يسأَله عَنْهَا، فَقَالَ
حُذَيْفَةُ: إِنك لرَهِق، أَتظنُّ أَنِّي أَهابُك لأُقرئك؟
فَكَانَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَعْدَ ذَلِكَ إِذا سَمِعَ إِنساناً يقرأُ: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا؛ قَالَ
عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اللَّهُمَّ إِنك بَيَّنتها وكَتمها حذيفةُ.
والرهَق: الْعَجَلَةُ؛ قَالَ الأَخطل:
صُلْب الحَيازِيم، لَا هَدْر الْكَلَامِ إِذا ... هَزَّ القَناةَ، وَلَا مستعجِل رَهِقُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن فِي سَيف خالدٍ رَهَقاً
أَي عَجَلَةً. والرهَق: الْهَلَاكُ أَيضاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ حُمُراً وَرَدَتِ الماءَ:
بَصْبَصْن واقْشَعْرَرْن مِنْ خَوْفِ الرَّهَق
أَي مِنْ خَوْفِ الْهَلَاكِ. والرَّهَق أَيضاً: اللَّحاق. وأَرهقني الْقَوْمُ أَن أُصلي أَي أَعجلوني. وأَرهقْته أَن يُصَلِّيَ إِذا أَعجلتَه الصَّلَاةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ارْهَقوا القِبلةَ
أَي ادْنُوا مِنْهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: غُلَامٌ مُراهِق أَي مُقارِب للحُلُم، وراهَق الحلُم: قَارَبَهُ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَالْخَضِرِ: فَلَوْ أَنه أَدركَ أَبَوَيه لأَرْهقَهما طُغياناً وكُفراً
أَي أَغشاهما وأَعجلهما. وَفِي التَّنْزِيلِ: أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً.
وَيُقَالُ: طَلَبْتُ فُلَانًا حَتَّى رهِقته أَي حَتَّى دنوتُ مِنْهُ، فَرُبَّمَا أَخذه وَرُبَّمَا لَمْ يأْخُذْه. ورَهِق شُخوصُ فُلَانٍ أَي دَنَا وأَزِف وأَفِد. والرهَق: العَظَمة، والرهَق: العيْب، وَالرَّهَقُ: الظُّلْمُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً
؛ أَي ظُلماً؛ وَقَالَ الأَزهري: فِي هَذِهِ الْآيَةِ الرَّهَقُ اسْمٌ مِنَ الإِرهاق وَهُوَ أَن يَحْمِلَ عَلَيْهِ مَا لَا يُطيقه. ورجُل مُرَهَّق إِذا كَانَ يُظن بِهِ السوءُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي وَائِلٍ: أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، صَلَّى عَلَى امرأَة كَانَتْ تُرَهَّق
أَي تُتَّهم وتُؤَبَّن بِشَرٍّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَلك رَجُلَانِ مَفازة: أَحدهما عَابِدٌ، وَالْآخَرُ بِهِ رَهَق
؛ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فُلَانٌ مُرَهَّق
أَي مُتَّهَم بِسُوءٍ وسَفَه، وَيُرْوَى
مُرَهِّق
أَي ذُو رَهَق. وَيُقَالُ: الْقَوْمُ رُهاق مِائَةٍ ورِهاق مِائَةٍ، بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا، أَي زُهاء مِائَةٍ وَمِقْدَارُ مِائَةٍ؛ حَكَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ عَنْ أَبي زَيْدٍ. والرَّيْهُقان: الزَّعْفَرَانُ؛ وأَنشد ابْنُ بريد لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
فأَخْلسَ مِنْهَا البَقْلُ لَوْناً، كأَنَّه ... عَلِيل بِمَاءِ الرَّيْهُقانِ ذَهِيب
وَقَالَ آخَرُ: التارِك القِرْن عَلَى المِتانِ، كأَنّما عُلَّ برَيْهُقانِ
روق: الرَّوْق: القَرْن مِنْ كُلِّ ذِي قَرن، وَالْجَمْعُ أَرْواق؛ وَمِنْهُ شِعْرُ عَامِرِ بْنِ فُهيرة:
كالثَّور يَحْمِي أَنْفَه برَوْقِه
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:
تِلْكُم قُرَيْشٌ تَمنَّاني لتَقْتُلَنِي، ... فَلَا وربِّك، مَا بَرُّوا وَلَا ظَفِروا
فإِن هَلَكْتُ، فَرَهْنٌ ذِمَّتِي لهمُ ... بِذَاتِ رَوْقَيْنِ، لَا يَعْفُو لَهَا أَثرُ
الرَّوْقانِ: تَثْنِيَةُ الرَّوْقِ وَهُوَ القَرْنُ، وأَراد بِهَا هَاهُنَا الحَربَ الشديدةَ، وَقِيلَ الدَّاهِيَةَ، وَيُرْوَى بِذَاتِ وَدْقَينِ وَهِيَ الْحَرْبُ الشَّدِيدَةُ أَيضاً. ورَوْقُ الإِنسان: هَمُّه ونَفْسه، إِذا أَلقاه عَلَى الشَّيْءِ حِرْصاً قِيلَ: أَلقَى عَلَيْهِ أَرْواقَه؛ كَقَوْلِ رُؤْبَةَ:
والأَرْكُبُ الرامُون بالأَرواقِ(10/131)
وَيُقَالُ: أَكل فلانٌ رَوْقَه وَعَلَى روْقهِ إِذا طَالَ عُمُره حَتَّى تَتَحاتّ أَسنانُه. وأَلقى عَلَيْهِ أَرواقَه وشَراشِره: وَهُوَ أَن يُحبه حُبّاً شَدِيدًا حَتَّى يَسْتَهْلِك فِي حُبه. وأَلقى أَرْواقَه إِذا عَدا واشتدَّ عَدْوُه؛ قَالَ تأَبط شَرًّا:
نَجوتُ مِنْهَا نَجَائِي مِنْ بَجِيلةَ، إِذْ ... أَلْقَيْتُ، لَيلةَ جَنْبِ الجَوِّ، أَرْواقي
أَي لَمْ أَدَعْ شَيْئًا مِنَ العدْوِ إِلّا عدَوْته، وَرُبَّمَا قَالُوا: أَلقى أَرْواقَه إِذا أَقام بِالْمَكَانِ واطمأَن بِهِ كَمَا يُقَالُ أَلقى عَصاه. وَرَمَاهُ بأَرْواقه إِذا رَماه بثِقْلِه. وأَلْقَت السحابةُ عَلَى الأَرض أَرواقها: أَلَحَّتْ بِالْمَطَرِ والوَبْل، وإِذا أَلحت السَّحَابَةُ بِالْمَطَرِ وَثَبَتَتْ بأَرض قِيلَ: أَلْقت عَلَيْهَا أَرواقَها؛ وأَنشد:
وَبَاتَتْ بأَرواقٍ عَلَينا سَوارِيا
وأَلقت أَرواقها إِذا جَدَّتْ فِي الْمَطَرِ. وَيُقَالُ: أَسْبَلَت أَرواقُ العَيْن إِذا سَالَتْ دموعُها؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
عَيْناك غَرْبا شَنَّةٍ أَسبَلَتْ ... أَرواقُها من كَيْن أَخْصامِها
وَيُقَالُ: أَرْخَت السماءُ أَرواقَها وعَزاليَها. ورَوْقُ السحابِ: سَيْلُه؛ وأَنشد:
مِثْل السحابِ إِذا تَحدَّر رَوْقُه ... ودَنا أُمِرَّ، وَكَانَ ممَّا يُمْنَع
أَي أُمِرَّ عَلَيْهِ فمرَّ وَلَمْ يُصبه مِنْهُ شَيْءٌ بعد ما رَجَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا أَلْقَتِ السَّمَاءُ بأَرواقِها
أَي بِجَمِيعِ مَا فِيهَا مِنَ الْمَاءِ؛ والأَرْواقُ: الأَثْقالُ؛ أَراد مِياهَها المُثْقِلة لِلسَّحَابِ. والأَرْواقُ: جَمَاعَةُ الجِسم، وَقِيلَ: الرَّوْق الْجِسْمُ نَفْسُهُ. وإِنه ليركَبُ الناسَ بأَرواقه، وأَرواقُ الرَّجُلِ: أَطرافه وجسَدُه. وأَلقى عَلَيْنَا أَرواقَه أَي غَطّانا بِنَفْسِهِ. ورمَوْنا بأَرْواقِهم أَي رَمَوْنَا بأَنفسهم؛ قَالَ شَمِرٌ: وَلَا أَعرف قَوْلَهُ أَلقى أَرواقَه إِذا اشْتَدَّ عدْوُه، قَالَ: وَلَكِنِّي أَعرفه بِمَعْنَى الجِدّ فِي الشَّيْءِ؛ وأَنشد بَيْتَ تأَبط شَرًّا:
نَجَوْتُ مِنْهَا نَجَائِي مِنْ بجيلةَ، إِذ ... أَرْسَلْتُ، لَيْلةَ جَنْب الرَّعْنِ، أَرواقي
وَيُقَالُ: أَرسل أَرواقَه إِذا عَدَا، وَرَمَى أَرواقه إِذا أَقام وَضَرَبَ بِنَفْسِهِ الأَرضَ. وَيُقَالُ: رَمَى فُلَانٌ بأَرواقِه عَلَى الدَّابَّةِ إِذا رَكِبَهَا، وَرَمَى بأَرواقه عَنِ الدَّابَّةِ إِذا نَزَلَ عَنْهَا. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: رَوْقُ الْمَطَرِ وروْق الجَيش وروْقُ البيتِ وروْقُ الْخَيْلِ مُقدَّمُه، وروْق الرَّجُلِ شَبَابُهُ، وَهُوَ أَوّل كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْتُهُ. وَيُقَالُ: جَاءَنَا رَوْقُ بَنِي فُلَانٍ أَي جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، كَمَا يُقَالُ: جَاءَنَا رأْسٌ لِجَمَاعَةِ الْقَوْمِ. ابْنُ سِيدَهْ: رَوْقُ الشَّبَابِ وَغَيْرُهُ ورَيْقُه ورَيِّقُه كُلُّ ذَلِكَ أَوله؛ قَالَ البَعِيث:
مَدَحْنا لَها رَيْقَ الشَّباب، فعارَضتْ ... جَناب الصِّبا فِي كاتِمِ السِّرّ أَعْجَما
وَيُقَالُ: فعَله فِي رَوْق شَبَابِهِ وريِّق شَبَابِهِ أَي فِي أَوّله. وريِّقُ كُلِّ شَيْءٍ: أَفضله، وَهُوَ فَيْعِل، فأُدغم. ورَوْقُ الْبَيْتِ: مقدَّمه، ورِواقه ورُواقه: مَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقِيلَ سَماوَتُه، وَهِيَ الشُّقّة الَّتِي دُونَ العُلْيا، وَالْجَمْعُ أَرْوِقة، ورُوقٌ فِي الْكَثِيرِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يَجُزْ ضَمُّ الْوَاوِ كَرَاهِيَةَ الضَّمَّةِ قَبْلَهَا وَالضَّمَّةُ فِيهَا، وَقَدْ رَوَّقَه. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّوْقُ والرِّواقُ سَقْفٌ فِي مقدَّم الْبَيْتِ، والرِّواق سِتْر يُمدّ دُونَ السَّقْفِ. يُقَالُ: بَيْتٌ مُرَوَّقٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:(10/132)
فظَلَّتْ لَدَيْهِم فِي خِباءٍ مُرَوَّقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: بَيْتُ الأَعشى هُوَ قَوْلُهُ:
وَقَدْ أَقْطَعُ الليلَ الطويلَ بفتْيةٍ ... مَسامِيحَ تُسْقَى، والخِباءُ مُرَوَّقُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رِواق الْبَيْتِ مُقدَّمه. ابْنُ سِيدَهْ: رِواقا اللَّيْلِ مُقَدَّمُهُ وجَوانِبُه؛ قَالَ:
يَرِدْنَ، والليلُ مُرِمٌّ طائرُهْ، ... مُرْخًى رِواقاه، هُجودٌ سامِرُهْ
وَيُرْوَى: مُلْقًى رِواقاه، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: وليلٌ مُرَوَّقٌ مُرْخَى الرِّواق؛ قَالَ ذُو الرُّمّة يَصِفُ اللَّيْلَ، وَقِيلَ يَصِفُ الْفَجْرَ:
وَقَدْ هَتَكَ الصُّبْحُ الجَلِيُّ كِفاءهُ، ... وَلَكِنَّهُ جَوْنُ السَّراةِ مُرَوَّقُ
ومضَى رَوْقٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي طَائِفَةٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُجْمَعُ رَوْق عَلَى أَرْوُق؛ قَالَ:
خُوصاً إِذا مَا الليلُ أَلْقى الأَرْوُقا، ... خَرَجْنَ مِنْ تحتِ دُجاه مُرَّقا
قَالَ: وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ جمعَ رِواقٍ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ مَكان وأَمْكُنٌ، قَالَ: وَكَذَا فَسَّرَهُ أَبو عَمْرٍو الشَّيباني فَقَالَ: هُوَ جَمْعُ رِواق، وَرُبَّمَا قَالُوا: رَوَّقَ الليلُ إِذا مَدَّ رِواقَ ظُلْمته وأَلقى أَرْوِقَته. ابْنُ الأَعرابي: الرَّوْقُ السَّيِّد، والرَّوْقُ الصَّافِي مِنَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ، والرَّوْقُ العُمُر. يُقَالُ: أَكل رَوْقَه. والرَّوْقُ نفْس النَّزْع، والرَّوْق المُعجِب. يُقَالُ: رَوْقٌ ورَيْقٌ؛ وأَنشد الْمُفَضَّلُ:
عَلَى كُلِّ رَيْقٍ تَرَى مُعْلَماً، ... يُهَدِّرُ كالجَمَلِ الأَجْرَبِ
قَالَ: الرَّيْقُ هَاهُنَا الفرَس الشَّرِيفُ. والرَّوْقُ: الحُبُّ الخالِص. والأَرْواقُ: الفَساطِيطُ؛ اللَّيْثُ: بَيْتٌ كالفُسطاط يُحمل عَلَى سِطاعٍ وَاحِدٍ فِي وسَطه، وَالْجَمْعُ أَرْوِقةٌ. وَيُقَالُ: ضَرَبَ فُلَانٌ رَوْقَه بِمَوْضِعِ كَذَا إِذا نَزَلَ بِهِ وَضَرَبَ خَيْمَتَهُ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجّال:
فَيَضْرِبُ رواقَه فَيَخْرُجُ إِليه كُلُّ مُنافِق
، أَي يَضْرِبُ فُسطاطه وقُبَّته وموضعَ جُلُوسِهِ. وَرُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فِي حَدِيثٍ لَهَا: ضرَب الشيطانُ رَوْقَه ومَدّ أَطْنابَه
؛ قيل: الرَّوْقُ الرِّواق وَهُوَ مَا بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ. قَالَ الأَزهري: رَوْقُ الْبَيْتِ ورواقُه وَاحِدٌ، وَهِيَ الشُّقة الَّتِي دُونَ الشُّقَّةِ العُليا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
ومَيِّتة فِي الأَرضِ إِلَّا حُشاشةً، ... ثَنَيْتُ بِهَا حَيًّا بمَيْسورِ أَرْبعِ
بثِنْتَيْنِ، إِن تَضرِبْ ذِهِي تَنْصَرِفْ ذِهِي، ... لكِلَتَيْهِما رَوْق إِلى جَنْبِ مِخْدَعِ
قَالَ الْبَاهِلِيُّ: أَراد بالمَيتة الأُثْرة، ثَنَيتُ بِهَا حَيّاً أَي بَعِيراً؛ يَقُولُ: اتَّبَعْت أَثَره حَتَّى رَدَدْته. والأُثْرة: مِيسَم فِي خُفّ الْبَعِيرِ مَيِّتَةٌ خَفِيّة، وَذَلِكَ أَنها تَكُونُ بيِّنة ثُمَّ تَثبُت مَعَ الْخُفِّ فَتَكَادُ تَسْتَوِي حَتَّى تُعادَ، إِلّا حُشاشة: إِلَّا بَقِيّة مِنْهَا، بمَيْسُور أَي بِشقٍّ مَيْسُورٍ، يَعْنِي أَنه رأَى النَّاحِيَةَ اليُسرى فَعَرَفَهُ بِثنتين يَعْنِي عَينين، رَوْق يَعْنِي رِواقاً، وَهُوَ حِجَابُهَا الْمُشْرِفُ عَلَيْهَا، وأَراد بالمِخْدع دَاخِلَ الْبَعِيرِ. ابْنُ الأَعرابي: مِنَ الأَخْبِية مَا يُرَوَّقُ، وَمِنْهَا مَا لَا يروَّق؛ فإِذا كَانَ بَيْتًا ضَخْماً جُعِلَ لَهُ رِواق وَكِفَاءٌ، وَقَدْ يَكُونُ الرِّواقُ مِنْ شُقّة وشُقَّتين وَثَلَاثِ شُقق. الأَصمعي: رِواقُ الْبَيْتِ ورُواقه(10/133)
سَماوتُه وهي الشُّقَّ الَّتِي دُونَ العُليا. أَبو زَيْدٍ: رِواق الْبَيْتِ سُتْرةُ مُقدَّمِه مِنْ أَعلاه إِلى الأَرض، وكِفاؤه سُترة أَعلاه إِلى أَسفله مِنْ مُؤَخَّرِهِ، وسِتْر الْبَيْتِ أَصغر مِنَ الرِّواق، وَفِي الْبَيْتِ فِي جَوفه سِتر آخَر يُدْعَى الحَجَلةَ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رِوَاقُ الْبَيْتِ مُقدَّمه، وكِفاؤه مؤخَّره، سُمِّيَ كِفاء لأَنه يُكافئ الرِّواق، وخالِفتاه جَانِبَاهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَكِنَّهُ جَوْنُ السَّراة مُرَوَّقُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْبَيْتُ؛ شَبَّهَ مَا بَدَا مِنَ الصُّبْحِ وَلَمَّا ينْسَفِر وَهُوَ يَسوق نَفْسَهُ. والرّوْقُ: مَوْضِعُ الصَّائِدِ مُشبّه بِالرِّوَاقِ. والرَّوْقُ: الإِعْجاب. وراقَني الشيءُ يَرُوقُني رَوْقاً ورَوَقاناً: أَعجبني، فَهُوَ رَائِقٌ وأَنا مَرُوق، واشْتُقّت مِنْهُ الرُّوقة وَهُوَ مَا حَسُن مِنَ الوَصائفِ والوُصَفاء. يُقَالُ: وَصِيفٌ رُوقةٌ وَوُصَفاء رُوقة. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وُصَفَاءُ رُوق؛ وَقَوْلُ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي رَاقَ:
راقَتْ عَلَى مُقْلَتَيْ سُوذانِقٍ خَرِصٍ، ... طاوٍ تَنَفَّضَ مِنْ طَلٍّ وأَمْطارِ
وَصْفَ عَيْنَ نَفْسِهِ أَنها زَادَتْ عَلَى عَيْنَيْ سُوذانِق. وَيُقَالُ: راقَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذا زَادَ عَلَيْهِ فَضْلًا، يَرُوق عَلَيْهِ، فَهُوَ رَائِقٌ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ جَارِيَةً:
راقَتْ على البِيضِ الحِسانِ ... بحُسْنِها وَبهائها
وَقَالَ غَيْرُهُ: أَرْواقُ الليلِ أَثناء ظُلَمه؛ وأَنشد:
ولَيْلةٍ ذاتِ قَتامٍ أَطْباقْ، ... وذاتِ أَرْواقٍ كأَثْناء الطّاقْ
والرُّوقةُ: الجَميل جِدًّا مِنَ النَّاسِ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى رُوَقٍ، ورُبّما وُصفت بِهِ الْخَيْلُ والإِبل فِي الشِّعْرِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَرْمِيهِمُ بِبَكَراتٍ رُوقَه
إِلا أَنه قَالَ رُوقة هَاهُنَا جَمْعُ رَائِقٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَمّا الْهَاءُ عِنْدِي فلتأْنيث الْجَمْعِ، وَلَمْ يَقُلِ ابْنِ الأَعرابي إِن هَذَا إِنما يُوصَفُ بِهِ الْخَيْلُ والإِبل فِي الشِّعْرِ بَلْ أَطلقه فَلَمْ يَخُصَّ شِعْرًا مِنْ غَيْرِهِ. والرُّوق: الغِلمان الْمِلَاحُ، الْوَاحِدُ رَائِقٌ. وَيُقَالُ: غِلمان رُوقة أَي حِسان، وَهُوَ جَمْعُ رَائِقٍ مِثْلُ فارِه وفُرْهة وَصَاحِبٍ وصُحْبة، ورُوقٌ أَيضاً مِثْلُ بازِل وبُزْلٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزُ:
يَا رُبَّ مُهْرٍ مَزْعوقْ، ... مُقَيَّلٍ أَو مَغْبُوقْ
مِنْ لبَن الدُّهْم الرُّوقْ، ... حَتَّى شَتا كالذُّعْلُوقْ،
أَسْرَع مِنْ طَرْف المُوقْ
وَفِي حَدِيثِ ذِكْرِ الرُّومِ:
فيَخرج إِليهم رُوقة الْمُؤْمِنِينَ
أَي خِيارُهم وسَراتُهم، وَهِيَ جَمْعُ رَائِقٍ. راقَ الشيءُ إِذا صَفا، وَيَكُونُ لِلْوَاحِدِ. يُقَالُ: غُلامٌ رُوقةٌ وغِلمان رُوقة. والرُّوقة: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ، يَمانية. والرَّاوُوقُ: المِصْفاةُ، وَرُبَّمَا سَمَّوُا الباطِيةَ راوُوقاً. اللَّيْثُ: الرَّاوُوقُ ناجُود الشَّراب الَّذِي يُرَوَّق بِهِ فيُصَفَّى، وَالشَّرَابُ يَتروَّقُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عَصْرٍ. وراقَ الشرابُ والماءُ يَرُوقان رَوْقاً وتَرُّوقاً: صَفَوَا؛ ورَوَّقه هُوَ تَرْوِيقاً، وَاسْتَعَارَ دُكَينٌ الراوُوقَ للشَّباب فَقَالَ:
أُسْقَى بِراووق الشَّباب الخاضِلِ(10/134)
وإِراقةُ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ: صَبُّه. وأَراقَ الْمَاءَ يُرِيقه وهَراقَه يُهَرِيقُه بدَل، وأَهْراقَه يُهْرِيقُه عِوَضٌ: صبَّه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قُضِيَ عَلَى أَن أَصل أَراق أَرْوَقَ لأَمرين: أَحدهما أَنّ كَوْنَ عَيْنِ الْفِعْلِ وَاوًا أَكْثَرُ مِنْ كَوْنِهَا يَاءً فِيمَا اعْتلَّت عَيْنُهُ، وَالْآخَرُ أَنّ الْمَاءَ إِذا هُرِيقَ ظَهَرَ جَوْهرُه وصَفا فَراقَ رائيَه يَرُوقُه، فَهَذَا يقوِّي كَوْنَ الْعَيْنِ مِنْهُ وَاوًا، عَلَى أَنّ الْكِسَائِيَّ قَدْ حَكَى راقَ الماءُ يَرِيقُ إِذا انْصبّ، وَهَذَا قَاطِعٌ بِكَوْنِ الْعَيْنِ يَاءً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَرَقْت الْمَاءَ مَنْقُولٌ مِنْ راقَ الْمَاءَ يَرِيقُ رَيْقاً إِذا تَرَدَّدَ عَلَى وَجْهِ الأَرض، فَعَلَى هَذَا كَانَ حَقُّهُ أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ رِيقَ لَا فِي فَصْلِ رَوَقَ. وأَراقَ الرَّجُلُ مَاءَ ظَهرِه وهَراقه، عَلَى الْبَدَلِ، وأَهْراقه عَلَى الْعِوَضِ كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ أَسْطاعَ، وَقَالُوا فِي مَصْدَرِهِ إِهراقة كَمَا قَالُوا إِسْطاعة؛ قَالَ ذُو الرُّمّة:
فلَمّا دَنَتْ إِهْراقةُ الْمَاءِ أَنْصَبَتْ ... لأَعْزِلَه عَنْهَا، وَفِي النَّفْس أَن أَثْني
وَرَجُلٌ مُرِيقٌ وَمَاءٌ مُراقٌ عَلَى أَرَقْت، وَرَجُلٌ مُهَرِيقٌ وماء مُهَراقٌ على هَرَقْت، وَرَجُلٌ مُهْريقٌ وَمَاءٌ مُهْراقٌ عَلَى أَهْرَقْت؛ والإِراقةُ: مَاءُ الرَّجُلِ وَهِيَ الهِراقة، عَلَى الْبَدَلِ، والإِهْراقة، عَلَى العِوَض. وَهُمَا يتَراوقانِ الْمَاءَ: يتَداوَلانِ إِراقَته. ورَوَّق السَّكْران: بالَ فِي ثِيَابِهِ؛ هَذِهِ وَحْدَهَا عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَذَلِكَ جَمِيعُهُ مَذْكُورٌ فِي الْيَاءِ لأَن الْكَلِمَةَ وَاوِيَّةٌ وَيَائِيَّةٌ. والرَّوَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: طُولٌ وانْثِناء فِي الأَسنان، وَقِيلَ: الرَّوَقُ طُولُ الأَسنان وإِشْرافُ العُلْيا عَلَى السُّفْلى، رَوِقَ يَرْوَقُ رَوَقاً فَهُوَ أَرْوَقُ إِذا طَالَتْ أَسنانه؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ أَسْهُماً:
فرَمَيْت القوْمَ رِشْقاً صَائِبًا، ... ليْسَ بالعُصْلِ وَلَا بالمُقْتَعِلّ
رَقَمِيَّاتٌ عَلَيْهَا ناهِضٌ، ... تُكْلِحُ الأَرْوَقَ منهم والأَيَلّ
والرُّوق: الطِّوالُ الأَسنان، وَهُوَ جَمْعُ الأَرْوَق، وَالنَّعْتُ أَرْوَقُ ورَوْقاء، وَالْجَمْعُ رُوقٌ؛ وأَنشد:
إِذا مَا حالَ كُسُّ القَومِ رُوقا
والتَّرْويقُ: أَن تَبيع شَيْئًا لَكَ لِتَشْتَرِيَ أَطْول مِنْهُ وأَفضل، وَقِيلَ: التَّرْوِيقُ أَن تَبِيعَ بَالِيًا وَتَشْتَرِيَ جَدِيدًا؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقِيلَ: التَّرْوِيقُ أَن يَبِيعَ الرَّجُلُ سِلْعته ويَشتري أَجْودَ مِنْهَا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: باعَ سِلْعَتَهُ فروَّق أَي اشْتَرَى أَحسن مِنْهَا.
ريق: راقَ الماءُ يَرِيقُ رَيْقاً: انْصَبَّ؛ حَكَاهُ الْكِسَائِيُّ، وأَراقَه هُوَ إِراقة وهَراقَه عَلَى الْبَدَلِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقَالَ: هِيَ لُغَةٌ يَمَانِيَّةٌ ثم فشَت في مصر، وَالْمُسْتَقْبَلُ أُهَرِيقُ، وَالْمَصْدَرُ الإِراقهُ والهِراقهُ. وَقَالَ مَرَّةً: أُرِيقَتْ عينُه دَمْعاً وهُرِيقت. وَفِي الْحَدِيثِ:
كأَنَّما تُهْرَاقُ الدِّماء.
وراقَ السَّرابُ يَرِيقُ رَيْقاً: جَرَى وتضَحْضَحَ فَوقَ الأَرض؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا جَرى، مِنْ آلِهَا الرَّقْراقِ، ... رَيْقٌ وضَحْضاحٌ عَلَى القَياقِي
والرَّيْقُ: تَردُّد الْمَاءُ عَلَى وَجْهِ الأَرض مِنْ الضَّحْضاح وَنَحْوِهِ إِذا انْصَبَّ الْمَاءُ. اللَّيْثُ: الرِّيقُ مَاءُ الفَم غُدْوة قَبْلَ الأَكل ويؤَنث فِي الشِّعْرِ فَيُقَالُ ريقَتُها؛ غَيْرُهُ: والرِّيق الرُّضابُ، والرِّيقة أَخصّ مِنْهُ. ورِيقةُ الْفَمِ ورِيقُه: لعابُه،(10/135)
وَجَمْعُ الرِّيق أَرْياقٌ ورِياق؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
وكأَنَّ طَعْم مُدامةٍ عانِيّةٍ ... شَمِلَ الرِّياقَ، وخالَطَ الأَسْنانا
وَرَجُلٌ رَيِّقٌ، عَلَى فَيْعِل، وَعَلَى الرِّيق أَي لَمْ يُفْطِر. وَقَوْلُهُمْ: أَتيتُه عَلَى رِيقِ نفْسي أَي لَمْ أَطْعَم شَيْئًا. وَيُقَالُ: أَتيته رَيِّقاً وأَتيته رَائِقًا أَي عَلَى رِيقٍ لَمْ أَطعم شَيْئًا؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. وَالْمَاءُ الرائقُ: الَّذِي يُشرب عَلَى الرِّيق غُدْوة، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ إِلَّا لِلْمَاءِ؛ وأَكلت خُبْزًا رَيْقاً أَي بِغَيْرِ إِدام؛ وجاءَ فُلَانٌ رَائِقًا عَثَرِيّاً أَي فارِغاً بِلَا شَيْءٍ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ جاءَ غَيْرَ مَحْمُودِ المَجِيء، وَيُقَالُ: شَرِبْتُ الماءَ رَائِقًا وَهُوَ أَن يشرَبه شارِبه غُدوة بِلَا ثُفْل، وَلَا يُقَالُ إِلَّا لِلْمَاءِ. وراقَ الرَّجلُ يَرِيقُ إِذا جادَ بنفْسه عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ يَرِيق بِنَفْسِهِ رُيُوقاً أَي يَجُود بِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ. ورَيِّقُ كُلِّ شَيْءٍ أَفضلهُ وأَوَّله، تَقُولُ: رَيِّقُ الشَّباب ورَيِّقُ الْمَطَرِ وَقَدْ يخفَّف فَيُقَالُ رَيْقٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
مَدَحْنا لَهَا رَيْقَ الشَّبابِ، فعارَضَتْ ... جَناب الصِّبا فِي كاتِمِ السِّرِّ أَعْجَما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَيِّقُ الشَّبَابِ فيْعِل مِنْ راقَني الشيءُ يَرُوقني أَي أَعجبني، قَالَ: فَحَقُّهُ أَن يُذْكَرَ فِي تَرْجَمَةِ رَوَقَ لَا رَيَقَ، فأَما قَوْلُهُمْ رجُل رَيِّق إِذا كَانَ عَلَى رِيقِه، فَهُوَ مِنَ الْيَاءِ، قَالَ: والرَّيْقُ تَخْفِيفُ الرَّيِّق؛ وأَنشد المُفَضَّل:
عَلَى كُلِّ رَيْقٍ ترَى مُعْلَماً ... يُهَدِّرُ، كالجمَلِ الأَجْرَب
أَي رَيْق مُعْجب يَعْنِي فَرَسًا؛ وَقِيلَ: رَيِّقُ الْمَطَرِ ناحِيته وطرفهُ؛ يُقَالُ: كَانَ رَيِّقُهُ عَلَيْنَا وحِمِرُّه عَلَى بَنِي فُلَانٍ؛ وحِمِرُّه: مُعظَمُه، وَيُقَالُ: رَيِّق الْمَطَرِ أَوَّل شُؤْبُوبه؛ ابْنُ سِيدَهْ: ورَيِّقُ الشَّبَابِ أَوله، وَقِيلَ: إِنَّمَا أَصله الْوَاوُ، ورَيِّقُ اللَّيْلِ أَوله؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَلجَأَه رَعْدٌ مِنَ الأَشْراطِ، ... ورَيِّقُ الليلِ إِلى أَراطِ
وَقَوْلُهُ:
فأَدْنى حِمارَيْكِ ازْجُرِي، إِنْ أَرَدْتِنا، ... وَلَا تَذْهَبي فِي رَيْقِ ليْلٍ مُضَلَّل
يَجُوزُ أَن يُعْنَى بالرَّيْقِ أَوَّل الشَّيْءِ وأَن يُعْنَى بِهِ السَّراب لأَنه مِمَّا يَكْنُون بِهِ عَنِ الْبَاطِلِ. وراقَ السَّرابُ يَرِيقُ رَيْقاً إِذا لمَعَ فَوْقَ الأَرض، وتَرَيَّقَ مِثْلُهُ. وَيُقَالُ: ذَهَبَ رَيْقاً أَي بَاطِلًا؛ وأَنشد:
حِمارَيْكِ سُوقي وازْجُري، إِن أَطعْتِني، ... وَلَا تَذْهَبي فِي رَيْق لُبٍّ مُضَلَّلِ «2»
وَيُقَالُ: أَقصِرْ عَنْ رَيْقك أَي عَنْ باطِلك. ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّيْقُ الْبَاطِلُ؛ قَالَ حَسَّان بنُ يَعْلى العَنْبري:
أَقُولُ لِمَنْ أَرْجُو نَصِيحةَ صَدْرِه: ... لَعَنَّك مِن صَهْباءَ فِي رَيْقِ باطِلِ
التَّهْذِيبُ: التِّرْياقُ اسْمٌ تِفْعالٌ سُمِّيَ بالرِّيق لِمَا فِيهِ مِنْ رِيق الحيَّات، وَلَا يُقَالُ تَرْياقٌ، وَيُقَالُ دِرْياقٌ. وَيُقَالُ: كَانَ هَذَا الأَمْر وَبِنَا رَيْقٌ أَي قُوَّة، وَكَذَلِكَ كَانَ هَذَا الأَمر وَبِنَا رَمَقٌ وبُلَّةٌ كله
__________
(2) . قوله [في ريق] تقدم في مادة حمر: في رنق بالنون والصواب ما هنا(10/136)
الرَّخاء والرِّفْق؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّة يَصِفُ ثَوْرًا:
حتَّى إِذا شَمَّ الصَّبا وأَبْرَدا، ... سَوْفَ العَذَارَى الرَّائقَ المُجَسَّدا
قِيلَ: أَراد بالرائِق ثَوْبًا قَدْ عُجِن بالمِسْك، والمُجَسَّد المُشْبَع صِبْغاً؛ وَقِيلَ: الرَّائقُ الشَّباب الَّذِي يَرُوقُها حُسْنُه وشَبابه؛ وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ قَالَ: وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ فإِذا بِرَيْقِ سَيْفٍ
، يُرْوَى بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ، مِنْ راقَ السَّرابُ إِذا لمَعَ، وَلَوْ رُوِيَ بِفَتْحِهَا عَلَى أَنها أَصلية مِنْ برَق السيفُ لَكَانَ وَجْهًا بَيِّناً؛ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمْ أَسمع أَحداً إِلَّا يَقُولُ: بِرَيْقِ سيفٍ مِنْ ورَائي يَعْنِي بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ.
فصل الزاي
زبق: زَبَقَهُ فِي السِّجْن زَبْقاً: حبَسه. وزَبقَه زَبْقاً: ضَيَّقَ عَلَيْهِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
ومَوْضِع زَبْقٍ لَا أُرِيدُ مَبِيتَه، ... كأَنّي بِهِ، مِن شدَّةِ الرَّوْعِ، آنِسُ
وزَبَقَ الشعَرَ يَزْبِقُهُ ويزبُقُه زَبْقاً: نَتَفَه، وَفِي الْمُصَنَّفِ: يَزْبِقُه بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ. وَلِحْيَةٌ زَبِيقةٌ: مَزْبوقة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ شَمِرُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ الصَّوَابُ عِنْدِي زَنَقَه يَزْنِقُه، بِالنُّونِ. وَقَالَ الْوَزِيرُ ابن الْمَغْرِبِيِّ: الأَزْبَقُ الَّذِي يَنْتِف شَعَرَ لِحْيَتِهِ لِحَمَاقَتِهِ؛ يُقَالُ: أَحْمَقُ أَزْبَقُ، فَهَذَا الْقَوْلُ يُصَحِّحُ قولَ الْجَوْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ. وانْزَبَقَ: دَخَلَ، لُغَةً فِي انْزَقَبَ. وانْزَبَقَ فِي الحِبالة: نشِبَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ابْنُ بُزُرْجَ: زَبَقَت المرأَةُ بِوَلَدِهَا أَي رَمَتْ بِهِ. والزابُوقَةُ: شِبْه دَغَلٍ فِي بِنَاءٍ أَو بَيْتٍ يَكُونُ لَهُ زَوَايَا مُعْوَجَّة. وزابُوقةُ الْبَيْتِ: ناحيتُه. وانْزَبَقَ فِي الْبَيْتِ: انْكَرَس فِيهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَقَدْ بَنى بَيْتاً خَفِيَّ المُنْزَبَقْ
الانْزِباقُ: الاستخفاءُ. والزابوقةُ: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْبَصْرَةِ كَانَتْ فِيهِ الْوَقْعَةُ يَوْمَ الْجَمَلِ أَول النَّهَارِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ زَبَقَ إِلا فِي ثَلَاثَةِ أَشياء: زَبَقْت فُلَانًا فِي الشَّيْءِ أَدْخَلْته فِيهِ، وزَبَقْتُه فِي الْبَيْتِ وانْزَبَق هُوَ، وزَبَقْتُ الشاةَ والبَهْمَ مِثْلَ رَبَقْتُه بِحَبْل، وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي: زَبَقْتُه فِي السِّجْنِ حَبَسْته؛ قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ صاحِبُه: ثُمَّ قرأْناه عَلَيْهِ بعدُ فَقَالَ: رَبَقْتُه، بِالرَّاءِ؛ قَالَ ابْنُ حَمْزَةَ: هَذَا غَلَطٌ مِنْ أَبي عُبَيْدٍ، إِنما رَبَقْته شَدَدْتُهُ بالرِّبْقِ أَي بِالْحَبَلِ، فأَما إِذا حَبَسْتُهُ فزَبقْته، بِالزَّايِ، كَمَا رُوِيَ عَنِ الأَصمعي. وزَبَقَ الشيءَ: كَسَرَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
ويَزْبِقُ الأَقْفالَ والتابُوتا
والزَّنْبَقُ: دُهْنُ الْيَاسَمِينِ. والزئبَقُ: الزاوُوق؛ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقَدْ أُعرب بِالْهَمْزِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُهُ زِئبِق، بِكَسْرِ الْبَاءِ، فيُلْحِقه بالزِّئْبِر والضئْبِل. ودِرْهم مُزَأْبَقٌ: مَطْلِيّ بالزِّئْبق، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ مُزَبَّق، ورأَيت فِي نُسْخَةٍ: الزئْبُقُ الزاوُوق، وَنَظِيرُهُ زِئْبُرُ الثَّوْبِ لُغَةٌ فِي زِئْبِره.
زبرق: الزِّبْرِقانُ: ليلةَ خَمْسَ عَشْرة. والزِّبْرِقانُ: الْقَمَرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تُضِيءُ لَهُ المَنابِرُ حِينَ يَرْقَى ... عَلَيْهَا، مِثْلَ ضَوْءِ الزِّبْرِقان(10/137)
وَقَالَ اللَّيْثُ: الزِّبْرِقان لَيْلةَ خَمْسَ عَشْرة مِنَ الشَّهْرِ. يُقَالُ: لَيْلَةُ الزِّبْرِقان وليلةُ البَدْر ليلةُ أَرْبَعَ عَشْرة. والزِّبْرِقانُ: مِنْ سَادَاتِ الْعَرَبِ وَهُوَ الزِّبْرِقان بنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَسْمِيَتِهِمْ أَباه بَدْراً، وَلَمَّا لَقِيَ الزِّبْرِقانُ الحُطَيئة فسأَله عَنْ نَسَبِهِ فَانْتَسَبَ لَهُ أَمَرَه بالعُدولِ إِلى حِلَّته وَقَالَ لَهُ: اسْأَلْ عَنِ القَمَرِ ابْنِ الْقَمَرِ أَي الزِّبْرِقان بْنِ بَدْرٍ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بالزِّبْرِقان لصُفْرةِ عمامَتِه وَاسْمُهُ حُصَين، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لأَنه كَانَ يُصَفِّرُ اسْته؛ حَكَاهُ قُطْرُبٌ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ؛ قَالَ المُخَبَّل السَّعْدِيُّ:
وأَشهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلولًا كَثِيرةً، ... يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا
قِيلَ: يَعْنِي بسِبِّه اسْتَه، وَقِيلَ: يَعْنِي بِهِ عِمَامَتَهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: وأَشهدَ، بِالنَّصْبِ، لأَن قَبْلَهُ:
أَلم تَعْلَمي، يَا أُمَّ عَمْرة، أَنَّني ... تَخَطَّأَني رَيْبُ المَنونِ لأَكْبَرا
وَقَدْ زَبْرَقَ ثَوْبَه إِذا صفَّره. والزِّبْرِقانُ: الخَفِيف اللِّحْيَةِ. وأَراهُ زَبارِيقَ المَنِيّة أَي لمَعانَها، جَمَعُوهَا عَلَى التَّشْنِيعِ لشأْنها والتعظيم لها.
زبعق: رَجُلٌ زَبَعْبَقٌ وزَبَعْبَقِيٌّ وزِبِعْباق إِذا كَانَ سيِءَ الخُلق؛ وأَنشد:
شِنْفِيرةٍ ذِي خُلُقٍ زَبَعْبَقِ
وأَنشده ابْنُ بَرِّيٍّ:
فَلَا تُصَلِّ بِهِدانٍ أَحْمَقِ ... شِنْظِيرةٍ ذِي خُلُقٍ زَبَعْبَقِ
زحلق: الزُّحْلوقة: آثارُ تَزَلُّجِ الصِّبْيَانِ مِنْ فَوْقَ إِلَى أَسفل، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هِيَ آثَارُ تَزَلُّج الصِّبْيَانِ مِنْ فَوْقَ طِينٍ أَو رَمْلٍ إِلى أَسفل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ووَصْلهُن الصِّبا، إِن كُنْتَ فاعلَه، ... وَفِي مَقَامِ الصِّبَا زُحْلوقةٌ زَلَلُ
يَقُولُ: مَقَامُ الصِّبَا بِمَنْزِلَةِ الزُّحْلُوقَةِ. وتَزَحْلَقُوا عَلَى الْمَكَانِ: تزلَّقُوا عَلَيْهِ بأَسْتاهِهم. والمُزَحْلَقُ: الأَمْلسُ. الْجَوْهَرِيُّ: الزَّحاليقُ لُغَةٌ فِي الزَّحَالِيفِ، الْوَاحِدَةُ زُحْلوقة؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ مُلاعِبُ الأَسِنَّة:
لَمَّا رأَيت ضِرَاراً فِي مُلَمْلَمةٍ، ... كأَنما حافَتاها حافَتا نِيقِ،
يَمَّمْتُه الرُّمْحَ شَزْراً ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: ... هذِي المُروءَةُ لَا لعْبُ الزَّحاليقِ
يَعْنِي ضِرَارَ بْنَ عَمْرٍو الضَّبِّيَّ. والزَّحْلقَةُ: كالدَّحْرَجَةِ، وَقَدْ تَزَحْلَق؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَمَّا رأَيتُ الشرَّ قَدْ تأَلّقا، ... وفِتْنةً تَرْمي بِمَنْ تَصَعَّقا،
مَن خَرَّ فِي طَحْطاحِها تَزَحْلقا
زدق: التَّهْذِيبِ: أَبو زَيْدٍ الزِّدْقُ الصِّدْقُ. وَهُوَ أَزْدَقُ مِنْهُ أَي أَصدق مِنْهُ. قَالَ: وَقَدْ قَالُوا القَزْدُ لِلْقَصْدِ، وَحَكَى النَّضْرُ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: خيرُ الْقَوْلِ أَزْدَقُه؛ وأَنشد الأَصمعي:
فَلاة فَلًى لَمّاعة، مَنْ يَجُرْ بِهَا ... عَنِ القَزْدِ تُجْحِفْه المَنايا الجَواحِفُ
قَالَ: هَكَذَا أَنشده أَبو حَاتِمٍ عَنِ الأَصمعي، بِالزَّايِ، لِمُزَاحِمٍ الْعُقَيْلِيِّ.
زرق: التَّهْذِيبِ: الزُّرْقةُ فِي الْعَيْنِ، تَقُولُ: زَرِقَتْ عَيْنُهُ، بِالْكَسْرِ، تَزْرَقُ زَرَقاً. ابْنُ سِيدَهْ: الزُّرْقة الْبَيَاضُ حَيْثُمَا كَانَ، والزُّرْقة: خُضْرَةٌ فِي سَوَادِ الْعَيْنِ،(10/138)
وَقِيلَ: هُوَ أَن يتغشَّى سوادَها بياضٌ، زَرِقَ زَرَقاً فَهُوَ أَزْرَقُ وأَزْرَقِيٌّ؛ قَالَ الأَعشى:
تتبَّعَه أَزْرَقِيٌّ لَحِمْ
وَقَدْ زَرِقَت عينُه، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَقَدْ زَرِقَتْ عَيْناكَ يَا ابْنَ مُكَعْبَرٍ، ... كَمَا كلُّ ضَبِّيٍّ مِنَ اللُّؤْمِ أَزْرَقُ
وازْرَقَّت عينُه ازْرِقاقاً وازْراقَّت عَيْنُهُ ازْرِيقاقاً، وَهُوَ أَزْرَقُ الْعَيْنِ. ونَصْلٌ أَزْرَقُ بيِّنُ الزَّرَق: شَدِيدُ الصَّفاء؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى إِذا تَوَقَّدت مِنَ الزَّرَقْ ... حَجْرِيّةٌ كالجَمْر مِنْ سَنِّ الذَّلَقْ
وَتُسَمَّى الأَسِنَّةُ زُرْقاً لِلَوْنِهَا. أَبو عُبَيْدَةَ: الزَّرَقُ تَحْجيل يَكُونُ دُون الأَشاعِر، وَقِيلَ: الزَّرَقُ بَيَاضٌ لَا يُطِيفُ بالعَظْم كُلِّهِ وَلَكِنَّهُ وضَحٌ فِي بَعْضِهِ. أَبو عَمْرٍو: الزَّرْقاءُ الخَمْرُ. وماءٌ أَزْرَقُ: صافٍ؛ رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي. ونُطْفة زَرْقاء. والزُّرْقُم: الأَزْرَقُ الشَّدِيدُ الزَّرَق، والمرأَة زُرقُم أَيضاً، وَالذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ليسَتْ بِكَحْلاءَ، وَلَكِنْ زُرْقُمُ، ... وَلَا بِرَسْحاءَ، وَلَكِنْ سُتْهُمُ
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ أزْرَقُ ورُزْقُم وامرأَة زَرْقاء بيِّنة الزَّرَقِ وزُرْقُمَةٌ. والأَزارِقهُ مِنَ الحَرُوريّة: صِنْف مِنَ الْخَوَارِجِ، وَاحِدُهُمْ أَزْرَقِيّ، يُنْسَبُونَ إِلى نَافِعِ بْنِ الأَزْرَق وَهُوَ مِنَ الدُّول بْنِ حَنِيفَةَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ عِطاش؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن هَذَا لَيْسَ عَلَى الْقَصْدِ الأَول، إِنما مَعْنَاهُ ازْرَقَّت أَعينُهم مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ، وَقِيلَ: عُمْياً يَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ بُصَراء كَمَا خُلِقوا أَوَّلَ مَرَّةٍ ويَعْمَوْن فِي الْمَحْشَرِ، وإِنما قِيلَ زُرْقاً لأَن السَّوَادَ يَزْرَقُّ إِذا ذَهَبَتْ نواظِرُهم، وَيُقَالُ: زُرْقاً طامِعينَ فِيمَا لَا يَنَالُونَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الزُّرْقُ المِياهُ الصَّافِيَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه، ... وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضرِ المُتَخَيِّم
وَالْمَاءُ يَكُونُ أَزْرَقَ وَيَكُونُ أَسْجَرَ وَيَكُونُ أَخضرَ وَيَكُونُ أَبيضَ. والزُّرْقُ: أَكْثِبَةٌ بالدَّهْناء؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وقَرَّبْن بالزُّرْقِ الحَمائِلَ، بَعْدَ مَا ... تَقَوَّبَ عَنْ غِرْبانِ أَوْراكِها الخَطْرُ
والزُّرَيْقاءُ: ثَرِيدةٌ تُدَسَّمُ بِلَبَنٍ وزَيْت. والمِزْراقُ مِنَ الرِّماح: رُمْحٌ قَصِيرٌ وَهُوَ أَخف مِنَ العَنَزَة. وَقَدْ زَرَقَه بالمِزْراقِ زَرْقاً إِذا طعنَه أَو رَمَاهُ بِهِ. والبازِي يَكُونُ أَزرق وَهِيَ الزُّرْقُ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مِنَ الزُّرْق أَو صُقْع كأَن رُؤُوسها
وزَرَقَه بِعَيْنِهِ وَبِبَصَرِهِ زَرْقاً: أَحَدَّهُ نحوَه وَرَمَاهُ بِهِ. وزَرَقَتْ عينُه نَحْوِي إِذا انْقَلَبَت وظهرَ بياضُها. وزَرَقَت الناقةُ الرَّحْلَ أَي أَخَّرته إِلى وَرَاءٍ فانْزَرَق؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَزْعُمُ زيدٌ أَنَّ رَحْلي مُنْزَرقْ، ... يَكْفِيكَه اللَّهُ، وحَبْلٌ فِي العُنُقْ
يَعْنِي اللبَبَ. والمُنْزَرِقُ: المُسْتَلْقِي وَرَاءَهُ.(10/139)
وانْزَرَقَ الرجُل انْزِراقاً إِذا اسْتَلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ لِلْبَعِيرِ الَّذِي يُؤَخِّرُ حَمْلَهُ إِلَى مؤخَّره مِزْراقٌ، ورأَيت جَمَلًا عِنْدَهُمْ يُسَمَّى مِزْراقاً لتأْخيره أَداته وَمَا حُمِلَ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ زَرّاقٌ: خَدَّاعٌ. والزَّرْقة: خَرزة يؤَخَّذُ بِهَا الرِّجَالُ. وزَرَقَ الطائرُ وغَيْرُه وذَرَقَ إِذا حَذَفَ بِهِ حَذْفاً. والزُّرَّقُ: طَائِرٌ بَيْنَ الْبَازِي والباشَق يُصادُ بِهِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ الْبَازِي الأَبيض، وَالْجَمْعُ الزَّرارِيقُ. والزُّرَّقُ: شَعَرَاتٌ بِيضٌ تَكُونُ فِي يَدِ الْفَرَسِ أَو رِجْلِهِ. والزُّرَّقُ: بَيَاضٌ فِي نَاصِيَةِ الْفَرَسِ أَو قَذالِه. والزُّرَّقُ: الحَديد النَّظَرِ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. والزَّوْرَقُ مِنَ السُّفُن دُونَ الخُلُج، وَقِيلَ: هُوَ الْقَارِبُ الصَّغِيرُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة، ... دَعائمَ الزَّورِ نِعْمَت زَورَق البَلدِ
يَعْنِي نِعْمَت سَفِينةُ الْمَفَازَةِ؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ أَنشده مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ:
تَزَوْرَقتَ، يَا ابْنَ القَيْنِ، مِنْ أَكل فِيرةٍ ... وأَكْلِ عُوَيثٍ، حِينَ أَسْهَلَك البَطْنُ
وَيُقَالُ: تَزَوْرَقَ الرجلُ إِذا رَمَى مَا فِي بَطْنِهِ. والزَّوْرَقُ مأْخوذ مِنْهُ، وَقَدْ سَمَّتْ زَرَقاناً. وزُرَيْقٌ وزُرْقان: اسْمَانِ. والزَّرْقاء: فَرَسُ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى. والزَّرْنُوقانِ، بِفَتْحِ الزَّايِ: مَنارتان تُبْنَيانِ عَلَى رأْس البئْر؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ فَعْنُول وَهُوَ غَرِيبٌ، فأَما الزُّرْنُوق، بِضَمِّ الزَّايِ، فرُباعيّ، وسيذكر.
زربق: زَرْبَقَ الثوبَ: فَصَّله.
زردق: الزَّرْدق: خَيْط يُمَدُّ. والزَّرْدَقُ: الصَّفُّ القيامُ مِنَ النَّاسِ. والزَّرْدَق: الصفُّ مِنَ النَّخْلِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ زَرَدَهُ.
زرفق: الزَّرْفَقةُ: السُّرْعة. وَسَيْرٌ مُزْرَنْفِقٌ وَبَعِيرٌ مُزْرَنْفِقٌ: سَرِيعٌ. والأَعْرَفُ فِيهِمَا مُدْرَنْفِقٌ. وزَرْفَقَ وهَزْرَقَ: أَسرع.
زرمق: الزُّرْمانِقةُ: جُبَّة مِنْ صُوفٍ، وَهِيَ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَن مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَتْ عَلَيْهِ زُرْمانِقةُ صُوفٍ لَمَّا قَالَ لَهُ ربُّه: وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ.
وَفِي الصِّحَاحِ فِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَن مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لَمَّا أَتى فِرْعونَ أَتاه وَعَلَيْهِ زُرْمانِقةٌ
يَعْنِي جبَّة صُوفٍ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراها عِبْرَانِيَّةً، قَالَ: وَالتَّفْسِيرُ هُوَ فِي الْحَدِيثِ، وَيُقَالُ: هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وأَصله أُشْتُرْبانَهْ أَي مَتاع الجَمّال، وَفِي النِّهَايَةِ: أَي متاع الجمل.
زرنق: الزُّرْنُوقانِ: حَائِطَانِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: مَنارتانِ تُبْنَيانِ عَلَى رأْس الْبِئْرِ مِنْ جَانِبَيْهَا فتُوضع عَلَيْهِمَا النَّعامةُ، وَهِيَ خَشَبَةٌ تُعَرَّض عَلَيْهِمَا ثُمَّ تُعَلِّقُ فِيهَا البَكْرة فيُسْتَقى بِهَا وَهِيَ الزَّرانِيق، وَقِيلَ: هُمَا خَشَبَتَانِ أَو بِنَاءَانِ كالمِيلَين عَلَى شَفِير الْبِئْرِ مِنْ طِينٍ أَو حِجَارَةٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: فإِن كَانَ الزُّرْنُوقان مِنْ خَشَبٍ فَهُمَا دِعامَتانِ، وَقَالَ الْكِلَابِيُّ: إِذا كَانَا مِنْ خَشَبٍ فَهُمَا النَّعامَتانِ والمُعْتَرِضة عَلَيْهِمَا هِيَ العَجلة، والغَرْب مُعَلَّق بالعَجَلة، وَقِيلَ: الزَّرانِيقُ دُعُم البِئر، وَاحِدُهَا زُرْنوق، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ زَرْنُوق؛ رَوَاهُ كُرَاعٍ، قَالَ: وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلا بَنُو صَعْفوق خوَلٌ بِالْيَمَامَةِ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: الزَّرْنوق، بفتح(10/140)
الزاء، فَعْنُول وَهُوَ غَرِيبٌ. وَيُقَالُ: الزّرْنوق بِفَتْحِ الزَّايِ وَضَمِّهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لَا أَدَعُ الحَجّ وَلَوْ تَزَرْنَقْتُ
أَي وَلَوْ خَدَمْت زَرانِيقَ الآبارِ فَسَقَيْت لأَجْمَعَ نَفَقَةَ الحجِّ. والزُّرْنُوقُ: النَّهْرُ الصَّغِيرُ. وَرُوِيَ عَنْ
عِكْرِمَةَ أَنه قِيلَ لَهُ: الجُنُب يَنْغَمِسُ فِي الزُّرْنوق أَيُجْزئه مِنْ غُسْل الجَنابة؟ قَالَ: نَعَمْ
؛ قَالَ شَمِرٌ: الزُّرْنوقُ النَّهْرُ الصَّغِيرُ هَاهُنَا كأَنه أَراد السَّاقِيَةَ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ الَّذِي يُسْتَقى بالزُّرْنوقِ لأَنه مِنْ سَببِه. والزَّرْنقَة: العِينة؛ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلُ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لَا أَدَعُ الحجَّ وَلَوْ تَزَرْنَقْت
أَي لَوْ أَخَذْت الزادَ بالعِينَة؛ حَكَى ذَلِكَ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، وَقِيلَ فِي مَعْنَاهُ: لَوِ اسْتَقَيْت عَلَى الزُّرْنوق بالأُجرة، وَهِيَ الْآلَةُ الَّتِي تَقَدَّمَ وَصْفَهَا آنِفًا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَلَوْ تَعَيَّنْتُ عِينةَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ؛ والعِينةُ: أَن يَشْتَرِيَ الشيءَ بأَكثر مِنْ ثَمَنِهِ إِلى أَجل ثم يبيعه مِنْهُ أَو مِنْ غَيْرِهِ بأَقل مِمَّا اشْتَرَاهُ، كأَنه مُعَرَّبٌ زَرْنَه أَي لَيْسَ الذَّهَبُ مَعِي؛ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَنها كَانَتْ تأْخذ الزَّرْنَقَةَ أَي العِينةَ، فَقِيلَ لَهَا: تأْخُذِين الزَّرْنَقة وعَطاؤُك مِنْ قِبَل مُعَاوِيَةَ كُلَّ سَنَةٍ عَشَرة آلَافِ دِرْهم؟ فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي نِيَّته أَداؤُه كانَ فِي عَوْنِ اللَّهِ، فأَحْبَبْتُ أَن آخُذَ الشيءَ يَكُونُ مِنْ نِيَّتي أَداؤُه فأَكون فِي عَوْنِ اللَّهُ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُبَارَكِ: لَا بَأْسَ بالزَّرْنَقةِ.
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا كَانَ مِنَ الأَسماء عَلَى فُعْلول فَهُوَ مَضْمُومُ الأَول مِثْلُ بُهْلول وقُرْقُور إِلا أَحرفاً جَاءَتْ نَوَادِرَ مِنْهَا بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، يُقَالُ لِحَيٍّ مِنَ الْيَمَنِ صَعْفوق وصُعْفوق، وَيُقَالُ زَرْنُوق وزُرنوق لِبِناءَيْن عَلَى شَفير الْبِئْرِ، وَيُقَالُ تَرَكْتُهُمْ فِي بُعْكُوكة الْقَوْمِ وبُعْكوكة الشرِّ، وَهُوَ وَسَطُهُ، وَيُقَالُ للزِّرْنيخ زِرْنيق وَهُمَا دَخِيلان؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مُعَنَّز الْوَجْهِ فِي عِرْنِينِه شَمم، ... كأَنما لِيطَ ناباهُ بِزِرْنِيق
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْ الزَّرْنَقةِ فَقَالَ: الزَّرْنَقة الحُسن التَّامُّ، والزَّرْنَقة العِينة، والزَّرْنَقة السَّقْيُ بالزُّرْنوقِ، والزَّرْنقة الزيادةُ، يُقَالُ: لَا يُزَرْنِقُك أَحدٌ عَلَى فَضْلٍ. زَيْدُ بْنُ الأَنباري: تَزَرْنَق فِي الثِّياب إِذا لَبِسها؛ وأَنشد:
ويُصْبِحُ مِنْهَا اليومَ فِي ثوبِ حائضٍ، ... كَثِير بِهِ نَضْحُ الدِّماءِ مُزَرْنَقا
اللَّيْثُ: الزُّرْنوق ظَرْفٌ يُسْتَقى بِهِ الْمَاءِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ يعرف اللَّيْثُ تَفْسِيرَ الزُّرْنوقِ فغيَّره تَخْمِيناً وحَدْساً.
زعق: مَاءٌ زُعاقٌ: مرٌّ غَلِيظٌ لَا يُطاق شربُه مِنْ أُجُوجَتِه، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ. وأَزْعَقَ: أَنْبَط مَاءً زُعاقاً. وأَزْعَقَ القومُ إِذا حَفَروا فهَجَموا عَلَى ماءٍ زُعاقٍ؛ قَالَ
عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كرم اللَّهُ وَجْهَهُ:
دُونَكها مُتْرَعةً دِهاقا ... كأْساً زُعافاً مُزِجَتْ زُعاقا
وَبِئْرٌ زَعِقة: مُرّة. والزُّعاقُ: الْمَاءُ الْمُرُّ. وَطَعَامٌ زُعاقٌ: كَثِيرُ الملْح. وَطَعَامٌ مَزْعوقٌ: أُكْثِر مِلْحُه. وزَعَقَ القِدْرَ يَزْعَقُها زَعْقاً وأَزْعَقَها: أَكثر مِلْحَها. وزَعِقَ زَعَقاً، فَهُوَ زَعِقٌ، وانْزَعَقَ: فزِعَ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي التَّهْذِيبِ بِاللَّيْلِ. وزَعَقَه وزَعَق به وأَزْعَقَه، وَهُوَ مَزْعوقٌ وزَعِيقٌ:(10/141)
أَفْزَعه؛ الأَخيرة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَمَعْنَاهُ فَهُوَ مَذْعُورٌ؛ قَالَ:
يَا ربَّ مُهْرٍ مَزْعوقْ، ... مُقَيَّلٍ أَو مَغْبُوقْ،
مِنْ لبَن الدُّهْمِ الرُّوقْ، ... حَتَّى شَتا كالذُّعْلُوقْ،
أَسْرَع مِنْ طَرْف المُوقْ، ... وطائرٍ وَذِي فُوقْ،
وكلِّ شَيْءٍ مَخْلوقْ
مَزْعوق أَي مَذْعُورٌ ذَكِيُّ الفُؤاد، وَقِيلَ: مَزْعُوق هنا مُبالَغ فِي غِذائه؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِن قِيلَ مَا بَالُ هَذَا وَنَحْوِهِ مِنْ أَفْعَلَه فَهُوَ مَفْعول خالَف فِيهِ الفعلُ مُسْنَدًا إِلى الْفَاعِلِ صورتَه مُسْنَدًا إِلى الْمَفْعُولِ، وعادةُ الِاسْتِعْمَالِ غيرُ هَذَا، وَهُوَ أَن يَجِيءَ الضَّرْبانِ مَعًا فِي عِدَّةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ ضَرَبته وضُرِبَ وأَكْرَمْتُه وأُكْرِمَ، وَكَذَلِكَ مَقاد هَذَا الْبَابِ، قِيلَ: إِن الْعَرَبَ لَمَّا قَوِيَ فِي أَنفسها أَمرُ الْمَفْعُولِ حَتَّى كَادَ أَن يُلْحَق عِنْدَهُمْ بِرُتْبَةِ الْفَاعِلِ، وَحَتَّى قَالَ سِيبَوَيْهِ فِيهِمَا، وإِن كَانَا جَمِيعًا يَهُمَّانِهم ويَعْنِيانِهم خصُّوا الْمَفْعُولَ إِذا أُسْنِدَ الفعلُ إِليه بضَرْبَين مِنَ الصِّيغَةِ: أَحدهما تَغْيير صِيغَةِ الْمِثَالِ مُسْنَدًا إِلى الْمَفْعُولِ عَنْ صُورَتِهِ مُسْنَدًا إِلى الْفَاعِلِ وَالْعِدَّةُ وَاحِدَةٌ وَذَلِكَ ضَرَب زَيْدٌ وضُرِب وقَتَل وقُتِل، وَالْآخَرُ أَنهم لَمْ يَقْنَعُوا بِهَذَا القَدْر مِنَ التَّغْيِيرِ حَتَّى تَجَاوَزُوهُ إِلى أَن غَيّروا عِدَّةَ الْحُرُوفِ مَعَ ضَمِّ أَوله، كَمَا غَيَّرُوا فِي الأَول الصُّورَةَ والصيغةَ وحْدَها، وَذَلِكَ قَوْلُهُ أَحْبَبْتُه وحُبَّ وأَزْكَمَه اللَّهُ وزُكِمَ وأَضْأَدَه وضُئِدَ وأَمْلأَه ومُلِئَ. والزَّعِقُ والمَزْعوق: النَّشِيط الَّذِي يفْزَع مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وهَوْلٌ زَعِقٌ: شَدِيدٌ؛ قَالَ:
مِنْ غائِلاتِ الليلِ والهَوْلِ الزَّعِقْ
والزَّعَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ زَعِقَ يَزْعَقُ، فَهُوَ زَعِقٌ، وَهُوَ النشِيط الَّذِي يَفْزَع مَعَ نشاطِه، وَقَدْ أَزْعَقَه الخوفُ حَتَّى زُعِقَ وانْزَعَقَ. وزَعَقَ دوابَّه: طرَدَها مُسْرِعًا؛ قَالَ:
إِنَّ عَلَيْهَا، فاعْلَمَنّ، سَائِقَا ... لَبّاً بأَعْجازِ المَطِيِّ لاحِقا،
لَا مُتْعِباً وَلَا عَنِيفاً زاعِقا
وَقِيلَ: الزاعِقُ الَّذِي يَسُوق ويَصِيحُ بِهَا صِيَاحًا شَدِيدًا. ابْنُ السِّكِّيتِ: مَرَّ يَزْعَق بِدَوَابِّهِ زَعْقاً أَي يَطْرُدُهَا مُسْرِعًا وَيَصِيحُ فِي آثَارِهَا، وَهُوَ رَجُلٌ ناعِقٌ وزَعّاقٌ ونَعَّارٌ. وزَعْقةُ الْمُؤَذِّنُ: صوتُه. والزَّعْقُ: الصِّيَاحُ، وَقَدْ زَعَقْت بِهِ زَعْقاً. وزَعَقَتْه العقربُ تزْعَقُه زَعْقاً: لَدَغَتْه. والزُّعْقوقُ: فَرْخُ القَبْج وَهُوَ الحَجَل والكَرَوان، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَالْجَمْعُ الزَّعاقِيق. وَقَالَ الأَزهري: الزُّعْقوقةُ فَرْخُ القَبْج؛ وأَنشد:
كأَنَّ الزَّعاقِيقَ والحَيْقُطان ... يُبادِرْن فِي المَنْزِل الضَّيْوَنا
وفي نوارد الْعَرَبِ: أَرض مَزْعوقة ومَدْعُوقة وممْعوقةٌ ومَبْعوقة وَمَشْحُوذَةٌ ومَسْحورة ومَسْنِيّة إِذا أَصابها مطرٌ وابلٌ شَدِيدٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وزَعَقَت الريحُ الترابَ أَمارَتْه.
زعبق: الأَزهري فِي النَّوَادِرِ: تَزَعْبَقَ الشيءُ مِنْ يَدِي أَي تبذَّر وتفرَّق.(10/142)
زعفق: الزُّعْفوقُ والزُّعافِقُ: البَخِيل السَّيِّءُ الخُلُق، وَالِاسْمُ الزَّعْفَقة. وَقَوْمٌ زَعافِق: بُخَلاء؛ وأَنشد أَبو مَهْدِيٍّ:
إِني إِذا مَا حَمْلَقَ الزَّعافقُ ... واضطرَبَتْ من تحتِها العَنافِقُ
زفلق: الزَّرْفَقةُ: السُّرْعة، وَكَذَلِكَ الزَّفْلَقة؛ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ.
زقق: الزَّقّ: مَصْدَرُ زَقَّ الطائرُ الفَرخَ يزُقُّه زَقّاً وزَقْزَقَه غَرّه، وزَقَّه: أَطعمه بفِيه، وزَقَّ بسَلْحه يَزُقُّ زَقّاً وزَقْزَقَ: حذَف، وأَكثر ذَلِكَ فِي الطَّائِرِ؛ قَالَ:
يزُقّ زَقّ الكَرَوانِ الأَوْرق
والزَّقُّ: رَمْيُ الطَّائِرِ بذَرْقِه. الأَصمعي: الزِّقّ الَّذِي يُسَوَّى سِقاءً أَو وَطْباً أَو حَمِيتاً. والزِّقّ: السِّقاءُ، وَجَمْعُ الْقِلَّةِ أَزْقاق، وَالْكَثِيرُ زِقاقٌ وزُقّان مِثْلُ ذِئْب وذُؤْبان. والزِّقّ مِنَ الأُهُبِ: كلُّ وَعَاءٍ اتُّخِذَ لِشَرَابٍ وَنَحْوِهِ. وَقِيلَ: لَا يُسَمَّى زِقّاً حَتَّى يُسْلَخ مِنْ قِبَل عنُقِه، وتَزْقِيقُه سَلْخُه مِنْ قِبَل رأْسه عَلَى خِلَافِ مَا يَسْلُخُ النَّاسَ الْيَوْمَ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الزِّقُّ هُوَ الَّذِي يُنْقَل فِيهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تُنْقل فِيهِ أَي الَّذِي تُنْقَلُ فِيهِ الْخَمْرُ، وَالْجَمْعُ أَزْقاقٌ وأَزُقٌّ؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ،. كنِطْع وأَنْطُع؛ قَالَ:
سَقِيّ يُسَقِّي الخمرَ مِنْ دَنِّ قَهْوةٍ، ... بِجَنْب أَزُقٍّ شاصِيات الأَكارِع
وزِقاقٌ وزُقَّان؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ. وزقَّقْت الإِهابَ إِذا سَلَخْته مِنْ قِبَل رأْسِه لِتَجْعَلَ مِنْهُ زِقّاً. اللِّحْيَانِيُّ: كَبْشٌ مَزْقوقٌ ومُزَقَّقٌ للَّذي يُسْلَخ مِنْ رأْسه إِلى رِجلِه، فإِذا سُلِخَ مِنْ رِجْلِهِ فَهُوَ مَرْجول. الْفَرَّاءُ: الْجِلْدُ المُرَجِّل الَّذِي يُسْلَخُ مِنْ رِجْل واحدةٍ، والمُزَقَّق الَّذِي يُسْلخ مِنْ قِبَل رأْسه. ابْنُ الأَعرابي: الزَّقَقَة المائِلُون برَحماتِهم إِلى صَنانيرهم وَهُمُ الصِّبْيَانُ الصِّغَارُ. والزَّقَقةُ أَيضاً: الصَّلاصِل الَّتِي تَزُقُّ زُكَّها أَي فراخَها وَهِيَ الْفَوَاخِتُ، وَاحِدُهَا صُلْصُل. النَّضْرُ: مِنَ الإِبل المُزَقَّقةُ وَهِيَ الَّتِي امتلأَ جلدُها بَعْدَ لَحْمِهَا شَحْمًا. وَقَالَ
سَلَامٌ: أَرسلني أَهلي وأَنا غُلَامٌ إِلى عَلِيٍّ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا لِي أَراك مُزَقَّقاً؟
أَي محذوفَ شَعَرِ الرأْس كُلِّهِ، وَهُوَ مِنَ الزِّقّ: الْجِلْدُ يُجَزُّ شَعَرُهُ وَلَا يُنْتَفُ نَتْفَ الأَديم، يَعْنِي مَا لِي أَراك مطمومَ الرأْس كَمَا يُطَمُّ الزِّقُّ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَجُلٌ مُزَقَّقٌ طُمَّ رأْسُهُ طَمَّ الزِّقّ، وَهُوَ التَّزْقيق؛ قَالَ الأَزهري: الْمَعْنَى أَنه حَذَفَ شَعَرَهُ كُلَّهُ مِنْ رأْسه كَمَا يُزَقَّقُ الْجِلْدُ إِذا سُلِخ مِنَ الرأْس كُلِّهِ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ: أَنه رُؤيَ مَطمومَ الرأْس مُزَقَّقاً.
وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ:
أَنه حَلَقَ رأْسه زُقِّيّة
أَي حَلْقة مَنْسُوبَةً إِلى التَّزْقِيق، وَيُرْوَى بِالطَّاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: السِّقاء وَالْوَطْبُ مَا تُرِكَ فَلَمْ يُحَرَّكْ بِشَيْءٍ، والزِّقُّ مَا زُفِّتَ أَوْ قُيِّرَ؛ يُقَالُ: زِقُّ مُزَفَّتٌ ومُقَيَّرٌ والنِّحْيُ مَا رُبَّ، يُقَالُ: نِحْيٌ مَرْبوب، والحَمِيت المُمَتَّنُ بالرُّبّ. والزُّقاقُ: السِّكَّة، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ؛ قَالَ الأَخفش: أَهل الْحِجَازِ يؤنِّثون الطَّرِيقَ وَالسِّرَاطَ وَالسَّبِيلَ والسُّوق والزُّقاقَ والكَلَّاء، وَهُوَ سُوق الْبَصْرَةِ، وَبَنُو تَمِيمٍ يذكِّرون هَذَا كُلَّهُ؛ وَقِيلَ: الزُّقاق الطَّرِيقُ(10/143)
الضيِّق دُونَ السِّكَّة، وَالْجَمْعُ أَزِقَّة وزُقَّان؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، مِثْلُ حُوار وحُوران. والزُّقاقُ: طَرِيقٌ نَافِذٌ وَغَيْرُ نَافِذٍ ضَيِّقٌ دُونَ السِّكة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
فَلَمْ تَرَ عَيْني مثلَ سِرْبٍ رأَيتُه، ... خَرَجْنَ عَلَيْنَا مِنْ زُقاقِ ابنِ واقِف
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ مَنَح مِنْحة لبَنٍ أَو هَدَى زُقاقاً
؛ الزُّقاق، بِالضَّمِّ: الطَّرِيقُ، يُرِيدُ مَنْ دلَّ الضَّالَّ أَو الأَعمى عَلَى طَرِيقِهِ، وَقِيلَ: أَراد مَنْ تصدَّق بزُقاقٍ مِنَ النَّخْل وَهِيَ السِّكّة مِنْهَا، والأَول أَشبه لأَن هُدَى مِنَ الْهِدَايَةِ لَا مِنَ الْهَدِيَّةِ. والزُّقَّةُ: طَائِرٌ صَغِيرٌ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ يُمْكِنُ حَتَّى يَكَادَ يُقْبَضُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَغُوصُ فَيَخْرُجُ بَعِيدًا، وَهِيَ الزُّقُّ. والزَّقْزَقةُ: حِكَايَةُ صَوْتِ الطَّائِرِ. والزَّقْزَقةُ والزِّقْزاقُ: تَرْقِيصُ الصَّبِيِّ.
زلق: الزَّلَقُ: الزَّللُ، زَلِقَ زَلَقاً وأَزْلَقَه هُوَ. والزَّلَقُ: الْمَكَانُ المَزْلَقة. وأَرض مَزْلقة ومُزْلقة وزَلَقٌ وزَلِقٌ ومَزْلَق: لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا قَدَمُ، وَكَذَلِكَ الزَّلَّاقة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً
؛ أَي أَرْضاً مَلْساء لَا نَبَاتَ فِيهَا أَو مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا شَيْءٌ؛ قَالَ الأَخفش: لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا الْقَدَمَانِ. والزَّلَقُ: صَلا الدَّابَّةِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنَّها حَقْباءُ بَلْقاءُ الزَّلَقْ، ... أَو حادِرُ اللِّيتَينِ مَطويّ الحبق «3»
والزَّلَقُ: العَجُز مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَدَرَ الحَمامُ فزَلِقَت الْحَمَامَةُ
؛ الزَّلَقُ العَجُز، أَي لمَّا هَدَرَ الذَّكَرُ وَدَارَ حَوْلَ الأُنثى أَدارت إِليه مؤخرَها. وَمَكَانُ زَلَقٌ، بِالتَّحْرِيكِ، أَي دَحْضٌ، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ قَوْلِكَ زَلِقَت رجلُه تَزْلَقُ زَلَقاً وأَزْلَقها غيرُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ اسْمُ تُرْسِ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، الزَّلوقَ
أَي يَزْلَق عَنْهُ السِّلَاحُ فَلَا يَخْرقه. وزَلَّقَ المكانَ: مَلَّسه. وزَلَق رأْسَه يَزْلِقُه زَلْقاً: حلَقه وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَزْلَقَه وزَلَّقَه تَزْلِيقًا ثَلَاثُ لُغَاتٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ إِنما هُوَ زَبَقَه، بِالْبَاءِ، والزَّبْقُ النَّتْفُ لَا الحَلْق. والتَّزْلِيقُ: تمْلِيسُك الموضِعَ حَتَّى يَصِيرَ كالمَزْلَقةِ، وإِن لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ. الْفَرَّاءُ: يَقُولُ لِلَّذِي يحلِقُ الرأْس قَدْ زَلَّقَه وأَزْلَقه. أَبو تُرَابٍ: تَزَلَّقَ فُلَانٌ وتَزَيَّقَ إِذا تزَيَّن. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَلِيًّا رأَى رجُلين خَرَجَا مِنَ الْحَمَّامِ مُتزلِّقَين فَقَالَ: مَنْ أَنتما؟ قَالَا: مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، قَالَ: كَذَبْتُمَا وَلَكِنَّكُمَا مِنَ المُفاخِرين
تَزَلَّق الرَّجُلُ إِذا تَنَعَّمَ حَتَّى يَكُونَ لِلَوْنِهِ بَرِيقٌ وبَصِيص. والتزلُّق: صِبْغةُ الْبَدَنِ بالأَدهان وَنَحْوِهَا. وأَزْلَقت الفرسُ والناقةُ: أَسْقَطت، وَهِيَ مُزْلِق، أَلْقَتْ لِغَيْرِ تَمَامٍ، فإِن كَانَ ذَلِكَ عَادَةً لَهَا فَهِيَ مِزلاق، وَالْوَلَدُ السَّقْطُ زَلِيق؛ وَفَرَسٌ مِزْلاقٌ: كَثِيرُ الإِزْلاق. اللَّيْثُ: أَزْلَقَت الفرسُ إِذا أَلقَتْ ولدَها تَامًّا. الأَصمعي: إِذا أَلقت النَّاقَةُ وَلَدَهَا قَبْلَ أَن يَسْتَبين خَلْقُه وَقَبْلَ الْوَقْتِ قِيلَ أَزْلَقَت وأَجهَضَت، وَهِيَ مُزْلِق ومُجْهِض، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالصَّوَابُ فِي الإِزْلاق مَا قَالَهُ الأَصمعي لَا مَا قَالَهُ اللَّيْثُ. وَنَاقَةٌ زَلوق وزَلوجٌ: سَرِيعَةٌ. وريحٌ زَيْلَقٌ: سَرِيعَةُ الْمَرِّ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والمِزْلاقُ: مِزْلاجُ الْبَابِ أَو لُغَةٌ فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي يُغْلق بِهِ الْبَابُ وَيُفْتَحُ بِلَا مفتاح. وأَزْلَقَه ببصره:
__________
(3) . قوله [الحبق] هكذا في الأَصل(10/144)
أَحدَّ النَّظَرَ إِليه، وَكَذَلِكَ زَلَقه زَلَقاً وزَلَّقه؛ عَنِ الزُّجَاجِيِّ. وَيُقَالُ: زَلَقَه وأَزْلَقَه إِذا نَحَّاهُ عَنْ مَكَانِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ
؛ أَي ليُصِيبُونك بأَعينهم فيزِيلونك عَنْ مَقَامِكَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَكَ، قرأَ أَهل الْمَدِينَةِ
ليَزْلِقونك
، بِفَتْحِ الْيَاءِ، مِنْ زَلَقْت وسائرُ الْقُرَّاءِ قَرَؤُوهَا بِضَمِّ الْيَاءِ؛ الْفَرَّاءُ: لَيُزْلِقُونَكَ
أَي لَيَرْمون بِكَ ويُزيلونك عَنْ مَوْضِعِكَ بأَبصارهم، كَمَا تَقُولُ كَادَ يَصْرَعُني شدَّةُ نَظَرِهِ وَهُوَ بيِّن مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ؛ قَالَ أَبو إِسحق: مَذْهَبُ أَهل اللُّغَةِ فِي مِثْلِ هَذَا أَن الْكُفَّارَ مِنْ شدةِ إِبْغاضِهم لَكَ وَعَدَاوَتِهِمْ يَكَادُونَ بِنَظَرِهِمْ إِليك نَظَرَ البُغَضاء أَن يَصْرَعُوكَ؛ يُقَالُ: نَظَرَ فُلَانٌ إِليَّ نَظَرًا كَادَ يأْكلني وَكَادَ يَصْرَعُني، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَراد أَنهم يَنْظُرُونَ إِليك إِذا قرأْت الْقُرْآنَ نَظَرًا شَدِيدًا بِالْبَغْضَاءِ يَكَادُ يُسْقِطك؛ وأَنشد:
يَتقارَضونَ، إِذا الْتَقَوْا فِي مَوْطِنٍ، ... نَظَرًا يُزِيلُ مَواطِئَ الأَقْدامِ
وَبَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ يَذْهَبُ إِلى أَنهم يُصِيبُونَكَ بأَعينهم كما يُصِيب الغائنُ المَعِينَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذا أَراد أَحدهم أَن يَعْتانَ المالَ يجُوع ثَلَاثًا ثُمَّ يعرِض لِذَلِكَ الْمَالِ، فَقَالَ: تَاللَّهِ مَا رأَيت مَالًا أكثرَ وَلَا أَحسنَ فَيَتَسَاقَطُ، فأَرادوا بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالُوا: مَا رأَينا مِثْلَ حُجَجه، وَنَظَرُوا إِليه ليَعِينوه. وَرَجُلٌ زَلِقٌ وزُمَلِقٌ مِثَالُ هُدَبِد وزُمالِقٌ وزُمَّلِقٌ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ: وَهُوَ الَّذِي يُنْزِل قَبْلَ أَن يجامِعَ؛ قَالَ القُلاخ بْنُ حَزْن المِنْقَري:
إِن الحُصَيْنَ زَلِقٌ وزُمَّلِقْ، ... كذنبِ العَقْربِ شَوّال غَلِقْ،
جاءَت بِهِ عنْسٌ مِنَ الشَّأْم تَلِقْ
وَقَوْلُهُ إِن الْحُصَيْنَ، صَوَابُهُ إِن الجُلَيد وَهُوَ الجُلَيد الْكِلَابِيُّ؛ وَفِي رَجَزِهِ:
يُدْعَى الجُلَيْدَ وَهُوَ فِينَا الزُّمَّلِقْ، ... لَا آمِنٌ جلِيسهُ وَلَا أَنِقْ،
مُجَوَّعُ البَطْنِ كِلابيُّ الخُلُقْ
التَّهْذِيبِ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ رَجُلٌ زَلِقٌ وزُمَّلِق، وَهُوَ الشَّكَّاز الَّذِي يُنْزِل إِذا حَدَّثَ المرأَة مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وأَنشد الْفَرَّاءُ هَذَا الرَّجَزَ أَيضاً، وَالْفِعْلُ مِنْهُ زَمْلَقَ زَمْلَقة، وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ هَذَا الرَّجَزَ فِي بَابِ فُعَّلِل. وَيُقَالُ لِلْخَفِيفِ الطَّيَّاشِ: زُمَّلِق وزُمْلوق وزُمالِقٌ. والزُّلَّيْقُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: ضَرْبٌ مِنَ الخَوخ أَمْلَس، يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ شَبْتَهْ رَنْك.
زمق: الزَّمْق: لُغَةٌ فِي الزَّبْقِ؛ زمَقَ لِحْيَته كزَبَقَها.
زمعلق: رَجُلٌ زَمَعْلَق: سيّءُ الخُلُق.
زملق: الزُّمَّلِقُ: الْخَفِيفُ الطَّائِشُ؛ وأَنشد:
إِن الزُّبَيْرَ زَلِقٌ وزُمَّلِقْ
بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ. والزُّمَّلِق مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي إِذا أَراد امرأَة أَنزل قَبْلَ أَن يمسَّها، وَهُوَ الزُّمالِق والاسم الزَّمْلَقة. الأَزهري: والزِّهْلِقُ الْحِمَارُ وَهُوَ الزُّمَّلِق، وَقَدْ ذُكِرَ عَامَّةُ ذَلِكَ فِي زَلَقَ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ لِلْغُلَامِ النّزِّ(10/145)
الخَفِيفِ زُمْلوق وزُمالِق، لَا يَكَادُ يَقْبِضُ عَلَيْهِ مَن طلَبه لخفّتِه فِي عَدْوِه ورَوَغانِه.
زنق: الزِّناقُ: جبل تَحْتَ حَنَكِ الْبَعِيرِ يُجْذَب بِهِ. والزِّناقة: حَلْقَةٌ تُجْعَلُ فِي الجُلَيدة هُنَاكَ تَحْتَ الْحَنَكِ الأَسفل، ثُمَّ يُجْعَلُ فِيهَا خَيْطٌ يُشَدُّ فِي رأْس الْبَغْلِ الجَمُوح، زَنَقه يَزْنُقه زَنْقاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فإِن يَظْهَرْ حَدِيثك، يُؤْتَ عَدْواً ... برأْسِك فِي زِناقٍ أَو عِران
الزِّناقُ تَحْتَ الْحَنَكِ. وَكُلُّ رِباط تَحْتَ الْحَنَكِ فِي الْجِلْدِ فَهُوَ زِناقٌ، وَمَا كَانَ فِي الأَنف مثْقوباً فَهُوَ عِران؛ وَبَغْلٌ مَزْنوق. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: وإِن جَهَنَّمَ يُقادُ بِهَا مَزْنوقة
؛ المَزْنوقُ: الْمَرْبُوطُ بالزِّناق وَهُوَ حَلْقَةٌ تُوضَعُ تَحْتَ حَنَكِ الدَّابَّةِ ثُمَّ يُجْعَلُ فِيهَا خَيْطٌ يُشَدُّ برأْسه يُمْنَعُ بِهَا جِمَاحُهُ. والزِّناقُ: الشِّكالُ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا، قَالَ: شِبْه الزِّناق.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه ذَكَرَ المَزْنوق فَقَالَ: الْمَائِلُ شقُّه لَا يَذْكُرُ اللَّهَ
؛ قِيلَ: أَصله مِنَ الزَّنَقةِ وَهُوَ مَيْلٌ فِي جِدارٍ فِي سِكَّة أَو عُرْقوب وادٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: مَنْ يَشْتَرِي هَذِهِ الزَّنَقَةَ فَيَزِيدَها فِي الْمَسْجِدِ؟
وزَنَقَ الفَرسَ يَزْنِقُه ويَزْنُقه: شكَّله فِي أَربعة. والزَّنَقُ: مَوْضِعُ الزِّناق؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
أَو مُقْرَع مِن رَكْضِها دَامِي الزَّنَقْ، ... كأَنه مُسْتَنْشِقٌ مِنَ الشَّرَقْ،
حَرًّا مِنَ الخَرْدَل مَكْروه النَّشَقْ
مُقْرَع: رافِع رأْسه. يُقَالُ: أَقْرَعْت الدَّابَّةَ بِاللِّجَامِ إِذا كبَحْته بِهِ فرفَع رأْسه. ورَأْيٌ زَنِيقٌ: مُحْكَم رَصِينٌ. وأَمر زَنِيق: وَثِيق. ابْنُ الأَعرابي: الزُّنُق العقولُ التَّامَّةُ. وَيُقَالُ: أَزْنَقَ وزَنَقَ وزَنَّقَ وزَهَدَ وأَزْهَدَ وزهَّدَ وقاتَ وقَوَّتَ وأَقاتَ وأَقْوَتَ كلُّه إِذا ضَيَّقَ عَلَى عِيَالِهِ، فَقْرًا أَو بُخْلًا. والزِّناقُ: ضَرْبٌ مِنَ الحُلِيّ وَهُوَ المِخْنقة. وزَنِيق: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ الأَخطل:
ومِنْ دُونِه يَخْتاطُ أَوْسُ بنُ مُدْلجٍ، ... وإِيّاه يَخْشَى طارِقٌ وزَنِيقُ
والزَّنَقةُ: السِّكَّة الضَّيِّقَةُ. والمَزْنوقُ: اسْمُ فَرَسُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ؛ وَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ:
وَقَدْ عَلِمَ المَزْنوقُ أَني أَكُرُّه، ... عَلَى جَمْعِهم، كَرَّ المَنِيحِ المُشَهَّر
والزَّنَقة: مَيْلٌ فِي جِدَارٍ أَو سِكَّةٍ أَو نَاحِيَةِ دَارٍ أَو عُرْقوب وادٍ، يَكُونُ فِيهِ الْتِوَاءٌ كالمَدْخَل، وَالِالْتِوَاءُ اسْمٌ لِذَلِكَ بلا فعل.
زنبق: الزَّنْبَقُ: دُهْنُ الْيَاسَمِينِ، وَخَصَّصَهُ الأَزهري بِالْعِرَاقِ قَالَ: وأَهل الْعِرَاقِ يَقُولُونَ لدُهْن الْيَاسَمِينِ دُهْنَ الزَّنْبَق؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُمَارَةَ:
ذُو نَمَشٍ لَمْ يَدَّهِنْ بالزَّنْبَقِ
وَقَالَ الأَعشى:
لَهُ مَا اشْتَهى راحٌ عتِيقٌ وزَنْبَقُ
التَّهْذِيبِ: أَبو عَمْرٍو الزَّنْبَقُ الزَّمَّارة. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: الزَّنْبَقُ المِزْمار؛ وأَنشد للمَعْلوط:
وحَنَّتْ بِقاعِ الشأْمِ، حَتَّى كأَنَّما ... لأَصْواتِها فِي مَنْزِل الْقَوْمِ زَنْبَقُ(10/146)
ابْنُ الأَعرابي: أُمّ زَنْبَق مِنْ كُنى الخَمْر، وَهِيَ الزرْقاءُ والقِنْدِيد.
زندق: الزِّنْدِيقُ: الْقَائِلُ بِبَقَاءِ الدَّهْرِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ: زَنْدِ كِرَايْ، يَقُولُ بِدَوَامِ بَقَاءِ الدَّهْرِ. والزَّنْدَقةُ: الضِّيقُ، وَقِيلَ: الزِّنْدِيقُ مِنْهُ لأَنه ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ. التَّهْذِيبِ: الزِّنْدِيقُ مَعْرُوفٌ، وزَنْدَقَتُه أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ ووَحْدانيّة الْخَالِقِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى: لَيْسَ زِنْدِيق وَلَا فَرْزِين مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، ثُمَّ قَالَ؛ وَلَكِنَّ البَياذِقةُ هُمُ الرَّجَّالَةُ، قَالَ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ زِنْدِيق، وَإِنَّمَا تَقُولُ الْعَرَبُ رَجُلٌ زَنْدَق وزَنْدَقِيّ إِذَا كَانَ شَدِيدَ الْبُخْلِ، فَإِذَا أَرَادَتِ الْعَرَبُ مَعْنَى مَا تَقُولُهُ الْعَامَّةُ قَالُوا: مُلْحِد ودَهْرِيّ، فَإِذَا أَرَادُوا مَعْنَى السِّنِّ قَالُوا: دُهْرِيّ، قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهِ الْهَاءَ فِي زَنادِقة وفَرازِنة عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ فِي زِنْدِيق وفَرْزِين، وَأَصْلُهُ الزَّنادِيق. الْجَوْهَرِيُّ: الزِّنْدِيقُ مِنَ الثَّنَوِيَّة وَهُوَ مُعَرَّبٌ، وَالْجَمْعُ الزَّنادِقة، وَقَدْ تَزَنْدَقَ، والاسم الزَّنْدَقة.
زهق: زهَقَ الشيءُ يَزْهَقُ زُهوقاً، فَهُوَ زاهِقٌ وزَهوقٌ: بطَل وهلَك واضْمَحَلّ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً
. وزهَقَ الباطلُ إِذَا غَلَبَه الْحَقُّ، وَقَدْ زاهَقَ الحقُّ الباطلَ. وزَهَق الباطِلُ أي اضْمَحَلّ، وأزْهَقَه اللَّهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِذا هُوَ زاهِقٌ
، أَيْ باطِلٌ ذاهِبٌ. وزُهوقُ النفسِ: بُطْلانُها. وَقَالَ قَتَادَةُ: وزَهَقَ الْباطِلُ
يَعْنِي الشَّيْطَانَ، وزَهَقَتْ نفسُه تَزْهَقُ زُهُوقاً وزَهِقَت، لُغَتَانِ: خَرَجَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ النحرَ فِي الحَلْق واللَّبّة وأقِرُّوا الأَنْفُسَ حَتَّى تَزْهَقَ
أَيْ حَتَّى تَخْرُجَ الرُّوحُ مِنَ الذَّبيحة وَلَا يَبْقَى فِيهَا حَرَكَةٌ، ثُمَّ تُسْلَخُ وَتُقَطَّعُ. وَقَالَ تَعَالَى: وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ*
؛ أَيْ تَخْرُج. وَفِي الْحَدِيثِ:
دُونَ اللَّهِ سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْ نُورٍ وظُلمة وَمَا تَسْمَع نفسٌ مِنْ حِسِّ تِلْكَ الحجُب شَيْئًا إِلَّا زَهَقَتْ
أَيْ هَلَكَتْ وَمَاتَتْ. وزَهَقَ فلانٌ بَيْنَ أَيْدِينَا يَزْهَقُ زَهْقاً وزُهوقاً وانْزَهقَ، كِلَاهُمَا: سَبَقَ وَتَقَدَّمَ أَمَامَ الْخَيْلِ، وَكَذَلِكَ زهَق الدابّةُ، وَالْمُنْهَزِمُ زَاهقٌ. ابْنُ السكيت: زَهَقَ الفرسُ وذَهَقَتِ الرَّاحِلَةُ تَزْهَقُ زُهُوقًا إِذَا سَبَقت وتقدَّمت، وَالْجَمْعُ زُهَّق. وزَهَقَ مُخُّه، فَهُوَ زاهِق إِذَا اكْتَنَزَ، وَهُوَ زاهِقُ المُخِّ. وفَرَسٌ زَهَقى إِذَا تقدَّم الْخَيْلَ؛ وَأَنْشَدَ:
عَلى قَراً مِنْ زَهَقى مِزَلِ
والزَّاهِقُ مِنَ الدوابِّ: السَّمِينُ المُمِخُّ. وزَهَقَتِ الدابَّةُ والناقةُ تَزْهَقُ زُهوقاً: انْتَهَى مُخُّ عَظْمِها واكْتَنَزَ قَصَبُها. وزَهِقَتْ عِظَامُهُ وأزْهَقَتْ: سَمِنت؛ قَالَ:
وأزْهَقَتْ عِظامُه وأخْلَصا
وَقِيلَ: الزاهِق والزَّهِقُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَ سِمَنهِ سِمَنٌ، وَقِيلَ: الزاهِقُ المُنْقي وَلَيْسَ بِمُتَناهي السِّمَن، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ الهُزال الَّذِي تَجِد زُهومةَ غُثوثةِ لحمهِ، وَقِيلَ: هُوَ الرَّقِيقُ المُخّ. الأَزهري: الزاهِق الَّذِي اكْتَنَزَ لحمُه ومُخُّه. الأَزهري: الزاهِقُ مِنَ الأَضداد، يُقَالُ الْهَالِكُ زاهقٌ، والسمِينُ مِنَ الدَّوَابِّ زَاهِقٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
القائدُ الخيلِ مَنْكُوباً دوابِرُها، ... مِنْهَا الشَّنُونُ وَمِنْهَا الزاهِقُ الزَّهِمُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الزاهِق السَّمينُ والزَّهِمُ أسمَنُ مِنْهُ.(10/147)
والزُّهومةُ فِي اللَّحْمِ: كَرَاهِيَةُ رائحتِه مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ وَلَا نَتْنٍ. وزَهَقَ العظمُ زُهوقاً إِذَا اكْتَنَزَ مُخُّه. وزَهَقَ المُخُّ إِذَا اكْتَنَزَ، فَهُوَ زاهِق؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ طَارِقٍ «4» .
ومَسَدٍ أمِرَّ مِنْ أيانِقِ، ... لَسْنَ بأنْيابٍ وَلَا حَقائِقِ،
وَلَا ضِعافٍ مُخُّهُنَّ زاهِقُ
فإنَّ الْفَرَّاءَ يَقُولُ: هُوَ مرفوعٌ وَالشِّعْرُ مُكْفَأٌ، يَقُولُ: بَلْ مُخُّهنَّ مُكتَنِزٌ، رفَعَه عَلَى الِابْتِدَاءِ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ وَلَا ضِعافٍ زاهقٍ مُخُّهنَّ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أَبُوهُ قائمٍ بالخفضِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَرْفَعَ مُخَّهن بزاهِق فتُقدم الْفَاعِلَ عَلَى فِعْلِهِ، وَعَلَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ ذَلِكَ عَنِ الْكُوفِيِّينَ، مِنْ ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ؛ وَقَوْلُ الزَّبَّاءِ:
مَا للجِمال مشيُها وَئِيدا؟
وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فَقِلْ فِي مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبِ
وَقِيلَ: الزاهِق هَاهُنَا بِمَعْنَى الذَّاهِبِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا ضِعافٍ مُخُّهنّ، ثُمَّ رَدَّ الزاهِق عَلَى الضِّعاف؛ وَالَّذِي وَقَعَ فِي شِعْرِ عُثْمَانَ:
عِيسٌ عِتاقٌ ذاتُ مُخٍّ زاهِقِ
وَالَّذِي أَنْشَدَهُ أَبُو زَيْدٍ:
لَقَدْ تَعَلَّلت عَلَى أيانِقِ ... صُهْبٍ، قليلاتِ القُرادِ اللّازِقِ،
وذاتِ ألْياطٍ ومُخٍّ زاهِقِ
وبئرٌ زهوقٌ وزاهِقٌ: بعيدةُ القَعْرِ، وَكَذَلِكَ فَجُّ الجبَل المُشْرِفُ؛ وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ مُشْتار الْعَسَلِ:
وأشْعَثَ مالُه فَضَلاتُ ثوْلٍ ... عَلَى أَرْكَانِ مَهْلكَةٍ زَهُوقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ وَأَشْعَثَ مخفوضٌ بِوَاوِ رُبَّ، وَالْبَيْتُ أَوَّلَ الْقَصِيدَةِ، وجوابُ ربَّ فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ:
تأبَّطَ خافَةً فِيهَا مسابٌ، ... فأضْحى يقْتري مَسَداً بِشِيقِ
والثَّوْلُ: جَمَاعَةُ النَّحْلِ، وَكَذَلِكَ المَفازة النَّائِيَةُ المَهْواةِ. والزَّهْقُ والزَّهَقُ: الوَهْدةُ وَرُبَّمَا وَقَعَتْ فِيهَا الدَّوَابُّ فَهَلَكَتْ. يُقَالُ: أزْهَقَت أَيْدِيهَا فِي الحُفَر؛ وقال رُؤْبَةُ:
تَكادُ أَيْدِيهَا تَهاوى فِي الزَّهَقْ
وَأَنْشَدَ أَيْضًا:
كأنَّ أيديهنَّ تَهْوي فِي الزَّهَقْ، ... أيْدي جَوارٍ يتَعاطَيْنَ الوَرَقْ
وَقِيلَ: مَعْنَى الزَّهَق التقدمُ فِي هَذَا الْبَيْتِ. وانْزَهَقَتِ الدابةُ: تردَّتْ. وَرَجُلٌ مَزْهوقٌ: مضيَّق عَلَيْهِ. والقومُ زُهاقُ مِائَةٍ وزِهاق مِائَةٍ أَيْ هُمْ قريبٌ مِنْ ذَلِكَ فِي التَّقْدِيرِ، كَقَوْلِهِمْ زُهاءُ مِائَةٍ وزِهاءُ مِائَةٍ. وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: المُزْهِقُ القاتِل، والمُزْهَقُ الْمَقْتُولُ. وزَهَقَ السهمُ أَيْ جَاوَزَ الهَدَف؛ وأزْهَقَه صاحبُه. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ تَكَلَّمَ يَوْمَ الشُّورى فَقَالَ:
__________
(4) . قوله [عثمان بن طارق] في هامش الأَصل هنا وفيما يأتي قريباً ما نصه صوابه: عمارة بن طارق انتهى. وكذلك نسبه في الصحاح لعمارة في مادة مسد(10/148)
إن جابِياً خيرٌ مِنْ زاهِقٍ
؛ فالزاهِقُ مِنَ السِّهَامِ: الَّذِي وقَع وراءَ الهَدَف دُونَ الإِصابة وَلَا يُصيب، وَالْحَابِي: الَّذِي وقَع دُونَ الهَدَف ثُمَّ زحَفَ إِلَى الهَدَف فَأَصَابَهُ، فَأَخْبَرَ أنَّ الضَّعِيفَ الَّذِي يُصيب الْحَقَّ خيرٌ مِنَ الْقَوِيِّ الَّذِي لَا يُصيبه، وضَرَبَ الزَّاهِقَ وَالْحَابِيَ مِنَ السِّهام لهما مثلًا. وأزْهَقْتُ الإِناء: قَلبتُه. ورأيتُ فُلَانًا مُزْهِقاً أَيْ مُغِذّاً فِي سَيرِهِ. وفرسٌ ذاتُ أزاهيقَ أَيْ ذاتُ جَرْيٍ سريعٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي المصنَّف: وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ زَهِقَ، بِالْكَسْرِ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ زَهِقَت نَفْسُهُ، بِالْكَسْرِ، تَزْهَقُ زُهوقاً لُغَةٌ فِي زَهَقَت. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْهَرَوِيُّ زَهِقَت نفسُه، بِالْكَسْرِ، وَقَالَ ابْنُ القُوطِيّة: زهِقت نفسُه، بِالْكَسْرِ، وَالْفَتْحِ لُغَةٌ. وَفُلَانٌ زَهِقٌ أَيْ نَزِقٌ. والزَّهَقُ: المُطْمئن مِنَ الأَرض. وأزهقَت الدابةُ السَّرْجَ إِذَا قدَّمته وألقتْه عَلَى عُنُقها، وَيُقَالُ بِالرَّاءِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَخَافُ أَنْ تُزْهِقَه أَوْ يَنْزرِقْ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أنشدَنيه أَبُو الْغَوْثِ بِالزَّايِ. وانزهقَتِ الدابةُ أَيْ طَفَرت مِنَ الضرْب أَوِ النِّفارِ. والزُّهْلُوقُ، بِزِيَادَةِ اللَّامِ: السَّمينُ. قَالَ الأَصمعي فِي إِنَاثِ حُمُرِ الوَحْشِ إِذَا اسْتَوَتْ مُتونُها مِنَ الشَّحْمِ قِيلَ حُمُر زهالِقُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ الزَّهالِقُ وَاحِدُهَا زِهْلِق وَهُوَ الأَمْلَس؛ قَالَ عُمارة:
مِثْل مُتون الحُمُر الزَّهالِق
أَبُو عُبَيْدٍ: جَاءَتِ الْخَيْلُ أزاهِقَ وأزاهيقَ، وَهِيَ جماعات في تَفْرِقة.
زهزق: الزَّهْزَقَةُ: شدَّةُ الضحِك، والزَّهْزَقَة كالقَهْقَهة؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
وإنْ نَأَتْ عَنِّيَ لَمْ تزَهْزِقِ
أَيْ لَمْ تضحَك. وأهْزَقَ فُلَانٌ فِي الضَّحِكِ وزَهْزَق وأنْزَقَ وكَوْكَبَ إِذَا أَكْثَرَ مِنْهُ. وَفِي النَّوَادِرِ: زَهْزَقَ فِي ضَحِكِهِ زَهْزَقةً ودَهْدَقَ دَهْدقةً. والزَّهْزقةُ: تَرْقيصُ الأُمّ الصبيَّ، والزِّهْزاقُ: اسْمُ ذَلِكَ الْفِعْلِ. والزَّهْزَقة: كلام لا يُفْهَمُ مِثْلُ الهَيْنَمَة؛ عَنِ ابن خالويه.
زهلق: زَهْلَق الشيءَ: ملَّسه. وَحِمَارٌ زِهْلِق: أمْلَسُ الْمَتْنِ. الأَصمعي: يُقَالُ للحُمُر إِذَا اسْتَوَتْ مُتُونُهَا مِنَ الشَّحْمِ حُمُر زَهالِق. غَيْرُهُ: صَفاً زِهْلِق أَمْلَسُ؛ وَأَنْشَدَ:
فِي زِهْلِقٍ زَلِقٍ مِنْ فَوْق أطوارِ
والزِّهْلِق: الحمارُ الهِمْلاج، وَهُوَ أَيْضًا الْحِمَارُ السَّمِينُ الْمُسْتَوِي الظَّهْرِ مِنَ الشَّحم، وَكَذَلِكَ الزِّهْلِقيّ، وَلَمْ يَخُصَّهُ اللِّحْيَانِيُّ بالهِملاج وَلَا بِغَيْرِهِ، قَالَ: وَهُوَ الزُّمَّلِق. ابْنُ الأَعرابي: الزِّهْلِق الْحِمَارُ الْخَفِيفُ. التَّهْذِيبِ: فِي النَّوَادِرِ زهلَجَ لَهُ الْحَدِيثَ وزَهْلَقه وزَهْمَجَه؛ الثَّعَالِبِيُّ: الزَّهلَقة فِي الْحُمُرِ مِثْلُ الهَمْلجة فِي الْفُرُسِ. وَقَالَ الْقَزَّازُ: يُقَالُ للحِمار الهِمْلاج زِهْلِق. والزِّهْلِق: مَوْضِعُ النَّارِ مِنَ الفَتيل. والزِّهْليقُ: السراج فِي الْقِنْدِيلِ. اللَّيْثُ: الزِّهْلِق السِّراج مَا دَامَ فِي الْقِنْدِيلِ، وَكَذَلِكَ النِّبْراس والقِراطُ؛ وَأَنْشَدَ:
زِهْلِقٌ لاحَ مُسْرَج
قَالَ: شبَّه بَياض الثَّوْرِ بِضِيَاءِ السِّرَاجِ لَيْسَ بِالَّذِي عَلَيْهِ سَرْج. ابْنُ الأَعرابي: القِراط السِّراج وَهُوَ الهِزْلِق، الْهَاءُ قَبْلَ الزَّايِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الزِّهْلِق. اللَّيْثُ: الزِّهْلِقِيُّ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي إِذَا أَرَادَ امْرَأَةً(10/149)
أَنْزَلَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، وَهُوَ الزُّمَّلِق، قَالَ: وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عَمْرٍو. والزِّهْلِقيّ: فَحْلٌ يُنْسَبُ إِلَيْهِ كِرام الْخَيْلِ؛ وَأَنْشَدَ:
فَمَا يَني أوْلادُ زِهْلِقِيّ، ... بناتُ ذِي الطَّوْقِ وأعْوَجِيّ،
يَشْجُجْن بالليل على الوَنِيّ
زهمق: الزَّهْمَقَة: نَتْن العِرْض، وَقِيلَ: هُوَ خُبث الرِّيحِ عَامَّةً، وَقِيلَ: أَيْ خَبيثُها مُنْتِنُها. الأَزهري: الزَّهْمَقة الزُّهومة السيِّئة تَجِدُهَا مِنَ اللَّحْمِ الغَثِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ اللَّيْثُ: وَهِيَ النَّمسة، وَقِيلَ: الزَّهْمَقة النَّتْنُ. وَيُقَالُ: امْرَأَةٌ مُزَهْمِقة أَيْ مُنْتِنة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا رِيَّها إِذَا علَتْني زَهْمَقه، ... كأنَّني جَانِي كِناب البَرْوَقهْ
أَبُو زَيْدٍ: صَئِكَ الرجلُ إِذَا فاحَتْ مِنْهُ رِيحٌ مُنْتِنة عَنْ عَرَقٍ، وَهِيَ الزَّهْمَقة، فَهِيَ عَلَى هَذَا الصُّنان، وَيَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ الرجز المتقدم.
زوق: الزَّاوُوق: الزِّئْبَق؛ قَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَ الزِّئْبَق الزَّاووق، وَيَدْخُلُ الزِّئبَق فِي التَّصَاوِيرِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا لِكُلِّ مُزَيَّنٍ مُزَوَّق؛ الْجَوْهَرِيُّ: قَدْ يَقَعُ فِي التَّزاوِيق لأَنه يُجْعَل مَعَ الذَّهَبِ عَلَى الْحَدِيدَةِ، ثُمَّ يُدْخَل فِي النَّارِ فَيَذْهَبُ مِنْهُ الزِّئبَق وَيَبْقَى الذَّهَبُ، ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ مُنَقَّش مُزوَّق وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ الزِّئبَق. والمُزَوَّق: المزيَّن بِهِ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى سُمِّيَ كُلُّ مُزَيَّنٍ بِشَيْءٍ مُزَوَّقاً. وَكَلَامٌ مُزَوَّق: مُحَسَّن؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ لِي وَلِنَبِيٍّ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا مُزَوَّقاً
أَيْ مُزَيَّناً؛ قِيلَ: أَصْلُهُ مِنَ الزاوُوق وَهُوَ الزِّئبَق. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ
قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: إِذَا رأيتَ قُرَيشاً قَدْ هَدَموا الْبَيْتَ ثُمَّ بَنَوْه فزَوَّقوه فَإِنِ اسْتَطعْتَ أَنْ تَمُوتَ فمُتْ
؛ كَرِهَ تَزْوِيقَ الْمَسَاجِدِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّرْغِيبِ فِي الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا أَوْ لشَغْلِها الْمُصَلِّيَ، وَجَمْعُ الزَّاوُوقُ زَوَق؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَأَنْشَدَ الْقَزَّازُ:
قَدْ حصَّل الجَدَّ مِنَّا كلُّ مُؤتَشِبٍ، ... كَمَا يُحَصِّلُ مَا فِي التِّبْرة الزَّوَقُ
والتِّبْرة: تُرَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ التِّبْر. وزَوَّقْتُ الكلامَ والكتابَ إِذَا حسَّنْته وقوَّمْته. أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ هَذَا كِتَابٌ مُزَوَّرٌ مُزَوَّق، وَهُوَ المُقَوَّم تَقْوِيمًا؛ وَقَدْ زَوَّر فُلَانٌ كتابه وزوَّقَه إِذَا قوَّمه تَقْوِيمًا. وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَثْقَلُ مِنَ الزَّاوُوقِ. وَفِي حَدِيثِ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: أَنْتَ أثْقلُ مِنَ الزَّاوُوقِ
، يَعْنِي الزِّئبَق، كَذَا يُسمّيه أَهْلُ الْمَدِينَةِ. ودِرْهم مُزَوَّق ومُزَأبق بِمَعْنًى وَاحِدٍ. أَبُو عَمْرٍو: الزَّوَقةُ نقَّاشو سَمّانِ الرَّوافِد، والسَّمّان: تَزاوِيقُ السُّقوف، وَفِي نُسْخَةٍ: الزَّوَقةُ الَّذِينَ يُزَوِّقون السُّقُوفَ والطَّوَقةُ الطُّيور والغَوَقة الغربان والقَوَقةُ الدُّيوك وَالْهَوْقَةُ الْهَلْكَى. وَرُوِيَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: أبْصر أَبُو الدَّرْداء قَدْ زُوِّق ابْنُهُ، فَقَالَ: زوِّقوهم ما شئتم فذاك أغْوى لهم.
زيق: تَزَيَّقَت المرأةُ تَزيُّقاً وتزَيَّغَت تزَيُّغاً إِذَا تَزَيَّنَتْ وَتَلَبَّسَتْ وَاكْتَحَلَتْ. وزِيقُ الشيطانِ: لُعابُ الشَّمْسَ؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: هَذَا تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ رِيقُ الشَّمْسِ، بِالرَّاءِ، وَمَعْنَاهُ لُعَابُ الشَّمْسِ، قَالَ: هَكَذَا حَفِظْتُهُ عَنِ الْعَرَبِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وذابَ للشَّمْسِ لُعابٌ فنزَلْ
والزِّيقُ: زِيقُ الجَيْب الْمَكْفُوفِ. والزِّيقُ: مَا(10/150)
كُفَّ مِنْ جَانِبِ الْجَيْبِ. وزِيقُ القَميص: مَا أَحَاطَ بالعُنُق. وزِيقٌ: ابْنُ بَسْطام بْنِ قَيْسٍ مِنْ شَيبان. وزِيقٌ: اسْمٌ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ:
يَا زِيقُ وَيْحَك مَنْ أنْكَحْت يَا زِيقُ؟
فصل السين المهملة
سبق: السَّبْق: القُدْمةُ فِي الجَرْي وَفِي كُلِّ شَيْءٍ؛ تَقُولُ: لَهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ سُبْقةٌ وسابِقةٌ وسَبْقٌ، وَالْجَمْعُ الأَسْباق والسَّوابِقُ. والسَّبْقُ: مَصْدَرُ سَبَقَ. وَقَدْ سَبَقَه يَسْبُقُه ويَسْبِقُه سَبْقاً: تقدَّمه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَا سابِقُ الْعَرَبِ، يَعْنِي إِلَى الإِسلام، وصُهَيْبٌ سابقُ الرُّوم، وبِلالٌ سابقُ الحبَشة، وسلْمانُ سابقُ الفُرْس
؛ وسابَقْتُه فسَبَقْتُه. واسْتَبَقْنا فِي العَدْوِ أَيْ تَسابَقْنا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ
؛ رُوِيَ فِيهِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: سابِقُنا سابِقٌ، ومقْتصِدُنا ناجٍ، وظالِمُنا مغفورٌ لَهُ
، فدلَّك ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مَغْفُورٌ لمقْتَصدهم وَلِلظَّالِمِ لِنَفْسِهِ مِنْهُمْ. وَيُقَالُ: لَهُ سابِقةٌ فِي هَذَا الأَمر إِذَا سَبَق الناسَ إِلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ الْخَيْلُ، وَقِيلَ السَّابِقَاتُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ تَخْرُجُ بِسُهُولَةٍ، وَقِيلَ: السَّابِقَاتُ النُّجُومُ، وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ تَسْبِق الشَّيَاطِينَ بِالْوَحْيِ إِلَى الأَنبياء، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: تَسْبِق الجنَّ باستماع الوحي. ولا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ
: لَا يَقُولُونَ بِغَيْرِ عِلْمٍ حَتَّى يُعَلِّمهم؛ وسابَقَه مُسابَقَةً وسِباقاً. وسِبْقك: الَّذِي يُسابِقُك، وَهُمْ سِبْقي وأسْباقي. التَّهْذِيبِ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يَسْبِقُ مِنَ الْخَيْلِ سابِقٌ وسَبُوق، وَإِذَا كَانَ يُسْبَق فَهُوَ مُسَبَّق؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
مِنَ المُحْرِزينَ المَجْدَ يومَ رِهانِه، ... سَبُوقٌ إِلَى الغاياتِ غَيْرُ مُسَبَّق
وسَبَقَت الخيلُ وسابَقْتُ بَيْنَهَا إِذَا أَرْسَلْتَهَا وَعَلَيْهَا فُرْسانُها لِتَنْظُرَ أَيُّهَا يَسْبِق. والسُّبَّق مِنَ النَّخْلِ: المبَكِّرة بِالْحَمْلِ. والسَّبْق والسابِقةُ: القُدْمة. وأسْبَقَ القومُ إِلَى الأَمر وتَسابَقوا: بَادَرُوا. والسَّبَق، بِالتَّحْرِيكِ: الخطَرُ الَّذِي بوضع بَيْنَ أَهْلِ السِّباق، وَفِي التَّهْذِيبِ: الَّذِي يُوضَعُ فِي النِّضال والرِّهان فِي الْخَيْلِ، فَمَنْ سبَق أَخَذَهُ، وَالْجَمْعُ أَسْبَاقٌ. واسْتَبَق القومُ وتَسابَقوا: تَخاطَرُوا. وتَسابَقُوا: تَنَاضَلُوا. وَيُقَالُ: سَبَّق إِذَا أَخَذَ السَّبَق، وسَبَّقَ إِذَا أَعْطَى السَّبَق، وَهَذَا مِنَ الأَضداد، وَهُوَ نَادِرٌ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا سبَق إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ نَصْل أَوْ حَافِرٍ
، فَالْخُفُّ للإِبل، وَالْحَافِرُ لِلْخَيْلِ، وَالنِّصَالُ للرَّمْي. والسَّبَق، بِفَتْحِ الْبَاءِ: مَا يُجْعَلُ مِنَ الْمَالِ رَهْناً عَلَى المُسابَقةِ، وَبِالسُّكُونِ: مَصْدَرُ سَبَقْت أسْبِق؛ الْمَعْنَى لَا يَحِلُّ أَخْذُ الْمَالِ بالمُسابَقةِ إِلَّا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَقَدْ أَلْحَقَ بِهَا الْفُقَهَاءُ مَا كَانَ بِمَعْنَاهَا وَلَهُ تَفْصِيلٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَنْ أدْخَلَ فَرَساً بَيْنَ فَرَسَيْنِ فَإِنْ كَانَ يْؤْمَنُ أَنْ يُسْبَق فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يؤمَن أَنْ يُسْبَق فَلَا بأْس بِهِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الأَصل أَنْ يَسْبِقَ الرجلُ صاحبَه بِشَيْءٍ مُسَمًّى عَلَى أَنَّهُ إِنْ سَبَق فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ سَبَقه صاحبُه أَخَذَ الرَّهْنَ، فَهَذَا هُوَ الْحَلَالُ لأَن الرَّهْنَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ جَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ رَهْنًا أَيُّهُمَا سَبَق أَخَذَهُ فَهُوَ القِمارُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، فَإِنْ أرادا تَحْلِيلَ ذَلِكَ جَعَلَا مَعَهُمَا فَرَساً ثَالِثًا لِرَجُلٍ سِوَاهُمَا، وَتَكُونُ فَرَسُهُ(10/151)
كُفُؤاً لفرسَيْهما، وَيُسَمَّى المُحَلِّلَ والدَّخِيلَ، فَيَضَعُ الرَّجُلَانِ الأَوّلان رَهْنَيْنِ مِنْهُمَا وَلَا يَضَعُ الثَّالِثُ شَيْئًا، ثُمَّ يُرْسِلون الأَفْراسَ الثَّلَاثَةَ، فَإِنْ سَبَقَ أحدُ الأَوّلين أَخَذَ رَهْنَه ورَهْنَ صَاحِبِهِ فَكَانَ طَيِّباً لَهُ، وَإِنْ سَبَقَ الدخيلُ أَخَذَ الرَّهْنَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ سُبِق هُوَ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا، فَهَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ أمَرَ بِإِجْرَاءِ الْخَيْلِ وسَبَّقَها ثَلَاثَةَ أعْذُقٍ مِنْ ثَلَاثِ نَخَلَاتٍ
؛ سَبَّقَها: بِمَعْنَى أَعْطَى السَّبَق، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى أَخَذَ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد، وَيَكُونُ مُخَفَّفًا وَهُوَ الْمَالُ المُعَيّن. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ نتَناضَل، وَقِيلَ: هُوَ نَفْتَعِلُ مِنَ السَّبْق. وَاسْتَبَقَا الْبابَ
: يَعْنِي تَسابَقا إِلَيْهِ مِثْلَ قَوْلِكَ اقْتَتَلَا بِمَعْنَى تَقاتلا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ*
؛ أَيْ بادِرُوا إِلَيْهَا؛ وَقَوْلُهُ: فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ
؛ أَيْ جاوَزُوه وَتَرَكُوهُ حَتَّى ضَلُّوا؛ وَهُمْ لَها سابِقُونَ
، أَيْ إِلَيْهَا سابِقون كَمَا قَالَ تَعَالَى: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها، أَيْ إِلَيْهَا. الأَزهري: جَاءَ الاسْتباق فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِثَلَاثَةِ مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ: أَحَدُهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ
، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مَعْنَاهُ نَنْتَضل فِي الرَّمْيِ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاسْتَبَقَا الْبابَ
؛ مَعْنَاهُ ابْتَدَرا البابَ يَجْتَهِدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْبِقَ صَاحِبَهُ، فَإِنْ سَبَقَها يوسفُ فَتَحَ البابَ وَخَرَجَ وَلَمْ يُجِبْها إِلَى مَا طَلَبَتْهُ مِنْهُ، وَإِنْ سَبَقَتْ زَلِيخا أغْلَقَت الْبَابَ دُونَهُ لتُراوِدَه عَنْ نَفْسِهِ، وَالْمَعْنَى الثَّالِثُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ
؛ مَعْنَاهُ فَجَازَوُا الصِّرَاطَ وخَلّفوه، وَهَذَا الاسْتباق فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْوَجْهَانِ الأَولان مِنِ اثْنَيْنِ، لأَن هَذَا بِمَعْنَى سَبَقُوا والأَوّلان بِمَعْنَى المُسابَقة. وَقَوْلُهُ: اسْتَقِيموا فَقَدْ سَبَقْتُم سَبْقاً بَعيداً؛ يُرْوَى بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، والأَول أَوْلَى لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: وَإِنْ أخَذْتم يَمِينًا وَشِمَالًا فَقَدْ ضلَلْتم. وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ:
سَبَقَ الفَرْثَ والدَّمَ
أَيْ مرَّ سَرِيعًا فِي الرمِيّة وَخَرَجَ مِنْهَا لَمْ يَعْلَقْ مِنْهَا بِشَيْءٍ مِنْ فَرْثِها ودَمِها لِسُرْعَتِهِ؛ شبَّه خروجَهم مِنَ الدِّين وَلَمْ يَعْلَقوا بِشَيْءٍ مِنْهُ بِهِ. وسَبَقَ عَلَى قومِه: عَلَاهُمْ كَرَماً. وسِبَاقا الْبَازِي: قيْداه، وَفِي الْمُحْكَمِ: والسِّبَاقانِ قَيْدانِ فِي رِجْل الْجَارِحِ مِنَ الطَّيْرِ مِنْ سَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِ. وسَبَّقْت الطَّير إِذَا جَعَلْتَ السِّبَاقَيْنِ فِي رِجْلَيْهِ.
ستق: دِرْهَمٌ سَتُّوق وسُتوق: زَيْفٌ بَهْرَجٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، وَكُلُّ مَا كَانَ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ فَهُوَ مَفْتُوحُ الأَول إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحْرُفٍ جَاءَتْ نَوَادِرَ: وَهِيَ سُبّوح وقُدّوس وذُرُّوح وسُتّوق، فَإِنَّهَا تُضَمُّ وَتُفْتَحُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ كَلْبٍ: دِرْهَمٌ تُسْتُوق. والمَساتقُ: فِراءٌ طِوَالُ الأَكمام، وَاحِدَتُهَا مُسْتَقَة بِفَتْحِ التَّاءِ؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَصْلُهَا بِالْفَارِسِيَّةِ مُشْتَهْ فعُرّبت؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَعَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذَا لبِسَتْ مَساتِقَها غَنِيٌّ، ... فَيَا وَيْحَ المَساتِق مَا لَقِينا
سحق: سَحَقَ الشيءَ يَسْحَقُه سَحْقاً: دقَّه أَشَدَّ الدَّقِّ، وَقِيلَ: السَّحْق الدقُّ الرَّقِيقُ، وَقِيلَ: هُوَ الدَّقُّ بَعْدَ الدَّقِّ، وَقِيلَ: السَّحْق دُونَ الدَّقِّ. الأَزهري: سَحَقَت الريحُ الأَرض وسَهَكَتها إِذَا قَشَرَتْ وَجْهَ الأَرض بِشِدَّةِ هُبُوبِهَا، وسَحَقْت الشَّيْءَ فانْسَحَق إِذَا سَهَكْته. ابْنُ سِيدَهْ: سَحَقَت الريحُ(10/152)
الأَرض تَسْحَقُها سَحْقاً إِذَا عَفَّت الْآثَارُ وانْتَسَفَت الدِّقاقَ. والسَّحْق: أَثَرُ دَبَرة الْبَعِيرِ إذا بَرَأَت وابْيَضَّ موضعها. والسَّحْق: الثَّوْبُ الخلَق الْبَالِي؛ قَالَ مُزَرِّد:
وَمَا زَوَّدُوني غيرَ سَحْقِ عِمامة، ... وخَمْسِ مِئٍ مِنْهَا قَسِيٌّ وزائفُ
وَجَمْعُهُ سُحوق؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَإِنَّكَ، إِنْ تَهْجو تَمِيماً وتَرْتَشِي ... بِتَأْبِينِ قَيْسٍ، أَوْ سُحوق العَمائم
وَالْفِعْلُ: الانْسِحاق. وانْسَحَق الثوبُ وأسْحَق إِذَا سَقَطَ زئْبِرُه وَهُوَ جديد، وسَحَقَه البِلى سَحْقاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
سَحْقَ البِلى جدَّته فأَنْهَجا
وَقَدْ سَحَقَه البِلى ودَعْكُ اللُّبْس. وَثَوْبٌ سَحْق: وَهُوَ الخلَق؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الَّذِي انْسَحَق ولانَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ زافَت عَلَيْهِ دَراهِمُه فَليَأْت بِهَا السُّوقَ ولْيَشْتَرِ بِهَا ثَوْبَ سَحْقٍ وَلَا يُحالفِ الناسَ أَنَّهَا جِيادٌ
؛ السَّحْق: الثَّوْبُ الخلَق الَّذِي انْسَحَق وبَليَ كَأَنَّهُ بَعُدَ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ. وانْسَحَقَ الثوبُ أَيْ خلَق؛ قَالَ أَبُو النَّجْمِ:
مِنْ دِمْنةٍ كالمَرْجَليِّ [كالمِرْجَليِ] المِسْحَق
وأسْحَق خفُّ الْبَعِيرِ أَيْ مَرَنَ. والإِسْحاق: ارْتِفَاعُ الضَّرْعُ وَلُزُوقُهُ بِالْبَطْنِ. وأسْحَقَ الضرعُ: يَبِسَ وبَلي وَارْتَفَعَ لَبَنُهُ وَذَهَبَ مَا فِيهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
حَتَّى إِذَا يَبِسَت وأسْحَقَ حالقٌ، ... لَمْ يُبْلِه إرْضاعُها وفِطامُها
وأسْحَقَت ضَرّتُها: ضَمَرت وَذَهَبَ لبنُها. وَقَالَ الأَصمعي: أسْحَق يَبِسَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أسْحَقَ الضَّرْع ذَهَبَ وَبَلِيَ. وانْسَحَقت الدلوُ: ذَهَبَ مَا فِيهَا. الأَزهري: ومُساحَقةُ النساءِ لَفْظٌ مولَّد. والسَّحْق فِي العَدْوِ: دُونَ الحُضْر وَفَوْقَ السَّحْج؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فَهِيَ تَعَاطِي شدَّه المُكايَلا ... سَحْقاً مِنَ الجِدّ وسَحْجاً بَاطِلَا
وَأَنْشَدَ الأَزهري لِآخَرَ:
كَانَتْ لَنَا جَارَةٌ، فأزْعَجها ... قَاذُورَةٌ تَسْحَق النَّوى قُدُما
والسَّحْق فِي العَدْوِ: فَوْقَ الْمَشْيِ وَدُونَ الحُضْر. وسَحَقت العينُ الدمعَ تَسْحَقه سَحْقاً فانْسَحَق: حَدَرَتْه، ودُموع مَساحِيق؛ وَأَنْشَدَ:
قِتْب وغَرْب إِذَا مَا أُفْرِغ انْسَحقا
والسُّحُق: البُعْد، وَكَذَلِكَ السُّحْق مِثْلُ عُسْر وعُسُر. وَقَدْ سَحُق الشَّيْءُ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ سَحِيق أَيْ بَعِيدٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ سَحِيق وأسْحق؛ قَالَ أَبُو النَّجْمِ:
تَعْلُو خَناذِيذَ البَعيد الأَسْحَقِ
وَفِي الدُّعَاءِ: سُحْقاً لَهُ وبُعْداً، نَصَبُوهُ عَلَى إِضْمَارِ الْفِعْلِ غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ إظهارُه. وسَحَقَه اللهُ وأسْحَقه اللَّهُ أَيْ أَبْعَدَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
قَاذُورَةٌ تَسْحَقُ النَّوَى قُدُما
وأسْحَق هو وانْسَحَق: بَعُد. وَمَكَانٌ سَحِيق: بَعِيد: وَفِي التَّنْزِيلِ: أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ(10/153)
سَحِيقٍ؛ وَيَجُوزُ فِي الشِّعْرِ ساحِقٌ. وسُحُقٌ ساحِقٌ، عَلَى الْمُبَالَغَةِ، فَإِنْ دَعَوْتَ فَالْمُخْتَارُ النَّصْبُ. الأَزهري: لُغَةُ أَهْلِ الحجاز بُعْدٌ له وسُحْقٌ لَهُ، يَجْعَلُونَهُ اسْمًا، والنصبُ عَلَى الدُّعَاءِ عَلَيْهِ يُرِيدُونَ بِهِ أبْعَدَه اللَّهُ؛ وأسْحَقَه سُحْقاً وبُعداً وَإِنَّهُ لَبَعِيد سَحِيق. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ فسُحْقاً لأَصحاب السَّعِير: اجْتَمَعُوا عَلَى التَّخْفِيفِ، وَلَوْ قُرِئَتْ فسُحُقاً كَانَتْ لُغَةً حَسَنَةً؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: فسُحْقاً مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أسْحَقَهم اللَّهُ سُحْقاً أَيْ باعَدَهم مِنْ رَحْمَتِهِ مُباعَدة. وَفِي حَدِيثِ الْحَوْضِ:
فَأَقُولُ سُحْقاً سُحْقاً
أَيْ بُعْداً بُعْداً. ومَكانٍ سَحِيقٍ
: بَعِيدٌ. وَنَخْلَةٌ سَحُوق: طَوِيلَةٌ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْمُفَضَّلِ النُّكْرِي:
كَانَ جِذْعٌ سَحُوق
وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: كَالنَّخْلَةِ السَّحُوق
أَيِ الطَّوِيلَةِ الَّتِي بَعُد ثمرُها عَلَى الْمُجْتَنِي؛ قَالَ الأَصمعي: لَا أَدْرِي لَعَلَّ ذَلِكَ مَعَ انْحِنَاءٍ يَكُونُ، وَالْجَمْعُ سُحُق؛ فَأَمَّا قَوْلُ زُهَيْرٌ:
كأنَّ عَيْنَيّ فِي غَرْبَيْ مُقَتَّلة، ... مِنَ النَّوَاضِحِ، تَسْقِي جَنّةً سُحُقا
فَإِنَّهُ أَرَادَ نخلَ جَنّة فَحَذَفَ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَدْ قَالُوا جَنَّةَ سُحُق، كَقَوْلِهِمْ نَاقَةٌ عُلُطٌ وَامْرَأَةٌ عُطُلٌ. الأَصمعي: إِذَا طَالَتِ النَّخْلَةُ مَعَ انْجِرَادٍ فَهِيَ سَحُوق، وَقَالَ شِمْرٌ: هِيَ الْجَرْدَاءُ الطَّوِيلَةُ الَّتِي لَا كَرَب لَهَا؛ وأنشد:
وسالِفة كسَحُوق اللِّيان، ... أضْرَمَ فِيهَا الغَوِيُّ السُّعُرْ
شَبَّهَ عُنُقَ الْفَرَسِ بِالنَّخْلَةِ الْجَرْدَاءِ. وَحِمَارٌ سَحُوق: طَوِيلٌ مُسِنّ، وَكَذَلِكَ الأَتان، وَالْجَمْعُ سُحُقٌ؛ وَأَنْشَدَ لِلَبِيدٍ فِي صِفَةِ النَّخْلِ:
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفا وسَرِيُّه، ... عُمٌّ نَواعِمُ بَيْنَهُنّ كُرومُ
وَاسْتَعَارَ بَعْضُهُمُ السَّحُوق لِلْمَرْأَةِ الطَّوِيلَةِ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي:
تُطِيف بِهِ شَدَّ النَّهَارِ ظَعِينةٌ، ... طَويلةُ أنْقاء اليدَيْنِ سَحُوقُ
والسَّوْحَق: الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الأَخطل:
إِذَا قلتُ: نالَته العَوالي، تَقاذَفَتْ ... بِهِ سَوْحَقُ الرِّجْلَيْنِ سانحةُ الصَّدْرِ
الأَصمعي: مِنَ الأَمطار السَّحائِقُ، الْوَاحِدَةُ سَحيقة، وَهُوَ الْمَطَرُ الْعَظِيمُ القَطْر الشَّدِيدُ الوَقْع القليلُ العَرِمُ، قَالَ: وَمِنْهَا السَّحِيفة، بِالْفَاءِ، وَهِيَ الْمَطَرَةُ تجرُف مَا مرَّت بِهِ. وَسَاحُوقٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَلَمَةُ الْعَبْسِيُّ:
هَرَقْن بِساحُوقٍ دِماءً كَثِيرة، ... وغادَرْن قَبْلي مِنْ حَلِيب وحازِر
عَنَى بِالْحَلِيبِ الرفيعَ، وَبِالْحَازِرِ الْوَضِيعِ، فَسَّرَهُ يَعْقُوبُ؛ وَأَنْشَدَ الأَزهري:
وهُنَّ بِساحوقٍ تَدَارَكْنَ ذالِقا
ويومُ سَاحُوقٌ: مِنْ أَيَّامِهِمْ. وَمَسَاحِقٌ: اسْمٌ. وإسْحَق: اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: ألحقوه ببناء إعْصار. وإسْحَق: اسْمُ رَجُلٍ، فَإِنْ أَرَدْتَ بِهِ الِاسْمَ الأَعجمي لَمْ تَصْرِفْهُ فِي الْمَعْرِفَةِ لأَنه غُيِّر عَنْ جِهَتِهِ فَوَقَعَ(10/154)
فِي كَلَامِ الْعَرَبِ غَيْرَ مَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ أَرَدْتَ الْمَصْدَرَ مِنْ قَوْلِكَ أسْحَقَه السفرُ إسْحاقاً أَيْ أَبْعَدَهُ صَرَفَتْهُ لأَنه لَمْ يُغَيَّرْ. والسُّمْحوق مِنَ النَّخْلِ: الطويلةُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. والسِّمْحاق: قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ فَوْقَ عَظْمِ الرَّأْسِ بِهَا سُمِّيَتِ الشَّجّة إِذَا بَلَغَتْ إِلَيْهَا سِمْحاقاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالسِّمْحَاقُ أَثَرُ الْخِتَانِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَضْبُط، بَيْنَ فَخْذِه وساقِه، ... أيْراً بَعِيدَ الأَصْلِ منْ سِمْحاقه
وسَماحيق السَّمَاءِ: القِطعُ الرِّقاقُ مِنَ الغَيْم؛ وَعَلَى ثَرْب الشَّاة سَماحِيقُ مِنْ شَحْم؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَأَرَى أَنَّ الْمِيمَاتِ فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ زوائد.
سدق: السِّيداقُ، بِكَسْرِ السِّينِ: شَجَرٌ ذُو ساقٍ واحدةٍ قويَّةٍ، لَهُ وَرَق مِثْلَ ورَق الصَّعْتَر وَلَا شَوْكَ لَهُ، وَقِشْرُهُ حَرَّاق عجيبٌ.
سذق: السَّوْذَق والسُّوذَق؛ الأَخيرة عَنْ يَعْقُوبَ: الصَّقر، وَيُقَالُ الشَّاهِينُ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ سَوْدَناه. والسَّوْذَنِيق أَيْضًا: الصَّقْرُ، وَرُبَّمَا قَالُوا سَيْذَنُوق؛ وَأَنْشَدَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ لِحُمَيْدٍ الأَرقط:
وحادِياً كالسَّيْذَنُوقِ الأَزْرَقِ، ... لَيْسَ عَلَى آثَارِهَا بِمُشْفِقِ
وَكَذَلِكَ السُّوذانِق، بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ النون؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وكأنِّي مُلْجِمٌ سُوذانِقاً ... أجْدَلِيّاً، كَرُّهُ غير وَكَلْ
والسَّذَق: لَيْلَةُ الوَقُود، وَجَمِيعُ ذَلِكَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. التَّهْذِيبِ: والسَّذَق عِنْدَ الْعَجَمِ مَعْرُوفٌ. والسِّيذاقُ: نَبْت يُبَيَّض الغَزْل بِرَمَادِهِ. والسَّوْذَق، بِالْفَتْحِ: السِّوارُ؛ وَأَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو:
تَرَى السَّوْذَقَ الوَضَّاحَ فِيهَا بِمِعْصَمٍ ... نَبِيلٍ، ويأبى الحَجْلُ [الحِجْلُ] أن يَتَقَدَّما
سرق: سَرَق الشَّيْءَ يسْرِقه سَرَقاً وسَرِقاً واستَرَقَه؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَأَنْشَدَ:
بِعْتُكَها زانِيةً أَوْ تَسْتَرِقْ، ... إنَّ الخبيثَ للخبيثِ يَتَّفِقْ
اللَّامُ هُنَا بِمَعْنَى مَعَ، وَالِاسْمُ السَّرِق والسَّرِقة، بِكَسْرِ الرَّاءِ فِيهِمَا، وَرُبَّمَا قَالُوا سَرَقَهُ مَالًا، وَفِي الْمَثَلِ: سُرِقَ السارقُ فانتحَر. والسَّرَق: مَصْدَرُ فِعْلِ السَّارِقِ، تَقُولُ: بَرِئْتُ إِلَيْكَ مِنَ الإِباق والسَّرَق فِي بَيْعِ الْعَبْدِ. وَرَجُلٌ سارِق مَنْ قَوْمٍ سَرَقةٍ وسُرَّاقٍ، وسَرُوقٌ مِنْ قَوْمٍ سُرُقٍ، وسَرُوقةٌ، وَلَا جَمْعَ لَهُ إِنَّمَا هُوَ كصَرورة، وَكَلْبٌ سَروقٌ لَا غَيْرَ؛ قَالَ:
وَلَا يَسْرِق الكلبُ السَّروقُ نِعالَها
وَيُرْوَى السَّرُوُّ، فَعولٌ مِنَ السُّرى، وهي السَّرِقة. وسَرَّقه: نَسَبَهُ إِلَى السَّرَق، وقُرئ:
إن ابنك سُرِّق.
واسْتَرق السمْعَ أَيِ استَرَق مُستخفِياً. وَيُقَالُ: هُوَ يُسارِق النظَر إِلَيْهِ إِذَا اهْتَبَل غَفلتَه لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
عدِيّ: مَا نَخاف عَلَى مَطيَّتها السَّرَق
؛ هُوَ بِمَعْنَى السَّرِقَةِ وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
تَسْتَرِق الجِنُّ السَّمْع
؛ هُوَ تَفْتَعِلُ مِنَ السَّرِقة أَيْ أَنَّهَا تسمعُه مختفِيةً كَمَا يَفْعَلُ السارِق، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ فِعْلًا وَمَصْدَرًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ سَرَّق فِي مَعْنَى سَرَق؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:(10/155)
لا تَحْسَبَنَّ [تَحْسِبَنَ] دَراهِماً سَرَّقْتَها ... تَمْحُو مَخازيَكَ الَّتِي بعُمانِ
أَيْ سَرَقْتها، قَالَ: وَهَذَا فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِهِمْ إِنَّ الرِّقِينَ تُغَطِّي أفْنَ الأَفِينَ أَيْ لَا تحسَبْ كَسْبَك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ مِمَّا يُغَطِّي مَخَازِيكَ. والاسْتِراق: الخَتْل سِرًّا كَالَّذِي يَسْتَمِعُ، والكَتَبةُ يَسْتَرِقُون مِنْ بَعْضِ الْحِسَابَاتِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ
، قَالَ: السَّارِقُ عِنْدَ الْعَرَبِ مَنْ جَاءَ مُسْتَتِراً إِلَى حِرْزٍ فَأَخَذَ مِنْهُ مَا لَيْسَ لَهُ، فَإِنْ أَخْذَ مَنْ ظَاهِرٍ فَهُوَ مُخْتَلِس ومُسْتَلِب ومُنْتَهِب ومُحْتَرِس، فَإِنْ مَنَعَ مِمَّا فِي يَدَيْهِ فَهُوَ غَاصِبٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ
، يَعْنُونَ يُوسُفَ، وَيُرْوَى
أَنَّهُ كَانَ أَخَذَ فِي صِغَره صُورَةً، كَانَتْ تُعْبَد لِبَعْضِ مَنْ خَالَفَ ملَّة الإِسلام، مِنْ ذَهَبٍ عَلَى جِهَةِ الإِنكار لِئَلَّا تُعَظَّم الصورةُ وتُعْبَد.
والمُسارَقة والاسْتِراق والتَّسَرُّق: اخْتِلَاسُ النَّظَرِ وَالسَّمْعِ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
بَخِلَتْ عَلَيْكَ، فَمَا يَجُودُ بِنَائِلٍ ... إِلَّا اخْتِلاس حَدِيثِها المُتَسَرَّقِ
وَقَوْلَ تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ:
فأَما سُراقاتُ الهِجاءِ، فَإِنَّهَا ... كلامٌ تَهاداه اللئامُ تَهادِيا
جَعَلَ السُّرَاقَةَ فِيهِ اسمَ مَا سُرِق، كَمَا قِيلَ الخُلاصة والنُّقاية لِمَا خُلِّص ونُقِّيَ. وسَرِقَ الشيءُ سَرَقاً: خَفِيَ. وسَرِقَت مفاصلُه وانْسَرَقتْ: ضَعُفت؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ الظبْيَ:
فاتِرَ الطَّرْف فِي قُواه انْسِراقُ
والانْسِراق: أَنْ يَخْنُس إِنْسَانٌ عَنْ قَوْمٍ لِيَذْهَبَ؛ قَالَ وَقِيلَ فِي قَوْلِ الأَعشى:
فَهِيَ تَتْلو رَخْصَ الظُّلوف ضَئيلًا ... فاتِرَ الطَّرْف، فِي قُواه انْسِراق
إِنَّ الانْسِراقَ الْفُتُورُ وَالضَّعْفُ؛ وَقَالَ الأَعشى أَيْضًا:
فِيهِنَّ مَحْروقُ النَّواصِف مَسْروقُ ... البُغام وشادِنٌ أكْحل
أَرَادَ أَنَّ فِي بُغامه غُنّة فَكَأَنَّ صَوْتَهُ مَسْرُوقٌ. والسَّرَق: شِقاقُ الْحَرِيرِ، وَقِيلَ: هُوَ أَجْوَدُهُ، وَاحِدَتُهُ سَرَقة؛ قَالَ الأَخطل:
يَرْفُلْن فِي سَرَقِ الفِرِنْدِ وقَزِّه، ... يَسْحَبْنَ مِنْ هُدَّابِه أذْيالا
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَصْلُهُ سَرَهْ أَيْ جَيِّدٌ، فَعَرَّبُوهُ كَمَا عُرِّبَ بَرَقٌ للْحَمَل وَأَصْلُهُ بَرَه، ويَلْمَق لِلْقَباء وَأَصْلُهُ يَلْمَه، وإسْتَبْرَق لِلْغَلِيظِ مِنَ الدِّيبَاجِ وَأَصْلُهُ اسْتَبْرَهْ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ سِتَبْرَهْ أَيْ جَيِّدٌ، فَعَرَّبُوهُ كَمَا عَرَّبُوا بَرَق ويَلْمَق، وَقِيلَ: إِنَّهَا البِيضُ مِنْ شُقَق الْحَرِيرِ؛ وَأَنْشَدَ لِلْعَجَّاجِ:
ونَسَجَت لَوامِعُ الحَرُورِ، ... مِنْ رَقْرَقانِ آلِها المسْجورِ،
سَبائِباً كسَرَق الحَرِيرِ
وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
ابْنِ عمرو: أَنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ عَنْ بَيْعِ سَرَقِ الْحَرِيرِ قَالَ: هَلَّا قُلْتَ شُقَق الْحَرِيرِ
؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَرَقُ الحَرِير هِيَ الشُّقَقُ إِلَّا أَنَّهَا البِيضُ خَاصَّةً، وصَرَقُ الْحَرِيرِ بِالصَّادِّ أَيْضًا؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ للأَخطل:
كَأَنَّ دَجائجاً، فِي الدَّارِ، رُقطاً ... بَناتُ الرُّوم فِي سَرَقِ الحَرِير(10/156)
وَقَالَ آخَرُ:
يَرْفُلْنَ فِي سَرَقِ الحريرِ وقزِّه، ... يَسْحَبْن مِنْ هُدّابه أَذْيَالَا
وَفِي حَدِيثُ
عَائِشَةَ: قَالَ لَهَا رَأيْتُكِ يَحْمِلُكِ الملَكُ فِي سَرَقةٍ مِنْ حَرير
أَيْ قِطْعة مِنْ جَيِّد الْحَرِيرِ، وَجَمْعُهَا سَرَق. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: رأيتُ كَأَنَّ بِيَدِي سَرَقةً مِنْ حَرِيرٍ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا بِعْتُم السَّرَقَ فَلَا تَشْتَروه
أَيْ إِذَا بِعْتُموه نَسِيئة، وَإِنَّمَا خَصَّ السَّرَق بِالذِّكْرِ لأَنه بلَغَه أَنَّ تُجّاراً يَبِيعُونَهُ نَسِيئَةً ثُمَّ يَشْتَرُونَهُ بِدُونِ الثَّمَنِ، وَهَذَا الْحُكْمُ مطَّرد فِي كُلِّ المَبِيعات، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى العِينَة. والسَّوارق: الْجَوَامِعُ، وَاحِدَتُهُ سَارِقَةٌ؛ قَالَ أَبُو الطَّمَحان:
وَلَمْ يَدْعُ داعٍ مِثْلُكُمْ لِعَظيمة، ... إِذَا أزَمَت بالساعِدَيْنِ السَّوارِقُ
وَقِيلَ: السَّوارِق مَسامير فِي الْقُيُودِ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ الرَّاعِي:
وأزْهَر سخَّى نَفْسَه عَنْ بِلادِه ... حَنايا حَديدٍ مُقْفَل وسَوارِقه
وسارِقٌ وسَرَّاق ومَسْروق وسُراقة، كُلُّهَا: أَسْمَاءٌ؛ أَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
هَذَا سُراقَةُ للقُرآنِ يَدْرُسُه، ... والمرءُ عِنْدَ الرُّشا إِنْ يَلْقَها ذِيبُ
ومَسْرُقان: مَوْضِعٌ أَيْضًا «5» . قَالَ يَزِيدَ بْنِ مُفَرِّغ الحِمْيَري وَجَمَعَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ:
سَقَى هزِمُ الأَوساطِ مُنْبَجِسُ العُرَى ... مَنازِلَها مِنْ مَسْرُقان وسُرَّقا
وسُراقة بْنُ جَعْشَمَ: مِنَ الصَّحَابَةِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وسُراقة بْنُ مَالِكٍ المُدْلِجي أَحَدُ الصَّحَابَةِ. وسُرَّقُ: إِحْدَى كُوَرِ الأَهوازِ وَهُنَّ سَبْعٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وسُرَّق اسْمُ مَوْضِعٍ فِي العِراق؛ قَالَ أَنَسُ بْنُ زُنَيم يخاطب الحرث بْنَ بَدْر الغُداني حِينَ ولّاه عبد الله بْنُ زِياد سُرَّق:
أحارِ بْنَ بَدْر، قَدْ وَلِيتَ إِمَارَةً، ... فكُنْ جُرَذاً فِيهَا تَخُون وتَسْرِقُ
وَلَا تَحْقِرَنْ، يَا حارِ، شَيْئًا أصَبْتَه، ... فحَظُّك مِنْ مُلْك العِراقين سُرَّقُ
فإنَّ جميعَ الناسِ إِمَّا مكذَّبٌ ... يَقُولُ بِمَا يَهْوَى، وَإِمَّا مصدَّقُ
يَقُولُونَ أَقْوَالًا وَلَا يَعْلَمُونَهَا، ... وَإِنْ قِيلَ: هَاتُوا حَقِّقوا، لَمْ يُحَقِّقوا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ لسارِق الشِّعْر سُراقة، وَلِسَارِقِ النظَر إِلَى الغِلمان الشَّافِن.
سردق: السُّرادِق: مَا أَحَاطَ بِالْبِنَاءِ، وَالْجَمْعُ سُرادِقات؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَمَعُوهُ بِالتَّاءِ وَإِنْ كَانَ مُذَكَّرًا حِينَ لَمْ يُكَسِّرْ. وَفِي التَّنْزِيلِ: أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها
، فِي صِفَةِ النَّارِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: صَارَ عَلَيْهِمْ سُرادِقٌ مِنَ الْعَذَابِ. والسُّرادِقُ: كُلُّ مَا أحاطَ بشيءٍ نَحْوَ الشُّقَّة فِي المِضْرَب أَوِ الْحَائِطِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الشَّيْءِ. ابْنُ الأَثير: وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ السُّرادِق فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ كُلُّ مَا أَحَاطَ بشيءٍ مِنْ حَائِطٍ أَوْ مِضْرَب أَوْ خِبَاءٍ. وَقَالَ بعض أهل
__________
(5) . قوله [ومسرقان موضع أيضاً] هكذا في الأصل(10/157)
التَّفْسِيرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ؛ هُوَ مِنْ سُرادِقِ أَهْلِ النَّارِ. وَبَيْتٌ مُسَرْدَق: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلُهُ مَشْدُودًا كُلُّهُ؛ وَقَدْ سَرْدَقَ الْبَيْتُ؛ قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ يَذْكُرُ قَتْلَ كِسْرى لِلنُّعْمَانِ:
هُوَ المُدْخِل النُّعْمان بَيْتاً، سَماؤه ... صُدورُ الفُيولِ، بَعْدَ بَيْتٍ مُسَرْدَقِ
الْجَوْهَرِيُّ: السُّرادِق وَاحِدٌ السُّرادِقات الَّتِي تُمَدُّ فَوْقَ صَحْنِ الدَّارِ. وَكُلُّ بَيْتٍ مِنْ كُرْسُف فَهُوَ سُرادِق؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَا حَكَمُ بنَ المُنْذِر بْنِ الجارودْ، ... أنتَ الجوادُ ابنُ الْجَوَادِ المحمودْ،
سُرادِقُ المَجْد عَلَيْكَ ممدودْ
وَقِيلَ: الرَّجَزُ لِلْكَذَّابِ الحِرْمازي، وَأَنْشَدَ بَيْتًا للأَعشى وَقَالَ فِي سَبَبِهِ: يَذْكُرُ ابْنَ وَبْر وقَتْلَه النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ تَحْتَ أَرْجُلِ الفِيَلة، وَأَنْشَدَ الْبَيْتَ الَّذِي تَقَدَّمَتْ نِسْبَتُهُ لِسَلَامَةَ بْنِ جَنْدَلٍ. والسُّرادِقُ: الْغُبَارُ السَّاطِعُ؛ قَالَ لَبِيدٍ يَصِفُ حُمُراً:
رَفَعْنَ سُرادِقاً فِي يَوْمِ رِيحٍ، ... يُصَفِّقُ بَينَ مَيْلٍ واعْتِدال
وَهُوَ أَيْضًا الدُّخَّانُ الشَّاخِصُ الْمُحِيطُ بِالشَّيْءِ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ عَيْرًا يَطْرُدُ عَانَةً، وَأَنْشَدَ الْبَيْتَ.
سرمق: السَّرْمَق، بِالْفَتْحِ: ضَرْبٌ من النبت.
سعبق: السَّنَعْبُقُ: نَبْتٌ خَبِيثُ الرِّيحِ يَنْبُتُ فِي أَعْرَاضِ الْجِبَالِ الْعَالِيَةِ حِبالًا بِلَا وَرَق وَلَا يَأْكُلُهُ شَيْءٌ، وَلَهُ نَوْرٌ وَلَا يَجْرِسه النَّحْلُ أَلْبَتَّةَ، وَإِذَا قُصِف مِنْهُ عُودٌ سَالَ مِنْهُ مَاءٌ صَافٍ لَزِجٌ لَهُ سَعابِيب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا حَكَمْتُ بِأَنَّهُ رُبَاعِيٌّ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعَلْلُلٌ.
سعسلق: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: السَّعْسَلِق أُمُّ السَّعالي؛ قَالَ الأَعور بْنُ بَرَاءٍ:
مُسْتَسْعِلات كسَعالي سَعْسَلِقْ
سعفق: قَالَ الأَزهري: كَلُّ مَا جَاءَ عَلَى فُعْلول فَهُوَ مَضْمُومُ الأَول مِثْلَ زُنْبور وبُهْلول وعُمْروس وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، إِلَّا حَرْفًا جاءَ نَادِرًا وَهُوَ بَنُو سَعْفوق لِخَوَل بِالْيَمَامَةِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ سُعْفوق، بِالضَّمِّ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ شُمَيْلٍ لِطَرِيفِ بْنِ تَمِيمٍ:
لَا تَأْمَنَنَّ سُلَيْمَى أَنْ أُفارِقها، ... صَرْمي ظَعائِنَ هِنْدٍ، يَوْمَ سُعْفوق
لَقَدْ صَرَمْتُ خَلِيلًا كَانَ يأْلَفُني، ... والآمِناتُ فِراقي بعدَه خُوق
وَقَالَ: سُعْفوق ابْنِهِ، والخَوْقاء: الحَمْقاء مِنَ النِّسَاءِ.
سفق: السَّفْق: لُغَةٌ فِي الصَّفْق. وَثَوْبٌ سَفِيق أَيْ صَفيق، وسَفُقَ الثوبُ يَسْفُق سَفاقةً، فَهُوَ سَفِيق: كَثُف، وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذَا لَمْ يَكُنْ سَخِيفاً وَكَانَ سَفِيقاً إِذَا رَدَدْته، وأسْفَقَه الحائكُ. وَرَجُلٌ سَفِيقُ الْوَجْهِ: قليلُ الْحَيَاءِ وَقِحٌ. وسَفَقَ البابَ سَفْقاً وأسْفَقَه فانْسَفَق أَيْ أغْلَقه، وَالصَّادُ لُغَةٌ أَوْ مضارِعة، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ. أَبُو زَيْدٍ: سَفَقْتُ البابَ وأسْفَقْته إِذَا رَدَدْتَهُ؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: مَعْنَاهُمَا أجَفْته. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ يَشْغَلُهم السَّفْقُ بالأَسْواق
، يُرْوَى بِالسِّينِ وَالصَّادِ،(10/158)
يُرِيدُ صَفْقَ الأَكُفّ عِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، والسينُ والصادُ يَتَعَاقَبَانِ مَعَ الْقَافِ وَالْخَاءِ، إِلَّا أَنَّ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ يَكْثُرُ فِي الصَّادِ وَبَعْضُهَا يَكْثُرُ فِي السِّينِ، وَهَكَذَا يُرْوَى حَدِيثُ البَيْعة:
أعْطاه صَفْقةَ يمينِه
، بِالسِّينِ وَالصَّادِ، وخصَّ اليَمينَ لأَنّ البَيْعَ والبَيْعةَ يَقَعُ بِهَا. وسَفَقَ وَجْهَ الرَّجُلِ: لَطَمَه. وأسْفَقَ الغنمَ: لَمْ يَحْلُبْها فِي الْيَوْمِ إِلَّا مَرَّةً. وَالسَّفْقَتِينُ «1» . ذُبَابٌ عَظِيمٌ يَلْزَمُ الدَّوَابَّ وَالْبَقَرَ، وَالصَّادُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ.
سَفْسَقَ: سِفْسِقة السَّيْفِ: طريقتُه، وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ الشُّطْبَتَينِ عَلَى صَفْح السَّيْفِ طُولًا، وسَفاسِقُه: طَرَائِقُهُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الفِرِنْد، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أقَمْتُ بِعَضْبٍ ذِي سَفاسِقَ مَيْلَه
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا مُسَمَّط وَهُوَ:
ومُسْتَلْئِمٍ كَشَّفْتُ بالرُّمْحِ ذَيْلَه، ... أقَمْتُ بِعَضْبٍ ذي سَفاسِقَ مَيْلَه
فَجَعْتُ بِهِ فِي مُلْتَقَى الحيِّ خيْلَه، ... تركتُ عِتاقَ الطير تَحْجِلُ حَوْلَه
كأنَّ عَلَى سِرْبالهِ نَضْحَ جِرْيالِ
وَقَالَ عِمَارَةُ:
ومِحْوَرٍ أخْضَرَ ذِي سَفاسِق
وَالْوَاحِدَةُ سِفْسِقة، وَهِيَ شُطْبة السَّيْفِ كأنَّها عَمُودٌ فِي مَتْنِهِ مَمْدُودٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: كَانَ جَالِسًا إِذْ سَفْسَقَ عَلَى رأسِه عُصْفور فنَكَتَه بيدِه
، أَيْ ذَرَقَ. يُقَالُ: سَفْسَقَ وزَقْزَقَ وسَقَّ وزَقَّ إِذَا حَذَفَ بذَرْقِه. وسَفْسَقَ الطَّائِرُ إِذَا رَمَى بِسَلْحِهِ. وَحَدِيثُ
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ سَفاسِفَه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى فِي السِّينِ وَالْفَاءِ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْعَسْكَرِيُّ بِالْفَاءِ وَالْقَافِ وَلَمْ يُورِدْهُ فِي السِّينِ وَالْقَافِ، وَالْمَشْهُورُ الْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ إِنَّمَا هُوَ
إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ قَسْقاسَتَه
، بقافين قبل السِّينَيْنِ، وَهِيَ الْعَصَا، فَأَمَّا سَفاسِفه وَسَفَاسِقُهُ بِالْقَافِ وَالْفَاءِ فَلَا نَعْرِفُهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ قَوْلِهِمْ لِطَرَائِقِ السَّيْفِ سَفاسِقه، بِفَاءٍ بَعْدَهَا قَافٌ، الَّتِي يُقَالُ لَهَا الفِرِنْد، فَارِسِيَّةٌ معرَّبة. أَبُو عَمْرٍو: فِيهِ سَفْسُوقةٌ مِنْ أَبِيهِ ودُبَّةٌ «2» . أَيْ شَبَهٌ. والسَّفْسُوقة: المحجَّة الواضحة.
سقق: سَقَّ العصفورُ وسَقْسَقَ الطائرُ: ذَرَقَ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ الأَعرابي: السُّقُق الْمُغْتَابُونَ. وَرَوَى
أَبُو عُثْمَانَ النَّهدي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَانَ يُجالِسُه إذْ سَقْسَق عَلَى رَأْسِهِ عُصْفُورٌ ثُمَّ قَذَفَ خُرْءَ بطنِه عَلَيْهِ فنَكَتَه بِيَدِهِ
؛ قَوْلُهُ سَقْسَقَ أَيْ ذَرَق. وَيُقَالُ: سَقَّ وزَقَّ وزَخَّ وتَرَّ وهَكَّ إِذَا حَذَفَ بِهِ. وسَقْسَقَ الْعُصْفُورُ: صَوَّت بِصَوْتٍ ضَعِيفٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَمْ قَرْيةٍ سَقْسَقْتَها وبَعَرْتَها، ... فجعلْتُها لَكَ كلَّها إقْطاعا
وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ شقشق، بالشين.
سلق: السَّلْقُ: شِدَّةُ الصَّوْتِ، وسَلَق لُغَةٌ فِي صَلَق أَيْ صاحَ. الأَصمعي: الصَّوْتُ الشَّدِيدُ وَغَيْرُهُ بِالسِّينِ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ سَلَقَ أَو حَلَقَ
، أَبو عُبَيْدٍ: سَلَق
__________
(1) . قوله [والسفقتين إلخ] هكذا في الأصل
(2) . قوله [ودبة] هكذا هو في الأَصل مضبوطاً(10/159)
يَعْنِي رفَعَ صَوْتَهُ عِنْدَ مَوْتِ إِنسان أَو عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ تَصُكَّ المرأَةُ وجْهها وتَمْرُسَه، والأَول أَصح، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَعَنَ اللَّهُ السالقةَ والحالِقةَ
، وَيُقَالُ بِالصَّادِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ سَلَق أَي خَمَشَ وَجْهَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، ومِنَ السَّلْقِ رَفْعِ الصَّوْتِ قولُهم: خَطِيب مِسْلَق. وسَلَقَه بِلِسَانِهِ يَسْلقه سلْقاً: أَسمعه ما يكره فأَكثر. وسَلَقه بِالْكَلَامِ سَلْقاً إِذا آذَاهُ، وَهُوَ شِدَّةُ الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ
، أَي بالَغُوا فِيكُمْ بِالْكَلَامِ وخاصَمُوكم فِي الْغَنِيمَةِ أَشَدَّ مخاصمةٍ وأَبْلَغَها، أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ، أَي خَاطَبُوكُمْ أَشَدَّ مُخاطبة وَهُمْ أَشِحَّة عَلَى الْمَالِ وَالْغَنِيمَةِ، الْفَرَّاءُ: سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ
مَعْنَاهُ عَضُّوكم، يَقُولُ: آذَوكم بِالْكَلَامِ فِي الأَمر بأَلْسِنة سَلِيطة ذَرِبَة، قَالَ: وَيُقَالُ صَلَقوكم وَلَا يَجُوزُ فِي القراءَة. ولسان مِسْلَقٌ: حديد ذَلِقٌ. وَلِسَانٌ مِسْلَق وسَلَّاق: حَدِيدٌ. وخَطِيب سَلَّاق: بَلِيغٌ فِي الخُطبة. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ: ذَاكَ الخَطِيب المِسْلَق
، يُقَالُ: مِسْلَق ومِسْلاق إِذا كَانَ نِهَايَةً فِي الخِطابة، قَالَ الأَعشى:
فيهمُ الحَزْمُ والسَّماحةُ، والنَّجْدةُ ... فيهمْ، والخَاطِبُ السَّلَّاقُ
وَيُرْوَى المِسْلاق. وَيُقَالُ: خَطِيبٌ مِسْقَع مِسْلَق، وَالْخَطِيبُ المِسْلاق: الْبَلِيغُ وَهُوَ مِنْ شِدَّةِ صَوْتِهِ وَكَلَامِهِ. والسَّلْق: الضَّرْبُ. وسلَقَه بالسَّوْط ومَلَقه أَي نَزَعَ جِلْدَهُ، وَيُفَسِّرُ ابنُ الْمُبَارَكِ قولَه: لَيْسَ مِنَّا مَنْ سَلَق، مِنْ هَذَا. وسَلَق الشيءَ بالماءِ الْحَارِّ يَسْلُقه سَلْقاً: ضَرَبَه. وسَلَقَ البَيْضَ والبَقل وغيرَه بِالنَّارِ: أَغلاه، وَقِيلَ: أَغلاه إِغلاءَةً خَفِيفَةً. وسَلَقَ الأَدِيمَ سَلْقاً: دَهَنَهُ، وَكَذَلِكَ المَزادة، قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
كأَنَّهما مَزادتا مُتَعَجِّلٍ ... فَرِيَّان لَمَّا يُسْلَقَا بِدِهان
وسَلَقَ ظهرَ بَعِيره يَسْلُقه سَلْقاً: أَدْبَره. والسَّلْق والسَّلَق: أَثر دَبَرة البعير إِذا بَرَأَتْ وابيضَّ موضِعُها. والسَّلِيقة: أَثر النِّسْع فِي الْجَنْبِ. ابْنُ الأَعرابي: أَبْرأَ الدبَرُ إِذا بَرَأَ وَابْيَضَّ، قَالَ: وأَسْلَق الرجلُ إِذا ابْيَضَّ ظهْرُ بَعِيره بَعْدَ بُرْئِهِ مِنَ الدَّبَرِ. يُقَالُ: مَا أَبْيَنَ سَلْقَه! يَعْنِي بِهِ ذَلِكَ الْبَيَاضُ. أَبُو عُبَيْدٍ: السَّحْر والسَّلْق أَثر دَبْرَةِ البعير إذا برأَت وابيض مَوْضِعُهَا. وَيُقَالُ: لأَثر الأَنْساع فِي بَطْنِ الْبَعِيرِ يَنْحَصُّ عَنْهُ الْوَبَرُ: سَلائِق، شبِّهت بِسلائِق الطُّرُقات فِي المحجَّة. والسَّلائِقُ: الشَّرَائِحُ مَا بَيْنَ الْجَنْبَيْنِ، الْوَاحِدَةُ سَلِيقة. اللَّيْثُ: السَّلِيقةُ مَخْرَج النِّسْع فِي دَفِّ الْبَعِيرِ، وأَنشد:
تبرُقُ فِي دَفِّها سَلائِقُها
قَالَ: اشتقَّ مِنْ قَوْلِكَ سَلَقْت شَيْئًا بالماءِ الْحَارِّ، وَهُوَ أَن يَذْهَبَ الْوَبَرُ وَيَبْقَى أَثره، فَلَمَّا أَحرقته الْحِبَالُ شُبِّهَ بِذَلِكَ فسُمِّيَت سَلائِقَ، والسَّلائق: مَا سُلِقَ مِنَ الْبُقُولِ، الأَزهري: مَعْنَاهُ طُبِخ بِالْمَاءِ مِنْ بُقُولِ الرَّبِيعِ وأُكِل فِي الْمَجَاعَاتِ. وكلُّ شيءٍ طَبَخْتَهُ بالماءِ بَحْتاً، فَقَدْ سَلَقْتَه، وَكَذَلِكَ البَيْض يُطْبَخُ بِالْمَاءِ بِقِشْرِهِ الأَعلى، قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
فَرِيَّانِ لمَّا يُسْلَقا بدِهان
شَبَّهَ عَيْنَيْهَا وَدُمُوعَهَا بِمَزَادَتَيْ ماءٍ لَمْ تُدْهَنا، فقَطَرانُ مَائِهِمَا أَكثر، وَمَعْنَى لَمْ يُسْلَقا لَمْ يُدْهَنا وَلَمْ يُرْوَيَا(10/160)
بِالدُّهْنِ كَمَا يُسْلَق كلُّ شَيْءٍ يُطْبَخُ بِالْمَاءِ مِنْ بَقْلٍ وَغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: رَكِبْتُ دَابَّةَ فُلَانٍ فسَلَقَتْني أَي سَحَجَتْ باطنَ فَخِذِي. والسَّلِيقة: الطَّبِيعَةُ والسجيَّة. وَفُلَانٌ يقرأُ بالسَّلِيقة أَي بِطَبِيعَتِهِ لَا بتعلُّم، وَقِيلَ: يقرأُ بالسَّلِيقِيَّة وَهِيَ مَنْسُوبَةٌ أَي بِالْفَصَاحَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ سَلَقُوكم، وَقِيلَ: بالسَّلِيقِيَّة أَي بطَبْعِه الَّذِي نشأَ عَلَيْهِ وَلُغَتِهِ. أَبو زَيْدٍ: إِنه لَكَرِيمُ الطَّبِيعَةِ والسَّلِيقة، الأَزهري: الْمَعْنَى أَن القراءَة سُنَّة مأْثورة لَا يَجُوزُ تعدِّيها، فإِذا قرأَ البَدَوِيّ بِطَبْعِهِ وَلُغَتِهِ وَلَمْ يَتْبَعْ سُنَّة قُرَّاءِ الأَمصار قِيلَ: هُوَ يقرأُ بالسَّلِيقِيَّة أَي بطبيعتِه لَيْسَ بِتَعْلِيمٍ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالنَّسَبُ إِلَى السَّلِيقة سَلِيقيٌّ نَادِرٌ، وَقَدْ أَبَنْتُ وَجْهَ شُذُوذِهِ فِي عَمِيرَةَ كَلْبٍ، وَهَذِهِ سَلِيقتُه الَّتِي سُلِق عَلَيْهَا وسُلِقَها. ابْنُ الأَعرابي: والسَّلِيقةُ المحَجَّة الظَّاهِرَةُ. والسَّلِيقة: طَبْعُ الرَّجُلِ. والسَّلَق: الْوَاسِعُ مِنَ الطُّرُقَاتِ. اللَّيْثُ: السَّلِيقيّ مِنَ الْكَلَامِ مَا لَا يُتَعَاهَدُ إِعرابُه وَهُوَ فَصِيحٌ بَلِيغٌ فِي السَّمْعِ عُثُورٌ فِي النَّحْوِ. غَيْرُهُ: السَّلِيقيّ مِنَ الْكَلَامِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الْبَدَوِيُّ بِطَبْعِهِ وَلُغَتِهِ، وَإِنْ كَانَ غيرُه مِنَ الْكَلَامِ آثرَ وأَحسنَ، وَفِي حَدِيثِ
أَبي الأَسود: أَنه وَضَعَ النَّحْوَ حِينَ اضْطِرَابِ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَغَلَبَتِ السَّلِيقِيَّة
أَي اللُّغَةُ الَّتِي يَسْتَرْسِلُ فِيهَا الْمُتَكَلِّمُ عَلَى سَلِيقته أَي سَجِيَّتِهِ وَطَبِيعَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدِ إِعراب وَلَا تَجَنُّبِ لَحْنٍ، قَالَ:
ولستُ بنحويٍّ يلُوك لِسانَه، ... وَلَكِنْ سَلِيقيٌّ أَقولُ فأُعْرِب
أَي أَجري عَلَى طَبِيعَتِي وَلَا أَلحن. والسَّلِيقَة: شَيْءٌ يَنْسُجُه النَّحْلُ فِي الْخَلِيَّةِ طُولًا التَّهْذِيبِ النَّضِرُ السِّلْق الجُكَندَر «3» والسَّلِيقة: الذُّرة تُدَقُّ وَتُصْلَحُ وَتَطْبَخُ بِاللَّبَنِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وسَلَق البَرْدُ النباتَ: أَحرقه. والسَّلِيق مِنَ الشَّجَرِ: الَّذِي سَلَقَه البردُ فأَحرقه. الأَصمعي: السَّلِيق الشَّجَرُ الَّذِي أَحرقه حرٌّ أَو بَرْدٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: السَّلِيق مَا تَحَاتَّ مِنْ صِغَارِ الشَّجَرِ، قَالَ:
تَسْمَعُ مِنْهَا، فِي السَّلِيق الأَشْهَبِ، ... مَعْمَعةً مِثْلَ الضِّرام المُلْهَبِ
الأَصمعي: السَّلَق الْمُسْتَوِي الليِّن مِنَ الأَرض، والفَلَقُ الْمُطَمْئِنُ بَيْنَ الرَّبْوَتين. ابْنُ سِيدَهْ: السَّلَق الْمَكَانُ الْمُطَمْئِنُ بَيْنَ الرَّبْوَتَيْنِ يَنْقَادُ، وَقِيلَ: هُوَ مَسيل الماءِ بَيْنَ الصَّمْدَيْنِ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ أَسْلاق وسُلْقان وسِلْقان وأَسالِقُ، قَالَ جَنْدَلٌ:
إنِّي امْرُؤ أُحْسِنُ غَمْزَ الفائِق، ... بَيْنَ اللَّهَا الْوَالِجِ والأَسالِق
وَهَذَا الْبَيْتُ اسْتُشْهِدَ بِهِ ابْنُ سِيدَهْ عَلَى أَعالي الْفَمِ كَمَا نَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: السَّلَق القاعُ الْمُطَمْئِنُ الْمُسْتَوِي لَا شَجَرَ فِيهِ. أَبو عَمْرٍو: السَّلِيق اليابسُ مِنَ الشَّجَرِ. قَالَ الأَزهري: شَهِدْتُ رِيَاضَ الصَّمَّان وقِيعانَها وسِلْقانَها [سُلْقانَها] ، فالسَّلَق مِنَ الرِّيَاضِ مَا اسْتَوَى فِي أَعالي قِفافها وأَرضُها حُرَّة الطِّينِ تُنْبِت الكِرْشَ والقُرَّاصَ والمُلَّاحَ والذُّرَقَ، وَلَا تُنْبِتُ السدرَ وعظامَ الشَّجَرِ، وأَما القِيعانُ فَهِيَ الرِّيَاضُ الْمُطَمْئِنَةُ تُنْبِتُ السِّدْرَ وَسَائِرَ نَبَاتِ السَّلَق تَسْتَرْبِضُ سيولُ الْقِفَافِ حَوَالَيْهَا، والمُتونُ الصُّلْبةُ الْمُحِيطَةُ. والسَّلَقُ: القاعُ الصفصف، وجمعه سُلْقان
__________
(3) . 1 قوله" الجكندر" هكذا في الإصل بهذا الضبط، وبهامشه هكذا رأيته وكتب عليه السيد مرتضى ما نصه: قلت هو بالفارسية ويقال أيضا جغندر وهو صحيح انتهى. محمد مرتضى.(10/161)
مِثْلُ خَلَق وخُلْقان، وَكَذَلِكَ السَّمْلَق بِزِيَادَةِ الْمِيمِ، وَالْجَمْعُ السَّمالِق، قَالَ أَبو النَّجْمِ فِي جَمْعِ سُلْقان:
حَتَّى رَعَى السُّلْقانَ فِي تَزْهِيرها
وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى أَسلاق، قَالَ الأَعشى:
كخَذولٍ تَرعَى النَّواصِفَ من تَثْلِيثَ ... قَفْراً، خَلا لَهَا الأَسْلاقُ
تَنْفُض المَرْدَ والكَباثَ بِحِمْلاجٍ ... لَطِيفٍ، فِي جَانِبَيْهِ انْفِرَاقُ
الخَذُول: الظَّبْيَةُ الْمُتَخَلِّفَةُ عَنِ الظِّبَاءِ، والنَّواصِفُ: جَمْعُ ناصِفة وَهِيَ المَسِيل الضَّخْمُ، وَخَلَا: أَنبت لَهَا الْخَلَى، والمَرْد والكَباثُ: ثمرُ الأَراك، وأَراد بالحِمْلاج يدَها، وَانْفِرَاقُ: يَعْنِي انْفِرَاقَ ظِلْفَيها، وأَما قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
إِن تُمسِ فِي عُرْفُطٍ صُلْعٍ جَماجِمُه ... مِنَ الأَسالِق، عَارِي الشَّوْك مَجْرُودِ
فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ سَلَق كَمَا قَالُوا رَهْط وأَراهط، وإِن اخْتَلَفَا بِالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ أَسْلاقٍ الَّذِي هُوَ جَمْعُ سَلَق، فَكَانَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَن يَكُونَ مِنْ الأَسالِيق إِلا أَنه حَذَفَ الْيَاءَ لأَن فَعِلن هُنَا أَحسن فِي السَّمْعِ مِنْ فاعِلُن. وسَلَقَ الجُوالق يَسْلُقه سَلْقاً: أَدخل إِحدى عُرْوَتَيْهِ فِي الأُخرى، قَالَ:
وحَوْقل ساعِدُه قَدِ انْمَلَقْ ... يَقُولُ: قَطْباً ونِعِمّا، إِن سَلَقْ
أَبو الْهَيْثَمِ: السَّلْقُ إِدخال الشِّظاظ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي عُرْوَتَيِ الجُوَالِقَين إِذا عُكِما عَلَى الْبَعِيرِ، فإِذا ثَنَيْتَهُ فَهُوَ القَطْب، قَالَ الرَّاجِزُ:
يَقُولُ: قَطْباً ونِعمَّا، إِن سَلَقْ ... بحَوْقَل ذِراعُه قَدِ انْمَلَقْ
ابْنُ الأَعرابي: سَلَقَ العُودَ فِي عُرَى العِدْلين وأَسْلَقه، قَالَ: وأَسْلَقَ صادَ سِلْقة، وَيُقَالُ: سَلَقْت اللَّحْمَ عَنِ الْعَظْمِ إِذا انْتَجَيْتَه عَنْهُ، وَمِنْهُ قِيلَ للذِّئْبَة سِلْقة، والسِّلْقة: الذِّئْبَةُ، وَالْجَمْعُ سِلَق وسِلْق. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَيْسَ سِلْق بِتَكْسِيرٍ أَنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ سِدْرة وسِدْر، وَالذَّكَرُ سِلْق، وَالْجَمْعُ سِلْقان وسُلْقان، وَرُبَّمَا قِيلَ للمرأَة السَّلِيطَةِ سِلْقة. وامرأَة سِلْقة: فَاحِشَةٌ. والسِّلْقة: الْجَرَادَةُ إِذا أَلقت بَيْضَهَا. والسِّلْق: بَقْلَةٌ. غَيْرُهُ: السِّلْق نَبْتٌ لَهُ ورقٌ طُوال وأَصلٌ ذَاهِبٌ فِي الأَرض، وورقُه رَخْص يُطْبَخُ. غَيْرُهُ: السِّلْق النَّبْتُ الَّذِي يُؤْكَلُ. والانْسِلاقُ فِي العين: حمرة تعتريها فتقَشّرُ. والسُّلاق: حَبٌّ يثُورُ عَلَى اللِّسَانِ فَيَتَقَشَّرُ مِنْهُ أَو عَلَى أَصل اللِّسَانِ، وَيُقَالُ: تقَشُّرٌ فِي أُصول الأَسنان، وَقَدِ انْسَلَق. وَفِي حَدِيثُ
عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ: لَقَدْ رأَيتُني تاسِعَ تِسْعة قَدْ سُلِقَت أَفواهُنا مِنْ أَكل وَرَقِ الشَّجَرِ، مَا مِنَّا رَجُلٌ اليومَ إِلا عَلَى مِصْرٍ مِنَ الأَمصار
، سُلِقَت: مِنَ السُّلَاق وَهُوَ بَثَرٌ يَخْرُجُ مِنْ بَاطِنِ الْفَمِ، أَي خَرَجَ فِيهَا بُثُورٌ. والأَسالِق: أَعالي بَاطِنِ الْفَمِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَعالي الْفَمِ، وَزَادَ غَيْرُهُ: حَيْثُ يَرْتَفِعُ إِليه اللِّسَانُ، وَهُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ، قَالَ جَرِيرٌ: «1»
إِني امْرِؤٌ أُحْسِنُ غَمْزَ الْفَائِقِ، ... بَيْنَ اللَّهَا الداخلِ والأَسالِق
وسَلَقَه سَلْقاً وسَلْقاه: طَعَنَهُ فأَلقاه عَلَى جَنْبِهِ. يُقَالُ: طَعَنْتُهُ فسَلَقْتُه إِذا أَلقيته عَلَى ظَهْرِهِ، وربما قالوا
__________
(1) . 1 روي هذا البيت في الصفحة السابقة لجندل، ثم روي هنا لجرير، وفيه لفظة الداخل بدل الوالج، ولم نجد له في ديوان جرير أَثراً.(10/162)
سَلْقَيْتُه سِلْقاءً، يَزِيدُونَ فِيهِ الْيَاءَ كَمَا قَالُوا جَعْبَيْتُه جِعْباءً مِنْ جَعَبْته أَي صَرَعْتُهُ، وَقَدْ تَسَلَّقَ. واسْلَنْقَى: نَامَ عَلَى ظَهْرِهِ، عَنِ السِّيرَافِيِّ، وَهُوَ افْعَنْلى. وَفِي حَدِيثٍ:
فإِذا رَجُلٌ مُسْلَنْقٍ
أَي عَلَى قَفَاهُ. يُقَالُ: اسْلَنْقَى يَسْلَنْقي اسْلِنْقَاءً، وَالنُّونُ زائدة. وسَلَق المرأَة وسَلْقاها إِذا بَسَطَهَا ثُمَّ جَامَعَهَا. وَيُقَالُ: سَلَق فلانٌ جَارِيَتَهُ إِذا أَلقاها عَلَى قَفَاهَا ليُبَاضِعَها، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ سَلَقْتُها عَلَى قَفَاهَا. وَقَدِ اسْتَلْقَى الرَّجُلُ عَلَى قَفَاهُ إِذَا وَقَعَ عَلَى حَلاوة الْقَفَا. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتاني جِبْرِيلُ فسَلَقَني لِحلاوة القَفَا
أَي أَلقاني عَلَى الْقَفَا. وقد سَلَقْته وسَلْقَيْتُه عَلَى وَزْنِ فَعْلَيْتُه: مأْخوذ مِنَ السَّلْق وَهُوَ الصَّدْم وَالدَّفْعُ، قَالَهُ شَمِرٌ. الْفَرَّاءُ: أَخذه الطَّبِيبُ فسَلْقاه عَلَى ظهره أَي مدَّه. والأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: اسْلَنْقى عَلَى قَفَاهُ وَقَدْ سَلْقَيْتُه عَلَى قَفَاهُ. وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
فانْطَلَقا بِي إِلى مَا بَيْنَ الْمَقَامِ وَزَمْزَمَ فسَلَقاني عَلَى قفايَ
أَي أَلْقَياني عَلَى ظَهْرِي. يُقَالُ: سَلَقَه وسَلْقاه بِمَعْنًى، وَيُرْوَى بِالصَّادِ، وَالسِّينُ أَكثر وأَعلى. والتَّسَلُّق: الصعودُ عَلَى حَائِطٍ أَملس. وتَسَلَّق الْجِدَارَ أَي تَسوَّرَا. وَبَاتَ فُلَانٌ يَتَسَلَّقُ عَلَى فِرَاشِهِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ إِذا لَمْ يَطْمَئِنَّ عَلَيْهِ مِنْ همٍّ أَو وَجَعٍ أَقلقه، الأَزهري: الْمَعْرُوفُ بِهَذَا الْمَعْنَى الصَّادُ. ابْنُ سِيدَهْ: وسَلَقَ يَسْلُق سَلْقاً وتَسَلَّقَ صَعِد عَلَى حَائِطٍ، وَالِاسْمُ السَّلْق. والسُّلَّاقُ: عِيدٌ مِنْ أَعياد النَّصَارَى مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، مِنْ تَسَلُّقِ الْمَسِيحِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِلى السَّمَاءِ. وَنَاقَةٌ سَيْلَقٌ: مَاضِيَةٌ فِي سَيْرِهَا، قَالَ الشَّاعِرُ:
وسَيْري مَعَ الرُّكْبان، كلَّ عَشِيَّةٍ، ... أُبارِي مَطاياهم بأَدماءَ سَيْلَقِ
وسَلُوق: أَرض بِالْيَمَنِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ، وَهِيَ بِالرُّومِيَّةِ سَلَقْيَةُ، قَالَ الْقُطَامِيُّ:
مَعَهُمْ ضَوارٍ مِنْ سَلُوقَ، كأَنَّها ... حُصُنٌ تَجُولُ، تُجَرِّرُ الأَرْسانا
وَالْكِلَابُ السَّلُوقِيَّةُ: مَنْسُوبَةٌ إِليها، وَكَذَلِكَ الدُّرُوعُ، قَالَ النَّابِغَةُ:
تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ المُضاعَفَ نَسْجُه، ... وتوقِد بالصُّفُّاحِ نارَ الحُباحِب
وَيُقَالُ: سَلُوقُ مَدِينَةِ اللَّان تُنْسَبُ إِليها الْكِلَابُ السَّلُوقِيَّة. والسَّلُوقِيُّ أَيضاً: السَّيْفُ، أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَسُورُ بَيْنَ السَّرْج واللِّجامِ، ... سَوْرَ السَّلُوقِيِّ إِلى الأَجْذامِ
والسَّلُوقِيّ مِنَ الْكِلَابِ والدُّروع: أَجودُها. والسَّلَقْلَقِيّة: المرأَة الَّتِي تَحِيضُ مِنْ دُبُرِها.
سلمق: أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْعَجُوزِ سَلْمَق وسَمْلَق وشَمْلَق وشَلْمَق، كله مقول.
سمق: السَّمْقُ: سَمْقُ النَّبَاتِ إِذَا طَالَ، سمَق النبتُ وَالشَّجَرُ وَالنَّخْلُ يَسْمُق سَمْقاً وسُموقاً، فَهُوَ سامِق وسَمِيقٌ: ارْتَفَعَ وَعَلَا وَطَالَ. وَنَخْلَةٌ سَامِقَةٌ: طَوِيلَةٌ جِدًّا. والسَّمِيقان: عُودانِ فِي النِّير قَدْ لُوقِيَ بَيْنَ طَرَفَيْهِمَا يُحِيطَانِ بعُنق الثَّوْرِ كَالطَّوْقِ لُوقِيَ بَيْنَ طَرَفَيْهِمَا تَحْتَ غَبْغَب الثَّورْ وأُسِرا بِخَيْطٍ، وَالْجَمْعُ الأَسْمِقة: خَشَبَاتٌ يَدْخُلْنَ فِي الْآلَةِ الَّتِي يُنْقَل عَلَيْهَا اللِّبِنُ. والسِّمِقُّ: الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ؛ عَنْ كُرَاعٍ.(10/163)
وكذِبٌ سماقٌ: خَالِصٌ بَحْت؛ قَالَ القُلاخ بْنُ حَزْنٍ:
أَبْعَدَكُنَّ اللهُ مِنْ نِياقِ، ... إِنْ لَمْ تُنَجِّينَ مِنَ الوِثاقِ،
بأرْبَعٍ مِنْ كَذِبٍ سُماقِ
وَيُقَالُ: أُحِبُّك حُبّاً سُمَاقًا أَي خَالِصًا، وَالْمِيمُ مُخَفَّفَةٌ. والسمَّاق، بِالتَّشْدِيدِ: مِنْ شَجَرِ القِفاف وَالْجِبَالِ وَلَهُ ثَمَرٌ حَامِضٌ عناقيدُ فِيهَا حَبُّ صِغَارٌ يُطْبَخُ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَلَا أَعلمه يَنْبُتُ بِشَيْءٍ مِنْ أَرض الْعَرَبِ إِلَّا مَا كَانَ بِالشَّأْمِ، قَالَ: وَهُوَ شَدِيدُ الْحُمْرَةِ. التَّهْذِيبِ: وَأَمَّا الحبَّة الْحَامِضَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا العَبْرَب فَهُوَ السُّمّاق، الْوَاحِدَةُ سُمّاقة. وقِدر سُمّاقِيّة وَتَصْغِيرُهَا سُمَيْمِقَة وعَبْرَبِيّة وعَرَبْرَبِيّة بمعنى واحد.
سمحق: السِّمْحاق: جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ فَوْقَ قِحْف الرَّأْسِ إِذَا انْتَهَتِ الشَّجَّةُ إِلَيْهَا سُمِّيَتْ سِمْحاقاً، وَكُلُّ جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ تُشْبِهُهَا تُسَمَّى سِمْحاقاً نَحْوَ سَماحِيق السَّلا عَلَى الْجَنِينِ. ابْنُ سِيدَهْ: السِّمْحاق مِنَ الشِّجاج الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ، وَكُلُّ قِشْرَةٍ رَقِيقَةٍ سِمْحاق، وَقِيلَ: السِّمْحاق مِنَ الشِّجاج الَّتِي بَلَغَتِ السِّحاءة بَيْنَ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ، وَتِلْكَ السَّحاءة تُسَمَّى السِّمْحاق، وَقِيلَ: السِّمْحاق الْجِلْدَةُ الَّتِي بَيْنَ الْعَظْمِ وَبَيْنَ اللَّحْمِ فَوْقَ الْعَظْمِ وَدُونَ اللَّحْمِ، وَلِكُلِّ عَظْمٍ سِمْحَاقٌ، وَقِيلَ: هِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي تَبْلُغُ تِلْكَ القِشرة حَتَّى لَا يَبْقَى بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ غَيْرُهَا، وَفِي السَّمَاءِ سَماحيقُ مَنْ غَيْمٍ، وَعَلَى ثَرْب الشَّاةِ سماحيقُ مِنْ شَحْمٍ أَيْ شَيْءٌ رَقِيقٌ كَالْقِشْرَةِ، وَكِلَاهُمَا عَلَى التَّشْبِيهِ. والسِّمْحاق: أَثَرُ الْخِتَانِ. اللَّيْثُ: والسُّمْحوق الطَّوِيلُ الدَّقِيقُ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ فِي بَابِ الطَّوِيلِ لغيره.
سمسق: السَّمْسَق: السِّمْسِم، وَقِيلَ: المَرْزَنْجوشْ. والسَّمْسَق: الْيَاسَمِينُ، وَقِيلَ الآسُ، وَقَالَ الليْثُ: سَمْسَق.
سملق: السَّمْلَق: الأَرض الْمُسْتَوِيَةِ، وَقِيلَ: القَفْر الَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ؛ قَالَ عِمَارَةُ:
يَرْمِي بهِنَّ سَمْلَقٌ عَنْ سَمْلَقِ
وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي سَلَقَ. والسَّمْلَق: الْقَاعُ الْمُسْتَوِي الأَملس والأَجْرَد لَا شَجَرَ فِيهِ وَهُوَ القَرِق؛ قَالَ جَمِيلٌ:
أَلَمْ تَسَلِ الرَّبْعَ القَدِيمَ فيَنْطِقُ؟ ... وَهَلْ تخْبِرَنْكَ اليومَ بَيْدارُ سَمْلقُ؟
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
ومَخْفِق أَطْرافُه فِي مَخْفِقِ، ... أخْوَق مِنْ ذاكَ البَعِيد الأَخْوَقِ
إِذَا انْفأَت أجوافُه عَنْ سَمْلقِ، ... مَرَّت كجِلدِ الصَّرصَرانِ الأَمْهَقِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: ويَصير معْهدُها قَاعًا سَمْلَقاً
؛ هُوَ الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ الْجَرْدَاءُ الَّتِي لَا شَجَرَ بِهَا؛ وَقَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ:
فَإِلَى الوَلِيدِ اليومَ حنَّتْ نَاقَتِي، ... تَهْوي بمُغْبَرّ المُتونِ سَمالِقِ
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَراد بمُغْبَرّات الْمُتُونِ فَوَضَعَ الْوَاحِدَ مَوْضِعَ الْجَمْعِ وَوَصَفَهُ بِالْجَمْعِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَراد سَمْلَقاً فَجَعَلَهُ سَمالِقَ كأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ سَمْلَقٌ. وَامْرَأَةٌ سَمْلَقٌ: لَا تَلِد، شُبَّهت بالأَرض الَّتِي لَا تُنْبِتُ؛ قَالَ:
مُقَرْقَمِينَ وعَجُوزاً سَمْلَقا(10/164)
وهو مذكورفي الشِّينِ. والسَّمْلَق والسَّمْلَقة: الرَّدِيئة فِي البُضْع. والسَّمْلَقةُ: الَّتِي لَا إسْكتين لَهَا. وكذِبٌ سَمَلّقٌ: خَالِصٌ بَحْت؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَقْتَضِبُونَ الكذبَ السَّمَلَّقا
أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْعَجُوزِ سَمْلَق وسَلْمَق وشمْلَق وشَلْمَق. وَعَجُوزٌ سَمْلَق: سيئة الخلق.
سنق: السَّنَقُ: البَشَمُ. أَبو عُبَيْدٍ: السَّنِقُ الشَّبْعان كالمُتَّخِم. سَنِقَ الرجلُ سَنَقاً، فَهُوَ سَنِقٌ وسَنق: بَشِم، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ؛ يُقَالُ: شَرِبَ الْفَصِيلُ حَتَّى سَنِقَ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ كالتُّخَمَة. اللَّيْثُ: سَنِقَ الحمارُ وَكُلُّ دَابَّةٍ سَنَقاً إِذَا أَكَلَ مِنَ الرُّطْب حَتَّى أَصابه كالبَشَم، وَهُوَ الأَحمّ بِعَيْنِهِ غَيْرَ أَنَّ الأَحمّ يُسْتَعْمَلُ فِي النَّاسِ، والفصيلُ إِذَا أَكْثَرَ مِنَ اللَّبَنِ يَكَادُ يَمْرَضُ؛ قَالَ الأَعشى:
ويأمُرُ لليَحْموم، كلَّ عَشِيّة، ... بِقَتّ وتَعْلِيقٍ، فَقَدْ كَادَ يَسْنَقُ
وأَسْنَقَ فُلَانًا النعيمُ إِذَا قَرَّفَه، وَقَدْ سَنِقَ سَنَقاً؛ وَقَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ فَرَسًا:
فَهُوَ سَحّاجٌ مُدِلٌّ سنِقٌ، ... لاحِقُ البَطْنِ إِذَا يَعْدُو زَمَلْ
والسُّنَّيْقُ: الْبَيْتُ المُجَصَّص. والسُّنَّيْقُ: الْبَقَرَةُ؛ وَلَمْ يُفَسِّرْ أَبو عَمْرٍو قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وسِنّ كسُنَّيْقٍ سَناءً وسُنَّماً، ... دَغَرْتُ بمِزْلاج الْهَجِيرِ نَهوضِ
وَيُرْوَى سَناماً وسُنَّماً، وَفَسَّرَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ: هُوَ جَبَلٌ. التَّهْذِيبُ: وسُنَّيْق اسْمُ أَكَمَةٍ مَعْرُوفَةٍ؛ وأَورد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ. شَمِرٌ: سُنَّيْقٌ جُمِعَ سُنَّيْقاتٍ وسَنانِيقَ وَهِيَ الْآكَامُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَا أَدْرِي مَا سُنَّيْق. الأَزهري: جَعَلَ شَمِرٌ سُنَّيقاً اسْمًا لِكُلِّ أَكَمَةٍ وَجَعَلَهُ نَكِرَةً مَصْرُوفَةً، قَالَ: وَإِذَا كَانَ سُنَّيْق اسْمَ أَكَمَةٍ بِعَيْنِهَا فَهِيَ عِنْدِي غَيْرُ مُجْرَاةٍ لأَنها مَعْرِفَةٌ، وَقَدْ أَجْرَاهَا إمرؤُ الْقَيْسِ وَجَعَلَهَا كَالنَّكِرَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ كَالْبَقَرَةِ، عَلَى أَنَّ الشَّاعِرَ إِذَا اضْطُرَّ أَجْرَى الْمَعْرِفَةَ الَّتِي لَا تَنْصَرِفُ.
سندق: الْفَرَّاءُ: سُنْدوق وصُنْدوق، ويجمع سَنادِيقَ وصَنادِيقَ.
سنسق: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: قَالَ الْمُبَرِّدُ رُوِيَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ صَفْوَانَ دَخَلَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ، الغداءَ فَقَالَ أَيُّهَا الأَمير، لَقَدْ أَكَلْتُ أَكْلَةً لستُ ناسِيَهَا، أتيتُ ضَيْعَتي إبّانَ العِمارةِ فَجُلْتُ فِيهَا جَوْلَةً، ثُمَّ مِلْت إِلَى غُرْفة هَفّافةٍ تَخْتَرِقُهَا الرِّيَاحُ فُرِشَت أرضُها بِالرَّيَاحِينِ: مِنْ بَيْنِ ضَيْمَرَانٍ نافحٍ، وسَنْسَقٍ فائِحٍ، وأُتِيتُ بخُبزِ أرْزٍ كَأَنَّهُ قِطَع الْعَقِيقِ، وَسَمَكٍ بَنَانِيٍّ بِيض الْبُطُونِ سُودِ الْمُتُونِ عِرَاضِ السّرَر غِلَاظِ القَصَر، ودُقَّة وَخَلٍّ ومُرِّيّ؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: السْنسَقُ صِغَارُ الآس، والدُّقَّة المِلْح.
سهق: السَّهْوَق والسَّوْهَق: الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ الَّتِي تَنْسِج العَجاجَ أَي تَسْفي؛ الأَخيرة عَنْ كراع. والسَّهْوَق: الرِّيّان مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ النَّمَاءِ. اللَّيْثُ: السَّهْوَق كُلُّ شَيْءٍ تَرَّ وارْتوَى مِنْ سُوق الشَّجَرِ؛ وأَنشد:
وَظِيف أَزجّ الخطْوِ رَيْان سَهْوَق
أَزجّ الْخَطْوِ: بَعيد مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ مُقَوَّس. والسَّهْوَق: الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِمْ؛(10/165)
قَالَ المرَّار الأَسدي:
كأَنَّني فوقَ أَقَبَّ سَهْوَقٍ ... جَأبٍ، إِذَا عَشَّرَ، صَاتِي الإِرْنان
وَأَنْشَدَ يَعْقُوبُ:
فَهِيَ تُباري كلَّ سارٍ سَهْوَقِ، ... أَبَدَّ بَيْنَ الأُذُنَيْنِ أَفْرَقِ
مؤجَّدِ المَتْنِ مِتَلّ مُطْرِقِ، ... لَا يُؤدِمُ الحيَّ إِذَا لَمْ يُغْبَقِ
وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الطَّوِيلَ الرِّجْلَيْنِ. والسَّهَوَّق كالسَّهْوق؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ وأَنشد:
مِنْهُنَّ ذَاتُ عُنُقٍ سَهَوَّق
وَشَجَرَةٌ سَهْوَق: طَوِيلَةُ السَّاقِ. وَرَجُلٌ قَهْوَسٌ: طَوِيلٌ ضَخْمٌ، والأَلفاظ الثَّلَاثَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الطُّولِ والضِّخَم، وَالْكَلِمَةُ وَاحِدَةٌ، إِلَّا أَنَّهَا قُدِّمَت وأخِّرت كَمَا قَالُوا فِي كَلَامِهِمْ عَبَنْقاة وعَقَنْباة وبَعَنْقاة. والسَّوْهَق: الطَّوِيلُ كالسَّهْوَقِ. والسَّهْوَق: الكَذّاب. وساهُوق: موضع.
سوق: السَّوق: مَعْرُوفٌ. ساقَ الإِبلَ وغيرَها يَسُوقها سَوْقاً وسِياقاً، وهو سائقٌ وسَوَّاق، شدِّد لِلْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ الْخَطْمُ الْقَيْسِيُّ، وَيُقَالُ لأَبي زغْبة الْخَارِجِيِّ:
قَدْ لَفَّها الليلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ
؛ قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: سائقٌ يَسُوقها إِلَى مَحْشَرِهَا، وشَهِيد يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا، وَقِيلَ: الشَّهِيدُ هُوَ عملها نفسه، وأَساقَها واسْتاقَها فانْساقت؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
لَوْلَا قُرَيْشٌ هَلَكَتْ مَعَدُّ، ... واسْتاقَ مالَ الأَضْعَفِ الأَشَدُّ
وسَوَّقَها: كساقَها؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَنَا غَنَمٌ نُسَوِّقُها غِزارٌ، ... كأنَّ قُرونَ جِلَّتِها العِصِيُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطان يَسُوق النَّاسَ بعَصاه
؛ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ استقامةِ النَّاسِ وانقيادِهم إِلَيْهِ واتِّفاقِهم عَلَيْهِ، وَلَمْ يُرِدْ نَفْسَ الْعَصَا وَإِنَّمَا ضَرَبَهَا مَثَلًا لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِمْ وَطَاعَتِهِمْ لَهُ، إِلَّا أَنَّ فِي ذِكْرِهَا دَلَالَةً عَلَى عَسْفِه بِهِمْ وخشونتِه عَلَيْهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وسَوَّاق يَسُوق بِهِنَّ
أَيْ حادٍ يَحْدُو الإِبلَ فَهُوَ يسُوقهن بحُدائِه، وسَوَّاق الإِبل يَقْدُمُها؛ وَمِنْهُ: رُوَيْدَك سَوْقَك بالقَوارير. وَقَدِ انْساقَت وتَساوَقَت الإِبلُ تَساوُقاً إِذَا تَتَابَعَتْ، وَكَذَلِكَ تقاوَدَت فهي مُتَقاوِدة ومُتَساوِقة. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ: فَجَاءَ زَوْجُهَا يَسُوق أعْنُزاً مَا تَساوَقُ
أَيْ مَا تتابَعُ. والمُساوَقة: المُتابعة كَأَنَّ بعضَها يَسُوقُ بَعْضًا، والأَصل فِي تَساوَقُ تتَساوَق كأَنَّها لضعفِها وفَرْطِ هُزالِها تتَخاذَلُ ويتخلَّفُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ. وساقَ إِلَيْهَا الصَّداق والمَهرَ سِياقاً وأَساقَه، وَإِنْ كَانَ دراهمَ أَو دَنَانِيرَ، لأَن أَصل الصَّداق عِنْدَ الْعَرَبِ الإِبلُ، وَهِيَ الَّتِي تُساق، فَاسْتَعْمَلَ ذَلِكَ فِي الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ وَغَيْرِهِمَا. وساقَ فلانٌ مِنِ امْرَأَتِهِ أَيْ أَعْطَاهَا مَهْرَهَا. والسِّياق: الْمَهْرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ رَأَى بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَضَراً مِنْ صُفْرة فَقَالَ: مَهْيَمْ، قَالَ: تزوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنصار، فَقَالَ: مَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟
أَي مَا أَمْهَرْتَها، قِيلَ لِلْمَهْرِ سَوْق لأَن الْعَرَبَ كَانُوا إِذَا تَزَوَّجُوا سَاقُوا الإِبل وَالْغَنَمَ مَهْرًا لأَنها كَانَتِ الغالبَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَضَعَ السَّوق مَوْضِعَ(10/166)
الْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِبِلًا وَغَنَمًا؛ وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ:
مَا سُقْتُ مِنْهَا
، بِمَعْنَى الْبَدَلِ كَقَوْلِهِ: وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ؛ أَيْ بَدَلَكُمْ. وأَساقه إِبِلًا: أَعطاه إِيَّاهَا يسُوقها. والسَّيِّقةُ: مَا اختَلَس مِنَ الشَّيْءِ فساقَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: إِنَّمَا ابنُ آدَمَ سَيِّقةٌ يسُوقُه اللَّهُ حَيْثُ شَاءَ وَقِيلَ: السَّيِّقةُ الَّتِي تُساقُ سوْقاً؛ قَالَ:
وَهَلْ أَنَا إِلَّا مثْل سَيِّقةِ العِدا، ... إِنِ اسْتَقْدَمَتْ نَجْرٌ، وَإِنْ جَبأَتْ عَقْرُ؟
وَيُقَالُ لِمَا سِيقَ مِنَ النَّهْبِ فطُرِدَ سَيِّقة، وأَنشد الْبَيْتَ أَيْضًا:
وَهَلْ أَنَا إِلَّا مِثْلُ سيِّقة الْعِدَا
الأَزهري: السَّيِّقة مَا اسْتاقه العدوُّ مِنَ الدَّوَابِّ مِثْلُ الوَسِيقة. الأَصمعي: السَّيِّقُ مِنَ السَّحَابِ مَا طَرَدَتْهُ الرِّيحُ، كَانَ فِيهِ مَاءٌ أَو لَمْ يَكُنْ، وَفِي الصِّحَاحِ: الَّذِي تَسوقه الرِّيحُ وَلَيْسَ فِيهِ مَاءٌ. وساقةُ الجيشِ: مؤخَّرُه. وَفِي صِفَةِ مَشْيِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
كَانَ يَسُوق أَصحابَه
أَي يُقَدِّمُهم وَيَمْشِي خَلْفَهُمْ تواضُعاً وَلَا يَدع أَحَدًا يَمْشِي خَلْفَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الأَولياء:
إِنْ كَانَتِ الساقةُ كَانَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْجَيْشِ «2» . كَانَ فِيهِ الساقةُ
؛ جَمْعُ سَائِقٍ وَهُمُ الَّذِينَ يَسُوقون جَيْشَ الغُزاة وَيَكُونُونَ مِنْ وَرَائِهِ يَحْفَظُونَهُ؛ وَمِنْهُ ساقةُ الْحَاجِّ. والسَّيِّقة: النَّاقَةُ الَّتِي يُسْتَتَرُ بِهَا عَنِ الصَّيْدِ ثُمَّ يُرْمَى؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والمِسْوَق: بَعِير تَسْتَتِرُ بِهِ مِنَ الصَّيْدِ لتَخْتِلَه. والأَساقةُ: سيرُ الرِّكابِ لِلسُّرُوجِ. وساقَ بِنَفْسِهِ سِيَاقًا: نَزَع بِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ. تَقُولُ: رَأَيْتُ فلاناً يَسُوق سُوُوقاً أَيْ يَنْزِع نَزْعاً عِنْدَ الْمَوْتِ، يَعْنِي الْمَوْتَ؛ الْكِسَائِيُّ: تَقُولُ هُوَ يَسُوق نفْسَه ويَفِيظ نفسَه وَقَدْ فَاظَتْ نفسُه وأَفاظَه اللَّهُ نفسَه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِي السِّياق أَيْ فِي النَّزْع. ابْنُ شُمَيْلٍ: رَأَيْتُ فُلَانًا بالسَّوْق أَيْ بِالْمَوْتِ يُساق سَوْقًا، وَإِنَّهُ نَفْسه لتُساق. والسِّياق: نَزْعُ الرُّوحِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
دَخَلَ سَعِيدٌ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ فِي السَّوْق
أَيِ النَّزْعِ كأَنّ رُوحَهُ تُساق لِتَخْرُجَ مِنْ بدَنه، وَيُقَالُ لَهُ السِّياق أَيْضًا، وأَصله سِواق، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ السِّينِ، وَهُمَا مَصْدَرَانِ مِنْ ساقَ يَسُوق. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَضَرْنا عَمْرَو بْنَ العاصِ وَهُوَ فِي سِياق الْمَوْتِ.
والسُّوق: مَوْضِعُ الْبِيَاعَاتِ. ابْنُ سِيدَهْ: السُّوق الَّتِي يُتعامل فِيهَا، تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي التَّذْكِيرِ:
أَلم يَعِظِ الفِتْيانَ مَا صارَ لِمَّتي ... بِسُوقٍ كثيرٍ ريحُه وأَعاصِرُهْ
عَلَوْني بِمَعْصوبٍ، كأَن سَحِيفَه ... سَحيفُ قُطامِيٍّ حَماماً يُطايِرُهْ
المَعْصوب: السَّوْطُ، وسَحِيفُه صَوْتُهُ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
إنِّي إِذَا لَمْ يُنْدِ حَلْقاً رِيقُه، ... ورَكَدَ السَّبُّ فَقَامَتْ سُوقُه،
طَبٌّ بِإهْداء الْخَنَا لبِيقُه
وَالْجَمْعُ أَسْوَاقٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ
؛ والسُّوقة لُغَةٌ فِيهِ. وتَسَوَّق القومُ إِذَا بَاعُوا واشتَروا. وَفِي حَدِيثِ الجُمعة:
إِذَا جَاءَتْ سُوَيْقة
أَى تِجَارَةٌ، وَهِيَ تصغير
__________
(2) . قوله [في الجيش] الذي في النهاية: في الحرس، وفي ثابتة في الروايتين(10/167)
السُّوق، سُمِّيَتْ بِهَا لأَن التِّجَارَةَ تُجْلَبُ إِلَيْهَا وتُساق المَبيعات نحوَها. وسُوقُ القتالِ والحربِ وسوقَتُه: حَوْمتُه، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ مِنْ سَوْقِ النَّاسِ إِلَيْهَا. اللَّيْثُ: الساقُ لِكُلِّ شَجَرَةٍ وَدَابَّةٍ وَطَائِرٍ وَإِنْسَانٍ. والساقُ: ساقُ الْقَدَمِ. والساقُ مِنَ الإِنسان: مَا بَيْنَ الرُّكْبَةِ وَالْقَدَمِ، وَمِنَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ والإِبل: مَا فَوْقَ الوَظِيف، وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ: مَا فَوْقَ الكُراع؛ قَالَ:
فَعَيْناكِ عَيْناها، وجِيدُك جِيدُها، ... وَلَكُنَّ عَظْمَ السَّاقِ منكِ رَقيقُ
وَامْرَأَةٌ سوْقاء: تارّةُ السَّاقَيْنِ ذَاتُ شَعَرٍ. والأَسْوَق: الطَّوِيلُ عَظْمِ الساقِ، وَالْمَصْدَرُ السَّوَق؛ وأَنشد:
قُبٌّ مِنَ التَّعْداءِ حُقْبٌ فِي السَّوَقْ
الْجَوْهَرِيُّ: امْرَأَةٌ سَوْقاء حسنَة الساقِ. والأَسْوَقُ: الطَّوِيلُ السَّاقَيْنِ؛ وَقَوْلُهُ:
للْفَتى عَقْلٌ يَعِيشُ بِهِ، ... حَيْثُ تَهْدِي ساقَه قَدَمُهْ
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: مَعْنَاهُ إِنِ اهتدَى لرُشْدٍ عُلِمَ أَنَّهُ عَاقِلٌ، وَإِنِ اهْتَدَى لِغَيْرِ رشدٍ عُلِمَ أَنه عَلَى غَيْرِ رُشْد. والساقُ مُؤَنَّثٌ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ
؛ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْل:
فَإِذَا قامَتْ إِلَى جاراتِها، ... لاحَت الساقُ بِخَلْخالٍ زَجِلْ
وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
يَكْشِفُ عَنْ ساقِه
؛ الساقُ فِي اللُّغَةِ الأَمر الشَّدِيدُ، وكَشْفُه مَثَلٌ فِي شِدَّةِ الأَمر كَمَا يُقَالُ لِلشَّحِيحِ يدُه مَغْلُولَةٌ وَلَا يدَ ثَمَّ وَلَا غُلَّ، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ فِي شِدَّةِ الْبُخْلِ، وَكَذَلِكَ هَذَا. لَا ساقَ هُنَاكَ وَلَا كَشْف؛ وأَصله أَن الإِنسان إِذَا وَقَعَ فِي أَمْرٍ شَدِيدٍ يُقَالُ: شمَّر ساعِدَه وكشفَ عَنْ ساقِه للإِهتمام بِذَلِكَ الأَمر الْعَظِيمِ. ابْنُ سِيدَهْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ
، إِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ شِدَّةَ الأَمر كَقَوْلِهِمْ: قَامَتِ الحربُ عَلَى سَاقٍ، وَلَسْنَا نَدْفَعُ مَعَ ذَلِكَ أَنَ السَّاقَ إِذَا أُريدت بِهَا الشِّدَّةُ فَإِنَّمَا هِيَ مشبَّهة بِالسَّاقِ هَذِهِ الَّتِي تَعْلُو الْقَدَمَ، وأَنه إِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لأَن الساقَ هِيَ الْحَامِلَةُ للجُمْلة والمُنْهِضَةُ لَهَا فذُكِرت هُنَا لِذَلِكَ تَشْبِيهًا وَتَشْنِيعًا؛ وَعَلَى هَذَا بَيْتُ الْحَمَاسَةِ لِجَدِّ طَرَفَةَ:
كَشَفَتْ لَهُمْ عَنْ ساقِها، ... وَبَدَا مِنَ الشرِّ الصُّراحْ
وَقَدْ يَكُونُ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ لأَن النَّاسَ يَكِشفون عَنْ ساقِهم ويُشَمِّرون لِلْهَرَبِ عِنْدَ شدَّة الأَمر؛ وَيُقَالُ للأَمر الشَّدِيدِ ساقٌ لأَن الإِنسان إِذَا دَهَمَتْه شِدّة شَمّر لَهَا عَنْ ساقَيْه، ثُمَّ قِيلَ للأَمر الشَّدِيدِ ساقٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ دُرَيْدٍ:
كَمِيش الإِزار خارِج نصْفُ ساقِه
أَراد أَنه مُشَمِّرٌ جادٌّ، وَلَمْ يُرِدْ خُرُوجَ السَّاقِ بِعَيْنِهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ساوَقَه أَيْ فاخَره أَيُّهم أَشدّ. وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ: يَكْشِفُ الرحمنُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ ساقِه فَيَخِرّ الْمُؤْمِنُونَ سُجَّداً، وَتَكُونُ ظهورُ الْمُنَافِقِينَ طَبَقاً طَبَقًا كَأَنَّ فِيهَا السَّفافيد.
وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ
، فالسُّوق جَمْعُ ساقٍ مِثْلُ دارٍ ودُورٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: الْجَمْعُ سُوق، مِثْلَ أَسَدٍ وأُسْد، وسِيقانٌ وأَسْوقٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِسَلَامَةَ بْنِ جَنْدَلٍ:(10/168)
كَأَنَّ مُناخاً، مِنْ قُنونٍ ومَنْزلًا، ... بِحَيْثُ الْتَقَيْنا مِنْ أَكُفّ وأَسْوُقِ
وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
أَبَعْدَ قَتِيلٍ بِالْمَدِينَةِ أَظْلَمَتْ ... لَهُ الأَرضُ، تَهْتَزُّ العِضاهُ بأَسْوُقِ؟
فأَقْسَمْتُ لَا أَنْساك مَا لاحَ كَوكَبٌ، ... وَمَا اهتزَّ أَغصانُ العِضاهِ بأَسْوُقِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يسْتَخرجُ كنْزَ الْكَعْبَةِ إِلَّا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ
؛ هُمَا تَصْغِيرُ السَّاقِ وهي مؤنثة فذلك ظَهَرَتِ التَّاءُ فِي تَصْغِيرِهَا، وَإِنَّمَا صَغَّر السَّاقَيْنِ لأَن الْغَالِبَ عَلَى سُوق الْحَبَشَةِ الدقَّة والحُموشة. وَفِي حَدِيثِ
الزِّبْرِقان: الأَسْوَقُ الأَعْنَقُ
؛ هُوَ الطَّوِيلُ السَّاقِ والعُنُقِ. وساقُ الشجرةِ: جِذْعُها، وَقِيلَ مَا بَيْنَ أَصلها إِلَى مُشَعّب أَفنانها، وَجَمْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَسْوُقٌ وأَسْؤُقٌ وسُوُوق وسؤوق وسُوْق وسُوُق؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، تَوَهَّمُوا ضَمَّةَ السِّينِ عَلَى الْوَاوِ وَقَدْ غَلَبَ ذَلِكَ عَلَى لُغَةِ أَبِي حيَّة النُّمَيْرِيِّ؛ وهَمَزَها جَرِيرٌ فِي قَوْلِهِ:
أَحَبُّ المُؤقدانِ إِلَيْكَ مُؤسي
وَرُوِيَ أَحَبُّ الْمُؤْقِدَيْنِ وَعَلَيْهِ وَجَّهَ أَبو عَلِيٍّ قراءةَ مَنْ قرأَ:
عَادًا الأُؤْلى.
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: قَالَ رَجُلٌ خَاصَمْتُ إِلَيْهِ ابنَ أَخِي فَجَعَلْتُ أَحُجُّه، فَقَالَ: أَنتَ كَمَا قَالَ:
أَنَّى أُتيحُ لَهُ حِرْباء تَنْضُبَةٍ، ... لَا يُرْسِلُ الساقَ إِلَّا مُمْسِكاً سَاقَا «1» .
أَراد بِالسَّاقِ هَاهُنَا الْغُصْنَ مِنْ أَغصان الشَّجَرَةِ؛ الْمَعْنَى لَا تَنْقضِي لَهُ حُجّة إِلَّا تَعَلَّق بأُخرى، تَشْبِيهًا بالحِرْباء وَانْتِقَالِهِ مِنْ غُصنٍ إِلَى غُصْنٍ يَدُورُ مَعَ الشَّمْسِ. وسَوَّقَ النَّبتُ: صَارَ لَهُ ساقٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَهَا قَصَبٌ فَعْمٌ خِدالٌ، كَأَنَّهُ ... مُسَوِّقُ بَرْدِيّ عَلَى حائرٍ غَمْرِ
وساقَه: أَصابَ ساقَه. وسُقْتُه: أَصَبْتُ ساقَه. والسَّوَقُ: حُسْن الساقِ وَغِلَظُهَا، وسَوِق سَوَقاً وَهُوَ أَسْوَقُ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
بِمُخْدِرٍ مِنَ المَخادِير ذَكَرْ، ... يَهْتَذُّ رَدْمِيَّ الحديدِ المُسْتَمرْ،
هذَّك سَوَّاقَ الحَصادِ المُخْتَضَرْ
الحَصاد: بَقْلَةٌ يُقَالُ لَهَا الحَصادة. والسَّوَّاقُ: الطَّوِيلُ السَّاقِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا سَوَّقَ وَصَارَ عَلَى ساقٍ مِنَ النَّبْتِ؛ والمُخْدِرُ: الْقَاطِعُ خِدْرَه، وخَضَرَه: قَطَعه؛ قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَبو زَيْدٍ، سَيْفٌ مُخْدِر. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ وَلَدَتْ فلانةُ ثلاثةَ بَنِينَ عَلَى ساقٍ وَاحِدَةٍ أَيْ بَعْضُهُمْ عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ لَيْسَ بَيْنَهُمْ جَارِيَةٌ؛ ووُلِدَ لِفُلَانٍ ثلاثةُ أَوْلَادٍ سَاقًا عَلَى ساقٍ أَيْ وَاحِدٌ فِي إِثْرِ وَاحِدٍ، وولَدَتْ ثَلَاثَةً عَلَى ساقٍ وَاحِدَةٍ أَيْ بعضُهم فِي إِثْرِ بَعْضٍ لَيْسَتْ بَيْنَهُمْ جَارِيَةٌ، وَبَنَى الْقَوْمُ بيوتَهم عَلَى ساقٍ وَاحِدَةٍ، وَقَامَ فلانٌ عَلَى ساقٍ إِذَا عُنِيَ بالأَمر وتحزَّم بِهِ، وَقَامَتِ الحربُ عَلَى ساقٍ، وَهُوَ عَلَى المَثَل. وَقَامَ الْقَوْمُ عَلَى ساقٍ: يُرَادُ بِذَلِكَ الْكَدُّ وَالْمَشَقَّةُ. وَلَيْسَ هُنَاكَ ساقٌ، كَمَا قالوا: جاؤوا عَلَى بَكْرة أَبيهم إِذَا جاؤوا عَنْ آخرِهم، وَكَمَا قَالُوا: شرٌّ لَا يُنادى وَليدُه. وأَوهت بِسَاقٍ أَيْ كِدْت أَفعل؛ قَالَ قُرْطٌ يَصِفُ الذِّئْبَ:
__________
(1) . قوله [إِني أُتيح له إلخ] هو هكذا بهذا الضبط في نسخة صحيحة من النهاية(10/169)
ولكِنّي رَمَيْتُك منْ بَعِيدٍ، ... فَلَمْ أَفْعَلْ، وَقَدْ أَوْهَتْ بِساقِ
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ هُنَا قَرُبَتِ الْعِدَّةُ. وَالسَّاقُ: النَّفْسُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فِي حَرْبِ الشُّراة: لَا بُدَّ لِي مِنْ قِتَالِهِمْ وَلَوْ تَلِفَت سَاقِي
؛ التَّفْسِيرُ لأَبي عُمَرَ الزَّاهِدِ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ. والساقُ: الْحَمَامُ الذَّكَرُ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
تغْريد ساقٍ عَلَى ساقٍ يُجاوِبُها، ... مِنَ الهَواتف، ذاتُ الطَّوْقِ والعُطُل
عَنَى بالأَول الوَرَشان وَبِالثَّانِي ساقَ الشَّجَرَةِ، وساقُ حُرّ: الذَّكَرُ مِنَ القَمارِيّ، سُمِّيَ بِصَوْتِهِ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
وَمَا هاجَ هَذَا الشَّوْقَ إِلَّا حمامةٌ ... دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحةً وتَرنُّما
وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا السَّاق؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
كَادَتْ تُساقِطُني والرَّحْلَ، إِذْ نَطَقَتْ ... حمامةٌ، فَدَعَتْ سَاقًا عَلَى ساقِ
وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمُ الساقُ الْحَمَامُ وحُرٌّ فَرْخُها. وَيُقَالُ: ساقُ حُرّ صَوْتُ القُمْريّ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: السُّوقة بِمَنْزِلَةِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي تَسُوسُها الْمُلُوكُ، سُمُّوا سُوقة لأَن الْمُلُوكَ يَسُوقُونَهُمْ فَيَنْسَاقُونَ لَهُمْ، يُقَالُ لِلْوَاحِدِ سُوقة وَلِلْجَمَاعَةِ سُوقة. الْجَوْهَرِيُّ: والسُّوقة خِلَافُ المَلِك، قَالَ نَهْشَلُ بْنُ حَرِّيّ:
ولَمْ تَرَ عَيْني سُوقةً مِثْلَ مالِكٍ، ... وَلَا مَلِكاً تَجْبي إِلَيْهِ مَرازِبُهْ
يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْمُذَكَّرُ؛ قَالَتْ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ:
فَبينا نَسُوس الناسَ والأَمْرُ أَمْرُنا، ... إِذَا نحنُ فِيهِمْ سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ
أَي نخْدُم النَّاسَ، قَالَ: وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى سُوَق. وَفِي حَدِيثِ
الْمَرْأَةِ الجَوْنيَّة الَّتِي أَراد النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن يَدْخُلَ بِهَا: فَقَالَ لَهَا هَبي لِي نَفْسَك، فَقَالَتْ: هَلْ تَهَبُ المَلِكةُ نَفْسَها للسُّوقة؟
السُّوقةُ مِنَ النَّاسِ: الرَّعِيَّةُ ومَنْ دُونَ الملِك، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَظُنُّونَ أَن السُّوقة أَهل الأَسْواق. والسُّوقة مِنَ النَّاسِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَا سُلْطان، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَالْجَمْعُ السُّوَق، وَقِيلَ أَوساطهم؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
يَطْلُب شَأو امْرأَين قَدَّما حَسَناً، ... نَالَا المُلوكَ وبَذَّا هَذِهِ السُّوَقا
والسَّوِيق: مَعْرُوفٌ، وَالصَّادُ فِيهِ لُغَةٌ لِمَكَانِ الْمُضَارَعَةِ، وَالْجَمْعُ أَسْوِقة. غَيْرُهُ: السَّوِيق مَا يُتَّخذ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ. وَيُقَالُ: السَّويقُ المُقْل الحَتِيّ، والسَّوِيق السّبِق الفَتِيّ، والسَّوِيق الْخَمْرُ، وسَوِيقُ الكَرْم الْخَمْرُ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ لِزِيَادٍ الأَعْجَم:
تُكَلِّفُني سَوِيقَ الكَرْم جَرْمٌ، ... وَمَا جَرْمٌ، وَمَا ذاكَ السَّويقُ؟
وَمَا عَرَفَتْ سَوِيق الكَرْمِ جَرْمٌ، ... وَلَا أَغْلَتْ بِهِ، مُذْ قَامَ، سُوقُ
فَلَمَّا نُزِّلَ التحريمُ فِيهَا، ... إِذَا الجَرْميّ مِنْهَا لَا يُفِيقُ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السُّوقةُ مِنَ الطُّرْثوث مَا تَحْتَ النُّكَعة وَهُوَ كأَيْرِ الْحِمَارِ، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ أَطيب مِنْ سُوقتِه وَلَا أَحلى، وَرُبَّمَا طَالَ وَرُبَّمَا قَصُرَ.(10/170)
وسُوقةُ أَهوى وسُوقة حَائِلٍ: مَوْضِعَانِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَهانَفْتَ واسْتَبْكاكَ رَسْمُ المَنازِلِ، ... بسُوقةِ أَهْوى أَو بِسُوقةِ حائِلِ
وسُوَيْقة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
هَيْهاتَ مَنْزِلُنا بنَعْفِ سُوَيْقةٍ، ... كَانَتْ مُباركةً مِنَ الأَيّام
وَسَاقَانِ: اسْمُ مَوْضِعٍ. والسُّوَق: أَرض مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تَرْمِي ذِراعَيْه بجَثْجاثِ السُّوَقْ
وسُوقة: اسم رجل.
سوذق: السَّوْذَق والسَّوْذَنِيق والسُّوذانِق: الصَّقر، وَقِيلَ الشَّاهِينُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وكأنِّي مُلْجِمٌ سُوذانِقاً ... أجْدَلِيّاً، كَرُّه غير وَكِلْ
والسَّوْذَق والسَّوْذَنِيق، وَالسِّينُ فِيهِمَا بِالْفَتْحِ، وَرُبَّمَا قَالُوا سَيْذَنوق؛ وأَنشد النَّضْرُ بْنُ الشُّمَيْلِ:
وحادِياً كالسَّيْذَنوق الأَزْرَقِ
والسُّوذانِق، بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ النُّونِ. أَبو عَمْرٍو: السَّوْذَق الشَّاهِينُ، والسَّوْذَق السِّوار؛ وأَنشد:
تَرَى السَّوْذَقَ الوضَّاح مِنْهَا بِمِعْصَمٍ ... نَبِيل، ويأبى الحَجْلُ أن يَتَقَدَّما
ابْنُ الأَعرابي: السَّوْذَقيّ النَّشِيطُ الحَذِر الْمُحْتَالُ. والسَّذَق: لَيْلَةُ الوَقود، وَجَمِيعُ ذَلِكَ فارسي معرب.
فصل الشين المعجمة
شبق: الشَّبَقُ: شِدَّةُ الغُلْمة وطلبُ النِّكَاحِ. يُقَالُ: رَجُلٌ شَبِقٌ وَامْرَأَةٌ شَبِقةٌ. وشَبِقَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، شَبَقاً، فَهُوَ شَبِقٌ: اشْتَدَّتْ غُلْمَتُهُ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ لرَجل مُحْرِم وَطِئَ امرأَتَه قَبْلَ الإِفاضة شَبَقٌ شَدِيدٌ
، وَقَدْ يَكُونُ الشَّبَقُ فِي غَيْرِ الإِنسان؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ حِمَارًا:
لَا يَتْرُك الغَيْرةَ مِنْ عَهْدِ الشَّبَقْ
شبرق: ثَوْبٌ مُشَبْرَق وشَبْرَقٌ وشِبْراق وشُبارِق وشَبارِق وشَبارِيق: مقطَّع ممزَّق. وَقَدْ شَبْرَقَه شَبْرَقة وشِبْراقاً وشَرْبَقه شَرْبَقةً؛ الْمَصْدَرُ عَنْ كُرَاعٍ: مزَّقه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فأَدْرَكْنَه يأخُذْن بِالسَّاقِ والنَّسا، ... كَمَا شَبْرَقَ الوِلْدانُ ثوبَ المُقَدَّسِ
والمُقَدَّسُ: الرَّاهِبُ يَنْزِلُ مِنْ صَوْمَعتِه إِلَى بَيْتِ المَقْدِس فيمزِّق الصبيانُ ثيابَه تبرُّكاً بِهِ. اللَّيْثُ: ثَوْبٌ مُشَبْرَق أُفْسِدَ نَسْجاً وسَخافةً. وَصَارَ الثَّوْبُ شَبارِيقَ أَيْ قِطَعاً؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:
فجاءتْ كنَسجِ العَنْكَبُوت كأَنَّه، ... عَلَى عَصَوَيْها، سابِريٌّ مُشَبْرَقُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ:
لَهَوْتُ بِسِرْبالِ الشَّبابِ مُلاوةً، ... فأَصْبَحَ سِرْبالُ الشَّبابِ شَبارِقا
والمُشَبْرَقُ مِنَ الثِّيَابِ: الرقيقُ الرَّدِيءُ النَّسْجِ،(10/171)
وَيُقَالُ لِلثَّوْبِ مِنَ الْكَتَّانِ مِثْلُ السَّبَنِيّة مُشَبرَق. وشَبْرَقْت اللحمَ وشَرْبَقْتُه أَيْ قطَّعْته. وشَبرَقَ الْبَازِي اللَّحْمَ: نَهَسَه. وشَبْرَقَت الدابةُ فِي مَشْيها: باعَدَتْ خَطْوَها. والشِّبْراق: شِدَّة تباعُدِ مَا بَيْنَ الْقَوَائِمِ؛ قَالَ:
كأنَّها، وَهِيَ تَهادَى فِي الرُّفَقْ ... مِنْ ذَرْوِها، شبْراق شَدّ ذِي عَمَقْ
وَرُوِيَ:
مِنْ جَذْبِها شِبْراق شَدٍّ ذِي مَعَقْ
وَالدَّابَّةُ يُشَبرِق فِي عَدْوِه: وَهُوَ شدَّة تَباعُد قوائِمه. والشِّبْرِقُ، بِالْكَسْرِ: نَبَاتٌ غضٌّ، وَقِيلَ: شَجَرٌ مَنْبِته نَجْدٌ وَتِهَامَةُ وثمرتُه شَاكَةٌ صَغِيرَةُ الْجِرْمِ حَمْرَاءُ مِثْلُ الدَّمِ مَنْبِتُهَا السِّباخ والقِيعان، وَاحِدَتُهُ شِبْرِقة؛ وَقَالُوا: إِذَا يَبِس الضَّرِيع فَهُوَ الشِّبْرِق، وَهُوَ نَبْتٌ كَأَظْفَارِ الهِرِّ. الْفَرَّاءُ: الشِّبْرِق نَبْتٌ وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَهُ الضَّريعَ إِذَا يَبِسَ، وَغَيْرُهُمْ يُسَمِّيهِ الشّبْرِقَ. الزَّجَّاجُ: الشِّبْرِق جِنْسٌ مِنَ الشَّوْكِ إِذَا كَانَ رَطْبًا فَهُوَ شِبْرِق، فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ الضَّريع. أَبو زَيْدٍ: الشِّبْرِق يُقَالُ لَهُ الحِلَّة، ومَنْبِتُه نَجْدٌ وَتِهَامَةُ، وَثَمَرَتُهُ حَسَكة صِغار، وَلَهَا زَهْرَةٌ حَمْرَاءُ. والشِّبْرِقةُ: الشَّيْءُ السَّخِيفُ الْقَلِيلُ مِنَ النَّبَاتِ وَالشَّجَرِ؛ هَكَذَا حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ مؤثناً بِالْهَاءِ. وَيُقَالُ: فِي الأَرض شِبْرِقة مِنْ نَبَاتٍ وَهِيَ المُنْتَثِرة. ابْنُ شُمَيْلٍ: الشِّبرِق الشَّيْءُ السخِيف مِنْ نَبْتٍ أَوْ بَقْلٍ أَو شَجَرٍ أَو عِضاهٍ، والشِّبْرِقة مِنَ الجَنَبة، وَلَيْسَ فِي الْبَقْلِ شِبْرِقة وَلَا يَخْرُجُ إِلَّا فِي الصَّيْفِ. والشِّبْرِق، بِالْكَسْرِ: نَبْتٌ وَهُوَ رَطْب الضَّريع؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فأَتْبَعْتُهم طَرْفي، وَقَدْ حالَ دُونَهم ... عَوازِبُ رَمْلٍ ذِي أَلاءٍ وشِبْرِق
وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: لَا بَأْسَ بالشِّبْرِق والضَّغابيس مَا لَمْ تَنْزِعْه مِنْ أَصله
؛ الشِّبْرِق: نَبْتٌ حِجَازِيٌّ يُؤْكَلُ وَلَهُ شَوْكٌ، وَإِذَا يَبِس سُمِّي الضَّرِيعُ؛ مَعْنَاهُ لَا بَأْسَ بِقَطْعِهِمَا مِنَ الْحَرَمِ إِذَا لَمْ يُسْتَأصَلا؛ وَمِنْهُ فِي ذِكْرِ الْمُسْتَهْزِئِينَ: فأَما العاصُ بْنُ وَائِلٍ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَلَى حِمَارٍ فَدَخَلَ فِي أَخْمَصِ رِجْلِه شِبْرِقةٌ فَهَلَكَ؛ أَبو عَمْرٍو: المُشَبْرَق الرَّقِيقُ مِنَ الثِّيَابِ، وَالْمَقْطُوعُ أَيضاً مُشَبْرَق. اللِّحْيَانِيُّ: ثوبٌ شَبارِق وشَمارِق ومُشَبْرَق ومُشَمْرَق، والشِّبْرقة الْقِطْعَةُ مِنَ الثَّوْبِ، والشَّبارق أَلوان اللَّحْمِ الْمَطْبُوخَةِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ أَلحقوه بعُذافِر. وشِبْرِقٌ: اسْمٌ عَرَبِيٌّ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ وَقَالَ: لا أَعرفه.
شبزق: قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْمُنْذِرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْهَيْثَمِ يَقُولُ: الشَّبْزَق هَكَذَا سَمِعْتُهُ دِيوْكَدْ خَزِيدَهْ كَرْدَهْ؛ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي الأَصل فَنَقَلْتُهُ عَلَى صُورَتِهِ وأَوهمني فِيهِ «2» نُقْطَةٌ عَلَى الرَّاءِ فِي لَفْظَةِ الشَّبْرَق، فَلَسْتُ أَدري أَهي سَهْوٌ مِنَ النَّاسِخِ أَو أَن تَكُونَ اللَّفْظَةُ شَبْزَق، بالزاي، والله أعلم.
شدق: الشِّدْق: جَانِبُ الْفَمِ. ابْنُ سِيدَهْ: الشِّدْقان والشَّدْقانِ طِفْطِفَةُ الْفَمِ مِنْ بَاطِنِ الخَدَّينِ. يُقَالُ نَفْخٌ فِي شِدْقَيه. وشِدْقا الْفَرَسِ: مَشَقُّ فَمِه إِلَى مُنْتَهَى حدِّ اللِّجَامِ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَشْداق وشُدوق. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لَواسعُ الأَشْداقِ،
__________
(2) . قوله [وأوهمني فيه إلخ] عبارة القاموس: الشبزق كجعفر: من يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ، وفسره أبو الهيثم بالفارسية إلخ(10/172)
وَهُوَ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي فُرِّق فَجَعَلَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ جُزْءًا، ثُمَّ جَمَعَ عَلَى هَذَا. وشَفةٌ شَدْقاء: واسعةُ مَشَقِّ الشِّدْقَيْنِ. والأَشْدَق: الْعَرِيضُ الشِّدْق الواسعُه المائلُه، أَيَّ ذَلِكَ كَانَ. وشِدْقا الْوَادِي: نَاحِيَتَاهُ. وَرَجُلٌ أَشْدَق: وَاسِعُ الشِّدْق، والأُنثى شَدْقاء. والشَّدَق، بِالتَّحْرِيكِ: سَعة الشِّدْق، وَفِي التَّهْذِيبِ: سَعة الشِّدْقَيْنِ وَقَدْ شَدِقَ شَدَقاً. وخَطِيبٌ أَشْدَق بَيِّنُ الشَّدَقِ: مُجِيد. والمُتَشَدِّق: الَّذِي يَلْوي شِدْقَه للتَّفَصُّح. وَرَجُلٌ أَشْدَق إِذَا كَانَ مُتَفَوِّهاً ذَا بيانٍ، وَرِجَالٌ شُدْقٌ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الأَشْدَق لأَنه كَانَ أَحدَ خُطباء الْعَرَبِ. وَيُقَالُ: هُوَ مُتَشَدِّق فِي مَنْطِقِهِ إِذَا كَانَ يَتَوَسَّعُ فِيهِ ويَتَفَيْهَق. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يَفْتَتِح الْكَلَامَ ويختَتِمه بأَشْداقِه
؛ الأَشْداقُ: جَوَانِبُ الْفَمِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لرُحْبِ شِدْقيه، وَالْعَرَبُ تَمْتَدِح بِذَلِكَ، وَرَجُلٌ أَشْدَق بَيِّنُ الشَّدَق. فأَما حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
أَبْغَضُكم إلىَّ الثّرْثارون المُتَشَدِّقون
، فَهُمُ الْمُتَوَسِّعُونَ فِي الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاطٍ وَاحْتِرَازٍ، وَقِيلَ: أَراد بالمُتَشَدِّق المُسْتهزئ بِالنَّاسِ يَلْوي شِدْقه بِهِمْ وَعَلَيْهِمْ. وتَشَدَّق فِي كَلَامِهِ: فَتَحَ فَمَهُ وَاتَّسَعَ. والشِّداقُ مِنْ سِماتِ الإِبل: رَسْمٌ عَلَى الشِّدْق؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. والشَّدْقَم والشَّدْقَميّ: الأَشْدَق، زادُوا فِيهِ الْمِيمَ كَزِيَادَتِهِمْ لَهَا فِي فُسْحُمٍ وسُتْهُم، وَجَعَلَهُ ابْنُ جِنِّي رُباعِيّاً مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الشِّدْق. وشِدقٌ شَدْقَم: عَرِيضٌ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: حدَّثَه رَجُلٌ بِشَيْءٍ فَقَالَ: مِمَّنْ سمعتَ هَذَا؟ فَقَالَ: مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مِنَ الشَّدقَم؟
أَيِ الْوَاسِعِ الشِّدْق، وَيُوصَفُ بِهِ المِنْطِيق الْبَلِيغُ المُفَوَّه، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وشَدْقَم: اسْمُ فَحْلٍ. والأَشْدق: سَعِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ.
شذق: التَّهْذِيبُ: السَّوْذَق والشَّوْذَقُ السِّوار. قَالَ أَبو تُرَابٍ: وَيُقَالُ لِلصَّقْرِ سُوذانِق وشُوذانِق. ابْنُ سِيدَهْ: الشُّوذانِق؛ عَنْ يَعْقُوبَ، والشَّيْذَقانُ لُغَةٌ فِي الشُّوذانِق؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:
كالشَّيْذَقانِ خاضِب أَظْفارَه، ... قَدْ ضَرَبَتْه شَمْأَلٌ فِي يومِ طَلّ
والشَّوْذَق: لُغَةٌ فِيهِ أَيْضًا. التَّهْذِيبُ: وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب الشَّوْذقةُ والتَّزْخيف أَخذُ الإِنسانِ عَنْ صَاحِبِهِ بأَصابِعه الشيْذَقَ. قَالَ الأَزهري: أَحسب الشَّوْذَقة مُعَرَّبَةً أَصلها الشَّيْذَقُ.
شرق: شَرَقَت الشمسُ تَشْرُق شُروقاً وشَرْقاً: طَلَعَتْ، وَاسْمُ الْمَوْضِعِ المَشْرِق، وَكَانَ الْقِيَاسُ المَشْرَق وَلَكِنَّهُ أَحَدُ مَا نَدَرَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ.
يُقَالُ: شَرَقَت الشمسُ إِذَا طَلَعَتْ، وأشْرَقَت إِذَا أَضَاءَتْ، فَإِنْ أَرَادَ الطُّلُوعَ فَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ
حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ
، وَإِنْ أَرَادَ الإِضاءة فَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ
، والإِضاءة مَعَ الارتفاع. وقوله تعالى: يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ [الْمَشْرِقَيْنِ] فَبِئْسَ الْقَرِينُ؛ إِنَّمَا أَراد بُعْدَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَلَمَّا جُعِلا اثْنَيْنِ غَلَّب لفظَ الْمَشْرِقِ لأَنه دَالٌّ عَلَى الْوُجُودِ وَالْمَغْرِبُ دَالٌّ عَلَى الْعَدَمِ، والوجودُ لَا مَحَالَةَ أشرفُ، كَمَا يُقَالُ الْقَمَرَانِ للشمس وَالْقَمَرُ؛ قَالَ:
لَنَا قَمراها والنجومُ الطَّوالعُ
أَراد الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فغَلّب الْقَمَرَ لِشَرَفِ التَّذْكِيرِ، وَكَمَا قَالُوا سُنَّة العُمَرين يُرِيدُونَ أَبا بَكْرٍ وَعُمَرَ،(10/173)
رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، فَآثَرُوا الخِفَّة. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ
وبِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ
، فَقَدْ ذَكَرَ فِي فَصْلِ الْغَيْنِ مِنْ حَرْفِ الْبَاءِ فِي تَرْجَمَةِ غَرَبَ. والشَّرْق: المَشْرِق، وَالْجَمْعُ أَشراق؛ قَالَ كُثَيِّر عَزَّةَ:
إِذَا ضَرَبُوا يَوْمًا بِهَا الْآلُ، زيَّنُوا ... مَساندَ أَشْراقٍ بِهَا ومَغاربا
والتَّشْرِيقُ: الأَخذ فِي نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ. يُقَالُ: شَتّانَ بَيْن مُشَرِّقٍ ومُغرِّبٍ. وشَرَّقوا: ذَهَبُوا إِلَى الشَّرْق أَو أَتَوُا الشَّرْقَ. وَكُلُّ مَا طلَع مِنَ الْمَشْرِقِ فَقَدْ شَرَّق، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَسْتَقْبلوا القِبْلة وَلَا تَسْتَدْبروها، وَلَكِنْ شَرِّقوا أَو غَرِّبوا
؛ هَذَا أَمر لأَهل الْمَدِينَةِ وَمَنْ كَانَتْ قِبْلته عَلَى ذَلِكَ السَّمْتِ ممن هُوَ فِي جِهَةِ الشَّمَالِ وَالْجَنُوبِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَتْ قِبْلَتُهُ فِي جِهَةِ المَشْرِق أَوِ الْمَغْرِبِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَن يُشَرِّق وَلَا يُغَرِّب إِنَّمَا يَجْتَنِب ويَشْتَمِل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أناخَتْ بِكُمُ الشُّرْق الجُونُ
، يَعْنِي الفِتَن الَّتِي تَجِيءُ مِنْ قِبَل جِهَةِ الْمَشْرِقِ جَمْعُ شارِق، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والشَّرْقيّ: الْمَوْضِعُ الذي تُشْرِق فيه الشمس مِنَ الأَرض. وأَشْرَقَت الشمسُ إشْراقاً: أضاءت وانبسطت عَلَى الأَرض، وَقِيلَ: شَرَقَت وأَشْرَقت طَلَعَتْ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ شَرَقت وأَشْرَقَت أَضاءت. وشَرِقَت، بِالْكَسْرِ: دَنَتْ لِلْغُرُوبِ. وآتِيك كلَّ شارقٍ أَيْ كلَّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ، وَقِيلَ: الشارِقُ قَرْن الشَّمْسِ. يُقَالُ: لَا آتِيك مَا ذَرَّ شارِقٌ. التَّهْذِيبُ: وَالشَّمْسُ تُسَمَّى شَارِقًا. يُقَالُ: إِنِّي لآتِيه كلَّما ذرَّ شارِقٌ أَيْ كُلَّمَا طَلَعَ الشَّرْقُ، وَهُوَ الشَّمْسُ. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: الشَّرْق الضَّوْءُ والشَّرْق الشَّمْسُ. وَرَوَى عَمْرٌو عَنْ أَبيه أَنه قَالَ: الشَّرْق الشَّمْسُ، بِفَتْحِ الشِّينِ، والشِّرْق الضَّوْءُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ شِقِّ الْبَابِ، وَيُقَالُ لَهُ المِشْرِيق. وأَشْرَقَ وجههُ ولونُه: أَسفَر وَأَضَاءَ وتلأْلأَ حُسْناً. والمَشْرقة: مَوْضِعُ الْقُعُودِ لِلشَّمْسِ، وَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ: مَشْرُقة ومَشْرَقة، بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، وشَرْقة، بِفَتْحِ الشِّينِ وَتَسْكِينِ الرَّاءِ، ومِشْراق. وتَشَرَّقْت أَيْ جَلَسَتْ فِيهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمَشْرَقة والمَشْرُقة والمَشْرِقة الْمَوْضِعُ الَّذِي تَشْرُق عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الشِّتَاءَ؛ قَالَ:
تُرِيدين الفِراقَ، وأنْتِ منِّي ... بِعيشٍ مِثْل مَشْرَقة الشَّمالِ
وَيُقَالُ: اقعُد فِي الشَّرْق أَي فِي الشَّمْسِ، وَفِي الشَّرْقة والمَشْرَقة والمَشْرُقة. والمِشْرِيقُ: المَشْرِقُ، عَنِ السِّيرَافِيِّ. ومِشْرِيقُ الْبَابِ: مدْخَلُ الشَّمْسِ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ طَائِرًا يُقَالُ لَهُ القَرْقَفَنَّة يَقَعُ عَلَى مِشْرِيق بَابِ مَنْ لَا يَغار عَلَى أَهْلِهِ فَلَوْ رأَى الرِّجَالَ يَدْخُلُونَ عَلَيْهَا مَا غَيَّر
؛ قِيلَ فِي المِشْرِيق: إِنَّهُ الشَّقُّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ ضِحُّ الشَّمْسِ عِنْدَ شُرُوقِهَا؛ وَفِي الرِّوَايَةِ الأُخرى فِي حَدِيثِ
وَهْبٍ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ لَا ينكرُ عَمَل السُّوءِ عَلَى أَهْلِهِ، جاءَ طَائِرٌ يقال له الفَرْقَفَنَّة فَيَقَعُ عَلَى مِشْرِيق بَابِهِ فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ أَنْكَرَ طَارَ، وَإِنْ لَمْ يُنْكر مَسَحَ بِجَنَاحَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ فَصَارَ قُنْذُعاً دَيُّوثاً.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي السَّمَاءِ بابٌ لِلتَّوْبَةِ يُقَالُ لَهُ المِشْرِيق وَقَدْ رُدَّ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا شَرْقُه
أَي الضوءُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ شقِّ الْبَابِ.(10/174)
وَمَكَانٌ شَرِقٌ ومُشْرِق، وشَرِقَ شَرَقاً وأَشْرَق: أَشْرَقَت عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَأَضَاءَ. وَيُقَالُ: أَشْرَقَت الأَرض إِشْرَاقًا إِذَا أَنَارَتْ بإشْراق الشَّمْسِ وضِحِّها عَلَيْهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها
. والشَّرْقة: الشَّمْسُ، وَقِيلَ: الشَّرَق والشَّرْق، بِالْفَتْحِ. والشَّرْقة الشَّرِقة والشارِقُ والشَّرِيق: الشَّمْسُ، وَقِيلَ: الشَّمْسُ حِينَ تَشرُق. يُقَالُ: طَلَعَتِ الشَّرَق والشَّرْق، وَفِي الصِّحَاحِ: طَلَعَ الشَّرْق وَلَا يُقَالُ غرَبت الشَّرْق وَلَا الشَّرَق. ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّرَق الشَّمْسُ، والشَّرْق، بِسُكُونِ الرَّاءِ، الْمَكَانُ الَّذِي تَشْرُق فِيهِ الشَّمْسُ. يُقَالُ: آتِيكَ كُلَّ يَوْمٍ طَلْعَةَ شَرَقِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كأَنَّهما ظُلَّتان سَوْداوانِ بَيْنَهُمَا شَرَقٌ
؛ الشَّرَقُ: الضوءُ وَهُوَ الشَّمْسُ، والشَّرْق والشَّرْقة والشَّرَقة مَوْضِعُ الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ، فَأَمَّا فِي الصَّيْفِ فَلَا شَرقة لَهَا، والمَشْرِقُ مَوْقِعُهَا فِي الشِّتَاءِ عَلَى الأَرض بَعْدَ طُلُوعِهَا، وشَرْقَتُها دَفاؤُها إِلَى زَوَالِهَا. وَيُقَالُ: مَا بَيْنَ المَشْرِقَيْنِ أَي مَا بَيْنَ المَشْرِق وَالْمَغْرِبِ. وأَشْرَق الرجلُ أَي دَخَلَ فِي شروقِ الشَّمْسِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ
؛ أَي مُصْبِحين. وأَشْرَقَ القومُ: دَخَلُوا فِي وَقْتِ الشُّرُوقِ كَمَا تَقُولُ أَفْجَرُوا وأَصْبَحُوا وأَظْهَرُوا، فَأَمَّا شَرَّقُوا وغَرَّبوا فسارُوا نحوَ المَشْرِق وَالْمَغْرِبِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ
، أَيْ لَحِقوهم وَقْتَ دُخُولِهِمْ فِي شُرُوقِ الشَّمْسِ وَهُوَ طُلُوعُهَا. يُقَالُ: شَرَقَت الشمسُ إِذَا طَلَعَتْ، وأَشْرَقَت أَضاءت عَلَى وَجْهِ الأَرض وصَفَتْ، وشَرِقْت إِذَا غَابَتْ. والمَشْرِقان: مَشْرِقا الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ. ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ فِي النِّدَاءِ عَلَى الباقِلَّا شَرْقُ الْغَدَاةِ طَرِيّ قَالَ أَبو بَكْرٍ: مَعْنَاهُ قَطْعُ الْغَدَاةِ أَي مَا قُطِع بِالْغَدَاةِ والْتُقِط؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا فِي الباقلَّا الرَّطْب يُجْنَى مِنْ شَجَرِهِ. يُقَالُ: شَرَقْتُ الثمرةَ إِذَا قَطَعْتَهَا. وَقَالَ الفراءُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهل الْعَرَبِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ
؛ يَقُولُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ لَيْسَتْ مِمَّا تطْلع عَلَيْهَا الشمسُ فِي وَقْتِ شُروقِها فَقَطْ أَو فِي وَقْتِ غُرُوبِهَا فَقَطْ، وَلَكِنَّهَا شَرْقِيَّة غرْبِيَّة تُصِيبها الشَّمْسُ بِالْغَدَاةِ والعشيَّة، فَهُوَ أَنْضَر لَهَا وأَجود لِزَيْتُونِهَا وزيتِها، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهل التَّفْسِيرِ؛ وَقَالَ
الْحَسَنُ: لَا شَرْقِيَّة وَلَا غَرْبِيَّة إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ شَجَرِ أَهل الدُّنْيَا
أَي هِيَ مِنْ شَجَرِ أَهل الْجَنَّةِ، قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ الأَول أَولى؛ قَالَ وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الهيثم في قول الحرث بْنِ حِلِّزة:
إِنَّهُ شارِق الشَّقِيقة، إذ جاءَت ... مَعَدٌّ، لِكُلِّ حَيٍّ لِوَاءُ
قَالَ: الشَّقِيقة مَكَانٌ مَعْلُومٌ، وَقَوْلُهُ شَارِقُ الشَّقِيقة أَي مِنْ جَانِبِهَا الشَّرْقي الَّذِي يَلِي المَشْرِق فَقَالَ شَارِقٌ، وَالشَّمْسُ تَشْرُق فِيهِ، هَذَا مَفْعُولٌ فَجَعَلَهُ فَاعِلًا. وَتَقُولُ لِما يَلِي المَشْرِق مِنَ الأَكَمَةِ وَالْجَبَلِ: هَذَا شارِقُ الْجَبَلِ وشَرْقِيُّه وَهَذَا غاربُ الْجَبَلِ وغَربِيُّه؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
والفُتُن الشَّارِقُ والغَرْبيّ
أَراد الفُتُنَ الَّتِي تَلِي المَشْرِق وَهُوَ الشَّرْقيُّ؛ قَالَ الأَزهري: وَإِنَّمَا جَازَ أَن يَفْعَلَهُ شَارِقًا لأَنه جَعَلَهُ ذَا شَرْقٍ كَمَا يُقَالُ سِرُّ كاتمٌ ذُو كِتْمان وَمَاءٌ دافِقٌ ذُو دَفْقٍ.(10/175)
وشَرَّقْتُ اللَّحْمَ: شَبْرَقْته طُولًا وشَرَرْته فِي الشَّمْسِ ليجِفَّ لأَن لُحُومَ الأَضاحي كَانَتْ تُشَرَّق فِيهَا بِمِنًى؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَغَدَا يُشَرِّقُ مَتْنَه، فَبَدا لَهُ ... أُولى سَوابِقها قَرِيباً تُوزَعُ
يَعْنِي الثَّوْرَ يُشَرِّقُ مَتْنَه أَي يُظْهِرُه لِلشَّمْسِ ليجِف مَا عَلَيْهِ مِنْ نَدَى اللَّيْلِ فَبَدَا لَهُ سوابقُ الكِلابِ. تُوزَع: تُكَفّ. وتَشْريق اللَّحْمِ: تَقْطِيعُه وتقدِيدُه وبَسْطُه، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ: ثَلَاثَةُ أَيام بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ لأَن لَحْمَ الأَضاحي يُشَرَّق فِيهَا لِلشَّمْسِ أَي يُشَرَّر، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنهم كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: أَشْرِقْ ثَبِير كَيْمَا نُغِير؛ الإِغارةُ: الدَّفْعُ، أَي نَدْفَعُ للنَّفْر؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن الهَدْيَ وَالضَّحَايَا لَا تُنْحَر حَتَّى تَشْرُق الشمسُ أَي تَطْلُعَ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِيهِ قَوْلَانِ: يُقَالُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنهم كَانُوا يُشَرِّقون فِيهَا لُحوم الأَضاحي، وَقِيلَ: بَلْ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها كلَّها أَيام تَشْرِيقٍ لِصَلَاةِ يومِ النَّحْرِ، يَقُولُ فَصَارَتْ هَذِهِ الأَيام تَبَعًا لِيَوْمِ النَّحْرِ، قَالَ: وَهَذَا أَعجب الْقَوْلَيْنِ إليَّ، قَالَ: وَكَانَ أَبو حَنِيفَةَ يَذْهَبُ بالتَّشْرِيقِ إِلَى التَّكْبِيرِ وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ غَيْرُهُ، وَقِيلَ: أَشْرِق ادْخُلْ فِي الشُّرُوقِ، وثَبِيرٌ جَبَلٌ بِمَكَّةَ، وَقِيلَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ أَشْرِق ثبِير: كَيْما نُغِير: يُرِيدُ ادْخل أَيُّهَا الْجَبَلُ فِي الشُّرُوقِ وَهُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ، كَمَا تَقُولُ أَجْنَب دَخَلَ فِي الْجَنُوبِ وأَشْمَلَ دَخَلَ فِي الشِّمال، كَيْمَا نُغِير أَي كَيْمَا نُدْفَعُ لِلنَّحْرِ، وَكَانُوا لَا يُفِيضون حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَخَالَفَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُقَالُ كَيْمَا نَدْفَعُ فِي السَّيْرِ مِنْ قَوْلِكَ أَغارَ إغارةَ الثَّعْلبِ أَي أَسْرع وَدَفَعَ فِي عَدْوِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ ذَبَح قَبْلَ التَّشْرِيقِ فلْيُعِدْ
، أَي قَبْلَ أَن يصلِّيَ صَلَاةَ الْعِيدِ وَيُقَالُ لِمَوْضِعِهَا المُشَرَّق. وَفِي حَدِيثِ
مَسْروق: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى مُشَرَّقِكم
يَعْنِي المُصَلَّى. وَسَأَلَ أَعرابي رَجُلًا فَقَالَ: أَين مَنْزِل المُشَرَّق؟ يَعْنِي الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ الْعِيدُ، وَيُقَالُ لِمَسْجِدِ الخَيْف المُشَرَّق وَكَذَلِكَ لِسُوقِ الطَّائِفِ. والمُشَرَّق: الْعِيدُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن الصَّلَاةَ فِيهِ بَعْدَ الشَّرْقةِ أَي الشَّمْسِ، وَقِيلَ: المُشَرَّق مُصَلَّى الْعِيدِ بِمَكَّةَ، وَقِيلَ: مُصَلَّى الْعِيدِ وَلَمْ يُقَيَّدْ بِمَكَّةَ وَلَا غَيْرِهَا، وَقِيلَ: مُصَلَّى الْعِيدَيْنِ، وَقِيلَ: المُشَرَّق الْمُصَلَّى مُطْلَقًا؛ قَالَ كُرَاعٌ: هُوَ مِنْ تَشْرِيقِ اللَّحْمِ؛ وَرَوَى
شُعْبَةُ أَنَّ سِماك بْنَ حَرْب قَالَ لَهُ يَوْمَ عِيدٍ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى المُشَرَّق
يَعْنِي الْمُصَلَّى؛ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الأَخطل:
وبالهَدايا إِذَا احْمَرَّتْ مَدارِعُها، ... فِي يَوْمِ ذَبْحٍ وتَشْرِيقٍ وتَنْحارِ
والتَّشْرِيق: صَلَاةُ الْعِيدِ وَإِنَّمَا أُخذ مِنْ شُرُوقِ الشَّمْسِ لأَن ذَلِكَ وقتُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا ذَبْحَ إِلَّا بَعْد التَّشْرِيق
أَي بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَقَالَ شُعْبَةُ: التَّشْرِيق الصَّلَاةُ فِي الْفِطْرِ والأَضحى بالجَبّانِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا جُمْعة وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ
؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
قُلْتُ لِسَعْدٍ وَهُوَ بالأَزارِق: ... عَلَيْكَ بالمَحْضِ وبالمَشارق
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ عَلَيْكَ بِالشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ فانْعَمْ بِهَا ولَذَّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ المَشارِق هُنَا جَمْعُ لحمٍ مُشَرَّق، وهو هذا المَشْرُور عِنْدَ الشَّمْسِ، يُقَوِّي ذَلِكَ قولُه بِالْمَحْضِ لأَنهما مَطْعُومَانِ؛ يَقُولُ:(10/176)
كُلِ اللَّحْمَ واشْرَب اللَّبَنَ الْمَحْضَ. والتَّشْريق: الجمالُ وإشْراقُ الْوَجْهِ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي فِي بَيْتِ الْمَرَّارِ:
ويَزِينُهنَّ مَعَ الجمالِ مَلاحةٌ، ... والدَّلُّ والتَّشْرِيقُ والفَخْرُ «3»
. والشُّرُق: الغِلْمان الرُّوقة. وأُذُنٌ شَرْقاءُ: قطِعت مِنْ أَطرافها وَلَمْ يَبِنْ مِنْهَا شَيْءٌ. ومِعْزة شَرْقاء: انْشَقَّتْ أُذُناها طُولًا وَلَمْ تَبِنْ، وَقِيلَ: الشَّرْقاءُ الشَّاةُ يُشَقُّ باطنُ أُذُنِها مِنْ جَانِبِ الأُذن شَقّاً بَائِنًا وَيُتْرَكُ وَسَطُ أُذُنِها صَحِيحًا، وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: الشَّرْقاءُ الَّتِي شُقَّت أُذناها شَقَّين نَافِذَيْنِ فَصَارَتْ ثَلَاثَ قِطَعٍ مُتَفَرِّقَةٍ. وشَرَقْتُ الشَّاةَ أَشْرُقُها شَرْقاً أَي شَقَقْت أُذُنَها. وشَرِقت الشاةُ، بِالْكَسْرِ، فَهِيَ شَاةٌ شَرْقاء بيّنَة الشَّرَقِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِشَرْقاء أَو خَرْقاء أَو جَدْعاء.
الأَصمعي: الشَّرْقاء فِي الْغَنَمِ الْمَشْقُوقَةُ الأُذن بِاثْنَيْنِ كَأَنَّهُ زنَمة، وَاسْمُ السِّمَةِ الشَّرَقة، بِالتَّحْرِيكِ، شَرَقَ أُذُنَها يَشْرِقُها شَرْقاً إِذَا شَقَّها؛ والخَرْقاء: أَن يَكُونَ فِي الأُذن ثُقْبٌ مُسْتَدِيرٌ. وَشَاةٌ شَرْقاء: مَقْطُوعَةُ الأُذن. والشَّرِيقُ مِنَ النِّسَاءِ: المُفْضاة. والشَّرِقُ مِنَ اللَّحْمِ: الأَحمر الَّذِي لَا دَسَم لَهُ. والشَّرَقُ: الشَّجَا والغُصّة. والشَّرَقُ بِالْمَاءِ والرِّيق وَنَحْوِهِمَا: كالغَصَص بِالطَّعَامِ؛ وشَرِقَ شَرَقاً، فَهُوَ شَرِقٌ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
لَوْ بِغَيْرِ الْمَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ، ... كنتُ كالغَصّانِ بِالْمَاءِ اعْتِصاري
اللَّيْثُ: يُقَالُ شَرِقَ فلانٌ برِيقِه وَكَذَلِكَ غَصَّ بِرِيقِهِ، وَيُقَالُ: أَخذَتْه شَرْقة فَكَادَ يَمُوتُ. ابْنُ الأَعرابي: الشُّرُق الغَرْقَى. قَالَ الأَزهري: والغَرَقُ أَن يَدْخُلَ الماءُ فِي الأَنف حَتَّى تَمْتَلِئَ منافذُه. والشَّرَقُ: دخولُ الْمَاءِ الحَلْقَ حَتَّى يَغَصَّ بِهِ، وَقَدْ غَرِقَ وشَرِقَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمَّا بَلَغَ ذِكْرَ مُوسَى أَخذتْه شَرْقةٌ فركَع
أَيْ أَخذته سُعْلة مَنَعَتْهُ عَنِ الْقِرَاءَةِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قرأَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا أَتَى عَلَى ذكرِ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأُمِّه أَخذته شَرْقةٌ فَرَكَعَ
؛ الشَّرْقة: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الشّرَقِ، أَي شَرِقَ بدمعِه فعَيِيَ بِالْقِرَاءَةِ، وَقِيلَ: أَراد أَنه شَرِقَ بِرِيقِهِ فَتَرَكَ الْقِرَاءَةَ وَرَكَعَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الحَرَقُ والشَّرَقُ شهادةٌ
؛ هُوَ الَّذِي يَشْرَقُ بِالْمَاءِ فَيَمُوتُ. وَفِي حَدِيثِ
أُبَيّ: لقد اصطلح أَهل هذه الْبَلْدَةِ عَلَى أَن يُعَصِّبُوه فشَرِقَ بِذَلِكَ
أَي غَصَّ بِهِ، وَهُوَ مَجَازٌ فِيمَا نَالَهُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحَلّ بِهِ حَتَّى كأَنه شَيْءٌ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِساغتِه وابتلاعِه فغَصَّ بِهِ. وشَرِقَ الموضعُ بأَهله: امتلأَ فَضَاقَ، وشَرِقَ الجسدُ بِالطِّيبِ كَذَلِكَ؛ قَالَ المخبَّل:
والزَّعْفَرانُ عَلَى تَرائِبها ... شَرِقاً بِهِ اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ
وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فَهُوَ شَرِقٌ: اخْتَلَطَ؛ قَالَ المسيَّب بْنُ عَلَسٍ:
شَرِقاً بماءِ الذَّوْبِ أَسْلَمه ... للمُبْتَغِيه مَعاقل الدَّبْرِ
والتَّشْريق: الصَّبغ بِالزَّعْفَرَانِ غَيْرِ المُشْبَع وَلَا يَكُونُ بالعُصْفُر. والتَّشْريق: المُشْبَع بِالزَّعْفَرَانِ. وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فَهُوَ شَرِقٌ: اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ بِدَمٍ أَو
__________
(3) . قوله [والفخر] كذ بالأَصل، وفي شرح القاموس: والعذم، بالذال، وفسره عن الصاغاني بالعض من اللسان بالكلام(10/177)
بِحُسْنِ لَوْنٌ أَحمر؛ قَالَ الأَعشى:
وتَشْرَقُ بالقولِ الَّذِي قَدْ أَذَعْته، ... كَمَا شَرِقَت صَدْرُ القَناةِ مِنَ الدَّمِ
وَمِنْهُ حَدِيثُ
عِكْرِمَةَ: رأَيت ابْنَينِ لسالمٍ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ مُشْرَقة
أَي مُحَمَّرَةٌ. يُقَالُ شَرِقَ الشيءُ إِذَا اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ، وأَشْرَقْته بالصِّبْغ إِذَا بالَغْت فِي حُمْرَتِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: سُئِل عَنْ رَجُلٍ لَطَمَ عينَ آخَرَ فشَرِقَت بِالدَّمِ وَلَمَّا يَذْهَبْ ضَوْءُها فَقَالَ:
لَهَا أَمْرُها، حَتَّى إِذَا مَا تَبَوَّأَتْ ... بأَخْفافِها مَأْوًى، تَبَوَّأ مَضْجَعا
الضَّمِيرُ فِي لَهَا للإِبل يُهْمِلها الرَّاعِي حَتَّى إِذَا جَاءَتْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَعجبها فَأَقَامَتْ فِيهِ مالَ الرَّاعِي إِلَى مَضْجَعِه؛ ضَرَبَهُ مَثَلًا لِلْعَيْنِ أَي لَا يُحْكَم فِيهَا بِشَيْءٍ حَتَّى تأتيَ عَلَى آخِرِ أمْرِها وما تؤول إِلَيْهِ، فَمَعْنَى شَرِقَت بِالدَّمِ أَي ظَهَرَ فِيهَا وَلَمْ يَجْرِ مِنْهَا. وصَرِيع شَرِقٌ بِدَمِهِ: مُخْتَضِب. وشَرِقَ لونُه شَرَقاً: احْمَرَّ مِنَ الخَجَلِ. والشَّرْقِيّ: صِبْغ أَحمر. وشَرِقَتْ عينُه واشْرَوْرَقَت: احْمَرَّت، وشَرِقَ الدمُ فِيهَا: ظَهَرَ. الأَصمعي: شَرِقَ الدَّمُ بِجَسَدِهِ يَشْرَقُ شَرَقاً إِذَا ظَهَرَ وَلَمْ يَسِلْ، وَقِيلَ إِذَا مَا نَشِبَ، وَكَذَلِكَ شَرِقت عينُه إِذَا بَقِي فِيهَا دمٌ؛ قَالَ: وَإِذَا اخْتَلَطَتْ كُدورةٌ بِالشَّمْسِ ثُمَّ قُلْتَ شَرِقَت جَازَ ذَلِكَ كَمَا يَشْرَق الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ يَنْشَبُ فِيهِ وَيَخْتَلِطُ. يُقَالُ: شَرِقَ الرجلُ يَشْرَقُ شَرَقاً إِذَا مَا دَخَلَ الماءُ حَلْقَه فشَرِقَ أَيْ نَشِبَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ فِي النَّاقَةِ المُنْكَسرة: وَلَا هِيَ بفَقِيٍّ فتشْرَق عُرُوقُهَا
أَي تَمْتَلِئَ دَمًا مِنْ مَرَضٍ يَعْرِضُ لَهَا فِي جَوْفِهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يُخْرِج يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ وَهُمَا مُتَفَلِّقَتان قَدْ شَرِق بَيْنَهُمَا الدَّمُ.
وشَرِقَ النَّخْلُ وأَشْرَق وأَزْهَقَ «1» لوَّنَ بِحُمْرَةٍ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ ظُهُورُ أَلوان البُسْر. ونَبْتٌ شَرِقٌ أَي رَيَّان؛ قَالَ الأَعشى:
يُضاحِك الشمسَ مِنْهَا كوكَبٌ شَرِقٌ، ... مُؤَزَّرٌ بعَمِيم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
وأَما مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ:
لَعَلَّكُمْ تُدْرِكون قَوْمًا يُؤَخِّرون الصَّلَاةَ إِلَى شَرَقِ المَوْتَى فصَلّوا الصلاةَ لِلْوَقْتِ الَّذِي تَعْرِفون ثُمَّ صَلّوا مَعَهُمْ
؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَنْ يَشْرَقَ الإِنسانُ بريقِه عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَالَ: أَراد أَنهم يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَبْقَ مِنَ النَّهَارِ إِلَّا بِقَدْرِ مَا بَقِي مِنْ نَفْس هَذَا الَّذِي قَدْ شَرِق بِرِيقِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، أَراد فَوْتَ وقْتِها وَلَمْ يُقَيِّدِ الصَّلَاةَ فِي الصِّحَاحِ بِجُمُعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا،
وَسُئِلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: أَلم ترَ الشمسَ إِذَا ارْتَفَعَتْ عَنِ الْحِيطَانِ وَصَارَتْ بَيْنَ الْقُبُورِ كَأَنَّهَا لُجّة؟ فَذَلِكَ شَرَقُ الْمَوْتَى
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي أَن طُلُوعَهَا وشُروقَها إِنَّمَا هُوَ تِلْكَ السَّاعَةُ لِلْمَوْتَى دُونَ الأَحياء. أَبو زَيْدٍ: تُكْرَه الصَّلَاةُ بشَرَقِ الْمَوْتَى حِينَ تصفرُّ الشَّمْسُ، وَفَعَلْتُ ذَلِكَ بشَرَقِ الْمَوْتَى: فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَرَ الدُّنْيَا فَقَالَ: إِنَّمَا بَقِيَ مِنْهَا كشَرَقِ الْمَوْتَى
؛ لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَنه أَراد بِهِ آخِرَ النَّهَارِ لأَن الشَّمْسَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِنَّمَا تَلْبَث قَلِيلًا ثُمَّ تَغِيبُ فشبَّه مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِبَقَاءِ الشَّمْسِ تِلْكَ السَّاعَةَ، والآخَرُ مِنْ قَوْلِهِمْ شَرِقَ الْمَيِّتُ بَرِيقِهِ إِذَا غَصَّ بِهِ، فشبَّه قِلَّةَ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا بَقِيَ مِنْ حَيَاةِ الشَّرِق بِرِيقِهِ إِلَى أَن تَخْرُجَ نَفْسُهُ.
وَسُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْهُ فَقَالَ: أَلم تَرَ إِلَى الشَّمْسِ إِذَا ارْتَفَعَتْ عَنِ الْحِيطَانِ
__________
(1) . قوله [وأزهق] هكذا في الأَصل ولعله وأزهى.(10/178)
فَصَارَتْ بَيْنَ الْقُبُورِ كَأَنَّهَا لُجّة؟ فَذَلِكَ شَرَقُ الْمَوْتَى.
يُقَالُ: شَرِقَت الشَّمْسُ شَرَقاً إِذَا ضَعُفَ ضوءُها، قَالَ: ووَجّه قولَه حِينَ ذَكَرَ الدُّنْيَا فَقَالَ إِنَّمَا بَقِيَ مِنْهَا كشَرَقِ الْمَوْتَى إِلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحدهما أَن الشَّمْسَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِنَّمَا تَلْبَثُ سَاعَةً ثُمَّ تَغِيبُ فشبَّه قِلَّة مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِبَقَاءِ الشَّمْسِ تِلْكَ السَّاعَةَ مِنَ الْيَوْمِ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ فِي شَرَقِ الْمَوْتَى شَرَقُ الْمَيِّتِ برِيقِه عِنْدَ خُرُوجِ نَفَسِهِ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ:
وَاجْعَلُوا صلاتَكم مَعَهُمْ سُبْحَة
أَي نَافِلَةً. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: المُشَرَّق جَبَلٌ بِسُوقِ الطَّائِفِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: المُشَرَّق سُوقُ الطَّائِفِ؛ وَقَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
حَتَّى كأَنِّي للحوادِثِ مَرْوَةٌ، ... بصَفا المُشَرَّق، كلَّ يومٍ تُقْرَعُ
يُفَسَّر بِكِلَا ذَيْنِك، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: بِصَفَا المُشَقَّر؛ قَالَ: وَهُوَ صَفَا المُشَقَّر الَّذِي ذَكَرَهُ امْرُؤُ الْقَيْسِ فَقَالَ:
دُوَيْنَ الصَّفا اللَّائي يَلِينَ المُشَقَّرا
والشارِقُ: الكِلْسُ، عَنْ كُرَاعٍ. والشَّرْقُ: طَائِرٌ، وَجَمْعُهُ شُروق، وَهُوَ مِنْ سِباع الطَّيْرِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ أَغْتَدِي والصُّبْحُ ذُو بَرِيقِ، ... بمُلْحَمٍ أَحْمَرَ سَوْذَنِيقِ،
أَجْدَلَ أَوْ شَرْقٍ مِنَ الشُّروقِ
قَالَ شِمْرٌ: أَنشدني أَعرابي فِي مَجْلِسِ ابْنِ الأَعرابي وَكَتَبَهَا ابْنُ الأَعرابي:
انْتَفِخي، يَا أَرْنَبَ القِيعان، ... وأَبْشِرِي بالضَّرْبِ والهَوانِ،
أَوْ ضَرْبَةٍ مِنْ شَرْقِ شَاهِيَانِ، ... أَوْ تَوِّجِي جَائِعَ غَرْثَانَ «1»
. قَالَ: الشَّرْق بَيْنَ الحِدَأَة وَالشَّاهِينِ وَلَوْنُهُ أَسود. والشارِق: صَنَمٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وعبد الشارِق: اسْمٌ وَهُوَ مِنْهُ. والشَّرِيقُ: اسْمُ صَنَمٍ أَيْضًا. والشَّرْقِيُّ: اسْمُ رَجُلٍ راوِية أَخبار. ومِشْرِيق: موضع. وشَرِيق: اسم رجل.
شربق: شَرْبَقَه شَرْبَقةً: لُغَةٌ فِي شَبْرَقه، وَقَدْ تَقَدَّمَ. الْفَرَّاءُ: شَرْبَقْت الثَّوْبَ، فَهُوَ مُشَرْبَق أَي قطَّعته مِثْلُ شَبْرَقْت.
شرشق: الشِّرْشِق: طائر.
شرنق: أَبو عَمْرٍو: ثِيابٌ شَرانِقُ متخرِّقة لَا وَاحِدَ لَهَا؛ وأَنشد:
مِنْهُ وأَعلى جِلْدِه شَرانِقُ
وَيُقَالُ لسَلْخِ الحَيَّة إِذَا أَلْقَتْه شَرانِقُ وَيُقَالُ لسَلْخِ الحَيَّة إِذَا أَلْقَتْه شَرانِق.
شرقرق: اللَّيْثُ: الشِّقِرّاق والشَّقِرَّاق والشَّرَقْراق والشِّرَقْراق، لُغَتَانِ: طَائِرٌ يَكُونُ فِي أَرْضِ الحَرَم فِي مَنَابِتِ النَّخِيلِ كَقَدْرِ الهُدْهد مرقَّط بحُمْرة وَخُضْرَةٍ وبياض وسواد.
شفق: الشّفَق والشَّفَقة: الِاسْمُ مِنَ الإِشْفاق. والشَّفَق: الخِيفة. شَفِقَ شَفَقاً، فَهُوَ شَفِقٌ، وَالْجَمْعُ شَفِقُون؛ قَالَ الشَّاعِرُ إسحق بْنُ خَلَفٍ، وَقِيلَ هُوَ لِابْنِ المُعَلَّى:
تَهْوى حَياتي، وأَهْوَى مَوْتَها شَفَقاً، ... والمَوْتُ أكْرَمُ نزّالٍ عَلَى الحُرَمِ
وأشْفَقْت عَلَيْهِ وأَنا مُشْفِق وشَفِيق، وَإِذَا قُلْتَ: أَشْفَقْت مِنْهُ، فَإِنَّمَا تَعْنِي حذِرْته، وأَصلهما واحد، ولا
__________
(1) . قوله [أَوْ ضَرْبَةٍ مِنْ شَرْقِ إلى آخر البيت] هكذا في الأَصل(10/179)
يُقَالُ شَفَقْت. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: شَفَقْت وأَشْفَقْت بِمَعْنًى، وأَنكره أَهْلُ اللُّغَةِ. اللَّيْثُ: الشَّفَقُ الْخَوْفُ. تَقُولُ: أَنَا مُشْفِق عَلَيْكَ أَيْ أَخاف. والشَّفَقُ أَيْضًا الشَّفَقة وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الناصِحُ مِنْ بُلوغِ النُّصْح خَائِفًا عَلَى المَنْصوح. تَقُولُ: أَشْفَقْت عَلَيْهِ أَنْ يَنالَه مَكْرُوهٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وأشْفَق عَلَيْهِ حَذِرَ، وأشْفَق مِنْهُ جَزِع، وشَفَق لُغَةٌ. والشَّفَق والشَّفقة: الخيفةُ مِنْ شِدَّةِ النُّصْحِ. والشَّفِيق: الناصِحُ الْحَرِيصُ عَلَى صَلَاحِ الْمَنْصُوحِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ
، أَيْ كُنَّا فِي أَهْلِنَا خَائِفِينَ لِهَذَا الْيَوْمِ. وشَفِيق: بِمَعْنَى مُشْفِق مِثْلُ أَليم ووَجِيع وداعٍ «1» وسَميع. والشَّفَق والشَّفَقة: رقَّة مِنْ نُصْحٍ أَوْ حُبّ يؤدِّي إِلَى خَوْفٍ. وشَفِقْت مِنَ الأَمر شَفَقَةً: بِمَعْنَى أَشْفَقْت؛ وَأَنْشَدَ:
فإنِّي ذُو مُحافَظَةٍ لِقَوْمي، ... إِذَا شَفِقَتْ عَلَى الرِّزْقِ العِيالُ
وَفِي حَدِيثِ
بِلَالٍ: وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ شَفَقاً مِنْ أَن يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ
؛ الشَّفَق والإِشْفاق: الْخَوْفُ، يُقَالُ: أَشْفَقْت أُشْفِق إِشْفَاقًا، وَهِيَ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ. وَحَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ: شَفِقْت أَشْفَق شَفَقاً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: قَالَ عُبَيْدة أَتَيْناه فازْدحَمْنا عَلَى مَدْرَجةٍ رَثّةٍ فَقَالَ: أَحسنوا مَلأَكم أَيُّها المَرْؤون وَمَا عَلَى البِناء، شَفَقاً وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ
؛ انْتَصَبَ شَفَقاً بفعل مضمر وتقديره وَمَا أُشْفِقُ عَلَى الْبِنَاءِ شَفَقاً وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ؛ وَقَوْلُهُ:
كَمَا شَفِقَت عَلَى الزَّادِ العِيالُ
أَرَادَ بَخِلت وضَنّت، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن الْبَخِيلَ بِالشَّيْءِ مُشْفِق عَلَيْهِ. والشَّفَق: الرَّدِيءُ مِنَ الأَشياء وَقَلَّمَا يُجْمَعُ. وَيُقَالُ: عَطَاءٌ مُشَفَّق أَي مُقَلَّل؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
مَلِك أَغرُّ مِنَ الْمُلُوكِ، تَحَلّبَت ... لِلسَّائِلِينَ يَدَاهُ، غَيْرُ مُشَفِّق
وَقَدْ أَشْفَق الْعَطَاءُ. ومِلْحفة شَفَقُ النَّسْجِ: رَدِيئَةٌ. وشَفَّق المِلْحَفة: جَعَلَهَا شَفَقاً فِي النَّسْجِ. والشَّفَقُ: بَقِيَّةُ ضَوْءِ الشَّمْسِ وحمرتُها فِي أَول اللَّيْلِ تُرَى فِي الْمَغْرِبِ إِلَى صَلَاةِ الْعِشَاءِ. والشَّفَق: النَّهَارُ أَيضاً؛ عن الزَّجَّاجِ، وَقَدْ فُسِّرَ بِهِمَا جَمِيعًا قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ
. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى وَقْتِ الْعِشَاءِ الأَخيرة، فَإِذَا ذَهَبَ قِيلَ غابَ الشَّفَق، وَكَانَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ: الشَّفَق الْبَيَاضُ لأَن الْحُمْرَةَ تَذْهَبُ إِذَا أَظلمت، وَإِنَّمَا الشَّفَق البياضُ الَّذِي إِذَا ذَهَبَ صُلِّيَت العشاءُ الأَخيرة، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصَوَابِ ذَلِكَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ عَلَيْهِ ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ كَأَنَّهُ الشَّفَق، وَكَانَ أَحمر، فَهَذَا شاهِدُ الْحُمْرَةِ. أَبُو عَمْرٍو: الشَّفَقُ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ بِالْحُمْرَةِ. «2» .... فِي السَّمَاءِ. وأَشْفَقَنْا: دَخَلْنَا فِي الشَّفَق. وأَشْفَق وشَفَّق: أَتَى بشَفَقٍ وَفِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ؛ هُوَ مِنَ الأَضداد يَقَعُ عَلَى الْحُمْرَةِ الَّتِي تُرى بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ، وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ، وَعَلَى الْبَيَاضِ الْبَاقِي فِي الأُفُق الْغَرْبِيِّ
بَعْدَ الْحُمْرَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَبِهِ أَخذ أَبو حَنِيفَةَ. وَفِي النَّوَادِرِ: أَنَا فِي أَشْفَاقٍ مِنْ هَذَا الأَمر أَي فِي نواحٍ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ: أَنا عَروض مِنْهُ وَفِي أَعْراضٍ مِنْهُ أَيْ فِي نواحٍ.
شفشلق: الشَّفْشَلِيق والشَّمْشَلِيق: المُسِنّة. يُقَالُ: عَجُوزٌ شَفْشَلِيق وشَمْشَلِيق إذا استرخى لحمها.
__________
(1) . قوله [وداع] هكذا في الأَصل.
(2) . كذا بياض بالأَصل.(10/180)
اللَّيْثُ: الجَنْفَلِيق مِنَ النِّسَاءِ العظيمة، وكذلك الشَّفْشَليق.
شفلق: ابْنُ الأَعرابي: الشَّفَلَّقة لُعْبة لِلْحَاضِرَةِ وَهُوَ أَن يَكْسَعَ الإِنسان مِنْ خَلْفِه فيَصْرَعَه وَهُوَ الأَسْنُ عِنْدَ الْعَرَبِ، قَالَ: وَيُقَالُ سَاتاهُ إِذَا لَعِب مَعَهُ الشَّفَلَّقة.
شقق: الشَّقُّ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ شَقَقْت العُود شَقّاً والشَّقُّ: الصَّدْع الْبَائِنُ، وَقِيلَ: غَيْرُ الْبَائِنِ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّدْعُ عَامَّةً. وَفِي التَّهْذِيبِ: الشَّقُّ الصَّدْعُ فِي عُودٍ أَو حَائِطٍ أَوْ زُجاجة؛ شَقَّه يَشُقُّه شَقّاً فانْشَقَّ وشقَّقَه فتَشَقَّقَ؛ قَالَ:
أَلَا يَا خُبْزَ يَا ابْنةَ يَثْرُدانٍ، ... أَبَى الحُلْقومُ بَعْدَكِ لَا يَنامُ
وبَرْقاً للعَصِيدة لاحَ وَهْناً، ... كَمَا شَقَّقْت فِي القِدْرِ السَّناما «1»
. والشَّقُّ: الْمَوْضِعُ الْمَشْقُوقُ كأَنه سُمِّي بِالْمَصْدَرِ، وَجَمْعُهُ شُقوق. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الشَّقُّ الْمَصْدَرُ، والشِّقُّ الِاسْمُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَعرفها عَنْ غَيْرِهِ. والشِّقُّ: اسْمٌ لِمَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ، وَالْجَمْعُ الشُّقوق. وَيُقَالُ: بِيَدِ فُلَانٍ وَرِجْلِهِ شُقوق، وَلَا يُقَالُ شُقاق، إِنَّمَا الشُّقاق دَاءٌ يَكُونُ بِالدَّوَابِّ وَهُوَ يُشِقِّق يأْخذ فِي الْحَافِرِ أَوِ الرُّسغ يَكُونُ فِيهِمَا مِنْهُ صُدوع وَرُبَّمَا ارْتَفَعَ إِلَى أوْظِفَتِها. وشُقَّ الحافرُ وَالرُّسْغُ: أَصابَهُ شُقاقٌ. وَكُلُّ شَقٍّ فِي جِلْدٍ عَنْ داء شُقاق، جاؤوا بِهِ عَلَى عَامَّةِ أَبنية الأَدواء. وَفِي حَدِيثِ
قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ: أَصَابَنَا شُقاق وَنَحْنُ مُحْرمون فسأَلنا أَبا ذَرٍّ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بالشَّحْمِ
؛ هُوَ تَشَقُّقُ الْجِلْدِ وَهُوَ مِنَ الأَدواء كالسُّعال والزُّكام والسُّلاق. والشَّقُّ: وَاحِدُ الشُّقوق وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ. الأَزهري: والشُّقاق تَشَقُّق الْجِلْدِ مِنْ بَرْدٍ أَو غَيْرِهِ فِي الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ. وَقَالَ الأَصمعي: الشُّقاق فِي الْيَدِ وَالرَّجْلِ مِنْ بَدَنِ الإِنس وَالْحَيَوَانِ. وشَقَقْت الشَّيْءَ فانْشَقَّ. وشَقَّ النبتُ يَشُقُّ شُقوقاً: وَذَلِكَ فِي أَول مَا تَنْفَطِر عَنْهُ الأَرض. وشقَّ نابُ الصَّبِيِّ يَشُقُّ شُقُوقًا: فِي أَوّل مَا يَظْهَرُ. وشقَّ نابُ الْبَعِيرِ يَشُقُّ شُقُوقًا: طَلَعَ، وَهُوَ لُغَةٌ فِي شَقا إِذَا فَطَرَ نابُه. وشَقَّ بَصَرُ الميِّت شَقُوقًا: شخَص وَنَظَرَ إِلَى شَيْءٍ لَا يرتدُّ إِلَيْهِ طرْفُه وَهُوَ الَّذِي حَضَرَهُ الْمَوْتُ، وَلَا يُقَالُ شَقَّ بَصَرَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلم تَرَوْا إِلَى الميِّت إِذَا شَقَّ بَصَرُه
أَيِ انْفَتَحَ، وضَمُّ الشِّينِ فِيهِ غيرُ مُخْتَارٍ. والشَّقُّ: الصُّبْحُ. وشَقَّ الصبحُ يَشُقُّ شَقّاً إِذَا طَلَعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمَّا شَقَّ الفَجْران أمَرنا بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ
؛ يُقَالُ: شَقَّ الفجرُ وانْشَقَّ إِذَا طَلَعَ كَأَنَّهُ شَقَّ موضعَ طلوعِه وَخَرَجَ مِنْهُ. وانْشقَّ البرقُ وتَشَقَّقَ: انْعَقَّ، وشَقِيقة البَرْق: عَقِيقته. ورأَيت شقِيقةَ البَرْق وعَقِيقته: وَهُوَ مَا اسْتَطَارَ مِنْهُ فِي الأُفق وَانْتَشَرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُئِلَ عَنْ سَحَائِبَ مَرَّت وَعَنْ بَرْقِها فَقَالَ: أَخَفْواً أَمْ وَمِيضاً أَم يَشُقُّ شَقّاً؟ فَقَالُوا: بَلْ يَشُقُّ شَقّاً، فَقَالَ: جَاءَكُمُ الحَيا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى شَقَّ البرقُ يَشُقُّ شَقّاً هُوَ الْبَرْقُ الَّذِي تَرَاهُ يَلْمَعُ مُسْتَطِيلًا إِلَى وَسَطِ السَّمَاءِ وَلَيْسَ لَهُ اعْتِرَاضٌ، ويَشقّ مَعْطُوفٌ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي انْتَصَبَ عَنْهُ الْمَصْدَرَانِ تَقْدِيرُهُ أَيَخْفِي أَمْ يُومض أَم يَشُقُّ. وشَقائِقُ النُّعْمَانِ: نَبْتٌ، وَاحِدَتُهَا شَقيقةٌ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِحُمْرَتِهَا عَلَى التَّشْبِيهِ بشَقِيقةِ البَرْق، وقيل:
__________
(1) . قوله [ألا يا خبز إلخ] في هذين البيتين عيب الإصراف. وقوله: وبرقاً تقدم في مادة ث ر د وبرق(10/181)
واحدهُ وجمعهُ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا أُضيف إِلَى النُّعْمَانِ لأَنه حَمَى أَرْضًا فَكَثُرَ فِيهَا ذَلِكَ. غَيْرُهُ: ونَوْرٌ أَحْمَرُ يُسَمَّى شَقائِق النُّعمان، قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ وأُضيف إِلَى النُّعْمَانِ لأَن النُّعْمَانَ بنَ الْمُنْذِرِ نَزَلَ عَلَى شَقائِقِ رَمْلٍ قَدْ أَنْبَتَتِ الشَّقِرَ الأَحمرَ، فَاسْتَحْسَنَهَا وأَمر أَن تُحْمَى، فَقِيلَ للشَّقِر شَقائِق النُّعْمَانِ بمَنْبِتِها لَا أَنها اسْمٌ للشَّقِر، وَقِيلَ: النُّعْمان اسْمُ الدَّمِ وشَقائِقُه قِطَعهُ فشُبِّهت حُمْرَتُهَا بِحُمْرَةِ الدَّمِ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الزهرةُ شَقائِقَ النُّعْمان وغلَب اسمُ الشَّقَائِقِ عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي رَافِعٍ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجرةً تَحْمِل كُسْوة أَهلِها أَشدَّ حُمْرَةً مِنَ الشَّقائِق
؛ هُوَ هَذَا الزَّهْرُ الأَحمر الْمَعْرُوفُ، وَيُقَالُ لَهُ الشَّقِرُ وَأَصْلُهُ مِنَ الشَّقِيقة وَهِيَ الفُرْجة بَيْنَ الرِّمَالِ. قَالَ الأَزهري: والشَّقائِقُ سَحائبُ تَبَعَّجتْ بالأَمطار الغَدِقة؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فَقُلْتُ لَهَا: مَا نُعْمُ إِلَّا كَرَوضةٍ ... دَمِيثِ الرُّبى، جادَت عَلَيْهَا الشَّقائِقُ
والشَّقِيقةُ: المَطرةُ المُتَّسعة لأَن الْغَيْمَ انْشَقَّ عَنْهَا؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الدُّمَيْنة:
ولَمْح بعَيْنَيْها، كأَنَّ ومِيضَه ... وَمِيضُ الحَيا تُهْدَى لِنَجْدٍ شَقائِقُهْ
وَقَالُوا: المالُ بَيْنَنَا شَقَّ وشِقَّ الأَبْلمَةِ والأُبْلُمةِ أَيِ الخُوصِة أَيْ نَحْنُ مُتَسَاوُونَ فِيهِ، وَذَلِكَ أَن الخُوصةَ إِذَا أُخذت فشُقَّت طُولًا انْشَقّت بِنِصْفَيْنِ، وَهَذَا شَقِيقُ هَذَا إِذَا انْشَقَّ بِنِصْفَيْنِ، فَكُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَقِيقُ الْآخَرِ أَي أَخوه، وَمِنْهُ قِيلَ فلانٌ شَقِيقُ فلانٍ أَي أَخوه؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ وَقَدْ صغره:
يا ابنَ أُمّي، وَيَا شُقَيِّقَ نَفْسِي، ... أَنتَ خَلَّيْتَني لأَمْرٍ شَدِيد
والشَّقُّ والمَشَقُّ: مَا بَيْنَ الشُّفْرَين مِنْ حَيا المرأَة. والشَّواقُّ مِنَ الطَّلْع: مَا طَالَ فَصَارَ مقدارَ الشِّبْر لأَنها تَشُقُّ الكِمامَ، واحدتُها شاقَّةٌ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ عَنْ بَعْضِ بَنِي سُواءةَ: أَشَقَّ النخلُ طَلَعَتْ شَواقُّه. والشِّقَّةُ: الشَّظِيّةُ أَو القِطعةُ المَشْقوقةُ مِنْ لَوْحٍ أَوْ خَشَبٍ أَو غَيْرِهِ. وَيُقَالُ للإِنسان عِنْدَ الْغَضَبِ: احْتَدَّ فَطَارَتْ مِنْهُ شِقَّةٌ فِي الأَرض وشِقَّةٌ فِي السَّمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ: مَا كَانَ لِيُخْنِيَ بابِنه فِي شِقّة مِنْ تَمْرٍ
أَي قطعةٍ تُشَقُّ مِنْهُ؛ هكذا ذكره الزمخشري وأَبو مُوسَى بَعْدَهُ فِي الشِّينِ ثُمَّ قَالَ: وَمِنْهُ أَنه غَضِبَ فَطَارَتْ مِنْهُ شِقَّةٌ أَي قِطْعَةٌ، وَرَوَاهُ بَعْضُ المتأَخرين بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَطَارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وشِقَّة فِي الأَرض
؛ هُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْغَضَبِ وَالْغَيْظِ. يُقَالُ: قَدِ انْشَقَّ فُلَانٌ مِنَ الْغَضَبِ كَأَنَّهُ امتلأَ باطنُه؛ بِهِ حَتَّى انْشَقَّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ. وشَقَّقْتُ الحطبَ وَغَيْرَهُ فتَشَقَّقَ. والشِّقُّ والشِّقَّة، بِالْكَسْرِ: نِصْفُ الشَّيْءِ إِذَا شُقَّ، الأَخيرة عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. يُقَالُ: أَخذت شِقَّ الشَّاةِ وشِقّةَ الشاةِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: خُذْ هَذَا الشِّقَّ لِشِقّةِ الشاةِ. وَيُقَالُ: الْمَالُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ شِقَّ الشَّعْرة وشَقَّ الشَّعْرَةِ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ، فَإِذَا قَالُوا شَقَقْتُ عَلَيْكَ شَقّاً نَصَبُوا. قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْ غَيْرَهُ. والشِّق: النَّاحِيَةُ مِنَ الْجَبَلِ. والشِّقُّ: النَّاحِيَةُ وَالْجَانِبُ مِنَ الشَّقِّ أَيضاً. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: لَا وَالَّذِي جَعَلَ الْجِبَالَ وَالرِّجَالَ حِفْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ خَرَقَهَا فَجَعَلَ الرِّجَالَ لِهَذِهِ وَالْجِبَالَ لِهَذَا. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: وَجَدَنِي فِي(10/182)
أَهل غُنَيْمةٍ بِشِقٍّ [بِشَقٍ]
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ وَهَذَا يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، فَالْكَسْرُ مِنَ المَشَقّةِ؛ وَيُقَالُ: هُمْ بِشِقٍّ مِنَ الْعَيْشِ إِذَا كَانُوا فِي جَهْدٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ
، وأَصله مِنَ الشِّقِّ نِصْف الشَّيْءِ كأَنه قَدْ ذَهَبَ بِنِصْفِ أَنْفُسِكم حَتَّى بَلَغْتُموه، وَأَمَّا الْفَتْحُ فَمِنَ الشَّقِّ الفَصْلِ فِي الشَّيْءِ كأَنها أَرادت أَنَّهُمْ فِي مَوْضِعٍ حَرِجٍ ضَيّقٍ كالشَّقِّ فِي الْجَبَلِ، وَمِنَ الأَول:
اتَّقُوا النارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرةٍ
أَيْ نصفِ تَمْرَةٍ؛ يُرِيدُ أَن لَا تَسْتَقلّوا مِنَ الصَّدَقَةِ شَيْئًا. والمُشاقَّةُ وَالشِّقَاقُ: غَلَبَةُ العداوةِ وَالْخِلَافِ، شاقَّهُ مُشاقَّةً وشِقاقاً: خالَفَه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تعالى: إِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ
؛ الشِّقاقُ: العدواةُ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ والخلافُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، سُمِّيَ ذَلِكَ شِقاقاً لأَن كُلَّ فَرِيقٍ مِنْ فِرْقَتَي العدواة قَصَدَ شِقًّا أَي نَاحِيَةً غَيْرَ شِقِّ صَاحِبِهِ. وشَقَّ امْرَه يَشُقُّه شَقًّا فانْشَقَّ: انْفَرَقَ وَتَبَدَّدَ اخْتِلَافًا. وشَقَّ فلانٌ الْعَصَا أَيْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وشَقَّ عَصَا الطَّاعَةِ فانْشَقَّت وَهُوَ مِنْهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: شَقَّ الخوارجُ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، فَمَعْنَاهُ أَنهم فرَّقوا جَمْعَهم وكلمتَهم، وَهُوَ مِنَ الشَّقِّ الَّذِي هُوَ الصَّدْع. وَقَالَ اللَّيْثُ: الخارجيُّ يَشُقُّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ ويُشاقُّهم خِلَافًا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَ شَقَّهم الْعَصَا والمُشاقَّةَ وَاحِدًا، وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ تَفْسِيرِهِمَا آنِفًا. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ انْشَقَّت عَصَاهُمَا بَعْدَ الْتِئامِها إِذا تَفَرَّق أَمْرُهم وانْشَقَّت الْعَصَا بالبَيْنِ وتَشَقَّقت؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذُرَيْحٍ:
وناحَ غُرابُ البَيْنِ وانْشَقَّت الْعَصَا ... بِبَيْنٍ، كَمَا شَقَّ الأَدِيمَ الصَّوانِعُ
وانْشَقَّت الْعَصَا أَي تَفَرَّقَ الأَمرُ. وشَقَّ عليَّ الأَمرُ يَشقُّ شَقًّا ومَشقّة أَي ثَقُل عَلَيَّ، وَالِاسْمُ الشِّقُّ، بِالْكَسْرِ. قَالَ الأَزهري: وَمِنْهُ
قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْلَا أَن أَشُقَّ عَلَى أُمّتي لأَمَرْتُهم بالسِّواك عِنْدَ كلِّ صَلَاةٍ
؛ الْمَعْنَى لَوْلَا أَن أُثَقِّلَ عَلَى أُمتي مِنَ المَشَقّة وَهِيَ الشِّدَّةُ. والشِّقُّ: الشقيقُ الأَخُ. ابْنُ سِيدَهْ: شِقُّ الرجلِ وشَقِيقُه أَخُوهُ، وَجَمْعُ الشَّقِيقِ أَشِقَّاءُ. يُقَالُ: هُوَ أَخي وشِقِّ نَفْسِي، وَفِيهِ: النساءُ شَقائِقُ الرِّجَالِ أَي نظائرُهم وَأَمْثَالُهُمْ فِي الأَخْلاقِ والطِّباع كَأَنَّهُنَّ شُقِقْنَ مِنْهُمْ ولأَن حَوّاء خلقتْ مِنْ آدَمَ. وشَقِيقُ الرَّجُلِ: أَخوه لأُمّه وأَبيه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنتم إخوانُنا وأَشِقَّاؤنا.
والشَّقِيقةُ: دَاءٌ يأْخذ فِي نِصْفِ الرأْس وَالْوَجْهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: صُداع يأْخذ فِي نِصْفِ الرأْس وَالْوَجْهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
احْتَجَم وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ شَقِيقةٍ
؛ هُوَ نَوْعٌ مِنْ صُداعٍ يَعْرِض فِي مُقَدَّمِ الرأْس وَإِلَى أَحد جَانِبَيْهِ. والشِّقُّ والمَشَقَّةُ: الْجَهْدُ وَالْعَنَاءُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ
؛ وَأَكْثَرُ الْقُرَّاءِ عَلَى كَسْرِ الشِّينِ مَعْنَاهُ إِلَّا بِجَهْدِ الأَنفس، وَكَأَنَّهُ اسْمٌ وكأَن الشَّقَّ فِعْلٌ، وَقَرَأَ أَبو جَعْفَرٍ وَجَمَاعَةٌ:
إِلَّا بشَقّ الأَنفُس
، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهُمَا بِمَعْنًى؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنِ مِلْقَطٍ وَزَعَمَ أَنه فِي نَوَادِرِ أَبي زَيْدٍ:
والخَيْل قَدْ تَجْشَمُ أَرْبابُها الشقَّ، ... وَقَدْ تَعْتَسِفُ الرَّاوِيهْ
قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَذْهَبَ فِي قَوْلِهِ إِلَى أَن الْجَهْدَ يَنْقُص مِنْ قُوَّةِ الرَّجُلِ وَنَفْسِهِ حَتَّى يَجْعَلَهُ قَدْ ذَهَبَ بِالنِّصْفِ مِنْ قُوَّتِهِ، فَيَكُونُ الْكَسْرُ عَلَى أَنه كَالنِّصْفِ. والشِّقُّ:(10/183)
المَشَقَّة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ؛ شَاهِدُ الْكَسْرِ قَوْلُ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
وَذِي إبِلٍ يَسْعَى ويحْسِبُها لَهُ، ... أَخي نَصَبٍ مِنْ شِقِّها ودُؤُوبِ
وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
أَصْبَحَ مَسْحولٌ يُوازِي شِقّا
مَسْحولٌ: يَعْنِي بَعِيره، ويُوازي: يُقاسي. ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى أَبو زَيْدٍ فِيهِ الشَّقّ، بِالْفَتْحِ، شَقَّ عَلَيْهِ يَشُقُّ شَقًّا. والشُّقَّةُ، بِالضَّمِّ: مَعْرُوفَةٌ مِنَ الثِّيَابِ السبِيبةُ الْمُسْتَطِيلَةُ، وَالْجَمْعُ شِقاقٌ وشُقَقٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه أَرسل إِلَى امرأَة بشُقَيْقةٍ
؛ الشُّقّة: جِنْسٌ مِنَ الثِّيَابِ وتصغيرُها شُقَيْقةٌ، وَقِيلَ: هي نصب ثَوْبٍ. والشُّقَّة والشِّقّةُ: السَّفَرُ الْبَعِيدُ، يُقَالُ: شُقَّةٌ شاقَّةٌ وَرُبَّمَا قَالُوهُ بِالْكَسْرِ. الأَزهري: والشُّقَّةُ بُعْدُ مَسيرٍ إِلَى الأَرض الْبَعِيدَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ
. وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ:
إنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ
أَي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ. والشُّقَّةُ أَيضاً: السفرُ الطَّوِيلُ. وَفِي حَدِيثِ
زُهَير: عَلَى فَرسٍ شَقَّاءَ مَقَّاءَ
أَي طَوِيلَةٍ. والأَشَقُّ: الطويلُ مِنَ الرِّجَالِ وَالْخَيْلِ، وَالِاسْمُ الشَّققُ والأُنثى شَقَّاء؛ قَالَ جَابِرٌ أَخو بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ التَّغْلِبِيِّ:
ويومَ الكُلابِ اسْتَنْزَلَتْ أَسَلاتُنا ... شُرَحْبِيلَ، إذْ آلَى أَلِيَّة مُقْسِمِ
لَيَنْتَزِعَنْ أَرماحَنا، فأَزالَه ... أَبو خَنَشٍ عَنْ ظَهْرِ شَقّاءَ صِلْدِمِ
وَيُرْوَى: عَنْ سَرْج؛ يَقُولُ: حَلَفَ عَدُوُّنَا لينتزعَنْ أَرماحَنا مِنْ أَيدينا فَقَتَلْنَاهُ. أَبو عُبَيْدٍ: تَشَقَّقَ الفرسُ تَشَقُّقاً إِذَا ضمَرَ؛ وأَنشد:
وبالجِلالِ بَعْدَ ذاكَ يُعْلَيْن، ... حَتَّى تَشَقَّقْنَ ولَمَّا يَشْقَيْن
واشْتِقاقُ الشَّيْءِ: بُنْيانُه مِنَ المُرتَجَل. واشِتِقاقُ الْكَلَامِ: الأَخذُ فِيهِ يَمِينًا وَشِمَالًا. واشْتِقاقُ الْحَرْفِ مِنَ الْحَرْفِ: أَخْذُه مِنْهُ. وَيُقَالُ: شَقَّقَ الكلامَ إِذَا أَخرجه أَحْسَنَ مَخْرَج. وَفِي حَدِيثِ الْبَيْعَةِ:
تَشْقِيقُ الْكَلَامِ عَلَيْكُمْ شديدٌ
أَيِ التطلُّبُ فِيهِ لِيُخْرِجَه أَحسنَ مَخْرَجٍ. واشْتَقَّ الْخَصْمَانِ وتَشاقَّا: تَلَاحَّا وأَخذا فِي الْخُصُومَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا مَعَ تَرْكِ الْقَصْدِ وَهُوَ الاشتِقاق. والشَّقَقةُ: الأَعْداءُ. واشْتَقَّ الفرسُ فِي عَدْوِه: ذَهَبَ يَمِينًا وَشِمَالًا. وَفَرَسٌ أَشَقُّ وَقَدِ اشْتَقَّ فِي عَدْوِه: كأَنه يَمِيلُ فِي أَحد شِقَّيْه؛ وأَنشد:
وتَبارَيْت كَمَا يمْشِي الأَشَقّ
الأَزهري: فَرَسٌ أَشَقُّ لَهُ مَعْنَيَانِ، فالأَصمعي يَقُولُ الأَشَقُّ الطَّوِيلُ، قَالَ: وَسَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ رُؤْبَةَ يَصِفُ فَرَسًا فَقَالَ أَشَقُّ أَمَقُّ خِبَقٌّ فَجَعَلَهُ كُلَّهُ طُولًا. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الأَشَقُّ مِنَ الْخَيْلِ الواسعُ مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ. والشَّقَّاءُ المَقَّاءُ مِنَ الْخَيْلِ: الْوَاسِعَةُ الأَرْفاغِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يسُبُّ أَمَةً فَقَالَ لَهَا: يَا شَقَّاء مقَّاءُ، فسأَلتْهُ عن تفسيرهما فأَشار إِلَى سَعة مَشَقِّ جَهازها. والشّقِيقةُ: قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ بَيْنَ كُلِّ حَبْلَي رَمْلٍ وَهِيَ مَكْرُمةٌ لِلنَّبَاتِ؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا فَسَّرَهُ لِي أَعْرابيٌّ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي صِفَةِ الدَّهْناء وشقائِقها: وَهِيَ سَبْعَةُ أَحْبُلٍ بَيْنَ كُلِّ حَبْلَيْنِ شَقِيقةٌ(10/184)
وعَرْضُ كُلِّ حبلٍ مِيلٌ، وَكَذَلِكَ عرضُ كلِّ شَيْءٍ شَقِيقةٌ، وَأَمَّا قَدْرُهَا فِي الطول فما بَيْنَ يَبْرين إِلَى يَنْسوعةِ القُفّ، فَهُوَ قَدْرُ خَمْسِينَ مِيلًا. والشَّقِيقةُ: الْفُرْجَةُ بَيْنَ الْحَبْلَيْنِ مِنْ حِبَالِ الرَّمْلِ تُنْبِتُ الْعُشْبَ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّقِيقة لَيِّنٌ مِنْ غِلَظ الأَرض يَطُولُ مَا طَالَ الْحَبْلُ، وَقِيلَ: الشَّقِيقةُ فُرْجة فِي الرِّمَالِ تُنْبِتُ الْعُشْبَ، وَالْجَمْعُ الشَّقائِقُ؛ قَالَ شَمْعَلة بْنُ الأَخضر:
ويومَ شَقِيقة الحسَنَيْنِ لاقَتْ ... بَنُو شَيْبانَ آجَالًا قِصارا
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
جِماد وشَرْقيّات رَمْلِ الشَّقائِق
والحَسَنانِ: نَقَوانِ مِنْ رَمْلِ بَنِي سَعْدٍ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَالَ لِي أَعرابي هُوَ مَا بَيْنَ الأَمِيلَينِ يَعْنِي بالأَمِيل الحبلَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَمْرٍو: فِي الأَرض الْخَامِسَةِ حيَّاتٌ كالخَطائِط بَيْنَ الشَّقائِق
؛ هِيَ قِطَعٌ غِلَاظٌ بَيْنَ حِبَالِ الرَّمْلِ، واحدتُها شَقِيقةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الرِّمَالُ نَفْسُهَا. والشَّقِيقةُ والشَّقُوقةُ: طائرٌ. والأَشَقُّ: اسْمُ بَلَدٍ؛ قَالَ الأَخطل:
فِي مُظْلِمٍ غَدِقِ الرَّبابِ، كأَنَّما ... يَسْقِي الأَشَقَّ وعالِجاً بِدَوالي
والشِّقْشِقةُ: لَهاةُ الْبَعِيرِ وَلَا تَكُونُ إِلَّا لِلْعَرَبِيِّ مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ كالرِّئة يُخْرِجُهَا الْبَعِيرُ مِنْ فِيهِ إِذَا هَاجَ، وَالْجَمْعُ الشَّقاشِقُ، وَمِنْهُ سُمّي الْخُطَبَاءُ شَقاشِقَ، شَبَّهوا المِكْثار بِالْبَعِيرِ الْكَثِيرِ الهَدْرِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الخُطَبِ مِنْ شقاشِق الشَّيْطَانِ
، فَجَعَلَ لِلشَّيْطَانِ شَقاشِقَ ونسبَ الخطبَ إِلَيْهِ لِما يَدْخُلُ فِيهَا مِنَ الْكَذِبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: شَبَّهَ الَّذِي يَتَفَيْهَقُ فِي كَلَامِهِ ويَسْرُده سَرْداً لَا يُبَالِي مَا قَالَ مِنْ صِدْقٍ أَوْ كَذِبٍ بِالشَّيْطَانِ وإسْخاطه رَبَّهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْخَطِيبِ الجَهِرِ الصَّوْتِ الْمَاهِرِ بِالْكَلَامِ: هُوَ أَهْرَتُ الشِّقْشِقة وهَرِيتُ الشّدْق؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ يَذْكُرُ قَوْمًا بالخَطابة:
هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلَّامُون للجُزُرِ
قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ للشِّقْشِقة شِمْشِقةٌ، وَحَكَاهُ شَمِرٌ عَنْهُمْ أَيضاً. وشَقْشَقَ الفحلُ شَقْشَقةً: هدَر، والعصفورُ يُشَقْشِقُ فِي صَوْتِهِ، وَإِذَا قَالُوا لِلْخَطِيبِ ذو شِقْشِقةٍ قإنما يُشَبَّهُ بِالْفَحْلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
واقْنَ فَإِنِّي فَطِنٌ عالمٌ، ... أَفْطَعُ مِنْ شِقْشِقةِ الهادرِ
وَقَالَ النَّضْرُ: الشِّقْشِقةُ جِلْدَةٌ فِي حَلْقِ الْجَمَلِ الْعَرَبِيِّ يَنْفُخُ فِيهَا الرِّيحَ فَتَنْتَفِخُ فَيَهْدِرُ فِيهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: الشِّقْشِقةُ الجلدةُ الْحَمْرَاءُ الَّتِي يُخْرِجُهَا الْجَمَلُ مِنْ جَوْفِهِ يَنْفُخُ فِيهَا فَتَظْهَرُ مِنْ شِدْقِه، وَلَا تَكُونُ إِلَّا لِلْجَمَلِ الْعَرَبِيِّ، قَالَ: كَذَا قَالَ الْهَرَوَيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ شَبَّهَ الفصيحَ المِنْطِيقَ بِالْفَحْلِ الْهَادِرِ ولِسانَه بشِقْشِقَتهِ ونسَبها إِلَى الشَّيْطَانِ لِمَا يَدْخُلُ فِيهِ مِنَ الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ وكونِه لَا يُبالي بِمَا قَالَ، وأَخرجه الْهَرَوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ فِي كِتَابِ أَبي عُبَيْدَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجمعين. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فِي خُطْبَةٍ لَهُ: تِلْك شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ
؛ وَيُرْوَى لَهُ فِي شِعْرٍ:
لِساناً كشِقْشِقةِ الأَرْحَبيِّ، ... أَو كالحُسامِ اليَماني الذَّكَرْ
وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: فَإِذَا أَنا بالفَنِيق يُشَقْشِقُ النُّوقَ
؛(10/185)
قِيلَ: إِنَّهُ بِمَعْنَى يُشَقِّقُ، وَلَوْ كَانَ مأْخوذاً مِنَ الشِّقْشقة لَجَازَ كأَنه يَهْدِر وَهُوَ بَيْنَهَا. وَفُلَانٌ شِقْشِقة قَوْمِهِ أَي شريفُهم وفَصِيحُهم؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَن أَباهم نَهْشَلٌ، أَوْ كأَنَّه ... بشِقْشِقةٍ مِنْ رَهْطِ قَيْسِ بنِ عاصمِ
وأَهلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ للمُطَرْمِذ الصَّلِفِ: شَقَّاق، وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَلَا يَعْرِفُونَهُ. وشِقٌّ: اسْمُ كَاهِنٍ مِنْ كُهَّان الْعَرَبِ. وشَقِيقٌ أَيضاً: اسْمٌ. والشَّقِيقةُ: اسْمُ جَدَّةِ النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ؛ قَالَ
ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وَهِيَ بِنْتُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ ذُهْل بْنِ شَيْبَانَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ يَهْجُو النُّعْمَانَ:
حَدِّثوني، بَنِي الشَّقِيقةِ، مَا يمنع ... فَقْعاً بِقَرْقَرٍ أَنْ يَزولا؟
شقرق: الشِّقِرَّاقُ والشَّقِرَّاقُ: طَائِرٌ يُسَمَّى الأَخْيَلَ، وَالْعَرَبُ تَتَشَاءَمُ بِهِ، وَرُبَّمَا قَالُوا شِرِقْراق مِثْلُ سِرِطْراط. قَالَ الْفَرَّاءُ: الأَخْيَلُ الشِّقِرَّاق عِنْدَ الْعَرَبِ بِكَسْرِ الشِّينِ. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أنه قَالَ: الأَخْطَب هُوَ الشَّقرَّاق بِفَتْحِ الشِّينِ. اللِّحْيَانِيُّ: شِقِرَّاق ذَكَرَهُ فِي بَابِ فِعِلَّال. اللَّيْثُ: الشِّقِرَّاق والشّرَقْراق، لُغَتَانِ، طَائِرٌ يَكُونُ فِي أَرض الحَرَم فِي مَنَابِتِ النَّخِيلِ كَقَدْرِ الْهُدْهُدِ مرقَّط بِحُمْرَةٍ وَخُضْرَةٍ وَبَيَاضٍ وَسَوَادٍ، وَاللَّهُ أَعلم.
شلق: الشِّلْقُ: شَيْءٌ عَلَى خِلْقة السَّمَكة صَغِيرٌ لَهُ رِجْلان عِنْدَ ذَنَبِهِ كرِجْل الضُّفْدَعِ لَا يُدَانُ لَهُ، يَكُونُ فِي أَنْهار الْبَصْرَةَ، وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ. ابْنُ الأَعرابي: الشِّلْقُ الأَنْكَلِيسُ مِنَ السَّمَك وَهُوَ الجِرِّيُّ والجِرِّيت، وَقِيلَ: الشِّلْق مِنْ سَمَكِ الْبَحْرَيْنِ. والشَّلْقُ: الضَّرْبُ والبَضْعُ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ مَحْضٍ. وشَلَقَه يَشْلقُه شَلْقاً: ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ أَو غَيْرِهِ. والشَّوْلَقيُّ: الَّذِي يَبِيعُ الحلاوةَ بلُغة رَبِيعَةَ، والفُرْس تسمِّيه الرسَّ مِنَ الرِّجَالِ. أَبو عَمْرٍو: الشَّلَقَةُ الرَّاضَةُ. والشِّلْقَاءُ: السِّكِّينُ عَلَى وزنِ الحِرْباء، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ: الضَّبُّ المَكُونُ إِذا بَاضَتِ «2» البيضةَ قِيلَ سَرَأَت، وَبَيْضُهَا سَرْءٌ، وإِذا أَلْقَت بيضَها فهي شَلَقَةٌ.
شلمق: أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْعَجُوزِ شَمْلَق وشَلْمَق وسَمْلَق وسَلْمَق.
شمق: الشَّمَقُ: مَرَحُ الْجُنُونِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: شبْهُ مَرَحِ الْجُنُونِ، شَمِقَ شَمَقاً وشَماقةً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنَّه إِذْ راحَ مَسْلُوسُ الشَّمَقْ
وَقَدْ شَمِقَ يَشْمَقُ شَمَقاً إِذَا نَشِط. والشَّمَقُ: النَّشَاطُ. والأَشْمَق: اللُّغام المختلط بِالدَّمِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لُغام الْجَمَلِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَنْفُخْن مَشْكولَ اللُّغامِ أَشْمَقا
يَعْنِي جِمَالًا يَتَهادَرْنَ. والشِّمِقُّ والشَّمَقْمَقُ: الطويلُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الطويلُ الْجَسِيمُ مِنَ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: الشَّمَقْمَقُ النَّشِيطُ. وَثَوْبٌ شَمِقٌ: مُخَرَّقٌ. ومَرْوان بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّاعِرُ يُكَنَّى بأَبى الشَّمَقْمَق.
شمرق: ثَوْبٌ مُشَمْرَق وشُمارِق: كمُشَبْرق وشُبارِق؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه بَدَلٌ، وشُمارِق كشُبارِق.
شمشلق: الشَّمْشَلِيقُ والشَّفْشَلِيقُ: المُسِنّةُ. الأَزهري: الشَّمْشَلِيقُ مِنَ النِّسَاءِ السريعةُ المشي
__________
(2) . 1 قوله: والضب المكون إذا باضت، هكذا في الأَصل.(10/186)
الصَّخَّابةُ؛ وأَنشد:
بضَرّةٍ تَشُلُّ فِي وَسِيِقها، ... نَأْآجةِ العَدْوَةِ شَمْشَلِيقِها،
صَلِيبةِ الصَّيْحة صَهْصَلِيقِها
والشَّمْشَلِيقُ: الْخَفِيفُ؛ وَأَنْشَدَ لأَبي مُحِصَّةَ: «1» .
وهَبْتُه لَيْسَ بشَمْشَلِيقِ، ... وَلَا دَحُوقِ العَيْنِ حَنْدَقُوقِ،
وَلَا يُبالي الجَوْرَ فِي الطَّرِيقِ
والشَّمْشَليقُ: الطَّوِيلُ السَّمِينُ:
شملق: الشَّمْلَقُ: السَّيِّئَةُ الْخُلُقِ، وَقِيلَ: هِيَ الْعَجُوزُ الهَرِمة؛ قَالَ:
أَشْكو إِلَى اللَّهِ عِيالًا دَرْدَقا، ... مُقَرْقَمِينَ وعَجُوزاً شَمْلَقا
وَقِيلَ: إِنَّمَا هِيَ سَمْلَق، وَأَنَّ أَبَا عُبَيْدٍ صحّفه.
شنق: الشَّنَقُ: طولُ الرأْس كأَنما يُمَدُّ صُعُداً؛ وأَنشد:
كأَنَّها كَبْداءُ تَنْزُو فِي الشَّنَقْ «2»
. وشَنَقَ البَعيرَ يَشْنِقُه ويَشْنُقُه شَنْقاً وأَشْنَقَه إِذَا جَذَبَ خِطَامَهُ وكفَّه بِزِمَامِهِ وَهُوَ رَاكِبُهُ مِنْ قِبَل رأْسِه حَتَّى يُلْزِقَ ذِفْراه بِقَادِمَةِ الرَّحْلِ، وَقِيلَ: شَنَقَه إِذَا مَدَّهُ بِالزِّمَامِ حَتَّى يَرْفَعَ رأْسه. وأَشْنَقَ البعيرُ بِنَفْسِهِ: رَفع رأْسَه، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. قَالَ ابْنُ جِنِّي: شَنَقَ البعيرَ وأَشْنَق هُوَ جَاءَتْ فِيهِ الْقَضِيَّةُ مَعْكُوسَةً مُخَالِفَةً لِلْعَادَةِ، وَذَلِكَ أَنك تَجِدُ فِيهَا فَعَلَ مُتَعَدِّيًا وأَفْعَلَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، قَالَ: وَعِلَّةُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنه جَعَلَ تعدِّي فَعَلْت وَجُمُودَ أَفْعَلْت كَالْعِوَضِ لِفَعَلْت مِنْ غَلَبَةِ أَفْعَلْت لَهَا عَلَى التَّعَدِّي نَحْوَ جَلَسَ وأَجلست، كَمَا جُعِلَ قَلْبُ الْيَاءِ وَاوًا فِي البَقْوَى والرَّعْوَى عِوَضًا لِلْوَاوِ مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِ الْيَاءِ عَلَيْهَا، وأُنْشِدَ طلحةُ قَصِيدَةً فَمَا زَالَ شانِقاً راحلتَه حَتَّى كَتَبَتْ لَهُ، وَهُوَ التَّيْمِيُّ لَيْسَ الْخُزَاعِيَّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ
أَيْ إن بالع فِي إشْناقِها خَرَمَ أَنْفَها. وَيُقَالُ: شَنَقَ لَهَا وأَشْنَقَ لَهَا. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوّلَ طَالِعٍ فأَشْرَعَ ناقتَه فشَرِبَت وشَنَقَ لَهَا.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: سأَله رَجُلٌ مُحْرِمٌ فَقَالَ عَنَّت لِي عِكْرِشةٌ فشَنَقْتُها بجَبُوبة
أَي رَمَيْتُهَا حَتَّى كَفَّت عَنِ العدوِ. والشِّناقُ حَبْلٌ يُجْذَبُ بِهِ رأْس الْبَعِيرِ والناقةِ، وَالْجَمْعُ أَشْنِقةٌ وشُنُقٌ. وشَنَقَ البعيرَ والناقةَ يَشْنِقُه شَنْقاً: شَدَّهُمَا بالشِّناق. وشَنَقَ الخلِيّةَ يَشْنِقها شَنْقاً وشَنَّقها: وَذَلِكَ أَن يَعمِد إِلَى عُودٍ فيَبْرِيه ثُمَّ يأْخذ قُرْصاً مِنْ قِرَصةِ الْعَسَلِ فيُثْبت ذَلِكَ العودَ فِي أَسفل القُرْص ثُمَّ يُقِيمُهُ فِي عرْضِ الْخَلِيَّةِ فَرُبَّمَا شَنَقَ فِي الْخَلِيَّةِ القُرْصَين وَالثَّلَاثَةَ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ هَذَا إِذَا أَرْضعت النحلُ أولادهَا، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الشَّنِيقُ. وشَنَقَ رأْسَ الدَّابَّةِ: شدَّه إِلَى أَعلى شَجَرَةٍ أَوْ وَتَدٍ مُرْتَفِعٍ حَتَّى يَمْتَدَّ عُنُقُهَا وَيَنْتَصِبَ. والشِّناقُ: الطَّوِيلُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ قَرنَوني بامْرِئٍ شِناقِ، ... شَمَرْدلٍ يابسِ عَظْمِ السّاقِ
وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ وَيَزِيدَ بْنِ المهلب:
__________
(1) . قوله [محصة] كذا بالأَصل، وفي شرح القاموس: محيصة
(2) . قوله [كأنها كبداء تنزو إلخ] في شرح القاموس ما نصه: هكذا في اللسان وهو لرؤبة يصف صائداً، والرواية: سوّى لها كبداء(10/187)
وَفِي الدِّرْع ضَخْم المَنْكِبَيْنِ شِناق
أَيْ طَوِيلٌ. النَّضْرُ: الشَّنَقُ الْجَيِّدُ مِنَ الأَوتار وَهُوَ السَّمْهَرِيّ الطَّوِيلُ. والشَّنَقُ: طُولُ الرأْس. ابْنُ سِيدَهْ: والشَّنَقُ الطولُ. عُنُقٌ أَشْنَقُ وَفَرَسٌ أَشْنَقُ ومَشْنُوقٌ: طَوِيلُ الرأْس، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ، والأُنثى شَنْقاء وشِناق. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ الطويلِ شِناقٌ ومَشْنوقٌ؛ وأَنشد:
يَمَّمْتُه بأَسِيلِ الخَدِّ مُنْتَصبٍ، ... خاظِي البَضِيع كمِثْل الجِذْع مَشْنوق
ابْنُ شُمَيْلٍ: نَاقَةٌ شِناقٌ أَي طَوِيلَةٌ سَطْعاء، وَجَمَلٌ شِناقٌ طَوِيلٌ فِي دِقّةٍ، وَرَجُلٌ شِناقٌ وامرأَة شِناقٌ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، وَمِثْلُهُ ناقةٌ نِيافٌ وَجَمَلٌ نِيافٌ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ. وشَنِقَ شَنَقاً وشَنَقَ: هَوِيَ شَيْئًا فَبَقِيَ كأَنه مُعلّقٌ. وقَلْبٌ شَنِقٌ: هيْمان. وَالْقَلْبُ الشَّنِقُ المِشْناقُ: الطامحُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ وأَنشد:
يَا مَنْ لِقَلْبٍ شَنِقٍ مِشْناق
وَرَجُلٌ شَنِقٌ: مُعَلَّقُ الْقَلْبِ حَذِرٌ؛ قَالَ الأَخطل:
وَقَدْ أَقولُ لِثُوْرٍ: هَلْ تُرَى ظُعُناً، ... يَحْدو بِهِنَّ حِذارِي مُشْفِقٌ شَنِقُ؟
وشِناقُ القِربةِ: علاقتُها، وَكُلُّ خَيْطٍ عَلَّقْتَ بِهِ شَيْئًا شِناقٌ. وأَشْنَقَ الْقِرْبَةَ إشْناقاً: جَعَلَ لَهَا شِناقاً وشدَّها بِهِ وَعَلَّقَهَا، وَهُوَ خَيْطٌ يُشَدُّ بِهِ فَمُ الْقِرْبَةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه بَاتَ عِنْدَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، قَالَ: فَقَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي فحَلَّ شِناقَ الْقِرْبَةِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: شِناقُ الْقِرْبَةِ هُوَ الْخَيْطُ وَالسَّيْرُ الَّذِي تُعلّق بِهِ القربةُ عَلَى الْوَتِدِ؛ قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ فِي الشِّناق إِنَّهُ الْخَيْطُ الَّذِي تُوكِئُ بِهِ فمَ الْقِرْبَةِ أَو الْمَزَادَةِ، قَالَ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا لأَن العِصامَ الَّذِي تُعَلَّق بِهِ الْقِرْبَةُ لَا يُحَلّ إِنَّمَا يُحَلُّ الْوِكَاءُ لِيُصَبَّ الْمَاءُ، فالشِّناقُ هُوَ الْوِكَاءُ، وَإِنَّمَا حَلَّهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِيَتَطَهَّرَ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْقِرْبَةِ. وَيُقَالُ: شَنَقَ القربةَ وأَشْنَقَها إِذَا أَوكأَها وَإِذَا عَلَّقَهَا. أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: الشِّناقُ أَنْ تُغَلَّ الْيَدُ إِلَى العُنُقِ؛ وَقَالَ عَدِيٌّ:
ساءَها مَا بِنَا تَبَيَّنَ في الأَيْدي، ... وإشْناقُها إِلَى الأَعْناقِ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الإِشْناقُ أَن تَرْفَعَ يدَه بالغُلّ إِلَى عُنُقِهِ. أَبو سَعِيدٍ: أَشْنَقْتُ الشَّيْءَ وشَنَقْتُه إِذَا علَّقته؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ قَوْسًا وَنَبْلًا:
شَنَقْت بِهَا مَعابِلَ مُرْهَفاتٍ، ... مُسالاتِ الأَغِرَّة كالقِراطِ
قَالَ: شَنَقْتُ جَعَلْتُ الْوَتَرَ فِي النَّبْلِ، قَالَ: والقِراطُ شُعْلة السِّراج. والشِّناق والأَشْناقُ: مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ فَمَا زَادَ عَلَى العَشْر لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى تَتِمَّ الْفَرِيضَةُ الثَّانِيَةُ، وَاحِدُهَا شَنَقٌ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بالأَشْناق الإِبلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا شِناقَ
أَي لَا يُؤْخَذُ مِنَ الشَّنَقِ حَتَّى يَتِمَّ. والشِّناقُ أَيضاً: مَا دُونَ الدِّيَةِ، وَقِيلَ: الشَّنَقُ أَن تَزِيدَ الإِبل عَلَى الْمِائَةِ خَمْسًا أَوْ سِتًّا فِي الحَمالة، قِيلَ: كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا حَمَلَ حَمالةً زَادَ أَصحابَها لِيَقْطَعَ أَلسنتهم ولِيُنْسَبَ إِلَى الْوَفَاءِ. وأَشْناقُ الدِّيَةِ: دياتُ جِرَاحَاتٍ دُونَ التَّمَامِ، وَقِيلَ: هِيَ زِيَادَةٌ فِيهَا وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ تَعْلِيقِهَا بِالدِّيَةِ الْعُظْمَى، وَقِيلَ: الشَّنَقُ(10/188)
مِنَ الدِّيَةِ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ كالخَدْش وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أشْناقٌ. والشَّنَقُ فِي الصَّدَقَةِ: مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ. والشَّنَقُ أَيضاً: مَا دُونَ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ أَن يَسُوقَ ذُو الحَمالةِ مِائَةً مِنَ الإِبل وَهِيَ الدِّيَةُ كَامِلَةً، فَإِذَا كَانَتْ مَعَهَا دِيَاتُ جِرَاحَاتٍ لَا تَبْلُغُ الدِّيَةَ فَتِلْكَ هِيَ الأَشْناقُ كأَنها مُتَعَلِّقَةٌ بِالدِّيَةِ الْعُظْمَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بأَشْناقِ الدِّياتِ إِلَى الكُمول
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الشِّناقُ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ أَشْناقُ الدِّيَاتِ، ورَدّ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ: لَمْ أَر أَشْناقَ الدياتِ مِنْ أَشناقِ الْفَرَائِضِ فِي شَيْءٍ لأَنّ الدِّيَاتِ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يَزِيدُ عَلَى حَدٍّ مِنْ عَدَدِهَا أَوْ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِهَا. وأَشْناقُ الدِّيَاتِ: اخْتِلَافُ أَجناسها نَحْوُ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَالْجِذَاعِ، كلُّ جِنْسٍ مِنْهَا شَنَقٌ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَالصَّوَابُ مَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ لأَن الأَشْناقَ فِي الدِّيَاتِ بِمَنْزِلَةِ الأَشناقِ فِي الصَّدَقَاتِ، إِذَا كَانَ الشَّنَقُ فِي الصَّدَقَةِ مَا زَادَ عَلَى الْفَرِيضَةِ مِنَ الإِبل. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي والأَصمعي والأَثرم: كَانَ السَّيِّدُ إِذَا أَعطى الدِّيَةَ زَادَ عَلَيْهَا خَمْسًا مِنَ الإِبل لِيُبَيِّنَ بِذَلِكَ فَضْلَهُ وَكَرَمَهُ، فالشَّنَقُ مِنَ الدِّيَةِ بِمَنْزِلَةِ الشَّنَقِ فِي الْفَرِيضَةِ إِذَا كَانَ فِيهَا لَغْوًا، كَمَا أَنَّهُ فِي الدِّيَةِ لَغْوٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِنَّمَا تَكرُّمٌ مِنَ الْمُعْطِي. أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: الشَّنَقُ فِي خَمْسٍ مِنَ الإِبل شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَربع شِيَاهٍ، فَالشَّاةُ شَنَقٌ وَالشَّاتَانِ شَنَقٌ وَالثَّلَاثُ شِيَاهٍ شَنَقٌ والأَربع شِيَاهٍ شَنَقٌ، وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَهُوَ فَرِيضَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَن الشَّنَقَ مَا دُونَ الْفَرِيضَةِ مُطْلَقًا كَمَا دُونَ الأَربعين مِنَ الْغَنَمِ.
وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِوَائِلِ بْنِ حُجْر: لَا خِلاطَ وَلَا وِراطَ وَلَا شِناقَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ
لا شِناقَ
فَإِنَّ الشَّنَقَ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ وَهُوَ مَا زَادَ مِنَ الإِبل عَلَى الْخَمْسِ إِلَى الْعَشْرِ، وَمَا زَادَ عَلَى الْعَشْرِ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ؛ يَقُولُ: لَا يُؤْخَذُ مِنَ الشَّنَقِ حَتَّى يَتِمَّ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الأَشْناقِ؛ وَقَالَ الأَخطل يَمْدَحُ رَجُلًا:
قَرْم تُعَلَّقُ أَشْناقُ الديات بِهِ، ... إِذَا المِئُونَ أُمِرَّتْ فَوْقَه حَملا
وَرَوَى شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ:
قَرْم تُعَلَّقُ أَشْناقُ الدِّيات بِهِ
يَقُولُ: يَحْتَمِلُ الدِّيَاتِ وَافِيَةً كَامِلَةً زَائِدَةً. وَقَالَ غيرُ ابْنِ الأَعرابي فِي ذَلِكَ: إِنَّ أَشْناقَ الدِّيَاتِ أَصنافُها، فدِيَةُ الخطإِ الْمَحْضِ مائةٌ مِنَ الإِبل تَحْمِلُهَا العاقلةُ أَخْماساً: عِشْرُونَ ابْنَةَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعةً، وَهِيَ أَشْناقٌ أَيضاً كَمَا وصَفْنا، وَهَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِ الأَخطل يَمْدَحُ رَئِيسًا يَتَحَمَّلُ الدِّيَاتِ وَمَا دُونَ الدِّيَاتِ فيُؤَدِّيها ليُصْلِحَ بَيْنَ الْعَشَائِرِ ويَحْقُنَ الدِّماء؛ وَالَّذِي وَقَعَ فِي شِعْرِ الأَخطل: ضَخْمٍ تعلَّق، بِالْخَفْضِ عَلَى النَّعْتِ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ:
وفارسٍ غَيْرُ وَقَّافٍ برايتهِ، ... يومَ الكرَيهة، حَتَّى يَعْمَل الأَسَلا
والأَشْناقُ: جَمْعُ شَنَق وَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَن يَزِيدَ مُعْطي الحَمالةِ عَلَى الْمِائَةِ خَمْساً أَوْ نَحْوَهَا ليُعْلَم بِهِ وَفَاؤُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي بَيْتِ الأَخطل، وَالْمَعْنَى الْآخَرُ أَن يُرِيدَ بالأَشْناق الأُرُوشَ كلَّها عَلَى مَا(10/189)
فَسَّرَهُ الْجَوْهَرِيُّ؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ الشَّنَقُ مَا بَيْنَ الخَمْس إِلَى الْعَشْرِ مُحالٌ، إِنَّمَا هُوَ إِلَى تِسْعٍ، فَإِذَا بَلَغَ العَشْرَ فَفِيهَا شَاتَانِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى خَمْس عَشْرةَ، وَكَانَ حقُّه أَن يَقُولَ إِلَى أَرْبَعَ عَشْرة لأَنها إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ عَشْرةَ فَفِيهَا ثلاثُ شِياه. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ الشَّنَقُ شَنَقاً لأَنه لَمْ يُؤْخَذْ منه شيء. وشْنَقَ إِلَى مَا يَلِيهِ مِمَّا أُخذ مِنْهُ أَي أُضِيفَ وجُمِعَ؛ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا شِناقَ أَي لَا يُشْنِقُ الرَّجُلُ غَنَمَهُ وَإِبِلَهُ إِلَى غَنَمِ غَيْرِهِ لِيُبْطِلَ عَنْ نَفْسِهِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَذَلِكَ أَن يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَربعون شَاةً فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا شَاتَانِ، فَإِذَا أَشْنَقَ أَحدُهما غنمَه إِلَى غَنَمِ الْآخَرِ فَوَجَدَهَا المُصَدِّقُ فِي يَدِهِ أَخَذَ مِنْهَا شَاةً، قَالَ: وَقَوْلُهُ
لَا شِناقَ
أَيْ لَا يُشْنِقُ الرجلُ غَنَمَهُ أَوْ إِبِلَهُ إِلَى مَالِ غَيْرِهِ لِيُبْطِلَ الصَّدَقَةَ، وَقِيلَ: لَا تَشانَقُوا فَتَجْمَعُوا بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ
وَلَا خِلاطَ
؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَلِلْعَرَبِ أَلفاظ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ يَعْرِفْهَا أَبو عُبَيْدٍ، يَقُولُونَ إِذَا وَجَبَ عَلَى الرَّجُلِ شَاةٌ فِي خَمْسٍ مِنَ الإِبل: قَدْ أَشْنَقَ الرجلُ أَي وَجَبَ عَلَيْهِ شَنَقٌ فَلَا يَزَالُ مُشْنِقاً إِلَى أَنْ تَبْلُغَ إِبِلُهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، فَكُلُّ شَيْءٍ يؤدِّيه فِيهَا فَهِيَ أَشْناقٌ: أَربَعٌ مِنَ الْغَنَمِ فِي عِشْرِينَ إِلَى أَربع وَعِشْرِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بنتُ مَخاضٍ مُعَقَّلٍ أَيْ مُؤَدًّى لِلْعِقَالِ، فَإِذَا بَلَغَتْ إبلُه سِتًّا وَثَلَاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وأَربعين فَقَدْ أَفْرَضَ أَيْ وَجَبَتْ فِي إِبِلِهِ فَرِيضَةٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: حَكَى الْكِسَائِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: الشَّنَقُ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. قَالَ والشَّنَقُ مَا لَمْ تَجِبْ فِيهِ الْفَرِيضَةُ؛ يُرِيدُ مَا بَيْنَ خَمْسٍ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ، عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: قَدْ أَطلق أَبو سَعِيدٍ الضريرُ لِسانَه فِي أَبي عُبَيْدٍ ونَدَّدَ بِهِ بِمَا انْتَقَده عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوّلًا إِنَّ قَوْلَهُ الشَّنَقُ مَا بَيْنَ الخَمْسِ إِلَى العَشْرِ مُحالٌ إِنَّمَا هُوَ إِلَى تِسْعٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مَا بَيْنَ العَشْرِ إِلَى خَمْسَ عَشْرةَ كَانَ حَقُّهُ أَن يَقُولَ إِلَى أَربعَ عَشْرَةَ، ثُمَّ بِقَوْلِهِ ثَانِيًا إِنَّ لِلْعَرَبِ أَلفاظاً لَمْ يَعْرِفْهَا أَبُو عُبَيْدٍ، وَهَذِهِ مشاحَّةٌ فِي اللَّفْظِ واستخفافٌ بِالْعُلَمَاءِ، وأَبو عُبَيْدٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، لَمْ يَخْفَ عَنْهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَصَدَ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ فَاحْتَاجَ إِلَى تَسْمِيَتِهِمَا، وَلَا يَصِحُّ لَهُ قَوْلُ الْفَرِيضَتَيْنِ إِلَّا إِذَا سَمَّاهُمَا فَيَضْطَرُّ أَنْ يقول عشر أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَهُوَ إِذَا قَالَ تِسْعًا أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَلَيْسَ هُنَاكَ فَرِيضَتَانِ، وَلَيْسَ هَذَا الِانْتِقَادُ بِشَيْءٍ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا حَكَاهُ الْفَرَّاءُ عَنِ الكسائي عن بعض العرب: الشَّنَقُ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ؟ وَتَفْسِيرُهُ بِأَنَّهُ يُرِيدُ مَا بَيْنَ الْخَمْسِ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَكَانَ عَلَى زَعْمِ أَبِي سَعِيدٍ يَقُولُ: الشَّنَقُ إِلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ، لأَنها إِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَلَمْ يَنْتَقِدْ هَذَا الْقَوْلَ عَلَى الْفَرَّاءِ وَلَا عَلَى الْكِسَائِيِّ وَلَا عَلَى الْعَرَبِيِّ الْمَنْقُولِ عَنْهُ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لأَنه قَصَدَ حَدَّ الْفَرِيضَتَيْنِ، وَهَذَا انْحِمال مِنْ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. والأَشْناقُ: الأُروشُ أَرْش السِنُّ وأَرْشُ المُوضِحة والعينِ الْقَائِمَةِ وَالْيَدِ الشلَّاء، لَا يَزَالُ يُقَالُ لَهُ أَرْشٌ حَتَّى يكونَ تكملَة ديةٍ كَامِلَةٍ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
كأَنّ الدِّياتِ، إِذَا عُلِّقَتْ ... مِئُوها به، والشَّنَقُ الأَسْفَلُ
وَهُوَ مَا كَانَ دُونَ الدِّية مِنَ المَعاقِل الصِّغارِ. قَالَ الأَصمعي: الشَّنَقُ مَا دُونُ الدِّيَةِ والفَضْلةُ تَفْضُل، يَقُولُ: فَهَذِهِ الأَشْناقُ عَلَيْهِ مِثْلُ العَلائِق عَلَى الْبَعِيرِ لَا يَكْتَرِثُ بِهَا، وَإِذَا أُمِرَّت الْمَئُونَ فوقَه حَمَلها، وأُمِرَّت: شُدَّت فَوْقَهُ بمرارٍ، والمِرارُ الحَبْلُ. وَقَالَ غَيْرُهُ فِي تَفْسِيرِ بَيْتِ الْكُمَيْتِ: الشَّنَقُ شَنَقانِ:(10/190)
الشَّنَقُ الأَسْفَلُ والشَّنَقُ الأَعلى، فالشَّنَقُ الأَسفل شاةٌ تَجِبُ فِي خَمْس مِنَ الإِبل، والشَّنَقُ الأَعلى ابنةُ مَخَاضٍ تَجِبُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبل؛ وَقَالَ آخَرُونَ: الشَّنَقُ الأَسْفلُ فِي الدِّيَاتِ عِشْرُونَ ابْنَةَ مخاضٍ، والشَّنَقُ الأَعلى عِشْرُونَ جَذَعَةً، وَلِكُلٍّ مقالٌ لأَنها كلَّها أَشْناقٌ؛ وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَنَّهُ يستَخِفُّ الحمالاتِ وإعطاءَ الدِّيَاتِ، فكأَنه إِذَا غَرِمَ دِياتٍ كَثِيرَةً غَرِمَ عِشْرِينَ بَعِيرًا لِاسْتِخْفَافِهِ إِيَّاهَا. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ: مِنَّا مَنْ يُشْنِقُ أَيْ يُعْطِي الأَشْناقَ، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ مِنَ الإِبل، فَإِذَا كَانَتْ مِنَ الْبَقَرِ فَهِيَ الأَوْقاص، قَالَ: ويكون يُشْنِقُ يعطي الشُّنُقَ وَهِيَ الْحِبَالُ، وَاحِدُهَا شِناقٌ، ويكون يُشْنِقُ يعطي الشَّنَقَ وَهُوَ الأَرْش؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَشْنق الرجلُ إِذَا أَخَذَ الشَّنَقَ يَعْنِي أَرْشَ الخَرْقِ فِي الثَّوْبِ. وَلَحْمٌ مُشَنَّقٌ أَيْ مُقَطَّعٌ مأْخوذ مِنْ أشْناق الدِّيَةِ. والشِّناقُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى الرَّجُلِ وَالرَّجُلَيْنِ أَوِ الثلاثةِ أشْناقٌ إِذَا تَفَرَّقَتْ أَموالهم، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: شانِقْني أَيِ اخْلِطْ مَالِي ومالَك، فَإِنَّهُ إِنْ تَفَرَّقَ وَجَبَ عَلَيْنَا شَنَقانِ، فَإِنِ اخْتَلَطَ خَفَّ عَلَيْنَا؛ فالشِّناقُ: الْمُشَارَكَةُ فِي الشَّنَقِ والشَّنَقَينِ. والمُشَنَّقُ: الْعَجِينُ الَّذِي يُقطَّع وَيُعْمَلُ بِالزَّيْتِ. ابْنُ الأَعرابي: إِذَا قُطِّع الْعَجِينُ كُتَلًا عَلَى الخِوانِ قَبْلَ أَنْ يُبْسَطَ فَهُوَ الفَرَزْدَق والمُشَنَّقُ والعَجاجير. ورجل شِنِّيقٌ: سَيءُ الخُلُق. وَبَنُو شَنوقٍ: بَطْنٌ. والشَّنِيق: الدَّعِيّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنَا الدَّاخِلُ الْبَابَ الَّذِي لَا يَرومُه ... دَنيٌّ، وَلَا يُدْعَى إِلَيْهِ شَنِيقُ
وَفِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامِ:
احْشُروا الطيرَ إِلَّا الشَّنْقاءَ
؛ هِيَ التي تزُقُّ فِراخَها.
شنتق: الشُّنْتُقةُ: خِرْقةٌ تَكُونُ عَلَى رأْس المرأَة تَقِي بِهَا الخِمارَ مِنَ الدُّهْن.
شندق: شَنْدَق: اسْمٌ أَعجمي معرب.
شنفلق: الشَّنْفَلِيق: الضَّخْمَةُ مِنَ النساء.
شهق: الشَّهِيقُ: أَقِبحُ الأَصوات، شَهِقَ وشَهَقَ يَشْهَقُ ويَشْهِقُ شَهِيقاً وشُهاقاً، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ شُهوقاً: ردَّد الْبُكَاءَ فِي صَدْرِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: شَهِقَ يَشْهَقُ ارْتَفَعَ. وشَهِيقُ الْحِمَارِ: آخِرُ صَوْتِهِ، وَزَفِيرُهُ أوَّله، وَقِيلَ: شَهِيقُ الْحِمَارِ نَهيقه. وَيُقَالُ: الشَّهِيق ردُّ النفَس والزَّفِيرُ إِخْرَاجُهُ. اللَّيْثُ: الشَّهِيقُ ضِدُّ الزَّفِيرِ، وَالزَّفِيرُ إِخْرَاجُ النَّفَسِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَةِ أَهْلِ النَّارِ: لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الزَّفِير والشَّهِيق مِنْ أَصوات الْمَكْرُوبِينَ، قَالَ: وَالزَّفِيرُ مِنْ شَدِيدِ الأَنِين وَقَبِيحِهِ، والشَّهِيقُ الأَنِينُ الشَّدِيدُ الْمُرْتَفِعُ جِدًّا، قَالَ: وَزَعَمَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ أَنَّ الزَّفِيرَ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ صَوْتِ الْحِمَارِ مِنَ النَّهِيقِ، وَالشَّهِيقُ بِمَنْزِلَةِ آخِرِ صَوْتِهِ فِي الشَّهِيق، وَرُوِيَ عَنِ
الرَّبِيعِ فِي قوله لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ
، قَالَ: الزَّفِيرُ فِي الْحَلْقِ والشَّهِيق فِي الصَّدْرِ.
وَرَجُلُ ذُو شاهقٍ: شديدُ الْغَضَبِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا اشْتَدَّ غَضَبُهُ: إِنَّهُ لَذُو شاهقٍ وَأَنَّهُ لَذُو صاهلٍ. وَفَحْلٌ ذُو شاهقٍ وَذُو صاهلٍ إِذَا هاجَ وصالَ فَسَمِعْتَ لَهُ صَوْتًا يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِهِ. الأَصمعي: يُقَالُ شَهَقت وشَهِقَت عَيْنُ النَّاظِرِ عَلَيْهِ إِذَا أَصابه بِعَيْنٍ؛ وَقَالَ مُزَاحِمٌ الْعُقَيْلِيُّ:
إِذَا شَهِقت عَيْنٌ عَلَيْهِ، عَزَوْتُه ... لِغَيْرِ أَبيه، أَوْ تَسَنَّيْتُ راقِيا(10/191)
أَخبر أَنه إِذَا فَتَحَ إِنْسَانٌ عَيْنَهُ عَلَيْهِ فَخَشِيتُ أَنْ يُصِيبَهُ بِعَيْنِهِ، قُلْتُ: هُوَ هجِين لأَرُدَّ عينَ النَّاظِرِ عَنْهُ وإعجابَه بِهِ. والشَّهْقة: كَالصَّيْحَةِ، يُقَالُ: شَهَقَ فلانٌ وشَهِقَ شَهْقةً فَمَاتَ. والتَّشْهاقُ: الشَّهِيق؛ وَقَالَ حَنْظَلَةُ بْنُ شَرْقيّ وَكُنْيَتُهُ أَبو الطَّمَحان:
بِضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عَنْ سَكِناتِه، ... وطَعْنٍ كتَشْهاق العَفَا [العِفَا] هَمَّ بالنَّهْقِ
وَيُقَالُ: ضَحِكٌ تَشْهاق؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
تَقُولُ خَوْدٌ ذاتُ طَرْفٍ بَرَّاقْ، ... مَزَّاحةٌ تَقْطعُ هَمَّ المُشْتاقْ،
ذاتُ أَقاويلَ وضَحْكٍ تَشْهاقْ، ... هلَّا اشتَرَيْتَ حِنْطةً بالرُّسْتاقْ،
سَمْراءَ مِمَّا دَرَسَ ابنُ مِخْراقْ؟
والشاهِقُ: الْجَبَلُ الْمُرْتَفِعُ. وَجَبَلٌ شاهِقٌ: طَوِيلٌ عالٍ، وَقَدْ شَهَق شُهوقاً. وَكُلُّ مَا رُفِعَ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَطَالَ فَهُوَ شاهِقٌ، وَقَدْ شَهَقَ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: شَهِقَ يَشْهَقُ إِذَا تَنفَّس تنفُّساً، وَمِنْهُ الْجَبَلُ الشاهِقُ. وَجَبَلٌ شاهِقٌ: مُمْتَنِعٌ طُولًا، وَالْجَمْعُ شَوَاهِقُ. وَفِي حَدِيثِ بَدْءِ الْوَحْيِ:
ليتَرَدَّى من رُؤوس الْجِبَالِ
أَيْ شواهِق الْجِبَالِ أي عواليها.
شهرق: الشَّهْرقُ: الْقَصَبَةُ الَّتِي يُدير حَوْلَهَا الحائكُ الغزلَ، كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ قَدِ اسْتَعْمَلَهَا الْعَرَبُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
رأَيتُ فِي جَنْبِ القَتامِ الأَبْرقا، ... كفِلْكةِ الطاوِي أَدارَ الشَّهْرَقا
وَكَذَلِكَ شَهْرقُ الحائِك وَالْخَارِطِ وَالْحَفَّارِ؛ كُلُّهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
شوق: الشَّوْقُ والاشْتياقُ: نِزاعُ النَّفْسِ إِلَى الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ أَشْواقٌ، شاقَ إِلَيْهِ شَوْقاً وتَشَوَّق واشتاقَ اشْتياقاً. والشَّوْقُ: حَرَكَةُ الْهَوَى. والشُّوق: العُشّاق. وَيُقَالُ: شُقْ شُقْ إِذَا أَمرته أَن يُشَوِّقَ إِنْسَانًا إِلَى الْآخِرَةِ. وَيُقَالُ: شاقَني الشيءُ يَشُوقُني، فَهُوَ شائِقٌ وَأَنَا مَشوقٌ؛ وَقَوْلُهُ:
يَا دارَ سَلمى بِدَكادِيك البُرَقْ، ... صَبْراً فَقَدْ هَيَّجْتِ شَوقَ المُشْتَئِقْ
إِنَّمَا أَراد الْمُشْتَاقَ فأَبدل الأَلف هَمْزَةً، قَالَ سِيبَوَيْهِ: هَمَزَ مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ ضَرُورَةً، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: الْقَوْلُ عِنْدِي أَنه اضَطَرَّ إِلَى حَرَكَةِ الأَلف الَّتِي قَبْلَ الْقَافِ مِنَ المُشتاق لأَنها تُقَابِلُ لَامَ مُسْتَفْعِلُنْ، فَلَمَّا حَرَّكَهَا انْقَلَبَتْ هَمْزَةً إِلَّا أَنه اخْتَارَ لَهَا الْكَسْرَ لأَنه أَراد الْكَسْرَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْوَاوِ الَّتِي انْقَلَبَتِ الأَلف عَنْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ مُفْتَعِلن مِنَ الشَّوْق، وَأَصْلُهُ مُشْتَوِق ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، فَلَمَّا احْتَاجَ إِلَى حَرَكَةِ الأَلف حَرَّكَهَا بِمِثْلِ الْكَسْرَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْوَاوِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الأَلف. وشاقَني شَوْقاً وشَوَّقَنى: هَاجَنِي فَتَشوَّقْت إِذَا هَيَّجَ شَوقَك، وَيُقَالُ مِنْهُ: شاقَني حُسْنُها وذِكْرُها يَشُوقني أَيْ هُيِّجَ شَوْقي؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
إِلَى ظُعُنٍ لِلْمَالِكِيَّةِ غُدْوةً، ... فَيَا لَكَ مِنْ مَرْأًى أَشاقَ وأَبعدا
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ وَجَدْنَاهُ شَائِقًا بَعِيدًا. وشاقَ الطُّنُبَ إِلَى الْوَتِدِ شَوْقاً: مدَّه إِلَيْهِ فأَوثقه به. ابن بزرج: شُقْتُ الْقِرْبَةَ أَشُوقُها نَصَبْتُها مُسْنَدة إِلَى الْحَائِطِ، فَهِيَ مَشُوقة. والشِّيقُ والشِّيَاقُ: كالنِّياط انْقَلَبَتِ الْوَاوُ فِيهَا يَاءً لِلْكَسْرَةِ. وَرَجُلٌ أَشْوَقُ: طَوِيلٌ.(10/192)
شيق: الشِّيقُ: شَعَرُ ذَنَبِ الدَّابَّةِ. والشِّيقُ البُرَكُ، وَاحِدَتُهُ شِيقةٌ: طَائِرٌ. والشِّيق: الشَّقُّ فِي الْجَبَلِ، والشِّيق مَا جُذِبَ، والشِّيقُ مَا لَمْ يَزَلْ، والشِّيقُ رأْسُ الأُدافِ، والشِّيقُ شَعْرُ الْفَرَسِ، والشِّيقُ الْجَانِبُ، يُقَالُ: امتلأَ مِنَ الشِّيقِ إِلَى الشِّيقِ. والشِّيقُ سُقْعٌ مستوٍ دَقِيقٌ فِي لِهْب الْجَبَلِ لَا يُسْتَطَاعُ ارْتِقَاؤُهُ وأَنشد:
إحْلِيلُها شَقُّ كشَقِّ الشِّيقِ
وَقِيلَ: هُوَ أَعلى الْجَبَلِ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَبَلُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
تأَبَّط خَافَةً فِيهَا مِسابٌ، ... فأَصبَحَ يَقْتَري مَسَداً بِشِيقِ
أَرَادَ يَقْتَرِي شِيقاً بِمَسَدٍّ فَقَلَبَهُ؛ وَيُقَالُ: هُوَ أَصْعَبُ مَوْضِعٍ فِي الْجَبَلِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
شَغْواءُ تُوطِنُ بَيْنَ الشِّيقِ والنِّيقِ
وَقَوْلُهُ يَقْتَري مَسَداً، أَراد أَنه يَتْبَعُ هَذَا الْحَبْلَ الْمَرْبُوطَ فِي الشِّيق عِنْدَ نُزُولِهِ إِلَى مَوْضِعِ تَعْسِيلِ النَّحْلِ، فَيَكُونُ شِيق فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لمسَدٍ، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُجْعَلَ مَقْلُوبًا. والمِسابُ: سِقَاءُ الْعَسَلِ وأَصله الْهَمْزُ فَخَفَّفَهُ. والشِّيقُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ. والشِّياقُ: مِثْلُ النِّياط. يُقَالُ: شِقْتُ الطُّنُبَ إِلَى الْوَتَدِ مِثْلُ نُطْته؛ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ يَرْثِي أَخَاهُ:
فجئتُ إِلَيْهِ، والرِّماحُ يَشِقْنَه ... كوَقْعِ الصَّياصِي فِي النَّسيجِ المُمَدَّدِ
وَيُرْوَى: تَنُوشُه.
فصل الصاد المهملة
صدق: الصِّدْق: نَقِيضُ الْكَذِبِ، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقاً وصِدْقاً وتَصْداقاً. صَدَّقه: قَبِل قولَه. وصدَقَه الْحَدِيثَ: أَنبأَه بالصِّدْق؛ قَالَ الأَعشى:
فصدَقْتُها وكَذَبْتُها، ... والمَرْءُ يَنْفَعُه كِذابُهْ
وَيُقَالُ: صَدَقْتُ القومَ أَيْ قُلْتُ لَهُمْ صِدْقاً، وَكَذَلِكَ مِنَ الْوَعِيدِ إِذَا أَوقعت بِهِمْ قُلْتَ صَدَقْتُهم. وَمِنْ أَمثالهم: الصِّدقُ ينبئُ عَنْكَ لَا الوَعِيد. وَرَجُلٌ صَدُوقٌ: أَبْلَغُ مِنَ الصَّادِقِ. وَفِي الْمَثَلِ: صَدَقَني سِنَّ بَكْرِه؛ وأَصله أَنَّ رَجُلًا أَراد بَيْعَ بَكْرٍ لَهُ فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: إِنَّهُ جَمَلٌ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ هُوَ بَكْرٌ، فينما هُمَا كَذَلِكَ إِذْ ندَّ الْبَكْرُ فَصَاحَ بِهِ صاحِبُه: هِدَعْ وَهَذِهِ كَلِمَةٌ يسكَّن بِهَا صِغَارُ الإِبل إِذَا نَفَرَتْ، وَقِيلَ: يُسَكَّنُ بِهَا البَكارة خاصَّة، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: صدقَني سِنَّ بَكْرِه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: صَدَقَني سِنَّ بَكْرِه.
؛ وَهُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ لِلصَّادِقِ فِي خَبَرِهِ. والمُصَدِّقُ: الَّذِي يُصَدِّقُك فِي حَدِيثِكَ. وكَلْبٌ تَقْلِبُ الصَّادَ مَعَ الْقَافِ زَايًا، تَقُولُ ازْدُقْني أَيِ اصْدُقْني، وَقَدْ بيَّن سِيبَوَيْهِ هذا الضرب من المضارعة فِي بَابِ الإِدغام. وَقَوْلُهُ تعالى: لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ
؛ تأْويله لِيَسْأَلَ المُبَلِّغين مِنَ الرُّسُلِ عَنْ صِدْقِهم فِي تَبْلِيغِهِمْ، وتأْويل سُؤَالِهِمُ التبكيتُ لِلَّذِينِ كَفَرُوا بِهِمْ لأَن اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ أَنهم صادِقُون. وَرَجُلٌ صِدْقٌ وامرأَة صِدْقٌ: وُصِفا بِالْمَصْدَرِ، وصِدْقٌ صادِقٌ كَقَوْلِهِمْ شِعْرٌ شاعِرٌ، يُرِيدُونَ الْمُبَالَغَةَ والإِشارة. والصِّدِّيقُ، مِثَالُ الفِسِّيق: الدائمُ التَّصْدِيقِ، وَيَكُونُ الَّذِي يُصَدِّقُ قولَه بِالْعَمَلِ؛ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَلَقَدْ أَساء التَّمْثِيلَ بالفِسِّيق فِي هَذَا الْمَكَانِ. والصِّدِّيقُ: المُصَدِّقُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ
أَيْ مُبَالَغَةٌ فِي الصِّدْق والتَّصْدِيقِ عَلَى النَّسَبِ أَيْ ذَاتُ تَصْدِيق. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِي جاءَ(10/193)
بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ. رُوِيَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: الَّذِي جَاءَ بالصِّدْق محمدٌ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي صَدَّقَ بِهِ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، وقيل: جبرئيل وَمُحَمَّدٌ، عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقِيلَ: الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ محمدٌ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصَدَّقَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ. اللَّيْثُ: كُلُّ مَنْ صَدَّقَ بِكُلِّ أَمر اللَّهِ لَا يَتخالَجُه فِي شَيْءٍ مِنْهُ شكٌّ وصَدَّقَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ صِدِّيقٌ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ
. والصِّدِّيقُ: الْمُبَالِغُ فِي الصِّدْق. وَفُلَانٌ لَا يَصْدُق أَثَرُهُ وأَثَرَه كَذِباً أَيْ إِذَا قِيلَ لَهُ مِنْ أَيْنَ جِئْتَ قَالَ فَلَمْ يَصْدُقْ. ورجلٌ صَدْقٌ: نَقِيضُ رَجُلٍ سَوْءٌ، وَكَذَلِكَ ثوبٌ صَدْقٌ وَخِمَارٌ صَدْقٌ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. وَيُقَالُ: رجُلُ صِدْقٍ، مُضَافٌ بِكَسْرِ الصَّادِ، وَمَعْنَاهُ نِعم الرَّجُلُ هُوَ، وامرأَةُ صِدْقٍ كَذَلِكَ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ نَعْتًا قُلْتَ هُوَ الرَّجُلُ الصَّدْقُ، وَهِيَ صَدْقةٌ، وَقَوْمٌ صَدْقون وَنِسَاءٌ صَدْقات؛ وأَنشد:
مَقْذوذة الآذانِ صَدْقات الحَدَقْ
أَيْ نَافِذَاتُ الْحَدَقِ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ فَرَسًا:
وَالْمَرَّايَ الصِّدْقَ يُبْلِي الصَّدَقَا «3»
. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ
؛ قُرِئَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ ونصْبِ الظَّنِّ أَي صَدَقَ عَلَيْهِمْ فِي ظَنِّهِ، وَمَنْ قرأَ:
وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إبليسُ ظنَّه
؛ فَمَعْنَاهُ أَنه حَقَّقَ ظَنَّهُ حِينَ قَالَ: وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ، لأَنه قَالَ ذَلِكَ ظَانًّا فَحَقَّقَهُ فِي الضَّالِّينَ. أَبو الْهَيْثَمِ: صَدَقَني فلانٌ أَيْ قَالَ لِيَ الصِّدْقَ، وكَذَبَني أَيْ قَالَ لِيَ الْكَذِبَ. وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: صَدَقْتُ اللَّهَ حَدِيثًا إِنْ لَمْ أَفعل كَذَا وَكَذَا؛ الْمَعْنَى لَا صَدَقْتُ اللهَ حَدِيثًا إِنْ لَمْ أَفعل كَذَا وَكَذَا. والصَّداقةُ والمُصادَقةُ: المُخالّة. وصَدَقَه النصيحةَ والإِخاء: أَمْحَضه لَهُ. وصادَقْتُه مُصادَقةً وصِداقاً: خالَلْتُه، وَالِاسْمُ الصَّداقة. وتصادَقا فِي الْحَدِيثِ وَفِي الْمَوَدَّةِ، والصَّداقةُ مَصْدَرُ الصَّدِيق، واشتقاقُه أَنه صَدَقَه المودَّة والنصيحةَ. والصَّدِيقُ: المُصادِقُ لَكَ، وَالْجَمْعَ صُدَقاء وصُدْقانٌ وأَصْدِقاء وأَصادِقُ؛ قَالَ عُمَارَةُ بْنُ طَارِقٍ:
فاعْجَلْ بِغَرْبٍ مِثْلَ غَرْبِ طارِقِ، ... يُبْذَلُ للجيرانِ والأَصادِقِ
وَقَالَ جَرِيرٌ:
وأَنْكَرْتَ الأَصادِقَ وَالْبِلَادَا
وَقَدْ يَكُونُ الصَّدِيقُ جَمْعًا وَفِي التَّنْزِيلِ: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ
؛ أَلَا تَرَاهُ عَطَفَهُ عَلَى الْجَمْعِ؟ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
دعْها فَمَا النَّحْويُّ مِنْ صَدِيِقها
والأُنثى صَدِيقٌ أَيضاً؛ قَالَ جَمِيلٌ:
كأنْ لَمْ نُقاتِلْ يَا بُثَيْنُ لَوَ انَّها ... تُكَشَّفُ غُمَّاها، وأنتِ صَديق
وَقَالَ كُثَيّر فِيهِ:
لَياليَ مِنْ عَيْشٍ لَهَوْنا بِوَجْهِه ... زَماناً، وسُعْدى لِي صَدِيقٌ مُواصِلُ
وَقَالَ آخَرُ:
فَلَوْ أَنَّكِ فِي يَوْمِ الرَّخاء سَأَلْتِني ... فِراقَكِ، لَمْ أَبْخَلْ، وأنتِ صَدِيقُ
وَقَالَ آخَرُ في جمع المذكر:
__________
(3) . قوله [المراي الصدق إلخ] هكذا في الأَصل، وفي نسخة المؤلف من شرح القاموس: والمري إلخ(10/194)
لعَمْري لَئِنْ كُنْتْم عَلَى النَّأْيِ والنَّوى ... بِكُم مِثْلُ مَا بِي، إِنّكم لَصَدِيقُ
وَقِيلَ صَدِيقةٌ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ والأَصمعي لَقَعْنَب بْنِ أُمّ صَاحِبٍ:
مَا بالُ قَوْمٍ صَدِيقٍ ثمَّ لَيْسَ لَهُمْ ... دِينٌ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَقْلٌ إِذا ائْتُمِنوا؟
وَيُقَالُ: فُلَانٌ صُدَيِّقِي أَي أَخَصُّ أَصْدِقائي وإِنما يُصَغَّرُ عَلَى جِهَةِ الْمَدْحِ كَقَوْلٍ حُبَابِ بْنُ الْمُنْذِرِ: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب؛ وَقَدْ يُقَالُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ والمؤنث صَدِيقٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
نَصَبْنَ الهَوى ثُمَّ ارْتَمَيْنَ قُلوبَنا ... بأَعْيُنِ أَعْداءٍ، وهُنَّ صَدِيقُ
أَوانِس، أَمّا مَنْ أَرَدْنَ عناءَه ... فعانٍ، ومَنْ أَطْلَقْنه فطَلِيقُ
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ فِي مِثْلِهِ:
ويَهْجُرْنَ أَقْواماً، وهُنَّ صَدِيقُ
والصَّدْقُ: الثَّبْتُ اللِّقَاءِ، وَالْجَمْعُ صُدْق، وَقَدْ صَدَقَ اللقاءَ صَدْقاً؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
صلَّى الإِلهُ عَلَى ابنِ عَمْروٍ إِنِّه ... صَدَقَ اللِّقاءَ، وصَدْقُ ذَلِكَ أَوفقُ
وَرَجُلٌ صَدْقُ اللِّقَاءِ وصَدْقُ النَّظَرِ وَقَوْمٌ صُدْقٌ، بِالضَّمِّ: مِثْلَ فَرَسٌ وَرْدٌ وأَفراس وُرْدٌ وجَوْن وجُون. وصَدَقُوهم القِتالَ: أَقدموا عَلَيْهِمْ، عادَلُوا بِهَا ضِدَّها حِينَ قَالُوا كَذَبَ عَنْهُ إِذا أَحجم، وحَمْلةٌ صادِقةٌ كَمَا قَالُوا لَيْسَتْ لَهَا مَكْذُوبَةٌ؛ فأَما قَوْلُهُ:
يَزِيد زادَ اللَّهُ فِي حَيَاتِهِ، ... حامِي نزارٍ عِنْدَ مَزْدُوقاتِه
فإِنه أَراد مَصْدُوقاتِهِ فَقَلْبُ الصَّادِ زَايًا لِضَرْبٍ مِنَ الْمُضَارَعَةِ. وصَدَقَ الوَحْشِي إِذا حَمَلْتَ عَلَيْهِ فَعَدَا وَلَمْ يَلْتَفِتْ. وَهَذَا مِصْداقُ هَذَا أَي مَا يُصَدِّقُه. وَرَجُلٌ ذُو مَصْدَقٍ، بِالْفَتْحِ، أَي صادقُ الحَمْلةِ، يُقَالُ ذلك للشجاع والفرسِ الجَوادِ، وصادِقُ الجَرْي: كأَنه ذُو صِدْقٍ فِيمَا يَعِدُكَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ خُفَافُ بْنُ نُدْبَةَ:
إِذا مَا استْحَمَّتْ أَرْضُه مِنْ سَمائِهِ ... جَرى، وَهُوَ مَوْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَقِ
يَقُولُ: إِذا ابتلَّت حَوَافِرُهُ مِنْ عَرق أَعاليه جَرَى وَهُوَ مَتْرُوكٌ لَا يُضرب وَلَا يُزْجَرُ وَيُصَدِّقُكَ فِيمَا يَعِدُكَ الْبُلُوغَ إِلَى الْغَايَةِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
نَماه مِنَ الحَيَّيْنِ قرْدٌ ومازنٌ ... لُيوثٌ، غداةَ البَأْس، بيضٌ مَصادِقُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ صَدْق عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كمَلامح ومَشابِه، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي ذو مَصادِق فَحُذِفَ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ فِي الرأْي. والمَصْدَق أَيضاً: الجِدُّ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ دُرَيْدٍ:
وتُخْرِجُ مِنْهُ ضَرَّةُ القومِ مَصْدَقاً، ... وطُولُ السُّرى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
وَيُرْوَى ذَرِّيّ. والمَصْدَق: الصَّلَابَةُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. ومِصْداق الأَمر: حقيقتُه. والصَّدْق، بِالْفَتْحِ: الصُّلْبُ مِنَ الرِّمَاحِ وَغَيْرِهَا.(10/195)
وَرُمْحٌ صَدْقٌ: مستوٍ، وَكَذَلِكَ سَيْفٌ صَدْق؛ قَالَ أَبو قَيْسِ بْنِ الأَسلت السُّلَمِيِّ:
صَدْقٍ حُسامٍ وادقٍ حَدُّه، ... ومُحْنإٍ أَسْمَرَ قرَّاعِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَظَنَّ أَبو عُبَيْدٍ الصَّدْقَ فِي هَذَا الْبَيْتِ الرمحَ فَغَلِطَ؛ وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه أَنشده لِكَعْبٍ:
وَفِي الحِلْم إِدْهانٌ، وَفِي العَفُو دُرْسةٌ، ... وَفِي الصِّدْق مَنْجاةٌ مِنَ الشرِّ، فاصْدُقِ
قَالَ: الصِّدْقُ هاهنا الشَّجَاعَةُ وَالصَّلَابَةُ؛ يَقُولُ: إِذا صَلُبْت وصَدَقْت انْهَزَمَ عَنْكَ مَنْ تَصْدُقه، وإِن ضَعُفْتَ قَوي عَلَيْكَ وَاسْتَمَكْنَ مِنْكَ؛ رَوَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ دُرُسْتَوَيْهِ قَالَ: لَيْسَ الصِّدق مِنَ الصَّلَابَةِ فِي شَيْءٍ، وَلَكِنْ أَهل اللُّغَةِ أَخذوه مِنْ قَوْلِ النَّابِغَةِ:
فِي حالِك اللَّوْن صَدْق غَيْرُ ذِي أَوَد
قَالَ: وإِنما الصَّدْقُ الْجَامِعُ للأَوصاف الْمَحْمُودَةِ، وَالرُّمْحُ يُوصَفُ بِالطُّولِ وَاللِّينِ وَالصَّلَابَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَالَ الْخَلِيلُ: الصَّدْقُ الْكَامِلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. يُقَالُ: رَجُلٌ صَدْقٌ وامرأَة صَدْقة؛ قَالَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ؛ وإِنما هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ رَجُلٌ صَدْقٌ وامرأَة صَدْقٌ، فالصَّدْق مِنَ الصِّدْق بِعَيْنِهِ، وَالْمَعْنَى أَنه يَصْدُق فِي وَصْفِهِ مِنْ صَلَابَةٍ وَقُوَّةٍ وَجَوْدَةٍ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ الصَّدْق الصُّلْبَ لَقِيلَ حَجَرٌ صَدْقٌ وَحَدِيدٌ صَدْق، قَالَ: وَذَلِكَ لَا يُقَالُ. وصَدَقاتُ الأَنعامِ: أَحدُ أَثمان فَرَائِضِهَا الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكِتَابِ. والصَّدَقة: مَا تصَدَّقْت بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ. والصَّدَقة: مَا أَعطيته فِي ذَاتِ اللَّهِ لِلْفُقَرَاءِ. والمُتَصَدِّق: الَّذِي يُعْطِي الصِّدَقَةَ. والصَّدَقة: مَا تصَدَّقْت بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَقَدْ تَصَدَّق عَلَيْهِ، وَفِي التَّنْزِيلِ: وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا
، وَقِيلَ: معنى تَصَدَّقْ
هاهنا تفَضَّلْ بِمَا بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ كأَنهم يَقُولُونَ اسْمَحْ لَنَا قبولَ هَذِهِ الْبِضَاعَةِ عَلَى رَدَاءَتِهَا أَو قلَّتها لأَن ثعلب فَسَرَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا
، فَقَالَ: مُزْجاةٍ فِيهَا إِغْمَاضٌ وَلَمْ يَتِمَّ صلاحُها، وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا
قَالَ: فَصِّل مَا بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ. وصَدَّق عَلَيْهِ: كتَصَدَّق، أَراه فَعَّل فِي مَعْنَى تَفَعَّل. والمُصَدِّق: الْقَابِلُ للصَّدقة، وَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ يسأَل وَلَا تَقُلْ بِرَجُلٍ يَتَصَدَّق، وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ، إِنما المُتَصَدِّق الَّذِي يُعْطِي الصَّدَقة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ
، بِتَشْدِيدِ الصَّادِ، أَصله المُتَصَدِّقِين فَقُلِبَتِ التَّاءُ صَادًا فأُدغمت فِي مِثْلِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ ابْنُ الأَنباري أَنه جَاءَ تَصَدَّق بِمَعْنَى سأَل؛ وأَنشد:
ولَوَ انَّهم رُزِقُوا عَلَى أَقْدارِهِم، ... لَلَقِيتَ أَكثَر مَنْ تَرى يَتَصَدَّقُ
وَفِي الْحَدِيثِ
لَمَّا قَرَأَ: وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ، قَالَ: تصَدَّق رَجُلٌ مِنْ دينارِه وَمِنْ دِرْهمِه وَمِنْ ثَوْبِهِ
أَي لِيَتَصَدَّقْ، لَفْظُهُ الْخَبَرُ وَمَعْنَاهُ الأَمر كَقَوْلِهِمْ أَنجز حُرٌّ مَا وَعَدَ أَي ليُنْجِزْ. والمُصَدِّقُ: الَّذِي يأْخذ الحُقوقَ مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ. يُقَالُ: لَا تَشْتَرِي الصدَقَةُ حَتَّى يَعْقِلَها المُصَدِّقُ أَي يَقْبِضُهَا، وَالْمُعْطِي مُتَصَدِّق وَالسَّائِلُ مُتَصَدِّق هُمَا سَوَاءٌ؛ قَالَ الأَزهري: وحُذَّاق النَّحْوِيِّينَ يُنْكِرُونَ أَن يُقَالَ لِلسَّائِلِ مُتَصَدِّق وَلَا يُجِيزُونَهُ؛ قَالَ ذَلِكَ الْفَرَّاءُ والأَصمعي وَغَيْرُهُمَا. والمُتصَدِّق: الْمُعْطِي؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي(10/196)
الْمُتَصَدِّقِينَ، وَيُقَالُ لِلَّذِي يَقْبِضُ الصَّدَقات وَيَجْمَعُهَا لأَهل السُّهْمان مُصَدِّق، بِتَخْفِيفِ الصَّادِ، وَكَذَلِكَ الَّذِي يَنْسُبُ المُحدِّث إِلى الصِّدْق مُصَدِّق، بِالتَّخْفِيفِ قَالَ الله تعالى: أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ
، الصَّادُ خَفِيفَةٌ وَالدَّالُ شَدِيدَةٌ، وَهُوَ مِنْ تَصْديِقِك صاحِبَك إِذا حدَّثك؛ وأَما المُصَّدِّق، بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَالدَّالِ، فَهُوَ المُتَصَدِّق أُدغمت التَّاءُ فِي الصَّادِ فَشُدِّدَتْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ
أَيِ المُتَصَدِّقين والمُتَصَدِّقاتِ وَهُمُ الَّذِينَ يُعْطون الصَّدَقات. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
لَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقةِ هَرِمةٌ وَلَا تَيْسٌ إِلَّا أَن يشاءَ المُصَدَّقُ
؛ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ بِفَتْحِ الدَّالِ وَالتَّشْدِيدِ، يُرِيد صاحبَ الْمَاشِيَةِ الَّذِي أُخذت صَدقةُ مَالِهِ، وخالَفه عَامَّةُ الرُّواة فَقَالُوا بِكَسْرِ الدَّالِ، وَهُوَ عَامِلُ الزَّكَاةِ الَّذِي يَسْتَوْفِيهَا مِنْ أَربابها، صَدَّقَهم يُصَدِّقُهم، فَهُوَ مُصَدِّقٌ؛ وَقَالَ أَبو مُوسَى: الرِّوَايَةُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَالدَّالِ مَعًا وَكَسْرِ الدَّالِ، وَهُوَ صَاحِبُ الْمَالِ، وأَصله المُتَصَدِّق فأُدغمت التَّاءُ فِي الصَّادِ، والاستثناءُ مِنَ التَّيْسِ خَاصَّةً، فإِنَّ الهَرِمة وَذَاتَ العُوَّار لا يجوز أَخذها فِي الصَّدَقَةِ إِلَّا أَن يَكُونَ الْمَالُ كُلُّهُ كَذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَهَذَا إِنما يَتَّجِهُ إِذا كَانَ الْغَرَضُ مِنَ الْحَدِيثِ النَّهْيَ عَنْ أَخذ التَّيْسِ لأَنه فَحْلُ المَعَز، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ أَخذ الْفَحْلِ فِي الصَّدَقَةِ لأَنه مُضِرٌّ برَبِّ الْمَالِ لأَنه يَعِزُّ عَلَيْهِ إِلَّا أَن يَسْمَحَ بِهِ فيؤْخذ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالَّذِي شَرَحَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ أَن المُصَدِّق، بِتَخْفِيفِ الصَّادِ، العاملُ وأَنه وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ فِي الْقَبْضِ فَلَهُ أَن يَتَصَرَّفَ لَهُمْ بِمَا يَرَاهُ مِمَّا يؤَدِّي إِليه اجْتِهَادُهُ. والصَّدَقةُ والصَّدُقةُ والصُّدُقةُ والصُّدْقةُ، بِالضَّمِّ وَتَسْكِينِ الدَّالِ، والصَّدْقةُ والصَّداقُ والصِّداقُ: مَهْرُ المرأَة، وَجَمْعُهَا فِي أَدنى الْعَدَدِ أَصْدِقةٌ، وَالْكَثِيرِ صُدُقٌ، وَهَذَانَ البناءَان إِنما هُمَا عَلَى الْغَالِبِ. وَقَدْ أَصْدَق المرأَةَ حِينَ تزوَّجها أَي جَعَلَ لَهَا صَداقاً، وَقِيلَ: أَصْدَقَها سمَّى لَهَا صَداقاً. أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً
؛ الصَّدُقات جَمْعُ الصَّدُقةِ، وَمَنْ قَالَ صُدْقة قَالَ صُدْقاتِهنَّ، قَالَ: وَلَا يقرأُ مِنْ هَذِهِ اللُّغَاتِ بِشَيْءٍ لأَن القراءَة سنَّة. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تُغالُوا فِي الصَّدُقاتِ
؛ هِيَ جَمْعُ صَدُقة وَهُوَ مَهْرُ المرأَة؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا تُغالُوا فِي صُدُق النِّسَاءِ
، جَمْعُ صَداقٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَلَيْسَ عِنْدَ أَبَوَيْنا مَا يُصْدِقانِ عَنَّا
أَي يُؤدِّيانِ إِلى أَزواجنا الصَّداقَ. والصَّيْدَقُ، عَلَى مِثَالِ صَيْرف: النجمُ الصَّغِيرُ اللَّاصِقُ بالوُسْطَى مِنْ بَنَاتِ نَعْشٍ الْكُبْرَى؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقَالَ شَمِرٌ: الصَّيْدقُ الأَمِينُ؛ وأَنشد قَوْلَ أُمية:
فِيهَا النجومُ تُطِيعُ غَيْرَ مُراحةٍ، ... مَا قَالَ صَيْدَقُها الأَمِينُ الأَرْشَدُ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الصَّيْدَقُ الْقُطْبُ، وَقِيلَ المَلِك، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هِيَ الصُّنْدوق والجمع الصَّنادِيق.
صرق: الصَّريقةُ: الرُّقاقةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْمَعْرُوفُ الصَّلِيقة، وَيُجْمَعُ عَلَى صَرائِقَ وصُرُق وصُرُوق وصَرِيق؛ عَنِ الْفَرَّاءِ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ بِاللَّامِ وَهُوَ بِالرَّاءِ. وَرُوِيَ حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ شِئتُ لَدَعَوْت بِصَرائِقَ وصِنابٍ
، والأَعْرف
بِصَلائِقَ
؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه كان يأْكل يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَن يَخْرُجَ إِلى المُصَلَّى مِنْ طَرَفِ الصَّريقة وَيَقُولُ: إِنه سُنّةٌ.
وَرَوَى
الْخَطَّابِيُّ فِي غَرِيبِهِ عَنْ عَطَاءٍ كَانَ يَقُولُ: لَا أَغْدُو حَتَّى آكُلَ مِنْ طَرَفِ الصَّرِيفةِ
، وَقَالَ: هَكَذَا رُوِيَ بِالْفَاءِ وَهُوَ بِالْقَافِ؛ قَالَ الأَزهري:(10/197)
وَعَوَامُّ النَّاسِ يَقُولُونَ الصَّلائِقَ للرِّقاق، قَالَ: وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كلُّ شَيْءٍ رَقِيقٍ فَهُوَ صَرَقٌ. وسَرَقُ الْحَرِيرِ: جَيّدُه. ابْنُ شُمَيْلٍ: وصرَقُ الْحَرِيرِ، بالصاد.
صعق: صَعِقَ الإِنسان صَعْقاً وصَعَقاً، فَهُوَ صَعِقٌ: غُشِيَ عَلَيْهِ وَذَهَبَ عَقْلُهُ مِنْ صَوْتٍ يَسْمَعُهُ كالهَدَّة الشَّدِيدَةِ. وصَعِقَ صَعَقاً وصَعْقاً وصَعْقةً وتَصْعاقاً، فَهُوَ صَعِقٌ: ماتَ، قَالَ مُقَاتِلٌ فِي قَوْلِهِ أَصابته صاعِقةٌ: الصاعِقةُ الْمَوْتُ، وَقَالَ آخَرُونَ: كلُّ عَذَابٍ مُهْلِك، وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ: صاعِقة وصَعْقة وصاقِعة؛ وَقِيلَ: الصاعِقةُ الْعَذَابُ، والصَّعْقة الغَشْية، والصَّعْقُ مِثْلُ الْغِشْيِ يأْخذ الإِنسان مِنَ الحرِّ وَغَيْرِهِ، ومثلُ الصاعِقة الصوتُ الشَّدِيدُ مِنَ الرِّعْدَةِ يُسْقَطُ مَعَهَا قطْعةُ نارٍ، وَيُقَالُ إِنها المِخْراقُ الَّذِي بِيَدِ المَلَك لَا يأْتي عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلا أَحْرَقَه. وَيُقَالُ: أَصْعَقَتْه الصَّاعِقَةُ تُصْعِقُه إِذا أَصابته، وَهِيَ الصَّواعِقُ والصَّواقِعُ. وَيُقَالُ للبَرْق إِذا أَحرق إِنساناً: أَصابته صاعِقةٌ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ يَذْكُرُ أَخاه أَرْبَد:
فَجَعَني الرَّعْدُ والصَّواعِقُ بالفارِس، ... يَوْمَ الكَريهةِ، النَّجِدِ
أَبو زَيْدٍ: الصاعِقةُ نَارٌ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ فِي رَعْدٍ شَدِيدٍ، والصاعِقةُ صَيْحةُ الْعَذَابِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّعْقةُ الصَّوْتُ الَّذِي يَكُونُ عَنِ الصاعقةِ، وَبِهِ قرأَ
الْكِسَائِيُّ: فأَخذتهم الصَّعْقة
؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لاحَ سَحابٌ فرأَينا برقَه، ... ثُمَّ تدلَّى فَسَمِعْنَا صَعْقَه
وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ وذكَر السحابَ: فإِذا زَجَرَ رَعَدَتْ وإِذا رَعَدَتْ صَعَقَتْ
أَي أَصابت بصاعِقةٍ. والصَّاعِقةُ: النَّارُ الَّتِي يُرْسِلُهَا اللَّهُ مَعَ الرَّعْدِ الشَّدِيدِ. يُقَالُ: صَعِق الرجلُ وصُعِق. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: يُنْتَظرُ بالمَصْعوقِ ثَلاثاً مَا لَمْ يَخَافُوا عَلَيْهِ نَتْناً
؛ هُوَ المغْشِيّ عَلَيْهِ أَو الَّذِي يَمُوتُ فجأَة لَا يعجَّل دَفْنُهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ
قَالَ أَبو إِسحق الصاعِقةُ مَا يَصْعَقون مِنْهُ أَي يَمُوتُونَ؛ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ ذِكْرُ الْبَعْثِ بَعْدَ مَوْتٍ وَقَعَ فِي الدُّنْيَا مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ؛ فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً
، فإِنما هُوَ غَشْيٌ لَا مَوْتٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا أَفاقَ، وَلَمْ يَقُلْ فَلَمَّا نُشِرَ، ونَصَب صَعِقاً
عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: إِنه خَرَّ مَيّتاً، وَقَوْلُهُ فَلَمَّا أَفاقَ دَلِيلٌ عَلَى الغَشْي لأَنه يُقَالُ لِلَّذِي غُشِيَ عَلَيْهِ، وَالَّذِي يَذْهَبُ عَقْلُهُ: قَدْ أَفاق. وَقَالَ تَعَالَى فِي الَّذِينَ مَاتُوا: ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ. والصاعِقةُ والصَّعْقةُ: الصيحةُ يُغْشَى مِنْهَا عَلَى مَنْ يَسْمَعُهَا أَو يَمُوتُ. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ
؛ يَعْنِي أَصوات الرَّعْدِ وَيُقَالُ لَهَا الصَّواقِعُ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِذا مُوسَى باطِشٌ بالعَرْش فَلَا أَدري أَجُوزِيَ بالصَّعْقةِ أَم لَا
؛ الصَّعْقُ: أَن يُغشى عَلَى الإِنسان مِنْ صَوْتٍ شَدِيدٍ يَسْمَعُهُ وَرُبَّمَا مَاتَ مِنْهُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْمَوْتِ كَثِيرًا، والصَّعْقة المرَّة الْوَاحِدَةُ منه؛ وأَما قوله: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ
، فَقَالَ ثَعْلَبٌ: يَكُونُ الموتَ وَيَكُونُ ذهابَ الْعَقْلِ، والصَّعْقُ يَكُونُ مَوْتًا وغَشْياً. وأَصْعَقَه: قتَله؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
ترَى النُّعَراتِ الخُضْرَ، تَحْتَ لبَانِه، ... فُرادَى ومَثْنى أَصْعَقَتْها صَواهِلُهْ
أَي قتَلَتها. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا(10/198)
يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ، وَقُرِئَتْ:
يُصْعَقُون
، أَي فَذَرْهُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّورِ فيَصْعَق الخلقُ أَي يَمُوتُونَ. والصَّعِقُ: الشديدُ الصَّوْتِ بَيِّنُ الصَّعَقِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا تَتَلَّاهنَّ صَلْصالُ الصَّعَقْ
قَالَ الأَزهري: أَراد الصَّعْقَ فَثَقَّلَهُ وَهُوَ شَدَّةُ نَهِيقِهِ وَصَوْتِهِ. وصَعَقَ الثَّوْرُ يَصْعَقُ صُعاقاً: خَارَ خُواراً شَدِيدًا. والصّاعِقةُ: العذابُ، وَقِيلَ: قِطْعَةٌ مِنْ نَارٍ تَسْقُطُ بإِثْرِ الرَّعْدِ لَا تأْتي عَلَى شَيْءٍ إِلا أَحرقته. وصَعِقَ الرجلُ، فَهُوَ صَعِقٌ، وصُعِق: أَصابته صاعِقةٌ قَالَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ: الإِنسانُ يَكْرَه صوتَ الصاعِقة وإِن كَانَ عَلَى ثِقَةٍ من السلام مِنَ الإِحراق، قَالَ: وَالَّذِي نشاهِد الْيَوْمَ الأَمْرَ عَلَيْهِ أَنه مَتَى قَرُب مِنَ الإِنسان قتَلَه؛ قَالَ: وَلَعَلَّ ذَلِكَ إِنما هُوَ لأَنّ الشَّيْءَ إِذا اشتدَّ صَدْمُه فَسَخَ القُوّة، أَو لَعَلَّ الْهَوَاءَ الَّذِي فِي الإِنسان والمحيطَ بِهِ أَنه يَحْمَى وَيَسْتَحِيلُ نَارًا قَدْ شَارَكَ ذَلِكَ الصَّوْتَ مِنَ النَّارِ، قَالَ: وَهُمْ لَا يَجِدُونَ الصَّوْتَ شَدِيدًا جَيِّدًا إِلا مَا خَالَطَ مِنْهُ النَّارَ. وصَعَقَتهم السماءُ وأَصْعَقَتْهم أَلْقَتْ عَلَيْهِمْ صاعِقةً. والصَّعِقُ الكِلابيّ: أَحدُ فُرْسان الْعَرَبِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه أَصابته صاعِقةٌ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن بَنِي تَمِيمٍ ضَرَبُوهُ عَلَى رأْسه فأَمُّوه، فَكَانَ إِذا سَمِعَ الصوتَ الشَّدِيدَ صَعِقَ فَذَهَبَ عَقْلُهُ؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ السِّيرَافِيُّ: كَانَ يُطْعِمُ النَّاسَ فِي الْجَدْبِ بِتِهَامَةَ فهبّت الريحُ فهالَ الترابَ فِي قصاعِه، فسَبَّ الرِّيحَ فأَصابته صاعِقةٌ فَقَتَلَتْهُ، وَاسْمُهُ خُوَيْلِد؛ وَفِيهِ يَقُولُ الْقَائِلُ:
بِأَنَّ خُوَيْلِداً، فابْكِي عَلَيْهِ، ... قَتِيلُ الرَّيحِ فِي البَلَد التِّهامِي
قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالُوا فُلَانُ ابْنُ الصَّعِق، والصَّعِقُ صِفَةٌ تَقَعُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَصابه الصَّعقِ، وَلَكِنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ بِمَنْزِلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عِلْمًا كَالنَّجْمِ، وَالنَّسَبُ إِليه صَعَقِيّ عَلَى الْقِيَاسِ، وصِعَقِيٌّ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ لأَنهم يَقُولُونَ فِيهِ قَبْلَ الإِضافة صِعِق، عَلَى مَا يطَّرد فِي هَذَا النَّحْوِ مِمَّا ثَانِيهِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ فِي الِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَالصِّفَةِ فِي لُغَةِ قَوْمٍ. وصَعِقَت الرَّكِيَّةُ صَعَقاً: انْقاضَتْ فانهارَتْ. وصُواعق: مَوْضِعٌ. والصَّعِقُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ تَمِيمُ بْنُ العَمَرّد وَكَانَ العَمَرّد طعَن يزيدَ بْنَ الصَّعِقِ فأَعْرَجَه:
أَبي الَّذِي أَخْنَبَ رجْلَ ابنِ الصَّعِقْ، ... إِذْ كَانَتِ الخيلُ كعِلْباء العُنُقْ
وَيُرْوَى لِابْنِ أَحمر، وَمَعْنَى أَخنب رجله: أَوهَنها.
صعفق: الصَّعْفَقةُ: ضَآلةُ الْجِسْمِ. والصَّعافِقةُ: قَوْمٌ يَشْهَدُونَ السُّوقَ وليست عندهم رؤُوس أَموال وَلَا نَقْدَ عِنْدَهُمْ، فإِذا اشْتَرَى التُّجَّارُ شَيْئًا دَخَلُوا مَعَهُمْ فِيهِ، وَاحِدُهُمْ صَعْفَقٌ وصَعْفَقِيّ وصَعْفُوق، وَهُوَ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ رأْس مَالٍ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: مَا جَاءَكَ عَنْ أَصحاب مُحَمَّدٍ فخُذْه ودَعْ مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الصَّعافِقةُ
؛ أَراد أَن هَؤُلَاءِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ فِقْهٌ وَلَا عِلْمٌ بِمَنْزِلَةِ أُولئك التُّجَّارِ الذين ليس لهم رؤوس أَموال؛ وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرُ:
أَنه سُئِلَ عَنِ رَجُلٍ أَفطر يَوْمًا مِنْ رمضانَ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِيهِ الصَّعافِقةُ؟
الأَزهري: وَقَالَ أَعرابي مَا هَؤُلَاءِ الصَّعافِقة حوْلَك؟ وَيُقَالُ: هُمْ بِالْحِجَازِ مَسْكَنُهُمْ. والصَّعْفُوق: اللئيمُ مِنَ الرِّجَالِ، والصَّعافِقةُ: رُذالةُ النَّاسِ. والصَّعافِقةُ: قومٌ كَانَ آبَاؤُهُمْ عَبيداً فاسْتَعْرَبُوا، وَقِيلَ: هُمْ قَوْمٌ بِالْيَمَامَةِ مِنْ بَقَايَا الأُمَم(10/199)
الْخَالِيَةِ ضَلَّتْ أَنسابهم، وَاحِدُهُمْ صَعْفَقِيّ، وَقِيلَ: هُمْ خَوَلٌ هُنَاكَ، وَيُقَالُ لَهُمْ بَنُو صَعْفوق وَآلُ صَعْفوق؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْ آلِ صَعْفُوق وأَتْباعٍ أُخَرْ، ... مِنْ طامِعِين لَا يَنالون الغَمَرْ «4»
. وَقِيلَ: إِنه أَعجمي لَا يَنْصَرِفُ لِلْعُجْمَةِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَلَمْ يَجِئْ عَلَى فَعْلول شيءٌ غَيْرَهُ، وأَما الخَرْنوب فإِن الْفُصَحَاءَ يَضُمُّونَهُ وَيُشَدِّدُونَهُ مَعَ حَذْفِ النُّونِ وإِنما يَفْتَحُهُ الْعَامَّةُ؛ وَقَالَ الأَزهري: كَلُّ مَا جَاءَ عَلَى فُعْلول فَهُوَ مَضْمُومُ الأَول مِثْلَ زُنْبور وبُهْلول وعُمْروس وَمَا أَشبه ذَلِكَ، إِلا حَرْفًا جَاءَ نَادِرًا وَهُوَ بَنُو صَعْفوق لِخوَلٍ بِالْيَمَامَةِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ صُعْفوق، بِالضَّمِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رأَيت بِخَطِّ أَبي سَهْلٍ الْهَرَوِيِّ عَلَى حَاشِيَةِ كِتَابٍ: جَاءَ عَلَى فَعْلول صَعْفوق وصَعْقول لِضَرْبٍ مِنَ الكمأَة وبَعْكُوكة الْوَادِي لِجَانِبِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَما بَعْكُوكَةُ الْوَادِي وَبَعْكُوكَةُ الشَّرِّ فَذَكَرَهَا السِّيرَافِيُّ وَغَيْرُهُ بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ، أَعني بِضَمِّ الْبَاءِ، وأَما الصَّعْقُولُ لِضَرْبٍ مِنَ الكمأَة فَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، وَلَوْ كَانَ مَعْرُوفًا لَذَكَرَهُ أَبو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ النَّبَاتِ وأَظنه نَبَطِيًّا أَو أَعجميّاً. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّعَافِقَةُ «5» . جَمْعُ صَعْفَقِيّ وصَعافيق؛ قال أَبو النَّجْمِ:
يومَ قَدرْنا، والعزيزُ مَنْ قَدَر، ... وآبَتِ الخيلُ وقَضَّيْنَ الوَطَرْ
مِنَ الصَّعافيقِ، وأَدْرَكْنا المِئَرْ
أَراد بِالصَّعَافِيقِ أَنهم ضُعَفَاءُ لَيْسَتْ لَهُمْ شَجَاعَةٌ وَلَا سِلَاحٌ وقوة على قتالنا.
صفق: الصَّفْق: الضَّرْبُ الَّذِي يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ، وَكَذَلِكَ التَّصْفِيقُ. وَيُقَالُ: صَفَّقَ بِيَدَيْهِ وصفَّح سَوَاءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
التسبيحُ لِلرِّجَالِ والتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ
؛ الْمَعْنَى إِذا نَابَ الْمُصَلِّي شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فأَراد تَنْبِيهَ مَنْ بِحِذَائِهِ صَفَّقَت المرأَة بِيَدَيْهَا وسبَّح الرَّجُلُ بِلِسَانِهِ. وصفَقَ رأْسَه يَصفِقه صفْقاً: ضَرَبَهُ، وصَفَقَ عَيْنَهُ كَذَلِكَ أَي ردَّها وغمَّضها. وصفَقه بِالسَّيْفِ إِذا ضَرَبَهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنها بَصْرِية صَوَافِقُ
واصْطَفَقَ القومُ: اضْطَرَبُوا. وتصافَقُوا: تَبَايَعُوا. وصَفَقَ يَده بِالْبَيْعَةِ وَالْبَيْعِ وَعَلَى يَدِهِ صَفْقاً: ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى يَدِهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ وُجُوبِ الْبَيْعِ، وَالِاسْمُ مِنْهَا الصَّفْقُ والصِّفِقَّى؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ اسْماً؛ قَالَ السِّيرَافِيُّ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ صَفْقِ الكفِّ عَلَى الأُخرى، وَهُوَ التَّصْفاقُ يَذْهَبُ بِهِ إِلى التَّكْثِيرِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هَذَا بَابُ مَا يَكْثُرُ فِيهِ الْمَصْدَرُ مِنْ فَعَلْت فتُلْحِق الزَّوَائِدَ وتَبْنيه بِنَاءً آخَرَ، كَمَا أَنك قُلْتَ فِي فَعَلت فَعَّلت حِينَ كثَّرت الْفِعْلَ ثُمَّ ذَكَرْتَ الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى التَّفْعال كالتَّصْفاقِ وأَخواتها، قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ مَصْدَرُ فَعَلْت وَلَكِنْ لَمَّا أَردت التَّكْثِيرَ بَنَيْتَ الْمَصْدَرَ عَلَى هَذَا كَمَا بَنَيْتَ فَعَلت عَلَى فَعَّلت، وتَصافَقَ القومُ عِنْدَ البَيعة. وَيُقَالُ: رَبِحَت صَفْقَتُك، للشِّراء، وصَفْقةٌ رابحةٌ وصَفْقةٌ خاسِرةٌ. وصَفَقْت لَهُ بِالْبَيْعِ وَالْبَيْعَةِ صَفْقاً أَي ضَرَبْتُ يَدِي عَلَى يَدِهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: صَفْقَتانِ فِي صَفْقةٍ رِباً
؛ أَراد بَيْعتانِ فِي بَيْعَةٍ، وَهُوَ مِثْلُ حَدِيثِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَن تَشْتَرِيَ مِنِّي هذا
__________
(4) . قوله [مِنْ طَامِعِينَ لَا يَنَالُونَ] هكذا فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ، وفي بعضها: طاعمين لا يبالون انتهى. من هامش الصحاح
(5) . قوله [الجوهري الصعافقة إلخ] عبارة الجوهري: صعفوق وجمعه صعافقة وصعافيق(10/200)
الثوبَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَن يَقُولَ بِعْتُك هَذَا الثوبَ بِعِشْرِينَ درْهَماً عَلَى أَن تَبِيعني سِلعة بِعَيْنِهَا بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، وإِنما قِيلَ لِلْبَيْعَةِ صَفْقَةٌ لأَنهم كَانُوا إِذا تبايَعوا تَصافَقُوا بالأَيدي. وَيُقَالُ: إِنه لَمُبارَكُ الصَّفْقةِ أَي لَا يَشْتَرِي شَيْئًا إِلَّا رَبِحَ فِيهِ؛ وَقَدِ اشْتَرَيْتُ الْيَوْمَ صَفْقةً صَالِحَةً. والصَّفْقةُ تَكُونُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَلْهاهُم الصَّفْقُ بالأَسواق
أَي التبايُعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن أَكْبَرَ الكبائِر أَن تقاتِلَ أَهلَ صَفْقَتِكَ
؛ هُوَ أَن يُعْطِيَ الرجلَ عهدَه وميثاقَه ثُمَّ يُقَاتِلُهُ، لأَن الْمُتَعَاهِدَيْنِ يَضَعُ أَحدهما يَدَهُ فِي يَدِ الْآخَرِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُتَبَايِعَانِ، وَهِيَ المرَّة مِنَ التَّصْفِيق بِالْيَدَيْنِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ: أَعْطاه صَفْقَة يدِه وثمرةَ قَلَبه.
والتَّصْفِيقُ بِالْيَدِ: التَّصْوِيتُ بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ الصَّفْقِ وَالصَّفِيرِ
؛ كأَنه أَراد مَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً؛ كَانُوا يُصَفِّقونَ ويُصفِّرونَ ليَشْغَلوا النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُسْلِمِينَ فِي الْقِرَاءَةِ وَالصَّلَاةِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد الصَّفْقَ عَلَى وَجْهِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ. وأَصْفَقَتْ يدُه بِكَذَا أَي صادَفَتْه ووافَقَتْه؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ يَصِفُ جَزَّارًا:
حَتَّى إِذا طُرِحَ النَّصِيبُ، وأَصْفَقَتْ ... يدُه بِجِلْدةِ ضَرْعِها وحُوارِها
وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
يَنْضَحْنَ ماءَ البَدَنِ المُسَرّى، ... نَضْحَ الأَداوَى الصَّفَقَ المُصْفَرّا
أَي كأَنّ عَرَقَها الصَّفَقُ المُسَرّى المنضوحُ. يُقَالُ: هُوَ يُسَرِّي العَرَقَ عَنْ نَفْسِهِ؛ وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
أَحَلا وإِن يُصْفَقْ لأَهل حَظِيرة، ... فِيهَا المُجَهْجهُ والمنَارةُ تُرزِمُ
إِن يُصْفَق أَي يُقْدَر ويُتاح. يُقَالُ: أُصْفِقَ لِي أَي أُتِيحَ لِي؛ يَقُولُ: إِن قُدِرَ لأَهل حَظِيرة متَحَرِّزين الأَسد كَانَ الْمَقْدُورُ كَائِنًا، وأَراد بِالْمَنَارَةِ تَوَقُّد عَيْنَيِ الأَسد كَالنَّارِ، أَراد وَذُو الْمَنَارَةِ يُرْزِمُ. وصَفَق الطائرُ بِجَنَاحَيْهِ يَصْفِقُ وصَفَّق: ضَرَبَ بِهِمَا. وانْصَفَقَ الثوبُ: ضربَتْه الرِّيحُ فَنَاسَ. اللَّيْثُ: يُقَالُ الثَّوْبُ الْمُعَلَّقُ تُصَفِّقه الرِّيحُ كُلَّ مُصَفَّق فيَنْصَفِقُ؛ وأَنشد:
وأُخْرَى تُصَفِّقُها كلُّ رِيحٍ ... سَرِيعٍ، لدَى الجَوْرِ، إِرْغانُها
والصَّفْقةُ: الاجتماعُ عَلَى الشَّيْءِ. وأَصْفَقُوا عَلَى الأَمر: اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وأَصْفَقُوا عَلَى الرجلِ كَذَلِكَ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
رأَيت بَنِي آلِ إمرِئِ القَيْس أَصْفَقُوا ... عَلَيْنَا، وَقَالُوا: إِنَّنا نَحْنُ أَكثرُ
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: فأَصْفَقَتْ لَهُ نِسْوانُ مَكَّةَ
أَي اجْتَمَعَتْ إِليه، وَرُوِيَ
فانْصَفَقَتْ لَهُ.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فنَزَعْنا فِي الحَوْضِ حَتَّى أَصْفَقْناه
أَي جَمَعْناه فِيهِ الْمَاءَ؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَالْمَحْفُوظُ
أَفْهَقْناه
أَي ملأْناه. وأَصْفَقُوا لَهُ: حَشَدُوا. وصَفَقَتْ عَلَيْنَا صافِقةٌ مِنَ النَّاسِ أَي قومٌ. وانْصَفَقوا عَلَيْهِ يَمِينًا وَشِمَالًا: أَقبلوا. وأَصْفَقُوا عَلَى كَذَا أَي أَطبقوا عَلَيْهِ؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الطَّثَرِيّة:
أَثِيبي أَخا ضارُورة أَصْفَقَ العِدى ... عَلَيْهِ، وقَلَّتْ فِي الصَّديقِ أَواصِرُهْ
وَيُقَالُ: اصْفِقْهُم عَنْكَ أَي اصْرِفْهُم عَنْكَ؛(10/201)
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
فَمَا اشْتَلاها صَفْقَةً فِي المُنْصَفَق، ... حَتَّى تردَّى أَربعٌ فِي المُنْعَفَق
وانصَفَقُوا: رَجَعُوا. وَيُقَالُ: صَفَق ماشيتَه يَصْفِقُها صَفْقاً إِذا صَرَفَهَا. والصَّفْقُ والصَّفَقُ: الجانبُ وَالنَّاحِيَةُ؛ قَالَ:
لَا يَكْدَحُ الناسُ لهنَّ صَفْقا
وَجَاءَ أَهل ذَلِكَ الصَّفَق أَي أَهل ذَلِكَ الْجَانِبِ. وصَفْقُ الجبلِ: صَفْحُه وناحِيَتُه؛ قَالَ أَبو صَعْترةَ البَوْلاني:
وَمَا نُطْفَةٌ فِي رأْسِ نيقٍ تمنَّعتْ ... بعَنْقاءَ مِنْ صَعْب، حَمَتْها صُفُوقُها
وصَفَقَ عينَه أَي ردَّها وَغَمَّضَهَا. وصافَقَت الناقةُ: نَامَتْ عَلَى جَانِبٍ مَرَّةً وَعَلَى جَانِبٍ أُخرى، فاعَلَتْ مِنَ الصفْق الَّذِي هُوَ الْجَانِبُ. وتَصَفَّقَ الرجلُ: تقلَّب وَتَرَدَّدَ مِنْ جَانِبٍ إِلى جَانِبٍ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
وأَبَيْنَ شَيْمَتَهُنَّ أَولَ مَرّةٍ، ... وأَبَى تَقَلُّبُ دهرِك المُتَصَفِّقِ
وتَصَفَّقَتِ النَّاقَةُ إِذا انْقَلَبَتْ ظَهْرًا لِبَطْنٍ عِنْدَ الْمَخَاضِ. وتَصَفَّقَ فُلَانٌ للأَمر أَي تَعَرَّضَ لَهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَمّا رأَيْتُ الشَّرَّ قَدْ تَأَلَّقا، ... وفِتْنَةً تَرْمي بِمَنْ تَصَفَّقَا،
هَنَّا وهَنَّا عَنْ قِذافٍ أَخْلَقا
قَالَ شَمِرٌ: تصفَّق أَي تعرَّض وتردَّد. والمُصَافِقُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَنَامُ عَلَى جَنْبِهِ مَرَّةً وَعَلَى الْآخَرِ مَرَّةً، وإِذا مخَضَت النَّاقَةُ صافَقَت؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ الدَّجَاجَةَ وَبَيْضَهَا:
وحامِلة حَياً، ولَيْسَتْ بِحيَّةٍ ... إِذا مخَضَتْ يَوْمًا بِهِ لَمْ تُصَافِق
وصَفْقَا العُنُقِ: نَاحِيَتَاهُ. وَصَفَقَا الْفَرَسِ: خَدَّاهُ. وصَفْقُ الْجَبَلِ: وَجْهُهُ فِي أَعلاه. وَهُوَ فَوْقَ الْحَضِيضِ. وصَفَّقَ الشرابَ: مزجَه، فَهُوَ مُصَفَّقٌ. وصَفَقَه وصَفَّقَه وأَصْفَقَه: حوَّله مِنْ إِناء إِلى إِناء لِيَصْفُو؛ قَالَ حَسَّانُ:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عَلَيْهِمُ، ... بَرَدَى يُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
وَقَالَ الأَعشى:
وشَمول تَحْسَبُ العَيْنُ، إِذا ... صُفِّقَتْ، وَرْدَتَها نَوْرَ الذُّبَحْ
الْفَرَّاءُ: صَفَقْتُ القدحَ وصَفَّقْتُه وأَصْفَقْتُه إِذا مَلأْته. والتَّصْفِيقُ: تحويلُ الشَّرَابِ مِنْ دَنٍّ إِلى دَنٍّ فِي قَوْلِ الأَصمعي؛ وأَنشد:
إِذا صُفِّقَتْ بَعْدَ إِزْبادِها
وصَفَقَت الريحُ الماءَ: ضرَبَتْه فصَفَّتْه، والرِّيحُ تَصْفِقُ الأَشجارَ فتَصْطَفِقُ أَي تَضْطَرِبُ. وصَفَّقَت الرِّيحُ الشَّيْءَ إِذا قَلَبَتْه يَمِينًا وَشِمَالًا وردَّدَتْه. يُقَالُ: صَفَقَتْه الريحُ وصَفَّقَتْه. وصَفَّقَت الريحُ السحابَ إِذا صَرَمَتْه وَاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وكأَنما اعْتَنَقَتْ صَبِيرَ غَمامةٍ، ... بُعْدَى تُصَفِّقُه الرِّياحُ زُلالِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْبَيْتُ فِي آخِرِ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ مِنْ بَابِ الإِدغام بِنَصْبِ زُلال، وَهُوَ غَلَطٌ لأَن الْقَصِيدَةَ(10/202)
مَخْفُوضَةُ الرَّوِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا اصْطَفَقَ الآفاقُ بالبيَاضِ
أَي اضْطَرَبَ وانْتَشَر الضَّوءُ، وَهُوَ افْتَعَل مِنَ الصَّفْق، كَمَا تَقُولُ اضْطَرَبَ الْمَجْلِسُ بِالْقَوْمِ. وصِفاقُ البطنِ: الجلدةُ الْبَاطِنَةُ الَّتِي تَلِي السَّوَادَ سوادَ الْبَطْنِ وَهُوَ حَيْثُ يُنَقِّبُ الْبَيْطَارُ مِنَ الدَّابَّةِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
أَمين صَفاة لَمْ يُخَرَّق صِفاقه ... بِمِنْقَبِه، وَلَمْ تُقَطَّعْ أَباجِلُهْ
وَالْجَمْعُ صُفُقٌ، لَا يُكسَّر عَلَى غَيْرِ ذلك؛ قال زهير:
حتى يَؤُوبَ بِهَا عُوجاً مُعَطَّلةً، ... تَشْكُو الدَّوابرَ والأَنْساءَ والصُّفُقا
وَبَعْضٌ يَقُولُ: جِلْدُ الْبَطْنِ كُلِّهِ صِفاقٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الصِّفاقُ مَا بَيْنَ الْجِلْدِ والمُصْرانِ، ومَراقُّ الْبَطْنِ: صفاقٌ أَجمع مَا تَحْتَ الْجِلْدِ مِنْهُ إِلى سَوَادِ الْبَطْنِ، قَالَ: ومَراقُّ الْبَطْنِ كُلُّ مَا لَمْ يَنْحَنِ عَلَيْهِ عَظْمٌ. وَقَالَ الأَصمعي: الصِّفاقُ الْجِلْدُ الأَسْفل الَّذِي دُونَ الْجِلْدِ الَّذِي يُسْلخ، فإِذا سُلِخَ المَسْك بَقِيَ ذَلِكَ مُمْسِكَ الْبَطْنِ، وَهُوَ الَّذِي إِذا انْشَقَّ كَانَ مِنْهُ الفَتْقُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الصِّفاقُ مَا حَوْلَ السُّرَّةِ حَيْثُ يَنْقُبُ البَيْطارُ؛ وَقَالَ بِشْرٌ:
مُذَكَّرة كأَنّ الرَّحْلَ مِنْهَا، ... عَلَى ذِي عانةٍ، وَافِي الصِّفاقِ
وَافِي الصِّفَاقِ أَراد أَن ضلوعَه طِوالٌ. وَقَالَ الأَصمعي فِي كِتَابِ الْفَرَسِ: الصِّفاقُ الْجِلْدُ الأَسفل الَّذِي تَحْتَ الْجَلْدِ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّعْرُ؛ وأَنشد لِلْجَعْدِيِّ:
لُطِمْنَ بِتُرْسٍ شَديدِ الصِّفاق ... مِنْ خَشَبِ الجَوْزِ لَمْ يُثْقَب
يَقُولُ: ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنْهُ كأَنه تُرْس وَهُوَ شَدِيدُ الصِّفاق. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه سُئِلَ عَنِ امرأَة أَخذَت بأُنْثَيَيْ زَوْجِها فَخَرَقَتِ الجِلْدَ وَلَمْ تَخْرِقِ الصِّفاقَ، فَقَضَى بِنِصْفِ ثُلُثِ الدِّيَةِ
؛ الصِّفاقُ: جِلدة رَقِيقَةٌ تَحْتَ الْجِلْدِ الأَعلى وَفَوْقَ اللَّحْمِ. والصَّفَقُ: الأَدِيمُ الْجَدِيدُ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ مَاءٌ أَصفر وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَاءِ الصَّفْقُ والصَّفَقُ. والصَّفَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْمَاءُ الَّذِي يُصَبُّ فِي الْقِرْبَةِ الْجَدِيدَةِ فَيُحَرَّكُ فِيهَا فَيَصْفَرُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ أَبي مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
يَنْضَحْنَ ماءَ البَدَنِ المُسَرَّى، ... نَضْحَ البَدِيعِ الصَّفَقَ المُصْفَرّا
والمُسَرّى: المُسْتَسِرُّ فِي الْبَدَنِ. وَيُقَالُ: وَرَدْنَا ماءَ كأَنَّه صَفَقٌ، وَهُوَ أَول مَا يُصَبُّ فِي الْقِرْبَةِ الْجَدِيدَةِ فَيَخْرُجُ الْمَاءُ أَصفر؛ وصَفَّق الْقِرْبَةَ: فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّفَقُ رِيحُ الدِّبَاغِ وَطَعْمُهُ. وصَفَقَ الكأْسَ وأَصْفَقَها: ملأَها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وصَفَقَ البابَ يَصْفِقُه صَفْقاً وأَصْفَقَه، كِلَاهُمَا: أَغْلَقَه وَرَدَّهُ مِثْلَ بَلَقْتُه وأَبْلَقْتُه؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
متَّكِئاً تُصْفَقُ أَبْوابُه، ... يسْعَى عَلَيْهِ العبْدُ بالكُوبِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهُمَا بِمَعْنَى الْفَتْحِ. وَقَالَ النَّضْرُ: سَفَقْت الْبَابَ وصَفَقْته، قَالَ: وَقَالَ أَبو الدُّقَيْشِ صَفَقْت البابَ أَصْفِقُه صَفْقاً إِذا فَتَحْتَهُ؛ وَتَرَكْتَ بابَه مَصْفوقاً أَي مَفْتُوحًا، قَالَ: وَالنَّاسُ يَقُولُونَ صَفَقْت البَاب وأَصْفَقْته أَي رَدَدْته، قَالَ: وَقَالَ أَبو الْخَطَّابِ يُقَالُ هَذَا كُلُّهُ. وَبَابٌ مَبْلوقٌ أَي مَفْتُوحٌ. وَرَوَى(10/203)
أَبو تُرَابٍ عَنْ بَعْضِ الأَعراب: أَصْفَقْتُ البابَ وأَصْمَقْته بِمَعْنَى أَغْلَقْته، وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ الإِجافةُ دُونَ الإِغْلاق. الأَصمعي: صَفَقْت الْبَابَ أَصْفِقُه صَفْقاً، وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْفَقْته. ومِصْراعا الْبَابِ: صَفْقاه. والصَّفْقُ: الرَّدُّ والصَّرْفُ، وَقَدْ صَفَقْته فانْصَفَقَ. وَفِي كِتَابِ
مُعَاوِيَةَ إِلى مَلِكِ الرُّومِ: لأَنْزِعَنَّكَ مِنَ المُلْكِ نَزْعَ الأَصْفَقانِيّة
؛ هُمُ الخَولُ بِلُغَةِ الْيَمَنِ. يُقَالُ: صَفَقَهم مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ أَي أَخرجهم مِنْهُ قَهْراً وذُلًا. وصَفَقَهم عَنْ كَذَا أَي صرَفَهم. والتَّصْفيق: أَن يَكُونَ نَوَى نِيَّة عَزَمَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَدَّ نِيَّتَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وزَللِ النِّيَّةِ والتَّصْفِيقِ
وَفِي النَّوَادِرِ: والصَّفُوق الْحِجَابُ الْمُمْتَنِعُ مِنَ الجِبال، والصُّفُقُ الْجَمْعُ. والخَريقُ مِنَ الْوَادِي: شاطئُه، وَالْجَمْعُ خُرُقٌ. وَنَاقَةٌ خَرِيقٌ: غَزِيرَةٌ. وَثَوْبٌ صَفِيق: مَتِين بَيِّنُ الصَّفاقة، وَقَدْ صَفُقَ صَفاقةً: كثُف نَسْجُهُ، وأَصْفَقَه الْحَائِكُ. وَثَوْبٌ صَفِيق وسَفِيق: جيّدُ النَّسْجِ. والصَّفِيقُ: الجَلْدُ. والصَّفُوق: الصَّعُود المُنْكرة، وَجَمْعُهَا صَفائِقُ وصُفُقٌ. وصافَقَ بَيْنَ قَمِيصَيْنِ: لَبِس أَحدَهما فَوْقَ الْآخَرِ. والدِّيكُ الصَّفّاقُ: الَّذِي يَضْرِبُ بِجَنَاحَيْهِ إِذا صَوَّتَ. وصَفَقَ ماشِيَته صَفْقاً: صرَفها. وصَفَقَ الرجلُ صَفْقاً: ذَهَبَ. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ أَنه قَالَ: خذِي مِنِّي أَخِي ذَا العِفاقِ صَفّاقاً أَفّاقاً
؛ قَالَ الأَصمعي: الصَّفّاق الَّذِي يَصْفِقُ عَلَى الأَمر الْعَظِيمِ، والأَفّاق الَّذِي يَتَصَرَّفُ ويضرِب إِلى الْآفَاقِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: رُوِيَ هَذَا ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ أَبي سُفْيَانَ عَنِ الأَصمعي، قَالَ: وَالَّذِي أَراه فِي تَفْسِيرِ الأَفّاق الصّفّاقِ غيرُ مَا حَكَاهُ، إِنَّما الصَّفّاق الْكَثِيرُ الأَسفار وَالتَّصَرُّفِ فِي التِّجَارَاتِ، والصَّفْقُ والأَفْقُ قَرِيبَانِ مِنَ السَّواء، وَكَذَلِكَ الصَّفّاقُ والأَفّاقُ مَعْنَاهُمَا مُتَقَارِبٌ، وَقِيلَ: الأَفّاقُ مِنْ أُفُقِ الأَرض أَي نَاحِيَتِهَا. وانْصَفَقَ القومُ إِذا انْصَرَفُوا. وصَفَقَ القومُ فِي الْبِلَادِ إِذا أَبْعَدُوا فِي طَلَبِ الْمَرْعَى؛ وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي قَوْلُ أَبي مُحَمَّدٍ الحَذلمِيّ:
إِنّ لَهَا فِي العامِ ذِي الفُتُوقِ، ... وزَلَلِ النِّيَّةِ والتَّصْفِيقِ،
رِعْيةَ مَوْلًى ناصِحٍ شَفيقِ
وتَصفِيقُ الإِبل: أَن تحوّلَها مِن مَرْعًى قَدْ رَعَتْه إِلى مَكَانٍ فِيهِ مَرْعًى. وأَصْفَقَ الغَنَمَ إِصْفاقاً: حَلَبَهَا فِي الْيَوْمِ مَرَّةً؛ قَالَ:
أَوْدَى بَنُو غَنْمٍ بأَلْبانِ العُصُمْ ... بالمُصْفقاتِ ورَضوعاتِ البَهَمْ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَقَالُوا: عَلَيْكُمْ عاصِماً يُعْتَصَمْ بِهِ، ... رُوَيْدَك حَتَّى يُصْفِقَ البَهْمَ عاصِمُ
أَراد أَنه لَا خَيْرَ عِنْدَهُ وأَنه مَشْغُولٌ بِغَنَمِهِ؛ والإِصْفاق: أَن يحلُبَها مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. وَفِي الصِّحَاحِ: أَصْفَقْتُ الغنمَ إِذا لَمْ تَحْلُبْها فِي الْيَوْمِ إِلا مَرَّةً. والصافِقةُ: الداهيةُ؛ قَالَ أَبو الرُّبَيْس التَّغْلبِي:
قِفِي تُخْبِرينا، أَو تَعُلِّي تَحِيّةً ... لَنَا، أَو تُشِيبي قَبْلَ إحْدَى الصَّوافق(10/204)
والصَّفائِقُ: صَوارِفُ الْخُطُوبِ وَحَوَادِثُهَا، الْوَاحِدَةُ صَفيقة؛ وَقَالَ كثيِّر:
وأَنْتِ المُنَى، يَا أُمَّ عَمْروا، لَوَ انَّنا ... نَنالُك، أَو تُدْنِي نَواكِ الصَّفائِقُ
وَهِيَ الصَّوافِقُ أَيضاً؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
أَخ لكَ مَأْمون السَّجِيّاتِ خِضْرِم، ... إِذا صَفَقَتْه فِي الحُروب الصَّوافِقُ
وصَفَقْتُ الْعُودَ إِذا حَرَّكْتَ أَوْتارَه فاصْطَفَقَ. واصْطَفَقَت المَزاهِرُ إِذا أَجابَ بَعْضُهَا بَعْضًا؛ قَالَ ابْنُ الطَّثَرِيّة:
وَيَوْمٍ كظِلِّ الرُّمْحِ قَصَّرَ طُولَه ... دَمُ الزِّقِّ عَنَّا، واصْطفاقُ المَزاهِرِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: نَسَبَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ لِيَزِيدَ بْنِ الطَّثريّة، وَصَوَابُهُ لِشُبْرُمة بن الطفيل.
صفرق: الصُّفْروقُ: نَبْتٌ «6» . مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقِيلَ: هُوَ الفالوذ.
صلق: الصَّلْقةُ والصَّلْق والصَّلَقُ: الصياحُ والوَلْوَلةُ وَالصَّوْتُ الشَّدِيدُ، وَقَدْ صَلَقُوا وأَصْلَقُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ مِنَّا مَنْ صَلَقَ أَو حَلَقَ شَعْرَهُ
؛ الصّلْقُ: الصَّوْتُ الشَّدِيدُ يُرِيدُ رَفْعَه عِنْدَ الْمَصَائِبِ وَعِنْدَ الْمَوْتِ وَيَدْخُلُ فِيهِ النَّوْح؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنا بَرِيءٌ مِنَ الصّالِقةِ والحالِقةِ
؛ وَقَوْلُ لَبِيدٌ:
فصَلَقْنا فِي مُرادٍ صَلْقةً، ... وُصَداء أَلْحَقَتْهم بالثَّلَل
أَي وَقَعْنَا بِهِمْ وَقْعَةً فِي مُرادٍ. قَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ وَلَا حَلَقَ وَلَا صَلَقَ: يُقَالُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ يَعْنِي رفعَ الصَّوْتِ، وَقَدْ أَصْلَقوا إِصْلاقاً، وأَما أَبو عُبَيْدٍ فإِنه رَوَاهُ بِالسِّينِ ذَهَبَ بِهِ إِلى قَوْلِهِ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ. وتَصَلَّقَت المرأَةُ إِذا أَخذَها الطَّلْقُ فَصَرخَتْ. ابْنُ الأَعرابي: صَلَقْتُ الشَّاةَ صَلْقاً إِذا شَوَيْتها عَلَى جَنْبَيْهَا، قَالَ: فكأَنه أَراد عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الأَعرابي مَا شُوِيَ مِنَ الشَّاةِ وَغَيْرِهَا يَعْنِي قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه: لَيْسَ مِنّا مَنْ صَلَقَ أَو حَلَقَ
أَي رَفَعَ صَوْتَهُ فِي الْمَصَائِبِ. وضَرْبٌ صَلَّاقٌ ومِصْلاقٌ: شَدِيدٌ. وخطيبٌ صَلَّاقٌ ومِصْلاقٌ: بَلِيغٌ. والصَّلْقُ: صوتُ أَنياب الْبَعِيرِ إِذا صَلَقَها وضرَب بَعْضها بِبَعْضٍ، وقد صَلَقَا أَنيابُه. وصَلَقاتُ الإِبلِ: أَنْيابُها الَّتِي تَصْلِقُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَمْ تَبْك حَوْلكَ نِيبُها، وتَقاذَفَتْ ... صَلَقاتُها كمَنابِتِ الأَشْجارِ
وصَلَقَ نابَهُ يَصْلِقُه صَلْقاً: حَكّه بالآخَر فَحَدَثَ بَيْنَهُمَا صوتٌ، وأَصْلَقَ البابُ نفسُه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
إِنْ زَلَّ فُوه عَنْ أَتانٍ مِئْشِيرْ، ... أَصْلَقَ نَابَاهُ صِياحَ العُصْفورْ
يُرِيدُ إِن زلَّ فُو الْعِيرِ عَنْ هَذِهِ الأَتان أَصْلَقَ نَابَاهُ لِفَوْت ذَلِكَ؛ وَقَالَ رؤْبة:
أَصَلَقَ نابِي عِزّة وصَلْقما
وأَصْلَقَ الفحلُ: صَرَف أَنيابه؛ قَالَ:
أَصْلَقَها العِزُّ بنابٍ فاصْلَقَمّ
__________
(6) . قوله [الصفروق نبت] الذي في القاموس: الصفرق بالضمات وشد الراء(10/205)
وَالْفَحْلُ يَصْطَلِقُ بِنَابِهِ: وَذَلِكَ صَرِيفُه. والصَّلْقَمُ: الشَّدِيدُ الصُّراخِ، مِنْهُ. وصَلَقه بِلِسَانِهِ يَصْلِقُه صَلْقاً: شَتَمَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: صَلَقوكم بأَلْسِنةٍ حدادٍ؛ وسَلَقُوكُمْ لغةٌ فِي صَلَقُوكم؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: جَائِزٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ صَلَقُوكم وَالْقِرَاءَةُ سنَّة. اللَّيْثُ: الحاملُ إِذا أَخذها الطَّلْقُ فأَلْقت نَفْسَهَا عَلَى جَنْبَيْهَا مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا قِيلَ تَصَلَّقتْ تَصَلُّقاً، وَكَذَلِكَ كُلُّ ذِي أَلَم إِذا تَصَلَّق على جنببيه، يُقَالُ بِالصَّادِ تَصَلَّقت تَصَلُّقاً؛ وتَصَلَّقَت المرأَة إِذا أَخذها الطَّلْقُ فصَرَخَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: أَنه تَصَلَّقَ ذاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الجُوع
أَي تقَلَّب. ويقال: تَصَلَّقَ ذاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الجُوع أَي تقَلَّب. وَيُقَالُ: تَصَلَّقَ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ إِذا تقلَّب وتلوَّى. وصَلَقَه بِالْعَصَا يَصْلِقُه صَلْقاً وصَلَقاً: ضَرَبَهُ عَلَى أَي مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ يَدَيْهِ. وصَلَقَتِ الخيلُ إِذا صَدَمَتْ بِغَارَتِهَا. والصَّلْقةُ: الصَّدْمةُ فِي الْحَرْبِ؛ قَالَ:
مِنْ بَعْدِ مَا صَلَقَتْ فِي جَعْفَرٍ يَسَراً، ... يَخْرُجْنَ فِي النَّقْع مُحْمرّاً هوادِيها
جَعْفَرٌ هُنَا يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ كِلَابٍ، واليَسْرُ الطَّعْنُ حِذاءَ الْوَجْهِ، وإِنما حرَّكه ضَرُورَةً. والصَّلَقُ: القاعُ الْمُطْمَئِنُّ اللَّيِّنُ الْمُسْتَدِيرُ الأَمْلس وَشَجَرُهُ قَلِيلٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
مِنَ الأَصالِقِ عارِي الشَّوْكِ مَجْرود
قَالَ الأَزهري: والسَّلَقُ بِالسِّينِ أَكثر، وَالْجَمْعُ صُلْقانٌ وأَصالِقُ. والصَّلَقُ مِثْلُ السَّلَقِ: القاعُ الصَّفْصَفُ؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ:
تَرى فَاهُ، إِذا أَقْبَلَ، ... مثْلَ الصَّلَقِ الجَدْبِ
لَهُ، بَيْنَ حَوامِيه، ... نُسورٌ كنَوَى القَسْبِ
والمُتَصَلِّقُ: المُتَمرِّغ عَلَى جَنْبَيْهِ مِنَ الأَلم. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه تَصَلَّقَ ذَاتَ ليلةٍ عَلَى فِراشِه
أَي تَلوَّى وتَقلَّب، مِنْ تَصَلَّقَ الحوتُ فِي الْمَاءِ إِذا ذَهَبَ وَجَاءَ. وَحَدِيثُ
أَبي مُسْلِمٍ الخَوْلانيّ: ثُمَّ صَبَّ فِيهِ مِنَ الماءِ وَهُوَ يتَصَلَّقُ.
والصَّلِيقةُ: الخُبْزة الرَّقِيقَةُ وَالْقِطْعَةُ المُشْواة مِنَ اللَّحْمِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فإِن تَفْرَكَّ عِلْجةُ آلِ زيدٍ، ... وتُعْوِزْكَ الصَّلائِقُ والصِّنابُ
فقِدْماً كانَ عَيْشُ أَبِيكَ مُرّاً، ... يَعيِشُ بِمَا تَعِيشُ بِهِ الكِلابُ
وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: أَما وَاللَّهِ مَا أَجْهلُ عَنْ كَراكِرَ وأَسْنِمةٍ وَلَوْ شِئْتُ لدعَوتُ بِصلاءٍ وصِنابٍ وصَلائِقَ
؛ قِيلَ: هِيَ الرِّقاقُ، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: السَّلائق، بِالسِّينِ، كُلُّ مَا سُلِق مِنَ البُقول وَغَيْرِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الحُمْلان المَشْوِيّة مِنْ صَلَقْت الشَّاةَ إِذا شَوَيْتَها. وَقَالَ غَيْرُ أَبي عَمْرٍو: الصَّلائق، بِالصَّادِ، الخُبز الرَّقِيقُ؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
تكلِّفني مَعيشة آلِ زيدٍ، ... ومَنْ لِي بِالصَّلَائِقِ والصِّنَاب؟
وَقَالَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ: هِيَ الصَّرائقُ، بِالرَّاءِ، الرِّقاقُ؛ وَقِيلَ: الصَّلَائِقُ اللَّحْمُ المَشوِيّ النَّضِيج. والصَّلِيقاء، ممدودٌ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ. والصَّلْقَم: الشَّدِيدُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَالْمِيمُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَالْجَمْعُ صَلاقِمُ وصَلاقِمة؛ قَالَ طَرَفَةُ:
جَمادٌ بِهَا البَسْباسُ يُرْهِصُ مُعْزُها ... بَناتِ المُخاضِ، والصَّلاقِمةَ الحُمْرا(10/206)
والصَّلْقمُ: السَّيِّدُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَمِيمُهُ زَائِدَةٌ أَيضاً وَبَنُو المُصْطَلِق: حَيٌّ مِنْ خُزَاعَةَ.
صملق: الصَّمْلَقُ: لُغَةٌ فِي السَّمْلَقِ وَهُوَ الْقَاعُ الأَملس، وَهِيَ مُضَارِعَةٌ وَذَلِكَ لِمَكَانِ الْقَافِ وَهِيَ فَرْعٌ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ صمالِيق؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا كَسَّر إِلا أَن يَكُونُوا قَدْ قَالُوا صَملَقة فِي هَذَا الْمَعْنَى فعوَّض مِنَ الْهَاءِ كَمَا حَكَى مَواعِيظ. قَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: قاعٌ صَمْلَقٌ، وَيُقَالُ: تَرَكْتُهُ بِقَاعٍ صَمْلَقٍ.
صمق: أَهمله اللَّيْثُ، وَرَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ أَصحابه: أَصْمَقْت البابَ أَغلقته. وَفِي النَّوَادِرِ: مَا زَالَ فُلَانٌ صامِقاً مُنْذُ الْيَوْمِ وَصَامِيًا وصابِياً أَي عطشانَ أَو جَائِعًا، وَقَالَ: هَذِهِ صَمَقةٌ مِنَ الحَرَّة أَي غَلِيظَةٌ.
صنق: ابْنُ الأَعرابي: الصُّنُقُ الأَصِنَّةُ فِي التَّهْذِيبِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الصَّنَقُ شِدَّة ذَفَرِ الإِبْطِ وَالْجَسَدِ، صَنِقَ صَنَقاً، فَهُوَ صَنِقٌ، وأَصْنَقَه العرَقُ؛ وأَصْنَقَ الرجلُ فِي مَالِهِ إِصْناقاً إِذا أَحسن الْقِيَامَ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ مِصْناقٌ ومِيصابٌ إِذا لَزم مالَه وأَحسن الْقِيَامَ عَلَيْهِ. والصَّنَقُ: الْحَلْقَةُ مِنَ الْخَشَبِ تَكُونُ فِي طَرَفِ الْمَرِيرِ، وَالْجَمْعُ أَصْناقٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
أَمِرَّة اللِّيف وأَصْناق القَطَفْ
الأَمِرَّة: الحبالُ جَمْعُ مِرارٍ، والأَصْناقُ جَمْعُ الصَّنَق وَهُوَ الْحَلْقَةُ مِنَ الْخَشَبَةِ تَكُونُ فِي طَرَفِ الْمَرِيرَةِ، والقَطَفُ: ضرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ مَتِينُ الْقُضْبَانِ تُتَّخَذُ مِنْهُ الأَصْناق. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ جَمَلٌ صَنَقةٌ وَصَنَخَةٌ وقَبصاة وقبصةٌ إِذا كَانَ ضَخْمًا كَبِيرًا. وصَنَقةٌ مِنَ الحِرار وصَمَقةٌ وَصَمْغَةٌ: وَهُوَ مَا غَلُظَ.
صندق: الصُّنْدوق: الجُوالِق. التَّهْذِيبُ: الصُّنْدوق لُغَةٌ فِي السُّنْدوق ويُجْمع صَنادِيق، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هِيَ الصُّنْدوق بالصاد.
صهصلق: صَوْتٌ صَهْصَلِقٌ أَي شَدِيدٌ؛ وأَنشد:
قَدْ شَيَّبَتْ رأْسِي بصَوْتٍ صَهْصَلِقْ
وَرَجُلٌ صَهْصَلِقُ الصوتِ: شديدُه. وامرأَة صَهصِلقٌ وصَهْصَليقٌ: شَدِيدَةُ الصَّوْتِ صَخَّابة، وَمِنْهُمْ مَنْ قَيّد فَقَالَ: الصَّهْصَلِقُ الْعَجُوزُ الصَّخَّابَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أُمُّ حُوَارٍ ضَنْؤُها غيرُ أَمِرْ، ... صَهْصَلِقُ الصوتِ بعَينَيْهَا الصَّبِرْ
سَائِلَةٌ أَصْداغُها لَا تَخْتَمِرْ، ... تَعْدو عَلَى الذِّئْبِ بِعود مُنْكَسِرْ
تُبادِرُ الذئبَ بعَدْوٍ مُشْفَتِرْ، ... يَفِرُّ مَنْ قاتَلها، وَلَا تَفِرّ
لَوْ نُحِرَتْ فِي بيتِها عَشْرُ جُزُرْ، ... لأَصْبَحَتْ مِنْ لَحمِهنَّ تَعْتَذِرْ
قَالَ: وَكَذَلِكَ الصَّهْصَلِيقُ؛ وأَنشد للعُلَيكم الْكِنْدِيِّ:
نأْآجة العَدْوةِ شَمْشَلِيقها، ... شَدِيدة الصَّيْحةِ صَهْصَليقها،
تُسامِرُ الضِّفْدَعَ فِي نَقِيقِها
والشَّمْشَلِيقُ: السريعة المشي.
صوق: الصّاقُ: لُغَةٌ فِي السّاقِ، عَنْبريّة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه ضَرْباً مِنَ الْمُضَارَعَةِ لِمَكَانِ الْقَافِ. والصَّويقُ: لُغَةٌ فِي السَّويق الْمَعْرُوفِ لمكان المضارعة.(10/207)
صيق: الصّيقُ والصِّيقةُ: الغبارُ الجائلُ فِي الْهَوَاءِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لِي كلَّ يَوْمٍ صِيقةٌ ... فَوْقِي، تَأَجَّلُ كالظُّلالَهْ
وَقَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
بوادِي جُدُودَ، وَقَدْ بُوكِرَت ... بِصيقِ السَّنابِك أَعْطانُها
وقال آخَرُ:
كَمَا انْقَضَّ تحْتَ الصِّيقِ عُوَّارُ
وَالْجَمْعُ صِيَقٌ مِثْلُ جِيفةٍ وجِيَف؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ ضَبَحَ لِرُؤْبَةَ يَصِفُ أُتُناً وَفَحْلَهَا:
يَدَعْنَ تُرْبَ الأَرْضِ مَجْنون الصِّيَقْ، ... والمَرْوَ ذَا القَدَّاحِ مَضْبوحَ الفِلَقْ
وَقَالَ: الصِّيقُ الْغُبَارُ، وجُنونه تَطَايُرُهُ. والصِّيقُ: الصوتُ. والصِّيقُ: الرِّيحُ المُنْتِنة مِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ؛ عَنِ اللَّيْثِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ كَلِمَةٌ مُعَرَّبَةٌ أَصلها زِيقًا، بِالْعِبْرَانِيَّةِ. أَبو عَمْرٍو: الصّائِقُ والصائِكُ اللَّازِقُ؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
أَسْوَد جَعْد ذِي صُنانٍ صائِق
والصِّيقُ: بَطْنٌ منهم «1» .
فصل الضاد المعجمة
ضفق: الضَّفْقُ: الوَضْع بمرَّة وكذلك الضَّفْعُ.
ضيق: الضِّيقُ: نَقِيضُ السَّعَةِ، ضاقَ الشيءُ يَضِيقُ ضِيقاً وضَيْقاً وتَضَيَّقَ وتَضايَقَ وضَيَّقَه هُوَ، وَحَكَى ابْنُ جِنِّي أَضاقَه، وَهُوَ أَمر ضَيِّقٌ. أَبو عَمْرٍو: الضَّيْقُ الشَّيْءُ الضَّيِّقُ، والضِّيقُ الْمَصْدَرُ، والمَضايِق: جَمْعُ المَضِيق. والضَّيْقُ أَيضاً: تَخْفِيفُ الضَّيِّق؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
دُرْنا ودارَتْ بَكْرةٌ نَخِيسُ، ... لَا ضَيْقةُ المَجْرَى وَلَا مَرُوسُ
والضَّيْقُ: جمع الضَّيقاة والضِّيقة وَهِيَ الْفَقْرُ وَسُوءُ الْحَالِ، وَقَدْ ضاقَ عَنْكَ الشَّيْءُ. يُقَالُ: لَا يَسَعُني شَيْءٌ ويَضِيق عَنْكَ. وضاقَ الرجلُ أَي بَخِلَ، وضَيَّقْت عَلَيْكَ الْمَوْضِعَ. وَقَوْلُهُمْ: ضِقْتُ بِهِ ذَرْعاً أَي ضاقَ ذرْعي بِهِ. وتَضايَقَ القومُ إِذا لَمْ يتوسَّعوا فِي خُلُق أَو مَكَانٍ. والضُّوقى والضِّيقى: تأْنيث الأَضْيَق، صَارَتِ الْيَاءُ وَاوًا لِسُكُونِهَا وَضَمَّةِ مَا قَبْلَهَا. وَيُقَالُ: ضاقَ المكانُ، فَهُوَ ضَيِّق، فَرْقٌ بَيْنَهُمَا، وَيُقَالُ فِي جَمْعِ ضائِقٍ ضاقَة؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
يَكْرَهها الجُبَناءُ الضاقةُ العَطَنِ
فَهَذَا جَمْعُ ضائِقٍ، وَمِثْلُهُ سادَةٌ جَمْعُ سائِدٍ لَا سيِّد؛ وَمَكَانٌ ضَيِّقٌ وضَيْقٌ وضائِقٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ
. وَهُوَ فِي ضِيقٍ مِنْ أَمره وضَيْقٍ أَي فِي أَمر ضَيِّقٍ، وَالنَّعْتُ ضَيِّقٌ، وَالِاسْمُ ضَيْق. وَيُقَالُ: فِي صَدْرِ فُلَانٍ ضِيقٌ عَلَيْنَا وضَيْقٌ. والضَّيْق: الشَّكُّ يَكُونُ فِي الْقَلْبِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ
. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الضَّيْقُ مَا ضَاقَ عَنْهُ صدرُك، والضِّيقُ مَا يَكُونُ فِي الَّذِي يتَّسع وَيَضِيقُ مِثْلُ الدَّارِ وَالثَّوْبِ؛ وإِذا رأَيت الضَّيْقَ قَدْ وَقَعَ فِي مَوْضِعِ الضِّيق كَانَ عَلَى أَمرين: أَحدهما أَن يَكُونَ جَمْعًا للضَّيْقةِ كَمَا قَالَ الأَعشى:
فَلَئِنْ رَبُّك، مِنْ رَحْمَتِهِ، ... كَشَفَ الضَّيْقةَ عنا وفَسَح
__________
(1) . قوله بطن منهم: هكذا في الأَصل(10/208)
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَن يُرَادَ بِهِ شَيْءٌ ضَيِّق فَيَكُونُ ضَيق مُخَفَّفًا، وأَصله التَّشْدِيدُ، وَمِثْلُهُ هَيْن ولَيْن. وأَضاقَ الرجلُ، فَهُوَ مُضِيق إِذا ضاقَ عَلَيْهِ مَعاشُه. وأَضاقَ أَي ذَهَبَ مالُه. التَّهْذِيبِ: والضَّيَقُ، بِفَتْحِ الْيَاءِ، الشَّكُّ، والضَّيْقُ بِهَذَا الْمَعْنَى أَكثرُ. والضِّيقةُ: مِثْلُ الضِّيق. والمَضِيقُ: مَا ضاقَ مِنَ الأَماكن والأُمور؛ قَالَ:
مَنْ شَا يُدَلِّي النفسَ فِي هُوَّة ... ضَنْكٍ، وَلَكِنْ مَنْ لَهُ بالمَضِيق؟
أَي بِالْخُرُوجِ مِنَ المَضيق. وَقَالُوا: هِيَ الضِّيقى والضُّوقى عَلَى حَدِّ مَا يَعْتَوِرُ هَذَا النَّوْعَ مِنَ المُعاقَبة. وَقَالَ كُرَاعٌ: الضُّوقى جمع ضَيِّقة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ لأَن فُعْلى لَيْسَتْ مِنْ أَبنية الْجُمُوعِ إِلا أَن يَكُونَ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ كبُهْماة وبُهْمى؛ وَقَالَتِ امرأَة لضَرَّتها وَهِيَ تُسامِيها:
مَا أَنت بالخُورَى وَلَا الضُّوقى حِرَا
الضُّوقى: فُعْلى مِنَ الضِّيق وَهِيَ فِي الأَصل الضُّيْقى، فَقُلِبَتِ الْيَاءُ وَاوًا مِنْ أَجل الضَّمَّةِ، والخُورَى فُعْلى مِنَ الْخَيْرِ، وَكَذَلِكَ الْكُوسَى مِنَ الكَيْس. والضِّيقةُ: مَا بَيْنَ كُلِّ نَجْمَيْنِ. والضِّيقةُ: كَوْكَبَانِ كالمُلْتَزِقَينِ صغِيران بَيْنَ الثُّرَيا والدَّبَران. وضِيقة: مَنْزِلَةٌ لِلْقَمَرِ بِلِزْقِ الثُّرَيَّا مِمَّا يَلِي الدَّبَرَانِ وَهُوَ مَكَانٌ نحْسٌ عَلَى مَا تَزْعُمُ الْعَرَبُ؛ قَالَ الأَخطل:
فهلَّا زَجَرْتِ الطَّيْرَ، لَيلة جِئْتِه، ... بِضِيقةَ بَيْنَ النَّجْمِ والدَّبَرانِ
يَذْكُرُ امرأَة وَسِيمةً تزوَّجها رَجُلٌ دَمِيمٌ، والمرأَة هِيَ بَرَّة أَبي هَانِئٍ التَّغْلِبِيِّ وَالرَّجُلُ سَعِيدُ بْنُ بَنَانٍ التَّغْلِبِيُّ، وَقَالَ الأَخطل فِي ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَرُبَّمَا قَصُر الْقَمَرُ عَنِ الدَّبَرانِ فَنَزَلَ بالضِّيقة وَهُمَا النَّجْمَانِ الصَّغِيرَانِ الْمُتَقَارِبَانِ بَيْنَ الثُّرَيَّا والدَّبران؛ حُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبي زِيَادٍ الْكِلَابِيِّ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَ ضِيقةَ مَعْرِفَةً لأَنه جَعَلَهُ اسْمًا عَلَمًا لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَصْرِفْهُ، وأَنشده أَبو عَمْرٍو بِضِيقةِ بِكَسْرِ الْهَاءِ، جَعَلَهُ صِفَةً وَلَمْ يَجْعَلْهُ اسْمًا لِلْمَوْضِعِ؛ أَراد بضِيقَةِ مَا بَيْنَ النَّجْمِ والدبران. والضَّيْقة والضِّيقة: القمر
فصل الطاء المهملة
طبق: الطَّبَقُ غِطَاءُ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ أَطْباق، وَقَدْ أَطْبَقَه وطَبَّقَه انْطَبَقَ وتَطَبَّقَ: غَطَّاه وَجَعَلَهُ مُطَبَّقاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَوْ تَطَبَّقَت السَّمَاءُ عَلَى الأَرض مَا فَعَلْتُ كَذَا. وَفِي الْحَدِيثِ
حِجابُه النُّورُ لَوْ كُشِفَ طَبَقُه لأَحْرَقت سُبحاتُ وَجهِه كلَّ شَيْءٍ أَدْرَكه بصرُه
؛ الطَّبَقُ: كلُّ غِطَاءٍ لَازِمٍ عَلَى الشَّيْءِ. وطَبَقُ كلِّ شَيْءٍ: مَا سَاوَاهُ، وَالْجَمْعُ أَطْباقٌ؛ وَقَوْلُهُ:
ولَيْلة ذَاتِ جَهامٍ أَطْباق
مَعْنَاهُ أَن بعضَه طَبَقٌ لِبَعْضٍ أَي مُساوٍ لَهُ، وجَمَع لأَنه عَنَى الْجِنْسِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ نَعْتِ اللَّيْلَةِ أَي بعضُ ظُلَمِها مُساوٍ لِبَعْضٍ فَيَكُونُ كجُبَّةٍ أَخْلاق وَنَحْوِهَا. وَقَدْ طابَقَهُ مطابَقةً وطِباقاً. وتَطابَقَ الشيئَان: تساوَيا. والمُطابَقةُ: المُوافَقة. والتَّطابُق: الِاتِّفَاقُ. وطابَقْتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إِذا جَعَلْتَهُمَا عَلَى حَذْو وَاحِدٍ وأَلزقتهما. وَهَذَا الشَّيْءُ وَفْقُ هَذَا ووِفاقُه وطِباقُه وطابَقُهُ وطِبْقُه وطَبِيقُه ومُطْبِقُه وقالَبُه وقالِبُه(10/209)
بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: وافَقَ شَنٌّ طَبَقَه. وطابَقَ بَيْنَ قَمِيصَيْنِ. لَبِسَ أَحدهما على الآخر. والسمواتُ الطِّباقُ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لمُطابَقة بَعْضِهَا بَعْضًا أَي بَعْضِهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَقِيلَ: لأَن بَعْضَهَا مُطْبَق عَلَى بَعْضٍ، وَقِيلَ: الطِّباقُ مَصْدَرُ طوبقَتْ طِباقاً. وَفِي التَّنْزِيلِ. أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى طِباقاً
مُطْبَقٌ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، قَالَ: وَنَصَبَ طِباقاً
عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما مطابَقة طِباقاً، وَالْآخَرُ مِنْ نَعْتِ سَبْعٍ أَي خَلَقَ سَبْعًا ذَاتَ طِباقٍ. الليث: السمواتُ طِباقٌ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطِّبَاقِ طَبَقة، ويذكَّر فَيُقَالُ طَبَقٌ؛ ابْنُ الأَعرابي: الطَّبَقُ الأُمّة بَعْدَ الأُمّة. الأَصمعي: الطِّبْقُ، بِالْكَسْرِ، الجماعةْ مِنَ النَّاسِ. ابْنُ سِيدَهْ: والطَّبَق الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ يَعْدِلون جَمَاعَةً مِثْلَهُمْ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَمَاعَةُ مِنَ الْجَرَادِ وَالنَّاسِ. وَجَاءَنَا طَبَقٌ مِنَ النَّاسِ وطِبْقٌ أَي كَثِيرٌ. وأَتى طَبَقٌ مِنَ الْجَرَادِ أَي جَمَاعَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن مَرْيَمَ جاعَتْ فجاءَها طَبَقٌ مِنْ جَرادٍ فصادَتْ مِنْهُ
، أَي قَطيعٌ مِنَ الْجَرَادِ. والطَّبَقُ: الَّذِي يُؤْكَلُ عَلَيْهِ أَو فِيهِ، وَالْجَمْعُ أَطْباقٌ. وطَبَّقَ السَّحابُ الجَوَّ: غَشّاه، وسَحابةُ مُطَبِّقةٌ. وطَبَّقَ الماءُ وَجْهَ الأَرض: غَطَّاهُ. وأَصبحت الأَرض طَبَقاً وَاحِدًا إِذا تَغَشَّى وجهُها بِالْمَاءِ. وَالْمَاءُ طَبَقٌ للأَرض أَي غِشاء؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
دِيمةٌ هَطْلاءُ فِيهَا وَطَفٌ، ... طَبَقُ الأَرْضِ تَحَرَّى وتَدُرّ
وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثاً مُغِيثاً طَبَقاً
أَي مالِئاً للأَرض مُغَطِّيًا لَهَا. يُقَالُ: غَيْثٌ طَبَقٌ أَي عامٌّ وَاسِعٌ،. يُقَالُ: هَذَا مَطَرٌ طَبَقُ الأَرض إِذا طَبَّقها؛ وأَنشد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
طَبَقُ الأَرض تَحَرَّى وَتَدُرْ
وَمَنْ رَوَاهُ طَبَقَ الأَرضِ نصبَه بِقَوْلِهِ تحَرَّى. الأَصمعي فِي قَوْلِهِ غَيْثًا طَبَقاً: الْغَيْثُ الطَبق الْعَامُّ، وَقَالَ الأَصمعي فِي الْحَدِيثِ:
قُرَيش الكَتَبَة الحَسَبة مِلْحُ هَذِهِ الأُمّة، عِلْمُ عالِمهم طِباقُ الأَرض
؛ كأَنه يعُمّ الأَرض فَيَكُونُ طَبَقاً لَهَا، وَفِي رِوَايَةٍ:
عِلْمُ عالمِ قُرَيْش طَبَقُ الأَرض.
وطَبَّقَ الغيثُ الأَرضَ: ملأَها وَعَمَّهَا. وغيثٌ طَبَقٌ: عامٌّ يُطَبِّق الأَرض. وطَبَّقَ الغيمُ تَطْبيقاً: أَصاب مطرُه جميعَ الأَرض. وطِباقُ الأَرض وطِلاعُها سَوَاءٌ: بِمَعْنَى مِلْئها. وَقَوْلُهُمْ: رَحْمَةٌ طِباقُ الأَرضِ أَي تُغَشِّي الأَرض كُلَّهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لِلَّهِ مائةُ رَحْمةٍ كلُّ رَحْمةٍ مِنْهَا كطِباقِ الأَرض
أَي تُغَشِّي الأَرضَ كُلَّهَا. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: لَوْ أَنَّ لِي طِباقَ الأَرض ذهَباً
أَي ذَهَبًا يعُمّ الأَرض فَيَكُونُ طَبَقاً لَهَا. وطَبَّقَ الشيءُ: عَمَّ. وطَبَقُ الأَرض: وجهُها. وطِباقُ الأَرض: مَا عَلاها. وطَبَقاتُ النَّاسِ فِي مَرَاتِبِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ فِي أَشراط السَّاعَةِ: تُوصَلُ الأَطْباقُ وتُقْطَعُ الأَرْحامُ
؛ يَعْنِي بالأَطْباقِ البُعَداءَ والأَجانِبَ لأَن طَبَقاتِ النَّاسِ أَصناف مُخْتَلِفَةٌ. وطابَقَه عَلَى الأَمر: جامَعَه وأَطْبَقوا عَلَى الشَّيْءِ: أَجمعوا عَلَيْهِ. وَالْحُرُوفُ المُطْبَقة أَربعة: الصَّادُ وَالضَّادُ وَالطَّاءُ وَالظَّاءُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَمَفْتُوحٌ غَيْرُ مُطْبَق. والإِطْباقُ: أَن تَرْفَعَ ظهرَ لِسَانِكَ إِلى الْحَنَكِ الأَعلى مُطْبِقاً لَهُ، وَلَوْلَا الإِطْباقُ لَصَارَتِ الطَّاءُ دَالًّا وَالصَّادُ سِينًا وَالظَّاءُ ذَالًا وَلَخَرَجَتِ الضَّادُ مِنَ الْكَلَامِ لأَنه لَيْسَ مِنْ مَوْضِعِهَا شَيْءٌ غَيْرُهَا، تَزُولُ الضَّادُ إِذا عُدِمَ الإِطْباق الْبَتَّةَ. وطابَقَ(10/210)
لِي بحقِّي وطابَقَ بحقِّي: أَذْعَنَ وأَقرَّ وبَخَعَ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وخَيْل تُطابقُ بِالدَّارِعِينَ، ... طِباقَ الكِلاب يَطَأْنَ الهَراسا
وَيُقَالُ: طابَقَ فلانٌ فُلَانًا إِذَا وافَقه وعاوَنَه. وطابَقَت المرأَةُ زوْجهَا إِذَا واتتْه. وطابَقَ فلانٌ: بِمَعْنَى مَرَنَ. وطابَقَت الناقةُ والمرأَةُ: انْقادت لِمُرِيدِهَا. وطابَقَ عَلَى الْعَمَلِ: مارَنَ. التَّهْذِيبِ: والمُطَبَّقُ شِبْه اللُّؤْلُؤ، إِذَا قُشر اللُّؤْلُؤُ أخِذ قشرهُ ذَلِكَ فأُلزِق بِالْغِرَاءِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَصِيرُ لُؤْلُؤًا أَو شبْهَه. والانْطِباقُ: مُطاوعة مَا أَطْبَقْتَ. والطِّبْقُ والمُطَبَّقُ: شَيْءٌ يُلْصَقُ بِهِ قشرُ اللُّؤْلُؤِ فَيَصِيرُ مِثْلَهُ، وَقِيلَ: كُلُّ مَا أُلْزِقَ بِهِ شَيْءٌ فَهُوَ طِبْقٌ. وطَبِقَت يدُه، بِالْكَسْرِ، طَبَقاً، فَهِيَ طَبِقةٌ: لزِقت بِالْجَنْبِ وَلَا تَنْبَسِطُ. والتَّطْبِيقُ فِي الصَّلَاةِ: جعْلُ الْيَدَيْنِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ فِي الرُّكُوعِ، وَقِيلَ: التَّطْبِيق فِي الرُّكُوعِ كَانَ مِنْ فِعْلِ الْمُسْلِمِينَ فِي أوَّل مَا أمِروا بِالصَّلَاةِ، وَهُوَ إطْباقُ الْكَفَّيْنِ مَبْسُوطَتَيْنِ بَيْنَ الرُّكْبَتَيْنِ إِذَا رَكَعَ، ثُمَّ أُمِروا بإلْقام الكفَّين رأُس الرُّكْبَتَيْنِ، وَكَانَ
ابْنُ مَسْعُودٍ اسْتَمَرَّ عَلَى التَّطْبِيق لأَنه لَمْ يَكُنْ عَلِم الأَمْرَ الْآخَرَ
؛ وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنِ الحَرّبيّ قَالَ: التَّطْبِيقُ فِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ يَضَع كفَّه الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى.
يُقَالُ: طابَقْتُ وطَبَّقْت. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَانَ يُطَبِّقُ فِي صَلَاتِهِ
وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ وَيَجْعَلَهُمَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ. وَجَاءَتِ الإِبل طَبَقاً وَاحِدًا أَيْ عَلَى خُفٍّ. وَمَرَّ طَبَقٌ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَيْ بَعْضُهُمَا، وَقِيلَ مُعْظَمُهُمَا؛ قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ:
وتواهَقَتْ أخْفافُها طَبَقاً، ... والظِّلُّ لَمْ يَفْضُل وَلَمْ يُكْرِ
وَقِيلَ: الطَّبَقة عِشْرُونَ سَنَةً؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ كِتَابِ الْهَجَرِيِّ. وَيُقَالُ: مَضى طَبَقٌ مِنَ النَّهَارِ وطَبَق مِنَ اللَّيْلِ أَيْ سَاعَةٌ، وَقِيلَ أَيْ مُعْظَم مِنْهُ؛ وَمِثْلُهُ: مَضَى طَائِفَةٌ مِنَ اللَّيْلِ. وطَبِقَت النجومُ إِذَا ظَهَرَتْ كُلُّهَا، وفلانَ يَرْعى طَبَقَ النُّجوم؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
أَرى إِبِلًا تكالأَ راعِياها، ... مَخافَة جارِها طَبَقَ النُّجوم
والطَّبَق: سَدُّ الجَراد عينَ الشَّمْسِ. والطَّبَق: انْطِبَاقُ الغَيْم فِي الْهَوَاءِ. وَقَوْلُ
الْعَبَّاسِ فِي النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا مَضى عالَمٌ بَدا طَبَقٌ
؛ فإِنه أَراد إِذا مَضَى قَرْن ظَهَر قَرْن آخَرُ، وإِنما قِيلَ للقَرْن طَبَقٌ لأَنهم طَبَق للأَرض ثُمَّ يَنْقرضِون ويأْتي طَبَق للأَرض آخَرُ، وَكَذَلِكَ طَبَقات النَّاسِ كُلُّ طَبَقة طَبَقت زَمَانَهَا. والطَّبَقة: الْحَالُ، يُقَالُ: كَانَ فُلَانٌ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى طَبَقات شَتَّى أَيْ حَالَاتٍ. ابْنُ الأَعرابي: الطَّبَقُ الْحَالُ عَلَى اخْتِلَافِهَا. والطَّبَقُ والطَّبَقة: الْحَالُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ
؛ أَيْ حَالًا عَنْ حَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. التَّهْذِيبِ: إِنَّ
ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَتَرْكَبُنَّ، وفسَّر لتَصِيرنَّ الأُمور حَالًا بَعْدَ حَالٍ فِي الشِّدَّةِ
، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ وَقَعَ فُلَانٌ فِي بَنَاتِ طَبَق إِذَا وَقَعَ فِي الأَمر الشَّدِيدِ؛ وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ: لَتَرْكَبُنَّ السَّمَاءَ حَالًا بَعْدَ حَالٍ.
وَقَالَ
مَسروق: لَتَرْكَبُنَّ يَا مُحَمَّدُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ
، وقرأَ أَهل الْمَدِينَةِ
لتَرْكَبُنَّ طَبَقاً
، يَعْنِي النَّاسَ عامَّة، وَالتَّفْسِيرُ الشِّدَّة؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لتركَبْنَّ حَالًا بَعْدَ حَالٍ حَتَّى تَصِيرُوا إِلَى اللَّهِ(10/211)
مِنْ إِحْياء وإِماتَةٍ وبَعْثٍ، قَالَ: وَمَنْ قرأَ
لتركَبَنَ
أَرَادَ لتركَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ طَبَقاً عَنْ طَبَق مِنْ أطبْاق السَّمَاءِ؛ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ، وفسَّروا طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ
بِمَعْنَى حَالًا بَعْدَ؛ حَالٍ؛ ونظيرُ وُقُوعٍ عَنْ مَوْقع بَعْدَ قَوْلِ الأَعشى:
وكابِر تَلَدوُك عَنْ كَابِرِ
أَيْ بَعْدَ كَابِرٍ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
بَقيّة قِدْر مِنْ قُدُورٍ تُوُورِثَتْ ... لآلِ الجُلاحِ، كَابِرًا بَعْدَ كابِرِ
وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: إِنِّي كُنْتُ عَلَى أطبْاقٍ ثلاثٍ
أَيْ أحْوالٍ، وَاحِدُهَا طَبَق. وأَخبر
الْحَسَنُ بأَمْرٍ فَقَالَ: إحْدى المُطْبِقات
، قَالَ أَبُو عَمْرٍو: يُريد إحْدى الدواهي والشدائد الَّتِي تُطْبِقُ عَلَيْهِمْ. وَيُقَالُ لِلسَّنَةِ الشَّدِيدَةِ: المُطْبِقة؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وأَهْلُ السَّماحَة فِي المُطْبِقات، ... وأَهل السَّكينةِ فِي المَحْفَلِ
قَالَ: وَيَكُونُ المُطْبَق بِمَعْنَى المُطْبِق. وولدتِ الْغَنَمُ طَبَقاً وطَبْقاً إِذا نُتِجَ بعضُها بَعْدَ بَعْضٍ، وَقَالَ الأُموي: إِذا ولدتِ الغنمُ بَعْضُهَا بَعْدَ بَعْضٍ قِيلَ: قَدْ وَلَّدْتُها الرُّجَيْلاءَ، وولَّدتها طَبَقاً وطَبَقَةً. والطَّبَق والطَّبَقة: الفَقْرة حَيْثُ كَانَتْ، وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ الْفَقْرَتَيْنِ، وَجَمْعُهَا طِباق. والطَّبَقة: الْمَفْصِلُ، وَالْجَمْعُ طَبَق، وَقِيلَ: الطَّبَق عُظَيْم رَقيق يَفْصِلُ بَيْنَ الفَقارَيْن؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا ذهبَ الخِداعُ فَلَا خِداعا، ... وأَبْدى السَّيفُ عَنْ طَبَقٍ نُخاعا
وقيل: الطَّبَق فَقال الصُّلْبِ أَجمع، وَكُلُّ فَقار طَبَقة. وَفِي الْحَدِيثِ:
وتَبْقى أصْلابُ الْمُنَافِقِينَ طَبَقاً وَاحِدًا.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ الأَصمعي الطَّبَقُ فَقار الظَّهْرِ، وَاحِدَتُهُ طَبَقَة وَاحِدَةٌ؛ يَقُولُ: فَصَارَ فَقارُهم كلُّه فَقارةً وَاحِدَةً فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى السُّجُودِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: قَالَ لِمُعَاوِيَةَ وايْمُ اللَّهِ لَئِنْ مَلَكَ مَرْوانُ عِنان خَيْلٍ تَنْقَادُ لَهُ فِي عُثْمَانَ ليَرْكَبَنَّ مِنْكَ طَبَقاً تَخَافُهُ
، يُرِيدُ فَقار الظَّهْرِ، أَيْ ليَرْكبن مِنْكَ مَرْكباً صَعْبًا وَحَالًا لَا يُمْكِنُكَ تَلافِيها، وَقِيلَ: أَراد بالطَّبَق الْمَنَازِلَ وَالْمَرَاتِبَ أَيْ لِيَرْكَبَنَّ مِنْكَ مَنْزِلَةً فَوْقَ مَنْزِلَةٍ فِي الْعَدَاوَةِ. وَيُقَالُ: يدُ فلانٍ طَبَقَةٌ وَاحِدَةٌ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُنْبَسِطَةً ذَاتَ مَفَاصِلَ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: فَقَالَ لِرَجُلٍ قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الأَسير فَقَالَ: إِن يَدِي طَبِقَةٌ
؛ هِيَ الَّتِي لَصِقَ عَضُدُها بِجَنْبِ صَاحِبِهِ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَن يُحَرِّكَهَا. وَفِي حَدِيثِ
عمْران بْنِ حُصَيْن: أَن غُلَامًا لَهُ أَبَقَ فَقَالَ لَئِنْ قَدَرْتُ عَلَيْهِ لأَقطعن منه طابَقَاً [طابِقَاً]
، قَالَ: يُرِيدُ عُضْوًا. الأَصمعي: كُلُّ مفصِل طَبَقٌ، وَجَمْعُهُ أَطبْاق، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلَّذِي يُصِيبُ الْمَفْصِلَ مُطَبِّقٌ؛ وَقَالَ:
ويَحْمِيكَ باللِّين الحُسام المُطَبِّق
وَقِيلَ فِي جَمْعِهِ طَوابِق. قَالَ ثَعْلَبٌ: الطَّابِقُ والطَّابَقُ الْعُضْوُ مِنْ أَعْضَاءِ الإِنسان كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: إِنما أَمر فِي السَّارِقِ بِقَطْعِ طابِقِه أَيْ يَدِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
فَخَبَزْتُ خُبْزًا وَشَوَيْتُ طابَقاً مِنْ شَاةٍ
أَي مِقْدَارَ مَا يأْكل مِنْهُ اثْنَانِ أَو ثَلَاثَةٌ. والطَّبَقَةُ مِنَ الأَرض: شِبْهُ المَشارَة، وَالْجَمْعُ الطَّبَقات تَخْرُجُ بَيْنَ السُّلَحْفاة والهِرْهِرِ «2» . والمطَبِّقُ مِنَ السُّيُوفِ: الَّذِي يُصِيبُ المَفْصِل فيُبينُه
__________
(2) . قوله [تَخْرُجُ بَيْنَ السُّلَحْفَاةِ وَالْهِرْهِرِ] هكذا هو بالأَصل، ولعل قبله سقطاً تقديره ودويبة تخرج بين السلحفاة إلخ أَو نَحْوُ ذَلِكَ(10/212)
يُقَالُ طَبَّق السيفُ إِذا أَصاب المَفْصل فأَبان الْعُضْوَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَيْفًا:
يُصَمِّمُ أَحْياناً وحِيناً يُطَبِّقُ
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ إِذَا أَصاب الْحُجَّةَ: إِنه يُطَبِّقُ الْمَفْصِلَ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْبَلِيغِ مِنَ الرِّجَالِ: قَدْ طَبَّقَ الْمَفْصِلَ وردَّ قالَبَ الْكَلَامِ وَوَضَعَ الهِناء مَوَاضِعَ النُّقَب. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه سأَل أَبا هُرَيْرَةَ عَنِ امرأَة غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، فَقَالَ: لَا تحلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَبَّقْتَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ
طَبَّقْتَ
أَراد أَصبتَ وَجْهَ الفُتْيا، وأَصله إِصابة الْمَفْصِلِ وَهُوَ طَبَقُ العظمينِ أَي مُلْتَقَاهُمَا فَيَفْصِلُ بَيْنَهُمَا، وَلِهَذَا قِيلَ لأَعضاء الشَّاةِ طَوابِقُ، وَاحِدُهَا طابَقٌ، فإِذا فَصَّلها الرَّجُلُ فَلَمْ يُخْطِئِ الْمَفَاصِلَ قِيلَ قَدْ طَبَّقَ؛ وأَنشد أَيضاً:
يُصمِّم أَحياناً وحِيناً يُطَبِّقُ
وَالتَّصْمِيمُ: أَنْ يَمْضِيَ فِي الْعَظْمِ، والتَّطْبِيقُ: إِصابة الْمَفْصِلِ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ إِبِلًا:
وطَبَّقْنَ عُرْضَ القُفِّ لَمَّا عَلَوْنَهُ، ... كَمَا طَبَّقَتْ فِي الْعَظْمِ مُدْيَةُ جازِرِ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَقَدْ خَطَّ رُوميّ وَلَا زَعَماتِهِ ... لعُتْبَةَ خَطًّا، لَمْ تُطَبَّقْ مفاصلُه
وطَبَّقَ فُلَانٌ إِذَا أَصاب فَصَّ الْحَدِيثِ. وطَبَّقَ السيفُ إِذا وَقَعَ بَيْنَ عَظْمَيْنِ. والمُطَبِّقُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يُصِيبُ الأُمور برأْيه، وأَصله من ذلك. المُطابِقُ مِنَ الْخَيْلِ والإِبل: الَّذِي يَضَعُ رِجْلَهُ مَوْضِعَ يَدِهِ. وتَطْبِيقُ الْفَرَسِ: تَقْرِيبُهُ فِي العَدْو. الأَصمعي: التَّطْبِيقُ أَن يَثِبَ البعيرُ فَتَقَعَ قَوَائِمُهُ بالأَرض مَعًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاعِي يَصِفُ نَاقَةً نَجِيبَةً:
حَتَّى إِذا مَا اسْتَوى طَبَّقَتْ، ... كَمَا طَبَّقَ المِسْحَلُ الأَغْبَرُ
يَقُولُ: لَمَّا اسْتَوَى الرَّاكِبُ عَلَيْهَا طَبَّقَتْ؛ قَالَ الأَصمعي: وأَحسن الرَّاعِي فِي قَوْلِهِ:
وهْيَ إِذا قَامَ فِي غَرْزها، ... كمِثْل السَّفِينة أَو أَوْقَر
لأَن هَذَا مِنْ صِفَةِ النَّجَائِبِ، ثُمَّ أَساء فِي قَوْلِهِ طَبَّقَتْ لأَن النَّجِيبَةَ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَن تُقَدِّمَ يَدًا ثُمَّ تُقَدِّمَ الأُخرى، فإِذا طَبَّقَتْ لَمْ تُحْمَد؛ قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ:
حَتَّى إِذَا مَا استْوى فِي غَرْزها تَثِبُ
والمُطابَقَة: الْمَشْيُ فِي الْقَيْدِ وَهُوَ الرَّسْفُ. والمُطابَقَةُ: أَن يَضَعَ الفرسُ رجلَه فِي مَوْضِعِ يَدِهِ، وَهُوَ الأَحَقُّ مِنَ الْخَيْلِ. ومُطابَقَةُ الفرسِ فِي جَرْيِهِ: وَضْعُ رِجْلَيْهِ مَوَاضِعَ يَدَيْهِ. والمُطابَقَةُ: مَشْيُ المقيَّد. وبنَاتُ الطَّبَقِ: الدواهي، يقال لِلدَّاهِيَةِ إِحْدَى بَنَاتُ طَبَقٍ، وَيُقَالُ لِلدَّوَاهِي بَنَاتُ طَبَقٍ، وَيُرْوَى أَن أَصلها الْحَيَّةُ أَي أَنها اسْتَدَارَتْ حَتَّى صَارَتْ مِثْلَ الطَّبَقِ، وَيُقَالُ إِحْدَى بناتِ طَبَق شَرُّك عَلَى رأْسك، تَقُولُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِذا رأَى مَا يَكْرَهُهُ؛ وَقِيلَ: بنتُ طَبَقٍ سُلَحْفاةٌ، وتَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنها تَبِيضُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ بَيْضَةً كُلُّهَا سَلاحِفُ، وَتَبِيضُ بَيْضَةً تَنْقُفُ عَنْ أَسود، يُقَالُ: لَقِيتُ مِنْهُ بناتِ طَبَقٍ وَهِيَ الدَّاهِيَةُ. الأَصمعي: يُقَالُ جَاءَ بإِحدى بناتِ طَبَقٍ وأَصلها مِنَ الحيَّات، وَذَكَرَ الثَّعَالِبِيُّ أَن طَبَقاً حيَّة صَفْرَاءُ؛ ولمَّا نُعي المنصورُ إِلى خَلَف الأَحمر(10/213)
أَنشأَ يَقُولُ:
قَدْ طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ، ... فَذَمَّرُوهَا وَهْمَةً ضَخْم العُنُقْ،
موتُ الإِمامِ فِلْقَةٌ مِن الفِلَقْ
وَقَالَ غَيْرُهُ: قِيلَ لِلْحَيَّةِ أمُّ طَبَقٍ وبنتُ طَبَقٍ لتَرَحِّيها وتحَوّيها، وأَكثر التَّرحِّي للأَفْعى، وَقِيلَ: قِيلَ لِلْحَيَّاتِ بناتُ طَبَقٍ لإِطْبَاقها عَلَى مَنْ تَلْسَعُهُ، وَقِيلَ: إِنما قِيلَ لَهَا بناتُ طَبَقٍ لأَن الحَوَّاء يُمْسِكُهَا تَحْتَ أَطْبَاق الأَسْفاط المُجَلّدة. وَرَجُلٌ طَبَاقَاءُ: أَحمق، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي لَا يَنْكِحُ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ. جَمَلٌ طَبَاقَاءُ: لِلَّذِي لَا يَضْرب. والطَّبَاقاء: العَيِيُّ الثَّقِيلُ الَّذِي يُطْبِقُ عَلَى الطَّرُوقة أَو المرأَة بِصَدْرِهِ لِصِغَرِهِ؛ قَالَ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ:
طَبَاقَاءُ لَمْ يَشْهد خُصُومًا، وَلَمْ يُنِخْ ... قِلاصاً إِلَى أَكْوارها، حِينَ تُعْكَفُ
وَيُرْوَى عَيَاياءُ، وَهُمَا بِمَعْنًى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
طَبَاقَاءُ لَمْ يَشْهَد خُصُومًا، وَلَمْ يَعِشْ ... حَميداً، وَلَمْ يَشْهَدْ حَلَالًا وَلَا عَطِرَا
وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: أَن إِحْدَى النِّسَاءِ وَصَفَتْ زَوْجَهَا فَقَالَتْ: زَوْجِي عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ وكل دَاءٍ له دَوَاءٌ
؛ قَالَ الأَصمعي: الطَّبَاقاء الأَحمق الفَدْم؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ المُطْبَقُ عَلَيْهِ حُمْقاً، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أُموره مُطْبَقَةٌ عَلَيْهِ أَي مُغَشَّاة، وقيل: هُوَ الَّذِي يَعْجِزُ عَنِ الْكَلَامِ فَتَنْطَبق شَفَتَاهُ. والطَّابَقُ والطَّابِقُ: ظَرْف يُطْبَخُ فِيهِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالْجَمْعُ طَوَابِق وطَوابِيق. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما الَّذِينَ قَالُوا طَوابيق فإِنما جَعَلُوهُ تَكْسِيرَ فَاعَال، وإِن لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِهِمْ، كَمَا قَالُوا مَلامِحُ. والطَّابَقُ: نِصْفُ الشَّاةِ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ طابِق وطابَق، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ عَنَى. وَقَوْلُهُمْ: صَادَفَ شَنٌّ طَبَقَه؛ هُمَا قَبِيلَتَانِ شنُّ بْنِ أَفْصَى بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ وطَبَقٌ حَيٌّ مِنْ إِياد، وَكَانَتْ شَنّ لَا يُقَامُ لَهَا فَوَاقَعَتْهَا طَبَقٌ فَانْتَصَفَتْ مِنْهَا، فَقِيلَ: وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَه، وَافَقَهُ فَاعْتَنَقَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَقِيَتْ شَنًّا إِيادٌ بالقَنَا ... طَبَقاً، وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ الشَّنُّ هُنَا القِربَة لأَن الْقِرْبَةَ لَا طَبَقَ لَهَا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي فِي هَذَا الْمَثَلِ: الشَّنُّ الْوِعَاءُ الْمَعْمُولُ مِنْ أَدَمٍ، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ شَنّ، وَكَانَ قَوْمٌ لَهُمْ مِثْلُهُ فَتَشَنَّنَ فَجَعَلُوا لَهُ غِطَاءً فَوَافَقَهُ. وَفِي كِتَابُ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: كَمَا وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَه
؛ قَالَ: هَذَا مَثَلٌ لِلْعَرَبِ يُضْرَبُ لِكُلِّ اثْنَيْنِ أَو أَمْرَيْنِ جَمَعَتْهُما حالةٌ وَاحِدَةٌ اتَّصف بِهَا كلٌّ مِنْهُمَا، وأَصله أَن شَنًّا وطَبَقَة حيَّان اتَّفَقَا عَلَى أَمر فَقِيلَ لَهُمَا ذَلِكَ، لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيلَ ذَلِكَ لَهُ لَمَّا وَافَقَ شَكْلَهُ وَنَظِيرَهُ، وَقِيلَ: شَنٌّ رَجُلٌ مِنْ دُهَاة الْعَرَبِ وَطَبَقَةُ امْرَأَةٌ مِنْ جِنْسِهِ زُوجَتْ مِنْهُ وَلَهُمَا قِصَّةٌ. التَّهْذِيبِ: والطَّبَقُ الدَّرَكُ مِنْ أَدراك جَهَنَّمَ. ابْنُ الأَعرابي: الطِّبْقُ الدِّبْقُ. والطَّبْق، بِفَتْحِ الطَّاءِ: الظُّلْمُ بِالْبَاطِلِ. والطِّبْقُ: الْخُلُقُ الْكَثِيرُ: وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
كَأَنَّ أَيدِيَهُنَّ بالرَّغَامِ ... أَيْدي نَبِيط، طَبَقَى اللِّطَامِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ مُدَارِكُوهُ حَاذِقُونَ بِهِ، وَرَوَاهُ(10/214)
ثَعْلَبٌ طَبِقِي اللِّطَامِ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَعْنَاهُ لَازِقِي اللِّطَامِ بِالْمَلْطُومِ. وأَتانا بَعْدَ طَبَقٍ مِنَ اللَّيْلِ وطَبيقٍ: أَراه يَعْنِي بَعْدَ حِينٍ، وَكَذَلِكَ مِنَ النَّهَارِ؛ وَقَوْلُ ابْنُ أَحمر:
وتَوَاهَقَتْ أَخفافها طَبَقاً، ... والظلُّ لَمْ يَفْضُلْ وَلَمْ يُكْرِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه مِنْ هَذَا. والطِّبْق: حَمْلُ شَجَرٍ بِعَيْنِهِ. والطُّبَّاقُ: نَبْتٌ أَوْ شَجَرٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الطُّبَّاقُ شَجَرٌ نَحْوُ الْقَامَةِ يَنْبُتُ مُتَجَاوِرًا لَا يَكَادُ يُرَى مِنْهُ وَاحِدَةٌ مُنْفَرِدَةً، وَلَهُ وَرَقٌ طِوَالٌ دِقَاقٌ خُضْرٌ تَتَلَزَّجُ إِذا غُمِزَ، وَلَهُ نَوْرٌ أَصفر مُجْتَمِعٌ؛ قَالَ تأَبط شَرًّا:
كأَنما حَثْحَثُوا حُصًّا قَوَادِمُهُ، ... أَو أُمَّ خِشْفٍ بِذِي شَثٍّ وطُبَّاقِ
وَرُوِيَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنه وَصَفَ مَنْ يَلي الأَمر بَعْدَ السُّفْيَانِيِّ فَقَالَ: يَكُونُ بَيْنَ شَثّ وطُبَّاقٍ
؛ والشَثُّ والطُّبَّاق: شَجَرَتَانِ معروفتان بناحية الحجار. والحُمَّى المُطْبِقةُ: هِيَ الدَّائِمَةُ لَا تُفَارِقُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا. والطَّابَق والطَّابِق: الْآجُرُّ الْكَبِيرُ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ تحلَّبوا عَلَى ذَلِكَ الإِنسان طبَاقَاءَ، بِالْمَدِّ، أَي تَجَمَّعُوا كُلُّهُمْ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عَمْرٍو النَّخَعِيِّ: يَشْتَجِرُون اشْتِجَار أَطْباق الرأْس
أَي عِظَامِهِ فإِنها مُتَطابقة مُشْتبكة كَمَا تَشْتَبِكُ الأَصابع؛ أَراد التِحَام الْحَرْبِ وَالِاخْتِلَاطَ فِي الْفِتْنَةِ. وَجَاءَ فُلَانٌ مُقْتَعِطًّا إِذا مُتَعَمِّمًا طَابِقِيًّا، وَقَدْ نُهِيَ عنها.
طرق: رُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: الطَّرْق والعِيَافَةُ مِنَ الجِبْتِ
؛ والطَّرْقُ: الضَّرْبُ بِالْحَصَى وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ التَّكَهُّنِ. والخَطُّ فِي التُّرَابِ: الكَهانَةُ. والطُّرَّاقُ: المُتكَهِّنُون. والطَّوارِقُ: الْمُتَكَهِّنَاتُ، طَرَقَ يَطْرُقُ طَرْقاً؛ قَالَ لَبِيَدٌ:
لَعَمْرُكَ مَا تَدْري الطَّوَارِقُ بِالْحَصَى، ... وَلَا زَاجِراتُ الطَّيْرِ مَا اللهُ صَانِعُ
واسْتَطْرَقَهُ: طَلَبَ مِنْهُ الطَّرْقَ بِالْحَصَى وأَن يَنْظُرَ لَهُ فِيهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
خَطَّ يدِ المُسْتَطْرَقِ المَسْؤولِ
وأَصل الطَّرْقِ الضَّرْبُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ مِطْرقَة الصَّائِغِ وَالْحَدَّادِ لأَنه يَطْرقُ بِهَا أَي يَضْرِبُ بِهَا، وَكَذَلِكَ عَصَا النَّجَّاد الَّتِي يَضْرِبُ بِهَا الصوفَ. والطَّرقُ: خَطٌّ بالأَصابع فِي الْكَهَانَةِ، قَالَ: والطَّرْقُ أَن يَخْلِطَ الْكَاهِنُ القطنَ بِالصُّوفِ فَيَتَكهَّن. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا بَاطِلٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي تَفْسِيرِ الطَّرْقِ أَنه الضَّرْبُ بِالْحَصَى، وَقَدْ قَالَ أَبو زَيْدٍ: الطَّرْقُ أَن يَخُطَّ الرَّجُلُ فِي الأَرض بإِصبعين ثُمَّ بإِصبع وَيَقُولُ: ابْنَيْ عِيانْ، أَسْرِعا الْبَيَانَ؛ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الطِّيَرَةُ والعِيافَةُ والطَّرْقُ مِنَ الجِبْتِ
؛ الطرقُ: الضَّرْبُ بِالْحَصَى الَّذِي تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ الخَطُّ فِي الرَّمْلِ. وطَرَقَ النَّجَّادُ الصوفَ بِالْعُودِ يَطْرُقُه طَرْقاً: ضَرَبَهُ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْعُودِ الَّذِي يُضْرَبِ بِهِ المِطْرَقةُ، وَكَذَلِكَ مِطْرَقَةُ الْحَدَّادِينَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى عَجُوزًا تَطْرُقُ شَعراً
؛ هُوَ ضَرْبُ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ بِالْقَضِيبِ ليَنْتفشا. والمِطْرَقة: مِضْربة الْحَدَّادِ وَالصَّائِغِ وَنَحْوِهِمَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:(10/215)
عَاذِل قَدْ أُولِعْتِ بالتَّرقِيشِ ... إِليَّ سِرًّا، فاطْرُقي ومِيشِي
التَّهْذِيبُ: وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ الَّتِي تُضْرَبُ لِلَّذِي يَخْلِطُ فِي كَلَامِهِ وَيَتَفَنَّنُ فِيهِ قَوْلُهُمْ: اطْرُقي ومِيشِي. والطَّرْق: ضَرْبُ الصُّوفِ بِالْعَصَا. والمَيْشُ: خَلْطُ الشَّعْرِ بِالصُّوفِ. والطَّرْق: الْمَاءُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي خيضَ فِيهِ وبِيل وبُعِرَ فكَدِر، وَالْجَمْعُ أَطْرَاق. وطَرَقَت الإِبل الْمَاءَ إِذا بَالَتْ فِيهِ وَبَعَرَتْ، فَهُوَ مَاءٌ مَطْرُوق وطَرْقٌ. والطَّرْقُ والمَطرُوق أَيضاً: مَاءُ السَّمَاءِ الَّذِي تَبُولُ فِيهِ الإِبل وتَبْعَرُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
ودَعَوْا بالصَّبُوح يَوْمًا، فجاءَتْ ... قَيْنَةٌ فِي يَمِينِهَا إِبْريقُ
قدَّمَتْهُ على عُقارٍ، كعَيْن الدّيكِ، ... صَفَّى سُلافَها الرَّاووقُ
مُزَّةٍ قَبْلَ مَزْجِها، فإِذا مَا ... مُزِجَتْ، لَذَّ طَعْمَها مَنْ يَذُوقُ
وطَفَا فَوْقَهَا فَقَاقِيعُ، كالياقوت، ... حُمْرٌ يَزينُها التَّصفيقُ
ثُمَّ كَانَ المِزَاجُ ماءَ سَحَابٍ ... لَا جَوٍ آجِنٌ، وَلَا مَطْرُوقُ
وَمِنْهُ قَوْلُ إِبراهيم فِي الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ: الطَّرْقُ أَحَبُّ إليَّ مِنَ التَّيَمُّم؛ هُوَ الْمَاءُ الَّذِي خَاضَتْ فِيهِ الإِبل وَبَالَتْ وَبَعَرَتْ. والطَّرْق أَيضاً: مَاءُ الفحلِ. وطرَقَ الفحلُ النَّاقَةَ يَطْرُقها طَرْقاً وطُروقاً أَي قَعا عَلَيْهَا وَضَرَبَهَا. وأَطْرَقه فَحْلًا: أَعطاه إِياه يَضْرِبُ فِي إِبله، يُقَالُ: أَطرِقْني فحلَك أَي أَعِرْني فَحْلَكَ لِيَضْرِبَ فِي إِبلي. الأَصمعي: يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أَعِرْني طَرْقَ فحلِك العامَ أَي مَاءَهُ وضِرابَهُ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ يَسْتَطْرِقُ ماءَ طَرْقٍ [طِرْقٍ] . وَفِي الْحَدِيثِ:
ومِنْ حقِّها إِطْراقُ فحلِها
أَي إِعارته لِلضِّرَابِ، واسْتطْراق الْفَحْلِ إِعارته لِذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَطْرَقَ مُسْلِمًا فَعَقّتْ لَهُ الفرسُ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ: مَا أُعْطيَ رجلٌ قَطُّ أَفضلَ مِنَ الطَّرْقِ، يُطْرِق الرجلُ الْفَحْلَ فيُلْقِح مِائَةً فَيَذْهبُ حَيْرِيَّ دَهْرٍ
أَي يَحْوِي أَجره أَبَدَ الآبِدينَ، ويُطْرِقُ أَي يُعِيرُ فَحْلَهُ فَيَضْرِبُ طَرُوقَة الَّذِي يَستَطْرِقه. والطَّرْقُ فِي الأَصل: مَاءُ الْفَحْلِ، وَقِيلَ: هُوَ الضِّرابُ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَاءُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: وَالْبَيْضَةُ مَنْسُوبَةٌ إِلى طَرْقِها
أَي إِلى فَحْلِهَا. واسْتَطْرَقَهُ فَحْلًا: طَلَبَ مِنْهُ أَن يُطْرِقَهُ إِياه لِيَضْرِبَ فِي إِبله. وطَرُوقَةُ الْفَحْلِ: أُنثْاه، يُقَالُ: نَاقَةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ لِلَّتِي بَلَغَتْ أَن يَضْرِبَهَا الْفَحْلُ، وَكَذَلِكَ المرأَة. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: إِذا أَردت أَن يُشْبهك ولَدُك فأَغْضِب طَرُوقَتَك ثُمَّ ائتِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ طَرُوقَةٍ
أَي زَوْجَةٍ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ طَرُوقَةُ زَوْجِهَا، وَكُلُّ نَاقَةٍ طَرُوقَةُ فَحْلِهَا، نَعْتٌ لَهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ لَهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى ذَلِكَ مُسْتَعَارًا لِلنِّسَاءِ كَمَا اسْتَعَارَ أَبو السِّمَاكِ الطَّرْق فِي الإِنسان حِينَ قَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: مَا تَسْقِيني؟ قَالَ: شَرَابٌ كالوَرْس، يُطَيّب النَّفَسَ، ويُكْثر الطَّرْق، وَيَدِرُّ فِي العِرْق، يشدُّ العِظام، وَيُسَهِّلُ للفَدْم الْكَلَامَ؛ وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الطَّرْقُ وَضْعاً فِي الإِنسان فَلَا يَكُونُ مُسْتَعَارًا. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ فِي فَرَائِضِ صدَقات الإِبل:
فإِذا بَلَغَتِ الإِبل كَذَا فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ
؛ الْمَعْنَى فِيهَا نَاقَةٌ حِقَّةٌ يَطْرُقُ الفحلُ مِثْلَهَا أَي يَضْرِبُهَا وَيَعْلُو مِثْلَهَا فِي(10/216)
سِنِّهَا، وَهِيَ فَعُولَةٌ بِمَعْنَى مَفْعولة أَي مَرْكُوبَةٌ لِلْفَحْلِ. وَيُقَالُ للقَلُوصِ الَّتِي بَلَّغَتِ الضَّرابَ وأَرَبَّتْ بِالْفَحْلِ فَاخْتَارَهَا مِنَ الشُّوَّل: هِيَ طَرْوقَتُه. وَيُقَالُ لِلْمُتَزَوِّجِ: كَيْفَ وجدتَ طَرُوقَتَك؟ وَيُقَالُ: لَا أَطْرَقَ اللهُ عَلَيْكَ أَي لَا صَيَّر لَكَ مَا تَنكْحِه. وفي حديث
طِرَاقٌ إِذا كَانَ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ؛ قَالَ يَصِفُ قَطَاةً:
أَمّا القَطاةُ، فإِنِّي سَوْفَ أَنْعَتُها ... نعْتاً، يُوافِقُ نَعْتي بَعْضَ مَا فِيهَا:
سَكَّاءُ مخطومَةٌ، فِي رِيشِهَا طَرَقٌ، ... سُود قوادمُها، صُهْبٌ خَوافيها
تَقُولُ مِنْهُ: اطَّرقَ جناحُ الطَّائِرِ عَلَى افْتَعَلَ أَي الْتَفَّ. وَيُقَالُ: اطَّرَقَت الأَرض إِذا رَكِبَ التُّرَابُ بَعْضُهُ بَعْضًا. والإِطْراقُ: اسْتِرْخَاءُ الْعَيْنِ. والمُطْرِقُ: الْمُسْتَرْخِي الْعَيْنِ خِلقةً. أَبو عُبَيْدٍ: وَيَكُونُ الإِطْراقُ الاسترخاءَ فِي الْجُفُونِ؛ وأَنشد لمُزَرِّدٍ يَرْثِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عَنْهُ:
وَمَا كُنْت أَخْشَى أَن تكونَ وفاتُه ... بِكَفَّيْ سَبَنْتى أَزرقِ العينِ مُطْرِقِ(10/217)
والإِطْراقُ: السُّكُوتُ عَامَّةً، وَقِيلَ: السُّكُوتُ مِنْ فَرَقٍ. وَرَجُلٌ مُطْرِقٌ ومِطْراقٌ وطِرِّيق: كَثِيرُ السُّكُوتِ. وأَطْرَقَ الرَّجُلُ إِذا سَكَتَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ، وأَطْرَقَ أَيْضًا أَي أَرخى عَيْنَيْهِ يَنْظُرُ إِلى الأَرض. وَفِي حَدِيثِ نَظَرِ الفجأَة:
أَطْرِق بصَرك
، الإِطْراقُ: أَن يُقْبل بِبَصَرِهِ إِلى صَدْرِهِ وَيَسْكُتَ سَاكِنًا؛ وَفِيهِ:
فأَطْرَقَ سَاعَةً
أَي سَكَتَ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فأَطْرَقَ رأْسَه
أَي أَماله وأَسكنه. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ: حَتَّى انْتَهَكُوا الحَرِيمَ ثُمَّ أَطْرَقُوا وَرَاءَكُمْ
أَي اسْتَتَرُوا بِكُمْ. والطِّرِّيقُ: ذَكَر الكَرَوان لأَنه يُقَالُ أَطْرِقْ كَرَا فيَسْقط مُطْرِقاً فيُؤخذ. التَّهْذِيبُ: الكَرَوان الذَّكَرُ اسْمُهُ طِرِّيق لأَنه إِذا رأَى الرَّجُلَ سَقَطَ وأَطْرَق، وَزَعَمَ أَبو خَيْرَةَ أَنهم إِذا صَادُوهُ فرأَوه مِنْ بَعِيدٍ أَطافوا بِهِ، وَيَقُولُ أَحدهم: أَطْرِقْ كَرَا إِنك لَا تُرى، حَتَّى يتَمَكن مِنْهُ فيُلقي عَلَيْهِ ثَوْبًا ويأْخذه؛ وَفِي الْمَثَلِ:
أَطْرِقْ كَرَا أَطْرِقْ كَرَا ... إِنَّ النَّعامَ فِي القُرَى
يُضْرَبُ مَثَلًا لِلْمُعْجَبِ بِنَفْسِهِ كَمَا يُقَالُ فَغُضَّ الطرْفَ، وَاسْتَعْمَلَ بَعْضُ الْعَرَبِ الإِطراق فِي الْكَلْبِ فَقَالَ:
ضَوْرِيّة أُولِعْتُ باشْتِهارِها، ... يُطْرِقُ كلبُ الحيِّ مِن حِذارِها
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ إِنَّ تَحْتَ طِرِّيقتِك لَعِنْدأْوةً؛ يُقَالُ ذَلِكَ للمُطْرق المُطاوِل ليأْتِي بِدَاهِيَةٍ ويَشُدّ شَدّة ليثٍ غيرِ مُتّقٍ، وَقِيلَ معناه أَي إِن فِي لينِه وانْقيادِه أَحْياناً بعضَ العُسْرِ وَيُقَالُ أَي إِنَّ تَحْتَ سُكُوتِكَ لَنَزْوةً وطِماحاً، والعِنْدَأْوةُ أَدْهى الدَّواهي، وَقِيلَ: هُوَ الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والطُّرْقةُ: الرَّجُلُ الأَحْمَق. يُقَالُ: إِنه لَطُرْقةٌ مَا يُحْسِنُ يُطَاقُ مِنْ حُمْقِهِ. وطارَقَ الرجلُ بَيْنَ نَعْلَيْنِ وَثَوْبَيْنِ: لَبِس أَحدَهما عَلَى الْآخَرِ. وطارَقَ نَعْلَيْنِ: خَصَفَ إِحدَاهما فَوْقَ الأُخرى، وجِلْدُ النَّعْلِ طِراقُها. الأَصمعي: طارَقَ الرجلُ نَعْلَيْهِ إِذا أَطبَقَ نَعْلًا عَلَى نَعْلٍ فخُرِزَتا، وَهُوَ الطَّرّاق، والجلدُ الَّذِي يَضْرِبُهَا بِهِ الطِّراقُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وطِرَاقٌ مِنْ خَلْفِهِنّ طِراقٌ، ... ساقِطاتٌ تَلْوي بِهَا الصحراءُ
يَعْنِي نِعَالَ الإِبل. وَنَعْلٌ مُطارَقة أَي مَخْصُوفَةٌ، وَكُلُّ خَصِيفَةٍ طِراقٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَغبْاشَ لَيْلِ تمامٍ، كانَ طارَقَه ... تَطَخْطُخُ الغيمِ، حَتَّى مَا لَه جُوَبُ
وطِرَاقُ النَّعْلِ: مَا أُطْبِقَت عَلَيْهِ فخُرِزَتْ بِهِ، طَرَقَها يَطْرُقُها طَرْقاً وطارَقَها؛ وَكُلُّ مَا وَضَعَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَقَدْ طُورِقَ وأَطْرقَ. وأَطْراقُ الْبَطْنِ: مَا رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا وتَغَضَّنَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: فلِبْسْتُ خُفَّيْنِ مُطارَقَيْنِ
أَي مُطبْقَينِ وَاحِدًا فَوْقَ الْآخَرِ. يُقَالُ: أَطْرَقَ النعلَ وطارَقَها. وطِرَاقُ بيضةِ الرأْس: طبقاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وأَطراقُ الْقِرْبَةِ: أَثناؤها إِذا انْخَنَثَتْ وتثنَّتْ، وَاحِدُهَا طَرَقٌ. والطَّرَقُ ثِنْيُ الْقِرْبَةِ، وَالْجَمْعُ أَطرْاقٌ وَهِيَ أَثناؤها إِذا تَخَنَّثَتْ وتثنَّتْ. ابْنُ الأَعرابي: فِي فُلَانٍ طَرْقة وحَلَّة وتَوضِيع إِذا كَانَ فِيهِ تخنُّث.(10/219)
والمَجَانّ المُطْرَقَة: الَّتِي يُطْرَق بعضُها عَلَى بَعْضٍ كالنَّعْل المُطْرَقة المَخصُوفة. وَيُقَالُ: أُطْرِقَت بالجلْد والعصَب أَي أُلْبِسَت، وتُرْس مُطْرَق. التَّهْذِيبُ: المَجانُّ المُطْرَقة مَا يَكُونُ بَيْنَ جِلْدين أَحدهما فَوْقَ الْآخَرِ، وَالَّذِي جاءَ فِي الْحَدِيثِ:
كأَنَّ وُجوهَهم المَجانَّ المُطْرَقة
أَي التِّراس الَّتِي أُلْبِسَتِ العَقَب شَيْئًا فَوْقَ شَيْءٍ؛ أَراد أَنهم عِراضُ الوُجوه غِلاظها؛ وَمِنْهُ طارَق النعلَ إِذا صيَّرها طَاقًا فَوْقَ طاقٍ وركَّب بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ لِلتَّكْثِيرِ، والأَول أَشهر. والطِّراق: حَدِيدٌ يعرَّض ويُدار فَيُجْعَلُ بَيْضة أَو ساعِداً أَو نحوَه فَكُلُّ طَبَقَةٍ عَلَى حِدَة طِراق. وَطَائِرٌ طِراق الرِّيشِ إِذا رَكِبَ بعضُه بَعْضًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ بَازِيًا:
طِرَاق الخَوافي، واقِعٌ فَوْقَ ريعهِ، ... نَدَى لَيْلِه في رِيشِه يَتَرَفْرَقُ
وأَطْرَق جَناح الطَّائِرِ: لَبِسَ الرِّيشُ الأَعلى الرِّيشَ الأَسفل. وأَطْرَق عَلَيْهِ اللَّيْلُ: رَكِبَ بعضُه بَعْضًا؛ وَقَوْلُهُ:
...... وَلَمْ ... تُطْرِقْ عَلَيْكَ الحُنِيُّ والوُلُجُ «3»
أَي لَمْ يوضَع بعضُه عَلَى بَعْضٍ فتَراكَب. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ
؛ قَالَ الزجاج: أَراد السمواتِ السَّبْعَ، وإِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لتراكُبها، والسموات السَّبْعُ والأَرضون السَّبْعُ طَرائِقُ بعضُها فَوْقَ بَعْضٍ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سبْعَ طَرَائِقَ يَعْنِي السموات السَّبْعَ كلُّ سَمَاءٍ طَرِيقة. واختضَبَت المرأَة طَرْقاً أَو طَرْقين وطرْقَة أَو طَرْقَتَينِ يَعْنِي مَرَّةً أَو مَرَّتَيْنِ، وأَنا آتِيهِ فِي النَّهَارِ طَرْقة أَو طَرْقَتَين أَي مرَّة أَو مرَّتين. وأَطْرَق إِلى اللهْو: مَالَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والطَّرِيقُ: السَّبِيلُ، تذكَّر وَتُؤَنَّثُ؛ تَقُولُ: الطَّريق الأَعظم والطَّريق العُظْمَى، وَكَذَلِكَ السَّبِيلُ، وَالْجَمْعُ أَطْرِقة وطُرُق؛ قَالَ الأَعشى:
فَلَمَّا جَزَمتُ بِهِ قِرْبَتي، ... تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَو خَلِيفَا
وَفِي حَدِيثِ
سَبْرة: أَن الشَّيْطَانَ قَعَد لِابْنِ آدَمَ بأَطْرِقة
؛ هِيَ جَمْعُ طَرِيقٍ عَلَى التَّذْكِيرِ لأَن الطَّرِيقَ يذكَّر وَيُؤَنَّثُ، فَجَمْعُهُ عَلَى التَّذْكِيرِ أَطْرِقة كَرَغِيفٍ وأَرْغِفة، وَعَلَى التأْنيث أَطْرُق كَيَمِينٍ وأَيْمُن. وَقَوْلُهُمْ: بَنُو فُلَانٍ يَطَؤُهم الطريقُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنما هُوَ عَلَى سَعَة الْكَلَامِ أَي أَهلُ الطَّرِيقِ، وَقِيلَ: الطَّرِيقُ هُنَا السابِلةُ فَعَلَى هَذَا لَيْسَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ كَمَا هُوَ فِي الْقَوْلِ الأَول، وَالْجَمْعُ أَطْرِقة وأَطْرِقاء وطُرُق، وطُرُقات جَمْعُ الْجَمْعِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
يَطَأُ الطَّرِيقُ بُيُوتَهم بِعيَاله، ... والنارُ تَحْجُبُ والوُجوه تُذالُ
فَجَعَلَ الطَّرِيقَ يَطَأُ بِعياله بيوتَهم، وإِنما يَطَأُ بيوتَهم أَهلُ الطَّرِيق. وأُمُّ الطَّرِيق: الضَّبُع؛ قَالَ الكُمَيْت:
يُغادِرْنَ عَصْبَ الوالِقيّ وناصِحٍ، ... تَخُصُّ بِهِ أُمُّ الطَّريقِ عِيالَها
اللَّيْثُ: أُمُّ طَريق هِيَ الضَّبُع إِذا دَخَلَ الرَّجُلُ عَلَيْهَا وِجارَها قَالَ أَطْرِقي أُمَّ طرِيق لَيْسَتِ الضَّبُع هاهنا.
__________
(3) . قوله [ولم تطرق إلخ] تقدم إنشاده في مادة سلطح:
أَنْتَ ابْنُ مُسْلَنْطِحِ الْبِطَاحِ وَلَمْ ... تَعْطِفْ عَلَيْكَ الْحُنِيُّ والولج(10/220)
وبناتُ الطَّرِيق: الَّتِي تَفْتَرِقُ وتختلِف فتأْخذ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ؛ قَالَ أَبو الْمُثَنَّى بْنُ سَعلة الأَسدي:
أَرْسَلْت فِيهَا هَزِجاً أَصْواتُهُ، ... أَكْلَف قَبْقَابَ الهَدِيرِ صاتُهُ،
مُقاتِلًا خَالَاتُهُ عَمّاتُهُ، ... آباؤُه فِيهَا وأُمَّهاتُهُ،
إِذا الطَّرِيقُ اختلفَتْ بَناتُهُ
وتَطَرَّقَ إِلى الأَمر: ابْتَغَى إِليه طَريقاً. وَالطَّرِيقُ: مَا بَيْنَ السِّكَّتَينِ مِنَ النَّخْل. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ الرَّاشْوان. والطَّرِيقة: السِّيرة. وَطَرِيقَةُ الرَّجُلِ: مَذْهبه. يُقَالُ: مَا زَالَ فُلَانٌ عَلَى طَرِيقة وَاحِدَةٍ أَي عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. وَفُلَانٌ حَسَنُ الطَّرِيقة، والطَّرِيقة الْحَالُ. يُقَالُ: هُوَ عَلَى طَرِيقة حسَنة وطَريقة سَيِّئة؛ وأَما قَوْلُ لَبِيد أَنشده شَمِرٌ:
فإِنْ تُسْهِلوا فالسَّهْل حظِّي وطُرْقَتي، ... وإِنْ تُحْزِنُوا أَرْكبْ بِهِمْ كلَّ مَرْكبِ
قَالَ: طُرْقَتي عادَتي. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ
؛ أَراد لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى طَرِيقة الهُدى، وَقِيلَ، عَلَى طَريقة الكُفْر، وَجَاءَتْ معرَّفة بالأَلف وَاللَّامِ عَلَى التَّفْخِيمِ، كَمَا قَالُوا العُودَ للمَنْدَل وإِن كَانَ كُلُّ شَجَرَةٍ عُوداً. وطَرائقُ الدَّهْرِ: مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ تَقَلُّبه؛ قَالَ الرَّاعِي:
يَا عَجَباً للدَّهْرِ شَتَّى طَرائِقُهْ، ... ولِلْمَرْءِ يَبْلُوه بِمَا شَاءَ خالِقُهْ
كَذَا أَنشده سِيبَوَيْهَ يَا عَجَبًا مُنَوَّنًا، وَفِي بَعْضِ كُتُبِ ابْنِ جِنِّي: يَا عَجَبَا، أَراد يَا عَجَبي فَقَلَبَ الْيَاءَ أَلفاً لمدِّ الصَّوْت كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَسَفى عَلى يُوسُفَ. وقولُه تَعَالَى: وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الطَّرِيقَةِ
الرجالُ الأَشراف، مَعْنَاهُ بجَماعِتكم الأَشراف، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ الْفَاضِلِ: هَذَا طَرِيقَة قومِه، وطَرِيقَة الْقَوْمِ أَماثِلُهم وخِيارُهُم، وَهَؤُلَاءِ طَرِيقةُ قومِهم، وإِنَّما تأْويلُه هَذَا الَّذِي يُبْتَغَى أَن يجعلَه قومُه قُدْوةً وَيَسْلُكُوا طَرِيقَته. وطَرائِقُ قومِهم أَيضاً: الرجالُ الأَشراف. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: عِنْدِي، وَاللَّهُ أَعلم، أَن هَذَا عَلَى الْحَذْفِ أَي ويَذْهَبا بأَهْل طَريقَتِكم المُثْلى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ؛ أَي أَهل الْقَرْيَةِ؛ الْفَرَّاءُ: وَقَوْلُهُ طَرائِقَ قِدَداً
مِنْ هَذَا. وَقَالَ الأَخفش: بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى
أَي بسُنَّتكم وَدِينِكُمْ وَمَا أَنتم عَلَيْهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً
؛ أَي كُنَّا فِرَقاً مُخْتَلِفَةً أَهْواؤنا. وَالطَّرِيقَةُ: طَرِيقة الرَّجُلِ. والطَّرِيقة: الخطُّ فِي الشَّيْءِ. وطَرائِقُ البَيْض: خطُوطُه الَّتِي تُسمَّى الحُبُكَ. وطَريقة الرَّمْلِ والشَّحْم: مَا امتدَّ مِنْهُ. والطَّرِيقة: الَّتِي عَلَى أَعلى الظَّهْرِ. وَيُقَالُ لِلْخَطِّ الَّذِي يَمْتَدُّ عَلَى مَتْن الْحِمَارِ طَرِيقة، وَطَرِيقَةُ المَتْن مَا امتدَّ مِنْهُ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ حِمَارَ وَحْش:
فأَصْبَح مُمتْدَّ الطَّريقة نافِلًا
اللَّيْثُ: كلُّ أُخْدُودٍ مِنَ الأَرض أَو صَنِفَةِ ثَوْب أَو شَيْءٍ مُلْزَق بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَهُوَ طَرِيقة، وَكَذَلِكَ مِنَ الأَلوان. اللِّحْيَانِيُّ: ثَوْبٌ طَرائقُ ورَعابِيلُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وثوبٌ طَرائق: خَلَقٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وإِذا وُصِفَتِ القَناة بالذُّبُول قِيل قَناة ذَاتُ طَرائق، وَكَذَلِكَ الْقَصَبَةُ إِذا قُطِعَتْ رَطْبة فأَخذت تَيْبَس رأَيت فِيهَا طَرائق قَدِ اصْفَرَّت حِينَ أَخذت فِي اليُبْس(10/221)
وَمَا لَمْ تَيْبَس فَهُوَ عَلَى لوْن الخُضْرة، وإِن كَانَ فِي القَنا فَهُوَ عَلَى لَوْن القَنا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ قَناة:
حتَّى يَبِضْنَ كأَمْثال القَنا ذبَلَتْ، ... فِيهَا طرائقُ لَدْناتٌ عَلَى أَوَدِ
والطَّرِيقَةُ وَجَمْعُهَا طَرائق: نَسِيجة تُنْسَج مِنْ صُوفٍ أَو شعَر عَرْضُها عَظْمُ الذِّراع أَو أَقلّ، وَطُولُهَا أَربع أَذرُع أَو ثَمَانِي أَذرُع عَلَى قَدْرِ عِظَم الْبَيْتِ وصِغَره، تُخَيّط فِي مُلتْقَى الشِّقاق مِنَ الكِسْر إِلى الكِسْر، وَفِيهَا تكون رؤوس العُمُد، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الطَّرائقِ أَلْبادٌ تَكُونُ فِيهَا أُنُوف العُمُد لِئَلَّا تَخْرِقَ الطَّرائق. وطَرَّقوا بَيْنَهُمْ طَرائِق، والطَّرائق: آخرُ مَا يَبْقى مِنَ عَفْوةِ الكَلإِ. والطَّرائق: الفِرَق. وَقَوْمٌ مَطارِيق: رَجَّالة، وَاحِدُهُمْ مُطْرِق، وَهُوَ الرَّاجِل؛ هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ، وَهُوَ نَادِرٌ إِلا أَن يَكُونَ مَطارِيق جَمْعَ مِطْراق. والطَّرِيقة: العُمُد، وَكُلُّ عَمُود طَرِيقة. والمُطْرِق: الوَضيع. وتَطارق الشيءُ تَتَابَعَ. واطَّرَقت الإِبل اطِّراقاً وتَطارقت: تَبِع بعضُها بَعْضًا وَجَاءَتْ عَلَى خُفٍّ وَاحِدٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
جاءتْ مَعًا، واطَّرَقَتْ شَتِيتا، ... وهيَ تُثِير السَّاطعَ السِّخْتِيتا
يَعْنِي الغُبار الْمُرْتَفِعَ؛ يَقُولُ: جَاءَتْ مجتمِعة وَذَهَبَتْ متفرِّقة.
وتركَتْ راعِيَها مَشْتُوتا
وَيُقَالُ: جَاءَتِ الإِبل مَطارِيق يَا هَذَا إِذا جَاءَ بعضُها فِي إِثْر بَعْضٍ، وَالْوَاحِدُ مِطْراق. وَيُقَالُ: هَذَا مِطراق هَذَا أَي مِثْلُهُ وشِبْهه، وَقِيلَ أَي تِلْوُه ونظيرهُ؛ وأَنشد الأَصمعي:
فاتَ البُغاةَ أَبو البَيْداء مُحْتَزِماً؛ ... وَلَمْ يُغادِر لَهُ فِي النَّاسِ مِطْراقا
وَالْجَمْعُ مَطارِيق. وتَطارق القومُ: تَبِعَ بعضُهم بَعْضًا. وَيُقَالُ: هَذِهِ النَّبْل طَرْقةُ رجلٍ وَاحِدٍ أَي صَنْعَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ. والطَّرَق: آثَارُ الإِبل إِذا تَبِعَ بعضُها بَعْضًا، وَاحِدَتُهَا طَرَقة، وَجَاءَتْ عَلَى طَرَقة وَاحِدَةٍ كَذَلِكَ أَي عَلَى أَثر وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: جَاءَتِ الإِبل مَطارِيقَ إِذا جَاءَتْ يَتْبع بعضُها بَعْضًا. وَرَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ بَعْضِ بَنِي كِلَابٍ: مَرَرْتُ عَلَى عَرَقَة الإِبل وطَرَقَتِها أَي عَلَى أَثرها؛ قَالَ الأَصمعي: هِيَ الطَّرَقة والعَرَقة الصَّفّ والرَّزْدَقُ. واطَّرَق الحوْضُ، عَلَى افْتَعل، إِذا وَقَعَ فِيهِ الدِّمْنُ فَتَلَبَّد فِيهِ. والطَّرَق، بِالتَّحْرِيكِ: جَمْعُ طَرَقة وَهِيَ مِثَالُ العَرَقة. والصَّفّ والرَّزْدَق وحِبالةُ الصَّائِدِ ذَاتُ الكِفَفِ وآثارُ الإِبل بَعْضُهَا فِي إِثْر بَعْضٍ: طَرَقة. يُقَالُ: جَاءَتِ الإِبل عَلَى طَرَقة وَاحِدَةٍ وَعَلَى خُفّ وَاحِدٍ أَي عَلَى أَثر وَاحِدٍ. واطَّرَقت الأَرض: تلبَّد تُرابها بِالْمَطَرِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
واطَّرَقت إِلَّا ثَلَاثًا عُطَّفا
والطُّرَق والطُّرق: الجوادُّ وآثارُ الْمَارَّةِ تَظْهَرُ فِيهَا الْآثَارُ، وَاحِدَتُهَا طُرْقة. وطُرَق الْقَوْسِ: أَسارِيعُها والطَّرائقُ الَّتِي فِيهَا، وَاحِدَتُهَا طُرْقة، مِثْلَ غُرْفة وغُرَف. والطُّرَق: الأَسارِيعُ. والطُّرَق أَيضاً: حِجَارَةٌ مُطارَقة بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. والطُّرْقة: العادَة. وَيُقَالُ: مَا زَالَ ذَلِكَ طُرْقَتَك(10/222)
أَي دَأْبك. والطِّرْق: الشَّحْم، وَجَمْعُهُ أَطْراق؛ قَالَ المَرَّار الفَقْعَسي:
وَقَدْ بَلَّغْنَ بالأَطْراقِ، حتَّى ... أُذِيعَ الطِّرْق وانكَفَت الثَّمِيلُ
وَمَا بِهِ طِرْق، بِالْكَسْرِ، أَي قُوَّة، وأَصل الطِّرْق الشَّحْم فَكَنَّى بِهِ عَنْهَا لأَنها أَكثر مَا تَكُونُ عَنْهُ؛ وَكُلُّ لُحْمَةٍ مُسْتَطِيلَةٍ فَهِيَ طَرِيقة. وَيُقَالُ: هَذَا بَعِيرٌ مَا بِهِ طِرْق أَي سِمَن وشَحْم. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الطِّرْق السِّمَن، فَهُوَ عَلَى هَذَا عَرَض. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا أَرى أَحداً بِهِ طِرْقٌ يتخلَّف
؛ الطِّرْق، بِالْكَسْرِ: القوَّة، وَقِيلَ: الشَّحْمُ، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ «1» : وَلَيْسَ للشَّارِب إِلا الرَّنْقُ والطَّرْقُ
وطَرَّقَتِ المرأَة وَالنَّاقَةُ: نَشِب ولدُها فِي بَطْنِهَا وَلَمْ يسهُل خروجه؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
لَهَا صَرْخة ثُمَّ إِسْكاتةٌ، ... كَمَا طَرَّقَتْ بِنفاسٍ بِكُرْ «2»
. اللَّيْثُ: طَرَّقَتِ المرأَة، وكلُّ حَامِلٍ تُطَرِّقُ إِذا خَرَجَ مِنَ الْوَلَدِ نِصْفُهُ ثُمَّ نَشِب فَيُقَالُ طَرَّقَت ثُمَّ خَلُصت؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَغَيْرُهُ يَجْعَلُ التَّطْرِيق للقَطاة إِذا فَحَصَتْ للْبَيْض كأَنها تَجْعَلُ لَهُ طَريقاً؛ قَالَهُ أَبو الْهَيْثَمِ، وَجَائِزٌ أَن يُستْعار فيُجعَل لِغَيْرِ القَطاة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
قَدْ طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ
يَعْنِي الدَّاهِيَةَ. ابْنُ سِيدَهْ: وطَرَّقت الْقَطَاةُ وَهِيَ مُطَرِّق: حَانَ خُرُوجُ بَيْضها؛ قَالَ المُمَزِّق العَبْدي: وَكَذَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ مَزِقَ، بِكَسْرِ الزَّايِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ المُمَزَّق، بِالْفَتْحِ، كَمَا حُكِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ وَاسْمُهُ شَأْسُ بْنُ نَهار:
وَقَدْ تَخِذَتْ رجْلي إِلى جَنْبِ غَرْزِها ... نَسِيفاً، كَأُفْحُوصِ القَطاةِ المُطَرِّقِ
أَنشده أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقَطَاةِ. وطَرَّق بحَقِّي تَطْرِيقاً: جَحَدَه ثُمَّ أَقرَّ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. وضَرَبَه حَتَّى طَرَّق بِجَعْرِه أَي اخْتَضَب. وطَرَّق الإِبلَ تَطْرِيقاً: حَبَسها عَنْ كَلإٍ أَو غَيْرُهُ، وَلَا يُقَالُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ إِلا أَن يُستعار؛ قَالَهُ أَبو زَيْدٍ؛ قَالَ شَمِرٌ: لَا أعَرف مَا قَالَ أَبو زَيْدٍ فِي طَرَّقْت، بِالْقَافِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الأَعَرابي طَرَّفْت، بِالْفَاءِ، إِذا طَرَده. وطَرَّقْت لَهُ مِنَ الطَّرِيق. وطَرْقاتُ الطَّرِيق: شَرَكُها، كُلُّ شَرَكة مِنْهَا طَرْقَة، والطَّرِيق: ضرْب مِنَ النَّخْل؛ قَالَ الأَعشى:
وَكُلِّ كُمَيْتٍ كجِذْعِ الطَّرِيقِ، ... يَجْري عَلَى سَلِطاتٍ لُثُمْ
وَقِيلَ: الطَّرِيقُ أَطول مَا يَكُونُ مِنَ النَّخْلِ بِلُغَةِ الْيَمَامَةِ، وَاحِدَتُهُ طَرِيقة؛ قَالَ الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُهُ، ... عَلَيْهِ أَبابِيلٌ مِنَ الطَّيْر تَنْعَبُ
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُنال بِالْيَدِ. وَنَخْلَةٌ طَرِيقة: مَلْساء طَوِيلَةٌ. والطَّرْق: ضرْب مِنْ أَصوات العُودِ. الليث: كل
__________
(1) . قوله [وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إلخ] عبارة النهاية: وفي حديث
النخعي الوضوء بالطرق أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ التَّيَمُّمِ
، الطرق الماء الذي خاضته الإِبل وبالت فيه وبعرت، ومنه حديث
معاوية: وليس للشارب إلخ
(2) . قوله [لها] في الصحاح لنا(10/223)
صَوْتٍ مِنَ العُودِ وَنَحْوِهِ طَرْق عَلَى حِدَة، تَقُولُ: تضرِبُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ كَذَا وَكَذَا طَرْقاً. وَعِنْدَهُ طُرُوق مِنَ الْكَلَامِ، واحِدُه طَرْق؛ عَنْ كُرَاعٍ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وأَراه يَعْنِي ضُرُوباً مِنَ الْكَلَامِ. والطَّرْق: النَّخْلَةُ فِي لغة طيّء؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
كأَنه لَمَّا بَدَا مُخايِلا ... طَرْقٌ، تَفُوت السُّحُقَ الأَطاوِلا
والطَّرْق والطِّرْق: حِبالة يُصاد بِهَا الْوَحْشُ تتَّخذ كَالْفَخِّ، وقيل: الطَّرْقُ [الطِّرْقُ] الفَخّ.. وأَطرق الرَّجُلُ الصَّيْدَ إِذا نصَب لَهُ حِبالة. وأَطْرَق فُلَانٌ لِفُلَانٍ إِذا مَحَل بِهِ ليُلْقِيه فِي وَرْطة، أُخِذ مِنَ الطَّرْق [الطِّرْق] وَهُوَ الْفَخُّ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ للعدُوّ مُطْرِق وللسَّاكت مُطْرِق. والطُّرَيْق والأُطَيْرِقُ: نخْلة حِجَازِيَّةٌ تبكِّر بالحَمْل صَفْراء التَّمْرَةِ والبُسْرة؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وَقَالَ مَرَّةً: الأُطَيْرِق ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ وَهُوَ أَبْكَر نَخْلِ الْحِجَازِ كُلِّهِ؛ وَسَمَّاهَا بَعْضُ الشُّعَرَاءِ الطُّرَيْقِين والأُطَيْرِقِين، قَالَ:
أَلا تَرَى إِلى عَطايا الرَّحْمَنْ ... مِنَ الطُّرَيْقِين وأُمِّ جِرْذانْ؟
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُرِيدُ بالطُّرَيْقِين جمعَ الطُّرَيْقِ. والطَّارِقيّة: ضرْب مِنَ الْقَلَائِدِ. وَطَارِقٌ: اسْمٌ والمِطْرَقُ: اسْمُ نَاقَةٍ أَو بَعِيرٍ، والأَسبق أَنه اسْمُ بَعِيرٍ؛ قَالَ:
يَتْبَعْنَ جَرْفاً مِنْ بَناتِ المِطْرَقِ
ومُطْرِق: مَوْضِعٌ؛ أَنشد أَبو زَيْدٍ:
حَيْثُ تَحَجَّى مُطْرِقٌ بالفالِقِ
وأَطْرِقا: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
عَلَى أَطْرِقا بالياتُ الخيامِ، ... إِلا الثُّمامُ وإِلا العِصِيُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ رَوَى الثُّمَامَ بِالنَّصْبِ جَعَلَهُ اسْتِثْنَاءً مِنَ الْخِيَامِ، لأَنها فِي الْمَعْنَى فَاعِلَةٌ كأَنه قَالَ بالياتٌ خِيامُها إِلا الثمامَ لأَنهم كَانُوا يظلّلُون بِهِ خِيامَهم، ومَنْ رَفَعَ جَعَلَهُ صِفَةً لِلْخِيَامِ كأَنه قَالَ باليةٌ خيامُها غيرُ الثُّمام عَلَى الْمَوْضِعِ، وأَفْعِلا مَقْصُورٌ بناءٌ قَدْ نَفَاهُ سِيبَوَيْهِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ إِن أَطْرِقا فِي هَذَا الْبَيْتِ أَصله أَطْرِقاء جَمْعُ طَرِيقٍ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ ثُمَّ قَصَرَ الْمَمْدُودَ؛ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ الْآخَرِ:
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَو خَلِيفا
ذَهَبَ هَذَا المعلِّل إِلى أَن الْعَلَامَتَيْنِ تَعْتَقِبان؛ قَالَ الأَصمعي: قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ أَطْرِقا عَلَى لَفْظِ الِاثْنَيْنِ بَلد، قَالَ: نَرَى أَنه سُمِّيَ بِقَوْلِهِ أَطْرِق أَي اسْكُتْ وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا ثَلَاثَةَ نَفَر بأَطْرِقا، وَهُوَ مَوْضِعٌ، فسَمِعُوا صَوْتًا فَقَالَ أَحدُهم لصاحِبَيْه: أَطْرِقا أَي اسكُتا فسمِّي بِهِ الْبَلَدُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: فَسُمِّيَ بِهِ الْمَكَانُ؛ وَفِيهِ يَقُولُ أَبو ذؤَيب:
عَلَى أَطْرِقا بالياتُ الخِيام
وأَما مَنْ رَوَاهُ أَطْرُقاً، فَعَلى هَذَا: فِعْلٌ مَاضٍ. وأَطْرُق: جَمْعُ طَرِيق فِيمَنْ أَنَّث لأَن أَفْعُلًا إِنما يكسَّر عَلَيْهِ فَعِيل إِذا كَانَ مُؤَنَّثًا نَحْوَ يَمِينٍ وأَيْمُن. والطِّرْياقُ: لُغَةٌ فِي التِّرْياقِ؛ رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وطارِقَةُ الرَّجُلِ: فَخْذُه وعَشِيرتُه؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
شَكَوْتُ ذَهابَ طارِقَتي إِليها، ... وطارِقَتي بأَكْنافِ الدُّرُوبِ(10/224)
النَّضْرُ: نَعْجة مَطْرُوقة وَهِيَ الَّتِي تُوسَم بِالنَّارِ عَلَى وَسَط أُذُنها مِنْ ظَاهِرٍ، فَذَلِكَ الطِّراقُ، وإِنما هُوَ خَطٌّ أَبيض بنارٍ كأَنما هُوَ جَادَّةٌ، وَقَدْ طَرَقْناها نَطْرُقها طَرْقاً، والمِيسَمُ الَّذِي فِي مَوْضِعِ الطِّراق لَهُ حُروف صِغار، فأَمّا الطَّابِعُ فَهُوَ مِيسَمُ الفَرائضِ، يُقَالُ: طَبَعَ الشَّاة.
طرمق: ابْنُ دُرَيْدٍ: الطُّرْمُوقُ الخُفَّاش، وَقِيلَ طُمْرُوق، وسيأْتي ذكره.
طسق: الطَّسْق: مَا يُوضَع مِنَ الوَظِيفة عَلَى الجُرْبانِ مِنَ الخَراج المقرَّر عَلَى الأَرض، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.
وَكَتَبَ عُمَرُ إِلى عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ فِي رَجُلين مِنْ أَهل الذِّمَّةِ أَسْلَما: ارْفَعِ الجزية عن رؤوسهما وخُذِ الطَّسْقَ مِنْ أَرْضَيْهِما.
وَفِي التَّهْذِيبِ: الطَّسْق شِبْه الخَرَاج لَهُ مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ خَالِصٍ. والطَّسْقُ: مِكيال معروف.
طفق: طَفِقَ طَفَقاً: لَزِمَ. وطَفِق يَفْعَلُ كَذَا يَطْفَق طَفَقاً: جَعَلَ يَفْعَل وأَخذ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ. *
وَفِي الْحَدِيثِ:
فطَفِقَ يُلْقِي إِليهم الجَبُوبَ
، وَهُوَ مِنْ أَفعال الْمُقَارَبَةِ، والجَبُوب المَدَر. اللَّيْثُ: طَفِق بِمَعْنَى عَلِق يَفْعَلُ كَذَا، وَهُوَ يَجْمَعُ ظَلَّ وَبَاتَ، قَالَ وَلُغَةٌ رَدِيئَةٌ طَفَق. ابْنُ سِيدَهْ: طَفَق، بِالْفَتْحِ، يَطْفِق طُفُوقاً لُغَةٌ؛ عَنِ الزَّجَّاجِ والأَخفش. أَبو الْهَيْثَمِ: طَفِقَ وعَلِقَ وجَعَل وكادَ وكَرَب لَا بُدَّ لهنَّ مِنْ صَاحِبٍ يَصْحَبُهُنَّ يُوصَفُ بِهِنَّ فَيَرْتَفِعُ، ويطلُبْنَ الْفِعْلَ الْمُسْتَقْبَلَ خَاصَّةً، كَقَوْلِكَ كادَ زَيْدٌ يَقُولُ ذَلِكَ؛ فإِن كَنَيْت عَنِ الِاسْمِ قلتَ كَادَ يَقُولُ ذَاكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ
؛ أَراد طَفِق يمسَح مَسْحاً. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: الأَعراب يَقُولُونَ طَفِق فُلَانٌ بِمَا أَراد أَي ظَفِر، وأَطْفَقَه اللَّهُ بِهِ إِطْفاقاً إِذا أَظفره اللَّهُ بِهِ، وَلَئِنْ أَطْفَقَنِي اللَّهُ بِفُلَانٍ لأَفعلَنّ به.
طقق: طَقْ: حِكَايَةُ صْوت حَجَرٍ وَقَعَ عَلَى حَجر، وإِن ضَوعف فَيُقَالُ طَقْطَق. ابْنُ سِيدَهْ: طَقْ حِكَايَةُ صوْت الْحَجَرِ وَالْحَافِرِ، والطَّقْطَقة فِعْلُهُ مِثْلُ الدَّقْدقَة. ابْنُ الأَعرابي: الطَّقْطَقة صوْت قَوَائِمِ الْخَيْلِ عَلَى الأَرض الصُّلبْة، وَرُبَّمَا قَالُوا حَبَطَقْطَقْ كأَنهم حَكَوا صَوْتَ الجَرْي؛ وأَنشد الْمَازِنِيُّ:
جَرَتِ الخيلُ فقالتْ: ... حَبَطَقْطَقْ حَبَطَقْطَقْ
الْجَوْهَرِيُّ: لَمْ أَر هَذَا الْحَرْفَ إِلا فِي كِتَابِهِ. وطِقْ: صوْت الضِّفْدع إِذا وثَب مِنْ حاشية النهر؛ يقال: لا يساوي طِقْ.
طلق: الطَّلْق: طَلق الْمَخَاضِ عِنْدَ الوِلادة. ابْنُ سِيدَهْ: الطَّلْق وجَع الْوِلَادَةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنّ رَجُلًا حَجَّ بأُمّه فَحملها عَلَى عاتِقه فسأَله: هَلْ قَضَى حَقَّها؟ قَالَ: وَلَا طَلْقَة وَاحِدَةً
؛ الطَّلْق: وَجَعُ الْوِلَادَةِ، والطَّلْقَة: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَقَدْ طُلِقَت المرأَة تُطْلَق طَلْقاً، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وطَلُقت، بِضَمِّ اللَّامِ. ابْنُ الأَعرابي: طَلُقَت مِنَ الطَّلَاقِ أَجود، وطَلَقَت بِفَتْحِ اللَّامِ جَائِزٌ، وَمِنَ الطَّلْق طُلِقَت، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ: امرأَة طالِق بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وأَما قَوْلُ الأَعشى:
أَيا جارَتا بِيِني، فإِنك طالِقَه
فإِن اللَّيْثَ قَالَ: أَراد طالِقة غَدًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَالَ طالِقة عَلَى الْفِعْلِ لأَنها يُقَالُ لَهَا قَدْ طَلَقَت فَبُنِيَ النَّعْتُ(10/225)
عَلَى الْفِعْلِ، وطَلاقُ المرأَة: بَيْنُونَتُهَا عَنْ زَوْجِهَا. وامرأَة طالِق مِنْ نِسْوَةٍ طُلَّق وطالِقة مِنْ نِسْوَةٍ طَوَالِق؛ وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:
أَجارَتنا بِيني، فإِنك طَالِقَهْ ... كذاكِ أُمور النَّاسِ غادٍ وطارِقَه
وطَلَّق الرَّجُلُ امرأَته وطَلَقت هِيَ، بِالْفَتْحِ، تَطْلُق طَلاقاً وطَلُقَت، والضم أَكثر؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، طَلاقاً وأَطْلَقها بَعْلُها وطَلَّقها. وَقَالَ الأَخفش: لَا يُقَالُ طَلُقت، بِالضَّمِّ. وَرَجُلٌ مِطْلاق ومِطْليق وطلِّيق وطُلَقة، عَلَى مِثَالِ هُمَزة: كَثِيرُ التَّطْليق لِلنِّسَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: إِنك رَجُلٌ طلِّيق
أَي كَثِيرُ طَلاق النِّسَاءِ، والأَجود أَن يُقَالَ مِطْلاق ومِطْلِيق؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِن الحَسن مِطْلاق فَلا تزوِّجُوه.
وطَلَّق البلادَ: تَرَكَهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
مُرَاجعُ نَجْد بَعْدَ فِرْكٍ وبِغْضَةٍ، ... مُطَلِّقُ بُصْرَى، أَشْعثُ الرأْسِ جافِلُه
قَالَ: وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ وَسَأَلَهُ الْكِسَائِيُّ فَقَالَ: أَطَلّقْت امرأَتك؟ فَقَالَ: نَعَمْ والأَرض مِنْ وَرَائِهَا وطَلَّقت الْبِلَادَ: فارقْتها. وطَلّقْت الْقَوْمَ: تركتُهم؛ وأَنشد لِابْنِ أَحمر:
غَطارِفَة يَرَوْن المجدَ غُنْماً، ... إِذا مَا طَلَّقَ البَرِمُ العِيالا
أَي تَرَكَهُمْ كَمَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ المرأَة. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ وَزَيْدٍ: الطَّلاقُ بِالرِّجَالِ والعِدَّة بِالنِّسَاءِ
، هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِهَؤُلَاءِ وَهَذِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بهؤلاء، فالرجال يُطَلِّق والمرأَة تعتدُّ؛ وَقِيلَ: أَراد أَن الطَّلَاقَ يَتَعَلَّقُ بِالزَّوْجِ فِي حُرِّيَّتِهِ ورقِّه، وَكَذَلِكَ الْعِدَّةُ بالمرأَة فِي الْحَالَتَيْنِ، وَفِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءُ خِلَافٌ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِن الْحُرَّةَ إِذا كَانَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ لَا تَبين إِلا بِثَلَاثٍ وتَبِين الأَمة تَحْتَ الْحُرِّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِن الحرة تَبِين تَحْتَ الْعَبْدِ بِاثْنَتَيْنِ وَلَا تَبِينُ الأَمة تَحْتَ الْحُرِّ بأَقلّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِذا كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا وَهِيَ حُرَّةٌ أَو بِالْعَكْسِ أَو كَانَا عبدَين فإِنها تَبِين بِاثْنَتَيْنِ، وأَما الْعِدَّةُ فإِن المرأَة إِن كَانَتْ حُرَّةً اعتدَّت لِلْوَفَاةِ أَربعة أَشهر وَعَشْرًا، وَبِالطَّلَاقِ ثَلَاثَةَ أَطهار أَو ثلاثَ حِيَض، تَحْتَ حُرٍّ كَانَتْ أَو عبدٍ، فإِن كَانَتْ أَمة اعْتَدَّتْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسًا أَو طُهْرين أَو حَيْضتين، تَحْتَ عَبْدٍ كَانَتْ أَو حُرٍّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وَالرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنتِ خليَّة طالِقٌ
؛ الطالِقُ مِنَ الإِبل: الَّتِي طُلِقت فِي المرعَى، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا قَيْد عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الخليَّة. وطَلاقُ النِّسَاءِ لِمَعْنَيَيْنِ: أَحدهما حَلُّ عُقْدة النِّكَاحِ، وَالْآخَرُ بِمَعْنَى التَّخْلِيَةِ والإِرْسال. وَيُقَالُ للإِنسان إِذا عَتَق طَلِيقٌ أَي صَارَ حُرًّا. وأَطْلَق النَّاقَةَ مِنْ عِقَالها وطَلَّقَها فطَلَقَت: هِيَ بِالْفَتْحِ، وَنَاقَةٌ طَلْق وطُلُق: لَا عِقال عَلَيْهَا، وَالْجَمْعُ أَطْلاق. وَبَعِيرٌ طَلْق وطُلُق: بِغَيْرِ قَيْد. الْجَوْهَرِيُّ: بَعِيرٌ طُلُق وناقة طُلُق، بِضَمِّ الطَّاءِ وَاللَّامِ، أَي غَيْرُ مقيَّد. وأَطْلَقْت النَّاقَةَ مِنَ العِقال فطَلَقَت. والطالِق مِنَ الإِبل: الَّتِي قَدْ طَلَقت فِي الْمَرْعَى. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: الطَّالِقُ الَّتِي تَنْطَلق إِلى الْمَاءِ وَيُقَالُ الَّتِي لَا قَيْد عَلَيْهَا، وَهِيَ طُلُق وطالِق أَيضاً وطُلُق أَكثر؛ وأَنشد:
مُعَقَّلات الْعِيسِ أَو طَوالِقِ
أَي قَدْ طَلَقَت عَنِ الْعِقَالِ فَهِيَ طالِق لَا تحبَس عَنِ الإِبل. وَنَعْجَةٌ طالِق: مُخَلَّاة ترعَى وحْدَها، وحبَسُوه فِي السِّجْن طَلْقاً أَي بِغَيْرِ قَيْدٍ وَلَا كَبْل. وأَطْلَقَه،(10/226)
فَهُوَ مُطْلَق وطَلِيق: سَرَّحَهُ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
طَلِيق اللَّهِ، لَمْ يَمْنُنْ عَلَيْهِ ... أَبُو داودَ، وابنُ أَبي كَبِير
وَالْجَمْعُ طُلقَاء، والطُّلَقاء: الأُسراء العُتَقاء. والطَّليق: الأَسير الَّذِي أُطْلِق عَنْهُ إِسارُه وخُلِّيَ سبِيلُه. والطَّلِيقُ: الأَسِير يُطْلَق، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وتَبْسِمُ عَنْ نَوْرِ الأَقاحِيّ أَقْفَرَتْ ... بِوَعْساء مَعْروف، تُغامُ وتُطْلَقُ
تُغامُ مرَّة أَي تُسْتر، وتُطْلَق إِذا انْجَلَى عَنْهَا الْغَيْمُ، يَعْنِي الأَقاحي إِذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَيْهَا فَقَدْ طُلِقَت. وأَطْلَقْت الأَسير أَي خليَّته. وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
خَرَجَ وَمَعَهُ الطُّلَقاء
؛ هُمُ الَّذِينَ خَلَّى عَنْهُمْ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وأَطْلَقَهم فَلَمْ يَسْتَرِقَّهم، واحدهم طَلِيق وَهُوَ الأَسِير إِذا أُطْلِق سَبِيلُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الطِّلَقاءُ مِنْ قُرَيش والعُتَقاءُ مِنْ ثَقِيف
، كأَنَّه ميَّز قُرَيْشًا بِهَذَا الِاسْمِ حَيْثُ هُوَ أَحسن مِنَ العُتَقاء. والطُّلَقاء: الَّذِينَ أُدخِلوا فِي الإِسلام كَرْهًا؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، فإِما أَن يَكُونَ مِنْ هَذَا، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ غيره. وَنَاقَةٌ طالِقٌ: بِلَا خِطَامٍ، وَهِيَ أَيضاً الَّتِي تُرْسَلُ فِي الْحَيِّ فَتَرْعَى مِنْ جَنابِهم حَيْثُ شاءَت لَا تُعْقَل إِذا رَاحَتْ وَلَا تُنَحَّى فِي الْمَسْرَحِ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
غَدَتْ وَهِيَ مَحْشوكةٌ طالِق
وَنَعْجَةٌ طالِق أَيضاً: مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يَحْتَبِسُ الرَّاعِي لَبَنها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يُتْرَك لَبَنُهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ يُحْلب. والطَّالِق مِنَ الإِبل: الَّتِي يَتْرُكُهَا الرَّاعِي لِنَفْسِهِ لَا يَحْتَلِبُهَا عَلَى الْمَاءِ، يُقَالُ: اسْتَطْلق الرَّاعِي نَاقَةً لِنَفْسِهِ، والطَّالِقُ: النَّاقَةُ يُحَلُّ عَنْهَا عِقالُها؛ قَالَ:
مُعَقَّلات العِيسِ أَو طَوَالِق
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ أَيضاً لإِبراهيم بْنِ هَرْمَةَ:
تُشْلى كبيرتُها فتُحْلَبُ طالِقاً، ... ويُرمِّقُونَ صغارَها تَرْميقا
أَبو عَمْرٍو: الطَّلَقَة النُّوقُ الَّتِي تُحْلب فِي الْمَرْعَى. ابْنُ الأَعرابي: الطالِقُ النَّاقَةُ تُرْسَلُ فِي الْمَرْعَى. الشَّيْبَانِيُّ: الطالِقُ مِنَ النُّوقِ الَّتِي يَتْرُكُهَا بِصِرارِها؛ وأَنشد لِلْحُطَيْئَةِ:
أَقيموا عَلَى المِعْزَى بِدَارِ أَبيكُمُ، ... تَسُوفُ الشِّمالُ بَيْنَ صَبْحَى وطالِقِ
قَالَ: الصَّبْحَى الَّتِي يَحْلِبُهَا فِي مَبْرَكِهَا يَصْطَبِحُها، والطَّالِقُ الَّتِي يَتْرُكُهَا بِصِرَارِهَا فَلَا يَحْلِبُهَا فِي مَبْرَكِهَا، وَالْجَمْعِ المَطالِيق والأَطْلاق «3» . وَقَدْ أُطْلِقَت النَّاقَةُ فطَلَقت أَي حُلَّ عقالُها؛ وَقَالَ شَمِرٌ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْ قَوْلِهِ:
ساهِم الوَجْه مِنْ جَدِيلةَ أَو نَبْهانَ، ... أَفْنى ضِراه للإِطْلاقِ
قَالَ: هَذَا يَكُونُ بِمَعْنَى الْحَلِّ والإِرسال، قَالَ: وإِطْلاقُه إِيَّاها إِرسالها عَلَى الصَّيْدِ أَفناها أَي بقَتْلِها. والطَّالِقُ والمِطْلاقُ: النَّاقَةُ الْمُتَوَجِّهَةُ إِلى الْمَاءِ، طَلَقَتْ تَطْلُق طَلْقاً وطُلوقاً وأَطْلَقَها؛ قال
__________
(3) . قوله [والجمع المطاليق والأَطلاق] عبارة القاموس وشرحه: وَنَاقَةٌ طَالِقٌ بِلَا خِطَامٍ أَو متوجهة إِلى الماء كالمطلاق، والجمع أَطلاق ومطاليق كصاحب وأَصحاب ومحاريب ومحراب، أَو هي التي تترك يوماً وليلة ثم تحلب(10/227)
ذُو الرُّمَّةِ:
قِراناً وأَشْتاتاً وحادٍ يَسُوقُها، ... إِلى الماءِ مِنْ حَوْر التَّنُوفةِ، مُطْلِق
وليلةُ الطَّلَق: اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ لَيَالِي تَوَجُّهِهَا إِلى الْمَاءِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِذا كَانَ بَيْنَ الإِبل وَالْمَاءِ يَوْمَانِ فأَول يَوْمٍ يُطْلب فِيهِ الْمَاءُ هُوَ القَرَب، وَالثَّانِي الطَّلَق؛ وَقِيلَ: لَيْلَةُ الطَّلَق أَن يُخَلِّيَ وُجوهَها إِلى الْمَاءِ، عبَّر عَنِ الزَّمَانِ بِالْحَدَثِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُعْجِبُنِي. أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ: أَطْلَقْتُ الإِبل إِلى الماءِ حَتَّى طَلَقَت طَلْقاً وطُلوقاً، وَالِاسْمُ الطَّلَق، بِفَتْحِ اللَّامِ. وَقَالَ الأَصمعي: طَلَقَت الإِبلُ فَهِيَ تَطْلُق طَلْقاً، وَذَلِكَ إِذا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَاءِ يَوْمَانِ، فَالْيَوْمُ الأَول الطَّلَق، وَالثَّانِي القَرَب، وَقَدْ أَطْلَقَها صاحُبها إِطْلاقاً، وَقَالَ: إِذا خلَّى وُجوهَ الإِبل إِلى الماءِ وَتَرَكَهَا فِي ذَلِكَ تَرْعَى لَيْلَتَئذ فَهِيَ لَيْلَةُ الطَّلَق، وإِن كَانَتِ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ فَهِيَ لَيْلَةُ القَرَب، وَهُوَ السَّوق الشَّدِيدُ؛ وإِذا خلَّى الرجلُ عَنْ نَاقَتِهِ قِيلَ طَلّقها، والعَيْرُ إِذا حازَ عانَته ثُمَّ خلَّى عَنْهَا قِيلَ طَلَّقها، وإِذا اسْتَعْصَت العانةُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْقَدْنَ لَهُ قِيلَ طَلَّقْنَه؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
طَلَّقْنَه فاسْتَوْرَدَ العَدَامِلا
وأُطْلِقَ القومُ، فَهُمْ مُطْلَقون إِذا طَلَقَت إِبلُهم، وَفِي الْمُحَكَمِ إِذا كَانَتْ إِبلهم طَوالِق فِي طَلَبِ الْمَاءِ، والطَّلَق: سَيْرُ اللَّيْلِ لوِرْدِ الغِبِّ، وَهُوَ أَن يَكُونَ بَيْنَ الإِبل وَبَيْنَ الْمَاءِ لَيْلَتَانِ، فَاللَّيْلَةُ الأُولى الطَّلَق يُخَلِّي الرَّاعِي إِبلَه إِلى الْمَاءِ وَيَتْرُكُهَا مَعَ ذَلِكَ تَرْعَى وَهِيَ تَسِيرُ، فالإِبل بَعْدَ التَّحويز طَوالِقُ، وَفِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ قَوارِبُ. والإِطْلاق فِي الْقَائِمَةِ: أَن لَا يَكُونَ فِيهَا وَضَحٌ، وَقَوْمٌ يَجْعَلُونَ الإِطْلاق أَن يَكُونَ يَدٌ وَرِجْلٌ فِي شِقّ مُحَجَّلَتين، وَيَجْعَلُونَ الإِمْساك أَن يَكُونَ يَدٌ وَرِجْلٌ لَيْسَ بِهِمَا تَحْجِيلٌ. وَفَرَسٌ طُلُقُ إِحدى الْقَوَائِمِ إِذا كَانَتْ إِحدى قَوَائِمِهِ لَا تَحْجِيلَ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
خيرُ الحُمُر الأَقْرحُ طُلُقُ اليدِ الْيُمْنَى
أَي مُطْلَقُها لَيْسَ فِيهَا تَحْجِيلٌ؛ وطَلُقَت يدُه بِالْخَيْرِ طَلاقةً وطَلَقَت وطَلَقَها بِهِ يَطْلُقها وأَطْلَقها؛ أَنشد أَحمد بْنُ يَحْيَى:
أُطْلُقْ يَدَيْك تَنْفَعاك يَا رَجُلْ ... بالرَّيْثِ مَا أَرْوَيْتَها، لَا بالعَجَلْ
وَيُرْوَى: أَطْلِقْ. وَيُقَالُ: طَلَقَ يَدَهُ وأَطْلقَها فِي الْمَالِ وَالْخَيْرِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ ذَلِكَ أَبو عُبَيْدٍ وَرَوَاهُ الْكِسَائِيُّ فِي بَابِ فَعَلْت وأَفْعَلْت، ويدُه مَطْلوقة ومُطْلَقة. وَرَجُلٌ طَلْقُ الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ وطَلِيقُهما: سَمْحُهما. وَوَجْهٌ طَلْقٌ وطِلْقٌ وطُلْقٌ؛ الأَخيرتان عَنِ ابْنِ الأَعرابي: ضَاحِكٌ مُشْرِق، وجمعُ الطَّلْقِ طَلْقات. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَلَا يُقَالُ أَوْجُهٌ طَوالِق إِلَّا فِي الشِّعْرِ، وامرأَة طَلْقةُ الْيَدَيْنِ. وَوَجْهٌ طَلِيقٌ كطَلْق، والاسمُ مِنْهَا وَالْمَصْدَرُ جَمِيعًا الطَّلاقةُ. وَقَدْ طَلُق الرجلُ، بِالضَّمِّ طَلاقةً فَهُوَ طَلْقٌ وطَلِيقٌ أَي مُسْتَبْشِر مُنْبَسِطُ الْوَجْهِ مُتَهَلِّلُه. وَوَجْهٌ مُنْطَلِق: كطَلْق، وَقَدِ انْطَلَق؛ قَالَ الأَخطل:
يَرَوْنَ قِرًى سَهْلًا وَدَارًا رَحِيبةً، ... ومُنْطَلَقاً فِي وَجْهِ غيرِ بَسُورِ
وَيُقَالُ: لَقِيتُهُ مُنْطَلِقَ الْوَجْهِ إِذا أَسفر؛ وأَنشد:(10/228)
يَرْعَوْنَ وَسْمِيّاً وَصَى نَبْتُه، ... فانْطَلَقَ الوجهُ ودقَّ الكُشُوحْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفْضلُ الإِيمانِ أَن تُكَلِّم أَخاك وأَنت طَلِيقٌ
أَي مُسْتَبْشِرٌ مُنْبَسِطُ الْوَجْهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن تَلْقاه بِوَجْهٍ طَلِق.
وتَطَلّقَ الشيءَ: سُرَّ بِهِ فَبَدَا ذَلِكَ فِي وَجِهِهِ. أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ طَلِيقُ الْوَجْهِ ذُو بِشْرٍ حَسَنٍ، وطَلْق الْوَجْهِ إِذا كَانَ سخِيّاً، وَمِثْلُهُ بَعِيرٌ طَلْقُ الْيَدَيْنِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ، وَجَمْعُهُ أَطلاق. الْكِسَائِيُّ: رَجُلٌ طُلُقٌ، وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَيَوْمٌ طَلْقٌ بيِّن الطَّلاقة، وليلةٌ طَلْقٌ أَيضاً وليلة طَلْقةٌ: مُشْرِقٌ لَا بَرْدَ فِيهِ وَلَا حَرَّ وَلَا مَطَرَ وَلَا قُرّ، وَقِيلَ: وَلَا شَيْءَ يُؤْذِي، وَقِيلَ: هُوَ الليِّنُ القُرِّ مِنْ أَيام طَلْقات، بِسُكُونِ اللَّامِ أَيضاً، وَقَدْ طَلُقَ طُلوقةً وطَلاقةً. أَبو عَمْرٍو: لَيْلَةٌ طَلْقٌ لَا بَرْدَ فِيهَا؛ قَالَ أَوس:
خَذَلْتُ عَلَى لَيْلةٍ ساهِرهْ، ... فلَيْسَتْ بِطَلْقٍ وَلَا ساكِرهْ
وليالٍ طَلْقات وطَوالِقُ. وَقَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: وَإِنَّهَا لطَلْقةُ السَّاعَةِ؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
فَلَمَّا عَلَتْه الشمسُ فِي يومِ طَلْقةٍ
يُرِيدُ يومَ ليلةٍ طَلْقةٍ لَيْسَ فِيهَا قُرٌّ وَلَا رِيحٌ، يُرِيدُ يَوْمَهَا الَّذِي بَعْدَهَا، وَالْعَرَبُ تبدأُ بِاللَّيْلِ قَبْلَ الْيَوْمِ؛ قَالَ الأَزهري: وأَخبرني الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ فِي بَيْتِ الرَّاعِي وَبَيْتٍ آخَرَ أَنشده لِذِي الرُّمَّةِ:
لَهَا سُنَّةٌ كالشمسِ فِي يومِ طَلْقةٍ
قَالَ: وَالْعَرَبُ تُضِيفُ الِاسْمَ إِلى نَعْتِهِ، قَالَ: وَزَادُوا فِي الطَّلْق الْهَاءَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْوَصْفِ كَمَا قَالُوا رَجُلٌ دَاهِيَةٌ، قَالَ: وَيُقَالُ ليلةٌ طَلْقٌ وَلَيْلَةٌ طَلْقةٌ أَي سَهْلَةٌ طْيبة لَا بَرْدَ فِيهَا، وَفِي صِفَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ: ليلةٌ سَمْحةٌ طَلْقةٌ أَي سَهْلَةٌ طَيِّبَةٌ. يُقَالُ: يَوْمٌ طَلْقٌ وَلَيْلَةٌ طَلْقٌ وطَلْقةٌ إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَرٌّ وَلَا بَرْدٌ يُؤْذِيَانِ، وَقِيلَ: لَيْلَةٌ طَلْقٌ وطَلْقةٌ وطالِقة سَاكِنَةٌ مُضِيئة، وَقِيلَ: الطَّوالِق الطيبةُ الَّتِي لَا حَرَّ فِيهَا وَلَا بَرْدَ؛ قَالَ كثيِّر:
يُرَشِّحُ نَبْتاً ناضِراً ويَزينُه ... نَدًى، وليَالٍ بَعْد ذَاكَ طَوالِق
وَزَعَمَ أَبو حَنِيفَةَ أَن وَاحِدَةَ الطَّوالِق طَلْقة، وَقَدْ غَلِطَ لأَن فَعْلة لَا تُكسّر عَلَى فَوَاعِلَ إِلا أَن يَشِذَّ شَيْءٌ. وَرَجُلٌ طَلْقُ اللسانِ وطُلُقٌ وطُلَقٌ وطَلِيق: فَصِيح، وَقَدْ طَلُق طُلوقةً وطُلوقاً، وَفِيهِ أَربع لُغَاتٍ: لسانٌ طَلْقٌ ذَلْقٌ، وطَلِيق ذَلِيق، وطُلُقٌ ذُلُقٌ، وطُلَقٌ ذُلَقٌ؛ وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ الرَّحِم:
تَكلَّم بِلِسَانٍ طَلْقٍ
أَي مَاضِي الْقَوْلِ سَرِيعِ النُّطْقِ، وَهُوَ طَلِيق اللِّسَانِ وطِلْقٌ وطَلْقٌ، وَهُوَ طَلِيقُ الْوَجْهِ وطَلْقُ الْوَجْهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَا يُقَالُ طُلَقٌ ذُلَقٌ، وَالْكِسَائِيُّ يَقُولُهُمَا، وَهُوَ طَلْقُ الْكَفِّ وطَلِيقُ الْكَفِّ قَرِيبَانِ مِنَ السَّوَاءِ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: سُئِلَ الأَصمعي فِي طُلُقٍ أَو طُلَقٍ فَقَالَ: لَا أَدري لِسَانٌ طُلُقٍ أَو طُلَق؛ وقال شمر: طَلُقَت يدُه وَلِسَانُهُ طُلوقَةً وطُلوقاً. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ هُوَ طَلِيقٌ وطُلُقٌ وطالِقٌ ومُطْلَقٌ إِذا خُلِّي عَنْهُ، قَالَ: والتَّطْلِيقُ التَّخْلِيَةُ والإِرسال وحلُّ الْعَقْدُ، وَيَكُونُ الإِطلاقُ بِمَعْنَى التَّرْكِ والإِرسال، والطَّلَق الشَّأْوُ، وَقَدْ أَطْلَقَ رِجْلَه. واسْتَطْلَقَه: اسْتَعْجَلَهُ. واسْتَطْلَقَ بطنُه: مَشَى. واسْتِطلاقُ الْبَطْنِ: مَشْيُه، وَتَصْغِيرُهُ تُطَيْلِيق،(10/229)
وأَطْلَقَه الدَّوَاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا اسْتَطْلَق بطنُه
أَي كَثُرَ خُرُوجُ مَا فِيهِ، يُرِيدُ الإِسهال. وَاسْتَطْلَقَ الظبيُ وتَطلَّق: اسْتَنَّ فِي عَدْوِه فَمَضَى وَمَرَّ لَا يَلْوِي عَلَى شَيْءٍ، وَهُوَ تَفَعَّلَ، وَالظَّبْيُ إِذا خَلَّى عَنْ قَوَائِمِهِ فَمَضَى لَا يَلْوِي عَلَى شَيْءٍ قِيلَ تَطَلَّقَ. قَالَ: والانطِلاقُ سُرْعَةُ الذَّهَابِ فِي أَصل المحْنة. وَيُقَالُ: مَا تَطَّلِقُ نَفْسِي لِهَذَا الأَمر أَي لَا تَنْشَرِحُ وَلَا تَسْتَمِرُّ، وَهُوَ تَطَّلِقُ تَفْتَعِلُ، وَتَصْغِيرُ الاطِّلاق طُتَيْلِيق، بِقَلْبِ الطَّاءِ تَاءً لِتَحَرُّكِ الطَّاءِ الأُولى كَمَا تَقُولُ فِي تَصْغِيرِ اضْطِرَابٍ ضُتَيرِيب، تُقْلَبُ الطَّاءُ تَاءً لِتُحَرَّكَ الضَّادُ، والانطِلاقُ: الذَّهَابُ. وَيُقَالُ: انْطُلِقَ بِهِ، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، كَمَا يُقَالُ انقُطِع بِهِ. وَتَصْغِيرُ مُنْطَلِق مُطَيْلِق، وإَن شِئْتَ عَوَّضْتَ مِنَ النُّونِ وَقُلْتَ مُطَيْلِيق، وَتَصْغِيرُ الانطِلاق نُطَيْلِيق، لأَنك حَذَفْتَ أَلف الْوَصْلِ لأَن أَول الِاسْمِ يَلْزَمُ تَحْرِيكُهُ بِالضَّمِّ لِلتَّحْقِيرِ، فَتَسْقُطُ الْهَمْزَةُ لِزَوَالِ السُّكُونِ الَّذِي كَانَتِ الْهَمْزَةُ اجتُلِبت لَهُ، فَبَقِيَ نُطْلاق وَوَقَعَتِ الأَلف رَابِعَةً فَلِذَلِكَ وَجَبَ فِيهِ التَّعْوِيضُ، كَمَا تَقُولُ دُنَيْنِير لأَن حَرْفَ اللِّينِ إِذا كَانَ رَابِعًا ثَبَتَ الْبَدَلُ مِنْهُ فَلَمْ يَسْقُطْ إِلا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ، أَو يَكُونُ بَعْدَهُ يَاءٌ كَقَوْلِهِمْ فِي جَمْعِ أُثْفِيّة أَثافٍ، فقِسْ عَلَى ذَلِكَ. وَيُقَالُ: عَدا الفرسُ طَلَقاً أَو طَلَقَين أَي شَوْطاً أَو شَوْطين، وَلَمْ يُخصّص فِي التَّهْذِيبِ بِفَرَسٍ وَلَا غَيْرِهِ. وَيُقَالُ: تَطلَّقَت الخيلُ إِذا مَضَتْ طَلَقاً لَمْ تُحْتبَس إِلى الْغَايَةِ، قَالَ: والطَّلَقُ الشَّوْطُ الْوَاحِدُ فِي جَرْي الْخَيْلِ. والتَّطَلُّقُ أَن يَبُولَ الْفَرَسُ بَعْدَ الْجَرْيِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فصادَ ثَلَاثًا كجِزْعِ النِّظامِ، ... لَمْ يَتَطَلَّقْ وَلَمْ يُغْسَل
لَمْ يُغْسَل أَي لَمْ يَعْرَقْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فرَفَعْتُ فَرَسِي طَلَقاً أَو طَلَقَين
؛ هُوَ، بِالتَّحْرِيكِ، الشَّوْطُ وَالْغَايَةُ الَّتِي يَجْرِي إِليها الْفَرَسُ. والطَّلَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: قَيْدٌ مِنْ أَدَمٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: قَيْدٌ مِنْ جُلُودٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
عَوْدٌ عَلَى عَوْدٍ عَلَى عَوْدٍ خَلَقْ ... كأَنها، والليلُ يَرْمِي بالغَسَقْ،
مَشاجِبٌ وفِلْقُ سَقْبٍ وطَلَق
شَبَّهَ الرَّجُلَ بالمِشْجَبِ لِيُبْسهِ وَقِلَّةِ لَحْمِهِ، وشبَّه الْجَمَلَ بِفِلْقِ سَقْبٍ، والسَّقْب خَشَبَةٌ مِنْ خَشَبَاتِ الْبَيْتِ، وَشَبَّهَ الطَّرِيقَ بالطَّلَق وَهُوَ قَيْدٌ مِنْ أَدَمٍ. وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
ثُمَّ انتزَع طَلَقاً مِنْ حَقَبه فقَيَّد بِهِ الجمَلَ
؛ الطَّلَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: قَيْدٌ مِنْ جُلُودٍ. والطَّلَق: الْحَبْلُ الشَّدِيدُ الْفَتْلِ حَتَّى يَقوم؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مُحَمْلَج أُدْرِجَ إِدْراج الطَّلَقْ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: الحياءُ والإِيمانُ مَقْرونان فِي طَلَقٍ
؛ الطَّلَقُ هَاهُنَا: حَبْلٌ مَفْتُولٌ شَدِيدُ الْفَتْلِ، أَي هُمَا مُجْتَمِعَانِ لَا يَفْتَرِقَانِ كأَنهما قَدْ شُدَّا فِي حَبْلٍ أَو قَيْدٍ. وطَلَق الْبَطْنِ «4» : جُدَّتُه، والجمع أَطلاق؛ وأَنشد:
تَقاذَقْنَ أَطْلاقاً، وقارَبَ خَطْوَه ... عَنِ الذَّوْدِ تَقْرِيبٌ، وهُنَّ حَبائِبُه
أَبو عُبَيْدَةَ: فِي الْبَطْنِ أَطْلاق، واحدُها طَلَقٌ، مُتَحَرِّكٌ، وَهُوَ طَرَائِقُ الْبَطْنِ. والمُطَلَّقُ: المُلَقَّح مِنَ النَّخْلِ، وَقَدْ أَطْلَقَ
__________
(4) . قوله [وطلق البطن إلخ] عبارة الأساس: وأطلقت الناقة من عقالها فطلقت وهي طالق وطلق، وإبل أطلاق؛ قال ذو الرمة: تقاذفن إلخ(10/230)
نَخْلَهُ وطَلَّقها إِذا كَانَتْ طِوالًا فأَلقحها. وأَطْلَقَ خَيْلَه فِي الحَلْبة وأَطْلَقَ عَدُوَّه إِذا سَقَاهُ سُمّاً. قَالَ: وطَلَق أَعطى، وطَلِقَ إِذا تَبَاعَدَ. والطِّلْقُ، بِالْكَسْرِ: الْحَلَالُ؛ يُقَالُ: هُوَ لَكَ طِلْقاً طلْقٌ أَي حَلَالٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الخيلُ طِلْقٌ
؛ يَعْنِي أَن الرِّهان عَلَى الْخَيْلِ حَلَالٌ. يُقَالُ: أَعطيته مِنْ طِلْقِ مالي أَي صَفْوه وطَيِّبِه. وأَنتَ طِلْقٌ مِنْ هَذَا الأَمر أَي خارجٌ مِنْهُ. وطُلِّقَ السليمُ، عَلَى مَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ: رَجَعَتْ إِليه نفسهُ وَسَكَنَ وَجَعُهُ بَعْدَ العِداد، فَهُوَ مُطَلَّق؛ قَالَ الشَّاعِرَ:
تَبِيتُ الهُمُوم الطارِقاتُ يَعُدْنَني، ... كَمَا تَعْتَرِي الأَهْوالُ رأْسَ المُطَلَّقِ
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
تَناذَرَها الراقُون مِنْ سُوءِ سمِّها، ... تُطَلِّقه طَورْاً، وطَوْراً تُراجِعُهْ
والطَّلَقُ: ضَرْبٌ مِنَ الأَدْوية، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ تُسْتَخْرَجُ عُصَارَتُهُ فيتطلَّى بِهِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي النَّارِ. الأَصمعي: يُقَالُ لِضَرْبٍ مِنَ الدَّوَاءِ أَو نَبْتٍ طَلَقٌ، مُتَحَرِّكٌ. وطَلْقٌ وطَلَق: اسمان.
طمرق: الطُّمْروقُ: اسْمٌ مِنْ أَسماء الخفَّاش.
طهق: الطَّهْقُ: سُرْعَةُ الْمَشْيِ، يمانية زعموا.
طوق: الطَّوْقُ: حَلْيٌ يُجْعَلُ فِي الْعُنُقِ. وَكُلُّ شَيْءٍ اسْتَدَارَ فَهُوَ طَوْقٌ كطَوْق الرَّحى الَّذِي يُدِير القُطْب وَنَحْوِ ذَلِكَ. والطَّوْقُ: واحدُ الأَطْواق، وَقَدْ طَوَّقْتُه فتَطَوَّقَ أَي أَلبسته الطَّوْقَ فلَبِسه، وَقِيلَ: الطَّوْقُ مَا اسْتَدَارَ بِالشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ أَطْواقٌ. والمُطَوَّقةُ: الحمامةُ الَّتِي فِي عُنُقِهَا طَوْقٌ. والمُطَوَّقُ مِنَ الْحَمَامِ: مَا كَانَ لَهُ طَوْقٌ. وطَوَّقَه بِالسَّيْفِ وَغَيْرِهِ وطَوَّقه إِيّاه: جَعَلَهُ لَهُ طَوْقاً. وَفِي التَّنْزِيلِ: سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ
؛ يَعْنِي مَانِعَ الزَّكَاةِ يُطَوَّقُ مَا بَخِلَ بِهِ مِنْ حَقِّ الْفُقَرَاءِ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُخْطِ اللَّهِ. وَيُرْوَى فِي حَدِيثٍ:
مَنْ غَصَبَ جارَه شِبْراً مِنَ الأَرض طُوِّقَه مِنْ سَبْعِ أَرَضِين
؛ يَقُولُ: جُعِل لَهُ طَوْقاً فِي عُنُقِهِ أَي يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِ الأَرض فَتَصِيرُ الْبُقْعَةُ الْمَغْصُوبَةُ مِنْهَا فِي عُنُقِهِ كالطَّوْق، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُطَوَّقَ حملَها يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَي يُكلَّف فَيَكُونُ مِنْ طَوْق التَّكْلِيفِ لَا مِنْ طَوْق التَّقْلِيدِ؛ وَمِنَ الأَول حَدِيثُ الزَّكَاةِ:
يُطَوَّقُ مالَه شُجاعاً أَقرعَ
أَي يُجْعَلُ لَهُ كالطَّوْق فِي عُنُقِهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
والنخلُ مُطَوقة بِثَمَرِهَا
أَي صَارَتْ أَعذاقُها كالأَطْواق فِي الأَعناق؛ وَمِنَ الثَّانِي حَدِيثُ
أَبي قَتَادَةَ ومُراجعةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الصوم فَقَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ودِدْت أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ
أَيْ لَيْتَهُ جُعِل دَاخِلًا فِي طاقَتي وَقُدْرَتِي، وَلَمْ يَكُنْ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ غيرَ قَادِرٍ عَلَيْهِ لِضَعْفٍ مِنْهُ وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنه خافَ الْعَجْزَ عَنْهُ لِلْحُقُوقِ الَّتِي تلتزمه لِنِسَائِهِ، فإِن إِدامةَ الصَّوْمِ تُخِلّ بِحُظُوظِهِنَّ مِنْهُ. وتَطَوَّقَت الحيّةُ عَلَى عُنُقِهِ: صَارَتْ عَلَيْهِ كالطَّوْق. والطَّوْقة: أَرض سَهْلَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ فِي غِلَظ. وطائقُ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُ طَوْقِهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: طَائِقُ كُلِّ شيءٍ مَا اسْتَدَارَ بِهِ مِنْ حَبْل أَو أَكمة، وَالْجَمْعُ الأَطْواق. ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنَ الشَّاذِّ قِرَاءَةُ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ: وعلى الذين يُطَوَّقُونه، يَطَّوَّقُونه ويُطَيَّقُونه ويَطَّيَّقُونَهُ،
فيُطَوَّقُونه
يُجْعَلُ كالطَّوْق فِي أَعناقهم،
ويَطَّوَّقونه
أَصله يتطوَّقونه فقُلبَتْ التَّاءُ طَاءً وأُدغمتْ فِي الطَّاءِ،
ويُطَيَّقونه
أَصله يُطَيْوَقونه(10/231)
فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً كَمَا قلبتَها فِي سَيِّدٍ وَمَيِّتٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الْقَلْبُ عَلَى الْمُعَاقَبَةِ كتَهوّر وَتَهَيَّرَ، عَلِيٍّ أَن أَبا الْحَسَنِ قَدْ حَكَى هارَ يَهير، فَهَذَا يُؤنِس أَن يَاءَ تَهَيَّرَ وضْعٌ وَلَيْسَتْ عَلَى الْمُعَاقَبَةِ، قَالَ: وَلَا تَحْمِلْنَ هارَ يَهِير عَلَى الْوَاوِ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَهَبَ إِليه الْخَلِيلُ فِي تاهَ يَتِيه وطاحَ يَطيح فإِن ذَلِكَ قَلِيلٌ، وَمَنْ قرأَ يَطَّيَّقونه جَازَ أَن يَكُونَ يَتَفَيْعلونه، أَصله يَتَطَيْوَقونه فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَيِّتٍ وَسَيِّدٍ، وَتَجُوزُ فِيهِ الْمُعَاقَبَةُ أَيْضًا عَلَى تَهَيُّرٍ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ يُطَوَّقُونه بِالْوَاوِ، وَصِيغَةُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ يُفَوْعَلونه إِلا أَن بناءَ فَعَّلْت أَكثر مِنْ بِنَاءِ فَوْعَلْت. وطَوَّقْتُك الشَّيْءَ أَي كلَّفْتكَه. وطَوَّقَني اللهُ أَداءَ حَقِّك أَي قَوّاني. وطوَّقتْ لَهُ نفسُه: لُغَةٌ فِي طَوَّعَت أَي رَخَّصت وسَهَّلت؛ حَكَاهَا الأَخفش. والطَّائِقُ: حَجَرٌ أَو نَشَزٌ يَنْشُز فِي الْجَبَلِ نَادِرٌ، مِنْهُ، وَفِي الْبِئْرِ مِثْلُ ذَلِكَ مَا نَشَزَ مِنْ حَالِ الْبِئْرِ مِنْ صَخْرَةٍ نَاتِئَةٍ؛ وَقَالَ عِمَارَةُ بْنُ طَارِقٍ فِي صِفَةِ الْغَرْبِ:
مُوقَّر مِنْ بَقَرِ الرَّساتِق، ... ذِي كِدْنةٍ عَلَى جِحافِ الطَّائِق،
أَخْضَر لَمْ يُنْهَكْ بُموسَى الحالِق
أَي ذُو قُوَّةٍ عَلَى مُكاوَحةِ تِلْكَ الصَّخْرَةِ؛ وَقَالَ فِي جَمْعِهِ:
عَلَى مُتونِ صَخَرٍ طَوائِق
والطائِقُ: مَا بَيْنَ كُلِّ خَشَبَتَيْنِ مِنَ السَّفِينَةِ. أَبو عُبَيْدٍ: الطَّائِقُ مَا بَيْنَ كُلِّ خَشَبَتَيْنِ. وَيُقَالُ: الطائِق إِحدى خَشَبَاتِ بطن الزَّوْرَق. أَبو عمرو الشَّيْبَانِيُّ: الطائِقُ وَسَطُ السَّفِينَةِ؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ:
فالْتامَ طائِقُها القديمُ، فأَصْبَحَتْ ... مَا إِنْ يُقَوِّمُ درْأَها رِدْفانِ
الأَصمعي: الطائِقُ مَا شَخَصَ مِنَ السَّفِينَةِ كالحَيْدِ الَّذِي يَنْحَدِرُ مِنَ الْجَبَلِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قَرْواء طائِقُها بالآلِ مَحْزُومُ
قَالَ: وَهُوَ حَرْفٌ نَادِرٌ فِي القُنّة. اللَّيْثُ: طائِقُ كُلِّ شَيْءٍ مَا اسْتَدَارَ بِهِ مِنْ حَبْل أَو أَكمة، وَجَمْعُهُ أَطْواقٌ، والطَّاقاتُ جَمْعُ طاقةٍ. وَيُقَالُ للكَرِّ الَّذِي يُصْعَد بِهِ إِلى النَّخْلَةِ الطَّوْق، وَهُوَ البَرْوَنْد بالفارسية؛ قال الشاعر يَصِفُ نَخْلَةً:
ومَيّالة فِي رأْسها الشَّحْمُ والنَّدَى، ... وسائرُها خالٍ مِنَ الْخَيْرِ يابِسُ
تَهَيَّبها الفِتْيانُ حَتَّى انْبَرَى لَهَا ... قَصِيرُ الخُطى، فِي طَوْقِه، مُتَقاعِسُ
يَعْنِي الْبَرْوَنْدَ؛ التَّهْذِيبُ: أَنشد عُمَرُ بْنُ بَكْرٍ:
بَنى بالغَمْر أَرْعَنَ مُشْمَخِرًّا، ... يُغَنِّي، فِي طَوائِقه، الحَمامُ
قَالَ: طَوائِقه عُقوده؛ قَالَ الأَزهري: وَصَفَ قَصْراً. والطَّوائِقُ: جَمْعُ الطَّاقِ الَّذِي يُعْقَد بالآجُرّ، وأَصله طائِقٌ وَجَمْعُهُ طَوائِقُ عَلَى الأَصل مِثْلُ الْحَاجَةِ جَمْعُهَا حَوَائِجُ لأَن أَصلها حَائِجَةٌ؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنِ حَسَّانَ:
أَجِدَّكَ هَلْ رأَيتَ أَبا قُبَيْسٍ، ... أَطالَ حياتَه النَّعَمُ الرُّكامُ؟
بَنَى بالغَمْرِ أَرْعَنَ مُشْمَخِرّاً، ... يُغَنِّي فِي طَوَائِقِهِ الحَمامُ
قال: وَيُجْمَعُ أَيضاً أَطْواقاً. والطَّوْقُ والإِطاقةُ: الْقُدْرَةُ عَلَى الشَّيْءِ. والطَّوْقُ: الطَّاقةُ. وَقَدْ طاقَه(10/232)
طَوْقاً وأَطاقَه إِطاقةً وأَطاقَ عَلَيْهِ، وَالِاسْمُ الطَّاقةُ. وَهُوَ فِي طَوْقي أَي فِي وُسْعي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُ عَمْرِو بْنِ أُمامة:
لَقَدْ عَرَفْتُ الموتَ قَبْلَ ذَوْقِه، ... إِنّ الجَبان حَتْفُه مِنْ فَوْقِه
كلُّ امْرِئٍ مُقاتِلٌ عَنْ طَوْقِه، ... كالثَّوْرِ يَحْمي جِلْدَه بِرَوْقِه
أَراد بالطَّوْق العُنق، وَرَوَاهُ اللَّيْثُ:
كُلُّ امْرِئٍ مُجَاهِدٌ بِطَوْقِهِ
قَالَ: والطَّوْقُ الطاقةُ أَي أَقصى غَايَتِهِ، وَهُوَ اسْمٌ لِمِقْدَارِ مَا يُمْكِنُ أَن يَفْعَلَهُ بمشقَّة مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ طُقْ طُقْ مَنْ طاقَ يَطُوق إِذا أَطاق. اللَّيْثُ: الطَّوْقُ مَصْدَرٌ مِنَ الطَّاقِة؛ وأَنشد:
كُلُّ امْرِئٍ مُجاهِد بِطَوْقِهِ، ... وَالثَّوْرُ يَحْمِي أَنفه بِرَوْقِهِ
يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُكلّف مَا أَطاق؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يُقَالُ طاقَ يَطُوق طَوْقاً وأَطاقَ يُطيقُ إِطاقةً وَطَاقَةً، كَمَا يُقَالُ طاعَ يَطُوع طَوْعاً وأَطاعَ يُطيع إِطاعةً وَطَاعَةً. والطَّاقةُ والطاعةُ: اسْمَانِ يوضَعان مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا طَلَبْتَه طاقَتَك، أَضافوا الْمَصْدَرَ وإِن كَانَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، كَمَا أَدْخَلُوا فِيهِ الأَلف وَاللَّامَ حِينَ قَالُوا أَرسلَها العِراكَ، وأَما طَلَبْتُه طاقَتي فَلَا يَكُونُ إِلا مَعْرِفَةً كَمَا أَن سبحانَ اللَّهِ لَا يَكُونُ إِلا كَذَلِكَ. والطاقةُ: شُعْبَةٌ مِنْ رَيْحان أَو شَعَر وقُوَّةٌ مِنَ الْخَيْطِ أَو نَحْوَ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: طاقُ نعلٍ وطاقةُ رَيْحانٍ، والطاقُ: مَا عَطَفَ مِنَ الأَبنية، وَالْجَمْعُ الطَّاقات. والطَّيقان: فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَالطَّاقُ: عَقْدُ الْبِنَاءِ حَيْثُ كَانَ، وَالْجَمْعُ أَطواق وطِيقانٌ. والطَّاقُ: ضَرْبٌ مِنَ الْمَلَابِسِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الطَّيْلَسان، وَقِيلَ هُوَ الطَّيْلَسَانُ الأَخضر؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَوْ تَرَى، إِذْ جُبَّتي مِنْ طاقِ، ... ولِمَّتي مِثْلُ جَناحِ غاقِ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
لَقَدْ تَرَكتْ خُزَيْبَةُ كلَّ وغْدٍ ... تَمَشَّى بينَ خاتامٍ وطاقِ
والطِّيقانُ جَمْعُ طَاقٍ: الطَّيْلَسان مِثْلُ سَاجٍ وسِيجان؛ قَالَ مَلِيحٌ الْهُذَلِيُّ:
مِنَ الرَّيْطِ والطِّيقانِ تُنْشَرُ فَوْقَهم، ... كأَجْنِحةِ العِقْبانِ تَدْنُو وتَخْطِفُ
والطَّاقُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَكْفِيك، مِنْ طاقٍ كَثِيرِ الأَثْمان، ... جُمَّازَةٌ شُمِّرَ مِنْهَا الكُمَّان
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الطَّاقُ الْكِسَاءُ، والطَّاقُ الخِمارُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
سائِلَة الأَصداغ يَهْفُو طاقُها، ... كأَنَّما ساقُ غُرابٍ ساقُها
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ أَي خِمَارُهَا يَطِيرُ وأَصداغها تَتَطَايَرُ مِنْ مُخَاصَمَتِهَا. ورأَيت أَرضاً كأَنَّها الطيقانُ إِذا كَثُرَ نَبَاتُهَا. وَشَرَابُ الأَطْواق: حَلَبُ النارَجِيل، وَهُوَ أَخبث مِنْ كُلِّ شَرَابٍ يُشْرَب وأَشدُّ إِفساداً لِلْعَقْلِ. وَذَاتُ الطُوَق: أَرض مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:(10/233)
تَرْمي ذِراعَيْهِ بجَثْجاثِ السُّوَقْ ... ضَرْحاً، وَقَدْ أَنْجَدْنَ مِنْ ذاتِ الطُّوَقْ
والطَّوْقُ: أَرض سَهْلَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ. وطاقُ الْقَوْسِ: سِيَتُها، وقال ابْنُ حَمْزَةَ: طائِقُها لَا غَيْرَ، وَلَا يُقَالُ طاقُها.
فصل العين المهملة
عبق: عَبِقَ بِهِ عَبَقاً وعَباقيةً مِثْلَ ثَمَانِيَةٍ: لزِمَه، وعَسِقَ بِهِ كَذَلِكَ. وعَبِقَ الرَّدْع بِالْجِسْمِ والثوبِ: لَزِق، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ كِتَابِ النَّبَاتِ: تُعْبَقُ بِهِ الثيابُ، وَفِي بَعْضِهَا تُعَبَّقُ. وعَبِقَت الرائحةُ فِي الشيءِ عَبَقاً وعَباقِيةً: بَقيت؛ وعَبِق الشيُ بِقَلْبِي: كَذَلِكَ عَلَى الْمِثْلِ. وريحٌ عَبِقٌ: لاصقٌ. وَرَجُلٌ عَبِقٌ وامرأَة عَبِقةٌ إِذا تطيِّب وَتَعَلَّقَ بِهِ الطِّيب فَلَا يَذْهَبُ عَنْهُ رِيحُهُ أَيّاماً؛ قَالَ:
عَبِقَ العَنْبَرُ والمِسْكُ بِهَا، فَهِيَ صفراءُ كعُرْجونِ القَمَرْ
وَفِي نُسْخَةٍ: الْعُمُرْ. وامرأَة عَبِقةٌ لَبِقةٌ: يُشاكِلُها كلُّ لِبَاسٍ وَطِيبٍ. قَالَ الْخُزَاعِيُّونَ، وَهُمْ مِنْ أَعرب النَّاسِ: رَجُلٌ عَبِقٌ لَبِقٌ وَهُوَ الظَّرِيفُ. وَمَا بَقِيَتْ لَهُمْ عَبَقةٌ أَي بَقِيَّةٌ مِنْ أَموالهم. وَمَا فِي النِّحْي عَبَقة وعَبْقةٌ أَي شَيْءٍ مِنْ سَمْنٍ، وَقِيلَ: مَا فِي النِّحْي عَبَقة وعَمَقَة أَي لَطْخُ وضَرٍ مِنَ السَّمْنِ، وَقِيلَ: مَا فِيهِ لَطْخ وَلَا وضَرٌ وَلَا لَعُوق مِنْ رُبٍّ وَلَا سَمْنٍ، وَزَعَمَ اللِّحْيَانِيُّ أَن مِيمَ عَمَقة بَدَلٌ مِنْ بَاءِ عَبَقه، وأَصل ذَلِكَ مِنْ عَبِقَ بِهِ الشَّيْءُ يَعْبَقُ عَبَقاً إِذا لَزِقَ بِهِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
ثُمَّ رَاحُوا عَبقَ المِسْكُ بِهِمْ، ... يَلْحَفُونَ الأَرض هُدَّاب الأُزُرْ
والعَباقيةُ: الدَّاهِيَةُ ذُو الشَّرِّ والنُّكر؛ وأَنشد:
أَطَفَّ لَهَا عَباقيةٌ سَرنْدَى، ... جَرِيءٌ الصَّدْرِ مُنْبَسِطُ الْيَمِينِ
والعَباقيةُ: اللِّصُّ الْخَارِبُ الَّذِي لَا يُحْجِمُ عَنْ شَيْءٍ. وَقَدِ اعْبَنْقى الرَّجُلُ أَي صَارَ دَاهِيَةً. وَبِهِ شَيْن عَباقِية أَي لَهُ أَثر بَاقٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَهِيَ أَثر جِرَاحَةٍ تَبْقَى فِي حُرِّ وَجْهِهِ. والعَباقِيةُ: شَجَرٌ لَهُ شَوْكٌ يُؤْذِي مَنْ عَلِقَ بِهِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العَباقِيةُ مِنَ الْعِضَاهِ، وَهِيَ شَجَرَةٌ لَمْ تُنْعَتْ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ الْعَجْلَانِ:
غَدَاةَ شُواحِطٍ فَنَجَوْت شَدًّا، ... وثَوْبُك فِي عَباقيةٍ هَرِيدُ
يَقُولُ: تَعَلَّقَتِ العَباقِيةُ بِهِ فَتَرَكَهُ بِهَا وَنَجَا. وغلامٌ مُعْبَنْق: سيِءُ الْخُلُقِ. الأَصمعي: رَجُلٌ عِبِقَّانةٌ رِبِقَّانة إِذا كَانَ سيِء الْخُلُقَ، والمرأَة كذلك.
عبشق: العُبشوق: دُوَيْبَّة مِنْ أَحناش الأَرض. وَعَبْشَقُ: اسْمٌ.
عبنق: عُقاب عَقَنْباة وعَبَنْقاة وقَعَنْباةٌ وبَعَنْقاة: حديدةُ الْمَخَالِبِ، وَقِيلَ هِيَ السَّرِيعَةُ الْخَطْفِ المُنْكَرة، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَمَا قَالُوا أَسَدٌ أَسِدٌ وكلْب كَلِبٌ. واعْبَنقى وابَعَنْقى إِذا سَاءَ خُلُقُهُ.
عتق: العِتْقُ: خِلَافُ الرِّق وَهُوَ الْحَرِيَّةُ، وَكَذَلِكَ العَتاقُ، بِالْفَتْحِ، والعَتاقةُ؛ عَتَقَ العبدُ يَعْتِقُ عِتْقاً وعَتْقاً وعَتاقاً وعَتاقَةً، فَهُوَ عَتيقٌ وعاتِقٌ، وَجَمْعُهُ عُتَقاء، وأَعْتَقْتُه أَنا، فَهُوَ مُعْتَقٌ وعَتيقٌ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وأَمَةٌ عَتيقٌ وعَتيقَةٌ فِي إِماءٍ عَتائِق. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَنْ يَجْزي ولدٌ وَالِدَهُ إِلَّا(10/234)
أَن يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فيَعْتِقَه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَوْلُهُ فيَعْتِقَه لَيْسَ مَعْنَاهُ اسْتِئْنَافَ العِتْقِ فِيهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لأَن الإِجماع مُنْعَقِدٌ أَن الأَب يَعْتقُ عَلَى الِابْنِ إِذا مَلَكَهُ فِي الْحَالِ وإِنما مَعْنَاهُ أَنه إِذا اشْتَرَاهُ فَدَخَلَ فِي مِلْكِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ الشِّراءُ سَبَبًا لعِتقِه أُضيف العِتقُ إِليه، وإِنما كَانَ هَذَا جَزاء لَهُ لأَن العِتْقَ أَفضل مَا يُنْعِم بِهِ أَحدٌ عَلَى أَحد، إِذ خَلَّصَهُ بِذَلِكَ مِنَ الرقِّ وجَبَر بِهِ النَّقْصَ الَّذِي لَهُ وَتَكْمُلُ لَهُ أَحكام الأَحرار فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ. وَفُلَانٌ مَولى عَتاقَةٍ ومَوْلىً عَتيقٌ ومَوْلاةٌ عتيقةٌ ومَوالٍ عُتَقاء وَنِسَاءٌ عَتائق: وَذَلِكَ إِذا أُعْتِقْنَ. وَحَلَفَ بالعَتاقِ أَي الإِعْتاق. وعَتيقٌ: اسْمُ الصدِّيق، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَعْتَقَه مِنَ النَّارِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ؛ رَوَتْ
عَائِشَةُ أَن أَبا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا أَبا بَكْرٍ أَنت عَتيقُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ، فمِنْ يَوْمِئِذٍ سُمِّي عَتيقاً.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه سُمِّيَ عَتيقاً لأَنه أُعْتِقَ مِنَ النَّارِ
؛ سَمَّاهُ بِهِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وَقِيلَ: كَانَ يُقَالُ لَهُ عَتيقٌ لِجَمَالِهِ. وعَتَقَتْ عَلَيْهِ يمينٌ تَعْتِقُ: سَبَقَتْ وَتَقَدَّمَتْ، وَكَذَلِكَ عَتُقَتْ، بِالضَّمِّ، أَي قَدُمت وَوَجَبَتْ كأَنه حَفِظَهَا فَلَمْ يَحْنَثْ. وعَتَقَتْ منِّي يَمِينٌ أَي سَبَقَتْ؛ وأَنشد لأَوس بْنِ حُجْرٍ:
عَلَيَّ أَليَّةٌ عَتَقَتْ قَدِيمًا، ... فَلَيْسَ لَهَا، وإِن طُلِبَتْ، مَرامُ
أَي لَزِمَتْنِي، وَقِيلَ أَي لَيْسَ لَهَا حِيلَةٌ وإِن طُلِبَتْ. أَبو زَيْدٍ: أَعْتَقَ يمينَه أَي لَيْسَ لَهَا كَفَّارَةٌ. وعَتَقَت الفرسُ تَعْتِقُ وعَتُقتْ عِتْقاً: سَبَقَتِ الْخَيْلَ فَنَجَتْ. وَفَرَسٌ عاتِقٌ: سَابِقٌ. وَرَجُلٌ مِعْتاقُ الوَسيقَة إِذا طَرَدَ طَريدةً سَبَقَ بِهَا، وَقِيلَ: سَبَقَ بِهَا وأَنجاها؛ قَالَ أَبو الْمُثَلَّمِ يَرْثِي صَخْرًا:
حامِي الحَقيقَةِ نسَّالُ الوَدِيقة، مِعْتاقُ ... الوَسيقَةِ، لَا نِكْسٌ وَلَا وَانِي
قَالَ: وَلَا يُقَالُ مِعْناق.، والعاتِقُ: النَّاهِضُ مِنْ فِراخ الْقَطَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَنَرَى أَنه مِنَ السَّبْقِ عَلَى أَنه يَعْتقُ أَي يَسْبِقُ. يُقَالُ: هَذَا فَرْخُ قَطَاةٍ عاتِقٌ إِذا كَانَ قَدِ اسْتَقَلّ وَطَارَ. وعِتاقُ الطَّيْرِ: الْجَوَارِحُ مِنْهَا، والأَرْحَبِيَّاتُ العِتاقُ: النَّجَائِبُ مِنْهَا، وَقِيلَ: العاتِقُ مِنَ الطَّيْرِ فَوْقَ النَّاهِضِ، وَهُوَ فِي أَول مَا يَتَحَسَّرُ رِيشُهُ الأَول وَيَنْبُتُ لَهُ رِيشٌ جُلْذِيّ أَي شَدِيدٌ، وَقِيلَ: العاتِقُ مِنَ الْحَمَامِ مَا لَمْ يُسِنّ ويَسْتَحْكِم، وَالْجَمْعُ عُتَّق. وَجَارِيَةٌ عاتِقٌ: شَابَّةٌ، وَقِيلَ: العاتِقُ الْبِكْرُ الَّتِي لَمْ تَبِنْ عَنْ أَهلها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي بَيْنَ الَّتِي أَدركت وَبَيْنَ الَّتِي عَنَسَتْ: والعاتِقُ: الْجَارِيَةُ الَّتِي قَدْ أَدركت وَبَلَغَتْ فخُدِّرَتْ فِي بَيْتِ أَهلها وَلَمْ تَتَزَوَّجْ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها عَتَقَتْ عَنْ خِدْمَةِ أَبويها وَلَمْ يَمْلِكْهَا زَوْجٌ بعدُ، قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَقِيدي دَماً، يَا أُمَّ عَمْرٍو، هَرَقْتِه ... بكفَّيْك، يَوْمَ السِّتْرِ، إِذ أَنْتِ عاتِقُ
وَقِيلَ: العاتِقُ الْجَارِيَةُ الَّتِي قَدْ بَلَغَتْ أَن تَدَرَّعَ وعَتَقَتْ مِنَ الصِّبا وَالِاسْتِعَانَةِ بِهَا فِي مِهْنَةِ أَهلها، سمِّيت عاتِقاً بِهَا، وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَواتِق؛ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ مَسْعُودٍ الضَّبِّيُّ:
وَلَمْ تَثِقِ العَواتِقُ مِنْ غَيورٍ ... بغَيْرَتِه، وخَلَّيْنَ الحِجالا(10/235)
وَفِي الْحَدِيثِ:
خَرَجَتْ أُم كُلْثُومِ بِنْتِ عُقْبَةَ وَهِيَ عاتِقٌ قَبْلَ هِجْرَتِهَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العاتِقُ الشَّابَّةُ أَول مَا تُدْرِكُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَمْ تَبِنْ مِنْ وَالِدَيْهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ وَقَدْ أَدركت وشَبَّت، وَيُجْمَعُ عَلَى العُتَّقِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُم عَطِيَّةَ: أُمِرْنا أَن نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الحُيَّض والعُتَّق
، وَفِي رِوَايَةٍ:
العَواتِق
؛ يُقَالُ: عَتَقَتِ الْجَارِيَةُ، فَهِيَ عاتِقٌ، مِثْلَ حاضَتْ، فَهِيَ حائضٌ. وَكُلُّ شَيْءٍ بَلَغَ إِناهُ فَقَدْ عَتَقَ. والعَتيقُ: الْكَرِيمُ الرَّائعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ والخيارُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ التَّمْرُ وَالْمَاءُ وَالْبَازِي والشَّحْم. والعِتْقُ: الكَرَمُ؛ يُقَالُ: مَا أَبْيَنَ العِتْقَ فِي وَجْهِ فُلَانٍ يَعْنِي الْكَرَمَ. والعِتْقُ: الْجَمَالُ. وَفَرَسٌ عَتيقٌ: رَائِعٌ كَرِيمٌ بَيِّن العِتْقِ، وَقَدْ عَتُقَ عَتاقَةً، وَالِاسْمُ العِتْقُ، وَالْجَمْعُ العِتاقُ. وامرأَة عَتِيقةٌ: جَمِيلَةٌ كَرِيمَةٌ؛ وَقَوْلُهُ:
هِجانُ المُحَيَّا عَوْهَجُ الخَلْقِ، سُرْبِلَتْ ... مِنَ الحُسْنِ سِرْبالًا عَتِيقَ البَنائقِ
يَعْنِي حَسَن الْبَنَائِقِ جَمِيلَهَا. والعُتُقُ: الشَّجَرُ الَّتِي يُتَّخَذُ مِنْهَا الْقِسِيُّ الْعَرَبِيَّةُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ: يُرَادُ بِهِ كَرَمُ الْقَوْسِ لَا العِتْق الَّذِي هُوَ القِدَم. وَقَالَ مُرَّة عَنْ أَبي زِيَادٍ: العِتْق الشَّجَرُ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْهَا القِسِيُّ، قَالَ: كَذَا بَلَغَنِي عَنْ أَبي زِيَادٍ وَالَّذِي نَعْرِفُهُ العُتُق. والعَتيقُ: فَحْلٌ مِنَ النَّخْلِ مَعْرُوفٌ لَا تَنْفُضُ نَخْلَتُهُ. وعَتيقُ الطَّيْرِ: الْبَازِي؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فانْتَضَلْنا، وابنُ سَلْمى قاعدٌ، ... كعَتيقِ الطَّيْرِ يُغْضى ويُجَلّ
ابْنُ سَلْمَى: النُّعْمَانُ، وإِنما ذَكَرَ مَقَامَتَهُ مَعَ الرَّبِيعِ بَيْنَ يَدَيِ النُّعْمَانِ. ابْنُ الأَعرابي: كلُّ شَيْءٍ بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي جودةٍ أَو رَدَاءَةٍ أَو حُسْنٍ أَو قُبْحٍ، فَهُوَ عَتيقٌ، وَجَمْعُهُ عُتُقٌ. والعاتِقةُ مِنَ الْقَوْسِ: مِثْلُ العاتِكَةِ، وَهِيَ الَّتِي قَدُمت واحْمَرّت. والعَتيقُ: الْقَدِيمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى قَالُوا رَجُلٌ عَتيقٌ أَي قَدِيمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بالأَمر العَتيقِ
أَي الْقَدِيمِ الأَول، وَيُجْمَعُ عَلَى عِتاقٍ كَشَرِيفٍ وشِرافٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنهنَّ مِنَ العِتاقِ الأُوَلِ وهنِّ مِنْ تِلَادِي
؛ أَراد بالعِتاقِ الأُولِ السُّوَرُ اللَّاتِي أُنْزِلت أَولًا بِمَكَّةَ وأَنها مِنْ أَول مَا تعلَّمه مِنَ الْقُرْآنِ. وَقَدْ عَتُقَ عِتْقاً وعَتاقَةً أَي قَدُم وَصَارَ عَتيقاً، وَكَذَلِكَ عَتَقَ يَعْتُقُ مِثْلُ دَخَل يدخُل، فَهُوَ عاتِقٌ، وَدَنَانِيرُ عُتُقٌ، وعتَّقْتُه أَنا تَعْتيقاً. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ
. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنما سَمَّى اللَّهُ البيتَ العَتيقَ لأَن اللَّهَ أَعْتَقَه مِنَ الْجَبَابِرَةِ فَلَمْ يَظْهر عَلَيْهِ جَبَّار قَطُّ
، وَالْبَيْتُ العَتيقُ بِمَكَّةَ لِقِدَمِهِ لأَنه أَول بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ؛ قَالَ
الْحَسَنُ: هُوَ الْبَيْتُ الْقَدِيمُ
، دَلِيلُهُ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً؛ وَقِيلَ: لأَنه أُعْتِقَ مِنَ الْغَرَقِ أَيام الطُّوفَانِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ؛ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن الْبَيْتَ رُفِع وَبَقِيَ مكانُه، وَقِيلَ: إِنه أُعْتِقَ مِنَ الْجَبَابِرَةِ وَلَمْ يَدَّعِهِ مِنْهُمْ أَحد، وَقِيلَ: سُمِّيَ عَتيقاً لأَنه لَمْ يَمْلِكْهُ أَحد، والأَول أَولى. وَقَالَ بَعْضُ حُذَّاق اللُّغَوِيِّينَ. العِتْقُ للمَوَات كَالْخَمْرِ وَالتَّمْرِ، والقِدَمُ للمَوَات والحيوانِ جَمِيعًا. وَخَمْرٌ عَتِيقةٌ: قَدِيمَةٌ حُبست زَمَانًا فِي ظَرْفِهَا؛ فأَما قَوْلُ الأَعشى:
وكأَنَّ الخَمْر العَتيقَ مِنَ الإِسْفَنْطِ ... مَمْزوجةٌ بماءٍ زُلالِ(10/236)
فإِنه قَدْ يُوَجَّه عَلَى تَذْكِيرِ الْخَمْرِ، فإِما أَن يَكُونَ تَذْكِيرُ الْخَمْرِ مَعْرُوفًا. وإِما أَن يَكُونَ وَجَّههَا عَلَى إِرادة الشَّرَابِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ، أَعني الْحَمْلَ عَلَى الْمَعْنَى، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وإِن شِئْتَ جَعَلْتَ فَعيلًا هُنَا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ كَمَا تَقُولُ عينٌ كحيلٌ، فَتَكُونُ الْخَمْرُ مُؤَنَّثَةٌ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ. وَيُقَالُ لجَيَّدِ الشَّرَابِ عاتقٌ، والعاتِقُ: الْخَمْرُ الْقَدِيمَةُ؛ قَالَ حَسَّانُ:
كالمِسْكِ تَخْلِطُه بِمَاءِ سَحابةٍ ... أَو عاتِقٍ، كَدَمِ الذَّبيحِ مُدَامِ
وَقَدْ عَتَقَت الخمرُ وعَتَّقَها. والمُعَتَّقَةُ: مِنْ أَسماء الطِّلاء وَالْخَمْرِ؛ قَالَ الأَعشى:
وسَبيئَة مِمَّا تُعَتِّقُ بابِلٌ، ... كدَمِ الذَّبيحِ سَلَبْتُها جِرْيالَها
والمُعَتَّقَةُ: الْخَمْرُ الَّتِي عَتِّقَتْ زَمَانًا حَتَّى عَتُقَتْ. والعاتِقُ: كالعَتِيقَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَمْ يَفُضَّ أَحدٌ خِتَامَهَا كَالْجَارِيَةِ العاتِقِ، وَقِيلَ: هِيَ لَمْ تُقْتَضَّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أُغْلي السِّباءَ بِكُلِّ أَدْكَنَ عاتِقٍ، ... أَو جَونةٍ قُدِحَت وفُضَّ خِتامُها
وبَكْرَةٌ عَتيقَةٌ إِذا كَانَتْ نَجِيبَةً كَرِيمَةً. وَقَالَ أَعرابي: لَا نَعُدُّ البَكْرةَ بَكْرَةً حَتَّى تَسْلم مِنَ القَرْحة والعُرَّة، فإِذا بَرِئَتْ مِنْهُمَا فَقَدْ عَتُقَتْ وَثَبَتَتْ، وَيُرْوَى نَبَتَتْ. وعَتُقت: قدُمت؛ وَكُلُّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قَدْ عَتَقَتْ، بِالْفَتْحِ، تَعْتِق عِتْقاً أَي نَجَتْ فَسَبَقَتْ. وأعْتقها صَاحِبُهَا أَي أَعجلها وأَنجاها. وعَتَق السَّمْنَ وعَتُق: يَعْنِي قَدُم؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعَتيقُ: الْمَاءُ، وَقِيلَ: الطِّلاء وَالْخَمْرُ، وَقِيلَ: اللَّبَنُ. وعَتَّقَ بِفِيه يُعَتِّقُ إِذا بَزَمَ وَعَضَّ. والعِتْقُ: صَلَاحُ الْمَالِ. وعَتَقَ الْمَالُ عِتْقاً: صَلَحَ، وعَتَقَه وأَعْتَقه فَعَتَق: أَصلحه فَصَلَحَ، وعَتُقَ فُلَانٌ بَعْدَ اسْتِعْلَاجٍ يَعْتُق، فَهُوَ عَتيقٌ: رقَّ وَصَارَ عَتيقاً، وَهُوَ رِقَّةُ الْجِلْدِ، أَي رَقَّت بَشَرته بَعْدَ الْغِلَظِ وَالْجَفَاءِ، وعَتَقَ التَّمْرُ وَغَيْرُهُ وعَتُقَ، فَهُوَ عَتيقٌ: رقَّ جِلْدُهُ، وعَتُقَ يَعْتُق إِذا صَارَ قَدِيمًا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العَتيقُ اسْمٌ لِلتَّمْرِ عَلَم؛ وأَنشد قَوْلَ عَنْتَرَةَ:
كَذَب العَتيقُ وماءُ شَنّ باردٌ، ... إِن كنتِ سائِلَتي غَبُوقاً فَاذْهَبِي
قِيلَ: إِنه أَراد بالعَتيق التَّمْرَ الَّذِي قَدْ عَتُق؛ خَاطَبَ امرأَته حِينَ عَاتَبَتْهُ عَلَى إِيثار فَرَسِهِ بأَلبان إِبله فَقَالَ لَهَا: عَلَيك بِالتَّمْرِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ وذَرِي اللَّبَنَ لِفَرَسِي الَّذِي أَحميك عَلَى ظَهْرِهِ، وَقَالَ: هُوَ الْمَاءُ نَفْسُهُ؛ وَهَذِهِ الأَبيات قِيلَ إِنها لِعَنْتَرَةَ، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: إِنها لخُزَز بْنِ لَوْذَان السَّدُوسِيِّ، وَهِيَ:
كَذَب العتيقُ وَمَاءُ شَنٍّ باردٌ، ... إِن كُنْتِ سائِلَتي غَبوقاً فَاذْهَبِي
لَا تُنْكِري فَرَسِي وَمَا أَطعمْتُه، ... فيكونَ لونُكِ مثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ
إِني لأَخْشَى أَن تَقول حَليلَتي: ... هَذَا غُبار ساطعٌ فَتَلَبَّبِ
إِنَّ الرجالَ لهُمْ إِليك وسِيلةٌ ... أَن يأْخذوك تَكَحَّلي وتخَضَّبي
وَيَكُونُ مَرْكَبُكِ القَلوصَ وظِلَّهُ، ... وابنُ النَّعامَةِ يَوْمَ ذَلِكَ مَرْكَبي
قَالَ: والعَتيقُ التَّمْرُ الشهْريزُ، وَجَمْعُهُ عُتُق. والعاتِقُ: مَا بَيْنَ المَنْكب والعُنُقِ، مذكر وقد(10/237)
أُنث وَلَيْسَ بِثَبْتٍ؛ وَزَعَمُوا أَن هَذَا الْبَيْتَ مَصْنُوعٌ وَهُوَ:
لَا نَسَبَ اليومَ وَلَا خُلَّةٌ، ... اتِّسَعَ الفَتْقُ عَلَى الراتِقِ
لَا صُلْحَ بَيْنِي، فاعْلَموهُ، وَلَا ... بينكُمُ، مَا حَمَلَتْ عاتِقي
سَيْفِي وَمَا كنَّا بنَجْدٍ، وَمَا ... قَرْقَر قُمْرُ الوادِ بالشاهِقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والعاتِقُ مُؤَنَّثَةٌ، وَاسْتَشْهَدَ بِهَذِهِ الأَبيات وَنَسَبَهَا لأَبي عَامِرٍ جدِّ الْعَبَّاسِ بنِ مِرْداس وَقَالَ: وَمَنْ رَوَى الْبَيْتَ الأَول:
اتَّسَعَ الخرقُ عَلَى الراقِع
فَهُوَ لأَنس بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ مُذَكَّرٌ لَا غَيْرَ، وَهُمَا عاتِقانِ وَالْجَمْعُ عُتْق وعُتَّق وعواتِقُ. وَرَجُلٌ أَمْيَلُ العاتِقِ: معْوَجُّ مَوْضِعِ الرِّدَاءِ. والعاتِقُ: الزِّقُّ الْوَاسِعُ الْجَيِّدُ؛ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ لَبِيدٌ:
أَغْلى السِّباءَ بِكُلِّ أَدْكَنَ عاتِقٍ
وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ العاتِقَ زِقًّا لَمَّا رَآهُ نَعْتًا للأَدْكن وإِنما أَرَادَ بالعاتِقِ جيّدَ الْخَمْرِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَو جَوْنةٍ قُدِحَتْ، وإِنما قُدِحَ مَا فِيهَا، والجَونة: الْخَابِيَةُ، والقَدْح الغَرْف. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ الزِّقّ الَّذِي طَابَتْ رَائِحَتُهُ، وَقَوْلُهُ بِكُلّ يَعْنِي مِنْ كُلٍّ، والسِّباء: اشْتِرَاءُ الْخَمْرِ. والعاتِقُ أَيضاً: الْمَزَادَةُ الْوَاسِعَةُ. والمُعَتَّقةُ: ضَرْبٌ مِنَ الْعِطْرِ. وأَبو عَتيقٍ: كُنْيَةٌ، وَمِنْهُ ابْنُ أَبي عَتيقٍ هَذَا الماجِنُ الْمَعْرُوفُ، وإِنما قِيلَ قَنْطرة عَتيقَةٌ، بِالْهَاءِ، وَقَنْطَرَةٌ جَديدٌ، بِلَا هَاءٍ، لأَن العَتيقَةَ بِمَعْنَى الْفَاعِلَةِ وَالْجَدِيدُ بِمَعْنَى الْمُفَعْوِلَةِ ليُفْرَقَ بَيْنَ مَا لَهُ الْفِعْلُ وَبَيْنَ مَا الْفِعْلُ واقع عليه.
عثق: العَثَقُ: شَجَرٌ نَحْوُ الْقَامَةِ وَوَرَقُهُ شَبِيهٌ بِوَرَقِ الكَبَر إِلا أَنه كَثِيفٌ غَلِيظٌ، يَنْبُتُ فِي الشَّوَاهِقِ كَمَا يَنْبُتُ الكَتَمُ، لَا يأْكله شَيْءٌ ويُجَفَّفُ وَرَقُهُ ويُدَقُّ ويُوخَفُ بِالْمَاءِ كَمَا يُوخَفُ الخِطْمِيُّ فَيُطْلَى بِهِ فِي مَوْضِعٍ كَنينٍ، فإِذا جفَّ أُعيدَ فحَلَقَ الشَّعْرَ حَلْق النُّورة. أَبو عَمْرٍو: سَحَابٌ مُنْعَثِقٌ إِذا اخْتَلَطَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَفِي لُغَاتِ هُذَيْلٍ: أَعْثَقَت الأَرضُ إِذا أَخصبت.
عدق: عَدَقَ يَعْدِقُ وأَعْدَقَ وعَوْدَقَ: أَدخل يَدَهُ فِي نَوَاحِي الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ كأَنه يَطْلُبُ شَيْئًا. وعَدَق الشيءَ يَعْدِقُه عَدْقاً: جَمَعَهُ. والعَوْدَقُ والعَوْدَقةُ: حَدِيدَةٌ ذَاتُ ثَلَاثِ شُعَبٍ يُستخرج بِهَا الدَّلْوُ مِنْ الْبِئْرِ. ابْنُ الأَعرابي: العَوْدَقةُ والعَدْوقة لخُطَّاف الْبِئْرِ، وَجَمْعُهَا عُدُقٌ، وَقَالَ: العَدَق الْخَطَاطِيفُ الَّتِي تُخْرج الدلاءُ بِهَا، وَاحِدَتُهَا عَدَقَةٌ، وَرُبَّمَا سُمِّيَتِ اللُّبْجَةُ عَوْدَقةً، واللُّبْجة حَدِيدَةٌ لَهَا خَمْسَةُ مَخَالِبَ تُنْصَبُ لِلذِّئْبِ يُجْعَلُ فِيهَا اللَّحْمُ، فإِذا اجْتَذَبَهُ نَشِبَ فِي حَلْقِهِ. وَرَجُلٌ عادِقُ الرأْي: لَيْسَ لَهُ صَيِّور يَصِيرُ إِليه. يُقَالُ: عَدَقَ بِظَنِّهِ عَدْقاً إِذا رَجمَ بِظَنِّهِ ووجَّه الرأْي إِلى ما لا يَسْتَيْقنه.
عذق: العَذْقُ: كُلُّ غُصْنٍ لَهُ شُعَب. والعَذْق أَيضاً: النَّخْلَةُ عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ. والعِذْق: الكِباسة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَذْق، بِالْفَتْحِ، النَّخْلَةُ بحَمْلها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ السَّقيفة:
أَنا عُذَيْقُها المُرْجَّبُ
، تَصْغِيرًا لعَذْق النَّخْلَةِ وَهُوَ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَمْ مِنْ عذْقٍ مُذَلَّل فِي الْجَنَّةِ لأَبي الدَّحْدَاحِ
؛ العَذْق،(10/238)
بِالْفَتْحِ: النَّخْلَةُ، وَبِالْكَسْرِ: العَرْجون بِمَا فِيهِ مِنَ الشَّمَارِيخِ، وَيُجْمَعُ عَلَى عِذاقٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَنس: فردَّ رَسُولُ اللَّهِ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى أُمْي عِذاقَها
أَي نَخَلَاتِهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: لَا قَطْعَ فِي عِذْقٍ مُعَلَّقٍ لأَنه مَا دَامَ مُعَلَّقًا فِي الشَّجَرَةِ فَلَيْسَ فِي حِرْز.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا وَالَّذِي أَخرج العَذْق مِنَ الجريمةِ
أَي النَّخْلَةَ مِنَ النَّوَاةِ؛ فأَما عَذْقُ بْنُ طابٍ فإِنما سَمَّوُا النَّخْلَةَ بِاسْمِ الْجِنْسِ فَجَعَلُوهُ مَعْرِفَةً، وَوَصَفُوهُ بِمُضَافٍ إِلى مَعْرِفَةٍ فَصَارَ كَزَيْدِ بْن عَمْرٍو، وَهُوَ تَعْلِيلُ الْفَارِسِيِّ. والعِذْق: القِنْوُ مِنَ النَّخْلِ وَالْعُنْقُودُ مِنَ الْعِنَبِ، وَجَمْعُهُ أَعْذاقٌ وعُذوق. وأَعْذَقَ الإِذْخِرُ إِذا أَخرج ثَمَرَهُ، وعَذَقَ أَيضاً كَذَلِكَ. قَالَ
أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أُصَيْلٌ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ سأَله عَنْ مَكَّةَ: تركتُها وَقَدْ أَحْجَنَ ثُمامها وأَعْذَقَ إِذْخِرُها وأَمْشَرَ سَلَمُها، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أُصَيْلُ، دَع القلوبَ تَقِرّ
؛ وَلَمْ يُفَسِّرْ أَبو حَنِيفَةَ مَعْنَى قَوْلِهِ
أَعْذَقَ إِذْخرها
؛ ابْنُ الأَثير: أَعْذق إِذخرها أَي صَارَتْ لَهُ عُذوق وشُعَب، وَقِيلَ: أَعْذق بِمَعْنَى أَزهر. ابْنُ الأَعرابي: عَذَقَ السَّخْبَرُ إِذا طَالَ نَبَاتُهُ وَثَمَرَتُهُ عَذَقُه. والعَذْقَةُ والعِذْقَة: الْعَلَامَةُ تُجْعَلُ عَلَى الشَّاةِ مُخَالِفَةً لِلَوْنِهَا تُعْرَفُ بِهَا، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْمَعْزَ. عَذَقَها يَعْذُقها عَذْقاً وأَعْذقها إِذا رَبَطَ فِي صُوفِهَا صُوفَةً تُخَالِفُ لَوْنَهَا يَعْرِفُهَا بِهَا. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ اعْتذَق فُلَانٌ بَكرة مِنْ إِبله إِذا أَعلم عَلَيْهَا لقبضها، وَالْعَلَامَةُ عَذْقة، بِالْفَتْحِ. وعَذَقَ الرجلَ بشرٍّ يَعْذِقُه عَذْقاً. وَسَمه بِالْقَبِيحِ وَرَمَاهُ بِهِ حَتَّى عُرف بِهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ كأَنه جَعَلَهُ لَهُ عَلَامَةً. والعَذْق: إِبداء الرَّجُلِ إِذا أَتى أَهله. وَيُقَالُ: فِي بَنِي فُلَانٍ عِذْقٌ كَهْلٌ أَي عِزّ قَدْ بَلَغَ غَايَتَهُ، وأَصله الكِباسة إِذا أَينعت، ضُرِبَتْ مَثَلًا للعِزّ الْقَدِيمِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَفِي غَطَفانَ عِذْقُ عِزّ مُمَنَّعُ، ... عَلَى رَغْم أَقوامٍ منَ النَّاسِ، يانِعُ
فَقَوْلُهُ عِذْقٌ يانعٌ كَقَوْلِكَ عِزّ كَهْل وعِذْق كَهْل. والعِذْقُ: مَوْضِعٌ. وخَبْراء العِذَقِ: مَعْرُوفَةٌ بِنَاحِيَةِ الصَّمَّان. قَالَ الأَزهري: وَمِمَّا اعْتُقِبَ فِيهِ الْقَافُ وَالْبَاءُ انْزَرَبَ فِي بَيْتِهِ وانْزَرق، وابْتَشَرْت الشَّيْءَ واقْتَشَرْته. وَيُقَالُ لِلَّذِي يَقُومُ بأُمور النَّخْلِ وتَأْبِيره وَتَسْوِيَةِ عُذُوقه وَتَذْلِيلِهَا للقِطاف عاذِقٌ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
تَنْجو، ويَقْطُر ذِفْراها عَلَى عُنُقٍ، ... كالجِذْعِ شَذَّب عَنْهُ عاذِقٌ سَعَفَا
وَفِي الصِّحَاحِ: عَذَّقَ عَنْهُ عاذِقٌ سَعَفًا. وعَذَقْت النَّخْلَةَ: قَطَعْتُ سعَفَها، وعَذَّقَت، شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: اعْتَذَقَ الرجلُ واعْتَذَب إِذا أَسبْل لِعِمَامَتِهِ عَذَبَتَيْن مِنْ خَلْفٍ، وَقَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ عَرَّاماً يَقُولُ كذبت عَذَّاقَتُه وعَذَّابَتُه، وَهِيَ اسْتُهُ. وامرأَة عَقْذَانةٌ «5» وشَقْذانةٌ وعَذْقانة أَي بَذِيَّة سَلِيطَةٌ، وَكَذَلِكَ امرأَة سَلَطَانَةٌ وسَلَتانة. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: فُلَانٌ عَذِقٌ بِالْقُلُوبِ ولَبِقٌ وطِيب عَذِقٌ أَي ذَكِيُّ الريح.
عذلق: الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْغُلَامِ الْحَادِّ الرأْس الْخَفِيفِ الرُّوحِ: عُسْلوج وعُذْلوق وغَيْدان وغَيْذان وشَمَيْذَر.
__________
(5) . قوله [وامرأة عقذانة إلخ] تقدم في مادة عقذ وشتقذ نقل هذه العبارة بعينها وفيها عدوانة بدل عذقانة وهو تحريف والصواب ما هنا.(10/239)
عرق: العَرَق: مَا جَرَى مِنْ أُصول الشَّعْرِ مِنْ مَاءِ الْجَلْدِ، اسْمُ لِلْجِنْسِ لَا يَجْمَعُ، هُوَ فِي الْحَيَوَانِ أَصل وَفِيمَا سِوَاهُ مُسْتَعَارٌ، عَرِق عَرَقاً. وَرَجُل عُرَقٌ: كَثِيرُ العَرَق. فأَما فُعَلَةٌ فَبِنَاءٌ مُطَّرِدٌ فِي كُلِّ فِعْلٍ ثُلَاثِيٍّ كهُزَأَة، وربما غُلِّظ بِمِثْلِ هَذَا وَلَمْ يُشْعَر بِمَكَانِ اطِّرَادِهِ فَذُكِرَ كَمَا يُذْكَرُ مَا يُطْرَدُ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: رَجُلٌ عُرَقٌ وعُرَقةٌ كَثِيرُ الْعَرَقِ، فَسَوَّى بَيْنَ عُرَقٍ وعُرَقةٍ، وعُرَقٌ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وعُرَقةٌ مُطَّرِدٌ كَمَا ذَكَرْنَا. وأَعْرَقْتُ الْفَرَسَ وعَرَّقْتُه: أَجريته لِيَعْرَقَ. وعَرِقَ الحائطُ عَرَقاً: نَدِيَ، وَكَذَلِكَ الأَرض الثَّرِيّة إِذا نَتَح فِيهَا النَّدَى حَتَّى يَلْتَقِيَ هُوَ وَالثَّرَى. وعَرَقُ الزجاجةِ: مَا نَتح بِهِ مِنَ الشَّرَابِ وَغَيْرِهِ مِمَّا فِيهَا. ولَبَنٌ عَرِقٌ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: فاسدُ الطَّعْمِ وَهُوَ الَّذِي يُحْقَن فِي السِّقَاءِ ويعلَّق عَلَى الْبَعِيرِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَنْبِ الْبَعِيرِ وِقَاءٌ، فيَعْرَقُ البعيرُ وَيَفْسُدُ طَعْمُهُ مِنْ عَرَقِه فَتَتَغَيَّرُ رَائِحَتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الْخَبِيثُ الحمضُ، وَقَدْ عَرِق عَرَقاً. والعرَقُ: الثَّوَابُ. وعَرَق الخِلال: مَا يُرْشِحُ لَكَ الرَّجُلُ بِهِ أَي يُعْطِيكَ لِلْمَوَدَّةِ؛ قَالَ الحرث بْنُ زُهَيْرٍ الْعَبْسِيُّ يَصِفُ سَيْفًا:
سأَجْعَلُه مكانَ النُّونِ مِنِّي، ... وَمَا أُعْطِيتُه عَرَقَ الخِلالِ
أَي لَمْ يَعْرَق لِي بِهَذَا السَّيْفِ عَنْ مَوَدَّةٍ إِنما أَخذته مِنْهُ غَصْبًا، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الثَّوَابِ شُبِّهَ بالعرقِ. قَالَ شَمِرٌ: العرَقُ النَّفْعُ وَالثَّوَابُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: اتَّخَذْتُ عِنْدَهُ يَدًا بَيْضَاءَ وأُخرى خَضْرَاءَ فَمَا نِلْتُ مِنْهُ عَرَقاً أَي ثَوَابًا، وأَنشد بيت الحرث بْنِ زُهَيْرٍ وَقَالَ: مَعْنَاهُ لَمْ أُعْطَه للمُخالّة وَالْمَوَدَّةِ كَمَا يُعْطي الخليلُ خليلَه، وَلَكِنِّي أَخذته قَسْراً، وَالنُّونُ اسْمُ سَيْفِ مَالِكِ بْنِ زُهَيْرٍ، وَكَانَ حَمَلُ بْنُ بَدْرٍ أَخذه مِنْ مَالِكٍ يَوْمَ قتَلَه، وأَخذه الحرث مِنْ حَمَلِ بْنِ بَدْرٍ يَوْمَ قَتَلَهُ، وَظَاهِرُ بَيْتِ الحرث يَقْضِي بأَنه أَخذ مِنْ مَالِكٍ «1» . سَيْفًا غَيْرَ النُّونِ، بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: سأَجعله مَكَانَ النُّونِ أَي سأَجعل هَذَا السَّيْفَ الَّذِي اسْتَفَدْتُهُ مَكَانَ النُّونِ؛ وَالصَّحِيحُ فِي إِنشاده:
ويُخْبِرُهم مَكَانَ النُّونِ مِنِّي
لأَن قَبْلَهُ:
سيُخْبِرُ قومَه حَنَشُ بْنُ عَمْرٍو، ... إِذا لاقاهُمُ، وابْنا بِلال
والعَرقُ فِي الْبَيْتِ: بِمَعْنَى الْجَزَاءِ: ومَعارِقُ الرَّمْلِ: أَلعْاطُه وآباطُه عَلَى التَّشْبِيهِ بمَعارِق الْحَيَوَانِ. والعرَق: اللَبنُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه عَرَقٌ يتحلَّب فِي الْعُرُوقِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلى الضَّرْعِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
تغدُو وقد ضَمِنَتْ ضَرَّاتها عَرَقاً، ... منْ ناصعِ اللونِ حُلْوِ الطَّعْمِ مجهودِ
وَالرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ غُرَقاً جَمْعُ غُرْقة، وَهِيَ الْقَلِيلُ مِنَ اللَّبَنِ وَالشَّرَابِ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ اللَّبَنِ خَاصَّةً؛ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: تُصْبح وَقَدْ ضَمِنَتْ، وَذَلِكَ أَن قَبْلَهُ:
إِن تُمْسِ فِي عُرْفُطٍ صُلْعٍ جَماجِمُه، ... مِنَ الأَسالِق، عارِي الشَّوْكِ مَجْرودِ
تُصْبِحُ وَقَدْ ضَمِنَتْ ضَرَّاتها عَرَقاً،
فَهَذَا شَرْطٌ وَجَزَاءٌ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: تُضْحِ وَقَدْ ضَمِنَتْ، عَلَى احْتِمَالِ الطَّيِّ. وعَرِقَ السقاءُ عَرَقاً: نُتِحْ مِنْهُ اللَّبَنُ. وَيُقَالُ: إِنَّ بِغَنَمِكَ لعِرْقاً مِنْ لَبَنٍ، قَلِيلًا كَانَ أَو كَثِيرًا؛ ويقال:
__________
(1) . قوله [من مالك إلخ] كذا بالأَصل ولعله من حمل(10/240)
عَرَقاً مِنْ لَبَنٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَمَا أَكثر عَرَق إِبلك وَغَنَمِكَ أَي لبَنها وَنِتَاجُهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَلا لَا تُغالوا صُدُقَ النِّسَاءِ فإِن الرِّجَالَ تُغالي بِصَدَاقِهَا حَتَّى تَقُولَ جَشِمْت إِليك عَرَق الْقِرْبَةِ
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: عَرَقُ القِرْبة أَن يَقُولَ نَصِبْت لَك وَتَكَلَّفْتُ وَتَعِبْتُ حَتَّى عَرِقْت كعَرَقِ القِرْبة، وعَرَقُها سَيَلانُ مَائِهَا؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: تَكَلَّفْتُ إِليك مَا لَا يَبْلُغُهُ أَحد حَتَّى تجشَّمْت مَا لَا يَكُونُ لأَن الْقِرْبَةَ لَا تَعْرَق، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ: حَتَّى يَشيبَ الغُرابُ ويَبيضَ الفأْر، وَقِيلَ: أَراد بعَرقِ الْقِرْبَةِ عَرَقَ حامِلها مِنْ ثِقَلها، وَقِيلَ: أَراد إِني قَصَدْتُكَ وَسَافَرْتُ إِليك وَاحْتَجْتُ إِلى عَرَق الْقِرْبَةِ وَهُوَ مَاؤُهَا؛ قَالَ الأَصمعي: عَرق الْقِرْبَةِ مَعْنَاهُ الشِّدَّةِ وَلَا أَدري مَا أَصله؛ وأَنشد لِابْنِ أَحمر الْبَاهِلِيِّ:
لَيْستْ بمَشْتَمةٍ تُعَدُّ، عَفْوُها ... عَرق السِّقاء عَلَى القَعود اللَّاغِبِ
قَالَ: أَراد أَنه يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ تَغِيظه وَلَيْسَتْ بِمَشْتَمَةٍ فيُؤاخِذ بِهَا صاحَبها وَقَدْ أُبْلِغتْ إِليه كعَرَق السِّقَاءِ عَلَى القَعُود اللَّاغِبِ، وأَراد بِالسِّقَاءِ الْقِرْبَةَ، وَقِيلَ: لَقِيت مِنْهُ عَرَقَ الْقِرْبَةِ أَي شدَّة وَمَشَقَّةً، وَمَعْنَاهُ أَن الْقِرْبَةَ إِذا عَرِقت وَهِيَ مَدْهُونَةٌ خبُث رِيحُهَا، وأَنشد بَيْتَ ابْنِ أَحمر: لَيْسَتْ بِمَشْتَمَةٍ، وَقَالَ: أَراد عَرَقَ الْقِرْبَةِ فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الشِّعْرُ كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ:
كالكَرْم إِذْ نادَى منَ الكافورِ
وإِنما يُقَالُ: صاحَ الكرمُ إِذا نوَّر، فكَرِه احْتِمَالَ الطَّيِّ لأَن قوله صاح من المفتعلن فَقَالَ نَادَى، فأَتمَّ الْجُزْءَ عَلَى مَوْضُوعِهِ فِي بَحْرِهِ لأَن نادى من المستفعلن، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ جَشِمْت إِليك النصَبَ وَالتَّعَبَ والغُرْمَ وَالْمُؤْونَةَ حَتَّى جَشِمْت إِليك عَرَقَ الْقِرْبَةِ أَي عِراقها الَّذِي يُخْرَزُ حَوْلَهَا، وَمَنْ قَالَ عَلَقَ الْقِرْبَةِ أَراد السُّيُورَ الَّتِي تعلَّق بِهَا؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كَلِفْت إِليك عَرَقَ الْقِرْبَةِ وعَلَق الْقِرْبَةِ، فأَما عَرَقُها فعَرَقُك بِهَا عَنْ جَهْد حَمْلِها وَذَلِكَ لأَن أَشدّ الأَعمال عِنْدَهُمُ السَّقْيُ، وأَما عَلَقُهَا فَمَا شُدَّت بِهِ ثُمَّ عُلِّقت؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: عَرَقُ الْقِرْبَةِ وعَلَقُها وَاحِدٌ، وَهُوَ مِعْلاق تُحْمَلُ بِهِ الْقِرْبَةُ، وأَبدلوا الرَّاءَ مِنَ اللَّامِ كَمَا قَالُوا لعَمْري ورَعَمْلي. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَقيت مِنْ فُلَانٍ عَرَق الْقِرْبَةِ؛ العَرَقُ إِنما هُوَ لِلرَّجُلِ لَا لِلْقِرْبَةِ، وأَصله أَن القِرَبَ إِنما تْحمِلها الإِماءُ الزَّوَافِرُ ومَنْ لَا مُعِين لَهُ، وَرُبَّمَا افْتَقَرَ الرَّجُلُ الْكَرِيمُ وَاحْتَاجَ إِلى حَمْلِهَا بِنَفْسِهِ فيَعْرَقُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالْحَيَاءِ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: تجشَّمْت لَكَ عَرَقَ الْقِرْبَةِ. وعَرَقُ التَّمْرِ: دِبْسه. وَنَاقَةٌ دَائِمَةُ العَرَقِ أَي الدِّرَّة، وَقِيلَ: دَائِمَةُ اللَّبَنِ. وَفِي غَنَمِهِ عَرَقٌ أَي نِتاج كَثِيرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وعِرْق كُلِّ شَيْءٍ: أَصله، وَالْجَمْعُ أَعْراق وعُروق، وَرَجُلٌ مُعْرِقٌ فِي الْحَسَبِ وَالْكَرَمِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ قُتَيْلة بِنْتُ النَّضْرِ بْنِ الحرث:
أَمُحَمَّدٌ ولأَنْت ضَنْءُ نَجيبةٍ ... فِي قَوْمها، والفَحْلُ فحلٌ مُعْرِق
أَي عَرِيقُ النَّسَبِ أَصيل، وَيُسْتَعْمَلُ فِي اللُّؤْمِ أَيضاً، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنَّ فُلَانًا لَمُعْرَق لَهُ فِي الْكَرَمِ، وَفِي اللُّؤْمِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الِعَزِيزِ: إِنَّ امْرَأً لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آدَمَ أَبٌ حيٌّ لَمُعْرَق لَهُ فِي الْمَوْتِ
أَي إِن لَهُ فِيهِ عِرْقاً وإِنه أَصيل فِي الْمَوْتِ. وَقَدْ عَرَّقَ فِيهِ أَعمامُه وأَخواله وأَعْرقوا، وأَعْرق فِيهِ إِعْراق الْعَبِيدِ والإِماء إِذا خَالَطَهُ ذَلِكَ وتخلَّق بأَخلاقهم.(10/241)
وعَرَّق فِيهِ اللئامُ وأَعْرَقوا، وَيَجُوزُ فِي الشِّعْرِ إِنه لَمعْروقٌ لَهُ فِي الْكَرَمِ، عَلَى تَوَهُّمِ حَذْفِ الزَّائِدِ، وتَداركه أعْراقُ خَيْرٍ وأَعْراق شَرٍّ؛ قَالَ:
جَرى طَلَقاً، حَتَّى إِذا قِيلَ سابقٌ، ... تَدارَكَه أَعْراقُ سَوْءِ فبَلَّدا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَعْرَق الرَّجُلُ أَي صَارَ عَريقاً، وَهُوَ الَّذِي لَهُ عُروق فِي الْكَرَمِ، يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْكَرَمِ وَاللُّؤْمِ جَمِيعًا. وَرَجُلٌ عَريق: كَرِيمٌ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ أَعْرَقَ. يُقَالُ: أَعْرَق الفرس كِذا صَارَ عَريقاً كَرِيمًا. والعَريق مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي لَهُ عِرْقٌ فِي الْكَرَمِ. ابْنُ الأَعرابي: العُرُقُ أَهل الشَّرَفِ، واحدُهم عَريق وعَرُوق، والعُرُقُ أَهل السَّلَامَةِ فِي الدِّينِ. وَغُلَامٌ عَريقٌ: نَحِيفُ الْجِسْمِ خَفِيفُ الرُّوحِ. وعُرُوقُ كلِّ شَيْءٍ: أَطْنَاب تَشَعَّبُ مِنْهُ، وَاحِدُهَا عِرْق. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن ماءَ الرَّجُلِ يَجْرِي مِنَ المرأَة إِذا وَاقَعَهَا فِي كُلِّ عِرْقٍ وعَصَبٍ
؛ العِرْق مِنَ الْحَيَوَانِ: الأَجْوَف الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الدَّمُ، والعَصَبُ غَيْرُ الأَجْوَف. والعُرُوقُ: عُروقُ الشَّجَرِ، الْوَاحِدُ عِرْق. وأَعْرَقَ الشجرُ وعَرَّقَ وتَعَرَّقَ: امتدَّتْ عُروقه فِي الأَرض. وَفِي الْمُحْكَمِ: امتدَّت عُروقه بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ. والعَرْقاة والعِرْقاة: الأَصل الَّذِي يَذْهَبُ فِي الأَرض سُفْلًا وتَشَعَّبُ مِنْهُ العُروقُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَعْرِقَةٌ وعِرْقَات، فَجَمَعَ بِالتَّاءِ. وعِرْقاةُ كُلِّ شَيْءٍ وعَرْقاته: أَصله وَمَا يَقُومُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِ: استأْصل اللَّهُ عَرْقاتَهُ، يَنْصِبُونَ التَّاءَ لأَنهم يَجْعَلُونَهَا وَاحِدَةً مُؤَنَّثَةً. قَالَ الأَزهري: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: استأْصل اللَّهُ عِرْقاتِهم وعِرْقاتَهُمْ أَي شأْفَتهم، فعِرْقاتِهم. بِالْكَسْرِ، جَمْعُ عِرْق كأَنه عِرْقٌ وعِرْقات كعِرْسٍ وعِرْسات لأَن عِرْساً أُنثى فَيَكُونُ هَذَا مِنَ الْمُذَكَّرِ الَّذِي جُمِعَ بالأَلف وَالتَّاءِ كسِجِلّ وسِجِلَّاتٍ وحَمّام وحَمّاماتٍ، وَمَنْ قَالَ عِرْقاتَهم أَجْراه مَجْرَى سِعْلاة، وَقَدْ يَكُونُ عِرْقاتَهُم جَمْعَ عِرْق وعِرْقة كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: رأَيت بناتَك، شَبَّهُوهَا بِهَاءِ التأْنيث الَّتِي فِي قَناتِهِم وفَتاتِهم لأَنها للتأْنيث كَمَا أَن هَذِهِ لَهُ، وَالَّذِي سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ عِرْقاتِهِم، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: العِرْقاةُ مِنَ الشَّجَرِ أُرُومُهُ الأَوسط وَمِنْهُ تَتَشَعَّب العُروق وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ فِعْلاةٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَمَنْ كَسَرَ التَّاءَ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ وَجَعَلَهَا جَمْعَ عِرْقَةٍ فَقَدْ أَخطأَ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: سأَل أَبو عَمْرٍو أَبا خَيْرَةَ عَنْ قَوْلِهِمُ استأْصل اللَّهُ عِرْقاتِهم فَنَصَبَ أَبو خَيْرَةَ التَّاءَ مِنْ عِرْقاتِهم، فَقَالَ لَهُ أَبو عَمْرٍو: هَيْهات أَبا خَيْرَةَ لانَ جِلْدُك وَذَلِكَ أَن أَبا عَمْرٍو اسْتَضْعَفَ النَّصْبَ بعد ما كَانَ سَمِعَها مِنْهُ بِالْجَرِّ، قَالَ: ثُمَّ رَوَاهَا أَبو عَمْرٍو فِيمَا بَعْدُ بِالْجَرِّ وَالنَّصْبِ، فإِما أَن يَكُونَ سَمِعَ النَّصْبَ مِنْ غَيْرِ أَبي خَيْرَةَ مِمَّنْ تُرْضى عَرَبِيَّتُهُ، وإِما أَن يَكُونَ قَوِيَ فِي نَفْسِهِ مَا سَمِعَهُ مِنْ أَبي خَيْرَةَ بِالنَّصْبِ، وَيَجُوزُ أَيضاً أَن يَكُونَ أَقام الضَّعْفَ فِي نَفْسِهِ فَحَكَى النصبَ عَلَى اعْتِقَادِهِ ضَعْفَهُ، قَالَ: وَذَلِكَ لأَن الأَعرابي يَنْطِقُ بِالْكَلِمَةِ يَعْتَقِدُ أَن غَيْرَهَا أَقوى في نفسه، أَلا تَرَى أَن
أَبا الْعَبَّاسِ حَكَى عَنْ عُمَارة أَنه كَانَ يقرأُ وَلَا الليلُ سابقٌ النهارَ؟ فَقَالَ لَهُ: مَا أَرَدْتَ؟ فَقَالَ: أَردتُ سابقُ النهارِ، فَقَالَ لَهُ: فَهَلَّا قُلْتَه؟ فَقَالَ: لَوْ قُلْتُه لَكَانَ أَوْزَنَ
أَي أَقوى. والعِرْقُ: نَبَاتٌ أَصفر يُصْبَغُ بِهِ، وَالْجَمْعُ عُروقٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ الأَزهري: والعُروقُ عُروقُ نباتٍ تَكُونُ صُفْراً يُصْبَغُ بِهَا، وَمِنْهَا عُروق حُمْرٌ يُصْبَغُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: أَنه كَرِهَ العُروقَ للمُحْرم
؛ العُروقُ نَبَاتٌ أَصفر طَيِّبُ الرِّيحِ وَالطَّعْمِ يُعْمَلُ فِي الطَّعَامِ، وَقِيلَ:(10/242)
هُوَ جَمْعٌ وَاحِدُهُ عِرْقٌ. وعُروقُ الأَرضِ: شَحْمَتُهَا، وعُروقَها أَيضاً: مَناتِح ثَراها. وَفِي حديث
عِكْرَاش ابن ذُؤَيْبٍ: أَنه قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بإِبلٍ مِنْ صَدَقَاتِ قَوْمِهِ كأَنه عُروقُ الأَرْطى
؛ الأَرطى: شَجَرٌ مَعْرُوفٌ وَاحِدَتُهُ أَرْطاةٌ. قَالَ الأَزهري: عُروقُ الأَرطى طِوال حُمْرٌ ذَاهِبَةٌ فِي ثَرَى الرِّمَالِ الْمَمْطُورَةِ فِي الشِّتَاءِ، تَرَاهَا إِذا انْتُثِرَتْ واستُخْرِجَت من الثّرَى حُمْراً ريَّانةً مكتَنِزةً تَرِفُّ يَقطُر مِنْهَا الماءُ، فشبَّهَ الإِبل فِي حُمْرةِ أَلوانها وسِمَنها وَحُسْنِهَا وَاكْتِنَازِ لُحُومِهَا وَشُحُومِهَا بعُرُوقِ الأَرْطى، وعُرُوق الأَرْطى يَقْطُرُ مِنْهَا الْمَاءُ لانْسِرابها فِي رِيِّ الثَّرَى الَّذِي انْسابَتْ فِيهِ، والظباءُ وبقرُ الْوَحْشِ تجيءُ إِليها فِي حَمْراءِ القَيْظِ فَتَسْتَثِيرُهَا مِنْ مَسَاربها وتَتَرَشَّفُ مَاءَهَا فتَجْزأُ بِهِ عَنْ وِرْدِ الماءِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ثَوْرًا يَحْفِرُ أَصل أَرْطاةٍ لِيَكْنِسَ فِيهِ مِنَ الحرِّ:
تَوَخَّاهُ بالأَظْلافِ، حَتَّى كأَنَّما ... يُثِير الكُبابَ الجَعْد عَنْ مَتْنِ محْمَلِ
وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
إِلى عِرْقِ الثَّرَى وشَجَتْ عُرُوقي
قِيلَ: يعني بِعرْقِ الثَّرَى إِسمعيلَ بْنُ إِبراهيم، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. وَيُقَالُ: فِيهِ عِرْقٌ مِنْ حُموضةٍ ومُلوحةٍ أَي شَيْءٌ يَسِيرٌ. والعِرْقُ: الأَرض المِلْح الَّتِي لَا تُنْبِتُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العِرْقُ سَبَخَةٌ تُنْبِتُ الشَّجَرَ. واسْتَعْرَقَتْ إِبِلكُم: أَتت ذَلِكَ الْمَكَانَ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: اسْتَعَرقت الإِبل إِذا رَعَتْ قُرْب الْبَحْرِ. وَكُلُّ مَا اتَّصَلَ بِالْبَحْرِ مِنْ مَرْعًى فَهُوَ عِراقٌ. وإِبل عِراقيَّة: مَنْسُوبَةٌ إِلى العِرْقِ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. والعِراقُ: بَقَايَا الحَمْض. وإِبل عِراقيَّةٌ: تَرْعَى بَقَايَا الْحَمْضِ. وَفِيهِ عِرْقٌ مِنْ ماءٍ أَي قَلِيلٌ. والمُعْرَقُ مِنَ الْخَمْرِ: الَّذِي يُمْزَجُ قَلِيلًا مثلَ العِرْقِ كأَنه جُعل فِيهِ عِرْقٌ مِنَ الْمَاءِ؛ قَالَ البُرْجُ بْنُ مُسْهِرٍ:
ونَدْمانٍ يَزيدُ الكَأْسَ طِيباً ... سَقَيْتُ، إِذا تَغَوَّرَتِ النجومُ
رفَعْتُ برأْسِه وكشفتُ عَنْهُ، ... بمُعْرَقة، ملامةَ مَنْ يَلومُ
ابْنُ الأَعرابي: أَعْرَقْتُ الكأْسَ وعَرَّقْتُها إِذا أَقللت مَاءَهَا؛ وأَنشد لِلقُطَامِيِّ:
ومُصَرَّعينَ مِنَ الكَلالِ، كأَنَّما ... شَرِبوا الغَبُوقَ مِنَ الطِّلاءِ المُعْرَق
وعَرَّقْتُ فِي السِّقاء وَالدَّلْوِ وأَعْرَقْتُ: جَعَلْتُ فِيهِمَا مَاءً قَلِيلًا؛ قَالَ:
لَا تَمْلإِ الدَّلْوَ وعَرِّقْ فِيهَا، ... أَلا تَرَى حَبَارَ مَنْ يَسْقِيها؟
حَبَار: اسْمُ نَاقَتِهِ، وَقِيلَ: الحَبَار هُنَا الأَثَر، وَقِيلَ: الحَبَار هَيْئَةُ الرَّجُلِ فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعُرَاقَةُ: النُّطْفة مِنَ الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ عُرَاق وَهِيَ العَرْقَاة. وَعَمِلَ رَجُلٌ عَمَلًا فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصحابه: عرَّقْت فَبرَّقْتَ؛ فَمَعْنَى بَرَّقْت لوَّحْت بِشَيْءٍ لَا مصْداق لَهُ، وَمَعْنَى عَرَّقْت قلَّلت، وَهُوَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: عَرَّقْت الكأْسَ مَزَجْتُهَا فَلَمْ يعيِّن بقلَّة مَاءٍ وَلَا كَثْرَةٍ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَعْرَقْتُ الكأْسَ ملأْتها. قَالَ: وَقَالَ أَبو صَفْوَانَ الإِعْراقُ والتَّعْرِيقُ دُونَ المَلْءِ؛ وَبِهِ فسَّر قَوْلَهُ:
لَا تَمْلإِ الدَّلْوَ وعَرِّق فِيهَا(10/243)
وَفِي النَّوَادِرِ: تَرَكْتُ الْحَقَّ مُعْرقاً وصادِحاً وسانِحاً أَي لائِحاً بيِّناً. وإِنه لَخَبِيثُ العَرْق أَي الْجَسَدِ، وَكَذَلِكَ السِّقاء. وَفِي حَدِيثِ إِحيْاء المَواتِ:
مَن أَحْياء أَرضاً مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْق ظَالِمٍ حقٌ
؛ العِرْقُ الظَّالِمُ: هُوَ أَن يَجِيءَ الرَّجُلُ إِلى أَرض قَدْ أَحياها رَجُلٌ قَبْلَهُ فَيَغْرِسَ فِيهَا غَرْسًا غَصْبًا أَو يَزْرَعَ أَو يُحْدِثَ فِيهَا شَيْئًا لِيَسْتَوْجِبَ بِهِ الأَرضَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالرِّوَايَةُ لعِرْقٍ، بِالتَّنْوِينِ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَي لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ، فجعَلَ العِرْقَ نَفْسَهُ ظَالِمًا والحَقَّ لِصَاحِبِهِ، أَو يَكُونُ الظَّالِمُ مِنْ صِفَةِ صَاحِبِ الْعِرْقِ، وإِن رُوِيَ عِرْق بالإِضافة فَيَكُونُ الظالمُ صاحبَ العِرْق والحقُّ للعِرْقِ، وَهُوَ أَحد عُروق الشَّجَرَةِ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: هَذِهِ عِبَارَةُ اللُّغَوِيِّينَ وإِنما العِرْقُ المَغْروسُ أَو المَوْضع المَغْروس فِيهِ. وَمَا هُوَ عِنْدِي بعِرْقِ مَضِنَّة أَي مَا لَه قَدْر، وَالْمَعْرُوفُ عِلْقُ مَضِنَّةٍ، وأَرى عِرْقَ مَضِنَّةٍ إِنما يُسْتَعْمَلُ فِي الْجَحْدِ وَحْدَهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ عِرْقُ مَضِنَّةٍ وعِلْقُ مَضِنَّةٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، سُمِّيَ عِلْقاً لأَنه عَلِقَ بِهِ لحبِّه إِياه، يُقَالُ ذَلِكَ لِكُلِّ مَا أَحبه. والعُرَاقُ: الْمَطَرُ الْغَزِيرُ: والعُراقُ: الْعَظْمُ بِغَيْرِ لَحْمٍ، فإِن كَانَ عَلَيْهِ لَحَمٌ فَهُوَ عَرْق؛ قَالَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو زَيْدٍ فِي العُرَاقِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الرَّاجِزِ:
حَمْراءُ تَبْرِي اللحمَ عَنْ عُرَاقِها
أَي تَبْرِي اللَّحْمَ عَنِ الْعَظْمِ. وَقِيلَ: العَرْقُ الَّذِي قَدْ أُخِذَ أَكثر لَحْمِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَى أُم سَلَمة وَتَنَاوَلَ عَرْقاً ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يتوضأْ.
وروي عن
أُم إِسحق الْغَنَوِيَّةِ: أَنها دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي بَيْتِ حَفْصة وَبَيْنَ يَدَيْهِ ثَرِيدةٌ، قَالَتْ فَنَاوَلَنِي عَرْقاً
؛ العَرْقُ، بِالسُّكُونِ: الْعَظْمُ إِذا أُخذ عَنْهُ مُعْظَمُ اللَّحْمِ وهَبْرُهُ وَبَقِيَ عَلَيْهَا لُحُومٌ رَقِيقَةٌ طَيِّبَةٌ فَتُكْسَرُ وَتُطْبَخُ وتؤْخذ إِهالَتُها مِنْ طُفاحتها، وَيُؤْكَلُ مَا عَلَى الْعِظَامِ مِنْ لَحْمٍ دَقِيقٍ وتُتَمَشَّش العظامُ، ولحمُها مِنْ أَطيب اللُّحْمانِ عِنْدَهُمْ؛ وَجَمْعُهُ عُرَاقٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ جَمْعٌ نَادِرٌ. يُقَالُ: عَرَقْتُ العظمَ وتَعَرَّقْتُه إِذا أَخذتَ اللَّحْمَ عَنْهُ بأَسنانك نَهْشاً. وَعَظْمٌ مَعْروقٌ إِذَا أُلقي عَنْهُ لَحْمُهُ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ يُخَاطِبُ امرأَته:
وَلَا تُهْدِي الأَمَرَّ وَمَا يَليهِ، ... وَلَا تُهْدِنَّ مَعْروقَ العِظامِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعَرْقُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ عَرَقْتُ الْعَظْمَ أَعْرُقُه، بِالضَّمِّ، عَرْقاً ومَعْرقاً؛ وَقَالَ:
أَكُفُّ لِسَانِي عَنْ صَديقي، فإِن أُجَأْ ... إِليه، فإِنِّي عارقٌ كلَّ مَعْرَقِ
والعَرْق: الفِدْرة مِنَ اللَّحْمِ، وَجَمْعُهَا عُرَاقٌ، وَهُوَ مِنَ الْجَمْعِ الْعَزِيزِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَمْ يَجِئْ شَيْءٌ مِنَ الْجَمْعِ عَلَى فُعالٍ إِلا أَحرف مِنْهَا: تُؤَامٌ جَمْعُ تَوْأَمٍ، وَشَاةٌ رُبَّى وَغَنَمٌ رُبابٌ، وظِئْرٌ وظُؤَارٌ، وعَرْقٌ وعُرَاقٌ، ورِخْلٌ ورُخالٌ، وفَريرٌ وفُرارٌ، قَالَ: وَلَا نَظِيرَ لَهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ ذَكَرَ سِتَّةَ أَحرف أُخَر: وَهِيَ رُذَال جَمْعُ رَذْل، ونُذَال جَمْعُ نَذْلٍ، وبُسَاط جَمْعُ بُسْط لِلنَّاقَةِ تُخَلَّى مَعَ وَلَدِهَا لَا تُمْنَعُ مِنْهُ، وثُنَاء جَمْعُ ثِنْيٍ لِلشَّاةِ تَلِدُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وظُهار جَمْعُ ظَهْرٍ لِلرِّيشِ عَلَى السَّهْمِ، وبُرَاءٌ جَمْعُ بَرِيءٍ، فَصَارَتِ الْجُمْلَةُ اثْنَيْ عَشَرَ حَرْفًا. والعُرامُ: مِثْلُ العُراقِ، قَالَ: والعِظام إِذا لَمْ يَكُنْ(10/244)
عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ اللَّحْمِ تُسَمَّى عُرَاقاً، وإِذا جُرِّدَتْ مِنَ اللَّحْمِ «2» تُسَمَّى عُراقاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ وَجَدَ أَحدُهم عَرْقاً سَمِينًا أَو مَرْمَاتَيْنِ.
وَفِي حَدِيثِ الأَطعمة:
فَصَارَتْ عَرْقَهُ
، يَعْنِي أَن أَضلاع السِّلْق قَامَتْ فِي الطَّبِيخِ مَقَامَ قِطَعِ اللَّحْمِ؛ هَكَذَا جاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي أُخرى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ، يُرِيدُ المَرَق مِنَ الغَرْفِ. أَبو زَيْدٍ: وَقَوْلُ النَّاسِ ثَريدةٌ كَثِيرَةُ العُرَاقِ خطأٌ لأَن العُراقَ الْعِظَامُ، وَلَكِنْ يُقَالُ ثَرِيدَةٌ كَثِيرَةُ الوَذَرِ؛ وأَنشد:
وَلَا تُهْدِنَّ مَعْرُوقَ الْعِظَامِ
قَالَ: ومَعْروق الْعِظَامِ مِثْلُ العُراق، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي فِي جَمْعِهِ عِراقٌ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ أَقيس؛ وأَنشد:
يَبِيت ضَيْفي فِي عِراقٍ مُلْسِ، ... وَفِي شَمولٍ عُرِّضَتْ للنَّحْسِ
أَي مُلْسٍ مِنَ الشَّحْمِ، والنَّحْسُ: الرِّيحُ الَّتِي فِيهَا غَبَرةٌ. وعَرَقَ العظمَ يَعْرُقُه عَرْقاً وتَعَرَّقَه واعْتَرَقَه: أَكل مَا عَلَيْهِ. والمِعْرَقُ: حَدِيدَةٌ يُبْرَى بِهَا العُرَاق مِنَ الْعِظَامِ. يُقَالُ: عَرَقْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ بِمعْرَقٍ أَي بشَفْرة، وَاسْتَعَارَ بَعْضُهُمُ التَّعَرُّقَ فِي غَيْرِ الْجَوَاهِرِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ إِبل وَرَكْبٍ:
يَتَعرَّقون خِلالَهُنَّ، ويَنْثَني ... مِنْهَا وَمِنْهُمْ مُقْطَعٌ وجَرِيحُ
أَي يَسْتَدِيمُونَ حَتَّى لَا تَبْقَى قُوَّةٌ وَلَا صَبْرٌ فَذَلِكَ خِلالهن، وَيَنْثَنِي أَي يَسْقُطُ مِنْهَا وَمِنْهُمْ أَي مِنْ هَذِهِ الإِبل. وأَعْرَقَه عَرْقاً: أَعطاه إِياه؛ وَرَجُلٌ مَعْروقٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: مَعْروقُ الْعِظَامِ، ومُعْتَرَقٌ ومُعَرَّقٌ قَلِيلُ اللَّحْمِ، وَكَذَلِكَ الْخَدُّ. وَفَرَسٌ مَعْروقٌ ومُعْتَرقٌ إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَى قَصَبِهِ لَحْمٌ، وَيُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَرَسِ أَن يَكُونَ مَعْروقَ الْخَدَّيْنِ؛ قَالَ:
قَدْ أَشْهَدُ الغارةَ الشَّعْواءَ، تَحْمِلُني ... جَرْداءُ مَعْروقةُ اللَّحْيَينِ سُرْحوبُ
وَيُرْوَى: مَعْروقةُ الْجَنْبَيْنِ، وإِذا عَرِيَ لَحْياها مِنَ اللَّحْمِ فَهُوَ مِنْ عَلَامَاتِ عِتْقها. وَفَرَسٌ مُعَرَّق إِذا كَانَ مُضَمَّراً يُقَالُ: عَرِّقْ فَرَسَكَ تَعْريقاً أَي أَجْرِهِ حَتَّى يَعْرَقَ ويَضْمُر وَيَذْهَبَ رَهَلُ لَحْمِهِ. والعَوارِقُ: الأَضراس، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. والعَوارِقُ: السُّنُونَ لأَنها تَعْرُق الإِنسان، وَقَدْ عرَقَتْه تَعْرُقه وتَعَرَّقَته؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
إِذا بَعْضُ السِّنينَ تَعَرَّقَتْنا، ... كَفَى الأَيْتامَ فَقْدُ أَبي اليَتيمِ
أَنث لأَن بَعْضَ السِّنِينَ سُنُونَ كَمَا قَالُوا ذَهَبَتْ بَعْضُ أَصابعه، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. وعَرَقَتْه الخُطوب تَعْرُقه: أَخذت مِنْهُ؛ قَالَ:
أَجارَتَنا، كلُّ امرئٍ سَتُصِيبُه ... حَوادثُ إِلَّا تَبْتُرِ العظمَ تَعْرُقِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
أَيام أَعْرَقَ بِي عامُ المَعاصيمِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ ذَهَبَ بِلَحْمِي، وَقَوْلُهُ عَامُ الْمَعَاصِيمِ، قَالَ: مَعْنَاهُ بَلَغَ الْوَسَخُ إِلى مَعاصِمي وَهَذَا مِنَ الجَدْب، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا هَذَا التَّفْسِيرُ، وَزَادَ الْيَاءَ فِي المَعاصِمِ ضَرُورَةً. والعَرَقُ: كل
__________
(2) . قوله [جردت من اللحم] يعني من معظمه.(10/245)
مضفورٍ مُصْطفّ، وَاحِدَتُهُ عَرَقَةٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
نَغْدُو فنَتْرك فِي المَزاحِف مَنْ ثَوى، ... ونُقِرُّ فِي العَرَقاتِ مَنْ لَمْ يُقْتَلِ
يَعْنِي نأْسِرهم فَنَشُدُّهُمْ فِي العَرَقاتِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُظَاهِرِ: أَنه أُتِيَ بعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ زَبِيلٌ مَنْسُوجٌ مِنْ نَسَائِجِ الخُوص. وَكُلُّ شَيْءٍ مضفورٍ فَهُوَ عَرَقٌ وعَرَقَة، بِفَتْحِ الرَّاءِ فِيهِمَا؛ قَالَ الأَزهري: رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَرَق وأَصحاب الْحَدِيثِ يُخَفِّفُونَهُ. والعَرَقُ: السَّفِيفةُ الْمَنْسُوجَةُ مِنَ الْخُوصِ قَبْلَ أَن تُجْعَلَ زَبِيلًا. والعَرَقُ والعَرَقةُ: الزَّبيل مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كَلُّ شَيْءٍ يَصْطَفّ. والعَرَقُ: الطَّيْرُ إِذا صَفَّتْ فِي السَّمَاءِ، وَهِيَ عَرَقة أَيضاً. والعَرَقُ: السَّطْرُ مِنَ الخيلِ والطيرِ، الْوَاحِدُ مِنْهَا عَرَقة وَهُوَ الصَّفُّ؛ قَالَ طُفَيْلٌ الْغَنَوِيُّ يَصِفُ الْخَيْلَ:
كأَنَّهُنَّ وَقَدْ صَدَّرْنَ مِنْ عَرَقٍ ... سِيدٌ، تَمَطَّر جُنْحَ اللَّيْلِ، مَبْلولُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَرَقُ جَمْعُ عَرَقَةٍ وَهِيَ السَّطْرُ مِنَ الْخَيْلِ، وصَدَّرَ الفرسُ، فَهُوَ مُصَدِّر إِذا سَبَقَ الْخَيْلَ بصَدْره؛ قَالَ دُكَيْنٌ:
مُصَدِّر لَا وَسَط وَلَا تالْ
وصَدَّرْنَ: أَخرجن صُدُورهن مِنَ الصَّفِّ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: صُدِّرْنَ مِنْ عَرَقٍ أَي صَدَرْن بعد ما عَرِقْنَ، يَذْهَبُ إِلى العَرَق الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُنَّ إِذا أُجرين؛ يُقَالُ: فَرَسٌ مُصَدَّر إِذا كَانَ يَعْرَقُ صَدْرُه. ورفعتُ مِنَ الْحَائِطِ عَرَقاً أَو عَرَقَيْنِ أَي صَفًّا أَو صفَّين، وَالْجَمْعُ أَعْراقٌ. والعَرَقةُ: طُرَّةٌ تُنْسَجُ وَتُخَاطُ عَلَى طَرَفِ الشُّقَّة، وَقِيلَ: هِيَ طُرَّةٌ تُنْسَجُ عَلَى جَوَانِبِ الفُسْطاط. والعَرَقةُ: خُشَيْبَةٌ تُعَرَّضُ عَلَى الْحَائِطِ بَيْنَ اللَّبِنِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ الْخَشَبَةُ الَّتِي تُوضَعُ مُعْتَرِضة بَيْنَ سافَي الْحَائِطِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: أَنه رأَى فِي الْمَسْجِدِ عَرَقَةً فَقَالَ غَطُّوها عَنَّا
؛ قَالَ الْحَرْبِيُّ: أَظنها خَشَبَةً فِيهَا صُورَةٌ. والعَرَقةُ: آثَارُ اتِّبَاعِ الإِبل بَعْضَهَا بَعْضًا، وَالْجَمْعُ عَرَقٌ؛ قَالَ:
وَقَدْ نَسَجْنَ بالفَلاة عَرَقا
والعَرَقةُ: النِّسْعةُ. والعَرَقاتُ: النُّسوع. قَالَ الأَصمعي: العِراقُ الطِّبابَةُ وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تُغَطَّى بِهَا عُيون الخُرَزِ، وعِراقُ الْمَزَادَةِ: الخَرْز المَثْنِيّ فِي أَسفلها، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُجْعَلُ عَلَى مُلْتَقَى طَرَفَيِ الْجِلْدِ إِذا خُرِزَ فِي أَسفل الْقِرْبَةِ، فإِذا سُوِّيَ ثُمَّ خُرِزَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَثْنِيّ فَهُوَ طِباب؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا كَانَ الْجِلْدُ أَسفل الإِداوَةِ مَثْنيّاً ثُمَّ خُرِزَ عَلَيْهِ فَهُوَ عِراقٌ، وَالْجَمْعُ عُرُق، وقبل عِراقُ الْقِرْبَةِ الخَرْز الَّذِي فِي وَسَطِهَا؛ قَالَ:
يَرْبوعُ ذَا القَنازِع الدِّقاقِ، ... والوَدْع والأَحْوِية الأَخْلاقِ،
بِي بِيَ أَرْياقكَ مِنْ أَرياقِ ... وَحَيْثُ خُصيْاكَ إِلى المَآقِ،
وعارِض كَجَانِبِ العِراقِ
هَذَا أَعرابي ذَكَرَهُ يُونُسُ أَنه رَآهُ يُرَقِّصُ ابْنَهُ وَسَمِعَهُ يُنْشِدُ هَذِهِ الأَبيات؛ قَوْلُهُ:
وَعَارِضٌ كَجَانِبِ العِراقِ
الْعَارِضُ مَا بَيْنَ الثَّنَايَا والأَضراس، وَمِنْهُ قِيل للمرأَة مصقولٌ عوارضُها، وَقَوْلُهُ كَجَانِبِ العِراقِ، شبَّه أَسنانه فِي حُسْنِ نَبْتتها وَاصْطِفَافِهَا عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ بِعِراقِ الْمَزَادَةِ لأَن خَرْزَهُ مُتَسَرِّد مُسْتَوٍ؛(10/246)
وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ وَذَكَرَ أُتُناً ورَدْنَ وحَسَسْنَ بِالصَّائِدِ فنفَرْن عَلَى تَتَابُعٍ وَاسْتِقَامَةٍ فَقَالَ:
فَلَمَّا رأَينَ الماءَ قَدْ حالَ دونَه ... ذُعافٌ، عَلَى جَنْبِ الشَّرِيعةِ، كارِزُ
شَكَكْنَ، بأَحْساءَ، الذِّنابَ عَلَى هُدًى، ... كَمَا شَكَّ فِي ثِنْي العِنانِ الخَوارزُ
وأَنشد أَبو عَلِيٍّ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى:
وشِعْب كَشَكِّ الثوبِ شكْسٍ طَريقُهُ، ... مَدارجُ صُوحَيْهِ عِذاب مَخاصِرُ
عَنَى فَماً حَسَنَ نِبْتَة الأَضراس متناسقَها كَتَنَاسُقِ الْخِيَاطَةِ فِي الثَّوْبِ، لأَن الْخَائِطَ يَضَعُ إِبرة إِلى أُخرى شَكَّة فِي إِثْرِ شَكَّةٍ، وَقَوْلُهُ شَكْسٍ طريقُه عَنَى صِغَرَهُ، وَقِيلَ: لِصُعُوبَةِ مَرَامِهِ، وَلَمَّا جَعَلَهُ شِعْباً لِصِغَرِهِ جَعَلَ لَهُ صُوحَيْن وَهُمَا جَانِبَا الْوَادِي كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه عَنَى فَماً قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا:
تَعَسَّفْتُه باللَّيْل لَمْ يَهْدِني لَهُ ... دليلٌ، وَلَمْ يَشْهَدْ لَهُ النَّعْتَ جابرُ
أَبو عَمْرٍو: العِراقُ تُقَارُبُ الخَرْز؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للأَمر، يُقَالُ: لأَمره عِراق إِذا اسْتَوَى، وَلَيْسَ لَهُ عِراقٌ، وعِراقُ السُّفْرة: خَرْزُها الْمُحِيطُ بِهَا. وعَرَقْت الْمَزَادَةَ وَالسُّفْرَةَ، فَهِيَ مَعْروقة: عَمِلْتُ لَهَا عِراقاً. وعِراقُ الظُّفْرِ: مَا أَحاط بِهِ مِنَ اللَّحْمِ. وعِراقُ الأُذن: كفافُها وعِراقُ الرَّكِيبِ: حَاشِيَتُهُ مِنْ أَدناه إِلى مُنْتَهَاهُ، والرَّكيبُ: النَّهْرُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ الْمَاءُ الْحَائِطَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَعْرِقَةٌ وعُرُق. والعِراقُ: شَاطِئُ الْمَاءِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ شَاطِئَ الْبَحْرِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والعِراقُ: مِنْ بِلَادِ فَارِسَ، مُذَكَّرٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ، وَقِيلَ: سُمِّيَ عِراقاً لِقُرْبِهِ مِنَ الْبَحْرِ، وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَ مَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْبَحْرِ عِراقاً، وَقِيلَ: سُمِّيَ عِراقاً لأَنه اسْتَكَفّ أَرض الْعَرَبِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لتَواشُج عُروق الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ بِهِ كأَنه أَراد عِرْقاً ثُمَّ جُمِعَ عَلَى عِراقٍ، وَقِيلَ: سَمَّى بِهِ العجمُ، سَمَّتْه إِيرانْ شَهْر، مَعْنَاهُ: كَثِيرَةُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ، فعربَ فَقِيلَ عِراق؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ زَعَمَ الأَصمعي أَن تَسْمِيَتَهُمُ العِراقَ اسْمٌ عَجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ إِنما هُوَ إِيرانْ شَهْر، فأَعربته الْعَرَبُ فَقَالَتْ عِراق، وإِيران شَهْر مَوْضِعُ الْمُلُوكِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
مانِعِي بابَة العِراقِ من الناسِ ... بِجُرْدٍ، تَغْدُو بِمِثْلِ الأُسُود
وَيُرْوَى: باحَة العِراقِ، وَمَعْنَى بَابَةِ العِراقِ نَاحِيَتُهُ، وَالْبَاحَةُ السَّاحَةُ، وَمِنْهُ أَباح دَارِهِمْ. الْجَوْهَرِيُّ: العِراقُ بِلَادٌ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ العِراقُ اسْمًا لِفناء الدَّارِ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَهَلْ بِلحاظ الدارِ والصَّحْنِ مَعْلَمٌ، ... وَمِنْ آيِهَا بِينُ العِراقِ تَلُوح؟
واللِّحاظُ هنا: فِناء الدَّارِ أَيضاً، وَقِيلَ: سُمِّيَ بعِراقِ المَزادة وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تُجْعَلُ عَلَى مُلْتَقَى طَرَفَيِ الْجِلْدِ إِذا خُرِزَ فِي أَسفلها لأَن العِراقَ بَيْنَ الرِّيف والبَرّ، وَقِيلَ: العِراقُ شَاطِئُ النَّهْرِ أَو الْبَحْرِ عَلَى طُولِهِ، وَقِيلَ لِبَلَدِ العِراقِ عِراقٌ لأَنه عَلَى شَاطِئِ دِجْلَة والفُراتِ عِداءً «3» . حَتَّى يَتَّصِلَ بالبحر، وقيل:
__________
(3) . قوله [عداء] أي تتابعاً، يقال: عاديته إذا تابعته؛ كتبه محمد مرتضى كذا بهامش الأَصل(10/247)
العِراقُ مُعَرَّبٌ وأَصله إِيرَاق فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ فَقَالُوا عِرَاق. والعِرَاقانِ: الْكُوفَةُ وَالْبَصْرَةُ؛ وَقَوْلُهُ:
أَزْمان سَلْمَى لَا يَرَى مِثْلَها الرَّاؤونَ ... فِي شَامٍ، وَلَا فِي عِرَاقْ
إِنما نكَّره لأَنه جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ عِراقاً. وأَعْرَقْنا: أَخذنا فِي العِرَاقِ. وأَعْرَقَ القومُ: أَتوا العِراقَ؛ قَالَ الممزَّق الْعَبْدِيُّ:
فإِن تُتْهِمُوا، أُنْجِدْ خِلَافًا عليكُمُ، ... وإِن تُعْمِنُوا مُسْتَحْقِي الحَرْب، أُعْرِقِ
وَحَكَى ثَعْلَبٌ اعْتَرقوا فِي هَذَا الْمَعْنَى، وأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
إِذا اسْتَنْصَلَ الهَيْقُ السَّفا، بَرَّحَتْ بِهِ ... عِرَاقِيَّةُ الأَقْياظِ نُجْدُ المَرابِعِ
نُجْدٌ هَاهُنَا: جَمْعُ نَجْدِيّ كَفَارِسِيٍّ وفُرْس، فسره فَقَالَ: هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى العِرَاقِ الَّذِي هُوَ شَاطِئُ الْمَاءِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَطْلُبُ الْمَاءَ فِي الْقَيْظِ. والعِرَاقُ: مِيَاهُ بَنِي سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَبَنِي مازِن، وَقَالَ الأَزهري فِي هَذَا الْمَكَانِ: وَيُقَالُ هَذِهِ إِبل عِرَاقيَّة، وَلَمْ يُفَسِّرْ. وَيُقَالُ: أَعْرَقَ الرجلُ، فَهُوَ مُعْرِقٌ إِذا أَخذ فِي بَلَدِ العِرَاقِ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: المُعْرِقةُ طَرِيقٌ كَانَتْ قريشٌ تَسْلُكُهُ إِذا سَارَتْ إِلى الشَّامِ تأْخذ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، وَفِيهِ سَلَكَتْ عِيرُ قريشٍ حِينَ كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لِسَلْمَانَ أَين تأْخذ إِذا صَدَرْتَ؟ أَعَلَى المُعَرِّقةِ أَم عَلَى الْمَدِينَةِ؟
ذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير المُعَرِّقَة وَقَالَ: هَكَذَا رُوِيَ مشدَّداً وَالصَّوَابُ التَّخْفِيفُ. وعِرَاقُ الدَّارِ: فِنَاءُ بَابِهَا، وَالْجَمْعُ أَعْرِقَة وعُرُق. وَجَرَى الْفَرَسُ عَرَقاً أَو عَرَقَيْن أَي طَلَقاً أَو طَلَقيْنِ. والعَرَقُ: الزَّبِيبُ، نَادِرٌ. والعَرَقةُ الدِّرَّةُ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا. والعَرْقُوَةُ: خَشَبَةٌ مَعْرُوضَةٌ عَلَى الدَّلْوِ، وَالْجَمْعُ عَرْقٍ، وأَصله عَرْقُوٌ إِلا أَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ اسْمٌ آخِرُهُ وَاوٌ قَبْلَهَا حَرْفٌ مَضْمُومٌ، إِنما تُخَصُّ بِهَذَا الضَّرْبِ الأَفْعال نَحْوُ سَرُوَ وبَهُوَ ودَهُوَ؛ هَذَا مَذْهَبُ سيبوبه وَغَيْرِهِ مِنَ النَّحْوِيِّينَ، فإِذا أَدى قِيَاسٌ إِلى مِثْلَ هَذَا فِي الأَسماء رُفِضَ فَعَدَلُوا إِلى إِبدال الْوَاوِ يَاءً، فكأَنهم حَوَّلُوا عَرْقُواً إِلى عَرْقِيٍ ثُمَّ كَرِهُوا الْكَسْرَةَ عَلَى الْيَاءِ فأَسكنوها وَبَعْدَهَا النُّونُ سَاكِنَةٌ، فَالْتَقَى سَاكِنَانِ فَحَذَفُوا الْيَاءَ وَبَقِيَتِ الْكِسْرَةُ دَالَّةً عَلَيْهَا وَثَبَتَتِ النُّونُ إِشْعَارًا بِالصَّرْفِ، فإِذا لَمْ يَلْتَقِ سَاكِنَانِ رَدُّوا الْيَاءَ فَقَالُوا رأَيت عَرْقِيَها كَمَا يَفْعَلُونَ فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنَ التَّصْرِيفِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
حَتَّى تَقُضّي عَرْقِيَ الدُّلِيِ
والعَرْقاةُ: العَرْقُوَةُ؛ قَالَ:
احْذَرْ عَلَى عَيْنَيْكَ والمَشَافِرِ ... عَرْقاةَ دَلْوٍ كالعُقابِ الكاسِرِ
شَبَّهَهَا بِالْعُقَابِ فِي ثِقْلِهَا، وَقِيلَ: فِي سُرْعَةِ هُوِيِّها، وَالْكَاسِرُ، الَّتِي تَكْسِرُ مِنْ جَنَاحِهَا للانْقِضاضِ. وعَرْقَيْتُ الدَّلْوَ عَرْقاةً: جَعَلْتُ لَهَا عَرْقُوَةً وَشَدَدْتُهَا عَلَيْهَا. الأَصمعي: يُقَالُ لِلْخَشَبَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَعْتَرِضَانِ عَلَى الدَّلْوِ كَالصَّلِيبِ العَرْقُوَتانِ وَهِيَ العَراقي، وإِذا شَدَدْتَهُمَا عَلَى الدَّلْوِ قُلْتَ: قَدْ عَرْقَيْتُ الدَّلْوَ عَرْقاةً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَرْقُوَةُ الدَّلْوِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَلَا تَقُلْ عُرْقُوَة، وَإِنَّمَا يُضَمّ فُعْلُوَةٌ إِذا كَانَ ثَانِيهِ نُونًا مِثْلَ عُنْصُوَة، وَالْجَمْعُ العَراقي؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ فَرَسًا:(10/248)
فَحَمَلْنا فَارِسًا، فِي كَفِّهِ ... راعِبيٌّ فِي رُدَيْنيٍّ أَصَمُ
وأَمَرْناه بهِ مِنْ بَيْنِها، ... بعد ما انْصاعَ مُصِرًّا أَو كَصَمْ
فَهِيَ كالدَّلْوِ بِكَفِّ المُسْتَقِي، ... خُذِلَتْ مِنْهَا العَرَاقي فانْجَذَمْ
أَراد بِقَوْلِهِ مِنْهَا: الدَّلْوَ، وَبِقَوْلِهِ انْجَذم: السَّجْلَ لأَن السَّجْلَ والدلوَ واحِد، وإِن جَمَعْتَ بِحَذْفِ الْهَاءِ قُلْتَ عَرْقٍ وأَصله عَرْقُوٌ، إِلا أَنه فَعَلَ بِهِ مَا فَعَلَ بِثَلَاثَةِ أَحْق فِي جَمْعِ حَقْوٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
رَأَيْتُ كأَن دَلْواً دُلِّيت مِنَ السَّمَاءِ فأَخذ أَبو بَكْرٍ بعَراقِيها فَشَرِبَ
؛ العَراقي: جَمْعُ عَرْقُوة الدَّلْوِ. وذاتُ العَراقي: الدَّاهِيَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن ذاتَ العَرَاقي هِيَ الدَّلْوُ وَالدَّلْوُ مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ. يُقَالُ: لَقِيتُ مِنْهُ ذَاتَ العَرَاقي؛ قَالَ عَوْفُ بْنُ الأَحوص:
لَقِيتُمْ، مِنْ تَدَرُّئِكُمْ عَلَيْنَا ... وقَتْلِ سَرَاتِنا، ذاتَ العَراقي
والعَرْقُوَتانِ مِنَ الرَّحْل والقَتَب: خَشَبَتَانِ تُضَمَّانِ مَا بَيْنَ الْوَاسِطِ والمُؤَخَّرةِ. والعَرْقُوَةُ: كُلُّ أَكَمة مُنْقَادَةٍ فِي الأَرض كأَنها جَثْوةُ قَبْرٍ مُسْتَطِيلَةٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: العَرْقُوَة أَكمة تَنْقَادُ لَيْسَتْ بِطَوِيلَةٍ مِنَ الأَرض فِي السَّمَاءِ وَهِيَ عَلَى ذَلِكَ تُشْرِفُ عَلَى مَا حَوْلَهَا، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الأَرض أَو غَيْرُ قَرِيبٍ، وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ، مكانٌ مِنْهَا لَيِّنٌ ومكانٌ مِنْهَا غَلِيظٌ، وإِنما هِيَ جَانِبٌ مِنْ أَرض مُسْتَوِيَةٍ مُشْرِفٌ عَلَى مَا حَوْلَهُ. والعَرَاقي: مَا اتَّصَلَ مِنِ الإِكامِ وآضَ كأَنه جُرْف وَاحِدٌ طَوِيلٌ عَلَى وَجْهِ الأَرض، وأَما الأَكمة فإِنها تَكُونُ مَلْمُومة، وأَما العَرْقُوَةُ فَتَطُولُ عَلَى وَجْهِ الأَرض وَظَهِرُهَا قَلِيلَةُ الْعَرْضِ، لَهَا سَنَد وَقَبْلَهَا نِجاف وبِرَاق لَيْسَ بسَهْل وَلَا غَلِيظٍ جِدًّا يُنْبِت، فأَما ظَهْرُهُ فَغَلِيظٌ خَشِنٌ لَا يُنْبتُ خَيراً. والعَرْقُوَةُ والعَراقي مِنَ الْجِبَالِ: الغليظُ الْمُنْقَادُ فِي الأَرض يَمْنَعُكَ مِنْ عُلْوِهِ وَلَيْسَ يُرتَقى لِصُعُوبَتِهِ وَلَيْسَ بِطَوِيلٍ، وَهِيَ العِرْقُ أَيضاً؛ قَالَ الأَزهري: وَبِهِ سمِّيت الدَّاهِيَةُ ذَاتَ العَراقي، وَقِيلَ: العِرْق جُبَيْل صَغِيرٌ مُنْفَرِدٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
مَا إِنْ يَزال لَهَا شَأْوٌ يقَدِّمُها ... مُجَرَّبٌ، مِثْلُ طُوطِ العِرْقِ، مَجْدول
وَقِيلَ: العِرْقُ الْجَبَلُ وَجَمْعُهُ عُرُوق. والعَراقي عِنْدَ أَهل الْيَمَنِ: التَّراقي. وعَرَقَ فِي الأَرض يَعْرِقُ عَرْقاً وعرُوقاً: ذَهَبَ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ ابْنُ الأَكْوَعِ فَخَرَجَ رَجُلٌ عَلَى نَاقَةٍ وَرْقاءَ وأَنا عَلَى رَحْلي فاعْتَرَقَها حَتَّى أَخَذَ بِخطامها
، يُقَالُ: عَرَقَ فِي الأَرض إِذا ذَهَبَ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنه قَالَ لِمُعَاوِيَةَ وَهُوَ يَمْشِي فِي رِكَابِهِ: تَعَرَّقْ فِي ظِلِّ نَاقَتِي
أَي امْشِ فِي ظِلِّهَا وَانْتَفِعْ بِهِ قَلِيلًا قَلِيلًا. والعَرَقُ: الْوَاحِدُ مِنْ أَعْرَاق الْحَائِطِ، وَيُقَالُ: عَرِّقْ عَرَقاً أَو عَرَقين. أَبو عُبَيْدٍ: عَرِقَ إِذا أَكل، وعَرِقَ إِذا كَسِلَ. وصارَعَهُ فتَعَرَّقَهُ: وَهُوَ أَن تأْخذ رأْسه فَتَجْعَلَهُ تَحْتَ إِبطك تَصْرَعُهُ بَعْدُ. وعِرْقٌ وَذَاتُ عِرْق والعِرْقانِ والأَعْراق وعُرَيْقٌ، كُلُّهَا: مَوَاضِعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه وَقَّت لأَهل العِراق ذَاتَ عِرْقٍ
؛ هُوَ مَنْزِلٌ مَعْرُوفٌ مِنْ مَنَازِلِ الحاجِّ يُحْرِمُ أَهل العِراق بِالْحَجِّ مِنْهُ، سمِّي بِهِ لأَن فِيهِ عِرْقاً وَهُوَ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ، وَقِيلَ: العِرْقُ مِنَ الأَرض سَبَخَة تَنْبُتُ الطَّرْفاءَ؛ وعلِم النَّبِيُّ، صَلَّى الله عليه وسلم،(10/249)
أَنهم يُسْلمون ويَحُجُّون فبيَّن مِيقَاتَهُمْ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا دُونَ الرَّمْلِ إِلى الرِّيفِ مِنِ العِراقِ يُقَالُ لَهُ عِراقٌ، وَمَا بَيْنَ ذاتِ عِرْقٍ إِلى الْبَحْرِ غَوْرٌ وتِهامةُ، وطَرَفُ تِهامةَ مِنْ قِبَل الْحِجَازِ مَدَارِجُ العَرْج، وأَولها مِنْ قِبَلِ نَجْدٍ مَدَارِجُ ذَاتِ عِرْقٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ذَاتُ عِرْقٍ مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: خَرَجُوا يَقُودون بِهِ حَتَّى لَمَّا كَانَ عِنْدَ العِرْقِ مِنَ الجبلِ الَّذِي دُونَ الخَنْدق نَكَّبَ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يُصَلِّي إِلى العِرْقِ الَّذِي فِي طَرِيقِ مَكَّةَ.
ابْنُ الأَعرابي: عُرَيْقة بِلَادُ باهِلَةَ بِيَذْبُل والقَعاقِع؛ وعارِقٌ: اسم شاعر من طيِءٍ؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
لَئِنْ لَمْ تُغَيِّرْ بَعْضَ مَا قَدْ صَنَعْتُمُ، ... لأَنْتَحِيَنْ للعظمِ ذُو أَنا عارِقُهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لقَيْس بْنِ جِرْوَةَ. وَابْنُ عِرْقانَ: رجل من العرب.
عزق: العَزْقُ: عِلَاجٌ فِي عَسَرٍ. وَرَجُلٌ عَزِقٌ ومُتَعَزِّقٌ وعَزْوَقٌ: فِيهِ شِدَّةٌ وَبُخْلٌ وَعُسْرٌ فِي خُلُقِهِ، مِنْ ذَلِكَ. والعُزُقُ: السِّيِّئُو الأَخلاقِ، وَاحِدُهُمْ عَزِقٌ. وَيُقَالُ: هُوَ عَزِقٌ نَزِقٌ زَعِقٌ زَنِقٌ. وعَزَقَ الأَرضَ يَعْزِقُها عَزْقاً: شَقَّهَا وكَرَبَها، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الأَرض. والمِعْزَقةُ والمِعْزَقُ: المَرُّ مِنْ حديدٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَحْفِرُ بِهِ، وَجَمْعُهُ المَعازِقُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
نُثِيرُ بِهَا نَفْعَ الكُلابِ، وأَنْتُمُ ... تُثِيرون قِيعانَ القُرى بالمَعازِقِ
وأَرض مَعْزوقة إِذا شَقَقْتَهَا بفأْسٍ أَو غَيْرِهِ، وَيُقَالُ لِتِلْكَ الأَداة الَّتِي تُشَقُّ بِهَا الأَرض مِعْزَقةٌ ومِعْزَقٌ وَهِيَ كالقَدُوم وأَكبر مِنْهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المِعْزقة مَا تُعْزَقُ بِهِ الأَرضُ، فأْساً كَانَتْ أَو مِسْحاةً أَو شِكَّة؛ قَالَ: وَهِيَ الْبَيْلَةُ المُعَقَّفة، وقال بعضهم: هي الفؤوس وَاحِدَتُهَا مِعْزَقة، قَالَ: وَهِيَ فأْس لرأْسها طَرَفَانِ؛ وأَعْزَقَ إِذا عَمِلَ بالمِعْزَقَةِ، وَهِيَ المَرُّ الَّذِي يَكُونُ مَعَ الْحَفَّارِينَ؛ وأَنشد الْمُفَضَّلُ:
يَا كَفُّ ذُوقِي نَزَوانَ المِعْزَقَه
وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدٍ: سأَله رَجُلٌ فَقَالَ تكارَيْتُ مِنْ فُلَانٍ أَرضاً فَعَزَقْتُها
أَي أَخرجت الْمَاءَ مِنْهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ
لَا تَعْزِقُوا
أَي لَا تَقْطَعُوا. وعَسِقَ بِهِ وعَزِقَ بِهِ إِذا لَصِقَ بِهِ. والعَزْوَقُ والعَزُوقُ، كُلُّهُ: حَمْلُ الفُسْتق فِي السَّنَةِ دُونَ لُبٍّ لَا يَنْعَقِدُ لُبُّه وَهُوَ دِبَاغُ، وعَزْوَقَتُه تَقَبُّضه؛ وأَنشد:
مَا تَصْنَعُ العَنْزُ بِذِي عَزْوَقٍ، ... يُثِيبهُ العَزْوَقُ فِي جِلْدِهَا
وَذَلِكَ لأَنه يُدْبَغُ جِلْدُهَا بالعَزْوَقِ. ابْنُ الأَعرابي: العَزْوَقُ الْفُسْتُقُ، وَقِيلَ: العَزْوَقُ حَمْل شَجَرٍ بَشِعُ الطَّعْمِ. وعَزَّقْتُ الْقَوْمَ تَعْزيقاً إِذا هَزَمْتَهُمْ وَقَتَلْتَهُمْ. والعَزِيقُ: مطمئِنٌّ مِنَ الأَرض، يَمَانِيَّةٌ.
عسق: عَسِقَ بِهِ يَعْسَقُ عَسَقاً: لَزِقَ بِهِ وَلَزِمَهُ وأُولِعَ بِهِ، وَكَذَلِكَ تَعَسَّق؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَا تَرَى الدَّهْرَ عَنِيفاً أَرْفَقا ... مِنْهُ بِهَا فِي غَيْرِهِ وأَلْبَقا،
إِلْفاً وحُبًّا طَالَمَا تَعَسَّقا
وعَسِقَ بِهِ وعَسِكَ بِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ:(10/250)
عَسِقَ بِي جُعَل فلانٍ إِذا أَلحّ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ يُطَالِبُهُ وعَسِقَت الناقةُ بِالْفَحْلِ: أَرَبَّتْ، وَكَذَلِكَ الْحِمَارُ بالأَتان؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فَعَفَّ عَنْ أَسْرارِها بَعْدَ العَسَقْ، ... وَلَمْ يُضِعْها بَيْنَ فِرْكٍ وعَشَقْ
وَفِي خُلُقه عَسَقٌ أَي الْتِوَاءٌ وَضِيقٌ. والعَسَقُ: الْعُرْجُونُ الرَّدِيءُ، أَسَدِيَّةٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: العُسُقُ عَرَاجِينُ النَّخْلِ، وَاحِدُهَا عَسَقٌ. والعَسَقُ: الظُّلْمَةُ كالغَسَقِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
إِنَّا لنَسْمو، للعَدُوِّ حَنَقا، ... بِالْخَيْلِ أَكْداساً تُثِيرُ عَسَقا
كَنَّى بالعَسَقِ عَنْ ظُلْمَةِ الْغُبَارِ. والعَسَقُ: الشَّرَابُ «1» الرَّدِيءُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والعُسُق: الْمُتَشَدِّدُونَ عَلَى غُرَمَائِهِمْ فِي التَّقَاضِي. والعُسُق: اللقَّاحون؛ فأَما قَوْلُ سُحَيْم:
فَلَوْ كُنْتُ وَرْداً لوْنَه لَعَسِقْنَني، ... ولكنَّ رَبي شَانَني بسَوادِيا
فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، إِنما قَلَبَ الشِّينَ سِينًا لِسَوَادِهِ وَضِعْفِ عِبَارَتِهِ عَنِ الشِّينِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلُغَةٍ إِنما هُوَ كاللَّثَغِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ وَالْعَجَبُ مِنْهُ كَوْنُهُ لَمْ يَعْتَذِرْ عَنْ سَائِرِ كَلِمَاتِهِ بِالشِّينِ، وَعَنْ شَانَني فِي الْبَيْتِ نَفْسِهِ، أَو يَجْعَلْهَا مِنْ عَسِقَ بِهِ أَي لَزِمَهُ، وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِهِ فِي تَرْجَمَةِ خَبَتْ، وَقَدِ اسْتَشْهَدَ ببيتِ شِعْرٍ للخَيْبَريّ الْيَهُودِيِّ:
يَنْفَعُ الطيّبُ القليلُ مِنَ الرِّزْقِ، ... وَلَا يَنْفَعُ الكثيرُ الخَبِيتُ
فَذَكَرَ فِيهِ مَا صُورَتُهُ: سأَل الخليلُ الأَصمعيَّ عَنِ الخَبِيتِ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَقَالَ له: أَراد الخَبِيتَ وَهِيَ لُغَةُ خَيْبَر، فَقَالَ لَهُ الْخَلِيلُ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ لغتَهم لَقَالَ الكَتِير، بِالتَّاءِ أَيضاً، وإِنما كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَن تَقُولَ إِنهم يَقْلِبُونَ الثَّاءَ تَاءً فِي بَعْضِ الْحُرُوفِ، وَمِنَ الْمُمْكِنِ أَن يَكُونَ ابْنُ سِيدَهْ، رَحِمَهُ اللَّهُ، تَرَكَ الِاعْتِذَارَ عَنْ كَلِمَاتِهِ بِالشِّينِ وَعَنْ لَفْظِهِ شانَني فِي الْبَيْتِ لأَنها لَا مَعْنَى لَهَا، وَاعْتَذَرَ عَنْ لَفْظَةٍ عَسِقْنَني لإِلْمامِها بِمَعْنَى لَزِقَ ولَزمَ، فأَراد أَن يُعْلِمَ أَنه لَمْ يَقْصد هَذَا الْمَعْنَى وإِنما هُوَ قَصَدَ العِشْقَ لَا غَيْرَ، وإِنما عُجْمته وَسَوَادُهُ أَنطقاه بِالسِّينِ فِي مَوْضِعِ الشِّينِ، وَاللَّهُ أَعلم.
عسبق: العِسْبِقُ: شَجَرٌ مُرُّ الطعم.
عسلق: العَسْلَقُ والعَسَلَّقُ: كلُّ سَبُعٍ جَرِيءٍ عَلَى الصَّيْدِ، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَالْجَمْعُ عَسالِقُ. والعَسَلَّقُ: الْخَفِيفُ، وَقِيلَ: الطويلُ العنقِ. والعَسَلَّقُ: الظَّلِيمُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
بِحَيْثُ يُلاقي الآبداتِ العَسَلَّقُ
والعَسَلَّقُ: الثَّعْلَبُ. والعَسْلَقُ: السَّرَابُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَسْلَقُ الذِّئْبُ، قَالَ: والعِسْلقُ والعُسالقُ والعَسَلَّقُ الطَّوِيلُ الْخَفِيفُ، والأُنثى عَسَلَّقَةٌ؛ قَالَ أَوس يَصِفُ النَّعَامَةَ:
عَسَلَّقةٌ رَبْداءُ وهو عَسَلَّق
عشق: العِشْقُ: فَرْطُ الْحُبِّ، وَقِيلَ: هُوَ عُجْب الْمُحِبِّ بِالْمَحْبُوبِ يَكُونُ فِي عَفاف الحُبّ ودَعارته؛ عَشِقَه يَعْشَقُه عِشْقاً وعَشَقاً وتَعَشَّقَهُ، وَقِيلَ: التَّعَشُّقُ، تَكَلُّفُ العِشْقِ، وَقِيلَ: العِشْقُ الِاسْمُ والعَشَقُ الْمَصْدَرُ، قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَمْ يُضِعْها بينَ فِرْكٍ وعَشَقْ
__________
(1) . قوله [والعسق الشراب إلخ] كذا هو بالأَصل مضبوظاً، والذي في القاموس: إنه العسيقة كسفينة.(10/251)
وَرَجُلٌ عاشِقٌ مِنْ قَوْمٍ عُشَّاقٍ، وعِشِّيقٌ مِثَالُ فِسِّيقٍ: كَثِيرُ العِشْقِ. وامرأَة عاشِقٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وعاشِقةٌ. والعَشَقُ والعَسَقُ، بِالشِّينِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ: اللُّزُومُ لِلشَّيْءِ لَا يُفَارِقُهُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ للكَلِف عاشِق لِلُزُومِهِ هَوَاهُ والمَعْشَقُ: العِشْقُ؛ قَالَ الأَعشى:
وَمَا بيَ منْ سُقْمٍ وَمَا بيَ مَعْشَق
وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنْ الحُبِّ والعِشْقِ: أَيّهما أَحمد؟ فَقَالَ: الحُب لأَن العِشْقَ فِيهِ إِفراط، وَسُمِّي العاشِقُ عاشِقاً لأَنه يَذْبُلُ مِنْ شِدَّةِ الْهَوَى كَمَا تَذْبُل العَشَقَةُ إِذا قُطِعَتْ، والعَشَقَةُ: شَجَرَةٌ تَخْضَرُّ ثُمَّ تَدِقُّ وتَصْفَرُّ؛ عَنِ الزَّجَّاجِ، وَزَعَمَ أَن اشْتِقَاقَ الْعَاشِقِ مِنْهُ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: هِيَ عِنْدَ المُوَلَّدين اللَّبْلابُ، وَجَمْعُهَا العَشَقُ، والعَشَقُ الأَراك أَيضاً. ابْنُ الأَعرابي: العُشُقُ المُصْلحون غُرُوس الرَّيَاحِينِ ومُسَوُّوها، قَالَ: والعُشُقُ مِنِ الإِبل الَّذِي يَلْزَمُ طَرُوقَتَه وَلَا يَحنّ إِلى غَيْرِهَا. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا اشْتَدَّتْ ضَبَعَتُها قَدْ هَدِمَتْ وهَوِسَتْ وبَلَمَتْ وتَهالَكَتْ وعَشِقَتْ وأَبْلَسَتْ، فَهِيَ مِبْلاسٌ، وأَرَبَّتْ مثله.
عشرق: العِشْرِقُ: شَجَرٌ، وَقِيلَ نَبْتٌ، وَاحِدَتُهُ عِشْرِقَة. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العِشْرِقُ مِنَ الأَغْلاثِ وَهُوَ شَجَرٌ يَنْفَرِشُ عَلَى الأَرض عَرِيضُ الْوَرَقِ وَلَيْسَ لَهُ شَوْكٌ وَلَا يَكَادُ يأْكله شَيْءٌ إِلا أَن يصيب المِعْزى مِنْهُ شَيْئًا قَلِيلًا؛ قَالَ الأَعشى:
تَسْمَع للحَلْي وَسْواساً إِذا انْصَرَفَتْ، ... كَمَا اسْتَعَانَ بريحٍ عِشْرِقٌ زَجلُ
قَالَ: وأَخبرني بَعْضُ أَعراب رَبِيعَةَ أَن العِشْرِقَةَ تَرْتَفِعُ عَلَى سَاقٍ قَصِيرَةٍ ثُمَّ تَنْتَشِرُ شُعَباً كَثِيرَةً وتُثْمِر ثَمَرًا كَثِيرًا، وَثَمَرُهَا سِنْفُها، فِي كُلِّ سِنْفَةٍ سَطْرَانِ مِنْ حَبٍّ مِثْلِ عَجَمِ الزَّبِيبِ سَوَاءٌ، وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ حَبِّ الحِمَّصِ وَهُوَ يُؤْكَلُ مَا دَامَ رَطْبًا وَيُطْبَخُ، وَهُوَ طَيِّبٌ؛ وَقَوْلُهُ:
كأَن صَوْتَ حَلْيها المُناطِقِ ... تَهَزُّجُ الرِّياح بالعَشارِقِ
إِما أَن يَكُونَ جَمْعَ عِشْرقَة، وإِما أَن يَكُونَ جُمِعَ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ العِشْرِقُ، وَهَذَا لَا يطَّرد. وعُشارِق: اسْمٌ، وَقِيلَ مَكَانٌ. قَالَ الأَزهري: العِشْرِقُ مِنَ الْحَشِيشِ وَرَقه شَبِيهٌ بِوَرَقِ الغارِ إِلا أَنه أَعظم مِنْهُ وأَكبر، إِذا حَرَّكَتْهُ الرِّيحُ تَسْمَعُ لَهُ زَجلًا وَلَهُ حَمْل كحَمْل الغارِ إِلا أَنه أَعظم مِنْهُ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: العِشْرِقُ نَبَاتٌ أَحمر طَيِّبُ الرَّائِحَةِ يَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَائِسُ، وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ الأَصمعي: العِشْرِقُ شَجَرَةٌ قَدْرُ ذِرَاعٍ لَهَا حَبٌّ صِغَارٌ إِذا جَفَّ صوتت بمَرِّ الريح.
عشنق: العَشْنَقة: الطُّولُ. والعَشَنَّقُ: الطَّوِيلُ الْجِسْمِ. وامرأَة عَشَنَّقَةٌ: طَوِيلَةُ الْعُنُقِ، ونعامةٌ عَشَنَّقةٌ كَذَلِكَ، وَالْجَمْعُ العَشانِقُ والعَشانيقُ والعَشَنَّقُون. قَالَ الأَصمعى: العَشَنَّقُ الطَّوِيلُ الَّذِي لَيْسَ بمُثْقَلٍ وَلَا ضَخْمٍ مِنْ قَوْمٍ عَشانِقَة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وتحتَ كُلّ خافِقٍ مُرَنِّقِ ... مِنْ طَيِءٍ كلُّ فَتًى عَشَنَّقِ
وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: أَن إِحدى النِّسَاءِ قَالَتْ زَوجي العَشَنَّق، إِن أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وإِن أَسْكُتْ أُعَلَّق
؛ العَشَنَّقُ: هُوَ الطَّوِيلُ الْمُمْتَدُّ الْقَامَةِ، أَرادت أَن لَهُ مَنْظَراً بِلَا مَخْبَرٍ لأَن الطُّولَ فِي الْغَالِبِ دَلِيلُ(10/252)
السَّفَه، وَقِيلَ: هُوَ السيِء الْخُلُقِ؛ قَالَ الأَزهري: تَقُولُ لَيْسَ عِنْدَهُ أَكثر مِنْ طُولِهِ بِلَا نَفْعٍ، فإِن ذكرتُ مَا فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ طلَّقني، وإِن سَكَتُّ تَرَكَنِي مُعَلَّقَةً لَا أَيّماً وَلَا ذات بَعْلٍ.
عفق: عَفَقَ: الرجلُ يَعْفِقُ عَفْقاً: رَكِبَ رَأْسه فَمَضَى. وعَفَقَت الإِبل تَعْفِقُ عَفْقاً وعُفُوقاً: أُرْسلت فِي الْمَرْعَى فَمرَّت عَلَى وُجُوهِهَا، وعَفَقَتْ عَنِ المَرْعى إِلى الْمَاءِ: رَجَعَتْ. وَكُلُّ ذَاهِبٍ راجعٍ عافِقٌ، وَكُلُّ واردٍ صادرٍ راجعٍ مختلفٍ كَذَلِكَ. عَفَقَ يَعْفِق عَفْقاً وعَفَقاناً وعَفَقَتِ الإِبل تَعْفِقُ عَفْقاً إِذا كَانَ يَرْجِعُ إِلى الْمَاءِ كُلَّ يَوْمٍ أَو كُلَّ يَوْمَيْنِ. وإِنه لَيَعْفِقُ أَي يُكْثِرُ الرُّجُوعَ. وَيُقَالُ: إِنه لَيُعَفِّقُ الغنمَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ تَعْفِيقاً أَي يَرُدُّهَا عَلَى وَجْهِهَا. والعَفْقُ: سُرْعَةُ الإِيرادِ وَكَثْرَتُهُ، يُقَالُ: إِنك لتَعْفِقُ أَي تُكْثِرُ الرُّجُوعَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَرْعى الغَضا مِنْ جانِبَيْ مُشَفِّقِ ... غِبًّا، ومَنْ يَرْعَ الحُموضَ يَعْفِقِ
أَي مَنْ يَرْعَى الْحَمْضَ تَعْطَشُ مَاشِيَتُهُ سَرِيعًا فَلَا يَجِدُ بُدًّا مِنَ العَفْقِ، وَيُرْوَى يَغْفِقِ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لأَبي النَّجْمِ
حَتَّى إِذا مَا انْصَرَفَتْ لَمْ تَعْفِقِ
وانْعَفَقَ الْقَوْمُ فِي حَاجَتِهِمْ أَي مَضَوْا وأَسرعوا. عَفَقَ الرجلُ إِذا أَكثر الذَّهَابَ وَالْمَجِيءَ فِي غَيْرِ حَاجَّةٍ. وعافَقَ الذئبُ الغنمَ إِذا عاثَ فِيهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا. وَرَجُلٌ مِعْفاقُ الزِّيَارَةِ أَي لَا يَزَالُ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ زَائِرًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا تَكُ مِعْفاقَ الزِّيَارَةِ واجْتَنِبْ، ... إِذا جِئْتَ، إِكْثارَ الكلامِ المُعَيَّبا
وَفِي النَّوَادِرِ: والاعْتِفاقُ انثناءُ الشَّيْءِ بَعْدَ اتْلِئْبابِه وَهُوَ صَرْفُ «2» ..... عَنْ رأْيه. والعَفْقُ: الإِقبالُ والإِدبار والعَفَقُ: السُّرْعَةُ فِي العَدْوِ. والعُفُوق والعِفَاق: شِبْهُ الخُنُوس، عَفَقَ يَعْفِقُ أَي خَنِسَ وَارْتَدَّ وَرَجَعَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
لُقْمَانَ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُول: خُذِي مِني أَخي ذَا العِفاقِ، صَفّاقٌ أَفّاقٌ يُعْمِلُ البَكْرة وَالسَّاقَ
؛ يَصِفُهُ بِالسَّيْرِ فِي آفَاقِ الأَرض رَاكِبًا وَمَاشِيًا عَلَى سَاقِهِ. وَقَدْ عَفَقَ يَعْفق عَفْقاً وعِفَاقاً إِذا ذَهَبَ ذَهَابًا سَرِيعًا. والعَفْقَةُ: الغَيْبة، عَفَقَ الرَّجُلُ أَي غَابَ، يُقَالُ: لَا يَزَالُ فُلَانٌ يَعْفِقُ العَفْقَةَ أَي يَغِيبُ الْغَيْبَةَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والعِفاق السُّرْعَةُ؛ وَقَالَ: قَالَ ذُو الخِرَق الطُّهَويّ يُخَاطِبُ الذِّئْبَ:
عَلَيْكَ الشَّاءَ، شَاءَ بَنِي تميمٍ، ... فَعَافِقْه، فإِنك ذُو عِفَاقِ
والعَفْقُ: الْعَطْفُ. والمُنْعَفَقُ: المُنَعَطَفُ، وَيُقَالُ المُنْصَرَف عَنِ الْمَاءِ. وعَفَقَ يَعْفِقُ عَفْقاً: ضَرَطَ، وَقِيلَ: هِيَ الضَّرْطَةُ الْخَفِيَّةُ يُقَالُ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ: عَفَقَ بِهَا وخَبَجَ بِهَا إِذا ضَرَطَ. والعُفُق: الضَّرَّاطُونَ فِي الْمَجَالِسِ. وَكَذَبَتْ عَفَّاقَتُهُ أَي اسْتُه إِذا حَبَقَ والعَفّاقة: الِاسْتُ. والعَفْقُ: الأَسْتاه. والعَفَّاقُ «3» : الْفَرَجُ لِكَثْرَةِ لَحْمِهِ. وعَفَق الرَّجُلُ: نَامَ قَلِيلًا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ ثُمَّ نَامَ. وعَفَقَهُ عَفَقَاتٍ: ضَرَبَهُ ضَرَبَاتٍ. واعْتَفَقَ القومُ بِالسُّيُوفِ إِذا اجْتَلَدُوا. وعَفَق الشيءَ يَعْفِقُه عَفْقاً: جَمَعَهُ أَو ضَمه إِليه. وعافَقَهُ معافَقَةً وعِفاقاً: عَالَجَهُ وَخَادَعَهُ؛ قَالَ قُرْطٌ يَصِفُ الذِّئْبَ:
__________
(2) . كذا بياض بالأَصل
(3) . قوله [والعفاق] هو بهذا الضبط في الأَصل، وفي شرح القاموس ككتاب(10/253)
عَلَيْكَ الشاءَ، شاءَ بَنِي تميمٍ، ... فعافِقْهُ، فإِنك ذُو عِفاقِ
وأَورد ابْنُ سِيدَهْ هَذَا الْبَيْتُ هُنَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ. والعُفُق: الذِّئَابُ الَّتِي لَا تَنَامُ وَلَا تُنِيم مِنَ الْفَسَادِ، واعْتَفَقَ الأَسد فَرِيستَه: عَطَفَ عَلَيْهَا فأَفرسها؛ وَقَالَ:
وَمَا أَسَدٌ مِنْ أُسودِ العرينِ ... يَعْتَفِقُ السَّائِلِينَ اعْتِفاقَا
وتَعَفّقَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ إِذا لاذَ بِهِ. وتَعَفَّقَ الْوَحْشِيُّ بالأَكمَةِ لَاذَ بِهَا مِنْ خَوْفِ كَلْبٍ أَو طَائِرٍ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ:
تَعَفَّقُ بالأَرْطَى لَهَا، وأَرَادَها ... رجالٌ، فبَذَّتْ نَبْلَهمْ وكَلِيبُ
أَي تَعَوَّذُ بالأَرْطى مِنَ الْمَطَرِ وَالْبَرْدِ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلَّذِي يُثِيرُ الصَّيْدَ ناجِشٌ، وَلِلَّذِي يَثْني وَجْهُهُ وَيَرُدُّهُ عَافِقٌ. يُقَالُ: اعْفِقْ عَلَيَّ الصَّيْدَ أَي اثنِها وَاعْطِفْهَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فَمَا اشْتَلاها صَفْقَةً للمُنْصفَقَ، ... حَتَّى تَرَدَّى أَرْبعٌ فِي المُنْعَفَقْ
يَعْنِي عَيْراً أَورد أُتنه الْمَاءَ فَرَمَاهَا الصيَّاد فصَفقَها العَيْر لِيَنْجُوَ بِهَا، فَرَمَاهَا الصَّيَّادُ فِي مُنْعَفَقها أَي فِي مَكَانِ عَفْقِ الْعَيْرِ إِياها. وعَفَقَ العَيْر الأَتانَ يَعْفِقُها عَفْقاً: سَفَدها، وعَفَقَها عَفْقاً إِذا أَتاها مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. يُقَالُ لِلْحِمَارِ: بَاكَهَا يَبُوكُها بَوْكاً، وَلِلْفَرَسِ كَامَها كَوْماً وعَفَقَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ إِذا جَامَعَهَا. والعَفْقُ: كَثْرَةُ الضِّراب وعِفَاقٌ وعَفَّاقٌ ومِعْفَق: أَسماء. وعِفَاق اسْمُ رَجُلٍ أَكلته بَاهِلَةُ فِي قَحْطٍ أَصابهم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَوْ كَانَ الْبُكَاءُ يَرُدّ شَيْئًا، ... بَكَيْتُ عَلَى يَزِيدٍ أَو عِفَاقِ
هُمَا المَرْآن، إِذ ذَهَبَا جَمِيعًا ... لشأْنهما بحُزْنٍ واحْتِراقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتَانِ لُمتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَة، وَصَوَابُهُ بَكَيْتُ عَلَى بُجَيْرٍ، وَهُوَ أَخو عِفاقٍ، وَيُقَالُ غِفَاقٌ، بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ، وَهُوَ ابْنُ مُلَيْك، وَيُقَالُ ابْنُ أَبي مُلَيْكٍ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَرِثِ بْنِ عَاصِمٍ، وَكَانَ بِسْطامُ بْنُ قَيْسٍ أَغار عَلَى بَنِي يَرْبوع فَقَتَلَ عِفاقاً، وَقَتَلَ بُجَيْراً أُخاه بَعْدَ قَتْلِهِ عِفَاقًا فِي الْعَامِ الأَول وأَسر أَباهما أَبا مُلَيْكٍ، ثُمَّ أَعتقه وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَن لَا يُغِيرَ عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَوِّي قَوْلُ مَنْ قَالَ إِن بَاهِلَةَ أَكلته قَوْلُ الرَّاجِزِ:
إِن عِفاقاً أَكَلَتْه باهِلَهْ، ... تَمَشَّشوا عِظامَه وكاهِلَهْ
والعَفَقَةُ: لُعْبَةٌ يُجْمَعُ فِيهَا التُّرَابُ. والعَيْفَقَانُ: نبت يشبه العَرْفَجَ.
عفلق: العَفْلَقُ، بِتَسْكِينِ الْفَاءِ: الضَّخْمُ الْمُسْتَرْخِي. ابْنُ سِيدَهْ: العَفْلَقُ والعَفَلَّقُ الْفَرْجِ الْوَاسِعُ الرَّخْوُ؛ قَالَ:
كُلُّ مِشَانٍ مَا تشدُّ المِنْطَقا، ... وَلَا تزالُ تُخْرِجُ العَفَلَّقا
المِشانُ: السَّليطة. وامرأَة عَفَلَّقةٌ وعَضَنَّكةٌ: ضَخْمَةُ الرَّكَبِ؛ وَقَالَ آخَرُ فِي العَفْلَقِ:
يَا ابنَ رَطُومٍ ذاتِ فرجٍ عَفْلَقِ
وَقَدْ رَوَاهُ قَوْمٌ غَلْفَق، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ خَالَوَيْهِ فِي الْفَرْجِ إِلّا عَفلَق، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَقْدِيمَ(10/254)
الْفَاءِ عَلَى اللَّامِ، وَاسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ «1» . بِهَذَا الرَّجَزِ أَيضاً:
وَيَا ابنَ رطومٍ ذاتِ فرجٍ عَفَلَّقِ
الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا سُمِّيَ الْفَرْجُ الْوَاسِعُ عَفْلَقاً، وَكَذَلِكَ المرأَة الْخَرْقَاءُ السَّيِّئَةُ الْمَنْطِقِ وَالْعَمَلِ، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والعُفْلوقُ الأَحمق.
عقق: عَقَّه يَعُقُّه عَقًّا، فَهُوَ مَعْقوقٌ وعَقِيقٌ: شقَّه. والعَقِيقُ: وادٍ بِالْحِجَازِ كأَنه عُقَّ أَي شُقّ، غَلَبَتِ الصِّفَةُ عَلَيْهِ غَلَبَةَ الِاسْمِ وَلَزِمَتْهُ الأَلف وَاللَّامُ، لأَنه جَعَلَ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِليه الْخَلِيلُ فِي الأَسماء الأَعلام الَّتِي أَصلها الصفة كالحرث وَالْعَبَّاسُ. والعَقِيقَان: بُلْدَانٌ فِي بِلَادِ بَنِي عَامِرٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ، فإِذا رأَيت هَذِهِ اللَّفْظَةَ مُثَنَّاةً فإِنما يُعْنى بِهَا ذَانِكَ الْبُلْدَانُ، وإِذا رأَيتها مُفْرَدَةً فَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنى بِهَا العَقِيقُ الَّذِي هُوَ وَادٍ بِالْحِجَازِ، وأَن يُعْنى بِهَا أَحد هَذَيْنِ الْبَلَدَيْنِ لأَن مِثْلَ هَذَا قَدْ يُفْرَدُ كأَبَانَيْن؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ فَأَفْرَدَ اللَّفْظَ بِهِ:
كأَنّ أَبَاناً، فِي أَفَانِينِ وَدْقِهِ، ... كبيرُ أُناسٍ فِي بِجَادٍ مُزَمَّلِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِن كَانَتِ التَّثْنِيَةُ فِي مِثْلِ هَذَا أَكثر مِنَ الإِفراد، أَعني فِيمَا تَقَعُ عَلَيْهِ التَّثْنِيَةُ مِنْ أَسماء الْمَوَاضِعِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الثَّبَاتِ والخِصْب والقَحْط، وأَنه لَا يُشَارُ إِلى أَحدهما دُونَ الْآخَرِ، وَلِهَذَا ثَبَتَ فِيهِ التَّعْرِيفُ فِي حَالِ تَثْنِيَتِهِ وَلَمْ يُجْعَلْ كزيدَيْن، فَقَالُوا هَذَانِ أَبانَان بَيِّنَيْن «2» ، وَنَظِيرُ هَذَا إِفْرَادُهُمْ لَفْظَ عَرَفَاتٍ، فأَما ثَبَاتُ الأَلف وَاللَّامِ فِي العَقِيقَيْن فَعَلَى حدِّ ثَبَاتِهِمَا فِي العَقِيق، وَفِي بِلَادِ الْعَرَبِ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ تُسَمَّى العَقِيقَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا شَقَّه مَاءُ السَّيْلِ فِي الأَرض فأَنهره ووسَّعه عَقِيق، وَالْجَمْعُ أَعِقَّةٌ وعَقَائِق، وَفِي بِلَادِ الْعَرَبِ أَربعةُ أَعِقَّةٍ، وَهِيَ أَودية شقَّتها السُّيُولُ، عادِيَّة: فَمِنْهَا عَقيقُ عارضِ اليمامةِ وَهُوَ وادٍ وَاسِعٌ مِمَّا يَلِي العَرَمة تَتَدَفَّقُ فِيهِ شِعابُ العارِض وَفِيهِ عُيُونٌ عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَمِنْهَا عَقِيقٌ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ فِيهِ عُيُونٌ وَنَخِيلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيكم يُحِبُّ أَن يَغْدُوَ إِلى بُطْحانِ العَقِيقِ؟
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ وادٍ مِنْ أَودية الْمَدِينَةِ مُسِيلٌ لِلْمَاءِ وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ
أَنه وادٍ مُبَارَكٌ
، وَمِنْهَا عَقِيقٌ آخَرُ يَدْفُق ماؤُه فِي غَوْرَي تِهَامةَ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ
الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: وَلَوْ أَهَلُّوا مِنَ العَقِيقِ كَانَ أَحَبَّ إِليّ
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقَّتَ لأَهل العِراق بَطْنَ العَقِيقِ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد العَقِيقَ الَّذِي بِالْقُرْبِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ قَبْلَهَا بمَرْحلة أَو مَرْحَلَتَيْنِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَنَاسِكِ، وَمِنْهَا عَقِيق القَنَانِ تَجْرِي إِليه مِيَاهُ قُلَلِ نَجْدٍ وَجِبَالُهُ؛ وأَما قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
قِفِي ودِّعِينَا، يَا هُنَيْدُ، فإِنَّني ... أَرى الحيَّ قَدْ شامُوا العَقِيقَ الْيَمَانِيَا
فإِن بَعْضَهُمْ قَالَ: أَراد شَامُوا الْبَرْقَ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ. والعَقّ: حَفْرٌ فِي الأَرض مُسْتَطِيلٌ سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ. والعَقَّةُ: حُفْرَةٌ عَمِيقَةٌ فِي الأَرض، وَجَمْعُهَا عَقَّات. وانْعَقَّ الْوَادِي: عَمُقَ. وَالْعَقَائِقُ: النِّهَاء والغدرانُ فِي الأَخاديد المُنْعَقَّةِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِكُثَيِّرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيِّ يصف امرأَة:
__________
(1) . قوله [واستشهد الجوهري إلخ] لم نجد هذا الرجز في نسخ الصحاح التي بأيدينا
(2) . قوله [فقالوا هذان إلخ] فلفظ بينين مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ أَبانان لأَنه نكرة وصف به معرفة، لأَن أَبانان وضع ابتداء علماً على الجبلين المشار إليهما، ولم يوضع أَولًا مفرداً ثم ثني كما وضع لفظ عرفات جمعاً على الموضع المعروف بخلاف زيدين فإنه لم يجعل علماً على معينين بل لإِنسانين يزولان، ويشار إِلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فكأنه نكرة فإذا قُلْتَ هَذَانِ زَيْدَانِ حَسَنَانِ رفعت النَّعْتَ لأَنه نَكِرَةٌ وُصِفَتْ به نكرة، أفاده ياقوت(10/255)
إِذا خرجَتْ مِنْ بَيْتِهَا راق عَيْنَها ... مُعَوَّذه [مُعَوِّذه] ، وأَعْجَبَتْها العَقَائِقُ
يَعْنِي أَن هَذِهِ المرأَة إِذا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا راقَها مُعَوَّذ النَّبْتِ حَوْلَ بَيْتِهَا، والمُعَوَّذ مِنَ النَّبْتِ: مَا يَنْبُتُ فِي أَصل شَجَرٍ أَوْ حَجَرٍ يَسْتُرُهُ، وَقِيلَ: الْعَقَائِقُ هِيَ الرِّمَالُ الْحُمْرُ. وَيُقَالُ: عَقَّت الريحُ المُزْنَ تَعُقُّه عَقاًّ إِذا استدَرَّتْه كأَنها تَشُقُّهُ شَقًّا؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ غَيْثًا:
حارَ وعَقَّتْ مُزْنَهُ الريحُ، وانْقَارَ ... بِهِ العَرْضُ، وَلَمْ يُشْمَلِ
حارَ: تحيَّر وَتَرَدَّدَ واستَدَرَّته رِيحُ الجَنوب وَلَمْ تَهُبَّ بِهِ الشَّمال فتَقْشَعَه، وانْقَارَ بِهِ العَرْضُ أَي كأَن عرضَ السَّحَابِ انْقارَ بهِ أَي وَقَعَتْ مِنْهُ قِطْعَةٌ وأَصله مِنْ قُرْتُ جَيْب الْقَمِيصِ فانْقار، وقُرْتُ عَيْنَهُ إِذا قَلَعْتَهَا. وَسَحَابَةٌ مَعْقُوقة إِذا عُقَّت فانْعَقَّت أَي تَبَعَّجت بِالْمَاءِ. وَسَحَابَةٌ عَقَّاقة إِذا دَفَعَتْ مَاءَهَا وَقَدْ عَقَّت؛ قَالَ عبدُ بَنِي الحَسْحاص يَصِفُ غَيْثًا:
فمرَّ عَلَى الأَنهاء فانْثَجَّ مُزْنُه، ... فَعَقَّ طَوِيلًا يَسْكُبُ الماءَ ساجِيَا
واعْتَقَّت السَّحَابَةُ بِمَعْنًى؛ قَالَ أَبو وَجْزة:
واعْتَقَّ مُنْبَعِجٌ بالوَبْل مَبْقُور
وَيُقَالُ للمُعْتذر إِذا أَفرط فِي اعْتِذَارِهِ: قَدِ اعْتَقَّ اعْتِقاقاً. وَيُقَالُ: سَحَابَةٌ عَقَّاقة مُنْشَقَّةٌ بِالْمَاءِ. وَرَوَى شَمِرٌ أَن المُعَقِّرَ بْنَ حِمَارٍ البارِقِيّ قَالَ لِبِنْتِهِ وَهِيَ تَقُوده وَقَدْ كُفَّ بصرُه وَسُمِعَ صَوْتُ رَعْدٍ: أَيْ بُنَيّةُ مَا تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرى سَحَابَةً سَحْماء عَقَّاقَة، كأَنها حِوَلاءُ [حُوَلاءُ] نَاقَةٍ، ذَاتِ هَيْدب دَانٍ، وسَيرٍ وَانٍ قَالَ: أَيْ بُنَيّة وَائِلِي إِلى قَفْلةٍ فإِنها لَا تَنْبُت إِلا بمنْجَاةٍ مِنَ السَّيْلِ؛ شَبَّه السَّحَابَةَ بِحِوَلاءِ النَّاقَةِ فِي تَشَقُّقِهَا بِالْمَاءِ كَتَشَقُّقِ الحِوَلاءِ، وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْوَلَدُ، والقَفَلة الشَّجَرَةُ الْيَابِسَةُ؛ كَذَلِكَ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِفَتْحِ الْفَاءِ، وأَسكنها سَائِرُ أَهل اللُّغَةِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: اهْتَلَبَ السيفَ مِنْ غِمْدِه وامْتَرَقه واعْتَقَّه واخْتَلَطَه إِذا اسْتَلَّه؛ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: الأَصل اخْتَرَطَه، وكأَنّ اللَّامَ مُبْدَلٌ مِنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. وعَقَّ والدَه يَعُقُّه عَقّاً وعُقُوقاً ومَعَقَّةً: شقَّ عَصَا طَاعَتِهِ. وعَقَّ وَالِدَيْهِ: قَطَعَهُمَا وَلَمْ يَصِلْ رَحِمَه مِنْهُمَا، وَقَدْ يُعَمُّ بِلَفْظِ العُقُوقِ جَمِيعَ الرَّحِمِ، فَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ. وَرَجُلٌ عُقَقٌ وعُقُق وعَقٌّ: عاقٌّ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي للزَّفَيان:
أَنا أَبو المِقْدَامِ عَقّاًّ فَظّا ... بِمَنْ أُعادي، مِلْطَساً مِلَظّا،
أَكُظُّهُ حَتَّى يموتَ كَظّا، ... ثُمَّتَ أُعْلِي رأْسَه المِلْوَظَّا،
صَاعِقَةً مِنْ لَهَبٍ تَلَظَّى
وَالْجَمْعُ عَقَقَة مِثْلُ كَفَرةٍ، وَقِيلَ: أَراد بِالْعَقِّ المُرَّ مِنَ الْمَاءِ العُقَاقِ، وَهُوَ القُعَاع، المِلْوَظّ: سوطٌ أَو عَصًا يُلْزِمُها رأْسَه؛ كَذَا حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وَالصَّحِيحُ المِلْوَظُ، وإِنما شَدَّدَ ضَرُورَةً. والمَعَقَّةُ: العُقُوق؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَحْلامُ عادٍ وأَجْسادٌ مُطَهَّرَة ... مِنَ المَعَقَّةِ والآفاتِ والأَثَمِ
وأَعَقَّ فلانٌ إِذا جاءَ بالعُقوق. وَفِي الْمَثَلِ: أَعَقُّ مِنْ ضَبٍّ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنما يُرِيدُ بِهِ الأُنثى، وعُقُوقُها أَنها تأْكل أَولادها؛ عَنْ غَيْرِ ابْنِ الأَعرابي؛(10/256)
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ الأَعشى:
فإِني، وَمَا كَلَّفْتُموني بِجَهْلِكم، ... ويَعْلم رَبي مَنْ أَعَقَّ وأَحْوَبا
قَالَ: أَعَقَّ جَاءَ بالعُقُوقِ، وأَحْوَبَ جَاءَ بالحُوبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ أَبو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ لِحَمْزَةَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَوْمَ أُحد حِينَ مرَّ بِهِ وَهُوَ مَقْتُولٌ: ذُقْ عُقَقُ
أَي ذُقْ جَزَاءَ فِعْلِكَ يَا عَاقُّ، وَذُقِ الْقَتْلَ كَمَا قَتَلْتَ مَن قتلتَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قَوْمِكَ، يَعْنِي كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وعُقَق: مَعْدُولٌ عَنْ عَاقٍّ لِلْمُبَالَغَةِ كغُدَر مِنْ غادرٍ وفُسَق مِنْ فاسقٍ. والعُقُق: الْبُعَدَاءُ مِنَ الأَعداء. والعُقُق أَيضاً: قَاطِعُو الأَرحام. وَيُقَالُ: عاقَقْتُ فُلَانًا أُعَاقُّه عِقاقاً إِذا خَالَفْتَهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عَقَّ والدَه يَعُقُّ عُقُوقًا ومَعَقَّةً؛ قَالَ هُنَا: وعَقَاقِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ مِثْلُ حَذَامِ ورَقَاشِ؛ قَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ دُرَيْدٍ تَرِثِيهِ:
لَعَمْرُك مَا خشيتُ عَلَى دُرَيْد، ... بِبَطْنِ سُمَيْرةٍ، جَيْشَ العَنَاقِ
جَزَى عَنَّا الإِلهُ بَنِي سُلَيْم، ... وعَقَّتْهم بِمَا فَعَلُوا عَقَاقِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمّهات
، وَهُوَ ضِدُّ البِرّ، وأَصله مِنَ العَقّ الشَّقّ وَالْقَطْعُ، وَإِنَّمَا خَصَّ الأُمهات وَإِنْ كَانَ عُقوقُ الْآبَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ ذَوِي الْحُقُوقِ عَظِيمًا لأَن لِعُقوقِ الأُمهات مَزِيَّةً فِي الْقُبْحِ. وَفِي حَدِيثِ الْكَبَائِرِ:
وعدَّ مِنْهَا عقوقَ الْوَالِدَيْنِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُكم ومَثَلُ عائشةَ مَثَلُ العينِ فِي الرأْس تُؤْذِي صَاحِبَهَا وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعُقَّها إِلا بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهَا
؛ هُوَ مُسْتَعَارٌ مِنْ عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ. وعَقَّ البرقُ وانْعَقَّ: انْشَقَّ. والانْعِقاق: تَشَقُّقُ الْبَرْقِ، والتَّبَوُّجُ: تَكَشُّفُ البرقِ، وعَقِيقَتُهُ: شُعَاعُهُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّيْفِ كالعَقِيقَة، وَقِيلَ: العَقِيقَةُ والعُقَقُ الْبَرْقُ إِذا رأَيته فِي وَسَطِ السَّحَابِ كأَنه سَيْفٌ مَسْلُولٌ. وعَقِيقةُ الْبَرْقِ: مَا انْعَقَّ مِنْهُ أَي تَسَرَّبَ فِي السَّحَابِ، يُقَالُ مِنْهُ: انْعَقَّ البرقُ، وَبِهِ سُمِّيَ السَّيْفُ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وسَيْفي كالعَقِيقةِ، فَهُوَ كِمْعِي ... سِلاحِي، لَا أَفَلَّ وَلَا فُطَارَا
وانْعَقَّ الْغُبَارُ: انْشَقَّ وَسَطَعَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا العَجاجُ المُسْتَطارُ انْعَقَّا
وانْعَقَّ الثوبُ: انْشَقَّ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والعَقِيقةُ: الشَّعْرُ الَّذِي يُولَدُ بِهِ الطِّفْلُ لأَنه يَشُقُّ الْجِلْدَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
يَا هندُ، لَا تَنْكِحي بُوهَةً ... عَلَيْهِ عَقِيقَتُه، أَحْسَبَا
وَكَذَلِكَ الوَبَرُ لِذي الوَبَرِ. والعِقَّة: كالعَقِيقةِ، وَقِيلَ: العِقَّةُ فِي النَّاسِ وَالْحُمُرِ خَاصَّةً وَلَمْ تُسْمَعْ فِي غَيْرِهِمَا كَمَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ؛ قَالَ رؤبة:
طَيَّرَ عنها النَّسْرُ حَوْلِيَّ العِقَق
وَيُقَالُ لِلشَّعْرِ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى رأْس الْمَوْلُودِ فِي بَطْنِ أُمه عَقِيقةٌ لأَنها تُحْلق، وَجَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ الشعرَ أَصْلًا والشاةَ الْمَذْبُوحَةَ مُشْتَقَّةً مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن انْفَرَقَتْ عَقِيقَتُه فَرَقَ
أَي شَعْرُهُ، سُمِّيَ عَقيقةً تَشْبِيهًا بِشَعْرِ الْمَوْلُودِ. وأَعَقَّت الْحَامِلُ: نَبَتَتْ عَقيقَةُ وَلَدِهَا فِي بَطْنِهَا. وأَعَقَّت الْفَرَسَ والأَتان، فَهِيَ مُعِقّ وعَقُوق: وَذَلِكَ إِذا نَبَتَتِ العَقيقةُ فِي بَطْنِهَا عَلَى الْوَلَدِ الَّذِي حَمَلَتْهُ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:(10/257)
قَدْ عَتَق الأَجْدعُ بَعْدَ رِقِّ، ... بقارحٍ أَو زَوْلَةٍ مُعِقِ
وأَنشد أَيضاً فِي لُغَةِ مَنْ يَقُولُ أَعَقَّتْ فَهِيَ عَقُوق وَجَمْعُهَا عُقُق:
سِرًّا وَقَدْ أَوَّنَّ تَأْوِينَ العُقُقْ «3»
أَوَّنَّ: شَرِبْنَ حَتَّى انْتَفَخَتْ بُطُونُهُنَّ فَصَارَ كُلُّ حِمَارٍ مِنْهُنَّ كالأَتان العَقُوق، وَهِيَ الَّتِي تَكَامَلَ حَمْلُهَا وَقَرُبَ وِلَادُهَا، وَيُرْوَى أَوَّنَّ عَلَى وَزْنِ فَعَّلْنَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْجَمَاعَةَ مِنَ الْحَمِيرِ، ويروى أَوَّنَ على وزن فَعَّل، يُرِيدُ الْوَاحِدَ مِنْهَا. والعَقاقُ، بِالْفَتْحِ: الحَمْل، وَكَذَلِكَ العَقَقُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
وتَرَكْت العَيْر يَدْمَى نَحْرُه، ... ونَحُوصاً سَمْحجاً فِيهَا عَقَقْ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَظهرت الأَتانُ عَقاقاً، بِفَتْحِ الْعَيْنِ، إِذا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا، وَيُقَالُ لِلْجَنِينِ عَقاق؛ وَقَالَ:
جَوانِحُ يَمْزَعْنَ مَزْعَ الظِّباء، ... لَمْ يَتَّرِكْنَ لِبَطْنٍ عَقَاقا
أَي جَنِيناً؛ هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: العَقاق، بِهَذَا الْمَعْنَى فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّرْفِ، وأَما الأَصمعي فإِنه يَقُولُ: الْعُقَاقُ مَصْدَرُ العَقُوقِ، وَكَانَ أَبو عَمْرٍو يَقُولُ: عَقَّتْ فَهِيَ عَقُوق. وأَعَقّتْ فَهِيَ مُعِقّ، وَاللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ أَعَقَّتْ فَهِيَ عَقُوق. وعَقَّ عَنِ ابْنِهِ يَعِقُّ ويَعُقُّ: حَلَقَ عَقِيقَتهُ أَو ذَبَحَ عَنْهُ شَاةً، وَفِي التَّهْذِيبِ: يَوْمُ أُسبوعه، فقيَّده بِالسَّابِعِ، وَاسْمُ تِلْكَ الشَّاةِ العَقيقة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فِي العَقِيقَةِ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مِثْلَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ
؛ وَفِيهِ:
إِنه عَقَّ عَنِ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا
، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنه قَالَ:
مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُه فأَهَريقُوا عَنْهُ دَمًا وأَميطوا عَنْهُ الأَذى.
وَفِي الْحَدِيثِ:
الْغُلَامُ مُرْتَهِنٌ بعَقِيقته
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَن أَباه يُحْرَم شفاعةَ وَلَدِهِ إِذا لَمْ يعُقَّ عَنْهُ، وأَصل العَقِيقةِ الشَّعْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رأْس الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ، وإِنما سُمِّيَتْ تِلْكَ الشاةُ الَّتِي تُذْبَحُ فِي تِلْكَ الْحَالِ عَقِيقةً لأَنه يُحْلق عَنْهُ ذَلِكَ الشَّعْرُ عِنْدَ الذَّبْحِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ:
أَميطوا عَنْهُ الأَذى،
يَعْنِي بالأَذى ذَلِكَ الشَّعْرَ الَّذِي يُحْلَقُ عَنْهُ، وَهَذَا مِنَ الأَشياء الَّتِي رُبَّمَا سُمِّيَتْ بِاسْمِ غَيْرِهَا إِذا كَانَتْ مَعَهَا أَو مِنْ سَبَبِهَا، فَسُمِّيَتِ الشَّاةُ عَقِيقَةً لَعَقِيقَةِ الشَّعْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سُئِلَ عَنِ العَقِيقةِ فَقَالَ: لَا أُحب العُقُوق
، لَيْسَ فِيهِ تَوْهِينٌ لأَمر العَقِيقَةِ وَلَا إِسقاط لَهَا، وإِنما كَرِهَ الِاسْمَ وأَحب أَن تُسَمَّى بأَحسن مِنْهُ كَالنَّسِيكَةِ وَالذَّبِيحَةِ، جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فِي تَغْيِيرِ الِاسْمِ الْقَبِيحِ. والعَقِيقَةُ: صُوفُ الجَذَع، والجَنيبَة: صُوفُ الثَّنِيِّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْلُودٍ مِنَ الْبَهَائِمِ فإِن الشَّعْرَ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ حِينَ يُولَدُ عَقِيقَة وعَقِيقٌ وعِقَّةٌ، بِالْكَسْرِ؛ وأَنشد لِابْنِ الرِّقاع يَصِفُ الْعَيْرَ:
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عَنْهُ فأَنْسَلَها، ... واجْتابَ أُخْرَى جَدِيدًا بعد ما ابْتَقَلا
مُوَلَّع بسوادٍ فِي أَسافِلِهِ، ... مِنْهُ احْتَذَى، وبِلَوْنٍ مِثلِهِ اكْتَحَلَا
فَجَعَلَ العَقِيقةَ الشَّعْرَ لَا الشَّاةَ، يَقُولُ: لَمَّا تَرَبَّع وأَكل بُقول الرَّبِيعِ أَنْسَلَ الشَّعْرَ الْمَوْلُودَ معه وأَنبت
__________
(3) . قوله [سراً إلخ] صدره كما في الصحاح:
وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصًا رَبَّ الفلق(10/258)
الْآخَرَ، فَاجْتَابَهُ أَي اكْتَسَاهُ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّعْرِ عَقِيقٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
أَطارَ عَقِيقَهُ عَنْهُ نُسَالًا، ... وأُدْمِجَ دَمْج ذِي شَطَنٍ بدِيعِ
أَراد شَعْرَهُ الَّذِي يُوَلَّدُ عَلَيْهِ أَنه أَنْسَله عَنْهُ. قَالَ: والعَقُّ فِي الأَصل الشَّقُّ وَالْقَطْعُ، وَسُمِّيَتِ الشَّعْرَةُ الَّتِي يَخْرُجُ الْمَوْلُودُ مِنْ بَطْنِ أُمه وَهِيَ عَلَيْهِ عَقِيقةً، لأِنها إِن كَانَتْ عَلَى رأْس الإِنسي حُلِقَتْ فَقُطِعَتْ، وإِن كَانَتْ عَلَى الْبَهِيمَةِ فإِنها تُنْسِلُها، وَقِيلَ لِلذَّبِيحَةِ عَقِيقةٌ لأَنَّها تُذبَح فيُشقّ حلقومُها ومَريثُها وودَجاها قَطْعًا كَمَا سُمِّيَتْ ذَبِيحَةً بِالذَّبْحِ، وَهُوَ الشِّقُّ. وَيُقَالُ لِلصَّبِيِّ إِذا نشأَ مَعَ حَيٍّ حَتَّى شَبَّ وَقَوِيَ فِيهِمْ: عُقَّتْ تميمتُه فِي بَنِي فُلَانٍ، والأَصل فِي ذَلِكَ أَن الصَّبِيَّ مَا دَامَ طِفْلًا تُعَلِّقُ أُمه عَلَيْهِ التَّمَائِمَ، وَهِيَ الْخَرَزُ، تُعَوِّذه مِنَ الْعَيْنِ، فإِذا كَبِرَ قُطعت عَنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بلادٌ بِهَا عَقَّ الشّبابُ تَمِيمَتي، ... وأَوّلُ أَرضٍ مَسَّ جِلْدي تُرابُها
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: عَقِيقةُ الصَّبِيِّ غُرْلَتُه إِذا خُتِن. والعَقُوق مِنَ الْبَهَائِمِ: الْحَامِلُ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْحَافِرِ خَاصَّةً وَالْجَمْعُ عُقُقٌ وعِقاق، وَقَدْ أَعَقَّتْ، وَهِيَ مُعِقّ وعَقُوق، فمُعِقّ عَلَى الْقِيَاسِ وعَقوق عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ، وَلَا يُقَالُ مُعِقّ إِلا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ، وَهُوَ مِنَ النوادِر. وَفَرَسٌ عَقُوق إِذا انْعَقّ بطنُها وَاتَّسَعَ لِلْوَلَدِ؛ وَكُلُّ انْشِقَاقٍ هو انْعِقاقٌ؛ وكلُّ شِقٍّ وَخَرْقٍ فِي الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ عَقّ، وَمِنْهُ قِيلَ للبَرْقِ إِذا انْشَقَّ عَقِيقةٌ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ فِي الأَضداد: زَعَمَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَن الْفَرَسَ الْحَامِلَ يُقَالُ لَهَا عَقوق وَيُقَالُ أَيضاً لِلْحَائِلِ عَقوق؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتاه رَجُلٌ مَعَهُ فَرَسٌ عَقوق
أَي حَائِلٌ، قَالَ: وأَظن هَذَا عَلَى التَّفَاؤُلِ كأَنهم أَرادوا أَنها ستَحْمِلُ إِن شَاءَ اللَّهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَطْرَقَ مُسْلِمًا فعَقَّتْ لَهُ فرسُه كَانَ كأَجر كَذَا
؛ عَقَّتْ أَي حَمَلت. والإِعْقاقُ بَعْدَ الإِقْصاصِ، فالإِقْصاص فِي الْخَيْلِ وَالْحُمُرِ أَوَّل ثُمَّ الإِعْقاقُ بَعْدَ ذَلِكَ. والعَقِيقةُ: المَزادة. والعَقِيقةُ: النَّهْرُ. والعَقِيقةُ: العِصابةُ ساعةَ تُشَقُّ من الثوب. والعَقِيقةُ: نَواقٌ رِخْوَةٌ كالعَجْوة تُؤْكَلُ. ونَوى العَقوقِ: نَوًى هَشّ لَيِّنٌ رِخْو المَمْضغة تأْكله الْعَجُوزُ أَو تَلوكه تُعْلَفُه النَّاقَةُ العَقوق إلْطافاً لَهَا، فَلِذَلِكَ أُضيف إِليها، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَهل الْبَصْرَةِ وَلَا تَعْرِفُهُ الأَعراب فِي بَادِيَتِهَا. وَفِي الْمَثَلِ: أَعَزُّ مِنْ الأَبْلِق العَقوقِ؛ يُضْرَبُ لِمَا لَا يَكُونُ، وَذَلِكَ أَن الأَبْلق مِنْ صِفَاتِ الذُّكُورِ، والعَقُوق الْحَامِلُ، وَالذَّكَرُ لَا يَكُونُ حَامِلًا، وإِذا طَلَبَ الإِنسان فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّ قَالُوا: طَلَب الأَبْلَق العَقوق، فكأَنه طَلَبَ أَمراً لَا يَكُونُ أَبداً؛ وَيُقَالُ: إِن رَجُلًا سأَل مُعَاوِيَةَ أَن يُزَوِّجَهُ أمَّه هَنْدًا فَقَالَ: أَمْرُها إِليها وَقَدْ قَعَدَتْ عَنِ الْوَلَدِ وأَبَتْ أَن تَتَزَوَّجَ، فَقَالَ: فَوَلِّنِي مَكَانَ كَذَا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مُتَمِثِّلًا:
طَلَبَ الأَبْلَقَ العَقوقَ، فلمَّا ... لَمْ يَنَلْهُ أَراد بَيْضَ الأَنُوقِ
والأَنوق: طَائِرٌ يَبِيضُ فِي قُنَنِ الْجِبَالِ فَبَيْضُهُ فِي حِرْزٍ إِلا أَنه مِمَّا لَا يُطْمَع فِيهِ، فَمَعْنَاهُ أَنه طَلب مَا لَا يَكُونُ، فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ طَلَبَ مَا يَطْمَعُ فِي الْوُصُولِ إِليه، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بَعِيدٌ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ السَّائِرَةِ(10/259)
فِي الرَّجُلِ يسأَل مَا لَا يَكُونُ وَمَا لَا يُقْدر عَلَيْهِ: كَلَّفْتَني الأَبْلَقَ العَقوق، وَمِثْلُهُ: كَلَّفْتَني بَيْضَ الأَنوق؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فَلَوْ قَبِلوني بالعَقُوقِ، أَتَيْتُهُمْ ... بأَلْفٍ أُؤَدِّيه مِنَ المالِ أَقْرَعا
يَقُولُ: لَوْ أَتيتهم بالأَبْلَق العَقوقِ مَا قَبِلُونِي، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: لَوْ قَبِلُونِي بالأَبيض العَقوق لأَتيتهم بأَلف، وَقِيلَ: العَقوق مَوْضِعٌ، وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي أَنشده ابْنُ الأَعرابي وَقَالَ: يُرِيدُ أَلف بَعِيرٍ. والعَقِيقةُ: سَهْمُ الِاعْتِذَارِ؛ قَالَتِ الأَعراب: إِن أَصل هَذَا أَن يُقْتَلَ رجلٌ مِنَ الْقَبِيلَةِ فيُطالَب القاتلُ بِدَمِهِ، فَتَجْتَمِعُ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ إِلى أَولياء القَتِيل ويَعْرضون عَلَيْهِمُ الدِّيةَ ويسأَلون الْعَفْوَ عَنِ الدَّمِ، فإِن كَانَ وَلِيّهُ قَوِيًّا حَمِيًّا أَبى أَخذ الدِّيَةِ، وإِن كَانَ ضَعِيفًا شاوَرَ أَهل قَبِيلَتِهِ فَيَقُولُ لِلطَّالِبِينَ: إِن بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَالِقِنَا عَلَامَةً للأَمر وَالنَّهْيِ، فَيَقُولُ لَهُمُ الْآخَرُونَ: مَا عَلَامَتُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: نأْخذ سَهْمًا فَنُرَكِّبُهُ عَلَى قَوْس ثُمَّ نَرْمِي بِهِ نحْوَ السَّمَاءِ، فإِن رَجَعَ إِلَيْنَا مُلَطَّخًا بِالدَّمِ فَقَدْ نُهِينا عَنْ أَخذ الدِّيَةِ، وَلَمْ يَرْضَوْا إِلا بالقَوَدِ، وإِن رَجَعَ نِقيًّا كَمَا صَعِدَ فَقَدْ أُمِرْنا بأَخذ الدِّيَةِ، وَصَالَحُوا، قَالَ: فَمَا رَجَعَ هَذَا السهمُ قَطُّ إِلا نَقِيًّا وَلَكِنُ لَهُمْ بهذا غُذْرٌ عِنْدَ جُهَّالهم؛ وَقَالَ شَاعِرٌ مِنْ أَهل القَتِيل وَقِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ للأَشْعَر الجُعْفي وَكَانَ غَائِبًا عَنْ هَذَا الصُّلْحِ:
عَقُّوا بِسَهْمٍ ثُمَّ قَالُوا: صالِحُوا ... يَا ليتَني فِي القَوْمِ، إِذ مَسَحوا اللِّحى
قَالَ: وَعَلَامَةُ الصُّلْحِ مَسْحُ اللِّحى؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَنشد الشَّافِعِيُّ لِلْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
عَقُّوا بسَهْم، وَلَمْ يَشْعُرْ بِه أَحَدٌ، ... ثُمَّ اسْتَفاؤوا وَقَالُوا: حَبَّذا الوَضَحُ
أَخبر أَنهم آثَرُوا إِبل الدِّيَةِ وأَلبانها عَلَى دَمِ قَاتِلِ صَاحِبِهِمْ، والوَضَحُ هَاهُنَا اللَّبَنُ، وَيُرْوَى: عَقَّوْا بِسَهْمٍ، بِفَتْحِ الْقَافِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُعْتَلِّ. وعَقَّ بِالسَّهْمِ: رَمى بِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ. وَمَاءٌ عُقّ مِثْلُ قُعٍّ وعُقاقٌ: شَدِيدُ الْمَرَارَةِ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ. وأَعَقَّتِ الأَرضُ الْمَاءَ: أَمَرَّتْه؛ وَقَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
بَحْرُكَ بَحْرُ الجودِ، مَا أَعَقَّهُ ... ربُّكَ، والمَحْرومُ مَنْ لَمْ يُسْقَهُ
مَعْنَاهُ مَا أَمَرَّه، وأَما ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: أَراد مَا أَقَعَّهُ مِنَ الْمَاءِ القُعِّ وَهُوَ المُرُّ أَو الْمِلْحُ فَقَلَبَ، وأَراه لَمْ يَعْرِفْ مَاءً عُقًّا لأَنه لَوْ عَرَفَهُ لحَمَلَ الفعلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْتَجْ إِلى الْقَلْبِ. وَيُقَالُ: ماءٌ قُعاعٌ وعُقاق إِذا كَانَ مُرًّا غَلِيظًا، وَقَدْ أَقَعَّهُ اللهُ وأَعَقَّه. والعَقِيقُ: خَرَزٌ أَحمر يُتَّخَذُ مِنْهُ الفُصوص، الْوَاحِدَةُ عَقِيقةٌ؛ ورأَيت فِي حَاشِيَةِ بَعْضِ نُسَخِ التَّهْذِيبِ الْمَوْثُوقِ بِهَا: قَالَ أَبو الْقَاسِمِ سُئِلَ إِبراهيم الْحَرْبِيُّ عَنِ الْحَدِيثِ
لَا تَخَتَّمُوا بالعَقِيقِ
فَقَالَ: هذا تصحيف إِما هُوَ لَا تُخَيِّمُوا بالعَقِيق أَي لَا تُقِيمُوا بِهِ لأَنه كَانَ خَرَابًا والعُقَّةُ: الَّتِي يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ. وعَقْعَقَ الطَّائِرُ بِصَوْتِهِ: جَاءَ وَذَهَبَ. والعَقْعَقُ: طَائِرٌ مَعْرُوفٌ مِنْ ذَلِكَ وَصَوْتُهُ العَقْعَقةُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَوَى ثعلب عن إِسحق الْمَوْصِلِيِّ أَن العَقْعَقَ يُقَالُ لَهُ الشَّجَجَى. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: يَقْتُلُ المُحْرِمُ العَقْعَقَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ طَائِرٌ مَعْرُوفٌ ذُو لَوْنَيْنِ أَبيض وأَسود طَوِيلُ الذَّنَب، قَالَ: وإِنما أَجاز قَتْلَهُ لأَنه نَوْعٌ مِنَ الْغِرْبَانِ.(10/260)
وعَقَّةُ: بَطْنٌ مِنَ النَّمِر بْنِ قاسِطٍ؛ قَالَ الأَخطل:
ومُوَقَّع أَثَرُ السِّفارِ بِخَطْمِهِ، ... مِنْ سُود عَقَّةَ أَو بَنِي الجَوَّالِ
المُوقَّع: الَّذِي أَثَّر القَتَبُ فِي ظَهْرِهِ، وَبَنُو الجَوَّال: فِي بَنِي تَغْلِب. وَيُقَالُ للدَّلو إِذا طَلَعَتْ مِنَ الْبِئْرِ ملأَى: قَدْ عَقَّتْ عَقّاً، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: عَقَّتْ تَعْقِيةً، وأَصلها عَقَّقَتْ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ ثَلَاثَ قَافَاتٍ قَلَبُوا إِحداها يَاءً كَمَا قَالُوا تَظَنَّيْتُ مِنَ الظَّنِّ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
عَقَّتْ كَمَا عَقَّتْ دَلُوفُ العِقْبانْ
شَبَّهَ الدَّلْوَ وَهِيَ تَشُقُّ هواءَ الْبِئْرِ طَالِعَةً بِسُرْعَةٍ بالعُقاب تَدْلِفُ فِي طَيَرانها نحوَ الصَّيْدِ. وعِقَّانُ النَّخِيلِ والكُروم: مَا يَخْرُجُ مِنْ أُصولها، وإِذا لَمْ تُقطع العِقَّانُ فَسَدت الأُصول. وَقَدْ أَعَقَّتِ النَّخْلَةُ والكَرْمة: أَخرجت عِقَّانها. وَفِي تَرْجَمَةِ قَعَعَ: القَعْقَعةُ والعَقْعَقَةُ حَرَكَةُ الْقِرْطَاسِ وَالثَّوْبِ الْجَدِيدِ.
علق: عَلِقَ بالشيءِ عَلَقاً وعَلِقَهُ: نَشِب فِيهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
إِذا عَلِقَتْ مَخَالبُهُ بِقِرْنٍ، ... أَصابَ القَلْبَ أَو هَتَك الحِجابا
وَفِي الْحَدِيثِ:
فَعَلِقَت الأَعراب بِهِ
أَي نَشِبوا وَتَعَلَّقُوا، وَقِيلَ طَفِقُوا؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
إِذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطَاطيفُ كَفِّهِ، ... رأَى الموتَ رَأْيَ العينِ أَسودَ أَحمرا
وَهُوَ عالِقٌ بِهِ أَي نَشِبٌ فِيهِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلَقُ النُّشوب فِي الشَّيْءِ يَكُونُ فِي جَبَلٍ أَو أَرض أَو ما أَشبهها. وأَعْلَقَ الحابلُ: عَلِق الصيدُ فِي حِبَالته أَي نَشِب. وَيُقَالُ لِلصَّائِدِ: أَعْلَقْتَ فأَدْرِكْ أَي عَلِقَ الصيدُ فِي حِبالتك. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الإِعْلاقُ وُقُوعُ الصَّيْدِ فِي الْحَبْلِ. يُقَالُ: نَصَب لَهُ فأَعْلقه. وعَلِقَ الشيءَ عَلَقاً وعَلِقَ بِهِ عَلاقَةً وعُلوقاً: لَزِمَهُ. وعَلِقَتْ نفُسه الشيءَ، فَهِيَ عَلِقةٌ وعَلاقِيةٌ وعَلِقْنَةٌ: لَهِجَتْ بِهِ؛ قَالَ:
فَقُلْتُ لَهَا، والنَّفْسُ منِّي عَلِقْنَةٌ ... عَلاقِيَةٌ تَهْوَى، هَوَاهَا المُضَلَّلُ
وَيُقَالُ للأَمر إِذا وَقَعَ وَثَبَتَ
عَلِقَتْ مَعَالِقَها وصَرَّ الجُنْدَبُ
وَهُوَ كَمَا يُقَالُ: جفَّ الْقَلَمُ فَلَا تَتَعَنَّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي الْمَثَلِ:
عَلِقَتْ مَعالِقَها وصَرَّ الجُنْدب
يُضْرَبُ هَذَا لِلشَّيْءِ تأْخذه فَلَا تُرِيدُ أَن يُفْلِتَكَ. وَقَالُوا: عَلِقَتْ مَراسِيها بِذِي رَمْرامِ، وَبِذِي الرَّمْرَام؛ وَذَلِكَ حِينَ اطمأَنت الإِبل وقَرَّت عُيُونُهَا بِالْمَرْتَعِ، يُضْرَبُ هَذَا لِمَنِ اطمأَنَّ وقَرَّتْ عَيْنُهُ بِعَيْشِهِ، وأَصله أَنَّ رَجُلًا انْتَهَى إِلى بِئْرٍ فأَعْلَقَ رِشَاءَه بِرِشَائِها ثُمَّ صَارَ إِلى صَاحِبِ الْبِئْرِ فادَّعَى جِوارَه، فَقَالَ لَهُ: وَمَا سَبَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: عَلَّقْت رِشائي برِشائكَ، فأَبى صَاحِبُ الْبِئْرِ وأَمره أَن يَرْتَحِلَ؛ فقال:
عَلِقَتْ مَعالقَها صَرَّ الجُنْدب
أَي جاءَ الحرُّ وَلَا يُمْكِنُنِي الرَّحِيلُ. وَيُقَالُ لِلشَّيْخِ: قَدْ عَلِقَ الكِبَرُ مَعَالقَهُ؛ جَمْعُ مِعْلَقٍ وَفِي الْحَدِيثِ:
فَعَلِقتْ مِنْهُ كلَّ معْلق
أَي أَحبها وشُغِفَ بِهَا.(10/261)
يُقَالُ: عَلِقَ بِقَلْبِهِ عَلَاقَةً، بِالْفَتْحِ. وكلُّ شيءٍ وَقَعَ مَوْقِعه فَقَدْ عَلِقَ مَعَالِقَه، والعَلاقة: الْهَوَى والحُبُّ اللَّازِمُ لِلْقَلْبِ. وَقَدْ عَلِقَها، بِالْكَسْرِ، عَلَقاً وعَلاقةً وعَلِقَ بِهَا عُلوقاً وتَعَلَّقها وتَعَلَّقَ بِهَا وعُلِّقَها وعلِّق بِهَا تَعْلِيقاً: أَحبها، وَهُوَ مُعَلَّقُ الْقَلْبِ بِهَا؛ قَالَ الأَعشى:
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رَجُلًا ... غَيْري، وعُلِّقَ أُخْرَى غَيْرها الرجلُ
وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
تَعَلَّقَهُ مِنْهَا دَلالٌ ومُقْلَةٌ، ... تَظَلُّ لأَصحاب الشَّقاءِ تُديرُها
أَراد تَعَلَّقَ مِنْهَا دَلالًا ومُقْلةً فَقَلَبَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلَقُ الْهَوَى يَكُونُ لِلرَّجُلِ فِي المرأَة. وَإِنَّهُ لَذُو عَلَقٍ فِي فُلَانَةَ: كَذَا عدَّاه بِفِي. وَقَالُوا فِي الْمَثَلِ: نَظْرةٌ مِنْ ذِي عَلَقٍ أَي مِنْ ذِي حُبّ قَدْ عَلِقَ بِمَنْ هَوِيَهُ؛ قَالَ كثيِّر:
وَلَقَدْ أَرَدْتُ الصبرَ عنكِ، فعاقَني ... عَلَقٌ بقَلْبي، مِنْ هَواكِ، قديمُ
وعَلِقَ حبُّها بِقَلْبِهِ: هَوِيَها. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: لَهَا فِي قَلْبِي عِلْقُ حبٍّ وعَلاقَةُ حُبٍّ وعِلاقَةُ حبٍّ، قَالَ وَلَمْ يَعْرِفِ الأَصمعي عِلْق حُبٍّ وَلَا عِلاقةَ حبٍّ، إِنما عَرَفَ عَلاقَةَ حُب، بِالْفَتْحِ، وعَلَق حبٍّ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ، والعَلاقَةُ، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ الْمَرَّارُ الأَسدي:
أَعَلاقَةً، أُمَّ الوُلَيِّدِ، بعد ما ... أَفْنانُ رأْسِكِ كالثَّغامِ المُخْلِس؟
واعْتَلَقَهُ أَي أَحبه. وَيُقَالُ: عَلِقْتُ فلانةَ عَلاقةً أَحببتها، وعَلِقَتْ هِيَ بِقَلْبِي: تَشَبَّثَتْ بِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَقَدْ عَلِقَتْ مَيٌّ بِقَلْبِي عَلاقةً، ... بَطِيئاً عَلَى مَرِّ اللَّيَالِي انْحِلالُها
وَرَجُلٌ علاقِيَةٌ، مِثْلُ ثَمَانِيَةٍ، إِذا عَلِقَ شَيْئًا لَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ. وأَعْلَقَ أَظفارَه فِي الشَّيْءِ: أَنشَبها. وعَلَّقَ الشيءَ بِالشَّيْءِ وَمِنْهُ وَعَلَيْهِ تَعْليقاً: ناطَهُ. والعِلاقةُ: مَا عَلَّقْتَه بِهِ. وتَعَلَّقَ الشيءَ: عَلقَهُ مِنْ نَفْسِهِ؛ قَالَ:
تَعَلَّقَ إِبريقاً، وأَظْهَرَ جَعْبةً، ... ليُهْلِكَ حَيّاً ذَا زُهاءٍ وجَامِلِ
وَقِيلَ: تَعَلَّق هُنَا لَزِمَهُ، وَالصَّحِيحُ الأَول، وتَعَلَّقَهُ وتَعَلَّق بِهِ بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: تَعَلَّقْتُهُ بِمَعْنَى عَلَّقْتُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لأَبي الأَسود: لَوْ تَعَلَّقْتَ مَعَاذَةً لِئَلَّا تُصِيبَكَ عَيْنٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَعَلَّق شَيْئًا وكِلَ إِليه
أَي مَنْ عَلَّقَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ التَّعَاوِيذِ والتَّمائم وأَشباهها مُعْتِقِدًا أَنها تَجْلُب إِليه نَفْعًا أَو تَدْفَعُ عَنْهُ ضُرًّا. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ: أَدُّوا العَلائِقَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا العَلائِقُ؟
وَفِي رِوَايَةٍ
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا العَلائِقُ بَيْنَهُمْ؟ قَالَ: مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ أَهْلُوهُم
؛ العَلائِقُ: المُهُور، الْوَاحِدَةُ عَلاقَةٌ، قَالَ وكلُّ مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ مِنَ الْعَيْشِ فَهُوَ عُلْقةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هَذَا الْمَكَانِ: والعِلْقةُ، بِالْكَسْرِ، الشَّوْذَرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا هِيَ إِلَّا فِي إزارٍ وعِلْقَةٍ، ... مَغَارَ ابنِ هَمَّامٍ عَلَى حَيِّ خَثْعَمَا(10/262)
وَقَدْ تَقَدَّمَ الِاسْتِشْهَادُ بِهِ. وَيُقَالُ: لَمْ تَبْقَ لِي عِنْدَهُ عُلْقةٌ أَي شيءٌ. والعَلاقةُ: مَا يُتبلغ بِهِ مِنَ عَيْشٍ. والعُلْقةُ والعَلاقُ: مَا فِيهِ بُلْغة مِنَ الطَّعَامِ إِلى وَقْتِ الْغِذَاءِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا يأْكل فُلَانٌ إِلا عُلْقَةً أَي مَا يُمْسِكُ نَفْسَهُ مِنَ الطَّعَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وتَجْتَزِئُ بالعُلْقَةِ
أَي تَكْتَفِي بالبُلْغةِ مِنَ الطَّعَامِ. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
وإِنما يأْكلْنَ العُلْقةَ مِنَ الطَّعَامِ.
قَالَ الأَزهري: والعُلْقةُ مِنَ الطَّعَامِ والمركبِ مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ وإِن لَمْ يَكُنْ تَامًّا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: ارْضَ مِنَ المَرْكب بالتَّعْلِيقِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يُؤْمَرُ بأَن يَقْنَعَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ دُونَ تَمَامِهَا كَالرَّاكِبِ عَلِيقةً مِنَ الإِبل سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ؛ وَيُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ لَنَا فِيهِ عُلْقةٌ أَيْ بُلْغَةٌ، وَعِنْدَهُمْ عُلْقةٌ مِنْ مَتَاعِهِمْ أَي بَقِيَّةٌ. وعَلَقَ عَلاقاً وعَلوقاً: أَكل، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْجَحْدِ، يُقَالُ: مَا ذُقْتُ عَلاقاً وَلَا عَلوقاً. وَمَا فِي الأَرض عَلاقٌ وَلَا لَماقٌ أَي مَا فِيهَا مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ مِنَ عَيْشٍ، وَيُقَالُ: مَا فِيهَا مَرْتَع؛ قَالَ الأَعشى:
وفَلاة كأَنّها ظَهْرُ تُرْسٍ، ... ليسَ إِلا الرَّجِيعَ فِيهَا عَلاقُ
الرَّجِيعُ: الجِرَّةُ؛ يَقُولُ لَا تَجِدُ الإِبل فِيهَا عَلاقاً إِلا مَا تردُّه مِنْ جِرَّتها. وَفِي الْمَثَلِ: لَيْسَ المُتَعَلِّق كالمُتَأَنِّق؛ يُرِيدُ لَيْسَ مَنْ عَيشُه قَلِيلٌ يَتَعَلَّق بِهِ كَمَنْ عَيْشُهُ كَثِيرٌ يَخْتَارُ مِنْهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَيْسَ مَنْ يَتَبَلَّغ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ كَمَنْ يتأَنَّق يأْكل مَا يَشَاءُ. وَمَا بِالنَّاقَةِ عَلُوق أَي شَيْءٌ مِنَ اللَّبَنِ. وَمَا تَرَكَ الْحَالِبُ بِالنَّاقَةِ عَلاقاً إِذا لَمْ يَدَعْ فِي ضَرْعِهَا شَيْئًا. والبَهْمُ تَعْلُق مِنَ الوَرَق: تُصِيبُ، وَكَذَلِكَ الطَّيْرُ مِنَ الثَّمَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَرواح الشُّهَدَاءِ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ
؛ قَالَ الأَصمعي: تَعْلُق أَي تَناوَل بأَفواهها، يُقَالُ: عَلَقَتْ تَعْلُق عُلوقاً؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
أَو فَوْقَ طاوِيةِ الحَشَى رَمْلِيَّة، ... إِنْ تَدْنُ مِنْ فَنَن الأَلاءَةِ تَعْلُق
يَقُولُ: كأَن قُتُودي فَوْقَ بَقَرَةٍ وَحْشِيَّةٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ فِي الأَصل للإِبل إِذا أَكلت العِضاهَ فَنَقَلَ إِلى الطَّيْرِ، وَرَوَاهُ الْفَرَّاءُ عَنِ الدُّبَيْرِيِّينَ تَعْلَق مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلْق أَكل الْبَهَائِمِ وَرَقَ الشَّجَرِ، عَلَقَتْ تَعْلُق عَلْقاً. وَالصَّبِيُّ يَعْلُقُ: يَمُصُّ أَصابعه. والعَلوقُ: مَا تَعْلُقه الإِبل أَي تَرْعَاهُ، وَقِيلَ هُوَ نَبْتٌ؛ قَالَ الأَعشى:
هُوَ الوَاهِبُ الْمِائَةِ المُصْطَفاة، ... لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارَا
أَي حَسَّنَ النبْتُ أَلوانها؛ وَقِيلَ: إِنه يَقُولُ رَعَيْنَ العَلُوقَ حِينَ لَاطَ بِهِنَّ الِاحْمِرَارُ مِنَ السِّمَن والخِصْب؛ وَيُقَالُ: أَراد بالعَلُوق الْوَلَدَ فِي بَطْنِهَا، وأَراد بِالِاحْمِرَارِ حُسْنَ لَوْنِهَا عِنْدَ اللَّقْحِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: العَلُوق ماءُ الْفَحْلِ لأَن الإِبل إِذا عَلِقَتْ وَعَقَدَتْ عَلَى الْمَاءِ انْقَلَبَتْ أَلوانها واحْمَرَّت، فَكَانَتْ أَنْفَسَ لَهَا فِي نَفْسِ صَاحِبِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ الَّذِي فِي شِعْرِ الأَعشى:
بأَجْوَدَ مِنْهُ بِأُدْمِ الرِّكابِ، ... لاطَ العَلوقُ بِهِنَّ احْمِرَارَا
قَالَ: وَذَلِكَ أَن الإِبل إِذا سَمِنَتْ صَارَ الآدمُ مِنْهَا أصْهبَ والأَصْهبُ أَحمر؛ وأَما عَجُزُ الْبَيْتِ الَّذِي صَدْرُهُ:
هُوَ الواهبُ الْمِائَةَ المُصْطَفاة، ... لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارا(10/263)
فإِنه:
إِما مَخَاضاً وإِما عِشَارَا
والعَلْقَى: شَجَرٌ تَدُومُ خُضْرَتُهُ فِي القَيْظ وَلَهَا أَفنان طُوَالٌ دِقاق وَوَرَقٌ لِطاف، بَعْضُهُمْ يَجْعَلُ أَلفها لِلتَّأْنِيثِ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهَا للإِلحاق وَتُنَوَّنُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَلْقَى نَبْتٌ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: تَكُونُ وَاحِدَةً وَجَمْعًا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ ثَوْرًا:
فَحَطَّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكورِ، ... بَيْنَ تَواري الشَّمْسِ والذُّرُورِ
وَفِي الْمُحْكَمِ:
يَسْتَنُّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكورِ
وَقَالَ: وَلَمْ يُنَوِّنْهُ رُؤْبَةُ، وَاحِدَتُهُ عَلْقاة، قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: الأَلف فِي عَلْقاة لَيْسَتْ للتأْنيث لِمَجِيءِ هَاءِ التأْنيث بَعْدَهَا، وإِنما هِيَ للإِلحاق بِبِنَاءِ جَعْفَرٍ وَسَلْهَبٍ، فإِذا حَذَفُوا الْهَاءَ مِنْ عَلْقاة قَالُوا عَلْقَى غَيْرَ مُنَوَّنٍ، لأَنها لَوْ كَانَتْ للإِلحاق لَنُوِّنَتْ كَمَا تُنَوِّنُ أَرْطًى، أَلا تَرَى أَن مَنْ أَلحق الْهَاءَ فِي عَلْقاةٍ اعْتَقَدَ فِيهَا أَن الأَلف للإِلحاق وَلِغَيْرِ التأْنيث؟ فإِذا نَزَعَ الْهَاءَ صَارَ إِلى لُغَةِ مَنِ اعْتَقَدَ أَن الأَلف للتأْنيث فَلَمْ ينوِّنها كَمَا لَمْ يُنَوِّنْهَا، وَوَافَقَهُمْ بَعْدَ نزعِهِ الهاءَ مِنْ عَلْقاة عَلَى مَا يَذْهَبُونَ إِليه مِنْ أَن أَلف عَلْقَى للتأْنيث. وَبَعِيرٌ عَالِقٌ: يَرْعَى العَلْقَى. والعالِقُ أَيضاً: الَّذِي يَعْلُقُ العِضاه أَي ينتِف مِنْهَا، سُمِّيَ عَالِقًا لأَنه يَعْلُق الْعِضَاهَ لِطُولِهَا. وعَلَقَت الإِبلُ العِضاه تَعْلُق، بِالضَّمِّ، عَلْقاً إِذا تَسنَّمتها أَي رَعَتْهَا مِنْ أَعلاها وَتَنَاوَلَتْهَا بأَفواهها، وَهِيَ إِبل عَوالق. وَرَجُلُ ذُو مَعْلَقَةٍ أَي مُغِيرٌ يَعْلَقُ بِكُلِّ شَيْءٍ أَصابه؛ قَالَ:
أَخاف أَن يَعْلَقَها ذُو مَعْلَقَهْ
وَجَاءَ بعُلَقَ فُلَقَ أَي الدَّاهِيَةُ، وَقَدْ أَعْلَقَ وأَفْلَقَ. وعُلَقُ فُلَقُ: لَا يَنْصَرِفُ؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الْكِسَائِيِّ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: أَعْلَقْتَ وأَفْلَقْتَ أَي جِئْتَ بعُلَقَ فُلَقَ، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ، لَا يَجْرِي مَجْرَى عُمَرَ. وَيُقَالُ: العُلَقُ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ. والعَوْلَقُ: الغُول، وَقِيلَ: الْكَلْبَةُ الْحَرِيصَةُ، قَالَ: وَكَلْبَةٌ عَوْلَقٌ حَرِيصَةٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
عَوْلقُ الحِرْصِ إِذا أَمْشَرَتْ، ... ساوَرَتْ فِيهِ سُؤورَ المُسامِي
وَقَوْلُهُمْ: هَذَا حَدِيثٌ طَوِيلُ العَوْلَقِ أَي طَوِيلُ الذَّنَب. وَقَالَ كُرَاعٌ: إِنه لَطَوِيلُ العَوْلَقِ أَي الذَّنْبُ، فَلَمْ يَخصَّ بِهِ حَدِيثًا وَلَا غَيْرَهُ. والعَليقةُ: الْبَعِيرُ أَو النَّاقَةُ يُوَجِّهُهُ الرَّجُلُ مَعَ الْقَوْمِ إِذا خَرَجُوا مُمْتارين وَيَدْفَعُ إِليهم دَرَاهِمَ يَمْتَارُونَ لَهُ عَلَيْهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَرسلها عَلِيقةً، وَقَدْ عَلِمْ ... أَن العليقَاتِ يُلاقِينَ الرَّقِمْ
يَعْنِي أَنهم يُودِعُون رِكَابَهُمْ وَيَرْكَبُونَهَا وَيَزِيدُونَ فِي حَمْلِهَا. وَيُقَالُ: عَلَّقْتُ مَعَ فُلَانٍ عَلِيقةً، وأَرسلت مَعَهُ عليقَةً، وَقَدْ عَلَّقها مَعَهُ أَرسلها؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّا وَجَدْنا عُلَبَ العلائِقِ، ... فِيهَا شِفاءٌ للنُّعاسِ الطَّارِقِ
وَقِيلَ: يُقَالُ لِلدَّابَّةِ عَلوق. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَلِيقةُ والعَلاقةُ الْبَعِيرُ يَضُمُّهُ الرَّجُلُ إِلى الْقَوْمِ يَمْتَارُونَ لَهُ مَعَهُمْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:(10/264)
وقائلةٍ لَا تَرْكَبَنَّ عَلِيقةً، ... ومِنْ لذَّة الدُّنْيَا رُكوبُ العَلائِقِ
شَمِرٌ: عَلاقةُ المَهْر مَا يَتَعَلَّقون بِهِ عَلَى الْمُتَزَوِّجِ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
بِأَيّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُونَ ... عَنْ دمِ عَمْرٍو، عَلَى مَرْثَدِ؟ «4»
. قَالَ: العَلاقةُ النَّيْل، وَمَا تَعَلَّقُوا بِهِ عَلَيْهِمْ مثلَ عَلاقةِ الْمَهْرِ. والعِلاقةُ: المِعْلاق الَّذِي يُعَلَّقُ بِهِ الإِناء. والعِلاقةُ، بِالْكَسْرِ: عِلاقةُ السيفِ وَالسَّوْطِ، وعِلاقةُ السَّوْطِ مَا فِي مَقْبِضه مِنَ السَّيْرِ، وَكَذَلِكَ عِلاقةُ القَدَحِ وَالْمُصْحَفِ وَالْقَوْسِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ. وأَعْلَقَ السوطَ وَالْمُصْحَفَ وَالسَّيْفَ وَالْقَدَحَ: جَعَلَ لَهَا عِلاقةً، وعَلَّقهُ عَلَى الوَتِدِ، وعَلَّقَ الشيءَ خَلْفَهُ كَمَا تُعَلَّق الحقِيبةُ وَغَيْرُهَا مِنْ وَرَاءِ الرَّحل. وتَعَلَّقَ بِهِ وتَعَلَّقَه، عَلَى حَذْفِ الوَسيط، سَوَاءٌ. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ عَلاقةٌ أَي بقيةُ نصيبٍ، والدَّعْوى لَهُ عَلاقةٌ. وعَلِقَ الثوبُ مِنَ الشَّجَرِ عَلَقاً وعُلوقاً: بَقِيَ مُتَعِلِّقًا بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: رُئِيَ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ فِيهِ عَلَقٌ وَقَدْ خيَّطه بالأُسْطُبَّةِ
؛ العَلَقُ: الْخَرْقُ، وَهُوَ أَن يَمُرَّ بِشَجَرَةٍ أَو شَوْكَةٍ فتَعْلَقَ بِثَوْبِهِ فَتَخْرِقُهُ. والعَلْقُ: الْجَذْبَةُ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مِنْهُ. والعَلَقُ: كُلُّ مَا عُلِّقَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ «5» : وَهِيَ العَلوق والمَعالِق بِغَيْرِ ياءٍ. والمِعْلاقُ والمُعْلوق: مَا عُلِّقَ مِنْ عِنَبٍ وَلَحْمٍ وَغَيْرِهِ، لَا نَظِيرَ لَهُ إِلا مُغْرود لِضَرْبٍ مِنَ الكمأَة، ومُغفُور ومُغْثور ومُغْبورٌ فِي مُغْثور ومُزْمور لِوَاحِدِ مَزَامِيرِ دَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَيُقَالُ للمِعْلاق مُعْلوق وَهُوَ مَا يُعَلَّق عَلَيْهِ الشَّيْءُ. قَالَ اللَّيْثُ: أَدخلوا عَلَى المُعلوقِ الضَّمَّةَ وَالْمَدَّةَ كأَنهم أَرادوا حَدَّ المُنْخُل والمُدْهُن، ثُمَّ أَدخلوا عَلَيْهِ الْمَدَّةَ. وكلُّ شَيْءٍ عُلِّقَ بِهِ شَيْءٌ، فَهُوَ مِعْلاقه. ومَعاليقُ العُقود والشُّنوف: مَا يُجْعَلُ فِيهَا مِنْ كُلِّ مَا يحْسُن، وَفِي الْمُحْكَمِ: ومَعالِيق العِقْدِ الشُّنُوفُ يُجْعَلُ فِيهَا من كل ما يحسن فِيهِ. والأَعالِيقُ كالمَعالِيقِ، كِلَاهُمَا: مَا عُلِّقَ، وَلَا وَاحِدَ للأَعالِيقِ. وَكُلُّ شَيْءٍ عُلِّقَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَهُوَ مِعْلاقه. ومِعْلاقُ الْبَابِ: شَيْءٌ يُعَلَّقُ بِهِ ثُمَّ يُدْفع المِعْلاقُ فَيَنْفَتِحُ، وَفَرْقُ مَا بَيْنَ المِعْلاقِ والمِغْلاق أنَ المِغْلاق يُفْتَحُ بالمِفْتاح، والمِعْلاق يُعَلَّقُ بِهِ البابُ ثُمَّ يُدْفع المِعْلاق مِنْ غَيْرِ مِفْتَاحٍ فَيَنْفَتِحُ، وَقَدْ عَلَّق الْبَابَ وأَعلَقه. وَيُقَالُ: عَلِّق الْبَابَ وأَزْلِجْهُ. وتَعْلِيق البابِ أَيضاً: نَصْبه وترْكِيبُه، وعَلَّق يدَه وأَعْلَقها؛ قَالَ:
وكنتُ إِذا جاوَرْتُ، أَعْلَقْتُ فِي الذُّرى ... يَدَيَّ، فَلَمْ يُوجَدْ لِجَنْبَيَّ مَصْرَعُ
والمِعْلَقة: بَعْضُ أَداة الرَّاعِي؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعُلَّيْقُ: نَبَاتٌ مَعْرُوفٌ يتعلَّق بِالشَّجَرِ ويَلْتَوي عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُلَّيق شَجَرٌ مِنْ شَجَرِ الشَّوْكِ لَا يُعَظَّمُ، وإِذا نَشِب فِيهِ شَيْءٌ لَمْ يَكَدْ يتخلَّص مِنْ كَثْرَةِ شَوْكِهِ، وشَوكُه حُجَز شِدَادٌ، قَالَ: وَلِذَلِكَ سمِّي عُلَّيْقاً، قَالَ: وَزَعَمُوا أَنها الشَّجَرَةُ الَّتِي آنَسَ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فِيهَا النارَ، وأَكثر مَنَابِتِهَا الغِياضُ والأَشَبُ. وعَلِقَ بِهِ عَلَقاً وعُلوقاً: تَعَلَّقَ. والعَلوق: مَا يُعَلَّقُ بالإِنسان؛ والمنيّةُ عَلوق وعَلَّاقة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعَلوق المنيَّة، صفة غالبة؛ قال
__________
(4) . قوله: عن دم عمرو؛ هكذا في الأَصل. وفي رواية أخرى: أَعَنْ، بإدخال همزة الاستفهام على عن
(5) . قوله [وقال اللحياني إلخ] عبارة شرح القاموس: والمعالق، بغير ياء، من الدواب: هي العلوق؛ عن اللحياني(10/265)
الْمُفَضَّلُ الْبَكْرِيُّ:
وَسَائِلَةٍ بثَعْلبةَ بنِ سَيْرٍ، ... وَقَدْ عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلوقُ
يُرِيدُ ثَعْلَبَةَ بْنَ سَيَّار فَغَيَّرَهُ لِلضَّرُورَةِ. والعُلُق: الدَّوَاهِي. والعُلُق: المَنايا. والعُلُق: الأَشغال أَيضاً. وَمَا بَيْنَهُمَا عَلاقةٌ أَي شيءٌ يتَعَلَّقُ بِهِ أَحدُهما عَلَى الْآخَرِ. وَلِي فِي الأَمر عَلوق ومُتعلَّق أَي مُفْتَرض؛ فأَما قَوْلُهُ:
عَيْنُ بَكِّي لِسامةَ بْنِ لُؤَيٍّ، ... عَلِقَتْ مِلْ أُسامةَ العَلَّاقَهْ «1»
. فإِنه عَنَى الْحَيَّةَ لتَعَلّقها لأَنها عَلِقَتْ زِمام نَاقَتِهِ فَلَدَغَتْهُ، وَقِيلَ: العَلَّاقة، بِالتَّشْدِيدِ الْمَنِيَّةُ وَهِيَ العَلوق أَيضاً. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ فِي هَذَا الأَمر عَلاقة أَي دَعْوَى ومُتعَلَّق؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
حَمَّلْتُ مِنْ جَرْمٍ مَثاقيلَ حاجَتي، ... كَريمَ المُحَيَّا مُشْنِقاً بالعَلائِقِ
أَي مُسْتَقِلًّا بِمَا يُعَلَّقُ بِهِ مِنَ الدِّيات. والعَلَق: الَّذِي تُعَلَّق بِهِ البَكَرةُ مِنَ الْقَامَةِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَعْقَعةَ المِحْوَر خُطَّافَ العَلَقْ
يُقَالُ: أَعرني عَلَقَك، أَي أَداة بَكَرتك، وَقِيلَ: العَلَقُ البَكَرة، وَالْجَمْعُ أَعْلاق؛ قَالَ:
عُيونُها خُرْزٌ لصوتِ الأَعْلاقْ
وَقِيلَ: العَلَقُ القامةُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَقِيلَ: العَلَق أَداة البَكَرة، وَقِيلَ: هُوَ البَكَرةُ وأَداتها، يَعْنِي الخُطَّاف والرِّشاءَ وَالدَّلْوَ، وَهِيَ العَلَقةُ. والعَلَق: الْحَبَلُ المُعَلَّق بالبَكَرة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كلَّا زَعَمْت أَنَّني مَكْفِيُّ، ... وفَوْق رأْسي عَلَقٌ مَلْوِيُ
وَقِيلَ: العَلَقُ الْحَبْلُ الَّذِي فِي أَعلى البكَرة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضاً:
بِئْسَ مَقامُ الشَّيْخِ بالكرامهْ، ... مَحالةٌ صَرَّارةٌ وقامَهُ،
وعَلَقٌ يَزْقُو زُقاءَ الهامَهْ
قَالَ: لَمَّا كَانَتِ القامةُ مُعَلَّقة فِي الْحَبْلِ جُعِلَ الزُّقاء لَهُ وإِنما الزُّقاء للبَكرة، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلَق الرِّشاءُ والغَرْب والمِحْور والبَكرة؛ قَالَ: يَقُولُونَ أَعيرونا العَلَق فيُعارون ذَلِكَ كُلَّهُ، قَالَ الأَصمعي: العَلَق اسْمٌ جَامِعٌ لِجَمِيعِ آلَاتِ الاسْتِقاء بِالْبَكَرَةِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا الْخَشَبَتَانِ اللَّتَانِ تُنْصَبَانِ عَلَى رأْس الْبِئْرِ ويُلاقى بَيْنَ طَرَفَيْهِمَا الْعَالِيَيْنِ بِحَبَلٍ، ثُمَّ يُوتَدانِ عَلَى الأَرض بِحَبْلٍ آخَرَ يُمدّ طَرَفَاهُ للأَرض، ويُمَدَّان فِي وَتِدَينِ أُثْبتا فِي الأَرض، وتُعَلَّق القامةُ وَهِيَ البَكَرة فِي أَعلى الْخَشَبَتَيْنِ ويُسْتَقى عَلَيْهَا بِدَلْوَيْنِ يَنْزِع بِهِمَا سَاقِيَانِ، وَلَا يَكُونُ العَلَقُ إِلا السَّانِيَة، وَجُمْلَةُ الأَداة مِنَ الخُطَّافِ والمِحْوَرِ والبَكَرةِ والنَّعامَتَيْنِ وَحِبَالِهَا؛ كَذَلِكَ حَفِظْتُهُ عَنِ الْعَرَبِ. وعَلَقُ الْقِرْبَةِ: سَيَّرٌ تُعَلَّقُ بِهِ، وَقِيلَ: عَلَقُها مَا بَقِيَ فِيهَا مِنَ الدُّهْنِ الَّذِي تُدْهَنُ بِهِ. وَيُقَالُ: كَلِفْتُ إِليك عَلَقَ الْقِرْبَةِ، لُغَةٌ فِي عَرَق الْقِرْبَةِ، فأَما عَلَقُ الْقِرْبَةِ فَالَّذِي تُشَدُّ بِهِ ثُمَّ تُعَلَّق، وأَما عَرَقُها فأَن تَعْرَق مِنْ جُهْدِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وإِنما قَالَ كَلِفْتُ إِليك عَلَق الْقِرْبَةِ لأَن
__________
(1) . قوله [مل أُسامة] هكذا هو بالأَصل مضبوطاً، وقد ذكره في مادة فوق بلفظ ساق سامة مع ذكر قصته(10/266)
أَشد الْعَمَلِ عِنْدَهُمُ السَّقْيُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَطَبَنَا عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيها النَّاسُ، أَلا لَا تُغَالوا بصَداق النساءِ، فإِنه لَوْ كَانَ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا وَتَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُم بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أَصْدَقَ امرأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أُصْدِقَت امرأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكثر مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقيّةً، وإِن الرَّجُلَ ليُغَالي بصَداق امرأَته حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ لَهَا فِي قَلْبِهِ عَدَاوَةً حَتَّى يَقُولَ قَدْ كَلِفْتُ عَلَقَ القربةِ
، وَفِي النِّهَايَةِ يَقُولُ:
حَتَّى جَشِمْتُ إِليكِ عَلَقَ القربةِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: عَلَقُها عِصَامُها الَّذِي تُعَلَّقُ بِهِ، فَيَقُولُ: تَكَلَّفْت لكِ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى عِصَامَ الْقِرْبَةِ. والمُعَلَّقة مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي فُقِد زَوجُها، قَالَ تَعَالَى: فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ
، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَقَالَ تَعَالَى فِي المرأَة الَّتِي لَا يُنْصِفُها زَوْجُهَا وَلَمْ يُخَلِّ سبيلَها: فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ
، فَهِيَ لَا أَيِّم وَلَا ذَاتُ بَعْل. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: إِن أَنْطق أُطَلَّقْ، وإِن أَسكت أُعَلَّقْ
أَي يتركْني كالمعَلَّقة لَا مُمْسَكةً وَلَا مُطَلَّقَةً. والعَلِيقُ: القَضِيمُ يُعَلَّق عَلَى الدَّابَّةِ، وعَلّقها: عَلَّق عَلَيْهَا. والعَليقُ: الشَّرَابُ عَلَى الْمَثَلِ. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لِلشَّرَابِ عَلِيق؛ وأَنشد لِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ وأَظن أَنه لَبِيدٌ وإِنشاده مَصْنُوعٌ:
اسْقِ هَذَا وذَا وذاكَ وعَلِّقْ، ... لَا تُسَمِّ الشَّرابَ إِلا عَلِيقَا
والعَلاقة: بِالْفَتْحِ: عَلاقة الْخُصُومَةِ. وعَلِقَ بِهِ عَلَقاً: خَاصَمَهُ. يُقَالُ: لِفُلَانٍ فِي أَرض بَنِي فُلَانٍ عَلاقةٌ أَي خُصُومَةٌ. وَرَجُلٌ مِعلاقٌ وَذُو مِعْلاق: خَصِيمٌ شَدِيدُ الْخُصُومَةِ يتعلَّق بِالْحُجَجِ ويستَدْركها؛ وَلِهَذَا قِيلَ فِي الْخَصِيمِ الجَدِل:
لَا يُرْسِلُ الساقَ إِلا مُمْسِكاً ساقَا
أَي لَا يَدَع حُجة إِلا وَقَدْ أَعَدّ أُخرى يتعلَّق بِهَا. والمِعْلاق: اللِّسَانُ الْبَلِيغُ؛ قَالَ مِهَلْهِلٌ:
إِن تحتَ الأَحْجارِ حَزْماً وجُوداً، ... وخَصِيماً أَلَدَّ ذَا مِعْلاقِ
ومعْلاق الرَّجُلِ: لِسَانُهُ إِذا كَانَ جَدِلًا. والعَلاقَى، مَقْصُورٌ: الأَلقاب، وَاحِدَتُهَا عَلاقِيَة وَهِيَ أَيضاً العَلائِقُ، واحدَتها عِلاقةٌ، لأَنها تُعَلَّقُ عَلَى النَّاسِ. والعَلَقُ: الدَّمُ، مَا كَانَ وَقِيلَ: هُوَ الدَّمُ الْجَامِدُ الْغَلِيظُ، وَقِيلَ: الْجَامِدُ قَبْلَ أَن يَيْبَسَ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ، وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ عَلَقة. وَفِي حَدِيثِ سَرِيَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ:
فإِذا الطَّيْرُ تَرْمِيهِمْ بالعَلَقِ
أَي بِقِطَعِ الدَّمِ، الْوَاحِدَةُ عَلَقةٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أَبي أَوْفَى: أَنه بَزَقَ عَلَقَةٌ ثُمَّ مَضَى فِي صَلَاتِهِ
أَي قِطْعَةَ دمٍ مُنْعَقِدٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً
؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَاءِ عَلَقةٌ لأَنها حَمْرَاءُ كَالدَّمِ، وَكُلُّ دَمٍ غَلِيظٍ عَلَقٌ، والعَلَقُ: دُودٌ أَسود فِي الْمَاءِ مَعْرُوفٌ، الْوَاحِدَةُ عَلَقةٌ. وعَلِق الدابةُ عَلَقاً: تعلَّقَتْ بِهِ العَلَقَة. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَلِقَت الدابةُ إِذا شَرِبَتِ الماءَ فعَلِقَت بِهَا العَلَقة. وعَلِقَتْ بِهِ عَلَقاً: لَزِمَتْهُ. وَيُقَالُ: عَلِقَ العَلَقُ بحَنَك الدَّابَّةِ عَلَقاً إِذا عَضّ عَلَى مَوْضِعِ العُذْرة مِنْ حَلْقِهِ يَشْرَبُ الدَّمَ، وَقَدْ يُشْرَطُ موضعُ المَحَاجم مِنَ الإِنسان ويُرْسل عَلَيْهِ العَلَقُ حَتَّى يَمُصَّ دَمَهُ. والعَلَقَةُ: دُودَةٌ فِي الْمَاءِ تمصُّ الدَّمَ، وَالْجَمْعُ عَلَق. والإِعْلاقُ: إِرسال العَلَق عَلَى الْمَوْضِعِ لِيَمُصَّ الدَّمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللدُود أَحب إِليّ مِنَ الإِعْلاقِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَامِرٍ: خيرُ الدواءِ العَلَقُ وَالْحِجَامَةُ
؛ العَلَق: دُوَيْدةٌ حَمْرَاءُ تَكُونُ فِي الْمَاءِ تَعْلَقُ بِالْبَدَنِ وَتَمُصُّ الدَّمَ، وَهِيَ مِنْ أَدوية الْحَلْقِ(10/267)
والأَورام الدَّمَوِيّة لِامْتِصَاصِهَا الدَّمَ الْغَالِبَ عَلَى الإِنسان. وَالْمَعْلُوقُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالنَّاسِ: الَّذِي أَخَذ العَلَقُ بِحَلْقِهِ عِنْدَ الشُّرْبِ. والعَلوقُ: الَّتِي لَا تُحِبُّ زَوْجَهَا، وَمِنَ النُّوقِ الَّتِي لَا تأْلف الْفَحْلَ وَلَا تَرْأَمُ الْوَلَدَ، وَكِلَاهُمَا عَلَى الفأْل، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَرْأَمُ بأَنفها وَلَا تَدِرُّ، وَفِي الْمَثَلِ: عامَلَنا مُعاملةَ العَلُوقِ تَرْأَمُ فتَشُمّ؛ قَالَ:
وبُدِّلْتُ مِنْ أُمٍّ عليَّ شَفِيقةٍ ... عَلوقاً، وشَرُّ الأُمهاتِ عَلُوقُها
وَقِيلَ: العَلوق الَّتِي عُطِفت عَلَى وَلَدٍ غَيْرِهَا فَلَمْ تَدِرَّ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الَّتِي تَرْأَمُ بأَنفها وَتَمْنَعُ دِرَّتها؛ قَالَ أُفْنُون التَّغْلَبِيُّ:
أَمْ كَيْفَ يَنْفَعُ مَا تأْتي العَلوقُ بِهِ ... رئْمانُ أَنْفٍ، إِذا مَا ضُنَّ باللَّبَنِ
وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لِلنَّابِغَةِ الجعدي:
ومانَحَني كمِنَاح العَلُوقِ، ... مَا تَرَ مِنْ غِرّةٍ تَضْرِبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ تضربُ، بِرَفْعِ الْبَاءِ، وَصَوَابُهُ بِالْخَفْضِ لأَنه جَوَابُ الشَّرْطِ؛ وَقَبْلَهُ:
وَكَانَ الخليلُ، إِذا رَابَني ... فعاتَبْتُه، ثُمَّ لَمْ يُعْتِبِ
يَقُولُ: أَعطاني مِنْ نَفْسِهِ غَيْرَ مَا فِي قَلْبِهِ كَالنَّاقَةِ الَّتِي تُظْهر بشمِّها الرأْم وَالْعَطْفَ وَلَمْ تَرْأَمه. والمَعَالق مِنَ الإِبل: كالعَلُوق. وَيُقَالُ: عَلَّق فُلَانٌ رَاحِلَتَهُ إِذا فَسَخَ خِطَامها عَنْ خَطْمِها وأَلقاه عَنْ غَارِبِهَا ليَهْنِئَها. والعِلْق: الْمَالُ الْكَرِيمُ. يُقَالُ: عِلْقُ خَيْرٍ، وَقَدْ قَالُوا عِلْق شرٍّ، وَالْجُمَعُ أَعْلاق. وَيُقَالُ: فُلَانٌ عِلْقُ علمٍ وتِبْعُ علمٍ وطلْب علمٍ. وَيُقَالُ: هَذَا الشيءُ عِلْقُ مَضِنَّةٍ أَي يُضَنُّ بِهِ، وَجَمْعُهُ أَعْلاق. وَيُقَالُ: عِرْق مَضِنَّةٍ، بِالرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العِلْقُ الثَّوْبُ الْكَرِيمُ أَو التُّرْس أَو السَّيْفُ، قَالَ: وَكَذَا الشيءُ الْوَاحِدُ الْكَرِيمُ مِنْ غَيْرِ الرُّوحَانِيِّينَ، وَيُقَالُ لَهُ العَلوق. والعِلْق، بِالْكَسْرِ: النَّفِيسُ مِنْ كُلِّ شيءٍ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْرِقُونَ أَعْلاقَنا
أَي نَفَائِسَ أَموالنا، الْوَاحِدُ عِلْق، بِالْكَسْرِ، سُمِّيَ بِهِ لتَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِهِ. والعِلْقُ أَيضاً: الْخَمْرُ لِنَفَاسَتِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْقَدِيمَةُ مِنْهَا؛ قَالَ:
إِذا ذُقْت فاهَا قُلت: عِلْقٌ مُدَمَّسٌ ... أُرِيدَ بِهِ قَيْلٌ، فَغُودِرَ فِي سَابِ
أَراد سأْباً فَخَفَّفَ وأَبدل، وَهُوَ الزِّقّ أَو الدَّنّ. والعَلَق فِي الثَّوْبِ: مَا عَلِق بِهِ. وأَصاب ثَوْبِي عَلْقٌ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ مَا عَلِقَهُ فَجَذَبَهُ. والعِلْقُ والعِلْقةُ: الثَّوْبُ النَّفِيسُ يَكُونُ لِلرَّجُلِ. والعِلْقةُ: قَمِيصٌ بِلَا كُمَّيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ ثَوْبٌ صَغِيرٌ يُتَّخَذُ لِلصَّبِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ أَول ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ الْمَوْلُودُ؛ قَالَ:
وَمَا هِيَ إِلَّا فِي إِزارٍ وعِلْقةٍ، ... مَغَارَ ابنِ اهَمّامٍ عَلَى حَيّ خَثْعَما
وَيُقَالُ: مَا عَلَيْهِ عِلْقة، إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثِيَابٌ لَهَا قِيمَةٌ، وَيُقَالُ: العِلْقة للصُّدْرة تَلْبَسُهَا الْجَارِيَةُ تَبْتَذِلُ بِهَا؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بأَيِّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُون ... عَنْ دمِ عَمْروٍ عَلَى مَرْثَدِ؟ «2»
. وَقَدْ تَقَدَّمَ الِاسْتِشْهَادُ بِهِ فِي الْمَهْرِ؛ قَالَ أَبو نَصْرٍ: أَراد
__________
(2) . راجع الملاحظة المثبتة في صفحة 265.(10/268)
أَيَّ عَلاقتنا ثُمَّ أَقحم الْبَاءَ، والعَلاقة: التَّبَاعُدُ؛ فأَراد أَيَّ ذَلِكَ تَكْرَهُونَ، أَتأْبون دم عمرو على مرثد وَلَا تَرْضَوْنَ بِهِ؟ قَالَ: والعَلاقةُ مَا كَانَ مِنْ مَتَاعٍ أَو مَالٍ أَو عِلْقةٌ أَيضاً، وعِلْق لِلنَّفِيسِ مِنَ الْمَالِ، وَقِيلَ: كَانَ مَرْثَدٌ قَتَلَ عَمْرًا فَدَفَعُوا مَرْثَدًا ليُقْتل بِهِ فَلَمْ يَرْضَوْا، وأَرادوا أَكثر مِنْ رَجُلٍ بِرَجُلٍ، فَقَالَ: بأَيِّ ضَعْفٍ وَعَجْزٍ رأَيتم مِنَّا إِذ طَمَعْتُمْ فِي أَكْثَرَ مِنْ دَمٍ بِدَمٍ؟ والعُلْقة: نَبَاتٌ لَا يَلْبَثُ. والعُلْقةُ: شَجَرٌ يَبْقَى فِي الشِّتَاءِ تَتَبَلَّغُ بِهِ الإِبل حَتَّى تُدْرك الرَّبِيعَ. وعَلَقَت الإِبل تَعْلُق عَلْقاً، وتَعَلَّقت: أَكلت مِنْ عُلْقةِ الشَّجَرِ. والعَلَقُ: مَا تَتَبَلَّغُ بِهِ الْمَاشِيَةُ مِنَ الشَّجَرِ، وَكَذَلِكَ العُلْقةُ، بِالضَّمِّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلائِقُ الْبَضَائِعُ. وعَلِقَ فلانٌ يَفْعَلُ كَذَا، ظَلَّ، كَقَوْلِكَ طَفِقَ يفعل كذا؛ فال الرَّاجِزِ:
عَلِقَ حَوْضي نُغَر مُكِبُّ، ... إِذا غَفَلْتُ غَفْلةً يَعُبُ
أَي طَفِقَ يرِدهُ، وَيُقَالُ: أَحبه وَاعْتَادَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَعَلِقُوا وَجْهَهُ ضَرْبًا
أَي طَفِقُوا وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ. والإِعْلاقُ: رَفْعُ اللَّهاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَعْلَقَتْ عَنْهُ مِنَ العُذْرةِ فَقَالَ: عَلامَ تَدْغَرْنَ أَولادكن بِهَذِهِ العُلُق؟ عَلَيْكُمْ بِكَذَا
، وَفِي حَدِيثِ:
بِهَذَا الإِعْلاق
، وَفِي حَدِيثِ
أُم قَيْسٍ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بابنٍ لِي وَقَدْ أَعلقتُ عَلَيْهِ
؛ الإِعْلاقُ: مُعَالَجَةُ عُذْرةِ الصَّبِيِّ، وَهُوَ وَجَعٌ فِي حَلْقِهِ وَوَرَمٌ تَدْفَعُهُ أُمه بأُصبعها هِيَ أَو غَيْرُهَا. يُقَالُ: أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ أُمُّه إِذا فَعَلَتْ ذَلِكَ وغَمَزت ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بأُصبعها وَدَفَعَتْهُ. أَبو الْعَبَّاسٍ: أَعْلَقَ إِذا غَمَزَ حَلْقَ الصَّبِيِّ المَعْذور وَكَذَلِكَ دَغَر، وَحَقِيقَةُ أَعْلقتُ عَنْهُ أَزلتُ العَلُوقَ وَهِيَ الدَّاهِيَةُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَ أَعْلَقَت عَلَيْهِ وإِنما هُوَ أَعْلَقَتْ عَنْهُ أَي دفَعت عَنْهُ، وَمَعْنَى أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ أَوْرَدَتْ عَلَيْهِ العَلُوقَ أَي مَا عَذَّبَتْهُ بِهِ مِنْ دَغْرها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَعْلَقْتُ عَليَّ إِذا أَدخلت يَدِي فِي حَلْقِي أَتَقَيَّأُ، وجاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ العِلاق، وإِنما الْمَعْرُوفُ الإِعْلاق، وَهُوَ مَصْدَرُ أَعْلَقْتُ، فإِن كَانَ العِلاقُ الاسمَ فيَجُوز، وأَما العُلُق فَجَمْعُ عَلُوق، والإِعْلاق: الدَّغْر. والمِعْلَقُ: العُلْبة إِذا كَانَتْ صَغِيرَةً، ثُمَّ الجَنْبة أَكبر مِنْهَا تُعْمَلُ مِنْ جَنْب النَّاقَةِ، ثُمَّ الحَوْأَبة أَكبرهن. والمِعْلَقُ: قَدَحٌ يُعَلِّقُهُ الرَّاكِبُ مَعَهُ، وَجَمْعُهُ مَعَالق. والمَعَالقُ: العِلاب الصِّغَارُ، وَاحِدُهَا مِعْلَق؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وإِنا لنُمْضي بالأَكُفِّ رِماحَنا، ... إِذا أُرْعِشَتْ أَيديكُم بالمَعَالِقِ
والمِعْلَقة: مَتَاعُ الرَّاعِي؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَو قَالَ: بَعْضُ مَتَاعِ الرَّاعِي. وعَلَقَه بِلِسَانِهِ: لَحاهُ كَسَلَقَهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ويقال سَلَقَه بِلِسَانِهِ وعَلَقَه إِذا تَنَاوَلَهُ؛ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الأَعشى:
نهارُ شَرَاحِيلَ بْنِ قَيْسَ يَرِيبنُي، ... ولَيْل أَبي عِيسَى أَمَرُّ وأَعَلق
ومَعَاليق: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ يَذْكُرُ نَخْلًا:
لئِنْ نجَوْتُ ونجَتْ مَعَالِيقْ ... مِنَ الدَّبَى، إِني إِذاً لَمَرْزُوقْ
والعُلَّاقُ: شَجَرٌ أَو نَبْتٌ. وَبَنُو عَلْقَةَ: رَهْطُ الصِّمَّةِ، وَمِنْهُمُ العَلَقاتُ، جَمَعُوهُ عَلَى حَدِّ الهُبَيْراتِ. وعَلَقَةُ:(10/269)
اسْمٌ. وَذُو عَلاقٍ: جَبَلٌ. وَذُو عَلَقٍ: اسْمُ جَبَلٍ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ؛ وأَنشد ابْنِ أَحمر:
مَا أُمُّ غُفْرٍ عَلَى دَعْجاء ذِي عَلَقٍ، ... يَنْفِي القَراميدَ عَنْهَا الأَعْصَمُ الوَقِلُ [الوَقُلُ]
وَفِي حَدِيثِ
حَلِيمَةَ: رَكِبْتُ أَتاناً لِي فَخَرَجْتُ أَمام الرَّكْبِ حَتَّى مَا يَعْلَقُ بِهَا أَحد مِنْهُمْ
أَي مَا يَتَّصِلُ بِهَا وَيَلْحَقُهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إنَّ امرَأً بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ فَقَالَ: أَنَّى عَلِقَها فإِن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَفْعَلُهَا؟
أَي مِنْ أَين تعلَّمها وَمِمَّنْ أَخذها؟ وَفِي حَدِيثِ
المِقْدام: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِن الرَّجُلَ مِنْ أَهل الْكِتَابِ يَتَزَوَّجُ المرأَة وَمَا يَعْلَقُ على يديها الخير وَمَا يَرْغَبُ وَاحِدٌ عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّى يَمُوتَا هَرَماً
؛ قَالَ الْحَرْبِيُّ: يَقُولُ مِنْ صِغَرِهَا وقلَّةِ رِفْقها فَيَصْبِرُ عَلَيْهَا حَتَّى يَمُوتَا هَرَماً، وَالْمُرَادُ حثُّ أَصْحَابِهِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالنِّسَاءِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِنَّ أَي أَن أَهل الْكِتَابِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِنِسَائِهِمْ. وعَلِقَت المرأَة أَي حَبِلَتْ. وعَلِقَ الظَّبْيُ فِي الْحِبَالَةِ. والعُلَّيْقُ، مِثَالُ القُبَّيْط: نَبْتٌ يَتَعَلَّقُ بِالشَّجَرِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ [سَبرَنْد] «1» . وَرُبَّمَا قَالُوا العُلَّيْقَى مِثَالُ القُبَّيْطَى. وَفِي التَّهْذِيبِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: رُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: لَنَا حَقٌّ إِن نُعْطَهُ نأْخُذْه، وإِن لَمْ نُعْطَهُ نركبْ أَعجاز الإِبل
؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَى قَوْلِهِ
نَرْكَبْ أَعجاز الإِبل
أَي نَرْضَى مِنَ الْمَرْكِبِ بالتَّعْلِيق، لأَنه إِذا مُنِعَ التَّمَكُّن مِنَ الظَّهْرِ رَضِيَ بعَجُزِ الْبَعِيرِ، وَهُوَ التَّعْليق، والأَولى بِهَذَا أَن يَذْكُرَ فِي تَرْجَمَةِ عَجُزٍ، وقد تقدم.
علفق: ابْنُ سِيدَهْ: العُلْفُوق الثقيل الوَخِمُ.
عمق: العُمْق والعَمْق: الْبُعْدُ إِلى أَسفل، وَقِيلَ: هُوَ قَعْرُ الْبِئْرِ والفجِّ وَالْوَادِي، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
وأَفْيح مِنْ رَوْضِ الرُّبابِ عَمِيق
أَي بَعِيدٌ. وتَعْمِيقُ الْبِئْرِ وإِعْماقها: جَعْلُها عَمِيقةً. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: بِئْرٌ عَمِيقةٌ ومَعِيقةٌ بَعِيدَةٌ الْقَعْرِ، وَقَدْ عَمُقتْ ومَعُقَتْ وأَعْمَقْتُها وأَمْعَقْتُها، وإِنها لَبَعِيدَةُ العَمْقِ والمَعْق. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ عَمِيق، وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ مَعِيق. قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
: مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ بَعِيدٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
: وَيُقَالُ مَعيق، قَالَ: والعَمِيقُ أَكثر مِنَ المَعِيق فِي الطَّرِيقِ. وأَعْماقُ الأَرض: نَوَاحِيهَا. وَيُقَالُ لِي فِي هَذِهِ الدَّارِ عَمَقٌ أَي حَقٌّ، وَمَا لِي فِيهَا عَمَق أَي حَقٌّ. والعَمْق: البُسْر الْمَوْضُوعُ فِي الشَّمْسِ ليَنْضَجَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ: وأَنا فِيهِ شَاكٌّ. وَرَجُلٌ عُمْقِيُّ الْكَلَامِ: لِكَلَامِهِ غَوْرٌ. والعِمْقَى: نَبْتٌ. وَبَعِيرٌ عامِقٌ وإِبل عامِقةٌ: تأْكل العِمْقَى؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العِمْقَى، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، شَجَرٌ بِالْحِجَازِ وَتِهَامَةَ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ العِمْقَى أَمَرُّ مِنَ الحَنْظَلِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فأُقْسِمُ أَنَّ العيشَ حُلْوٌ إِذا دَنَتْ، ... وَهُوَ إِنْ نأَتْ عَنِّي أَمَرّ مِنَ العِمْقَى
والعِمْقى: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
لَمَّا ذَكَرْتُ أَخا العِمْقَى تَأَوَّبَني ... همٌّ، وأَفَردَ ظَهري الأَغْلَبُ الشِّيحُ «2»
__________
(1) . قوله [سبرند] كذا بالأصل، والذي في الصحاح: سرند مضبوطاً كفرند
(2) . قوله [أخا العمقى] قال الصاغاني فيه ثلاث روايات: بالكسر وبالضم وبالنون وبدل الميم انتهى. قلت أما الكسر فهي رواية الباهلي ورواه الأَخفش بفتح العين وقال هو اسم واد فتكون الروايات أربعاً انتهى. شرح القاموس.(10/270)
والعُمَق، بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْمِيمِ: مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
لما رأَى عَمْقاً ورَجَّعَ عُرْضُهُ ... هَدْراً، كَمَا هَدَر الفَنِيقُ المُصْعبُ
أَراد العُمَق فغيَّر، وَقَدْ يَكُونُ عَمْقٌ بَلَدًا بِعَيْنِهِ غَيْرَ هَذَا. قَالَ الأَزهري: العُمَق مَوْضِعٌ عَلَى جادَّة طَرِيقِ مَكَّةَ بَيْنَ مَعْدن بَنِي سُلَيْم وَذَاتِ عِرْق، قَالَ: وَالْعَامَّةُ تَقُولُ العُمُق، وَهُوَ خَطَأٌ. قَالَ: وعَمْق مَوْضِعٌ آخَرُ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ العُمَقِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العُمَقُ، بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، مُنْزِلٌ عِنْدَ النَّقِرَة لِحَاجِّ العِراقِ، فأَما بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ فوَادٍ مِنْ أَودية الطَّائِفِ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا حاصَرها. وعِمَاق: مَوْضِعٌ. وعَمْق: أَرْضٌ لمُزَيْنَة. وَمَا فِي النِّحْيِ عَمَقةٌ: كَقَوْلِكَ مَا بِهِ عَيْقَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي لَطْخ وَلَا وَضَرٌ وَلَا لَعُوق مِنْ رُبّ وَلَا سَمْن. وعَمَّق النَّظَرَ فِي الأُمور تَعْمِيقاً وتَعَمَّق فِي كَلَامِهِ أَي تَنَطَّع. وتَعَمَّق فِي الأَمر: تَنَوَّقَ فِيهِ، فَهُوَ مُتَعَمِّق. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ تَمادَى الشهرُ لواصَلْت وِصَالًا يَدَعُ المتَعَمّقونَ تَعَمُّقَهم
؛ المُتَعَمِّقُ: المُبالغ فِي الأَمر المتشدِّد فِيهِ الَّذِي يَطْلُبُ أَقصى غَايَتِهِ. والعَمْق والعُمْق: مَا بعُد مِنْ أَطْرَافِ المَفَاوِزِ. والأَعماق أَطراف المَفاوِز الْبَعِيدَةِ، وَقِيلَ الأَطراف وَلَمْ تقيَّد؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْترَقْ، ... مُشْتَبِه الأَعْلام، لَمّاعِ الخَفَق
وَيُقَالُ الأَعْماقُ «3» ... الْمُطَمَئِنُّ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ بَعِيدَةَ الغَوْر. وأُعَامِق: مَوْضِعٌ «4» ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَدْ كَانَ مِنّا مَنْزِلًا نَسْتَلذُّه ... أُعَامِقُ بَرْقاوَاتُهُ فأَجاوِلُه
عمشق: قَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَمِشَ: العُمْشُوشُ العُنْقود يُؤْكَلُ مَا عَلَيْهِ وَيُتْرَكُ بَعْضُهُ، وَهُوَ العُمْشوق أَيضاً.
عملق: العَمْلق: الْجَوْرُ وَالظُّلْمُ. والعَمْلَقةُ: اخْتِلَاطُ الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ وخُثُورته. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: العَملقُ الِاخْتِلَاطُ والخُثُورة، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ. وعَمْلَقَ ماؤُهم: قلَّ. والعِمْلاقُ: الطَّوِيلُ، وَالْجَمْعُ عَمَالِيقُ وعَمَالِقةٌ وعَمالق، بِغَيْرِ يَاءٍ، الأَخيرة نَادِرَةٌ. وعَمْلَقٌ وعِمْلِقٌ وعِمْليق وعمْلاق: أَسماء. والعَمَالقةُ مِنْ عادٍ. وَهُمْ بَنُو عِمْلاقٍ. قَالَ الأَزهري: عِمْلاقٌ أَبو العَمالقة وَهُمُ الْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ كَانُوا بِالشَّأْمِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَفِي حَدِيثِ
خَبَّابٍ: أَنه رأَى ابْنَهُ مَعَ قَاصٍّ فأَخذ السَّوْطَ وَقَالَ: أَمَعَ العَمَالقةِ؟ هَذَا قَرْنٌ قَدْ طَلَع
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَمَالقة الجبابرة الذين كانوا بالشأم مِنْ بَقِيَّةِ قَوْمِ عادٍ، قَالَ: وَيُقَالُ لِمَنْ يَخْدَعُ النَّاسَ ويَخْلُبهم عِمْلاق. قَالَ: والعَمْلَقة التَّعْمِيق فِي الْكَلَامِ، فشَبَّه القُصّاص بِهِمْ لِمَا فِي بَعْضِهِمْ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَى النَّاسِ، أَو بِالَّذِينِ يَخْدَعُونَهُمْ بِكَلَامِهِمْ وَهُوَ أَشبه. الْجَوْهَرِيُّ: العَمالِيق والعَمالِقة قَوْمٌ مِنْ وَلَدِ عِمْلِيق بْنِ لاوَذَ بْنِ إرَمَ بْنِ سامِ بْنِ نُوح، وَهُمْ أُمم تَفَرَّقُوا فِي البلاد.
عنق: العُنْقُ والعُنُقُ: وُصْلة مَا بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُمْ عُنُق هَنْعَاءُ
__________
(3) . كذا بياض بالأَصل.
(4) . قوله [وأعامق موضع] ضبطه شارح القاموس بضم الهمزة ومثله في ياقوت(10/271)
وعُنُق سَطْعاءُ يَشْهَدُ بِتَأْنِيثِ العُنُق، وَالتَّذْكِيرُ أَغلب. يُقَالُ: ضَرَبْتُ عُنُقه، قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الآل والسَّراب:
تَبْدُوا لَنا أعْلامُه، بعد القَرَقْ، ... خارِجَةً أعناقُها من مُعْتَنَقْ
ذَكَرَ السَّرَابَ وانْقِماسَ الحِبال فِيهِ إِلَى أَعاليها، والمُعْتَنَقُ: مَخْرج أَعناق الحِبال مِنَ السَّرَابِ، أَي اعْتَنَقَتْ فأَخرجت أَعناقها، وَقَدْ يُخَفَّفُ العُنُق فَيُقَالُ عُنْق، وَقِيلَ: مَنْ ثَقَّل أَنَّث ومَن خَفَّف ذكَّر؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: عُنْق مُخَفَّفٌ مِنْ عُنُق، وَالْجَمْعُ فِيهِمَا أَعناق، لَمْ يُجَاوِزُوا هَذَا الْبِنَاءَ. والعَنَقُ: طُولُ العُنُقِ وغِلظه، عَنِقَ عَنَقاً فَهُوَ أَعنق، والأْنثى عَنْقاء بيِّنة العَنَق. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا كَانَ أَعْنَقَ وَلَقَدْ عَنِقَ عَنَقاً يَذْهَبُ إِلَى النُّقْلَةِ. وَرَجُلٌ مُعْنِقٌ وَامْرَأَةٌ مُعْنِقَةٌ: طَوِيلَا العُنُقِ. وهَضْبة معْنقة وعَنْقاءُ: مُرْتَفِعَةٌ طَوِيلَةٌ؛ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
عَنْقاءُ مُعْنِقةٌ يَكُونُ أَنِيسُها ... وُرْقَ الحَمام، جَميمُها لَمْ يُؤكل
ابْنُ شُمَيْلٍ: مَعَانيق الرِّمَالِ حِبَالٌ صِغَارٌ بَيْنَ أَيدي الرَّمْلِ، الْوَاحِدَةُ مُعْنِقة. وعانَقهُ مُعَانقةً وعِناقاً: الْتَزَمَهُ فَأَدْنَى عُنُقَه مِنْ عُنُقِه، وَقِيلَ: المُعَانقة فِي الْمَوَدَّةِ والاعْتِناقُ فِي الْحَرْبِ؛ قَالَ:
يَطْعُنُهم، وَمَا ارْتَمَوْا، حَتَّى إِذَا اطَّعَنُوا ... ضارَبَ، حَتَّى إِذَا مَا ضَارَبُوا اعْتَنَقَا
وَقَدْ يَجُوزُ الافتعالُ فِي مَوْضِعِ المُفاعلة، فَإِذَا خَصَصْتَ بِالْفِعْلِ وَاحِدًا دُونَ الْآخَرِ لَمْ تَقُلْ إِلَّا عانَقه فِي الْحَالَيْنِ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ يَجُوزُ الاعتناقُ فِي المودَّةِ كالتَّعانُقِ، وكلٌّ فِي كُلٍّ جائزٌ. والعَنِيقُ: المُعانِقُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
وَمَا راعَني إلَّا زُهاءُ مُعانِقِي، ... فأَيُّ عَنِيقٍ بَاتَ لِي لا أَبالِيَا
وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ قَالَتْ: دخَلَتْ شَاةٌ فأَخذت قُرْصاً تَحْتَ دَنّ لَنَا فَقُمْتُ فأَخذته مِنْ بَيْنِ لَحْييها فَقَالَ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لكِ أَن تُعَنِّقِيها
أَي تَأْخُذِي بعُنُقِها وتَعْصِريها، وَقِيلَ: التَّعْنِيقُ التَّخْييبُ مِنَ العَنَاقِ وَهِيَ الْخَيْبَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لِنِسَاءِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ لِمَا مَاتَ: ابْكِينَ وإياكنَّ وتَعَنُّقَ الشَّيْطَانِ
؛ هَكَذَا جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحمد، وَجَاءَ فِي غَيْرِهِ: ونَعِيقَ الشَّيْطَانِ، فَإِنْ صَحَّت الأُولى فَتَكُونُ مِنْ عَنَّقَه إِذَا أَخذ بعُنُقِه وعَصَرَ فِي حَلْقِهِ لِيَصِيح، فَجَعَلَ صِيَاحَ النِّسَاءِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ مسبَّباً عَنِ الشَّيْطَانِ لأَنه الْحَامِلُ لهنَّ عَلَيْهِ. وَكَلْبٌ أَعْنَقُ: فِي عُنُقِه بَيَاضٌ. والمِعْنَقَةُ: قِلَادَةٌ تُوضَعُ فِي عُنُق الْكَلْبِ؛ وَقَدْ أَعْنَقَه: قلَّده إِيَّاهَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: والمِعْنَقَةُ الْقِلَادَةُ، وَلَمْ يُخَصَّصْ. والمِعْنَقةُ: دُوَيبة. واعْتَنَقَت الدابةُ: وَقَعَتْ فِي الوَحْل فَأَخْرَجَتْ عُنقَها. والعانِقاءُ: جُحْرٌ مملوءٌ تُرَابًا رِخْواً يَكُونُ للأَرنب واليَرْبوع يُدْخِل فِيهِ عُنُقَه إِذَا خَافَ. وتَعَنَّقَت الأَرنب بالعانِقاء وتَعَنَّقَتْها كِلَاهُمَا: دَسَّتْ عُنقها فِيهِ وَرُبَّمَا غَابَتْ تَحْتَهُ، وَكَذَلِكَ الْيَرْبُوعُ، وخصَّ الأَزهري بِهِ الْيَرْبُوعَ فَقَالَ: العانقاءُ جُحْر مِنْ جِحَرة الْيَرْبُوعِ يَمْلَؤُهُ تُرَابًا، فَإِذَا خَافَ انْدَسَّ فِيهِ إِلَى عُنُقه فَيُقَالُ تَعَنَّقَ، وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: يُقَالُ لجِحَرة الْيَرْبُوعِ النّاعِقاءُ والعانِقاء والقاصِعاءُ والنافِقاءُ والرَّاهِطاءُ والدامّاءُ.(10/272)
وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ عَلَى عُنُق الدَّهْرِ أَي عَلَى قَدِيمِ الدَّهْرِ. وعُنُق كُلِّ شَيْءٍ: أَوله. وعُنُق الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ: أَولهما ومقدَّمتهما عَلَى الْمَثَلِ، وَكَذَلِكَ عُنُق السِّنّ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قُلْتُ لأَعرابي كَمْ أَتى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَخَذْتُ بعُنُق السِّتِّينَ أَيْ أَولها، وَالْجَمْعُ أَعناق. وعُنُق الْجَبَلِ: مَا أَشرف مِنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والمُعْتنَق: مَخْرج أَعناق الْحِبَالِ «1» قَالَ:
خَارِجَةٌ أَعْناقُها مِنْ مُعْتَنَقْ
وعُنُق الرَّحِم: مَا اسْتدق مِنْهَا مِمَّا يَلِي الْفَرْجَ. والأَعناق: الرُّؤَسَاءُ. والعُنُق: الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ مِنَ النَّاسِ، مذكَّر، وَالْجَمْعُ أَعْناق. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ
؛ أَي جَمَاعَاتُهُمْ، عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَقِيلَ: أَراد بالأَعناق هُنَا الرِّقاب كَقَوْلِكَ ذَلَّتْ لَهُ رِقَابُ الْقَوْمِ وأَعْناقهم، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْخَاضِعِينَ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ، وَاللَّهُ أَعلم بِمَا أَراد. وَجَاءَ بِالْخَبَرِ عَلَى أَصْحَابِ الأَعناق لأَنه إِذَا خَضَعَ عُنُقُه فَقَدْ خَضَعَ هُوَ، كَمَا يُقَالُ قُطِع فُلَانٌ إِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ. وجاءَ الْقَوْمُ عُنُقاً عُنُقاً أَي طَوَائِفَ؛ قال الأَزهري: إذا جاؤوا فِرَقاً، كُلُّ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عُنُق؛ قَالَ الشَّاعِرُ يُخَاطِبُ أَمير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عنه:
أَبْلِغْ أَميرَ المؤمنين ... أَخَا العِراقِ، إِذَا أَتَيْتا
أَن العِراقَ وأَهلَهُ ... عُنُقٌ إليكَ، فَهْيتَ هَيْتَا
أَراد أَنهم أَقبلوا إِلَيْكَ بِجَمَاعَتِهِمْ، وَقِيلَ: هُمْ مَائِلُونَ إِلَيْكَ وَمُنْتَظِرُوكَ. وَيُقَالُ: جَاءَ الْقَوْمُ عُنُقاً عُنُقاً أَي رَسَلًا رَسَلًا وقَطِيعاً قَطِيعًا؛ قَالَ الأَخطل:
وَإِذَا المِئُونَ تواكَلَتْ أَعْناقُها، ... فاحْمِدْ هُناكَ عَلَى فَتًى حَمّالِ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَعْناقُها جَمَاعَاتُهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: سادَاتها. وَفِي حَدِيثِ:
يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ
أَي تَخْرُجُ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذَا خَرَجَ مِنَ النَّهْرِ مَاءٌ فَجَرَى فَقَدْ خَرَجَ عُنُق. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْناقُهم فِي طَلَبِ الدُّنْيَا
أَي جَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: أَراد بالأَعناق الرُّؤَسَاءَ والكُبَرَاء كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُقَالُ: هُمْ عُنُق عَلَيْهِ كَقَوْلِكَ هُمْ إلْبٌ عَلَيْهِ، وَلَهُ عُنُق فِي الْخَيْرِ أَي سَابِقَةٌ. وَقَوْلُهُ:
المؤذِّنون أَطول النَّاسِ أَعْناقاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ لَهُ عُنُق فِي الْخَيْرِ أَي سَابِقَةٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ أَعمالًا، وَقِيلَ: يُغْفَرُ لَهُمْ مَدَّ صَوْتِهِمْ، وَقِيلَ: يُزَادونَ عَلَى النَّاسِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مِنْ طُولِ الأَعْناقِ أَيِ الرِّقَابِ لأَن النَّاسَ يَوْمَئِذٍ فِي الْكَرْبِ، وَهُمْ فِي الرَّوْح والنشاط متطلعون مُشْرَئِبُّونَ لأَنْ يُؤذَنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ أَراد أَنهم يَكُونُونَ يَوْمَئِذٍ رُؤَسَاءَ سَادَةً، وَالْعَرَبُ تَصِفُ السَّادَةَ بِطُولِ الأَعناق، وَرُوِيَ
أَطولُ إعْناقاً
، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، أَي أَكثر إِسْرَاعًا وأَعجل إِلَى الْجَنَّةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ مُعْنِقاً صَالِحًا مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا
أَي مُسْرِعًا فِي طَاعَتِهِ مُنْبَسِطًا فِي عَمَلِهِ، وَقِيلَ: أَراد يَوْمَ الْقِيَامَةِ. والعُنُق: الْقِطْعَةُ مِنَ الْمَالِ. والعُنُق أَيضاً: الْقِطْعَةُ مِنَ الْعَمَلِ، خَيْرًا كَانَ أَو شَرًّا. والعَنَق مِنَ السَّيْرِ: الْمُنْبَسِطُ، والعَنِيقُ كَذَلِكَ. وَسَيْرٌ عَنَقٌ وعَنِيقٌ: مَعْرُوفٌ، وَقَدْ أَعْنَقَت الدابةُ، فَهِيَ مُعْنِقٌ ومِعْناق وعَنِيق؛ وَاسْتَعَارَ أَبو ذُؤَيْبٍ الإِعْناق للنجوم فقال:
__________
(1) . قوله [أعناق الحبال] أي حبال الرمل.(10/273)
بأَطْيَبَ مِنْهَا، إِذَا مَا النُّجُوم ... أَعْنَقْنَ مِثْلَ هَوَادِي «1»
. وَفِي حَدِيثِ
مُعاذٍ وأَبي مُوسَى: أَنهما كَانَا مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ أَصحابه فأناخُوا لَيْلَةً وتَوَسَّدَ كلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِذِرَاعِ رَاحِلَتِهِ، قَالَا: فَانْتَبَهْنَا وَلَمْ نَرَ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عليهم وَسَلَّمَ، عِنْدَ رَاحِلَتِهِ فَاتَّبَعْنَاهُ؛ فأَخبرنا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنه خُيِّرَ بَيْنَ أَن يَدْخُلَ نصفُ أُمته الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ وَأَنَّهُ اخْتَارَ الشَّفَاعَةَ فَانْطَلَقْنَا مَعَانِيقَ إِلَى النَّاسِ نُبَشِّرُهُمْ
، قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ
مَعَانيق
أَي مُسْرِعِينَ؛ يُقَالُ: أَعْنَقْتُ إِلَيْهِ أُعْنِقُ إعْناقاً. وَفِي حَدِيثِ أَصْحَابِ الغارِ:
فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَانْطَلَقُوا مُعَانقينَ
أَي مُسْرِعِينَ، مِنْ عانَقَ مِثْلُ أَعْنَقَ إِذَا سارَع وأَسرع، وَيُرْوَى:
فَانْطَلَقُوا مَعانيقَ
؛ وَرَجُلٌ مُعْنِقٌ وَقَوْمٌ مُعْنِقون ومَعانيق؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
طَرَقَتْ جَنُوبُ رحالَنا مِنْ مُطْرِق، ... مَا كُنْتُ أَحْسَبُها قريبَ المُعْنِقِ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَشَاقَتْكَ أخْلاقُ الرُّسوم الدوائرِ، ... بأَدْعاصِ حَوضَى المُعْنِقاتِ النَّوادِرِ؟
المُعْنِقات: الْمُتَقَدِّمَاتُ مِنْهَا. والعَنَقُ والعَنِيقُ مِنَ السَّيْرِ: مَعْرُوفٌ وَهُمَا اسْمَانِ مِنْ أَعْنَقَ إعْناقاً. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: أَعْلَقْتُ وأَعْنَقْتُ. وَبِلَادٌ مُعْلِقة ومُعْنِقة: بَعِيدَةٌ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: المَعانقُ هِيَ مُقَرِّضات الأَسَاقي لَهَا أَطواق فِي أَعناقها بِبَيَاضٍ. وَيُقَالُ عَنَقَت السحابةُ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ مُعْظَمِ الْغَيْمِ تَرَاهَا بَيْضَاءَ لإِشراق الشَّمْسِ عَلَيْهَا؛ وَقَالَ:
مَا الشُّرْبُ إِلَّا نَغَباتٌ فالصَّدَرْ، ... فِي يَوْمِ غَيْمٍ عَنَقَتْ فِيهِ الصُّبُرْ
قَالَ: والعَنَقُ ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الدَّابَّةِ والإِبل، وَهُوَ سَيْرٌ مُسْبَطِرٌّ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَا ناقَ سِيرِي عَنَقاً فَسِيحاً، ... إِلَى سليمانَ، فَنَسْترِيحا
ونَصب نَسْتريح لأَنه جَوَابُ الأَمر بِالْفَاءِ. وَفَرَسٌ مِعْناق أَيْ جَيِّدُ العَنَق. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ نَاقَةٌ مِعْناق تَسِيرُ العَنَق؛ قَالَ الأَعشى:
قَدْ تجاوَزْتُها وتَحْتي مَرُوحٌ، ... عنْتَرِيسٌ نَعّابة مِعْناقُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ العَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوةً نَصَّ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعَثَ سَرِيّةً فَبَعَثُوا حَرَامَ بْنَ مِلْحان بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى بَنِي سُلَيْم فانْتَحَى لَهُ عامرُ بْنُ الطُّفَيْل فَقَتَلَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَتْلُه قَالَ: أَعْنَقَ لِيَمُوتَ
، أَي أَن الْمَنِيَّةَ أَسرعت بِهِ وَسَاقَتْهُ إِلَى مَصْرَعِهِ. والمُعْنِق: مَا صلُب وَارْتَفَعَ عَنِ الأَرض وَحَوْلَهُ سَهْل، وَهُوَ مُنْقَادٌ نَحْوَ مِيلٍ وأَقل مِنْ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ مَعانيقُ، تَوَهَّمُوا فِيهِ مِفْعالًا لِكَثْرَةِ مَا يَأْتِيَانِ مَعًا نَحْوَ مُتْئِم ومِتْآم ومُذْكِر ومِذْكار. والعَنْقاءُ: أَكمة فوق الجبل مُشْرِفٍ. والعَناق: الحَرَّة. والعَناق: الأُنثى مِنَ المَعَز؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لقُريْطٍ يَصِفُ الذِّئْبَ:
حَسِبْتَ بُغامَ راحِلتي عَناقاً، ... وَمَا هِيَ، وَيْبَ غَيرِك، بالعَناقِ
فَلَوْ أَني رَمَيْتُك مِنْ قَرِيبٍ، ... لعاقَكَ عَنْ دُعاءِ الذِّئبِ عاقِ
وَالْجَمْعُ أَعْنُق وعُنُق وعُنُوق. قال سيبويه: أَمّا
__________
(1) . هكذا ورد عجز هذا البيت في الأَصل وهو مختل الوزن(10/274)
تَكْسِيرُهُمْ إِيَّاهُ عَلَى أَفْعُل فَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ مِنَ الْمُؤَنَّثِ، وأَما تَكْسِيرُهُمْ لَهُ عَلَى فُعُول فَلِتَكْسِيرِهِمْ إِيَّاهُ عَلَى أَفْعُل، إِذْ كَانَا يَعْتَقِبَانِ عَلَى بَابِ فَعْل. وَقَالَ الأَزهري: العَنَاق الأُنثى مِنْ أَولاد المِعْزَى إِذَا أَتَتْ عَلَيْهَا سَنَةٌ، وَجَمْعُهَا عُنُوقٌ، وَهَذَا جَمْعٌ نَادِرٌ، وَتَقُولُ فِي الْعَدَدِ الأَقل: ثَلَاثُ أَعْنُقٍ وأَربع أَعْنُقٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
دَعْدِعْ بأَعْنُقِك القَوائِم، إنَّني ... فِي باذِخٍ، يَا ابْنَ المَراغة، عالِ
وَقَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ فِي الْجَمْعِ الْكَثِيرِ:
يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِيمُ، ... لَهُ ظأبٌ كَمَا صَخِبَ الغَرِيمُ
وَفِي حَدِيثِ الضَّحِيَّةِ:
عِنْدِي عَناقٌ جَذَعةٌ
؛ هِيَ الأُنثى مِنْ أَولاد الْمَعَزِ مَا لَمْ يَتِمَّ لَهُ سَنَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ مَنَعوني عَناقاً مِمَّا كَانُوا يؤدُّونه إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لقاتلتُهم عَلَيْهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الصَّدَقَةِ فِي السِّخَال وأَن وَاحِدَةً مِنْهَا تُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ فِي الأَربعين مِنْهَا إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا سِخَالًا وَلَا يُكَلَّفُ صَاحِبُهَا مُسِنَّةً؛ قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لَا شَيْءَ فِي السِّخَالِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَوْل النِّتَاجِ حوْلُ الأُمّهاتِ، وَلَوْ كانَ يُستأنَف لَهَا الحَوْلُ لَمْ يُوجَدِ السبيلُ إِلَى أَخذ العَناق. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: نَحْنُ فِي العُنُوق وَلَمْ نَبْلُغِ النُّوق
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي الْمَثَلِ هَذِهِ العُنُوق بَعْدَ النُّوق؛ يَقُولُ: مالُكَ العُنُوق بَعْدَ النُّوقِ، يُضْرَبُ لِلَّذِي يَكُونُ عَلَى حَالَةٍ حَسَنة ثُمَّ يَرْكَبُ الْقَبِيحَ مِنَ الأَمر ويَدَعُ حَالَهُ الأُولى، وَيَنْحَطُّ مِنْ عُلْو إِلَى سُفل؛ قَالَ الأَزهري: يُضْرَبُ مثلَا لِلَّذِي يُحَطُّ عَنْ مَرْتَبَتِهِ بَعْدَ الرِّفْعَةِ، وَالْمَعْنَى أَنه صَارَ يرعى العُنُوق بعد ما كَانَ يَرْعَى الإِبل، وَرَاعِي الشّاءِ عِنْدَ الْعَرَبِ مَهِينٌ ذَلِيلٌ، وَرَاعِي الإِبل عَزِيزٌ شَرِيفٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَا أَذَبحُ النّازِيَ الشّبُوبَ، وَلَا ... أَسْلُخُ، يومَ المَقامةِ، العُنُقَا
لَا آكلُ الغَثَّ فِي الشِّتاءِ، وَلَا ... أَنْصَحُ ثَوْبِي إِذَا هُوَ انْخَرَقَا
وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
أَبوكَ الَّذِي يَكْوي أُنُوف عُنُوقِه ... بأَظفارِهِ حَتَّى أَنَسَّ وأَمْحَقا
وَشَاةٌ مِعْناق: تَلِدُ العُنُوق؛ قَالَ:
لَهْفِي عَلَى شاةِ أَبي السَّبّاقِ ... عَتِيقةٍ مِنْ غنمٍ عِتَاقٍ،
مَرْغُوسَةٍ مأمورةٍ مِعْناقِ
والعَناقُ: شيءٌ مِنْ دوابِّ الأَرض كالفَهْد، وَقِيلَ: عَناق الأَرض دُوَيْبَّة أَصفر مِنَ الفَهْد طَوِيلَةُ الظَّهْرِ تَصِيدُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الطَّيْرَ؛ قَالَ الأَزهري: عَناقُ الأَرض دَابَّةٌ فَوْقَ الْكَلْبِ الصِّينِيِّ يَصِيدُ كَمَا يَصِيدُ الفَهْدُ، وَيَأْكُلُ اللَّحْمَ وَهُوَ مِنَ السِّبَاعِ؛ يُقَالُ: إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ يُؤَبِّرُ أَي يُعَقّي أَثرَه إِذَا عَدَا غَيْرَهُ وَغَيْرَ الأَرْنب، وَجَمْعُهُ عُنُوق أَيضاً، والفُرْسُ تُسَمِّيهِ سِيَاهْ كُوشَ، قَالَ: وَقَدْ رأَيته بِالْبَادِيَةِ وَهُوَ أَسود الرَّأْسِ أَبيض سَائِرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ: عَناقُ الأَرض مِنَ الْجَوَارِحِ
؛ هِيَ دَابَّةٌ وَحْشِيَّةٌ أَكبر مِنَ السِّنَّوْر وأَصغر مِنَ الْكَلْبِ. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: لَقِيَ عَنَاقَ الأَرض، وأُذُنَيْ عَنَاقٍ أَي دَاهِيَةً؛ يُرِيدُ أَنها مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُصْطاد بِهِ إِذَا عُلِّم. والعَنَاقُ:(10/275)
الدَّاهِيَةُ وَالْخَيْبَةُ؛ قَالَ:
أَمِنْ تَرْجِيعِ قارِيَةٍ تَرَكْتُمْ ... سَبَاياكُمْ، وأُبْتُمْ بالعَنَاقِ؟
القاريةُ: طَيْرٌ أَخضر تُحِبُّهُ الأَعراب، يُشَبِّهُونَ الرَّجُلَ السَّخِيَّ بِهَا، وَذَلِكَ لأَنه يُنْذِرُ بِالْمَطَرِ؛ وَصَفَهُمْ بالجُبْن فَهُوَ يَقُولُ: فَزِعتُمْ لمَّا سَمِعْتُمْ تَرْجِيعَ هَذَا الطَّائِرِ فَتَرَكْتُمْ سَبَايَاكُمْ وأُبْتُمْ بِالْخَيْبَةِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: العَنَاقُ فِي الْبَيْتِ المُنْكَرُ أَي وأُبْتُم بأَمر مُنْكَر. وأُذُنا عَناقٍ، وَجَاءَ بأُذنَيْ عَناق الأَرض أَي بِالْكَذِبِ الْفَاحِشِ أَو بِالْخَيْبَةِ؛ وَقَالَ:
إِذَا تَمَطَّيْنَ عَلَى القَيَاقي، ... لاقَيْنَ مِنْهُ أُذُنَيْ عَنَاقِ
يَعْنِي الشدَّة أَي مِنَ الْحَادِي أَو مِنَ الْجَمَلِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ مِنْهُ لقيتُ أُذُنَيْ عَناقٍ أَي دَاهِيَةً وَأَمْرًا شَدِيدًا. وَجَاءَ فُلَانٌ بأُذني عنَاق إِذَا جَاءَ بِالْكَذِبِ الْفَاحِشِ. وَيُقَالُ: رَجَعَ فُلَانٌ بالعَناق إِذَا رَجَعَ خَائِبًا، يُوضَعُ العَناق مَوْضِعَ الْخَيْبَةِ. والعنَاق: النَّجْمُ الأَوسط مِنْ بَنَاتِ نَعْش الكُبْرى: والعَنْقاءُ: الدَّاهِيَةُ؛ قَالَ:
يَحْمِلْنَ عَنْقاء وعَنْقَفِيرا، ... وأُمَّ خَشّافٍ وخَنْشَفِيرا،
والدَّلْوَ والدَّيْلَمَ والزَّفِيرَا
وَكُلُّهُنَّ دَواهٍ، ونكَّر عَنْقاء وعَنْقَفِيراً، وَإِنَّمَا هِيَ العَنْقاء والعَنْقَفِير، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تُحْذَفَ مِنْهُمَا اللَّامُ وَهُمَا بَاقِيَانِ عَلَى تَعْرِيفِهِمَا. والعَنْقاء: طَائِرٌ ضَخْمٌ لَيْسَ بالعُقاب، وَقِيلَ: العَنْقاءُ المُغْرِبُ كَلِمَةٌ لَا أَصل لَهَا، يُقَالُ: إِنَّهَا طَائِرٌ عَظِيمٌ لَا تُرَى إِلَّا فِي الدُّهُورِ ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى سُمُّوا الدَّاهِيَةَ عَنْقاء مُغْرِباً ومُغْرِبةً؛ قَالَ:
وَلَوْلَا سليمانُ الخليفةُ، حَلَّقَتْ ... بِهِ، مِنْ يَدِ الحَجّاج، عَنْقاءُ مُغْرِب
وَقِيلَ: سمِّيت عَنْقاء لأَنه كَانَ فِي عُنُقها بَيَاضٌ كَالطَّوْقِ، وَقَالَ كُرَاعٌ: العَنْقاء فِيمَا يَزْعُمُونَ طَائِرٌ يَكُونُ عِنْدَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: العَنْقاءُ المُغْرِبُ طَائِرٌ لَمْ يَرَهُ أَحد، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى؛ طَيْراً أَبابِيلَ؛ هِيَ عَنْقاءُ مُغْرِبَة. أَبو عُبَيْدٍ؛ مِنْ أَمثال الْعَرَبِ طَارَتْ بِهِمُ العَنْقاءُ المُغْرِبُ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كَانَ لأَهل الرَّسِّ نبيٌّ يُقَالُ لَهُ حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوان، وَكَانَ بأَرضهم جَبَلٌ يُقَالُ لَهُ دَمْخ، مِصْعَدُهُ فِي السَّمَاءِ مِيلٌ، فَكَانَ يَنْتابُهُ طَائِرَةٌ كأَعظم مَا يَكُونُ، لَهَا عُنُقٌ طَوِيلٌ مِنْ أَحسن الطَّيْرِ، فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، وَكَانَتْ تَقَعُ مُنْقَضَّةً فَكَانَتْ تنقضُّ عَلَى الطَّيْرِ فتأْكلها، فَجَاعَتْ وانْقَضَّت عَلَى صبيٍّ فَذَهَبَتْ بِهِ، فَسُمِّيَتْ عَنْقاءَ مُغْرباً، لأَنها تَغْرُب بِكُلِّ مَا أَخذته، ثُمَّ انْقَضَّت عَلَى جَارِيَةٍ تَرعْرَعَت وَضَمَّتْهَا إِلَى جَنَاحَيْنِ لَهَا صَغِيرَيْنِ سِوَى جَنَاحَيْهَا الْكَبِيرَيْنِ، ثُمَّ طَارَتْ بِهَا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى نَبِيِّهِمْ، فَدَعَا عَلَيْهَا فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهَا آفَةً فَهَلَكَتْ، فَضَرَبَتْهَا الْعَرَبُ مَثَلًا فِي أَشْعارها، وَيُقَالُ: أَلْوَتْ بِهِ العَنْقاءُ المُغْرِبُ، وَطَارَتْ بِهِ العَنْقاء. والعَنْقاء: العُقاب، وَقِيلَ: طَائِرٌ لَمْ يَبْقَ فِي أَيدي النَّاسِ مِنْ صِفَتِهَا غَيْرُ اسْمِهَا. والعَنْقاءُ: لَقَبُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَاسْمُهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرٍو. والعَنْقاءُ: اسْمُ مَلِكٍ، وَالتَّأْنِيثُ عِنْدَ اللَّيْثِ لِلَفْظِ العَنْقاءِ. والتَّعانِيقُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
صَحَا القلبُ عَنْ سَلْمَى، وَقَدْ كَادَ لَا يَسْلُو، ... وأَقْفَرَ، مِنْ سَلْمَى، التَّعانِيقُ فالثِّقْلُ(10/276)
قَالَ الأَزهري: ورأَيت بِالدَّهْنَاءِ شِبْهَ مَنارة عاديَّةٍ مَبْنِيَّةٍ بِالْحِجَارَةِ، وَكَانَ الْقَوْمُ الَّذِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ يُسَمُّونَهَا عَناقَ ذِي الرُّمَّةِ لِذِكْرِهِ إِيَّاهَا فِي شِعْرِهِ فَقَالَ:
وَلَا تَحْسَبي شَجِّي بِكِ البِيدَ، كلَّما ... تَلأْلأَ بالغَوْرِ النُّجومُ الطَّوامِسُ
مُرَاعاتَكِ الأَحْلالَ مَا بَيْنَ شارعٍ، ... إِلَى حيثُ حادَتْ عَنْ عَنَاق الأَواعِسُ
قَالَ الأَصمعي: العَناق بالحِمَى وَهُوَ لَغَنِيٍّ وَقِيلَ: وَادِي العَناق بالحِمَى فِي أَرض غنِيّ؛ قَالَ الرَّاعِي:
تَحمَّلْنَ مِنْ وَادِي العَناق فثَهْمَدِ
والأَعْنَق: فَحْلٌ مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٍ، إِلَيْهِ تُنْسَبُ بَنَاتُ أَعْنَق مِنَ الْخَيْلِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَظَلُّ بناتُ أَعْنَقَ مُسْرَجاتٍ، ... لرؤيتِها يَرُحْنَ ويَغْتَدِينا
وَيُرْوَى: مُسْرِجاتٍ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: اخْتَلَفُوا فِي أَعْنَق فَقَالَ قَائِلٌ: هم اسْمُ فَرَسٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ دُهْقان كَثِيرُ الْمَالِ مِنَ الدَّهَاقِين، فَمَنْ جَعَلَهُ رَجُلًا رَوَاهُ مُسْرِجات، وَمَنْ جَعَلَهُ فَرَسًا رَوَاهُ مُسْرَجات. وأَعْنَقَت الثُّرَيّا إِذَا غَابَتْ؛ وَقَالَ:
كأنِّي، حِينَ أَعْنَقَتِ الثُّرَيّا، ... سُقِيتُ الرَّاح أَو سَمّاً مَدُوفا
وأَعْنَقَتِ النجومُ إِذَا تَقَدَّمَتْ للمَغيب. والمُعْنِقُ: السَّابِقُ، يُقَالُ: جَاءَ الْفَرَسُ مُعْنِقاً، وَدَابَّةٌ مِعْناقٌ وَقَدْ أَعْنَق؛ وأَما قَوْلُ ابْنِ أَحمر:
فِي رَأْسِ خَلْقاءَ مِنْ عَنْقاءَ مُشْرِفَةٍ، ... لَا يُبْتَغَى دُونَهَا سَهْلٌ وَلَا جَبَلُ
فَإِنَّهُ يَصِفُ جَبَلًا، يَقُولُ: لَا يَنْبَغِي أَن يَكُونَ فَوْقَهَا سَهْلٌ وَلَا جَبَلٌ أَحصن مِنْهَا. وَقَدْ عَانَقه إِذَا جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَى عُنُقه وضمَّه إِلَى نَفْسِهِ وتَعَانَقَا واعْتَنَقا، فَهُوَ عَنِيقُه؛ وَقَالَ:
وباتَ خَيالُ طَيْفك لِي عَنِيقاً، ... إِلَى أَن حَيْعَل الدَّاعِي الفَلاحَا
عنبق: العُنْبُقَةُ: مجتَمَع الْمَاءِ والطين. ورجل عُنْبُق: شيِء الخلق.
عندق: العُنْدُقَة: ثُغْرة السرَّة، وَقِيلَ: العُنْدُقة مَوْضِعٌ فِي أَسفل الْبَطْنِ عِنْدَ السُّرَّةِ كَأَنَّهَا ثُغْرة النَّحْرِ فِي الْخِلْقَةِ، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي العُنْقود مِنَ الْعِنَبِ وَفِي حَمْلِ الأَرَاكِ والبُطم وَنَحْوِهِ.
عنزق: العَنْزَق السيِء الخُلُق؛ يُقَالُ عَنْزَقَ عَلَيْهِ عَنْزَقةً أَي ضيَّق عَلَيْهِ.
عنشق: عَنْشَق: اسم.
عنفق: العَنْفَقُ: خِفَّةُ الشَّيْءِ وَقِلَّتُهُ. والعَنْفَقةُ: مَا بَيْنَ الشَّفَةِ السُّفْلَى والذَّقَن مِنْهُ لِخِفَّةِ شَعْرِهَا، وَقِيلَ: العَنْفَقة مَا بَيْنَ الذَّقَن وَطَرَفِ الشَّفَةِ السُّفْلَى، كَانَ عَلَيْهَا شَعْرٌ أَو لَمْ يَكُنَّ، وَقِيلَ: العَنْفَقَةُ مَا نَبَتَ عَلَى الشَّفَةِ السُّفْلَى مِنَ الشَّعْرِ؛ قَالَ:
أَعْرِفُ مِنْكُمْ جُدُلَ العَواتِقِ، ... وشَعَرَ الأَقْفاء والعَنَافِقِ
قَالَ الأَزهري: هِيَ شَعَرَاتٌ مِنْ مُقَدِّمَةِ الشَّفَةِ السُّفْلَى. وَرَجُلٌ بَادِي العَنْفَقَةِ إِذَا عَرِيَ موضعُها مِنَ الشَّعْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ فِي عَنْفَقَتِه شعراتٌ بِيض.
عهق: العَيْهَقة والعَيْهَق: النَّشاط والاسْتِنانُ؛ قَالَ:
إِنَّ لرَيْعانِ الشَّبابِ عَيْهَقا(10/277)
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنَ الثِّقَاتِ الْغَيْهَقُ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، بِمَعْنَى النَّشَاطِ؛ وَأَنْشَدَ:
كأنَّ مَا بِي مِنْ إرَاني أَوْلَقُ، ... وللشَّباب شِرَّةٌ وغَيْهَقُ
قَالَ: فالغَيْهَق، بِالْغَيْنِ مُعْجَمَةً، مَحْفُوظٌ صَحِيحٌ؛ وَأَمَّا الْعَيْهَقَةُ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمِلَةِ، فَإِنِّي لَا أَحْفَظُهَا لِغَيْرِ اللَّيْثِ وَلَا أَدري أَهي مَحْفُوظَةٌ عَنِ الْعَرَبِ أَو تَصْحِيفٌ. والعَيْهقُ: السُّرْعَةُ. والعَيْهَقُ: طَائِرٌ، وَلَيْسَ بثَبت. والعَيْهق: الْغُرَابُ الأَسود، وَقِيلَ: الْغُرَابُ الأَسود الْجَسِيمُ، وَقِيلَ: هُوَ الْبَعِيرُ الأَسود الْجَسِيمُ، وَقِيلَ: هُوَ الأَسود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ الثَّوْرُ الَّذِي لَوْنُهُ وَاحِدٌ إِلَى السَّوَادِ، وَقِيلَ: هُوَ الخُطَّاف الأَسود الْجَبَلِيُّ، وَقِيلَ: العَوْهق لَوْنُ ذَلِكَ الخُطَّاف. ابْنُ الأَعرابي: الغَقَقَةُ العَوَاهق، قَالَ: وَهِيَ الخَطَاطيف الجَبَليَّة، وَقِيلَ: العَوْهق هُوَ الطَّائِرُ الَّذِي يُسَمَّى الأَخْيَل، وَقِيلَ: العَوْهق لَوْنٌ كَلَوْنِ السَّمَاءِ مُشْرَب سَوَادًا؛ وعَوْهَقَ اللونُ: صَارَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: العَوْهق اللَّازْوَرد الَّذِي يُصْبَغُ بِهِ؛ قَالَ:
وَهِيَ وُرَيْقاء كَلَوْنِ الْعَوْهَقِ
والعَوْهق: لَوْنُ الرَّمَادِ. والعَوْهق: شَجَرٌ، وَقِيلَ: العوْهق مِنْ شَجَرِ النَّبْع الَّذِي تُتَّخَذُ مِنْهُ القِسِيّ أَجوده؛ وأَنشد لِبَعْضِ الرُّجَّاز:
إِنَّكَ لَوْ شاهَدْتَنَا بالأَبْرَقِ، ... يَوْمَ نُصَافِي كلَّ عَضْبٍ مِخْفَقِ
وَكُلَّ صفراءَ طَرُوحٍ عَوْهَقِ، ... تضِجُّ ضَجَّ الحَامياتِ الزُّهَّقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَوْهَق لُباب النَّبْع وَخِيَارُهُ، وَقَالَ: كَذَا فَسَّرَهُ يَعْقُوبُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
يَتْبَعنَ خَرْقَا مِثْلَ قَوْسِ العَوْهَقِ، ... قَوْداءَ فاقتْ فَضْلة المُعَلِّق
يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِالْقَوْسِ هَاهُنَا قَوْس قُزَحَ، فَيَكُونُ العَوْهقُ عَلَى هَذَا لونَ السَّمَاءِ لأَن لَوْنَهَا كَلَوْنِ اللَّازْوَرْد، وَاسْتَجَازَ أَن يُضِيفَ القَوْس إِلَى اللَّوْنِ لتشَبثه بالمتلوِّن الَّذِي هُوَ السَّمَاءُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْنِيَ هَذَا الشَّجَرَ إِنْ كَانَتْ تُعْمَلُ مِنْهُ القِسِيّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى أَنه مثْلُ لَوْنِ العَوْهق لأَنه قَدْ تَقَدَّمَ أَن العَوْهق الخُطّافُ الْجَبَلِيُّ الأَسود، وأَنه الْغُرَابُ الأَسود، وأَنه الثَّوْرُ الَّذِي لَوْنُهُ وَاحِدٌ إِلَى السَّوَادِ؛ وَقَوْلُهُ:
قَوْداء فاتَتْ فَضْلَةَ المُعَلِّق
أَي فَاتَتْ أَنْ تُنال فيُعَلَّق عَلَيْهَا فَضْلٌ مِمَّا يُحْتاجُ إِلَيْهِ نَحْوُ القَعْب والقَدَح؛ وأَنشدهُ مَرَّةً أُخرى وَنُسِبَ لِسَالِمِ بْنِ قُحْفان:
يتبعْنَ وَرْقاء كَلَوْنِ العَوْهق
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: يَعْنِي الطَّائِرِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الأَخيل وَلَوْنُهُ أَخضر أوْرَقُ. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الْعَوْهَقُ الصِّبْغ شِبْهُ اللَّازْوَرَد. والعَوْهَقانِ: نَجْمَانِ إِلَى جَنْبِ الفَرْقَدَيْنِ عَلَى نَسَقٍ، طَرِيقُهُمَا ممَّا يَلِي القُطْب؛ قَالَ:
بِحَيْثُ بارَى الفَرْقَدَانِ العَوْهقا، ... عِنْدَ مَسَك القُطْب حَيْثُ اسْتَوْسَقَا
وَقِيلَ: هُمَا كَوْكَبَانِ يَتَقَدَّمَانِ بَنَاتَ نَعْشٍ. والعَوْهق: الطَّوِيلُ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ والأُنثى؛ قَالَ الزَّفَيان:
وَصَاحِبِي ذاتُ هِبابٍ دَمْشَقُ، ... خَطْباء وَرْقاء السَّراةِ عَوْهقُ(10/278)
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قُلْتُ لأَعرابي مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: مَا العَوْهَقُ؟ فَقَالَ: الطَّوِيلُ مِنَ الرُّبْدِ؛ وأَنشد:
كأَنني ضَمَّنْتُ هِقْلًا عَوْهَقا ... أَقتادَ رَحْلي، أَو كُدُرّاً مُحْنِقا
وَنَاقَةٌ عَوْهق: طَوِيلَةُ العُنق. والعَوْهق مِنَ النَّعَامِ: الطَّوِيلُ. والعَوْهق: فَحْلٌ كَانَ فِي الزَّمَانِ الأَول لِلْعَرَبِ تُنْسَبُ إِليه كِرَامُ النَّجَائِبِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فيهنَّ حَرْفٌ مِنْ بَنَاتِ العَوْهَقِ
أَبو عَمْرٍو: العِيهَاقُ الضَّلَالُ؛ وَلَا أَدري مَا الَّذِي عَوْهَقَك أَي مَا الَّذِي رَمَى بِكَ فِي العِيهاقِ. والعَوْهَق: الخُطَّاف. والعَوْهق: الْغُرَابُ الْجَبَلِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ الشِّقِرَّاق؛ وأَنشد شِمْرٌ:
ظَلَّت بيومٍ ذِي سَمومٍ مُفْلِقِ، ... بَيْنَ عُنَيْزاتٍ وَبَيْنَ الخِرْنِقِ
تَلُوذُ مِنْهُ بِخِباءٍ مُلزَقِ ... بالأَرض لَمْ يُكْفَأْ، وَلَمْ يُرَوَّقِ
إِليك تَشْكُو آزِباتٍ مُغْلق، ... وَحَادِيًا كالسِّيْذَنُوق الأَزْرَقِ
يَتْبَعْنَ سَوْدَاءَ كَلَوْنِ العَوْهَقِ، ... لاحقةَ الرِّجْل بَيُون المَرْفِقِ
وَمِنْ تَرْجَمَةِ عَهَبَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ عَوْهَبهُ وعَوْهَقه أَي ضلَّله، وَهُوَ العِيهاب والعِيهاق.
عوق: رَجُلٌ عَوْق: لَا خَيْرَ عِنْدَهُ، وَالْجَمْعُ أَعْواق. وَرَجُلٌ عُوَق: جَبَانٌ، هذَليَّة. وعاقَهُ عَنِ الشَّيْءِ يَعُوقه عَوْقاً: صَرَفَهُ وَحَبَسَهُ، وَمِنْهُ التَّعْويقُ والاعْتِياق، وَذَلِكَ إِذا أَراد أَمراً فَصَرَفَهُ عَنْهُ صارفٌ، وأَصل عاقَ عَوَق ثُمَّ نُقل مِنْ فَعَل إِلى فَعُلٍ، ثم قلبت الْوَاوُ فِي فَعُلْتُ أَلِفاً فصارَ عاقْتُ، فَالْتَقَى سَاكِنَانِ: الْعَيْنُ الْمُعْتَلَّةُ الْمَقْلُوبَةُ أَلِفاً وَلَامُ الْفِعْلِ، فَحُذِفَتِ الْعَيْنُ لِالْتِقَائِهِمَا، فَصَارَ التَّقْدِيرُ عَقْتُ، ثُمَّ نُقِلَتِ الضَّمَّةُ إِلى الْفَاءِ لأَن أَصله قَبْلَ الْقَلْبِ فَعُلت فَصَارَ عُقْت، فَهَذِهِ مُرَاجَعَةُ أَصل إِلَّا أَن ذَلِكَ الأَصل الأَقرب لَا الأَبعد، أَلا تَرَى أَن أَول أَحوال هَذِهِ الْعَيْنِ فِي صِيَغِه إِنما هُوَ فَتْحَةُ الْعَيْنِ الَّتِي أُبدلت مِنْهَا الضَّمَّةُ؟ وَهَذَا كُلُّهُ تَعْلِيلُ ابْنِ جِنِّي. وَتَقُولُ: عاقَني عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي أَردتُ عائِقٌ وعاقَتْني العَوائِقُ، الْوَاحِدَةُ عائقةٌ، قَالَ: وَيَجُوزُ عاقَني وعَقانِي بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والتَّعْويقُ: تَرْبيث النَّاسِ عَنِ الْخَيْرِ. وعَوَّقَه وتَعَوَّقه؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي، واعْتاقَه، كُلَّهُ: صَرَفَهُ وَحَبَسَهُ. وَرِجْلٌ عُوَقَة وعُوَق وعَوِق «2» . أَي ذُو تَعْوِيقٍ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ أَي ذُو تَعْويقٍ لِلنَّاسِ عَنِ الْخَيْرِ وَتَرْبِيثٍ لأَصحابه لأَن عِلَلَ الأُمور تَحْبِسُهُ عَنْ حَاجَتِهِ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَخطل:
مُوطَّأُ البيتِ مَحْمودٌ شَمائلُه، ... عِنْدَ الحَمَالةِ، لَا كَزٌّ وَلَا عُوَقُ
كذلك عَيّق، وَقِيلَ: عيِّق إِتْبَاعٌ لضَيّق. يُقَالُ: عَوِقٌ لَوِقٌ وضَيّق لَيّق عَيّق. وَرَجُلٌ عُوَّق: تَعْتاقُه الأُمور عَنْ حاجته؛ قال الهذلي:
فِدًى لِبَني لِحْيان أُمي فإِنهم ... أَطاعوا رَئِيسًا منهمُ غَيْرَ عُوَّقِ
والعَوْق: الرَّجُلُ الَّذِي لَا خَيْرَ عِنْدَهُ؛ قال رؤبة:
__________
(2) . قوله [وعوق] هكذا بالأَصل مضبوطاً ككتف، وفي شرح القاموس: عوق كعنب عن ابن الأَعرابي، وضبطه بعض ككتف(10/279)
فَداك مِنْهُمْ كلُّ عَوْقٍ أَصْلَدِ
والعَوْق: الأَمر الشَّاغِلُ. وعَوائِقُ الدَّهْرِ: الشَّوَاغِلُ مِنْ أَحداثه. والتَّعَوُّق: التَّثَبُّط. والتَّعْوِيقُ: التَّثْبيط. وَفِي التَّنْزِيلِ: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ
؛ المُعَوِّقون: قَوْمٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يُثَبِّطون أَنصار النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا لَهُمْ: مَا محمدٌ وأَصحابه إِلَّا أُكْلَةُ رأْسٍ، وَلَوْ كَانُوا لَحْماً لَالْتَقَمَهُمْ أَبو سُفْيَانَ وحِزْبُه، فخلُّوهم وَتَعَالَوْا إِلينا فَهَذَا تَعْويقُهم إِياهم عَنْ نُصْرة النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ تَفْعِيل مِنْ عَاقَ يَعُوق؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَلَوْ أَنِّي رَمَيْتُكَ مِنْ قريبٍ، ... لَعاقَك، عَنْ دُعاء الذِّئبِ، عَاقِ
إِنما أَراد عَائِقٌ فَقَلَبَ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى توهُّم عَقَوْته، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والعَيُّوقُ: كَوْكَبٌ أَحمر مُضِيءٌ بِحِيالِ الثُّرَيّا فِي نَاحِيَةِ الشَّمال وَيَطْلُعُ قَبْلَ الْجَوْزَاءِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَعُوق الدَّبَران عَنْ لِقَاءِ الثُّرَيّا، قَالَ أَبو ذؤَيب:
فَوَرَدْنَ، والعَيوقُ مَقْعَدَ رابئِ الضُّرَباءِ، ... خَلْفَ النجمِ، لَا يَتَتَلَّعُ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَزِمَتْهُ اللَّامُ لأَنه عِنْدَهُمُ الشَّيْءُ بِعَيْنِهِ، وكأَنه جُعِلَ مِنْ أُمَّةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَيُّوقٌ، قَالَ: فإِن قُلْتَ هَلْ هَذَا الْبِنَاءُ لِكُلِّ مَا عَاقَ شَيْئًا؟ قِيلَ: هَذَا بناءٌ خُصَّ بِهِ هَذَا النجمُ كالدَّبَران والسِّمَاكِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هَذَا عَيُّوق طَالِعًا، فَحَذَفَ الأَلف وَاللَّامَ وَهُوَ يَنْوِيهِمَا فَلِذَلِكَ يَبْقَى عَلَى تَعْرِيفِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فِيهِ الأَلف وَاللَّامُ مِنْ أَسماء النُّجُومِ والدَّراري، فَلَكَ أَن تَحْذِفَهُمَا مِنْهُ وأَنت تَنْوِيهِمَا، فَيَبْقَى فِيهِ تَعْرِيفُهُ الَّذِي كَانَ مَعَ الأَلف وَاللَّامِ، وَقِيلَ: الدَّبَرانُ نَجْمٌ يَلِي الثرَيّا إِذا طَلَعَ عُلِمَ أَن الثُّرَيّا قَدْ طَلَعَتْ. قَالَ الأَزهري: عَيُّوق فَيْعُول يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ بِنَاؤُهُ مِنْ عَوْق وَمِنْ عَيْق لأَنَّ الْوَاوَ وَالْيَاءَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ وأَنشد:
وعاندَت الثُّرَيّا، بَعْدَ هَدْءٍ، ... مُعاندةً لها العَيُّوقُ جَارَا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَيُّوق نَجْمٌ أَحمر مُضِيءٌ فِي طَرَفٍ المَجَرَّة الأَيمن يَتْلُو الثُّرَيّا لَا يَتَقَدَّمُهُ، وأَصله فَيْعُول، فَلَمَّا الْتَقَى الْيَاءُ وَالْوَاوُ والأُولى سَاكِنَةٌ صَارَتَا يَاءً مُشَدَّدَةً. وَتَقُولُ: مَا عَاقتِ المرأَةُ عِنْدَ زَوْجِهَا وَلَا لاقَتْ أَي مَا حَظِيَتْ عِنْدَهُ. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ مَا لاقَتْ وَلَا عاقَتْ أَي لَمْ تَلْصَق بِقَلْبِهِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: لاقَتِ الدَّواةُ أَي لَصِقَتْ، وأَنا أَلَقْتُها، كأَن عَاقَتْ إِتباع للاقَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما حَمَلْنَاهُ عَلَى الْوَاوِ وإِن لَمْ نَعْرِفْ أَصله لأَن انْقِلَابَ الأَلف عَنِ الْوَاوَ عَيْنًا أَكثر مِنَ انْقِلَابِهَا عَنِ الْيَاءِ، وَرَوَى شِمْرٌ عَنِ الأُموي: مَا فِي سِقَائِهِ عَيْقةٌ مِنَ الرُّبِّ؛ قَالَ الأَزهري: كأَنه ذَهَبَ بِهِ إِلى قَوْلِهِ مَا لاقَتْ وَلَا عاقَتْ، قَالَ: وَغَيْرُهُ يَقُولُ مَا فِي نِحْيه عَيقةٌ وَلَا عَمَقَة. والعُوَاق والعَوِيقُ: صَوْتُ قُنْبِ الْفَرَسِ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّوْتُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ: هُوَ العَوِيقُ والوَعيقُ؛ وأَنشد:
إِذا مَا الرَّكْبُ حلَّ بدارِ قومٍ، ... سمعتَ لَهَا، إِذا هَدَرَتْ، عُوَاقَا
قَالَ الأَزهري: قَالَ اللِّحْيَانِيُّ سَمِعْتُ عَاقْ عَاقْ وعاقِ(10/280)
عاقِ وغَاقْ غَاقْ وغاقِ غاقِ لِصَوْتِ الْغُرَابِ، قَالَ: وَهُوَ نُعَاقُه ونُغاقُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وعُوق: اسْمٌ. قَالَ الأَزهري: العُوقُ أَبو عُوج بنِ عُوق. وعُوق: مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَعُوقٌ فَرُمَاحٌ فاللِوَى ... مِنْ أَهله قَفْرُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعُوق مَوْضِعٌ لَمْ يُعَيَّن. والعَوَقَةُ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ؛ وأَنشد:
إِنِّي امْرُؤٌ حَنْظَلِيٌّ فِي أَرُومَتِها، ... لَا مِنْ عَتِيكٍ، وَلَا أَخواليَ العَوَقَهْ
ويَعُوقُ: اسْمُ صَنَمٍ كَانَ لِكنانَةَ عَنِ الزَّجَّاجِ، وَقِيلَ: كَانَ لِقَوْمِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ: كَانَ يُعْبد عَلَى زَمَنَ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ قَالَ الأَزهري: يُقَالُ إِنه كَانَ رَجُلًا مِنْ صَالِحِي زَمَانِهِ قَبْلَ نُوحٍ، فَلَمَّا مَاتَ جَزِعَ عَلَيْهِ قومُه فأَتاهم الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ إِنسان فَقَالَ: أُمَثِّله لَكُمْ فِي مِحْرابكم حَتَّى تَرَوْهُ كُلَّمَا صَلَّيْتُمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ فتَمادَى ذَلِكَ بِهِمْ إِلى أَن اتَّخَذُوا عَلَى مِثَالِهِ صَنَمًا فَعَبَدُوهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وَكَذَلِكَ يَغُوث؛ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، اسْمُ صَنَمٍ أَيضاً كَانَ لِقَوْمِ نُوحٍ، وَالْيَاءُ فِيهِمَا زَائِدَةٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
عيق: العَيْقةُ: الفِناءُ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: السَّاحَةُ. والعَيْقة: سَاحِلُ الْبَحْرِ وَنَاحِيَتُهُ، وَيُجْمَعُ عَيْقات؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
سادٍ تَجَرَّمَ فِي البَضِيعِ ثَمَانِيًا، ... يُلْوِي بعَيْقاتِ البحارِ ويُجْنَبُ
السّادِي: المُهْمَل، ويَلْوي بِهَا: يَذْهَبُ بِهَا، ويُجْنَبُ: تُصِيبُهُ الجَنُوب. والعَيْق: النَّصِيبُ مِنَ الْمَاءِ. وعِيق: مِنْ أَصوات الزَّجْرِ. يُقَالُ: عَيَّق فِي صَوْتِهِ وَهُوَ يُعَيَّق فِي صَوْتِهِ. والعَيْقة: موضع.
فصل الغين المعجمة
غبق: الغَبْقُ والتَّغَبُّق والاغْتِباقُ: شُرْبُ الْعَشِيِّ. والغَبُوق: الشُّرْبُ بِالْعَشِيِّ. رَجُلٌ غَبْقانُ وامرأَة غَبْقَى كِلَاهُمَا عَلَى غَيْرِ الْفِعْلِ، لأَن افْتَعَل وتَفَعَّل لَا يُبْنى مِنْهُمَا فَعْلان. والغَبُوق: مَا اغْتُبِقَ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ اللَّبَنَ الْمَشْرُوبَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا أَمسى عِنْدَ الْقَوْمِ مِنْ شَرَابِهِمْ فَشَرِبُوهُ، وَجَمْعُهُ غَبَائقُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ:
مَا ليَ لَا أُسْقَى عَلَى عِلَّاتِي ... صَبَائِحِي، غَبائِقي، قَيْلاتي؟
أَراد وغَبائقي وقَيْلاتي فَحَذَفَ حَرْفَ الْعَطْفِ، وَحَذْفُهُ ضَعِيفٌ فِي الْقِيَاسِ مَعْدُومٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَوَجْهُ ضَعْفِهِ أَن حَرْفَ الْعَطْفِ فِيهِ ضَرْبٌ مِنَ الِاخْتِصَارِ، وَذَلِكَ أَنه قَدْ أُقيم مُقَامَ الْعَامِلِ، أَلا تَرَى أَن قَوْلَكَ قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو أَصله قَامَ زَيْدٌ وَقَامَ عَمْرٌو، فَحُذِفَتْ قَامَ الثَّانِيَةُ وَبَقِيَتِ الْوَاوُ كأَنها عِوَضٌ مِنْهَا، فإِذا ذهبتَ بِحَذْفِ الْوَاوِ النَّائِبَةِ عَنِ الْفِعْلِ، تجاوزتَ حدَّ الِاخْتِصَارِ إِلى مَذْهَبِ الِانْتِهَاكِ والإِجْحاف، فَلِذَلِكَ رُفِضَ ذَلِكَ. وغَبَقَ الرجلَ يَغْبُقه ويَغْبِقه غَبْقاً وغَبَّقَه: سَقَاهُ غَبُوقاً فاغْتَبق هُوَ اغْتِباقاً. وغَبَقَ الإِبلَ وَالْغَنَمَ: سَقَاهَا أَو حَلَبَهَا بِالْعَشِيِّ، وَاسْمُ مَا يُحْلَبُ مِنْهَا الغَبُوق، والغَبُوق: مَا اغْتُبِقَ حَارًّا مِنَ اللَّبَنِ بِالْعَشِيِّ.(10/281)
وَيُقَالُ: هَذِهِ النَّاقَةُ غَبُوقي وغَبُوقتي أَي أَغتبق لَبَنَهَا، وَجَمْعُهَا الغَبائقُ، وَكَذَلِكَ صَبُوحي وصَبُوحتي، وَيُقَالُ: هِيَ قَيْلَتُه وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي يَحْتَلِبُهَا عِنْدَ مَقِيلِه؛ وأَنشد:
صَبائحي غَبائقي قَيْلاتي
والغَبُوق والغَبُوقة: النَّاقَةُ الَّتِي تُحْلَبُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وتَغَبَّقها واغْتَبَقها: حَلَبَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ عَنْهُ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ أَصحاب الْغَارِ:
لَا أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهلًا وَلَا مَالًا
أَي مَا كُنْتُ أُقدِّم عَلَيْهِمَا أَحداً فِي شُرْبِ نَصِيبِهِمَا مِنَ اللَّبَنِ الَّذِي يشربانِه. والغَبُوق: شُرْبُ آخِرِ النَّهَارِ مُقَابِلُ الصَّبُوح. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا لَمْ تَصْطَبِحوا أَو تَغْتَبِقوا
، وَهُوَ تَفْتَعِلوا مِنَ الغَبُوق؛ وَحَدِيثُ
الْمُغِيرَةِ: لَا تُحَرِّم الغَبْقةُ
؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَهِيَ الْمَرَّةُ مِنَ الغَبُوق شُرْبِ الْعَشِيِّ، وَيُرْوَى بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ وَالْفَاءِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ لِصَاحِبِهِ: إِن كُنْتَ كَاذِبًا فشربتَ غَبُوقاً بَارِدًا أَي لَا كَانَ لَكَ لَبَنٌ حَتَّى تَشْرَبَ الْمَاءَ القَراح، فَسَمَّاهُ غَبُوقاً عَلَى الْمَثَلِ، أَو أَراد قَامَ لَكَ ذَلِكَ مَقَامَ الغَبُوق؛ قَالَ أَبو سَهْم الهُذَلي:
وَمَنْ تَقْلِلْ حَلُوبَتُه ويَنْكُلْ ... عَنِ الأَعداءِ، يَغْبُقه القَراحُ
أَي يَغْبُقه الْمَاءُ الْبَارِدُ نَفْسُهُ. وَلَقِيتُهُ ذَا غَبُوقٍ وَذَا صَبوحٍ أَي بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، لَا يُسْتَعْمَلَانِ إِلا ظَرْفاً. والغَبَقةُ: خَيْطٌ أَو عَرَقةٌ تُشَدُّ فِي الْخَشَبَةِ الْمُعْتَرِضَةِ عَلَى سَنَامِ الْبَعِيرِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: عَلَى سَنام الثَّوْرِ إِذا كَرَب يُثْبِتُ الْخَشَبَةَ عَلَى سَنَامِهِ؛ وَقَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع الغَبَقة بِهَذَا الْمَعْنَى لِغَيْرِ ابن دريد.
غبرق: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ عَنِ أَبي لَيْلَى الأَعرابي قَالَ: امرأَة غُبْرُقةٌ إِذا كَانَتْ وَاسِعَةَ الْعَيْنَيْنِ شَدِيدَةَ سَوَادِ سَوَادِهِمَا. والغُبارِقُ: الَّذِي ذَهَبَ بِهِ الجَمالُ كلَّ مَذْهَب؛ قَالَ:
يُبْغِضُ كُلَّ غَزِلٍ غُبارِقِ
غدق: الغَدَق: الْمَطَرُ الْكَثِيرُ الْعَامُّ، وَقَدْ غَيْدَقَ المطرُ: كَثُرَ؛ عَنْ أَبي العَمَيْثل الأَعرابي. والغَدَق أَيضاً: الْمَاءُ الْكَثِيرُ وإِن لَمْ يكُ مَطَرًا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ مَاءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يَعْنِي لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى طَرِيقَةِ الْكُفْرِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابَ اغْترارٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ. والماءُ الغَدَقُ: الْكَثِيرُ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الغَدَقُ الْمَصْدَرُ، والغَدِقُ اسْمُ الْفَاعِلِ؛ يُقَالُ: غَدِقَ يَغْدَقُ غَدَقاً فَهُوَ غَدِقٌ إِذا كَثُرَ الندَى فِي الْمَكَانِ أَو الماءُ، قَالَ: ويقرأُ
مَاءً غَدِقاً
؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَقَوْلُهُ لَأَسْقَيْناهُمْ مَاءً غَدَقاً
أَي لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبواب الْمَعِيشَةِ لِنَفْتِنَهُمْ بِالشُّكْرِ وَالصَّبْرِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ مِثْلُهُ يَقُولُ: لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى طَرِيقَةِ الْكُفْرِ لزِدْنا فِي أَموالهم فِتْنَةً عَلَيْهِمْ وَبَلِيَّةً، وَقَالَ غَيْرُهُ: وأَن لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى طَرِيقَةِ الهُدَى لأَسقيناهم مَاءً كَثِيرًا، وَدَلِيلُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ؛ أَراد بِالْمَاءِ الغَدَقِ الْمَاءَ الْكَثِيرَ. وأَرض غَدِقةٌ: فِي غَايَةِ الرِّيِّ وَهِيَ النَّدِيّة الْمُبْتَلَّةُ الرُّبى الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ، وعُشْبُها غَدِقٌ وغَدَقُهُ بلَلُه ورِيُّه، وَكَذَلِكَ عُشْبٌ غَدِقٌ بيِّن الغَدَق: مبتلٌّ رَيّان؛ رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وَعَزَاهُ إِلى النَّضِرِ. وغَدِقَتِ الأَرض غَدَقاً وأَغْدقَتْ: أَخصبت. وغَدِقَتِ الْعَيْنُ غَدَقاً، فَهِيَ غَدِقة، واغْدَوْدَقَتْ:(10/282)
غَزُرَتْ وعذُبت. وماءٌ مُغْدَوْدِقٌ وغَيْداقٌ: غَزِيرٌ. وَمَطَرٌ مُغْدَوْدقٌ: كَثِيرٌ. وغَدِقَتْ عَيْنُ الْمَاءِ، بِالْكَسْرِ، أَي غَزُرت. وَعَامٌ غَيْداقٌ: مُخْصب، وَكَذَلِكَ السَّنَةُ بِغَيْرِ هَاءٍ. أَبو عَمْرٍو: غَيْثٌ غَيْداق كَثِيرُ الْمَاءِ، وَعَيْشٌ غَيْدَق وغَيْداقٌ وَاسِعٌ مُخْصِبٌ، وَقِيلَ: الغَيْداقُ اسْمٌ؛ وَهُمْ فِي غَدَقٍ مِنَ الْعَيْشِ وغَيْداقٍ. وغَيْدَقَ الرجلُ: كَثُرَ لُعابه عَلَى التَّشْبِيهِ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اسْقِنَا غَيْثاً غَدَقاً مُغْدِقاً
؛ الغَدَق، بِفَتْحِ الدَّالِ: الْمَطَرُ الْكِبَارُ القَطْرِ، والمُغْدِقُ مُفْعل مِنْهُ أَكَّده بِهِ؛ وأَغْدَقَ المطرُ يُغْدِق إِغْداقاً، فَهُوَ مُغْدِق. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا نشأَت السَّحَابَةُ مِنْ قِبَل الْعَيْنِ فَتِلْكَ عينٌ غُدَيْقةٌ
، وَفِي رِوَايَةٍ: إِذا نشأَت بَحْرِيَّةً فَتَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ عينٌ غُدَيْقةٌ أَي كَثِيرَةُ الْمَاءِ؛ هَكَذَا جَاءَتْ مُصَغَّرَةً وَهُوَ مِنْ تَصْغِيرِ التَّعْظِيمِ. وشابٌّ غَيْدَقٌ وغَيْداقٌ أَي نَاعِمٌ. والغَيْداقُ: الْكَرِيمُ الْجَوَادُ الْوَاسِعُ الْخَلْقِ الْكَثِيرُ الْعَطِيَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ الْوَاسِعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وإِنه لغَيْداق الْجَرْيِ والعَدْوِ؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا:
حَتَّى نجَوْتُ، وَلَمَّا يَنزِعُوا سَلَبي، ... بوالهٍ مِنْ قَنِيصِ الشَّدِّ غَيْداقِ
وَشَدٌّ غَيْداق: وَهُوَ الحُضْر الشَّدِيدُ. والغَيْداق: الطَّوِيلُ مِنَ الْخَيْلِ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. والغَيْدَقُ والغَيْداق والغَيْدَقانُ: الرَّخْصُ النَّاعِمُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بَعْدَ التَّصابي والشَّبابِ الغَيْدَقِ
وَقَالَ آخَرُ:
رُبَّ خليلٍ ليَ غَيْداقٍ رَفِلْ
وَقَالَ آخَرُ:
جَعْد العَناصي غَيْدَقاناً أَغْيَدَا
والغَيْدَاق مِنَ الْغِلْمَانِ: الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ، وَقِيلَ: هُوَ ذُو الرَّخاصة والنَّعْمة. والغَيْداقُ مِنَ الضِّباب: الرَّخْصُ السَّمِينُ، وَقِيلَ هُوَ مِنْ وَلَدِ الضِّباب فَوْقَ المُطَبِّخِ، وَقِيلَ: هُوَ دُونَ المُطَبِّخِ وَفَوْقَ الحِسْلِ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّبُّ بَيْنَ الضَّبَّيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّبُّ الْمُسِنُّ الْعَظِيمُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِوَلَدِ الضَّبِّ حِسْل ثُمَّ يَصِيرُ غَيْدَاقاً ثُمَّ يَصِيرُ مُطَبِّخاً ثُمَّ يَكُونُ ضَبّاً مُدْركاً، وَلَمْ يَذْكُرِ الخُضَرِمَ بَعْدَ المُطَبِّخ، وَذَكَرَهُ خَلَفٌ الأَحمر. والغَياديقُ: الْحَيَّاتُ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ بِئْرِ
غَدَق
، بِفَتْحَتَيْنِ، بِئْرٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ، وَاللَّهُ أعلم.
غرق: الغَرَقُ: الرُّسُوب فِي الْمَاءِ. وَيُشَبَّهُ الَّذِي رَكِبَهُ الدَّيْن وغمرَتْه البَلايا، يُقَالُ: رَجُلٌ غَرِق وغَريق، وَقَدْ غَرِقَ غَرَقاً وَهُوَ غارِقٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
فأَصبحُوا فِي الْمَاءِ والخَنادِقِ، ... مِنْ بَيْنِ مَقْتول وطَافٍ غارِقِ
وَالْجَمْعُ غَرْقى، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعَل، أَغْرَقه اللَّهُ إِغْراقاً، فَهُوَ غَرِيقٌ، وَكَذَلِكَ مَرِيضٌ أَمْرضه اللَّهُ فَهُوَ مَرِيضٌ وَقَوْمٌ مَرْضَى، والنَّزِيفُ: السَّكْرَانُ، وَجَمْعُهُ نَزْفَى، والنَّزِيفُ فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُول أَو مُفْعَل لأَنه يُقَالُ نَزَفَتْه الخمرُ وأَنزفَتْه، ثُمَّ يُرَدُّ مُفْعَل أَو مَفْعُولٌ إِلى فَعِيل فيُجْمَع فَعْلَى؛ وَقِيلَ: الغَرِقُ الرَّاسِبُ فِي الْمَاءِ، والغَرِيقُ الْمَيِّتُ فِيهِ، وَقَدْ أَغْرَقَهُ غَيْرُهُ وغَرَّقه، فَهُوَ مُغَرَّقٌ وغَرِيق. وَفِي الْحَدِيثِ الحَرَقُ وَالْغَرَقُ، وَفِيهِ:
يأْتي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَنْجُو فِيهِ إِلا مَنْ دَعَا دُعاء الغَرِقِ
؛ قَالَ أَبو عَدْنَانَ: الغَرِقُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، الَّذِي قَدْ غَلَبَهُ الْمَاءُ ولمَّا يَغْرَقْ، فإِذا غَرِقَ فَهُوَ الغَرِيق(10/283)
؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَتْبَعْتُهُمْ مُقْلةً إِنْسانُها غَرِقٌ، ... هَلْ مَا أَرى تاركٌ للعَينِ إِنْسانا؟ «3»
. يَقُولُ: هَذَا الَّذِي أَرى مِنَ البَيْن وَالْبُكَاءِ غيرُ مُبْقٍ لِلْعَيْنِ إِنسانها، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ كأَنه أَراد إِلَّا مَنْ أَخلص الدُّعَاءَ لأَن مَنْ أَشفى عَلَى الْهَلَاكِ أَخلص فِي دُعَائِهِ طلبَ النجاةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ الغَرَق والحَرَق
؛ الغَرَقُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ: الْمَصْدَرُ. وَفِي حَدِيثِ وَحْشِيٍّ:
أَنه مَاتَ غَرِقاً فِي الْخَمْرِ
أَي مُتَنَاهِيًا فِي شُرْبِهَا والإِكثار مِنْهُ، مُسْتَعَارٌ مِنَ الغَرَقِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ وَذَكَرَ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ فِي زَاوِيَتِهِ: فَار التَّنُّور وَفِيهِ هَلَكَ يَغُوثُ ويَعُوقُ وَهُوَ الغارُوق
؛ هُوَ فَاعُولٌ مِنَ الغَرق لأَن الغَرَق فِي زَمَانِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: وغُرَقاً فِيهِ دُبَّاء
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَالْمَعْرُوفُ ومَرَقاً، والغُرَق المَرَق. وَفِي التَّنْزِيلِ: أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها
. والغرِقُ: الَّذِي غَلَبَهُ الدَّيْن. وَرَجُلٌ غَرِقٌ فِي الدَّين والبَلْوَى وغَرِيق وَقَدْ غَرِقَ فِيهِ، وَهُوَ مِثْلٌ بِذَلِكَ. والمُغْرَقُ: الَّذِي قَدْ أَغرقه قَوْمٌ فَطَرَدُوهُ وَهُوَ هَارِبٌ عَجْلان. والتَّغْريق: الْقَتْلُ. والغَرَق فِي الأَصل: دُخُولُ الْمَاءِ فِي سَمَّيِ الأَنف حَتَّى تَمْتَلِئَ مَنافذُه فيَهلك، والشَّرَق فِي الْفَمِ حَتَّى يُغَص بِهِ لِكَثْرَتِهِ. يُقَالُ: غَرِقَ فِي الْمَاءِ وشَرِقَ إِذا غَمَرَهُ الْمَاءُ فملأَ مَنافذَه حَتَّى يَمُوتَ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ غَرَّقَتِ الْقَابِلَةُ الْوَلَدَ، وَذَلِكَ إِذا لَمْ تَرْفُقْ بِالْوَلَدِ حَتَّى تَدْخُلَ السّابِياءُ أَنفه فَتَقْتُلَهُ، وغَرَّقَتِ الْقَابِلَةُ الْمَوْلُودَ فِغَرِقَ: خَرُقت بِهِ فانْفَتَقَتِ السابياءُ فَانْسَدَّ أَنفه وَفَمُهُ وَعَيْنَاهُ فمات؛ قال الأَعشى يَعْنِي قيسَ بْنَ مَسْعُودٍ الشَّيْبَانِيَّ:
أَطَوْرَيْن فِي عامٍ غَزَاةً ورِحْلَةً، ... أَلا لَيْتَ قَيْساً غَرَّقَتْهُ القَوابِلُ
وَيُقَالُ: إِن الْقَابِلَةَ كَانَتْ تُغَرِّقُ الْمَوْلُودَ فِي مَاءِ السَّلَى عَامَ الْقَحْطِ، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، حَتَّى يَمُوتَ، ثُمَّ جُعِلَ كُلُّ قَتْلٍ تَغْريقاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِذا غَرَّقَتْ أَرْباضُها ثِنْيَ بَكْرَةٍ ... بتَيْهاءَ، لَمْ تُصْبِحْ رَؤُوماً سَلُوبُها
الأَرْباض: الحِبال، والبَكْرة: النَّاقَةُ الفَتِيّة، وثِنْيُها: بَطْنُهَا الثَّانِي، وإِنما لَمْ تَعْطِفْ عَلَى وَلَدِهَا لِمَا لَحِقَهَا مِنَ التَّعَبِ. التَّهْذِيبُ: والعُشَراءُ مِنَ النُّوق إِذا شدَّ عَلَيْهَا الرَّحْلُ بِالْحِبَالِ رُبَّمَا غُرِّقَ الْجَنِينُ فِي مَاءِ السَّابِيَاءِ فَتُسْقِطُهُ، وأَنشد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ. وأَغْرَقَ النبلَ وغَرَّقه: بَلَغَ بِهِ غَايَةَ الْمَدِّ فِي الْقَوْسِ. وأَغْرَقَ النَّازِعُ فِي القَوْس أَي اسْتَوْفَى مَدَّهَا. والاسْتِغْراقُ: الِاسْتِيعَابُ. وأَغْرَقَ فِي الشَّيْءِ: جَاوَزَ الْحَدَّ وأَصله مِنْ نَزْعِ السَّهْمِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: ذُكِرَ أَنها الْمَلَائِكَةُ وأَن النَّزْعَ نزعُ الأَنفس مِنْ صُدُورِ الْكُفَّارِ، وَهُوَ قَوْلُكَ وَالنَّازِعَاتِ إِغْراقاً كَمَا يُغْرِقُ النازعُ فِي الْقَوْسِ؛ قَالَ الأَزهري: الغَرْقُ اسْمٌ أُقيم مَقَامَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ أَغْرَقْتُ إِغْراقاً. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ نَزَع فِي قَوْسِهِ فأَغْرَقَ، قَالَ: والإِغْراقُ الطرح وهو أَن يُبَاعِدَ السَّهْمُ مِنْ شِدَّةِ النَّزْعِ يُقَالُ إِنه لطَرُوح. أُسيد الْغَنَوِيُّ: الإِغْراق فِي النَّزْع أَن يَنْزِعَ حَتَّى يُشْرِبَ بالرِّصاف وَيَنْتَهِيَ إِلى كَبِدِ القَوْس وَرُبَّمَا قَطَعَ يَدَ الرَّامِي، قَالَ: وشُرْبُ القوسِ الرِّصافَ أَن يأْتي
__________
(3) . هذا البيت لجرير، ورواية ديوانه: هل ما ترى تارك؛ وفي رواية أخرى: هل يا ترى تارك(10/284)
النَّزْعُ عَلَى الرِّصاف كُلِّهِ إِلى الْحَدِيدَةِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للغُلُوِّ والإِفراط. واغْتَرَقَ الفرسُ الْخَيْلَ: خَالَطَهَا ثُمَّ سَبَقَهَا، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الأَكوع: وأَنا عَلَى رِجْلي فأَغْتَرِقُها.
يُقَالُ: اغْتَرَقَ الْفَرَسُ الْخَيْلَ إِذا خَالَطَهَا ثُمَّ سَبَقَهَا، وَيُرْوَى بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. واغْتِراقُ النَّفَس: اسْتِيعَابُهُ فِي الزَّفِير؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَالْفَرَسُ إِذا خَالَطَ الْخَيْلَ ثُمَّ سَبَقَهَا يُقَالُ اغْتَرَقها؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ:
يُغْرِقُ الثَّعلبَ، فِي شِرَّتِهِ، ... صَائِبُ الخَدْبة فِي غَيْرِ فَشَلْ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَدري بِمَ جَعَل قَوْلَهُ:
يُغْرِقُ الثعلبَ فِي شِرَّتِه
حُجَّةً لِقَوْلِهِ اغْتَرقَ الخيلَ إِذا سَبَقَهَا، وَمَعْنَى الإِغْراقِ غَيْرُ مَعْنَى الاغْتِرَاقِ، والاغْتِراقُ مِثْلَ الاسْتِغْراقِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا سَبَقَ الخيلَ قَدِ اغْتَرَقَ حَلْبة الْخَيْلِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ:
يُغْرِقُ الثعلبَ فِي شِرَّتِه
قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه يَعْنِي الْفَرَسَ يَسْبِقُ الثَّعْلَبَ بحُضْرِه فِي شِرَّتِه أَي نَشَاطِهِ فيُخَلِّفه، وَالثَّانِي أَن الثَّعْلَبَ هَاهُنَا ثَعْلَبُ الرُّمْحِ فِي السِّنان، فأَراد أَنه يَطْعُن بِهِ حَتَّى يُغَيِّبَهُ فِي الْمَطْعُونِ لِشِدَّةِ حُضْره. وَيُقَالُ: فُلَانَةُ تَغْتَرِقُ نَظَرَ النَّاسِ أَي تَشْغَلُهم بِالنَّظَرِ إِليها عَنِ النَّظَرِ إِلى غَيْرِهَا بِحُسْنِهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ قَيْسِ بْنِ الخَطِيم:
تَغْترقُ الطَّرْفَ، وَهِيَ لاهيةٌ، ... كأَنما شَفَّ وَجْهَهَا نُزْفُ
قَوْلُهُ تغْتَرق الطَّرْف يَعْنِي امرأَة تَغْتَرِقُ وتَسْتَغْرِقُ وَاحِدٌ أَي تستغرِق عُيون النَّاسِ بالنظَر إِليها، وَهِيَ لاهِية أَي غَافِلَةٌ، كأَنما شَفَّ وَجْهَهَا نُزْفٌ: مَعْنَاهُ أَنها رَقِيقة المَحاسن وكأَن دَمَهَا وَدَمَ وجهِها نُزِفَ، والمرأَة أَحسن مَا تَكُونُ غِبَّ نِفَاسِهَا لأَنه ذَهَبَ تهيُّج الدَّمِ فَصَارَتْ رَقِيقَةَ المَحاسن، والطَّرْف هَاهُنَا: النَّظَرُ لَا الْعَيْنُ؛ وَيُقَالُ: طَرَف يَطْرف طَرْفاً إِذا نَظَرَ، أَراد أَنها تَسْتَمِيلُ نظَر النُّظَّار إِليها بِحُسْنِهَا وَهِيَ غَيْرُ مُحتَفِلة وَلَا عَامِدَةٍ لِذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا لَاهِيَةٌ، وإِنما يَفْعَلُ ذَلِكَ حسنُها. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا أَجْفَرَ جَنْباه وضخُم بَطْنُهُ فَاسْتَوْعَبَ الحِزام حَتَّى ضَاقَ عَنْهَا: قَدِ اغْتَرَقَ التَّصْدير والبِطَان وَاسْتَغْرَقَهُ. والمُغْرِق مِنَ الإِبل: الَّتِي تُلْقي ولدَها لتمامٍ أَو لِغَيْرِهِ فَلَا تُظْأَرُ وَلَا تُحْلَب وَلَيْسَتْ مَرِيّة وَلَا خَلِفة. واغْرَوْرَقَت عَيْنَاهُ بالدُّموع: امتلأَتا، زَادَ التَّهْذِيبُ: وَلَمْ تَفِيضا، وَقَالَ: كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، احمرَّ وَجْهُهُ واغْرَوْرَقَت عَيْنَاهُ
أَي غَرِقتا بِالدُّمُوعِ، وَهُوَ افْعَوْعَلَت مِنَ الغَرَق. والغُرْقة، بِالضَّمِّ: الْقَلِيلُ مِنَ اللَّبَنِ قدْر الْقَدَحِ، وَقِيلَ: هِيَ الشَّرْبة مِنَ اللَّبَنِ، وَالْجَمْعُ غُرَق؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ الإِبل:
تُضْحِ، وَقَدْ ضَمِنَتْ ضَرَّاتها غُرَقاً، ... مِنْ ناصِع اللَّوْنِ، حُلْو الطَّعْم مَجْهود
وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَطَّاعِ: حُلْو غَيْرُ مَجْهُودِ، وَالرِّوَايَتَانِ تَصِحَّانِ، وَالْمَجْهُودُ: الْمُشْتَهَى مِنَ الطَّعَامِ، والمَجْهود مِنَ اللَّبَنُ: الَّذِي أُخرجَ زُبده، وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ: تُصْبِحْ وَقَدْ ضَمِنَتْ؛ وَقَبْلَهُ:(10/285)
إِنْ تُمْسِ فِي عُرْفُط صُلْعٍ جَماجِمهُ، ... مِنَ الأَسَالِقِ عارِي الشَّوْكِ مَجْرُودِ
وَيُرْوَى مَخْضُودِ، والأَسالِقُ: العُرْفط الَّذِي ذَهَبَ وَرَقُهُ، والصُّلْع: الَّتِي أُكل رؤُوسها؛ يَقُولُ: هِيَ عَلَى قِلَّةِ رَعْيها وخُبْثِه غَزيرة اللَّبَنِ. أَبو عُبَيْدٍ: الغُرْقة مِثْلَ الشَّرْبة مِنَ اللَّبَنِ وَغَيْرِهِ مِنَ الأَشربة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَتَكُونُ أُصولُ السِّلْق غُرَقَه
، وَفِي أُخرى:
فصارَتْ عَرْقَه
، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْفَاءِ، أَي مِمَّا يُغْرَف. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعماله
أَي أَضاع أَعمالَه الصَّالِحَةَ بِمَا ارْتَكَبَ مِنَ الْمَعَاصِي. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لَقَدْ أَغْرَقَ فِي النَّزْع
أَي بَالَغَ فِي الأَمر وَانْتَهَى فِيهِ، وأَصله مِنْ نَزْعِ الْقَوْسِ ومَدِّها، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِمَن بَالَغَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وأَغْرَقَه النَّاسُ: كَثُرُوا عَلَيْهِ فغلَبوه، وأَغْرَقَته السِّباع كَذَلِكَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والغِرْياق: طَائِرٌ. والغِرْقئُ: الْقِشْرَةُ المُلْتزقة بِبَيَاضِ الْبَيْضِ. النَّضْرُ: الغِرْقئُ الْبَيَاضُ الَّذِي يُؤْكَلُ. أَبو زَيْدٍ: الغِرْقئُ الْقِشْرَةُ القِيقيّةُ. وغرْقأَتِ البَيضة: خَرَجَتْ وَعَلَيْهَا قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ، وغَرْقأَت الدُّجاجة: فَعَلَتْ ذَلِكَ. وغَرْقَأَ الْبَيْضَةَ: أَزال غِرْقِئَها؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: ذَهَبَ أَبو إِسحق إِلى أَن هَمْزَةَ الغِرْقئ زَائِدَةٌ وَلَمْ يُعَلِّلْ ذَلِكَ بِاشْتِقَاقٍ وَلَا غَيْرِهِ، قَالَ: ولسْت أَرى لِلْقَضَاءِ بِزِيَادَةِ هَذِهِ الْهَمْزَةِ وَجْهًا مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ، وَذَلِكَ أَنها ليس بأُولى فَنَقْضِي بِزِيَادَتِهَا وَلَا نَجِد فِيهَا مَعْنَى غَرِق، اللَّهُمْ إِلا أَن يَقُولَ إِنَّ الغِرْقئ يَحْتَوِي عَلَى جَمِيعِ مَا يُخفِيه مِنَ البَيْضة ويَغْترقُه، قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي فِيهِ بُعْدٌ، وَلَوْ جَازَ اعْتِقَادُ مِثْلِهِ عَلَى ضَعْفه لَجَازَ لَكَ أَن تَعْتَقِدَ فِي هَمْزَةِ كِرْفِئَة أَنها زَائِدَةٌ، وَتَذْهَبُ إِلى أَنها فِي مَعْنَى كَرَف الْحِمَارُ إِذا رَفَعَ رأْسه لشَمِّ البَوْل، وَذَلِكَ لأَن السَّحاب أَبداً كَمَا تَرَاهُ مُرْتَفِعٌ، وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَاتَّفَقُوا عَلَى هَمْزَةِ الغِرْقئ وأَن هَمْزَتَهُ لَيْسَتْ بأَصلية. ولجامٌ مُغَرَّق بِالْفِضَّةِ أَي مُحَلًّى، وَقِيلَ: هُوَ إِذا عَمَّتْه الحلية، وقد غُرِّق.
غردق: التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ الغَرْدَقَة إِلْباسُ اللَّيْلِ يُلْبِس كُلَّ شَيْءٍ. وَيُقَالُ: غَرْدَقَت المرأَةُ سِتْرَهَا إِذا أَرسلته. والغَردقةُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ. أَبو عَمْرٍو: الغَرْدَقة إِلْباس الغُبار النَّاسَ؛ وأَنشد:
إِنا إِذا قَسْطَلُ يوم غَرْدَقا
غرنق: الغُرْنُوق: الناعِم المُنتشِر مِنَ النَّبات. أَبو حَنِيفَةَ: الغُرْنُوق نَبْت ينبُت فِي أُصول العَوْسَجِ وَهُوَ الغُرَانِق أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
وَلَا زَالَ يُسْقَى سِدْرُه وغُرانِقُه
والغُرْنُوقُ والغِرْنَوقُ والغِرْنَيْقُ والغِرْنِيقُ والغِرْناق والغُمرَانِق والغَرَوْنَق، كُلُّهُ: الأَبيض الشَّابُّ النَّاعِمُ الْجَمِيلُ؛ قَالَ:
إِذْ أَنْت غِرْناقُ الشَّباب مَيّالْ، ... ذُو دَأْيَتَيْنِ يَنْفَحان السِّرْبالْ
اسْتَعَارَ الدَّأْيَتَينِ لِلرَّجُلِ، وإِنما هُمَا لِلنَّاقَةِ والجَمل. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: فكأَني أَنظر إِلى غُرْنُوقٍ مِنْ قُرَيْشٍ يَتَشَحَّط فِي دَمِه
أَي شَابٍّ نَاعِمٍ. وَشَبَابٌ غُرانِق: تَامٌّ، وَشَابٌّ غُرَانِق؛ قَالَ:
أَلا إِنَّ تَطْلابَ الصِّبَى مِنْكَ ضِلَّةٌ، ... وَقَدْ فاتَ رَيْعانُ الشَّبابِ الغُرانِق(10/286)
وأَورده الأَزهري:
أَلا إنَّ تَطْلابي لِمِثْلِك زَلَّةٌ
وامرأَة غُرانِقة وغُرانِق: شابَّة مُمْتَلِئَةٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قلتُ لسَعْدٍ، وَهُوَ بالأَزارِقِ: ... عليكَ بالمَحْضِ وبالمَشَارِقِ،
واللَّهْوِ عِنْدَ بادِن غُرَانِقِ
والغَرَانِقة: الرِّجَالُ الشبَاب، وَيُقَالُ لِلشَّابِّ نَفْسِهِ الغُرانِقُ والغُرْنُوق. والغُرانِقُ: الَّذِي فِي أَصْلِ العَوْسَج وَهُوَ لَيِّن النَّبات؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وَكَذَلِكَ الغَرانِيق. والغُرْنُوق والغُرْنَيْق، بِضَمِّ الْغَيْنِ وَفَتْحِ النُّونِ: طَائِرٌ أَبيض، وَقِيلَ: هُوَ طَائِرٌ أَسود مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ طَوِيلُ العُنُق؛ قَالَ أَبو ذَؤَيب الْهُذَلِيُّ يَصِفُ غَوَّاصًا:
أَجَازَ إِلَيْنَا لُجَّةً بَعْدَ لُجّةٍ، ... أزَلَّ كغُرْنَيْق الضُّحُول عَمُوجُ
أَزَلَّ: أَرْسَح، والضُّحُول: جَمْعُ ضَحْل وَهُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ، وعَمُوج: يَتَعَمَّج وَيَلْتَوِي؛ وَإِذَا وُصِفَ بِهَا الرَّجُلُ فَوَاحِدُهُمْ غِرْنَيق وغِرْنَوْق، بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَفَتْحِ النُّونِ فِيهِمَا. وغُرْنوق، بِالضَّمِّ، وغُرانِق: وَهُوَ الشابُّ النَّاعِمُ، وَالْجَمْعُ الغَرانِق، بِالْفَتْحِ، والغَرانِيق والغَرانِقةُ. أَبو عَمْرٍو: الغُرْنُوق طَيْرٌ أَبيض مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ؛ ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ جِنَازَتَهُ لَمَّا أُتِيَ بِهِ الْوَادِيَ أَقبل طَائِرٌ أَبيض غُرْنوق كَأَنَّهُ قُبْطِيّة حَتَّى دَخَلَ فِي نَعْشِهِ، قَالَ: فرَمَقْتُه فَلَمْ أَرَهُ خَرَجَ حَتَّى دُفِنَ.
الأَصمعي: الغُرْنَيْق الكُرْكيّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ طَائِرٌ طَوِيلُ الْقَوَائِمِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الغَرانِيقُ طَيْرٌ مِثْلُ الكَراكي، وَاحِدُهَا غُرْنوق؛ وأَنشد:
أَو طَعْم غاديةٍ فِي جَوْف ذِي حَدَبٍ، ... مِنْ ساكِبِ المُزْن يجْري فِي الغَرانِيقِ
أَراد بِذِي حَدَب سَيْلًا لَهُ عِرْق، وَقَوْلُهُ مِنْ سَاكِبِ المُزْن أَيْ مِمَّا كَانَ سَاكِبًا مِنَ الْمُزْنِ، وَقَوْلُهُ يَجْرِي فِي الْغَرَانِيقِ أَيْ يَجْرِي مَعَ الْغَرَانِيقِ فأَقام فِي مُقَامَ مَعَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَاحِدُ الغَرانِيق غُرْنَيْق وغِرْناق. وَفِي الْحَدِيثِ:
تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلا
؛ هِيَ الأَصنام، وَهِيَ فِي الأَصل الذُّكُورُ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ. ابْنُ الأَنباري: الْغَرَانِيقُ الذُّكُورُ مِنَ الطَّيْرِ، وَاحِدُهَا غِرْنَوْق وغِرْنَيْق، سُمِّيَ بِهِ لِبَيَاضِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الكُرْكيّ، وَكَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ الأَصنام تُقَرِّبُهُمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَشْفَعُ لَهُمْ إِلَيْهِ، فَشُبِّهَتْ بِالطُّيُورِ الَّتِي تَعْلُو وَتَرْتَفِعُ فِي السَّمَاءِ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الغَرانيقُ فِي الْحَدِيثِ جَمْعُ الغُرانق وَهُوَ الْحَسَنُ، يُقَالُ: غُرانِق وغَرانِق وغَرانِيق، قَالَ وَقَدْ جَاءَتْ حُرُوفٌ لَا يُفْرَقُ بَيْنَ وَاحِدِهَا وَجَمْعِهَا إِلَّا بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: فَمِنْهَا عُذَافر وعَذافر، وعُراعر اسْمُ الملِك وعَراعر، وقُناقِن لِلْمُهَنْدِسِ، جَمْعُهُ قَناقن، وعُجاهن للعَرُوس وَجَمْعُهُ عَجاهن، وقُبَاقب لِلْعَامِ الثَّالِثِ «4» . وَجَمْعُهُ قَبَاقب. وَقَالَ شَمِرٌ: لِمَّة غُرانقةٌ وغُرانِقيّة وَهِيَ النَّاعِمَةُ تُفَيِّئُها الريحُ، وَقَالَ: الغُرانق الشَّابُّ الْحَسَنُ الشَّعَرِ الجميلُ الناعمُ، وَهُوَ الغُرْنوق والغِرْناق والغِرْنَوْق، وَجَمْعُهُ غَرانِق وغَرانقة؛ وأَنشد:
قِلى الفَتَاةِ مَفارِقَ الغِرْناقِ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ الغُرْنَيْق فِي بَنَاتِ الأَربعة وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ النُّونَ فِيهِ أَصل لا زائدة،
__________
(4) . قوله [للعام الثالث] أي ثالث العام الذي أنت فيه(10/287)
فسأَلت أَبا عَلِيٍّ عَنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَين لَهُ ذَلِكَ وَلَا نَظِيرَ لَهُ مِنَ أُصول بَنَاتِ الأَربعة يُقَابِلُهَا، وَمَا أَنكَرْتُ أَن تَكُونَ زَائِدَةً لمَّا لَمْ نَجِدْ لَهَا أَصلًا يُقَابِلُهَا كَمَا قُلْنَا فِي خُنْثُعْبة وكَنَهْبَل وعُنْصُل وعُنْظُب وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَمْ يَزِدْ فِي الْجَوَابِ عَلَى أَنْ قَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُلحق بِهِ العُلَّيْق، والإِلحاقُ لَا يُوجَدُ إِلَّا بالأُصول، وَهَذِهِ دَعْوَى عَارِيَةٌ مِنَ الدَّلِيلِ، وَذَلِكَ أَنَّ العُلَّيْق وَزْنُهُ فُعَّيْل وَعَيْنُهُ مُضَعَّفَةٌ وَتَضْعِيفُ الْعَيْنِ لَا يُوجَدُ للإِلحاق، أَلَا تَرَى إِلَى قِلَّفٍ وإمَّعَة وسكِّين وكُلَّاب؟ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِمُلْحَقٍ لأَن الإِلحاق لَا يَكُونُ مِنْ لَفْظِ الْعَيْنِ، وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَصل تضعيف العين إنما هُوَ لِلْفِعْلِ نَحْوَ قَطَّع وكَسَّر، فَهُوَ فِي الْفِعْلِ مُفِيدٌ لِلْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَسماء نَحْوَ سِكِّير وخِمِّير وشَرَّاب وقَطَّاع أَيْ يَكْثُرُ ذَلِكَ مِنْهُ وَفِيهِ، فَلَمَّا كَانَ أَصل تضعيف العين إنما هُوَ لِلْفِعْلِ عَلَى التَّكْثِيرِ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ للإِلحاق، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِنَايَةَ بِمُفِيدِ الْمَعْنَى عِنْدَ الْعَرَبِ أَقوى مِنَ الْعِنَايَةِ بِالْمُلْحَقِ، لأَن صِنَاعَةَ الإِلحاق لَفْظِيَّةٌ لَا مَعْنَوِيَّةٌ، فَهَذَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ العُلَّيق مُلْحَقًا بغُرْنَيْق، وَإِذَا بَطَلَ ذَلِكَ احْتَاجَ كَوْنُ النُّونِ أَصْلًا إِلَى دَلِيلٍ، وَإِلَّا كَانَتْ زَائِدَةً، قَالَ: وَالْقَوْلُ فِيهِ عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ النُّونَ قَدْ ثَبَتَتْ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ أنَّى تَصَرَّفَتْ ثَباتَ بَقِيَّةِ أُصول الْكَلِمَةِ، وَذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ غُرْنَيْق وغِرْنَيْق وغُرْنوق وغُرَانق وغَرَونْق، وَثَبَتَتْ أَيْضًا فِي التَّكْسِيرِ فَقَالُوا غَرانِيق وغَرانقة، فَلَمَّا ثَبَتَتِ النُّونُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا ثَباتَ بَقِيَّةِ أُصُولِ الْكَلِمَةِ حُكِمَ بِكَوْنِهَا أَصلًا؛ وَقَوْلُ جُنَادَةَ بْنِ عَامِرٍ:
بِذِي رُبَدٍ، تَخالُ الإِثْرَ فِيهِ ... مَدَبَّ غَرانِقٍ خاضَتْ نِقاعا
أَرَادَ غَرانيق فَحَذَفَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الغُرْنوق الخُصْلة المُفَتَّلة مِنَ الشَّعَرِ. ابْنُ الأَعرابي: جَذَبَ غُرْنوقه وَهِيَ نَاصِيَتُهُ، وَجَذَبَ نُغْرُوقه وهي شعر قفاه.
غسق: غَسَقَتْ عَيْنُهُ تَغْسِقُ غَسْقاً وغَسَقاناً: دَمَعَتْ، وَقِيلَ: انصبَّت، وَقِيلَ: أَظلمت. والغَسَقان: الِانْصِبَابُ. وغَسَق اللبنُ غَسْقاً: انْصَبَّ مِنَ الضَّرْع. وغَسَقت السَّمَاءُ تَغْسِق غَسْقاً وغَسَقاناً: انصبَّت وأَرَشَّتْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: حِينَ غَسَق اللَّيْلُ عَلَى الظِّراب
أَيِ انْصَبَّ اللَّيْلُ عَلَى الْجِبَالِ. وغَسَق الجرحُ غَسْقاً وغَسَقاناً أَيْ سَالَ مِنْهُ مَاءٌ أَصفر؛ وأَنشد شَمِرٌ فِي الْغَاسِقِ بِمَعْنَى السَّائِلِ:
أَبْكِي لفَقْدِهمُ بعَينٍ ثَرَّة، ... تَجْري مَساربُها بعينٍ غاسِق
أَيْ سَائِلٍ وَلَيْسَ مِنَ الظُّلْمَةِ فِي شَيْءٍ. أَبو زَيْدٍ: غَسَقت الْعَيْنُ تَغْسِق غَسْقاً، وَهُوَ هَمَلان الْعَيْنِ بالعَمَش وَالْمَاءِ. وغَسَق الليل يَغْسِق غَسْقاً وغَسَقاناً وأَغْسَقَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ: انْصَبَّ وأَظلم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الرُّقَيّات:
إِنَّ هَذَا اللَّيْلَ قَدْ غَسَقا، ... واشْتَكَيْتُ الهَمَّ والأَرَقا
قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ حِينَ غَسق اللَّيْلُ عَلَى الظِّراب
؛ وغَسَقُ اللَّيْلِ: ظُلْمَتُهُ، وَقِيلَ أَول ظُلْمَتِهِ، وَقِيلَ غَسَقُه إِذَا غَابَ الشِّفَقُ. وأَغسَقَ المؤذِّن أَيْ أَخَّر الْمَغْرِبَ إِلَى غَسَق اللَّيْلِ. وَفِي حَدِيثِ
الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ: أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ يَوْمَ الْغَيْمِ أَغْسِقْ أَغْسِق
أَي أَخِّر الْمَغْرِبَ حَتَّى يَغْسِق اللَّيْلُ، وَهُوَ إِظْلَامُهُ، لَمْ نَسْمَعْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ
، هُوَ أَول ظُلْمَتِهِ، الأَخفش: غَسَقُ(10/288)
اللَّيْلِ ظُلْمَتُهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ
؛ قِيلَ: الغاسِقُ هَذَا اللَّيْلَ إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ الْقَمَرُ إِذَا دَخَلَ فِي ساهورِه، وَقِيلَ إِذَا خَسَفَ. ابْنُ قُتَيْبَةَ: الغاسِقُ الْقَمَرُ سُمِّيَ بِهِ لأَنه يُكْسَفُ فيَغْسِقُ أَيْ يَذْهَبُ ضوءُه وَيَسْوَدُّ ويُظلم. غَسَقَ يَغْسِقُ غُسوقاً إِذَا أَظلم. قَالَ ثَعْلَبٌ: وَفِي الْحَدِيثِ
أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: أَخذ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِيَدَيَّ لَمَّا طَلَعَ الْقَمَرُ وَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: هَذَا الغاسِقُ إذا وَقَبَ فتعوَّذي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ
أَيْ مِنْ شَرِّهِ إِذَا كُسِفَ. وَرُوِيَ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ
، قَالَ: الثُّرَيّا
؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يَعْنِي بِهِ اللَّيْلَ، وَقِيلَ لِلَّيل غاسِقٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لأَنه أَبرد مِنَ النَّهَارِ. والغاسِق: الْبَارِدُ. غَيْرُهُ: غَسَقُ اللَّيْلِ حِينَ يُطَخْطِخُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: غَسَقُ اللَّيْلِ دُخُولُ أَوَّله؛ يُقَالُ: أَتيته حِينَ غَسَق اللَّيْلُ أَيْ حِينَ يَخْتَلِطُ وَيَعْتَكِرُ وَيَسُدُّ المَناظرَ، يغْسِقُ غَسْقاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعد ما أَغْسَقَ
أَيْ دَخَلَ فِي الغَسَق وَهِيَ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي بَكْرٍ: أَنه أَمر عَامِرَ بْنَ فُهَيْرة وَهُمَا فِي الْغَارِ أَن يُرَوِّح عَلَيْهِمَا غَنَمَهُ مُغْسِقاً.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَغْسِق الليل على الظِّراب
أي حَتَّى يَغْشَى اللَّيْلُ بِظُلْمَتِهِ الْجِبَالَ الصِّغَارَ. والغاسِقُ: اللَّيْلُ؛ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ أَقبل الغَسَقُ. وَرُوِيَ عَنِ
الْحَسَنِ أَنه قَالَ: الغاسِقُ أَول اللَّيْلِ.
والغَسَّاقُ: كالغاسِقِ وَكِلَاهُمَا صِفَةٌ غَالِبَةٌ؛ وَقَوْلُ أَبِي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:
هِجانٌ فَلا فِي الكَوْنِ شَامٌ يَشِينُهُ، ... وَلَا مَهَقٌ يَغْشى الغَسِيقاتِ مُغْرَبُ
قَالَ السُّكَّرِيُّ: الغَسِيقاتُ الشَّدِيدَاتُ الْحُمْرَةِ. والغَسَّاق: مَا يَغْسِقُ وَيَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهل النَّارِ وَصَدِيدِهِمْ مِنْ قَيْحٍ وَنَحْوِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ
، وَقَدْ قرأَه أَبو عَمْرٍو بِالتَّخْفِيفِ، وقرأَه الْكِسَائِيُّ بِالتَّشْدِيدِ، ثَقَّلَهَا يَحْيَى بْنُ وَثَّاب وَعَامَّةُ أَصحاب عَبْدِ اللَّهِ، وَخَفَّفَهَا النَّاسُ بَعْدُ، وَاخْتَارَ أَبو حَاتِمٍ
غَساق
، بِتَخْفِيفِ السِّينِ، وقرأَ حَفْصٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَغَسَّاقٌ
مشدَّدة، وَمِثْلُهُ فِي عَمَّ يَتَساءَلُونَ، وقرأَ الْبَاقُونَ
وغَسَاقاً
، خَفِيفًا فِي السُّورَتَيْنِ، وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنهما قرآ غَسَّاقٌ
، وبالتشديد، وفسَّراه الزَّمْهَرِير.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَوْ أَنَّ دَلْواً مِنْ غَساق يُهَراقُ فِي الدُّنْيَا لأَنْتَنَ أَهل الدُّنْيَا
؛ الغَساق، بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ: مَا يَسِيلُ مِنْ صَدِيد أَهل النَّارِ وغُسالتهم، وَقِيلَ: مَا يَسِيلُ مِنْ دُمُوعِهِمْ، وَقِيلَ: الغَسَاق والغَسَّاق الْمُنْتِنُ الْبَارِدُ الشَّدِيدُ الْبَرْدِ الَّذِي يُحْرِقُ مِنْ بَرْدِهِ كَإِحْرَاقِ الْحَمِيمِ، وَقِيلَ: الْبَارِدُ فَقَطْ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: رُفِعَت الحَمِيمُ والغَسَّاقُ بِهَذَا مقدَّماً وَمُؤَخَّرًا، وَالْمَعْنَى هَذَا حَميم وغَسَّاق فَلْيَذُوقُوهُ. الْفَرَّاءُ: الغَسَق مِنْ قُماشِ الطَّعام. وَيُقَالُ: فِي الطَّعام زَوَانٌ وزُوَانٌ وزُؤَانٌ، بِالْهَمْزِ، وَفِيهِ غَسَقٌ وغَفاً، مَقْصُورٌ، وكَعابِير ومُرَيْراء وقَصَلٌ كلُّه مِنْ قُماش الطَّعام.
غفق: الغَفْقُ: الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا والدِّرَّةِ، غَفَقَهُ يغْفِقُهُ غَفْقاً: ضَرَبَهُ، وَالْغَفْقَةُ: المَرَّة مِنْهُ، وَقَدْ جَاءَ: عَفَقَهُ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ؛ وَرُوِيَ عَنْ
إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبيه قَالَ: مَرَّ بِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَنَا قَاعِدٌ فِي السُّوقِ وَهُوَ مَارٌّ لِحَاجَةٍ لَهُ مَعَهُ(10/289)
الدِّرَّةُ، فَقَالَ: هَكَذَا يَا سَلَمةُ، عَنِ الطَّرِيقِ فغَفَقَني بِهَا غَفْقَةً فَمَا أَصاب إِلَّا طَرَفها ثَوْبِي، قَالَ فأَمَطْتُ عَنِ الطَّرِيقِ فَسَكَتَ عَنِّي حَتَّى إِذَا كَانَ العامُ المُقْبل لَقِيَنِي فِي السُّوقِ فَقَالَ: يَا سَلَمَةُ أَردتَ الْحَجَّ الْعَامَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فأَخذ يَدِي فَمَا فَارَقَ يَدُه يَدي حَتَّى أَدخلني بَيْتَهُ فأَخرج كِيسًا فِيهِ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: يَا سَلَمَةُ خُذْهَا واسْتَعِنْ بِهَا عَلَى حَجِّك وَاعْلَمْ أَنَّهَا مِنَ الغَفْقَةِ الَّتِي غَفَقْتُك بِهَا عامَ أَوَّل قُلْتُ: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ، وَاللَّهِ مَا ذَكَرْتُها حَتَّى ذَكَّرْتنيها، فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا وَاللَّهِ مَا نسيتُها
قَالَ الأَصمعي: غَفَقْتُه بِالسَّوْطِ أَغْفِقُه ومَتَنْتُه بِالسَّوْطِ أَمْتُنه وَهُوَ أَشد مِنَ الغَفْق، وَقَوْلُهُ أَمَطْتُ عَنِ الطَّرِيقِ أَيْ تَنَحَّيت عَنْهُ. والغَفْقُ: الْهُجُومُ عَلَى الشيءِ والأَوْب مِنَ الغَيْبة فجأَةً. والمَغْفِقُ: المَرْجِعُ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
مِنْ بُعْد مَغْزايَ وبُعد المَغْفِقِ
والغَفْقُ: كَثْرَةُ الشُّرْبِ، غَفَقَ يَغْفِقُ غَفْقاً. وتَغَفَّقَ الشرابَ: شَرِبَهُ سَاعَةً بَعْدَ أُخرى، وَقِيلَ شَرِبَهُ يَوْمَهُ أَجْمَعَ. ابْنُ الأَعرابي: إِذَا تَحَسَّى مَا فِي إِنَائِهِ فَقَدْ تَمَزَّزَه، وَسَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ فَقَدْ تَفَوَّقَهُ، فَإِذَا أَكثر الشَّرَابَ فَقَدْ تَغَفَّق. وتَغَفَّقْت الشَّرَابَ تَغَفُّقاً إِذَا شَرِبْتَهُ. وظَلَّ يتَغَفَّقُ الشرابَ إِذَا شَرِبَهُ يومَه أَجمع، والغَفْقُ مِنْ صِفة الوِرْدِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
صَاحِبُ غاراتٍ مِنَ الوِرْدِ الغَفَقْ
وَقِيلَ: الغَفْقُ أَن تَرِدَ الإِبلُ كُلَّ سَاعَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرْعَى الغَضا مِنْ جانِبَيْ مُشَفِّقِ ... غِبّاً، وَمَنْ يَرْعَ الحُمُوضَ يَغْفِقِ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: شَرِبَتِ الإِبل غَفْقاً وَهِيَ تَغْفِقُ إِذَا شَرِبَتْ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى وَهُوَ الشُّرْبُ الْوَاسِعُ. والتَّغْفِيقُ: النَّوْمُ وَأَنْتَ تَسمْع حَدِيثَ الْقَوْمِ. وَيُقَالُ: غَفَّقوا السَّلِيمَ تَغْفِيقاً إِذَا عَالَجُوهُ وسَهَّدُوه؛ وَقَالَ مُلَيْحٌ:
وداوِيَّة مَلْساء تُمْسي سباعُها، ... بِهَا، مثلَ عُوَّادِ السَّلِيم المُغَفَّقِ
وَجُمْلَةُ التَّغْفِيق نومٌ فِي أَرَق. أَبُو عَمْرٍو: الغَيْفَقَةُ الإِهراقُ، وَكَذَلِكَ الدَّغْرَقة. أَبو عَمْرٍو: غَفَقَ وعَفَقَ إِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ رِيحٌ. والمُنْغَفَقُ: المُنْصَرَفُ، وقال الأَصعمي: المُنْعَطَفُ؛ وأنشد لرؤبة:
حَتَّى تَرَدَّى أَربعٌ، فِي المُنْغَفَقْ، ... بأَربعٍ يَنْزِعْنَ أَنفاسَ الرَّمَقْ
وغافِق: قبيلة.
غفلق: امرأَة غَفَلَّقَةٌ: عَظِيمَةُ الرَّكَب؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنَّمَا هِيَ عَفَلَّقَة، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذكرها.
غقق: غَقَّ القارُ وَمَا أَشبهه وغَقَّتِ القِدْرُ تَغِقُّ غَقّاً وغَقِيقاً: غَلَتْ فَسَمِعْتَ صَوْتَهَا. وغَقِيقُ الْقِدْرِ: صَوْتُ غَلَيانها، سُمِّيَ غَقِيقاً، وغِقْ غِقْ: لِحِكَايَةِ صَوْتِ الغَلَيان، وَكَذَلِكَ غَقْغَقَة صَوْتُ الصَّقْر حِكَايَةً؛ وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلْمَرْأَةِ الْوَاسِعَةِ الْمَتَاعِ الَّتِي يُسْمَعُ لَهَا صَوْتٌ عِنْدَ الخِلاط: غَقَّاقَة وغَقُوق وخَقَّاقَة وخَقُوق، وامرأَة غَقَّاقة: يُسْمَعُ لحَيائها صَوْتٌ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وغَقَّ بطنُه يغِقُّ غَقّاً وغَقِيقاً كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
سُلَيْمَانَ: إِنَّ الشَّمْسَ لتَقْرُبُ يوم القيامة من رؤوس النَّاسِ حَتَّى إِن بُطُونَهُمْ تَغِقّ غَقّاً
، وَفِي رِوَايَةٍ(10/290)
حَتَّى إِن بُطُونَهُمْ لَتَقُولُ غِقْ غِقْ.
وغَقّ الطَّائِرُ يَغِقّ غَقيقاً: صوَّت. وغَقَّ الصَّقر فِي صَوْتِهِ: رقَّقه، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْهُ، والصَّقر يُغَقْغِقُ فِي بَعْضِ أَصواته. وغَقّ الغُداف وَهُوَ حِكَايَةُ غِلَظِ صَوْتِهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الغَقّ حِكَايَةُ صَوْتِ الغُداف إِذَا بَحّ صوتُه. وغَقُّ الْمَاءِ وغَقِيقُه: صَوْتِهِ إِذَا خَرَجَ مِنَ ضِيقٍ إِلَى سَعَةٍ أَو مِنْ سَعَةٍ إِلَى ضِيقٍ. ابْنُ الأَعرابي: الغَقَقَةُ الغَواهقُ، وَهِيَ الْخَطَاطِيفُ الجبليّة.
غلق: غَلَقَ الْبَابَ وأَغْلَقه وغَلَّقه؛ الأُولى عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ عَزَاهَا إِلى أَبي زَيْدٍ وَهِيَ نَادِرَةٌ، فَهُوَ مُغْلَق، وَفِي التَّنْزِيلِ: وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ
؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: غَلَّقت الأَبواب لِلتَّكْثِيرِ، وَقَدْ يُقَالُ أَغْلَقت يُرَادُ بِهَا التَّكْثِيرُ، قَالَ: وَهُوَ عَرَبِيٌّ جَيِّدٌ. وَبَابٌ غُلُق: مُغْلَقٌ، وَهُوَ فُعُل بِمَعْنَى مَفْعول مِثْلُ قارُورَة، وَبَابٌ فُتُح أَي وَاسِعٌ ضَخْمٌ وجِذْع قُطُل، وَالِاسْمُ الغَلْقُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَبَابٍ إِذا مَا مالَ للغَلْقِ يَصْرِف
وَيُقَالُ: هَذَا مِنْ غَلَقْتُ الْبَابَ غَلْقاً، وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ مَتْرُوكَةٌ؛ قَالَ أَبو الأَسود الدُّؤَلِيُّ:
ولا أَقولُ لقِدْرِ الْقَوْمِ قَدْ غَلِيَتْ، ... وَلَا أَقولُ لِبَابِ الدَّار مَغْلوقُ
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
مَا زِلْتُ أَفتح أَبواباً وأُغْلِقها، ... حَتَّى أَتَيْتُ أَبا عَمْرو بنَ عَمَّارِ
قَالَ أَبو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: يُرِيدُ أَبا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ. وغَلِقَ البابُ وانْغَلقَ واسْتَغْلق إِذا عَسِرَ فَتْحُهُ. والمِغْلاقُ: المِرْتاجُ. والغَلَقُ: المِغْلاقُ، بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ مَا يُغْلَقُ بِهِ الْبَابُ وَيُفْتَحُ، وَالْجَمْعُ أَغْلاق؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُجَاوِزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ؛ وَاسْتَعَارَهُ الْفَرَزْدَقُ فَقَالَ:
فبِتْنَ بجانِبَيَّ مُصَرَّعاتٍ، ... وبِتُّ أَفُضّ أَغْلاقَ الخِتامِ
قَالَ الْفَارِسِيُّ: أَراد خِتام الأَغْلاقِ فقَلَب. وَفِي حَدِيثِ قَتْلِ أَبي رَافِعٍ:
ثُمَّ عَلَّقَ الأَغالِيقَ عَلَى وَدٍّ
؛ هِيَ الْمَفَاتِيحُ، وَاحِدُهَا إغْلِيقٌ، والغَلاقُ والمِغْلاق والمُغْلوق: كالغَلَق. واسْتَغْلَقَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ أَي ارْتُتِجَ عَلَيْهِ. وَكَلَامٌ غَلِقٌ أَي مُشْكِلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا طَلَاقَ وَلَا عَتاق فِي إغْلاقٍ
أَي فِي إِكْرَاهٍ، وَمَعْنَى الإِغْلاقِ الإِكراه، لأَن المُغْلَق مكرَهٌ عَلَيْهِ فِي أَمره ومضيَّق عَلَيْهِ فِي تَصَرُّفِهِ كأَنه يُغْلَقُ عَلَيْهِ الْبَابُ وَيُحْبَسُ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يطلِّق. وإغْلاقُ الْقَاتِلِ: إِسْلَامُهُ إِلى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ فيَحْكم فِي دَمِهِ مَا شَاءَ. يُقَالُ: أُغْلِق فُلَانٌ بجَرِيرتِهِ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَسارى حديدٍ أُغْلِقَتْ بدِمائها
وَالِاسْمُ مِنْهُ الغَلاقُ؛ وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
وَتَقُولُ العُداةُ: أَوْدَى عَدِيٌّ، ... وبَنُوهُ قَدْ أَيْقَنُوا بالغَلاقِ
ابْنُ الأَعرابي: أَغْلَقَ زيدٌ عَمْرًا عَلَى شَيْءٍ يَفْعَلُهُ إِذَا أَكرهه عَلَيْهِ. والمِغْلَقُ والمِغْلاق: السَّهْمُ السَّابِعُ مِنْ قِداح المَيْسِر. والمَغالِقُ: الأَزْلام، وَكُلُّ سَهْمٍ فِي الميسِر مِغْلَق؛ قَالَ لبيد:
وجَزُور أَيْسارٍ دَعَوْتُ، لحتْفِها، ... بمَغالِقٍ متشابِهٍ أَجْرامُها «5»
. والمَغالقُ: قِداح الميْسر؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُر:
__________
(5) . فِي معلقة لبيد: أجسامها بدل أجرامها: وفي رواية التبريزي: أعلامها أي علاماتها(10/291)
إِذَا قَحَطَتْ والزَّاجِرِين المَغالِقَا
اللَّيْثُ: المِغْلَقُ السَّهْمُ السَّابِعُ فِي مُضَعَّفِ المَيْسِر، وَسُمِّيَ مِغْلَقاً لأَنه يَسْتَغْلِقُ مَا يَبْقَى مِنْ آخِرِ المَيسِر، ويُجْمَع مَغالِقَ، وَأَنْشَدَ بَيْتَ لبيد:
وجَزُور أَيْسارٍ دعوت لِحَتْفِهَا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ بمَغالق، والمَغالقُ مِنْ نُعُوت قِداح المَيْسر الَّتِي يَكُونُ لَهَا الْفَوْزُ، وَلَيْسَتِ المَغالِقُ مِنْ أَسمائها، وَهِيَ الَّتِي تُغْلِقُ الخَطَر فَتُوجِبُهُ لِلْقَامِرِ الْفَائِزِ كَمَا يُغْلَقُ الرهنُ لِمُسْتَحَقِّهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ قَمِيئة:
بأَيديهمُ مَقْرُومةٌ ومَغالِق، ... يَعُودُ بأَرْزاقِ العيالِ مَنِيحُها
وَرَجُلٌ غَلِقٌ: سيء الْخُلُقِ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ احْتَدَّ فُلَانٌ فَغَلِقَ فِي حِدَّتِهِ أَيْ نَشِبَ؛ وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ أَن ابْنَ الأَعرابي أَنشده:
وَقَدْ جَعَلَ الرِّكُّ الضعيفُ يُسِيلُني ... إِليك، ويُشْريك القليلُ فتَغْلَقُ
قَالَ: الرِّكُّ الْمَطَرُ الضَّعِيفُ؛ يَقُولُ: إِذَا أَتاك عَنِّي شَيْءٌ قَلِيلٌ غَضِبْتَ وأَنا كَذَلِكَ فَمَتَى نَتَّفق؟ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: أَنت تَئِق وأَنا مَئِق فَكَيْفَ نَتَّفِقُ؟ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ يُسِيلني إِليك أَي يُغضبني فَيُغْرِينِي بِكَ، ويُشْرِيكَ أَي يُغْضِبُكَ فتَغْلق أَي تَغْضَبُ وَتَحْتَدُّ عَلَيَّ. وَيُقَالُ: أُغْلِقَ فُلَانٌ فَغَلِقَ غَلَقاً إِذَا أُغضب فَغَضِبَ وَاحْتَدَّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الغَلِقُ الْكَثِيرُ الْغَضَبِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شأْس:
فأَغْلَقُ مِنْ دونِ امْرِئٍ، إِنْ أَجَرْتُهُ، ... فَلَا تُبْتَغَى عوراتهُ غَلَقَ البَعْلِ
أَيْ أَغضب غَضَبًا شَدِيدًا. قَالَ: والغَلِقُ الضَّيِّقُ الخُلُق الْعَسِرُ الرِّضَا. وغَلِقَ فِي حِدَّته غَلَقاً: نَشِبَ، وَكَذَلِكَ الغَلِقُ فِي غَيْرِ الأَناسي. والغَلَقُ فِي الرَّهْنِ: ضِدُّ الْفَكِّ، فإِذا فَكَّ الراهنُ الرهنَ فَقَدْ أَطلقه مِنْ وِثاقه عِنْدَ مُرْتَهنه. وَقَدْ أَغْلَقْتُ الرَّهْنَ فَغَلِقَ أَيْ أَوْجَبْتُهُ فَوَجَبَ لِلْمُرْتَهِنِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وَرَجُلٌ ارْتَبَطَ فَرَسًا ليُغالِقَ عَلَيْهَا
أَيْ لِيُرَاهِنَ، وكأَنه كَرِهَ الرِّهان فِي الْخَيْلِ إِذْ كَانَ عَلَى رَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وغَلِقَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَغْلق غَلَقاً وغُلُوقاً، فَهُوَ غَلِقٌ، اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يُفْتَكّ فِي الْوَقْتِ الْمَشْرُوطِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يغْلَق الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ
؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَذْكُرُ امرأَة:
وفارَقَتْكَ برَهْنٍ لَا فكاكَ لَهُ، ... يَوْمَ الوَدَاع، فأَمْسَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقا
يَعْنِي أَنَّهَا ارْتَهَنَتْ قَلْبَهُ وَرَهَنَتْ بِهِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
هَلْ مِنْ نَجازٍ لمَوْعودٍ بَخِلْت بِهِ؟ ... أَوْ للرَّهين الَّذِي اسْتَغْلَقْت مِنْ فَادِي؟
وَأَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي لأَوس بْنِ حَجَرٍ:
عَلَيَّ العُمْرِ، واصطادَتْ فُؤَادًا كَأَنَّهُ ... أَبو غَلِقٍ، فِي لَيْلَتَيْنِ، مؤجَّل
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: أَبو غَلِقٍ أَيْ صَاحِبُ رَهْنٍ غَلِقَ، أَجله لَيْلَتَانِ أَنْ يُفَكّ، وغَلِقَ أَيْ ذَهَبَ. وَيُقَالُ: غَلِقَ الرهنُّ يَغْلَقُ غُلُوقاً إِذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ تَخَلُّصٌ وَبَقِيَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَقْدِرُ رَاهِنُهُ عَلَى تَخْلِيصِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُرْتَهِنُ إِذَا لَمْ يَسْتَفِكَّه صاحبُه. وَكَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ الرَّاهِنَ إِذَا لَمْ يُؤدِّ مَا عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مَلَكَ المرتهنُ الرَّهْنَ، فأَبطله الإِسلام. وَقَوْمٌ مَغَاليقُ: يَغْلَقُ الرَّهْنُ عَلَى أَيديهم. وَقَالَ(10/292)
ابْنُ الأَعرابي فِي حَدِيثٍ
داحسٍ وَالْغَبْرَاءِ: إِنَّ قَيْسًا أَتَى حُذَيْفَةَ بْنَ بدرٍ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مَا غَدَا بِكَ؟ قَالَ: غَدَوْتُ لأَواضِعَك الرِّهانَ
؛ أَرَادَ بِالْمُوَاضَعَةِ إِبطال الرِّهان أَيْ أَضعه وتَضعه، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: بَلْ غدوتَ لتُغْلِقَهُ أَيْ لِتُوجِبَهُ وَتُؤَكِّدَهُ. وأَغْلَقْتُ الرَّهْنَ أَيْ أَوجبته فَغَلِقَ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْ وَجَبَ لَهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: غَلِقَ الرهنُ إِذَا اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ غَلَقاً. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يغْلَقُ الرَّهْنُ
أَيْ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُرْتَهِنُ إِذَا لَمْ يَرُدَّ الرَّاهِنُ مَا رَهَنَهُ فِيهِ، وَكَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فأَبطله النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقَوْلِهِ:
لَا يغْلَقُ الرهنُ.
أَبو عَمْرٍو: الغَلَقُ الضَّجَر. وَمَكَانٌ غَلِقٌ وضَجِرٌ أَيْ ضَيِّقٌ، والضَّجْرُ الِاسْمُ، والضَّجَرُ الْمَصْدَرُ. والغَلَقُ: الْهَلَاكُ؛ وَمَعْنَى لَا يَغْلَق الرهنُ أَيْ لَا يَهْلِكُ. وَفِي كِتَابِ
عُمَرُ إِلَى أَبي مُوسَى: إِيَّاكَ والغَلَقَ
؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْغَلْقُ ضِيقُ الصَّدْرِ وَقِلَّةُ الصَّبْرِ. وأَغْلَقَ عَلَيْهِ الأَمرُ إِذَا لَمْ يَنْفسح. وغَلِقَ الأَسيرُ وَالْجَانِي، فَهُوَ غَلِقٌ: لَمْ يُفْدَ؛ قَالَ أَبو دَهْبَلٍ:
مَا زِلْتَ فِي الغَفْرِ للذنوب وإطْلاقٍ ... لِعَانٍ، بجُرْمِه، غَلِق
شَمِرٌ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ نَشِبَ فِي شَيْءٍ فَلَزِمَهُ قَدْ غَلِقَ، غَلِقَ فِي الْبَاطِلِ، وغَلِقَ فِي الْبَيْعِ، وغَلَق بَيْعُهُ فاسْتَغْلَقَ «1» . واسْتَغْلَق الرجلُ إِذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: اسْتَغْلَقَني فُلَانٌ فِي بَيْعي إِذَا لَمْ يَجْعَلْ لِي خِيَارًا فِي ردِّه، قَالَ: واسْتَغْلَقتُ عَلَى بَيْعَتِهِ؛ وأَنشد شَمِرٌ لِلْفَرَزْدَقَ:
وعَرَّد عَنْ بَنِيهِ الكَسْبَ مِنْهُ، ... وَلَوْ كَانُوا أُولي غَلَقٍ سِغَابا
أُولي غَلَقٍ أَيْ قَدْ غَلِقُوا فِي الْفَقْرِ وَالْجُوعِ. جَمَلٌ غَلْق وغَلْقَةٌ إِذَا هَزَلَ وَكَبُرَ. النَّوَادِرُ: شيْخٌ غَلْقٌ وَجَمَلٌ غَلْقٌ، وَهُوَ الْكَبِيرُ الأَعْجَفُ. وغَلِقَ ظهرُ الْبَعِيرِ غَلَقاً، فَهُوَ غَلِقٌ: انْتَقَضَ دَبَرُه تَحْتَ الأَدَاةِ وكثُر غَلَقاً لَا يبرأُ. وَيُقَالُ: إِنَّ بَعِيرَكَ لغَلِقُ الظَّهْرِ، وَقَدْ غَلِقَ ظهرُه غَلَقاً، وَهُوَ أَن تَرَى ظَهْرَهُ أَجْمَعَ جُلْبَتَين آثَارَ دبَرٍ قَدْ برأَت فأَنت تَنْظُرُ إِلَى صَفْحَتَيْهِ تَبْرُقان. ابْنُ شُمَيْلٍ: الغَلَقُ شرُّ دَبَر الْبَعِيرِ لَا يَقْدِرُ أَنْ تُعادَى الأَداةُ عَنْهُ أَيْ تُرْفَعَ عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ مُرْتَفِعًا، وَقَدْ عادَيْت عَنْهُ الأَداةَ: وَهُوَ أَنْ تَجُوبَ عَنْهُ القَتَب والحِلْس. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: شَفَاعَةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لِمَنْ أَوثَقَ نفسَه وأَغْلَقَ ظهرَه.
وغَلِقَ ظهرُ الْبَعِيرِ إِذَا دَبِرَ، وأَغْلَقَهُ صَاحِبُهُ إِذَا أَثقل حِمْلَهُ حَتَّى يَدْبَرَ؛ شَبَّهَ الذُّنُوبَ الَّتِي أَثقلت ظَهْرَ الإِنسان بِذَلِكَ. وغَلِقَت النَّخْلَةُ غَلَقاً، فَهِيَ غَلِقةٌ: دوَّدَتْ أُصول سَعَفها وَانْقَطَعَ حَمْلُها. والغِلْقةُ والغَلْقةُ: شَجَرَةٌ يَعْطِنُ بِهَا أَهلُ الطَّائِفِ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَلْقة شَجَرَةٌ لَا تُطَاقُ حِدَّةً يَتَوَقَّعُ جَانِيهَا عَلَى عَيْنَيْهِ مِنْ بُخَارِهَا أَوْ مَائِهَا، وَهِيَ الَّتِي تُمَرَّطُ بِهَا الْجُلُودُ فَلَا تَتْرُكُ عَلَيْهَا شَعْرَةً وَلَا لُحْمَةً إلَّا حَلَقَتْهُ؛ قَالَ الْمَرَّارُ:
جَرِبْنَ فَلَا يُهْنَأْنَ إلَّا بِغَلْقَةٍ ... عَطِينٍ، وأَبوالِ النِّساءِ القَواعِدِ
وَأَوْرَدَ الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ وَنَسَبَهُ لمزَرّد. ابْنُ السِّكِّيتِ: إهَابٌ مَغْلُوق إِذَا جَعَلْتَ فِيهِ الغَلْقَة
__________
(1) . قوله [وغلق بيعه فاستغلق] هكذا هو بهذا الضبط في الأَصل(10/293)
حِينَ يُعْطَنُ، وَهِيَ شَجَرَةٌ تَعْطِنُ [تَعْطُنُ] بِهَا أَهْلُ الطَّائِفِ، وَقَالَ مَرَّةً: هِيَ عُشْبَةٌ تجفَّف وَتُطْحَنُ ثُمَّ تُضْرَبُ بِالْمَاءِ وَتُنْقَعُ فِيهَا الْجُلُودُ فَتُمَرَّطُ، وَرُبَّمَا خُلِطَتْ بِهَا شَجَرَةٌ تُسَمَّى الشَّرْجَبان، يُقَالُ مِنْهُ أَديم مَغْلوق. وَقَالَ مَرَّةً: الغَلْقةُ، بِالْفَتْحِ، عَنِ الْبَكْرِيِّ وَغَيْرِهِ، والغِلْقَةُ، بِالْكَسْرِ، عَنْ أَعرابي مِنْ رَبِيعَةَ، كِلَاهُمَا: شَجَرَةٌ تُشْبِهُ العِظْلِمَ مُرَّة جِدًّا وَلَا يأْكلها شَيْءٌ، وَالْحَبَشَةُ يَطْبُخُونَهَا ثُمَّ يَطْلُونَ بِمَائِهَا السِّلَاحَ فَلَا يُصِيبُ شَيْئًا إِلَّا قَتَلَهُ. وغَلَّاق: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ. وغَلَّاق: قَبِيلَةٌ أَو حَيٌّ؛ أَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي:
إِذَا تَجَلَّيْتَ غَلَّاقاً لِتَعْرِقَها، ... لاحَتْ مِنَ اللُّؤْمِ فِي أَعْناقها الكُتبُ
إنِّي وأَتْيَ ابنِ غَلَّاقٍ لِيَقْرِيَني، ... كَغَابِطِ الْكَلْبِ يَبْغي النِّقْيَ فِي الذَّنَبِ
وَيُرْوَى: يَبْغِي الطِّرْقَ، ويروى: يرجو الطِّرْق.
غلفق: الغَلْفَقُ: الطُّحْلُب وَهُوَ الْخُضْرَةُ عَلَى رأْس الْمَاءِ، وَيُقَالُ يَنْبُتُ فِي الْمَاءِ ذُو وَرَقٍ عِراضٍ؛ قَالَ الزَّفَيان:
ومَنْهَل طامٍ عَلَيْهِ الغَلْفَقُ ... يُنيرُ، أَوْ يُسْدي بِهِ الخَدَرْنَقُ
وَقَالَ آخَرُ:
يَكْشِفْنَ عَنْهُ غَلْفَقَ العِرْمَاضِ
ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِوَرَقِ الكَرْم الغَلْفَقُ، والغَلْفَقُ الخُلَّبُ مَا دَامَ عَلَى شَجَرَتِهِ، أَعني بالخُلَّب وَرَقَ الكَرْم ولِيفَ النَّخْلِ. والغَلْفَقُ: الْقَوْسُ اللَّيِّنة جِدًّا حَتَّى يَكُونَ لِينُهَا رَخَاوَةً وَلَا خَيْرَ فِيهَا، قَالَ الرَّاجِزُ:
تَحْمِلُ فَرْع شَوْحَطٍ لَمْ تُمْحَقِ، ... لَا كَزَّةِ العُودِ وَلَا بِغَلْفَقِ
وَيُقَالُ: إِنَّ اللَّامَ فِي ذَلِكَ زَائِدَةٌ. وَقَوْسٌ غَلْفَق أَيْ رَخْوَةٌ. والغَلْفَقُ مِنَ النِّسَاءِ: الرطبةُ الهَنِ، وَقِيلَ: هِيَ الخَرْقاءُ السَّيِّئَةُ الْعَمَلِ وَالْمَنْطِقِ. وامرأَة غِلْفَاقُ الْمَشْيِ: سَرِيعَتُهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للمرأَة الطَّوِيلَةِ الْعَظِيمَةِ الْجِسْمِ غِلْفاق وخِرْباقٌ ومُزَنَّرَةٌ ولُبَاخِيَّة. وَدَلْوٌ غَلْفَقٌ: كَبِيرَةٌ. وغُلافِقُ: مَوْضِعٌ. والغَلْفَقِيقُ: الدَّاهِيَةُ، وَقِيلَ السَّرِيعُ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. وَعَيْشٌ غَلْفَقٌ: رخيّ.
غمق: غَمِقَ النباتُ يَغْمَقُ غَمَقاً، وَهُوَ نَبَاتٌ غَمِقٌ: فَسَدَ مِنْ كَثْرَةِ الأَنداءِ عَلَيْهِ فَوَجَدْتَ لِرِيحِهِ خَمَّةً وَفَسَادًا. وغَمِقَت الأَرض غَمَقاً، فَهِيَ غَمِقة: أَصَابَهَا نَدًى وَثِقَلٌ ووَخامةٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَمَقُ الْبَحْرِ ومدُّه فِي الصَّفَرِيَّةِ. وَبَلَدٌ غَمِقٌ: كَثِيرُ الْمِيَاهِ رَطْبُ الْهَوَاءِ. وَكَتَبَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بِالشَّامِ: إِنَّ الأُرْدُنَّ أَرض غَمِقَةٌ وَإِنَّ الجابِيَة أَرض نَزِهَةٌ فاظْهَرْ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهَا
؛ والنَّزِهة الْبَعِيدَةُ مِنَ الرِّيفِ، والغَمِقةُ الْقَرِيبَةُ مِنَ الْمِيَاهِ والخُضَر والنُّزوز، فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ قَارَبَتِ الأَوْبِيَةَ، والغَمَق فِي ذَلِكَ فَسَادُ الرِّيحِ وخُمومها مِنْ كَثْرَةِ الأَندَاء فَيَحْصُلُ مِنْهَا الوَباء. أَبو زَيْدٍ: غَمِقَ الزَّرْعُ غَمَقاً إِذَا أَصابه نَدًى فَلَمْ يَكَدْ يَجِفُّ. وَقَالَ الأَصمعي: الغَمَق النَّدَى، وَقِيلَ: الغَمَق، بِالتَّحْرِيكِ، رُكُوبُ النَّدَى الأَرض. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ مَكَانٌ غَمِقٌ قَدْ رُوِيَ حَتَّى لَا يَسُوغُ فِيهِ الْمَاءُ، وَلَيْلَةٌ غَمِقةٌ لَثِقَة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ أَيضاً: إِذَا زَادَ النَّدَى فِي الأَرض حَتَّى لَا يَجِدَ مَسَاغًا فَهِيَ غَمِقَة، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُفْسِدِهَا مَا لَمْ تَقِئْهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:(10/294)
جَوارِناً يَخْبِطْنَ أَنداء الغَمَقْ
ابْنُ شُمَيْلٍ: أَرض غَمِقةٌ لَا تَجِفُّ بِوَاحِدَةٍ وَلَا يُخْلِفُهَا الْمَطَرُ. وعُشْب غَمِقٌ: كَثِيرُ الْمَاءِ لَا يُقْلِع عنه المطر.
غهق: الغَيْهق: الطَّوِيلُ مِنَ الإِبل وَغَيْرُهَا. وغَيْهَقَ الظلامُ: اشتدَّ. وغَيْهَقَتْ عينُه: ضَعُفَ بَصَرُهَا. وَقَالَ النَّضْرُ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَبو تُرَابٍ: الغَوْهَقُ الْغُرَابُ؛ وأَنشد:
يَتْبَعْنَ ورْقاء كلَوْنِ الغَوْهَقِ
قَالَ الأَزهري: والثابت عندنا لابن الأَعرابي وَغَيْرِهِ العَوْهَقُ الْغُرَابُ، بِالْعَيْنِ، وَلَا أُنكر أَن تَكُونَ الْغَيْنُ لُغَةً، وَلَا أَحقه. وَقَالَ الأَزهري أَيضاً فِي تَرْجَمَةِ عهق: أَبو عُبَيْدٍ الغَيْهق، بَالِغِينَ، النَّشَاطُ وَيُوصَفُ بِهِ العِظَم والتَّرارةُ؛ قَالَ الرِّيَاشِيُّ سَمِعْتُ أَبا عُبَيْدَةَ يُنْشِدُ:
كأَنّ مَا بِي مِنْ إِراني أَوْلَقُ، ... وللشبَاب شِرَّة وغَيْهقُ
ومَنْهَل طَامٍ عَلَيْهِ الغَلْفَقُ ... يُنير، أَو يُسْدِي بِهِ الخَدَرْنَقُ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الإِرَانُ النَّشَاطُ، والأَولق الْجُنُونُ، وَكَذَلِكَ الغَيْهق والغَلْفَق الطُّحْلُبُ؛ قَالَ: فالغَيْهق، بِالْغَيْنِ، مَحْفُوظٌ صَحِيحٌ، قَالَ: وأَما العَيْهقَة، بِالْعَيْنِ، فَلَا أَحفظها لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَلَا أَدري أَهي لُغَةٌ مَحْفُوظَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ أَو تَصْحِيفٌ، رَوَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ قَالَ: غَيْهَقَ الرجلُ غَيْهقَة تَبَخْتَرَ.
غوق: الغَوِيق: الصَّوْتُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْعَيْنُ أَعلى، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والغَاقُ والغَاقَة: مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ. وغاقِ: حِكَايَةُ صَوْتِ الْغُرَابِ، فإِن نكَّرته نَوَّنته، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي غَيَقَ؛ قَالَ الْقُلَاخُ بْنُ حَزْن:
مُعاوِدٌ للجُوع والإِمْلاقِ، ... يَغْضَب إِن قَالَ الغُراب: غاقِ
أَبْعَدَكُنَّ اللهُ مِنْ نِياقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده مُعاوداً لِلْجُوعِ لأَن قَبْلَهُ:
انْفَدْ، هداكَ اللهُ، مِنْ خُناقِ، ... وصَعْدَةُ العاملُ للرُّسْتاقِ
أَقْبَلَ مِنْ يَثْرِبَ فِي الرِّفاقِ، ... مُعاوِداً لِلْجُوعِ والإِمْلاقِ
أَبْعدَكُنَّ اللهُ مِنْ نِياقِ ... إِن لَمْ تُنَجّين مِنَ الوِثاقِ
بأَربع مِنْ كَذِبٍ سُماقِ
وأَنشد شَمِرٌ:
عَنْهُ وَلَا قَوْل الغرابِ غَاقِ، ... وَلَا الطَّبِيبان ذَوَا التِّرْياق
وَيُقَالُ: سَمِعْتُ غاقِ غاقِ وغاقٍ غاقٍ، ثُمَّ سُمِّيَ الْغُرَابُ غَاقاً فَيُقَالُ: سَمِعْتُ صَوْتَ الغَاقِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا سُمِّيَ الْغُرَابُ بِهِ لِصَوْتِهِ؛ قَالَ:
وَلَوْ تَرَى، إِذ جُبَّتِي مِنْ طَاقِ، ... ولِمَّتي مِثْلُ جَناح غَاقِ
أَي مِثْلُ جَنَاحِ غُرَابٍ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِذا قلتَ حِكَايَةَ صَوْتِ الْغُرَابِ غاقٍ غاقٍ فكأَنك قلتَ بُعْداً بُعْداً وفِراقاً فِراقاً، وإِذا قُلْتَ غاقِ غاقِ فكأَنك قُلْتَ البُعْدَ البُعْدَ، فَصَارَ التَّنْوِينُ عَلَمَ التَّنْكِيرِ وَتَرْكُهُ عَلَمَ التَّعْرِيفِ. والوَغِيقُ: صَوْتُ قُنْبِ الدَّابَّةِ وَهُوَ وِعَاءُ جُرْدَانه؛(10/295)
عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كأَنه مَقْلُوبٌ عَنِ الغَوِيقِ أَو لُغَةٌ فيه.
غيق: غَيَّقَ فِي رأْيه تَغْييقاً: اخْتَلَطَ فَلَمْ يَثْبُتْ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ يَموج؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
غَيَّقْنَ، بالمكْحُولةِ السَّوَاجِي، ... شيطانَ كلِّ مُتْرَف سَدَّاجِ
قَالَ الأَصمعي: غَيَّقْنَ مَوَّجن، وَالْمَعْنَى ضَلَّلْنَ. وغَيَّقَ ذَلِكَ الأَمر بَصَرِي: فَتَحَهُ فَجَاءَ بِهِ وَذَهَبَ وَلَمْ يَدَعْه فَيَثْبُتُ. وتَغَيَّقَ بَصَرُهُ: اسْمَهَرَّ وأَظلم. وغَيَّقَ بصرَه: عَطَفَهُ. وغَيَّقَ الشيءُ بَصَرَهُ إِذا حَيَّره، قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَذِيُّ أَوْرَادٍ يُغَيِّقْن البَصَرْ
الْمُفَضَّلُ: غَيَّقَ فُلَانٌ مَالَهُ تَغْييقاً إِذا أَفسده. وغَيَّقَ الطَّائِرُ: رَفْرَفَ عَلَى رأْسه فَلَمْ يَبْرَحْ. وغَيْقة: مَوْضِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ غَيْقَة، بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ بِلَادِ غِفَار، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ؛ وَقَالَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيح:
فَغَيْقَةُ فالأَخْيافُ، أَخيافُ ظَبْيةٍ، ... بِهَا مِنْ لُبَيْنَى مَخْرفٌ ومَرابِعُ
فصل الفاء
فأق: الفائِقُ: عَظْمٌ فِي الْعُنُقِ. وفَئِق فَأَقاً، فَهُوَ فَئِقٌ مفئِقٌ: اشْتَكَى فَائِقَهُ. اللَّيْثُ: الفَأَقُ دَاءٌ يأْخذ الإِنسان فِي عَظْمِ عُنُقِهِ الْمَوْصُولِ بِدِمَاغِهِ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْعَظْمِ الفَائِقُ؛ وأَنشد:
أَو مُشْتَكِي فائِقَه مِنَ الفَأَقْ
وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَشْتَكِي عَظْمَ فائِقِه يَعْنِي الْعَظْمَ الَّذِي فِي مُؤَخَّرِ الرأْس يَغْمِزُ مِنْ دَاخِلِ الْحَلْقِ إِذا سَقَطَ. والفُؤَاقُ: الرِّيحُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الْمَعِدَةِ، لُغَةٌ فِي الفُوَاقِ، وَقَدْ فَأَقَ يَفْأَقُ فُؤَاقاً. وتَفَأَّق الشَّيْءُ: تَفَرَّجَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَو فَكّ حِنْوَيْ قَتَبٍ تَفَأَّقا
وإِكافٌ مُفَأَّق: مُفَرَّجٌ. ابْنُ الأَعرابي: الفائِقُ هُوَ الدُّرْدَاقِسُ. التَّهْذِيبُ: الفُؤَاقُ الْوَجَعُ، مَضْمُومٌ مَهْمُوزٌ لَا غَيْرُ، والفُوَاق بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، وَهُوَ السُّكُونُ، غير مهموز.
فتق: الفَتْق: خِلَافَ الرَّتْق. فَتَقَهُ يَفْتُقُه ويَفْتِقُه فَتْقاً: شقه؛ قال:
ترى جَوَابها بِالشَّحْمِ مَفْتُوقا
إِنما أَراد مَفْتُوقَةً فأَوقع الْوَاحِدَ مَوْقِعَ الْجَمَاعَةِ. وفَتَّقهُ تَفْتِيقاً فانْفتَقَ وتَفَتَّق. والفَتْقُ: الخَلَّةُ مِنَ الْغَيْمِ، وَالْجَمْعُ فُتُوق؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْحَذْلَمِيُّ:
إِنَّ لَهَا فِي العامِ ذِي الفُتُوقِ، ... وزَلَلِ النيَّةِ والتَّصْفِيقِ،
رِعْيةَ ربٍّ ناصحٍ شَفِيقِ، ... يَظَلُّ تَحْتَ الفَنَنِ الوَرِيقِ،
يَشُولُ بالمِحْجَنِ كالمَحْروقِ
قَوْلُهُ لَهَا يَعْنِي للإِبل، ذُو الفُتُوق: الْقَلِيلُ الْمَطَرِ، وزَلَلُ النيَّة: أَن تَزِلَّ مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ لِطَلَبِ الكلإِ، والنيَّةُ: حَيْثُ يُنْوى مِنْ نَوَاحِي الْبِلَادِ، والمِحْجَنُ: شَيْءٌ يُجْذَبُ بِهِ أَغصان الشَّجَرِ لِتَقْرُبَ مِنَ الإِبل فتأْكل مِنْهَا، فإِذا سَئِمَ رَبَطَ فِي أَسفل المِحْجَن عِقَالًا ثُمَّ جَعَلَهُ فِي رُكْبَتِهِ، والمَحْروق: الَّذِي انْقَطَعَتْ حَارِقَتُهُ. وأَفْتَقَ القومُ: تَفَتَّق عَنْهُمُ الْغَيْمُ. وأَفْتَقَ(10/296)
قَرْنُ الشَّمْسِ: أَصاب فَتْقاً مِنَ السَّحَابِ فَبَدَا مِنْهُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
تُرِيكَ بياضَ لَبَّتِها ووَجْهاً، ... كقَرْنِ الشَّمْسِ، أَفْتَقَ ثُمَّ زَالا
والفِتَاقُ: الشَّمْسُ حِينَ يُطْبقُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَبْدُو مِنْهَا شَيْءٌ. والفَتَقَةُ: الأَرض الَّتِي يُصِيبُ مَا حَوْلَهَا الْمَطَرُ وَلَا يُصِيبُهَا. وأَفْتَقْنا: لَمْ تُمْطَر بلادُنا ومُطِرَ غيرُنا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَحُكِيَ: خَرَجْنَا فَمَا أَفْتَقْنا حَتَّى وَرَدْنَا الْيَمَامَةَ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، فَقَدْ يَكُونُ مِنْ قَوْلِهِ أَفْتَقَ الْقَوْمُ إِذا تَفَتَّقَ عَنْهُمُ الغيم، وقد يكون قَوْلِهِمْ أَفْتَقْنا إِذا لَمْ تُمْطَر بلادُنا ومُطِر غيرُها. والفَتْقُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي لَمْ يُمْطَرُ. وَفِي حَدِيثِ مَسِيرِهِ إِلى بَدْرٍ:
خَرَجَ حَتَّى أَفْتَقَ بَيْنَ الصَّدْمتين
أَي خَرَجَ مِنْ مَضيق الْوَادِي إِلى المُتَّسع. وأَفْتَقَ السحابُ إِذا انْفَرَجَ. وأَفْتَقْنا: صَادَفْنَا فَتْقاً أَي مَوْضِعًا لَمْ يُمْطَرْ وَقَدْ مُطِرَ مَا حَوْلَهُ؛ وأَنشد:
إِنَّ لَهَا فِي الْعَامِ ذِي الفُتوقِ
والفَتَقُ: الصُّبْحُ. وَصُبْحٌ فَتِيقٌ: مُشرق. التَّهْذِيبُ: والفَتْق انْفِلَاقُ الصُّبْحِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ لاحَ للسَّارِي الَّذِي كَمَّل السُّرَى، ... عَلَى أُخْرَياتِ اللَّيْلِ، فَتْقٌ مُشَهَّرُ
والفَتِيقُ اللسانِ: الحُذَاقيّ الْفَصِيحُ. وَرَجُلٌ فَتِيقُ اللِّسَانِ، عَلَى فَعِيلٍّ: فصيحُه حَدِيدُه. ونَصْلٌ فَتِيق: حَدِيدُ الشَّفْرتين جُعِلَ لَهُ شُعْبتان كأَنَّ إِحداهما فُتِقَتْ مِنَ الأَخرى؛ وأَنشد:
فَتِيقَ الغِرَارَينِ حَشْراً سَنينَا
وَسَيْفٌ فَتِيقٌ إِذا كَانَ حَادًّا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: كنَصْل الزَّاعِبيّ فَتِيق. وفَتَقَ فُلَانٌ الْكَلَامَ وبَجَّه إِذا قوَّمه ونقَّحه. وامرأَة فُتُق، بِضَمِّ الْفَاءِ وَالتَّاءِ: مُتَفَتِّقَة بِالْكَلَامِ. والفَتَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ امرأَة فَتْقاء، وَهِيَ المُنْفَتِقةُ الْفَرْجِ خِلَافُ الرَّتْقاء. أَبو الْهَيْثَمِ: الفَتْقاءُ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي صَارَ مَسْلَكاها وَاحِدًا وَهِيَ الأَتُومُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: امرأَة فُتُق لِلَّتِي تَفْتُقُ فِي الأُمور؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
ليْسَت بشَوْشَاةِ الحديثِ، وَلَا ... فُتُق مُغَالبة عَلَى الأَمْرِ
والفِتاقُ: انْفِتاقُ الْغَيْمِ عَنِ الشَّمْسِ فِي قَوْلِهِ:
وفَتَاة بَيْضاء نَاعِمَةُ الجِسْمِ ... لَعُوب، ووَجْهُها كالفِتاق
وَقِيلَ: الفِتاقُ أَصل اللِّيف والأَبيض يشبَّه بِهِ الْوَجْهُ لِنَقَائِهِ وَصَفَائِهِ، وَقِيلَ: الفِتاقُ أَصل اللِّيفِ الأَبيض الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ. والفَتْق: انْشِقَاقُ العَصا وَوُقُوعُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ وتصدُّع الْكَلِمَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحِلُّ المسأَلة إِلَّا فِي حَاجَةٍ أَو فَتْق.
التَّهْذِيبُ: والفَتْق شقُّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ مِنْ قِبَل حَرْب فِي ثَغْرٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ؛ وأَنشد:
وَلَا أَرى فَتْقَهُمْ فِي الدِّينِ يَرْتَتِقُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
يسأَل الرَّجُلُ فِي الجَائِحة أَو الفَتْق
أَي الْحَرْبِ يَكُونُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَتَقَعُ فِيهَا الْجِرَاحَاتُ وَالدِّمَاءُ، وأَصله الشَّقُّ وَالْفَتْحُ، وَقَدْ يُرَادُ بالفَتْق نَقْضُ الْعَهْدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: اذْهَبْ فَقَدْ كَانَ فَتْقٌ بَيْنَ جُرَش.
وأَفْتَقَ الرَّجُلُ إِذا أَلحت عَلَيْهِ الفُتُوق، وَهِيَ الْآفَاتُ مِنْ جُوعٍ وَفَقْرٍ ودَيْنٍ. والفَتْقُ: علَّة(10/297)
أَو نُتُوٌّ فِي مَرَاقِّ الْبَطْنِ. التَّهْذِيبُ: الفَتْقُ يُصِيبُ الإِنسان فِي مَرَاقِّ بَطْنِهُ يَنْفَتِقُ الصِّفاق الدَّاخِلُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والفَتْق، هُوَ انْفِتَاقُ المثانةِ، وَيُقَالُ: هُوَ أَن يَنْفَتِقَ الصِّفاق إِلى دَاخِلٍ، وَكَانَ الأَزهري يَقُولُ: هُوَ الفَتَق، بِفَتْحِ التَّاءِ، وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: فِي الفَتَق الدِّيَةُ
؛ قَالَ الْهَرَوِيُّ: هَكَذَا أَقرأَنيه الأَزهري بِفَتْحِ التَّاءِ. وَفِي
صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ فِي خَاصِرَتَيْهِ انْفِتاق
أَي اتِّسَاعٌ، وَهُوَ مَحْمُودٌ فِي الرِّجَالِ مَذْمُومٌ فِي النِّسَاءِ. والفَتْق: أَن تَنْشق الْجِلْدَةُ الَّتِي بَيْنَ الخُصْية وأَسفل الْبَطْنِ فَتَقَعُ الأَمْعاء فِي الْخُصْيَةِ. والفَتَقُ: الْخِصْبُ، سمِّي بِذَلِكَ لِانْشِقَاقِ الأَرض بِالنَّبَاتِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تأْوي إِلى سَفْعاءَ كَالثَّوْبِ الخَلَقْ، ... لَمْ تَرْجُ رِسْلًا بَعْدَ أَعوامِ الفَتَقْ
أَي بَعْدَ أَعوام الخِصْب، تَقُولُ مِنْهُ: فَتِقَ، بِالْكَسْرِ. وَعَامُ الفَتَق: عَامُ الْخِصْبِ. وَقَدْ أَفْتَقَ الْقَوْمُ إِفْتاقاً إِذا سَمِنَتْ دَوَابُّهُمْ فَتَفَتَّقَت. وتَفَتَّقَت خَوَاصِرُ الْغَنَمِ مِنَ الْبَقْلِ إِذا اتَّسَعَتْ مِنْ كَثْرَةِ الرَّعْيِ. وَبَعِيرٌ فَتِيقٌ وَنَاقَةٌ فَتِيقٌ أَي تَفَتَّقَتْ فِي الْخِصْبِ، وَقَدْ فَتِقَتْ تَفْتَقُ فَتَقاً. وَعَامٌ فَتِقٌ: خَصِيبٌ. وانْفَتَقَت الْمَاشِيَةُ وتَفَتَّقَتْ: سَمِنَتْ. وَجَمَلٌ فَتِيقٌ إِذا تَفَتَّقَ سِمَنًا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فمُطِروا حَتَّى نَبَتَ العُشْب وَسَمِنَتِ الإِبل حَتَّى تَفَتَّقَتْ
أَي انْتَفَخَتْ خَوَاصِرُهَا وَاتَّسَعَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَا رَعَتْ، فَسُمِّيَ عَامَ الفَتَقِ أَي الْخِصْبِ. الْفَرَّاءُ: أَفْتَقَ الحيُّ إِذا أَصاب إِبلهم الفَتَقُ، وَذَلِكَ إِذا انْفَتَقَتْ خَوَاصِرُهَا سِمَناً فَتَمُوتُ لِذَلِكَ وَرُبَّمَا سَلِمَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ فُتُق، هُوَ بِضَمَّتَيْنِ: مَوْضِعٌ فِي طَرِيقِ تَبَالة، سَلَكَهُ قُطْبة بْنُ عَامِرٍ لَمَّا وَجَّهَهُ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليُغير عَلَى خَثْعَم سَنَةَ تِسْعٍ. والفَتَقُ: داءٌ يأْخذ النَّاقَةَ بَيْنَ ضَرْعِهَا وَسُرَّتِهَا فَتَنْفَتِقُ وَذَلِكَ مِنَ السِّمَنِ. أَبو زَيْدٍ: انْفَتَقَت النَّاقَةُ انْفِتاقاً، وَهُوَ الفَتَقُ، وَهُوَ داءٌ يأْخذها مَا بَيْنَ ضَرْعِهَا وَسُرَّتِهَا، فَرُبَّمَا أَفْرَقَتْ وَرُبَّمَا مَاتَتْ وَذَلِكَ مِنَ السِّمَنِ، وَقِيلَ: الفَتَقُ انْفِتَاقُ الصِّفاق إِلى دَاخِلٍ فِي مراقِّ الْبَطْنِ وَفِيهِ الدِّيَةُ، وَقَالَ شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ: فِيهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ: فِيهِ الِاجْتِهَادُ مِنَ الْحَاكِمِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيهِ الحُكُومة، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَنْقَطِعَ اللَّحْمُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الأُنْثَيَيْنِ. وفَتَق الْخِيَاطَةَ يَفْتِقُها. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما
، قَالَ: فُتِقَتِ السماءُ بالقَطْر والأَرض بِالنَّبَاتِ، وَقَالَ الزجاج: المعنى أَن السموات كَانَتْ سَمَاءً وَاحِدَةً مُرْتَتِقةً لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ فَجَعَلَهَا اللَّهُ غَيْرَ وَاحِدَةٍ، ففَتَقَ اللَّهُ السَّمَاءَ فَجَعَلَهَا سَبْعًا وَجَعَلَ الأَرض سَبْعَ أَرضين، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى أَنه يُرِيدُ بفَتْقِها كَوْنَ الْمَطَرِ قَوْلُهُ: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ. ابْنُ الأَعرابي: أَفْتَق القمرُ إِذا بَرَزَ بَيْنَ سَحَابَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ، وأَفْتَقَ الرَّجُلُ إِذا اسْتَاكَ بالفِتَاقِ، وَهُوَ عُرْجُونُ الكِباسَةِ، وفَتَقَ الطِّيبَ يَفْتُقه فَتْقاً: طيَّبه وَخَلَطَهُ بِعُودٍ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الدُّهْنُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
لَهَا فَأْرةٌ ذَفْرَاءُ كُلَّ عشيّةٍ، ... كَمَا فَتَقَ الكافورَ بالمِسْكِ فاتِقُه
ذَكَرَ إِبلًا رَعَتِ الْعُشْبَ وزَهْرته وأَنها نَدِيَتْ جُلُودُهَا فَفَاحَتْ رَائِحَةُ الْمِسْكِ. والفِتاقُ: مَا فُتِقَ بِهِ. وفَتْقُ الْمِسْكِ بِغَيْرِهِ: اسْتِخْرَاجُ رَائِحَتِهِ بِشَيْءٍ تُدْخِلُهُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الفِتَاقُ أَخلاط مِنْ أَدوية مَدْقُوقَةٍ تُفْتَقُ أَي تُخْلَطُ بِدُهْنِ الزِئْبَقِ كَيْ تَفُوحَ رِيحُهُ،(10/298)
والفِتاقُ: أَن تَفْتُق الْمِسْكَ بِالْعَنْبَرِ. وَيُقَالُ: الفِتاقُ ضَرْبٌ مِنَ الطِّيب، وَيُقَالُ طِيبُ الرَّائِحَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرَ:
وكأَن الأَرْيَ المَشُورَ مَعَ الخَمْرِ ... بفِيها، يَشُوب ذَاكَ فِتاقُ
وَقَالَ آخَرُ:
علَّلَتْهُ الذَّكِيَّ والمِسْكَ طَوْراً، ... وَمِنَ الْبان مَا يَكُونُ فِتاقا
والفِتاق: خَمِيرة ضَخْمَةٌ لَا يَلْبَثُ الْعَجِينُ إِذا جُعِلَ فِيهِ أَن يُدْرِكَ، تَقُولُ: فَتَقْتُ الْعَجِينَ إِذا جَعَلْتَ فِيهِ فِتاقاً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والفِتاقُ خَمِيرُ الْعَجِينِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. والفَيْتَقُ: النَجّار، وَهُوَ فَيْعَل؛ قَالَ الأَعشى:
وَلَا بدَّ مِنْ جَارٍ يُجِيرُ سَبِيلَها، ... كَمَا سَلَك السَّكِّيَّ فِي الْبَابِ فَيْتَقُ
والسَّكِّيّ: الْمِسْمَارُ. والفَيْتَقُ: الْبَوَّابُ، وَقِيلَ الحدّاد وقيل الملك؛ التَّهْذِيبُ: يُقَالُ للملِك فَيْتَق؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
رأَيت المَنَايَا لَا يُغَادِرْنَ ذَا غِنًى ... لِمالٍ، وَلَا يَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ فَيْتَقُ
وفِتاق: اسم موضع؛ قال الحرب بْنُ حِلِّزَةَ:
فمُحَيَّاة فالصِّفَاح، فأَعناق ... فِتَاق، فعَاذِب فالوَفَاء «2»
فرِيَاض القَطَا فأَودية الشُرْبُب، ... فالشُّعْبَتان فالأَبْلاء
فحق: ابْنُ سِيدَهْ: الفَحْقةُ رَاحَةُ الْكَلْبِ بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ. وأَفْحَقَ الشيءَ: ملأَه، وَقِيلَ؛ حاؤُه بَدَلٌ مِنْ هَاءِ أَفْهَقَ. الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ فُلَانٌ يَتَفَيْحَقُ فِي كَلَامِهِ ويَتَفَيْهقُ إِذا توسَّع فِيهِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: انْفَحَقَ بِالْكَلَامِ انْفِحاقاً. وَطَرِيقٌ مُنْفَحِقٌ: وَاسِعٌ؛ وأَنشد:
والعِيسُ فَوْقَ لاحِبٍ مُعَبَّدِ، ... غُبْرِ الحَصى مُنْفَحِقٍ عَجَرَّدِ
فرق: الفَرْقُ: خِلَافُ الْجَمْعِ، فَرَقه يَفْرُقُه فَرْقاً وفَرَّقه، وَقِيلَ: فَرَقَ لِلصَّلَاحِ فَرْقاً، وفَرَّق للإِفساد تَفْريقاً، وانْفَرَقَ الشَّيْءُ وتَفَرَّق وافْتَرقَ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّق خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ
، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ مَبْسُوطًا، وَذَهَبَ أَحمد أَن مَعْنَاهُ: لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ بِالْكُوفَةِ أَربعون شَاةً وَبِالْبَصْرَةِ أَربعون كَانَ عَلَيْهِ شَاتَانِ لِقَوْلِهِ
لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتفرِّق
، وَلَوْ كَانَ لَهُ بِبَغْدَادَ عِشْرُونَ وَبِالْكُوفَةِ عِشْرُونَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُ إِبل مُتَفَرِّقَةٌ فِي بلْدانٍ شَتَّى إِن جُمِعَتْ وَجَبَ فِيهَا الزَّكَاةُ، وإِن لَمْ تُجْمَعْ لَمْ تَجِبْ فِي كُلِّ بَلَدٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا شَيْءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
البَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا
«3» ؛ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي التَّفَرُّق الَّذِي يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِوُجُوبِهِ فَقِيلَ: هُوَ بالأَبدان، وإِليه ذَهَبَ مُعْظَمُ الأَئمة وَالْفُقَهَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحمد، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمَا: إِذا تَعَاقَدَا صحَّ الْبَيْعُ وإِن لَمْ يَفْتَرِقَا، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَشْهَدُ لِلْقَوْلِ الأَول، فإِن رِوَايَةَ
ابْنِ عُمَرَ فِي تَمَامِهِ: أَنه كَانَ إِذا بَايَعَ رَجُلًا فأَراد أَن يَتِمَّ البيعُ قَامَ فَمَشَى خَطَوات حَتَّى يُفارقه
، وإِذا لَمْ يُجْعَل التَّفَرُّق شَرْطًا فِي الِانْعِقَادِ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ، فإِنه
__________
(2) . روي هذا البيت في معلقة الحرث بن حلّزة على هذه الصورة:
فالمُحَيَّاةُ، فالصفاحُ، فأعْلى ... ذي فِتاقٍ، فعاذبٌ، فالوفاءُ
(3) . قوله [ما لم يفترقا] كذا في الأصل، وعبارة النهاية:
ما لم يتفرقا
، وفي رواية:
ما لم يفترقا(10/299)
يُعْلَم أَن الْمُشْتَرِيَ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَبُولُ الْبَيْعِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ خيارُه ثابتٌ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ. والتَّفَرّقُ والافْتِراقُ سَوَاءٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ التَّفَرّق للأَبدان والافْتِراقَ فِي الْكَلَامِ؛ يُقَالُ فَرَقْت بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فافْترقَا، وفَرَّقْتُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَتَفَرّقا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَرِّقُوا عَنِ المَنِيَّة وَاجْعَلُوا الرأْس رأْسين
؛ يَقُولُ: إِذا اشْتَرَيْتُمُ الرَّقِيقَ أَو غَيْرَهُ مِنَ الْحَيَوَانِ فَلَا تُغَالوا فِي الثَّمَنِ وَاشْتَرُوا بِثَمَنِ الرأْس الْوَاحِدِ رأْسين، فإِن مَاتَ الْوَاحِدُ بَقِيَ الْآخَرُ فكأَنكم قَدْ فَرَّقتم مَالَكُمْ عَنِ الْمَنِيَّةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: كَانَ يُفَرِّق بِالشَّكِّ وَيَجْمَعُ بِالْيَقِينِ
، يَعْنِي فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ أَن يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى أَمر قَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ وَلَا يُعْلَم مَنِ المُصيبُ مِنْهُمْ فَكَانَ يُفَرِّق بَيْنَ الرَّجُلِ والمرأَة احْتِيَاطًا فِيهِ وَفِي أَمثاله مِنْ صُوَرِ الشَّكِّ، فإِن تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ الشَّكِّ اليقينُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ فارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمِيتَتُه جَاهِلِيَّةٌ
؛ يَعْنِي أَن كُلَّ جَمَاعَةٍ عَقَدت عَقْداً يُوَافِقُ الْكِتَابَ والسنَّة فَلَا يَجُوزُ لأَحد أَن يُفَارِقَهُمْ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ، فإِن خَالَفَهُمْ فِيهِ اسْتَحَقَّ الْوَعِيدَ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ
فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ
أَي يَمُوتُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الضَّلَالِ وَالْجَهْلِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ
؛ مَعْنَاهُ شَقَقْنَاهُ. والفِرْقُ: القِسْم، وَالْجَمْعُ أَفْراق. ابْنُ جِنِّي: وَقِرَاءَةُ مَنْ قرأَ
فَرَّقنا بِكُمُ الْبَحْرَ
، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، شَاذَّةٌ، مِنْ ذَلِكَ، أَي جَعَلْنَاهُ فِرَقاً وأَقساماً؛ وأَخذتُ حَقِّيَ مِنْهُ بالتَّفَارِيق. والفِرْقُ: الفِلْق مِنَ الشَّيْءِ إِذا انْفَلَقَ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
. التَّهْذِيبُ: جاءَ تَفْسِيرُ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فِي آيَةٍ أُخرى وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
؛ أَراد فانْفَرَق البحرُ فَصَارَ كَالْجِبَالِ العِظام وَصَارُوا فِي قَرَاره. وفَرَق بَيْنَ الْقَوْمِ يَفْرُق ويَفْرِق. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ
؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَرُوِيَ
عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ أَنه قرأَ فافْرِقْ بَيْنَنَا
، بِكَسْرِ الرَّاءِ. وفَرَّقَ بَيْنَهُمْ: كفَرَقَ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وتَفَرَّق الْقَوْمُ تَفَرُّقاً وتَفْرِيقاً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الْجَوْهَرِيُّ: فَرَقْتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ أَفْرُق فَرْقاً وفُرْقاناً وفَرَّقْتُ الشيءَ تَفْريقاً وتَفْرِقةً فانْفَرقَ وافْتَرَقَ وتَفَرَّق، قَالَ: وفَرَقْتُ أَفْرُق بَيْنَ الْكَلَامِ وفَرَّقْتُ بَيْنَ الأَجسام، قَالَ: وَقَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: البَيِّعان بِالْخِيَارِ مَا لَم يَتَفَرقا
بالأَبدان، لأَنه يُقَالُ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا فَتَفَرَّقا. والفُرْقة: مَصْدَرُ الافْتِرَاقِ. قَالَ الأَزهري: الفُرْقة اسْمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ مِنَ الافْتِرَاقِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: صلَّيت مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُرُق
، أَي ذَهَبَ كُلٌّ مِنْكُمْ إِلى مَذْهَبٍ ومَالَ إِلى قَوْلٍ وَتَرَكْتُمُ السُّنة. وفارَقَ الشيءَ مُفَارقةً وفِرَاقاً: بايَنَهُ، وَالِاسْمُ الفُرْقة. وتَفَارق القومُ: فَارَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وفَارَقَ فُلَانٌ امرأَته مُفَارقةً وفِراقاً: بايَنَها. والفِرْقُ والفِرْقةُ والفَرِيقُ: الطَّائِفَةُ مِنَ الشَّيْءِ المُتَفَرِّق. والفِرْقةُ: طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، والفَرِيقُ أَكثر مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفارِيق الْعَرَبِ
، وَهُوَ جَمْعُ أَفْراقٍ، وأَفراقٌ جَمْعُ فِرْقةٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الفَرِيقُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ فِرْقة مِنْهُ، والفَرِيقُ المُفارِقُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَتَجْمعُ قَوْلًا بالعِراقِ فَرِيقُهُ، ... وَمِنْهُ بأَطْلالِ الأَرَاكِ فَرِيقُ؟(10/300)
قَالَ: وأَفْرَاق جَمْعُ فِرَقٍ، وفِرَقٌ جَمْعُ فِرْقةٍ، وَمِثْلُهُ فِيقَةٌ وفِيَق وأَفْواق وأَفَاويق. والفِرْقُ: طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: وَقَالَ أَعرابي لِصِبْيَانٍ رَآهُمْ: هؤُلاء فِرْقُ سُوءٍ. والفَرِيقُ الطَّائِفَةُ مِنَ النَّاسِ وَهُمْ أَكثر مِنَ الفِرْقِ، ونيَّة فَرِيقٌ: مُفَرَّقة؛ قَالَ:
أَحَقّاً أَن جِيرتَنَا اسْتَقَلُّوا؟ ... فَنِيَّتُنا ونِيَّتُهُمْ فَرِيقُ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالَ فَرِيقٌ كَمَا تَقُولُ لِلْجَمَاعَةِ صَدِيق. وَفِي التَّنْزِيلِ: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَشهدُ بالمَرْوَةِ يَوْمًا والصَّفَا، ... أَنَّكَ خيرٌ مِنْ تَفارِيقِ العَصَا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْعَصَا تُكْسَرُ فَيُتَّخَذُ مِنْهَا ساجُورٌ، فإِذا كُسر السَّاجُور اتُّخِذَت مِنْهُ الأَوْتادُ: فإِذا كُسر الوَتِد اتُّخِذَتْ مِنْهُ التَّوَادِي تُصَرُّ بِهَا الأَخْلاف. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالرِّجْزُ لِغَنِيَّةِ الأَعرابية، وَقِيلَ لامرأَة قَالَتْهُمَا فِي وَلَدِهَا وَكَانَ شَدِيدَ العَرَامة مَعَ ضَعْفِ أَسْرٍ ودِقَّةٍ، وَكَانَ قَدْ وَاثَبَ فَتًى فَقَطَعَ أَنفه فأَخذت أُمه دِيَتَه، ثُمَّ وَاثَبَ آخَرَ فَقَطَعَ شَفَتَهُ فأَخذت أُمه دِيَتَهَا، فَصَلَحَتْ حَالُهَا فَقَالَتِ الْبَيْتَيْنِ تُخَاطِبُهُ بِهِمَا. والفَرْقُ: تَفْرِيقُ مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ حِينَ يَتَفَرَّقان. والفَرْقُ: الْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. فَرَقَ يَفْرُقُ فَرْقاً: فَصَلَ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَالْفارِقاتِ فَرْقاً
، قَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ تُزَيِّل بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ
، أَي فَصَّلْنَاهُ وأَحكمناه، مَنْ خفَّف قَالَ بَيَّناه مِنْ فَرَقَ يَفْرُق، وَمَنْ شدَّد قَالَ أَنزلناه مُفَرَّقاً فِي أَيامٍ. التَّهْذِيبُ: قرئَ فَرَّقْناه وفَرَقْناهُ، أَنزل اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ جُمْلَةً إِلى سماءِ الدُّنْيَا ثُمَّ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فِي عِشْرِينَ سَنَةً، فَرَّقهُ اللَّهُ فِي التَّنْزِيلِ لِيَفْهَمَهُ النَّاسُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَاهُ أَحكمناه كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
فِيهَا يُفَرَّقُ كُلُّ أَمر حَكِيمٍ
؛ أَي يُفَصَّل، وقرأَه أَصحاب عَبْدِ اللَّهِ مُخَفَّفًا، وَالْمَعْنَى أَحكمناه وَفَصَّلْنَاهُ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَّقْناه، بِالتَّثْقِيلِ، يَقُولُ لَمْ يَنْزِلْ فِي يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ نَزَلَ مُتَفَرِّقاً
، وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيضاً فَرَقْناه مُخَفَّفَةٌ.
وفَرَقَ الشعرَ بِالْمُشْطِ يَفرُقُه ويَفْرِقُه فَرْقاً وفَرَّقه: سَرَّحه. والفَرْقُ: مَوْضِعُ المَفْرِق مِنَ الرأْس. وفَرْقُ الرأْس: مَا بَيْنَ الْجَبِينِ إِلى الدَّائِرَةِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
ومَتْلَف مِثْلِ فَرْقِ الرأْس تَخْلُجُه ... مَطَارِبٌ زَقَبٌ، أَمْيالُها فِيحُ
شَبَّهَهُ بفَرْقِ الرأْس فِي ضِيقِهِ، ومَفْرِقُه ومَفْرَقُه كَذَلِكَ: وَسَطَ رأْسه. وَفِي حَدِيثِ
صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن انْفَرَقَتْ عَقِيقَتُه فَرَقَ وإِلَّا فَلَا يَبْلُغُ شعرُه شَحْمة أُذنه إِذا هُوَ وَفَّرَه
أَي إِن صَارَ شَعَرُهُ فِرْقَيْن بِنَفْسِهِ فِي مَفْرقه تَرَكَهُ، وإِن لَمْ يَنْفَرِقْ لَمْ يَفْرِقْه؛ أَراد أَنه كَانَ لَا يَفْرُق شَعْرَهُ إِلَّا أَن يَنْفَرِق هُوَ، وهكذا كان أَول الأَمر ثُمَّ فَرَقَ. وَيُقَالُ لِلْمَاشِطَةِ: تُمَشِّطُ كَذَا وكذا فَرْقاً أَي كَذَا وَكَذَا ضَرْبًا. والمَفْرَق والمَفْرِقُ: وَسَطُ الرأْس وَهُوَ الَّذِي يُفْرَقُ فِيهِ الشَّعَرُ، وَكَذَلِكَ مَفْرَق الطَّرِيقِ. وفَرَقَ لَهُ عَنِ الشَّيْءِ: بيَّنه لَهُ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. ومَفْرِقُ الطَّرِيقِ ومَفْرَقُه: مُتَشَعَّبُه الَّذِي يَتَشَعَّب مِنْهُ طَرِيقٌ آخَرُ، وَقَوْلُهُمْ للمَفْرِق مَفَارِق كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهُ مَفْرِقاً فَجَمَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ. وفَرَقَ لَهُ الطَّرِيقَ أَي اتَّجَهَ لَهُ طَرِيقَانِ.(10/301)
والفَرَقُ فِي النَّبَاتِ: أَن يَتَفرَّق قِطَعاً مِنْ قَوْلِهِمْ أَرض فَرِقَةٌ فِي نَبْتِهَا، فَرَق عَلَى النَّسَبِ لأَنه لَا فِعْلَ لَهُ، إِذا لم تكن «4» واصبَةً مُتَّصِلَةَ النَّبَاتِ وَكَانَ مُتَفَرِّقاً. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: نَبْتٌ فَرِقٌ صَغِيرٌ لَمْ يغطِّ الأَرض. وَرَجُلٌ أَفْرقُ: لِلَّذِي نَاصِيَتُهُ كأَنها مَفْروقة، بيِّن الفَرَق «5» ، وَكَذَلِكَ اللِّحْيَةُ، وَجَمْعُ الفَرَق أَفْراق؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَنْفُضُ عُثْنوناً كثيرَ الأَفْرَاقْ، ... تَنْتِحُ ذِفْراهُ بِمِثْلِ الدِّرْياقْ
اللَّيْثُ: الأَفْرقُ شِبْهُ الأَفْلَج إِلَّا أَن الأَفْلَج زَعَمُوا مَا يُفَلِّجُ، والأَفْرَقُ خِلْقة. والفرقاءُ مِنَ الشاءِ: الْبَعِيدَةُ مَا بَيْنَ الْخُصْيَتَيْنِ. ابْنُ سِيدَهْ: الأَفْرقُ: الأَبْلَجُ، وَقِيلَ: الْبَعِيدُ مَا بَيْنَ الأَليتين. والأَفْرَقُ الْمُتَبَاعِدُ مَا بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ. وتَيْس أَفْرَقُ: بَعِيدُ مَا بَيْنَ القَرْنَيْن. وَبَعِيرٌ أَفْرَقُ: بَعِيدُ مَا بَيْنَ المَنْسِمَيْنِ. وَدِيكٌ أَفْرَقُ: ذُو عُرْفَيْنِ لِلَّذِي عُرْفُه مَفْروق، وَذَلِكَ لِانْفِرَاجِ مَا بَيْنَهُمَا. والأَفْرَقُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي نَاصِيَتُهُ كأَنها مَفْرُوقَةٌ، بيِّن الفَرَقِ، وَكَذَلِكَ اللِّحْيَةُ، وَمِنَ الْخَيْلِ الَّذِي إِحدى ورِكَيْهِ شَاخِصَةٌ والأُخرى مُطَمْئِنَّةٌ، وَقِيلَ: الَّذِي نَقَصَتْ إِحدى فَخِذَيْهِ عَنِ الأُخرى وَهُوَ يُكْرَهُ، وَقِيلَ: هُوَ النَّاقِصُ إِحدى الْوِرْكَيْنِ؛ قَالَ:
ليسَتْ مِنِ الفُرْقِ البِطاءِ دَوْسَرُ
وأَنشده يَعْقُوبُ: مِنَ القِرْقِ الْبِطَاءِ، وَقَالَ: القِرْقُ الأَصل، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الأَفْرَقُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي إِحدى حَرْقَفَتَيْهِ شَاخِصَةٌ والأُخرى مُطْمَئِنَّةٌ. وَفَرَسٌ أَفْرَقُ: لَهُ خُصْيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالِاسْمُ الفَرَقُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، وَالْفِعْلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ فَرِقَ فَرَقاً. والمَفْروقان مِنَ الأَسباب: هُمَا اللَّذَانِ يَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنَفْسِهِ أَي يَكُونُ حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ وَحَرْفٌ سَاكِنٌ وَيَتْلُوهُ حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ نَحْوَ مُسْتَفْ مِنْ مُسْتَفْعِلُنْ، وعِيلُنْ مِنْ مَفاعِيلُنْ. والفُرْقانُ: الْقُرْآنُ. وَكُلُّ مَا فُرِقَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، فَهُوَ فُرْقان، وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ
. والفُرْق أَيضاً: الفُرْقان وَنَظِيرُهُ الخُسْر والخُسْران؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
ومُشْرِكيّ كَافِرٍ بالفُرْقِ
وَفِي حَدِيثِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ:
مَا أُنزل فِي التَّوْرَاةِ وَلَا الإِنجيل وَلَا الزَّبُور وَلَا الفُرْقانِ مِثْلُها
؛ الفُرْقان: مِنْ أَسماء الْقُرْآنِ أَي أَنه فارِقٌ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. وَيُقَالُ: فَرَقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَيُقَالُ أَيضاً: فَرَقَ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقاع:
والدَّهْرُ يَفْرُقُ بَيْنَ كلِّ جماعةٍ، ... ويَلُفّ بَيْنَ تَباعُدٍ وَتَناءِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
محمدٌ فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ
أَي يَفْرُقُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ بِتَصْدِيقِهِ وَتَكْذِيبِهِ. والفُرْقان: الحُجّة. والفُرْقان: النَّصْرُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ
، وَهُوَ يَوْمُ بَدْرٍ لأَن اللَّهَ أَظْهَرَ مِنْ نَصْره مَا كَانَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. التَّهْذِيبُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
، قَالَ: يَجُوزُ أَن يكونَ الفُرْقانُ الْكِتَابَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ التَّوْرَاةُ إِلا أَنه أُعِيدَ ذِكْرُهُ بِاسْمٍ غَيْرِ الأَول، وعنى به أَنه يَفْرُقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً
؛
__________
(4) . الضمير يعود إِلى الأَرض الفَرِقة.
(5) . بيّن الفرق أَي الرجل الأَفرق(10/302)
أَراد التَّوْرَاةَ فسَمّى جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْكِتَابَ الْمُنَزَّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فُرْقاناً وَسَمَّى الْكِتَابَ الْمُنَزَّلَ على مُوسَى، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فُرْقاناً، وَالْمَعْنَى أَنه تَعَالَى فَرَقَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَآتَيْنَا مُحَمَّدًا الفُرْقانَ، قَالَ: وَالْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ وَاحْتَجَجْنَا لَهُ مِنَ الْكِتَابِ بِمَا احْتَجَجْنَا هُوَ الْقَوْلُ. والفَارُوقُ: مَا فَرَّقَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ. وَرَجُلٌ فارُوقٌ: يُفَرِّقُ مَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. والفارُوقُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عنه، سماه الله بِهِ لتَفْريقه بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لأَنه ضَرَبَ بِالْحَقِّ عَلَى لِسَانِهِ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ، وَقِيلَ: إِنه أَظهر الإِسلام بِمَكَّةَ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْكُفْرِ والإِيمان؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ:
أَشْبَهْتَ مِنْ عُمَرَ الفارُوقِ سِيرَتَهُ، ... فاقَ البَرِيَّةَ وأْتَمَّتْ بِهِ الأُمَمُ
وَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ شِمَاسٍ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيضاً:
إِن أَوْلى بِالْحَقِّ فِي كُلِّ حَقٍّ، ... ثُمَّ أَحْرَى بأَن يَكُونَ حَقِيقا،
مَنْ أَبوهُ عبدُ العَزِيزِ بنُ مَرْوانَ، ... ومَنْ كَانَ جَدُّه الفارُوقا
والفَرَقُ: مَا انْفَلَقَ مِنْ عَمُودِ الصُّبْحِ لأَنه فارَقَ سَوَادَ اللَّيْلِ، وَقَدِ انْفَرَقَ، وَعَلَى هَذَا أَضافوا فَقَالُوا أَبْين مِنْ فَرَق الصُّبْحِ، لُغَةٌ فِي فَلَق الصُّبْحِ، وَقِيلَ: الفَرَقُ الصُّبْحُ نَفْسُهُ. وانْفَرَقَ الفجرُ وانْفَلَق، قَالَ: وَهُوَ الفَرَق والفَلَقُ لِلصُّبْحِ؛ وأَنشد:
حَتَّى إِذا انْشَقَّ عَنْ إِنسانه فَرَقٌ، ... هادِيهِ فِي أُخْرَياتِ الليلِ مُنْتَصِبُ
والفارِقُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تُفارق إِلْفَها فَتَنْتَتِجُ وَحْدَهَا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي أَخذها المَخاض فَذَهَبَتْ نادَّةً فِي الأَرض، وَجَمْعُهَا فُرَّق وفَوارِق، وَقَدْ فَرَقَتْ تَفْرُق فُروقاً، وَكَذَلِكَ الأَتان؛ وأَنشد الأَصمعي لعُمارة بْنِ طَارِقٍ:
اعْجَلْ بغَرْبٍ مِثْلَ غَرْبِ طارقِ، ... ومَنْجَنُون كالأَتان الْفَارِقِ،
مِنْ أَثْلِ ذاتِ العَرْض والمَضايقِ
قَالَ: وَكَذَلِكَ السَّحَابَةُ الْمُنْفَرِدَةُ لَا تَخَلُّفَ وَرُبَّمَا كَانَ قَبْلَهَا رَعْدٌ وَبَرْقٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَو مُزْنَة فارِق يَجْلُو غوارِبَها ... تَبوُّجُ البرقِ والظلماءُ عُلْجُومُ
الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا شَبَّهُوا السَّحَابَةَ الَّتِي تَنْفَرِدُ مِنَ السَّحَابِ بِهَذِهِ النَّاقَةِ فَيُقَالُ فَارِقٌ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سَحَابَةٌ فارِقٌ مُنْقَطِعَةٌ مِنْ مُعْظَمِ السَّحَابِ تُشَبَّهُ بالفارِقِ مِنَ الإِبل؛ قَالَ عَبْدُ بَنِي الحَسْحاسِ يَصِفُ سَحَابًا:
لَهُ فُرَّقٌ مِنْهُ يُنَتَّجْنَ حَوْلَهُ، ... يفَقِّئْنَ بالمِيثِ الدِّماثِ السَّوابيا
فَجَعَلَ لَهُ سَوَابِيَ كَسَوَابِي الإِبل اتِّسَاعًا فِي الْكَلَامِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى فُرَّاق؛ قَالَ الأَعشى:
أَخرجَتْه قَهْباءُ مُسْبِلةُ الوَدْقِ ... رَجُوسٌ، قدَّامَها فُرّاقُ
ابْنُ الأَعرابي: الفارقُ مِنَ الإِبل الَّتِي تَشْتَدُّ ثُمَّ تُلْقي وَلَدَهَا مِنْ شِدَّةِ مَا يَمُرُّ بِهَا مِنَ الْوَجَعِ. وأَفْرَقَتِ النَّاقَةُ: أَخرجت وَلَدَهَا فكأَنها فارَقَتْه. وَنَاقَةٌ مُفْرق: فَارَقَهَا وَلَدُهَا، وَقِيلَ: فَارَقَهَا بِمَوْتٍ، وَالْجَمْعُ مَفارِيق. وَنَاقَةُ مُفْرِق: تَمْكُثُ سَنَتَيْنِ أَو ثَلَاثَا لَا تَلْقَح. ابْنُ(10/303)
الأَعرابي: أَفْرَقْنا إِبلَنا لعام إِذا خلَّوْها فِي الْمَرْعَى والكلإِ لَمْ يُنْتِجوها وَلَمْ يُلْقِحوها. قَالَ اللَّيْثُ: وَالْمَطْعُونُ إِذا برأَ قِيلَ أَفْرَق يُفْرِقُ إِفْراقاً. قَالَ الأَزهري: وَكُلُّ عَليلٍ أَفاق مِنْ عِلَّتِهِ، فَقَدْ أَفْرَقَ. وأَفْرَقَ المريضُ والمحْموم: برأَ، وَلَا يَكُونُ إِلا مِنَ مَرَضٍ يُصِيبُ الإِنسان مَرَّةً وَاحِدَةً كالجُدَرِيّ والحَصْبة وَمَا أَشبههما. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كُلُّ مُفِيقٍ مِنْ مَرَضِهِ مُفْرق فعَمّ بِذَلِكَ. قَالَ أَعرابي لِآخَرَ: مَا أَمَارُ إِفْراقِ المَوْرود؟ فَقَالَ: الرُّحَضاءُ؛ يَقُولُ: مَا عَلَامَةُ بُرْءِ الْمَحْمُومِ، فَقَالَ العَرَق. وَفِي الْحَدِيثِ:
عُدّوا مَنْ أَفْرقَ مِنَ الْحَيِّ
أَي مَنْ برأَ مِنَ الطَّاعُونِ. والفِرْقُ، بِالْكَسْرِ: الْقَطِيعُ مِنَ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالظِّبَاءِ العظيمُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا دُونَ الْمِائَةِ مِنَ الْغَنَمِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وَلَكِنَّمَا أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّهُ ... بفِرْق يُخَشِّيه، بِهَجْهَجَ، ناعِقُهْ
يَهْجُو بِهَذَا الْبَيْتِ رَجُلًا مِنْ بَنِي نُميرٍ اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ النُّميري يُلَقَّبُ بالحَلالِ، وَكَانَ عَيَّره بإِبله فَهَجَاهُ الرَّاعِي وعَيَّره أَنه صَاحِبُ غَنَمٍ وَمَدَحَ إِبله، يَقُولُ أَمْتَعَهُ جدُّه أَي حَظَّهُ بِالْغَنَمِ وَلَيْسَ لَهُ سِوَاهَا؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ:
وعَيَّرَني الإِبْلَ الحَلالُ، وَلَمْ يَكُنْ ... ليَجْعَلَها لِابْنِ الخَبِيثَةِ خالقُه
والفَريقةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ. وَيُقَالُ: هِيَ الْغَنَمُ الضَّالَّةُ؛ وهَجْهَجْ: زَجْرٌ لِلسِّبَاعِ والذِّئاب، وَالنَّاعِقُ: الرَّاعِي. والفَريقُ: كالفِرْقِ. والفِرْقُ والفَريقُ مِنَ الْغَنَمِ: الضَّالَّةُ. وأَفْرَقَ فلانٌ غَنَمَهُ: أَضلَّها وأَضاعها. والفَريقةُ مِنَ الْغَنَمِ: أَن تَتَفَرَّقَ مِنْهَا قِطْعَةٌ أَو شَاةٌ أَو شَاتَانِ أَو ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَتَذْهَبَ تَحْتَ اللَّيْلِ عَنْ جَمَاعَةِ الْغَنَمِ؛ قَالَ كثيِّر:
وذِفْرى ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف، ... أَصاب فَرِيقةَ ليلٍ فعاثَا
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا ذِئْبانِ عادِيانِ أَصابا فَريقة غنمٍ
؛ الفَرِيقةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَشِذّ عَنْ مُعْظَمِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْغَنَمُ الضَّالَّةُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: سُئِلَ عَنْ مَالِهِ فَقَالَ فِرْقٌ لَنَا وذَوْدٌ
؛ الفِرْقُ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي بَيْتِ كثيِّر: والخَلِيفُ الطَّرِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ؛ وَصَوَابُ إِنشاده بِذِفْرَى لأَن قَبْلَهُ:
تُوالي الزِّمامَ، إِذا مَا وَنَتْ ... ركائِبُها، واحْتُثِثْنَ احْتِثاثا
ابْنُ سِيدَهْ: والفِرْقَةُ مِنَ الإِبل، بِالْهَاءِ، مَا دُونَ الْمِائَةِ. والفَرَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْخَوْفُ. وفَرِقَ مِنْهُ، بِالْكَسْرِ، فَرَقاً: جَزِع؛ وَحَكَى سِيبَوَيْهِ فَرِقَه عَلَى حَذْفِ مِنْ؛ قَالَ حِينَ مَثَّلَ نَصْبَ قَوْلِهِمْ: أَو فَرَقاً خَيْرًا مِنْ حُبّ أَي أَو أَفْرَقُكَ فَرَقاً. وفَرِقَ عَلَيْهِ: فَزِعَ وأَشفق؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَرَجُلٌ فَرِقٌ وفَرُق وفَرُوق وفَرُوقَةٌ وفَرُّوق وفَرُّوقةٌ وَفَارُوقٌ وفارُوقةٌ: فَزِعٌ شَدِيدُ الفَرَق؛ الْهَاءُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لَيْسَتْ لتأْنيث الْمَوْصُوفِ بِمَا هِيَ فِيهِ إِنما هِيَ إِشعار بِمَا أُريد مِنْ تأْنيث الْغَايَةِ وَالْمُبَالَغَةِ. وَفِي الْمَثَلِ: رُبَّ عَجَلة تَهَبُ رَيْثاً وَرُبَّ فَرُوقةٍ يُدْعى ليْثاً؛ والفَرُوقة: الحُرْمة؛ وأَنشد:
مَا زالَ عَنْهُ حُمْقُه ومُوقُه ... واللؤْمُ، حَتَّى انْتُهكتْ فَروقُه(10/304)
وامرأَة فَرُوقة وَلَا جَمْعَ لَهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ رجلٌ فَرُوقَة لِلْكَثِيرِ الْفَزِعِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بَعَثْتَ غُلَامًا مِنْ قريشٍ فَرُوقَةً، ... وتَتْرُك ذَا الرأْي الأَصيلِ المُهَلَّبا
وَقَالَ مُوَيلك المَرْموم:
إِنِّي حَلَلْتُ، وكنتُ جِدَّ فَرُوقة، ... بَلَدًا يمرُّ بِهِ الشجاعُ فَيَفْزَعُ
قَالَ: وَيُقَالُ لِلْمُؤَنَّثِ فَرُوقٌ أَيضاً؛ شَاهِدُهُ قَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
رَأَتْني مُجَلِّيها فصَدَّتْ مَخافَةً، ... وَفِي الْخَيْلِ رَوْعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ
وَفِي حَدِيثِ بَدْءِ الْوَحْيِ:
فَجُئِثْتُ مِنْهُ فَرَقاً
؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ الْخَوْفُ وَالْجَزَعُ. يُقَالُ: فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقاً، وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَباللهِ تُفَرِّقُني
؟ أَي تخوِّفني. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: فَرَقْتُ الصَّبِيَّ إِذا رُعْتَه وأَفزعته؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراها فَرَّقت، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، لأَن مِثْلَ هَذَا يأْتي عَلَى فَعَّلت كَثِيرًا كَقَوْلِكَ فَزّعت ورَوَّعت وخوَّفت. وفارَقَني ففَرَقْتُه أَفْرُقُه أَي كُنْتُ أَشد فَرَقاً مِنْهُ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ حَكَاهُ عَنْ الْكِسَائِيِّ. وَتَقُولُ: فَرِقْتُ مِنْكَ وَلَا تَقُلْ فَرِقْتُكَ. وأَفْرَقَ الرجلُ وَالطَّائِرُ وَالسَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ: سَلَحَ؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
أَلا تِلْكَ الثَّعالبُ قَدْ تَوِالَتْ ... عليَّ، وحالَفَتْ عُرْجاً ضِباعا
لتأْكلني، فَمَرَّ لهنَّ لَحْمِي، ... فأَفْرَقَ، مِنْ حِذَاري، أَو أَتاعا
قَالَ: وَيُرْوَى فأَذْرَقَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمُفْرِقُ: الغاوِي عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ أَو لأَنه فارَق الرُّشد، والأَول أَصح؛ قَالَ رؤْبة:
حَتَّى انْتَهَى شيطانُ كُلِّ مُفْرِق
والفَريقةُ: أَشياء تُخْلَطُ لِلنُّفَسَاءِ مِنْ بُرّ وَتَمْرٍ وحُلْبة، وَقِيلَ: هُوَ تَمْرٌ يُطْبَخُ بِحُلْبَةٍ لِلنُّفَسَاءِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
ولقدْ ورَدْتُ الْمَاءَ، لَوْنُ جِمامِهِ ... لَوْنُ الفَرِيقَةِ صُفِّيَتْ للمُدْنَفِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ وَلَقَدْ ورَدتَ الْمَاءَ، بِفَتْحِ التَّاءِ، لأَنه يُخَاطِبُ المُرِّيّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه وَصَفَ لِسَعْدٍ فِي مَرَضِهِ الفَريقةَ
؛ هي تمر يطبخ بِحُلْبَةٍ وَهُوَ طَعَامٌ يُعْمَلُ لِلنُّفَسَاءِ. والفَرُوقة: شَحْمُ الكُلْيَتَيْنِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فبتْنَا، وباتَتْ قِدْرُهُمْ ذاتَ هِزَّةٍ، ... يُضِيءُ لَنَا شحمُ الفَرُوقةِ والكُلَى
وأَنكر شَمِرٌ الفَروقة بِمَعْنَى شَحْمِ الْكُلْيَتَيْنِ. وأَفرقوا إِبلهم: تَرَكُوهَا فِي الْمَرْعَى فَلَمْ يُنْتِجوها وَلَمْ يُلقحوها. والفَرْقُ: الكتَّان؛ قَالَ:
وأَغْلاظ النُّجوم مُعَلَّقات ... كَحَبْلِ الفَرْقِ لَيْسَ لَهُ انتِصابُ
والفَرْق والفَرَقُ: مِكْيَالٌ ضَخْمٌ لأَهل الْمَدِينَةِ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: هُوَ أَربعة أَرباع، وَقِيلَ: هُوَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا؛ قَالَ خِدَاشُ بْنُ زُهَيْرٍ:
يأْخُذونَ الأَرْشَ فِي إِخْوَتِهِم، ... فَرَقَ السَّمْن وَشَاةً فِي الغَنَمْ
وَالْجَمْعُ فُرْقان، وَهَذَا الْجَمْعُ قَدْ يَكُونُ لِلسَّاكِنِ(10/305)
وَالْمُتَحَرِّكِ جَمِيعًا، مِثْلُ بَطْن وبُطْنان وحَمَل وحُمْلان؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
تَرْفِدُ بَعْدَ الصَّفِّ فِي فُرْقان
قَالَ: والصَّفُّ أَن تَحْلُبَ فِي مِحْلَبَيْنِ أَو ثَلَاثَةٍ تَصُفّ بَيْنَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يتوضأُ بالمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ
، وَقَالَتْ
عَائِشَةُ: كُنْتُ أَغتسل مَعَهُ مِنْ إِناء يُقَالُ لَهُ الفَرَقُ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والمحدِّثون يَقُولُونَ الفَرْق، وَكَلَامُ الْعَرَبِ الفَرَق؛ قَالَ ذَلِكَ أَحمد بْنُ يَحْيَى وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَهُوَ إِناء يأْخذ سِتَّةَ عَشَرَ مُدّاً وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَصْوُعٍ. ابْنُ الأَثير: الفَرَقُ، بِالتَّحْرِيكِ، مِكْيَالٌ يَسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ مُدّاً، وَثَلَاثَةُ آصُعٍ عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ، وَقِيلَ: الفَرَق خَمْسَةُ أَقساط والقِسْط نِصْفُ صَاعٍ، فأَما الفَرْقُ، بِالسُّكُونِ، فَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
مَا أَسْكَرَ مِنْهُ الفَرْقُ فالحُسْوةُ مِنْهُ حَرَامٌ
؛ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
مَنْ اسْتَطَاعَ أَن يَكُونَ كَصَاحِبِ فَرْقِ الأَرُزّ فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فِي كلِّ عشرةِ أَفْرُقِ عسلٍ فَرَقٌ
؛ الأَفْرُق جَمْعُ قِلَّةٍ لفَرَقٍ كجبَلٍ وأَجْبُل. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفة: بارَكَ اللَّهُ لَهُمْ فِي مَذْقِها وفِرْقِها
، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَهُوَ مِكْيَالٌ يُكَالُ بِهِ اللَّبَنُ «6» . والفُرقان والفُرْقُ: إِناء؛ أَنشد أَبو زَيْدٍ:
وهي إِذا أَدَرَّها العَيْدان، ... وسطَعَت بمُشْرِفٍ شَبْحان،
تَرْفِدُ بَعْدَ الصَّفِّ فِي الفُرْقان
أَراد بالصَّفّ قَدَحَيْن، وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: الصَّفُّ أَن يصفَّ بَيْنَ الْقَدَحَيْنِ فيملأَهما. والفُرقان: قَدَحَانِ مُفْتَرِقَانِ، وَقَوْلُهُ بِمُشْرِفٍ شَبَحَانِ أَي بِعُنُقٍ طَوِيلٍ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:
تَرْفِدُ بَعْدَ الصَّفِّ فِي الْفُرْقَانِ
قَالَ: الفُرْقان جَمْعُ الفَرْق، والفَرْق أَربعة أَرباع، وَالصَّفُّ أَن تصفَّ بَيْنَ مِحْلَبَيْنِ أَو ثَلَاثَةً مِنَ اللَّبَنِ. ابْنُ الأَعرابي: الفِرْق الْجَبَلُ والفِرْق الهَضْبة والفِرْق المَوْجة. وَيُقَالُ: وَقَّفْتُ فُلَانًا عَلَى مَفارِقِ الْحَدِيثِ أَي عَلَى وُجُوهِهِ. وَقَدْ فارَقْتُ فُلَانًا مِنْ حِسَابِي عَلَى كَذَا وَكَذَا إِذا قطعتَ الأَمر بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَلَى أَمر وَقَعَ عَلَيْهِ اتِّفَاقُكُمَا، وَكَذَلِكَ صادَرْتُه عَلَى كَذَا وَكَذَا. وَيُقَالُ: فَرَقَ لِي هَذَا الأَمرُ يَفْرُقُ فُرُوقاً إِذا تَبَيَّنَ وَوَضَحَ. والفَرِيقُ: النَّخْلَةُ يَكُونُ فِيهَا أُخرى؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والفَرُوق: مَوْضِعٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وَنَحْنُ مَنَعْنا، بالفَرُوقِ، نساءَكُمْ ... نُطَرِّف عَنْهَا مُبْسِلاتٍ غَوَاشِيا
والفُرُوق: مَوْضِعٌ فِي دِيَارِ بَنِي سَعْدٍ؛ أَنشد رَجُلٌ مِنْهُمْ:
لَا بارَكَ اللهُ عَلَى الفُرُوقِ، ... وَلَا سَقاها صائبَ البُرُوقِ
وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: قَالَ لخَيْفان كَيْفَ تركتَ أَفارِيق الْعَرَبِ؟
هُوَ جَمْعُ أَفْراق، وأَفْراقٌ جَمْعُ فِرْق، والفِرْق والفَرِيقُ والفِرْقةُ بِمَعْنًى. وفَرَقَ لِي رأْيٌ أَي بَدَا وَظَهَرَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَقَ لِي رأْيٌ
أَي ظَهَرَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الرِّوَايَةُ
فُرِقَ
، عَلَى
__________
(6) . قوله [يكال به اللبن] الذي في النهاية: البرّ(10/306)
مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ. ومَفْروق: لَقَبُ النُّعْمَانِ بْنِ عَمْرٍو، وَهُوَ أَيضاً اسْمٌ. ومَفْرُوق: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ورَعْنُ مَفْرُوقٍ تَسامى أُرَّمُهْ
وذاتُ فِرقَيْن الَّتِي فِي شِعْرِ عَبيد بْنِ الأَبرص: هَضْبة بَيْنَ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ؛ وَالْبَيْتُ الَّذِي فِي شِعْرِ عَبِيدٍ هُوَ قَوْلُهُ:
فَرَاكِسٌ فَثُعَيْلَباتٌ، ... فذاتُ فِرْقَيْنِ فالقَليبُ
وإِفْريقيَةُ: اسْمُ بِلَادٍ، وَهِيَ مُخَفَّفَةُ الْيَاءِ؛ وَقَدْ جَمَعَهَا الأَحوص عَلَى أَفارِيق فَقَالَ:
أَين ابنُ حَرْبٍ ورَهْطٌ لَا أَحُسُّهُمُ؟ ... كَانُوا عَلَيْنَا حَديثاً مِنْ بَنِي الحَكَمِ
يَجْبُونَ مَا الصِّينُ تَحْوِيهِ، مَقانِبُهُمْ ... إِلى الأَفارِيق مِنْ فُصْحٍ وَمِنْ عَجَمِ
ومُفَرِّقُ الْغَنَمِ: هُوَ الظَّرِبان إِذا فَسا بَيْنَهَا وَهِيَ مُجْتَمِعَةٌ تَفَرَّقَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ
فِي صِفَتِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَن اسْمَهُ فِي الْكُتُبِ السَّالِفَةِ فَارِق لِيطا
أَي يَفْرُقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَأْتِي الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ كَأَنَّهُمَا فِرْقانِ مِنْ طَيْرٍ صَوافّ
أَي قطعتان.
فرزدق: الفَرَزْدَقُ: الرَّغِيفُ، وَقِيلَ: فُتات الْخُبْزِ، وَقِيلَ: قِطَع الْعَجِينِ. وَاحِدَتُهُ فَرَزْدَقَة، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ الفَرَزْدَق شُبِّهَ بِالْعَجِينِ الَّذِي يسوِّي مِنْهُ الرَّغِيفُ، وَاسْمُهُ هَمَّام، وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ بَرأَزَدْه؛ قَالَ الأُموي: يُقَالُ لِلْعَجِينِ الَّذِي يُقَطَّعُ وَيُعْمَلُ بِالزَّيْتِ مُشَتَّقٌ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَاسْمُ كُلِّ قِطْعَةٍ مِنْهُ فَرَزْدَقة، وَجَمْعُهَا فَرَزْدَق. وَيُقَالُ للجَرْدَقِ الْعَظِيمِ الْحُرُوفِ: فَرَزْدَق. وَقَالَ الأَصمعي: الفَرَزْدَقُ الفَتُوت الَّذِي يُفَتّ مِنَ الْخُبْزِ الَّذِي تَشْرَبُهُ النِّسَاءُ، قَالَ: وإِذا جَمَعْتَ قُلْتَ فَرازِق لأَن الِاسْمَ إِذا كَانَ عَلَى خَمْسَةِ أَحرف كُلُّهَا أُصول حَذَفْتَ آخِرَ حَرْفٍ مِنْهُ فِي الْجَمْعِ، وَكَذَلِكَ فِي التَّصْغِيرِ، وإِنما حُذِفَتِ الدَّالُ مِنْ هَذَا الِاسْمِ لأَنها مِنْ مَخْرَجِ التَّاءِ والتاءُ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَاتِ فَكَانَتْ بِالْحَذْفِ أَولى، وَالْقِيَاسُ فَرَازِد، وَكَذَلِكَ التَّصْغِيرُ فُرَيْزِقْ وفُرَيْزِدْ، وإِن شِئْتَ عوضتَ فِي الْجَمْعُ وَالتَّصْغِيرُ، فَإِنْ كَانَ فِي الِاسْمِ الَّذِي عَلَى خَمْسَةِ أَحرف حَرْفٌ وَاحِدٌ زَائِدٌ كَانَ بِالْحَذْفِ أَولى، مِثَالُ مُدَحْرِج وجَحَنْفَل قُلْتَ دُحَيْرج وجُحَيْفِل، وَالْجَمْعُ دَحارج وجَحافل، وإِن شِئْتَ عَوَّضْتَ فِي الْجَمْعِ والتصغير.
فرنق: الفُرانِقُ: مَعْرُوفٌ وَهُوَ دَخِيل. والفُرانق: البَرِيدُ وَهُوَ الَّذِي يُنْذِرُ قُدَّام الأَسد، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ بَرْوانَهْ بِالْفَارِسِيَّةِ «1» ؛ قَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ:
وإِني أَذِينٌ، إِن رَجَعْتُ مُمَلَّكاً، ... بِسَيْرٍ تَرى مِنْهُ الفُرانِقَ أَزْوَرَا
وَرُبَّمَا سَمَّوْا دَلِيلَ الْجَيْشِ فُرانِقاً. قَالَ ابْنُ الْجَوَالِيقِيِّ فِي الْمُعَرَّبِ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فُرانِقُ البَرِيدِ فَرْوَانه، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ سَبُعٌ يَصِيحُ بَيْنَ يَدَيِ الأَسد كأَنه يُنْذِرُ النَّاسَ بِهِ، وَيُقَالُ: إِنه شَبِيهٌ بِابْنِ آوَى يُقَالُ لَهُ فُرانِقُ الأَسد، قَالَ أَبو حَاتِمٍ: يُقَالُ إِنه الوَعْوَعُ، ومنه فُرانِقُ البَرِيدِ.
فزرق: الفَزْرَقةُ: السُّرْعَةُ كالزَّرْفَقةِ.
__________
(1) . قوله [وهو براونه بالفارسية] في الصحاح بروانك، ومثله في القاموس ولكن نقل شارحه عن شيخه أَن الصواب ما قاله ابن الجواليقي هو ما سينقله المؤلف(10/307)
فسق: الفِسْق: الْعِصْيَانُ وَالتَّرْكُ لأَمر اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْخُرُوجُ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ. فسَق يَفْسِقُ ويَفْسُقُ فِسْقاً وفُسوقاً وفَسُقَ؛ الضَّمُّ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي فَجَر، قَالَ: رَوَاهُ عَنْهُ الأَحمر، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفِ الْكِسَائِيُّ الضَّمَّ، وَقِيلَ: الفُسوق الْخُرُوجُ عَنِ الدِّينِ، وَكَذَلِكَ الْمَيْلُ إِلى الْمَعْصِيَةِ كَمَا فَسَقَ إِبليسُ عَنْ أَمر رَبِّهِ. وفَسَق عَنْ أَمر رَبِّهِ أَي جَارَ وَمَالَ عَنْ طَاعَتِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَواسِقاً عَنْ أَمره جَوَائِرَا
الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ
، خَرَجَ مِنْ طَاعَةِ رَبِّهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ إِذا خَرَجَتِ الرُّطَبةُ مِنْ قِشْرِهَا: قَدْ فَسَقَت الرُّطَبةُ مِنْ قِشْرِهَا، وكأَن الْفَأْرَةَ إِنما سُمِّيَتْ فُويْسِقةً لِخُرُوجِهَا مِنْ جُحْرها عَلَى النَّاسِ. والفِسْقُ: الْخُرُوجُ عَنِ الأَمر. وفَسَقَ عَنْ أَمر رَبِّهِ أَي خَرَجَ، وَهُوَ كَقَوْلِهِمُ اتّخَمَ عَنِ الطَّعَامِ أَي عَنْ مَأْكله. الأَزهري: عَنْ ثَعْلَبٍ أَنه قَالَ: قَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ
، قَالَ: عَنْ رَدِّهِ أَمر رَبِّهِ، نَحْوُ قَوْلِ الْعَرَبِ اتّخَمَ عَنِ الطَّعَامِ أَي عَنْ أَكله الطَّعَامَ، فَلَمَّا رَدّ هَذَا الأَمر فَسَقَ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَلَا حَاجَةَ بِهِ إِلى هَذَا لأَن الفُسُوقَ مَعْنَاهُ الْخُرُوجُ. فَسَقَ عَنْ أَمر رَبِّهِ أَي خَرَجَ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَمْ يُسْمع قَطُّ فِي كَلَامِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا فِي شِعْرِهِمْ فاسِقٌ، قَالَ: وَهَذَا عَجَبٌ وَهُوَ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ؛ وَحَكَى شَمِرٌ عَنْ قُطْرُبٍ: فَسَقَ فُلَانٌ فِي الدُّنْيَا فِسْقاً إِذا اتَّسَعَ فِيهَا وهَوَّنَ عَلَى نَفْسِهِ وَاتَّسَعَ بِرُكُوبِهِ لَهَا وَلَمْ يُضَيِّقْهَا عَلَيْهِ. وفَسَقَ فُلَانٌ مالهُ إِذا أَهلكه وأَنفقه. وَيُقَالُ: إِنه لفِسْقٌ أَي خُرُوجٌ عَنِ الْحَقِّ. أَبو الْهَيْثَمِ: وَقَدْ يَكُونُ الفُسُوق شِرْكاً وَيَكُونُ إِثماً. والفِسْقُ فِي قَوْلِهِ: أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ
، رُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ أَنه الذَّبْحُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ
، أَي بِئْسَ الِاسْمُ أَن تَقُولَ لَهُ يَا يَهُودِيُّ وَيَا نَصْرَانِيُّ بَعْدَ أَن آمن أَي لا تُعَيِّرهم بَعْدَ أَن آمَنُوا، وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ كلَّ لَقب يَكْرَهُهُ الإِنسان، وإِنما يَجِبُ أَن يُخَاطِبَ المؤمنُ أَخاه بأَحبّ الأَسماء إِليه؛ هَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ. وَرَجُلٌ فَاسِقٌ وفِسِّيقٌ وفُسَقُ: دَائِمُ الفِسْقِ. وَيُقَالُ فِي النِّدَاءِ: يَا فُسَق وَيَا خُبَث، وللأُنثى: يَا فَسَاقِ مِثْلُ قَطامِ، يُرِيدُ يَا أَيها الفَاسِقُ وَيَا أَيها الْخَبِيثُ، وَهُوَ مَعْرِفَةٌ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ يَا فُسَقُ الخبيثُ فَيَنْعَتُونَهُ بالأَلف وَاللَّامِ. وفَسَّقَه: نَسَبَهُ إِلى الفِسْقِ. والفوَاسِقُ مِنَ النِّسَاءِ: الفواجرُ. والفُوَيْسِقةُ: الْفَأْرَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سَمَّى الفأْرة فُوَيْسِقةً
تَصْغِيرُ فاسِقَةٍ لِخُرُوجِهَا مِنْ جُحْرها عَلَى النَّاسِ وإِفسادها. وَفِي حَدِيثُ
عَائِشَةَ: وسئِلَتْ عَنْ أَكل الغُراب قَالَتْ: وَمَنْ يأْكله بَعْدَ قَوْلِهِ فاسِق
، قَال الْخَطَّابِيُّ أَراد تَحْرِيمَ أَكلها بتَفْسِيقها. وَفِي الحديث:
خَمْس فَوَاسِق يُقْتَلْنَ فِي الحِلّ وَالْحَرَمِ
، قَالَ: أَصل الفِسْقِ الْخُرُوجُ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وَالْجَوْرِ، وَبِهِ سُمِّيَ الْعَاصِي فَاسِقًا، وإِنما سُمِّيَتْ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتُ فَوَاسِقَ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ لِخُبْثِهِنَّ، وَقِيلَ: لِخُرُوجِهِنَّ عَنِ الْحُرْمَةِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ أَي لَا حُرْمَةَ لهن بحال.
فستق: الفُسْتُق: مَعْرُوفٌ. قَالَ الأَزهري: الفُسْتُقَةُ فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ وَهِيَ ثَمَرَةُ شَجَرَةٍ مَعْرُوفَةٍ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لَمْ يَبْلُغْنِي أَنه يَنْبُتُ بأَرض الْعَرَبِ؛ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبو نُخَيْلَةَ فَقَالَ وَوَصَفَ امرأَة:
دَسْتِيَّة لَمْ تأْكل المُرقَّقَا، ... وَلَمْ تَذُقْ مِنَ البُقُول الفُسْتُقَا
سَمِعَ بِهِ فَظَنَّهُ من البقول.(10/308)
فشق: الفَشَقُ، بِالتَّحْرِيكِ وَالشِّينِ مُعْجَمَةً: النَّشَاطُ، وَقِيلَ الفَشَقُ انْتِشَارُ النفْس مِنَ الحِرْص؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَذْكُرُ الْقَانِصَ:
فَبَاتَ والحِرْص مِنَ النَّفْسِ الفَشَقْ
وَيُرْوَى:
والنَّفْسُ مِنَ الحِرْص الفَشَقْ
وَقَدْ فَشِقَ بِالْكَسْرِ، فَشَقاً، فَهُوَ فَشِقٌ؛ وَقِيلَ: الفَشَقُ أَن يَتْرُكَ هَذَا وَيَأْخُذَ هَذَا رَغْبَةً فَرُبَّمَا فاتَاهُ جَمِيعًا. والفَشَقُ: المُبَاغَتَة؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
فَبَاتَ والنَّفْسُ مِنَ الحِرْصِ الفَشَقْ
وَقِيلَ: الفَشَقُ الحِرْص؛ قَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَاهُ أَنه يُبَاغِتُ الوِرْدَ لئلَّا يَفْطِنَ لَهُ الصَّيَّادُ. وفاشَقَهُ أَي بَاغَتَه. والفَشَقُ: تَبَاعُدُ مَا بَيْنَ القَرْنَيْن وَتَبَاعُدُ ما بين التَّوْأَبَانيّين؛ وأَنشد:
لَهَا تَوْأَبانِيَّان لَمْ يَتَفَلْفَلا
قادِمَتا الخِلْفِ «1» أَو آخرَتاهُ. والفَشْقَاءُ مِنَ الْغَنَمِ والظِّباء: الْمُنْتَشِرَةُ القَرْنين. وَظَبْيٌ أَفْشَقُ بَيِّنُ الفَشَق: بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ. والفَشْقُ: ضَرْبٌ مِنَ الأَكل فِي شِدَّةٍ. وفَشَقَ الشَّيْءَ يَفْشِقُهُ فَشْقاً: كَسَرَهُ. والفَشَقُ: العَدْوُ وَالْهَرَبُ.
فقق: فَقَّ النخلةَ: فَرَّج سَعَفَهَا لِيَصِلَ إِلى طَلْعها فيُلْقِحها. والفَقْفَقة: نُبَاح الْكَلْبِ عِنْدَ الفَرَق، وَفِي التَّهْذِيبِ: والفَقْفَقَةُ حِكَايَةُ عُوَاءَات الْكِلَابِ. والانْفِقاقُ: الانْفِراج، وَفِي الْمُحْكَمِ: الفَقُّ والانْفِقاق انفراجُ عُوَاء الْكَلْبِ، والفَقْفَقةُ حِكَايَةُ ذَلِكَ. وَرَجُلٌ فَقَاقَةٌ، بِالتَّخْفِيفِ، وفَقْفَاقة: أَحمق مُخَلَّطٌ هُذَرَة، وَكَذَلِكَ الأُنثى، وَلَيْسَتِ الْهَاءُ فِيهَا لِتَأْنِيثِ الْمَوْصُوفِ بِمَا هِيَ فِيهِ، وإِنما هِيَ أَمارة لِمَا أُريد مِنْ تَأْنِيثِ الْغَايَةِ وَالْمُبَالَغَةِ. والفَقَقَة: الحَمْقى. الْفَرَّاءُ: رَجُلٌ فَقْفاقٌ مُخَلَّطٌ. والفَقَاقَة والفَقْفاق: الْكَثِيرُ الْكَلَامِ الَّذِي لَا غَناءَ عِنْدَهِ. والفَقْفَقَة فِي الْكَلَامِ: كالفَيْهَقَة، وَقِيلَ: هُوَ التَّخْلِيطُ فِيهِ. وفَقَقْت الشَّيْءَ إِذا فَتَحْتَهُ. وانْفَقّ الشَّيْءُ انْفِقاقاً أَي انْفَرَجَ. وَيُقَالُ: انْفَقَّت عَوَّة الْكَلْبِ أَي انْفَرَجَتْ. شَمِرٌ: رِجْلٌ فَقَاقة أَي أَحمر. وفَقْفَقَ الرجلُ إِذا افْتَقَرَ فَقْرًا مُدْقعاً.
فلق: الفَلْق: الشَّقُّ، والفَلْق مَصْدَرُ فَلَقَه يَفْلِقُه فَلْقاً شَقَّهُ، والتَّفْليقُ مِثْلُهُ، وفَلَّقَهُ فانْفَلَقَ وتَفَلَّقَ، والفِلَقُ: مَا تَفَلَّق مِنْهُ، وَاحِدَتُهَا فِلْقَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ لَهَا فِلْقٌ، بِطَرْحِ الْهَاءِ. الأَصمعي: الفُلُوق الشُّقُوقُ، وَاحِدُهَا فَلَقٌ، مُحَرَّكٌ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَاحِدُهَا فَلْق، قَالَ: وَهُوَ أَصوب مِنْ فَلَق. وَفِي رِجْلِهِ فُلُوق أَي شُقُوقٌ. والفِلْقةُ: الكِسْرةُ مِنَ الجَفْنة أَو مِنَ الْخُبْزِ. وَيُقَالُ: أَعطني فِلْقةَ الْجَفْنَةِ وفِلقَ الْجَفْنَةِ وَهُوَ نِصْفُهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ أَحد شِقَّيْها إِذا انْفَلَقَتْ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: صَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَقة يُسَمِّيهَا أَهل الْمَدِينَةِ الفَلِيقةَ
؛ قِيلَ: هي قدر تطبخ وَيُثْرَدُ فِيهَا فِلَقُ الْخُبْزِ وَهِيَ كِسَرهُ، وفَلَقْت الْفُسْتُقَةَ وَغَيْرَهَا فانْفَلَقَت. والفِلْق: القَضيب يُشَق بِاثْنَيْنِ فَيُعْمَلُ مِنْهُ قَوْسَانِ، فَيُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فِلْقٌ. والفَلْق: الشَّقُّ. يُقَالُ: مَرَرْتُ بحَرَّةٍ فِيهَا فُلُوق أَي شُقُوقٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
__________
(1) . قوله [قادمتا الخلف إِلخ] هكذا في الأَصل هنا، وعبارته كالصحاح في مادة فلل بعد أَن ساق هذا البيت: التوأَبانيان قادمتا الضرع.(10/309)
يَا فَالِقَ الحَبّ والنَّوَى
أَي الَّذِي يَشُقّ حَبة الطَّعَامِ وَنَوَى التَّمْرِ للإِنبات. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبرأَ النَسَمَةَ
، وَكَثِيرًا مَا كَانَ يُقْسِمُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِن الْبُكَاءَ فالِقٌ كبدي.
والفِلْق: القوس يشف مِنَ العودِ فِلْقة مَعَ أُخرى، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْقَوْسَيْنِ فِلْقٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنْ القِسيّ الفِلْق، وَهِيَ الَّتِي شُقَّت خَشَبَتُهَا شَقَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثُمَّ عملتْ، قَالَ: وَهِيَ الفَلِيقُ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
وفَلِيقاً مِلْء الشِّمالِ من الشَّوْحَطِ ... تُعْطِي، وتَمْنَعُ التَّوْتِيرا
وَقَوْسٌ فِلْقٌ: وُصِفَ بِذَلِكَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وفِلْقَةُ الْقَوْسِ: قِطْعَتُهَا. وفُلاقةُ الآجُرّ: قِطْعَتُهَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. يُقَالُ: كأَنه فُلاقة آجُرَّةٍ أَي قِطْعَةٌ. وفُلاق الْبَيْضَةِ: مَا تَفَلَّقَ مِنْهَا. وَصَارَ الْبَيْضُ فُلاقاً وفِلاقاً وأَفْلاقاً أَي مُتَفَلِّقاً. وفِلاقُ اللَّبَن: أَن يخثُر ويحمُض حَتَّى يتَفَلَّق؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
وإِن أَتاها ذُو فِلاقٍ وحَشَنْ، ... تُعارضُ الكلبَ، إِذا الكلبُ رَشَنْ
وَجَمْعُهُ فُلُوق. وتَفَلَّق اللَّبَنُ: تَقَطَّعَ وَتَشَقَّقَ مِنْ شِدَّةِ الْحُمُوضَةِ؛ وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ لِلَّبَنِ إِذا حُقِنَ فأَصابه حَرّ الشَّمْسِ فَتَقَطَّعَ: قَدْ تَفَلَّق وامْزَقَرَّ، وَهُوَ أَن يَصِيرَ اللَّبَنُ نَاحِيَةً، وَهُمْ يَعافون شُرْبَ اللَّبَنِ المُتَفَلِّق. وفَلَقَ اللَّهُ الحَبَّ بِالنَّبَاتِ: شَقَّهُ. والفَلْقُ: الْخَلْقُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى
. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وفالِق فِي مَعْنَى خَالِقٍ، وَكَذَلِكَ فَلَقَ الأَرضَ بِالنَّبَاتِ وَالسَّحَابِ بِالْمَطَرِ، وإِذا تأَملت الخَلْق تَبَيَّنَ لَكَ أَن أَكثره عَنِ انفِلاق، فالفَلَقُ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وفَلَقُ الصُّبْحِ مِنْ ذَلِكَ. وانْفَلَقَ الْمَكَانُ بِهِ: انْشَقَّ. وفَلَقَت النَّخْلَةُ، وَهِيَ فالِقٌ: انْشَقَّتْ عَنِ الطَّلْع وَالْكَافُورِ، وَالْجَمْعُ فُلْق. وفَلَقَ اللَّهُ الْفَجْرَ: أَبداه وأَوضحه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
فالِقُ الأَصْباح
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: جَائِزٌ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ خَالِقَ الأَصْباح وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ شَاقُّ الأَصباح، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى خَالِقٍ. والفَلَق، بِالتَّحْرِيكِ: مَا انفَلَقَ مِنْ عَمُودِ الصُّبْحِ، وَقِيلَ: هُوَ الصُّبْحُ بِعَيْنِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الْفَجْرُ، وكلٌّ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى الشَّقِّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الفَلَق الصُّبْحُ. يُقَالُ: هُوَ أَبين مِنْ فَلَقِ الصُّبْحِ وفَرَق الصُّبْحِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الفَلَق بَيَانُ الصُّبْحِ. وَيُقَالُ الفَلَقُ الخَلْق كُلُّهُ، والفَلَق بَيَانُ الْحَقِّ بَعْدَ إِشكال. وَيُقَالُ: فَلَقَ الصبحَ فالِقُه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ:
حَتَّى إِذا مَا انْجَلى عَنْ وَجْهه فَلَقٌ، ... هادِيهِ فِي أُخْرَياتِ اللَّيْلِ مُنْتَصبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ:
حَتَّى إِذا مَا جَلَا عَنْ وَجْهِهِ شَفَقٌ
لأَن بَعْدَهُ:
أَغْباشَ ليلِ تِمامٍ كَانَ طارَقَهُ ... تَطَخْطُخُ الغيمِ، حَتَّى مَا لَهُ جُوَبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَرَى الرُّؤْيَا فتأْتي مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ
؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ: ضوءُه وإِنارته. والفَلْق، بِالتَّسْكِينِ: الشَّقّ. كَلَّمَنِي فُلَانٌ مِنْ فَلْق فِيهِ وفِلْق فِيهِ وَسَمِعْتُهُ مِنْ فَلْق فِيهِ وفِلْق فِيهِ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي شِقِّه، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وَالْفَتْحُ أَعْرَف. وَضَرَبَهُ عَلَى فَلْقِ رأْسه أَي مَفْرَقه وَوَسَطِهِ. والفَلَق(10/310)
والفالِقُ: الشِّقُّ فِي الْجَبَلِ والشِّعب: الأُولى عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والفَلَقُ: الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض بَيْنَ الرَّبْوَتَينِ؛ وأَنشد:
وبالأُدْمِ تَحْدي عَلَيْهَا الرِّحال، ... وبالشَّوْل فِي الفَلَقِ الْعَاشِبِ
وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ بفالِق كَذَا وَكَذَا؛ يُرِيدُونَ الْمَكَانَ الْمُنْحَدِرَ بَيْنَ رَبْوَتَيْن، وَجَمْعُ الفَلَق فُلْقان مِثْلُ خَلَق وخُلْقان، وَهُوَ الفالِقُ، وَقِيلَ: الفالِق فَضَاءٌ بَيْنَ شَقِيقَتين مِنْ رَمْلٍ، وَجَمْعُهُمَا فُلْقان كحاجِرٍ وحُجْران. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو خَيْرَةَ أَو غَيْرُهُ مِنَ الأَعراب: الفالِقَةُ، بِالْهَاءِ، تَكُونُ وَسَطَ الْجِبَالِ تُنْبِتُ الشَّجَرَ وتُنْزَلُ وَيَبِيتُ بِهَا الْمَالُ فِي اللَّيْلَةِ القَرَّة، فَجَعَلَ الفالِقَ مِنْ جَلَد الأَرض، قَالَ: وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ مُمْكِنٌ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
فأَشرق عَلَى فَلَقٍ مِنْ أَفْلاق الحَرَّة
؛ الفَلَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: المطمئِنُّ مِنَ الأَرض بَيْنَ رَبوَتَين. والفَلَقُ: جَهَنَّمُ، وَقِيلَ: الفَلَقُ وادٍ فِي جَهَنَّمَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا. والفَلَقُ: المَقْطَرة، وَفِي الصِّحَاحِ: الفَلَق مَقْطرةُ السَّجَّان. والفَلَقة والفَلْقة: الْخَشَبَةُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والفِلْقُ والفَلِيقُ والفَلِيقَةُ والْمَفْلَقَةُ الفَيْلَقُ والفَلَقى، كُلُّهُ: الدَّاهِيَةُ والأَمر الْعَجَبُ؛ قَالَ أَبو حَيَّة النُّمَيْرِيُّ:
وَقَالَتْ: إِنها الفَلَقى، فأَطْلِقْ ... عَلَى النَّقَدِ الَّذِي مَعَكَ الصِّرارا
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: يَا لَلْفَلِيقة. وكَتِيبة فَيْلَق: شَدِيدَةٌ شُبِّهَتْ بِالدَّاهِيَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الْكَثِيرَةُ السِّلَاحِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ اسْمٌ لِلْكَتِيبَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ. التَّهْذِيبُ: الفَيْلَق الْجَيْشُ الْعَظِيمُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فِي حَوْمة الفَيْلَقِ الجَأْواءِ إِذ نزلتْ ... قَسْراً، وهَيْضَلُها الخَشْخاش إِذ نَزَلُوا
وامرأَة فَيْلَق: دَاهِيَةٌ صَخَّابَةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قلتُ: تَعَلَّقْ فَيْلَقاً هَوْجَلَّا، ... عَجَّاجةً هَجَّاجةً تَأَلَّا
وَجَاءَ بالفِلْقِ أَي بِالدَّاهِيَةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وجاءَ بعُلَقَ فُلَقَ أَي بِعَجَبٍ عَجِيبٍ. وَقَدْ أَعْلَقْت وأَفْلَقْت وافْتَلَقْت أَي جِئْتَ بعُلَق فُلَقَ، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ، لَا تُجْرى. وأَفْلَقَ وافْتَلَقَ بِالْعَجَبِ: أَتى بِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لِسُوِيدِ بْنِ كُراع العُكْليّ، وَكُرَاعٌ اسْمُ أُمه وَاسْمُ أَبيه عُمَيْر:
إِذا عَرَضَتْ داوِيَّةٌ مُدْلَهِمَّةٌ، ... وغَرَّدَ حادِيها فَرَيْنَ بِهَا فِلْقا
قَالَ ابْنُ الأَنباري: أَراد عَمِلْنَ بِهَا سَيْرًا عَجَبًا. والفِلْق العَجَب أَي عَمِلْنَ بِهَا دَاهِيَةً مِنْ شِدَّةِ سَيْرِهَا، والفَرْيُ: الْعَمَلُ الْجَيِّدُ الصَّحِيحُ، والإِفراء الإِفساد، وغَرَّدَ: طرَّب فِي حُدائهِ، وعَرَّد: جَبُن عَنِ السَّيْرِ؛ قَالَ الْقَالِي: رِوَايَةُ ابْنِ دُرَيْدٍ غَرَّد، بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ، وَرِوَايَةُ ابْنِ الأَعرابي عَرَّد، بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، وأَنكر ابْنُ دُرَيْدٍ هَذِهِ الرِّوَايَةَ. وَيُقَالُ: مَرَّ يَفْتَلِقُ بالعَجَب أَي يأْتي بِالْعَجَبِ. وَيُقَالُ: أَفْلَقَ فلانٌ الْيَوْمَ وَهُوَ يُفْلِقُ إِذا جَاءَ بعجَب. وَشَاعِرٌ مُفْلِقٌ: مُجِيدٌ، مِنْهُ، يَجِيءُ بِالْعَجَائِبِ فِي شِعْرِهِ. وأَفْلَقَ فِي الأَمر إِذا كَانَ حَاذِقًا بِهِ. ومرَّ يَفْتَلِقُ فِي عَدْوه أَي يأْتي بِالْعَجَبِ مِنْ شِدَّتِهِ. وقُتِلَ فُلَانٌ أَفْلَقَ قِتْلَةٍ أَي أَشدّ قِتْلَةٍ. وَمَا رأَيت سَيْرًا أَفْلَقَ مِنْ هَذَا أَي أَبعد؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.(10/311)
ابْنُ الأَعرابي: جَاءَ فلانٌ بالفُلْقانِ أَي بِالْكَذِبِ الصُّرَاح، وَجَاءَ فُلَانٌ بالسُّمَاق مِثْلَهُ. والفَلِيقُ: عِرْق فِي العَضُد يَجْرِي عَلَى الْعَظْمِ إِلى نُغْضِ الْكَتِفِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُطَمْئِنُ فِي جِرَانِ الْبَعِيرِ عِنْدَ مَجْرى الْحُلْقُومِ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
بِكُلِّ شَعْشَاعٍ كجِذْعِ المُزْدَرِعْ، ... فَلِيقُهُ أَجْرَدُ كالرُّمْحِ الضَّلِعْ،
جدَّ بإلْهابٍ كتَضْرِيم الضَّرِعْ
والفَليقُ: بَاطِنُ عُنُقِ الْبَعِيرِ فِي مَوْضِعِ الْحُلْقُومِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
وأَشْعَث وَرَّاد الثَّنَايا كأَنه، ... إِذا اجْتَازَ فِي جَوْف الفَلاة، فَلِيقُ
وَقِيلَ: الفَلِيقُ ما بَيْنِ العِلْباوَيْنِ وَهُوَ أَن يَنْفَلِقَ الوَبَرُ بَيْنَ العِلْباوَيْن، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِي الإِنسان. وَفِي النَّوَادِرِ: تَفَيْلَم الْغُلَامِ وتَفَيْلَقَ وتَفَلَّق وحَثِر إِذا ضَخُمَ وَسَمِنَ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ وَصِفَتِهِ:
رَجُلٌ فَيْلَقٌ
؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رَوَاهُ الْقُتَيْبِيُّ فِي كِتَابِهِ بِالْقَافِ، وَقَالَ: لَا أَعرف الفَيْلَقَ إِلا الكَتِيبة الْعَظِيمَةَ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ جَعْلُهُ فَيْلَقاً لِعَظْمِهِ فَهُوَ وَجْهٌ إِن كَانَ مَحْفُوظًا، وإِلا فَهُوَ الفَيْلَمُ، بِالْمِيمِ، يَعْنِي الْعَظِيمُ مِنَ الرِّجَالِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والفَيْلَم والفَيْلَق الْعَظِيمُ مِنَ الرِّجَالِ، وَمِنْهُ تَفَيْلَقَ الْغُلَامِ وتَفَيْلَم بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَفِي رِوَايَةٍ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ: رأَيته فإِذا رَجُلٌ فَيْلَق أَعور؛ الفَيْلَقُ الْعَظِيمُ وأَصله الْكَتِيبَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. وَرَجُلٌ مِفْلاق: دَنِيءٌ رَدِيءٌ فَسْلٌ رَذْلٌ قَلِيلُ الشَّيْءِ. وَخَلِيَّتُهُ بِفالقَةِ الوَرِكةِ: وَهِيَ رَمَلَةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: خَلِيَّتُهُ بفَالِق الوَرْكاءِ وَهِيَ رَمَلَةٌ. والفُلَّيْقُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: ضَرْبٌ مِنَ الخَوْخ يتَفَلَّقُ عَنْ نَواهُ، والمفَلَّق مِنْهُ الْمُجَفَّفُ. والفَيْلِقُ: الْجَيْشُ، وَالْجَمْعُ الفَيَالِقُ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: وَسُئِلَ عَنْ مسأَلة فَقَالَ: مَا يَقُولُ فِيهَا هؤلاء المَفَاليقُ؟ هم الذي لَا مَالَ لَهُمْ
، الْوَاحِدُ مِفْلاق كالمَفَاليس، شَبَّهَ إِفْلاسهم مِنَ الْعِلْمِ وَعَدَمَهُ عِنْدَهُمْ بالمَفَاليس مِنَ الْمَالِ. وفَالِق: اسْمُ مَوْضِعٍ بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ، وَفِي الْمُحْكَمِ: والفَالِقُ اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ:
حَيْثُ تَحَجَّى مُطْرِقٌ بالفالِقِ
فنق: الفَنَقُ والفُناقُ والتَّفَنُّق، كُلُّهُ: النَّعْمة فِي الْعَيْشِ. والتَّفَنُّق: التَّنَعُّم كَمَا يُفَنِّقُ الصبيَّ المُتْرَفَ أَهلُه. وتَفَنَّق الرَّجُلُ أَي تَنَعَّمَ. وفَنَّقَهُ غَيْرُهُ تَفْنِيقاً وفَانَقهُ بِمَعْنًى أَي نَعّمه؛ وَعَيْشٌ مُفانِقٌ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ الْجَوَارِي بالنَّعْمة:
زانَهُنَّ الشُّفُوف، يَنْضَحْنَ بالمِسْك، ... وعيشٌ مُفَانِقٌ وحَرِيرُ
والمُفَنَّق: المُتْرَف؛ قَالَ:
لَا ذَنْبَ لِي كُنْتُ امْرأً مُفَنَّقاً، ... أَغْيَدَ نَوَّامَ الضُّحى غَرَوْنَقَا
الغَرَوْنَقُ: المُنَعَّم. وَجَارِيَةٌ فُنُق ومِفْناق: جَسِيمَةٌ حَسَنَةٌ فَتِيَّة مُنَعَّمة. الأَصعمي: وامرأَة فُنُق قَلِيلَةُ اللَّحْمِ، قال شَمِرٌ: لَا أَعرفه وَلَكِنَّ الفُنُق المُنَعَّمة. وفَنَّقها: نعَّمها؛ وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:
هِرْكَوْلَةٌ فُنُقٌ دُرْمٌ مَرافِقُها(10/312)
قَالَ: لَا تَكُونُ دُرْمٌ مَرافقها وَهِيَ قَلِيلَةُ اللَّحْمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَاقَةٌ فُنُق إِذا كَانَتْ فَتِيَّة لَحِيمةً سَمِينَةً، وَكَذَلِكَ امرأَة فُنُق إِذا كَانَتْ عَظِيمَةً حَسْنَاءَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مَضْبُورةٌ قَرْوَاءُ هِرْجابٌ فُنُقْ
وَقِيلَ فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
تَنَشَّطَتْهُ كلُّ هِرْجابٍ فُنُقْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده عَلَى مَا فِي رَجَزِهِ:
تَنَشَّطَتْهُ كلُّ مُغْلاةِ الوَهَقْ، ... مَضْبورَةٌ قَرْوَاءُ هرْجابٌ فُنُقْ،
مائِرَةُ الضَّبْعَيْنِ مِصْلابُ العُنُقْ
وَيُقَالُ: امرأَة مِفْناق أَيضاً؛ قَالَ الأَعشى:
لَعُوب غَرِيرَة مِفْناق
والفُنُق: الفَتِيّة الضَّخْمَةُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: فُنُق كأَنها فَنِيقٌ أَي جَمَلٌ فَحْلٌ. والفَنِيقةُ: المرأَة المُنَعَّمة. أَبو عَمْرٍو: الفَنِيقةُ الغِرَارةُ، وَجَمْعُهَا فَنَائق؛ وأَنشد:
كأَن تَحْتَ العُلْوِ والفَنَائِقِ، ... مِنْ طُولِهِ، رَجْماً عَلَى شَواهِقِ
وَيُقَالُ: تَفَنَّقْت فِي أَمر كَذَا أَي تَأَنَّقْتُ وتَنَطَّعْت، قَالَ: وَجَارِيَةٌ فُنُق جَسِيمَةٌ حَسَنَةُ الخَلْق، وَجَمَلٌ فُنُق وفَنِيقٌ مُكْرَم مُودَع للفِحْلَة؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسمائه، وَالْجَمْعُ فُنُق وأَفْنَاق. وَفِي حَدِيثِ
عُمَيْرِ بْنِ أَفْصَى ذِكْرُ الفَنِيق؛ هُوَ الْفَحْلُ الْمُكْرَمُ مِنَ الإِبل الَّذِي لَا يُرْكب وَلَا يُهَان لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِمْ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْجَارُودِ: كَالْفَحْلِ الفَنِيقِ
؛ وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ
لَمَّا حَاصَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ وَنَصَبَ المَنْجَنِيقَ:
خَطَّارة كالجَمَل الفَنِيق
وَالْجَمْعُ أَفْناق وفُنُقٌ وفِناقٌ، وَقَدْ فُنِّقَ. وَجَارِيَةٌ فُنُقٌ: مُفَنَّقة مُنَعّمة فَنَّقَها أَهلها تَفْنيقاً وفِناقاً. والفَنِيقُ: الْفَحْلُ المُقْرَم لَا يَرْكَبُ لِكَرَامَتِهِ عَلَى أَهله. والفَنِيقةُ: وِعَاءٌ أَصغر مِنَ الغِرارة، وَقِيلَ: هِيَ الغِرارةُ الصغيرة.
فنتق: قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ قُضَاعَةَ يَقُولُ فُنْتُق للفُنْدقُ، وَهُوَ الْخَانُ.
فندق: الفُنْدقُ: الْخَانُ فَارِسِيٌّ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. التَّهْذِيبُ: الفُنْدقُ حَمْل شَجَرَةٍ مُدَحْرَج كالبُنْدق يُكْسَرُ عَنْ لُبٍّ كالفُستق، قَالَ: والفُنْدقُ بِلُغَةِ أَهل الشَّامِ خَانٌ مِنْ هَذِهِ الْخَانَاتِ الَّتِي يَنْزِلُهَا النَّاسُ مِمَّا يَكُونُ فِي الطُّرُق والمَدَائن. اللَّيْثُ الفُنْدَاقُ هُوَ صَحِيفَةُ الْحِسَابِ، قَالَ الأَصمعي: أَحسبه معرباً.
فهق: الفَهْقةُ: أَول فَقْرة [فِقْرة] مِنَ الْعُنُقِ تَلِي الرأَس، وَقِيلَ: هِيَ مُرَكَّبُ الرأْس فِي الْعُنُقِ. ابْنُ الأَعرابي: الفَهْقة مَوْصِلُ الْعُنُقِ بالرأْس، وَهِيَ آخِرُ خَرَزةٍ فِي الْعُنُقِ. والفَهْقةُ: عَظْمٌ عِنْدَ فَائِقِ الرَّأْسِ مُشْرِفٌ عَلَى اللَّهاة، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ فِهَاقٌ، وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَسْقُطُ عَلَى اللَّهَاةِ فَيُقَالُ فُهِقَ الصَّبِيُّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَدْ يَجَأُ الفَهْقَةَ حَتَّى تَنْدَلِقْ
أَي يَجَأُ القَفا حَتَّى تَسْقُطَ الفَهْقةُ مِنْ بَاطِنٍ. وَالْفَهْقَةُ: عَظْمٌ عِنْدَ مُرَكَّب الْعُنُقِ وَهُوَ أَول الفَقَار؛ قَالَ الْقُلَاخُ:
وتُضرَبُ الفَهْقَةُ حَتَّى تَنْدلِقْ
وفَهَقْتُ الرجلَ إِذا أَصبت فَهْقَتهُ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ:(10/313)
أَنشدني ابْنُ الأَعرابي:
قَدْ تُوجَأُ الفَهْقةُ حَتَّى تَنْدَلِقُ، ... مِنْ مَوْصِلِ اللَّحْيين فِي خَيْط العُنُقْ
وفُهِقَ الصبيُّ: سَقَطَتْ فَهْقتُه عَنْ لَهاته، قَالَ الأَصمعي: أَصل الفَهْقِ الِامْتِلَاءُ، فَمَعْنَى المُتَفَيْهق الَّذِي يَتَوَسَّعُ فِي كَلَامِهِ ويَفْهَقُ بِهِ فَمُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن أَبغضكم إِليَّ الثَّرْثارُون المُتَفَيْهِقُون قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا المُتَفَيْهِقُون؟ قَالَ: المتكبرون
، وهو يَتَفَيْهقُ فِي كَلَامِهِ؛ وَتَفْسِيرُ الْحَدِيثِ هُمُ الَّذِينَ يَتَوَسَّعُونَ فِي الْكَلَامِ وَيَفْتَحُونَ بِهِ أَفواههم، مَأْخُوذٌ مِنَ الفَهْق وَهُوَ الِامْتِلَاءُ وَالِاتِّسَاعُ. يُقَالُ: أَفْهَقْتُ الإِناء فَفَهِقَ يَفْهَقُ فَهْقاً. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَنَزَعْنَا فِي الْحَوْضِ حَتَّى أَفْهَقْنا.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: فِي هَوَاءٍ مُنْفَتِق وَجَوٍّ مُنْفَهِق
؛ وَقَالَ الأَعشى:
تَرُوحُ عَلَى آلِ المُحَلّقِ جَفْنَةٌ، ... كجابِيةِ الشَّيْخِ العِراقيّ تَفْهَقُ
يَعْنِي الِامْتِلَاءَ. الْفَرَّاءُ: بَاتَ صبِيُّها عَلَى فَهَقٍ إِذا امتلأَ مِنَ اللَّبَنِ. وتَفَيْهقَ فِي كَلَامِهِ: توسَّع وتنطَّع. وفَهِقَ الْغَدِيرُ بِالْمَاءِ يَفْهَقُ فَهْقاً: امتلأَ. وأَفْهَقَهُ: ملأَه. وأفْحقَهُ: كأفْهقَهُ عَلَى الْبَدَلِ؛ وَأَنْشَدَ يَعْقُوبُ لأَعرابي اخْتَلَعَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ وَاخْتَارَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فأَضرَّها وَضَيَّقَ عَلَيْهَا فِي الْمَعِيشَةِ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالَ يَهْجُوهَا وَيَعِيبُهَا بِمَا صَارَتْ إِلَيْهِ مِنَ الشَّقَاءِ:
رَغْماً وتَعْساً للشَّريم الصَّهْصَلِقْ ... كَانَتْ لَدَيْنا لَا تَبيتُ ذَا أَرَقْ،
وَلَا تَشَكَّى خَمَصاً فِي المُرْتَزَقْ، ... تُضْحي وتُمْسي فِي نعيمٍ وفَنَقْ
لَمْ تَخْشَ عِنْدِي قَطُّ مَا إلَّا السَّنَقْ، ... فالرِّسْلُ دَرٌّ، والإِناءُ مُنْفَهِقْ
الشَّرِيمُ: المُفْضاة، وَمَا هَاهُنَا زَائِدَةٌ؛ أَراد لَمْ تَخْشَ عِنْدِي قَطُّ إِلَّا السَّنَقَ وَهُوَ شِبْهُ البَشَم يَعْتَرِي مِنْ كَثْرَةِ شُرْبِ اللَّبَنِ، وَإِنَّمَا عيَّرها بِمَا صَارَتْ إِلَيْهِ بَعْدَهُ. والفَهَقُ والفَهْق: اتِّسَاعُ كُلِّ شيءٍ يَنْبُعُ مِنْهُ مَاءٌ أَوْ دَمٌ. وَطَعْنَةٌ فاهقَةٌ: تَفْهَقُ بِالدَّمِ. وتَفَيْهَقَ فِي الْكَلَامِ: تَوَسَّعَ، وَأَصْلُهُ الفَهْقُ وَهُوَ الِامْتِلَاءُ كَأَنَّهُ ملأَ بِهِ فَمَهُ. والفاهِقَةُ: الطَّعْنَةُ الَّتِي تَفْهَق بِالدَّمِ أَيْ تَتَصَبَّبُ وانْفَهَقت الطَّعْنَةُ وَالْعَيْنُ والمَثْعَبُ وتَفَهَّق، كُلُّهُ: اتَّسَعَ. ابْنُ الأَعرابي: أَرْضٌ فَيْهق وفَيْحَقٌ، وَهِيَ الْوَاسِعَةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَإِنْ عَلَوْا مِنْ فَيْفِ خَرْقٍ فَيْهقَا ... ألْقى بِهِ الآلُ غَدِيرًا دَيْسَقَا
وانْفَهَقَ الشيءُ: اتَّسَعَ؛ وَأَنْشَدَ:
وانْشَقَّ عَنْهَا صَحْصَحانُ المُنْفَهِقْ
قَالَ: وَمِنْهُ يُقَالُ تَفَيْهقَ فِي الْكَلَامِ وتَفَهَّقَ أَيْ تَوَسَّعَ فِيهِ وتنطَّع؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَفَيْهَقَ بالعِراق أَبُو المُثَنَّى، ... وعَلَّم قومَهُ أكلَ الخَبِيصِ
الأَزهري: انْفَهَقت الْعَيْنُ وَهِيَ أَرْضٌ تَنْفَهِقُ مِياهاً عِذاباً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأطْعَنُ الطَّعْنَة النَّجْلاءَ عَنْ عُرُضٍ، ... تَنْقي المَسابِيرَ بالإِرْباد والفَهَقِ
والفَيْهَقُ: الْوَاسِعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَمَفَازَةٌ فَيْهَق: وَاسِعَةٌ. يُقَالُ: هُوَ يَتَفَيْهَقُ عَلَيْنَا بِمَالِ غَيْرِهِ. قَالَ(10/314)
قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنِيٍّ عَنِ المُتَفَيْهِق فَقَالَ: هُوَ المُتَفَخّم الْمُتَفَتِّحُ الْمُتَبَخْتِرُ. وَفِي حَدِيثٍ:
أَنَّ رَجُلًا يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ فيُدْنى مِنَ الْجَنَّةِ فَتَتَفَهَّق لَهُ
أَيْ تتفتَّح وَتَتَّسِعُ. والفَيْهَقُ: الْبَلَدُ الْوَاسِعُ. وَرَجُلٌ مُتفَيْهق: مُتَفَتِّحٌ بالبَذَخ مُتَّسِعٌ. ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ شَيْءٍ تَوَسَّعَ فَقَدْ تَفَهّق. وَبِئْرٌ مفْهاق: كَثِيرَةُ الْمَاءِ؛ قَالَ حَسَّانُ:
عَلَى كُلِّ مِفْهاقٍ خَسِيفٍ غُرُوبُها، ... تُفَرِّغ فِي حَوْض مِنَ الْمَاءِ أسْجَلا
الغُروب هَاهُنَا: مَاؤُهَا. وتَفَيْهق فِي مِشْيَتِهِ: تَبَخْتَرَ، وتَفَيْحق كَتَفَيْهق عَلَى الْبَدَلِ. والمُنْفَهِقُ: الْوَاسِعُ؛ وَأَنْشَدَ:
والعِيسُ فَوْقَ لاحِب مُعَبَّدِ، ... غُبْرِ الحَصى مُنْفَهِقٍ عمَرَّدِ
وفَهِقَ الإِناءُ بِالْكَسْرِ، يَفْهَقُ فَهْقاً وفَهَقاً إِذَا امتلأَ حَتَّى يَتَصَبَّبَ. وأفْهَقْت السِّقَاءَ: ملأْته.
فوق: فَوْقُ: نَقِيضُ تَحْتٍ، يَكُونُ اسْمًا وَظَرْفًا، مَبْنِيٌّ، فَإِذَا أُضيف أُعرب، وَحَكَى الْكِسَائِيُّ: أَفَوْقَ تَنَامُ أَم أَسفَلَ، بِالْفَتْحِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَتَرْكِ الْبِنَاءِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَما فَوْقَها
؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَمَا دُوَنَهَا، كَمَا تَقُولُ إِذَا قِيلَ لَكَ فُلَانٌ صَغِيرٌ تَقُولُ وفَوْقَ ذَلِكَ أَيْ أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فَمَا فَوْقَها أَيْ أَعْظَمُ مِنْهَا، يَعْنِي الذُّباب والعَنْكبوت. اللَّيْثُ: الفَوْق نَقِيضُ التَّحْتِ، فَمَنْ جَعَلَهُ صِفَةً كَانَ سَبِيلُهُ النَّصْبَ كَقَوْلِكَ عَبْدُ اللَّهِ فَوْقَ زيدٍ لأَنه صِفَةٌ، فَإِنْ صَيَّرْتَهُ اسْمًا رَفَعْتَهُ فَقُلْتَ فوقُه رأسُه، صَارَ رَفْعًا هَاهُنَا لأَنه هُوَ الرَّأْسُ نَفْسُهُ، وَرَفَعْتَ كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ الفَوْقُ بِالرَّأْسِ، والرأسُ بالفَوْقِ. وَتَقُولُ: فَوْقَهُ قَلَنْسُوتُهُ، نَصَبْتَ الفَوْقَ لأَنه صِفَةُ عَيْنِ القَلَنْسُوة، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ
، لَا تَكَادُ تَظْهَرُ الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ مِنْ فَوْقِهِمْ
لأَن عَلَيْهِمْ قَدْ تَنُوبُ عَنْهَا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ مِنْ فَوْقِهِمْ
هُنَا مُفِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الأَفعال الشَّاقَّةِ الْمُسْتَثْقَلَةِ عَلى، تَقُولُ قَدْ سِرْنا عشْراً وبَقيَتْ عَلَيْنَا لَيْلَتَانِ، وَقَدْ حَفِظْتُ الْقُرْآنَ وَبَقِيَتْ عَلَيَّ مِنْهُ سُورَتَانِ، وَقَدْ صُمْنَا عِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ وَبَقِيَ عَلَيْنَا عَشْرٌ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الِاعْتِدَادِ عَلَى الإِنسان بِذُنُوبِهِ وقُبْح أَفْعَالِهِ: قَدْ أَخرب عَلَيَّ ضَيْعَتي وأَعْطَبَ عليَّ عَواملي، فَعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ فخرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ وَلَمْ يُقَلْ مِنْ فَوْقِهِمْ، لَجَازَ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ كَقَوْلِكَ قَدْ خَرِبَتْ عَلَيْهِمْ دَارُهُمْ، وَقَدْ هَلَكَتْ عَلَيْهِمْ مَوَاشِيهِمْ وَغِلَالُهُمْ، فَإِذَا قَالَ مِنْ فَوْقِهِمْ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُحْتَمَلُ، وَصَارَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَقَطَ وَهُمْ مِنْ تَحْتِهِ، فَهَذَا مَعْنًى غيرُ الأَول، وَإِنَّمَا اطّردَتْ عَلَى فِي الأَفعال الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا مِثْلَ خَرِبَتْ عَلَيْهِ ضَيْعَتُه، وَبَطَلَتْ عَلَيْهِ عَواملهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ كَانَتْ عَلى فِي الأَصل لِلِاسْتِعْلَاءِ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الأَحوال كُلَفاً ومَشاقَّ تخفضُ الإِنسان وتَضَعُه وَتَعْلُوهُ وتَتَفَرَّعُه حَتَّى يَخْضَعَ لَهَا ويَخْنع لِمَا يَتَسَدَّاه مِنْهَا، كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَوَاضِعِ عَلى، أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ هَذَا لَكَ وَهَذَا عَلَيْكَ؟ فتَسْتعمل اللَّامُ فِيمَا تُؤثِرهُ وَعَلَى فِيمَا تَكْرَهُهُ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
سَأحْمِلُ نَفْسي عَلَى آلَةٍ، ... فإمَّا عَلَيْها وإمَّا لَها
وَقَالَ ابْنُ حِلِّزَةَ:
فلَهُ هنالِكَ، لَا عَلَيْهِ، إِذَا ... دَنِعَتْ نفوسُ القومِ للتَّعْسِ(10/315)
فمِنْ هنا دخلت على هَذِهِ فِي هَذِهِ الأَفعال. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ
؛ أَرَادَ تَعَالَى: لأَكلوا مِنْ قَطْر السَّمَاءِ وَمِنْ نَبَاتِ الأَرض، وَقِيلَ: قَدْ يَكُونُ هَذَا مِنْ جِهَةِ التَّوْسِعَةِ كَمَا تَقُولُ فُلَانٌ فِي خَيْرٍ مِنْ فَرْقِهِ إِلَى قَدَمه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
؛ عَنى الأَحزاب وَهُمْ قُرَيْشٌ وغَطَفان وَبَنُو قُرَيظةَ قد جاءتهم من قَوقهم وَجَاءَتْ قُرَيْشٌ وغطَفان مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ مِنْ أَسْفَلِ مِنْهُمْ. وفاقَ الشيءَ فَوْقاً وفَواقاً: علاهُ. وَتَقُولُ: فُلَانٌ يَفُوق قَوْمَهُ أَيْ يَعْلُوهُمْ، وَيَفُوقُ سَطْحًا أَيْ يَعْلُوهُ. وَجَارِيَةٌ فائِقةٌ: فاقَتْ فِي الْجَمَالِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ:
إِنَّهُ قَسَم الْغَنَائِمَ يَوْمَ بَدْرٍ عَنْ فُواقٍ
أَيْ قَسَّمَهَا فِي قَدْرِ فُواقِ ناقةٍ، وَهُوَ قَدْرُ ما بين الحلبتين من الرَّاحَةِ، تُضَمُّ فَاؤُهُ وَتُفْتَحُ، وَقِيلَ: أَرَادَ التَّفْضِيلَ فِي الْقِسْمَةِ كَأَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَهُمْ أفْوقَ مِنْ بعضٍ عَلَى قَدْرِ غَنائهم وبَلائهم، وَعَنْ هَاهُنَا بِمَنْزِلَتِهَا فِي قَوْلِكَ أَعْطَيْتُهُ عَنْ رَغْبَةٍ وطِيبِ نَفْسٍ، لأَن الْفَاعِلَ وَقْتَ إِنْشَاءِ الْفِعْلِ إِذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ كَانَ الْفِعْلُ صَادِرًا عَنْهُ لَا مَحَالَةَ وَمُجَاوِزًا لَهُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْحَدِيثِ: أَرَادُوا التَّفْضِيلَ وَأَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَهُمْ فِيهَا فَوْق بَعْضٍ عَلَى قَدْرِ غِنَائِهِمْ يَوْمَئِذٍ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: كَأَنَّهُ أَرَادَ فَعَل ذَلِكَ فِي قَدْرِ فُواق نَاقَةٍ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: مِنْ فَواق وفُواق. وفاقَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ: عَلَاهُ وَغَلَبَهُ وفَضَلَهُ. وفاقَ الرَّجُلُ أَصْحَابَهُ يَفُوقهم أَيْ عَلَاهُمْ بِالشَّرَفِ. وَفِي الْحَدِيثِ
حُبّب إِلَيَّ الْجَمَالُ حَتَّى مَا أُحب أَنْ يَفُوقني أَحَدٌ بشِراك نَعْلٍ
؛ فُقْت فُلَانًا أَيْ صِرْتُ خَيْرًا مِنْهُ وَأَعْلَى وَأَشْرَفَ كَأَنَّكَ صِرْتَ فَوْقه فِي الْمَرْتَبَةِ؛ وَمِنْهُ الشَّيْءُ الفائقُ وَهُوَ الْجَيِّدُ الْخَالِصُ فِي نَوْعِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ حُنَيْنٍ:
فَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ ... يَفُوقانِ مِرْدَاسَ فِي مَجْمَعِ
وفَاقَ الرجلُ فُوَاقاً إِذَا شَخَصَتِ الرِّيحُ مِنْ صَدْرِهِ. وَفُلَانٌ يَفُوق بِنَفْسِهِ فُؤوقاً إِذَا كَانَتْ نَفْسُهُ عَلَى الْخُرُوجِ مِثْلُ يَرِيقُ بِنَفْسِهِ. وفَاقَ بِنَفْسِهِ يَفُوق عِنْدَ الموت فَوقاً وفُؤوقاً: جَادَ، وَقِيلَ: مَاتَ. ابْنُ الأَعرابي: الفَوْق نَفْسُ الْمَوْتِ. أَبُو عَمْرٍو: الفُوق الطَّرِيقُ الأَول، وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي الدُّعَاءِ: رَجَعَ فُلَانٌ إِلَى فُوقه أَيْ مَاتَ؛ وَأَنْشَدَ:
مَا بالُ عِرْسي شَرِقَتْ بِريقِها، ... ثُمَّتَ لَا يَرجِعْ لَهَا فِي فُوقِها؟
أَيْ لَا يَرْجِعُ رِيقُهَا إِلَى مجراه. وفَاقَ يَفُوق فُؤوقاً وفُواقاً: أَخذه البَهَرُ. والفُواقُ: تَرْدِيدُ الشَّهْقة الْعَالِيَةِ. والفُواق: الَّذِي يَأْخُذُ الإِنسانِ عِنْدَ النَّزْعِ، وَكَذَلِكَ الرِّيحُ الَّتِي تَشْخَصُ مِنْ صَدْرِهِ، وَبِهِ فُواق؛ الْفَرَّاءُ: يُجْمَعُ الفُواق أفِيقَةً، والأَصل أفْوِقَة فَنُقِلَتْ كَسْرَةُ الْوَاوِ لِمَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا؛ وَمِثْلُهُ: أَقِيمُوا الصَّلاةَ*؛ الأَصل أقْوِمُوا فَأَلْقَوْا حَرَكَةَ الْوَاوِ عَلَى الْقَافِ فَانْكَسَرَتْ وَقَلَبُوا الْوَاوَ يَاءً لِكَسْرَةِ الْقَافِ فقُرِئَتْ أَقِيمُوا*، كَذَلِكَ قَوْلُهُمْ أفِيقة. قَالَ: وَهَذَا مِيزَانٌ وَاحِدٌ، وَمِثْلُهُ مُصيبة كَانَتْ فِي الأَصل مُصْوبِة وأفْوِقَة مِثْلَ جَوَابٍ وأجْوِبة. والفُوَاق والفَوَاق: مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ مِنَ الْوَقْتِ لأَنها تُحْلَبُ ثُمَّ تُتْرَك سُوَيعةً يَرْضَعُهَا الفَصيل لتَدِرّ ثُمَّ تُحْلَبُ. يُقَالُ: مَا أَقَامَ عِنْدَهُ إِلَّا فُوَاقاً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قَالَ لَهُ الأَسير يَوْمَ صفِّين: أنْظِرْني فُوَاق نَاقَةٍ
أَيْ أخِّرني قدر ما بين الحلبتين. وفلان يفوق بنفسه فُؤوقاً إِذَا كَانَتْ نَفْسُهُ عَلَى الْخُرُوجِ.(10/316)
وفُوَاق النَّاقَةِ وفَواقها: رُجُوعُ اللَّبَنِ فِي ضَرْعِهَا بَعْدَ حلبها. يقال: لا تَنْتَظِرُهُ فُوَاق نَاقَةٍ، وَأَقَامَ فُوَاق نَاقَةٍ، جَعَلُوهُ ظَرْفًا عَلَى السَّعَةِ. وفُوَاق النَّاقَةِ وفَواقها: مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ إِذَا فتحتَ يَدَكَ، وَقِيلَ: إِذَا قَبَضَ الْحَالِبُ عَلَى الضَّرْع ثُمَّ أَرْسَلَهُ عِنْدَ الْحَلْبِ. وفيقَتُها: دِرَّتُهَا مِنَ الفُواق، وَجَمْعُهَا فِيقٌ وفيَقٌ، وَحَكَى كُرَاعٌ فَيْقَةَ النَّاقَةِ، بِالْفَتْحِ، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَلِكَ. وفَاقَت النَّاقَةُ بدِرّتها إِذَا أرسلتْها عَلَى ذَلِكَ. وأفَاقَتِ النَّاقَةُ تُفِيق إِفَاقَةً أَيِ اجْتَمَعَتِ الفِيقةُ فِي ضَرْعِهَا، وَهِيَ مُفِيق ومُفِيقةٌ: دَرّ لَبَنُهَا، وَالْجَمْعُ مَفَاويق. وفَوّقَها أهلُها واسْتَفَاقوها: نَفَّسوا حَلْبَهَا؛ وَحَكَى أَبُو عَمْرٍو فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ نَوَادِرِهِ بَعْدَ أَنْ أَنْشَدَ لأَبي الْهَيْثَمِ التَّغْلِبِيِّ يَصِفُ قِسيًّا:
لَنَا مسائحُ زُورٌ، فِي مَراكِضِها ... لِينٌ، وَلَيْسَ بِهَا وَهْيٌ وَلَا رَقَقُ
شُدَّت بِكُلِّ صُهَابيّ تَئِطُّ بِهِ، ... كَمَا تَئِطُّ إِذَا مَا رُدَّتِ الفُيُقُ
قَالَ: الفُيُق جَمْعُ مُفِيق وَهِيَ الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا لِبَنُهَا بَعْدَ الْحَلْبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَحْلُبُونَ النَّاقَةَ ثُمَّ يَتْرُكُونَهَا سَاعَةً حَتَّى تَفِيقَ. يُقَالُ: أفَاقَت النَّاقَةُ فاحْلُبْها. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ الفُيُق جَمْعُ مُفِيقٍ قِيَاسُهُ جَمْعُ فَيُوق أَوْ فَائقٍ. وأفاقَتِ الناقةُ واسْتَفَاقها أهلُها إِذَا نَفَّسوا حَلْبَهَا حَتَّى تَجْتَمِعَ دِرّتها. والفُواق والفَوَاق: مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ مِنَ الْوَقْتِ، والفُواق ثَائِبُ اللَّبَنِ بَعْدَ رَضَاعٍ أَوْ حِلَابٍ، وَهُوَ أَنْ تُحْلب ثُمَّ تُتْرك سَاعَةً حَتَّى تَدِرّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَلا غلامٌ شَبَّ مِنْ لِدَاتِها، ... مُعاوِدٌ لشُرْبِ أفْوِقَاتِها
أفْوِقاتٌ: جَمْعُ أفْوقَةٍ، وأفْوقةٌ جَمْعُ فُوَاقٍ. وَقَدْ فاقَتْ تَفُوقُ فُوَاقاً وفِيقةً؛ وَكُلَّمَا اجْتَمَعَ مِنَ الفُواق دِرَّةٌ، فَاسْمُهَا الفِيقةُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أفاقتِ الناقةُ تُفِيقُ إِفَاقَةً وفُوَاقاً إِذَا جَاءَ حِينَ حَلْبِهَا. ابْنُ شُمَيْلٍ: الإِفاقةُ لِلنَّاقَةِ أَنْ تَرِدَ مِنَ الرَّعْيِ وتُتْرك سَاعَةً حَتَّى تَسْتَرِيحَ وَتُفِيقَ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ كُثْوة: إفاقةُ الدِّرة رُجُوعُهَا، وغرارُها ذَهَابُهَا. يُقَالُ: اسْتَفِقِ الناقةَ أَيْ لَا تَحْلُبْهَا قَبْلَ الْوَقْتِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: لَا تَسْتَفِقْ مِنَ الشَّرَابِ أَيْ لَا تَشْرَبْهُ فِي الْوَقْتِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تجعَلْ لِشُرْبِهِ وَقْتًا إِنَّمَا تَشْرَبُهُ دَائِمًا. ابْنُ الأَعرابي: المُفَوَّقُ الَّذِي يُؤخَذ قَلِيلًا قَلِيلًا مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ. وَيُقَالُ: أفاقَ الزمانُ إِذَا أَخْصَبَ بَعْدَ جَدْب؛ قَالَ الأَعشى:
المُهِينِينَ مَا لَهُمْ في زمان السَّوءِ، ... حَتَّى إِذَا أفَاقَ أفَاقُوا
يَقُولُ: إِذَا أفاقَ الزمانُ بالخِصْب أفاقُوا مِنْ نَحْرِ الإِبل. وَقَالَ نُصَيْرٌ: يُرِيدُ إِذَا أفاقَ الزمانُ سهمَه لِيَرْمِيَهُمْ بِالْقَحْطِ أفاقُوا لَهُ سِهامهم بِنَحْرِ الإِبل. وأَفَاوِيقُ السَّحَابِ: مَطَرُهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. والأَفاويقُ: مَا اجْتَمَعَ مِنَ الْمَاءِ فِي السَّحَابِ فَهُوَ يُمطر سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فباتَتْ تَثِجُّ أفاوِيقُها، ... سِجالَ النِّطافِ عَلَيْهِ غِزَارَا
أَيْ تثجُّ أفاويقُها عَلَى الثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ كَسِجَالِ النِّطَافِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُرَاهُمْ كَسَّرُوا فُوقاً عَلَى أَفْواقٍ ثُمَّ كَسَّرُوا أفْواقاً عَلَى أفاوِيقَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِ
أَبِي مُوسَى الأَشعري وَقَدْ تَذَاكَرَ هُوَ وَمُعَاذٌ قراءةَ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَّا أَنَا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقَ(10/317)
اللَّقوح
؛ يَقُولُ لَا أَقْرَأُ جُزْئِي بِمَرَّةٍ وَلَكِنْ أَقْرَأُ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فِي آنَاءِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، مُشْتَقٌّ مِنْ فُوَاق النَّاقَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا تُحلب ثُمَّ تُتْرَكُ سَاعَةً حَتَّى تَدِرَّ ثُمَّ تُحْلَبُ، يُقَالُ مِنْهُ: فاقت تَفُوق فُواقاً وفِيقةً؛ وَأَنْشَدَ:
فأضْحَى يَسُحُّ الماءَ مِنْ كُلِّ فِيقةٍ
والفِيقَةُ، بِالْكَسْرِ: اسْمُ اللَّبَنِ الَّذِي يَجْتَمِعُ بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ بَقَرَةً:
حَتَّى إِذَا فِيقة فِي ضَرْعِهَا اجْتَمَعَتْ، ... جَاءَتْ لتُرْضِع شِقَّ النَّفْسِ، لَوْ رَضَعا
وَجَمْعُهَا فِيقٌ وأفْواقٌ مِثْلُ شِبْر وَأَشْبَارٌ، ثُمَّ أفاوِيقُ؛ قَالَ ابْنُ هَمّام السَّلُولِيُّ:
وذَمُّوا لَنَا الدُّنْيا، وَهُمْ يَرْضَعُونها ... أفاوِيقَ، حَتَّى مَا يَدِرُّ لَهَا ثعْلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تُجْمَعَ فِيقةٌ عَلَى فِيَقٍ، ثُمَّ تُجْمَعُ فِيَقٌ عَلَى أفْواقٍ، فَيَكُونُ مِثْلَ شِيعَةٍ وشِيَعٍ وأَشْيَاعٍ؛ وَشَاهِدُ أَفَوَاقٍ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَعْتادُهُ زَفَرَاتٌ حِينَ يَذْكرُها، ... يَسْقِينَهُ بكؤوس الْمَوْتِ أفْواقا
وفَوَّقْتُ الْفَصِيلَ أَيْ سَقَيْتُهُ اللَّبَنَ فُواقاً فُواقاً. وتَفَوَّقَ الْفَصِيلُ إِذَا شَرِبَ اللَّبَنَ كَذَلِكَ؛ وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ أَبُو حَنِيفَةَ:
شُدَّت بِكُلِّ صُهَابيٍّ تَئِطُّ بِهِ، ... كَمَا تَئِطُّ إِذَا مَا رُدَّتِ الفُيُقُ
فَسَّرَ الفُيُقَ بِأَنَّهَا الإِبل الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا لِبَنُهَا بَعْدَ الْحَلْبِ، قَالَ: وَالْوَاحِدَةُ مُفِيقٌ؛ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: أَمَّا الفُيُقُ فَلَيْسَتْ بِجَمْعِ مُفِيق لأَن ذَلِكَ إِنَّمَا يُجْمَعُ عَلَى مَفَاوق ومفَاوِيق، وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّهَا جَمْعُ نَاقَةٍ فَووق، وَأَصْلُهُ فُوُقٌ فَأَبْدَلَ مِنَ الْوَاوِ يَاءً اسْتِثْقَالًا لِلضَّمَّةِ عَلَى الْوَاوِ، وَيُرْوَى الفِيَقُ، وَهُوَ أَقْيَسُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَا لَها مِنْ فَواقٍ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ مِنْ فَتْرَةٍ، قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ، يُقْرَأُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، أَيْ مَا لَهَا مِنْ رَاحَةٍ وَلَا إِفَاقَةٍ وَلَا نَظْرَةٍ، وَأَصْلُهَا مِنَ الإِفاقة فِي الرَّضَاعِ إِذَا ارْتَضَعَتِ البَهْمةُ أُمَّها ثُمَّ تَرَكَتْهَا حَتَّى تُنْزِلَ شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ فَتِلْكَ الإِفاقة الفَواقُ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: عِيَادَةُ الْمَرِيضِ قَدْرُ فُوَاقِ ناقةٍ.
وَتَقُولُ الْعَرَبُ: مَا أَقَامَ عِنْدِي فُواقَ ناقةٍ، وَبَعْضٌ يَقُولُ فَوَاق نَاقَةٍ بِمَعْنَى الإِفاقة كإفاقةِ المَغْشِيّ عَلَيْهِ؛ تَقُولُ: أفَاقَ يُفِيقُ إفَاقَةً وفَواقاً؛ وَكُلُّ مغشيٍّ عَلَيْهِ أَوْ سَكْرَانَ معتوهٍ إِذَا انْجَلَى ذَلِكَ عَنْهُ قِيلَ: قَدْ أفاقَ واسْتَفَاقَ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
هَرِيقي مِنْ دُوموعك واسْتَفيقي ... وصَبراً إِنْ أَطقْتِ وَلَنْ تُطِيقي
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مِنْ قَرَأَ مِنْ فَوَاقٍ، بِالْفَتْحِ، أَرَادَ مَا لَهَا مِنْ إفاقةٍ وَلَا رَاحَةٍ، ذَهَبَ بِهَا إِلَى إِفَاقَةِ الْمَرِيضِ، وَمَنْ ضَمَّهَا جَعَلَهَا مِنْ فُوَاق النَّاقَةِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، يُرِيدُ مَا لَهَا مِنِ انْتِظَارٍ. قَالَ قَتَادَةُ: مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ مِنْ مَرْجُوعٍ وَلَا مَثْنَوِيّةٍ وَلَا ارْتِدَادٍ. وتَفَوَّقَ شرابَهُ: شَرِبَهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَخَرَجُوا بَعْدَ أفاوِيق مِنَ اللَّيْلِ أَيْ بَعْدَ ما مَضَى عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: هُوَ كَقَوْلِكَ بَعْدَ أَقْطَاعٍ مِنَ اللَّيْلِ؛ رَوَاهُ ثَعْلَبٌ. وفِيقةُ الضُّحَى: أوَّلها. وأَفاق العليلُ إِفَاقَةً واسْتَفاقَ:(10/318)
نَقِه، وَالِاسْمُ الفُواق، وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ إِذا صَحَا. وَرَجُلٌ مْستَفيق: كَثِيرُ النَّوْمِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ غَرِيبٌ. وأَفاقَ عَنْهُ النعاسُ: أَقْلَعَ. والفَاقةُ: الْفَقْرُ وَالْحَاجَةُ، وَلَا فِعْلَ لَهَا. يُقَالُ مِنَ الفاقَةِ: إِنه لمُفْتاقٌ ذُو فاقةٍ. وَافْتَاقَ الرجلُ أَيِ افْتَقَرَ، وَلَا يُقَالُ فَاقَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانُوا أَهْلَ بَيْتِ فاقةٍ
؛ الفاقةُ: الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ. والمُفْتاق: الْمُحْتَاجُ؛ وَرَوَى الزَّجَّاجِيُّ فِي أَماليه بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: خَرَجَ سَامَةُ بْنِ لؤَي بْنِ غَالِبِ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى نَزَلَ بعُمَان وأنشأَ يَقُولُ:
بَلِّغا عامِراً وكَعْباً رَسُولًا: ... إِنَّ نَفْسي إِلَيْهِمَا مُشْتاقَهْ
إِنْ تكنْ فِي عُمَانَ دَاري، فَإِنِّي ... ماجدٌ، مَا خرجْتُ مِنْ غَيْرِ فَاقَهْ
وَيُرْوَى: فَإِنِّي غَالِبِيٌّ خَرَجْتُ؛ ثُمَّ خَرَجَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَزْدِ فَقَرَاهُ وَبَاتَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَعَدَ يَسْتَنُّ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ زَوْجَةُ الأَزدي فَأَعْجَبَهَا، فَلَمَّا رَمَى سِوَاكَهُ أَخَذَتْهَا فَمَصَّتْهَا، فَنَظَرَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا، فَحَلَبَ نَاقَةً وَجَعَلَ فِي حِلَابِهَا سُمًّا وَقَدَّمَهُ إِلَى سَامَةَ، فَغَمْزَتْهُ الْمَرْأَةُ فَهَراقَ اللبنَ وَخَرَجَ يَسِيرُ، فَبَيَنَا هُوَ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ جَوْفُ الخَمِيلةِ هَوَتْ نَاقَتُهُ إِلَى عَرْفَجةٍ فانْتَشَلَتْها وَفِيهَا أفْعى فنفَحَتْها، فَرَمَتْ بِهَا عَلَى سَاقِ سَامَةَ فَنَهَشَتْهَا فَمَاتَ، فَبَلَغَ الأَزدية فَقَالَتْ تَرِثِيهِ:
عينُ بَكِّي لسامةَ بنِ لُؤيٍّ، ... علِقَتْ ساقَ سامةَ العَلَّاقَهْ
لَا أرَى مثلَ سامةَ بْنِ لُؤيٍّ، ... حَمَلَتْ حَتْفَهُ إِلَيْهِ النّاقَهْ
رُبَّ كأسٍ هَرَقَتْها ابنَ لؤيٍّ، ... حَذَرَ الْمَوْتِ، لَمْ تَكُنْ مُهراقَهْ
وحُدُوسَ السُّرى تَرَكْت رَدِيئًا، ... بَعْدَ جِدٍّ وجُرْأةٍ ورَشاقَهْ
وَتَعَاطَيْتَ مَفْرَقاً بحُسَامٍ، ... وتَجَنَّبْتَ قَالَةَ العَوّاقَهْ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ ليُفَوَّقونني تُراثَ مُحَمَّدٍ تَفْوْيِقاً
أَيْ يُعْطُونَنِي مِنَ الْمَالِ قَلِيلًا قَلِيلًا. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ: مَنْ سُئِلَ فَوقَها فَلَا يُعْطَهُ
أَيْ لَا يُعْطِي الزِّيَادَةَ الْمَطْلُوبَةَ، وَقِيلَ: لَا يُعْطِيهِ شَيْئًا مِنَ الزَّكَاةِ أَصْلًا لأَنه إِذَا طَلَبَ مَا فَوْقَ الْوَاجِبِ كَانَ خَائِنًا، وَإِذَا ظَهَرَتْ مِنْهُ خِيَانَةٌ سَقَطَتْ طَاعَتُهُ. والفُوقُ مِنَ السَّهْمِ: مَوْضِعُ الوَتَر، وَالْجَمْعُ أفْوَاق وفُوَقٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَصِفُ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كنتَ أَخفضهم صَوْتًا وأَعلاهم فُوقاً
أَيْ أَكْثَرَهُمْ حَظًّا وَنَصِيبًا مِنَ الدِّينِ، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنْ فُوقِ السَّهْمِ مَوْضِعُ الوَتَر مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: اجْتَمَعْنَا فأمّرْنا عُثْمَانَ وَلَمْ نَألُ عَنْ خَيْرِنَا ذَا فُوقٍ
أَيْ ولَّيْنَا أَعْلَانَا سَهْمًا ذَا فُوقٍ؛ أَرَادَ خَيْرَنَا وَأَكْمَلَنَا تَامًّا فِي الإِسلام وَالسَّابِقَةِ وَالْفَضْلِ. والفُوق: مَشَقُّ رَأْسِ السَّهْمِ حَيْثُ يَقَعُ الوَتَر، وَحَرْفَاهُ زَنَمتَاهُ، وَهُذَيْلٌ تُسَمِّي الزَّنَمَتَينِ الفُوقَتَينِ؛ وَأَنْشَدَ:
كأنَّ النَّصْلَ والفُوقَيْنِ مِنْهُ، ... خلالَ الرأْس، سِيطَ بِهِ مُشِيحُ
وإِذا كَانَ فِي الفُوقِ مَيَل أَوِ انكِسَارٌ فِي إِحْدَى زَنَمتَيْه، فَذَلِكَ السَّهْمُ أفْوَق، وَفِعْلُهُ الفَوَقُ؛ وَأَنْشَدَ لِرُؤْبَةَ:(10/319)
كَسَّر مِنْ عَيْنَيْه تَقْوِيمَ الفَوَقْ
وَالْجَمْعُ أفْوَاقٌ وفُوَق. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ فُوَقاً جَمْعُ فُوقةٍ؛ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُقَالُ فُوقَةٌ وفُوَقٌ وأفْوَاق، وَأَنْشَدَ بَيْتَ رُؤْبَةَ أَيْضًا، وَقَالَ: هَذَا جَمْعُ فُوقَةٍ، وَيُقَالُ فُقْوَة وفُقاً، عَلَى الْقَلْبِ. ابْنُ الأَعرابي: الفَوَقَةُ الأَدباءُ الْخُطَبَاءُ. وَيُقَالُ للإِنسان تَشْخَصُ الرِّيحُ فِي صَدْرِهِ: فاقَ يَفُوقُ فُوَاقاً. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: إنَّا أصحابَ مُحَمَّدٍ اجْتَمَعْنَا فأمَّرْنا عُثْمَانَ وَلَمْ نَألُ عَنْ خَيْرِنَا ذَا فُوقٍ
؛ قال الأَصعمي: قَوْلُهُ ذَا فُوقٍ يَعْنِي السَّهْمَ الَّذِي لَهُ فُوقٌ وَهُوَ مَوْضِعُ الوَتَرِ، فَلِهَذَا خصَّ ذَا الفُوقِ، وَإِنَّمَا قَالَ خَيْرَنَا ذَا فُوقٍ وَلَمْ يَقُلْ خَيْرَنَا سَهْماً لأَنه قَدْ يُقَالُ لَهُ سهمٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أُصْلِح فُوقُه وَلَا أُحْكِمَ عملهُ، فَهُوَ سَهْمٌ وَلَيْسَ بِتَامٍّ كاملٍ، حَتَّى إِذَا أُصْلِح فُوقُه وأُحْكِمَ عملهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ سَهْمٌ ذُو فُوقٍ، فَجَعَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ مَثَلًا لِعُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ يَقُولُ: إِنَّهُ خَيْرَنَا سَهْمًا تَامًّا فِي الإِسلام وَالْفَضْلِ وَالسَّابِقَةِ، وَالْجَمْعُ أفْواقٌ، وَهُوَ الفُوقَةُ أَيْضًا، وَالْجَمْعُ فُوَقٌ وفُقاً مقلوب؛ قال الفِنْدُ الزِّمَّانيّ شَهْلُ بْنُ شَيْبان:
ونَبْلي وفُقَاها ... كَعَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمِنْ دُونِ ذاكَ قِسِيُّ المَنُونِ، ... لَا الفُوقُ نَبْلًا وَلَا النُّصَّل
أَيْ لَيْسَتِ الْقَوْسُ بفَوْقاءِ النَّبْل وَلَيْسَتْ نِبالُها بفُوقٍ وَلَا بِنُصَّلٍ أَيْ بِخَارِجَةِ النِّصَالِ مِنْ أَرْعَاظِهَا، قَالَ: وَنَصَبَ نَبْلًا عَلَى تَوَهُّمِ التَّنْوِينِ وَإِخْرَاجِ اللَّامِ كَمَا تَقُولُ: هُوَ حسنٌ وَجْهاً وكريمٌ وَالِدًا. والفَوَق: لُغَةٌ فِي الفُوق. وَسَهْمٌ أفْوَقُ: مَكْسُورُ الفُوقِ. وَفِي الْمَثَلِ: رَدَدْتُهُ بأفْوَقَ ناصلٍ إِذَا أخْسَسْتَ حَظَّهُ. وَرَجَعَ فُلَانٌ بأفْوَقَ ناصلٍ إِذَا خَسَّ حَظَّهُ أَوْ خَابَ. ومثَل لِلْعَرَبِ يُضْرَبُ لِلطَّالِبِ لَا يَجِدُ مَا طَلَبَ: رَجَعَ بأفْوَقَ ناصلٍ أَيْ بِسَهْمٍ مُنْكَسِرِ الفُوقِ لَا نَصْلَ لَهُ أَيْ رَجَعَ بحَظٍّ لَيْسَ بِتَمَامٍ. وَيُقَالُ: مَا بَلِلْتُ مِنْهُ بأفْوقَ ناصلٍ، وَهُوَ السَّهْمُ الْمُنْكَسِرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ومَن رَمى بِكُمْ فَقَدْ رَمى بأفْوَقَ ناصلٍ
أَيْ رَمَى بِسَهْمٍ مُنْكَسِرِ الفُوقِ لَا نصل لَهُ. والأَفْوَقُ: السَّهْمُ الْمَكْسُورُ الفُوقِ. وَيُقَالُ: مَحالةٌ فَوْقاءُ إِذَا كَانَ لِكُلِّ سِنٍّ مِنْهَا فُوقَانِ مِثْلُ فُوقَيِ السَّهْمِ. وانْفَاقَ السهمُ: انْكَسَرَ فُوقُه أَوِ انْشَقَّ. وفُقْتُه أَنَا أفُوقُه: كَسَرْتُ فُوقَه. وفَوَّقْتُه تَفْوِيقاً: عَمِلْتُ لَهُ فُوقاً. وأفَقْتُ السَّهْمَ وأوفَقْتُه وأوفَقْتُ بِهِ، كِلَاهُمَا عَلَى الْقَلْبِ: وَضَعْتُهُ فِي الوَتَر لأَرْمي بِهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: فَإِنْ وَضَعْتَهُ فِي الْوَتَرِ لِتَرْمِيَ بِهِ قُلْتَ فُقْتُ السَّهْمَ وأفْوَقْتهُ. وَقَالَ الأَصمعي: أفَقْتُ بِالسَّهْمِ وأوْفَقْتُ بِالسَّهْمِ، بِالْبَاءِ، وَقِيلَ: وَلَا يُقَالُ أوْفَقْتُه وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ. الأَصمعي: فَوَّق نَبْلَهُ تَفْويقاً إِذَا فَرَضَهَا وَجَعَلَ لَهَا أفْواقاً. ابْنُ الأَعرابي: الفُوقُ السِّهَامُ السَّاقِطَاتُ النُّصُول. وَفَاقَ الشيءَ يفُوقُه إِذَا كَسَرَهُ؛ قَالَ أَبُو الرُّبَيْسِ:
يَكَادُ يَفُوقِ المَيْسَ، مَا لَمْ يَرُدّها ... أمينُ القوَى مِنْ صُنْعِ أيْمَنَ حَادِرِ
أَمِينُ الْقُوَى: الزِّمَامُ، وأيْمَنُ: رَجُلٌ، وَحَادِرُ: غَلِيظٌ. والفُوق: أَعْلَى الْفَصَائِلِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَنْشَدَنِي الْمُفَضَّلُ بَيْتَ الْفَرَزْدَقِ:
وَلَكِنْ وجَدْتُ السهمَ أهْوَنَ فُوقُهُ ... عليكَ، فَقَدْ أوْدَى دَمٌ أَنْتَ طالبُهْ(10/320)
وَقَالَ: هَكَذَا أَنْشَدَنِيهِ الْمُفَضَّلُ، وَقَالَ: إِيَّاكَ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَرْوُونَهُ فُوقَة؛ قَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ شَنَّة وشِنان وشَنّ وشِنَان، وَيُقَالُ: رَمَيْنَا فُوقاً وَاحِدًا، وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ الْقَوْمُ الْمُجْتَمِعُونَ رَمْيَةً بِجَمِيعِ مَا مَعَهُمْ مِنَ السِّهَامِ، يَعْنِي يَرْمِي هَذَا رَمْيَةً وَهَذَا رَمْيَةً. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أقْبِلْ عَلَى فُوقِ نَبْلك أَيْ أقْبِلْ عَلَى شَأْنِكَ وَمَا يَعْنِيكَ. النَّضْرُ: فُوقُ الذَّكَرِ أَعْلَاهُ، يُقَالُ: كَمَرَةٌ ذَاتُ فُوقٍ؛ وَأَنْشَدَ:
يَا أيُّها الشيخُ الطويلُ المُوقِ، ... اغْمِزْ بهنَّ وَضَحَ الطَّريق
غَمْزَك بِالحَوْقاءِ ذاتِ الفُوقِ، ... بَيْنَ مَنَاطَيْ رَكَبٍ مَحْلُوقِ
وفُوقُ الرَّحِم: مَشَقّه، عَلَى التَّشْبِيهِ. والفَاقُ: البانُ. وَقِيلَ: الزَّيْتُ الْمَطْبُوخُ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ شَعَرَ امْرَأَةٍ:
قامَتْ تُرِيكَ أثِيثَ النبْتِ مُنْسدِلًا، ... مِثْلَ الأَسَاوِد قَدْ مُسِّحْنَ بالفاقِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ الإِنفاق وَهُوَ الْغَضُّ مِنَ الزَّيْتِ، وَرَوَاهُ أَبُو عَمْرٍو: قَدْ شُدِّخن بالفاقِ، وَقَالَ: الفاقُ الصَّحْرَاءُ. وَقَالَ مَرَّةً: هِيَ الأَرض الْوَاسِعَةُ. والفاقُ أَيْضًا: الْمُشْطُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَبَيْتُ الشَّمَّاخِ مُحْتَمِلٌ لِذَلِكَ. التَّهْذِيبُ: الفاقُ الجَفْنة المملوءَة طَعَامًا؛ وَأَنْشَدَ:
تَرَى الأَضيافَ يَنْتَجِعُونَ فَاقِي
السُّلَمِيُّ: شَاعِرٌ مُفْلِقٌ ومُفِيق، بِاللَّامِ وَالْيَاءِ. والفائقُ: مَوْصل الْعُنُقِ فِي الرأْس، فَإِذَا طَالَ الفائقُ طَالَ الْعُنُقُ. واسْتَفَاق مِنْ مَرَضِهِ وَمِنْ سُكْرِهِ وَأَفَاقَ بِمَعْنًى. وَفِي حَدِيثِ
سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: فاستْفاقَ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أيْنَ الصبيُّ؟
الاسْتِفاقةُ: اسْتِفْعَالٌ مَنْ أفاقَ إِذَا رَجَعَ إِلَى مَا كَانَ قَدْ شُغِلَ عَنْهُ وَعَادَ إِلَى نَفْسِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِفاقةُ الْمَرِيضِ
«2» . وَالْمَجْنُونِ وَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَلَا أَدْرِي أفاقَ قَبْلي
أَيْ قَامَ مِنْ غَشيْته.
فيق: فَاقَ يَفِيقُ: جَادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، لُغَةٌ فِي يَفُوق، وَرَوَى ابْنُ الأَثير فِي هَذَا الْمَكَانِ فِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: وتُرْويه فِيقةُ البقرةِ
، الفِيقةُ، بالكسر: اسم اللين الَّذِي يَجْتَمِعُ فِي الضَّرْع بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، وأَصل الْيَاءِ وَاوٌ انْقَلَبَتْ لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، وَيُجْمَعُ عَلَى فِيق ثم أَفْوَاق.
فصل القاف
قرق: القَرِقُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي. يُقَالُ قاعٌ قَرِقٌ مستوٍ؛ قَالَ يَصِفُ إِبِلًا بِالسُّرْعَةِ:
كأنَّ أيْديهُنَّ، بالقَاعِ القَرِقْ، ... أَيْدِي نساءٍ يَتَعَاطَيْنَ الورِقْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا القِرْق، بِكَسْرِ الْقَافِ؛ قَالَ الْمَرَّارُ:
وأحَلَّ أقوامٌ بيوتَ بَنِيهِمُ ... قِرْقاً، مَدَافعُها بعادُ الأَرْؤسِ
والقَرِق والقَرَق: الْقَاعُ الطَّيِّبُ لَا حِجَارَةَ فِيهِ. التَّهْذِيبُ: وَادٍ قَرِقٌ وقَرْقَر وقَرَقُوس أي أملس، والقَرَقُ الْمَصْدَرُ؛ وَأَنْشَدَ:
تَرَبَّعَتْ مِنْ صُلْبِ رَهْبَى أَنَقَا ... ظَواهراً مَرّاً، ومَرّاً غَدَقَا
__________
(2) . قوله [وَفِي الْحَدِيثِ
إِفَاقَةُ الْمَرِيضِ
إلخ] هكذا في الأَصل، وفي النهاية بعد قوله وعاد إلى نفسه: ومنه إفاقة المريض(10/321)
ومِنْ قَيَاقي الصُّوَّتَيْنِ قِيَقَا ... صُهْباً، وَقُرْبَانًا تُناصِي قَرَقَا
قَالَ أَبُو نَصْرٍ: القَرّقُ شَبِيهٌ بِالْمَصْدَرِ، وَيُرْوَى عَلَى وَجْهَيْنِ: قَرِقٌ وقَرَقٌ، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: القِرَقُ الْجَمَاعَةُ، وَجَمْعُهُ أقْراقٌ. يُقَالُ: جَاءَ قِرْقٌ مِنَ النَّاسِ وقِرْقٌ مِنَ النِّسَاءِ. والقِرقَان: أخَوَانِ مِنْ ضَرَّتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ هُوَ لَئِيمُ القِرْق أَيِ الأَصل. والقِرْقُ: الأَصل؛ قَالَ دُكَيْن السَّعدي يَصِفُ فَرَسًا:
ليْسَت مِنَ القِرْقِ البِطاءِ دَوْسَرُ، ... قَدْ سَبَقَتْ قَيْساً، وَأَنْتَ تَنْظُرُ
هَكَذَا أَنْشَدَهُ يَعْقُوبُ، وَرَوَاهُ كُرَاعٌ: لَيْسَتْ مِنَ الفُرْقِ، جَمْعُ فَرَسٍ أفْرَق وَهُوَ النَّاقِصُ إِحْدَى الْوَرِكَيْنِ؛ وَيُقَوِّي رِوَايَتَهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
طَلَبْت بَنَاتُ أعْوَجَ، حَيْثُ كَانَتْ، ... كَرِهْت تَنَاتُجَ الفُرْقِ البِطَاءِ
مَعَ أَنَّهُ قَالَ مِنَ القِرْقِ البِطاءِ فَقَدْ وَصَفَ القِرْقَ، وَهُوَ وَاحِدٌ، بالبِطاء وَهُوَ جَمْعٌ. والقِرْقُ: الأَصل الرَّدِيءُ. والقِرْقُ: الَّذِي يُلْعَبُ بِهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. التَّهْذِيبُ: والقِرْقُ لَعِبُ السُّدَّرِ. والقَرْقُ: صَوْتُ الدَّجَاجَةِ إِذَا حَضَنَتْ. أَبُو عَمْرٍو: قَرقَ إِذَا هَذَى وقَرقَ إِذَا لَعِبَ بالسُّدِّر. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: استوىَ القِرْقُ فَقُومُوا بِنَا أَيِ اسْتَوَيْنَا فِي اللَّعِبِ فَلَمْ يَقْمُرْ وَاحِدٌ مِنَّا صَاحِبَهُ، وَقِيلَ: القِرْقُ لُعْبَةٌ لِلصِّبْيَانِ يخطُّون في فِي الأَرض خَطًّا وَيَأْخُذُونَ حَصَيَاتٍ فيَصُفُّونها؛ قَالَ ابْنُ أبي الصلث:
وأعْلاقُ الكواكِبِ مُرْسلاتٌ، ... كحَبْل القِرْقِ، غايتُها النِّصاب «1»
. شبَّه النُّجُومَ بِهَذِهِ الْحَصَيَاتِ الَّتِي تُصَفّ، وَغَايَتُهَا النِّصابُ أَيِ المَغْرب الَّذِي تَغْرُبُ فِيهِ. أَبُو إِسْحَقَ الْحَرْبِيُّ فِي القِرْق الَّذِي جاءَ فِي حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا يَرَاهُمْ يَلْعَبُونَ بالقِرْق فَلَا يَنْهَاهُمْ
؛ قَالَ: القِرْقُ، بِكَسْرِ الْقَافِ، لُعْبَةٌ يَلْعَبُ بِهَا أَهْلُ الْحِجَازِ وَهُوَ خطٌّ مُرَبَّع، فِي وَسَطِهِ خَطٌّ مُرَبَّعٌ، فِي وَسَطِهِ خَطٌّ مُرَبَّعٌ، ثُمَّ يُخَطُّ مِنْ كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنَ الْخَطِّ الأَول إِلَى الْخَطِّ الثَّالِثِ، وَبَيْنَ كُلِّ زَاوِيَتَيْنِ خَطٌّ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرِينَ خَطًّا، وَقَالَ أَبُو إِسْحَقَ: هُوَ شَيْءٌ يُلْعَبُ بِهِ، قَالَ: وسمِّيت الأَربعة عشر.
قربق: يُقَالُ لِلْحَانُوتِ كُرْبَجٌ وكُرْبَق وقُرْبَق. والقُرْيَقُ: اسم موضع؛ وأنشد الأَصعمي:
يَتْبَعْنَ وَرْقاءَ كلَوْن العَوْهَقِ، ... لاحقةَ الرِّجْلِ عَنُودَ المِرْفَقِ،
يَا ابْنَ رُقَيْع، هَلْ لَهَا مِنْ مَغْبَقِ؟ ... مَا شربَتْ بَعْدَ طَوِيِّ القُرْبَقِ،
مِنْ قطرةٍ، غَيْرِ النَّجاءِ الأَدْفَقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لِسَالِمِ بْنِ قُحْفان، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَا ابْنَ رُقَيْعٍ، وَمَا بَعْدَهُ للصَّقر بْنِ حَكِيمَ بْنَ مُعَيَّة الرَّبَعِيّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي يُرْوَى لِلصَّقْرِ بْنِ حَكِيمٍ:
قَدْ أقْبَلتْ طَوامِياً مِنْ مَشْرِقِ، ... تَرْكَبُ كلَّ صَحْصَحان أخْوَقِ
__________
(1) . قوله [كحبل القرق] هكذا في الأَصل، وفي هامش نسخة صحيحة من النهاية: كخيل القرق، وفسرها بقوله خيلها هي الحصيات التي تصف(10/322)
وَبَعْدَ قَوْلِهِ يَا ابْنَ رُقَيْعٍ:
هَلْ أنْتَ ساقِيها، سَقَاك المُستْقي؟
وَرَوَى أَبُو عَلِيٍّ النِّجاء، بِكَسْرِ النُّونِ، وَقَالَ: هُوَ جَمْعُ نجْوَة وَهِيَ السَّحَابَةُ، وَالْمَعْنَى مَا شَرِبَتْ غَيْرَ ماءِ النِّجاء، فَحَذَفَ الْمُضَافَ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ لأَن السَّحَابَ لَا يُشْرَبُ، قَالَ: وَالظَّاهِرُ مِنَ الْبَيْتِ عِنْدِي أَنَّهُ يُرِيدُ بالنَّجاء الأَدفق السَّيْرَ الشَّدِيدَ، لأَن النَّجْوَ هُوَ السَّحَابُ الَّذِي هَراقَ الْمَاءَ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بالغُزْرِ والدَّفْقِ، وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ: الكُرْبَق، بِالْقَافِ وَالْكَافِ، وَقَالَ هُوَ الْبَصْرَةُ؛ وَقَالَ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ: هُوَ الْحَانُوتُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، يَعْنِي كُلْبَهْ.
قرطق: فِي حَدِيثِ
مَنْصُورٍ: جَاءَ الْغُلَامُ وَعَلَيْهِ قُرْطَقٌ أَبيض
أَيْ قَبَاءٌ، وَهُوَ تَعْرِيبُ كُرْتَهْ، وَقَدْ تُضَمُّ طَاؤُهُ، وَإِبْدَالُ الْقَافِ مِنَ الْهَاءِ فِي الأَسماء الْمُعْرَبَةِ كَثِيرٌ كالبَرْق والباشَقِ والمُسْتُقِ. وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ:
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَبَشِيٌّ عَلَيْهِ قُرَيْطق
؛ هُوَ تَصْغِيرُ قُرْطَق.
ققق: القَقَّةُ: حَدَثُ الصَّبِيِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا هُوَ قِقَةٌ، بِكَسْرِ الْقَافِ الأَولى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَتَخْفِيفِهَا؛ ابْنُ سِيدَهْ: الْقَافُ مُضَاعَفَةٌ، فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَلَا تُبايعُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ يَعْنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا شبَّهت بَيْعَتَكُمْ إِلَّا بقَقَّة، أَتَعْرِفُ مَا قَقَّة الصَّبِيِّ؟ يحْدِثُ ثُمَّ يَضَعُ يَدَهُ فِي حَدَثِهِ فَتَقُولُ لَهُ أُمُّهُ: قَقَّة
قَالَ الأَزهري: لَمْ يجئْ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَاؤُهَا وَعَيْنُهَا وَلَامُهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ، إِلَّا قَوْلُهُمْ قَعَدَ الصبيُّ عَلَى قَقَقِهِ وصَصَصِه أَيْ حَدَثِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَعَدَ الصَّبِيُّ عَلَى قَقَقِه؛ حَكَاهَا الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ وَهُوَ مِنَ الشُّذُوذِ وَالضَّعْفِ بِحَيْثُ تَرَاهُ. التَّهْذِيبُ: فِي الْحَدِيثِ
أَنَّ فُلَانًا وَضَعَ يَدَهُ فِي قَقَّة
؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ الْهَوَازِيُّ القَقَّةُ مَشْيُ الصَّبِيِّ وَهُوَ حدَثه، قَالَ: وَإِذَا أَحْدَثَ الصَّبِيُّ قَالَتْ أُمُّهُ: قَقَّةٌ دَعْهُ، قَقَّةٌ دَعْهُ، قَقَّةٌ دَعْهُ، فَرَفَعَ وَنَوَّنَ وَقَالَ وَقَعَ فُلَانٌ فِي قَقَّة إِذَا وَقَعَ فِي رَأْيِ سُوءٍ. ابْنُ الأَعرابي: القَقَقَةُ الْغِرْبَانُ الأَهلية. الْخَطَّابِيُّ: قَقَّة شَيْءٌ يُرَدِّدُهُ الطِّفْلُ عَلَى لِسَانِهِ قَبْلَ أَنْ يتدَرَّب بِالْكَلَامِ، فَكَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَرَادَ تِلْكَ بَيْعَةٌ تَوَلَّاهَا الأَحداث وَمَنْ لَا يَعْتَبِرُ بِهِ؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وهو صَوْتٌ يصوِّت بِهِ الصَّبِيُّ أَوْ يصوَّتُ لَهُ بِهِ إِذَا فَزِع مِنْ شَيْءٍ أَوْ فُزِّع إِذَا وَقَعَ فِي قَذِرٍ، وَقِيلَ: القَقَّة العِقْيُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ، وَإِيَّاهُ عَنَى ابْنُ عُمَرَ حِينَ قِيلَ لَهُ:
هَلَّا بَايَعْتَ أَخَاكَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ؟ فَقَالَ: إِنَّ أَخِي وَضَعَ يَدَهُ فِي قَقَّة
أَيْ لَا أنْزِع يَدِي مِنْ جَمَاعَةٍ وَأَضَعُهَا في فرقة.
قلق: القَلَقُ: الِانْزِعَاجُ. يُقَالُ: بَاتَ قَلِقاً، وأقلَقَهُ غَيْرُهُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقاً وَضِينُها، ... مُخَالِفًا دِينَ النَّصارَى دِينُها
القَلَقُ: الِانْزِعَاجُ، والوَضِينُ: حِزَامُ الرَّحْلِ؛ أَخْرَجَهُ
الْهَرَوِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ عَنْ سَالِمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفَاضَ مِنْ عَرَفات وَهُوَ يَقُولُ ذَلِكَ، وَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ بِابْنِ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ قَلِقَ الشيءُ قَلَقاً
، فَهُوَ قَلِقٌ ومِقْلاق، وَكَذَلِكَ الأَنثى بِغَيْرِ هَاءٍ؛ قَالَ الأَعشى:
رَوَّحَتْه جَيْداء دانية المَرْتَع، ... لا خَبَّةٌ ولا مِقْلاق(10/323)
وَامْرَأَةٌ مِقْلاق الوِشاح: لَا يَثْبُتُ عَلَى خَصْرِهَا مِنْ رِقَّتِهِ. وأقْلَقَ الشيءَ مِنْ مَكَانِهِ وقَلَقَه: حَرَّكَهُ. والقَلَقُ: أَنْ لَا يَسْتَقِرُّ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ أقلَقَهُ فقَلِقَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أقلِقُوا السُّيُوفَ فِي الْغِمْدِ
أَيْ حرِّكوها فِي أَغْمَادِهَا قَبْلَ أَنْ تَحْتَاجُوا إِلَى سَلّها لِيَسْهُلَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا. والقَلَقِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ الْحُلِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدْرِي إِلَى أَيِّ شَيْءٍ نُسِبَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوبًا إِلَى القَلَق الَّذِي هُوَ الِاضْطِرَابُ كَأَنَّهُ يَضْطَرِبُ فِي سِلْكِهِ وَلَا يَثْبُتُ، فَهُوَ ذُو قَلَقٍ لِذَلِكَ؛ قَالَ عَلَقَةُ بْنُ عَبْدَةَ:
مَحالٌ كأجْوازِ الجَرادِ، ولُؤلُؤٌ ... مِنَ القَلَقِيِّ والكَبِيسِ المُلَوَّبِ
التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لِضَرْبٍ مِنَ الْقَلَائِدِ الْمَنْظُومَةِ بِاللُّؤْلُؤِ قَلَقِيّ. والقِلِّقُ والتِّقِلِّقُ: مِنْ طير الماء.
قندق: القُنْداق: صَحِيفَةُ الْحِسَابِ.
قوق: القُوقُ والقاقُ، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، والقُوَاق: الطَّوِيلُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَبِيحُ الطُّولِ. أَبُو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِلطَّوِيلِ قاقٌ وقُوقٌ وقِيقٌ وأنْقُوق، والقُوق: الأَهوج الطُّولِ؛ وَأَنْشَدَ:
أحْزَم لَا قُوقٌ وَلَا حَزَنْبَلُ
والقاقُ: الأَحمق الطَّائِشُ؛ وأَنشد:
لَا طائشٌ قاقٌ وَلَا غَبيّ
والقاقُ: طَائِرٌ مَائِيٌّ طَوِيلُ العنُق. والقُوقُ: طَائِرٌ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ طَوِيلُ الْعُنُقِ قَلِيلُ نَحْضِ الْجِسْمِ؛ وأَنشد:
كأَنَّكَ مِنْ بَنَاتِ الْمَاءِ قُوقُ
والقُوق: طَائِرٌ لَمْ يُحَلّ. أَبُو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ قُوق، والأَنثى قُوقة، لِلطَّوِيلِ الْقَوَائِمِ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ قاقٌ وقاقةٌ، والقُوقةُ بِالْهَاءِ للأَصلع؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وَأَنْشَدَ:
مِنَ القُنْبُصاتِ قُضاعِيّة ... لَهَا ولدٌ قُوقَةٌ أحدَبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ أَنْشَدَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ الدَّمامةِ والقِصَر وَنَسَبَهُ لِبَعْضِ الْهُذَلِيِّينَ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ القُوقةُ الأَصلع وَهَذِهِ رِوَايَةُ الأَلفاظ؛ وَأَمَّا الَّذِي فِي شِعْرِهِ فَهُوَ:
لِزَوْجةِ سوءٍ فَشا سرُّها ... عليَّ جِهاراً، فَهِيْ تَضْرِبُ
عَلَى غَيْرِ ذنبٍ، قُضاعِيّةٍ، ... لها ولد قُوقَة أحْدَبُ
خَفَضَ قُضَاعِيَّةً عَلَى الْبَدَلِ مِنْ زَوْجَةٍ. وَقُوقٌ: بِمَعْنَى مَعَ «2» أَنِّي لَهَا مَعَ زَوْجِهَا، وَالشَّاعِرُ غُلَامٌ مِنْ هُذَيْل شَكَا فِي الشِّعْرِ عُقوق أَبِيهِ، وَأَنَّهُ نَفَاهُ لأَجل امرأَة كَانَتْ لَهُ، يُرِيدُ نَفَانِي لِزَوْجَةِ سُوءٍ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِآخَرَ:
أَيُّهَا القَسُّ الَّذِي قَدْ ... حَلَقَ القُوقةَ حَلْقَهْ،
لَوْ رأَيت الدَّفّ مِنْهَا، ... لَنَسَقْتَ الدَّفّ نَسْقَةْ
والقُوقةُ: الصَّلَعةُ. وَرَجُلٌ مُقَوَّق: عَظِيمُ الصَّلَعة. وقُوق: مَلِكٌ رُوميّ. وَالدَّنَانِيرُ القُوقيَّة: مِنْ ضَرْبِ قَيْصَر كَانَ يُسَمَّى قُوقاً. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: أَجئتم بِهَا هِرَقْلِيَّةً قُوقِيَّةً؟
يُرِيدُ:
__________
(2) . قوله [وقوق بمعنى مع إلخ] هو كذلك بالأَصل.(10/324)
البيعةُ لأَولاد الْمُلُوكِ سُنَّةُ الرُّومِ وَالْعَجَمِ، قَالَ ذَلِكَ لَمَّا أَراد مُعَاوِيَةُ أَنْ يُبَايِعَ أهلُ الْمَدِينَةِ ابْنَهُ يَزِيدَ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ. وَقُوق: اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الرُّومِ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الدَّنَانِيرُ القُوقِيّة، وَقِيلَ: كَانَ لَقَبُ قَيْصَرَ قُوقاً، وَرُوِيَ بِالْقَافِ وَالْفَاءِ مِنَ القَوْف الإِتباع، كأَن بَعْضَهُمْ يَتْبَعُ بَعْضًا. وَدِينَارٌ قُوقيّ: يُنْسَبُ إِلَيْهِ. وقَاقَ النعامُ: صَوَّت؛ قَالَ النابغة:
كأَنَّ غَدِيرَهُمْ، بِجَنُوبِ سِلَّى، ... نَعامٌ قَاقَ فِي بلدٍ قِفَارِ
أَراد غَدِير نَعامٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ، وَمَعْنَاهُ أَيْ كَانَ حَالُهُمْ فِي الْهَزِيمَةِ حَالَ نَعامٍ تَغْدُو مَذْعُورَةً، وَهَذَا الْبَيْتُ نَسَبَهُ ابْنُ بري لشَقِيق ابن جَزْء بْنُ رَبَاحٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا قَضَيْتُ عَلَى أَلِفِ قَاقَ بِأَنَّهَا وَاوٌ لأَنها عَيْنٌ وَالْعَيْنُ وَاوًا أَكْثَرُ مِنْهَا يَاءً. والقَيْقُ والقَقْوُ والقَوْقُ: صَوْتُ الغِرْغِرَةِ إِذَا أَرَادَتِ السِّفاد وَهِيَ الدَّجَاجَةُ السِّنْدِيَّةُ. الأَزهري: قُوْقُ المرأَة وَسُوسُهَا «1» صَدْعُ فَرْجِهَا؛ وأَنشد:
نُفاثِيَّة أَيَّان مَا شاءَ أَهلُها، ... رأَوا قُوقَها فِي الخُصّ لم يَتَغَيَّبِ
قيق: القِيقَاةُ والقِيقاءَةُ، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ: الأَرض الْغَلِيظَةُ، وَقِيلَ الْمُنْقَادَةُ وَالْهَمْزَةُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْيَاءِ وَالْيَاءُ الأُولى مُبْدَلَةً مِنَ الْوَاوِ، وَيَدُلُّكَ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِي الْجَمْعِ القَوَاقي، وَهُوَ فعْلاء مُلْحَقٌ بسِرْدَاح، وَكَذَلِكَ الزِّيزاءَة لأَنه لَا يَكُونُ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ القِلْقَالِ إِلَّا مَصْدَرًا وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى اللَّفْظِ فَيُقَالُ قَيَاقٍ، وَالْجَمْعُ قِيقاء وقَيَاقٍ؛ قَالَ:
إِذَا تَمَطَيْنَ عَلَى القَيَاقي، ... لاقَيْنَ مِنْهُ أُذُنَيْ عَناقِ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوَاق فَجَعَلَ الْيَاءَ فِي قَيَاقٍ بَدَلًا كَمَا أَبدلها فِي قَيْل. ابْنُ شُمَيْلٍ: القِيقَاة جَمْعُهَا قِيقاء مِنَ القَوَاقي وَهُوَ مَكَانٌ ظَاهِرٌ غَلِيظٌ كَثِيرُ الْحِجَارَةِ وَحِجَارَتُهَا الأَظِرّةُ، وَهِيَ مُسْتَوِيَةٌ بالأَرض وَفِيهَا نُشُوز وَارْتِفَاعٌ مَعَ النُّشُوزِ، نُثِرَتْ فِيهَا الْحِجَارَةُ نَثْراً لَا تَكَادُ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَمْشِيَ فِيهَا، وَمَا تَحْتَ الْحِجَارَةِ المنْثورة حِجَارَةٌ غاصٌّ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لَا تَقْدِرُ أَنْ تَحْفِرَهَا، وَحِجَارَتُهَا حُمْرٌ تُنْبِتُ الشَّجَرَ وَالْبَقْلَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وخَبَّ أَعْرَافُ السَّفَا عَلَى القِيَقْ
كأَنه جَمْعُ قِيقَة وَإِنَّمَا هِيَ قِيقَاة فَحُذِفَ أَلفها، وَقِيلَ هِيَ قِيقَةٌ، وَجَمْعُهَا قَيَاقٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
واسْتَنَّ أَعرافُ السَّفا عَلَى القِيَقْ
الْقِيَقُ يُرِيدُ جَمْعَ قِيقاءَةٍ كَأَنَّهُ أَخرجه عَلَى جَمْعِ قِيقةٍ. والقِيقاةُ والقيقايَةُ: وِعَاءُ الطَّلْع. ابْنُ الأَعرابي: القَيْقُ صَوْتُ الدَّجَاجَةِ إِذَا دَعَتِ الدِّيكَ للسِّفاد، وَقَالَ أَيْضَا: القِيقُ الْجَبَلُ الْمُحِيطُ بِالدُّنْيَا. الْفَرَّاءُ: القِيقيةُ الْقِشْرَةُ الرَّقِيقَةُ الَّتِي تَحْتَ القَيْضِ مِنَ الْبَيْضِ، وأَما الغِرْقِئُ فَالْقِشْرَةُ الْمُلْتَزِقَةُ بِبَيَاضِ الْبَيْضِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لِبَيَاضِ الْبَيْضِ القئْقئ وَلِصُفْرَتِهَا المُخّ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
والجلْدُ مِنْهَا غِرْقِئ القُوَيْقِيَهْ
القُوَيْقِيةُ: كِنَايَةٌ عن البيضة.
__________
(1) . قوله [وسوسها] هكذا في الأَصل.(10/325)
فصل الكاف
كذنق: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الكُذَيْنِقُ مُدُقّ الْقَصَّارِينَ الَّذِي يُدَقّ عَلَيْهِ الثوبُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَامَةُ القُصْعُلِ الضَّئِيلِ وكَفّ ... خِنْصَراها كُذَيْنِقَا قَصَّارِ
كربق: يُقَالُ لِلْحَانُوتِ: كُرْبَج وكُرْبَق وقُرْبَق، وَهُوَ فَارِسِيٌّ معرب.
كسق: الكَوْسَقُ: الكَوْسَجُ مُعَرَّبٌ.
فصل اللام
لبق: اللّبَقُ: الظَّرْفُ والرِّفْقُ، لَبِقَ، بِالْكَسْرِ، لَبَقاً ولَباقَةً، فَهُوَ لَبِقٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: بَنَوْهُ عَلَى هَذَا لأَنه عِلْم وَنَفَاذٌ تُوُهِمَ أَنهم جَاؤُوا بِهِ عَلَى فَهِمَ فَهَامَةً فَهُوَ فَهِمٌ، والأُنثى لَبِقَةٌ، ولَبُقَ فَهُوَ لَبِيقٌ كلَبِقٍ، والأُنثى لَبِيقة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَكَانَ بتَصْريفِ القَنَاة لَبِيقا
وَقِيلَ: اللَّبِقة واللَّبِيقة الْحَسَنَةُ الدَّلّ واللِّبْسة اللَّبِيبَةُ الصَّناع، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: اللَّبِقةُ الَّتِي يُشَاكِلُهَا كلُّ لِبَاسٍ وطيبٍ. اللَّيْثُ: رَجُلٌ لَبِقٌ وَيُقَالُ لَبِيق، وَهُوَ الْحَاذِقُ الرَّفِيقُ بِكُلِّ عَمَلٍ، وامرأَة لبيِقة ظريفة رَفيقةٌ ويليق بِهَا كُلُّ ثَوْبٍ. أَبُو بَكْرٍ: اللَّبِقُ الحُلو اللَّيِّنُ الأَخلاقِ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ المُلَبَّقة إِنَّمَا سُمِّيَتْ مُلَبّقة لِلِينِهَا وَحَلَاوَتِهَا، وَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ الرَّفِيقُ اللطيفُ الْعَمَلِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَبَّاضة بَيْنَ العَنيفِ واللَّبِقْ
وَهَذَا الأَمر يَلْبَقُ بِكَ أَيْ يُوَافِقُكَ وَيَزْكُو بِكَ. الأَزهري: الْعَرَبُ تَقُولُ هَذَا الأَمر لَا يَلِيقُ بِكَ وَلَا يَلْبَقُ بِكَ، فَمَنْ قَالَ لَا يَلِيقُ فَمَعْنَاهُ لَا يَحْسُنُ بِكَ حَتَّى يَلْصَق بِكَ، وَمَنْ قَالَ لَا يَلْبَقُ فَمَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ يوفَّق لَكَ؛ وَمِنْهُ تَلْبِيقُ الثَّرِيد بِالسَّمْنِ إِذا أَكثر أُدْمه. وَيُقَالُ: لَبِقَ بِهِ الثوبُ أَي لَاقَ بِهِ. وَالثَّرِيدُ المُلَبَّق: الشَّدِيدُ التَّثْريد الْمُلَيَّنُ بِالدَّسَمِ. يُقَالُ: ثَرِيدَةٌ مُلَبَّقَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَصَنَعَ ثَرِيدَةً ثُمَّ لبَّقَها
أَيْ خَلَطَهَا خَلْطًا شَدِيدًا، وَقِيلَ: جَمَعَهَا بالمغْرَفة. ولَبَّق الثَّرِيدَ وَغَيْرَهُ: خَلَطَهُ وَلَيَّنَهُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَا خَيْرَ فِي أَكل الخُلاصة وحْدَها، ... إِذَا لَمْ يَكُنْ رَبُّ الخُلاصة ذَا تَمْرِ
ولكنَّها زَيْنٌ، إِذا هِيَ لُبِّقَتْ ... بمَحْضٍ عَلَى حَلْواءَ، فِي مَضَر القِدْرِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَعَا بِثَرِيدَةٍ ثُمَّ لَبَّقها
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ أَي جَمَعَهَا بالمِقْدَحة. اللَّيْثُ: لبَّقْتُ الثَّرِيدَةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ بِلَحْمٍ، وَقِيلَ: ثَرِيدَةٌ مُلَبَّقَةٌ خلطت خلطاً شديداً.
لثق: اللَّثَقُ: النَّدَى مَعَ سُكُونِ الرِّيحِ، ابْنُ دُرَيْدٍ: اللَّثَقُ النَّدَى والحَرّ مِثْلُ الوَمَد. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فَلَمَّا رأَى لَثَق الثِّيَابِ عَلَى النَّاسِ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نواجِذُه
؛ اللَّثَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: البَلَل. يُقَالُ: لَثِقٌ الطائرُ إِذَا ابْتَلَّ رِيشُهُ، وَيُقَالُ لِلْمَاءِ وَالطِّينِ لَثَقٌ أَيْضًا. واللَّثَقُ: الْمَاءُ وَالطِّينُ يَخْتَلِطَانِ. واللّثِقُ: اللَّزِجُ مِنَ الطِّينِ وَنَحْوِهِ، لَثِقَ لثَقاً،(10/326)
فَهُوَ لَثِق، وأَلثقَهُ البَلَلُ. وَطَائِرٌ لَثِقٌ أَي مُبْتلّ. واللَّثَقُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ الَّذِي قَدْ لَثِقَ، بِالْكَسْرِ، يَلْثَقُ لَثَقاً كَالطَّائِرِ الَّذِي يَبْتَلُّ جَنَاحَاهُ مِنَ الْمَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: لَثِقَ الشيءُ، بِالْكَسْرِ، والتَثَقَ وأَلْثَقَهُ غيرهُ، وَيُقَالُ لَثَّقْتُه تَلْثِيقاً إِذَا أَفسدته. وَشَيْءٌ لَثِقٌ: حُلْوٌ، يَمَانِيَّةٌ؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، قَالَ: وَرَوَاهُ الأَزهري عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ؛ وأَنشد:
فَبُغْضُكُمْ عِنْدَنَا مُرِّ مَذَاقَتُه، ... وبَغْضُنَا عِنْدَكُمْ، يَا قَوْمَنَا، لَثِقُ
لحق: اللَّحْقُ واللُّحُوق والإِلْحاقُ: الإِدراك. لَحِقَ الشيءَ وأَلْحَقَهُ وَكَذَلِكَ لَحِقَ بِهِ وأَلْحَقَ لَحاقاً، بِالْفَتْحِ، أَيْ أَدْرَكَهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ لأَبي دُوَادَ:
فأَلْحَقَهُ، وَهُوَ سَاطٍ بِهَا، ... كَمَا تُلْحِقُ القوسُ سَهْمَ الغَرَبْ
واللَّحاقُ: مَصْدَرُ لَحِقَ يَلْحَقُ لَحاقاً. وَفِي الْقُنُوتِ: إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ بِمَعْنَى لاحِق، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْفَتْحُ أَيضاً صَوَابٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الرِّوَايَةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ، أَي مَنْ نَزَلَ بِهِ عذابُك أَلْحَقَهُ بِالْكُفَّارِ، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى لَاحِقٍ لُغَةً فِي لَحِقَ. يُقَالُ: لَحِقْتُه وأَلْحَقْته بِمَعْنًى كتَبعتْه وأَتْبَعْته، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى الْمَفْعُولِ أَيْ إِنَّ عَذَابَكَ مُلْحَقٌ بِالْكَفَّارِ وَيُصَابُوَنَ بِهِ، وَفِي دُعَاءِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ:
وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ إِذَا شَاءَ اللَّهُ، وَقِيلَ: إِنَّ شَرْطِيَّةٌ وَالْمَعْنَى لاحقُونَ بِكُمْ فِي الْمُوَافَاةِ عَلَى الإِيمان، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى التَّبَرّي وَالتَّفْوِيضِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى التأَدب كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ. وأَلْحَقَ فلانٌ فُلَانًا وألْحَقَهُ بِهِ، كِلَاهُمَا: جَعْلَهُ مُلْحَقَهُ. وتَلاحَقَ الْقَوْمُ: أَدرك بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وتلاحَقَت الرِّكاب والمَطايا أَي لَحِقَ بعضُها بَعْضًا؛ وأَنشد:
أقولُ، وَقَدْ تَلاحَقَت المَطايا: ... كَفاك القَوْل إِنَّ عَلَيكَ عَيْنا
كَفَاكَ الْقَوْلُ أَي ارْفُقْ وأَمسك عَنِ الْقَوْلِ. ولَحِقْتُه وأَلْحَقْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. الأَزهري: واللَّحَقُ مَا يُلْحَقُ بِالْكِتَابِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ فتُلْحِق بِهِ مَا سَقَطَ عَنْهُ وَيُجْمَعُ أَلْحاقاً، وَإِنْ خُفِّف فَقِيلَ لَحْق كَانَ جَائِزًا. الْجَوْهَرِيُّ: اللّحَقُ، بِالتَّحْرِيكِ، شَيْءٌ يُلْحَقُ بالأَول. وَقَوْسٌ لُحُقٌ ومِلْحاق: سَرِيعَةُ السَّهْمِ لَا تُرِيدُ شَيْئًا إِلَّا لَحِقتْه. وَنَاقَةٌ مِلْحَاق: تَلْحَقُ الإِبل فَلَا تَكَادُ الإِبل تَفُوتُهَا فِي السَّيْرِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فَهِيَ ضَروُحُ الرَّكْض مِلْحاق اللَّحَق
واللَّحَقُ: كُلُّ شَيْءٍ لَحِقَ شَيْئًا أَو لُحِقَ بِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَحَمْلِ النَّخْلِ، وَقِيلَ: اللَّحَقُ فِي النَّخل أَن تُرْطب وتُتَمّر ثُمَّ يَخْرُجُ فِي بَطْنِهِ شَيْءٌ يَكُونُ أَخضر قَلَّمَا يُرْطب حَتَّى يُدْرِكَهُ الشِّتَاءُ فيُسْقطه الْمَطَرُ، وَقَدْ يَكُونُ نَحْوُ ذَلِكَ فِي الكَرْم يُسَمَّى لَحَقَاً؛ وَقَدْ قَالَ الطِّرِمَّاحُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يصف نخلة أَثْلَعت بَعْدَ يَنْع مَا كَانَ خَرَجَ مِنْهَا فِي وَقْتِهِ فَقَالَ:
أَلْحَقَتْ مَا اسْتَلْعَبَتْ بِالَّذِي ... قَدْ أَنى، إذْ حانَ حينُ الصِّرام
أَي أَلحقت طَلْعاً غَريضاً كأَنها لَعِبَتْ بِهِ إِذْ أَطلعته(10/327)
فِي غَيْرِ حِينِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّخْلَةَ إِنَّمَا تُطْلِعُ فِي الرَّبِيعِ فَإِذَا أَخرجت فِي آخِرِ الصَّيْفِ مَا لَا يَكُونُ لَهُ يَنْعٌ فكأَنها غَيْرُ جَادَّةٍ فِيمَا أَطْلَعَتْ. واللَّحَق أَيضاً مِنَ الثَّمَرِ: الَّذِي يأْتي بَعْدَ الأَول، وَكُلُّ ثَمَرَةٍ تَجِيءُ بَعْدَ ثَمَرَةٍ، فَهِيَ لَحَقٌ، وَالْجَمْعُ أَلْحاق؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وَقَدْ أَلْحَقَ الشَّجَرَ؛ واللَّحَقُ أَيضاً مِنَ النَّاسِ كَذَلِكَ: قَوْمٌ يَلْحَقُون بِقَوْمٍ بَعْدَ مُضِيِّهِمْ؛ قَالَ:
يُغْنِيكَ عَنْ بُصْرى وَعَنْ أَبوابها، ... وَعَنْ حِصارِ الرّومِ واغْتِرابها
ولَحَقٍ يَلْحَق مِنْ أَعرابها، ... تَحْتَ لِواء الْمَوْتِ أَو عُقَابِها
قَالَ الأَزهري: يَجُوزُ أَن يَكُونَ اللَّحَقُ مَصْدَرًا لِلَحِقَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعًا للاحِقٍ كَمَا يُقَالُ خَادِمٌ وخَدَم وَعَاسٌّ وعسَسَ. ولَحَقُ الْغَنَمِ: أَولادها الَّتِي كَادَتْ تَلْحَقُ بِهَا. واللَّحَقُ: الشَّيْءُ الزَّائِدُ؛ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ:
كأَنَّهُ بَيْنَ أَسْطُرٍ لَحَقُ
وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ: واللَّحقُ: الزَّرْعُ العِذْي وَهُوَ مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ، وَجَمْعُهُ الأَلحاقُ. الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ زَرَعُوا الأَلْحاقَ، وَالْوَاحِدُ لَحَقٌ، وَذَلِكَ أَن الْوَادِيَ يَنْضُب فيُلْقي البَذْر فِي كُلِّ مَوْضِعٍ نضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ فَيُقَالُ: اسْتَلْحَقُوا إِذَا زَرَعُوا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: اللَّحَقُ أَن يَزْرَعَ الْقَوْمُ فِي جَانِبِ الْوَادِي؛ يُقَالُ: قَدْ زَرَعُوا الأَلْحاقَ. ولَحِق لُحُوقاً أَي ضَمُر. الأَزهري: فَرَسٌ لاحقُ الأَيْطَلِ مِنْ خَيْلٍ لُحْق الأَياطل إِذَا ضُمّرت؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
تَخْدي عَلَى يَسَراتٍ، وَهِيَ لاحقةٌ، ... ذوابلٌ وقْعُهُنَّ الأَرْضَ تَحليلُ
اللاحِقةُ: الضَّامِرَةُ. والمُلْحَقُ: الدَّعِيّ المُلْصَق. واسْتَلْحَقَه أَي ادَّعَاهُ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: اللَّحَقُ الدَّعِيُّ المُوصَل بِغَيْرِ أَبيه؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ بَعْضَهُمْ يَقُولُ لَهُ المُلْحَق. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَضَى أَن كُلَّ مُسْتَلْحَق اسْتُلْحِقَ بَعْدَ أَبيه الَّذِي يُدْعى لَهُ فَقَدْ لَحِق بمن اسْتَلْحَقه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذِهِ أَحْكَامٌ وَقَعَتْ فِي أَول زَمَانِ الشَّرِيعَةِ، وَذَلِكَ أَنه كَانَ لأَهل الْجَاهِلِيَّةِ إِمَاءٌ بَغَايَا، وَكَانَ سَادَتُهُنَّ يُلِمُّونَ بِهِنَّ، فَإِذَا جَاءَتْ إِحْدَاهُنَّ بِوَلَدٍ رُبَّمَا ادَّعَاهُ السَّيِّدُ وَالزَّانِي، فأَلحقه النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، بِالسَّيِّدِ لأَن الأَمة فِرَاشٌ كالحرَّة، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَسْتَلْحِقْهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ وَرَثَتُهُ بَعْدَهُ لَحِق بأَبيه، وَفِي مِيرَاثِهِ خِلَافٌ. ولاحِقٌ: اسْمُ فَرَسٌ مَعْرُوفٌ مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فِيهِمْ بَنَاتُ الأَعْوَجِيّ ولاحِقٍ، ... وُرْقاً مَراكِلُها مِنَ المِضْمارِ
وَفِي الصِّحَاحِ: ولاحِق اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لِمُعَاوِيَةَ بن أَبي سفيان.
لخق: اللُّخْقُوقُ: شَقٌّ فِي الأَرض كالوِجارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا كَانَ وَاقِفًا مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوَقَصَت بِهِ نَاقَتُهُ فِي أَخاقيقِ جِرْذانٍ
؛ قَالَ الأَصمعي: إِنَّمَا هُوَ لَخاقيق، وَاحِدُهَا لُخْقُوق وَهِيَ شُقُوقٌ فِي الأَرض؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ فِي لَخاقيق جِرْذانٍ: أَصْلُهَا الأَخاقِيقُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:(10/328)
الأَخاقِيقُ جَمْعُ أَخْقاقٍ، وأَخْقاق جَمْعُ خَقٍّ، والخَقّ الشَّقُّ فِي الأَرض. يُقَالُ: خَقَّ فِي الأَرض وخَدّ، وَقِيلَ: اللُّخْقُوق الْوَادِي. أَبو عَمْرٍو: اللَّخْقُ الشِّقُّ فِي الأَرض، وَجَمْعُهُ لُخُوق وأَلْخاق؛ وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ اللَّخاقيقُ الشُّقُوقُ فِي الأَرض، وَاحِدُهَا لُخْقوق. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: اللُّخْقُوق مَسيل الْمَاءِ لَهُ أَجراف وحُفَر، وَالْمَاءُ يَجْرِي فيَحْفِرُ الأَرض كَهَيْئَةِ النَّهْرِ حَتَّى تَرَى لَهُ أَجرافاً، وَجَمْعُهُ اللَّخَاقيق وَقِيلَ: شِقَابُ الْجَبَلِ لَخَاقيق أَيضاً. ولَخَاقِيقُ الْفَرْجِ: مَا انْزَوَى مِنْ قَعْرِهِ؛ قَالَ اللَّعِينُ المِنْقَرِيّ:
كَبْسَاء خَرْقاء مِتْآم، إِذا وقَعَتْ ... فِي مَهْبَلٍ أَدرَكَتْ دَاءَ اللَّخَاقيق
لزق: لَزِقَ الشيءُ بِالشَّيْءِ يَلْزَقُ لُزوقاً: كَلَصِقَ والتزَقَ التِزاقاً وَقَدْ لَصِق ولَزِق ولَسِق، وأَلْزَقَهُ كأَلْصَقه، وأَلْزقَهُ بِهِ غيرهُ، ولازَقَهُ: كَلَاصَقَهُ. وَهَذَا لِزْق هَذَا ولَزِيقُه وبِلِزْقِه أَيْ لَصِيقِهِ، وَقِيلَ أَي بِجَانِبِهِ، والأُنثى لَزِقَةٌ ولَزِيقَةٌ. واللَّزَقُ: هُوَ الَّذِي يُلْزِقُ الرِّئة بِالْجَنْبِ. وَيُقَالُ: هَذِهِ الدَّارُ لَزيقةُ هَذِهِ وَهَذِهِ بلِزْقِ هَذِهِ. وأُذن لَزْقاءُ: التَزَقَ طَرَفُهَا بِالرَّأْسِ. واللَّزَقُ: كاللَّوَى. واللِّزَاقُ: الْجِمَاعِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَأَنْشَدَ:
دَلْو فَرَتْها لَكَ مِنْ عَنَاقِ ... لَمَّا رأَتْ أَنك بِئْسَ السَّاقِي،
ولَسْتَ بالمَحْمودِ فِي اللِّزاقِ
وَفِي التَّهْذِيبِ:
وجَرَّبت ضَعْفك فِي اللِّزاقِ
أَي فِي مُجَامَعَتِهِ إِيَّاهَا، قَالَ: وَالْعَرَبُ تُكَنِّي باللِّزاقِ عَنِ الْجِمَاعِ. واللَّزُوق واللَّازوق: دَوَاءٌ لِلْجُرْحِ يَلْزَمُهُ حَتَّى يبرأَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ لَهُ اللَّصُوق واللَّزُوق. والمُلَزَّقُ: الشَّيْءُ لَيْسَ بِالْمُحْكَمِ. واللُّزَّيْقَى: نَبْتَةٌ تَنْبُتُ بَعْدَ الْمَطَرِ بِلَيْلَتَيْنِ تَلْزَقُ بِالطِّينِ الَّذِي فِي أُصول الْحِجَارَةِ، وَهِيَ خَضْرَاءُ كالعَرْمَض. وأَتتنا لُزَق مِنَ النَّاسِ أَي أَخلاط.
لسق: اللَّسَقُ مِثْلُ اللَّصَق: لُزُوقُ الرِّئة بِالْجَنْبِ مِنَ الْعَطَشِ، يُقَالُ لَسِق الْبَعِيرُ ولَصِقَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
وَبَلَّ بَرْدُ الْمَاءِ أَعضَادَ اللَّسَقْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَبْلَهُ:
حَتَّى إِذا أَكْرَعْنَ فِي الحَوْم المَهَقْ
وَبَعْدَهُ:
وَسْوَس يَدْعو مُخْلِصاً ربَّ الفَلَقْ
والحَوْم: الْمَاءُ الْكَثِيرُ، والمَهَقُ: الأَبيض. واللَّسُوق: دَوَاءٌ كاللَّزُوق. الأَزهري: اللَّسَقُ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ الظمأُ، سُمِّيَ لَسَقاً لِلُزُوقِ الرِّئة بِالْجَنْبِ، وأَصله اللَّزَقُ. ابْنُ سِيدَهْ: لَسِقَ لُغَةٌ فِي لَصِقَ، لَسِقَ بِهِ ولَصِقَ بِهِ والتَسَقَ بِهِ والْتَزقَ بِهِ وألْسَقه بِهِ غيرهُ وأَلصقه. وَفُلَانٌ لِسْقي ولِصْقي وبِلِسِقْي وبِلِصْقِي ولَسِيقي ولَصِيقي أَي بجنبي.
لصق: لَصِقَ بِهِ يَلْصَق لُصُوقاً: وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ، وقيس تقول لَسق بالسين، وربيعة تَقُولُ لَزَق، وَهِيَ أَقبحها إِلَّا فِي أَشياء نِصْفُهَا فِي حُدُودِهَا. والتَصَقَ وأَلْصَقَ غَيْرَهُ، وَهُوَ لِصْقُه ولَصِيقُه. واللَّصُوق: دَوَاءٌ يُلْصَقُ بِالْجُرْحِ، وَقَدْ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ. وَيُقَالُ: أَلْصَقَ فُلَانٌ بِعُرْقوب بَعِيرِهِ إِذا عَقَرَهُ، وَرُبَّمَا قَالُوا أَلْصَقَ بِسَاقِ بَعِيرِهِ، وَقِيلَ لِبَعْضِ الْعَرَبِ: كَيْفَ(10/329)
أَنْتَ عِنْدَ القِرَى؟ فَقَالَ: أُلْصِق وَاللَّهِ بالنَّاب الْفَانِيَةِ والبَكْر والضَّرْع؛ قَالَ الرَّاعِي:
فقلتُ لَهُ: أَلْصِقْ بأيْبَس ساقِها، ... فَإِنْ نُحِرَ العُرْقُوبُ لَا يَرقأ النَّسَا «2»
. أَراد أَلْصِق السَّيْفَ بِسَاقِهَا واعقِرْها، وَهَذَا ذَكَرَهُ
ابْنُ الأَثير فِي النِّهَايَةِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَكَيْفَ أَنت عِنْدَ القِرَى؟ قَالَ: أُلْصِقُ بِالنَّابِ الْفَانِيَةِ والضَّرْع الصَّغِيرِ الضَّعِيفِ
؛ أَراد أَنه يُلْصِقُ بِهَا السَّيْفَ فَيُعَرْقِبُهَا لِلضِّيَافَةِ. والمُلْصَقُ: الدَّعِيُّ. وَفِي حَدِيثِ
حَاطِبٍ: إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقاً فِي قُرَيْشٍ
؛ المُلْصَقُ: هُوَ الرَّجُلُ الْمُقِيمُ فِي الْحَيِّ وَلَيْسَ مِنْهُمْ بِنَسَبٍ. وَيُقَالُ: اشْتَرِ لِي لَحْمًا وأَلْصِقْ بِالْمَاعِزِ أَي اجْعَلِ اعْتِمَادَكَ عَلَيْهَا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وتُلْصِقُ بالكُومِ الجِلادِ، وَقَدْ رَغَتْ ... أَجِنَّتُها، وَلَمْ تُنَضِّح لَهَا حَمْلا
وَحَرْفُ الإِلصاق: الْبَاءُ، سَمَّاهَا النَّحْوِيُّونَ بِذَلِكَ لأَنها تُلْصِقُ مَا قَبْلَهَا بِمَا بَعْدَهَا كَقَوْلِكَ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِذَا قُلْتَ أَمْسَكْتُ زَيْدًا فَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ بَاشَرْتَهُ نَفْسَهُ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مَنَعْتَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشِرَةٍ لَهُ، فَإِذَا قُلْتَ أَمسكت بِزَيْدٍ فَقَدْ أَعلمتَ أَنَّكَ بَاشَرْتَهُ وأَلْصَقْت مَحَلَّ قَدْرِكَ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِمَحَلِّ قَدْرِكَ بِهِ، فَقَدْ صَحَّ إِذاً مَعْنَى الإِلْصَاق. وَالْمُلْصَقَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الضَّيِّقَةُ. واللُّصَيْقَى، مُخَفَّفَةَ الصَّادِ: عُشْبة؛ عَنْ كُرَاعٍ لَمْ يُحَلِّها.
لعق: لَعِقَ الشيءَ يَلْعَقُه لعْقاً: لَحِسَهُ. واللَّعْقةُ، بِالْفَتْحِ: المرَّة الْوَاحِدَةُ، تَقُولُ: لَعِقْتُ لَعْقَةً وَاحِدَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَإِذَا فَرَغَ لعِقَها وأَمر بلَعْق الأَصابع والصَّحفْة
أَي لَطْع مَا عَلَيْهَا مِنْ أَثر الطَّعَامِ، وَقَدْ لَعِقَه يَلْعَقهُ لعْقاً. واللُّعقةُ: مَا لُعِقَ يطَّرد عَلَى هَذَا الباب واللُّعْقةُ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ مِنْهُ. وأَلْعَقَه إِياه ولَعّقه؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ، يُقَالُ: قَدْ أَلْعَقْتُه مِنَ الطَّعَامِ مَا يَلْعَقُه إلْعَاقاً. واللَّعُوق: اسْمُ مَا يُلْعَقُ، وَقِيلَ: اسْمٌ لِكُلِّ طَعَامٍ يُلْعَقُ مِنْ دَوَاءٍ أَو عَسَلٍ. والمِلْعَقَةُ: مَا لُعِقَ بِهِ وَاحِدَةُ المَلاعق واللُّعْقةُ، بِالضَّمِّ: اسْمُ مَا تَأْخُذُهُ المِلْعَقةُ. واللُّعاقُ: مَا بَقِيَ فِي فِيكَ مِنْ طَعَامٍ لَعِقْتَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن لِلشَّيْطَانِ لَعُوقاً ودِسَاماً
: اللَّعُوق: اسْمٌ لِما يَلْعَقُه، وَقِيلَ: اللَّعُوق اسْمٌ لِمَا يُلْعَق أَي يُؤْكَلُ بالمِلْعَقَة. وَرَجُلٌ وَعْقة لَعْقة؛ وعْقَة: نَكِدٌ لَئِيمُ الْخُلُقِ، ولَعْقة إِتْبَاعٌ. واللَّعْوقةُ: سُرْعَةُ الإِنسان فِيمَا أَخذ فِيهِ مِنْ عَمَلٍ فِي خفةٍ ونَزَقٍ. واللَّعْوق: المَسْلوسُ الْعَقْلِ. ولَعِقَ فُلَانٌ إِصْبَعَهُ أَي مَاتَ، وَهُوَ كِنَايَةٌ. وَيُقَالُ: فِي الأَرض لَعْقة مِنْ رَبِيعٍ لَيْسَ إِلا فِي الرُّطْب يَلْعَقُها الْمَالُ لَعْقاً. وَرَجُلٌ وَعِقٌ لَعِقٌ أَي حَرِيصٌ، وهو إِتباع له.
لعمق: اللَّعْمَقُ: الْمَاضِي الجَلْد.
لفق: لَفَقْت الثَّوْبَ أَلْفِقُه لَفْقاً: وَهُوَ أَن تَضُمَّ شَقَّةً إِلَى أُخرى فَتُخِيطَهُمَا. ولَفَق الشَّقَّتَيْنِ يلِفقُهما لفْقاً ولفَّقَهما: ضَمّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخرى فَخَاطَهُمَا، والتَّلْفيقُ أَعَمُّ، وَهُمَا مَا دَامَتَا مَلْفُوقتين لِفَاق وتِلْفَاق، وَكِلْتَاهُمَا لِفْقَانِ ما دامتا مضمومتين،
__________
(2) . قوله [فإن نحر] كذا بالأَصل، وفي الأَساس فإن يجبر(10/330)
فَإِذَا تَبَايَنَتَا بَعْدَ التَّلْفِيق قِيلَ انْفَتَقَ لِفْقُهما، وَلَا يَلْزَمُهُ اسْمُ اللِّفْق قَبْلَ الْخِيَاطَةِ، وَقِيلَ: اللِّفاقُ جَمَاعَةُ اللِّفق؛ وأَنشد:
ويا رُبَّ ناعيةٍ مِنهُمُ، ... تَشُدُّ اللِّفَاقَ عَلَيْهَا إِزارَا
أَي مِنْ عِظَمِ عَجِيزَتِهَا تَحْتَاجُ إِلى أَن تَلْفِقَ إِزاراً إِلى إِزار، واللِّفْقُ، بِكَسْرِ اللَّامِ: أَحَدُ لِفْقَي المُلاءة. وتلافَق الْقَوْمُ: تلاءَمت أُمُورُهُمْ. وأَحاديث مُلَفَّقَة أَي أَكَاذِيبُ مُزَخْرفة. المؤَرج: وَيُقَالُ لِلرَّجُلَيْنِ لَا يَفْتَرِقَانِ هُمَا لِفْقان. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: تأَفَّقت بِكَذَا وتَلَفَّقْتُ أَي لَحِقْتُهُ. شَمِرٌ: فِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ صَفَّاق أَفَّاق
؛ قَالَ: رَوَاهُ بَعْضُهُمْ
لَفَّاق
، قَالَ: واللَّفَّاق الَّذِي لَا يُدْرَكُ مَا يَطْلُبُ. تَقُولُ: لَفَقَ فُلَانٌ ولَفَّقَ أَيْ طَلَبَ أَمراً فَلَمْ يُدْرِكْهُ. وَيَفْعَلُ ذَلِكَ الصَّقْرُ إِذَا كَانَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَاشْتَهَى أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى الطَّيْرِ ضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ، فَإِذَا أَرسله فَسَبَقَهُ الطَّيْرُ فَلَمْ يُدْرِكْهُ فَقَدْ لَفَقَ. وَالدِّيكُ الصَّفَّاق: الَّذِي يَضْرِبُ بِجَنَاحَيْهِ إِذا صَفَّق.
لقق: لقَقْتُ عَيْنَهُ أَلُقُّها لَقّاً: وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْكَفِّ خَاصَّةً. ولَقَّ عَيْنَهُ: ضَرَبَهَا بِيَدِهِ. واللقَقَةُ: الضَّارِبُونَ عُيُونَ النَّاسِ بِرَاحَاتِهِمْ. واللَّقّ: كُلُّ أَرضٍ ضَيِّقَةٍ مُسْتَطِيلَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: اللقلقةُ الحُفَرُ «1» . الْمُضَيَّقَةُ الرؤوس. واللَّقّ: الأَرض الْمُرْتَفِعَةُ؛ وَمِنْهُ كِتَابِ
عَبْدِ الْمَلِكِ إِلى الْحَجَّاجِ: لَا تَدَعْ خَقّاً وَلَا لَقّاً إِلّا زَرَعْتَهُ
؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. والخَقّ واللَّق «2» بِالْفَتْحِ: الصَّدْعُ فِي الأَرض وَالشِّقُّ. واللَّقّ: الْغَامِضُ مِنَ الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ يُوسُفَ: أَنه زَرَعَ كُلَّ خَقٍّ ولَقّ
؛ اللَّقّ: الأَرض الْمُرْتَفِعَةُ، واللَّقّ: الْمِسْكُ؛ حَكَاهَا الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ. ولَقْلَقَ الشيءَ: حَرَّكَهُ، وتَلَقْلَقَ: تَقَلْقَلَ، مَقْلُوبٌ مِنْهُ. وَرَجُلٌ مُلَقْلَق: حَادٌّ لَا يَقِرُّ فِي مَكَانٍ. واللَّقلاق واللَّقلَقة: شِدَّةُ الصَّوْتِ فِي حَرَكَةٍ وَاضْطِرَابٍ. والقَلْقَلة: شِدَّةُ اضْطِرَابِ الشَّيْءِ، وَهُوَ يَتَقَلْقَلُ ويتَلَقْلَقُ؛ وأَنشد:
إِذا مَشَتْ فِيهِ السيِّاطُ المُشَّقُ، ... شِبْهَ الأَفاعي، خِيفَةً تُلَقْلِقُ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَلْقَلْت الشَّيْءَ ولَقْلَقْته بِمَعْنًى وَاحِدٍ، ولَقْلَقْت الشَّيْءَ إِذا قَلْقَلْته. واللَّقْلَقة: شِدَّةُ الصَّوْتِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا لَمْ يَكُنْ نَقْع وَلَا لَقلَقة
، يَعْنِي بالنَّقْع أَصوات الْخُدُودِ إِذا ضُربت، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: اللَّقْلقةُ الْجَلَبَةُ كأَنها حِكَايَةُ الأَصوات إِذا كَثُرَتْ فكأَنه أَراد الصِّيَاحَ وَالْجَلَبَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقِيلَ اللَّقْلقةُ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ وَهُوَ الوَلْوَلَةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِذَا هُنَّ ذُكِّرن الْحَيَاءَ مِنَ التُّقى، ... وثَبْنَ مُرِنَّاتٍ، لهُنَّ لَقَالِقُ
وَقِيلَ: اللَّقْلقةُ واللَّقْلاق الصَّوْتُ وَالْجَلَبَةُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنِّي، إِذا مَا زَبَّبَ الأَشْداقُ، ... وكَثُرَ اللَّجْلاج واللَّقْلاقُ،
ثَبْتُ الجَنانِ مِرْجمٌ وَدَّاق
وَقَالَ شَمِرٌ: اللَّقْلَقة إِعجال الإِنسان لِسَانَهُ حَتَّى لَا يَنْطَبِقَ عَلَى أَوفاز وَلَا يَثْبُتَ، وَكَذَلِكَ النَّظَرُ إِذا كَانَ سَرِيعًا دَائِبًا. وَطَرَفٌ مُلَقْلَق أَي حَدِيدٌ لَا يَقِرّ
__________
(1) . قوله [اللقلقة الحفر إِلخ] هكذا في الأَصل، وبهامشه بدل اللقلقة: اللققة، وكذا في القاموس
(2) . قوله [والخق واللق إِلخ] كذا بالأَصل، وعبارة النهاية هنا: وفي مادة خقق: الخق الجحر، واللق، بالفتح، الصدع والشق.(10/331)
بِمَكَانِهِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وجَلَّاها بطَرْفٍ مُلَقْلَق
أَي سَرِيعٍ لَا يَفْتُر ذَكَاءً. وَالْحَيَّةُ تُلَقْلِقُ إِذا أَدامت تَحْرِيكَ لَحْييها وإِخراج لِسَانِهَا؛ وأَنشد:
مِثْلَ الأَفاعي خِيفَةً تُلَقْلِقُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لأَبي ذَرٍّ مَا لِي أَراك لَقّاً بَقّاً؟ كَيْفَ بِكَ إِذا أَخْرَجُوكَ مِنَ الْمَدِينَةِ
الأَزهري: اللَّقّ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ، لَقْلاقٌ بَقْباق. وَكَانَ فِي أَبي ذَرٍّ شِدَّةٌ عَلَى الأُمراء وإِغلاظ فِي الْقَوْلِ وَكَانَ عُثْمَانُ يُبلغ عَنْهُ. يُقَالُ: رَجُلٌ لَقَّاق بَقّاق، وَيُرْوَى لَقًى، بِالتَّخْفِيفِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ. واللَّقْلَقُ: اللِّسَانُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ وُقِيَ شَرَّ لَقْلَقِه وقَبْقَبه وذَبْذَبه فَقَدْ وُقِيَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
دَخَلَ الْجَنَّةَ
؛ لَقْلَقُه اللِّسَانُ، وقَبْقَبه الْبَطْنُ، وذَبْذَبُه الْفَرْجُ. وَفِي لِسَانِهِ لَقْلَقة أَي حُبْسة. واللَّقْلَقُ واللَّقْلاق: طَائِرٌ أَعجمي طَوِيلُ الْعُنُقِ يأْكل الْحَيَّاتَ، وَالْجَمْعُ اللَّقَالِقُ، وَصَوْتُهُ اللَّقْلَقَةُ، وَكَذَلِكَ كَلُّ صَوْتٍ فِي حَرَكَةٍ وَاضْطِرَابٍ.
لمق: اللَّمَقُ: لَمَقُ الطَّرِيقِ، ولَمَقُ الطَّرِيقِ نَهْجُهُ وَوَسَطُهُ، لُغَةٌ فِي لَقَمِه، وَهُوَ قَلْبُ لَقَم؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
سَاوَى بأَيديهنَّ مِنْ قَصْد اللَّمَقْ
اللِّحْيَانِيُّ: خَلّ عَنْ لَمَق الطَّرِيقِ ولَقَمِه، ولَمَقَ عَيْنَهُ يَلْمُقها لَمْقاً: رَمَاهَا فأَصابها، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبُهَا بِالْكَفِّ مُتَوَسِّطَةً خَاصَّةً كاللَّق، وَعَمَّ بِهِ بَعْضُهُمُ الْعَيْنَ وَغَيْرَهَا. واللَّمْقُ: اللَّطْم، يُقَالُ: لَمَقَهُ لَمْقاً. ابْنُ الأَعرابي: اللُّمْق جَمْعُ لَامِقٍ، وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ فِي شَرَهٍ بصَفْق الحَدَقة، يُقَالُ: لَمَقَ عَيْنَهُ إِذَا عَوَّرها. واللَّمْقُ: المَحْو. ولَمَقَ الشيءَ يَلْمُقه لَمْقاً: كَتَبَهُ وَمَحَاهُ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ لَمَقَ الشيءَ كَتَبَهُ فِي لُغَةِ بَنِي عُقَيْلٍ، وَسَائِرُ قَيْسٍ يَقُولُونَ: لَمَقَه مَحَاهُ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ يُذْكَرُ مصدِّقاً لهم فقال: لَمَقَه بعد ما نَمَقه أي محاه بعد ما كَتَبَهُ. أَبُو زَيْدٍ: نَمَقْته أَنْمُقُه نَمْقاً ولَمَقْتُه أَلْمُقه لَمْقاً كَتَبْتُهُ. واللَّماق: الْيَسِيرُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، واللَّماقُ يَصْلُحُ فِي الأَكل وَالشُّرْبِ؛ قَالَ نَهْشلُ بْنُ حَرِّيٍّ:
كبَرْقٍ لاحَ يُعْجِبُ مَنْ رَآهُ، ... وَلَا يَشْفِي الحَوائم مِنْ لَمَاقِ
وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْجَحْدَ، يَقُولُونَ: مَا عِنْدَهُ لَمَاقٌ وَمَا ذُقْتُ لَمَاقاً وَلَا لَمَاجاً أَي شَيْئًا. قَالَ أَبو الْعَمَيْثَلِ: مَا تَلَمَّقَ بِشَيْءٍ أَي مَا تَلَمَّج. وَمَا بالأَرض لَمَاق أَيْ مَرْتع. واليَلْمَق: القَباءُ الْمَحْشُوُّ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ يَلْمَهْ. ولَمَقُتُه بِبَصَرِي: مِثْلُ رَمَقُتُه.
لهق: اللَّهَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: الأَبيض، وَقِيلَ: الأَبيض الَّذِي لَيْسَ بِذِي بَرِيقٍ وَلَا مُوهةٍ، وَصْفٌ فِي الثَّوْرِ وَالثَّوْبِ وَالشَّيْبِ؛ قَالَ الْهُذَلِيِّ:
وإِلا النَّعامَ وحفَّانَهُ، ... وطُغْيَا مَعَ اللَّهِقِ النَّاشِطِ
وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ الأَعيس، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَقِيلَ: اللَّهِقُ واللَّهَقُ واللَّهَاق الأَبيض الشَّدِيدُ الْبَيَاضِ، والأُنثى لَهِقَة ولِهَاقٌ. وَقَدْ لَهِقَ ولَهَقَ لَهْقاً ولَهَقاً: ابيضَّ، فَهُوَ لَهَق ولَهِق إِذا كَانَ شَدِيدَ الْبَيَاضِ مِثْلَ يَقَق ويَقِق؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ(10/332)
يَصِفُ إِبلًا:
وإِذا شَفَنَّ إِلى الطريف رَأَيْنَهُ ... لَهَقاً، كَشَاكِلَةِ الحِصانِ الأَبْلَقِ
واللَّهَاق واللِّهَاقُ: الثَّوْرُ الأَبيض، قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبي عَائِذٍ:
كأنَّي ورَحْلي، إِذَا رُعْتُها، ... عَلَى جَمَزَى جازِئٍ بالرِّمالْ،
حَدِيد الْقَنَاتَيْنِ، عَبْلِ الشَّوى ... لَهَاق، تَلأْلُؤهُ كالهِلالْ
واللَّهَقُ مَقْصُورٌ مِنْهُ. والتَّلَهُّق: كَثْرَةُ الْكَلَامِ والتَّقَعُّر فِيهِ. وَسَهْمٌ لَهْوَق: حَدِيدٌ نَافِذٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فأعْشَيْتُه مِنْ بَعْدِ مَا رَاثَ عِشْيُهُ ... بسَهْمٍ، كسَيْرِ الثَّابِرِيَّةِ، لَهْوَقِ
والتَّلَهْوُقُ: التَّمَلّق. وَفِيهِ لَهْوَقة أَي مَلَق وطَرْمذَة. ابْنُ الأَعرابي: فِي فُلَانٍ طَرْمَذة وبَلْهقَة ولَهْوَقة أَيْ كِبَرٌ. وَرَجُلٌ لَهْوق ومُتَلَهْوق: يُبْدِي غَيْرَ مَا فِي طَبِيعَتِهِ وَيَتَزَيَّنُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مِنْ خُلُق وَمُرُوءَةٍ وَكَرَمٍ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَعِنْدِي أَنه مِنَ اللَّهَق وَهُوَ الأَبيض فِي مَوْضِعِ الْكَرَمِ لِنَقَاءِ عِرْضه مِمَّا يُدَنِّسُهُ؛ وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
تَرْمي الغُيُوب بعَيْنَيْ مفردٍ لَهَقِ
هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا الأَبيض، وَالْمُفْرَدُ: الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ شَبَّهَهَا بِهِ. والمُتَلَهْوق: الْمُبَالِغُ فِيمَا أَخذ فِيهِ مِنْ عَمَلٍ أَو لُبْسٍ. واللهْوقة: كُلُّ مَا لَمْ يُبَالَغْ فِيهِ مِنْ كَلَامٍ أَو مِنْ عَمَلٍ، تَقُولُ: قَدْ لَهْوَقَ كَذَا وَقَدْ تَلَهْوقَ فِيهِ. قَالَ أَبو الْغَوْثِ: اللَّهْوَقَةُ أَن تَتَحَسَّنَ بِالشَّيْءِ وأَن تُظْهِرَ شَيْئًا بَاطِنُكَ عَلَى خِلَافِهِ نَحْوَ أَن يُظهر الرجلُ مِنَ السَّخَاءِ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ سَجِيَّتُهُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ مُخَلَّدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ:
أَجْزيهمُ يَدَ مخْلَدٍ، وجَزَاؤُها ... عِنْدي بِلَا صَلَفٍ، وَلَا بتَلَهْوُقِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ خُلُقه سَجِيَّةً وَلَمْ يَكُنْ تَلَهْوُقاً
أَي لَمْ يكن تصنّعاً وتكلُّفاً.
لوق: لاقَ الشيءَ لَوْقاً ولَوَّقه: ليَّنه. ولَوَّق طَعَامَهُ: أَصلحه بالزُّبْد. وَفِي حَدِيثِ
عُبادة بْنِ الصَّامِتِ: وَلَا آكُلُ إِلا مَا لُوِّق لِي
؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ اللُّوقة، وَهِيَ الزُّبْدَةُ فِي قَوْلِ الْفَرَّاءِ وَالْكِسَائِيِّ؛ وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: هُوَ الزُّبْدُ بِالرَّطْبِ. واللُّوقةُ: الرطبُ بالزُّبْد، وَقِيلَ بِالسَّمْنِ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: لُوقَة: وأَلُوقة؛ وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذرْه:
وإنِّي لِمَنْ سالَمْتُمُ لأَلُوقة، ... وإنِّي لِمَنْ عاديْتُمُ سُمُّ أَسْودِ
وَقَالَ الْآخَرُ:
حَدِيثُكِ أَشْهى عِنْدنا مِنْ أَلُوقةٍ، ... تَعَجَّلهَا ظمآنُ شَهْوانُ للطُّعْم
واللُّوَقُ: جَمْعُ لُوقَة وَهِيَ الزُّبْدَةُ بِالرَّطْبِ، وَالَّذِي أَراد عبادةُ بِقَوْلِهِ لُوِّقَ لِي أَى لُيِّن لِي مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى يَكُونَ كالزُّبْد فِي لِينِهِ، وَأَصْلُهُ مِنَ اللُّوقةِ وَهِيَ الزُّبْدَةُ. والأَلْوق: الأَحمق فِي الْكَلَامِ بيّنُ اللَّوَق. وَرَجُلٌ عَوِقٌ لَوِقٌ: إِتْبَاعٌ، وَكَذَلِكَ ضَيِّقٌ لَيِّقٌ عَيّق، كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الإِتباع. واللُّوقُ: كُلُّ شَيْءٍ لَيِّنٍ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: مَا ذُقْتُ لَوَاقاً أَي شَيْئًا.(10/333)
ولُوَاق: أَرْضٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ أبو دواد:
لمَنْ طَلَلٌ كعُنْوان الكتابِ ... ببطْن لُوَاق، أَو بَطْنِ الذُّهابِ؟
ليق: لاقَ الدَّوَاةَ لَيْقاً وألاقَها إلاقَةً، وَهِيَ أَغْرَبُ، فلاقَتْ: لَزِق الْمِدَادَ بِصُوفها، وَهِيَ لَائِقٌ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، ولُقْتُها لَيْقاً أَيْضًا، وَالِاسْمُ مِنْهُ اللِّيقةُ، وَهِيَ لِيقةُ الدَّوَاة. التَّهْذِيبُ: اللِّيقة لِيقةُ الدَّوَاةِ وَهِيَ مَا اجْتَمَعَ فِي وَقْبَتها مِنْ سَوَادِهَا بِمَائِهَا. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: دَواة مَلُوقة أَيْ مَلِيقة إِذَا أَصْلَحْتَ مِدَادها، وَهَذَا لَا يُلْحِقُهَا بِالْوَاوِ لأَنه إِنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ لُوقَتْ فِي لِيقَتْ، كَمَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ بُوعَتْ فِي بِيعَت، ثُمَّ يَقُولُونَ عَلَى هَذَا مَبُوعة فِي مَبِيعة. ولاقَ الشيءُ بِقَلْبِي لَيْقاً ولَياقاً ولَيقاناً والْتاق، كِلَاهُمَا: لَزِق. وَمَا لاقَ ذَلِكَ بصَفَري أَيْ لَمْ يُوَافِقْنِي. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَا يَليقُ ذَلِكَ بصَفري أَيْ مَا ثَبَتَ فِي جَوْفِي، وَمَا يَلِيقُ هَذَا الأَمر بِفُلَانٍ أَيْ لَيْسَ أَهْلًا أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والْتَاقَ قَلْبِي بِفُلَانٍ أَيْ لَصِق بِهِ وَأَحَبَّهُ. وَيُقَالُ: الْتاقَ بِهِ اسْتَغْنَى بِهِ؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
وَلَا أَنْ تكونَ النَّفْسُ عَنْهَا نَجِيحةً ... بِشَيْءٍ، وَلَا مُلْتاقةً ببَدِيلِ
وَمَا لاقَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا وَلَا عاقَتْ أَيْ مَا حَظِيَتْ وَلَمْ تَلْصَقْ بِقَلْبِهِ؛ وَمِنْهُ: لاقَت الدواةُ تَلِيقُ أَي لَصِقَتْ، ولِقتُها، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ الزَّجَّاجِيُّ لُقْتُ الدَّوَاةَ ألُوقُها. وَيُقَالُ: هَذَا الأَمر لَا يَلْبَق بِكَ أَيْ لَا يَزْكو بِكَ، فَإِذَا كَانَ مَعْنَاهُ لَا يَعْلَقُ قِيلَ لَا يَلِيقُ بِكَ. الأَزهري: وَالْعَرَبُ تَقُولُ هَذَا أَمْرٌ لَا يَلِيقُ بِكَ، مَعْنَاهُ لَا يَحْسُنُ بِكَ حَتَّى يَلْصقَ بِكَ؛ وَتَقُولُ لَا يَلْبَق بِكَ، مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ يُوَفِقُ لَكَ، وَمِنْهُ تَلْبِيقُ الثَّرِيدِ بِالسَّمْنِ إِذَا أَكْثَرَ أُدْمَهُ؛ وَقَوْلُ أَبِي الْعَيَّالِ:
خِضَمّ لَمْ يُلِقْ شَيْئًا، ... كأَن حُسامَهُ اللَّهَبُ
أَي لَمْ يُلِقْ شَيْئًا إِلَّا قَطَعَهُ حُسَامه. يُقَالُ: مَا أَلاقَني أَيْ مَا حَبَسَنِي أَيْ لَا يَحْبِسُ شَيْئًا. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مَا يُلِيقُ شَيْئًا مِنْ سَخَائِهِ أَيْ مَا يُمْسِكُ. وألاقُوه بأَنفسهم أَيْ أَلْزَقُوهُ وَاسْتَلَاطُوهُ؛ قَالَ زُمَيْل بْنُ أُبَيْرٍ:
وَهَلْ كُنْت إِلَّا حَوْتكيّاً أَلاقَهُ ... بَنُو عَمّه، حَتَّى بَغَى وَتَجَبَّرَا؟
وَيُقَالُ: هَذَا الْبَيْتُ لِخَارِجَةَ بْنِ ضِرارٍ المُرّي. واللَّيقُ: شَيْءٌ أَسْوَدُ يُجْعَلُ فِي دَوَاءِ الْكُحْلِ، وَاحِدَتُهُ لِيقَةٌ، وَقَدْ يَكُونُ اللِّيقُ واللِّيقةُ مِنْ بَابِ الفُوق والفُوقةِ. وَمَا يَلِيقُ بِكَفِّهِ دِرْهَمٌ أَيْ مَا يَحْتَبِسُ، وَمَا يُلِيقُه هُوَ أَي مَا يَحْبِسُهُ وَلَا يَلْصَق بِهِ؛ قَالَ:
تَقُولُ، إِذَا اسْتَهْلَكْتُ مَالًا للذَّةٍ، ... فُكَيْهةُ: هَلْ شَيْءٌ بكَفَّيْكَ لائقُ؟
وَقَالَ
كَفَّاك كَفٌّ مَا تُلِيقُ درهمَا ... جُودًا، وأُخرى تُعْط بِالسَّيْفِ الدَّمَا «3»
. وَفُلَانٌ مَا يَلِيقُ بِبَلَدٍ أَي مَا يَمْتَسِكُ، وَمَا يُلِيقُه بَلَدٌ أَي مَا يُمْسِكُهُ. وَقَالَ الأَصمعي لِلرَّشِيدِ: مَا أَلاقَتْني أَرض حَتَّى أَتيتك يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ وَفِي التَّهْذِيبِ أَن الأَصمعي قَالَ: مَا أَلاقَتْني البَصْرةُ أَي مَا ثَبَتّ فِيهَا. وَيُقَالُ: مَا لِقْتُ بَعْدك بأَرض أَيْ مَا ثَبَتّ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ فُلَانٌ لَا يَلِيق بِيَدِهِ مَالٌ وَلَا يُلِيقُ مَالًا ولا
__________
(3) . قوله: تعْط: كذا في الأَصل(10/334)
يَليق بِبَلَدٍ وَلَا يَلِيقُ بِهِ بَلَدٌ. والالْتِياقُ: لُزُومُ الشَّيْءِ الشيءَ. ولَيَّق الطعامَ: لَيَّنَهُ. وَمَا فِي الأَرض ليَاق أَي شَيْءٌ مِنْ مَرْتع. وَمَا وَجَدْتُ عَنْهُ شَيْئًا أُلِيقُه، وَهُوَ مِنْهُ. واللِّيقةُ: الطِّينَةُ اللزِجةُ يُرمى بِهَا الْحَائِطُ فتَلزق بِهِ. أَبو زَيْدٍ: هُوَ ضَيْق لَيْق وضَيِّق لَيِّق. وَقَدِ الْتاق فلانٌ بِفُلَانٍ إِذَا صافاهُ كأَنه لَزِقَ بِهِ. ولاقَ بِهِ فُلَانٌ أَيْ لَاذَ بِهِ. ولاقَ بِهِ الثَّوْبُ أَي لَبِقَ بِهِ.
فصل الميم
مأق: المَأْقة: الحِقْد. والمَأْقة والمَأْق، مَهْمُوزٌ: مَا يأْخذ الصَّبِيُّ بَعْدَ الْبُكَاءِ، مَئِقَ يَمْأَق مَأَقاً، فَهُوَ مَئِق، وامْتَأَق مِثْلُهُ. والمَأَقة، بِالتَّحْرِيكِ: شِبْهُ الفُواق يأْخذ الإِنسان عِنْدَ الْبُكَاءِ والنَّشيج كأَنه نَفَسٌ يَقْلَعُهُ مِنْ صَدْرِهِ؛ وَرَوَى ابْنُ الْقَطَّاعِ المَأَقة، بِالتَّحْرِيكِ: شدَّة الْغَيْظِ وَالْغَضَبِ؛ وَشَاهِدُ المَأْقة، بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ، قَوْلُ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ:
وخصمَيْ ضِرار ذوَيْ مَأْقَةٍ، ... مَتَّى يَدْنُ رِسْلُهما يُشْعَب
فمأْقة عَلَى هَذَا ومأَقة مِثْلُ رَحْمَة ورَحَمَةٍ، وأَما التَّأَقَةُ فهي شِدَّةُ الْغَضَبِ، فَذَكَرَ أَبو عَمْرٍو أَنها بِالتَّحْرِيكِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَئِقَت المرأَة مَأْقة إِذَا أَخذها شِبْهُ الْفُوَاقِ عِنْدَ الْبُكَاءِ قَبْلَ أَن تَبْكِيَ. ومَئِق الرَّجُلُ: كَادَ يَبْكِي مِنْ شدَّة الْغَيْظِ أَوْ بَكَى، وَقِيلَ: بَكَى واحْتدَّ. وأَمأَق إِمْآقًا: دَخَلَ فِي المَأْقة كَمَا تَقُولُ أَكأَبَ دَخَلَ فِي الكَأْبة. وامْتَأَق إِلَيْهِ بِالْبُكَاءِ: أَجهش إِلَيْهِ بِهِ. الأَصمعي: امْتَأَق غضبهُ امْتِئاقاً إِذَا اشْتَدَّ. وقَدِم فُلَانٌ عَلَيْنَا فامْتأَقْنا إِلَيْهِ: وَهُوَ شِبْهُ التَّبَاكِي إِلَيْهِ لِطُولِ الغَيبة. ابْنُ السِّكِّيتِ: المَأْق شِدَّةُ الْبُكَاءِ. وَقَالَتْ أُم تأَبَّط شَرًّا تُؤَبِّنُ وَلَدَهَا: مَا أَبَتُّه مَئِقاً أَي بَاكِيًا؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
كأَنَّما عوْلتها بَعْدَ التَّأَقْ ... غَوْلةُ ثَكْلى، وَلْوَلت بَعْدَ المأَقْ
اللَّيْثُ: المُؤق مِنَ الأَرض وَالْجَمْعُ الأَمْآقُ النَّوَاحِي الْغَامِضَةُ مِنْ أَطرافها؛ وأَنشد:
تُفْضي إِلَى نازِحةِ الأَمْآق
وَقَالَ غَيْرُهُ: المَأْقةُ الأَنَفَةُ وَشِدَّةُ الْغَضَبِ والحميَّة. والإِمْآق: نَكْثُ الْعَهْدِ مِنَ الأَنفَة. وَفِي كِتَابِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِبَعْضِ الوُفود مِنَ الْيَمَانِيِّينَ: مَا لَمْ تُضْمِرُوا الإِماق وتأْكلوا الرِّماق
؛ تَرَكَ الْهَمْزَ مِنَ الإِمْآق لِيُوَازِنَ بِهِ الرِّمَاقَ، يَقُولُ: لَكُمُ الْوَفَاءُ بِمَا كَتَبْتُ لَكُمْ مَا لَمْ تأْتوا بالمَأْقة فتغْدُروا وتَنْكُثوا وَتَقْطَعُوا رِباقَ الْعَهْدِ الَّذِي فِي أَعناقكم؛ وَفِي الصِّحَاحِ: يَعْنِي الْغَيْظَ وَالْبُكَاءَ مِمَّا يَلْزَمُكُمْ مِنَ الصَّدَقَةِ فأَطلقه عَلَى النَّكْثِ وَالْغَدْرِ، لأَنهما مِنْ نَتَائِجِ الأَنَفَة والحمِيَّةِ أَنْ تَسْمَعُوا وَتُطِيعُوا؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وأَوجه مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ الإِماقُ مَصْدَرَ أَماق وَهُوَ أَفعل مِنَ المُوق بِمَعْنَى الحُمْقِ، وَالْمُرَادُ إِضْمَارُ الْكُفْرِ وَالْعَمَلُ عَلَى تَرْكِ الِاسْتِبْصَارِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى. أَبو زَيْدٍ: مَأَق الطعامُ والحُمْقُ إِذَا رخُص، وَفِي الْمَثَلِ: أَنت تَئِق وأَنا مَئِق فَكَيْفَ نَتَّفِق؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ تأَق، وَهُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ فِي سُوءِ الِاتِّفَاقِ والمعاشرة. ومُؤق العين ومُوقُها ومُؤقِيها ومَأْقيها: مُؤَخَّرُهَا، وَقِيلَ مُقَدَّمُهَا، وَجَمْعُ المُؤق والمُوق والمَأْق آمَاقٌ، وَجَمْعُ المُؤقي والمَأْقي مآقٍ عَلَى الْقِيَاسِ، وَفِي وَزْنِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَتَصَارِيفِهَا وَضُرُوبِ جَمْعِهَا تَعْلِيلٌ دَقِيقٌ. ومُوقِئ الْعَيْنِ وماقِئُها: مُؤَخَّرُهَا وَقِيلَ مُقَدَّمُهَا. أَبو(10/335)
الْهَيْثَمِ: فِي حَرْفِ الْعَيْنِ الَّذِي يَلِي الأَنف لُغَاتٌ خَمْسٌ: مُؤق ومَأْق، مَهْمُوزَانِ وَيُجْمَعَانِ أَمآقاً؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
فارَقْتُ لَيْلى ضَلَّةً، ... فنَدِمْتُ عِنْدَ فِرَاقها
فَالْعَيْنُ تُذْرِي دَمْعها، ... كالدُّرِّ مِنْ أَمْآقِها
وَقَدْ يُتْرَكُ هَمْزُهَا فَيُقَالُ مُوق ومَاق، وَيُجْمَعَانِ أَمْواقاً إِلَّا فِي لُغَةِ مَنْ قَلَبَ فَقَالَ آمَاقٌ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْخَنْسَاءِ:
تَرَى آمَاقَهَا الدهرَ تَدْمع
وَيُقَالُ: مُؤقٍ عَلَى مُفْعل فِي وَزْنِ مُؤبٍ، وَيَجْمَعُ هَذَا مَآقِي؛ وأَنشد لِحَسَّانَ:
مَا بالُ عَيْنِك لَا تَنام، كأَنَّما ... كُحِلَت مَآقِيهَا بكُحل الإِثْمِدِ؟
وَقَالَ آخَرُ:
وَالْخَيْلُ تُطْعَنُ شَزْراً فِي مَآقِيهَا
وَقَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:
كأَنما عَيْناهُ فِي وَقْبَيْ حَجَرْ، ... بَيْنَ مَآقٍ لَمْ تُخَرَّقْ بالإِبَرْ
وَقَالَ مُعَقِّرٌ فِي مُفْرَدِهِ:
ومَأْقي عَيْنها حَذِل نَطُوف
وَقَالَ مُزَاحِمٌ الْعُقَيْلِيُّ فِي تَثْنِيَتِهِ:
أَتَحْسِبُها تُصَوِّب مَأْقِيَيْها؟ ... غَلبتُك، وَالسَّمَاءِ وَمَا بَناها
وَيُرْوَى:
أَتَزْعُمها يُصَوَّب ماقِياها
وَيُقَالُ: هَذَا مَاقِي الْعَيْنِ عَلَى مِثَالِ قَاضِي الْبَلْدَةِ، وَيُهْمَزُ فَيُقَالُ مَأْقي، وَلَيْسَ لِهَذَا نَظِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِيمَا قَالَ نُصَيْرٌ النَّحْوِيُّ، لأَن أَلف كُلِّ فَاعِلٍ مِنْ بَنَاتِ الأَربعة مِثْلَ داعٍ وقاضٍ ورامٍ وعالٍ لَا يُهْمَزُ، وَحُكِيَ الْهَمْزُ فِي مَأْقي خَاصَّةً. الْفَرَّاءُ فِي بَابِ مَفْعَل: مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ وَالْوَاوِ مِنْ دَعَوْت وقَضَيْت فالمَفْعَل فِيهِ مَفْتُوحٌ، اسْمًا كَانَ أَو مَصْدَرًا، إِلَّا المَأْقي مِنَ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْعَرَبَ كَسَرَتْ هَذَا الْحَرْفَ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قَالَ فِي مَأْوَى الإِبل مَأْوي، فَهَذَانِ نَادِرَانِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا. اللِّحْيَانِيُّ: الْقَلْبُ فِي مَأْق فيمَنْ لُغَتُهُ مَأْقٌ ومُؤق أَمْقُ الْعَيْنِ، وَالْجَمْعُ آمَاقٍ، وَهِيَ فِي الأَصل أَمْآق فَقُلِبَتْ، فَلَمَّا وَحَّدُوا قَالُوا أَمْق لأَنهم وَجَدُوهُ فِي الْجَمْعِ كَذَلِكَ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ مَأْقي جَعَلَهُ مَواقي؛ وأَنشد:
كأَنَّ اصْطِفاق المَأْقِيَيْنِ بِطَرْفِهَا ... نَثِيرُ جُمانٍ، أخطأَ السِّلْك ناظِمُه
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَمْسَحُ المَأْقِيَين
، وَهِيَ تَثْنِيَةُ المأْقي؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فظَلَّ خَلِيلِي مُسْتَكِيناً كأَنه ... قَذًى، فِي مَواقي مُقْلَتيْهِ يُقَلْقِلُ
جَمْعُ مَاقِي؛ وَقَالَتِ الْخَنْسَاءُ فِي مُفْرَدِهِ:
مَا إنْ يَجفّ لَهَا مِنْ عَبْرةٍ مَاقِي
وَقَالَ اللَّيْثُ: مُؤق الْعَيْنِ مُؤَخَّرُهُ ومَأْقُها مُقَدَّمُهَا، رَوَاهُ عَنْ أَبي الدُّقَيْشِ. قَالَ: وَرُوِيَ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ يَكْتَحِلُ مِنْ قِبَلِ مُؤقه مَرَّةً وَمِنْ قبَلِ مأْقِهِ مَرَّةً
، يَعْنِي مُقَدَّمَ الْعَيْنِ وَمُؤَخَّرَهَا. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وأَهل اللُّغَةِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَن المُؤق والمَأْق حَرْفُ الْعَيْنِ الَّذِي يَلِي الأَنف وأَن الَّذِي يَلِي(10/336)
الصُّدْغَ يُقَالُ لَهُ اللَّحاظ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي اسْتَشْهَدَ بِهِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. الْجَوْهَرِيُّ: مُؤق الْعَيْنِ طَرْفُهَا مِمَّا يَلِي الأَنف، ولَحاظها طَرَفُهَا الَّذِي يَلِي الأُذن، وَالْجَمْعُ آمَاقٌ وأَمْآق أَيضاً مِثْلَ آبَارٍ وأَبآر. ومأْقي الْعَيْنِ: لُغَةٌ فِي مُؤقِ الْعَيْنِ، وَهُوَ فَعْلي وَلَيْسَ بمَفْعِل لأَن الْمِيمُ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ، وَإِنَّمَا زِيدَ فِي آخِرِهِ الْيَاءُ للإِلحاق فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ نَظِيرًا يلْحقونه بِهِ، لأَن فَعْلي بِكَسْرِ اللَّامِ نَادِرٌ لَا أُخت لَهَا فأُلحق بمَفْعِل، وَلِهَذَا جَمَعُوهُ عَلَى مَآقٍ عَلَى التَّوَهُّمِ كَمَا جَمَعُوا مَسِيلَ الْمَاءِ أَمْسِلَةً ومُسْلاناً، وَجَمَعُوا المَصير مُصْراناً، تَشْبِيهًا لَهُمَا بفَعْيَل عَلَى التَّوَهُّمِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: لَيْسَ فِي ذَوَاتِ الأَربعة مَفْعِل، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، إِلَّا حَرْفَانِ: مأْقي الْعَيْنِ ومَأْوِي الإِبل؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُهُمَا وَالْكَلَامُ كُلُّهُ مَفْعَل، بِالْفَتْحِ، نَحْوَ رَمَيْتُهُ مَرْمًى وَدَعَوْتُهُ مَدْعًى وَغَزَوْتُهُ مَغْزًى، قَالَ: وَظَاهِرُ هَذَا الْقَوْلِ، إِنْ لَمْ يُتَأَوَّل عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، غَلَطٌ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا زِيدَ فِي آخِرِهِ الْيَاءُ للإِلحاق، قَالَ: الْيَاءُ فِي مَأْقِي الْعَيْنِ زَائِدَةٌ لِغَيْرِ إِلْحَاقٍ كَزِيَادَةِ الْوَاوِ فِي عَرْقُوَةٍ وتَرْقُوَةٍ، وَجَمْعُهَا مَآقٍ عَلَى فَعالٍ كَعَراقٍ وتَراقٍ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى تَشْبِيهِ مَأْقي الْعَيْنِ بمَفْعِل فِي جَمْعِهِ كَمَا ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ، فَلِهَذَا جَمَعُوهُ عَلَى مَآقٍ عَلَى التَّوَهُّمِ لِمَا قدمتُ ذِكْرَهُ، فَيَكُونُ مأْق بِمَنْزِلَةِ عَرْقٍ جَمْعُ عَرْقُوَةٍ، وَكَمَا أَن الْيَاءَ فِي عَرْقِي لَيْسَتْ للإِلحاق كَذَلِكَ الْيَاءُ فِي مأْقي لَيْسَتْ للإِلحاق، وَقَدْ يُمْكِنُ أَن تَكُونَ الْيَاءُ فِي مأْقي بَدَلًا مِنْ وَاوٍ بِمَنْزِلَةِ عَرْقٍ، والأَصل عَرْقُوٌ، فَانْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِتَطَرُّفِهَا وَانْضِمَامِ مَا قَبْلَهَا؛ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: قُلِبَتْ يَاءً لَمَّا بُنِيَتِ الْكَلِمَةُ عَلَى التَّذْكِيرِ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ أَيْضًا بعد مَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَوَاتِ الأَربعة مَفْعِل، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، إِلَّا حَرْفَانِ: مأْقِي الْعَيْنِ ومَأْوِي الإِبل؛ قَالَ: هَذَا وَهْمٌ مِنَ ابْنِ السِّكِّيتِ لأَنه قَدْ ثَبَتَ كَوْنُ الْمِيمِ أَصلًا فِي قَوْلِهِمْ مُؤْق، فَيَكُونُ وَزْنُهَا فَعْلِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَنَظِيرُ مَأْقي مَعْدِي فِيمَنْ جَعَلَهُ مِنْ مَعَدَ أَي أَبعد وَوَزْنُهُ فَعْلي. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ فِي المُؤْق مُؤْقٍ ومَأْقٍ، وَتَثْبُتُ الْيَاءُ فِيهِمَا مَعَ الإِضافة والأَلف وَاللَّامِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وأَما مُؤقِي فَالْيَاءُ فِيهِ للإِلحاق ببُرْثُنٍ، وأَصلُه مؤقُوٌ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ للإِلحاق كعُنْصُوَةٍ، إِلَّا أَنها قُلِبَتْ كَمَا قُلِبَتْ فِي أدْلٍ، وَأَمَّا مَأْقي الْعَيْنِ فَوَزْنُهُ فَعْلِي، زِيدَتِ الْيَاءُ فِيهِ لِغَيْرِ إِلْحَاقٍ كَمَا زِيدَتِ الْوَاوُ فِي تَرْقُوةٍ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْيَاءُ فِيهِ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْوَاوِ فَتَكُونُ للإِلحاق بِالْوَاوِ، فَيَكُونُ وَزْنُهُ فِي الأَصل فَعْلُوٌ كتَرْقُوٍ، إِلَّا أَن الْوَاوَ قُلِبَتْ يَاءً لَمَّا بُنِيَتِ الْكَلِمَةُ عَلَى التَّذْكِيرِ، انْقَعَرَ كَلَامُ أَبِي عَلِيٍّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمَاقِئٌ عَلَى فَاعِلٍ جَمْعُهُ مَواقِئُ وَتَثْنِيَتُهُ ماقِئَان؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
يَا مَنْ لِعَيْنٍ لَمْ تَذق تَغْميضا، ... وماقِئَيْنِ اكْتَحَلَا مَضِيضَا
قَالَ أَبو عَلِيٍّ: مَنْ قَالَ مَاقٍ فالأَصل ماقئٌ وَوَزْنُهُ فَالِعٌ، وَكَذَلِكَ جَمْعُهُ مَواقٍ وَوَزْنُهُ فَوَالِعُ، فَأُخِّرَتِ الْهَمْزَةُ وَقُلِبَتْ يَاءً، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ قَوْمًا يُحَقِّقُونَ الْهَمْزَةَ فَيَقُولُونَ مَاقِئ الْعَيْنِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ مُؤْق وأَمواق ومُوق أَيْضًا، بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَجَمْعُهُ مَواقٍ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ مُوقئ وجمعه مَواقِئُ، وأُمْقاً وَجَمْعُهُ آمَاقٍ، قَالَ الشَّيْخُ: وَيُقَالُ أُمْق مَقْلُوبٌ، وَأَصْلُهُ مُؤق وَآمَاقٌ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ آمْآق، قَالَ: فَهَذِهِ إِحْدَى عَشْرَةَ لَفْظَةً عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ: مُؤقٌ ومَأْقٌ ومُؤْقٍ ومَأْقٍ ومَاقٍ(10/337)
ومَاقِئٌ ومُوقٌ ومَاقٌ ومُوقٍ ومُوقئ وأُمْقٌ.
مجنق: المَنْجَنِيقُ والمِنْجَنِيقُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا، والمَنْجَنُوق: القَذَّاف، الَّتِي تُرْمَى بِهَا الْحِجَارَةُ، دَخِيلٌ أَعجمي مُعَرَّبٌ، وَأَصْلُهَا بِالْفَارِسِيَّةِ: مَنْ جِي نِيكْ، أَي مَا أَجْوَدَني، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ؛ قَالَ زُفَرُ بْنُ الْحَرْثِ:
لقد تركَتْنِي مَنْجَنِيقُ بنِ بَحْدَلٍ، ... أَحِيدُ عَنِ العُصْفور حِينَ يطيرُ
وَتَقْدِيرُهَا مَنْفَعِيل لِقَوْلِهِمْ: كُنَّا نُجْنَقُ مَرَّةً ونُرْشَقُ أُخرى. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالْجَمْعُ منْجَنِيقات، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هِيَ فَنْعَليل الْمِيمُ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ أَصلية لِقَوْلِهِمْ فِي الْجَمْعِ مَجانِيق، وَفِي التَّصْغِيرِ مُجَيْنِيق، ولأَنها لَوْ كَانَتْ زَائِدَةً وَالنُّونُ زَائِدَةً لَاجْتَمَعَتْ زَائِدَتَانِ فِي أَول الِاسْمِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي الأَسماء وَلَا الصِّفَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ عَلَى الأَفعال الْمَزِيدَةِ، وَلَوْ جَعَلْتَ النُّونَ مِنْ نَفْسِ الْحَرْفِ صَارَ الِاسْمُ رُبَاعِيًّا وَالزِّيَادَاتُ لَا تُلْحَقُ بِبَنَاتِ الأَربعة أَوّلًا إِلَّا الأَسماء الْجَارِيَةَ عَلَى أَفعالها نَحْوَ مُدَحْرِج، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمِيمَ وَالنُّونَ زَائِدَتَانِ لِقَوْلِهِمْ جَنَقَ يَجْنِق إِذَا رَمَى. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبو تُرَابٍ مِنْجَلِيق وَيُقَالُ جَنّقوا الْمَجَانِيقَ ومَجْنقوها؛ وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: أَنه نَصَبَ عَلَى الْبَيْتِ مَنْجَنِيقاً وَكَّل بِهَا جانِقَين، فَقَالَ أَحد الجانِقين عِنْدَ رَمْيِهِ:
خَطَّارة كَالْجَمَلِ الفَنِيق، ... أَعْدَدْتُها لِلْمَسْجِدِ العَتيقِ
الجانِقُ: الَّذِي يُدِيرُ المَنْجنيق وَيَرْمِي عليها.
مجلق: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبو تُرَابٍ يُقَالُ للمِنْجَنِيق مِنْجَليق، وقد تقدم.
محق: المَحْق: النُّقْصَانُ وَذَهَابُ الْبَرَكَةِ. وَشَيْءٌ ماحِقٌ: ذَاهِبٌ. وَقَدْ مَحَق وامَّحَق وامْتَحَقَ ومَحَقهُ وأَمْحقه: لُغَةٌ وأَباها الأَصمعي. قَالَ الأَزهري: تَقُولُ مَحَقهُ اللَّهُ فامَّحَقَ وامْتَحَقَ أَي ذَهَبَ خَيْرُهُ وَبَرَكَتُهُ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
بِلالُ، يَا ابْنَ الأَنْجُمِ الأَطْلاقِ، ... لسْنَ بنَحْساتٍ وَلَا أَمْحاقِ
قَالَ أَبو زَيْدٍ: مَحقَه اللَّهُ وأَمْحقه، وأَبى الأَصمعي إلَّا مَحَقه. وتَمَحَّقَ الشَّيْءُ وامتَحَقَ. وشيءٌ مَحِيق: مَمْحُوقٌ؛ قَالَ الْمُفَضَّلُ النُّكْرِيُّ يَصِفُ رُمْحاً عَلَيْهِ سِنَانٌ مِنْ حَدِيدٍ أَو قَرْنٍ:
يُقَلِّبُ صَعْدَةً جَرداءَ فِيهَا ... نَقِيعُ السَّمِّ، أَو قَرْنٌ مَحِيقُ
وَنَصْلٌ مَحِيق أَي مُرَقَّق محدَّد، وَهُوَ فعِيل مِنْ مَحَقَه. وَقَرْنٌ مَحِيق إِذَا دُلك فَذَهَبَ حَدُّهُ ومَلُس، وَمِنَ المَحْق الْخَفِيِّ أَن تَلِدَ الإِبل الذُّكُورَ وَلَا تَلِدَ الإِناث لأَن فِيهِ انْقِطَاعَ النَّسْلِ وَذَهَابَ اللَّبَنِ، وَمِنَ المَحْق الْخَفِيِّ النَّخْلُ المُتقارَب. ابْنُ سِيدَهْ: المَحْق النَّخْلُ المُقَارَب بَيْنَهُ فِي الْغَرْسِ؛ وَكُلُّ شيءٍ أَبْطَلْتَهُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ، فَقَدْ مَحَقْتهُ. وَقَدِ امَّحق أَي بَطَلَ، مَحَقه يَمْحَقه مَحقْاً أَيْ أَبْطَلَهُ وَمَحَاهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ
، أَيْ يستأْصل اللَّهُ الرِّبَا فيُذْهب رَيْعه وَبَرَكَتَهُ. ابْنُ الأَعرابي: المَحْق أَن يَذْهَبَ الشَّيْءُ كُلُّهُ حَتَّى لَا يُرَى مِنْهُ شَيْءٌ. الْجَوْهَرِيُّ: مَحَقهُ اللَّهُ أَي أَذهب بَرَكَتَهُ، وأَمْحَقه لُغَةٌ فِيهِ رَدِيئَةٌ. وَفِي حَدِيثِ الْبَيْعِ:
الحَلِفُ مَنْفَقَة للسلْعة مَمْحَقَة لِلْبَرَكَةِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فَإِنَّهُ يَنْفَقُ ثُمَّ يَمْحَقُ
؛ المَحْقُ: النَّقْصُ وَالْمَحْوُ والإِبطال، وَقَدْ(10/338)
مَحَقهُ يَمْحَقهُ، ومَمْحَقَةٌ مَفْعلة مِنْهُ أَي مَظنة لَهُ وَمَحْرَاةٌ بِهِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَا مَحَقَ الإِسلام شَيْءٌ مَا مَحَقَ الشُّحُ
، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ. ابْنُ سِيدَهْ: المِحَاق والمُحاقُ آخِرُ الشَّهْرِ إِذَا امَّحق الْهِلَالُ فَلَمْ يُرَ؛ قَالَ:
أتَوْني بِهَا قَبْلَ المُحاق بليلةٍ، ... فَكَانَ مُحاقاً كُلُّهُ ذَلِكَ الشَّهْرُ
وأَنشد الأَزهري:
يَزْدَادُ، حَتَّى إِذَا مَا تَمَّ أَعْقَبَهُ ... كَرُّ الجَدِيدَيْنِ مِنْهُ، ثُمَّ يَمَّحِقُ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُمَّي المُحاق مُحاقاً لأَنه طَلَعَ مَعَ الشَّمْسِ فَمَحَقَتْه فَلَمْ يرهُ أَحد، قَالَ: والمُحاقُ أَيضاً أَن يسْتسرّ الْقَمَرُ لَيْلَتَيْنِ فَلَا يُرى غُدْوة وَلَا عَشِيَّةً، وَيُقَالُ لِثَلَاثِ ليالٍ مِنَ الشَّهْرِ ثلاثٌ مُحاق. وامْتِحاق الْقَمَرِ: احْتِرَاقُهُ وَهُوَ أَن يَطْلُعَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَا يُرَى، يَفْعَلُ ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ. الأَزهري: اخْتَلَفَ أَهل الْعَرَبِيَّةِ فِي اللَّيَالِي المِحاقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا الثَّلَاثَ الَّتِي هِيَ آخِرُ الشَّهْرِ وَفِيهَا السِّرارُ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبو عُبَيْدٍ وَابْنُ الأَعرابي، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا لَيْلَةُ خمسٍ وستٍّ وسبعٍ وَعِشْرِينَ لأَن الْقَمَرَ يَطْلُعُ، وَهَذَا قَوْلُ الأَصمعي وَابْنِ شُمَيْلٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبو الْهَيْثَمِ وَالْمُبَرِّدُ وَالرِّيَاشِيُّ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ أَصح الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي، قَالَ: وَيُقَالُ مُحَاق الْقَمَرِ ومِحَاقه ومَحاقه. ومَحَّق فُلَانٌ بِفُلَانٍ تَمْحِيقاً: وَذَلِكَ أَن الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا كَانَ يومُ المِحَاقِ مِنَ الشَّهْرِ بَدَرَ الرَّجُلُ إِلَى ماءِ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ فَيَنْزِلُ عَلَيْهِ وَيَسْقِي بِهِ مالَه، فَلَا يَزَالُ قَيِّمَ الْمَاءِ ذَلِكَ الشَّهْرَ ورَبَّه حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَإِذَا انْسَلَخَ كَانَ رَبّه الأَول أَحق بِهِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَدْعُو ذَلِكَ المَحِيق. أَبو عَمْرٍو: الإِمْحَاق أَن يَهْلِكَ الْمَالُ أَو الشَّيْءُ كمِحاق الْهِلَالِ. ومُحِقَ الرَّجُلُ وامَّحق: قَارَبَ الْمَوْتَ، مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ سَبْرة بْنِ عَمْرٍو الأَسدي يَهْجُو خَالِدَ بْنَ قَيْسٍ:
أَبوك الَّذِي يَكوْي أُنوف عُنُوقِهِ ... بأَظفاره، حَتَّى أَنَسَّ وأَمْحَقَا
أَنَسَّ الشيءُ: بَلَغَ غَايَةَ الْجُهْدِ، وَهُوَ نَسِيسُهُ أَي بَقِيَّةُ نَفْسِهِ. وماحِقُ الصَّيْف: شِدَّتُهُ. ومحَقَهُ الحرُّ أَي أَحرقه. وَيُقَالُ: جاءَ فِي ماحِقِ الصَّيْفِ أَي فِي شِدَّةِ حَرِّة. وَيَوْمٌ ماحِقٌ بيِّن المَحْق: شَدِيدُ الْحَرِّ أَي أَنه يَمْحَق كُلَّ شَيْءٍ وَيَحْرِقُهُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ الْحُمُرَ:
ظَلَّتْ صَوَافِنَ بالأَرْزان صَادِيَةً، ... فِي ماحِقٍ، مِنْ نَهَارِ الصَّيْف، مُحْتَدمِ
مخق: مَخِقَت عَيْنُهُ: كبَخِقَتْ.
مخرق: المُمَخْرَق: المُمَوَّه، وَهِيَ المَخْرقةُ، مأْخوذة مِنْ مَخاريق الصبيان.
مدق: مَدَق الصخرةَ يَمْدقُها مَدْقاً: كَسَرَهَا. ومَيْدق اسْمٌ.
مذق: المَذِيقُ: اللَّبَنُ الْمَمْزُوجُ بِالْمَاءِ. مَذَقَ اللبنَ يَمْذُقه مذْقاً، فَهُوَ مَمْذوق ومَذِيقٌ ومَذِقٌ: خَلَطَهُ؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ، والمَذْقةُ الطَّائِفَةُ مِنْهُ. ومَذَقَهُ ومَذَق لَهُ: سَقَاهُ المَذْقةَ، وَمِنْهُ قِيلَ: فُلَانٌ يَمْذُق الوُدَّ إِذَا لَمْ يُخْلِصْهُ، وَهُوَ المَذْق أَيضاً؛ وأَنشد:
يَشْربُه مَذْقاً، ويَسْقي عيالَهُ ... سَجاجاً، كأَقْرَاب الثَّعالب، أَوْرَقا
وَفِي الْحَدِيثِ:
بَارَكَ لَكُمْ فِي مَذْقها ومَحْضها
؛(10/339)
المَذْق: الْمَزْجُ وَالْخَلْطُ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ وَسَلَمَةَ: ومَذْقَة كطُرَّة الخَنيف
؛ المَذْقة: الشَّرْبَةُ مِنَ اللَّبَنِ المَمْذوق، شَبَّهَهَا بِحَاشِيَةِ الْخَنِيفِ وَهُوَ رَدِيءُ الْكَتَّانِ لِتَغَيُّرِ لَوْنِهَا وَذَهَابِهِ بِالْمَزْجِ. والمُماذقة فِي الوُدّ: ضِدُّ الْمُخَالَصَةِ. ومَذَق الوُدَّ: لَمْ يُخْلِصْهُ. وَرَجُلٌ مَذَّاق: كَذُوب. وَرَجُلٌ مَذِقٌ ومَذَّاق ومُمَاذِق بيِّن المِذَاق: مَلُول، وَفِي الصِّحَاحِ: غَيْرُ مُخْلِصٍ وَهُوَ المِذاقُ؛ قَالَ:
وَلَا مُؤاخاتك بالمِذَاقِ
ابْنُ بُزُرْجَ: قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ امَّذق، فَقَالَتْ لَهَا الأُخرى: لِمَ لَا تَقُولِينَ امْتَذق؟ فَقَالَ الْآخَرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأُحب أَن تَكُونَ ذمَلَّقِيَّة اللِّسَانِ أَي فَصِيحَةَ اللِّسَانِ. وأَبو مَذْقة: الذِّئْبُ لأَن لَوْنَهُ يُشْبِهُ لَوْنَ المَذْقة؛ ولذلك قال:
جاؤوا بِضَيْحٍ، هَلْ رأَيتَ الذِّئْبَ قَطُّ؟
شَبَّهَ لَوْنَ الضَّيْح، وَهُوَ اللَّبَنُ الْمَخْلُوطُ، بِلَوْنِ الذئب.
مرق: المَرَقُ الَّذِي يُؤْتَدَمُ بِهِ: مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ مَرَقة، والمَرَقة أَخص مِنْهُ. ومَرَق القِدْرَ يَمْرُقُها ويَمْرِقُها مَرْقاً وأَمْرَقَها يُمْرقها إمْراقاً: أَكثر مَرَقَها. الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ أَطعمنا فُلَانٌ مَرَقة مَرَقَيْن؛ يُرِيدُ اللَّحْمَ إِذَا طُبِخَ ثُمَّ طُبِخَ لَحْمٌ آخَرُ بِذَلِكَ الْمَاءِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي. ومَرِقتِ البيضةُ مَرَقاً ومَذِرتْ مَذَراً إِذَا فَسَدَتْ فَصَارَتْ مَاءً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: إِنَّ مِنَ الْبَيْضِ مَا يَكُونُ مَارِقًا
أَي فَاسِدًا. وَقَدْ مَرَقَتِ الْبَيْضَةُ إِذَا فَسَدَتْ. ومَرَقَ الصوفَ وَالشَّعَرَ يَمْرقه مَرْقاً: نَتَفَهُ. والمُراقة، بِالضَّمِّ: مَا انْتُتِفَ مِنْهُمَا، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مَا يُنْتَتَفُ مِنَ الْجِلْدِ المَعْطُونِ إِذَا دُفِنَ لِيَسْتَرْخِيَ، وَرُبَّمَا قِيلَ لِمَا تَنْتِفُهُ مِنَ الكَلاءِ الْقَلِيلِ لِبَعِيرِكَ مُرَاقة؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَكَذَلِكَ الشَّيْءُ يَسْقُطُ مِنَ الشَّيْءِ، وَالشَّيْءُ يَفْنَى مِنْهُ فيَبْقى مِنْهُ الشيءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ امرأَة قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بِنْتًا لِي عَروُساً تمرَّق شعرُها
، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَرِضَتْ فامَّرَقَ شَعْرُهَا.
يُقَالُ: مَرَقَ شَعْرُه وتَمَرَّق وامَّرق إِذَا انْتَثَرَ وَتَسَاقَطَ مِنْ مَرَضٍ أَو غَيْرِهِ. والمَرْقة: الصُّوفَةُ أَول مَا تُنْتَفُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَبْقَى فِي الْجِلْدِ مِنَ اللَّحْمِ إِذَا سُلِخَ، وَقِيلَ: هُوَ الْجِلْدُ إِذَا دُبِغَ. والمَرْقُ، بِالتَّسْكِينِ: الإِهابُ المُنْتِنُ. تَقُولُ مَرَقْتُ الإِهَابَ أَي نَتَفْتُ عَنِ الْجِلْدِ الْمَعْطُونِ صُوفَهُ. وأَمْرَق الجلدُ أَي حَانَ لَهُ أَنْ يُنْتَفَ. وَيُقَالُ: أَنْتَنُ مِنْ مَرْقَاتِ الغنمِ، الْوَاحِدَةُ مَرْقة؛ وَقَالَ الحرث بْنُ خَالِدٍ:
ساكناتُ العَقِيقِ أَشْهَى إِلَى القلب ... مِنَ الساكناتِ دُورَ دِمَشْقِ
يَتَضَوَّعْنَ، لو تضَمَّخْنَ بالمسك، ... ضِماخاً كَأَنَّهُ رِيحُ مَرْقِ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: المَرْقُ صُوف العِجافِ والمَرْضى، وأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنَ الْبَيْتِ الأَخير مِنْ قَوْلِهِ: كأَنه رِيحُ مَرْق، فَفَسَّرَهُ هُوَ بأَنه جَمْعُ المَرْقة الَّتِي هِيَ مِنْ صُوفِ الْمَهَازِيلِ والمَرْضى، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ يَعْنِي بِهِ الصُّوفَ أَول مَا يُنْتف، لأَنه حِينَئِذٍ مُنْتِنٌ. تَقُولُ الْعَرَبُ: أَنتَنُ مِنْ مرْقات الْغَنَمِ، فَيَكُونُ المَرْقُ عَلَى هَذَا وَاحِدًا لَا جَمْعَ مَرْقة، وَيَكُونُ مِنَ الْمُذَكَّرِ الْمَجْمُوعِ بِالتَّاءِ، وَقَدْ يَكُونُ يَعْنِي بِهِ الْجِلْدَ الَّذِي يُدْفن لِيَسْتَرْخِيَ. وأَمْرَق الشعرُ:(10/340)
حَانَ لَهُ أَن يُمْرَقَ. ابْنُ الأَعرابي: المَرْقُ الطَّعْنُ بِالْعَجَلَةِ. والمُرْقُ: الذِّئَابُ المُمَعَّطة. والمَرْق: الصُّوفُ المُنَفَّش. يُقَالُ: أَعطني مَرْقة أَي صُوفَةً. والمَرْق: الإِهابُ الَّذِي عُطِنَ فِي الدِّبَاغِ وَتُرِكَ حَتَّى أَنتن وامَّرط عَنْهُ صُوفُهُ؛ ومَرَقْتُ الإِهابَ مَرْقاً فامَّرق امِّراقاً؛ والمُرَاقة والمُرَاطة: مَا سَقَطَ مِنَ الشَّعْرِ. والمُراقة مِنَ النَّبَاتِ: مَا يُشْبِعُ الْمَالَ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ الكلأُ الضَّعِيفُ الْقَلِيلُ. ومَرِقَت النخلةُ وأَمْرقَتْ، وَهِيَ مُمْرِقٌ: سقط حملها بعد ما كَبِرَ، وَالِاسْمُ المَرْقُ. ومَرَقَ السهمُ مِنَ الرَّمِيَّة يَمْرُقُ مَرْقاً ومُرُوقاً: خَرَجَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ وَذَكَرَ الْخَوَارِجِ:
يَمْرْقُونَ مِنَ الدِّين كَمَا يَمْرُق السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ
أَي يَجُوزونَهُ ويخرقونَهُ وَيَتَعَدَّوْنَهُ كَمَا يَخْرُقُ السَّهْمُ المَرْميّ بِهِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أُمِرْتُ بِقِتَالِ المارِقينَ
، يَعْنِي الْخَوَارِجَ، وأَمْرقْتُ السَّهْمَ إمْراقاً، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْخَوَارِجُ مارِقةً، وَقَدْ أَمْرَقهُ هُوَ. والمُرُوق: الْخُرُوجُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ مَدْخَلِهِ. والمارِقةُ: الَّذِينَ مَرَقُوا مِنَ الدِّين لغُلُوّهم فِيهِ. والمُرُوق: سُرْعَةُ الْخُرُوجِ مِنَ الشَّيْءِ، مَرَق الرجلُ مِنْ دِينه ومَرَقَ مِنْ بَيْتِهِ، وَقِيلَ: المُروق أَن يُنْفِذ السَّهْمُ الرَّمِيَّةَ فَيَخْرُجَ طَرَفُهُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَسَائِرُهُ فِي جَوْفِهَا. والامْتِراق: سُرْعَةُ المَرْقِ. وامْتَرَق وامَّرق الْوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمه وامْتَرقت الْحَمَامَةُ مِنْ وَكْرِها: خَرَجَتْ. ومَرَق فِي الأَرض مُروقاً: ذَهَبَ. ومَرَق الطَّائِرُ مَرْقاً: ذَرَقَ. والمَرْق والمُرق؛ الأَخيرة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ عَنِ الأَعراب: سَفا السُّنْبُلِ، وَالْجَمْعُ أَمراق. والتَّمْرِيقُ: الْغِنَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ؛ قَالَ:
ذَهَبَتْ مَعَدّ بالعَلاء ونَهْشل، ... مِنْ بَيْنِ تَالِي شِعره ومُمَرِّق
والمَرْق، بِالسُّكُونِ: غِنَاء الإِماء والسَّفِلة، وَهُوَ اسْمٌ. والمُمَرَّق أَيضاً مِنَ الغِناء: الَّذِي تُغَنِّيهُ السَّفِلةُ والإِماء. وَيُقَالُ للمُغَنّي نَفْسِهِ المُمَرِّق، وَقَدْ مَرَّق يُمَرِّقُ تَمْرِيقاً إِذَا غَنَّى. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: مَرَّق بِالْغِنَاءِ؛ وأَنشد:
أَفِي كُلِّ عامٍ أَنت مُهْدِي قَصِيدةٍ، ... يُمَرّق مَذْعور بِهَا فالنَّهابلُ؟
فَإِنْ كنتَ فاتَتْكَ العُلى، يَا ابْنَ دَيْسقَ، ... فدَعْها، وَلَكِنْ لَا تَفُتْك الأَسافِلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ لَيْسَ أَحد فَسَّرَ التَّمْريقَ إِلَّا أَبو عَمْرٍو الزَّاهِدُ، قَالَ: هُوَ غِنَاءُ السَّفِلَةِ وَالسَّاسَةِ، والنَّصْبُ غِنَاءُ الرُّكْبَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ المُمَرِّق، هُوَ الْمُغَنِّي. واهْتلَبَ السيفَ مِنْ غِمْدِهِ وامْتَرقهُ واخْتلطهُ واعْتَقَّهُ إِذَا اسْتَلَّهُ. وَيُقَالُ لِلَّذِي يُبْدِي عَوْرَتَهُ: امَّرَقَ يَمَّرِقُ. وامَّرَقَ الرجلُ: بَدَتْ عَوْرَتُهُ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: رُوَيْدَ الغَزْوَ يَنْمَرِق، وأَصله أَن امرأَة كَانَتْ تَغْزُو فحبِلت، فذُكِرَ لَهَا الْغَزْوُ، فَقَالَتْ: رُوَيْدَ الغَزْوَ يَنْمَرِقُ أَي أَمهلوا الْغَزْوَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَلَدُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ الْمُفَضَّلُ هِيَ رَقَاشِ الكِنانيَّة، وَجَمْعُ المَارِقِ مُرَّاق؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:
مَا فتِئَتْ مُرَّاقُ أَهل المِصْرَيْن ... سَقْطَ عُمَانَ، ولصوصَ الجُفَّيْن(10/341)
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُمْرِقُ اللَّحْمُ الَّذِي فِيهِ سِمَنٌ قَلِيلٌ. ومَرَق حَبُّ الْعِنَبِ يَمْرُق مُرُوقاً: انْتَشَرَ مِنْ رِيحٍ أَو غَيْرِهِ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والمُرِّيقُ: حَبُّ الْعُصْفُرِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: شَحْمُ الْعُصْفُرِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ هِيَ عَرَبِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَبَعْضٌ يَقُولُ لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المُرِّيقُ حَبُّ الْعُصْفُرِ، قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهِ حَكَاهُ أَبو الْخَطَّابِ عَنِ الْعَرَبِ، قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: هُوَ أَعجمي وَقَدْ غَلِطَ أَبو الْعَبَّاسِ لأَن سِيبَوَيْهِ يَحْكِيهِ عَنِ الْعَرَبِ، فَكَيْفَ يَكُونُ عَجَمِيًّا؟ وَثَوْبٌ مُمَرَّق: صُبِغَ بالمُرّيق؛ وتَمَرَّق الثَّوْبُ: قَبِلَ ذَلِكَ؛ وَأَنْشَدَ الْبَاهِلِيُّ:
يَا ليتَني لكِ مِئْزر مُتَمرَّق ... بالزَّعْفران، لبِسْتِه أَياما
قَوْلُهُ مُتَمرَّق: مَصْبُوغٌ بالعُصْفر، وَقَالَ بِالزَّعْفَرَانِ ضَرُورَةً، وَكَانَ حَقُّهُ أَن يَقُولَ بِالْعُصْفُرِ. وَرَجُلٌ مِمْراق: دَخّال فِي الأُمور. والمَارِقُ: الْعِلْمُ النَّافِذُ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا يُتَعَوَّجُ فِيهِ. ومَرَقَا الأَنفِ: حَرْفاه. قَالَ ثَعْلَبٌ: كَذَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِالتَّخْفِيفِ، وَالصَّوَابُ عِنْدَهُ مَرَقَّا الأَنف. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ مَرَق، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ، وَقَدْ تَسْكُنُ، بِئْرُ مَرَق بِالْمَدِينَةِ لَهَا ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ أَول الْهِجْرَةِ. والمَرَق أَيضاً: آفَةٌ تُصِيبُ الزَّرْعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه اطَّلَى حَتَّى بَلَغَ المَرَاقّ
؛ هُوَ، بِتَشْدِيدِ الْقَافِ، مَا رَقَّ مِنْ أَسفل الْبَطْنِ وَلَانَ لَا وَاحِدَ لَهُ، وَمِيمُهُ زَائِدَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرَّاءِ.
مزق: المَزْق: شَقّ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا. مَزَقهُ يَمْزِقه مَزْقاً ومَزّقه فانْمَزق تَمْزيِقاً وتَمَزّق: خَرَقَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
بحَجَبات يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ، ... كأَنما يَمْزِقْنَ بِاللَّحْمِ الحَوَرْ
والحَوَر: جُلُودٌ حُمْرٌ، والبُهَر: الأَوساط. وَفِي حَدِيثِ
كِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى: لَمَّا مَزَّقَهُ دَعَا عَلَيْهِمْ أَنْ يُمَزَّقوا كلَّ مُمَزَّقٍ
، التَّمْزيقُ التَّخْرِيقُ وَالتَّقْطِيعُ، وأَراد بِتَمْزيقهم تفرُّقهم وَزَوَالَ مُلكهم وَقَطْعَ دَابِرِهِمْ. والمِزْقة: الْقِطْعَةُ مِنَ الثَّوْبِ. وَثَوْبٌ مَزِيق ومَزِقٌ الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: ثَوْبٌ أَمْزَاق ومِزَق. وَيُقَالُ: ثَوْبٌ مَزِيق مَمْزُوق مُتَمَزِّق وممزَّق، وَسَحَابٌ مِزَق عَلَى التَّشْبِيهِ كَمَا قَالُوا كِسَف. والمِزَق: الْقَطْعُ مِنَ الثَّوْبِ المَمْزُوق، وَالْقِطْعَةُ مِنْهَا مِزْقَة. اللَّيْثُ: يُقَالُ صَارَ الثَّوْبُ مِزَقاً أَيْ قِطَعًا، قَالَ: وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ مِزْقة لِلْقِطْعَةِ الْوَاحِدَةِ، وَكَذَلِكَ مِزَق السَّحَابِ قِطَعُهُ. ومَزْقُ العِرْض: شَتْمُهُ. ومَزَق عِرْضَه يَمْزِقُه مَزْقاً: كَهَرَده. وَنَاقَةٌ مِزاق، بِكَسْرِ الْمِيمِ، ونِزَاق؛ عَنْ يَعْقُوبَ: سَرِيعَةٌ جِدًّا يَكَادُ يتَمَزَّق عَنْهَا جِلْدُهَا مِنْ نَجائها، وَزَادَ فِي التَّهْذِيبِ: نَاقَةٌ شَوْشَاة مِزَاقٌ سَرِيعَةٌ: قَالَ اللَّيْثُ: سُمِّيَتْ مِزَاقاً لأَن جِلْدَهَا يَكَادُ يتَمَزَّق عَنْهَا مِنْ سُرْعَتِهَا؛ وأَنشد:
فجاءَ بشَوْشاةٍ مِزَاقٍ، تَرَى بِهَا ... نُدوباً مِنَ الأَنْساع: فَذّاً وتَوْأَما
وَقَالَ غَيْرُهُ: فَرَسٌ مِزَاق سَرِيعَةٌ خَفِيفَةٌ؛ قَالَ ذو الرمة:
أَفاؤُوا كلَّ شاذبةٍ مِزَاقٍ ... بَراها القَوْدُ، واكتَسَتِ اقْوِرَارا
وَفِي النَّوَادِرِ: مازَقْتُ فُلَانًا ونازَقْتُه مُنَازقةً أَي سَابَقْتُهُ فِي الْعَدْوِ. ومُزَيْقِياءُ: لَقَبُ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ مَالِكٍ مَلِكٍ مِنْ(10/342)
مُلُوكِ الْيَمَنِ جَدّ الأَنصار، قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يُمَزِّق كُلُّ يَوْمٍ حُلَّة فيَخْلَعُها عَلَى أَصحابه، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ كُلَّ يَوْمٍ حُلَّتين فيُمَزِّقهما بِالْعَشِيِّ ويَكْره أَن يَعُودَ فِيهِمَا ويأْنف أَنْ يَلْبَسَهُمَا أَحد غَيْرُهُ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ يَلْبَسُ كُلَّ يَوْمٍ ثَوْبًا، فَإِذَا أَمْسَى مَزَّقه وَوَهَبَهُ؛ وَقَالَ:
أَنَا ابْنُ مُزَيْقيا عَمْرو، وَجَدِّي ... أَبوه عَامِرٌ، ماءُ السماءِ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَن طَائِرًا مَزَق عَلَيْهِ
أَيْ ذَرَقَ وَرَمَى بسَلْحه عَلَيْهِ؛ مَزَقَ الطائرُ بسَلْحه يمْزُق ويَمْزِقُ مَزْقاً: رَمَى بذَرْقه. والمُزْقةُ: طَائِرٌ، وَلَيْسَ بثَبَتٍ. والمُمَزِّقُ: لَقَبُ شَاعِرٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، بِكَسْرِ الزَّايِ وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَفْتَحُهَا: وَإِنَّمَا لُقِّب بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
فَإِنْ كُنْتُ مأْكولًا، فكُنْ خَيْرَ آكلٍ، ... وإلَّا فأدْرِكْني، ولَمّا أُمَزَّقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ الْمُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ عَنْ أَحمد اللُّغَوِيِّ أَن المُمَزّق الْعَبْدِيُّ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
فمَنْ مُبْلِغُ النُّعْمَانَ أَن ابْنَ أُختِهِ، ... عَلَى العَيْنِ، يَعْتاد الصَّفَا ويُمَزِّقُ
وَمَعْنَى يُمَزِّقُ يغنِّي. قَالَ: وَهَذَا يُقَوِّي قَوْلَ الْجَوْهَرِيِّ فِي كَسْرِ الزَّايِ فِي المُمَزِّقِ، إِلَّا أَن الْمَعْرُوفَ فِي هَذَا الْبَيْتِ يُمَرّق، بِالرَّاءِ. والتَّمْرِيقُ، بِالرَّاءِ: الْغِنَاءُ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى هَذَا لأَن الزَّايَ فِيهِ تَصْحِيفٌ، وَقَالَ الْآمِدِيُّ: المُمَزَّق، بِالْفَتْحِ، هُوَ شَأْس بْنُ نَهارٍ الْعَبْدِيُّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
فَإِنْ كُنْتُ مأْكولًا، فكُنْ خيرا آكِلٍ
وأَما المُمَزِّق، بِكَسْرِ الزَّايِ، فَهُوَ المُمَزِّقُ الحَضْرمي، وَهُوَ متأَخر؛ وَكَانَ وَلَدُهُ يُقَالُ لَهُ المُخَزِّق لِقَوْلِهِ:
أَنا المُخَزِّق أَعْراضَ اللِّئَام، كَمَا ... كَانَ المُمَزِّقُ أَعراض اللِّئَام أَبي
وَهَجًا المُمَزِّقَ أَبو الشَّمَقْمَقِ فَقَالَ:
كُنْتَ المُمَزِّقَ مرَّة، ... فَالْيَوْمَ قَدْ صِرْتَ المُمَزَّقْ
لَمَّا جَرَيْتَ مَعَ الضَّلال، ... غَرقْتَ فِي بَحْرِ الشَّمَقْمَقْ
والمُمَزَّقُ أَيضاً: مَصْدَرٌ كالتَّمْزِيق، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ.
مستق: رُوِيَ
عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه كَانَ يُصَلِّي وَيَدَاهُ فِي مُسْتُقَة
، وَفِي رِوَايَةٍ:
صَلَّى بِالنَّاسِ وَيَدَاهُ فِي مُسْتُقَة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المَسَاتِقُ فِراءٌ طِوالُ الأَكمام، وَاحِدَتُهَا مُسْتُقة، قَالَ: وأَصلها بِالْفَارِسِيَّةِ مُشْتَهْ فَعُرِّبَ. قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ مُسْتُقة ومُسْتَقة، وَرُوِيَ
عَنْ أَنس أَن مَلِكَ الرُّومِ أَهدى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُسْتُقَةً مِنْ سُنْدُسٍ فَلَبِسَهَا رسولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فكأَني أَنْظُرُ إِلَى يَدَيْهَا تُذَبْذِبانِ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى جَعْفَرٍ وَقَالَ: ابْعَثْ بِهَا إِلَى أَخيك النَّجاشي
؛ هِيَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا فَرْوٌ طَوِيلُ الْكُمَّيْنِ، وَقَوْلُهُ مِنْ سُنْدُسٍ يُشْبِهُ أَنها كَانَتْ مَكْفُوفَةً بِالسُّنْدُسِ، وَهُوَ الرَّفِيعُ مِنَ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ لأَن نَفْسَ الفَرْوِ لَا يَكُونُ سُنْدُسًا، وَجَمْعُهَا مَسَاتِقُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَلْبَسُ البَرَانِس والمَسَاتِقَ وَيُصَلِّي فِيهَا
؛ وأَنشد شَمِرٌ:
إِذَا لَبِسَتْ مَسَاتِقَها غَنِيٌّ، ... فَيَا وَيْحَ المَسَاتِقِ مَا لَقِينَا(10/343)
ابْنُ الأَعرابي: هُوَ فَرْوٌ طَوِيلُ الكُمِّ، وَكَذَلِكَ قَالَ الأَصمعي وَابْنُ شُمَيْلٍ فِي الجبة الواسعة.
مشق: الْمَشَقَةُ فِي ذَوَاتِ الْحَافِرِ: تَفَحُّجٌ فِي الْقَوَائِمِ وتشَحُّج. ومَشِقَ الرجلُ يَمْشَقُ مَشَقاً، فَهُوَ مَشِقٌ إِذَا اصطَكَّت أَلْيتاه حَتَّى تشَحَّجتا، وَكَذَلِكَ بَاطِنَا الْفَخْذَيْنِ. وَرَجُلٌ أَمْشَقُ، وَالْمَرْأَةُ مَشْقاءُ بيِّنا المَشَقِ. اللَّيْثُ: إِذَا كَانَتْ إِحْدَى رُكْبَتَيْهِ تُصِيبُ الأُخرى فَهُوَ المَشَق؛ وَهَذَا قَوْلُ أَبي زَيْدٍ حَكَاهُ عَنْهُ أَبو عُبَيْدٍ. أَبو زَيْدٍ: مَشِقَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، إِذَا أَصابت إِحْدَى ربَلتَيْه الأُخرى. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المَشْقُ فِي ظَاهِرِ السَّاقِ وَبَاطِنِهَا احْتِراقٌ يصبيها مِنَ الثوبِ إِذَا كَانَ خَشِنًا. ومَشَقَها الثَّوْبُ يَمْشُقُها: أَحرقها، وَالِاسْمُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ المُشْقة؛ وَقَوْلُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُطَيْرٍ:
تَفْرِي السِّباعُ سَلًى عَنْهُ تُماشِقُهُ، ... كأَنه بُرْدُ عَصْبٍ فِيهِ تَضْرِيجُ
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: تُماشِقُه تُمزِّقه. ومَشَقَ الثوبَ: مَزَقه. وتَمَشَّق عَنْ فُلَانٍ ثوبُه إِذَا تَمَزَّقَ. وتَمَشَّقَ اللَّيْلُ إِذَا وَلَّى. وتَمَشَّق جِلْبَابُ اللَّيْلِ إِذَا ظَهَرَتْ تعباشيرُ الصُّبْحِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ وَهُوَ مِنْ نَوَادِرِ أَبي عَمْرٍو:
وَقَدْ أُقيم النَّاجِياتِ الشُّنَّقَا ... لَيْلًا، وسِجْفُ اللَّيْلِ قَدْ تَمَشَّقا
والمَشْقُ: شِدَّةُ الأَكل يأْخذ النَّحْضَة فيَمْشُقُها بِفِيهِ مَشْقاً جَذْبًا. ومَشَق مِنَ الطَّعَامِ يَمْشُق مَشْقاً: تَنَاوَلْ مِنْهُ شَيْئًا قَلِيلًا. ومَشَقَت الإِبل فِي الكلإِ تَمْشُق مَشْقاً: أَكلت أَطايبه. ومَشَّقْتُها إِذَا أَرعيتها إِيَّاهُ. وتَمَاشَقَ الْقَوْمُ اللَّحْمَ إِذَا تَجَاذَبُوهُ فأَكلوه؛ قَالَ الرَّاعِي:
وَلَا يَزالُ لهُمْ فِي كلِّ مَنْزِلَةٍ ... لَحْمٌ، تَماشَقُهُ الأَيدي، رَعابيلُ
وَقَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ امرأَة يَذُمُّهَا:
تُمَاشِقُ البادِينَ والحُضّارا، ... لَمْ تعرفِ الوَقْفَ وَلَا السِّوَارا
أَيْ تُجَاذِبُهُمْ وَتُسَابُّهُمْ. وَرَجُلٌ مَشِيقٌ ومَمْشُوق: خَفِيفُ اللَّحْمِ، وَرَجُلٌ مِشْق فِي هَذَا الْمَعْنَى؛ عَنِ اللِّحْيَانِي؛ وأَنشد:
فَانْقَادَ كلُّ مُشَذَّبٍ مَرِسِ القُوَى ... لِخَيالهنَّ، وكلُّ مِشْقٍ شَيْظَمِ
وَفَرَسٌ مَشِيقٌ ومَمْشوق أَي ضَامِرٌ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ فَرَسٌ مَشِيقٌ مُمَشَّق [مُمَشِّق] مَمْشوق أَي فِيهِ طُولٌ وَقِلَّةُ لَحْمٍ. وَجَارِيَةٌ مَمْشوقة: حَسَنَةُ القَوَام قَلِيلَةُ اللَّحْمِ. ومُشِق القدحُ مَشْقاً: حُمِلَ عَلَيْهِ فِي البَرْيِ ليَدِقّ. والمَشْق: جَذْبُ الشَّيْءِ ليمتدَّ وَيَطُولَ، وَالسَّيْرُ يُمْشَقُ حَتَّى يَلِينَ، والوَتَرُ يُمْشَقُ حَتَّى يَلِينَ وَيُجَوَّفَ، كَمَا يَمْشُق الْخَيَّاطُ خَيْطَهُ بِحِرْنَقِهِ «4» : ومَشَقَ الوَتَرَ: جَذَبَهُ لِيَمْتَدَّ. وَوَتَرٌ مُمَشَّق ومُمَشِّقٌ: مُمْتَدٌّ. وامْتَشَقَ الوترُ: امْتَدَّ وَذَهَبَ مَا انْقَشَرَ مِنْ لَحْمِهِ وَعَصَبِهِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الشِّرْعة أَقل الأَوتار وأَشدها مَشْقاً. والمَشْقُ: أَن يُلْحَمَ وَيُقْشَرَ حَتَّى يَسْقَطَ كُلُّ سَقَطٍ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَن العَقَب يُؤْخَذُ مِنَ الْمَتْنِ وَيُخَالِطُهُ اللَّحْمُ فييْبَس ثُمَّ يُنْسَطُ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِ إِلَّا مُشَاقُ العَقَب وَقَلْبُهُ وَقَدْ هَذَّبُوهُ مِنْ أَسُقَاطِهِ كُلِّهَا. ومُشَاق العَقَب: أَجوده، قَالَ: الْعَقَبُ فِي السَّاقَيْنِ وَفِي الْمَتْنِ وَمَا سِوَاهُمَا فَإِنَّمَا هُوَ الْعَصَبُ، قَالَ: والعِلْباءُ عُصْبَةٌ لَا يَكُونُ وتَر وَلَا خَيْرَ فِيهِ، وقلم
__________
(4) . قوله [بحرنقه] هكذا هو بالأَصل(10/344)
مَشّاق: سَرِيعُ الْجَرْيِ فِي القِرْطاس. ومَشَق الخطَّ يَمْشقُه مَشْقاً: مَدَّهُ، وَقِيلَ أَسرع فِيهِ. والمَشْقُ: السُّرْعَةُ فِي الطَّعْنِ وَالضَّرْبِ والأَكل وَالْكِتَابَةِ، وَقَدْ مَشَقَ يَمْشُق. والمشْق: الطَّعْنُ الْخَفِيفُ السَّرِيعُ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
فكَرَّ يَمْشُقُ طَعْناً فِي جَوَاشِنها، ... كأَنه، الأَجْرَ فِي الإِقْبالِ، يَحْتَسِبُ
ومَشَقت الإِبل فِي سَيْرِهَا تَمْشُق مَشْقاً: أَسرعت، وَقِيلَ: كُلُّ سُرْعَةٍ مَشْق. الأَزهري: سَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ وَهُوَ يُمَارِسُ عَمَلًا فيحْتَثُّه وَيَقُولُ: امْشُق امْشُق أَي أَسرع وَبَادِرْ مِثْلَ حَلْبِ الإِبل وَمَا أَشبهه. ومَشَقَ الْمَرْأَةَ مَشْقاً: نَكَحَهَا. ومَشَقَهُ مَشْقاً: ضَرَبَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ خَاصَّةً، ومَشَقَه عِشْرِينَ سَوْطًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَقِيلَ: إِنَّمَا هُوَ مَشَنَهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذَا مَضَتْ فِيهِ السياطُ المُشَّقُ
والمَشْقُ المَشْطُ، والمَشْق جَذْبُ الْكَتَّانِ فِي مِمْشَقَةٍ حَتَّى يَخْلُصَ خَالِصُهُ وَتَبْقَى مُشَاقته، وَقَدْ مَشَقَهُ وامْتَشَقه. والمِشْقة والمُشاقة مِنَ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَالشَّعَرِ: مَا خَلَصَ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا طَارَ وَسَقَطَ عَنِ المَشْق. والمِشْقة: الْقِطْعَةُ مِنَ الْقُطْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سُحر فِي مُشْط ومُشاقةٍ
؛ هِيَ المُشَاطة، وَهِيَ أَيضاً مَا يَنْقَطِعُ مِنَ الإِبْرِيسَم وَالْكَتَّانِ عِنْدَ تَخْلِيصِهِ وَتَسْرِيحِهِ. وَثَوْبٌ مِشَق وأَمْشاقٌ: مُمَشَّق؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِي. والمِشَقُ: أَخلاق الثِّيَابِ، وَاحِدَتُهَا مِشْقة وَفِي الأَصول مُشاقة مِنْ كلإٍ أَيْ قَلِيلٌ. والْمَشْقُ والمِشْقُ: المَغْرة وَهُوَ صَبْغٌ أَحمر. وَثَوْبٌ مَمْشوق ومُمَشَّق: مصبوغ بالمِشْق [بالمَشْق] . اللَّيْثُ: المِشْق والمَشق طِينٌ يُصْبَغُ بِهِ الثَّوْبُ، يُقَالُ: ثَوْبٌ مُمَشَّق؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي وَجْزَةَ:
قدْ شَقَّها خُلُق مِنْهُ، وَقَدْ قَفَلَتْ ... عَلَى مِلاحٍ، كلون المَشْق [المِشْق] ، أَمْشاج
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: رَأَى عَلَى طَلْحَةَ ثَوْبين مَصْبُوغَيْنِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: إِنَّمَا هُوَ مِشْق
؛ هُوَ المَغْرة. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقان.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: كُنَّا نَلْبَسُ المُمَشَّق فِي الإِحرام.
وامْتَشَقَ فِي الشَّيْءِ: دَخَلَ. وامْتَشَق الشيءَ: اخْتَطَفَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَكَذَلِكَ اخْتَدَفَه واخْتَواه واخْتَاته وتَخَوَّته. وامْتَشَنَه وامْتَشَقه مِنْ يَدِهِ: اخْتَلَسَهُ. وامْتَشَقْتُه: اقْتَطَعْتُهُ. والمَشِيقُ مِنَ الثِّيَابِ: اللَّبِيسُ. وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ مَشَغَ: امْتَشَغْت مَا فِي الضَّرْعِ وامْتَشَقْته إِذَا لَمْ تَدَعْ فِيهِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ امْتَشَغْت مَا فِي يَدِ الرَّجُلِ وامْتَشَقْته إِذَا أَخذت مَا في يده كله.
مطق: التَّمطُّق والتّلَمُّظ: التَّذَوُّق وَالتَّصْوِيتُ بِاللِّسَانِ وَالْغَارِ الأَعلى؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرُؤْبَةَ:
إِذَا أَردنا دُسْمةً تَنَفَّقَا ... بناجِشَاتِ الموتِ، إِذْ تَمَطَّقا
وَقِيلَ: هُوَ إلْصاقُ اللِّسَانِ بالغَارِ الأَعلى فَيُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ، وَذَلِكَ عِنْدَ اسْتِطَابَةِ الشَّيْءِ؛ قَالَ حُرَيْثُ بْنُ عَتَّاب يَهْجُو بَنِي ثُعَل:
دِيافِيّةٌ قُلْفٌ كأَنَّ خَطِيبَهُمْ، ... سَراة الضُّحَى، فِي سَلْحِهِ، يتَمَطَّقُ
أَي بِسَلْحِهِ. وَقَدْ يُقَالُ فِي التَّلَمُّظ: إِنَّهُ تَحْرِيكُ اللِّسَانِ(10/345)
فِي الْفَمِ بَعْدَ الأَكل كأَنه يتبع بقية الطَّعَامِ بَيْنَ أَسْنَانِهِ. والتَّمَطُّق بِالشَّفَتَيْنِ: أَنْ يَضُمَّ إِحْدَاهُمَا بالأُخرى مَعَ صَوْتٍ يَكُونُ مِنْهُمَا؛ وأَنشد:
تراهُ إِذَا مَا ذَاقَها يَتَمطَّق
وتَمَطَّقت الْقَوْسُ: تَصَدَّعَتْ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والمَطَقُ: دَاءٌ يُصِيبُ النخل فلا تحمل.
معق: المَعْق والمُعْق: كالعُمْق؛ بِئْرٌ مَعِيقة كَعَمِيقَةٍ وَقَدْ مَعُقَتْ مَعاقة وأَمْعَقْتها وأَعْمَقتها وَإِنَّهَا لَبَعِيدَةُ العُمْق والمْعق وفَجّ مَعِيق، وَقَلَّمَا يَقُولُونَهُ إِنَّمَا الْمَعْرُوفُ عَمِيق، وَحَكَى الأَزهري عِنْدَ ذِكْرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ عَمِيق وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ مَعِيق، وَقَدْ مَعُق مَعْقاً ومَعَاقةً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنها، وَهِيَ تَهادَى فِي الرُّفَقْ ... مِنْ جَذْبِهَا، شِبْراقُ شَدٍّ ذِي مَعَقْ
أَي بُعْدٍ فِي الأَرض، والشِّبراق: شدَّة تَبَاعُدِ الْقَوَائِمِ، والمَعْقُ: بُعد أَجْوَافِ الأَرض عَلَى وَجْهِ الأَرض يَقُودُ المَعْق الأَيام؛ يُقَالُ: عَلَوْنَا مُعُوقاً مِنَ الأَرض منكَرة وَعَلَوْنَا أَرْضًا مَعْقاً؛ وَأَمَا المَعِيق فَالشَّدِيدُ الدُّخُولِ فِي جَوْفِ الأَرض. يُقَالُ: غَائِطٌ مَعيق. والمَعْق: الأَرض الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا. والأَمْعاق والأَماعق والأَماعِيق: أَطراف الْمَفَازَةِ الْبَعِيدَةِ. والمَعِيقة: الصَّغِيرَةُ الفَرْج. والمَعِيقة أَيضاً: الدَّقِيقَةُ الوَرِكين، وَقِيلَ: هِيَ المِعْيقَةَ كالحِثْيَلة. وتَمَعَّقَ عَلَيْنَا: سَاءَ خُلُقُهُ. وَحَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: المَقْع والمَعْق الشُّرْبُ الشَّدِيدُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: المَعْق قَلْبُ العَمْق؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
وإِن هَمى مِنْ بَعْدِ مَعْقٍ مَعْقا، ... عَرفْتَ مِنْ ضَرْب الحَرير عِتْقا
أَيْ مِنْ بَعْد بُعْدٍ بُعْداً. قَالَ: وَقَدْ تَحَرَّكَ مِثْلَ نَهْر ونَهَر.
مقق: المَقَقُ: الطُّولُ عَامَّةً، وَقِيلَ: هُوَ الطُّولُ الْفَاحِشُ فِي دِقَّةٍ؛ قَالَ رُؤْبَةَ:
لواحِقُ الأَقْراب فِيهَا كالمَقَقْ
أَراد فِيهَا المَقَقُ فَزَادَ الْكَافَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. رَجُلٌ أَمَقُّ وامرأَة مَقَّاءُ، وَقِيلَ: المَقَّاءُ الطَّوِيلَةُ الرُّفْغين الرِّخْوَتُهُمَا الطَّوِيلَةُ الإِسْكَتَين الْقَلِيلَةُ لَحْمِ الرُّفغين، وَقِيلَ: هِيَ الرَّقِيقَةُ الْفَخْذَيْنِ المَعِيقةُ الرَّفْغَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: المَقَّاء مِنَ الْخَيْلِ الْوَاسِعَةُ الأَرْفاغ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: غَزَا أَعرابي مِنْ بَكْر بْنِ وَائِلٍ فَفُلُّوا، فَجَاءَ ثَلَاثُ جَوارٍ إِلَى مُهَلْهِل فسأَلنه عَنْ آبَائِهِنَّ، فَقَالَ للأُولى: صِفي لِي فَرَسَ أَبيك، فَقَالَتْ: كَانَ أَبي عَلَى شَقَّاءَ مَقَّاءَ طَوِيلَةِ الأَنقاء، تَمَطَّقُ أُنثَياها بِالْعَرَقْ تمَطُّقَ الشَّيْخِ بالمَرَق، قَالَ: نَجَا أَبوكِ: قَالَ: أُنثياها رَبَلَتا فَخِذَيْهَا، والمَقَّاء: الْوَاسِعَةُ الأَرْفاغ؛ وأَنشد غَيْرُهُ قَوْلُ الرَّاعِي يَصِفُ نَاقَةً:
مَقَّاء مُنْفَتِق الإِبْطَيْنِ ماهِرة ... بالسَّوْم، ناطَ يَدَيْها حارِكٌ سَنَدُ
قَالَ النَّضِرُ: فَخِذ مَقَّاء وَهِيَ المعْروقة الْعَارِيَةُ مِنَ اللَّحْمِ الطَّوِيلَةُ. وَوَجْهٌ أَمَقُّ: طَوِيلٌ كَوَجْهِ الْجَرَادَةِ. وَفَرَسٌ أَمَقّ: بَعِيدٌ مَا بَيْنَ الْفُرُوجِ طَوِيلٌ بيِّن المَقَق. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ أَراد الْمُفَاخَرَةَ بالأَولاد فَعَلَيْهِ بالمُقِّ مِنَ النِّسَاءِ
أَيِ الطِّوَالِ. يُقَالُ رَجُلٌ أَمَقّ وامرأَة مَقَّاء. وخَرْق أَمَقّ: بَعِيدُ(10/346)
الأَرْجاء. وَمَفَازَةٌ مَقَّاء: بَعِيدَةٌ مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، وَكُلُّ تَبَاعُدٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مَقَقٌ، وَالصِّفَةُ كَالصِّفَةِ. وَحِصْنٌ أَمَقّ: وَاسِعٌ؛ قَالَ:
وَلِي مُسْمِعانِ وزَمَّارَةٌ، ... وظِلٌّ مَدِيدٌ وحِصنٌ أَمَقّ
قَالَ ثَعْلَبٌ: المُسْمِعان القَيْدان قُيِّدَ بِهِمَا، والزَّمّارة: السَّاجُورُ، وَهَذَا رَجُلٌ كَانَ مَحْبُوسًا فِي سِجْنٍ شُيِّدَ بِنَاؤُهُ، وَهُوَ مُقَيَّد مَغْلُولٌ فِيهِ. وامْتَقَّ الْفَصِيلُ مَا فِي ضَرْعِ أُمِّه وامْتَكَّه وتمقَّقَه: شرِب كُلَّ مَا فِيهِ امْتِقاقاً وامْتكاكاً، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إِذَا امتصَّ جَمِيعَ مَا فِي ثَدْيِ أُمِّه، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنْ قَافَهَا بَدَلٌ مِنْ كَافِ امتكَّ وتمقَّقْت الشَّرَابَ وتمزَّزته: شَرِبْتُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. أَبو عَمْرٍو: المَقَقَةُ شُرَّاب النَّبِيذِ قَلِيلًا قَلِيلًا. والمقَقَةُ: الجِداءُ الرُّضَّعُ. والمقَقة: الْجُهَّالُ. وأَصابه جُرْحٌ فَمَا تمَقَّقَه أَي لَمْ يَضُرَّهُ وَلَمْ يُبالِه. أَبو عُبَيْدَةَ: الْمَقُّ الشِّقُّ. ومَقَقْتُ الشَّيْءَ أَمُقُّه مَقّاً: فَتَحْتُهُ. ومَقَقْت الطَّلْعة: شَقَقْتُهَا للإِبار. ابْنُ الأَعرابي: مَقَّقَ الرَّجُلُ عَلَى عِيَالِهِ إِذَا ضَيَّقَ عَلَيْهِمْ فَقْرًا أَوْ بُخْلًا، وَكَذَلِكَ أَوَّق وقَوَّق. وَقَالَ: زَقّ الطَّائِرُ فَرْخَهُ وَمَقَّقَهُ وغَرَّه ومَجَّه. والمُقامِقُ: الْمُتَكَلِّمُ بِأَقْصَى حَلْقِهِ، وَتَقْدِيرُهُ فُعافِل بِتَكْرِيرِ الْفَاءِ، وَلَا يُقَالُ مُقانِق. وَيُقَالُ: فِيهِ مَقْمَقَة ولُقَّاعات، والمَقْمَقَةُ حِكَايَةُ صَوْتٍ أَو كَلَامٍ. ومَقْمَقَ الحُوَارُ خِلْف أُمه: مَصَّهُ مصّاً شديداً.
ملق: المَلَقُ: الوُدّ وَاللُّطْفُ الشَّدِيدُ، وأَصله التَّلْيِينُ وَقِيلَ: المَلَقُ شِدَّةُ لُطْفِ الْوُدِّ، وَقِيلَ: التَّرَفُّقُ وَالْمُدَارَاةُ، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ، مَلِقَ مَلَقاً وتمَلَّقَ وتَملَّقَهُ وتمَلّقَ لَهُ تمَلُّقاً وتِمِلَّاقاً أَي تَوَدَّدَ إِلَيْهِ وَتَلَطَّفَ لَهُ: قَالَ الشَّاعِرُ:
ثَلَاثَةُ أَحْبابٍ: فَحُبُّ عَلاقَةٍ، ... وحُبُّ تِمِلَّاقٍ، وحُبٌّ هُوَ القَتْل
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ مِنَ خُلُق الْمُؤْمِنِ المَلَقُ
؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ الزِّيَادَةُ فِي التَّوَدُّد وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ فَوْقَ مَا يَنْبَغِي. وَقَدْ مَلِقَ، بِالْكَسْرِ، يَمْلَقُ مَلَقاً. وَرَجُلٌ مَلِقٌ: يُعْطِي بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ:
أَرْوَى بجِنّ العَهْد سَلْمَى، وَلَا ... يُنْصِبْكَ عَهْدُ المَلِقِ الحُوَّلِ
قَوْلُهُ بجِنّ العَهْد أَي سَقَاهَا اللَّهُ بحِدْثان الْعَهْدِ لأَنه يُثْبِتُ وَيَدُومُ، وجِنُّ الشَّبَابِ: أَوَّلُهُ وَقَوْلُهُ: وَلَا يُنْصِبْكَ عَهْدُ المَلِق أَي مَنْ كَانَ مَلِقاً ذَا حِوَلٍ فَصَرَمَك فَلَا يُنْصِبْكَ صَرْمهُ؛ وَرَجُلٌ مَلِقٌ ومَلَّاق، وَقِيلَ: المَلَّاق الَّذِي لَا يَصْدُقُ وُدُّه. والمَلِقُ أَيضاً: الَّذِي يَعِدُك ويُخْلِفك فَلَا يَفِي وَيَتَزَيَّنُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ. أَبو عَمْرٍو: المَلَقُ اللِّينُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْكَلَامِ والصُّخور. والمَلَقُ: الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ؛ قَالَ:
لاهُمّ، ربَّ البَيْتِ والمُشَرَّقِ، ... إيّاكَ أَدْعُو، فتَقَبَّل مَلَقِي
يَعْنِي دُعَائِي وتضرُّعي. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لمَلَّاق مُتَمَلِّق ذُو مَلَقٍ، وَلَا يُقَالُ مِنْهُ فَعِلَ يَفْعَلُ إلَّا عَلَى يَتَمَلَّقُ، والمَلَقُ مِنَ التَّمَلُّق، وَأَصْلُهُ مِنَ التَّلْيِينِ. وَيُقَالُ للصَّفاة الْمَلْسَاءِ اللَّيِّنَةِ مَلَقةٌ، وَجَمْعُهَا مَلَقات؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
وحَوْقل ساعِدهُ قَدِ امَّلَقْ
أَي لانَ. خَالِدُ بْنُ كُلْثُومٍ: المَلِقُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي(10/347)
لَا يُوثق بِجَرْيِهِ، أُخذ مِنْ مَلَق الإِنسان الَّذِي لَا يَصْدُقُ فِي مودَّته؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وَلَا مَلِقٌ يَنْزُو ويُندِر رَوْثَهُ ... أُحادَ، إِذَا فَأْسُ اللِّجَامِ تَصَلْصلا
أَبُو عُبَيْدٍ: فَرَسٌ مَلِقٌ والأَنثى مَلِقةٌ وَالْمَصْدَرُ المَلَقُ وَهُوَ أَلطف الحُضْر وأَسرعه، وأَنشد بَيْتَ الْجَعْدِيِّ أَيضاً. ومَلَّق الشيءَ: مَلَّسَهُ. وانْمَلَق الشَّيْءُ وامَّلَق، بالإِدغام، أَي صَارَ أَملس؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وحَوْقل ساعدُهُ قَدِ انْمَلَقْ، ... يَقُولُ: قَطْباً ونِعِمّا، إِنْ سَلَقْ
قَوْلُهُ انْمَلَقَ يَعْنِي انْسَحَجَ مِنْ حَمْل الأَثقال. وانْمَلَق مِنِّي أَي أَفْلت. والمَلَق: الصُّفُوح اللَّيِّنَةُ الْمُلْتَزِقَةُ مِنَ الْجَبَلِ، وَاحِدَتُهَا مَلَقة، وَقِيلَ: هِيَ الْآكَامُ الْمُفْتَرِشَةُ، والمَلَقةُ: الصَّفاةُ الْمَلْسَاءُ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ الْهُذَلِيُّ:
وَلَا عُصْماً أَوابِدَ فِي صُخُور، ... كُسِينَ عَلَى فَراسِنِها خِدامَا
أُتِيحَ لَهَا أُقَيْدِر ذُو حَشيف، ... إِذَا سامَتْ عَلَى المَلَقات سَامَا
والإِمْلاق: الافْتِقار. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ.
وَفِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: أَما مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ أَمْلق مِنَ الْمَالِ
أَي فَقِيرٌ مِنْهُ قَدْ نَفِد مَالُهُ. يُقَالُ: أَمْلَق الرَّجُلُ، فَهُوَ مُمْلِق، وأَصل الإِملاق الإِنْفاق. يُقَالُ: أَمْلَق مَا مَعَهُ إمْلاقاً، ومَلَقه مَلْقاً إِذَا أَخرجه مِنْ يَدِهِ وَلَمْ يَحْبِسْهُ، وَالْفَقْرُ تَابِعٌ لِذَلِكَ، فَاسْتَعْمَلُوا لَفْظَ السَّبَبِ فِي مَوْضِعِ الْمُسَبَّبِ حَتَّى صَارَ بِهِ أَشهر. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: ويَرِيشُ مُمْلِقَها
أَي يُغْنِي فَقِيرَهَا. والإِمْلاق: كَثْرَةُ إِنْفَاقِ الْمَالِ وَتَبْذِيرِهِ حَتَّى يُورِثَ حَاجَةً، وَقَدْ أَمْلَقَ وأَمْلَقَه اللَّهُ، وَقِيلَ: المُمْلِق الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة سأَلت ابْنَ عَبَّاسٍ: أَأُنفق مِنْ مَالِي مَا شئت؟ قال: نَعَمْ أَمْلقي مِنْ مَالِكِ مَا شِئْتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: خَشْيَةَ إِمْلاقٍ
، مَعْنَاهُ خَشْيَةَ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ.
ابْنُ شُمَيْلٍ: إِنَّهُ لمُمْلِق أَيْ مُفْسِدٌ. والإِملاق: الإِفساد؛ قَالَ شَمِرٌ: أَمْلَقَ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ. يُقَالُ: أَمْلَقَ الرجلُ، فَهُوَ مُمْلِقٌ إِذَا افْتَقَرَ فَهَذَا لَازِمٌ، وأَمْلَقَ الدهرُ مَا بِيَدِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَوس:
لَمَّا رأَيتُ العُدْمَ قَيَّدَ نائِلي، ... وأَمْلَقَ مَا عِنْدِي خُطُوب تَنَبَّلُ
وأَمْلَقَتْهُ الخُطُوب أَي أَفقرته. وَيُقَالُ: أَمْلَقَ مَالِي خُطُوبُ الدَّهْرِ أَي أَذهبه. ومَلَقَ الأَديمَ يَمْلُقه مَلْقاً إِذَا دَلَّكَهُ حَتَّى يَلِينَ. وَيُقَالُ: مَلَقْتُ جِلْدَهُ إِذَا دَلَّكْتَهُ حَتَّى يَمْلاسّ؛ قَالَ:
رأَت غُلَامًا جِلْدُه لَمْ يُمْلَقِ ... بماءِ حَمَّامٍ، وَلَمْ يُخَلَّقِ
يَعْنِي وَلَمْ يُمَلَّس مِنَ الخَلْق وَهُوَ الْمَلَّاسَةُ. ومَلَقَ الثوبَ والإِناء يَمْلُقه مَلْقاً: غَسَلَهُ. والمَلْقُ: الرُّضَّعُ. ومَلَقَ الجَدْي أُمه يَمْلُقُها مَلْقاً: رَضَعَهَا، وَكَذَلِكَ الفَصِيل وَالصَّبِيُّ، وَقُرِئَ عَلَى الْمُنْذِرِيِّ: مَلَقَ الْجِدْيُ أُمه يَمْلِقُها، قَالَ: وأَحسب مَلَقَ الْجِدْيُ أُمه يَمْلُقها إِذَا رَضَعَهَا لُغَةً. ومَلَقَ الرَّجُلُ جَارَيْتَهُ ومَلَجَها إِذَا نَكَحَهَا، كَمَا يَمْلُق الْجَدْيُ أُمه إِذَا رَضَعَهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَبِيدَةَ السَّلْمانِيّ: أَن ابْنَ سِيرِينَ قَالَ لَهُ مَا يُوجِبُ الْجَنَابَةَ؟ قَالَ: الرَّفّ(10/348)
والاسْتِمْلاقُ
؛ الرَّفّ الْمَصُّ، والاسْتِملاق الرَّضْعُ، وَهُوَ اسْتِفْعال مِنْهُ، وَكَنَّى بِهِ عَنِ الْجِمَاعِ لأَن الْمَرْأَةَ تَرْتَضِعُ مَاءَ الرَّجُلِ، مِنْ مَلَق الْجَدْيُ أُمه إِذَا رَضَعَهَا، وأَراد أَن الَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ امْتِصَاصُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ إِذَا خَالَطَهَا كَمَا يَرْضَعُ الرَّضِيعُ إِذَا لَقَمَ حَلَمة الثَّدْي. ومَلَقَ عَيْنَهُ يَمْلُقُها مَلْقاً: ضَرَبَهَا. ومَلَقهُ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا يَمْلُقه مَلْقاً: ضَرَبَهُ. وَيُقَالُ: مَلَقهُ مَلَقاتٍ إِذَا ضَرَبَهُ. والمَلْقُ: ضَرْبُ الْحِمَارِ بِحَوَافِرِهِ الأَرض؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ حِمَارًا:
مُعْتَزِم التَّجْليح مَلَّاخ المَلَقْ، ... يَرْمي الجَلامِيدَ بجُلْمُودٍ مِدَقْ
أَراد المَلْقَ فثقَّله؛ يَقُولُ: لَيْسَ حَافِرُ هَذَا الْحِمَارِ بِثَقِيلِ الوَقْع عَلَى الأَرض. والمَلَقُ: مَا اسْتَوَى مِنَ الأَرض، وأَنشد بَيْتَ رُؤْبَةَ: مَلَّاخ المَلَقْ، وَقَالَ: الْوَاحِدَةُ مَلَقَة. والمَلْقُ: مِثْلُ المَلْخِ وَهُوَ السَّيْرُ الشَّدِيدُ. والمَيْلَقُ: السَّرِيعُ؛ قَالَ الزَّفَيَانُ:
ناجٍ مُلحّ فِي الخَبَارِ مَيْلَقُ، ... كأَنه سُوذانِقٌ أَو نِقْنِقُ
والمَلْقُ: الْمَحْوُ مِثْلُ اللَّمْقِ. ومَلْقُ الأَدِيم: غَسْلُهُ. والمَلْقُ: الحُضْر الشَّدِيدُ. والمَلْقُ: المَرّ الْخَفِيفُ. يُقَالُ: مَرّ يَمْلُقُ الأَرض مَلْقاً. وَرَجُلٌ مَلِقٌ: ضَعِيفٌ. والمالَقُ: الْخَشَبَةُ الْعَرِيضَةُ الَّتِي تَشُدُّ بِالْحِبَالِ إِلَى الثَّوْرين فَيَقُومُ عَلَيْهَا الرَّجُلُ وَيَجُرُّهَا الثَّوْرَانِ فيُعَفِّي آثَارَ اللُّؤَمَةِ والسِّنّ؛ وَقَدْ مَلَّقُوا أَرضهم يُمَلِّقُونها تَمْلِيقاً إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ بِهَا؛ قَالَ الأَزهري: مَلَّقوا ومَلَّسوا وَاحِدٌ وَهِيَ تملِّسُ الأَرض، فَكَأَنَّهُ جَعَلَ المالَقَ عَرَبِيًّا؛ وَقِيلَ: المالَقُ الَّذِي يَقْبِضُ عَلَيْهِ الْحَارِثُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المِمْلَقة خَشَبَةٌ عَرِيضَةٌ يَجُرُّهَا الثِّيرَانُ. اللَّيْثُ: المالَقُ الَّذِي يُمَلِّسُ الْحَارِثُ بِهِ الأَرض المُثارة. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لمالَج الطَّيّان مالَقُ ومِمْلَقٌ. وَيُقَالُ: وَلَدَتِ النَّاقَةُ فَخَرَجَ الْجَنِينُ مَلِيقاً مِنْ بَطْنِهَا أَي لَا شَعْرَ عَلَيْهِ. والمَلقُ: المُلوسة. وَقَالَ الأَصمعي: الْجَنِينُ مَلِيطٌ، بالطاء، بهذا المعنى.
مهق: المَهَقُ والمُهْقةُ: بَيَاضٌ فِي زُرْقَةٍ، وَقِيلَ المَهَقُ والمُهْقة شِدَّةُ الْبَيَاضِ، وَقِيلَ: هُمَا بَيَاضُ الإِنسان حَتَّى يَقْبَحَ جِدًّا، وَهُوَ بَيَاضٌ سَمْجٌ لَا يُخَالِطُهُ صُفْرَةٌ وَلَا حُمْرَةٌ، لَكِنْ كَلَوْنِ الْجِصِّ وَنَحْوِهِ؛ وَرَجُلٌ أَمْهَقُ وامرأَة مَهْقاءُ.
وَفِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ أَزْهَرَ وَلَمْ يَكُنْ بالأَبيض الأَمْهَق
؛ أَبُو عُبَيْدٍ: الأَمهَقُ الأَبيض الشَّدِيدُ الْبَيَاضِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ بَيَاضَهُ شَيْءٌ مِنَ الْحُمْرَةِ وَلَيْسَ بنَيّر، وَلَكِنْ كَلَوْنِ الْجِصِّ أَوْ نَحْوِهِ، يَقُولُ: فَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ بَلْ إِنَّهُ كَانَ نَيِّرَ الْبَيَاضِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الأَزهري: المَهَقُ والمَقَهُ بَيَاضٌ فِي زُرْقَةٍ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ المَقَهُ أَشدّهما بَيَاضًا. الْجَوْهَرِيُّ: المَهَقُ فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ خُضْرَةُ الْمَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَعْنِي قَوْلَهُ:
حَتَّى إِذَا كَرَعْن فِي الحَوْمِ المَهَقْ
وَشَرَابٌ أَمْهَقُ: لَوْنُهُ لَوْنُ الأَمْهَقِ مِنَ الرِّجَالِ. والمَهَقُ كالمَرَهِ، وامرأَة مَهْقاءُ: تَنْفِي عَيْنَاهَا الْكُحْلُ وَلَا يَنْفِي بَيَاضَ جِلْدِهَا، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقِيلَ: هُوَ إِذَا كَانَتْ كَرِيهَةَ الْبَيَاضِ غَيْرَ كَحْلَاءِ الْعَيْنَيْنِ. أَبو زَيْدٍ: الأَمْقَهُ والأَمْرَةُ مَعًا الأَحمر أَشفار الْعَيْنَيْنِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَعَيْنٌ مَهْقاءُ. وتَمَهَّقْتُ الشَّرَابَ إِذَا شَرِبْتَهُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ظَلَّ يَتَمَهَّق شَكْوتَه، وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ(10/349)
يَتَمَهَّق الشَّرَابَ تمهُّقاً إِذَا شَرِبَهُ النَّهَارَ أَجمَعَ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَنْتَ تَمَهَّقُ الْمَاءَ تَمَهُّقاً إِذَا شَرِبَهُ النَّهَارَ أَجْمَعَ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةً، قَالَ: وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي شُرْبِ اللَّبَنِ؛ وَأَنْشَدَ قَوْلَ الْكُمَيْتِ:
تَمَهَّقَ أخْلاف الْمَعِيشَةِ بَيْنَهُمْ ... رِضاع، وأخْلافُ الْمَعِيشَةِ حُفَّلُ
والمَهِيقُ: الأَرض البعيدة؛ قَالَ أَبو دُوَادَ:
لَهُ أَثَرٌ فِي الأَرض لَحْبٌ كَأَنَّهُ ... نَبِيثُ مَساحٍ مِنْ لِحاءِ مَهِيقِ
قَالُوا: أَرَادَ باللِّحاء مَا قُشِرَ مِنْ وَجْهِ الأَرض.
موق: المائقُ: الْهَالِكُ حُمْقاً وغَباوةً. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالْجَمْعُ مَوْقى مِثَالُ حَمْقى ونَوْكَى، يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ شَيْءٌ أُصيبوا بِهِ فِي عُقُولِهِمْ فأُجْري مُجْرَى هَلْكى، وَقَدْ ماقَ يَمُوقُ مَوْقاً ومُوقاً ومُؤُوقاً ومَواقةً واسْتَماقَ. والمُوقُ: حُمْق فِي غَباوةٍ. يُقَالُ: أحمقُ مائقٌ، وَالنَّعْتُ مائقٌ ومائِقةٌ. الْكِسَائِيُّ: هُوَ مائِق ودائِق، وَقَدْ ماقَ وداقَ يَمُوقُ ويَدُوق مَواقةً ودَواقةً ومُؤوقاً ودُؤُوقاً. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي قَوْلِهِ فُلَانٌ مائقٌ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قَالَ قَوْمٌ المائق السيِء الخُلُق مِنْ قَوْلِهِمْ أَنت تَئِق وَأَنَا مَئِق أَيْ أَنْتَ مُمْتَلِئٌ غَضَبًا وَأَنَا سيّء الخُلُق فَلَا نَتَّفِقُ، وَقِيلَ: المائِقُ الأَحمق لَيْسَ لَهُ مَعْنًى غَيْرَهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: المائقُ السَّرِيعُ الْبُكَاءِ الْقَلِيلُ الحَزْمِ والثَّبات مِنْ قَوْلِهِمْ مَا أَباتَتْه مَئِقاً أَيْ مَا أَبَاتَتْهُ بَاكِيًا. والمَوْق، بِالْفَتْحِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ ماقَ البيعُ يَمُوق أَي رَخُصَ. وماقَ البيعُ: كَسَدَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والمُوقان والمُوقُ: الَّذِي يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ امرأَة رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ فنزعتْ لَهُ بمُوقِها فَسَقَتْهُ فغُفِرَ لَهَا
؛ المُوق: الْخُفُّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنَّهُ توضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى مُوقَيْه.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا قَدِمَ الشأْم عَرَضَتْ لَهُ مَخاضة نزل عَنْ بَعِيرِهِ وَنَزَعَ مُوقَيْه وَخَاضَ الْمَاءَ.
وَفِي الْمُحْكَمِ: والمُوق ضَرْبٌ مِنَ الخِفاف، وَالْجَمْعُ أَمْواق، عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
فتَرى النِّعاجَ بِهَا تَمَشَّى خَلْفه، ... مَشْيَ العِبادِيِّين فِي الأَمْواقِ
ومُوقُ الْعَيْنِ وماقُها: لُغَةٌ فِي المُؤق والمَأْق، وَجَمْعُهُمَا جَمِيعًا أَمْواق إِلَّا فِي لُغَةِ مَنْ قَلَبَ فَقَالَ آمَاقٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَكْتَحِلُ مَرَّة مِنْ مُوقِهِ ومَرَّة مِنْ ماقِهِ
، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي تَرْجَمَةِ مأَق. والمُوقُ: الْغُبَارُ. والمُوق أَيْضًا: النَّمْلُ ذُو الأَجنحة.
فصل النون
نبق: النَّبِق: ثَمَرُ السِّدْر. والنَّبِقُ والنَّبَق والنِّبْق والنَّبْقُ، مُخَفَّفٌ: حَمْلُ السِّدْر، الْوَاحِدَةُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ بِالْهَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: نَبِقة ونَبِق ونَبِقات مِثْلُ كَلِمة وكَلِم وكَلِمات. وَفِي حَدِيثِ سِدْرة المُنْتَهى:
فَإِذَا نَبِقُها أَمْثَالُ القِلال.
ونَبَّق النخلُ: فَسَدَ وَصَارَ تَمْرُهُ صَغِيرًا مِثْلَ النَّبَقِ، وَقِيلَ: نَبَّق أَزْهى. وَنَخْلٌ مُنَبَّق، بِالْفَتْحِ، ومُنَبِّق: مُصْطفّ عَلَى سَطْرٍ مُسْتَوٍ، وَكَذَلِكَ كَلُّ شَيْءٍ مستوٍ مُهَذَّب؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وحَدِّثْ بأَن زَالَتْ بليْلٍ حُمُولُهم، ... كنَخْلٍ مِنَ الأَعراض غيرِ مُنَبَّقِ
وَيُرْوَى غَيْرُ مُنَبِّق. الْمُفَضَّلُ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ مُنَبِّق: غَيْرُ(10/350)
بَالِغٍ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْمُتَلَمِّسِ:
والبيتُ ذُو الشُّرُفاتِ مِنْ ... سِنْدادَ، والنخلُ المُنَبِّقْ
والنَّبْقُ مِثْلُ النَّمْقِ: الْكِتَابَةُ. ونَبَّقَ الْكِتَابَ: سَطره وَكَتَبَهُ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْبَقَ ونَبَقَ ونَبَّقَ كُلَّهُ إِذَا غَرَسَ شِراكاً وَاحِدًا مِنَ الْوَادِيِّ. أَبُو عَمْرٍو: النَّبْقُ دَقِيقٌ يَخْرُجُ مِنْ لُبّ جِذْع النَّخْلَةِ حُلو يُقَوَّى بالصَّفْر يُنْبَذُ فَيَكُونُ نِهَايَةً فِي الجَودْة، وَيُقَالُ لِنَبِيذِهِ الضَّرِيّ. أَبُو زَيْدٍ: إِذَا كَانَتِ الضَّرْطَةُ لَيْسَتْ بِشَدِيدَةٍ قِيلَ أَنْبَق بِهَا إنْباقاً، وَكَذَلِكَ نَبّق بِهَا أَي حَبَق حَبْقاً غَيْرَ شَدِيدٍ. يُقَالُ: أَنبق إِذَا حَبَق بِصَوْتٍ، وطَحْرَب بِغَيْرِ صَوْتٍ، وَإِذَا عَظُمَ الصَّوْتُ قِيلَ رَدَمَ. الْفَرَّاءُ: النُّباقِيّ مأْخوذ مِنَ النُّبَاقِ وَهُوَ الحُصاص الضَّعِيفُ. أَبُو زَائِدَةَ وَخَتْرَشَ: هُوَ يَنْتَبقُ للكلام انْتباقاً ويَنْتَبِطُه أَيْ يَسْتَخْرِجُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ انْباقَ عَلَيْنَا بِالْكَلَامِ أَي انْبَعَثَ مِثْلُ انْباع؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ انْباقَ عَلَيْنَا أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ بَوَقَ كَمَا ذُكِرَ فِيهِ انْباقَتْ عليهم بائِقةُ شرٍّ. وَبَنُو أَبِي نَبْقة: بُطين مِنْ بَنِي الْحَرْثِ. وَذُو نَبَقٍ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
تَبَيَّنْ خَلِيلِي، هَلْ تَرَى مِنْ ظَعائنٍ ... بِذِي نَبَقٍ، زَالَتْ بهنَّ الأَباعِرُ؟
نتق: النَّتْقُ: الزَّعْزَعَةُ وَالْهَزُّ والجَذْب والنَّفْض. ونَتَقَ الشيءَ يَنْتِقُه ويَنْتُقُه، بِالضَّمِّ، نَتْقاً: جَذَبَهُ وَاقْتَلَعَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ
؛ أَيْ زَعْزَعْناه وَرَفَعْنَاهُ، وَجَاءَ فِي الْخَبَرِ:
أَنه اقْتُلع مِنْ مَكَانِهِ
؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ جَرَّبوا أَخلاقَنا الجَلائِلا، ... ونَتَقُوا أَحلامنا الأَثاقلا،
فَلَمْ يَرَ الناسُ لَنَا مُعادِلا
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي ذَلِكَ: رَفَعَ الْجَبَلَ عَلَى عَسْكَرِهِمْ فَرْسَخًا فِي فَرْسَخٍ، ونَتَقْنا: رَفَعْنَا. وَفَرَسٌ ناتِقٌ إِذَا كَانَ يَنْفُضُ رَاكِبَهُ. ونَتَقت الدَّابَّةُ رَاكِبِهَا وَبِرَاكِبِهَا تَنْتِقُ وتَنْتُقُ نَتْقاً ونُتُوقاً إِذَا نَزَّتْه وأَتعبته حَتَّى يأْخذه لِذَلِكَ رَبْو؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يَنْتُقْنَ بالقَوْمِ مِنَ التَّزَعُّلِ، ... مَيْسَ عُمانَ ورِحالَ الإِسْحِلِ
ونَتَقْتُ الغَرْبَ مِنَ الْبِئْرِ أَي جَذَبْتُهُ بِمَرَّةٍ. ونَتَقَ السِّقاءَ والجِراب وَغَيْرَهُمَا مِنَ الأَوعية نَتْقاً إِذَا نَفَضَهُ لِيَقْتَلِعَ مِنْهُ زُبْدَتَهُ، وَقِيلَ: نَفَضَهُ حَتَّى يَسْتَخْرِجَ مَا فِيهِ، وَقَدِ انْتَتَقَ هُوَ وأَنْتَقَ: فَتَقَ جِرَابَهُ لِيُصْلِحَهُ مِنَ السُّوسِ. وَفِي الْحَدِيثِ
فِي صِفَةِ مَكَّةَ وَالْكَعْبَةِ: أقلُّ نَتائق الدُّنْيَا مَدَراً
؛ النَّتائِقُ: جَمْعُ نَتِيقةٍ فَعِيلة بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنَ النَّتْق، وَهُوَ أَنْ يَقْلَعَ الشَّيْءَ فَيَرْفَعَهُ مِنْ مَكَانِهِ لِيَرْمِيَ بِهِ، هَذَا هُوَ الأَصل وأراد بها هاهنا الْبِلَادَ لِرَفْعِ بِنَائِهَا وَشُهْرَتِهَا فِي مَوْضِعِهَا. ونَتَقْتُ الشَّيْءَ إِذَا حَرَّكْتَهُ حَتَّى يُسْفَكَ مَا فِيهِ، قَالَ: وَكَانَ نَتْق الْجَبَلِ أَنه قُطِع مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى قَدْرِ عَسْكَرِ مُوسَى فأَظَلَّ عَلَيْهِمْ،
قَالَ لَهُمْ مُوسَى: إِمَّا أَن تَقْبَلُوا التَّوْرَاةَ، وَإِمَّا أَنْ يَسْقُطَ عَلَيْكُمُ.
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ نَتقَ جِرابَه إِذَا صَبَّ مَا فِيهِ. والناتِقُ: الرَّافِعُ. وَالنَّاتِقُ: الفاتِقُ. وَقَالَتْ أَعرابية لأُخرى: انتُقي جِرابك فَإِنَّهُ قَدْ سوَّس. والناتِقُ: الْبَاسِطُ. يُقَالُ: انْتُقْ لَوْطَك فِي الغَزالة حَتَّى يَجِفّ. ابْنُ الأَعرابي: أَنتَقَ(10/351)
إِذَا شَالَ حَجَرَ الأَشِدَّاءِ، وأَنْتَقَ عَمِلَ مِظلَّةً مِنَ الشَّمْسِ، وأَنتَقَ إِذَا بَنَى دَارَهُ نِتاق دارٍ أَي حِيالها. وناتِقٌ: شَهْرُ رَمَضَانَ؛ عَنِ الْوَزِيرِ. وأَنتَقَ: صامَ ناتِقاً، وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ. ابْنُ سِيدَهْ: وناتِق مِنْ أَسماء رَمَضَانَ؛ قَالَ:
وَفِي ناتِقٍ أَجْلَتْ، لَدَى حَوْمَةِ الْوَغَى، ... ووَلَّت عَلَى الأَدْبارِ فُرْسانُ خَثْعَما
وَالْبَعِيرُ إِذَا تَزَعْزَعَ حِملُه، وَفِي التَّهْذِيبِ: بِحِمْلِهِ، نتَقَ عُرى حِباله وَذَلِكَ إِذَا جَذَبَهَا فَاسْتَرْخَتْ عُقَدها وعُراها فانْتَتَقَتْ؛ وأَنشد:
يَنْتُقن أَقْتادَ النُّسُوع الأُطَّطِ
وسَمِن حَتَّى نَتَق نُتوقاً: وَذَلِكَ أَن يَمْتَلِئَ جِلْدُهُ شَحْمًا وَلَحْمًا. ونَتَقَت الْمَاشِيَةُ تَنْتُق: سَمِنَتْ عَنِ الْبَقْلِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. ونَتَقَت الْمَرْأَةُ وَالنَّاقَةُ تَنْتُقُ نُتوقاً وَهِيَ ناتِق ومِنْتاق: كَثُرَ وَلَدُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بالأَبكار مِنَ النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ أَطيب أَفواهاً وأَنْتَقُ أَرْحاماً وأَرْضى باليسير
؛ معناه أَنهن أَكثر أَولاداً. والناتِقُ والمِنْتاق: الْكَثِيرَةُ الأَولاد. وَيُقَالُ للمرأَة ناتِقٌ لأَنها تَرْمِي بالأَولاد رَمْيًا. والنَّتْقُ: الرَّمْيُ والنفْض. والنَّتْق أَيضاً: الرَّفْعُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ نِتاقُ الْكَعْبَةِ مِنْ فَوْقِهَا
أَي هُوَ مُظِلّ عَلَيْهَا فِي السَّمَاءِ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
لَمْ يُحْرَمُوا حُسْنَ الغِذاءِ، وأُمهم ... طَفَحَتْ عَلَيْكَ بناتِقٍ مذكارِ
يَعْنِي بالناتِق الرَّحِمَ، وذَكَّر عَلَى مَعْنَى الْفَرْجِ أَو الْعُضْوِ. وَنَاقَةٌ ناتِق إِذَا أَسرعت الْحَمْلَ، وزَنْد نَاتِقٍ أَي وارٍ. والناتِقُ مِنَ الْمَاشِيَةِ: الْبَطِينُ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
ندق: انتَدَق بَطْنُهُ: انْشَقَّ فتدلى منه شيء.
نرمق: اللَّيْثُ فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
أَعَدّ أَخْطالًا لَهُ ونَرْمَقا
قَالَ: النَّرْمَقُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ صَدْرُهَا نُونٌ أَصلية، وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَاهُ نَرْمَهْ وَهُوَ اللَّيِّنُ.
نزق: النَّزَقُ: خِفَّةٌ فِي كُلِّ أَمر وَعَجَلَةٍ فِي جَهْلٍ وحُمْق. ابْنُ سِيدَهْ: النَّزَقُ الْخِفَّةُ وَالطَّيْشُ، نزِق، بِالْكَسْرِ، يَنْزَقُ نَزَقًا، فَهُوَ نزِق، والأُنثى نزِقَةٌ، وَهُوَ مِنَ الطَّيْشِ وَالْخِفَّةِ. وأَنَزَقَ الرجلُ إِذَا سَفِهَ بَعْدَ حِلْم. وتَنازَق الرَّجُلَانِ تَنازُقاً ونِزاقاً ومُنازقة: تَشَاتَمَا، الأَخيرتان عَلَى غَيْرِ الْفِعْلِ. والمُنازِقُ: الْكَثِيرُ الْكَلَامِ والنَّزَقِ. ونزِقَ الرَّجُلُ وَالْفَرَسُ وَغَيْرُهُ يَنزَقُ نزْقاً ونُزوقاً إِذَا نَزَا. ونَزَّقَ الفرسَ وأَنزقه تَنزِيقاً إِذَا ضَرَبَهُ حَتَّى يَنْزو ويَنْزق، وَفِي التَّهْذِيبِ: حَتَّى يَثِبَ نَهْزاً. وأَنزَقَ فِي الضَّحِكِ وأَهْزَقَ إِذَا أَفرط فِيهِ وَأَكْثَرَ. والنَّزْقُ: مَلْءُ السِّقاء والإِناء إِلَى رَأْسِهِ. ونَزِقَتِ النِّهاءُ: امتلأَت. وَيُقَالُ: مُطِر مكانُ كَذَا وَكَذَا حَتَّى نزِقَتْ نِهاؤه أَي امتلأَت غُدْرانه. وَنَاقَةٌ نِزاقٌ: مِثْلَ مِزاق؛ عَنْ يَعْقُوبَ. والنَّيْزَقُ لُغَةٌ فِي النَّيْزَك: قَالَ الشَّاعِرُ:
وثَدْيانِ، لَوْلا مَا هُما لَمْ تكَدْ تُرَى ... عَلَى الأَرضِ، إنْ قامَتْ، كمِثْل النَّيازِق
كأنَّهما عِدْلا جُوَالِقٍ أصْبَحا، ... وحَشْوُهما تِبْنٌ عَلَى ظَهْرِ ناهِق
نسق: النَّسَقُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ نِظام وَاحِدٍ، عامٌّ فِي الأَشياء، وَقَدْ نَسَّقْتُه تَنْسِيقاً؛ وَيُخَفَّفُ. ابْنُ سِيدَهْ: نَسَقَ الشَّيْءَ يَنْسُقهُ نَسْقاً(10/352)
ونَسَّقه نظَّمه عَلَى السَّوَاءِ، وانْتَسَق هُوَ وتَناسَق، وَالِاسْمُ النَّسَقُ، وَقَدِ انْتَسَقت هَذِهِ الأَشياء بعضُها إِلَى بَعْضٍ أَي تَنَسَّقَتْ. وَالنَّحْوِيُّونَ يُسَمُّونَ حُرُوفَ الْعَطْفِ حُرُوفَ النَّسَقِ لأَن الشَّيْءَ إِذَا عطفْت عَلَيْهِ شَيْئًا بَعْدَهُ جَرى مجْرًى وَاحِدًا. وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: ناسِقوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَى ناسِقوا تابِعُوا وواتِرُوا. يُقَالُ: ناسَقَ بَيْنَ الأَمرين أَيْ تَابَعَ بَيْنَهُمَا. وثَغْر نَسَق إِذَا كَانَتِ الأَسنان مُسْتَوِيَةً. ونَسَقُ الأَسنان: انْتِظَامُهَا فِي النِّبْتةِ وَحُسْنِ تَرْكِيبِهَا. والنَّسْق: الْعَطْفُ عَلَى الأَول، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. وَثَغْرٌ نَسَق وخَرزَ نَسَق أَي مُنْتَظِمٌ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
بجِيدِ رِيْمٍ كَرِيمُ زانَهُ نَسَقٌ، ... يَكَادُ يُلْهِبُه الياقوتُ إِلْهَابَا
والتَّنْسِيقُ: التَّنْظِيمُ. والنَّسَق: مَا جَاءَ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى نِظام وَاحِدٍ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لطَوار الحبْل إِذَا امْتَدَّ مُسْتَوِيًا: خُذْ عَلَى هَذَا النَّسَق أَيْ عَلَى هَذَا الطَّوارِ؛ وَالْكَلَامُ إِذَا كَانَ مسجَّعاً، قِيلَ: لَهُ نَسَق حَسَنٌ. ابْنُ الأَعرابي: أَنسَقَ الرجلُ إِذَا تَكَلَّمَ سَجْعًا. والنَّسَقُ: كَوَاكِبُ مُصْطَفَّةٌ خَلْفَ الثُّرَيَّا، يُقَالُ لَهَا الفُرود. وَيُقَالُ: رأَيت نَسَقاً مِنَ الرِّجَالِ وَالْمَتَاعِ أَي بعضُها إِلَى جَنْبِ بَعْضٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مُسْتَوْسِقات عَصَباً ونَسَقا
والنَّسْق، بِالتَّسْكِينِ: مَصْدَرُ نَسَقْتُ الْكَلَامَ إِذَا عَطَفْتَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ؛ وَيُقَالُ: نَسَقْتُ بين الشيئين وناسَقْتُ.
نستق: النُّسْتُق: الخَدَمُ لَا وَاحِدَ لَهُمْ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعَبَّادِيُّ:
يَنْصِفها [يَنْصُفها] نُسْتُق تكادُ تُكْرِمهم، ... عَنِ النَّصافة، كالغِزْلانِ فِي السَّلَم
التَّهْذِيبُ: قِيلَ النُّسْتُق الْخَادِمُ. قَالَ الأَزهري: كأَنه بِلِسَانِ الرُّومِ تَكَلَّمَتْ بِهِ العرب.
نشق: النَّشْقُ: صَبُّ سَعوط فِي الأَنف. ابْنُ سِيدَهْ: النَّشُوق سَعُوط يُجْعَلُ أَوْ يُصَبُّ فِي المُنْخُرين، تَقُولُ: أَنْشَقْتُه إنْشاقاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ لِلشَّيْطَانِ نَشوقاً ولَعُوقاً وَدَسَامًا
، يَعْنِي أَنَّ لَهُ وَسَاوِسَ مَهْمَا وجَدتْ مَنْفَذًا دَخَلَتْ فِيهِ. وأَنْشَقْتُه الدَّوَاءَ فِي أَنفه: صَبَبْتُهُ فِيهِ. اللَّيْثُ: النَّشُوق اسْمٌ لِكُلِّ دَوَاءٍ يُنْشَقُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَغلب:
وافْتَرَّ صَابًا ونَشوقاً مَالِحَا
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَسْتَنْشِقُ فِي وُضوئه ثَلَاثًا فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَسْتَنْثِرُ
أَي يُبْلِغ الْمَاءَ خَياشيمه، وَهُوَ مِنَ اسْتِنْشاق الرِّيحِ إِذَا شَمِمْتها مَعَ قوَّة، وَقِيلَ: أَنْشَقه الشيءَ فانْتَشَق وتَنَشَّق. وانْتَشَق الماءَ فِي أَنفه واسْتَنْشَقَه: صبَّه فِيهِ. واسْتَنْشقْتُ الرِّيحَ: شَمِمْتُهَا. واسْتَنْشَقْتُ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ إِذَا أَدخلته فِي الأَنف. وَالنِّشَاقُ: الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ، وَقَدْ نَشِقَها نَشَقاً ونَشْقاً وانْتَشَقَ وتَنَشَّق. أَبو زَيْدٍ: نَشِقْتُ مِنَ الرَّجُلِ رِيحًا طيِّبة أَنْشَقُ نَشَقاً أَي شَمِمْت، ونَشِيت أَنْشى نِشْوةً مِثْلُهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَ الْمَشْمُومُ مِمَّا تُدْخِلُه أَنفك قُلْتَ تَنَشَّقْتُه واسْتَنْشقته. وأَنْشَقَهُ الْقُطْنَةَ الْمُحْرِقَةَ إِذَا أَدْنَاهَا إِلَى أَنفه ليَدْخل ريحُها خَياشيمه. وَرَائِحَةٌ مَكْرُوهَةُ النِّشْق أَي الشَّمِّ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
حَرّاً مِنَ الخَرْدلِ مَكْرُوهَ النَّشَقْ
والنُّشْقة: الْحَلْقَةُ تُشَدُّ بِهَا الْغَنَمُ، وَقِيلَ: النُّشْقة،(10/353)
بِالضَّمِّ: الرِّبْقة الَّتِي تُجْعَلُ فِي أَعناق البَهْم. وَيُقَالُ لحلَق الرِّبَق نُشَق، وَقَدْ أَنْشَقْته فِي الْحَبْلِ أَي أَنشبته؛ وأَنشد:
نَزْوَ القَطا أَنْشَقَهُنَّ المُحْتَبِلْ
وَقَالَ آخَرُ:
مناتِينُ أَبْرامٌ كأَنَّ أَكُفَّهُمْ ... أَكُفُّ ضِبابٍ، أُنْشِقَتْ فِي الحَبائِل
ابْنُ الأَعرابي: أَنْشَقَ الصائدُ إِذَا عَلِقَت النُّشْقة بِعُنُقِ الْغَزَالِ فِي الكَصِيصةِ، وَيَقُولُ الصَّائِدُ لِشَرِيكِهِ: لِيَ النَّشاقى وَلَكَ العَلاقى، فالنَّشَاقى: مَا وَقَعَتِ النُّشْقة فِي الْحَلْقِ وَهِيَ الشربَّة، قَالَ: والعَلاقى مَا تَعَلَّقَ بالرجْل. ونَشِقَ الصَّيْدُ فِي الحِبالة نَشَقاً: نَشِب وعَلِق فِيهَا، وَكَذَلِكَ فَراشةُ القُفْل. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ نَشِبَ فِي حَبْلِهِ ونَشِقَ وعَلِقَ وارْتَبَقَ، كُلُّ ذَلِكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ نَشِق فُلَانٌ فِي حِبالي نَشِب. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كثرةُ الْغَيْثِ وَكَانَ فِيمَا قِيلَ لَهُ ونَشِقَ المسافرُ
أَي نَشِب فَلَمْ يُطِق عَلَى الْبَرَاحِ مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَرِ. وَرَجُلٌ نَشِقٌ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَدْخُلُ فِي أُمور لَا يَكَادُ يَتَخَلَّصُ مِنْهَا.
نطق: نَطَقَ الناطِقُ يَنْطِقُ نُطْقاً: تَكَلَّمَ. والمَنطِق: الْكَلَامُ. والمِنْطِيق: الْبَلِيغُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
والنَّوْمُ ينتزِعُ العَصا مِنْ ربِّها، ... ويَلوكُ، ثِنْيَ لِسَانِهِ، المِنْطِيق
وَقَدْ أَنْطَقَه اللَّهُ واسْتَنْطقه أَي كلَّمه وناطَقَه. وَكِتَابٌ ناطِقٌ بيِّن، عَلَى الْمَثَلِ: كأَنه يَنْطِق؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَوْ مُذْهَبٌ جُدَدٌ عَلَى أَلواحه، ... النَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتومُ
وَكَلَامُ كُلِّ شَيْءٍ: مَنْطِقُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ المَنطِق فِي غَيْرِ الإِنسان كَقَوْلِهِ تَعَالَى: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ
؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
لَمْ يَمْنع الشُّرْبَ مِنْهَا، غَيْرَ أَن نَطَقَتْ ... حَمَامَةٌ فِي غُصُونٍ ذاتِ أَوْقالِ
لَمَّا أَنْ أَضَافَ غَيْرًا إِلَى أَنْ بَنَاهَا مَعَهَا وَمَوْضِعُهَا الرَّفْعُ. وَحَكَى يَعْقُوبُ: أَن أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر فأَشار بِإِبْهَامِهِ نَحْوَ اسْتِهِ، وَقَالَ: إِنَّهَا خَلْف نَطَقَت خَلْفاً، يَعْنِي بِالنُّطْقِ الضَّرْطَ. وتَناطَق الرَّجُلَانِ: تَقاوَلا؛ وناطَقَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ: قاوَلَه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
كأَن صَوْتَ حَلْيِها المُناطِقِ ... تَهزُّج الرِّياح بالعَشارِقِ
أَرَادَ تَحَرَّكَ حُلِيُّهَا كَأَنَّهُ يُنَاطِقُ بَعْضُهُ بَعْضًا بِصَوْتِهِ. وَقَوْلُهُمْ: مَا لَهُ صامِت وَلَا ناطِقٌ؛ فالناطِقُ الْحَيَوَانُ والصامِتُ مَا سِوَاهُ، وَقِيلَ: الصامِتُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْجَوْهَرُ، والناطِقُ الْحَيَوَانُ مِنَ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ، سُمِّيَ ناطِقاً لِصَوْتِهِ. وصوتُ كلِّ شَيْءٍ: مَنْطِقه وَنُطْقُهُ. والمِنْطَقُ والمِنْطقةُ والنِّطاقُ: كُلُّ مَا شَدَّ بِهِ وَسَطَهُ. غَيْرُهُ: والمِنْطَقة مَعْرُوفَةٌ اسْمٌ لَهَا خَاصَّةً، تَقُولُ مِنْهُ: نطَّقْتُ الرَّجُلَ تَنْطِيقاً فتَنَطَّق أَيْ شدَّها فِي وَسَطِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جَبَلٌ أَشَمُّ مُنَطَّقٌ لأَن السَّحَابَ لَا يَبْلُغُ أَعلاه وَجَاءَ فُلَانٌ منُتْطِقاً فَرَسَهُ إِذَا جَنَبَهُ وَلَمْ يَرْكَبْهُ، قَالَ خِدَاشُ بْنُ زُهَيْرٍ:
وأَبرَحُ مَا أَدامَ اللَّهُ قَوْمي، ... عَلَى الأَعداء، مُنْتَطِقاً مُجِيدا
يَقُولُ: لَا أَزال أَجْنُب فَرَسِي جَوَادًا، وَيُقَالُ: إِنَّهُ(10/354)
أَراد قَوْلًا يُسْتجاد فِي الثَّنَاءِ عَلَى قَوْمِي، وأَراد لَا أَبرح، فَحَذَفَ لَا، وَفِي شِعْرِهِ رَهْطي بَدَلَ قَوْمِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِهِ مُنْتَطِقاً بالإِفراد، وَقَدِ انْتَطق بالنِّطاق والمِنْطَقة وتَنَطَّق وتَمَنْطَقَ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والنِّطاق: شِبْهُ إزارٍ فِيهِ تِكَّةٌ كَانَتِ المرأَة تَنتَطِق بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم إسمعيل: أَوَّلُ مَا اتَّخَذَ النساءُ المِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُم إسمعيل اتَّخَذَتْ مِنْطَقاً
؛ هُوَ النِّطاق وَجَمْعُهُ مَنَاطِقُ، وَهُوَ أَن تَلْبَسَ الْمَرْأَةُ ثَوْبَهَا، ثُمَّ تَشُدَّ وَسَطَهَا بِشَيْءٍ وَتَرْفَعَ وَسَطَ ثَوْبِهَا وَتُرْسِلَهُ عَلَى الأَسفل عِنْدَ مُعاناةِ الأَشغال، لِئَلَّا تَعْثُر فِي ذَيْلها، وَفِي الْمُحْكَمِ: النِّطاق شقَّة أَوْ ثَوْبٌ تَلْبَسُهُ المرأَة ثُمَّ تَشُدُّ وَسَطَهَا بِحَبْلٍ، ثُمَّ تُرْسِلُ الأَعلى عَلَى الأَسفل إِلَى الرُّكْبَةِ، فالأَسفل يَنْجَرّ عَلَى الأَرض، وَلَيْسَ لَهَا حُجْزَة وَلَا نَيْفَق وَلَا ساقانِ، وَالْجَمْعُ نُطُق. وَقَدِ انْتَطَقت وتَنَطَّقت إِذَا شَدَّتْ نِطاقها عَلَى وَسَطِهَا؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَغْتال عُرْضَ النُّقْبَةِ المُذالَهْ، ... وَلَمْ تَنَطَّقْها عَلَى غِلالَهْ
وانْتَطق الرَّجُلُ أَي لَبِسَ المِنْطَق وَهُوَ كُلُّ مَا شَدَدْتَ بِهِ وَسَطَكَ. وَقَالَتْ
عَائِشَةُ فِي نِسَاءِ الأَنصار: فعَمَدْن إِلَى حُجَزِ أَوْ حُجوز مناطِقهنّ فَشَقَقْنَها وسَوَّيْنَ مِنْهَا خُمُراً واخْتَمَرْنَ بِهَا حِينَ أَنزل اللَّهُ تَعَالَى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ
؛ المَناطِق وَاحِدُهَا مِنْطق، وَهُوَ النِّطاق. يُقَالُ: مِنْطَق ونِطاق بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كَمَا يُقَالُ مِئْزر وَإِزَارٍ ومِلحف ولِحاف ومِسْرَد وسِراد،
وَكَانَ يُقَالُ لأَسماء بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ذَاتُ النطاقَيْنِ لأَنها كَانَتْ تُطارِق نِطاقاً عَلَى نِطاق، وَقِيلَ: إِنَّهُ كان لها نِطاقان تَلْبَسُ أَحَدَهُمَا وَتَحْمِلُ فِي الْآخَرِ الزَّادَ إِلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُمَا فِي الْغَارِ
؛ قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ، وَقِيلَ: إِنَّهَا شقَّت نِطاقها نِصْفَيْنِ فَاسْتَعْمَلَتْ أَحدهما وَجَعَلَتِ الْآخَرَ شِدَادًا لِزَادِهِمَا. وَرُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا خَرَجَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ مهاجرَيْنِ صَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرة فِي جِراب فَقَطَعَتْ أَسماء بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مَنْ نِطاقها وأَوْكَت به الجراب
، فلذلك كانت تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ، وَاسْتَعَارَهُ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَقَالَ: مَنْ يَطُلْ أَيْرُ أَبيه يَنْتَطِقْ بِهِ
أَي مَنْ كَثُرَ بَنُو أَبيه يَتَقَوَّى بِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كَانَ أَيْرُ أَبِيكمُ ... طويلًا، كأَيْرِ الحَرثِ بْنِ سَدُوسِ
وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ جَرِيرٍ:
والتَّغْلَبيون، بِئْسَ الفَحْلُ فَحْلُهُمُ ... قِدْماً وأُمُّهُمُ زَلَّاءُ مِنْطِيقُ
تَحْتَ المَناطق أَشباه مصلَّبة، ... مِثْلَ الدُّوِيِّ بِهَا الأَقلامُ واللِّيقُ
قَالَ شَمِرٌ: مِنْطيق تأْتزر بحَشِيَّة تعظِّم بِهَا عَجِيزَتَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النِّطاق والإِزار الَّذِي يُثَنَّى؛ والمِنْطَقُ: مَا جُعِلَ فِيهِ مِنَ خَيْطٍ أَو غَيْرِهِ؛ وأَنشد:
تَنْبُو المَناطقُ عَنْ جُنُوبهِمُ، ... وأَسِنَّةُ الخَطِّيِّ مَا تَنْبُو
وَصَفَ قَوْمًا بِعِظَمِ الْبُطُونِ والجُنوب وَالرَّخَاوَةِ. وَيُقَالُ: تَنَطَّقَ بالمِنْطقة وانْتَطق بِهَا؛ وَمِنْهُ بَيْتَ خِداش بْنِ زُهَيْرٍ:
عَلَى الأَعداء مُنْتطقاً مُجِيدا
وَقَدْ ذُكِرَ آنِفًا. والمُنَطَّقةُ مِنَ الْمَعِزِ: البيضاءُ موضِع النِّطاق.(10/355)
ونَطَّق الماءُ الأَكَمَةَ وَالشَّجَرَةَ: نَصَفَها، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَاءِ النِّطاق عَلَى التَّشْبِيهِ بالنِّطاق الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ، وَاسْتَعَارَهُ عَلِيٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، للإِسلام، وَذَلِكَ أَنه
قِيلَ لَهُ: لِمَ لَا تَخْضِبُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ خَضَب؟ فَقَالَ: كَانَ ذَلِكَ والإِسلامُ قُلٌّ، فأَما الْآنَ فَقَدِ اتَّسَعَ نِطاقُ الإِسلام فامْرَأً وَمَا اخْتَارَ.
التَّهْذِيبُ: إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ النِّصْف مِنَ الشَّجَرَةِ والأَكَمَة يُقَالُ قَدْ نَطَّقَها؛ وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ يَمْدَحُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
حَتَّى احْتَوى بَيْتُكَ المُهَيْمِنُ مِنْ ... خِنْدِفَ عَلْياءَ، تَحْتَهَا النُّطُقُ
النُّطُق: جَمْعُ نِطاقٍ وَهِيَ أَعراضٌ مِنْ جِبال بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ أَي نواحٍ وأَوساط مِنْهَا شُبِّهَتْ بالنُّطُق الَّتِي يُشَدُّ بِهَا أَوْسَاطُ النَّاسِ، ضَرَبَهُ مَثَلًا لَهُ فِي ارْتِفَاعِهِ وَتَوَسُّطِهِ فِي عَشِيرَتِهِ، وَجَعَلَهُمْ تَحْتَهُ بِمَنْزِلَةِ أَوْسَاطِ الْجِبَالِ، وأَراد بِبَيْتِهِ شَرَفَهُ، والمُهَيْمِنُ نَعْتُهُ أَي حَتَّى احْتَوَى شَرَفُكَ الشَّاهِدُ عَلَى فَضْلِكَ أَعْلَى مَكَانٍ مِنْ نسبِ خِنْدِفَ. وَذَاتُ النِّطاقِ أَيضاً: اسْمُ أَكَمةٍ لَهُمْ. ابْنُ سيدة: ونُطُق الماء طرائقه، أَراه عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
يُحِيلُ فِي جَدْوَل تَحْبُو ضفادعُهُ، ... حَبْوَ الجَواري تَرى فِي مَائِهِ نُطُقا
والنَّاطِقةُ: الخاصرة.
نعق: النَّعِيقُ: دُعَاءُ الرَّاعِي الشَّاءَ. يُقَالُ: انْعِقْ بضأْنك أَي ادْعُها؛ قَالَ الأَخطل:
انْعِقْ بضَأْنك، يَا جَريرُ، فإنَّما ... مَنَّتْكَ نفسُك فِي الخَلاء ضَلَالَا
ونَعَق الرَّاعِي بِالْغَنَمِ يَنْعِقُ، بِالْكَسْرِ، نَعْقاً ونُعاقاً ونَعِيقاً ونَعَقاناً: صَاحَ بِهَا وَزَجَرَهَا، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الضأْن وَالْمَعِزِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِبِشْرِ:
وَلَمْ يَنْعِقْ بناحيةِ الرِّقاقِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِنِسَاءِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ لِمَا مَاتَ: ابْكِين وإيّاكنَّ ونَعيقَ الشَّيْطَانِ
، يَعْنِي الصِّيَاحَ والنَّوْح، وَأَضَافَهُ إِلَى الشَّيْطَانِ لأَنه الْحَامِلُ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ:
آخرُ مَنْ يُحْشر رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ يَنْعِقانِ بِغَنَمِهِمَا
أَيْ يَصِيحَانِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَضَافَ المَثَل إِلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ شَبَّهَهُمْ بِالرَّاعِي وَلَمْ يَقُلْ كَالْغَنَمِ، وَالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، مَثَل الَّذِينَ كَفَرُوا كَالْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَفْقَهُ مَا يَقُولُ الرَّاعِي أَكْثَرَ مِنَ الصَّوْتِ، فَأَضَافَ التَّشْبِيهَ إِلَى الرَّاعِي وَالْمَعْنَى فِي المَرْعِيّ، قَالَ: وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ فُلَانٌ يَخَافُكَ كَخَوْفِ الأَسد، الْمَعْنَى كخوفِهِ الأَسدَ لأَن الأَسد مَعْرُوفٌ أَنه المَخُوف، وَقَالَ أَبو إسحق: ضَرَبَ اللَّهُ لَهُمْ هَذَا الْمَثَلَ وَشَبَّهَهُمْ بِالْغَنَمِ المَنْعُوق بِمَا لَا يُسْمَعُ مِنْهُ إِلَّا الصَّوْتُ، فَالْمَعْنَى مَثَلُك يَا مُحَمَّدُ ومَثَلُهم كمَثَل الناعِقِ والمَنْعُوق بِهَا بِمَا لَا يَسْمَعُ، لأَن سَمْعَهُمْ لَمْ يَكُنْ يَنْفَعُهُمْ فَكَانُوا فِي تَرْكِهِمْ قبولَ مَا يَسْمَعُونَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ. ونَعَقَ الغرابُ نَعِيقاً ونُعاقاً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانَيِّ، وَالْغَيْنُ فِي الْغُرَابِ أَحسن، قَالَ الأَزهري: نَعَق الغرابُ ونَغَقَ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ جَمِيعًا. ونَعِيقُ الْغُرَابِ ونُعاقه ونَغِيقُه ونُغاقُه: مِثْلُ نَهِيق الْحِمَارِ ونُهاقِه، وشَحِيجِ الْبَغْلِ وشُحاجِه، وصَهِيلِ وصُهال الْخَيْلِ وزَحير وزُحار، قَالَ: وَالثِّقَاتُ مِنَ الأَئمة يَقُولُونَ كَلَامُ الْعَرَبِ نَغَق الْغُرَابُ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، ونَعَق الرَّاعِي بِالشَّاءِ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَلَا(10/356)
يُقَالُ فِي الْغُرَابِ نَعَق وَيَجُوزُ نَعَبَ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَحَكَى ابْنُ كَيْسَانَ نَعَقَ الْغُرَابُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، وَاسْتَعَارَ بَعْضُهُمُ النَّعيقَ فِي الأَرانب؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
والسُّعْسُعُ الأَطْلَسُ فِي حَلْقِهِ ... عِكْرِشَةٌ تَنْئِقُ فِي اللِّهْزِمِ
أراد تَنْعِقُ. والناعِقانِ: كوكبان مِنْ كَوَاكِبِ الْجَوْزَاءِ وَهُمَا أَضوأُ كَوْكَبَيْنِ فِيهَا؛ يُقَالُ: أَحدهما رِجْلها الْيُسْرَى، وَالْآخَرُ مَنْكِبُها الأَيمن، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الهَنْعَةَ. والناعِقاءُ: جُحْر اليَرْبوع يَقِفُ عَلَيْهِ يَسْتَمِعُ الأَصوات، وَالْمَعْرُوفُ عَنْ كُرَاعٍ العانِقاءُ.
نغق: نَغَقَ الغرابُ يَنْغِقُ ويَنْغَقُ نَغِيقاً ونُغاقاً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: صَاحَ غِيقْ غِيقْ، وَقِيلَ نَغَق بِخَيْرٍ ونَعَبَ ببَيْنٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وازْجُروا الطَّيْرَ، فإنْ مَرَّ بكمُ ... ناغِقٌ يَهْوِي، فَقُولُوا: سَنَحا
وَقَدْ ذُكِرَ الفَرْقُ بَيْنَ النَّغِيقِ والنعِيب فِي مَوْضِعِهِ. والنَّغِيقُ: صَوْتٌ يَخْرُجُ مِنْ قُنْبِ الدَّابَّةِ وَهُوَ وِعاء جُرْدَانِهِ. وَنَاقَةٌ نَغِيقَةٌ: وَهِيَ الَّتِي تَبْغِمُ بُعَيْداتِ بَيْنٍ أَي مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. وَفِي الصِّحَاحِ: نَاقَةٌ نَغِيقٌ، وَقَدْ نَغَقَت النَّاقَةُ نَغِيقاً إِذَا بَغَمَتْ؛ قَالَ حُمَيْدٌ:
وأَظْمَى كقَلْبِ السَّوْذَقَانِيِّ نازَعَتْ، ... بِكَفَّيَّ، فَتْلاءُ الذِّراعِ نَغُوقُ
أَي بَغُوم. أَراد بالأَظْمَى الزِّمَامَ الأَسود. وَإِبِلٌ ظُمْيٌ أَي سود.
نغبق: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: النَّغْبقة الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمع مِنْ بَطْنِ الدَّابَّةِ، وَهُوَ الوُعاق. قَالَ الأَصمعي: النَّغْبَقة صَوْتُ جُرْدَانه إِذَا تَقَلْقل فِي قُنْبِه؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ النُغْبُوقة؛ وأَنشد:
عَلَقْتُه غَرَزاً وَمَاءً بَارِدًا ... شَهْرَيْ ربيعٍ، واغْتَبَقْتُ غَبُوقَهْ
حَتَّى إِذَا دُفِعَ الجِيادُ دَفَعْتُه، ... وَسْطَ الجِيادِ، ولاسْتِهِ نُغْبُوقَهْ
نفق: نَفَقَ الفرسُ والدابةُ وَسَائِرُ الْبَهَائِمِ يَنْفُقُ نُفُوقاً: مات؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فَمَا أَشْياءُ نَشْرِيها بمالٍ، ... فَإِنْ نَفَقَتْ فأَكْسَد مَا تكونُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: والجَزور نَافِقَةٌ
أَي مَيْتَةٌ مِنْ نَفَقت الدَّابَّةُ إِذَا مَاتَتْ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
نَفَقَ البغلُ وأَوْدَى سَرْجه، ... فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَرْجي وبَغَلْ
وَأَوْرَدَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ: سَرْجِي والبَغَلْ. ونَفَقَ الْبَيْعُ نَفَاقاً: رَاجَ. ونَفَقت السِّلْعة تَنْفُق نَفاقاً، بِالْفَتْحِ: غَلَتْ وَرُغِبَ فِيهَا، وأَنْفَقَها هُوَ ونَفَّقها. وَفِي الْحَدِيثِ:
المُنَفِّق سلْعته بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ
؛ المُنَفِّقُ، بِالتَّشْدِيدِ: مِنَ النَّفَاق وَهُوَ ضِدُّ الكَسَاد؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ مَنْفَقَة للسِّلْعة مَمْحَقة لِلْبَرَكَةِ
أي هي مَظِنة لنفَاقها وَمَوْضِعٌ لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يُنَفِّقْ بعضُكم بَعْضًا
أَي لَا يَقْصِدُ أَن يُنَفِّقَ سِلْعته عَلَى جِهَةِ النَّجْش، فَإِنَّهُ بِزِيَادَتِهِ فِيهَا يُرَغِّبُ السَّامِعَ فَيَكُونَ قَوْلُهُ سَبَبًا لِابْتِيَاعِهَا ومُنفِّقاً لَهَا. ونَفَقَ الدِّرْهَمُ يَنْفُق نَفَاقاً: كذلك؛ هذه عَنِ اللِّحْيَانِيِّ كأَن الدِّرْهَمَ قَلَّ فَرُغِبَ فِيهِ. وأَنْفَقَ الْقَوْمُ: نَفَقت سُوقُهُمْ. ونَفَق مالُه وَدِرْهَمُهُ(10/357)
وَطَعَامُهُ نَفْقاً ونَفاقاً ونَفِقَ، كِلَاهُمَا: نَقَصَ وَقَلَّ، وَقِيلَ فَنِيَ وَذَهَبَ. وأَنْفَقُوا: نَفَقت أَموالهم. وأَنفَقَ الرَّجُلُ إِذَا افْتَقَرَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ
؛ أَي خَشْيَةَ الْفَنَاءِ والنَّفَاد. وأَنْفَقَ الْمَالَ: صَرَفَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ
؛ أَي أَنفقوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وأَطعموا وَتَصَدَّقُوا. واسْتَنْفَقه: أَذهبه. والنَّفقة: مَا أُنفِق، وَالْجَمْعُ نِفاق. حَكَى اللِّحْيَانِيُّ: نَفِدت نِفاقُ الْقَوْمِ ونفَقَاتهم، بِالْكَسْرِ، إِذَا نَفِدَتْ وَفَنِيَتْ. والنِّفاقُ، بِالْكَسْرِ: جَمْعُ النَّفَقة مِنَ الدَّرَاهِمِ، ونَفِقَ الزَّادُ يَنْفَقُ نَفَقاً أَيْ نَفِدَ، وَقَدْ أَنفَقت الدَّرَاهِمُ مِنَ النَّفقة. وَرَجُلٌ مِنْفاقٌ أَيْ كَثِيرُ النَّفَقة. والنَّفَقة: مَا أَنفَقْت، وَاسْتَنْفَقْتَ عَلَى الْعِيَالِ وَعَلَى نَفْسِكَ. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ نَفَقَ السِّعْرُ «5» . يَنْفُق نُفُوقاً إِذَا كَثُرَ مُشْتَرُوهُ، وأَنْفَقَ الرَّجُلُ إنْفاقاً إِذَا وَجَدَ نَفاقاً لِمَتَاعِهِ. وَفِي مَثَلٍ مِنْ أَمثالهم: مَنْ بَاعَ عِرْضه أَنْفَقَ أَي مَنْ شَاتَمَ النَّاسَ شُتِمَ، وَمَعْنَاهُ أَنه يَجِدُ نَفاقاً بعِرْضه يَنَالُ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
أبِيتُ وَلَا أَهجُو الصديقَ، وَمَنْ يَبِعْ ... بعِرْض أَبيه فِي المَعاشِرِ يُنْفِقِ
أَي يَجِدُ نَفاقاً، وَالْبَاءُ مُقْحَمَةٌ فِي قَوْلِهِ بعِرض أَبيه. ونَفَقَت الأَيّم تَنْفُق نَفاقاً إِذَا كَثُرَ خُطّابها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: مَنْ حَظّ المَرْء نَفاق أَيّمه
أَي مِنْ سَعَادَتِهِ أَنْ تُخْطَبَ نِسَاؤُهُ مِنْ بَنَاتِهِ وأَخواته وَلَا يَكْسَدْنَ كَساد السِّلَع الَّتِي لَا تَنْفُق. والنَّفِقُ: السَّرِيعُ الانقطاعِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، يُقَالُ: سَيْرٌ نَفِقٌ أَيْ مُنْقَطِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
شَدّاً ومَرْفوعاً بقُرْبِ مِثْلَهُ ... للوِرْدِ، لَا نَفِق وَلَا مَسْؤُوم
أَي عَدْو غَيْرُ مُنْقَطِعٍ. وَفَرَسٌ نَفِقُ الجَرْي إِذَا كَانَ سَرِيعَ انْقِطَاعِ الْجَرْيِ: قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ يَصِفُ ظَلِيمًا:
فَلَا تَزَيُّده فِي مَشْيِهِ نَفِقٌ، ... وَلَا الزَّفيف دُوَيْن الشّدِّ مَسْؤُوم
والنَّفَقُ: سَرَبٌ فِي الأَرض مُشْتَقٌّ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لَهُ مَخْلَصٌ إِلَى مَكَانٍ آخَر. وَفِي الْمَثَلِ: ضَلَّ دُرَيْصٌ نَفَقه أي جُحْره. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ
، وَالْجَمْعُ أَنْفَاق؛ وَاسْتَعَارَهُ امْرُؤُ الْقَيْسِ لجِحَرة الفِئَرة فَقَالَ يَصِفُ فَرَسًا:
خَفَاهُنَّ مِنْ أَنْفاقِهِنَّ، كأَنما ... خَفاهنَّ ودْقٌ مِنْ عَشِيّ مُجَلِّبِ
والنُّفَقةُ والنَّافِقاء: جُحْر الضَّبّ واليَرْبوع، وَقِيلَ: النُّفقةُ والنافِقاء مَوْضِعٌ يُرَقِّقُهُ الْيَرْبُوعُ مِنْ جُحره، فَإِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ القاصِعاء ضَرَبَ النافِقاء برأْسه فَخَرَجَ. ونَفِقَ الْيَرْبُوعُ ونَفَق وانْتَفَقَ ونَفَّق: خَرَجَ مِنْهُ. وتَنَفَّقَه الحارِشُ وانْتَفقه: اسْتَخْرَجَهُ مِنْ نافِقائه؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضِهِمْ لِلشَّيْطَانِ فَقَالَ:
إِذَا الشيطانُ قَصَّعَ فِي قَفاها، ... تَنَفَّقْناهُ بالحَبْل التُّؤام
أَي اسْتَخْرَجْنَاهُ اسْتِخْرَاجَ الضَّبّ مِنْ نافِقائه. وأَنْفَقَ الضَّبّ وَالْيَرْبُوعَ إِذَا لَمْ يَرْفُق بِهِ حَتَّى ينْتَفِقَ وَيَذْهَبَ. ابْنُ الأَعرابي: قُصَعَةُ الْيَرْبُوعِ أَن يَحْفِرَ حَفِيرَةً ثُمَّ يَسُدَّ بَابَهَا بِتُرَابِهَا، وَيُسَمَّى ذَلِكَ التُّرَابُ الدَّامّاء، ثُمَّ يَحْفِرُ حَفْرًا آخَرَ يُقَالُ لَهُ النافِقاء والنُّفَقَة والنَّفَق فَلَا يُنَفِّذُهَا،
__________
(5) . قوله [السعر] كذا هو في الأَصل ولعله الشيء(10/358)
وَلَكِنَّهُ يَحْفِرُهَا حَتَّى تَرِقَّ، فَإِذَا أُخِذَ عَلَيْهِ بقاصِعائه عَدَا إِلَى النافِقاء فَضَرَبَهَا برأْسه ومَرَق مِنْهَا، وَتُرَابُ النُّفَقَةِ يُقَالُ لَهُ الراهِطَاء؛ وأَنشد:
وَمَا أُمُّ الرُّدَيْنِ، وَإِنْ أَدلَّتْ، ... بعالِمةٍ بأَخلاق الكِرام
إِذَا الشيطانُ قَصَّع فِي قَفَاهَا ... تَنَفّقْناه بالحبْل التُّؤام
أَي إِذَا سَكَنَ فِي قَاصِعَاءِ قَفَاهَا تنفَّقناه أَي اسْتَخْرَجْنَاهُ كَمَا يُستخرج الْيَرْبُوعُ مِنْ نَافِقَائِهِ. قَالَ الأَصمعي فِي الْقَاصِعَاءِ. إِنَّمَا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لأَن اليَرْبوع يُخْرِجُ تُرَابَ الْجُحْرِ ثُمَّ يَسُدُّ بِهِ فَمَ الْآخَرِ مِنْ قَوْلِهِمْ قَصَع الكَلْمُ بِالدَّمِ إِذَا امتلأَ بِهِ، وَقِيلَ لَهُ الدامَّاء لأَنه يُخْرِجُ تُرَابَ الْجُحْرِ وَيَطْلِي بِهِ فَمَ الْآخَرِ مِنْ قَوْلِكَ ادْمُمْ قِدْرك أَي اطْلِها بالطِّحال والرَّماد. وَيُقَالُ: نافَقَ اليربوعُ إِذَا دَخَلَ فِي نافِقائه، وقَصَّع إِذَا خَرَجَ مِنَ القاصِعاء. وتَنَفَّق: خَرَجَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذَا أَرادوا دَسْمَهُ تَنَفَّقا
أَبو عُبَيْدٍ: سُمِّيَ المنافقُ مُنافقاً للنَّفَق وَهُوَ السَّرَب فِي الأَرض، وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ مُنافقاً لأَنه نافَقَ كَالْيَرْبُوعِ وَهُوَ دُخُولُهُ نَافِقَاءَهُ. يُقَالُ: قَدْ نَفَقَ بِهِ ونافَقَ، وَلَهُ جُحْرٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ القاصِعاء، فَإِذَا طلِبَ قَصَّع فَخَرَجَ مِنَ القاصِعاء، فَهُوَ يَدْخُلُ فِي النافِقاء وَيَخْرُجُ مِنَ القاصِعاء، أَوْ يَدْخُلُ فِي القاصِعاء وَيَخْرُجُ مِنَ النافِقاء، فَيُقَالُ هَكَذَا يَفْعَلُ المُنافق، يَدْخُلُ فِي الإِسلام ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: والنافِقاء إِحْدَى جِحَرةِ اليَرْبوع يَكْتُمُهَا ويُظْهر غَيْرَهَا وَهُوَ مَوْضِعٌ يُرَقِّقُهُ، فَإِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ القاصِعاء ضَرَبَ النافِقاء برأْسه فانْتَفَق أَي خَرَجَ، وَالْجَمْعُ النَّوَافِقُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جِحَرة الْيَرْبُوعِ سَبْعَةٌ: القاصِعاء والنافِقاء والدامَّاء والراهِطاءُ والعَانِقاء والحَاثياء واللُّغَزُ، وَهِيَ اللُّغَّيْزَى أَيضاً. قَالَ أَبو زَيْدٍ: هِيَ النافِقاء والنُّفَقاء والنُّفَقة والرُّهَطاء والرُّهَطة والقُصَعاء والقُصَعة، وَمَا جَاءَ عَلَى فاعِلاء أَيضاً حَاوِيَاءُ وسافياءُ وَسَابِيَاءُ والسموأَل بْنُ عادِياء، والخافِيَاء الْجِنُّ، والكارِياء «1» واللَّاوِياء والجاسِياء للصَّلابة والبَالغاء للأَكارع، وبنُو قَابِعاء للسَّبّ. والنُّفَقة مِثَالُ الهُمَزة: النَّافِقاء، تَقُولُ مِنْهُ: نَفَّق اليَرْبوع تَنْفيقاً ونافَقَ أَي دَخَلَ فِي نافِقائه، وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ المُنافق فِي الدِّينِ. والنِّفاق، بِالْكَسْرِ، فِعْلُ المنافِق. والنِّفاقُ: الدُّخُولُ فِي الإِسلام مِنْ وَجْه والخروُج عَنْهُ مِنْ آخَرَ، مُشْتَقٌ مِنْ نَافِقَاء الْيَرْبُوعِ إِسْلَامِيَّةٌ، وَقَدْ نافَقَ مُنافَقَةً ونِفاقاً، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ النِّفاق وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ اسْمًا وَفِعْلًا، وَهُوَ اسْمٌ إِسْلَامِيٌّ لَمْ تَعْرِفْهُ الْعَرَبُ بِالْمَعْنَى الْمَخْصُوصِ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَسْترُ كُفْره وَيُظْهِرُ إيمانَه وَإِنْ كَانَ أَصله فِي اللُّغَةِ مَعْرُوفًا. يُقَالُ: نافَقَ يُنافِق مُنافقة ونِفاقاً، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ النَّافِقَاءِ لَا مِنَ النَّفَق وَهُوَ السَّرَب الَّذِي يَسْتَتِرُ فِيهِ لِسَتْرِهِ كُفْره. وفي حَدِيثِ حَنْظَلَةَ:
نافَقَ حَنْظَلة
أَراد أَنه إِذَا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْلَصَ وَزَهِدَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا خَرَجَ عَنْهُ تَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَرَغِبَ فِيهَا، فكأَنه نَوْعٌ مِنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ مَا كَانَ يَرْضَى أَن يُسَامِحَ بِهِ نَفْسَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَكثر مُنافِقِي هَذِهِ الأُمَّة قُرَّاؤها
؛ أَراد بالنِّفاق هَاهُنَا الرِّيَاءَ لأَن كِلَيْهِمَا إظْهار غَيْرِ مَا فِي الْبَاطِنِ؛ وَقَوْلُ أَبِي وَجْزَةَ:
يَهْدِي قلائِص خُضَّعاً يَكْنُفْنَهُ، ... صُعْرَ الخدُودِ نوَافِقَ الأَوْبَارِ
أَي نُسِلَتْ أَوبارُها مِنَ السِّمَن، وفي نوادر
__________
(1) . قوله [الكارِياء] هكذا هو في الأَصل بدون نقط.(10/359)
الأَعراب: أَنْفَقَت الإِبُل إِذَا انْتَثَرَتْ أَوبارُها عَنْ سِمَن. قَالُوا: ونَفَق الجُرْح إِذَا تقشَّر، وَيُقَالُ زيْت إِنْفَاقٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ فَحْلٍ شَقْشاق، ... قَطَعْنَ مُصْفَرّاً كَزَيْتِ الأنْفاق
والنَّافِقة: نافِقة المِسْك، دَخِيلٌ، وَهِيَ فأْرة الْمِسْكِ وَهِيَ وِعَاؤُهُ. وَمَالِكُ بْنُ المُنْتَفِقِ الضَّبيّ أَحد بَنِي صُبَاح بْنِ طَرِيفٍ قَاتِلُ بِسْطَامِ بْنِ قَيْس. والنُّفَيْقُ: مَوْضِعٌ. ونَيْفَقُ الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ قارسي مُعَرَّبٌ، وَهُوَ المُنَفَّقُ، وَقِيلَ النَّيْفَقُ دَخِيلٌ، نَيْفق السَّرَاوِيلِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَنَيْفَقُ السَّرَاوِيلِ الْمَوْضِعُ الْمُتَّسِعُ مِنْهَا، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ نِيفَق، بِكَسْرِ النُّونِ، والمُنْتَفِقُ: اسم رجل.
نقق: نَقَّ الظَّليمُ والدجاجةُ والحَجَلةُ والرَّخَمةُ والضَّفادع وَالْعَقْرَبُ تَنِقُّ نَقيقاً ونَقْنَقَ: صوَّت؛ قَالَ جَرِيرٌ يَصِفُ الْخِنْزِيرَ والحَبّ فِي حَاوِيَائِهِ:
كأَنَّ نَقِيقَ الحَبِّ فِي حَاوِيائه ... فَحِيح الأَفَاعِي، أَو نَقِيق العَقارب
وَالدَّجَاجَةِ تُنَقْنِقُ لِلْبَيْضِ وَلَا تنِقُّ لأَنها ترجِّع فِي صَوْتِهَا، ونقَّت الدَّجَاجَةُ ونَقْنَقت؛ وَمِنْهُ قَوْلُ يَزِيدَ بْنِ الحَكَم:
ضفادِعُها غَرْقَى لَهُنَّ نَقِيقُ
وَقِيلَ: النَّقِيقُ والنَّقْنَقةُ مِنْ أَصوات الضَّفَادِعِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا المَدّ وَالتَّرْجِيعُ، وَالدَّجَاجَةُ تُنَقْنِقُ لِلْبَيْضِ، وَكَذَلِكَ النَّعَامَةُ. ونَقَّ الضِّفْدَع ونَقْنَق: كَذَلِكَ، وَقِيلَ هُوَ صَوْتٌ يَفْصِلُ بَيْنَهُ مَدٌّ وَتَرْجِيعٌ. وَضُفْدَعٌ نَقَّاق ونَقُوق، وَجَمْعُ النَّقُوق نُقُق؛ قَالَ رؤْبة:
إِذَا دَنا منهنَّ أَنقاضُ النُّقُقْ
وَيُرْوَى النُّقَق عَلَى مَنْ قَالَ جُدَد فِي جُدُد، وَمَنْ قَالَ رُسْل قَالَ نُقّ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
عَلَى هَنِينَ وهَنَات نُقّ
والنَّقَّاق: الضِّفْدَعُ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: أَرْوَى مِنَ النَّقَّاق أَي الضِّفْدَعِ. والنَّقَّاقة: الضِّفْدَعَةُ؛ والنَّقْنَقة: صَوْتُهَا إِذَا ضُوعِف وَرُبَّمَا قِيلَ ذَلِكَ للهِرِّ أَيضاً؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
أَطعَمْت راعِيَّ مِنَ اليَهْيَرِّ، ... فظَلَّ يَبْكي حَبِجاً بشَرِّ،
خَلْفَ اسْتِهِ مِثْلَ نَقيق الهِرِّ
وَفِي رِجْزِ مُسَيْلِمَةَ: يَا ضِفْدَع نَقِّي كَمْ تُنَقِّينَ النَّقِيقُ صَوْتُ الضِّفْدَعِ، وَإِذَا رَجَّعَ صَوْتَهُ قِيلَ نَقْنَق. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: ودايِسٍ ومُنِقّ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَكَذَا رَوَاهُ أَصحاب الْحَدِيثِ ومُنِقّ، بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَلَا أَعرف المُنِقّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَيَكُونُ مِنَ النَّقِيق الصَّوْتَ، يُرِيدُ أَصوات الْمَوَاشِي والأَنعام تَصِفُهُ بِكَثْرَةِ أَمواله، ومُنِقّ مِنْ أَنَقَّ إِذَا صَارَ ذَا نَقِيقٍ أَوْ دَخَلَ فِي النَّقِيقِ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
دَايِسٍ لِلطَّعَامِ ومنِقّ
؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ أَيضاً: إِنَّمَا هُوَ مُنَقٍّ مِنْ نقَّيت الطَّعَامَ. والنَّقْنَقُ: الظَّلِيمُ، والنِّقْنِقُ، وَالْجَمْعُ النَّقانِقُ. والنِّقْنيقُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الْمَصْلُوبُ. ونَقْنَقَتْ عينُه نَقْنقةً: غَارَتْ؛ كَذَا حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الأَلفاظ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
خُوص ذَوَاتُ أَعْيُنٍ نَقانِقِ، ... خُصّتْ بِهَا مَجْهُولَةَ السَّمالِقِ
وَقَالَ غَيْرُهُ: نَقْتقَتْ بِالتَّاءِ وأَنكره ابْنُ الأَعرابي(10/360)
وَقَالَ: نَقْتَق، بِالتَّاءِ، هَبَطَ، وَفِي الْمُصَنَّفِ تَقْتَقَت، بِتَاءَيْنِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ تصحيف.
نمق: نَمَق الْكِتَابَ يَنْمُقُه، بِالضَّمِّ، نَمْقاً: كَتَبَهُ، ونَمَّقه: حَسَّنَهُ وجَوَّده. ونَمَّق الْجِلْدَ ونَبَّقه: نَقَشَهُ وَزَيَّنَهُ بِالْكِتَابَةِ، ونَبَّقه ونَمَّقه وَاحِدٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
كأَنَّ مَجَرَّ الرامِساتِ ذُيُولَها ... عَلَيْهِ قَضيمٌ نَمَّقَتْهُ الصَّوَانِعُ
وَيُرْوَى حَصِيرٌ نمَّقته. أَبو زَيْدٍ: نَمَقْتُه أَنْمُقُه نَمْقاً ولَمَقْتُه أَلْمُقُه لَمْقاً. وَثَوْبٌ نَمِيق ومُنَمَّق: مَنْقُوشٌ، وَقِيلَ: هَذَا الأَصل ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتُعْمِلَ فِي الْكِتَابِ. والنَّمَقُ: الْكِتَابُ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ. وَفِيهِ نَمَقَة أَي رِيحٌ مُنْتِنَةٌ؛ عَنِ أَبِي حَنِيفَةَ، كأَنه مَقْلُوبٌ مِنْ قَنَمةٍ. الأَصمعي: يُقَالُ لِلشَّيْءِ المُرْوِحِ: فِيهِ نَمَسَة ونَمعقَة وزَهْمَقةٌ.
نمرق: النُّمْرُقُ والنُّمْرُقة والنِّمْرِقة، بِالْكَسْرِ: الْوِسَادَةُ، وَقِيلَ: وِسَادَةٌ صَغِيرَةٌ، وَرُبَّمَا سَمُّوا الطِّنْفِسَةَ الَّتِي فَوْقَ الرَّحْل نُمْرُقة؛ عَنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَالْجَمْعُ نَمارق؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ:
إِذَا مَا بِسَاطُ اللَّهْوِ مُدَّ وقُرِّبَتْ، ... لِلَذَّاتِه، أَنْماطُهُ ونَمَارِقُهْ
وَقِيلَ: النُّمْرُقة هِيَ الَّتِي يُلْبَسُها الرحْل. أَبُو عُبَيْدٍ: النُّمْرُقة والنُّمْرُق والمِيثَرَةُ مَا افْتَرشَت اسْتُ الرَّاكِبِ عَلَى الرَّحْلِ كالمِرْفَقة، غَيْرَ أَن مُؤَخَّرَهَا أعَظم مِنْ مُقَدَّمِهَا وَلَهَا أَربعة سُيُورٍ تُشَدُّ بآخِرَةِ الرَّحْل وَوَاسِطِهِ؛ وَأَنْشَدَ:
تَضِجُّ مِنْ أَسْتاهِها النّمَارِقُ، ... مَفَارِشُ الرِّحال والأَيانِقُ
الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ
؛ هِيَ الْوَسَائِدُ وَاحِدَتُهَا نُمْرُقة، قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ كَلْبٍ يَقُولُ نِمْرِقة، بِالْكَسْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اشْتَرَيْتُ نُمْرُقة
أَي وِسَادةً، وَهِيَ بِضَمِّ النُّونِ وَالرَّاءِ وَبِكَسْرِهِمَا وَبِغَيْرِ هَاءٍ، وَجَمْعُهَا نَمارق؛ وَفِي حَدِيثِ
هِنْدٍ:
نَحْنُ بَناتُ طَارِقٍ، ... نَمْشي على النَّمَارق
نهق: نُهَاقُ الْحِمَارِ: صَوْتُهُ. والنَّهِيقُ: صَوْتُ الْحِمَارِ، فَإِذَا كَرَّرَ نَهيقه وَاشْتَدَّ قِيلَ: أَخذه النُّهاقُ. ونَهَقَ الْحِمَارُ يَنْهِقُ ويَنْهَقُ ويَنْهُق؛ الضَّمُّ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، نَهْقاً ونَهِيقاً ونُهَاقاً وتَنْهاقاً: صوَّت. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى ثَعْلَبًا قَدْ حَكَى نَهِقَ، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. والنّاهِقان: عَظْمَانِ شَاخِصَانِ يَنْدُران مِنْ ذِي الْحَافِرِ فِي مَجْرَى الدَّمْعِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا النُّهَاقُ، وَيُقَالُ لَهُمَا أَيضاً النَّوَاهق؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ فَرَسًا:
بِعاري النَّوَاهِقِ صَلْتِ الجَبين، ... يَسْتَنُّ كالتَّيْس ذِي الحُلَّب
والنّاهِقُ والنَّواهِقُ مِنَ الْحَمِيرِ: حَيْثُ يَخْرُجُ النُّهاق مِنْ حُلُوقِهَا، وَهِيَ مِنَ الْخَيْلِ الْعِظَامُ النَّاتِئَةُ فِي خُدُودِهَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: النَّواهِقُ مِنَ الْخَيْلِ وَالْحُمُرِ حَيْثُ يَخْرُجُ النُّهاقُ مِنْ حَلْقِهِ؛ وأَنشد لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
فأَرْسَلَ سَهْماً لَهُ أَهْزَعا، ... فَشَكّ نواهِقه والفَما
أَبُو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ: النَّاهِقَانِ عَظْمَانِ شَاخِصَانِ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ أَسفل مِنْ عَيْنَيْهِ، وَقِيلَ: النَّوَاهِقُ مَا أَسفل مِنَ الْجَبْهَةِ فِي قَصَبَةِ الأَنف، وَقِيلَ: نَوَاهِقُ الدَّابَّةِ عُروق اكْتَنَفَتْ خَيَاشِيمَهَا لأَن النُّهَاقَ مِنْهَا،(10/361)
الْوَاحِدَةُ ناهِقة. الْجَوْهَرِيُّ: النّاهِقُ مِنَ الْحِمَارِ حَيْثُ يَخْرُجُ النُّهاقُ مِنْ حَلْقِهِ. والنَّهْقةُ: طَائِرَةٌ طَوِيلَةُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالرَّقَبَةِ، غبراءُ. والنَّهْق والنَّهَقُ: نَبَاتٌ شِبْهُ الجِرْجِيرِ مِنْ أَحرار الْبُقُولِ يُؤْكَلُ، وَقِيلَ: هُوَ الجِرْجِير، قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَسَمَاعِي مِنَ الْعَرَبِ النَّهَقُ الجِرْجِير الْبَرِّيُّ، قَالَ: رأَيته فِي رِيَاض الصَّمّان وَكُنَّا نأْكله مَعَ التَّمْرِ، وَفِي مَذاقه حَمْزَةٌ وحَرَارة، وَهُوَ الجِرْجِيرُ بِعَيْنِهِ إِلَّا أَنه برِّيّ يَلْذَعُ اللِّسَانَ وَيُسَمَّى الأَيْهَقانَ، وأَكثر مَا ينبت في قِرْبان الرِّياض؛ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ مِنَ العُشْب؛ قَالَ رُؤْبَةُ وَوَصَفَ عَيراً وأُتُنَهُ:
شَذَّب أُولاهُنَّ مِنْ ذاتِ النَّهَقْ
وَاحِدَتُهُ نَهَقة، وَقِيلَ: ذاتُ النَّهَقِ أَرض مَعْرُوفَةٌ. وَذُو نُهَيْقٍ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
أَلا يَا لَهْف نفْسِي بَعْدَ عَيشٍ ... لَنَا بجُنوب دَرّ، فَذِي نُهَيْقِ
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فنزَعْنا فِيهِ حَتَّى أَنهقْناه
، يَعْنِي الْحَوْضَ، هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالنُّونِ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ والصواب بالفاء.
نوق: النّاقةُ: الأُنثى مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: إِنَّمَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إِذَا أَجذعت، وَالْجَمْعُ أَنْوُقٌ وأَنْؤُق؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَمَزُوا الْوَاوَ لِلضَّمَّةِ؛ وأَوْنُق وأَيْنُق، الْيَاءُ فِي أَيْنُقٍ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ فِي أَوْنُقٍ فِيمَنْ جَعَلَهَا أَيْفُلًا، وَمَنْ جَعَلَهَا أَعْفُلًا فَقَدَّمَ الْعَيْنَ مُغَيَّرَةً إِلَى الْيَاءِ جَعَلَهَا بَدَلًا مِنَ الْوَاوِ، فَالْبَدَلُ أَعم تَصَرُّفًا مِنَ الْعِوَضِ، إِذْ كُلُّ عِوَضٍ بَدَلٌ، وَلَيْسَ كُلُّ بَدَلٍ عِوَضًا وَقَالَ ابْنُ جِنِّي مَرَّةً: ذَهَبَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ أَيْنُق مَذْهَبَيْنِ: أَحدهما أَن تَكُونَ عَيْنُ أَيْنُق قُلِبَتْ إِلَى مَا قَبْلَ الْفَاءِ فَصَارَتْ فِي التَّقْدِيرِ أَوْنُق ثُمَّ أُبدلت الْوَاوُ يَاءً لأَنها كَمَا أُعِلَّت بِالْقَلْبِ كَذَلِكَ أُعلت أَيضاً بالإِبدال، وَالْآخَرُ أَن تَكُونَ الْعَيْنُ حُذِفَتْ ثُمَّ عُوِّضَتِ الْيَاءُ مِنْهَا قَبْلَ الْفَاءِ، فَمِثَالُهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْفُل، وَعَلَى الْقَوْلِ الأَول أَعْفُل، وَكَذَلِكَ أَيانِق ونُوق وأَنْوَاقٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ، ونِيَاقٌ ونِياقاتٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إنَّا وَجَدْنا ناقةَ العَجُوزِ ... خَيْرَ النِّياقات عَلَى التَّرْمِيزِ،
حِينَ تُكالُ النِّيبُ فِي القَفِيزِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: فَوَجَدَ أَيْنُقهُ
؛ الأَيْنُق: جَمْعُ قِلَّةٍ لِنَاقَةٍ، وَيُصَغَّرُ أَيْنُقٌ أُيَيْنِقات؛ عَنْ يَعْقُوبَ، والقياسُ أُيَيْنِق كَقَوْلِكَ فِي أَكْلُبٍ أُكَيْلِب؛ الأَزهري: جَمْعُهَا نُوق ونِياق، وَالْعَدَدُ أَيْنُق وأَيانق عَلَى قَلْبِ أَنْوُقٍ. الْجَوْهَرِيُّ: النّاقةُ تَقْدِيرُهَا فَعَلَةٌ بِالتَّحْرِيكِ لأَنها جُمِعَتْ عَلَى نُوقٍ مِثْلَ بَدَنَةٍ وبُدْنٍ وخَشَبَة وخُشْب، وفَعْلة بِالتَّسْكِينِ لَا تُجْمَعُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ جُمِعَتْ فِي القِلَّةِ عَلَى أَنْوُقٍ، ثُمَّ اسْتَثْقَلُوا الضَّمَّةَ عَلَى الْوَاوِ فَقَدَّمُوهَا فَقَالُوا أَوْنُق؛ حَكَاهَا يَعْقُوبُ عَنْ بَعْضِ الطَّائِيِّينَ، ثُمَّ عَوَّضُوا مِنَ الْوَاوِ يَاءً فَقَالُوا أَيْنُق، ثُمَّ جَمَعُوهَا عَلَى أَيانق، وَقَدْ تُجْمَعُ الناقةُ عَلَى نِيَاقٍ مِثْلُ ثَمَرة وثِمار، إِلَّا أَن الْوَاوَ صَارَتْ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِلْقُلَاخِ بْنُ حَزْنٍ:
أَبْعَدَكُنَّ اللهُ مِنْ نِيَاقِ ... إِنْ لَمْ تُنجِّين مِنَ الوِثاقِ
وَفِي الْمَثَلِ: اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: استَنْوق الجَملُ صَارَ كَالنَّاقَةِ فِي ذُلِّها، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا مَزيداً. قَالَ ثَعْلَبٌ: وَلَا يُقَالُ اسْتَنَاق الجَمَلُ إِنَّمَا ذَلِكَ لأَن هَذِهِ الأَفعال الْمَزِيدَةَ، أَعني افْتَعَل(10/362)
واسْتَفْعَل، إِنَّمَا تَعْتَلُّ بِاعْتِلَالِ أَفعالها الثُّلَاثِيَّةِ الْبَسِيطَةِ الَّتِي لَا زِيَادَةَ فِيهَا كاسْتَقَام إِنَّمَا اعْتَلَّ لِاعْتِلَالِ قَامَ، واسْتقال إِنَّمَا اعتلَّ لِاعْتِلَالِ قَالَ، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ حُكْمُهُ أَن يَصِحَّ لأَن فَاءَ الْفِعْلِ سَاكِنَةٌ، فَلَمَّا كَانَتِ اسْتَوْسَقَ واسْتَتْيس وَنَحْوُهُمَا دُونَ فِعْلٍ ثُلَاثِيٍّ بَسِيطٍ لَا زِيَادَةَ فِيهِ، صَحَّتِ الْيَاءُ وَالْوَاوُ لِسُكُونِ مَا قَبْلَهُمَا، وَهَذَا المَثَل يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ يَكُونُ فِي حَدِيثٍ أَو صِفَةِ شَيْءٍ ثُمَّ يَخْلِطُهُ بِغَيْرِهِ وَيَنْتَقِلُ إِلَيْهِ، وَأَصْلُهُ أَن طَرَفة بْنَ العَبْد كَانَ عِنْدَ بَعْضِ الْمُلُوكِ والمسيَّبُ بْنُ عَلَسٍ يُنْشِدُهُ شِعْرًا فِي وَصْفِ جَمَل، ثُمَّ حَوَّله إِلَى نَعْتِ نَاقَةٍ فَقَالَ طَرَفَةُ: قَدِ اسْتَنْوق الْجَمَلُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
هَزَزْتُكُمُ لَوْ أَنَّ فِيكُمْ مَهَزَّةً، ... وذكَّرْت ذَا التأْنيث فَاسْتَنْوَقَ الجَمَلْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْبَيْتُ الَّذِي أَنشده المُسيَّب بْنُ عَلَس هُوَ قَوْلُهُ «2» :
وإنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عِنْدَ احْتِضاره ... بناجٍ، عَلَيْهِ الصَّيْعَريَّةُ، مِكْدَمِ
والصيْعَرِيّةُ: مِنْ سِماتِ النُّوق دُونَ الجِمال. وجَمَل مُنَوَّق: ذَلُول قَدْ أُحْسِنَت رِيَاضَتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي ذُلِّلَ حتى صُيِّر كَالنَّاقَةِ. وَنَاقَةٌ منوَّقة: عُلِّمت الْمَشْيَ. والنَّوَّاق مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يُرَوِّضُ الأُمور وَيُصْلِحُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا سار معه جَمَلٍ قَدْ نَوَّقَهُ وخَيَّسه
: المُنَوَّقُ: المذلَّل وَهُوَ مِنْ لَفْظِ النَّاقَةِ كأَنه أَذهب شِدَّةَ ذُكُورَتِهِ وَجَعَلَهُ كَالنَّاقَةِ المُرَوَّضة الْمُنْقَادَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: وَهِيَ نَاقَةٌ مُنَوَّقة.
وتَنَوَّق فِي الأَمر أَي تأَنَّق فِيهِ، وَبَعْضُهُمْ لَا يَقُولُ تَنَوَّق، وَالِاسْمُ مِنْهُ النِّيقةُ. وَفِي الْمَثَلِ: خَرْقاءُ ذَاتُ نِيقَة؛ يُضْرَبُ لِلْجَاهِلِ بالأَمر وَهُوَ مَعَ جَهْلِهِ يدَّعي الْمَعْرِفَةَ ويتأَنق فِي الإِرادة، ذَكَرَهُ أَبو عُبَيْدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: تَنَوَّق فِي أُموره تَجَوَّد وَبَالَغَ مِثْلُ تأَنَّق فِيهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّ عَلَيْهَا سَحْقَ لِفْقٍ تَنَوَّقَتْ ... بِهِ حَضْرَمِيّاتُ الأَكفِّ الحَوَائك
عدِّاه بِالْبَاءِ لأَنه فِي مَعْنَى ترفقَتْ بِهِ، قَالَ: وَهِيَ مأْخوذة مِنَ النِّيقة؛ قَالَ ابْنُ هَرَمٍ الْكِلَابِيُّ:
لأُحْسِنُ رَمَّ الوَصْل مِنْ أُم جَعْفَرٍ ... بحَدِّ القَوافي، والمُنَوَّقَةِ الجُرْدِ
وَقَالَ جَمِيلٌ فِي النِّيْقَةِ:
إِذَا ابْتُذِلَتْ لَمْ يُزْرِها تَرْكُ زِينةٍ، ... وَفِيهَا، إِذَا ازْدانتْ لِذِي نِيقةٍ، حَسْبُ
وَقَالَ اللَّيْثُ: النِّيقةُ مِنَ التَّنَوُّق. تَنَوَّق فُلَانٌ فِي مَنْطِقِهِ وَمَلْبَسِهِ وأُموره إِذَا تجوَّد وَبَالَغَ، وتَنَيَّق لُغَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ النِّيقَةِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
كأَنها مِنْ نِيقةٍ وشَارَهْ، ... والحَلْي بَيْنَ التبنِ والحِجارَهْ
مَدْفَع مَيْثاءَ إِلَى قَرارهْ، ... لَكِ الكلامُ، واسْمعي يَا جارَه
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: تَأَنَّقَ مِنَ الأَنَقِ، والأَنِيقُ المُعْجِبُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
صِرْتُ إِلَى رَوْضاتٍ أَتَأَنَّقُ فِيهِنَّ
أَي أُسَرُّ وأُعْجَبُ بِهِنَّ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ تَأَنَّقْتُ فِي الشَّيْءِ إِذَا أَحكمته، وَإِنَّمَا يُقَالُ تَنَوَّقْتُ. ابْنُ سِيدَهْ: وانْتَاق كَتَنَوَّقَ، وَقِيلَ انْتاق الشَّيْءَ مَقْلُوبٌ عَنِ انْتَقَاهُ. أَبُو عُبَيْدٍ: والانْتِياقُ مِثْلُ الانْتِقَاءِ؛ قَالَ:
مِثْلُ القِياسِ انْتَاقَها المُنَقِّي
يَعْنِي القِسِيَّ، وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَقُولُ: هُوَ مِنَ النِّيقةِ
__________
(2) . وفي رواية أُخرى: إن قائل هذا البيت هو المتلمّس خال طرفة(10/363)
وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ النِّيقةُ. والنَّوَقُ: بَيَاضٌ فِيهِ حُمْرَةٌ يَسِيرَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: النَّوْقة الحَذاقة فِي كُلِّ شَيْءٍ. والمُنَوَّق: المذلَّل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْفَاكِهَةُ إِذَا قَرَبَ قُطوفها لأَكلها فَقَدْ ذُلِّلت. وَرَوَى الْفَرَّاءُ عَنِ الدُّبَيْرِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ: تَقُولُ لِلْجَمَلِ الْمُلَيَّنِ المُنَوَّق. الأَصمعي: المُنَوَّق مِنَ النَّخْلِ المُلَقَّح، والمُنَوَّق مِنَ العُذُوق المنقَّى، والمُنَوَّقُ المُصَفَّف، وَهُوَ المُطَرَّقُ والمُسَكَّكُ. ابْنُ الأَعرابي: النَّوَقة الَّذِينَ يُنَقُّونَ الشَّحْمَ مِنَ اللَّحْمِ لِلْيَهُودِ، وَهُمْ أُمَناؤُهم، وَهُوَ جَمْعُ نائِقٍ مَقْلُوبٌ مِنْ ناقِئٍ؛ وأَنشد:
مُخَّةُ ساقي بأَيادي ناقِئٍ، ... أعْجَلَها الشَّاوِي عَنِ الإِحْراقِ
وَيُرْوَى بَيْنَ كَفَّي ناقِئٍ. وَيُقَالُ: نُقْ نُقْ إِذَا أَمرته بِتَمْيِيزِ اللَّحْمِ مِنَ الشحم.
نيق: النِّيقُ: أَرفع مَوْضِعٍ فِي الْجَبَلِ، وَالْجَمْعُ أَنْيَاق ونُيُوق، وَفِي الصِّحَاحِ: ونِيَاق؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرُ:
شَغْوَاء توطِنُ بَيْنَ الشِّيقِ والنِّيقِ
والنِّيقُ: حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْجَبَلِ، وَقِيلَ: النِّيقُ الطَّوِيلُ مِنَ الْجِبَالِ. وَالنَّاقُّ: شِبْهُ مَشَقٍّ بَيْنَ ضَرَّة الإِبهام، وأَصل أَليَة الْخِنْصَرِ فِي مُسْتَقْبِلِ بَطْنِ السَّاعِدِ بِلَصْقِ الرَّاحَةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْضِعٍ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ بَاطِنِ المَرْفِق أَو فِي أَصل العُصْعُصِ. والنّاقُ: الحَزُّ الَّذِي فِي مُؤَخَّرِ حَافِرِ الفرس، وجمعها نُيُوق. وتَنَيَّق الرَّجُلُ فِي لِبْسته وطُعْمه: بَالَغَ، لُغَةٌ فِي تَنَوَّق. اللَّيْثُ: النِّيقة مِنَ النُّيوق. تَنَوَّق فُلَانٌ فِي مَطْعَمِهِ وَمَلْبَسِهِ وأُموره إِذَا تجوَّد وَبَالَغَ، وتَنَيَّق لغة.
نيبق: نِيبَقُ الْقَمِيصُ: نِيفَقُه، فَارِسِيٌّ أَعْرَبُوهُ بِالرُّبَاعِيِّ كَمَا أَعْرَبُوهُ بِالثُّلَاثِيِّ فِي نِيفَقٍ.
نيفق: نِيفَقُ الْقَمِيصِ «1» مَعْرُوفٌ.
فصل الهاء
هبق: الهِبِقُّ، بِكَسْرِ الْهَاءِ وَالْبَاءِ وَشَدِّ الْقَافِ: كَثْرَةُ الْجِمَاعِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والهَبَقُ: نَبْتٌ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري ما صحته.
هبرق: الهِبْرِقيُّ والهَبْرَقيُّ: الصَّائِغُ، وَيُقَالُ لِلْحَدَّادِ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مَنِ عَالَجَ صَنْعَةً بِالنَّارِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
فَمَا أَلواح دُرَّةِ هِبْرِقيّ، ... جَلا عَنْهَا مُخَتِّمُها الكُنُونا
أَبُو سَعِيدٍ: الهَبْرَقيُّ الَّذِي يُصَفِّي الْحَدِيدَ، وأَصله أَبْرَقيّ فأُبدلت الْهَاءُ مِنَ الْهَمْزَةِ؛ وأَنشد لِلطِّرِمَّاحِ يَصِفُ ثَوْرًا:
يُبَرْبِرُ بَرْبَرةَ الهَبْرقيّ ... بأُخْرَى خَواذِلِها الآنحَهْ
قَالَ: شَبَّهَ الثَّوْرَ وخُواره بِصَوْتِ الرِّيحِ تَخْرُجُ مِنَ الْكِيرِ، وَقِيلَ: الهَبْرَقيّ الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ، وَهُوَ الأَبْرقيّ لبَرِيق لَوْنِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والهَبْرَقيّ مِنَ الثِّيرَانِ الْمُسِنُّ الضَّخْمُ؛ وَاسْتَعَارَهُ صَخْرُ الغَيّ لِلْوَعِلِ الْمُسِنِّ الضَّخْمِ، فَقَالَ يَصِفُ وَعْلًا:
بِهِ كَانَ طِفْلًا، ثُمَّ أَسْدَس فَاسْتَوَى، ... فأَصبح لِهْماً فِي لُهُوم الْهَبْرَقِيِّ
وَقَالَ النَّابِغَةُ يصف ثوراً:
__________
(1) . قوله [نيفق القميص] هو بالفتح والعامة تكسره، أفاده المؤلف في مادة نفق.(10/364)
مُوَلِّيَ الرِّيح رَوْقَيْهِ وجبهتَهُ، ... كالهَبْرَقِّي تَنَحَّى يَنْفُخُ الفَحَما
يَقُولُ: أَكَبَّ فِي كِناسه يَحْفِرُ أَصل الشَّجَرَةِ كَالصَّائِغِ إِذَا تحَرّف يَنْفُخُ الْفَحْمَ.
هبنق: الهُبْنقُ والهُبْنُوق والهَبَيْنَقُ والهَبْنيق: الوَصِيفُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
والهَبانِيقُ قِيامٌ مَعَهُمْ، ... كلُّ مَلْثُومٍ إِذَا صُبَّ هَمَلْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلِ ابْنِ مُقْبِلٍ يَصِفُ خَمْرًا:
يَمُجُّها أَكْلَفُ الإِسْكابِ وافَقَهُ ... أَيْدِي الهَبانِيقِ، بالمَثْناةِ مَعْكوم
وهَبَنَّقةُ القَيْسيّ: رَجُلٌ كَانَ أَحمق بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ذُو الوَدَعاتِ، وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ ثَرْوانَ، وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْحُمْقِ؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
عِشْ بِجَدٍّ، وَلَنْ يَضُرَّكَ نَوْكٌ، ... إِنَّمَا عَيْشُ مَنْ تَرَى بالجُدودِ
عِشْ بجَدّ، وكُنْ هَبَنَّقة القَيْسِيَّ ... نَوْكاً، أَو شَيْبَة بْنَ الوَلِيدِ
رُبَّ ذِي إرْبةٍ مُقِلٌّ من المال، ... وَذِي عُنْجُهيَّةٍ مَجْدودِ
شيْبَ يَا شَيْبَ، يَا سَخِيفَ بني القعْقاعِ ... مَا أَنت بِالْحَلِيمِ الرَّشِيدِ
وَقَالَ آخَرُ:
عِشْ بجَدٍّ وكُنْ هَبَنَّقةً، يرضَ ... بِكَ الناسُ قاضِياً حَكَما
وَرَجُلٌ هَبَنَّق إِذَا وُصِفَ بالنَّوك؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذَا فارَقَتْهُ تَبْتَغي مَا تُعيشُه، ... كَفَاهَا رَذاياها الرقيعُ الهَبَنَّقُ
قِيلَ: أَراد بِالرَّقِيعِ الهبَنّق القُمْرِيّ؛ وَقِيلَ: بَلْ هُوَ الكَرَوان وَهُوَ يُوصَفُ بِالْحُمْقِ لِتَرْكِهِ بَيْضَهُ وَاحْتِضَانِهِ بِيضَ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ:
إِنِّي وتَرْكي نَدَى الأَكْرَمِينَ، ... وقَدْحِي بكَفَّيَّ زَنْداً شَحاحا
كتاركةٍ بَيْضَهَا بالعَراء، ... ومُلْبِسة بَيْضَ أُخرى جَناحا
هدق: هَدَقَ الشيءَ فانْهَدَقَ: كسره فانكسر.
هدلق: بَعِيرٌ هِدْلِقٌ وهِدْلِيق: وَاسِعُ الأَشداق، وَجَمْعُهُ هَدالق؛ وأَنشد أَعرابي:
هَدالِقاً دَلاقِمَ الشدُوقِ
والهِدْلِقُ: الْخَطِيبُ. والهَدالِقُ: الطِّوَالُ. اللِّيْثُ: الهِدْلِقُ المُنْخُل. ابْنُ بَرِّيٍّ: الهِدْلِق النَّاقَةُ الطَّوِيلَةُ المِشْفَرِ؛ قَالَ الجُهَني:
وقُلُص حَدَوْتُها هَدالق
وَقَدْ يَكُونُ مِنْ صِفَةِ المِشْفَر؛ قَالَ عِمَارَةُ:
ينفُضْنَ بالمَشافر الهَدالِقِ
هرق: الأَزهري: هَراقتِ السَّمَاءُ مَاءَهَا وَهِيَ تُهَرِيقُ وَالْمَاءُ مُهَراق، الْهَاءُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُتَحَرِّكَةٌ لأَنها لَيْسَتْ بأَصلية إِنَّمَا هِيَ بَدَلٌ مِنَ هَمْزَةِ أَراق، قَالَ: وهَرَقْت مِثْلُ أَرَقْتُ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ أَهْرَقْت فَهُوَ خطأٌ فِي الْقِيَاسِ، وَمَثَلُ الْعَرَبِ يُخَاطَبُ بِهِ الْغَضْبَانُ: هَرِّقْ عَلَى جَمْرِكَ «1» أَو تَبَيَّنْ أَي تَثَبت، وَمِثْلُ هَرَقْتُ والأَصل أَرَقْتُ قولُهم: هَرَحْت الدَّابَّةَ وأَرَحْتُها وهَنَرْتُ النَّارَ وأَنَرْتُها، قَالَ: وَأَمَّا لُغَةُ مَنْ قَالَ أَهْرَقْتُ الْمَاءَ فَهِيَ بَعِيدَةٌ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: الْهَاءُ مِنْهَا زَائِدَةٌ كَمَا قَالُوا أَنهأْت اللَّحْمَ، والأَصل أَنأْته بِوَزْنِ
__________
(1) . قوله [هرق على جمرك] أي أصبب ماء على نار غضبك(10/365)
أَنَعْتهُ. وَيُقَالُ هَرِّقْ عَنَّا مِنْ الظَّهِيرَةِ وأَهْرِئْ عَنَّا بِمَعْنَاهُ، مَنْ قَالَ أَهْرِقْ عَنَّا مِنَ الظَّهِيرَةِ جَعَلَ الْقَافَ مُبْدَلَةً مِنَ الْهَمْزَةِ فِي أَهْرِئْ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ إِنَّمَا هُوَ هَراق يُهَرْيقُ لأَن الأَصل مِنْ أَراقَ يُرِيقُ يُأَرْيق، لأَن أَفْعَل يُفْعِلُ كَانَ فِي الأَصل يُأَفْعِلُ فَقَلَبُوا الْهَمْزَةَ الَّتِي فِي يُأَرْيِقُ هَاءً فَقِيلَ يُهَرْيِق، وَلِذَلِكَ تَحَرَّكَتِ الْهَاءُ. الْجَوْهَرِيُّ: هَراق الْمَاءَ يُهَرِيقه، بِفَتْحِ الْهَاءِ، هِراقة أَي صبَّه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
رُبَّ كَأْسٍ هَرَقْتَها، ابنَ لُؤَيّ، ... حَذَرَ الْمَوْتِ، لَمْ تكُنْ مُهْراقَهْ
وأَنشد لأَوس بْنِ حُجْرٍ:
نُبِّئْتُ أَنّ دَماً حَرَامًا نِلْتَهُ، ... فهُرِيق فِي ثوبٍ عَلَيْكَ مُحَبَّر
وأَنشد لِلنَّابِغَةِ:
وَمَا هُرِيقَ عَلَى الأَنْصابِ مِنْ جَسَدِ
قَالَ: وأَصل هَراق أَراقَ يُرِيقُ إراقَةً، وَأَصْلُ أَراقَ أَرْيَقَ، وأَصل يُرِيقُ يُرْيِقُ، وأَصل يُرْيِق يُأَرْيِقُ، وَإِنَّمَا قَالُوا أَنا أُهَرِيقُه وَهُمْ لَا يَقُولُونَ أُأَرِيقُهُ لِاسْتِثْقَالِهِمُ الْهَمْزَتَيْنِ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بَعْدَ الإِبدال، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى: أَهْرَقَ الْمَاءَ يُهْرِقُه إهْراقاً عَلَى أَفْعَلَ يُفْعِلُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَبدلوا مِنَ الْهَمْزَةِ الْهَاءَ ثُمَّ أُلزمت فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مِنْ نَفْسِ الْحَرْفِ، ثُمَّ أُدخلت الأَلف بعدُ عَلَى الْهَاءِ وَتُرِكَتِ الْهَاءُ عِوَضًا مِنْ حَذْفِهِمْ حَرَكَةَ الْعَيْنِ، لأَن أَصل أَهْرَق أَرْيقَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذِهِ اللُّغَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي حَكَاهَا عن سيبوبه هِيَ الثَّالِثَةُ الَّتِي يَحْكِيهَا فِيمَا بعدُ إِلَّا أَنه غَلِطَ فِي التَّمْثِيلِ فَقَالَ أَهْرَق يُهْرِق، وَهِيَ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ شَاذَّةٌ نَادِرَةٌ لَيْسَتْ بِوَاحِدَةٍ مِنَ اللُّغَتَيْنِ الْمَشْهُورَتَيْنِ؛ يَقُولُونَ: هَرَقْت الماءَ هَرْقاً وأَهْرَقْتُه إهْراقاً، فَيَجْعَلُونَ الْهَاءَ فَاءً وَالرَّاءَ عَيْنًا وَلَا يَجْعَلُونَهُ مُعْتَلًّا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ الَّتِي حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ فَهِيَ أَهْرَاق يُهْرِيق إهْراقةً، فَغيَّرها الْجَوْهَرِيُّ وَجَعَلَهَا ثَالِثَةً وَجَعَلَ مَصْدَرَهَا إهْرِياقاً، أَلا تَرَى أَنه حُكِيَ عَنْ سِيبَوَيْهِ فِي اللُّغَةِ الثَّانِيَةِ أَن الْهَاءَ عِوَضٌ مِنْ حَرَكَةِ الْعَيْنِ لأَن الأَصل أَرْيَق؟ فَهَذَا يَدُلُّ أَنه مِنْ أَهْرَاق إهْراقةً بالأَلف، وَكَذَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي اللُّغَةِ الثَّانِيَةِ الصَّحِيحَةِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ أَهْرَاق يُهْرِيق إهْرِياقاً، فَهُوَ مُهْريق، وَالشَّيْءُ مُهْراق ومُهَراق أَيضاً، بِالتَّحْرِيكِ، وَهَذَا شَاذٌّ، وَنَظِيرُهُ أَسْطَاع يُسْطيع إسْطِياعاً، بِفَتْحِ الأَلف فِي الْمَاضِي وَضَمِّ الْيَاءِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لُغَةٌ فِي أَطاع يُطِيع، فَجَعَلُوا السِّينَ عِوَضًا مِنْ ذَهَابِ حَرَكَةِ عَيْنِ الْفِعْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنِ الأَخفش فِي بَابِ الْعَيْنِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْهَاءِ عِنْدِي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَن هَذِهِ اللُّغَةَ هِيَ الثَّانِيَةُ فِيمَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنه غَيَّرَ مَصْدَرَهَا فَقَالَ إهْرِياقاً، وَصَوَابُهُ إِهْراقةً، لأَن الأَصل أَراقَ يُرِيقُ إِراقةً، ثُمَّ زِيدَتْ فيه الهاء فصارت إِهْرَاقةً، وتاءُ التأْنيث عِوَضٌ مِنَ الْعَيْنِ الْمَحْذُوفَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ أَهْرَاق يُهْرِيقُ إِهْراقةً، وأسْطاع يُسْطيع إسْطاعةً، قَالَ: وأَما الَّذِي ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ مِنْ أَن مَصْدَرَ أَهْراقَ وأَسْطَاع إهْرياقاً وإسطِياعاً فَغَلِطَ مِنْهُ، لأَنه غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَالْقِيَاسُ إهْراقةً وإسْطَاعةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا غلَّطه فِي إسْطِيَاع أَنه أَتى بِهِ عَلَى وَزْنِ الاسْتِطاعِ مَصْدَرِ اسْتَطاع، قَالَ: وَهَذَا سَهْوٌ مِنْهُ لأَن أَسْطاع هَمْزَتُهُ قَطْعٌ، والاسْتِطاع والاسْطِيَاع هَمْزَتُهُمَا وَصْلٌ، وَقَوْلُهُ: والشيءُ مُهْراق ومُهَراق أَيضاً، بِالتَّحْرِيكِ، غَيْرُ صَحِيحٍ لأَن مَفْعُولَ أَهْرَاق مُهْراق لَا غَيْرَ؛ قَالَ: وأَما مُهَراق، بِالْفَتْحِ، فَمَفْعُولُ هَرَاق وَقَدْ تَقَدَّمَ شَاهِدُهُ؛ وَشَاهِدُ المُهْراق مَا أُنشد(10/366)
فِي بَابِ الْهِجَاءِ مِنَ الْحَمَاسَةِ لعُمارة بْنِ عَقِيلٍ:
دعَتْهُ، وَفِي أَثوابِهِ مِنْ دِمَائِهَا ... خَليطَا دمٍ مُهْراقةٍ غَيْرِ ذَاهِبِ
وَقَالَ جَرِيرٌ العِجْلي، وَيُرْوَى للأَخطل وَهِيَ فِي شِعْرِهِ:
إِذَا مَا قُلْتُ: قَدْ صالَحْتُ قَوْمِي، ... أَبى الأَضْغَانُ والنسبُ البَعيدُ
ومُهْراقُ الدماءِ بوارِدَاتٍ، ... تَبِيدُ المُخْزِياتُ وَلَا تَبِيدُ
قَالَ: وَالْفَاعِلُ مِنْ أَهْراقَ مُهْرِيقٌ؛ وَشَاهِدُهُ قَوْلُ كثيِّر:
فأَصْبَحْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَةَ مائِهِ ... لضَاحِي سَرَابٍ، بالمَلا يَتَرَقْرَقُ
وَقَالَ العُدَيْلُ بْنُ الفَرْخ:
فكنْت كمُهْرِيقِ الَّذِي فِي سِقائِهِ ... لِرَقْرَاقِ آلٍ، فَوْقَ رابيةٍ جَلْدِ
وَقَالَ آخَرُ:
فظَلَلْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَ سِقائِهِ ... فِي جَوِّ هاجِرَةٍ، لِلَمْعِ سَرابِ
وَشَاهِدُ الإِهْرَاقةِ فِي الْمَصْدَرِ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
فَلَمَّا دَنَتْ إهْرَاقَةُ الماءِ أَنْصَتَتْ ... لأَعْزِلَةٍ عَنْهَا، وَفِي النَّفْسِ أَن أُثْني
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ: وأَصل أَرَاقَ أَرْيَقَ، قَالَ أَراق أَصله أَرْوَقَ بِالْوَاوِ لأَنه يُقَالُ رَاقَ الماءُ رَوَقاناً انصبَّ، وأَراقهُ غَيْرُهُ إِذَا صَبَّه، قَالَ: وَحَكَى الْكِسَائِيُّ رَاقَ الماءُ يَرِيقُ انصبَّ، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَصل أَرَاقَ مِنَ الْيَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُهْرِيقَ دَمُهُ
؛ وَتَقْدِيرُ يُهَرِيقُ، بِفَتْحِ الْهَاءِ، يُهَفْعِلُ، وَتَقْدِيرُ مُهَرَاق، بِالتَّحْرِيكِ، مُهَفْعَل؛ وَأَمَّا تَقْدِيرُ يُهْرِيق، بِالتَّسْكِينِ، فَلَا يُمْكِنُ النُّطْقُ بِهِ لأَن الْهَاءَ وَالْفَاءَ سَاكِنَانِ، وَكَذَلِكَ تَقْدِيرُ مُهْرَاق، وَحَكَى بَعْضُهُمْ مَطَرٌ مُهْرَوْرِقٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: أَن امرأَة كَانَتْ تُهَراقُ الدمَ
؛ هَكَذَا جاءَ عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، وَالدَّمُ مَنْصُوبٌ أَيْ تُهَرَاقُ هِيَ الدمَ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَإِنْ كَانَ مَعْرِفَةً، وَلَهُ نَظَائِرُ، أَوْ يَكُونُ قَدْ أُجري تُهَراقُ مَجْرَى نُفِسَت المرأَةُ غُلَامًا، ونُتِجَ الفرسُ مُهْراً، وَيَجُوزُ رَفْعُ الدَّمِ عَلَى تَقْدِيرِ تُهَرَاقُ دِمَاؤُهَا، وَتَكُونُ الأَلف وَاللَّامُ بَدَلًا مِنَ الإِضافة كَقَوْلِهِ تعالى: أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ؛ أَيْ عُقْدَةُ نكاحِهِ أَوْ نِكَاحِهَا، وَالْهَاءُ فِي هَرَاقَ بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ أَرَاقَ الْمَاءَ يُرِيقهُ وهَرَاقه يُهَرِيقُه، بِفَتْحِ الْهَاءِ، هَراقةً. وَيُقَالُ فِيهِ: أَهْرَقْتُ الماءَ أُهْرِقُهُ إهْرَاقاً فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ. ابْنُ سِيدَهْ: اهْرَوْرَقَ الدمعُ وَالْمَطَرُ جَرَيا، قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ لَفْظِ هَرَاق لأَن هَاءَ هَرَاق مُبْدَلَةٌ وَالْكَلِمَةَ مُعْتَلَّةٌ، وَأَمَا اهْرَوْرَقَ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُتَكَلَّمْ بِهِ إلَّا مَزيداً مُتَوَهَّمٌ مِنْ أَصْلِ ثُلَاثِيٍّ صَحِيحٍ لَا زِيَادَةَ فِيهِ، وَلَا يَكُونُ مِنْ لَفْظِ أَهْرَاقَ لأَن هَاءَ أَهْرَاقَ زَائِدَةٌ عِوَضٌ مِنْ حَرَكَةِ الْعَيْنِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْهِ فِي أَسْطَاعَ. وَيَوْمُ التهَارُقِ: يَوْمُ المَهْرَجان، وَقَدْ تَهَارقُوا فِيهِ أَيْ أَهْرَقَ الْمَاءَ بعضُهم عَلَى بعضٍ، يَعْنِي بالمَهْرَجانِ الَّذِي نُسَمِّيهِ نَحْنُ النَّوْرُوز. والمُهْرُقَانُ: الْبَحْرُ لأَنه يُهَرِيق ماءَه عَلَى السَّاحِلِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ؛ أَبو عَمْرٍو: هُوَ اليَمُّ والقَلَمَّشُ والنَّوْفَلُ والمُهْرُقانُ الْبَحْرُ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَالرَّاءِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
تَمَشَّى بِهِ نَفْرُ الظِّباءِ كأَنَّها ... جَنَى مُهْرُقانٍ، فاضَ بِاللَّيْلِ سَاحِلهْ(10/367)
ومُهْرُقان: مُعَرَّبٌ أَصله مَا هِي رُويانْ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مُهْرُقان مُفْعُلان مِنْ هَرَقْت لأَن الْبَحْرَ ماؤُه يَفِيضُ عَلَى السَّاحِلِ إِذَا مَدَّ، فَإِذَا جَزَرَ بَقِيَ الوَدَع. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْبَحْرِ المُهْرَقان والدَّأْماءُ، خَفِيفٌ؛ وَقِيلَ المُهْرُقان سَاحِلُ الْبَحْرِ حَيْثُ فَاضَ فِيهِ الماءُ ثُمَّ نَضَب عنه فبقي الوَدَع، وأَورد بَيْتَ ابْنِ مُقْبِلٍ وَقَالَ: وجَناهُ مَا يَبْقَى مِنَ الوَدَعِ. والمُهْرَقُ: الصَّحِيفَةُ الْبَيْضَاءُ يُكْتَبُ فِيهَا، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالْجَمْعُ المَهارق؛ قَالَ حَسَّانُ:
كَمْ للمَنازل مِنْ شَهْرٍ وأَحوالِ، ... لِآلِ أَسْماءَ، مِثْل المُهْرَقِ البالِي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ:
كَمَا تَقادَمَ عَهْدُ المُهْرَقِ الْبَالِي
قَالَ: وَقَالَ الْحَرْثُ بْنُ حلِّزة:
آيَاتُهَا كَمَهارِقِ الحَبَشِ
والمَهارق فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
بيَعْمَلة بَيْنَ الدُّجَى والمَهَارِق
الفَلَواتُ، وَقِيلَ الطُّرُقُ، وَقِيلَ: المُهْرَق ثَوْبُ حَرِيرٍ أَبيض يُسْقَى الصمغَ ويُصْقَلُ ثُمَّ يُكْتُبُ فِيهِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ مُهر كَرْد، وَقِيلَ: مَهْره لأَن الخَرَزة الَّتِي يُصقل بِهَا يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ كَذَلِكَ. والمُهْرَقُ: الصَّحْرَاءُ الْمَلْسَاءُ. والمَهارق: الصَّحاري، وَاحِدُهَا مُهْرَق، وَهُوَ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَإِنَّمَا قِيلَ لِلصَّحْرَاءِ مُهْرق تَشْبِيهًا بِالصَّحِيفَةِ؛ قَالَ الأَعشى:
رَبّي كَرِيمٌ لَا يكدِّرُ نِعْمَةً، ... فَإِذَا تُنُوشِد فِي المَهارِق أَنْشَدا
أَرَادَ بالمَهارق الصَّحَائِفَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَلَدٌ مَهَارِق وأَرضٌ مَهَارِق كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جزءٍ مِنْهُ مُهْرَقاً؛ قَالَ:
وخَرْق مَهَارِق ذِي لُهْلُهٍ، ... أجَدَّ الأُوَامَ بِهِ مَظْمَؤُه
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنَّمَا أَراد مِثْلَ المَهارق، وأَجَدَّ: جَدَّد، واللُّهْلُه: الِاتِّسَاعُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَأَمَّا مَا رَوَاهُ اللِّحْيَانِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ هَرِقْتُ حَتَّى نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّمَا هُوَ أَرِقْتُ، فأَبدل الْهَاءَ مِنَ الْهَمْزَةِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هَرِيقُوا عَنْكُمْ أوَّل اللَّيْلِ وفَحْمَةَ اللَّيْلِ أَيِ انْزِلُوا، وَهِيَ سَاعَةٌ يَشُقُّ فِيهَا السَّيْرُ عَلَى الدَّوَابِّ حَتَّى يَمْضِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ، وَهُمَا بَيْنَ العشاءَين.
هزق: هَزِقَ فِي الضَّحِكِ هَزَقاً وأَهْزَق فُلَانٌ فِي الضَّحِكِ وزَهْزَقَ وأَنْزَقَ وكَرْكَرَ: أَكْثَرَ مِنْهُ. وَرَجُلٌ هَزِقَ ومِهْزاق: ضَحّاك خَفِيفٌ غَيْرُ رَزِين. وامرأَة هَزقة بيِّنة الهَزَقِ ومِهْزاق: ضحَّاكة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَعشى:
حُرَّة طَفْلَة الأَنامِلِ كالدُّمْيةِ ... لَا عَابس، وَلَا مِهْزاق
وَحَكَى ابْنُ خَالَوَيْهِ: رَجُلٌ مِهْزاق طَيّاش. والهَزَقُ: النَّشَاطُ، وَقَدْ هَزِقَ يَهْزَق هَزَقاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وشَجَّ ظَهْرَ الأَرضِ رقَّاص الهَزَقْ
وَحِمَارٌ هَزِق ومِهْزَاق: كَثِيرُ الاسْتِنَان. والهَزَق: النَّزَقُ وَالْخِفَّةُ. والهَزَق: شِدَّةُ صَوْتِ الرَّعْدِ؛ قَالَ كثيِّر يَصِفُ سَحَابًا:
إِذَا حَرَّكَتْهُ الريحُ أَرْزَمَ جانبُ ... بِلَا هَزَقٍ مِنْهُ، وأَوْمَضَ جانبُ
هزرق: الهَزْرَقة: مِنْ أَسْوإِ الضَّحِكِ؛ قَالَ:
ظَلَلْنَ فِي هَزْرقَةٍ وقَهِّ، ... يَهْزَأْنَ مِنْ كُلِّ عَيَام فَهِ(10/368)
قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع الهَزْرَقة بِهَذَا الْمَعْنَى لِغَيْرِ اللَّيْثِ؛ وَرَوَى شَمِرٌ عَنِ المؤَرّج أَنَّهُ قَالَ: النَّبَط تُسَمِّي الْمَحْبُوسَ المُهَزْرَقَ، الزَّايُ قَبْلَ الرَّاءِ. قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي نَعْرِفُهُ فِي بَابِ الضَّحِكَ زَهْزَقَ ودَهْدَق زَهْزَقةً ودَهْدَقةً، قَالَ: قَالَ ذَلِكَ أَبُو زَيْدٍ وَغَيْرُهُ. وَظَلِيمٌ هُزْرُوق وهِزْراق وهُزارِق: سَرِيعٌ. وَهَزْرَقَ الرجلُ والظَّليمُ: أَسْرَعَ، وَهُوَ ظَلِيمٌ هُزْروق وهُزَارِق.
هزلق: الأَزهري: ابْنُ الأَعرابي القِرَاطُ السِّراجُ، وَهُوَ الهِزْلِقُ، الْهَاءُ قَبْلَ الزَّايِ. غَيْرُهُ: هُوَ الزِّهْلِق، قَالَ: وأَما الهِزْلق فهي النار.
هشنق: الهَشْنَقُ: مَا يُسَدّي عَلَيْهِ الْحَائِكُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَرْمُلُ قُطْناً أَوْ يُسَدّي هَشْنَقا
هغق: الهَيْغَقُ: النَّبَاتُ الغَضّ التارّ.
هفتق: أَقَامُوا هَفْتَقاً أَيْ أُسبوعاً، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ هَفْتَهْ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَن لَعّابِينَ زَارُوا هَفْتَقَا
هقق: هَقَّ الرجلُ: هَرَبَ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ فَاسْتَعَارَهُ لِلْكِلَابِ:
وَقَدْ هَقَّتْ كِلابُ الحَيِّ مِنَّا، ... وشَذَّبْنا قَتادةَ مَنْ يَلِينَا «2»
. والهَقْهَقة: كالحَقْحَقة، وَهِيَ شِدَّةُ السَّيْرِ وإتْعاب الدَّابَّةِ. وَقَدْ هَقْهَقَ الرَّجُلُ: مِثْلُ حَقْحَقَ، وقَرَبٌ مُهَقْهَق مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ مُحَقْحَق؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
جَدَّ وَلَا يَحْمَدْنَهُ أَنْ يُلْحَقَا، ... أَقَبُّ قَهْقاهٌ، إِذَا مَا هَقْهَقَا
وَيُرْوَى: هَقْهاق وقَهْقاه. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الهُقُق الْكَثِيرُو الْجِمَاعِ؛ قَالَ الأَزهري: يُقَالُ هَكَّ جَارِيَتَهُ وهَقَّها إِذَا جهدها بكثرة الجماع.
هلق: الهَلْقُ: السُّرْعَةُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَلَيْسَ بِثَبَتٍ.
همق: كلأٌ هَمِقٌ: هَشٌّ لَيِّنٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وَأَنْشَدَ:
باتَتْ تَعَشَّى الحَمْضَ بالقَصِيمِ، ... لُبايَةً مِنْ هَمِقٍ عَيْشومِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الهَمِقُ مِنَ الحَمض، والهَمِق: نَبْتٌ، والعَيْشوم الْيَابِسُ. ابْنُ الأَعرابي: الهَمْقى نَبْتٌ؛ وَفِي كِتَابِ أَبِي عَمْرٍو:
لُبَايَةٌ مِنْ هَمِقٍ هَيشوم
وَقَالَ: الهَمِقُ الْكَثِيرُ، والقَصِيم مَنَابِتُ الْغَضَا جَمْعُ قَصِيمةٍ، بِصَادٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ. والهِمَقَّى والهِمِقَّى: ضَرْبٌ مِنَ الْمَشْيِ، وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ سَيْرٌ سَرِيعٌ. والهَمْقاق والهُمقاق: حَبٌّ يُشْبِهُ حَبَّ الْقُطْنِ فِي جُمَّاحة مِثْلِ الخَشْخاش؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهِيَ مِثْلُ الخَشْخاش إِلَّا أَنَّهَا صُلْبَةٌ ذَاتُ شُعَبٍ يُقْلَى حَبُّه، وَأَكْلُهُ يُزِيدُ فِي الْجِمَاعِ، يَكُونُ فِي بِلَادِ بَلْعَمِّ، وَاحِدَتُهُ هَمْقاقة، وهُمْقاقة بِوَزْنِ فُعْلانة مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ أَوْ كَلَامِ بَلْعَمِّ خَاصَّةً لأَنه يَكُونُ بِجِبَالِ بَلْعَمِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَحسبها دَخِيلَةً. قَالَ: والهَمَقِيقٌ نَبْتٌ، زَعَمُوا. الْجَوْهَرِيُّ: وَمَشَى الهِمَقَّى إِذَا مَشَى عَلَى جَانِبٍ مَرَّةً وَعَلَى جَانِبٍ مَرَّةً. أَبُو الْعَبَّاسِ: الهِمَقَّى مِشْيَةٌ فِيهَا تَمَايُلٌ؛ وأَنشد:
فأَصْبَحْنَ يَمْشِينَ الهِمَقَّى، كَأَنَّمَا ... يدافِعْنَ بالأَفْخاذِ نَهْداً مؤَرَّبا
الأَزهري: المُهَمَّق مِنَ السَّويق المُدَقَّق.
__________
(2) . رواية المعلقة: هرْت بدل هقَّت(10/369)
هنق: الهَنَقُ: شَبِيهٌ بالضَّجَر، وقد أَهْنَقه.
هنبق: الهُنْبوقة: المِزْمار، وَهُوَ أَيْضًا مَجْرَى الوَدَج. الأَزهري: أَبو مَالِكٍ الهُنْبُوق المِزْمار، وَجَمْعُهُ هَنابيق؛ قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:
يُرَجِّع فِي حَيْزُومه، غَيْرُ باغمٍ، ... يَراعاً مِنَ الأَحْشاء جُوفاً هَنابِقُهْ
أَراد هَنابِيقه، فَحَذَفَ الْيَاءَ. الأَزهري: والزَّنبَقُ المزمار.
هوق: الهَوْقَةُ: كالأَوْقةِ وَهِيَ حُفْرَةٌ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ وَيَكْثُرُ فِيهِ الطِّينُ وتأْلفها الطَّيْرُ، وَالْجَمْعُ هُوق، وَاللَّهُ أعلم.
هيق: الهَيْق مِنَ الرِّجَالِ: الْمُفْرِطُ الطُّولِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ الدَّقيقُ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الظَّلِيم هَيْقاً، والأُنثى هَيْقة؛ قَالَ:
وَمَا لَيْلى مِنَ الهَيْقاتِ طُولًا، ... وَلَا لَيْلى مِنَ الحُذَفِ القِصارِ
والهَيْق: الظَّلِيمُ لِطُولِهِ كالهَيْقل؛ الْيَاءُ فِي هَيْقٍ أَصْلٌ وَفِي هَيْقَل زَائِدَةٌ، وَالْجَمْعُ أَهْياق وهُيُوق، والأُنثى هَيْقة. والهَيْقة: الطَّوِيلَةُ مِنَ النِّسَاءِ والإِبل. وأَهْيَقَ الظَّلِيمُ: صَارَ هَيْقاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَزَلّ أَوْ هَيْق نَعامٍ أَهْيَقَا
وَفِي حَدِيثِ أُحُدٍ:
انْخَزل عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فِي كَتيبةٍ كَأَنَّهُ هَيْق يقدمُهم
؛ الهَيْق: ذَكَرُ النَّعَامِ، يُرِيدُ سُرْعَةَ ذَهَابِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الهَيْق الظَّلِيم، وَكَذَلِكَ الهَيْقَمُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وَرَجُلٌ هَيْق: يشبَّه بالظَّلِيم لِنفاره وجُبْنه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
هَدَجان الرَّالِ خلف الهَيْقة
فصل الواو
وَأَقَ: الوَأْقة: مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ فِي التَّخْفِيفِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَهو تَخْفِيفٌ قِيَاسِيٌّ أَو بَدَلِيٌّ أَوْ لُغَةٌ، فَإِنْ كَانَ تَخْفِيفًا قِيَاسِيًّا أَوْ بَدَلِيًّا فَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَإِنْ كَانَ لُغَةً فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَبَقَ: وَبَق الرجلُ يَبِقُ وَبْقاً ووبُوقاً ووَبِقَ وَبْقاً واسْتَوْبَق: هَلَكَ، وأَوبَقَهُ هُوَ؛ وأَوْبَقه أَيضاً: ذَلَّله. والمَوْبِقُ مَفْعِل مِنْهُ، كالمَوْعِد مَفْعِل مِنْ وَعَدَ يَعِدُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً
؛ وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى: وَبِقَ يَوْبَقُ وَبَقاً: وأَوْبَقه: أَهلكه. قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً
؛ يَقُولُ جَعَلْنَا تَوَاصُلَهُمْ فِي الدُّنْيَا مَوْبِقاً أَيْ مَهْلِكاً لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَوْبِقاً أَيْ حَاجِزًا؛ وَكُلُّ حَاجِزٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَهُوَ مَوْبِق؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المَوْبِق الْمَوْعِدُ فِي قَوْلِهِ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً
؛ واحتج بقوله:
وحادَ شَرَوْرَى والسِّتَارَ، فَلَمْ يَدَعْ ... تِعاراً لَهُ والوادِيَيْنِ بِمَوْبِقِ
مَعْنَاهُ بمَوْعد. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ السِّيرَافِيِّ قَالَ: أَيْ جَعَلْنَا تَواصُلَهم فِي الدُّنْيَا مَهْلِكاً لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، فَبَيْنَهُمْ عَلَى هَذَا مَفْعُولٌ أَول لِجَعَلْنَا لَا ظَرْفٌ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَوْبِقاً مَوْعِداً، فَبَيْنَهُمْ عَلَى هَذَا ظَرْفٌ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ أَوْبَقَتْ فُلَانًا ذنوبُه أَيْ أَهْلَكَتْهُ فوَبِق يَوْبَقُ وبَقاً ومَوْبِقاً إِذَا هَلَكَ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: وبِقَتِ الإِبلُ فِي الطِّينِ إِذَا وَحَلَتْ فنشِبَتْ فِيهِ. ووَبِقَ فِي دَينه إِذَا نَشِبَ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ الصِّرَاطِ:
وَمِنْهُمْ المُوبَقُ بِذُنُوبِهِ
أَيِ المُهْلَك. يُقَالُ: أَوْبَقَهُ غَيْرُهُ، فَهُوَ مُوبَق. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَلَوْ فَعَل المُوبِقات
أَيِ الذُّنُوبَ الْمُهْلِكَاتِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فَمِنْهُمُ الغرِقُ الوَبِق.
والمَوْبِقُ: المَحْبِسُ. وَقَدْ أَوْبَقه أَيْ حَبَسَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا
، أَيْ يَحْبسهن، يَعْنِي الفُلْك وَرُكْبَانَهَا، فيَهْلِكوا فرقاً.(10/370)
وثق: الثِّقَةُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ وَثِقَ بِهِ يَثِقُ، بِالْكَسْرِ فِيهِمَا، وِثَاقَةً وثِقَةً ائْتَمَنَهُ، وَأَنَا واثِقٌ بِهِ وَهُوَ مَوْثُوقٌ بِهِ، وَهِيَ مَوثوقٌ بِهَا وَهُمْ مَوْثُوقٌ بِهِمْ؛ فأَما قَوْلُهُ:
إِلَى غَيْرِ مَوْثوقٍ مِنَ الأَرض تَذْهَب
فَإِنَّهُ أَراد إِلَى غَيْرِ مَوثوقٍ بِهِ، فَحُذِفَ حَرْفَ الْجَرِّ فَارْتَفَعَ الضَّمِيرُ فَاسْتَتَرَ فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ. وَرَجُلٌ ثِقةٌ وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ، وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى ثِقاتٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ ثِقةٌ وَهِيَ ثِقةٌ وَهُمْ ثِقةٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى ثِقاتٍ فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. ووَثَّقْت فُلَانًا إِذَا قُلْتُ إِنَّهُ ثِقةٌ. وأَرض وثِيقةٌ: كَثِيرَةُ العُشْب مَوْثوق بِهَا، وَهِيَ مِثْلُ الوَثِيجة وَهِيَ دُوَيْنها، وكلأَ موثِق: كَثِيرٌ مَوثوق بِهِ أَنْ يَكْفِيَ أَهله عَامَهُمْ، وَمَاءٌ مُوثِق كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَخطل:
أَوْ قارِبٌ بالعَرا هاجَتْ مراتِعُه، ... وَخَانَهُ مُوثِقُ الغُدْرانِ والثَّمَرُ
والوَثاقة: مَصْدَرُ الشَّيْءِ الوَثِيق المُحْكَم، وَالْفِعْلُ اللَّازِمُ يَوْثُقُ وَثاقةً، والوَثاق اسْمُ الإِيثاق؛ تَقُولُ: أوثَقْتُه إِيثَاقًا ووَثاقاً، وَالْحَبْلَ أَوِ الشَّيْءَ الَّذِي يُوثَق بِهِ وِثاقٌ، وَالْجَمْعُ الوُثُقُ بِمَنْزِلَةِ الرِّباطِ والرُّبُطِ. وأَوْثَقهُ فِي الوَثاقِ أَيْ شَدَّهُ. وَقَالَ تَعَالَى: فَشُدُّوا الْوَثاقَ
، والوِثاق، بِكَسْرِ الْوَاوِ، لُغَةٌ فِيهِ. ووَثُقَ الشَّيْءُ، بِالضَّمِّ، وَثاقةً فَهُوَ وَثِيقٌ أَيْ صَارَ وَثِيقاً والأُنثى وَثِيقة. التَّهْذِيبُ: والوَثِيقةُ فِي الأَمر إحْكامه والأَخذ بالثِّقَةِ، وَالْجَمْعُ الوَثائقُ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
وَاخْلَعْ وَثائِقَ أَفْئِدَتِهِمْ
؛ جَمْعُ وَثاقٍ أَوْ وَثِيقةٍ. والوَثِيقُ: الشَّيْءُ المُحْكم، وَالْجَمْعُ وِثاقٌ. وَيُقَالُ: أَخذ بالوَثِيقة فِي أَمْرِهِ أَيْ بالثِّقَة، وتوَثَّق فِي أَمره: مِثْلَهُ. ووَثَّقْتُ الشَّيْءَ تَوْثِيقاً، فَهُوَ مُوَثَّق. والوَثِيقة: الإِحكام فِي الأَمر، وَالْجَمْعُ وَثِيق؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
عَطاءً وصَفْقاً لَا يُغِبّ، كَأَنَّمَا ... عَلَيْكَ بإتْلافِ التِّلادِ وَثِيقُ
وَعِنْدِي أَن الوَثِيقَ هَاهُنَا إِنَّمَا هُوَ العَهْد الوَثِيقُ، وَقَدْ أَوْثَقَه ووَثَّقَه وَإِنَّهُ لمُوَثَّقُ الْخَلْقِ. والمَوْثِقُ والمِيثاقُ: الْعَهْدُ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَالْجَمْعُ المَواثِيقُ عَلَى الأَصل، وَفِي الْمُحْكَمِ: وَالْجَمْعُ المَواثِقُ، وميَاثِق مُعَاقَبَةً، وَأَمَّا ابْنُ جِنِّيٍّ فَقَالَ: لَزِمَ الْبَدَلُ فِي ميَاثق كَمَا لَزِمَ فِي عيدٍ وأَعْيادٍ؛ وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ لِعِيَاضِ بْنِ دُرَّة الطَّائِيِّ:
حِمًى لَا يحُل الدَّهْرُ إِلَّا بإذْنِنا، ... وَلَا نَسَلِ الأَقْوامَ عَقْدَ المَياثِقِ
والمَوْثِقُ: الميثاقُ. وَفِي حَدِيثِ
ذِي الْمِشْعَارِ: لَنَا مِنْ ذَلِكَ مَا سَلَّموا بالمِيثاقِ والأَمانة
أَيْ أَنَّهُمْ مأْمونون عَلَى صَدَقَاتِ أَموالهم بِمَا أُخذ عَلَيْهِمْ مِنَ المِيثاق فَلَا يُبْعث عَلَيْهِمْ مُصَدِّق وَلَا عَاشِرٌ. والمُواثقة: الْمُعَاهَدَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ.
وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَواثَقْنا عَلَى الإِسلام
أَيْ تَحَالَفْنَا وَتَعَاهَدْنَا. والتَّواثُق، تفاعُل مِنْهُ. والمِيثاقُ: الْعَهْدُ، مِفْعال مِنَ الوَثاقِ، وَهُوَ فِي الأَصل حَبْلٌ أَوْ قَيْد يُشدّ بِهِ الأَسير وَالدَّابَّةُ. وَفِي حَدِيثِ
مُعاذٍ وَأَبِي مُوسَى: فرأَى رجلَا مُوثَقاً
أَيْ مأْسوراً مَشْدُودًا فِي الوَثاق. التَّهْذِيبُ: المِيثاقُ مِنَ المُواثَقةِ وَالْمُعَاهَدَةِ؛ وَمِنْهُ المَوْثِقُ. تَقُولُ: واثَقْتُه بِاللَّهِ لأَفْعلنَّ كَذَا وَكَذَا. وَيُقَالُ: اسْتَوْثَقْت مِنْ فُلَانٍ وتَوَثَّقْتُ مِنَ الأَمر إِذَا أَخذت فِيهِ بالوَثاقةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: واسْتَوْثَقْت(10/371)
مِنْهُ أَيْ أَخذت مِنْهُ الوَثِيقةَ. وأَخذ الأَمر بالأَوْثَقِ أَيِ الأَشد الأَحكم. والمُوثِقُ مِنَ الشَّجَرِ: الَّذِي يُعَوّل النَّاسُ عَلَيْهِ إِذَا انْقَطَعَ الكلأَ وَالشَّجَرُ. وَنَاقَةٌ وثِيقةٌ وَجَمَلٌ وَثيقٌ وَنَاقَةٌ مُوَثَّقة الخلق: مُحْكمة.
وَدَقَّ: ودَقَ إِلَى الشَّيْءِ وَدْقاً ووُدُوقاً: دَنَا. ووَدَق الصيدُ يَدِقُ وَدْقاً إِذَا دَنَا مِنْكَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كانَتْ إِذَا وَدَقَتْ أَمثالُهُنَّ لَهُ، ... فبَعْضُهُنَّ عَنِ الْآلَافِ مُشْتَعِبُ
وَيُقَالُ: مارَسْنا بَنِي فُلَانٍ فَمَا وَدَقُوا لَنَا بِشَيْءٍ أَيْ مَا بَذَلُوا، وَمَعْنَاهُ مَا قَرَّبوا لَنَا شَيْئًا مِنْ مأْكول أَوْ مَشْرُوبٍ، يَدِقُون وَدْقاً. ووَدَقْتُ إِلَيْهِ: دَنَوْتُ مِنْهُ. وَفِي الْمَثَلِ: وَدَق العَيْرُ إِلَى الْمَاءِ أَيْ دَنَا مِنْهُ؛ يُضْرَبُ لِمَنْ خَضَعَ لِلشَّيْءِ بحِرْصه عَلَيْهِ. والوَدِيقةُ: حَرُّ نِصْفِ النَّهَارِ، وَقِيلَ: شِدَّةُ الْحَرِّ ودُنُوّ حَمْيِ الشَّمْسِ؛ قَالَ شَمِرٌ: سُمِّيَتْ وَدِيقة لأَنها وَدَقَتْ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ أَيْ وَصَلَتْ إِلَيْهِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ أَبُو الْمُثَلَّمِ يَرْثي صَخْراً:
حَامِي الحَقِيقةِ نَسَّال الوَدِيقة، مِعْتاق ... الوَسِيقة، لَا نِكْس وَلَا وَكِل
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ: لَا نِكْس وَلَا وَانِي؛ وَقَبْلَهُ:
آبِي الهَضِيمة، نابٍ بالعَظِيمة، مِتْلاف ... الكَرِيمة، جَلْد غَيْرُ ثُنْيانِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَأَمَّا بَيْتُهُ الَّذِي رَوِيُّه لَامٌ فَهُوَ قَوْلُهُ:
بمَنْسِرٍ مَصِعٍ يَهْدي أَوائِلَه ... حامِي الحَقيقةِ، لا وانٍ ولا وَكِل
وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ: فِي يومٍ ذِي وَدِيقةٍ
أَيْ حَرٍّ شَدِيدٍ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَرِّ بِالظَّهَائِرِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ فُلَانٌ يَحْمي الْحَقِيقَةَ ويَنْسُل الوَدِيقةَ؛ يُقَالُ لِلرَّجُلِ المُشَمِّر الْقَوِيِّ، أَيْ يَنْسُل نَسَلاناً فِي وَقْتِ الْحَرِّ نِصْفَ النَّهَارِ، وَقِيلَ: هُوَ الحَرُّ مَا كَانَ، والأَول أَعْرَفُ، وَقِيلَ: هُوَ دَوَمان الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ أَي دَورَانها وَدُنُوُّهَا. وودَقَ البطنُ: اتَّسَعَ وَدَنَا مِنَ السِّمَنِ. وَإِبِلٌ وادِقةُ البُطون والسُّرَر: انْدَلَقَتْ لِكَثْرَةِ شَحْمِهَا وَدَنَتْ مِنَ الأَرض؛ قَالَ:
كُوم الذُّرَى وَادِقة سُرَّاتُها
والمَوْدِقُ: المَأْتَى لِلْمَكَانِ وَغَيْرِهِ، وَالْمَوْضِعُ مَوْدِقٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
دَخَلْتُ عَلَى بَيْضاءَ جَمٍّ عِظامُها، ... تُعَفِّي بذَيْلِ المِرْطِ، إِذْ جِئْتُ مَوْدقي
والمَوْدِقُ: مُعْتَرَكُ الشَّرِّ. والمَوْدِق: الْحَائِلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. ووَدَقْت بِهِ وَدْقاً: استأْنست بِهِ. والوِداقُ فِي كُلِّ ذَاتِ حَافِرٍ: إِرَادَةُ الْفَحْلِ، وَقَدْ وَدَقَتْ تَدِقُ وَدْقاً وودَاقاً ووُدُوقاً وأَوْدَقَتْ، وَهِيَ مُودِق، واسْتَوْدَقت وَهِيَ وَدِيق ووَدُوق. يُقَالُ: أَتَانٌ وَدِيقٌ وَبَغْلَةٌ ودِيقٌ، وَقَدْ وَدَقَتْ تَدِقُ إِذَا حَرَصت عَلَى الْفَحْلِ، وَبِهَا وِداقٌ، وَفَرَسٌ وَدُوق. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فَتَمَثَّلَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَى فَرَسٍ وَدِيقٍ
؛ هِيَ الَّتِي تَشْتَهِي الْفَحْلَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ ابْنُ خَالَوَيْهِ أوْدَقَتْ فَهِيَ وادِقٌ، وَلَا يُقَالُ مُودِق وَلَا مُسْتَوْدِق؛ وَشَاهِدُ الوِداقِ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
كأَن رَبيعاً، مِنْ حِماية مِنْقَرٍ، ... أَتانٌ دَعَاهَا للوِداقِ حِمارُها
ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ الوِداقُ فِي الظِّباء مِثْلَهُ فِي الأَتان؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ فِي عِبَارَةٍ، قَالَ: فَلَا أَدري(10/372)
أَهو أَصل أَمِ اسْتَعْمَلَهُ. ووَدَقَ بِهِ: أَنِسَ. والوَدْقُ: الْمَطَرُ كُلُّهُ شديدُه وهيّنُه، وَقَدْ وَدَقَ يَدِقُ وَدْقاً أَيْ قَطَر؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ جُوَيْن الطَّائِيُّ:
فَلَا مُزْنة ودَقَتْ وَدْقَها، ... وَلَا أَرْضَ أَبْقَلَ إبْقالها
وَمِثْلُهُ لِزَيْدِ الْخَيْلِ:
ضَرَبْنَ بِغَمْرةٍ فخَرجْنَ مِنْهَا، ... خُروجَ الوَدْقِ مِنْ خَلَلِ السَّحاب
ووَدَقَت السَّمَاءُ وأَوْدَقَت. وَيُقَالُ للحَرْب الشَّدِيدَةِ: ذاتُ وَدْقَيْنِ، تُشَبَّهُ بِسَحَابَةٍ ذَاتِ مَطَرَتَيْنِ شَدِيدَتَيْنِ. وَيَقُولُونَ: سَحَابَةٌ وادِقةٌ، وَقَلَّمَا يَقُولُونَ ودَقَتْ تَدِقُ. وَيُقَالُ: سَحَابَةٌ ذَاتُ وَدْقَيْن أَيْ مَطَرَتَيْنِ شَدِيدَتَيْنِ، وَشُبِّهَ بِهَا الْحَرْبُ فَقِيلَ: حَرْب ذَاتُ وَدْقَيْنِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ:
فإنْ هَلَكْتُ فَرَهْنٌ ذِمَّتي لَهُمُ، ... بذاتِ وَدْقَيْنِ، لَا يَعْفُو لَهَا أَثَرُ
أَيْ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ، وَهُوَ مِنَ الوَدْق والوِداقِ الحِرْصِ عَلَى طَلَبِ الْفَحْلِ لأَن الْحَرْبَ تُوصَفُ بِاللِّقَاحِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الوَدْقِ الْمَطَرِ. يُقَالُ لِلْحَرْبِ الشَّدِيدَةِ ذاتُ وَدْقَيْنِ، تَشْبِيهًا بِسَحَابٍ ذَاتِ مَطَرَتَيْنِ شَدِيدَتَيْنِ؛
قَالَ أَبو عُثْمَانَ الْمَازِنِيُّ: لَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا أَن عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنَ الشِّعْرِ غَيْرَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ:
تِلْكُمْ قُرَيْشٌ تَمنَّاني لتَقْتُلَني، ... فَلَا وَرَبِّك مَا بَرُّوا وَمَا ظَفِرُوا
فَإِنْ هلكتُ فرهنٌ ذِمَّتي لهُمُ، ... بِذَاتِ رَوْقَيْنِ، لَا يَعْفُو لَهَا أَثَرُ
قَالَ: وَيُقَالُ دَاهِيَةٌ ذَاتُ رَوْقَيْنِ وَذَاتُ وَدْقين، إِذَا كَانَتْ عَظِيمَةً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذَا ذات وَدْقَيْنِ هابَ الرُّقاةُ ... أَن يَمْسَحوها، وأَن يَتْفُلوا
وَقِيلَ: ذَاتُ وَدْقَيْنِ مِنْ صِفَاتِ الحيَّات، وَلِهَذَا قِيلَ دَاهِيَةٌ ذَاتُ وَدْقَيْن، وَقِيلَ لِلدَّاهِيَةِ ذَاتُ وَدْقَيْنِ أَي ذَاتُ وجْهين كأَنها جَاءَتْ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وكائِنْ وكَمْ مِنْ ذاتِ وَدْقَيْنِ ضِئْبِلٍ ... نآدٍ، كَفَيْت الْمُسْلِمِينَ عُضالَها
وَيُقَالُ: ذَاتُ وَدْقَيْنِ مِنْ صِفَةِ الطَّعْنَةِ. والوَدْقة والوَدَقةُ؛ الْفَتْحُ عَنْ كُرَاعٍ «3» نُقْطَةٌ فِي الْعَيْنِ مِنْ دَمٍ تَبْقَى فِيهَا شَرقة، وَقِيلَ: هِيَ لُحْمَةٌ تعظُم فِيهَا، وَقِيلَ: هُوَ مَرَضٌ لَيْسَ بالرَّمَد تَرِمُ مِنْهُ الأُذن وَتَشْتَدُّ مِنْهُ حُمْرَةُ الْعَيْنِ، وَالْجَمْعُ وَدَق؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَا يشْتَكي صُدْغَيْهِ مِنْ دَاءِ الوَدَقْ
وَدِقَتْ عَيْنُهُ، فَهِيَ وَدِقةٌ. الأَصمعي: يُقَالُ فِي عَيْنِهِ وَدَقة خفيفةٌ إِذَا كَانَتْ فِيهَا بَثْرَةٌ أَوْ نُقْطَةٌ شَرِقة بِالدَّمِ. وَيُقَالُ: وَدَقَتْ سُرّته تَدِقُ وَدْقاً إِذَا سَالَتْ وَاسْتَرْخَتْ. وَرَجُلٌ وادِقُ السُّرَّةِ: شَاخِصُهَا. والوَداقُ والوِدَاقُ: الْحَدِيدُ؛ وأَنشد بَيْتَ أَبي قَيْسِ بْنِ الأَسْلَت:
أَحْفَزَها عَنِّي بِذِي رَوْنَقٍ ... مُهَنَّدٍ، كالمِلْح، قَطَّاعِ
صَدْقٍ حُسَامٍ وادِقٍ حَدُّه، ... ومُجْنَإٍ أَسْمَرَ قَرَّاعِ
الوادِق: الْمَاضِي الضَّرِيبَةَ. ووَدَقَ السيفُ: حَدَّ، وأَنشد بَيْتَ أَبِي قَيْسٍ أَيضاً: وادِقٍ حدُّه؛ قَالَ ابْنُ
__________
(3) . قوله [الفتح عن كراع] عبارة شرح القاموس: بالفتح، ويحرك، عن كراع وعليه اقتصر الصاغاني.(10/373)
سِيدَهْ: وَحَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي بَابِ الرِّمَاحِ وَقَدْ غَلِطَ إِنَّمَا هُوَ سَيْفٌ وادِقٌ؛ وَقَدْ رُوِيَ الْبَيْتُ الأَول:
أَكْفَتهُ عَنّي بِذِي رَوْنَقٍ ... أَبيضَ، مِثْلَ المِلْح، قَطّاع
قَالَ: والدِّرْعُ إِنَّمَا تُكْفَتُ بِالسَّيْفِ لَا بِالرُّمْحِ. وَإِنَّهُ لوَادِقُ السِّنَةِ أَيْ كَثِيرُ النَّوْمِ فِي كُلِّ مَكَانٍ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ووَدْقانُ: مَوْضِعٌ. أَبُو عُبَيْدٍ فِي بَابِ اسْتِخْذاء الرَّجُلِ وَخُضُوعِهِ وَاسْتِكَانَتِهِ بَعْدَ الإِباء: يُقَالُ وَدَقَ العَيْرُ إِلَى الْمَاءِ، يُقَالُ ذَلِكَ للمُسْتَخذي الَّذِي يَطْلُبُ السَّلام بَعْدَ الإِباء، وَقَالَ وَدَقَ أَيْ أَحَبَّ وأَراد وَاشْتَهَى. ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَ أَبو صَاعِدٍ: يُقَالُ وَدِيقةٌ مِنْ بَقْل وَمِنْ عُشْب، وحَلُّوا فِي وَديقةٍ منكَرة.
ورق: الوَرَقُ: وَرَقُ الشَّجَرَةِ وَالشَّوْكِ. والوَرَقُ: مِنْ أَوْراق الشَّجَرِ والكِتاب، الْوَاحِدَةُ وَرَقةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الوَرَقُ مِنَ الشَّجَرِ مَعْرُوفٌ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَرَقُ كُلُّ مَا تَبَسَّطَ تَبَسُّطاً وَكَانَ لَهُ عَيْرٌ فِي وَسَطِهِ تَنْتَشِرُ عَنْهُ حَاشِيَتَاهُ، وَاحِدَتُهُ وَرَقةٌ. وَقَدْ وَرَّقَت الشَّجَرَةُ تَوْريقاً وأَوْرَقَت إِيرَاقًا: أَخْرَجَتْ وَرَقَها. وأَوْرَقَ الشجرُ، أَيْ خَرَجَ وَرَقُه. وَشَجَرَةٌ وارِقةٌ ووَرِيقة ووَرِقةٌ: خَضْرَاءُ الوَرَق حَسَنَةٌ؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ لأَنه لَا فِعْلَ لَهُ. والوَارِقةُ: الشَّجَرَةُ الْخَضْرَاءُ الوَرَق الْحَسَنَةُ، وَقِيلَ: كَثِيرَةُ الأَوراق. وَشَجَرَةٌ وَرِقةٌ ووَرِيقة: كَثِيرَةُ الوَرَقِ. ووَرَقَ الشجرةَ يَرِقُها وَرْقاً: أَخَذَ وَرَقَها، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَرَقَت الشَّجَرَةُ، خَفِيفَةً، أَلْقَتْ وَرَقَها. وَيُقَالُ: رِقْ لِي هذا الشَّجَرَةَ وَرْقاً أَيْ خُذ وَرَقَها، وَقَدْ وَرَقتُها أَرِقُها وَرْقاً، فَهِيَ مَوْروقة. النَّضْرُ: يُقَالُ اوْرَاقَّ العنبُ يَوْراقُّ ايرِيقاقاً إِذَا لَوَّنَ فَهُوَ مُورَاقّ. الأَصمعي: يُقَالُ وَرَقَ الشجرُ وأَوْرَقَ، وبالأَلف أَكْثَرُ، ووَرَّق تَوْريقاً مِثْلُهُ. والوِراقُ، بِالْكَسْرِ: الْوَقْتُ الَّذِي يُورِقُ فِيهِ الشَّجَرُ، والوَرَاقُ، بِالْفَتْحِ: خُضْرَةُ الأَرض مِنَ الْحَشِيشِ وَلَيْسَ مِنَ الوَرَقِ؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ أَن تطَّرد الْخُضْرَةُ لِعَيْنِكَ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَر يَصِفُ جَيْشًا بِالْكَثْرَةِ وَنَسَبَهُ الأَزهري لأَوس بْنِ زُهَيْرٍ:
كأَنّ جِيادهُنَّ، بِرَعْنِ زُمٍّ، ... جَرَادٌ قَدْ أَطاعَ لَهُ الوَرَاقُ
وَيُرْوَى: برَعْنِ قُفٍّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أن الوَرَاق مِنَ الوَرَقِ؛ وأَنشد الأَزهري:
قُلْ لنُصَيْبٍ يَحْتَلِبْ نَارَ جَعْفَرٍ، ... إِذَا شَكِرَتْ عِنْدَ الوَرَاقِ جِلامُها
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ورَقَت الشجرةُ ووَرَّقَتْ وأَوْرَقتْ، كلُّ ذَلِكَ، إِذَا ظَهَرَ وَرَقُها تَامًّا. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لعَمَّار: أَنْتَ طيّبُ الوَرَق
؛ أَراد بِالْوَرَقِ نَسْله تَشْبِيهًا بوَرَق الشَّجَرِ لِخُرُوجِهَا مِنْهَا. ووَرَقُ الْقَوْمِ: أَحْدَاثُهُمْ. وَمَا أَحسن وَرَاقهُ وأَوْرَاقهُ أَيْ لِبْسته وشارتهُ، عَلَى التَّشْبِيهِ بالوَرَقِ. واخْتَبط مِنْهُ وَرَقاً: أَصَابَ مِنْهُ خَيْرًا. والرِّقَةُ: أَوَّلُ خُرُوجِ الصِّلِّيان والنَّصِيّ والطَّريفة رَطْبًا، يُقَالُ: رَعَيْنَا رِقَتَهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للنَّصِيّ والصِّلِّيان إِذَا نَبَتَا رِقَةٌ، خَفِيفَةً، مَا دَامَا رَطْبَيْنِ. والرِّقةُ أَيْضًا: رِقةُ الكَلإِ إِذَا خَرَجَ لَهُ وَرَقٌ. وتَوَرَّقَت النَّاقَةُ إِذَا رَعَتِ الرِّقةَ. ابْنُ سَمْعَانَ وَغَيْرُهُ: الرِّقةُ الأَرض الَّتِي يُصِيبُهَا الْمَطَرُ فِي الصَّفَرِيَّة أَوْ فِي الْقَيْظِ فَتَنْبُتُ فَتَكُونُ خَضْرَاءَ فَيُقَالُ: هِيَ رِقة خَضْرَاءُ. والرِّقةُ: رِقةُ النَّصِي وَالصِّلِّيَانِ إِذَا اخضرَّا(10/374)
فِي الرَّبِيعِ. أَبُو عَمْرٍو: الوَرِيقةُ الشَّجَرَةُ الْحَسَنَةُ الوَرَقِ. وَعَامٌ أَوْرَقُ: لَا مَطَرَ فِيهِ، وَالْجَمْعُ وُرْق. والوَرَقُ: أُدم رقاقٌ، وَاحِدَتُهَا وَرَقة، وَمِنْهَا وَرَقُ الْمُصْحَفِ، ووَرَقُ الْمُصْحَفِ وأَوْراقُه: صُحُفُهُ، الْوَاحِدُ كَالْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنْهُ. والوَرَّاقُ: مَعْرُوفٌ، وَحِرْفَتُهُ الوِراقةُ. وَرَجُلٌ وَرَّاق: وَهُوَ الَّذِي يُوَرِّق وَيَكْتُبُ. الْجَوْهَرِيُّ: والوَرَقُ الْمَالُ مِنْ دَرَاهِمَ وَإِبِلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ الوَرَقُ الْمَالِ مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
إياكَ أَدعو، فَتَقَبَّلْ مَلَقِي ... اغفِرْ خَطايايَ، وثَمِّرْ ورَقِي
والوَرَقُ مِنَ الدَّمِ: مَا اسْتَدَارَ مِنْهُ عَلَى الأَرض، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يَسْقُطُ مِنَ الْجِرَاحَةِ عَلَقاً قِطعاً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَوّله وَرَق وَهُوَ مِثْلُ الرَّشِّ، والبصِيرةُ مِثْلُ فِرْسِنِ الْبَعِيرِ، والجَدِيَّةُ أَعظم مِنْ ذَلِكَ، والإِسْباءةُ فِي طُولِ الرُّمْحِ، وَالْجَمْعُ الأَسابي. والوَرَقُ: الدنيا. ووَرَقُ الْقَوْمِ: أَحداثُهم. ووَرَقُ الشَّباب: نَضْرته وَحَدَاثَتُهُ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والوَرِقُ والوِرْقُ والوَرْقُ والرِّقَةُ: الدَّرَاهِمُ مِثْلَ كَبِدٍ وكِبْدٍ وكَبْدٍ، وكَلِمة وكِلْمة وكَلْمةٍ، لأَن فِيهِمْ مَنْ يَنْقُلُ كَسْرَةَ الرَّاءِ إِلَى الْوَاوِ بَعْدَ التَّخْفِيفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْرُكُهَا عَلَى حَالِهَا. وَفِي الصِّحَاحِ: الوَرِقُ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ وَكَذَلِكَ الرقةُ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي الزَّكَاةِ:
فِي الرِّقةِ رُبُعُ الْعُشْرِ
، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ
؛ يُرِيدُ الْفِضَّةَ والدراهمَ الْمَضْرُوبَةَ مِنْهَا، وَحُكِيَ فِي جَمْعِ الرِّقة رِقَات؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الرِّقة قَوْلُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فِي يَوْمِ مُسَيْلِمَةَ:
إِنَّ السِّهام بالرَّدَى مُفَوَّقَه، ... والحَرْب وَرْهاء العِقال مُطْلَقه
وَخَالِدٌ مِنْ دِينِهِ عَلَى ثِقَهْ، ... لَا ذَهَبٌ يُنْجِيكُمُ وَلَا رِقَه
والمُسْتَوْرِقُ: الَّذِي يَطْلُبُ الوَرِقَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
أَقْبَلْت كالمُنْتَجِع المُسْتَوْرِق
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا سُمِّيَتِ الْفِضَّةُ وَرَقاً. يُقَالُ: أَعطاه أَلف دِرْهَمٍ رِقَة لَا يُخَالِطُهَا شيءٌ مِنَ الْمَالِ غَيْرُهَا. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: فِي الرِّقةِ رُبُعُ الْعُشْرِ.
وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الوَرِقُ والرِّقَةُ الدَّرَاهِمُ خَاصَّةً. والوَرَّاقُ: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الوَرِق. والوَرَقُ: الْمَالُ كُلُّهُ، وأَنشد رَجَزَ الْعَجَّاجِ: وثَمِّرْ وَرَقي، أَيْ مَالِي. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الوَرَقُ الْفِضَّةُ، كَانَتْ مَضْرُوبَةً كَدَرَاهِمَ أَوْ لَا. شَمِرٌ: الرِّقةُ الْعَيْنُ، يُقَالُ: هِيَ مِنَ الْفِضَّةِ خَاصَّةً. ابْنُ سِيدَهْ: والرِّقَةُ الْفِضَّةُ وَالْمَالُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقِيلَ: الذَّهَب وَالْفِضَّةُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَرْفجة: لَمَّا قُطِعَ أَنْفُهُ اتخذ أَنفاً من وَرِقٍ فأَنتن عَلَيْهِ فَاتَّخَذَ أَنفاً مِنْ ذَهَب
؛ الوَرِقُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: الْفِضَّةُ؛ وَحُكِيَ عَنِ الأَصمعي أَنَّهُ إِنَّمَا اتَّخَذَ أَنفاً مِنْ وَرَقٍ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، أَراد الرَّقَّ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ لأَن الْفِضَّةَ لَا تُنْتِنُ؛ قَالَ: وَكُنْتُ أَحسب أَن قَوْلَ الأَصمعي إِنَّ الْفِضَّةَ لَا تُنْتِنُ صَحِيحًا حَتَّى أَخبرني بَعْضُ أَهل الْخِبْرَةِ أَنَّ الذَّهَبَ لَا يُبْلِيه الثَّرَى وَلَا يُصْدئه النَّدَى وَلَا تَنقُصُه الأَرض وَلَا تأْكله النَّارُ، فأَما الْفِضَّةُ فَإِنَّهَا تَبْلى وتَصْدَأُ وَيَعْلُوهَا السَّوَادُ وتُنْتِنُ، وَجَمْعُ الوَرِقِ والوَرْق والوِرْقِ أَوْراق، وجمْع الرِّقَة رِقُونَ.(10/375)
وَفِي الْمَثَلِ: إِنَّ الرِّقِين تُعَفِّي عَلَى أَفْنِ الأَفِينِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: وِجْدانُ الرِّقِين يُغَطِّي أَفْن الأَفِينِ؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَن الْمَالَ يُغَطِّي الْعُيُوبَ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَلَا تَلْحَيا الدُّنْيَا إليَّ، فَإِنَّنِي ... أَرى وَرَقَ الدُّنْيا تَسُلُّ السَّخائما
وَيَا رُبَّ مُلْتاثٍ يَجُرُّ كساءَه، ... نَفَى عَنْهُ وِجْدان الرِّقين العَزائما
يَقُولُ: يَنْفِي عَنْهُ كثرةُ الْمَالِ عزائمَ النَّاسِ فِيهِ أَنه أَحمق مَجْنُونٌ. قَالَ الأَزهري: لَا تَلْحَيا لَا تذمَّا. والمُلْتاث: الأَحمق. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالشِّعْرُ لِثُمَامَةَ السَّدوسي. وَرَجُلٌ مُورقٌ ووَرَّاق: صَاحِبُ وَرَقٍ؛ قَالَ:
يَا رُبَّ بَيْضاءَ مِنَ العِرَاقِ، ... تأْكل مِنْ كِيس امْرئٍ وَرَّاقِ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَي كَثِيرِ الوَرَقِ والمالِ. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ وَرَّاق كَثِيرُ الدَّرَاهِمِ. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ إِنْ تَتْجُرْ فَإِنَّهُ مَوْرَقةٌ لِمَالِكَ أَيْ مُكَثِّره. وَيُقَالُ: أَوْرَق الرَّجُلُ كَثُرَ مَالُهُ. وَيُقَالُ: أَوْرَقَ الحابلُ يُورِقُ إِيرَاقًا، فَهُوَ مُورِقٌ إِذَا لَمْ يَقَعْ فِي حِبالته صَيْدٌ، وَكَذَلِكَ الْغَازِي إِذَا لَمْ يَغْنَم فَهُوَ مُورِقٌ ومُخْفِقٌ، وأَوْرَق الصَّائِدُ إِذَا لَمْ يَصِدْ. وأَوْرَق الطَّالِبُ إِذَا لَمْ يَنَلْ. ابْنُ سِيدَهْ: وأَوْرَقَ الصَّائِدُ أَخطأَ وَخَابَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
إِذَا كَحَلْنَ عُيُونًا غيرَ مُورِقةٍ، ... رَيَّشْنَ نَبْلًا لأَصحاب الصِّبَا صُيُدا
يعني غير خائة. وأَورَقَ الغازِي: أَخْفَقَ وغَنِمَ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ قَالَ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الحَرْب تُعْوِجُ أَهْلَها ... مِراراً، وَأَحْيَانًا تُفِيدُ وتورقُ؟
والأَوْرَقُ مِنَ الإِبل: الَّذِي فِي لَوْنِهِ بَيَاضٌ إِلَى سَوَادٍ. والوُرْقَةُ: سَوَادٌ فِي غُبْرة، وَقِيلَ: سَوَادٌ وَبَيَاضٌ كَدُخَانِ الرِّمْثِ يَكُونُ ذَلِكَ فِي أَنواع الْبَهَائِمِ وأَكثر ذَلِكَ فِي الإِبل. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَوْرَقُ أَطْيَبُ الإِبل لَحْمًا وأَقلها شِدَّةً عَلَى الْعَمَلِ وَالسَّيْرِ، وَلَيْسَ بِمَحْمُودٍ عِنْدَهُمْ فِي عَمَلِهِ وَسَيْرِهِ، قَالَ. وَقَدْ يَكُونُ فِي الإِنسان؛ قَالَ:
أَيّامَ أَدعو بأَبِي زِياد ... أَوْرَقَ بَوَّالًا عَلَى البِساط
أَراد أَيام أَدْعُو بِدُعَائِي أَبَا زِيَادٍ رَجُلًا بَوَّالًا، قَالَ وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ لَئِنْ لَقِيتَ فُلَانًا لَتَلْقَيَنَّ مِنْهُ الأَسد، وَقَدِ ايرَقَّ «1» . واوْرَاقَّ وَهُوَ أَوْرَقُ. الأَصمعي: إِذَا كَانَ الْبَعِيرُ أَسود يُخَالِطُ سَوَادَهُ بَيَاضٌ كَدُخَانِ الرِّمْثِ فَتِلْكَ الوُرْقَةُ، فَإِنِ اشتدَّتْ وُرْقَتهُ حَتَّى يَذْهَبَ الْبَيَاضُ الَّذِي فِيهِ فَهُوَ أَدْهَمُ. ابْنُ الأَعرابي: قَالَ أَبو نَصْرٍ النَّعَامِيُّ: هَجِّرْ بحَمْراء وأَسْرِ بوَرْقاء وصَبِّح الْقَوْمَ عَلَى صَهْبَاءَ؛ قِيلَ لَهُ: ولِمَ ذَلِكَ؛ قَالَ: لأَن الحَمْراءَ أَصْبَرُ عَلَى الْهَوَاجِرِ، والوَرْقاءَ أَصْبَرُ عَلَى طُولِ السُّرَى، والصَّهْباء أَشهر وأَحسن حِينَ يُنْظَرُ إِلَيْهَا، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلرَّمَادِ أوْرَقُ، وللحَمامة والذِّئْبة وَرْقاءُ؛
وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ جاءَت بِهِ أَوْرَقَ جُمَاليّاً
؛ فَإِنَّمَا عَنَى، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الأُدمة فَاسْتَعَارَ لَهَا اسْمَ الوُرْقة، وَكَذَلِكَ اسْتَعَارَ جُمَاليّاً وَإِنَّمَا الجُمالية لِلنَّاقَةِ، وَرَوَاهُ أَهل الْحَدِيثِ
جَمَاليّاً
، مِنَ الجَمال، وليس بشيء.
__________
(1) . قوله [وقد ايرق] كذا هو بالأصل بدون ألف لينة بين الهاء والقاف(10/376)
والأَوْرَقُ مِنَ النَّاسِ: الأَسمر؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ: إِنْ جاءَت بِهِ أُمُّه أَوْرَقَ
أَي أَسمر. والسُّمْرة: الوُرْقَة. والسَّمْرةُ: الأُحْدوثة بِاللَّيْلِ. والأَوْرَقُ: الَّذِي لَوْنُهُ بَيْنَ السَّوَادِ والغُبْرَة؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّمَادِ أَوْرَقُ وَلِلْحَمَامَةِ وَرْقاء، وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بالأُدْمة. وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَورق جَعْداً
؛ الأَوْرَقُ: الأَسمر، والوُرْقة السُّمْرَةُ، يُقَالُ: جَمَلٌ أَوْرَقُ وَنَاقَةٌ وَرْقاء. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الأَكوع: خَرَجْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ ورقاءَ.
وَحَدِيثُ
قُسّ: عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ.
أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ أَمثالهم: إِنَّهُ لأَشْأَم مِنْ وَرْقاء، وهي مشؤومة يَعْنِي النَّاقَةَ، وَرُبَّمَا نَفَرَتْ فَذَهَبَتْ فِي الأَرض. وَيُقَالُ لِلْحَمَامَةِ وَرْقاء لِلَوْنِهَا. الأَصمعي: جَاءَ فُلَانٌ بالرُّبَيْق «2» عَلَى أُرَيْق إِذَا جَاءَ بِالدَّاهِيَةِ الْكَبِيرَةِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أُرَيْقٌ تَصْغِيرُ أَوْرَق، عَلَى التَّرْخِيمِ، كَمَا صَغَّرُوا أَسْوَدَ سوَيْداً، وأُرَيْق فِي الأَصل وُرَيق فَقُلِبَتِ الْوَاوُ أَلِفًا لِلضَّمَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ، والأَصل وقِّتَتْ. الأَصمعي: تَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنَّ قَوْلَهُمْ [جَاءَنَا بأُم الرُّبَيْق عَلَى أُرَيْقٍ] ، مِنْ قَوْلِ رجلٍ رأَى الغُولَ عَلَى جَملٍ أَوْرَقَ كَأَنَّهُ أَراد وُرَيْقاً تَصْغِيرَ أَوْرَق. والأَوْرَقُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا كَانَ لَوْنُهُ لَوْنَ الرَّمَادِ، وَزَمَانٌ أَورق أَيْ جَدْبٌ؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
إِنْ كَانَ عَمِّي لكَرِيمَ المِصْدَقِ، ... عَفّاً هَضُوماً فِي الزَّمَانِ الأَوْرَقِ
والأَوْرَقُ: اللَّبَنُ الَّذِي ثُلْثَاهُ مَاءٌ وَثُلُثُهُ لَبَنٌ؛ قَالَ:
يشْربه مَحْضاً ويَسْقي عيالَهُ ... سَجاجاً، كأقْرابِ الثَّعَالِبِ، أَوْرَقا
وَكَذَلِكَ شَبَّهَتِ الْعَرَبُ لَوْنَ الذِّئْبِ بِلَوْنِ دُخَانِ الرِّمْث لأَن الذِّئْبَ أَوْرَقُ؛ قَالَ رُؤْبَةَ:
فَلَا تَكُوني، يَا ابْنَةَ الأَشَمِّ، ... وَرْقاءَ دَمَّى ذِئْبَها المُدَمِّي
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الَّذِي يَضرب لونُه إِلَى الْخُضْرَةِ. قَالَ: والذِّئابُ إِذَا رأَت ذِئباً قَدْ عُقِر وَظَهَرَ دَمُهُ أَكَبَّت عَلَيْهِ فَقَطَعَتْهُ وأُنثاه مَعَهَا، وَقِيلَ: الذِّئْبُ إِذَا دَمِيَ أَكَلَتْهُ أُنثاه فَيَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ لامرأَته: لَا تَكُونِي إِذَا رأَيت النَّاسَ قَدْ ظَلَمُونِي مَعَهُمْ عَلَيَّ فَتَكُونِي كَذِئْبَةِ السُّوءِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: نَصْل أَوْرَقُ بُرِدَ أَو جُلِيَ ثُمَّ لُوّح بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْجَمْرِ حَتَّى اخْضَرَّ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
عَلَيْهِ وُرْقانُ القِران النُّصَّلِ
والوَرَقة فِي الْقَوْسِ: مَخْرَجُ غُصْن، وَهُوَ أَقل مِنَ الأُبْنة، وَحَكَاهُ كُرَاعٌ بِجَزْمِ الرَّاءِ وَصَرَّحَ فِيهِ بِذَلِكَ. وَيُقَالُ: فِي الْقَوْسِ وَرْقة، بِالتَّسْكِينِ، أَي عَيْبٌ، وَهُوَ مَخْرج الغُصن إِذَا كَانَ خَفِيًّا. ابْنُ الأَعرابي: الوَرْقة الْعَيْبُ فِي الْغُصْنِ، فَإِذَا زَادَتْ فَهِيَ الأُبْنة، فإذا زادت فيه السحسه «3» . ووَرَقة الوَتَر: جُليدة تُوضَعُ عَلَى حَزِّه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَرَجُلٌ وَرَق وَامْرَأَةٌ وَرَقة: خَسِيسَانِ. والوَرَقُ مِنَ الْقَوْمِ: أَحداثهم؛ قَالَ الشَّاعِرُ هُدْبَةُ بْنُ الخَشْرم يَصِفُ قَوْمًا قَطَعُوا مَفَازَةً:
إِذَا وَرَقُ الفِتْيان صَارُوا كأنَّهُم ... دراهِمُ، مِنْهَا جائزاتٌ وزُيَّفُ
__________
(2) . قوله [جاء فلان بالربيق إلخ] عبارة القاموس في أرق: جَاءَنَا بِأُمِّ الرُّبَيْقِ عَلَى أُرَيْقٍ أي بالداهية العظيمة.
(3) . قوله [السحسه] هي هكذا في الأَصل بدون نقط(10/377)
وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ: وَزَائِفٌ، وَهُوَ خطأٌ، وَهُمُ الخِساس، وَقِيلَ: هُمُ الأَحداث، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَبْلَهُ:
يَظَلُّ بِهَا الْهَادِي يُقَلِّبُ طَرْفه، ... يَعَضُّ عَلَى إِبْهَامِهِ، وَهُوَ واقفُ
قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ وَزَائِفُ، لأَن الْقَصِيدَةَ مُؤَسَّسَةٌ وأَولها:
أَتُنْكِرُ رَسْم الدَّارِ أَمْ أَنتَ عارِفُ
وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ: مِنْهَا رَاكِبَاتٌ وَزَائِفُ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: لَنَا وَرَقٌ أَي طَرِيفٌ وَفِتْيَانٌ وَرَق، وأَنشد الْبَيْتَ؛ وَقَالَ عمرو فِي نَاقَتِهِ وَكَانَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ:
طَالَ الثَّواءُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ لَا ... تَرْعَى، وبِيعَ لَهُ البَيْضاء والوَرَقُ
أَراد بِالْبَيْضَاءِ الحَليَّ، وبالوَرَق الخَبَط، وبِيعَ اشْتُرِي. ابْنُ الأَعرابي: الوَرَقةُ الْخَسِيسُ مِنَ الرِّجَالِ، والوَرَقة الْكَرِيمُ مِنَ الرِّجَالِ، والوَرَقة مِقْدَارُ الدِّرْهَمِ مِنَ الدَّمِ. والوَرَقُ: الْمَالُ النَّاطِقُ كُلُّهُ. والوَرَقُ: الأَحداث مِنَ الْغِلْمَانِ. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ رأَيته وَرَقاً أَي حَيًّا، وَكُلُّ حَيٍّ وَرَق، لأَنهم يَقُولُونَ يَمُوتُ كَمَا يَمُوتُ الوَرَقُ وَيَيْبَسُ كَمَا يَيْبَسُ الوَرَقُ؛ قَالَ الطَّائِيُّ:
وهَزَّتْ رَأْسَها عَجَباً وَقَالَتْ: ... أَنا العُبْرِي، أَإِيَّانا تُرِيدُ؟
وَمَا يَدْرِي الوَدُودُ، لعلَّ قَلْبِي، ... وَلَوْ خُبِّرْته وَرَقاً، جَلِيدُ
أَي وَلَوْ خُبِّرْته حَيّاً فَإِنَّهُ جَلِيد. والوَرْقاء: شُجَيْرَةٌ مَعْرُوفَةٌ تَسْمُو فَوْقَ الْقَامَةِ لَهَا وَرَق مُدَوَّرٌ وَاسِعٌ دَقِيقٌ نَاعِمٌ تَأْكُلُهُ الْمَاشِيَةُ كُلُّهَا، وَهِيَ غَبْرَاءُ السَّاقِ خَضْرَاءُ الْوَرَقِ لَهَا زَمَع شُعْر فِيهِ حَبٌّ أَغبر مِثْلُ الشَّهْدانِج، تَرْعَاهُ الطَّيْرُ، وَهُوَ سُهْليّ يَنْبُتُ فِي الأَودية وَفِي جَنَباتها وَفِي الْقِيعَانِ، وَهِيَ مَرْعًى. ومَوْرَقٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، شَاذٌّ عَنِ الْقِيَاسِ عَلَى حَسَبِ مَا يَجِيءُ للأَسماء الأَعلام فِي كَثِيرٍ مِنْ أَبواب الْعَرَبِيَّةِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ مَوْرِقاً، بِكَسْرِ الرَّاءِ. والوَرِيقةُ ووِراقٌ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ الزِّبْرِقَانُ:
وعَبْد مِنْ ذَوِي قَيْسٍ أَتَانِي، ... وأَهلي بالتَّهائم فالوِراق
ووَرِقانُ: جبَل مَعْرُوفٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سِنُّ الْكَافِرِ فِي النَّارِ
كوَرِقان، هُوَ بِوَزْنِ قَطِرانٍ، جَبَلٌ أَسْوَدُ بَيْنَ العَرْج والرُّوَيْثة عَلَى يَمين الْمَارِّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
رَجُلَانِ مِنْ مُزَيْنة يَنْزِلَانِ جَبَلًا مِنْ جِبَالِ الْعَرَبِ يُقَالُ لَهُ وَرِقان فيُحْشَرُ الناسُ وَلَا يَعْلَمان.
ووَرْقاء: اسْمُ رَجُلٍ، وَالْجَمْعُ وَرَاقٍ ووَراقى مِثْلُ صَحارٍ وصَحارى، وَنَسَبُوا إِلَيْهِ وَرْقاوِيٌّ فأَبدلوا مِنْ هَمْزَةِ التَّأْنِيثِ وَاوًا. وَفُلَانُ بن مَوْرَقٍ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ شَاذٌّ مثل مَوْحَدٍ.
وسق: الوَسْقُ والوِسْقُ: مِكْيَلَة مَعْلُومَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ حِمْلُ بَعِيرٍ وَهُوَ سِتُّونَ صَاعًا بِصَاعِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَرطال وَثُلُثٌ، فالوسْقُ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ مَناً؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: خَمْسَةُ أَوسق هِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ قَفِيزاً، قَالَ: وَهُوَ قَفِيزُنا الَّذِي يُسَمَّى الْمُعَدَّلَ، وَكُلُّ وَسْق بالمُلَجَّم ثَلَاثَةُ أَقْفِزَةٍ، قَالَ: وَسِتُّونَ صَاعًا أَربعة وَعِشْرُونَ مكُّوكاً بالمُلَجَّم وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقفِزَةٍ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ.
التَّهْذِيبُ: الوَسْقُ، بِالْفَتْحِ، سِتُّونَ صَاعًا وَهُوَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ(10/378)
رِطْلًا عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ، وأَربعمائة وَثَمَانُونَ رِطْلًا عِنْدَ أَهل الْعِرَاقِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي مِقْدَارِ الصَّاعِ والمُدِّ، والأَصل فِي الوَسْق الحَمْل؛ وَكُلُّ شَيْءٍ وَسَقْته، فَقَدْ حَمَلْتَهُ. قَالَ عَطَاءٌ فِي قَوْلِهِ
خَمْسَةُ أَوْسُقٍ
: هِيَ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الوَسْق هُوَ حِمْل الْبَعِيرِ، والوِقْرُ حِمْلُ الْبَغْلِ أَو الْحِمَارِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ فِي بَابِ طَلْعِ النَّخْلِ: حَمَلت وَسْقاً أَي وِقْراً، بِفَتْحِ الْوَاوِ لَا غَيْرَ، وَقِيلَ: الوَسْق العِدْل، وَقِيلَ العِدْلان، وَقِيلَ هُوَ الحِملُ عَامَّةً، وَالْجَمْعُ أوْسُقٌ ووُسوق؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
مَا حُمِّلَ البُخْتِيُّ عامَ غِيارِه، ... عَلَيْهِ الوُسُوقُ، بُرُّها وشَعِيرُها
ووَسَقَ البعيرَ وأَوْسَقه: أَوْقَره. والوَسْقُ: وِقْر النَّخْلَةِ. وأَوْسَقَت النخلةُ: كَثُرَ حَمْلها؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعون، وعند اللَّه ... وِرْدُ الأُمور والإِصدارُ
كلَّ شَيْءٍ أَحْصَى كِتَابًا وحِفْظاً، ... ولَدَيْهِ تَجَلَّت الأَسْرارُ
«1» . يَوْمَ أَرزاقُ مَنْ يُفَضَّلُ عُمٌّ، ... موسِقاتٌ وحُفَّلٌ أَبكارُ
قَالَ شَمِرٌ: وأَهل الْغَرْبِ يُسَمُّونَ الوَسْق الوِقْر، وَهِيَ الأَوْساق والوُسُوق. وَكُلُّ شَيْءِ حَمَلْتَهُ، فَقَدَ وَسَقْته. وَمِنْ أَمثالهم: لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا مَا وَسَقَت عَيْنِي الماءَ أَي مَا حَمَلَتْهُ. وَيُقَالُ: وَسَقَت النخلةُ إِذَا حَمَلَتْ، فَإِذَا كَثُرَ حِمْلُهَا قِيلَ أَوْسَقَتْ أَي حَمَلَتْ وَسْقاً. وَوَسَقْت الشَّيْءَ أَسِقُه وَسْقاً إِذَا حَمَلْتَهُ؛ قَالَ ضَابِئُ بْنُ الْحَرْثِ البُرْجُمِيُّ:
فإنِّي، وإيَّاكم وشَوْقاً إليكُمُ، ... كَقَابِضِ مَاءٍ لَمْ تَسِقْهُ أَنامِلُهْ
أَي لَمْ تَحْمِلْهُ، يَقُولُ: لَيْسَ فِي يَدِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا أَنه لَيْسَ فِي يَدِ الْقَابِضِ عَلَى الْمَاءِ شَيْءٌ، ووَسَقَت الأَتان إِذَا حَمَلَتْ وَلَدًا فِي بَطْنِهَا. ووَسَقَت النَّاقَةُ وغيرُها تَسِقُ أَي حَمَلَتْ وأَغْلَقَتْ رَحِمَها عَلَى الْمَاءِ، فَهِيَ نَاقَةٌ واسِقٌ ونُوق وِساقٌ مِثْلُ نَائِمٍ ونِيَام وَصَاحِبٍ وصِحَاب؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
أَلَظَّ بِهِنَّ يَحْدوهُنَّ، حَتَّى ... تَبَيَّنت الحِيالُ مِنَ الوِساقِ
ووَسَقَت الناقةُ والشاةُ وَسْقاً ووُسوقاً، وَهِيَ واسِقٌ: لَقِحَتْ، وَالْجَمْعُ مَوَاسِيق ومَواسِق كِلَاهُمَا جَمْعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَوَاسيق ومَوَاسق جَمْعُ مِيسَاقٍ ومَوْسق. وَلَا آتِيكَ مَا وَسَقَتْ عَيْنِي الماءَ أَي مَا حَمَلَتْهُ. والمِيسَاق مِنَ الْحَمَّامِ: الْوَافِرُ الْجَنَاحِ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ جَعَلُوا جَنَاحَيْهِ لَهُ كالوَسْقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهَمْزِ، وَيُقَوِّي أَن أَصله الْهَمْزُ قَوْلُهُمْ في جمعه مَآسيق لَا غَيْرَ. والوُسُوق: مَا دَخَلَ فِيهِ اللَّيْلُ وَمَا ضَمَّ. وَقَدْ وَسَقَ الليلُ واتَّسَقَ؛ وَكُلُّ مَا انْضَمَّ، فَقَدِ اتَّسَق. وَالطَّرِيقُ يأتَسِقُ؛ ويَتَّسق أَي يَنْضَمُّ؛ حَكَاهُ الْكِسَائِيُّ. واتَّسَق الْقَمَرُ: اسْتَوَى. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَما وَسَقَ
أَي وَمَا جَمَعَ وَضَمَّ. واتَّساقُ الْقَمَرِ: امْتِلَاؤُهُ وَاجْتِمَاعُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ لَيْلَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وأَربع عَشْرَةَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِلَى سِتَّ عَشْرَةَ فِيهِنَّ امْتِلَاؤُهُ واتِّسَاقه، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَمَا وَسَقَ أَي
__________
(1) . في رواية أخرى: وعِلماً بدل وحفظاً(10/379)
وَمَا جُمِعَ مِنَ الْجِبَالِ وَالْبِحَارِ والأَشجار كَأَنَّهُ جَمَعَهَا بأَن طَلَعَ عَلَيْهَا كلِّها، فَإِذَا جَلَّلَ الليلُ الْجِبَالَ والأَشجار وَالْبِحَارَ والأَرض فَاجْتَمَعَتْ لَهُ فَقَدْ وَسَقَها. أَبو عَمْرٍو: الْقَمَرُ والوَبَّاص والطَّوْس والمُتَّسِق والجَلَمُ والزِّبْرقان والسِّنِمَّارُ. ووَسَقْت الشيءَ: جَمَعْتُهُ وَحَمَلْتُهُ. والوَسْق: ضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ أُحُد:
اسْتَوسِقُوا كَمَا يَسْتَوْسِق جُرْبُ الْغَنَمِ
أَي اسْتَجْمِعُوا وَانْضَمُّوا، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَن رَجُلًا كَانَ يَحوز الْمُسْلِمِينَ وَيَقُولُ اسْتَوسِقُوا.
وَفِي حَدِيثِ
النَّجَاشِيِّ: واسْتَوْسَقَ عَلَيْهِ أَمْرُ الحَبَشة
أَي اجْتَمَعُوا عَلَى طَاعَتِهِ وَاسْتَقَرَّ الْمُلْكُ فِيهِ. والوَسْقُ: الطَّرْدُ؛ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الوَسِيقةُ، وَهِيَ مِنَ الإِبل كالرُّفْقة مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا سُرِقَتْ طُرِدت مَعًا؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُر:
كَذَبْت عَلَيْكَ لَا تَزَالُ تَقُوفُني، ... كَمَا قافَ آثارَ الوَسيقةِ قائفُ
وَقَوْلَهُ كَذَبْتُ عَلَيْكَ هُوَ إِغْرَاءٌ أَي عَلَيْكَ بِي، وَقَوْلُهُ تَقُوفُنِي أَي تَقُضُّني وَتَتَبَّعُ آثَارِي، والوَسِيقُ: الطَّرْد؛ قَالَ:
قَرَّبها، وَلَمْ تَكَدْ تُقَرَّب ... مِنْ آلِ نَسْيان، وَسِيقٌ أَجدب
ووَسَق الإِبلَ فاسْتَوْسقت أَي طَرَدَهَا فأَطاعت؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إنَّ لَنَا لإِبلًا نَقانِقا ... مُسْتَوْسقاتٍ، لَوْ تجدْنَ سَائِقَا
أَراد مِثْلَ النَّقانِق وَهِيَ الظِّلْمانُ، شَبَّهَهَا بِهَا فِي سُرْعَتِهَا. واسْتَوْسَقت الإِبل: اجْتَمَعَتْ؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
إنَّ لَنَا قَلَائِصًا حقَائقا ... مُسْتَوْسقات، لَوْ تجدْنَ سَائِقَا
وأَوْسَقْتُ الْبَعِيرَ: حَمّلته حمْله ووَسَقَ الإِبل: طَرَدَهَا وَجَمَعَهَا؛ وأَنشد:
يَوْمًا تَرانا صالحينَ، وَتَارَةً ... تَقومُ بِنَا كالوَاسِقِ المُتَلَبِّبِ
واسْتَوْسَقَ لَكَ الأَمرُ إِذَا أَمكنك. واتَّسَقت الإِبل واسْتَوْسقَت: اجْتَمَعَتْ. وَيُقَالُ: واسَقْتُ فُلَانًا مُوَاسقةً إِذَا عَارَضْتَهُ فَكُنْتَ مِثْلَهُ وَلَمْ تَكُنْ دُونَهُ؛ وَقَالَ جَنْدَلٌ:
فلسْتَ، إنْ جارَيْتني، مُوَاسِقِي، ... ولسْتَ، إِنْ فَرَرْتَ مِنِّي، سابِقي
والوِساقُ والمُوَاسقة: المُنَاهدة؛ قَالَ عَدِيٌّ:
ونَدَامَى لا يَبْخَلُون بما نالوا، ... وَلَا يُعْسِرون عِنْدَ الوِساقِ
والوَسِيقةُ مِنَ الإِبل وَالْحَمِيرِ: كالرُّفْقة مِنَ النَّاسِ، وَقَدْ وَسَقها وُسُوقاً، وَقِيلَ: كُلُّ مَا جُمِع فَقَدْ وُسِقَ. ووَسِيقةُ الْحِمَارِ: عَانَتُهُ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: إِنَّ اللَّيْلَ لَطَوِيلٌ وَلَا أَسِقُ بالَهُ وَلَا أَسِقْهُ بَالًا، بِالرَّفْعِ وَالْجَزْمِ، مِنْ قَوْلِكَ وَسَق إِذَا جَمَع أَي وُكِلت بِجَمْعِ الْهُمُومِ فِيهِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَعْنَاهُ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ أَمْرُهُ، قَالَ: وَهُوَ دُعَاءٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: إِنَّ اللَّيْلَ لَطَوِيلٌ وَلَا تَسِقْ بالهُ مَنْ وَسَق يَسِق. قال الأزهري: ولا تَسِقْ جُزِمَ عَلَى الدُّعَاءِ، وَمِثْلُهُ: إِنَّ اللَّيْلَ طَوِيلٌ وَلَا يَطُلْ إِلَّا بِخَيْرٍ أَي لَا طَالَ إِلَّا بِخَيْرٍ. الأَصمعي: يُقَالُ لِلطَّائِرِ الَّذِي يُصَفِّقُ بِجَنَاحَيْهِ إِذَا طَارَ:(10/380)
هُوَ المِيساقُ، وَجَمْعُهُ مَآسِيق؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا سَمِعْتُهُ بِالْهَمْزِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَبو عُبَيْدٍ المِيساقُ الطَّائِرُ الَّذِي يُصَفِّقُ بِجَنَاحَيْهِ إِذَا طَارَ، قَالَ: وَجَمْعُهُ مَياسِيقُ. والاتّساقُ: الِانْتِظَامُ. ووَسَّقْتُ الحِنطة تَوْسيقاً أَي جَعَلْتُهَا وَسْقاً وَسْقاً. الأَزهري: الوَسِيقةُ الْقَطِيعُ مِنَ الإِبل يَطْرُدُهَا الشَّلَّال، وَسُمِّيَتْ وَسيقةً لأَن طَارَدَهَا يَجْمَعُهَا وَلَا يَدَعُها تَنْتَشِرُ عَلَيْهِ فيلحَقُها الطلبُ فَيَرُدُّهَا، وَهَذَا كَمَا قِيلَ لِلسَّائِقِ قَابِضٌ، لأَن السَّائِقَ إِذَا سَاقَ قَطِيعًا مِنَ الإِبل قَبَضَهَا أَي جَمَعَهَا لِئَلَّا يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ سَوْقُهَا، ولأَنها إِذَا انْتَشَرَتْ عَلَيْهِ لَمْ تَتَتَابَعْ وَلَمْ تَطَّرِدْ عَلَى صَوبٍ وَاحِدٍ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ يَسُوقُ الوَسِيقة وينسُل الوَدِيقة وَيَحْمِي الحَقيقة؛ وَجَعَلَ رُؤْبَةُ الوَسْق مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَقَالَ:
كأَنَّ وَسْقَ جَنْدَلٍ وتُرْبِ، ... عليَّ، مِنْ تَنْحيب ذَاكَ النَّحْبِ
والوَسِيقةُ مِنَ الإِبل وَنَحْوِهَا: مَا غُصِبَتْ. الأَصمعي: فَرَسٌ مِعْتاق الوَسِيقة وَهُوَ الَّذِي إِذَا طُرِدَ عَلَيْهِ طرِيدةٌ أَنْجَاهَا وَسَبَقَ بِهَا؛ وأَنشد:
أَلم أَظْلِفْ عَنِ الشُّعَرَاءِ عِرْضي، ... كَمَا ظُلِفَ الوَسِيقةُ بالكُراعِ؟
وشق: الوَشْق: الْعَضُّ. ووَشَقه وشْقاً: خَدَشَهُ. والوَشيقُ والوَشِيقة: لَحْمٌ يُغْلى فِي مَاءِ مِلْحٍ ثُمَّ يُرْفع، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُغلى إغْلاءةً ثُمَّ يُرْفَعُ، وَقِيلَ: يُقَدَّدُ وَيُحْمَلُ فِي الأَسفار وَهِيَ أَبْقَى قديدٍ يَكُونُ؛ قَالَ جَزْءُ بْنُ رَبَاحٍ الْبَاهِلِيُّ:
تَرُدُّ العَيْنَ لَا تَنْدَى عِذاراً، ... ويَكْثُرُ عندَ سَائِسِهَا الوَشِيقُ
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أُهْدِيتْ لَهُ وشِيقةُ قَدِيد ظبيٍ فردَّها
وَيُجْمَعُ عَلَى وَشِيقٍ ووَشَائق. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَعِيدٍ: كُنَّا نَتَزَوَّدُ مِنْ وَشِيق الْحَجِّ.
وَفِي حَدِيثِ
جَيْشِ الخَبَط: وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشائق.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ لَحْمٌ يُطْبَخُ فِي مَاءٍ وَمِلْحٍ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَصِيرُ فِي الجُبْجُبةِ، وَهُوَ جِلْدُ الْبَعِيرِ يُقَوَّر ثُمَّ يُجْعَلُ ذَلِكَ اللَّحْمُ فِيهِ فَيَكُونُ زَادًا لَهُمْ فِي أَسفارهم، وَقِيلَ: هُوَ الْقَدِيدُ؛ وَشَقه وَشْقاً وأَشَقَهُ عَلَى الْبَدَلِ ووَشّقه، واتَّشَق وَشيقةً اتِّشاقاً: اتَّخَذَهَا؛ وأَنشد:
إِذَا عَرَضَتْ مِنْهَا كَهاةٌ سَمِينَةٌ، ... فَلَا تُهْدِ مِنْهَا واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتِيَ بوَشِيقة يَابِسَةٍ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ فَقَالَ: إِنِّي حَرَام
أَي مُحْرِمٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الوَشِيقةُ اللَّحْمُ يُؤْخَذُ فَيُغْلَى إِغْلَاءَةً وَيُحْمَلُ فِي الأَسفار وَلَا ينضجُ فَيَتَهَرَّأ، قَالَ: وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنه بِمَنْزِلَةِ الْقَدِيدِ لَا تَمَسُّهُ النَّارُ. أَبو عَمْرٍو: الوَشِيق القَديد وَكَذَلِكَ المُشَنَّقُ: اللَّيْثُ: الوَشِيق لَحْمٌ يُقَدَّدُ حَتَّى يَقِبَّ وَتَذْهَبَ نُدُوَّتُه، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْكَلْبُ وَاشِقاً اسْمٌ لَهُ خَاصَّةً. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: أَن المسلمين أَخطؤوا بأَبيه «2» فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ بِسُيُوفِهِمْ، وَهُوَ يَقُولُ: أَبِي أَبِي فَلَمْ يَفْهَمُوهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ، وَقَدْ تَوَاشقوه بأَسيافهم
أَي قطَّعوه وَشائق كَمَا يُقَطَّع اللَّحْمُ إِذَا قُدد. ووَاشِق: اسْمُ كَلْبٍ وَاسْمُ رَجُلٍ، وَمِنْهُ بَرْوَع بِنْتُ وَاشِق. والواشِق: الْقَلِيلُ مِنَ اللَّبَنِ. وَسَيْرٌ وَشِيقٌ: خَفِيفٌ سَرِيعٌ. ووَشِقَ المفتاحُ فِي القُفْل وَشْقاً: نَشِبَ، وَاللَّهُ أَعلم.
وعق: رَجُلٌ وَعْقة لَعْقة: نَكِد لَئِيمُ الْخُلُقِ، وَيُقَالُ وَعِقة أَيْضًا، وَقَدْ تَوَعَّق واسْتَوعق، والاسم الوَعْق
__________
(2) . قوله [أخطؤوا بأبيه] هكذا في الأَصل والنهاية(10/381)
والوَعْقة. وَرَجُلٌ وَعِقٌ لَعِقٌ: حَرِيصٌ جَاهِلٌ، وَقِيلَ: فِيهِ حِرْصٌ وَوُقُوعٌ فِي الأَمر بِالْجَهْلِ، وَقِيلَ: رَجُلٌ وَعِقٌ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، أَي عَسِرٌ وَبِهِ وَعْقة، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهِيَ الشَّرَاسَةُ وَشِدَّةُ الْخُلُقِ. وَقَدْ وعَّقَه الطَّمَعُ والجهلُ، ووَعَّقه: نَسَبَهُ إِلَى ذَلِكَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مَخافة اللَّهِ، وأَن يُوَعَّقا ... عَلَى امْرِئٍ ضَلَّ الهُدَى وأَوْبقا
أَي أَن يُنْسَبَ إِلَى ذَلِكَ وَيُقَالَ لَهُ إِنَّكَ لَوَعِقٌ، وأَوْبقا أَي أَوْبَقَ نَفْسَهُ. ابن الأَعرابي: الوَعِقُ السيِء الْخَلْقِ الضَّيِّقُ؛ وأَنشد قَوْلَ الأَخطل:
مُوَطَّأ البيتِ مَحْمود شَمائِلُهُ، ... عِنْدَ الحَمالة، لَا كَزّ وَلَا وَعِق
وَفِي حَدِيثِ
عَمْرٍو: ذَكَرَ الزُّبَيْرُ فَقَالَ وَعْقَة لِقس
؛ قَالَ: الوَعْقة، بِالسُّكُونِ، الَّذِي يَضْجَر ويتَبَرَّم مَعَ كَثْرَةِ صَخب وَسُوءِ خُلُقٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَتْلًا وتَوْعِيقاً عَلَى مَنْ وَعَّقا
وَقَالَ شَمِرٌ: التَّوْعِيق الْخِلَافُ وَالْفَسَادُ. والوَعْقةُ: الْخَفِيفُ. قَالَ الأَزهري: كُلُّ هَذَا جَمَعَهُ شَمِرٌ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الوعْقة الصخَّابة. والوَعِيقُ والوُعاق: صَوْتُ كُلِّ شَيْءٍ. والوَعِيقُ والرَّعِيقُ والوُعاقُ والرُّعاقُ: صَوْتُ قُنْب الدَّابَّةِ إِذَا مَشَتْ، وَقِيلَ: الوَعِيقُ صَوْتٌ يُسْمَعُ مِنْ ظَبْية الأُنثى مِنَ الْخَيْلِ إِذَا مَشَتْ كالخَقيقِ مِنْ قُنْبِ الذَّكَرُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ بَطْنِ الْفَرَسِ المُقْرِب وَقَدْ وَعَق يَعِقُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ وأَراه حُكِيَ الوَغِيق، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ هَذَا الوَعِيق الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. ابْنُ الأَعرابي: الوَعِيقُ والوُعاقُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ بَطْنِ الدَّابَّةِ وَهُوَ صَوْتُ جُرْدَانه إِذَا تَقَلْقَلَ فِي قُنْبه؛ قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ مِنْهُ وَعَق يَعِقُ وَعِيقًا ووُعاقاً وَهُوَ صَوْتٌ يَخْرُجُ مِنْ حَياء الدَّابَّةِ إِذَا مَشَتْ، قَالَ: وَهُوَ الْخَقِيقُ مِنْ قُنب الذَّكَرِ؛ قَالَ الأَزهري: جَمِيعُ مَا قَالَهُ اللَّيْثُ فِي الوَعِيق والخَقِيق خطأٌ، لأَن الوَعِيق والوُعاق صَوْتُ الجُرْدان إِذَا تَقَلْقَلَ فِي قُنْب الحِصان كَمَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُ، وأَما الخَقِيقُ فَهُوَ صَوْتُ الحَياء إِذَا هُزِلَت الأُنثى لَا صَوْتُ القُنْب، وَقَدْ أَخطأَ فِيمَا فَسَّرَ، قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ عُوَاق ووُعَاق، قَالَ: وَهُوَ العَوِيق والوَعِيق. وواعِقَةُ: مَوْضِعٌ
وفق: الوِفاقُ: المُوافقة. والتَّوافق: الِاتِّفَاقُ وَالتَّظَاهُرُ. ابْنُ سِيدَهْ: وَفْقُ الشَّيْءِ مَا لاءَمه، وَقَدْ وَافقهُ مُوافقةً ووِفاقاً واتَّفَق مَعَهُ وتَوَافقا. غَيْرُهُ: وَتَقُولُ هَذَا وَفْقُ هَذَا وَوِفاقه وَفِيقُهُ وفُوقه وسِيُّه وعِدْله وَاحِدٌ. اللَّيْثُ: الوَفْقُ كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ مُتَّفِقاً عَلَى تَيْفاقٍ وَاحِدٍ فَهُوَ وَفْق كَقَوْلِهِ:
يَهْوِين شَتَّى ويَقَعْنَ وَفْقا
وَمِنْهُ المُوافقة: تَقُولُ: وافَقْت فُلَانًا فِي مَوْضِعِ كَذَا أَي صَادَفْتُهُ، ووافَقْت فُلَانًا عَلَى أَمر كَذَا أَي اتَّفقنا عَلَيْهِ مَعًا، ووافَقْتُه أَي صَادَفْتُهُ. ووَفِقْتَ أَمرك أَي وُفِّقْتَ فِيهِ، وأَنت تَفِق أَمرَك كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: وَفِقْتَ أَمرَك تَفِقُ، بِالْكَسْرِ فِيهِمَا، أَي صَادَفْتَهُ مُوافقاً وَهُوَ مِنَ التَّوفيق كَمَا يُقَالُ رشِدْتَ أَمرَك. والوَفْق: مِنَ المُوافقة بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ كالالْتِحام؛ قَالَ عُوَيْف القَوَافي:
يَا عُمَرَ الخَيْرِ المُلَقَّى وَفْقَه، ... سُمِّيت بِالْفَارُوقِ، فافْرُقْ فَرْقَه
وَجَاءَ الْقَوْمُ وَفْقاً أَي مُتَوَافِقِينَ. وَكُنْتُ عِنْدَهُ وَفْقَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَي حِينِ طَلَعَتْ أَو سَاعَةَ طَلَعَتْ؛(10/382)
عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ووَفَّقه اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِلْخَيْرِ: أَلهمه وَهُوَ مِنَ التَّوْفيق. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَتَوَفَّقُ عبدٌ حَتَّى يُوَفِّقه اللَّهُ.
وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ وَالصَّيْدِ: إِنَّهُ وَفَّق مَنْ أَكله
أَي دَعَا لَهُ بالتَّوْفيق وَاسْتَصْوَبَ فِعْلَهُ. واسْتَوْفقتُ اللَّهَ أَي سأَلته التَّوْفِيق. والوِفْقُ: التَّوْفيق. وَإِنَّ فُلَانًا مُوَفَّق رَشِيدٌ، وَكُنَّا مِنْ أَمرنا عَلَى وِفاقٍ. ووَفِقَ أَمرَه يَفِقُ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ رَشِدْتَ أَمرَك ووَفِقْتَ رَأْيَكَ، وَمَعْنَى وَفِقَ أَمرَه وَجَدَهُ مُوافقاً. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وفِقَه فَهِمَهُ. وَفِي النَّوَادِرِ: فُلَانٌ لَا يفِق لِكَذَا وَكَذَا أَي لَا يَقْدِرُ لَهُ لِوَقْتِهِ. وَيُقَالُ: وَفَقْتُ لَهُ ووُفِّقْتُ لَهُ ووَفَقْتُه ووَفِقَني، وَذَلِكَ إِذَا صَادَفَنِي وَلَقِيَنِي. وأَتانا لوَفْقِ الْهِلَالِ ولِميفاقِه وتَوْفِيقه وتِيفَاقه وتَوْفاقه أَي لِطُلُوعِهِ وَوَقْتِهِ، مَعْنَاهُ أَتانا حِينَ الْهِلَالِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَتيتك لوَفْق تَفْعَلُ ذَلِكَ وتَوْفاق وتِيفاق ومِيفاق أَي لِحِينِ فِعْلِكَ ذَلِكَ، وأَتيتك لِتَوْفِيقِ ذَلِكَ وتَوَفُّق ذَلِكَ؛ عَنْهُ أَيْضًا لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَسُئِلَ عَنْ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فَقَالَ: هُوَ بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ تِيفاق الكعبة
أي حذاؤها وَمُقَابِلَهَا. يُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ لوَفْق الأَمر وتَوْفاقه وتِيفاقه، وأَصل الْكَلِمَةِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. ووَفِقَ الأَمرَ يَفِقُه: فَهِمَهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ وَرِع يَرِع وَلَهُ نَظَائِرُ كوَرِمَ يَرِمُ ووَثِقَ يَثِقُ، وَكُلُّ لَفْظَةٍ مِنْهَا مَذْكُورَةٌ فِي مَوْضِعِهَا. وَيُقَالُ: حَلُوبة فُلَانٍ وَفْق عِيَالِهِ أَي لَهَا لَبْنٌ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ لَا فَضْلَ فِيهِ، وَقِيلَ: قَدْرَ مَا يَقُوتُهُمْ؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَما الفقيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبته ... وَفْقَ العِيال، فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ
أَبو زَيْدٍ: مِنَ الرِّجَالِ الوَفِيقُ وَهُوَ الرَّفِيقُ، يُقَالُ: رَفِيق وَفيق. وأَوْفَقت السهمَ إِذَا جَعَلْتَ فُوقه فِي الوَتَر لِتَرْمِيَ، لُغَةً، كأَنه قَلْب أَفْوقت، وَلَا يُقَالُ أَفوقت، وَاشْتُقَّ هَذَا الْفِعْلُ مِنْ مُوافقة الوَتَر مَحَزَّ الفُوق؛ قَالَ الأَزهري: الأَصل أَفْوَقْت السهمَ مِنَ الفُوق، قَالَ: وَمَنْ قَالَ أَوْفَقْت فَهُوَ مَقْلُوبٌ. الأَصمعي: أَوْفَقَ الرَّامِي إِيفَاقًا إِذَا جَعَلَ الفُوقَ فِي الْوَتَرِ؛ وأَنشد:
وأَوْفَقَتْ للرَّمْيِ حَشْرات الرَّشَقْ
وَيُقَالُ: إِنَّهُ لمُسْتَوْفِقٌ لَهُ بالحُجة ومُفِيق لَهُ إِذَا أَصاب فِيهَا. ابْنُ بُزُرْجَ: أَوْفَقَ القومُ الرجلَ دَنَوْا مِنْهُ وَاجْتَمَعَتْ كَلِمَتُهُمْ عَلَيْهِ، وأَوْفقَت الإِبلُ: اصْطَفَّتْ واستوت معاً، وقد سموا مُوَفَّقاً ووِفَاقاً.
وَقَقَ: وَقْوَق الرَّجُلُ: ضَعُفَ. والوَقْوَقة: اخْتِلَاطُ صَوْتِ الطَّيْرِ، وَقِيلَ: وَقْوَقَتها جَلَبَتْهَا وأَصواتها فِي السَّحَر. والوَقْوَقة: نُباح الْكَلْبِ عِنْدَ الفَرَق؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَتَّى ضَغا نابِحُهُمْ فوَقْوقا، ... وَالْكَلْبُ لَا يَنْبَحُ إِلا فَرقا
والوَقْواقُ مِثْلُ الوَكْواك: وَهُوَ الجَبان. والوَقْوَاقُ: شَجَرٌ تَتَّخِذُ مِنْهُ الدُّويُّ. والوَقواقة: الْكَثِيرُ الْكَلَامِ، وَامْرَأَةٌ وقْواقة كَذَلِكَ؛ قَالَ أَبو بَدْرٍ السُّلَمِيُّ:
إِنَّ ابْنَ تُرْنَى أُمُّهُ وَقْوَاقه، ... تَأْتِي تَقُولُ البُوقَ والحَماقه
وَبِلَادُ الوَقْواقِ: فَوْقَ بِلَادِ الصِّينِ. والوَقْواقُ: طَائِرٌ، وَلَيْسَ بِثَبْتٍ.
وَلَقَ: الوَلْقُ: أَخف الطَّعْنِ، وَقَدْ وَلَقه يَلِقُه وَلْقاً. يُقَالُ: وَلَقه بِالسَّيْفِ ولَقاتٍ أَي ضَرَبَاتٍ. والوَلْق(10/383)
أَيْضًا: إِسْرَاعُكَ بِالشَّيْءِ فِي أَثر الشَّيْءِ كعَدْوٍ فِي أَثر عَدْوٍ، وَكَلَامٍ فِي أَثر كَلَامٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَحين بَلغْتُ الأَربعين، وأُحْصِيَتْ ... عَلَيَّ، إِذْا لَمْ يَعْفُ رَبِّي، ذنوبُها
تُصَبِّيننا، حتى تَرِقَّ قلوبُنا، ... أَوالقُ مِخْلاف الغداة كَذوبُها «1»
. قَالَ: أَوالق مِنْ أَلْقِ الْكَلَامِ وَهُوَ مُتَابَعَتُهُ؛ الأَزهري: أَنشدني بَعْضُهُمْ:
مَنْ ليَ بالمُزَرَّرِ اليَلامقِ، ... صَاحِبُ أَدهانٍ وأَلْقِ آلِقِ؟
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِيمَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي: أَوَالق مِنْ وَلْق الْكَلَامِ. وَضَرَبَهُ ضَرْبًا وَلْقاً أَي مُتَتَابِعًا فِي سُرْعَةٍ. والوَلْقُ: السَّيْرُ السَّهْلُ السَّرِيعُ. وَيُقَالُ: جَاءَتِ الإِبل تَلِقُ أَي تُسْرِعُ. والوَلْق: الِاسْتِمْرَارُ فِي السَّيْرِ وَفِي الْكَذِبِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: قَالَ لِرَجُلٍ كَذِبْتَ وَاللَّهِ ووَلَقْتَ
؛ الوَلْق والأَلْق: الِاسْتِمْرَارُ فِي الْكَذِبِ، وأَعاده تَأْكِيدًا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ. أَبو عَمْرٍو: الوَلْقُ الإِسراع. ووَلَقَ فِي سَيْرِهِ وَلْقاً: أَسرع؛ قال الشماخ يَهْجُو جُلَيْداً الْكِلَابِيَّ:
إِنَّ الْجَلِيدَ زَلِقٌ وزُمَّلِقْ، ... كذَنَب الْعَقْرَبِ شَوَّال عَلِقْ،
جَاءَتْ بِهِ عَنْسٌ مِنَ الشَّأْمِ تَلِقْ
وَالنَّاقَةُ تَعْدُو الوَلَقَى: وَهُوَ عَدْو فِيهِ نَزو. وناقة وَلَقَى: سريعة. والوَلْق: العَدْو الَّذِي كَأَنَّهُ يَنْزو مِنْ شِدَّةِ السُّرْعَةِ؛ كَذَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ فَجَعَلَ النّزَوان للعَدْو مَجَازًا وَتَقْرِيبًا. وَقَالُوا: إِنَّ لِلْعِقَابِ الوَلَقَى أَي سُرْعَةَ التَّجَارِي. والأَوْلَقُ كالأَفْكل: الْجُنُونُ، وَقِيلَ الْخِفَّةُ مِنَ النَّشَاطِ كَالْجُنُونِ؛ أَجاز الْفَارِسِيُّ أَن يَكُونَ أَفْعَل مِنْ الوَلْق الَّذِي هُوَ السُّرْعَةُ، وَقَدْ ذُكِرَ بِالْهَمْزِ؛ وَقَوْلُهُ:
شَمَرْذَلٍ غَيْرِ هُراءٍ مَيْلَقِ، ... تَرَاهُ فِي الرَّكْبِ الدِّقاق الأَيْنُقِ
عَلَى بَقَايَا الزَّادِ غيرَ مُشْفِقِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ يَعْنِي بالمَيْلق السَّرِيعَ الْخَفِيفَ مِنَ الوَلْق الَّذِي هُوَ السَّيْرُ السَّهْلُ السَّرِيعُ، وَمِنَ الوَلْق الَّذِي هُوَ الطَّعْنُ، وَيُرْوَى مئْلق مِنَ المَألوق أَي الْمَجْنُونِ، فالأَوْلَقُ شِبْهُ الْجُنُونِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَعَمْرُك بِي مِنْ حُبّ أَسماءَ أَوْلَقُ
وَقَالَ الأَعشى يَصِفُ نَاقَتَهُ:
وتُصْبِحُ عَنْ غِبِّ السُّرَى، وكأَنما ... أَلَمَّ بِهَا، مِنْ طَائِفِ الجِنّ، أَوْلَقُ
وَهُوَ أَفعل لأَنهم قالوا أُلِقَ الرجلُ، فَهُوَ مَأْلُوق، عَلَى مفعول. ويقال أَيضاً: مُؤَوْلَق مِثَالَ مُعَوْلَقٍ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ مِنْ هَذَا فَهُوَ فَوْعل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ وَهُوَ أَفْعل لأَنهم قَالُوا أَلِقَ الرَّجُلُ سَهْوٌ مِنْهُ، وَصَوَابُهُ وَهُوَ فَوْعل لأَن هَمْزَتَهُ أَصلية بِدَلِيلِ أُلِقَ ومَألوق، وَإِنَّمَا يَكُونُ أَوْلَق أَفعل فِيمَنْ جَعَلَهُ مِنْ وَلَق يَلِق إِذَا أَسرع. فأَما إِذَا كَانَ مِنْ أُلِق إِذَا جُنَّ فَهُوَ فَوْعل لَا غَيْرَ. قَالَ: وَمِثْلُ بَيْتِ الأَعشى قَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
إِلَّا حَنِيناً وَبِهَا كالأَوْلَقِ
وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
تُراقِبُ عَيْنَاهَا القَطِيعَ كَأَنَّمَا ... يُخامرها، مِنْ مَسِّه، مَسُّ أَوْلَقِ
__________
(1) . قوله [تصبيننا] هكذا في الأَصل(10/384)
ووَلَق وَلْقاً: كَذَبَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: رُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنها قرأَت: إِذْ تَلِقُونَه بأَلسنتكم
، هَذِهِ حِكَايَةُ أَهل اللُّغَةِ جاؤوا بِالْمُتَعَدِّي شَاهِدًا عَلَى غَيْرِ الْمُتَعَدِّي؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه أَراد إِذْ تَلِقُون فِيهِ فَحَذَفَ وأَوصل؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهُوَ الوَلْقُ فِي الْكَذِبِ بِمَنْزِلَةٍ إِذَا اسْتَمَرَّ فِي السَّيْرِ وَالْكَذِبِ. وَيُقَالُ فِي الوَلْقِ مِنَ الْكَذِبِ: هُوَ الأَلْقُ والإِلْقُ. وَفَعَلْتُ بِهِ: أَلِقْتُ وأَنتم تأْلقُونهُ. ووَلَقَ الْكَلَامَ: دَبَّره، وَبِهِ فَسَّرَ اللَّيْثُ قَوْلَهُ
إِذْ تَلِقُونه
أَي تدبِّرونه. وَفُلَانٌ يَلِقُ الْكَلَامَ أَي يُدَبِّرُهُ. قَالَ الأَزهري: لَا أَدري تُدَبِّرُونَهُ أَو تُدِيرُونَهُ. ووَلَقه بِالسَّوْطِ: ضَرَبَهُ. ووَلَقَ عَيْنَهُ: ضَرَبَهَا ففقأَها. والوَلِيقةُ: طَعَامٌ يُتَّخَذُ مِنْ دَقِيقٍ وَسَمْنٍ وَلَبَنٍ؛ رَوَاهُ الأَزهري عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ قَالَ: وأَراه أَخَذَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّيْثِ، قَالَ: وَلَا أَعرف الوَلِيقة لِغَيْرِهِمَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنَ هَذَا الْفَصْلِ وَالِقٌ اسْمُ فَرَسٍ؛ قَالَ كثيِّر:
يغادِرْن عَسْبَ الوالِقيِّ وناصحٍ، ... تَخُصُّ بِهِ أُمُّ الطريقِ عيالَها
وَنَاصِحٌ أَيضاً: اسْمُ فَرَسٍ، وَعِيَالُهَا: سِبَاعُهَا.
وَمِقَ: ومِقَهُ يَمِقُه، نَادِرٌ، مِقةً ووَمْقاً: أَحبه. أَبو عَمْرٍو فِي بَابِ فَعِل يَفعِلُ: ومِقَ يَمِقُ ووَثِقَ يَثِقُ. والتَّوَمُّق: التَّوَدُّدُ، والمِقة: الْمَحَبَّةُ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ، وَقَدْ وَمِقه يَمِقه، بِالْكَسْرِ فِيهِمَا، أَي أَحَبَّهُ، فَهُوَ وامِق. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه اطَّلع مِنْ وافِد قَوْمٍ عَلَى كِذْبَةٍ فَقَالَ: لَوْلَا سَخاء فِيكَ وَمِقك اللهُ عليه لشَرَّدْتُ بِكَ
، أَي أَحبك اللَّهُ عَلَيْهِ. يُقَالُ: وَمِق يمِق، بِالْكَسْرِ فِيهِمَا، مِقَةً، فَهُوَ وامِقٌ ومَوْموق. وَقَالَ أَبو رِيَاشٍ: ومِقْته وِماقاً، وَفَرَّقَ بَيْنَ الوِماق وَالْعِشْقِ، فَقَالَ: الوِماق مَحَبَّةٌ لِغَيْرِ رِيبةٍ، وَالْعِشْقُ مَحَبَّةٌ لرِيبة؛ وأَنشد لِجَمِيلٍ أَو غَيْرِهِ:
وَمَاذَا عَسى الواشُون أَن يَتَحَدَّثُوا ... سِوَى أَن يَقُولوا: إِنَّني لَكَ وامِقُ؟
وَقَوْلُ جَابِرٍ:
إِنَّ البَلِيَّة مَنْ تَمَلُّ حديثَهُ، ... فانْقع فؤادَك مِنْ حديثِ الوامِقِ
وَضَعَ الوامِق مَوْضِعَ المَوْموق كَمَا قال:
أَناشِرَ لَا زالتْ يمينُكَ آشِرَهْ
وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى وَجْهِهِ، لأَن كُلَّ مَنْ تَمِقُه فَهُوَ يَمِقُك لِقَوْلِهِ:
الأَرواح جُنود مُجَنَّدةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ.
وَرَجُلٌ وامِقٌ ووَمِيق؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي؛ وأَنشد لأَبي دُوَادٍ:
سَقَى دارَ سَلْمى، حَيْثُ حَلَّتْ بِهَا النَّوى، ... جَزَاءَ حبيبٍ مِنْ حبيبٍ وَمِيق
اللَّيْثُ: يُقَالُ ومِقْتُ فُلَانًا أَمقُه وأَنا وامِق وَهُوَ مَوْموق، وأَنا لَكَ ذُو مِقةٍ وَبِكَ ذو ثِقة.
وَهَقَ: الوَهَقُ: الْحَبْلُ المُغار يُرْمى فِيهِ أُنشوطة فَتُؤْخَذُ فِيهِ الدَّابَّةُ والإِنسان، وَالْجَمْعُ أَوْهاق؛ وأَوْهق الدَّابَّةَ: فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ. والمُواهقَة فِي السَّيْرِ: الْمُوَاظَبَةُ وَمَدُّ الأَعناق. وَهَذِهِ النَّاقَةُ تُواهِق هَذِهِ: كأَنها تُبارِيها فِي السَّيْرِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَانْطَلَقَ الْجَمَلُ يُواهِقُ نَاقَتَهُ مُوَاهِقَةً
أَي يُبَارِيهَا فِي السَّيْرِ وَيُمَاشِيهَا. ومُواهقة الإِبل: مَدّ أَعناقها فِي السَّيْرِ. والمُواهقَة: أَنْ تَسِيرَ مِثْلَ سَيْرِ صَاحِبِكَ وَهِيَ الْمُوَاضَخَةُ وَالْمُوَاغَدَةُ كُلُّهُ وَاحِدٌ. وَقَدْ تواهَقَت الرُّكَّابُ أَي(10/385)
تَسايَرَتْ، قَالَ ابْنُ أَحمر:
وتَواهَقَتْ أَخْفافُها طَبَقاً، ... والظِّلُّ لَمْ يَفْضُل وَلَمْ يُكْرِ
وأَنشد الأَزهري:
تَنَشَّطَتْه كلُّ مُغْلاة الوَهَقْ
وَقَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
تُواهِقُ رجْلاها يَداها ورأسهُ، ... لَهَا قَتَبٌ خَلْفَ الحَقِيبة رادِفُ
فَإِنَّهُ أَراد تُواهِقُ رِجْلَاهَا يَدَيْهِ فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ، وَقَدْ عَلِمَ أَن الْمُوَاهَقَةَ لَا تَكُونُ مِنَ الرِّجْلين دُونَ الْيَدَيْنِ فأَضمر، وأَن الْيَدَيْنِ مواهِقتان كَمَا أَنهما مُواهَقَتان فأَضمر لِلْيَدَيْنِ فِعْلًا دَلَّ عَلَيْهِ الأَولُ، فكأَنه قَالَ: وتُواهِقُ يَدَاهُ رِجْلَيْهَا، ثُمَّ حَذَفَ الْمَفْعُولَ فِي هَذَا كَمَا حَذَفَهُ فِي الأَول فَصَارَ عَلَى مَا تَرَى: تُواهِقُ رِجْلَاهَا يَدَاهُ، فَعَلَى هَذِهِ الصَّنْعَةِ تَقُولُ ضارَبَ زيدٌ عَمْروٌ، عَلَى أَن يُرْفع عَمْرٌو بِفِعْلٍ غَيْرِ هَذَا الظَّاهِرِ، وَلَا يَجُوزُ أَن يَرْتَفِعَا جَمِيعًا بِهَذَا الظَّاهِرِ، وَقَدْ تَكُونُ المُواهقة لِلنَّاقَةِ الْوَاحِدَةِ لأَن إِحْدَى يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا تُواهِقُ الأُخرى. وتواهَقَ الساقِيان: تَبَارِيَا؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
أَكلّ يومٍ لَكَ ضَيْزَنانِ، ... عَلَى إِزَاءِ الْحَوْضِ مِلْهَزانِ،
بكِرْفَتين يتواهِقَانِ؟
الوَهَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: حَبْلٌ كالطِّوَل، وَقَدْ يُسَكْنُ مِثْلَ نَهْر ونَهَر؛ قال بن بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْعَبَّادِيُّ:
بَكَرَ العاذِلون في فَلَقِ الصبح ... يَقُولُونَ لِي: أَما تَسْتَفِيقُ؟
وَيَلُومُونَ فيكِ، يَا ابْنَةَ عبد ... اللَّهِ، والقَلْبُ عِنْدَكُمْ مَوْهُوق «1»
. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: وأَغْلَقَت المَرْءَ أَوْهاقُ الْمَنِيَّةِ
، الأَوْهاقُ جَمْعُ وَهَقٍ، بِالتَّحْرِيكِ، وَقَدْ يُسَكْنُ وَهُوَ حَبَلٌ كالطِّوَل تُشَدُّ بِهِ الإِبل وَالْخَيْلُ لِئَلَّا تَنِدَّ. أَبو عَمْرٍو: توَهَّقَ الْحَصَى إِذَا حَمِيَ مِنَ الشَّمْسِ؛ وأَنشد:
وَقَدْ سَريْتُ الليلَ حَتَّى غَرْدَقا، ... حَتَّى إِذَا حامِي الحَصى تَوَهَّقا
وَوَقَ: اللَّيْثُ: الواقةُ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ عِنْدَ أَهل الْعِرَاقِ؛ وأَنشد:
أَبوك نَهارِيٌّ وأُمُّكَ واقَة
قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَهْمِزُ الأَلف فَيَقُولُ وأْقة، لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَاوٌ بَعْدَهَا أَلف أَصلية فِي صَدْرِ الْبَنَّاءِ إِلَّا مَهْمُوزَةً نَحْوَ الوَألة، فَتَقُولُ كَانَ جَدُّهُ وَأْلَةً، فَلَيَّنَتِ الْهَمْزَةُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لِهَذَا الطَّيْرَ قَاقَةٌ.
فصل الياء المثناة تحتها
يَرَقَ: اليارَقُ: ضَرْبٌ مِنَ الأَسْوِرة، وَقِيلَ: اليارَقُ السِّوار؛ قَالَ شُبرمة بْنُ الطُّفَيْلِ:
لعَمْري لَظَبْيٌ عِنْدَ بَابِ ابْنِ مُحْرِزٍ، ... أَغَنُّ عَلَيْهِ اليارَقانِ، مَشُوفُ،
أَحَبُّ إِلَيْكُمْ مِنْ بُيوتٍ عمادُها ... سُيوف وأَرْماح، لهُنَّ حَفِيفُ
واليارَقُ: الجِبارةُ وَهُوَ الدَّسْتِينَجُ الْعَرِيضُ، مُعَرَّبٌ. واليَرَقانُ: دُودٌ يَكُونُ فِي الزَّرْعِ ثُمَّ يَنْسَلِخُ فيصير
__________
(1) . في قصيدة عديّ: موثوق بدل موهوق(10/386)
فَراشاً. واليَرَقانُ مِثْلَ الأَرَقانِ: آفَةٌ تُصِيبُ الزَّرْعَ أَيضاً. وزَرْع مَيْروق ومأْرُوق وَقَدْ يُرِقَ. واليَرَقان: دَاءٌ مَعْرُوفٌ يُصِيبُ النَّاسَ؛ وَرَجُلٌ مَيْروق.
يَرْمُقُ: فِي حَدِيثِ
خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ: الدِّرْهَمُ يُطْعِمُ الدَّرْمَقَ وَيَكْسُو اليَرْمَق
؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَفَسَّرَ اليَرْمَق أَنه القَباء بِالْفَارِسِيَّةِ، وَالْمَعْرُوفُ فِي الْقَبَاءِ أَنه اليَلْمق بِاللَّامِ، وأَنه مُعَرَّبٌ، فأَما اليَرْمق فَهُوَ الدِّرْهَمُ بِالتُّرْكِيَّةِ، وَرَوِي بِالنُّونِ، وَقَدْ تقدم.
يَسَقَ: الأَياسِقُ: الْقَلَائِدُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ والأَزهري: لَمْ نَسْمَعْ لَهَا بِوَاحِدٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِلا أَن يَكُونَ وَاحِدُهَا الأَيْسق؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
وقُصِرْنَ فِي حِلَق الأَياسِقِ عندهُمْ، ... فَجَعَلْنَ رَجْع نُباحِهنَّ هَرِيرا
يَقُقْ: أَبيض يَقَقٌ ويَقِقٌ، بِكَسْرِ الْقَافِ الأُولى: شَدِيدُ الْبَيَاضِ نَاصَعَهُ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لجُمَّارة النَّخْلَةِ يَقَقَة وشَحْمَة، وَالْجَمْعُ يَقَق. وَفِي حَدِيثِ وِلَادَةِ
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ولَفَّها فِي بَيْضَاءَ كأَنها اليَقَقُ
؛ اليَقَقُ: الْمُتَنَاهِي فِي البياض.
يَلْقَ: اليَلَقُ: البِيض مِنَ الْبَقَرِ. الْجَوْهَرِيُّ: اليَلَقُ الأَبيض مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وأَتْرُك القِرْنَ فِي الغُبار، وَفِي ... حِضْنَيْهِ زَرْقاءُ، مَتْنها يَلَقُ
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الأَهتم:
فِي رَبْرَبٍ يَلَقٍ جَمّ مَدافِعُها، ... كأَنهنَّ بِجَنْبَيْ حَرْبةَ البَرَدُ
واليَلْقَقُ: الْعَنْزُ «2» الْبَيْضَاءُ. وَقَالَ: أَبيض يَلَق ولَهَق ويَقَقٌ بمعنى واحد.
يَلْمُقُ: اليَلْمَقُ: الْقَبَاءُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ:
تَجْلُو البَوارِقُ عَنْ مُجْرَنْثمٍ لَهِقٍ، ... كأَنه مُتَقَبِّي يَلْمَقٍ عَزَبُ
وَجَمْعُهُ يَلامق، قَالَ عُمَارَةُ:
كأَنما يَمْشِينَ فِي اليَلامِقِ
__________
(2) . قوله [واليلقق العنز] هكذا بالأَصل ونقله شارح القاموس، والذي في الصحاح ومتن القاموس: اليلقة بالتحريك(10/387)
ك
حرف الكاف
ك: الْكَافُ مِنَ الْحُرُوفِ المَهْموسة وَهِيَ ضِدُّ المَجْهورة، قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَى المَجْهور أَنه لَزِمَ مَوْضِعَهُ إِلى انْقِضَاءِ حُرُوفِهِ وحَبَس النَّفَس أَن يَجْريَ مَعَهُ فَصَارَ مَجْهُورًا لأَنه لَمْ يُخَالِطْهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَهِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ حَرْفًا: اب ج د ذ ر ز ض ط ظ ع غ ق ل م ن وي وَالْهَمْزَةُ؛ قَالَ: وَالْمَهْمُوسُ حَرْفٌ لانَ فِي مَخْرجه دُونَ المَجْهور وجَرَى مَعَهُ النفَسُ فَكَانَ دُونَ الْمَجْهُورِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ، وَعِدَّةُ حُرُوفِهِ عَشَرَةٌ: ت ث ح خ س ش ص وك هـ؛ قَالَ: وَمَخْرَجُ الْجِيمِ وَالْقَافِ وَالْكَافِ بَيْنَ عَكَدَةِ اللِّسَانِ وَبَيْنَ اللَّهاةِ فِي أَقصى الْفَمِ.
فصل الألف
أبك: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَبِكَ الشيءُ يَأْبَك كَثُرَ، ورأَيت فِي نُسْخَةٍ مِنَ حَوَاشِي الصِّحَاحِ مَا صُورَتُهُ فِي الأَفعال لِابْنِ الْقَطَّاعِ: أَبِكَ الرجلُ أَبْكاً وأَبَكاً كثر لحمه.
أدك: أَدِيك: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
ومُعْتَرَكٍ مِنْ أَهْلِها قَدْ عَرَفْته ... بِوَادِي أَدِيكٍ، حَيْثُ كَانَ مَحانيا
وَيُرْوَى أَريك: وسيأْتي ذِكْرُهُ.
أرك: الأَراكُ: شَجَرٌ مَعْرُوفٌ وَهُوَ شَجَرُ السِّواك يُستاك بفُروعه، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ أَفضل مَا اسْتِيك بِفَرْعِهِ مِنَ الشَّجَرِ وأَطيب مَا رَعَتْه الْمَاشِيَةُ رائحةَ لَبَنٍ؛ قَالَ أَبو زِيَادٍ: مِنْهُ تُتخذ هَذِهِ المَساوِيك مِنَ الْفُرُوعِ وَالْعُرُوقِ، وأَجوده عِنْدَ النَّاسِ العُروق وَهِيَ تَكُونُ وَاسِعَةً مِحْلَالًا، وَاحِدَتُهُ أَراكة، وَفِي حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ عَنْ بَنِي إِسرائيل: وعِنَبُهم الأَراك
، قَالَ: هُوَ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ لَهُ حَمْل كحمْل عَنَاقِيدِ الْعِنَبِ وَاسْمُهُ الكَباثُ، بِفَتْحِ الْكَافِ، وإِذا نَضِج يُسَمَّى المَرْدَ. والأَراك أَيضاً: الْقِطْعَةُ مِنَ الأَراك كَمَا قِيلَ لِلْقِطْعَةِ مِنَ الْقَصَبِ أَباءَة، وَقَدْ جَمَعُوا أَراكةً فَقَالُوا أُرُك؛ قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:
إِلى أُرُكٍ بالجِذْعِ مِنْ بَطْنِ بِئْشةٍ ... عَلَيْهِنَّ صَيْفِيُّ الحَمام النَّوائحِ(10/388)
ابْنُ شُمَيْلٍ، الأَراكُ شَجَرَةٌ طَوِيلَةٌ خَضْرَاءُ نَاعِمَةٌ كَثِيرَةُ الْوَرَقِ والأَغصان خوَّارة الْعُودِ تَنْبُتُ بالغَوْر تُتَّخَذُ مِنْهَا المَساويك. الأَراك: شَجَرٌ مِنَ الحَمْض، الْوَاحِدَةُ أَراكة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ تُجْمَعُ أَراكة عَلَى أَرائك؛ قَالَ كُلَيْبٌ الْكِلَابِيُّ:
أَلا يَا حَمامات الأَرائِك بالضُّحَى، ... تَجاوَبْنَ مِنْ لَفَّاءَ دانٍ بَرِيرُها
وإِبل أَراكية: تَرْعَى الأَراك. وأَراكٌ أَرِكٌ ومؤْتَرِكٌ: كَثِيرٌ مُلْتَفٌّ. وأَرِكت الإِبل تأْرَك أَرَكاً: اشْتَكَتْ بُطُونَهَا مِنْ أَكل الأَراك، وَهِيَ إِبل أَراكَى وأَرِكَةٌ، وَكَذَلِكَ طَلاحَى وطَلِحَةٌ وقَتادَى وقَتِدَة ورَماثى ورَمِثَة. وأَرَكَت تَأْرُك أُرُوكاً: رَعَتِ الأَراك. وأَرَكتْ تَأْرِكُ وتَأْرُك أُرُوكاً: لَزِمَتِ الأَراك وأَقامت فِيهِ تأْكله، وَقِيلَ: هُوَ أَن تُصِيبَ أَي شَجَرٍ كَانَ فتُقيم فِيهِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأَراك الحَمْض نَفْسُهُ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ الرُّواةِ أَرِكَتِ النَّاقَةُ أَرَكاً، فَهِيَ أَرِكةٌ مَقْصُورٌ، مِنْ إِبل أُرُكٍ وأَوارِك: أَكلت الأَراك، وَجَمْعُ فَعِلَةٍ عَلَى فُعُل وَفَوَاعِلَ شَاذٌّ. والإِبل الأَوارك: الَّتِي اعْتَادَتْ أَكل الأَراك، وَالْفِعْلُ أَرَكَتْ تَأْركُ أَرْكاً، وَقَدْ أَرَكَتْ أُرُوكاً إِذا لَزِمَتْ مَكَانَهَا فَلَمْ تَبْرَحْ، وَقِيلَ: إِنما يُقَالُ أَرَكَتْ إِذا أَقامت فِي الأَراك وَهُوَ الْحَمْضُ، فَهِيَ أَرِكة؛ قَالَ كثيِّر:
وإِنَّ الَّذِي يَنْوِي مِنَ المالِ أَهلُها ... أَوارِكُ، لَمَّا تَأْتَلِفْ، وعَوادِي
يَقُولُ: إِن أَهل عَزَّة يَنْوُونَ أَن لَا يَجْتَمِعَ هُوَ وَهِيَ وَيَكُونَا كالأَوارِك مِنَ الإِبل والعَوَادي فِي تَرْكِ الِاجْتِمَاعِ فِي مَكَانٍ، وَقِيلَ: العَوَادي الْمُقِيمَاتُ فِي العِضاه لَا تُفَارِقُهَا، يَقُولُ: أَهل هَذِهِ المرأَة يَطْلُبُونَ مِنْ مَهْرِهَا مَا لَا يُمْكِنُ كَمَا لَا يُمْكِنُ أَن تأْتلف الأَوَارك والعَوادي وَتَجْتَمِعَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُتي بلَبنِ إِبلٍ أَوارِكَ
أَي قَدْ أَكلت الأَراك. ابْنُ السِّكِّيتِ: الإِبل الأَوَارك الْمُقِيمَاتُ فِي الحَمْض، قَالَ: وإِذا كَانَ الْبَعِيرُ يأْكل الأَراك قِيلَ آرِك. وَيُقَالُ: أَطيب الأَلبان أَلبان الأَوارك. وَقَوْمٌ مُؤْرِكُونَ: رَعَتْ إِبلهم الأَراك، كَمَا يُقَالُ: مُعِضُّون إِذا رَعَتْ إِبلهم العُضَّ؛ قَالَ:
أَقُولُ، وأَهلي مُؤْرِكُونَ وأَهلُها ... مُعِضُّون: إِنْ سارتْ فَكَيْفَ نَسِيرُ؟ «1»
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ بَيْتٌ مَعنيٌّ قَدْ وَهِم فِيهِ أَبو حَنِيفَةَ وردَّ عَلَيْهِ بَعْضُ حُذَّاقِ الْمَعَانِي، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وأَرَك الرَّجُلُ بِالْمَكَانِ يَأْرُك ويأْرِك أُرُوكاً وأَرِك أَرَكاً، كِلَاهُمَا: أَقام بِهِ. وأَرَكَ الرجلُ: لَجَّ. وأَرَكَ الأَمْرَ فِي عُنُقه: أَلزمه إِيَّاه. وأَرَكَ الجُرْحُ يأْرُكُ أُروكاً: تَماثَل وبَرَأَ وصلَح وسكَن ورَمُه. وَقَالَ شَمِرٌ: يَأْرِك ويَأْرُك أُرُوكاً لُغَتَانِ. وَيُقَالُ: ظَهَرَتْ أَرِيكَة الجُرْح إِذا ذهبتْ غَثِيثَتُه وَظَهَرَ لَحْمُهُ صَحِيحًا أَحمر وَلَمْ يَعْلُه الْجِلْدُ، وَلَيْسَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلّا عُلُوُّ الْجِلْدِ والجُفوف. والأَرِيكةُ: سَرِيرٌ فِي حَجَلة، وَالْجَمْعُ أَرِيكٌ وأَرَائِك. وَفِي التَّنْزِيلِ: عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ
؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الأَرائك السُّرُر فِي الحِجال؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الأَرَائك الفُرُش فِي الحِجَال، وَقِيلَ: هِيَ الأَسرَّة وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ الفُرُش، كَانَتْ فِي الحِجَال أَو فِي غَيْرِ الحِجَال، وَقِيلَ: الأَريكة سَرِيرٌ مُنَجَّد مُزَيَّن فِي قُبَّة أَو بَيْتٍ فإِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَرِيرٌ فَهُوَ حَجَلة، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا هَلْ عَسَى رَجُلٌ يُبَلِّغه الْحَدِيثُ عَنِّي وَهُوَ مُتَّكٍ على
__________
(1) . راجع في مادة عضض هذا البيت وتفسيره وتغليط أبي حنيفة في تخريجه وجه كلام الشاعر(10/389)
أَرِيكَتِه فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ؟
الأَرِيكة: السَّرِيرُ فِي الحَجَلة مِنْ دُونِهِ سِتْر وَلَا يسمَّى مُنْفَرِدًا أَريكةً، وَقِيلَ: هُوَ كُلّ مَا اتُّكِئَ عَلَيْهِ مِنْ سَرِيرٍ أَو فِراش أَو مِنَصَّةٍ. وأَرَّكَ المرأَةَ: سَتَرَهَا بالأَرِيكة؛ قَالَ:
تبيَّن أَنَّ أُمَّكَ لَمْ تُؤَرَّكْ، ... وَلَمْ تُرْضِعْ أَميرَ المُؤْمِنِينَا
والأَرِيكُ: اسْمُ وادٍ. أَبو تُرَابٍ عَنِ الأَصمعي: هُوَ آرَضُهُمْ أَن يَفَعَلَ ذَلِكَ وآرَكُهُم أَن يَفْعَلَهُ أَي أَخْلَقهم، قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ. وأُرُكٌ وأَرِيكٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
عَفَا حُسُمٌ مِنْ فَرْتَنا فالفَوارِعُ، ... فَجَنْبَا أَرِيكٍ، فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ «1»
. وأَرَك: أَرض قَرِيبَةٌ مِنْ تَدْمُر؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
وَقَدْ تَعَرَّجْتُ لَمَّا ورَّكَت أَرَكاً، ... ذَاتَ الشِّمال، وَعَنْ أَيْماننا الرِّجَلُ
أسك: الإِسْكَتانِ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: جَانِبَا الْفَرْجِ وَهُمَا قُذَّتاه، وطرفاه الشُّفْرانِ؛ وقال شَمِرٌ: الإِسْكُ جَانِبُ الاسْتِ. ابْنُ سِيدَهْ: الإِسْكَتَانِ والأَسْكَتان شُفْرا الرَّحِم، وَقِيلَ: جَانِبَاهُ مِمَّا يَلِي شُفْريه؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تَرَى بَرَصاً يلُوح بإِسْكَتَيْها، ... كعَنْفَقةِ الفَرَزْدق حِينَ شَابَا
وَالْجَمْعُ إِسَكٌ وأَسْكٌ وإِسْكٌ، أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قَبَحَ الإِلَهُ، وَلَا أُقَبِّح غيرَهُمْ؛ ... إِسْكَ الإِماءِ بَني الأَسَكّ مُكَدَّمِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا رَوَاهُ إِسْك، بالإِسكان، وَقِيلَ: الإِسك جَانِبُ الاسْت هُنَا شَبَّهَهُمْ بِجَوَانِبِ الحَياء فِي نَتَنِهِمْ. وَيُقَالُ للإِنسان إِذا وُصِفَ بالنَّتْن: إِنما هُوَ إِسك أَمَةٍ، وإِنما هُوَ عَطِينة؛ وَقَالَ مُزَرَّد:
إِذا شَفَتاه ذَاقَتَا حَرَّ طَعْمِه، ... تَرَمَّزَتَا للحَرِّ كالإِسَكِ الشُّعْرِ
وامرأَة مَأْسُوكَةٌ: أَخْطأَت خافِضَتُها فأَصابت غَيْرَ مَوْضِعِ الخَفْضِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: فأَصابت شَيْئًا مِنْ أَسْكَتَيْها. وآسَكُ: مَوْضِعٌ.
أفك: الإِفْك: الْكَذِبُ. والأَفِيكةُ: كالإِفْك، أَفَكَ يَأْفِك وأَفِكَ إِفْكاً وأُفُوكاً وأَفْكاً وأَفَكاً وأَفَّكَ؛ قَالَ رؤْبة:
لَا يأْخُذُ التَأْفِيكُ والتَّحَزِّي ... فِينَا، وَلَا قَوْلُ العِدَى ذُو الأَزِّ
التَّهْذِيبُ: أَفَكَ يأْفِكُ وأَفِكَ يأْفَكُ إِذا كَذَبَ. وَيُقَالُ: أَفَكَ كَذَبَ. وأَفَكَ الناسَ: كَذَبَهُمْ وحدَّثهم بالباطل، قال: فَيَكُونُ أَفَكَ وأَفَكْتُه مِثْلَ كَذَب وكَذَبْته. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: حِينَ قَالَ فِيهَا أَهلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا
؛ الإِفْكُ فِي الأَصل الْكَذِبُ وأَراد به هاهنا مَا كُذِبَ عَلَيْهَا مِمَّا رُمِيَتْ بِهِ. والإِفْك: الإِثم. والإِفْكُ: الْكَذِبُ، وَالْجَمْعُ الأَفَائكُ. وَرَجُلٌ أَفَّاك وأَفِيك وأَفُوك: كَذَّابٌ. وآفَكَهُ: جَعَلَهُ يَأْفِكُ، وقرئَ: وَذلِكَ إِفْكُهُمْ
«2»
وأَفَكُهُمْ
وآفَكُهُمْ.
وَتَقُولُ الْعَرَبُ: يَا لَلأَفِيكةِ وَيَا لِلأَفِيكة، بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا، فَمَنْ فَتَحَ اللَّامَ فَهِيَ لَامُ اسْتِغَاثَةٍ، ومن كسرها فهو تَعَجُّبٌ كأَنه قَالَ: يَا أَيها الرَّجُلُ اعْجَبْ
__________
(1) . في ديوان النَّابِغَةُ: عَفَا ذُو حُساً بدل حُسُمٌ
(2) . قوله [وقرئ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ إلخ] هكذا بضبط الأَصل، وهي ثلاث قراءات ذكرها الجمل وزاد قراءات أخر:
أفكهم
بالفتح مصدراً
وأفكهم
بالفتحات ماضياً
وأفكهم
كالذي قبله لكن بتشديد الفاء
وآفكهم
بالمد وفتح الفاء والكاف
وآفكهم
بصيغة اسم الفاعل.(10/390)
لِهَذِهِ الأَفيكة وَهِيَ الكَذْبة الْعَظِيمَةُ. والأَفْكُ، بِالْفَتْحِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ أَفَكَهُ عَنِ الشَّيْءِ يَأْفِكُه أَفْكاً صَرَفَهُ عَنْهُ وَقَلَبَهُ، وَقِيلَ: صَرَفَهُ بالإِفك؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ أُذينة «1» .
إِن تَكُ عَنْ أَحْسَنِ المُروءَة مَأْفُوكاً، ... فَفِي آخِرِينَ قَدْ أُفِكُوا «2»
. يَقُولُ: إِن لَمْ تُوَفَّقْ للإِحسان فأَنت فِي قَوْمٍ قد صرفوا من ذَلِكَ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ عَرْضِ نَفْسِهِ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ:
لَقَدْ أُفِكَ قومٌ كذَّبوك ظَاهَرُوا عَلَيْكَ
أَي صُرِفوا عَنِ الْحَقِّ وَمَنَعُوا مِنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ
؛ قال الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ يُصْرَفُ عَنِ الإِيمان مَنْ صُرِف كَمَا قَالَ: أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا
؛ يَقُولُ: لِتَصْرِفَنَا وَتَصُدَّنَا. والأَفَّاك: الَّذِي يَأْفِكُ النَّاسَ أَي يَصُدُّهُمْ عَنِ الْحَقِّ بِبَاطِلِهِ. والمَأْفوك: الَّذِي لَا زَوْرَ لَهُ. شَمِرٌ: أُفِك الرجلُ عَنِ الْخَيْرِ قُلِبَ عَنْهُ وَصُرِفَ. والمُؤْتفِكات: مَدائن لُوطٍ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لانقلابها بالخَسْف. قال تَعَالَى: وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى
، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ
؛ قال الزَّجَّاجُ: المؤْتفكات جَمْعُ مُؤْتَفِكة، ائْتَفَكَتْ بِهِمُ الأَرض أَي انْقَلَبَتْ. يُقَالُ: إِنهم جَمْعُ مَنْ أَهلك كَمَا يُقَالُ لِلْهَالِكِ قَدِ انْقَلَبَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا. وَرَوَى النَّضْرُ بْنُ أَنس عَنْ أَبيه أَنه قَالَ: أَي بُنَيَّ لَا تنزلنَّ الْبَصْرَةَ فإِنها إِحدى المُؤْتَفِكات قَدِ ائْتَفَكَت بأَهلها مرتين هي مُؤْتَفِكة بِهِمُ الثَّالِثَةَ قَالَ شَمِرٌ: يَعْنِي بالمُؤتفكة أَنها غَرِقَتْ مَرَّتَيْنِ فَشَبَّهَ غَرَقَهَا بِانْقِلَابِهَا. والائْتِفاك عِنْدَ أَهل الْعَرَبِيَّةِ: الِانْقِلَابُ كَقَرْيَاتِ قَوْمِ لُوطٍ الَّتِي ائْتَفَكتْ بأَهلها أَي انْقَلَبَتْ، وَقِيلَ: المُؤْتَفِكاتُ المُدُن الَّتِي قَلَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قَوْمِ لُوطٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَذَكَرَ قِصَّةَ هَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ قَالَ: فَمَنْ أَصابته تِلْكَ الْإِفْكَةُ أَهلكته
، يُرِيدُ الْعَذَابَ الَّذِي أَرسله اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَقَلَبَ بِهَا دِيَارَهُمْ. يُقَالُ: ائْتَفَكَت الْبَلْدَةُ بأَهلها أَي انْقَلَبَتْ، فَهِيَ مُؤتَفِكة. وَفِي حَدِيثِ
بَشِيرِ بْنِ الخصَّاصية: قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِمَّنْ أَنت؟ قَالَ: مِنْ ربيعة، قال: أَنتم تَزْعُمُونَ لَوْلَا ربيعةُ لائْتَفَكت الأَرضُ بِمَنْ عَلَيْهَا
أَي انْقَلَبَتْ. والمُؤْتَفِكاتُ: الرِّياح تَخْتَلِفُ مَهابّهُا. والمُؤْتَفِكات: الرِّيَاحُ الَّتِي تَقْلِبُ الأَرض، تَقُولُ الْعَرَبُ: إِذا كَثُرَتِ المؤْتفكات زَكَتِ الأَرضُ أَي زَكَا زَرْعُهَا؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
وجَوْن خَرقٍ بِالرِّيَاحِ مُؤتَفك
أَي اخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ الرِّيَاحُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وأَرض مَأْفوكة: وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا الْمَطَرُ فأَمحلت. ابْنُ الأَعرابي: ائْتَفَكت تِلْكَ الأَرضُ أَي احترَقتْ مِنَ الْجَدَبِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كأَنها، وَهِيَ تَهاوَى تَهْتَلِك، ... شَمْسٌ بِظلٍّ، ذا بهذا يَأْتَفِك
قال يَصِفُ قَطاةً باطِن جَنَاحَيْهَا أَسود وَظَاهِرُهُ أَبيض فَشَبَّهَ السَّوَادَ بِالظُّلْمَةِ وَشَبَّهَ الْبَيَاضَ بالشمس، يَأْتَفِك: يَنْقَلِبُ. والمَأْفوك: المأْفون وَهُوَ الضَّعِيفُ الْعَقْلِ والرأْي. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ
؛ قال مُجَاهِدٌ: يُؤْفن عَنْهُ مَنْ أُفِنَ. وأُفِنَ الرَّجُلُ: ضَعُفَ رأْيه، وأَفَنَهُ اللَّهُ. وأُفِكَ الرَّجُلُ: ضَعُفَ عَقْلُهُ ورأْيه، قال: وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ أَفَكه اللَّهُ بِمَعْنَى أَضعف عَقْلَهُ وإِنما أَتى أَفَكه بِمَعْنَى صَرَفَهُ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ يصرف عن
__________
(1) . قوله [عمرو بن أُذينة] الذي في الصحاح وشرح القاموس: عروة
(2) . قوله [أحسن المروءة] رواية الصحاح: أحسن الصنيعة(10/391)
الْحَقِّ مَنْ صَرَفَهُ اللَّهُ. وَرَجُلٌ أَفِيكٌ ومَأْفوك: مَخْدُوعٌ عَنْ رأْيه؛ اللَّيْثُ: الأَفِيكُ الَّذِي لَا حَزْم لَهُ ولا حيلة؛ وأَنشد:
مَا لِي أَراكَ عَاجِزًا أَفِيكا؟
وَرَجُلٌ مَأْفوك: لَا يُصِيبُ خَيْرًا. وأَفكهُ: بمعنى خدعه.
أكك: الأَكَّةُ: الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ. والأَكَّةُ: شِدَّةُ الْحَرِّ وسكونُ الرِّيحِ مِثْلُ الأَجَّةِ، إِلا أَن الأَجَّة التَّوَهُّج والأَكَّةَ الْحَرُّ المُحْتَدِمُ الَّذِي لَا رِيحَ فِيهِ. وَيُقَالُ: أَصابتنا أَكَّة؛ وَيَوْمٌ أَكٌّ وأَكِيكٌ وَقَدْ أَكَّ يومُنا يَؤُكُّ أَكّاً وأْتَكَّ، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنْهُ، وَلَيْلَةٌ أَكَّة كَذَلِكَ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: يَوْمٌ عَكّ أَكّ شَدِيدُ الْحَرِّ مَعَ لِينٍ وَاحْتِبَاسِ رِيحٍ؛ حَكَاهَا مَعَ أَشياء إِتباعية، قَالَ: فَلَا أَدري أَذَهب بِهِ إِلى أَنه شَدِيدُ الْحَرِّ وأَنه يُفْصَلُ مِنْ عَكٍّ كَمَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْمُوعِبِ: وَيَوْمٌ عَكٌّ أَكّ حَارٌّ ضَيق غَامٌّ «3» ، وعَكِيك أَكِيكٌ. والأَكَّة: فَوْرة شَدِيدَةٌ فِي القَيْظ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي تَرْكُد فِيهِ الرِّيحُ. التَّهْذِيبُ: يَوْمٌ ذُو أَكّ وَذُو أَكَّة وَقَدِ ائتَكَّ وَهُوَ يَوْمٌ مُؤتَكّ، وَكَذَلِكَ العَكّ فِي وُجوهه، وَيُقَالُ: إِن فِي نَفْسِهِ عَلَيَّ لأَكَّة أَي حِقْداً. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: رَمَاهُ اللَّهُ بالأَكَّةِ أَي بالموت. وأْتَكَّ فُلَانٌ مِنْ أَمر أَرْمَضَه وأَكَّهُ يَؤُكُّه أَكّاً: ردَّه والأَكَّة: الزَّحْمَةُ؛ قَالَ:
إِذا الشَّرِيبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ، ... فَخَلِّه حَتَّى يَبُكَّ بَكَّهْ
فِي الْمُوعَبِ: الشَّرِيبُ الَّذِي يَسْقِي إِبله مَعَ إِبلك، يَقُولُ: فَخَلِّهُ يُورِدُ إِبله الْحَوْضَ فتَباكُّ عَلَيْهِ أَي تَزْدَحِمُ فَيَسْقِي إِبله سَقْيَةً؛ قَالَ:
تَضَرَّجَتْ أَكَّاتُه وغَمَمُهْ
الأَكَّةُ: الضيقُ وَالزَّحْمَةُ. وأكَّه يَؤُكُّه أَكّاً: زاحمه. وأْتَكَّ الوِرْدُ: ازْدَحَمَ، مَعْنَى الورْد جماعة الإِبل الواردة. وأْتَكَّ مِنْ ذَلِكَ الأَمر: عَظُمَ عليه وأَنِفَ منه.
ألك: فِي تَرْجَمَةِ عَلَجَ: يُقَالُ هَذَا أَلوكُ صِدْقٍ وعَلوك صِدْقٍ وعَلُوج صِدْقٍ لِمَا يُؤْكَلُ، وَمَا تَلَوَّكْتُ بأَلوكٍ وَمَا تَعَلَّجْتُ بعَلوج. اللَّيْثُ: الأَلوك الرِّسَالَةُ وَهِيَ المَأْلُكة، عَلَى مَفْعُلة، سُمِّيَتْ أَلوكاً لأَنه يُؤْلَكُ فِي الْفَمِ مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: الْفَرَسُ يَأْلُك اللُّجُمَ، وَالْمَعْرُوفُ يَلوك أَو يَعْلُك أَي يَمْضُغُ. ابْنُ سِيدَهْ: أَلَكَ الفرسُ اللِّجَامَ فِي فِيهِ يَأْلُكه عَلَكه. والأَلوك والمَأْلَكة والمَأْلُكة: الرِّسَالَةُ لأَنها تُؤْلَك فِي الْفَمِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وغُلامٌ أَرْسَلَتْهُ أُمُّه ... بأَلوكٍ، فَبَذَلْنا مَا سَأَلْ
وقال الشَّاعِرُ:
أَبْلِغْ أَبا دَخْتَنُوسَ مَأْلُكةً، ... عَنِ الَّذِي قَدْ يُقالُ مِ الكَذبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَبو دَخْتَنُوس هُوَ لَقِيط بْنُ زُرارة ودخْتَنُوس ابْنَتُهُ، سَمَّاهَا بَاسِمِ بنت كِسرى؛ وقال فيها:
يَا لَيْتَ شِعْري عنكِ دَخْتَنوسُ، ... إِذا أَتاكِ الخبرُ المَرْمُوسُ
قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ مَأْلُكة ومَأْلُك؛ وَقَوْلُهُ:
أَبْلِغْ يَزِيد بَنِي شَيْبان مَأْلُكَةً: ... أَبا ثُبَيْتٍ، أَما تَنْفَكُّ تأْتَكِلُ؟
إِنما أَراد تَأْتَلِكُ مِنَ الأَلوك؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْمَقْلُوبِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ نَسْمَعْ نَحْنُ فِي الْكَلَامِ تَأْتَلِكُ من
__________
(3) . قوله: غام؛ هكذا في الأَصل(10/392)
الأَلوك فَيَكُونُ هَذَا مَحْمُولًا عَلَيْهِ مَقْلُوبًا مِنْهُ؛ فأَما قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
أَبْلِغِ النُّعْمان عَنِّي مَأْلُكاً: ... أَنه قَدْ طَالَ حَبْسي وانْتِظار
فإِن سِيبَوَيْهِ قَالَ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَفْعُل، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ أَنه قَالَ: مَأْلُك جَمْعُ مَأْلُكة، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ بَابِ إِنْقَحل فِي الْقِلَّةِ، وَالَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَقيس «1» ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ مَكْرُم ومَعُون، قَالَ الشَّاعِرُ:
لِيَوْمِ رَوْعٍ أَو فَعَال مَكْرُم
وَقَالَ جَمِيلٌ:
بُثَيْنَ الْزَمي لَا، إِنَّ لَا إِنْ لَزِمْتِه، ... عَلَى كثرةِ الوَاشينَ، أَيّ مَعُون
قَالَ: وَنَظِيرُ الْبَيْتِ الْمُتَقَدِّمِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَيُّها الْقَاتِلُونَ ظُلْمًا حُسَيْناً، ... أَبْشِرُوا بالعَذابِ والتَّنْكيل
كلُّ أَهلِ السَّمَاءِ يَدْعُو عليكُمْ: ... مِنْ نَبيّ ومَلأَكٍ وَرَسُولِ
وَيُقَالُ: أَلَك بَيْنَ الْقَوْمِ إِذا تَرَسَّلَ أَلْكاً وأُلُوكاً وَالِاسْمُ مِنْهُ الأَلُوك، وَهِيَ الرِّسَالَةُ، وَكَذَلِكَ الأَلُوكة والمَأْلُكة والمَأْلُك، فإِن نَقَلْتَهُ بِالْهَمْزَةِ قُلْتَ أَلَكْتُه إِليه رِسَالَةً، والأَصل أَأْلَكْتُه فأَخرت الْهَمْزَةُ بَعْدَ اللَّامِ وَخُفِّفَتْ بِنَقْلِ حَرَكَتِهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا وحَذْفِها، فإِن أَمرتَ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ الْمَنْقُولِ بِالْهَمْزَةِ قُلْتَ أَلِكْني إِليها بِرِسَالَةٍ، وَكَانَ مُقْتَضَى هَذَا اللَّفْظِ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ أَرْسِلْني إِليها بِرِسَالَةٍ، إِلا أَنه جَاءَ عَلَى الْقَلْبِ إِذ الْمَعْنَى كُنْ رَسُولِي إِليها بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ فَهَذَا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ:
وَلَا تَهَيَّبُني المَوْماةُ أَركبها
أَي وَلَا أَتَهَيَّبُها، وَكَذَلِكَ أَلِكْني لَفْظُهُ يَقْضِي بأَن المخاطَب مُرْسِلٌ وَالْمُتَكَلِّمَ مُرْسَل، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى بِعَكْسِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَن المخاطب مُرْسَل والمتكلم مرْسِل؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
أَلِكْني إِليها بِالسَّلَامِ، فإِنَّهُ ... يُنَكَّرُ إِلْمامي بِهَا ويُشَهَّرُ
أَي بَلِّغْها سَلَامِي وكُنْ رَسُولِي إِليها، وَقَدْ تُحْذَفُ هَذِهِ الْبَاءُ فَيُقَالُ أَلِكْني إِليها السلامَ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شَأْسٍ:
أَلِكْني إِلى قَوْمِي السلامَ رِسالةً، ... بِآيَةِ مَا كَانُوا ضِعافاً وَلَا عُزْلا
فَالسَّلَامُ مَفْعُولٌ ثَانٍ، وَرِسَالَةٌ بَدَلٌ مِنْهُ، وإِن شِئْتَ حَمَلْتَهُ إِذا نَصَبْتَ عَلَى مَعْنَى بَلِّغ عَنِّي رِسَالَةً؛ وَالَّذِي وَقَعَ فِي شِعْرِ عَمْرِو بْنِ شأْس:
أَلِكْني إِلى قومي السلامَ ورحمةَ الإِله، ... فَمَا كَانُوا ضِعافاً وَلَا عُزْلا
وَقَدْ يَكُونُ المُرْسَلُ هُوَ المُرْسَل إِليه، وَذَلِكَ كَقَوْلِكَ أَلِكْني إِليك السَّلَامَ أَي كُنْ رَسُولِي إِلى نَفْسِكَ بِالسَّلَامِ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الشاعر:
أَلِكْني يا عتيقُ إِليكَ قَوْلًا، ... سَتُهْدِيهِ الرواةُ إِليكَ عَني
وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وأَبيه وَعَمِّهِ:
أَلِكْني إِلى قَوْمِي، وإِن كنتُ نَائِيًا، ... فإِني قَطُينُ البيتِ عِنْدَ المَشَاعِرِ
أَي بَلِّغ رِسَالَتِي مِنَ الأَلُوكِ والمَأْلُكة، وَهِيَ الرِّسَالَةُ. وقال كُرَاعٌ: المَأْلُك الرِّسَالَةُ وَلَا نَظِيرَ لَهَا أَي لَمْ يَجِئْ عَلَى مَفْعُل إِلا هي.
__________
(1) . قوله [وَالَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أقيس] هكذا في الأَصل(10/393)
وأَلَكَه يأْلِكُه أَلْكاً: أَبلغه الأَلُوك. ابْنُ الأَنباري: يُقَالُ أَلِكْني إِلى فُلَانٍ يُرَادُ بِهِ أَرسلني، وَلِلِاثْنَيْنِ أَلِكاني وأَلِكُوني وأَلِكِيني وأَلِكَاني وأَلِكْنَني، والأَصل فِي أَلِكْني أَلْئِكْني فَحُوِّلَتْ كَسْرَةُ الْهَمْزَةِ إِلَى اللَّامِ وأُسقطت الْهَمْزَةُ؛ وأَنشد:
أَلِكْني إِليها بخير الرسولِ، ... أُعْلِمُهُمْ بِنُوَاحِي الخَبَرْ
قَالَ: وَمَنْ بَنَى عَلَى الأَلوك قَالَ: أَصل أَلِكْني أَأْلِكْني فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ تَخْفِيفًا؛ وأَنشد:
أَلِكْني يَا عُيَيْنُ إِليكَ قَوْلًا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَلِكْني أَلِكْ لِي، وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: أَلِكْني إِليه أَي كُنْ رَسُولِي إِليه؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ:
أَلِكْني يَا عُيَيْنُ إِليكَ عَنِّي
أَي أَبلغ عَنِّي الرِّسَالَةَ إِليك، والمَلَكُ مُشْتَقٌّ مِنْهُ، وأَصله مَأْلَك، ثُمَّ قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ إِلى مَوْضِعِ اللَّامِ فَقِيلَ مَلأَك، ثُمَّ خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ بأَن أُلقيت حَرَكَتُهَا عَلَى السَّاكِنِ الَّذِي قَبْلَهَا فَقِيلَ مَلَك؛ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ مُتَمَّمًا وَالْحَذْفُ أَكثر:
فلسْتَ لإِنْسيٍّ، وَلَكِنْ لمَلأَكٍ ... تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوب
وَالْجَمْعُ مَلَائِكَةٌ، دَخَلَتْ فِيهَا الْهَاءُ لَا لِعُجْمَةٍ وَلَا لِنَسَبٍ، وَلَكِنْ عَلَى حَدِّ دُخُولِهَا فِي القَشاعِمَة والصيَّاقلة، وَقَدْ قَالُوا المَلائك. ابْنُ السِّكِّيتِ: هِيَ المَأْلَكة والمَلأَكة عَلَى الْقَلْبِ. وَالْمَلَائِكَةُ: جَمْعُ مَلأَكة ثُمَّ تُرِكَ الْهَمْزُ فَقِيلَ مَلَك فِي الْوُحْدَانِ، وأَصله مَلأَك كَمَا تَرَى. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ قَدِ اسْتَأْلكَ مَأْلُكَته أَي حمل رسالته.
أنك: الآنُك: الأُسْرُبُّ وَهُوَ الرَّصاصُ القَلْعِيُّ، وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ الْقَزْدِيرُ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مِثَالِ فاعُل غَيْرِهِ، فأَما كابُل فأَعجمي. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ استَمَعَ إِلى قَيْنَة صَبَّ اللَّهُ الآنُك فِي أُذُنيه يَوْمَ الْقِيَامَةِ
؛ رَوَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اسْتَمَعَ إِلى حَدِيثِ قومٍ هُمْ لَهُ كارِهون صبَّ فِي أُذنيه الآنُك يَوْمَ الْقِيَامَةِ
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الآنُك الأَسْرُبُّ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَحسبه معرَّباً، وَقِيلَ: هُوَ الرَّصاص الأَبيض، وَقِيلَ الأَسود، وَقِيلَ هُوَ الْخَالِصُ مِنْهُ وإِن لَمْ يَجِئْ عَلَى أَفْعُل وَاحِدًا غَيْرُ هَذَا، فأَما أَشُدّ فَمُخْتَلِفٌ فِيهِ، هَلْ هُوَ وَاحِدٌ أَو جَمْعٌ، وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ الآنُك فاعُلًا لَا أَفْعُلًا، قَالَ: وَهُوَ شَاذٌّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَفْعُل مِنْ أَبنية الْجَمْعِ وَلَمْ يَجِئْ عَلَيْهِ لِلْوَاحِدِ إِلا آنُك وأَشُدّ، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي شِعْرٍ عَرَبِيٍّ وَالْقِطْعَةُ الْوَاحِدَةُ آنُكَة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِي جِسْم جَدْل صَلْهَبيّ عَمَمُه، ... يَأْنُك عَنْ تَفْئِيمه مُفَأّمُه
قَالَ الأَصمعي: لَا أَدري مَا يَأْنُك، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يَأْنُك يعظم.
أيك: الأَيْكةَ: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ الْمُلْتَفُّ، وَقِيلَ: هِيَ الغَيْضة تُنْبِتُ السَّدْر والأَراك وَنَحْوَهُمَا مِنْ نَاعِمِ الشَّجَرِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مَنْبَتَ الأَثْل ومُجتَمعه، وَقِيلَ: الأَيْكة جَمَاعَةُ الأَراك، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَدْ تَكُونُ الأَيْكة الْجِمَاعُ مِنْ كُلِّ الشَّجَرِ حَتَّى مِنَ النَّخْلِ، قَالَ: والأَول أَعرق، وَالْجَمْعُ أَيْكٌ. وأَيِكَ الأَراك فَهُوَ أَيِكٌ واسْتَأْيَك، كِلَاهُمَا: التفَّ وَصَارَ أَيكة؛ قَالَ:
ونحنُ مِنْ فَلْجٍ بأَعْلَى شِعْبِ، ... أَيْكِ الأَراكِ مُتَداني القَضْبِ(10/394)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُرَاهُ أيِكِ الأَرَاك فَخُفِّفَ، وأيْك أيِكٌ مُثْمر، وَقِيلَ هُوَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ. وَفِي التَّهْذِيبِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ
؛ وَقُرِئَ أَصْحَابُ لَيكة، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ اسْمَ الْمَدِينَةِ كَانَ لَيْكة، وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدٍ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ وَجَعَلَ لَيْكة لَا تَنْصَرِفُ، وَمَنْ قَرَأَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ
قَالَ: الأَيْك الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ، يُقَالُ أيْكة وأيْك، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: إِنَّ شَجَرَهُمْ كَانَ الدَّوْم. وَرَوَى شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: يُقَالُ أيْكة مِنْ أثْل، ورَهْطٌ مِنْ عُشَر، وقَصِيمَة مِنْ غَضاً؛ قَالَ الزَّجَاجُ: يَجُوزُ وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا
كَذَّبَ أَصْحَابُ لَيْكةِ
، بِغَيْرِ أَلِفٍ عَلَى الْكَسْرِ، عَلَى أَنَّ الأَصل الأَيكةِ فأُلقيت الْهَمْزَةُ فَقِيلَ الَيْكةِ، ثُمَّ حُذِفَتِ الأَلف فَقَالَ لَيْكَةِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ «1» الأَحمرُ قَدْ جَاءَنِي، وَتَقُولُ إِذَا أَلقت الْهَمْزَةُ: الَحْمرُ جَاءَنِي، بِفَتْحِ اللَّامِ وَإِثْبَاتِ أَلِفِ الْوَصْلِ، وَتَقُولُ أَيْضًا: لَحْمَرُ جَاءَنِي، يُرِيدُونَ الأَحْمَرَ؛ قَالَ: وَإِثْبَاتُ الأَلف وَاللَّامِ فِيهَا فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَذْفَ الْهَمْزَةِ مِنْهَا الَّتِي هِيَ أَلِفُ وَصْلٍ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ لَحْمَرَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَنْ قَرَأَ كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ
، فَهِيَ الغَيْضة، وَمَنْ قَرَأَ
لَيْكة
فَهِيَ اسْمُ الْقَرْيَةِ. وَيُقَالُ: هُمَا مثل بَكَّة ومَكَّة.
فصل الباء الموحدة
بتك: البَتْك: الْقَطْعُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ
؛ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: يَقُولُ فَلَيُقَطِّعُنَّ؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: كَأَنَّهُ أَرَادَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، تبْحِير أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ آذَانَ أَنْعَامِهِمْ وَشَقِّهِمْ إِيَّاهَا. اللَّيْثُ: البَتْك قَطْعُ الأُذن مِنْ أَصْلِهَا. وبَتَّك الْآذَانَ أَيْ قَطِّعْهَا، شَدَّدَ لِلْكَثْرَةِ، وَقِيلَ: البَتْكُ أَنْ تَقْبِضَ عَلَى شَيْءٍ بِيَدِكَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَنْ تَقْبِضَ عَلَى شَعْرٍ أَوْ رِيشٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ تَجْذِبُهُ إِلَيْكَ حَتَّى يَنْقَطِعَ فيَنْبَتِك مِنْ أَصْلِهِ وَيَنْتَتِفُ، وَكُلُّ طَائِفَةٍ صَارَتْ فِي يَدِكَ مِنْ ذَلِكَ فَاسْمُهَا بِتْكَةٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
حَتَّى إِذَا مَا هَوَتْ كَفُّ الْغُلَامِ لَهَا، ... طارَتْ وَفِي كَفِّه مِنْ رِيشِهَا بِتَكُ
وَقِيلَ: البَتْك قَطْعُ الشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ، بَتَكه يَبْتِكُه ويَبْتُكه بَتْكاً أَيْ قَطَعَهُ، وبَتَّكه فانْبَتك وتَبَتَّك. والبِتْكةُ والبَتْكة: الْقِطْعَةُ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ بِتَكٌ؛ وَاسْتَشْهَدَ بِبَيْتِ زُهَيْرٍ:
طارَتْ وَفِي كَفِّهِ مِنْ ريشها بِتَكُ
وَسَيْفٌ باتِكٌ أَيْ صَارِمٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذَا طَلَعَتْ أُولى العَدِيِّ، فنَفْرَةٌ ... إِلَى سَلَّةٍ مِنْ صَارِمِ الغَرِّ باتِكِ
وَسَيْفٌ باتِكٌ وبَتُوك: قَاطِعٌ، وَسُيُوفٌ بَواتِكُ. والبِتْكة أَيْضًا: جَهْمة مِنَ الليل.
بخنك: البُخْنُك: لُغَةٌ فِي البُخْنُقِ.
برك: البَرَكة: النَّماء وَالزِّيَادَةُ. والتَّبْريك: الدُّعَاءُ للإِنسان أَوْ غَيْرِهِ بِالْبَرَكَةِ. يُقَالُ: بَرَّكْتُ عَلَيْهِ تَبْريكاً أَيْ قُلْتَ لَهُ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ. وَبَارَكَ اللَّهُ الشيءَ وَبَارَكَ فِيهِ وَعَلَيْهِ: وَضَعَ فِيهِ البَرَكَة. وَطَعَامٌ بَرِيك: كَأَنَّهُ مُبارك. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ
، قَالَ: الْبَرَكَاتُ السَّعَادَةُ؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ:
__________
(1) . قَوْلُهُ [والعرب تقول إلخ] عبارة زاده على البيضاوي كما تقول: مررت بالأَحمر، على تحقيق الهمزة، ثم تخففها فتقول بلحمر، فإن شئت كتبته في الخط على ما كتبته أولًا وإن شئت كتبته بالحذف على حكم لفظ اللافظ فلا يجوز حينئذ إلا الجر كما لا يجوز في الأيكة إلا الجر.(10/395)
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي التَّشَهُّدِ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
، لأَن مَنْ أَسْعَدَهُ اللَّهُ بِمَا أَسْعَدَ بِهِ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ نَالَ السَّعَادَةَ الْمُبَارَكَةَ الدَّائِمَةَ. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ:
وبارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ
أَيْ أَثْبِتْ لَهُ وَأَدِمْ مَا أَعْطَيْتَهُ مِنَ التَّشْرِيفِ وَالْكَرَامَةِ، وَهُوَ مِنْ بَرَكَ الْبَعِيرُ إِذَا أَنَاخَ فِي مَوْضِعٍ فَلَزِمَهُ؛ وَتُطْلَقُ البَرَكَةُ أَيْضًا عَلَى الزِّيَادَةِ، والأَصلُ الأَولُ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ سُلَيْمٍ: فحنَّكه وبَرَّك عَلَيْهِ
أَيْ دَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ. وَيُقَالُ: باركَ اللَّهُ لَكَ وَفِيكَ وَعَلَيْكَ وتَبَارك اللَّهُ أَيْ بَارَكَ اللَّهُ مِثْلَ قاتَلَ وتَقاتَلَ، إِلَّا أَنَّ فاعلَ يتعدى وتفاعلَ لَا يَتَعَدَّى. وتَبَرّكْتُ بِهِ أَيْ تَيَمَّنْتُ بِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها
؛ التَّهْذِيبُ: النَّارُ نُورُ الرَّحْمَنِ، وَالنُّورُ هُوَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالى، ومَنْ حَوْلَهَا مُوسَى وَالْمَلَائِكَةُ. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ
، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَنْ حَوْلَها الْمَلَائِكَةُ
، الْفَرَّاءُ: إِنَّهُ فِي حَرْفِ
أُبَيٍّ أَنْ بُورِكَت النارُ ومنْ حَوْلَهَا
، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ باركَكَ اللَّهُ وبارَكَ فِيكَ، قَالَ الأَزهري: مَعْنَى بَرَكة اللَّهِ عُلُوُّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ وَقَالَ
أَبُو طَالِبِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
بُورِكَ المَيِّتُ الغريبُ، كَمَا بُورك ... نَضْحُ الرُّمَّان وَالزَّيْتُونِ
وَقَالَ:
بارَك فِيكَ اللهُ مِنْ ذِي ألِ
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَبارَكْنا عَلَيْهِ
. وَقَوْلُهُ: بارَكَ اللَّهُ لَنَا فِي الْمَوْتِ؛ مَعْنَاهُ بَارَكَ اللَّهُ لَنَا فِيمَا يُؤَدِّينَا إِلَيْهِ الْمَوْتُ؛ وَقَوْلُ أَبِي فِرْعَوْنَ:
رُبَّ عجوزٍ عِرْمس زَبُون، ... سَرِيعة الرَّدِّ عَلَى الْمِسْكِينِ
تَحْسَبُ أنَّ بُورِكاً يَكْفِينِي، ... إِذَا غَدَوتُ باسِطاً يَميني
جَعَلَ بُورِك اسَمًا وَأَعْرَبَهُ، ونحوٌ مِنْهُ قَوْلُهُمْ: مِنْ شُبٍّ إِلَى دُبٍّ؛ جَعَلَهُ اسْمًا كدُرٍّ وبُرٍّ وَأَعْرَبَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى يَعْنِي الْقُرْآنَ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ
، يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ نَزَلَ فِيهَا جُملةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ نَزَلَ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَطَعَامٌ بَرِيكٌ: مُبَارَكٌ فِيهِ. وَمَا أبْرَكَهُ: جَاءَ فعلُ التَّعَجُّبِ عَلَى نِيَّةِ الْمَفْعُولِ. وتباركَ اللَّهُ: تقدَّس وَتَنَزَّهَ وَتَعَالَى وَتَعَاظَمَ، لَا تَكُونُ هَذِهِ الصِّفَةُ لِغَيْرِهِ، أَيْ تطَهَّرَ. والقُدْس: الطُّهْرُ. وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ تَفْسِيرِ تبارَكَ اللهُ فَقَالَ: ارْتَفَعَ. والمُتبارِكُ: الْمُرْتَفِعُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: تبارَكَ تفاعَلَ مِنَ البَرَكة، كَذَلِكَ يَقُولُ أَهْلُ اللُّغَةِ. وَرَوَى
ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَعْنَى البَرَكة الْكَثْرَةُ فِي كُلِّ خَيْرٍ
، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
تَبارَكَ تَعَالَى وَتَعَاظَمَ
، وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: تبارَكَ اللَّهُ أَيْ يُتَبَرَّكُ بِاسْمِهِ فِي كُلِّ أَمْرٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ تبارَكَ اللَّهُ: تَمْجِيدٌ وَتَعْظِيمٌ. وتبارَكَ بِالشَّيْءِ: تَفاءَل بِهِ. الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ*
، قَالَ: الْمُبَارَكُ مَا يَأْتِي مِنْ قِبَله الْخَيْرُ الْكَثِيرُ وَهُوَ مِنْ نَعْتِ كِتَابٍ، وَمَنْ قَالَ
أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكًا
جَازَ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ. اللِّحْيَانِيُّ: بارَكْتُ عَلَى التِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا أَيْ وَاظَبْتُ عَلَيْهَا، وَحَكَى بَعْضُهُمْ تباركتُ بِالثَّعْلَبِ الَّذِي تباركتَ بِهِ. وبَرَكَ الْبَعِيرُ يَبْرُكُ بُروكاً أَيِ اسْتَنَاخَ، وأبرَكته أَنَا فبَرَكَ، وَهُوَ قَلِيلٌ، والأَكثر أنَخْتُه فَاسْتَنَاخَ. وبَرَكَ: أَلْقَى بَرْكَهُ بالأَرض وَهُوَ صَدْرُهُ، وبَرَكَتِ الإِبل تَبْرُكُ بُروكاً وبَرَّكَتْ: قَالَ الرَّاعِي:(10/396)
وَإِنْ بَرَكَتُ مِنْهَا عجاساءُ جلَّةٌ، ... بمَحْنيَةٍ، أجلَى العِفاسَ وبَرْوَعا
وأبرَكَها هُوَ، وَكَذَلِكَ النَّعَامَةُ إِذَا جَثَمَتْ عَلَى صَدْرِهَا. والبَرْكُ: الإِبل الْكَثِيرَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ مُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ:
إِذَا شارفٌ منهنَّ قامَتْ ورَجَّعتْ ... حَنِيناً، فَأَبْكَى شَجْوُها البَرْكَ أَجْمَعَا
وَالْجَمْعُ البُرُوك، والبَرْكُ جَمْعُ باركٍ مِثْلَ تَجْرٍ وَتَاجِرٍ، والبَرْكُ: جَمَاعَةُ الإِبل الْبَارِكَةِ، وَقِيلَ: هي إبل الحِواءِ كلُّها الَّتِي تَرُوحُ عَلَيْهَا، بَالِغًا مَا بلغَتْ وَإِنْ كَانَتْ أُلُوفًا؛ قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
كَأَنَّ ثِقالَ المُزنِ بَيْنَ تُضارِعٍ ... وشابَةَ بَرْكٌ، مِنْ جُذامَ، لَبِيجُ
لَبيجٌ: ضَارِبٌ بِنَفْسِهِ؛ وَقِيلَ: البَرْك يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ مَا بَرَكَ مِنْ جَمِيعِ الجِمال والنُّوقِ عَلَى الْمَاءِ أَوِ الفَلاة مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ أَوِ الشِّبَعِ، الْوَاحِدُ بارِكٌ والأُنثى بَارِكَةٌ. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ البَرْكُ الإِبل البُرُوك اسْمٌ لِجَمَاعَتِهَا؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وبَرْكٍ هُجُودٍ قَدْ أثارَتْ مَخافَتِي ... بَوَاديَها، أَمْشِي بعَضْبٍ مُجَرَّد
وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَيْسَ لَهُ مَبْرَكُ جَمَلٍ. وَكُلُّ شَيْءٍ ثَبَتَ وَأَقَامَ، فَقَدْ بَرَكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلْقَمَةَ: لَا تَقْرَبْهم فَإِنَّ عَلَى أَبْوَابِهِمْ فِتَناً كَمبارِك الإِبل
؛ هو الْمَوْضِعُ الَّذِي تَبْرُكُ فِيهِ، أَرَادَ أَنَّهَا تُعْدِي كَمَا أَنَّ الإِبل الصِّحَاحَ إِذَا أُنِيخَتْ فِي مَبارك الجَرْبَى جَرِبَتْ. والبِرْكة: أَنْ يَدِرّ لبَنُ النَّاقَةِ وَهِيَ بَارِكَةٌ فيقيمَها فَيَحْلِبَهَا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وحَلَبْتُ بِرْكتها اللَّبُون، ... لَبون جُودِكَ غَيْرُ ماضِرْ
وَرَجُلٌ مُبْتَرِكٌ: معتمِد عَلَى الشَّيْءِ مُلِحٌّ؛ قَالَ:
وعامُنا أعْجَبَنا مُقَدَّمُهُ، ... يُدْعَى أَبَا السَّمْح وقِرْضابٌ سِمُهْ،
مُبْتَرِكٌ لِكُلِّ عَظْمٍ يَلْحُمُهْ
وَرَجُلٌ بُرَكٌ: بارِكٌ عَلَى الشَّيْءِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَأَنْشَدَ:
بُرَكٌ عَلَى جَنْبِ الإِناء مُعَوَّدٌ ... أَكْلَ البِدَانِ، فلَقْمُه مُتدارِكُ
اللَّيْثُ: البِرْكةُ مَا وَلِيَ الأَرض مِنْ جِلْدِ بَطْنِ الْبَعِيرِ وَمَا يَلِيهِ مِنَ الصَّدْرِ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ مَبْرَك الْبَعِيرِ، والبَرْكُ كَلْكل الْبَعِيرِ وَصَدْرُهُ الذي يدُوك بِهِ الشَّيْءُ تَحْتَهُ؛ يُقَالُ: حَكَّه ودكَّه وَدَاكَّهُ بِبَرْكه؛ وَأَنْشَدَ فِي صِفَةِ الْحَرْبِ وَشِدَّتِهَا:
فأقْعَصَتهُمْ وحَكَّتْ بَرْكَها بِهِمُ، ... وأعْطَتِ النّهْبَ هَيَّانَ بْنَ بَيَّانِ
والبَرْك والبِرْكةُ: الصَّدْرُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا وَلِيَ الأَرض مِنْ جِلْدِ صَدْرِ الْبَعِيرِ إِذَا بَرَك، وَقِيلَ: البَرْك للإِنسان والبِرْكة لِما سِوَى ذَلِكَ، وَقِيلَ: البَرْك الْوَاحِدُ، والبِركة الْجَمْعُ، وَنَظِيرُهُ حَلْي وحِلْية، وَقِيلَ: البَرْكُ بَاطِنُ الصَّدْرِ والبِركة ظَاهِرُهُ؛ والبِرْكة مِنَ الْفَرَسِ الصَّدْرُ؛ قَالَ الأَعشى:
مُسْتَقْدِم البِرْكَة عَبْل الشَّوَى، ... كَفْتٌ إِذَا عَضَّ بفَأسِ اللِّجام
الْجَوْهَرِيُّ: البَرْكُ الصَّدْرُ، فَإِذَا أَدْخَلْتَ عَلَيْهِ الْهَاءَ كَسَرْتَ وَقُلْتَ بِرْكة؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فِي مِرْفَقَيْهِ تَقاربٌ، ولَهُ ... بِرْكَةُ زَوْرٍ كَجبأة الخَزَمِ
وَقَالَ يَعْقُوبُ: البَرْكُ وَسَطُ الصَّدْرِ؛ قَالَ ابْنُ(10/397)
الزِّبَعْرى:
حِينَ حَكَّتْ بقُباءٍ بَرْكَها، ... واسْتَحَرَّ الْقَتْلُ فِي عَبْدِ الأَشَلّ
وَشَاهِدُ البِرْكة قَوْلُ أَبِي دُوَادَ:
جُرْشُعاً أعْظَمُه جُفْرَتُه، ... ناتِئُ البِرْكةِ فِي غَيْرِ بَدَدْ
وَقَوْلُهُمْ: مَا أَحْسَنَ بِرْكَة هَذِهِ النَّاقَةِ وَهُوَ اسْمٌ للبُروك، مِثْلَ الرِّكبة والجِلْسة. وابْتَرك الرَّجُلُ أَيْ أَلْقَى بِرْكه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: ابْتَرَكَ الناسُ فِي عُثْمَانَ
أَيْ شَتَمُوهُ وتنقَّصوه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَلْقَتِ السحابُ بَرْكَ بَوانِيها
؛ البَرْكُ الصَّدْرُ، والبَوانِي أَرْكَانُ البِنْية. وابْتَرَكْتُه إِذَا صرَعته وَجَعَلْتَهُ تَحْتَ بَرْكك. وابْتَرَك الْقَوْمُ فِي الْقِتَالِ: جَثَوْا عَلَى الرُّكَب وَاقْتَتَلُوُا ابتِراكاً، وَهِيَ البَرُوكاءُ والبُرَاكاءُ. والبَراكاءُ: الثَّبات فِي الْحَرْبِ والجِدّ، وَأَصْلُهُ مِنَ البُروك؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ:
وَلَا يُنْجي مِنَ الغَمَراتِ إلَّا ... بَرَاكاءُ الْقِتَالِ، أَوِ الفِرار
والبَراكاءُ: سَاحَةُ الْقِتَالِ. وَيُقَالُ فِي الْحَرْبِ: بَراكِ براكِ أَيِ ابْرُكوا. والبُرَاكِيَّة: ضَرْبٌ مِنَ السُّفُنِ. والبُرَكُ والبارُوك: الكابُوس وَهُوَ النِّيدِلانُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: بَرَّكانِيٌّ، وَلَا يُقَالُ بَرْنَكانيّ. وبَرْك الشِّتَاءِ: صَدْرُهُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
واحْتَلَّ برْكُ الشِّتَاءِ مَنْزِلَه، ... وَبَاتَ شَيْخُ العِيالِ يَصْطَلِبُ
قَالَ: أَرَادَ وَقْتَ طُلُوعِ الْعَقْرَبِ وَهُوَ اسْمٌ لعدَّة نُجُومٍ: مِنْهَا الزُّبانَى والإِكْلِيلُ والقَلْبُ والشَّوْلة، وَهُوَ يَطْلُعُ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ، وَيُقَالُ لَهَا البُرُوك والجُثُوم، يَعْنِي الْعَقْرَبَ، وَاسْتَعَارَ البَرْكَ لِلشِّتَاءِ أَيْ حَلَّ صَدر الشِّتَاءِ وَمُعْظَمُهُ فِي مَنْزِلِهِ، يَصِفُ شِدَّةَ الزَّمَانِ وجَدْبه لأَن غَالِبَ الْجَدْبِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ. وبارَكَ عَلَى الشَّيْءِ: وَاظَبَ. وأبْرَكَ فِي عَدْوه: أَسْرَعَ مُجْتَهِدًا، وَالِاسْمُ البُروك؛ قَالَ:
وهنَّ يَعْدُون بنا بُروكا
أي نجتهد فِي عَدْوِهَا. وَيُقَالُ: ابْتَرَكَ الرَّجُلُ فِي عَرْضِ أَخِيهِ يُقَصِّبُه إِذَا اجْتَهَدَ فِي ذَمِّهِ، وَكَذَلِكَ الابتِراك فِي الْعَدْوِ وَالِاجْتِهَادُ فِيهِ، ابْتَرَكَ أَيْ أَسْرَعَ فِي العَدْو وجدَّ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
مَرًّا كِفاتاً، إِذَا مَا الماءُ أسْهَلَها، ... حَتَّى إِذَا ضُربت بِالسَّوْطِ تَبْتَرِكُ
وابْتِراكُ الْفَرَسِ: أَنْ يَنْتَحِي عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ فِي عَدْوه. وابْتَرَكَ الصَّيقَلُ: مَالَ عَلَى المِدْوَسِ فِي أَحَدِ شِقَّيْهِ. وَابْتَرَكَتِ السَّحَابَةُ: اشْتَدَّ انْهِلَالُهَا. وابْتَرَكت السَّمَاءُ وَأَبْرَكَتْ: دَامَ مَطَرُهَا. وابْتَركَ السحابُ إِذَا ألَحّ بِالْمَطَرِ. وابْتَرَكَ فِي عَرْض الحَبل: تَنَقّصه. ابْنُ الأَعرابي: الخَبِيصُ يُقَالُ لَهُ البُرُوك لَيْسَ الرُّبُوك. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَعراب لِامْرَأَتِهِ: هَلْ لكِ فِي البُرُوك؟ فَأَجَابَتْهُ: إِنَّ البُرُوك عَمَلُ الْمُلُوكِ؛ وَالِاسْمُ مِنْهُ البَرِيكة، وَعَمَلُهُ البُرُوك، وَأَوَّلُ مَنْ عَمِلَ الخَبِيص عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَهْدَاهَا إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا الرَّبِيكة فالحَيْس؛ وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنَّهُ أَنْشَدَ لِمَالِكِ بْنِ الرَّيْبِ:
إِنَّا وَجَدْنَا طَرَدَ الهَوَامِلِ، ... والمشيَ فِي البِرْكةِ والمَراجِلِ(10/398)
قَالَ: البِرْكةُ جِنْسٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ، وَكَذَلِكَ المَرَاجل. والبُرْكة: الحَمَالة وَرِجَالُهَا الَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِيهَا؛ قَالَ:
لَقَدْ كَانَ فِي لَيْلى عَطَاءٌ لبُرْكةٍ، ... أناخَتْ بِكُمْ تَرْجو الرَّغَائِبَ والرِّفْدا
لَيْلَى هُنَا ثَلَثُمِائَةٍ مِنَ الإِبل كَمَا سَمَّوُا الْمِائَةَ هِنْداً، وَيُقَالُ لِلْجَمَاعَةِ يَتَحَمَّلُونَ حَمالةً بُرْكَةٌ وجُمَّة؛ وَيُقَالُ: أبرَكْتُ النَّاقَةَ فَبَركَتْ بُرُوكاً. والتَّبْراك: البُروك؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَقَدْ قَرِحَتْ نَغَانِغُ رُكْبَتَيْهَا ... مِنَ التَّبْراك، لَيْسَ مِنَ الصَّلاةِ
وتِبْراك، بِكَسْرِ التَّاءِ: مَوْضِعٌ بِحِذَاءِ تِعْشار؛ قَالَ مَرَّارُ بْنُ مُنْقِذ:
أعَرَفْت الدَّارَ أَمْ أنْكَرْتها، ... بَيْنَ تِبْراكٍ فشَسَّيْ عَبَقُرْ؟
والبِرْكةُ: كَالْحَوْضِ، وَالْجَمْعُ البِرَكُ؛ يُقَالُ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لإِقامة الْمَاءِ فِيهَا. ابْنُ سِيدَهْ: والبِرْكَةُ مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ. والبِرْكةُ: شِبْهُ حَوْضٍ يُحْفَرُ فِي الأَرض لَا يُجْعَلُ لَهُ أَعْضَادٌ فَوْقَ صَعِيدِ الأَرض، وَهُوَ البِرْكُ أَيْضًا؛ وَأَنْشَدَ:
وأنْتِ الَّتِي كَلَّفْتِني البِرْكَ شَاتِيًا ... وأوْردتِنيه، فانْظُرِي، أَيَّ مَوْرِدِ
ابْنُ الأَعرابي البِرْكةُ تَطْفَحُ مِثْلَ الزَّلَف، والزَّلَفُ وَجْهُ الْمِرْآةِ. قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَرَأَيْتُ الْعَرَبَ يُسَمُّونَ الصَّهاريج الَّتِي سُوِّيت بِالْآجُرِّ وضُرِّجَتْ بالنُّورة فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَمَنَاهِلِهَا بِرَكاً، وَاحِدَتُهَا بِرْكةٌ، قَالَ: وربَّ بِرْكةٍ تَكُونُ أَلْفَ ذِرَاعٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ، وَأَمَّا الحِياض الَّتِي تُسَوَّى لِمَاءِ السَّمَاءِ وَلَا تُطْوَى بِالْآجِرِ فَهِيَ الأَصْناع، وَاحِدُهَا صِنْع، والبِرْكةُ: الحَلْبة مِنْ حَلَب الْغَدَاةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهِيَ البَرْكَةُ، وَلَا أَحقها، وَيُسَمُّونَ الشَّاةَ الحَلُوبة: بِرْكةً. والبَروك مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَتَزَوَّجُ وَلَهَا وَلَدٌ كَبِيرٌ بَالِغٌ. والبِراكُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ بَحَرِيٌّ سُودُ الْمَنَاقِيرِ. والبُركة، بِالضَّمِّ: طَائِرٌ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ أَبْيَضُ، وَالْجَمْعُ بُرَك وأبْراك وبُرْكان، قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ أبْرَاكاً وبُرْكاناً جَمْعُ الْجَمْعِ. والبُرَكُ أَيْضًا: الضَّفَادِعُ؛ وَقَدْ فَسَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ قَوْلَ زُهَيْرٍ يَصِفُ قَطَاةً فَرَّتْ مِنْ صَقْر إِلَى مَاءٍ ظَاهِرٍ عَلَى وَجْهِ الأَرض:
حَتَّى استغاثَتْ بِمَاءٍ لَا رشاءَ لَهُ ... مِنَ الأَباطِح، فِي حَافَاتِهِ البُرَكُ
والبِرْكانُ: ضَرْبٌ مِنْ دِقِّ الشَّجَرِ، وَاحِدَتُهُ بِرْكانة؛ قَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى غَدَا حَرِضاً طَلَّى فَرائصُه، ... يَرعى شقائقَ مِنْ عَلْقَى وبِرْكانِ
وَقِيلَ: هُوَ مَا كَانَ مِنَ الحَمْض وَسَائِرِ الشَّجَرِ لَا يَطُولُ سَاقُهُ. والبِرْكانُ: مِنْ دِقّ النَّبْتِ وَهُوَ الْحَمْضُ؛ قَالَ الأَخطل وَأَنْشَدَ بَيْتَ الرَّاعِي وَذَكَرَ أَنَّ صَدْرَهُ:
حَتَّى غَدَا حَرِضاً هَطْلى فرائصُه
وَالْهَطْلَى: وَاحِدُهُ هِطْل، وَهُوَ الَّذِي يَمْشِي رُوَيداً. وَوَاحِدُ البِركان بِرْكانَة، وَقِيلَ: البِرْكانُ نَبْتٌ يَنْبُتُ قَلِيلًا بِنَجْدٍ فِي الرَّمْلِ ظَاهِرًا عَلَى الأَرض، لَهُ عُرُوقٌ دِقاقٌ حَسَنُ النَّبَاتِ وَهُوَ مِنْ خَيْرِ الْحَمْضِ؛ قَالَ:
بِحَيْثُ الْتَقَى البِرْكانُ والحَاذُ والغَضَا ... بِبِئْشَة، وارْفَضَّتْ تِلاعاً صدورُها
وَفِي رِوَايَةٍ: وارْفَضَّتْ هَراعاً، وَقِيلَ: البِرْكانُ ضَرْبٌ مِنْ شَجَرِ الرَّمْلِ؛ وَأَنْشَدَ بَيْتَ الرَّاعِي:(10/399)
حَتَّى غَدَا حَرِضاً هَطْلى فَرائصُه
أَبُو زَيْدٍ: البُورَقُ والبُورَكُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي الطَّحِينِ. والبُرَيْكانِ: أخَوان مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَحَدُهُمَا بارِكٌ وَالْآخَرُ بُرَيْك، فَغَلَبَ بُرَيْك إِمَّا لِلَفْظِهِ، وَإِمَّا لِسنّه، وَإِمَّا لِخِفَّةِ اللَّفْظِ. وَذُو بُرْكان: مَوْضِعٌ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ:
تَرَاها إِذَا مَا الآلُ خَبَّ كَأَنَّهَا ... فَرِيد، بِذِي بُرْكان، طاوٍ مُلَمَّعُ
وبُرَك: مِنْ أَسْمَاءِ ذِي الْحِجَّةِ؛ قَالَ:
أعُلُّ عَلَى الهِنْديّ مَهْلًا وكَرَّةً، ... لَدَى بُرَكٍ، حَتَّى تَدُورَ الدوائرُ
وبِرْكٌ، مِثَالُ قِرْدٍ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِنَاحِيَةِ الْيَمَنِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وبِرْكُ الغِماد [الغُماد] مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ. وَيُقَالُ: الغِماد والغُماد، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وَقِيلَ: إِنَّ الغِمادَ بَرَهُوت الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَرْوَاحَ الْكَافِرِينَ فِيهِ، وَحَكَى ابْنُ خَالَوَيْهِ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ أَنَّ بِركَ الغِماد بُقْعَةٌ فِي جَهَنَّمَ، وَيُرْوَى
أَنَّ الأَنصار، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالُوا لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا مَا نَقُولُ لَكَ مِثْلَ مَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى، فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا، بَلْ بِآبَائِنَا نَفْدِيكَ وأمّهاتِنا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَوْ دَعَوْتَنَا إِلَى بَرْكِ الغِماد
؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ دُرَيْدٍ لِنَفْسِهِ:
وَإِذَا تَنَكَّرَتِ البِلادُ، ... فأوْلِها كَنَفَ الْبِعَادِ
واجعَلْ مُقامَك، أَوْ مَقَرَّكَ ... جانِبَيْ بَرْكِ الغِماد
كلُّ الذَّخائِرِ، غَيْرَ تَقوى ... ذِي الجَلال، إِلَى نَفاد
وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
لَوْ أَمَرَتْهَا أَنْ تَبْلُغَ بِهَا بَرْك [بِرْك] الغِماد [الغُماد]
، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، وَتُضَمُّ الْغَيْنُ وَتُكْسَرُ، وَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْيَمَنِ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ وَرَاءَ مَكَّةَ بخمس ليال.
برتك: ابْنُ سِيدَهْ: البَراتِك صِغَارُ التِّلال، قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ لَهَا بِوَاحِدٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ خَنَّقَ الآلُ الشِّعافَ، وغرَّقَتْ ... جَواريه جُذْعانَ القِضافِ البَراتكِ
وَيُرْوَى: النَّوَابُكِ. وَفِي النَّوَادِرِ: بَرْتَكْتُ الشَّيْءَ بَرْتَكَةً وفَرْتَكْتُه فَرْتكةً وكَرْنَفْته إِذَا قَطَعْتَهُ مِثْلَ الذَّرِّ.
برنك: البَرْنَكان: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَأَنْشَدَ:
إنِّي وَإِنْ كَانَ إزارِي خَلَقا، ... وبَرْنَكاني سَمَلًا قَدْ أخْلَقَا،
قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِسَانِي مُطْلَقا
الْجَوْهَرِيُّ: البَرْنَكان عَلَى وَزْنِ الزَّعْفَران ضَرْبٌ مِنَ الأَكسية. قَالَ الْفَرَّاءُ: البَرْنَكانُ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ لَهُ عَلَمان، وَيُقَالُ برَّكان أيضاً.
بشك: البَشْكُ: سُوءُ الْعَمَلِ. والبَشْك: الْخِيَاطَةُ الرَّدِيئَةُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للخَيَّاط إِذَا أَسَاءَ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ بَشَكه وشَمْرَخه، قَالَ: وَالْبَشْكُ الْخَلْطُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ رَدِيءٍ وَجَيِّدٍ. وبشَكْتُ الثَّوْبَ إِذَا خِطْتَهُ خِيَاطَةً مُتَبَاعِدَةً. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ مَرْوَانَ كَسَاهُ مِطْرَفَ خَزٍّ فَكَانَ يَثْنِيه عَلَيْهِ أثْناءً مِنْ سَعَتِهِ فبَشَكه بَشْكاً
أَيْ خَاطَهُ. وبَشَكَ الْكَلَامَ يَبْشُكه بَشْكاً وأبشَكه: تَخَرَّصهُ كَاذِبًا، وَقِيلَ: البَشْك والابْتِشاك الْكَذِبُ أَوْ خَلْط الْكَلَامِ بِالْكَذِبِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ابْتَشك(10/400)
فُلَانٌ الْكَلَامَ ابْتِشاكاً إِذَا كَذَبَ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: بَشَكَ وابْتَشَك إِذَا كَذَبَ. وَيُقَالُ: هُوَ يَبْشُك الْكَذِبَ أَيْ يَخْلُقه. والبَشَّاك: الكذَّاب، وَقِيلَ: البَشْك الْخَلْطُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وابْتَشَك الْكَلَامَ: ارْتجله. وبَشَك الإِبل يَبْشُكها بَشْكاً: سَاقَهَا سَوْقًا سَرِيعًا. التَّهْذِيبُ: البَشْك فِي السَّيْرِ سُرْعَةُ نَقْلِ الْقَوَائِمِ. أَبُو زَيْدٍ: البَشْك السَّيْرُ الرَّفِيقُ، والبَشْكُ السُّرْعَةُ وَخِفَّةُ نَقْلِ الْقَوَائِمِ، بَشَك يَبْشُك ويَبْشِك بَشْكاً وبَشَكاً. والبَشْكُ فِي حُضْر الْفَرَسِ أَنْ تَرْتَفِعَ حَوَافِرُهُ مِنَ الأَرض وَلَا تَنْبَسِطَ يَدَاهُ. وَامْرَأَةٌ بَشَكى الْيَدَيْنِ وبَشَكى الْعَمَلِ: خفيفةُ الْيَدَيْنِ فِي الْعَمَلِ سَرِيعَتُهُمَا، وَقِيلَ: بَشَكى الْيَدَيْنِ عَمُول الْيَدَيْنِ، وبَشَكَى الْعَمَلِ أَيْ سَرِيعَةُ الْعَمَلِ. ابْنُ بُزُرْجَ: إِنَّهُ بَشَكى الأَمر أَيْ يُعَجِّلُ صَرِيمة أَمْرِهِ. وَنَاقَةٌ بَشَكى: سَرِيعَةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الَّتِي تُسِيءُ الْمَشْيَ بَعْدَ الِاسْتِقَامَةِ. وَنَاقَةٌ بَشَكى: خَفِيفَةُ الْمَشْيِ وَالرُّوحِ، وَقَدْ بَشَكَتْ أَيْ أَسْرَعَتْ، تَبْشُك بَشكاً.
بضك: سَيْفٌ باضِكٌ وبَضُوك: قَاطِعٌ. وَلَا يَبْضِكُ اللهُ يدَهُ أَيْ لَا يَقْطَعُهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كُلُّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
بطرك: البَطْرَك: مَعْرُوفٌ مُقَدَّمُ النَّصَارَى، وَجَاءَ فِي الشِّعْرِ البِطَرْكُ؛ قَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ الرَّاعِي يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
يَعْلُو الظَّواهر فَرْداً، لَا ألِيفَ لَهُ، ... مَشيَ البِطَرْكِ عَلَيْهِ رَيْط كَتّانِ
قَالَ: البِطَرْكُ هُوَ البِطْرِيقُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: البِطَرْكُ السَّيِّدُ مِنْ سَادَاتِ الْمَجُوسِ، قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَهُوَ دَخِيل، وَيُرْوَى مَشْيَ النَّطول «2» أَيْ الَّذِي يتَنَطَّلُ وَيَتَبَخْتَرُ فِي مشيته.
بعك: بَعَكَهُ بِالسَّيْفِ: ضَرَبَ أَطْرَافَهُ. والبَعَكُ: الْغِلَظُ والكَزازة فِي الْجِسْمِ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ بَعْكَكٌ؛ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ. وبُعْكُوكةُ الْقَوْمِ: آثَارُهُمْ حَيْثُ نَزَلُوا. وبُعْكُوكة الْقَوْمِ: جَمَاعَتُهُمْ، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنَ الإِبل؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وَأَنْشَدَ:
يخرُجْنَ مِنْ بُعْكُوكة الخِلاط
وبُعْكوكةُ النَّاسِ: مجتَمعهم. وبُعْكُوكة الشَّرِّ: وَسَطُهُ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ الْفَتْحَ فِي أَوَائِلِ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَجَعَلَهَا نَوَادِرَ، لأَن الْحُكْمَ فِي فُعْلول أَنْ يَكُونَ مَضْمُومَ الأَول إِلَّا أَشْيَاءَ نَوَادِرَ جَاءَتْ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، فَمِنْهَا بَعكوكة، قَالَ: شُبِّهَتْ بِالْمَصَادِرِ نَحْوَ سَارَ سَيْرورة وَحَادَ حَيْدودة، قَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ جَاءَ نَاَدِرًا عَلَى فَعْلولة وَلَمْ يَجِئْ فِي كَلَامِهِمْ مِثْلُهُ إِلَّا صَعْفوق، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَإِنَّمَا جَاءَ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى فُعْلول بِضَمِّ الْفَاءِ مِثْلَ بُهْلول وكُهْلول وزُغْلول، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَصْلُ البُعْكوكة الجَلَبة وَالِاخْتِلَاطُ. وبُعْكُوكة الْوَادِي: وَسَطُهُ. وَوَقَعْنَا فِي بَعْكُوكاءَ ومَعْكُوكاء أَي غُبَارٍ وَجَلَبَةٍ وَصِيَاحٍ، وَقِيلَ: فِي شَرٍّ وَاخْتِلَاطٍ، وَهِيَ البُعْكُوكة؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. والبُعْكوك: شِدَّةُ الْحَرِّ. وبَعْكوكاء: مَوْضِعٌ. وبَعْكَك: اسم رجل.
بعلبك: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: بَعْلبكّ اسْمُ بَلَدٍ، وَهُمَا اسْمَانِ جُعِلَا اسْمًا وَاحِدًا فأُعطيا إِعْرَابًا وَاحِدًا وَهُوَ النَّصْبُ، يُقَالُ: دَخَلْتُ بَعْلَبَكّ وَمَرَرْتُ ببَعْلَبَكَّ وَهَذِهِ بَعْلَبَكَّ، وَمِثْلُهُ حَضْرَمَوْت ومَعْدي كربَ، قَالَ: وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ بَعْليٌّ، وَإِنْ شِئْتَ بَكِّيّ، عَلَى مَا ذُكِرَ فِي عَبْد شَمْس.
__________
(2) . قوله [النطول] هكذا في الأَصل.(10/401)
بكك: البَكُّ: دَقُّ الْعُنُقِ. بَكَّ الشيءَ يَبُكُّه بَكًّا: خَرَقَهُ أَوْ فَرَقَهُ. وبَكَّ فُلَانٌ يَبُكُّ بَكَّةً أَيْ زَحَمَ. وبَكَّ الرجلُ صَاحِبَهُ يَبُكُّه بَكًّا: زَاحَمَهُ أَو زَحمَهُ؛ قَالَ:
إِذا الشَّرِيبُ أَخذَتْه أَكَّهْ، ... فَخَلِّهِ حَتَّى يَبُكَّ بَكَّهْ
يَقُولُ: إِذا ضَجِرَ الَّذِي يُورِدُ إِبله مَعَ إِبلك لِشِدَّةِ الْحَرِّ انْتِظَارًا فخلِّه حَتَّى يُزَاحِمَكَ؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: كأَنه مِنَ الأَضداد يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلى أَنه التَّفْرِيقُ وَالِازْدِحَامُ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ تَرَاكَبَ فَقَدْ تَباكَّ. وتباكَّ الْقَوْمُ: تَزَاحَمُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
فتَباكَّ النَّاسُ عَلَيْهِ
أَي ازْدَحَمُوا. والبَكْبَكةُ: الِازْدِحَامُ، وَقَدْ تَبَكْبَكُوا. وبَكْبَكَ الشيءَ: طَرَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ ككَبْكَبه. وجمعٌ بَكْباك: كَثِيرٌ. وَرَجُلٌ بَكْباك: غَلِيظٌ، وَقِيلَ: الضَّكْضاك الرَّجُلُ الْقَصِيرُ، وَهُوَ البَكْباكُ. والبُكُكُ: الأَحداث الأَشِدَّاء، والبُكُك: الحُمُرُ النَّشِيطَةُ؛ وأَنشد:
صَلامة كحُمُرِ الأَبَكِ
وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَبَكُّ بَنِي فُلَانٍ إِذا كَانَ عَسِيفاً لَهُمْ يَسْعَى فِي أَمورهم. وبَكَّ الرَّجُلُ المرأَة إِذا جَهَدَهَا فِي الْجِمَاعِ. وبَكَّ الشَّيْءَ يَبُكُّه بَكًّا: رَدَّ نَخْوَته ووضَعَهُ. وَيُقَالُ: بَكَكْت الرَّجُلَ وَضَعْتُ مِنْهُ وَرَدَدْتُ نَخْوَته، ذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ رَكَكَ. وبَكَّ عُنُقَهُ يَبُكُّها بَكًّا: دَقَّهَا. وبَكَّةُ: مَكَّةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها كَانَتْ تَبُكّ أَعناق الْجَبَابِرَةِ إِذا أَلحدوا فِيهَا بِظُلْمٍ، وَقِيلَ: لأَن النَّاسَ يَتَبَاكُّونَ فِيهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَي يَتَزَاحَمُونَ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: بَكَّةُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْ مَكَّة لأَن النَّاسَ يبكُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الطَّوَافِ أَي يَزْحَمُ؛ حَكَاهُ فِي الْبَدَلِ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بَكَّة لأَن النَّاسَ يَبُكُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الطُّرُقِ أَي يَدْفَعُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً
، قيل: إِن بَكَّة مَوْضِعُ الْبَيْتِ وَسَائِرُ مَا حَوْلَهُ مَكَّة، قَالَ لَلَّذِي بِبَكَّةَ
، فَأَمَّا اشْتِقَاقُهُ فِي اللُّغَةِ فَيَصْلُحُ أَن يَكُونَ الِاسْمُ اشْتُقَّ مِنْ بَكَّ الناسُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا فِي الطَّوَافِ أَي دَفَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَقِيلَ: بَكة اسْمُ بَطْنِ مَكَّة سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِازْدِحَامِ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: مِنْ أَسماء مَكَّةَ بَكَّةُ
، قِيلَ: بَكَّة موضع البيت ومكةُ سَائِرُ الْبَلَدِ، وَقِيلَ: هُمَا اسْمَا الْبَلْدَةِ، وَالْبَاءُ وَالْمِيمُ يَتَعَاقَبَانِ. وبَك الشيءَ: فَسَخَهُ، وَمِنْهُ أُخذت بَكَّةُ. وبَكَّ الرجلُ: افْتَقَرَ. وبَكَّ إِذا خَشُنَ بَدَنُهُ شَجَاعَةً. وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ السَّمِينَةِ بَكْباكة وكَبْكابة ووَكْوَاكة وكَوْكاةٌ ومَرْمَارة ورَجْراجة. والأَبَكُّ: الْعَامُ الشَّدِيدُ لأَنه يَبُكّ الضُّعَفَاءَ وَالْمُقِلِّينَ. والأَبكّ: الْحُمُرُ الَّتِي يَبُكُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمُ الأَعمّ فِي الْجَمَاعَةِ، والأَمَرُّ لِمَصَارِينَ الفَرْث. والأَبَكُّ: مَوْضِعٌ نُسِبَتِ الْحُمُرُ إِليه؛ فَأَمَّا مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
جَرَبَّة كحُمُرِ الأَبَكِّ، ... لَا ضَرَعٌ فِيهَا وَلَا مُذَكِّي
فَزَعَمَ أَنها الْحُمُرُ يَبُكُّ بَعْضُهَا بَعْضًا؛ قَالَ: وَيُضَعِّفُ ذَلِكَ أَن فِيهِ ضَرْبًا مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ وَهَذَا مُسْتَكْرَهٌ، وَقَدْ يَكُونُ الأَبَكّ هاهنا الْمَوْضِعُ فَذَلِكَ أَصح للإِضافة. والبَكْبَكةُ: شَيْءٌ تَفْعَلُهُ العَنْز بولدها. والبَكْبَكة: المجيء وَالذَّهَابُ. أَبو عُبَيْدٍ: أَحمق باكٌّ تاكٌّ وبائِكٌ تائِكٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا خطؤه وصوابه. وبَعْلَبَكّ: مَوْضِعٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا في موضعها.(10/402)
بلك: ابْنُ الأَعرابي: البُلُك أَصوات الأَشداق إِذا حَرَّكَتْهَا الأَصابع مِنَ الوَلَعِ، وَقَدْ بَلَكَ الشيءَ: كلَبَكهُ، وَسَنَذْكُرُهُ.
بلسك: البِلْسَكاء البَلْسَكاء: نَبْتٌ إِذا لَصِقَ بِالثَّوْبِ عَسُرَ زَوَالُهُ عَنْهُ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَعرابياً يَقُولُ بِحَضْرَةِ أَبي العَمَيْثَلِ: يُسَمَّى هَذَا النَّبْتُ الَّذِي يَلْزَق بِالثِّيَابِ فَلَا يَكَادُ يَتَخَلَّصُ بِتِهَامَةٍ البَلْسكاء، فَكَتَبَهُ أَبو الْعَمَيْثَلِ وَجَعَلَهُ بَيْتًا مِنْ شِعْرٍ لِيَحْفَظَهُ؛ قَالَ:
يُخَبِّرنا بأَنك أَحْوَذِيّ، ... وأَنت البَلْسَكاءُ بِنَا لُصوقا
ذكَّره عَلَى مَعْنَى النَّبَاتِ.
بلعك: البَلْعَكُ مِنَ النُّوقِ: الْمُسْتَرْخِيَةُ المُسِنَّة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا قَوْلُ ابْنُ دُرَيْدٍ وَلَمْ يَذْكُرِ المُسِنَّة أَحد غَيْرُهُ؛ الأَزهري: هِيَ البَلْعَك والدَّلْعَك لِلنَّاقَةِ الثَّقِيلَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: نَاقَةٌ بَلْعَك مُسْتَرْخِيَةٌ، وَقِيلَ: ضَخْمَةٌ ذَلُولٌ. وَرَجُلٌ بَلْعَكٌ: بَلِيدٌ. وَفِي النَّوَادِرِ: رَجُلٌ بَلْعَك يُشْتم وَيُحَقَّرُ فَلَا يُنْكِرُ ذَلِكَ لِمَوْتِ نَفْسِهِ وَشِدَّةِ طَمَعِهِ. اللَّيْثُ: البَلْعَكُ الْجَمَلُ الْبَلِيدُ. والبَلْعَكُ: لُغَةٌ فِي البَلْعَقِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ.
بنك: البُنْكُ: الأَصل أَصل الشَّيْءِ، وَقِيلَ خَالِصُهُ. اللَّيْثُ: تَقُولُ الْعَرَبُ كَلِمَةً كَأَنَّهَا دَخِيلٌ، تَقُولُ: رَدَّهُ إِلى بَنْكه الْخَبِيثِ؛ تُرِيدُ بِهِ أَصله، قَالَ الأَزهري: البُنْك بِالْفَارِسِيَّةِ الأَصل؛ وأَنشد ابْنُ بُزُرْجَ:
وَصَاحِبٌ صاحبتُه ذِي مَأْفَكَهْ، ... يَمْشي الدَّواليكَ وَيَعْدُو البُنَّكَهْ
قَالَ: البُنَّكَة يَعْنِي ثِقَلَهُ إِذا عَدَا، والدَّواليك: التَّحَفُّز فِي مِشْيَتِهِ إِذا حَاكَ. وتَبَنَّك بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ وتأَهل. وتَبَنَّكوا فِي مَوْضِعِ كَذَا: أَقاموا بِهِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَهْجُو عُمَرَ بْنَ هُبَيْرَةَ:
تَبَنّك بِالْعِرَاقِ أَبو المُثَنّى، ... وعَلَّم قَوْمَهُ أَكل الخَبِيصِ
وأَبو الْمُثَنَّى: كُنْيَةُ الْمُخَنَّثِ. وتَبَنَّك فِي عِزِّهِ: تمكَّن. يُقَالُ: تَبَنَّك فُلَانٌ فِي عِزِّ رَاتِبٍ. النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: تَبَنَّك الرَّجُلُ إِذا صَارَ لَهُ أَصل. الْجَوْهَرِيُّ: التَّبَنُّك كالتنَايَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ كالتَّنَاءَةِ. والتُّنَّاءُ: الْمُقِيمُونَ بِالْبَلَدِ وَهُمْ كأَنهم الأُصول فِيهِ. يُقَالُ: تَنَأَ بِالْمَكَانِ تُنُوءاً وتَنَاءة، فَهُوَ تانئٌ، وَقَدْ يُقَالُ: تَنا يَتْنُو تُنُوّاً، بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنْ بُنْك الأَرض. والبُنْك: ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ عَرَبِيٌّ، قَالَ: هُوَ دَخِيلٌ.
بندك: البَنَادِكُ مِنَ الْقَمِيصِ: وَهِيَ لِبْنةُ الْقَمِيصِ؛ قَالَ ابْنُ الرِّقاعِ:
كَأَنَّ زُرورَ القُبْطُرِيَّةِ عُلِّقَتْ ... بنادِكُها مِنْهُ بِجِذْعٍ مقوَّمِ
هَكَذَا عَزَاهُ أَبو عُبَيْدٍ إِلى ابْنِ الرِّقَاعِ، وَهُوَ فِي الْحَمَاسَةِ مَنْسُوبٌ إِلى مِلْحَةَ الْجَرْمِيِّ؛ وَبَعْدَهُ:
كأنَّ قُرادَيْ صَدْرِهِ طبَعَتْهما، ... بطينٍ مِنَ الجَوْلانِ، كُتَّاب أَعْجُمِ
وَوَاحِدَةُ البَنَادك بُنْدُكة. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: البَنادكُ عُرَى الْقَمِيصِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذِهِ التَّرْجَمَةُ ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ فِي بَدَكَ، قَالَ: وَالصَّوَابُ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ بَنْدَكَ لَا بَدَكَ كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ، لأَن نُونَهُ أَصلية لَا يَقُومُ دَلِيلٌ عَلَى زِيَادَتِهَا، فَلِهَذَا جَاءَ بها بعد بنك.
بوك: نَاقَةٌ بائِكةٌ: سَمِينَةٌ خِيار فَتِيَّة حَسَنَةٌ، وَالْجَمْعُ البَوائك. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: إِنه لمِنْحارٌ بَوائكها، وَقَدْ بَاكَتْ بُؤوكاً، وَبَعِيرٌ بائِك كَذَلِكَ، وَجَمْعُهُمْ(10/403)
بُوَّك، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي بُيَّك، وَهُوَ مِمَّا دَخَلَتْ فِيهِ الْيَاءُ عَلَى الْوَاوِ بِغَيْرِ عِلَّةٍ إِلا الْقُرْبَ مِنَ الطَّرَفِ وإِيثار التَّخْفِيفِ، كَمَا قَالُوا صُيَّم فِي صُوَّمٍ، ونُيَّم فِي نُوّم؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَلا تَرَاها كالهِضاب بُيَّكا، ... مَتالِياً جَنْبَى وَعَوْذًا ضُيَّكا؟
جَنْبَى: أَراد كالجَنْبَى لِتَثَاقُلِهَا فِي الْمَشْيِ مِنَ السِّمَنِ، والضُّيَّك: الَّتِي تَفَاجُّ مِنْ شِدَّةِ الحَفْلِ لَا تَقْدِرُ أَن تَضُمَّ أَفخاذها عَلَى ضُرُوعِهَا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. الْكِسَائِيُّ: باكَت النَّاقَةُ تَبُوك بَوْكاً سَمِنَتْ. والبَوائِكُ: السِّمَانُ؛ قَالَ ذُو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
فَمَا كَانَ ذنبُ بَنِي مالكٍ، ... بأَن سُبَّ مِنْهُمْ غلامٌ فسَبّ
عَراقِيبَ كومٍ طِوال الذُّرَى، ... تَخِرُّ بوائِكُها للرُّكَبْ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: أَمثال اللِّجابِ البَوائك. الأَصمعي: الْبَائِكُ والفاشِجُ «3» . والفاسِجُ النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ السَّنَامِ، وَالْجَمْعُ البَوائِك. وَقَالَ النَّضْرُ: بَوائك الإِبل كِرَامُهَا وَخِيَارُهَا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَعطاكَ يَا زيدُ الَّذِي يُعْطي النِّعمْ ... مِنْ غَيْرِ مَا تَمَنُّنٍ وَلَا عَدَمْ،
بَوائِكاً لَمْ تَنْتَجِعْ مَعَ الْغَنَمْ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: البَوائك الثَّابِتَةُ فِي مَكَانِهَا يَعْنِي النَّخْلَ. والبَوْك: تَثْويرُ الْمَاءِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: تَثْوير الْعَيْنِ يَعْنِي عَيْنُ الْمَاءِ. يُقَالُ: باكَ العينَ يبُوكها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن بَعْضَ الْمُنَافِقِينَ باكَ عَيْناً كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَضَعَ فِيهَا سَهْمًا.
والبَوْكُ: تَدُوير البُنْدقة بَيْنَ رَاحَتَيْكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَتْ لَهُ بُنْدقة مِنْ مِسْكٍ وَكَانَ يَبُلُّهَا ثُمَّ يَبُوكها
أَي يُدِيرُهَا بَيْنَ رَاحَتَيْهِ فَتَفُوحُ رَوَائِحُهَا. والبَوْك: الْبَيْعُ. وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: مَعِي دِرْهَمٌ بَهْرَج لَا يُباكُ بِهِ شَيْءٌ أَي لَا يُبَاعُ. وباكَ إِذا اشْتَرَى، وباكَ إِذا بَاعَ، وباكَ إِذا جَامَعَ. وَالْبَوْكُ: الشِّرَاءُ، والبَوْك إِدخال القِدْح فِي النَّصْلِ. وَيُقَالُ: عُكْتَ وبُكْتَ مَا لَا يَدَيْ لَكَ بِهِ «4» وَعَاكَ وَبَاكَ. والبَوْك: سِفَادُ الْحِمَارِ. وباكَ الحمارُ الأَتانَ يَبوكها بَوْكاً: كامَها وَنَزَّا عَلَيْهَا، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي المرأَة، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِلْآدَمِيِّ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
فَبَاكَهَا مُوَثَّقُ النِّيَاطِ، ... لَيْسَ كَبَوْكِ بَعْلِهَا الوَطْوَاطِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رُفع إِلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَن رَجُلًا قَالَ لِآخَرَ وَذَكَرَ امرأَة أَجنبية: إِنَّك تَبُوكها، فَجَلَدَهُ عُمَرُ وَجَعَلَهُ قَذْفًا
، وأَصل البَوْك فِي ضِراب الْبَهَائِمِ وَخَاصَّةً الْحَمِيرَ، فرأَى عُمَرُ ذَلِكَ قَذْفًا وإِن لَمْ يَكُنْ صَرَّحَ بِالزِّنَا. وَفِي حَدِيثِ
سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَن فُلَانًا قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ: عَلامَ تَبُوك يَتِيمُكَ فِي حِجْرِكَ؟ فَكَتَبَ إِلى ابْنِ حَزْمٍ أَنِ اضْرِبْه الحدَّ.
وَبَاكَ القومُ رأْيَهم بَوْكاً: اخْتَلَطَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ مَخْرَجاً. وباكَ أَمرُهم بَوْكًا: اخْتَلَطَ عَلَيْهِمْ. وَلَقِيتُهُ أَول بَوْكٍ أَي أَوَّل مَرَّةٍ، وَيُقَالُ لَقِيتُهُ أَول بَوْكٍ. وأَوّلَ كُلِّ صَوْكٍ وبَوْكٍ أَي أَول كُلِّ شَيْءٍ. وَيُقَالُ: أَول بَوْكٍ وأَول بَائِكٍ أَي أَول شَيْءٍ. وَكَذَلِكَ فَعَلَهُ أَول كُلِّ صَوْكٍ وبَوْكٍ. وَيُقَالُ: لَقِيتُهُ أَول صَوْكٍ وبَوْكٍ أَي أَول مَرَّةٍ، وَهُوَ كَقَوْلِكَ لَقِيتُهُ أَول ذَاتِ بدءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنهم بَاتُوا يَبوكون حِسْيَ [حَسْيَ] تَبوك بقِدْح فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ تَبُوك
، أَي يُحَرِّكُونَهُ يدخلون
__________
(3) . قوله [والفاشج] كذا بالأَصل هنا وفي مادة فسج، ولم يذكر هذه العبارة في مادة فشج بل ذكرها في مادة فثج فلعل فشج محرف عن فثج
(4) . قوله: [مَا لَا يَدَيْ لَكَ به] هكذا في الأصل.(10/404)
فِيهِ القِدْح، وَهُوَ السَّهْمُ، لِيَخْرُجَ مِنْهُ الْمَاءُ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: باكَ الحمارَ الأَتان. وَسُمِّيَتْ غَزْوَةُ تَبُوك لأَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، رأَى قَوْمًا مِنْ أَصحابه يَبوكون حسْيَ تَبُوك أَي يُدْخِلُونَ فِيهِ القِدْح وَيُحَرِّكُونَهُ لِيَخْرُجَ الْمَاءُ،
فَقَالَ: مَا زِلْتُمْ تَبُوكونها بَوْكاً
، فَسُمِّيَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ غَزْوَةَ تَبُوك، وَهُوَ تَفْعُل مِنَ البَوْك، والحِسْي: الْعَيْنُ كالجَفْر.
فصل التاء المثناة فوقها
تبك: تَبُوكُ: اسْمُ أَرض، قَالَ الأَزهري: فإِن كَانَتِ التَّاءُ فِي تَبُوك أَصلية فَلَا أَدري مِمَّ اشْتِقَاقُ تَبُوكَ، وإِن كَانَتِ التَّاءُ تاءَ التأْنيث فِي الْمُضَارِعِ فَهِيَ مَنْ باكَتْ تَبُوك، وَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُهُ. والتَّبُوكِيُّ: ضَرْبٌ مِنْ عِنَبِ الطَّائِفِ أَبيض قَلِيلُ الْمَاءِ عِظَامُ الْحَبِّ نَحْوٌ مِنْ عِظَمِ الأَقْماعِيّ، يَنْشَقُّ حَبُّهُ عَلَى شَجَرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ تَبُوك تَفْعُول.
تبرك: تَبْركَ بِالْمَكَانِ: أَقام. وتِبْراك: مَوْضِعٌ، مُشْتَقٌّ مِنْهُ.
ترك: التَّرْكُ: وَدْعُك الشَّيْءَ، تَركه يَتْرُكه تَرْكاً واتَّرَكه. وتَرَكْتُ الشيءَ تَرْكاً: خَلَّيْتُهُ. وتارَكْتُه الْبَيْعَ مُتارَكَةً. وتَراكِ: بِمَعْنَى اتْرُك، وَهُوَ اسْمٌ لِفِعْلِ الأَمر؛ قَالَ طُفَيْلُ بْنُ يَزِيدَ الْحَارِثِيُّ:
تَراكِها مِنْ إِبل تَراكِها ... أَما تَرَى المَوْت لَدَى أَوْراكِها؟
وَقَالَ فِيهِ: فَمَا اتَّرَكَ أَي مَا تَرَكَ شَيْئًا، وَهُوَ افْتَعل. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصلاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ
، قِيلَ: هُوَ لِمَنْ تَرَكَهَا مَعَ الإِقرار بِوُجُوبِهَا أَو حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا، وَلِذَلِكَ ذَهَبَ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ إِلى أَنه يَكْفُرُ بِذَلِكَ حَمْلًا عَلَى الظَّاهِرِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ؛ وتَتَارَك الأَمرُ بَيْنَهُمْ. والتَّرْكُ: الإِبقاء فِي قَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ*
؛ أَي أَبقينا عَلَيْهِ. وتَرِكةُ الرَّجُلِ الميتِ: مَا يَتْرُكه مِنَ التُّرَاث المَتْروك. والتَّريكة: الَّتِي تُتْرَكُ فَلَا تَتَزَوَّجُ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلذَّكَرِ. ابْنُ الأَعرابي: تَرِكَ الرجلُ إِذا تَزَوَّجَ بالتَّريكةِ وَهِيَ العانِسُ فِي بَيْتِ أَبويها؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِلْكُمَيْتِ:
إِذ لَا تَبِضُّ، إِلى التَّرَائكِ ... والضَّرائِكِ، كفُّ جازِرْ
والتَّرِيكةُ: الرَّوْضَةُ الَّتِي يُغْفِلُها الناسُ فَلَا يَرْعَوْنَهَا، وَقِيلَ: التَّرِيكةُ المَرْتَعُ الَّذِي كَانَ النَّاسُ رَعَوْهُ، إِما فِي فَلَاةٍ وإِما فِي جَبَلٍ، فأَكله الْمَالُ حَتَّى أَبقى مِنْهُ بَقَايَا مِنْ عُوَّذ. والتَّرْكُ: ضَرْبٌ مِنَ الْبَيْضِ مُسْتَدِيرٌ شبِّه بالتَّرْكةِ والتَّرِيكة وَهِيَ بَيْضُ النَّعَامِ الْمُنْفَرِدِ؛ وأَنشد:
مَا هاجَ هَذَا القَلْبَ إِلا تَرْكة ... زَهراءُ، أَخْرَجَها خُرُوجَ مُنْفج
الْجَوْهَرِيُّ: والتَّرِيكةُ بَيْضَةُ النَّعَامَةِ الَّتِي يَتْرُكُهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
ويَهْماء قَفْر تَخْرُجُ العَيْنُ وسْطَها، ... وتَلْقَى بِهَا بَيْضَ النَّعامِ تَرائِكا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِلْمُخَبَّلِ:
كتَرِيكةِ الأُدْحِيِّ أَدْفَأَها ... قَرِدٌ، كأَنَّ جَناحه هِدْمُ
والهِدْمُ: كِسَاءٌ خَلَقٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والتَّرِيكة الْبَيْضَةُ بعد ما يَخْرُجُ مِنْهَا الْفَرْخُ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ بَيْضَ النَّعَامِ الَّتِي تَتْرُكُهَا بِالْفَلَاةِ بَعْدَ خُلُوِّهَا مِمَّا فِيهَا، وَقِيلَ:(10/405)
هِيَ بَيْضُ النَّعَامِ الْمُفْرَدَةُ، وَالْجَمْعُ تَرائك وتُرُك، وَهِيَ التَّرْكة وَالْجَمْعُ تَرْكٌ. والتَّرِيكةُ: بَيْضَةُ الْحَدِيدِ للرأْس؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراها عَلَى التَّشْبِيهِ بالتَّرِيكة الَّتِي هِيَ الْبَيْضَةُ، وَالْجَمْعُ تَرائك وتَرِيك، وَهِيَ التَّرْكة أَيضاً، وَجَمْعُهَا تَرْكٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَخْمة ذَفْراء تُرْتى بالعُرى، ... قُرْدُمانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَل
ابْنُ شُمَيْلٍ: التَّرْكُ جَمَاعَةُ الْبَيْضِ، وإِنما هِيَ شَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْبَصَلَةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ اسْتَعْمَلَ الْفَرَزْدَقُ التَّرِيكةَ فِي الْمَاءِ الَّذِي غَادَرَهُ السَّيْلُ فَقَالَ:
كأَنَّ تَرِيكةً مِنْ مَاءِ مُزْنٍ، ... وَدَارِيَّ الذكيِّ مِنَ المُدامِ
وَقَالَ أَيضاً:
سُلافَة جَفْنٍ خالطَتْها تَرِيكة، ... عَلَى شَفَتَيْهَا، والذَّكي المُشَوَّف
وَفِي حَدِيثِ الْخَلِيلِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
أَنه جَاءَ إِلى مَكَّةَ يطالِعُ تَرْكتهُ
؛ التَّرْكةُ، بِسُكُونِ الرَّاءِ فِي الأَصل: بَيْضُ النَّعَامِ، وَجَمْعُهَا تَرْكٌ، يُرِيدُ بِهِ وَلَدَهُ إِسمعيل وأُمه هاجَر لمَّا تَرَكَهُمَا بِمَكَّةَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ وَلَوْ رُوِيَ بِكَسْرِ الرَّاءِ لَكَانَ وَجْهًا مِنَ التَّرِكة، وَهِيَ الشَّيْءُ المَتْروك؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وأَنتم تَرِيكةُ الإِسلام وَبَقِيَّةُ النَّاسِ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: إِن لِلَّهِ تَعَالَى تَرائكَ فِي خَلْقِهِ
، أَراد أُموراً أَبقاها فِي الْعِبَادِ مِنَ الأَمل وَالْغَفْلَةِ حَتَّى يَنْبَسِطُوا بِهَا إِلى الدُّنْيَا. والتَّرِيكُ، بِغَيْرِ هَاءٍ: العُنْقُود إِذا أُكل مَا عَلَيْهِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَيضاً: التريكة الكِباسة بعد ما يُنْفَضُ مَا عَلَيْهَا وتُتْرك، وَالْجَمْعُ تَرِيك وتَرائك، وَقَالَ مَرَّةً: التَّرِيكُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، العِذْق إِذا نُفِضَ فَلَمْ يَبْقَ فِيهِ شَيْءٌ. وَلَا بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ وَلَا تارَكَ وَلَا دارَكَ: كُلُّ ذَلِكَ إِتباع، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: تارَكَ أَبقى. والتَّرْكُ: الْجَعْلُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، يُقَالُ: تَرَكْتُ الْحَبْلَ شَدِيدًا أَي جَعَلْتُهُ شَدِيدًا، قَالَ: وَلَا يُعْجِبُنِي. والتُّرْك: الْجِيلُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الدَّيْلَم، والجمع أَتْراك.
تكك: تَكَّ الشيءَ يَتُكُّه تَكّاً: وَطِئَهُ فَشَدَخَهُ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي شَيْءٍ لَيِّنٍ كَالرُّطَبِ وَالْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِمَا. وتَكْتَكْتُ الشَّيْءَ أَي وَطِئْتُهُ حَتَّى شَدَخْتُهُ. والتاكُّ: الْهَالِكُ مُوقاً. يُقَالُ: أَحمق تَاكٌّ، وَقِيلَ: أَحمق فَاكٌّ تَاكٌّ إِتباع لَهُ، بالغُ الحمقِ، وَالْجَمْعُ تاكُّون وتَكَكةٌ وتُكَّاك كضَرَبةٍ وضُرَّابٍ وتُكُك كبُزُل، وَمَا كنتَ تَاكًّا وَلَقَدْ تَكَكْتَ، بِالْفَتْحِ، تُكُوكاً. قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ أَبيتَ إِلا أَن تَحمُق وتَتُكَّ، وَقَدْ تَكَّهُ النبيذُ مِثْلُ هَكَّهُ وهَرَّجه إِذا بَلَغَ مِنْهُ. والتَّكِيكُ: الَّذِي لَا رأْي لَهُ، وَهُوَ بَيِّنُ التَّكاكة؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ وأَنشد:
أَلم تَأْت التَّكاكةُ قَدْ تَراها، ... كقَرْنِ الشمسِ، بَادِيَةً ضُحَيّا؟
التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي تُكَّ إِذا قُطِعَ. وتَكَّ الإِنسان إِذا حَمُق، قَالَ: والتُّكَّكُ والفُكَّكُ الحَمْقى القُيَّق. والتِّكَّة: وَاحِدَةُ التِّكَكِ، وَهِيَ تِكَّة السَّرَاوِيلِ، وَجَمْعُهَا تِكَكٌ؛ والتِّكةُ رِبَاطُ السَّرَاوِيلِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبها إِلا دَخِيلًا وإِن كَانُوا تَكَلَّمُوا بِهَا قَدِيمًا، وَقَدِ اسْتَتَكَّ بِهَا. والتُّكّ: طَائِرٌ يُقَالُ لَهُ ابْنُ تَمْرَةَ؛ عَنْ كراع.(10/406)
تلك: ابْنُ الأَثير قَالَ: فِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى وَذَكَرَ الْفَاتِحَةَ: فتلْكَ بتلْكَ
، هَذَا مَرْدُودٌ إِلى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ:
وإِذا قرأَ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ يُحِبُّكُمُ اللَّهُ
؛ يُرِيدُ أَن آمِينَ يُسْتَجَابُ بِهَا الدُّعَاءُ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ السُّورَةُ أَو الْآيَةُ، كأَنه قَالَ فَتِلْكَ الدَّعْوَةُ مُضَمَّنَةٌ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ أَو مُعَلَّقَةٌ بِهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن يَكُونَ الْكَلَامُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا يَلِيهِ مِنَ الْكَلَامِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:
وإِذا كبَّر وَرَكَعَ فكبِّروا وَارْكَعُوا
؛ يُرِيدُ أَن صَلَاتَكُمْ مُعَلَّقَةٌ بِصَلَاةِ إِمامكم فَاتَّبِعُوهُ وأْتمُّوا بِهِ، فَتِلْكَ إِنما تَصِحُّ وَتَثْبُتُ بِتِلْكَ، وَكَذَلِكَ بَاقِي الحديث.
تمك: ابْنُ سِيدَهْ: التامِكُ السَّنَامُ مَا كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ السَّنَامُ الْمُرْتَفِعُ، وتَمَكَ السنامُ يَتْمِكُ ويَتْمُكُ تُموكاً وتَمْكاً: اكْتَنَزَ وتَرَّ، وَفِي الصِّحَاحِ أَي طَالَ وَارْتَفَعَ فَهُوَ تامِكٌ. وَنَاقَةٌ تامِكٌ: عَظِيمَةُ السَّنَامِ. وأَتْمَكَها الكلأُ: سمَّنها. وَيُقَالُ: بناءٌ تامِك أَي مرتفع.
توك: أَحمق تائِكٌ: شَدِيدُ الْحُمْقِ، وَلَا فِعْلَ لَهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لِذَلِكَ لَمْ أَخص بِهِ الْوَاوَ دُونَ الْيَاءِ وَلَا الْيَاءَ دون الواو.
تيك: أَحمق تائِكٌ: شَدِيدُ الْحُمْقِ وَلَا فِعْلَ لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذِهِ الترجمة.
فصل الحاء المهملة
حبك: الحَبْك: الشَّدُّ. واحْتَبك بإِزاره: احْتَبَى بِهِ وشدَّه إِلى يَدَيْهِ. والحُبْكة: أَن تُرْخِيَ مِنْ أَثناء حُجْزتك مِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ لِتَحْمِلَ فِيهِ الشَّيْءَ مَا كَانَ، وَقِيلَ: الحُبْكة الحُجْزة بِعَيْنِهَا، وَمِنْهَا أُخِذ الاحْتِباكُ، بِالْبَاءِ، وَهُوَ شَدُّ الإِزار. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنه قَالَ: جَعَلْتُ سِوَاكَ فِي حُبكي أَي فِي حُجْزتي. وتَحَبَّكَ: شَدَّ حُجْزته. وتَحَبَّكتِ المرأَة بنِطاقها: شَدَّتْهُ فِي وَسَطِهَا. وَرُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ: أَنها كَانَتْ تَحْتَبِك تَحْتَ دِرعها فِي الصَّلَاةِ
أَي تَشُدُّ الإِزار وَتُحْكِمُهُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ الأَصمعي الاحْتِباك الِاحْتِبَاءُ، وَلَكِنَّ الاحْتِباك شدُّ الإِزار وإِحكامه؛ أَراد أَنها كَانَتْ لَا تُصَلِّي إِلا مُؤْتَزِرةً؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي فِي الاحْتِباك أَنه الاحْتِباء غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ الاحْتِياك، بِالْيَاءِ؛ يُقَالُ: احْتاك يَحْتاك احْتِياكاً. وتَحَوَّك بِثَوْبِهِ إِذا احْتَبَى بِهِ، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ عَنِ الأَصمعي، بِالْيَاءِ، قَالَ: وَالَّذِي يَسْبِقُ إِلى وَهْمِي أَن أَبا عُبَيْدٍ كَتَبَ هَذَا الْحَرْفَ عَنِ الأَصمعي بِالْيَاءِ، فزَلّ فِي النَّقْطِ وَتَوَهَّمَهُ بَاءً، قَالَ: وَالْعَالِمُ وإِن كَانَ غَايَةً فِي الضَّبْطِ والإِتقان فإِنه لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ خطإِه بِزَلَّةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَقَدْ أَنصف الأَزهري، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِيمَا بَسَطَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فإِنا نَجِدُ كَثِيرًا مِنْ أَنفسنا وَمِنْ غَيْرِنَا أَن الْقَلَمَ يَجْرِي فَيَنْقُطُ مَا لَا يَجِبُ نَقْطُهُ، وَيَسْبِقُ إِلى ضَبْطِ مَا لَا يَخْتَارُهُ كَاتِبُهُ، وَلَكِنَّهُ إِذا قرأَه بَعْدَ ذَلِكَ أَو قُرِئَ عَلَيْهِ تَيَقَّظَ لَهُ وَتَفَطَّنَ لِمَا جَرَى بِهِ فَاسْتَدْرَكَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. والحُبْكة: الْحَبْلُ يُشَدُّ بِهِ عَلَى الْوَسَطِ. والتحْبِيك: التَّوْثِيقُ. وَقَدْ حَبَّكْتُ الْعُقْدَةَ أَي وَثَّقْتُهَا. والحِباكُ: أَن يُجْمَعَ خَشَبٌ كالحَظيرة ثُمَّ يُشَدُّ فِي وَسَطِهِ بِحَبْلٍ يَجْمَعُهُ؛ قَالَ الأَزهري: الحِباك الحَظيرة بِقَصَبَاتٍ تُعْرَضُ ثُمَّ تُشَدُّ، تَقُولُ: حُبِكَتِ الحظيرةُ بقَصبات كَمَا تُحْبَكُ عُروش الْكَرْمِ بِالْحِبَالِ. والحُبْكةُ والحِباكُ القدَّةُ الَّتِي تَضُمُّ الرأْس إِلى الغَرَاضيف مِنَ القتَب والرَّحْل، وَقَدْ ذُكِرَتَا بِالنُّونِ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه مِنْهُ سَهْوًا، وَالْجَمْعُ حُبَك وحُبُك، فحبَك جَمْعُ حُبْكةٍ، وحُبُك جَمْعُ حِباكٍ.(10/407)
وحُبُك الرَّمْلِ: حُرُوفُهُ وأَسناده، وَاحِدُهَا حِباك، وَكَذَلِكَ حُبُك الْمَاءِ وَالشَّعْرُ الجَعْدُ المتكسِّر؛ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبي سُلْمَى يَصِفُ مَاءً:
مُكَلَّل بعَمِيم النَّبْت تَنْسُجُه ... ريحٌ خَرِيقٌ، لِضاحي مَائِهِ حُبُكُ
والحَبِيكةُ: كُلُّ طَرِيقَةٍ مِنْ خُصَلِ الشَّعْرِ أَو البيضةُ، وَالْجَمْعُ حَبِيك وحَبَائِكُ وحُبُك كسَفِينة وسَفِينٍ وسَفائن وسُفُن. الْجَوْهَرِيُّ: الحَبيكةُ الطَّرِيقَةُ فِي الرَّمْلِ وَنَحْوِهِ. الأَزهري: وحَبِيكُ الْبَيْضِ للرأْس طرائقُ حديدِه؛ وأَنشد:
وَالضَّارِبُونَ حَبِيكَ البَيض إِذ لحِقُوا، ... لَا يَنْكُصُون، إِذا مَا اسْتُلْحِمُوا وحَمُوا
قَالَ: وَكَذَلِكَ طَرَائِقُ الرَّمْلِ فِيمَا تَحْبِكُه الرِّيَاحُ إِذا جَرَتْ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ:
رأْسه حُبُك
، أَي شَعْرُ رأْسه مُتَكَسِّرٌ مِنَ الجُعُودة مِثْلُ الْمَاءِ السَّاكِنِ أَو الرَّمْلِ إِذا هبت عليها الرِّيحُ فيتجعَّدان وَيَصِيرَانِ طَرَائِقَ؛ وَفِي رِوَايَةٍ أُخري:
مُحَبَّك الشَّعْرِ
بِمَعْنَاهُ. وحُبُك السَّمَاءِ: طَرَائِقُهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ
؛ يَعْنِي طَرَائِقَ النُّجُومِ، وَاحِدَتُهَا حَبِيكة وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ
؛ قَالَ: الحُبُك تكسُّر كُلِّ شَيْءٍ كَالرَّمْلَةِ إِذا مَرَّتْ عَلَيْهَا الرِّيحُ السَّاكِنَةُ، وَالْمَاءِ الْقَائِمِ إِذا مَرَّتْ بِهِ الرِّيحُ، والدرعُ مِنَ الْحَدِيدِ لَهَا حُبُك أَيضاً، قَالَ: وَالشَّعْرَةُ الْجَعْدَةُ تكسُّرُها حُبُكٌ، قَالَ: وَوَاحِدُ الحُبُك حِباك وحَبِيكة؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُ الحَبِيكة حَبَائك، وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ
؛ الخَلْق الْحَسَنُ
، قَالَ أَبو إِسحق: وأَهل اللُّغَةِ يَقُولُونَ ذَاتُ الطَّرَائِقِ الْحَسَنَةِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ مُرّة يَمْدَحُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ:
لأَصْبَحْتَ خيرَ النَّاسِ نَفْساً وَوَالِدًا، ... رَسُولَ مَلِيك الناسِ فَوْقَ الحَبَائِك
الحَبَائك: الطُّرُقُ، وَاحِدَتُهَا حَبِيكة، يَعْنِي بها السموات لأَن فِيهَا طُرُقَ النُّجُومِ. والمَحْبُوك: مَا أُجيد عَمَلُهُ. والمَحْبُوك: المُحْكَمُ الْخَلْقِ، مِنْ حَبَكْتُ الثَّوْبَ إِذا أَحكمت نَسْجَهُ. قَالَ شَمِرٌ: وَدَابَّةٌ مَحْبُوكة إِذا كَانَتْ مُدْمَجة الْخَلْقِ، قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ أَحكمته وأَحسنت عَمَلَهُ، فَقَدِ احْتَبَكْتَه. وَفَرَسٌ مَحْبوك المَتْن وَالْعَجُزِ: فِيهِ اسْتِوَاءٌ مَعَ ارتفاع؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ يَصِفُ فَرَسًا:
مَرِجَ الدهرُ، فأَعْدَدْتُ لَهُ ... مُشْرِفَ الحارِكِ، مَحْبوكَ الكَتَدْ
وَيُرْوَى: مَرِجَ الدِّينُ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: إِنه لمَحْبُوك الْمَتْنِ والعَجُز إِذا كَانَ فِيهِ اسْتِوَاءٌ مَعَ ارْتِفَاعٍ؛ وأَنشد:
عَلَى كُلِّ مَحْبُوكِ السَّراةِ، كأَنه ... عُقابٌ هَوَتْ مِنْ مَرْقب وتَعَلَّتِ
قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: فَرَسٌ مَحْبوك الكَفَل أَي مُدْمَجُه؛ وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ:
مُشْرِفُ الْحَارِكِ مَحْبُوكُ الكَفَلْ
قَالَ: وَيُقَالُ لِلدَّابَّةِ إِذا كَانَ شَدِيدَ الْخَلْقِ مَحْبوك. والمَحْبوك: الشَّدِيدُ الْخَلْقِ مِنَ الْفَرَسِ وَغَيْرِهِ. وجادَ مَا حَبَكَهُ إِذا أَجاد نَسْجه. وحَبَكَ الثَّوْبَ يَحْبِكُه ويَحْبُكه حَبْكاً: أَجاد نَسْجَهُ وحسَّن أَثر الصَّنْعَةِ فِيهِ. وَثَوْبٌ حَبِيك: مَحْبوك، وَكَذَلِكَ الوَتَرُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لأَبي الْعَارِمِ:
فَهَيَّأْتُ حَشْراً كالشِّهابِ يَسُوقه ... مُمَرّ حَبِيكٌ، عاوَنَتْه الأَشاجِعُ(10/408)
وحبَكَه بِالسَّيْفِ حَبْكاً: ضَرَبَهُ عَلَى وَسَطِهِ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا قَطَعَ اللَّحْمَ فَوْقَ الْعَظْمِ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: حَبَكه بِالسَّيْفِ يَحْبِكه ويَحْبُكه حَبْكاً ضَرَبَ عُنُقَهُ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ فِي اللَّحْمِ دُونَ الْعَظْمِ، وَقِيلَ: ضَرَبَهُ بِهِ. وحَبَك عُروش الكَرْم: قَطَعَهَا. والحَبَكُ والحَبَكة جَمِيعًا: الأَصل مِنْ أُصول الكَرْم. والحَبَكة: الْحَبَّةُ مِنَ السَّوِيقِ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ مَا ذُقْنَا عِنْدَهُ حَبَكَة وَلَا لَبَكة، قَالَ: وَبَعْضٌ يَقُولُ عَبَكَة، قَالَ: والعبَكة والحَبَكة مِنَ السَّوِيقِ، واللَّبَكة اللُّقْمَةُ مِنَ الثَّرِيد؛ قَالَ الأَزهري: وَلَمْ نَسْمَعِ حَبَكة بِمَعْنَى عَبَكة لِغَيْرِ اللَّيْثِ، قَالَ: وَقَدْ طَلَبْتُهُ فِي بَابِ الْعَيْنِ وَالْحَاءِ لأَبي تُرَابٍ فَلَمْ أَجده، وَالْمَعْرُوفُ: مَا فِي نِحْيه عَبَكة وَلَا عَبَقة أَي لَطْخٌ مِنَ السَّمنِ أَو الرُّبِّ، مِنْ عَبِق بِهِ وعَبِكَ بِهِ أَي لَصِقَ بِهِ.
حبرك: الحَبَرْكَى: الطَّوِيلُ الظَّهْرِ الْقَصِيرُ الرِّجْلَيْنِ، وَفِي التَّهْذِيبِ الضَّعِيفُ الرِّجْلَيْنِ الَّذِي كَادَ يَكُونُ مُقْعَداً مِنْ ضَعْفِهِمَا، وَحَكَى السِّيرَافِيُّ عَنِ الْجَرْمِيِّ عَكْسَ ذَلِكَ؛ قَالَ:
يُصَعّدُ فِي الأَحْناءِ ذُو عَجْرَفِيّةٍ، ... أَحَمُّ حَبَرْكَى مُزْحِفٌ مُتَماطِرُ
والحَبَرْكَى: الْقَوْمُ الهَلْكَى. والحَبَرْكَى: القُراد؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
فَلَسْتُ بمُرْضع ثَدْيِي حَبَرْكَى، ... أَبوه مِنْ بَنِي جُشَم بْنِ بَكْرِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ:
مَعَاذَ اللَّهِ يَنْكَحُني حَبَرْكَى، ... قصِير الشِّبْرِ مِنْ جُشَمِ بْنِ بَكْرِ
والأُنثى حَبَرْكاةٌ. قَالَ أَبو عَمْرٍو الْجَرْمِيُّ: وَقَدْ جعل بعضهم الأَلق فِي حَبَرْكَى للتأْنيث فَلَمْ يَصْرِفْهُ، وَرُبَّمَا شُبِّهَ بِهِ الرَّجُلُ الْغَلِيظُ الطَّوِيلُ الظَّهْرِ القَصير الرِّجْلِ، فَيُقَالُ حَبَرْكَى وَتَصْغِيرُهُ حُبَيْرِك، لأَن الأَلف الْمَقْصُورَةَ تُحْذَفُ فِي التَّصْغِيرِ إِذا كَانَتْ خَامِسَةً، سواءٌ أَكانت للتأْنيث أَو لِغَيْرِهَا، تَقُولُ فِي قَرْقَرَى قُرَيْقِر، وجَحْجَبَى جُحَيْجِب، وَفِي حَوْلايَا حُوَيْلى، وإِنما ثَبَتَتِ الأَلف فِيهِ إِذا كَانَتْ مَمْدُودَةً.
حتك: الحَتْكُ والحَتَكانُ والتَّحَتُّك: شِبْهُ الرَّتَكان فِي الْمَشْيِ إِلَّا أَن الرَّتَكان للإِبل خَاصَّةً. وَفِي التَّهْذِيبِ: الرتَكُ للإِبل خَاصَّةً والحَتْكُ للإِنسان وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: الحَتْكُ، سَاكِنُ التَّاءِ، أَن يُقَارِبَ الْخَطْوَ وَيُسْرِعَ رَفْعَ الرجْل وَوَضْعِهَا. وحَتَك الرجلُ يَحْتِك حَتْكاً وحَتَكاناً أَي مَشَى وَقَارَبَ الْخَطْوَ وأَسرع. وحَتَك الشيءَ يَحْتِكه حَتْكاً: بَحَثَهُ. وَالطَّائِرُ يَحْتِك الحَصى بِجَنَاحَيْهِ حَتْكاً: يَفْحَصُه وَيَبْحَثُهُ. والحَتَك: صِغَارُ النَّعَامِ وَهُوَ مِنْهُ. والحَوْتَكُ أَيضاً: الْقَصِيرُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَحِمَارٌ حَوْتَكِيّ: قَصِيرٌ. وَقَالَ: الأَزهري: الحَوْتَكِيّ هُوَ الْقَصِيرُ الْقَرِيبُ الْخَطْوِ. والحَاتِكُ: القَطُوف الْعَاجِزُ، والقَطُوف: الْقَرِيبُ الْخَطْوِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَنَا ولَكُمْ، يَا مَيُّ، أَمْسَت نِعاجُها ... يُماشِين أُمَّاتِ الرِّئَالِ الحَوَاتِكِ
وَقَالَ الْآخَرُ:
وساقِيَيْنِ لَمْ يَكونا حَتَكا، ... إِذا أَقُولُ ونَيَا تَمَهَّكَا
أَيْ تَمَدَّدا بِالدَّلْوِ. وَيُقَالُ: لَا أَدري عَلَى أَيِّ وَجْهٍ حَتَكُوا، وَرُبَّمَا قَالُوا عَتَكوا أَي تَوَجَّهُوا. والحَوَاتك: رِئَال النَّعَامِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ الحَوَاتك لرِئال النَّعَامِ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ، وَقَدْ(10/409)
تَقَدَّمَ آنِفًا:
يُمَاشِينَ أُمَّات الرِّئَالِ الْحَوَاتِكِ
الأَزهري: رَجُلٌ حَتَكة وَهُوَ القَمِيء، وَكَذَلِكَ الحَوْتَكُ، والحَوْتَكُ: الصَّغِيرُ الْجِسْمِ اللَّئِيمُ، والحَوْتَكُ والحَوْتَكِيّ: الْقَصِيرُ الضَّاوِي؛ قَالَ خَارِجَةُ بْنُ ضِرَارٍ الْمُرِّيُّ:
أَخالِدُ، هَلَّا إِذ سَفِهْتَ عَشِيرتي، ... كَفَفْتَ لِسانَ السَّوْءِ أَن يَتَدَعَّرا؟
فإِنك، واسْتِبضاعَكَ الشِّعْرَ نحوَنا، ... كَمُبْتَضِع تَمْرًا إِلى أَهل خَيْبَرا
وَهَلْ كنتَ إِلَّا حَوْتَكِيّاً أَلاقَهُ ... بَنُو عَمِّهِ، حَتَّى بَغَى وتَجَبَّرا؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَتُرْوَى هَذِهِ الأَبيات لزميل بن أبين يَهْجُو خَارِجَةَ بْنَ ضِرَارٍ المرِّي، وأَولها:
أَخارجَ، هلَّا إِذ سَفِهْت عَشِيرَتِي
وَفِي حَدِيثِ
العِربَاض: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَخْرُجُ فِي الصُّفَّة وَعَلَيْهِ الحَوْتكِيَّة
؛ قِيلَ: هِيَ عِمة يَتَعَمَّمُ بِهَا الأَعراب يُسَمُّونَهَا بِهَذَا الِاسْمِ، وَقِيلَ: هُوَ مُضَافٌ إِلى رَجُلٍ يُسَمَّى حَوْتَكاً كَانَ يَتَعَمَّمُ بِهَذِهِ الْعِمَّةِ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: جِئْتُ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ خَمِيصة حَوْتَكِية
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جاءَ فِي بَعْضِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَالْمَعْرُوفُ جَوْنِيَّة، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، فإِن صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فَتَكُونُ مَنْسُوبَةً إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَوردها الْجَوْهَرِيُّ بَعْدَ حبك وَقَبْلَ حبرك، وَالصَّوَابُ مَا عَمِلْنَاهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَفَعَلَ.
حرك: الحَرَكة: ضِدُّ السُّكُونِ، حَرُك يحْرُك حَرَكةً وحَرْكاً وحَرَّكه فتَحَرَّك، قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ يَتَحَرَّك، وَتَقُولُ: قَدْ أَعيا فَمَا بِهِ حَرَاك، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمَا بِهِ حَرَاك أَي حَرَكة؛ وَفُلَانٌ مَيْمُونُ العَرِيكةِ والحَرِيكة. والمِحْراكُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي تُحَرَّك بِهَا النَّارُ. الأَزهري: وَتَقُولُ حَرَكْتُ مَحْرَكَه بِالسَّيْفِ حَرْكاً. والمَحْركُ: مُنْتَهَى العُنق عِنْدَ الْمَفْصِلِ مِنَ الرأْس. والمَحْرَكُ: مَقْطع الْعُنُقِ. والحارِكُ: أَعلى الْكَاهِلِ، وَقِيلَ فَرْع الْكَاهِلِ، وَقِيلَ الحارِكُ مَنْبَتُ أَدنى العُرْف إِلى الظَّهْرِ الَّذِي يأْخذ بِهِ الْفَارِسُ إِذا رُكِبَ، وَقِيلَ الحارِكُ عَظْمٌ مُشْرِفٌ مِنْ جَانِبَيِ الْكَاهِلِ اكْتَنَفَهُ فَرْعا الْكَتِفَيْنِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
مُغْبِطُ الحارِكِ مَحْبوكُ الكَفَلْ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحارِكُ مِنَ الْفَرَسِ فُرُوعُ الْكَتِفَيْنِ وَهُوَ أَيضاً الْكَاهِلُ. أَبو زَيْدٍ: حَركه بِالسَّيْفِ حَرْكاً إِذا ضَرَبَ عُنُقَهُ، قَالَ: والمَحْرَكُ أَصل الْعُنُقِ مِنْ أَعلاها، قَالَ: وَيُقَالُ للحارِكِ مَحْرَك، بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ مَفْصِلُ مَا بَيْنَ الْكَاهِلِ والعُنق ثُمَّ الْكَاهِلُ، وَهُوَ بَيْنَ المَحْرَك والمَلْحاءِ، وَالظَّهْرُ مَا بَيْنَ المَحْرَك لِلذَّنَبِ، قَالَ الأَزهري: وَهُوَ قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حَرَكْتُ حارِكَهُ قَطَعْتُهُ فَهُوَ مَحْرُوك. والحُرْكُوك: الْكَاهِلُ. ابْنُ الأَعرابي: حَرَك إِذا مَنَعَ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، وحَرِكَ إِذا عُنَّ عَنِ النِّسَاءِ. وَرُوِيَ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ أَنه قَالَ: آمَنْتُ بمُحَرِّف الْقُلُوبِ
، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:
آمَنْتُ بمُحَرِّك الْقُلُوبِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: المحرِّف الْمُزِيلُ، والمحرِّك الْمُقَلِّبُ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: المحرِّك أَجود لأَن السُّنَّةَ تؤَيده يَا مُقَلِّب الْقُلُوبِ. والحَرْكَكَةُ: الحُرْقُوف، وَالْجَمْعُ حَرَاكِيك، وَكُلُّ ذَلِكَ اسْمٌ كَالْكَاهِلِ وَالْغَارِبِ، وَهَذَا الْجَمْعُ نَادِرٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن(10/410)
يَكُونَ كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ كَمَا حَكَى سِيبَوَيْهِ قَرادِيد فِي جَمْعِ قَرْدَدٍ، لأَن هَذَا لَا يُدْغَمُ لِمَكَانِ الإِلحاق. وحَرَكه يَحْرُكه حَرْكاً: أَصاب مِنْهُ أَيَّ ذَلِكَ كَانَ. وحَرَك حَرْكاً: شَكَا أَيّ ذَلِكَ كَانَ. وحَرَكهُ: أَصاب وَسَطَهُ غَيْرَ مُشْتَقٍّ. وَرَجُلٌ حَرِيك: ضعيف الحَرَاكِيكِ، الحَرِيكُ الَّذِي يَضْعُفُ خَصْرُه إِذا مَشَى كأَنه يَنْقَلِعُ عَنِ الأَرض، والأُنثى حَرِيكة. والحَرِيك: العِنِّين. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَرِيك فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ العِنِّين. وَغُلَامٌ حَرِكٌ أَي خَفِيفٌ ذَكِيٌّ. والحَرْكَكَةُ: الحَرْقَفة، وَالْجَمْعُ الحَرَاكِكُ والحَرَاكِيك، وهي رؤُوس الْوَرِكَيْنِ، وَيُقَالُ أَطراف الْوَرِكَيْنِ مِمَّا يَلِي الأَرض إِذا قعدت.
حزك: حَزَكهُ حَزْكاً: اغْتَطَّهُ وَضَغَطَهُ. وحَزَكه بِالْحَبْلِ يَحْزِكه: حَزَمه وَشَدَّهُ، وَهُوَ الاحْتِزاكُ، وَقَالَ الأَزهري: هُوَ مِثْلُ حَزَقْته سَوَاءٌ، حَزَكه وحَزَقه إِذا شَدَّهُ بِحَبَلٍ جَمَعَ بِهِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ واحَتَزَك بالثوب: احتزم.
حسك: الحَسَكُ: نَبَاتٌ لَهُ ثَمَرَةٌ خَشِنَةٌ تَعْلَقُ بأَصواف الْغَنَمِ، وَكُلُّ ثَمَرَةٍ تُشْبِهُهَا نَحْوُ ثَمَرَةِ القُطْب والسَّعْدَان والهَرَاسِ وَمَا أَشبهه حَسَك، وَاحِدَتُهُ حَسَكة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ عُشْبة تَضْرِبُ إِلى الصُّفْرَةِ وَلَهَا شَوْكٌ يُسَمَّى الحَسَك أَيضاً مُدَحْرَجٌ، لَا يَكَادُ أَحد يَمْشِي عَلَيْهِ إِذا يَبِسَ إِلَّا مَنْ فِي رِجْلَيْهِ خُفّ أَو نَعْلٌ؛ وَقَالَ أَبو نَصْرٍ فِي قَوْلِ زُهَيْرٍ يَصِفُ الْقَطَاةَ:
جُونِيَّةٌ كَحَصاةِ القَسْم، مَرْتَعُها، ... بالسِّيِّ، مَا يُنْبِتُ القَفْعاء والحَسَكُ
إِن الحَسَك هَاهُنَا ثَمَرَةُ النَّفَل وَلَيْسَ هُوَ الحَسَك الشَّاكُ، لأَن شَوْكَة الحَسَكة لَا تُسِيغها القَطاة بَلْ تَقْتُلُهَا. وأَحْسَكَت النَّفَلةُ: صَارَتْ لَهَا حَسَكة أَي شَوْكَةٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَا يُحْسِك مِنَ البُقول غَيْرُهَمَا. والحَسَكُ: حَسَك السَّعْدان. والحَسَك مِنَ الْحَدِيدِ: مَا يَعْمَلُ عَلَى مِثَالِهِ وَهُوَ مِنْ آلَاتِ العَسْكر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحَسَكُ مِنْ أَدوات الْحَرْبِ رُبَّمَا أُخذ مِنْ حَدِيدٍ فأُلقي حَوْلَ الْعَسْكَرِ، وَرُبَّمَا أُخذ مِنْ خَشَبٍ فَنُصِبَ حَوْلَهُ. والحَسَكُ والحَسَكَة والحَسِيكةُ: الْحِقْدُ، عَلَى التَّشْبِيهِ، قَالَ الأَزهري: وحَسَكُ الصدرِ حِقْدُ الْعَدَاوَةِ يُقَالُ: إِنه لحَسِكُ الصدرِ عَلَى فُلَانٍ. وحَسِكَ عَلَيَّ، بِالْكَسْرِ، حَسَكاً، فَهُوَ حَسِك: غَضِبٌ. وَقَوْلُهُمْ فِي قَلْبِهِ عليَّ حَسَكة وحُسَاكة أَي ضَغَنٌ وَعَدَاوَةٌ. أَبو عُبَيْدٍ: فِي قَلْبِهِ عَلَيْكَ حَسِيكة وحَسِيفة وسَخيمةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ
: تَيَاسَرُوا فِي الصَّدَاق، إِن الرَّجُلَ ليُعْطي المرأَة حَتَّى يُبْقي ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ عَلَيْهَا حَسَكةً
أَي عدواة وَحِقْدًا، وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ الأَشِدَّاء: إِنهم لحَسَكٌ أَمْراسٌ، الْوَاحِدُ حَسَكةٌ مَرِسٌ. وَفِي حَدِيثِ
خَيْفَانَ: أَما هَذَا الْحَيُّ بلحرِث بْنِ كَعْبٍ فَحَسَكٌ أَمْراسٌ
؛ الحَسَكُ: جَمْعُ حَسَكةٍ وَهِيَ شَوْكَةٌ صُلْبَةٌ مَعْرُوفَةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ: بنو الحرث حَسَكةٌ مَسَكة.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي أُمامة أَنه قَالَ لقوم: إِنكم مُصَرّرون مُحَسّكون
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الإِمساك وَالْبُخْلِ والصَّرِّ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي عِنْدَهُ. والحَسِيكة: القُنْفُذ. والحِسْكِك: الْقُنْفُذُ الضَّخْمُ. والحَسَاكِكُ: الصِّغَارُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يَذْكُرْ وَاحِدَهَا. وحُسَيْكةُ: مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ، وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ(10/411)
بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ السِّينِ، كَانَ بِهِ يَهُودٌ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ. ابْنُ الأَعرابي: حَسْكك الرجلُ إِذا كَانَ شَدِيدَ السَّوَادِ؛ قَالَ الأَزهري: حَقُّهُ مِنْ بَابِ الثُّلَاثِيِّ أُلحق بالرباعي.
حشك: الحشَك: شِدَّةُ الدِّرَّةِ فِي الضَّرْع، وَقِيلَ: سُرْعَةُ تجمُّع اللَّبَنِ فِيهِ. وحَشَكَت الناقةُ فِي ضَرْعِهَا لَبَنًا تَحْشكه حَشْكاً وحُشُوكاً، وَهِيَ حَشُوك: جَمَعَتْهُ؛ وَكَذَلِكَ قَالَ عَمْرُو ذُو الْكَلْبِ:
يَا ليتَ شِعْرِي عنكَ والأَمرُ أَمَمْ، ... مَا فَعَلَ اليومَ أُوَيْسٌ فِي الغَنَمْ؟
صُبَّ لَهَا فِي الرِّيحِ مِرِّيخٌ أَشَمْ، ... فاجْتالَ مِنْهَا لَجْبةً ذَاتَ هَزَمْ،
حاشِكَةَ الدِّرَّةِ ورْهاءَ الرَّخَمْ «5»
. والحَشْكُ: تَرْكُكَ النَّاقَةَ لَا تَحْلُبُهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ لَبَنُهَا، وَهِيَ مَحْشُوكة. وحَشَكَها يَحْشِكها حَشَكًا إِذا تَرَكَهَا لَا يَحْلُبُهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعها؛ قَالَ:
غَدَتْ، وَهِيَ مَحْشُوكة حافِلٌ، ... فَرَاح الذِّئارُ عَلَيْهَا صَحِيحًا
وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الحَشَكُ كالنَّفْضِ والنَّفَضِ والقَبْضِ والقَبَض؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
كَمَا استغاثَ، بِسَيْءٍ، فَزُّ غَيْطَلةٍ، ... خَافَ العيونَ، فَلَمْ يُنْظَر بِهِ الحَشَكُ
وَقِيلَ: أَراد الحَشْكَ فَحُرِّكَ لِلضَّرُورَةِ أَي لَمْ تنتظِرْ بِهِ أُمُّه حُشوك الدِّرَّة. والحَشَكُ: اسْمٌ للدِّرَّة الْمُجْتَمِعَةِ. وحَشَكَت الدِّرَّةُ تَحْشِكُ حَشكاً، بِالتَّسْكِينِ، وحُشُوكاً: امتلأَت؛ وَقِيلَ الحَشْك والحَشَك لُغَتَانِ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ نَاقَةٌ حَشُوك وحَشُود لِلَّتِي يَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا سَرِيعًا. وحَشَكْتُ النَّاقَةَ: تَرَكْتُهَا وَلَمْ أَحلبها حَتَّى اجْتَمَعَ لَبَنُهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
غَدَتْ وَهِيَ مَحْشوكة حافِلُ
وحشَكت السَّحَابَةُ تَحْشِكُ حَشْكاً: كَثُرَ مَاؤُهَا. وحَشَكت النخلةُ، وَهِيَ حاشِك: كَثُرَ حَمْلُهَا. وحَشَكَ القومُ حَشْكاً: حَشَدُوا وتجمعُوا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: حَشَك القومُ وحَشَدوا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وحَشَكَ الْقَوْمُ عَلَى مِيَاهِهِمْ حَشَكاً، بِفَتْحِ الشِّينِ: اجْتَمَعُوا؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَخَصَّ بِذَلِكَ بَنِي سُلَيْمٍ كأَنه إِنما فَسَّرَ بِذَلِكَ شِعْرًا مِنْ أَشعارهم، وَكُلُّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى الْكَثْرَةِ. والرِّياح الحَوَاشِكُ: الْمُخْتَلِفَةُ، وَقِيلَ: الشَّدِيدَةُ، وَاحِدَتُهَا حَاشِكَةٌ؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ. وحَشَكَت الرِّيحُ تَحْشِكُ حَشكاً أَي ضَعُفَتْ وَاخْتَلَفَتْ مَهَابُّها. وَرِيَاحٌ حَواشِك: مُخْتَلِفَاتُ المَهابِّ. والحِشَاك: الْخَشَبَةُ الَّتِي تُشَدُّ فِي فَمِ الجَدْي لِئَلَّا يَرْضَعَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحِشَاك الشِّبَامُ؛ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ، وَهُوَ عُودٌ يُعَرَّض فِي فَمِ الْجَدْيِ وَيُشَدُّ فِي قَفَاهُ يَمْنَعُهُ مِنَ الرِّضَاعِ، قَالَ: وَلَمْ يَعَرِفْ أَبو سَعِيدٍ الشِّحَاكَ، بِتَقْدِيمِ الشِّينِ. وحَشَك نَفَسُه إِذا عَلَاهُ البُهْر، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي قَبْلَ حَشْك النَّفَس وأَزِّ الْعُرُوقِ؛ الحَشْك: اجْتِهَادُهَا فِي النَّزْعِ الشَّدِيدِ. وأَزُّ الْعُرُوقِ: ضَرَبانُها. وأَحْشَكْتُ الدَّابَّةَ إِذا أَقْضَمْتَها فَحَشِكَتْ أَي قَضِمَتْ. والحَشْكةُ مِنَ الْمَطَرِ: مِثْلُ الحَفْشة والغَبْيَة، وَهِيَ فَوْقَ البَغْشَةِ، وَقَدْ حَشَكت السَّمَاءُ تَحْشِك حَشْكاً. وحَشَكَت القَوْس: صَلُبَتْ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا كَانَتِ الْقَوْسُ طَرُوحاً وَدَامَتْ عَلَى ذَلِكَ فَهِيَ حَاشِكٌ؛ قال ساعدة
__________
(5) . قوله [مريخ] المريخ: كسكين السهم، لكن المراد به هنا الذئب على التشبيه لقوله فاجتال أي اختار، فإن الاختيار للذئب، أفاده شارح القاموس في م ر خ(10/412)
بْنُ جُؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ:
فوَدَّكَ لَيْناً أَخلص القَيْنُ أَثْرَهُ، ... وحاشِكةً يَحْمِي الشِّمال نَذِيرُها
وَقَوْسٌ حاشِكٌ وحاشِكة إِذا كَانَتْ مُوَاتِيةً لِلرَّامِي فِيمَا يُرِيدُ؛ قَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:
لَهُ أَسْهُمٌ قَدْ طَرَّهُنَّ سَنِينُه، ... وحاشِكةٌ تَمْتَدُّ فِيهَا السَّواعِدُ
والحَشَّاك: مَوْضِعٌ. والحَشَّاك، بالتشديد: نهر.
حفلك: رَجُلٌ حَفَلْكَى وحَفَنْكى: ضعيف.
حفنك: الحَفَنْكَى: الضَّعِيفُ كالحَفَلْكَى.
حكك: الحَكُّ: إِمْرار جِرْم عَلَى جِرْمٍ صَكّاً، حَكَّ الشَّيْءَ بِيَدِهِ وَغَيْرِهَا يَحُكُّه حَكّاً؛ قَالَ الأَصمعي: دَخَلَ أَعرابي الْبَصْرَةَ فَآذَاهُ الْبَرَاغِيثُ فأَنشأَ يَقُولُ:
لَيْلَةَ حَكٍّ لَيْسَ فِيهَا شَكُّ، ... أَحُكُّ حَتَّى ساعِدِي مُنْفَكُّ،
أَسْهَرَني الأُسَيْوِدُ الأَسَكُ
وتَحَاكَّ الشيئَان: اصْطَكَّ جُرْمَاهُمَا فَحَكَّ أَحدهما الْآخَرَ؛ وحَكَكْتُ الرأْس؛ وإِذا جعلت الفعل للرأْس قلت: احْتَكّ رأْسي احْتِكاكاً. وحَكَّني وأَحَكَّني واسْتَحَكَّني: دَعَانِي إِلى حَكِّه، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَعضاء، وَالِاسْمُ الحِكَّةُ والحُكاكُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُ النَّاسِ حَكَّني رأْسي غَلَطٌ لأَن الرأْس لَا يَقَعُ مِنْهُ الحَكّ. واحْتَكَّ بِالشَّيْءِ أَي حَكّ نَفْسَهُ عَلَيْهِ. والحِكَّة، بِالْكَسْرِ: الجَرَب. والحُكاكة: مَا تَحاكّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ إِذا حُكّ أَحدهما بِالْآخَرِ لِدَوَاءٍ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الحُكاكة مَا حُكَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ثُمَّ اكْتُحِلَ بِهِ مِنْ رَمَدٍ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الحُكاك مَا حكَّ مِنْ شيء على شيء فَخَرَجَتْ مِنْهُ حُكاكة. وَالْحَيَّةُ تَحُكّ بعضَها بِبَعْضٍ وتَحَكَّكُ، والجِذلُ المُحَكَّك: الَّذِي يُنْصَبُ فِي العَطَن لتَحْتَكّ بِهِ الإِبل الجَرْبى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ الأَنصاري يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب
؛ وَمَعْنَاهُ أَنه مَثَّل نَفْسَهُ بالجِذْل، وَهُوَ أَصل الشَّجَرَةِ، وَذَلِكَ أَن الجَرِبةَ مِنَ الإِبل تَحْتَكّ إِلى الجِذل فَتَشْتَفِيَ بِهِ، فَعَنَى أَنه يُشْتَفى برأْيه كَمَا تَشْتَفِي الإِبل بِهَذَا الجِذْل الَّذِي تَحْتَكّ إِليه؛ وَقِيلَ: هُوَ عُودٌ يُنْصَبُ للإِبل الجَرْبى لتَحْتَكّ بِهِ مِنَ الْجَرَبِ؛ قَالَ الأَزهري: وَفِيهِ مَعْنًى آخَرُ، وَهُوَ أَحب إِليّ، وَهُوَ أَنه أَراد أَنه مُنَجَّذٌ قَدْ جَرَّب الأُمور وَعَرَفَهَا وجُرِّب، فَوُجِدَ صُلْبَ المَكْسَر غَيْرَ رِخْو ثَبْتَ الغَدَر لَا يَفِرّ عَنْ قِرْنه، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنا دُونَ الأَنصار جِذْل حِكاكٍ لمن عاداهم ونواهم فَبِي تُقْرَنُ الصَّعْبةُ، وَالتَّصْغِيرُ فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ، وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: اجْذُلْ لِلْقَوْمِ أَي انْتَصِبْ لَهُمْ وَكُنْ مْخَاصِمًا مُقَاتِلًا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ جِذْلُ حِكاكٍ خَشَعَتْ عَنْهُ الأُبَنُ؛ يَعْنُونَ أَنه مُنَقِّح لَا يُرْمَى بِشَيْءٍ إِلا زَلّ عَنْهُ ونَبا. والحَكِيكُ: الْكَعْبُ المَحْكوك، وَهُوَ أَيضاً الْحَافِرُ النَّحِيتُ؛ وأَنشد الأَزهري هُنَا:
وَفِي كُلِّ عَامٍ لَنَا غَزْوَةٌ، ... تَحُكُّ الدَّوابرَ حَكَّ السَّفَنْ
وَقِيلَ: كُلُّ خفيٍّ نحيتٍ حَكِيكٌ. والأَحَكُّ مِنَ الْحَوَافِرِ: كالحَكِيك، وَالِاسْمُ مِنْهَا الحَكَكُ. وحَكِكَت الدابةُ، بإِظهار التَّضْعِيفِ، عَنْ كُرَاعٍ: وَقَعَ فِي حَافِرِهَا الحَكَكُ، وَهُوَ أَحد الْحُرُوفِ الشَّاذَّةِ، كلَحِحَتْ عَيْنُهُ وأَخواتها. وَفَرَسٌ حَكِيك: مُنْحَت الْحَوَافِرِ، وَالَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ
أَبي جَهْلٍ: حَتَّى إِذا تحاكَّت الرُّكَبُ قَالُوا مِنَّا نَبِيٌّ، وَاللَّهِ لَا أَفعل
أَي(10/413)
تَمَاسَّتْ واصطَكَّت، يُرِيدُ تُسَاوِيهِمْ فِي الشَّرَفِ وَالْمَنْزِلَةِ، وَقِيلَ: أَراد تَجاثِيَهُمْ عَلَى الرُّكَب لِلتَّفَاخُرِ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: إِذا حَكَكْتُ قُرْحةً دَمَّيْتُها
أَي إِذا أَمَّمْتُ غَايَةً تَقَصَّيْتُهَا وبلغتُها. والحاكَّةُ: السِّنّ لأَنها تَحُكّ صَاحِبَتَهَا أَو تَحُكّ مَا تأْكله، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَرَجُلٌ أَحَكّ: لا حاكَّة فِي فَمِهِ كأَنه عَلَى السَّلْبِ. وَيُقَالُ: مَا فِي فِيهِ حاكَّة أَي سِن. والتَّحَكُّك: التَّحرّش وَالتَّعَرُّضُ. وإِنه لَيَتَحكَّكُ بِك أَي يَتَعَرَّضُ لشرِّك. وَهُوَ حِكُّ شَرٍّ وحِكاكُهُ أَي يُحاكُّه كَثِيرًا. والمُحاكَّةُ: كالمُباراة. وحَكَّ الشيءُ فِي صَدْرِي وأَحَكَّ واحتَكَّ: عَمِلَ، والأَول أَجود، حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ جَحْداً فَقَالَ: مَا حَكَّ هَذَا الأَمرُ فِي صَدْرِي وَلَا يُقَالُ: مَا أَحاكَ.، وَمَا أَحاكَ فِيهِ السلاحُ: لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما ذَكَرْتُهُ هُنَا لأَفرق بينَ حكَّ وأَحاكَ، فإِن الْعَوَامَّ يَسْتَعْمِلُونَ أَحاكَ فِي مَوْضِعِ حَكَّ فَيَقُولُونَ: مَا أَحاكَ ذَلِكَ فِي صَدْرِي وَمَا حَكَّ فِي صَدْرِي مِنْهُ شَيْءٌ أَي مَا تَخالَجَ. وَيُقَالُ: حَكَّ فِي صَدْرِي واحْتَكّ، وَهُوَ مَا يَقَعُ فِي خَلَدِك مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ. والحَكَّاكاتُ: مَا يَقَعُ فِي قَلْبِكَ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِياكم والحَكَّاكات فإِنها الْمَآثِمُ
وَهِيَ الَّتِي تَحُكّ فِي الْقَلْبِ فَتَشْتَبِهُ عَلَى الإِنسان؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جَمْعُ حَكَّاكَةٍ وَهِيَ الْمُؤَثِّرَةُ فِي الْقَلْبِ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ سأَله عَنِ البِرِّ والإِثم فَقَالَ: البِرُّ حُسْن الْخُلُقِ والإِثم مَا حَكَّ فِي نفسكَ وَكَرِهْتَ أَن يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ
؛ قَوْلُهُ مَا حَكّ فِي نَفْسِكَ إِذا لَمْ تَكُنْ مُنْشَرِحَ الصَّدْرِ بِهِ وَكَانَ فِي قَلْبِكَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنَ الشَّكِّ وَالرَّيْبِ وأَوهمك أَنه ذَنْبٌ وَخَطِيئَةٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
مَا حَكَّ فِي صَدْرِكَ وإِن أَفتاك المُفْتُون
؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: الإِثم حَوازُّ الْقُلُوبِ
، يَعْنِي مَا حزَّ فِي نَفْسِكَ وحَكَّ فَاجْتَنِبْهُ فإِنه الإِثم وإِن أَفتاك فِيهِ النَّاسُ بِغَيْرِهِ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا أَصح مِمَّا قِيلَ فِي الحَكَّاكات إِنها الْوَسَاوِسُ. وَرَوَى
الأَزهري بِسَنَدِهِ قَالَ: سأَل رَجُلٌ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا الإِثْمُ؟ فَقَالَ: مَا حَكَّ فِي صَدْرِكَ فدَعْه، قَالَ: مَا الإِيمان؟ قَالَ: إِذا ساءتْك سيئتُك وسرتْك حَسنتك فأَنت مُؤْمِنٌ
؛ قَالَ الأَزهري:
قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حَكَّ فِي صَدْرِكَ
أَي شَكَكْتَ فِيهِ أَنه حَلَالٌ أَو حَرَامٌ فَالِاحْتِيَاطُ أَن تَتْرُكَهُ. أَبو عَمْرٍو: الحِكّة الشَّكُّ فِي الدِّينِ وَغَيْرِهِ. والحَكَكُ: مِشْيَةٌ فِيهَا تَحَرُّك شَبِيهٌ بِمِشْيَةِ المرأَة الْقَصِيرَةِ إِذا تَحَرَّكت وَهَزَّتْ مَنْكِبيها. والحَكَكُ: حَجَرٌ رخْو أَبيض أَرخى مِنَ الرُّخام وأَصلب مِنَ الْجَصِّ، وَاحِدَتُهُ حَكَكَةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما ظَهَرَ فِيهِ التَّضْعِيفُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ فَعْل وفَعَل. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَكَكَةُ أَرض ذَاتُ حِجَارَةٍ مِثْلِ الرُّخَامِ رِخْوةٍ. وَقَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: الحَكَكات هِيَ أَرض ذَاتُ حِجَارَةٍ بِيضٍ كأَنها الأَقِطُ تَتَكَسَّرُ تَكَسُّرًا، وإِنما تَكُونُ فِي بَطْنِ الأَرض. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بالحُكَيْكاتِ وبالأَحاجِي وبالأَلغاز بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَاحِدَتُهَا حُكَيْكةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الحُكُكُ الملِحُّون فِي طَلَبِ الْحَوَائِجِ. والحُكُك: أَصحاب الشَّرِّ. والحُكاكُ: البورَقُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه مَرَّ بِغِلْمَانٍ يَلْعَبُونَ بالحِكَّة فأَمر بِهَا فدُفنت
؛ هِيَ لِعْبَةٌ لَهُمْ يأْخذون عَظْمًا فيَحُكُّونه حَتَّى يَبْيَضّ ثُمَّ يَرْمُونَهُ بَعِيدًا فَمَنْ أَخذه(10/414)
فَهُوَ الْغَالِبُ. والحُكَكاتُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بِالْبَادِيَةِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
عَرَفْتُ رَسْماً لسُعاد مائِلا، ... بِحَيْثُ نامِي الحُكَكاتِ عَاقِلَا
حلك: الحُلْكة والحَلَكُ: شِدَّةُ السَّوَادِ كَلَوْنِ الْغُرَابِ، وَقَدْ حَلِكَ. وَيُقَالُ للأَسود الشَّدِيدِ السَّوَادِ حالكٌ، وَقَدْ حَلَكَ الشَّيْءُ يَحْلُكُ حُلُوكةً وحلُوكاً واحْلَوْلكَ مِثْلَهُ: اشْتد سَوَادُهُ. وأَسود حالِكٌ وحانكٌ ومُحْلَوْلِكٌ وحُلْكُوك بِمَعْنًى. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ وَذَكَرَ السُّنَّةِ: وتركَت الفَرِيشَ مُسْتَحلِكاً
، الْمُسْتَحْلِكُ: الشَّدِيدُ السَّوَادِ كَالْمُحْتَرِقِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَسود حالِكٌ. والحَلَكُوك، بِالتَّحْرِيكِ: الشَّدِيدُ السَّوَادِ. وأَسود مثلُ حَلَكِ الغرابِ وحَنَكِ الْغُرَابِ، وَشَيْءٌ حالِكٌ ومُحْلَولِك ومُحْلَنْكِكٌ وحُلْكُوك، وَلَمْ يأْت فِي الأَلوان فُعْلُول إِلَّا هَذَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالُوا وَهُوَ أَشد سَوَادًا مِنْ حَلَكِ الْغُرَابِ، وأَنكرها بَعْضُهُمْ وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَنَك الْغُرَابِ أَي مِنقاره، وَقِيلَ: سَوَادِهِ، وَقِيلَ: نُونُ حَنَك بَدَلٌ مِنْ لَامِ حَلَك. قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ الْفَرَّاءُ قُلْتُ لأَعرابي: أَتقول كأَنه حَنَكُ الغرابِ أَو حَلَكه فَقَالَ: لَا أَقُولُ حَلَكُهُ أَبَدًا، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: الحَلَك اللَّوْنُ والحَنَك الْمِنْقَارُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
مِداد مِثْلَ حالِكَةِ الغُراب، ... وأَقلام كمُرْهَفَةِ الحِرابِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ لُغَةً فِي حَلَك الْغُرَابِ، وَيَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ رِيشَتَهُ خافِيتَه أَو قادِمته أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ رِيشِهِ. وَفِي لِسَانِهِ حُلْكة كحُكْلَةٍ. والحُلْكةُ والحُلْكاءُ والحُلَكاءُ والحَلَكاءُ والحُلُكَّى عَلَى فُعُلَّى: دُوَيْبَّةٌ شَبِيهَةٌ بالعَظَاءة. الأَزهري: والحُلَكةُ مِثَالُ الهُمزَة ضَرْبٌ مِنَ العظَاء، وَيُقَالُ دُويْبة تَغُوصُ فِي الرَّمْلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
يَا ذا النِّجادِ الحُلَكَهْ، ... والزوجةِ المُشْتَركه،
ليْسَتْ لِمَن لَيْسَتْ لَكَهْ
وَكَذَلِكَ الحَلْقاءُ مثل العنقاء.
حمك: الحَمَكُ: الصِّغار مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَاحِدَتُهُ حَمَكَةٌ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى القَمْلة واقْتِيسَتْ فِي الذَّرَّة، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلصِّبْيَانِ حَمَك صِغارٌ. والحَمَكة: الصَّبِيَّةُ الصَّغِيرَةُ وَهِيَ الْقَمْلَةُ الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: هِيَ أَصل فِي القَملةِ والذَّرَّةِ، وَقِيلَ: الحَمَكُ القملُ مَا كَانَ. والحَمَكُ: رُذَال الناسِ، وَالْوَاحِدُ كَالْوَاحِدِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراه عَلَى التَّشْبِيهِ بالحَمَك مِنَ الْقَمْلِ وَالنَّمْلِ؛ قَالَ:
لَا تَعْدلِيني بُرَذالاتِ الحَمَكْ
قَالَ الأَصمعي: إِنَّهُ لَمِنْ حَمَكهم أَي مِنْ أَنْذالهم وَضُعَفَائِهِمْ، وَالْفِرَاخُ تُدْعَى حَمَكاً؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ فِرَاخَ الْقَطَا:
صَيْفِيَّةٌ حَمَكٌ حُمْرٌ حَواصِلُها، ... فَمَا تَكادُ إِلَى النَّقْناقِ تَرْتَفِعُ
أَي لَا تَرْتَفِعُ إِلَى أُمهاتها إِذَا نَقْنَقَتْ. والحَمَكُ: الْخَرُوفُ، وَالْمَعْرُوفُ الحَمَلُ، بِاللَّامِ. والحَمَكُ: فِراخ القَطا وَالنَّعَامُ، ويَجْمع ذَلِكَ كُلَّهُ أَنَّ الحَمَكَ الصِّغار مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَهَذَا مِنْ حَمَكِ هَذَا أَي مِنْ أَصْلِهِ وَطَبْعِهِ؛ وَقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:
وَابْنُ سَبِيلٍ قَرَّبْتُه أُصُلًا، ... مِنْ فَوْزِ حَمْكٍ مَنْسُوبَةٍ تُلُدُهْ(10/415)
أَراد مِنْ فوزِ قداحٍ حَمَكٍ فَخَفَّفَهُ لِحَاجَتِهِ إِلَى الْوَزْنِ، وَالرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ مِنْ فَوْزٍ بُحٍّ. والحَمَكُ: الأَدِلّاء الَّذِينَ يَتَعَسَّفون الفَلاة، وَفِي التَّهْذِيبِ: الحَمَكُ مِنْ نَعْتِ الأَدلّاء. وحَمِكَ فِي الدِّلالةِ حَمْكاً: مضى.
حنك: الحَنَكُ مِنَ الإِنسان وَالدَّابَّةِ: بَاطِنُ أَعلى الْفَمِ مِنْ دَاخِلٍ، وَقِيلَ: هُوَ الأَسفل فِي طَرَفِ مُقَدَّمِ اللَّحيْين مِنْ أَسفلهما، وَالْجَمْعُ أَحْناك، لَا يُكَسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الحَنَكُ الأَسفل والفَقْمُ الأَعلى مِنَ الْفَمِ. يُقَالُ: أَخذ بفَقْمِه، والحَنَكان الأَعلى والأَسفل، فَإِذَا فَصَلُوهُمَا لَمْ يَكَادُوا يَقُولُونَ للأَعْلى حَنَك؛ قَالَ حُمَيْدٌ يَصِفُ الْفِيلَ:
فالحَنَكُ الأَعْلى طُوالٌ سَرْطَمُ، ... والحَنَكُ الأَسفل مِنْهُ أَفْقَمُ
يُرِيدُ بِهِ الحَنَكَيْنِ. وحَنَّكَ الدَّابَّةَ: دلَكَ حَنَكَها فأَدماه. والمِحْنَكُ والحِناكُ: الْخَيْطُ الَّذِي يُحنَّك بِهِ. والحِناكُ: وَثَاقٌ يُرْبَطُ بِهِ الأَسير، وَهُوَ غُلٌّ، كُلَّمَا جُذِبَ أَصاب حَنَكَهُ؛ قَالَ الرَّاعِي يَذْكُرُ رَجُلًا مأْسوراً:
إِذَا مَا اشْتَكَى ظلْمَ العَشِيرة، عَضَّهُ ... حِناكٌ وقَرَّاصٌ شديدُ الشَّكائمِ
الأَزهري: التَّحْنِيك أَن تُحَنِّك الدَّابَّةَ تَغْرِزُ عُوداً فِي حَنَكه الأَعلى أَو طرفَ قَرْنٍ حَتَّى تُدْمِيه لحَدَثٍ يَحْدُثُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ يُحَنِّكُ أَولاد الأَنصار
؛ قَالَ: والتَّحْنِيك أَن تَمْضُغَ التَّمْرَ ثُمَّ تدلُكه بحَنَك الصَّبِيِّ دَاخِلَ فَمِهِ؛ يُقَالُ مِنْهُ: حَنَكْتُه وحَنَّكْتُه فَهُوَ مَحْنوك ومُحَنَّك. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أُم سُلَيْمٍ لَمَّا وَلَدَتْهُ وَبَعَثَتْ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَمَضَغَ لَهُ تَمْرًا وحَنَّكه
أَي دَلَكَ بِهِ حَنَكَه. وحَنَك الصبيَّ بِالتَّمْرِ وحَنَّكه: دلَكَ بِهِ حَنَكه. وأَخذ بحِناكِ صَاحِبِهِ إِذا أَخذ بحَنَكه ولَبَّته ثُمَّ جَرَّهُ إِليه. وحَنَكَ الدابةَ يَحنِكها ويَحْنُكها: جَعَلَ الرَّسَنَ فِي فِيهَا مِنْ غَيْرِ أَن يُشْتَقَّ مِنَ الْحَنَكِ؛ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنه مُشْتَقٌّ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ احْتَنَكه. وَيُقَالُ: أَحْنَكُ الشَّاتَيْنِ وأَحْنَكُ الْبَعِيرَيْنِ أَي آكَلُهما بالحَنَك؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ مِنَ صِيَغِ التَّعَجُّبِ وَالْمُفَاضَلَةِ، وَلَا فِعْلَ لَهُ عِنْدَهُ. واسْتَحْنك الرجلُ: قَوِيَ أَكله وَاشْتَدَّ بَعْدَ ضَعْفٍ وَقِلَّةٍ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ: هَذَا الْبَعِيرُ أَحْنَكُ الإِبل مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَنَكِ، يُرِيدُونَ أَشَدَّها أَكلًا، وَهُوَ شَاذٌّ لأَن الْخِلْقَةَ لَا يُقَالُ فِيهَا مَا أَفْعلَهُ. والحُنُك: الأَكَلَةُ مِنَ النَّاسِ. وَاحْتَنَكَ الجرادُ الأَرض: أَتَى عَلَى نَبْتِهَا وأَكل مَا عَلَيْهَا. والحَنَك: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ يَنْتَجِعون بَلَدًا يَرْعَوْنَهُ. يُقَالُ: مَا تَرك الأَحْناكُ فِي أَرضنا شَيْئًا، يَعْنِي الْجَمَاعَاتِ الْمَارَّةَ؛ قَالَ أَبُو نُخَيْلَةَ:
إِنَّا وَكُنَّا حَنَكاً نَجْدِيّا، ... لَمَّا انْتَجَعْنا الوَرَقَ المَرْعِيّا،
فَلَمْ نَجِدْ رَطْباً وَلَا لَويّا
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ، حَاكِيًا عَنْ إِبليس. لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا
؛ مَأْخوذ مِنِ احْتَنَكَ الجرادُ الأَرض إِذَا أَتى عَلَى نَبْتِهَا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ لأَستولينّ عَلَيْهِمْ إِلَّا قَلِيلًا يَعْنِي الْمَعْصُومِينَ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: سَأَلْتُ يُونُسَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: يُقَالُ كَانَ فِي الأَرض كَلَأٌ فاحْتَنَكه الْجَرَادُ أَي أَتى عَلَيْهِ، وَيَقُولُ أَحدهم: لَمْ أَجد لِجَامًا فاحْتَنَكْتُ دَابَّتِي أَي أَلقيت فِي حَنَكها حَبْلًا وقُدتها. وَقَالَ الأَخفش. فِي قَوْلِهِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ
، قَالَ: لأَستأْصلنهم(10/416)
ولأَستمِيلَنَّهم. واحْتَنَك فُلَانٌ مَا عِنْدَ فُلَانٍ أَي أَخذه كُلَّهُ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: والعِضاه مُسْتَحْنِكاً
أَي مُنُقَلِعًا مِنْ أَصله؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: واحْتَنَكَ الرَّجُلُ أَخذ مَالَهُ كأَنه أَكله بالحَنَك؛ ثعلب أَن الأَعرابي أَنشده لِزِيَادِ بْنِ سَيَّارٍ الْفَزَارِيِّ:
فَإِنْ كنتَ تُشْكى بالجِماع، ابنَ جَعْفَرٍ، ... فإنَّ لَديْنا ملجِمِينَ وحانِك «6»
. قَالَ: تُشْكى تُزَنّ، وَحَانِكٌ: مَنْ يَدُقُّ حَنَكه بِاللِّجَامِ. وحَنَكُ الغرابِ: مِنقاره. وأَسود كحَنَك الغرابِ: يَعْنِي مِنْقَارَهُ، وَقِيلَ سَوَادَهُ، وَقِيلَ نُونُهُ بدل من لام حَلَك، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وأَسود حانِكٌ وحالِكٌ: شَدِيدُ السَّوَادِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَنَك المِنقار، والحَنَك مَا تَحْتَ الذَّقْنِ مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى ابْنُ حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ أَنه أَنكر قَوْلَهُمْ أَسودُ مِنْ حَنَك الغرابِ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: سأَلت أُم الْهَيْثَمِ فقلت لها أَسود ممَّا ذا؟ قَالَتْ: مِنْ حَلَك الْغُرَابِ لَحْيَيْهِ وَمَا حَوْلَهُمَا وَمِنْقَارِهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ قَوْمٌ: النُّونَ بَدَلٌ مِنَ اللَّامِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ أَيضاً. والتَّحَنُّك: التَّلَحِّي، وَهُوَ أَن تُدِيرَ الْعِمَامَةَ مِنْ تَحْتِ الحَنَك. والحُنْكةُ: السِّنّ وَالتَّجْرِبَةُ وَالْبَصَرُ بالأُمور. وحَنَكَتْه التّجارِبُ والسِّنُّ حَنْكاً وحَنَكاً وأَحْنَكَتْه وحَنَّكَتْه واحْتَنَكَتْهُ: هَذَّبته، وَقِيلَ ذَلِكَ أَوان نَبَاتِ سِنِّ الْعَقْلِ، والإِسم الحُنْكة والحُنْك والحِنْك. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: حَنّكَته السِّنُّ إِذَا نَبَتَتْ أَسنانه الَّتِي تُسَمَّى أَسنان الْعَقْلِ، وحَنّكتْه السنُّ إِذَا أَحكمتْه التجارِبُ والأُمور، فَهُوَ مُحَنَّك ومُحْنَك. ابْنُ الأَعرابي: جَرَّذَه الدهرُ ودَلَكَه ووَعَسَهُ وحَنَّكه وعَرَكه ونَجَّذَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يَقُولُونَ هُمْ أَهل الحُنْك والحِنْك والحُنْكة أَي أَهل السِّنِّ والتجارِبِ. واحْتَنك الرجلُ أَيِ اسْتَحْكَمَ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: أَنه قَالَ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَدْ حَنَّكَتْك الأُمور
أَي رَاضَتْكَ وَهَذَّبَتْكَ، يُقَالُ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ، وأَصله مِنْ حَنَكَ الفَرس يَحْنُكه إِذَا جَعَلَ فِي حَنَكه الأَسفل حَبْلًا يَقُودُهُ بِهِ. وَرَجُلٌ مُحْتَنَك وحَنيك: مُجَرَّب كأَنه عَلَى حُنِّك، وإِن لَمْ يُسْتَعْمَلْ. وحَنَكْتُ الشيءَ: فَهِمْتُهُ وأَحكمته. الْفَرَّاءُ: رَجُلٌ حُنُك وامرأَة حُنُكة إِذَا كَانَا لَبِيبَيْنِ عَاقِلَيْنِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: رَجُلٌ مُحَنَّك وَهُوَ الَّذِي لَا يُسْتَقَلّ مِنْهُ شَيْءٌ مِمَّا قَدْ عَضَتْهُ الأُمور. والمُحْتَنَك: الرَّجُلُ الْمُتَنَاهِي عَقْلُهُ وَسِنُّهُ. ابْنُ الأَعرابي: الحُنُك الْعُقَلَاءُ جَمْعُ حَنِيك. يُقَالُ: رَجُلٌ مَحْنوك وحَنِيك ومُحْتَنَك ومُحَنَّك إِذَا كَانَ عَاقِلًا. والحَنيك: الشَّيْخُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الأَول؛ وأَنشد:
وهَبْتُه مِنْ سَلْفَعٍ أَفُوكِ، ... وَمِنْ هِبِلّ قَدْ عَسا حَنِيك،
يَحْمِلُ رَأْسًا مِثْلَ رأْس الديكِ
وَقَدِ احْتَنَكت السنُّ نَفْسُهَا. وَيُقَالُ: أَحْنَكَهُم عَنْ هَذَا الأَمر إِحناكاً وأَحكمهم أَي رَدَّهُمْ. والحَنَكَةُ الرَّابِيةُ الْمُشْرِفَةُ مِنَ القُفّ. يُقَالُ: أَشرف عَلَىَ هاتِيك الحنَكة وَهِيَ نَحْوُ الفَلَكَةِ فِي الْغِلَظِ. وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: الحَنَكُ آكامٌ صِغَارٌ مُرْتَفِعَةٌ كَرِفْعَةِ الدَّارِ الْمُرْتَفِعَةِ، وَفِي حِجَارَتِهَا رَخَاوَةٌ وَبَيَاضٌ كالكَذَّان. وَقَالَ النَّضْرُ: الحَنَكة تَلٌّ غَلِيظٌ وَطُولُهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى وَجْهِ الأَرض مِثْلُ طُولِ الرَّزْن، وَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ. والحُنْكة والحِناك: الْخَشَبَةُ الَّتِي تَضُمُّ الغَراضِيف، وَقِيلَ: هِيَ القِدَّةُ الَّتِي تَضُمُّ غَرَاضِيفَ الرحْل. قَالَ الأَزهري: الحُنُك خَشَبُ الرَّحْلِ جَمْعُ حِناك.
__________
(6) . قوله [وحانك] هكذ في الأَصل(10/417)
حوك: حاكَ الثوبَ يحُوكه حَوْكاً وحِياكاً وحِياكة: نَسَجَهُ. وَرَجُلٌ حائِك مِنْ قَوْمٍ حاكَةٍ وحَوَكةٍ أَيضاً، وَهُوَ مِنَ الشَّاذِّ عَنِ الْقِيَاسِ الْمُطَّرِدِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، صَحَّتِ الْوَاوُ فِيهِ لأَنهم شَبَّهُوا حَرَكَةَ الْعَيْنِ بالأَلف التَّابِعَةِ لَهَا بِحَرْفِ اللِّينِ، فَكَأَنَّ فَعَلًا فَعال، فَكَمَا يَصِحُّ نَحْوُ جَواب وجَواد كَذَلِكَ يَصِحُّ نَحْوُ بَابِ الحَوَكة والقَودَ والغَيَب، مِنْ حَيْثُ شُبِّهَتْ فَتْحَةُ الْعَيْنِ بالأَلف مِنْ بَعْدِهَا، أَفلا تَرَى إِلَى حَرَكَةِ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الإِعلال كَيْفَ صَارَتْ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ سَبَبًا لِلتَّصْحِيحِ؟ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ تُذْكَرُ فِي حَيَكَ أَيضاً لأَنها وَاوِيَّةٌ وَيَائِيَّةٌ. ابْنُ بَزُرْجَ: قَالَ حَوْك وحَوَك وحُوُوكة، والمعنى النسجات وَهِيَ الثِّيَابُ بأَعيانها، تَقُولُ: ضُرُوبٌ مِنَ الحَوْك. الْجَوْهَرِيُّ: نِسْوَةٌ حَوَائك وَالْمَوْضِعُ مَحَاكة، وَإِنَّمَا قَالُوا حَوَكة كَمَا قَالُوا خَوَنة، ثَبَتَتِ الْوَاوُ فِيهِمَا مَعَ التَّحْرِيكِ كَمَا ثَبَتَتْ فِيمَا رُدّ إِلَى الأَصل لِتَبَاعُدِ الْوَاوِ مِنَ الأَلف، وَلَمْ تَجِئِ الْيَاءُ فِي نَابٍ وَعَارٍ لِشِبْهِ الْيَاءِ بالأَلف لأَنها إِلَيْهَا أَقرب وَبِهَا أَحق، وَقَدْ ذَكَرَ عِلَّةَ غَيَبَ وصَيَدَ فِي مَوْضِعِهِمَا؛ وَالشَّاعِرُ يَحُوك الشِّعْرَ حَوْكاً: يَنْسِجُهُ وَيُلَائِمُ بَيْنَ أَجزائه. قَالَ الْمُبَرِّدُ: حاكَ الشِّعْرَ والثوبَ يَحُوكه، كِلَاهُمَا بِالْوَاوِ. وحاكَ الشيءُ فِي صَدْرِي حَوْكاً: رَسَخَ. الأَزهري: مَا حَكّ فِي صَدْرِي مِنْهُ شَيْءٌ وَمَا حَاكَ، كلُّ يُقَالُ، فَمَنْ قَالَ حَكّ قَالَ يَحُكّ، وَمَنْ قَالَ حَاكَ قَالَ يَحيك. وَيُقَالُ: مَا حاكَ فِي صَدْرِي مَا قُلْتَ أَي مَا رَسَخَ. قَالَ: وَالْحَائِكُ الرَّاسِخُ فِي قَلْبِكَ الَّذِي يَهُمُّكَ، قَالَ: وَمَا أَحاكَ فِيهِ السيفُ وَمَا حاكَ، كلٌّ يُقَالُ، فَمَنْ قَالَ أَحاكَ قَالَ يُحِيك إِحاكَةً وَمَنْ قَالَ حاكَ قَالَ يَحِيك حَيْكاً وَمَا أَحاكَتْ فِيهِ أَسناني وَلَا أَحاكَتْهُ وَمَا حاكَتْ فِيهِ وَلَا حاكَتْه. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ مَا أَحاكَ فِيهِ السيفُ وَمَا يُحِيكُ وَمَا حَكَّ ذَلِكَ فِي صَدْرِي وَمَا حَكَى وَمَا احْتَكى. وَمَا أَحاكَ سيفُه أَي مَا قَطَعَ. وَمَا حَكَّ فِي صَدْرِي شَيْءٌ مِنْهُ أَي مَا تَخَالَجَ. والحَوْك: بَقْلَةٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: والحوْك الباذَرُوج، وَقِيلَ: الْبَقْلَةُ الحَمْقاء، قَالَ: والأَول أَعرف.
حيك: حاكَ الثوبَ يَحِيكُ حَيْكاً وحَيَكاً وحِياكةً: نَسَجَهُ، والحِياكةُ حِرْفَتُهُ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ، الحائِكُ يحُوك الثَّوْبَ، وَجَمْعُ الحائِك حَوَكةٌ. والحَيْك: النَّسْجُ. وَحَاكَ فِي مشيه يَحيك حَيْكاً وحَيَكاناً، فَهُوَ حَائِكٌ وحَيّاك: تَبَخْتَرَ وَاخْتَالَ. وَحَاكَ يحُوك إِذَا نَسَجَ، وَقِيلَ: الحَيَكانُ أَن يُحَرِّكَ مَنْكِبَيْه وَجَسَدَهُ حِينَ يَمْشِي مَعَ كَثْرَةِ لَحْمٍ. وَجَاءَ يَحِيك ويَتَحايَك ويَتَحيَّك: كأَن بَيْنَ رِجْلَيْهِ شَيْئًا يُفْرِجُ بَيْنَهُمَا إِذَا مَشَى. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَمَا حِيَاكتهم أَو حِياكتكم هَذِهِ
؛ الْحِيَاكَةُ: مِشْيَةُ تَبَخْتُرٍ وتثبُّط. يُقَالُ: تَحيَّك فِي مِشْيَتِهِ. وَهُوَ رَجُلٌ حَيَّاك وَرَجُلٌ حَيْكانةٌ وحَيَّاك، وَالْمَرْأَةُ حَيَّاكة: تتحَيَّك فِي مِشْيَتِهَا، وحِيكى؛ سِيبَوَيْهِ: أَصلها حُيْكى فَكُرِهَتِ الْيَاءُ بَعْدَ الضَّمَّةِ وَكُسِرَتِ الْحَاءُ لِتَسْلَمَ الْيَاءُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنها فُعْلى أَن فِعْلى لَا تَكُونُ صِفَةً البتَّة، وَهَذِهِ الْمِشْيَةُ فِي النِّسَاءِ مدحٌ وَفِي الرِّجَالِ ذَمٌّ، لأَن المرأَة تَمْشِي هَذِهِ الْمِشْيَةَ مِنْ عِظَم فَخِذَيْهَا، وَالرَّجُلُ يَمْشِي هَذِهِ الْمِشْيَةَ إِذَا كَانَ أَفحَج. والحَيَكانُ: مِشْيَةٌ يُحَرِّكُ فِيهَا الْمَاشِي أَليتيه. وحَاكَ فِي مِشْيَتِهِ: اشْتَدَّتْ وَطأَته عَلَى الأَرض. وحاكَ يحِيك حَيْكاً إِذَا فحَجَ فِي مِشْيَتِهِ وَحَرَّكَ مَنْكِبَيْهِ. وَمِشْيَةٌ حِيكَى إِذَا كَانَ فِيهَا تَبَخْتُرٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الحيَكان مَشْيُ الْقَصِيرِ. وضَبَّة حُيَكانةٌ أَي ضَخْمَةٌ تَحيك إِذَا سَعَتْ. وحَاكَ القولُ فِي الْقَلْبِ حَيْكاً: أَخذَ. وَرَوَى
الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ النُّوَاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنصاري: أَنه سأَل النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ(10/418)
وَسَلَّمَ، عَنِ البِرِّ والإِثْم فَقَالَ: البِرُّ حُسْنُ الخلُق، والإِثم مَا حاكَ فِي نَفْسِكَ وكرهتَ أَن يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ
أَي أَثَّرَ فِيهَا وَرَسَخَ. وَرَوَى شَمِرٌ فِي حَدِيثِ:
الإِثم مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وتردَّدَ فِي الصَّدْرِ وإِن أَفتاك الناسُ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَا حَكَّ فِي قَلْبِي شيءٌ وَلَا حَزَّ. وَيُقَالُ: مَا يَحِيك كلامُك فِي فُلَانٍ أَي مَا يُؤَثِّرُ. والحَيْك: أَخذ الْقَوْلِ فِي الْقَلْبِ. يُقَالُ: مَا يَحِيك فِيهِ المَلامُ إِذَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ، وَلَا يَحِيك الفَأْسُ وَلَا القَدُوم فِي هَذِهِ الشَّجَرَةِ. وَقَالَ الأَسدي: مَا تَحِيك المُدْيَةُ اللحمَ وَمَا تَحِيكُ فِيهِ سَوَاءٌ وَيُقَالُ: ضَرَبْتُهُ فَمَا أَحاكَ فِيهِ السيفُ إِذَا لَمْ يَعْمَلْ. وحاكَ فِيهِ السيفُ والفأسُ حَيْكاً وأَحاكَ: أَثّر. وأَحاكت الشَّفْرَةُ اللَّحْمَ وحاكَتْ فِيهِ: قَطَعَتْهُ، وأَورد فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا هُوَ:
دَعُوا الحَكَّاكات فَإِنَّهَا المَآثم.
وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ حَبَكَ: رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي الاحْتباك الاحْتباء، ثُمَّ قَالَ: هَذَا الَّذِي رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي فِي هَذَا غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ الاحْتياك، بِالْيَاءِ، يُقَالُ: احْتاكَ يَحْتاكُ احْتِياكاً. وتَحَوَّكَ بِثَوْبِهِ إِذَا احْتَبَى بِهِ، قَالَ: وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ عَنِ الأَصمعي، بالياء.
فصل الخاء المعجمة
خرك: خَارَكٌ: مَوْضِعٌ مِنْ سَاحِلِ فَارِسَ يرابَطُ فِيهِ. وخَارَكٌ: مَوْضِعٌ لَمْ يُعَيِّنْهُ، قَالَ: وَمِنْهُ قِيلَ فلانٌ الخارَكِيُّ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ خَرِكَ الرجلُ إِذَا لَجَّ.
فصل الدال المهملة
دأك: دَاكَأَ الْقَوْمَ «1» دافَعَهم وزاحَمَهم، وقد تداكؤوا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وقَرَّبُوا كلَّ صِهْمِيمٍ مَنَاكبُهُ، ... إِذَا تَدَاكأَ مِنْهُ دَفْعهُ شنفَا
أَي تَدَافَعَ فِي سَيْرِهِ.
دبك: الدُّبَاكَةُ: الكِرْنَافةُ، سُوَادِيَّةٌ؛ عن أَبي حنيفة.
دبعك: الْفَرَّاءُ: رَجُلٌ دَبَعْبَك ودَبَعْبَكِيّ: لِلَّذِي لَا يُبَالِي مَا قِيلَ لَهُ مِنَ الشر.
درك: الدَّرَكُ: اللحَاق، وَقَدْ أَدركه. وَرَجُلٌ دَرَّاك: مُدْرِك كثير الإِدْراك، وقلما يَجِئْ فَعَّال مِنْ أَفْعَلَ يُفْعِل إِلَّا أَنهم قَدْ قَالُوا حَسَّاس دَرّاك، لُغَةٌ أَو ازْدِوَاجٌ، وَلَمْ يَجِئْ فَعَّال مِنْ أَفْعَلَ إلَّا دَرَّاك مِنْ أَدْرَك، وجَبّار مِنْ أَجبره عَلَى الْحُكْمِ أَكرهه، وسَأْآر مِنْ قَوْلِهِ أَسأَر فِي الكأْس إِذا أَبقى فِيهَا سؤْراً مِنَ الشَّرَابِ وَهِيَ الْبَقِيَّةُ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ مُدْرِكةٌ، بِالْهَاءِ، سَرِيعُ الإِدْراكِ، ومُدْرِكةُ: اسْمُ رَجُلٍ مُشْتَقٌّ مِنَ ذَلِكَ. وتَدَاركَ القومُ: تَلَاحَقُوا أَي لَحِق آخرُهم أَولَهم. وَفِي التَّنْزِيلِ: حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً
؛ وأَصله تَدَاركوا فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الدَّالِ وَاجْتُلِبَتِ الأَلف لِيَسْلَمَ السُّكُونُ. وتَدَارك الثَّرَيان أَي أَدرك ثَرَى الْمَطَرِ ثَرَى الأَرض. اللَّيْثُ: الدَّرَك إِدْرَاكُ الْحَاجَةِ ومَطْلبِه. يُقَالُ: بَكِّرْ فَفِيهِ دَرَك. والدَّرَك: اللَّحَقُ مِنَ التَّبِعَةِ، وَمِنْهُ ضَمَانُ الدَّرَكِ فِي عُهْدَةِ الْبَيْعِ. والدَّرَك: اسْمٌ مِنَ الإِدْراك مِثْلَ اللَّحَق. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعوذ بِكَ مِنْ دَرْك الشَّقاء
؛ الدَّرْك: اللَّحاق وَالْوُصُولُ إِلى الشَّيْءِ، أَدركته إِدْراكاً وَدَرَكًا وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ قَالَ إِن شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ دَرَكاً لَهُ فِي حَاجَتِهِ.
والدَّرَك: التَّبِعةُ، يُسَكَّنُ وَيُحَرَّكُ. يُقَالُ: مَا لَحِقك مِنْ دَرَكٍ فعليَّ خلاصُه. والإِدْراكُ: اللُّحُوقُ. يُقَالُ:
__________
(1) . قوله [داكأ القوم إلخ] هكذا بالأَصل، ولا محل لهذه العبارة هنا بل محلها مادة دكأ، إلا أن يكون هنا سقط والأَصل داكأ القوم ودأكهم دافعهم إلخ، فإنهما بمعنى واحد كما يفهم من القاموس وشرحه.(10/419)
مَشَيْتُ حَتَّى أَدْرَكته وعِشْتُ حَتَّى أَدْرَكْتُ زَمَانَهُ. وأَدْرَكْتُه بِبَصَرِي أَي رأَيته وأَدْرَكَ الغلامُ وأَدْرَكَ الثمرُ أَي بَلَغَ، وَرُبَّمَا قَالُوا أَدْرَكَ الدَّقِيقُ بِمَعْنَى فَنِيَ. واستَدْرَكْت مَا فَاتَ وَتَدَارَكْتُهُ بِمَعْنًى. وَقَوْلُهُمْ: دَرَاكِ أَي أَدْرِكْ، وَهُوَ اسْمٌ لِفِعْلِ الأَمر، وَكُسِرَتِ الْكَافُ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ لأَن حَقَّهَا السُّكُونُ للأَمر؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَاءَ دَرَاك ودَرَّاك وفَعَال وفَعَّال إِنما هُوَ مِنْ فِعْلٍ ثُلَاثِيٍّ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ مِنْهُ فِعْلٌ ثُلَاثِيٌّ، وإِن كَانَ قَدِ اسْتُعْمِلَ مِنْهُ الدَّرْكُ؛ قَالَ جَحْدَر بْنُ مَالِكٍ الْحَنْظَلِيُّ يُخَاطِبُ الأَسد:
لَيْثٌ ولَيْثٌ فِي مَجالٍ ضنكِ، ... كِلَاهُمَا ذُو أَنَف ومَحْكِ
وبَطْشةٍ وصَوْلةٍ وفَتْك، ... إِن يَكْشِف اللَّهُ قِناع الشَّكِّ
بظَفَرٍ مِنْ حَاجَتِي ودَرْك، ... فَذَا أَحَقُّ مَنْزِل بتَرْكِ
قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَزَادَنِي هَفَّانُ فِي هَذَا الشِّعْرِ:
الذِّئْبُ يَعْوي والغُراب يَبْكي
قَالَ الأَصمعي: هَذَا كَقَوْلِ ابْنِ مُفَرِّغ:
الريحُ تَبْكي شَجْوَها، ... والبرقُ يَضحك فِي الغَمَامة
قَالَ: ثُمَّ قَالَ جَحْدَرٌ أَيضاً فِي ذَلِكَ:
يَا جُمْلُ إِنكِ لَوْ شهِدْتِ كَرِيهتي، ... فِي يَوْمِ هَيْجٍ مُسْدِفٍ وعَجاجِ،
وتَقَدُّمِي لِلَيْثِ أَرْسُف نَحْوَهُ، ... كَيْما أُكابِرَه عَلَى الأَحْرَاجِ
قَالَ: وَقَالَ قَيْسُ بْنُ رِفَاعَةَ فِي دَرَّاك:
وَصَاحِبُ الوَتْرِ لَيْسَ الدَّهْرَ مُدْرِكَهُ ... عِنْدِي، وإِني لدَرَّاكٌ بأَوْتارِ
والدِّراك: لَحَاقُ الفرسِ الوحْشَ وَغَيْرَهَا. وَفَرَسٌ دَرَك الطَّريدة يُدْرِكها كَمَا قَالُوا فَرَسٌ قَيْدُ الأَوَابِدِ أَي أَنه يُقَيِّدها. والدَّرِيكة: الطَّريدةُ. والدِّراك: اتِّبَاعُ الشَّيْءِ بَعْضُهُ عَلَى بعضٍ فِي الأَشياء كُلِّهَا، وَقَدْ تَدَارك، والدِّراك: المُداركة. يُقَالُ: دَارَك الرَّجُلَ صَوْتُهُ أَي تَابَعَهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: المُتَدَارِكة غير المُتَوَاتِرة. المُتَواتِرُ: الشيءُ الَّذِي يَكُونُ هُنَيَّةً ثُمَّ يجيءُ الْآخَرُ، فَإِذَا تَتَابَعَتْ فَلَيْسَتْ مُتَوَاتِرة، هِيَ مُتَداركة مُتَوَاتِرَةٌ. اللَّيْثُ: المُتَدَارِك مِنَ القَوَافي وَالْحُرُوفِ الْمُتَحَرِّكَةِ مَا اتَّفَقَ مُتَحَرِّكَانِ بَعْدَهُمَا سَاكِنٌ مِثْلُ فَعُو وأَشباه ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمُتَدَارِكُ مِنَ الشِّعْر كُلُّ قَافِيَةٍ تَوَالَى فِيهَا حَرْفَانِ مُتَحَرِّكَانِ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ، وَهِيَ متفاعِلُنْ وَمُسْتَفْعِلُنْ ومفاعِلُنْ، وفَعَلْ إِذا اعْتَمَدَ عَلَى حَرْفٍ سَاكِنٍ نَحْوَ فَعُولُنْ فَعَلْ، فَاللَّامُ مِنْ فَعَلْ سَاكِنَةٌ، وفُلْ إِذا اعْتَمَدَ عَلَى حَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ نَحْوَ فَعُولُ فُلْ، اللَّامُ مِنْ فُلْ سَاكِنَةٌ وَالْوَاوُ مِنْ فَعُولُ سَاكِنَةٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَوَالِي حَرَكَتَيْنِ فِيهَا، وَذَلِكَ أَن الْحَرَكَاتِ كَمَا قَدَّمْنَا مِنْ آلَاتِ الْوَصْلِ وأَماراته، فكأنَّ بَعْضَ الْحَرَكَاتِ أَدرك بَعْضًا وَلَمْ يَعُقْه عَنْهُ اعْتِرَاضُ السَّاكِنِ بَيْنَ الْمُتَحَرِّكَيْنِ. وطَعَنَهُ طَعْنًا دِراكاً وشرِب شُرْبًا دِراكاً، وَضَرْبٌ دِراكٌ: مُتَتَابِعٌ. والتَّدْرِيكُ: مِنَ الْمَطَرِ: أَن يُدَارِكَ القَطْرُ كَأَنَّهُ يُدْرِك بعضُه بَعْضًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد أَعرابي يُخَاطِبُ ابنه:
وَا بِأَبي أَرْواحُ نَشْرِ فِيكا،(10/420)
كأَنه وهْنٌ لِمَنْ يَدْرِيكا ... إِذا الكَرى سنَاتِهِ يُغْشِيكا،
رِيحَ خُزامَى وُلِّيَ الرَّكِيكا، ... أَقْلَعَ لمَّا بَلَغَ التَّدْرِيكا
واسْتَدْرَك الشيءَ بالشيءِ: حَاوَلَ إِدْراكه بِهِ، وَاسْتَعْمَلَ هَذَا الأَخفش فِي أَجزاء الْعَرُوضِ فَقَالَ: لأَنه لَمْ يَنْقُصْ مِنَ الْجُزْءِ شَيْءٌ فَيَسْتَدْرِكَهُ. وأَدْرَكَ الشيءُ: بَلَغَ وَقْتُهُ وَانْتَهَى. وأَدْرَك أَيضاً: فَنِيَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ
؛ رُوِيَ
عَنِ الْحَسَنِ أَنه قَالَ: جَهِلُوا عِلْمَ الْآخِرَةِ
أَي لَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ فِي أَمر الْآخِرَةِ. التَّهْذِيبُ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ
؛ قرأَ
شَيْبَةُ وَنَافِعٌ بَلِ ادَّرَاك
وقرأَ
أَبو عَمْرٍو بَلْ أَدْرَكَ
، وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ مُجَاهِدٍ وأُبي جَعْفَرٍ الْمَدَنِيِّ، وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قرأَ: بَلى آأَدْرَك عِلْمُهُمْ
، يَسْتَفْهِمُ وَلَا يُشَدِّدُ، فأَما مَنْ قرأَ بَلِ ادَّارَكَ
فَإِنَّ الْفَرَّاءَ قَالَ: مَعْنَاهُ لُغَةً تَدَارَك أَي تَتَابَعَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ، يُرِيدُ بِعِلْمِ الْآخِرَةِ تَكُونُ أَو لَا تَكُونُ، وَلِذَلِكَ قَالَ: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ، قَالَ: وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ
أُبيّ أَم تَدارَكَ
، وَالْعَرَبُ تجعَل بَلْ مَكَانَ أَم وأَم مَكَانَ بَلْ إِذا كَانَ فِي أَول الْكَلِمَةِ اسْتِفْهَامٌ مثل قول الشاعر:
فو الله مَا أَدْرِي، أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ، ... أَم البُومُ، أَم كلٌّ إِليَّ حَبِيبُ
مَعْنَى أَم بَلْ؛ وَقَالَ أَبو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ: وَمَنْ قرأَ
بَلْ أَدْرَك
وَمَنْ قرأَ بَلِ ادَّارَكَ
فَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، يَقُولُ: هُمْ عُلَمَاءٌ فِي الْآخِرَةِ كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا، وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، قَالَ: اجْتَمَعَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَمَعْنَاهَا عِنْدَهُ أَي عَلِمُوا فِي الْآخِرَةِ أَن الَّذِي كَانُوا يوعَدُون بِهِ حَقٌّ؛ وأَنشد للأَخطل:
وأَدْرَكَ عِلْمي فِي سُوَاءَة أَنها ... تُقِيمُ عَلَى الأَوْتار والمَشْرَب الْكَدَرِ
أَي أَحاط عِلْمِي بِهَا أَنها كَذَلِكَ. قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ أَدْرَكَ وادَّارَكَ وَمَعْنَى الْآيَةِ مَا قَالَ السُّدِّيُّ وَذَهَبَ إِليه أَبو مُعَاذٍ وأَبو سَعِيدٍ، وَالَّذِي قَالَهُ الْفَرَّاءُ فِي مَعْنَى تَدَارَكَ أَي تتَابع عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ أَنها تَكُونُ أَو لَا تَكُونُ لَيْسَ بالبَيِّنِ، إِنما الْمَعْنَى أَنه تتَابع عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ وتواطأَ حِينَ حَقَّت الْقِيَامَةُ وَخَسِرُوا وَبَانَ لَهُمْ صِدْقُ مَا وُعِدُوا، حِينَ لَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ الْعِلْمُ، ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ: بَلْ هُمْ الْيَوْمَ فِي شَكٍّ مِنْ عِلْمِ الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُون، أَي جَاهِلُونَ، والشَّك فِي أَمر الْآخِرَةِ كُفْرٌ. وَقَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ
؛ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِيهَا أَشياء، وَذَلِكَ أَنا وَجْدَنَا الْفِعْلَ اللَّازِمَ وَالْمُتَعَدِّيَ فِيهَا فِي أَفْعَلَ وتَفَاعَلَ وافْتَعَلَ وَاحِدًا، وَذَلِكَ أَنك تَقُولُ أَدْرَكَ الشيءَ وأَدْرَكْتُه وتَدَارك القومُ وادَّارَكوا وادَّرَكُوا إِذا أَدرَكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَيُقَالُ: تَدَاركتُه وادَّارَكْتُه وادَّرَكْتُه؛ وأَنشد:
تَدَاركتُما عَبْساً وذُبْيان بعد ما ... تفانَوْا، ودَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْر مَنْشِمِ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مَجَّ النَّدَى المُتَدارِكِ
فَهَذَا لَازِمٌ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
فَلَمَّا ادَّرَكْناهُنَّ أَبدَيْنَ للهَوَى
وَهَذَا مُتَعَدٍّ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي اللَّازِمِ: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ
. قَالَ شَمِرٌ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ يُحَدِّثُ عَنِ(10/421)
الثَّوْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ
قَالَ مُجَاهِدٌ: أَم تواطأَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ السُّدِّيِّ لأَن مَعْنَى تواطأَ تَحَقَّقَ وَاتَّفَقَ حِينَ لَا يَنْفَعُهُمْ، لَا عَلَى أَنه تواطأَ بالحَدْس كَمَا ظَنَّهُ الْفَرَّاءُ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَرُوِيَ لَنَا حَرْفٌ عَنِ ابْنِ الْمُظَفَّرِ قَالَ وَلَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ ذَكَرَ أَنه قَالَ أَدْرَكَ الشيءُ إِذا فَنِيَ، فإِن صَحَّ فَهُوَ فِي التَّأْوِيلِ فَنِيَ علمُهم فِي مَعْرِفَةِ الْآخِرَةِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، قَالَ: وَمَا عَلِمْتُ أَحداً قَالَ أَدْرك الشيءُ إِذا فَنِيَ فَلَا يُعَرَّجُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَكِنْ يُقَالُ أَدْرَكتِ الثِّمار إِذا بَلَغَتْ إِناهَا وَانْتَهَى نُضْجها؛ وأَما مَا رُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قرأَ بَلَى آأَدْرَكَ عِلْمهم فِي الْآخِرَةِ
، فَإِنَّهُ إِن صَحَّ اسْتِفْهَامٌ فِيهِ رَدٌّ وَتَهَكُّمٌ، وَمَعْنَاهُ لَمْ يُدْرِكْ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبي حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِهِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ؛ مَعْنَى أَم أَلف الِاسْتِفْهَامِ كأَنه قَالَ أَله الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ، اللَّفْظُ لَفْظُ الِاسْتِفْهَامِ وَمَعْنَاهُ الرَّدُّ وَالتَّكْذِيبُ لَهُمْ، وَقَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: لَا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى
؛ أَي لَا تَخَافُ أَن يُدْرِكَكَ فرعونُ وَلَا تَخْشَاهُ، وَمَنْ قرأَ
لَا تَخَفْ
فَمَعْنَاهُ لَا تَخَفْ أَن يُدْرِكَكَ وَلَا تخشَ الْغَرَقَ. والدَّرْكُ والدَّرَكُ: أَقصى قَعْر الشَّيْءِ، زَادَ التَّهْذِيبُ: كَالْبَحْرِ وَنَحْوِهِ. شَمِرٌ: الدَّرَكُ أَسفل كُلِّ شَيْءٍ ذِي عُمْق كالرَّكِيَّة وَنَحْوِهَا. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: يُقَالُ أَدْرَكوا مَاءَ الرَّكيّة إِدراكاً، ودَرَك الرَّكِيَّة قَعْرُهَا الَّذِي أُدرِكَ فِيهِ الْمَاءُ، والدَّرَكُ الأَسفل فِي جَهَنَّمَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا: أَقصى قَعْرِهَا، وَالْجَمْعُ أَدْرَاك. ودَرَكاتُ النارِ: مَنَازِلُ أَهلها، وَالنَّارُ دَرَكات وَالْجَنَّةُ دَرَجَاتٌ، وَالْقَعْرُ الْآخِرُ دَرْك ودَرَك، والدَّرَك إِلى أَسفل والدَّرَجُ إِلى فَوْقٍ، وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ الدَّرَك الأَسفل مِنَ النَّارِ، بِالتَّحْرِيكِ وَالتَّسْكِينِ، وَهُوَ وَاحِدُ الأَدْراك وَهِيَ مَنَازِلُ فِي النَّارِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا. التَّهْذِيبُ: والدَّرَكُ وَاحِدٌ مِنْ أَدْرَاك جَهَنَّمَ مِنَ السَّبْعِ، والدَّرْكُ لُغَةٌ فِي الدَّرَك. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ
، يُقَالُ: أَسفل دَرَجِ النَّارِ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّرْك الطَّبَقُ مِنْ أَطباق جَهَنَّمَ، وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: الدَّرْكُ الأَسفل توابِيتُ مِنْ حَدِيدٍ تصَفَّدُ عَلَيْهِمْ فِي أَسفل النَّارِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: جَهَنَّمُ دَرَكاتٌ أَي مَنَازِلُ وأَطباق، وَقَالَ غَيْرُهُ: الدَّرَكات بَعْضُهَا تَحْتَ بَعْضٍ قَالَ الأَزهري: والدَّرَجات مَنَازِلُ ومَرَاقٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فالدَّرَكات ضِدُّ الدَّرَجات. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: أَنه قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَما كَانَ يَنْفَعُ عَمَّك مَا كَانَ يَصْنَعُ بِكَ؟ كَانَ يَحْفَظُكَ ويَحْدَب عَلَيْكَ، فَقَالَ: لَقَدْ أُخْرِجَ بِسَبَبِي مِنْ أَسفل دَرَك مِنَ النَّارِ فَهُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، مَا يَظُنُّ أَن أَحداً أَشدُّ عَذَابًا مِنْهُ، وَمَا فِي النَّارِ أَهون عَذَابًا مِنْهُ
؛ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا دَلَّ عَلَى أَن أَسفل الدَّرَكِ أَشدُّ الْعَذَابِ لِجَعْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِياه ضِدًّا للضَّحضاح أَو كَالضِّدِّ لَهُ، والضَّحضاح أُريد بِهِ الْقَلِيلُ مِنَ الْعَذَابِ مِثْلُ الْمَاءِ الضَّحْضَاحِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الغَمْر؛ وَقِيلَ لأَعرابي: إِن فُلَانًا يَدَّعِي الْفَضْلَ عَلَيْكَ، فَقَالَ: لَوْ كَانَ أَطول مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ مَا بَلَغَ فَضْلِي وَلَوْ وَقَعَ فِي ضَحْضاح لغَرِقَ أَي لَوْ وَقَعَ فِي الْقَلِيلِ مِنْ مِيَاهِ شَرَفي وَفَضْلِي لَغَرِقَ فِيهِ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ لِلْحَبْلِ الَّذِي يُعَلَّقُ فِي حَلْقةِ التَّصْديرِ فَيُشَدُّ بِهِ القَتَبُ الدَّرَكَ والتَّبْلِغَةَ، وَيُقَالُ لِلْحَبَلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ العَرَاقي ثُمَّ يُشَدّ الرِّشاءُ فِيهِ وَهُوَ مَثْنِيُّ الدَّرَكُ. الْجَوْهَرِيُّ: والدَّرَك، بِالتَّحْرِيكِ، قِطْعَةُ حَبْلٍ يُشَدُّ فِي طَرَفِ(10/422)
الرِّشاءِ إِلى عَرْقُوَةِ الدَّلْوِ لِيَكُونَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْمَاءَ فَلَا يعفَن الرِّشاءُ. ابْنُ سِيدَهْ: والدَّرَك حَبْلٌ يُوَثَّقُ فِي طَرَفِ الْحَبْلِ الْكَبِيرِ لِيَكُونَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْمَاءَ فَلَا يعفَن الرِّشَاءُ عِنْدَ الِاسْتِقَاءِ. والدِّرْكةُ: حَلْقة الوَتَرِ الَّتِي تَقَعُ فِي الفُرْضة وَهِيَ أَيضاً سَيْرٌ يوصَلُ بوَتَر القَوْس الْعَرَبِيَّةِ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الدِّرْكة الْقِطْعَةُ الَّتِي تُوصَلُ فِي الْحَبْلِ إِذا قَصُر أَو الحِزام. وَيُقَالُ: لَا بارَك اللَّهُ فِيهِ وَلَا دارَك وَلَا تارَك، إِتباع كُلُّهُ بِمَعْنًى. وَيَوْمُ الدَّرَكِ: يَوْمٌ مَعْرُوفٌ مِنْ أَيامهم. ومُدْرِك ومُدْرِكَةُ: اسْمَانِ. ومُدْرِكةُ: لَقَبُ عَمْرِو بْنِ إِلياس بْنِ مُضَر، لَقَّبَهُ بِهَا أَبوه لَمَّا أَدرك الإِبل. ومُدْرك بْنُ الْجَازِيِّ: فَرَسٌ لكُلْثوم بن الحرث. ودِراكٌ: اسْمُ كَلْبٍ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ الثَّوْرَ وَالْكِلَابَ:
فاخْتلَّ حِضْنَيْ دِراكٍ وانْثَنى حرِجاً، ... لزارعٍ طَعْنَةٌ فِي شِدْقها نَجَلُ
أَي فِي جَانِبِ الطَّعْنَةِ سِعَةٌ. وَزَارِعٌ أَيضاً: اسم كلب.
درمك: الدُّرْمُوك: الطِّنْفَسَةُ كالدُّرْنُوك. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَهُ عَلَى دُرْمُوك قَدْ طَبَّقَ الْبَيْتَ كُلَّهُ
، وَفِي رِوَايَةٍ
دُرْنُوك
، بِالنُّونِ، وَهُوَ عَلَى التَّعَاقُبِ. والدَّرْمَكُ: دَقِيقُ الحُوَّارَى؛ قَالَ الأَعشى:
لَهُ دَرْمَكٌ فِي رأْسه ومَشارب، ... وقِدْرٌ وطَبَّاخ وكأْس ودَيْسَقُ
ابْنُ الأَعرابي: الدَّرمَكُ النَّقِيُّ الحُوَّارَى. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ:
وتُرْبَتُها الدَّرمَكُ
؛ هُوَ الدَّقِيقُ الحُوَّارَى. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ: فقدمَتْ ضافِطَةٌ مِنَ الدَّرْمَكِ
، وَيُقَالُ لَهُ الدَّرْمَكة وَكَأَنَّهَا وَاحِدَتُهُ فِي الْمَعْنَى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه سأَل ابْنَ صَيَّادٍ عَنْ تُرْبة الْجَنَّةِ فَقَالَ دَرْمَكة بَيْضَاءُ مِسْك
؛ قَالَ خَالِدٌ: الدَّرْمَكُ الَّذِي يُدَرْمَك حَتَّى يَكُونَ دُقاقاً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الدَّقِيقِ وَالْكُحْلِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَذَلِكَ التُّرَابُ الدَّقِيقُ دَرْمك؛ وَخَطَبَ بَعْضُ الحمْقى إِلى بَعْضِ الرُّؤَسَاءِ كَرِيمَةً لَهُ فَرَدَّهُ وَقَالَ:
امْسَحْ مِنَ الدَّرْمَكِ عنِّي فَاكَا، ... إِني أَراكَ خاطِباً كَذَاكَا
قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ فُلَانٌ كذَاكَ أَي سَفِلةٌ مِنَ النَّاسِ.
درنك: الدُّرْنُوك والدِّرْنيك: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ أَو البُسْط، له خَمَل قصير كخَمَل الْمَنَادِيلِ وَبِهِ يُشَبَّهُ فَرْوَةُ الْبَعِيرِ والأَسد؛ قَالَ:
عَنْ ذِي دَرَانيكَ ولِبداً أَهْدَبا
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِرُؤْبَةَ:
جَعْد الدَّرَانيك رِفَلّ الأَجْلاد، ... كأَنه مُخْتَضِب فِي أَجْساد
وَقَدْ يُقَالُ فِي جَمْعِهِ دَرَانِك؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَرْسَلْتُ فِيهَا قَطِماً لُكالِكا، ... كَأَنَّ فَوْقَ ظَهْرِهِ دَرَانِكا
والدُّرْنُوك والدِّرْنِكُ: الطِّنْفَسة؛ وأَما قَوْلُ الرَّاجِزِ يَصِفُ بَعِيرًا:
كَأَنَّهُ مُجلَّلٌ دَرَانكا
فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ دُرْنوك، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنه ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ لَهُ خَمَل قَصِيرٌ كخَمَل الْمَنَادِيلِ، وإِنما يُرِيدُ أَن عَلَيْهِ وَبَرَ عَامَيْنِ أَو أَعوام، أَو أَراد دَرَانِيكا فَحَذَفَ الْيَاءَ لِلضَّرُورَةِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ(10/423)
جَمْعَ الدِّرْنك الَّتِي هِيَ الطِّنْفَسة. أَبو عُبَيْدَةَ: الدُّرْنوك البِساط، وَجَمْعُهُ دَرَانك. شَمِرٌ: الدَّرَانيك تَكُونُ سُتوراً وفُرُشاً، والدُّرْنُوك فِيهِ الصُّفْرَةُ وَالْخُضْرَةُ، قَالَ: وَيُقَالُ هِيَ الطَّنَافس. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَهُ عَلَى دُرْنوك قَدْ طَبَّق الْبَيْتَ كُلَّهُ
، وَفِي رِوَايَةٍ
دُرْمُوك
، بِالْمِيمِ، وَهُوَ عَلَى التَّعَاقُبِ.
دسك: الدَّوْسَكُ: مِنْ أَسماء الأَسد. ودَيْسَكَى: قِطْعَةٌ عَظِيمَةٌ من النَّعام والغنم.
دعك: دَعَك الثوبَ بِاللُّبْسِ دَعْكاً: أَلانَ خُشْنَتَه. ودَعَك الخصمَ دَعْكاً: ليَّنه وذلَّله ومَعَكه مَعْكاً. وَرَجُلٌ مِدْعَك ومُدَاعِك: شَدِيدُ الْخُصُومَةِ. وتَدَاعك الرَّجُلَانِ فِي الْحَرْبِ أَي تَمَرَّسَا. وَرَجُلٌ دَعِكٌ أَي مَحِكٌ. وتَداعك القومُ: اشْتَدَّتِ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمْ. ودَعَكه فِي التُّرَابِ: مَرَّغه. والدَّعْك مِثْلُ الدَّلْك ودَعَكَ الأَدِيمَ دَعكاً: دَلَّكَهُ وليَّنه. وأَرضٌ مَدْعوكة: كَثُرَ بِهَا النَّاسُ ورُعاة الإِبل حَتَّى أَفسدوها، وَكَثُرَتْ فِيهَا آثَارُهُمْ وَهُمْ يُكَرِّهُونَهَا، إِلا أَن يَجْمَعَهُمْ أَثر سَحَابَةٍ لَا بدَّ لَهُمْ مِنْهَا. وَيُقَالُ: تَنَحَّ عَنْ دُعْكةِ الطَّرِيقِ وَعَنْ ضَحْكِهِ وضَحّاكِهِ وَعَنْ حَنّانِهِ وجَدِيَّته وسَلِيقَتِه. والدُّعَكُ: طَائِرٌ، والدُّعَك: الضَّعِيفُ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الدَّعْكُ الضَّعِيفُ الهُزْأَة؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ وَكَانَ لِعَمْرِو بْنِ الأَهتم وَلَدٌ مَلِيحُ الصُّورَةِ وَفِيهِ تَأْنِيثٌ فَقَالَ:
قُلْ لِلَّذي كَادَ، لَوْلَا خَطُّ لِحْيَتِهِ، ... يَكُونُ أُنثى عَلَيْهِ الدُّرُّ والمَسَكُ؛
هَلْ أَنتَ إِلا فَتَاةُ الحيِّ إِن أَمنوا، ... يَوْمًا، وأَنْتَ، إِذا مَا حَارَبُوا، دُعَكُ؟
والدِّعْكاية: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ، طَالَ أَو قَصُر؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والدِّعْكاية الْقَصِيرُ؛ قال الراجز:
أَما تَرَيْني رجُلًا دعْكايَهْ ... عَكَوَّكاً، إِذا مَشَى، دِرْحايَهْ
أَنُوءُ للقيامِ آهَا آيَهْ، ... أَمشي رُوَيْداً تاهَ تاهَ تايَهْ
فَقَدَ أَرُوعُ، وَيْحَكِ الجَدَايَهْ ... زَعَمَتْ أَن لَا أُحسن الحُدَاية،
فيَا يَهٍ أَيا يَهٍ أَيا يَهْ
والدَّعَكُ: الْحُمْقُ والرُّعُونة، وَقَدْ دَعِكَ دَعَكاً. والداعِكةُ: الْحَمْقَاءُ الْجَرِيئَةُ. وَرَجُلٌ داعِكٌ مِنْ قَوْمٍ داعِكين إِذَا هَلَكُوا حُمْقاً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وطاوَعْتُمَاني داعِكاً ذَا مَعَاكةٍ، ... لَعَمْرِي لَقَدْ أَوْدَى وَمَا خلْتُه يُودي
وَيُقَالُ: أَحمق دَاعِكَةٌ، بِالْهَاءِ؛ وأَنشد:
هَبَنَّقيّ ضَعِيفُ النَّهْضِ، داعِكة، ... يَقْني المُنَى ويَراها أَفضل النَّشَبِ
والدُّعْكة: لُغَةٌ فِي الدُّعْقة وَهِيَ جَمَاعَةٌ مِنَ الإِبل.
دكك: الدَّكُّ: هَدْمُ الْجَبَلِ وَالْحَائِطِ وَنَحْوِهِمَا، دَكَّه يَدُكُّه دَكًّا. اللَّيْثُ: الدَّكّ كَسْرُ الْحَائِطِ وَالْجَبَلِ. وَجَبَلٌ دُكٌّ: ذَلِيلٌ، وَجَمْعُهُ دِكَكَةٌ مِثْلُ جُحْر وجِحرَة. وَقَدْ تَدَكْدَكَتِ الجبالُ أَي صَارَتْ دَكَّاوَات، وَهِيَ رَواب مِنْ طِينٍ، وَاحِدَتُهَا دَكَّاء. وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: دَكُّها زَلْزَلَتُهَا، وَلَمْ يَقُلْ فدكِكْنَ لأَنه جَعَلَ الْجِبَالَ كَالْوَاحِدَةِ، وَلَوْ قَالَ فدُكَّتْ دَكَّةً لَكَانَ صَوَابًا. قَالَ ابْنُ الإِعرابي: دَكَّ هَدَم ودُكَّ هُدِمَ. والدِّكَكُ: القيرانُ المُنْهالة. والدِّكَكُ: الهِضاب المفسَّخة. والدَّكُّ: شَبِيهٌ بِالتَّلِّ. والدَّكَّاءُ: الرَّابية(10/424)
مِنَ الطِّينِ لَيْسَتْ بِالْغَلِيظَةِ، وَالْجَمْعُ دَكَّاوَاتٌ، أَجروه مَجْرَى الأَسماء لِغَلَبَتِهِ كَقَوْلِهِمْ لَيْسَ فِي الخَضْرَاواتِ صَدَقَةً. وأَكَمة دَكَّاء إِذَا اتَّسَعَ أَعلاها، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ نَادِرٌ لأَن هَذَا صِفَةٌ. والدَّكَّاواتُ: تلال خلقة، لَا يُفْرَدُ لَهَا وَاحِدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، قَالَ: وَعِنْدِي أَن وَاحِدَتَهَا دَكَّاء كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ الأَصمعي: الدَّكَّاوَاتُ مِنَ الأَرض الْوَاحِدَةُ دَكَّاء وَهِيَ رَوَابٍ مِنْ طِينٍ لَيْسَتْ بالغِلاظ، قَالَ: وَفِي الأَرض الدِّكَكَةُ، وَالْوَاحِدُ دُكّ، وَهِيَ رَوابٍ مُشْرِفَةٌ مِنْ طِينٍ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ غِلَظٍ، ويُجْمَع الدَّكَّاءُ مِنَ الأَرض دَكَّاوات ودُكًّا، مِثْلَ حَمْراوات وحُمْر. والدُّكُكُ: النُّوقُ المنفضِخة الأَسْنِمَةِ. وَبَعِيرٌ أَدَكُّ: لَا سَنَامَ لَهُ، وَنَاقَةٌ دَكَّاء كَذَلِكَ، وَالْجَمْعُ دُكّ ودَكَّاوات مثل حُمْر حَمْراوات قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَمْراء لا يجمعع بالأَلف وَالتَّاءِ فَيُقَالُ حَمْراوات كَمَا لَا يُجْمَعُ مُذَكَّرُهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فَيُقَالُ أَحْمَرُون، وأَما دَكَّاء فَلَيْسَ لَهَا مُذَكَّرٌ وَلِذَلِكَ جَازَ أَن يُقَالَ دَكَّاوَات، وَقِيلَ: نَاقَةٌ دَكَّاءُ لِلَّتِي افْتَرَشَ سَنَامُهَا فِي جَنْبَيْهَا وَلَمْ يُشْرِف، وَالِاسْمُ الدَّكَكُ، وَقَدِ انْدَكَّ. وَفَرَسٌ مَدْكُوك: لَا إشْرَاف لِحَجَبَتِه. وَفَرَسٌ أَدَكُّ إِذَا كَانَ مُتدانياً عَرِيضَ الظَّهْرِ.
وَكَتَبَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ: إنَّا وَجَدْنَا بالعِراق خَيْلًا عِرَاضاً دُكًّا فَمَا يَرَى أَمير الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَسهامها
أَي عِراض الظُّهُورِ قِصَارَهَا. وَخَيْلٌ دُكٌّ وَفَرَسٌ أَدَكّ إِذَا كَانَ عَرِيضَ الظَّهْرِ قَصِيرًا؛ حَكَاهُ أَبو عبيدة عَنِ الْكِسَائِيِّ، قَالَ: وَهِيَ البَرَاذين. والدَّكَّةُ: بِنَاءٌ يُسَطَّحُ أَعلاه. وانْدَكَّ الرَّمْلُ: تَلَبَّدَ، والدُّكَّانُ مِنَ الْبِنَاءِ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. اللَّيْثُ: اخْتَلَفُوا فِي الدُّكَّان فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ فُعْلان مِنَ الدَّكّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ فُعّال مِنَ الدَّكَن، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الدَّكَّة والدُّكَّانُ الَّذِي يُقْعَدُ عَلَيْهِ؛ قَالَ المُثَقّب الْعَبْدِيُّ:
فأَبقَى باطِلِي، والجِدُّ مِنْهَا، ... كدُكَّانِ الدَّرَابِنَةِ المَطِين
قَالَ: وَقَوْمٌ يَجْعَلُونَ النُّونَ أَصلية، والدَّرَابِنَة: البَوَّابُون، وَاحِدُهُمْ دَرْبانٌ. والدَّكُّ والدَّكَّةُ: مَا اسْتَوَى مِنَ الرَّمْلِ وَسَهُلَ، وَجَمْعُهَا دِكاكٌ. وَمَكَانٌ دَكٌّ مسْتَوٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى إِذا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكًّا؛ قَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ دَكًّا بِالتَّنْوِينِ قَالَ: كأَنه قَالَ دَكَّهُ دَكًّا مَصْدَرٌ مؤَكد، قَالَ: وَيَجُوزُ جَعْلُهُ أَرضاً ذَا دَكٍّ كقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ، قَالَ: وَمَنْ قرأَها دَكَّاءَ
مَمْدُودًا أَراد جَعَله مِثْلَ دَكَّاءَ وَحَذَفَ مِثْلَ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَلَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى مِثْلَ وإِنما الْمَعْنَى جَعَلَ الْجَبَلَ أَرضاً دَكَّاء وَاحِدًا «2» ، قَالَ: وَنَاقَةٌ دَكَّاءُ إِذَا ذَهَبَ سنَامها. قَالَ الأَزهري: وأَفادني ابْنُ الْيَزِيدِيِّ عَنْ أَبي زَيْدٍ جَعَلَهُ دَكًّا
، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ سَاخَ فِي الأَرض فَهُوَ يَذْهَبُ حَتَّى الْآنَ، وَمَنْ قرأَ
دَكَّاءَ
عَلَى التأَنيث فلتأْنيث الأَرض جَعَله أَرضاً دَكَّاء. الأَخفش: أَرض دَكٌّ وَالْجَمْعُ دُكُوك. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: جَعَلَهُ دَكًّا
، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا لأَنه حِينَ قَالَ جَعَلَهُ كأَنه قَالَ دَكَّه فَقَالَ دَكًّا
، أَو أَراد جَعله ذَا دَكٍّ فَحَذَفَ، وَقَدْ قُرئ بِالْمَدِّ، أَيْ جَعَلَهُ أَرْضًا دَكَّاء فَحَذَفَ لأَن الْجَبَلَ مُذَكَّرٌ. ودَكَّ الأَرضَ دَكًّا: سَوّى صَعُودَها وهَبُوطها، وَقَدِ انْدَكَّ الْمَكَانُ. ودَكَّ الترابَ يَدُكُّه دَكًّا: كَبَسَهُ وسَوّاه. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي زَيْدٍ: إِذا كَبَسَ السَّطْحَ بِالتُّرَابِ قِيلَ دَكّ التُّرَابَ عَلَيْهِ دَكًّا. ودَكَّ التُّرَابَ عَلَى الْمَيِّتِ يَدُكُّه دَكًّا: هَالَهُ.
__________
(2) . قوله واحداً: هكذا في الأَصل(10/425)
ودَكَكْتُ التُّرَابَ عَلَى الْمَيِّتِ أَدُكُّه إِذا هِلْته عَلَيْهِ. ودَكْدَكْتُ الرَّكِيَّ أَي دَفَنْتُهُ بِالتُّرَابِ. ودَكَّ الرَّكِيّة دَكًّا: دَفَنَهَا وطَمَّها. والدَّك: الدَّقُّ، وَقَدْ دَكَكْتُ الشَّيْءَ أَدُكُّه دَكًّا إِذَا ضَرَبْتَهُ وَكَسَرْتَهُ حَتَّى سَوَّيْتَهُ بالأَرض؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً
. والدِّكْدِكُ والدَّكْدَكُ والدَّكْدَاكُ مِنَ الرَّمْلِ. مَا تَكَبَّس وَاسْتَوَى، وَقِيلَ: هُوَ بَطْنٌ مِنَ الأَرض مُسْتَوٍ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ رَمْلٌ ذُو تُرَابٍ يَتَلَبَّدُ. الأَصمعي: الدَّكْدَاكُ مِنَ الرَّمْلِ مَا الْتَبَد بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ بالأَرض وَلَمْ يَرْتَفِعْ كَثِيرًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سأَل جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْزِلِهِ فَقَالَ: سَهْلٌ ودَكْدَاكٌ وسَلَمٌ وأَراكٌ
أَي أَن أَرضهم لَيْسَتْ ذَاتَ خُزُونة؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وغيث بدَكْدَاكٍ، يَزِينُ وِهَادَهُ ... نباتٌ كوَشْي العَبْقَريِّ المُخَلَّب
وَالْجَمْعُ الدَّكادِك والدَّكادِيك؛ وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ:
إِلَيْكَ أَجُوبُ القُورَ بَعْدَ الدَّكادِكِ
وقال الراجز:
يَا دَارَ سَلْمَى بدَكادِيكِ البُرَقْ ... سَقْياً فَقَدْ هَيَّجْتِ شَوْق المُشْتَأَقْ
والدَّكْدَك والدِّكْدَكُ والدِّكْدَاكُ: أَرض فِيهَا غِلَظٌ. وأَرض مَدْكوكة إِذَا كَثُرَ بِهَا النَّاسُ ورُعاة المال حتى يفسدها ذَلِكَ وَتَكْثُرَ فِيهَا آثَارُ الْمَالِ وأَبواله، وَهُمْ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ إِلَّا أَن يَجْمَعَهُمْ أَثر سَحَابَةٍ فَلَا يَجِدُونَ مِنْهُ بُدًّا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرض مَدْكوكة لَا أَسناد لَهَا تُنْبتُ الرِّمْث. ودُكَّ الرَّجُلُ، عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَهُوَ مَدْكوك إِذَا دَكَّتْه الحُمَّى وأَصابه مَرَضٌ. ودَكَّتْه الْحُمَّى دَكًّا: أَضْعَفَتْهُ. وأَمة مِدَكَّةٌ: قَوِيَّةٌ عَلَى الْعَمَلِ. وَرَجُلٌ مِدَكٌّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: شَدِيدُ الْوَطْءِ عَلَى الأَرض. الأَصمعي: صَكَمْتُه ولَكَمْتُه وصَكَكْتُه ودَكَكْتُه ولَكَكْتُه كُلُّهُ إِذَا دَفَعْتَهُ. وَيَوْمٌ دَكِيك: تَامٌّ، وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ وَالْحَوْلُ. يُقَالُ: أَقمت عِنْدَهُ حَوْلًا دَكيكاً أَي تَامًّا. ابْنُ السِّكِّيتِ: عامٌ دَكِيكٌ كَقَوْلِكَ حَوْلٌ كَرِيتٌ أَي تامٌّ؛ قَالَ:
أَقمت بجُرْجَانَ حَوْلًا دَكِيكا
وحَنْظل مُدَكَّكٌ: يُؤْكَلُ بِتَمْرٍ أَو غَيْرِهِ. ودَكَّكه: خَلَطَهُ. يُقَالُ: دَكِّكُوا لَنَا. وتَدَاكَّ عَلَيْهِ الْقَوْمُ إِذَا ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: ثُمَّ تَدَاكَكْتم عليَّ تَدَاكُكَ الإِبل الهِيم عَلَى حِيَاضِهَا
أَي ازْدَحَمْتُمْ، وأَصل الدَّكّ الْكَسْرُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنا أَعلم النَّاسِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ فتَدَاكَّ النَّاسُ عَلَيْهِ.
أَبو عَمْرٍو: دَكَّ الرَّجُلُ جَارَيْتَهُ إِذَا جَهِدَهَا بِإِلْقَائِهِ ثِقَلَهُ عَلَيْهَا إِذَا أَراد جماعها؛ وأَنشد الإِبادي:
فقَدْتُكَ مِنْ بَعْلٍ عَلامَ تَدُكُّني ... بِصَدْرِكَ، لَا تُغْني فَتِيلًا ولا تُعْلي؟
دلك: دَلَكْتُ الشيءَ بِيَدِي أَدْلُكه دَلْكاً، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: دَلَكَ الشيءَ يَدْلُكه دَلْكاً مَرَسه وعَرَكه؛ قَالَ:
أَبِيتُ أَسْري، وتَبِيتي تَدْلُكي ... وَجْهكِ بالعَنْبَرِ والمِسْكِ الذَّكِي
حَذَفَ النُّونِ مَنْ تَبِيتي كَمَا تُحْذَفُ الْحَرَكَةُ لِلضَّرُورَةِ فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فاليومَ أَشْرَبْ غيرَ مُسْتَحْقِب ... إِثْماً مِنَ اللَّهِ، وَلَا وَاغِلِ
وَحَذَفَهَا مَنْ تَدْلُكي أَيضاً لأَنه جَعَلَهَا بَدَلًا مِنْ تَبِيتي أَو حَالًا، فَحَذَفَ النُّونَ كَمَا حَذَفَهَا مِنَ الأَول؛ وَقَدْ(10/426)
يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَبِيتي فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ بإِضمار أَن فِي غَيْرِ الْجَوَابِ كَمَا جَاءَ فِي بَيْتِ الأَعشى:
لَنَا هَضْبة لَا يَنْزِلُ الذُّلُّ وَسْطها، ... ويأْوِي إِليها المُسْتَجِيرُ فيُعْصَبا
وَدَلَكْت السُّنْبُلَ حَتَّى انْفَرَكَ قِشره عَنْ حَبِّه. والمَدْلُوك: الْمَصْقُولُ. ودَلَكْتُ الثَّوْبَ إِذَا مُصْتَه لِتَغْسِلَهُ. ودَلَكهُ الدهرُ: حَنَّكه وعلَّمه. ابْنُ الأَعرابي: الدُّلُك عُقَلَاءُ الرِّجَالِ، وَهُمُ الحُنُك. وَرَجُلٌ دَلِيك حَنِيك: قَدْ مَارَسَ الأُمور وعَرَفها. وَبَعِيرٌ مَدْلُوك إِذَا عاوَدَ الأَسفار وَمَرِنٌ عَلَيْهَا، وَقَدْ دَلَكَتْه الأَسفارُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
عَلَى عَلاواكِ عَلَى مَدْلُوكِ، ... عَلَى رَجِيعِ سَفَرٍ مَنْهوكِ
وتَدَلَّك بِالشَّيْءِ: تَخَلَّق بِهِ. والدَّلُوك: مَا تُدُلِّك بِهِ مِنْ طِيبٍ وَغَيْرِهِ. وتَدَلَّكَ الرَّجُلُ أَي دَلَكَ جَسَدَهُ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه كَتَبَ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَنَّهُ بَلَّغَنِي أَنه أُعِدَّ لَكَ دَلُوك عُجِنَ بِالْخَمْرِ وَإِنِّي أَظنكم، آلَ المُغيرة، ذَرْوَ النارِ
؛ الدَّلُوك، بِالْفَتْحِ: اسْمُ الدَّوَاءِ أَو الشَّيْءُ الَّذِي يُتَدَلَّك بِهِ مِنَ الغَسُولات كالعَدَس والأُشْنان والأَشْياء الْمُطَيَّبَةِ، كالسَّحُور لِمَا يُتَسَحَّر بِهِ، والفَطُور لِمَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ. والدُّلاكةُ: مَا حُلِب قَبْلَ الفِيقة الأُولى وَقَبْلَ أَن تَجْتَمِعَ الفِيقة الثَّانِيَةُ. وَفَرَسٌ مَدْلُوك الحَجَبة: لَيْسَ لِحَجَبته إِشْرَافٌ فَهِيَ مَلْساء مُسْتَوِيَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي يَصِفُ فَرَسًا: المَدْلُوك الحَجَبةِ الضَّخْمُ الأَرْنَبةِ. وَيُقَالُ: فَرَسٌ مَدْلُوك الحَرْقَفة إِذَا كَانَ مُسْتَوِيًا. والدَّلِيكُ: طَعَامٌ يُتَّخَذُ مِنَ الزُّبْدِ وَاللَّبَنِ شِبْهُ الثَّرِيدِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَظنه الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ جَنْكال خُسْت. والدَّلِيكُ: التُّرَابُ الَّذِي تَسْفِيه الرِّيَاحُ. ودَلَكَت الشمسُ تَدْلُك دُلوكاً: غَرَبَتْ، وَقِيلَ اصفرَّت ومالت للغروب. وفي التزيل الْعَزِيزِ: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ
. وَقَدْ دَلَكَتْ: زَالَتْ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ؛ قَالَ:
مَا تَدْلُكُ الشمسُ إِلَّا حَذْوَ منْكِبِهِ ... فِي حَوْمةٍ، دُونَهَا الهاماتُ والقَصَرُ
وَاسْمُ ذَلِكَ الْوَقْتِ الدَّلَكُ: قَالَ الْفَرَّاءُ:
جَابِرٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي دُلُوك الشَّمْسِ أَنَّهُ زَوَالُهَا الظهرَ
، قَالَ: ورأَيت الْعَرَبَ يَذْهَبُونَ بالدُّلُوك إِلَى غِيَابِ الشَّمْسِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
هَذَا مُقامُ قَدَمَيْ رَباحِ، ... ذَبَّبَ حَتَّى دَلَكَتْ بَراحِ
يَعْنِي الشَّمْسَ. قَالَ
أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ دُلُوك الشَّمْسِ غُرُوبُهَا.
وَرَوَى ابْنُ هَانِئٍ عَنْ الأَخفش أَنه قَالَ: دُلُوك الشَّمْسِ مِنْ زَوَالِهَا إِلَى غُرُوبِهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: دُلُوك الشَّمْسِ زَوَالُهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَذَلِكَ مَيْلُهَا لِلْغُرُوبِ وَهُوَ دُلُوكها أَيضاً. يُقَالُ: قَدْ دلَكَتْ بَراحِ وبِراحِ أَيْ قَدْ مَالَتْ لِلزَّوَالِ حَتَّى كَادَ النَّاظِرُ يَحْتَاجُ إِذَا تَبَصَّرها أَن يَكْسِرَ الشُّعاع عَنْ بَصَرِهِ بِرَاحَتِهِ. وبَراحِ، مِثْلُ قطامِ: اسْمٌ لِلشَّمْسِ. وَرُوِيَ عَنْ
نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: دُلُوكها مَيْلُهَا بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ.
وَرَوِيَ عَنِ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ دَلَكَتْ بِراحِ: اسْتُرِيحَ مِنْهَا. قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ عِنْدِي أَن دُلوك الشَّمْسِ زَوَالُهَا نِصْفَ النَّهَارِ لِتَكُونَ الْآيَةُ جَامِعَةً لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعلم، أَقِم الصَّلَاةَ يَا مُحَمَّدُ أَي أَدِمْها(10/427)
مِنْ وَقْتِ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ فَيَدْخُلُ فِيهَا الأَولى وَالْعَصْرِ، وَصَلَاتَا غَسَقِ اللَّيْلِ هُمَا العشاءَان فَهَذِهِ أَربع صَلَوَاتٍ، وَالْخَامِسَةُ قَوْلُهُ: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ، الْمَعْنَى وأَقم صَلَاةَ الْفَجْرِ فَهَذِهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فَرَضَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى أُمته؛ وَإِذَا جَعَلْتَ الدُّلُوك الْغُرُوبَ كَانَ الأَمر فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَقْصُورًا عَلَى ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ، فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى الدُّلوك فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؟ قِيلَ: الدُّلوك الزَّوَالُ وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلشَّمْسِ إِذَا زَالَتْ نِصْفَ النَّهَارِ دَالِكة، وَقِيلَ لَهَا إِذَا أَفَلَتْ دَالِكَةٌ لأَنها فِي الْحَالَتَيْنِ زَائِلَةٌ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: دَمَكَت الشَّمْسُ ودَلَكَتْ وعَلَتْ واعْتَلَتْ، كُلُّ هَذَا ارْتِفَاعُهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ بِراحِ: جَمْعُ رَاحَةٍ وَهِيَ الْكَفُّ، يَقُولُ يَضَعُ كَفَّهُ عَلَى عَيْنَيْهِ يَنْظُرُ هَلْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ بَعْدُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَوِّي أَن دَلْوَكَ الشَّمْسِ غُرُوبُهَا قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
مَصابيح لَيْسَتْ باللَّواتي يَقُودُها ... نجومٌ، وَلَا بالآفلاتِ الدَّوالِكِ
وَتَكَرَّرَ ذِكْرُ الدُّلوك فِي الْحَدِيثِ، وَأَصْلُهُ المَيْل. والدَّلِيكُ: ثَمَرُ الْوَرْدِ يحمرُّ حَتَّى يَكُونَ كالبُسْر وَيَنْضَجُ فَيَحْلُو فَيُؤْكَلُ، وَلَهُ حَبّ فِي دَاخِلِهِ هُوَ بِزْرهُ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا مِنْ أَهل الْيَمَنِ يَقُولُ: للوَرْدِ عِنْدَنَا دَليكٌ عَجِيبٌ كأَنه البُسْر كِبَرًا وحُمْرةً حُلْوٌ لَذِيذٌ كأَنه رُطَب يَتَهادى. والدَّلِيكُ: نَبَاتٌ، وَاحِدَتُهُ دَلِيكة. ودُلِكَت الأَرض: أُكلت. وَرَجُلٌ مَدْلوك: أُلِحَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ؛ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ودَلَك الرجلَ حَقَّهُ: مَطَله. ودَلَك الرجلُ غريمَه أَيْ مَاطَلَهُ. وَسُئِلَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَيُدالِكُ الرَّجُلُ امرأَته؟ فَقَالَ: نَعَمْ إِذَا كَانَ مُلْفَجاً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ يُدَالِكُ يَعْنِي المَطْل بِالْمَهْرِ. وَكُلُّ مماطِل، فَهُوَ مُدالِك. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: المُدالِك الَّذِي لَا يَرْفَعُ نَفْسَهُ عَنْ دَنِيَّةٍ وَهُوَ مُدْلِك، وَهُمْ يُفَسِّرُونَهُ المَطُول؛ وأَنشد:
فَلَا تَعْجَلْ عليَّ وَلَا تَبُصْني، ... ودالِكْني، فإنِّي ذُو دَلال
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: المُدالكة الْمُصَابَرَةُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: المُدالكة الإِلحاح فِي التَّقَاضِي، وَكَذَلِكَ المُعارَكة. والدُّلَكةُ: دوَيْبَّة، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَحقها. ودَلُوك: مَوْضِعٌ.
دلعك: الدَّلْعَكُ، مِثَالُ الدَّلْعَس: النَّاقَةُ الضَّخْمَةُ الْغَلِيظَةُ الْمُسْتَرْخِيَةُ؛ الأَزهري: هِيَ البَلْعك والدَّلْعك الناقة الثقيلة.
دمك: يُقَالُ للأَرنب السَّرِيعَةِ العَدْوِ: دَمُوك، وَقَدْ دَمَكَتِ الأَرنب تدْمُكُ دُمُوكاً. والدَّمْك: أَسرع مَا يَكُونُ مِنْ عَدْوِهَا. وبَكْرة دَمُوك: صُلْبَةٌ؛ قَالَ:
صَرَّافَة القَبِّ دَمُوكاً عاقِرا
عَاقِرٌ: لَا مِثْلَ لَهَا وَلَا شِبْهَ، وَقِيلَ: بَكْرة دَمُوك ودَمَكوك سَرِيعَةُ المَرّ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ شريع الْمَرِّ، وَقِيلَ: هِيَ الْبَكْرَةُ الْعَظِيمَةُ يُسْتَقَى بِهَا عَلَى السَّانية. وَفِي التَّهْذِيبِ: الدَّمُوك أَعظم مِنَ الْبَكْرَةِ يُسْتَقَى بِهَا عَلَى السَّانِيَةِ، وَجَمْعُ الدَّمُوك دُمُك. ودَمَك الشيءَ يَدْمُكه دَمْكاً: طَحَنَهُ. ورَحًى دَمُوك: سَرِيعَةُ الطَّحْنِ، وَرُبَّمَا قَالُوا رَحًى دَمَكْمَك أَي شَدِيدَةُ الطَّحْنِ. وَيُقَالُ: أَصابتهم دامِكة مِنْ دَوامك الدَّهْرِ أَي دَاهِيَةٌ. والدَّامِكة: الدَّاهِيَةُ. وَشَهْرٌ دَمِيك: تَامٌّ كدَكيك؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. وَيُقَالُ: أَقمت عِنْدَهُ شَهْرًا دَمِيكاً أَي شَهْرًا تَامًّا؛(10/428)
قَالَ كَعْبٌ:
دابَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ شَهْراً دَميكا
والمِدْماكُ: السافُ مِنَ الْبِنَاءِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَدُكّ مِدْماكَ الطَّوِيِّ قَدَمُهْ
يَعْنِي مَا بُنِيَ عَلَى رَأْسِ الْبِئْرِ. الأَصمعي: السافُ فِي الْبِنَاءِ كُلُّ صَفٍّ مِنَ اللبنِ، وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَهُ المِدْماك. وَرُوِيَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ بِنَاءُ الْكَعْبَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِدْماك حِجَارَةٍ ومِدْماك عِيدَانٍ مِنْ سَفِينَةٍ انْكَسَرَتْ
؛ وأَنشد الأَصمعي:
أَلَا يا ناقِضَ الميثاق ... مِدْماكاً فمِدْماكا
وَفِي حَدِيثِ إبراهيم وإِسمعيل، عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
كَانَا يَبْنِيَانِ الْبَيْتَ فَيَرْفَعَانِ كُلَّ يَوْمٍ مِدْماكاً
؛ قَالَ: الصَّفُّ مِنَ اللبنِ أَو الْحِجَارَةِ فِي الْبِنَاءِ عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ مِدماك، وَعِنْدَ أَهل العِراق سافٌ، وَهُوَ مِنَ الدَّمْك التَّوْثِيقُ، والمِدْماك خَيْطُ البَنَّاء والنجَّار أَيضاً. وَقَالَ شُجَاعٌ: دَمَكَت الشمسُ فِي الجَوِّ ودَلَكتْ إِذا ارْتَفَعَتْ. والدَّمُوك: اسْمُ فَرَسٍ؛ وَقَالَ:
أَنَا ابْنُ عَمْرٍو، وَهِيَ الدَّمُوكُ، ... حَمْراء فِي حارِكها سُمُوكُ،
كَأَنَّ فَاهَا قَتَبٌ مَفْكُوكُ
ودَمَك الشيءُ يَدْمُك دُموكاً أَيْ صَارَ أَملس. والمِدْمَكُ: المِطْمَلةُ، وَهُوَ مَا يُوَسَّعُ بِهِ الْخُبْزُ. وَابْنُ دُماكة: رَجُلٌ مِنْ سُودَانِ الْعَرَبِ. والدَّمَكْمَك مِنَ الرِّجَالِ والإِبل: الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَجَمْعُ الدَّمَكْمَكِ دَمامِك؛ أَنشد أَبو عَلِيٍّ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ:
رأَيتُكِ لَا تُغْنينَ عنِّي فَتْلَةً، ... إِذَا اخْتَلَفَتْ فِيَّ الهَراوى الدَّمامِكُ
وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: الْكَافُ الأُولى مِنْ دَمَكْمَك زَائِدَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهَا فَاصِلَةٌ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ، وَالْعَيْنَانِ مَتَى اجْتَمَعَتَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مَفْصُولًا بَيْنَهُمَا فَلَا يَكُونُ الْحَرْفُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا إِلَّا زَائِدًا، نَحْوَ عَثَوْثَل وعَقَنْقَل وسُلالِم وخَفَيْدَد، وَقَدْ ثَبَتَ أَن الْعَيْنَ الأُولى هِيَ الزَّائِدَةُ، فَثَبَتَ إِذًا أَن الْمِيمَ وَالْكَافَ الأُوليين هُمَا الزَّائِدَتَانِ، وأَن الْمِيمَ وَالْكَافَ الأُخريين هُمَا الأَصلان، فَاعْرِفْ ذَلِكَ. أَبو عَمْرٍو: الدَّميك الثَّلْجُ. وَيُقَالُ لزَوْرِ النَّاقَةِ دامِك؛ قَالَ الأَعشى:
وزَوْراً تَرى فِي مِرْفَقَيْه تجانُفاً ... نَبِيلًا، كَبَيْتِ الصَّيْدَنانِيِّ دامِكا
أَبو زَيْدٍ: دَمَك الرجلُ فِي مَشْيِهِ إِذَا أَسرع، ودَمَكت الإِبل ليلتها.
دملك: الدُّمْلوك: الْحَجَرُ الأَملس الْمُسْتَدِيرُ. وَحَجَرٌ مُدَمْلَك مُدَمْلَق، وَقَدْ تَدَمْلَكَ ثديُها، وَلَا يُقَالُ تَدَمْلَقَ. وَسَهْمٌ مُدَمْلَك: وَحَجَرٌ مُدَمْلَك، كِلَاهُمَا: مخَلَّق. والمُدَمْلَك: الْمَفْتُولُ الْمَعْصُوبُ. وتَدَمْلَك ثَدْيُ المرأَة: فَلَّك ونَهَد؛ وأَنشد:
لَمْ يَعْدُ ثَدْياها عنَ انْ تَفَلَّكا ... مُسْتَنْكِرانِ المَسّ، قَدْ تَدَمْلَكا
وَنَصْلٌ مُدَمْلَك: أَملس مُدَوَّرٌ، وَتَقُولُ مِنْهُ: دَمْلَكْتُ الشَّيْءَ فتَدَمْلَك. وَحَافِرٌ مُدَمْلَك: مِثْلُ مُدَمْلق ومُدمْلَج. والدُّمْلوك: الْحَجَرُ الْمُدَوَّرُ.
دنك: الدَّوْنَكانِ عَلَى لَفْظِ التَّثْنِيَةِ: مَوْضِعٍ؛ قَالَ تَمِيمُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ مُقْبِلٍ:
يَكادانِ، بَيْنَ الدوْنَكَيْنِ وأَلْوَةٍ، ... وذاتِ القَتَاد السُّمْرِ، يَنْسَلخانِ(10/429)
قَالَ الأَزهري: لَمْ أَجد فِيهِ غَيْرَ الدَّوْنكِ وَهُوَ مَوْضِعٌ ذَكَرَهُ ابْنُ مُقْبِلٍ، وأَنشد الْبَيْتَ وَرَوَى الْقَافِيَةَ يعْتلِجان؛ قَالَ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
أَدارَ سُلَيْمى بالدَّوانِيك فالعُرَف
دهك: الدَّهكُ: الطَّحْنُ وَالدَّقُّ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقَدْ رُوِيَتْ بِالرَّاءِ؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
وإنْ أُنِيخَتْ رَهْبُ أَنْضاء عُرُكْ، ... رَدَّتْ رَجيعاً بَيْنَ أَرْحاءٍ دُهُكْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ عِنْدِي جَمْعُ دَهُوك، إِمَّا مَقولة وَإِمَّا مُتَوَهِّمَةٌ، وأَرحاؤُها أَنيابها وأَسنانها، ودَهَك الشيءَ يَدْهَكُه دَهْكاً إِذَا طحنه وكسره.
دهلك: دَهْلَك: مَوْضِعٌ، أَعجمي مُعَرَّبٌ. والدَّهالِكُ: آكَامٌ سُودٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ كثيِّر عَزة:
كَأَنَّ عَدَوْليًّا زُهاءَ حُمُولها، ... غَدَتْ تَرْتَمي الدَّهْنا بِهَا والدَّهالِكُ
دَوَكَ: الدَّوْكُ: دَقُّ الشَّيْءِ وَسَحْقُهُ وَطَحْنُهُ كَمَا يَدُوك البعيرُ الشَّيْءَ بكَلْكَلهِ. وداكَ الطِّيبَ والشيءَ يَدُوكه دَوْكاً ومَداكاً أَي سَحَقَهُ. والمِدْوَكُ عَلَى مِفْعَل: حَجَرٌ يُسْحَقُ بِهِ الطِّيبُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا سَحَقْتَ بِهِ. والمَداك: حَجْرٌ يُسْحَقُ عَلَيْهِ الطِّيبُ؛ قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
يَرْقى الدَّسيعُ إِلَى هادٍ لَهُ تَلَعٌ ... فِي جؤجُؤٍ، كمَداك الطيِّب مَخْضوب
وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
إِذَا أَنْتَ باكَرْتَ المَنيئة، باكَرَتْ ... مَداكاً لَهَا مِنْ زَعْفَرَانَ وإثْمدا
والدُّوك أَيْضًا: صَلَاءَةُ الطِّيبِ؛ قَالَ الأَعشى:
وزَوْراً تَرى فِي مِرْفَقَيْهِ تَجانُفاً ... نَبِيلًا، كدُوكِ الصَّيْدَنانِيِّ، دامِكا
وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ: كَبَيْتِ الصَّيْدَنَانِيِّ، وَالصَّيْدَنَانِيُّ الملِك، ودامِكاً مُرْتَفَعًا؛ وَمَنْ جَعَلَ الصَّيْدَنَانِيَّ العطَّار قَالَ: كدُوك الصَّيْدَنَانِيِّ، وَمَعْنَى دامِك أَملس. والمَداك: الصَّلايةُ الَّتِي يُداك عَلَيْهَا الطِّيبُ دَوْكاً وَهِيَ صَلاية الْعِطْرِ. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لأُعطينَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكون تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِيمَنْ يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ
؛ قَوْلُهُ
يَدُوكون
أَيْ يَخُوضُونَ وَيَمُوجُونَ وَيَخْتَلِفُونَ فِيهِ. والدَّوْك: الِاخْتِلَاطُ. وَقَعَ الْقَوْمُ فِي دَوْكَةٍ ودُوكة وبُوح أَي وَقَعُوا فِي اخْتِلَاطٍ مِنْ أَمرهم وَخُصُومَةٍ وَشَرٍّ، وَجَمْعُ الدَّوْكةِ دِوَك ودِيَك، وَمَنْ قَالَ دُوكة قَالَ دُوك فِي الْجَمْعِ. وَبَاتُوا يَدوكون دَوْكاً إِذَا بَاتُوا فِي اخْتِلَاطٍ ودَوَران. وتَداوَك الْقَوْمُ أَي تَضَايَقُوا فِي حَرْبٍ أَو شَرٍّ. وداكَ الفرسُ الحِجْر: عَلَاهَا. وداكَ الرجلُ الْمَرْأَةَ يَدوكها دَوْكاً وباكَها بَوْكاً إِذَا جَامَعَهَا؛ وأَنشد:
فَداكَها دَوْكاً عَلَى الصِّراطِ، ... لَيْسَ كدَوْكِ زَوْجِهَا الوَطْواطِ
والدَّوْك: ضَرْبٌ مِنْ مَحَارِ الْبَحْرِ. وَرَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ أَبي الرَّبِيعِ الْبَكْرَاوِيِّ: دَاك الْقَوْمُ إِذَا مَرِضُوا. وَهُوَ فِي دُوكةٍ أَي مَرَضٍ.
دَيَكَ: الدِّيكُ: ذَكَرُ الدَّجَاجِ مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُهُ:
وزَقَّت الدِّيكُ بِصَوْتٍ زَقّا
إِنَّمَا أَنثه عَلَى إِرَادَةِ الدَّجَاجَةِ لأَن الدِّيكَ دَجَاجَةٌ أَيضاً، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَدْياك، وَالْكَثِيرُ دُيوك ودِيَكة. وأَرض مَداكَة ومَدِيكة: كَثِيرَةُ الدِّيَكةِ. والدِّيكُ مِنَ الْفَرَسِ: الْعَظْمُ الشَّاخِصُ خَلْفَ أُذنه وَهُوَ(10/430)
الخُشَشاء. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: الدِّيكُ عَظْمٌ خَلْفَ الأُذن، وَلَمْ يُخَصِّصْهُ بِفَرَسٍ وَلَا غَيْرِهِ. الْمُؤَرِّجُ: الدِّيكُ فِي كَلَامِ أَهل الْيَمَنِ الرَّجُلُ المُشْفق الرؤوم، وَمِنْهُ سُمِّيَ الدِّيكُ دِيكاً، قَالَ: والدِّيكُ الرَّبِيعُ فِي كَلَامِهِمْ. وَالدِّيكُ: الأَثافي، الْوَاحِدُ والجمع سواء.
فصل الراء
ربك: قَالَتْ غَنِيَّة الْكِلَابِيَّةُ أُم الحُمارس «3» : الربيكةُ الأَقط وَالتَّمْرُ وَالسَّمْنُ يُعْمَلُ رَخْوًا لَيْسَ كالحَيْس، وَقَالَتِ الدُّبَيْرِيَّةُ: هُوَ الدَّقِيقُ والأَقِطُ الْمَطْحُونُ ثُمَّ يُلْبَكُ بِالسَّمْنِ الْمُخْتَلِطِ بالرُّبّ، وَقِيلَ: هُوَ الرُّبُّ والأَقِطُ بِالسَّمْنِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ تَمْرًا وأَقِطاً، وَقِيلَ: هُوَ الرُّبُّ يُخْلَطُ بِدَقِيقٍ أَو سَوِيقٍ، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ يُطْبَخُ مِنْ بُرّ وَتَمْرٍ، وَقِيلَ: هُوَ تَمْرٌ يُعْجَنُ بِسَمْنٍ وأَقِطٍ فَيُؤْكَلُ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَرُبَّمَا صُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ فشُرِب شُرْبًا، والرَّبِيك لُغَةٌ فِيهِ؛ قَالَ أَبو الرُّهَيْمِ الْعَنْبَرِيُّ:
فَإِنْ تَجْزَعْ، فغيرُ مَلُومِ فِعْلٍ، ... وَإِنْ تَصْبِرْ، فَمِنْ حُبُكِ الرَّبِيكِ
وَيُضَرَبُ مَثَلًا لِلْقَوْمِ يَجْتَمِعُونَ مِنْ كُلٍّ، يُقَالُ مِنْهُ: رَبَكْتُه أَرْبُكه رَبْكاً خَلَطْتُهُ فارْتَبَكَ أَي اخْتَلَطَ. وارْتَبَك الرجلُ فِي الأَمر أَي نشِب فِيهِ وَلَمْ يَكَدْ يَتَخَلَّصُ مِنْهُ. ورَبَك الرَّبِيكةَ يَرْبُكُها رَبْكاً: عَمِلَهَا. والرَّبْكُ: إِصْلَاحُ الثَّرِيدِ. رَبَك الثَّرِيدَ يَرْبُكه رَبْكاً: أَصلحه وَخَلَطَهُ بِغَيْرِهِ. وَفِي الْمَثَلِ: غَرثانُ فارْبُكُوا لَهُ؛ وأَصل هَذَا الْمَثَلِ أَن رَجُلًا قَدِمَ مَنْ سَفَرٍ وَهُوَ جَائِعٌ، وَقَدْ وَلَدَتِ امرأَته غُلَامًا فبُشِّرَ بِهِ فَقَالَ: مَا أَصنع بِهِ، آكُلُهُ أَم أَشربه؟ فَفَطَنَتْ لَهُ امرأَته فَقَالَتْ: غَرْثانُ فارْبُكوا لَهُ، فَلَمَّا شَبع قَالَ: كَيْفَ الطَّلا وأُمُّه؟ مَعْنَى الْمَثَلِ أَي أَنه غَرْثانُ جَائِعٌ فسَوّوا لَهُ طَعَامًا يَهْجَأْ غَرَثُه، ثُمَّ بَشَّروه بِالْمَوْلُودِ. والرَّبْك: أَنْ تُلْقِيَ إِنْسَانًا فِي وَحْلٍ فَيَرْتَبِكَ فِيهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهُ وَيَنْشَبُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ: تَحَيَّرَ فِي الظُّلُمَاتِ وارْتَبكَ فِي الْهَلَكَاتِ
؛ ارْتَبَكَ فِي الأَمر إِذَا وَقَعَ فِيهِ وَنَشِبَ وَلَمْ يَتَخَلَّصْ؛ وَمِنْهُ ارْتَبَك الصيدُ فِي الحِبالة: اضْطَرَبَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: ارْتَبَكَ واللهِ الشَّيْخُ
؛ وَقِيلَ: كُلُّ خَلْطٍ رَبْكٌ. وارْتَبَكَ الأَمرُ: اخْتَلَطَ والْتَبَكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَرَجُلٌ رُبَك ورَبِيك: مُخْتَلِطٌ فِي أَمره، كِلَاهُمَا عَلَى النَّسَبِ، وارْتَبَك فِي كَلَامِهِ: تَتَعْتَعَ، وَرَمَاهُ برَبِيكةٍ أَي بأَمر ارْتَبَك عَلَيْهِ. ورَبَك الرجلُ وارْتَبَك إِذَا اخْتَلَطَ عَلَيْهِ أَمره. وَرَجُلُ رَبِكٌ: ضَعِيفُ الْحِيلَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي أُمامة فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: أَنهم يَرْكَبُونَ الميَاثر على النوق الرُّبْك عَلَيْهَا الحَشايا
؛ قَالَ شَمِرٌ: الرُّبْك والرُّمْك وَاحِدٌ، وَالْمِيمُ أَعْرَفُ. والأَرْمك والأَرْبك مِنَ الإِبل، أَسود وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُشْرَبٌ كُدْرةً، وَهُوَ شَدِيدُ سَوَادِ الأُذنين والدُّفُوف، وَمَا عَدَا أُذني الأَرْمَكِ ودُفوفه مُشْرَبٌ كدرةً.
رتك: الأَصمعي: الراتِكةُ مِنَ النُّوقِ الَّتِي تَمْشِي وَكَأَنَّ بِرِجْلَيْهَا قَيْداً وَتَضْرِبُ بِيَدَيْهَا. ورَتَكانُ الْبَعِيرِ: مُقَارَبَةُ خَطْوِهِ فِي رَمَلانِهِ، لَا يُقَالُ إِلَّا لِلْبَعِيرِ. وَقَدْ رَتَك يَرْتُك رتْكاً ورَتَكاناً. ورَتَكَت الإِبل ترْتِك رَتْكاً ورَتَكاً ورَتَكاناً: وَهِيَ مِشْيَةٌ فِيهَا اهْتِزَازٌ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الإِبل، وَهِيَ فِي الإِبل أَكْثَرُ. ورَتَكَ البعيرُ وأَرْتَكْتُه أَنا إرْتاكاً إِذَا حَمَلْتَهُ عَلَى السَّيْرِ السَّرِيعِ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلة: يُرْتِكان بَعِيرَيْهِمَا
أَيْ يَحْمِلَانِهِمَا عَلَى السير السريع. ويقال:
__________
(3) . قوله [الكلابية أم الحمارس] كذا بالأَصل وشرح القاموس هنا، وفي متن القاموس: وأم الحمارس البكرية معروفة.(10/431)
أَرْتَكْتُ الضحِكَ وأَرْتَأْتُه إِذا ضحِكتَ ضَحِكاً فِي فُتور.
ردك: غُلَامٌ رَوْدَك: نَاعِمٌ. وَجَارِيَةٌ روْدَكةٌ ومُرَوْدَكة: حَسْنَاءُ، فِي عُنْفَوانِ شَبَابِهِمَا، وَشَبَابٌ رَوْدَك؛ قَالَ:
جَارِيَةٌ شَبَّتْ شَبَابًا رَوْدَكا، ... لَمْ يَعْدُ ثَدْيا نحْرِها أَنْ فَلَّكا
وَقِيلَ: المُرَوْدَكة مِنَ النِّسَاءِ الْحَسَنَةُ الْخَلْقِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: خُلُق مُرَوْدَكٌ وخَلْق مُرَوْدَك كِلَاهُمَا حَسَنٌ. وَرَجُلٌ مُرَوْدَك وامرأَة مُرَوْدَكة أَي حَسَنَةٌ. قَالَ الأَزهري: ومَرَوْدَك إِنْ جَعَلْتَ الْمِيمَ أَصْلِيَّةً فَهُوَ فَعَوْلَل، وَإِنْ كَانَتِ الْمِيمُ غَيْرَ أَصلية فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ لَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ نَظِيرًا، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ مَرْدَك فِي الأَسماء وَمَا أَراه عَرَبِيًّا صَحِيحًا. وعَوْد مُرَوْدِك: كَثِيرُ اللَّحْمِ ثَقِيلٌ، وَقِيلَ: مُرَوْدَك، بِفَتْحِ الدَّالِّ، وَقَالَ كُرَاعٌ وَابْنُ الأَعرابي: إِنَّمَا هُوَ مَرَوْدَك، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالدَّالِ جَمِيعًا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ رباعيّاً.
رشك: الرِّشك: اسْمُ رَجُلٍ كَانَ عَالِمًا بِالْحِسَابِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: اسْمُ رَجُلٍ كَانَ يُقَالُ لَهُ يَزِيد الرِّشْك، وَكَانَ أَحسب أَهل زَمَانِهِ وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِذَا سُئِلَ عَنْ حِسَابِ فَرِيضَةٍ قَالَ: عَلَيْنَا بَيَانُ السِّهام، وَعَلَى يَزِيد الرِّشْك الْحِسَابُ، قَالَ الأَزهري: مَا أَدْرِي الرِّشْكَ عَرَبِيًّا وأَراه لَقَبًا، قَالَ: وَلَا أَصل لَهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ عَلِمته.
رضك: أَرْضَك عَيْنَيْهِ: غَمَّضهما وَفَتَحَهُمَا؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
كَمَا مِنْ دِراكٍ فاعلمنَّ لنادمٍ، ... وأَرْضَكَ عَيْنَيْهِ الحمارُ وَصَفَّقا
ركك: الرَّكِيكُ والرُّكاكةُ والأَرَكّ مِنَ الرِّجَالِ: الفَسْل الضَّعِيفُ فِي عَقْلِهِ ورأْيه، وَقِيلَ: الرَّكِيكُ الضَّعِيفُ فَلَمْ يُقَيِّدْ، وَقِيلَ: الَّذِي لَا يَغار وَلَا يَهابُه أهلُه، وَكُلُّهُ مِنَ الضَّعْفِ. وامرأَة رُكاكةً وركِيكة، وَجَمْعُهَا رِكَاكٌ، وَقَدْ رَكّ يَرِكّ رَكاكةً. واسْتَرَكَّه: اسْتَضْعَفَهُ. ورَكَّ عقلُه ورأيُه وارْتَكَّ: نَقَصَ وَضَعُفَ. والمُرْتَكّ: الَّذِي تَراه بَلِيغًا وَحْدَهُ، فَإِذَا وَقَعَ فِي خُصُومَةٍ عَيِيَ، وَقَدِ ارْتَكّ. وَسَكْرَانُ مُرْتَكّ إِذَا لَمْ يُبَيِّنْ كَلَامَهُ. والرَّكْرَكةُ: الضَّعْفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. ورَكّ الشيءُ أَي رَقَّ وَضَعُفَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: اقطعْه مِنْ حَيْثُ رَكّ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: مِنْ حَيْثُ رَقّ؛ وَثَوْبٌ رَكِيكُ النَّسْجِ. وَيُقَالُ: رَكّ الرَّجُلُ المرأَة يرُكّها وبَكّها بَكّاً ودَكّها دَكّاً إِذَا جَهَدَهَا فِي الْجِمَاعِ؛ قَالَتْ خِرْنِق بِنْتُ عَبْعَبَة تَهْجُو عَبْدَ عَمْرِو بْنَ بِشْرٍ:
أَلَا ثكِلَتْكَ أُمُّكَ عَبْدَ عَمْرٍو، ... أَبا الخزياتِ، آخَيْتَ المُلوكا
هُمُ رَكُّوكَ للورِكَيْنِ رَكّاً، ... وَلَوْ سَأَلوك أَعطيتَ البُرُوكا
أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ رَكِيكٌ ورُكاكة إِذَا كَانَ النِّسَاءُ يستضعفنهُ فَلَا يَهَبْنَه وَلَا يَغار عَلَيْهِنَّ، واسْتَرْكَكْتُه إِذَا اسْتَضْعَفْتَهُ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ أَحوال النَّاسِ:
تَرَاهم يَغْمِزُون مَنِ اسْتَرَكّوا، ... ويَجْتَنبون مَنْ صَدَقَ المِصاعا
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لَعَنَ الرُّكاكةَ
، وَهُوَ الدَّيّوث الَّذِي لَا يغَار عَلَى أَهله، سَمَّاهُ رُكاكةً عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِهِ بالرَّكاكة وَهُوَ الضَّعْفُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ السُّلْطَانَ الرُّكاكةَ
أَي الضَّعِيفَ. وَوَرَدَ:(10/432)
إِنَّهُ يُبْغِضُ الولاةَ الرَّكَكَة
؛ هُوَ جَمْعُ رَكِيكٍ مِثْلُ ضَعِيف وضَعَفة. والرِّكُّ والرَّكُّ: الْمَطَرُ الْقَلِيلُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَطَرٌ ضَعِيفٌ، وَقِيلَ: هُوَ فَوْقَ الرَّشِّ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَول الْمَطَرِ الرَّشّ ثُمَّ الطَّشّ ثُمَّ البَغْش ثُمَّ الرِّك، بِالْكَسْرِ، وَالْجَمْعُ أَرْكاك ورِكاك؛ وَجَمَعَهُ الشَّاعِرُ رَكائك فَقَالَ:
توَضَّحْنَ فِي قَرْنِ الغَزالةِ، بعد ما ... تَرَشَّفْن ذَرَّاتِ الذِّهاب الرَّكائِكِ
والرَّكِيكةُ مِنَ الْمَطَرِ: كالرَّكّ. وَقَدْ أَرَكَّت السَّمَاءُ أَي جَاءَتْ بِالرَّكِّ؛ ورَكَّكَت السَّحَابَةُ، وأَرض مُرَكٌّ عَلَيْهَا ورَكيكة. ابْنُ الأَعرابي. قِيلَ لأَعرابي ما مَطَرَة أرضِك؟ فَقَالَ: مركِّكَةٌ فِيهَا ضُرُوسٌ وثَرْد يَذُرُّ بَقْلُه وَلَا يُقَرِّحُ، قَالَ: والثَّرْدُ الْمَطَرُ الضَّعِيفُ. اللَّيْثُ: الرَّكاكةُ مَصْدَرُ الرَّكيكِ وَهُوَ الْقَلِيلُ. اللِّحْيَانِيُّ: أَرَكّت الأَرض تُرِكّ فَهِيَ مُرِكَّة وأُرِكَّتْ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَهِيَ مُرَكَّة إِذَا أَصابها الرِّكاكُ مِنَ الأَمطار. ابْنُ شُمَيْلٍ: الرِّكّ الْمَكَانُ المضْعُوف الَّذِي لَمْ يُمْطَرْ إِلَّا قَلِيلًا. يُقَالُ: أَرض رِكّ لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ إِلَّا ضَعِيفٌ. وَمَطَرٌ رِكّ: قَلِيلٌ ضَعِيفٌ. وأَرض مُرَكَّكة ورَكِيكة: أَصابها رِكّ وَمَا بِهَا مَرْتَعٌ إِلَّا قَلِيلٌ. قَالَ شَمِرٌ: وَكُلُّ شَيْءٍ قَلِيلٍ دَقِيقٍ مِنْ مَاءٍ وَنَبْتٍ وَعِلْمٍ، فَهُوَ رَكيك. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الْمُسْلِمِينَ أَصابهم يَوْمَ حُنين رِكّ مِنْ مَطَرٍ
؛ هُوَ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، الْمَطَرُ الضَّعِيفُ. وَرَجُلٌ رَكيك الْعِلْمِ: قَلِيلُهُ. ورَكيك الْعَقْلِ: قَلِيلُهُ؛ وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ ابْنُ الأَعرابي:
وَقَدْ جَعَل الرِّكُّ الضعيفُ يُسِيلني ... إِليك، ويُشْريكَ القليلُ فتَغْلَقُ
مَعْنَاهُ: أَنه إِذَا أَتاك عَنِّي شَيْءٌ قَلِيلٌ غَضِبْتَ، وأَنا كَذَلِكَ، فَمَتَى نَتَّفِقُ؟ ورَكَّ الأَمرَ يَرُكُّه رَكّاً: رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. ورَكَكْتُ الشَّيْءِ بعضَه عَلَى بعضٍ إِذَا طَرَحْتَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
فنَجِّنا مِنْ حَبْس حاجاتٍ ورَكّ، ... فالذُّخْرُ مِنْهَا عِنْدَنَا، والأَجْرُ لَكْ
والرَّكْراكةُ: المرأَة الْكَبِيرَةُ الْعَجُزِ وَالْفَخِذَيْنِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: شحمةُ الرُّكَّى، عَلَى فُعْلى، وَهُوَ الَّذِي يَذُوبُ سَرِيعًا، يُضْرَبُ لِمَنْ لَا يُعِينُك فِي الْحَاجَاتِ. وَسِقَاءٌ مَرْكوك: قَدْ عُولِج وأُصْلِح. والرَّكَّاءُ: الصَّيْحَةُ الَّتِي تُجيبك مِنَ الْجَبَلِ كأَنها تَرُدُّ عَلَيْكَ صَوْتَكَ وَتُحَاكِي مَا بِهِ نطقتَ. والرَّكّ: إلزامُك الإِنسانَ الشَّيْءَ، تَقُولُ: رَكَكْتُ الْحَقَّ فِي عُنُقِهِ، ورَكَّ هَذَا الأَمرَ فِي عُنُقِهِ يَرُكُّه رَكّاً. ورَكَّ الأَغلالَ فِي أَعناقهم: أَلزمها إِيَّاهَا. ورَكَّت الأَغلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ. ورَكَكْت الغُلَّ فِي عُنُقِهِ أَرُكُّه رَكّاً إِذَا غَلَلْتَ يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ. ورَكَكْتُ الذَّنْب فِي عُنُقِهِ إذا أَلزمته إياها. ورَكّ الشيءَ بِيَدِهِ، فَهُوَ مَرْكوك ورَكِيكٌ: غَمَزَهُ لِيَعْرِفَ حَجْمَهُ. وَمَرَّ يَرْتَكُّ أَي يَرْتَجُّ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنه بَدَلٌ. ابْنُ الأَعرابي: ائتَزَرَ فُلَانٌ إزْرَة عَكَّ وَكَّ، وَهُوَ أَن يُسْبِلَ طَرَفَيْ إِزَارِهِ؛ وأَنشد:
إِنْ زُرْتَه تَجِدْهُ عَكَّ وَكَّا ... مِشْيَتُه فِي الدَّارِ هاكَ رَكّا
قَالَ: هاكَ رَكّ حِكَايَةٌ لِتَبَخْتُرِهِ؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
إزْرَته تَجِدْهُ عَكّ وَكّا
قَالَ: وَكَذَا أَنشده الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَكَكَ؛ وَهَذَا الرَّجَزُ ذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَماليه:
إِنْ زُرْتَهُ تَجِدْهُ عَكَّ بَكّا(10/433)
وَرَوَى فِيهِ: إِنْ زُرْتَهُ أَيضاً، وَقَالَ: العَكُّ الصَّلْبُ والبَك دَقُّ الْعُنُقِ. ورَكَكٌ: مَاءٌ؛ وَزَعَمَ الأَصمعي أَنه رَكّ وأَن زُهَيْرًا لَمْ تَسْتَقِمْ لَهُ الْقَافِيَةُ بِرَكٍ فَقَالَ رَكَك حِينَ قَالَ:
ثُمَّ اسْتَمرُّوا وَقَالُوا: إنَّ مَوْعِدَكُم ... ماءٌ بشَرْقِيِّ سَلْمى، فَيْدُ أَو رَكَكُ
فأَظهر التَّضْعِيفَ ضَرُورَةً. وَقَالَ مَرَّةً: سأَلت أَعرابيّاً عَنْ رَكَكٍ مِنْ قَوْلِهِ فَيْدُ أَو رَكَكُ فَقَالَ: بَلَى قَدْ كَانَ هُنَالِكَ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ رَكّ. ابْنُ الأَعرابي. كَرْكَرَ إِذَا انْهَزَمَ، ورَكْرَكَ إِذَا جَبُنَ، وَاللَّهُ أَعلم.
رمك: الرَّمَكَة: الْفَرَسُ والبِرْذَوْنةُ الَّتِي تُتَّخَذُ لِلنَّسْلِ، مُعَرَّبٌ، وَالْجَمْعُ رَمَكٌ، وأَرْماك جَمْعُ الْجَمْعِ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّمَكة الأُنثى مِنَ الْبَرَاذِينِ، وَالْجَمْعُ رِماك ورَمَكات وأَرْماك، عَنِ الْفَرَّاءِ، مِثْلُ ثِمار وأَثمار، وأَما قَوْلُ رُؤْبَةَ:
لَا تَعْدِلِينِي بالرُّذالاتِ الحَمَكْ، ... وَلَا شَظٍ فَدْمٍ وَلَا عَبْد فَلِكْ،
يَرْبِض فِي الرَّوْثِ كبِرْذَوْن الرَّمَكْ
فإِن أَبا عَمْرٍو قَالَ: الرَّمَك فِي بَيْتِ رُؤْبَةَ أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ رَمَهْ، قَالَ: وَقَوْلُ النَّاسِ رَمَكَة خَطَأٌ. أَبو زَيْدٍ: رَمَكَ الرَّجُلُ إِذا أَوْطَنَ الْبَلَدَ فَلَمْ يَبْرَحْ، ورَمَكْتُ فِي الْمَكَانِ وأَرْمَكْتُ غَيْرِي. ابْنُ الأَعرابي: رَمَكَ ودَمَك بِالْمَكَانِ ومَكد إِذا أَقام فِيهِ. ابْنُ سِيدَهْ: الرَّامِكُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، الْمُقِيمُ فِي الْمَكَانِ لَا يَبْرَحُ، مَجْهُودًا كَانَ أَو غَيْرَ مَجْهُودٍ، وَخَصَّ بِهِ بَعْضُهُمُ الْمَجْهُودَ، رَمَك بِالْمَكَانِ يَرْمُك رُموكاً: أَقام بِهِ، وأَرْمكه غَيْرُهُ. ورَمَكَت الإِبل تَرْمُكُ رُموكاً: حُبِسَتْ عَلَى الْمَاءِ واخْتُلِيَ لَهَا فَعُلِفَتْ عَلَيْهِ، وأَرْمَكها رَاعِيهَا. ورَمَك فِي الطَّعَامِ يَرْمُكُ رُموكاً ورَجَن فِيهِ يَرْجُن رُجوناً إِذا لَمْ يَعَفْ مِنْهُ شَيْئًا. والرَّامِكُ، بِالْكَسْرِ: الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّاسُ الرامَك وَهُوَ شَيْءٌ يَصِيرُ فِي الطِّيبِ. ابْنُ سِيدَهْ: والرامِكُ والرامَكُ، وَالْكَسْرُ أَعلى، شَيْءٌ أَسود كَالْقَارِ يُخْلَطُ بِالْمِسْكِ فَيُجْعَلَ سُكًّا، قَالَ:
إِن لَكَ الفَضْلَ عَلَى صُحْبتي، ... والمِسْك قَدْ يسْتَصْحبُ الرَّامِكا
غَيْرُهُ: الرامِكُ تَتَضيَّق بِهِ المرأَة. والرُّمْكة: لَوْنُ الرَّمَادِ وَهِيَ وُرْقة فِي سَوَادٍ، وَقِيلَ: الرُّمْكة دُونَ الوُرْقة، وَقِيلَ: الرُّمْكة فِي أَلوان الإِبل حُمْرَةٌ يخلِطها سَوَادٌ، عَنْ كُرَاعٍ. الأَصمعي: إِذا اشْتَدَّتْ كُمْتَةُ الْبَعِيرِ حَتَّى يَدْخُلَهَا سَوَادٌ فَتِلْكَ الرُّمْكة، وَكُلُّ لَوْنٍ يُخَالِطُ غُبرته سَوَادٌ، فَهُوَ أَرْمَك، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَالْخَيْلُ تَجْتابُ الغُبار الأَرْمَكا
وَقَدِ ارْمَكَّ البعيرُ ارْمِكاكاً وَهُوَ أَرْمَكُ، وَرُبَّمَا اسْتُعِيرَ ذَلِكَ للمرأَة. قَالَ ثَعْلَبٌ: قِيلَ لامرأَة أَيُّ النساءِ أَحب إِليك؟ قَالَتْ: بَيْضَاءُ وَسِيمة أَو رَمْكاء جَسِيمة، هَؤُلَاءِ أُمهات الرِّجَالِ. الْجَوْهَرِيُّ: والرُّمْكة مِنْ أَلوان الإِبل، يقال: جَمَلٌ أَرْمَكُ وَنَاقَةٌ رَمْكاءُ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: وأَنا عَلَى جَمَلٍ أَرْمَكَ
، هُوَ الَّذِي فِي لَوْنِهِ كُدُورةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اسْمُ الأَرض الْعَلْيَاءِ الرَّمْكاءُ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ تأْنيث الأَرْمَكِ، قَالَ: وَمِنْهُ الرَّامِكُ وَهُوَ شَيْءٌ أَسود يُخْلَطُ بِالطِّيبِ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَجُرُّ مِن عَفَائه حَبِيَّا، ... جَرَّ الأَسِيفِ الرُّمُكَ المَرْعِيَّا
كَذَا رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا هُوَ إِلا أَن يَكُونَ جَرَّ الأَسيفِ الرَّمَك، فأَما(10/434)
إِذا قَالَ الرُّمُكَ بِضَمَّتَيْنِ فإِنه لَا يَقُولُ إِلا الْمَرْعِيَّةَ لأَن الرُّمُك بِضَمَّتَيْنِ جَمْعٌ مكَسر. ابْنُ الأَعرابي: قَالَ حَنِيفُ الحَناتم، وَكَانَ مِنْ آبَلِ الْعَرَبِ: الرَّمْكاءُ مِنَ النُّوقِ بُهْيَا، والحَمْراء صُبْرى، والخَوَّارة غُزْرَى، والصَّهْباء سُرْعَى، يَعْنِي أَنها أَبْهَى وأَصْبر وأَغْزر وأَسْرع. والأَرْمَكُ مِنَ الإِبل: أَسود وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُشْرَبٌ كُدْرة، وَهُوَ شَدِيدُ سَوَادِ الأُذنين والدُّفوف، وَمَا عَدَا أُذني الأَرْمَك ودُفُوفه مشرب كدرة. والرَّمَكان واليَرْمُوك: مَوْضِعَانِ. الْجَوْهَرِيُّ: يَرْمُوك مَوْضِعٌ بِنَاحِيَةِ الشَّامِ، وَمِنْهُ يَوْمُ اليَرْمُوك كَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالرُّومِ فِي زَمَنِ عمر بن الخطاب.
رنك: الرَّانِكِيَّةُ: نِسْبَةٌ إِلى الرَّانِكِ، «4» وَقَالَ الأَزهري: لَا أَعرف الرَّانِكَ.
رهك: رَهَكه يَرْهَكه رَهْكاً: جَشَّهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. والرَّهْكة: الضَّعْفُ. يُقَالُ: أَرى فِيهِ رَهْكةً أَي ضَعْفًا. وَرَجُلٌ رُهَكَةٌ ورَهَكَةٌ: ضَعِيفٌ لَا خَيْرَ فِيهِ. وَنَاقَةٌ رَهَكة: ضَعِيفَةٌ لَيْسَتْ بِنَجِيبَةٍ. والارْتِهَاكُ: اسْتِرْخَاءُ الْمَفَاصِلِ فِي الْمَشْيِ؛ قَالَ:
حُيِّيتِ مِنْ هِرْكَوْلة ضِنَاكِ، ... قَامَتْ تَهُزّ الْمَشْيَ فِي ارْتِهاكِ
الارْتِهاك: الضَّعْفُ فِي الْمَشْيِ؛ وَفُلَانٌ يَرْتَهك فِي مِشْيَتِهِ وَيَمْشِي فِي ارْتِهَاكٍ. والرَّهْوَكةُ: كالارْتِهاكِ. والتَّرَهْوُك: مشيُ الَّذِي كَأَنَّهُ يَمُوجُ فِي مِشْيَتِهِ، وَقَدْ ترَهْوَك. وَيُقَالُ: مرَّ الرَّجُلُ يَتَرَهْوَكُ كَأَنَّهُ يَمُوجُ فِي مِشْيَتِهِ، وَفِي حَدِيثِ الْمُتَشَاحِنَيْنِ:
ارْهَكْ هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَيْ كَلِّفْهما وأَلزِمْهما
، مِنْ رَهَكْتُ الدَّابَّةَ إِذَا حَمَلْتَ عَلَيْهَا فِي السَّيْرِ وَجَهَدْتَهَا. وَفِي النَّوَادِرِ: أَرض رَهَكَة وهَيْلَة وهيْلاء وهارَةٌ وهَوْرةٌ وهَمِرَة وهَكَّة إِذَا كَانَتْ لِينَةً خَبَاراً.
ريك: الرِّيَكَتَانِ مِنَ الْفَرَسِ: زَنَمتان خَارِجَةٌ أَطرافهما عَنْ طَرَفِ الكَتَد، وأُصولهما مُثَبَّتَةٌ فِي أَعلى الكَتَد، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رِيَكَة، حُكِيَ عن كراع وحده.
فصل الزاي
زحك: ابْنُ سِيدَهْ: زَحَك زَحْكاً كزَحَف؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ الأَزهري: زَحَك فُلَانٌ عَنِّي وزَحَل إِذَا تَنَحَّى؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنَّه، إذْ عادَ فِيهَا وزَحَك، ... حُمَّى قَطِيفِ الْخَطِّ، أَو حُمَّى فَدَكْ
كَأَنَّهُ يَعْنِي الهَمَّ إِذْ عَادَ إِلَيَّ أَو زَحَكَ أَي تَنَحَّى عَنِّي. وزَحَك بِالْمَكَانِ: أَقام؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والزَّحْك: الدُّنُوُّ. وتَزَاحَكَ القومُ: تدانَوْا، وَقِيلَ تَبَاعَدُوا، كأَنه ضِدٌّ. وأَزْحَفَ الرجل وأَزْحَكَ إِذَا أَعْيَتْ دَابَّتُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: زَحَك بَعِيرُهُ أَيْ أَعيا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كُثَيِّرٍ:
وَهَلْ تَرَيَنِّي بَعْدَ أَن تُنْزَعَ البُرَى، ... وَقَدْ أُبْنَ أَنْضَاءً، وهُنَّ زَوَاحِكُ؟
وَقَوْلُهُ أَيْضًا:
فَأُبْنَ، وَمَا مِنْهُنَّ مِنْ ذاتِ نَجْدةٍ، ... وَلَوْ بَلَغَتْ إِلَّا تُرَى وَهِيَ زَاحِكُ
زحلك: الزُّحْلُوكة: المَزَلَّةُ كالزُحْلُوقة. والتَّزَحْلُك: كالتَّزَحْلُقِ، وَهِيَ الزَّحَاليكُ، والزَّحاليقُ والزَّحَاليف والزَّحاليل وَاحِدَةٌ.
زحمك: الزُّحْمُوك: الكَشُوثَا، وَجَمْعُهُ زَحامِيك.
__________
(4) . 1 قوله" نسبة إلى الرانك" كصاحب: حي.(10/435)
زرنك: الزُّرْنُوك: الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقْبِضُ عَلَيْهَا الطَّاحِنُ إِذَا أَدار الرَّحى؛ وأَنشد:
وكأَنّ رُمْحَكَ، إِذْ طعنتَ بِهِ العِدَى، ... زُرْنُوكُ خادِمةٍ تَسوُق حِمارا
زعك: الأَزْعَكِيّ: الْقَصِيرُ اللَّئِيمُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَلَى كُلِّ كَهْلٍ أَزْعَكِيّ ويافعٍ، ... مِنَ اللُّؤْمِ، سرْبالٌ جديدُ البَنَائق
وَقِيلَ: هُوَ المُسِنّ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّاوِي. وَرَجُلٌ زُعْكُوك: قَصِيرٌ مُجْتَمِعُ الْخَلْقِ. والزُّعْكوك مِنَ الإِبل: السَّمين، وَالْجَمْعُ زَعَاكِيك؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
زَعَاكِيك، لَا إنْ يَعْجَلُون لصَنْعةٍ، ... إِذَا عَلِقَتْهم بالقُنِيّ الحَبائلُ
وزَعَاكك أَيضاً؛ وأَنشد القَنَانيُّ:
تسْتَنّ أَولادٌ لَهَا زَعاكِكُ
زكك: المَشْيُ الزَّكِيكُ: المُقَرْمَطُ. زَكَّ الرَّجُلُ يَزُكّ «1» زَكًّا وزَكَكاً وزَكِيكاً: مرَّ يُقَارِبُ خَطْوَهُ مِنْ ضَعْفٍ، وَكَذَلِكَ الْفَرْخُ؛ قَالَ عُمَرَ بْنِ لَجإ:
فَهُوَ يَزُكّ دَائِمَ التَّزَغُّمِ، ... مِثْلَ زَكِيكِ النَّاهِضِ المُحَمِّم
والتَّزَغُّم: التَّغَضُّبُ. وزَكْزَك: كَزكَّ، وَقِيلَ: الزَّكْزَكة أَن يُقَارِبَ الرَّجُلُ خَطْوُهُ مَعَ تَحْرِيكِ الْجَسَدِ. أَبو عَمْرٍو: الزَّكيكُ مَشْيُ الْفِرَاخِ. والزَّوْكُ: مَشْيُ الْغُرَابِ. الأَصمعي: الزَّكِيكُ أَن يُقَارِبَ الْخَطْوَ وَيُسْرِعَ الرَّفْعَ وَالْوَضْعَ. وَيُقَالُ: زَكَّت الدُّرَّاجَةُ كَمَا يُقَالُ زافَت الحمامةُ. أَبو زَيْدٍ: زَكْزَكَ زَكْزَكة وزَوْزَى زَوْزَاةً ووزْوَزَ وَزْوَزَةً وزَاك يَزُوك زَيْكاً كُلُّهُ مَشْيٌ مُتَقَارِبُ الْخَطْوِ مَعَ حَرَكَةِ الْجَسَدِ. وزُكُّ الْفَاخِتَةِ: فرخُها. والزَّكّ: الْمَهْزُولُ؛ قَالَ مَنْظُورُ بْنُ مَرْثَدٍ الأَسدي:
يَا حَبَّذَا جاريةٌ مِنْ عَكِّ ... تُعَقِّد المِرْط عَلَى مِدَكِ
مثلِ كثِيب الرَّمْلِ غَيْرِ زَكِّ، ... كأَن بَيْنَ فَكِّها والفَكّ
فَأْرة مِسْكٍ ذُبِحَتْ فِي سُكّ
ابْنُ الأَعرابي: زُكَّ إِذَا هَرِم، وزُكَّ إِذَا ضَعُفَ مِنْ مَرَضٍ. وَيُقَالُ: أَخذ فُلَانٌ زِكَّتَهُ أَي سِلاحه، وَقَدْ تزَكَّكَ تَزَكُّكاً إِذَا أَخذ عُدَّتَهُ. وَفِي النَّوَادِرِ: رَجُلٌ مُضِدّ ومُزِكّ ومُغِدّ أَيْ غَضْبَانُ. وَفُلَانٌ مِزَكّ وزَاكّ ومِشَكّ، وَهُوَ فِي زِكَّتِهِ وشِكَّتِهِ أَيْ فِي سِلاحه. وَرَجُلٌ زُكَازِكٌ أَيْ دَمِيم قليل.
زمك: الزَّمَكُ: إِدْخَالُ الشَّيْءِ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ. والزِّمِكَّى والزِّمِجَّى: أَصل ذَنَب الطَّائِرِ، وَقِيلَ: هُوَ مَنْبَتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ ذَنَبُهُ كُلُّهُ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: سُمِّيَ الذَّنَبُ نَفْسُهُ إِذَا قُصّ زِمِكّى. والزَّمَكَةُ: السَّرِيعُ الْغَضَبِ. وَقَدِ ازْمَأَكّ فُلَانٌ يَزْمَئِكّ إِذَا اشتدَّ غَضَبُهُ، وَقِيلَ: المُزمَئِكّ الغضبانُ كَانَ سَرِيعَ الْغَضَبِ أَو بَطيئه. وازْمَأَكّ الشَّيْءُ: لُغَةٌ فِي اصْمَأَكّ. ابْنُ الأَعرابي: زَمَكْتُ القرْبة وزَمَجْتها إذا ملأْتها.
زنك: الزَّنَكتانِ مِنَ الكَتَد: زَنَمَتَانِ خَارِجَتَا الأَطراف عَنْ طَرَفِهَا، وأَصلاهما ثَابِتَانِ فِي أَعلى الكَتَد وَهُمَا زَائِدَتَاهَا. والزَّوَنَّكُ مِنَ الرِّجَالِ: الْقَصِيرُ اللَّحِيمُ الحَيَّاك فِي مِشْيَته. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الْمُخْتَالُ فِي مِشْيته الرَّافِعُ نَفْسَهُ فَوْقَ قَدْرِهَا، النَّاظِرُ فِي عِطْفَيْه الرَّائِي أَنَّ عِنْدَهُ خَيْرًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ ذلك؛ وأَنشد:
__________
(1) . قوله [زك الرجل يزك] كذا بضبط الأَصل بضم عين المضارع، وفي القاموس مضبوط بكسرها على القياس في اللازم المضاعف.(10/436)
تَرْكَ النساءَ العاجِزَ الزَّوَنَّكا
وَرَجُلٌ زَوَنَّكٌ إِذَا كَانَ غَلِيظًا إِلَى القِصَر مَا هُوَ؛ قَالَ مَنْظُورٌ الدُّبَيْري:
وبعلُها زَوَنَّك زَوَنْزَى، ... يَخْضِفُ، إِن فُزِّعَ، بالضَّبَغْطَى
وَيُرْوَى: بَلْ زَوْجُها. وَيُرْوَى: زَوَنْزَكٌ وزَوَنَّك، وَيُرْوَى: زَوَنْكى وزَوَنْزَى، ويَخْضِفُ ويَفْرَقُ، وَيُرْوَى: بالضَّبَغْطَى أَيضاً، بِالْغَيْنِ وَالْعَيْنِ، كلٌّ يُرْوَى فِي هَذَا الْبَيْتِ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الأَلفاظ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ. ابْنُ الأَعرابي: الزَّوَنْزُى ذُو الأُبَّهَةِ والكِبْر. الْجَوْهَرِيُّ: والزَّوَنَّكُ الْقَصِيرُ الدَّمِيمُ، وَرُبَّمَا قَالُوا الزَّوَنْزَكُ؛ قَالَتِ امرأَة تَرْثِي زَوْجَهَا:
ولَسْتَ بوَكْوَاكٍ وَلَا بزَوَنَّكٍ، ... مَكَانَكَ حَتَّى يَبْعَثَ الخلقَ باعثُهْ
وَيُرْوَى: وَلَا بزوَنْزَكٍ. ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الزُّبَيْدِي زَوَنَّك وَزْنُهُ فَعَنَّلٌ، وصرَّف لَهُ يَعْقُوبُ فِعْلًا فَقَالَ: زَاكَ يَزُوك زَوْكاً وزَوَكَاناً، قَالَ: وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ الزَّوْك مِشْيَةُ الْغُرَابِ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
أَجْمَعْتُ أَنك أَنْتَ ألأَمُ مَنْ مَشَى ... فِي فُحْشِ زانيةٍ، وزَوْكِ غُرابِ
وَمِنْهُ زَوَنَّكٌ وَهُوَ الْقَصِيرُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَوَزْنُهُ عِنْدَهُ فَعَنَّلٌ؛ قَالَ الزُّبَيْدِيُّ: لأَنه جَعَلَهُ مِنْ زَاكَ يَزُوكُ إِذَا قَارَبَ خَطْوَه وحَرَّك جسدَه، قَالَ: فَعَلَى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ زَوَكَ لَا فَصْلِ زَنَكَ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ فعَلَّلًا لأَنه لَا يَكُونُ الْوَاوُ أَصلًا فِي بَنَاتِ الأَربعة فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا فَعَنَّلٌ، وَيُقَوِّي قَوْلَ الْجَوْهَرِيِّ إِنَّهُ مِنْ زَنَكَ قَوْلُهُمْ زَوَنْزَكٌ لُغَةٌ أُخْرَى عَلَى فَوَعْلَلٍ مِثْلَ كَوَألَلٍ، فَالنُّونُ عَلَى هَذَا أَصل وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، فَوَزْنُ زَوَنَّك عَلَى هَذَا فوعَّلٌ، وَيُقَوِّي قَوْلَ ابْنِ السِّكِّيتِ قَوْلُهُمْ زَوَنْكَى لُغَةٌ ثَالِثَةٌ، وَوَزْنُهَا فَعَنْلى، وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ: زَوَنَّك فَوَنْعَل، الْوَاوُ زَائِدَةٌ لأَنها لَا تكون زائدة فِي بَنَاتِ الأَربعة، قَالَ: وأَما الزَّوَنْزَكُ فَهُوَ فَوَنْعَلٌ أَيضاً، وَهُوَ مِنْ بَابِ كوكَبٍ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ جِنِّي سَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ عَنْ زَوَنَّكٍ فَاسْتَقَرَّ الأَمر فِيمَا بَيْنَنَا جَمِيعًا أَنَّ الْوَاوَ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَوَزْنُهُ فَوَعَّلٌ لَا فَوَنْعَل، قُلْتُ لَهُ: فَإِنَّ أَبا زَيْدٍ قَدْ ذَكَرَ عَقِيبَ هَذَا الْحَرْفِ مِنْ كِتَابِهِ الْغَرَائِبِ زَاكَ يزُوكُ زَوْكاً وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ أَصلية، فَقَالَ: هَذَا تَفْسِيرُ الْمَعْنَى مِنْ غَيْرِ اللَّفْظِ، وَالنُّونُ مُضَاعَفَةُ حَشْوٍ فَلَا تَكُونُ زَائِدَةً، فَقُلْتُ: قَدْ حَكَى ثَعْلَبٌ شِنْقَمّ، وَقَالَ: هُوَ مِنْ شَقَم، فَقَالَ هَذَا ضَعِيفٌ، قَالَ: وَهَذَا أَيْضًا يُقَوِّي قَوْلَ الْجَوْهَرِيِّ إِنَّ الزَّوَنَّكَ مِنْ فَصْلِ زَنَكَ، وَأَمَّا الزَّوَنْزك فَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ فِيهِ إِنَّ وَزْنَهُ فَوَنْعَلٌ، وَهُوَ مِنْ بَابِ كَوْكَبٍ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا اشْتِقَاقُهُ من ززك عَلَى حَدِّ كَكَبَ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: زَوَنْزَك فَوَنْعَلٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ أَصْلًا وَالزَّايُ مُكَرَّرَةً لأَنه يَصِيرُ فَعَنْفَلًا، وَهَذَا مَا لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ دَدَنَ مِمَّا تَضَاعَفَتِ الْفَاءُ وَالْعَيْنُ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ فَثَبَتَ أَنَّهُ فَوَنْعَل وَالنُّونُ زَائِدَةٌ لأَنها ثَالِثَةٌ سَاكِنَةٌ فِيمَا زَادَ عُدَّتُهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ كَشَرنْبَثٍ وحَرَنْفشٍ، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ لأَنها لَا تَكُونُ أَصْلًا فِي بنات الأَربعة، فعلى قوله وقول أَبِي عَلِيٍّ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ ززك.
زهك: الزَّهْكُ مِثْلُ السَّهْك: وَهُوَ الجَشُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. وزَهَكَتْه الريحُ تَزْهَكُه: كَسَهكَتْه، والسين أَعلى.(10/437)
زوك: الزَّوْكُ: مَشْيُ الْغُرَابِ، وَهُوَ الخَطْوُ الْمُتَقَارِبُ فِي تَحَرُّكِ جَسَدِ الإِنسان الْمَاشِي. وزَاكَ فِي مشْيتِه يَزُوكُ زَوْكاً وزَوَكاناً: حَرَّكَ مَنكِبَيْهِ وأَلْيَتَيْه وفَرّج بَيْنَ رِجْلَيْهِ؛ قَالَ:
أَجْمَعْتُ أَنَّكَ أَنْتَ أَلأَمُ مَنْ مَشَى ... فِي زَوْكِ فَاسِيَّةٍ، وزَهْوِ غُرابِ
وزَاكَ يَزُوكُ زَوْكاً وزَوَكاناً: تَبَخْتَرَ وَاخْتَالَ، وَهُوَ الزَّوَنَّكُ. والزَّوْكُ: مِشْيَةٌ فِي تَقَارُبٍ وفَحَجٍ؛ وأَنشد:
رأيتُ رِجَالًا حِينَ يَمْشُونَ فحَّجُوا ... وزَاكُوا، وَمَا كَانُوا يَزُوكُونَ مِنْ قبلُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ وَغَيْرُهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ السِّكِّيتِ وَغَيْرِهِ فِي الزّوْك فِي زَنَكَ فَلَا حَاجَةَ لإِعادته. والزَّوَنَّكُ: الْقَصِيرُ لأَنه يَزُوكُ فِي مِشْيته، وَقِيلَ: إِنَّهُ رُبَاعِيٌّ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: زَاكَ يَزُوكُ يَدُلُّ عَلَى أَنه فَعَنَّلٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: رأَيتها مُوزكة وَقَدْ أَوْزَكَتْ وَهُوَ مَشْيٌ قَبِيحٌ مِنْ مَشْيِ الْقَصِيرَةِ؛ وأَنشد الْمُنْذِرِيُّ لأَبي حَرَامٍ:
تَزَاوَكَ مُضْطَبِئ آرِمٌ، ... إِذَا ائْتَبَّه الإِدُّ لَا يَفْطَؤُهْ
ابْنُ السِّكِّيتِ: التَّزاوُكُ الِاسْتِحْيَاءُ، والمُضْطَبئ المستَحِي، آرِمُ: مُواصِل، ائْتَبَهَ: تَهَيَّأَ لَهُ، لَا يَفْطَؤُهُ: لَا يَقْهَرُه.
زوزك: زَوْزَكَتِ المرأةُ: حرَّكت أَلْيتَيها وَجَنْبَيْهَا إِذَا مَشَتْ. والزَّوْزَكُ: الْقَصِيرُ الحَيَّاك فِي مِشْيَتِه؛ قَالَ:
وزوْجُها زَوَنْزَكٌ زَوَنْزَى
قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ فَوَنْعَل.
زيك: زَاكَ يَزِيكُ زَيْكاً: تبختر واختال.
فصل السين المهملة
سبك: سَبَك الذهبَ وَالْفِضَّةَ وَنَحْوَهُ مِنَ الذَّائِبِ يسبُكهُ ويسبِكُه سَبْكاً وسَبَّكه: ذَوَّبه وَأَفْرَغَهُ فِي قالبٍ. والسَّبِيكَةُ: القِطْعة المُذوَّبة مِنْهُ، وَقَدِ انسبَكَ. اللَّيْثُ: السَّبْكُ تَسْبِيكُ السَّبيكَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يُذابُ ويُفْرَغُ فِي مَسْبَكة مِنْ حَدِيدٍ كأَنها شِقُّ قَصَبَة، وَالْجَمْعُ السَّبائِكُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: لَوْ شِئْتُ لمَلأْت الرِّحابَ صَلائق وسبَائك
أَيْ مَا سُبِكَ مِنَ الدَّقِيقِ ونُخِلَ فأُخذ خَالِصُهُ يَعْنِي الحُوَّارى، وَكَانُوا يسمون الرُّقاقَ السَّبائك.
سحك: المُسْحَنْكِكُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الشَّدِيدُ السَّوَادِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا مَزِيدًا، وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ والعِضاه مُسْحَنْكِكاً.
واسْحَنْكك الليلُ إِذَا اشْتَدَّتْ ظُلْمَتُهُ، وَيُرْوَى
مُسْتَحْنِكاً
أَيْ مُنْقَلِعاً مِنْ أَصله. وشعَر مُسْحَنْكِك أَي شَدِيدُ السَّوَادِ. وَشَعْرٌ سُحْكوك: أَسْوَدُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى هَذَا اللَّفْظَ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ إِلَّا فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ:
تَضْحَكُ مِنِّي شَيْخةٌ ضَحُوكُ ... واسْتَنْوَكَتْ، وللشَّبابِ نُوكُ،
وَقَدْ يَشِيبُ الشَّعَرُ السُّحْكوكُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أسودُ سُحْكوك وحُلْكوكٌ. قال الأَزهري: ومُسْحَنْكِك مُفْعَنْلِلٌ مِنْ سَحَك. واسْحَنْكَك الليلُ أَي أَظلم. وَفِي حَدِيثِ
المُحْرَقِ: إِذَا مُتُّ فاسْحَكوني أَو قَالَ اسْحَقوني
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَهُمَا بِمَعْنًى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
اسْهَكوني
بِالْهَاءِ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ؛ الأَزهري: أَصل هَذَا الْحَرْفِ ثُلَاثِيٌّ صَارَ خُمَاسِيًّا بِزِيَادَةِ نُونٍ وَكَافٍ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الأَفعال.(10/438)
سدك: سَدِكَ بِهِ، بِالْكَسْرِ، سَدْكاً وسَدَكاً، فَهُوَ سَدِكٌ ولَكِيَ بِهِ لَكًى: لَزِمَهُ. والسَّدِكُ: المُولَعُ بِالشَّيْءِ، طَائِيَّةٌ؛ قَالَ بَعْضُ محرِّمي الْخَمْرِ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ:
ووَزَّعْتُ القِداحَ، وَقَدْ أَراني ... بِهَا سَدِكاً، وَإِنْ كانَتْ حَراما
أَراد بِالْقَدَّاحِ هُنَا جَمْعَ القَدَح الْمَشْرُوبِ بِهِ. وَرَجُلٌ سَدِكٌ: خَفِيفُ الْيَدَيْنِ فِي الْعَمَلِ. وَرَجُلٌ سَدكٌ بالرُّمح: طَعَّان بِهِ رَفيق سريع. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ سَدَّك فلانٌ جِلالَ التَّمْرِ تَسْديكاً إذا نَضَّدَ بعضَها فَوْقَ بَعْضٍ، فَهِيَ مُسَدَّكة.
سرك: السَّرْوَكَةُ: رَدَاءَةُ الْمَشْيِ وَإِبْطَاءٌ فِيهِ مِنْ عَجَف أَو إِعْيَاءٍ، وَقَدْ سَرْوَكَ. ابْنُ الأَعرابي: سَرِكَ الرجلُ إِذَا ضَعُفَ بَدَنُهُ بَعْدَ قوَّة. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَسارَكْتُ فِي الْمَشْيِ وتَسَرْوَكْتُ وسَرْوَكْتُ، وَهُمَا رَدَاءَةُ الْمَشْيِ مِنْ عَجَفٍ وإعياء.
سفك: السَّفْكُ: صَبُّ الدَّمِ ونَثْرُ الْكَلَامِ. وسَفَك الدمَ والدمعَ والماءَ يَسْفِكُه سَفْكاً، فَهُوَ مَسْفوك وسَفِيك: صَبَّهُ وهَراقَه، وكأَنه بِالدَّمِ أَخص. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن يَسْفكُوا دماءَهم
؛ السَّفْك: الإِراقة والإِجراء لِكُلِّ مَائِعٍ، وَقَدِ انْسَفَك؛ وَرَجُلٌ سَفَّاك لِلدِّمَاءِ سَفَّاك لِلْكَلَامِ. والسَّفَّاك: السَّفَّاح وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى الْكَلَامِ. وسَفَكَ الْكَلَامَ يَسْفِكه سَفْكاً: نَثَره. وَرَجُلٌ مِسْفَك: كَثِيرُ الْكَلَامِ. وَخَطِيبٌ سَفَّاك: بَلِيغٌ كَسهَّاك؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. وَرَجُلٌ سَفَّاك بِالْكَلَامِ وسَفُوك: كذَّاب. والسُّفْكَة: مَا يُقَدَّم إِلَى الضَّيْفِ مِثْلُ اللُّمْجة، يُقَالُ: سَفِّكُوه ولَمِّجُوه. وَمِنْ أَسْمَاءِ النَّفْسِ: السَّفُوك وَالْجَائِشَةُ والطَّموح.
سكك: السَّكَكُ: الصَّمَمُ، وَقِيلَ: السَّكَك صِغَر الأُذن وَلُزُوقُهَا بالرأْس وقِلَة إِشْرَافِهَا، وَقِيلَ: قِصَرها وَلُصُوقُهَا بالخُشَشاء، وَقِيلَ: هُوَ صِغر قُوفِ الأُذن وضيقُ الصِّماخ، وَقَدْ وُصِفَ بِهِ الصَّمَمُ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْآدَمِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ سَكَّ سَكَكاً وَهُوَ أَسَكُّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ليلةُ حَكّ لَيْسَ فِيهَا شَكُّ، ... أَحُكُّ حَتَّى ساعِدي مُنْفَكُّ،
أَسْهَرَنِي الأُسَيْوِدُ الأَسَكُ
يَعْنِي الْبَرَاغِيثَ، وأَفرده عَلَى إِرَادَةِ الْجِنْسِ. والنَّعامُ كلُّها سُكٌّ وَكَذَلِكَ الْقَطَا؛ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْقَطَاةِ حَذَّاءُ لِقصَر ذَنَبِهَا، وسَكَّاءُ لأَنه لَا أُذن لَهَا، وأَصل السَّكَك الصَّمَمُ؛ وأَنشد:
حَذَّاءُ مُدْبِرَةً، سَكَّاءُ مُقْبِلَةً، ... لِلْمَاءِ فِي النَّحْرِ مِنْهَا نَوْطَةٌ عَجَبُ
وَقَوْلُهُ:
إنَّ بَني وَقْدانَ قومٌ سُكُّ ... مثلُ النَّعامِ، والنعامُ صُكُ
سُكٌّ أَي صُمٌّ. اللَّيْثُ: يُقَالُ ظَلِيمٌ أَسَكُّ لأَنه لَا يَسْمَعُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
أَسَكُّ مُصَلَّمُ الأُذُنينِ أَجْنَى، ... لَهُ بالسِّيّ تَنُّومٌ وآءُ «2»
. واسْتَكَّتْ مَسَامِعُهُ إِذَا صَمَّ. وَيُقَالُ: مَا اسْتَكَّ فِي مَسامِعي مثلُه أَي مَا دَخَلَ. وَمَا سَكَّ سَمْعي مثلُ ذَلِكَ الْكَلَامِ أَي مَا دَخَلَ. وأُذن سَكَّاء أَيْ صَغِيرَةٌ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ سُكاكة لِصَغِيرِ الأُذن، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ أَسَكّ. ابن سيدة: والسُّكاكة الصَّغِيرُ الأُذنين؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
__________
(2) . وروي في ديوان زهير: أصكّ بدل أسكّ(10/439)
يَا رُبَّ بَكْرٍ بالرُّدافى واسِجِ، ... سُكاكَةٍ سَفَنَّجٍ سُفَانِجِ
وَيُقَالُ: كلُّ سَكَّاءَ تَبِيضُ وَكُلُّ شَرْفاء تَلِدُ، فالسَّكَّاء: الَّتِي لَا أُذن لَهَا، والشَّرْفاء: الَّتِي لَهَا أُذن وَإِنْ كَانَتْ مَشْقُوقَةً. وَيُقَالُ: سَكَّه يَسُكّه إِذَا اصطَلم أُذنيه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بِجَدي أَسَكَ
أَي مُصْطَلِم الأُذنين مَقْطُوعِهِمَا. واسْتَكَّتْ مَسامِعُه أَي صَمَّت وَضَاقَتْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:
أَتاني، أَبَيْتَ اللَّعْنَ أَنك لُمْتَني، ... وتِلْكَ الَّتِي تَسْتَكُّ مِنْهَا المَسامِعُ
وَقَالَ عَبيدُ بْنُ الأَبرص:
دَعا مَعاشِرَ فاسْتَكَّتْ مَسامِعُهم، ... يَا لَهْفَ نفْسيَ، لَوْ يَدْعُو بَنِي أَسَدِ
وَفِي حَدِيثِ
الخُدْرِي: أَنَّهُ وضَع يَدَيْهِ عَلَى أُذنيه وَقَالَ اسْتَكَّتا إِنْ لَمْ أَكن سَمِعْتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: الذهبُ بِالذَّهَبِ
، أَي صَمَّتا. والاسْتِكاكُ: الصَّمَمُ وَذَهَابُ السَّمْعِ. وسَكَّ الشيءَ يَسُكُّه سَكّاً فاسْتَكَّ: سَدَّه فانسَدَّ. وَطَرِيقٌ سُكُّ: ضَيِّق مُنْسَدّ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَبِئْرٌ سَكٌّ وسُكٌّ: ضَيِّقَةُ الْخَرْقِ، وَقِيلَ: الضَّيِّقَةُ المَحْفِر مِنْ أَولها إِلَى آخِرِهَا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مَاذَا أُخَشَّى مِنْ قَلِيبٍ سُكِّ، ... يَأْسَنُ فِيهِ الوَرَلُ المُذَكِّي؟
وَجَمْعُهَا سِكَاكٌ. وَبِئْرٌ سَكُوك: كَسُكِّ. الأَصمعي: إِذَا ضَاقَتِ الْبِئْرُ فَهِيَ سُكٌّ؛ وأَنشد:
يُجْبَى لَها عَلَى قَلِيبٍ سُكِ
الْفَرَّاءُ: حَفَرُوا قَلِيبًا سُكّاً، وَهِيَ الَّتِي أُحْكِم طَيُّها في ضيق. والسُّكُّ مِنَ الرَّكايا: المستويةُ الجِرَاب وَالطَّيِّ. والسُّكُّ، بِالضَّمِّ: الْبِئْرُ الضَّيِّقَةُ مِنْ أَعلاها إِلَى أَسفلها؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. والسُّكُّ: جُحْر الْعَقْرَبِ وجُحْرُ الْعَنْكَبُوتِ لِضِيقِهِ. واسْتَكَّ النبتُ أَي الْتَفَّ وانْسَدَّ خَصاصُه. الأَصمعي: اسْتَكَّتِ الرياضُ إِذَا الْتَفَّتْ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ عَيْراً:
صُنْتُعُ الحاجِبَيْنِ، خَرَّطَه البَقْلُ ... بَديّاً، قَبْل اسْتِكاكِ الرِّياضِ
والسَّكُّ: تَضْبِيبُك البابَ أَو الخشبَ بِالْحَدِيدِ، وَهُوَ السَّكِّيُّ والسَّكُّ. والسَّكِّيّ: المسمارُ؛ قَالَ الأَعشى:
وَلَا بُدَّ مِنْ جارٍ يُجِيرُ سَبِيلَها، ... كَمَا سَلَكَ السَّكِّيَّ فِي البابِ فَيْتَقُ
وَيُرْوَى السِّكِّيّ بالكسرِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمِسْمَارُ، وَقِيلَ الدِّينَارُ، وَقِيلَ البَرِيدُ، والفَيْتَقُ النَّجَّارُ، وَقِيلَ الحَدَّاد، وَقِيلَ البوَّاب، وَقِيلَ المَلِكُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه خَطَبَ النَّاسَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ وَهُوَ غَيْرُ مَسْكُوك
أَي غَيْرُ مُسمَّرٍ بِمَسَامِيرِ الْحَدِيدِ، وَيُرْوَى بِالشِّينِ، وَهُوَ الْمَشْدُودُ؛ وَقَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّة يَصِفُ دِرْعًا:
بَيْضَاءُ لَا تُرْتَدَى إِلَّا إِلَى فَزَعٍ، ... مِنْ نَسْجِ داودَ، فِيهَا السَّكُّ مَقْتُورُ
والمَقْتُور: المُقَدَّر، وَجَمْعُهُ سُكُوك وسِكَاك. والسُّكُّ: الدِّرع الضَّيِّقَةُ الحَلَقِ. ودِرْعٌ سُكٌّ وسَكَّاءُ: ضَيِّقَةُ الحَلَق. والسِّكَّةُ: حَدِيدَةٌ قَدْ كُتِبَ عَلَيْهَا يُضْرَبُ عَلَيْهَا الدَّرَاهِمُ وَهِيَ الْمَنْقُوشَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه نَهَى عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ إلَّا مِنْ بأْس
؛ أَراد بالسِّكَّة الدينارَ والدرهمَ الْمَضْرُوبِينَ، سُمِّيَ كُلُّ(10/440)
وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِكَّة لأَنه طُبِعَ بِالْحَدِيدَةِ المُعَلِّمة لَهُ، وَيُقَالُ لَهُ السَّكُّ، وَكُلُّ مِسْمَارٍ عِنْدَ الْعَرَبِ سَكٌّ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ دِرْعًا:
ومَشْدُودَةَ السَّكِّ مَوْضُونَةً، ... تَضَاءَلُ فِي الطَّيِّ كالمِبْرَدِ
قَوْلُهُ وَمَشْدُودَةَ مَنْصُوبٌ لأَنه مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ:
وأَعْدَدتُ لِلْحَرْبِ وَثّابةً، ... جَوادَ المَحَثَّةِ والمِرْوَدِ
وسِكَّةُ الحَرَّاثِ: حديدةُ الفَدَّانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَا دَخَلتِ السِّكَّةُ دارَ قَوْمٍ إلَّا ذَلُّوا.
والسَّكَّة فِي هَذَا الْحَدِيثِ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُحْرَثُ بِهَا الأَرض، وَهِيَ السِّنُّ واللُّؤَمَةُ، وَإِنَّمَا قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّهَا لَا تَدْخُلُ دَارَ قَوْمٍ إِلَّا ذَلُّوا
كَرَاهَةَ اشْتِغَالِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْمُسْلِمِينَ عَنْ مُجَاهَدَةِ الْعَدُوِّ بِالزِّرَاعَةِ وَالْخَفْضِ، وَإِنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ طُولِبُوا بِمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ مَالِ الفَيْء فَيَلْقَوْنَ عَنَتاً مِنْ عُمَّال الْخَرَاجِ وَذُلًّا مِنَ الإِلزامات، وَقَدْ عَلِمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مَا يَلْقَاهُ أَصْحَابُ الضِّيَاعِ وَالْمَزَارِعِ مِنْ عَسْفِ السُّلْطَانِ وإِيجابه عَلَيْهِمْ بِالْمُطَالَبَاتِ، وَمَا يَنَالُهُمْ مِنَ الذلِّ عِنْدَ تُغَيِّرُ الأَحوال بَعْدَهُ، وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
العِزُّ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ وَالذُّلُّ فِي أَذناب الْبَقَرِ
، وَقَدْ ذُكِرَتِ السِّكَّة في ثلاثة أَحاديث بثلاثة مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ. والسِّكَّةُ والسِّنَّةُ: المَأْنُ الذي تحرث بِهِ الأَرض. ابْنُ الأَعرابي: السُّكُّ لُؤْمُ الطَّبْعِ. يُقَالُ: هُوَ بسُكِّ طَبْعِه يَفْعَلُ ذَلِكَ. وسَكَّ إِذَا ضَيَّق، وسَكَّ إِذَا لَؤُمَ. والسِّكَّة: السَّطْرُ الْمُصْطَفُّ مِنَ الشَّجَرِ وَالنَّخِيلِ، وَمِنْهُ الحديثُ المأْثورُ:
خَيْرُ الْمَالِ سِكَّةٌ مأْبُورَةٌ ومُهْرَةٌ مأْمُورة
؛ المأْبورة: المُصْلَحة المُلْقَحَة مِنَ النَّخْلِ، والمأْمورة: الْكَثِيرَةُ النِّتاجِ وَالنَّسْلِ، وَقِيلَ: السِّكَّة المأْبورة هِيَ الطَّرِيقُ الْمُسْتَوِيَةُ الْمُصْطَفَّةُ مِنَ النَّخْلِ، والسكَّة الزُّقاقُ، وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَتِ الأَزِقَّةُ سِكَكاً لِاصْطِفَافِ الدُّور فِيهَا كَطَرَائِقِ النَّخْلِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كَانَ الأَصمعي يَذْهَبُ فِي السِّكَّةِ الْمَأْبُورَةِ إِلَى الزَّرْعِ وَيَجْعَلُ السِّكَّةَ هُنَا سِكَّةَ الحرَّاث كأَنه كَنَّى بِالسِّكَّةِ عَنِ الأَرض الْمَحْرُوثَةِ، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ خَيْرُ الْمَالِ نِتَاجٌ أَوْ زَرْعٌ، والسِّكَّة أَوسع مِنَ الزُّقاقِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاصْطِفَافِ الدُّورِ فِيهَا عَلَى التَّشْبِيهِ بالسِّكَّةِ مِنَ النَّخْلِ. والسِّكَّةُ: الطَّرِيقُ الْمُسْتَوِي، وَبِهِ سُمِّيَتْ سِكَكُ البَرِيدِ؛ قَالَ الشَّمَّاخ:
حَنَّتْ عَلَى سِكَّةِ السَّارِي فَجاوَبها ... حمامةٌ مِنْ حمامٍ، ذاتُ أَطواقِ
أَي عَلَى طَرِيقِ السَّارِيِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
نَضْرِبُهم إذ أَخذُوا السَّكائِكا
الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَصِفُ دَحْلًا دَحَله فَقَالَ: ذَهَبَ فَمُهُ سَكّاً فِي الأَرض عَشْرَ قِيَمٍ ثُمَّ سَرَبَ يَمِينًا؛ أَراد بِقَوْلِهِ سَكّاً أَي مُسْتَقِيمًا لَا عِوَجَ فِيهِ. والسِّكَّةُ: الطَّرِيقَةُ المُصْطَفَّة مِنَ النَّخْلِ. وَضَرَبُوا بيوتَهم سِكاكاً أَيْ صَفًّا وَاحِدًا؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، ويُقال بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَأَدْرَكَ الأَمْرَ بِسِكَّتِهِ أَي فِي حِينِ إِمْكَانِهِ. واللُّوحُ والسُّكاكُ والسُّكاكَةُ: الهواءُ بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض، وَقِيلَ: الَّذِي لَا يُلَاقِي أعْنان السَّمَاءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَوْ نَزَوْتَ فِي السُّكاكِ أَي فِي السَّمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ الصَّبِيَّةِ الْمَفْقُودَةِ.
قَالَتْ فَحَمَلَنِي عَلَى خَافِيَةٍ مِنْ خَوافِيه ثُمَّ دَوَّمَ بِي فِي السُّكاكِ
؛ السُّكاك والسُّكاكة: الجَوُّ وَهُوَ مَا بَيْنَ(10/441)
السَّمَاءِ والأَرض؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: شَقَّ الأَرجاءَ وسَكائِكَ الْهَوَاءِ
؛ السَّكَائِكُ جَمْعُ السُّكاكَةِ وَهِيَ السُّكاكُ كذاؤبة وَذَوَائِبَ. والسُّكُكُ: القُلُصُ الزَّرَّاقَةُ يَعْنِي الحُبَاريَات. ابْنُ شُمَيْلٍ: سَلْقَى بناءَه أَيْ جَعَلَهُ مُسْتَلْقِياً وَلَمْ يَجْعَلْهُ سَكَكاً، قال: والسَّكُّ الْمُسْتَقِيمُ مِنَ الْبِنَاءِ والحَفْرِ كَهَيْئَةِ الْحَائِطِ. والسُّكَاكَةُ مِنَ الرِّجَالِ: المسْتَبِدُّ برأْيه وَهُوَ الَّذِي يُمْضِي رأْيه وَلَا يُشَاوِرُ أَحداً وَلَا يُبَالِي كَيْفَ وَقَعَ رأْيه، وَالْجَمْعُ سُكاكَاتٌ وَلَا يُكَسَّر. والسُّكُّ: ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ يُرَكَّبُ مِنْ مِسْك ورَامَكٍ، عربيٌّ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: كُنَّا نُضَمِّدُ جِباهَنا بالسُّكِّ المُطَيَّب عِنْدَ الإِحرام
؛ هُوَ طِيبٌ مَعْرُوفٌ يُضَافُ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الطِّيبِ وَيُسْتَعْمَلُ. وسَكَّ النعامُ سَكًّا: أَلقى مَا فِي بَطْنِهِ كسَجَّ. وسَكَّ بسَلْحِه سَكّاً: رَمَاهُ رَقِيقًا. يُقَالُ: سَكَّ بسَلْحه وسَجَّ وهَكَّ إِذَا حذَف بِهِ. الأَصمعي: هُوَ يَسُكُّ سَكّاً ويَسُجُّ سَجّاً إِذَا رَقَّ مَا يَجِيءُ مِنْ سَلْحه. أَبو عَمْرٍو: زَكَّ بسَلْحه وسَكَّ أَيْ رَمَى بِهِ يزُكُّ ويَسُكُّ. وَأَخَذَهُ ليلَته سَكٌّ إِذَا قَعَدَ مَقاعِدَ رِقاقاً، وَقَالَ يَعْقُوبُ: أَخذه سَكٌّ فِي بَطْنِهِ وسَجٌّ إِذَا لانَ بطنُه، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُبَدَّلٌ وَلَمْ يُعْلَمْ أَيُّهما أُبدل مِنْ صَاحِبِهِ. وَهُوَ يَسُكُّ سَكّاً إِذَا رَقَّ مَا يَجِيءُ بِهِ مِنَ الْغَائِطِ. وَسَكَّاءُ: اسْمُ قَرْيَةٍ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ إِبِلًا لَهُ:
فَلَا رَدَّها رَبِّي إِلَى مَرْجِ راهِطٍ، ... وَلَا بَرِحَتْ تَمْشي بسَكَّاءَ فِي وَحل
والسَّكْسَكَةُ: الضَّعْفُ. وسَكْسَكُ بنُ أَشْرَشَ: مِنْ أَقْيال الْيَمَنِ. والسَّكاسِكُ والسَّكاسِكَةُ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ أَبوهم ذَلِكَ الرجلُ. والسَّكاسِكُ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ السَّكاسِكُ بنُ وائلَة بنِ حِمْيَر بْنِ سَبَأ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم سَكْسَكِيٌّ.
سكرك: أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنَ الأَشربة السُّكُرْكَةُ؛ قَالَ
أَبو مُوسَى الأَشعري فِي حديثِ السُّكُرْكَةِ: هُوَ خَمْرُ الْحَبَشَةِ وَهُوَ مِنَ الذُّرَةِ يُسْكِرُ
، وَهِيَ لَفْظَةٌ حَبَشِيَّةٌ وَقَدْ عُرِّبَتْ فَقِيلَ السُّقُرْقُع. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ سُئِلَ عن الغُبَيْراء فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهَا، وَنَهَى عَنْهَا
؛ قَالَ مَالِكٌ: فَسَأَلَتْ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ: مَا الْغُبَيْرَاءُ؟ فَقَالَ: هي السُّكُرْكَةُ بضم السين وَالْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، نَوْعٌ مِنَ الْخُمُورِ يُتَّخَذُ مِنَ الذرة.
سلك: السُّلُوك: مَصْدَرُ سَلَكَ طَرِيقًا؛ وسَلَكَ المكانَ يَسْلُكُه سَلْكاً وسُلُوكاً وسَلَكَه غَيْرَه وَفِيهِ وأَسْلكه إِيَّاهُ وَفِيهِ وَعَلَيْهِ؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ رِبْعٍ الهُذَلِيُّ:
حَتَّى إِذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قُتائِدَةٍ ... شَلًّا، كَمَا تَطْرُدُ الجَمَّالةُ الشُّرُدَا
وَقَالَ ساعِدَة بنُ العَجْلان:
وهمْ مَنَعُوا الطَّرِيقَ وأَسْلَكوهُمْ ... عَلَى شَمَّاءَ، مَهْواها بَعيدُ
والسَّلْكُ، بِالْفَتْحِ: مَصْدَرُ سَلَكْتُ الشَّيْءَ فِي الشَّيْءِ فانْسَلَك أَي أَدخلته فِيهِ فَدَخَلَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
تَعَلَّماها، لَعَمْرُ اللَّهِ، ذَا قَسَما، ... وافْصِدْ بِذَرْعِكَ، وانظُرْ أَين تَنْسَلِكُ
وَقَالَ عديُّ بْنُ زَيْدٍ:
وكنتُ لِزازَ خَصْمِكَ لَمْ أُعَرّدْ، ... وهمْ سَلَكُوكَ فِي أَمْرٍ عَصِيبِ
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ(10/442)
الْمُجْرِمِينَ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: أَسْلَكْتُهُ فِيهِ. وَاللَّهُ يُسْلِكُ الكفَّارَ فِي جَهَنَّمَ أَيْ يُدْخِلُهُمْ فِيهَا، وَأَنْشَدَ بَيْتَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ رِبْعٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ
، أَيْ أَدخله يَنَابِيعَ فِي الأَرض. يُقَالُ: سَلَكْتُ الخَيْطَ فِي المِخْيَطِ أَي أَدخلته فِيهِ. أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَصْحَابِهِ: سلَكْتُه فِي المَكانِ وأَسْلَكْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ الأَعرابي: سَلَكْتُ الطريقَ وسَلَكْتُه غَيْري، قَالَ: وَيَجُوزُ أَسْلَكْتُه غَيْرِي. وسَلَكَ يَدَه فِي الجَيْب والسِّقاء وَنَحْوِهِمَا يَسْلُكها وأَسْلَكَها: أَدخلها فِيهِمَا. والسَّلْكَةُ: الخَيْطُ الَّذِي يُخاط بِهِ الثوبُ، وَجَمْعُهُ سِلْكٌ وأَسْلاكٌ وسُلُوكٌ؛ كِلَاهُمَا جَمْعُ الْجَمْعِ. والمَسْلَكُ: الطَّرِيقُ. والسَّلْكُ: إِدخالُ شَيْءٍ تَسْلُكه فِيهِ كَمَا تَطْعُنُ الطاعنَ فتَسْلُكُ الرمح فيه إذا طعنته تِلْقاءَ وَجْهِهِ عَلَى سَجيحته؛ وأَنشد قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
نَطْعُنُهُمْ سُلْكى ومَخْلُوجَةً، ... كَرَّكَ لأْمَيْنِ عَلَى نابِلِ
وَرُوِيَ: كرَّ كلامَيْنِ، قَالَ: وصَفَه بِسُرْعَةِ الطَّعْنِ وَشَبَّهَهُ بِمَنْ يَدْفَعُ الرِّيشَةَ إِلَى النَّبَّال فِي السُّرْعَةِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي السُّرْعَةِ وَالْخِفَّةِ لأَن الغِراء إِذَا بَرَدَ لَمْ يَلْزَقْ فَيُسْتَعْمَلُ حَارًّا. والسُّلْكى: الطعنةُ الْمُسْتَقِيمَةُ تلقاءَ وَجْهِهِ، والمَخْلوجَةُ الَّتِي فِي جَانِبٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ أَنه قَالَ: ذَهَبَ مَنْ كَانَ يُحْسِنُ هَذَا الْكَلَامَ، يَعْنِي سُلْكى ومَخْلُوجَةً. ابْنُ السِّكِّيتِ: يقال الرأْيُ مَخْلُوجةٌ وَلَيْسَ بسُلْكى أَي لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ. وأَمْرُهُمْ سُلْكى: عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وقولُ قَيْسِ بْنِ عَيْزارَةَ:
غَداةَ تَنادَوْا، ثُمَّ قامُوا فأَجْمَعُوا ... بقَتْلِيَ سُلْكى، لَيْسَ فِيهَا تنَازُعُ
أَراد عَزِيمَةً قَوِيَّةً لَا تَنَازُعَ فِيهَا. وَرَجُلٌ مُسَلَّكٌ: نَحِيفٌ وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ. والسُّلَكُ: فرخُ القَطا، وَقِيلَ فَرْخُ الحَجَلِ، وَجَمْعُهُ سِلْكانٌ، لَا يُكَسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِثْلَ صُرَدٍ وصِرْدانٍ، والأُنثى سُلَكَةٌ وسِلْكانةٌ، الأَخيرة قَلِيلَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَظَلُّ بِهِ الكُدْرُ سِلْكانُها
والسُّلَكَةُ والسُّلَيْكَةُ: اسْمَانِ. وسُليْكٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ سُلَيْكٌ السَّعْدِيّ وَهُوَ مِنَ العَدَّائين، كَانَ يُقَالُ لهُ سلَيْك المقانِبِ، وَاسْمُ أُمِّهِ سُلَكَةُ؛ وَقَالَ قُرَّانُ الأَسدي:
لَخُطَّابُ ليْلى يالَ بُرْثُنَ مِنْكُمُ، ... عَلَى الهَوْلِ، أَمْضى مِنْ سُلَيْك المَقانِبِ
سمك: السَّمَكُ: الحُوتُ مِنْ خَلْق الْمَاءِ، وَاحِدَتُهُ سَمَكَة، وجمعُ السَّمَكِ سِماكٌ وسُمُوكٌ. والسَّمَكَةُ: بُرْجٌ فِي السَّمَاءِ مِنْ بُرُوج الفَلَك؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراد عَلَى التَّشْبِيهِ لأَنه بُرْجٌ ماوِيٌّ، وَيُقَالُ لَهُ الحُوتُ. وسَمَكَ الشَّيْءَ يَسْمُكُه سَمْكاً فَسَمَكَ: رَفَعَهُ فَارْتَفَعَ. والسِّمَاكُ: مَا سُمِكَ بِهِ الشيءُ، وَالْجَمْعُ سُمُكٌ. التهذيب: والسِّماكُ مَا سَمَكْتَ حَائِطًا أَو سَقْفاً. والسِّماكانِ: نَجْمَانِ نَيِّرانِ أَحَدُهُمَا السِّماك الأَعْزَل وَالْآخَرُ السِّماكُ الرامِحُ، وَيُقَالُ إِنَّهُمَا رِجْلَا الأَسد، وَالَّذِي هُوَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ الأَعْزَلُ وَبِهِ يَنْزِلُ الْقَمَرُ وَهُوَ شَآمٍ، وَسُمِّيَ أَعزلَ لأَنه لَا شَيْءَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ(10/443)
الْكَوَاكِبِ كالأَعْزَل الَّذِي لَا رُمْحَ مَعَهُ، وَيُقَالُ: سُمِّيَ أَعْزَلَ لأَنه إِذَا طَلَعَ لَا يَكُونُ فِي أَيامه رِيحٌ وَلَا بَرْدٌ وَهُوَ أَعزل مِنْهَا، وَالرَّامِحُ وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْمَنَازِلِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ نظر فإذا بالسِّماكِ فَقَالَ: قَدْ دَنَا طُلُوعُ الْفَجْرَ فَأَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ
؛ السِّماكُ: نَجْمٌ مَعْرُوفٌ، وَهُمَا سِماكانِ: رَامِحُ وَأَعْزَلُ، وَالرَّامِحُ لا نَؤْءَ لَهُ وَهُوَ إِلَى جِهَةِ الشَّمالِ، والأَعْزَلُ مِنْ كواكبِ الأَنْواءِ وَهُوَ إِلَى جِهَةِ الجَنُوبِ، وَهُمَا فِي بُرْجِ الْمِيزَانِ، وطلوعُ السِّماكِ الأَعزل مَعَ الْفَجْرِ يَكُونُ فِي تَشْرِين الأَول. وسَمْكُ الْبَيْتِ: سَقْفُه. والسَّمْكُ: السَّقْف، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَعلى الْبَيْتِ إِلَى أَسفله. والسَّمْكُ: القامَة مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِعِيدٍ طَوِيلِ السَّمْكِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
نَجائِبَ مِنْ نِتاجِ بَنِي عُزَيْرٍ، ... طِوالَ السَّمْكِ مُفْرِعةً نِبالا
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ رَبَّ المُسْمَكاتِ السبْع ورَبَّ المَدْحِيَّاتِ السَّبْعِ
؛ وَهِيَ المَسْمُوكاتُ والمَدْحوَّاتُ فِي قَوْلِ الْعَامَّةِ، وَقَوْلُ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، صَوَابٌ. والسَّمْك يَجِيءُ فِي مَوَاضِعَ بِمَعْنَى السَّقْفِ. وَالسَّمَاءُ مَسْمُوكة أَيْ مَرْفُوعَةٌ كالسَّمْكِ. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَيْضًا: اللَّهُمَّ بارئَ المَسْمُوكاتِ السَّبْعِ ورَبَّ المَدْحُوَّاتِ
؛ فالمسموكات السموات السَّبْعُ، والمَدْحُوَّات الأَرَضُون. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: وسَمَكَ اللَّهُ السَّمَاءَ سَمْكاً رَفَعَهَا.
وسَمَكَ الشَّيْءَ سُمُوكاً: ارْتَفَعَ. والسَّامِكُ: الْعَالِي الْمُرْتَفِعُ. وَبَيْتٌ مُسْتَمِكٌ ومُنْسَمِكٌ: طَوِيلُ السَّمْك؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
صَعَّدَكم فِي بَيْتِ مَجْدٍ مُسْتَمِكْ
وَيُرْوَى مُنْسَمِك. وسنَام سامِكٌ وتامِكٌ: تارٌّ مرْتفع عالٍ. وسَمَكَ يَسْمُك سُمُوكاً: صَعِدَ. وَيُقَالُ: اسْمُكْ فِي الرَّيْم أَي اصْعَدْ فِي الدَّرَجةِ. والسُّمَيْكاء: الحُساسُ، والحُساسُ هِيَ الأَرَضَةُ. والمِسْماكُ: عَمُودٌ مِنْ أَعمدة الْخِبَاءِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: يَكُونُ فِي الْخِبَاءِ يُسْمَك بِهِ الْبَيْتُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ مِسْماكانِ مِنْ عُشَرٍ ... سَقْبانِ، لَمْ يَتَقَشَّرْ عَنْهُمَا النَّجَبُ
عَنَى بِالرِّجْلَيْنِ السَّاقَيْنِ، وَفِي الصِّحَاحِ صَقْبَانُ، بِالصَّادِ، وَصَقْبَانُ بَدَلٌ من مسماكين.
سنك: ابْنُ الأَعرابي: السُّنُكُ المَحاجُّ اللَّيِّنَةُ «3» ، قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع السُّنُكَ لِغَيْرِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ ثِقَةٌ.
سنبك: السُّنْبُك: طرَفُ الحافِرِ وَجَانِبَاهُ مِنْ قُدُمٍ، وجمعهُ سنَابِكُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ،، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تُخْرِجُكم الرُّومُ مِنْهَا كَفْراً كَفْراً إِلَى سُنْبُكٍ مِنَ الأَرض، قِيلَ: وَمَا ذَاكَ السُّنْبُكُ؟ قَالَ: حِسْمَى جُذامَ
، وأَصله مِنْ سُنْبُكِ الْحَافِرِ فَشَبَّهَ الأَرض الَّتِي يَخْرُجُونَ إِلَيْهَا بالسُّنْبُك فِي غِلَظه وَقِلَّةِ خَيْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَرِهَ أَن يُطْلَب الرزقُ فِي سنَابك الأَرض
أَي أَطرافها كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُسَافِرَ السَّفَرَ الطَّوِيلَ فِي طَلَبِ الْمَالِ. وسُنْبُكُ السَّيْفِ: طَرَفُ حِلْيته، وَفِي التَّهْذِيبِ: طَرَفُ نَعْلِهِ. والسُّنْبُك: ضَرْبٌ مِنَ العَدْو؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤيَّةَ يَصِفُ أُرْوِيَّةً:
وظَلَّتْ تَعَدَّى مِنْ سَرِيعٍ وسُنْبُك، ... تَصَدَّى بأَجْوازِ اللُّهُوبِ وتَرْكُدُ
__________
(3) . قوله [المحاج اللينة] كذا في الأَصل باللام، والذي في القاموس: البينة، بالباء، قال شارحه: هو كذا في العباب(10/444)
والسُّنْبُك: حِسْمَى جُذامَ. وسُنْبُكُ كُلِّ شَيْءٍ: أَوّلُه. يُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ عَلَى سُنْبُك فلانٍ أَيْ عَلَى عَهْدِ وِلَايَتِهِ وأَوَّلها. وأَصابنا سُنْبُكُ السَّمَاءِ: أَوَّلُ غَيْثَتها؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعفُرَ:
وَلَقَدْ أُرَجِّل لِمَّتي بعَشِيَّةٍ ... للشَّرْبِ، قَبْلَ سَنابِكِ المُرْتادِ
ابْنُ الأَعرابي: السُّنْبُكُ الخراجُ.
سهك: السَّهَكُ: رِيحٌ كَرِيهَةٌ تَجِدُهَا مِنَ الإِنسان إِذَا عَرِقَ، تقول: إِنَّهُ لَسَهِكُ الرِّيحَ، وَقَدْ سَهِكَ سَهَكاً، وَهُوَ سَهِكٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
سهَكِينَ مِنْ صَدَإِ الْحَدِيدِ كَأَنَّهُمْ، ... تَحْتَ السَّنَوَّرِ، جِنَّةُ البَقَّارِ «1»
. وَلَوْلَا لبسهم الدروع التي صَدِئَتْ مَا وَصَفَهُمْ بالسَّهَكِ. والسَّهَكُ والسُّهَكَةُ: قبحُ رَائِحَةِ اللَّحْمِ إِذَا خَنِزَ. وسَهِكَتِ الريحُ، وسَهَكَت الدابةُ سُهُوكاً: جَرَتْ جَرْياً خَفِيفًا، وَقِيلَ سهوكُها استِنانُها يَمِينًا وَشِمَالًا، وأَساهيكها ضُروب جَرْيِهَا واستِنانِها، أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَذْرَى أَساهِيكَ عَتِيقٍ أَلِ
أَراد ذِي أَلٍّ وَهُوَ السُّرْعَةُ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ إِنَّهُ وَصَفَهُ بِالْمَصْدَرِ. والمَسْهَكُ: مَمَرُّ الرِّيحِ. وَفَرَسٌ مَسْهَكٌ أَيْ سَرِيعُ الْجَرْيِ. الجوهري: والسَّهَكُ، بِالتَّحْرِيكِ، رِيحُ السَّمَكِ وصَدَأ الْحَدِيدِ. يُقَالُ: يَدِي مِنَ السَّمَكِ وصَدَإ الْحَدِيدِ سَهِكة، كَمَا يُقَالُ يَدِي مِنَ اللَّبَنِ والزُّبْد وَضِرةٌ، وَمِنَ اللَّحْمِ غَمِرة. وسَهْوَكْتُه فَتَسَهْوَك أَي أَدبر وَهَلَكَ. وسَهَكه يَسْهَكه: لُغَةٌ فِي سَحقَه. وسَهَك الشَّيْءَ يَسْهَكه سَهْكاً: سَحقه، وَقِيلَ: السَّهْك الكَسْر والسَّحْق بَعْدَ السَّهْك. وسَهَكَتِ الريحُ الترابَ عَنْ وَجْهِ الأَرض تَسْهَكه سَهْكاً: كَسَحَقَتْهُ، وَذَلِكَ التُّرَابُ سَيْهَكٌ. وَيُقَالُ: سَهَكَتِ الريحُ إِذَا أَطارتْ ترابَها؛ قَالَ الكُمَيْت:
رَماداً أَطارَتْهُ السَّواهِكُ رِمْدَدا
وَرِيحٌ ساهِكة وسَهُوك وسَيْهَكٌ وسَيْهُوكٌ وسَهُوج وسَيْهجٌ وسَيْهُوجٌ ومَسْهَكة: عَاصِفٌ قَاشِرَةٌ شَدِيدَةُ الْمُرُورِ؛ وأَنشد:
بساهكاتِ دُقَقٍ وجَلْجال
وَقَالَ النَّمِر بْنُ تَوْلَبٍ:
وبَوارحُ الأَرْواحِ كلَّ عَشِيَّةٍ، ... هَيْفٌ تَرُوحُ وسَيْهَكٌ تَجْرِي
وسَهَكَتِ الرِّيحُ أَي مَرَّتْ مَرّاً شَدِيدًا، والمَسْهكةُ: مَمَرُّها؛ قَالَ أَبو كَبير الهُذَليّ:
ومَعابِلًا صُلْعَ الظُّباتِ، كأَنها ... جَمْرٌ بمَسْهَكَةٍ تُشَبُّ لمُصْطَلي
وَفِي الصِّحَاحِ: بِمَعَابِلَ صُلْعِ الظباتِ. وبعَيْنِه ساهكٌ مثلُ الْعَائِرِ أَي رَمَد وَحَكَّةٌ، وَلَا فِعْلَ لَهُ أَنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْكَاهِلِ وَالْغَارِبِ. وخَطيب سَهَّاك: بَلِيغٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والسَّهُوكُ: العُقابُ. والسَّهْوَكَة: الصَّرْعُ، وَقَدْ تَسَهْوَكَ. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ سُهاكَةٌ مِنْ خَبَرٍ وَلُهاوَة أَي تَعِلَّة كالكَذِب. وَتَقُولُ: سَهَكْتُ العِطْرَ ثُمَّ سَحَقْتُه، فالسَّهْكُ كَسْرُكُ إِيَّاهُ بالفِهْر ثُمَّ تَسْحَقه؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
وحَثَثْنَ الجِمالَ، يَسْهَكن بالباغِزِ ... والأُرْجُوانِ خَمْلَ القَطيفِ
__________
(1) . قوله [جنة البقار] تقدم إنشاده في س ن ر: جبة البقاربالباء بدل النون وبضم الجيم بدل كسرها، وهو تحريف والصواب ما هنا جمع جنِّي. والبقار: اسم موضع كما في الديوان. وفي ياقوت: وقنة البقار، بضم القاف: جبيل لبني أسد، وينشد تحت السنور قنة البقار. ورواية البيت هنا تتفق وروايته في ديوان النابغة(10/445)
أَراد أَنهن يَطَأْنَ خَمْلَ الْقَطَائِفِ حَتَّى يَتَحات الخَمْلُ.
سوك: السَّوْكُ: فِعلُك بالسِّواك والمِسْواكِ، وَسَاكَ الشيءَ سَوكاً: دَلَكه، وَسَاكَ فَمَه بالعُود يَسُوكه سَوْكاً؛ قَالَ عدِيُّ بْنُ الرِّقاع:
وكأَنَّ طَعْمَ الزَّنْجَبيلِ وَلَذَّةً ... صَهْباءَ، ساكَ بِهَا المُسَحِّرُ فَاهَا
ساكَ وسَوَّك واحدٌ، والمُسَحِّرُ: الَّذِي يَأتيها بسَحُورها، واسْتاكَ: مُشْتَقٌّ مِنْ ساكَ، وَإِذَا قُلْتَ اسْتاك أَو تَسَوَّك فَلَا تَذْكُرُ الْفَمَ. واسمُ العُود: المِسْواكُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَقِيلَ: السِّواك تُؤَنِّثُهُ الْعَرَبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
السِّواكُ مَطْهَرَة لِلْفَمِ
، بِالْكَسْرِ، أَي يُطَهِّرُ الفمَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَا سَمِعْتُ أَن السِّوَاكَ يُؤَنَّثُ، قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي مِنْ غُدَدِ اللَّيْثِ، وَالسِّوَاكُ مُذَكَّرٌ. وَقَوْلُهُ مَطْهَرة كَقَوْلِهِمُ الولدُ مَجْبَنة مَجْهَلَة مَبْخَلة. وقولهم الْكُفْرُ مَخْبَثَة، قَالَ: والسِّواك مَا يُدْلَكُ بِهِ الْفَمُ مِنَ الْعِيدَانِ. والسِّواكُ: كالمِسْواك، وَالْجَمْعُ سُوُكٌ؛ وأَخرجه الشَّاعِرُ عَلَى الأَصل فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ:
أَغَرُّ الثَّنايا أَحَمُّ اللِّثاتِ، ... تَمْنَحُه سُوُك الإِسْحِلِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: رُبَّمَا هُمِزَ فَقِيلَ سُؤك. وَقَالَ أَبُو زيد يجمع السِّواكَ سُوُكٌ عَلَى فُعُلٍ مِثْلِ كِتَابٍ وَكُتُبٍ، وأَنشد الْخَلِيلُ بَيْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ سُؤك الإِسحل، بِالْهَمْزِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَا يَلْزَمُ هَمْزَهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَمِثْلُهُ لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
وَفِي الأَكُفِّ اللامِعاتِ سُوُرْ
التَّهْذِيبُ: رجل قَؤُول مِنْ قَوْمٍ قُوُلٍ وقُوْلٍ مِثْلُ سُوُك وسُوْكٍ؛ وسَوَّك فَاهُ تَسْويكاً. والسِّواكُ والتَّسَاوُكُ: السَّيْرُ الضَّعِيفُ، وَقِيلَ: رَداءة الْمَشْيِ مِنْ إِبْطَاءٍ أَو عَجَفٍ؛ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الحُرِّ الجُعْفِي:
إِلَى اللَّهِ أَشْكُو مَا أَرَى بجيادِنا، ... تَسَاوَكُ هَزْلَى، مُخُّهُنَّ قلِيلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْآمِدِيُّ الْبَيْتُ لِعُبَيْدَةَ بْنِ هِلَالٍ الْيَشْكُرِيِّ؛ قَالَ وَمِثْلُهُ لِكَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
حَرْفٌ تَوارَثها السِّفَارُ فجِسْمُها ... عارٍ تَساوَك، والفُؤادُ خَطِيفُ
وَجَاءَتِ الإِبل، وَفِي الْمُحْكَمِ: وَجَاءَتِ الْغَنَمُ مَا تَساوَكُ أَي ما تُحَرِّك رؤوسَها مِنَ الْهُزَالِ. قَالَ الأَزهري: تَقُولُ الْعَرَبُ جاءَت الْغَنَمُ هَزْلَى تَساوَكُ أَيْ تَتمايل مِنَ الْهُزَالِ وَالضَّعْفِ فِي مَشْيِهَا، قَالَ: وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَبَلة عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ مَعْبَدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا ارْتَحَلَ عَنْهَا جَاءَ زَوْجُهَا أَبو مَعْبَدٍ يَسُوق أَعْنُزاً عِجافاً مَا تَساوَكُ هُزالًا
؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: تَساوَكت فِي الْمَشْيِ وتَسَرْوكَت وَهُمَا رَداءَة الْمَشْيِ والبُطْءُ فِيهِ مِنْ عَجَفٍ أَو إِعْيَاءٍ. وَيُقَالُ: تَساوكَت الإِبل إِذَا اضْطَرَبَتْ أَعْنَاقُهَا مِنَ الهُزال؛ أَراد أَنها تَتَمَايَلُ مِنْ ضَعْفِهَا. وَرُوِيَ حَدِيثُ
أُمِّ مَعْبَدٍ: فَجَاءَ زَوْجُهَا يَسُوقُ أَعْنُزًا عجافاً تَساوَك هُزالًا.
فصل الشين المعجمة
شبك: الشَّبْكُ: مِنْ قَوْلِكَ شَبَكْتُ أَصابعي بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ فاشْتَبكت وشَبَّكْتُها فتَشَبَّكَتْ عَلَى التَّكْثِيرِ. والشِّبْكُ: الْخَلْطُ وَالتَّدَاخُلُ، وَمِنْهُ تَشْبِيكُ الأَصابع. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا مَضَى أحدُكم إِلَى الصَّلَاةِ(10/446)
فَلَا يُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصابعه فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ
، وَهُوَ إِدْخَالُ الأَصابع بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ؛ قِيلَ: كُرِهَ ذَلِكَ كَمَا كُرِهَ عَقْصُ الشَّعْرِ واشْتِمالُ الصَّمَّاء والاخْتِباءُ، وَقِيلَ: التَّشْبِيكُ وَالِاحْتِبَاءُ مِمَّا يَجْلُبُ النَّوْمَ فَنَهَى عَنِ التعرُّض لِمَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ، وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ تَشْبِيكَ الْيَدِ كِنَايَةٌ عَنْ مُلَابَسَةِ الْخُصُومَاتِ وَالْخَوْضِ فِيهَا، وَاحْتَجَّ بقول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ ذَكَرَ الْفِتَنَ:
فَشَبَّك بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَقَالَ: اخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا.
ابْنُ سِيدَهْ: شَبَكَ الشَّيْءَ يَشْبِكُه شَبْكاً فاشْتَبك وشَبَّكَه فتَشَبَّكَ أَنْشَبَ بَعْضَهُ فِي بَعْضٍ وأَدخله. وتَشَبَّكَتِ الأُمورُ وتَشابَكت واشْتَبكت: الْتَبَسَتْ وَاخْتَلَطَتْ. واشْتَبك السَّراب: دَخَلَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ. وَطَرِيقٌ شابِكٌ: مُتَدَاخِلٌ مُلْتَبس مُخْتَلِطٌ شَرَكُه بَعْضُهَا بِبَعْضٍ. والشَّابِكُ: مِنْ أَسْمَاءِ الأَسد. وأَسدٌ شَابِكٌ: مُشْتَبِكُ الأَنياب مُخْتَلِفُهَا؛ قَالَ البُرَيْق الهُذَلِيُّ:
وَمَا إنْ شابِكٌ مِنْ أُسْدِ تَرْجٍ، ... أَبو شِبْلَيْنِ، قَدْ مَنَع الخُدارا
وَبَعِيرٌ شَابِكُ الأَنياب: كَذَلِكَ. وشَبَكَتِ النجومُ واشْتَبكت وتَشابَكَتْ: دَخَلَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَاخْتَلَطَتْ، وَكَذَلِكَ الظَّلَامُ. التَّهْذِيبُ: والشُّبَّاك القُنَّاصُ الَّذِينَ يَجْلُبون الشِّباكَ وَهِيَ المَصايد لِلصَّيْدِ. وَكُلُّ شَيْءٍ جَعَلْتَ بَعْضَهُ فِي بَعْضٍ، فَهُوَ مُشْتَبِك. وَفِي حَدِيثِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ:
إِذَا اشْتَبكت النجومُ
أَيْ ظَهَرَتْ جميعها واختلط بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لِكَثْرَةِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا. واشْتبك الظَّلَامُ إِذَا اخْتَلَطَ. والشُّبَّاكُ: اسْمٌ لِكُلِّ شَيْءٍ كالقَصَب المُحَبَّكة الَّتِي تُجْعَلُ عَلَى صَنْعة البَواري. والشُّبَّاكةُ: وَاحِدَةُ الشَّبَابِيكِ وَهِيَ المُشَبَّكَةُ مِنَ الْحَدِيدِ. والشُّبَّاك: مَا وُضِعَ مِنَ الْقَصَبِ وَنَحْوِهِ عَلَى صَنْعَةِ الْبَوَارِي، فَكُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهَا شُبَّاكةٌ، وَكَذَلِكَ مَا بَيْنَ أَحناء المَحامِل مِنْ تَشْبِيك القِدّ. والشَّبَكَةُ: الرَّأْسُ، وَجَمْعُهَا شَبْك: والشَّبَكةُ: المِصْيَدة فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ. والشَّبَكةُ: شَرَكةُ الصَّائِدِ الَّتِي يَصِيدُ بِهَا فِي الْبَرِّ وَالْمَاءِ، وَالْجَمْعُ شَبَكٌ وشِبَاك. والشُّبَّاك: كالشَّبَكةِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَو رَعْلَة مِنْ قَطا فَيْحان حَلَّأَها، ... مِنْ ماءِ يَثْرِبةَ، الشُّبَّاكُ والرَّصَدُ
والشَّبَكُ: أَسنان المُشْطِ. والشَّبَكةُ: الْآبَارُ المُتقاربة، وَقِيلَ: هِيَ الرَّكايا الظَّاهِرَةُ وَهِيَ الشِّبَاك، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الْكَثِيرَةُ الْآبَارِ، وَقِيلَ: الشَّبَكة بِئْرٌ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ. والشَّبَكةُ: جُحْرُ الجُرَذ، وَالْجَمْعُ شِباكٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ وَقَعَتْ يَدُ بَعِيرِهِ فِي شَبَكَة جِرذانٍ
أَي أَنْقابها وجِحَرتها تَكُونُ مُتقاربة بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ. والشِّباك مِنَ الأَرضين: مَوَاضِعُ لَيْسَتْ بسِباخ وَلَا مُنْبِتَةٍ كشِباك الْبَصْرَةِ، قَالَ: وَرُبَّمَا سَمَّوا الْآبَارَ شِباكاً إِذَا كَثُرَتْ فِي الأَرض وَتَقَارَبَتْ. قَالَ الأَزهري: شِباكُ الْبَصْرَةِ رَكايا كَثِيرَةٌ فُتِح بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ؛ قَالَ طَلْقُ بْنُ عَدِيّ:
فِي مُسْتَوى السَّهْلِ وَفِي الدَّكْداك، ... وَفِي صِمادِ البِيدِ والشِّبَاكِ
وأَشْبَكَ المكانُ إِذَا أَكْثَرَ الناسُ احْتِفار الرَّكَايَا فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
الهِرْماس بْنِ حَبيب عَنْ أَبيه عَنْ جَدِّهِ: أَنه الْتَقَط شَبَكَةً بقُلَّةِ الحَزْنِ أَيامَ عُمَرَ فأَتى عمَر فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اسْقِني شَبَكةً بقُلَّة الحَزْن، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ ترَكْتَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّارِبَةِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: إِنَّكَ يَا أَخَا تَمِيمٍ تَسْأَلُ خَيْرًا قَلِيلًا، فَقَالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا بَلْ خَيْرٌ كَثِيرٌ قِرْبَتانِ قِرْبةٌ مِنْ مَاءٍ وَقِرْبَةٌ مِنْ لَبَنٍ(10/447)
تُغادِيانِ أهلَ بَيْتٍ مِنْ مُضَر بقُلَّةِ الحَزْن قَدْ أَسْقاكه اللَّهُ
؛ قَالَ القُتَيبي: الشَّبَكة آبَارٌ مُتَقَارِبَةٌ قَرِيبَةُ الْمَاءِ يُفْضِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَقَوْلُهُ
الْتَقَطْتُهَا
أَيْ هَجَمْتُ عَلَيْهَا وَأَنَا لَا أَشْعُرُ بِهَا، يُقَالُ: وردتُ الْمَاءَ التِقاطاً، وَقَوْلُهُ
اسْقِنِيهَا
أَي أَقْطِعْنيها وَاجْعَلْهَا لِي سُقْياً، وأَراد بِقَوْلِهِ
قِرْبَتَانِ قِرْبَةٌ مِنْ مَاءٍ وَقِرْبَةٌ مِنْ لَبَنٍ
أَن هَذِهِ الشَّبكة ترد عليهم إِبِلُهُمْ وَتَرْعَى بِهَا غَنَمُهُمْ فَيَأْتِيهِمُ اللَّبَنُ وَالْمَاءُ كُلَّ يَوْمٍ بِقُلَّةِ الْحُزْنِ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ:
أَن رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ الْتَقط شَبَكةً عَلَى ظَهْرِ جَلَّالٍ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ شِباك وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا. وَرَجُلٌ شَابِكُ الرُّمح إِذَا رَأَيْتَهُ مِنْ ثَقافَتِه يَطْعُن بِهِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا؛ وأَنشد:
كَمِيٌّ تَرَى رُمْحَه شابِكا
والشُّبْكة: الْقَرَابَةُ وَالرَّحِمُ، قَالَ: وأَرى كُرَاعًا حَكَى فِيهِ الشَّبَكَةَ. واشتباكُ الرَّحِمِ وَغَيْرِهَا: اتِّصَالُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ؛ والرَّحِمُ مُشْتَبِكة. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الرَّحِمُ المُشْتَبِكة الْمُتَّصِلَةُ. وَيُقَالُ: بَيْنِي وَبَيْنَهُ شُبْكة رَحِمٍ. وَبَيْنَ الرَّجُلَيْنِ شُبْكَةُ نَسَبٍ أَي قَرَابَةٍ. وَيُقَالُ: دِرْع شُبَّاك؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
لَهُنَّ لشُبَّاكِ الدُّروعِ تَقاذُفٌ
وتَشابكت السباغُ: نَزَتْ أَو أَرادت النُّزاءَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والشِّباك والشُّبَيْكة: مَوْضِعَانِ. والشُّبَيْكَةُ: مَاءٌ أَو مَوْضِعٌ بِطَرِيقِ الْحِجَازِ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْبِ الْمَازِنِيُّ:
فإنَّ بأَطرافِ الشُّبَيْكةِ نِسْوَةً، ... عَزيزٌ عَلَيْهِنَّ العَشِيَّةَ مَا بِيَا
وَفِي حَدِيثِ
أَبي رُهْمٍ: الَّذِينَ لَهُمْ نَعَم [بشَبَكة] جَرْحٍ
، هِيَ مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ في دِيَارِ غِفار. والشُّبَيْك: نَبْتٌ مِثْلُ الدَّلَبُوث إلَّا أَنه أَعذب مِنْهُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَبَنُو شِبْك: بَطْن.
شحك: شَحَك الجَدْيَ شَحْكاً: مَنَعَهُ مِنَ الرَّضاع والشِّحاك والشَّحْكُ: عُود يُعَرّض فِي فَمِهِ لِيَمْنَعَهُ ذَلِكَ كالحِشاك، وَيُقَالُ لِلْعُودِ الَّذِي يَدْخُلُ فِي فَمِ الْفَصِيلِ لِئَلَّا يَرْضَعَ أُمه: شِحاك وحِناك وشِبَام وشِجار.
شرك: الشِّرْكَةُ والشَّرِكة سَوَاءٌ: مُخَالَطَةُ الشَّرِيكَيْنِ. يُقَالُ: اشترَكنا بِمَعْنَى تَشارَكنا، وَقَدِ اشْتَرَكَ الرَّجُلَانِ وتَشارَكا وشارَك أَحدُهما الْآخَرَ؛ فأَما قَوْلُهُ:
عَلى كُلِّ نَهْدِ القُصْرَيَيْنِ مُقَلِّصٍ ... وجَرْداءَ يَأْبى رَبُّها أَن يُشارَكا
فَمَعْنَاهُ أَنه يَغْزُو عَلَى فَرَسِهِ وَلَا يَدْفَعُهُ إِلَى غَيْرِهِ، ويُشارَك يَعْنِي يُشَارِكُهُ فِي الْغَنِيمَةِ. والشَّريكُ: المُشارِك. والشِّرْكُ: كالشَّريك؛ قَالَ المُسَيَّب أَو غَيْرُهُ:
شِرْكاً بِمَاءِ الذَّوْبِ يَجْمَعُه ... فِي طَوْد أَيْمَنَ، فِي قُرى قَسْرِ
وَالْجَمْعُ أَشْراك وشُرَكاء؛ قَالَ لَبِيدٍ:
تَطيرُ عَدائدُ الأَشراكِ شَفْعاً ... ووِتْراً، والزَّعامَةُ للغُلامِ
قَالَ الأَزهري: يُقَالُ شَريك وأَشْراك كَمَا يُقَالُ يَتِيمٌ وأَيتام وَنَصِيرٌ وأَنصار، وَهُوَ مِثْلُ شَرِيفٍ وأَشراف وشُرفاء. وَالْمَرْأَةُ شَريكة وَالنِّسَاءُ شَرائك. وَشَارَكْتُ فُلَانًا: صِرْتُ شَرِيكَهُ. واشْتركنا وتَشاركنا فِي كَذَا وشَرِكْتُه فِي الْبَيْعِ وَالْمِيرَاثِ أَشْرَكُه شَرِكةً، وَالِاسْمُ الشِّرْك؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وشارَكْنا قُرَيْشاً فِي تُقاها، ... وَفِي أَحْسابها شِرْكَ العِنان(10/448)