَّالًا فَتَحَمَّلَه تَحَمُّلًا وتِحِمَّالًا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَرادوا فِي الفِعَّال أَن يَجِيئُوا بِهِ عَلَى الإِفْعال فَكَسَرُوا أَوله وأَلحقوا الأَلف قَبْلَ آخِرِ حَرْفٍ فِيهِ، وَلَمْ يُرِيدُوا أَن يُبْدِلوا حَرْفًا مَكَانَ حَرْفٍ كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَفْعَل واسْتَفْعَل. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمَلِكِ فِي هَدْم الْكَعْبَةِ وَمَا بَنَى ابنُ الزُّبَيْر مِنْهَا: وَدِدت أَني تَرَكْتُه وَمَا تَحَمَّل مِنَ الإِثم فِي هَدْم الْكَعْبَةِ وَبِنَائِهَا.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ
، قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى يَحْمِلْنها يَخُنَّها، والأَمانة هُنَا: الْفَرَائِضُ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ عَلَى آدَمَ وَالطَّاعَةُ وَالْمَعْصِيَةُ، وَكَذَا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ والإِنسان هُنَا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ، وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي الْآيَةِ: إِن حَقِيقَتَهَا، وَاللَّهُ أَعلم، أَن اللَّهَ تَعَالَى ائْتَمَن بَنِي آدَمَ عَلَى مَا افْتَرَضَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ طَاعَتِهِ وأْتَمَنَ السَّمَاوَاتِ والأَرض وَالْجِبَالَ بِقَوْلِهِ: ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ؛ فَعَرَّفنا اللَّهُ تَعَالَى أَن السَّمَاوَاتِ والأَرض لَمْ تَحْمِل الأَمانة أَي أَدَّتْها؛ وَكُلُّ مَنْ خَانَ الأَمانة فَقَدْ حَمَلَها، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ أَثم فَقَدْ حَمَلَ الإِثْم؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ
، الْآيَةَ، فأَعْلم اللهُ تَعَالَى أَن مَنْ بَاءَ بالإِثْم يُسَمَّى حَامِلًا للإِثم والسماواتُ والأَرض أَبَيْن أَن يَحْمِلْنها، يَعْنِي الأَمانة. وأَدَّيْنَها، وأَداؤها طاعةُ اللَّهِ فِيمَا أَمرها بِهِ والعملُ بِهِ وتركُ الْمَعْصِيَةِ، وحَمَلها الإِنسان، قَالَ الْحَسَنُ: أَراد الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ حَمَلا الأَمانة أَي خَانَا وَلَمْ يُطِيعا، قَالَ: فَهَذَا الْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعلم، صَحِيحٌ وَمَنْ أَطاع اللَّهَ مِنَ الأَنبياء والصِّدِّيقين وَالْمُؤْمِنِينَ فَلَا يُقَالُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولًا، قَالَ: وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ مَا يَتْلُو هَذَا مِنْ قَوْلُهُ: لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ، إِلى آخِرِهَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَا عَلِمْتُ أَحداً شَرَح مِنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا شَرَحَهُ أَبو إِسحاق؛ قَالَ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ فِي حَمْل الأَمانة إِنه خِيَانَتُها وَتَرْكُ أَدائها قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذا أَنت لَمْ تَبْرَح تُؤَدِّي أَمانة، ... وتَحْمِل أُخْرَى، أَفْرَحَتْك الودائعُ
أَراد بِقَوْلِهِ وتَحْمِل أُخرى أَي تَخُونها وَلَا تؤَدِّيها، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ أَفْرَحَتْك الْوَدَائِعُ أَي أَثْقَلَتْك الأَمانات الَّتِي تَخُونُهَا وَلَا تُؤَدِّيها. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنَّما عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أُوحيَ إِليه وكُلِّف أَن يُنَبِّه عَلَيْهِ، وَعَلَيْكُمْ أَنتم الاتِّباع. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لَا تُنَاظِروهم بِالْقُرْآنِ فإِن الْقُرْآنَ حَمَّال ذُو وُجُوه
أَي يُحْمَل عَلَيْهِ كُلُّ تأْويل فيحْتَمِله، وَذُو وُجُوهٍ أَي ذُو مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ. الأَزهري: وَسَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الإِثْم حِمْلًا فَقَالَ: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى
؛ يَقُولُ: وإِن تَدْعُ نَفْسٌ مُثْقَلة بأَوزارها ذَا قَرابة لَهَا إِلى أَن يَحْمِل مِنْ أَوزارها شَيْئًا لَمْ يَحْمِل مِنْ أَوزارها شَيْئًا. وَفِي حَدِيثِ الطِّهَارَةِ:
إِذا كَانَ الْمَاءُ(11/175)
قُلَّتَيْن لَمْ يَحْمِل الخَبَث
أَي لَمْ يُظْهِرْهُ وَلَمْ يَغْلب الخَبَثُ عَلَيْهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ يَحْمِل غَضَبه «1» أَي لَا يُظْهِره؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْمَعْنَى أَن الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ بِوُقُوعِ الْخَبَثِ فِيهِ إِذا كَانَ قُلَّتَين، وَقِيلَ: مَعْنَى لَمْ يَحْمل خَبَثًا أَنه يَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ، كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ لَا يَحْمِل الضَّيْم إِذا كَانَ يأْباه وَيَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه إِذا كَانَ قُلَّتَين لَمْ يَحْتَمِل أَن يَقَعَ فِيهِ نَجَاسَةٌ لأَنه يَنْجُسُ بِوُقُوعِ الْخَبَثِ فِيهِ، فَيَكُونُ عَلَى الأَول قَدْ قَصَدَ أَوَّل مَقَادِيرِ الْمِيَاهِ الَّتِي لَا تَنْجُسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهَا، وَهُوَ مَا بَلَغَ القُلَّتين فَصَاعِدًا، وَعَلَى الثَّانِي قَصْدُ آخِرِ الْمِيَاهِ الَّتِي تَنْجُسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهَا، وَهُوَ مَا انْتَهَى فِي القلَّة إِلى القُلَّتَين، قَالَ: والأَول هُوَ الْقَوْلُ، وَبِهِ قَالَ مَنْ ذَهَبَ إِلى تَحْدِيدِ الْمَاءِ بالقُلَّتَيْن، فأَما الثَّانِي فَلَا. واحْتَمَلَ الصَّنِيعَةَ: تَقَلَّدها وَشَكَرها، وكُلُّه مِنَ الحَمْل. وحَمَلَ فُلَانًا وتَحَمَّلَ بِهِ وَعَلَيْهِ «2» فِي الشَّفَاعَةِ وَالْحَاجَةِ: اعْتَمد. والمَحْمِل، بِفَتْحِ الْمِيمِ: المُعْتَمَد، يُقَالُ: مَا عَلَيْهِ مَحْمِل، مِثْلَ مَجْلِس، أَي مُعْتَمَد. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسٍ: تَحَمَّلْت بعَليّ عَلَى عُثْمان فِي أَمر
أَي اسْتَشْفَعْتُ بِهِ إِليه. وتَحامل فِي الأَمر وَبِهِ: تَكَلَّفه عَلَى مَشَقَّةٍ وإِعْياءٍ. وتَحَامَلَ عَلَيْهِ: كَلَّفَه مَا لَا يُطِيق. واسْتَحْمَلَه نَفْسَه: حَمَّله حَوَائِجَهُ وأُموره؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وَمَنْ لَا يَزَلْ يَسْتَحْمِلُ الناسَ نَفْسَه، ... وَلَا يُغْنِها يَوْماً مِنَ الدَّهْرِ، يُسْأَم
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا أَمَرَنا بِالصَّدَقَةِ انْطَلَقَ أَحَدُنا إِلى السُّوقِ فَتَحَامَلَ
أَي تَكَلَّف الحَمْل بالأُجْرة ليَكْسِب مَا يتصدَّق بِهِ. وتَحَامَلْت الشيءَ: تَكَلَّفته عَلَى مَشَقَّة. وتَحامَلْت عَلَى نَفْسِي إِذا تَكَلَّفت الشيءَ عَلَى مَشَقَّةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
كُنَّا نُحَامِلُ عَلَى ظُهُورِنَا
أَي نَحْمِل لِمَنْ يَحْمِل لَنَا، مِنَ المُفاعَلَة، أَو هُوَ مِنَ التَّحامُل. وَفِي حَدِيثِ الفَرَع والعَتِيرة:
إِذا اسْتَحْمَلَ ذَبَحْته فَتَصَدَّقت بِهِ
أَي قَوِيَ عَلَى الحَمْل وأَطاقه، وَهُوَ اسْتَفْعل مِنَ الحَمْل؛ وَقَوْلُ يَزِيدُ بْنُ الأَعور الشَّنِّي:
مُسْتَحْمِلًا أَعْرَفَ قَدْ تَبَنَّى
يُرِيدُ مُسْتَحْمِلًا سَناماً أَعْرَف عَظِيماً. وَشَهْرٌ مُسْتَحْمِل: يَحْمِل أَهْلَه فِي مَشَقَّةٍ لَا يَكُونُ كَمَا يَنْبَغِي أَن يَكُونَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ إِذا نَحَر هِلال شَمالًا «3» كَانَ شَهْرًا مُسْتَحْمِلًا. وَمَا عَلَيْهِ مَحْمِل أَي مَوْضِعٌ لِتَحْمِيلِ الْحَوَائِجِ. وَمَا عَلَى الْبَعِيرِ مَحْمِل مِنْ ثِقَل الحِمْل. وحَمَلَ عَنْهُ: حَلُم. ورَجُل حَمُول: صاحِب حِلْم. والحَمْل، بِالْفَتْحِ: مَا يُحْمَل فِي الْبَطْنِ مِنَ الأَولاد فِي جَمِيعِ الْحَيَوَانِ، وَالْجَمْعُ حِمَال وأَحْمَال. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَ
. وحَمَلْت المرْأَةُ والشجرةُ تَحْمِلُ حَمْلًا: عَلِقَت. وَفِي التَّنْزِيلِ: حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً
؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: حَمَلَتْه وَلَا يُقَالُ حَمَلَتْ بِهِ إِلَّا أَنه كَثُرَ حَمَلَتِ المرأَة بِوَلَدِهَا؛ وأَنشد لأَبي كَبِيرٍ الهذلي:
حَمَلَتْ بِهِ، فِي لَيْلَةٍ، مَزْؤُودةً ... كَرْهاً، وعَقْدُ نِطاقِها لَمْ يُحْلَل
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
حَمَلَتْهُ أُمُّه كَرْهاً
، وكأَنه
__________
(1) . قوله [فلان يحمل غضبه إلخ] هكذا في الأصل ومثله في النهاية، ولعل المناسب لا يحمل أو يظهر، بإسقاط لا
(2) . قوله [وتَحَمَّلَ به وعليه] عبارة الأَساس: وتَحَمَّلْتُ بفلان على فلان أَيِ اسْتَشْفَعْتُ بِهِ إِليه
(3) . قوله [نحر هلال شمالًا] عبارة الأَساس: نحر هلالًا شمال(11/176)
إِنما جَازَ حَمَلَتْ بِهِ لَمَا كَانَ فِي مَعْنَى عَلِقَت بِهِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ، لَمَا كَانَ فِي مَعْنَى الإِفضاء عُدِّي بإِلى. وامرأَة حَامِل وحَامِلَة، عَلَى النَّسَبِ وَعَلَى الْفِعْلِ. الأَزهري: امرأَة حَامِل وحَامِلَة إِذا كَانَتْ حُبْلى. وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا كَانَ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنِ حَسَّانَ وَيُرْوَى لِخَالِدِ بْنِ حَقٍّ:
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ لَهُ بِيَوْمٍ ... أَنى، ولِكُلِّ حَامِلَة تَمام
فَمَنْ قَالَ حَامِل، بِغَيْرِ هَاءٍ، قَالَ هَذَا نَعْتٌ لَا يَكُونُ إِلا لِلْمُؤَنَّثِ، وَمَنْ قَالَ حَامِلَة بَنَاهُ عَلَى حَمَلَتْ فَهِيَ حَامِلَة، فإِذا حَمَلَتْ المرأَةُ شَيْئًا عَلَى ظَهْرِهَا أَو عَلَى رأْسها فَهِيَ حَامِلَة لَا غَيْرَ، لأَن الْهَاءَ إِنما تَلْحَقُ لِلْفَرْقِ فأَما مَا لَا يَكُونُ لِلْمُذَكَّرِ فَقَدِ اسْتُغني فِيهِ عَنْ عَلَامَةِ التأْنيث، فإِن أُتي بِهَا فإِنما هُوَ عَلَى الأَصل، قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَهل الْكُوفَةِ، وأَما أَهل الْبَصْرَةِ فإِنهم يَقُولُونَ هَذَا غَيْرُ مُسْتَمِرٍّ لأَن الْعَرَبَ قَالَتْ رَجُل أَيِّمٌ وامرأَة أَيّم، وَرَجُلٌ عَانِسٌ وامرأَة عَانِسٌ، عَلَى الِاشْتِرَاكِ، وَقَالُوا امرأَة مُصْبِيَة وكَلْبة مُجْرِية، مَعَ غَيْرِ الِاشْتِرَاكِ، قَالُوا: وَالصَّوَابُ أَن يُقَالَ قَوْلُهُمْ حَامِل وَطَالِقٌ وَحَائِضٌ وأَشباه ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي لَا عَلَامَةَ فِيهَا للتأْنيث، فإِنما هِيَ أَوْصاف مُذَكَّرة وُصِفَ بِهَا الإِناث، كَمَا أَن الرَّبْعَة والرَّاوِية والخُجَأَة أَوصاف مُؤَنَّثَةٌ وُصِفَ بِهَا الذُّكْران؛ وَقَالُوا: حَمَلَتِ الشاةُ والسَّبُعة وَذَلِكَ فِي أَول حَمْلِها، عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَحْدَهُ. والحَمْل: ثَمَرُ الشَّجَرَةِ، وَالْكَسْرُ فِيهِ لُغَةٌ، وشَجَر حَامِلٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا ظَهر مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرَةِ فَهُوَ حِمْل، وَمَا بَطَن فَهُوَ حَمْل، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَا ظَهَرَ، وَلَمْ يُقَيِّده بِقَوْلِهِ مِنْ حَمْل الشَّجَرَةِ وَلَا غَيْرِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ الحَمْل مَا كَانَ فِي بَطْنٍ أَو عَلَى رأْس شَجَرَةٍ، وَجَمْعُهُ أَحْمَال. والحِمْل بِالْكَسْرِ: مَا حُمِل عَلَى ظَهْرٍ أَو رأْس، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ مَا كَانَ لَازِمًا لِلشَّيْءِ فَهُوَ حَمْل، وَمَا كَانَ بَائِنًا فَهُوَ حِمْل؛ قَالَ: وَجَمْعُ الحِمْل أَحْمَال وحُمُول؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَجَمْعُ الحَمْلِ حِمَال. وَفِي حَدِيثِ بِنَاءِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ:
هَذَا الحِمَال لَا حِمَال خَيْبَر
، يَعْنِي ثَمَرَ الْجَنَّةِ أَنه لَا يَنْفَد. ابْنُ الأَثير: الحِمَال، بِالْكَسْرِ، مِنَ الحَمْل، وَالَّذِي يُحْمَل مِنْ خَيْبَرَ هُوَ التَّمْرُ أَي أَن هَذَا فِي الْآخِرَةِ أَفضل مِنْ ذَاكَ وأَحمد عَاقِبَةً كأَنه جَمْعُ حِمْل أَو حَمْل، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَصْدَرَ حَمَلَ أَو حَامَلَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: فأَيْنَ الحِمَال؟
يُرِيدُ مَنْفَعَةَ الحَمْل وكِفايته، وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بالحَمْل الَّذِي هُوَ الضَّمَانُ. وَشَجَرَةٌ حَامِلَة: ذَاتُ حَمْل. التَّهْذِيبُ: حَمْل الشَّجَرِ وحِمْله. وَذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَن حَمْل الشَّجَرِ فِيهِ لُغَتَانِ: الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَما حَمْل البَطْن فَلَا خِلَافَ فِيهِ أَنه بِفَتْحِ الْحَاءِ، وأَما حَمْل الشَّجَرِ فَفِيهِ خِلَافٌ، مِنْهُمْ مَنْ يَفْتَحُهُ تَشْبِيهًا بحَمْل الْبَطْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُهُ يُشْبِهُهُ بِمَا يُحْمل عَلَى الرأْس، فكلُّ مُتَّصِلٍ حَمْل وكلُّ مُنْفَصِلٍ حِمْل، فحَمْل الشَّجَرَةِ مُشَبَّه بحَمْل المرأَة لِاتِّصَالِهِ، فَلِهَذَا فُتِح، وَهُوَ يُشْبه حَمْل الشَّيْءِ عَلَى الرأْس لبُروزه وَلَيْسَ مستبِطناً كَحَمْل المرأَة، قال: وجمع الحَمْل أَحْمَال؛ وَذَكَرَ ابْنُ الأَعرابي أَنه يُجْمَعُ أَيضاً عَلَى حِمَال مِثْلَ كَلْبٍ وَكِلَابٍ. والحَمَّال: حامِل الأَحْمال، وحِرْفته الحِمَالَة. وأَحْمَلْتُهُ أَي أَعَنْته عَلَى الحَمل، والحَمَلَة جَمْعُ الحَامِل، يُقَالُ: هُمْ حَمَلَة الْعَرْشِ وحَمَلَة الْقُرْآنِ. وحَمِيل السَّيْل: مَا يَحْمِل مِنَ الغُثاء وَالطِّينِ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ فِي وَصْفِ قَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ:
فَيُلْقَون فِي نَهَرٍ(11/177)
فِي الْجَنَّةِ فَيَنْبُتُون كَمَا تَنْبُت الحِبَّة فِي حَمِيل السَّيْل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَا يَجِيءُ بِهِ السَّيْلُ، فَعيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، فإِذا اتَّفَقَتْ فِيهِ حِبَّة واستقرَّت عَلَى شَطِّ مجرَى السَّيْلِ فإِنها تَنْبُتُ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فشُبِّه بِهَا سُرْعَةُ عَوْد أَبدانهم وأَجسامهم إِليهم بَعْدَ إِحراق النَّارِ لَهَا؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّة فِي حَمَائِل السَّيْلِ
، وَهُوَ جَمْعُ حَمِيل. والحَوْمل: السَّيْل الصَّافِي؛ عَنِ الهَجَري؛ وأَنشد:
مُسَلْسَلة المَتْنَيْن لَيْسَتْ بَشَيْنَة، ... كأَنَّ حَباب الحَوْمَل الجَوْن ريقُها
وحَميلُ الضَّعَة والثُّمام والوَشِيج والطَّريفة والسَّبَط: الدَّوِيل الأَسود مِنْهُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَمِيل بَطْن السَّيْلِ وَهُوَ لَا يُنْبِت، وَكُلُّ مَحْمول فَهُوَ حَمِيل. والحَمِيل: الَّذِي يُحْمَل مِنْ بَلَدِهِ صَغِيراً وَلَمْ يُولَد فِي الإِسلام؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي كِتَابِهِ إِلى شُرَيْح: الحَمِيل لَا يُوَرَّث إِلا بِبَيِّنة
؛ سُمِّي حَميلًا لأَنه يُحْمَل صَغِيرًا مِنْ بِلَادِ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُولَدْ فِي الإِسلام، وَيُقَالُ: بَلْ سُمِّي حَمِيلًا لأَنه مَحْمُولُ النَّسَبِ، وَذَلِكَ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لإِنسان: هَذَا أَخي أَو ابْنِي، لِيَزْوِي ميراثَه عَنْ مَوالِيه فَلَا يُصَدَّق إِلَّا ببيِّنة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَمِيل الْوَلَدُ فِي بَطْنِ أُمه إِذا أُخِذَت مِنْ أَرض الشِّرْكِ إِلى بِلَادِ الإِسلام فَلَا يُوَرَّث إِلا بِبيِّنة. والحَمِيل: الْمَنْبُوذُ يحْمِله قَوْمٌ فيُرَبُّونه. والحَمِيل: الدَّعِيُّ؛ قَالَ الكُميت يُعَاتِبُ قُضاعة فِي تَحوُّلهم إِلى الْيَمَنِ بِنَسَبِهِمْ:
عَلامَ نَزَلْتُمُ مِنْ غَيْرِ فَقْر، ... وَلَا ضَرَّاءَ، مَنْزِلَة الحَمِيل؟
والحَمِيل: الغَريب. والحِمَالَة، بِكَسْرِ الْحَاءِ، والحَمِيلَة: عِلاقة السَّيف وَهُوَ المِحْمَل مِثْلَ المِرْجَل، قَالَ:
عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلي
وَهُوَ السَّيْر الَّذِي يُقَلَّده المُتَقَلِّد؛ وَقَدْ سَمَّاهُ «1» ذُو الرُّمَّةِ عِرْق الشَّجَر فَقَالَ:
تَوَخَّاه بالأَظلاف، حَتَّى كأَنَّما ... يُثِرْنَ الكُبَاب الجَعْدَ عَنْ مَتْنِ مِحْمَل
وَالْجَمْعُ الحَمَائِل. وَقَالَ الأَصمعي: حَمَائِل السَّيْفِ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا وإِنما وَاحِدُهَا مِحْمَل؛ التَّهْذِيبُ: جَمْعُ الحِمَالَة حَمَائِل، وَجَمْعُ المِحْمَل مَحَامِل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
دَرَّتْ دُموعُك فَوْقَ ظَهْرِ المِحْمَل
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحِمَالَة لِلْقَوْسِ بِمَنْزِلَتِهَا لِلسَّيْفِ يُلْقيها المُتَنَكِّب فِي مَنْكِبه الأَيمن وَيُخْرِجُ يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْهَا فَيَكُونُ الْقَوْسُ فِي ظَهْرِهِ. والمَحْمِل: وَاحِدُ مَحَامِل الحَجَّاج «2» . قَالَ الرَّاجِزُ:
أَوَّل عَبْد عَمِل المَحَامِلا
والمِحْمَل: الَّذِي يُرْكَبُ عَلَيْهِ، بِكَسْرِ الْمِيمِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المِحْمَل شِقَّانِ عَلَى الْبَعِيرِ يُحْمَل فِيهِمَا العَدِيلانِ. والمِحْمَل والحَامِلَة: الزَّبِيل الَّذِي يُحْمَل فِيهِ العِنَب إِلى الجَرين. واحْتَمَلَ القومُ وتَحَمَّلُوا: ذَهَبُوا وارتحلوا.
__________
(1) . قوله: سمَّاه؛ هكذا في الأَصل، ولعله أراد سمى به عرقَ الشجر
(2) . قوله [والمَحْمِل وَاحِدُ مَحَامِل الْحَجَّاجِ] ضبطه في القاموس كمجلس، وقال شارحه: ضبط في نسخ المحكم كمنبر وعليه علامة الصحة، وعبارة المصباح: والمحمل وزان مجلس الهودج ويجوز محمل وزان مقود. وقوله [الحجاج] قال شارح القاموس: ابن يوسف الثقفي أول من اتخذها، وتمام البيت:
أخزاه ربي عاجلًا وآجلا(11/178)
والحَمُولَة، بِالْفَتْحِ: الإِبل الَّتِي تَحْمِل. ابْنُ سِيدَهْ: الحَمُولَة كُلُّ مَا احْتَمَل عَلَيْهِ الحَيُّ مِنْ بَعِيرٍ أَو حِمَارٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَيْهَا أَثقال أَو لَمْ تَكُنْ، وفَعُول تَدْخُلُهُ الْهَاءُ إِذا كَانَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ تَحْرِيمِ الْحُمُرِ الأَهلية، قِيلَ:
لأَنها حَمُولَة النَّاسِ
؛ الحَمُولَة، بِالْفَتْحِ، مَا يَحْتَمِل عَلَيْهِ الناسُ مِنَ الدَّوَابِّ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَيْهَا الأَحمال أَو لَمْ تَكُنْ كالرَّكُوبة. وَفِي حَدِيثِ
قَطَن: والحَمُولَة الْمَائِرَةُ لَهُمْ لاغِية
أَي الإِبل الَّتِي تَحْمِل المِيرَة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً
؛ يَكُونُ ذَلِكَ لِلْوَاحِدِ فَمَا فَوْقَهُ. والحُمُول والحُمُولَة، بِالضَّمِّ: الأَجمال الَّتِي عَلَيْهَا الأَثقال خَاصَّةً. والحُمُولة: الأَحمال «1» بأَعيانها. الأَزهري: الحُمُولَة الأَثقال. والحَمُولة: مَا أَطاق العَمل والحَمْل. والفَرْشُ: الصِّغار. أَبو الْهَيْثَمِ: الحَمُولة مِنَ الإِبل الَّتِي تَحْمِل الأَحمال عَلَى ظُهُورِهَا، بِفَتْحِ الْحَاءِ، والحُمُولة، بِضَمِّ الْحَاءِ: الأَحمال الَّتِي تُحْمَل عَلَيْهَا، وَاحِدُهَا حِمْل وأَحْمَال وحُمُول وحُمُولَة، قَالَ: فأَما الحُمُر والبِغال فَلَا تَدْخُلُ فِي الحَمُولة. والحُمُول: الإِبل وَمَا عَلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ كَانَتْ لَهُ حُمُولَة يأْوي إِلى شِبَع فليَصُمْ رَمَضَانَ حَيْثُ أَدركه
؛ الحُمُولة، بِالضَّمِّ: الأَحمال، يَعْنِي أَنه يَكُونُ صَاحِبَ أَحمال يُسَافِرُ بِهَا. والحُمُول، بِالضَّمِّ بِلَا هَاءٍ: الهَوادِج كَانَ فِيهَا النِّسَاءُ أَو لَمْ يَكُنْ، وَاحِدُهَا حِمْل، وَلَا يُقَالُ حُمُول مِنَ الإِبل إِلّا لِمَا عَلَيْهِ الهَوادِج، والحُمُولَة والحُمُول وَاحِدٌ؛ وأَنشد:
أَحَرْقاءُ للبَيْنِ اسْتَقَلَّت حُمُولُها
والحُمُول أَيضاً: مَا يَكُونُ عَلَى الْبَعِيرِ. اللَّيْثُ: الحَمُولة الإِبل الَّتِي تُحْمَل عَلَيْهَا الأَثقال. والحُمُول: الإِبل بأَثقالها؛ وأَنشد لِلنَّابِغَةِ:
أَصاح تَرَى، وأَنتَ إِذاً بَصِيرٌ، ... حُمُولَ الحَيِّ يَرْفَعُها الوَجِينُ
وَقَالَ أَيضاً:
تَخالُ بِهِ رَاعِيَ الحَمُولَة طَائِرًا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الحُمُول الَّتِي عَلَيْهَا الْهَوَادِجُ كَانَ فِيهَا نِسَاءٌ أَو لَمْ يَكُنِ: الأَصل فِيهَا الأَحْمَال ثُمَّ يُتَّسَع فِيهَا فتُوقَع عَلَى الإِبل الَّتِي عَلَيْهَا الْهَوَادِجُ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
يَا هَلْ أُرِيكَ حُمُول الحَيِّ غادِيَةً، ... كالنَّخْل زَيَّنَها يَنْعٌ وإِفْضاخُ
شَبَّه الإِبل بِمَا عَلَيْهَا مِنَ الْهَوَادِجِ بِالنَّخْلِ الَّذِي أَزهى؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي الأَحْمَال وَجَعَلَهَا كالحُمُول:
مَا اهْتَجْتُ حَتَّى زُلْنَ بالأَحْمَال، ... مِثْلَ صَوادِي النَّخْل والسَّيَال
وَقَالَ الْمُتَنَخِّلُ:
ذَلِكَ مَا دِينُك إِذ جُنِّبَتْ ... أَحْمَالُها، كالبُكُر المُبْتِل
عِيرٌ عَلَيْهِنَّ كِنانِيَّةٌ، ... جارِية كالرَّشَإِ الأَكْحَل
فأَبدل عِيراً مِنْ أَحمالها؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ فِي الحُمُول أَيضاً:
وحَدِّثْ بأَن زَالَتْ بَلَيْلٍ حُمُولُهم، ... كنَخْل مِنَ الأَعْراض غَيْرِ مُنَبَّق
__________
(1) . قوله [والحُمُولَة الأَحمال] قال شارح القاموس: ضبطه الصاغاني والجوهري بالضم ومثله في المحكم، ومقتضى صنيع القاموس أنه بالفتح(11/179)
قَالَ: وَتَنْطَلِقُ الحُمُول أَيضاً عَلَى النِّسَاءِ المُتَحَمِّلات كَقَوْلِ مُعَقِّر:
أَمِنْ آلِ شَعْثاءَ الحُمُولُ البواكِرُ، ... مَعَ الصُّبْحِ، قَدْ زَالَتْ بِهِنَّ الأَباعِرُ؟
وَقَالَ آخَرُ:
أَنَّى تُرَدُّ ليَ الحُمُول أَراهُم، ... مَا أَقْرَبَ المَلْسُوع مِنْهُ الدَّاءُ
وَقَوْلُ أَوس:
وَكَانَ لَهُ العَيْنُ المُتاحُ حُمُولَة
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: كأَنَّ إِبله مُوقَرَةٌ مِنْ ذَلِكَ. وأَحْمَلَه الحِمْل: أَعانه عَلَيْهِ، وحَمَّلَه: فَعَل ذَلِكَ بِهِ. وَيَجِيءُ الرجلُ إِلى الرَّجُلِ إِذا انْقُطِع بِهِ فِي سَفَرٍ فَيَقُولُ لَهُ: احْمِلْني فَقَدْ أُبْدِع بِي أَي أَعْطِني ظَهْراً أَركبه، وإِذا قَالَ الرَّجُلُ أَحْمِلْني، بِقَطْعِ الأَلف، فَمَعْنَاهُ أَعنِّي عَلَى حَمْل مَا أَحْمِله. وَنَاقَةٌ مُحَمَّلَة: مُثْقَلة. والحَمَالة، بِالْفَتْحِ: الدِّيَة والغَرامة الَّتِي يَحْمِلها قَوْمٌ عَنْ قَوْمٍ، وَقَدْ تُطْرَحُ مِنْهَا الْهَاءُ. وتَحَمَّلَ الحَمَالَة أَي حَمَلَها. الأَصمعي: الحَمَالة الغُرْم تَحْمِله عَنِ الْقَوْمِ ونَحْو ذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ، وَيُقَالُ أَيضاً حَمَال؛ قَالَ الأَعشَى:
فَرْع نَبْعٍ يَهْتَزُّ في غُصُنِ المَجْدِ، ... عَظِيمُ النَّدَى، كَثِير الحَمَال
وَرَجُلٌ حَمَّال: يَحْمِل الكَلَّ عَنِ النَّاسِ. الأَزهري: الحَمِيل الكَفِيل. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحَمِيل غارِمٌ
؛ هُوَ الْكَفِيلُ أَي الكَفِيل ضَامِنٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: كَانَ لَا يَرى بأْساً فِي السَّلَم بالحَمِيل
أَي الْكَفِيلِ. الْكِسَائِيُّ: حَمَلْت بِهِ حَمَالة كَفَلْت بِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحِلُّ المسأَلة إِلا لِثَلَاثَةٍ، ذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلٌ تَحَمَّل حَمالة عَنْ قَوْمٍ
؛ هِيَ بِالْفَتْحِ مَا يَتَحَمَّله الإِنسان عَنْ غَيْرِهِ مِنْ دِيَة أَو غَرامة مِثْلَ أَن تَقَعَ حَرْب بَيْنَ فَرِيقين تُسْفَك فِيهَا الدِّمَاءُ، فَيَدْخُلُ بَيْنَهُمْ رَجُلٌ يَتَحَمَّل دِياتِ القَتْلى ليُصْلِح ذاتَ البَيْن، والتَّحَمُّل: أَن يَحْمِلها عَنْهُمْ عَلَى نَفْسِهِ ويسأَل النَّاسَ فِيهَا. وقَتَادَةُ صاحبُ الحَمَالَة؛ سُمِّي بِذَلِكَ لأَنه تَحَمَّل بحَمالات كَثِيرَةٍ فسأَل فِيهَا وأَدَّاها. والحَوامِل: الأَرجُل. وحَوامِل القَدَم وَالذِّرَاعِ: عَصَبُها، وَاحِدَتُهَا حَامِلَة. ومَحامِل الذَّكَرِ وحَمَائِلُه: العروقُ الَّتِي فِي أَصله وجِلْدُه؛ وَبِهِ فسَّر الهَرَوي قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ عَذَابِ الْقَبْرِ:
يُضْغَط الْمُؤْمِنُ فِي هَذَا، يُرِيدُ الْقَبْرَ، ضَغْطَة تَزُول مِنْهَا حَمَائِلُه
؛ وَقِيلَ: هِيَ عُرُوقٌ أُنْثَييه، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَن يُرَادَ مَوْضِعُ حَمَائِل السَّيْفِ أَي عَوَاتِقُهُ وأَضلاعه وَصَدْرُهُ. وحَمَلَ بِهِ حَمَالَة: كَفَل. يُقَالُ: حَمَلَ فُلَانٌ الحِقْدَ عَلَى نَفْسِهِ إِذا أَكنه فِي نَفْسِهِ واضْطَغَنَه. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا اسْتَخَفَّه الغضبُ: قَدِ احتُمِلَ وأُقِلَّ؛ قَالَ الأَصمَعي فِي الْغَضَبِ: غَضِب فُلَانٌ حَتَّى احتُمِلَ. وَيُقَالُ لِلَّذِي يَحْلُم عَمَّنْ يَسُبُّه: قَدِ احْتُمِلَ، فَهُوَ مُحْتَمَل؛ وَقَالَ الأَزهري فِي قول الجَعْدي:
كلبابى حس ما مَسَّهُ، ... وأَفانِين فُؤَادٍ مُحْتَمَل»
. أَي مُسْتَخَفٍّ مِنَ النَّشَاطِ، وَقِيلَ غَضْبَانُ، وأَفانِين فُؤَادٍ: ضُروبُ نَشَاطِهِ. واحْتُمِل الرَّجُلُ: غَضِب. الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ: احْتُمِل إِذا غَضِبَ، وَيَكُونُ
__________
(2) . قوله [كلبابى إلخ] هكذا في الأَصل من غير نقط ولا ضبط(11/180)
بِمَعْنَى حَلُم. وحَمَلْت بِهِ حَمَالة أَي كَفَلْت، وحَمَلْت إِدْلاله واحْتَمَلْت بِمَعْنًى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَدَلَّتْ فَلَمْ أَحْمِل، وَقَالَتْ فَلَمْ أُجِبْ، ... لَعَمْرُ أَبيها إِنَّني لَظَلُوم
والمُحَامِل: الَّذِي يَقْدِر عَلَى جَوَابِكَ فَيَدَعُه إِبقاء عَلَى مَوَدَّتِك، والمُجامِل: الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى جَوَابِكَ فَيَتْرُكُهُ ويَحْقِد عَلَيْكَ إِلى وَقْتٍ مَا. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَحْمِل أَي يَظْهَرُ غَضَبُهُ. والمُحْمِل مِنَ النِّسَاءِ والإِبل: الَّتِي يَنْزِل لبنُها مِنْ غَيْرِ حَبَل، وَقَدْ أَحْمَلَت. والحَمَل: الخَرُوف، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ وَلَدِ الضأْن الجَذَع فَمَا دُونَهُ، وَالْجَمْعُ حُمْلان وأَحْمَال، وَبِهِ سُمِّيت الأَحْمَال، وَهِيَ بُطُونٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ. والحَمَل: السَّحَابُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ. والحَمَل: بُرْج مِنْ بُروج السَّمَاءِ، هُوَ أَوَّل الْبُرُوجِ أَوَّلُه الشَّرَطانِ وَهُمَا قَرْنا الحَمَل، ثُمَّ البُطَين ثَلَاثَةُ كَوَاكِبَ، ثُمَّ الثُّرَيَّا وَهِيَ أَلْيَة الحَمَل، هَذِهِ النُّجُومُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ تُسَمَّى حَمَلًا؛ قُلْتُ: وَهَذِهِ الْمَنَازِلُ وَالْبُرُوجُ قَدِ انْتَقَلَتْ، والحَمَل فِي عَصْرِنَا هَذَا أَوَّله مِنْ أَثناء الفَرْغ المُؤَخَّر، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ تَحْرِيرِ دَرَجه وَدَقَائِقِهِ. الْمُحْكَمُ: قَالَ ابْنُ سِيدَهْ قَالَ ابْنُ الأَعرابي يُقَالُ هَذَا حَمَلُ طَالِعًا، تَحْذِف مِنْهُ الأَلف وَاللَّامَ وأَنت تُرِيدُهَا، وتُبْقِي الِاسْمَ عَلَى تَعْرِيفِهِ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَسماء الْبُرُوجِ لَكَ أَن تُثْبِت فِيهَا الأَلف وَاللَّامَ وَلَكَ أَن تَحْذِفَهَا وأَنت تَنْويها، فتُبْقِي الأَسماء عَلَى تَعْرِيفِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ. والحَمَل: النَّوْءُ، قَالَ: وَهُوَ الطَّلِيُّ. يُقَالُ: مُطِرْنا بنَوْء الحَمَل وبِنَوْء الطَّلِيِّ؛ وَقَوْلُ المتنخِّل الْهُذَلِيُّ:
كالسُّحُل البِيضِ، جَلا لَوْنَها ... سَحُّ نِجاءِ الحَمَل الأَسْوَل
فُسِّر بِالسَّحَابِ الْكَثِيرِ الْمَاءِ، وفُسِّر بِالْبُرُوجِ، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ النِّجاء: السَّحَابُ الَّذِي نَشَأَ فِي نَوْءِ الحَمَل، قَالَ: وَقِيلَ فِي الحَمَل إِنه الْمَطَرُ الَّذِي يَكُونُ بنَوْءِ الحَمَل، وَقِيلَ: النِّجاء السَّحَابُ الَّذِي هَرَاق مَاءَهُ، وَاحِدُهُ نَجْوٌ، شَبَّه الْبَقَرَ فِي بَيَاضِهَا بالسُّحُل، وَهِيَ الثِّيَابُ الْبِيضُ، وَاحِدُهَا سَحْل؛ والأَسْوَل: المُسْتَرْخِي أَسفل الْبَطْنِ، شَبَّه السَّحَابَ الْمُسْتَرْخِيَ بِهِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: الحَمَل هَاهُنَا السَّحَابُ الأَسود وَيُقَوِّي قَوْلَهُ كَوْنُهُ وَصَفَهُ بالأَسْوَل وَهُوَ الْمُسْتَرْخِي، وَلَا يُوصَفُ النَّجْو بِذَلِكَ، وإِنما أَضاف النِّجَاء إِلى الحَمَل، والنِّجاءُ: السحابُ لأَنه نَوْعٌ مِنْهُ كَمَا تَقُولُ حَشَف التَّمْرُ لأَن الحَشَف نَوْعٌ مِنْهُ. وحَمَلَ عَلَيْهِ فِي الحَرْب حَمْلة، وحَمَلَ عَلَيْهِ حَمْلة مُنْكَرة، وشَدَّ شَدَّة مُنكَرة، وحَمَلْت عَلَى بَنِي فُلَانٍ إِذا أَرَّشْتَ بَيْنَهُمْ. وحَمَلَ عَلَى نَفْسِهِ فِي السَّيْر أَي جَهَدَها فِيهِ. وحَمَّلْتُه الرِّسَالَةَ أَي كلَّفته حَمْلَها. واسْتَحْمَلته: سأَلته أَن يَحْمِلني. وَفِي حَدِيثِ تَبُوكَ:
قَالَ أَبو مُوسَى أَرسلني أَصحابي إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَسْأَله الحُمْلان
؛ هُوَ مَصْدَرُ حَمَلَ يَحْمِلُ حُمْلاناً، وَذَلِكَ أَنهم أَنفذوه يَطْلُبُونَ شَيْئًا يَرْكَبُونَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ تَمَامُ الْحَدِيثِ
: قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنا حَمَلْتُكم وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلكم
، أَراد إِفْرادَ اللَّهِ بالمَنِّ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: أَراد لَمَّا سَاقَ اللَّهُ إِليه هَذِهِ الإِبل وَقْتَ حَاجَتِهِمْ كَانَ هُوَ الْحَامِلَ لَهُمْ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: كَانَ نَاسِيًا لِيَمِينِهِ أَنه لَا يَحْمِلهم فَلَمَّا أَمَر لَهُمْ بالإِبل قَالَ: مَا أَنا حَمَلْتكم وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكم، كَمَا
قَالَ لِلصَّائِمِ الَّذِي أَفطر نَاسِيًا: اللَّهُ أَطْعَمَك وسَقاك.(11/181)
وتَحَامَلَ عَلَيْهِ أَي مَالَ، والمُتَحَامَلُ قَدْ يَكُونُ مَوْضِعًا وَمَصْدَرًا، تَقُولُ فِي الْمَكَانِ هَذَا مُتَحَامَلُنا، وَتَقُولُ فِي الْمَصْدَرِ مَا فِي فُلَانٍ مُتَحَامَل أَي تَحامُل؛ والأَحْمَالُ فِي قَوْلِ جَرِيرٍ:
أَبَنِي قُفَيْرَةَ، مَنْ يُوَرِّعُ وِرْدَنا، ... أَم مَنْ يَقوم لشَدَّة الأَحْمال؟
قومٌ مِنْ بَنِي يَرْبُوع هُمْ ثَعْلَبَةُ وَعَمْرٌو والحرث. يُقَالُ: وَرَّعْت الإِبلَ عَنِ الْمَاءِ رَدَدْتها، وقُفَيْرة: جَدَّة الفَرَزْدَق «1» أُمّ صَعْصَعة بْنِ ناجِية بْنِ عِقَال. وحَمَلٌ: مَوْضِعٌ بالشأْم. الأَزهري: حَمَل اسْمُ جَبَل بِعَيْنِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
أَشْبِه أَبا أُمِّك أَو أَشْبِه حَمَل
قَالَ: حَمل اسْمُ جَبَلٍ فِيهِ جَبَلان يُقَالُ لَهُمَا طِمِرَّان؛ وَقَالَ:
كأَنَّها، وقَدْ تَدَلَّى النَّسْرَان، ... ضَمَّهُمَا مِنْ حَمَلٍ طِمِرَّان،
صَعْبان عَنْ شَمائلٍ وأَيمان
قَالَ الأَزهري: ورأَيت بِالْبَادِيَةِ حَمَلًا ذَلُولًا اسْمُهُ حَمال. وحَوْمَل: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أُمَيَّة بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
مِنَ الطَّاويات، خِلال الغَضَا، ... بأَجْماد حَوْمَلَ أَو بالمَطَالي
وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
بَيْنَ الدَّخُول فَحَوْمَلِ
إِنما صَرَفه ضَرُورَةً. وحَوْمَل: اسْمُ امرأَة يُضْرب بكَلْبتها المَثَل، يُقَالُ: أَجْوَع مِنْ كَلْبة حَوْمَل. والمَحْمُولة: حِنْطة غَبْراء كأَنها حَبُّ القُطْن لَيْسَ فِي الحِنْطة أَكبر مِنْهَا حَبًّا وَلَا أَضخم سُنْبُلًا، وَهِيَ كَثِيرَةُ الرَّيْع غَيْرَ أَنها لَا تُحْمَد فِي اللَّوْنِ وَلَا فِي الطَّعْم؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَدْ سَمَّتْ حَمَلًا وحُمَيلًا. وَبَنُو حُمَيْل: بَطْن؛ وَقَوْلُهُمْ:
ضَحِّ قَلِيلًا يُدْرِكِ الهَيْجَا حَمَل
إِنما يَعْنِي بِهِ حَمَل بْنَ بَدْر. والحِمَالة: فَرَس طُلَيْحَة بْنِ خُوَيلِد الأَسدي؛ وَقَالَ يَذْكُرُهَا:
عَوَيْتُ لَهُمْ صَدْرَ الحِمَالة، إِنَّها ... مُعاوِدَةٌ قِيلَ الكُمَاةِ نَزَالِ
فَيوْماً تَراها فِي الجِلال مَصُونَةً، ... ويَوْماً تَرَاهَا غيرَ ذاتِ جِلال
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ لَهَا الحِمَالَة الصُّغْرَى، وأَما الحِمَالة الْكُبْرَى فَهِيَ لِبَنِي سُلَيْم؛ وَفِيهَا يَقُولُ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاس:
أَما الحِمَالَة والقُرَيْظُ، فَقَدْ ... أَنْجَبْنَ مِنْ أُمٍّ ومن فَحْل
حمظل: الحَمْظَل: الحَنْظَل مِيمُهُ مُبْدَلَةٌ مِنْ نُونِ حَنْظَل. وحَمْظَل الرَّجلُ إِذا جَنَى الحَنْظَل، وَهُوَ الْحَمْظَلُ؛ ذَكَرَهُ ابن الأَعرابي.
حنبل: الحَنْبَل: الْقَصِيرُ الضَّخْم الْبَطْنِ، وَهُوَ أَيضاً الخُفُّ الخَلَق، وَقِيلَ: الفرْوُ الخَلَق، وأَطلقه بَعْضُهُمْ فَقَالَ هُوَ الفَرْو. والحَنْبَل والحِنْبَالة: الْبَحْرُ. والحَنْبَل والحِنْبَال والحِنْبَالة: الْقَصِيرُ الْكَثِيرُ اللَّحْمِ. والحُنْبُل: طَلْعُ أُمّ غَيْلان؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ أَبو
__________
(1) . قوله [وقفيرة جدّة الفرزدق] تقدم في ترجمة قفر أنها أُمه(11/182)
حَنِيفَةَ: أَخبرني أَعرابي مِنْ رَبِيعَةَ قَالَ: الحُنْبُل ثَمَر الْغَافِ وَهِيَ حُبْلة كَقُرُونِ الباقِلَّى، وَفِيهِ حَبٌّ، فإِذا جَفَّ كُسِر ورُمِيَ بحَبِّه الظَّاهِرِ وصُنِع مِمَّا تَحْتَهُ سَوِيق مِثْلَ سَوِيق النَّبِق إِلا أَنه دُونَهُ فِي الْحَلَاوَةِ. والحَنْبَل: اسْمُ رَجُلٍ. والحِنْبَال والحِنْبَالة: الْكَثِيرُ الْكَلَامِ. وحَنْبَل الرجلُ إِذا أَكثر مِنْ أَكل الحُنْبُل، وَهُوَ اللُّوبِيَاء. ابْنُ بَرِّيٍّ: والحَنْبَل مَوْضِعٌ بَيْنَ الْبَصْرَةِ ولِينَةَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فأَصبحت والمَلْقَى وَرَائِي وحَنْبَل، ... وَمَا فَتَرَتْ حَتَّى حَدَا النَّجْمَ غارِبُه
حنتل: مَا لِي عَنْهُ حُنْتَأْلٌ، بِهَمْزَةٍ مُسَكَّنَةٍ، أَي مَا لِي مِنْهُ بُدٌّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا وَجَدْتُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ فِي بَابِ الْخُمَاسِيِّ، وَهِيَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ رُبَاعِيَّةٌ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلَ جُرْدَحْل، قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَصح مَا تُحُرِّرَ بِهِ أَنواع التَّصَارِيفِ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ مَا أَجد مِنْهُ حُنْتَالًا أَي بُدًّا، بِلَا هَمْزٍ، وأَبو زَيْدٍ: بِالْهَمْزِ. الأَزهري: مَا لَهُ حُنْتَأْل وَلَا حِنْتَأْلَة عَنْ هَذَا أَي مَحِيص، إِذا كَسَرْتَ الْحَاءَ أَدخلت الْهَاءَ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الحِنْتَأْلَة البُدَّة وَهِيَ المُفَارَقة. أَبو مَالِكٍ: مَا لَكَ عَنْ هَذَا الأَمر عُنْدَدٌ وَلَا حُنْتَأْل وَلَا حُنْتَأْنٌ أَي مَا لَكَ عَنْهُ بُدٌّ. والحُنْتُل: شِبْه المِخْلَب المُعَقَّف الضَّخْم، قَالَ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُه.
حنجل: الحِنْجِل مِنَ النِّسَاءِ: الضَّخْمةُ الصَّخَّابة البَذِيَّة؛ عَنْ كُرَاعٍ. والحُنْجُل: ضَرْب مِنَ السِّبَاع.
حندل: الحَنْدَل: الْقَصِيرُ: زَادَ الأَزهري: مِنَ الرِّجَالِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الْحَرْفُ فِي كِتَابِ الْجَمْهَرَةِ لِابْنِ دُرَيْدٍ مَعَ غَيْرِهِ، وَمَا وَجَدْتُهُ لأَحد مِنَ الثِّقَاتِ فليحَقَّق، فإِن وُجِد لإِمام مَوْثُوقٍ بِهِ أُلْحِق بِالرُّبَاعِيِّ، وَمَا لَمْ يُوجَدْ لِثِقَةٍ كَانَ مِنْهُ عَلَى رِيبَةٍ وحَذَر.
حنضل: الحَنْضَلَة: الْمَاءُ فِي الصَّخْرة؛ قَالَ أَبو الْقَادِحِ:
حَنْضَلَةُ القادحِ فَوْقَ الصَّفا، ... أَبْرَزَها المائحُ والصادِرُ
وَقَالَ آخَرُ:
حَنْضَلة فَوْقَ صَفا ضاهِرٍ، ... مَا أَشْبَه الضَّاهِرَ بالنَّاضِر
الضَّاهِرُ والضَّهْرُ: أَعلى الجَبَل، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَالنَّاضِرُ: الطُّحْلُب. والحَنْضَلة أَيضاً؛ القَلْتُ فِي صَخْرة؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ غَرِيبٌ، وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: الحَنْضَل غَدِير الماء.
حنظل: الحَنْظَل: الشَّجَرُ المُرُّ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ مِنَ الأَغْلاث، وَاحِدَتُهُ حَنْظَلة. الْجَوْهَرِيُّ: الحَنْظَل الشَّرْيُ. وَقَدْ حَظِل البعيرُ، بِالْكَسْرِ، إِذا أَكثر مِنَ الحَنْظَل، فَهُوَ حَظِلٌ، وَإِبِلٌ حَظَالى. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْحَنْظَلُ شَجَرٌ اخْتُلِفَ فِي بِنَائِهِ فَقِيلَ ثُلَاثِيٌّ، وَقِيلَ رُبَاعِيٌّ. وبعيرٌ حَظِل: يَرْعَى الحَنْظَل، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَشْهَدُ أَنه ثُلَاثِيٌّ، أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ الأَعرابية لِصَاحِبَتِهَا: وإِن ذَكَرَتِ الضَّغَابيس فإِنِّي ضَغِبة؛ وَلَا مَحَالَةَ أَن الضَّغَابِيس رُبَاعيٌّ، لَكِنَّهَا وَقَفَتْ حَيْثُ ارْتَدَع البناءُ، وحَظِلٌ مِثْلُهُ وإِن اخْتَلَفَتْ جِهَتَا الْحَذْفِ؟ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: حَظِلَ البعيرُ فَهُوَ حَظِلٌ رَعَى الحَنْظَل فَمَرِض عَنْهُ. قَالَ الأَزهري: بَعِيرٌ حَظِل إِذا أَكل الحَنْظَل، وقَلَّما يأْكله، وَهُمْ يَحْذِفُونَ النُّونَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هِيَ زَائِدَةٌ فِي الْبِنَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هِيَ أَصلية وَالْبِنَاءُ رُبَاعِيٌّ، وَلَكِنَّهَا أَحَقُّ بِالطَّرْحِ لأَنها أَخف الْحُرُوفِ، قَالَ: وَهُمُ الَّذِينَ(11/183)
يَقُولُونَ قَدْ أَسْبَلَ الزَّرْعُ، بِطَرْحِ النُّونِ، وَلُغَةٌ أُخرى قَدْ سَنْبَلَ الزَّرْعُ. والحَمْظَل: الحَنْظَل، مِيمُهُ مُبْدَلة مِنْ نُونِ حَنْظَل. وَذَاتُ الحَنَاظِل: مَوْضِعٌ. وحَنْظَلة: اسْمُ رَجُلٍ. وحَنْظَلة: قَبِيلَةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَنْظَلة أَكْرَمُ قَبِيلَةٍ فِي تَمِيمٍ، يُقَالُ لَهُمْ حَنْظَلة الأَكرمون وأَبوهم حَنْظَلة بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ.
حنكل: الحَنْكَل والحُنَاكِل: الْقَصِيرُ، والأُنثى حَنْكَلة لَا غَيْرَ، والحَنْكَل أَيضاً: اللَّئِيمُ؛ قَالَ الأَخطل:
فَكَيْفَ تُسامِيني، وأَنتَ مُعَلْهَجٌ، ... هُذَارِمةٌ جَعْدُ الأَنامِلِ، حَنْكَل؟
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الحَنْكَلَة الأُنثى:
مِنْ كُلِّ حَنْكَلَةٍ، كأَنَّ جَبينَها ... كَبِدٌ تُهَنَّأُ للبِرَامِ دِمَاما
وحَنْكَلَ الرجلُ: أَبطأَ فِي الْمَشْيِ. والحَنْكَلَة. الدَّمِيمة السَّوْدَاءُ مِنَ النِّسَاءِ؛ قَالَ:
حَنْكَلَة فِيهَا قِبَال وفَجَا
حهل: الحَيْهَلُ والحَيَّهَلُ والحَيِّهَلُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْيَاءِ: شَجَر الهَرْم، وَاحِدَتُهُ حَيْهَلة وحَيَّهَلة وحَيِّهَلة، وَقِيلَ: الحَيِّهَلة شَجَرَةٌ قَصِيرَةٌ لَيْسَتْ بمَرِيَّة، لَا يَصْلُح الْمَالُ عَلَيْهَا تَنْبُت فِي الْقِيعَانِ والسَّبَخ، وَلَا وَرَقَ لَهَا، لَيْسَ فِي الْكَلَامِ اسْمٌ عَلَى فَيَّعَل وَلَا فَيِّعَل غَيْرُهُ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَيَّهَل نَبْتٌ مِنْ دِقِّ الحَمْض؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الحَيْهَل، سَاكِنُ الْيَاءِ، نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي السِّبَاخ، وإِذا أَخْصَبَ الناسُ هَلَك وإِذا أَسْنَتوا حَيِي، وَذَكَرَ الأَزهري هَذِهِ التَّرْجَمَةَ فِي تَرْجَمَةِ حَيِيَ عِنْدَ قَوْلِهِ حَيَّ هَلًا أَيْ عَجِّل وَقَالَ: سُمِّيَ بِهِ لأَنه إِذا أَصابه الْمَطَرُ نَبَتَ سَرِيعًا، وإِذا أَكلته الإِبل وَلَمْ تَسْلَح سَرِيعًا مَاتَتْ، يُقَالُ: رأَيت حَيْهَلًا وهذا حَيْهَل.
حول: الحَوْل: سَنَةٌ بأَسْرِها، والجمع أَحْوالٌ وحُوُولٌ وحُؤُولٌ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ. وحَالَ عَلَيْهِ الحَوْلُ حَوْلًا وحُؤُولًا: أَتَى. وأَحَالَ الشيءُ واحْتَالَ: أَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ كَامِلٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَوْرَقَ مُحْتالًا دَبيحاً حِمْحِمُه
وأَحَالَتِ الدارُ وأَحْوَلَتْ وحَالَتْ وحِيلَ بِهَا: أَتَى عَلَيْهَا أَحْوَالٌ؛ قَالَ:
حَالَتْ وحِيلَ بِهَا، وغَيَّرَ آيَها ... صَرْفُ البِلى تَجْري بِهِ الرِّيحانِ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
أَأَبْكاكَ بالعُرُف المَنْزِلُ؟ ... وَمَا أَنت والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟
الْجَوْهَرِيُّ: حَالَتِ الدارُ وحَالَ الغلامُ أَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ. وأَحَالَ عَلَيْهِ الحَوْلُ أَي حَالَ. وَدَارٌ مُحِيلَة: غَابَ عَنْهَا أَهلُها مُنْذُ حَوْلٍ، وَكَذَلِكَ دَارٌ مُحِيلَة إِذا أَتت عَلَيْهَا أَحوال. وأَحَالَ اللهُ عَلَيْهِ الحَوْلَ إِحَالَة، وأَحْوَلْتُ أَنا بِالْمَكَانِ وأَحَلْت: أَقمت حَوْلًا. وأَحَالَ الرجلُ بِالْمَكَانِ وأَحْوَلَ أَي أَقام بِهِ حَوْلًا. وأَحْوَلَ الصبيُّ، فَهُوَ مُحوِل: أَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ مِنْ مَوْلِده؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فأَلْهَيْتُها عَنْ ذِي تَمائِمَ مُحْوِل
وَقِيلَ: مُحْوِل صَغِيرٌ مِنْ غَيْرِ أَن يُحَدَّ بحَوْل؛ عَنِ(11/184)
ابْنِ كَيْسَانَ. وأَحْوَلَ بِالْمَكَانِ الحَوْل: بَلَغه؛ وأَنشد ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:
أَزائدَ، لَا أَحَلْتَ الحَوْل، حَتَّى ... كأَنَّ عَجُوزَكم سُقِيَتْ سِمَاما
يُحَلِّئُ ذُو الزَّوَائِدِ لِقْحتيه، ... ومنْ يَغْلِب فإِنَّ لَهُ طَعَامَا
أَي أَماتك اللَّهُ قَبْلَ الحَوْل حَتَّى تَصِيرَ عَجُوزُكُمْ مِنَ الحُزن عَلَيْكَ كأَنها سُقِيَت سِمَاماً، وَجُعِلَ لَبَنُهُمَا طَعَامًا أَي غَلَبَ عَلَى لِقْحَتيه فَلَمْ يَسْقِ أَحداً مِنْهُمَا. ونَبْتٌ حَوْلِيٌّ: أَتى عَلَيْهِ حَوْلٌ كَمَا قَالُوا فِيهِ عامِيٌّ، وجَمَل حَوْلِيٌّ كَذَلِكَ. أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ جَمَلٌ حَوْلِيٌّ إِذا أَتى عَلَيْهِ حَوْل. وجِمال حَوَالِيُّ، بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، وحَوَالِيَّة، ومُهْرٌ حَوْلِيٌّ ومِهارة حَوْلِيّات: أَتى عَلَيْهَا حَوْل، وَكُلُّ ذِي حَافِرٍ أَوّلَ سَنَةٍ حَوْلِيٌّ، والأُنثى حَوْلِيَّة، وَالْجَمْعُ حَوْلِيَّات. وأَرض مُسْتَحَالَة: تُرِكت حَوْلًا وأَحوالًا عَنِ الزِّرَاعَةِ. وقَوْس مُسْتَحَالة: فِي قابِها أَو سِيَتها اعْوِجَاجٌ، وَقَدْ حَالَتْ حَوْلًا أَي انْقَلَبَتْ عَنْ حَالِهَا الَّتِي غُمِزَت عَلَيْهَا وَحَصَلَ فِي قَابِهَا اعْوِجَاجٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وحَالَتْ كحَوْل القَوْس طُلَّتْ وعُطِّلَت ... ثَلاثاً، فأَعْيا عَجْسُها وظُهَارُها
يَقُولُ: تَغَيَّرت هَذِهِ المرأَة كَالْقَوْسِ الَّتِي أَصابها الطَّلُّ فندِيَتْ ونُزِعَ عَنْهَا الوَتر ثَلَاثَ سِنِينَ فَزاغَ عَجْسُها واعْوَجَّ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: حَالَ وتَرُ الْقَوْسِ زَالَ عِنْدَ الرَّمْيِ، وَقَدْ حَالَتِ القوسُ وَتَرَها؛ هَكَذَا حَكَاهُ حَالَتْ. وَرَجُلٌ مُسْتَحال: فِي طَرَفي سَاقِهِ اعْوِجَاجٌ، وَقِيلَ: كُلُّ شَيْءٍ تَغَيَّرَ عَنِ الِاسْتِوَاءِ إِلى العِوَج فَقَدْ حَالَ واسْتَحَالَ، وَهُوَ مُسْتَحِيل. وَفِي الْمَثَلِ: ذَاكَ أَحْوَل مِنْ بَوْلِ الجَمَل؛ وَذَلِكَ أَن بَوْلَهُ لَا يَخْرُجُ مُسْتَقِيمًا يَذْهَبُ فِي إِحدى النَّاحِيَتَيْنِ. التَّهْذِيبِ: ورِجْلٌ مُسْتَحَالَة إِذا كَانَ طَرَفَا السَّاقَيْنِ مِنْهَا مُعْوَجَّيْن. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ فِي التَّوَرُّك فِي الأَرض المُسْتَحِيلَة
أَي المُعْوَجَّة لِاسْتِحَالَتِهَا إِلى العِوَج؛ قَالَ: الأَرض المُسْتَحِيلة هِيَ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُسْتَوِيَةٍ لأَنها اسْتَحَالَتْ عَنِ الِاسْتِوَاءِ إِلى العِوَج، وَكَذَلِكَ الْقَوْسُ. والحَوْل: الحِيلة والقُوَّة أَيضاً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحَوْل والحَيْل والحِوَل والحِيلَة والحَوِيل والمَحَالَة والاحْتِيَال والتَّحَوُّل والتَّحَيُّل، كُلُّ ذَلِكَ: الحِذْقُ وجَوْدَةُ النَّظَرِ والقدرةُ عَلَى دِقَّة التصرُّف. والحِيَلُ والحِوَل: جَمْعُ حِيلة. وَرَجُلٌ حُوَلٌ وحُوَلَة، مِثْلُ هُمَزَة، وحُولة وحُوَّل وحَوَالِيٌّ وحُوَاليٌّ وحَوَلْوَل: مُحْتال شَدِيدُ الِاحْتِيَالِ؛ قَالَ:
يَا زَيْدُ، أَبْشِر بأَخيك قَدْ فَعَل ... حَوَلْوَلٌ، إِذا وَنَى القَومُ نزَل
ورجلُ حَوَلْوَل: مُنْكَر كَمِيش، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: الحُوَل والحُوَّل الدَّواهي، وَهِيَ جَمْعُ حُولَة. الأَصمعي: يُقَالُ جَاءَ بأَمر حُولَة مِنَ الحُوَل أَي بأَمر مُنْكَر عَجِيبٍ. وَيُقَالُ للرَّجُل الدَّاهِيَةِ: إِنَّه لَحُولة مِنَ الحُوَل أَي داهِية مِنَ الدَّوَاهِي، وَتُسَمَّى الدَّاهِيَةُ نَفْسُهَا حُولَة؛ وأَنشد:
ومِنْ حُولة الأَيام، يَا أُمَّ خَالِدٍ، ... لَنَا غَنَم مَرْعِيَّةٌ وَلَنَا بَقَر
وَرَجُلٌ حُوَّل: ذُو حِيَل، وامرأَة حُوَّلة. وَيُقَالُ هُوَ أَحْوَل مِنْكَ أَي أَكثر حِيلة، وَمَا أَحْوَلَه، وَرَجُلٌ(11/185)
حُوَّل، بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ، أَي بَصِير بِتَحْوِيلِ الأُمور، وَهُوَ حُوَّلٌ قُلَّب؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
وَمَا غَرَّهم، لَا بَارَكَ اللهُ فِيهِمْ ... بِهِ، وَهُوَ فِيهِ قُلَّبُ الرَّأْي حُوَّل
وَيُقَالُ: رَجُلٌ حَواليٌّ للجَيِّد الرأْي ذِي الحِيلة؛ قَالَ ابْنُ أَحمر، وَيُقَالُ للمَرَّار بْنِ مُنْقِذ العَدَوي:
أَو تَنْسَأَنْ يَوْمِي إِلى غَيْرِهِ، ... إِني حَواليٌّ وإِني حَذِر
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: لَمَّا احْتُضِر قَالَ لِابْنَتَيْهِ: قَلِّباني فإِنكما لتُقَلِّبان حُوَّلًا قُلَّباً إِن وُقِيَ كَبَّة النَّارِ
؛ الحُوَّل: ذُو التَّصَرُّفِ وَالِاحْتِيَالِ فِي الأُمور، وَيُرْوَى حُوَّلِيّاً قُلَّبِيّاً إِن نَجَا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، بِيَاءِ النِّسْبَةِ لِلْمُبَالَغَةِ. وَفِي حَدِيثِ الرَّجُلَيْنِ اللذيْن ادَّعى أَحدُهما عَلَى الْآخَرِ:
فَكَانَ حُوَّلًا قُلَّباً.
واحْتَال: مِنَ الحِيلة، وَمَا أَحْوَله وأَحْيَله مِنَ الحِيلة، وَهُوَ أَحْوَل مِنْكَ وأَحْيَل مُعَاقَبَةً، وإِنه لَذُو حِيلة. والمَحالة: الحِيلة نَفْسُهَا. وَيُقَالُ: تَحَوَّل الرجلُ واحْتَالَ إِذا طَلَبَ الحِيلة. وَمِنْ أَمثالهم: مَنْ كَانَ ذَا حِيلة تَحَوَّل. وَيُقَالُ: هُوَ أَحْوَل مِنْ ذِئْب، مِنَ الحِيلة. وَهُوَ أَحْوَل مِنْ أَبي بَراقش: وَهُوَ طَائِرٌ يَتَلَوَّن أَلواناً، وأَحْوَل مِنْ أَبي قَلَمون: ثَوْبٌ يتلوَّن أَلواناً. الْكِسَائِيُّ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ هُوَ رَجُلٌ لَا حُولة لَهُ، يُرِيدُونَ لَا حِيلة لَهُ؛ وأَنشد:
لَهُ حُولَةٌ فِي كُلِّ أَمر أَراغَه، ... يُقَضِّي بِهَا الأَمر الَّذِي كَادَ صَاحِبُهُ
والمَحالة: الحِيلة. يُقَالُ: الْمَرْءُ يَعْجِزُ لَا المَحالة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي دُواد يُعَاتِبُ امرأَته فِي سَماحته بِمَالِهِ:
حاوَلْت حِينَ صَرَمْتِني، ... والمَرْءُ يَعْجِز لَا المَحاله
والدَّهْر يَلْعَب بِالْفَتَى، ... والدَّهْر أَرْوَغُ مِنْ ثُعاله
والمَرْءُ يَكْسِب مالَه ... بالشُّحِّ، يُورِثُه الكَلاله
وَقَوْلُهُمْ: لَا مَحالة مِنْ ذَلِكَ أَي لَا بُدَّ، وَلَا مَحالة أَي لَا بُدَّ؛ يُقَالُ: الْمَوْتُ آتٍ لَا مَحالة. التَّهْذِيبِ: وَيَقُولُونَ فِي موضع لا بُدَّ لَا مَحالة؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وأَنت بأَمْرٍ لَا مَحالة وَاقِعُ
والمُحال مِنَ الْكَلَامِ: مَا عُدِل بِهِ عَنْ وَجْهِهِ. وحَوَّله: جَعَله مُحالًا. وأَحال: أَتى بمُحال. وَرَجُلٌ مِحْوال: كثيرُ مُحال الْكَلَامِ. وَكَلَامٌ مُسْتَحِيل: مُحال. وَيُقَالُ: أَحَلْت الْكَلَامَ أُحِيلُهُ إِحَالَة إِذا أَفسدته. وَرَوَى ابْنُ شُمَيْلٍ عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحمد أَنه قَالَ: المُحَال الْكَلَامُ لِغَيْرِ شَيْءٍ، وَالْمُسْتَقِيمُ كلامٌ لِشَيْءٍ، والغَلَط كَلَامٌ لِشَيْءٍ لَمْ تُرِدْه، واللَّغْو كَلَامٌ لِشَيْءٍ لَيْسَ مِنْ شأْنك، وَالْكَذِبُ كَلَامٌ لِشَيْءٍ تَغُرُّ بِهِ. وأَحالَ الرَّجُلُ: أَتَى بالمُحال وتَكَلَّم بِهِ. وَهُوَ حَوْلَهُ وحَوْلَيْه وحَوالَيْه وحَوالَه وَلَا تَقُلْ حَوالِيه، بِكَسْرِ اللَّامِ. التَّهْذِيبِ: والحَوْل اسْمٌ يُجْمَعُ الحَوالى يُقَالُ حَوالَي الدَّارِ كأَنها فِي الأَصل حَوَالَيْ، كَقَوْلِكَ ذُو مَالٍ وأُولو مَالٍ. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ رأَيت النَّاسَ حَوالَه وحَوالَيْه وحَوْلَه وحَوْلَيْه، فحَوالَه وُحْدانُ حَوالَيْه، وأَما حَوْلَيْه فَهِيَ تَثْنِيَةُ حَوْلَه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:(11/186)
ماءٌ رَواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيَه، ... هَذَا مَقامٌ لَكَ حَتَّى تِيبِيَه
ومِثْلُ قَوْلِهِمْ: حَوالَيْك دَوالَيْك وحَجازَيْك وحَنانَيْك؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ حَوالَهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
أَهَدَمُوا بَيْتَك؟ لَا أَبا لَكَا ... وأَنا أَمْشي الدَّأَلى حَوالَكا
وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اللَّهُمَّ حَوالَيْنا وَلَا عَلَيْنَا
؛ يُرِيدُ اللَّهُمَّ أَنْزِل الغيثَ عَلَيْنَا فِي مَوَاضِعِ النَّبَاتِ لَا فِي مَوَاضِعِ الأَبنية، مِنْ قَوْلِهِمْ رأَيت النَّاسَ حَوالَيْه أَي مُطِيفِينَ بِهِ مِنْ جَوَانِبِهِ؛ وأَما قول إمريء الْقَيْسِ:
أَلَسْتَ تَرَى السُّمَّار وَالنَّاسَ أَحْوالي
فعَلى أَنه جَعَل كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الجِرْم المُحِيط بِهَا حَوْلًا، ذَهَب إِلى المُبالغة بِذَلِكَ أَي أَنه لَا مَكان حَوْلَها إِلا وَهُوَ مَشْغُولٌ بالسُّمَّار، فَذَلِكَ أَذْهَبُ فِي تَعَذُّرِها عَلَيْهِ. واحْتَوَلَه القومُ: احْتَوَشُوا حَوالَيْه. وحَاوَلَ الشيءَ مُحَاوَلَةً وحِوَالًا: رَامَهُ؛ قَالَ رؤبة:
حِوَالَ حَمْدٍ وائْتِجارَ المؤتَجِر
والاحْتِيالُ والمُحَاوَلَة: مُطَالَبَتُكَ الشيءَ بالحِيَل. وَكُلُّ مَنْ رَامَ أَمراً بالحِيَل فَقَدْ حَاوَلَه؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَلا تَسْأَلانِ المرءَ مَاذَا يُحَاوِلُ: ... أَنَحْبٌ فَيْقضي أَم ضَلالٌ وباطِلُ؟
اللَّيْثُ: الحِوَال المُحَاوَلة. حَاوَلْتُهُ حِوَالًا ومُحَاوَلَةً أَي طَالَبْتُهُ بالحِيلة. والحِوَال: كلُّ شَيْءٍ حَالَ بَيْنَ اثْنَيْنِ، يُقَالُ هَذَا حِوَال بَيْنَهُمَا أَي حَائِلٌ بَيْنَهُمَا كَالْحَاجِزِ والحِجاز. أَبو زَيْدٍ: حُلْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرِّ أَحُولُ أَشَدَّ الْحَوْلِ والمَحالة. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ حَالَ الشيءُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ يَحُولُ حَوْلًا وتَحْوِيلًا أَي حَجَز. وَيُقَالُ: حُلْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُ حَوْلًا وحُؤولًا. ابْنُ سِيدَهْ: وَكُلُّ مَا حَجَز بَيْنَ اثْنَيْنِ فَقَدْ حَالَ بَيْنَهُمَا حَوْلًا، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الحِوَال، والحَوَل كالحِوَال. وحَوَالُ الدهرِ: تَغَيُّرُه وصَرْفُه؛ قَالَ مَعْقِل بْنُ خُوَيْلِدٍ الْهُذَلِيُّ:
أَلا مِنْ حَوالِ الدَّهْرِ أَصبحتُ ثَاوِيًا، ... أُسامُ النِّكاحَ فِي خِزانةِ مَرْثَد
التَّهْذِيبِ: وَيُقَالُ إِن هَذَا لَمِنْ حُولَة الدَّهْرِ وحُوَلاء الدَّهْرِ وحَوَلانِ الدَّهْرِ وحِوَل الدَّهْرِ؛ وأَنشد:
وَمِنْ حِوَل الأَيَّام وَالدَّهْرِ أَنه ... حَصِين، يُحَيَّا بِالسَّلَامِ ويُحْجَب
وَرَوَى الأَزهري بإِسناده عَنْ الْفَرَّاءِ قَالَ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يَنْشُدُ:
فإِنَّها حِيَلُ الشَّيْطَانِ يَحْتَئِل
قَالَ: وَغَيْرُهُ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يَقُولُ يَحْتال، بِلَا هَمْزٍ؛ قَالَ: وأَنشدني بَعْضُهُمْ:
يَا دارَ مَيٍّ، بِدكادِيكِ البُرَق، ... سَقْياً وإِنْ هَيَّجْتِ شَوْقَ المُشْتَئق
قَالَ: وَغَيْرُهُ يَقُولُ المُشْتاق. وتَحَوَّلَ عَنِ الشَّيْءِ: زَالَ عَنْهُ إِلى غَيْرِهِ. أَبو زَيْدٍ: حَالَ الرجلُ يَحُولُ مِثْلَ تَحَوَّلَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ. الْجَوْهَرِيُّ: حَالَ إِلى مَكَانٍ آخَرَ أَي تَحَوَّلَ. وحَالَ الشيءُ نفسُه يَحُولُ حَوْلًا بِمَعْنَيَيْنِ: يَكُونُ تَغَيُّراً، وَيَكُونُ تَحَوُّلًا؛(11/187)
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
وَلَا يَحُول عَطاءُ اليومِ دُونَ غَد
أَي لَا يَحُول عَطاءُ الْيَوْمِ دُونَ عَطَاءِ غَد. وحَالَ فُلَانٌ عَنِ العَهْد يَحُول حَوْلًا وحُؤولًا أَي زَالَ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ أَنشده ابْنُ سِيدَهْ:
أَكَظَّكَ آبَائِي فَحَوَّلْتَ عَنْهُمْ، ... وقلت له: با ابْنَ الْحَيَالَى تحوَّلا «2»
قَالَ: يَجُوزُ أَن يُسْتَعْمَلَ فِيهِ حَوَّلْت مَكَانَ تَحَوَّلت، وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ حَوَّلْت رَحْلَك فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ، قَالَ: وَهَذَا كَثِيرٌ. وحَوَّلَه إِليه: أَزاله، وَالِاسْمُ الحِوَل والحَوِيل؛ وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
أُخِذَت حَمُولتُه فأَصْبَح ثاوِياً، ... لَا يَسْتَطِيعُ عَنِ الدِّيار حَوِيلا
التَّهْذِيبِ: والحِوَل يَجْري مَجْرى التَّحْويل، يُقَالُ: حَوِّلُوا عَنْهَا تَحْوِيلًا وحِوَلًا. قَالَ الأَزهري: وَالتَّحْوِيلُ مَصْدَرٌ حَقِيقِيٌّ مِنْ حَوَّلْت، والحِوَل اسْمٌ يَقُومُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا
؛ أَي تَحْوِيلًا، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لَا يُرِيدُونَ عَنْهَا تَحَوُّلًا. يُقَالُ: قَدْ حَالَ مِنْ مَكَانِهِ حِوَلًا، كَمَا قَالُوا فِي الْمَصَادِرِ صَغُر صِغَراً، وعادَني حُبُّها عِوَداً. قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِن الحِوَل الحِيلة، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لَا يَحْتالون مَنْزِلًا غَيْرَهَا، قَالَ: وَقُرِئَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: دِيناً قِيَماً، وَلَمْ يَقُلْ قِوَماً مِثْلَ قَوْلِهِ لَا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا
، لأَن قِيَماً مِنْ قَوْلِكَ قَامَ قِيَماً، كأَنه بُنِيَ عَلَى قَوَمَ أَو قَوُمَ، فَلَمَّا اعْتَلَّ فَصَارَ قَامَ اعْتَلَّ قِيَم، وأَما حِوَل فكأَنه هُوَ عَلَى أَنه جارٍ عَلَى غَيْرِ فِعْلٍ. وحَالَ الشيءُ حَوْلًا وحُؤولًا وأَحَالَ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، كِلَاهُمَا: تَحَوَّل. وَفِي الْحَدِيثِ
: مِنْ أَحَالَ دَخَلَ الْجَنَّةَ
؛ يُرِيدُ مَنْ أَسلم لأَنه تَحَوَّل مِنَ الْكُفْرِ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ إِلى الإِسلام. الأَزهري: حَالَ الشخصُ يَحُولُ إِذا تَحَوَّل، وَكَذَلِكَ كُلُّ مُتَحَوِّل عَنْ حَالِهِ. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
فَحالوا إِلى الحِصْن
أَي تَحَوَّلوا، وَيُرْوَى
أَحَالوا
أَي أَقبلوا عَلَيْهِ هَارِبِينَ، وَهُوَ مِنَ التَّحَوُّل. وَفِي الْحَدِيثِ
: إِذا ثُوِّب بِالصَّلَاةِ أَحَالَ الشيطانُ لَهُ ضُراط
أَي تَحَوَّل مِنْ مَوْضِعِهِ، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى طَفِق وأَخَذَ وتَهَيَّأَ لِفِعْلِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ
: فاحْتالَتْهم الشَّيَاطِينُ
أَي نَقَلَتْهم مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَشْهُورُ بِالْجِيمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: فاسْتَحَالَتْ غَرْباً
أَي تَحَوَّلَتْ دَلْواً عَظِيمَةً. والحَوَالَة: تَحْوِيلُ مَاءٍ مِنْ نَهَرٍ إِلى نَهَرٍ، والحَائِل: الْمُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ. يُقَالُ: رَمَادٌ حَائِل ونَبات حَائِل. ورَجُل حَائِل اللَّوْنِ إِذا كَانَ أَسود مُتَغَيِّرًا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أَبي لَيْلى: أُحِيلَت الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوال
أَي غُيِّرت ثَلَاثَ تَغْيِيرَاتٍ أَو حُوِّلَت ثَلَاثَ تَحْوِيلَاتٍ. وَفِي حَدِيثِ
قَباث بْنِ أَشْيَم: رأَيت خَذْق الفِيل أَخضر مُحيِلًا
أَي مُتَغَيِّرًا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
نَهَى أَن يُسْتَنْجى بعَظْمٍ حَائِلٍ
أَي مُتَغَيِّرٍ قَدْ غَيَّره البِلى، وكلُّ مُتَغَيِّرٍ حَائِلٌ، فإِذا أَتت عَلَيْهِ السَّنَةُ فَهُوَ مُحِيل، كأَنه مأْخوذ مِنَ الحَوْل السَّنَةِ. وتَحَوَّلَ كساءَه. جَعَل فِيهِ شَيْئًا ثُمَّ حَمَله عَلَى ظَهْرِهِ، وَالِاسْمُ الحَالُ. والحَالُ أَيضاً: الشيءُ يَحْمِله الرَّجُلُ عَلَى ظَهْرِهِ، مَا كَانَ وَقَدْ تَحَوَّلَ حَالًا: حَمَلها. والحَالُ: الكارَةُ الَّتِي يَحْمِلها الرَّجُلُ عَلَى ظَهْرِهِ، يقال منه: تَحَوَّلْت
__________
(2) . [الحيالى] هكذا رسم في الأَصل، وفي شرح القاموس: الحيا (و) لا.(11/188)
حَالًا؛ وَيُقَالُ: تَحَوَّلَ الرجلُ إِذا حَمَل الكارَة عَلَى ظَهْره. يُقَالُ: تَحَوَّلْت حَالًا عَلَى ظَهْرِي إِذا حَمَلْت كارَة مِنْ ثِيَابٍ وَغَيْرِهَا. وتحوَّل أَيضاً أَي احْتال مِنَ الْحِيلَةِ. وتَحَوَّلَ: تَنَقَّلَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ آخَرَ. والتَّحَوُّل: التَّنَقُّل مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ، وَالِاسْمُ الحِوَل؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: خالِدِينَ فِيها لَا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا
. والحَال: الدَّرَّاجة الَّتِي يُدَرَّج عَلَيْهَا الصَّبيُّ إِذا مشَى وَهِيَ العَجَلة الَّتِي يَدِبُّ عَلَيْهَا الصَّبِيُّ؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّان الأَنصاري:
مَا زَالَ يَنْمِي جَدُّه صاعِداً، ... مُنْذُ لَدُنْ فارَقه الحَالُ
يُرِيدُ: مَا زَالَ يَعْلو جَدُّه ويَنْمِي مُنْذُ فُطِم. والحَائِل: كُلُّ شَيْءٍ تَحَرَّك فِي مَكَانِهِ. وَقَدْ حَالَ يَحُولُ. واسْتَحَالَ الشَّخْصَ: نَظَرَ إِليه هَلْ يَتَحرَّك، وَكَذَلِكَ النَّخْل. واسْتَحَالَ وَاسْتَحَامَ لَمَّا أَحَالَه أَي صَارَ مُحالًا. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَة: ونَسْتَحِيل الجَهام
أَي ننظر إِليه هل يَتَحَرَّكُ أَم لَا، وَهُوَ نَسْتَفْعِل مِنْ حَالَ يَحُولُ إِذا تَحَرَّك، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نَطْلُب حَالَ مَطَره، وَقِيلَ بِالْجِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. الأَزهري: سَمِعْتُ الْمُنْذِرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبا الْهَيْثَمِ يَقُولُ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ
لَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلا بِاللَّهِ
قَالَ: الحَوْل الحَركة، تَقُولُ: حَالَ الشخصُ إِذا تَحَرَّكَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مُتَحَوِّل عَنْ حَالِهِ، فكأَنَّ الْقَائِلَ إِذا قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّهِ يَقُولُ: لَا حَركة وَلَا اسْتِطَاعَةَ إِلا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ. الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ لَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلا بِاللَّهِ وَلَا حَيْلَ وَلَا قُوَّة إِلا بِاللَّهِ، وَوَرَدَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ
: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ
، وفُسِّر بِذَلِكَ الْمَعْنَى: لَا حَرَكَةَ وَلَا قُوَّة إِلا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: الحَوْل الحِيلة، قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَول أَشبه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
: اللَّهُمَّ بِكَ أَصُول وَبِكَ أَحُول
أَي أَتحرك، وَقِيلَ أَحتال، وَقِيلَ أَدفع وأَمنع، مِنْ حَالَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إِذا مَنَعَ أَحدهما مِنَ الْآخَرِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
بِكَ أُصاوِل وَبِكَ أُحَاوِل
، هُوَ مِنَ المُفاعلة، وَقِيلَ: المُحَاوَلَة طَلَبُ الشَّيْءِ بحِيلة. وَنَاقَةٌ حَائِل: حُمِل عَلَيْهَا فَلَمْ تَلْقَح، وَقِيلَ: هِيَ النَّاقَةُ الَّتِي لَمْ تَحْمِل سَنَةً أَو سَنَتَيْنِ أَو سَنَوات، وَكَذَلِكَ كُلُّ حَامِلٍ يَنْقَطِع عَنْهَا الحَمْل سَنَةً أَو سَنَوَاتٍ حَتَّى تَحْمِل، وَالْجَمْعُ حِيَال وحُولٌ وحُوَّلٌ وحُولَلٌ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وحائلُ حُولٍ وأَحْوَال وحُولَلٍ أَي حَائِلُ أَعوام؛ وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَقَوْلِكَ رَجُلُ رِجالٍ، وَقِيلَ: إِذا حُمِل عَلَيْهَا سَنَةً فَلَمْ تَلقَح فَهِيَ حَائِل، فإِن لَمْ تَحمِل سَنَتَيْنِ فَهِيَ حَائِلُ حُولٍ وحُولَلٍ؛ ولَقِحَتْ عَلَى حُولٍ وحُولَلٍ، وَقَدْ حَالَتْ حُؤُولًا وحِيالًا وأَحَالَت وحَوَّلَت وَهِيَ مُحَوِّل، وَقِيلَ: المُحَوِّل الَّتِي تُنْتَج سَنَةً سَقْباً وَسَنَةً قَلوصاً. وامرأَة مُحِيل وَنَاقَةٌ مُحِيل ومُحْوِل ومُحَوِّل إِذا وَلَدَتْ غُلَامًا عَلَى أَثر جَارِيَةٍ أَو جَارِيَةً عَلَى أَثر غُلَامٍ، قَالَ: وَيُقَالُ لِهَذِهِ العَكوم أَيضاً إِذا حَمَلت عَامًا ذَكَرًا وَعَامًا أُنثى، والحَائِل: الأُنثى مِنْ أَولاد الإِبل ساعةَ تُوضَع، وَشَاةٌ حَائِل ونخْلة حَائِل، وحَالَتِ النخلةُ: حَمَلَتْ عَامًا وَلَمْ تَحْمِل آخَرَ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَائِل الأُنثى مِنْ وَلَدِ النَّاقَةِ لأَنه إِذا نُتِج وَوَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ تَذْكِيرٍ وتأْنيث فإِن الذَّكَرَ سَقْب والأُنثى حَائِل، يُقَالُ: نُتِجت الناقةُ حَائِلًا حَسَنَةً؛ وَيُقَالُ: لَا أَفعل ذَلِكَ مَا أَرْزَمَت أُمُّ حَائِل، وَيُقَالُ لِوَلَدِ النَّاقَةِ ساعةَ تُلْقيه مِنْ بَطْنِهَا إِذا كَانَتْ أُنثى حَائِل، وأُمُّها أُمُّ حَائِل؛ قَالَ:(11/189)
فَتِلْكَ الَّتِي لَا يبرَحُ القلبَ حُبُّها ... وَلَا ذِكْرُها، مَا أَرْزَمَتْ أُمُّ حَائِل
وَالْجَمْعُ حُوَّل وحَوَائِل. وأَحَالَ الرجلُ إِذا حَالَت إِبلُه فَلَمْ تَحْمِل. وأَحَالَ فلانٌ إِبلَه العامَ إِذا لَمْ يُصِبْها الفَحْل. وَالنَّاسُ مُحِيلُون إِذا حَالَتْ إِبِلُهم. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: لِكُلِّ ذِي إِبِل كَفْأَتان أَي قِطْعتان يَقْطَعُهُمَا قِطْعَتين، فَتُنْتَج قِطْعَةٌ مِنْهَا عَامًا، وتَحُول القِطْعَةُ الأُخرى فيُراوح بَيْنَهُمَا فِي النَّتاج، فإِذا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ نَتَج القِطْعةَ الَّتِي حَالَتْ، فكُلُّ قِطْعَةٍ نتَجها فَهِيَ كَفْأَة، لأَنها تَهْلِك إِن نَتَجها كُلَّ عَامٍ. وحَالَتِ الناقةُ والفرسُ والنخلةُ والمرأَةُ والشاةُ وغيرُهنَّ إِذا لَمْ تَحْمِل؛ وَنَاقَةٌ حَائِل وَنُوقٌ حَوَائِل وحُولٌ وحُولَلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَعوذ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ مُلْقِح ومُحِيل
؛ المُحِيل: الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ حَالَتِ الناقةُ وأَحَالَت إِذا حَمَلْت عَلَيْهَا عَامًا وَلَمْ تحْمِل عَامًا. وأَحَالَ الرجلُ إِبِلَه الْعَامَ إِذا لَمْ يُضْرِبها الفَحْلَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُم مَعْبَد: وَالشَّاءُ عَازِبٌ حِيال
أَي غَيْرُ حَواملَ. والحُول، بِالضَّمِّ: الحِيَال؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَقِحْنَ عَلَى حُولٍ، وصادَفْنَ سَلْوَةً ... مِنَ العَيْش، حَتَّى كلُّهُنَّ مُمَتَّع
وَيُرْوَى مُمَنَّع، بِالنُّونِ. الأَصمعي: حَالَتِ الناقةُ فَهِيَ تَحُولُ حِيالًا إِذا ضَرَبها الفحلُ وَلَمْ تَحْمِل؛ وَنَاقَةٌ حَائِلَة وَنُوقٌ حِيَال وحُول وَقَدْ حَالَت حَوالًا وحُؤُولًا «1» . والحَالُ: كِينَةُ الإِنسان وَهُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ، يُذَكَّر ويُؤَنَّث، وَالْجَمْعُ أَحْوَال وأَحْوِلَة؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهِيَ شَاذَّةٌ لأَن وَزْنَ حَال فَعَلٌ، وفَعَلٌ لَا يُكَسَّر عَلَى أَفْعِلة. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ حَالُ فُلَانٍ حسَنة وحسَنٌ، وَالْوَاحِدَةُ حَالَةٌ، يقال: هو بحَالَة سوءٍ، فَمَنْ ذَكَّر الحَال جَمَعَهُ أَحْوَالًا، وَمَنْ أَنَّثَها جَمَعَه حَالات. الْجَوْهَرِيُّ: الحَالَة وَاحِدَةُ حَالِ الإِنسان وأَحْوَالِه. وتَحَوَّلَهُ بِالنَّصِيحَةِ والوَصِيَّة وَالْمَوْعِظَةِ: توَخَّى الحَالَ الَّتِي يَنْشَط فِيهَا لِقَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ رَوَى
أَبو عَمْرٍو الْحَدِيثَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَحَوَّلُنا بِالْمَوْعِظَةِ
، بِالْحَاءِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ، قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَفَسَّرَهُ بِمَا تَقَدَّمَ وَهِيَ الحَالَة أَيضاً. وحَالاتُ الدَّهْرِ وأَحْوَالُه: صُروفُه. والحَالُ: الْوَقْتُ الَّذِي أَنت فِيهِ. وأَحَالَ الغَريمَ: زَجَّاه عَنْهُ إِلى غَرِيمٍ آخَرَ، وَالِاسْمُ الحَوَالَة. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ أَو تَحَوَّلَ عَلَى رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ: حَالَ، وَهُوَ يَحُولُ حَوْلًا. وَيُقَالُ: أَحَلْت فُلَانًا عَلَى فُلَانٍ بِدَرَاهِمَ أُحِيلُه إِحَالَةً وإِحَالًا، فإِذا ذَكَرْت فِعْلَ الرَّجُلِ قُلْتَ حَالَ يَحُولُ حَوْلًا. واحْتَالَ احْتِيَالًا إِذا تَحَوَّل هُوَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِه. اللَّيْثُ: الحَوَالَة إِحالَتُك غَرِيمًا وتَحَوُّل ماءٍ مِنْ نَهَرٍ إِلى نَهَرٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يُقَالُ أَحَلْت فُلَانًا بِمَا لهُ عليَّ، وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا، عَلَى رَجُلٍ آخَرَ لِي عَلَيْهِ كَذَا دِرْهَمًا أُحِيلُه إِحَالَةً، فاحْتَالَ بِهَا عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وإِذا أُحِيل أَحدكم عَلَى آخَرَ فَلْيَحْتَلْ.
قَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لِلَّذِي يُحَال عَلَيْهِ بِالْحَقِّ حَيِّلٌ، وَالَّذِي يَقْبَل الحَوَالَةَ حَيِّل، وَهُمَا الحَيِّلانِ كَمَا يُقَالُ البَيِّعان، وأَحَالَ عَلَيْهِ بدَيْنِه وَالِاسْمُ الحَوَالَة. والحَال: التُّرَابُ اللَّيِّن الَّذِي يُقَالُ لَهُ السَّهْلة. والحَالُ: الطينُ الأَسود والحَمْأَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَن جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لَمَّا قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُ أَنه لَا إِله إِلا
__________
(1) . قوله [وقد حَالَت حَوَالًا] هكذا في الأَصل مضبوطاً كسحاب، والذي في القاموس: حُؤُولًا كقعود وحِيَالًا وحِيَالَة بكسرهما(11/190)
الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسرائيل: أَخَذْتُ مِنْ حَال الْبَحْرِ فضَرَبْتُ بِهِ وَجْهَهُ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فحشَوْت بِهِ فَمَهُ.
وَفِي التَّهْذِيبِ:
أَن جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمَّا قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُ أَنه لَا إِله إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسرائيل، أَخَذَ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ وطِينِه فأَلْقَمَه فَاهُ
؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وكُنَّا إِذا مَا الضيفُ حَلَّ بأَرضِنا، ... سَفَكْنا دِماءَ البُدْن فِي تُرْبَة الْحَالِ
وَفِي حَدِيثِ الْكَوْثَرِ:
حَالُه المِسْكُ
أَي طِينُه، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بالحَال الحَمْأَة دُونَ سَائِرِ الطِّينِ الأَسود. والحَالُ: اللَّبَنُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والحَال: الرَّماد الحارُّ. والحَالُ: وَرَقُ السَّمُر يُخْبَط فِي ثَوْبٍ ويُنْفَض، يُقَالُ: حَالٌ مِنْ وَرَقٍ ونُفاض مِنْ وَرَقٍ. وحَالُ الرجلِ: امرأَته؛ قَالَ الأَعلم:
إِذا أَذكرتَ حَالَكَ غَيْرَ عَصْر، ... وأَفسد صُنْعَها فِيكَ الوَجِيف
غَيْرَ عَصْرٍ أَي غَيْرَ وَقْتِ ذِكْرِهَا؛ وأَنشد الأَزهري:
يَا رُبَّ حَالِ حَوْقَلٍ وَقَّاع، ... تَرَكْتها مُدْنِيَةَ القِناع
والمَحَالَةُ: مَنْجَنُونٌ يُسْتَقى عَلَيْهَا، وَالْجَمْعُ مَحالٌ ومَحَاوِل. والمَحَالَة والمَحَال: واسِطُ الظَّهْر، وَقِيلَ المَحَال الفَقار، وَاحِدَتُهُ مَحَالَة، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فَعالة. والحَوَلُ فِي الْعَيْنِ: أَن يَظْهَرَ الْبَيَاضُ فِي مُؤْخِرِها وَيَكُونُ السَّوَادُ مِنْ قِبَل الماقِ، وَقِيلَ: الحَوَل إِقْبال الحَدَقة عَلَى الأَنف، وَقِيلَ: هُوَ ذَهاب حَدَقَتِهَا قِبَلَ مُؤْخِرِها، وَقِيلَ: الحَوَل أَن تَكُونَ الْعَيْنُ كأَنها تَنْظُرُ إِلى الحِجاج، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَمِيلَ الحدَقة إِلى اللَّحاظ، وَقَدْ حَوِلَت وحَالَت تَحَالُ واحْوَلَّت؛ وَقَوْلُ أَبي خِرَاشٍ:
إِذا مَا كَانَ كُسُّ القَوْمِ رُوقاً، ... وحَالَتْ مُقْلَتا الرَّجُلِ البَصِير «2»
. قِيلَ: مَعْنَاهُ انْقَلَبَتْ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ: صَارَ أَحْوَل، قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَجِبُ مِنْ هَذَا تَصْحِيحُ الْعَيْنِ وأَن يُقَالَ حَوِلت كعَوِرَ وصَيِدَ، لأَن هَذِهِ الأَفعال فِي مَعْنَى مَا لَا يُخَرَّجُ إِلا عَلَى الصِّحَّةِ، وَهُوَ احْوَلَّ واعْوَرَّ واصْيدَّ، فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَنْبَغِي أَن يَكُونَ حَالَت شَاذًّا كَمَا شَذَّ اجْتارُوا فِي مَعْنَى اجْتَوَرُوا. اللَّيْثُ: لُغَةُ تَمِيمٍ حالَت عَيْنُه تَحُولُ «3» . حَوْلًا، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ: حَوِلَت عَيْنُه تَحْوَل حَوَلًا. واحْوَلَّت أَيضاً، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، وأَحْوَلْتُها أَنا؛ عَنِ الْكِسَائِيِّ. وجَمْع الأَحول حُولان. وَيُقَالُ: مَا أَقْبَحَ حَوْلَتَه، وَقَدْ حَوِلَ حَوَلًا قَبِيحًا، مَصْدَرُ الأَحْوَلِ. وَرَجُلٌ أَحْوَل بَيِّن الحَوَل وحَوِلٌ: جَاءَ عَلَى الأَصل لِسَلَامَةِ فِعْلِهِ، ولأَنهم شبَّهوا حَرَكة الْعَيْنِ التَّابِعَةِ لَهَا بِحَرْفِ اللِّينِ التَّابِعِ لَهَا، فكأَن فَعِلًا فَعِيل، فَكَمَا يَصِحُّ نَحْوُ طَوِيل كَذَلِكَ يَصِحُّ حَوِلٌ مِنْ حَيْثُ شُبِّهَتْ فَتْحَةُ الْعَيْنِ بالأَلف مِنْ بَعْدِهَا. وأَحَالَ عينَه وأَحْوَلَها: صَيَّرها حَوْلاء، وإِذا كَانَ الحَوَل يَحْدُث وَيَذْهَبُ قِيلَ: احْوَلَّت عينُه احْوِلالًا واحْوالَّت احْوِيلالًا. والحُولَة: العَجَب؛ قَالَ:
وَمِنْ حُولِة الأَيَّام وَالدَّهْرِ أَنَّنا ... لَنَا غَنَمٌ مقصورةٌ، ولنا بَقَر
__________
(2) . قوله [إذا ما كان] تقدم في ترجمة كسس: إذا ما حَالَ، وفسره بتَحَوُّل
(3) . قوله [لُغَةُ تَمِيمٍ حَالَتْ عَيْنُهُ تحول] هكذا في الأَصل، والذي في القاموس وشرحه: وحَالَتْ تَحَالُ، وهذه لغة تميم كما قاله الليث(11/191)
وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: جَاءَ بأَمرٍ حُولة. والحِوَلاءُ والحُوَلاءُ مِنَ النَّاقَةِ: كالمَشِيمة للمرأَة، وَهِيَ جِلْدةٌ مَاؤُهَا أَخضر تَخْرج مَعَ الْوَلَدِ وَفِيهَا أَغراس وَعُرُوقٌ وَخُطُوطٌ خُضْر وحُمْر، وَقِيلَ: تأْتي بَعْدَ الْوَلَدِ فِي السَّلى الأَول، وَذَلِكَ أَول شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْهُ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ للمرأَة، وَقِيلَ: الحِوَلاء الْمَاءُ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى رأْس الْوَلَدِ إِذا وُلِد، وَقَالَ الْخَلِيلُ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فِعَلاء بِالْكَسْرِ مَمْدُودًا إِلا حِوَلاء وعِنَباء وسِيَراء، وَحَكَى ابْنُ القُوطِيَّة خِيَلاء، لُغَةٌ فِي خُيَلاء؛ حَكَاهُ ابْنُ بَرِّيٍّ؛ وَقِيلَ: الحُوَلاء والحِوَلاء غِلاف أَخضر كأَنه دَلْوٌ عَظِيمَةٌ مَمْلُوءَةٌ مَاءً وتَتَفَقَّأُ حِينَ تَقَعُ إِلى الأَرض، ثُمَّ يخْرُج السَّلى فِيهِ القُرْنتان، ثُمَّ يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ الصَّآة، وَلَا تَحْمِل حاملةٌ أَبداً مَا كَانَ فِي الرَّحِمِ شَيْءٌ مِنَ الصَّآة والقَذَر أَو تَخْلُصَ وتُنَقَّى. والحُوَلاء: الْمَاءُ الَّذِي فِي السَّلى. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي الحُوَلاء: الْجِلْدَةُ الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى رأْس الْوَلَدِ، قَالَ: سميت حُوَلاءَ لأَنها مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْوَلَدِ؛ قال الشاعر:
عَلَى حُوَلاءَ يَطْفُو السُّخْدُ فِيهَا، ... فَراها الشَّيْذُمانُ عَنِ الجَنِين
ابْنُ شُمَيْلٍ: الحُوَلاء مُضَمَّنَة لِمَا يَخْرُجُ مِنْ جَوْف الْوَلَدِ وَهُوَ فِيهَا، وَهِيَ أَعْقاؤه، الْوَاحِدُ عِقْيٌ، وَهُوَ شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ دُبُره وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمه بَعْضُهُ أَسود وَبَعْضُهُ أَصفر وَبَعْضُهُ أَخضر. وَقَدْ عَقى الحُوارُ يَعْقي إِذا نَتَجَتْه أُمُّه فَمَا خَرَج مِنْ دُبُره عِقْيٌ حَتَّى يأْكل الشَّجَرَ. ونَزَلُوا فِي مِثْلِ حُوَلاء النَّاقَةِ وَفِي مِثْلِ حُوَلاء السَّلى: يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الخِصْب وَالْمَاءَ لأَن الحُوَلاء مَلأَى مَاءً رِيّاً. ورأَيت أَرضاً مِثْلَ الحُوَلاء إِذا اخضرَّت وأَظلمت خُضْرةً، وَذَلِكَ حِينَ يَتَفَقَّأُ بَعْضُهَا وَبَعْضٌ لَمْ يتفقأْ؛ قَالَ:
بأَغَنَّ كالحُوَلاءِ زَانَ جَنابَه ... نَوْرُ الدَّكادِك، سُوقُه تَتَخَضَّد
واحْوالَّت الأَرضُ إِذا اخضرَّت وَاسْتَوَى نَبَاتُهَا. وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف: إِن إِخواننا مِنْ أَهل الْكُوفَةِ نَزَلُوا فِي مِثْلِ حُوَلاء النَّاقَةِ مِنْ ثِمارٍ مُتَهَدِّلة وأَنهار مُتَفَجِّرة
أَي نَزَلُوا فِي الخِصْب، تَقُولُ الْعَرَبُ: تَرَكْتَ أَرض بَنِي فُلَانٍ كحُوَلاء النَّاقَةِ إِذا بَالَغْتَ فِي وَصْفِهَا أَنها مُخْصِبة، وَهِيَ مِنَ الجُلَيْدة الرَّقِيقَةِ الَّتِي تَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ كَمَا تَقَدَّمَ. والحِوَل: الأُخدود الَّذِي تُغْرَس فِيهِ النَّخْلُ عَلَى صَفٍّ. وأَحَالَ عَلَيْهِ: اسْتَضْعَفه. وأَحَالَ عَلَيْهِ بِالسَّوْطِ يَضْرِبُهُ أَي أَقبل. وأَحَلْتُ عَلَيْهِ بِالْكَلَامِ: أَقبلت عَلَيْهِ. وأَحَالَ الذِّئبُ عَلَى الدَّمِ: أَقبل عَلَيْهِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَكَانَ كذِئْب السُّوءِ، لَمَّا رأَى دَمًا ... بِصَاحِبِهِ يَوْمًا، أَحَالَ عَلَى الدَّمِ
أَي أَقبل عَلَيْهِ؛ وَقَالَ أَيضاً:
فَتًى لَيْسَ لِابْنِ العَمِّ كالذِّئبِ، إِن رأَى ... بِصَاحِبِهِ، يَوْماً، دَماً فَهُوَ آكلُه
وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: مِمَّا أَحال عَلَى الْوَادِي
أَي مَا أَقبل عَلَيْهِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ ويُحِيل بعضهُم عَلَى بَعْضٍ
أَي يُقْبل عَلَيْهِ ويَمِيل إِليه. وأَحَلْت الْمَاءَ فِي الجَدْوَل: صَبَبْته؛ قَالَ لَبِيدٌ:
كأَنَّ دُموعَه غَرْبا سُناةٍ، ... يُحِيلون السِّجال عَلَى السِّجال(11/192)
وأَحَالَ عَلَيْهِ الْمَاءَ: أَفْرَغَه؛ قَالَ:
يُحِيلُ فِي جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه، ... حَبْوَ الجَواري، تَرى فِي مَائِهِ نُطُقا
أَبو الْهَيْثَمِ فِيمَا أَكْتَبَ ابْنَه: يُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا أَمْحَلوا فَقَلَّ لبنُهم: حَالَ صَبُوحُهم عَلَى غَبُوقِهم أَي صَارَ صَبُوحهم وغَبُوقُهم وَاحِدًا. وحَالَ: بِمَعْنَى انْصَبَّ. وحَالَ الماءُ عَلَى الأَرض يَحُولُ عَلَيْهَا حَوْلًا وأَحَلْتُه أَنا عَلَيْهَا أُحِيلُهُ إِحَالَةً أَي صَبَبْتُه. وأَحَالَ الماءَ مِنَ الدَّلْوِ أَي صَبَّه وقَلَبها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِزُهَيْرٍ:
يُحِيلُ فِي جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه
وأَحَالَ الليلُ: انْصَبَّ عَلَى الأَرض وأَقبل؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ نَخْلٍ:
لَا تَرْهَبُ الذِّئبَ عَلَى أَطْلائها، ... وإِن أَحَالَ الليلُ مِنْ وَرائها
يَعْنِي أَن النَّخل إِنما أَولادها الفُسْلان، وَالذِّئَابُ لَا تأْكل الفَسِيل فَهِيَ لَا تَرْهَبها عَلَيْهَا، وإِن انْصَبَّ اللَّيْلُ مِنْ وَرَائِهَا وأَقبل. والحَالُ: مَوْضِعُ اللِّبْد مِنْ ظَهْر الْفَرَسِ، وَقِيلَ: هِيَ طَرِيقة المَتْن؛ قَالَ:
كأَنَّ غُلَامِي، إِذ عَلا حَالَ مَتْنِه ... عَلَى ظَهْرِ بازٍ فِي السَّمَاءِ، مُحَلِّق
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كُمَيْت يَزِلُّ اللِّبْدُ عَنْ حَالِ مَتْنِه
ابْنُ الأَعرابي: الحَالُ لَحْمُ المَتْنَيْن، والحَمْأَةُ والكارَةُ الَّتِي يَحْمِلها الحَمَّال، واللِّواء الَّذِي يُعْقَد للأُمراء، وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: الْخَالُ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ أَعْرَقُها، والحَال والجَالُ. والحَالُ: لَحْمُ بَاطِنِ فَخِذِ حِمَارِ الْوَحْشِ. والحَال: حَالُ الإِنسان. والحَال: الثِّقْلُ. والحَال: مَرْأَة الرَّجُل. والحَال: العَجَلة الَّتِي يُعَلَّم عَلَيْهَا الصَّبِيُّ الْمَشْيَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذِهِ أَبيات تَجْمَعُ مَعَانِيَ الحَال:
يَا لَيْتَ شِعْرِيَ هَلْ أُكْسَى شِعارَ تُقًى، ... والشَّعْرُ يَبْيَضُّ حالًا بَعْدَ ما حَال
أَي شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ.
فَكُلَّمَا ابْيَضَّ شَعْرِي، فالسَّوادُ إِلى ... نَفْسِي تَمِيلُ، فَنَفْسِي بِالْهَوَى حَالِي
حالٍ: مِنَ الحَلْيِ، حَلِيتُ فأَنا حالٍ.
لَيْسَتْ تَسُودُ غَداً سُودُ النُّفُوسِ، فكَمْ ... أَغْدُو مُضَيّع نورٍ عامِرَ الحَال
الحَال هُنَا: التُّرَابُ.
تَدُورُ دارُ الدُّنى بِالنَّفْسِ تَنْقُلُها ... عَنْ حَالها، كصَبيٍّ راكبِ الحَال
الحَالُ هُنَا: العَجَلة.
فالمرءُ يُبْعَث يَوْمَ الحَشْرِ مِنْ جَدَثٍ ... بِمَا جَنى، وَعَلَى مَا فَاتَ مِنْ حَال
الحَال هُنَا: مَذْهَب خَيْرٍ أَو شَرٍّ.
لَوْ كنتُ أَعْقِلُ حَالي عَقْلَ ذِي نَظَر، ... لَكُنْتُ مُشْتَغِلًا بِالْوَقْتِ والحَال
الحَال هُنَا: السَّاعَةُ الَّتِي أَنت فِيهَا.
لكِنَّني بِلَذِيذِ الْعَيْشِ مُغْتَبِطٌ، ... كأَنما هُوَ شَهْدٌ شِيب بالحَال
الحَال هُنَا: اللَّبَن؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ(11/193)
مَاذَا المُحالُ الَّذِي مَا زِلْتُ أَعْشَقُه، ... ضَيَّعْت عَقْلي فَلَمْ أُصْلِح بِهِ حَالي
حَالُ الرَّجُلِ: امرأَته وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ النَّفْسِ هُنَا.
رَكِبْت للذَّنْب طِرْفاً مَا لَهُ طَرَفٌ، ... فَيَا لِراكبِ طِرْفٍ سَيِء الحَال
حالُ الفَرَس: طَرَائِقُ ظَهْره، وَقِيلَ مَتْنُه.
يَا رَبِّ غَفْراً يَهُدُّ الذَّنْبَ أَجْمَعَه، ... حَتَّى يَخِرَّ مِنَ الْآرَابِ كالحَال
الحَال هُنَا: وَرَق الشَّجَرِ يَسْقُط. الأَصمعي: يُقَالُ مَا أَحْسَنَ حَالَ مَتْنِ الفَرَس وَهُوَ مَوْضِعُ اللِّبْد، والحَال: لَحْمة المَتْن. الأَصمعي: حُلْت فِي مَتْن الفرس أَحُولُ حُؤُولًا إِذا رَكِبْتَه، وَفِي الصِّحَاحِ: حَالَ فِي مَتْنِ فَرَسِهِ حُؤولًا إِذا وَثَبَ ورَكِب. وحَال عَنْ ظَهْر دَابَّتِهِ يَحُولُ حَوْلًا وحُؤولًا أَي زَالَ وَمَالَ. ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: حَالَ فِي ظَهْرِ دَابَّتِهِ حَوْلًا وأَحَالَ وَثَب وَاسْتَوَى عَلَى ظَهْرها، وَكَلَامُ الْعَرَبِ حَالَ عَلَى ظَهْرِهِ وأَحَالَ فِي ظَهْرِهِ. وَيُقَالُ: حَالُ مَتْنِه وحاذُ مَتْنِه وَهُوَ الظَّهْر بِعَيْنِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَحَالَ فِي مَتْن فَرَسِهِ مِثْلُ حَالَ أَي وَثَب؛ وَفِي الْمَثَلِ:
تَجَنَّب رَوْضَةً وأَحَالَ يَعْدُو
أَي تَرَكَ الخِصْبَ وَاخْتَارَ عَلَيْهِ الشَّقاء. وَيُقَالُ: إِنه لَيَحُولُ أَي يَجِيءُ وَيَذْهَبُ وَهُوَ الجَوَلان. وحَوَّلَتِ المَجَرَّةُ: صَارَتْ شِدَّةُ الحَرّ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وشُعْثٍ يَشُجُّون الْفَلَا فِي رؤوسه، ... إِذا حَوَّلَتْ أُمُّ النُّجُومِ الشَّوابك
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وحَوَّلَت بِمَعْنَى تَحَوَّلت، وَمِثْلُهُ وَلَّى بِمَعْنَى تَولَّى. وأَرض مُحْتَالَة إِذا لَمْ يُصِبْهَا الْمَطَرُ. وَمَا أَحْسَن حَوِيلَه، قَالَ الأَصمعي: أَي مَا أَحسن مَذْهَبَهُ الَّذِي يُرِيدُ. وَيُقَالُ: مَا أَضعف حَوْلَه وحَوِيلَه وحِيلته والحِيال: خَيْطٌ يُشدُّ مِنْ بِطان الْبَعِيرِ إِلى حَقَبه لِئَلَّا يَقَعَ الحَقَب عَلَى ثِيلِه. وَهَذَا حِيالَ كَلِمَتِكَ أَي مقابلَةَ كَلِمَتِكَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي يَنْصِبُهُ عَلَى الظَّرْفِ، وَلَوْ رَفَعَهُ عَلَى المبتدإِ وَالْخَبَرِ لَجَازَ، وَلَكِنْ كَذَا رَوَاهُ عَنِ الْعَرَبِ؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ. وَقَعَدَ حِيالَه وبحِياله أَي بإِزائه، وأَصله الْوَاوُ. والحَوِيل: الشَّاهِدُ. والحَوِيل: الكفِيل، وَالِاسْمُ الحَوَالة. واحْتال عَلَيْهِ بالدَّين: مِنَ الحَوَالة. وحَاوَلْت الشَّيْءَ أَي أَردته، وَالِاسْمُ الحَوِيل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وذاتِ اسْمَيْن والأَلوانُ شَتَّى ... تُحَمَّق، وَهْيَ كَيِّسة الحَوِيل
قَالَ: يَعْنِي الرَّخَمَة. وحَوَّلَه فَتَحَوَّل وحَوَّلَ أَيضاً بِنَفْسِهِ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الْحِرْبَاءَ:
يَظَلُّ بِهَا الحِرْباء لِلشَّمْسِ مَائِلًا ... عَلَى الجِذْل، إِلا أَنه لَا يُكَبِّر
إِذا حَوَّلَ الظِّلُّ، العَشِيَّ، رأَيته ... حَنِيفاً، وَفِي قَرْن الضُّحى يَتَنَصَّر
يَعْنِي تَحَوَّلَ، هَذَا إِذا رَفَعْتَ الظِّلَّ عَلَى أَنه الْفَاعِلُ، وَفَتَحْتَ الْعَشِيَّ عَلَى الظَّرْفِ، وَيُرْوَى: الظِّلَّ العَشِيُّ عَلَى أَن يَكُونَ العَشِيّ هُوَ الْفَاعِلُ وَالظِّلُّ مَفْعُولٌ بِهِ؛(11/194)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَقُولُ إِذا حَوَّلَ الظِّلُّ الْعَشِيَّ وَذَلِكَ عِنْدَ مَيْلِ الشَّمْسِ إِلى جِهَةِ الْمَغْرِبِ صَارَ الْحِرْبَاءُ مُتَوَجِّهًا لِلْقِبْلَةِ، فَهُوَ حَنِيف، فإِذا كَانَ فِي أَوَّل النَّهَارِ فَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِلشَّرْقِ لأَن الشَّمْسَ تَكُونُ فِي جِهَةِ الْمَشْرِقِ فَيَصِيرُ مُتَنَصِّراً، لأَن النَّصَارَى تَتَوَجَّهُ فِي صَلَاتِهَا جِهَةَ الْمَشْرِقِ. واحْتال المنزلُ: مَرَّت عَلَيْهِ أَحوال؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَيَا لَكِ مِنْ دَارٍ تَحَمَّل أَهلُها ... أَيادي سَبَا، بَعْدِي، وَطَالَ احْتِيالُها
وَاحْتَالَ أَيضاً: تَغَيَّرَ؛ قَالَ النَّمِرُ:
مَيْثاء جَادَ عَلَيْهَا وابلٌ هَطِلٌ، ... فأَمْرَعَتْ لاحتيالٍ فَرْطَ أَعوام
وحاوَلْت لَهُ بَصَرِي إِذا حَدَّدته نَحْوَهُ وَرَمَيْتُهُ بِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وحالَ لونُه أَي تَغَيَّرَ واسْوَدَّ. وأَحَالَتِ الدارُ وأَحْوَلت: أَتى عَلَيْهَا حَوْلٌ، وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ وَغَيْرُهُ، فَهُوَ مُحِيل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَلَم تُلْمِم عَلَى الطَّلَل المُحِيل ... بفَيْدَ، وَمَا بُكاؤك بالطُّلول؟
والمُحِيل: الَّذِي أَتت عَلَيْهِ أَحوال وغَيَّرته، وَبَّخَ نَفْسَهُ عَلَى الْوُقُوفِ وَالْبُكَاءِ فِي دَارٍ قَدِ ارْتَحَلَ عَنْهَا أَهلها مُتَذَكِّرًا أَيَّامهم مَعَ كَوْنِهِ أَشْيَبَ غَيْرَ شابٍّ؛ وَذَلِكَ فِي الْبَيْتِ بَعْدَهُ وَهُوَ:
أَأَشْيَبُ كالوُلَيِّد، رَسْمَ دَارٍ ... تُسائل مَا أَصَمَّ عن السَّؤُول؟
أَي أَتسأَل أَشْيَبُ أَي وأَنت أَشيب وتُسائل مَا أَصَمَّ أَي تُسائل مَا لَا يُجِيبُ فكأَنه أَصَمّ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لأَبي النَّجْمِ:
يَا صاحِبَيَّ عَرِّجا قَلِيلًا، ... حَتَّى نُحَيِّي الطَّلَل المُحِيلا
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُمَرَ بْنِ لَجَإٍ:
أَلم تُلْمِمْ عَلَى الطَّلَل المُحِيل، ... بغَرْبِيِّ الأَبارق مِنْ حَقِيل؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ المُحْوِل قَوْلُ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُحْوِلا، ... والرَّسْمَ مِنْ أَسماءَ والمَنْزِلا،
بِجَانِبِ البَوْباةِ لَمْ يَعْفُه ... تَقادُمُ العَهْدِ، بأَن يُؤْهَلا
قَالَ: تَقْدِيرُهُ قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُحْوِل بأَن يُؤْهَل، مِنْ أَهَله اللَّهُ؛ وَقَالَ الأَخوص:
أَلْمِمْ عَلَى طَلَلٍ تَقادَمَ مُحْوِلِ
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
مِنَ الْقَاصِرَاتِ الطَّرْف لَوْ دَبَّ مُحْوِلٌ، ... مِنَ الذَّرِّ فَوْقَ الإِتْبِ مِنْهَا، لأَثّرا
أَبو زَيْدٍ: فُلَانٌ عَلَى حَوْل فُلَانٍ إِذا كَانَ مِثْلَهُ فِي السِّن أَو وُلِد عَلَى أَثره. وحَالَتِ القوسُ واسْتَحَالَتْ، بِمَعْنًى، أَي انْقَلَبَتْ عَنْ حَالِهَا الَّتِي غُمِزَت عَلَيْهَا وحَصَل فِي قابِها اعْوِجَاجٌ. وحَوَال: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ خِراش بْنُ زُهَيْرٍ:
فإِني دَلِيلٌ، غَيْرُ مُعْط إِتاوَةً ... عَلَى نَعَمٍ تَرْعى حَوالًا وأَجْرَبا
الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: الحَوَلْوَلَة الكَيِّسة، وَهُوَ ثُلَاثِيُّ الأَصل أُلحق بِالْخُمَاسِيِّ لِتَكْرِيرِ بَعْضِ حُرُوفِهَا.(11/195)
وَبَنُو حَوَالَة: بَطْنٌ. وَبَنُو مُحَوَّلَة: هُمْ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفان وَكَانَ اسْمُهُ عَبْدَ العُزَّى فَسَمَّاهُ سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَبْدَ اللَّهِ فسُمُّوا بَنِي مُحَوَّلة لِذَلِكَ. وحَوِيل: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
تَحُلُّ بأَطراف الوِحاف ودُونها ... حَوِيل، فريطات، فرَعْم، فأَخْرَب
حوكل: الرُّبَاعِيُّ مِنْ بَابِ الْحَاءِ: الحَرْكَلة الرَّجَّالة كالحَوْكَلة.
حيل: الحَيْلة، بِالْفَتْحِ: جَمَاعَةُ المَعَز، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: القَطِيع مِنَ الْغَنَمِ فَلَمْ يَخُصَّ مَعَزاً مِنْ ضأْن وَلَا ضأْناً مِنْ مَعَز. والحَيْلة: حِجَارَةٌ تَحدَّرُ مِنْ جَوَانِبِ الْجَبَلِ إِلى أَسفله حَتَّى تَكْثُرَ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ أَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُ النَّاسَ حَوْلَه كالحَيْلة أَي مُحْدِقين كإِحْداق تِلْكَ الْحِجَارَةِ بِالْجَبَلِ. والحَيْل: الْمَاءُ المُسْتَنْقَع فِي بَطْنِ وَادٍ، وَالْجَمْعُ أَحْيال وحُيُول. وحَالَتِ الناقةُ تَحِيلُ حِيَالًا: لَمْ تَحْمِل، وَالْوَاوُ فِي ذَلِكَ أَعرَق، وَقَدْ تَقَدَّمَ، قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنْ سَراة الهِجان صَلَّبَها العُضْضُ، ... ورَعْيُ الحِمى، وطُولُ الحِيالِ
مَصْدَرُ حَالَتْ إِذا لَمْ تَحْمِل. والحَيْل: الْقُوَّةُ. وَمَا لَهُ حَيْل أَي قُوَّةٌ، وَالْوَاوُ أَعْلى، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والحِيلة، بِالْكَسْرِ: الِاسْمُ مِنِ الاحتِيال، وَهُوَ مِنَ الْوَاوِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَكَذَلِكَ الحَيْل والحَوْل، ويقال: لَا حَيْل وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّه لُغَةٌ فِي لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ. وَفِي دُعَاءٍ يَرْوِيهِ
ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ ذَا الحَيْل الشَّدِيدِ
، والمحدِّثون يَرْوُونه:
ذَا الحَبْل
، بِالْبَاءِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَا مَعْنًى لَهُ وَالصَّوَابُ ذَا الحَيْل بِالْيَاءِ أَي ذَا الْقُوَّةِ. وَيُقَالُ: إِنه لَشَدِيدُ الحَيْل أَي القُوَّة. وَيُقَالُ: لَا حِيلَة لَهُ وَلَا احْتِيال وَلَا مَحَالَة وَلَا مَحيِلة، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَمِنْ أَجل دارٍ صَيَّر البيْنُ أَهلَها ... أَيادي سَبا، بَعْدي، وَطَالَ احْتِيالُها؟
قَوْلُهُ طَالَ احْتِيالُها، يُقَالُ احْتَالَتْ مِنْ أَهلها أَي لَمْ يَنْزِلْ بِهَا حَوْلًا.
بوَهْنَيْن تَسْنُوها السَّواري، وتَلْتَقي ... بِهَا الهُوجُ: شَرْقِيَّاتُها وشَمالُها
إِذا اسْتَنْصَل الهَيْفُ السَّفا لعِبَتْ بِهِ ... صَبَا الْحَافَةِ الْيُمْنَى جَنُوبَ شَمَالِهَا
ابْنُ الأَعرابي: مَا لَهُ لَا شَدَّ اللَّه حَيْلَه! يُرِيدُ حِيلته وقوَّته. وَيُقَالُ: هُوَ أَحْيَل مِنْكَ وأَحْوَل مِنْكَ أَي أَكثر حِيلة. وَمَا أَحْيَلَه: لُغَةٌ فِي مَا أَحْوَله. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا لَهُ حِيلَة وَلَا مَحَالَة ولا احْتِيَال ولا مَحَالٌ وَلَا حَوْلٌ وَلَا حَوِيل وَلَا حَيْل وَلَا أَحيل بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَتَقُولُ: مِنَ الحِيلَة تَرْكُ الحِيلَة، وَمِنَ الحَذَر تَرْكُ الحَذَر. وَفِي الْحَدِيثِ:
فصَلَّى كُلٌّ مِنَّا حِياله
أَي تِلْقاءَ وَجْهِهِ. اللَّيْثُ: الحِيلان هِيَ الحَدائد بخَشَبها يُداسُ بِهَا الكُدْس. ابْنُ الأَعرابي عَنْ أَبي الْمَكَارِمِ: الحَيْلة وعْلة تَخِرُّ مِنْ رأْس الْجَبَلِ، قَالَ: أُراه بِضَمِّ الْحَاءِ، «4» إِلى أَسفله ثُمَّ تَخِرُّ أُخرى ثُمَّ أُخرى، فإِذا اجْتَمَعَتِ الوَعَلات فَهِيَ الحَيْلَة، قَالَ: والوَعَلات صَخَرات يَنْحَدِرْن مِنْ رأْس الْجَبَلِ إِلى أَسفله.
__________
(4) . قوله [بضم الحاء] هكذا في الأَصل، ولعله أراد الحُولة لأَن الياء الساكنة تقلب واوا بعد الضمة.(11/196)
فصل الخاء المعجمة
خبل: الخَبْلُ، بِالتَّسْكِينِ: الفسادُ. ابْنُ سِيدَهْ: الخَبْل فَسَادُ الأَعضاء حَتَّى لَا يَدْري كَيْفَ يَمْشِي فَهُوَ مُتَخَبِّل خَبِل مُخْتَبَل. وبَنُو فُلَانٍ يُطالبون بَنِي فُلَانٍ بِدِمَاءٍ وخَبْلٍ أَي بِقَطْعِ أَيد وأَرجل وَالْجَمْعُ خُبُول؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. وَيُقَالُ: لَنَا فِي بَنِي فُلَانٍ دِماء وخُبُول، فالخُبُول قَطْعُ الأَيدي والأَرجل. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ: إِن لَنَا فِي بَنِي فُلَانٍ خَبْلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَي قَطْعَ أَيد وأَرجل وَجِرَاحَاتٍ، وَرُوِيَ
عَنْهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَنْ أُصيب بدَمٍ أَو خَبْل
؛ الخَبْل: الجِرَاح، أَي مَنْ أُصيب بِقَتْلِ نَفْسٍ أَو قَطْعِ عُضْوٍ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحدى ثَلَاثٍ فإِن أَراد الرَّابِعَةَ فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ بَيْنَ أَن يَقْتَصَّ أَو يأْخذ العَقْل أَو يَعْفُوَ، فَمَنْ قَبِل مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ عَدَا بَعْدَ ذَلِكَ فقَتَل فَلَهُ النَّارُ خَالِدًا فِيهَا مُخَلَّدًا. وَيُقَالُ: خَبَلَ الحُبُّ قلبَه إِذا أَفسده بخُبْلة. ابْنُ الأَعرابي: الخُبْلَة الْفَسَادُ مِنْ جِرَاحَةٍ أَو كَلِمَةٍ. وَرَجُلٌ مُخَبَّل: كأَنه قَدْ قُطِعَتْ أَطرافه. والخَبْل، بِالْجَزْمِ: قَطْعُ الْيَدِ أَو الرِّجْلِ. ابْنُ الأَعرابي: الخَبَل، بِالتَّحْرِيكِ، الجنُّ والخَبَل الإِنْس والخَبَل الْجِرَاحَةُ والخَبَل المَزَادة والخَبَل جَوْدة الحُمْق بِلَا جُنُونٍ والخَبَل القِرْبة المَلأَى. وخَبِلَت يدُه إِذا شَلَّت. والخَبْل فِي عَروض الْبَسِيطِ وَالرَّجَزِ: ذَهَابُ السِّينِ وَالتَّاءِ «1» مِنْ مُسْتَفْعِلُنْ، مُشْتَقٌّ مِنَ الخَبْل الَّذِي هُوَ قَطْعُ الْيَدِ؛ قَالَ أَبو إِسحق: لأَن السَّاكِنَ كأَنه يَدُ السَّبَبِ فإِذا حُذِفَ السَّاكِنَانِ صَارَ الْجُزْءُ كأَنه قُطِعَتْ يَدَاهُ فَبَقِيَ مُضْطَرِبًا، وَقَدْ خَبَلَ الجزءَ وخَبَّلَه. وأَصابه خَبْل أَي فَالِجٌ وَفَسَادُ أَعضاء وَعَقْلٍ. والخَبَل، بِالتَّحْرِيكِ: الجنُّ وَهُمُ الخَابِل، وَقِيلَ: الخَابِل الجِنُّ، والخَبَل اسْمُ الْجَمْعِ كالقَعَد والرَّوَح اسْمَانِ لِجَمْعِ قَاعِدٍ وَرَائِحٍ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ:
وَلَا تَقُولي لشيءٍ كنتُ مُهْلِكَهُ: ... مَهْلًا وَلَوْ كنتُ أُعطي الجِنَّ والخَبَلا
قَالَ: الخَبَل ضَرْبٌ مِنَ الْجِنِّ يُقَالُ لَهُمُ الْخَابِلُ، أَي لَا تَعْذُلِيني فِي مَالِي وَلَوْ كُنْتُ أُعطيه الْجِنَّ وَمَنْ لَا يُثْني عَليَّ؛ قَالَ: وأَما قَوْلُ مُهَلْهِل:
لَوْ كُنْتُ أَقتل جِنّ الخَابِلَينِ كَمَا ... أَقتُل بَكْراً، لأَضْحَى الجنُّ قَدْ نَفِدوا
نَفِد يَنْفَد: فَنِيَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي. ونَفَذَ يَنْفُذ خَرَج. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ والخابِلانِ: الليلُ والنهارُ لأَنهما لَا يأْتيان عَلَى أَحد إِلَّا خَبَلاه بهَرَمٍ. والخَابِل: الشَّيْطَانُ. والخَابِل: المُفْسِد. والخَبَال: الْفَسَادُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَن قَوْمًا بَنَوْا مَسْجِدًا بظَهْر الْكُوفَةِ فأَتاهم وَقَالَ: جِئْتُ لأَكْسِرَ مَسْجِدَ الخَبَال، فَكَسَرَهُ ثُمَّ رَجَعَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: الخَبَال والخَبْل الْفَسَادُ وَالْحَبْسُ وَالْمَنْعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وبِطانة لَا تَأْلوه خَبَالًا
أَي لَا تُقَصِّر فِي إِفساد أَمره. وَقَالُوا: خَبْلٌ خَابِل، يَذْهَبُونَ إِلى الْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ مَعْقِل بْنُ خُوَيْلِدٍ:
نُدَافِع قَوْمًا مُغْضَبِينَ عليكُم، ... فَعَلْتم بِهِمْ خَبْلًا مِنَ الشَّرِّ خَابِلا
__________
(1) . قوله [والتاء] هكذا في الأَصل، قال شارح القاموس: وكذا في المحكم وكأنه غلط والصواب والفاء كما في القاموس(11/197)
والخَبْل والخُبْل والخَبَل والخَبَال: الْجُنُونُ. وَيُقَالُ: بِهِ خَبَال أَي مَسٌّ، وَبِهِ خَبَل أَي شَيْءٌ مِنْ أَهل الأَرض. وَقَالَ اللَّيْثُ: الخَبَل جُنُونٌ أَو شِبْهُهُ فِي الْقَلْبِ. وَرَجُلٌ مَخْبُول وَبِهِ خَبَل وَهُوَ مُخَبَّل: لَا فؤَاد مَعَهُ. ابْنُ الأَعرابي: المُخَبَّل الْمَجْنُونُ، وَبِهِ سُمِّيَ المُخَبَّل الشَّاعِرُ وَهُوَ المُخْتَبَل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَراني طَرِباً فِي إِثْرِهِم، ... طَرَبَ الوالهِ أَو كالمُخْتَبَل
المُخْتَبَل: الَّذِي اخْتُبِلَ عقلُه أَي جُنَّ. وَقَدْ خَبَلَه الحزنُ واخْتَبَلَه وخَبِلَ خَبَالًا، فَهُوَ أَخْبَل وخَبِلٌ. وَدَهْرٌ خَبِل: مُلْتَوٍ عَلَى أَهله لَا يَرَوْنَ فِيهِ سُرُورًا. التَّهْذِيبُ: وَقَدْ خَبَله الدهرُ والحزنُ والشيطانُ والحُبُّ والداءُ خَبْلًا؛ وأَنشد:
يَكُرُّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ حَتَّى يَرُدَّهُ ... دَوىً، شَنَّجَتْه جِنُّ دَهْرٍ وخَابِلُه
وَمِنْ أَمثالهم: عَادَ غَيْثٌ عَلَى مَا خَبَلَ أَي أَفْسَد. وَقَدْ خَبَلَه وخَبَّلَه واخْتَبَلَه إِذا أَفْسَد عقلَه وعضوَه. والخَبَال: النُّقْصَانُ، وَهُوَ الأَصل، ثُمَّ سُمِّي الْهَلَاكُ خَبَالًا؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ للدَّلْو فَقَالَ يَصِفُهَا:
أَخُذِمَتْ أَم وُذِمَتْ أَم مالَها؟ ... أَم صادَفَتْ فِي قَعْرها خَبَالَها؟
وَقَدْ تَقَدَّمَتْ جِبَالَها، بِالْجِيمِ، يَعْنِي مَا أَفسدها وخَرَّقها. الْفَرَّاءُ: الخَبَال أَن تَكُونَ الْبِئْرُ مُتَلَجِّفة فَرُبَّمَا دَخَلَت الدلوُ فِي تَلجيفها فتتخرَّق. والخَبَال: عُصَارة أَهل النَّارِ. ابْنُ الأَعرابي: الخَبَال السَّمُّ الْقَاتِلُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ شَرِبَ الخَمر سَقاه اللَّهُ مِنْ طِينَةِ الخَبَال يَوْمَ الْقِيَامَةِ
؛ جَاءَ فِي تَفْسِيرِهِ أَن الخَبَال عُصارة أَهل النَّارِ. والخَبَال فِي الأَصل: الْفَسَادُ، وَيَكُونُ فِي الأَفعال والأَبدان وَالْعُقُولِ. وَطِينَةُ الخَبَال: مَا سالَ مِنْ جُلُودِ أَهل النَّارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَكل الرِّبا أَطعمه اللَّهُ مِنْ طِينة الخَبَال يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وأَما الَّذِي فِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قَفَا مُؤْمناً بِمَا لَيْسَ فِيهِ وقَفَه اللهُ تَعَالَى فِي رَدْغَة الخَبَال حَتَّى يَجِيءَ بالمَخْرَج مِنْهُ
، فَيُقَالُ: هُوَ صَدِيدُ أَهل النَّارِ؛ قَوْلُهُ قَفَا أَي قَذَف، والرَّدْغة الطِّينة، وَفُلَانٌ خَبَال عَلَى أَهله أَي عَناء. وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الخَبَال الْفَسَادُ وَذَهَابُ الشَّيْءِ؛ وأَنشد بَيْتَ أَوس:
أَبَني لُبَيْنَى، لَسْتُم بِيَدٍ ... إِلَّا يَداً مَخْبُولة العَضُد
وَقَالَ ابْنِ الأَعرابي: أَي لَا يُقَصِّرون فِي فَسَادِكُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ خَبْل
أَي فَسَادُ الْفِتْنَةِ والهَرْج وَالْقَتْلُ. والخَبْل: الْفَسَادُ فِي الثَّمَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الأَنصار شَكَوْا إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن رَجُلًا صَاحِبَ خَبْل يأْتي إِلى نَخْلِهِمْ فيُفْسدُ
، أَي صَاحِبَ فَسَادٍ. والخَبَل: فَسَادٌ فِي الْقَوَائِمِ. واخْتَبَلَت الدابةُ: لَمْ تَثْبُت فِي مَوْطِئها. والإِخْبال: أَن يُعْطَى الرجلُ البعيرَ أَو الناقةَ لِيَرْكَبَهَا ويَجْتَزَّ وَبَرَهَا وَيَنْتَفِعَ بِهَا ثُمَّ يَرُدَّهَا، يُقَالُ مِنْهُ: أَخْبَلْتُ الرجلَ أُخْبِلُه إِخْبَالًا. واسْتَخْبَل الرجلَ إِبلًا وَغَنَمًا فأَخْبَلَه: اسْتَعَارَ مِنْهُ نَاقَةً لِيَنْتَفِعَ بأَلبانها وأَوبارها أَو فَرَسًا يَغْزُو عَلَيْهِ فأَعاره، وَهُوَ مِثْلُ الإِكْفاء؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
هُنالك إِن يُسْتَخْبَلوا المالَ يُخْبِلوا، ... وإِن يُسْأَلوا يُعْطُوا، وإِن يَيْسِروا يَغْلوا
والإِكْفاء: أَن يُعْطِيَهُ النَّاقَةَ لِيَنْتَفِعَ بِلَبَنِهَا ووَبَرها(11/198)
وَمَا تَلِده فِي عَامِهَا، والإِخْبَال مِثْلُ الإِكْفاء فِي اللبَّن وَالْوَبَرِ دُونَ الْوَلَدِ؛ ذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ وَرَوَى بَيْتَ لَبِيدٍ فِي صِفَةِ الْفَرَسِ: غَيْرُ طَوِيلِ المُخْتَبَل، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، مِنْ هَذَا أَي غَيْرُ طَوِيلٍ مُدَّةَ العارِيّة، وَمَنْ قَالَ غَيْرُ طَوِيلِ المُحْتَبَل، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَراد أَنه غَيْرُ طَوِيلِ الرُّسغ، وَهُوَ مَوْضِعُ الحَبل مِنْ يَدِهِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: مُخْتَبَله قَوَائِمُهُ واخْتِبَالها أَن لَا تَثْبُتَ فِي مَوَاطِئِهَا. والخَبْل فِي كُلِّ شَيْءٍ: القَرْض والاستعارةُ. والخَبْل: مَا زِدْتَهُ عَلَى شَرْطِكَ الَّذِي يَشْتَرِطُهُ لَكَ الجَمّال. وخَبَلَ الرجلَ عَنْ كَذَا وَكَذَا يَخْبُلُه خَبْلًا: عَقَله وحَبَسه ومَنَعه. وَمَا خَبَلَك عَنَّا خَبْلًا أَي مَا حَبَسك؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَيَرَى كَذَلِكَ أَن يُفَرِّدَ راكِبٌ ... أَبداً، وَمَا خَبَلَ الرياحَ الخَابِلُ
واللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَابِلُ الرِّياح أَي حابسُها، فإِذا شَاءَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَها. والمُخَبَّل مِنَ الوَجَع: الَّذِي يَمْنَعُهُ وَجَعُه مِنَ الِانْبِسَاطِ فِي الْمَشْيِ. والخَبَل: طَائِرٌ يَصِيح اللَّيْلَ كُلَّه صَوْتًا وَاحِدًا يَحْكي مَاتَتْ خَبَلْ. والمُخَبَّل: شَاعِرٌ مِنْ بَنِي سَعْد. ومُخَبِّل، بِكَسْرِ الْبَاءِ: اسم الدَّهْر؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلِّزَة:
فَضَعي قِناعَك، إِنَّ رَيْبَ ... مُخَبِّلٍ أَفْنى مَعَدَّا
والخَبَال الَّذِي فِي شِعْرِ لَبِيدٍ: اسمُ فرَس؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَعْنِي قَوْلَ لَبِيدٍ:
تَكاثَرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فِيهَا، ... وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبَال
خبتل: رَجُلٌ خُبْتُلٌ: فِيهِ شِبْهُ الهَوَج والبَلَه والإِقدام عَلَى مَكْروه النَّاسِ، وَهِيَ الخُبْتُلة.
خبرجل: الخَبَرْجَل: الكُرْكِيُّ.
ختل: الخَتْل: تَخادُعٌ عَنْ غَفْلَةٍ. خَتَلَهُ يَخْتُلُهُ ويَخْتِلُهُ خَتْلًا وخَتَلاناً وخَاتَلَهُ: خَدَعه عَنْ غَفْلة؛ قَالَ رُوَيْسٌ:
دَهَاني بِسِتٍّ، كُلُّهنَّ حَبِيبةٌ ... إِليَّ، وَكَانَ الموتُ ذَا خَتَلانِ
والتَّخَاتُلُ: التَّخادُع. أَبو مَنْصُورٍ: يُقَالُ لِلصَّائِدِ إِذا اسْتَتَرَ بِشَيْءٍ ليَرْمِيَ الصَّيْدَ دَرَى وخَتَلَ الصَّيْدَ. والمُخاتَلة: مَشْيُ الصَّيَّادِ قَلِيلًا قَلِيلًا فِي خُفْية لِئَلَّا يَسْمَعَ الصيدُ حِسَّه، ثُمَّ جُعل مَثَلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وُرِّي بِغَيْرِهِ وسُتِر عَلَى صَاحِبِهِ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
حَنَتْني حانياتُ الدَّهْرِ، حَتَّى ... كأَني خَاتِل يَدْنو لصَيْد
قَرِيبُ الخَطوِ يَحسَبُ مَن رَآنِي، ... ولَسْتُ مُقَيَّداً، أَني بقَيْد
أَي كَبِرت وضَعُفَتْ مِشْيتي. وَفِي الْحَدِيثُ:
مِنْ أَشراط السَّاعَةِ أَن تُعَطَّل السُّيُوفُ مِنَ الْجِهَادِ وأَن تُخْتَلَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ
أَي تُطْلَبَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ، مِنْ خَتَلَه إِذا خَدَعه. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ فِي طُلَّاب الْعِلْمِ: وصِنْف تَعَلَّموه لِلِاسْتِطَالَةِ والخَتْل
أَي الخِدَاع. وَفِي الْحَدِيثِ:
كأَني أَنظر إِليه يَخْتِل الرَّجُلَ ليَطْعنه
أَي يُدَاوِرُه ويَطْلُبه مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُر. وخَتَلَ الذِّئبُ الصَّيدَ: تَخَفَّى لَهُ؛ وكلُّ خَادِعٍ خَاتِلٌ وخَتُول؛ وَقَوْلُ تأَبَّط شَرًّا:
وَلَا حَوْقَل خَطَّارة حَوْلَ بَيْتِهِ، ... إِذا العِرْسُ آوَى بَيْتُها كلَّ خَوْتَل(11/199)
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: الخَوْتَل الظَّرِيف، وَيَجُوزُ عِنْدِي أَن يَكُونَ مِنَ الخَتْل الَّذِي هُوَ الخَدِيعة بَنى مِنْهُ فَوْعَلًا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تَسَمَّع لِسِرِّ قَوْمٍ: قَدِ اخْتَتَل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
وَلَا تَرَاها لسِرِّ الْجَارِ تَخْتَتِل
وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: هُوَ يَمْشي الخَوْتَلَى إِذا مَشَى فِي شِقَّة؛ يُقَالُ: هُوَ يَخْلِجُني بِعَيْنِهِ ويَمْشي بي الخَوْتَلَى.
ختعل: خَتْعَل الرجلُ: أَبطأَ في مشيه.
خثل: خَثْلة البطنِ وخَثَلَتُه: مَا بَيْنَ السُّرَّة وَالْعَانَةِ، وَالتَّخْفِيفُ أَكثر؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
شَرِبْتُ مُرًّا مِنْ دَواءِ المَشْيِ، ... مِنْ وَجَعٍ بِخَثْلَتي وحَقْوِي
وَفِي حَدِيثِ
الزِّبْرِقان: أَحَبُّ صِبْيَانِنَا إِلينا العَرِيضُ الخَثْلة
؛ هِيَ الحَوْصلة، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ السُّرَّة وَالْعَانَةِ، وَقَدْ تُفْتَحُ الثَّاءُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وعِلْكِدٍ خَثْلَتُها كالجُفِ
العِلْكِدُ: الْعَجُوزُ الصُّلْبة المُسِنَّة. عَرَّام: حَوِيّة الإِنسان مَعِدَتُه، وَهِيَ الخَثْلة، وَهِيَ مُسْتَقَرُّ الطَّعَامِ تَكُونُ للإِنسان كالكَرِش لِلشَّاةِ، قَالَ: والفِحْث يَكُونُ للإِنسان وَلِمَا لَا يَجْتَرُّ مِنَ الْبَهَائِمِ، وَالْمَرِيءُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ الطَّعَامُ فَيَصِلُ إِلى الكَرِش، ثُمَّ يُصَبُّ إِلى الفِحْث، وَهُوَ أَصل القِبَة، وَالْجَمْعُ خَثْلات، بِسُكُونِ الثَّاءِ؛ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ، والله أَعلم.
خجل: الْفَرَّاءُ: الخَجَل الِاسْتِرْخَاءُ مِنَ الْحَيَاءِ وَيَكُونُ مِنَ الذُّلِّ. رَجُلٌ خَجِل وَبِهِ خَجْلة أَي حَيَاءٌ. والخَجَل: التحيُّر والدَّهَش مِنَ الِاسْتِحْيَاءِ. وخَجِل الرَّجلُ خَجَلًا: فَعَل فِعْلًا فَاسْتَحَى مِنْهُ ودَهِشَ وتَحَيَّر، وأَخْجَلَه ذَلِكَ الأَمر وخَجَّلَه. وخَجِلَ البعيرُ خَجَلًا: سَارَ فِي الطِّينِ فَبَقِيَ كالمُتَحَيِّر؛ والبعيرُ إِذا ارْتَطَم فِي الوَحَل فَقَدْ خَجِل. اللَّيْثُ: الخَجَل أَن يَفْعَلَ الإِنسان فِعْلًا يَتَشَوَّر مِنْهُ فيَسْتَحي؛ وأَخْجَلَه غَيْرُهُ وَقَدْ خَجَّلْته وأَخْجَلْته. ابْنُ شُمَيْلٍ: خَجِلَ الرجلُ إِذا الْتَبَسَ عَلَيْهِ أَمرُه. ابْنُ سِيدَهْ: الخَجَل أَن يَلْتَبِسَ الأَمر عَلَى الرَّجُلِ فَلَا يَدْري كَيْفَ المَخْرج مِنْهُ. يُقَالُ: خَجِلَ فَمَا يَدْري كَيْفَ يَصْنَعُ. وخَجِل بأَمره: عَيَّ. وخَجِلَ البعيرُ بالحِمْل: ثَقُل عَلَيْهِ وَاضْطَرَبَ. وَرَجُلٌ خَجِلٌ: يَضْطَرِبُ عَلَى الْفَرَسِ مِنْ سَعَته. وَثَوْبٌ خَجِلٌ: فَضْفَاض. وَيُقَالُ: جَلَّلْت البعيرَ جُلًّا خَجِلًا أَي وَاسِعًا يَضْطَرِبُ عَلَيْهِ. والخَجِلُ: الثَّوْبُ الْوَاسِعُ الطَّوِيلُ. والخَجَل: كَثْرَةُ تَشَقُّق الدَّنادِن؛ وأَنشد:
عَلَيَّ ثوبٌ خَجِلٌ خَبِيث ... مِدْرَعةٌ، كِسَاؤُها مَثْلوث
والخَجَل: البَطَر. ابْنُ سِيدَهْ: الخَجَل سُوء احْتِمَالِ الْغِنَى كأَن يَأْشَرَ ويَبْطَر عِنْدَ الغِنى، وَقِيلَ: هُوَ التَّخَرُّق فِي الغِنى، وَقَدْ خَجِلَ خَجَلًا. وَفِي الْحَدِيثِ
: أَنه قَالَ لِلنِّسَاءِ إِنَّكُنَّ إِذا جُعْتُنَّ دَقِعْتُنَّ وإِذا شَبِعْتُنَّ خَجِلْتُنَ
أَي أَشِرْتُنَّ وبَطِرْتُنَّ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الخَجَلُ الكَسَل وَالتَّوَانِي عَنْ طَلَبِ الرِّزْقِ، قَالَ: وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الإِنسان الخَجِل يَبْقَى سَاكِنًا لَا يَتَحَرَّكُ وَلَا يَتَكَلَّمُ، وَمِنْهُ قِيلَ للإِنسان: قَدْ خَجِلَ إِذا بَقِيَ كَذَلِكَ، والدَّقَع: سُوءُ احْتِمَالِ الْفَقْرِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ولم يَدْفَعُوا، عند ما نابَهم ... لِوَقْعِ الحُروب، وَلَمْ يَخْجَلوا(11/200)
يَقُولُ: لَمْ يَخْضَعُوا لِلْحَرْبِ وَلَمْ يَستَكِينوا وَلَمْ يَخْجَلوا أَي لَمْ يَبْقَوْا فِيهَا بَاهِتِينَ كالإِنسان المُتَحَيِّر الدَّهِشِ، وَلَكِنَّهُمْ جَدُّوا فِيهَا؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمْ يَخْجَلوا لَمْ يَبْطَروا وَلَمْ يَأْشَروا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهَذَا أَشبه الْوَجْهَيْنِ بِالصَّوَابِ، قَالَ: وأَما حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ أَن رَجُلًا ضَلَّت لَهُ أَيْنُقٌ فأَتى عَلَى وَادٍ خَجِل مُغِنٍّ مُعْشِب فوَجَد أَيْنُقَه فِيهِ
؛ الخَجِل فِي الأَصل: الْكَثِيرُ النَّبات المُلْتَفّ المتكاثِف. وخَجِلَ الْوَادِي والنباتُ: كَثُرَ صَوْتُ ذُبَابِهِ لِكَثْرَةِ عُشْبه. والخَجَل: البَرَمُ، خَجِلَ خَجَلًا وأَخْجَلَه. والخَجَل: التَّوَانِي عَنْ طَلَبِ الرِّزْقِ والكسلُ. وخَجِلَ خَجَلًا: بَقِيَ سَاكِتًا لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَتَحَرَّكُ. والخَجَل: الفَساد. وخَجِل النَّبتُ خَجَلًا: طَالَ والْتَفَّ. وَوَادٍ خَجِلٌ: مُلْتَفُّ النَّبَاتِ، وَقِيلَ مُفْرِط النَّبَاتِ، وَالْجَمْعُ خِجَلٌ «2» وَوَادٍ مُخْجِلٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
تَظَلُّ حِفْرَاهُ مِنَ التَّهَدُّل ... فِي رَوْض ذَفْراء، ورُغْلٍ مُخْجِل
أَي حَابِسٍ للإِبل مِنْ كَثْرَتِهِ. والحِفْراة: شَجَرَةٌ مَلْحاء مِثْلُ القُنْفُذة، قَالَ: والذَّفْراء والرُّغْل شَجَرَتَانِ. والخَجَل: الْتِفاف النَّبَاتِ وحُسْنُه. والخَجِل: الْمَكَانُ الْكَثِيرُ العُشْب. وحَمْضٌ مُخْجِلٌ: أَشِبٌ طَوِيلٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كَلأٌ مُخْجِل وَاسِعٌ كثيرٌ نامٍ حابسٌ يُقام فِيهِ وَلَا يُجاوَز، وَقِيلَ: الخَجِل العُشْب إِذا طَالَ وبَلَغ غَايَتَهُ. وأَخْجَلَ الحَمْضُ إِذا طَالَ والْتفَّ، فهو مُخْجِل. وقال أَبو حَنِيفَةَ: ثَوْبٌ خَجِلٌ يَعْتَقل لابسَه فيَتَلبَّد فِيهِ. والخَجِل: الثَّوْبُ الخَلَق، قَالَ شَمِرٌ: والخَجِل المَرِح؛ وأَنشد:
قَدْ يَهْتَدي لصَوْتيَ الْحَادِي الخَجِل
أَي المَرِح. وَفُلَانٌ يَمْشِي الخَوْجَلى: وَهُوَ مَشْيٌ للنساء بتَكَسُّر.
خدل: الخَدْل: العَظيمُ الْمُمْتَلِئُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ أَبي عَتيق رَوَاهُ ثَعْلَبٌ قَالَ: وَاللَّهِ إِني لأَسير فِي أَرض عُذْرَة إِذا أَنا بامرأَة تحمِل غُلَامًا خَدْلًا لَيْسَ مثْلُهُ يُتَوَرَّك. والخَدْلة مِنَ النِّسَاءِ: الغليظةُ السَّاقِ المُسْتَدِيرَتُها، وَجَمْعُهَا خِدَال؛ وامرأَة خَدْلة السَّاقِ وخَدْلاءُ بيِّنة الخَدَل والخَدَالة: ممتلئةُ السَّاقِينَ وَالذِّرَاعَيْنِ. وَيُقَالُ: مُخَلْخَلُها خَدْل أَي ضَخْمٌ. وَفِي حَدِيثِ اللِّعَانِ:
وَالَّذِي رُمِيَتْ بِهِ خَدْلٌ جَعْدٌ
؛ الخَدْل: الْغَلِيظُ الْمُمْتَلِئُ السَّاقِ. وَسَاقٌ خَدْلة بيِّنة الخَدَل والخَدَالة والخُدُولة وَقَدْ خَدِلَتْ خَدالةً، وخَدَالتُها: استدارتُها كأَنما طُوِيَتْ طَيًّا؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ نِسَاءً:
جَواعل فِي البُرَى قَصَباً خِدَالا
يَعْنِي عِظام أَسْوُقها أَنها غَلِيظَةٌ. وامرأَة خِدْلِمٌ: كخَدْلة؛ قَالَ الأَغلب:
يَا رُبَّ شيخٍ مِنْ لُكَيْزٍ كَهْكَم، ... قَلَّصَ عَنْ ذَاتِ شَبَابٍ خِدْلِم
الكَهْكَم: الَّذِي يُكَهْكِه فِي يَدِهِ؛ الصِّحَاحُ: وَكَذَلِكَ الخِدْلِمُ، بِالْكَسْرِ وَالْمِيمِ زَائِدَةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَيْسَتْ بكَرْواء، وَلَكِنْ خِدْلِمِ، ... وَلَا بزَلّاء، وَلَكِنْ سُتْهُمِ
والخَدْلة: الحَبَّة مِنَ العِنَب إِذا كَانَتْ صَغِيرَةً قَمِيئة مِنْ آفَةٍ أَو عَطَش. والخَدْلة والخُدْلة؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: السَّاق مِنَ الصَّابَة. والصَّابُ: ضَرْب مِنَ الشَّجَرِ المُرِّ.
__________
(2) . قوله [خجل] هكذا في الأَصل غير مضبوط بالتحريك(11/201)
خدفل: التَّهْذِيبُ: أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ الخَدافِل المَعاوِزُ. وَمِنْ أَمثالهم: غَرَّني بُرْداكَ مِنْ خَدافِلي؛ وأَصله أَن امرأَة رأَت عَلَى رَجُلٍ بُرْدَيْنِ فتزوَّجته طَمَعاً فِي يَساره فأَلْفَتْه مُعْسِراً. ابْنُ الأَعرابي: خَدْفَل الرجلُ إِذا لَبِس قميصاً خَلَقاً.
خذل: الخاذِلُ: ضِدُّ النَّاصِرِ. خَذَلَه وخَذَلَ عَنْهُ يَخْذُلُهُ خَذْلًا وخِذْلاناً: تَرَكَ نُصْرته وعَوْنه. والتَّخْذِيل: حَمْلُ الرَّجُلِ عَلَى خِذْلان صَاحِبِهِ وتَثْبِيطُه عَنْ نصْرته. الأَصمعي. إِذا تَخَلَّف الظبيُ عَنِ القَطِيع قِيلَ خَذَلَ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ فَرَسًا:
فَهْوَ كالدَّلْو بكَفِّ المُسْتَقِي، ... خَذَلَت عَنْهُ العَرَاقي فانْجَذَم
أَي بايَنَتْه العَراقي. وخِذْلانُ اللَّهِ العبدَ: أَن لَا يَعْصِمَه مِنَ الشُّبَه فَيَقَعُ فِيهَا، نَعُوذُ بِلُطْفِ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. وخَذَّل عَنْهُ أَصحابَه تَخْذِيلًا أَي حَمَلَهم عَلَى خِذْلانه. وتَخَاذَلوا أَي خَذَل بعضُهم بَعْضًا. وَفِي الْحَدِيثِ
: الْمُؤْمِنُ أَخو الْمُؤْمِنِ لَا يَخْذُله
؛ الخَذْل: تَرْكُ الإِعانة وَالنُّصْرَةِ. وَرَجُلٌ خُذَلَة، مِثَالُ هُمَزة، أَي خَاذِلٌ لَا يَزَالُ يَخْذُل. ابْنُ الأَعرابي: الخَاذِل الْمُنْهَزِمُ، وتَخَاذَل القومُ: تَدَابَروا. وخَذَلَت الظَّبيةُ والبقرةُ وغيرُهما مِنَ الدَّوَابِّ، وَهِيَ خَاذِل وخَذُول: تَخَلَّفَت عَنْ صَوَاحِبِهَا وَانْفَرَدَتْ، وَقِيلَ: تَخَلَّفت فَلَمْ تَلْحَق. وخَذَلَت الظَّبيةُ وأَخْذَلَتْ، وَهِيَ خَاذِل ومُخْذِل: أَقامت عَلَى وَلَدِهَا، وَيُقَالُ: هُوَ مَقْلُوبٌ لأَنها هِيَ الْمَتْرُوكَةُ، وتَخَاذَلَتْ مثلُه. التَّهْذِيبُ: الخَاذِل والخَذُول مِنَ الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ الَّتِي تَخْذُل صَوَاحِباتها وتَنْفُر مَعَ وَلَدِهَا، وَقَدْ أَخْذَلَها ولَدُها. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَكَذَا رأَيته فِي النُّسْخَةِ: وتَنْفُر، وَالصَّوَابُ وَتَتَخَلَّفُ مَعَ وَلَدِهَا وتَنْفَرِد مَعَ وَلَدِهَا، قَالَ: هَكَذَا رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي. والخَذُول: الَّتِي تَتَخَلَّفُ عَنِ القَطِيع وَقَدْ خَذَلَتْ وخَدَرَتْ؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
خَذُول تُرَاعِي رَبْرباً بخَمِيلة
والخَذُول مِنَ الخَيْل: الَّتِي إِذا ضَرَبَها المَخاض لَمْ تَبْرَح مِنْ مَكَانِهَا. وتَخَاذَلَت رِجْلا الشَّيْخِ: ضَعُفَتا. ورَجُل خَذُول الرِّجْل: تَخْذُله رِجْلُه مِنْ ضَعْف أَو عَاهَةٍ أَو سُكْر؛ قَالَ الأَعشى:
فتَرَى القومَ نَشَاوَى كُلَّهم، ... مِثْلَ مَا مُدَّت نِصَاحَاتُ الرَّبَح
كُلّ وَضَّاحٍ كريمٍ جَدُّه، ... وخَذُولِ الرِّجْل مِنْ غَيْرِ كَسَح
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَدْرُ الْبَيْتِ:
بَيْنَ مَغْلُوبٍ نَبِيل جَدُّه
وَيُرْوَى: كريمٍ جَدُّه.
خذعل: الخَزْعَلة: ضَرْب مِنَ المشْي كالخَذْعَلة. وخَذْعَلَهُ بِالسَّيْفِ: قَطَّعه. والخِذْعل، بِالْكَسْرِ، والخِرْمِل: المرأَةُ الحَمْقاء؛ وَقَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ:
تَنْتَخِبُ اللُّبَّ، لَهُ ضَرْبَةٌ ... خَدْباءُ كالعَطِّ مِنَ الخِذْعِل
قِيلَ: الخِذْعِل المرأَة الحَمْقاء، وَقِيلَ: الخِذْعِل ثِيَابٌ مِنْ أَدَم يَلْبَسُهَا الرُّعْن. قَالَ الأَزهري: هَذَا قَالَهُ الْمُتَنَخِّلُ يَصِفُ سَيْفًا أَي هَذَا السَّيْفُ كأَنه أَهْوَج لَا عَقْلَ لَهُ؛ والخَدَبُ: تَهَاوِي الشَّيْءِ لَا يتَمالك وإِنما(11/202)
هَذَا مَثَل أَي هَذَا السَّيْفُ لَا يُبَالِي مَا أَصاب، وَقَالَ: كالعَطِّ مِنَ الخِذْعِل أَراد كالشَّقِّ مِنْ ثَوْبِ الخِذْعِل، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى. وخَذْعَلَ البِطِّيخَ إِذا قَطَّعه قِطَعاً صِغاراً.
خردل: الخُرْدُولة: الْعُضْوُ الْوَافِرُ مِنَ اللَّحْمِ. وخَرْدَلَ اللحمَ: قَطَّع أَعضاءَه وَافِرَةً، وَقِيلَ: خَرْدَلَ اللحمَ قَطَّعه صِغَارًا، وَقِيلَ: خَرْدَلَ اللحمَ قَطَّعه وفَرَّقه، وَالذَّالُ فِيهِ لُغَةٌ. وَلَحْمٌ خَرَادِيلُ ومُخَرْدَلٌ إِذا كَانَ مُقَطَّعاً؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
يَغْدُو فيَلْحَم ضِرْغَامَيْنِ، عَيْشُهما ... لَحْمٌ مِنَ القَوم مَعْفُورٌ خَرَادِيل
أَي مُقَطَّع قِطَعاً. والمُخَرْدَل: الْمَصْرُوعُ والخَرْدَل: ضَرْبٌ مِنَ الحُرْف مَعْرُوفٌ، الْوَاحِدَةُ خَرْدَلَة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها
؛ أَي زِنَة خَرْدَل. وخَرْدَلَتِ النَّخْلةُ وَهِيَ مُخَرْدِلة وَهِيَ مُخَرْدِلٌ: كَثُرَ نَفَضُها وَعَظُمَ مَا بَقِيَ مِنْ بُسْرِها. وخَرْدَلَ الطعامَ خَرْدَلَة: أَكل خِيَاره وأَطايِبَه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
: فَمِنْهُمُ المُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ المُخَرْدَل
؛ قَالَ: المُخَرْدَل الْمَصْرُوعُ المَرْمِيُّ، وَقِيلَ: المُخَرْدَل المُقَطَّع تُقَطِّعه كَلَالِيبُ الصِّرَاطِ حَتَّى يَهْوِيَ في النار.
خرذل: خَرْذَل اللحمَ: قَطَّعه وفَرَّقه، بِالدَّالِ وَالذَّالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الدَّالِ، وفَصَّل أَعضاءَه «1» .
خرقل: ابْنُ الأَعرابي: خَرْقَلَ فُلَانٌ فِي رَمْيِه إِذا تَنَوَّق فِيهِ، قَالَ: والخَرْقَلَة امِّراق السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّة؛ وأَنشد:
تَحادَل فِيهَا ثُمَّ أَرْسَل قَدْرَها، ... فَخَرْقَل مِنْهَا جُفْرَة المُتَنَكِّس
يَقُولُ: تَحَادَلَ الرَّامِي عَلَى الْقَوْسِ أَي مَالَ عَلَيْهَا فامَّرَق السهمُ مِنْ جُفْرَة الرَّميَّة، وَهِيَ وسَطُها، والله أَعلم.
خرمل: الخِرْمِل، بِالْكَسْرِ: المرأَة الرَّعْناء، وَقِيلَ: الْعَجُوزُ المُتَهَدِّمة الحَمْقاء مِثْلُ الخِزْعِل؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
عَبْلَةُ لَا دَلُّ الخَرامِل دَلُّها، ... وَلَا زِيُّها زِيُّ القِباح القَرازِح «2»
. القَرازِح: القِصَار، الْوَاحِدَةُ قُرْزُحة. وناقة خِرْمِل: مُسِنَّة.
خزل: الخَزَل: مِنَ الانْخِزَال فِي المَشْي كأَن الشَّوْكَ شَاكَ قَدَمه؛ قَالَ الأَعشى:
إِذا تَقُوم يَكَادُ الخَصْر يَنْخَزِل
ابْنُ سِيدَهْ: الخَزَل والتَّخَزُّل والانْخِزَال مِشْية فِيهَا تَثَاقُل وتَراجُعٌ، زَادَ غَيْرُهُ: وتَفَكك، وَهِيَ الخَيْزَل والخَيْزَلَى والخَوْزَلَى مِثْلُ الخَيْزَرَى والخَوْزَرَى إِذا تَبَخْتر. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبي: قُصَل الَّذِي مَشَى فَخَزِل
أَي تَفَكَّك فِي مَشْيِهِ، وَمِنْهُ مِشْية الخَيزَلَى. وتَخَزَّل السحابُ إِذا تَثَاقَلَ ورأَيته كأَنه يَتَراجَع. والخُزْلة والخَزَل: الكَسْرة فِي الظَّهْر، خَزِل يَخْزَل خَزَلًا، فَهُوَ أَخْزَلُ ومَخْزُول. والأَخزل: الَّذِي فِي وسَط ظَهْرِهِ كَسْرَة وهو مَخْزُول الظَّهر.
__________
(1) . قوله [وفصل أَعضاءه] هكذا في الأَصل
(2) . قوله [لا دل الخرامل] تقدم في ترجمة قرزح الخوامل في البيت بالواو والصواب كما هنا(11/203)
وَفِي وَسَطِ ظَهْرِهِ خُزْلَة أَي هُوَ مِثْلُ سَرْج «1» والأَخْزَل مِنَ الإِبل: الَّذِي ذَهَب سَنامُه كُلُّهُ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، وأَما الأَجزل، بِالْجِيمِ، فَهُوَ الَّذِي أَصابت غَارِبَهُ دَبَرَة فاطمأَنَّ موضعُه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أُراه أَراد الأَجزل، بِالْجِيمِ، فَصَحَّفَهُ وَجَعَلَهُ خَاءً، وَقَدْ مَضَى الْحَدِيثُ عَلَى جَزْلٍ. وأَما الخَزْل، بِالْخَاءِ، فَهُوَ الْقَطْعُ؛ يُقَالُ: خَزَلْته فانْخَزَلَ أَي قَطَعْتُهُ فَانْقَطَعَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَكاد الخَصْرُ يَنْخَزِل
مَعْنَاهُ يَنْقَطِعُ لضُمْرِه، كَمَا قَالَ الْآخَرُ يَكَادُ يَنْغَرِف أَي يَنْقَطِعُ، عَلَى أَن الجَزْل بِالْجِيمِ يَكُونُ قَطْعاً. يُقَالُ: جَازِلٌ مِنَ الجُزَّال، وَلَعَلَّ الْخَاءَ وَالْجِيمَ يَتَعَاقَبَانِ فِي هَذَا. وانْخَزَلَ الشيءُ: انْقَطَعَ. والاخْتِزَال: الِاقْتِطَاعُ. يُقَالُ: اخْتَزَلَه عَنِ الْقَوْمِ مِثْلُ اخْتَزَعه. واخْتَزَلَ فُلَانٌ المالَ، بِالْخَاءِ، إِذا اقْتَطَعَهُ، لَا يُقَالُ إِلَّا بِالْخَاءِ. وَفِي حَدِيثِ الأَنصار:
وَقَدْ دَفَّت دافَّةٌ مِنْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يَخْتَزِلُونا مِنْ أَصلنا
أَي يُرِيدُونَ أَن يَقْتَطِعونا وَيَذْهَبُوا بِنَا مُنْفَرِدِينَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَرادوا أَن يَخْتَزِلُوه دُونَنَا
أَي يَنْفَرِدُوا بِهِ، وَفِي حَدِيثِ أُحُد:
انْخَزَلَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبيٍّ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ
أَي انْفَرَدَ. والمَخْزُول مِنَ الشِّعْر؛ ابْنُ سِيدَهْ: الخَزْل والخُزْلة فِي الشِّعْر ضَرْب مِنْ زِحاف الْكَامِلِ سُقُوطُ الأَلف وَسُكُونُ التَّاءِ مِنْ مُتَفَاعِلُنْ فَيَبْقَى مُتْفَعْلُنْ، وَهَذَا الْبِنَاءُ غَيْرُ مَقُول فَيُصْرَفُ إِلى بناءٍ مَقول وَهُوَ مُفْتَعِلُنْ؛ وَبَيْتُهُ:
مَنْزِلة صَمَّ صَدَاها وعَفَت ... أَرْسُمُها، إِن سُئِلَتْ لَمْ تُجِبِ
اللَّيْثُ: الخُزْلة سُقُوطُ تَاءِ مُتَفَاعِلُنْ وَمُفَاعَلَتُنْ؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ خُزْلَةٌ «2» كَقَوْلِهِ:
وأَعطى قَوْمه الأَنصار فَضْلًا، ... وإِخوتَهُم مِنَ المُهاجِرِينا
وَتَمَامُهُ: مِنَ المُتَهاجِرينا. قَالَ: وَلَا يَكُونُ هَذَا إِلا فِي الْوَافِرِ وَالْكَامِلِ؛ وَمِثْلُهُ:
لَقَدْ بَحِحْتُ مِنَ النِّداء ... بِجَمْعِكم: هَلْ مِنْ مُبارِز؟
تَمَامُهُ: وَلَقَدْ، بِالْوَاوِ، وَيُسَمَّى هَذَا أَخزل وَمَخْزُولًا. وَرَجُلٌ خُزَلة وخُزَرة أَي يَحْبِسُكَ عَمَّا تُرِيدُ ويَعُوقك عَنْهُ. ابْنُ سِيدَهْ: والاخْتِزَال الْحَذْفُ، اسْتَعْمَلَهُ سِيبَوَيْهِ كَثِيرًا، قَالَ: وَلَا أَعلم ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ. وانْخَزَل عَنْ جَوَابِي: لَمْ يَعْبَأ بِهِ. وانْخَزَل فِي كَلَامِهِ: انْقَطَعَ. وَيَقُولُ الْقَائِلُ إِذا أَنشد بَيْتًا فَلَمْ يَحْفَظْهُ كُلَّهُ: قَدْ كَانَ عِنْدِي خُزْلة هَذَا الْبَيْتِ أَي الَّذِي يُقيمه إِذا انْخَزل فذَهَب مَا يُقيمه. واخْتَزَل برأْيه: انْفَرَدَ. وخَزَلَه عَنْ حَاجَتِهِ يَخْزِلُه: خَوَّفَهُ «3» . وخَوْزَل: اسْمُ امرأَة.
خزعل: الخَزْعَلة: خَمَعان الضِّبْعان. وخَزْعَل الْمَاشِي: نَفَضَ رِجْلَه؛ قَالَ:
ورِجْلِ سوءٍ مِنْ ضِعاف الأَرجُل ... مَتَى أُرِدْ شَدَّتها تُخَزْعِل
خَزْعَلَة الضِّبْعان بين الأَرْمُل
__________
(1) . قوله [أَيْ هُوَ مِثْلُ سَرْجٍ] هكذا في الأَصل ولعله أو هوّة مثل سرج، والهوّة بالضم وتشديد الواو: المكان المنهبط كما في القاموس
(2) . قوله [خزلة] هكذا الخاء غير مقيَّدة بالحركة ولعلها مفتوحة
(3) . قوله [خوفه] قال شارح القاموس: كذا هو فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُحْكَمِ، والصواب عوقه كما في القاموس(11/204)
وَنَاقَةٌ بِهَا خَزْعَال أَي ظَلْع. وخَزْعَل فِي مِشْيته أَي عَرِج. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلال مَفْتُوحُ الْفَاءِ مِنْ غَيْرِ ذَوَاتِ التَّضْعِيفِ إِلَّا حَرْفٌ وَاحِدٌ. يُقَالُ: نَاقَةٌ بِهَا خَزْعَال إِذا كَانَ بِهَا ظَلْع، وَزَادَ ثَعْلَبٌ: قَهْقَار، وَخَالَفَهُ النَّاسُ وَقَالُوا قَهْقَرٌّ، وَزَادَ أَبو مَالِكٍ قَسْطال وَهُوَ الغُبار، وأَما فِي الْمُضَاعَفِ فَفَعْلال فِيهَا كَثِيرٌ نَحْوَ الزَّلْزال والقَلْقال. وخَزْعَل خَزْعَلةً: طَلَع. والخُزْعَالَة: اللَّعِب والمُزَاح [المِزَاح] .
خزعبل: الخُزَعْبِل والخُزَعْبِيل: الْبَاطِلُ، وَفِي الصِّحَاحِ: الأَباطيل. قَالَ الْجَرْمِيُّ الخُزَعْبِيلَة مَا أَضْحَكْتَ بِهِ الْقَوْمَ؛ يُقَالُ: هَاتِ بَعْضَ خُزَعْبِيلاتك؛ خُزَعْبِيلاتُ الْكَلَامِ: هَزْله ومِزَاحه. والخُزَعْبِلة: الفُكاهة والمُزاح [المِزَاح] . وَمِنْ أَسماء العَجَب الخُزَعْبِلة والحَدَنْبَدَى، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: خَزَعْبَل وخُزَعْبِيل هِيَ الأَحاديث المستَظْرَفة.
خزنبل: اللَّيْثُ: الخَزَنْبَل هِيَ الحَمْقاء، وَيُقَالُ هِيَ الْعَجُوزُ المُتَهَدِّمة، والجمع الخَزَابِل.
خسل: الخَسِيل: الرَّذْل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ خَسَائِل وخِسَال، الأُولى نَادِرَةٌ. وَهُوَ مِنْ خَسِيلتهم أَي مِنْ خُشارتهم، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي حَرْفِ الْحَاءِ. والخُسالة والحُسالة: الرَّدِيء مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والمَخْسول والمَحْسُول: المَرْذول، بِالْخَاءِ وَالْحَاءِ جَمِيعًا، والمُخَسَّل والمُحَسَّل مِثْلُهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ذِي رَأْيهم والعاجِزِ المُخَسَّل
ورَجُل مُخَسَّل ومَخْسُول: مَرْذول. والخُسَّل والخُسَّال: الأَرذال والضُّعَفاء؛ وَقَالَ:
ونَحْن الثُّرَيَّا وجَوْزَاؤُها، ... وَنَحْنُ الذِّرَاعان والمِرْزَمُ
وأَنتم كواكبُ مَخْسُولة، ... تُرى فِي السَّمَاءِ وَلَا نُعْلَمُ
وَيُرْوَى: مَسْخُولة. وخَسَلهم: نَفَاهُمْ، والله أَعلم.
خشل: الخَشْل: البَيْضة إِذا أَخْرَجْتَ جَوْفَهَا؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والخَشْل والخَشَل، مُحَرَّك الشِّينِ: المُقْلُ نَفْسُهُ، قِيلَ هُوَ الْيَابِسُ، وَقِيلَ هُوَ رَطْبُه وَصِغَارُهُ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ، وَقِيلَ هُوَ نَوَاهُ، وَاحِدَتُهُ خَشْلة وخَشَلَة؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
يَسْتَخْرِج الحَشَراتِ الخُشْنَ رَيِّقُها، ... كأَن أَرؤسَها فِي مَوْجه الخَشَلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ إِنما هُوَ الخَشْل، بِسُكُونِ الشِّينِ لَا غَيْرُ، وأَما الخَشَل فِي بَيْتِ الْكُمَيْتِ فإِنما حرَّكه ضَرُورَةً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَسَاقَتْ حَصَادَ القُلْقُلان، كأَنما ... هُوَ الخَشْل أَعرافُ الرِّياح الزَّعازِع
وَيُرْوَى: كأَنه نَوَى الخَشْل أَي نَوَى المُقْل. والخَشْل: الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَدْ تَخَشَّلَ، وأَصله مِنْ ذَلِكَ. اللَّيْثُ: الخَشْل مِنَ المُقْل كالحَشَف مِنَ التَّمْر. وَرَجُلٌ مُخَشَّل ومَخْشُول: مَرْذُولٌ وقد خَشَلَه. والخَشْل: رؤوس الحُلِيِّ مِنَ الْخَلَاخِيلِ والأَسْوِرة، وَقِيلَ: الخَشْل مَا تَكَسَّر من رؤوس الحُلِيِّ وأَطرافِه، والخَشَل كَذَلِكَ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
تَرَى قِطَعاً مِنَ الأَحناش فِيهِ ... جَماجِمُهن كالخَشَل النَّزِيع
وَمِمَّا حَكَاهُ ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ قَالَ: والخَشْل الأَسْوِرة وَالْخَلَاخِيلُ، بالإِسكان لَا غَيْرُ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنْهَا أَجْوَف غَيْرَ مُصْمَت، وَكُلُّ أَجوف غَيْرِ(11/205)
مُصْمَت فَهُوَ خَشْلٌ، بالإِسكان. قال: وأَما رؤوس الأَسْوِرة وَالْخَلَاخِيلُ فَلَا تَكُونُ إِلا مُصْمَتة وَلَيْسَتْ خَشْلًا؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
كثَمَر الحُمَّاض غَيْرِ الخَشْل
أَي غَيْرِ الرَّدِيءِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي عُمَرَ الزَّاهِدِ وَابْنِ خَالَوَيْهِ وَابْنِ فَارِسٍ وَغَيْرِهِمْ فِي الخَشْل للمُقْل، كَقَوْلِ ابْنِ حَمْزَةَ إِنه بالإِسكان لَا غَيْرُ، وَإِنَّ مَا وَرَدَ مِنْهُ مُحَرَّكًا فَهُوَ عَلَى جِهَةِ الضَّرُورَةِ كَبَيْتِ الْكُمَيْتِ وَكَبَيْتِ الشَّمَّاخِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَكَذَا رَوَاهُ الْخَلِيلُ بِتَحْرِيكِ الشِّينِ، قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِنهما لُغَتَانِ، والأَعرف فِيهِمَا سُكُونُ الشِّينِ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ بِالتَّحْرِيكِ أَيضاً عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ، قَالَ: الخَشَل المُقْل والحُلِيُّ، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الخَشْل المُقْل الْيَابِسُ، وَيُقَالُ لرَطْبه البَهْشُ، وَيُقَالُ لِنَوَاهُ المُلْجُ، وَلِسَوِيقِهِ الحَتِيُّ والعَكِيُّ والثَّتى، الثَّاءُ قَبْلَ التَّاءِ. وَرَجُلٌ مُخَشَّل: مُحَلَّى مِنْ ذَلِكَ. والخَشْل: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ أَصفر وأَحمر وأَخضر؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَتَّى اكْتَسَتْ مِنْ ضَرْب كُلِّ شَكْل، ... كَثَمر الحُمَّاض غَيْرِ الخَشْل
والخَشْل: رَدِيءُ المُقْل. والخَشْل: مَا تَكَسَّر مِنَ الحُلِيِّ، وَقِيلَ: إِن الخَشْل فِي بَيْتِ ذِي الرُّمَّةِ رؤوس الحُليِّ. وَيُقَالُ: الحَتِيُّ قِشْرة المُقْلة الَّتِي تُؤْكَلُ، والمُقْلة نفسُها بِلَا قِشْرٍ خَشْلة، وَهِيَ النَّواة، قَالَ: فَعَلَى هَذَا لِلَفْظَةِ الخَشْل أَحد عَشَرَ مَعْنًى: المُقْل وَنَوَاهُ وَيَابِسُهُ وَرَدِيئُهُ، وَالرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، والحُلِيُّ ورؤُوسه وَمَا تكَسَّر مِنْهُ وَمَا تَجَوَّف مِنْهُ، والمُجَوَّف مَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَضَرْبٌ مِنَ النَّبْت، والخَنْشَلِيلُ نَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَةِ خَنْشَلَ فإِن سِيبَوَيْهِ جَعَلَهُ مَرَّةً ثُلَاثِيًّا وأُخرى رُبَاعِيًّا، والله أَعلم.
خصل: الخَصْلة: الفَضِيلة والرَّذيلة تَكُونُ فِي الإِنسان، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الْفَضِيلَةِ، وَجَمْعُهَا خِصَال. والخَصْلة: الخَلَّة. اللَّيْثُ: الخَصْلة حَالَاتُ الأُمور، تَقُولُ: فِي فُلَانٍ خَصْلة حَسَنة وخَصْلة قَبِيحَةٌ، وخِصال وخَصَلات كَرِيمَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
: مَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلة مِنَ النِّفَاقِ
أَي شُعْبة مِنْ شُعَب النِّفَاقِ وَجُزْءٌ مِنْهُ أَو حَالَةٌ مِنْ حَالَاتِهِ. والخَصْلة والخَصْل فِي النِّضال: أَن يَقَعَ السَّهم بِلزْق القِرْطاس، وإِذا تَنَاضَلُوا عَلَى سَبْق حَسَبوا خَصْلتين بمُقَرْطَسَة. وَيُقَالُ: رَمى فأَخْصَل، قَالَ: وَمَنْ قَالَ الخَصْل الإِصابة فَقَدْ أَخطأَ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
تِلْكَ أَحْسابُنا، إِذا احْتَتَنَ الخَصْلُ، ... وَمَدَّ المَدَى مَدَى الأَغراض
وَقَدْ أَخْصَلَ الرَّامي. وتَخَاصَل القومُ: تَراهنوا عَلَى النِّضال، ويُجْمَع عَلَى خِصَال. وأَصاب خَصْلَه وأَحْرز خَصْلَه: غَلَب عَلَى الرِّهان. والخَصِيل: المَقْمور. والخَصل فِي النِّضَالِ: الخَطَر الَّذِي يُخَاطِرُ عَلَيْهِ، وأَنشد بَيْتَ الطِّرِمَّاحِ؛ وأَنشد لِآخَرَ:
وَلِي إِذا ناضلتُ سَهْمُ الخَصْل
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه كَانَ يَرْمي فإِذا أَصاب خَصْلة قَالَ أَنا بِها أَنا بِها
؛ الخَصْلة الإِصابة فِي الرَّمْيِ وَهِيَ المَرَّة مِنَ الخَصْل، وَهِيَ الْغَلَبَةُ فِي النِّضال والقَرْطسة فِي الرَّمْي، قَالَ: وأَصل الخَصْل القَطْع لأَن الْمُتَرَاهِنِينَ يُقَطِّعُونَ أَمرهم عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ. وخَصَل القومَ خَصْلًا وخِصَالًا: نَضَلَهم؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ رَجُلًا:
سَبَقْتَ إِلى الْخَيْرَاتِ كلَّ مُناضِل، ... وأَحْرَزْتَ بِالْعَشَرِ الْوَلَاءِ خِصَالَها(11/206)
ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذا أَصاب القِرْطاسَ فَقَدْ خَصَلَه. أَبو عَمْرٍو: الخَصْل القَمْر فِي النِّضال، وَقَدْ خَصَلَه إِذا قَمَره، وتَخَاصَلوا إِذا اسْتَبَقوا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الخَصْلة الإِصابة فِي الرَّمْيِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الخَصْلَة القَمْرة. يُقَالُ: لِي عِنْدَهُ خَصْلَة وَخَصْلَتان أَي قَمْرة وقَمْرتان، وَهِيَ الخِصَال. والخَصِيلة: كُلُّ قِطْعة مِنْ لَحْمٍ عَظُمَت أَو صَغُرت، وَقِيلَ: هِيَ لَحْمُ الْفَخْذَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ والعَضُدين وَالذِّرَاعَيْنِ؛ وأَنشد:
عَارِي القَرَا مُضْطَرِب الخَصَائِل
وَقِيلَ: هِيَ كُلُّ عَصَبة فِيهَا لَحْمٌ غَلِيظٌ؛ وَقَالَ القَطِران السَّعدي:
وجَوْنٍ أَعانته الضُّلوع بزَفْرَة ... إِلى مُلُط بانَتْ، وبانَ خَصِيلُها
إِلى مُلُطٍ أَي مَعَ مُلُط، والمُلُط: جَمْعُ مِلاط الْعَضُدُ وَالْكَتِفُ، وَقِيلَ: الخَصِيلَة كُلُّ لَحْمةٍ عَلَى حَيِّزها مِنْ لَحْمِ الْفَخِذَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
يَرْهَزُ رَهْزاً يُرْعِد الخَصَائِلا
وَقَالَ ضَابِئٌ:
إِذا هَمَّ لَمْ تُرْعَد عَلَيْهِ خَصائِلُه
وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
حَتَّى استخلَّت خَصَائِله
وَفِي كِتَابِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلى الْحَجَّاجِ: كَمِيشَ الإِزار مُنْطَوِيَ الخَصِيلَة، قَالَ: هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَكُلُّ لَحْمٍ مِنْ عَصَبة خَصِيلَة، وَجَمْعُهُ خَصَائِل؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
حَتَّى ارْعَوَيْنَ إِلى حَدِيثي، ... بَعْدَ إِرْعاد الخَصَائِل
وَقِيلَ: الخَصِيلة كلُّ مَا انْمَاز مِنْ لَحْمِ الْفَخِذَيْنِ، وَالْجَمْعُ خَصِيل وخَصَائِل. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ يَصِفُ فَرَسًا: إِنه سَبْط الخَصِيل وَهْواه الصَّهِيل؛ وَقَالَ زُهير فِي صِفَةِ فَرَسٍ:
ونَضْرِبه، حَتَّى اطْمَأَنَّ قَذَالُه، ... وَلَمْ تَطْمَئِنَّ نَفْسُه وخَصَائِلُه
قَالَ: وَرُبَّمَا اسْتَعْمَلَ فِي الإِنسان؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَبيتُ أَبو لَيْلَى دَفِيئاً، وضَيْفُه ... مِنَ القَرِّ يُضْحي مُسْتَخَفّاً خَصَائِلُه
والخَصِيلَة: الطَّفْطفَة. والخَصِيلَة: الْقَلِيلَةُ مِنَ الشَّعْرِ، وَهِيَ الخُصْلة، وَقِيلَ: الخُصْلَة الشَّعْرُ الْمُجْتَمِعُ. اللَّيْثُ: الخُصْلَة، بِالضَّمِّ، لَفِيفَة مِنَ الشَّعْرِ، وَجَمْعُهَا خُصَل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٌ:
تَتَّقِيني بتَلِيلٍ ذِي خُصَل
التَّهْذِيبُ: والخَصِيل الذَّنَب؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
وفَرْدٍ يطيرُ البَقُّ عِنْدَ خَصِيلَه، ... يَدِبُّ كنَفْضِ الرِّيح آلَ السُّرادق
أَراد بالفَرْد ثَوْرًا مُنْفَرِدًا. قَالَ: وَكُلُّ غُصْنٍ مِنْ أَغصان الشَّجَرِ خُصْلَة. وخَصَّلْت الشَّجَرَ تَخْصِيلًا إِذا قَطَّعت أَغصانَه وشَذَّبته؛ وَقَالَ مُزَاحِمٌ الْعُقَيْلِيُّ يَصِفُ صُرَدَيْن:
كَمَا صَاحَ جَوْنا ضالتَيْنِ تَلاقَيَا ... كَحِيلان فِي أَعلى ذُرىً لَمْ تُخَصَّل
أَراد بالجَوْنَين صُرَدَين أَخضرين، جَعَلَهُمَا كَحِيلَينِ بخَطٍّ مِنْ مُؤْخِر الْعَيْنِ إِلى نَاحِيَةِ الصُّدْغ مِنَ الإِنسان.(11/207)
والخَصْلَة والخُصْلَة: العُنْقود. والخَصْلَة والخُصْلَة والخَصَلَة، كُلُّ ذَلِكَ: عودٌ فِيهِ شَوْكٌ، وَقِيلَ: هُوَ طَرَفُ الْقَضِيبِ الرَّطب اللَّين، وَقِيلَ: هُوَ مَا رخُص مِنْ قُضْبان العُرْفُط. والخُصَل: أَطراف الشَّجَرِ المُتَدَلِّيةُ. وخَصَلَه يَخْصُلُهُ خَصْلًا: قَطَعه. وخَصَّلَ البعيرَ: قَطَع لَهُ ذَلِكَ. والمِخْصَال: المِنْجَل. والمِخْصَل: القَطَّاع مِنَ السُّيُوفِ وَغَيْرِهَا، لُغَةٌ فِي المِقْصَل، وَكَذَلِكَ المِخْذَم. ابْنُ الأَعرابي: المِخْصَل والمِخْضَل، بالصاد وَالضَّادُ، والمِقْصَل السَّيْفُ. وخَصَّلَ الشيءَ: جَعَلَهُ قِطَعاً؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وإِن يُرِدْ ذَلِكَ لَا يُخَصِّلُ
وَبَنُو خُصَيْلَة: بطن.
خضل: الخَضِل والخَاضِل: كلُّ شيءٍ نَدٍ يَتَرَشَّش مِنْ نَدَاه، فَهُوَ خَضِلٌ؛ قَالَ دُكَيْن:
أُسْقَى بِرَاوُوقِ الشَّبابِ الخَاضِل
وَقَدْ خَضِلَ خَضَلًا واخْضَلَّ واخْضالَّ وأَخْضَلَ الثوبَ دمعُه: بَلَّه، وَكَذَلِكَ أَخْضَلَتْه السماءُ حَتَّى خَضِلَ خَضَلًا. وأَخْضَلَتْنا السماءُ: بَلَّتْنا بَلًّا شَدِيدًا؛ وَنَبَاتٌ خَضِلٌ بالنَّدَى. وأَخْضَلْت الشيءَ فَهُوَ مُخْضَل إِذا بَلَلْته. وَشَيْءٌ خَضِلَ أَي رَطْب. والخَضِلُ: النَّبَاتُ النَّاعِمُ. واخْضأَلَّت الشَّجَرَةُ اخْضِئْلالًا: لُغَةٌ فِي اخْضَالَّت إِذا كَثُرَ أَغصانها وأَوراقها. وأَخْضَلَ واخْضَلَّ واخْضَوْضَلَ اخْضِيضَالًا: ابْتَلَّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وليلةٍ ذاتِ نَدىً مُخْضَلِ
وَفِي الْحَدِيثِ
: خَطَبَ الأَنصار فبَكَوْا حَتَّى أَخْضَلُوا لِحاهم
أَي بَلُّوها بِالدُّمُوعِ. يُقَالُ: خَضِلَ وأَخْضَلَ إِذا نَدِي، وأَخْضَلْته أَنا؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ لَمَّا أَنشده الأَعرابي:
يَا عُمَر الخَيْر جُزِيتَ الجَنَّه
بَكَى حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيتُه
، وَحَدِيثُ
النَّجَاشِيِّ: بَكَى حَتَّى أَخْضَلَ لحيتَه.
وَفِي حَدِيثِ
أُم سُلَيْمٍ قَالَ: خَضِّلِي قَنَازِعَك
أَي نَدِّي شَعَرَك بِالْمَاءِ والدُّهْن لِيَذْهَبَ شَعَثُه، والقَنازِعُ: خُصَل الشِّعْرِ. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: مُخْضَوْضِلَة أَغصانُها
، هِيَ مُفْعَوْعِلة مِنْهُ لِلْمُبَالَغَةِ. وشِواءٌ خَضِلٌ رَشْرَاش أَي رَطْبٌ جَيِّد النُّضْج. والخَضِيلَة: الرَّوْضَةُ، وَقِيلَ: الرَّوضة القَمِعة. والخُضُلَّة: النَّعْمَة والرِّي. وَهُمْ فِي خُضُلَّةٍ مِنَ الْعَيْشِ أَي نَعْمَة ورَفاهِية؛ قَالَ مِرْدَاسُ الدُّبَيْرِيُّ:
أُداوِرُها كَيْما تَلِين، وإِنني ... لأَلْقَى عَلَى العِلّات مِنْهَا التَّماسِيا
إِذا قلتُ: إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ خُضُلَّةٍ ... وَلَا شَرْزَ، لاقَيتُ الأُمور البَجارِيا
يَعْنِي الخِصْب ونَضَارة الْعَيْشِ، والشَّرْز: الغِلْظ، والتَّماسِيا: الدَّوَاهِي. وَيُقَالُ: أَخْضَلَتْ دموعُ فُلَانٍ لحيتَه، وَلَمْ يُسْمَعوا يَقُولُونَ: خَضِلَ الشيءُ. واخْضَلَّ الثَّوْبُ اخْضِلالًا: ابْتَلَّ، وَعَيْشٌ مُخْضَلٌ ومُخْضَلٌّ: نَاعِمٌ. وخُضُلَّة الرَّجُلِ: امرأَتُه. وَقَالَ بَعْضُ سَجَعة فِتْيَانِ الْعَرَبِ: تَمَنَّيْتُ خُضُلَّه، ونَعْلَين وحُلَّه. وَيُقَالُ لِلَّيْلِ إِذا أَقبل طِيبُ بَرْده: قَدِ اخْضَلَّ اخْضِلالًا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
مِنْ أَهل قَرْنٍ فَمَا اخْضَلَّ العِشاءُ لَهُ، ... حَتَّى تَنَوَّرَ بالزَّوْراءِ مِنْ خِيَم(11/208)
وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
جَاءَتْ كَخَاصِي العَيْر لَمْ تُكْسَ خَضْلةً، ... وَلَا عَاجَّةً مِنْهَا تلوحُ عَلَى وَشْم
يُقَالُ: جَاءَ كَخَاصِي العَير أَي جَاءَ عُرْيَانًا لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الخَضْلَة خَرَزة مَعْرُوفَةٌ. وخُضُلَّة: مِنْ أَسماء النِّسَاءِ. والخَضْل: اللُّؤْلُؤُ، بِسُكُونِ الضَّادِ، يَثْرِبِيّة، وَاحِدَتُهُ خَضْلَة. وَلُؤْلُؤَةٌ خَضْلَة: صَافِيَةٌ. وَجَاءَتِ امرأَة إِلى الْحَجَّاجِ بِرَجُلٍ فَقَالَتْ: تَزَوَّجَني هَذَا عَلَى أَن يُعْطِيَنِي خَضْلًا نَبيلًا، يَعْنِي لُؤْلُؤًا صَافِيًا جَيِّداً. ودُرَّة خَضْلَة: صَافِيَةً، والنَّبيل الْكَثِيرُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: نَزَلْنَا فِي خُضُلَّة مِنَ العُشْب إِذا كَانَ أَخضر نَاعِمًا رَطْبًا. وَيُقَالُ: دَعْنِي مِنْ خُضُلّاتك أَي مِنْ أَباطيلك.
خطل: الخَطَل: خِفَّةٌ وَسُرْعَةٌ، خَطِلَ خَطَلًا فَهُوَ خَطِلٌ وأَخْطَلُ. والخَاطِل: الأَحمق العَجِل، وَهُوَ أَيضاً السَّريع الطَّعنِ العَجِلُهُ؛ قَالَ:
أَحْوَس فِي الهَيْجاء بالرُّمْح خَطِل
وَفِي التَّهْذِيبِ: يُقَالُ للأَحمق العَجِل خَطِلٌ، وَلِلْمُقَاتِلِ السَّرِيعِ الطَّعْنِ خَطِل؛ وأَنشد:
أَحْوَس فِي الظَّلْماء بالرُّمح الخَطِل
فأَتى بالخَطِل بالأَلف وَاللَّامِ. وَسَهْمٌ خَطِلٌ: يَعْجَل فَيَذْهَبُ يَمِينًا وَشِمَالًا لَا يَقْصِد قَصْد الهَدَف؛ قَالَ:
هَذَا لِذَاكَ وقَوْلُ المرءِ أَسْهُمُه، ... مِنْهَا المُصيبُ وَمِنْهَا الطَّائِشُ الخَطِل
وَالْفِعْلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ خَطِل خَطَلًا، وَهُوَ أَخْطَلُ؛ وَقَوْلُهُ:
لَمَّا رأَيت الدهرَ جَمًّا خَبَلُه، ... أَخْطَلَ، والدَّهْرُ كثيرٌ خَطَلُه
إِنما عَنَى أَنه لَا يَقْصِدُ فِي أَعماله وَلَا يَعْتَدِلُ فِي أَفعاله. وَرَجُلٌ خَطِلُ الْيَدَيْنِ وخَطِلٌ فِي الْمَعْرُوفِ: عَجِلٌ عِنْدَ إِعْطاء النَّفَل. وَيُقَالُ للجَوَاد مِنَ الرِّجَالِ: خَطِلُ الْيَدَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ أَي عَجِلٌ عِنْدَ الإِعطاء. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ جَواد خَطِلٌ أَي سَرِيعُ الإِعطاء. والخَطَل: الْكَلَامُ الْفَاسِدُ الْكَثِيرُ الْمُضْطَرِبُ، خَطِلَ خَطَلًا، فَهُوَ أَخْطَلَ وخَطِلَ. أَبو عُبَيْدٍ: الهُراء المَنْطِق الْفَاسِدُ، وَيُقَالُ الْكَثِيرُ، والخَطَل مِثْلُهُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قوله رؤْبة:
ودَغْية مِنْ خَطِل مُغْدَوْدِن
الدَّغْية: الخُلُق الرَّدِيءُ، إِنه لَذُو دَغَوات «4» أَي أَخلاق رَدِيئَةٍ؛ قَالَ: والخَطِل الْمُضْطَرِبُ. أَبو عَمْرٍو: خَطِلَ الرجلُ فِي كَلَامِهِ، بِالْكَسْرِ، خَطَلًا وأَخْطَلَ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي أَفْحَش. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَرَكِبَ بِهِمُ الزَّلَل وزَيَّن لَهُمُ الخَطَل
؛ الخَطَل: المَنْطِقُ الْفَاسِدُ. وخَطَلُ المرأَةِ: فُحْشُها وَرِيبَتُهَا. وامرأَة خَطَّالَة: فَحَّاشة أَو ذَاتُ رِيبَةٍ. والخَطَلُ: الطُّولُ وَالِاضْطِرَابُ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الإِنسان وَالْفَرَسِ وَالرُّمْحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. رُمْحٌ خَطِلٌ وأَخْطَلُ: مُضْطَرِبٌ. وَلِسَانٌ خَطِل وَرَجُلٌ أَخْطَلُ اللِّسَانِ إِذا كَانَ مُضْطَرِبَ اللِّسَانِ مُفَوَّهاً. وَرَجُلٌ خَطِلُ الْقَوَائِمِ: طويلُها. وأُذُن خَطْلاءُ بَيِّنة الخَطَل: طَوِيلَةٌ مُضْطَرِبَةٌ مُسْتَرْخِيَةٌ. وَشَاةٌ خَطْلاء: أَذْناءُ. اللَّيْثُ: الخَطْلاء مِنَ الشَّاءِ الْعَرِيضَةِ الأُذنين جِدًّا، أُذُناه خَطْلاوَانِ كأَنهما نَعْلان. وَيُقَالُ للمرأَة الْجَافِيَةِ الخَلْق الطَّوِيلَةِ الْيَدَيْنِ: امرأَة خَطْلاء، ونِسْوة خُطْل. وَكِلَابُ الصَّيْدِ خُطْلٌ لِاسْتِرْخَاءِ آذَانِهَا، وَالْفِعْلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ خَطِلَ خَطَلًا. وثَلَّة خُطْل:
__________
(4) . قوله [لذو دغوات] عبارة الجوهري: إنه لذو دغوات ودغيات أي أخلاق رديئة(11/209)
وَهِيَ الْغَنَمُ الْمُسْتَرْخِيَةُ الْآذَانِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الأَخْطَل الشَّاعِرُ، وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لِطُولِ لِسَانِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الخَطَل فِي الْقَوْلِ؛ وَذَلِكَ أَنه قَالَ لِكَعْبِ بْنِ جُعَيل:
لعَمْرُك إِنَّني، وابْنَيْ جُعَيْل ... وأُمَّهُما، لإِسْتارٌ لئيمُ
فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ: إِنك لأَخْطَل مِنَ الخَطَل فِي الْقَوْلِ وَهُوَ الفُحْش، فَسُمِّيَ الأَخْطَل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ. والخَطَل: التَّلَوِّي وَالتَّبَخْتُرُ، وَقَدْ خَطِلَ فِي مِشْيته. والخَطِل مِنَ الثِّيَابِ: مَا خَشُن وغَلُظَ وجَفَا؛ وأَنشد:
أَعَدَّ أَخْطَالًا لَهُ وَتَرْمُقَا
يَعْنِي الصَّيّاد. والخَطِل: طَرَف الفُسْطاط، وَجَمْعُهُ أَخْطَال. وَثَوْبٌ خَطِلٌ: يَنْجَرُّ عَلَى الأَرض مِنْ طُولِهِ. والخَيْطَل: السِّنَّوْر؛ قَالَ:
يُداري النَّهار بسَهْم لَهُ، ... كَمَا عَالَجَ الغُفَّةَ الخَيْطَلُ «1»
. ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الهرُّ «2» . والخَيْطَل: الخازِبَازُ. والخَيْطَل: الْكَلْبُ. والخَيْطَل: مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ. والخَيْطَل: جَمَاعَةُ الْجَرَادِ مِثْلُ الخَيْط؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما لَمْ أَحكم عَلَى لَامِهَا بِالزِّيَادَةِ لأَن اللَّامَ قَلِيلًا مَا تُزَادُ إِنما زِيدَتْ فِي عَبْدَل، وَلِذَلِكَ قَضَيْنَا أَن لَامَ طَيسَل أَصل، وإِن كَانُوا قَدْ قَالُوا طَيْس. والخَيْطَل: العَطَّار.
خعل: الخَيْعَل: الفَرْوُ، وَقِيلَ: ثَوْبٌ غَيْرُ مَخيط الفَرْجَيْن يَكُونُ مِنَ الْجُلُودِ وَمِنَ الثِّيَابِ، وَقِيلَ: هُوَ دِرْعٌ يُخاط أَحد شِقَّيه تَلْبَسه المرأَة كَالْقَمِيصِ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهَذْلِيُّ:
السَّالِكُ الثُّغْرة اليَقْظان كالِئُها، ... مَشْيَ الهَلُوك عَلَيْهَا الخَيْعَل الفُضُلُ
وَقِيلَ: الخَيْعَل قَمِيصٌ لَا كُمَّيْ لَهُ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ تُقْلَبُ فَيُقَالُ خَيْلَع، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَ غَيْرَ مَنْصوح الفَرْجَيْن، وأَورد نِصْفَ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي نَسَبَهُ ابْنُ سِيدَهْ لِلْجَوْهَرِيِّ، وَنَسَبَهُ لتأَبط شَرًّا، وَقَدْ نَسَبَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ الْبَيْتَ بِكَمَالِهِ أَيضاً لِلْمُتَنَخِّلِ، فإِما أَن يَكُونَ أَبو مَنْصُورٍ وَهِمَ فِيهِ أَو يَكُونَ لتأَبط شَرًّا عجُز بَيْتٍ عَلَى هَذَا النَّصِّ؛ وأَنشد الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ أَيضاً لِحَاجِزِ السَّرَوِيِّ:
وأَدْهَمَ قَدْ جُبْتُ ظَلْمَاءَهُ، ... كَمَا اجْتابَت الكاعِبُ الخَيْعَلا
وَتَقُولُ: خَيْعَلْتُه فَتَخَيْعَلَ أَي أَلبسته الخَيْعل فَلبِسه. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الخَوْعَلة الِاخْتِبَاءُ مِنْ رِيبَةٍ. والخَيْعَل: الخَيْلَع. والخَيْعَل: مِنْ أَسماء الذِّئب. وخَيَاعِل: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَجُوز مَهْواةً إِلى خَيَاعِلا «3»
. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الخَيْعَل قَمِيصٌ لَا كُمَّيْ لَهُ، وإِنما أُسقطت النُّونُ مِنْ كُمَّيْنِ للإِضافة لأَن اللَّامَ كالمُقْحَمة لَا يُعْتَدُّ بِهَا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، كَقَوْلِكَ لَا أَبا لَكَ وأَصله لَا أَباك؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ أَبي حَيَّة النُّميري:
أَبالمَوْتِ الَّذِي لَا بُدَّ أَنِّي ... مُلاقٍ، لَا أَباكِ تُخَوِّفِيني؟
__________
(1) . قوله [يداري النهار إلخ] تَقَدَّمَ هَذَا الْبَيْتِ فِي تَرْجَمَةِ غفف: يُدِيرُ النَّهَارَ بِجَشْءٍ لَهُ إلخ، والجشء، بالفتح: هو السهم
(2) . قوله [هي الهرّ] هكذا في الأصل، والهرّ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى
(3) . قوله [يجوز مهواة إلخ] عجز بيت، وصدره كما في شرح القاموس:
وعقد الأرباق والحبائلا(11/210)
وَقَوْلُهُمْ: لَا عَبْدَيْ لَكَ لأَنه بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ لَا عَبْدَيْك، وَلَا تُحْذَفُ النُّونُ فِي مِثْلِ هَذَا إِلا عِنْدَ اللَّامِ دُونَ سَائِرِ حُرُوفِ الْخَفْضِ لأَنها لَا تأْتي بمعنى الإِضافة.
خفل: ابْنُ الأَعرابي: الخَافِلُ الهارِبُ، وَكَذَلِكَ الماخلُ والمالِخ.
خفثل: رَجُل خَفْثَلٌ وخُفَاثِل: ضعيف العقل والبدن.
خفجل: الخَفَنْجَل والخُفَاجِل: الثَّقِيلُ الوَخِم، وَقَدْ خَفْجَله الكَسَلُ. الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: الخَفَنْجَل الرَّجُلُ الَّذِي فِيهِ سَماجة وفَحَجٌ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
خَفَنْجَل يَغْزِل بالدَّرَّارة
خفشل: الخَفَنْشَل: الوَخِمُ الثَّقِيلُ.
خلل: الخَلُّ: مَعْرُوفٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الخَلُّ مَا حَمُض مِنْ عَصير الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نِعْمَ الإِدامُ الخَلُ
، وَاحِدَتُهُ خَلَّة، يُذهب بِذَلِكَ إِلى الطَّائِفَةِ مِنْهُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ أَبو زِيَادٍ جاؤوا بِخَلَّة لَهُمْ، قَالَ: فَلَا أَدري أَعَنَى الطَّائِفَةَ مِنَ الخَلِّ أَم هِيَ لُغَةٌ فِيهِ كخَمْر وخَمْرة، وَيُقَالُ للخَمْر أُمُّ الخَلّ؛ قَالَ:
رَمَيْت بأُمِّ الخَلِّ حَبَّةَ قَلْبِهِ، ... فَلَمْ يَنْتَعِشْ مِنْهَا ثَلاثَ لَيَالِ
والخَلَّة: الخَمْرُ عامَّةً، وَقِيلَ: الخَلُّ الْخَمْرَةُ الْحَامِضَةُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
عُقارٌ كَمَاءِ النِّيءِ لَيْسَتْ بِخَمْطَة، ... وَلَا خَلَّة يَكوي الشَّرُوبَ شِهابُها
وَيُرْوَى: فَجَاءَ بِهَا صَفْرَاءَ لَيْسَتْ؛ يَقُولُ: هِيَ فِي لَوْنِ مَاءِ اللَّحْمِ النِّيءِ، وَلَيْسَتْ كالخَمْطَة الَّتِي لَمْ تُدْرِك بَعْدُ، وَلَا كالخَلَّة الَّتِي جاوَزَت القَدْر حَتَّى كَادَتْ تَصِيرُ خَلًّا. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ إِن الخَمْر لَيْسَتْ بخَمْطَة وَلَا خَلَّة أَي لَيْسَتْ بِحَامِضَةٍ، والخَمْطَة: الَّتِي قد أَخَذَت شيئا من رِيحٍ كَرِيحِ النَّبِقِ والتُّفَّاح، وَجَاءَنَا بِلَبَنٍ خامطٍ مِنْهُ، وَقِيلَ: الخَلَّة الخَمْرة القَارِصة، وَقِيلَ: الخَلَّة الخَمْرة الْمُتَغَيِّرَةُ الطَّعْمِ مِنْ غَيْرِ حُمُوضَةٍ، وَجَمْعُهَا خَلٌّ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الهذلي:
مُشَعْشَعة كعَيْنِ الدِّيك لَيْسَتْ، ... إِذا دِيفَتْ، مِنَ الخَلِّ الخِماط
وخَلَّلَتِ الخَمْرُ وغيرُها مِنَ الأَشربة: فَسَدت وحَمُضَت. وخَلَّلَ الخمرَ: جَعَلَهَا خَلًّا. وخَلَّل البُسْرَ: جَعَلَهُ فِي الشَّمْسِ ثُمَّ نَضَحه بالخَلِّ ثُمَّ جَعَلَهُ فِي جَرَّة. والخَلُّ: الَّذِي يُؤْتَدَمُ بِهِ؛ سُمِّيَ خَلًّا لأَنه اخْتَلَّ مِنْهُ طَعْمُ الحَلاوة. والتَّخْليل: اتِّخَاذُ الخَلِّ. أَبو عُبَيْدٍ: والخَلُّ والخَمْر الْخَيْرُ وَالشَّرُّ. وَفِي الْمَثَلِ: مَا فُلَانٌ بخَلٍّ ولا خَمْرٍ أَي لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا شَرَّ عِنْدَهُ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ يُخَاطِبُ زَوْجَتَهُ:
هلَّا سأَلتِ بعادِياء وبيْتِه، ... والخَلِّ والخمرِ الَّذِي لَمْ يُمْنَع
وَيُرْوَى: الَّتِي لَمْ تُمْنَع أَي الَّتِي قَدْ أُحِلَّت؛ وَبَعْدَ هَذَا الْبَيْتِ بأَبيات:
لَا تَجْزَعي إِن مُنْفِساً أَهلكتُه، ... وإِذا هَلَكْتُ، فعندَ ذَلِكَ فاجزَعي
وَسُئِلَ الأَصمعي عَنِ الخَلِّ والخَمْر فِي هَذَا الشِّعْرِ فَقَالَ: الخَمْرُ الْخَيْرُ والخَلُّ الشَّرُّ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ: الخَلُّ الْخَيْرُ وَالْخَمْرُ الشَّرُّ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: مَا لَهُ خَلٌّ وَلَا خَمْرٌ أَي مَا لَهُ خَيْرٌ وَلَا شَرٌّ. وَالِاخْتِلَالُ: اتِّخَاذُ الخَلِّ. اللَّيْثُ: الاخْتِلال مِنَ(11/211)
الخَلِّ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع لِغَيْرِهِ أَنه يُقَالُ اخْتَلَّ العصيرُ إِذا صَارَ خَلًّا، وَكَلَامُهُمُ الجيِّد: خَلَّلَ شرابُ فُلَانٍ إِذا فَسَد وَصَارَ خَلًّا. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ شَرابُ فُلَانٍ قَدْ خَلَّلَ يُخَلِّلُ تَخْلِيلًا، قَالَ: وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا حَمُض مِنَ الأَشربة يُقَالُ لَهُ قَدْ خَلَّلَ. والخَلَّال: بَائِعُ الخَلِّ وصانِعُه. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: الخَلَّة الخُمْرة الْحَامِضَةُ، يَعْنِي بالخُمْرة الْخَمِيرَ، فرُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إِنما هِيَ الخَمْرة، بِفَتْحِ الْخَاءِ، يَعْنِي بِذَلِكَ الخَمْر بِعَيْنِهَا. والخَلُّ أَيضاً: الحَمْض؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وأَنشد:
لَيْسَتْ مِنَ الخَلِّ وَلَا الخِمَاط
والخُلَّة: كُلُّ نَبْت حُلْو؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الخُلَّة مِنَ النَّبَاتِ مَا كَانَتْ فِيهِ حَلَاوَةٌ مِنَ المَرْعى، وَقِيلَ: الْمَرْعَى كُلُّهُ حَمْض وخُلَّة، فالحَمْض مَا كَانَتْ فِيهِ مُلُوحَةٌ، والخُلَّة مَا سِوَى ذَلِكَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الشَّجَرِ الْعِظَامِ بحَمْض وَلَا خُلَّة، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخُلَّة تَكُونُ مِنَ الشَّجَرِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ مِنَ الشَّجَرِ خَاصَّةً؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الأَرض إِذا لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْض خُلَّةً وإِن لَمْ يَكُنْ بِهَا مِنَ النَّبَاتِ شَيْءٌ يَقُولُونَ: عَلَوْنا أَرضاً خُلَّة وأَرضين خُلَلًا؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الخُلَّة إِنما هِيَ الأَرض. يُقَالُ: أَرْضٌ خُلَّة. وخُلَلُ الأَرضِ: الَّتِي لَا حَمْض بِهَا، قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلشَّجَرِ خُلَّة وَلَا يُذَكَّرُ؛ وَهِيَ الأَرض الَّتِي لَا حَمْضَ بِهَا، وَرُبَّمَا كَانَ بِهَا عِضاهٌ، وَرُبَّمَا لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ أَتيت أَرضاً لَيْسَ بِهَا شَيْءٌ مِنَ الشَّجَرِ وَهِيَ جُرُز مِنَ الأَرض قُلْتَ: إِنها لَخُلَّة؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الخُلَّة مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِلْح وَلَا حُموضة، والحَمْض مَا كَانَ فِيهِ حَمَضٌ ومُلوحة؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
صادَفْنَ وَادِيَهُ المغبوطَ نازلُه، ... لَا مَرْتَعاً بَعُدَتْ، مِنْ حَمْضه، الخُلَل
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الخُلَّة خُبْز الإِبل والحَمْض لَحْمُهَا أَو فَاكِهَتُهَا أَو خَبِيصها، وَإِنَّمَا تُحَوَّل إِلى الحَمْض إِذا مَلَّتِ الخُلَّة. وَقَوْمٌ مُخِلُّون: إِذا كَانُوا يَرْعَوْن الخُلَّة. وبَعيرٌ خُلِّيٌّ، وإِبِل خُلِّيَّة ومُخِلَّة ومُخْتَلَّة: تَرْعى الخُلَّة. وَفِي الْمَثَلِ: إِنك مُخْتَلٌّ فتَحَمَّضْ أَي انْتَقِل مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ مَثَل يُقَالُ للمُتَوَعِّد المتهدِّد؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو فِي قَوْلِ الطِّرِمَّاحُ:
لَا يَني يُحْمِضُ العَدُوَّ، وذو الخُلْلَة ... يُشْفى صَداه بالإِحْماضِ
يَقُولُ: إِن لَمْ يَرْضَوا بالخُلَّة أَطْعَموهم الحَمْض، وَيَقُولُ: مَنْ جَاءَ مُشْتَهِيًا قتالَنا شَفَيْنا شَهْوَتَهُ بإِيقاعنا بِهِ كَمَا تُشْفى الإِبل المُخْتَلَّة بالحَمْض، وَالْعَرَبُ تَضْرِبُ الخُلَّة مَثَلًا للدَّعة والسَّعة، وَتَضْرِبُ الحَمْضَ مَثَلًا للشَّر والحَرْب. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: جَاءَتِ الإِبل مُخْتَلَّة أَي أَكلت الخُلَّة وَاشْتَهَتِ الحَمْضَ. وأَرض مُخِلَّة: كَثِيرَةُ الخُلَّة لَيْسَ بِهَا حَمْض. وأَخَلَّ القومُ: رَعَتْ إِبلُهم الخُلَّة. وَقَالَتْ بَعْضُ نِسَاءِ الأَعراب وَهِيَ تَتَمَنَّى بَعْلًا: إِن ضَمَّ قَضْقَض، وإِن دَسَر أَغْمَض، وإِن أَخَلَّ أَحْمَض؛ قَالَتْ لَهَا أُمها: لَقَدْ فَرَرْتِ لِي شِرَّة الشَّباب جَذَعة؛ تَقُولُ: إِن أَخذ مِنْ قُبُل أَتبَع ذَلِكَ بأَن يأْخذ مِنْ دُبُر؛ وقول العجاج:
جاؤوا مُخِلِّين فلاقَوْا حَمْضا، ... ورَهِبوا النَّقْض فلاقَوْا نَقْضا
أَي كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ حُبُّ الْقِتَالِ وَالشَّرِّ فَلَقُوا مَنْ(11/212)
شَفاهم؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَعْنَاهُ أَنهم لاقَوْا أَشدَّ مِمَّا كَانُوا فِيهِ؛ يُضْرب ذَلِكَ لِلرَّجُلِ يَتَوَعَّد ويَتَهَدَّد فَيَلْقَى مَنْ هُوَ أَشد مِنْهُ. وَيُقَالُ: إِبِلٌ حَامِضَةٌ وَقَدْ حَمَضَتْ هِيَ وأَحْمَضتها أَنا، وَلَا يُقَالُ إِبل خَالَّة. وخَلَّ الإِبلَ يَخُلُّها خَلًّا وأَخَلَّها: حَوَّلها إِلى الخُلَّة، وأَخْلَلتها أَي رَعَيْتها فِي الخُلَّة. واخْتَلَّت الإِبلُ: احْتَبَسَتْ فِي الخُلَّة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَنْ أَطيب الخُلَّة عِنْدَ الْعَرَبِ الحَلِيُّ والصِّلِّيان، وَلَا تَكُونُ الخُلَّة إِلا مِنَ العُرْوة، وَهُوَ كُلُّ نَبْت لَهُ أَصل فِي الأَرض يَبْقَى عِصْمةً للنَّعَم إِذا أَجْدَبَتِ السَنَةُ وَهِيَ العُلْقة عِنْدَ الْعَرَبِ. والعَرْفَج والحِلَّة: مِنَ الخُلَّة أَيضاً. ابْنُ سِيدَهْ: الخُلَّة شَجَرَةٌ شَاكَّةٌ، وَهِيَ الخُلة الَّتِي ذَكَرَتْهَا إِحدى الْمُتَخَاصِمَتَيْنِ إِلى ابْنَةِ الخُسِّ حِينَ قَالَتْ: مَرْعى إِبل أَبي الخُلَّة، فقالت لَهَا ابْنَةُ الخُسِّ: سَرِيعَةُ الدِّرَّة والجِرَّة. وخُلَّة العَرْفَج: مَنْبِتُه ومُجْتَمَعُه. والخَلَل: مُنْفَرَج مَا بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ. وخَلَّل بَيْنَهُمَا: فَرَّج، وَالْجَمْعُ الخِلال مِثْلُ جَبَل وَجِبَالٍ، وَقُرِئَ بِهِمَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ*
، وخَلَله. وخَلَلُ السَّحَابِ وخِلالُه: مَخَارِجُ الْمَاءِ مِنْهُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: ثُقَبه وَهِيَ مَخَارِجُ مَصَبّ القَطْر. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي قَوْلِهِ: فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ*
، قَالَ: قَالَ اللِّحْيَانِيُّ هَذَا هُوَ المُجْتَمع عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ
عَنِ الضَّحَّاكِ أَنه قرأَ: فَتَرَى الوَدْق يَخْرُجُ مِنْ خَلَلِه
، وَهِيَ فُرَجٌ فِي السَّحَابِ يَخْرُجُ مِنْهَا. التَّهْذِيبُ: الخَلَّة الخَصَاصةُ فِي الوَشِيع، وَهِيَ الفُرْجة فِي الخُصِّ. وَفِي رأْي فُلَانٍ خَلَل أَي فُرْجة. والخَلَل: الفُرْجة بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. والخَلَّة: الثُّقْبة الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الثُّقْبة مَا كَانَتْ؛ وَقَوْلُهُ يَصِفُ فَرَسًا:
أَحال عَلَيْهِ بالقَناةِ غُلامُنا، ... فأَذْرِعْ بِهِ لِخَلَّة الشَّاةِ راقِعا
مَعْنَاهُ أَن الْفَرَسَ يَعْدُو وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاةِ خَلَّة فيُدْركها فكأَنه رَقَع تِلْكَ الخَلَّة بِشَخْصِهِ، وَقِيلَ: يَعْدُو وَبَيْنَ الشَّاتَيْنِ خَلَّة فَيرْقَع مَا بَيْنَهُمَا بِنَفْسِهِ. وَهُوَ خَلَلَهم وخِلالَهم أَي بَيْنَهُمْ. وخِلالُ الدَّارِ: مَا حوالَيْ جُدُرها وَمَا بَيْنَ بُيُوتِهَا. وتَخَلَّلْتُ دِيَارَهُمْ: مَشَيت خِلالها. وتُخَلَّلتُ الرملَ أَي مَضَيت فِيهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ
. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: جَلَسْنا خِلالَ الحيِّ وخِلال دُور الْقَوْمِ أَي جَلَسْنَا بَيْنَ الْبُيُوتِ وَوَسَطَ الدُّوْرِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ يُقَالُ سِرْنا خِلَلَ العدُوّ وخِلالهم أَي بَيْنَهُمْ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَوْضَعْت فِي السَّيْرِ إِذا أَسرعت فِيهِ؛ الْمَعْنَى: ولأَسرعوا فِيمَا يُخِلُّ بِكُمْ، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَراد ولأَوْضَعوا مَراكِبهم خِلالَكم يَبْغونكم الْفِتْنَةُ، وَجَعَلَ خِلالكم بِمَعْنَى وَسَطكم. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ
أَي لأَسرعوا فِي الهَرب خِلَالَكُمْ أَي مَا تَفرق مِنَ الْجَمَاعَاتِ لِطَلب الخَلْوَة والفِرار. وتَخَلَّل القومَ: دَخَلَ بَيْنَ خَلَلهم وخِلالهم؛ وَمِنْهُ تَخَلُّل الأَسنان. وتَخَلَّلَ الرُّطَبَ: طَلَبَهُ خِلال السَّعَف بَعْدَ انْقِضَاءِ الصِّرام، وَاسْمُ ذَلِكَ الرُّطَب الخُلالة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ مَا يَبْقَى فِي أُصول السَّعَف مِنَ التَّمْرِ الَّذِي يَنْتَثِرُ، وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ والأَصابع فِي الْوُضُوءِ، فإِذا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ: تَخَلَّلت. وخَلَّل فُلَانٌ أَصابعَه بِالْمَاءِ: أَسال الْمَاءَ بَيْنَهَا فِي الْوُضُوءِ، وَكَذَلِكَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ إِذا توضأَ فأَدخل الْمَاءَ بَيْنَ شَعْرِهَا وأَوصل الْمَاءَ إِلى بَشَرَتِهِ بأَصابعه. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَلِّلُوا أَصابعَكم لَا تُخَلِّلها نَارٌ(11/213)
قَلِيلٌ بُقْياها
، وَفِي رِوَايَةٍ:
خَلِّلوا بَيْنَ الأَصابع لَا يُخَلِّل اللهُ بَيْنَهَا بِالنَّارِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
رَحِم اللَّهُ المتخلِّلين مِنْ أُمتي فِي الْوُضُوءِ وَالطَّعَامِ
؛ التَّخْلِيل: تَفْرِيقُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ وأَصابع الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ، وأَصله مِنْ إِدخال الشَّيْءِ فِي خِلال الشَّيْءِ، وَهُوَ وسَطُه. وخَلَّ الشيءَ يَخُلُّه خَلًّا، فَهُوَ مَخْلول وخَلِيل، وتَخَلَّلَه: ثَقَبه ونَفَذَه، والخِلال: مَا خَلَّه بِهِ، وَالْجَمْعُ أَخِلَّة. والخِلال: الْعُودُ الَّذِي يُتَخَلَّل بِهِ، وَمَا خُلَّ بِهِ الثَّوْبُ أَيضاً، وَالْجَمْعُ الأَخِلَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا الخِلال نُبَايِع.
والأَخِلَّة أَيضاً: الخَشَبات الصِّغَارُ اللَّوَاتِي يُخَلُّ بِهَا مَا بَيْنَ شِقَاق الْبَيْتِ. والخِلال: عُوْدٌ يُجْعَلُ فِي لِسَانِ الفَصِيل لِئَلَّا يَرْضَع وَلَا يَقْدِرَ عَلَى المَصِّ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَكَرَّ إِليه بمِبْراتِه، ... كَمَا خَلَّ ظَهْرَ اللِّسَانِ المُجِرّ
وَقَدْ خَلَّه يَخُلُّه خَلًّا، وَقِيلَ: خَلَّه شقَّ لِسَانَهُ ثُمَّ جَعل فِيهِ ذَلِكَ الْعُودَ. وفَصيل مَخْلُول إِذا غُرز خِلال عَلَى أَنفه لِئَلَّا يَرْضَع أُمه، وَذَلِكَ أَنها تُزْجِيهِ إِذا أَوجع ضَرْعَها الخِلال، وخَلَلْت لسانَه أَخُلُّه. وَيُقَالُ: خَلَّ ثوبَه بخِلال يَخُلُّه خَلًّا، فَهُوَ مَخْلُولٌ إِذا شَكَّه بالخِلال. وخَلَّ الكِساءَ وغيرَه يَخُلُّه خَلًّا: جَمَع أَطرافه بخِلال؛ وَقَوْلُهُ يَصِفُ بَقَرًا:
سَمِعْن بِمَوْتِهِ فَظَهَرْنَ نَوْحاً ... قِيَاماً، مَا يُخَلُّ لهنَّ عُود «1»
. إِنَّمَا أَراد: لَا يُخَلُّ لَهُنَّ ثَوْبٌ بِعُوْدٍ فأَوقع الخَلَّ عَلَى الْعُودِ اضْطِرَارًا؛ وَقَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ:
أَلا هَلَكَ امْرُؤٌ قَامَتْ عَلَيْهِ، ... بِجَنْبِ عُنَيْزَةَ، البَقَرُ الهُجودُ
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَيُرْوَى لَا يُحَلُّ لهنَّ عُودٌ، قَالَ: وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْنَى الَّذِي أَراده الشَّاعِرُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ لَهُ كساءٌ فَدَكِيٌّ فإِذا رَكِبَ خَلَّه عَلَيْهِ
أَي جَمَعَ بَيْنَ طَرَفيه بخِلال مِنْ عُودٍ أَو حَدِيدٍ، وَمِنْهُ: خَلَلْته بِالرُّمْحِ إِذا طَعَنْتُهُ بِهِ. والخَلُّ: خَلُّك الكِساء عَلَى نَفْسِكَ بالخِلال؛ وَقَالَ:
سأَلتك، إِذ خِبَاؤُك فَوْقَ تَلٍّ، ... وأَنت تَخُلُّه بالخَلِّ، خَلًّا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ بالخَلّ يُرِيدُ الطَّرِيقَ فِي الرَّمْلِ، وخَلًّا، الأَخير: الَّذِي يُصْطَبَغ بِهِ، يُرِيدُ: سأَلتك خَلًّا أَصْطَبِغ بِهِ وأَنت تَخُلُّ خِباءَك فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ الرَّمْلِ. الْجَوْهَرِيُّ: الخَلُّ طَرِيقٌ فِي الرَّمْلِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، يُقَالُ حَيَّةُ خَلٍّ كَمَا يُقَالُ أَفْعَى صَرِيمة. ابْنُ سِيدَهْ: الخَلُّ الطَّرِيقُ النَّافِذُ بَيْنَ الرِّمَالِ الْمُتَرَاكِمَةِ؛ قَالَ:
أَقْبَلْتُها الخَلَّ مِنْ شَوْرانَ مُصْعِدةً، ... إِنِّي لأُزْرِي عَلَيْهَا، وَهِيَ تَنْطَلِقُ
قَالَ: سُمِّيَ خَلًّا لأَنه يَتَخَلَّلُ أَي يَنْفُذ. وتَخَلَّلَ الشيءُ أَي نَفَذ، وَقِيلَ: الخَلُّ الطَّرِيقُ بَيْنَ الرَّمْلَتَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ طَرِيقٌ فِي الرَّمْلِ أَيّاً كَانَ؛ قَالَ:
مِنْ خَلِّ ضَمْرٍ حِينَ هَابَا وَدَجَا
وَالْجَمْعُ أَخُلٌّ وخِلال. والخَلَّة: الرَّمْلَةُ الْيَتِيمَةُ
__________
(1) . قوله [سمعن بموته إلخ] أورده في ترجمة نوح شاهداً على أَن النوح اسم للنساء يجتمعن للنياحة وأَن الشاعر استعاره للبقر(11/214)
الْمُنْفَرِدَةُ مِنَ الرَّمْلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَخْرُجُ الدَّجَّالُ خَلَّة بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ
أَي فِي سَبِيلٍ وَطَرِيقٍ بَيْنَهُمَا، قِيلَ لِلطَّرِيقِ وَالسَّبِيلِ خَلَّة لأَن السَّبِيلَ خَلَّ مَا بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ أَي أَخَذَ مخيطَ مَا بَيْنَهُمَا، خِطْتُ الْيَوْمَ خَيْطَة أَي سِرْت سَيْرة، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الحُلول أَي سَمْتَ ذَلِكَ وقُبَالَته. واخْتَلَّه بِسَهْمٍ: انْتَظَمه. واخْتَلَّه بِالرُّمْحِ: نَفَذه، يُقَالُ: طَعَنته فاخْتَلَلْت فؤَداه بالرُّمح أَي انْتَظَمْتُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نَبَذَ الجُؤَارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِهِ، ... لمَّا اخْتَلَلْتُ فُؤَادَه بالمِطْرَدِ
وتَخَلَّلَه بِهِ: طَعَنَهُ طَعْنَةً إِثر أُخرى. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
وقتِل أُمَيَّة بْنُ خَلَف فَتَخَلَّلوه بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي
أَي قَتَلُوهُ بِهَا طَعْنًا حَيْثُ لَمْ يَقْدِرُوا أَن يَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبًا. وَعَسْكَرٌ خالٌّ مُتَخَلْخِل: غَيْرُ مُتَضامّ كأَن فِيهِ مَنَافِذَ. والخَلَل: الْفَسَادُ والوَهْن فِي الأَمر وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ كأَنه تُرك مِنْهُ مَوْضِعٌ لَمْ يُبْرَم وَلَا أُحْكِم. وَفِي رأَيه خَلَل أَي انْتِشَارٌ وتَفَرُّق. وَفِي حَدِيثِ
الْمِقْدَامِ: مَا هَذَا بأَول مَا أَخْلَلْتم بِي
أَي أَوهنتموني وَلَمْ تُعِينُونِي. والخَلَل فِي الأَمرِ والحَرْبِ كالوَهْن وَالْفَسَادِ. وأَمر مُخْتَلٌّ: وَاهِنٌ. وأَخَلَّ بِالشَّيْءِ: أَجْحَف. وأَخَلَّ بِالْمَكَانِ وبمَرْكَزه وَغَيْرِهِ: غَابَ عَنْهُ وَتَرَكَهُ. وأَخَلَّ الْوَالِي بِالثُّغُورِ: قَلَّل الجُنْدَ بِهَا. وأَخَلَّ بِهِ: لَمْ يَفِ لَهُ. والخَلَل: الرِّقَّة فِي النَّاسِ. والخَلَّة: الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بِهِ خَلَّة شَدِيدَةٌ أَي خَصَاصة. وَحُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ: اللَّهُمَّ اسْدُدْ خَلَّتَه. وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ:
اللَّهُمَّ اسْدُدْ خَلَّته
أَي الثُّلْمة الَّتِي تَرَكَ، وأَصله مِنَ التَّخَلُّلِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ سَلْمَى بِنْتِ رَبِيعَةَ:
زَعَمَتْ تُماضِرُ أَنني إِمَّا أَمُتْ، ... يَسْدُدْ بُنَيُّوها الأَصاغرُ خَلَّتي
الأَصمعي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا مَاتَ لَهُ مَيِّتٌ: اللَّهُمَّ اخْلُفْ عَلَى أَهله بِخَيْرٍ واسْدُدْ خَلَّته؛ يُرِيدُ الفُرْجة الَّتِي تَرَكَ بَعْدَهُ مِنَ الخَلَل الَّذِي أَبقاه فِي أُموره؛ وَقَالَ أَوس:
لِهُلْكِ فَضَالة لا يستوي ... الفُقُودُ، وَلَا خَلَّةُ الذَّاهِبِ
أَراد الثُّلْمة الَّتِي تَرَكَ، يَقُولُ: كَانَ سَيِّداً فَلَمَّا مَاتَ بَقِيَتْ خَلَّته. وَفِي حَدِيثِ
عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: فَوَاللَّهِ مَا عَدَا أَن فَقَدْناها اخْتَلَلْناها
أَي احْتَجْنَا إِليها «2» وَطَلَبْنَاهَا. وَفِي الْمَثَلِ: الخَلَّة تَدْعُو إِلى السَّلَّة؛ السَّلَّة: السَّرِقَةُ. وخَلَّ الرجلُ: افْتَقَرَ وَذَهَبَ مالُه، وَكَذَلِكَ أُخِلَّ بِهِ. وخَلَّ الرجلُ إِذا احْتَاجَ. وَيُقَالُ: اقْسِمْ هَذَا الْمَالَ فِي الأَخَلِّ فالأَخَلِّ أَي فِي الأَفقر فالأَفقر. وَيُقَالُ: فُلَانٌ ذُو خَلَّة أَي مُحْتَاجٌ. وَفُلَانٌ ذُو خَلَّة أَي مُشْتَهٍ لأَمر مِنَ الأُمور؛ قَالَهُ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ سَادَّ الخَلَّة
؛ الخَلَّة، بِالْفَتْحِ: الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ، أَي جَابِرُهَا. وَرَجُلٌ مُخَلٌّ ومُخْتَلٌّ وخَلِيل وأَخَلُّ: مُعْدِم فَقِيرٌ مُحْتَاجٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وإِن أَتاه خَلِيلٌ يومَ مَسْغَبةٍ، ... يَقُولُ: لَا غائبٌ مَالِي وَلَا حَرِمُ
__________
(2) . قوله [أَي احتجنا إِليها] أَي فأصل الكلام اختللنا إِليها فَحَذَفَ الْجَارَّ وَأَوْصَلَ الْفِعْلَ كما في النهاية(11/215)
قَالَ: يَعْنِي بالخَلِيل الْمُحْتَاجَ الْفَقِيرَ المُخْتَلَّ الْحَالِّ، والحَرِم الْمَمْنُوعُ، وَيُقَالُ الحَرَام فَيَكُونُ حَرِم وحِرْم مِثْلَ كَبِد وكِبْد؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ أُمية:
ودَفْع الضَّعِيفِ وأَكل الْيَتِيمِ، ... ونَهْك الحُدود، فكلٌّ حَرِم
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَفِي بَعْضِ صَدَقات السَّلَفِ الأَخَلُّ الأَقرب أَي الأَحوج. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا أَخَلَّك اللَّهُ إِلى هَذَا أَي مَا أَحوجك إِليه، وَقَالَ: الْزَقْ بالأَخَلِّ فالأَخَلِّ أَي بالأَفقر فالأَفقر. واخْتَلَّ إِلى كَذَا: احْتَاجَ إِليه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: تَعَلَّموا الْعِلْمَ فإِن أَحدكم لَا يَدْري مَتَى يُخْتَلُّ إِليه
أَي مَتَى يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلى مَا عِنْدَهُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وَمَا ضَمَّ زيدٌ، مِنْ مُقيم بأَرضه، ... أَخَلَّ إِليه مِنْ أَبيه، وأَفقرا
أَخَلُّ هَاهُنَا أَفْعَل مِنْ قَوْلِكَ خَلَّ الرجلُ إِلى كَذَا احْتَاجَ، لَا مِنْ أُخِلَّ لأَن التَّعَجُّبَ إِنما هُوَ مِنَ صِيغَةِ الْفَاعِلِ لَا مِنْ صِيغَةِ الْمَفْعُولِ أَي أَشد خَلَّة إِليه وأَفقر مِنْ أَبيه. والخَلَّة: كالخَصْلة، وَقَالَ كُرَاعٌ: الخَلَّة الْخَصْلَةُ تَكُونُ فِي الرَّجُلِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الخَلَّة الْخَصْلَةُ. يُقَالُ: فِي فُلَانٍ خَلَّة حَسَنَةٌ، فكأَنه إِنما ذَهَبَ بالخَلَّة إِلى الْخَصْلَةِ الْحَسَنَةِ خَاصَّةً، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَثَّل بِالْحَسَنَةِ لِمَكَانِ فَضْلِهَا عَلَى السَّمِجة. وَفِي التَّهْذِيبِ: يُقَالُ فِيهِ خَلَّة صَالِحَةٌ وخَلَّة سَيِّئَةٌ، والجمعُ خِلال. وَيُقَالُ: فُلَانٌ كَرِيمُ الخِلال وَلَئِيمُ الخِلال، وَهِيَ الخِصال. وخَلَّ فِي دُعَائِهِ وخَلَّلَ، كِلَاهُمَا: خَصَّص؛ قَالَ:
قَدْ عَمَّ فِي دُعَائِهِ وخَلَّا، ... وخَطَّ كاتِباه واسْتَمَلَّا
وَقَالَ:
كأَنَّك لَمْ تَسمع، وَلَمْ تكُ شَاهِدًا، ... غداةَ دَعَا الدَّاعِي فعمَّ وخَلَّلا
وَقَالَ أُفْنون التَّغْلَبي:
أَبلغْ كِلاباً، وخَلِّلْ فِي سَراتهم: ... أَنَّ الْفُؤَادَ انْطَوَى مِنْهُمْ عَلَى دَخَن
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ: أَبلغ حَبِيبًا؛ وَقَالَ لَقِيط بْنُ يَعْمَر الإِيادي:
أَبلغ إِياداً، وخَلِّلْ فِي سَراتهم: ... أَني أَرى الرأْيَ، إِن لَمْ أُعْصَ، قَدْ نَصَعا
وَقَالَ أَوس:
فقَرَّبتُ حُرْجُوجاً ومَجَّدتُ مَعْشَراً ... تَخَيَّرتهم فِيمَا أَطوفُ وأَسأَلُ
بَني مَالِكٍ أَعْني بسَعد بْنِ مَالِكٍ، ... أَعُمُّ بِخَيْرٍ صالحٍ وأُخَلِّل
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: بَنِي مَالِكٍ أَعْني فسعدَ بْنُ مَالِكٍ، بِالْفَاءِ وَنَصْبِ الدَّالِ. وخَلَّلَ، بِالتَّشْدِيدِ، أَي خَصَّص؛ وأَنشد:
عَهِدْتُ بِهَا الحَيَّ الْجَمِيعَ، فَأَصبحوا ... أَتَوْا دَاعِيًا لِلَّهِ عَمَّ وخَلَّلا
وتَخَلَّلَ المطرُ إِذا خَصَّ وَلَمْ يَكُنْ عَامًّا. والخُلَّة: الصَّدَاقَةُ الْمُخْتَصَّةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خَلَل تَكُونُ فِي عَفاف الحُبِّ ودَعارته، وَجَمْعُهَا خِلال، وَهِيَ الخَلالة والخِلالة والخُلولة والخُلالة؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
أَدُوم عَلَى الْعَهْدِ مَا دَامَ لِي، ... إِذا كَذَبَتْ خُلَّة المِخْلَب(11/216)
وبَعْضُ الأَخِلَّاء، عِنْدَ البَلاءِ ... والرُّزْء، أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلَب
وَكَيْفَ تَواصُلُ مَنْ أَصبحت ... خِلالته كأَبي مَرْحَب؟
أَراد مَنْ أَصبحت خَلالته كخَلالة أَبي مَرْحَب. وأَبو مَرْحَب: كُنْيَةُ الظِّل، وَيُقَالُ: هُوَ كُنْيَةُ عُرْقُوب الَّذِي قِيلَ عَنْهُ مَوَاعِيدُ عُرْقُوب. والخِلال والمُخالَّة: المُصادَقة؛ وَقَدْ خَالَّ الرجلَ والمرأَةَ مُخالَّة وَخِلَالًا؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
صَرَفْتُ الهَوى عنهنَّ مِنْ خَشْيَة الرَّدى، ... ولستُ بِمَقْليِّ الخِلال وَلَا قَالِي
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ
، قَالَ الزَّجَّاجُ: يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. والخُلَّة الصَّداقة، يُقَالُ: خَالَلْت الرجلَ خِلالًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ
؛ قِيلَ: هُوَ مَصْدَرُ خَالَلْت، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ خُلَّة كجُلَّة وجِلال. والخِلُّ: الوُدُّ والصَّدِيق. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لِكَرِيمُ الخِلِّ والخِلَّة، كِلَاهُمَا بِالْكَسْرِ، أَي كَرِيمُ المُصادَقة والمُوادَّة والإِخاءِ؛ وأَما قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
إنَّ سَلْمى هِيَ المُنى، لَوْ تَراني، ... حَبَّذا هِيَ مِنْ خُلَّة، لَوْ تُخَالِي
إِنما أَراد: لَوْ تُخالِل فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ ذَلِكَ فأَبدل مِنَ اللَّامِ الثَّانِيَةِ يَاءً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِني أَبرأُ إِلى كُلِّ ذِي خُلَّة مِنْ خُلَّته
؛ الخُلَّة، بِالضَّمِّ: الصَّدَاقَةُ وَالْمَحَبَّةُ الَّتِي تخلَّلت الْقَلْبَ فَصَارَتْ خِلالَه أَي فِي بَاطِنِهِ. والخَلِيل: الصَّدِيق، فَعِيل بِمَعْنَى مُفَاعِل، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، قَالَ: وإِنما قَالَ ذَلِكَ لأَن خُلَّتَه كَانَتْ مَقْصُورَةً عَلَى حُبِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَيْسَ فِيهَا لِغَيْرِهِ مُتَّسَع وَلَا شَرِكة مِنْ مَحابِّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهَذِهِ حَالٌ شَرِيفَةٌ لَا يَنَالُهَا أَحد بِكَسْبٍ وَلَا اجْتِهَادٍ، فإِن الطِّبَاعَ غَالِبَةٌ، وإِنما يَخُصُّ اللَّهُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ مِثْلَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجمعين؛ وَمَنْ جَعَلَ الخَلِيل مُشْتَقًّا مِنَ الخَلَّة، وَهِيَ الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ، أَراد إِنني أَبرأُ مِنَ الِاعْتِمَادِ وَالِافْتِقَارِ إِلى أَحد غَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَبرأُ إِلى كُلِّ خَلٍّ مِنْ خلَّته
، بِفَتْحِ الْخَاءِ «1» وَكَسْرِهَا، وَهُمَا بِمَعْنَى الخُلَّة والخَليل؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَوْ كنتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لاتَّخَذت أَبا بَكْرٍ خَلِيلًا
، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
الْمَرْءُ بخَلِيله، أَو قَالَ: عَلَى دِينِ خَلِيله، فليَنْظُر امرؤٌ مَنْ يُخَالِل
؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
يَا وَيْحَها خُلَّة لَوْ أَنها صَدَقَتْ ... موعودَها، أَو لَوْ انَّ النُّصْحَ مَقْبُولُ
والخُلَّة: الصَّدِيقُ، الذَّكَرُ والأُنثى وَالْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، لأَنه فِي الأَصل مَصْدَرُ قَوْلِكَ خَليل بَيِّن الخُلَّة والخُلولة؛ وَقَالَ أَوْفى بْنُ مَطَر الْمَازِنِيُّ:
أَلا أَبلغا خُلَّتي جَابِرًا: ... بأَنَّ خَلِيلكَ لَمْ يُقْتَل
تَخاطَأَتِ النَّبلُ أَحشاءه، ... وأَخَّر يَوْمِي فَلَمْ يَعْجَل
قَالَ وَمِثْلُهُ:
أَلا أَبلغا خُلَّتي رَاشِدًا ... وصِنْوِي قَدِيمًا، إِذا مَا تَصِل
وَفِي حَدِيثِ حُسْنِ الْعَهْدِ:
فيُهْديها فِي خُلَّتها
أَي فِي
__________
(1) . قوله [بفتح الخاء إلخ] هكذا في الأَصل والنهاية، وكتب بهامشها على قوله بفتح الخاء: يعني من خلته(11/217)
أَهل ودِّها؛ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
فيُفَرِّقها فِي خَلَائِلِهَا
، جَمْعُ خَليلة، وَقَدْ جُمِعَ عَلَى خِلال مِثْلُ قُلَّة وقِلال؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
لعَمْرُك مَا سَعْدٌ بخُلَّة آثِمٍ
أَي مَا سَعْد مُخالٌّ رَجُلًا آثِمًا؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ الخُلَّة الصَّداقة، وَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ مَا خُلَّة سَعْدٍ بخُلَّة رَجُلٍ آثِمٍ، وَقَدْ ثَنَّى بَعْضُهُمُ الخُلَّة. والخُلَّة: الزَّوْجَةُ، قَالَ جِران العَوْد:
خُذا حَذَراً يَا خُلَّتَيَّ، فإِنني ... رأَيت جِران العَوْد قَدْ كَادَ يَصْلُح
فَثَنَّى وأَوقعه عَلَى الزَّوْجَتَيْنِ لأَن التَّزَوُّجَ خُلَّة أَيضاً. التَّهْذِيبُ: فُلَانٌ خُلَّتي وَفُلَانَةٌ خُلَّتي وخِلِّي سَوَاءٌ فِي الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ. والخِلُّ: الْوُدُّ وَالصَّدِيقُ. ابْنُ سِيدَهْ: الخِلُّ الصَّديق الْمُخْتَصُّ، وَالْجَمْعُ أَخْلال؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أُولئك أَخْداني وأَخْلالُ شِيمتي، ... وأَخْدانُك اللَّائِي تَزَيَّنَّ بالكَتَمْ
وَيُرْوَى: يُزَيَّنَّ. وَيُقَالُ: كَانَ لِي وِدًّا وخِلًّا ووُدًّا وخُلًّا؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كَسْرُ الْخَاءِ أَكثر، والأُنثى خِلٌّ أَيضاً؛ وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْبَيْتَ هَكَذَا:
تعرَّضَتْ لِي بِمَكَانٍ خِلِّي
فخِلِّي هُنَا مَرْفُوعَةُ الْمَوْضِعِ بتعرَّضَتْ، كأَنه قَالَ: تَعَرَّضَتْ لِي خِلِّي بِمَكَانٍ خلْوٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ؛ وَمَنْ رَوَاهُ بِمَكَانٍ حِلٍّ، فحِلّ هَاهُنَا مِنْ نَعْتِ الْمَكَانِ كأَنه قَالَ بِمَكَانٍ حَلَالٍ. والخَلِيل: كالخِلِّ. وَقَوْلُهُمْ فِي إِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: خَلِيل اللَّهِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الَّذِي سَمِعْتُ فِيهِ أَن مَعْنَى الخَلِيل الَّذِي أَصْفى الْمَوَدَّةَ وأَصَحَّها، قَالَ: وَلَا أَزيد فِيهَا شَيْئًا لأَنها فِي الْقُرْآنِ، يَعْنِي قَوْلَهُ: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا
؛ وَالْجَمْعَ أَخِلّاء وخُلّان، والأُنثى خَلِيلة وَالْجَمْعُ خَلِيلات. الزَّجَّاجُ: الخَلِيل المُحِبُّ الَّذِي لَيْسَ فِي مَحَبَّتِهِ خَلَل. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا
؛ أَي أَحبه مَحَبَّةً تامَّة لَا خَلَل فِيهَا؛ قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ الْفَقِيرَ أَي اتَّخَذَهُ مُحْتَاجًا فَقِيرًا إِلى رَبِّهِ، قَالَ: وَقِيلَ لِلصَّدَاقَةِ خُلَّة لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسُدُّ خَلَل صَاحِبِهِ فِي الْمَوَدَّةِ وَالْحَاجَةِ إِليه. الْجَوْهَرِيُّ: الخَلِيل الصَّدِيقُ، والأُنثى خَلِيلة؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّة:
بأَصدَقَ بأْساً مِنْ خَلِيلِ ثَمِينةٍ، ... وأَمْضى إِذا مَا أَفْلَط القائمَ اليَدُ
إِنما جَعَلَهُ خَلِيلها لأَنه قُتِل فِيهَا كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
لَمَّا ذَكَرْت أَخا العِمْقى تَأَوَّبَني ... هَمِّي، وأَفرد ظَهْرِي الأَغلَبُ الشِّيحُ
وخَلِيل الرَّجُلِ: قلبُه، عَنْ أَبي العَمَيْثَل، وأَنشد:
وَلَقَدْ رأَى عَمْرو سَوادَ خَلِيله، ... مِنْ بَيْنِ قَائِمِ سَيْفِهِ والمِعْصَم
قَالَ الأَزهري فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ: أُثبت لَنَا عَنْ إِسحق بْنِ إِبراهيم الْحَنْظَلِيِّ الْفَقِيهِ أَنه قَالَ: كَانَ اللَّيْثُ بْنُ المظفَّر رَجُلًا صَالِحًا وَمَاتَ الخَلِيل وَلَمْ يَفْرُغ مِنْ كِتَابِهِ، فأَحب اللَّيْثُ أَن يُنَفِّق الْكِتَابَ كُلَّه بِاسْمِهِ فسَمَّى لِسَانَهُ الخَلِيل، قَالَ: فإِذا رأَيت فِي الْكَلِمَاتِ سأَلت الخَلِيل بْنَ أَحمد وأَخبرني الخَلِيل بْنُ أَحمد، فإِنه يَعْنِي الخَلِيلَ نفسَه، وإِذا قَالَ: قَالَ الخَلِيل فإِنما يَعْني لسانَ نَفْسِه، قَالَ: وإِنما وَقَعَ الِاضْطِرَابُ فِي(11/218)
الْكِتَابِ مِنْ قِبَل خَلِيل اللَّيْثِ. ابْنُ الأَعرابي: الخَلِيل الْحَبِيبُ والخَلِيل الصَّادِقُ والخَلِيل النَّاصِحُ والخَلِيل الرَّفِيقُ، والخَلِيل الأَنْفُ والخَلِيل السَّيْفُ والخَلِيل الرُّمْح والخَلِيل الْفَقِيرُ والخَلِيل الضَّعِيفُ الْجِسْمِ، وَهُوَ المَخْلُول والخَلُّ أَيضاً؛ قَالَ لَبِيدٌ:
لَمَّا رأَى صُبْحٌ سَوادَ خَلِيله، ... مِنْ بَيْنَ قَائِمِ سَيْفِهِ والمِحْمَل
صُبْح: كَانَ مِنْ مُلُوكِ الْحَبَشَةِ، وخَلِيلُه: كَبِدُه، ضُرِب ضَرْبة فرأَى كَبِدَ نَفْسِهِ ظَهَر؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده أَبو العَمَيْثَل لأَعرابي:
إِذا رَيْدةٌ مِنْ حَيثُما نَفَحَت لَهُ، ... أَتاه بِرَيَّاها خَلِيلٌ يُواصِلُه
فسَّره ثَعْلَبٌ فَقَالَ: الخَلِيل هُنَا الأَنف. التَّهْذِيبُ: الخَلُّ الرَّجُلُ الْقَلِيلُ اللَّحْمِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الخَلُّ الْمَهْزُولُ وَالسَّمِينُ ضِدٌّ يَكُونُ فِي النَّاسِ والإِبل. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الخَلُّ الْخَفِيفُ الْجِسْمِ؛ وأَنشد هَذَا الْبَيْتَ الْمَنْسُوبَ إِلى الشَّنْفَرى ابْنِ أُخت تأَبَّطَ شَرًّا:
فاسْقِنيها، يَا سَواد بنَ عَمْرٍو، ... إِنَّ جِسْمِي بَعْدَ خالِيَ خَلُ
الصِّحَاحُ: بَعْدَ خَالِيَ لَخَلُّ، والأُنثى خَلَّة. خَلَّ لحمُه يَخِلُّ خَلًّا وخُلُولًا واخْتَلَّ أَي قَلَّ ونَحِف، وَذَلِكَ فِي الهُزال خَاصَّةً. وَفُلَانٌ مُخْتَلُّ الْجِسْمِ أَي نَحِيفُ الْجِسْمِ. والخَلُّ: الرَّجُلُ النَّحِيفُ المخْتَلُّ الْجِسْمِ. واخْتَلَّ جسمُه أَي هُزِل، وأَما مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أُتِي بفَصِيل مَخْلُول أَو مَحْلول
، فَقِيلَ هُوَ الْهَزِيلُ الَّذِي قَدْ خَلَّ جسمُه، وَيُقَالُ: أَصله أَنهم كَانُوا يَخُلُّون الفصيلَ لِئَلَّا يَرْتَضِعَ فيُهْزَل لِذَلِكَ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَقِيلَ هُوَ الفَصِيل الَّذِي خُلَّ أَنفُه لِئَلَّا يَرْضَعَ أُمه فتُهْزَل، قَالَ: وأَما الْمَهْزُولُ فَلَا يُقَالُ لَهُ مَخْلول لأَن الْمَخْلُولَ هُوَ السَّمِينُ ضِدُّ الْمَهْزُولِ. وَالْمَهْزُولُ: هُوَ الخَلُّ والمُخْتَلُّ، والأَصح فِي الْحَدِيثِ أَنه الْمَشْقُوقُ اللِّسَانِ لِئَلَّا يَرْضَعَ، ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ. وَيُقَالُ لِابْنِ الْمَخَاضِ خَلٌّ لأَنه دَقِيقُ الْجِسْمِ. ابْنُ الأَعرابي: الخَلَّة ابْنَةُ مَخاض، وَقِيلَ: الخَلَّة ابْنُ الْمَخَاضِ، الذَّكَرُ والأُنثى خَلَّة «1» . وَيُقَالُ: أَتى بقُرْصه كأَنه فِرْسِن خَلَّة، يَعْنِي السَّمِينَةَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: اللَّحْمُ المَخْلُول هُوَ الْمَهْزُولُ. والخَلِيل والمُخْتَل: كالخَلِّ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والخَلُّ: الثَّوْبُ الْبَالِي إِذا رأَيت فِيهِ طُرُقاً. وَثَوْبٌ خَلٌّ: بالٍ فِيهِ طَرَائِقُ. وَيُقَالُ: ثَوْبٌ خَلْخَال وهَلْهال إِذا كَانَتْ فِيهِ رِقَّة. ابْنُ سِيدَهْ: الخَلُّ ابْنُ الْمَخَاضِ، والأُنثى خَلَّة. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخَلَّة الأُنثى مِنَ الإِبل. والخَلُّ. عِرْق فِي الْعُنُقِ مُتَّصِلٌ بالرأْس؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
ثمَّ إِلى هادٍ شَدِيدِ الخَلِّ، ... وعُنُق فِي الجِذْع مُتْمَهِلِ
والخِلَل: بَقِيَّةُ الطَّعَامِ بَيْنَ الأَسنان، وَاحِدَتُهُ خِلَّة، وَقِيلَ: خِلَلة؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً الخِلال والخُلالة، وَقَدْ تَخَلَّله. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يأْكل خُلالته وخِلَله وخِلَلته أَي مَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْنِ أَسنانه إِذا تَخَلَّل، وَهُوَ مَثَلٌ. وَيُقَالُ: وَجَدْتُ فِي فَمِي خِلَّة فَتَخَلَّلت. وَقَالَ ابْنُ بُزْرُجٍ: الخِلَل مَا دَخَلَ بَيْنَ الأَسنان مِنَ الطَّعَامِ، والخِلال مَا أَخرجته به؛
__________
(1) . قوله [وَقِيلَ الخَلَّة ابْنُ الْمَخَاضِ الذكر والأنثى خَلَّة] هكذا في النسخ، وفي القاموس: والخَلّ، ابن المخاض، كالخلة، وهي بهاء أَيضاً(11/219)
وأَنشد:
شاحِيَ فِيهِ عَنْ لِسَانٍ كالوَرَل، ... عَلَى ثَناياه مِنَ اللَّحْمِ خِلَل
والخُلالة، بِالضَّمِّ: مَا يَقَعُ مِنَ التَّخَلُّلِ، وتَخَلَّل بالخِلال بَعْدَ الأَكل. وَفِي الْحَدِيثِ:
التَّخَلُّل مِنَ السُّنَّة
، هُوَ اسْتِعْمَالُ الخِلال لإِخراج مَا بَيْنَ الأَسنان مِنَ الطَّعَامِ. والمُخْتَلُّ: الشَّدِيدُ الْعَطَشِ. والخَلال، بِالْفَتْحِ: البَلَح، وَاحِدَتُهُ خَلالة، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَهِيَ بِلُغة أَهل الْبَصْرَةِ. واخْتَلَّت النخلةُ: أَطلعت الخَلال، وأَخَلَّت أَيضاً أَساءت الحَمْل؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَنا أَظنه مِنَ الخَلال كَمَا يُقَالُ أَبْلَح النخلُ وأَرْطَب. وَفِي حَدِيثِ
سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ: إِنا نَلْتَقِطُ الخَلال
، يَعْنِي البُسْر أَوَّل إِدراكه. والخِلَّة: جَفْنُ السَّيْفِ المُغَشَّى بالأَدَم؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الخِلَّة بِطانة يُغَشَّى بِهَا جَفْن السَّيْفِ تُنْقَشُ بِالذَّهَبِ وَغَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ خِلَل وخِلال؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنها خِلَلٌ مَوْشِيَّة قُشُب
وَقَالَ آخَرُ:
لِمَيَّةَ موحِشاً طَلَل، ... يلوحُ كأَنه خِلَل
وَقَالَ عَبِيد بْنُ الأَبرص الأَزدي:
دَارُ حَيٍّ مَضَى بِهِمْ سالفُ الدهر، ... فأَضْحَت ديارُهم كالخِلال
التَّهْذِيبُ: والخِلَل جُفُونُ السُّيُوفِ، وَاحِدَتُهَا خِلَّة. وَقَالَ النَّضْرُ: الخِلَلُ مِنْ دَاخِلِ سَيْر الجَفْن تُرى مِنْ خَارِجٍ، وَاحِدَتُهَا خِلَّة، وَهِيَ نَقْشٌ وَزِينَةٌ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي مَنْ يَعْمَلُ جُفُونَ السُّيُوفِ خَلَّالًا. وَفِي كِتَابِ الْوُزَرَاءِ لِابْنِ قُتَيْبَةَ فِي تَرْجَمَةِ أَبي سَلَمَةَ حَفْصِ بْنِ سُلَيْمَانَ الخَلَّال فِي الِاخْتِلَافِ فِي نَسَبِهِ، فَرَوَى عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه مَنْسُوبٌ إِلى خِلَل السُّيُوفِ مِنْ ذَلِكَ؛ وأَما قَوْلُهُ:
إِن بَني سَلْمَى شيوخٌ جِلَّة، ... بِيضُ الْوُجُوهِ خُرُق الأَخِلَّه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: زَعَمَ ابْنُ الأَعرابي أَن الأَخِلَّة جَمْعُ خِلَّة أَعني جَفْنَ السَّيْفِ، قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ يُكُونُ الأَخِلَّة جَمْعَ خِلَّة، لأَن فِعْلة لَا تُكَسَّر عَلَى أَفْعِلة، هَذَا خطأٌ، قَالَ: فأَما الَّذِي أُوَجِّه أَنا عَلَيْهِ الأَخِلَّة فأَن تُكَسَّر خِلَّة عَلَى خِلال كطِبَّة وطِباب، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ مِنَ الرَّمْلِ وَالسَّحَابِ، ثُمَّ تُكَسَّر خِلال عَلَى أَخِلَّة فَيَكُونُ حِينَئِذٍ أَخِلَّة جَمْعَ جَمْعٍ؛ قَالَ: وَعَسَى أَن يَكُونَ الخِلال لُغَةً فِي خِلَّة السَّيْفِ فَيَكُونُ أَخِلَّة جَمْعَهَا المأْلوف وَقِيَاسَهَا الْمَعْرُوفَ، إِلا أَني لَا أَعرف الخِلال لُغَةً فِي الخِلَّة، وَكُلُّ جِلْدَةٍ مَنْقُوشَةٍ خِلَّة؛ وَيُقَالُ: هِيَ سُيُورٌ تُلْبَس ظَهْر سِيَتَي الْقَوْسِ. ابْنُ سِيدَهْ: الخِلَّة السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ فِي ظَهْرِ سِيَة الْقَوْسِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ يُبْغِض الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَخَلَّل الْكَلَامَ بِلِسَانِهِ كَمَا تَتَخَلَّلُ الباقرةُ الكلأَ بِلِسَانِهَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي يتشدَّق فِي الْكَلَامِ ويُفَخِّم بِهِ لِسَانَهُ ويَلُفُّه كَمَا تَلُفُّ الْبَقَرَةُ الكلأَ بِلِسَانِهَا لَفًّا. والخَلْخَل والخُلْخُل مِنَ الحُلِيِّ: مَعْرُوفٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بَرَّاقة الجِيد صَمُوت الخَلْخَل(11/220)
وَقَالَ:
ملأَى البَرِيم متْأَق الخَلْخَلِ
أَراد متْأَق الخَلْخَل، فشَدَّدَ لِلضَّرُورَةِ. والخَلْخَالُ: كالخَلْخَل. والخَلْخَل: لُغَةٌ فِي الخَلْخال أَو مَقْصُورٌ مِنْهُ، وَاحِدُ خَلاخِيل النِّسَاءِ، والمُخَلْخَل: مَوْضِعُ الخَلْخال مِنَ السَّاقِ. والخَلْخَال: الَّذِي تَلْبَسُهُ المرأَة. وتَخَلْخَلَت المرأَةُ: لَبِسَتِ الخَلْخَال. وَرَمْلٌ خَلْخَال: فِيهِ خُشُونَةٌ. والخَلْخَال: الرمْل الجَرِيش؛ قَالَ:
مِنْ سَالِكَاتِ دُقَق الخَلْخَال «2»
وخَلْخَل العظمَ: أَخذ مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ. وخَلِيلانُ: اسمٌ رَوَاهُ أَبو الْحَسَنِ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: هُوَ اسْمُ مُغَنٍّ.
خمل: الخامِل: الخَفِيُّ السَّاقِطُ الَّذِي لَا نَباهة لَهُ. يُقَالُ: هُوَ خَامِل الذِّكْرِ والصوتِ، خَمَلَ يَخْمُلُ خُمُولًا وأَخْمَلَه اللَّهُ، وَحَكَى يَعْقُوبُ: إِنَّه لَخَامِل الذِّكر وخامِنُ الذِّكْرِ، عَلَى الْبَدَلِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، لَا يُعْرَف وَلَا يُذْكَر؛ وَقَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
هَلْ تَعْرِف الْمَنْزِلَ بالأَهْيَل، ... كالوَشْم فِي المِعْصَم لَمْ يَخْمُل؟
أَراد لَمْ يَدْرُس فَيَخْفَى، وَيُرْوَى يَجْمُلِ. وَالْقَوْلُ الخَامِل: الخَفِيض. وَفِي الْحَدِيثِ:
اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا خَامِلًا
أَي خَفِّضوا الصَّوْتَ بِذِكْرِهِ تَوْقِيرًا لِجَلَالِهِ وَهَيْبَةً لِعَظَمَتِهِ. وَيُقَالُ: خَمَلَ صوتَه إِذا وَضَعَهُ وأَخفاه وَلَمْ يَرْفَعْهُ. والخَمِيلة: المُنْهَبَط الْغَامِضُ مِنَ الرّمْل، وَقِيلَ: الخَمِيلَة مَفْرَج بَيْنَ هَبْطة وَصَلَابَةٍ وَهِيَ مَكْرَمة لِلنَّبَاتِ، وَقِيلَ: الخَمِيلَة رَمْلٌ يُنْبِتُ الشَّجَرَ، وَقِيلَ: هِيَ مُسْتَرَقُّ الرَّمْلة حَيْثُ يَذْهَبُ مُعْظَمها وَيَبْقَى شَيْءٌ مِنْ لَيِّنها. والخَمِيلة: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ الْمُجْتَمِعُ الملتفُّ الَّذِي لَا يُرَى فِيهِ الشَّيْءُ إِذا وَقَعَ فِي وَسَطه، وَقِيلَ: الخَمِيلَة كُلُّ مَوْضِعٍ كَثُرَ فِيهِ الشَّجَرُ حَيْثُمَا كَانَ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ بَقَرَةً:
وتَنْفُض عَنْهَا غَيْبَ كُلِّ خَمِيلَة، ... وتَخْشَى رُماةَ الْغَوْثِ مِنْ كُلِّ مَرْصَد
والخَمِيلَة: الأَرض السَّهْلة الَّتِي تُنْبِت، شُبِّه نَبْتها بخَمْل القَطِيفة. وَيُقَالُ: الخَمِيلَة مَنْقَعة مَاءٍ ومَنْبِت شَجَرٍ، وَلَا تَكُونُ الخَمِيلة إِلا فِي وَطِيءٍ مِنَ الأَرض. والخَمْل والخَمَالة والخَمِيلة: رِيشُ النَّعام، وَالْجَمْعُ الخَمِيل. والخَمْلة والخِمْلة والخَمِيلَة: القَطِيفة؛ وَقَوْلُ أَبي خِرَاش:
وظَلَّت تُرَاعِي الشمسَ حَتَّى كأَنها، ... فُوَيْقَ البَضِيع فِي الشُّعاع، خَمِيل
وَيُقَالُ لِرِيشِ النَّعام خَمْل. وَقَالَ السُّكَّرِيُّ: الخَمِيل القَطِيفة ذَاتُ الخَمْل، شَبَّهَ الأَتان فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ بِهَا، وَيُرْوَى جَمِيل، شَبَّه الشَّمْسَ بالإِهَالةِ فِي بَيَاضِهَا. والخَمْل، مَجْزُومٌ: هُدْب الْقَطِيفَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُنْسَجُ وتَفْضُل لَهُ فُضُولٌ كخَمْل الطِّنْفِسة، وَقَدْ أَخْمَلَه. والخَمْلَة: ثَوْبٌ مُخْمَل مِنْ صُوفٍ كَالْكِسَاءِ وَنَحْوِهِ لَهُ خَمْل. والخَمْل: الطِّنْفِسة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ شَاسٍ:
__________
(2) . قوله [من سالكات إلخ] سبق في ترجمة دقق وسهك:
بساهكات دقق وجلجال(11/221)
وَمِنْ ظُعُن كالدَّوْم أَشرف فَوْقَهَا ... ظِباءُ السُّلَيِّ، واكناتٍ عَلَى الخَمْل
أَي جَالِسَاتٍ عَلَى الطَّنَافِسِ. والخَمْلة: العَباءُ القَطَوانيَّة وَهِيَ البِيض القصيرةُ الخَمْل. والخَمِيل: الثِّياب المُخْمَلة؛ وأَنشد:
وإِنَّ لَنَا دُرْنَى، فكُلَّ عَشيَّة، ... يُحَطُّ إِلينا خَمْرُها وخَمِيلُها
خَمِيلها ثيابُها. والخَمْلة: شِبْهُ الشَّمْلة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه جَهَّز فَاطِمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فِي خَمِيل وقِرْبة ووِسادة أَدَم
؛ الخَمِيل والخَمِيلَة: القَطِيفة وَهِيَ كُلُّ ثَوْبٍ لَهُ خَمْل مِنْ أَيّ شَيْءٍ كَانَ، وَقِيلَ: الخَمِيل الأَسود مِنَ الثِّيَابِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُم سَلَمَةَ: أَدخلني مَعَهُ فِي الخَمِيلة.
وَفِي حَدِيثِ
فَضالة: أَنه مَرَّ وَمَعَهُ جَارِيَةٌ لَهُ عَلَى خَمْلة بَيْنَ أَشجار فأَصاب مِنْهَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بالخَمْلة الثَّوْبَ الَّذِي لَهُ خَمْل، قَالَ: وَقِيلَ الصَّحِيحُ عَلَى خَمِيل وَهِيَ الأَرض السَّهْلَةُ اللَّيِّنَةُ. وخِمْلةُ الرَّجُلِ: بِطانتُه؛ يُقَالُ: هُوَ خَبِيث الخِمْلة أَي خَبِيثُ الْبِطَانَةِ وَالسَّرِيرَةِ، وَلَمْ يُسمع حَسَن الخِمْلة. واسأَلْ عَنْ خِمْلاته أَي أَسراره ومَخازيه. قَالَ الْفَرَّاءُ: الخِمْلة بَاطِنُ أَمر الرَّجُلِ، يُقَالُ: فُلَانٌ كَرِيمُ الخِمْلة وَلَئِيمُ الخِمْلة. والخَمَلة: السَّفِلة مِنَ النَّاسِ، وَاحِدُهُمْ خَامِل. وخَمَلَ البُسْرَ: وَضَعَهُ فِي الجِرَار وَنَحْوِهَا ليَلِين. والخَمِيل، بِغَيْرِ هَاءٍ: مَا لَانَ مِنَ الطَّعَامِ، يَعْنِي الثَّرِيدَ. والخُمَال: دَاءٌ يأْخذ فِي مَفَاصِلِ الإِنسان وَقَوَائِمِ الْخَيْلِ وَالشَّاءِ والإِبل تَظْلَع مِنْهُ، ويُداوَى بِقَطْعِ العِرْق وَلَا يَبْرَح حَتَّى يُقْطع مِنْهُ عِرْق أَو يَهْلِك؛ قَالَ الأَعشى:
لَمْ تُعَطَّفْ عَلَى حُوارٍ، ولم يَقْطَعْ ... عُبَيْدٌ عُرُوقها مِنْ خُمَال
أَي لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ فَتُعَطَّفَ عَلَى حُوارٍ لتُرْضِعه. وعُبَيْدٌ: بَيْطار. وَقَدْ خُمِلَ، عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَقِيلَ هُوَ العَرَج؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذا نَسِيَتْ عُرْجُ الضِّباع خُمَالَها
والخُمَال: دَاءٌ يأْخذ فِي قَائِمَةِ الشَّاةِ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فِي قَوَائِمِهَا يَدُورُ بَيْنَهُنَّ. يُقَالُ: خُمِلَتِ الشَّاةُ، فَهِيَ مَخْمُولَة. والخَمْل: ضَرْب مِنَ السَّمَكِ مِثْلُ اللُّخْم؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف الخَمْل بِالْخَاءِ فِي بَابِ السَّمَكِ وأَعرف الجَمَل، فإِن صَحَّ لِثقة، وإِلا فلا يُعْبَأ به.
خنبل: خَنْبَل: اسم.
خنثل: ابْنُ الأَعرابي: الْخَنْثَالَةُ الْعَذِرَةُ. رَجُلٌ خَنْثَل: ضَعِيفٌ، وَالْحَاءُ فِيهِ لُغَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَرَجُلٌ خَنْثَل إِذا كَانَ مُسْتَرْخي الْبَطْنِ. وامرأَة خَنْثَل: ضَخْمة الْبَطْنِ مُسْتَرْخِيَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَنه يُقَالُ للضَّبُع أُم خَنْثَل لِاسْتِرْخَاءِ بَطْنِهَا. وخَنْثَل: وَادٍ يُقَالُ إِنه فِي بِلَادِ قُرَيْط مِنْ بَنِي أَبي بَكْرٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لسَعَته. وخَنْثَل: مَوْضِعٌ؛ قَالَ مَرْبَعٌ:
فإِنك لَوْ أَوعدتني غَضَبَ الحَصَى، ... وأَنت بِذَاتِ الرِّمْثِ مِنْ بَطْن خَنْثَل
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: الخَنْثَل والخَفْثَل الضَّعِيفُ عَقْلًا. والخَنْثَل: الْعَظِيمَةُ الْبَطْنِ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
دِيَارٌ لسُعْدَى، إِذ سُعَاد جَدَايةٌ ... مِنَ الأُدْم، خَمْصان الْحَشَا، غَيْرُ خَنْثَل(11/222)
وَيُرْوَى غَيْرُ حِثْيَل، وَيُرْوَى غَيْرُ حنْبَل. وَالْحَنْبَلُ: الْقَصِيرُ.
خنجل: الخِنْجِل مِنَ النِّسَاءِ: الْجَسِيمَةُ الصَّخَّابة البَذِيَّة، وَقِيلَ: هِيَ المرأَة الْحَمْقَاءُ، وَقَدْ خَنْجَلَ إِذا تَزَوَّجَ خِنْجِلًا.
خنشل: خَنْشَلَ الرجلُ: اضْطَرَبَ مِنَ الكِبَر. وَرَجُلٌ خَنْشَلِيل أَي مَاضٍ. اللَّيْثُ: رَجُلٌ خَنْشَلٌ وخَنْشَلِيل وَهُوَ المُسِنُّ القَوِيّ؛ وأَنشد:
قَدْ عَلِمَتْ جاريَةٌ عُطْبُول، ... أَنِّي بنَصْل السَّيْفِ خَنْشَلِيل
أَي عَمُول بِهِ. والخَنْشَل: السَّرِيعُ الْمَاضِي، وَكَذَلِكَ الخَنْشَلِيل. والخَنْشَلِيل أَيضاً: الجَيِّد الضَّرْبِ بِالسَّيْفِ؛ يُقَالُ: إِنه لخَنْشَلِيل بِالسَّيْفِ؛ وَقَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
قَدْ راعَني الدهرُ، فبُؤساً لَهُ ... بِفَارِسِ الفُرْسان والخَنْشَلِيل
والخَنْشَل والخَنْشَلِيل: المُسِنُّ مِنَ النَّاسِ والإِبل. وَعَجُوزٌ خَنْشَلِيل: مُسِنَّة وَفِيهَا بَقِيَّةٌ، وَقَدْ خَنْشَلَت. ابْنُ الأَعرابي: الخَنْشَلِيل مِنَ الإِبل المُسِنُّ الْبَازِلُ. وَسَمِعْتُ أَعرابية قَدْ طَعَنَت فِي السِّن وَهِيَ تَقُولُ: قَدْ خَنْشَلْتُ وضَعُفْت؛ أَرادت أَنها قَدْ أَسَنَّتْ. وَنَاقَةٌ خَنْشَلِيل: بَازِلٌ. وَنَاقَةٌ خَنْشَلِيل: طَوِيلَةٌ؛ جَعَلَ سِيبَوَيْهِ الخَنْشَلِيل مَرَّةً ثُلَاثِيًّا وأُخرى رُبَاعِيًّا، فإِن كَانَ ثُلَاثِيًّا فخَنْشَلٌ مِثْلُهُ، وإِن كَانَ رباعيّاً فهو كذلك.
خنطل: الخِنْطِيلة: القِطْعة مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ وَالسَّحَابِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
خَنَاطِيل يستقرِين كُلَّ قَرَارة، ... مِرَبٍّ نَفَتْ عَنْهَا الغُثاءَ الرَّوَائِسُ «1»
. الرَّوَائِسُ: أَعالي الْوَادِي. والخُنْطُولة: الطَّائِفَةُ مِنَ الدَّوَابِّ والإِبل وَنَحْوِهَا. وإِبِلٌ خَنَاطِيل: مُتَفَرِّقَةٌ. والخُنْطُولة: وَاحِدَةُ الخَنَاطِيل، وَهِيَ قُطْعانٌ مِنَ البَقَر؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
دَعَتْ مَيَّةُ الأَعدادَ، واسْتَبْدَلتْ بِهَا ... خَنَاطِيلَ آجالٍ، مِنَ العِينِ، خُذَّل
اسْتَبْدَلتْ بِهَا يَعْنِي مَنَازِلَهَا الَّتِي تَرَكَتْهَا. والأَعداد: الْمِيَاهُ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ، وَكَذَلِكَ الخَنَاطِيل مِنَ الإِبل؛ وَقَالَ سَعْدِ بْنِ زيدِ مَنَاة يُخَاطِبُ أَخاه مَالِكِ بْنِ زَيْدِ مَنَاة:
تَظَلُّ يومَ وِرْدِها مُزَعْفَرا، ... وَهِيَ خَنَاطِيل تَجُوسُ الخُضَرا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عَنى بالمزعفَر أَخاه مَالِكًا، وَكَانَ قَدْ أَعْرَس بالنَّوَار فَقَالَتْ لِمَالِكٍ: أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَخوك؟ قَالَ: بَلَى، قَالَتْ: فأَجِبْه، قَالَ: وَمَا أَقول؟ قَالَتْ: قُلْ:
أَورَدَها سَعْدٌ، وسَعْدٌ مُشْتَمِل، ... مَا هَكَذَا يَا سَعْدُ تُورَدُ الإِبل
وأُم سَعْدٍ وَمَالِكٍ يُقَالُ لَهَا مُفَدَّاة بِنْتُ ثَعْلَبَةَ مِنْ دُودَان؛ قَالَ جَرِيرٌ يُخَاطِبُ عُمَر بْنَ لَجَإٍ:
فَلَمْ تَلِدُوا النَّوَار، وَلَمْ تَلِدْكم ... مُفَدَّاةُ المبارَكة الوَلُودُ
وخَناطِيل لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ جِنْسِهَا، وهي جماعات من
__________
(1) . قوله [مرب] كذا في الأَصل هنا، وسبق في ترجمة رأس. ومرت(11/223)
الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ فِي تَفْرِقة. ولُعَابٌ خَنَاطِيل: مُتَلَزِّج مُعْتَرِض؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ بَقَرَةَ وَحْشٍ:
كَادَ اللُّعَاع مِنَ الحَوْذانِ يَسْحَطُها، ... ورِجْرِجٌ بَيْنَ لَحْيَيْها خَناطِيل
وَقَالَ يَعْقُوبُ: الخَنَاطِيل هُنَا القِطَع الْمُتَفَرِّقَةُ. والخُنْطُول: الذَّكَرُ الطَّوِيلُ والقَرْن الطويل.
خول: الخَالُ: أَخو الأُم، والخَالَة أُخْتُها، يُقَالُ: خَالٌ بَيِّن الخُؤُولة. وبَيْني وبين فلان خُؤُولة، وَالْجَمْعُ أَخوال وأَخْوِلَة؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهِيَ شَاذَّةٌ، والكثير خُؤُول وخُؤُولة؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ والأُنثى بِالْهَاءِ، والعُمُومة: جَمْعُ العَمِّ، وَهُمَا ابْنا خالةٍ وَلَا يُقَالُ ابْنا عَمَّة، وَهُمَا ابْنَا عَمٍّ وَلَا يُقَالُ ابْنا خال، والمصدر الخُؤُولة وَلَا فِعْلَ لَهُ. وَقَدْ تَخَوَّلَ خَالًا وتَعَمَّم عَمًّا إِذا اتخذَ عَمًّا أَو خَالًا. وتَخَوَّلَتْنِي المرأَةُ: دَعَتْني خالَها. وَيُقَالُ: اسْتَخِلْ خَالًا غَيْرَ خَالِكَ، واسْتَخْوِلْ خَالًا غَيْرَ خَالِكَ أَي اتَّخِذْ. والاسْتِخْوَال أَيضاً: مِثْلُ الِاسْتِخْبَالِ مِنْ أَخْبَلته الْمَالَ إِذا أَعرته نَاقَةً لِيَنْتَفِعَ بأَلبانها وأَوبارها أَو فَرَسًا يَغْزُو عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
هُنَالِكَ إِن يُسْتَخْوَلوا المالَ يُخْوِلوا، ... وإِن يُسْأَلوا يُعْصُوا، وإِن يَيْسِروا يَغْلوا
وأَخْوَلَ الرجلُ وأُخْوِلَ إِذا كَانَ ذَا أَخوال، فَهُوَ مُخْوِلٌ ومُخْوَلٌ. وَرَجُلٌ مُعِمٌّ مُخْوِلٌ ومُعَمٌّ مُخْوَلٌ: كَرِيمُ الأَعمام والأَخوال، لَا يَكَادُ يُسْتَعْمَلُ إِلا مَعَ مُعِمٍّ ومُعَمٍّ. الأَصمعي وَغَيْرُهُ: غُلَامٌ مُعَمٌّ مُخْوَل، وَلَا يُقَالُ مُعِمٌّ وَلَا مُخْوِل. واسْتَخْوَلَ فِي بَنِي فُلَانٍ: اتَّخَذهم أَخوالًا. وخَوَلُ الرجلِ: حَشَمُه، الْوَاحِدُ خَائِل، وَقَدْ يَكُونُ الخَوَل وَاحِدًا وَهُوَ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الْعَبْدِ والأَمة؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ جَمْعُ خَائِل وَهُوَ الرَّاعِي، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مأْخوذ مِنَ التَّخْوِيل وَهُوَ التَّمْلِيكُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والخَوَل مَا أَعطى اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الإِنسانَ مِنَ النِّعَم. والخَوَل: الْعَبِيدُ والإِماءُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْحَاشِيَةِ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَهُوَ مِمَّا جَاءَ شَاذًّا عَنِ الْقِيَاسِ وإِن اطَّرد فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَلَا يَكُونُ مِثْلُ هَذَا فِي الْيَاءِ أَعني أَنه لَا يَجِيءُ مِثْلُ البَيَعة والسَّيَرة فِي جَمْعِ بَائِعٍ وَسَائِرٍ، وَعِلَّةُ ذَلِكَ قُرْبُ الأَلف مِنَ الْيَاءِ وبُعْدُها عَنِ الْوَاوِ، فإِذا صَحَّتْ نَحْوُ الخَوَل والحَوَكة والخَوَنة كَانَ أَسهل مِنْ تَصْحِيحِ نَحْوِ البَيَعة، وَذَلِكَ أَن الأَلف لَمَّا قَرُبت مِنَ الْيَاءِ أَسْرَع انقلابُ الْيَاءِ إِليها، وَكَانَ ذَلِكَ أَسْوَغ مِنِ انْقِلَابِ الْوَاوِ إِليها لِبُعْدِ الْوَاوِ عَنْهَا، أَلا تَرَى إِلى كَثْرَةِ قَلْبِ الْيَاءِ أَلفاً اسْتِحْسَانًا لا وجوباً في طَيِءٍ طائِيٌّ، وَفِي الحِيرَة حارِيٌّ، وَفِي قَوْلِهِمْ عَيْعَيْت وحَيحَيْت وهَيْهَيْت عاعَيْت وحاحَيْت وهاهَيْت؟ وقَلَّما يُرَى فِي الْوَاوِ مِثْلُ هَذَا، فإِذا كَانَ مِثْلُ هَذِهِ القُرْبَى بَيْنَ الأَلف وَالْيَاءِ، كَانَ تَصْحِيحُ نَحْوِ بَيَعة وسَيَرة أَشقَّ عَلَيْهِمْ مِنْ تَصْحِيحِ نَحْوِ الخَوَل والحَوَكة والخَوَنة لِبُعْدِ الْوَاوِ مِنَ الأَلف، وَبِقَدْرِ بُعْدها عَنْهَا مَا يَقِلُّ انْقِلَابُهَا إِليها، ولأَجل هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مَا كَثُرَ عَنْهُمْ نَحْوُ اجْتَوروا واعْتَوَنوا واحْتَوَشوا، وَلَمْ يأْت عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا التَّصْحِيحِ فِي الْيَاءِ، لَمْ يَقُولُوا ابْتَيَعوا وَلَا اشْتَرَيُوا، وإِن كَانَ فِي مَعْنَى تَبَايَعُوا وَتَشَارَيُوا، عَلَى أَنه قَدْ جَاءَ حَرْفٌ وَاحِدٌ مِنَ الْيَاءِ فِي هَذَا فَلَمْ يأْت إِلَّا مُعَلًّا، وَهُوَ قَوْلُهُمُ اسْتَافوا بِمَعْنَى تَسَايفوا، وَلَمْ يَقُولُوا اسْتَيَفوا لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ جَفَاءِ تَرْكِ قَلْبِ الْيَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي قَوِيَت عَنْهُ داعيةُ الْقَلْبِ. والخَوَل:(11/224)
مَا أَعْطَى اللهُ تَعَالَى الإِنسانَ مِنَ الْعَبِيدِ والخَدَم؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
كُومُ الذُّرى مِنْ خَوَل المُخَوَّل
وَيُقَالُ: هؤُلاء خَوَل فُلَانٍ إِذا اتَّخَذَهُمْ كَالْعَبِيدِ وقَهَرهم. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِمْ: الْقَوْمُ خَوَل فُلَانٍ، مَعْنَاهُ أَتباعه، وَقَالَ: خَوَل الرَّجُلِ الَّذِي يَمْلِكُ أُمورهم. وخَوَّلَكَ اللهُ مَالًا أَي مَلَّكك. وخَالَ يَخَالُ خَوْلًا إِذا صَارَ ذَا خَوَل بَعْدَ انْفِرَادٍ. وَفِي حَدِيثِ الْعَبِيدِ:
هُمْ إِخوانكم وخَوَلُكم
؛ الخَوَل حَشَمُ الرَّجُلِ وأَتباعُه، وَيَقَعُ عَلَى الْعَبْدِ والأَمة، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ التَّخْوِيل وَالتَّمْلِيكِ، وَقِيلَ مِنَ الرِّعاية؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا بَلَغَ بَنُو الْعَاصِ ثَلَاثِينَ كَانَ عِبَاد اللَّهِ خَوَلًا
أَي خَدَماً وَعَبِيدًا، يَعْنِي أَنهم يَسْتَخْدِمُونَهُمْ وَيَسْتَعْبِدُونَهُمْ. واسْتَخْوَل فِي بَنِي فُلَانٍ: اتَّخَذَهُمْ خَوَلًا. وخَوَّلَهُ المالَ: أَعْطاه إِياه، وَقِيلَ أَعطاه إِياه تَفَضُّلًا؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
وخَوَّال لِمَوْلاه، إِذا مَا ... أَتاه عَائِلًا قَرِع المُراح
يَدُلُّ عَلَى أَنهم قَدْ قَالُوا خالَه، وَلَا يَكُونُ عَلَى النَّسَبِ لأَنه قَدْ عَدَّاهُ بِاللَّامِ، فافْهَمْ. وخَوَّلَهُ اللهُ نِعْمة: مَلَّكه إِياها. والخَائِل: الْحَافِظُ لِلشَّيْءِ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ يَخُولُ عَلَى أَهله وَعِيَالِهِ أَي يَرْعَى عَلَيْهِمْ. ورَاعِي الْقَوْمِ يَخُولُ عَلَيْهِمْ أَي يَحْلُب ويَسْعَى ويَرْعَى. وخَالَ المالَ يَخُولُه إِذا سَاسَهُ وأَحسن الْقِيَامَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ خُلْتُهُ أَخُولُهُ. والخَوْلِيُّ: الْقَائِمُ بأَمر النَّاسِ السَّائِسُ لَهُ. والخَائِل: الرَّاعِي لِلشَّيْءِ الْحَافِظُ لَهُ، وَقَدْ خَالَ يَخُولُ خَوْلًا؛ وأَنشد:
فَهُوَ لَهُنَّ خَائِل وفارِط
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ مَنْ خَالُ هَذَا الْفَرَسِ أَي مَنْ صاحبُها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَصُبُّ لَهَا نِطَافَ الْقَوْمِ سِرًّا، ... ويَشْهَدُ خَالُها أَمْرَ الزَّعِيم
يَقُولُ: لِفَارِسِهَا قَدْرٌ فَالرَّئِيسُ يُشَاوِرُهُ فِي تَدْبِيرِهِ؛ وأَنشد الأَزهري فِي مَكَانٍ آخَرَ:
أَلا لَا تُبالي الإِبْلُ مَنْ كَانَ خَالَها، ... إِذا شَبِعَتْ مِنْ قَرْمَلٍ وأُثال
والخُوال: الرِّعاء الحُفَّاظ لِلْمَالِ. والخَوَل: الرُّعاة. والخَوَلِيُّ: الرَّاعِي الْحَسَنُ الْقِيَامِ عَلَى الْمَالِ وَالْغَنَمِ، وَالْجَمْعُ خَوَلٌ كَعَرَبِيٍّ وعَرَب. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه دَعَا خَوَلِيّه.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الخَوَلِيُّ عِنْدَ أَهل الشَّامِ القَيِّم بأَمر الإِبل وإِصلاحها، مِنَ التَّخَوُّل التعهُّد وحُسْنِ الرِّعاية. وإِنه لخَالُ مالٍ وخَائِلُ مالٍ وخَوَلُ مالٍ أَي حَسَنُ الْقِيَامِ عَلَى نَعَمه يُدَبِّرُهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ. والخَوَل أَيضاً: اسْمٌ لِجَمْعِ خَائِل كَرَائِحٍ ورَوَح، وَلَيْسَ بِجَمْعِ خَائِلٍ، لأَن فَاعِلًا لَا يُكَسَّر عَلَى فَعَل، وَقَدْ خَالَ يَخُولُ خَوْلًا، وخَالَ عَلَى أَهله خَوْلًا وخِيَالًا. والتَّخَوُّل: التَّعَهُّدُ. وتَخَوَّلَ الرجلَ: تَعَهَّدَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَخَوَّلُنا بالمَوْعِظة
أَي يَتَعَهَّدُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا، وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُ يَتَخَوَّنُنا، بِالنُّونِ، أَي يَتَعَهَّدُنَا، وَرُبَّمَا قَالُوا تَخَوَّلَتِ الريحُ الأَرضَ إِذا تعَهَّدَتْها. والخَائِل: الْمُتَعَهِّدُ لِلشَّيْءِ وَالْمُصْلِحُ لَهُ الْقَائِمُ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَبو عَمْرٍو: الصَّوَابُ يَتَحَوَّلنا، بِالْحَاءِ، أَي يَطْلُبُ الْحَالَ الَّتِي يَنْشَطون فِيهَا لِلْمَوْعِظَةِ فيَعِظهم(11/225)
فِيهَا وَلَا يُكْثر عَلَيْهِمْ فَيَملُّوا. والخَوَل: أَصل فأْس اللِّجام. والخَالُ: لواءُ الْجَيْشِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَعشى:
بأَسيافنا حَتَّى تَوَجَّه خَالُها
والخالُ: نَوْعٌ مِنَ البُرود؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
وبُرْدَانِ مِنْ خَال وسَبْعُون دِرْهَماً، ... عَلَى ذَاكَ مَقْرُوظٌ مِنَ القَدِّ مَاعِزُ
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وأَكرعه وَشْي البُرود مِنَ الخَال
والخَالُ: اللِّواء والبُرُود؛ ذَكَرَهُمَا الْجَوْهَرِيُّ هُنَا وَذَكَرَهُمَا فِي خَيْلٍ، وَسَنَذْكُرُهُمَا أَيضاً هُنَاكَ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: قَالَ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّا لَا نَنْبُو فِي يَدِكَ وَلَا نَخُول عَلَيْكَ
أَي لَا نَتَكَبَّرُ؛ يُقَالُ: خَالَ الرجلُ يَخُولُ خَوْلًا واخْتَالَ إِذا تَكَبَّرَ وَهُوَ ذُو مَخِيلة. وتَطايَرَ الشَّرَرُ أَخْوَلَ أَخْوَلَ أَي مُتَفَرِّقًا، وَهُوَ الشَّررُ الَّذِي يَتَطَايَرُ مِنَ الْحَدِيدِ الْحَارِّ إِذا ضُرِب. وَذَهَبَ الْقَوْمُ أَخْوَلَ أَخْوَلَ أَي مُتَفَرِّقِينَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَكَانَ الْغَالِبُ إِنما هُوَ إِذا نَجَل الفرسُ الْحَصَى بِرِجْلِهِ وَشَرَارُ النَّارِ إِذا تَتَابَعَ؛ قَالَ ضَابِئٌ البُرْجُمي يَصِفُ الْكِلَابَ وَالثَّوْرَ:
يُسَاقِط عَنْهُ رَوْقُه ضارِيَاتِها، ... سِقَاطَ حديدِ القَيْنِ أَخْوَل أَخْوَلا
قَالَ سِيبَوَيْهِ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَخْوَل أَخْوَل كشَغَر بَغَر، وأَن يَكُونَ كيَوْمَ يَوْمَ. الْجَوْهَرِيُّ: ذَهَبَ الْقَوْمُ أَخْوَلَ أَخْوَلَ إِذا تَفَرَّقُوا شَتَّى، وَهُمَا اسْمَانِ جُعِلا اسْمًا وَاحِدًا وبُنِيا عَلَى الْفَتْحِ. ابْنُ الأَعرابي: الخَوْلة الظَّبْية. وإِنَّه لمَخِيلٌ لِلْخَيْرِ أَي خَلِيق لَهُ. والخَال: مَا تَوَسَّمت فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ. وأَخَالَ فِيهِ خَالًا وتَخَوَّلَ: تَفَرَّس. وتَخَوَّلْتُ فِي بَنِي فُلَانٍ خَالًا مِنَ الْخَيْرِ أَي اخْتَلْت وتَوَسَّمت، وتَخَيَّل يُذكر فِي الْيَاءِ. التَّهْذِيبُ: وخَوَلُ اللِّجامِ أَصلُ فَأْسه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف خَوَل اللِّجام وَلَا أَدري مَا هُوَ. والخُوَيْلاء: مَوْضِعٌ. وخَوَلِيٌّ: اسْمٌ. وخَوْلانُ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ. وكُحْل الخَوْلان: ضَرْبٌ مِنَ الأَكحال، قَالَ: لَا أَدري لِمَ سُمِّيَ ذَلِكَ. وخَوْلة: اسْمُ امرأَة مِنْ كَلْبٍ شَبَّب بِهَا طَرَفة. وخُوَيْلَة: اسْمُ امرأَة.
خيل: خَالَ الشيءَ يَخَالُ خَيْلًا وخِيلَة وخَيْلة وخَالًا وخِيَلًا وخَيَلاناً ومَخَالَة ومَخِيلَة وخَيْلُولَة: ظَنَّه، وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ أَي يَظُنَّ، وَهُوَ مِنْ بَابِ ظَنَنْتُ وأَخواتها الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، فإِن ابتدأْت بِهَا أَعْمَلْت، وإِن وَسَّطتها أَو أَخَّرت فأَنت بِالْخِيَارِ بَيْنَ الإِعمال والإِلغاء؛ قَالَ جَرِيرٌ فِي الإِلغاء:
أَبِالأَراجيز يَا ابنَ اللُّؤْم تُوعِدُني، ... وَفِي الأَراجيز، خِلْتُ، اللؤْمُ والخَوَرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ فِي الإِلغاء للأَعشى:
وَمَا خِلْت أَبْقى بَيْنَنَا مِنْ مَوَدَّة، ... عِرَاض المَذَاكي المُسْنِفاتِ القَلائصا
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا إِخَالُك سَرَقْت
أَي مَا أَظنك؛ وَتَقُولُ فِي مُسْتَقْبَلِهِ: إِخالُ، بِكَسْرِ الأَلف، وَهُوَ الأَفصح، وَبَنُو أَسد يَقُولُونَ أَخَالُ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَالْكَسْرُ أَكثر اسْتِعْمَالًا. التَّهْذِيبُ: تَقُولُ خِلْتُه زَيْدًا إِخَالُهُ وأَخَالُهُ خَيْلاناً، وَقِيلَ فِي الْمَثَلِ:(11/226)
مَنْ يَشْبَعْ يَخَلْ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ: مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمَعْنَاهُ مَنْ يَسْمَعْ أَخبار النَّاسِ وَمَعَايِبَهُمْ يَقَعْ فِي نَفْسِهِ عَلَيْهِمُ الْمَكْرُوهُ، وَمَعْنَاهُ أَن الْمُجَانَبَةَ لِلنَّاسِ أَسلم، وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ فِي قَوْلِهِمْ مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ: يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ تَحْقِيقِ الظَّنِّ، ويَخَلْ مُشْتَقٌّ مِنْ تَخَيَّلَ إِلى. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: نسْتَحِيل الجَهَام ونَستَخِيل الرِّهام
؛ وَاسْتَحَالَ الجَهَام أَي نَظَرَ إِليه هَلْ يَحُول أَي يَتَحَرَّكُ. واسْتَخَلْتُ الرِّهَامَ إِذا نَظَرْتَ إِليها فخِلْتَها مَاطِرَةً. وخَيَّلَ فِيهِ الْخَيْرَ وتَخَيَّلَه: ظَنَّه وتفرَّسه. وخَيَّلَ عَلَيْهِ: شَبَّه. وأَخَالَ الشيءُ: اشْتَبَهَ. يُقَالُ: هَذَا الأَمر لَا يُخِيلُ عَلَى أَحد أَي لَا يُشْكِل. وشيءٌ مُخِيل أَي مُشْكِل. وَفُلَانٌ يَمْضي عَلَى المُخَيَّل أَي عَلَى مَا خَيَّلت أَي مَا شَبَّهَتْ يَعْنِي عَلَى غَرَر مِنْ غَيْرِ يَقِينٍ، وَقَدْ يأْتي خِلْتُ بِمَعْنَى عَلِمت؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
ولَرُبَّ مِثْلِك قَدْ رَشَدْتُ بغَيِّه، ... وإِخَالُ صاحبَ غَيِّه لَمْ يَرْشُد
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِخَالُ هُنَا أَعلم. وخَيَّلَ عَلَيْهِ تَخْيِيلًا: وَجَّه التُّهمَة إِليه. والخَالُ: الغَيْم؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
بَاتَتْ تَشِيم بذي هرون مِنْ حَضَنٍ ... خَالًا يُضِيء، إِذا مَا مُزْنه ركَدَا
وَالسَّحَابَةُ المُخَيِّل والمُخَيِّلَة والمُخِيلة: الَّتِي إِذا رأَيتها حَسِبْتها مَاطِرَةً، وَفِي التَّهْذِيبِ: المَخِيلَة، بِفَتْحِ الْمِيمِ، السَّحَابَةُ، وَجَمْعُهَا مَخَايِل، وَقَدْ يُقَالُ لِلسَّحَابِ الخَالُ، فإِذا أَرادوا أَن السَّمَاءَ قَدْ تَغَيَّمت قَالُوا قَدْ أَخَالَتْ، فَهِيَ مُخِيلَة، بِضَمِّ الْمِيمِ، وإِذا أَرادوا السَّحَابَةَ نَفْسَهَا قَالُوا هَذِهِ مَخِيلَة، بِالْفَتْحِ. وَقَدْ أَخْيَلْنا وأَخْيَلَتِ السماءُ وخَيَّلَتْ وتَخَيَّلَتْ: تهيَّأَت لِلْمَطَرِ فرَعَدَتْ وبَرَقَتْ، فإِذا وَقَعَ الْمَطَرُ ذَهَبَ اسْمُ التَّخَيُّل. وأَخَلْنا وأَخْيَلْنا: شِمْنا سَحابة مُخِيلة. وتَخَيَّلَتِ السماءُ أَي تَغَيَّمَت. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ خَيَّلَتِ السحابةُ إِذا أَغامتْ وَلَمْ تُمْطِر. وكلُّ شَيْءٍ كَانَ خَلِيقاً فَهُوَ مَخِيلٌ؛ يُقَالُ: إِن فُلَانًا لمَخِيل لِلْخَيْرِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: خَيَّلَتِ السماءُ لِلْمَطَرِ وَمَا أَحسن مَخِيلَتها وخَالها أَي خَلاقَتها لِلْمَطَرِ. وَقَدْ أَخَالَتِ السحابةُ وأَخْيَلَتْ وخَايَلَتْ إِذا كَانَتْ تُرْجى لِلْمَطَرِ. وَقَدْ أَخَلْتُ السَّحَابَةُ وأَخْيَلْتها إِذا رأَيتها مُخِيلة لِلْمَطَرِ. وَالسَّحَابَةُ المُخْتَالَة: كالمُخِيلة؛ قَالَ كُثَيِّر بْنُ مُزَرِّد:
كَاللَّامِعَاتِ فِي الكِفاف المُخْتَال
والخَالُ: سَحَابٌ لَا يُخْلِف مَطَرُه؛ قَالَ:
مِثْلَ سَحَابِ الخَال سَحّاً مَطَرُه
وَقَالَ صَخْر الغَيّ:
يُرَفِّع للخَال رَيْطاً كَثِيفا
وَقِيلَ: الخَالُ السَّحَابُ الَّذِي إِذا رأَيته حَسِبْتَهُ مَاطِرًا وَلَا مَطَر فِيهِ. وَقَوْلُ طَهْفة: تَسْتَخِيل الجَهام؛ هُوَ نَسْتَفْعِلُ مِنْ خِلْت أَي ظَنَنْتُ أَي نظُنُّه خَلِيقاً بالمَطَر، وَقَدْ أَخَلْتُ السَّحَابَةَ وأَخْيَلْتها. التَّهْذِيبُ: والخَالُ خالُ السَّحَابَةِ إِذا رأَيتها مَاطِرَةً. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ إِذا رأَى فِي السَّمَاءِ اخْتِيالًا تغيَّر لونُه
؛ الاخْتِيال: أَن يُخال فِيهَا المَطَر، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذا رأَى مَخِيلة أَقْبَل وأَدْبَر وَتَغَيَّرَ؛ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: وَمَا يُدْرِينَا؟ لَعَلَّهُ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ: فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا، بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ.
قَالَ ابْنُ(11/227)
الأَثير: المَخِيلة مَوْضِعُ الخَيْل وَهُوَ الظَّنُّ كالمَظِنَّة وَهِيَ السَّحَابَةُ الْخَلِيقَةُ بِالْمَطَرِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ مُسَمَّاة بالمَخِيلَة الَّتِي هِيَ مَصْدَرٌ كالمَحْسِبة مِنَ الحَسْب. والخَالُ: البَرْقُ، حَكَاهُ أَبو زِيَادٍ ورَدَّه عَلَيْهِ أَبو حَنِيفَةَ. وأَخَالَتِ النَّاقَةُ إِذا كَانَ فِي ضَرْعها لَبَن؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه عَلَى التَّشْبِيهِ بِالسَّحَابَةِ. والخَالُ: الرَّجل السَّمْح يُشَبَّه بالغَيْم حِينَ يَبْرُق، وَفِي التَّهْذِيبِ: تَشْبِيهًا بالخَال وَهُوَ السَّحَابُ الْمَاطِرُ. والخَالُ والخَيْل والخُيَلاء والخِيَلاء والأَخْيَل والخَيْلَة والمَخِيلَة، كُلُّه: الكِبْر. وَقَدِ اخْتَالَ وَهُوَ ذُو خُيَلاءَ وَذُو خَالٍ وَذُو مَخِيلَة أَي ذُو كِبْر. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْت والْبَسْ مَا شِئْت مَا أَخطأَتك خَلَّتانِ: سَرَفٌ ومَخِيلة.
وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْل: البِرُّ أَبْقى لَا الخَال.
يُقَالُ: هُوَ ذُو خَالٍ أَي ذُو كِبر؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
والخَالُ ثوبٌ مِنْ ثِيَابِ الجُهَّال، ... والدَّهْر فِيهِ غَفْلة للغُفَّال
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وكأَن اللَّيْثَ جَعَلَ الخَالَ هُنَا ثَوْبًا وإِنما هُوَ الكِبْر. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ
؛ فالمُخْتَال: المتكبر؛ قال أَبو إِسحق: المُخْتَال الصَّلِف المُتَباهي الجَهُول الَّذِي يَأْنَف مِنْ ذَوِي قَرابته إِذا كَانُوا فُقَرَاءَ، وَمِنْ جِيرانه إِذا كَانُوا كَذَلِكَ، وَلَا يُحْسن عِشْرَتَهم وَيُقَالُ: هُوَ ذُو خَيْلة أَيضاً؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَمْشي مِنَ الخَيْلَة يَوْم الوِرْد ... بَغْياً، كَمَا يَمْشي وَليُّ العَهْد
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ جَرّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِليه
؛ الخُيَلاء والخِيَلاء، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: الكِبْر والعُجْب، وَقَدِ اخْتَال فَهُوَ مُخْتَال. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنَ الخُيَلاء مَا يُحِبُّه اللَّهُ فِي الصَّدقة وَفِي الحَرْب، أَما الصَّدَقَةُ فإِنه تَهُزُّه أَرْيَحِيَّة السَّخَاءِ فيُعْطِيها طَيِّبةً بِهَا نفسُه وَلَا يَسْتَكثر كَثِيرًا وَلَا يُعْطي مِنْهَا شَيْئًا إِلا وَهُوَ لَهُ مُسْتَقِلّ، وأَما الْحَرْبُ فإِنه يَتَقَدَّمُ فِيهَا بنَشاط وقُوَّة ونَخْوة وجَنان
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
بِئْسَ العَبْدُ عَبْدٌ تَخَيَّلَ واخْتَالَ
هو تَفَعَّل وافْتَعَل مِنْهُ. ورَجُلٌ خَالٌ أَي مُخْتال؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
إِذا تَحَرَّدَ لَا خَالٌ وَلَا بَخِل
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ورجلٌ خَالٌ وخَائِلٌ وخَالٍ، عَلَى القَلْب، ومُخْتَالٌ وأُخَائِلٌ ذُو خُيَلاء مُعْجب بِنَفْسِهِ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ إِلا رَجُلٌ أُدابِرٌ لَا يَقْبل قَوْلَ أَحد وَلَا يَلْوي عَلَى شَيْءٍ، وأُباتِرٌ يَبْتُرُ رَحِمَه يَقْطَعُها، وَقَدْ تَخَيَّلَ وتَخَايَلَ، وَقَدْ خَالَ الرجلُ، فَهُوَ خَائِل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فإِن كنتَ سَيِّدَنا سُدْتَنا، ... وإِن كُنْتَ للخَالِ فاذْهَب فَخَلْ
وَجَمْعُ الخَائِل خَالَةٌ مِثْلُ بَائِعٍ وباعةٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ سَائِقٌ وَسَاقَةٌ وَحَائِكٌ وَحَاكَةٌ، قَالَ: وَرُوِيَ الْبَيْتُ فَاذْهَبْ فخُلْ، بِضَمِّ الْخَاءِ، لأَن فِعْلَهُ خَالَ يَخُولُ، قَالَ: وَكَانَ حَقُّهُ أَن يُذكر فِي خول، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ نَحْنُ هُنَاكَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وإِنما ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ هُنَا لِقَوْلِهِمُ الخُيَلاء، قَالَ: وَقِيَاسُهُ الخُوَلاء وإِنما قُلِبَتِ الْوَاوُ فِيهِ يَاءً حَمْلًا عَلَى الاخْتِيال كَمَا قَالُوا مَشِيبٌ حَيْثُ قَالُوا شِيبَ فأَتبعوه مَشِيباً، قَالَ: وَالشَّاعِرُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ؛ قَالَ: وَقَالَ الجُمَيْح بْنُ الطَّمَّاح الأَسدي فِي الخَال بِمَعْنَى الِاخْتِيَالِ:
ولَقِيتُ مَا لَقِيَتْ مَعَدٌّ كلُّها، ... وفَقَدْتُ راحِيَ فِي الشَّبَابِ وخَالِي(11/228)
التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْمُخْتَالِ خَائِل، وَجَمْعُهُ خَالَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَوْدَى الشَّبَابُ وحُبُّ الخَالَةِ الخَلَبه، ... وَقَدْ بَرِئْتُ فَمَا بالنَّفْسِ مَنْ قَلَبه «2»
. أَراد بالخَالَة جَمْعَ الخَائِل وَهُوَ المُخْتال الشابُّ. والأَخْيَل: الخُيَلاء؛ قَالَ:
لَهُ بَعْدَ إِدلاجٍ مِراحٌ وأَخْيَل
واخْتَالَتِ الأَرضُ بِالنَّبَاتِ: ازْدانَتْ. ووَجَدْت أَرضاً مُتَخَيِّلة ومُتَخَايِلَة إِذا بَلَغَ نَبْتُها المَدى وَخَرَجَ زَهرُها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تأَزَّر فِيهِ النَّبْت حَتَّى تَخَيَّلَتْ ... رُباه، وَحَتَّى مَا تُرى الشَّاءُ نُوَّما
وَقَالَ ابْنُ هَرْمَة:
سَرا ثَوْبَه عَنْكَ الصِّبا المُتخايِلُ
وَيُقَالُ: ورَدْنا أَرضاً مُتَخيِّلة، وَقَدْ تَخَيَّلَتْ إِذا بَلَغ نبْتُها أَن يُرْعى. والخَالُ: الثَّوْبُ الَّذِي تَضَعُهُ عَلَى الْمَيِّتِ تَسْتُرهُ بِهِ، وَقَدْ خَيَّلَ عَلَيْهِ. والخَالُ: ضَرْبٌ مِنْ بُرود اليَمن المَوْشِيَّة. والخَالُ: الثَّوْبُ النَّاعِمُ؛ زَادَ الأَزهري: مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
وبُرْدانِ مِنْ خَالٍ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا، ... عَلَى ذَاكَ مقروظٌ مِنَ الْجِلْدِ مَاعِزُ
والخَالُ: الَّذِي يَكُونُ فِي الْجَسَدِ. ابْنُ سِيدَهْ: والخَالُ شامَة سَوْدَاءُ فِي الْبَدَنِ، وَقِيلَ: هِيَ نُكْتة سَوْدَاءُ فِيهِ، وَالْجَمْعُ خِيلانٌ. وامرأَة خَيْلاء وَرَجُلٌ أَخْيَل ومَخِيلٌ ومَخْيُول ومَخُول مِثْلُ مَقُول مِنَ الْخَالِ أَي كَثِيرُ الخِيلان، وَلَا فِعْلَ لَهُ. وَيُقَالُ لِمَا لَا شَخْصَ لَهُ شامَةٌ، وَمَا لَهُ شَخْصٌ فَهُوَ الخَالُ، وَتَصْغِيرُ الخَالِ خُيَيْلٌ فِيمَنْ قَالَ مَخِيل ومَخْيُول، وخُوَيْلٌ فِيمَنْ قَالَ مَخُول. وَفِي صِفَةِ خَاتَمِ النبوَّة:
عَلَيْهِ خِيلانٌ
؛ هُوَ جَمْعُ خَال وَهِيَ الشامَة فِي الْجَسَدِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمَسِيحِ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: كَثِيرُ خِيلانِ الْوَجْهِ.
والأَخْيَل: طَائِرٌ أَخضر وَعَلَى جَنَاحَيْهِ لُمْعَة تُخَالِفُ لَوْنَهُ، سُمِّي بِذَلِكَ للخِيلان، قَالَ: وَلِذَلِكَ وجَّهه سِيبَوَيْهِ عَلَى أَن أَصله الصِّفَةُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الأَسماء كالأَبرق وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: الأَخْيَل الشِّقِرَّاق وهو مشؤوم، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَشأَم مِنْ أَخْيَل؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: وَهُوَ يَقَعُ عَلَى دَبَر الْبَعِيرِ، يُقَالُ إِنه لَا ينقُر دَبَرة بَعِيرٍ إِلا خَزَلَ ظَهْره، قَالَ: وإِنما يتشاءَمون بِهِ لِذَلِكَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ فِي الأَخْيَل:
إِذا قَطَناً بلَّغْتِنيه، ابْنَ مُدْرِكٍ، ... فلُقِّيتِ مِنْ طَيْرِ اليَعاقيبِ أَخْيَلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِهِ مِنْ طَيْرِ الْعَرَاقِيبِ أَي مَا يُعَرْقِبُك «3» يُخَاطِبُ نَاقَتَهُ، وَيُرْوَى: إِذا قَطَنٌ أَيضاً، بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، وَالْمَمْدُوحُ قَطَن بْنُ مُدْرِك الْكِلَابِيُّ، وَمَنْ رَفَعَ ابْنَ جَعَله نَعْتًا لقَطَن، وَمَنْ نَصَبَهُ جَعَله بَدَلًا مِنَ الْهَاءِ فِي بَلَّغْتِنِيهِ أَو بَدَلًا مِنْ قَطَن إِذا نَصَبْتَهُ؛ قَالَ وَمِثْلُهُ:
إِذا ابْنَ مُوسَى بِلَالًا بَلَغْتَهُ
بِرَفْعِ ابْنٍ وَبِلَالٍ وَنَصْبِهِمَا، وَهُوَ يَنْصَرِفُ فِي النَّكِرَةِ إِذا سَمَّيْت بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَصْرِفُهُ فِي الْمَعْرِفَةِ وَلَا فِي النَّكِرَةِ، وَيَجْعَلُهُ فِي الأَصل صِفَةً من التَّخَيُّل،
__________
(2) . قوله [الخلبة] قال شارح القاموس: يروى بالتحريك جمع خالب وقد أورده الجوهري في خلب شاهداً على أَن الخلبة كفرحة المرأَة الخداعة
(3) . قوله [أَي ما يعرقبك] عبارة الصاغاني في التكملة: والعراقيب أرض معروفة(11/229)
وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ حسَّان بْنِ ثَابِتٍ:
ذَرِيني وعِلْمي بالأُمور وشِيمَتي، ... فَمَا طَائِرِي فِيهَا عليكِ بِأَخْيَلا
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
إِذا النَّهارُ كَفَّ رَكْضَ الأَخْيَل
قَالَ شَمِرٌ: الأَخْيَل يَفِيل نِصْفَ النَّهَارِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَيُسَمَّى الشَّاهِينُ الأَخْيَل، وَجَمْعُهُ الأَخَايِل؛ وأَما قَوْلُهُ:
وَلَقَدْ غَدَوْتُ بسابِحٍ مَرِحٍ، ... ومَعِي شَبابٌ كُلُّهُمْ أَخْيَل
فَقَدْ يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ هذا الطَّائِرَ أَي كُلُّهُمْ مِثْلُ الأَخيل فِي خِفَّتِه وطُموره. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ المُخْتال، قَالَ: وَلَا أَعرفه فِي اللُّغَةِ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ التَّقْدِيرُ كُلُّهم أَخْيَل أَي ذُو اخْتِيَالٍ. والخَيال: خَيَالُ الطَّائِرِ يَرْتَفِعُ فِي السَّمَاءِ فَيَنْظُرُ إِلى ظِلِّ نَفْسِهِ فَيَرَى أَنه صَيْدٌ فيَنْقَضُّ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ شَيْئًا، وَهُوَ خَاطِفُ ظِلِّه. والأَخْيَل أَيضاً؛ عِرْق الأَخْدَع؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَشكو إِلى اللَّهِ انْثِناءَ مِحْمَلي، ... وخَفَقان صُرَدِي وأَخْيَلي
والصُّرَدان: عِرْقان تَحْتَ اللِّسَانِ. والخَالُ: كالظَّلْع والغَمْز يَكُونُ بِالدَّابَّةِ، وَقَدْ خَالَ يَخَالُ خَالًا، وَهُوَ خَائِل؛ قَالَ:
نادَى الصَّريخُ فرَدُّوا الخَيْلَ عانِيَةً، ... تَشْكو الكَلال، وَتَشْكُو مِنْ أَذى الخَال
وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ حَفا الْخَالِ. والخَالُ: اللِّواءُ يُعْقد للأَمير. أَبو مَنْصُورٍ: والخَالُ اللِّواء الَّذِي يُعْقَد لِوِلَايَةِ والٍ، قَالَ: وَلَا أُراه سُمِّي خَالًا إِلَّا لأَنه كَانَ يُعْقَد مِنْ بُرُودِ الْخَالِ؛ قَالَ الأَعشى:
بأَسيافنا حَتَّى نُوَجِّه خَالها
والخالُ: أَخو الأُم، ذُكِرَ فِي خَوَلَ. والخَالُ: الجَبَل الضَّخْم وَالْبَعِيرُ الضَّخْمُ، وَالْجَمْعُ خِيلانٌ؛ قَالَ:
ولكِنَّ خِيلاناً عَلَيْهَا الْعَمَائِمُ
شَبَّههم بالإِبل فِي أَبدانهم وأَنه لَا عُقُولَ لَهُمْ. وإِنه لمَخِيلٌ لِلْخَيْرِ أَي خَلِيق لَهُ. وأَخَالَ فِيهِ خَالًا مِنَ الْخَيْرِ وتَخَيَّلَ عَلَيْهِ تَخَيُّلًا، كِلَاهُمَا: اخْتَارَهُ وتفرَّس فِيهِ الْخَيْرَ. وتَخَوَّلَت فِيهِ خَالًا مِنَ الْخَيْرِ وأَخَلْتُ فِيهِ خَالًا مِنَ الْخَيْرِ أَي رأَيت مَخِيلَتَه. وتَخَيَّلَ الشيءُ لَهُ: تَشَبَّه. وتَخَيَّلَ لَهُ أَنه كَذَا أَي تَشَبَّه وتَخَايَلَ؛ يُقَالُ: تَخَيَّلْته فَتَخَيَّلَ لِي، كَمَا تَقُولُ تَصَوَّرْته فَتَصَوَّر، وتَبَيَّنته فَتَبَيَّن، وتَحَقَّقْته فَتَحَقَّق. والخَيَال والخَيَالة: مَا تَشَبَّه لَكَ فِي اليَقَظة والحُلُم مِنْ صُورَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فلَسْتُ بنازِلٍ إِلَّا أَلَمَّتْ، ... برَحْلي، أَو خَيالَتُها، الكَذُوب
وَقِيلَ: إِنما أَنَّث عَلَى إِرادة المرأَة. والخَيَال والخَيَالَة: الشَّخْصُ والطَّيْف. ورأَيت خَيَالَه وخَيَالَتَه أَي شَخْصَهُ وطَلعْته مِنْ ذَلِكَ. التَّهْذِيبُ: الخَيَال لِكُلِّ شَيْءٍ تَرَاهُ كالظِّل، وَكَذَلِكَ خَيَال الإِنسان فِي المِرآة، وخَيَاله فِي الْمَنَامِ صُورَةُ تِمْثاله، وَرُبَّمَا مَرَّ بِكَ الشَّيْءُ شِبْهَ الظِّلِّ فَهُوَ خَيَال، يُقَالُ: تَخَيَّلَ لِي خَيالُه. الأَصمعي: الخَيَال خَشَبة تُوضَعُ فَيُلْقَى عَلَيْهَا الثَّوْبُ لِلْغَنَمِ إِذا رَآهَا الذِّئْبُ ظَنَّ أَنه إِنسان؛ وأَنشد:
أَخٌ لَا أَخا لِي غَيْرُهُ، غَيْرَ أَنني ... كَراعِي الخَيال يَسْتطِيف بِلَا فِكْرِ
وراعِي الخَيَال: هُوَ الرَّأْل، وَفِي رِوَايَةٍ: أَخي لَا(11/230)
أَخا لِي بَعْده؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشده ابْنُ قُتَيْبَةَ بِلَا فَكْر، بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَحُكِيَ عَنْ أَبي حَاتِمٍ أَنه قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ سَلَّامٍ الجُمَحي عَنْ يُونُسَ النَّحْوِيِّ أَنه قَالَ: يُقَالُ لِي فِي هَذَا الأَمر فَكْرٌ بِمَعْنَى تَفَكُّر. الصِّحَاحُ: الخَيَال خَشَبة عَلَيْهَا ثِيَابٌ سُودٌ تُنْصب لِلطَّيْرِ وَالْبَهَائِمِ فَتَظُنُّهُ إِنساناً. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: كَانَ الحِمَى سِتَّة أَميال فَصَارَ خَيَال بِكَذَا وخَيَال بِكَذَا
، وَفِي رِوَايَةٍ:
خَيَال بإِمَّرَةَ وخَيَال بأَسْوَدَ العَيْن
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُمَا جَبَلان؛ قَالَ الأَصمعي: كَانُوا ينصِبون خَشَباً عَلَيْهَا ثِيَابٌ سُودٌ تَكُونُ علاماتٍ لِمَنْ يَرَاهَا وَيَعْلَمُ أَن مَا دَاخِلَهَا حِمىً مِنَ الأَرض، وأَصلها أَنها كَانَتْ تُنْصَبُ لِلطَّيْرِ وَالْبَهَائِمِ عَلَى الْمَزْرُوعَاتِ لِتَظُنَّهُ إِنساناً وَلَا تَسْقُطَ فِيهِ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
تَخَالُها طَائِرَةً وَلَمْ تَطِرْ، ... كأَنَّها خِيلانُ رَاعٍ مُحْتَظِر
أَراد بالخِيلان مَا يَنْصِبه الرَّاعِي عِنْدَ حَظِيرة غَنَمِهِ. وخَيَّلَ لِلنَّاقَةِ وأَخْيَلَ: وَضَع لِوَلَدِهَا خَيَالًا ليَفْزَع مِنْهُ الذِّئْبُ فَلَا يَقْرَبه. والخَيَال: مَا نُصِب فِي الأَرض ليُعْلَم أَنها حِمىً فَلَا تُقْرَب. وَقَالَ اللَّيْثُ: كُلُّ شَيْءٍ اشْتَبَهَ عَلَيْكَ، فَهُوَ مُخِيل، وَقَدْ أَخَالَ؛ وأَنشد:
والصِّدْقُ أَبْلَجُ لَا يُخِيل سَبِيلُه، ... والصِّدْق يَعْرِفه ذَوُو الأَلْباب
وَقَدْ أَخَالَتِ الناقةُ، فَهِيَ مُخِيلَة إِذا كَانَتْ حَسَنة العَطَل فِي ضَرْعها لَبن. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى
؛ أَي يُشَبَّه. وخُيِّلَ إِليه أَنه كَذَا، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ: مِنَ التَّخْيِيل والوَهْم. والخَيَال: كِساء أَسود يُنْصَب عَلَى عُودٍ يُخَيَّل بِهِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
فَلَمَّا تَجَلَّى مَا تَجَلَّى مِنَ الدُّجى، ... وشَمَّر صَعْلٌ كالخَيَال المُخَيَّل
والخَيْل: الفُرْسان، وَفِي الْمُحْكَمِ: جَمَاعَةُ الأَفراس لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَاحِدُهَا خَائِل لأَنه يَخْتال فِي مِشْيَتِه، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بِمَعْرُوفٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ
، أَي بفُرْسانك ورَجَّالتك. والخَيْل: الخُيول. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها
. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبي
: قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَراد يَا فُرْسانَ خَيْلِ اللَّهِ ارْكَبِي، وَهَذَا مِنْ أَحسن الْمَجَازَاتِ وأَلطفها؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَتنازَلا وتواقَفَت خَيْلاهُما، ... وكِلاهُما بَطَلُ اللِّقاء مُخَدَّعُ
ثَنَّاه عَلَى قَوْلِهِمْ هُما لِقاحان أَسْوَدانِ وجِمالانِ، وَقَوْلُهُ بَطَلُ اللِّقاء أَي عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَالْجَمْعُ أَخْيَالٌ وخُيُول؛ الأَول عَنِ ابْنِ الأَعرابي، والأَخير أَشهر وأَعرف. وَفُلَانٌ لَا تُسايَر خَيْلاه وَلَا تُواقَفُ خَيْلاه، وَلَا تُسايَر وَلَا تُواقَف أَي لَا يُطَاقُ نَمِيمةً وَكَذِبًا. وَقَالُوا: الخَيْل أَعلم مِنْ فُرْسانِها؛ يُضْرب لِلرَّجُلِ تَظُنُّ أَن عِنْدَهُ غَناء أَو أَنه لَا غَنَاءَ عِنْدَهُ فَتَجِدُهُ عَلَى مَا ظَنَنْتَ. والخَيَّالة: أَصحاب الخُيول. والخَيَال: نَبْتٌ. والخَالُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
أَتَعْرف أَطلالًا شَجوْنَك بالخَال؟
قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ أَلفه مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ. والخَالُ: اسْمُ جَبَل تِلْقاء الْمَدِينَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:(11/231)
أَهَاجَكَ بالخَالِ الحُمُول الدَّوافع، ... وأَنْتَ لمَهْواها مِنَ الأَرض نَازِعُ؟
والمُخَايَلَة: المُباراة. يُقَالُ: خَايَلْت فُلَانًا بارَيْته وَفَعَلْتُ فعلَه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَقول لَهُمْ، يَوم أَيْمانُهم ... تُخَايِلُها، فِي النَّدَى، الأَشْمُلُ
تُخَايِلُها أَي تُفاخِرها وتُباريها؛ وَقَوْلُ ابْنِ أَحمر:
وَقَالُوا: أَنَتْ أَرض بِهِ وتَخَيَّلَتْ، ... فأَمْسى لِمَا فِي الرأْسِ وَالصَّدْرِ شَاكِيَا
قَوْلُهُ تَخَيَّلَت أَي اشْتَبَهَت. وخَيَّلَ فلانٌ عَنِ الْقَوْمِ إِذا كَعَّ عَنْهُمْ؛ قَالَ سَلَمَةُ: وَمِثْلُهُ غَيَّف وخَيَّف. الأَحمر: افْعَلْ كَذَا وَكَذَا إِمَّا هَلَكَتْ هُلُكُ أَي عَلَى مَا خَيَّلْت أَي عَلَى كُلِّ حَالٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُمُ افْعَلْ ذَلِكَ عَلَى مَا خَيَّلْت أَي عَلَى مَا شَبَّهت. وَبَنُو الأَخْيَل: حَيٌّ مِنْ عُقَيْل رَهْط لَيْلى الأَخْيَلِيَّة؛ وَقَوْلُهَا:
نَحْنُ الأَخَايِلُ مَا يَزال غُلامُنا، ... حَتَّى يَدِبَّ عَلَى العَصا، مَذْكُورًا
فإِنما جَمَعت القَبِيل بِاسْمِ الأَخْيَل بْنِ مُعَاوِيَةَ العُقَيْلي، وَيُقَالُ البَيْت لأَبيها. والخَيَال: أَرض لِبَنِي تَغْلِب؛ قَالَ لَبِيدٌ:
لِمَنْ طَلَلٌ تَضَمَّنه أُثالُ، ... فسَرْحَة فالمَرانَةُ فالخَيَالُ؟
والخِيلُ: الحِلْتِيت، يَمانِية. وخَالَ يَخِيلُ خَيْلًا إِذا دَامَ عَلَى أَكل الخِيل، وَهُوَ السَّذَاب. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والخَالُ الخَائِلُ، يُقَالُ هُوَ خَالُ مالٍ وخَائِل مَالٍ أَي حَسَن الْقِيَامِ عَلَيْهِ. والخَالُ: ظَلْع فِي الرِّجْل. والخَال: نُكْتَة فِي الجَسَد؛ قَالَ وَهَذِهِ أَبيات تَجْمَعُ مَعَانِيَ الخَال:
أَتَعْرِف أَطْلالًا شَجَوْنَك بالخَالِ، ... وعَيْشَ زمانٍ كَانَ فِي العُصُر الْخَالِي؟
الخَالُ الأَوَّل: مَكَانٌ، وَالثَّانِي: الْمَاضِي.
لَيالِيَ، رَيْعانُ الشَّبابِ مُسَلَّطٌ ... عَلَيَّ بعِصْيان الإِمارةِ والخَال
الخَال: اللِّوَاء.
وإِذْ أَنا خِدْنٌ للغَوِيّ أَخِي الصِّبا، ... وللغَزِل المِرِّيحِ ذِي اللَّهْوِ والخَال
الخَال: الخُيَلاء.
وللخَوْد تَصْطاد الرِّجالَ بفاحِمٍ، ... وخَدٍّ أَسِيل كالَوذِيلة ذِي الخَال
الخَال: الشَّامَة.
إِذا رَئِمَتْ رَبْعاً رَئِمْتُ رِباعَها، ... كَمَا رَئِم المَيْثاءَ ذُو الرَّثْيَة الْخَالِي
الْخَالِي: العَزَب.
ويَقْتادُني مِنْهَا رَخِيم دَلالِها، ... كَمَا اقْتاد مُهْراً حِينَ يأْلفه الْخَالِي
الْخَالِي: مِنَ الْخَلَاءِ.
زَمانَ أُفَدَّى مِنْ مِراحٍ إِلى الصِّبا ... بعَمِّيَ، مِنْ فَرْط الصَّبابة، والخَال
الخَال: أَخو الأُم.
وَقَدْ عَلِمَتْ أَنِّي، وإِنْ مِلْتُ للصِّبا ... إِذا الْقَوْمُ كَعُّوا، لَسْتُ بالرَّعِش الخَال
الخَالُ: المَنْخُوب الضَّعِيفُ.(11/232)
وَلَا أَرْتَدي إِلَّا المُروءَةَ حُلَّةً، ... إِذا ضَنَّ بعضُ الْقَوْمِ بالعَصْبِ والخَال
الخَالُ: نَوْعٌ مِنَ البُرود.
وإِن أَنا أَبصرت المُحُولَ ببَلْدة، ... تَنَكَّبْتها واشْتَمْتُ خَالًا عَلَى خَال
الخَال: السَّحَابُ.
فحَالِفْ بحِلْفِي كُلَّ خِرْقٍ مُهَذَّب، ... وإِلَّا تُحالِفْنِي فخَالِ إِذاً خَالُ
مِنَ المُخالاة.
وَمَا زِلْتُ حِلْفاً للسَّماحة والعُلى، ... كَمَا احْتَلَفَتْ عَبْسٌ وذُبْيان بالخَال
الخَالُ: الْمَوْضِعُ.
وثالِثُنا فِي الحِلْفِ كُلُّ مُهَنَّدٍ ... لَمَّا يُرْمَ مِنْ صُمِّ العِظامِ بِهِ خَالِي
أَي قاطع.
فصل الدال المهملة
دأل: الدَّأْلُ: الخَتْل، وَقَدْ دَأَلَ يَدْأَلُ دَأْلًا ودَأَلاناً. أَبو زَيْدٍ فِي الْهَمْزِ: دأَلْت للشَّيءِ أَدْأَلُ دَأْلًا ودَأَلاناً، وَهِيَ مِشْيَة شَبِيهَةٌ بالخَتْل ومَشْيِ المُثْقَل، وَذَكَرَ الأَصمعي فِي صِفَةِ مَشْيِ الْخَيْلِ: الدَّأَلان مَشْيٌ يُقَارِبُ فِيهِ الْخَطْوَ وَيَبْغِي فِيهِ كأَنه مُثْقل مِنْ حَمْلٍ. يُقَالُ: الذِّئْبُ يَدْأَل لِلْغَزَالِ ليأْكله، يَقُولُ يَخْتِله. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُدَاءَلَة بِوَزْنِ الْمُدَاعَلَةِ الخَتْل. وَقَدْ دَأَلْتُ لَهُ ودَأَلْته وَقَدْ تَكُونُ فِي سُرْعَةِ الْمَشْيِ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّأَلانُ عَدْوٌ مُقارِب. ابْنُ سِيدَهْ: دَأَلَ يَدْأَلُ دَأْلًا ودَأَلًا ودَأَلى، وَهِيَ مِشْية فِيهَا ضَعْفٌ وعَجَلة، وَقِيلَ: هُوَ عَدْوٌ مُقارِب؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ فِيمَا تَضَعُهُ الْعَرَبُ عَلَى أَلسنة الْبَهَائِمِ لضَبٍّ يُخَاطِبُ ابْنَهُ:
أَهَدَموا بَيْتَك، لَا أَبا لَكا ... وأَنا أَمشي الدَّأَلى حَوالَكا؟
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: الدَّأَلى مِشْية تُشبه مِشْية الذِّئب. والدَّأَلانُ، بِالدَّالِ: مَشْيُ الَّذِي كأَنه يَبْغِي فِي مَشْيِهِ مِنَ النَّشاط. ودَأَلَ لَهُ يَدْأَلُ دَأْلًا ودَأَلاناً: خَتَله. والدَّأَلان، بِتَحْرِيكِ الْهَمْزَةِ أَيضاً: الذِّئْبُ؛ عَنْ كراع. والدُّؤُولُ: دُوَيْبَّة صَغِيرَةٌ؛ عَنْهُ أَيضاً. قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْرُوفٍ. والدُّئِل: دُويبَّة كَالثَّعْلَبِ، وَفِي الصِّحَاحِ: دُوَيْبَّةٌ شَبِيهَةٌ بِابْنِ عِرْس؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:
جاؤُوا بجَيْشٍ، لَوْ قِيسَ مُعْرَسُه ... ما كان إِلَّا كمُعْرَس الدُّئِل
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ. قَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: لَا نَعْلَمُ اسْمًا جاءَ عَلَى فُعِل غَيْرَ هَذَا، يَعْنِي الدُّئِل، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ جاءَ رُئِم فِي اسْمِ الِاسْتِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الأَخفش وإِلى الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ نُسِبَ أَبو الأَسود الدُّؤَلي، إِلَّا أَنهم فَتَحُوا الْهَمْزَةَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي النِّسْبَةِ اسْتِثْقَالًا لِتَوَالِي الْكَسْرَتَيْنِ مَعَ ياءَي النَّسَبِ كَمَا يُنْسَبُ إِلى نَمِر نَمَرِيّ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا أَبو الأَسود الدُّوَلِي، قَلَبُوا الْهَمْزَةَ وَاوًا لأَن الْهَمْزَةَ إِذا انْفَتَحَتْ وَكَانَتْ قَبْلَهَا ضَمَّةٌ فَتَخْفِيفُهَا أَن تَقْلِبَهَا وَاوًا مَحْضَةً، كَمَا قَالُوا فِي جُؤَن جُوَن وَفِي مُؤَن مُوَن، وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: هُوَ أَبو الأَسود الدِّيلي، فَقَلَبَ الْهَمْزَةَ يَاءً حِينَ انْكَسَرَتْ، فإِذا انْقَلَبَتْ يَاءً كُسِرَتِ(11/233)
الدَّالُ لِتَسْلَمَ الْيَاءُ كَمَا تَقُولُ قِيل وبِيع، قَالَ: وَاسْمُهُ ظَالِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حِلْس بْنِ نُفاثة بْنِ عَديّ بْنِ الدُّئِل بْنِ بَكْرِ بْنِ كِنَانَةَ. قَالَ الأَصمعي: وأَخبرني عِيسَى بْنُ عُمَرَ قَالَ الدِّيل بْنُ بَكْرٍ الْكِنَانِيُّ إِنما هُوَ الدُّئِل، فَتَرَكَ أَهل الْحِجَازِ هَمْزه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو سَعِيدٍ السِّيرَافِيُّ فِي شَرْحِ الْكِتَابِ فِي بَابِ كَانَ عِنْدَ قَوْلُ أَبي الأَسود الدُّؤَلي: دَعِ الخَمْر يَشْرَبْها الغُواة، قَالَ: أَهل الْبَصْرَةِ يَقُولُونَ الدُّؤَلي، وَهُوَ مِنَ الدُّئِل بْنِ بَكْرِ بْنِ كِنَانَةَ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقُولُ الدُّئِل بْنُ كِنَانَةَ، وَيَقُولُ الدُّئِل عَلَى مِثَالِ فُعِل، الدُّئِل بْنُ مُحَلِّم بْنِ غَالِبِ بْنِ مُلَيح بْنِ الهُون بْنُ خُزَيْمة بْنِ مُدْرِكة، وَرَوَى أَبو سَعِيدٍ بِسَنَدِهِ إِلى مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ يُونُسُ: هُمْ ثَلَاثَةٌ: الدُّول مِنْ حَنِيفَةَ بِسُكُونِ الْوَاوِ، والدِّيل مِنْ قَيس سَاكِنَةَ الْيَاءِ، والدُّئِل فِي كِنَانَةَ رَهْطُ أَبي الأَسود مَهْمُوزٌ، قَالَ: هَذَا قَوْلُ عِيسَى بْنِ عُمَرَ وَالْبَصْرِيِّينَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ النَّحْوِيِّينَ مِنْهُمُ الْكِسَائِيُّ، يَقُولُونَ أَبو الأَسود الدِّيلي، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ الدُّئِل فِي كِنَانَةَ، بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ فِي الهُون بْنِ خُزَيْمَةَ أَيضاً، والدِّيل فِي الأَزْد، بِكَسْرِ الدَّالِ وإِسكان الْيَاءِ، الدِّيل بْنُ هَدَادِ بْنِ زَيْدِ مَنَاة، وَفِي إِيَاد بْنِ نِزَار مِثْلُهُ الدِّيل بْنُ أُميَّة بْنِ حُذَافة، وَفِي عَبْدِ الْقَيْسِ كَذَلِكَ الدِّيل بْنُ عَمْرِو بْنِ وَدِيعة، وَفِي تَغْلب كَذَلِكَ الدِّيل بْنُ زَيْدِ بْنِ غَنْم بْنِ تَغْلِب، وَفِي رَبِيعة بْنِ نِزَار الدُّول بْنُ حَنِيفة، بِضَمِّ الدَّالِ وإِسكان الْوَاوِ، وَفِي عَنَزَة الدُّول بْنُ سَعْدِ بْنِ مَنَاة بْنِ غَامِدٍ مِثْلُهُ، وَفِي ثَعْلَبَةَ الدُّول بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ضَبَّة، وَفِي الرِّبَاب الدُّول بْنُ جَلِّ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ مَنَاة بْنِ أُدٍّ مِثْلُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: والدُّئِل حَيٌّ مِنْ كِنَانَةَ، وَقِيلَ فِي بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ، وَالنَّسَبُ إِليه دُؤَليٌّ ودُئِليٌّ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ إِذ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعِليٌّ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ أَبو الأَسود الدُّؤَلي مَفْتُوحُ الْوَاوِ مَهْمُوزٌ مَنْسُوبٌ إِلى الدُّئِل مِنْ كِنَانَةَ، قَالَ: والدُّول فِي حنيفة ينسب إِليهم الدُّولي، والدِّيل فِي عَبْدِ الْقَيْسِ يُنْسَبُ إِليهم الدِّيلي. والدُّئِل عَلَى وَزْنِ الوُعِل: دويبَّة شَبِيهَةٌ بِابْنِ عِرْس؛ وأَنشد الأَصمعي بَيْتَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:
مَا كَانَ إِلا كمُعْرَس الدُّئِل
وَابْنُ دَأْلانَ: رَجُل، النِّسْبَةُ إِليه دَأْلانِيٌّ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. والدُّؤْلول: الدَّاهِيَةُ، وَالْجَمْعُ الدّآلِيل. وَوَقَعَ القومُ فِي دُؤْلُول أَي فِي اخْتِلَاطٍ مِنْ أَمرهم. أَبو زَيْدٍ: وَقَعُوا مِنْ أَمرهم فِي دُولول أَي فِي شِدَّة وأَمر عَظِيمٍ، قَالَ الأَزهري: جَاءَ بِهِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: إِن الجَنَّة مَحْظُورٌ عَلَيْهَا بالدَّآلِيل
أَي بِالدَّوَاهِي وَالشَّدَائِدِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ:
حُفَّتْ بالمَكاره.
دبل: دَبَلَ الشيءَ يَدْبِلُهُ ويَدْبُلُهُ دَبْلًا: جَمعَه كَمَا تَجْمَعُ اللُّقمة بأَصابعك. والتَّدْبِيل: تعظيمُ اللُّقمة وازْدِرادُها. ودَبَلَ اللُّقمة يَدْبُلُها ويَدْبِلُها دَبْلًا ودَبَّلَها: جَمَعها بأَصابعه وكَبَّرها؛ قَالَ:
دَبِّلْ أَبا الْجَوْزَاءِ أَو تَطِيحا
والدُّبَل: اللُّقَم مِنَ الثَّريد، الْوَاحِدَةُ دُبْلَة. ابْنُ الأَعرابي: الدَّبَال والدَّمَال النَّقَّابات، والدُّبْلة مِثْلُ الكُتْلة مِنَ الصَّمْغ وَغَيْرِهِ، تَقُولُ مِنْهُ: دَبَّلْت الشيءَ؛ قَالَ مُزَرِّد:
ودَبَّلْت أَمثال الأَثافي كأَنها ... رُؤوس نِقَاد قُطِّعَت، يومَ تُجْمَع
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه مَرَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى زِنْباغ بْنِ(11/234)
رَوْحٍ وَكَانَ يَعْشُرُ مَنْ مَرَّ بِهِ وَمَعَهُ ذَهَبةٌ فَجَعَلَهَا فِي دَبِيلٍ وأَلْقَمَه شَارِفًا لَهُ
؛ الدَّبِيل: مِنْ دَبَلَ اللُّقْمَةَ ودَبَّلَها إِذا جَمَعَهَا وعَظَّمها، يُرِيدُ أَنه جَعَلَ الذَّهَبَةَ فِي عَجِينٍ وأَلْقَمه النَّاقَةَ. والدِّبْل: الثُّكْلُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ دُكَيْنٌ:
يَا دِبْلُ، مَا بِتُّ بِلَيْلٍ هاجِدا، ... وَلَا خَرَرْت الرَّكعتين سَاجِدًا «4»
سَمَّاهَا بالثُّكْل؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما خَاطَبَ بِذَلِكَ ابْنَتَهُ، وبالَغُوا بِهِ فَقَالُوا: دِبْل دَابِلٌ ودَبِيل، وَرُبَّمَا نُصِبَ عَلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ، يُقَالُ: دَبَلَتْه دَبُول. وَيُقَالُ: دِبْلٌ دَبِيل أَي ثُكْل ثاكل، ومنه سُمِّيَتِ المرأَة دِبْلة. والدُّبْلة والدُّبَيْلَة: دَاءٌ يَجْتَمِعُ فِي الْجَوْفِ. وَفِي حَدِيثِ
عَامِرِ بْنِ الطُّفَيل: فأَخَذَتْه الدُّبَيلة
؛ هِيَ خُرَاج ودُمَّل كَبِيرٌ تَظْهَرُ فِي الْجَوْفِ فَتَقْتُلُ صَاحِبَهَا غَالِبًا، وَهِيَ تَصْغِيرُ دُبْلة. وكُلُّ شَيْءٍ جُمع فَقَدْ دُبِلَ. والدُّبَيلة: الدَّاهِيَةُ، وَهِيَ مُصَغَّرة لِلتَّكْبِيرِ، يُقَالُ: دَبَلَتْهم الدُّبَيْلَة أَي أَصابتهم الدَّاهِيَةُ؛ حَكَاهَا الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. والدِّبْل: الدَّاهِيَةُ، يُقَالُ دِبْلًا دَبِيلًا كَمَا يُقَالُ ثُكْلًا ثَاكِلًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
طِعَانَ الكُمَاة وضَرْبَ الجِيَاد، ... وَقَوْلَ الحَواضِن دِبْلًا دَبِيلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الأُموي أَن اسْمَ هَذَا الشَّاعِرِ بَشَامة بْنُ الغَدِير النَّهْشَلي؛ وأَول الْقَصِيدِ:
نَأَتْك أُمامةُ نَأْياً طَوِيلًا، ... وحَمَّلك الحُبُّ وِقْراً ثَقِيلا
وَيُقَالُ: دَبَلَتهم دُبَيْلة أَي هَلَكوا وصَلَّتْهم صالَّة. ودِبْل دابِلٌ: وَهُوَ الهَوَان والخِزْيُ، وَيُقَالُ: ذِبْل ذَابل، بِالذَّالِ. والدَّبْل: الطَّاعُونُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. ودَبْلُ الأَرض: إِصلاحها بالسِّرجين وَنَحْوِهِ. والدَّبَال: السِّرْجينُ وَنَحْوُهُ. ودَبَلَ الأَرضَ يَدْبُلُها دَبْلًا ودُبُولًا: أَصلحها بالسِّرجين وَنَحْوِهِ لتَجُود. وأَرض مَدْبُولَة: أُصْلِحت بِالسِّرْجِينِ. وَكُلُّ شَيْءٍ أَصلحته فَقَدْ دَبَلْته ودَمَلْته؛ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الجَداول الدُّبُول لأَنها تُدْبَل أَي تُنَقَّى وتُصْلَح. ودَبِلَ البعيرُ دَبَلًا، فَهُوَ دَبِلٌ، إِذا امتلأَ لَحْمًا وَشَحْمًا؛ قَالَ الرَّاعِي:
تَدَارَكَ الغَضُّ مِنْهَا والعَتِيق، فَقَدْ ... لَاقَى المَرافقَ مِنْهَا واردٌ دَبِلُ
أَراد بِالْوَارِدِ لَحْمًا اسْتَرْخَى عَلَى مَرافقها أَي امتلأَت بِهِ المَرَافق، والدَّبْل: الجَدْوَل، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه يُصْلَح ويُجَهَّز، وَالْجَمْعُ دُبُول لأَنها تُدْبَل أَي تُصْلَح وتُنَقَّى وتُجَهَّز. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
دَلَّه اللهُ عَلَى دُبُول
أَي جَداول مَاءٍ،
قَالَ «5» : إِن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا غَدَا إِلى النَّطاة دلَّه اللهُ عَلَى دُبُول كَانُوا يَتَرَوَّوْن مِنْهَا فقَطَعها عَنْهُمْ حَتَّى أَعْطَوْا بأَيديهم.
والدَّوْبَل: وَلَدُ الْحِمَارِ، وَفِي الصِّحَاحِ: الدَّوْبَل الحِمَار الصَّغِيرُ لَا يَكْبَرُ. وَكَتَبَ مُعَاوِيَةَ إِلى مَلِكِ الرُّومِ: لأَرُدَّنَّك إِرِّيساً مِنَ الأَرَارِسة تَرْعَى الدَّوَابِل هِيَ جَمْعُ دَوْبَل، وَهُوَ وَلَدُ الْخِنْزِيرِ وَالْحِمَارِ، وإِنما خَصَّ الصِّغَار لأَن رَاعِيَهَا أَوضع مِنْ رَاعِي الْكِبَارِ، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ. ودَوْبَل: لَقَبُ الأَخْطَل، وَمِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
بَكَى دَوْبَلٌ، لَا يُرْقِئُ اللهُ دَمْعَه، ... أَلا إِنَّما يَبْكي مِنَ الذُّلِّ دَوْبَل
__________
(4) . قوله [يا دِبْل] عبارة التهذيب: والدِّبْل الثكل، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمَرْأَةٌ دِبْلَة.
(5) . قوله [قال] أي ابن الأثير(11/235)
والدَّوْبَل: الذِّئب العَرِم. والدَّوْبَل: ذَكَر الخَنَازِير، وَهُوَ الرّتُّ. اللَّيْثُ: الدُّبْلَة كُتْلة مِنْ ناطِف أَو حَيْس أَو شَيْءٍ مَعْجُونٍ أَو نَحْوِ ذَلِكَ. وَقَدْ دَبَّلْت الحَيْس تَدْبِيلًا أَي جَعَلْتُهُ دُبَلًا. والدَّبِيل: الغَضَا يَكْثُرُ بِالْمَكَانِ. والدَّبِيل أَيضاً: مَا انْتَثَر مِنْ وَرَق الأَرْطَى، وجَمْعها دُبُل. ودَبِيل: مَوْضِعٌ، وَهِيَ الدُّبُل؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
جَادَ لَهَا بالدُّبُل الوَسْمِيُ
ودَبِيل ودُبَيْل: مَدِينَةٌ مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ، قَالَ الْفَارِسِيُّ: دَبِيل بِالشَّامِ ودَيْبُل مَدِينَةً مِنْ مَدَائِنَ السِّنَدِ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
سَيُصْبِح فَوْقِي أَقْتَمُ الرِّيش وَاقِعًا، ... بقَالِيقَلا أَو مِنْ وَرَاءِ دَبِيل
قَالَ: فَلَمْ يَلْبَث هَذَا الشَّاعِرُ أَن صُلِب بِهَا. ودَبِيل: مَوْضِعٌ يَلِي الْيَمَامَةَ؛ عَنْ كُرَاعٍ. التَّهْذِيبُ: والدَّبِيل مَوْضِعٌ يُتَاخِم أَعراض الْيَمَامَةِ؛ وأَنشد:
لَوْلَا رَجَاؤُكُ مَا تَخَطَّتْ نَاقَتِي ... عَرْضَ الدَّبِيل، وَلَا قُرى نجْران
وَيُجْمَعُ دُبُلًا؛ وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجِ:
جَادَ لَهُ بالدُّبُل الوَسْمِيُ
دبكل: التَّهْذِيبُ فِي النَّوَادِرِ: كَمْهَلْت المالَ كَمْهَلة وحَبْكَرْته حَبْكَرة ودَبْكَلْتُه دَبْكَلَة إِذا جمعه وَرَدَدْتَ أَطراف مَا انْتَشَرَ مِنْهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ حَبْحَبْته حَبْحَبةً وزَمْزَمْته وصَرْصَرْته وكَرْكَرْته كَرْكَرةً.
دجل: الدُّجَيْل والدُّجَالة؛ القَطِران. والدَّجْل: شِدَّةُ طَلْي الجَرْب بالقَطِران. ودَجَلَ البعيرَ: طَلاه بِهِ، وَقِيلَ: عَمَّ جسمَه بالهِناء، وإِذا هُنِئَ جَسَدُ الْبَعِيرُ أَجمع فَذَلِكَ التَّدْجِيل، فإِذا جَعَلْتَهُ فِي الْمَشَاعِرِ فَذَلِكَ الدَّسُّ. وَالْبَعِيرُ المُدَجَّل: المَهْنوءُ بالقَطِران؛ وأَنشد، ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ:
وشَوهاء تَعْدو بِي إِلى صَارِخِ الْوَغَى، ... بمُسْتَلْئمٍ مِثْلِ الْبَعِيرِ المُدَجَّل
قَالَ: والدَّجْلة الَّتِي يُعَسِّل «1» . فِيهَا النَّحْل الْوَحْشِيُّ. ودَجَلَ الشيءَ غَطَّاه. ودِجْلَة: اسْمُ نَهْرٍ، مِنْ ذَلِكَ لأَنها غَطَّت الأَرض بِمَائِهَا حِينَ فَاضَتْ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِي دِجْلة دَجْلة، بِالْفَتْحِ؛ غَيْرُهُ: دِجْلة اسمٌ مَعْرِفَةٌ لِنَهْرِ الْعِرَاقِ، وَفِي الصِّحَاحِ: دِجْلة نَهْرُ بَغْدَادَ، قَالَ ثَعْلَبٌ: تَقُولُ عَبَرْتُ دِجْلة، بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ. ودُجَيل: نَهْرٌ صَغِيرٌ مُتَشَعِّبٌ مِنْ دِجْلة. ودَجَلَ الرجلُ وسَرَج، وَهُوَ دَجَّال: كَذَب، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن الْكَذِبَ تَغْطِيَةٌ، وَبَيْنَهُمْ دَوْجَلَة وهَوْجَلة ودَوْجَرة وسَرْوَجة: وَهُوَ كَلَامٌ يُتَناقل وَنَاسٌ مُخْتَلِفُونَ. والدَّاجِل: المُمَوِّه الكَذَّاب، وَبِهِ سُمِّيَ الدَّجَّال. والدَّجَّال: هُوَ الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ، وإِنما دَجْلُه سِحْره وكَذِبُه. ابْنُ سِيدَهْ: الْمَسِيحُ الدَّجَّال رَجُلٌ مِنْ يَهُود يَخْرُجُ فِي آخِرِ هَذِهِ الأُمة، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَدْجُل الحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَقِيلَ: بَلْ لأَنه يُغَطِّي الأَرض بِكَثْرَةِ جُمُوعِهِ، وَقِيلَ: لأَنه يُغَطِّي عَلَى النَّاسِ بِكُفْرِهِ، وَقِيلَ: لأَنه يدَّعي الرُّبُوبِيَّةَ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَذِبِهِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْمَعَانِي متقارِب؛ قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: لَيْسَ أَحد فَسَّر الدَّجَّال أَحسن مِنْ تَفْسِيرِ أَبي عَمْرٍو قَالَ: الدَّجَّال المُمَوِّه، يقال:
__________
(1) . قوله [والدَّجْلَة التي يعسل إلخ] ذكرها صاحب القاموس في ترجمة دخل بالخاء المعجمة(11/236)
دَجَلْت السيفَ مَوَّهته وطَلَيته بِمَاءِ الذَّهَبِ، قَالَ: وَلَيْسَ أَحد جَمَعه إِلا مَالِكُ بْنُ أَنَس فِي قَوْلِهِ هَؤُلَاءِ الدَّجَاجِلَة؛ ورأَيت هُنَا حَاشِيَةً قَالَ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ لَمْ يَجْمَعْهُ عَلَى دَجَاجِلَة إِلا مَالِكُ بْنُ أَنس، إِذ قَدْ جَمَعَهُ
النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فِي حَدِيثِهِ الصَّحِيحِ فَقَالَ: يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُون
أَي كَذَّابون مُمَوِّهون،
وَقَالَ: إِنَّ بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ دَجَّالِين كَذَّابين فَاحْذَرُوهُمْ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الدَّجَّال فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَدَّعي الإِلهيَّة؛ وفَعَّال مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ أَي يَكْثُرُ مِنْهُ الْكَذِبُ وَالتَّلْبِيسُ. الأَزهري: كُلُّ كَذَّاب فَهُوَ دَجَّال، وَجَمْعُهُ دَجَّالون، وَقِيلَ: سُمِّي بِذَلِكَ لأَنه يَسْتُرُ الْحَقَّ بِكَذِبِهِ. والدَّجَّال والدَّجَّالَة: الرُّفقة الْعَظِيمَةُ. ورُفْقة دَجَّالَة: عَظِيمَةٌ تُغَطِّي الأَرض بِكَثْرَةِ أَهلها، وَقِيلَ: هِيَ الرُّفْقة تَحْمِلُ الْمَتَاعَ لِلتِّجَارَةِ؛ وأَنشد:
دَجَّالة مِنْ أَعظم الرِّفاق
وكُلُّ شَيْءٍ مَوَّهْته بماءٍ ذهبٍ وَغَيْرِهِ فَقَدَ دَجَّلته. والدَّجَّال: الذَّهَبُ، وَقِيلَ: مَاءُ الذَّهَبِ؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ وأَنشد:
ووَقْع صَفَائِحَ مَخْشوبةٍ ... عَلَيْهَا يَدُ الدَّهْرِ دَجَّالها
وَهُوَ اسْمٌ كالقَذَّاف والجَبَّان؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
ثُمَّ نَزَلْنا وكَسَّرْنا الرِّماحَ، و ... جَرْرَدْنا صَفِيحاً كَسَتْه الرُّومُ دَجَّالا
ودَجَّلَ الشيءَ بالذَّهَب. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ لِمَاءِ الذَّهَبِ دَجَّال وَبِهِ شُبِّه الدَّجَّال لأَنه يُظْهِر خِلَافَ مَا يُضْمِر؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: سُمِّي الدَّجَّال دَجَّالًا لِضَرْبِهِ فِي الأَرض وَقَطْعِهِ أَكثر نَوَاحِيهَا، وَيُقَالُ: قَدْ دَجَلَ الرجلُ إِذا فَعَلَ ذَلِكَ. قَالَ: وَقَالَ مَرَّةً أُخرى سُمِّي دَجَّالًا لِتَمْوِيهِهِ عَلَى النَّاسِ وَتَلْبِيسِهِ وَتَزْيِينِهِ الْبَاطِلَ، يُقَالُ: قَدْ دَجَلَ إِذا مَوَّه ولَبَّس، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، خَطَب فاطمةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، إِلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِني وَعَدْتُها لِعَلِيٍّ ولستُ بدَجَّال
، أَي بخَدَّاع، وَلَا مُلَبِّس عَلَيْكَ أَمرَك. وأَصل الدَّجْلِ: الخَلْطُ؛ يُقَالُ: دَجَلَ إِذا لَبَّس ومَوَّه. ودَجَلَ الرجلُ المرأَةَ ودَجَاها إِذا جَامَعَهَا، وَهُوَ الدَّجْلُ والدَّجْوُ، وَاللَّهُ أَعلم.
دحل: الدَّحْل: نَقْب ضيِّق فَمُه ثُمَّ يَتَّسِعُ أَسفله حَتَّى يُمْشى فِيهِ، وَرُبَّمَا أَنبت السِّدْر، وَقِيلَ: هُوَ مَدْخَل تَحْتَ الجُرُف أَو فِي عُرْض خَشَب الْبِئْرِ فِي أَسفلها وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ المَوارد والمَناهل، وَالْجَمْعُ أَدْحُل وأَدْحَالٌ ودِحَال ودُحُول ودُحْلانٌ. وَقَدْ دَحَلْت فِيهِ أَدْحَلُ أَي دَخَلت فِي الدَّحْل؛ ورُبَّ بيتٍ مِنْ بُيُوتِ الأَعراب يُجْعَلُ لَهُ دَحْل تَدْخُلُ فِيهِ المرأَة إِذا دَخَل عَلَيْهِمْ دَاخِلٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ادْحَلْ فِي كِسْر الْبَيْتِ
، أَي ادْخُل، مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن رَجُلًا سأَله فَقَالَ لَهُ إِنِّي رَجُلٌ مِصْراد أَفأُدْخِل المِبْوَلة مَعِيَ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وادْحَل فِي الكِسْر
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الدَّحْل هُوَّة تَكُونُ فِي الأَرض وَفِي أَسافل الأَودية يَكُونُ فِي رأْسها ضِيقٌ ثُمَّ يَتَّسِعُ أَسفلها، وكِسْر الخِباء جانبُه؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فشَبَّه أَبو هُرَيْرَةَ جَوَانِبَ الخِباء وَمَدَاخِلَهُ بالدَّحْل؛ قَالَ: هُوَ مأْخوذ مِنَ الدَّحْل، أَي صِرْ فِي جَانِبِ الخِباء كَالَّذِي يَصِيرُ فِي الدَّحْل، وَيُرْوَى: وادْحُ لَهَا فِي الْكِسْرِ أَي وَسِّع لَهَا مَوْضِعًا فِي زَاوِيَةٍ مِنْهُ؛ قَالَ(11/237)
الأَزهري: وَقَدْ رأَيت بالخَلْصاء وَنَوَاحِي الدَّهْناء دُحْلاناً كَثِيرَةً، وَقَدْ دَخَلْت غَيْرَ دَحْلٍ مِنْهَا، وَهِيَ خَلَائِقُ خَلَقها اللَّهُ تَعَالَى تَحْتَ الأَرض، يَذْهَبُ الدَّحْل مِنْهَا سَكًّا فِي الأَرض قَامَةً أَو قَامَّتَيْنِ أَو أَكثر مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَتَلَجَّف يَمِينًا أَو شِمَالًا فمَرَّة يَضِيقُ وَمَرَّةً يَتَّسِعُ فِي صَفَاةٍ مَلْساء لَا تَحِيك فِيهَا المَعاوِلُ المحدَّدة لِصَلَابَتِهَا، وَقَدْ دَخلت مِنْهَا دَحْلًا فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلى الْمَاءِ إِذا جَوٌّ مِنَ الْمَاءِ الرَّاكِدِ فِيهِ لَمْ أَقف عَلَى سَعته وعُمْقه وَكَثْرَتِهِ لإِظلام الدَّحْل تَحْتَ الأَرض، فَاسْتَقَيْتُ أَنا مَعَ أَصحابي مِنْ مَائِهِ فإِذا هُوَ عَذْب زُلال لأَنه مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ يَسِيلُ إِليه مِنْ فَوْقُ وَيَجْتَمِعُ فِيهِ؛ قَالَ: وأَخبرني جَمَاعَةٌ مِنَ الأَعراب أَن دُحْلانَ الخَلْصاء لَا تَخْلُو مِنَ الْمَاءِ، وَلَا يُسْتَقَى مِنْهَا إِلّا للشِّفاء والخَبْل لِتَعَذُّرِ الِاسْتِقَاءِ مِنْهَا وبُعْدِ الْمَاءِ فِيهَا مِنْ فَوْهَة الدَّحْل، قَالَ: وَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ دَحَلَ فلانٌ الدَّحْلَ، بِالْحَاءِ، إِذا دَخَله؛ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا يَعْتَادُهُ الشُّعَرَاءُ مِنْ ذِكْرِهِمُ الدَّحْلَ مَعَ أَسماء الْمَوَاضِعِ كَقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
إِذا شئتُ أَبكاني لجَرْعاء مالكٍ، ... إِلى الدَّحْل، مسْتَبْدًى لِمَيٍّ ومَحْضَرُ
فَقَدْ يَكُونُ سُمِّيَ الْمَوْضِعُ بِاسْمِ الْجِنْسِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ غَلَبَ عَلَيْهِ اسْمُ الْجِنْسِ كَمَا قَالُوا الزُّرْق فِي بِرَك مَعْرُوفَةٍ، وإِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبَيَاضِ مَائِهَا وَصَفَائِهَا. والدَّحْلة: الْبِئْرُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
نَهَيْتُ عَمْراً ويَزِيدَ والطَّمَع، ... والحِرْص يَضْطَرُّ الْكَرِيمَ فيَقَع،
فِي دَحْلةٍ فَلَا يَكاد يُنْتَزَع
وَقَوْلُهُ: والطَّمَع، أَي نَهَيْتُهُمَا فَقَلَتْ لَهُمَا إِيّاكما والطَّمَع، فَحُذِفَ لأَن قَوْلَهُ نَهَيْتُ عَمْراً ويَزِيدَ فِي قُوَّةِ قَوْلِكَ قُلْت لَهُمَا إِيّاكما. والدَّحُول: الرَّكِيَّة الَّتِي تُحْفَر فَيُوجَدُ ماؤُها تَحْتَ أَجْوَالها فَتُحْفَرُ حَتَّى يُسْتَنْبَط مَاؤُهَا مِنْ تَحْتِ جَالِهَا. وبئرٌ دَحُولٌ: ذَاتُ تَلَجُّف فِي نَوَاحِيهَا، وَقِيلَ: بِئْرٌ دَحُول وَاسِعَةُ الْجَوَانِبِ. وَبِئْرٌ دَحُول أَي ذَاتُ تَلَجُّف إِذا أَكل الْمَاءُ جَوانبها. ودَحَلْت الْبِئْرَ أَدْحَلها إِذا حَفَرت فِي جَوَانِبِهَا. وَنَاقَةٌ دَحُولٌ: تُعارِض الإِبل مُتَنَحِّيةً عَنْهَا. والدَّحِل مِنَ الرِّجَالِ: الْمُسْتَرْخِي، وَقِيلَ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ. أَبو عَمْرٍو: الدَّحِل والدَّحِن البَطِين الْعَرِيضُ البَطن. وَرَجُلٌ دَحِلٌ بَيِّن الدَّحَل أَي سَمِينٌ قَصِير مُنْدَلِق الْبَطْنِ. والدَّحِل: الدَّاهِيَةُ الخَدَّاع لِلنَّاسِ الْخَبِيثُ. الأَزهري: الدَّحِل والدَّحِن الخَبُّ الْخَبِيثُ، وَقَدْ دَحِلَ دَحَلًا، وَقِيلَ: الدَّحَل الدَّهاء فِي كَيْسٍ وحِذْق. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وسأَلت الأَصمعي عَنْ قَوْلِ النَّاسِ فلانٌ دَحْلانِيٌّ، نَسَبُوهُ إِلى قَرْيَةٍ بِالْمَوْصِلِ أَهلُها أَكراد لُصُوص. والدَّوَاحِيل: خَشَبات عَلَى رؤُوسها خِرَقٌ كأَنها طَرَّادات قِصَارٌ تُرْكَز فِي الأَرض لصَيْد الحُمُر والظِّباء، وَاحِدُهَا دَاحُول، وَقِيلَ: الدَّاحُول مَا يَنْصِبُهُ صَائِدُ الظِّبَاءِ مِنَ الخَشَب، وَيُقَالُ لِلَّذِي يَصِيدُ الظِّباء بالدَّوَاحِيل دَحَّال، وَرُبَّمَا نَصَب الدَّحَّال حِبالَه بِاللَّيْلِ للظبِّاء ورَكَز دَوَاحِيلَه وأَوقد لَهَا السُّرُج؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ ذَلِكَ:
ويَشْرَبْن أَجْناً، والنُّجومُ كأَنها ... مَصَابِيحُ دَحَّالٍ يُذَكِّي ذُبَالَها
وَيُقَالُ لِلصَّائِدِ دَحَّال، وَلَمْ يخصَّ صَائِدُ الظِّباء دُونَ غَيْرِهِ.(11/238)
الأَزهري: يُقَالُ دَحَل فُلَانٌ عَنِّي وزَحَل أَي تَبَاعَدَ؛ وَرَوَى بَعْضُهُمْ قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
مِنَ العَضِّ بالأَفخاذ أَو حَجَباتها، ... إِذا رَابَهُ اسْتِعْصَاؤُهَا ودِحَالُها
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: وحِدَالها، وَهُمَا قَرِيبَا الْمَعْنَى مِنَ السَّوَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةٍ حَدَلَ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ عَليَّ بْنَ مُصْعَب يَقُولُ لَا تَدْحَلْ، بالنَّبَطِيَّة، أَي لَا تَخَفْ. الأَزهري: فُلَانٌ يَدْحَلُ عَنِّي أَي يَفِرُّ، وأَنشد:
ورَجُل يَدْحَلُ عَنِّي دَحْلا، ... كدَحَلان البَكْر لاقَى الفَحْلا
قَالَ شَمِرٌ: فكأَن مَعْنَى لَا تَدْحَلْ لَا تَهْرُب. وَفِي حَدِيثِ
أَبي وَائِلٍ قَالَ: وَرَدَ عَلَيْنَا كِتَابُ عُمَرَ وَنَحْنُ بخانِقِين إِذا قَالَ الرجلُ لِلرَّجُلِ لَا تَدْحَل فَقَدْ أَمَّنه
؛ يُقَالُ: دَحَلَ يَدْحَلُ إِذا فَرَّ وهَرَب، مَعْنَاهُ إِذا قَالَ لَهُ لَا تَفِرَّ وَلَا تَهْرُبْ فَقَدْ أَعطاه بِذَلِكَ أَماناً. ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الدَّاحِل الحَقُود، بِالدَّالِ. النَّضِرُ: الدَّحِل مِنَ النَّاسِ عِنْدَ الْبَيْعِ مَنْ يُدَاحِل النَّاسَ وَيُمَاكِسُهُمْ حَتَّى يَسْتمكن مِنْ حَاجَتِهِ، وإِنَّه ليُدَاحِله أَي يخادعه.
دحقل: الأَزهري: الدَّحْقَلَة انْتِفَاخُ الْبَطْنِ. قَالَ الأَزهري: هَذَا الْحَرْفُ فِي كِتَابِ الْجَمْهَرَةِ فِي حُرُوفٍ لَمْ أَجد أَكثرها لأَحد مِنَ الثِّقَاتِ، وَسَبِيلُ النَّاظِرِ فِيهِ أَن يَفْحَص عَنْهُ فَمَا وُجِدَ مِنْهَا لإِمام مَوْثُوقٍ بِهِ أَلحقه بِالرُّبَاعِيِّ، وَمَا لَمْ يَجِدْ لثِقَة كَانَ مِنْهُ عَلَى رِيبة وحَذَر.
دحمل: شَيْخٌ دَحْمَلٌ: مُسْتَرْخي الْجِلْدِ، والأُنثى بِالْهَاءِ. والدُّحَامِل: الغَلِيظ المكتَنِز. اللَّيْثُ: الدَّحْمَلَة المرأَة الضَّخْمَةُ التارَّة. ودَحْمَلْت الشيءَ إِذا دَحْرَجْتَهُ عَلَى وجه الأَرض.
دخل: الدُّخُول: نَقِيضُ الْخُرُوجِ، دَخَل يَدْخُلُ دُخُولًا وتَدَخَّلَ ودَخَلَ بِهِ؛ وَقَوْلُهُ:
تَرَى مَرَادَ نِسْعه المُدْخَلِّ، ... بَيْنَ رَحَى الحَيْزُوم والمَرْحَلِّ،
مِثْلَ الزَّحاليف بنَعْفِ التَّلِ
إِنما أَراد المُدْخَلَ والمَرْحَل فشدَّد لِلْوَقْفِ، ثُمَّ احْتَاجَ فأَجرى الْوَصْلَ مُجْرَى الْوَقْفِ. وادَّخَلَ، عَلَى افْتَعَل: مِثْلَ دَخَل؛ وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ انْدَخَلَ وَلَيْسَ بِالْفَصِيحِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
لَا خَطْوتي تَتَعاطى غَيْرَ مَوْضِعِهَا، ... وَلَا يَدي فِي حَمِيت السَّكْن تَنْدَخِل
وتَدَخَّلَ الشيءُ أَي دَخَل قَلِيلًا قَلِيلًا، وَقَدْ تَدَاخَلَني مِنْهُ شَيْءٌ. وَيُقَالُ: دَخَلْتُ الْبَيْتَ، وَالصَّحِيحُ فِيهِ أَن تُرِيدَ دَخَلْت إِلى الْبَيْتِ وَحَذَفْتَ حَرْفَ الْجَرِّ فَانْتَصَبَ انْتِصَابَ الْمَفْعُولِ بِهِ، لأَن الأَمكنة عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُبْهَمٌ وَمَحْدُودٌ، فَالْمُبْهَمُ نَحْوُ جِهَاتِ الْجِسْمِ السِّتِّ خَلف وقُدَّام ويَمِين وشِمال وَفَوْقُ وَتَحْتُ، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ مِنْ أَسماء الْجِهَاتِ نَحْوِ أَمام وَوَرَاءَ وأَعلى وأَسفل وَعِنْدَ ولَدُنْ ووَسَط بِمَعْنَى بَيْنَ وقُبَالة، فَهَذَا وَمَا أَشبهه مِنَ الأَمكنة يَكُونُ ظَرْفًا لأَنه غَيْرُ مَحْدُودٍ، أَلا تَرَى أَن خَلْفك قَدْ يَكُونُ قُدَّاماً لِغَيْرِكَ؟ فأَما الْمَحْدُودُ الَّذِي لَهُ خِلْقة وَشَخْصٌ وأَقطار تَحُوزه نَحْوَ الجَبَل وَالْوَادِي وَالسُّوقِ وَالْمَسْجِدِ وَالدَّارِ فَلَا يَكُونُ ظَرْفًا لأَنك لَا تَقُولُ قَعَدْتُ الدَّارَ، وَلَا صَلَّيْتُ الْمَسْجِدَ، وَلَا نِمْت الْجَبَلَ، وَلَا قُمْتُ الْوَادِيَ، وَمَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ فإِنما هُوَ بِحَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ نَحْوَ(11/239)
دَخَلْتُ الْبَيْتَ وصَعَّدت الجَبَل وَنَزَلْتُ الْوَادِيَ. والمَدْخَل، بِالْفَتْحِ: الدُّخول وَمَوْضِعُ الدُّخول أَيضاً، تَقُولُ دَخَلْتُ مَدْخَلًا حَسَنًا ودَخَلْتُ مَدْخَلَ صِدْقٍ. والمُدْخَل، بِضَمِّ الْمِيمِ: الإِدْخال وَالْمَفْعُولُ مِنْ أَدْخَلَه، تَقُولُ أَدْخَلْته مُدْخَلَ صِدْقٍ. والمُدَّخَل: شِبْهُ الْغَارِ يُدْخَل فِيهِ، وَهُوَ مُفْتَعَل مِنَ الدُّخول. قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ فُلَانٌ حَسَن المَدْخَل والمَخْرَج أَي حَسَن الطَّرِيقَةِ محمودُها، وَكَذَلِكَ هُوَ حَسَن المَذْهَب. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ يُقَالُ إِن مِنَ النِّفَاقِ اختلافَ المَدْخَل والمَخْرَج واختلافَ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةَ
؛ قَالَ: أَراد بِاخْتِلَافِ المَدْخَل والمَخْرَج سُوءَ الطَّرِيقَةِ وسُوءَ السِّيرة. ودَاخِلَةُ الإِزار: طَرَفُه الدَّاخِلُ الَّذِي يَلِي جَسَدَهُ وَيَلِي الْجَانِبَ الأَيمن مِنَ الرَّجُل إِذا ائْتَزَرَ، لأَن المُؤْتَزِر إِنما يبدأُ بِجَانِبِهِ الأَيمن فَذَلِكَ الطَّرَف يُبَاشِرُ جَسَدَهُ وَهُوَ الَّذِي يُغْسَل. وَفِي حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ فِي الْعَائِنِ: وَيُغْسَلُ دَاخِلَة إِزاره
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد يُغْسَلُ الإِزار، وَقِيلَ: أَراد يَغْسِل العائنُ موضعَ داخِلة إِزاره مِنْ جَسَده لَا إِزارَه، وَقِيلَ: داخِلَةُ الإِزار الوَرِك، وَقِيلَ: أَراد بِهِ مَذَاكِيرَهُ فكَنَى بالدَّاخِلَة عَنْهَا كَمَا كُنِي عَنِ الفَرْج بِالسَّرَاوِيلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا أَراد أَحدكم أَن يَضْطَجِعَ عَلَى فِرَاشِهِ فليَنْزِع دَاخِلَة إِزاره وليَنْفُض بِهَا فِرَاشَهُ فإِنه لَا يَدْرِي مَا خَلَفه عليه
؛ أَراد بِهَا طَرَف إِزاره الَّذِي يَلِي جَسدَه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: دَاخِلَةُ الإِزار طَرَفُه وَحَاشِيَتُهُ مِنْ دَاخِلٍ، وإِنما أَمره بداخِلَتِه دُونَ خارِجَتِه، لأَن المُؤْتَزِر يأْخذ إِزارَه بِيَمِينِهِ وشِماله فيُلْزِق مَا بشِماله عَلَى جَسَده وَهِيَ دَاخِلة إِزاره، ثُمَّ يَضَعُ مَا بِيَمِينِهِ فَوْقَ داخِلته، فَمَتَى عاجَلَه أَمرٌ وخَشِي سُقُوطَ إِزاره أَمسكه بِشَمَالِهِ ودَفَع عَنْ نَفْسِهِ بِيَمِينِهِ، فإِذا صَارَ إِلى فِرَاشِهِ فحَلَّ إِزاره فإِنما يَحُلُّ بِيَمِينِهِ خَارِجَةَ الإِزار، وَتَبْقَى الدَّاخِلَةُ مُعَلَّقة، وَبِهَا يَقَعُ النَّفْض لأَنها غَيْرُ مَشْغُولَةٍ بِالْيَدِ. ودَاخِلُ كلِّ شَيْءٍ: باطنُه الدَّاخِلُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ مِنَ الظُّرُوفِ الَّتِي لَا تُسْتَعْمَل إِلّا بِالْحَرْفِ يَعْنِي أَنه لَا يَكُونُ إِلّا اسْمًا لأَنه مُخْتَصٌّ كَالْيَدِ وَالرَّجُلِ. وأَما دَاخِلَة الأَرض فخَمَرُها وغامِضُها. يُقَالُ: مَا فِي أَرضهم دَاخِلةٌ مِنْ خَمَرٍ، وَجَمْعُهَا الدَّوَاخِل؛ وَقَالَ ابْنُ الرِّقَاع:
فرَمَى بِهِ أَدبارَهُنَّ غلامُنا، ... لَمَّا اسْتَتَبَّ بِهَا وَلَمْ يَتَدَخَّل
يَقُولُ: لَمْ يَدْخُل الخَمَرَ فيَخْتِلَ الصَّيْدَ وَلَكِنَّهُ جَاهَرَهَا كَمَا قَالَ:
مَتَى نَرَهُ فإِنَّنا لَا نُخاتِلُه
وداخِلَةُ الرجلِ: باطِنُ أَمره، وَكَذَلِكَ الدُّخْلة، بِالضَّمِّ. وَيُقَالُ: هُوَ عَالِمٌ بدُخْلَته. ابْنُ سِيدَهْ: ودَخْلة الرَّجُلِ ودِخْلته ودَخِيلته ودَخِيله ودُخْلُله ودُخْلَلُه ودُخَيْلاؤه نيَّتُه ومَذْهَبُه وخَلَدُه وبِطانَتُه، لأَن ذَلِكَ كلَّه يداخِله. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عَرَفْتُ داخِلته ودَخْلته ودِخْلته ودُخْلته ودَخيله ودَخِيلته أَي بَاطِنَتَهُ الدَّاخِلة، وَقَدْ يُضَافُ كُلُّ ذَلِكَ إِلى الأَمر كَقَوْلِكَ دُخْلة أَمره ودِخْلة أَمره، وَمَعْنَى كُلِّ ذَلِكَ عَرَفْت جَمِيعَ أَمره. التَّهْذِيبُ: والدُّخْلة بِطَانَةُ الأَمر، تَقُولُ: إِنه لعَفِيف الدُّخْلة وإِنه لخَبيث الدُّخْلة أَي بَاطِنُ أَمره. ودَخيلُ الرَّجُلِ: الَّذِي يُدَاخِلُهُ فِي أُموره كُلِّهَا، فَهُوَ لَهُ دَخِيل ودُخْلُل. ابْنُ السِّكِّيتِ: فُلَانٌ دُخْلُل فُلَانٍ ودُخْلَلُه إِذا كَانَ بِطانتَه وصاحبَ سِرِّه، وَفِي الصِّحَاحِ: دَخِيلُ الرّجُل ودُخْلُلُه الَّذِي(11/240)
يُدَاخِله فِي أُموره وَيَخْتَصُّ بِهِ. وَالدَّوْخَلَةُ: الْبِطْنَةُ. والدَّخِيل والدُّخْلُل والدُّخْلَل، كُلُّهُ: المُداخِل الْمَبَاطِنُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَيْنَهُمَا دُخْلُلٌ ودِخْلَلٌ أَي خَاصٌّ يُدَاخِلُهم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف هَذَا. وداخِلُ الحُبِّ ودُخْلَلُه، بِفَتْحِ اللَّامِ: صَفَاءُ دَاخِلِهِ. ودُخْلَة أَمره ودَخِيلته وداخِلَته: بِطانتُه الدَّاخِلَةُ. وَيُقَالُ: إِنه عَالِمٌ بدُخْلة أَمره وبدَخِيل أَمرهم. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: بَيْنَهُمْ دُخْلُل ودُخْلَل أَي دَخَلٌ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسَ:
ضَيَّعَه الدُّخْلُلون إِذ غَدَروا
قَالَ: والدُّخْلُلون الخاصَّة هَاهُنَا. وإِذا ائْتُكِلَ الطَّعَامَ سُمِّي مَدْخُولًا وَمَسْرُوفًا. والدَّخَل: مَا داخَل الإِنسانَ مِنْ فَسَادٍ فِي عَقْلٍ أَو جِسْمٍ، وَقَدْ دَخِلَ دَخَلًا ودُخِلَ دَخْلًا، فَهُوَ مَدْخُول أَي فِي عَقْلِهِ دَخَلٌ. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ: وَكُنْتُ أَرى إِسْلامه مَدْخُولًا
؛ الدَّخَل، بِالتَّحْرِيكِ: الْعَيْبُ والغِشُّ والفَساد، يَعْنِي أَن إِيمانه كَانَ فِيهِ نِفَاق. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا بَلَغ بَنُو الْعَاصِ ثَلَاثِينَ كَانَ دِينُ اللَّهِ دَخَلًا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَحَقِيقَتُهُ أَن يُدْخِلوا فِي دِينِ اللَّهِ أُموراً لَمْ تَجْرِ بِهَا السُّنَّة. وداءٌ دَخِيل: دَاخِلٌ، وَكَذَلِكَ حُبٌّ دَخِيل؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فتُشْفَى حزازاتٌ وتَقْنَع أَنْفُسٌ، ... ويُشْفَى هَوًى، بَيْنَ الضلوعِ، دَخِيلُ
ودَخِلَ أَمرُه دَخَلًا: فسَدَ دَاخِلُه؛ وَقَوْلُهُ:
غَيْبِي لَهُ وَشَهَادَتِي أَبداً ... كَالشَّمْسِ، لَا دَخِنٌ وَلَا دَخْل
يَجُوزُ أَن يُرِيدَ وَلَا دَخِل أَي وَلَا فَاسِدَ فَخَفَّفَ لأَن الضَّرْبَ مِنْ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ فَعْلن بِسُكُونِ الْعَيْنِ، وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ وَلَا ذُو دَخْل، فأَقام الْمُضَافَ إِليه مُقام الْمُضَافِ. ونَخْلة مَدْخُولة أَي عَفِنة الجَوْف. والدَّخْل: الْعَيْبُ والرِّيبة؛ وَمِنْ كَلَامِهِمْ:
تَرَى الفِتْيانَ كالنَّخْل، ... وَمَا يُدْريك بالدَّخْل
وَكَذَلِكَ الدَّخَل، بِالتَّحْرِيكِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَي تَرَى أَجساماً تَامَّةً حَسَنة وَلَا تَدْرِي مَا باطنُهم. وَيُقَالُ: هَذَا الأَمر فِيهِ دَخَل ودَغَلٌ بِمَعْنًى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَعْنِي دَغَلًا وخَدِيعةً ومَكْراً، قَالَ: وَمَعْنَاهُ لَا تَغْدِروا بِقَوْمٍ لقِلَّتهم وَكَثْرَتِكُمْ أَو كَثْرَتِهِمْ وقِلَّتِكم وَقَدْ غَرَرْتُموهم بالأَيْمان فسَكَنوا إِليها؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: تَتَّخِذون أَيمانكم دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَي غِشّاً بَيْنَكُمْ وغِلًّا، قَالَ: ودَخَلًا مَنْصُوبٌ لأَنه مَفْعُولٌ لَهُ؛ وَكُلُّ مَا دَخَله عَيْبٌ، فَهُوَ مَدْخُول وَفِيهِ دَخَلٌ؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ أَي لأَن تَكُونَ أُمَّة هِيَ أَغْنى مِنْ قَوْمٍ وأَشرف مِنْ قَوْمٍ تَقْتَطعون بأَيمانكم حُقُوقًا لِهَؤُلَاءِ فَتَجْعَلُونَهَا لِهَؤُلَاءِ. والدَّخَل والدَّخْل: الْعَيْبُ الدَّاخِلُ فِي الحَسَب. والمَدْخُول: الْمَهْزُولُ والدَّاخِل فِي جَوْفِهِ الهُزال، بَعِيرٌ مَدخول وَفِيهِ دَخَلٌ بَيِّن مِنَ الهُزال، وَرَجُلٌ مَدْخُولٌ إِذا كَانَ فِي عَقْلِهِ دَخَلٌ أَو فِي حَسَبه، وَرَجُلٌ مَدْخُولُ الحَسَب، وَفُلَانٌ دَخِيل فِي بَنِي فُلَانٍ إِذا كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فتَدخَّل فِيهِمْ، والأُنثى دَخِيل. وَكَلِمَةُ دَخِيل: أُدْخِلت فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَلَيْسَتْ مِنْهُ، اسْتَعْمَلَهَا ابْنُ دُرَيْدٍ كَثِيرًا فِي الْجَمْهَرَةِ؛ والدَّخِيل: الْحَرْفُ الَّذِي بَيْنَ(11/241)
حَرْفِ الرَّوِيّ وأَلف التأْسيس كَالصَّادِ مِنْ قَوْلِهِ:
كِلِيني لِهَمٍّ، يَا أُمَيْمة، نَاصِبِ
سُمِّي بِذَلِكَ لأَنه كأَنه دَخِيل فِي الْقَافِيَةِ، أَلا تَرَاهُ يَجِيءُ مُخْتَلِفًا بَعْدَ الْحَرْفِ الَّذِي لَا يَجُوزُ اخْتِلَافُهُ أَعني أَلف التأْسيس؟ والمُدْخَل: الدَّعِيُّ لأَنه أُدْخِل فِي الْقَوْمِ؛ قَالَ:
فلئِن كَفرْتَ بَلَاءَهُمْ وجَحَدْتَهم، ... وجَهِلْتَ مِنْهُمْ نِعْمةً لَمْ تُجْهَل
لَكذاك يَلْقى مَنْ تكَثَّر، ظَالِمًا، ... بالمُدْخَلين مِنَ اللَّئِيمِ المُدْخَل
والدَّخْل: خِلَافُ الخَرْج. وَهُمْ فِي بَنِي فُلَانٍ دَخَلٌ إِذا انْتَسَبُوا مَعَهُمْ في نسبهم وليس أَصله مِنْهُمْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى الدَّخَل هَاهُنَا اسْمًا لِلْجَمْعِ كالرَّوَح والخَوَل. والدَّخِيل: الضَّيْفُ لِدُخُولِهِ عَلَى المَضيف. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ وذكرِ الحُور العِين: لَا تُؤذِيه فإِنما هُوَ دَخِيلٌ عندكِ
؛ الدَّخِيل: الضَّيْفُ والنَّزيل؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عديٍّ: وَكَانَ لَنَا جَارًا أَو دَخِيلًا.
والدَّخْل: مَا دَخَل عَلَى الإِنسان مِنْ ضَيْعته خِلَافَ الخَرْج. وَرَجُلٌ مُتَدَاخل ودُخَّل، كِلَاهُمَا: غَلِيظٌ، دَخَل بعضُه فِي بَعْضٍ. وَنَاقَةٌ مُتَدَاخِلَة الْخَلْقِ إِذا تَلاحكت واكْتَنَزَت واشتدَّ أَسْرُها. ودُخَّلُ اللَّحْمِ: مَا عَاذَ بِالْعَظْمِ وَهُوَ أَطيب اللَّحْمِ. والدُّخَّل مِنَ اللَّحْمِ: مَا دَخَل العَصَب مِنَ الْخَصَائِلِ. والدُّخَّل: مَا دَخَلَ مِنَ الكَلإِ فِي أُصول أَغصان الشَّجَرِ ومَنَعه التفافُه عَنْ أَن يُرْعى وَهُوَ العُوَّذ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَباشير أَحوى دُخَّل وجَمِيم
والدُّخَّل مِنَ الرِّيشِ. مَا دَخَلَ بَيْنَ الظُّهْران والبُطْنان؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وَهُوَ أَجوده لأَنه لَا تُصِيبُهُ الشَّمْسُ وَلَا الأَرض؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
رُكِّب حَوْلَ فُوقِه المُؤَلَّل ... جوانحٌ سُوِّين غَيْرُ مُيَّل،
مِنْ مُسْتَطِيلَاتِ الْجَنَاحِ الدُّخَّل
والدُّخَّل: طَائِرٌ صَغِيرٌ أَغبر يَسْقُطُ عَلَى رُؤُوسِ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا، وَاحِدَتُهَا دُخَّلة، وَالْجَمْعُ الدَّخَاخِيل، ثَبَتَتْ فِيهِ الْيَاءُ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ. والدُّخَّل والدُّخْلُل والدُّخْلَل: طَائِرٌ مُتدخِّل أَصغر مِنَ الْعُصْفُورِ يَكُونُ بِالْحِجَازِ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الدُّخَّل صِغَارُ الطَّيْرِ أَمثال الْعَصَافِيرِ يأْوِي الغِيرانَ والشجَر الملتفَّ، وَقِيلَ لِلْعُصْفُورِ الصَّغِيرِ دُخَّل لأَنه يَعُوذُ بِكُلِّ ثَقْب ضَيِّق مِنَ الْجَوَارِحِ، وَالْجَمْعُ الدَّخَاخِيل. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
دَخَلَت العُمْرةُ فِي الْحَجِّ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ سَقَطَ فَرْضُهَا بِوُجُوبِ الْحَجِّ وَدَخَلَتْ فِيهِ، قَالَ: هَذَا تأْويل مَنْ لَمْ يَرَهَا وَاجِبَةً، فأَما مَنْ أَوجبها فَقَالَ: إِن مَعْنَاهُ أَن عَمَلَ الْعُمْرَةِ قَدْ دَخَل فِي عَمَلِ الْحَجِّ، فَلَا يَرَى عَلَى الْقَارِنِ أَكثر مِنْ إِحرام وَاحِدٍ وَطَوَافٍ وَسَعْيٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنها دَخَلَت فِي وَقْتِ الْحَجِّ وَشُهُورِهِ لأَنهم كَانُوا لَا يَعْتَمِرُونَ فِي أَشهر الْحَجِّ فأَبطل الإِسلام ذَلِكَ وأَجازه. وَقَوْلُ
عُمَرُ فِي حَدِيثِهِ: مِنْ دُخْلة الرَّحِم
؛ يُرِيدُ الْخَاصَّةَ وَالْقَرَابَةَ، وَتُضَمُّ الدَّالُ وَتُكْسَرُ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّاخِل والدَّخَّال والدُّخْلُل كُلُّهُ دَخَّال الأُذن، وَهُوَ الهِرْنِصان. والدِّخَال فِي الوِرْد: أَن يَشْرَبَ الْبَعِيرُ ثُمَّ يُرَدُّ مِنَ الْعَطَنِ إِلى الْحَوْضِ ويُدْخَل بَيْنَ بَعِيرَيْنِ عَطْشَانَيْنِ(11/242)
لِيَشْرَبَ مِنْهُ مَا عَسَاهُ لَمْ يَكُنْ شَرِبَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ:
وَتُلْقِي البَلاعِيم فِي بَرْدِهِ، ... وَتُوفِي الدُّفُوفَ بِشُرْبِ دِخَال
قَالَ الأَصمعي. إِذا ورَدَت الإِبل أَرسالًا فَشَرِبَ مِنْهَا رَسَل ثُمَّ ورَدَ رَسَل آخرُ الحوضَ فأُدْخِل بعيرٌ قَدْ شَرِبَ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ لَمْ يَشْرَبَا فَذَلِكَ الدِّخَال، وإِنما يُفْعَل ذَلِكَ فِي قِلَّةِ الْمَاءِ؛ وأَنشد غَيْرُهُ بَيْتَ لَبِيدٍ:
فأَوردها العِراك وَلَمْ يَذُدْها، ... وَلَمْ يُشْفِق عَلَى نَغَص الدِّخَال
وَقَالَ اللَّيْثُ: الدِّخَال فِي وِرْد الإِبل إِذا سُقِيت قَطِيعاً قَطِيعاً حَتَّى إِذا مَا شَرِبَتْ جَمِيعًا حُمِلت عَلَى الْحَوْضِ ثَانِيَةً لِتَسْتَوْفِيَ شُرْبَهَا، فَذَلِكَ الدِّخَال. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والدِّخَال مَا وَصَفَهُ الأَصمعي لَا مَا قَالَهُ اللَّيْثُ. ابْنُ سِيدَهْ: الدِّخَال أَن تُدْخِلَ بَعِيرًا قَدْ شَرِبَ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ لَمْ يَشْرَبَا؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
ويَشْرَبْن مِنْ بَارِدٍ قَدْ عَلِمْن ... بأَن لَا دِخَال، وأَن لَا عُطُونا
وَقِيلَ: هُوَ أَن تَحْمِلَهَا عَلَى الْحَوْضِ بمَرَّة عِراكاً. وتَداخُلُ الْمَفَاصِلُ ودِخالُها: دخولُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ. اللَّيْثُ: الدِّخال مُداخَلة المَفاصل بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ؛ وأَنشد:
وطِرْفة شُدَّت دِخَالًا مُدْمَجا
وتَداخُلُ الأُمور: تَشابُهها والتباسُها ودخولُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ. والدِّخْلة فِي اللَّوْنِ: تَخْلِيطُ أَلوان فِي لَوْنٍ؛ وَقَوْلُ الرَّاعِي:
كأَنَّ مَناط العِقْد، حَيْثُ عَقَدْنه، ... لَبانُ دَخِيلِيٍّ أَسِيل المُقَلَّد
قَالَ: الدَّخِيليُّ الظبْي الرَّبيب يُعَلَّق فِي عُنُقِهِ الوَدَع فشَبَّه الوَدَع فِي الرَّحْل بِالْوَدَعِ فِي عُنُق الظَّبْي، يَقُولُ: جَعَلْنَ الوَدَع فِي مُقَدَّمِ الرَّحْلِ، قَالَ: وَالظَّبْيُ الدَّخِيليُّ والأَهِيليُّ والرَّبيب وَاحِدٌ؛ ذُكِرَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: الدَّخِيلِيُّ فِي بَيْتِ الرَّاعِي الفَرَسُ يُخَصُّ بالعَلَف؛ قَالَ: وأَما قَوْلُهُ:
هَمَّانِ بَاتَا جَنْبَةً ودَخِيلا
فإِن ابْنَ الأَعرابي قَالَ: أَراد هَمّاً دَاخِلَ الْقَلْبِ وَآخَرَ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ كَالضَّيْفِ إِذا حَلَّ بِالْقَوْمِ فأَدْخَلُوه فَهُوَ دَخِيل، وإِن حَلَّ بِفِنائهم فَهُوَ جَنْبة؛ وأَنشد:
وَلَّوْا ظُهورهم الأَسِنَّة، بعد ما ... كَانَ الزُّبَيْرُ مُجاوِراً ودَخِيلا
والدِّخَال والدُّخَال: ذَوَائِبُ الْفَرَسِ لِتَدَاخُلِهَا. والدَّوْخَلَّة، مُشَدَّدَةُ اللَّامِ: سَفِيفة مِنْ خُوصٍ يُوضَعُ فِيهَا التَّمْرُ والرُّطَب وَهِيَ الدَّوْخَلَة، بِالتَّخْفِيفِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي حَدِيثِ
صِلَة بْنِ أَشْيَم: فإِذا سِبٌّ فِيهِ دَوْخَلَّة رُطَب فأَكلت مِنْهَا
؛ هِيَ سَفِيفة مِنْ خُوص كالزِّنْبِيل والقَوْصَرَّة يُتْرَكُ فِيهَا الرُّطَب، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ. والدَّخُول: موضع.
درل: دَرَوْلِيَّة ودِرَوْلِيَّة: اسْمُ بَلَدٍ فِي أَرض الرُّومِ.
دربل: الدَّرْبَلة: ضَرْبٌ مِنْ مَشْيِ الإِنسان فِيهِ ثِقَل. ابْنُ الأَعرابي: دَرْبَل الرَّجلُ إِذا ضَرَب الطَّبْل.
درخبل: أَبو مَالِكٍ: هُوَ الدُّرَخْبِيل والدُّرَخْبِين الداهية.
درخمل: الدُّرَخْمِيل والدُّرَخْمِين: مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ. والدُّرَخْمِيل: الثَّقِيلُ مِنَ الرِّجَالِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الدُّرَخْميل الْبَطِيءُ الثَّقِيلُ.(11/243)
درقل: ابْنُ سِيدَهْ: الدِّرَقْل ثِيَابٌ شِبْه الأَرْمِينِيَّة، وَقِيلَ: الدِّرَقْل ثِيَابٌ، وَلَمْ تُحَلَّ، التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: الدِّرَقْل مِثال سِبَحْل ثِيَابٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ. قَالَ شَمِرٌ: لَمْ أَسمع الدِّرَقْل إِلَّا هُنَا. أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الغَنَوي يَقُولُ دَرْقَلَ القومُ دَرْقَلَةً ودَرْقَعوا دَرْقَعة إِذا مَرُّوا مَرّاً سَرِيعًا. ودَرْقَلَ: رَقَص. قَالَ شَمِرٌ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسحق قَدِمَ فِتْيةٌ مِنَ الحَبَشة عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُدَرْقِلون أَي يَرْقُصُونَ؛ قَالَ: والدَّرْقَلة الرَّقْص. والدِّرَقْلة: لُعْبة لِلْعَجَمِ مُعَرَّبة.
دركل: الدِّرَكْلة: لُعْبة يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ، وَقِيلَ: هِيَ لُعْبة لِلْعَجَمِ مُعَرَّب؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبها حَبَشية مُعَرَّبة، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الرَّقْص. الأَزهري: قرأْت بِخَطِّ شَمِرٌ قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبي عُبَيْدٍ وأَنا شَاهِدٌ فِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه مَرَّ عَلَى أَصحاب الدِّرَكْلة فَقَالَ: جِدُّوا يَا بَنِي أرْفَدة حتى يَعْلم اليهودُ وَالنَّصَارَى أَن فِي دِينِنَا فُسْحة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا الْحَرْفُ يُرْوَى بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ بِوَزْنِ الرِّبَحْلة، وَيُرْوَى بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِهَا، وَيُرْوَى بِالْقَافِ عَوَضَ الْكَافِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ أَبو عَدْنَانَ أَنشدت أَعرابيّاً مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ.
أَسْقى الإِلهُ صَدَى لَيْلى ودِرْكِلَها، ... إِن الدَّرَاكِلَ كالحَلْفاء فِي الأَجَم
فَقَالَ: إِن الدِّرْكِلة وَحْياً، فَانْظُرْ مَا هِيَه؛ قَالَ ثُمَّ أَنشدت جَابِرَ بْنَ الأَزرق الْكِلَابِيَّ كَمَا أَنشدت هَذَا الأَعرابي فَقَالَ: الدِّرْقِل لُغَةُ قَوْمٍ لَسْتُ أَعرفهم وأَزعم أَن دَرَاقِلها أَولادُها، قَالَ: فَقُلْتُ كَلَّا إِنه قَدْ قَالَ:
لَوْ دَرْقَل الفيلُ مَا انْفَكَّتْ فَرِيصتُه ... تَنْزو، ويَحْبِقُ مِنْ ذُعْرٍ وَمِنْ أَلَم
قَالَ: فَمَاذَا يُشَرِّدُه؟ لَا فَرَّج اللَّهُ عَنْهُ؛ قُلْتُ وَقَالَ آخَرُ:
لَوْ دَرْكَلَ الليثُ لَمْ يَشْعُر بِهِ أَحدٌ، ... حَتَّى يَخِرَّ عَلَى لَحْيَيه فِي طَرَق
فَقَالَ: أَبعده اللَّهُ اللَّهُمَّ لَا تَسْمَعْ لأَصحاب هَذَا الْقَوْلِ، هَؤُلَاءِ لَعَّابون أَجمعون غُواة يَرْكَبُ أَحدهم مِذْرَويْه، قَدْ لَهِج بِرَويٍّ يُضْحك بِهِ، قُلْتُ: فَمَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ: لا أَدري.
دعل: ابْنُ الأَعرابي: الدَّعَل المُخاتَلة بِالْعَيْنِ، وَهُوَ يُداعِلُه أَي يُخاتله. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الدَّاعِل الْهَارِبُ.
دعبل: الدِّعْبِل: النَّاقَةُ الشَّدِيدَةُ، وَقِيلَ الشَّارِفُ. ودِعْبِل: اسْمُ رَجُلٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: اسْمُ شَاعِرٍ مِنْ خُزاعة. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا كَانَتْ فَتِيَّة شَابَّةً: هِيَ القِرْطاس والدِّيباج والدِّعْبِلة والدِّعْبِل والعَيْطَمُوس.
دغل: الدَّغَل، بِالتَّحْرِيكِ: الْفَسَادُ مِثْلُ الدَّخَل. والدَّغَل: دَخَلٌ فِي الأَمر مُفْسِدٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
الْحَسَنِ: اتَّخَذوا كِتَابَ اللَّهِ دَغَلًا
أَي أَدغلوا فِي التَّفْسِيرِ. وأَدْغَلَ فِي الأَمر: أَدخل فِيهِ مَا يُفْسِده وَيُخَالِفُهُ. وَرَجُلٌ مُدْغِل: مُخابٌّ مُفْسد. والدَّغَل: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ الملتفُّ، وَقِيلَ: هُوَ اشْتِبَاكُ النَّبْتِ وَكَثْرَتُهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَعرف ذَلِكَ فِي الحَمْض إِذا خَالَطَهُ الغِرْيَل، وَقِيلَ: الدَّغَل كُلُّ مَوْضِعٍ يُخَافُ(11/244)
فِيهِ الِاغْتِيَالُ، وَالْجَمْعُ أَدْغَال ودِغَال؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سايَرْتُه سَاعَةً مَا بِي مَخافَتُه ... إِلا التَّلَفُّت حَوْلي، هَلْ أَرى دَغَلا؟
وَقَدْ أَدْغَلَتِ الأَرضُ إِدْغالًا. ابْنُ شُمَيْلٍ: أَدْغالُ الأَرض رِقَّتُها وبُطُونها والوَطاء مِنْهَا. وسِتْرُ الشَّجَرِ دَغَلٌ، والقُفُّ الْمُرْتَفِعُ والأَكمة دَغَلٌ، وَالْوَادِي دَغَلٌ، وَالْغَائِطُ الوَطيء دَغَلٌ، وَالْجِبَالُ أَدْغَال؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
عَنْ عَتَبِ الأَرض وَعَنْ أَدْغَالها
وَفِي الْحَدِيثِ:
اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا
أَي يَخْدَعون الناسَ. وأَصل الدَّغَل الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ الَّذِي يَكْمُن أَهلُ الْفَسَادِ فِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَدْغَلْتُ فِي هَذَا الأَمر إِذا أَدخلت فِيهِ مَا يُخَالِفُهُ وَيُفْسِدُهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بالمُدْغِل
؛ هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْ أَدْغَلَ. وَمَكَانٌ دَغِلٌ ومُدْغِلٌ: ذُو دَغَلٍ. وأَدْغَلَ: غَابَ فِي الدَّغَل. والمَدَاغِلُ: بُطُونُ الأَودية إِذا كَثُر شجرُها. وأَدْغَلَ بِالرَّجُلِ: خَانَهُ وَاغْتَالَهُ. وأَدْغَلَ بِهِ: وَشى، وَهُوَ مِنَ الأَول. والدَّاغِلَة: القومُ يَلْتَمِسُونَ عَيْبَ الرَّجُلِ وَخِيَانَتَهُ، ابْنُ شُمَيْلٍ: الدَّاغِل الَّذِي يَبْغي أَصْحابَه الشرَّ يُدْغِلُ لَهُمُ الشَّرَّ أَي يَبْغيهم الشَّرَّ وَيَحْسُبُونَهُ يُرِيدُ لَهُمُ الْخَيْرَ. والدَّاغِلَة: الحِقْدُ المُكْتَتَم. ودَغَلَ فِي الشَّيْءِ: دَخَل فِيهِ دُخول المُرِيب كَمَا يَدْخُلُ الصَّائِدُ فِي القُتْرة وَنَحْوِهَا ليَخْتِل الصَّيْد؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِذا دَخَل مَدْخَل مُرِيب. أَبو عَمْرٍو: الدَّغَل مَا استترتَ بِهِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
لَا عَيْنُ نَارِكَ عَنْ سارٍ مُغَمَّضَةٌ، ... وَلَا مَحَلَّتُك الطَّأْطاء والدَّغَلُ
وَمَكَانٌ دَاغِلٌ ودَغِلٌ ومُدْغِلٌ: خَفِيٌّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَوْطَنَ فِي الشجْراء بَيْتاً دَاغِلا
والدَّوَاغِل: الدَّواهي «2» لَا وَاحِدَ لَهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لعَتِيك بْنِ قَيْسٍ:
ويَنْقاد ذُو البأْس الأَبيُّ لحُكْمِه، ... فيَرْتَدُّ قَسْراً، وَهُوَ جَمُّ الدَّوَاغِل
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ: وَلَا ذَا دَغَاوِل مَلَذاناً، والدَّغَاوِل: الغَوائل؛ قَالَ أَبو صَخْر:
إِن اللَّئِيمَ، وَلَوْ تَخَلَّق، عَائِدٌ ... لِمَلاذَة من غِشِّه ودَغَاوِل
دغفل: الدَّغْفَل: خِصْب الزَّمَانِ. والدَّغْفَل: الزَّمَن الخَصِيب. والدَّغْفَل: ذَكَرُ الْعَنْكَبُوتِ. والدَّغْفَل: وَلَدُ الْفِيلِ. والدَّغْفَل: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ دَغْفَل بْنُ حَنْظَلَةَ النَّسَّابة أَحد بَنِي شَيْبَانَ. وَعَيْشٌ دَغْفَل ودَغْفَلِيٌّ أَي وَاسِعٌ؛ عَنِ الأَصمعي. وعامٌ دَغْفَل أَي مُخْصِب؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَقَدْ تَرَى إِذ الجَنَى جَنِيُّ، ... وإِذ زَمَانُ النَّاسِ دَغْفَلِيُّ،
بِالدَّارِ إِذ ثوبُ الصِّبا يَدِيُ
قَوْلُهُ إِذ الجَنى جَنِيٌّ: كَمَا تَقُولُ إِذ الزَّمَانُ زَمَانٌ، وجَنًى جَمْعُ جَناة مِثْلُ خَشَبة وخَشَب، ويَدِيٌّ أَي صَانِعٌ طويل اليد.
دفل: الدِّفْلى: شَجَرٌ مُرٌّ أَخضر حَسَن المَنْظَر يَكُونُ فِي الأَودية؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: زَنْد الدِّفْلى وَرِيَّة جَيِّدة، وَلِذَلِكَ قَالَتِ الْعَرَبُ فِي أَمثالها: اقْدَحْ
__________
(2) . قوله [والدَّوَاغِل الدواهي إلخ] الذي في المحكم: الدَّغَاوِل، ومثله في القاموس، قال: وغلط الجوهري فيه فقال الدَّوَاغِل، وغلط في نسبته إِلى أَبي عبيد فإن أبا عبيد لم يقل إلا الدَّغَاوِل(11/245)
بِدِفْلى أَو مَرْخ، ثُمَّ شُدَّ بَعْدُ أَو أَرْخ؛ وَذَلِكَ إِذا حَمَلت رَجُلًا فَاحِشًا عَلَى رَجُلٍ فَاحِشٍ؛ قَالَ: يُضْرب مَثَلًا لِلرَّجُلِ الْكَرِيمِ الَّذِي لَا تَحْتَاجُ أَن تَكُدَّه وتُلِحَّ عَلَيْهِ، والدِّفْلى كَثِيرَةُ النَّارِ، قَالَ: ونَوْرُ الدِّفْلى مُشْرَبٌ، وَلَا يأْكل الدِّفْلى شَيْءٌ. ابْنُ الأَعرابي: مِنَ الشَّجَرِ الدِّفْلى وَهُوَ الآءُ والأَلاءُ والحَبْن، وكُلُّه الدِّفْلى؛ قَالَ الأَزهري: هِيَ شَجَرَةٌ مُرَّة وَهِيَ مِنَ السُّموم، وَفِي الصِّحَاحِ: نَبْتٌ مُرٌّ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا يُنَوَّن وَلَا ينوَّن، فَمَنْ جَعَلَ الأَلف للإِلحاق نَوَّنه فِي النَّكِرَةِ، وَمَنْ جَعَلَهَا للتأْنيث لَمْ ينوِّنه. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الدِّفْل القَطِران.
دقل: الدَّقَل مِنَ التَّمر: مَعْرُوفٌ،، قِيلَ: هُوَ أَردأُ أَنواعه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
لَوْ كُنْتُمُ تَمْراً لَكُنْتُمْ دَقَلا، ... أَو كنتُمُ مَاءً لَكُنْتُمْ وَشَلا
وَاحِدَتُهُ دَقَلة، وَقَدْ أَدْقَلَ النخلُ. والدَّقَل: مَا لَمْ يَكُنْ مِنَ التَّمْرِ أَجناساً مَعْرُوفَةً. والدَّقَل أَيضاً: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْجَمْعُ أَدْقال، وقيل: الدَّقَل جِنْسٌ مِنَ النَّخْلِ الخِصاب. الأَصمعي: الدَّقَل مِنَ النَّخْلِ يُقَالُ لَهَا الأَلوان وَاحِدُهَا لَوْن؛ قَالَ الأَزهري: وتَمْر الدَّقَل رَدِيءٌ إِلا أَن الدَّقَل يَكُونُ مِيقَارًا، وَمِنَ الدَّقَل مَا يَكُونُ تَمْرُهُ أَحمر، وَمِنْهُ مَا تَمْرُهُ أَسود وجِرْمُ تمرِه صَغِيرٌ وَنَوَاهُ كَبِيرٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: هَذًّا كهَذِّ الشِّعْر ونَثْراً كنَثْر الدَّقَل
؛ هُوَ رَدِيءُ التَّمْرِ وَيَابِسُهُ وَمَا لَيْسَ لَهُ اسْمٌ خَاصٌّ فَتَرَاهُ ليُبْسِه ورَداءته لَا يَجْتَمِعُ وَيَكُونُ مَنْثُورًا. وَشَاةٌ دَقْلة ودَقِلَة ودَقِيلة: ضاوِيَةٌ قَمِيئة، وَالْجَمْعُ دِقالٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ وَعِنْدِي أَن جَمْعَ دَقِيلة إِنما هُوَ دَقَائِل، إِلا أَن يَكُونَ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، وَقَدْ أَدْقَلَت وَهِيَ مُدْقِل. والدَّقَل والدَّوْقَل: خَشَبَةٌ طَوِيلَةٌ تُشَدُّ فِي وَسَطِ السَّفينة يُمَدُّ عَلَيْهَا الشِّراع. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَصَعِدَ القِرْدُ الدَّقَل
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَتُسَمِّيهِ الْبَحْرِيَّةُ الصَّاري، وَقِيلَ: الدَّقَل سَهْمُ السَّفِينَةِ وأَصله مِنْ ذَلِكَ الأَول الَّذِي هُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّقْل ضَعَف جِسْمِ الرَّجُلِ. والدَّوْقَل: مِنْ أَسماء رأْس الذَّكَرِ. والدَّوْقَلَة: الكَمَرة الضَّخْمة. وَيُقَالُ: كَمَرة دَوْقَلَة ضَخْمة. والدَّوْقَلَة: الأَكل وأَخذ الشَّيْءَ اخْتِصَاصًا يُدَوْقِلُه لِنَفْسِهِ. ودَوْقَلَ الشيءَ: أَخَذَه وأَكله. وَيُقَالُ: دَوْقَلَ فُلَانٌ إِذا اخْتَصَّ بشيءٍ مِنْ مأْكول. وَيُقَالُ: دَوْقَلَ فُلَانٌ جَارِيَتَهُ دَوْقَلة إِذا أَوْلَجَ فِيهَا كَمَرته. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ دَوْقَلَتْ خُصْيَتا الرَّجُلِ إِذا خَرَجتا مِنْ خَلْفه فَضَرَبتا أَدبار فَخِذَيْهِ واسْتَرْخَتا. ودَوْقَلْت الجَرَّة: نَوَّطتها بِيَدِي. أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ مُبْتَكراً يَقُولُ: دَقَل فُلَانٌ لَحْيَ الرَّجُلِ ودَقَمَه إِذا ضَرَبَ أَنفه وَفَمَهُ. والدَّقْل لَا يَكُونُ إِلا فِي اللَّحْي وَالْقَفَا، والدَّقْم فِي الأَنف وَالْفَمِ. ودَوْقَل: اسم.
دكل: الدَّكَلَة، بِالتَّحْرِيكِ: الطِّينُ الرَّقِيقُ. دَكَلَ الطِّينَ يَدْكِلُه ويَدْكُلُه دَكْلًا: جَمَعه بِيَدِهِ ليُطَيِّن بِهِ. والدَّكَلَة: الْقَوْمُ الَّذِينَ لَا يُجِيبون السُّلْطَانَ مِنْ عِزِّهم. يُقَالُ: هُمْ يَتَدَكَّلُون عَلَى السُّلْطَانِ أَي يَتَدلَّلون. وتَدَكَّلُوا عَلَيْهِ: اعْتَزُّوا وتَرَفَّعوا فِي أَنفسهم، وَقِيلَ: كُلُّ مَنْ تَرَفَّع فِي نَفْسِهِ فَقَدْ تَدَكَّلَ. وتَدَكَّلَ عَلَيْهِ: تَدَلَّل وَانْبَسَطَ.(11/246)
أَبو زَيْدٍ: تَدَكَّلْت عَلَيْهِ تَدَكُّلًا أَي تَدَلَّلت؛ وأَنشد:
يَا نَاقَتِي مَا لَكِ تَدْأَلِينا، ... عَلَيَّ بالدَّهْنا تَدَكَّلِينا؟
وَقَالَ آخَرُ:
قَوْم لَهُمْ عَزَازةُ التَّدَكُّل
وأَنشد أَبو عَمْرٍو لأَبي حُيَيَّة الشَّيْبَانِيِّ:
تَدَكَّلتْ بَعْدِي وأَلْهَتها الطُّبَن، ... وَنَحْنُ نعْدُو فِي الخَبار والجَرَن
يَعْنِي الجَرَل فأَبدل مِنَ اللَّامِ نُونًا؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
أَقول لكَنَّاز: تَدَكَّل فإِنه ... أَبًى، لَا أَظُنُّ الضأْنَ مِنْهُ نواجِيا
وَيُرْوَى: تَرَكَّل، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
عَليٌّ لَهُ فَضْلانِ: فَضْلُ قَرَابَةٍ، ... وفَضْلٌ بنَصْل السَّيْفِ والسُّمُر الدُّكْل
قَالَ: الدُّكْل والدُّكْن وَاحِدٌ، يُرِيدُ لَوْنَ الرِّمَاحِ التي فيها دُكْنة.
دلل: أَدَلَّ عَلَيْهِ وتَدَلَّلَ: انْبَسَطَ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَدَلَّ عَلَيْهِ وَثِق بِمَحَبَّتِهِ فأَفْرَط عَلَيْهِ. وَفِي الْمَثَلِ: أَدَلَّ فأَمَلَّ، وَالِاسْمُ الدَّالَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَمْشِي عَلَى الصِّرَاطِ مُدِلًّا
أَي مُنْبَسِطًا لَا خَوْفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنَ الإِدْلالِ والدَّالَّةِ عَلَى مَنْ لَكَ عِنْدَهُ مَنْزِلَةٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
مُدِلّ لَا تُخَضِّبِي الْبَنَانَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مُدِلَّة هُنَا صِفَةً، أَراد يَا مُدِلَّة فرَخَّم كَقَوْلِ الْعَجَّاجِ:
جارِيَ لَا تَسْتَنْكِري عَذِيري
أَراد يَا جَارِيَةُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُدلَّة اسْمَا فَيَكُونُ هَذَا كَقَوْلِ هُدْبَةَ:
عُوجِي عَلَيْنا وارْبَعِي يَا فاطِما، ... مَا دُونَ أَن يُرى الْبَعِيرُ قَائِمًا
والدَّالَّة: مَا تُدِلُّ بِهِ عَلَى حَمِيمك. ودَلُّ المرأَةِ ودَلالُها: تَدَلُّلها عَلَى زَوْجِهَا، وَذَلِكَ أَن تُرِيه جَراءةً عَلَيْهِ فِي تَغَنُّج وتَشَكُّل، كأَنها تُخَالِفُهُ وَلَيْسَ بِهَا خِلاف، وَقَدْ تَدَلَّلت عَلَيْهِ. وامرأَة ذَاتٍ دَلٍّ أَي شَكْل [شِكْل] تَدِلُّ بِهِ. وَرُوِيَ
عَنْ سَعْدٍ أَنه قَالَ: بَيْنا أَنا أَطوف بِالْبَيْتِ إِذ رأَيت امرأَة أَعجبني دَلُّها، فأَردت أَن أَسأَل عَنْهَا فخِفْت أَن تَكُونَ مَشْغُولةً، وَلَا يَضُرُّك جَمالُ امرأَة لَا تَعْرِفها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: دَلُّها حُسْنُ هَيْئَتِهَا، وَقِيلَ حُسْنُ حَدِيثِهَا. قَالَ شِمْرٌ: الدَّلال للمرأَة والدَّلُّ حُسْنُ الْحَدِيثِ وَحُسْنُ المَزْح وَالْهَيْئَةِ؛ وأَنشد:
فإِن كَانَ الدَّلال فَلَا تَدِلِّي، ... وإِن كَانَ الْوَدَاعُ فَبِالسَّلَامِ
قَالَ: وَيُقَالُ هِيَ تَدِلُّ عَلَيْهِ أَي تَجْتَرِئُ عَلَيْهِ، يُقَالُ: مَا دَلَّك عَلَيَّ أَي مَا جَرَّأَك عليَّ، وأَنشد:
فإِن تكُ مَدْلولًا عليَّ، فإِنني ... لِعَهْدك لَا غُمْرٌ، ولستُ بِفَانِي
أَراد: فإِن جَرَّأَك عليَّ حِلمي فإِني لَا أُقِرُّ بِالظُّلْمِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ:
أَظُنُّ الحِلْم دَلَّ عليَّ قَوْمِي، ... وَقَدْ يُسْتَجْهَل الرجلُ الحَليم(11/247)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ: دَلَّ عَلَيَّ قَوْمِي أَي جَرَّأَهم؛ وَفِيهَا يَقُولُ:
وَلَا يُعْيِيك عُرْقُوبٌ للَأْيٍ، ... إِذا لَمْ يُعْطِك النَّصَفَ الخَصِيمُ
وَقَوْلُهُ عُرْقُوب لِلأْيٍ يَقُولُ: إِذا لَمْ يُنْصِفك خَصْمُك فأَدْخِل عله عُرْقوباً يَفْسَخُ حُجَّته. والمُدِلُّ بِالشَّجَاعَةِ: الْجَرِيءُ. ابْنُ الأَعرابي: المُدَلِّل الَّذِي يَتَجَنَّى فِي غَيْرِ مَوْضِعِ تَجَنٍّ. ودَلَّ فُلَانٌ إِذا هَدى. ودَلَّ إِذا افْتَخَرَ. والدَّلَّة: المِنّة. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: دَلَّ يَدِلُّ إِذا هَدى، ودَلَّ يَدِلُّ إِذا مَنَّ بِعَطَائِهِ. والأَدَلُّ: المَنَّان بعَمَله. والدَّالَّة مِمَّنْ يُدِلُّ عَلَى مَنْ لَهُ عِنْدَهُ مَنْزِلَةٌ شِبْهُ جَراءة مِنْهُ. أَبو الْهَيْثَمِ: لِفُلَانٍ عَلَيْكَ دالَّة وتَدَلُّلٌ وإِدْلال. وَفُلَانٌ يُدِلُّ عَلَيْكَ بِصُحْبَتِهِ إِدْلالًا ودَلالًا ودَالَّة أَي يَجْتَرِئُ عَلَيْكَ، كَمَا تُدِلُّ الشابَّةُ عَلَى الشَّيْخِ الْكَبِيرِ بجَمالها؛ وَحَكَى ثَعْلَبٌ أَن ابْنَ الأَعرابي أَنشد لِجَهْمِ بْنِ شِبْلٍ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
تَدَلَّلُ تَحْتَ السَّوْطِ، حَتَّى كأَنما ... تَدَلَّلُ تَحْتَ السَّوْطِ خَودٌ مُغاضِب
قَالَ: هَذَا أَحسن مَا وُصِف بِهِ النَّاقَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: والدَّلُّ الغُنْج والشِّكْل. وَقَدْ دَلَّتِ المرأَة تَدِلُّ، بِالْكَسْرِ، وتَدَلَّلت وَهِيَ حَسَنة الدَّلِّ والدَّلال. والدَّلُّ قَرِيبُ الْمَعْنَى مِنَ الهَدْي، وَهُمَا مِنَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فِي الْهَيْئَةِ والمَنْظر وَالشَّمَائِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ:
فَقُلْنَا لِحُذَيْفَةَ أَخْبِرْنا بِرَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْت والهَدْي والدَّلِّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى نَلْزَمه، فَقَالَ: مَا أَحد أَقرب سَمْتاً وَلَا هَدْياً وَلَا دَلًّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يُوَارِيَهُ جِدارُ الأَرض مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ
؛ فسَّره الهَرَوي فِي الْغَرِيبَيْنِ فَقَالَ: الدَّلُّ والهَدْيُ قريبٌ بعضُه مِنْ بَعْضٍ، وَهُمَا مِنَ السِّكِّينَةِ وحُسْن المَنْظَر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَصحاب ابْنِ مَسْعُودٍ كَانُوا يَرْحَلون إِلى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَيَنْظُرُونَ إِلى سَمْتِه وهَدْيه ودَلِّه فَيَتَشَبَّهُونَ بِهِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَما السَّمْت فإِنه يَكُونُ بِمَعْنَيَيْنِ: أَحدهما حُسْن الْهَيْئَةِ والمَنْظَر فِي الدِّينِ وَهَيْئَةِ أَهل الْخَيْرِ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَن السَّمْت الطَّرِيقُ؛ يُقَالُ: الْزَمْ هَذَا السَّمْت، وَكِلَاهُمَا لَهُ مَعْنًى، إِمَّا أَرادوا هَيْئَةَ الإِسلام أَو طَرِيقَةَ أَهل الإِسلام؛ وَقَوْلُهُ إِلى هَدْيِه ودَلِّه فإِن أَحدهما قَرِيبٌ مِنَ الْآخَرِ، وَهُمَا مِنَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فِي الْهَيْئَةِ والمَنْظر وَالشَّمَائِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الدَّلِّ فِي الْحَدِيثِ، وهو والهَدْي والسمْت عِبَارَةٌ عَنِ الْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الإِنسان مِنَ السَّكينة وَالْوَقَارِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ وَالطَّرِيقَةِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَمْدَحُ امْرَأَةً بِحُسْنِ الدَّلّ:
لَمْ تَطَلَّع من خِدْرها تَبْتَغي خِبْباً، ... وَلَا سَاءَ دَلُّها فِي العِناقِ
وَفُلَانٌ يُدِلُّ عَلَى أَقرانه كَالْبَازِي يُدِلُّ عَلَى صَيْدِهِ. وَهُوَ يُدِلُّ بِفُلَانٍ أَي يَثِق بِهِ. وأَدَلَّ الرجلُ عَلَى أَقرانه: أَخذهم مِنْ فَوْقُ، وأَدَلَّ الْبَازِي عَلَى صَيْدِهِ كَذَلِكَ. ودَلَّه عَلَى الشَّيْءِ يَدُلُّه دَلًّا ودَلالةً فانْدَلَّ: سدَّده إِليه، ودَلَلْته فانْدَلَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَا لَكَ، يَا أَحمقُ، لَا تَنْدَلُّ؟ ... وَكَيْفَ يَنْدَلُّ امْرُؤٌ عِثْوَلُّ؟
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لِآخَرَ أَما تَنْدَلُّ عَلَى الطَّرِيقِ؟ والدَّلِيل: مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ. والدَّلِيل: الدَّالُّ.(11/248)
وَقَدْ دَلَّه عَلَى الطَّرِيقِ يَدُلُّه دَلالة ودِلالة ودُلولة، وَالْفَتْحُ أَعلى؛ وأَنشد أَبو عبيد:
إِنِّي امْرُءٌ بالطُّرْق ذُو دَلالات
والدَّلِيل والدِّلِّيلي: الَّذِي يَدُلُّك؛ قَالَ:
شَدُّوا المَطِيَّ عَلَى دَلِيلٍ دائبٍ، ... مِنْ أَهل كاظِمةٍ، بسيفِ الأَبْحُر
قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ بِدَلِيلٍ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: وَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي شَدُّوا المَطِيَّ عَلَى دَلالة دَليل فَحَذَفَ الْمُضَافَ وقوِي حَذْفُه هُنَا لأَن لَفْظَ الدَّلِيل يَدُلُّ عَلَى الدَّلالة، وَهُوَ كَقَوْلِكَ سِرْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى هَذِهِ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي سِرْ وشَدُّوا وَلَيْسَتْ مَوْصُولَةً لِهَذَيْنِ الْفِعْلَيْنِ لَكِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ كأَنه قَالَ: شَدُّوا المطيَّ مُعْتَمِدِين عَلَى دَليل دَائِبٍ، فَفِي الظَّرْفِ دَليلٌ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَحْذُوفِ الَّذِي هُوَ مُعْتَمِدِين، وَالْجَمْعُ أَدِلَّة وأَدِلَّاء، وَالِاسْمُ الدِّلالة والدَّلالة، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، والدُّلُولة والدِّلِّيلى. قَالَ سِيبَوَيْهِ: والدِّلِّيلى عِلْمُه بِالدَّلَالَةِ ورُسوخُه فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: وَيَخْرُجُونَ مِنْ عِنْدِهِ أَدِلَّة
؛ هو جَمْعُ دَلِيل أَي بِمَا قَدْ عَلِمُوا فيَدُلُّونَ عَلَيْهِ النَّاسَ، يَعْنِي يَخْرُجُونَ مِنْ عِنْدِهِ فُقَهَاء فَجَعَلَهُمْ أَنفسهم أَدلَّة مُبَالَغَةً. ودَلَلْت بِهَذَا الطَّرِيقِ: عَرَّفْتُهُ، ودَلَلْتُ بِهِ أَدُلُّ دَلالة، وأَدْلَلت بِالطَّرِيقِ إِدْلالًا. والدَّلِيلَة: المَحَجَّة الْبَيْضَاءُ، وَهِيَ الدَّلَّى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ تَنْقُصه قَلِيلًا قَلِيلًا. والدَّلَّال: الَّذِي يجمع بين البَيِّعَيْن، وَالِاسْمُ الدَّلالة والدِّلالة، والدِّلالة: مَا جَعَلْتَهُ للدَّليل أَو الدَّلَّال. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الدَّلالة، بِالْفَتْحِ، حِرْفة الدَّلَّال. ودَليلٌ بَيِّن الدِّلالة، بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ. والتَّدَلْدُل: كالتَّهَدُّل؛ قَالَ:
كأَنَّ خُصْيَيه مِنَ التَّدَلْدُل
وتَدَلْدَلَ الشيءُ وتَدَرْدَر إِذا تَحَرَّك مُتَدَلِّياً. والدَّلْدَلة: تَحْرِيكُ الرَّجُلِ رأْسه وأَعضاءه فِي الْمَشْيِ. والدَّلْدلة: تَحْرِيكُ الشَّيْءِ المَنُوط. ودَلْدَلَه دِلْدَالًا: حَرَّكه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَالِاسْمُ الدَّلْدال. الْكِسَائِيُّ: دَلْدَلَ فِي الأَرض وبَلْبَل وقَلْقَل ذَهَب فِيهَا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: دَلْدَلَهم وبَلْبَلَهم حَرَّكهم. وَقَالَ الأَصمعي: تَدَلْدَلَ عَلَيْه فَوْقَ طَاقَتِهِ، والدَّلال مِنْهُ، والدَّلْدَال الِاضْطِرَابُ. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ أَسماء القُنْفذ الدُّلْدُل والشَّيْهَم والأَزْيَب. الصِّحَاحُ: الدُّلْدُل عَظِيمُ القَنافِذ. ابْنُ سِيدَهْ: الدُّلْدُل ضَرْبٌ مِنَ الْقَنَافِذِ لَهُ شَوْكٌ طَوِيلٌ، وَقِيلَ: الدُّلْدُل شِبْهُ القُنْفذ وَهِيَ دَابَّةٌ تَنْتَفض فَتَرْمِي بِشَوْكٍ كالسِّهام، وفَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا كَفَرْقِ مَا بَيْنَ الفِئَرة والجِرْذان والبَقَر وَالْجَوَامِيسِ والعِرَاب والبَخَاتِيِّ. اللَّيْثُ: الدُّلْدُل شَيْءٌ عَظِيمٌ أَعظم مِنَ القُنْفُذ ذُو شَوْكٍ طِوَالِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أَبي مَرْثَد: فَقَالَتْ عَنَاق البَغِيُّ: يَا أَهل الخِيَام هَذَا الدُّلْدُل الَّذِي يَحْمِل أَسراركم
؛ الدُّلْدُل: القُنفُذ، وَقِيلَ: ذَكَر القَنافذ. قَالَ: يَحْتَمِلُ أَنها شَبَّهَتْهُ بالقُنْفُذ لأَنه أَكثر مَا يَظْهَرُ بِاللَّيْلِ ولأَنه يُخْفِي رأْسه فِي جَسَدِهِ مَا اسْتَطَاعَ. ودَلْدَلَ فِي الأَرض: ذَهَب. ومَرَّ يُدَلْدِل ويَتَدَلْدَل فِي مَشْيِهِ إِذا اضْطَرَبَ. اللِّحْيَانِيُّ: وَقَعَ الْقَوْمُ فِي دَلْدَال وبَلْبَال إِذا اضْطَرَب أَمرهم وتَذَبْذَب. وَقَوْمٌ دَلْدَالٌ إِذا تَدَلْدَلوا بَيْنَ أَمرين فَلَمْ يَسْتَقِيمُوا؛ وَقَالَ أَوْس:(11/249)
أَمَنْ لِحَيٍّ أَضاعُوا بعضَ أَمْرهم، ... بينَ القُسُوطِ وبينَ الدِّينِ دَلْدَال
ابْنُ السِّكِّيتِ: جَاءَ الْقَوْمُ دُلْدُلًا إِذا كَانُوا مُذَبْذَبين لَا إِلى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلى هَؤُلَاءِ؛ قَالَ أَبو مَعْدَان الْبَاهِلِيُّ:
جاء الحَزَائِمُ والزَّبايِنُ دُلْدُلًا، ... لَا سابِقِينَ وَلَا مَع القُطَّانِ
فعَجِبْتُ مِنْ عَوْفٍ وَمَاذَا كُلِّفَتْ، ... وَتَجِيءُ عَوْفٌ آخِرَ الرُّكْبانِ
قَالَ: والحَزِيمتانِ والزَّبِينتان مِنْ باهِلَة وَهُمَا حَزِيمة وزَبِينة جَمَعهما الشاعرُ أَي يَتَدَلْدلون مَعَ النَّاسِ لَا إِلى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلى هَؤُلَاءِ. ودُلْدُل: اسْمُ بَغْلة سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ودَلَّةُ ومُدِلّةُ: بِنْتَا مَنْجِشانَ [مَنْجَشانَ] الحِمْيَرِيّ. ودِلْ، بِالْفَارِسِيَّةِ: الفُؤاد، وَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ وَسَمَّت بِهِ المرأَة فَقَالُوا دَلٌّ، فَفَتَحُوهُ لأَنهم لَمَّا لَمْ يَجِدُوا فِي كَلَامِهِمْ دِلًّا أَخرجوه إِلى مَا فِي كَلَامِهِمْ، وَهُوَ الدَّلُّ الَّذِي هُوَ الدَّلال والشَّكْل والشِّكْل.
دمل: الدَّمَالُ: التَّمْرُ العَفِن الأَسود الَّذِي قَدْ قَدُم، يُقَالُ: جَاءَ بِتَمْرٍ دَمَال، والدَّمَالُ فَسَادُ الطَّلْعِ قَبْلَ إِدْراكه حَتَّى يَسْوَدّ. والدَّمَال: مَا رَمَى بِهِ البحرُ مِنَ الصَّدَف والمناقِيف والنَّبَّاح. اللَّيْثُ: الدَّمال السِّرْقِينُ ونحوُه، وَمَا رَمَى بِهِ البحرُ مِنْ خُشارة مَا فِيهِ مِنَ الخَلْق مَيِّتاً نَحْوَ الأَصداف والمَناقِيف والنَّبَّاح، فَهُوَ دَمَال؛ وأَنشد:
دَمالُ البُحورِ وحِيتانُها
وَقَوْلُ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الهُذَلي:
خَيال لعَبْدَة قَدْ هاجَ لِي ... خَبالًا مِنَ الدَّاء، بعدَ انْدِمالِ
قَالَ: الاندمالُ الذَّهابُ. انْدَمَلَ القَوْمُ إِذا ذَهَبُوا. والدَّمال: مَا تَوَطَّأَتْهُ الدَّابَّةُ مِنَ الْبَعْرِ والوَأْلةِ وَهِيَ الْبَعْرُ مَعَ التُّرَابِ؛ قَالَ:
فَصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقال، ... ومُظْلِماً لَيْسَ عَلَى دَمال
وَقَدْ فُسِّرَ هَذَا الْبَيْتُ فِي مَوْضِعِهِ. والدَّمال، بِالْفَتْحِ: السِّرجين وَنَحْوُهُ. ودَمَلَ الأَرضَ يَدْمُلُها دَمْلًا ودَمَلاناً وأَدْمَلَها: أَصْلَحها بالدَّمال، وَقِيلَ: دَمَلَها أَصْلَحها، وأَدْمَلَها: سَرْقَنَها. والدَّمَّال: الَّذِي يُدْمِل الأَرض يُسَرْقِنُها. وتَدَمَّلَتِ الأَرضُ: صَلَحت بالدَّمال؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
وَقَدْ جَعَلَتْ منازِلُ آلِ لَيْلى، ... وأُخْرَى لَمْ تُدَمَّلْ يَسْتَوِينا
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاص: أَنه كَانَ يَدْمُل أَرْضه بالعُرَّة
؛ قَالَ الأَحمر: يَدْمُلُ أَرْضَه أَي يُصْلِحُها ويُحْسِن مُعَالَجَتَهَا بِهَا وَهِيَ السِّرْجِين؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجُرْحِ: قَدِ انْدَمَلَ إِذا تَماثَل وصَلَح. ودَمَلَ بَيْنَ الْقَوْمِ يَدْمُلُ دَمْلًا: أَصْلح. وتَدَامَلوا: تَصَالَحُوا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
رَأَى إِرَةً مِنْهَا تُحَشُّ لِفتْنة، ... وإِيقاد راجٍ أَن يَكُونَ دَمَالَها
يَقُولُ: يَرْجُو أَن يَكُونَ سَبَبَ هَذِهِ الْحَرْبِ كَمَا أَن الدَّمَالَ يَكُونُ سَبَبًا لإِشعال النَّارِ. والدُّمَّلُ: وَاحِدُ دَمَامِيل القُروح. والدُّمَلُ: الخُرَاجُ(11/250)
عَلَى التَّفاؤل بالصَّلاح، وَالْجَمْعُ دَمَامِيلُ نَادِرٌ. ودَمِلَ جُرحُه وانْدَمَلَ بَرِئَ والتَحم وتَماثَل؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
فكيفَ بِنَفْسٍ كُلَّما قلتُ: أَشْرَفَتْ ... عَلَى البُرْءِ مِنْ دَهْماء، هِيضَ اندِمَالُها؟
ودَمَلَه الدَّواءُ يَدْمُلُه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
وجُرْحُ السيفِ تَدْمُلُه فَيَبْرا، ... ويَبْقَى الدَّهْرَ، مَا جَرَح اللِّسانُ «3»
. والانْدِمَال: التَّماثُل مِنَ الْمَرَضِ والجُرْحِ، وَقَدْ دَمَلَه الدَّواءُ فانْدَمَلَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَلمةَ: دَمِلَ جُرْحُه عَلَى بَغْيٍ وَلَا يَدْري بِهِ
أَي انخَتَم عَلَى فَسَادٍ وَلَا يُعْلَمُ بِهِ. والدُّمَّل: مُسْتَعْمَلٌ بِالْعَرَبِيَّةِ يُجْمَعُ دَمَامِيل؛ وأَنشد:
وامْتَهَدَ الغارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ «4»
. وَقِيلَ لِهَذِهِ القُرْحَة دُمَّل لأَنها إِلى البُرْء والانْدِمال مَا هِيَ. وانْدَمَلَ الْمَرِيضُ: تماثَل، وانْدَمَلَ مِنْ وجَعه كَذَلِكَ، وَمِنْ مرَضه إِذا ارْتَفَعَ مِنْ مرضِه وَلَمْ يَتِمَّ بُرْؤه. والدَّمْل: الرِّفْق. ودَامَلَ الرجلَ: دَارَاهُ ليُصْلح مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ؛ قَالَ أَبو الأَسود:
شَنِئْتُ مِنَ الإِخْوان مَنْ لستُ زائِلًا ... أُدامِلُه دَمْلَ السِّقاء المُخَرَّقِ
والمُدَامَلَةُ: كالمُداجاة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ الطَّيْفان الدارِمي والطَّيْفانُ أُمُّه:
ومَوْلًى كمَوْلى الزِّبْرِقان دَمَلْتُه، ... كَمَا اندَمَلَتْ ساقٌ يُهاضُ بِهَا الكَسْر
وَيُقَالُ: ادْمُل القومَ أَي اطْوِهم عَلَى مَا فِيهِمْ، وَيُقَالُ للسِّرْجين الدَّمَال لأَن الأَرض تُصْلَح به.
دمحل: الدُّمَحِلةُ مِنَ النِّسَاءِ: الضَّخْمة الْغَلِيظَةُ. والدُّماحِل: المُتداخِل الْغَلِيظُ؛ قَالَ أَبو خِراش يَصِفُ تُرْساً:
وَذَا شَرَجٍ مِنْ جِلدِ ثَوْرٍ دُماحِل
ورَمْل دُماحِل: مُتَدَاخِلٌ؛ قَالَ:
عَقْد الرِّياحِ العَقَدَ [العَقِدَ] الدُّماحِلا
الْفَرَّاءُ: الدِّمْحَالُ الرجُل البَتَّرِيُّ.
دنل: دَانَالُ: اسْمٌ أَعجمي.
دهل: اللِّحْيَانِيُّ: مَضى دَهْلٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي سَاعَةٌ، وَقِيلَ أَي صَدْر؛ قَالَ:
مَضى مِنَ الليلِ دَهْلٌ، وَهِيَ واحِدةٌ، ... كأَنَّها طائِرٌ بالدَّوِّ مَذْعُور
هَذِهِ رِوَايَةُ يَعْقُوبَ، وَرَوَاهُ اللِّحْيَانِيُّ: ذَهْل، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ نَادِرَةٌ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الدَّهْلُ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّاهِل المُتَحيِّر، قَالَ الأَزهري: أَصله دالِهٌ. وَلَا دَهْل أَي لَا تَخَفْ، نَبَطِيَّة معرَّبة؛ قَالَ بَشّار:
فَقُلْتُ لَهُ: لَا دَهْل مِن قَمْل بَعْدَ ما ... مَلا نَيْفَقَ التُّبَّان مِنْهُ بعاذِر
قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَ لَا دَهْل وَلَا قَمْل مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، إِنما هُمَا مِنْ كَلَامِ النَّبَط، يسمون الجَمل قَمْلًا.
__________
(3) . قوله [ويبقى الدهر] كذا في النسخ، والذي في المحكم وشرح القاموس: وجرح الدهر
(4) . قوله
[وَامْتَهَدَ الْغَارِبُ فِعْلَ الدُّمَّل]
هكذا ضبط في التهذيب هنا وعدة نسخ من الصحاح، وتقدم لنا ضبطه في مهد برفع اللام من فعل، ووقع في المحكم والتهذيب في مادة مهد بالنصب فيهما(11/251)
دهبل: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي دَهْبَل إِذا كَبَّر اللُّقَم ليسابِق في الأَكل.
دهكل: دَهْكَلٌ: مِنْ شَدَائِدِ الدهر.
دَوَلَ: الدَّوْلةُ والدُّولةُ: العُقْبة فِي الْمَالِ والحَرْب سَواء، وَقِيلَ: الدُّولةُ، بِالضَّمِّ، فِي المال، والدَّوْلةُ، بالفتح، في الْحَرْبِ، وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ فِيهِمَا، يُضَمَّانِ وَيُفْتَحَانِ، وَقِيلَ: بِالضَّمِّ فِي الْآخِرَةِ، وَبِالْفَتْحِ فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ: هُمَا لُغَتَانِ فِيهِمَا، وَالْجَمْعُ دُوَلٌ ودِوَلٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: مَجِيءُ فُعْلَة عَلَى فُعَلٍ يُرِيكَ أَنها كأَنها جَاءَتْ عِنْدَهُمْ مِنْ فُعْلة، فكأَن دَوْلة دُولة، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لأَن الْوَاوَ مِمَّا سَبِيلُهُ أَن يأْتي تَابِعًا لِلضَّمَّةِ، وَهَذَا مِمَّا يُؤَكِّدُ عِنْدَكَ ضَعْفَ حُرُوفِ اللِّينِ الثَّلَاثَةِ، وَقَدْ أَدَالَه. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّوْلة، بِالْفَتْحِ، فِي الْحَرْبِ أَن تُدال إِحدى الْفِئَتَيْنِ عَلَى الأُخرى، يُقَالُ: كَانَتْ لَنَا عَلَيْهِمُ الدَّوْلة، وَالْجَمْعُ الدُّوَلُ، والدُّولة، بِالضَّمِّ، فِي الْمَالُ؛ يُقَالُ: صَارَ الْفَيْءُ دُولة بَيْنَهُمْ يَتَداوَلونه مَرَّة لِهَذَا وَمَرَّةً لِهَذَا، وَالْجَمْعُ دُولات ودُوَلٌ. وقال أَبو عبيدة: الدُّولة، بِالضَّمِّ، اسْمٌ لِلشَّيْءِ الَّذِي يُتَداوَل بِهِ بِعَيْنِهِ، والدَّولة، بِالْفَتْحِ، الْفِعْلُ. وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ:
إِذا كَانَ المَغْنَم دُوَلًا
جَمْعُ دُولة، بِالضَّمِّ، وَهُوَ مَا يُتداوَل مِنَ الْمَالِ فَيَكُونُ لِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ. الأَزهري: قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ
؛ قرأَها النَّاسُ بِرَفْعِ الدَّالِ إِلا السُّلَمِيَّ فِيمَا أَعلم فإِنه قرأَها بِنَصْبِ الدَّالِ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا للدَّوْلة بِمَوْضِعٍ، إِنما الدَّولة لِلْجَيْشَيْنِ يهزِم هَذَا هَذَا ثُمَّ يُهْزَم الْهَازِمُ، فَتَقُولُ: قَدْ رَجَعَت الدَّوْلة عَلَى هَؤُلَاءِ كأَنها المرَّة؛ قَالَ: والدُّولة، بِرَفْعِ الدَّالِ، فِي المِلْك والسُّنن الَّتِي تغيَّر وتُبدَّل عَنِ الدَّهْرِ فَتِلْكَ الدُّولَةُ والدُّوَلُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الدُّولة اسْمُ الشَّيْءِ الَّذِي يُتداول، والدَّوْلةُ الْفِعْلُ وَالِانْتِقَالُ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ، فَمَنْ قرأَ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً
فَعَلَى أَن يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْمَالِ، كأَنه كَيْ لَا يَكُونَ الْفَيْءُ دُولة أَي مُتداوَلًا؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَ يُونُسُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: الدُّولة بِالضَّمِّ فِي الْمَالِ، والدَّولة بالفتح في الحرب، قَالَ: وَقَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ: كِلْتَاهُمَا فِي الْحَرْبِ وَالْمَالِ سَوَاءٌ؛ وَقَالَ يُونُسُ: أَمَّا أَنا فَوَاللَّهِ مَا أَدري مَا بَيْنَهُمَا. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
حَدِّثْني بِحَدِيثٍ سمعتَه مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَتَدَاوَلْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ الرِّجال
أَي لَمْ يتناقَلْه الرِّجَالُ وتَرْويه وَاحِدًا عَنْ وَاحِدٍ، إِنما تَرْوِيهِ أَنتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اللَّيْثُ: الدَّوْلة والدُّولة لُغَتَانِ، وَمِنْهُ الإِدالةُ الغَلَبة. وأَدَالَنا اللَّهُ مِنْ عَدُوِّنَا: مِنَ الدَّوْلة؛ يُقَالُ: اللَّهُمَّ أَدِلْنِي عَلَى فُلَانٍ وَانْصُرْنِي عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ ثَقِيفٍ:
نُدالُ عَلَيْهِمْ ويُدالون عَلَيْنَا
؛ الإِدالةُ: الغَلَبة، يُقَالُ: أُدِيل لَنَا عَلَى أَعدائنا أَي نُصِرْنا عَلَيْهِمْ، وَكَانَتِ الدَّوْلة لَنَا، والدَّوْلة: الِانْتِقَالُ مِنْ حَالِ الشدَّة إِلى الرَّخاء؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي سُفْيان وهِرَقْلَ: نُدالُ عَلَيْهِ ويُدالُ عَلَيْنَا
أَي نَغْلِبه مَرَّةً ويَغلبنا أُخرى. وَقَالَ الْحَجَّاجُ: يوشِك أَن تُدال الأَرضُ مِنَّا كَمَا أُدِلْنا مِنْهَا أَي يُجعل لَهَا الكَرَّةُ والدَّوْلة عَلَيْنَا فتأْكل لحومَنا كَمَا أَكلنا ثِمارها وتَشرب دِمَاءَنَا كَمَا شَرِبْنَا مِيَاهَهَا. وتَداوَلْنا الأَمرَ: أَخذناه بالدُّوَل. وَقَالُوا: دَوالَيْك أَي مُداوَلةً عَلَى الأَمر؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وإِن شِئْتَ حَمَلْتَهُ عَلَى أَنه وَقَعَ فِي هَذِهِ الْحَالِ. ودَالَت الأَيامُ أَي دَارَتْ، وَاللَّهُ يُداوِلها بَيْنَ النَّاسِ. وتَداوَلَتْهُ الأَيدي: أَخذته هَذِهِ مرَّة وَهَذِهِ مرَّة. ودَالَ الثوبُ يَدُولُ أَي بَلِي. وَقَدْ جَعَل ودُّه يَدُول(11/252)
أَي يَبْلى. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ حَجازَيْك ودَوَالَيْكَ وهَذاذَيك، قَالَ: وَهَذِهِ حُرُوفٌ خِلْقَتُها عَلَى هَذَا لَا تُغيَّر، قَالَ: وحَجازيك أَمَرَه أَن يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ كُفَّ نَفْسَك، وأَمّا هَذَاذَيْكَ فإِنه يأْمره أَن يَقْطَعَ أَمر الْقَوْمِ، ودَوَالَيْك مِنْ تَداوَلوا الأَمر بَيْنَهُمْ يأْخذ هَذَا دَولة وَهَذَا دَولة، وَقَوْلُهُمْ دَوالَيْك أَي تَداوُلًا بَعْدَ تَدَاوُلٍ؛ قَالَ عَبْدُ بَنِي الحَسْحاس:
إِذا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بالبُرْدِ مِثْلُه، ... دَوَالَيْكَ حَتَّى لَيْسَ لِلْبُرْد لابِسُ»
. الْفَرَّاءُ: جَاءَ بالدُّوَلة والتوَلةِ وَهُمَا مِنَ الدَّواهي. وَيُقَالُ: تَداوَلْنا العملَ والأَمر بَيْنَنَا بِمَعْنَى تعاوَرْناه فعَمِل هَذَا مَرَّة وَهَذَا مَرَّةً؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي بَيْتَ عَبْدِ بَنِي الحَسْحاس:
إِذا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بُرْداك مِثله، ... دَوالَيْك حَتَّى مَا لِذا الثَّوْبِ لابِسُ
قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ شَقَّ ثِيَابَ امرأَة لِيَنْظُرَ إِلى جَسَدِهَا فشَقَّت هِيَ أَيضاً عَلَيْهِ ثَوْبَهُ. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْج: رُبَّمَا أَدخلوا الأَلف وَاللَّامَ عَلَى دَوالَيْك فَجُعِلَ كَالِاسْمِ مَعَ الْكَافِ؛ وأَنشد فِي ذَلِكَ:
وصاحبٍ صاحَبْتُه ذِي مَأْفَكَهْ، ... يَمْشي الدَّوالَيْكَ ويَعْدُو البُنَّكَهْ
قَالَ: الدَّوالَيْك أَن يَتَحَفَّزَ فِي مِشيته إِذا حَاكَ، والبُنَّكةُ يَعْنِي ثِقْله إِذا عَدَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ دَوَالٍ؛ قَالَ الضِّبَابُ بْنُ سَبْع بْنِ عَوْفٍ الْحَنْظَلِيُّ:
جَزَوْني بِمَا رَبَّيْتُهم وحَمَلْتهم، ... كَذَلِكَ مَا إِنَّ الخُطوب دَوَال
والدَّوَلُ: النَّبْل المُتداوَل؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
يَلُوذُ بالجُودِ مِنَ النَّبْلِ الدَّوَلْ
وَقَوْلُ أَبي دُواد:
وَلَقَدْ أَشْهَدُ الرِّماحَ تُدالي، ... فِي صُدورِ الكُماةِ، طَعْنَ الدَّرِيَّه
قَالَ أَبو عَلِيٍّ: أَراد تُداوِل فَقَلَبَ الْعَيْنَ إِلى مَوْضِعِ اللَّامِ. وانْدال مَا فِي بَطْنِهِ مِنْ مِعًى أَو صِفاق: طُعِن فَخَرَجَ ذَلِكَ. وانْدَالَ بطنُه أَيضاً: اتَّسَعَ وَدَنَا مِنَ الأَرض. وانْدَالَ بطنُه: استَرْخى. وانْدَالَ الشَّيْءُ: ناسَ وتَعَلَّق؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
فَياشِلٌ كالحَدَجِ المُنْدَال ... بَدَوْنَ مِن مُدَّرِعي أَسْمالِ «2»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما السِّيرَافِيُّ فَقَالَ: مُنْدَال مُنْفَعِل مِنَ التَّدَلِّي مَقْلُوبٌ عَنْهُ، فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ لَهُ مَصْدَرٌ لأَن الْمَقْلُوبَ لَا مَصْدَرَ لَهُ. واندالَ القومُ: تَحَوَّلُوا مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ. والدُّوَلةُ: لغة في التُّوَلة. يُقَالُ: جَاءَنَا بدُوَلاتِه أَي بدَواهِيه، وَجَاءَنَا بالدُّوَلة أَي بالدَّاهية. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ وقَعوا مِنْ أَمرهم فِي دُولُول أَي فِي شِدَّةٍ وأَمر عَظِيمٍ؛ قَالَ الأَزهري: جَاءَ بِهِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ. والدَّوِيلُ: النَّبْتُ العامِيُّ اليابس، وخص بعضهم
__________
(1) . قوله [حَتَّى لَيْسَ لِلْبُرْدِ لَابِسُ] قال في التكملة: الرواية: إِذَا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بالبرد برقع دَوَالَيك حتى كلنا غير لابس
(2) . قوله [مدّرعي] ضبط في مادة حدج بفتح العين على أنه مثنى، والصواب كسرها كما ضبط في المحكم هنا(11/253)
بِهِ يَبِيسَ النَّصِيِّ والسَّبَط؛ قَالَ الرَّاعي:
شَهْرَيْ رَبِيعٍ لَا تَذُوقُ لَبُونُهم ... إِلا حُموضاً وخْمَةً ودَوِيلا
وَهُوَ فَعِيل. أَبو زَيْدٍ: الكَلأُ الدَّويل الَّذِي أَتت عَلَيْهِ سَنتانِ فَهُوَ لَا خَيْرَ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: الدالةُ الشُّهْرة وَيَجْمَعُ الدَّالَ. يُقَالُ: تَرَكْنَاهُمْ دَالَةً أَي شُهْرة. وَقَدْ دَالَ يَدُول دَالَةً ودَوْلًا إِذا صَارَ شُهْرة. والدَّوالي: ضَرْب مِنَ الْعِنَبِ بِالطَّائِفِ أَسود يَضْرِبُ إِلى الحُمْرة، وَرَوَى
الأَزهري بِسَنَدِهِ إِلى أُم الْمُنْذِرِ العَدَوِيَّة قالتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ ناقِهٌ، قَالَتْ: وَلَنَا دَوالٍ مُعلَّقة، قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَكل وَقَامَ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يأْكل فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَهْلًا فإِنك ناقِهٌ، فَجَلَسَ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وأَكل مِنْهَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جُعِلَتْ لَهُمْ سِلْقاً وَشَعِيرًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنْ هَذَا أَصِبْ فإِنه أَوْفقُ لَكَ
؛ قَالَ: الدَّوالي جَمْعُ دَالِيَةٍ وَهِيَ عِذْقُ بُسْرٍ يُعلَّق فإِذا أَرْطَب أُكل، وَالْوَاوُ فِيهِ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الأَلف. والدُّولُ: حَيٌّ مِنْ حَنِيفة يُنْسَبُ إِليهم الدُّوليُّ. والدِّيلُ: في عبد الْقَيْسِ. ودَالانُ: مِنْ هَمْدانَ، غَيْرُ مَهْمُوزٍ. والدَّال: حَرْفُ هِجَاءٍ وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ يَكُونُ فِي الْكَلَامِ أَصلًا وَبَدَلًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى أَلفها أَنها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لَمَّا قُدِّمَتْ فِي أَخواتها مِمَّا عَيْنُهُ أَلف، وَاللَّهُ أَعلم.
دَيَلَ: الدِّيلُ: حيٌّ فِي عَبْدِ القَيْس يُنْسَبُ إِليهم الدِّيليُّ، وَهُمَا دِيلانِ: أَحدهما الدِّيل بْنُ شَنّ بْنِ أَفْصى بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ بْنِ أَفْصى، وَالْآخَرُ الدِّيل بْنُ عَمْرِو بْنِ وَدِيعةَ بْنِ أَفصى بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ، مِنْهُمْ أَهلُ عُمان. ابْنُ سِيدَهْ: وَبَنُو الدِّيل مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مناةَ بْنِ كِنانَة. غَيْرُهُ: وأَما الدُّئلُ، بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ، فَهُمْ حَيٌّ مِنْ كِنَانَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَيُنْسَبُ إِليهم أَبو الأَسود الدُّؤَلي، فَتَفْتَحُ الْهَمْزَةُ اسْتِثْقَالًا لتوالي الكسرات.
فصل الذال المعجمة
ذأل: الذَّأَلانُ: عَدْو متقارِب. ابْنُ سِيدَهْ: الدَّأَلان السُّرعة والذؤول مِنَ النَّشَاطِ، والذَّأَلانُ مَشْيٌ سَرِيعٌ خَفِيفٌ فِي مَيَسٍ وسُرعة، وَبِهِ سُمِّي الذِّئْبُ ذُؤَالة، ذَأَلَ يَذْأَلُ ذَأْلًا وذَأَلاناً، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَرَّتْ بِأَعْلى السَّحَرَيْنِ تَذْأَلُ
والذَّأَلانُ أَيضاً: مَشْي الذِّئْبِ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَالْعَرَبُ تَجْمَعُهُ عَلَى ذَآلِيلَ فَيُبْدِلُونَ النُّونَ لَامًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف كَيْفَ هَذَا الْجَمْعُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَانَ حَقُّهُ ذآلِين لِيَكُونَ مِثْلَ كَرَوان وكَراوِينَ إِلا أَنه أَبدل مِنَ النُّونِ لَامًا؛ وَشَاهِدُ الذَّآلِيل قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
بِذِي مَيْعةٍ، كأَنَّ بَعْضَ سِقاطِه ... وتَعْدائه رِسْلًا ذَآلِيلُ ثَعْلَب
وَقَالَ آخَرُ:
ذُو ذَأَلانٍ كَذآلِيلِ الذِّئِبْ
وَرَجُلٌ مِذْأَلٌ مِنْهُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:(11/254)
يأْتي لَهَا مِن أَيْمُنٍ وأَشْمُل ... ذُو خِرَق طُلْسٍ، وشَخْص مِذْأَل
ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ: قَالَ الْقَالِي وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَجْمَعُ ذَأَلان الذِّئْبِ ذَآلِينَ وذآلِيلَ. وذؤَالةُ: الذِّئْبُ، اسْمٌ لَهُ مَعْرِفَةٌ لَا يَنْصَرِفُ، سُمِّيَ بِهِ لخِفَّته فِي عَدْوه، وَالْجَمْعُ ذِئلانٌ وذُؤْلان؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَسماء بْنُ خَارِجَةَ يَصِفُ ذِئْبًا طَمِع فِي نَاقَتِهِ:
لِيَ كلَّ يَوْمٍ مِنْ ذُؤاله، ... ضِغْثٌ يَزِيدُ عَلَى إِباله
وَقَالَ: هُوَ مَثَلٌ يضرب للأَمر ينبع الأَمر أَي لِيَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ ذؤالةَ بَلِيّة عَلَى بَلِيَّةٍ. وَيُقَالُ: خَشِّ ذُؤَالَةَ بالحِبالة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: خَشِّ فِعْلُ أَمر مِنْ خَشَّيْتُه أَي خَوَّفتُه، وَمَعْنَاهُ قَعْقِع تُرْهِبْ؛ وَفِي الْحَدِيثِ
: مَرَّ بجارِية سَوْدَاءَ وَهِيَ تُرقِّص صَبيًّا لَهَا وَتَقُولُ:
ذُؤال، يَا ابنَ القومِ، يَا ذُؤَالَه
فَقَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا تَقُولِي ذُؤال فإِنه شَرُّ السِّباع
؛ ذُؤالَ: تَرْخِيمُ ذُؤالة وَهُوَ اسْمُ عَلَمٍ لِلذِّئْبِ مِثْلَ أُسامة للأَسد. والذَّأْلان: الذِّئْبُ أَيضاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فارَطَني ذَأْلانُه وسَمْسَمُه
والذُّؤلانُ: ابْنُ آوَى. التَّهْذِيبُ: والذَّأْلان بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ، يُقَالُ: هُوَ ابْنُ آوَى، وَقَدْ سَمَّت الْعَرَبُ عَامَّةَ السِّبَاعِ بأَسماء معارِفَ يُجرونها مُجْرى أَسماء الرِّجَالِ والنساء.
ذبل: ذَبَلَ النباتُ والغُصن والإِنسان يَذْبُلُ ذَبْلًا وذُبُولًا: دَقَّ بَعْدَ الرِّيّ، فَهُوَ ذَابِل، أَي ذَوى، وَكَذَلِكَ ذَبُلَ، بِالضَّمِّ. وقَناً ذَابل: دَقِيقٌ لاصِق اللِّيطِ، وَالْجَمْعُ ذُبَّلٌ وذُبُلٌ. وَيُقَالُ: ذَبَلَ فُوهُ يَذْبُلُ ذُبُولًا وذَبَّ ذُبوباً إِذا جَفَّ ويَبسَ رِيقُه وأَذْبَلَهُ الْحَرُّ. والتَّذَبُّل: مِنْ مَشْي النِّسَاءِ إِذا مَشَتِ المرأَة مِشْية الرِّجَالِ وَكَانَتْ دَقِيقَةً. وَيُقَالُ: ذِبْلُ ذَبِيل أَي ثُكْلُ ثَاكِلٍ؛ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ المرأَة ذِبْلة. وَمَا لَهُ ذَبَلَ ذَبْلُه أَي أَصلُه، وَهُوَ مِنْ ذُبُول الشَّيْءِ أَي ذَبَلَ جِسْمُهُ وَلَحْمُهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ بَطَل نِكَاحُهُ؛ قَالَ كُثَيْرُ بْنُ الغَريرةِ:
طِعان الكُماة ورَكْض الجِيادِ، ... وقَوْل الحواضِنِ: ذَبْلًا ذَبِيلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الذَّبِيل العَجَبُ؛ قَالَ بَشامةُ بْنُ الغَدِير النَّهْشَلي:
طعان الكماة وضرب الجياد، ... وَقَوْلُ الْحَوَاضِنِ: ذَبْلًا ذَبيلا
وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ لِمُعَاوِيَةَ وَقَدْ كَبِر: مَا تسأَل عَمَّنْ ذَبَلت بَشرته
أَي قُلَّ مَاءُ جِلْدِهِ وَذَهَبَتْ نَضارته. وَيُقَالُ: ذَبَلَتْهم ذُبَيلةٌ أَي هَلكوا. ابْنُ الأَعرابي: الذُّبال النَّقَّابات، وَكَذَلِكَ الدُّبال بِالذَّالِ وَالدَّالِ، قَالَ: وذَبَلَته ذُبول ودَبَلَته دُبول، قَالَ: والذِّبل الثكْل؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: فَهُمَا لُغَتَانِ. وذَبُلَ الْفَرَسُ: ضَمُر؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
عَلَى الذَّبْلِ جَيّاشٌ كأَنَّ اهْتِزامَه، ... إِذا جاشَ فِيهِ حَمْيُه، غَلْيُ مِرْجَلِ
والذَّبْلةُ: الرِّيحُ المُذْبِلةُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
دِيار مَحَتْها بَعْدَنا كُلُّ ذَبْلةٍ ... دَروجٍ، وأُخرى تُهْذِبُ الْمَاءَ سَاجِرُ(11/255)