والشُّدْفَةُ مِنَ اللَّيْلِ: كالسُّدْفة، بالسين المهملة، وهي الظلمة. والشَّدَفُ: كالشَّدْفةِ الَّتِي هِيَ الظُّلْمَةُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالسِّينُ الْمُهْمَلَةُ لُغَةٌ؛ عَنْ يعقوب. الفراء واللحياني: خَرَجْنَا بسُدْفة وشُدْفة، وَتُفْتَحُ صُدُورُهُمَا، وَهُوَ السَّوَادُ الْبَاقِي. أَبو عُبَيْدَةَ وَالْفَرَّاءُ: أَسْدَفَ وأَشْدَفَ إِذَا أَرْخَى سُتوره وأَظلم. والشَّدَف، بِالتَّحْرِيكِ: شَخْصُ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وأَنشد الأَصمعي:
وَإِذَا أَرى شَدَفاً أَمامِي خِلْتُه ... رَجُلًا، فَجُلْتُ كأَنَّني خُذْرُوف
وَالْجَمْعُ شُدُوف؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤية الْهُذَلِيُّ:
مُوَكَّلٌ بشُدُوفِ الصْومِ يَرْقُبُها ... مِنَ المَغارِبِ، مَخْطُوفُ الحَشى زَرِمُ
قَالَ يَعْقُوبُ: إِنَّمَا يَصِفُ الْحِمَارَ إِذَا وَرَدَ الْمَاءَ فعينُه نَحْوَ الشَّجَرِ لأَن الصَّائِدَ يكْمُن بَيْنَ الشَّجَرِ فَيَقُولُ: هَذَا الحِمارُ مِنْ مَخافة الشُّخوص كأَنه مُوَكَّلٌ بِالنَّظَرِ إِلَى شُخُوصِ هَذِهِ الأَشجار مِنْ خَوْفِهِ مِنَ الرُّماة يَخَافُ أَن يَكُونَ فِيهِ نَاسٌ؛ وكلُّ مَا وَارَاكَ، فَهُوَ مَغْرِبٌ. الْجَوْهَرِيُّ فِي الشَّدَفِ الشخصِ قَالَ: هَذَا الْحَرْفُ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ بِالسِّينِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ تَصْحِيفٌ، والصوْم: شَجَرٌ قِيامٌ كَالنَّاسِ، وَمِنَ المَغارِب يَعْنِي مِنَ الفَرَق لَيْسَ مِنَ الْجُوعِ. وَفَرَسٌ أَشْدَفُ: عَظِيمُ الشَّخْصِ. والشَّدَف: الْتِوَاءُ رأْس الْبَعِيرِ، وَهُوَ عَيْبٌ. وناقةٌ شَدْفَاء: تَمِيلُ فِي أَحد شِقَّيْها. والشَّدَفُ فِي الْخَيْلِ والإِبل: إِمَالَةُ الرأْس مِنَ النَّشاطِ، الذَّكَرُ أشْدَفُ. وشَدِفَ الفَرسُ شَدَفاً إِذَا مَرِحَ، وَهُوَ أَشدَفُ، وشَدِفَ: مَرِحَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
بذاتِ لَوْثٍ أَو نُباجٍ أَشْدَفا
وفرَس أَشْدَفُ: وَهُوَ الْمَائِلُ فِي أَحد شِقَّيه بَغْياً؛ قَالَ المرَّار:
شُنْدُف أَشدَف مَا وَرَّعْته، ... وَإِذَا طُوطِئَ طَيَّارٌ طِمِرْ
قال: والشُّنْدُوفُ مِثْلُ الأَشْدَفِ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ فِيهِ. والأَشْدَفُ: الَّذِي فِي خدِّه صَعَر، وشَدِفَ يَشْدَفُ شَدَفاً مِثْلُهُ. الأَصمعي: يُقَالُ للقِسِيّ الْفَارِسِيَّةِ شُدُفٌ؛ وَاحِدَتُهَا شَدْفَاء. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَن: يَرْمُونَ عَنْ شُدُف
؛ هِيَ جَمْعُ شَدْفاء، وَهِيَ العَوْجاء يَعْنِي القوسَ الفارِسِيّةَ. ابْنُ الأَثير: قَالَ أَبو مُوسَى: أَكثر الرِّوَايَاتِ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَلَا مَعْنَى لها.
شرف: الشَّرَفُ: الحَسَبُ بِالْآبَاءِ، شَرُفَ يَشْرُفُ شَرَفاً وشُرْفَةً وشَرْفَةً وشَرَافَةً، فَهُوَ شَرِيفٌ، وَالْجَمْعُ أَشْرافٌ. غَيْرُهُ: والشَّرَفُ والمَجْدُ لَا يكونانِ إِلَّا بِالْآبَاءِ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ شريفٌ وَرَجُلٌ ماجدٌ لَهُ آباءٌ متقدِّمون فِي الشرَف. قَالَ: والحسَبُ والكَرَمُ يكونانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ آبَاءٌ لَهُمْ شَرَفٌ. والشَّرَفُ: مَصْدَرُ الشَّريف مِنَ النَّاسِ. وشَرِيفٌ وأَشْرَافٌ مِثْلُ نَصِيرٍ وأَنْصار وشَهِيد وأَشْهادٍ، الْجَوْهَرِيُّ: وَالْجَمْعُ شُرَفَاء وأَشْرَافٌ، وَقَدْ شَرُفَ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ شَرِيف الْيَوْمَ، وشَارِفٌ عَنْ قَلِيلٍ أَي سَيَصِيرُ شَرِيفًا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: قِيلَ للأَعمش: لمَ لمْ تَسْتَكْثِر مِنَ الشَّعْبِيِّ؟ قَالَ: كَانَ يَحْتَقِرُني كُنْتُ آتِيه مَعَ إِبْرَاهِيمَ فَيُرَحِّبُ بِهِ وَيَقُولُ لِيَ: اقْعُدْ ثَمَّ أَيُّها العبدُ ثُمَّ يَقُولُ:(9/169)
لَا نَرْفَعُ العبدَ فَوْقَ سُنَّته، ... مَا دامَ فِينا بأَرْضِنا شَرَفُ
أَي شَرِيفٌ. يُقَالُ: هُوَ شَرَفُ قَوْمِهِ وكَرَمُهم أَي شَريفُهُم وكَريمهم، وَاسْتَعْمَلَ أَبو إِسْحَاقَ الشَّرَفَ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ: أَشْرَفُ آيةٍ فِي الْقُرْآنِ آيةُ الْكُرْسِيِّ. والمَشْرُوفُ: الْمَفْضُولُ. وَقَدْ شَرَفه وشَرَفَ عَلَيْهِ وشَرَّفَه: جَعَلَ لَهُ شَرَفاً؛ وَكُلُّ مَا فَضَلَ عَلَى شَيْءٍ، فَقَدْ شَرَفَ. وشارَفَه فَشَرَفَه يَشْرُفه: فاقَه فِي الشرفِ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. وَشَرفْتُه أَشْرُفه شَرْفاً أَي غَلَبْته بالشرَفِ، فَهُوَ مَشْرُوف، وَفُلَانٌ أَشْرَفُ مِنْهُ. وشارَفْتُ الرَّجُلَ: فَاخَرْتُهُ أَيُّنا أَشْرَفُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَا ذِئبان عادِيانِ أَصابا فَريقة غَنَمٍ بأَفْسَدَ فِيهَا مِنْ حُبِّ الْمَرْءِ المالَ والشَّرَفَ لِدِينه
؛ يُرِيدُ أَنه يَتَشَرَّفُ للمُباراةِ والمُفاخَرةِ والمُساماةِ. الْجَوْهَرِيُّ: وشَرَّفَه اللَّهُ تَشْريفاً وتَشَرَّفَ بِكَذَا أَي عَدَّه شَرَفاً، وشَرَّفَ العظْمَ إِذَا كَانَ قَلِيلَ اللَّحْمِ فأَخذ لحمَ عَظْمٍ آخرَ ووضَعَه عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:
إِذَا مَا تَعاظَمْتُمْ جُعُوراً، فَشَرِّفُوا ... جَحِيشاً، إِذَا آبَتْ مِنَ الصَّيْفِ عِيرُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى أَنَّ مَعْنَاهُ إِذَا عَظُمَتْ فِي أَعينكم هَذِهِ الْقَبِيلَةُ مِنْ قَبَائِلِكُمْ فَزِيدُوا مِنْهَا فِي جَحِيش هَذِهِ الْقَبِيلَةِ الْقَلِيلَةِ الذَّلِيلَةِ، فَهُوَ عَلَى نَحْوِ تَشْريفِ العظْمِ باللَّحم. والشُّرْفَةُ: أَعلى الشَّيْءِ. والشَّرَفُ: كالشُّرْفةِ، وَالْجَمْعُ أَشْرَافٌ؛ قَالَ الأَخطل:
وَقَدْ أَكل الكِيرانُ أَشْرافَها العُلا، ... وأُبْقِيَتِ الأَلْواحُ والعَصَبُ السُّمْرُ
ابْنُ بُزُرْجَ: قَالُوا: لَكَ الشُّرْفةُ فِي فُؤَادي عَلَى النَّاسِ. شَمِرٌ: الشَّرَفُ كُلُّ نَشْزٍ مِنَ الأَرض قَدْ أَشْرَفَ عَلَى مَا حَوْلَهُ، قادَ أَو لَمْ يَقُد، سَوَاءٌ كَانَ رَمْلًا أَو جَبَلًا، وَإِنَّمَا يَطُولُ نَحْوًا مِنْ عشْر أَذرُع أَو خمس، قَلَّ عِرَضُ طهره أَو كَثُرَ. وَجَبَلٌ مُشْرِفٌ: عالٍ. والشَّرَفُ مِنَ الأَرض: مَا أَشْرَفَ لَكَ. وَيُقَالُ: أَشْرَفَ لِي شَرَفٌ فَمَا زِلْتُ أَرْكُضُ حَتَّى عَلَوْتُهُ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
إِذَا مَا اشْتَأَى شَرَفاً قَبْلَه ... وواكَظَ، أَوْشَكَ مِنْهُ اقْتِرابا
الْجَوْهَرِيُّ: الشَّرَفُ العُلُوُّ وَالْمَكَانُ الْعَالِي؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
آتِي النَّدِيَّ فَلَا يُقَرَّبُ مَجْلِسي، ... وأَقُود للشَّرَفِ الرَّفِيعِ حِماري
يَقُولُ: إِنِّي خَرِفْت فَلَا يُنتفع برَأْيي، وكبِرْت فَلَا أَستطيع أَن أَركب مِنَ الأَرض حِمَارِي إِلَّا مِنْ مَكَانٍ عَالٍ. اللَّيْثُ: المُشْرَفُ الْمَكَانُ الَّذِي تُشْرِفُ عَلَيْهِ وَتَعْلُوهُ. قَالَ: ومَشارِفُ الأَرض أَعاليها. وَلِذَلِكَ قِيلَ: مَشارِفُ الشَّامِ. الأَصمعي: شُرْفَةُ الْمَالِ خِيارُه، وَالْجَمْعُ الشُّرَفُ. وَيُقَالُ: إِنِّي أَعُدُّ إتْيانَكم شُرْفةً وأَرى ذَلِكَ شُرْفةً أَي فَضْلًا وشَرَفاً. وأَشْرافُ الإِنسان: أُذُناه وأَنْفُه؛ وَقَالَ عَدِيٌّ:
كَقَصِير إِذْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ أَنْ جَدَّع ... أَشْرافَه لمَكْر قَصِير(9/170)
ابْنُ سِيدَهْ: الأَشْرافُ أَعلى الإِنسانِ، والإِشرافُ: الانتصابُ. وَفَرَسٌ مُشْتَرِفٌ أَي مُشْرِفُ الخَلْق. وَفَرَسٌ مُشْتَرِفٌ: مُشْرِفُ أَعالي الْعِظَامِ. وأَشْرَف الشيءَ وَعَلَى الشَّيْءِ: عَلاه. وتَشَرَّفَ عَلَيْهِ: كأَشْرَفَ. وأَشْرَفَ الشيءُ: عَلَا وَارْتَفَعَ. وشَرَفُ الْبَعِيرِ: سَنامه، قَالَ الشَّاعِرُ:
شَرَفٌ أَجَبُّ وكاهِلٌ مَجْزُولُ
وأُذُن شَرْفَاء أَي طَوِيلَةٌ. والشَّرْفَاء مِنَ الْآذَانِ: الطَّوِيلَةُ القُوفِ الْقَائِمَةُ المُشْرِفةُ وَكَذَلِكَ الشُّرافِيَّة، وَقِيلَ: هِيَ الْمُنْتَصِبَةُ فِي طُولٍ، وَنَاقَةٌ شَرْفَاء وشُرافِيَّةٌ: ضَخْمةُ الأُذنين جَسِيمَةٌ، وضَبٌّ شُرافيٌّ كَذَلِكَ، ويَرْبُوعٌ شُرافيّ؛ قَالَ:
وَإِنِّي لأَصْطادُ اليَرابيعَ كُلَّها: ... شُرافِيَّها والتَّدْمُريَّ المُقَصِّعا
وَمَنْكِبٌ أَشْرَفُ: عَالٍ، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ ارْتِفَاعٌ حَسَنٌ وَهُوَ نقِيض الأَهدإِ. يُقَالُ مِنْهُ: شَرِفَ يَشْرَفُ شَرَفاً، وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
جَزى اللهُ عَنَّا جَعْفَراً، حِينَ أَشْرَفَتْ ... بِنَا نَعْلُنا فِي الواطِئين فَزَلَّتِ
لَمْ يُفَسِّرْهُ وَقَالَ: كَذَا أَنشدَناه عُمَرُ بْنُ شَبَّة، وقال: وَيُرْوَى حِينَ أَزْلَفَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ هَكَذَا أَنشدناه تَبَرُّؤٌ مِنَ الرِّوَايَةِ. والشُّرْفةُ: مَا يُوضَعُ عَلَى أَعالي القُصور والمدُن، وَالْجَمْعُ شُرَفٌ. وشَرَّفَ الحائطَ: جُعِلَ لَهُ شُرْفةً. وَقَصْرٌ مُشَرَّفٌ: مطوَّل. والمَشْرُوف: الَّذِي قَدْ شَرَفَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، يُقَالُ: قَدْ شَرَفَه فَشَرَفَ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أُمِرْنا أَن نَبْني المَدائِنَ شُرَفاً والمساجِدَ جُمّاً
؛ أَراد بالشُّرَفِ الَّتِي طُوّلت أَبْنِيَتُها بالشُّرَفِ، الْوَاحِدَةُ شُرْفةٌ، وَهُوَ عَلَى شَرَفِ أَمر أَي شَفًى مِنْهُ. والشَّرَفُ: الإِشْفاء عَلَى خَطَر مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ. وأَشْرَفَ لَكَ الشيءُ: أَمْكَنَك. وشارَفَ الشيءَ: دَنَا مِنْهُ وقارَبَ أَن يَظْفَرَ بِهِ. وَيُقَالُ: سَارُوا إِلَيْهِمْ حَتَّى شَارَفُوهم أَي أَشْرَفُوا عَلَيْهِمْ. وَيُقَالُ: مَا يُشْرِفُ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا أَخذه، وَمَا يُطِفُّ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا أَخذه، وَمَا يُوهِفُ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا أَخذه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أُمِرْنا فِي الأَضاحي أَن نَسْتَشْرفَ الْعَيْنَ والأُذن
؛ مَعْنَاهُ أَي نتأَمل سَلَامَتَهُمَا مِنْ آفةٍ تَكُونُ بِهِمَا، وآفةُ الْعَيْنِ عَوَرُها، وَآفَةُ الأُذن قَطْعها، فَإِذَا سَلِمَت الأُضْحِية مِنَ العَوَر فِي الْعَيْنِ والجَدْعِ فِي الأُذن جَازَ أَن يُضَحَّى بها، إذا كَانَتْ عَوْراء أَو جَدْعاء أَو مُقابَلَةً أَو مُدابَرَةً أَو خَرْقاء أَو شَرْقاء لَمْ يُضَحَّ بِهَا، وَقِيلَ: اسْتِشْرافُ الْعَيْنِ والأُذن أَن يَطْلُبَهُمَا شَريفَيْن بِالتَّمَامِ وَالسَّلَامَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الشُّرْفةِ وَهِيَ خِيارُ الْمَالِ أَي أُمِرْنا أَن نَتَخَيَّرَهَا. وأَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ وأَشْفى: قارَبَ. وتَشَرَّفَ الشيءَ واسْتَشْرَفه: وَضَعَ يَدَهُ عَلَى حاجِبِه كَالَّذِي يَسْتَظِلُّ مِنَ الشَّمْسِ حَتَّى يُبْصِرَه ويَسْتَبِينَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُطَيْر:
فَيا عَجَباً للناسِ يَسْتَشْرِفُونَني، ... كأَنْ لَمْ يَرَوا بَعْدي مُحِبّاً وَلَا قبْلي
وَفِي حَدِيثِ
أَبي طَلْحَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه كَانَ حسَنَ الرمْي فَكَانَ إِذَا رَمَى اسْتَشْرَفَه النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، لِيَنْظُرَ إِلَى مَواقِعِ نَبْله
أَي يُحَقِّقُ نَظَرَهُ ويَطَّلِعُ عَلَيْهِ. والاسْتِشْرافُ: أَن تَضَع يَدَكَ عَلَى حَاجِبِكَ وَتَنْظُرَ، وأَصله مِنَ الشَّرَف العُلُوّ(9/171)
كأَنه يَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَوْضِعٍ مُرْتَفِع فَيَكُونُ أَكثر لإِدراكه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدَةَ: قَالَ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، لَمَّا قَدِمَ الشامَ وَخَرَجَ أَهلُه يَسْتَقْبِلُونَهُ: مَا يَسُرُّني أَن أَهلَ هَذَا الْبَلَدِ اسْتَشْرَفُوك
أَي خَرَجُوا إِلَى لِقَائِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ ذَلِكَ لأَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ مَا تَزَيَّا بِزِيِّ الأُمراء فَخَشِيَ أَن لَا يَسْتَعْظِمُوه. وَفِي حَدِيثِ الفِتَن:
مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا اسْتَشْرَفَتْ لَهُ
أَي مَنْ تَطَلَّعَ إِلَيْهَا وتَعَرَّضَ لَهَا واتَتْه فَوَقَعَ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُشْرِفْ يُصِبْك سَهْمٌ
أَي لَا تَتَشَرَّفْ مِنْ أَعْلى الْمَوْضِعِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
حَتَّى إِذَا شارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتَهَا
أَي قَرُبَت مِنْهَا وأَشْرَفَت عَلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبيه: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُعْطِي عُمَر الْعَطَاءَ فَيَقُولُ لَهُ عُمَرُ: يَا رسولَ اللَّهِ أَعْطِه أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْه فتَمَوَّلْه أَو تَصَدَّقْ بِهِ، وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وأَنتَ غيرُ مُشْرِفٍ لَهُ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْه نفسَك
، قَالَ سَالِمٌ: فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا أُعْطِيَه؛ وَقَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ
وأَنت غَيْرُ مُشْرِفٍ لَهُ
قَالَ: مَا تُشْرِفُ عَلَيْهِ وتَحَدَّثُ بِهِ نَفْسَكَ وَتَتَمَنَّاهُ؛ وأَنشد:
لَقَدْ عَلِمْتُ، وَمَا الإِشْرافُ مِنْ طَمَعي، ... أَنَّ الَّذِي هُو رِزْقي سَوْفَ يأْتيني «4»
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الإِشْرافُ الحِرْصُ. وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ:
وأَنتَ غيرُ مُشْرِفٍ لَهُ أَو مُشارِفٍ فَخُذْهُ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: اسْتَشْرَفَني حَقّي أَي ظَلمَني؛ وَقَالَ ابْنُ الرِّقاع:
وَلَقَدْ يَخْفِضُ المُجاوِرُ فيهمْ، ... غيرَ مُسْتَشْرَفٍ وَلَا مَظْلوم
قَالَ: غيرَ مُسْتَشْرَف أَي غيرَ مَظْلُومٍ. وَيُقَالُ: أَشْرَفْتُ الشيءَ عَلَوْتُه، وأَشْرَفْتُ عَلَيْهِ: اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقُ، أَراد مَا جَاءَكَ مِنْهُ وأَنت غيرُ مُتَطَلِّع إِلَيْهِ وَلَا طامِع فِيهِ، وَقَالَ اللَّيْثُ: اسْتَشْرَفْتُ الشيءَ إِذَا رَفَعْتَ رأْسَك أَو بصَرك تَنْظُرُ إِلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَنْتَهِبُ نُهْبةً ذاتَ شَرَفٍ وَهُوَ مؤمِنٌ
أَي ذاتَ قَدْر وقِيمة ورِفْعةٍ يَرْفَعُ الناسُ أَبصارهم لِلنَّظَرِ إِلَيْهَا ويَسْتَشْرفونها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَشَرَّفُوا «5» لِلْبَلَاءِ
؛ قَالَ شَمِرٌ: التَّشَرُّف لِلشَّيْءِ التَّطَلُّعُ والنظرُ إِلَيْهِ وحديثُ النفْسِ وتَوَقُّعُه؛ وَمِنْهُ: فَلَا يَتَشَرَّفُ إبلَ فُلَانٍ أَي يَتَعَيَّنُها. وأَشْرَفْت عَلَيْهِ: اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقُ، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ مُشْرَفٌ. وشارَفْتُ الشَّيْءَ أَي أَشْرَفْت عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اسْتَشْرَفَ لَهُمْ ناسٌ
أَي رَفَعُوا رؤُوسَهم وأَبصارَهم؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ فِي حَدِيثِ
سَالِمٍ: مَعْنَاهُ وأَنت غَيْرُ طَامِعٍ وَلَا طامِحٍ إِلَيْهِ ومُتَوَقِّع لَهُ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَنْ أَخَذَ الدُّنْيَا بإشرافِ نفْس لَمْ يُبارَك لَهُ فِيهَا، وَمَنْ أَخذها بسخاوةِ نَفْس بُورِك لَهُ فِيهَا
، أَي بحرْصٍ وطَمَعٍ. وتَشَرَّفْتُ المَرْبَأَ وأَشْرَفْتُه أَي عَلَوْتُهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ومَرْبَإٍ عالٍ لِمَن تَشَرَّفا، ... أَشْرَفْتُه بلا شَفًى أَو بِشَفى
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بِلَا شَفًى أَي حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، أَو بشَفًى أَي بقِيَتْ مِنَ الشَّمْسِ بقِيّة. يُقَالُ عند
__________
(4) . قوله [من طمعي] في شرح ابن هشام لبانت سعاد: من خلقي.
(5) . قوله [لا تشرفوا] كذا بالأصل، والذي في النهاية: لا تستشرفوا.(9/172)
غُرُوبِ الشَّمْسِ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا شَفًى. واسْتَشْرَفَ إبلَهم: تَعَيَّنَها ليُصِيبها بِالْعَيْنِ. والشارِفُ مِنَ الإِبل: المُسِنُّ والمُسِنَّةُ، وَالْجَمْعُ شَوَارِفُ وشُرَّفٌ وشُرُفٌ وشُرُوفٌ، وَقَدْ شَرُفَتْ وشَرَفَتْ تَشْرُف شُرُوفاً. والشارِفُ: الناقةُ الَّتِي قَدْ أَسَنَّتْ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الشَّارِفُ النَّاقَةُ الهِمّةُ، وَالْجَمْعُ شُرْفٌ وشَوَارِفُ مِثْلُ بازِلٍ وبُزْلٍ، وَلَا يُقَالُ لِلْجَمَلِ شارِفٌ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
نَجاة مِنَ الهُوجِ المَراسِيلِ هِمَّة، ... كُمَيْت عَلَيْهَا كَبْرةٌ، فَهِيَ شَارِفُ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ وحَمْزة، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ:
أَلا يَا حَمْزَ للشُّرُفِ النِّواء، ... فَهُنَّ مُعَقَّلاتٌ بالفِناء
هِيَ جَمْعُ شَارِفٍ وتضمُّ راؤُها وَتُسَكَّنُ تَخْفِيفًا، وَيُرْوَى ذَا الشَّرَف، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالشِّينِ، أَي ذَا العَلاء والرِّفْعةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ زِمْل: وَإِذَا أَمام ذَلِكَ ناقةٌ عَجْفاء شَارِفٌ
؛ هِيَ المُسِنّةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا أَنى أَن يَخْرُجَ بِكُمُ الشُّرْفُ الجُونُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الشُّرْفُ الجُون؟ قَالَ: فِتَنٌ كقِطْعِ الليلِ المُظْلمِ
؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: الشُّرْفُ جَمْعُ شارِفٍ وَهِيَ النَّاقَةُ الهَرِمةُ، شبَّه الفِتَنَ فِي اتِّصالها وامْتِداد أَوقاتها بالنُّوق المُسِنَّة السُّود، والجُونُ: السُّودُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى بِسُكُونِ الرَّاءِ «1» وَهِيَ جَمْعٌ قَلِيلٌ فِي جَمْعِ فَاعِلٍ لَمْ يَردْ إِلَّا فِي أَسماء مَعْدُودَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
الشُّرْقُ الجُون
، بِالْقَافِ، وَهُوَ جَمْعُ شارِق وَهُوَ الَّذِي يأْتي مِنْ نَاحِيَةِ المَشْرِق، وشُرْفٌ جَمْعُ شَارِفٍ نَادِرٌ لَمْ يأْت مثلَه إِلَّا أَحرف مَعْدُودَةٌ: بازِلٌ وبُزْلٌ وحائلٌ وحُولٌ وعائذٌ وعُوذٌ وعائطٌ وعُوطٌ. وَسَهْمٌ شَارِفٌ: بَعِيدُ الْعَهْدِ بالصِّيانةِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي انْتَكَثَ رِيشُه وعَقَبُه، وقيل: هُوَ الدَّقِيقُ الطَّوِيلُ. غَيْرُهُ: وَسَهْمٌ شَارِفٌ إِذَا وُصِف بالعُتْق والقِدَم؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
يُقَلِّبُ سَهْماً راشَه بمَناكِبٍ ... ظُهار لُؤامٍ، فَهُوَ أَعْجَفُ شَارِفُ
اللَّيْثُ: يُقَالُ أَشْرَفَتْ عَلَيْنَا نفْسُه، فَهُوَ مُشْرِفٌ عَلَيْنَا أَي مُشْفِقٌ. والإِشْرَافُ: الشَّفَقة؛ وأَنشد:
وَمِنْ مُضَرَ الحَمْراء إشْرَافُ أَنْفُسٍ ... عَلَيْنَا، وحَيّاها إِلَيْنَا تَمَضُّرا
ودَنٌّ شَارِفٌ: قدِيمُ الخَمْر؛ قَالَ الأَخطل:
سُلافةٌ حَصَلَتْ مِنْ شَارِفٍ حَلِقٍ، ... كأَنَّما فارَ مِنْهَا أَبْجَرٌ نَعِرُ
وَقَوْلُ بِشْرٍ:
وطائرٌ أَشْرَفُ ذُو خُزْرةٍ، ... وطائرٌ لَيْسَ لَهُ وَكْرُ
قَالَ عَمْرٌو: الأَشْرَفُ مِنَ الطَّيْرِ الخُفّاشُ لأَنَّ لأُذُنيه حَجْماً ظَاهِرًا، وَهُوَ مُنْجَرِدٌ مِنَ الزِّفِّ والرِّيش، وَهُوَ يَلِدُ وَلَا يَبِيضُ، وَالطَّيْرُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَكْرٌ طَيْرٌ يُخبِر عَنْهُ الْبَحْرِيُّونَ أَنه لَا يَسْقط إِلَّا رَيْثَمَا يَجْعَلُ لبَيْضِه أُفْحُوصاً مِنْ تُرَابٍ ويُغَطِّي عَلَيْهِ ثُمَّ يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ وَبَيْضُهُ يتفَقَّس مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ انْتِهَاءِ مُدَّتِهِ، فَإِذَا أَطاق فَرْخُه الطيَران كَانَ كأَبوَيه فِي عَادَتِهِمَا. والإِشْرَافُ: سُرعةُ عَدْوِ الخيل.
__________
(1) . قوله [يروى بسكون الراء] في القاموس: وفي الحديث
أتتكم الشرف الجون
بضمتين.(9/173)
وشَرَّفَ الناقةَ: كادَ يَقْطَعُ أَخلافها بالصَّرّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
جَمَعْتُها مِنْ أَيْنُقٍ غِزارِ، ... مِنَ اللَّوا شُرِّفْنَ بالصِّرارِ
أَراد مِنَ اللَّوَاتِي، وَإِنَّمَا يُفعل بِهَا ذَلِكَ ليَبْقى بُدْنُها وسِمَنُها فيُحْمَل عَلَيْهَا فِي السَّنَةِ المُقْبلة. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَيْسَ مِنَ الشَّرَف وَلَكِنْ مِنَ التَّشْرِيفِ، وَهُوَ أَن تَكادَ تُقْطَعُ أَخْلافها بالصِّرار فيؤثِّر فِي أَخْلافِها؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ يَذْكُرُ عَيْراً يَطْرُد أُتُنه:
وإنْ حَداها شَرَفاً مُغَرِّبا، ... رَفَّهَ عَنْ أَنْفاسِه وَمَا رَبا
حَداها: سَاقَهَا، شَرَفًا أَي وجْهاً. يُقَالُ: طَرَده شرَفاً أَو شَرَفَين، يُرِيدُ وجْهاً أَو وجْهَين؛ مُغَرِّباً: مُتَباعداً بَعِيدًا؛ رَفَّهَ عَنْ أَنفاسه أَي نَفَّسَ وفرَّجَ. وعَدا شَرَفاً أَو شَرَفَينِ أَي شَوْطاً أَو شَوْطَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ:
فاسْتَنَّتْ شَرَفاً أَوْ شَرَفين
؛ عَدَتْ شَوْطاً أَو شَوْطَيْن. والمَشارِفُ: قُرًى مِنْ أَرض الْيَمَنِ، وَقِيلَ: مِنْ أَرض الْعَرَبِ تَدْنُو مِنَ الرِّيف، والسُّيُوفُ المَشْرَفِيّةُ مَنْسوبة إِلَيْهَا. يُقَالُ: سَيفٌ مَشْرَفيّ، وَلَا يُقَالُ مَشارِفيٌّ لأَن الْجَمْعَ لَا يُنسب إِلَيْهِ إِذَا كَانَ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ، لَا يُقَالُ مَهالِبيّ وَلَا جَعَافِرِيٌّ وَلَا عَباقِرِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ
سَطِيح: يَسْكُنُ مَشَارِفَ الشَّامِ
؛ هِيَ كُلُّ قَرْيَةٍ بَيْنَ بِلَادِ الرِّيفِ وَبَيْنَ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لأَنها أَشْرَفَتْ عَلَى السَّوَادِ، وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً المَزارِعُ والبَراغِيلُ، وَقِيلَ: هِيَ الْقُرَى الَّتِي تَقْرُب مِنَ الْمُدُنِ. ابْنُ الأَعرابي: العُمَرِيَّةُ ثِيَابٌ مَصْبُوغَةٌ بالشَّرَفِ، وَهُوَ طِينٌ أَحمر. وَثَوْبٌ مُشَرَّفٌ: مَصْبُوغٌ بالشَّرَف؛ وأَنشد:
أَلا لَا تَغُرَّنَّ امْرَأً عُمَرِيّةٌ، ... عَلَى غَمْلَجٍ طالَتْ وتَمَّ قَوامُها
وَيُقَالُ شَرْفٌ وشَرَفٌ للمَغْرةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الشَّرَفُ لَهُ صِبْغٌ أَحمر يُقَالُ لَهُ الدّارْبَرْنَيان؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي المُشَرَّفِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَنها سُئِلَتْ عَنِ الخِمار يُصْبَغُ بالشَّرْف فَلَمْ ترَ بِهِ بأْساً
؛ قَالَ: هُوَ نَبْتٌ أَحمر تُصْبَغ بِهِ الثِّيَابُ. والشُّرافيُّ: لَوْنٌ مِنَ الثِّيَابِ أَبيض. وشُرَيفٌ: أَطولُ جَبَلٍ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ. ابْنُ سِيدَهْ: والشُّرَيْف جَبَلٌ تَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنه أَطول جَبَلٍ فِي الأَرض. وشَرَفٌ: جَبَلٌ آخرُ يَقْرُبُ مِنْهُ. والأَشْرَفُ: اسْمُ رَجُلٍ: وشِرَافُ وشَرافِ مَبْنِيَّةً: اسْمُ مَاءٍ بِعَيْنِهِ. وشَراف: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَقَدْ غِظْتَني بالحَزْمِ حَزْمِ كُتَيْفةٍ، ... ويومَ الْتَقَيْنا مِنْ وَرَاءِ شَرافِ «1»
التَّهْذِيبُ: وشَرافِ مَاءٌ لَبَنِي أَسد. ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّرَفُ كَبِدُ نَجْدٍ، قَالَ: وَكَانَتِ الْمُلُوكُ مِنْ بَنِي آكِل المُرار تَنزِلُها، وَفِيهَا حِمَى ضَرِيّةَ، وضرِيّة بِئْرٌ، وَفِي الشَّرَفِ الرَّبَذةُ وَهِيَ الحِمَى الأَيمنُ، والشُّرَيْفُ إِلَى جَنْبِهِ، يَفْرُق بَيْنَ الشَّرَف والشُّرَيْفِ وادٍ يُقَالُ لَهُ التَّسْرِيرُ، فَمَا كَانَ مُشَرِّقاً فَهُوَ الشُّرَيْف، وَمَا كَانَ مغرِّباً، فَهُوَ الشَّرَفُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وقولُ ابْنِ السِّكِّيتِ في الشَّرَف والشُّرَيْف
__________
(1) . قوله [غظتني بالحزم حزم] في معجم ياقوت: عضني بالجوّ جوّ.(9/174)
صَحِيحٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يُوشِكُ أَن لَا يكونَ بَيْنَ شَرَافِ وأَرضِ كَذَا جَمَّاءُ وَلَا ذاتُ قَرْن
؛ شَرَافِ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: مَاءٌ لَبَنِي أَسد. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ حَمَى الشَّرَفَ والرَّبَذَةَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رُوِيَ بِالشِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ بِالْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أُحِبُّ أَن أَنْفُخَ فِي الصَّلَاةِ وأَن لِي مَمَرَّ الشَّرَفِ.
والشُّرَيْفُ، مُصَغّر: مَاءٌ لَبَنِي نُمير. والشَّارُوفُ: جَبَلٌ، وَهُوَ موَلَّد. والشَّارُوفُ: المِكْنَسةُ، وَهُوَ فارسيٌّ معرَّب. وأَبو الشَّرْفَاء: مِنْ كُناهم؛ قَالَ:
أَنا أَبو الشَّرْفَاء مَنَّاعُ الخَفَرْ
أَراد مَنّاع أَهل الخفر.
شرحف: الشِّرْحَافُ: القَدَم الغَلِيظةُ. وقَدَمٌ شِرْحَافٌ: عَرِيضَةٌ. وَرَجُلٌ شِرْحَافٌ: عريضُ صَدْرِ الْقَدَمِ. وشِرْحَافٌ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْهُ. واشْرَحَفَّ الرجلُ لِلرَّجُلِ والدابةُ للدابةِ: تَهَيَّأَ لِقِتَالِهِ مُحَارِبًا؛ قَالَ:
لمَّا رأَيتُ الْعَبْدَ مُشرَحِفّا ... للشَّرِّ لَا يُعْطِي الرجالَ النِّصْفا،
أَعْدَمْتُه عُضاضَه والكَفّا
العُضاضُ: مَا بَيْنَ رَوْثةِ الأَنف إِلَى أَصله؛ قَالَ أَبو دُوَادَ:
وَلَقَدْ غَدَوْتُ بِمُشْرَحِفِّ ... الشدِّ فِي فِيهِ اللِّجام
الأَزهري: وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ شِرْحَافاً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ التَّشَرْحُف؛ قَالَ:
لَمَّا رأَيت الْعَبْدَ قَدْ تَشَرْحَفَا
والشِّرْحَافُ والمُشْرَحِفُّ: السريعُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَرْدِي بَشِرْحَافِ المَغاوِرِ، بعدَ ما ... نَشَرَ النهارُ سَوادَ لَيْلٍ مُظْلِم
ابْنُ الأَعرابي: الشُّرْحُوفُ المُسْتَعِدّ للحَمْلة عَلَى العَدُوِّ.
شرسف: الشُّرْسُوفُ: غُضْرُوفٌ مُعَلَّق بِكُلِّ ضِلَعٍ مِثْلُ غُضْروفِ الكَتِف. ابْنُ سِيدَهْ: الشُّرْسُوف ضِلْعٌ عَلَى طَرَفِهَا الغُضْروفُ الرَّقِيقُ. وشاةٌ مُشَرْسَفَةٌ: بِجَنْبَيْهَا بَيَاضٌ قَدْ غَشَّى شَرَاسِيفَها. وَفِي التَّهْذِيبِ: شاةٌ مُشَرْسَفَةٌ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا بَيَاضٌ قَدْ غَشَّى الشَّرَاسِيفَ والشَّواكِلَ. الأَصمعي: الشَّراسِيفُ أَطْرافُ أَضْلاعِ الصدْرِ الَّتِي تُشْرِفُ عَلَى الْبَطْنِ، وَفِي الصِّحَاحِ: مَقاطُّ الأَضْلاعِ، وَهِيَ أَطْرافُها. ابْنُ الأَعرابي: الشُّرْسُوفُ رأْسُ الضِّلَع مِمَّا يَلِي الْبَطْنَ. وَفِي حَدِيثِ المَبْعَث:
فَشَقَّ مَا بَيْنَ ثُغْرَةِ نَحْري إِلَى شُرْسُوفِي.
والشُّرْسُوفُ أَيضاً: الْبَعِيرُ المُقَيَّدُ، وَهُوَ أَيضاً الأَسير الْمَكْتُوفُ، وَهُوَ الْبَعِيرُ الَّذِي قَدْ عُرْقِبَتْ إِحْدَى رِجْلَيْهِ.
شرعف: الشِّرْعَافُ والشُّرْعَاف، بِكَسْرِ الشِّينِ وَضَمِّهَا: كافُور طَلْعَةِ الفُحَّال، أَزْدِيَّةٌ. والشُّرْعُوف: نَبْتٌ أَو ثمر نبت.
شرنف: الشِّرنَافُ: وَرَقُ الزَّرْعِ إِذَا كَثُرَ وَطَالَ وخُشِيَ فسادُه فقُطِع، يُقَالُ حِينَئِذٍ: شَرْنَفْتُ الزرعَ إِذَا قَطَعْتَ شِرْنَافَه. قَالَ الأَزهري: وَهِيَ كَلِمَةٌ يَمَانِيَّةٌ. والشِّرْنَافُ: عَصْفُ الزَّرْعِ العريضُ؛ يُقَالُ: قَدْ شَرْنَفُوا زرعَهم إِذَا جَزُّوا عَصْفَه.(9/175)
شسف: شَسَفَ الشيءُ يَشْسُفُ وشَسُفَ شُسُوفاً وشسَافَةً لُغَتَانِ: يَبِسَ. وسِقاء شَسِيفٌ: يابسٌ؛ قَالَ:
وأَشْعَثَ مَشْحُوبٍ شَسِيفٍ، رَمَتْ بِهِ ... عَلَى الْمَاءِ إحْدَى اليَعْمَلاتِ العَرامِسِ
اللَّيْثُ: اللَّحْمُ الشَّسِيفُ الَّذِي كَادَ يَيْبَسُ وَفِيهِ نُدُوّةٌ بَعْدُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَفْوَه:
وَقَدْ غَدَوْتُ أَمامَ الحَيِّ يَحْمِلُني، ... والفَضَلَتَيْنِ وسَيْفِي، مُحْنِقٌ شَسِفُ
والشَّاسِفُ: القاحِلُ الضامِرُ. الْجَوْهَرِيُّ: الشاسِفُ اليابسُ مِنَ الضُّمْرِ والهُزالِ مِثْلُ الشاسِبِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وَقَدْ شَسَفَ البعيرُ يَشْسُفُ شُسُوفاً؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
إِذَا اضْطَغَنْتُ سِلاحِي عِنْدَ مَغْرِضِها، ... ومِرْفَقٍ كرِئاسِ السَّيْفِ إذْ شَسَفا
والشَّسَفُ: البُسْر الَّذِي يُشَقَّقُ ويُجَفَّفُ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. والشَّسِيفُ: كالشَّسَف؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَقَدْ شَسَّفه. التَّهْذِيبُ: الشَّسِيفُ البُسر المُشَقَّق.
شطف: شَطَفَ عَنِ الشَّيْءِ: عَدل عَنْهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الأَصمعي: شَطَفَ وشَطَبَ إِذَا ذَهب وَتَبَاعَدَ؛ وأَنشد:
أَحانَ مِنْ جِيرانِنا حُفُوفُ، ... وأَقْلَقَتْهُم نِيّةٌ شَطُوفُ؟
وَفِي النَّوَادِرِ: رَمْيَةٌ شَاطِفَةٌ وشاطِبةٌ وصائفةٌ إِذَا زَلَّت عَنِ المقتل:
شظف: الشَّظَفُ: يُبْس الْعَيْشِ وشِدَّتُه؛ قال عديّ ابن الرِّقاعِ:
وَلَقَدْ أَصَبْتُ مِنَ المَعِيشَةِ لَذَّةً، ... وأَصَبتُ مِنْ شَظَفِ الأُمور شِدادَها
الشَّظَفُ: الشِّدَّةُ والضِّيقُ مِثْلُ الضَّفَفِ، وَجَمْعُهُ شِظَافٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وراجٍ لِينَ تَغْلِبَ عَنْ شِظَافٍ [شَظَافٍ] ، ... كمُتَّدنِ الصَّفا كَيْما يَلِينَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى أَن الشَّظَافَ لُغَةٌ فِي الشَّظَفِ وأَن بَيْتَ الكُمَيْتِ قَدْ رُوِيَ بِالْفَتْحِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فِي الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ شِظَاف، بِالْكَسْرِ؛ ووَدَنْتُ الشيءَ واتَّدَنْتُه: بَلَلْتُه. وَقَدْ شَظِفَ شَظَفاً، فَهُوَ شَظِفٌ. وَفِي النَّوَادِرِ: الشِّظْفُ يابسُ الخُبز. والشَّظْفُ: أَن يَشْظُفَ الإِنسان عَنِ الشَّيْءِ يَمْنعُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَشْبَعْ مِنْ طَعَامٍ إِلَّا عَلَى شَظَفٍ
؛ الشَّظَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: شِدَّةُ الْعَيْشِ وضِيقُه. وشَظُفَ الشَّجَرُ، بِالضَّمِّ؛ يَشْظُفُ شَظَافَةً، فَهُوَ شَظِيفٌ: لَمْ يُصِبْ مِنَ الْمَاءِ ريَّه فَخَشُنَ وصَلُبَ مِنْ غَيْرِ أَن تَذْهَبَ نُدُوّتُه. وأَرض شَظِفَةٌ إِذَا كَانَتْ خَشِنةً يَابِسَةً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وانْعاجَ عُودي كالشَّظِيف الأَخْشَنِ، ... بعَدَ اقْوِرارِ الجِلْدِ والتَّشَنُّنِ
وَفَحْلٌ شَظِفُ الخِلاطِ: يخالِط الإِبل خِلاطاً شَدِيدًا. والشَّظَفُ: انْتِكاثُ اللَّحْمِ عَنْ أَصل إكلِيل الظُّفُرِ. والشَّظْف: أَن تَضُمّ الخُصْيَتَينِ بَيْنَ عُودَين وَتَشُدَّهُمَا بعَقَبٍ حَتَّى تَذْبُلا. والشَّظْفُ: شِقَّةُ(9/176)
الْعَصَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَنتَ أَرَحْت الحَيَّ مِنْ أُمّ الصَّبي، ... كَبْداء مِثْلَ الشَّظْفِ أَو شَرّ العِصي
عَنَى بأُمّ الصَّبِيِّ القَوْسَ، وَبِالصَّبِيِّ السهمَ لأَن الْقَوْسَ تَحْتَضِنُه كَمَا تَحْتَضِنُ الأُم الصَّبِيَّ، وَقَوْلُهُ كَبداء أَي كَبْدَاءَ عَظِيمَةِ الْوَسَطِ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ مَهْزُولَةٌ يَابِسَةٌ مِثْلُ شِقّة الْعَصَا. وشَظِفَ السهمُ إِذَا دَخَلَ بين الجلد واللحم.
شعف: شَعَفَةُ كُلِّ شَيْءٍ: أَعلاه. وشَعَفَةُ الْجَبَلِ، بِالتَّحْرِيكِ: رأْسُه، وَالْجَمْعُ شَعَفٌ وشِعَافٌ وشُعُوفٌ وهي رؤوس الْجِبَالِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنْ خَيرِ النَّاسِ رجلٌ فِي شَعَفةٍ مِنَ الشِّعَافِ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ حَتَّى يأْتيَه الموتُ وَهُوَ مُعْتَزِلُ النَّاسِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يريدُ بِهِ رأْسَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ وَيُجْمَعُ شَعَفَات، وَمِنْهُ قِيلَ لأَعْلى شَعَرِ الراْس شَعَفَة، وَمِنْهُ حَدِيثُ
يأْجوج ومأْجوجَ: فَقَالَ عِراضُ الوُجوهِ صِغارُ العُيون شُهْبُ الشِّعَافِ مِنْ كُلِّ حدَب يَنْسِلُون
؛ قَوْلُهُ صُهْبُ الشِّعَاف يُرِيدُ شعور رؤوسهم، وَاحِدَتُهَا شَعَفَة، وَهِيَ أَعْلى الشَّعَرِ. وشَعَفَاتُ الرأْس: أَعالي شَعَرِهِ، وَقِيلَ: قَنازِعُه، وَقَالَ رَجُلٌ: ضَرَبَنِي عُمَرُ بدِرَّتِه فَسَقَطَ البُرْنُسُ عَنْ رأْسي فأَغاثني اللَّهُ بشُعَيْفَتَيْنِ فِي رأْسي أَي ذُؤابَتين عَلَى رأْسه مِنْ شَعَرِهِ وَقَتَاهُ الضَّرْبَ، وَمَا عَلَى رأْسه إِلَّا شُعَيْفَاتٌ أَي شُعَيرات مِنَ الذُّؤَابَةِ. وَيُقَالُ لِذُؤَابَةِ الْغُلَامِ شَعَفَةٌ؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
مِنْ فَوْقِه شَعَفٌ قَرٌّ، وأَسْفلُه ... حيٌّ يُعانَقُ بالظَّيّانِ والعُتُمِ
قَالَ قَرَّ لأَن الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلَّا بِالْهَاءِ يَجُوزُ تأْنيثه وَتَذْكِيرُهُ. والشَّعَفُ: شِبْه رؤوس الكَمْأَةِ والأَثافي تَسْتَدير فِي أَعلاها. وَقَالَ الأَزهري: الشَّعَفُ رأْسُ الكمأَة والأَثافي المستديرةُ. وشَعَفَاتُ الأَثافي والأَبنية: رؤوسُها؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
دواخِساً فِي الأَرض إلَّا شَعَفا
وشَعَفَةُ القلبِ: رأْسُه عِنْدَ مُعَلَّقِ النِّياطِ. والشَّعَفُ: شِدّة الحُبِّ. قَالَ الأَزهريّ: مَا عَلِمْتُ أَحداً جَعَلَ لِلْقَلْبِ شَعَفة غَيْرَ اللَّيْثِ، والحُبُّ الشَّدِيدُ يَتَمَكَّنُ مِنْ سَوادِ الْقَلْبِ لَا مِنْ طَرفه. وشَعَفَني حُبُّها: أَصابَ ذَلِكَ مِنِّي. يُقَالُ: شَعَفَ الهِناءُ البعيرَ إِذَا بلَغ مِنْهُ أَلَمُه. وشَعَفْتُ البعِيرَ بالقَطِرانِ إِذَا شَعَلْتَه بِهِ. والشَّعْفُ: إحْراقُ الحُبِّ القلبَ مَعَ لَذَّةٍ يَجِدُهَا كَمَا أَن الْبَعِيرَ إِذَا هُنِئَ بِالْقَطْرَانِ يَجِدُ لَهُ لَذَّةً مَعَ حُرْقة؛ قَالَ إمْرُؤ الْقَيْسِ:
لِتَقتُلَني، وَقَدْ شَعَفْتُ فُؤادَها، ... كَمَا شَعَفَ المَهْنُوءةَ الرجلُ الطَّالي
يَقُولُ: أَحْرَقْتُ فؤادَها بِحبي كَمَا أَحرق الطَّالِي هَذِهِ المَهْنوءة، فَفُؤَادُهَا طَائِرٌ مِنْ لَذَّةِ الهِناء لأَن الْمَهْنُوءَةَ تَجِدُ للهِناء لَذَّةً مَعَ حُرْقة، وَالْمَصْدَرُ الشَّعَفُ كالأَلم؛ وأَما قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
ومَطافُه لَكَ ذِكْرةٌ وشُعُوف
قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ جَمْعَ شَعْف، وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا وَهُوَ الظَّاهِرُ. والشَّعَافُ: أَن يذهَب الحُبُّ بِالْقَلْبِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
قَدْ شَعَفَها حُبّاً
، قُرِئتْ بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ، فَمَنْ قرأَها بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَمَعْنَاهُ تَيَّمها، وَمَنْ قرأَها بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَي أَصاب شَغافَها. وشَعَفَه الهَوى إِذَا بَلَغَ مِنْهُ، وَفُلَانٌ مَشْعُوفٌ(9/177)
بِفُلَانَةَ، وقراءةُ الْحَسَنِ
شَعَفَها
، بالعين المهملة، هو مِنْ قَوْلِهِمْ شُعِفْتُ بِهَا كأَنه ذَهَبَ بِهَا كُلَّ مَذهب، وَقِيلَ: بطَنَها حُبّاً. وشَعَفَه حُبُّها يَشْعَفُه إِذَا ذَهَبَ بِفُؤَادِهِ مِثْلُ شَعَفَهُ المرضُ إِذَا أَذابَه. وشَعَفَه الحُبُّ: أَحرق قلبَه، وَقِيلَ: أَمرضه. وَقَدْ شُعِفَ بِكَذَا، فَهُوَ مَشْعُوفٌ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي الْعَلَاءِ: الشَّعَفُ، بِالْعَيْنِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، أَن يَقَعَ فِي الْقَلْبِ شَيْءٌ فَلَا يَذْهَبُ. يُقَالُ: شَعَفَنِي يَشْعَفُنِي شَعَفاً؛ وأَنشد للحرث بْنِ حِلِّزَة اليَشْكُري:
ويَئِسْتُ مِمَّا كَانَ يَشْعَفُنِي ... مِنْهَا، وَلَا يُسْلِيك كَالْيَاسِ
وَيُقَالُ: يَكُونُ بِمَعْنَى عَلا حُبها عَلَى قَلْبِهِ. والمَشْعُوفُ: الذاهِبُ الْقَلْبِ، وأَهل هجرَ يَقُولُونَ لِلْمَجْنُونِ مَشْعُوفٌ. وَبِهِ شُعَافٌ أَي جُنون؛ وَقَالَ جَنْدَلٌ الطُّهَويُّ:
وغَيْر عَدْوى مِنْ شُعَافٍ وحَبَنْ
والحبنُ: الْمَاءُ الأَصفر. وَمَعْنَى شُعِفَ بِفُلَانٍ إِذَا ارْتَفَعَ حُبُّه إِلَى أَعلى الْمَوَاضِعِ مِنْ قَلْبِهِ، قال: وَهَذَا مَذْهَبُ الفرَّاء، وَقَالَ غَيْرُهُ: الشَّعَفُ الذُّعْر، فَالْمَعْنَى هُوَ مَذْعُورٌ خَائِفٌ قَلِقٌ. والشَّعَفُ: شَعَفُ الدَّابَّةِ حِينَ تُذْعَر ثُمَّ نَقَلَتْهُ الْعَرَبُ مِنَ الدَّوَابِّ إِلَى النَّاسِ؛ وأَنشد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
لِتَقْتُلَني، وَقَدْ شَعَفْتُ فُؤادَها، ... كَمَا شَعَفَ المَهْنوءةَ الرجلُ الطَّالي
فالشَّعَفُ الأَوَّلُ مِنَ الْحُبِّ، وَالثَّانِي مِنَ الذُّعْر. وَيُقَالُ: أَلقى عَلَيْهِ شَعَفَه وشَغَفَه ومَلَقَه وحُبَّه وحُبَّته، بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَفِي حَدِيثِ عَذَابِ الْقَبْرِ:
فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا جَلَسَ فِي قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ وَلَا مَشْعُوفٍ
؛ الشَّعَفُ: شِدَّةُ الفَزَع حَتَّى يَذْهَبَ بِالْقَلْبِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الثَّوْرَ وَالْكِلَابَ:
شَعَفَ الكِلابُ الضارياتُ فُؤادَه، ... فَإِذَا يَرى الصُّبحَ المُصَدَّقَ يَفْزَعُ
فَإِنَّهُ اسْتَعْمَلَ الشَّعْفَ فِي الْفَزَعِ؛ يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِقَلْبِهِ الْكِلَابُ فَإِذَا نَظَرَ إِلَى الصُّبْحِ تَرَقَّبَ الكلابَ أَن تأْتيه. والشَّعْفَةُ: المَطْرةُ الهَيِّنةُ. وَفِي الْمَثَلِ: مَا تَنْفَعُ الشَّعْفَةُ فِي الْوَادِي الرُّغُبِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلَّذِي يُعْطيك قَلِيلًا لَا يَقَعُ مِنْكَ مَوْقِعاً وَلَا يَسُدُّ مَسَدّاً، وَالْوَادِي الرغُبُ: الواسِعُ الَّذِي لَا يَمْلَؤُه إِلَّا السيلُ الجُحاف. والشَّعْفَةُ: القَطْرة الْوَاحِدَةُ مِنَ الْمَطَرِ. والشَّعْفُ: مطْرة يَسِيرَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَلَا غَرْوَ إلَّا نُرْوِهِمْ مِنْ نِبالِنا، ... كَمَا اصْعَنْفَرَتْ مِعْزى الحِجازِ مِنَ الشَّعْفِ
وشُعَيْفٌ: اسْمٌ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الطَّوِيلِ: شِنْعَافٌ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ. وشَعْفَيْنِ: مَوْضِعٌ، فَفِي المَثَل: لَكِنَّ بشَعْفَيْنِ «2» أَنتِ جَدُودٌ؛ يُضْرَب مَثَلًا لِمَنْ كَانَ فِي حَالٍ سيِّئةٍ فحَسُنَتْ حالُه. وَفِي التَّهْذِيبِ: وشَعْفَانِ جَبلانِ بِالْغَوْرِ، وَذَكَرَ الْمَثَلَ؛ قَالَهُ رَجُلٌ الْتَقَطَ مَنْبُوذةً وَرَآهَا يَوْمًا تُلاعِبُ أَتْرابَها وَتَمْشِي عَلَى أَربع وَتَقُولُ: احْلُبُوني فإني خَلِفةٌ.
شغف: الشُّغافُ: دَاءٌ يأْخذ تَحْتَ الشَّراسِيفِ مِنَ الشِّقِّ الأَيمن؛ قال النابغة:
__________
(2) . قوله [بشَعْفَيْنِ] هو بلفظ المثنى كما في القاموس تبعاً للأزهري؛ وفي معجم ياقوت مغلطاً للجوهري في كسره الفاء بلفظ الجمع.(9/178)
وَقَدْ حالَ هَمٌّ دونَ ذَلِكَ والِجٌ ... مَكانَ الشُّغافِ تَبْتَغِيه الأَصابِعُ «1»
يَعْنِي أَصابع الأَطِبّاء، وَيُرْوَى وُلُوج الشُّغَاف. والشَّغَافُ: غِلافُ القَلْب، وَهُوَ جِلْدَةٌ دُونَه كَالْحِجَابِ وسُوَيْداؤه. التَّهْذِيبُ: الشَّغَافُ مَوْلِجُ البَلْغم، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ غِشَاءُ الْقَلْبِ. وشَغَفَه الحُبُّ يَشْغَفُه شَغْفاً وشَغَفاً: وصَل إِلَى شَغَافِ قَلْبِهِ. وقرأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ شَغَفَها حُبًّا
، قَالَ: دَخَلَ حُبُّه تَحْتَ الشَّغاف، وَقِيلَ: غَشَّى الحبُّ قَلْبَها، وَقِيلَ: أَصاب شَغافها؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: شَغَافُ الْقَلْبِ وشَغَفُه غِلافُه؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
إِنِّي لأَهْواكِ غيْرَ ذِي كَذِبٍ، ... قَدْ شَفَّ منِّي الأَحْشاءُ والشَّغَفُ
أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لحجابِ الْقَلْبِ وَهِيَ شَحْمة تَكُونُ لِباساً لِلْقَلْبِ الشَّغَافُ، وإذا وَصَلَ الدَّاءُ إِلَى الشَّغَاف فلازَمه مَرِضَ الْقَلْبُ وَلَمْ يصِحّ، وَقِيلَ: شُغِفَ فُلَانٌ شَغْفاً. أَبو عُبَيْدٍ: الشَّغَفُ أَن يَبْلُغَ الْحُبُّ شَغاف الْقَلْبِ، وَهِيَ جِلْدَةٌ دُونَهُ. يُقَالُ: شَغَفَه الحُبُّ أَي بَلغ شَغافَه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فِي قَوْلِهِ شَغَفَها حُبًّا
ثَلَاثَةُ أَقوال: قِيلَ الشَّغَاف غِلاف الْقَلْبِ، وَقِيلَ: هُوَ حَبّة الْقَلْبِ وَهُوَ سُوَيْداء الْقَلْبِ، وَقِيلَ: هُوَ دَاءٌ يَكُونُ فِي الْجَوْفِ فِي الشَّراسِيف، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سُمِّيَ الدَّاءُ شَغَافاً بِاسْمِ شَغَاف الْقَلْبِ، وَهُوَ حِجَابُهُ وَرَوَى الأَصمعي أَن الشَّغَافَ دَاءٌ فِي الْقَلْبِ إِذَا اتَّصَلَ بالطِّحال قَتَلَ صَاحِبَهُ، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ، وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْحَسَنِ في قوله قَدْ شَغَفَها حُبًّا
، قَالَ: الشَّغَفُ أَن يَكْوِي بَطنَها حُبُّه. وَرُوِيَ عَنْ يُونُسَ قَالَ: شَغَفَها أَصاب شَغافها مِثْلُ كَبَدَها. ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّغَاف هُوَ الخِلْبُ وَهِيَ جُليدة لَاصِقَةٌ بِالْقَلْبِ، وَمِنْهُ قِيلَ خَلبَه إِذَا بَلَغَ شَغَافَ قلبِه. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: شَغَفَها حُبًّا
أَي خَرَقَ شَغَافَ قَلْبِهَا وَوَصَلَ إِلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنْشَأَه فِي ظُلَمِ الأَرْحامِ وشُغُفِ الأَسْتار
؛ اسْتَعَارَ الشُّغُفَ جَمْعَ شَغاف الْقَلْبِ لِمَوْضِعِ الْوَلَدِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا هَذِهِ الفُتْيا الَّتِي تَشَغَّفَتِ الناسَ
أَي وَسْوَسَتْهم وفَرَّقَتهم كأَنها دَخَلَتْ شَغاف قُلُوبِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
يَزِيدَ الفَقِير: كُنْتُ قَدْ شَغَفَنِي رأْيٌ مِنْ رأْيِ الخوارجِ.
وشُغِفَ بالشي، عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ: أُولِعَ بِهِ. وشَغِفَ بِالشَّيْءِ شَغَفاً، عَلَى صِيغَةِ الْفَاعِلِ: قَلِقَ. والشَّغَفُ: قِشْرُ شَجَرِ الغافِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وشَغَفٌ: مَوْضِعٌ بِعُمانَ يُنْبِتُ الغافَ الْعِظَامَ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
حَتَّى أَناخَ بذاتِ الغافِ مِنْ شَغَفٍ، ... وَفِي الْبِلَادِ لَهُمْ وُسْعٌ ومُضْطَرَبُ
شفف: شَفَّهُ الحُزْنُ والحُبُّ يَشُفُّه شَفّاً وشُفُوفاً: لذَعَ قَلْبَه، وَقِيلَ أَنحَلَه، وَقِيلَ أَذْهَبَ عَقْلَهُ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قَوْلَهُ:
وَلَكِنْ رَآنَا سَبعْة لَا يَشُفُّنَا ... ذَكاء، وَلَا فِينا غُلامٌ حَزَوّرُ
وشَفَّ كَبِدَه: أَحْرَقَها؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَهُنَّ عُكُوفٌ كَنَوْحِ الكَريمِ، ... قَدْ شَفَّ أَكْبادَهُنَّ الْهَوَى
وشَفَّهُ الحُزْنُ: أَظهر مَا عِنْدَهُ مِنَ الجَزَعِ: وشَفَّهُ الهمُّ أَي هَزَلَه وأَضْمَرَه حَتَّى رَقَّ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ شَفَّ الثوبُ إِذَا رَقَّ حَتَّى يَصِف جِلْدَ لابِسِه. والشُّفُوفُ: نُحُولُ الجِسْم من الهَمِّ والوَجْدِ.
__________
(1) . في ديوان النابغة: شاغل بدل والج.(9/179)
وشَفَّ جِسمُه يَشِفُّ شُفُوفاً أَي نَحَلَ. الْجَوْهَرِيُّ: شَفَّهُ الهَمُّ يَشُفُّهُ، بِالضَّمِّ، شَفّاً هزَله وشَفْشَفَه أَيضاً؛ وَمِنْهُ قول الفرزدق:
مَوانِع للأَسْرارِ إِلَّا لأَهلِها، ... ويُخْلِفْنَ مَا ظَنَّ الغَيُورُ المُشَفْشَفُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى المُشَفْشِفُ وَهُوَ المُشْفِقُ. يُقَالُ: شَفْشَفَ عَلَيْهِ إِذَا أَشْفَقَ. والشَّفُّ والشِّفُّ: الثوبُ الرقيقُ، وَقِيلَ: السِّتْر الرَّقِيقُ يُرى مَا وَرَاءَهُ، وَجَمْعُهُمَا شُفُوفٌ. وشَفَّ السترُ يَشِفُّ شُفُوفاً وشَفِيفاً واسْتَشَفَّ: ظَهَرَ مَا وَرَاءَهُ. واسْتَشَفَّه هُوَ: رأَى مَا وَرَاءَهُ. اللَّيْثُ: الشَّفُ ضَرْبٌ مِنَ السُّتور يُرى مَا وَرَاءَهُ، وَهُوَ سِتْرٌ أَحمر رَقِيقٌ مِنْ صُوف يُسْتَشَفُّ ما وراءه، وَجَمْعُهُ شُفُوفٌ؛ وأَنشد:
زانَهُنَّ الشُّفُوفُ ينْضَخْنَ بالمِسكِ، ... وعَيْشٌ مُفانِقٌ وحَريرُ
واسْتَشَفَّتْ مَا وَرَاءَهُ إِذَا أَبْصَرَتْه. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: يُؤْمَرُ بِرَجُلَيْنِ إِلَى الْجَنَّةِ فَفُتِحَت الأَبوابُ وَرُفِعَتِ الشُّفُوفُ
؛ قَالَ: هِيَ جمعُ شِفّ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ السُّتُورِ. وشَفَّ الثوبُ عَنِ المرأَة يَشِفُّ شُفُوفاً: وَذَلِكَ إِذَا أَبدى مَا وَرَاءَهُ مِنْ خَلْقِها. وَالثَّوْبُ يَشِفُّ فِي رِقَّتِه، وَقَدْ شَفَّ عَلَيْهِ ثوبُه يَشِفُّ شُفوفاً وشَفِيفاً أَيضاً؛ عَنِ الْكِسَائِيِّ، أَي رَقَّ حَتَّى يُرَى مَا خَلْفَهُ. وَثَوْبٌ شَفّ وشِفّ أَي رَقِيقٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تُلْبِسوا نِسَاءَكُمُ القَباطِيَّ فَإِنَّهُ إِنْ لَا يَشِفَّ فَإِنَّهُ يَصِفُ
؛ وَمَعْنَاهُ أَنَّ قَباطِيَّ مِصْرَ ثِيَابٌ رِقاقٌ، وَهِيَ مَعَ رِقَّتِها صَفِيقَةُ «1» النَّسْج، فَإِذَا لَبِسَتْها المرأَة لَصِقَتْ بأَرْدَافِها فَوَصَفَتْهَا فنَهى عَنْ لُبْسِها وأَحبّ أَن يُكْسَيْنَ الثِّخانَ الغِلاظَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَعَلَيْهَا ثَوْبٌ قَدْ كَادَ يَشِفُّ.
وَتَقُولُ للبزازِ: اسْتَشِفَّ هَذَا الثوبَ أَي اجْعَلْهُ طَاقًا وارْفَعْه فِي ظِلٍّ حَتَّى أَنظرَ أَكثيفٌ هُوَ أَم سَخِيفٌ. وَتَقُولُ: كَتَبْتُ كِتَابًا فاسْتَشِفَّه أَي تَأَمَّلْ مَا فِيهِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ، وَهِيَ لاهِيَةٌ، ... كأَنَّما شَفَّ وَجْهها نُزْفُ
وشَفَّ الماءَ يَشُفُّه شَفّاً واشْتَفَّه واسْتَشَفَّه وتَشَافَّه وتَشَافَاه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذِهِ الأَخيرة مِنْ مُحَوّل التَّضْعِيفِ لأَن أَصله تَشافَّه، كُلُّ ذَلِكَ: تَقَصَّى شُرْبَهُ. قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ لِابْنِهِ فِي وَصاتِه: أَقْبَحُ طاعِمٍ المُقْتَفُّ، وأَقبحُ شاربٍ المُشْتَفّ؛ وَاسْتَعَارَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبْرَةَ الجُرَشِيّ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ:
ساقَيْتُه الموتَ حَتَّى اشْتَفَّ آخِرَه، ... فَمَا اسْتَكانَ لِمَا لاقَى وَلَا ضَرَعا
أَي حَتَّى شَرِبَ آخِرَ الْمَوْتِ، وَإِذَا شَرِبَ آخِرَهُ فَقَدْ شَرِبَهُ كُلَّهُ. وَفِي الْمَثَلِ: لَيْسَ الرِّيُّ عَنِ التَّشَافِّ أَي لأَن القَدْر الَّذِي يُسْئِرُه الشاربُ لَيْسَ مِمَّا يُرْوي، وَكَذَلِكَ الاسْتِقْصاء فِي الأُمور والاسْتِشْفَافُ مِثْلُهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَيْسَ مَنْ لَا يَشْرَبُ جَمِيعِ مَا فِي الإِناء لَا يَرْوَى. وَيُقَالُ: تَشَافَفْتُ مَا فِي الإِناء واسْتَشْفَفْتُه إِذَا شربتَ جَمِيعَ مَا فِيهِ وَلَمْ تُسْئِر فِيهِ شَيْئًا. ابْنُ الأَعرابي: تَشافَيْتُ مَا فِي الإِناء تَشافِياً إِذَا أَتيت عَلَى مَا فِيهِ، وتَشافَفْتُه أَتَشافُّه تَشافّاً مثله. ويقال
__________
(1) . قوله [صفيقة] في النهاية ضعيفة.(9/180)
لِلْبَعِيرِ إِذَا كَانَ عَظِيمَ الجُفْرةِ: إِنَّ جَوْزَه ليَشْتَفُّ حِزامه أَي يَسْتَغْرِقُهُ كُلَّهُ حَتَّى لَا يَفْضُلَ مِنْهُ شَيْءٌ؛ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ زُهير:
لَهُ عُنُقٌ تَلْوِي بِمَا وُصِلَتْ بِهِ، ... ودَفَّانِ يَشْتَفَّانِ كلَّ ظِعانِ
وهو حَبْلٌ يُشدّ بِهِ الهَوْدَجُ عَلَى الْبَعِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَ
أَي شُرْبُ جَمِيعِ مَا فِي الإِناء، وتَشَافَفَ مِثْلُهُ إِذَا شَرِبْتَهُ كُلَّهُ وَلَمْ تُسْئره. وَفِي حَدِيثِ
أَنس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خطَب أَصحابَه يَوْمًا وَقَدْ كَادَتِ الشمسُ تَغْرُب وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا شِفٌ
؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ إِلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ. وشُفَافَةُ النَّهَارِ: بَقِيَّتُه، وَكَذَلِكَ الشَّفَى؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
شُفَافُ الشَّفَى أَو قَمْشةُ الشمسِ أَزْمَعا ... رَواحاً، فمدَّا مِنْ نِجاءٍ مَهادِبِ
والشُّفَافَةُ: بقِيَّةُ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ فِي الإِناء؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَذَكَرَ بَعْضُ المتأَخرين أَنه رُوِيَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَسَّرَهُ بالإِكثار مِنَ الشُّرْبِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ أَنه قَالَ: سَفِفْتُ الماءَ إِذَا أَكثرتَ مِنْ شُرْبِهِ وَلَمْ تَرْوَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ رَدِّ السَّلَامِ:
قَالَ إِنَّهُ تَشافَّها
أَي اسْتَقْصاها، وَهُوَ تَفاعَلَ مِنْهُ. والشَّفُّ والشِّفُّ: الفضْل والرِّبْحُ والزيادةُ، والمعروفُ بِالْكَسْرِ، وَقَدْ شَفَّ يَشِفُّ شَفّاً مِثْلُ حَمَلَ يَحْمِلُ حَملًا، وَهُوَ أَيضاً النُّقصانُ، وَهُوَ مِنَ الأَضْداد؛ يُقَالُ: شَفَّ الدرْهَمُ يَشِفُّ إِذَا زَادَ وَإِذَا نقَص، وأَشَفَّه غَيْرُهُ يُشِفُّه. والشفِيفُ: كالشَّفِّ والشِّفِّ، يَكُونُ لِلزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَقَدْ شَفَّ عَلَيْهِ يَشِفُّ شُفُوفاً وشَفَّفَ واسْتَشَفَّ. وشَفَفْتُ فِي السِّلْعَةِ: رَبِحْتُ. الفراءُ: الشَّفُّ الفضلُ. وَقَدْ شَفَفْتَ عَلَيْهِ تَشِفُّ أَي زِدْتَ عَلَيْهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كانُوا كَمُشْتَرِكينَ لَمَّا بايَعُوا ... خَسِروا، وشَفَّ عليهمُ واسْتَوْضَعُوا «1»
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ شِفِّ مَا لَمْ يُضْمَنْ
؛ الشِّفُّ: الرِّبْحُ وَالزِّيَادَةُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ
نَهَى عَنْ رِبْح مَا لَمْ يُضمن
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَمَثَلُه «2» كمثَل مَا لَا شِفَّ لَهُ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الرِّبا:
وَلَا تُشِفُّوا أَحدهما عَلَى الْآخَرِ
أَي لَا تُفَضِّلُوا. وَفُلَانٌ أَشَفُّ مِنْ فُلَانٍ أَي أَكبر مِنْهُ قَلِيلًا؛ وقولُ الجَعْدِيّ يَصِفُ فَرَسَيْنِ:
واسْتَوَتْ لِهْزِمَتا خَدَّيْهِما، ... وجَرى الشِّفُّ سَواءً فاعْتَدَلْ
يَقُولُ: كَادَ أَحدُهما يسْبِقُ صاحِبَه فاسْتَويَا وَذَهَبَ الشِّفُّ. وأَشَفَّ عَلَيْهِ: فضَلَه فِي الحُسْن وفاقَه. وأَشَفَّ فُلَانٌ بعضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ: فَضَّله. وَفِي الْحَدِيثِ:
قُلْتُ قَوْلًا شِفّاً
أَي فَضْلًا. وَفِي الْحَدِيثِ فِي الصَّرْفِ:
فَشَفَّ الخَلْخالان نَحْواً مِنْ دانِقٍ فقَرَضَه
؛ قَالَ شَمِرٌ أَي زَادَ، قَالَ: والشِّفُّ أَيضاً النَّقْصُ، يُقَالُ: هَذَا دِرْهَمٌ يَشِفُّ قَليلًا أَي يَنْقُصُ؛ وأَنشد:
وَلَا أَعْرِفَنْ ذَا الشِّفِّ يَطْلُبُ شِفَّه، ... يُداويه منْكم بالأَديمِ المُسَلَّمِ
أَراد: لَا أَعرفِن وَضِيعاً يَتَزَوَّجُ إِلَيْكُمْ لِيَشْرُفَ بِكُمْ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: تَقُولُ لِلرَّجُلِ: أَلا أَنَلْتَني مِمَّا كَانَ عِنْدَكَ؟ فَيَقُولُ: إِنَّهُ شَفَّ عَنْكَ أَي قَصُرَ
__________
(1) . في ديوان جرير: بُنِيَ شفّ واستوضعوا بناءَ مَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ.
(2) . قوله [فمثله إلخ] صدره كما في النهاية: من صلى المكتوبة ولم يتم ركوعها ولا سجودها ثم يكثر التطوع فمثله إلخ ... وبعده حتى يؤدي رأس المال.(9/181)
عَنْكَ. وشَفَّ عَنْهُ الثَّوْبُ يَشِفُّ: قَصُرَ. وشَفَّ لَكَ الشيءُ: دامَ وَثَبَتَ. والشَّفَفُ: الرِّقّة والخِفّة، وَرُبَّمَا سُمِّيَتْ رِقَّةُ الْحَالِ شَفَفاً. والشَّفِيفُ: شِدَّةُ الحَرِّ، وَقِيلَ: شِدةُ لَذْعِ الْبَرْدِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
ونَقْري الضَّيْفَ مِنْ لَحْمٍ غَريضٍ، ... إِذَا مَا الكَلْبُ أَلْجأَه الشَّفِيفُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِصَخْرِ الغَيّ:
كمِثْلِ السَّبَنْتى يَراحُ الشَّفِيفا
وَفِي حَدِيثِ
الطُّفَيْلِ: فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ ظُلْمة وشِفافٍ
؛ الشِّفافُ: جَمْعُ شَفيفٍ، هُوَ لَذْعُ الْبَرْدِ، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ إِلَّا بَرْدَ رِيحٍ مَعَ نَداوةٍ. ووجَدَ فِي أَسنانه شَفيفاً أَي بَرْداً، وَقِيلَ: الشَّفيفُ بَرْدٌ مَعَ نُدُوَّةٍ. وَيُقَالُ: شَفَّ فَمُ فُلَانٍ شَفِيفًا، وَهُوَ وجَع يَكُونُ مِنَ الْبَرْدِ فِي الأَسنان واللِّثات. وَفُلَانٌ يَجِدُ فِي أَسنانه شَفِيفاً أَي بَرْدًا. أَبو سَعِيدٍ: فُلَانٌ يَجِد فِي مَقْعَدَته شَفِيفًا أَي وجَعاً. والشَّفَّانُ: الرِّيحُ الْبَارِدَةُ مَعَ الْمَطَرِ؛ قَالَ:
إِذا اجتمعَ الشَّفَّانُ والبلَدُ الجَدْبُ
وَيُقَالُ: إِنَّ فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ شَفَّاناً شَديداً أَي بَرْدًا، وَهَذِهِ غَداةٌ ذاتُ شَفّانٍ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعَبَّادِيُّ:
فِي كِناسٍ ظاهِرٍ يَسْتُرُه، ... مِنْ عَلُ الشَّفَّان، هُدَّابُ الفَنَنْ «3»
أَي مِنَ الشّفَّانِ. والشَّفْشَافُ: الرِّيحُ اللينةُ الْبَرْدُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
ويَعُوذُ بالأَرْطى إِذَا مَا شَفَّه ... قَطْرٌ، وراحَتْه بَلِيلٌ زَعْزَعُ
إِنَّمَا يُرِيدُ شَفَّتْ عَلَيْهِ وقَبَّضَتْه لبَرْدِها، وَلَا يَكُونُ مِنْ قَوْلِكَ شَفَّه الهَمُّ والحُزْن لأَنه فِي صِفَةِ الرِّيحِ وَالْمَطَرِ. والشِّفُّ: المَهْنَأُ، يُقَالُ: شِفٌّ لَكَ يَا فُلَانُ إِذَا غَبَطْتَه بِشَيْءٍ قُلْتَ لَهُ ذَلِكَ. وتَشَفْشَفَ النباتُ: أَخذ فِي اليُبْسِ. وشَفْشَفَ الحَرُّ النباتَ وَغَيْرَهُ: أَيْبَسَه. وَفِي التَّهْذِيبِ: وشَفْشَفَ الحَرُّ والبردُ الشيءَ إِذَا يَبَّسه. والشَّفْشَفَةُ: تَشْويطُ الصَّقِيعِ نبتَ الأَرضِ فيُحْرِقُه أَو الدَواء تَذُرُّه عَلَى الجُرْح. ابْنُ بُزُرْجٍ قَالَ: يَقُولُونَ مِنْ شُفُوفِ الْمَالِ قَدْ شَفَّ يَشِفُّ مِنَ المَمْنوع»
، وَكَذَلِكَ الوَجَعُ يَشُفُّ صاحِبَه، مَضْمُومَةٌ؛ قَالَ: وَقَالُوا أَشَفَّ الفَمُ يُشِفُّ، وَهُوَ نَتْنُ ريحِ فِيهِ. والشَّفُّ: بَثْر يَخْرُجُ فيُرْوِح، قَالَ: والمَحْفوفُ مِثْلُ المَشْفُوفِ مِنَ الحَفَفِ والحَفِّ. والمُشَفْشِفُ والمُشَفْشَفُ: السَّخِيفُ السَّيِءُ الخُلُقِ، وَقِيلَ: الغَيُورُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَصِفُ نِسَاءً:
ويُخْلِفْنَ مَا ظَنَّ الغَيور المُشَفْشَفُ
وَيُرْوَى المُشَفْشِفُ؛ الْكَسْرِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، أَراد الَّذِي شَفَّت الغَيْرةُ فُؤاده فأَضْمَرته وهزَلَتْه، وَقَدْ تقدَّمَ فِي صَدْرِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، وَكَرَّرَ الشِّينَ وَالْفَاءَ تَبْلِيغًا كَمَا قَالُوا مُجَثْجِثٌ، وتَجَفْجَفَ الثَّوْبُ، وَقِيلَ: الشَّفْشَفُ الَّذِي كأَنَّ بِهِ رِعْدةً واخْتِلاطاً
__________
(3) . قوله [الشفان هداب] كذا ضبط في الأصل. وفيما بأيدينا من نسخ الصحاح في غير موضع أَيْ يَسْتُرُهُ هُدَّابُ الْفَنَنِ من فوقه يستره من الشفان.
(4) . قوله [من الممنوع] هكذا في الأَصل، ولعله أراد أنّ يشِفّ مكسور الشين بدليل قوله بعد ذلك يشُفّ صاحبه، مضمومة.(9/182)
مِنْ شِدّة الغَيْرةِ. والشَفْشَفَة: الارْتِعادُ والاخْتلاط. والشَّفْشَفَةُ: سُوء الظنِّ مع الغَيْرة.
شقف: التَّهْذِيبُ: أَهمله اللَّيْثُ، وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو: الشَّقَفُ الخَزَفُ المُكَسَّر.
شلخف: التَّهْذِيبِ: أَبو تُرَابٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَعراب قَيسٍ: الشِّلَّخْفُ والسِّلَّخْفُ الْمُضْطَرِبُ الخلْقِ.
شلغف: ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَعراب قِيْسٍ يَقُولُونَ: الشِّلَّغْفُ والشِّلَّعْفُ الْمُضْطَرِبُ، بالعين والغين.
شنف: الشَّنْفُ: الَّذِي يُلْبَسُ فِي أَعْلَى الأُذن، بِفَتْحِ الشِّينِ، وَلَا تَقُلْ شُنْفٌ، وَالَّذِي فِي أَسفلها القُرْطُ، وَقِيلَ الشنْفُ وَالْقُرْطُ سَوَاءٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
وبَياضُ وجْهِك لَمْ تَحُلْ أَسْرارُه ... مِثْل الوَذيلةِ، أَو كَشَنْفِ الأَنْضُر
وَالْجَمْعُ أَشْنافٌ وشُنُوفٌ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّنْفُ، بِفَتْحِ الشِّينِ، فِي أَعلى الأُذن والرَّعْثةُ فِي أَسفل الأُذن. وَقَالَ اللَّيْثُ: الشَّنْفُ مِعْلاقٌ فِي قُوفِ الأُذن. الْجَوْهَرِيُّ: الشَّنْفُ القُرْط الأَعلى. وشَنَّفْتُ المرأَة تَشْنِيفاً فَتَشَنَّفَتْ: هِيَ مِثْلُ قَرَّطْتُها فَتقَرَّطَتْ هِيَ. وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ:
كُنْتُ أَختلف إِلَى الضَّحَّاكِ وعليَّ شَنْفُ ذَهب
؛ الشَّنْفُ: مِنْ حُلِيِّ الأُذن. والشَّنَفُ: شِدّة البِغْضةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولَنْ أَزالَ، وَإِنْ جامَلْتُ مُحْتَسِباً ... فِي غَيْرِ نائرةٍ، صَبّاً لَهَا شَنِفا
أَي مُتَغَضِّباً. والشَّنَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: البُغْضُ والتنكُّر، وَقَدْ شَنِفْت لَهُ، بِالْكَسْرِ، أَشْنَفُ شَنَفاً أَي أَبغضْتُه؛ حَكَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَهُوَ مِثْلُ شئِفْتُه، بِالْهَمْزِ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
أَزْمان غَرّاءِ تَرُوقُ الشَّنَفا
أَي تُعْجِبُ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا. أَبو زَيْدٍ: الشَّفَنُ أَن يرفع الإِنسان طَرْفَه ناطراً إِلَى الشَّيْءِ كالمُتَعَجِّب مِنْهُ أَو كالكارِه لَهُ، وَمِثْلُهُ شَنَفٌ. أَبو زَيْدٍ: مِنَ الشِّفاه الشَّنْفاء، وَهِيَ الشَّفَةُ العُليا المُنْقَلِبَةُ مِنْ أَعلى. وَالِاسْمُ الشَّنَفُ، يُقَالُ: شَفة شَنْفاء. وشَنَفْتُ إِلَى الشَّيْءِ، بِالْفَتْحِ: مِثْلُ شَفَنْت، وَهُوَ نَظَرٌ فِي اعْتِراضٍ؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ يَصِفُ خَيْلًا:
يَشْنِفنَ للنظَرِ البَعِيدِ، كأَنَّما ... إرْنانُها بِبَوائِنِ الأَشْطانِ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِلْفَرَزْدَقِ يُفَضِّلُ الأَخطل وَيَمْدَحُ بَنِي تَغْلِبَ وَيَهْجُو جَرِيرًا؛ وَقَبْلَهُ:
يَا ابنَ المَراغَةِ، إنَّ تَغْلِبَ وائلٍ ... رَفَعُوا عِناني فَوْقَ كلِّ عِنانِ
والبَوائِنُ: جَمْعُ بَائِنَةٍ، وَهِيَ الْبِئْرُ البعيدةُ القَعْر كأَنها تَصْهِلُ مِنْ آبارٍ بَوائنَ، وَكَذَا فِي شِعْرِهِ يَصْهِلْنَ لِلنَّظَرِ الْبَعِيدِ؛ قَالَ: وأَنشد أَبو عَلِيٍّ فِي مِثْلِهِ:
وقَرَّبُوا كلَّ صِهْمِيمٍ مَناكِبُه، ... إِذَا تَداكأَ مِنْهُ دَفْعُه شَنَفا
وشَنِفَه شَنَفاً: أَبْغَضَه. والشَّنِفُ: المُبْغِضُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
لمَّا رأَتْني أُم عَمْرٍو صَدَفَتْ، ... ومَنَعَتْني خَيْرَها وشَنِفَتْ
وأَنشد لِآخَرَ:
ولَنْ تُداوَى عِلَّةُ القَلْبِ الشَّنِفْ(9/183)
وَفِي إِسْلَامِ أَبي ذرٍّ:
فَإِنَّهُمْ قَدْ شَنِفُوا لَهُ
أَي أَبْغَضوه. وشَنِفَ لَهُ شَنَفاً إِذَا أَبْغَضه. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْل: قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لِي أَرى قومَك قَدْ شَنِفوا لَكَ؟
وشَنِفَ لَهُ شَنَفاً: فَطِنَ، وشَنِفْتُ: فَطِنْتُ؛ قَالَ:
وتَقُول: قَدْ شَنِفَ العَدُوُّ، فَقُلْ لَهَا: ... مَا للعَدُوِّ بغيرِنا لَا يَشْنَفُ؟
وأَما ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: شَنِفَ لَهُ وَبِهِ فِي البِغْضَةِ والفِطْنةِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَن شَنِفَ فِي البِغْضةِ مُتَعَدِّيَةٌ بِغَيْرِ حَرْفٍ، وَفِي الْفِطْنَةِ مُتَعَدِّيَةٌ بِحَرْفَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ كَمَا تتعدَّى فَطِنَ بِهِمَا إِذَا قُلْتَ: فَطِنَ لَهُ وفَطِنَ بِهِ. وشَنَفَ إِلَيْهِ يَشْنِفُ شَنْفاً وشُنُوفاً: نَظَرَ بِمُؤَخَّرِ الْعَيْنِ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ، وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ نَظَرٌ فِيهِ اعْتراضٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
إِذَا تداكأَ مِنْهُ دَفْعُه شَنَفا
الكسائي: شَفَنْتُ إلى الشيء وشَنَفْتُ إِلَيْهِ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ. ابْنُ الأَعرابي: شَنَفْتُ لَهُ وَعَدَّيْتُ «1» لَهُ إِذَا أَبغضته. وَيُقَالُ: مَا لِي أَراك شَانِفاً عَنِّي وخانِفاً، وَقَدْ خَنَفَ عَنِّي وجهَه أَي صرَفه.
شنحف: شَنْحَفٌ: طَوِيلٌ، وَهِيَ بالخاء أعلى.
شنخف: بَعِيرٌ شِنْخَافٌ: صُلْبٌ شَدِيدٌ. وَرَجُلٌ شِنَّخْفٌ مِثْلُ جِرْدَحْلٍ أَي طَوِيلٌ. والشَّنْخَافُ والشِّنَّخْفُ: الطَّوِيلُ، وَالْجَمْعُ شِنَّخْفون وَلَا يُكَسّر. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّكَ مِنْ قَوْمٍ شِنَّخْفِينَ
؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَعْجَبها، فيمنْ يَسُوجُ، عِصابةٌ ... مِنَ القَومِ، شِنَّخْفونَ جِدَّ طوالِ «2»
شندف: الشُّنْدُفُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي يَمِيلُ رأْسه مِنَ النَّشاط وَفَرَسٌ شُنْدُفٌ أَي مُشْرِف؛ قَالَ المرَّار يَصِفُ الْفَرَسَ:
شُنْدُفٌ أَشْدَفُ مَا وَرَّعْتَه، ... وَإِذَا طُوطِئ طَيّارٌ طِمِرّ
شنعف: الشَّنْعَفَةُ: الطُّولُ. والشِّنْعَافُ والشِّنْعابُ: الطويلُ الرِّخْوُ الْعَاجِزُ، رَجُلٌ شِنْعَافٌ؛ وأَنشد:
تَزَوَّجْتِ شِنْعافاً فآنَسْتِ مُقْرِفاً، ... إِذَا ابْتَدَرَ الأَقْوامُ مَجْداً تَقَبَّعا
والشِّنْعافُ والشُّنْعُوفُ: رأْس يَخْرُجُ مِنَ الْجَبَلِ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ. الأَصمعي: الشَّنَاعِيفُ رؤوس تخرج من الجبال.
شنغف: التَّهْذِيبُ: الشِّنْغافُ الطَّوِيلُ الدَّقِيقُ مِنَ الأَرْشِية والأَغصان، قَالَ: والشُّنْغُوفُ عِرْق طَوِيلٌ مِنَ الأَرض دَقِيقٌ. قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ زَائِدَةَ الْبِكْرِيَّ يَقُولُ: الشِّنَّعْفُ والشِّنَّغْفُ والهِلَّغْفُ: المضطرب الخَلْقِ.
شنقف: الشُّنْقُفُ والشِّنْقَافُ: ضَرْبٌ من الطير.
شوف: شافَ الشيءَ شَوْفاً: جَلَاهُ. والشَّوْفُ: الجَلْوُ. والمَشُوفُ: المَجْلُوُّ. وَدِينَارٌ مَشُوفٌ أَي مَجْلُوٌّ؛ قال عنترة:
ولقد شَرِبْتُ من المُدامةِ بَعْد ما ... ركدَ الهَواجِرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ
__________
(1) . قوله [وعديت] كذا بالأصل على هذه الصورة.
(2) . قوله [جد إلخ] كذا ضبط في الأصل. وتقدم بدله في مادة سوج: غير قضاف، ولعله حذ جمع الأحذ الخفيف اليد.(9/184)
يَعْنِي الدِّينَارَ المَجْلُوَّ، وأَراد بِذَلِكَ دِينَارًا شافَه ضاربُه أَي جَلَاهُ، وَقِيلَ: عَنَى بِهِ قَدَحاً صَافِيًا مُنَقَّشاً. والمَشُوفُ مِنَ الإِبل: المَطْلِيُّ بالقَطران لأَن الْهَنَاءَ يَشُوفُه أَي يَجْلُوهُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المَشُوف الْهَائِجُ، قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ يَكُونُ الْفَاعِلُ عِبَارَةً عَنِ الْمَفْعُولِ؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
بِخَطِيرةٍ تُوفي الجَدِيلَ سَرِيحَةٍ، ... مِثْلِ المَشُوفِ هَنَأْته بِعصِيمِ «1»
يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المَشُوفُ الْجَمَلُ الهائجُ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ، وَيُرْوَى المسُوفُ، بِالسِّينِ، يَعْنِي الْمَشْمُومَ إِذَا جَرِبَ الْبَعِيرُ فطُلِيَ بالقَطِران شمَّتْه الإِبل، وَقِيلَ: المَشُوف الْمُزَيَّنُ بالعُهُون وَغَيْرِهَا. والمُشَوَّفةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تُظْهِر نَفسَها لِيَرَاهَا الناسُ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ. وتَشَوَّفَتِ المرأَةُ: تَزَيَّنَتْ. وَيُقَالُ: شِيفتِ الجاريةُ تُشافُ شَوْفاً إِذَا زُيِّنَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْهَا: أَنها شَوَّفَتْ جَارِيَةً فطافَتْ بِهَا وَقَالَتْ لعلَّنا نَصِيدُ بِهَا بعضَ فِتْيان قُريش
، أَي زَيَّنَتْها. واشْتَافَ فُلَانٌ يَشْتَافُ اشْتِيَافاً إِذَا تَطاوَلَ وَنَظَرَ. وتَشَوَّفْتُ إِلَى الشَّيْءِ أَي تطَلَّعْتُ. ورأَيت نِسَاءً يَتَشَوَّفْن مِنَ السُّطُوح أَي يَنْظرن ويَتطاوَلْنَ. وَيُقَالُ: اشْتَافَ البرقَ أَي شامَه، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
واشْتَافَ مِنْ نحوِ سُهَيْلٍ بَرْقا
وتَشَوَّفَ الشيءُ وأَشَافَ: ارْتَفَعَ. وأَشَافَ عَلَى الشَّيْءِ وأَشْفى: أَشْرَفَ عَلَيْهِ. وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ قَلْبٌ أَشْفى عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى ورَعِه إِذَا أَشَافَ
أَي أَشْرَفَ عَلَى الشَّيْءِ، وَهُوَ بِمَعْنَى أَشْفى؛ وَقَالَ طُفَيْل:
مُشيفٌ عَلَى إحْدى ابْنَتَيْنِ بِنَفْسِهِ، ... فُوَيْتَ العَوالي بَيْنَ أَسْرٍ ومَقْتَلِ «2»
وَتَمَثَّلَ المخْتارُ لِمَا أُحِيطَ بِهِ بِهَذَا الْبَيْتِ:
إِمَّا مُشِيف عَلَى مجْدٍ ومَكْرُمةٍ، ... وأُسْوةٌ [إسْوةٌ] لَكَ فِيمَنْ يَهْلِكُ الوَرَقُ
والشَّيِّفَةُ: الطَّلِيعةُ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ عَيزارة:
ورَدْنا الفُضاضَ، قَبْلَنا شَيِّفَاتُنَا، ... بأَرْعَنَ يَنْفي الطيرَ عَنْ كلِّ مَوْقِعِ
وشَيِّفَةُ الْقَوْمِ: طَلِيعَتُهم الَّذِي يَشْتافُ لَهُمْ. ابْنُ الأَعرابي: بَعَثَ القومُ شَيِّفَةً أَي طَليعةً. قَالَ: والشَّيِّفَانُ الدَّيْدَبانُ. وَقَالَ أَعرابي: تَبَصَّرُوا الشَّيِّفَانَ فَإِنَّهُ يَصُوكُ عَلَى شَعَفَةِ المَصادِ أَي يَلْزَمُهَا. واشْتَافَ الفرسُ والظَّبْيُ وتَشَوَّفَ: نَصَب عُنُقَه وَجَعَلَ يَنْظُرُ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
تَشَوَّفَ مِنْ صَوْتِ الصَّدى كلَّ مَا دَعا، ... تَشَوُّفَ جَيْداء المُقَلَّدِ مُغْيِبِ
اللَّيْثُ: تشوَّفتِ الأَوْعالُ إِذَا ارْتَفَعَتْ عَلَى معاقِلِ الْجِبَالِ فأَشْرفت؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَشْتَفْنَ للنظرِ الْبَعِيدِ، كأَنما ... إرنانُها ببَوائِن الأَشْطانِ «3»
__________
(1) . قوله [بخطيرة] في شرح القاموس: الخطيرة التي تخطر بذنبها نشاطاً، والسريحة: السريعة السهلة السير.
(2) . قوله [ابنتين] في شرح القاموس اثنتين.
(3) . راجع هذا البيت في صفحة 183 فقد ورد فيه يَشنَفْن بدل يشتفن.(9/185)
يَصِفُ خَيْلًا نَشِيطة إِذَا رأَتْ شَخْصًا بَعِيدًا طَمَحَتْ إِلَيْهِ ثُمَّ صَهَلَت، فكأَنَّ صَهِيلها فِي آبَارٍ بَعِيدَةِ الْمَاءِ لسعَةِ أَجْوافها. وَفِي حَدِيثِ
سُبَيْعةَ: أَنها تَشَوَّفت للخُطّاب
أَي طَمَحَتْ وتَشَرَّفَتْ. واسْتَشافَ الجُرحُ، فَهُوَ مُسْتَشِيفٌ، بِغَيْرِ هَمْزٍ إِذَا غَلُظَ. وفي الحديث:
خرجت بآدم شافةٌ في رجله
؛ قال: والشافةُ جَاءَتْ بِالْهَمْزِ وَغَيْرِ الهمز، وهي قُرحة تخرج بِبَاطِنِ الْقَدَمِ وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي شأَف، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الصاد المهملة
صحف: الصَّحِيفَةُ: الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا، وَالْجَمْعُ صَحَائِفُ وصُحُفٌ وصُحْفٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى
؛ يَعْنِي الْكُتُبَ الْمُنَزَّلَةَ عَلَيْهِمَا، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما صَحَائِفُ فَعَلَى بَابِهِ وصُحُفٌ دَاخِلٌ عَلَيْهِ لأَن فُعُلًا فِي مِثْلِ هَذَا قَلِيلٌ، وَإِنَّمَا شَبَّهُوهُ بقَلِيبٍ وقُلُبٍ وقَضِيبٍ وقُضُبٍ كأَنهم جَمَعُوا صَحِيفاً حِينَ عَلِمُوا أَن الْهَاءَ ذَاهِبَةٌ، شَبَّهُوهَا بحفرةٍ وحِفارٍ حِينَ أَجْروها مُجْرى جُمْدٍ وجِماد. قَالَ الأَزهري: الصُّحُفُ جَمْعُ الصَّحِيفَة مِنَ النَّوَادِرِ وَهُوَ أَن تَجْمع فَعِيلةً عَلَى فُعُل، قَالَ: وَمِثْلُهُ سَفينة وسُفُنٌ، قَالَ: وَكَانَ قِيَاسُهُمَا صَحَائِف وسفائِنَ. وصَحِيفةُ الوجْه: بَشَرَةُ جِلْدِهِ، وَقِيلَ: هِيَ مَا أَقبل عَلَيْكَ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ صَحِيفٌ؛ وَقَوْلُهُ:
إِذَا بَدا منْ وجْهِك الصَّحِيفُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ صَحِيفَةٍ الَّتِي هِيَ بَشَرَةُ جِلْدِهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بالصَّحِيف الصَّحِيفَةَ. والصَّحِيف: وجْه الأَرض؛ قَالَ:
بَلْ مَهْمَه مُنْجَرِد الصَّحيفِ
وَكِلَاهُمَا عَلَى التَّشْبِيهِ بِالصَّحِيفَةِ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا. والمُصْحَفُ والمِصْحَفُ: الْجَامِعُ للصُّحُف الْمَكْتُوبَةِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ كأَنه أُصْحِفَ، وَالْكَسْرُ وَالْفَتْحُ فِيهِ لُغَةٌ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تَمِيمٌ تَكْسِرُهَا وَقَيْسٌ تَضُمُّهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ يَفْتَحُهَا وَلَا أَنها تُفْتَحُ إِنَّمَا ذَلِكَ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، قَالَ الأَزهري: وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُصْحَفُ مُصْحَفًا لأَنه أُصحِف أَي جُعِلَ جَامِعًا لِلصُّحُفِ الْمَكْتُوبَةِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ مُصْحَفٌ ومِصْحَفٌ كَمَا يُقَالُ مُطْرَفٌ ومِطْرَفٌ؛ قَالَ: وَقَوْلُهُ مُصْحف مِنْ أُصْحِفَ أَي جُمِعَتْ فِيهِ الصُّحُفُ وأُطْرِفَ جُعِلَ فِي طَرَفَيْه العَلَمان، اسْتَثْقَلَتِ الْعَرَبُ الضَّمَّةَ فِي حُرُوفٍ فَكَسَرَتِ الْمِيمَ، وأَصلها الضَّمُّ، فَمَنْ ضَمَّ جَاءَ بِهِ عَلَى أَصله، وَمَنْ كَسَرَهُ فَلِاسْتِثْقَالِهِ الضَّمَّةَ، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي المُغْزَل مِغْزَلا، والأَصل مُغْزَلٌ مِنْ أُغْزِلَ أَي أُديرَ وفُتِلَ، والمُخْدَعِ والمُجْسَدِ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: تَمِيمٌ تَقُولُ المِغْزلُ والمِطْرفُ والمِصْحَفُ، وَقَيْسٌ تَقُولُ المُطْرَفُ والمُغْزَلُ والمُصْحَفُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أُصحِفَ جُمِعَتْ فِيهِ الصُّحُف، وأُطْرِفَ جُعِل فِي طَرَفَيْهِ عَلَمَانِ، وأُجْسِدَ أَي أُلْزِقَ بالجَسد. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أُلْصِقَ بالجِسادِ وَهُوَ الزَّعْفرانُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والصَّحِيفَة الْكِتَابُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَتَبَ لعُيَيْنَةَ بْنِ حِصنٍ كِتَابًا فَلَمَّا أَخذه قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتُراني حامِلًا إِلَى قَوْمِي كِتَابًا كصَحِيفَة المُتَلَمِّس؟
الصَّحِيفَة: الْكِتَابُ، وَالْمُتَلَمِّسُ: شَاعِرٌ مَعْرُوفٌ وَاسْمُهُ عَبْدُ المَسيح بْنُ جَرير، وَكَانَ قَدِمَ هُوَ وطرَفةُ الشَّاعِرُ عَلَى الْمَلِكِ عَمْرِو بنِ هِنْدٍ، فَنَقَمَ عَلَيْهِمَا أَمراً فَكَتَبَ لَهُمَا كِتَابَيْنِ إِلَى عَامِلِهِ بِالْبَحْرَيْنِ(9/186)
يأْمُرُه بِقَتْلِهِمَا، وَقَالَ: إِنِّي قَدْ كَتَبْتُ لَكُمَا بِجَائِزَةٍ، فَاجْتَازَا بِالْحِيرَةِ فأَعطى المتلمسُ صَحِيفَتَهُ صَبِيًّا فقرأَها فَإِذَا فِيهَا يأْمر عامِلَه بِقَتْلِهِ، فأَلقاها فِي الْمَاءِ وَمَضَى إِلَى الشَّامِ، وَقَالَ لِطَرَفَةَ: افْعَلْ مِثْلَ فِعْلِي فَإِنَّ صَحِيفَتَكَ مِثْلُ صَحِيفَتِي، فأَبى عَلَيْهِ وَمَضَى إِلَى عَامِلِهِ فَقَتَلَهُ، فضُرب بِهِمَا الْمَثَلُ. والمُصَحِّف والصَّحَفِيُّ: الَّذِي يَرْوي الخَطَأَ عَنْ قِرَاءَةِ الصُّحُفِ بأَشْباه الحروفِ، مُوَلَّدة «4» . والصَّحْفَة: كالقَصْعةِ، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: شِبه قَصْعة مُسْلَنْطِحةٍ عَرِيضَةٍ وَهِيَ تُشْبِع الخمسةَ وَنَحْوَهُمْ، وَالْجَمْعُ صِحَافٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ
؛ وأَنشد:
والمَكاكِيكُ والصِّحافُ مِنَ الفِضَّةِ ... والضَّامِراتُ تَحْتَ الرِّحالِ
والصُّحَيْفَةُ أَقلّ مِنْهَا، وَهِيَ تُشْبِعُ الرجلَ، وكأَنه مُصَغَّرٌ لَا مكَبَّر لَهُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَعظم القِصاعِ الجَفْنَةُ، ثُمَّ القَصْعةُ تَلِيهَا تُشْبِعُ الْعَشْرَةَ، ثُمَّ الصَّحْفَةُ تُشْبِعُ الخَمسة وَنَحْوَهُمْ، ثُمَّ المِئْكلةُ تُشْبِعُ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، ثُمَّ الصُّحَيْفَةُ تُشْبِعُ الرَّجُلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَسْأَلِ المرأَةُ طلاقَ أُخْتِها لِتَسْتَفْرِغَ مَا فِي صَحْفَتِها
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا مَثَلٌ يُرِيدُ بِهِ الاستِئْثارَ عَلَيْهَا بحَظِّها فتكونُ كَمَنِ استفرغَ صَحْفَة غَيْرِهِ وقَلَب مَا فِي إِنَائِهِ. والتَّصْحِيفُ: الخَطَأُ فِي الصَّحِيفةِ.
صَخْفٌ: الصَّخْفُ: حَفْرُ الأَرضِ. والمِصْخَفَةُ: المِسْحاةُ، يمانية.
صدف: الصُّدُوفُ: المَيْلُ عَنِ الشَّيْءِ. وأَصْدَفَني عَنْهُ كَذَا وَكَذَا أَي أَمالَني. ابْنُ سِيدَهْ: صَدَفَ عَنْهُ يَصْدِفُ صَدْفاً وصُدُوفاً: عَدَلَ. وأَصْدَفَه عَنْهُ: عَدَل بِهِ، وصَدَفَ عَنِّي أَي أَعْرَضَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ
، أَي يُعْرِضون. أَبو عُبَيْدٍ: صَدَفَ ونكَبَ إِذَا عَدلَ؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِ الأَعشى:
وَلَقَدْ سَاءَهَا الْبَيَاضُ فَلَطَّتْ ... بِحِجابٍ، مِنْ بَيْنِنا، مَصْدُوفِ
أَي بِمَعْنَى مَسْتُور. وَيُقَالُ: امرأَة صَدُوفٌ لِلَّتِي تَعْرِضُ وَجْهَهَا عَلَيْكَ ثُمَّ تَصْدِفُ. ابْنُ سِيدَهْ: والصَّدُوفُ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي تَصْدِفُ عَنْ زَوجها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقِيلَ: الَّتِي لَا تَشْتَهِي الْقُبَلَ، وَقِيلَ: الصَّدُوفُ البَخْراء؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ أَيضاً. والصَّدَفُ: عَوَجٌ فِي الْيَدَيْنِ، وَقِيلَ: مَيَلٌ فِي الْحَافِرِ إِلَى الْجَانِبِ الوحْشِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَمِيل خُفُّ الْبَعِيرِ مِنَ الْيَدِ أَو الرِّجْلِ إِلَى الْجَانِبِ الْوَحْشِيِّ، وَقِيلَ: الصَّدَفُ مَيل فِي الْقِدَمِ؛ قَالَ الأَصمعي: لَا أَدري أَعن يَمِينٍ أَو شَمَالٍ، وَقِيلَ: هُوَ إقْبالُ إِحْدَى الرُّكْبَتين عَلَى الأُخرى، وَقِيلَ: هُوَ فِي الْخَيْلِ خَاصَّةً إقْبالُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخرى، وَقَدْ صَدِفَ صَدَفاً، فَإِنْ مالَ إِلَى الْجَانِبِ الإِنسيّ، فَهُوَ القَفَدُ، وَقَدْ قَفِدَ قَفَداً، وَقِيلَ: الصَّدَفُ تَداني العُجايَتَين وتباعُدُ الْحَافِرَيْنِ فِي التِواءٍ مِنَ الرُّسْغَينِ، وَهُوَ مِنْ عُيُوبِ الْخَيْلِ الَّتِي تَكُونُ خِلْقةً، وَقَدْ صَدِفَ صَدَفاً، وَهُوَ أَصْدَفُ. الْجَوْهَرِيُّ: فَرَسٌ أَصْدَفُ بَيِّنُ الصَّدَفِ إِذَا كَانَ مُتَدانيَ الفَخْذين مُتَباعِد الْحَافِرَيْنِ فِي الْتِوَاءٍ مِنَ الرُّسْغَيْنِ. الأَصمعي: الصدفُ كُلُّ شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ عَظِيمٍ كالهدَف وَالْحَائِطِ وَالْجَبَلِ. والصَّدَفُ والصَّدَفَةُ: الجانِبُ
__________
(4) . في القاموس: الصَّحَفِيُّ الذي يخطئ في قراءة الصحف.(9/187)
والناحِيةُ. والصَّدَفُ والصُّدُفُ: مُنْقَطَعُ الْجَبَلِ المرتفِع. ابْنُ سِيدَهْ: والصَّدَفُ جَانِبُ الْجَبَلِ، وَقِيلَ الصَّدَفُ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، والصُّدُفُ لُغَةٌ فِيهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الصُّدُفَانِ، بِضَمِّ الدَّالِّ، ناحِيتا الشِّعْب أَو الْوَادِي كالصَّدَّيْنِ. وَيُقَالُ لِجَانِبَيِ الْجَبَلِ إِذَا تَحاذيا: صُدُفَانِ وصَدَفَانِ لتَصادُفِهما أَي تَلاقِيهما وتَحاذي هَذَا الجانِبِ الجانِبَ الَّذِي يُلاقيه، وَمَا بَيْنَهُمَا فَجٌّ أَو شِعْب أَو وادٍ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ: صَادَفْتُ فُلَانًا أَي لاقَيْتُه ووجَدْتُه. والصَّدَفانِ والصُّدُفانِ: جَبَلَانِ مُتلاقِيانِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ يأْجوجَ ومأْجوجَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى إِذا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ
؛ قُرِئَ
الصَّدَفَيْنِ
والصُّدُفَيْنِ
والصُّدَفَيْنِ
«1» . وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا مرَّ بصَدَفٍ أَو هَدَفٍ مَائِلٍ أَسْرَع الْمَشْيَ
؛ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ وَضَمَّتَيْنِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الصَّدَفُ والهَدَفُ وَاحِدٌ، وَهُوَ كلُّ بِنَاءٍ مُرْتَفِعٍ عَظِيمٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ مِثْلُ صَدَفِ الْجَبَلِ شَبَّهه بِهِ وَهُوَ مَا قَابَلَكَ مِنْ جَانِبِهِ. وَفِي حَدِيثِ
مُطَرِّفٍ: مَنْ نامَ تحتَ صَدَفٍ مائلٍ يَنْوِي التوكُّلَ فَليَرْمِ نَفْسَه مِنْ طَمارِ
؛ وَهُوَ يَنْوِي التَّوكلَ يَعْنِي أَنَّ الاحْتِرازَ مِنَ المَهالِك وَاجِبٌ وَإِلْقَاءُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ إِلَيْهَا والتَّعَرُّضُ لَهَا جَهْلٌ وخَطأٌ. والصَّوادِفُ: الإِبل الَّتِي تأْتي عَلَى الحَوْض فتَقِف عِنْدَ أَعْجازها تَنْتَظِرُ انْصِرافَ الشارِبةِ لتَدخل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
النَّاظِراتُ العُقَبَ الصَّوَادِفُ «2»
وَقَوْلُ مَلِيحٍ الهُذَلي:
فَلَمَّا اسْتَوَتْ أَحْمالُها، وتصَدَّفَتْ ... بِشُمِّ المَراقي بارِداتِ المَداخِلِ
قَالَ السُّكَّرِيُّ: تَصَدَّفَتْ تَعَرَّضَتْ. والصَّدَفُ: المَحارُ، وَاحِدَتُهُ صَدَفَةٌ. اللَّيْثُ: الصَّدَفُ غِشاء خَلْقٍ فِي الْبَحْرِ تَضُمُّهُ صَدَفَتانِ مَفْرُوجَتانِ عَنْ لَحْمٍ فِيهِ رُوحٌ يُسَمَّى المَحارَةَ، وَفِي مِثْلِهِ يَكُونُ اللُّؤْلُؤُ. الْجَوْهَرِيُّ: وصَدَفُ الدرَّةِ غِشاؤها، الْوَاحِدَةُ صَدَفَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا مَطَرَتِ السَّمَاءُ فَتَحتِ الأَصْدافُ أَفْواهَها
؛ الأَصْدَافُ: جَمْعُ الصَّدَفِ، وَهُوَ غِلافُ اللُّؤلؤِ وَهُوَ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ. والصَّدَفَةُ: مَحارةُ الأُذن. والصَّدَفتانِ: النُّقْرَتانِ اللتانِ فِيهِمَا مَغْرِزُ رأْسَيِ الفَخِذَين وَفِيهِمَا عَصَبةٌ إِلَى رأْسهما. والمُصادَفةُ: المُوافَقَةُ. والصُّدَفُ: سَبْعٌ مِنَ السِّباعِ، وَقِيلَ طَائِرٌ. والصَّدِفُ: قَبِيلَةٌ مِنْ عَرب الْيَمَنِ؛ قَالَ:
يومٌ لهَمْدانَ ويَوْمٌ للصَّدِفْ
ابْنُ سِيدَهْ: والصَّدَفِيُّ ضَرْبٌ مِنَ الإِبل، قَالَ: أُراه نُسِبَ إِلَيْهِمْ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
لَدَى صَدَفِيٍّ كالحَنِيّةِ بارِك
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّدِفُ بَطْن مِنْ كِنْدة وَالنِّسَبُ إِلَيْهِ صَدَفِيّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَوْمٌ لهمْدان وَيَوْمِ للصَّدِفْ، ... ولِتَمِيمٍ مِثْلُه أَو تَعْترِفْ
قَالَ: وقال طرفة:
__________
(1) . قوله [قرئ الصدفين إلخ] بقيت رابعة الصَّدُفَيْن كعضدين كما في القاموس.
(2) . قوله [الناظرات إلخ] صدره كما في شرح القاموس:
لا ريَّ حتى تنهل الروادف(9/188)
يَرُدُّ عليَّ الرِّيحُ ثَوْبِي قَاعِدًا، ... لَدَى صَدَفِيّ كالحنِيَّةِ بازِلِ
وصَيْدَفَا وتَصْدَفُ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ السُّلَيْكُ بْنُ السُّلَكةِ:
إِذَا أَسْهَلَتْ خَبَّتْ، وَإِنْ أَحْزَنتْ مَشَتْ، ... ويُغْشَى بِهَا بَيْنَ البُطونِ وتَصْدَفِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا قُضِيَتْ بِزِيَادَةِ التَّاءِ فِيهِ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ جعفر.
صرف: الصَّرْفُ: رَدُّ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ، صَرَفَه يَصْرِفُه صَرْفاً فانْصَرَفَ. وصَارَفَ نفْسَه عَنِ الشَّيْءِ: صَرَفَها عَنْهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ انْصَرَفُوا
؛ أَي رَجَعوا عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي استمعُوا فِيهِ، وَقِيلَ: انْصَرَفُوا عَنِ الْعَمَلِ بِشَيْءٍ مِمَّا سَمِعُوا. صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ
أَي أَضلَّهُم اللَّهُ مُجازاةً عَلَى فِعْلِهِمْ؛ وصَرفْتُ الرَّجُلَ عَنِّي فانْصَرَفَ، والمُنْصَرَفُ: قَدْ يَكُونُ مَكَانًا وَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ
؛ أَي أَجْعَلُ جَزاءهم الإِضْلالَ عَنْ هِدَايَةِ آيَاتِي. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً
أَي مَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يَصْرِفُوا عَنْ أَنفسهم العَذابَ وَلَا أَن يَنْصُروا أَنفسَهم. قَالَ يُونُسُ: الصَّرْفُ الحِيلةُ، وصَرَفْتُ الصِّبْيان: قَلَبْتُهم. وصَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ الأَذى، واسْتَصْرَفْتُ اللَّهَ المَكارِهَ. والصَّريفُ: اللَّبَنُ الَّذِي يُنْصَرَفُ بِهِ عَنِ الضَّرْعِ حَارًّا. والصَّرْفانِ: الليلُ والنهارُ. والصَّرْفَةُ: مَنْزِل مِنْ مَنازِلِ الْقَمَرِ نَجْمٌ وَاحِدٌ نَيِّرٌ تِلْقاء الزُّبْرةِ، خلْفَ خراتَي الأَسَد. يُقَالُ: إِنَّهُ قَلْبُ الأَسد إِذَا طَلَعَ أَمام الْفَجْرِ فَذَلِكَ الخَريفُ، وإِذا غابَ مَعَ طُلُوع الْفَجْرِ فَذَلِكَ أَول الرَّبِيعِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الصَّرْفَةُ نابُ الدَّهْرِ لأَنها تفْتَرُّ عَنِ الْبَرْدِ أَو عَنِ الحَرّ فِي الْحَالَتَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ كُناسةَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لانْصراف الْبَرْدِ وَإِقْبَالِ الْحَرِّ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يُقَالَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لانْصراف الحرِّ وَإِقْبَالِ الْبَرْدِ. والصَّرْفةُ: خرَزةٌ من الخرَز التي تُذْكر فِي الأُخَذِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يُسْتَعْطَفُ بِهَا الرِّجَالُ يُصْرَفون بِهَا عَنْ مَذاهِبهم وَوُجُوهِهِمْ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وقولُ الْبَغْدَادِيِّينَ فِي قَوْلِهِمْ: مَا تَأْتينا فتُحَدِّثَنا، تَنْصِبُ الجوابَ عَلَى الصَّرْف، كَلَامٌ فِيهِ إِجْمَالٌ بَعْضُهُ صَحِيحٌ وَبَعْضُهُ فَاسِدٌ، أَما الصَّحِيحُ فَقَوْلُهُمُ الصَّرْفُ أَن يُصْرَف الفِعْلُ الثَّانِي عَنْ مَعْنَى الْفِعْلِ الأَول، قَالَ: وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا إِنَّ الْفِعْلَ الثَّانِيَ يُخَالِفُ الأَوّل، وأَما انْتِصَابُهُ بالصَّرْف فخطأٌ لأَنه لَا بُدَّ لَهُ مِنَ نَاصِبٍ مُقْتَض لَهُ لأَن الْمَعَانِيَ لَا تَنْصِبُ الأَفعال وَإِنَّمَا تَرْفَعُهَا، قَالَ: وَالْمَعْنَى الَّذِي يَرْفَعُ الْفِعْلَ هُوَ وُقُوعُ الِاسْمِ، وَجَازَ فِي الأَفعال أَن يَرْفَعَهَا الْمَعْنَى كَمَا جَازَ فِي الأَسماء أَن يَرْفَعَهَا الْمَعْنَى لمُضارعَة الْفِعْلِ لِلِاسْمِ، وصَرْفُ الْكَلِمَةِ إجْراؤها بِالتَّنْوِينِ. وَصَرَّفْنَا الْآياتِ
أَي بيَّنَّاها. وتَصْريفُ الْآيَاتِ تَبْيينُها. والصَّرْفُ: أَن تَصْرِفَ إِنْسَانًا عَنْ وجْهٍ يُرِيدُهُ إِلَى مَصْرِفٍ غَيْرِ ذَلِكَ. وصَرَّفَ الشيءَ: أَعْمله فِي غَيْرِ وَجْهٍ كأَنه يَصرِفُه عَنْ وَجْهٍ إِلَى وَجْهٍ، وتَصَرَّفَ هُوَ. وتَصارِيفُ الأُمورِ: تَخالِيفُها، وَمِنْهُ تَصارِيفُ الرِّياحِ والسَّحابِ. اللَّيْثُ: تَصْرِيفُ الرِّياحِ صَرْفُها مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ، وَكَذَلِكَ تَصْرِيفُ السُّيُولِ والخُيولِ والأُمور وَالْآيَاتِ، وتَصْرِيفُ الرياحِ: جعلُها جَنُوباً وشَمالًا وصَباً ودَبُوراً فَجَعَلَهَا ضُروباً فِي أَجْناسِها. وصَرْفُ الدَّهْرِ:(9/189)
حِدْثانُه ونَوائبُه. والصَّرْفُ: حِدْثان الدَّهْرِ، اسْمٌ لَهُ لأَنه يَصْرِفُ الأَشياء عَنْ وجُوهها؛ وَقَوْلُ صَخْرِ الغَيّ:
عاوَدَني حُبُّها، وَقَدْ شَحِطَتْ ... صَرْفُ نَواها، فإنَّني كَمِدُ
أَنَّث الصَّرْف لتَعْلِيقه بالنَّوى، وَجَمْعُهُ صُرُوفٌ. أَبو عَمْرٍو: الصَّرِيف الفضّةُ؛ وأَنشد:
بَني غُدانةَ، حَقّاً لَسْتُمُ ذَهَباً ... وَلَا صَرِيفاً، وَلَكِنْ أَنْتُمُ خَزَفُ
وَهَذَا البيتُ أَورَدَه الْجَوْهَرِيُّ:
بَنِي غُدانَةَ، مَا إِنْ أَنتُمُ ذَهَباً ... وَلَا صَرِيفاً، وَلَكِنْ أَنتُمُ خزَفُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إنشاده: مَا إِن أَنْتُمُ ذَهبٌ، لأَن زِيَادَةَ إنْ تُبْطِل عَمَلَ مَا. والصَّرْفُ: فَضْلُ الدِرهم عَلَى الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ عَلَى الدِّينار لأَنَّ كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُصْرَفُ عَنْ قِيمةِ صاحِبه. والصَّرْفُ: بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه يُنْصَرَفُ بِهِ عَنْ جَوْهر إِلَى جَوْهر. والتَّصْرِيفُ فِي جَمِيعِ البِياعاتِ: إنْفاق الدَّراهم. والصَّرَّافُ والصَّيْرَفُ والصَّيْرَفِيُّ: النقّادُ مِنَ المُصارفةِ وَهُوَ مِنَ التَّصَرُّفِ، وَالْجَمْعُ صَيارِفُ وصَيارِفةٌ. وَالْهَاءُ لِلنِّسْبَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ الصَّيَارِفُ؛ فأَما قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
تَنْفِي يَداها الحَصى فِي كلِّ هاجِرَةٍ، ... نَفْيَ الدَّراهِيمِ تَنْقَادُ الصَّيارِيفِ
فَعَلَى الضَّرُورَةِ لَمَّا احْتَاجَ إِلَى تَمَامِ الْوَزْنِ أَشْبع الْحَرَكَةَ ضَرُورَةً حَتَّى صَارَتْ حَرْفًا؛ وَبِعَكْسِهِ:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العطامِسا
وَيُقَالُ: صَرَفْتُ الدَّراهِمَ بالدَّنانِير. وَبَيْنَ الدِّرهمين صَرْفٌ أَي فَضْلٌ لجَوْدةِ فِضَّةِ أَحدهما. وَرَجُلٌ صَيْرَفٌ: مُتَصَرِّفٌ فِي الأُمور؛ قَالَ أُمَيَّة بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيِّ:
قَدْ كُنْتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيْرَفاً، ... لَمْ تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحاصِ
أَبو الْهَيْثَمِ: الصَّيْرَفُ والصَّيْرَفِيُّ الْمُحْتَالُ المُتقلب فِي أُموره المُتَصَرِّفُ فِي الأُمور المُجَرّب لَهَا؛ قَالَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ اليَشْكُرِيّ:
ولِساناً صَيْرَفِيّاً صارِماً، ... كحُسامِ السَّيْفِ مَا مَسَّ قَطَعْ
والصَّرْفُ: التَّقَلُّبُ والحِيلةُ. يُقَالُ: فُلَانٌ يَصْرِفُ ويَتَصَرَّفُ ويَصْطَرِفُ لِعِيَالِهِ أَي يَكتسب لَهُمْ. وَقَوْلُهُمْ: لَا يُقبل لَهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ؛ الصَّرْفُ: الحِيلة، وَمِنْهُ التَّصَرُّفُ فِي الأَمور. يُقَالُ: إِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي الأُمور. وصَرَّفْتُ الرَّجُلَ فِي أَمْري تَصْرِيفاً فتَصَرَّفَ فِيهِ واصْطَرَفَ فِي طلَبِ الكسْب؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
قَدْ يَكْسِبُ المالَ الهِدانُ الْجَافِي، ... بغَيْرِ مَا عَصْفٍ وَلَا اصْطِرافِ
والعَدْلُ: الفِداء؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ، وَقِيلَ: الصَّرْفُ التَّطَوُّعُ والعَدْلُ الفَرْضُ، وَقِيلَ: الصَّرْفُ التوبةُ وَالْعَدْلُ الفِدْيةُ، وَقِيلَ: الصَّرْفُ الوَزْنُ والعَدْلُ الكَيْلُ، وَقِيلَ: الصَّرْفُ القيمةُ والعَدلُ المِثْلُ، وأَصلُه فِي الفِدية، يُقَالُ: لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُمْ صَرْفاً وَلَا عَدلًا أَي لَمْ يأْخذوا(9/190)
مِنْهُمْ دِيَةً وَلَمْ يَقْتُلُوا بقَتيلهم رَجُلًا وَاحِدًا أَي طَلَبُوا مِنْهُمْ أَكثر مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَقْتُلُ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ بِالرَّجُلِ الْوَاحِدِ، فَإِذَا قَتَلُوا رَجُلًا بِرَجُلٍ فَذَلِكَ الْعَدْلُ فِيهِمْ، وَإِذَا أَخذوا دِيَةً فَقَدِ انْصَرَفُوا عَنِ الدَّمِ إِلَى غَيْرِهِ فَصَرَفوا ذَلِكَ صرْفاً، فَالْقِيمَةُ صَرْف لأَن الشَّيْءَ يُقَوّم بِغَيْرِ صِفته ويُعَدَّل بِمَا كَانَ فِي صِفَتِهِ، قَالُوا: ثُمَّ جُعِل بعدُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى صَارَ مَثَلًا فِيمَنْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ الشَّيْءُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ، وأُلزِمَ أَكثر مِنْهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً
، أَي مَعْدِلًا؛ قَالَ:
أَزُهَيْرُ، هلْ عَنْ شَيْبةٍ مِنْ مَصْرِفِ؟
أَي مَعْدِل؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الصَّرْف المَيْلُ، والعَدْلُ الاسْتِقامةُ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الصَّرْفُ مَا يُتَصَرَّفُ بِهِ والعَدْل الْمَيْلُ، وَقِيلَ الصَّرْف الزِّيادةُ وَالْفَضْلُ وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَكَرَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ: مَنْ أَحْدثَ فِيهَا حَدَثاً أَو آوَى مُحْدِثاً لَا يُقبل مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ
؛ قَالَ مَكْحُولٌ: الصَّرْفُ التوبةُ والعدْلُ الفِدية. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقِيلَ الصَّرْف النَّافِلَةُ وَالْعَدْلُ الْفَرِيضَةُ. وَقَالَ يُونُسُ: الصَّرْف الحِيلة، وَمِنْهُ قِيلَ: فُلَانٌ يَتَصَرَّفُ أَي يَحْتالُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً
. وصَرْفُ الْحَدِيثِ: تَزْيِينُه والزيادةُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي إدْرِيسَ الخَوْلاني أَنه قَالَ: مَنْ طَلَبَ صَرْفَ الحديثِ يَبْتَغِي بِهِ إقبالَ وجوهِ الناسِ إليه
؛ أُخِذَ مِنْ صَرفِ الدراهمِ؛ والصَّرْفُ: الْفَضْلُ، يُقَالُ: لِهَذَا صَرْفٌ عَلَى هَذَا أَي فضلٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بصَرْفِ الْحَدِيثِ مَا يَتَكَلَّفُهُ الإِنسان مِنَ الزِّيَادَةِ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنَ الرِّياء والتَّصَنُّع، وَلِمَا يُخالِطُه مِنَ الْكَذِبِ والتَّزَيُّدِ، والحديثُ مَرْفُوعٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا يُحْسنُ صَرْفَ الْكَلَامِ أَي فضْلَ بعضِه عَلَى بَعْضٍ، وَهُوَ مِنْ صَرْفِ الدّراهمِ، وَقِيلَ لِمَنْ يُمَيِّز: صَيْرَفٌ وصَيْرَفِيٌّ. وصَرَفَ لأَهله يَصْرِفُ واصْطَرَفَ: كَسَبَ وطَلَبَ واخْتالَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والصِّرَافُ: حِرْمةُ كلِّ ذاتِ ظِلْفٍ ومِخْلَبٍ، صَرَفَتْ تَصْرِفُ صُرُوفاً وصِرَافاً، وَهِيَ صَارِفٌ. وكلبةٌ صَارِفٌ بيِّنة الصِّرَافِ إِذَا اشْتَهَتِ الْفَحْلَ. ابْنُ الأَعرابي: السباعُ كُلُّهَا تُجْعِلُ وتَصْرِفُ إِذَا اشْتَهَتِ الْفَحْلَ، وَقَدْ صَرَفَت صِرَافاً، وَهِيَ صَارِفٌ، وأَكثر مَا يُقَالُ ذَلِكَ كلُّه للكلْبَةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصِّرَافُ حِرْمةُ الشَّاءِ وَالْكِلَابِ والبقَرِ. والصَّرِيفُ: صَوْتُ الأَنيابِ والأَبوابِ. وصَرَفَ الإِنسانُ والبعيرُ نابَه وبنابِه يَصْرِفُ صَرِيفاً: حَرَقَه فَسَمِعْتَ لَهُ صَوْتًا، وَنَاقَةٌ صَرُوفٌ بَيِّنَةُ الصَّرِيفِ. وصَرِيفُ الْفَحْلِ: تَهَدُّرُه. وَمَا فِي فَمِهِ صَارِفٌ أَي نابٌ. وصَرِيفُ القَعْوِ: صَوْتُهُ. وصَريفُ البكرةِ: صوتها عند الِاسْتِقَاءِ. وصَرِيفُ الْقَلَمِ وَالْبَابِ وَنَحْوِهِمَا: صَرِيرُهُمَا. ابْنُ خَالَوَيْهِ: صَرِيفُ نابِ الناقةِ يَدُلُّ عَلَى كلالِها ونابِ الْبَعِيرِ عَلَى قَطَمِه وغُلْمَتِه؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
مَقْذُوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحْضِ بازِلُها، ... لَهُ صَرِيفٌ صَرِيفَ القَعْوِ بالمَسَدِ
هُوَ وَصْفٌ لَهَا بالكَلالِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه دَخَلَ حَائِطًا مِنْ حَوائطِ المدينةِ فَإِذَا فِيهِ جَمَلانِ يَصْرِفَان ويوعِدانِ فَدَنا مِنْهُمَا فَوَضَعَا جُرُنَهما
؛ قَالَ الأَصمعي: إِذَا كَانَ الصَّرِيفُ مِنَ الفُحولةِ، فَهُوَ مِنَ النَّشاطِ،(9/191)
وَإِذَا كَانَ مِنَ الإِناث، فَهُوَ مِنَ الإِعْياء. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لَا يَرُوعُه مِنْهَا «3» إِلَّا صَرِيفُ أَنيابِ الحِدْثان.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَسْمَعُ صَرِيفَ الأَقلامِ
أَي صوتَ جَرَيانِها بِمَا تكتُبه مِنْ أَقْضِيةِ اللَّهِ ووَحْيِه، وَمَا يَنْسَخُونه مِنَ اللوحِ الْمَحْفُوظِ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنه كَانَ يَسْمَعُ صَرِيف القَلم حِينَ كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ التَّوْرَاةَ
؛ وَقَوْلُ أَبي خِراشٍ:
مُقابَلَتَيْنِ شَدَّهما طُفَيْلٌ ... بِصَرَّافَينِ، عَقْدُهما جَمِيلُ
عَنَى بالصَّرَّافَيْنِ شراكَيْنِ لَهُمَا صَرِيفٌ. والصِّرْفُ: الخالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وشَرابٌ صِرْفٌ أَي بَحْتٌ لَمْ يُمْزَجْ، وَقَدْ صَرَفَه صُرُوفاً؛ قَالَ الهذَلي:
إِنْ يُمْسِ نَشْوانَ بِمَصْرُوفَةٍ ... مِنْهَا بريٍّ وَعَلَى مِرْجَلِ
وصَرَّفَه وأَصْرَفَه: كَصَرفَه؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ. وصَرِيفون: مَوْضِعٌ بِالْعِرَاقِ؛ قَالَ الأَعشى:
وَتُجْبَى إِلَيْهِ السَّيْلَحُونَ، ودونَها ... صَرِيفُونَ فِي أَنهارِها والخَوَرْنَقُ
قَالَ: والصَّرِيفِيَّةُ مِنَ الْخَمْرِ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ. والصَّرِيفُ: الْخَمْرُ الطيبةُ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الأَعشى:
صَرِيفِيّةٌ طَيِّبٌ طَعْمُها، ... لَهَا زبدٌ بَيْنَ كُوبٍ ودَنّ «4»
قَالَ بَعْضُهُمْ: جَعَلَهَا صَرِيفِيّةً لأَنها أُخِذت مِنَ الدَّنِّ ساعَتئذٍ كَاللَّبَنِ الصَّرِيف، وَقِيلَ: نُسِبَ إِلَى صَرِيفَين وَهُوَ نَهْرٌ يتخلَّجُ مِنَ الفُراتِ. والصَّرِيفُ: الْخَمْرُ الَّتِي لَمْ تُمْزَجْ بِالْمَاءِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شئ لَا خِلْطَ فِيهِ؛ وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ فِي قَوْلِ الْمُتَنَخِّلِ:
إنْ يُمْسِ نَشْوانَ بِمصْرُوفةٍ
قَالَ: بمَصْرُوفَة أَي بكأْس شُرِبَتْ صِرْفاً، عَلَى مِرْجَلٍ أَي عَلَى لحمٍ طُبخ فِي مِرجل، وَهِيَ القِدْر. وتَصْرِيفُ الْخَمْرِ: شُرْبُها صِرْفاً. والصَّرِيفُ: اللبن الذي ينصرف عَنِ الضَّرْع حَارًّا إِذَا حُلِبَ، فإِذا سَكَنَتْ رَغْوَتُه، فَهُوَ الصَّريحُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الغارِ:
ويَبيتانِ فِي رِسْلِها وصَرِيفِها
؛ الصَّرِيفُ: اللَّبَنُ سَاعَةَ يُصْرَفُ عَنِ الضرْع؛ وَفِي حَدِيثِ
سَلمَة بْنِ الأَكوع:
لَكِنْ غَذاها اللبَنُ الخَريفُ: ... ألمَحْضُ والقارِصُ والصَّرِيفُ
وَحَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ معديكَرِبَ: أَشْرَبُ التِّبْنَ مِنَ اللَّبَنِ رَثِيئةً أَو صَرِيفاً.
والصِّرْفُ، بِالْكَسْرِ: شَيْءٌ يُدْبَغُ بِهِ الأَديمُ، وَفِي الصِّحَاحِ: صِبْغ أَحمر تُصْبَغُ بِهِ شُرُكُ النِّعالِ؛ قَالَ ابْنُ كَلْحَبَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، وَاسْمُهُ هُبَيْرَةُ بْنُ عَبْدِ مَناف، وَيُقَالُ سَلَمة بْنُ خُرْشُبٍ الأَنْماري، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ أَنه هُبيرة بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَلَحْبَةُ اسْمُ أُمه، فَهُوَ ابْنُ كَلَحْبَةَ أَحدُ بَنِي عُرَيْن بْنِ ثَعْلبة بْنِ يَرْبُوعٍ، وَيُقَالُ لَهُ الْكَلْحَبَةُ، وَهُوَ لَقَبٌ لَهُ، فَعَلَى هَذَا يُقَالُ؛ وَقَالَ الْكَلْحَبَةُ الْيَرْبُوعِيُّ:
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ، ولكنْ ... كلَوْنِ الصِّرفِ عُلَّ بِهِ الأَدِيمُ
يَعْنِي أَنها خَالِصَةُ الكُمْتةِ كلونِ الصِّرْفِ، وفي المحكم:
__________
(3) . قوله [لا يروعه منها] الذي في النهاية: لا يروعهم منه.
(4) . قوله [صَرِيفِيَّة الخ] قبله كما في شرح القاموس:
تعاطي الضجيع إذا أقبلت ... بعيد الرقاد وعند الوسن(9/192)
خالصةُ اللونِ لَا يُحلف عَلَيْهَا أَنها لَيْسَتْ كَذَلِكَ. قَالَ: والكُمَيْتُ المُحْلِفُ الأَحَمّ والأَحْوَى، وَهُمَا يَشْتَبِهَانِ حَتَّى يَحْلِفَ إِنْسَانٌ أَنه كَمَيْتٌ أَحمُّ، وَيَحْلِفَ الْآخَرُ أَنه كُميت أَحْوَى. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ نَائِمٌ فِي ظلِّ الكَعبة فاسْتَيْقَظ مُحْمارّاً وجْهُه كأَنه الصِّرْفُ
؛ هُوَ بِالْكَسْرِ، شَجَرٌ أَحمر. وَيُسَمَّى الدمُ والشرابُ إِذَا لَمْ يُمْزَجا صِرْفاً. والصِّرْفُ: الخالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَغَيَّر وجْهُه حَتَّى صارَ كالصِّرْف.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ: لتَعْرُكَنَّكُمْ عَرْكَ الأَديمِ الصِّرْفِ
أَي الأَحمر. والصَّرِيفُ: السَّعَفُ اليابِسُ، الْوَاحِدَةُ صَرِيفَةٌ، حَكَى ذَلِكَ أَبو حَنِيفَةَ؛ وَقَالَ مُرَّةُ: هُوَ مَا يَبِسَ مِنَ الشَّجَرِ مِثْلَ الضَّريع، وَقَدْ تقدَّم. ابْنُ الأَعرابي: أَصْرف الشاعرُ شِعْرَهُ يُصْرِفُه إصرَافاً إِذَا أَقوى فِيهِ وَخَالَفَ بَيْنَ القافِيَتَين؛ يُقَالُ: أَصْرَفَ الشاعرُ القافيةَ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَمْ يَجِئْ أَصْرَفَ غَيْرَهُ؛ وأَنشد:
بِغَيْرِ مُصْرِفَة القَوافي «1»
ابْنُ بُزُرْجَ: أَكْفأْتُ الشعرَ إِذَا رَفَعْتَ قافِيةً وَخَفَضْتَ أُخرى أَو نَصَبْتَهَا، وَقَالَ: أَصْرَفْتُ فِي الشِّعْرِ مِثْلَ الإِكفاء، وَيُقَالُ: صَرَفْت فُلَانًا وَلَا يُقَالُ أَصْرَفْته. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الشُفعة:
إِذَا صُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعةَ
أَي بُيِّنَتْ مَصارِفُها وشوارِعُها كأَنه مِنَ التَّصَرُّفِ والتَّصْريفِ. والصَّرَفَانُ: ضربٌ مِنَ التَّمْرِ، وَاحِدَتُهُ صَرَفَانَةٌ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّرَفَانَةُ تَمْرَةٌ حَمْرَاءُ مِثْلُ البَرْنِيّةِ إِلَّا أَنها صُلْبةُ المَمْضَغَةِ عَلِكةٌ، قَالَ: وَهِيَ أَرْزَن التَّمْرِ كُلِّهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للنّجاشِيّ:
حَسِبْتُمْ قِتالَ الأَشْعَرينَ ومَذْحِجٍ ... وكِنْدَةَ أَكْلَ الزُّبْدِ بالصَّرَفانِ
وَقَالَ عِمْران الْكَلْبِيُّ:
أَكُنْتُمْ حَسِبْتُمْ ضَرْبَنا وجِلادَنا ... عَلَى الحجْرِ أَكْلَ الزُّبْدِ بالصَّرَفَانِ «2»
وَفِي حَدِيثِ وفْد عَبْدِ الْقَيْسِ:
أَتُسَمُّون هَذَا الصَّرفان؟
هُوَ ضَرْبٌ مِنْ أَجود التَّمْرِ وأَوْزَنه. والصَّرَفَانُ: الرَّصاصُ القَلَعِيُّ؛ والصَّرَفَانُ: الموتُ؛ وَمِنْهُمَا قَوْلُ الزَّبّاء الملِكة:
مَا لِلْجِمالِ مَشْيُها وَئِيدًا؟ ... أَجَنْدَلًا يَحْمِلْنَ أَم حَديدا؟
أَمْ صَرَفَاناً بارِداً شَديدا؟ ... أَم الرِّجال جُثَّماً قُعُودا؟
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَمْ يَكُنْ يُهْدَى لَهَا شَيْءٌ أَحَبّ إِلَيْهَا مِنَ التَّمْرِ الصَّرَفَان؛ وأَنشد:
وَلَمَّا أَتَتْها العِيرُ قَالَتْ: أَبارِدٌ ... مِنَ التمرِ أَمْ هَذَا حَديدٌ وجَنْدَلُ؟
والصَّرَفِيُّ: ضَرْب مِنَ النَّجائب مَنْسُوبَةٌ، وَقِيلَ بِالدَّالِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
صطف: قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ يُسَمِّي المِصْطَبَةَ المَصْطَفَة، بِالْفَاءِ.
صعف: الصَّعْفُ والصَّعَفُ: شَرَابٌ لأَهل الْيَمَنِ، وصِناعَتُه أَن يُشْدَخَ الْعِنَبُ ثُمَّ يُلْقى في الأَوْعِيةِ
__________
(1) . قوله [بغير مصرفة] كذا بالأصل.
(2) . قوله [الحجر] في معجم ياقوت: الحجر، بالكسر وبالفتح وبالضم، أسماء مواضع.(9/193)
حَتَّى يَغْلي، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وجُهّالُهم لَا يَرَوْنَهُ خَمْرًا لِمَكَانِ اسْمه، وَقِيلَ: هُوَ شَرَابُ الْعِنَبِ أَول مَا يُدْرِكُ، وَقِيلَ: هُوَ شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنَ الْعَسَلِ. والصَّعْفَانُ: المُولَعُ بِشَرَابِ الصَّعْفِ، وَهُوَ الْعَصِيرُ. والصَّعْفُ: طَائِرٌ صَغِيرٌ، وَجَمْعُهُ صِعافٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَصْعَفَ الزَّرْعُ أَفْرَكَ، وَهُوَ الصَّعِيفُ؛ عَنْ أَبي عمرو.
صفف: الصَّفُّ: السَّطْرُ المُسْتَوي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ معروفٌ، وَجَمْعُهُ صُفُوفٌ. وصَفَفْتُ الْقَوْمَ فاصْطَفُّوا إِذَا أَقمتهم فِي الْحَرْبِ صَفّاً. وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الخَوْفِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ مُصَافَّ العَدُوِّ بعُسْفانَ
أَي مُقابِلهم. يُقَالُ: صَفَّ الجيشَ يَصُفُّه صَفّاً وصافَّهُ، فَهُوَ مُصَافٌّ إِذَا رَتَّبَ صُفُوفَه فِي مُقابِل صُفُوفِ الْعَدُوِّ، والمَصَافُّ، بِالْفَتْحِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ: جَمْعُ مَصَفٍّ وَهُوَ مَوْضِعُ الْحَرْبِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الصُّفُوفُ. وصَفَّ الْقَوْمُ يَصُفُّونَ صَفّاً واصْطَفُّوا وتَصافُّوا: صَارُوا صَفّاً. وتَصافُّوا عَلَيْهِ: اجْتَمَعُوا صَفّاً. اللِّحْيَانِيُّ: تَصافُّوا عَلَى الْمَاءِ وتَضافُّوا عَلَيْهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ تَضَوَّكَ فِي خُرْئِهِ، وتَصَوَّكَ إِذَا تَلَطَّخَ بِهِ، وصلاصِلُ الْمَاءِ وضَلاضِلُه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا
؛ قِيلَ: الصَّافَّاتِ
الملائكةُ مُصْطَفُّونَ فِي السَّمَاءِ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ تَعَالَى؛ وَمِثْلُهُ: وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ
؛ قَالَ: وَذَلِكَ لأَنَّ لَهُمْ مَراتِبَ يَقُومُونَ عَلَيْهَا صُفُوفاً كَمَا يَصْطَفُّ المُصَلُّون. وَقَوْلُ الأَعرابية لِبَنِيهَا: إِذَا لَقِيتُمُ العَدُوَّ فدَغَرى وَلَا صَفّاً أَي لَا تَصُفُّوا صَفّاً. والصَّفُّ: مَوْقِفُ الصُّفوفِ. والمَصَفُّ: الموْقفُ فِي الْحَرْبِ، وَالْجَمْعُ المَصَافُّ، وصَافُّوهم القِتالَ. والصَّفُّ فِي الْقُرْآنِ المُصَلَّى وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن الناس يَصْطَفُّون هنالك. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا؛ مُصْطَفّين فَهُوَ عَلَى هَذَا حَالٌ. قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ ثُمَّ ائْتُوا الْمَوْضِعَ الَّذِي تَجْتَمِعُونَ فِيهِ لِعِيدِكُمْ وصلاتِكم. يُقَالُ: ائْتِ الصَّفَّ أَي ائْتِ المُصَلَّى، قَالَ: وَيَجُوزُ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا
أَي مصطفِّين لِيَكُونَ أَنْظَم لكمْ وأَشدّ لهَيْبَتِكم. اللَّيْثُ: الصَّفُّ وَاحِدُ الصُّفُوف مَعْرُوفٌ. وَالطَّيْرُ الصَّوَافُّ: الَّتِي تَصُفُّ أَجْنِحتَها فَلَا تُحَرِّكُهَا. وقوله تعالى: عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا
؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يَجُوزُ أَن يَكُونُوا كُلُّهُمْ صَفّاً وَاحِدًا وَيَجُوزُ أَن يُقَالُ فِي مِثْلِ هَذَا صَفَّاً يُرَادُ بِهِ الصُّفُوفُ فَيُؤَدِّي الواحدُ عَنِ الْجَمِيعِ. وَفِي حَدِيثِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ:
كأَنهما حِزْقانِ مِنْ طَيْر صَوَافَّ باسِطاتٍ أَجْنِحَتَها فِي الطَّيَرَانِ
، والصَّوَافُّ: جَمْعُ صَافَّةٍ. وَنَاقَةٌ صَفُوفٌ: تَصُفُّ يَدَيْهَا عِنْدَ الحَلَبِ. وصَفَّت النَّاقَةُ تَصُفُّ، وَهِيَ صَفُوفٌ: جَمَعَتْ بَيْنَ مِحْلَبَيْن أَو ثَلَاثَةً فِي حَلْبة. والصَّفُّ: أَن تَحْلُبَ الناقةَ فِي مِحْلبين أَو ثَلَاثَةٍ تَصُفُّ بَيْنَهَا؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
ناقةُ شَيْخٍ للإِلهِ راهِبِ ... تَصُفُّ فِي ثلاثةِ المَحالِب:
فِي اللَّهْجَمَيْنِ والهَنِ المُقارِب
اللَّهْجَمُ: العُسُّ الْكَبِيرُ، وعَنى بالهَنِ المُقارِبِ العُسَّ بَيْنَ العُسَّيْنِ. الأَصمعي: الصَّفُوفُ الناقةُ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ مِحْلَبَيْنِ فِي حَلْبة وَاحِدَةٍ، والشَّفُوع والقَرُون مِثْلُهَا. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ نَاقَةٌ صَفُوفٌ لِلَّتِي تَصُفُّ أَقْداحاً مِنْ لَبَنِهَا إِذَا حُلِبتْ، وَذَلِكَ من كَثْرَةُ لَبَنِهَا، كَمَا يُقَالُ قَرُونٌ وشَفُوعٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:(9/194)
حَلْبانَةٍ رَكْبانَةٍ صَفُوفِ، ... تَخْلِطُ بَينَ وَبَرٍ وصُوفِ
وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
تَرْفِدُ بَعْدَ الصَّفِّ فِي فُرْقانِ
هُوَ جَمْعُ فَرْقٍ. والفَرْقُ: مِكْيالٌ لأَهل الْمَدِينَةِ يسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطلًا. والصَّفُّ: القَدحانِ لإِقرانِهما. وصَفَّها: حَلَبَها. وصَفَّتِ الطيرُ فِي السَّمَاءِ تَصُفُّ: صَفَّتْ أَجنحتها وَلَمْ تُحَرِّكْهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ
؛ باسِطاتٍ أَجْنِحَتها. والبُدْنُ الصَّوَافُّ: الْمَصْفُوفَةُ لِلنَّحْرِ الَّتِي تُصَفَّفُ ثُمَّ تُنحر. وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَ
؛ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْحَالِ أَي قَدْ صَفَّتْ قَوائمها فَاذْكُرُوا اللَّهَ عَلَيْهَا فِي حالِ نحْرها صَوَافَّ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهَا أَنها مُصْطَفّةٌ فِي مَنْحَرِها. وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى صَوافَّ، قَالَ: قِيَامًا.
وَعَنِ
ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ صَوافَّ قَالَ: تُعْقَلُ وَتَقُومُ عَلَى ثَلَاثٍ
، وقرأَها ابْنُ عَبَّاسٍ
صَوافِنَ
وَقَالَ:
مَعْقُولَةً، يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ.
الْجَوْهَرِيُّ: صَفَّتِ الإِبلُ قَوائِمها، فَهِيَ صَافَّةٌ وصَوَافُّ. وصَفَّ اللحمَ يَصُفُّه صَفّاً، فَهُوَ صَفِيفٌ: شَرَّحَه عِراضاً، وَقِيلَ: الصَّفِيفُ الَّذِي يُغْلى إغْلاءَةً ثُمَّ يُرْفَعُ، وَقِيلَ: الَّذِي يُصَفُّ عَلَى الْحَصَى ثُمَّ يُشْوَى، وَقِيلَ: القَدِيدُ إِذَا شُرِّرَ فِي الشَّمْسِ يُقَالُ صَفَفْتُه أَصُفُّه صَفّاً؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَظَلَّ طُهاةُ اللَّحْمِ منْ بَينِ مُنْضِجٍ ... صَفِيفَ شِواء، أَو قَدِيرٍ مُعَجَّلِ
ابْنُ شُمَيْلٍ: التَّصْفِيف نَحْوُ التَّشْريحِ وَهُوَ أَن تُعرِّض البَضْعةَ حَتَّى تَرِقّ فَتَرَاهَا تَشِفُّ شَفِيفاً. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبة: الصَّفِيفُ أَن يُشَرَّحَ اللحمُ غَيْرَ تَشْرِيحِ القَدِيدِ، وَلَكِنْ يُوَسَّعُ مِثْلَ الرُّغْفان، فَإِذَا دُقَّ الصفِيفُ لِيُؤْكَلَ، فَهُوَ قَدِيرٌ، فَإِذَا تُرِك وَلَمْ يُدَقَّ، فَهُوَ صَفِيفٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّفِيفُ مَا صُفَّ مِنَ اللَّحْمِ عَلَى الْجَمْرِ لِيَنْشَويَ، تَقُولُ مِنْهُ: صَفَفْتُ اللحمَ صَفّاً. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ: كَانَ يَتَزَوَّدُ صَفِيف الوَحْشِ وَهُوَ مُحْرِم
أَي قَدِيدَها. يُقَالُ: صَففتُ اللحمَ أَصُفُّه صَفًّا إِذَا تَرَكْتَهُ فِي الشَّمْسِ حَتَّى يجِفَّ. وصُفَّةُ الرَّحْلِ والسَّرْجِ: الَّتِي تَضُمّ العَرْقُوَتَينِ والبِدادَينِ مِنْ أَعْلاهما وأَسفلهما، وَالْجَمْعُ صُفَفٌ عَلَى الْقِيَاسِ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: وصَفَّ الدابةَ وصَفَّ لَهَا عَمِلَ لَهَا صُفَّةً. وصَفَفْتُ لَهَا صُفَّة أَي عَمِلْتُها لَهَا. وصَفَفْت السرْجَ: جَعَلْتُ لَهُ صُفَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ صُفَفِ النُّمُورِ
؛ هِيَ جَمْعُ صُفَّة وَهِيَ لِلسَّرْجِ بِمَنْزِلَةِ المِيثرَة مِنَ الرَّحْل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا كَحَدِيثِهِ الْآخَرِ:
نَهى عَنْ رُكوبِ جُلُودِ النُّمُورِ.
وصُفَّةُ الدارِ: وَاحِدَةُ الصُّفَفِ؛ اللَّيْثُ: الصُّفَّةُ مِنَ البُنْيانِ شِبْهُ البَهْو الواسِع الطويلِ السَّمْكِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ أَهْلِ الصُّفّة، قَالَ:
هُمْ فُقراء الْمُهَاجِرِينَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُمْ مَنْزِلٌ يَسْكُنُهُ فَكَانُوا يَأْوُون إِلَى مَوْضِعٍ مُظَلَّل فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ يَسْكُنُونَهُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَاتَ رجلٌ مِنْ أَهل الصُّفَّة
؛ هُوَ مَوْضِعٌ مظلَّل مِنَ الْمَسْجِدِ كَانَ يأْوي إِلَيْهِ المساكينُ وصُفَّةُ البُنْيانِ: طُرَّته. والصُّفَّةُ: الظُّلَّةُ. ابْنُ سِيدَهْ: وَعَذَابُ يَوْمِ الصُّفَّة كَعَذَابِ يَوْمِ الظُّلَّة. التَّهْذِيبِ: اللَّيْثُ وَعَذَابُ يَوْمِ الصُّفَّة كَانَ قومٌ عَصَوْا رسُولَهم فأَرسل اللَّهُ عَلَيْهِمْ حَرّاً وغَمّاً غَشِيَهم مِنْ فَوْقِهِمْ حَتَّى هَلَكُوا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ لَا عذابُ يَوْمِ الصُّفَةِ، وعُذِّبَ قَوْمُ شُعَيب بِهِ، قَالَ: وَلَا أَدْري مَا عذابُ يَوْمِ الصُّفَّة.(9/195)
وأَرض صَفْصَفٌ: مَلْساء مُسْتَوِية. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَيَذَرُها قَاعًا صَفْصَفاً
؛ الْفَرَّاءُ الصَّفْصَفُ الَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الصَّفْصَف القَرْعاء، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قَاعًا صَفْصَفاً
، مُسْتَوِيًا. أَبو عَمْرٍو: الصَفْصَف الْمُسْتَوِي مِنَ الأَرض، وَجَمْعُهُ صَفَاصِفُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا رَكِبَتْ داوِيَّةً مُدْلَهِمّةً، ... وغَرَّدَ حادِيها لَهَا بالصَّفَاصِفِ
والصَّفْصَفَةُ كالصَّفْصَفِ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، والصَفْصَفُ: الفَلاةُ. والصُّفْصُفُ: العُصْفور، فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. والصَّفْصَافُ: الخِلافُ، وَاحِدَتُهُ صَفْصَافَةٌ، وَقِيلَ: شَجَرُ الخِلاف شامِيّة. والصَّفْصَفَةُ دُوَيْبّة، وَهِيَ دَخِيلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: هِيَ الدويبَّة الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَجَمُ السِّيسَكُ،
وَرُوِيَ أَن الْحَجَّاجَ قَالَ لِطبّاخِه: اعْمَلْ لَنَا صَفْصَافَةً وأَكْثِرْ فَيْجَنَها
، قَالَ: الصَّفْصَافَةُ لُغَةٌ ثَقِيفِيّةٌ، وَهِيَ السِّكْباجة. أَبو عَمْرٍو: الصَّفْصَفَةُ السِّكباجة والفَيْجَنُ السَّدابُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَصْبَحْتُ لَا أَملِك صُفَّةً وَلَا لُفَّةً
؛ الصفَّةُ: مَا يُجْعَلُ عَلَى الرَّاحة مِنَ الحُبُوبِ، واللُّفّةُ اللُّقْمَة. وصَفْصَفَةُ الغَضَا: مَوْضِعٌ، وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ صِفُّونَ، قَالَ: وَهُوَ مَوْضِعٌ كَانَتْ فِيهِ حَرْب بَيْنَ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ؛ وأَنشد لمُدْرِكِ بْنِ حُصَيْنٍ الأَسدي:
وصِفُّونَ والنَّهْرُ الهَنِيُّ ولُجَّةٌ، ... مِنَ البَحْرِ، مَوقُوفٌ عَلَيْهَا سَفِينُها
قَالَ: وَتَقُولُ فِي النَّصْبِ وَالْجَرِّ رأَيت صِفِّينَ وَمَرَرْتُ بِصِفِّين، وَمَنْ أَعرب النُّونَ قَالَ هَذِهِ صِفِّينُ ورأَيت صِفِّينَ، وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ صَفَنَ عِنْدَ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ عَلَى صِفِّين، قَالَ: حَقُّهُ أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ صَفَفَ لأَن نُونَهُ زَائِدَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ صِفُّونَ فيمن أعربه بالحروف.
صقف: التَّهْذِيبُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الصُّقُوفُ المَظالُّ؛ قَالَ الأَزهري: والأَصل فِيهِ السُّقُوف.
صلف: الصَّلَفُ: مُجاوَزَةُ القَدْر فِي الظَّرْف وَالْبَرَاعَةِ والادِّعاءُ فَوْقَ ذَلِكَ تَكَبُّرًا، صَلِفَ صَلَفاً، فَهُوَ صَلِفٌ مِنْ قَوْمٍ صَلافَى، وَقَدْ تَصَلَّفَ، والأُنثى صَلِفَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ مُوَلَّد. ابْنُ الأَثير فِي قَوْلِهِ آفةُ الظَّرْفِ الصَّلَفُ: هُوَ الغُلُوّ فِي الظَّرْف والزِّيادةُ عَلَى المِقْدار مَعَ تَكَبُّرٍ. وصَلِفَتِ المرأَةُ صَلَفاً، فَهِيَ صَلِفَةٌ: لَمْ تَحْظَ عِنْدَ قَيِّمها وَزَوْجِهَا، وَجَمْعُهَا صَلائِفُ نَادِرٌ؛ قَالَ القُطامِيُّ وَذَكَرَ امرأَة:
لَهَا رَوْضَةٌ فِي القَلْبِ، لَمْ تَرْعَ مِثْلَها ... فَرُوكٌ، وَلَا المُسْتَعْبِراتُ الصَّلائِفُ
وَرُوِيَ وَلَا المُسْتعبَراتُ. وأَصْلَفَ الرَّجلُ: صَلِفَتِ امرأَتُه فَلَمْ تَحْظَ عِنْدَهُ، وأَصْلَفَها وصَلَفَها يَصْلِفُها، فَهُوَ صَلِفٌ: أَبغضها؛ قَالَ مُدْرِكُ بْنُ حُصَيْنٍ الأَسَدي:
غَدَتْ ناقَتي مِنْ عِنْد سَعْدٍ، كأَنَّها ... مُطَلّقةٌ كَانَتْ حَلِيلةَ مُصْلِفِ
وطعامٌ صَلِفٌ: مَسِيخُ لا طَعْم فِيهِ. ابْنُ الأَنباري: صَلِفَتِ المرأَةُ عِنْدَ زَوْجِهَا أَبْغَضَها، وصَلَفَها يَصْلِفُها أَبْغَضها؛ وأَنشد:
وَقَدْ خُبِّرْتُ أَنَّكِ تَفْرَكِيني، ... فأَصْلِفُكِ الغَداةَ وَلَا أُبالي(9/196)
والمُصْلِفُ: الَّذِي لَا يَحْظى عِنْدَهُ امرأَة، والمرأَة صَلِفةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ أَن امرأَة لَا تَتَصَنَّعُ لِزَوْجِهَا صَلِفَتْ عِنْدَهُ
أَي ثَقُلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَحْظ عِنْدَهُ، ووَلّاها صَلِيفَ عُنُقِه أَي جانبَه. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: تَنْطَلِقُ إحداكُنَّ فتُصانِعُ بمالِها عَنِ ابْنَتِها الحَظِيّةِ وَلَوْ صانَعَتْ عَنِ الصَّلِفَةِ كَانَتْ أَحَقَّ.
الشَّيْبانيُّ: يُقَالُ للمرأَة أَصْلَفَ اللَّهُ رُفْغَكِ أَي بَغَّضَكِ إِلَى زَوْجِكِ. وَمِنْ أَمثالهم فِي التَّمَسُّكِ بالدِّين وَذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير حَدِيثًا:
مَنْ يَبْغِ فِي الدِّينِ يَصْلَفْ
أَي لَا يَحْظَ عِنْدَ النَّاسِ وَلَا يُرْزَق مِنْهُمُ المَحَبةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشده ابْنُ السِّكِّيتِ مُطْلقاً:
مَنْ يَبْغِ فِي الدِّينِ يَصْلَفْ
قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ أَي مَنْ يَطْلُبْ فِي الدِّينِ أَكثر مِمَّا وُقِفَ عَلَيْهِ يَقِلَّ حَظُّه. والصَّلَفُ: قِلَّةُ نَزَلِ الطَّعَامِ. وطَعامٌ صَلِفٌ وصَلِيفٌ: قَلِيلُ النَّزَل والرَّيْعِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا طَعْمَ لَهُ، وَقَالُوا: مَنْ يَبْغِ فِي الدينِ يَصْلَفْ أَي يَقِلَّ نَزَلُه فِيهِ. وَإِنَاءٌ صَلِفٌ: قَلِيلُ الأَخذ مِنَ الْمَاءِ، وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: إِنَاءٌ صَلِفٌ خالٍ لَا يأْخذ مِنَ الْمَاءِ شَيْئًا، وسَحابٌ صَلِفٌ لَا مَاءَ فِيهِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: سَحَابٌ صَلِفٌ قَلِيلُ الْمَاءِ كَثِيرُ الرَّعْد، وَقَدْ صَلِفَ صَلَفاً. وَفِي الْمَثَلِ فِي الواجِدِ وَهُوَ بَخِيلٌ مَعَ جِدَتِه: رُبَّ صَلِفٍ تَحْتَ الرَّاعِدةِ؛ وَقِيلَ: يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ الَّذِي يُكْثِر الْكَلَامَ والمَدْحَ لِنَفْسِهِ وَلَا خَيْرَ عِنْدَهُ. والصَّلَفُ: قِلَّةُ النَّزَلِ وَالْخَيْرِ؛ أَرادوا أَن هَذَا مَعَ كَثْرَةِ مَالِهِ مَعَ الْمَنْعِ كالغَمامة كَثِيرَةُ الرَّعْدِ مَعَ قِلَّةِ مَطَرِهَا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَتَوَعَّدُ ثُمَّ لَا يقومُ بِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير حَدِيثًا، وَقَالَ: هُوَ مَثَلٌ لِمَنْ يُكْثِرُ قَوْلَ مَا لَا يَفْعَلُ أَي تحتَ سَحاب يرْعَدُ وَلَا يَمْطُرُ. وتَصَلَّفَ الرَّجُلُ: قَلَّ خيره. التهذيب: قالوا أَصْلَفُ مِنْ ثَلْجٍ فِي مَاءٍ وَمِنْ ملحٍ فِي مَاءٍ. والصَّلَفُ: قلةُ الْخَيْرِ. وامرأَة صَلِفَة: قَلِيلَةُ الْخَيْرِ لَا تَحْظى عِنْدَ زَوْجِهَا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ قَوْمٌ الصَّلَفُ مأْخوذ مِنَ الإِناء الْقَلِيلِ الأَخذِ لِلْمَاءِ فَهُوَ قَلِيلُ الْخَيْرِ، وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَاءٌ صَلِفٌ إِذَا كَانَ ثَخِيناً ثَقِيلًا، فالصَّلِفُ بِهَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا الِاخْتِيَارِ والعامَّةُ وضَعَتِ الصَّلَفَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي الصَّلِف الإِناء الصَّغِيرُ، والصَّلِفُ الإِناء السائلُ الَّذِي لَا يَكَادُ يُمْسِكُ الْمَاءَ. وأَصْلَفَ الرَّجُلُ إِذَا قَلَّ خَيْرُهُ، وأَصْلَفَ إِذَا ثَقُلَ رُوحه. وَفُلَانٌ صَلِفٌ: ثَقِيلُ الرُّوح. وأَرض صَلِفَةٌ: لَا نَبات فِيهَا. ابْنُ الأَعرابي: الصَّلْفَاء المَكان الغَلِيظُ الجَلَدُ، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هِيَ الصَّلِفَةُ الأَرض الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا. وَكُلُّ قُفٍّ صَلِفٌ وظَلِفٌ، وَلَا يَكُونُ الصَّلَفُ إِلَّا فِي قُفٍّ أَو شَبَهِهِ، والقاعُ القَرَقُوسُ صَلِفٌ، زَعَم. قَالَ: ومَرْبَدُ البصرةِ صَلِفٌ أَسِيفٌ لأَنه لَا يُنْبِتُ شَيْئًا. الأَصمعيّ: الصَّلْفَاء والأَصْلَفُ مَا اشتَدّ مِنَ الأَرض وصَلُبَ؛ وَقَالَ أَوْس بْنُ حَجَرٍ:
وخَبَّ سَفا قُرْبَانِهِ وتَوَقَّدَتْ، ... عَلَيْهِ من الصَّمَّانتين الأَصَالِفُ «3»
والمكانُ أَصْلَفُ. وَالْمَكَانُ الأَصْلَفُ: الَّذِي لا يُنْبِتُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرمَّة:
__________
(3) . قوله [وخب سفا قربانه] كذا بالأصل على هذه الصورة.(9/197)
نَحُوصٌ مِنِ اسْتِعْراضِها البِيدَ كُلَّما ... حَزى الآلَ حَرُّ الشمسِ، فَوْقَ الأَصَالِف
والأَصْلَفُ والصَّلْفَاء: الصُّلْبُ مِنَ الأَرض فِيهِ حِجَارَةٌ، وَالْجَمْعُ صَلافٍ لأَنه غلَب غَلَبةَ الأَسماء فأَجْرَوه فِي التَّكْسِيرِ مُجْرى صَحْراء وَلَمْ يُجروه مُجْرى ورْقاء قَبْلَ التَّسْمِيَةِ. والصَّلِيفُ: نَعْتٌ لِلذَّكَرِ. أَبو زَيْدٍ: الصَّلِيفَانِ رأْسا الفَقْرة الَّتِي تَلِي الرأْسَ مِنْ شِقَّيْها. والصَّلِيفَان: عُودان يُعَرَّضانِ عَلَى الغَبِيطِ تُشَدُّ بهما المَحامِلُ؛ ومنه قَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَقَبُّ كأَنَّ هادِيَه الصَّلِيفُ «1»
والصَّلِيفَانِ: جَانِبَا العُنق، وَقِيلَ: هُمَا مَا بَيْنُ اللَّبَّةِ والقَصَرةِ. والصَّلِيفُ: عُرْضُ العُنُق، وَهُمَا صَلِيفَانِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ. وصَلِيفَا الإِكافِ: الخَشَبَتان اللَّتَانِ تُشَدّان فِي أَعْلاه. ورَجُل صَلَنْفَى وصَلَنْفَاء: كَثِيرُ الْكَلَامِ. والصُّلَيْفَاء: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
لَوْلَا فَوارِسُ مِنْ نُعْمٍ وأُسْرَتِهِمْ، ... يَوْمَ الصُّلَيْفَاء، لَمْ يُوفُونَ بالجارِ
قَالَ: لَمْ يُوفُونَ، وَهُوَ شاذٌّ، وإنما جاز على تشبيه لم بلا إِذْ مَعْنَاهُمَا النَّفْيُ فَأَثْبَتَ النُّونَ كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
أَنْ تَهْبِطِينَ بِلادَ قَوْمٍ ... يَرْتَعُونَ مِنَ الطِّلاحِ
قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: فَهَذَا عَلَى تشبيه أَن بما الَّتِي بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ فِي قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَأَمَّا عَلَى قَوْلِنَا نَحْنُ فَإِنَّهُ أَراد أَنَّ الثَّقِيلَةَ وَخَفَّفَهَا ضَرُورَةً، وَتَقْدِيرُهُ أَنك تَهْبِطِين. ابْنُ الأَعرابي: الصَّلْفُ خَوافي قَلْب النَّخْلَةِ، الواحدةُ صَلْفَةٌ. الأَصمعي: خُذْهُ بِصَلِيفِه وبصَلِيفَتِه بِمَعْنَى خُذ بِقَفاه. وَفِي حَدِيثِ
ضُمَيْرة: قَالَ يَا رسولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحالِفُ مَا دَامَ الصَّالِفانِ مكانَه «2» ، قَالَ: بَلْ مَا دَامَ أُحُدٌ مكانَه
؛ قِيلَ: الصَّالِفُ جَبَلٌ كَانَ يتحالَفُ أَهل الجاهَليّة عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا كَرِه ذَلِكَ لِئَلَّا يُساوي فعلَهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ فعلُهم في الإِسلام.
صنف: الصِّنْفُ والصَّنْفُ: النَّوْعُ والضَّرْبُ مِنَ الشَّيْءِ. يُقَالُ: صَنْفٌ وصِنْفٌ مِنَ المَتاع لُغَتَانِ، وَالْجَمْعُ أَصْنَافٌ وصُنُوفٌ. والتَّصْنِيفُ: تَمْيِيزُ الأَشياء بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ. وصَنَّفَ الشيءَ: مَيَّز بعضَه مِنْ بَعْضٍ. وتَصْنِيفُ الشَّيْءِ: جعْلُه أَصْنَافاً. والصِّنْفُ: الصِّفَةُ. وصَنِفَةُ الإِزارِ، بِكَسْرِ النُّونِ: طُرَّتُه الَّتِي عَلَيْهَا الهُدْبُ، وَقِيلَ: هِيَ حَاشِيَتُهُ، أَيَّةً كَانَتْ. الْجَوْهَرِيُّ: صِنْفَةُ الإِزارِ، بِالْكَسْرِ، طُرَّتُه، وَهِيَ جَانِبُهُ الَّذِي لَا هُدْبَ لَهُ، وَيُقَالُ: هِيَ حَاشِيَةُ الثَّوْبِ، أَيَّ جَانِبٍ كَانَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فليَنْفُضْه بِصَنِفَةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَه عَلَيْهِ.
وصَنِفَةُ الثَّوْبِ: زَاوِيَتُهُ، وَالْجَمْعُ صَنِفٌ، وَلِلثَّوْبِ أَربع صَنِفاتٍ، وسُمِّي الإِزارُ إِزَارًا لِحِفْظِهِ صاحِبَه وصِيانتِه جَسَده، أُخذَ مِنْ آزَرْتُه أَي عاوَنْتُه، وَيُقَالُ إِزَارٌ وإزارةٌ. اللَّيْثُ: الصَّنِفَةُ والصِّنْفَةُ قِطعةٌ مِنَ الثَّوْبِ؛ وَقَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
عَلَى لاحِبٍ كحَصيرِ الصَّناعِ، ... سَوَّى لَهَا الصِّنْفُ إرمالُها
__________
(1) . قوله [أقب إلخ] صدره كما في شرح القاموس:
ويحمل بزة في كل هيجا
(2) . قوله [الصَّالِفَانِ مكانه إلخ] كذا هو في الأَصل تبعاً للنهاية.(9/198)
قَالَ شَمِرٌ: الصِّنْفُ والصِّنْفَةُ الطرَفُ وَالزَّاوِيَةُ مِنَ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ. والصِّنْفَةُ طَائِفَةٌ مِنَ الْقَبِيلَةِ. اللَّيْثُ: الصِّنْفُ طائفَة مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَكُلُّ ضَرْبٍ مِنَ الأَشياء صِنْفٌ عَلَى حِدَةٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
يُعاطِي القُورَ بالصَّنِفاتِ مِنْهُ، ... كَمَا تُعْطِي رَواحِضَها السُّبُوبُ
فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: إِنَّمَا يَصِفُ سَراباً يُعاطِي بِجَوَانِبِهِ الجبالَ كأَنه يُفِيضُ عَلَيْهَا كَمَا تُعطي السُّبُوبُ غَواسِلَها مِنْ بَيَاضٍ وَنَقَاءٍ، فالصَّنِفَاتُ عَلَى هَذَا جَوَانِبُ السَّرَابِ، وَإِنَّمَا الصَنِفَات فِي الْحَقِيقَةِ للمُلاء، فَاسْتَعَارَهُ للسَّراب مِنْ حَيْثُ شُبِّه السرابُ بالمُلاء فِي الصِّفَةِ والنَّقاء؛ قَالَ:
تُقَطِّعُ غِيطاناً كأَنَّ مُتُونَها، ... إِذَا أَظْهَرَتْ، تُكْسَى مُلاءً مُنَشَّرا
وَرَوَى سلمة أَنَّ الفراء أَنشده لِابْنِ أَحمر:
سَقْياً لحُلْوانَ ذِي الكُرومِ، وَمَا ... صُنِّفَ مِنْ تِينه وَمِنْ عِنَبِهْ
أَنشده الْفَرَّاءُ صُنِّفَ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ صَنَّفَ؛ وَيُقَالُ: صُنِّفَ مُيِّزَ، وصَنَّفَ خَرَجَ ورَقُه، وصَنَّفَتِ العِضاهُ اخْضَرَّتْ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
رَآهَا فؤادِي أُمَّ خِشْفٍ خَلا لَهَا، ... بقُورِ الوِراقَينِ، السَّراءُ المُصَنِّف
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: صَنَّفَ الشجرُ إِذَا بَدَا يُورِقُ فَكَانَ صِنْفَيْنِ صِنْفٌ قَدْ أَوْرَقَ وَصِنْفٌ لَمْ يورِقْ، وَلَيْسَ هَذَا بِقَوِيٍّ، وَكَذَلِكَ تَصَنَّفَ؛ قَالَ مُلَيْح:
بِهَا الجازِئاتُ العِينُ تُضْحِي وكَوْرُها ... فِيالٌ، إِذَا الأَرْطَى لَهَا تَتَصَنَّف
وظَلِيمٌ أَصْنَفُ السَّاقَيْنِ: مُتَقَشِّرُهُما؛ قَالَ الأَعلم الْهُذَلِيُّ:
هِزَفٌّ أَصْنَفُ الساقَيْنِ هِقْلٌ، ... يُبادِر بَيْضَه بَرْدُ الشَّمالِ
أَصْنَفُ: مُتَقَشِّرٌ. تَصَنَّفَتْ ساقُه إِذَا تَشَقَّقَتْ. وتَصَنَّفَتْ شَفَتُه إِذا تَشَقَّقَتْ. وعودٌ صَنْفِيٌّ، بِالْفَتْحِ: لِضَرْبٍ مِنْ عُودِ الطِّيبِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَنْسُوبٌ إِلَى مَوْضِعٍ، وَقِيلَ: عُودٌ صَنْفِيٌّ، بِالْفَتْحِ، للبَخُورِ لا غيرُ.
صوف: الصُّوفُ للضأْن وَمَا أَشبهه؛ الْجَوْهَرِيُّ: الصُّوف لِلشَّاةِ والصُّوفَةُ أَخص مِنْهُ. ابْنُ سِيدَهْ: الصُّوفُ لِلْغَنَمِ كالشَّعَر للمَعَزِ والوَبَرِ للإِبل، وَالْجَمْعُ أَصْوَافٌ، وَقَدْ يُقَالُ الصُّوف لِلْوَاحِدَةِ عَلَى تَسْمِيَةِ الطَّائِفَةِ بِاسْمِ الْجَمِيعِ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ وَقَوْلُهُ:
حَلْبَانَةٍ رَكْبانةٍ صَفُوفِ، ... تَخْلِطُ بَيْنَ وبَرٍ وصُوفِ
قَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي مَعْنَى قَوْلِهِ تَخْلِطُ بَيْنَ وَبَرٍ وصُوف أَنها تُبَاعُ فَيُشْتَرَى بِهَا غَنَمٌ وَإِبِلٌ، وَقَالَ الأَصمعي: يَقُولُ تُسْرِعُ فِي مِشْيَتِها، شَبَّهَ رَجْع يَدَيْهَا بقَوْسِ الندَّافِ الَّذِي يَخْلِط بَيْنَ الْوَبَرِ والصُّوف، وَيُقَالُ لِوَاحِدَةِ الصُّوف صُوفَةٌ، وَيُصَغَّرُ صُوَيْفَة. وَكَبْشٌ أَصْوَفُ وصَوِفٌ عَلَى مِثَالِ فَعِل، وصَائَفٌ وصَافٌ وصَافٍ، الأَخيرة مَقْلُوبَةٌ، وصُوفَانِيٌّ، كُلُّ ذَلِكَ: كَثِيرُ الصُّوفِ، تَقُولُ مِنْهُ: صَافَ الكَبْشُ بعد ما زَمِرَ يَصُوفُ صَوْفاً، قَالَ: وَكَذَلِكَ صَوِف الكَبْشُ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ كَبْشٌ صَوِفٌ بَيِّنُ الصَّوَفِ؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الْكِسَائِيِّ، والأُنثى صَافَةٌ وصُوفَانَةٌ. ولِيّةٌ صَافَةٌ: يُشْبِه شعرُها(9/199)
الصُّوفَ؛ قَالَ تأَبط شَرًّا:
إِذَا أَفْزَعُوا أُمَّ الصَّبِيَّينِ، نَفَّضُوا ... غَفارِيَّ شُعْثاً، صَافَةً لَمْ تُرَجَّلِ
أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ كَبْشٌ صُوفَانٌ وَنَعْجَةٌ صُوفَانَة. الأَصمعي: مِنْ أَمثالهم فِي الْمَالِ يَمْلِكُهُ مَنْ لَا يستأْهِلُه: خَرْقاءُ وَجَدَتْ صُوفاً؛ يُضْرَبُ للأَحمق يُصِيبُ مَالًا فيُضَيِّعُه فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وصُوفُ الْبَحْرِ: شَيْءٌ عَلَى شَكْلِ هَذَا الصُّوفِ الحيواني، واحدته صُوفَةٌ. ومن الأَبَدِيَّات قَوْلُهُمْ: لَا آتِيكَ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا بَلَّ البحرُ صُوفَةً. والصُّوفَانَةُ: بَقْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ زغْباء قَصِيرَةٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ذَكَرَ أَبو نَصْرٍ أَنه مِنَ الأَحْرار وَلَمْ يُحلِّه، وأَخَذَ بصُوفَةِ رَقَبَتِه وصُوفِها وصَافِها: وهي زَغَبات فِيهَا، وَقِيلَ: هِيَ مَا سَالَ فِي نُقْرَتِها، التَّهْذِيبُ: وَتُسَمَّى زَغَباتُ القَفا صُوفَةَ القَفا. ابْنُ الأَعرابي: خُذْ بصُوفَةِ قَفَاهُ وبصُوف قَفَاهُ وبقَرْدَتِه وبكَرْدَتِه. وَيُقَالُ: أَخذه بصُوفِ رقَبَتِه وبطُوف رَقَبَتِه وبطافِ رَقَبَتِه وبظُوفِ رَقَبَتِه وبظافِ رقبتِه وبقُوفِ رَقَبَتِهِ وبقافِ رَقَبَتِهِ أَي بِجِلْدِ رَقَبَتِهِ؛ وَقَالَ أَبو السَّميدع: وَذَلِكَ إِذَا تَبِعَهُ وَظَنَّ أَن لَنْ يُدْرِكَهُ فلَحِقَه، أَخذ بِرَقَبَتِهِ أَم لَمْ يأْخذ؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَي بِشَعْرِهِ المتدَلي فِي نُقْرةِ قَفَاهُ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ إِذَا أَخذه بِقَفَاهُ جمعاء، وقال أَبو الْغَوْثِ أَي أَخذه قَهْرًا، قَالَ: وَيُقَالُ أَيضاً أَعطاه بصُوف رَقَبَتِهِ كَمَا يُقَالُ أَعطاه برُمَّته. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَعْطاه مَجّاناً وَلَمْ يأْخذ ثَمَنًا. وصَوَّفَ الكرْمُ: بَدَتْ نوامِيه بَعْدَ الصِّرام. والصُّوفَةُ: كُلُّ مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ عَمَلِ الْبَيْتِ، وَهُمُ الصُّوفَان. الْجَوْهَرِيُّ: وصُوفَةُ أَبو حَيّ مِنَ مُضَرَ وَهُوَ الْغَوْثُ بْنُ مُرّ بْنِ أُدِّ بْنُ طابخةَ بْنِ إلياسَ بْنِ مُضَرَ، كَانُوا يَخْدِمُون الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيُجِيزُونَ الحاجَّ أَي يُفِيضون بِهِمْ. ابْنُ سِيدَهْ: وصُوفَةُ حَيٌّ مِنْ تَمِيمٍ وَكَانُوا يُجِيزون الْحَاجَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ مِنًى، فَيَكُونُونَ أَوّل مَنْ يَدْفَعُ. يُقَالُ فِي الْحَجِّ: أَجِيزي صُوفَةُ، فَإِذَا أَجازت قِيلَ: أَجِيزي خِنْدِفُ، فَإِذَا أَجازت أُذِنَ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ فِي الإِجازة، وَهِيَ الإِفاضة؛ وَفِيهِمْ يَقُولُ أَوْسُ بْنُ مَغْراء السَّعْدِيُّ:
وَلَا يَريمُونَ فِي التَّعْرِيفِ مَوْقِفَهُمْ ... حَتَّى يقالَ: أَجِيزُوا آلَ صُوفَانَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَانَتِ الإِجازة بِالْحَجِّ إِلَيْهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا حَجَّتْ وَحَضَرَتْ عرفةَ لَا تَدْفَعُ مِنْهَا حَتَّى يَدْفَعَ بِهَا صوفَةُ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْفِرُون مِنْ مِنًى حَتَّى تَنْفِرَ صُوفةُ، فَإِذَا أَبطأَتْ بِهِمْ قَالُوا: أَجيزي صوفةُ؛ وَقِيلَ: صُوفَةُ قَبِيلَةٌ اجْتَمَعَتْ مِنْ أَفْناء قَبَائِلَ. وصَافَ عَنِّي شَرُّه يصُوفُ صَوْفاً: عَدَلَ. وصَافَ السهْمُ عَنِ الهَدَفِ يَصُوفُ ويَصِيفُ: عَدَلَ عَنْهُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْيَاءِ أَيضاً لأَنها كَلِمَةٌ وَاوِيَّةٌ وَيَائِيَّةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: صَافَ عَنِّي شرُّ فُلَانٍ، وأَصَافَ الله عني شَرَّه.
صيف: الصَّيْفُ: مِنَ الأَزمنةِ مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ أَصْيَافٌ وصُيُوفٌ. ويومٌ صَائِفٌ أَي حارٌّ، وَلَيْلَةٌ صَائِفَة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا قَالُوا يَوْمٌ صَافٌ بِمَعْنَى صَائِفٍ كَمَا قَالُوا يَوْمٌ راحٌ ويومٌ طانٌ وَمَطَرٌ صَائِفٌ. ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: والصَّيِّفُ الْمَطَرُ الَّذِي يَجِيءُ فِي الصيفِ والنباتُ الَّذِي يَجِيءُ فِيهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الصَّيْفُ الْمَطَرُ الَّذِي يَجِيءُ فِي الصَّيْفِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ الصَّيِّف، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ. وصِفْنَا أَي أَصابنا(9/200)
مَطَرُ الصَّيْفِ، وَهُوَ فُعِلْنا عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ مِثْلُ خُرِفْنا ورُبِعْنا. وَفِي حَدِيثِ
عُبادة: أَنه صَلَّى فِي جُبّةٍ صَيِّفةٍ
أَي كَثِيرَةِ الصُّوف. يُقَالُ: صافَ الكَبْشُ يَصُوفُ صَوْفاً، فَهُوَ صَائِفٌ وصَيِّفٌ إِذَا كَثُرَ صُوفُه، وَبِنَاءُ اللَّفْظَةِ صَيْوِفة فَقُلِبَتْ يَاءً وأُدْغِمت. وصَيَّفَنِي هَذَا الشَّيْءُ أَي كَفَانِي لِصَيْفتي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
مَنْ يَكُ ذَا بَتٍّ فَهَذَا بَتِّي ... مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي
وصِيفَتِ الأَرضُ، فَهِيَ مَصِيفةٌ ومَصْيُوفَةٌ: أَصابها الصَّيِّفُ، وصُيِّفْنَا كَذَلِكَ؛ وَقَوْلُ أَبي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ:
وَلَقَدْ وَرَدْتُ الْمَاءَ لَمْ يَشْرَبْ بِهِ ... حَدَّ الرَّبيعِ إِلَى شُهور الصَّيِّفِ
يَعْنِي بِهِ مَطَرَ الصَّيْفِ، الْوَاحِدُ صَيِّفةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفَاعِلُ يَشْرَبُ فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ:
أَلَا عَوابِسُ كالمِراطِ مُعِيدةٌ، ... بالليلِ، مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّف
وَيُقَالُ: أَصابَتْنا صَيِّفة غَزيرة، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ. وتَصَيَّفَ: مِنَ الصَّيْف كَمَا يُقَالُ تَشَتَّى مِنَ الشِّتاء. وأَصَافَ القومُ: دَخَلُوا فِي الصَّيْفِ، وصَافُوا بِمَكَانِ كَذَا: أَقاموا فِيهِ صَيْفَهُم، وصِفْتُ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا وصِفْتُه وتَصَيَّفْتُه وصَيَّفْتُه؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَتَصَيَّفا مَاءً بِدَحْلٍ ساكِناً، ... يَسْتَنُّ فَوْقَ سَراتِه العُلْجُومُ
وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
تَصَيَّفْت نَعْمانَ واصَّيَّفَتْ
وصَافَ بِالْمَكَانِ أَي أَقام بِهِ الصَّيْفَ، واصْطَافَ مثلُه، وَالْمَوْضِعُ مَصِيفٌ ومُصْطَافٌ. التَّهْذِيبُ: صَافَ القومُ إِذَا أَقاموا فِي الصّيفِ بِمَوْضِعٍ فَهُمْ صَائِفُون، وأَصَافُوا فَهُمْ مُصِيفُون إِذَا دَخَلُوا فِي زَمَانِ الصَّيف، وأَشْتَوا إِذَا دَخَلُوا فِي الشِّتاء. وَيُقَالُ: صُيِّفَ القومُ ورُبِعوا إِذَا أَصابهم مَطَر الصَّيْفِ وَالرَّبِيعِ، وَقَدْ صِفْنا ورُبِعْنا، كَانَ فِي الأَصل صُيِفْنا، فَاسْتُثْقِلَتِ الضَّمَّةُ مَعَ الْيَاءِ فَحُذِفَتْ وَكُسِرَتِ الصَّادُ لِتَدُلَّ عَلَيْهَا. وصَافَ فلانٌ بِبِلَادِ كَذَا يَصِيفُ إِذَا أَقام بِهِ فِي الصَّيف، والمَصِيفُ: اسْمُ الزَّمَانِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أُجري مُجرى الْمَكَانِ وَعَامِلِهِ مُصَايَفَةً وصِيافاً. وَالصَّائِفَةُ: أَوانُ الصَّيف. والصائفةُ: الغَزْوةُ فِي الصَّيْفِ. والصائفةُ والصَّيْفِيّةُ: المِيرةُ قُبُلِ الصَّيْفِ، وَهِيَ المِيرة الثَّانِيَةُ، وَذَلِكَ لأَن أَوَّلَ المِيَرِ الرِّبْعِيَّة ثُمَّ الصَّيْفِيَّة ثُمَّ الدَّفَئِيَّة. الْجَوْهَرِيُّ: وصائفةُ الْقَوْمِ مِيرَتُهم فِي الصَّيْفِ. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّيْفُ وَاحِدُ فُصُول السَّنَةِ وَهُوَ بعد الربيع الأَول وَقَبْلَ القَيْظِ. يُقَالُ: صَيْفٌ صَائِفٌ، وَهُوَ تَوْكِيدٌ لَهُ كَمَا يُقَالُ لَيْلٌ لائلٌ وهَمَج هامِجٌ. وَفِي حَدِيثِ
الكَلالة حِينَ سُئل عَنْهَا عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: تَكْفِيكَ آيةُ الصَّيف
أَي الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ وَهِيَ الْآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَالَّتِي فِي أَوَّلِها نَزَلَتْ فِي الشِّتَاءِ. وأَصافَتِ الناقةُ، وَهِيَ مُصِيفٌ ومِصْيافٌ: نُتِجَتْ فِي الصَّيْف وولدُها صَيْفِيّ. وأَصافَ الرجلُ، فَهُوَ مُصِيفٌ: وُلد لَهُ فِي الكِبَرِ، وَوَلَدُهُ أَيضاً صَيْفيّ وصَيْفِيُّون، وَشَيْءٌ صَيْفِيٌّ؛ وَقَالَ أَكثمُ بْنُ صَيْفِيّ، وَقِيلَ هِيَ لسعد بن مالك(9/201)
ابن ضُبَيْعَةَ:
إنَّ بَنيَّ صِبْيَةٌ صَيْفِيُّونْ، ... أَفْلَحَ مَنْ كَانَ له رِبْعِيُّونْ
في حَدِيثِ
سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: لمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ
أَي وُلدوا عَلَى الكِبَر. يُقَالُ: أَصَافَ الرَّجُلُ يُصِيف إِصَافَةً إِذَا لَمْ يُولَدْ لَهُ حَتَّى يُسِنّ ويَكْبَرَ، وأَوْلاده صَيْفِيُّون. والرِّبْعِيُّون: الَّذِينَ وُلدوا فِي حَدَاثَتِهِ وأَوّل شَبابه، قَالَ: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لأَنه لَمْ يَكُنْ فِي أَبنائه مَنْ يُقَلِّده الْعَهْدَ بَعْدَهُ. وأَصافَ: تَرَكَ النِّسَاءَ شَابًّا ثُمَّ تزوَّج كَبِيرًا. اللَّيْثُ: الصَّيْفُ رُبُع مِنْ أَرْباع السَّنَةِ، وَعِنْدَ الْعَامَّةِ نِصْفُ السَّنَةِ. قَالَ الأَزهري: الصَّيْفُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْفَصْلُ الَّذِي تُسَمِّيهِ عوامُّ النَّاسِ بِالْعِرَاقِ وخُراسان الربيعَ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشهر، والفَصْل الَّذِي يَليه عِنْدَ الْعَرَبِ القَيْظ، وَفِيهِ يَكُونُ حَمْراء القَيْظِ، ثُمَّ بَعْدَهُ فَصْلُ الخَريف، ثُمَّ بَعْدَهُ فَصْلُ الشِّتَاءِ. والكَلأُ الَّذِي يَنْبُتُ فِي الصَّيْف صَيْفِيٌّ، وَكَذَلِكَ الْمَطَرُ الَّذِي يَقَعُ فِي الرَّبِيعِ ربيعِ الكَلإِ صَيِّفٌ وصَيْفِيّ. وَقَالَ ابْنُ كُناسة: اعْلَمْ أَن السَّنَةَ أَربعة أَزمِنة عِنْدَ الْعَرَبِ: الربيعُ الأَول وَهُوَ الَّذِي تسمِّيه الفُرْسُ الْخَرِيفُ ثُمَّ الشِّتَاءُ ثُمَّ الصَّيْف، وَهُوَ الرَّبِيعُ الآخِر، ثُمَّ القَيْظ، فَهَذِهِ أَربعةُ أَزمِنةٍ. وسُميت غَزْوَة الرُّومِ الصائفةَ لأَن سُنَّتَهم أَن يُغْزَوا صَيْفًا، ويُقْفَلَ عَنْهُمْ قَبْلَ الشِّتَاءِ لِمَكَانِ البردِ وَالثَّلْجِ. أَبو عُبَيْدٍ: استأْجرته مُصَايَفةً ومُرابعةً ومُشاتاةً ومُخارفةً مِنَ الصَّيفِ والرَّبيعِ وَالشِّتَاءِ والخَرِيفِ مِثْل المُشاهرَةِ والمُياومَةِ والمُعاومَةِ. وَفِي أَمثالهم فِي إِتْمَامِ قَضاء الحاجةِ: تمامُ الرَّبيع الصيفُ، وأَصله فِي الْمَطَرِ، فَالرَّبِيعُ أَوَّله وَالصَّيْفُ الَّذِي بَعْدَهُ، فَيَقُولُ: الْحَاجَةُ بِكَمَالِهَا كَمَا أَنَّ الرَّبِيعَ لَا يَكُونُ تَمَامُهُ إِلَّا بالصيفِ. وَمِنْ أَمثالهم: الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللبنَ إِذَا فَرَّطَ فِي أَمره فِي وَقْتِهِ، مَعْنَاهُ طلْبتِ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، وَذَلِكَ أَن الأَلبان تَكْثُرُ فِي الصَّيْفِ فيُضْرَب مَثَلًا لِتَرْكِ الشَّيْءِ وَهُوَ مُمْكِنٌ وطَلَبِه وَهُوَ مُتَعَذِّر، قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الأَنباري وأَوّلُ مَنْ قَالَهُ عَمْرُو بْنُ عَمْرِو بْنِ عُدَسَ لِدَخْتَنُوسَ بِنْتِ لقِيطٍ، وَكَانَتْ تَحْتَه فَفَرِكَتْه وَكَانَ مُوسراً. فَتَزَوَّجَهَا عَمْرُو بْنُ مَعْبَد وَهُوَ ابْنُ عمِّها وَكَانَ شَابًّا مُقتراً، فمرَّت بِهِ إِبِلُ عَمْرٍو فسألتْه اللَّبَنَ فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ. وصَافَ عَنْهُ صَيْفاً ومَصِيفاً وصَيْفُوفَةً: عَدَلَ. وصَافَ السَّهْمُ عَنِ الهَدَفِ يَصِيفُ صَيفاً وصَيْفوفة: كَذَلِكَ عَدَلَ بِمَعْنَى ضافَ، وَالَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ضافَ، بِالضَّادِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
كلَّ يومٍ تَرْميهِ مِنْهَا بِرَشْقٍ، ... فمَصِيفٌ أَو صَافَ غَيرَ بَعِيدِ
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
جَوارِسُها تأْوِي الشُّعُوفَ دَوائِباً، ... وتَنْصَبُّ أَلْهاباً مَصيفاً كِرابُها
أَي مَعْدُولًا بِهَا مُعْوَجَّةً غَيْرَ مُقَوَّمَةٍ، وَيُرْوَى مَضِيفاً، وَقَدْ تقدَّم؛ والكِرابُ: مَجارِي الْمَاءِ، وَاحِدَتُهَا كَرَبَةٌ، واللِّهْبُ: الشّقُّ فِي الْجَبَلِ أَي تَنْصَبُّ إِلَى اللِّهْبِ لِكَوْنِهِ بارِداً، ومَصِيفاً أَي مُعْوَجّاً مِنْ صافَ إِذَا عَدلَ. الْجَوْهَرِيُّ: المَصِيفُ المُعْوَجُّ مِنْ مَجاري الْمَاءِ، وأَصله مِنْ صافَ أَي عدلَ كالمَضِيقِ مِنْ ضاقَ. وصافَ الفَحْلُ عَنْ طَرُوقَتِه: عَدَلَ عَنْ ضِرابها. وَفِي حَدِيثِ
أَنس أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، شاوَرَ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَوْمَ(9/202)
بَدْر فِي الأَسْرَى فَتَكَلَّمَ أَبو بَكْرٍ فصَافَ عَنْهُ
؛ قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ صَافَ يَصِيفُ إِذَا عدَلَ عَنِ الهَدف؛ الْمَعْنَى: عَدَلَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِوَجْهِهِ عَنْهُ ليُشاور غَيْرَهُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
صَافَ أَبو بَكْرٍ عَنْ أَبي بُرْدَةَ
، وَيُقَالُ: أَصَافَه اللَّهُ عَنِّي أَي نَحَّاه، وأَصَافَ اللَّهُ عَنِّي شرَّ فُلَانٍ أَي صَرَفه وعدَل بِهِ. والصَّيْفُ: الأُنثى مِنَ البُوم؛ عَنْ كُرَاعٍ. وصائفٌ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوس:
فَفَدْفَدُ عَبُّودٍ فَخَبْراء صائفٍ، ... فَذُو الحَفْرِ أَقْوَى منهمُ فَفَدافِدُهْ
وصَيفِيٌّ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ صَيْفِيُّ بْنُ أَكْثَمَ.
فصل الضاد المعجمة
ضرف: ابْنُ سِيدَهْ: الضَّرِفُ مِنْ شَجَرِ الْجِبَالِ يُشْبِهُ الأَثْأَب فِي عِظَمِه وَوَرَقِهِ إِلَّا أَن سُوقه غُبْرٌ مِثْلُ سُوق التِّينِ، وَلَهُ جَنًى أَبيض مُدَوَّرٌ مِثْلُ تِينِ الحَماطِ الصِّغَارِ، مُرٌّ مُضَرِّسٌ، ويأْكله الناسُ وَالطَّيْرُ وَالْقُرُودُ، وَاحِدَتُهُ ضَرِفَةٌ؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. التَّهْذِيبَ: ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الضَّرِفُ شَجَرُ التِّينِ وَيُقَالُ لِثَمَرِهِ البَلَسُ، الْوَاحِدَةُ ضَرِفة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا غريب.
ضعف: الضَّعْفُ والضُّعْفُ: خِلافُ القُوّةِ، وَقِيلَ: الضُّعْفُ، بِالضَّمِّ، فِي الْجَسَدِ؛ والضَّعْف، بِالْفَتْحِ، فِي الرَّأْي والعَقْلِ، وَقِيلَ: هُمَا مَعًا جَائِزَانِ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَخَصَّ الأَزهريُّ بِذَلِكَ أَهل الْبَصْرَةِ فَقَالَ: هُمَا عِنْدَ أَهل الْبَصْرَةِ سِيّانِ يُسْتعملان مَعًا فِي ضَعْفِ الْبَدَنِ وَضَعْفِ الرَّأْي. وَفِي التَّنْزِيلِ:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكم مِنْ ضُعْفٍ ثُمَّ جَعَل مِنْ بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قوَّةٍ ضُعْفاً
؛ قَالَ قَتَادَةُ:
خَلَقَكُمْ مِنْ ضُعْفٍ
قَالَ مِنَ النُّطْفَةِ أَي مِنَ المنِيّ
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضُعْفاً
، قَالَ: الهَرَمَ؛
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنه قَالَ: قرأْت عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ
؛ فأَقرأَني مِنْ ضُعْف، بِالضَّمِّ
، وقرأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ: وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً
، بِالْفَتْحِ، وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ بِالضَّمِّ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً
؛ أَي يَسْتَمِيلُه هَواه. والضَّعَفُ: لُغَةٌ فِي الضَّعْفِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومَنْ يَلْقَ خَيراً يَغْمِزِ الدَّهْر عَظْمَه، ... عَلَى ضَعَفٍ مِنْ حالهِ وفُتُورِ
فَهَذَا فِي الْجِسْمِ؛ وأَنشد فِي الرَّأْي وَالْعَقْلِ:
وَلَا أُشارِكُ فِي رَأْيٍ أَخا ضَعَفٍ، ... وَلَا أَلِينُ لِمَنْ لَا يَبْتَغِي لِينِي
وَقَدْ ضَعُفَ يَضْعُفُ ضَعْفاً وضُعْفاً وضَعَفَ؛ الْفَتْحُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْجَمْعُ ضُعَفاء وضَعْفَى وضِعافٌ وضَعَفةٌ وضَعَافَى؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي؛ وأَنشد:
تَرَى الشُّيُوخَ الضَّعَافَى حَوْلَ جَفْنَتِه، ... وتَحْتَهُم مِنْ مَحَانِي دَرْدَقٍ شَرَعَهْ
وَنِسْوَةٌ ضَعِيفاتٌ وضَعَائِفُ وضِعَافٌ؛ قَالَ:
لَقَدْ زادَ الحياةَ إليَّ حُبّاً ... بَناتي، إنَّهُنَّ مِنَ الضِّعَافِ
وأَضْعَفَه وضَعَّفَه: صيَّره ضَعِيفًا. واسْتَضْعَفَه وتَضَعَّفَه: وَجَدَهُ ضَعِيفًا فَرَكِبَهُ بسُوء؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
عَلَيْكُمْ بِرِبْعِيِّ الطِّعانِ، فَإِنَّهُ ... أَشَقُّ عَلَى ذِي الرَّثْيَةِ المُتَضَعِّفِ(9/203)
رِبْعِيُّ الطِّعانِ: أَوَّله وأَحَدُّه. وَفِي إِسلام أَبي ذَّرّ:
لَتَضَعَّفْتُ «3» رَجُلًا
أَي اسْتَضْعَفْتُه؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: قَدْ تَدْخُلُ اسْتَفْعَلْتُ فِي بَعْضِ حُرُوفِ تَفَعَّلْت نَحْوَ تَعَظَّم واسْتَعْظَم وَتَكَبَّرَ واسْتكبر وتَيَقَّن واسْتَيْقَنَ وتَثَبَّتَ واسْتَثْبَتَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهْلُ الجَنّة كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ تَضَعَّفْتُه واسْتَضْعَفْتُه بِمَعْنًى لِلَّذِي يَتَضَعَّفُه النَّاسُ ويَتَجَبَّرُون عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا لِلْفَقْرِ ورَثاثَةِ الْحَالِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: غَلَبني أَهل الْكُوفَةِ، أَسْتَعْمِلُ عَلَيْهِمُ المؤمنَ فيُضَعَّفُ، وأَستعمل عَلَيْهِمُ القَوِيَّ فيُفَجَّر.
وأَما الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ حَدِيثِ الْجَنَّةِ:
مَا لِي لَا يدخُلني إِلَّا الضُّعَفاء؟
قِيلَ: هُمُ الَّذِينَ يُبَرِّئُون أَنْفُسَهم مِنَ الحَوْل وَالْقُوَّةِ؛ وَالَّذِي فِي الْحَدِيثِ:
اتَّقُوا اللَّهَ فِي الضَّعِيفين
: يَعْنِي المرأَة وَالْمَمْلُوكَ. والضَّعْفةُ: ضَعْفُ الْفُؤَادِ وقِلَّةُ الفِطْنةِ. وَرَجُلٌ مَضْعُوفٌ: بِهِ ضَعْفةٌ. ابْنُ الأَعرابي: رجل مَضْعُوفٌ ومَبْهُوتٌ إِذَا كَانَ فِي عَقْلِهِ ضَعْفٌ. ابْنُ بُزُرْجَ: رَجُلٌ مَضْعُوفٌ وضَعُوفٌ وضَعِيفٌ، وَرَجُلٌ مَغْلُوبٌ وغَلُوبٌ، وَبَعِيرٌ مَعْجوفٌ وعَجُوفٌ وعَجِيفٌ وأَعْجَفُ، وَنَاقَةٌ عَجوفٌ وعَجِيفٌ، وَكَذَلِكَ امرأَة ضَعُوفٌ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الضَّرِيرِ الْبَصَرِ ضَعِيفٌ. والمُضَعَّفُ: أَحد قِداح الميْسِر الَّتِي لَا أَنْصباء لَهَا كأَنه ضَعُفَ عَنْ أَن يَكُونَ لَهُ نصيبٌ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ أَيضاً: المُضَعَّفُ الثَّانِي مِنَ القِداحِ الغُفْل الَّتِي لَا فُرُوضَ لَهَا وَلَا غُرْم عَلَيْهَا، إِنَّمَا تُثَقَّل بِهَا القِداحُ كَراهِيةَ التُهَمَةِ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، واشْتَقَّه قَوْمٌ مِنَ الضَّعْفِ وَهُوَ الأَوْلى. وشِعر ضَعِيف: عَليل، اسْتَعْمَلَهُ الأَخفش فِي كِتَابِ القَوافي فَقَالَ: وَإِنْ كَانُوا قَدْ يُلزمون حَرْفَ اللِّينِ الشِّعْرَ الضعيفَ العليلَ لِيَكُونَ أَتَمَّ لَهُ وأَحسن. وضِعْفُ الشَّيْءِ: مِثْلاه، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: ضِعْفُ الشَّيْءِ مِثْلُه الَّذِي يُضَعِّفُه، وأَضْعَافُه أَمثالُه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ
؛ أَي ضِعف الْعَذَابِ حَيًّا وَمَيِّتًا، يَقُولُ: أَضْعَفْنَا لَكَ الْعَذَابَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ:
جَزَيْتُكَ ضِعْفَ الوِدِّ، لَمَّا اسْتَبَنْتُه، ... وَمَا إنْ جَزاكَ الضِّعْفَ مِنْ أَحَدٍ قَبْلي
مَعْنَاهُ أَضْعَفْت لَكَ الْوِدَّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُولَ ضِعْفَي الوِدِّ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ
؛ أَي عَذَابًا مُضاعَفاً لأَن الضِّعْفَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما المِثل، وَالْآخَرُ أَن يَكُونَ فِي مَعْنَى تَضْعِيفِ الشَّيْءِ. قَالَ تَعَالَى: لِكُلٍّ ضِعْفٌ
أَي لِلتَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ لأَنهم قَدْ دَخَلُوا فِي الْكُفْرِ جَمِيعًا أَي لكلٍّ عَذَابٌ مُضاعَفٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: جَزَاءُ الضِّعف هَاهُنَا عَشْرُ حَسَنَاتٍ، تأْويله: فأُولئك لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ الَّذِي قَدْ أَعلمناكم مِقْداره، وَهُوَ قَوْلُهُ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها؛ قَالَ: وَيَجُوزُ فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ
أَي أَن نُجَازِيَهُمُ الضِّعْفَ، وَالْجَمْعُ أَضْعَاف، لَا يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وأَضْعَفَ الشيءَ وضَعَّفَه وضَاعَفَه: زَادَ عَلَى أَصل الشَّيْءِ وَجَعَلَهُ مِثْلَيْهِ أَو أَكثر، وَهُوَ التَّضْعِيف والإِضْعَافُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: ضَاعَفْت الشَّيْءَ وضَعَّفْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَمِثْلُهُ امرأَة مُناعَمةٌ ومُنَعَّمةٌ، وصاعَر المُتَكَبِّر خَدَّه وَصَعَّرَهُ، وعاقَدْت وعقّدْت. وعاقَبْتُ
__________
(3) . قوله [لَتَضَعَّفْتُ] هكذا في الأصل، وفي النهاية: فَتَضَعَّفْت.(9/204)
وعَقَّبْتُ. وَيُقَالُ: ضَعَّفَ اللَّهُ تَضْعِيفاً أَي جَعَلَهُ ضِعْفاً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ
؛ أَي يُضاعَفُ لَهُمُ الثَّوَابُ؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ الدَّاخِلُونَ فِي التَّضْعِيف أَي يُثابُون الضِّعْف الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا
؛ يَعْنِي مَنْ تَصدَّق يُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ جُوزيَ بِهَا صاحِبُها عَشَرَةَ أَضْعافها، وَحَقِيقَتُهُ ذَوُو الأَضْعَافِ. وتَضَاعِيفُ الشَّيْءِ: مَا ضُعِّفَ مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ، وَنَظِيرُهُ فِي أَنه لَا وَاحِدَ لَهُ تَباشِيرُ الصُّبْحِ لِمُقَدِّمَاتِ ضِيائه، وتَعاشِيبُ الأَرض لِمَا يَظْهَرُ مِنْ أَعْشابِها أَوَّلًا، وتَعاجِيبُ الدَّهْرِ لِمَا يأْتي مِنْ عَجائِبه. وأَضْعَفْتُ الشيءَ، فَهُوَ مَضْعُوفٌ، والمَضْعُوفُ: مَا أُضْعِفَ مِنْ شَيْءٍ، جَاءَ عَلَى غَيْرِ قِياس؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وعالَيْنَ مَضْعُوفاً ودُرّاً، سُمُوطُه ... جُمانٌ ومَرْجانٌ يَشُكُّ المَفاصِلا «1»
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدِي عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ كأَنهم جاؤوا بِهِ عَلَى ضُعِفَ. وضَعَّفَ الشيءَ: أَطْبَقَ بعضَه عَلَى بَعْضٍ وثَناه فَصَارَ كأَنه ضِعْفٌ، وَقَدْ فُسِّرَ بَيْتُ لَبِيدٍ بِذَلِكَ أَيضاً. وعَذابٌ ضِعْفٌ: كأَنه ضُوعِفَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ
،
وقرأَ أَبو عَمْرٍو: يُضَعَّف
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ يُجْعَلُ الْوَاحِدُ ثَلَاثَةً أَي تُعَذَّبْ ثلاثةَ أَعْذِبَةٍ، وَقَالَ: كَانَ عَلَيْهَا أَن نُعَذَّبَ مَرَّةً فَإِذَا ضُوعِفَ ضِعْفَيْن صَارَ العذابُ ثَلَاثَةَ أَعْذِبةٍ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ هُوَ مَا تَسْتَعْمِلُهُ النَّاسُ فِي مَجازِ كَلَامِهِمْ وَمَا يَتَعارَفونه فِي خِطابهم، قَالَ: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَا يُقارِبُ قَوْلَهُ فِي رَجُلٍ أَوْصى فَقَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا ضِعْفَ مَا يُصِيبُ وَلَدِي، قَالَ: يُعْطى مِثْلَهُ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: وَلَوْ قَالَ ضِعْفَيْ مَا يُصيبُ وَلَدِي نظرتَ، فَإِنْ أَصابه مِائَةٌ أَعطيته ثَلَاثَمِائَةٍ، قَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ شَبِيهًا بِقَوْلِهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ، قَالَ: وَالْوَصَايَا يُسْتَعْمَلُ فِيهَا العُرْفُ الَّذِي يَتَعارَفُه المُخاطِبُ والمُخاطَبُ وَمَا يَسْبِقُ إِلَى أَفْهام مَنْ شاهَدَ المُوصي فِيمَا ذَهَبَ وهْمُه إِلَيْهِ، قَالَ: كَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، فأَما كِتَابِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَهُوَ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ يُرَدُّ تَفْسِيرُهُ إِلَى مَوْضُوعِ كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي هُوَ صِيغَةُ أَلسِنتها، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْعُرْفُ إِذَا خَالَفَتْهُ اللُّغَةُ؛ والضِّعْفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: أَصله المِثْلُ إِلَى مَا زَادَ، وَلَيْسَ بِمَقْصُورٍ عَلَى مِثْلَيْنِ، فَيَكُونُ مَا قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ صَوَابًا، يُقَالُ: هَذَا ضِعف هَذَا أَي مِثْلُهُ، وَهَذَا ضِعْفاه أَي مِثْلَاهُ، وَجَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَن تَقُولَ هَذَا ضِعْفُهُ أَي مِثْلَاهُ وَثَلَاثَةُ أَمثاله لأَن الضِّعف فِي الأَصل زِيَادَةٌ غَيْرُ مَحْصُورَةٍ، أَلا تَرَى قَوْلَهُ تَعَالَى: فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا؟
لَمْ يُرِدْ بِهِ مِثْلًا وَلَا مِثْلَيْنِ وَإِنَّمَا أَراد بِالضِّعْفِ الأَضْعَافَ وأَوْلى الأَشياء بِهِ أَن نَجْعَلَه عشرةَ أَمثاله لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها؛ فأَقل الضِّعْفِ مَحْصُورٌ وَهُوَ الْمِثْلُ، وأَكثره غيرُ مَحْصُورٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَضْعُفُ صلاةُ الجماعةِ عَلَى صَلَاةِ الفَذِّ خَمساً وَعِشْرِينَ دَرَجَةً أَي تَزِيدُ عَلَيْهَا.
يُقَالُ: ضَعُفَ الشيءُ يَضْعُفُ إِذَا زَادَ وضَعَّفْتُه وأَضعَفْتُه وضَاعَفْتُه بِمَعْنًى. وَقَالَ أَبو بكر: فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ
؛ المُضاعَفةِ، فأَلْزَمَ الضِّعْفَ
__________
(1) . قوله [ودراً] كذا بالأصل، والذي في الصحاح وشرح القاموس: وفرداً.(9/205)
التوحيدَ لأَنَّ المصادِرَ لَيْسَ سبيلُها التَّثْنِيَةَ وَالْجَمْعَ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّحْداح وَشِعْرِهِ:
إِلَّا رَجاء الضِّعْفِ فِي المَعادِ
أَي مِثْلَيِ الأَجر؛ فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ
، فَإِنَّ سِياق الْآيَةِ والآيةِ الَّتِي بَعْدَهَا دلَّ عَلَى أَن المرادَ مِنْ قَوْلِهِ ضِعْفَيْنِ
مَرَّتَانِ، أَلا تُرَاهُ يَقُولُ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَذَابِ: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ؟ فَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لأُمهات الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الأَجْر مِثْلَيْ مَا لِغَيْرِهِنَّ تَفْضِيلًا لهنَّ عَلَى سَائِرِ نِسَاءِ الأُمة فَكَذَلِكَ إِذَا أَتَتْ إحداهنَّ بِفَاحِشَةٍ عُذِّبَتْ مِثْلَيْ مَا يُعَذَّبُ غَيْرُهَا، وَلَا يَجُوزُ أَن تُعْطى عَلَى الطَّاعَةِ أَجرين وتُعَذَّب عَلَى المعصِية ثَلَاثَةَ أَعذبة؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قولُ حُذَّاقِ النَّحْوِيِّينَ وَقَوْلُ أَهلِ التَّفْسِيرِ، وَالْعَرَبُ تَتَكَلَّمُ بالضِّعف مُثَنًّى فَيَقُولُونَ: إِنْ أَعطيتني دِرهماً فَلَكَ ضِعفاه أَيْ مِثْلَاهُ، يُرِيدُونَ فَلَكَ دِرْهَمَانِ عِوَضًا مِنْهُ؛ قَالَ: وَرُبَّمَا أَفردوا الضِّعْف وَهُمْ يُرِيدُونَ مَعْنَى الضِّعْفَيْنِ فَقَالُوا: إِنْ أَعطيتني دِرْهَمًا فَلَكَ ضِعفه، يُرِيدُونَ مِثْلَهُ، وَإِفْرَادُهُ لَا بأْس بِهِ إِلَّا أَن التَّثْنِيَةَ أَحسن. وَرَجُلٌ مُضْعِفٌ: ذُو أَضْعافٍ فِي الْحَسَنَاتِ. وضَعَفَ القومَ يَضْعَفُهُم: كَثَرَهم فَصَارَ لَهُ ولأَصحابه الضِّعْفُ عَلَيْهِمْ. وأَضْعَفَ الرَّجلُ: فَشَتْ ضَيْعَتُه وكثُرت، فَهُوَ مُضعِف. وَبَقَرَةٌ ضَاعِفٌ: فِي بَطْنِهَا حَمْل كأَنَّها صَارَتْ بِوَلَدِهَا مُضاعَفَةً. والأَضْعافُ: العِظامُ فَوْقَهَا لَحْمٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
واللهُ بَينَ القَلْبِ والأَضْعافِ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: أَضعَاف الْجَسَدِ عِظامه، الْوَاحِدُ ضِعْفٌ، وَيُقَالُ: أَضْعافُ الجَسد أَعْضاؤه. وَقَوْلُهُمْ: وقَّع فُلَانٌ فِي أَضْعَافِ كِتَابِهِ؛ يُرَادُ بِهِ توقِيعُه فِي أَثناء السُّطور أَو الْحَاشِيَةِ. وأُضْعِفَ القومُ أَي ضُوعِفَ لَهُمْ. وأَضْعَفَ الرَّجلُ: ضَعُفَتْ دابّتُه. يُقَالُ هُوَ ضَعِيفٌ مُضْعِفٌ، فالضَّعِيفُ فِي بَدَنِهِ، والمُضعِفُ الَّذِي دَابَّتُهُ ضَعِيفَةٌ كَمَا يُقَالُ قَويٌّ مُقْوٍ، فَالْقَوِيُّ فِي بَدَنِهِ والمُقْوي الَّذِي دَابَّتُهُ قَوِيَّة. وَفِي الْحَدِيثِ فِي غَزْوة خَيْبَر:
مَنْ كَانَ مُضْعِفاً فَلْيَرْجع
أَي مَنْ كَانَتْ دابّتُه ضَعِيفةً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: المُضْعِفُ أَميرٌ عَلَى أَصحابه
يَعْنِي فِي السَّفَرِ يُرِيدُ أَنهم يَسيرُون بِسَيْرِهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
الضَّعِيفُ أَمير الركْب.
وضَعَّفَه السَّيْرُ أَي أَضْعَفَه. والتضْعِيف: أَن تَنْسُبَه إِلَى الضَّعْفِ: والمُضاعَفةُ: الدِّرْع الَّتِي ضُوعِفَ حَلَقُها ونُسِجَتْ حَلْقَتَيْن حلقتين.
ضغف: الضَّغِيفةُ: الرَّوضةُ الناضِرةُ مِنْ بَقْل وعُشب؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقَالَ: بِفَاءٍ بَعْدَ غَيْنٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمَعْرُوفُ عَنْ يَعْقُوبَ ضَفِيفة، والله أَعلم.
ضفف: الضَّفُّ: الحَلَبُ بالكفِّ كلِّها وَذَلِكَ لِضِخَم الضَّرْع؛ وأَنشد:
بَضَفِّ القَوادِمِ ذاتِ الفُضُولِ، ... لَا بالبِكاء الكِماشِ اهْتِصارا
وَيُرْوَى امْتِصاراً، بِالْمِيمِ، وَهِيَ قليلةُ اللبَنِ؛ وَقِيلَ: الضَّفُّ جَمْعُك خِلْفَيْها بِيَدِكَ إِذَا حَلَبْتَها؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَن يَقْبِضَ بأَصابعِه كُلِّهَا عَلَى الضَّرْع. وَقَدْ ضَفَفْتُ الناقةَ أَضُفُّها، وَنَاقَةٌ ضَفُوفٌ، وَشَاةٌ ضَفُوف: كَثِيرَتَا اللَّبَنِ بَيِّنَتا الضِّفَافِ. وَعَيْنٌ ضَفُوفٌ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ؛ وأَنشد:
حَلْبانَةٍ رَكْبانَةٍ ضَفُوفِ(9/206)
وَقَالَ الطِّرمّاح:
وتَجُودُ مِنْ عينٍ ضَفُوفِ ... الغَرْبِ، مُتْرَعَةِ الجَداوِلْ
التَّهْذِيبُ عَنِ الْكِسَائِيِّ: ضَبَبتُ النَّاقَةَ أَضُبُّها ضَبّاً إِذَا حَلَبْتَها بالكفِّ، قَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ هَذَا هُوَ الضَّفُّ، بِالْفَاءِ، فأَما الضَّبُّ فأَنْ تَجْعَلَ إبهامَك عَلَى الخِلْفِ ثُمَّ تَرُدَّ أَصابِعَك عَلَى الإِبهامِ والخِلْفِ جَمِيعًا، وَيُقَالُ مِنَ الضَّفِّ: ضَفَفْتُ أَضُفُّ. الْجَوْهَرِيُّ: ضَفَّ الناقةَ لُغَةٌ فِي ضَبّها إِذَا حَلبَها بِالْكَفِّ كُلِّهَا. أَبو عَمْرٍو: شَاةٌ ضَفَّةُ الشَّخْبِ أَي وَاسِعَةُ الشخْب «2» . وضَفَّةُ الْبَحْرِ: ساحِلُه. والضِّفَّةُ، بِالْكَسْرِ: جَانِبُ النَّهْرِ الَّذِي تَقَعُ عَلَيْهِ النَّبائتُ. والضَّفَّةُ: كالضِّفَّةِ، وَالْجَمْعُ ضِفافٌ؛ قَالَ:
يَقْذِفُ بالخُشْبِ عَلَى الضِّفافِ
وضَفَّةُ الْوَادِي وضِيفُه: جَانِبُهُ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الصَّوَابُ ضِفَّة، بِالْكَسْرِ، وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الصَّوَابُ ضَفَّة، بِالْفَتْحِ، وَالْكَسْرُ لُغَةٌ فِيهِ. وضَفّتا الوادِي: جانِباه. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّاب مَعَ الْخَوَارِجِ: فقدَّمُوه عَلَى ضَفَّةِ النَّهْرِ فضَربوا عُنُقه.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجهه: فيَقِف ضَفَّتَيْ جُفُونِه
أَي جَانِبَيْهَا؛ الضفَّةُ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: جانِبُ النَّهْرِ فَاسْتَعَارَهُ للجَفْن. وضَفَّتا الحَيْزُومِ: جَانِبَاهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
يَدُعُّه بِضَفَّتَيْ حَيْزومه «3»
وضَفَّةُ الْمَاءِ: دُفْعَتُه الأُولى. وضَفَّةُ النَّاسِ: جماعَتهم. والضَّفَّةُ والجَفَّةُ: جماعةُ القومِ. قَالَ الأَصمعي: دَخَلْتُ فِي ضَفَّةِ الْقَوْمِ أَي فِي جماعَتهم. وَقَالَ اللَّيْثُ: دَخَلَ فُلَانٌ فِي ضَفَّةِ الْقَوْمِ وضَفْضَفَتِهم أَي فِي جماعَتهم. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ فُلَانٌ مِنْ لَفِيفِنا وضَفِيفنا أَي مِمَّنْ نَلُفُّه بِنَا ونَضُفُّه إِلَيْنَا إِذَا حَزَبَتْنا الأُمُور. أَبو زَيْدٍ: قَوْمٌ مُتضافُّون خَفيفةٌ أَموالُهم. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: قَوْمٌ مُتَضَافُّون أَي مُجْتَمِعُون؛ وأَنشد:
فَراحَ يَحْدُوها عَلَى أَكْسائها، ... يَضُفُّها ضَفّاً عَلَى انْدِرائها
أَي يَجْمَعُها؛ وَقَالَ غَيْلَانُ:
مَا زِلْتُ بالعُنْفِ وفوقَ العُنْفِ، ... حَتَّى اشْفَتَرَّ الناسُ بَعْدَ الضَّفِ
أَي تفرَّقوا بَعْدَ اجْتِمَاعٍ. والضَّفَفُ: ازْدِحام النَّاسِ عَلَى الْمَاءِ. والضَّفَّةُ: الفَعْلةُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ. وتَضَافُّوا عَلَى الْمَاءِ إِذَا كَثُرُوا عَلَيْهِ. ابْنُ سِيدَهْ: تَضَافُّوا عَلَى الْمَاءِ تَضَافُواً «4» ؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُمْ لَمُتَضَافُّون عَلَى الْمَاءِ أَي مُجْتَمِعُون مُزْدَحِمُون عَلَيْهِ. وَمَاءٌ مَضْفُوفٌ: كَثِيرٌ عَلَيْهِ الناسُ مِثْلُ مَشْفُوهٍ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَاؤُنَا الْيَوْمَ مَضْفُوف كَثِيرُ الغاشِيةِ مِنَ الناسِ وَالْمَاشِيَةِ؛ قَالَ:
لَا يَسْتَقِي فِي النَّزَحِ المَضْفُوفِ ... إِلَّا مُدارةُ الغُروبِ الجُوفِ
قَالَ: المُدار المُسَوَّى إِذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ اجْتَحَفَ ماءَها. وَفُلَانٌ مَضْفُوف مِثْلُ مثْمود إِذَا نفِد مَا عِنْدَهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
رَوَى أَبو عَمْرٍو الشَّيباني هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ المَظْفُوف
بِالظَّاءِ، وَقَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ وَرَدْتُ ماء
__________
(2) . قوله [الشخب] بالفتح ويضم كما في القاموس.
(3) . قوله [يدعه] كذا ضبط الأصل، وعليه فهو من دع بمعنى دفع لا من ودع بمعنى ترك.
(4) . قوله [تَضَافُّوا عَلَى الْمَاءِ تَضَافُوًا] كذا بالأصل.(9/207)
مَظْفُوفاً أَي مَشْغُولًا؛ وأَنشد الْبَيْتَيْنِ:
لَا يَسْتَقِي فِي النَّزَحِ المَظْفُوفِ
وَذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ بِالضَّادِ لَا غَيْرُ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ اللَّيْثُ، وَفُلَانٌ مَضْفُوفٌ عَلَيْهِ كَذَلِكَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ مَضْفُوفٌ، بِغَيْرِ عَلَى. شِمْرٌ: الضَّفَفُ مَا دُونَ مِلْء المِكْيالِ ودونَ كُلِّ مَمْلُوء، وَهُوَ الأَكل دُونَ الشِّبَعِ. ابْنُ سِيدَهْ: الضَّفَفُ قِلَّةُ المأْكول وَكَثْرَةُ الأَكَلة. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الضَّفَفُ أَن تَكُونَ الْعِيَالُ أَكثر مِنَ الزَّادِ، والحَفَفُ أَن تَكُونَ بِمقْدارِه، وَقِيلَ: الضَّفَفُ الغاشِيةُ والعِيالُ، وَقِيلَ الحشَم؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والضَّفَفُ: كَثْرَةُ الْعِيَالِ؛ قَالَ بُشَيْرُ بْنُ النِّكث:
قدِ احْتَذى مِنَ الدِّمَاءِ وانْتَعَلْ، ... وكبَّرَ اللَّهَ وسمَّى ونَزَلْ
بِمَنْزِلٍ يَنْزِلُه بَنُو عَمَلْ، ... لَا ضَفَفٌ يَشْغَلُه وَلَا ثَقَلْ
أَي لَا يَشْغَلُه عَنْ نُسُكِه وحَجِّه عِيال وَلَا مَتاعٌ. وأَصابهم مِنَ العَيْشِ ضَفَفٌ أَي شدَّة.
وَرَوَى مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من خُبْز وَلَحْمٍ إِلَّا عَلَى ضَفَفٍ
؛ قَالَ مَالِكٌ: فسأَلت بَدَوّياً عَنْهَا، فَقَالَ: تَناوُلًا مَعَ النَّاسِ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: الضَّفَفُ كَثْرَةُ الأَيْدي عَلَى الطَّعَامِ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الضَّفَف الضِّيق وَالشِّدَّةُ، وَابْنُ الأَعرابي مِثْلُهُ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْحَدِيثَ، وَقِيلَ: يَعْنِي اجْتِمَاعَ النَّاسِ أَي لَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا وَلَحْمًا وَحْدَهُ وَلَكِنْ مَعَ النَّاسِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَمْ يَشْبَعْ إِلَّا بِضِيقٍ وَشِدَّةٍ، تَقُولُ مِنْهُ: رَجُلٌ ضَفُّ الْحَالِ، وَقَالَ الأَصمعي: أَن يَكُونَ الْمَالُ قَلِيلًا وَمَنْ يأْكله كَثِيرًا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: شَظَف، وَهُوَ الضِّيقُ وَالشِّدَّةُ أَيضاً، يَقُولُ: لَمْ يَشْبَعْ إِلَّا بضيقٍ وقِلَّةٍ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: الضَّفَفُ أَن تَكُونَ الأَكَلةُ أَكثر مِنْ مِقْدار الْمَالِ، والحَفَفُ أَن تَكُونَ الأَكلة بِمِقْدَارِ الْمَالِ،
وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَكل كَانَ مَنْ يأْكل مَعَهُ أَكثر عَدَدًا مِنْ قَدْرِ مَبْلَغِ المأْكول وكَفافِه.
ابْنُ الأَعرابي: الضَّفَفُ القِلةُ، والحَفَفُ الحاجةُ. ابْنُ العُقَيلي: وُلِدَ للإِنسان عَلَى حَفَفٍ أَي عَلَى حاجةٍ إِلَيْهِ، وَقَالَ: الضَّفَفُ والحَفَفُ وَاحِدٌ. الأَصمعي: أَصابهم مِنَ العَيش ضَفَفٌ وحَفَفٌ وشَظَفٌ كُلُّ هَذَا مِنْ شِدَّةِ الْعَيْشِ. وَمَا رُؤيَ عَلَيْهِ ضَفَفٌ وَلَا حَفَفٌ أَي أَثَر حاجةٍ. وَقَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ: تُوُفي أَبو صِبْيَانِي فَمَا رُؤيَ عَلَيْهِمْ حَفَفٌ وَلَا ضَفَفٌ أَي لَمْ يُر عَلَيْهِمْ حُفُوفٌ وَلَا ضِيقٌ. الْفَرَّاءُ: الضَّفَفُ الحاجةُ. سِيبَوَيْهِ: رَجُلٌ ضَفِفُ الْحَالِ وَقَوْمٌ ضَفِفُو الْحَالِ، قَالَ: وَالْوَجْهُ الإِدْغام وَلَكِنَّهُ جَاءَ عَلَى الأَصل. والضَّفَفُ: العَجَلَةُ فِي الأَمر؛ قَالَ:
وَلَيْسَ فِي رَأْيه وَهْنٌ وَلَا ضَفَفُ
وَيُقَالُ: لقِيتُه عَلَى ضَفَفٍ أَي عَلَى عَجَلٍ مِنَ الأَمر. والضُّفُّ، وَالْجَمْعُ الضِّفَفَةُ: هُنَيَّة تُشْبِهُ القُراد إِذَا لَسَعَتْ شَريَ الجِلْدُ بَعْدَ لَسْعَتِها، وَهِيَ رَمْداء في لونها غَبْراء.
ضوف: ضَافَ عَنِ الشَّيْءِ ضَوْفاً: عَدَل كصافَ صَوْفاً؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَاللَّهُ أَعلم.
ضيف: ضِفْتُ الرَّجُلَ ضَيْفاً وضِيَافَةً وتَضَيَّفْتُه: نزلتُ بِهِ ضَيْفاً ومِلْتُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: نَزَلْتُ بِهِ(9/208)
وصِرْت لَهُ ضَيفاً. وضِفْتُه وتَضَيَّفْتُه: طَلَبْتُ مِنْهُ الضِّيافةَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
وجَدْت الثَّرى فِينَا إِذَا التُمِسَ الثَّرى، ... ومَنْ هُوَ يَرْجُو فَضْلَه المُتَضَيِّفُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وشاهِد ضِفْتُ الرَّجُلَ قولُ الْقَطَامِيِّ:
تَحَيَّزُ عَني خَشْيَةً أَن أَضِيفَها، ... كَمَا انْحازَتِ الأَفْعى مَخافةَ ضارِب
وَقَدْ فُسِّرَ فِي تَرْجَمَةِ حَيَزَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ضَافَها ضَيْفٌ فأَمَرَتْ لَهُ بمِلْحَفَةٍ صَفْرَاءَ
؛ هُوَ مِنْ ضِفْتُ الرَّجُلَ إِذَا نَزَلْتَ بِهِ فِي ضِيافَتهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
النَّهْديِّ: تَضَيَّفْتُ أَبا هُرَيْرَةَ سَبْعاً.
وأَضَفْتَه وضَيَّفْتَه: أَنْزَلْتَه عَلَيْكَ ضَيْفاً وأَمَلْتَه إِلَيْكَ وقَرَّبْتَه، وَلِذَلِكَ قِيلَ: هُوَ مُضافٌ إِلَى كَذَا أَي مُمالٌ إِلَيْهِ. وَيُقَالُ: أَضافَ فُلَانٌ فُلَانًا فَهُوَ يُضيفُه إِضَافَةً إِذَا أَلجأَه إِلَى ذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما
؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ لأَسماء بْنِ خَارِجَةَ الْفَزَارِيِّ يَصِفُ الذِّئْبَ:
ورأَيتُ حَقّاً أَن أُضَيِّفَه، ... إذْ رامَ سِلْمِي واتَّقى حَرْبي
اسْتَعَارَ لَهُ التضييفَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنه أَمَّنَه وَسَالَمَهُ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ رَجَاءَ بْنَ سَلَمَة الْكُوفِيَّ يَقُولُ: ضَيَّفْتُه إِذَا أَطْعَمْتَه، قَالَ: والتَّضْيِيفُ الإِطعام، قَالَ: وأَضَافَه إِذَا لَمْ يُطْعِمْه،
وَقَالَ رَجَاءٌ: فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما
: يُطْعِمُوهما.
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَضَافَه وضَيَّفَه عِنْدَنَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَقَوْلِكَ أَكْرَمَه اللَّهُ وكرَّمه، وأَضَفْته وضَيَّفْتُه. قَالَ: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما
، سأَلاهم الإِضافةَ فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَلَوْ قُرِئت أَن يُضِيفُوهما كَانَ صَوَابًا. وتَضَيَّفْتُه: سأَلته أَن يُضِيفَني، وأَتيتُه ضَيْفاً؛ قَالَ الأَعشى:
تَضَيَّفْتُه يَوْماً، فأَكْرَمَ مَقْعَدي، ... وأَصْفَدَني عَلَى الزَّمانةِ قَائِدَا
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَمِنَّا خَطِيبٌ لَا يُعابُ، وقائلٌ ... ومَنْ هُوَ يَرْجو فَضْلَه المُتَضَيِّفُ
وَيُقَالُ: ضَيَّفْتُه أَنزلته مَنْزِلَةَ الأَضياف. والضَّيْفُ: المُضَيَّفُ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ كعدلٍ وخَصْمٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ
، وَفِيهِ: هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ
؛ عَلَى أَن ضَيْفاً قَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَاهُنَا جَمْعَ ضَائِف الَّذِي هُوَ النَّازِلُ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ زَوْرٍ وصَوْمٍ، فَافْهَمْ، وَقَدْ يكسَّر فَيُقَالُ أَضْيافٌ وضُيُوفٌ وضِيفَانٌ؛ قَالَ:
إِذَا نَزَلَ الأَضْيافُ، كَانَ عَذَوَّراً ... عَلَى الحَيِّ حَتَّى تَسْتَقِلَّ مَراجِلُهْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الأَضْيَافُ هُنَا بِلَفْظِ القِلَّة وَمَعْنَاهَا أَيضاً، وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ:
وأَسْيافُنا مِنْ نَجْدَةٍ تَقْطُرُ الدَّمَا
فِي أَنْ الْمُرَادَ بِهَا مَعْنَى الْكَثْرَةِ، وَذَلِكَ أَمْدَحُ لأَنه إِذَا قَرَى الأَضْيافَ بمراجِلِ الْحَيِّ أَجمعَ، فَمَا ظنُّك لَوْ نَزَلَ بِهِ الضيِّفانُ الْكَثِيرُونَ؟ التَّهْذِيبِ: قَوْلُهُ هؤُلاءِ ضَيْفِي
أَي أَضيافي، تَقُولُ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي وأَضْيافي وضُيُوفِي وضِيَافي، والأُنثى ضَيْفٌ وضَيْفَةٌ، بِالْهَاءِ؛ قَالَ البَعيث:(9/209)
لَقًى حَمَلَتْه أُمُّه، وَهِيَ ضَيْفَةٌ، ... فجاءَت بِيَتْنٍ للضِّيَافَة أَرْشَما
وحرَّفه أَبو عبيدة فَعَزَاهُ إِلَى جَرِيرٍ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَراد بالضَّيْفَة فِي الْبَيْتِ أَنها حملتْه وَهِيَ حَائِضٌ. يُقَالُ: ضَافَتِ المرأةُ إِذَا حَاضَتْ لأَنها مَالَتْ مِنَ الطُّهر إِلَى الحَيض، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ وَهِيَ ضَيْفَة أَي ضَافَتْ قَوْمًا فحبِلت فِي غَيْرِ دَارِ أَهلها. واسْتَضَافَه: طَلَبَ إِلَيْهِ الضِّيافة؛ قَالَ أَبو خِراشٍ:
يَطِيرُ إِذَا الشَّعْراء ضَافَتْ بِحَلْبِه، ... كَمَا طارَ قِدْحُ المُسْتَضِيفِ المُوَشَّمُ
وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَراد أَن يَسْتَضِيف دَارَ بِقدْحٍ مُوَشَّم ليُعْلم أَنه مُسْتَضِيف. والضَّيْفَن: الَّذِي يَتْبَعُ الضَّيْفَ، مُشْتَقٌّ مِنْهُ عِنْدَ غَيْرِ سِيبَوَيْهِ، وَجَعَلَهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ ضَفَنَ وسيأْتي ذِكْرُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الضَّيْفَن الَّذِي يَجِيءُ مَعَ الضَّيْفِ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ فَعْلَن وَلَيْسَ بفَيْعَلٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا جَاءَ ضَيْفٌ، جَاءَ للضَّيْفِ ضَيْفَنٌ، ... فأَوْدَى بِمَا تُقْرى الضُّيُوفُ الضَّيافِنُ
وضَافَ إِلَيْهِ: مَالَ ودَنا، وَكَذَلِكَ أَضَافَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ يَصِفُ سَحَابًا:
حَتَّى أَضافَ إِلَى وادٍ ضَفادِعُه ... غَرْقَى رُدافَى، تَرَاهَا تَشْتَكي النَّشَجا
وضَافَنِي الهمُّ كَذَلِكَ. والمُضَاف: المُلْصَق بِالْقَوْمِ المُمال إِلَيْهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ. وكلُّ مَا أُمِيلَ إِلَى شَيْءٍ وأُسْنِد إِلَيْهِ، فَقَدْ أُضِيفَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَلَمَّا دخَلْناه، أَضَفْنَا ظُهورَنا ... إِلَى كلِّ حارِيٍّ قَشِيبٍ مُشَطَّبِ
أَي أَسْنَدْنا ظُهورَنا إِلَيْهِ وأَملْناها؛ وَمِنْهُ قِيلَ للدّعيِّ مُضَاف لأَنه مُسْنَدٌ إِلَى قَوْمٍ لَيْسَ مِنْهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مُضِيفٌ ظهرَه إِلَى القُبَّة
أَي مُسْنِدُه. يُقَالُ: أَضَفْتُه إِلَيْهِ أُضِيفُه. والمُضَاف: المُلْزَق بِالْقَوْمِ. وضَافَه الهمُّ أَي نزَلَ بِهِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَخُلَيْدُ، إنَّ أَباك ضَافَ وِسادَهُ ... هَمَّانِ، بَاتَا جَنْبَةً ودَخِيلا
أَي بَاتَ أَحدُ الهَمَّيْنِ جَنْبَه، وباتَ الآخرُ داخِلَ جَوْفِه. وإضَافَةُ الِاسْمِ إِلَى الِاسْمِ كَقَوْلِكَ غُلَامُ زَيْدٍ، فَالْغُلَامُ مُضَاف وَزَيْدٌ مُضَاف إِلَيْهِ، والغَرَض بالإِضَافَة التَّخْصِيصُ وَالتَّعْرِيفُ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَن يُضافَ الشَّيْءُ إِلَى نَفْسِهِ لأَنه لَا يُعَرِّفُ نَفْسَهُ، فَلَوْ عرَّفها لَمَا احْتِيجَ إِلَى الإِضافة. وأَضَفْتُ الشَّيْءَ إِلَى الشَّيْءِ أَي أَمَلْتُه، وَالنَّحْوِيُّونَ يُسَمُّونَ الْبَاءَ حَرْفَ الإِضَافَة، وَذَلِكَ أَنك إِذَا قُلْتَ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ فَقَدْ أَضَفْتَ مرورَك إِلَى زَيْدٍ بِالْبَاءِ. وضَافَت الشَّمْسُ تَضِيفُ وضَيَّفَتْ وتَضَيَّفَتْ: دَنَتْ لِلْغُرُوبِ وقرُبت. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهى رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الصَّلَاةِ إِذَا تَضَيَّفَتِ الشمسُ لغروب
؛ تَضَيَّفَتْ: مَالَتْ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الضَّيْفُ ضَيْفاً مِنْ ضَافَ عَنْهُ يَضِيف؛ قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ثلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَنهانا أَن نُصَلِّي فِيهَا: إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَإِذَا تضَيَّفت لِلْغُرُوبِ، ونصفَ النَّهَارِ.
وضَافَ السهمُ: عَدَل عَنِ الهَدَف أَو الرميَّة، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى لَيْسَتْ فِي الْحَدِيثِ: صافَ السَّهْمُ بِمَعْنَى ضافَ، وَالَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ضافَ، بِالضَّادِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ قَالَ لَهُ ابْنُهُ: ضِفْتُ عَنْكَ يَوْمَ بَدرٍ
أَي(9/210)
مِلْتُ عنكَ وعدَلْتُ؛ وَقَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
جَوارِسُها تَأْوِي الشعُوفَ دَوائِباً، ... وتَنْصَبُّ أَلْهاباً مَضِيفاً كِرابُها
أَراد ضَائِفاً كِرابُها أَي عادِلةً مُعْوَجَّةً فَوَضَعَ اسْمَ الْمَفْعُولِ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ. والمُضَافُ: الْوَاقِعُ بَيْنَ الْخَيْلِ والأَبْطال وَلَيْسَتْ بِهِ قوَّة؛ وأَما قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
أَنت تُجِيبُ دَعْوةَ المَضُوفِ
فَإِنَّمَا اسْتَعْمَلَ الْمَفْعُولَ عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ، كَمَا فُعل ذَلِكَ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ نَحْوِ قَوْلِهِ: يَخْرُجْن مِنْ أَجْوازِ ليلٍ غاضِي وبُنِيَ المَضُوف عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ فِي بِيع بُوعَ. والمُضَاف: المُلْجَأُ المُحْرَجُ المُثْقَلُ بِالشَّرِّ؛ قَالَ البُرَيْق الْهُذَلِيُّ:
ويَحْمِي المُضافَ إِذَا مَا دَعَا، ... إِذَا مَا دَعَا اللِّمّة الفَيْلَمُ «5»
هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ بالإِطلاق مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ بالإِطلاق أَيْضًا مَجْرُورًا عَلَى الصِّفَةِ للِّمّة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ إِنَّمَا هِيَ الإِسكان عَلَى أَنه مِنَ الضَّرْبِ الرَّابِعِ مِنَ المُتَقارَب لأَنك إِنْ أَطلقتها فَهِيَ مُقْواة، كَانَتْ مَرْفُوعَةً أَو مَجْرُورَةً؛ أَلا تَرَى أَن فِيهَا:
بَعَثْتُ إِذَا طَلَعَ المِرْزَمُ
وَفِيهَا:
والعَبدَ ذَا الخُلُق الأَفْقَمَا
وَفِيهَا:
وأَقضي بِصَاحِبِهَا مَغْرَمِي
فَإِذَا سَكَّنْتَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَقُلْتَ المِرْزَمْ الأَفقمْ مغرمْ، سَلِمت القِطعةُ مِنَ الإِقواءِ فَكَانَ الضرْب فلْ، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ حُكْمِ المتقارَب. وأَضَفْتُه إِلَى كَذَا أَي أَلجأْته؛ وَمِنْهُ المُضَاف فِي الْحَرْبِ وَهُوَ الَّذِي أُحيط بِهِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وكَرِّي إِذَا نَادَى المُضَافُ مُحَنَّباً، ... كَسِيدِ الغَضَا، نَبَّهْتَه، المُتَوَرِّدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والمُسْتَضَاف أَيضاً بِمَعْنَى الْمُضَافِ؛ قَالَ جوَّاس بْنُ حَيّان الأَزْدِيّ:
وَلَقَدْ أُقْدِمُ في الرَّوْعِ، ... وأَحْمِي المُسْتَضَافَا
ثُمَّ قَدْ يحْمَدُني الضَّيْفُ، ... إِذَا ذَمَّ الضِّيَافَا
واسْتَضَافَ مِنْ فُلَانٍ إِلَى فُلَانٍ: لجأَ إِلَيْهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومارَسَني الشَّيْبُ عَنْ لِمَّتي، ... فأَصبحْتُ عَنْ حقِّه مُسْتَضِيفا
وأَضَافَ مِنَ الأَمر: أَشْفَقَ وحَذِر؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
أَقامتْ ثَلَاثًا بَيْنَ يومٍ وليلةٍ، ... وَكَانَ النَّكيرُ أَن تُضِيفَ وتَجْأَرا
وَإِنَّمَا غَلَّبَ التَّأْنِيثَ لأَنه لَمْ يَذْكُرِ الأَيام. يُقَالُ: أَقَمْتُ عِنْدَهُ ثَلَاثًا بَيْنَ يومٍ وليلةٍ، غلَّبوا التأْنيث. والمَضُوفَةُ: الأَمر يُشْفَقُ مِنْهُ ويُخافُ؛ قال أَبو
__________
(5) . قوله [إِذَا مَا دَعَا اللِّمَّةَ إلخ] هكذا في الأصل، وأنشده الجوهري في مادة ف ل م:
إِذَا فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الْفَيْلَمُ(9/211)
جُنْدُبٍ الْهُذَلِيُّ:
وكُنْتُ إِذا جَارِي دَعا لِمَضُوفةٍ، ... أُشَمِّرُ حَتَّى يَنْصُفَ الساقَ مِئْزَري
يَعْنِي الأَمْر يُشْفِقُ مِنْهُ الرَّجُل؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَهَذَا الْبَيْتُ يُرْوَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَوجه: عَلَى المَضُوفَةِ، والمَضِيفَةِ، والمُضَافَةِ؛ وَقِيلَ: ضَافَ الرَّجلُ وأَضَافَ خَافَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: أَنَّ ابْنَ الكَوَّاء وقَيْسَ بْنَ عَبادٍ «1» جَاآهُ فَقَالَا لَهُ: أَتَيْناكَ مُضَافَين مُثْقَلَيْنِ
؛ مُضَافَين أَي خائفَين، وَقِيلَ: مُضَافَين مُلْجَأَيْن. يُقَالُ: أَضَافَ مِنَ الأَمر إِذَا أَشْفَق. وحَذِر مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ إِذَا ضَمَّه إِلَيْهِ. يُقَالُ: أَضَافَ مِنَ الأَمر وضَافَ إِذَا خَافَهُ وأَشْفَقَ مِنْهُ. والمَضُوفَة: الأَمر الَّذِي يُحذَرُ مِنْهُ ويُخافُ، وَوَجْهُهُ أَن تَجْعَلَ المُضَافَ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الإِضَافَة كالمُكْرَم بِمَعْنَى الإِكْرام، ثُمَّ تصفَ بِالْمَصْدَرِ، وَإِلَّا فَالْخَائِفُ مُضِيف لَا مُضاف. وَفُلَانٌ فِي ضِيفِ فُلَانٍ أَي فِي نَاحِيَتِهِ. والضِّيفُ: جَانِبَا الْجَبَلِ وَالْوَادِي، وَفِي التَّهْذِيبِ: الضِّيفُ جانِبُ الْوَادِي؛ وَاسْتَعَارَ بَعْضُ الأَغْفالِ الضِّيفَ للذَّكر فَقَالَ:
حَتَّى إِذَا وَرَّكْت مِنْ أُتَيْرِ ... سَوَادَ ضِيفَيْهِ إِلَى القُصَيْرِ
وتَضَايَفَ الوادب: تضايَقَ. أَبو زَيْدٍ: الضِّيفُ، بِالْكَسْرِ، الجَنْبُ؛ قَالَ:
يَتْبَعْنَ عَوْداً يَشْتَكي الأَظَلَّا، ... إِذَا تَضَايَفْنَ عَلَيْهِ انْسَلَّا
يَعْنِي إِذَا صِرْنَ مِنْهُ قَرِيبًا إِلَى جَنْبِه، وَالْقَافُ فِيهِ تَصْحِيفٌ. وتَضايَفَه الْقَوْمُ إِذَا صَارُوا بِضِيفَيْه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ العَدُوَّ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَمَنُوا فِي أَحناء الْوَادِي ومَضايفه.
والضِّيفُ: جانِبُ الْوَادِي. وناقةٌ تُضِيفُ إِلَى صَوْتِ الْفَحْلِ أَي إِذَا سَمِعَتْهُ أَرادت أَن تأْتيه؛ قَالَ البُرَيْقُ الْهُذَلِيُّ:
منَ المُدَّعِينَ إِذَا نُوكِروا، ... تُضِيفُ إِلَى صَوْتِه الغَيْلَمُ
الْغَيْلَمُ: الجاريةُ الحَسْناء تَسْتأْنِسُ إِلَى صَوْتِهِ؛ وَرِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ:
تُنِيفُ إِلَى صَوته الْغَيْلَمُ
فصل الطاء المهملة
طحف: الأَزهري: اللَّيْثُ الطَّحْفُ حَبٌّ يَكُونُ بِالْيَمَنِ يُطْبخ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ الطَّهْفُ، بِالْهَاءِ، وَلَعَلَّ الْحَاءَ تُبْدَلُ من الهاء.
طخف: الطَّخْفُ والطَّخَافُ: السَّحابُ المُرْتَفِع الرقيقُ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
أَعَيْنَيَّ، لَا يَبْقى عَلَى الدَّهْر قادِرٌ ... بِتَيْهُورةٍ، تَحْتَ الطَّخَافِ العصائبِ
وَرُوِيَ الطِّخَاف عَلَى أَنه جَمْعُ طَخْفٍ، والطَّخْفُ: شَيْءٌ مِنَ الْهَمِّ يَغْشى الْقَلْبَ. ووجَدَ عَلَى قَلْبِهِ طَخْفاً وطَخَفاً أَي غَمّاً. والطَّخْفُ وطِخْفَةُ، بِالْكَسْرِ «2» : مَوْضِعَانِ؛ قَالَ:
خُدارِيّة صَقْعاء أَلْصَقَ رِيشَها، ... بِطِخْفَةَ، يومٌ ذُو أَهاضِيبَ ماطِرُ
__________
(1) . قوله [عباد] كذا بالأصل، والذي في النهاية عبادة.
(2) . قوله [طِخْفَة بالكسر] اقتصر عليه تبعاً للجوهري. والذي في القاموس وسبقه ياقوت: زيادة الْفَتْحَ.(9/212)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للحَرِث بْنِ وَعْلَة الجَرْمِيّ؛ وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ:
خُدارِيّة صَقْعاء لَبَّدَ رِيشَها، ... مِنَ الطَّلِّ، يومٌ ذُو أَهاضِيبَ مَاطِرُ
وَقَالَ جَرِيرٌ:
بطِخْفَةَ جالَدْنا المُلُوكَ وخَيْلُنا، ... عَشِيَّةَ بِسْطامٍ، جَرَيْنَ عَلَى نَحْبِ
وَقَالَ الحذْلَمي:
كأَنَّ فوقَ المَتن مِنْ سَنامِها ... عَنْقاء، مِنْ طِخْفَةَ أَو رِجامِها
وَمِنْهُ يَوْمُ طِخْفَةَ لِبَنِي يَرْبُوعٍ عَلَى قابُوسَ بْنِ الْمُنْذِرُ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ. وضرْب طِلَخْفٌ، بِزِيَادَةِ اللَّامِ، مِثْلُ حِبَجْرٍ أَي شَديد؛ قَالَ حَسَّانُ:
أَقَمْنا لَكُمْ ضَرْباً طِلَخْفاً مُنَكِّلًا، ... وحُزناكُمُ بالطَّعْنِ منْ كلِّ جانِب
وَقَالَ آخَرُ:
ضَرْباً طِلَخْفاً فِي الطُّلى سَخِينا
والطَّخْفُ: اللَّبَنُ الحامِضُ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
لَمْ تُعالِجْ دَمْحقاً بَائِتًا، ... شُجَّ بالطَّخْفِ للَدْمِ الدَّعاعِ
اللَّدْمُ: اللَّعْقُ. والدَّعاعُ: عِيالُ الرَّجل. وَقَالَ بَعْضُ الأَعراب: الطَّخِيفَة واللَّخيفةُ الخَزيرةُ؛ رَوَاهُ أَبُو تُرَابٍ، وَقِيلَ: الطخْفُ اللبَن الحامِض.
طرف: الطَّرْفُ: طرْفُ الْعَيْنِ. والطَّرْفُ: إطْباقُ الجَفْنِ عَلَى الجفْن. ابْنُ سِيدَهْ: طَرَفَ يَطْرِفُ طَرْفاً: لَحَظَ، وَقِيلَ: حَرَّكَ شُفْره ونَظَرَ. والطَّرْفُ: تَحْرِيكُ الجُفُون فِي النَّظَرِ. يُقَالُ: شَخَصَ بصرُه فَمَا يَطْرِفُ. وطَرَفَ البصرُ نفسُه يَطْرِفُ وطَرَفَه يَطرِفُه وطَرَّفَه كِلَاهُمَا إِذَا أَصاب طرْفَه، وَالِاسْمُ الطُّرْفَةُ. وَعَيْنٌ طَرِيفٌ: مَطْروفة. التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ: الطَّرْفُ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْبَصَرِ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجمع لأَنه فِي الأَصل مَصْدَرُ فَيَكُونُ وَاحِدًا وَيَكُونُ جَمَاعَةً. وَقَالَ تَعَالَى: لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ
. والطَّرْفُ: إصابَتُك عَيناً بِثَوْبٍ أَو غَيْرِهِ. يُقَالُ: طُرِفَتْ عينُه وأَصابَتْها طُرْفَةٌ وطَرَفَها الحزنُ بِالْبُكَاءِ. وَقَالَ الأَصمعي: طُرِفَتْ عينُه فَهِيَ تُطْرَفُ طَرْفاً إِذَا حُرِّكَتْ جُفونُها بِالنَّظَرِ. وَيُقَالُ: هُوَ بِمَكَانٍ لَا تَرَاهُ الطَّوَارِفُ، يَعْنِي الْعُيُونَ. وطَرَفَ بصَره يَطْرِفُ طَرْفاً إِذَا أطْبَقَ أَحدَ جَفْنيهِ عَلَى الْآخَرِ، الْوَاحِدَةُ مِنْ ذَلِكَ طَرْفَةٌ. يُقَالُ: أَسْرَعُ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمة: قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: حُمادَياتُ النِّسَاءِ غَضُّ الأَطْرَافِ
؛ أَرادتْ بغَضِّ الأَطْرَافِ قَبْضَ اليدِ والرِّجْلِ عَنِ الحَركةِ والسيْر، تَعْنِي تَسْكِينَ الأَطْرَافِ وَهِيَ الأَعْضاء؛ وَقَالَ القُتيبي: هِيَ جَمْعُ طَرْف الْعَيْنِ، أَرادت غَضَّ الْبَصَرِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الطَّرْف لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ لأَنه مَصْدَرٌ، وَلَوْ جُمِعَ لَمْ يُسْمَعْ فِي جَمْعِهِ أَطْرافٌ، قَالَ: وَلَا أَكاد أَشُكُّ فِي أَنه تَصْحِيفٌ، وَالصَّوَابُ غَضُّ الإِطْراق أَي يَغْضُضْن مِنْ أَبْصارِهن مُطْرِقاتٍ رامِياتٍ بأَبصارهن إِلَى الأَرض. وَجَاءَ مِنَ الْمَالِ بطَارِفَةِ عَيْنٍ كَمَا يُقَالُ بعائرةِ عَيْنٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ جَاءَ فُلَانٌ بطَارِفَة عَيْنٍ أَي جَاءَ(9/213)
بِمَالٍ كَثِيرٍ. والطِّرْف، بِالْكَسْرِ، مِنَ الْخَيْلِ: الكريمُ العَتِيقُ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ الْقَوَائِمِ والعُنُق المُطَرَّفُ الأُذنينِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ مِنْ نِتاجك وَالْجَمْعُ أَطرافٌ وطُرُوفٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ. يُقَالُ: فَرَسٌ طِرْفٌ مِنْ خَيْلٍ طُرُوفٍ، قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَهُوَ نَعْتٌ لِلذُّكُورِ خَاصَّةً. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: فَرَسٌ طِرْفَةٌ، بِالْهَاءِ للأُنثى، وصارمةٌ وَهِيَ الشَّدِيدَةُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الطِّرْفُ الفَرَسُ الكريمُ الأَطرافِ يَعْنِي الْآبَاءَ والأُمّهات. وَيُقَالُ: هُوَ المُسْتَطْرِفُ لَيْسَ مِنْ نِتَاجِ صاحِبه، والأُنثى طِرْفَةٌ؛ وأَنشد:
وطِرفَة شَدَّتْ دِخالًا مُدْمَجا
والطِّرْفُ والطَّرْفُ: الخِرْقُ الْكَرِيمُ مِنَ الفِتْيان وَالرِّجَالِ، وَجَمْعُهُمَا أَطْرَاف؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِابْنِ أَحمر:
عليهنَّ أَطْرَافٌ مِنَ القوْمِ لَمْ يَكُنْ ... طَعامُهُمُ حَبّاً، بِزُغْمَةَ، أَسْمَرا
يَعْنِي العَدَس لأَن لَوْنَهُ السُّمْرَةُ. وزُغْمَةُ: مَوْضِعٌ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَبْيَض مِنْ غَسّانَ فِي الأَطْرَافِ
الأَزهري: جَعَلَ أَبو ذُؤَيْبٍ الطِّرْفَ الْكَرِيمَ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ:
وإنَّ غُلَامًا نِيلَ فِي عَهْدِ كاهلٍ ... لَطِرْفٌ، كنَصْلِ السَّمهَرِيِّ صريحُ «1»
وأَطْرَفَ الرجلَ: أَعْطاه مَا لَمْ يُعْطِه أَحداً قَبْلَهُ. وأَطْرَفْتُ فُلَانًا شَيْئًا أَي أَعطيته شَيْئًا لَمْ يَمْلِك مِثْلَهُ فأَعجبه، وَالِاسْمُ الطُّرْفَةُ؛ قَالَ بَعْضُ اللُّصوص بَعْدَ أَن تابَ:
قُلْ للُّصُوص بَني اللَّخْناء يَحْتَسِبُوا ... بُرَّ العِراق، ويَنْسَوْا طُرْفَةَ اليَمنِ
وَشَيْءٌ طَرِيفٌ: طَيِّب غَرِيبٌ يَكُونَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَقَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ خيرُ الكلامِ مَا طَرُفَتْ مَعَانِيهِ، وشَرُفَت مَبانِيه، والتَذّه آذانُ سامعِيه. وأَطْرَفَ فُلَانٌ إِذَا جَاءَ بطُرْفةٍ. واسْتَطْرَفَ الشيءَ أَي عَدَّه طَريفاً. واسْتَطْرَفْت الشيءَ: اسْتَحْدَثْتُهُ. وَقَوْلُهُمْ: فَعَلْتُ ذَلِكَ فِي مُسْتَطْرَفِ الأَيام أَي فِي مُسْتَأْنَف الأَيام. واسْتَطْرَفَ الشيءَ وتَطَرَّفَه واطَّرَفَه: اسْتفادَه. والطَّرِيفُ والطَّارِفُ مِنَ الْمَالِ: المُسْتَحْدثُ، وَهُوَ خِلافُ التَّالِد والتَّلِيدِ، وَالِاسْمُ الطُّرْفَةُ، وَقَدْ طَرُفَ، بِالضَّمِّ، وَفِي الْمُحْكَمِ: والطِّرْفُ والطَّرِيفُ والطَّارِفُ الْمَالُ المُسْتَفاد؛ وَقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:
فِدًى لِفَوارِسِ الحَيَّيْنِ غَوْثٍ ... وزِمَّانَ التِّلادُ مَعَ الطِّرَافِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ طَرِيف كظَريفٍ وظِرافٍ، أَو جَمْعَ طَارِفٍ كصاحِبٍ وصِحابٍ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ لُغَةً فِي الطَّرِيف، وَهُوَ أَقيس لِاقْتِرَانِهِ بِالتِّلَادِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا لَهُ طَارِفٌ وَلَا تالدٌ وَلَا طَرِيفٌ وَلَا تليدٌ؛ فالطَّارِفُ والطَّرِيفُ: مَا اسْتَحْدَثْت مِنَ المالِ واسْتَطْرَفْته، والتِّلادُ والتلِيدُ ما ورِئْتَه عَنِ الْآبَاءِ قَدِيمًا. وَقَدْ طَرُفَ طَرَافَةً وأَطْرَفَه: أَفاده ذَلِكَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
__________
(1) . قوله [صريح] هو بالصاد المهملة هنا، وأَنشده في مادة قرح بالقاف، وفسره هناك، والقريح والصريح واحد.(9/214)
تَئِطُّ وتَأْدُوها الإِفال مُرِبَّةً ... بأَوْطانِها مِنْ مُطْرَفَاتِ الحَمائِل «1»
مُطْرَفاتٌ: أَطْرِفُوها غَنِيمَةً مِنْ غَيْرِهِمْ. وَرَجُلٌ طِرْفٌ ومُتَطَرِّفٌ ومُسْتَطْرِفٌ: لَا يَثْبُتُ عَلَى أَمْرٍ. وامرأَة مَطْرُوفَةٌ بِالرِّجَالِ إِذَا كَانَتْ لَا خَيْرَ فِيهَا، تَطْمَحُ عَيْنُها إِلَى الرِّجَالِ وتَصْرف بَصَرَها عَنْ بَعْلِهَا إِلَى سِوَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ فِي خُطبته: إنَّ الدُّنْيَا قَدْ طَرَفَتْ أَعْيُنكم
أَي طَمَحتْ بأَبصاركم إِلَيْهَا وَإِلَى زُخْرُفِها وَزِينَتِهَا. وامرأَة مَطْرُوفَةٌ: تَطْرِفُ الرجالَ أَي لَا تَثْبُت عَلَى وَاحِدٍ، وُضِع الْمَفْعُولُ فِيهِ مَوْضِعَ الْفَاعِلِ؛ قَالَ الحُطيئة:
وَمَا كنتُ مِثْلَ الهالِكِيِّ وعِرْسِه، ... بَغَى الودَّ مِنْ مَطْرُوفَةِ العينِ طامِح
وَفِي الصِّحَاحِ: مِنْ مَطْرُوفَة الْوُدِّ طَامِحِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ مُخَالِفٌ لأَصل الْكَلِمَةِ. والمَطْروفَة مِنَ النِّسَاءِ: التَّيِ قَدْ طَرَفَها حبُّ الرِّجال أَي أَصاب طَرْفَها، فَهِيَ تَطْمَحُ وتُشْرِفُ لِكُلِّ مَنْ أَشْرَفَ لَهَا وَلَا تَغُضُّ طَرْفَها، كأَنما أَصابَ طَرْفَها طُرفَةٌ أَو عُود، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ مَطْرُوفَة؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَرَجُلٌ طَرْفٌ «2» لَا يَثبتُ عَلَى امرأَة وَلَا صَاحِبٍ؛ وأَنشد الأَصمعي:
ومَطْرُوفَةِ العَيْنَينِ خَفَّاقةِ الحَشَى، ... مُنَعَّمةٍ كالرِّيمِ طابتْ فَطُلَّتِ
وَقَالَ طَرَفَة يَذْكُرُ جَارِيَةً مُغَنِّية:
إِذَا نحنُ قُلْنَا: أَسْمِعِينا، انْبَرَتْ لَنَا ... عَلَى رِسْلِها مَطْرُوفَةً لَمْ تَشَدَّدِ «3»
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: المَطرُوفَةُ الَّتِي أَصابتها طُرفة، فَهِيَ مَطْرُوفَة، فأَراد كأَنَّ فِي عَيْنَيْهَا قَذًى مِنِ اسْتِرْخائها. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَطْرُوفَة مُنْكَسِرَةُ الْعَيْنِ كأَنها طُرِفَتْ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ تَنْظُرُ إِلَيْهِ. وطَرَفْتُ عَيْنَهُ إِذَا أَصَبْتها بِشَيْءٍ فَدَمِعَتْ، وَقَدْ طُرِفَتْ عَيْنُهُ، فَهِيَ مَطْرُوفَة. والطَّرْفَةُ أَيضاً: نُقْطَةٌ حَمْرَاءُ مِنَ الدَّمِ تحدُث فِي الْعَيْنِ مِنْ ضَرْبَةٍ وَغَيْرِهَا. وَفِي حَدِيثِ
فُضَيْلٍ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَصْلع فَطُرِفَ لَهُ طرْفة
؛ أَصل الطَّرْفِ: الضَّرْبُ عَلَى طرَف الْعَيْنِ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الضَّرْبِ عَلَى الرأْس. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ طَرَفْتُ فُلَانًا أَطْرِفُه إِذَا صَرَفْتَه عَنْ شَيْءٍ، وطَرَفَه عَنْهُ أَي صَرفه وَرَدَّهُ؛ وأَنشد لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
إِنَّكَ، واللهِ، لَذُو مَلَّةٍ، ... يَطْرِفُك الأَدنى عَنِ الأَبْعَدِ
أَي يَصْرِفك؛ الْجَوْهَرِيُّ: يَقُولُ يَصْرِفُ بصرَك عَنْهُ أَي تَسْتَطرِفُ الجَديد وتَنْسى الْقَدِيمَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنْشَادِهِ:
يَطْرِفك الأَدنى عَنِ الأَقْدَمِ
قَالَ: وَبَعْدَهُ:
قلتُ لَهَا: بَلْ أَنت مُعْتَلّةٌ ... فِي الوَصْلِ، يَا هِند، لِكَيْ تَصْرِمي
وَفِي حَدِيثِ
نَظَرِ الفجأَة: وَقَالَ اطْرِفْ بَصَرَكَ
أَي
__________
(1) . قوله [تئط] هو في الأصل هنا بهمز ثانيه مضارع أط، وسيأتي تفسيره في أدي.
(2) . قوله [ورجل طَرْف] أورده في القاموس فيما هو بالكسر، وفي الأصل ونسخ الصحاح ككتف، قال في شرح القاموس: وهو القياس.
(3) . قوله [مَطْرُوفَة] تقدم إنشاده في مادة شدد: مطروقة بالقاف تبعاً للأصل.(9/215)
اصْرِفْه عَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ وامْتَدَّ إِلَيْهِ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وَرَجُلٌ طَرِفٌ وامرأَة طَرِفَةٌ إِذَا كَانَا لَا يَثْبُتَانِ عَلَى عَهْدٍ، وكلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُحِبُّ أَن يَسْتَطْرِفَ آخَرَ غَيْرَ صَاحِبِهِ ويَطَّرِفَ غَيْرَ مَا فِي يَدِهِ أَي يَسْتَحْدِثَ. واطَّرَفْتُ الشَّيْءَ أَي اشْتَرَيْتُهُ حَدِيثًا، وَهُوَ افْتَعَلْت. وَبَعِيرٌ مُطَّرَفٌ: قَدِ اشْتُرِيَ حَدِيثًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّني مِنْ هَوى خَرْقاء مُطَّرَفٌ، ... دَامِي الأَظلِّ بعِيدُ السَّأْوِ مَهْيُومُ
أَراد أَنه مِنْ هَواها كَالْبَعِيرِ الَّذِي اشتُري حَدِيثًا فَلَا يَزَالُ يَحِنُّ إِلَى أُلَّافِه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المُطَّرَف الَّذِي اشْتُرِيَ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ فَهُوَ يَنْزِعُ إِلَى وَطَنِهِ، والسَّأْوُ: الهِمّة، ومَهْيُومٌ: بِهِ هُيامٌ. وَيُقَالُ: هَائِمُ الْقَلْبِ. وطَرَفَه عَنَّا شُغل: حَبَسَهُ وصَرَفه. وَرَجُلٌ مَطْرُوف: لَا يَثْبُتُ عَلَى وَاحِدَةٍ كالمَطْرُوفَةِ مِنَ النِّسَاءِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي:
وَفِي الحَيِّ مَطْرُوفٌ يُلاحظُ ظِلّه، ... خَبُوطٌ لأَيْدي اللَّامِساتِ، رَكُوضُ
والطِّرْفُ مِنَ الرِّجَالِ: الرَّغِيبُ الْعَيْنِ الَّذِي لَا يَرَى شَيْئًا إِلَّا أَحَبَّ أَن يَكُونَ لَهُ. أَبو عَمْرٍو: فُلَانٌ مَطْرُوف الْعَيْنِ بِفُلَانٍ إِذَا كَانَ لَا يَنْظُرُ إِلَّا إِلَيْهِ. واسْتَطْرَفَتِ الإِبلُ المَرْتَع: اختارتْه، وَقِيلَ: اسْتأْنَفَتْه. وَنَاقَةٌ طَرِفَةٌ ومِطْرَافٌ: لَا تَكاد تَرْعى حَتَّى تَسْتَطْرِفَ. الأَصمعي: المِطْرَافُ الَّتِي لَا تَرْعى مَرْعًى حَتَّى تَسْتَطْرِفَ غيرَه. الأَصمعي: نَاقَةٌ طَرِفَةٌ إِذَا كَانَتْ تُطْرِفُ الرِّياضَ رَوْضةً بَعْدَ رَوْضةٍ؛ وأَنشد:
إِذَا طَرِفَتْ فِي مَرْتَعٍ بَكَراتُها، ... أَو اسْتَأْخَرَتْ عَنْهَا الثِّقالُ القَناعِسُ
وَيُرْوَى: إِذَا أَطْرَفَتْ. والطَّرَفُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ طَرِفَتِ النَّاقَةُ، بِالْكَسْرِ، إِذَا تَطَرَّفَت أَي رَعَتْ أَطرافَ الْمَرْعَى وَلَمْ تَخْتَلِطْ بِالنُّوقِ. وَنَاقَةٌ طَرِفَة: لَا تَثْبُتُ عَلَى مَرْعًى وَاحِدٍ. وسِباعٌ طَوَارِفُ: سوالِبُ. والطَّرِيفُ فِي النَّسَبِ: الْكَثِيرُ الْآبَاءِ إِلَى الْجَدِّ الأَكبر. ابْنُ سِيدَهْ: رَجُلٌ طَرِفٌ وطَرِيف كَثِيرَ الْآبَاءِ إِلَى الْجَدِّ الأَكبر لَيْسَ بِذِي قُعْدُدٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: نَقِيضُ القُعدد، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ الْآبَاءِ فِي الشَّرَفِ، وَالْجَمْعُ طُرُفٌ وطُرَفٌ وطُرّافٌ؛ الأَخيران شَاذَّانِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي الكثير الآباء في الشرَف للأَعشى:
أَمِرُونَ ولَّادُونَ كلَّ مُبارَكٍ، ... طَرِفُونَ لَا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ
وَقَدْ طَرُفَ، بِالضَّمِّ، طَرَافةً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ يُمْدَحُ بِهِ. والإِطْرَافُ: كَثْرَةُ الْآبَاءِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَطْرَفُهم أَي أَبْعَدُهم مِنَ الْجَدِّ الأَكبر. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والطُّرْفَى فِي النَّسَبِ مأْخوذ مِنَ الطَّرَفِ، وَهُوَ البُعْدُ، والقُعْدى أَقرب نَسَبًا إِلَى الْجَدِّ مِنَ الطُّرفَى، قَالَ: وصحَّفه ابْنُ ولَّاد فَقَالَ: الطُّرْقَى، بِالْقَافِ. والطَرَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّاحِيَةُ مِنَ النواحي والطائفة من الشي، وَالْجَمْعُ أَطْرَاف. وَفِي حَدِيثِ عَذَابِ الْقَبْرِ:
كَانَ لَا يَتَطَرَّفُ مِنَ البَوْلِ
أَي لَا يَتباعَدُ؛ مِنَ الطَرَف: النَّاحِيَةُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ
؛ يَعْنِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فأَحدُ طَرَفَي النَّهَارِ(9/216)
صَلَاةُ الصُّبْحِ والطَّرَفُ الْآخَرُ فِيهِ صَلَاتَا العَشِيِّ، وَهُمَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَقَوْلُهُ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ يَعْنِي صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ
؛ أَراد وَسَبِّحْ أَطراف النَّهَارِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَطْرَافُ النَّهَارِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: أَطْرَاف النَّهَارِ سَاعَاتُهُ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: أَراد طَرَفَيْهِ فَجَمَعَ. وَيُقَالُ: طَرَّفَ الرجلُ حَوْلَ الْعَسْكَرِ وَحَوْلَ الْقَوْمِ، يُقَالُ: طَرَّفَ فُلَانٌ إِذَا قَاتَلَ حَوْلَ الْعَسْكَرِ لأَنه يَحْمِلُ عَلَى طَرَف مِنْهُمْ فيردُّهم إِلَى الجُمْهور. ابْنُ سِيدَهْ: وطَرَّفَ حَوْلَ الْقَوْمِ قاتَل عَلَى أَقصاهم وَنَاحِيَتِهِمْ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ مُطَرِّفاً. وتَطَرَّفَ عَلَيْهِمْ: أَغار، وَقِيلَ: المُطَرِّف الَّذِي يأْتي أَوائل الْخَيْلِ فيردُّها عَلَى آخِرِهَا، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي يُقاتِل أَطراف النَّاسِ؛ وَقَالَ ساعِدةُ الْهُذَلِيُّ:
مُطَرِّف وَسْطَ أُولى الخَيْلِ مُعْتَكِر، ... كالفَحْلِ قَرْقَرَ وَسْطَ الهَجْمةِ القَطِم
وَقَالَ المفضَّل: التَّطْرِيفُ أَن يَرُدَّ الرَّجُلُ عَنْ أُخْريات أَصحابه. وَيُقَالُ: طَرَّفَ عَنَّا هَذَا الفارسُ؛ وَقَالَ مُتَمِّمٌ:
وَقَدْ عَلِمَتْ أُولى المغِيرة أَنَّنا ... نُطَرِّفُ خَلْفَ المُوقصاتِ السَّوابقا
وَقَالَ شَمِرٌ: أَعْرِفُ طَرَفَه إِذَا طَرَدَه. ابْنُ سِيدَهْ: وطَرَفُ كل شي مُنتهاه، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَالطَّائِفَةُ مِنْهُ طَرَفٌ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: عَلَيْكُمْ بالتَّلْبِينةِ، وَكَانَ إِذَا اشْتكى أَحدُهم لَمْ تُنْزَلِ البُرمة حَتَّى يأْتي عَلَى أَحد طَرَفَيْه
أَي حَتَّى يُفِيق مِنْ عِلَّتِه أَو يَمُوتَ، وَإِنَّمَا جَعَل هَذَيْنِ طَرَفَيْهِ لأَنهما مُنْتَهَى أَمر الْعَلِيلِ فِي عِلَّتِهِ فَهُمَا طَرَفَاه أَي جَانِبَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَسماء بِنْتِ أَبي بَكْرٍ: قَالَتْ لِابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ: مَا بِي عَجَلة إِلَى الْمَوْتِ حَتَّى آخُذَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ: إِمَّا أَن تُسْتَخْلَفَ فتَقَرَّ عَيْنِي، وإمَّا أَن تُقْتَل فأَحْتَسِبَك.
وتَطَرَّفَ الشيءُ: صَارَ طَرَفاً. وشاةٌ مُطَرَّفَةٌ: بَيْضَاءُ أَطرافِ الأُذنين وَسَائِرُهَا أَسود، أَو سَوْداؤها وَسَائِرُهَا أَبيض. وَفَرَسٌ مُطَرَّف: خالَفَ لونُ رأْسِه وَذَنَبِهِ سَائِرَ لَونه. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مَنْ الْخَيْلِ أَبْلَقُ مُطَرَّف، وَهُوَ الَّذِي رأْسه أَبيض، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ ذَنَبُهُ ورأْسه أَبيضين، فَهُوَ أَبلق مُطَرَّف، وَقِيلَ: تَطْرِيفُ الأُذنين تأْلِيلُهما، وَهِيَ دِقّة أَطْرافهما. الْجَوْهَرِيُّ: المُطَرَّف مِنَ الْخَيْلِ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، هُوَ الأَبيض الرأْس وَالذَّنَبِ وَسَائِرُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَسود الرأْس وَالذَّنَبِ، قَالَ وَيُقَالُ لِلشَّاةِ إِذَا اسْوَدَّ طرفُ ذَنبها وَسَائِرُهَا أَبيض مُطرَّفة. والطَّرَفُ: الشَّواةُ، وَالْجَمْعُ أَطْرَاف. والأَطْرَافُ: الأَصابع، وَفِي التَّهْذِيبِ: اسْمُ الأَصابع، وَكِلَاهُمَا مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَلَا تُفْرَدُ الأَطْرَافُ إِلَّا بالإِضافة كَقَوْلِكَ أَشارت بِطَرَفِ إصبَعِها؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
يُبْدِينَ أَطْرَافاً لِطافاً عَنَمَهْ
قَالَ الأَزهري: جَعَلَ الأَطْرَاف بِمَعْنَى الطرَف الْوَاحِدِ وَلِذَلِكَ قَالَ عَنَمَه. وَيُقَالُ: طَرَّفَت الْجَارِيَةُ بَنانَها إِذَا خضَبت أَطْراف أَصابعها بالحِنَّاء، وَهِيَ مُطَرَّفَة، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، جُعل فِي سَرَبٍ وَهُوَ طِفْل وجُعِل رِزْقه فِي أَطْرَافِه
أَي كَانَ يَمَصُّ أَصابعه فَيَجِدُ فِيهَا مَا يُغَذِّيه. وأَطرافُ العَذارَى: عِنب أَسود طِوَالٌ كأَنه البَلُّوط يشبَّه(9/217)
بأَصابع الْعَذَارَى المُخَضَّبة لِطُولِهِ، وعُنقودُه نَحْوُ الذِّرَاعِ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ عِنَبِ الطَّائِفِ أَبيض طِوَالٌ دِقَاقٌ. وطَرَّفَ الشيءَ وتَطَرَّفَه: اخْتاره؛ قَالَ سُوَيْدُ بْنُ كُرَاعٍ العُكلِيُّ:
أُطَرِّفُ أَبكاراً كأَنَّ وُجوهَها ... وجُوهُ عَذارى، حُسِّرَتْ أَن تُقَنَّعا
وطَرَفُ القومِ: رَئِيسُهُمْ، والجمعُ كَالْجَمْعِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها
؛ قَالَ: مَعْنَاهُ موتُ عُلَمَائِهَا، وَقِيلَ: مَوْتُ أَهلها ونقصُ ثِمَارِهَا، وَقِيلَ: معناه أَوَلم يَرَوْا أَنَّا فَتَحْنَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الأَرض مَا قَدْ تبيَّن لَهُمْ، كَمَا قَالَ: أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ
؛ الأَزهري: أَطْرَافُ الأَرض نواحِيها، الْوَاحِدُ طَرَف ونَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها
أَي مِنْ نواحِيها نَاحِيَةً نَاحِيَةً، وَعَلَى هَذَا مَنْ فَسَّرَ نقْصَها مِنْ أَطرافها فُتوح الأَرضين، وأَما مَنْ جَعَلَ نَقْصَهَا مِنْ أَطرافها مَوْتَ عُلَمَائِهَا، فَهُوَ مِنْ غَيْرِ هَذَا، قَالَ: وَالتَّفْسِيرُ عَلَى الْقَوْلِ الأَوَّل. وأَطراف الرِّجَالِ: أَشرافُهم، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بِالتَّفْسِيرِ الْآخَرِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
عليهنَّ أَطرافٌ مِنَ القومِ لَمْ يكنْ ... طَعامهُمُ حَبّاً، بِزغْبةَ أَغْبَرَا
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
واسْأَلْ بِنَا وَبِكُمْ، إِذَا ورَدَتْ مِنًى، ... أَطْرَافَ كلِّ قَبِيلةٍ مَنْ يُمْنَعُ
يُرِيدُ أَشْراف كُلِّ قَبِيلَةٍ. قَالَ الأَزهري: الأَطراف بِمَعْنَى الأَشراف جَمْعُ الطَّرَفِ أَيضاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
هُمُ الطُّرُفُ البادُو العدوِّ، وأَنتُمُ ... بقُصْوَى ثلاثٍ تأْكلون الرَّقائِصا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الطُّرُفُ فِي هَذَا الْبَيْتِ بَيْتِ الأَعشى جَمْعُ طَرِيفٍ، وَهُوَ المُنْحَدِر فِي النَّسَبِ، قَالَ: وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَشرف مِنَ القُعْدُد. وَقَالَ الأَصمعي: يُقَالُ فُلَانٌ طَرِيفُ النَّسَبِ والطَّرَافَة فِيهِ بَيِّنة وَذَلِكَ إِذَا كَانَ كَثِيرَ الْآبَاءِ إِلَى الْجَدِّ الأَكبر، وَفِي الْحَدِيثِ:
فَمَالَ طَرَفٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أَي قِطعة مِنْهُمْ وَجَانِبٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا
. وكلُّ مُخْتَارٍ طَرَف، وَالْجَمْعُ أَطْرَاف؛ قَالَ:
ولمَّا قَضَيْنا مِنْ مِنًى كلَّ حاجةٍ، ... ومَسَّحَ بالأَرْكانِ منْ هُوَ ماسِحُ
أَخَذْنا بأَطْرافِ الأَحاديثِ بَينَنا، ... وسالتْ بأَعْناقِ المَطِيِّ الأَباطِحُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عنَى بأَطراف الأَحاديث مُختارها، وَهُوَ مَا يَتَعَاطَاهُ الْمُحِبُّونَ ويتَفاوَضُه ذَوُو الصَّبَابَةِ المُتَيَّمون مِنَ التَّعْرِيضِ والتَّلْوِيحِ والإِيماء دُونَ التَّصْرِيحِ، وَذَلِكَ أَحْلى وأَخفُّ وأَغْزَل وأَنسبُ مِنْ أَن يكونَ مشافَهة وكشْفاً ومُصارَحة وَجَهْرًا. وطَرَائِفُ الْحَدِيثِ: مُختاره أَيضاً كأَطرافه؛ قَالَ:
أَذْكُرُ مِن جارَتي ومَجْلِسِها ... طَرَائِفاً مِنْ حَدِيثِهَا الحَسَنِ
وَمِنْ حديثٍ يَزِيدُني مِقَةً، ... مَا لِحَدِيثِ المَوْموقِ مِنْ ثَمَنِ
أَراد يَزِيدُني مِقة لَهَا. والطَّرَفُ: اللحمُ. والطَّرَفُ: الطائفةُ مِنَ النَّاسِ. تَقُولُ: أَصَبْتُ طَرَفاً مِنَ الشَّيْءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا
؛ أَيْ طَائِفَةً. وأَطرافُ الرجلِ: أَخوالُه وأَعمامه وكلُّ قَرِيبٍ لَهُ مَحْرَمٍ. وَالْعَرَبُ(9/218)
تَقُولُ: لَا يُدْرَى أَيُّ طَرَفَيْه أَطولُ، وَمَعْنَاهُ لَا يُدْرى أَيُّ والدَيْه أَشرف؛ قَالَ: هَكَذَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَيُقَالُ: لَا يُدرى أَنَسَبُ أَبيه أَفضل أَم نسَبُ أُمّه. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا يَدرِي فُلَانٌ أَيُّ طَرَفَيْه أَطولُ أَي أَيُّ نصفَيه أَطول، أَلطَّرَفُ الأَسفل مِنَ الطَّرَف الأَعلى، فَالنِّصْفُ الأَسفلُ طَرَف، والأَعْلى طَرَف، والخَصْرُ مَا بَيْنَ مُنْقَطع الضُّلُوع إِلَى أَطراف الوَرِكَيْنِ وَذَلِكَ نِصْفُ الْبَدَنِ، والسّوْءةُ بَيْنَهُمَا، كأَنه جَاهِلٌ لَا يَدْرِي أَيُّ طَرَفَيْ نفسِه أَطولُ. ابْنُ سِيدَهْ: مَا يَدْرِي أَي طَرَفَيْه أَطول يَعْنِي بِذَلِكَ نسَبه مِنْ قِبَل أَبيه وأُمه، وَقِيلَ: طرَفاه لِسانُه وفَرجُه، وَقِيلَ: اسْتُه وفمُه لَا يَدرِي أَيُّهما أَعفُّ؛ ويُقَوِّيه قَوْلُ الرَّاجِزِ:
لَوْ لَمْ يُهَوْذِلْ طَرَفاهُ لَنَجَمْ، ... فِي صَدْرِه، مِثْلُ قَفا الكَبْشِ الأَجَمّ
يَقُولُ: لَوْلَا أَنه سَلَحَ وَقَاءَ لقامَ فِي صَدْرِه مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكل مَا هُوَ أَغْلظُ وأَضْخَمُ مِنْ قَفا الكَبْشِ الأَجَمِّ. وَفِي حَدِيثِ
طاووسٍ: أَنَّ رَجُلًا واقَعَ الشرابَ الشدِيد فَسُقِي فَضَريَ فَلَقَدْ رأْيتُه فِي النِّطَع وَمَا أَدْرِي أَيُّ طَرَفَيْه أَسْرَعُ
؛ أَراد حَلْقَه ودُبرَه أَي أَصابه القَيْء والإِسْهال فَلَمْ أَدرِ أَيهما أَسرع خُرُوجًا مِنْ كَثْرَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ
قَبِيصةَ بْنِ جَابِرٍ: مَا رأَيتُ أَقْطَعَ طَرَفاً مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
؛ يُرِيدُ أَمْضَى لِسَانًا مِنْهُ. وطَرَفَا الإِنسان: لِسَانُهُ وذَكرُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا يُدرى أَيُّ طَرَفَيْه أَطول. وَفُلَانٌ كَرِيمُ الطرَفين إِذَا كَانَ كَرِيمَ الأَبوَيْن، يُرَادُ بِهِ نسَبُ أَبيه وَنَسَبُ أُّمه؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لعَوْن بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبة بْنِ مَسْعُودٍ:
فكيفَ بأَطرافي، إِذَا مَا شَتَمْتَني، ... وَمَا بعدَ شَتْمِ الوالِدِينَ صُلُوحُ «4»
جَمَعَهُمَا أَطرافاً لأَنه أَراد أَبويه وَمَنِ اتَّصَلَ بِهِمَا مِنْ ذَوِيهِمَا، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ بأَطرافي قَالَ: أَطْرافُه أَبواه وَإِخْوَتُهُ وأَعمامه وَكُلُّ قَرِيبٍ لَهُ مَحْرَمٌ؛ الأَزهري: وَيُقَالُ فِي غَيْرِ هَذَا فُلَانٌ فَاسِدُ الطَرَفَيْن إِذَا كَانَ خَبيثَ اللِّسَانِ وَالْفَرْجِ، وَقَدْ يَكُونُ طَرَفَا الدابةِ مُقدّمَها وَمُؤَخَّرَهَا؛ قَالَ حُمَيد بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ ذِئْبًا وسُرعته:
تَرى طَرَفَيْه يَعْسِلانِ كِلاهُما، ... كَمَا اهْتَزَّ عُودُ الساسَمِ المتتابِعُ
أَبو عُبَيْدٍ: وَيُقَالُ فُلَانٌ لَا يَملِك طرَفَيه، يَعْنُونَ اسْته وَفَمَهُ، إِذَا شَرِب دَوَاءً أَو خَمْرًا فَقَاءَ وسَكِر وسَلَحَ. والأَسودُ ذُو الطَّرَفين: حَيّة لَهُ إِبْرَتَانِ إِحْدَاهُمَا فِي أَنفه والأُخرى فِي ذَنَبِهِ، يُقَالُ إِنَّهُ يَضْرِبُ بِهِمَا فَلَا يُطْني الأَرض. ابْنُ سِيدَهْ: والطَرَفَانِ فِي المَديد حَذْفُ أَلف فَاعِلَاتُنْ ونونِها؛ هَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ وَإِنَّمَا حُكْمُهُ أَن يَقُولَ: التَّطْرِيفُ حَذْفُ أَلف فَاعِلَاتُنْ وَنُونِهَا، أَو يَقُولُ الطرَفانِ الأَلف وَالنُّونُ الْمَحْذُوفَتَانِ مِنْ فَاعِلَاتُنْ. وتَطَرَّفَتِ الشمسُ: دَنَت لِلْغُرُوبِ؛ قَالَ:
دَنا وقَرْنُ الشَّمْسِ قَدْ تَطَرَّفا
والطِّرافُ: بَيْت مِنْ أَدَم لَيْسَ لَهُ كِفاء وَهُوَ مِنْ بُيُوتِ الأَعراب؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ عَمرو لِمُعَاوِيَةَ كالطِّراف المَمدود.
والطَّوَارِفُ مِنَ الخِباء: مَا رَفَعْت مِنْ نواحيه لتنظر
__________
(4) . قوله [فكيف بأطرافي إلخ] تقدم في صلح كتابته بأطراقي بالقاف والصواب ما هنا.(9/219)
إِلَى خَارِجُ، وَقِيلَ: هِيَ حِلَقٌ مُرَكَّبَةٌ فِي الرُّفوف وَفِيهَا حِبال تُشدُّ بِهَا إِلَى الأَوتاد. والمِطْرَفُ والمُطْرَفُ: وَاحِدُ المَطارِفِ وَهِيَ أَرْدِية مِنْ خَزٍّ مُرَبَّعة لَهَا أَعْلام، وَقِيلَ: ثَوْبٌ مُرَبَّعٌ مِنْ خَزٍّ لَهُ أَعلام. الْفَرَّاءُ: المِطْرَفُ مِنَ الثِّيَابِ مَا جُعِلَ فِي طَرَفَيْه عَلمانِ، والأَصل مُطرَف، بِالضَّمِّ، فَكَسَرُوا الْمِيمَ لِيَكُونَ أَخف كَمَا قَالُوا مِغْزَل وأَصله مُغْزَل مِنْ أُغْزِلَ أَي أُدير، وَكَذَلِكَ المِصْحَفُ والمِجْسَد؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَصله الضَّمُّ لأَنه فِي الْمَعْنَى مأْخوذ مَنْ أُطرِفَ أَي جُعل فِي طرَفه العَلَمان، وَلَكِنَّهُمُ اسْتَثْقَلوا الضَّمَّةَ فَكَسَرُوهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيت عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مِطْرَفَ خزٍّ
؛ هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا، الثَّوْبُ الَّذِي فِي طَرَفَيْهِ عَلَمَانِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لِآخَرَ قَدِمَ مِنْ سفَر: هَلْ وَرَاءَكَ طَريفةُ خَبَرٍ تُطْرِفُناه؟ يَعْنِي خبراً جديداً، ومُغَرَّبةُ [مُغَرِّبةُ] خبَرٍ مِثْلُهُ. والطُّرْفةُ: كُلُّ شَيْءٍ استحدَثْته فأَعجبك وَهُوَ الطَّرِيفُ وَمَا كَانَ طَريفاً، وَلَقَدْ طَرُفَ يَطْرُفُ. والطَّرِيفَةُ: ضَرب مِنَ الكلإِ، وَقِيلَ: هُوَ النَّصِيُّ إِذَا يَبِسَ وابْيَضَّ، وَقِيلَ: الطَّرِيفَةُ الصِّلِّيانُ وَجَمِيعُ أَنواعهما إِذَا اعْتَمَّا وتَمَّا، وَقِيلَ: الطَّرِيفَة مِنَ النَّبَاتِ أَوَّل شَيْءٍ يَسْتَطرِفه المالُ فَيَرْعَاهُ، كَائِنًا مَا كَانَ، وَسُمِّيَتْ طَرِيفَةً لأَن المالَ يَطَّرِفُه إِذَا لَمْ يَجِدْ بَقْلًا. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَرَمِهَا وطَرافَتِها واسْتطراف الْمَالِ إِيَّاهَا. وأُطْرِفَتِ الأَرضُ: كَثُرَتْ طَرِيفَتُهَا. وأَرض مَطْرُوفَة: كَثِيرَةُ الطَّرِيفَةِ. وَإِبِلٌ طَرِفَةٌ: تَحاتَّتْ مَقادِمُ أَفواهِها من الكِبَر، وَرَجُلٌ طَرِيفٌ بَيِّنُ الطَّرافة: ماضٍ هَشٌّ. والطَّرَفُ: اسْمٌ يُجْمع الطَّرْفَاء وَقَلَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْكَلَامِ إِلَّا فِي الشِّعْرِ، وَالْوَاحِدَةُ طَرَفةٌ، وَقِيَاسُهُ قَصَبة وقصَب وقَصْباء وَشَجَرَةٌ وَشَجَرٌ وشَجْراء. ابْنُ سِيدَهْ: والطَرَفةُ شَجَرَةٌ وَهِيَ الطَّرَفُ، والطَّرْفَاء جماعةُ الطَّرَفَةِ شجرٌ، وَبِهَا سُمِّيَ طَرَفَةُ بْنُ العَبْد، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الطَّرْفاء وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، والطَّرْفَاء اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: وَاحِدَتُهَا طَرْفَاءَة. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: مَنْ قَالَ طَرْفَاء فَالْهَمْزَةُ عِنْدَهُ لِلتَّأْنِيثِ، وَمَنْ قَالَ طَرْفَاءَة فَالتَّاءُ عِنْدَهُ للتأْنيث، وأَما الْهَمْزَةُ عَلَى قَوْلِهِ فَزَائِدَةٌ لِغَيْرِ التأْنيث قَالَ: وأَقوى الْقَوْلَيْنِ فِيهَا أَن تَكُونَ هَمْزَةً مُرْتَجَلَةً غَيْرَ مُنْقَلِبَةٍ، لأَنها إِذَا كَانَتْ مُنْقَلِبَةً فِي هَذَا الْمِثَالِ فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ عَنْ أَلف التأْنيث لَا غَيْرَ نَحْوَ صَحْراء وصَلْفاء وخَبْراء والخِرْشاء، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ عَنْ حَرْفِ عِلَّةٍ لِغَيْرِ الإِلحاق فَتَكُونُ فِي الأَلف لَا فِي الإِلحاق كأَلف عِلباء وحِرْباء، قَالَ: وَهَذَا مِمَّا يؤكِّد عِنْدَكَ حالَ الْهَاءِ، أَلا تَرَى أَنها إِذَا أَلحَقت اعتَقَدت فِيمَا قَبْلَهَا حُكماً مَا فَإِذَا لَمْ تُلْحِقْ جَازَ الْحُكْمُ إِلَى غَيْرِهِ؟ والطَّرْفَاء أَيضاً: مَنْبِتُها، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الطَّرْفَاء مِنَ العِضاه وهُدْبُه مِثْلُ هُدْبِ الأَثْلِ، وَلَيْسَ لَهُ خَشَبٌ وَإِنَّمَا يُخرج عِصِيّاً سَمْحة فِي السَّمَاءِ، وَقَدْ تَتَحَمَّضُ بِهَا الإِبل إِذَا لَمْ تَجِدْ حَمْضاً غَيْرَهُ؛ قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الطَّرْفَاء مِنَ الحَمْض، قَالَ وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ طَرَفَة. والطَّرْفُ مِنْ مَنازِل الْقَمَرِ: كَوْكَبَانِ يَقْدُمانِ الجَبهةَ وَهُمَا عَينا الأَسد يَنْزِلُهُمَا الْقَمَرُ. وَبَنُو طَرَفٍ: قَوْمٌ مِنَ الْيَمَنِ. وطَارِفٌ وطَرِيفٌ وطُرَيْفٌ وطَرَفَةُ ومُطَرِّفٌ: أَسماء. وطُرَيْف: مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ الطُّرَيْفاتُ؛ قَالَ:
رَعَتْ سُميراء إِلَى إرْمامِها، ... إِلَى الطُّرَيْفات، إِلَى أَهْضامِها(9/220)
وَكَانَ يُقَالُ لَبَنِي عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّرَفاتُ قُتِلوا بِصِفِّينَ، أَسماؤهم: طَرِيفٌ وطَرَفةُ ومُطَرِّفٌ.
طرخف: الطِّرْخِفُ: مَا رَقَّ مِنَ الزُّبْد وَسَالَ، وَهُوَ الرَّخْفُ أَيضاً، وَزَادَ أَبو حَاتِمٍ: هُوَ شَرّ الزُّبْدِ. والرَّخْفُ كأَنه سَلْح طَائِرٍ.
طرهف: المُطْرَهِفُّ: الحسَن التامُّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تُحِبُّ مِنا مُطْرَهِفّاً فَوْهَدا، ... عِجْزة شَيْخَينِ غُلاماً أَمْرَدا
طعسف: طَعْسَفَ: ذَهَبَ فِي الأَرض، وَقِيلَ: الطَّعْسَفَة الخَبْطُ بِالْقَدَمِ. الأَزهري: الطَّعْسَفَة لُغَةٌ مَرْغُوبٌ عَنْهَا. يُقَالُ: مَرَّ يُطَعْسِفُ فِي الأَرض أَي مَرَّ يَخْبِطُها.
طفف: طَفَّ الشيءُ يَطِفُّ طَفّاً وأَطَفَّ واسْتَطَفَّ: دَنا وتَهيَّأً وأَمكن، وَقِيلَ: أَشرف وَبَدَا لِيُؤْخَذَ، والمَعْنيانِ مُتجاوران، تَقُولُ الْعَرَبَ: خُذْ مَا طفَّ لَكَ وأَطفَّ واستَطَفَّ أَي مَا أَشرف لَكَ، وَقِيلَ: مَا ارْتَفَعَ لَكَ وأَمكن، وَقِيلَ: مَا دَنَا وقرُب، وَمِثْلُهُ: خُذْ مَا دَقَّ لَكَ واسْتَدقَّ أَي مَا تهيَّأَ. قَالَ الْكِسَائِيُّ فِي بَابِ قَنَاعَةِ الرَّجُلِ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ: يُحْكَى عَنْهُمْ خُذْ مَا طَفَّ لَكَ ودَعْ مَا استطفَّ لَكَ أَي ارْضَ بِمَا أَمكنك مِنْهُ. اللَّيْثُ: أَطَفَّ فُلَانٌ لِفُلَانٍ إِذَا طَبَنَ لَهُ وأَراد خَتْله؛ وأَنشد:
أَطَفَّ لَهَا شَثْنُ البَنان جُنادِف
قَالَ: واسْتطَفَّ لَنَا شَيْءٌ أَي بَدَا لَنَا لِنَأْخُذَهُ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ يَصِفُ ظَلِيمًا:
يَظَلُّ فِي الحَنْظَلِ الخُطْبانِ يَنْقُفُه ... وَمَا اسْتَطَفَّ مِن التَّنُّومِ مَحْذُومُ
وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه أَنشد بَيْتَ عَلْقَمَةَ قَالَ: الظَّلِيمُ يَنْقُف رأْس الْحَنْظَلَةِ لِيَسْتَخْرِجَ هَبيدَه ويَهْتَبِده
، وهبيدُه شَحمُه، ثُمَّ قَالَ: وَالْهَبِيدُ شَحْمُ الْحَنْظَلِ يُسْتَخْرَجُ ثُمَّ يُجْعَلُ فِي الْمَاءِ وَيُتْرَكُ فِيهِ أَياماً، ثُمَّ يُضرب ضَرْباً شَدِيدًا ثُمَّ يُخْرَجُ وَقَدْ نقَصَت مَرَارَتُهُ، ثُمَّ يُشَرَّر فِي الشَّمْسِ ثُمَّ يُطْحَنُ وَيَسْتَخْرَجُ دُهنه فيُتداوى به؛ وأَنشد:
خذي جَجَرَيْك فادَّقي هَبيدا، ... كِلا كلْبَيْكِ أَعْيَا أَن يَصِيدا
وأَطَفَّه هُوَ: مَكَّنه. وَيُقَالُ: أَطَفَّ لأَنفِه المُوسَى فَصَبَرَ أَي أَدناه مِنْهُ فَقَطَعَهُ. والطَّفُّ: مَا أَشْرَفَ مِنْ أَرض الْعَرَبِ عَلَى رِيف الْعِرَاقِ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. وطفُّ الْفُرَاتِ: شَطُّه، سُمِّيَ بِذَلِكَ لدُنُوِّه؛ قَالَ شُبْرمة بْنُ الطُّفَيْل:
كأَنَّ أَبارِيقَ المُدامِ عليهِمُ ... إوَزٌّ، بأَعْلى الطَّفِّ، عُوجُ الحَناجِرِ
وَقِيلَ: الطَّفُّ سَاحِلُ الْبَحْرِ وفِناء الدَّارِ. والطَّفُّ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِنَاحِيَةِ الْكُوفَةِ. وَفِي حَدِيثِ
مَقْتل الْحُسَيْنِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنه يُقتل بالطَّفِ
، سُمِّيَ بِهِ لأَنه طرَفُ الْبَرِّ مِمَّا يَلِي الفُرات وَكَانَتْ تَجْرِي يَوْمَئِذٍ قَرِيبًا مِنْهُ. والطَّفُّ: سَفْحُ الجبَل أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ عَرْضِ نَفْسِهِ عَلَى الْقَبَائِلِ:
أَما أَحدهما فطُفُوفُ الْبَرِّ وأَرض الْعَرَبِ
؛ الطُّفُوف: جَمْعُ طَفٍّ، وَهُوَ سَاحِلُ الْبَحْرِ وَجَانِبُ الْبَرِّ. وأَطَفَّ لَهُ بِحَجَرٍ: رَفَعَه ليرميَه. وطَفَّ لَهُ بِحَجَرٍ: أَهوى إِلَيْهِ لِيَرْمِيَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الطُّفَافُ والطُّفَافَة، بِالضَّمِّ، مَا فَوْقَ الْمِكْيَالِ. وطَفُّ المَكُّوكِ وطَفَفُه وطَفَافُه وطِفَافُه مِثْلُ(9/221)
جَمامِ المَكُّوكِ وجِمامِه، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: مَا مَلأَ أَصْباره، وَفِي الْمُحْكَمِ: مَا بَقِيَ فِيهِ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَى رأْسه فِي بَابِ فَعالٍ وفِعال، وَقِيلَ: هُوَ مِلْؤه، وَكَذَلِكَ كلُّ إِنَاءٍ، وَقِيلَ: طفافُ الإِناء أَعْلاه. والتَّطْفِيفُ: أَن يُؤْخَذَ أَعلاه وَلَا يُتَمَّ كيلُه، فَهُوَ طَفَّانُ. وَفِي حَدِيثِ
حُذيفة: أَنه اسْتسقى دِهْقاناً فأَتاه بِقدَحِ فِضّة فَحَذَفَهُ بِهِ، فنَكَّس الدِّهْقانُ وطَفَّفَه القدَحُ
أَي عَلا رأْسه وَتَعَدَّاهُ، وَتَقُولُ مِنْهُ: طَفَّفْتُه. وَإِنَاءٌ طَفَّان: بلغ المِلءُ طِفافَه [طَفافَه] ، وَقِيلَ: طَفَّان مَلآن؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَطَفَّه وطَفَّفَه: أَخذ مَا عَلَيْهِ، وَقَدْ أَطْفَفْتُه. وَيُقَالُ: هَذَا طَفُّ المِكيال وطَفَافه وطِفَافه إِذَا قارَب مِلأَه ولمَّا يُمْلأَ، وَلِهَذَا قِيلَ لِلَّذِي يُسيء الْكَيْلَ وَلَا يُوَفِّيه مُطَفِّف، يَعْنِي أَنه إِنَّمَا يَبْلُغُ بِهِ الطَّفاف. والطُّفَافَةُ: مَا قَصُرَ عَنْ مِلْءِ الإِناء مِنْ شَراب وَغَيْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّكم بَنُو آدَمَ طَفُّ الصاعِ لَمْ تَمْلَؤُوه
، وَهُوَ أَن يَقْرُبَ أَن يَمْتَلِئ فَلَا يفعلَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْمَعْنَى كلُّكم فِي الانتِساب إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي النقْص والتقاصُر عَنْ غايةِ التَّمامِ، وشَبَّههم فِي نُقْصانهم بِالْكَيْلِ الَّذِي لَمْ يبلُغ أَن يملأَ المِكيالَ، ثُمَّ أَعلمهم أَن التفاضُل لَيْسَ بِالنَّسَبِ وَلَكِنْ بالتقْوى. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
كلُّكم بَنُو آدَمَ طفُّ الصاعِ بِالصَّاعِ
أَي كُلُّكُمْ قريبٌ بعضُكم مِنْ بَعْضٍ فَلَيْسَ لأَحد فضْلٌ عَلَى أَحد إِلَّا بِالتَّقْوَى لأَنَّ طَفَّ الصَّاعِ قَرِيبٌ مِنْ مِلْئِهِ فَلَيْسَ لأَحد أَن يقرُب الإِناء مِنَ الِامْتِلَاءِ، وَيُصَدِّقُ هَذَا قَوْلُهُ: الْمُسْلِمُونَ تتكافأُ دِمَاؤُهُمْ. والتَّطْفِيفُ فِي المِكيال: أَن يقرب الإِناء من الامتلاء. يُقَالُ: هَذَا طَفُّ المِكيال وطَفافُه وطِفافه. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ إسرافيلَ:
حَتَّى كأَنه طِفافُ الأَرض
أَي قُرْبَها. وطِفافُ الليلِ وطَفافُهُ: سوادُه؛ عَنْ أَبي العَمَيْثَل الأَعرابي. والطَّفاف: سَوَادُ اللَّيْلِ؛ وأَنشد:
عِقْبان دَجْنٍ بادَرَتْ طَفافا ... صَيداً، وَقَدْ عايَنَتِ الأَسْدافا،
فَهِيَ تَضُمُّ الرِّيشَ والأَكْتافا
وطَفَّفَ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا أَعطاه أَقلَّ مِمَّا أَخذ مِنْهُ. والتَّطْفِيفُ: البَخْسُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ ونقصُ المِكيال، وهو أَن لا تملأَه إِلَى أَصْبارِه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ حِينَ ذَكَرَ أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَبَّقَ بَيْنَ الخيلِ: كنتُ فَارِسًا يَوْمَئِذٍ فسبَقْت النَّاسَ حَتَّى طَفَّفَ بِي الفرسُ مسجدَ بَنِي زُرَيْقٍ حَتَّى كَادَ يُساوي المسجدَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي أَن الْفَرَسَ وثَبَ بِي حَتَّى كَادَ يُساوي الْمَسْجِدَ. يُقَالُ: طفَّفْتُ بِفُلَانٍ موضعَ كَذَا أَي دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ وَحَاذَيْتُهُ بِهِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: إناءٌ طَفَّانُ وَهُوَ الَّذِي قَرُب أَن يَمْتَلِئَ وَيُسَاوِي أَعْلى المِكيال، وَمِنْهُ التَّطْفِيفُ فِي الْكَيْلِ. فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
، فَقِيلَ: التطفيفُ نَقْصٌ يَخُونُ بِهِ صَاحِبُهُ فِي كَيْلٍ أَو وَزْنٍ، وَقَدْ يَكُونُ النقصُ لِيَرْجِعَ إِلَى مِقْدَارِ الْحَقِّ فَلَا يُسَمَّى تَطْفِيفاً، وَلَا يُسَمَّى بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ مُطَفِّفاً عَلَى إِطْلَاقِ الصِّفَةِ حَتَّى يصيرَ إِلَى حَالٍ تَتَفَاحَشُ؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: المُطفِّفون الَّذِينَ يَنْقُصون المِكيالَ وَالْمِيزَانَ، قَالَ: وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْفَاعِلِ مُطَفِّفٌ لأَنه لَا يَكَادُ يَسْرِقُ فِي الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ إِلَّا الشَّيْءَ الخفِيفَ الطَّفِيفَ، وَإِنَّمَا أُخذ مِنْ طَفِّ الشَّيْءِ، وَهُوَ جَانِبُهُ، وَقَدْ فَسَّرَهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ، أَي يَنْقُصون. والطِّفافُ والطَّفاف: الجِمام. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِرَجُلٍ: مَا حَبَسك عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ؟ فَذَكَرَ لَهُ عُذْراً فَقَالَ عُمَرُ: طَفَّفْتَ
أَي نَقَصْتَ. والتَّطْفِيفُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْوَفَاءِ وَالنَّقْصِ.(9/222)
والطفَفُ: التَّقْتِيرُ، وَقَدْ طَفَّفَ عَلَيْهِ. والطَّفِيفُ: الْقَلِيلُ. والطَّفِيفُ: الْخَسِيسُ الدونُ الحقيرُ. وطَفَّ الحائطَ طَفّاً: عَلَاهُ. والطَّفْطَفةُ والطِّفْطِفَةُ: كُلُّ لَحْمٍ أَو جِلْدٍ، وَقِيلَ: هِيَ الخاصرةُ، وَقِيلَ: هِيَ مَا رَقَّ مِنْ طَرَفِ الْكَبِدِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَسَوْدَاءُ مِثل التُّرْسِ نازَعْتُ صُحْبَتي ... طَفاطِفَها، لَمْ نَسْتَطِعْ دونَها صَبْرا
التَّهْذِيبُ: الطَّفْطَفةُ والطِّفْطفَةُ مَعْرُوفَةٌ وَجَمْعُهَا طَفاطِفُ؛ وأَنشد:
وَتَارَةً يَنْتَهِسُ الطَّفاطِفا
قَالَ: وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَجْعَلُ كلَّ لَحْمٍ مُضْطَرِبٍ طَفْطَفة وطِفطِفة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
قَلِيلٌ لحمُها إِلَّا بَقَايَا ... طَفَاطِفِ لَحْمِ مَنْحُوضٍ مَشِيقِ
أَبو عَمْرٍو: هُوَ الطَّفْطَفَةُ والطِّفْطِفَةُ والخَوْشُ والصُّقْلُ وَالسَّوْلَا «5» والأَفَقةُ كُلُّهُ الْخَاصِرَةُ. أَبو زَيْدٍ: أَطَلَّ عَلَى مَالِهِ وأَطفَّ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ أَنه اشْتَمَلَ عَلَيْهِ فَذَهَبَ بِهِ. والطَّفطَافُ: النَّاعِمُ الرَّطْبُ مِنَ النَّبَاتِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ رِئالًا:
أَوَيْنَ إِلَى مُلاطِفةٍ خَضُودٍ، ... مآكِلُهُنَّ طَفْطَافُ الرُّبولِ
يَعْنِي فِراخَ النَّعام وأَنهنَّ يَأْوِين إِلَى أُم مُلاطِفة تُكسِّر لَهُنَّ أَطْرافَ الرُّبُول، وهي شَجَرٌ. المفضَّل: الطَّفْطَافُ وَرَقُ الغُصون؛ وأَنشد:
تَحْدُمُ طَفْطافاً مِنَ الرُّبُولِ «6»
وَقِيلَ: الطَّفْطَاف أَطراف الشجر.
طلف: ذَهَب مالُه ودمُه طَلْفاً وطَلَفاً وطَلِيفاً أَي هَدَراً بَاطِلًا؛ قَالَ الأَفْوَهُ الأَوْدِيُّ:
حَكمَ الدَّهْرُ عَلَيْنَا أَنه ... طَلَفٌ مَا نَالَ مِنَّا وجُبار
قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُهُ بِالطَّاءِ وَالظَّاءِ، وَقَدْ أُطْلِفَ. وذهَبت سِلْعتي طلَفاً أَي بِغَيْرِ ثَمَنٍ. والطَّليفُ والطَّلَفُ: المَجَّان. الأَصمعي: لَا تَذْهَب بِمَا صَنَعْت طَلَفاً وَلَا ظَلَفاً أَيْ بَاطِلًا. والطَّلِيفُ: الهَيِّنُ، وَقِيلَ: هُوَ ضِدّ الثَّمِينِ. وطَلَّف عَلَى الْخَمْسِينَ: زَادَ، وَالظَّاءُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ. والطَّلَنْفى والمُطْلَنْفي: اللَّازِقُ بالأَرض، وَقَدْ يُهْمَزَانِ؛ قَالَ غَيْلانُ الرَّبَعي:
مُطْلَنْفِئينَ عِنْدَهَا كالأَطْلا
وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: أَسْلَفْتُه كَذَا أَي أَقْرَضْته، وأَطْلَفْتُه كَذَا أَي وَهَبْتُهُ. والطَّلَفُ: الْعَطَاءُ وَالْهِبَةُ يُقَالُ: أَطْلَفَني وأَسْلفني، والسلَفُ مَا يُقْتَضى. وأَطْلَفه أَي أَهْدَرَه.
طلحف: ضرَبه ضَرْباً طَلَحْفاً وطِلَحْفاً وطِلَّحْفاً وطِلْحافاً وطِلْحِيفاً أَي شَدِيدًا. شَمِرٌ: جُوعٌ طِلَحْفٌ وطِلَّحْفٌ شديد.
طلخف: الطِّلَخْفُ والطِّلَّخْفُ والطَّلَخْفُ والطِّلْخافُ: الشَّدِيدُ مِنَ الضَّرْبِ والطعْن. وضرب
__________
(5) . قوله [والسولا] كذا بالأصل، ورُسم في شرح القاموس: بألف ممدودة.
(6) . قوله [تحدم] كذا بالأصل.(9/223)
طِلَخْف وَجُوعٌ طِلَخْف: شَدِيدٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْحَاءِ أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا اجْتَمَعَ الجُوعُ الطِّلَخْفُ وحُبُّها، ... عَلَى الرَّجُلِ المَضْعوف، كَادَ يَمُوتُ
طَنَفَ: الطنَفُ: التُّهَمةُ. وَرَجُلٌ مُطَنَّفٌ أَي مُتَّهَم. وطَنَّفه: اتَّهَمَه. وطَنَّفَ للأَمر: قَارَفَهُ. وطَنَّفَ فُلَانٌ للظِّنَّة إِذَا قارَفَ لَهَا، يُقَالُ: طَنَّفَ فُلَانٌ للأَمر فَاسْلُوهُ «1» . والطَّنِفُ: المُتَّهَم بالأَمر كأَنه عَلَى النَّسَب، وَفُلَانٌ يُطَنَّفُ بِهَذِهِ السَّرِقَةِ، وَإِنَّهُ لَطَنِفٌ بِهَذَا الأَمر أَي مُتَّهَمٌ. وَفِي حَدِيثِ
جُرَيْجٍ: كَانَتْ سُنّتُهم إِذَا تَرَهَّب الرجلُ مِنْهُمْ ثُمَّ طُنِّفَ بالفُجُور لَمْ يَقبلوا مِنْهُ إِلَّا القتلَ
، أَي اتُّهم. يُقَالُ: طَنَّفْتُه فَهُوَ مُطَنَّفٌ أَي اتَّهَمْتُه فَهُوَ مُتَّهم. والطَّنِفُ: الفاسدُ الدِّخْلةِ، طَنِفَ طَنَفاً وطَنافةً وطُنُوفةً. والطَّنَفُ والطَّنْفُ والطُّنُفُ والطُّنْفُ: مَا نَتأَ مِنَ الْجَبَلِ، وَهُوَ نَحْوٌ مِنَ الحَيْد، وَقِيلَ: هُوَ شَاخِصٌ يَخْرُجُ مِنَ الْجَبَلِ فيتقدَّم كأَنه جَناح. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَنْ هَذَا يُقَالُ طَنَّفَ فُلَانٌ جِدارَ دَارِهِ إِذَا جَعَلَ فَوْقَهُ شَجَرًا أَو شَوْكاً يَصْعُبُ تَسَلُّقُه لمُجاورة أَطراف الْعِيدَانِ المُشَوِّكةِ رأْسَه، وَقِيلَ: هُوَ بِالتَّحْرِيكِ الحَيْد مِنَ الْجَبَلِ ورأْس من رؤوسه، والمُطْنِفُ الَّذِي يَعْلُوهُ؛ قَالَ الشنفَري:
كأَنَّ حَفيفَ النَّبْلِ منْ فَوْقِ عَجْسها ... عَوازِبُ نَحْلٍ أَخْطأَ الغارَ مُطْنِفِ
والطَّنَفُ: إفْريزُ الْحَائِطِ. والطَّنَف والطُّنُفُ: السَّقِيفَةُ تُشْرَعُ فَوْقَ بَابِ الدَّارِ، وَهِيَ الكُنَّةُ وَجَمْعُهَا الكِنانُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا أَشْرَفَ خَارِجًا عَنِ الْبِنَاءِ. وطَنَّفَ حائطَه: جَعَلَ لَهُ بِرْزيناً وَهُوَ الإِفريز. ابْنُ الأَعرابي: وَيُقَالُ للجَناح يُشْرَعُ فَوْقَ بَابِ الدَّارِ طُنُفٌ أَيضاً، شُبِّهَ بِطُنُفِ الْجَبَلُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ خَلِيّة عسَل فِي طَنْفِ الْجَبَلِ:
فَمَا ضَرَبٌ بَيْضاء يأْوي مَليكُها ... إِلَى طُنُفٍ أَعْيا بِراقٍ ونازِلِ
الطُّنُف: حَيْد يَنْدُر من الجبل قَدْ أَعْيا بِمَنْ يَرْقى ومَن يَنْزِلُ. والطُّنُفُ: السُّيُور؛ قَالَ الأَفْوَه الأَوْدِيّ:
سُود غَدائِرُها، بُلْج مَحاجِرُها، ... كأَنَّ أَطْرافَها، لمَّا اجْتَلى، الطُّنُفُ
والطَّنَفُ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ رِوَايَةُ أَبي عُبيد وَيُرْوَى: كأَنَّ أَطرافها فِي الْجِلْوَةِ؛ وَقِيلَ: الطَّنْفُ الْجُلُودُ الحُمْر الَّتِي تَكُونُ عَلَى الأَسفاط، وَقِيلَ: الطَّنْفُ شَجَّرٌ أَحمر يُشْبِهُ العَنَمَ.
طهف: الطَّهْفُ: نَبْتٌ يُشْبِه الدُّخْنَ إِلَّا أَنه أَرَقّ مِنْهُ وأَلطف. وَالطُّهْفُ: طَعَامٌ يُخْتبز مِنَ الذَّرَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ لَهُ طَعْم يُجْنى وَيُخْتَبَزُ فِي المَحْل، وَاحِدَتُهُ طُهْفَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الطَّهْفُ الذَّرَّةُ وَهِيَ شَجَرَةٌ كأَنها الطَّريفةُ لَا تَنْبُت إِلَّا فِي السَّهْلِ وشِعاب الْجِبَالِ. وَالطَّهْفُ، بِسُكُونِ الْهَاءِ: عُشبة حِجَازِيَّةٌ ذَاتُ غِصَنة وَوَرَقٌ كأَنه وَرَقُ القصَب ومَنْبِتُها الصحْراء وَمُتُونُ الأَرض، وَثَمَرَتُهَا حَبّ فِي أَكمام حَمْراء تُخْتَبز وتُؤكل نَحْوُ القَتِّ. وَفِي الأَرض طِهْفة مِنْ كلإٍ: لِلشَّيْءِ الرَّقِيقِ مِنْهُ. والطَّهْفة: أَعالي الصِّلِّيان. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذَا حَسُن أَعالي النَّبْتُ وَلَمْ يَكُنْ بأَثِّ الأَسافِل فَتِلْكَ الطَّهْفة. وأَطْهَفَ الصِّلِّيانُ: نَبت نَباتاً حسَناً. ابن بري:
__________
(1) . قوله [فاسلوه] كذا بالأصل.(9/224)
الطَّهْفَةُ التِّبْنةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَعَمْرُ أَبيكَ، ما مالي بنَخْلٍ، ... وَلَا طَهْفٍ يَطِيرُ بِهِ الغُبارُ
والطَّهَف، بِفَتْحِ الْهَاءِ: الحِرْز. والطَّهافُ: السَّحَابُ الْمُرْتَفِعُ. والطُّهافة، بِالضَّمِّ: الذُّؤابة. والطَّهْفُ وطَهَفٌ وطِهِفٌ: أَسماء.
طوف: طافَ بِهِ الخَيالُ طَوْفاً: أَلَمَّ بِهِ فِي النَّوْمِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي طَيْفٍ أَيضاً لأَن الأَصمعي يَقُولُ طَافَ الْخَيَالُ يَطيف طَيْفاً، وَغَيْرُهُ يَطوف. وَطَافَ بِالْقَوْمِ وَعَلَيْهِمْ طَوْفاً وطَوَفَاناً ومَطافاً وأَطَافَ: اسْتدار وَجَاءَ مِنْ نواحِيه. وأَطَاف فُلَانٌ بالأَمر إِذَا أَحاط بِهِ، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ يُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ
. وَقِيلَ: طافَ بِهِ حامَ حَوْله. وأَطَافَ بِهِ وَعَلَيْهِ: طَرَقَه لَيْلًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ
. وَيُقَالُ أَيضاً: طَافَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ
قَالَ: لَا يَكُونُ الطَّائِف إِلَّا لَيْلًا وَلَا يَكُونُ نَهَارًا، وَقَدْ تَتَكَلَّمُ بِهِ الْعَرَبُ فَيَقُولُونَ أَطَفتُ بِهِ نَهَارًا وَلَيْسَ موضعُه بِالنَّهَارِ، وَلَكِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ لَوْ تُرِك القَطَا لَيْلًا لَنَامَ لأَنَّ القَطا لَا يَسْري لَيْلًا؛ وأَنشد أَبو الجَرّاح:
أَطَفْتُ بِهَا نَهَارًا غَيْرَ لَيْلٍ، ... وأَلْهَى رَبَّها طَلبُ الرِّجالِ
وطَافَ بِالنِّسَاءِ لَا غَيْرُ. وطَافَ حَوْلَ الشَّيْءِ يَطُوفُ طَوْفاً وطَوَفَاناً وتَطَوَّفَ واسْتَطَافَ كلُّه بِمَعْنًى. وَرَجُلٌ طَافٌ: كَثِيرُ الطَّواف. وتَطَوَّفَ الرجلُ أَي طافَ، وطَوَّفَ أَي أَكثر الطَّوافَ، وطَافَ بِالْبَيْتِ وأَطَافَ عَلَيْهِ: دارَ حَوْله؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
تُطِيفُ عَلَيْهِ الطَّيرُ، وَهُوَ مُلَحَّبٌ، ... خِلافَ البُيوتِ عِنْدَ مُحْتَملِ الصُّرْم
وَقَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ، هُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَن الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النحْر فَرْض. واسْتَطافَه: طافَ بِهِ. وَيُقَالُ: طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافاً واطَّوَّفَ اطِّوَّافاً، والأَصل تَطَوَّفَ تَطَوُّفاً وطَافَ طَوْفاً وطَوَفَاناً. والمَطَافُ: موضِعُ المَطافِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ الطَّوَاف بِالْبَيْتِ، وَهُوَ الدَّوران حَوْلَهُ، تَقُولُ: طُفْتُ أَطُوفُ طَوْفاً وطَوَافاً، وَالْجَمْعُ الأَطْوَاف. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتِ المرأَةُ تَطُوف بِالْبَيْتِ وَهِيَ عُرْيانةٌ تَقُولُ: مَنْ يُعِيرُني تَطْوافاً؟ تَجْعَلُهُ عَلَى فَرجها.
قَالَ: هَذَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي ذَا تَطْوافٍ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ التَّاءِ، قَالَ: وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يُطافُ بِهِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا. والطَّائِفُ: مَدِينَةٌ بالغَوْرِ، يُقَالُ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ طَائِفاً لِلْحَائِطِ الَّذِي كَانُوا بنَوْا حَوْلها فِي الْجَاهِلِيَّةِ المُحْدِق بِهَا الَّذِي حَصَّنُوها بِهِ. والطَّائِفُ: بِلَادُ ثَقِيفَ. والطَّائِفيّ: زَبِيبٌ عَناقِيدُه مُتراصِفةُ الْحَبِّ كأَنه مَنْسُوبٌ إِلَى الطَّائِف. وأَصابه طَوْفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وطَائِفٌ وطَيِّف وطَيْفٌ، الأَخيرة عَلَى التَّخْفِيفِ، أَي مَسٌّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ
، وطَيْفٌ؛ وَقَالَ الأَعشى:
وتُصْبِحُ عَنْ غِبِّ السُّرى، وكأَنما ... أَطَافَ بِهَا مِنْ طَائِفِ الجِنّ أَوْلَقُ
قَالَ الْفَرَّاءُ: الطَّائِفُ والطَّيْف سَوَاءٌ، وَهُوَ مَا كَانَ كالخَيال وَالشَّيْءُ يُلِمّ بِكَ؛ قَالَ أَبو الْعِيَالِ الهُذلي:(9/225)
ومَنَحْتَني جَدَّاء، حينَ مَنَحْتَني، ... فَإِذَا بِهَا، وأَبيكَ، طَيْفُ جُنُونِ
وأَطَافَ بِهِ أَي أَلمّ بِهِ وقارَبه؛ قَالَ بِشْر:
أَبُو صِبْيةٍ شُعْثٍ يُطِيفُ بشَخْصه ... كَوالِحُ، أَمْثال اليعاسِيب، ضُمَّرُ
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ
قَالَ: الغَضَبُ
، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيضاً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الطَّيْفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الجُنُون، رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَحمر، قَالَ: وَقِيلَ لِلْغَضَبِ طيفٌ لأَن عَقْلَ مَنِ اسْتَفزَّه الغضبُ يَعْزُب حَتَّى يَصِيرَ فِي صُورَةِ المَجْنون الَّذِي زَالَ عَقْلُهُ، قَالَ: وَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ إِذَا أَحسَّ مِنْ نَفْسِهِ إِفْرَاطًا فِي الْغَضَبِ أَن يَذْكُرَ غضَب اللَّهِ عَلَى المُسْرِفين، فَلَا يَقْدَم عَلَى مَا يُوبِقُه ويَسأَل اللَّهَ تَوْفِيقَه لِلْقَصْدِ فِي جَمِيعِ الأَحوال إِنَّهُ المُوَفِّق لَهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ كُلُّ شَيْءٍ يَغْشَى الْبَصَرَ مِنْ وَسْواس الشَّيْطَانِ، فَهُوَ طَيْفٌ، وَسَنَذْكُرُ عَامَّةً ذَلِكَ فِي طَيَفَ لأَن الْكَلِمَةَ يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ. وَطَافَ فِي الْبِلَادِ طَوْفاً وتَطْوَافاً وطَوَّفَ: سَارَ فِيهَا. والطَّائِفُ: العاسُّ بِاللَّيْلِ. والطَّائِفُ: العَسَسُ. والطَّوَّافُون: الخَدَم والمَمالِيك. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ
، قَالَ: هَذَا كَقَوْلِكَ فِي الْكَلَامِ إِنَّمَا هُمْ خَدَمُكم وطَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ، قَالَ: فَلَوْ كَانَ نَصْبًا كَانَ صَوَابًا مَخْرَجُه مِنْ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الطَّائِفُ هُوَ الخادمُ الَّذِي يخدُمك برفْق وَعِنَايَةٍ، وَجَمْعُهُ الطَّوَّافُونَ.
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فِي الهِرَّةِ: إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافَاتِ فِي الْبَيْتِ
أَي مِنْ خَدَمِ الْبَيْتِ، وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ:
إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ والطَّوَّافَاتِ
، والطَّوَّاف فَعَّال، شَبَّهَهَا بِالْخَادِمِ الَّذِي يَطُوف عَلَى مَوْلاه وَيَدُورُ حولَه أَخذاً من قوله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ
، وَلَمَّا كَانَ فِيهِمْ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ قَالَ:
الطَّوَّافِين والطَّوَّافَاتِ
، قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
لَقَدْ طَوَّفْتُمَا بِي اللَّيْلَةَ.
يُقَالُ: طَوَّفَ تَطْوِيفاً وتَطْوَافاً. والطَّائِفَةُ مِنَ الشَّيْءِ: جُزْءٌ مِنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
؛ قَالَ مُجَاهِدٌ: الطَّائِفَةُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ إِلَى الأَلف، وَقِيلَ: الرَّجُلُ الْوَاحِدُ فَمَا فَوْقَهُ،
وَرُوِيَ عَنْهُ أَيضاً أَنه قَالَ: أَقَلُّه رَجُلٌ
، وَقَالَ عَطَاءٌ: أَقله رَجُلَانِ. يُقَالُ: طَائِفَة مِنَ النَّاسِ وطَائِفَة مِنَ اللَّيْلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تزالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمتي عَلَى الْحَقِّ
؛ الطَّائِفَةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ وَتَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ كأَنه أَراد نَفْسًا طَائِفَةً؛ وَسُئِلَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَنْهُ فَقَالَ: الطَّائِفَةُ دُونَ الأَلف وسَيبْلُغ هَذَا الأَمرُ إِلَى أَن يَكُونَ عَدَدَ الْمُتَمَسِّكِينَ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَصحابه أَلفاً يُسَلِّي بِذَلِكَ أَن لَا يُعْجِبهم كثرةُ أَهل الْبَاطِلِ. وَفِي حَدِيثِ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْن وغُلامه الآبِقِ: لأَقْطَعَنَّ مِنْهُ طَائِفًا
؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، أَي بَعْضَ أَطرافه، وَيُرْوَى بِالْبَاءِ وَالْقَافِ. والطَّائِفَةُ: القِطعةُ مِنَ الشَّيْءِ؛ وَقَوْلُ أَبي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ:
تَقَعُ السُّيوفُ عَلَى طَوَائِفَ مِنهمُ، ... فيُقامُ مِنهمْ مَيْلُ مَن لَمْ يُعْدَلِ
قِيلَ: عَنَى بالطَّوَائِف النواحِيَ، الأَيدِيَ والأَرجلَ. والطَّوَائِفُ مِنَ القَوْسِ: مَا دُونَ السِّيَةِ، يَعْنِي بالسِّية مَا اعْوَجَّ مِنْ رأْسها وَفِيهَا طَائِفَان، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: طَائِفُ الْقَوْسِ مَا جاوَزَ كُلْيَتَها مِنْ فَوْقٍ وأَسفل إِلَى مُنحنَى تَعْطيف القوسِ مِنْ طرَفها. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وقضَيْنا عَلَى هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ بِالْوَاوِ لِكَوْنِهَا عَيْنًا مع أَن ط وف أَكثر مِنْ ط ي ف. وطَائِفُ الْقَوْسِ:(9/226)
مَا بَيْنَ السِّيةِ والأَبْهر، وَجَمْعُهُ طَوَائِفُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
ومَصُونَةٍ دُفِعَتْ، فَلَمَّا أَدْبَرَتْ، ... دَفَعَتْ طَوَائِفُها عَلَى الأَقْيالِ
وطَافَ يَطُوفُ طَوْفاً. واطَّافَ اطِّيَافاً: تَغَوَّط وَذَهَبَ إلى البَراز. والطَّوْفُ: النَّجْوُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَتناجى اثْنَانِ عَلَى طَوْفِهما.
وَمِنْهُ:
نُهِيَ عَنْ مُتَحَدِّثَيْن عَلَى طَوْفِهما
أَي عِنْدِ الْغَائِطِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وَهُوَ يُدافع الطَّوْف مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الرِّضَاعِ الأَحمر.
يُقَالُ لأَول مَا يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ الصَّبي: عِقْيٌ فَإِذَا رَضِع فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قِيلَ: طَافَ يَطُوف طَوْفاً، وَزَادَ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: اطَّافَ يَطَّافُ اطِّيَافاً إِذَا أَلقى مَا فِي جَوْفه؛ وأَنشد:
عَشَّيْتُ جَابَانَ حَتَّى اسْتَدّ مَغْرِضُه، ... وكادَ يَنْقَدُّ إِلَّا أَنه اطَّافَا»
جَابَانُ: اسْمُ جَمَلٍ «3» . وَفِي حَدِيثِ لَقِيطٍ:
مَا يَبْسُطُ أَحدُكم يدَه إِلَّا وَقَع عَلَيْهَا قَدَحٌ مُطهِّرَةٌ مِنَ الطَّوْف والأَذى
؛ الطَّوْفُ: الْحَدَثُ مِنَ الطَّعَامِ، الْمَعْنَى مِنْ شُرْبِ تِلْكَ الشَّرْبَةِ طهُر مِنَ الْحَدَثِ والأَذى، وأَنث القَدَح لأَنه ذَهَبَ بِهَا إِلَى الشرْبة. والطَّوْفُ: قِرَبٌ يُنْفَخُ فِيهَا ويُشَدُّ بعضُها ببعْض فتُجْعل كَهَيْئَةِ سَطْحٍ فَوْقَ الْمَاءِ يُحمل عَلَيْهَا المِيرةُ والناسُ، ويُعْبَر عَلَيْهَا ويُرْكَب عَلَيْهَا فِي الْمَاءِ وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الرَّمَث، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ خَشب. والطَّوْفُ: خَشَبٌ يشدُّ وَيُرْكَبُ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ، وَالْجَمْعُ أَطْوَاف، وَصَاحِبُهُ طَوَّافٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الطَّوْفُ الَّتِي يُعْبَرُ عَلَيْهَا فِي الأَنهار الْكِبَارِ تُسَوَّى مِنَ القَصَبِ والعِيدانِ يُشدُّ بعضُها فَوْقَ بَعْضٍ ثُمَّ تُقَمَّطُ بالقُمُط حَتَّى يُؤْمنَ انْحِلالُها، ثُمَّ تُرْكَبُ ويُعبر عَلَيْهَا وَرُبَّمَا حُمل عَلَيْهَا الجَملُ عَلَى قَدْرِ قُوَّته وَثَخَانَتِهِ، وتسمَّى العامَةَ، بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ. وَيُقَالُ: أَخذه بِطُوفِ رَقَبَتِهِ وبطَافِ رَقَبَتِهِ مِثْلُ صُوف رَقَبَتِهِ. والطَّوْفُ: القِلْدُ. وطَوْفُ القصَب: قدرُ مَا يُسقاه. والطَّوف والطَّائِفُ: الثَّوْرُ الَّذِي يَدُور حَوْلَه البَقَرُ فِي الدِّياسة. والطُّوفَانُ: الْمَاءُ الَّذِي يَغْشى كُلَّ مَكَانٍ، وَقِيلَ: الْمَطَرُ الْغَالِبُ الَّذِي يُغْرِقُ مِنْ كَثْرَتِهِ، وَقِيلَ: الطُّوفَان الْمَوْتُ الْعَظِيمُ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الطُّوفَان الْمَوْتُ
، وَقِيلَ الطُّوفَان مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَا كَانَ كَثِيرًا مُحِيطاً مُطيفاً بِالْجَمَاعَةِ كُلِّهَا كالغَرَق الَّذِي يَشْتَمِلُ عَلَى الْمُدُنِ الْكَثِيرَةِ. والقتلُ الذَّرِيعُ والموتُ الجارفُ يُقَالُ لَهُ طُوفَان، وَبِذَلِكَ كُلِّهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ
؛ وَقَالَ:
غَيَّر الجِدّةَ مِنْ آيَاتِهَا ... خُرُقُ الرِّيحِ، وطُوفَانُ المَطر
وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: وذُكر الطاعونُ فَقَالَ لَا أَراه إِلَّا رِجْزاً أَو طُوفَاناً
؛ أَراد بالطُّوفَانِ البَلاء، وَقِيلَ الْمَوْتُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَالَ الأَخفش الطُّوفَانُ جَمْعُ طُوفَانَةٍ، والأَخفش ثِقة؛ قَالَ: وَإِذَا حَكَى الثِّقَةُ شَيْئًا لَزِمَ قَبُولُهُ، قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَهُوَ مِنْ طَافَ يَطُوفُ، قَالَ: والطُّوفَانُ مَصْدَرٌ مِثْلُ الرُّجْحان والنقْصان وَلَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى أَن يُطْلَبَ
__________
(2) . استدّ أي انسد.
(3) . قوله [اسم جمل] عبارة القاموس اسم رجل.(9/227)
لَهُ وَاحِدًا. وَيُقَالُ لشدَّة سَوَادِ اللَّيْلِ: طُوفَان. والطُّوفَانُ: ظَلام اللَّيْلِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى إِذَا مَا يَوْمُها تَصَبْصَبا، ... وعَمَّ طُوفَانُ الظَّلَامِ الأَثْأَبا
عَمَّ: أَلبس، والأَثأَب: شَجَرٌ شِبْهُ الطَّرْفَاءِ إِلَّا أَنه أَكبر مِنْهُ. وطَوَّفَ الناسُ والجرادُ إذا ملؤوا الأَرض كالطُّوفان؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
عَلَى مَن وَراء الرَّدْمِ لَوْ دُكَّ عنهمُ، ... لَماجُوا كَمَا ماجَ الجرادُ وطَوَّفُوا
التَّهْذِيبُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ
، قَالَ الْفَرَّاءُ: أَرسل اللَّهُ عَلَيْهِمُ السماءَ سَبْتاً فَلَمْ تُقْلِع لَيْلًا وَلَا نَهَارًا فَضَاقَتْ بِهِمُ الأَرض فسأَلوا مُوسَى أَن يُرْفع عَنْهُمْ فَرُفِع فلم يتوبوا.
طيف: طَيْفُ الْخَيَالِ: مَجِيئُهُ فِي النَّوْمِ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ:
أَلا يَا لَقَوْمِي لِطَيْفِ الخيالِ، ... أَرَّقَ مِنْ نازِحٍ ذِي دَلال
وطافَ الخَيالُ يَطِيفُ طَيْفاً ومطَافاً: أَلَمَّ فِي النَّوْمِ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
أَنَّى أَلمَّ بِكَ الخَيالُ يَطيفُ، ... ومطافُه لَكَ ذكْرةٌ وشُعُوفُ
وأَطافَ لُغَةٌ. والطَّيْفُ والطِّيفُ: الخَيالُ نفسُه؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. والطَّيْفُ: المَسّ مِنَ الشَّيْطَانِ،
وَقُرِئَ: إِذَا مَسَّهُمْ طَيْفٌ مِنَ الشيطان، وطَائِف مِنَ الشَّيْطَانِ
، وَهُمَا بِمَعْنًى؛ وَقَدْ أَطاف وتَطَيَّف. وَقَوْلُهُمْ طَيفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ كَقَوْلِهِمْ لَمَم مِنَ الشَّيْطَانِ؛ وأَنشد بَيْتَ أَبي العِيال الْهُذَلِيِّ:
فَإِذَا بِهَا وأَبيك طَيْفُ جُنونِ
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: قَدْ أَصاب هَذَا الغلامَ لَممٌ أَو طَيْفٌ مِنَ الْجِنِّ
أَي عَرضَ لَهُ عارِضٌ مِنْهُمْ، وأَصل الطَّيف الْجُنُونُ ثُمَّ استعْمل فِي الْغَضَبِ ومَسِّ الشَّيْطَانِ. يُقَالُ: طَافَ يَطِيفُ ويَطُوفُ طَيْفاً وطَوْفاً، فَهُوَ طَائِف، ثُمَّ سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ وَمِنْهُ طَيْفُ الْخَيَالِ الَّذِي يَرَاهُ النَّائِمُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَطَافَ بِي رَجُلٌ وأَنا نَائِمٌ.
والطِّيافُ: سَوادُ اللَّيْلِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
عِقْبان دَجْنٍ بادَرَت طِيَافا
فصل الظاء المعجمة
ظأف: ظَأَفَه ظَأْفاً: طَرَدَه طَرْداً مُرْهِقاً له.
ظرف: الظَّرف: البَراعةُ وَذَكَاءُ الْقَلْبِ، يُوصَف بِهِ الفِتْيانُ الأَزْوالُ والفَتَياتُ الزَّوْلاتُ وَلَا يُوصَفُ بِهِ الشَّيْخُ وَلَا السَّيِّدُ، وَقِيلَ: الظَّرْفُ حسنُ العِبارة، وَقِيلَ: حُسْنُ الْهَيْئَةِ، وَقِيلَ: الحِذْقُ بِالشَّيْءِ، وَقَدْ ظَرُفَ ظَرْفاً وَيَجُوزُ فِي الشِّعْرِ ظَرَافَة. والظَّرْفُ: مَصْدَرُ الظَّرِيف، وَقَدْ ظَرُف يَظْرُف، وَهُمُ الظُّرَفاء، وَرَجُلٌ ظَرِيفٌ مِنْ قَوْمٍ ظِرَاف وظُرُوف وظُرَاف، عَلَى التَّخْفِيفِ مِنْ قَوْمٍ ظُرَفَاء؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وظُرَّافٌ مِنْ قَوْمٍ ظُرَّافِين. وَتَقُولُ: فِتْية ظُرُوف أَي ظُرَفاء، وَهَذَا فِي الشعْر يَحسن. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كأَنهم جَمَعُوا ظَرْفاً بَعْدَ حَذْفِ الزِّيَادَةِ، قَالَ: وَزَعَمَ الْخَلِيلُ أَنه بِمَنْزِلَةِ مَذاكِير لَمْ يكسْر عَلَى ذَكَرٍ، وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ أَنَّ الْجَوْهَرِيَّ قَالَ: وَقَوْمٌ ظُرَفَاء وظِرَاف، وَقَدْ قَالُوا ظُرُفٌ، قَالَ: وَالَّذِي ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ(9/228)
ظُرُوف، قَالَ: كأَنه جَمْعُ ظَرْف. وتَظَرَّفَ فُلَانٌ أَي تكلَّف الظَّرْف؛ وامرأَة ظَرِيفَة مِنْ نِسوة ظَرَائِفَ وظِرافٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَافَقَ مُذكَّره فِي التَّكْسِيرِ يَعْنِي فِي ظِرَاف، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ اظْرُفْ إِنْ كُنْتَ ظَارِفاً، وَقَالُوا فِي الْحَالِ: إِنَّهُ لَظَرِيف. الأَصمعي وَابْنُ الأَعرابي: الظَّرِيف البَلِيغ الجَيِّد الْكَلَامِ، وَقَالَا: الظَّرْف فِي اللِّسَانِ، وَاحْتَجَّا بِقَوْلِ
عُمَرَ فِي الْحَدِيثِ: إِذَا كَانَ اللِّصُّ ظَريفاً لَمْ يُقْطع
؛ مَعْنَاهُ إِذَا كَانَ بَلِيغاً جيِّد الْكَلَامِ احْتَجَّ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يُسقط عَنْهُ الحَدَّ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا: الظَّريف الحسَنُ الْوَجْهِ وَاللِّسَانِ، يُقَالُ: لِسَانٌ ظَرِيف وَوَجْهٌ ظَرِيف، وأَجاز: مَا أَظْرَفُ زيدٍ، فِي الِاسْتِفْهَامِ: أَلسانه أَظْرَفُ أَم وَجْهُهُ؟ والظَّرْفُ فِي اللِّسَانِ البلاغةُ، وَفِي الْوَجْهِ الحُسْنُ، وَفِي الْقَلْبِ الذَّكاء. ابْنُ الأَعرابي: الظَّرْفُ فِي اللسانِ، والحَلاوةُ فِي الْعَيْنَيْنِ، والملاحةُ فِي الْفَمِ، والجمالُ فِي الأَنف. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: الظَّرِيفُ مُشْتَقٌّ مِنَ الظَّرْف، وَهُوَ الوِعاء، كأَنه جَعَلَ الظَّرِيفَ وِعَاءً للأَدَب ومَكارِم الأَخلاق. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَتَظَرَّفُ وَلَيْسَ بظَرِيف. والظَّرْف: الكِياسة. وَقَدْ ظَرُف الرجلُ، بِالضَّمِّ، ظَرَافَةً، فَهُوَ ظَرِيف. وَفِي حَدِيثِ
مَعاوية قَالَ: كَيْفَ ابنُ زِيَادٍ؟ قَالُوا: ظَريف عَلَى أَنه يَلْحَن، قَالَ: أَوليس ذَلِكَ أَظرَفَ لَهُ؟
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرين: الكلامُ أَكثرُ مِنْ أَن يَكْذِبَ ظَرِيف
أَي أَنَّ الظَّرِيف لَا تَضِيق عَلَيْهِ مَعاني الْكَلَامِ، فَهُوَ يَكْني ويُعَرِّض وَلَا يَكْذِبُ. وأَظْرَفَ بالرجل: ذكره بظَرْف. وأَظْرَفَ الرجُلُ: وُلد لَهُ أَولاد ظُرَفاء. وظَرْفُ الشَّيْءِ: وِعاؤه، وَالْجَمْعُ ظُرُوف، وَمِنْهُ ظُرُوف الأَزمنة والأَمكنة. اللَّيْثُ: الظَّرْف وِعَاءُ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِنَّ الإِبْريق ظَرْفٌ لِمَا فِيهِ. اللَّيْثُ: وَالصِّفَاتُ فِي الْكَلَامِ الَّتِي تَكُونُ مَوَاضِعَ لِغَيْرِهَا تُسَمَّى ظُرُوفاً مِنْ نَحْوِ أَمام وقدَّام وأَشباه ذَلِكَ، تَقُولُ: خَلْفَك زَيْدٌ، إِنَّمَا انْتَصَبَ لأَنه ظَرْفٌ لِمَا فِيهِ وَهُوَ مَوْضِعٌ لِغَيْرِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْخَلِيلُ يُسَمِّيهَا ظُرُوفاً، وَالْكِسَائِيُّ يُسَمِّيهَا المَحالّ، وَالْفَرَّاءُ يُسَمِّيهَا الصِّفَاتِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَقَالُوا: إِنَّكَ لَغَضِيضُ الطَّرْف نَقِيُّ الظَّرْف، يَعْنِي بالظَّرْف وِعَاءَهُ. يُقَالُ: إِنَّكَ لَسْتَ بِخَائِنٍ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَكِنَّة النَّبَاتِ كُلُّ ظَرْف فِيهِ حَبَّةٌ فجعل الظَّرْفَ للحبة.
ظلف: الظَّلْف والظِّلْف: ظفُرُ كُلِّ مَا اجْتَرَّ، وَهُوَ ظِلْف البَقرة وَالشَّاةِ والظبْي وَمَا أَشبهها، وَالْجَمْعُ أَظْلَاف. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ رِجل الإِنسان وَقَدَمُهُ، وَحَافِرُ الْفَرَسِ، وخُفّ الْبَعِيرِ وَالنَّعَامَةِ، وظِلْف الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ؛ وَاسْتَعَارَهُ الأَخطل فِي الإِنسان فَقَالَ:
إِلَى مَلِكٍ أَظْلَافه لَمْ تُشَقَّق
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اسْتُعِيرَ للإِنسان؛ قَالَ عُقْفانُ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ:
سأَمْنَعُها أَو سَوْفَ أَجْعَلُ أَمْرَها ... إِلَى مَلِكٍ، أَظْلافُه لَمْ تُشَقَّق
سَواء عَلَيْكُمْ شُؤْمُها وهِجانُها، ... وَإِنْ كَانَ فِيهَا واضِحُ اللَّوْنِ يَبْرُق
الشُّؤْمُ: السُّودُ مِنَ الإِبل، والهجانُ: بِيضُهَا؛ وَاسْتَعَارَهُ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ للأَفراس فَقَالَ:
وخَيْلٍ تَطأْكُمْ بأَظْلافِها
وَيُقَالُ: ظُلُوف ظُلَّفٌ أَي شِداد، وَهُوَ تَوْكِيدٌ لَهَا؛(9/229)
قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَإِنْ أَصابَ عَدَواء احْرَوْرَفا ... عَنْهَا، وَوَلّاها ظُلُوفاً ظُلَّفا
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
فتَطؤه بأَظْلافِها
؛ الظِّلْف لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ وَالْبَغْلِ والخُفّ لِلْبَعِيرِ، وَقَدْ يطلقُ الظِّلْف عَلَى ذَاتِ الظِّلف أَنفسها مَجَازًا. وَمِنْهُ حَدِيثُ
رُقَيْقة: تَتَابَعَتْ عَلَى قُرَيْشٍ سِنُو جَدْب أَقْحَلَت الظِّلْف
أَي ذَاتَ الظِّلف. وَرَمَيْتُ الصَّيْدَ فظَلَفْته أَي أَصبت ظِلْفه، فَهُوَ مَظْلُوف؛ وظَلَفَ الصيدَ يَظْلِفُه ظَلْفاً. وَيُقَالُ: أَصاب فُلَانٌ ظِلفه أَي مَا يُوَافِقُهُ وَيُرِيدُهُ. الْفَرَّاءُ: تَقُولُ الْعَرَبُ وجدَت الدابةُ ظِلْفَها؛ يُضرب مَثَلًا لِلَّذِي يَجِدُ مَا يُوَافِقُهُ وَيَكُونُ أَراد بِهِ مِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ لِكُلِّ دَابَّةٍ وَافَقَتْ هَواها. وبَلدٌ مِنْ ظِلْف الْغَنَمِ أَي مِمَّا يُوَافِقُهَا. وَغَنَمُ فُلَانٍ عَلَى ظِلْف وَاحِدٍ وظَلَف وَاحِدٍ أَي قَدْ ولَدت كُلُّهَا. الْفَرَّاءُ: الظَّلَفُ مِنَ الأَرض الَّذِي تَسْتَحِبّ الخيلُ العَدْوَ فِيهِ. وأَرض ظَلِفَةٌ بَيِّنَةُ الظَّلَف أَي غَلِيظَةٌ لَا تُؤَدِّي أَثراً وَلَا يَسْتَبِينُ عَلَيْهَا المَشي مِنْ لِينها. ابْنُ الأَعرابي: الظَّلَفُ مَا غلُظ مِنَ الأَرض وَاشْتَدَّ؛ وأَنشد لعَوْف بْنِ الأَحْوص:
أَلم أَظْلِفْ عَنِ الشُّعَراء عِرْضِي، ... كَمَا ظُلِفَ الوَسِيقَةُ بالكُراع؟
قَالَ: هَذَا رَجُلٌ سَلَّ إِبِلًا فأَخَذ بِهَا فِي كُراع مِنَ الأَرض لِئَلَّا تَستبين آثَارُهَا فتُتَّبع، يَقُولُ: أَلم أَمنعهم أَن يُؤَثِّرُوا فِيهَا؟ والوَسِيقَةُ: الطَّريدة، وَقَوْلُهُ ظُلِفَ أَي أُخذ بِهَا فِي ظَلَف مِنَ الأَرض كَيْ لَا يُقْتَصَّ أَثرها، وَسَارَ والإِبلَ يَحملها عَلَى أَرض صُلبة لِئَلَّا يُرى أَثرها، والكُراع مِنَ الحَرَّة: مَا اسْتَطَالَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَ الْفَرَّاءُ الظَّلَفَ مَا لَانَ مِنَ الأَرض، وَجَعَلَهُ ابْنُ الأَعرابي مَا غلُظ مِنَ الأَرض، وَالْقَوْلُ قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي: الظَّلَفُ مِنَ الأَرض مَا صَلُب فَلَمْ يُؤدّ أَثراً وَلَا وُعُوثة فِيهَا، فَيَشْتَدُّ عَلَى الْمَاشِي الْمَشْيُ فِيهَا، وَلَا رَمْلَ فَترْمَض فِيهَا النَّعَمُ، وَلَا حِجَارَةَ فَتَحْتفِي فِيهَا، وَلَكِنَّهَا صُلْبة التُّرْبَةِ لَا تُؤَدِّي أَثراً. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الظَّلِفَة الأَرض الَّتِي لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا أَثر، وَهِيَ قُفّ غَلِيظٌ، وهي الظلف؛ وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الحكَم يَصِفُ جَارِيَةً:
تَشْكو، إِذَا مَا مَشَتْ بالدِّعْصِ، أَخْمَصَها، ... كأَنّ ظَهْر النَّقا قُفٌّ لَهَا ظَلَفُ
الْفَرَّاءُ: أَرض ظَلِفٌ وظَلِفة إِذَا كَانَتْ لَا تُؤَدِّي أَثراً كأَنها تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. والأُظْلُوفَة مِنَ الأَرض: القِطْعة الحَزْنة الخَشِنة، وَهِيَ الأَظَالِيف. وَمَكَانٌ ظَلِيف: حَزْن خَشن. والظَّلْفَاء: صَفاة قَدِ اسْتَوَتْ فِي الأَرض، مَمْدُودَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: مَرَّ عَلَى رَاعٍ فَقَالَ لَهُ: عَلَيْكَ الظَّلَف مِنَ الأَرض لَا تُرَمِّضْها
؛ هُوَ، بِفَتْحِ الظَّاءِ وَاللَّامِ، الْغَلِيظُ الصُّلْبُ مِنَ الأَرض مِمَّا لَا يَبِينُ فِيهِ أَثر، وَقِيلَ: اللَّيِّن مِنْهَا مِمَّا لَا رَمْلَ فِيهِ وَلَا حِجَارَةَ، أَمره أَن يَرْعَاهَا فِي الأَرض الَّتِي هَذِهِ صِفَتُهَا لِئَلَّا تَرْمَض بحرِّ الرَّمْلِ وخُشُونة الْحِجَارَةِ فَتَتْلَفَ أَظلافها، لأَن الشَّاءَ إِذا رُعِيَت فِي الدِّهاس وحَميت الشمس عليه أَرْمَضَتها، وَالصَّيَّادُ فِي الْبَادِيَةِ يَلبَس مِسْماتَيْه وَهُمَا جَوْرَباه فِي الهاجِرة الْحَارَّةِ فيُثير الوحْش عَنْ كُنُسها، فَإِذَا مَشَتْ فِي الرّمْضاء تَسَاقَطَتْ أَظْلافُها. ابْنُ سِيدَهْ: الظَّلَفُ والظَّلِفُ مِنَ الأَرض الغَليظ الَّذِي لَا يُؤَدِّي أَثراً. وَقَدْ ظَلِفَ(9/230)
ظَلَفاً وظَلَفَ أَثره يَظْلُفُه ويَظْلِفُه ظَلْفاً وأَظْلَفَهُ إِذَا مَشَى فِي الحُزونة حَتَّى لَا يُرى أَثره فِيهَا، وأَنشد بَيْتُ عَوْفِ بْنِ الأَحوص. والظَّلَف: الشِّدَّةُ والغِلَظُ فِي المَعيشة مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: كَانَ يُصِيبنا ظَلَفُ الْعَيْشِ بِمَكَّةَ
أَي بؤسُه وشدَّته وخُشونته مِنْ ظَلَفِ الأَرضِ. وَفِي حَدِيثِ
مُصْعَبِ بْنِ عُمير: لَمَّا هَاجَرَ أَصابه ظَلَف شَدِيدٌ.
وأَرض ظَلِفَة بيِّنة الظلَف: نَاتِئَةٌ لَا تُبين أَثراً. وظَلَفَهُم يَظْلِفُهم ظلْفاً: اتَّبع أَثرهم. وَمَكَانٌ ظَلِيف: خَشِنٌ فِيهِ رَمْلٌ كَثِيرٌ. والأُظْلُوفَة: أَرض صُلْبة حَدِيدَةُ الْحِجَارَةِ عَلَى خِلقة الْجَبَلِ، وَالْجَمْعُ أَظَالِيف؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
لَمَح الصُّقُورِ عَلَتْ فَوْقَ الأَظَالِيفِ «4»
وأَظْلَفَ القومُ: وَقَعُوا فِي الظَّلَف أَو الأُظْلُوفةِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الصُّلْبُ. وشرٌّ ظَلِيف أَي شَدِيدٌ. وظَلَفَه عَنِ الأَمر يَظْلِفُه ظَلْفاً: مَنَعَهُ؛ وأَنشد بَيْتُ عَوْفِ بْنِ الأَحوص:
أَلم أَظْلِفْ عَنِ الشُّعَراءِ عِرْضي، ... كَمَا ظُلِفَ الوسيقةُ بِالْكُرَاعِ؟
وظَلَفَه ظلْفاً: مَنَعَهُ عَمَّا لَا خَيْرَ فِيهِ. وظَلَفَ نفسَه عن الشي: مَنَعَهَا عَنْ هَوَاهَا، وَرَجُلٌ ظَلِفُ النفْس وظَلِيفُها مِنْ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: ظَلَفَ نفسَه عَنِ الشَّيْءِ يَظْلِفُها ظَلفاً أَي مَنَعَهَا مِنْ أَن تَفْعَلَهُ أَو تأْتيه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَقَدْ أَظْلِفُ النفْسَ عَنْ مَطْعَمٍ، ... إِذَا مَا تهافَتَ ذِبَّانُه
وظَلِفَتْ نَفْسِي عَنْ كَذَا، بِالْكَسْرِ، تَظْلَف ظلَفاً أَي كَفّت. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: ظلَف الزُّهْدُ شَهَواتِه
أَي كفَّها وَمَنَعَهَا. وامرأَة ظَلِفَة النفْس أَي عَزِيزَةٌ عِنْدَ نَفْسِهَا. وَفِي النَّوَادِرِ: أَظْلَفتُ فُلَانًا عَنْ كَذَا وَكَذَا وظَلَّفْته وشَذَّيْته وأَشْذَيْتُه إِذَا أَبْعَدْته عَنْهُ؛ وكلُّ مَا عَسُر عَلَيْكَ مطلَبُه ظَلِيف. وَيُقَالُ: أَقامَه اللَّهُ عَلَى الظَّلَفَات أَي عَلَى الشِّدَّةِ والضِّيق؛ وَقَالَ طُفَيل:
هُنالِكَ يَرْويها ضَعِيفي وَلَمْ أُقِمْ، ... عَلَى الظَّلَفات، مُقْفَعِلَّ الأَنامِل
والظَلِيفُ: الذَّليل السيِء الْحَالِ فِي مَعِيشته، وَيُقَالُ: ذهَب بِهِ مَجّاناً وظَلِيفاً إِذَا أَخذه بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَقِيلَ: ذَهَبَ بِهِ ظَلِيفاً أَي بَاطِلًا بِغَيْرِ حَقٍّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَيأْكُلُها ابنُ وعْلةَ فِي ظَلِيفٍ، ... ويأْمَنُ هَيْثَمٌ وابْنا سِنانِ؟
أَي يأْكلها بِغَيْرِ ثَمَنٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
فقلتُ: كلُوها فِي ظَلِيفٍ، فَعَمُّكمْ ... هُوَ اليومَ أَوْلى منكمُ بالتَّكَسُّبِ
وذهَب دمُه ظَلْفاً وظَلَفاً وظَلِيفاً، بِالظَّاءِ وَالطَّاءِ جَمِيعًا، أَي هدَراً لَمْ يُثأَر بِهِ. وَقِيلَ: كلُّ هَيِّن ظَلَفٌ. وأَخَذ الشَّيْءُ بظَلِيفته «5» وظَلِفَته أَي بأَصله وَجَمِيعِهِ وَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا. والظِّلْفُ: الحاجةُ. والظِّلْف: المُتابَعةُ فِي الشيء.
__________
(4) . قوله [لمح الصقور] كذا في الأَصل بتقديم اللام وتقدم للمؤلف في مادة ملح ما نصه: مَلْحُ الصُّقُورِ تَحْتَ دَجْنٍ مُغْيِنِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ قُلْتُ لِلْأَصْمَعِيِّ: أَتَرَاهُ مَقْلُوبًا مِنَ اللَّمْحِ؟ قَالَ: لَا، إِنَّمَا يُقَالُ لَمَحَ الْكَوْكَبُ وَلَا يُقَالُ مَلَحَ فَلَوْ كَانَ مَقْلُوبًا لَجَازَ أَنْ يقال ملح.
(5) . قوله [بظليفته إلخ] كذا في الأصل مضبوطاً، وعبارة القاموس: وأخذه بظَلِيفه وظَلَفه محركة.(9/231)
اللَّيْثُ: الظَّلِفَةُ طرَفُ حِنْوِ القتَب وحِنو الإِكاف وأَشباه ذَلِكَ مِمَّا يَلِي الأَرض مِنْ جَوانبها. ابْنُ سِيدَهْ: والظَّلِفَتَان مَا سَفُلَ مِنْ حنْوي الرَّحْل، وَهُوَ مِنْ حِنْوِ القتَب مَا سَفَل عَنِ الْعَضُدِ. قَالَ: وَفِي الرَّحْلِ الظَّلِفَاتُ وَهِيَ الْخَشَبَاتُ الأَربع اللَّوَاتِي يكنَّ عَلَى جَنْبَيِ الْبَعِيرِ تُصِيبُ أَطْرافُها السُّفْلى الأَرض إِذَا وُضِعت عَلَيْهَا، وَفِي الْوَاسِطِ ظَلِفَتان، وَكَذَلِكَ فِي المؤْخِرةِ، وَهُمَا مَا سَفَلَ مِنِ الجنْوين لأَن مَا عَلَاهُمَا مِمَّا يَلِي العَراقيَ هُمَا العضُدان، وَأَمَّا الْخَشَبَاتُ الْمُطَوَّلَةُ عَلَى جَنْبَيِ الْبَعِيرِ فَهِيَ الأَحناء وَوَاحِدَتُهَا ظَلِفةٌ؛ وَشَاهِدُهُ:
كأَنَّ مَواقعَ الظَّلِفاتِ مِنْهُ ... مَواقعُ مَضْرَحِيَّاتٍ بِقارِ
يُرِيدُ أَن مَوَاقِعَ الظَّلِفاتِ مِنْ هَذَا الْبَعِيرِ قَدِ ابْيَضَّتْ كَمَوَاقِعِ ذَرْقِ النَّسر. وَفِي حَدِيثِ
بِلَالٍ: كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى ظَلِفات أَقتاب مُغَرَّزةٍ فِي الْجِدَارِ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لأَعلى الظَّلِفَتَيْنِ مِمَّا يَلِي العَراقيَ العضُدان وأَسفلهما الظَّلِفتان. وَهُمَا مَا سَفُلَ مِنَ الحِنْوين الْوَاسِطُ والمؤْخِرة. ابْنُ الأَعرابي: ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ وظَلَّفْتُ ورمَّدْتُ «1» وطلَّثْتُ ورمَّثْتُ، كُلُّ هَذَا إِذَا زِدْتَ عَلَيْهَا.
ظفف: الْكِسَائِيُّ: ظَفَفْتُ قوائَم الْبَعِيرِ وغيرِه أَظُفُّها ظَفّاً إِذَا شَدَدْتَها كلَّها وَجَمَعْتَهَا. وَفِي تَرْجَمَةِ ضَفَفَ: ماءٌ مَضْفوف إِذَا كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا يَستقي فِي النَّزَحِ المَضْفوفِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ الْمَظْفُوفِ، بِالظَّاءِ، وَقَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ مَاءً مَظْفوفاً أَي مَشْغُولًا؛ وأَنشد:
لَا يَستقي فِي النَّزَحِ المَظْفُوفِ
وَقَالَ أَيضاً: المَظْفُوف المقارَبُ بَيْنَ الْيَدَيْنِ فِي القَيْد؛ وأَنشد:
زَحْفَ الكَسِير، وَقَدْ تَهَيَّضَ عَظْمُه، ... أَو زَحْف مَظْفُوفِ الْيَدَيْنِ مُقيَّدِ
وَابْنُ فَارِسٍ ذَكَرَهُ بِالضَّادِ لَا غَيْرُ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ الليث.
ظوف: أَخذ بظُوفِ رَقَبَتِهِ وبظَافِ رَقَبَتِهِ: لُغَةٌ فِي صُوف رَقَبَتِهِ أَي بِجَمِيعِهَا أَو بِشِعْرِهَا السَّابِلِ فِي نُقرتها.
فصل العين المهملة
عتف: ابْنُ الأَعرابي: العُتُوفُ النَّتْفُ «2» . وَيُقَالُ: مَضَى عِتَفٌ مِنَ اللَّيْلِ وعِدْفٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي قِطْعَةٌ.
عترف: العِتْرِيف: الْخَبِيثُ الْفَاجِرُ الَّذِي لَا يُبَالِي مَا صَنَعَ، وَجَمْعُهُ عَتارِيف. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَرَ الْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ فَقَالَ: أَوَّهْ لفِراخِ مُحَمَّدٍ مِنْ خَلِيفةٍ يُسْتَخلَف عِتْرِيفٍ مُتْرَف، يَقْتُلُ خَلَفِي وخَلَفَ الخَلَف
؛ العِتْرِيفُ: الْغَاشِمُ الظَّالِمُ، وَقِيلَ: الدَّاهِي الْخَبِيثُ، وَقِيلَ: هُوَ قَلْبُ العِفريت الشَّيْطَانِ الْخَبِيثِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ خَلْفِي يُتأَوَّل عَلَى مَا كَانَ مِنَ يَزِيدَ ابن مُعَاوِيَةَ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ وأَولاده، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ؛ وخَلَفُ الخَلفِ: مَا تَمَّ «3» يَوْمَ الحَرَّةِ عَلَى أَولاد الْمُهَاجِرِينَ والأَنصار.
__________
(1) . قوله [ورمدت] كذا بالأصل ولم نجده بهذا المعنى في مادة رمد. نعم في القاموس في مادة زند وما يزدنك أحد عليه وما يزندك أي ما يزيدك.
(2) . قوله [العُتُوف النتف] كذا بالأصل، والذي في القاموس: العتف.
(3) . قوله [ما تم] عبارة النهاية: ما كان منه.(9/232)
وجَمَل عِترِيفٌ وَنَاقَةٌ عِتْرِيفَة: شَدِيدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
مِنْ كُلِّ عِتْرِيفَةٍ لَمْ تَعْدُ أَنْ بَزَلَتْ ... لَمْ يَبْغِ دِرَّتَها داعٍ وَلَا رُبَعُ
الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ عِتْرِيف وعُترُوف أَي خَبِيثٌ فَاجِرٌ جَرِيءٌ ماضٍ. والعُتْرُفَانُ، بِالضَّمِّ: الدِّيكُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَدِيِّ ابن زَيْدٍ:
ثلاثةَ أَحْوال وَشَهْرًا مُحَرَّماً، ... تُضِيءُ كعَينِ العُتْرُفان المُحارب
وَيُقَالُ لِلدِّيكِ: العُتْرُفانُ والعُتْرُفُ والعُتْرُسان والعَتْرَس؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي دُوَادَ فِي العُتْرُفَان الدِّيكِ:
وكأَنَّ أَسآدَ الجِيادِ شَقائق، ... أَو عُتْرُفانٌ قَدْ تَحَشْحَشَ للبِلى
يُرِيدُ دِيكًا قَدْ يَبِسَ وَمَاتَ. والعُتْرُفَانُ: نَبْتٌ عَريضٌ من نبات الربيع.
عجف: عَجَفَ نَفسَه عَنِ الطَّعَامِ يَعْجِفُها عَجْفاً وعُجُوفاً وعَجَّفَها: حبَسها عَنْهُ وَهُوَ لَهُ مُشْتَهٍ ليؤثِرَ بِهِ غيرَه وَلَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْجُوعِ وَالشَّهْوَةِ، وَهُوَ التَّعْجِيف أَيْضًا؛ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكوع:
لَمْ يَغْذُها مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ، ... وَلَا تُمَيْراتٌ وَلَا تَعْجِيفُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: التَّعْجِيف أَن يَنْقُلَ قُوتَه إِلَى غَيْرِهِ قَبْلَ أَن يَشْبَعَ مِنَ الجُدوبة. والعُجُوفُ: تركُ الطَّعَامِ. والتَّعْجِيفُ: الأَكلُ دونَ الشِّبَعِ. والعُجُوفُ: منعُ النَّفْسِ عَنِ الْمَقَابِحِ. وعَجَفَ نفسَه عَلَى الْمَرِيضِ يَعْجِفُها عَجْفاً: صَبَّرها عَلَى تَمْريضه وأَقام عَلَى ذَلِكَ. وعَجَفْتُ نَفْسِي عَلَى أَذى الخليلِ إِذَا لَمْ تَخْذُلْه. وعَجَفَ نفسَه عَلَى فُلَانٍ، بِالْفَتْحِ، إِذَا آثَرَهُ بِالطَّعَامِ عَلَى نَفْسِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنِّي، وَإِنْ عَيَّرتِني نُحولي، ... أَو ازْدَرَيْتِ عِظَمِي وطُولي
لأَعْجِفُ النفسَ عَلَى الخليلِ، ... أَعْرِضُ بالوُدِّ وبالتَّنْويلِ
أَراد أَعرض الْوِدَّ وَالتَّنْوِيلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ. وعَجَفْتُ نَفْسِي عَنْهُ عَجْفاً إِذَا احْتملتَ غيَّه وَلَمْ تُؤَاخِذْهُ. وعَجَفَ نَفْسَهُ يَعْجِفُها: حلَّمها. والتَّعْجِيف: سُوء الْغِذَاءِ والهزالُ. والعَجَفُ: ذَهَابُ السِّمَنِ والهُزالُ، وَقَدْ عَجِفَ، بِالْكَسْرِ، وعَجُفَ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ أَعْجَفُ وعَجِفٌ، والأُنثى عَجْفَاء وعَجِفٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْجَمْعُ مِنْهُمَا عِجَافٌ حَمَلُوهُ عَلَى لَفْظِ سِمانٍ، وَقِيلَ: هُوَ كَمَا قَالُوا أَبْطُحُ وبِطاح وأَجرب وجِراب وَلَا نَظِيرَ لعَجْفَاء وعِجَاف إِلَّا قولُهم حَسْناء وحِسان؛ كَذَا قَوْلُ كُرَاعٍ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ لأَنهم قَدْ كسَّروا بطْحاء عَلَى بِطاحٍ وبَرْقاء عَلَى بِراقٍ. ومُنْعَجِفٌ كعَجِفٍ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
صِفْرُ المَباءة ذُو هِرْسَينِ مُنْعَجِفٌ، ... إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ، قلتَ: قَدْ فَرَجا «1»
قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَفعل وفَعْلاء جَمْعًا عَلَى فِعالٍ غَيْرَ أَعْجَفَ وعَجْفَاء، وَهِيَ شَاذَّةٌ، حَمَلُوهَا عَلَى لَفْظِ سِمان فَقَالُوا سِمان وعِجَاف، وَجَاءَ
__________
(1) . قوله [ذو] هو في الأصل هنا بالواو وفي مادتي فرج وهرس: بالياء.(9/233)
أَفْعلُ وفَعْلاء عَلَى فَعُل يَفْعُل فِي أَحرف مَعْدُودَةٍ مِنْهَا: عَجُفَ يَعْجُفُ، فَهُوَ أَعْجَفُ، وأَدُم يأْدُمُ، فَهُوَ آدمُ، وسَمُرَ يَسْمُر، فَهُوَ أَسمرُ، وحَمُق يَحْمُق، فَهُوَ أَحْمَقُ، وخَرُق يَخْرُق، فَهُوَ أَخرق. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: عَجُفَ وعَجِفَ وحَمُق وحَمِقَ ورَعُن ورَعِن وخَرُق وخَرِق. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُ أَعْجَف وعَجْفَاء مِنَ الهُزال عِجَاف، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، لأَن أَفعلَ وفَعْلاء لَا يُجْمَعُ عَلَى فِعَالٍ وَلَكِنَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى سِمانٍ، وَالْعَرَبُ قَدْ تَبْنِي الشَّيْءَ عَلَى ضِدِّهِ كَمَا قَالُوا عَدُوّةٌ بِنَاءً عَلَى صَدِيقَةٍ، وَفَعُولٌ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ لَا تَدْخُلُهُ الْهَاءُ؛ قَالَ مِرْداسُ بْنُ أَذَنَةَ:
وإنْ يَعْرَيْنَ إنْ كُسِيَ الجَواري، ... فَتَنْبُو العَيْنُ عَنْ كَرَمٍ عِجَافِ
وأَعْجَفَه أَي هَزَله. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ*
؛ هِيَ الهَزْلَى الَّتِي لَا لَحْمَ عَلَيْهَا وَلَا شَحْمَ ضُرِبت مَثَلًا لِسَبْعِ سِنين لَا قَطْر فِيهَا وَلَا خِصْبَ. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَد: يَسُوق أَعْنُزاً عِجَافاً
؛ جَمْعُ عَجْفَاء، وَهِيَ المَهْزولةُ مِنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى إِذَا أَعْجَفَها ردَّها فِيهِ
أَي أهْزَلها. وَسَيْفٌ مَعْجُوف إِذَا كَانَ دَاثِرًا لَمْ يُصْقَلْ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
وكأَنَّ مَوْضِعَ رَحْلِها مِنْ صُلْبِها ... سَيْفٌ، تَقَادَمَ عَهْدُه، مَعْجُوفُ
ونَصْلٌ أَعْجَفُ أَي رقِيق. والتَّعَجُّفُ: الجهْد وشِدَّة الْحَالِ؛ قَالَ مَعْقِلُ بْنُ خُوَيْلِد:
إِذَا مَا ظَعَنَّا، فانْزِلوا فِي دِيارِنا، ... بَقِيَّةَ مَنْ أَبقَى التَّعَجُّفُ مِنْ رُهْمِ
وَرُبَّمَا سَمَّوا الأَرض المُجْدبةَ [عِجَافاً] ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَحَابًا:
لَقِحَ العِجَافُ لَهُ لِسابعِ سَبْعةٍ، ... فَشَرِبْن بَعْد تَحلِّئٍ فَرَوِينا
هَكَذَا أَنشده ثَعْلَبٌ وَالصَّوَابُ بَعْدَ تَحَلُّؤٍ؛ يُقَالُ: أَنْبَتَتْ هَذِهِ الأَرضون المُجدبة لِسَبْعَةِ أَيام بَعْدَ الْمَطَرِ. والعَجَفُ: غِلظُ العِظام وعَراؤُها مِنَ اللَّحْمِ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: أَشدّ الرِّجَالِ الأَعْجَفُ الضخْم. ووجهٌ عَجِفٌ وأَعْجَفُ: كالظمْآن. ولثةٌ عَجْفَاء: ظَمْأَى؛ قَالَ:
تَنْكَلُّ عن أَظْمى اللِّثاتِ صافِ، ... أَبْيَضَ ذِي مَناصِبٍ عِجَافِ
وأَعْجَفَ القومُ: حبَسُوا أَموالهم مِنْ شِدّة وتَضْييق. وأَرض عَجْفَاء: مَهزولة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّائِدِ: وجدْت أَرضاً عَجْفَاء وَشَجَرًا أَعْشَمَ أَي قَدْ شارَفَ اليُبْس والبُيود. والعُجَافُ: التمْر. وَبَنُو العُجَيْفِ: بَطْن من العرب.
عجرف: العَجْرَفَةُ والعَجْرَفِيَّة: الجَفْوة فِي الْكَلَامِ، والخُرْق فِي العمَل، وَالسُّرْعَةُ فِي الْمَشْيِ، وَقِيلَ: العَجْرَفِيَّة أَن تأْخذ الإِبل فِي السَّيْرِ بخُرق إِذَا كلَّت؛ قَالَ أُميَّة بْنُ أَبي عَائِذٍ:
وَمِنْ سَيْرها العَنَق المُسْبَطِرّ ... والعَجْرَفِيَّة بَعْد الكَلال
الأَزهري: العَجْرَفِيَّةُ الَّتِي لَا تَقصِد فِي سَيرها مِنْ نَشاطها. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعَجْرَفِيَّةُ ضَبّةَ أَراها تقعُّرَهم فِي الْكَلَامِ. وَجَمَلٌ عَجْرَفِي: لَا يَقصد فِي مَشيْه مِنْ نَشاطه، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَقَدْ عَجْرَفَ(9/234)
وتَعَجْرَف. الأَزهري: يَكُونُ الْجَمَلُ عَجْرَفِيَّ الْمَشْيِ لِسُرْعَتِهِ. وَرَجُلٌ فِيهِ عَجَرَفِيَّة وَبَعِيرٌ ذُو عَجَارِيفَ. الْجَوْهَرِيُّ: جَمَلٌ فِيهِ تَعَجْرُفُ وعَجْرَفَةُ وعَجْرَفِيَّة كأَنّ فِيهِ خُرْقاً وقِلّة مُبالاة لِسُرْعَتِهِ. الأَزهري: العَجْرَفِيَّة مِنْ سَيْرِ الإِبل اعْتِراضٌ فِي نَشاط، وأَنشد بَيْتَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ. والعَجْرَفَةُ: ركُوبكَ الأَمْرَ لَا تُرَوِّي فِيهِ، وَقَدْ تَعَجْرَفَه. وَفُلَانٌ يَتَعَجْرَفُ عَلَى فُلَانٍ إِذَا كَانَ يَرْكَبُهُ بِمَا يَكْرَهُ وَلَا يَهابُ شَيْئًا. وعَجَارِفُ الدَّهْرِ وعَجَارِيفُه: حَوادِثُه، وَاحِدُهَا عُجْرُوف؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَمْ تُنْسِني أُمَّ عَمَّارٍ نَوًى قَذَفٌ، ... وَلَا عَجَارِيفُ دَهْرٍ لَا تُعَرِّيني
وتَعَجْرَفَ فُلَانٌ عَلَيْنَا إِذَا تكبَّر؛ وَرَجُلٌ فِيهِ تَعَجْرُفٌ. والعُجْرُوف: دويبَّةٌ ذَاتُ قَوَائِمَ طِوالٍ، وَقِيلَ: هِيَ النَّمْلُ ذُو الْقَوَائِمِ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَعظم مِنَ النَّمْلَةِ. الأَزهري: يُقَالُ أَيضاً لِهَذَا النَّمْلِ الَّذِي رفعَته عَنِ الأَرض قوائمه عُجْرُوف.
عدف: العَدْفُ: الأَكل. عَدَفَ يَعْدِفُ عدْفاً: أَكل. والعَدُوفُ: الذَّواقُ أَعني مَا يُذاق؛ قَالَ:
وحَيْفٌ بالقَنِيِّ فهُنَّ خُوصٌ، ... وقِلَّةُ مَا يَذُقْن مِنَ العَدُوفِ
عَدُوفٍ مِنْ قَضامٍ غَيْرِ لَوْنٍ، ... رَجِيعِ الفَرْتِ أَو لَوْكِ الصَّريفِ
أَراد غَيْرَ ذِي لَوْنٍ أَي غَيْرَ متلَوّن. ورَجِيع الْفَرْثِ: بَدَلٌ مِنْ قَضام بدَل بَيَانٍ، ولَوْك: فِي مَعْنَى مَلُوك، وَمَا ذاقَ عَدْفاً وَلَا عَدُوفاً وَلَا عُدَافاً أَي شَيْئًا، وَالذَّالُ الْمُعْجَمَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ. وَلَا عَلُوساً وَلَا أَلُوساً؛ قَالَ أَبو حَسَّانَ: سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ مَا ذُقْت عَدُوفاً وَلَا عَدُوفَة؛ قَالَ: وَكُنْتُ عِنْدَ يزيدَ بْنِ مِزْيد الشيْباني فأَنشدته بَيْتَ قَيْس بْنِ زُهَيْرٍ:
ومُجَنَّباتٍ مَا يَذُقْن عَدُوفَةً، ... يَقْذِفْن بالمُهَراتِ والأَمْهارِ
بِالدَّالِ، فَقَالَ لِي يَزِيدُ: صَحَّفت أَبا عَمْرٍو، إِنَّمَا هِيَ عَذُوفة بِالذَّالِ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ لَمْ أُصحف أَنا وَلَا أَنت، تَقُولُ رَبيعة هَذَا الْحَرْفُ بِالذَّالِ، وَسَائِرُ الْعَرَبِ بِالدَّالِ، وَهَذَا الْبَيْتُ فِي التَّهْذِيبِ مَنْسُوبٌ إِلَى قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ كَمَا أَوردته، وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَماليه وَنَسَبُهُ إِلَى الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ. والعَدْفُ: نَوْلٌ قَلِيلٌ مِنْ إِصَابَةٍ. والعَدْفُ: الْيَسِيرُ مِنَ العلَف. وَبَاتَتِ الدابّةُ عَلَى غَيْرِ عَدُوف أَي عَلَى غَيْرِ علَف؛ هَذِهِ لُغَةُ مُضر. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا ذُقْت عَدُوفاً
أَي ذَواقاً. وَمَا عَدَفْنا عِنْدَهُمْ عَدُوفاً أَي مَا أَكلنا. والعِدْفَةُ والعِدَفَةُ: كالصَّنِفة مِنَ الثَّوْبِ. واعتَدَفَ الثوبَ: أَخذ مِنْهُ عِدَفَةً. واعْتَدَفَ العِدْفَة: أَخذها. وَمَا عَلَيْهِ عِدْفةٌ أَي خِرْقة، لُغَةٌ مَرْغُوبٌ عَنْهَا. وعِدْفُ كُلِّ شَيْءٍ وعِدْفَتُه: أَصله الذاهبُ فِي الأَرض؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
حَمّال أَثقالِ دِياتِ الثَّأَى، ... عَنْ عِدَفِ الأَصْلِ وكُرّامِها
وَفِي التَّهْذِيبِ: عِدْفَةُ كُلِّ شَجَرَةٍ أَصلُها، وَجَمْعُهَا عِدَفٌ. قَالَ: وَيُقَالُ بَلْ هُوَ عَنْ عَدَفِ الأَصل اشتِقاقه مِنَ العَدْفَة أَي يَلُمُّ مَا تَفَرَّقَ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: العَدَفُ والعائرُ والغِضابُ [الغُضابُ] قَذى العينِ.(9/235)
والعِدْفَةُ: مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْخَمْسِينَ، وَخَصَّصَهُ الأَزهري فَقَالَ: العِدْفَةُ مِنَ الرِّجَالِ مَا بَيْنَ العَشرة إِلَى الْخَمْسِينَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَاهُ كُرَاعٌ فِي الْمَاشِيَةِ وَلَا أَحقُّها. والعِدْفَة: التجمُّع، وَالْجَمْعُ عِدْفٌ، بِالْكَسْرِ، وعِدَفٌ؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَن الْمَعْنِيَّ هَاهُنَا بِالتَّجَمُّعِ الْجَمَاعَةُ لأَن التجمِيع عرَض، وَإِنَّمَا يَكُونُ مِثْلُ هَذَا فِي الْجَوَاهِرِ الْمَخْلُوقَةِ كسِدْرة وسِدَر، وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْمَصْنُوعِ، وَهُوَ قَلِيلٌ. والعِدْف: القِطْعة مِنَ اللَّيْلِ. يُقَالُ: مَرَّ عِدْفٌ مِنَ اللَّيْلِ وعِتْفٌ أَي قِطْعَةٌ. والعَدَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: القَذى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ يَصِفُ حِماراً وأُتُنَه:
أَوْرَدَها أَمِيرُها مَعَ السَّدَفْ، ... أَزْرَقَ كالمِرآة طَحَّارَ العَدَفْ
أَي يَطْحَر القَذى ويَدْفَعُه. وَيُقَالُ: عَدَفَ لَهُ عِدْفَةً مِنْ مَالٍ أَي قطَع لَهُ قِطْعة مِنْهُ، وأَعطاه عدْفةً مِنْ مَالٍ أَي قِطعة.
عذف: عَذفَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يَعْذِفُ عذْفاً: أَصاب مِنْهُ شَيْئًا. والعَذُوفُ والعُذَافُ: مَا أَصَابَهُ. وعَذَفَ نفسَه: كعَزَفها. وَسُمٌّ عُذَاف: مَقْلُوبٌ عَنْ ذُعاف؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَاللِّحْيَانِيُّ. والعُذُوف: السُّكُوتُ. والعُذُوف: المَراراتُ. والعَذْفُ: الأَكل، وَقَدْ عَذَفَ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ؛ هَذِهِ لُغَةُ رَبِيعَةَ. يُقَالُ: مَا ذُقْتُ عَذْفاً وَلَا عَذُوفاً وَلَا عُذافاً أَي شَيْئًا، وَكَذَلِكَ يُقَالُ وَلَا عَدُوفاً، بِالدَّالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وَبَاتَتِ الدابةُ عَلَى غير عَذُوف.
عرف: العِرفَانُ: الْعَلَمِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ويَنْفَصِلانِ بتَحْديد لَا يَليق بِهَذَا الْمَكَانِ، عَرَفَه يَعْرِفُه عِرْفَة وعِرْفَاناً وعِرِفَّاناً ومَعْرِفةً واعْتَرَفَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ سَحاباً:
مَرَتْه النُّعامَى، فَلَمْ يَعْتَرِفْ ... خِلافَ النُّعامَى مِنَ الشامِ رِيحا
وَرَجُلٌ عَرُوفٌ وعَرُوفَة: عَارِفٌ يَعْرِفُ الأُمور وَلَا يُنكِر أَحداً رَآهُ مَرَّةَ، وَالْهَاءُ فِي عَرُوفَة لِلْمُبَالَغَةِ. والعَرِيف والعارِفُ بِمَعْنًى مِثْلُ عَلِيم وَعَالِمٍ؛ قَالَ طَرِيف بْنِ مَالِكٍ العَنْبري، وَقِيلَ طريف بن عمرو:
أَوَكُلّما ورَدَت عُكاظَ قَبيلةٌ، ... بَعَثُوا إليَّ عَرِيفَهُمْ يَتَوَسَّمُ؟
أَي عَارِفَهم؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ كَقَوْلِهِمْ ضَرِيبُ قِداح، وَالْجَمْعُ عُرَفَاء. وأَمر عَرِيفٌ وعَارِف: مَعروف، فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع أَمْرٌ عَارِف أَي مَعْرُوفٌ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَالَّذِي حصَّلناه للأَئمة رَجُلٌ عَارِف أَي صَبور؛ قَالَهُ أَبو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ. والعِرْف، بِالْكَسْرِ: مِنْ قَوْلِهِمْ مَا عَرَفَ عِرْفي إِلَّا بأَخَرةٍ أَي مَا عَرَفَني إِلَّا أَخيراً. وَيُقَالُ: أَعْرَفَ فُلَانٌ فُلَانًا وعَرَّفَه إِذَا وقَّفَه عَلَى ذَنْبِهِ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ. وعَرَّفَه الأَمرَ: أَعلمه إِيَّاهُ. وعَرَّفَه بيتَه: أَعلمه بِمَكَانِهِ. وعَرَّفَه بِهِ: وسَمه؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: عَرَّفْتُه زَيْدًا، فذهَب إِلَى تَعْدِيَةِ عَرَّفَت بِالتَّثْقِيلِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، يَعْنِي أَنك تَقُولُ عَرَفَت زَيْدًا فيتعدَّى إِلَى وَاحِدٍ ثُمَّ تُثْقِلُ الْعَيْنَ فيتعدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، قَالَ: وأَما عَرَّفْته بِزَيْدٍ فَإِنَّمَا تُرِيدُ عَرَّفْته بِهَذِهِ الْعَلَامَةِ وأَوضَحته بِهَا فَهُوَ سِوى الْمَعْنَى الأَوَّل، وَإِنَّمَا عَرَّفْته بِزَيْدٍ كَقَوْلِكَ سمَّيته بِزَيْدٍ، وَقَوْلُهُ أَيضاً إِذَا أَراد أَن يُفضِّل شَيْئًا مِنَ النحْو أَو اللُّغَةِ عَلَى شَيْءٍ: والأَول(9/236)
أَعْرَف؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنه عَلَى تَوَهُّمِ عَرُفَ لأَن الشَّيْءَ إِنَّمَا هُوَ مَعْرُوف لَا عَارِف، وَصِيغَةُ التَّعَجُّبِ إِنَّمَا هِيَ مِنْ الْفَاعِلِ دُونَ الْمَفْعُولِ، وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ: مَا أَبْغَضه إليَّ أَي أَنه مُبْغَض، فتعَجَّب مِنَ الْمَفْعُولِ كَمَا يُتعجّب مِنَ الْفَاعِلِ حَتَّى قَالَ: مَا أَبْغضَني لَهُ، فَعَلَى هَذَا يصْلُح أَن يَكُونَ أَعْرَف هُنَا مُفاضلة وتعَجُّباً مِنَ الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ الْمَعْرُوفُ. والتعريفُ: الإِعْلامُ. والتَّعريف أَيضاً: إِنْشَادُ الضَّالَّةِ. وعَرَّفَ الضالَّة: نَشَدها. واعْتَرَفَ القومَ: سأَلهم، وَقِيلَ: سأَلهم عَنْ خَبر لِيَعْرِفَهُ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازِم:
أَسائِلةٌ عُمَيرَةُ عَنْ أَبيها، ... خِلالَ الجَيْش، تَعْتَرِفُ الرِّكابا؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ويأْتي تَعَرَّفَ بِمَعْنَى اعْتَرَفَ؛ قَالَ طَرِيفٌ العَنْبريُّ:
تَعَرَّفُونِي أَنَّني أَنا ذاكُمُ، ... شاكٍ سِلاحي، فِي الفوارِس، مُعْلَمُ
وَرُبَّمَا وَضَعُوا اعتَرَفَ مَوْضِعَ عَرَفَ كَمَا وَضَعُوا عَرَفَ مَوْضِعَ اعْتَرَفَ، وأَنشد بَيْتَ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ السَّحَابَ وَقَدْ تقدَّم فِي أَوَّل التَّرْجَمَةِ أَي لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ الجَنُوب لأَنها أَبَلُّ الرِّياح وأَرْطَبُها. وتَعَرَّفْت مَا عِنْدَ فُلَانٍ أَي تَطلَّبْت حَتَّى عَرَفت. وَتَقُولُ: ائْتِ فُلَانًا فاسْتَعْرِفْ إِلَيْهِ حَتَّى يَعْرِفَكَ. وَقَدْ تَعَارَفَ القومُ أَي عَرَفَ بعضهُم بَعْضًا. وأَما الَّذِي جَاءَ فِي حَدِيثِ اللُّقَطةِ:
فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْتَرِفُها فَمَعْنَاهُ معرفتُه إِيَّاهَا بِصِفَتِهَا وَإِنْ لَمْ يرَها فِي يَدِكَ.
يُقَالُ: عرَّف فُلَانٌ الضالَّة أَي ذكرَها وطلبَ مَنْ يَعْرِفها فَجَاءَ رَجُلٌ يَعْتَرِفُها أَي يَصِفُهَا بِصِفَةٍ يُعْلِم أَنه صَاحِبُهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ تَعْرِفُون ربَّكم؟ فَيَقُولُونَ: إِذَا اعْتَرَفَ لَنَا عَرَفْنَاه
أَي إِذَا وصَف نَفْسَهُ بِصِفَةٍ نُحَقِّقُه بِهَا عَرَفْنَاهُ. واسْتَعْرَفَ إِلَيْهِ: انْتَسَبَ لَهُ ليَعْرِفَه. وتَعَرَّفَه المكانَ وَفِيهِ: تأَمَّله بِهِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَقَالُوا: تَعَرَّفْها المَنازِلَ مِن مِنًى، ... وَمَا كلُّ مَنْ وافَى مِنًى أَنا عَارِفُ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ
،
وَقُرِئَ: عَرَفَ بَعْضَهُ
، بِالتَّخْفِيفِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قرأَ عَرَّفَ بِالتَّشْدِيدِ فَمَعْنَاهُ أَنه عَرَّفَ حَفْصةَ بعْضَ الْحَدِيثِ وترَك بَعْضًا، قَالَ: وكأَنَّ مَنْ قرأَ بِالتَّخْفِيفِ أَراد غَضِبَ مِنْ ذَلِكَ وَجَازَى عَلَيْهِ كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ يُسيء إليك: والله لأَعْرِفَنَّ لَكَ ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ لعَمْري جازَى حفصةَ بطلاقِها، وَقَالَ الفرَّاء: وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ، قرأَ بِذَلِكَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، قَالَ الأَزهري:
وقرأَ الْكِسَائِيُّ والأَعمش عَنْ أَبي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَرَفَ بعضَه
، خَفِيفَةً،
وقرأَ حَمْزَةُ وَنَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ اليَحْصُبي عَرَّفَ بَعْضَهُ
، بِالتَّشْدِيدِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَوْف بْنِ مَالِكٍ: لتَرُدَّنّه أَو لأُعَرِّفَنَّكَها عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي لأُجازِينَّك بِهَا حَتَّى تَعرِف سُوءَ صَنِيعِكَ، وَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ. وَيُقَالُ للحازِي عَرَّافٌ وللقُناقِن عَرَّاف وللطَبيب عَرَّاف لِمَعْرِفَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ بعلْمِه. والعَرَّافُ: الْكَاهِنُ؛ قَالَ عُرْوة بْنُ حِزام:
فَقُلْتُ لعَرَّافِ اليَمامة: داوِني، ... فإنَّكَ، إِنْ أَبرأْتَني، لَطبِيبُ(9/237)
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَتى عَرَّافاً أَو كاهِناً فَقَدْ كفَر بِمَا أُنزل عَلَى مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ أَراد بالعَرَّاف المُنَجِّم أَو الحازِيَ الَّذِي يدَّعي عِلْمَ الْغَيْبِ الَّذِي استأْثر اللَّهُ بِعِلْمِهِ. والمَعارِفُ: الوجُوه. والمَعْرُوف: الْوَجْهُ لأَن الإِنسان يُعرف بِهِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
مُتَكَوِّرِين عَلَى المَعارِفِ، بَيْنَهم ... ضَرْبٌ كَتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ
والمِعْرَاف وَاحِدٌ. والمَعَارِف: مَحَاسِنُ الْوَجْهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وامرأَة حَسَنةُ المَعَارِف أَي الْوَجْهُ وَمَا يَظْهَرُ مِنْهَا، وَاحِدُهَا مَعْرَف؛ قَالَ الرَّاعِي:
مُتَلفِّمِين عَلَى مَعَارِفِنا، ... نَثْني لَهُنَّ حَواشِيَ العَصْبِ
ومَعَارِفُ الأَرض: أَوجُهها وَمَا عُرِفَ مِنْهَا. وعَرِيفُ الْقَوْمِ: سَيِّدُهُمْ. والعَرِيفُ: الْقَيِّمُ وَالسَّيِّدُ لِمَعْرِفَتِهِ بِسِيَاسَةِ الْقَوْمِ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ بَيْتَ طَرِيف العَنْبري، وَقَدْ تقدَّم، وَقَدْ عَرَفَ عَلَيْهِمْ يَعْرُف عِرَافَة. والعَرِيفُ: النَّقِيب وَهُوَ دُونَ الرَّئِيسِ، وَالْجَمْعِ عُرَفاء، تَقُولُ مِنْهُ: عَرُفَ فُلَانٌ، بِالضَّمِّ، عَرَافَة مِثْلَ خَطُب خَطابة أَي صَارَ عَرِيفًا، وَإِذَا أَردت أَنه عَمِلَ ذَلِكَ قُلْتَ: عَرَفَ فُلَانٌ عَلَيْنَا سِنين يَعْرُفُ عِرَافَة مِثَالُ كتَب يكتُب كِتابة. وَفِي الْحَدِيثِ:
العِرَافَةُ حَقٌّ والعُرَفَاء فِي النَّارِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العُرَفَاء جَمْعُ عَرِيف وَهُوَ القَيِّم بأُمور الْقَبِيلَةِ أَو الْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ يَلي أُمورهم ويَتَعَرَّفُ الأَميرُ مِنْهُ أَحوالَهُم، فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ، والعِرَافَةُ عَملُه، وَقَوْلُهُ
العِرَافَة حَقٌّ
أَي فِيهَا مَصلحة لِلنَّاسِ ورِفْق فِي أُمورهم وأَحوالهم، وَقَوْلُهُ
العُرَفَاء فِي النَّارِ
تَحْذِيرٌ مِنَ التعرُّض للرِّياسة لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفِتْنَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ أَثمَ وَاسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ، وَمِنْهُ حديث
طاووس: أَنَّهُ سأَل ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا مَعْنَى قَوْلِ النَّاسِ: أَهْلُ الْقُرْآنِ عُرَفَاء أَهل الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: رُؤساء أَهل الْجَنَّةِ
؛ وَقَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَة:
بَلْ كلُّ حَيٍّ، وَإِنْ عَزُّوا وَإِنْ كَرُموا، ... عَرِيفُهم بأَثافي الشَّرِّ مَرْجُومُ
والعُرْف، بِالضَّمِّ، والعِرْف، بِالْكَسْرِ: الصبْرُ؛ قَالَ أَبو دَهْبَل الجُمَحِيُّ:
قُلْ لابْن قَيْسٍ أَخي الرُّقَيَّاتِ: ... مَا أَحْسَنَ العِرْفَ [العُرْفَ] فِي المُصِيباتِ
وعَرَفَ للأَمر واعْتَرَفَ: صَبَر؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيح:
فَيَا قَلْبُ صَبْراً واعْتِرَافاً لِما تَرى، ... وَيَا حُبَّها قَعْ بِالَّذِي أَنْتَ واقِعُ
والعَارِفُ والعَرُوف والعَرُوفَةُ: الصَّابِرُ. ونَفْس عَرُوف: حامِلة صَبُور إِذا حُمِلَتْ عَلَى أَمر احتَمَلَتْه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فآبُوا بالنِّساء مُرَدَّفاتٍ، ... عَوارِفَ بَعْدَ كِنٍّ وابْتِجاحِ
أَراد أَنَّهن أَقْرَرْن بِالذُّلِّ بَعْدَ النعْمةِ،
وَيُرْوَى وابْتِحاح مِنَ البُحبُوحةِ
، وَهَذَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي. وَيُقَالُ: نَزَلَتْ بِهِ مُصِيبة فوُجِد صَبوراً عَرُوفاً؛ قَالَ الأَزهري: وَنَفْسُهُ عَارِفَة بِالْهَاءِ مِثْلُهُ؛ قَالَ عَنْترة:
وعَلِمْتُ أَن مَنِيَّتي إنْ تَأْتِني، ... لَا يُنْجِني مِنْهَا الفِرارُ الأَسْرَعُ(9/238)
فصَبَرْتُ عَارِفَةً لِذَلِكَ حُرَّةً، ... تَرْسُو إِذَا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ
تَرْسو: تَثْبُتُ وَلَا تَطلَّع إِلَى الخَلْق كنفْس الْجَبَانِ؛ يَقُولُ: حَبَسْتُ نَفْساً عَارِفَةً أَي صَابِرَةً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لمُزاحِم العُقَيْلي:
وقفْتُ بِهَا حَتَّى تَعالَتْ بيَ الضُّحى، ... ومَلَّ الوقوفَ المُبْرَياتُ العَوَارِفُ
المُبرياتُ: الَّتِي فِي أُنوفِها البُرة، والعَوَارِفُ: الصُّبُر. وَيُقَالُ: اعْتَرَفَ فُلَانٌ إِذَا ذَلَّ وانْقاد؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
أَتَضْجَرينَ والمَطِيُّ مُعْتَرِفْ
أَي تَعْرِف وتصْبر، وذكَّر مُعْتَرِفْ لأَن لَفْظَ الْمَطِيِّ مُذَكَّرٌ. وعَرَفَ بذَنْبه عُرْفاً واعْتَرَفَ: أَقَرَّ. وعَرَفَ لَهُ: أَقر؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
عَرَفَ الحِسانُ لَهَا غُلَيِّمةً، ... تَسْعى مَعَ الأَتْرابِ فِي إتْبِ
وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا أَعْرِفُ لأَحد يَصْرَعُني أَي لَا أُقِرُّ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَطْرَدْنا المعترِفين
؛ هُمُ الَّذِينَ يُقِرُّون عَلَى أَنفسهم بِمَا يَجِبُ عليهم فيه الحدّ والتعْزيز. يُقَالُ: أَطْرَدَه السُّلْطَانُ وطَرَّده إِذَا أَخرجه عَنْ بَلَدِهِ، وطرَدَه إِذَا أَبْعَده؛ وَيُرْوَى:
اطْرُدُوا الْمُعْتَرِفِينَ
كأَنه كَرِهَ لَهُمْ ذَلِكَ وأَحبّ أَن يَسْتُرُوهُ عَلَى أَنفسهم. والعُرْفُ: الِاسْمُ مِنَ الاعْتِرافِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ عُرْفاً أَي اعتِرافاً، وَهُوَ تَوْكِيدٌ. وَيُقَالُ: أَتَيْتُ مُتنكِّراً ثُمَّ اسْتَعْرَفْتُ أَي عرَّفْته مَنْ أَنا؛ قَالَ مُزاحِمٌ العُقَيْلي:
فاسْتَعْرِفَا ثُمَّ قُولا: إنَّ ذَا رَحِمٍ ... هَيْمان كَلَّفَنا مِنْ شأْنِكُم عَسِرا
فإنْ بَغَتْ آيَةً تَسْتَعْرِفانِ بِهَا، ... يَوْمًا، فقُولا لَهَا العُودُ الَّذِي اخْتُضِرا
والمَعْرُوف: ضدُّ المُنْكَر. والعُرْفُ: ضِدُّ النُّكْر. يُقَالُ: أَوْلاه عُرفاً أَي مَعْروفاً. والمَعْرُوف والعَارِفَةُ: خِلَافُ النُّكر. والعُرْفُ والمَعْرُوف: الجُود، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ مَا تبْذُلُه وتُسْديه؛ وحرَّك الشَّاعِرُ ثَانِيهِ فَقَالَ:
إِنَّ ابنَ زَيْدٍ لَا زالَ مُسْتَعْمِلًا ... للخَيْرِ، يُفْشِي فِي مِصْرِه العُرُفا
والمَعْرُوف: كالعُرْف. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً
، أَي مُصَاحَبًا مَعْرُوفًا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: المَعْرُوف هُنَا مَا يُستحسن مِنَ الأَفعال. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ
، قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: المَعْرُوف الكسْوة والدِّثار، وأَن لَا يُقَصِّرَ الرَّجُلُ فِي نَفَقَةِ المرأَة الَّتِي تُرْضع وَلَدَهُ إِذَا كَانَتْ وَالِدَتَهُ، لأَن الْوَالِدَةَ أَرْأَفُ بِوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهَا، وحقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن يأْتمر فِي الْوَلَدِ بِمَعْرُوفٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً
؛ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِيهَا: إِنَّهَا أُرْسِلَت بالعُرف والإِحسان، وَقِيلَ: يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ أُرسلوا لِلْمَعْرُوفِ والإِحسان. والعُرْفُ والعَارِفَة والمَعرُوفُ وَاحِدٌ: ضِدُّ النُّكْرِ، وَهُوَ كلُّ مَا تَعْرِفه النَّفْسُ مِنَ الخيْر وتَبْسَأُ بِهِ وتَطمئنّ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ أُرسلت مُتتابعة. يُقَالُ: هُوَ مُستعار مِنْ عُرْف الْفَرَسِ أَي يتتابَعون كعُرْف الْفَرَسِ. وَفِي حَدِيثِ(9/239)
كعْب بْنِ عُجْرةَ: جَاؤُوا كأَنَّهم عُرْف
أَي يتْبَع بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَقُرِئَتْ عُرْفاً وعُرُفاً وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَقِيلَ: الْمُرْسَلَاتُ هِيَ الرُّسُل. وَقَدْ تكرَّر ذِكْرُ المَعْرُوف فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا عُرف مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ والإِحسان إِلَى النَّاسِ، وَكُلِّ مَا ندَب إِلَيْهِ الشرعُ وَنَهَى عَنْهُ مِنَ المُحَسَّنات والمُقَبَّحات وَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ أَي أَمْر مَعْروف بَيْنَ النَّاسِ إِذَا رأَوْه لَا يُنكرونه. والمَعْرُوف: النَّصَفةُ وحُسْن الصُّحْبةِ مَعَ الأَهل وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ، والمُنكَر: ضِدُّ ذَلِكَ جَمِيعِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهل المَعْرُوف فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهل المَعْرُوف فِي الْآخِرَةِ
أَي مَن بَذَلَ مَعْرُوفَهُ لِلنَّاسِ فِي الدُّنْيَا آتَاهُ اللَّهُ جَزَاءَ مَعروفه فِي الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: أَراد مَن بَذَلَ جاهَه لأَصحاب الجَرائم الَّتِي لَا تبلُغ الحُدود فيَشفع فِيهِمْ شفَّعه اللَّهُ فِي أَهل التَّوْحِيدِ فِي الْآخِرَةِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي مَعْنَاهُ قَالَ: يأْتي أَصحاب الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فيُغْفر لَهُمْ بِمَعْرُوفِهِمْ وتَبْقى حسناتُهم جَامَّةً، فيُعطونها لِمَنْ زَادَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ فَيُغْفَرُ لَهُ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيَجْتَمِعُ لَهُمُ الإِحسان إِلَى النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وَمَا خَيْرُ مَعْرُوفِ الفَتَى فِي شَبابِه، ... إِذَا لَمْ يَزِدْه الشَّيْبُ، حِينَ يَشِيبُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَدْ يَكُونُ مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي هُوَ ضِد الْمُنْكَرِ وَمِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي هُوَ الْجُودُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا ولَّى عَنْكَ بِوده: قَدْ هَاجَتْ مَعَارِفُ فُلَانٍ؛ ومَعَارِفُه: مَا كُنْتَ تَعْرِفُه مِنْ ضَنِّه بِكَ، وَمَعْنَى هَاجَتْ أَي يبِست كَمَا يَهيج النَّبَاتُ إِذَا يَبِسَ. والعَرْفُ: الرِّيحُ، طَيِّبَةً كَانَتْ أَو خَبِيثَةً. يُقَالُ: مَا أَطْيَبَ عَرْفَه وَفِي الْمَثَلِ: لَا يعْجِز مَسْكُ السَّوْء عَنْ عَرْفِ السَّوْء؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهِ: العَرف الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ والمُنْتِنة؛ قَالَ:
ثَناء كعَرْفِ الطِّيبِ يُهْدَى لأَهْلِه، ... وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا بَنِي خالِدٍ أَهْلُ
وَقَالَ البُرَيق الهُذلي فِي النَّتن:
فَلَعَمْرُ عَرْفِك ذِي الصُّماحِ، كَمَا ... عَصَبَ السِّفارُ بغَضْبَةِ اللِّهْمِ
وعَرَّفَه: طَيَّبَه وزَيَّنَه. والتَّعْرِيفُ: التطْييبُ مِنَ العَرْف. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ
، أَي طَيَّبها؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ رَجُلًا:
عَرُفْتَ كإتْبٍ عَرَّفَتْه اللطائمُ
يَقُولُ: كَمَا عَرُفَ الإِتْبُ وَهُوَ البقِيرُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُعَرِّفُونَ مَنازِلهم إِذَا دَخَلُوهَا حَتَّى يَكُونَ أَحدهم أَعْرَف بِمَنْزِلِهِ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى أَهله؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ عَرَّفَها لَهُمْ
أَي طيَّبها. يُقَالُ: طَعَامٌ معرَّف أَي مُطيَّب؛ قَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ يَهْجُوَ عِقَالَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سُفين:
فتُدْخلُ أَيْدٍ فِي حَناجِرَ أُقْنِعَتْ ... لِعادَتِها مِنَ الخَزِيرِ المُعَرَّفِ
قَالَ: أُقْنِعَتْ أَي مُدَّت ورُفِعَت لِلْفَمِ، قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ: عَرَّفَها لَهُمْ
؛ قَالَ: هُوَ وَضْعُكَ الطَّعَامَ بعضَه عَلَى بَعْضٍ. ابْنُ الأَعرابي: عَرُفَ الرجلُ إِذَا أَكثر مِنْ الطِّيب، وعَرِفَ إِذَا ترَكَ الطِّيب. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَجِدْ عَرْف الْجَنَّةِ
أَي ريحَها الطيِّبة. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله(9/240)
عَنْهُ: حبَّذا أَرض الْكُوفَةِ أَرضٌ سَواء سَهلة مَعْرُوفَةٌ
أَي طَيِّبَةُ العَرْفِ، فأَما الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخاء يَعْرِفْك فِي الشدَّة
، فإنَّ معناه أَي اجْعَلْهُ يَعْرِفُكَ بطاعتِه والعَمَلِ فِيمَا أَوْلاك مِنْ نِعمته، فَإِنَّهُ يُجازِيك عِنْدَ الشدَّة وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وعَرَّفَ طَعامه: أَكثر أُدْمَه. وعَرَّفَ رأْسه بالدُّهْن: رَوَّاه. وطارَ القَطا عُرْفاً عُرْفاً: بعضُها خلْف بَعْضٍ. وعُرْف الدِّيك والفَرَس وَالدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا: مَنْبِتُ الشَّعْرِ والرِّيش مِنَ العُنق، وَاسْتَعْمَلَهُ الأَصمعي فِي الإِنسان فَقَالَ: جَاءَ فُلَانٌ مُبْرَئلًّاًّ للشَّرِّ أَي نافِشاً عُرفه، وَالْجَمْعُ أَعْرَاف وعُرُوف. والمَعْرَفة، بِالْفَتْحِ: مَنْبِت عُرْف الْفَرَسِ مِنَ النَّاصِيَةِ إِلَى المِنْسَج، وَقِيلَ: هُوَ اللَّحْمُ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَيْهِ العُرْف. وأَعْرَفَ الفَرسُ: طَالَ عُرفه، واعْرَوْرَفَ: صَارَ ذَا عُرف. وعَرَفْتُ الْفَرَسَ: جزَزْتُ عُرْفَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُبَير: مَا أَكلت لَحْمًا أَطيَبَ مِنْ مَعْرَفة البِرْذَوْن
أَي مَنْبت عُرْفه مِنْ رَقَبته. وسَنام أَعْرَفُ: طَوِيلٌ ذُو عُرْف؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الأَعور الشَّنِّيِّ:
مُسْتَحْملًا أَعْرَفَ قَدْ تَبَنَّى
وَنَاقَةٌ عَرْفَاء: مُشْرِفةُ السَّنام. وَنَاقَةٌ عَرْفَاء إِذَا كَانَتْ مذكَّرة تُشبه الْجِمَالَ، وَقِيلَ لَهَا عَرْفاء لطُول عُرْفها. والضَّبُع يُقَالُ لَهَا عَرْفَاء لِطُولِ عُرفها وَكَثْرَةِ شَعْرِهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للشنْفَرَى:
وَلِي دُونكم أَهْلون سِيدٌ عَمَلَّسٌ، ... وأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وعَرْفَاء جَيأَلُ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
لَهَا راعِيا سُوءٍ مُضِيعانِ مِنْهُمَا: ... أَبو جَعْدةَ العادِي، وعَرْفَاء جَيْأَلُ
وضَبُع عَرْفَاء: ذَاتُ عُرْف، وَقِيلَ: كَثِيرَةُ شَعْرٍ الْعُرْفِ. وَشَيْءٌ أَعْرَفُ: لَهُ عُرْف. واعْرَوْرَفَ البحرُ والسيْلُ: تراكَم مَوْجُه وارْتَفع فَصَارَ لَهُ كالعُرف. واعْرَوْرَفَ الدَّمُ إِذَا صَارَ لَهُ مِنَ الزبَد شِبْهُ الْعُرْفِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ طَعْنَة فارتْ بِدَمِ غَالِبٍ:
مُسْتَنَّة سَنَنَ الفُلُوّ مرِشّة، ... تَنْفِي التُّرابَ بقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ «2»
واعْرَوْرَفَ فُلَانٌ لِلشَّرِّ كَقَوْلِكَ اجْثَأَلَّ وتَشَذَّرَ أَي تهيَّا. وعُرْف الرمْل والجبَل وَكُلِّ عالٍ ظَهْرُهُ وأَعاليه، وَالْجَمْعُ أَعْراف وعِرَفَة «3» وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ
؛ الأَعْرَاف فِي اللُّغَةِ: جَمْعُ عُرْف وَهُوَ كُلُّ عَالٍ مُرْتَفِعٍ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الأَعْرَافُ أَعالي السُّور؛ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: الأَعْرَاف أَعالي سُور بَيْنَ أَهل الْجَنَّةِ وأَهل النَّارِ، وَاخْتُلِفَ فِي أَصحاب الأَعْرَاف فَقِيلَ: هُمْ قَوْمٌ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ فَلَمْ يَسْتَحِقُّوا الْجَنَّةَ بِالْحَسَنَاتِ وَلَا النَّارَ بِالسَّيِّئَاتِ، فَكَانُوا عَلَى الحِجاب الَّذِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، عَلَى الأَعراف عَلَى مَعْرِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ وأَهل النَّارِ هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ، فَقَالَ قَوْمٌ: ما ذكرنا أَن اللَّهَ تَعَالَى يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، وَقِيلَ: أَصحاب الأَعراف أَنبياء، وَقِيلَ: مَلَائِكَةٌ وَمَعْرِفَتُهُمْ كُلًّا بسيماهم أَنهم يَعْرِفُونَ أَصحاب الْجَنَّةِ بأَن سِيمَاهُمْ إِسْفَارُ الوجُوه وَالضَّحِكُ وَالِاسْتِبْشَارُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ؛ ويعرِفون أَصحاب النَّارِ
__________
(2) . قوله [الفلوّ] بالفاء المهر، ووقع في مادتي قحز ورشّ بالغين.
(3) . قوله [وعرفة] كذا ضبط في الأصل بكسر ففتح.(9/241)
بِسِيمَاهُمْ، وَسِيمَاهُمْ سَوَادُ الْوُجُوهِ وغُبرتها كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ووُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعُهُ عَلَى الأَعراف عَلَى أَهل الْجَنَّةِ وأَهل النَّارِ. وجبَل أَعْرَفُ: لَهُ كالعُرْف. وعُرْفُ الأَرض: مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا، وَالْجَمْعُ أَعْرَاف. وأَعْرَاف الرِّياح وَالسَّحَابِ: أَوائلها وأَعاليها، وَاحِدُهَا عُرْفٌ. وحَزْنٌ أَعْرَفُ: مُرْتَفِعٌ. والأَعْرَافُ: الحَرْث الَّذِي يَكُونُ عَلَى الفُلْجانِ والقَوائدِ. والعَرْفَةُ: قُرحة تَخْرُجُ فِي بَيَاضِ الْكَفِّ. وَقَدْ عُرِفَ، وَهُوَ مَعْروف: أَصابته العَرْفةُ. والعُرْفُ: شَجَرُ الأُتْرُجّ. والعُرْف: النَّخْلُ إِذَا بَلَغَ الإِطْعام، وَقِيلَ: النَّخْلَةُ أَوَّل مَا تُطْعَمُ. والعُرْفُ والعُرَفُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ بالبحرَيْن. والأَعْرَاف: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ أَيضاً، وَهُوَ البُرْشُوم؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
نَغْرِسُ فِيهَا الزَّادَ والأَعْرَافَا، ... وَالنَّائِحي مسْدفاً اسْدافا «1»
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: إِذَا كَانَتِ النَّخْلَةُ بَاكُورًا فَهِيَ عُرْف. والعَرْفُ: نَبْت لَيْسَ بِحَمْضٍ وَلَا عِضاه، وَهُوَ الثُّمام. والعُرُفَّانُ والعِرِفَّانُ: دُوَيْبّةٌ صَغِيرَةٌ تَكُونُ فِي الرَّمْل، رمْلِ عالِج أَو رِمَالِ الدَّهْناء. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُرُفَّان جُنْدَب ضَخْمٌ مِثْلُ الجَرادة لَهُ عُرف، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي رِمْثةٍ أَو عُنْظُوانةٍ. وعُرُفَّانُ: جَبَلٌ. وعِرِفَّان والعِرِفَّانُ: اسْمٌ. وعَرَفَةُ وعَرَفَاتٌ: مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ، مُعَرَّفَةٌ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهَا عرفةَ، ويومُ عَرَفَةَ غَيْرُ مُنَوَّنٍ وَلَا يُقَالُ العَرفةُ، وَلَا تَدْخُلُهُ الأَلف وَاللَّامُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: عَرَفَاتٌ مَصْرُوفَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ مَعْرِفَةٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ: هَذِهِ عَرفاتٌ مُبارَكاً فِيهَا، وَهَذِهِ عَرَفَاتٌ حسَنةً، قَالَ: وَيَدُلُّكَ عَلَى مَعْرِفَتِهَا أَنك لَا تُدخل فِيهَا أَلفاً وَلَامًا وَإِنَّمَا عَرَفَاتٌ بِمَنْزِلَةِ أَبانَيْنِ وَبِمَنْزِلَةِ جَمْعٍ، وَلَوْ كَانَتْ عَرَفَاتٌ نَكِرَةً لَكَانَتْ إِذًا عرفاتٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، قِيلَ: سُمِّيَ عَرَفَةَ لأَن النَّاسَ يَتَعَارَفُونَ بِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ عَرَفَةَ لأَن جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، طَافَ بِإِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكَانَ يُرِيهِ المَشاهِد فَيَقُولُ لَهُ: أَعرفْتَ أَعرفت؟ فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: عَرِفْتُ عَرِفْتُ، وَقِيلَ: لأَنّ آدَمَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا هَبَطَ مِنَ الْجَنَّةِ وَكَانَ مِنْ فِرَاقِهِ حوَّاء مَا كَانَ فَلَقِيَهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَرَفها وعرَفَتْه. والتَّعْرِيفُ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَاتٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ دُرَيْد:
ثُمَّ أَتى التَّعْرِيفَ يَقْرُو مُخْبِتاً
تَقْدِيرُهُ ثُمَّ أَتى مَوْضِعَ التَّعْرِيفِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ. وعَرَّفَ القومُ: وَقَفُوا بِعَرَفَةَ؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ مَغْراء:
وَلَا يَريمون للتَّعْرِيفِ مَوْقِفَهم ... حَتَّى يُقال: أَجيزُوا آلَ صَفْوانا «2»
وَهُوَ المُعَرَّفُ للمَوْقِف بعَرَفات. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَذَلِكَ بَعْدَ المُعَرَّفِ
، يُرِيدُ بَعْدَ الوُقوف بعرفةَ. والمُعَرَّفُ فِي الأَصل: مَوْضِعُ التعْريف وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وعَرَفَات موضع بِمنًى
__________
(1) . قوله [والنائحي إلخ] كذا بالأصل.
(2) . قوله [صفوانا] هو هكذا في الأصل، واستصوبه المجد في مادة صوف راداً على الجوهري.(9/242)
وَهُوَ اسْمٌ فِي لَفْظِ الْجَمْعِ فَلَا يُجْمع، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَا وَاحِدَ لَهُ بِصِحَّةِ، وَقَوْلُ النَّاسِ: نَزَلْنَا بعَرَفَة شَبيه بمولَّد، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ مَحْض، وَهِيَ مَعْرِفَة وَإِنْ كَانَ جَمْعًا لأَن الأَماكن لَا تَزُولُ فَصَارَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَخَالَفَ الزيدِين، تَقُولُ: هَؤُلَاءِ عَرَفَاتٌ حسَنةً، تَنْصِب النعتَ لأَنه نكِرة وَهِيَ مَصْرُوفَةٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ
؛ قَالَ الأَخفش: إِنَّمَا صُرِفَتْ لأَن التَّاءَ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْيَاءِ وَالْوَاوِ فِي مُسلِمين وَمُسْلِمُونَ لأَنه تَذْكِيرُهُ، وَصَارَ التَّنْوِينُ بِمَنْزِلَةِ النُّونِ، فَلَمَّا سُمِّيَ بِهِ تُرِك عَلَى حَالِهِ كَمَا تُرِك مُسْلِمُونَ إِذَا سُمِّيَ بِهِ عَلَى حَالِهِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي أَذْرِعاتٍ وعاناتٍ وعُرَيْتِنات والعُرَفُ: مَواضِع مِنْهَا عُرفةُ ساقٍ وعُرْفةُ الأَملَحِ وعُرْفةُ صارةَ. والعُرُفُ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ جَبَلٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَهاجَكَ بالعُرُفِ المَنْزِلُ، ... وَمَا أَنْتَ والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟ «1»
وَاسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ بِهَذَا الْبَيْتِ عَلَى قَوْلِهِ العُرْف. والعُرُفُ: الرَّمْلُ الْمُرْتَفِعُ؛ قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ عُسْر وعُسُر، وَكَذَلِكَ العُرْفَةُ، وَالْجَمْعُ عُرَف وأَعْرَاف. والعُرْفَتَانِ: بِبِلَادِ بَنِي أَسد؛ وأَما قَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ:
وَمَا كنْت ممّنْ عَرَّفَ الشَّرَّ بَيْنَهُمْ، ... وَلَا حِينَ جَدّ الجِدُّ مِمَّنْ تَغَيَّبا
فَلَيْسَ عرَّف فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا أَراد أَرَّث، فأَبدل الأَلف لِمَكَانِ الْهَمْزَةِ عيْناً وأَبدل الثَّاءَ فَاءً. ومَعْرُوف: اسْمُ فَرَسِ الزُّبَيْر بْنِ الْعَوَّامِ شَهِدَ عَلَيْهِ حُنَيْناً. ومَعْرُوف أَيضاً: اسْمُ فَرَسِ سلمةَ بْنِ هِند الغاضِريّ مِنْ بَنِي أَسد؛ وَفِيهِ يَقُولُ:
أُكَفِّئُ مَعْرُوفاً عَلَيْهِمْ كأَنه، ... إِذَا ازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ الأَسِنَّةِ أَحْرَدُ
ومَعْرُوف: وادٍ لَهُمْ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
وَحَتَّى سَرَتْ بَعْدَ الكَرى فِي لَوِيِّهِ ... أَساريعُ مَعْرُوفٍ، وصَرَّتْ جَنادِبُهْ
وَذَكَرَ فِي تَرْجَمَةِ عزف: أَن جَارِيَتَيْنِ كَانَتَا تُغَنِّيان بِمَا تَعازَفَت الأَنصار يَوْمَ بُعاث، قَالَ: وَتُرْوَى بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَي تَفاخَرَتْ.
عرصف: العِرْصافُ: العَقَبُ المُسْتَطِيل وأَكثر مَا يُعْنَى بِهِ عقَبُ المتْنين والجَنْبَيْن، وَكُلُّ خُصْلة مِنْ سَرَعان المتْنَيْن عِرْصَاف وعِرْفاص؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُهُ مِنَ الْعَرَبِ. وعَرْصَفَ الشيءَ: جَذَبه. والعَرَاصِيفُ فِي الرَّحْل: كالعَصافِير، وَالْوَاحِدُ عُرْصُوف؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَمِنْهُ يُقَالُ اقْطَعْ عَراصيفه، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. وعِرْصَافُ الإِكاف وعُرْصُوفُه وعُصْفُوره: قِطْعَةُ خَشَبٍ مشدودةٌ بَيْنَ الحِنْوَين المُقَدَّمين. والعِرْصَافُ: الخصْلةُ مِنَ العَقَب الَّتِي يُشَدُّ بِهَا عَلَى قُبة الْهَوْدَجِ. والعِرْصَاف والعِرفاص: السَّوط مِنَ العقَب. والعَراصِيفُ: مَا عَلَى السَّناسِن كالعَصافير. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى العرافِيص فِيهِ لُغَةً. الأَزهري: العَرَاصِيفُ أَربعة أَوتاد يجمعن بين رؤوس أَحناء الرَّحل، فِي رأْس كُلِّ حِنْو مِنْ ذَلِكَ وَتَدَانِ مَشْدودان بعَقب أَو بِجُلُودِ الإِبل، وَفِيهِ الظَّلِفات، يَعْدِلون الحنْو بالعُرصُوفِ. وعَرَاصِيفُ الْقَتَبِ: عَصافِيرُه. والعَراصِيف: الْخَشَبُ الذي تشدّ به رؤوس الأَحْناء وَتُضَمُّ بِهِ؛ قَالَ
__________
(1) . قوله [أهاجك] في الصحاح ومعجم ياقوت أأبكاك.(9/243)
الأَصمعي: فِي الرَّحْلِ العَرَاصِيفُ وَهِيَ الخَشبتانِ اللَّتَانِ تُشدَّان بَيْنَ وَاسِطِ الرحْل وأَخَرَته يميناً وشمالًا.
عزف: عَزَفَ يَعْزُفُ عَزْفاً: لَهَا. والمَعَازِفُ: المَلاهي، وَاحِدُهَا مِعْزَف ومِعْزَفَة. وعَزَفَ الرَّجُلُ يَعزِفُ إِذَا أَقام فِي الأَكل وَالشُّرْبِ، وَقِيلَ: وَاحِدُ المَعَازِف عَزْفٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَنَظِيرُهُ ملامحُ ومَشابِهُ فِي جَمْعِ شَبه ولمْحَة، والمَلاعبُ الَّتِي يُضْرب بِهَا،
يَقُولُونَ لِلْوَاحِدِ عَزْف، وَالْجَمْعُ مَعَازِفُ رِوَايَةٌ عَنِ الْعَرَبِ
، فَإِذَا أُفرد المِعْزَفُ، فَهُوَ ضَرْب مِنَ الطَّنابير وَيَتَّخِذُهُ أَهل الْيَمَنِ وغيرُهم، يَجْعَلُ العُود مِعْزَفاً. وعَزْفُ الدُّفِّ: صوتُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه مرَّ بعَزْف دُفٍّ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: خِتان، فَسَكَتَ
؛ العَزْفُ: اللَّعِبُ بالمَعازِف، وَهِيَ الدُّفُوف وَغَيْرُهَا مِمَّا يُضرب؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
للخَوْتَعِ الأَزرَقِ فِيهَا صاهلْ، ... عَزْفٌ كعَزْفِ الدُّفِّ والجلاجِلْ
وَكُلُّ لَعِب عَزْفٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْع: إِذَا سَمِعْنَ صوتَ المعازِف أَيْقَنَّ أَنهنَّ هَوالِكُ.
والعَازِفُ: اللاعِبُ بِهَا والمُغَني، وَقَدْ عَزَفَ عَزْفاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ جارِيَتَين كَانَتَا تُغَنِّيان بِمَا تَعَازَفَت الأَنصار يَوْمَ بُعاثَ
أَي بِمَا تَنَاشَدَتْ مِنَ الأَراجيز فِيهِ، وَهُوَ مِنَ العَزِيف الصوْت، وَرُوِيَ بِالرَّاءِ، أَي تَفاخَرَتْ، وَيُرْوَى تَقاذفَت وتَقارَفَت. وعَزَفتِ الجنُّ تَعزِفُ عَزْفاً وعَزِيفاً: صوَتت ولَعِبَت؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَزِيف كتَضْرابِ المُغَنِّين بالطَّبْل
وَرَجُلٌ عَزُوفٌ عَنِ اللَّهْو إِذَا لَمْ يَشْتَهه، وعَزُوف عَنِ النِّسَاءِ إِذَا لَمْ يَصْبُ إليهنَّ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يُخاطب نَفْسَهُ:
عَزَفْتَ بأَعْشاشٍ، وَمَا كِدْتَ تَعْزِفُ، ... وأَنْكَرْتَ مِن حَدْراء مَا كنتَ تعرِفُ
وَقَوْلُ مَلِيحٍ:
هِرْكَوْلة ليسَتْ مِنَ العَشانِقِ. ... وَلَا العَزِيفاتِ وَلَا المَعانِقِ
وعَزَفَتِ القوْسُ عَزْفاً وعَزِيفاً: صوَّتت؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والعَزِيفُ: صَوَّتَ الرِّمال إِذَا هَبَّت بِهَا الرِّياح. وعَزْفُ الرِّياح: أَصواتها. وأَعزَفَ: سَمِعَ عَزيفَ الرِّياح والرِّمال. وعَزِيفُ الرياحِ: مَا يُسْمَعُ مِنْ دوِيِّها. والعَزْفُ والعَزِيفُ: صَوْتٌ فِي الرَّمْلِ لَا يُدْرَى مَا هُوَ، وَقِيلَ: هُوَ وُقوعُ بعضِه عَلَى بَعْضٍ. وَرَمْلٌ عَازِف وعَزَّاف: مُصوِّت، وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ العَزِيف أَصوات الجِنّ؛ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ:
وَإِنِّي لأَجْتابُ الفَلاةَ، وبَينها ... عَوازِفُ جِنّانٍ، وهامٌ صَواخِدُ
وَهُوَ العزفُ أَيضاً. وَقَدْ عَزَفَتِ الْجِنُّ تَعْزِفُ، بِالْكَسْرِ، عَزِيفاً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَتْ الجنُّ تَعزِفُ الليلَ كُلَّهُ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةِ
؛ عَزِيفُ الْجِنِّ: جَرْسُ أَصواتها، وَقِيلَ: هُوَ صَوْتٌ يُسْمَعُ بِاللَّيْلِ كَالطَّبْلِ، وَقِيلَ: هُوَ صَوْتُ الرِّياح فِي الجوِّ فتَوهَّمَه أَهل الْبَادِيَةِ صوتَ الْجِنِّ. والعَزَّاف: رَمْلٌ لِبَنِي سَعْدٍ صِفَةٌ غَالِبَةٌ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ وَيُسَمَّى أَبْرَقَ العَزَّاف. وسَحاب عَزَّاف: يُسمع مِنْهُ عَزِيفُ الرَّعْد وَهُوَ دَوِيُّه؛ وأَنشد الأَصمعي لجَندل بْنِ المُثَنَّى:(9/244)
يَا رَبُّ رَبَّ المُسلِمِين بالسُّوَرْ، ... لَا تَسْقِه صَيِّبَ عَزَّافٍ جُؤَرْ
قَالَ: ومطَر عزَّاف مُجَلْجِل،
وَرَوَى الْفَارِسِيُّ هَذَا الْبَيْتَ عَزَّاف، بِالزَّايِ
،
وَرِوَايَةُ ابْنِ السِّكِّيتِ غَرّاف.
وعَزَفَت نَفْسِي عَنِ الشَّيْءِ تَعْزِفُ وتَعْزُف عَزْفاً وعُزُوفاً: تركَتْه بَعْدَ إعْجابها وزَهِدَتْ فِيهِ وانْصرفت عَنْهُ. وعَزَفَت نفْسُه أَي سَلَتْ، وَفِي حَدِيثِ
حارثةَ: عَزَفَتْ نفسِي عَنِ الدُّنيا
أَي عافتْها وكَرِهَتها،
وَيُرْوَى عَزَفْتُ
، بِضَمِّ التَّاءِ، أَي منعتُها وصَرَفْتها؛ وقولُ أَمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
وقِدْماً تَعَلَّقْتُ أُمَّ الصَّبِيِّ ... مِنِّي عَلَى عُزُفٍ واكْتِهال
أَراد عُزوف فَحَذَفَ. والعَزُوف: الَّذِي لَا يَكَادُ يَثْبُت عَلَى خُلَّة؛ قَالَ:
أَلم تَعْلَمِي أَني عَزُوفٌ عَلَى الهَوى، ... إِذَا صَاحِبِي فِي غَيْرِ شَيْءٍ تَعَصَّبا؟
واعْزَوْزَفَ للشرِّ: تهيّأَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعزَّافُ: جبَل مِنْ جِبال الدَّهْناء. والعُزْف: الْحَمَامُ الطُّورانِيَّة فِي قَوْلِ الشماخ:
حتى استَغاثَ بأَحْوَى فَوْقَه حُبُكٌ، ... يَدْعُو هَديلًا بِهِ العُزْفُ العَزاهِيلُ
وَهِيَ المُهْمَلةُ. والعُزْف: الَّتِي لَهَا صوت وهَدير.
عسف: العَسْفُ: السَّير بِغَيْرِ هِدَايَةٍ والأَخْذُ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ، وَكَذَلِكَ التَّعَسُّفُ والاعْتِسافُ، والعَسْف: رُكوب المَفازَةِ وقطْعُها بِغَيْرِ قَصْد وَلَا هِداية وَلَا تَوَخِّي صَوْب وَلَا طَريق مَسْلوك. يُقَالُ: اعْتسف الطريقَ اعتِسافاً إِذَا قَطَعَه دُونَ صوْب تَوَخّاه فأَصابه. والتَّعْسِيفُ: السَّيْرُ عَلَى غَيْرِ عَلَم وَلَا أَثرٍ. وعَسَفَ المَفازةَ: قَطَعَها كَذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ عَسُوفٌ إِذَا لَمْ يَقْصِد قَصْدَ الحقِّ؛ وَقَوْلُ كثيِّر:
عَسُوف بأَجْواز الفَلا حِمْيَريّة
العَسُوف: الَّتِي تَمُرُّ عَلَى غَيْرِ هِدَايَةٍ فَتَرْكَبُ رأْسها فِي السَّيْرِ وَلَا يَثْنيها شَيْءٌ. والعَسْفُ: رُكُوبُ الأَمر بِلَا تَدْبِيرٍ وَلَا رَويّة، عَسَفَه يَعْسِفُه عَسْفاً وتَعَسَّفَه واعْتَسَفه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قَدْ أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهُولَ مَعْسِفُه ... فِي ظِلِّ أَغْضَفَ، يَدْعُو هامَه البُومُ
وَيُرْوَى: فِي ظِلٍّ أَخْضَر
، وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وعَسَفَتْ مَعاطِناً لَمْ تَدْثُر
مَدَحَ إِبِلًا فَقَالَ: إِذَا ثَبَتَتْ ثَفناتُها فِي الأَرض بَقِيَت آثارُها فِيهَا ظَاهِرَةٌ لَمْ تدْثُر، قَالَ: وَقِيلَ تَرِدُ الظِّمء الثَّانِي، وأَثَرُ ثَفِنَاتِهَا الأَوَّل فِي الأَرض ومَعاطِنُها لَمْ تدْثُر؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ورَدْتُ اعْتِسافاً، والثُّرَيّا كأَنها، ... عَلَى هامةِ الرأْس، ابْنُ ماءٍ مُحَلِّقُ
وَقَالَ أَيضاً:
يَعْتَسِفانِ الليلَ ذَا الحُيودِ ... أَمّاً بكلِّ كوْكَبٍ حَريدِ «2»
وعَسَفَ فُلَانٌ فُلَانًا عَسْفاً: ظلَمه. وعَسَفَ السلطانُ
__________
(2) . قوله [الحيود] كذا في الأصل هنا، وتقدم للمؤلف في مادة حرد: السدود.(9/245)
يَعْسِفُ واعْتَسَفَ وتَعَسَّفَ: ظلَم، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تبلُغ شَفَاعَتِي إِمَامًا عَسُوفاً
أَي جَائِرًا ظلُوماً. والعَسْف فِي الأَصل: أَن يأْخذ الْمُسَافِرُ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ وَلَا جَادَّةٍ وَلَا عَلَم فَنَقَلَ إِلَى الظُّلم والجَوْر. وتعسَّف فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا رَكِبَهُ بِالظُّلْمِ وَلَمْ يُنْصِفه. وَرَجُلٌ عَسُوف إِذَا كَانَ ظَلُومًا. والعَسِيفُ: الأَجيرُ المُسْتهانُ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إنَّ ابْني كَانَ عَسِيفاً عَلَى رَجُلٍ كَانَ مَعَهُ وإنه زنى بامرأَته
، أَي كَانَ أَجيراً. والعُسَفاء: الأُجَراء، وَقِيلَ: العَسِيفُ الممْلوك المُسْتهان بِهِ؛ قَالَ نَبِيهُ بن الحجّاج:
أَطَعْتُ النفْسَ فِي الشَّهَواتِ حَتَّى ... أَعادَتْني عَسِيفاً، عَبدَ عَبْدِ
وَيُرْوَى: أَطعت العِرْس
، وَهُوَ فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كأَسير أَو بِمَعْنَى فَاعِلٍ كَعَلِيمٍ مِنَ العَسْف الجَوْر وَالْكِفَايَةُ. يُقَالُ: هُوَ يَعْسِفُهم أَي يَكْفِيهم. وَكَمْ أَعْسِفُ عَلَيْكَ أَي كَمْ أَعْمَل لَكَ، وَقِيلَ: كُلُّ خَادِمٍ عَسِيف. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقْتُلُوا عَسِيفاً وَلَا أَسيفاً.
والأَسِيفُ: العَبْدُ، وَقِيلَ: الشَّيْخُ الْفَانِي، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَشْتَرِيهِ بمالِه، وَالْجَمْعُ عُسَفاء عَلَى الْقِيَاسِ، وعِسَفةٌ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعث سَرِيّة فنَهى عَنْ قَتْلِ العُسَفاء والوُصَفاء
، وَيُرْوَى
الأُسَفاء.
واعْتَسَفَه: اتّخَذه عَسِيفاً. وعَسَفَ البعيرُ يَعْسِفُ عَسْفاً وعُسُوفاً: أَشرف عَلَى الْمَوْتِ مِنَ الغُدّة، فَهُوَ عَاسِف، وَقِيلَ: العَسْف أَن يَتَنَفّس حَتَّى تَقْمُصَ حَنْجَرتُه أَي تَنْتفخ؛ وأَما قَوْلِ أَبي وجْزة السعْديّ:
واسْتَيْقَنَت أَنّ الصَّلِيفَ مُنْعَسِفْ
فَهُوَ مِنْ عَسْفِ الحَنْجرة إِذَا قَمَصَت لِلْمَوْتِ. وأَعْسَف الرجلُ إِذَا أَخذ بعيرَه العَسْفُ، وَهُوَ نفَسُ الْمَوْتِ؛ وَنَاقَةٌ عاسِفٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: أَصابها ذَلِكَ. والعُسَاف للإِبل: كالنِّزاع للإِنسان. قَالَ الأَصمعي: قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ: مَا العُسَاف؟ قَالَ: حِينَ تَقمُص حَنجرتُه أَي تَرْجُفُ مِنَ النفَس؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فِي قُرْزُل يَوْمَ الرَّقَم:
ونِعْم أَخُو الصُّعْلُوكِ أَمْسِ تَرَكْتُه ... بتَضْرُعَ، يَمْري باليدينِ ويَعْسِف
وأَعْسَفَ الرجلُ إِذَا أَخذ غلامَه بعمَل شَدِيدٍ، وأَعْسَفَ إِذَا سَارَ بِاللَّيْلِ خَبطَ عَشْواء. والعَسْفُ: القَدَحُ الضخْم. والعُسُوفُ: الأَقْداح الكِبار. وعُسْفانُ: مَوْضِعٌ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ قَرْية جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: هِيَ مَنْهلة مِنْ مَناهِل الطَّرِيقِ بَيْنَ الجُحفة وَمَكَّةَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يا خَلِيلَيَّ ارْبَعا واسْتَخْبِرا ... رَسْماً بعُسْفَانْ
والعَسّاف: اسْمُ رجل.
عسقف: العَسْقَفَةُ: نَقِيضُ الْبُكَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ جُمود الْعَيْنِ عن البكاء إذ أَراده أَوْ هَمَّ بِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَكَى فُلَانٌ وعَسْقَفَ فُلَانٌ إِذَا جَمَدَت عينُه فَلَمْ يَقدِر على البكاء.
عشف: ابْنُ الأَعرابي: العُشُوف الشَّجَرَةُ الْيَابِسَةُ. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذَا جِيءَ بِهِ أَوَّل مَا يُجاء بِهِ لَا يأْكل القَتَّ وَلَا النَّوى: إِنَّهُ لمُعْشِف، والمُعْشِف: الَّذِي عرِض عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يأْكل فَلَمْ يأْكله. وأَكلْت طَعاماً فأَعْشَفْت عَنْهُ وَلَمْ يَهْنَأْني، وَإِنِّي(9/246)
لأَعْشِفُ هَذَا الطَّعَامَ أَي أَقْذَرُه وأَكرهه. وو الله مَا يُعْشَفُ لِيَ الأَمْر القَبيح أَي مَا يُعْرَفُ لِي؛ وَقَدْ رَكِبْتَ أَمراً مَا كَانَ يُعْشَفُ لَكَ أَي مَا كَانَ يُعْرَفُ لك.
عصف: العَصْفُ والعَصْفَة والعَصِيفَة والعُصَافَة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: مَا كَانَ عَلَى سَاقِ الزَّرْعِ مِنَ الْوَرَقِ الَّذِي يَيْبَسُ فَيَتَفَتَّتُ، وَقِيلَ: هُوَ وَرَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَن يُعَيَّن بيُبْس وَلَا غَيْرِهِ، وَقِيلَ: وَرَقُهُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ
؛ يَعْنِي بالعَصْف وَرَقَ الزَّرْعِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ، وأَمّا الرَّيْحانُ فَالرِّزْقُ وَمَا أُكل مِنْهُ، وَقِيلَ: العَصف والعَصِيفةُ والعُصافة التّبْن، وَقِيلَ: هُوَ مَا عَلَى حَبِّ الحِنطة وَنَحْوِهَا مِنَ قُشور التِّبْنِ. وَقَالَ النَّضِرُ: العَصْف القَصِيل، وَقِيلَ: الْعَصْفُ بَقْلُ الزَّرْعِ لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ خَرُجْنَا نَعْصِفُ الزَّرْعَ إِذَا قَطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ إدْراكه فَذَلِكَ العَصْفُ. والعَصْفُ والعَصِيفَةُ: وَرَقُ السُّنْبُل. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذُو الْعَصْفِ
، يُرِيدُ المأْكول مِنَ الْحَبِّ، والرَّيْحانُ الصَّحِيحُ الَّذِي يُؤْكَلُ، والعصْفُ والعَصِيف: مَا قُطِع مِنْهُ، وَقِيلَ: هُمَا وَرَقُ الزَّرْعِ الَّذِي يَمِيلُ فِي أَسفله فتَجُزّه لِيَكُونَ أَخفّ لَهُ، وَقِيلَ: العصْفُ مَا جُزَّ مِنْ وَرَقِ الزَّرْعِ وَهُوَ رَطْب فأُكل. والعَصِيفَةُ: الْوَرَقُ المُجْتَمِع الَّذِي يَكُونُ فِيهِ السُّنْبُلُ. والعَصف: السُّنْبل، وَجَمْعُهُ عُصُوف. وأَعْصَفَ الزرعُ: طَالَ عَصْفُه. والعَصِيفةُ: رؤوس سُنْبُلِ الحِنْطة. وَالْعَصْفُ والعَصِيفة: الْوَرَقُ الَّذِي يَنْفَتح عَنِ الثَّمَرَةِ والعُصَافة: مَا سَقَطَ مِنَ السُّنْبُلِ كَالتِّبْنِ وَنَحْوِهِ. أَبو الْعَبَّاسِ: العَصْفانِ التِّبْنانِ، والعُصُوفُ الأَتْبانُ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الْعَصْفُ الَّذِي يُعصف مِنَ الزَّرْعِ فَيُؤْكَلُ، وَهُوَ العَصِيفَة؛ وأَنشد لعَلْقَمة بْنِ عَبْدَة:
تَسقِي مذانِبَ قَدْ مالَتْ عَصِيفَتُها
وَيُرْوَى: زَالَتْ عَصِيفَتُهَا
أَي جُزَّ ثُمَّ يُسْقَى لِيَعُودَ وَرَقُهُ. وَيُقَالُ: أَعْصَفَ الزَّرْعُ حَانَ أَن يجزَّ. وعَصَفْنَا الزَّرْعَ نَعْصِفُه أَي جَزَزْنَا وَرَقَهُ الَّذِي يَمِيلُ فِي أَسفله لِيَكُونَ أَخَفَّ لِلزَّرْعِ، وَقِيلَ: جَزَزْنا وَرَقَهُ قَبْلَ أَن يُدْرِك، وَإِنْ لَمْ يُفعل مالَ بِالزَّرْعِ، وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَول هَذِهِ السُّورَةِ مَا دلَّ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ مِنْ خَلْقِه الإِنسان وتَعْلِيمه البيانَ، وَمِنْ خَلْقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالسَّمَاءِ والأَرض وَمَا أَنبت فِيهَا مِنْ رزقِ مَنْ خَلَقَ فِيهَا مِنْ إِنْسِيٍّ وَبَهِيمَةٍ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحسن الْخَالِقِينَ. واسْتَعْصَفَ الزرعُ: قَصَّب. وعَصَفَه يَعْصِفُه عَصْفاً: صرمَه مِنْ أَقْصابه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
، لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَنه جَعَلَ أَصحاب الْفِيلِ كَوَرَقٍ أُخذ مَا فِيهِ مِنَ الْحَبِّ وَبَقِيَ هُوَ لَا حَبَّ فِيهِ، وَالْآخَرُ أَنه أَراد أَنه جَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ قَدْ أَكله الْبَهَائِمُ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
، قَالَ: هُوَ الهَبُّور
وَهُوَ الشَّعِيرُ النَّابِتُ، بِالنَّبَطِيَّةِ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ كَعَصْفٍ
قَالَ: يُقَالُ فُلَانٌ يَعْتَصِفُ إِذَا طَلَبَ الرِّزْقَ،
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنه الزَّرْعُ الَّذِي أُكل حَبُّهُ وَبَقِيَ تِبْنه
؛ وأَنشد أَبو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ:
فصُيِّروا مِثْلَ كعَصْفٍ مأْكولْ
أَراد مِثْلَ عَصْفٍ مأْكول، فَزَادَ الْكَافَ لتأْكيد الشَّبَهِ كَمَا أَكده بِزِيَادَةِ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، إِلَّا أَنَّهُ فِي الْآيَةِ أَدخل الْحَرْفَ عَلَى الِاسْمِ وَهُوَ سَائِغٌ، وَفِي الْبَيْتِ أَدخل الِاسْمَ وَهُوَ مِثْلَ عَلَى الْحَرْفِ وَهُوَ الْكَافُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ بِمَاذَا جُرَّ عَصْف أَبالكاف الَّتِي تُجاوِرُه أَم بِإِضَافَةِ مِثْلَ إِلَيْهِ عَلَى أَنه فَصَلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ؟ فَالْجَوَابُ أَن الْعَصْفَ فِي الْبَيْتِ لَا يَجُوزُ(9/247)
أَن يَكُونَ مَجْرُورًا بِغَيْرِ الْكَافِ وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً، يدُلّك عَلَى ذَلِكَ أَن الْكَافَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَقَعُ فِيهِ زَائِدَةً لَا تَكُونُ إِلَّا جارَّة كَمَا أَنَّ مِنْ وَجَمِيعَ حُرُوفِ الْجَرِّ فِي أَي مَوْضِعٍ وقَعْن زَوَائِدَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَن يَجْرُرْنَ مَا بَعْدَهُنَّ، كَقَوْلِكَ مَا جَاءَنِي مِنْ أَحد وَلَسْتُ بِقَائِمٍ، فَكَذَلِكَ الْكَافُ فِي كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
هِيَ الجارَّة لِلْعَصْفِ وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى مَا تقدَّم، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمِنْ أَيْنَ جَازَ لِلِاسْمِ أَن يَدْخُلَ عَلَى الْحَرْفِ فِي قَوْلِهِ مِثْلَ كَعَصْفٍ مأْكول؟ فَالْجَوَابُ أَنه إِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِمَا بَيْنَ الْكَافِ وَمِثْلَ مِنَ المُضارَعة فِي الْمَعْنَى، فَكَمَا جَازَ لَهُمْ أَن يُدخلوا الْكَافَ عَلَى الْكَافِ فِي قَوْلِهِ:
وصالِياتٍ كَكما يُؤَثْفَينْ
لِمُشَابَهَتِهِ لِمِثْلَ حَتَّى كأَنه قَالَ كَمَثَلِ مَا يُؤْثَفْيَنِ كَذَلِكَ أَدخلوا أَيضاً مِثْلًا عَلَى الْكَافِ فِي قَوْلِهِ مِثْلَ كَعَصْفٍ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى قوَّة الشَّبَهِ بَيْنَ الْكَافِ وَمِثْلَ. ومَكان مُعْصِفٌ: كَثِيرُ الزَّرْعِ، وَقِيلَ: كَثِيرُ التِّبْنِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد:
إِذَا جُمادَى مَنَعَت قَطْرها، ... زانَ جَنابي عَطَنٌ مُعْصِفُ «1»
هَكَذَا رَوَاهُ،
وَرِوَايَتُنَا مُغْضِف
، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَنَسَبَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ لأَبي قَيْسِ بْنِ الأَسلت الأَنصاري؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لأُحَيْحةَ بْنِ الجُلاح لَا لأَبي قَيْسٍ. وعَصَفَتِ الرِّيحُ تَعْصِفُ عَصْفاً وعُصُوفاً، وَهِيَ رِيحٌ عَاصِف وعَاصِفَةٌ ومُعْصِفَة وعَصُوف، وأَعْصفت، فِي لُغَةِ أَسد، وَهِيَ مُعصِف مِنْ رِيَاحٍ مَعاصِفَ ومَعاصِيفَ إِذَا اشتدَّت، والعُصوف للرِّياح. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً
، يَعْنِي الرِّيَاحَ، والرّيحُ تَعْصِفُ مَا مَرَّت عَلَيْهِ مِنْ جَوَلان التُّرَابِ تَمْضِي بِهِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ العَصْف الَّذِي هُوَ التِّبْن مُشْتَقٌّ مِنْهُ لأَن الرِّيحَ تَعْصِفُ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذَا عَصَفَتِ الريحُ
أَي إِذَا اشتدَّ هُبوبُها. وَرِيحٌ عَاصِف: شَدِيدَةُ الهُبوب. والعُصَافَةُ: مَا عَصَفَت بِهِ الرِّيحُ عَلَى لَفْظِ عُصافة السُّنْبُل. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ
، قَالَ: فَجَعَلَ العُصوف تَابِعًا لِلْيَوْمِ فِي إِعْرَابِهِ، وَإِنَّمَا العُصُوف لِلرِّيَاحِ، قَالَ: وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَن العُصُوف وَإِنْ كَانَ لِلرِّيحِ فَإِنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُوصَفُ بِهِ لأَن الرِّيحَ تَكُونُ فِيهِ، فَجَازَ أَن يُقَالَ يَوْمٌ عَاصِفٌ كَمَا يُقَالُ يَوْمٌ بَارِدٌ وَيَوْمٌ حَارٌّ وَالْبَرْدُ وَالْحَرُّ فِيهِمَا، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَن يُرِيدَ فِي يَوْمٍ عَاصِف الريحِ فَتُحْذَفُ الرِّيحُ لأَنها قَدْ ذُكِرَتْ فِي أَوَّل كَلِمَةٍ كَمَا قَالَ:
إِذَا جَاءَ يومٌ مُظْلِمُ الشمسِ كاسِفُ
يُرِيدُ كاسِف الشَّمْسِ فَحَذَفَهُ لأَنه قَدَّمَ ذِكْرَهُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَوْمٌ عَاصِف أَي تَعْصِف فِيهِ الرِّيحُ، وَهُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ فِيهِ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ لَيْلٌ نائمٌ وهَمٌّ ناصبٌ، وَجَمْعُ العَاصِف عَوَاصِفُ. والمُعْصِفاتُ: الرِّياحُ الَّتِي تُثير السَّحاب والوَرَق وعَصْفَ الزَّرعِ. والعَصْفُ والتعصُّف: السُّرعة، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. وأَعْصَفَتِ الناقةُ فِي السَّيْرِ: أَسْرَعتْ، فَهِيَ مُعْصفة؛ وأَنشد:
وَمِنْ كلِّ مِسْحاجٍ، إذا ابْتَلَّ لِيتُها، ... تَخَلَّبَ منها ثائبٌ مُتَعَصِّفُ
__________
(1) . قوله [جنابي] بالجيم مفتوحة وبالباء هو الفناء وعطن بالنون، وتقدم البيت في مادة جمد بلفظ زان جناني جمع الجنة، ولعلّ الصواب ما هنا.(9/248)
يَعْنِي العَرَق. وأَعْصَفَ الفَرسُ إِذَا مرَّ مَرًّا سَريعاً، لُغَةٌ فِي أَحْصَف. وَحَكَى أَبو عُبَيْدَةَ: أَعْصَف الرَّجُلُ أَي هَلَك. والعَصيفةُ: الوَرقُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ السُّنْبُل. والعَصُوف: السَّرِيعَةُ مِنَ الإِبل. قَالَ شَمِرٌ: نَاقَةٌ عَاصِف وعَصُوفٌ سَرِيعَةٌ؛ قَالَ الشمَّاخ:
فأَضْحَت بصَحْراء البَسِيطةِ عَاصِفًا، ... تُوالي الحَصى سُمْرَ العُجاياتِ مُجْمِرَا
وتُجْمَعُ الناقةُ العَصوفُ عُصُفاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بعُصُفِ المَرِّ خِماصِ الأَقْصابْ
يَعْنِي الأَمعاء. وَقَالَ النَّضْرُ: إعْصَافُ الإِبل اسْتِدارتها حَوْلَ البِئر حِرْصاً عَلَى الْمَاءِ وَهِيَ تطحنُ التُّرَابَ حَوْلَهُ وتُثِيره. ونَعامة عَصُوفٌ: سَرِيعَةٌ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَعْصِفُ بِرَاكِبِهَا فتَمضي بِهِ. والإِعصَاف: الإِهْلاك. وأَعْصَف الرجلُ: هلَك. والحَرب تَعْصِف بِالْقَوْمِ: تَذهَب بِهِمْ وتُهْلِكُهم؛ قَالَ الأَعشى:
فِي فَيْلَقٍ جَأْواء مَلْمُومةٍ ... تَعْصِف بالدَّارِعِ والحاسِر
أَي تُهْلِكهما. وأَعْصَفَ الرجلُ: جَارَ عَنِ الطَّرِيقِ. قَالَ المُفَضَّل: إِذَا رَمَى الرَّجُلُ غَرَضاً فَصَافَ نبلُه قِيلَ إِنَّ سَهْمَكَ لعاصِفٌ، قَالَ: وكلُّ مَائِلٍ عَاصِفٌ؛ وَقَالَ كثِّير:
فَمَرّت بلَيْلٍ، وَهِيَ شَدْفاء عَاصِفٌ ... بمُنْخَرَقِ الدَّوداة، مَرَّ الخَفَيدَدِ «2»
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ يَعْصِفُ ويَعْتَصِفُ ويَصْرِفُ ويَصْطَرِف أَي يَكْسِبُ. وعَصَفَ يَعْصِفُ عَصْفاً واعتَصَفَ: كسَب وطلَب واحْتالَ، وَقِيلَ: هُوَ كَسْبُه لأَهله. والعَصْفُ: الْكَسْبُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجُ:
قَدْ يَكْسِبُ المالَ الهِدانُ الْجَافِي، ... بغَير مَا عَصْفٍ وَلَا اصْطِرافِ
والعُصُوفُ: الكَدُّ «3» . والعُصُوفُ: الخُمور.
عطف: عَطَفَ يَعْطِفُ عَطْفاً: انصرفَ. وَرَجُلٌ عَطوف وعَطَّاف: يَحْمِي المُنْهَزِمين. وعَطَفَ عَلَيْهِ يَعْطِفُ عَطَفاً: رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا يَكْرَهُ أَو لَهُ بِمَا يُرِيدُ. وتَعَطَّفَ عَلَيْهِ: وصَلَه وبرَّه. وتعطَّف عَلَى رَحِمه: رَقَّ لَهَا. والعاطِفةُ: الرَّحِم، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَرَجُلٌ عَاطِف وعَطُوف: عَائِدٌ بِفَضْلِهِ حَسَنُ الخُلُق. قَالَ اللَّيْثُ: العَطَّاف الرَّجُلُ الحسَن الخُلُق الْعَطُوفُ عَلَى النَّاسِ بِفَضْلِهِ؛ وَقَوْلُ مُزاحم العُقَيْلي أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وجْدِي بِهِ وجْد المُضِلِّ قَلُوصَه ... بنَخْلةَ، لَمْ تَعْطِفْ عَلَيْهِ العواطِفُ
لَمْ يُفَسِّرِ الْعَوَاطِفَ، وَعِنْدِي أَنه يُرِيدُ الأَقْدار العَواطِفَ عَلَى الإِنسان بِمَا يُحِبُّ. وعَطَفْت عَلَيْهِ: أَشْفَقْت. يُقَالُ: مَا يَثْنيني عَلَيْكَ عاطِفةٌ مِنْ رَحِم وَلَا قَرابة. وتَعَطَّفَ عَلَيْهِ: أَشْفَقَ. وتَعَاطَفُوا أَي عطَف بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. واسْتَعطَفَه فعَطَفَ. وعَطَفَ الشيءَ يَعْطِفُه عَطْفاً وعُطُوفاً فانعطَفَ وعطَّفه فتعطَّف: حَناه وأَمالَه، شدِّد للكثرة.
__________
(2) . قوله [الدوداة] كذا بالأصل مضبوطاً ومثله شرح القاموس، وهي الجلبة والأَرجوحة كما في القاموس وغيره. وفي معجم ياقوت: الدوداء، بالمدّ، موضع قرب المدينة انتهى. وشكلت الدوداء فيه بالضم.
(3) . قوله [والعصوف الكد] عبارة القاموس وشرحه: قال ابن الأعرابي: العصوف الكدرة، هكذا في سائر النسخ، وفي العباب: الكدر، وفي اللسان: الكد.(9/249)
وَيُقَالُ: عطفْت رأْس الخشَبة فانْعطفَ أَي حَنَيْتُه فانْحنى. وعطفْت أَي مِلْت. والعَطائف: القِسِيُّ، وَاحِدَتُهَا عَطِيفةٌ كَمَا سَمَّوْها حَنِيّة. وَجَمْعُهَا حَنيٌّ. وَقَوْسٌ عَطوفٌ ومُعطَّفةٌ: مَعْطوفةُ إِحْدَى السِّيَتَين عَلَى الأُخرى. والعطيفةُ والعِطَافَةُ: الْقَوْسُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي العَطائف:
وأَشْقَرَ بَلَّى وَشْيَه خَفَقانُه، ... عَلَى البِيضِ فِي أَغمادِها والعَطائِفِ
يَعْنِي بُرْداً يُظَلَّل بِهِ، والبيضُ: السُّيوف، وَقَدْ عَطَفَها يَعْطِفُها. وَقَوْسٌ عَطْفَى: مَعْطوفة؛ قَالَ أُسامةُ الْهُذَلِيُّ:
فَمَدَّ ذِراعَيْه وأَجْنَأَ صُلْبَه، ... وفَرَّجَها عَطْفَى مَرِيرٌ مُلاكِدُ «1»
وَكُلُّ ذَلِكَ لتَعَطُّفِها وانحِنائها، وقِسِيٌّ مُعطَّفة وَلِقَاحٌ مُعطَّفة، وَرُبَّمَا عَطَفُوا عِدَّة ذَوْدٍ عَلَى فَصِيلٍ وَاحِدٍ فاحْتَلَبُوا أَلْبانهن عَلَى ذَلِكَ ليَدْرِرْن. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْقَوْسُ المعْطوفة هِيَ هَذِهِ الْعَرَبِيَّةُ. ومُنْعَطَفُ الْوَادِي: مُنْعَرَجُه ومُنْحَناه؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
مِنْ كلِّ مُعْنِقةٍ وكلِّ عِطافةٍ ... مِنها، يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَزْعَب
يَعْنِي بعِطافة هُنَا مُنْحَنًى، يَصِفُ صَخْرَةً طَوِيلَةً فِيهَا نحْل. وَشَاةٌ عَاطِفَةٌ بيِّنةُ العُطوف والعَطْف: تَثني عُنقها لِغَيْرِ عِلَّةٍ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
لَيْسَ فِيهَا عَطْفاء
أَي مُلْتَوِيةُ الْقَرْنِ وَهِيَ نَحْوُ العَقْصاء. وظَبْية عاطِفٌ: تَعْطِفُ عُنُقَهَا إِذَا رَبَضَت، وَكَذَلِكَ الحاقِفُ مِنَ الظِّباء. وتعاطَف فِي مَشْيه: تَثنَّى. يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَعَاطَفُ فِي مِشْيته بِمَنْزِلَةِ يتَهادى ويَتمايلُ مِنَ الخُيلاء والتبَخْتُر. والعَطَفُ: انثِناء الأَشْفار؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْغَيْنُ الْمُعْجَمَةُ أَعلى. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ مَعْبَد: وَفِي أَشفاره عَطَفٌ
أَي طُولٌ كأَنه طَالَ وانعطَف، وَرُوِيَ الْحَدِيثُ أَيضاً بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. وعَطَفَ الناقةَ عَلَى الحُوار وَالْبَوِّ: ظأَرَها. وَنَاقَةٌ عَطُوفٌ: عاطِفةٌ، وَالْجَمْعُ عُطُفٌ. قَالَ الأَزهري: نَاقَةٌ عَطُوف إِذَا عُطِفَت عَلَى بَوٍّ فرَئمَتْه. والعَطُوف: المُحِبَّة لِزَوْجِهَا. وامرأَة عَطِيفٌ: هَيِّنة لَيِّنَةٌ ذَلول مِطْواع لَا كِبر لَهَا، وَإِذَا قُلْتَ امرأَة عَطُوف، فَهِيَ الحانيةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ عَطوف. وَيُقَالُ: عَطَفَ فُلَانٌ إِلَى نَاحِيَةِ كَذَا يَعْطِفُ عَطْفاً إِذَا مَالَ إِلَيْهِ وَانْعَطَفَ نَحْوَهُ. وعَطَفَ رأْسَ بَعِيرِهِ إِلَيْهِ إِذَا عاجَه عَطْفاً. وعَطَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَلْبِ السُّلْطَانِ عَلَى رَعِيّته إِذَا جَعَلَهُ عَاطِفًا رَحِيماً. وعَطَفَ الرَّجُلُ وِساده إِذَا ثَنَاهُ ليرْتَفِقَ عَلَيْهِ ويَتّكِئ؛ قَالَ لَبِيَدٍ:
ومَجُودٍ مِنْ صُباباتِ الكَرَى، ... عَاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ
والعَطُوفُ والعَاطُوفُ وَبَعْضٌ يَقُولُ العأْطُوف: مِصْيَدةٌ فِيهَا خَشَبَةٌ مَعطوفة الرأْس، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْعِطَافِ خَشَبَتِهَا. والعَطْفَةُ: خَرَزَة يُعَطِّفُ بِهَا النِّسَاءُ الرجالَ، وأَرى اللِّحْيَانِيَّ حَكَى العِطْفَةَ، بِالْكَسْرِ. والعِطْفُ: المَنْكِب. قَالَ الأَزهري: مَنكِب الرَّجُلِ عِطْفُهُ، وإبْطُه عِطْفُهُ. والعُطُوف: الآباطُ. وعِطْفَا الرَّجُلِ وَالدَّابَّةِ: جَانِبَاهُ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ وشِقَّاه مِنْ لَدُنْ رأْسه إِلَى وَرِكه، وَالْجَمْعُ أَعْطَاف وعِطاف وعُطُوف. وعِطْفا كُلِّ شَيْءٍ:
__________
(1) . قوله [مرير إلخ] أنشده المؤلف في مادة لكد ممرّ وضبطناه وما بعده هناك بالجر والصواب رفعهما.(9/250)
جَانِبَاهُ. وعَطَفَ عَلَيْهِ أَي كَرَّ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لأَبي وَجْزَةَ:
العَاطِفُون، تَحِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ، ... والمُطْعِمُون، زَمان أَيْنَ المُطْعِمُ؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَرْتِيبُ إِنْشَادِ هَذَا الشِّعْرِ:
العَاطِفُون، تَحِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ، ... والمُنْعِمُون يَدًا، إِذَا مَا أَنْعَمُوا
واللَّاحِقُون جِفانَهم قَمعَ الذُّرَى، ... والمُطْعِمُون، زَمَانَ أَينَ المُطعِمُ؟
وثنَى عِطْفَه: أَعْرض. ومرَّ ثانيَ عِطْفِه أَي رَخِيَّ البالِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
؛ قَالَ الأَزهري: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن مَعْنَاهُ لاوِياً عُنقَه، وَهَذَا يُوصَفُ بِهِ المتكبِّر، فَالْمَعْنَى ومِن النَّاسِ مَنْ يُجادِل فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ثَانِيًا عِطْفَه أَي مُتَكَبِّرًا، ونَصْبُ ثانيَ عِطْفِه عَلَى الْحَالِ، وَمَعْنَاهُ التَّنْوِينُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ؛ أَي بالِغاً الكعبةَ؛ وَقَالَ أَبو سَهْمٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ حِماراً:
يُعالِج بالعِطْفَينِ شَأْواً كأَنه ... حَريقٌ، أُشِيعَتْه الأَباءَةُ حاصِدُ
أَراد أُشِيعَ فِي الأَباءة فَحَذَفَ الْحَرْفَ وقلَب. وحاصِدٌ أَي يَحْصِدُ [يَحْصُدُ] الأَباءة بإِحْراقه إِيَّاهَا. ومرَّ ينظُر فِي عِطفَيْه إِذَا مرَّ مُعجَباً. والعِطَافُ: الإِزار. والعِطَافُ: الرِّداء، وَالْجَمْعُ عُطُفٌ وأَعْطِفَة، وَكَذَلِكَ المِعْطَفُ وَهُوَ مِثْلُ مِئْزَر وإِزَار ومِلْحَف ولِحَاف ومِسْرَد وسِرادٍ، وَكَذَلِكَ مِعْطَف وعِطَافٌ، وَقِيلَ: المَعَاطِفُ الأَرْدِيَةُ لَا وَاحِدَ لَهَا، واعْتَطَفَ بِهَا وتَعَطَّفَ: ارْتدى. وَسُمِّيَ الرِّداء عِطَافاً لوقُوعه عَلَى عِطْفَي الرَّجُلِ، وَهُمَا نَاحِيَتَا عُنُقِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سُبحان مَن تَعَطَّفَ بالعِزِّ وَقَالَ بِهِ
، وَمَعْنَاهُ سُبْحَانَ مَنْ تَرَدَّى بِالْعِزِّ؛ والتَّعَطُّفُ فِي حقِّ اللَّهِ مَجازٌ يُراد بِهِ الِاتِّصَافُ كأَنَّ الْعِزَّ شَمِله شُمولَ الرِّداء؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَثير، وَلَا يُعْجِبُنِي قَوْلُهُ كأَنّ الْعِزَّ شَمله شمولَ الرِّداء، وَاللَّهُ تَعَالَى يَشْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ؛ وَقَالَ الأَزهري: الْمُرَادُ بِهِ عِزُّ اللَّهِ وجَماله وجَلاله، وَالْعَرَبُ تَضَعُ الرِّداء مَوْضِعَ البَهْجة والحُسن وتَضَعُه مَوْضِعَ النَّعْمة وَالْبَهَاءِ. والعُطُوفُ: الأَرْدِيةُ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
حَوَّل رِداءه وَجَعَلَ عِطَافَه الأَيمنَ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيسر
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: إِنَّمَا أَضاف العِطَاف إِلَى الرِّداء لأَنه أَراد أَحد شِقَّي العِطَاف، فَالْهَاءُ ضَمِيرُ الرِّدَاءِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ لِلرَّجُلِ، وَيُرِيدُ بالعِطَافِ جانبَ رِدَائِهِ الأَيمن؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُمَا: خَرَجَ مُتَلَفِّعاً بعِطَاف.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فَنَاوَلْتُهَا عِطَافاً كَانَ عليَّ فرأَت فِيهِ تَصْلِيباً فَقَالَتْ: نَحِّيه عَنِّي.
والعِطَاف: السَّيْفُ لأَن الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ رِدَاءً؛ قَالَ:
وَلَا مالَ لِي إِلَّا عِطَافٌ ومِدْرَعٌ، ... لَكُمْ طَرَفٌ مِنْهُ حَديدٌ، وَلِي طَرَفْ
الطَّرَفْ الأَوَّلُ: حَدُّه الَّذِي يُضرب بِهِ، والطرَف الثَّانِي: مَقْبِضُه؛ وَقَالَ آخَرُ:
لَا مالَ إِلَّا العِطَافُ، تُؤْزِرهُ ... أُمُّ ثَلَاثِينَ وابنةُ الجَبَلِ
لَا يَرْتَقي النَّزُّ فِي ذَلاذِلِه، ... وَلَا يُعَدِّي نَعْلَيْه مِنْ بَلَلِ
عُصْرَتُه نُطْفةٌ، تَضَمَّنَها ... لِصْبٌ تَلَقَّى مَواقِعَ السَّبَلِ(9/251)
أَو وَجْبةٌ مِن جَناةِ أَشْكَلةٍ، ... إِنْ لَمْ يُرِعْها بِالْمَاءِ لَمْ تُنَلِ
قَالَ ثَعْلَبٌ: هَذَا وصَف صُعْلوكاً فَقَالَ لَا مالَ لَهُ إِلَّا العِطَافُ، وَهُوَ السَّيْفُ، وأُم ثَلَاثِينَ: كِنَانَةٌ فِيهَا ثَلَاثُونَ سَهْمًا، وابنةُ الْجَبَلِ: قَوسُ نَبْعةٍ فِي جَبَلٍ وَهُوَ أَصْلَبُ لعُودها وَلَا يَنَالُهُ نزٌّ لأَنه يأْوي الْجِبَالَ، والعُصرة: المَلْجأُ، والنُّطفة: الْمَاءُ، واللِّصْب: شَقُّ الْجَبَلِ، والوَجْبة: الأَكْلة فِي الْيَوْمِ، والأَشْكَلة: شَجَرَةٌ. واعْتَطَفَ الرِّداءَ والسيفَ وَالْقَوْسَ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومَن يَعْتَطِفْه عَلَى مِئْزرِ، ... فنِعْم الرِّداء عَلَى المئْزرِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
لَبِسْتَ عليكَ عِطافَ الحَياء، ... وجَلَّلَكَ المَجْدُ ثِنْيَ العَلاء
إِنَّمَا عَنَى بِهِ رِدَاءَ الحَياء أَو حُلَّته استِعارةً. ابْنُ شُمَيْلٍ: العِطَاف تَرَدِّيك بِالثَّوْبِ عَلَى مَنكِبيك كَالَّذِي يَفْعَلُ النَّاسُ فِي الحرِّ، وَقَدْ تَعَطَّفَ بِرِدَائِهِ. والعِطَافُ: الرِّداء والطَّيْلَسان؛ وَكُلُّ ثَوْبٍ تَعَطَّفَه أَي تَردَّى بِهِ، فَهُوَ عِطَاف. والعَطْفُ: عَطْفُ أَطراف الذَّيْل مِنَ الظِّهارة عَلَى الْبِطَانَةِ. والعَطَّاف: فِي صِفَةِ قِداح المَيْسِر، وَيُقَالُ العَطُوف، وَهُوَ الَّذِي يَعْطِفُ عَلَى الْقِدَاحِ فَيَخْرُجُ فَائِزًا؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ فِي جَمِّه، ... خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفا
وَقَالَ القُتيبي فِي كِتَابِ المَيْسِر: العَطوف القِدْح الَّذِي لَا غُرْم فِيهِ وَلَا غُنْم لَهُ، وَهُوَ وَاحِدُ الأَغْفال الثَّلَاثَةِ فِي قِداح الْمَيْسِرِ، سُمِّيَ عَطُوفاً لأَنه فِي كُلِّ رِبابة يُضرب بِهَا، قَالَ: وَقَوْلُهُ قِدحاً وَاحِدٌ فِي مَعْنَى جَمِيعٍ؛ وَمِنْهُ قَوله:
حَتَّى تَخَضْخَض بالصُّفْنِ السَّبيخ، كَمَا ... خاضَ القِداحَ قَمِيرٌ طامِع خَصِلُ
السَّبِيخُ: مَا نَسَل مِنْ رِيشِ الطَّيْرِ الَّتِي تَرِدُ الْمَاءَ، والقَمِيرُ: المَقْمُور، والطامِعُ: الَّذِي يَطْمَعُ أَن يَعُود إِلَيْهِ مَا قُمِر. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَيْسَ يَكُونُ أَحد أَطمع مِنْ مَقْمُور، وخَصِلٌ: كَثُرَ خِصال قَمْرِه؛ وأَما قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
وأَصْفَرَ عَطَّافٍ إِذَا راحَ رَبُّه، ... غَدَا ابْنا عِيانٍ بالشِّواء المُضَهَّبِ
فَإِنَّهُ أَراد بالعَطَّاف قِدْحاً يَعْطِف عَنْ مآخِذِ القِداح وَيَنْفَرِدُ،
وَرُوِيَ عَنِ الْمُؤَرِّجِ أَنه قَالَ فِي حَلْبة الْخَيْلِ إِذَا سُوبق بَيْنَهَا
، وَفِي أَساميها: هُوَ السابِقُ والمُصَلِّي والمُسَلِّي والمُجَلِّي وَالتَّالِي والعَاطِفُ والحَظِيُّ والمؤَمَّلُّ واللَّطِيمُ والسِّكِّيتُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا يُعرف مِنْهَا إِلَّا السَّابِقُ والمصلِّي ثُمَّ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ إِلَى الْعَاشِرِ، وَآخِرُهَا السكِّيت والفِسْكل [الفُسْكل] ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَجد الرِّوَايَةَ ثَابِتَةً عَنِ الْمُؤَرِّجِ مِنْ جِهَةِ مَنْ يُوثَقُ بِهِ، قَالَ: فَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فَهُوَ ثِقَةٌ. والعِطْفَة: شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا العَصْبةُ وَقَدْ ذُكِرَتْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَلَبَّسَ حُبُّها بدَمي ولَحْمِي، ... تَلَبُّسَ عِطْفة بفُروع ضالِ(9/252)
وَقَالَ مَرَّةً: العَطَف، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالطَّاءِ، نَبْتٌ يَتَلَوَّى عَلَى الشَّجَرِ لَا وَرَقَ لَهُ وَلَا أَفنان، تَرْعَاهُ الْبَقَرُ خَاصَّةً، وَهُوَ مُضِرّ بِهَا، وَيَزْعُمُونَ أَن بَعْضَ عُرُوقِهِ يُؤْخَذُ ويُلْوى ويُرْقى ويُطْرَح عَلَى المرأَة الْفَارِكِ فتُحب زَوْجَهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَطَفَةُ اللَّبْلَابُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَلَوِّيهِ عَلَى الشَّجَرِ. قَالَ الأَزهري: العِطْفَةُ والعَطْفَة هِيَ الَّتِي تَعَلَّقُ الحَبَلَةُ بِهَا مِنَ الشَّجَرِ، وأَنشد الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ وَقَالَ: قَالَ النَّضْرُ إِنَّمَا هِيَ عَطَفَةٌ فَخَفَّفَهَا لِيَسْتَقِيمَ لَهُ الشِّعْرُ. أَبو عَمْرٍو: مِنْ غَرِيبِ شَجَرِ الْبَرِّ العَطَف، وَاحِدَتُهَا عَطَفَة. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ تَنَحَّ عَنْ عِطْفِ الطَّريق وعَطْفِه وعَلْبِه ودَعْسِه وقَرْيِه وقارِعَتِه: وعَطَّافٌ وعُطَيْفٌ: اسْمَانِ، والأَعرف غُطَيْف، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ؛ عن ابن سيدة.
عفف: العِفّة: الكَفُّ عَمَّا لَا يَحِلّ ويَجْمُلُ. عَفَّ عَنِ المَحارِم والأَطْماع الدَّنِية يَعِفُّ عِفَّةً وعَفّاً وعَفافاً وعَفافة، فَهُوَ عَفِيفٌ وعَفٌّ، أَي كَفَّ وتَعَفَّفَ واسْتَعْفَفَ وأَعَفَّه اللَّهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكاحاً
؛ فسَّره ثَعْلَبٌ فَقَالَ: ليَضْبِطْ نَفْسَهُ بِمِثْلِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ وِجاء. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ يَسْتَعْفِف يُعِفّه اللَّهُ
؛ الاسْتِعْفاف: طلَبُ العَفَافِ وَهُوَ الكَفُّ عَنِ الْحَرَامِ وَالسُّؤَالِ مِنَ النَّاسِ، أَي مَنْ طَلَبَ العِفّة وتكلَّفها أَعطاه اللَّهُ إِيَّاهَا، وَقِيلَ: الاسْتِعْفَاف الصبْر والنَّزاهة عَنِ الشَّيْءِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك العِفَّة والغِنى
، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فَإِنَّهُمْ مَا عَلِمْتُ أَعِفَّةٌ صُبُر
؛ جَمْعُ عَفِيف. وَرَجُلٌ عَفٌّ وعَفِيف، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَجَمْعُ العَفِيف أَعِفَّة وأَعِفَّاء، وَلَمْ يُكَسِّروا العَفَّ، وَقِيلَ: العَفِيفَة مِنِ النِّسَاءِ السَّيِّدَةُ الخَيْرةُ. وامرأَة عَفِيفة: عَفّة الفَرج، وَنِسْوَةٌ عَفَائِف، وَرَجُلٌ عَفِيف وعَفٌّ عَنِ المسأَلة والحِرْصِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ وَوَصَفَ قَوْمًا: أَعِفَّة الفَقْرِ أَي إِذَا افْتَقَرُوا لَمْ يغْشَوُا المسأَلة الْقَبِيحَةَ. وَقَدْ عَفَّ يَعِفُّ عِفَّة واسْتَعَفَّ أَي عَفَّ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ
؛ وَكَذَلِكَ تَعَفَّفَ، وتَعَفَّفَ أَي تكلَّف العِفَّة. وعَفَّ واعْتَفَّ: مِنَ العِفَّة؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ الأَهتم:
إنَّا بَنُو مِنْقَرٍ قومٌ ذَوُو حَسَبٍ، ... فِينا سَراةُ بَني سَعْدٍ وَنَادِيهَا
جُرْثُومةٌ أُنُفٌ، يَعْتَفُّ مُقْتِرُها ... عَنِ الخَبِيثِ، ويُعْطِي الخَيْرَ مُثْريها
وعَفيفٌ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْهُ. والعُفَّةُ والعُفَافَةُ: بقيَّة الرَّمَثِ فِي الضَّرْع، وَقِيلَ: العُفَافَةُ الرَّمَث يَرْضَعُه الفَصِيلُ. وتَعَفَّفَ الرَّجُلُ: شَرِبَ العُفافة، وَقِيلَ: العُفَافَة بَقِيَّةُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ بَعْدَ ما يُمتَكُّ أَكثره، قَالَ: وَهِيَ العُفَّة أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: لَا تُحَرِّمُ العُفَّةُ
؛ هِيَ بَقِيَّةُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْع بَعْدَ أَن يُحْلَب أَكثر مَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ العُفَافَة، فَاسْتَعَارَهَا للمرأَة، وَهُمْ يَقُولُونَ العَيْفة؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ ظَبْيَةً وَغَزَالَهَا:
وتَعادى عَنْهُ النهارَ، فَمَا تَعْجُوه ... إِلَّا عُفَافَةٌ أَو فُواقُ
نَصَبَ النَّهَارَ عَلَى الظَّرْفِ، وتَعادى أَي تَباعدُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْبَيْتُ كَذَا وَرَدَ فِي الصِّحَاحِ وَهُوَ فِي شِعْرِ الأَعشى:
مَا تُعَادَى عَنْهُ النَّهَارَ، ولا تعجُوه ... إِلَّا عُفَافَةٌ أَو فُواقُ
أَي مَا تَجاوزُه وَلَا تُفارِقُه، وتَعْجُوه تَغْذُوه،(9/253)
والفُواق اجْتِمَاعُ الدِّرّة؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَب:
بأَغَنَّ طِفْلٍ لَا يُصاحِبُ غَيْرَهُ، ... فَلَهُ عُفَافَةُ دَرِّها وغِزارُها
وَقِيلَ: العُفَافَة الْقَلِيلُ مِنَ اللَّبَنِ فِي الضرْع قَبْلَ نُزُولِ الدِّرّة. وَيُقَالُ: تَعَافَّ ناقتكَ يَا هَذَا أَي احْلُبْها بَعْدَ الْحَلْبَةِ الأُولى. وَجَاءَ فُلَانٌ عَلَى عِفَّانِ ذَلِكَ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، أَي وقْتِه وأَوانه، لُغَةٌ فِي إفَّانه، وَقِيلَ: العُفَافَة أَن تُترك الناقةُ عَلَى الْفَصِيلِ بَعْدَ أَن يَنْقُص مَا فِي ضَرْعِهَا فَيَجْتَمِعَ لَهُ اللَّبَنُ فُواقاً خَفِيفًا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: العُفَافَة أَن تأْخذ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ فأَنت تَعْتَفُّه. والعَفْعَفُ: ثَمَرُ الطَّلْحِ، وَقِيلَ: ثَمَرُ العِضاه كُلُّهَا. وَيُقَالُ لِلْعَجُوزِ: عُفَّة وعُثّة. والعُفَّة: سَمَكَةٌ جَرْداء بَيْضَاءُ صَغِيرَةٌ إِذَا طُبِخت فَهِيَ كالأَرُزّ فِي طَعْمِهَا.
عقف: العَقْفُ: العَطْف والتلْوِيةُ. عَقَفَه يَعْقِفُه عَقْفاً وعَقَّفَه وانْعَقَف وتَعَقَّف أَي عطَفَه فانْعَطَفَ. والأَعْقَفُ: المنْحَني المُعْوَجّ. وظبْي أَعْقَفُ: مَعْطُوفُ القُرون. والعَقْفَاء مِنَ الشِّيَاهِ: الَّتِي الْتَوَى قرْناها عَلَى أُذنيها. والعُقَّافَة: خَشَبة فِي رأْسها حُجْنة يُمَدُّ بِهَا الشَّيْءُ كالمِحْجَن. والعَقْفَاء: حَدِيدَةٌ قَدْ لُوِيَ طَرَفُها. وَفِي حَدِيثِ القيامةِ:
وَعَلَيْهِ حَسَكةٌ مُفَلْطحةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عَقِيفةٌ
أَي مَلْوِيَّةٌ كالصِّنَّارة. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرة: أَنه سُئل عَنِ العُصْرةِ للمرأَة فَقَالَ: لَا أَعلم رُخِّص فِيهَا إِلَّا لِلشَّيْخِ المَعْقُوفِ
أَي الَّذِي انْعَقَفَ مِنْ شدَّة الكِبَر فانْحنى واعْوجّ حَتَّى صَارَ كالعُقَّافَةِ، وَهِيَ الصَّوْلَجانُ. والعُقَاف: دَاءٌ يأْخذ الشَّاةَ فِي قَوَائِمِهَا فتعوَجُّ، وَقَدْ عُقِفَتْ، فَهِيَ مَعْقُوفَة. والتَّعْقِيفُ: التَّعْويج. وَشَاةٌ عَاقِفٌ: مَعْقُوفة الرِّجل، وَرُبَّمَا اعْتَرى كُلَّ الدوابِّ. والأَعْقَف: الْفَقِيرُ الْمُحْتَاجُ؛ قَالَ:
يَا أَيُّها الأَعْقَفُ المُزْجِي مَطِيَّتَه، ... لَا نِعْمةً تَبْتَغي عِنْدِي وَلَا نَشَبا
وَالْجَمْعُ عُقْفَان. وعُقْفَان: جِنْسٌ مِنَ النَّمْلِ. وَيُقَالُ: لِلنَّمْلِ جَدّان: فازِرٌ وعُقْفَانُ، ففازِرٌ جَدُّ السُّود، وعُقْفَان جَدُّ الحُمْر، وَقِيلَ: النَّمْلُ ثَلَاثَةُ أَصناف: النَّمْلُ والفازِرُ والعُقَيْفَانُ، والعُقَيْفَانُ: الطويلُ الْقَوَائِمِ يَكُونُ فِي المَقابِر والخَراباتِ؛ وأَنشد:
سُلِّطَ الذَّرُّ فازِرٌ أَو عُقَيْفَانُ، ... فأجْلاهُمُ لدارٍ شَطُونِ
قَالَ: والذَّرّ الَّذِي يَكُونُ فِي الْبُيُوتِ يُؤْذِي النَّاسَ، والفازِرُ: المُدوَّر الأَسود يَكُونُ فِي التَّمْرِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ دَغْفَلٌ النسَّابة: يُنْسبُ النملُ إِلَى عُقْفَان وَالْفَازِرِ، فعُقْفَان جَدُّ السُّودِ، والفازِر جَدّ الشُّقْر. وعُقْفَانُ: حَيٌّ مِنْ خُزاعةَ. والعَقْفَاء والعَقَفُ: ضَرْبٌ مِنَ النبْت. حَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: والعَقْفَاء ضَرْبٌ مِنَ الْبُقُولِ مَعْرُوفٌ، قَالَ: وَالَّذِي أَعرفه فِي الْبُقُولِ القَفْعاء، وَلَا أَعرف العَقْفَاء. والعَيْقُفَانُ: نَبْتٌ كالعَرْفَجِ لَهُ سَنِفةٌ كسَنِفةِ الثُّفاء؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مُرَّةُ: العُقَيْفَاء نبْتة وَرَقُهَا مِثْلُ وَرَقِ السَّذاب لَهَا زهْرة حَمْرَاءُ وَثَمَرَةٌ عَقْفَاء كأَنها شِصٌّ فِيهَا حَبٌّ، وَهِيَ تَقْتُلُ الشَّاءَ وَلَا تَضُرُّ الإِبل؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْر الهِلالي:
كأَنه عَقْفٌ تَوَلَّى يَهْرُبُ، ... مِنْ أَكْلُب يَعْقُفُهُنَّ أَكْلُبُ
فَيُقَالُ: هُوَ الثَّعْلَبُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الرَّجَزُ(9/254)
لحُميد الأَرقط لَا لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْر. وأَعرابي أَعْقَفُ أي جافٍ.
عكف: عَكَف عَلَى الشَّيْءِ يَعْكُفُ ويَعْكِفُ عَكْفاً وعُكُوفاً: أَقبل عَلَيْهِ مُواظِباً لَا يَصْرِفُ عَنْهُ وَجْهَهُ، وَقِيلَ: أَقَامَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ
، أَي يُقيمون؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً
، أَي مُقيماً. يُقَالُ: فُلَانٌ عَاكِفٌ عَلَى فَرْجٍ حَرام؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يصِفُ ثَوْرًا:
فهُنَّ يَعْكُفْن بِهِ إِذَا حَجَا، ... عَكْفَ النَّبيطِ يَلْعَبون الفَنْزَجا
أَي يُقْبِلْن عَلَيْهِ؛ وقومٌ عُكَّفٌ وعُكُوفٌ. وعَكفَتِ الخيلُ بِقَائِدِهَا إِذَا أَقبَلَت عَلَيْهِ، وعَكَفَتِ الطيرُ بالقَتِيل، فَهِيَ عُكُوف؛ كَذَلِكَ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَذُبُّ عَنْهُ كَفٌّ بِهَا رَمَقٌ طَيْرًا ... عُكُوفاً، كَزُوّرِ العُرُسِ
يَعْنِي بِالطَّيْرِ هُنَا الذِّبّان فجعلهنَّ طَيْرًا، وشبَّه اجْتِمَاعَهُنَّ للأَكل بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ للعُرْس. وعَكَفَ يَعْكُف ويَعْكِفُ عَكْفاً وعُكوفاً: لَزِمَ الْمَكَانَ. والعُكُوفُ: الإِقامةُ فِي الْمَسْجِدِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ
؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهل اللُّغَةِ: عاكِفُونَ
مُقيمون فِي الْمَسَاجِدِ لَا يُخْرُجون مِنْهَا إِلَّا لِحَاجَةِ الإِنسان يُصلّي فِيهِ ويقرأُ الْقُرْآنَ. وَيُقَالُ لِمَنْ لازَمَ الْمَسْجِدَ وأَقام عَلَى العِبادة فِيهِ: عَاكِف ومُعْتَكِفٌ. والاعْتِكَافُ والعُكُوف: الإِقامةُ عَلَى الشَّيْءِ وَبِالْمَكَانِ ولزُومهما.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْمَسْجِدِ.
والاعْتِكَافُ: الاحْتِباس وعَكَفُوا حولَ الشَّيْءِ: اسْتَدَارُوا. وَقَوْمٌ عُكُوف: مُقِيمون؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الأَثافيّ:
فَهُنَّ عُكُوفٌ، كنَوْحِ الكَرِيمِ، ... قَدْ شَفَّ أَكْبادَهُنَّ الهَوَى
وعَكَفَه عَنْ حَاجَتِهِ يَعْكُفه ويَعْكِفُه عَكْفاً: صَرَفَه وحَبَسه. وَيُقَالُ: إِنَّكَ لتَعْكِفُني عَنْ حَاجَتِي أَي تَصْرفُني عَنْهَا. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ عَكَفْته عَكْفاً فَعَكَفَ يَعْكُفُ عُكوفاً، وَهُوَ لازمٌ وواقعٌ كَمَا يُقَالُ رَجَعْتُه فرَجَعَ، إِلَّا أَن مَصْدَرَ اللَّازِمِ العُكوف، وَمَصْدَرَ الْوَاقِعِ العَكْف. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً
، فإنَّ مُجَاهِدًا وَعَطَاءً قَالَا مَحْبوساً. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ عَكَّفْتُهُ أَعْكَفَه عَكْفاً إِذَا حَبَسْتَهُ. وَقَدْ عَكَّفْتُ القومَ عَنْ كَذَا أَي حَبَسْتُهُمْ. وَيُقَالُ: مَا عَكَفَكَ عَنْ كَذَا؟ وعُكِّفَ النظمُ: نُضِّدَ فِيهِ الجوهرُ؛ قَالَ الأَعشى:
وكأَنَّ السُّموطَ عَكَّفَها السِّلْكُ ... بعِطْفَيْ جَيْداء أُمِّ غَزالِ
أَي حَبَسها وَلَمْ يَدَعْها تَتَفَرَّقُ. والمُعَكَّف: المُعَوَّجُ المُعَطَّفُ. وعُكَيْفٌ: اسم.
عَلَفَ: العَلَفُ لِلدَّوَابِّ، وَالْجَمْعُ عِلافٌ مِثْلَ جبَل وجِبال. وَفِي الْحَدِيثِ:
وتأْكلون عِلافَها
؛ هُوَ جَمْعُ عَلَف، وَهُوَ مَا تأْكله الْمَاشِيَةُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: العَلَفُ قَضِيمُ الدَّابةِ، عَلَفَهَا يَعْلِفُها عَلْفاً، فَهِيَ مَعْلُوفَة وعَلِيفٌ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
عَلَفْتُها تِبْناً وَمَاءً بارِداً، ... حَتَّى شَتَتْ هَمَّالةً عَيْناها
أَي وسَقَيْتُها مَاءً؛ وَقَوْلُهُ:(9/255)
يَعْلِفُها اللحمَ، إِذَا عزَّ الشجَرْ، ... والخَيْلُ فِي إطْعامِها اللحمَ ضَرَرْ
إِنَّمَا يَعْنِي أَنهم يَسقون الخَيلَ الأَلبان إِذَا أَجدَبت الأَرض فَيُقِيمُها مُقامَ العَلَف. والمِعْلَفُ: مَوْضِعُ العلَف. والدابةُ تَعْتَلِف: تأْكل، وتَسْتَعْلِفُ: تَطلُب العَلَفَ بالحَمْحَمة. والعَلُوفَةُ: مَا يَعْلِفُون، وَجَمْعُهَا عُلُفٌ وعَلائِفُ؛ قَالَ:
فأْفأْت أُدْماً كالهِضابِ وجامِلًا، ... قَدْ عُدْنَ مِثْلَ عَلائِفِ المِقْضابِ
وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: كَبْشٌ عَلِيفٌ فِي كِباش عَلائِفَ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ مَا رُبِط فعُلِف وَلَمْ يُسَرَّحْ وَلَا رُعِيَ، قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ حَذَفْتَ الْهَاءَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ فَعُولة مِنْ هَذَا الضَّرْبَ مِنَ الأَسماء، إِنْ شِئْتَ حذَفت مِنْهُ الْهَاءَ، نَحْوَ الرَّكُوبة والحَلُوبةِ والجَزُوزَةِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ. والعَلُوفَة والعَلِيفةُ والمُعَلَّفَةُ، جَمِيعًا: النَّاقَةُ أَو الشَّاةُ تُعْلَفُ للسِّمَنِ وَلَا تُرْسَل للرَّعْي. قَالَ الأَزهري: تُسَمَّن بِمَا يُجْمَع مِنَ العَلَف، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَلِيفَةُ المَعْلوفة، وَجَمْعُهَا عَلائِفُ فَقَطْ. وَقَدْ عَلَّفْتُها إِذَا أَكثرت تَعَهُّدها بِإِلْقَاءِ الْعَلَفِ لَهَا. والعُلْفَى، مَقْصُورٌ: مَا يَجْعَلُهُ الإِنسان عِنْدَ حَصاد شَعِيرِهِ لِخَفير أَو صَدِيقٍ وَهُوَ مِنَ العلَف؛ عَنِ الهَجَريّ. والعُلَّفُ: ثمَر الطلْح، وَقِيلَ: أَوْعِيةُ ثمَره. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُلَّفَةُ ثَمَرَةُ الطَّلْحِ كأَنها هَذِهِ الخَرُّوبة الْعَظِيمَةُ السامِيةُ إِلَّا أَنها أَعْبَلُ، وَفِيهَا حَب كالتُّرْمُس أَسْمر تَرْعاه السَّائِمَةُ وَلَا يأْكله النَّاسُ إِلَّا المضْطر، الْوَاحِدَةُ عُلَّفةٌ، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ. والعُلَّف: ثَمَرُ الطَّلْحِ وَهُوَ مِثْلُ الباقِلاء الغَضِّ يَخْرُجُ فَتَرْعَاهُ الإِبل، الْوَاحِدَةُ عُلَّفة مِثَالُ قُبَّر وقُبَّرة. ابْنُ الأَعرابي: العُلَّف مِنْ ثَمَرِ الطَّلْحِ مَا أخَلف بَعْدَ البَرَمة، وَهُوَ شَبِيهُ اللُّوبياء، وَهُوَ الحُلْبةُ مِنَ السَّمُر وَهُوَ السّنْفُ مِنَ المَرْخ كالإِصبع؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
بِجِيدِ أَدْماءَ تَنُوشُ العُلَّفا
وأَعْلَفَ الطلْحُ: بَدَا عُلَّفُه وَخَرَجَ. والعِلْف: الْكَثِيرُ الأَكل. والعَلْفُ: الشّرْب الْكَثِيرُ. والعِلْفُ: شَجَرٌ يَكُونُ بِنَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَرَقُهُ مِثْلُ وَرَقِ الْعِنَبِ يُكبَس فِي المَجانِب ويُشْوى ويُجَفَّف وَيُرْفَعُ، فَإِذَا طُبِخَ اللَّحْمُ طُرِحَ مَعَهُ فَقَامَ مَقام الْخَلِّ. وعِلافٌ: رَجُلٌ مِنَ الأَزد، وَهُوَ زَبّانُ أَبو جَرْمٍ مِنْ قُضاعة كَانَ يَصْنعُ الرِّحَالَ، قِيلَ: هُوَ أَول مَنْ عَمِلها فَقِيلَ لَهَا عِلافِيّة لِذَلِكَ، وَقِيلَ: العِلافيّ أَعظم الرِّحَالِ أَخَرَةً وَوَاسِطًا، وَقِيلَ: هِيَ أَعظم مَا يَكُونُ مِنَ الرِّحَالِ وَلَيْسَ بِمَنْسُوبٍ إِلَّا لَفْظًا كعُمَرِيّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَحَمّ عِلافيّ وأَبيْض صارِم، ... وأَعْيَس مَهْرِيّ وأَرْوَع ماجِد
وَقَالَ الأَعشى:
هِيَ الصاحِبُ الأَدْنَى، وبَيني وَبَيْنَهَا ... مَجُوفٌ عِلافِيٌّ، وقِطْعٌ ونُمْرُقُ
وَالْجَمْعُ عِلافِيَّاتٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
بَنِي ناجِيةَ: أَنهم أَهْدَوْا إِلَى ابْنِ عَوْفٍ رِحالًا عِلافِيَّةً
؛ وَمِنْهُ شِعْرُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
تَرى العُلَيْفِيّ عَلَيْها مُوكَدا «2»
__________
(2) . قوله [ترى العليفي إلخ] صدره:
فحمل اللهم كنازاً جلعدا
الكناز، بالزاي: الناقة المكتنزة اللحم الصلبته؛ فما تقدم في جلعد كباراً بالياء والراء خطأ.(9/256)
العُلَيْفِيّ: تَصْغِيرُ تَرْخِيمٍ للعِلافِيّ وَهُوَ الرَّحْلُ الْمَنْسُوبُ إِلَى عِلاف. وَرَجُلٌ عُلْفُوف: جافٍ كَثِيرُ اللَّحْمِ وَالشَّعْرِ. وَتَيْسٌ عُلْفوف: كَثِيرُ الشَّعْرِ. وَشَيْخٌ عُلْفُوف: كَبِيرُ السِّنِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مَأْوى اليَتِيم، ومأْوى كلِّ نَهْبَلةٍ ... تَأْوي إِلَى نَهْبَلٍ كالنَّسْرِ عُلْفُوفِ
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْجَعْدِ الخُزاعي: يَسَرٍ، إِذَا هَبَ الشِّتاء وأَمْحَلُوا فِي القَوْمِ، غَيْرِ كُبُنَّةٍ عُلْفُوفِ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيت أَورده الْجَوْهَرِيُّ يسرٌ وَصَوَابُهُ يَسَرٍ، بِالْخَفْضِ، وَكَذَلِكَ غَيْر؛ وَقَبْلُهُ:
أَأُمَيْمُ، هَلْ تَدْرينَ أَنْ رُبَ صاحِبٍ ... فارَقْتُ يومَ خَشاشَ غيرِ ضَعِيفِ؟
قَالَ: يومُ خَشاشٍ يومٌ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ هُذَيل قَتَلَتْهُمْ فِيهِ هُذَيْلٌ وَمَا سَلِم إِلَّا عُمَير بْنُ الْجَعْدِ «1» ، وأُميم: تَرْخِيمُ أُميمة، وَقَوْلُهُ يَسَر أَي ياسِر، والعُلْفُوف: الْجَافِي مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي فِيهِ غِرّة وتَضْيِيع؛ قَالَ الأَعشى:
حُلْوة النَّشْر والبَديهة والعلّات، ... لَا جَهْمة وَلَا عُلْفُوف
علهف: المُعَلْهِفَةُ، بِكَسْرِ الْهَاءِ: الفَسِيلة الَّتِي لَمْ تَعْلُ؛ عن كراع.
عنف: العُنْف الخُرْقُ بالأَمر وَقِلَّةُ الرِّفْق بِهِ، وَهُوَ ضِدُّ الرِّفْقِ. عَنُفَ بِهِ وَعَلَيْهِ يَعْنُفُ عُنْفاً وعَنَافة وأَعْنَفَه وعَنَّفَه تَعْنِيفاً، وَهُوَ عَنِيفٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ رَفيقاً فِي أَمره. واعْتَنَفَ الأَمرَ: أَخذه بعُنف. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي عَلَى الرِّفْق مَا لَا يُعطي عَلَى الْعُنْفِ
؛ هُوَ، بِالضَّمِّ، الشِّدَّةُ والمَشَقّة، وكلُّ مَا فِي الرِّفْقِ مِنَ الْخَيْرِ فَفِي الْعُنْفِ مِنَ الشَّرِّ مِثْلُهُ. والعَنِفُ والعَنِيفُ: المُعتَنِف؛ قَالَ:
شَدَدْت عليه الوَطْء لَا مُتظالِعاً، ... وَلَا عَنِفاً، حَتَّى يَتِمَّ جُبُورُها
أَي غَيْرَ رَفِيق بِهَا وَلَا طَبّ بِاحْتِمَالِهَا، وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذَا قادَني يومَ القِيامة قائدٌ ... عَنِيفٌ، وسَوَّاقٌ يَسوقُ الفَرَزْدَقا
والأَعْنَفُ: كالعَنِيف والعَنِفِ كَقَوْلِكَ اللَّهُ أَكبر بِمَعْنَى كَبِيرٍ؛ وَكَقَوْلِهِ:
لعَمْرُك مَا أَدْري وَإِنِّي لأَوْجَلُ
بِمَعْنَى وَجِل؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تَرَفَّقْتَ بالكِيرَينِ قَيْنَ مُجاشعٍ، ... وأَنت بهَزِّ المَشْرَفِيّةِ أَعْنَفُ
والعَنِيفُ: الَّذِي لَا يُحسن الرُّكُوبَ وَلَيْسَ لَهُ رِفْقٌ بِرُكُوبِ الْخَيْلِ، وَقِيلَ: الَّذِي لَا عَهْدَ لَهُ بِرُكُوبِ الْخَيْلِ، وَالْجَمْعُ عُنُفٌ؛ قَالَ:
لَمْ يَرْكَبُوا الخيلَ إِلَّا بعدَ ما هَرِمُوا، ... فَهُمْ ثِقالٌ عَلَى أَكْتافِها عُنُف
وأَعْنَف الشيءَ: أَخذه بشدَّة. واعْتَنَفَ الشيءَ: كَرِهَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَمْ يَخْتَرِ البيتَ عَلَى التَّعَزُّبِ، ... وَلَا اعْتِنَافَ رُجْلةٍ عن مَرْكَبِ
__________
(1) . قوله [عمير بن الجعد] كذا هو هنا بالتصغير وقدّمه قريباً مكبراً.(9/257)
يَقُولُ: لَمْ يَخْتَرْ كراهةَ الرُّجْلة فَيَرْكَبَ ويدَع الرُّجلة وَلَكِنَّهُ اشْتَهَى الرُّجْلَةَ. واعْتَنَفَ الأَرضَ: كَرِهَها واسْتَوخَمها. واعْتَنَفَتْه الأَرضُ نفْسُها: نَبَتْ عَلَيْهَا «1» ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي مَعْنَى الْكَرَاهَةِ:
إِذَا اعْتَنَفَتْنِي بَلْدةٌ، لَمْ أَكن لَهَا ... نَسِيّاً، وَلَمْ تُسْدَدْ عليَّ المَطالِبُ
أَبو عُبَيْدٍ: اعْتَنَفْتُ الشَّيْءَ كَرهْتُه وَوَجَدْتُ لَهُ عليَّ مشقَّة وعُنْفاً. واعْتَنَفْت الأَمر اعْتِنَافاً: جَهِلْته؛ وأَنشد قَوْلَ رُؤْبَةَ:
بأَرْبعٍ لَا يَعْتَنِفْنَ العَفْقا
أَي لَا يَجْهَلن شِدَّةَ العَدْو. قَالَ: واعْتَنَفْتُ الأَمْر اعْتِنَافاً أَي أَتَيْتُه وَلَمْ يَكُنْ لِي بِهِ عِلْمٌ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلةَ:
نَعَيْتُ امْرَأً زَيْناً إِذَا تُعْقَدُ الحُبى، ... وَإِنْ أُطْلِقَتْ، لَمْ تَعْتَنِفْه الوَقائعُ
يُرِيدُ: لَمْ تَجِدْه الوقائعُ جَاهِلًا بِهَا. قَالَ الْبَاهِلِيُّ: أَكلت طَعاماً فاعْتَنَفْتُه أَي أَنكرْتُه، قَالَ الأَزهري: وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يُوافِقْه. وَيُقَالُ: طَرِيقٌ مُعْتَنِفٌ أَي غيرُ قاصِدٍ. وَقَدِ اعْتَنَفَ اعْتِنَافاً إِذَا جارَ وَلَمْ يَقْصِد، وأَصله مِنِ اعْتَنَفْتُ الشيءَ إِذَا أَخَذْتَه أَو أَتَيْتَه غَيْرَ حَاذِقٍ بِهِ وَلَا عَالِمٍ. وَهَذِهِ إِبِلٌ مُعْتَنِفَة إِذَا كَانَتْ فِي بَلَدٍ لَا يُوافِقُها. والتَّعْنِيفُ: التَّعْيير واللَّوم. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا زَنت أَمةُ أَحدكم فليَجْلدْها وَلَا يُعَنِّفْها
التَّعْنِيفُ: التوْبيخُ والتقْريعُ واللَّوم؛ يُقَالُ: أَعْنَفْتُه وعَنَّفْتُه، مَعْنَاهُ أَي لَا يجمَع عَلَيْهَا بَيْنَ الحَدّ والتوْبيخ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَراد لَا يَقْنَعُ بتَوْبيخها عَلَى فِعْلها بَلْ يُقيم عَلَيْهَا الْحَدَّ لأَنهم كَانُوا لَا يُنْكِرُونَ زِنا الإِماء وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ عَيْباً؛ وَقَوْلُهُ أَنشده اللِّحْيَانِيُّ:
فقَذَفَتْ ببيْضةٍ فِيهَا عُنُفْ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: فِيهَا غِلَظٌ وصَلابة. وعُنْفُوانُ كلِّ شَيْءٍ: أَوّله، وَقَدْ غَلب عَلَى الشَّبَابِ وَالنَّبَاتِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعَبَّادِيُّ:
أَنْشَأْتَ تَطَّلِبُ الَّذِي ضَيَّعْتَه ... فِي عُنْفُوانِ شَبابِك المُتَرَجْرجِ
قَالَ الأَزهري: عُنْفُوَان الشَّبَابِ أَوّلُ بَهْجته، وَكَذَلِكَ عُنْفُوَان النَّبَاتِ. يُقَالُ: هُوَ فِي عُنْفُوَان شَبَابِهِ أَي أَوَّله؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
رأَتْ غُلاماً قَدْ صَرَى فِي فِقْرَتِهْ ... ماءَ الشَّبابِ عُنْفُوَانَ سَنْبَتِه «2»
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: عُنْفُوَانَ المَكْرَعِ
أَي أَوَّلَه. وعُنْفُوَان: فُعْلوان مِنَ العُنْف ضِدُّ الرِّفْقِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الأَصل فِيهِ أُنْفُوان مِنِ ائتَنَفْت الشَّيْءَ واسْتَأْنَفْته إِذَا اقْتَبَلْتَه فأَقبل إِذَا ابْتَدأْتَه، فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ عَيْنًا فَقِيلَ عُنْفُوَان، قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ تَمِيمٍ يَقُولُ اعْتَنَفْت الأَمر بِمَعْنَى ائتَنَفْته. واعْتَنَفْنا المَراعِيَ أَي رَعَينا أُنُفَها، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: أَعن تَرَسّمْت، فِي مَوْضِعِ أَأَن تَرَسمت. وعُنْفُوانُ الخَمر: حِدَّتُها. والعُنْفُوَان: مَا سَالَ مِنَ الْعِنَبِ مِنْ غَيْرِ اعْتِصار. والعُنْفُوَة: يبِيس النَّصيّ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الحَليّ.
__________
(1) . قوله [نبت عليها إلخ] كذا في الأصل، وعبارة القاموس وشرحه: واعْتَنَفَتْنِي الأَرض نفسها: نبت ولم توافقني.
(2) . قوله [رأت غلاماً] كذا بالأصل، والذي في الصحاح في مادة صرى: رب غلام قد إلخ.(9/258)
عنجف: العُنْجُفُ والعُنْجُوفُ جَمِيعًا: اليابسُ مِنْ هُزال أَو مَرَضٍ. والعُنْجُوف: القَصير المتداخِل الخَلْق، وَرُبَّمَا وُصفت بِهِ العجوز.
عوف: العَوْفُ: الضَّيْفُ. والعَوْفُ: ذَكَرُ الرَّجُلِ. والعَوف: البالُ. والعَوْف: الحالُ، وَقِيلَ: الْحَالُ أَيّاً كَانَ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الشَّرَّ؛ قَالَ الأَخطل:
أَزَبُّ الحاجِبَينِ بعَوْفِ سَوْء، ... مِنَ النَّفَر الَّذِينَ بأَزْقُبانِ
والعَوْفُ: الكادُّ عَلَى عِياله. وَفِي الدُّعَاءِ:
نَعِمَ عَوْفُك
أَي حالُك، وَقِيلَ: هُوَ الضيْف، وَقِيلَ: الذَّكَرُ وأَنكره أَبو عَمْرٍو، وَقِيلَ: هُوَ طَائِرٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَنكر الأَصمعي قَوْلَ أَبِي عَمْرٍو فِي
نَعِم عَوْفُك.
وَيُقَالُ: نَعم عوفُك إِذَا دَعَا لَهُ أَن يُصِيبَ الْبَاءَةَ الَّتِي تُرْضِي، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا تزوَّج هَذَا. وعَوفُه: ذَكَرَهُ؛ وَيُنْشِدُ:
جارِيةٌ ذاتُ هَنٍ كالنَّوْفِ، ... مُلَمْلَمٍ تَسْترُه بِحَوْفِ،
يَا لَيْتَني أَشِيمُ فِيهَا عَوْفِي
أَي أُولِجُ فِيهَا ذَكَرِي، والنَّوْفُ: السَّنام. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لِذَكَرِ الْجَرَادِ أَبو عُوَيْف «3» . وَفِي حَدِيثِ
جُنادَةَ: كَانَ الْفَتَى إِذَا كَانَ يَوْمُ سُبُوعه دَخَلَ عَلَى سِنان بْنِ سَلَمَة، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وعليَّ ثوبانِ مُوَرَّدانِ فَقَالَ: نَعِمَ عَوْفُك يَا أَبا سَلمة فَقُلْتُ: وعوفُك فنَعِمَ
أَي نعمَ بَخْتُك وجَدُّك، وَقِيلَ: بالُك وشأْنُك. والعَوْف أَيضاً: الذَّكَرُ، قَالَ: وكأَنه أَليق بِمَعْنَى الْحَدِيثِ لأَنه قَالَ يَوْمَ سُبوعه يَعْنِي مِنَ العُرس. والعَوْفُ: مِنْ أَسماء الأَسد لأَنه يَتَعوَّفُ بِاللَّيْلِ فيَطْلب. والعَوْف: الذِّئْبُ. وتَعَوَّف الأَسدُ: التَمَس الفَرِيسةَ بِاللَّيْلِ، وعُوافَتُه: مَا يَتعوَّفه بِاللَّيْلِ فيأْكله. والعُوافُ والعُوافةُ: مَا ظَفِرْت بِهِ لَيْلًا. وعُوَافة الطَّالِبِ: مَا أَصابه مِنْ أَي شَيْءٍ كَانَ. وَيُقَالُ: كُلُّ مَنْ ظَفِرَ بِاللَّيْلِ بِشَيْءٍ فَذَلِكَ الشَّيْءُ عُوَافَته. وَإِنَّهُ لحسَنُ العَوْف فِي إِبِلِهِ أَي الرِّعْيةِ. والعَوْف: نبتٌ، وَقِيلَ: نَبْتٌ طيِّب الرِّيحِ. وأُمُّ عَوْف: الجَرادةُ؛ وأَنشد أَبو الْغَوْثِ لأَبي عَطَاءٍ السِّنْدي، وَقِيلَ لِحَمَّادٍ الرَّاوِيَةِ:
فَمَا صَفْراءُ تُكْنَى أُمَّ عَوْفٍ، ... كأَنَّ رُجَيْلَتَيها مِنْجلانِ؟
وَقِيلَ: هِيَ دُويبّة أُخرى؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
تُنفِّض بُرْدَيْ أُمِّ عَوْفٍ، وَلَمْ يَطِرْ ... لَنَا بارقٌ، بَخْ للوعيدِ وللرَّهَبْ
وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: أَبو عُوَيْف ضَرْبٌ مِنَ الجِعْلان، وَهِيَ دُويبة غَبْرَاءُ تحفِر بِذَنَبِهَا وَبِقَرْنَيْهَا لَا تَظْهَرُ أَبداً. قَالَ: وَمِنْ ضُرُوبِ الجِعْلان الجُعَل وَالسُّفُنُ والجلَعْلَع والقَسْوَرِي. والعَوْف: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ؛ يُقَالُ: قَدْ عَافَ إِذَا لَزِمَ ذَلِكَ الشَّجَر. وعَوْف وعُوَيْف: مِنْ أَسماء الرِّجَالِ. والعُوفَانِ فِي سَعْدٍ: عوفُ بنُ سَعْدٍ وعوفُ بنُ كعبِ بنِ سعدٍ. وعوفٌ: جَبَلٌ؛ قَالَ كثيِّر:
وَمَا هَبَّتِ الأَرْواحُ تَجْري، وَمَا ثَوَى ... مُقِيماً بنَجْدٍ عَوْفُها وتِعارُها
وتِعار: جَبَلٌ هُنَاكَ أَيضاً، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَبَنُو عَوْفٍ وَبَنُو عُوافَة: بَطْنٌ. قَالَ الجوهري: وكان بعض
__________
(3) . قوله [أَبو عويف] كذا في الأصل، والذي في القاموس: أبو عوف مكبراً.(9/259)
النَّاسِ يتَأَول العَوْفَ الفَرْجَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لأَبي عَمْرٍو فأَنكره. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ أَمثال الْعَرَبِ فِي الرَّجُلِ الْعَزِيزِ الْمَنِيعِ الَّذِي يَعِزُّ بِهِ الذليلُ ويَذِلُّ بِهِ العزيزُ قَوْلُهُمْ: لَا حُرَّ بوادِي عَوْفٍ أَي كُلُّ مَنْ صَارَ فِي نَاحِيَتِهِ خَضَعَ لَهُ، وَكَانَ الْمُفَضَّلُ يُخْبِرُ أَن المَثَل للمنذر ابن مَاءِ السَّمَاءِ قَالَهُ فِي عَوْف بْنُ مُحَلِّم بْنِ ذُهْل بْنِ شَيْبَانَ، وَذَلِكَ أَن الْمُنْذِرَ كَانَ يَطلُبُ زُهَير بْنَ أُميّة الشَّيْباني بذَحْل، فَمَنَعَهُ عوفُ بنُ مُحَلِّمٍ وأَبى أَن يُسَلِّمَهُ، فعندها قَالَ الْمُنْذِرُ: لَا حُرَّ بوادِي عَوْفٍ أَي أَنَّهُ يَقْهَر مَنْ حلَّ بِوَادِيهِ، فَكُلُّ مَنْ فِيهِ كَالْعَبْدِ لَهُ لِطَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ. وعُوَافَةُ، بالضم: اسم رجل.
عيف: عَافَ الشيءَ يَعَافه عَيْفاً وعِيافةً وعِيافاً وعَيَفاناً: كَرِهه فَلَمْ يَشْربه طَعَامًا أَو شَرَابًا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَدْ غَلَبَ عَلَى كَرَاهِيَةِ الطَّعَامِ، فَهُوَ عَائِف؛ قَالَ أَنس بْنَ مُدْرِكة الْخَثْعَمِيَّ:
إِنِّي، وَقَتْلِي كُليباً ثُمَّ أَعْقِلَه، ... كالثَّور يُضْرَبُ لمَّا عَافَت البَقَرُ «1»
وَذَلِكَ أَن الْبَقَرَ إِذَا امْتَنَعَتْ مِنْ شُرُوعِهَا فِي الْمَاءِ لَا تُضْرَب لأَنها ذَاتُ لَبَنٍ، وَإِنَّمَا يُضْرَبُ الثَّوْرُ لتَفزع هِيَ فَتَشْرَبَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ الْعِيَافُ الْمَصْدَرُ وَالْعِيَافَةُ الِاسْمُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كالثَّور يُضْرَبُ أَن تَعافَ نِعاجُه، ... وَجَبَ العِيافُ، ضَرَبْتَ أَو لَمْ تَضْرِب
وَرَجُلٌ عَيُوفٌ وعَيْفان: عَائِفٌ، وَاسْتَعَارَهُ النَّجَاشِيُّ لِلْكِلَابِ فَقَالَ يَهْجُو ابْنَ مُقْبِلٍ:
تَعافُ الكِلابُ الضارِياتُ لحُومَهُمْ، ... وتأْكل مِنْ كَعْبِ بنِ عَوْفٍ ونَهْشَل
وَقَوْلُهُ:
فإنْ تَعافُوا العَدْلَ والإِيمانا، ... فإنَّ فِي أَيْمانِنا نِيرانا
فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالنِّيرَانِ سُيُوفًا أَي فَإِنَّا نَضْرِبُكُمْ بِسُيُوفِنَا، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ السُّيُوفِ عَنْ ذِكْرِ الضَّرْبِ بِهَا. والعَائِف: الْكَارِهُ لِلشَّيْءِ المُتَقَذِّر لَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه أُتي بضَبّ مَشْوِي فَلَمْ يأْكله، وَقَالَ: إِنِّي لأَعَافُه لأَنه لَيْسَ مِنْ طَعَامِ قَوْمِي
أَي أَكرهه. وعَافَ الماءَ: تَرَكَهُ وَهُوَ عطشانُ. والعَيُوف مِنَ الإِبل: الَّذِي يَشَمُّ الْمَاءَ، وَقِيلَ الَّذِي يَشُمُّهُ وَهُوَ صَافٍ فيدَعُه وَهُوَ عطشانُ. وأَعَافَ القومُ إِعَافَةً: عافَتْ إبلُهُم الْمَاءَ فَلَمْ تَشْرَبْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَذِكْرِهِ إِبْرَاهِيمَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِسْكَانِهِ ابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ وأُمه مَكَّةَ وأَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فجَّر لَهُمَا زَمْزَمَ قَالَ: فمرَّتْ رُفقةٌ مِنْ جُرْهُمٍ فرأَوا طَائِرًا وَاقِعًا عَلَى جَبَلٍ فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَعَائِفٌ عَلَى مَاءٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: العَائِف هُنَا هُوَ الَّذِي يَتَرَدَّدُ عَلَى الْمَاءِ ويحُوم وَلَا يَمْضِي. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
أُم إِسْمَاعِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: ورأَوا طَيْرًا عَائِفاً عَلَى الْمَاءِ
أَي حَائِمًا ليَجِد فُرْصة فَيَشْرَبَ. وعَافَت الطَّيْرُ إِذَا كَانَتْ تَحُومُ عَلَى الْمَاءِ وَعَلَى الْجِيَفِ تَعِيفُ عَيْفاً وَتَتَرَدَّدُ وَلَا تَمْضِي تُرِيدُ الْوُقُوعَ، فَهِيَ عَائِفَة، وَالِاسْمُ العَيْفَةُ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ عَافَت الطيرُ إِذَا اسْتَدَارَتْ عَلَى شَيْءٍ تَعُوف أَشدّ العَوْف. قَالَ الأَزهري وَغَيْرُهُ: يُقَالُ عَافَت تَعِيفُ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
ويُصْبِحُ لِي مَنْ بَطْنُ نَسْرٍ مَقِيلُهُ ... دويْنَ السَّمَاءِ فِي نُسُورٍ عَوَائِف
وَهِيَ الَّتِي تَعِيف عَلَى الْقَتْلَى وَتَتَرَدَّدُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
__________
(1) . قَوْلُهُ [كليباً] كذا في الأصل، ورواية الصحاح وشارح القاموس: سليكاً، وهي المشهورة فلعلها رواية أخرى.(9/260)
وَعَافَ الطَّائِرُ عَيَفاناً حَامَ فِي السَّمَاءِ، وَعَافَ عَيْفاً حَامَ حَوْلَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْد:
كأَن أَوبَ مَساحي القومِ فوقهُمُ ... طَيْرٌ، تَعِيف عَلَى جُونٍ مَزاحِيف
وَالِاسْمُ العَيْفَة، شَبَّهَ اخْتِلاف المَساحي فوق رؤوس الْحَفَّارِينَ بأَجنحة الطَّيْرِ، وأَراد بالجُون الْمَزَاحِيفِ إِبِلًا قَدْ أَزْحَفَت فَالطَّيْرُ تَحُومُ عَلَيْهَا. والعَائِف: الْمُتَكَهِّنُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: أَن شُرَيْحًا كَانَ عَائِفاً
؛ أَراد أَنه كَانَ صَادِقَ الحَدْس وَالظَّنِّ كَمَا يُقَالُ لِلَّذِي يُصِيبُ بِظَنِّهِ: مَا هُوَ إِلَّا كَاهِنٌ، وَلِلْبَلِيغِ فِي قَوْلِهِ: مَا هُوَ إِلَّا سَاحِرٌ، لَا أَنه كَانَ يَفْعَلُ فِعْلَ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْعِيَافَةِ. وعَافَ الطائرَ وغيرَه مِنَ السَّوانِح يَعيفُه عِيافة: زجَره، وَهُوَ أَن يَعتبر بأَسمائها وَمَسَاقِطِهَا وأَصواتها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَصل عِفْتُ الطيرَ فَعَلْتُ عَيَفْتُ، ثُمَّ نُقِلَ مِنْ فَعَلَ إِلَى فِعَلَ، ثُمَّ قُلِبَتِ الْيَاءُ فِي فَعِلتُ أَلفاً فصارَ عافْتُ فَالْتَقَى سَاكِنَانِ: العينُ الْمُعْتَلَّةُ وَلَامُ الْفِعْلِ، فَحُذِفَتِ العينُ لِالْتِقَائِهِمَا فَصَارَ التَّقْدِيرُ عَفْتُ، ثُمَّ نُقِلَتِ الْكَسْرَةُ إِلَى الْفَاءِ لأَن أَصلها قَبْلَ الْقَلْبِ فَعِلْت، فَصَارَ عِفْتُ، فَهَذِهِ مُرَاجَعَةُ أَصل إِلَّا أَن ذَلِكَ الأَصل الأَقربُ لَا الأَبعدُ، أَلا تَرَى أَن أَولَ أَحوالِ هَذِهِ الْعَيْنِ فِي صِيغَةِ الْمِثَالِ إِنَّمَا هُوَ فتحةُ الْعَيْنِ الَّتِي أُبدِلت مِنْهَا الكسرةُ؟ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي أَشباه هَذَا مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: حَمَلُوهُ عَلَى فِعالة كراهيةَ الفُعول، وَقَدْ تَكُونُ العِيَافَة بالحدْس وَإِنْ لَمْ تَرَ شَيْئًا؛ قَالَ الأَزهري: العِيَافَة زَجْرُ الطَّيْرِ وَهُوَ أَن يَرَى طَائِرًا أَو غُرَابًا فَيَتَطَيَّرَ وَإِنْ لَمْ يَرَ شَيْئًا فَقَالَ بِالْحَدْسِ كَانَ عِيَافة أَيضاً، وَقَدْ عَافَ الطيرَ يَعِيفُه؛ قَالَ الأَعشى:
مَا تَعِيف اليومَ فِي الطَّيْر الرَّوَحْ ... مِنْ غُرابِ البَيْنِ، أَو تَيْسٍ بَرَحْ «1»
والعَائِف: الَّذِي يَعِيفُ الطَّيْرَ فيَزْجُرُها وَهِيَ العِيَافَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
العِيَافَة والطَّرْق مِنَ الجِبْتِ
؛ العِيَافَة: زجْرُ الطَّيْرِ وَالتَّفَاؤُلُ بأَسمائها وأَصواتها ومَمَرِّها، وَهُوَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ كَثِيرًا وَهُوَ كَثِيرٌ فِي أَشعارهم. يُقَالُ: عَافَ يَعِيف عَيْفاً إِذَا زجَرَ وحدَس وَظَنَّ، وَبَنُو أَسْد يُذْكَرون بالعِيَافة ويُوصَفون بِهَا، قِيلَ عَنْهُمْ: إِنَّ قَوْمًا مِنَ الْجِنِّ تَذَاكَرُوا عِيَافَتَهم فأَتَوْهم فَقَالُوا: ضَلَّتْ لَنَا ناقةٌ فَلَوْ أَرسلتم مَعَنَا مَنْ يَعِيف، فَقَالُوا لغُلَيِّم مِنْهُمُ: انطَلِقْ مَعَهُمْ فاستردَفَه أَحدُهم ثُمَّ سَارُوا، فلقِيَهُم عُقابٌ كاسِرَةٌ أَحد جناحَيْها، فاقشَعَرّ الْغُلَامُ وَبَكَى فَقَالُوا: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: كسَرَتْ جَناحاً، ورَفَعَتْ جَناحاً، وحَلَفَتْ بِاللَّهِ صُراحاً: مَا أَنت بِإِنْسِيٍّ وَلَا تَبْغِي لِقاحاً. وَفِي الْحَدِيثُ:
أَن عبدَ اللَّهِ بنَ عبدِ الْمُطَّلِبِ أَبا النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مرَّ بامرأَة تَنْظُرُ وتَعْتافُ فَدَعَتْهُ إِلَى أَن يَسْتَبْضِعَ مِنْهَا فأَبى.
وَقَالَ شِمْرٌ: عَيافٌ والطَّريدةُ لُعْبَتان لصِبْيانِ الأَعراب؛ وَقَدْ ذَكَرَ الطِّرِمَّاحُ جَواريَ شَبَبْن عَنْ هَذِهِ اللُّعَب فَقَالَ:
قَضَتْ مِنْ عَيافٍ والطَريدَة حاجَةً، ... فَهُنَّ إِلَى لَهْو الْحَدِيثِ خُضُوعُ
وَرَوَى
إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: سمعت المغيرةَ بن
__________
(1) . قوله [برح] كتب بهامش الأصل في مادة روح في نسخة سنح.(9/261)
شُعْبة يَقُولُ: لَا تُحَرِّمُ «1» العَيْفَةُ، قُلْنَا: وَمَا العَيْفَة؟ قَالَ: المرأَة تَلِدُ فيُحْصَرُ لبَنُها فِي ثَدْيِهَا فتَرْضَعُه جارَتُها المرَّة وَالْمَرَّتَيْنِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا نَعْرِفُ العَيْفَةَ فِي الرَّضَاعِ وَلَكِنْ نُراها العُفَّةَ، وَهِيَ بقِيَّة اللَّبَنِ فِي الضَرْع بَعْدَ ما يُمْتَكُّ أَكثرُ مَا فِيهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي هُوَ أَصح عِنْدِي أَنه العَيْفَةُ لَا العُفَّة، وَمَعْنَاهُ أَن جَارَتَهَا ترضَعُها الْمَرَّةَ وَالْمَرَّتَيْنِ لِيَتَفَتَّحَ مَا انسدَّ مِنْ مَخَارِجِ اللَّبَنِ، سُمِّيَ عَيْفَة لأَنها تَعافُه أَي تقذَرُه وتكرَهُه. وأَبو العَيُوف: رَجُلٌ؛ قَالَ:
وَكَانَ أَبو العَيُوف أَخاً وَجَارًا، ... وَذَا رَحِمٍ، فقلتَ لَهُ نِقاضا
وَابْنُ العيِّف العَبْديّ: مِنْ شُعَرَائِهِمْ.
فصل الغين المعجمة
غترف: التَّغَتْرُفُ مِثْلُ التَّغَطْرُفِ: الْكِبْرُ؛ وأَنشد الأَحمر:
فَإِنَّكَ إِنْ عادَيْتَني غَضِبَ الحَصى ... عَلَيْكَ، وَذُو الجَبُّورةِ المُتَغَتْرِفُ
وَيُرْوَى: المتغَطْرِفُ، قَالَ: يَعْنِي الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَا يَجُوزُ أَن يوصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بالتَّغَتْرُف، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ تَكَبُّرًا، لأَنه عَزَّ وَجَلَّ لَا يوصَف إِلَّا بِمَا وصَفَ بِهِ نَفْسَهُ لَفْظًا لا معنى.
غدف: الغُداف: الغُراب، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ غُراب الْقَيْظِ الضخْمَ الوافِرَ الْجَنَاحَيْنِ، وَالْجَمْعُ غُدْفانٌ، وَرُبَّمَا سُمّي النَّسْرُ الكثيرُ الريشِ غُدَافاً، وَكَذَلِكَ الشَّعْرُ الأَسود الطَّوِيلُ وَالْجَنَاحُ الأَسود. وشعرٌ غُدَاف: أَسود وَافِرٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَصَيَّدُ شُبَّانَ الرِّجَالِ بفاحِم ... غُدَافٍ، وتَصْطادين عُثّاً وجُدْجُدا «2»
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
رُكِّب فِي جناحِك الغُدافي ... مِنَ القُدامى وَمِنَ الخَوافي
وجَناح غُداف: أَسود طَوِيلٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ الظَّليمَ وبَيْضَه:
يَكْسُوه وحْفاً غُدافاً مِنْ قَطيفته ... ذاتِ الفُضُولِ مَعَ الإِشفاق والحَدَب
وَيُقَالُ: أَسود غُدافيٌّ إِذَا كَانَ شَدِيدَ السَّوَادِ نُسبَ إِلَى الغُدَاف، وَقِيلَ: كُلُّ أَسْودَ حالِكٍ غُدافٌ. واغدَوْدَفَ الليلُ وأَغْدَفَ: أَقْبَل وأَرخى سُدُولَه. وأَغْدَفَ الليلُ سُتُورَهُ إِذَا أَرسل سُتُورَ ظُلَمه؛ وأَنشد:
حَتَّى إِذَا الليلُ البَهِيمُ أَغْدَفا
وأَغْدَفَتِ المرأَة قِناعها: أَرسلته. وأَغْدَف قِناعَه: أَرسله عَلَى وَجْهِهِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
إنْ تُغْدِفي دُونِي القِناعَ، فَإِنَّنِي ... طَبٌّ بأَخْذِ الفارِسِ المُسْتَلْئِم
وأَغْدَفَ عَلَيْهِ سِتْراً: أَرْسله. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَغْدَفَ عَلَى عَلِيٍّ وفاطِمة، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، سِتراً
أَي
__________
(1) . قوله [لا تحرم إلخ] هكذا بضم التاء وشد الراء المكسورة في النهاية والأصل، وضبط في القاموس: بفتح التاء وضم الراء. وقوله [المرة والمرتين] هكذا بالراء في الأصل والقاموس، وقال شارحه: الصواب المزة والمزتين بالزاي كما في النهاية والعباب.
(2) . قوله [عثاً] بالثاء المثلثة كما في مادة عثت فما وقع فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي مادة جدد عشاً بالشين المعجمة تبعاً للأصل خطأ.(9/262)
أَرسله؛ رُوِيَ
أَنه حِينَ قِيلَ لَهُ هَذَا عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ قائمينِ بالسُّدَّة فأَذِنَ لَهُمَا فَدَخَلَا، فأَغْدَفَ عَلَيْهِمَا خَمِيصةً سَوْدَاءَ
أَي أَرسلها. وأَغْدَفَ بِالطَّائِرِ وأَغْدَفَ عَلَيْهِ: أَرسل عَلَيْهِ الشَّبَكَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إنَّ قلْب الْمُؤْمِنِ أَشَدُّ اضْطِراباً مِنَ الخَطيئة يُصيبُها مِنَ الطَّائِرِ حِينَ يُغْدَفُ بِهِ
؛ أَراد حِينَ تُطْبَقُ الشِّباكُ عَلَيْهِ فَيَضْطَرِبُ ليُفْلَتَ؛ وأَغْدَفَ الصيادُ الشَّبَكَةَ عَلَى الصَّيْدِ. والغِدْفَةُ: لِباسُ المَلِك. والغِدْفَةُ والغَدَفَةُ: لِبَاسُ الْفُولِ «1» والدَّجْر وَنَحْوِهِمَا. وعَيْش مُغْدِف: مُلْبس وَاسِعٌ. والقومُ فِي غِدَافٍ مِنْ عِيشَتِهِمْ أَي فِي نَعْمة وخصْب وسعَة. وأَغْدَفَ فِي خِتان الصَّبِيِّ: استأْصَله؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن أَغْدَف تَرَكَ مِنْهُ وأَسْحَتَ استأْصله. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَغْدَف فِي خِتان الصَّبِيِّ إِذَا لَمْ يُسْحِت، وأَسْحَت إِذَا استأْصل. وَيُقَالُ: إِذَا خَتَنْت فَلَا تُسحت، وَمَعْنَى لَمْ يُغْدف أَي لَمْ يُبْق شَيْئًا كَبِيرًا مِنَ الْجِلْدِ، وَلَمْ يَطْحر: لَمْ يَسْتأْصل. وأَغْدَفَ الْبَحْرُ اعْتَكرَت أَمْواجه. والغَادِفُ: المَلَّاح، يَمَانِيَّةٌ. والغَادِفُ والمِغْدَفَةُ والغَادُوف والمِغْدَفُ: المِجْدافُ، يَمَانِيَّةٌ. واغْتَدَفَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ اغْتِدَافاً إِذَا أَخذ مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا.
غذف: الغَذُوف: لُغَةٌ فِي العَذُوف؛ حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ وأَنكرها السيرافي.
غذرف: التَّغَذْرُف: الحَلِف؛ عَنْ ثعلب.
غرف: غَرَفَ الماءَ والمَرَقَ وَنَحْوَهُمَا يَغْرُفُه غَرْفاً واغْتَرَفَه واغْتَرَفَ مِنْهُ، وَفِي الصِّحَاحِ: غَرَفتُ الْمَاءَ بِيَدِي غَرْفاً. والغَرْفَةُ والغُرْفَة: مَا غُرِف، وَقِيلَ: الغَرْفة المرَّة الْوَاحِدَةُ، والغُرْفة مَا اغْتُرِف. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَلَا مَنِ اغْتَرَفَ غَرْفَة، وغُرْفَةً
؛ أَبو الْعَبَّاسِ: غُرْفَةً قِرَاءَةُ عُثْمَانَ وَمَعْنَاهُ الْمَاءُ الَّذِي يُغْترَفُ نَفْسُهُ، وَهُوَ الِاسْمُ، والغَرْفة المرَّة مِنَ الْمَصْدَرِ. وَيُقَالُ: الْغُرْفَةُ، بِالضَّمِّ، مِلء الْيَدِ. قَالَ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ لَوْ كَانَ موضعُ اغْتَرَفَ غَرَفَ اخْتَرْتُ الْفَتْحَ لأَنه يخرُج عَلَى فَعْلة، وَلَمَّا كَانَ اغْتَرَفَ لَمْ يَخْرُجْ عَلَى فَعْلة.
وَرُوِيَ عَنْ يُونُسَ أَنه قَالَ: غَرْفَة وغُرْفَة عَرَبِيَّتَانِ
، غَرَفْت غَرفة، وَفِي القدْر غُرْفة، وحَسَوْتُ حَسْوةً، وَفِي الإِناء حُسْوة. الْجَوْهَرِيُّ: الغُرْفَة، بِالضَّمِّ، اسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ لأَنك مَا لَمْ تَغْرِفه لَا تُسَمِّيهِ غُرفة، وَالْجَمْعُ غِراف مِثْلَ نُطْفة ونِطاف. والغُرافَة: كالغُرْفة، وَالْجَمْعُ غِرافٌ. وَزَعَمُوا أَن ابْنةَ الجُلَنْدَى وضَعَتْ قِلادتها عَلَى سُلَحْفاة فانْسابت فِي الْبَحْرِ فَقَالَتْ: يَا قَوْمِ، نَزافِ نَزَافِ لَمْ يَبْقَ فِي الْبَحْرِ غَيْرَ غِراف. والغِرَافُ أَيضاً: مِكيال ضَخْم مثْل الجِراف، وَهُوَ القَنْقَل. والمِغْرفةُ: مَا غُرِفَ بِهِ، وَبِئْرٌ غَرُوف: يُغْرَف مَاؤُهَا بِالْيَدِ. وَدَلْوٌ غَرِيفٌ وغَرِيفَة: كَثِيرَةُ الأَخذ مِنَ الْمَاءِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الغَرْف غَرْفُك الْمَاءَ بِالْيَدِ أَو بالمِغْرفة، قَالَ: وغَرْبٌ غَرُوفٌ كَثِيرُ الأَخذ لِلْمَاءِ. قَالَ: ومَزادةٌ غَرْفِيَّةٌ وغَرَفِيَّةٌ، فالغَرْفِيَّة رَقيقةٌ مِنْ جُلود يُؤتى بها من الْبَحْرَيْنِ، وغَرَفِيَّة دُبغت بالغَرَف. وَسِقَاءٌ غَرْفَى أَي مَدْبوغ بالغَرف. وَنَهْرٌ غَرَّافٌ: كَثِيرُ الْمَاءِ. وَغَيْثٌ غَرَّاف: غَزِيرٌ؛ قَالَ: لَا تَسْقِه صَيِّبَ غَرَّافٍ جُؤَرْ وَيُرْوَى عزَّاف، وقد تقدم.
__________
(1) . قوله [والغدفة لباس الفول] كذا ضبط في الأصل.(9/263)
وغَرَفَ الناصِيةَ يَغْرِفُها غَرْفاً: جزَّها وحلَقها. وغَرَفْتُ ناصيةَ الفَرس: قطعتُها وجَزَزْتُها، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ الْغَارِفَةِ
، قَالَ الأَزهري: هُوَ أَن تُسَوِّي نَاصِيَتَهَا مَقْطُوعة عَلَى وسَط جَبينِها. ابْنُ الأَعرابي: غَرَف شَعْرَهُ إِذَا جَزَّه، وملَطه إِذَا حلَقه. وغَرَفْتُ العَوْدَ: جَزَزْته والغُرْفةُ: الخُصلةُ مِنَ الشَّعْرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ قَيْسٍ: تَكادُ تَنْغَرِفُ أَي تَنْقَطِعُ. قَالَ الأَزهري: والغارفةُ فِي الْحَدِيثِ اسْمٌ مِنَ الغَرْفَة جَاءَ عَلَى فَاعِلَةٍ كَقَوْلِهِمْ سَمِعْتُ راغِيةَ الإِبل، وَكَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لَا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً، أَي لَغْواً، وَمَعْنَى الغَارِفَةِ غَرْفُ الناصيةِ مُطَرَّزَةً عَلَى الْجَبِينِ: والغَارِفَة فِي غَيْرِ هَذَا: النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ السَّيْرِ، سُمِّيَتْ غَارِفَة لأَنها ذَاتُ قَطْع؛ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرِيدُ بالغَارِفَة الَّتِي تَجُزُّ نَاصِيَتَهَا عِنْدَ المُصِيبة. وغَرَفَ شعَره إِذَا جَزَّه، وَمَعْنَى الغَارِفَة فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعولة ك عِيشَةٍ راضِيَةٍ*. وَنَاقَةٌ غَارِفَة: سَرِيعَةُ السَّيْرِ. وإبلٌ غَوَارِفُ وَخَيْلٌ مَغارِف: كأَنها تَغْرِفُ الجَرْيَ غَرْفاً، وَفَرَسٌ مِغْرَفٌ؛ قَالَ مُزَاحِمٌ:
بأَيدي اللَّهامِيم الطِّوالِ المَغَارِف
ابْنُ دُرِيدٍ «2» : فَرَسٌ غَرَّافٌ رَغيبُ «3» الشَّحْوةِ كَثِيرُ الأَخذ بِقَوَائِمِهِ مِنَ الأَرض. وغَرَفَ الشيءَ يَغْرِفُه غَرْفاً فانغرَفَ: قَطَعَه فانْقَطَعَ. ابْنُ الأَعرابي: الغَرْفُ التَّثَني والانقصافُ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:
تَنامُ عَنْ كِبْر شأْنِها، فَإِذَا ... قامَتْ رُوَيْداً تَكادُ تَنْغَرِفُ
قَالَ يَعْقُوبُ: مَعْنَاهُ تتثَنَّى، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَنْقصِف مِنْ دِقَّة خَصْرها. وانْغَرَف الْعَظْمُ: انْكَسَرَ، وَقِيلَ: انْغَرَفَ العُود انْفَرَضَ إِذَا كُسِر وَلَمْ يُنْعم كَسْرُه. وانْغَرَفَ إِذَا مَاتَ. والغُرْفة: العِلِّيّةُ، وَالْجَمْعُ غُرُفَات وغُرَفَات وغُرْفَات وغُرَف. والغُرْفَة: السَّمَاءُ السَّابِعَةُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
سَوَّى فأَغلَقَ دونَ غُرْفةِ عَرْشِهِ، ... سَبْعاً طباقاً، وفوق فَرْع المَنْقَلِ
كَذَا ذُكِرَ فِي الصِّحَاحِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: فَوْقَ فَرْعِ المَعْقِل؛ قَالَ:
وَيُرْوَى المَنْقل
، وَهُوَ ظَهْرُ الْجَبَلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِهِ: دُونَ عِزَّة عَرشه. والمَنْقلُ: الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ. والغُرْفَةُ: حَبْل معْقود بأُنْشوطةٍ يُلقَى فِي عُنُق الْبَعِيرِ. وغَرَف البعيرَ يَغرِفُه ويَغْرُفه غَرْفاً: أَلقى فِي رأْسه الغُرفة، يَمَانِيَةٌ. والغَرِيفَةُ: النعْلُ بِلُغَةِ بَنِي أَسَد، قَالَ شمر: وطيِء تَقُولُ ذَلِكَ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الغَرِيفَةُ النعْلُ الخَلَقُ. والغَرِيفَة: جِلْدةٌ مُعَرَّضةٌ فَارِغَةٌ نَحْوٌ مِنَ الشِّبْر مِنْ أَدَم مُرَتَّبة فِي أَسفَلِ قِراب السَّيْفِ تَتَذَبْذَب وَتَكُونُ مُفَرَّضة مُزَيَّنة؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ وَذَكَرَ مِشْفرَ الْبَعِيرِ:
تُمِرُّ عَلَى الوِراكِ، إِذَا المَطايا ... تَقايَسَتِ النِّجادَ مِنَ الوَجينِ
خَريعَ النَّعْوِ مُضْطَرِب النَّواحي، ... كأَخْلاقِ الغَريفةِ ذِي غُضُونِ «4»
__________
(2) . قوله [ابن دريد] بهامش الأصل: صوابه أَبو زيد.
(3) . قوله [رغيب] هو في الأصل بالغين المعجمة وفي القاموس بالحاء المهلة.
(4) . قوله [ذي غضون] كذا بالأصل، قال الصاغاني: الرواية ذا.(9/264)
وخَريع مَنصوب بِتُمِرُّ أَي تُمِرُّ عَلَى الوِراكِ مِشْفراً خَريع النَّعْو؛ والنَّعْوُ شَقُّ المِشفر وَجَعْلُهُ خَلَقاً لنعُومته. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الغَرِيفَة فِي هَذَا الْبَيْتِ النعْل الْخَلَقُ، قَالَ: وَيُقَالُ لِنَعْلِ السَّيْفِ إِذَا كَانَ مِنْ أَدَم غَرِيفَة أَيضاً. والغَرِيفَةُ والغَرِيفُ: الشَّجَرُ المُلْتَفُّ، وَقِيلَ: الأَجَمَةُ مِنَ البَرْدِيِّ والحَلْفاء والقَصَبِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَدْ يَكُونُ مِنَ السَّلَمِ والضَّالِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
يأْوي إِلَى عُظْمِ الغَرِيف، ونَبْلُه ... كسَوامِ دَبْرِ الخَشْرَمِ المُتَثَوِّر
وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الَّذِي فِي الأَجَمة؛ قَالَ الأَعشى:
كبَرْدِيّة الغِيلِ، وَسْطَ الغَرِيف، ... قَدْ خالَطَ الماءُ مِنْهَا السَّريرا
السَّريرُ: سَاقُ البَرْديّ. قَالَ الأَزهري: أَما مَا قَالَ اللَّيْثُ فِي الغَرِيف إِنَّهُ مَاءُ الأَجَمةِ فَهُوَ بَاطِلٌ. والغَرِيفُ: الأَجمة نفْسُها بِمَا فِيهَا مِنْ شَجَرِهَا. والغَرِيف: الجماعةُ مِنَ الشَّجَرِ المُلْتفّ مِنْ أَي شَجَرٍ كَانَ؛ قَالَ الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيل، وَسْطَ الغَرِيف، ... ساقَ الرِّصافُ إِلَيْهِ غَديرا
أَنشده الْجَوْهَرِيُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عَجُزُ بَيْتِ الأَعشى لِصَدْرٍ آخَرَ غَيْرِ هَذَا وَتَقْرِيرُ الْبَيْتَيْنِ:
كَبَرْدِيَةِ الْغِيلِ، وَسْطَ الغَرِيف، ... إِذَا خَالَطَ الْمَاءُ مِنْهَا السُّرورا
وَالْبَيْتُ الْآخَرُ بَعْدَ هَذَا الْبَيْتِ بِبَيْتَيْنِ وَهُوَ:
أَوِ اسْفَنْطَ عانَةَ بَعْدَ الرُّقادِ، ... ساقَ الرِّصافُ إِلَيْهِ غَدِيرًا
والغَرْفُ والغَرَفُ: شَجَرٌ يُدْبَغُ بِهِ، فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ الثُّمام، وَقِيلَ: الغَرَف مِنْ عِضاه الْقِيَاسِ وَهُوَ أَرَقُّها، وَقِيلَ: هُوَ الثُّمَامُ مَا دَامَ أَخضر، وَقِيلَ: هُوَ الثُّمَامُ عَامَّةً؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
أَمْسَى سُقامٌ خَلاءً لَا أَنِيسَ بِهِ ... غَيرُ الذِّئابِ، ومَرّ الرِّيح بالغَرَف
سقامٌ: اسْمُ وَادٍ،
وَيُرْوَى غَيْرُ السِّبَاعِ
؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِجَرِيرٍ:
يَا حَبّذا الخَرْجُ بَيْنَ الدَّامِ والأُدَمى، ... فالرِّمْثُ مِنْ بُرْقة الرَّوْحانِ فالغَرَفُ
الأَزهري: الغَرْف، سَاكِنُ الرَّاءِ، شجرةٌ يُدْبَغُ بِهَا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ الغَرْفُ وَالْغُلْفُ، وأَمّا الغَرَفُ فَهُوَ جِنْسٌ مِنَ الثُّمام لَا يُدبغ بِهِ. والثُّمام أَنواع: مِنْهُ الغَرَف وَهُوَ شَبيه بالأَسَل وتُتّخذ مِنْهُ المَكانس وَيُظَلَّلُ بِهِ المزادُ فيُبَرِّد الْمَاءَ؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ لَجإٍ فِي الغَرْف:
تَهْمِزهُ الكَفُّ عَلَى انْطِوائها، ... هَمْز شَعِيب الغَرفِ مِنْ عَزْلائها
يعني مَزادةً دُبغت بالغَرْف. وَقَالَ الباهِليُّ فِي قَوْلُ عَمْرِو بْنِ لَجَإٍ: الغَرْف جُلُودٌ لَيْسَتْ بقَرَظِية تُدْبغ بهَجَر، وَهُوَ أَن يُؤْخَذَ لَهَا هُدْب الأَرْطى فَيُوضَعُ فِي مِنْحاز ويُدَقّ، ثُمَّ يُطرح عَلَيْهِ التَّمْرُ فَتَخْرُجُ لَهُ رَائِحَةُ خَمْرة، ثُمَّ يُغْرَفُ لِكُلِّ جِلْدٍ مِقْدَارٌ ثُمَّ يُدْبَغُ بِهِ، فَذَلِكَ الَّذِي يُغرف يُقَالُ لَهُ الغَرْف، وكلُّ مِقدار جِلْدٍ مِنْ ذَلِكَ النَّقِيعِ فَهُوَ الغَرْف، وَاحِدُهُ وَجَمِيعُهُ سَوَاءٌ، وأَهل الطَّائِفِ يُسَمُّونَهُ النَّفْس. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَعْطِني نَفْساً أَو نَفْسَيْن أَي دِبْغةً من أَخْلاطِ الدِّباع يَكُونُ ذَلِكَ قَدْرَ كَفٍّ مِنَ(9/265)
الغَرْفة وَغَيْرِهِ مِنْ لِحاء الشَّجَرِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والغَرْف الَّذِي يُدْبغ بِهِ الْجُلُودُ مَعْرُوفٌ مِنْ شَجَرِ الْبَادِيَةِ، قَالَ: وَقَدْ رأَيته، قَالَ: وَالَّذِي عِنْدِي أَن الْجُلُودَ الغَرْفِيَّة مَنْسُوبَةٌ إِلَى الغَرْف الشَّجر لَا إِلَى مَا يُغْرف بِالْيَدِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: والغَرَف الثُّمام بِعَيْنِهِ لَا يُدبغ بِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي صَحِيحٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذَا جَفَّ الغَرَف فمضغْتَه شَبَّهْتَ رَائِحَتَهُ بِرَائِحَةِ الْكَافُورِ. وَقَالَ مَرَّةً: الغَرْف، سَاكِنَةُ الرَّاءِ، مَا دُبغ بِغَيْرِ القَرَظ، وَقَالَ أَيضاً: الغَرْف، سَاكِنَةُ الرَّاءِ ضُرُوبٌ تُجمع، فَإِذَا دُبِغَ بِهَا الْجِلْدُ سُمِّيَ غَرْفاً. وَقَالَ الأَصمعي: الغرْف، بِإِسْكَانِ الرَّاءِ، جُلُودٌ يُؤْتَى بِهَا مِنَ الْبَحْرَيْنِ. وَقَالَ أَبو خَيْرة: الغَرْفِيَّة يَمَانِيَةٌ وبَحْرانية، قَالَ: والغَرَفِيَّة، مُتَحَرِّكَةُ الرَّاءِ، مَنْسُوبَةٌ إِلَى الغَرَف. وَمَزَادَةٌ غَرْفِيَّة: مَدْبُوَغَةٌ بالغَرْف؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَفْراء غَرْفِيَّةٍ أَثْأَى خَوارِزُها ... مُشَلْشَلٌ ضَيَّعَتْه بَيْنَهَا الكُتَبُ
يَعْنِي مُزَادَةً دُبِغَتْ بالغَرْف؛ ومُشَلشَل: مِنْ نَعْتِ السَّرَب فِي قَوْلِهِ:
مَا بالُ عَيْنِكَ مِنْهَا الْمَاءُ يَنْسَكبُ، ... كأَنَّه مِنْ كُلَى مَفْرِيَّة سَرَبُ؟
قَالَ ابْنُ دُرِيدٍ: السرَبُ الْمَاءُ يُصَبُّ فِي السِّقاء لِيَدْبُغَ فتغْلُظ سُيوره؛ وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ وَقَالَ: مَنْ رَوَى سَرِبُ، بِالْكَسْرِ، فَقَدْ أَخطأَ وَرُبَّمَا جَاءَ الغَرَف بِالتَّحْرِيكِ؛ وأَنشد:
ومَرِّ الرِّيحِ بالغَرَف
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَة قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الغَرْف ضُرُوبٌ تُجْمَعُ، فَإِذَا دُبِغَ بِهَا الْجِلْدُ سُمِّيَ غَرْفاً. أَبو حَنِيفَةَ: والغَرَف شَجَرٌ تُعمل مِنْهُ القِسِيّ وَلَا يدبُغ بِهِ أَحد. وَقَالَ الْقَزَّازُ: يَجُوزُ أَن يُدْبَغَ بِوَرَقِهِ وَإِنْ كَانَتِ القِسِيُّ تُعمل مِنْ عِيدَانِهِ. وَحَكَى أَبو مُحَمَّدٍ عَنِ الأَصمعي: أَن الغَرْف يُدْبَغُ بِوَرَقِهِ وَلَا يُدْبَغُ بِعِيدَانِهِ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ: وفْراء غَرْفِيَّة؛ وَقِيلَ: الغَرْفِيَّة هَاهُنَا المَلأَى، وَقِيلَ: هِيَ الْمَدْبُوغَةُ بِالتَّمْرِ والأَرْطى والملحِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مَزَادَةٌ غَرَفِيَّة وقرْبة غَرَفِيَّة؛ أَنشد الأَصمعي:
كأَنَّ خُضْرَ الغَرَفِيَّاتِ الوُسُعْ ... نيطتْ بأَحْقى مُجَرْئشَّاتٍ هُمُعْ
وغَرَفْت الْجِلْدَ: دَبَغْته بِالْغَرَفِ. وغَرِفَتِ الإِبل، بِالْكَسْرِ، تَغْرَفُ غَرَفاً: اشْتَكَتْ مِنْ أَكل الغَرَف. التَّهْذِيبُ: وأَما الغَرِيف فَإِنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَكْثُرُ فِيهِ الحَلْفاء والغَرْف والأَباء وَهِيَ الْقَصَبُ والغَضا وَسَائِرُ الشَّجَرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
ويَحُشُّ تَحْتَ القِدْرِ يُوقِدُها ... بغَضَا الغَرِيفِ، فأَجْمَعَتْ تَغْلي
وأَما الغِرْيَفُ فَهِيَ شَجَرَةٌ أُخرى بِعَيْنِهَا. والغِرْيَفُ، بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَتَسْكِينِ الرَّاءِ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: مِنْ نَبَاتِ الْجَبَلِ؛ قَالَ أُحَيْحة بْنُ الجُلاحِ فِي صِفَةِ نَخْلٍ:
إِذَا جُمادَى مَنَعَتْ قَطْرَها، ... زانَ جَنابي عَطَنٌ مُعْصِفُ
مُعْرَوْرِفٌ أَسْبَلَ جَبَّاره، ... بِحافَتَيْهِ، الشُّوعُ والغِرْيَفُ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو نَصْرٍ الغِرْيَفُ شَجَرٌ خَوّار مِثْلُ الغَرَبِ، قَالَ: وَزَعَمَ غَيْرُهُ أَن الغِرْيَفَ البرْدِيّ؛(9/266)
وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ لِحَاتِمٍ:
رَوَاءٌ يَسِيل الماءُ تَحْتَ أُصولِهِ، ... يَمِيلُ بِهِ غِيلٌ بأَدْناه غِرْيَفُ
والغِرْيَفُ: رَمْلٌ لِبَنِي سَعْدٍ. وغُرَيْفٌ وغَرَّافٌ: اسْمَانِ. والغَرَّافُ: فَرَسُ خُزَزَ بْنِ لُوذان.
غرضف: الغُرضُوف: كُلُّ عَظم ليّنٍ رَخْص فِي أَي مَوْضِعٍ كَانَ، زَادَ التَّهْذِيبُ: يُؤْكَلُ، قَالَ: وداخلُ القُوفِ غُرْضوف، والغُرْضُوف: الْعَظْمُ الَّذِي عَلَى طَرف المَحالة، والغُضْروف لُغَةٌ فِيهِمَا. والغُرْضُوفَان مِنَ الْفَرَسِ: أَطراف الْكَتِفَيْنِ مِنْ أَعاليهما مَا دَقَّ عَنْ صَلَابَةِ العظمِ، وَهُمَا عصَبتان فِي أَطراف العَيْرين مِنْ أَسافلهما. وغُرْضُوف الأَنف: مَا صَلُب مِنْ مَارِنِهِ فَكَانَ أَشَدَّ مِنَ اللَّحْمِ وأَلينَ مِنَ الْعَظْمِ، ومارِنُ الأَنف غُرْضُوف، ونُغْضُ الْكَتِفِ غُرْضُوف.
غرنف: الغِرْنِفُ، بِكَسْرِ النُّونِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: الياسِمُون؛
وَرَوَى بَيْتَ حَاتِمٍ:
رَوَاءٌ يَسِيلُ الْمَاءُ تَحْتَ أُصوله، ... يَمِيلُ بِهِ غِيل بأَدْناه غِرْنِفُ
وَيُرْوَى غِرْيف
، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةٍ غرف.
غسف: الغَسَفُ: السَّواد؛ قَالَ الأَفوه:
حَتَّى إِذَا ذَرَّ قَرْنُ الشمْسِ أَو كَرَبَتْ، ... وظَنَّ أَنْ سَوْفَ يُولي بَيْضَه الغَسَفُ
ابْنُ بَرِّيٍّ: والغَسَفُ الظُّلْمة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
حَتَّى إِذَا الليلُ تَجَلَّى وانْكَشَفْ، ... وزال عن ذلك الرُّبى حَتَّى انغَسَفْ
وقرأَ بَعْضُهُمْ:
وَمِنْ شَرِّ غَاسِفٍ إِذَا وَقَب
؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَفوه:
وظَنَّ أَن سَوْفَ يولي بيضه الغَسَف
غضف: غَضَفَ العُودَ والشيءَ يَغْضِفُه غَضْفاً فانغضَفَ وغَضَّفَه فَتَغَضَّفَ: كَسَرَهُ فَانْكَسَرَ وَلَمْ يُنْعِم كَسْرَهُ. وتغضَّف عَلَيْهِ أَي مالَ وتَثنَّى وتكسَّر، وتَغَضَّفت الحَيّة: تلَوّت وَتَكَسَّرَتْ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الهُذلي:
إِلَّا عَوابِسُ كالمِراطِ مُعِيدةٌ، ... باللَّيلِ، مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ
وكلُّ مُتَثَنٍّ مُتَكَسِّرٍ مُسترْخ أَغْضَفُ، والأُنثى غَضْفاء. وغَضِفت الأُذن غَضَفاً وَهِيَ غَضْفاء: طَالَتْ واسْترخت وَتَكَسَّرَتْ، وَقِيلَ: أَقبلت عَلَى الْوَجْهِ، وَقِيلَ: أَدبرت إِلَى الرأْس وَانْكَسَرَ طرَفُها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَتَثَنَّى أَطرافها عَلَى بَاطِنِهَا، وَهِيَ فِي الْكِلَابِ إِقْبَالُ الأُذن عَلَى الْقَفَا. وكلبٌ أَغْضَفُ وَكِلَابٌ غُضْف، وَقَدْ غَضِفَ، بِالْكَسْرِ، إِذَا صَارَ مُسْتَرْخِيَ الأُذن. التَّهْذِيبُ: التَّغَضُّفُ والتغَضُّنُ والتغيُّفُ وَاحِدٌ، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْكِلَابِ غُضْفٌ إِذَا اسْتَرْخَتْ آذَانُهَا عَلَى الْمَحَارَةِ مِنْ طُولِهَا وسَعتها. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الغَاضِفُ مِنَ الْكِلَابِ الْمُتَكَسِّرُ أَعلى أُذنه إِلَى مقدَّمه، والأَغْضَفُ إِلَى خَلْفِهِ. والغُضْفُ: كِلَابُ الصيْد مِنْ ذَلِكَ صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وغَضَفَ الكلبُ أُذنه غَضْفاً وغَضَفَاناً وغَضْفَاناً: لَواها، وَكَذَلِكَ إِذَا لوتْها الرِّيح، وَقِيلَ: غَضَفَها أَرخاها وَكَسَرَهَا. والغَضَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: اسْتِرْخاء فِي الأُذن، وَفِي التَّهْذِيبِ: الغَضَف اسْتِرْخَاءُ أَعلى الأُذن عَلَى مَحَارَتِهَا مِنْ سَعتها وعِظَمها. والغَضْفَاء مِنَ الْمَعْزِ: المُنْحَطَّةُ أَطراف الأُذنين مِنْ طُولِهِمَا. والمُغْضِفُ: كالأَغضف. ابْنُ شُمَيْلٍ: الغَضَفُ فِي الأُسْد اسْتِرْخَاءُ أَجفانها العُلا عَلَى أَعينها، يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الغَضَب والكِبَر،(9/267)
قَالَ: وَمِنْ أَسماء الأَسد الأَغْضَفُ، وَقَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ الأُسد:
ومُخْدِرات تأْكل الطَّوّافا، ... غُضْف تَدُقُّ الأَجَمَ الحَفَّافا
قَالَ: وَيُقَالُ الغَضَفُ فِي الأُسُد كَثْرَةُ أَوبارها وتثنِّي جُلُودِهَا؛ وَقَالَ القُطامي:
غُضْف الجِمامِ تَرَحَّلُوا
وَقَالَ اللَّيْثُ: الأَغْضَف مِنَ السِّبَاعِ الَّذِي انْكَسَرَ أَعلى أُذنه واستَرخَى أَصله، وأُذنٌ غَضْفاء وأَنا أَغْضِفُها، وانْغَضَفَت أُذنه إِذَا انْكَسَرَتْ مِنْ غَيْرِ خِلْقة، وغَضِفت إِذَا كَانَتْ خِلْقة، والغَضَفُ انْكِسَارُهَا خِلْقَةً؛ وَقَوْلُهُ:
لَمَّا تآزَيْنا إِلَى دِفء الكُنُفْ، ... فِي يَوْمِ ريحٍ وضَبابٍ مُنْغَضِفْ
إِنَّمَا عَنَى بالمنُغَضِف الضَّبَابَ الَّذِي بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ. وَيُقَالُ لِلسَّمَاءِ أَغْضَفَت إِذَا أَخالَت لِلْمَطَرِ، وَذَلِكَ إِذَا لَبِسها الغَيم، كَمَا يُقَالُ لَيْلٌ أَغْضَفَ إِذَا أُلبِسَ ظَلامه. وَيُقَالُ: فِي أَشفاره غَضَفٌ وغَطَف بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَنَخْلَةٌ مُغْضِفٌ ومُغْضِفَة: كَثُرَ سَعَفُها وساءَ ثَمَرُهَا. وَثَمَرَةٌ مُغْضِفَة: لَمْ يَبْدُ صَلاحُها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه ذَكَرَ أَبواب الرِّبا ثُمَّ قَالَ: وَمِنْهُ الثَّمَرَةُ تُباع وَهِيَ مُغْضِفَة
؛ قَالَ شَمِرٌ: ثمَرَة مُغْضِفَة إِذَا تَقَارَبَتْ مِنَ الإِدْراك ولمَّا تُدْرِك. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُغْضِفَة المُتدَلِّية فِي شَجَرِهَا مُسْتَرْخِيَةً، وكلُّ مُسترخ أَغْضَف؛ رَوَاهُ عَنْهُ أَبو عُبَيْدٍ؛ قَالَ: وَإِنَّمَا أَراد عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنها تُبَاعُ وَلَمْ يَبْدُ صَلاحُها فَلِذَلِكَ جَعَلَهَا مُغْضِفَة. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: قَالَتْ لِيَ الحَنظلِيّة أَغْضَفَتِ النَّخْلَةُ إِذَا أُوقِرَتْ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
أَنه قَدِمَ خَيْبر بأَصحابه وَهُمْ مُسْعِنُون والثمرةُ مُغضفة.
وَيُقَالُ: نَزَلَ فُلَانٌ فِي الْبِئْرِ فانْغَضَفَت عَلَيْهِ أَي انْهَارَتْ عَلَيْهِ. وتَغَضَّفَتِ الْبِئْرُ إِذَا تهدَّمت أَجْوالُها. وانْغَضَفَتْ عَلَيْهِ الْبِئْرُ: انْحَدرت؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وانْغَضَفَتْ فِي مُرْجَحِنّ أَغْضَفا
شَبَّهَ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ بالغُبار. وانْغَضَفَ الْقَوْمُ فِي الْغُبَارِ: دَخَلُوا فِيهِ. وغَضَفَ يَغْضِفُ غُضُوفاً: نَعِم بالُه، فَهُوَ غَاضِفٌ. والغَاضِفُ: الناعمُ الْبَالِ؛ وأَنشد:
كَمِ اليومَ مَغْبُوطٌ بخَيْرِك بائسٌ، ... وآخَرُ لَمْ يُغْبَطْ بخَيْرِك غَاضِفُ
وعَيْشٌ أَغْضَفُ وغَاضِف: وَاسِعٌ ناعِم رَغَدٌ بَيِّنُ الغَضَف. ابْنُ الأَعرابي: سَنَةٌ غَضْفَاء إِذَا كَانَتْ مخْصِبة. وَقَالَ مَعْن بْنُ سَوادةَ: عيشٌ أَغْضَف إِذَا كَانَ رَخِيّاً خَصِيباً. وَيُقَالُ: تَغَضَّفت عَلَيْهِ الدُّنْيَا إِذَا كَثُرَ خَيْرُهَا وأَقبلت عَلَيْهِ. وعَطَنٌ مُغْضِفٌ إِذَا كثُر نَعَمُه
وَرَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ مُعْصِف
، وَقَالَ: هُوَ مِنَ العَصْف وَهُوَ وَرَقُ الزَّرْعِ وَإِنَّمَا أَراد خُوص سعَف النَّخْلِ؛ وَقَالَ أُحَيحةُ بْنُ الْجُلَاحِ:
إِذَا جُمادى مَنَعَتْ قَطْرَها، ... زانَ جَنابي عَطنٌ مُغْضِفُ
أَراد بالعَطَن هَاهُنَا نَخِيلَهُ الرّاسخةَ فِي الْمَاءِ الكثيرةَ الْحَمْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْبَيْتِ فِي تَرْجَمَةِ عصف أَيضاً، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَا فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ. وغَضَف الفرسُ وَغَيْرُهُ يَغْضِفُ غَضْفاً: أَخذ مِنَ الجَرْي بِغَيْرِ حِسَابٍ. والغَضَفُ: شَجَرٌ بِالْهِنْدِ يُشْبِهُ النَّخْلَ وَيُتَّخَذُ مِنْ خوصِه(9/268)
جِلال، وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ كَهَيْئَةِ النَّخْلِ سَوَاءٌ مِنْ أَسفله إِلَى أَعْلاه سعَفٌ أَخضر مُغَشًّى عَلَيْهِ وَنَوَاهُ مقشَّر بِغَيْرِ لِحاء؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَضَفُ خُوصٌ جَيِّدٌ تُتَّخَذُ مِنْهُ القِفاع الَّتِي يُحمل فِيهَا الْجِهَازُ كَمَا يُحْمَلُ فِي الْغَرَائِرِ، تُتَّخَذُ أَعْدَالًا فَلَهَا بَقَاءٌ، وَنَبَاتُ شَجَرِهِ كَنَبَاتِ النَّخْلِ وَلَكِنْ لَا يَطُولُ ويُخرج في رؤوسها بُسْراً بَشِعاً لَا يُؤْكَلُ، قَالَ: وَتُتَّخَذُ مِنْ خُوصِهِ حُصْر أَمثال البُسط تُسَمَّى السِّمام، الْوَاحِدَةُ سُمَّةٌ، وتُفْتَرش السُّمّة عِشرين سَنَةً. الدَّيْنَوَرِيُّ: وأَجود اللِّيف لِلْحِبَالِ الكِنْبارُ، وَهُوَ لِيفُ النّارَجِيل، وأَجْود الْكِنْبَارِ الصِّيني، وَهُوَ أَسود يُسَمُّونَهُ القَطِيّا، والغُضْفُ القَطا الجُونُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ والغَضَفُ القَطا الجُوني. غَيْرُهُ: والغَضَفة ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ قِيلَ إِنَّهَا القَطاة الْجُونِيَّةُ، وَالْجَمْعُ غَضَفٌ وغُضَيْفٌ: مَوْضِعٌ. وسَهم أَغْضَفُ أَي غَلِيظُ الرِّيش، وَهُوَ خِلَافُ الأَصْمع. وأَغْضَف الليلُ أَي أَظلم واسْودَّ. وَلَيْلٌ أَغْضَفُ وَقَدْ غَضِف غَضَفاً. وتَغَضَّفَ عَلَيْنَا اللَّيْلُ: أَلبسنا؛ وأَنشد:
بأَحْلامِ جُهّال إِذَا مَا تَغَضَّفُوا
التَّهْذِيبُ: والأَغْضَف اللَّيْلُ؛ وأَنشد:
فِي ظِلِّ أَغْضَفَ يَدْعُو هامَه البُوم
الأَصمعي: خَضَفَ بِهَا وغَضَفَ بِهَا إِذَا ضَرطَ.
غضرف: الغُضْرُوف: كلُّ عَظم رَخْص لَيِّنٍ فِي أَيّ مَوْضِعٍ كَانَ. والغُضْرُوف: العَظم الَّذِي عَلَى طَرَفِ المَحالةِ، والغُرْضُوفُ لُغَةٌ فِيهِمَا. وَفِي حَدِيثِ صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَعْرفه بِخَاتَمِ النُّبوة أَسْفَل مِنْ غُضْرُوف كتِفه
؛ غُضْرُوفُ الكتِف: رأْس لَوْحِه. وامرأَة غَنْضَرِفٌ وغَنْضفِير إِذَا كَانَتْ ضَخْمة لَهَا خَواصِر وَبُطُونٌ وغُضون مِثْلَ خَنْضرف وخَنْضفير.
غطف: الغَطَفُ: كالوطَفِ، وَهُوَ كَثْرَةُ الهُدْبِ وطُولُه، وَقِيلَ: الغَطَفُ قلَّةُ شَعَرِ الْحَاجِبِ وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَ فِي قِلَّةِ الهُدْب، وَقِيلَ: الغَطَف انْثِنَاءُ الأَشفار، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْعَيْنِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقَدْ غَطِفَ غَطَفاً فَهُوَ أَغْطَفُ. وَفِي حَدِيثِ
أُم معبَد: وَفِي أَشفاره غَطَفٌ
؛ هُوَ أَن يَطُولَ شَعَرُ الأَجفان ثُمَّ يَتَعَطَّفَ،
وَرَوَاهُ الرُّوَاةُ: وَفِي أَشفاره عَطَفٌ
، بِالْعَيْنِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ؛ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: سأَلت الرِّياشي فَقَالَ لَا أَدري مَا العَطَف، قَالَ: وأَحسبه الغَطَف، بِالْغَيْنِ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ غُطَيْفاً؛ وَقَالَ شَمِرٌ: الأَوْطَفُ والأَغْطَف بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الأَشفار؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الغَطَف الوطَف، والغَطَفُ: سَعةُ العَيش. وعَيْشٌ أَغْطَف مِثْلَ أَغْضَف: مُخْصب. وغُطَيْفٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
لتَجدَنِّي بالأَمير بَرّا، ... وبالقَناةِ مِدْعَساً مِكَرَّا،
إِذَا غُطَيْفُ السُّلَمِيُّ فَرّا
وَبَنُو غُطَيْف: حَيّ. وغَطَفَانُ: حَيٌّ مِنْ قَيْس عَيْلان وَهُوَ غَطَفَان بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْس عَيْلان؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَوْ لَمْ تكُنْ غَطَفانُ لَا ذُنُوبَ لَهَا ... إِلَيَّ لامَتْ ذَوُو أَحْسابِها عُمرا
قَالَ الأَخفش: قَوْلُهُ لَا زَائِدَةٌ، يُرِيدُ لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهَا ذنوب.
غطرف: الغِطْرِيف والغُطَارِف: السَّيِّدُ «5» الشريفُ
__________
(5) . قوله [والغطارف السيد] كذا بالأصل مضبوطاً، والذي في القاموس: الغِطْراف، بالكسر.(9/269)
السخِيّ الْكَثِيرُ الْخَيْرِ؛ وأَنشد:
ومَن يَكُونوا قوْمه تَغَطْرَفا
وَالَّذِي فِي حَدِيثِ
سَطِيح:
أَصَمَّ أَم يَسْمَعُ غِطْرِيفُ اليَمن
الغِطْرِيف: السيِّد، وَجَمْعُهُ الغَطَارِيف، وَقِيلَ: الغِطْرِيف الْفَتَى الْجَمِيلُ، وَقِيلَ: هُوَ السخِيّ السَّريُّ الشابُّ، وَمِنْهُ يُقَالُ: بازٌ غِطْرِيف. والغِطْرِيف والغِطْرَاف: الْبَازِي الَّذِي أُخذ مِنْ وكْره. والغِطرِيف: فَرْخُ الْبَازِي. وأُمّ الغِطرِيف: امرأَة مِنْ بَلْغَنْبَر بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ. وعنَقٌ غِطْرِيف وخِطْريف: وَاسِعٌ. والتَّغَطْرُف: التكَبُّر، قَالَ:
فإنْ يَكُ سَعْدٌ مِنْ قُرَيْشٍ فإنَّما، ... بِغَيْرِ أَبِيه مِنْ قُرَيْشٍ، تَغَطْرَفا
يَقُولُ: إِنَّمَا تَغَطْرَفَ مِنْ وِلَايَتِهِ وَلَمْ يكُ أَبوه شَرِيفًا، وَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ التَّغَتْرُف أَيضاً. الْجَوْهَرِيُّ: الغَطْرَفَةُ والتَّغَطْرُف والتَّغَتْرُف التَّكَبُّرُ؛ وأَنشد الأَحمر لمُغلس بْنِ لَقِيط:
فإنَّك، إنْ عادَيْتَني غَضِبَ الحصَى ... عليْكَ، وَذُو الجَبُّورةِ المُتَغَطْرِفُ
وَيُرْوَى المُتَغَتْرِفُ
؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَدْ شَرَّفا ... قوْمي، وأَعْطاهمْ مَعًا وغَطْرَفا
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الطَّيْفانِيّة:
وَإِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ زُرارةُ منهمُ، ... وعَمْرو وقَعْقاعٌ أُلاكَ الغَطَارِفُ
قَالَ: وَقَالَ جَعْونة الْعِجْلِيُّ:
وتَمْنَعُها مِنْ أَن تُسَلَّ، وَإِنْ تُخَفْ ... تَحُلْ دُونها الشُّمُّ الغَطارِيفُ مِنْ عجْلِ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: التَّغَطْرُف الاخْتيال فِي المَشي خاصّة.
غفف: الغُفَّةُ: البُلْغَةُ مِنَ العَيْش؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا خَيرَ فِي طَمَعٍ يُدْني إِلَى طَبَعٍ، ... وغُفَّةٌ مِنْ قَوامِ العَيشِ تَكْفِيني
والفَأْرةُ غُفَّة الهِرّ أَي قُوتُه، وَقِيلَ: الغُفَّة الفأْرة فَلَمْ يُسَقْ؛ قَالَ:
يُدِيرُ النَّهارَ بجَشْءٍ لَهُ، ... كَمَا عالَجَ الغُفَّةَ الخَيْطَلُ.
الخَيْطلُ: السِّنَّوْر، وَهَذَا بَيْتٌ يُعايا بِهِ، يَصِفُ صَبِيًّا يُدِيرُ نَهاراً أَي فَرْخَ حُبارَى بجَشء فِي يَدِهِ، وَهُوَ سَهْم خَفِيف أَو عُصيّةٌ صَغِيرَةٌ،
وَيُرْوَى بحَشْر لَهُ.
والغُفَّة والغُبّةُ: الْقَلِيلُ مِنَ الْعَيْشِ. والغُفَّة: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ مِنَ الرَّبيع. واغْتَفَّتِ الْفَرَسُ وَالْخَيْلُ وتَغَفَّفَت: نَالَتْ غُفَّة مِنَ الرَّبيع وَلَمْ تُكْثِر، وَقِيلَ: إِذَا سَمِن بَعْضَ السِّمَن. والاغْتِفَافُ: تناوُل العلَف. وَقِيلَ: الغُفَّة كَلَأٌ قَدِيمٌ بالٍ وَهُوَ شرُّ الكلإِ. وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. وغُفَّة الإِناء والضرْع: بَقِيَّةُ مَا فِيهِ. وتَغَفَّفَه: أَخذ غُفَّته. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: اغْتَفَّتِ المالُ اغْتِفَافَاً، قَالَ: وَهُوَ الكلأَ المُقارِبُ والسِّمنُ المُقارِب؛ قَالَ طُفَيْل الغَنَوِيّ:
وكُنّا إِذَا مَا اغْتَفَّتِ الخيلُ غُفَّةً، ... تَجَرَّدَ طَلَّابُ التِّراتِ مُطَلَّب
يَقُولُ: تَجَرَّدَ طالِبُ التِّرة وَهُوَ مَطلوب مَعَ ذَلِكَ،(9/270)
فرفَعه بِإِضْمَارِ هُوَ أَي هُوَ مُطَلَّبٌ؛ كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:
ومَنْهَلٍ فِيهِ الغُرابُ مَيْتُ، ... كأَنه مِنَ الأُجُونِ زَيْتُ،
سَقَيْتُ مِنْهُ القومَ واستقَيْتُ
فِيهِ الْغُرَابُ مَيْتُ أَي هُوَ مَيِّتٌ، والغُفَّةُ: كالخُلْسةِ أَيضاً، وَهُوَ مَا تَناوَله الْبَعِيرُ بفِيه عَلَى عَجَلَةٍ مِنْهُ. وَيُقَالُ لِمَا يَبس مِنْ وَرَقِ الرُّطْب: غَفٌّ وقَفٌّ.
غلف: الغِلاف: الصِّوان وَمَا اشْتَمَلَ عَلَى الشَّيْءِ كقَمِيص القَلْب وغِرْقِئِ الْبَيْضِ وكِمام الزَّهْر وساهُور القَمر، وَالْجَمْعُ غُلُفٌ. والغِلافُ: غِلَافُ السَّيْفِ وَالْقَارُورَةِ، وَسَيْفٌ أَغْلَف وَقَوْسٌ غَلْفَاء، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ فِي غِلاف: وغَلَف القارُورة وَغَيْرَهَا وغَلَّفَها وأَغْلَفَها: أَدخلها فِي الغِلاف أَو جَعَلَ لَهَا غِلَافًا، وَقِيلَ: أَغْلَفَها جَعَلَ لَهَا غِلافاً، وَإِذَا أَدخلها فِي غِلَافٍ قِيلَ: غَلَفها غَلْفاً. وَقَلْبٌ أَغْلَفُ بيِّن الغُلْفة: كأَنه غُشِّي بِغِلَافٍ فَهُوَ لَا يَعِي شَيْئًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ
، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ صُمٌّ،
وَمَنْ قرأَ غُلُفٌ
أَراد جَمْعَ غِلاف أَي أَن قُلُوبَنَا أَوْعِية للعِلم كَمَا أَن الغِلاف وِعاء لِمَا يُوعَى فِيهِ، وَإِذَا سَكَنَتِ اللَّامُ كَانَ جَمْعَ أَغْلف وَهُوَ الَّذِي لَا يَعِي شَيْئًا. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يَفْتَح قُلوباً غُلْفاً
أَي مُغَشَّاة مُغَطَّاةً، وَاحِدُهَا أَغْلَف. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ والخُدريّ: الْقُلُوبُ أَربعة فَقَلْبٌ أَغلف
أَي عَلَيْهِ غِشاء عَنْ سَماع الْحَقِّ وَقَبُولِهِ، وَهُوَ قَلْبُ الْكَافِرِ، قَالَ: وَلَا يَكُونُ غُلُف جَمْعَ أَغْلَف لأَنَّ فُعُلًا، بِالضَّمِّ، لَا يَكُونُ جَمْعَ أَفعل عِنْدَ سِيبَوَيْهِ إِلَّا أَن يُضْطَرَّ شَاعِرٌ كَقَوْلِهِ:
جَرَّدُوا مِنْهَا وِراداً وشُقُرْ
قَالَ الْكِسَائِيُّ: مَا كَانَ جَمْعَ فِعال وفَعُول وفَعِيل، فَهُوَ عَلَى فُعُلٍ مُثْقَلٌ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جنْبة: الأَغْلَف فِيمَا نَرَى الَّذِي عَلَيْهِ لِبْسة لَمْ يدَّرِعْ مِنْهَا أَي لَمْ يُخرِج مِنْهَا. وَتَقُولُ: رأَيت أَرْضاً غَلْفَاء إِذَا كَانَتْ لَمْ تُرع قَبْلَنَا فَفِيهَا كلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مِنَ الكلإِ، كَمَا يُقَالُ غُلَامٌ أَغْلَف إِذَا لَمْ تُقطع غُرْلَتُه، وغَلَّفْت السرْج والرحْل؛ وأَنشد:
يَكادُ يرْمي الفاتِرَ المُغَلَّفا
وَرَجُلٌ مُغَلَّف: عَلَيْهِ غِلاف مِنْ هذا الأَدَم وَنَحْوِهَا. والغُلْفَتان: طَرفا الشَّارِبَيْنِ مِمَّا يَلِي الصِّماغين، وَهِيَ الغُلْفة والقُلْفة. وَغُلَامٌ أَغْلَف: لَمْ يَخْتَتِنْ كأَقْلَف. والغَلَفُ: الخِصْب الْوَاسِعٌ. وعامٌ أَغْلَف: مُخْصِب كَثِيرٌ نَبَاتُهُ. وَعَيْشٌ أَغْلَف: رَغَدٌ وَاسِعٌ. وَسَنَةٌ غَلْفَاء: مُخْصِبة. وغَلَف لِحْيَته بِالطِّيبِ والحِنَّاء وَالْغَالِيَةِ وغَلَّفها: لَطَّخَهَا، وَكَرِهَهَا بَعْضُهُمْ وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ غَلَّاها. وتَغَلَّفَ الرجلُ بِالْغَالِيَةِ وَسَائِرِ الطِّيبِ واغْتَلَفَ؛ الأَوّل عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تَغَلَّفَ بِالْغَالِيَةِ وتَغَلَّلَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَغَلَّفَ بِالْغَالِيَةِ إِذَا كَانَ ظَاهِرًا، فَإِذَا كَانَ دَاخِلًا فِي أُصول الشَّعْرِ قِيلَ تَغَلَّلَ، وغَلَفَ لِحْيَته بِالْغَالِيَةِ غَلْفاً. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كُنْتُ أُغَلِّفُ لِحْيَتَهُ بِالْغَالِيَةِ
أَي أُلَطِّخُهَا؛ وأَكثر مَا يُقال غَلَفَ بِهَا لِحْيَتَهُ غَلْفاً وغَلَّفَها تَغْلِيفاً. وَالْغَالِيَةُ: ضَرْبٌ مركَّب مِنَ الطِّيب. والغَلْفُ: شَجَرٌ يُدْبَغُ بِهِ مِثْلُ الغَرْف، وَقِيلَ: لَا يُدْبغُ بِهِ إِلَّا مَعَ الْغَرْفِ. والغَلِفُ، بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَكَسْرِ اللَّامِ: نَبْتٌ شَبِيهٌ بالحَلق وَلَا يأْكله شَيْءٌ إِلَّا القُرود؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ.(9/271)
والغُلْفَة وغَلْفَانُ: مَوْضِعَانِ. وَبَنُو غَلْفَانَ: بَطْنٌ. والغَلْفَاء: لَقَب سَلَمَة عَمِّ امْرِئِ الْقَيْسِ ومعديكَرِبَ بن الحرث بْنِ عَمْرو أَخي شَراحِيل»
بن الحرث، يُلَقَّب بالغَلْفَاء لأَنه أَوَّل مَنْ غَلَّفَ بالمِسْك، زَعَمُوا؛ وَابْنُ غَلْفَاء: مِنْ شُعَرَائِهِمْ، يَقُولُ:
أَلا قَالَتْ أُمامةُ يَوْمَ غَوْلٍ: ... تَقَطَّعَ بِابْنِ غَلْفَاء الحِبالُ
غنف: الغَيْنَف: غَيْلَم الْمَاءِ فِي مَنْبَع الْآبَارِ والأَعْين. وبَحْرٌ ذُو غَيْنَف أَي مَادَّةٍ؛ قَالَ رُؤبة:
نَغْرِف مِنْ ذِي غَيْنَفٍ ونُوزِي
وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ:
نَغْرِف مِنْ ذِي غَيِّفٍ ونُوزِي
قَالَ: كَذَلِكَ رُوِيَ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَالْقِيَاسُ نُؤْزِي، بِالْهَمْزِ، لأَن أَوّل هَذَا الرَّجَزِ:
يَا أَيها الْجَاهِلُ ذُو التَّنَزِّي
قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَسمع الغَيْنَف بِمَعْنَى غَيْلَم الْمَاءِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَالْبَيْتُ الَّذِي أَنشده لرؤبة
رَوَاهُ شَمِرٌ عَنِ الإِيادِيّ: بِئْرٌ ذَاتُ غَيِّثٍ
أَي لَهَا ثائِبٌ مِنْ مَاءٍ؛ وأَنشد:
نَغْرِفُ مِنْ ذِي غَيِّثٍ ونُوزي
قَالَ: وَمَعْنَى نُوزِي أَي نُضْعِفُ، قَالَ: وَلَا آمَنُ أَن يَكُونَ غَيْنَفٌ تَصْحِيفًا وَكَانَ غَيّثاً فصُيِّر غَيْنفاً، قَالَ: فَإِنْ رَوَاهُ ثقةٌ وَإِلَّا فَهُوَ غَيِّثٌ وهو صواب.
غنضف: غَنْضَفٌ: اسم.
غنطف: غَنْطَفٌ: اسم.
غيف: تَغَيَّفَ: تَبَخْتَر. وتَغَيَّفَ: مَشَى مِشْية الطِّوال، وَقِيلَ: تَغَيَّف مَرَّ مَرّاً سَهْلًا سَرِيعًا. وتَغَيَّفَ الفَرَسُ إِذَا تَعطَّفَ وَمَالَ فِي أَحد جَانِبَيْهِ. الأَصمعي: مَرَّ البعيرُ يَتَغَيَّفُ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ يُسْرِع، قَالَ: وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ التَّغَيُّفُ أَن يَتَثَنَّى ويَتَمايَلَ فِي شِقَّيْه مِنْ سَعَة الخَطْوِ ولِين السَّيْر؛ كَمَا قَالَ العِجاج:
يكادُ يَرْمي الفاتِرَ المُغَلَّفا ... مِنْهُ احارِيّ، إِذَا تَغَيَّفا
والغَيْفَان: مَرَحٌ فِي السَّيْر. وتَغَيَّفَ إِذَا اخْتَالَ فِي مِشْيَته؛ قَالَهُ الْمُفَضَّلُ. والمُغَيَّف: فَرَسٌ لأَبي فَيْد بْنِ حَرْمَلٍ صِفَةٌ غَالِبَةٌ مِنْ ذَلِكَ. والتَّغَيُّفُ: التَّمَيُّل فِي العَدْوِ. وغَافَت الشجرةُ غَيَفَاناً وأَغْيَفت وتَغَيَّفَت: مَالَتْ بأَغصانها يَمِينًا وشِمالًا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لنُصَيْب:
فظَلَّ لَهَا لَدْنٌ مِنَ الأَثْل مُورِق، ... إِذَا زَعْزَعَتْه سَكْبَةٌ يَتَغَيَّفُ
وأَغَافَ الشجرةَ: أَمالها مِنَ النَّعْمة والغُضُوضة. وَشَجَرَةٌ غَيْفاء وَشَجَرٌ أَغْيَفُ وغَيْفَانِيٌّ يَمْؤودٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وهَدَبٌ أَغْيَفُ غَيْفَانِيُ
والأَغْيَف: كالأَغْيَد إِلَّا أَنه فِي غَيْرِ نُعاسٍ. والغَافُ: شَجَرٌ عِظَامٌ تَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ مَعَ الأَراك وتَعْظُم، وَوَرَقُهُ أَصغر مِنْ وَرَقِ التُّفّاح، وَهُوَ فِي خِلْقَتِهِ، وَلَهُ ثَمَر حُلْو جِدًّا وَثَمَرُهُ غَلِفٌ يُقَالُ له
__________
(1) . قوله [أخي شراحيل إلخ] عبارة الصحاح: أخي شرحبيل بن الحرث إلخ.(9/272)
الحُنْبُل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه مِنْ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ غَوَفَ بِالْوَاوِ. والتهذيب: الغَاف يَنْبُوت عِظَامٌ كَالشَّجَرِ يَكُونُ بعُمان، الْوَاحِدَةُ غَافة. أَبو زَيْدٍ: الغَاف مِنَ العِضاه وَهِيَ شَجَرَةٌ نَحْوُ القَرَظ شَاكَّةٌ حِجَازِيَّةٌ تَنْبُت فِي القِفاف. الْجَوْهَرِيُّ: الغَاف ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِقَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ:
أَلفَيْتُهُمْ يَوْمَ الهِياجِ، كأَنهُمْ ... أُسْدٌ بِبِيشَةَ أَو بِغَافِ رَوافِ
ورَواف: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِلَيْكَ نَأَشْتُ يَا ابنَ أَبي عَقِيلٍ، ... ودُوني الغَافُ غَافُ قُرى عُمانِ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِلَى ابنِ أَبي الْعَاصِي هشامٍ تَعَسَّفَتْ ... بِنا العِيسُ، مِنْ حيثُ الْتقى الغَافُ والرملُ
وَيُقَالُ: حَمَل فُلَانٌ فِي الْحَرْبِ فَغَيَّفَ أَي كَذَبَ وجَبُنَ. وغَيَّفَ إِذَا فرَّ وعَرَّد وتَغَيَّفَ عَنِ الأَمر وغَيَّفَ: نَكَل؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد القطامي:
وحَسِبْتنا نَزَعُ الكَتيبةَ غُدْوَةً ... فيُغَيِّفونَ، ونَرْجِعُ السَّرَعانا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِهِ:
فيُغَيِّفُون ونُوزِعُ السَّرَعانا
وغَيْفَان: موضع.
فصل الفاء
فلسف: الفَلْسَفَة: الحِكْمة، أَعجمي، وَهُوَ الفَيْلسوف وَقَدْ تَفَلْسَفَ.
فوف: الفُوفُ: الْبَيَاضِ الَّذِي يَكُونُ فِي أَظفار الأَحْداث، وَكَذَلِكَ الفَوْفُ، وَاحِدَتُهُ فُوفَةٌ يَعْنِي بِوَاحِدِهِ الطَّائِفَةَ مِنْهُ، وَمِنْهُ قِيلَ: بُرْدٌ مُفَوَّفٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الفُوفُ الحَبَّة الْبَيْضَاءُ فِي بَاطِنِ النَّوَاةِ الَّتِي تنْبُت مِنْهَا النَّخْلة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ الجُبَّة الْبَيْضَاءُ. والفُوف: جَمْعُ فُوفَة. والفُوفَة والفُوف: الْقِشْرَةُ الَّتِي عَلَى حَبَّة الْقَلْبِ والنواةِ دُونَ لَحْمة التَّمْرة، وَكُلُّ قِشْرَة فُوفٌ. التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي الفُوفَة القِشْرة الرَّقِيقَةُ تَكُونُ عَلَى النَّواة، قَالَ: وَهِيَ القِطْمير أَيضاً، وَسُئِلَ ابْنُ الأَعرابي عَنْ الفُوف فَلَمْ يَعْرِفْهُ؛ وأَنشد:
أَمْسى غُلامي كَسِلًا قَطُوفا، ... يَسْقِي مُعِيداتِ العِراق جُوفا
باتَتْ تَبَيّا حَوضَها عُكُوفا، ... مِثْلَ الصُّفوف لاقَتِ الصُّفُوفَا
وأَنتِ لَا تُغْنِينَ عنِّي فُوفَا
العِراق: عِراق القرْبة، وَمَعْنَاهُ لَا تُغْنِي عَنِّي شَيْئًا، وَاحِدَتُهُ فُوفة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فأَرْسَلْتُ إِلَى سَلْمى ... بأَنَّ النَّفْسَ مَشْغُوفَهْ
فَمَا جادَتْ لَنَا سَلْمى ... بزِنْجِيرٍ، وَلَا فُوفَهْ
وَمَا أَغْنى عَنْهُ فُوفاً أَي قَدْرَ فُوفٍ. والفُوفُ: ضَرْبٌ مِنْ بُرود اليَمَنِ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: خَرَج وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ أَفْوَافٌ
؛ الأَفْوَاف: جَمْعُ فُوفٍ وَهُوَ القُطْن، وَوَاحِدَةُ الفُوف فُوفَةٌ، وَهِيَ فِي الأَصل الْقِشْرَةُ الَّتِي عَلَى النَّوَاةِ. يُقَالُ: بُرْدُ أَفْوَافٍ وحُلَّةُ أَفوافٍ بالإِضافة. اللَّيْثُ: الأَفْوَاف ضَرْب(9/273)
مَنْ عَصْبِ البُرود. ابْنُ الأَعرابي: الفُوفُ ثِياب رِقاقٌ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ مُوَشَّاة، وَهُوَ الفُوف، بِضَمِّ الْفَاءِ، وبُرْدٌ مُفَوَّفٌ أَي رَقِيقٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الفُوفُ قِطَع القُطْن، وبُرْد فُوفِيٌّ وثُوثيٌّ عَلَى الْبَدَلِ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. وبُرْدُ أَفْوَافٍ ومُفَوَّف: بَيَاضٌ وَخُطُوطٌ بِيضٌ «2» . وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: تُرْفَع لِلْعَبْدِ غُرْفةٌ مُفَوَّفَة، وتَفْوِيفها لَبِنةٌ مِنْ ذَهَبٍ وأُخرى مِنْ فِضة.
والفَوْف: مَصْدَرُ الفُوفَة. يُقَالُ: مَا فَافَ عَنِّي بخَيْرٍ وَلَا زَنْجَرَ فَوْفاً، وَالِاسْمُ الفُوفَة، وَهُوَ أَن يسأَل رَجُلًا فيقولَ بظُفُر إِبْهَامِهِ عَلَى سَبّابته: وَلَا مثْلَ ذَا؛ وأَما الزَّنْجَرَة فَمَا يأْخُذُ بطْنُ الظُّفُرِ مِنْ بَطْنِ الثَّنْيَةِ إِذَا أَخَذْتَها بِهِ وقُلْتَ: وَلَا هَذَا؛ وَقِيلَ: الزَّنْجَرةُ أَن يَقُولَ بظُفُر إِبْهَامِهِ عَلَى ظُفُر سَبَّابَتِهِ: وَلَا هَذَا؛ وَقَوْلُ ابْنُ أَحمر:
والفُوفُ تَنْسِجُه الدَّبورُ، وأَتْلالٌ ... مُلَمَّعَةُ القَرَا شُقْرُ
الفُوف: الزَّهر شَبَّهَهُ بالفُوف مِنَ الثِّيَابِ تنسِجُه الدَّبُورُ إِذَا مَرَّتْ بِهِ، وأَتلال: جَمْعُ تَلٍّ، وَالْمُلَمَّعَةُ: مِنَ النَّوْر والزَّهْر. وَمَا ذَاقَ فُوفًا أَي مَا ذَاقَ شَيْئًا.
فولف: التَّهْذِيبُ فِي الثُّنائيّ المُضاعَف: الفَوْلَفُ كُلُّ شَيْءٍ يُغَطِّي شَيْئًا، فَهُوَ فَوْلَفٌ لَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَصَارَ رَقْراقُ السَّراب فَوْلَفا ... لِلْبيد، واعْرَورَى النِّعافَ النُّعَّفا
فَوْلَفاً لِلْبِيدِ: مُغطِّياً لأَرضها. قَالَ: وَمِمَّا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ فَوْلَفٍ قَوْقَلٌ للحَجَل، وشَوْشَب اسْمٌ لِلْعَقْرَبِ، ولولَبٌ لَوْلَبُ الْمَاءِ. وحديقةٌ فَوْلَفٌ: مُلْتَفَّة. والفَوْلَفُ: بِطانُ الهَودَج، وَقِيلَ: هُوَ ثَوْبٌ تُغَطَّى بِهِ الثِّيَابُ، وَقِيلَ: ثَوْبٌ رَقِيقٌ.
فيف: الفَيْفُ والفَيْفَاة: المَفازة لَا مَاءَ فِيهَا؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي. وبالفَيْفِ اسْتَدَلَّ سِيبَوَيْهِ عَلَى أَن أَلف فَيْفَاة زَائِدَةٌ، وَجَمْعُ الفَيْف أَفْيَافٌ وفُيُوفٌ، وَجَمْعُ الفَيْفَى فَيافٍ. اللَّيْثُ: الفَيْفُ الْمَفَازَةُ الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا مَعَ الِاسْتِوَاءِ والسَّعة، وَإِذَا أُنِّثَت فَهِيَ الفَيْفاة، وَجَمْعُهَا الفَيَافِي. والفَيْفَاء: الصَّحْرَاءُ المَلساء وهنَّ الفَيَافِي. المُبَرّد: أَلف فَيْفَاء زَائِدَةٌ لأَنهم يَقُولُونَ فَيْفٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى. الْمُؤَرِّجُ: الفَيْف مِنَ الأَرض مُخْتَلَف الرِّياح. وبالدَّهْناء مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ فَيْف الرِّيح؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنِ معديكرب:
أَخْبَرَ المُخْبِرُ عنكُمْ أَنَّكُم، ... يَوْمَ فَيْفِ الرِّيح، أُبْتُمْ بالفَلَجْ
أَي رجَعْتُم بالفَلاحِ والظَّفَر؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
والرَّكْب، يَعْلُو بِهِم صُهْبٌ يَمانِيَةٌ ... فَيْفاً، عَلَيْهِ لِذَيْل الرِّيح نِمْنِيمُ
وَيُقَالُ: فَيْفُ الرِّيحِ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ. الْجَوْهَرِيُّ: فَيْف الرِّيحِ «3» يَوْمٌ مِنْ أَيام الْعَرَبِ؛ وأَنشد بَيْتَ عَمْرِو بْنِ معديكرب. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكر فَيْفِ الخَبارِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ أَنزله سيدُنا رسولُ الله؛ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَفراً مِنْ عُرَيْنة عِنْدَ لِقاحِهِ. والفَيْفُ: الْمَكَانُ المُسْتَوِي، والخَبارُ، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: الأَرض الليِّنة، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ
__________
(2) . قوله [وبرد أَفْوَاف ومُفَوَّف إلخ] عبارة القاموس: وبرد مُفَوَّف كمعظم رقيق أو فيه خطوط بيض وبرد أَفْوَاف مضافة رقيق انتهى. فلعل في عبارة اللسان سقطاً والأصل وبرد أَفْوَاف وبرد مُفَوَّف أي ذو بياض إلخ أو فيه بياض.
(3) . قوله [الجوهري فيف الريح إلخ] عبارة القاموس وشرحه: وقول الجوهري وفيف الرِّيحِ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ الْعَرَبِ غلط، والصواب: ويوم فَيْفُ الرِّيحِ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ الْعَرَبِ.(9/274)
بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ. وَفِي غَزْوَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ذِكْر فَيْفَاء مَدَانٍ. أَبو عَمْرٍو: كُلُّ طَرِيقٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَيْفٌ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
مَهِيلُ أَفْيافٍ لَها فُيُوفُ
والمَهِيل: المَخُوف «1» . وَقَوْلُهُ لَهَا أَي مِنْ جَوَانِبِهَا صَحارى؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُغْبَرَّة الأَفْيَافِ مَسْحُولة الْحَصَى، ... دَيامِيمُها مَوْصُولةٌ بالصَّفاصِفِ
وَقَالَ أَبو خَيْرَة: الفَيْفَاء الْبَعِيدَةُ مِنَ الْمَاءِ. قَالَ شَمِرٌ: وَالْقَوْلُ فِي الفَيْف والفَيْفَاء مَا ذكَر الْمُؤَرِّجُ مِنْ مُخْتَلَف الرِّياح. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: يُصَبُّ عَلَيْكُمُ الشّرُّ حَتَّى يَبْلُغ الفَيَافِي
؛ هِيَ الْبَرَارِي الْوَاسِعَةُ جَمْعُ فَيْفَاةٍ. ابْنُ سِيدَهْ: فَيْف الرِّيحِ مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ. وفَيْفَان: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ تأَبط شَرًّا:
فَحَثْحَثْتُ مَشْغُوفَ الفؤادِ فَراعَني ... أُناسٌ بِفَيْفَانٍ، فَمِرْتُ الفَرانيا
فصل القاف
قَحَفَ: القِحْف: الْعَظْمُ الَّذِي فَوْقَ الدِّماغ مِنَ الجُمجمة، وَالْجُمْجُمَةُ الَّتِي فِيهَا الدِّمَاغُ، وَقِيلَ: قِحْفُ الرَّجُلِ مَا انْفَلَقَ مِنْ جُمْجُمته فبانَ وَلَا يُدْعى قِحْفاً حَتَّى يَبِينَ، وَلَا يَقُولُونَ لِجَمِيعِ الْجُمْجُمَةِ قِحْفاً إِلَّا أَن يَتَكَسَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ، فِيقَالَ لِلْمُتَكَسِّرِ قِحْفٌ، وَإِنْ قُطِعَت مِنْهُ قِطْعة فَهُوَ قِحْفٌ أَيضاً. والقَحْفُ: قَطْعُ القِحْف أَو كَسْره. وقَحَفَه قَحْفاً: ضَرَبَ قِحْفَه وأَصاب قِحْفه، وَقِيلَ: القِحْف الْقَبِيلَةُ مِنْ قَبَائِلِ الرأْس، وَهِيَ كُلُّ قِطْعَةٍ مِنْهَا، وَجَمْعُ كُلِّ ذَلِكَ أَقْحَافٌ وقُحُوفٌ وقِحَفَةٌ. والقِحْف: مَا ضُرِب مِنَ الرأْس فَطاحَ؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
تَهْوَى بِذِي العَقْرِ أَقْحافاً جَماجِمُهُمْ، ... كأَنها حَنْظَلُ الخُطْبانِ يُنْتَقَفُ «2»
وضَرَبه فاقْتَحَف قِحْفاً مِنْ رأْسه أَي أَبان قِطْعَةً مِنَ الْجُمْجُمَةِ، وَالْجُمْجُمَةُ كُلُّهَا تُسَمَّى قِحْفاً وأَقْحافاً. أَبو الْهَيْثَمِ: المُقاحفة شِدَّةُ المُشاربةِ بالقِحف، وَذَلِكَ أَن أَحدهم إِذَا قَتَل ثأْرَه شَرب بقِحْف رأْسه يَتَشَفَّى بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
سُلافَة بنتِ سَعدٍ: كَانَتْ نَذَرَت لَتَشرَبَنَّ فِي قِحف رأْس عَاصِمِ بْنِ ثابتٍ الخَمْرَ، وَكَانَ قَدْ قَتَل ابْنَيْها نافِعاً وخِلاباً.
وَفِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج:
يأْكل العِصابةُ يَوْمئذٍ مِنَ الرُّمانة ويَسْتظلُّون بقِحْفِها
؛ أَراد قِشْرَهَا تَشْبِيهًا بقِحف الرأْس، وَهُوَ الَّذِي فَوْقَ الدِّمَاغِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا انْطبَق «3» مِنْ جُمْجُمَتِهِ وَانْفَصَلَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ فِي يَوْمِ اليَرْمُوك: فَمَا رُئيَ مَوْطِنٌ أَكثرَ قِحْفاً سَاقِطًا
أَي رأْساً فَكَنى عَنْهُ بِبَعْضِهِ أَو أَراد القِحْف نَفْسَهُ. وَرَمَاهُ بأَقْحَاف رأْسه إِذَا رَمَاهُ بالأُمور الْعِظَامِ، مَثَلٌ بِذَلِكَ. وَمِنْ أَمثالهم فِي رَمْي الرَّجُلِ صاحِبَه بالمعضِلاتِ أَو بِمَا يُسْكِتُه: رَمَاهُ بأَقْحَاف رأْسه؛ قِيلَ إِذَا أَسْكَتَه بِدَاهِيَةٍ يُوردها عَلَيْهِ، وقَحَفَه يَقْحَفُه قَحْفاً: قَطع قِحْفه؛ قَالَ:
يَدَعْنَ هامَ الجُمْجُمِ المَقحُوفِ ... صُمَّ الصَّدى كالحَنظَلِ المَنْقُوفِ
__________
(1) . قوله [والمهيل المخوف إلخ] هذا نص الصحاح، وفي التكملة: هو تصحيف قبيح وتفسير غير صحيح، والرواية مهبل بسكون الهاء وكسر الباء الموحدة وهو مَهْوَاةُ مَا بَيْنَ كُلِّ جبلين، وزاد فساداً بتفسيره فإنه لو كان من الهول لقيل مهول بالواو انتهى. شارح القاموس.
(2) . قوله [تهوى إلخ] أَنشده شارح القاموس هكذا: تَهْوَى بِذِي الْعَقْرِ أَقْحَافًا جماجمها كأنها الحنظل الخطبان ينتقف
(3) . قوله [ما انطبق إلخ] عبارة النهاية: ما انفلق إلخ.(9/275)
وَرَجُلٌ مَقْحُوفٌ: مَقْطُوعُ القِحْفِ. والقِحْفُ: القَدَح. والقِحف: الكِسْرة مِنَ القَدَح، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. قَالَ الأَزهري: القِحْف عِنْدَ الْعَرَبِ الفِلْقَة مِنْ فِلَق القَصْعة أَو الْقَدَحِ إِذَا انْثَلَمَتْ، قَالَ: ورأَيت أَهل النَّعَم إِذَا جَرِبَتْ إبلُهُم يَجْعَلُونَ الخَضْخاض فِي قِحْفٍ ويَطْلون الأَجرب بالهِناء الَّذِي جَعَلُوهُ فِيهِ؛ قَالَ الأَزهري: وأَظنهم شَبَّهُوهُ بِقِحْف الرأْس فسَمَّوه بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: القِحْف إِنَاءٌ مِنْ خَشَبٍ عَلَى مِثَالِ القِحْف كأَنه نِصْفُ قَدَح. يُقَالُ: مَا لَهُ قِدٌّ وَلَا قِحْفٌ، فالقِدٌّ قَدَح مِنْ جِلْدٍ والقِحْف مِنْ خَشَبٍ. وقَحَفَ مَا فِي الإِناء يَقْحَفُه قَحْفاً واقْتَحَفَه: شَرِبَهُ جَمِيعَهُ. وَيُقَالُ: شَرِبْتُ بالقِحْف. والاقْتِحَافُ: الشُّرْب الشَّدِيدُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَزَّازُ فِي كِتَابِهِ الْجَامِعِ: القَحْفُ جَرْفك مَا فِي الإِناء مِنْ ثَريد وَغَيْرِهِ. ويقال: قَحَفْتُه أَقْحَفُه قَحْفاً، والقُحَافَة مَا جَرَفْتَه مِنْهُ،
وَقِيلَ لأَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتُقَبِّل وأَنت صَائِمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ وأَقْحَفُها
، يَعْنِي أَشْرَبُ ريقَها وأَتَرشَّفُه، وَهُوَ مِنَ الاقْتِحَاف الشُّرْبُ الشَّدِيدُ. والقَحْفُ والقِحافُ: شِدَّةُ الشُّرْب. وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ عَلَى الشَّرَابِ حِينَ قِيلَ لَهُ قَتَلَ أَبوك قَالَ: اليَوْم قِحافٌ وغَداً نِقافٌ. وَقِحَافُ الشَّيْءِ ومُقاحَفَته واقْتِحَافُه: أَخْذُه وَالذَّهَابُ بِهِ. والقَاحِف مِنَ الْمَطَرِ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ كالقاعِف إِذَا جَاءَ مفاجأَة، واقْتَحَفَ سَيْلُه كلَّ شَيْءٍ، وَمِنْهُ قِيلَ: سَيْل قُحافٌ وقُعافٌ وجُحاف كَثِيرٌ يَذْهَب بِكُلِّ شَيْءٍ. وكلُّ مَا اقْتُحِفَ مِنْ شَيْءٍ واستُخرج قُحَافَةٌ، وَبِهِ سُمّي الرَّجُلُ. وعَجاجَة قَحْفَاء: وَهِيَ الَّتِي تَقْحَف الشَّيْءَ وتَذْهَب بِهِ. والقُحُوف: المَغارِف. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمِقْحَفَة الخَشَبة الَّتِي يُقْحَفُ بِهَا الحَبُّ. وقَحَفَ يَقْحف قُحافاً: سَعَل؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَبَنُو قُحَافَة: بَطْنٌ. وقُحَيْفٌ الْعَامِرِيُّ: أَحد الشُّعَرَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ قُحَيْفٌ العُقَيْليّ كَذَلِكَ نَسبَه أَبو عُبَيْدٍ في مُصَنَّفه.
قحلف: قَحْلَفَ مَا فِي الإِناء وقَحْفَله: أَكَله أَجْمع.
قدف: القَدْف: غَرْف الْمَاءِ مِنَ الْحَوْضِ أَو مِنْ شيءٍ تَصُبُّه بِكَفِّكَ، عُمانيّة، والقُداف: الغُرْفة مِنْهُ. وَقَالَتِ العُمانية بِنْتُ جُلَنْدى حَيْثُ أَلْبَسَت السُّلَحْفاةَ حُلِيَّهَا فَغَاصَتْ فأَقبلت تَغْتَرِفُ مِنَ الْبَحْرِ بِكَفِّهَا وتَصبّه عَلَى السَّاحِلِ وَهِيَ تُنَادِي: يَا لَقَوْمِي، نَزافِ نَزافِ لَمْ يَبق فِي الْبَحْرِ غيرُ قُداف أَي غَيْرُ حَفْنَة. ابْنُ دُرَيْدٍ وَذَكَرَ قِصَّةَ هَذِهِ الْحَمْقَاءِ ثُمَّ قَالَ: والقُداف جَرَّةٌ مِنْ فَخّار. والقَدْف: الكَرَبُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الرَّفُوج مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ وَهُوَ أَصل العِذْق. والقَدْفُ: الصَّبُّ. والقَدْفُ: النَّزْح. والقَدْف: أَن يَثْبُت للكَرَب أَطراف طِوال بَعْدَ أَن تُقْطَعَ عَنْهُ الْجَرِيدُ، أَزْدِيّةٌ. وَذُو الْقُدَافِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
كأَنه بِذِي القدافِ سِيدُ، ... وبالرِّشاء مُسْبِل وَرودُ «1»
قذف: قذَفَ بِالشَّيْءِ يَقْذِف قَذْفاً فانْقَذَف: رَمَى. والتَّقاذُفُ: التَّرَامِي؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
فقَذَفْتُها فأَبَتْ لَا تَنْقذِفْ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
؛
__________
(1) . قوله [وبالرشاء] هو بالكسر والمدّ موضع فضبطه بالفتح في مادة ورد خطأ.(9/276)
قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ يأْتي بِالْحَقِّ ويرْمي بِالْحَقِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ
. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: كَانُوا يَرْجُمون الظُّنون أَنهم يُبْعَثون. وقَذَفَه بِهِ: أَصابه، وقَذَفَه بِالْكَذِبِ كَذَلِكَ. وقَذَفَ الرَّجُل أَي قَاءَ. وقَذَفَ المُحْصَنَةَ أَي سَبَّها. وَفِي حَدِيثِ
هِلَالِ بْنِ أُميّة: أَنه قَذَفَ امرأَته بِشَريكٍ
؛ القَذْف هَاهُنَا رَمْيُ المرأَة بِالزِّنَا أَو مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ، وأَصله الرّمْيُ ثُمَّ استُعْمل فِي هَذَا الْمَعْنَى حَتَّى غَلب عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: وَعِنْدَهَا قَيْنَتان تغَنِّيان بِمَا تَقاذَفَتْ بِهِ الأَنْصارُ يوْمَ بُعاثَ
أَي تَشاتَمتْ فِي أَشعارها وأَراجيزها الَّتِي قالتْها فِي تِلْكَ الحَرْب. والقَذْف: السَّبُّ وَهِيَ القَذيفة. والقَذْفُ بِالْحِجَارَةِ: الرَّمْيُ بِهَا. يُقَالُ: هُمْ بَيْنَ حاذِفٍ وقاذِفٍ وحاذٍ وقاذٍ عَلَى التَّرْخِيمِ، فالحاذفُ بِالْحَصَى، وَالْقَاذِفُ بِالْحِجَارَةِ. ابْنُ الأَعرابي: القَذْف بِالْحَجَرِ والحَذْف بِالْحَصَى. اللَّيْثُ: القذْف الرَّمْيُ بالسَّهْم والحَصى وَالْكَلَامِ وَكُلِّ شَيْءٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ: القِذافُ مَا قَبَضْتَ بيَدك مِمَّا يَمْلأُ الْكَفَّ فرَمَيْتَ بِهِ. قَالَ: وَيُقَالُ نِعْم جُلْمود القِذاف هَذَا. قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلْحَجَرِ نفسِه نِعْم القِذاف. أَبو خَيْرة: القِذافُ مَا أَطَقْتَ حَمْلَهُ بِيَدك ورمَيْته؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَهُوَ لأَعْدائِك ذُو قِرافِ، ... قَذّافة بِحَجَر القِذافِ
والقَذَّافة والقَذَّاف جَمْعٌ: هُوَ الَّذِي يُرْمى بِهِ الشيءُ فَيَبْعُدُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَمَّا أَتاني الثَّقَفِيُّ الفَتَّانْ، ... فنَصَبوا قَذَّافةً بلْ ثِنْتانْ
والقَذَّاف: المَنْجَنِيقُ وَهُوَ الْمِيزَانُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والقَذيفة: شَيْءٌ يُرْمى بِهِ؛ قَالَ المُزَرِّد:
قَذيفةُ شَيْطانٍ رَجيمٍ رَمى بِهَا، ... فصارَتْ ضَواةً فِي لهَازِمِ ضِرْزم
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنِي خَشِيتُ أَن يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرّاً
أَي يلقيَ ويُوقعَ. والقَذْفُ: الرَّمْيُ بقُوَّة. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
فتَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِساء الْمُشْرِكِينَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فتَتَقَصَّفُ
، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
مَقْذوفةٍ بدَخِيسِ النَّحْض بازلُها، ... لَهُ صَريف صَريفَ القَعْو بالمَسَد
أَي مَرْميّة بِاللَّحْمِ. وَرَجُلٌ مُقَذَّفُ أَي كَثِيرُ اللَّحْمِ كأَنه قُذِف بِاللَّحْمِ قَذْفاً. يُقَالُ: قُذِفَت الناقةُ بِاللَّحْمِ قَذْفاً ولُدِسَتْ بِهِ لَدْساً كأَنها رُمِيَتْ بِهِ رَمْياً فأَكْثَرَتْ مِنْهُ؛ والمُقَذَّف: المُلَعَّن فِي بَيْتِ زُهَيْرٍ وَهُوَ:
لَدى أَسَدٍ شَاكِي السِّلاحِ مُقَذَّفٍ، ... لَهُ لِبَدٌ، أَظْفارُه لَمْ تُقَلَّمِ
وَقِيلَ: المُقَذَّف الَّذِي قَدْ رُمِيَ بِاللَّحْمِ رَمْياً فَصَارَ أَغْلَبَ. وَيُقَالُ: بَيْنَهُمْ قِذِّيفَى أَي سِبابٌ ورَمْيٌ بِالْحِجَارَةِ أَيضاً. وَمَفَازَةٌ قَذَفٌ وقُذُفٌ وقَذُوفٌ: بَعِيدَةٌ. وَبَلْدَةٌ قَذُوفٌ أَي طَروحٌ لبُعْدها، وسَبْسَبٌ كَذَلِكَ. وَمَنْزِلٌ قَذَفٌ وقَذِيفٌ أَي بَعِيدٌ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
وشَطَّ وَلْيُ النَّوى، إنَّ النَّوى قَذَفٌ، ... تَيَّاحةٌ غَرْبَةٌ بِالدَّارِ أَحْيانا
أَبو عَمْرٍو: المِقْذَفُ والمِقذَاف مِجْذاف السَّفِينَةِ،(9/277)
والقَذَّاف المَرْكَب. والقُذْفُ والقُذْفَةُ: النَّاحِيَةُ، وَالْجَمْعُ قِذَافٌ. اللَّيْثُ: القُذَف النَّوَاحِي، وَاحِدَتُهُا قُذْفَةٌ. غَيْرُهُ: قَذَفا الْوَادِي وَالنَّهْرِ جَانِبَاهُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
طَلِيعَةُ قَومٍ أَو خَميسٌ عَرَمْرَمٌ، ... كَسَيْلِ الأَتيّ ضَمَّه القَذَفانِ
الْجَوْهَرِيُّ: القُذْفَةُ وَاحِدَةُ القُذَف والقُذُفاتِ، وَهِيَ الشُّرَف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ القُذَف قَوْلُ ابْنُ مُقْبل:
عَوْداً أَحَمَّ القَرَا أُزْمُولةً وقِلًا، ... عَلَى تُراثِ أَبيه يَتْبَعُ القُذَفا
قَالَ:
وَيُرْوَى القَذَفا
، وَقَدْ ضعَّفه الأَعلم. ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: وقُذُفاتُ الْجِبَالِ وقُذَفها مَا أَشْرَفَ مِنْهَا، وَاحِدَتُهُا قُذْفةٌ، وَهِيَ الشُّرَف؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وكُنْتُ إِذَا مَا خِفْتُ يَوْمًا ظُلامَةً، ... فإنَّ لَهَا شِعْباً بِبُلْطَةِ زَيْمَرَا
مُنِيفاً تَزِلُّ الطَّيْرُ عَنْ قُذُفاتِه، ... يَظَلُّ الضَبابُ فَوْقَه قَدْ تَعَصَّرا
وَيُرْوَى نِيافاً تَزِلُّ الطَّيرُ.
والنِّياف: الطَّوِيلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لبِشر بْنِ أَبي خَازِمٍ:
وصَعْب تَزِلُّ الطيرُ عَنْ قُذُفاتِه، ... لِحافاتِه بانٌ طوالٌ وعَرْعَر
وكلُّ ما أَشرف من رؤوس الْجِبَالِ، فَهِيَ القُذُفات. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلَّى فِي مَسْجِدٍ فِيهِ قُذُفات.
والأَقْذَاف: كالقُذُفَات.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ لَا يُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ فِيهِ قُذُفاتٌ
؛ هَكَذَا يُحَدِّثونه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قُذُفاتٌ صَحِيحٌ لأَنه جَمْعُ سَلَامَةٍ كغُرْفة وغُرُفات، وَجَمْعُ التَّكَسِيرِ قُذَفٌ كغُرَف، وكِلاهما قَدْ رُوِي،
ورُوِي: فِي مَسْجِدٍ فِيهِ قِذَاف
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ جَمْعُ قُذْفَة، وَهِيَ الشُّرْفَة كبُرْمَةٍ وبِرام وبُرْقة وبِراقٍ، وَقَالَ الأَصمعي: إِنَّمَا هِيَ قُذَفٌ وأَصلها قُذْفَة، وَهِيَ الشُّرَف، قَالَ: والأَول الْوَجْهُ لِصِحَّةِ الرِّوَايَةِ وَوُجُودِ النَّظِيرِ. وَنَاقَةٌ قِذَافٌ وقَذُوفٌ وقُذُفٌ: وَهِيَ الَّتِي تَتقدَّم مِنْ سُرْعتها وتَرمي بِنَفْسِهَا أَمام الإِبل فِي سَيْرِهَا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
جَعَلْتُ القِذَافَ لِلَيْلِ التَّمام ... إِلَى ابْنِ الوَليد أبانٍ سِبارا «2»
قَالَ: جعلتُ نَاقَتِي هَذِهِ لِهَذَا اللَّيْلِ حَشْوًا. وَنَاقَةٌ قِذَافٌ ومُتَقَاذِفَةٌ: سَرِيعَةٌ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ. وفرسٌ مُتَقَاذِفٌ: سَريع العَدْوِ. وسَير مُتَقَاذِفٌ: سَرِيعٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
بِحَيَّ هَلَا يُزْجونَ كلَّ مَطِيَّةٍ، ... أَمام المَطايا سَيرُها المُتَقَاذِفُ
والقِذَافُ: سُرعة السَّير. والقَذُوف والقَذَّاف مِنَ القِسِيّ، كِلَاهُمَا: الْمُبْعِدُ السهمَ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ بَراء:
ارْمِ سَلاماً وأَبا الغَرَّافِ، ... وعاصِماً عَنْ مَنْعَةٍ قَذَّافِ
ونِيَّةٌ قَذَفٌ، بِالتَّحْرِيكَ، وَفَلَاةٌ قَذَفٌ وقُذُفٌ أَيضاً مِثْلُ صَدَفٍ وصُدُف وطَنَفٍ وطُنُفٍ أَي بَعِيدَةُ تَقاذَفُ بمَنْ يَسْلُكها؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: نِيَّة قَذَفٌ، بِالتَّحْرِيكَ، وَوَقَعَ فِي أُخرى نِيَّةٌ قَذَفٌ،
__________
(2) . قوله: إِلَى ابْنِ الْوَلِيدِ أبانٍ سبارا؛ هكذا في الأَصل.(9/278)
بِالنُّونِ وَالْيَاءِ. ورَوْضُ القِذافِ: مَوْضِعٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والقَذاف الْمَاءُ الْقَلِيلُ. وَفِي الْمَثَلِ: نَزافِ نزافِ لَمْ يَبْقَ غيرُ قَذاف «1» ، وَذَلِكَ لأَن امرأَة كَانَتْ تُحمَّق فأَتت عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ فرأَت غَيْلَمةً فأَلْبَسَتها حُلِيَّهَا، فانْسابَتِ الغَيْلمة فِي الْبَحْرِ، فَقَالَتْ لِجَوَارِيهَا: نزافِ نزافِ أَي انْزِفْنَ الْبَحْرَ لَمْ يَبق غيرُ قَذافٍ أَي قَلِيلٍ.
قرف: القِرْف: لِحاء الشَّجَرِ، وَاحِدَتُهُ قِرْفةٌ، وَجَمْعُ القِرْف قُروفٌ. والقُرافة: كالقِرْف. والقِرْف: القِشْر. والقِرْفة: القِشرة. والقِرفة: الطَّائِفَةُ مِنَ القِرْف، وَكُلُّ قِشْرٍ قِرف، بِالْكَسْرِ، وَمِنْهُ قِرْف الرُّمَّانة وقِرف الخُبْز الَّذِي يُقْشَر وَيُبْقَى فِي التَّنُّور. وَقَوْلُهُمْ: تَرَكْتُه عَلَى مِثل مَقرِف الصَّمْغة وَهُوَ مَوْضِعُ القِرْف أَي مَقْشِر الصَّمْغَةِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِمْ تَرَكْتُه عَلَى مِثل لَيْلَةِ الصَّدَر. وَيُقَالُ: صَبَغ ثَوْبَهُ بقِرْفِ السِّدْر أَي بقِشره؛ وقِرفُ كُلِّ شَجَرَةٍ: قِشرها. والقِرْفَة: دَوَاءٌ مَعْرُوفٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والقِرْف قِشْر شَجَرَةٍ طَيِّبَةِ الرِّيحِ يُوضَعُ فِي الدَّوَاءِ وَالطَّعَامِ، غَلَبَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ عَلَيْهَا غَلَبة الأَسماء لِشَرَفِهَا. والقِرْف مِنَ الخُبْز: مَا يُقْشر مِنْهُ. وقَرَفَ الشَّجَرَةَ يقرِفُها قَرْفاً: نَحَتَ قِرْفَها، وَكَذَلِكَ قَرَف القَرْحة فَتَقَرَّفَتْ أَي قَشَرَها، وَذَلِكَ إِذَا يبِسَتْ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
عُلالَتُنا فِي كُلِّ يومِ كريهةٍ ... بأَسْيافِنا، والقَرْحُ لَمْ يَتَقَرَّفِ
أَي لَمْ يَعُلْهُ ذَلِكَ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَ هَذَا الْبَيْتِ:
والجُرْحُ لَمْ يَتَقَرَّف
وَالصَّحِيحُ مَا أَوردناه. وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ:
إِذَا رأَيتموهم فاقْرِفوهم وَاقْتُلُوهُمْ
؛ هُوَ مِنْ قَرَفْتُ الشَّجَرَةَ إِذَا قَشَرْتَ لِحَاءَهَا. وقَرَفتُ جِلْدَ الرَّجُلِ إِذَا اقْتَلَعْته، أَراد استأْصلوهم. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْبَادِيَةِ: مَتَى تَحِلُّ لَنَا المَيْتة؟ قَالَ: إِذَا وجَدْتَ قِرْف الأَرض فَلَا تَقْرَبْها
؛ أَراد مَا تَقْتَرِف مِنْ بَقْل الأَرض وعُروقه أَي تَقْتَلِع، وأَصلها أَخذ الْقِشْرِ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: مَا عَلَى أَحدكم إِذَا أَتى المسجدَ أَن يُخرج قِرْفَةَ أَنفه
أَي قِشْرَته، يُرِيدُ المُخاط الْيَابِسَ الَّذِي لَزِق بِهِ أَي يُنَقّي أَنفه مِنْهُ. وتَقَرَّفَتِ القَرْحة أَي تقشَّرَت. ابْنُ السِّكِّيتِ: القَرْف مَصْدَرُ قَرَفْتُ القَرْحة أَقرِفُها قَرْفاً إِذَا نَكَأْتَها. وَيُقَالُ للجُرح إِذَا تَقَشَّر: قَدْ تَقَرَّفَ، وَاسْمُ الجِلْدة القِرْفَة. والقَرْف: الأَديم الأَحمر كَأَنَّهُ قُرِفَ أَي قُشِرَ فبَدتْ حُمْرَتُه، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَحمر كالقَرْف؛ قَالَ:
أَحْمر كالقَرْف وأَحْوى أَدْعَج
وأَحمر قَرِفٌ: شَدِيدُ الْحُمْرَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: أَراك أَحمَرَ قَرِفاً
؛ القَرِف، بِكَسْرِ الرَّاءِ: الشَّدِيدُ الْحُمْرَةِ كأَنه قُرِف أَي قُشِر. وقَرَفَ السِّدْرَ: قَشَرَهُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
اقْتَرِبوا قِرْفَ القِمَعْ
يَعْنِي بالقِمَع قِمَع الوَطْب الَّذِي يُصَب فِيهِ اللَّبَنُ، وقِرْفُه مَا يَلْزَق بِهِ مِنْ وسَخ اللَّبَنِ، فأَراد أَنّ هَؤُلَاءِ الْمُخَاطَبِينَ أَوساخ وَنَصْبُهُ عَلَى النِّدَاءِ أَي يَا قِرْفَ القِمَع. وقَرف الذَّنْبَ وَغَيْرَهُ يَقْرِفُه قَرْفاً واقْتَرَفَه:
__________
(1) . قوله [لم يبق غير قذاف] كذا في الأصل بدون لفظة في البحر الواقعة في مادتي قدف وغرف.(9/279)
اكتَسبه. والاقْتِرَاف: الِاكْتِسَابُ. اقْتَرَفَ أَي اكتَسب، واقْتَرَفَ ذَنْبًا أَي أَتاه وفَعَلَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
رَجُلٌ قَرَف عَلَى نَفْسِهِ ذنُوباً
أَي كَسَبَها. وَيُقَالُ: قَرَفَ الذنبَ واقْتَرَفَهُ إِذَا عَمِلَهُ. وقَارَفَ الذنبَ وغيرَه: داناهُ ولاصَقَهُ. وقَرَفَه بِكَذَا أَي أَضافه إِلَيْهِ واتَّهَمه بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ
. واقْتَرَفَ المالَ: اقْتَناه. والقِرْفَة: الكَسْب. وَفُلَانٌ يَقْرِفُ لِعِيَالِهِ أَي يَكْسِب. وبَعير مُقْتَرَفٌ: وَهُوَ الَّذِي اشْتُرِيَ حَديثاً. وَإِبِلٌ مُقتَرَفَة ومُقْرَفَةٌ: مُسْتَجَدَّة. وقَرَفْتُ الرَّجُلَ أَي عِبْتُه. وَيُقَالُ: هُوَ يُقْرَفُ بِكَذَا أَي يُرْمى بِهِ ويُتَّهم، فَهُوَ مَقْرُوفٌ. وقَرَفَ الرجلَ بِسُوءٍ: رَمَاهُ، وقَرَفْته بِالشَّيْءِ فاقْتَرَفَ بِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: قَرَفْتُ الرجلَ بِالذَّنْبِ قَرْفاً إِذَا رَمَيْتَه. الأَصمعي: قَرَفَ عَلَيْهِ فَهُوَ يَقْرِفُ قَرْفاً إِذَا بَغى عَلَيْهِ. وقَرَفَ فلانٌ فُلَانًا إِذَا وَقَع فِيهِ، وأَصل القَرْف القَشْر. وقَرَفَ عَلَيْهِ قَرْفاً: كَذَبَ. وقَرَفَه بِالشَّيْءِ: اتَّهَمَهُ. والقِرْفَة: التُّهَمَة. وَفُلَانٌ قِرْفَتِي أَي تُهَمَتي، أَو هُوَ الَّذِي أَتَّهِمُه. وَبَنُو فُلَانٍ قِرْفَتِي أَي الَّذِينَ عِنْدَهُمْ أَظُنّ طَلِبَتي. وَيُقَالُ: سَلْ بَني فُلَانٍ عَنْ نَاقَتِكَ فَإِنَّهُمْ قِرْفَةٌ أَي تَجِدُ خَبَرَها عِنْدَهُمْ. وَيُقَالُ أَيضاً: هُوَ قَرَفٌ مِنْ ثَوْبي لِلَّذِي تَتَّهِمُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ لَا يأْخذ بالقَرَف
أَي التُّهْمَةِ، وَالْجَمْعُ القِرَاف. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وجهه: أَوَلَمْ يَنْهَ أُمَيَّةَ عِلمُها بِي عَنْ قِرَافِي
أَي عَنْ تُهَمَتي بِالْمُشَارَكَةِ فِي دَمِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ قَرَفٌ أَن يَفْعل وقَرِفٌ أَي خَلِيق، وَلَا يُقَالُ: مَا أَقْرَفَه وَلَا أَقْرِفْ بِهِ، وأَجازهما ابْنُ الأَعرابي عَلَى مِثْلِ هَذَا. وَرَجُلٌ قَرَفٌ مِنْ كَذَا وقَرَفٌ بِكَذَا أَي قَمِن؛ قَالَ:
والمرءُ مَا دامَتْ حُشاشَتُه، ... قَرَفٌ مِنَ الحِدْثانِ والأَلَمِ
وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ كَالْوَاحِدِ. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَلَا يُقَالُ قَرِفٌ وَلَا قَرِيفٌ. وقَرَفَ الشيءَ: خَلَطَهُ. والمُقَارَفَةُ والقِرَافُ: المخالَطة، وَالِاسْمُ القَرَف. وقَارَفَ فلانٌ الْخَطِيئَةَ أَي خَالَطَهَا. وقَارَفَ الشيءَ: دَاناه؛ وَلَا تَكُونُ المُقَارَفَةُ إِلَّا فِي الأَشياء الدَّنِيَّةِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وقِرَافُ مَنْ لَا يَسْتَفِيقُ دَعارَةً ... يُعْدي، كَمَا يُعْدي الصحيحَ الأَجْرَبُ
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
وقَارَفَتْ، وهْيَ لَمْ تَجْرَبْ، وباعَ لَهَا ... مِنَ الفَصافِصِ بالنُّمِّيِّ سِفْسِيرُ
أَي قارَبَتْ أَنْ تَجْرَب. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
إنْ كُنْتِ قَارَفْتِ ذَنْبًا فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ
، وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى المُقاربة والمُداناة. وقَارَفَ الجَرَبُ البعيرَ قِرَافاً: دَانَاهُ شَيْءٌ مِنْهُ. والقَرَفُ: العَدْوى. وأَقْرَفَ الجَرَبُ الصِّحاحَ: أَعْداها. والقَرَف: مُقَارَفَة الوَباء. أَبو عَمْرٍو: القَرَف الوَباء، يُقَالُ: احذَر القَرَفَ فِي غَنَمِكَ. وَقَدِ اقْتَرَفَ فُلَانٌ مِنْ مَرَضِ آلِ فُلَانٍ، وَقَدْ أَقْرَفُوه إِقْرَافاً: وَهُوَ أَن يأْتيهم وَهُمْ مَرْضَى فيُصيبَه ذَلِكَ. وقَارَفَ فُلَانٌ الْغَنَمَ: رَعَى بالأَرض الْوَبِيئَةِ. والقَرَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: مُدَانَاةُ الْمَرَضِ. يُقَالُ: أَخْشى عَلَيْكَ القَرَف مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَرِف، بِالْكَسْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن قَوْمًا شكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَباء أَرضهم، فَقَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَحوَّلوا فإن(9/280)
مِنَ القَرَف التَّلَفَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: القَرَف مُلَابَسَةُ الدَّاءِ وَمُدَانَاةُ الْمَرَضِ، والتَّلَف الْهَلَاكُ؛ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ العَدْوى وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الطِّبِّ، فَإِنَّ اسْتِصْلَاحَ الْهَوَاءِ مِنْ أَعون الأَشياء عَلَى صِحَّةِ الأَبدان، وَفَسَادُ الْهَوَاءِ مِنْ أَسرع الأَشْياء إِلَى الأَسقام. والقِرْفَة: الهُجْنة. والمُقْرِفُ: الَّذِي دَانَى الهُجْنة مِنَ الْفَرَسِ وَغَيْرِهِ الَّذِي أُمه عَرَبِيَّةٌ وأَبوه لَيْسَ كَذَلِكَ لأَن الإِقْرَاف إِنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَل الفَحْل، والهُجْنَة مِنْ قِبَل الأُم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رَكِبَ فَرَسًا لأَبي طَلْحَةَ مُقْرِفاً
؛ المُقْرِفُ مِنَ الْخَيْلِ الهَجين وَهُوَ الَّذِي أُمه بِرْذَوْنةٌ وأَبوه عَربي، وَقِيلَ بالعكْس، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي دَانَى الْهُجْنَةَ مِنْ قِبَل أَبيه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي دَانَى الْهُجْنَةَ وقارَبَها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كتَبَ إِلَى أَبي مُوسَى فِي البَراذين: مَا قَارَفَ العِتاق مِنْهَا فَاجْعَلْ لَهُ سَهْمًا وَاحِدًا
، أَي قارَبَها وَدَانَاهَا. وأَقْرَفَ الرجلُ وَغَيْرُهُ: دَنا مِنَ الهُجْنَة. والمُقْرِف أَيضاً: النَّذْل؛ وَعَلَيْهِ وُجّه قَوْلِهِ:
فَإِنْ يَكُ إقْرَافٌ فَمِنْ قِبَلِ الفَحْلِ
وَقَالُوا: مَا أَبْصَرَتْ عَيْني وَلَا أَقْرَفَتْ يَدِي أَي مَا دنَتْ مِنْهُ، وَلَا أَقْرَفْتُ لِذَلِكَ أَي مَا دانيتُه وَلَا خَالَطْتُ أَهله. وأَقْرَفَ لَهُ أَي دَانَاهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
نَتوج، وَلَمْ تُقْرِفْ لِما يُمْتَنى لَهُ، ... إِذَا نُتِجَتْ ماتَتْ وحَيَّ سَليلُها
لَمْ تُقْرِفْ: لَمْ تُدانِ ما له مُنْية. والمُنْية: انتِظار لَقْح النَّاقَةِ مِنْ سَبْعَةِ أَيام إِلَى خمْسة عَشَر يَوْمًا. وَيُقَالُ: مَا أَقْرَفَتْ يَدِي شَيْئًا مِمَّا تَكرَه أَي مَا دانَت وَمَا قَارَفَتْ. ووَجْه مُقْرِفٌ: غيرُ حَسَن؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تُريكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غيرَ مُقْرِفةٍ، ... مَلْساءَ، لَيْسَ بِهَا خالٌ وَلَا نَدَبُ
والمُقَارَفَة والقِراف: الْجِمَاعُ. وقَارَفَ امرأَته: جَامَعَهَا. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إنْ كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لَيُصْبِح جُنُباً مِنْ قِرَافٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يصومُ
، أَي مِنْ جِمَاعٍ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي دَفْن أُم كُلثوم:
مَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَمْ يُقَارِفْ أَهله اللَّيْلَةَ فليَدْخُل قبرَها.
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذافة: قَالَتْ لَهُ أُمه: أَمِنْتَ أَن تَكُونَ أُمُّك قَارَفَتْ بَعْضَ مَا يُقَارِفُ أَهلُ الْجَاهِلِيَّةِ
، أَرادت الزِّنَا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مِقْرَافٌ لِلذُّنُوبِ
أَي كَثِيرُ الْمُبَاشَرَةِ لَهَا، ومِفْعالٌ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ. والقَرْف: وِعاء مِنْ أَدَمٍ، وَقِيلَ: يُدبَغُ بالقِرْفَة أَي بقُشور الرُّمَّانِ ويُتَّخذ فِيهِ الخَلْع. وَهُوَ لَحْمٌ يُتَّخذ بتوابِلَ فيُفْرَغُ فِيهِ، وَجَمْعُهُ قُرُوف؛ قَالَ مُعقِّر بْنُ حِمار البارِقيّ:
وذُبْيانيَّة وصَّت بَنِيهَا: ... بأَنْ كذَبَ القَراطِفُ والقُرُوفُ
أَي عَلَيْكُمْ بالقَراطِف والقُرُوف فاغْنموها. وَفِي التَّهْذِيبِ: القَرْف شَيْءٌ مِنْ جُلود يُعمل فِيهِ الخَلْع، والخَلع: أَن يُؤخذ لحمُ الجَزُور ويُطبَخَ بِشَحْمِهِ ثُمَّ تُجعل فِيهِ توابلُ ثُمَّ تُفْرغ فِي هَذَا الْجِلْدِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ كذَب الْقَرَاطِفُ وَالْقُرُوفُ قَالَ: القَرْف الأَديم، وَجَمْعُهُ قُرُوفٌ. أَبو عَمْرٍو: القُرُوف الأَدَم الحُمر، الْوَاحِدُ قَرْف. قَالَ: والقُرُوف والظُّروف بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لِكُلِّ عَشْر مِنَ السَّرَايَا مَا(9/281)
يَحْمِل القِرَافُ مِنَ التَّمْر
؛ القِرَاف: جَمْعُ قَرْف، بِفَتْحِ الْقَافِ، وَهُوَ وِعاء مِنْ جِلْدٍ يُدْبَغ بالقِرْفة، وَهِيَ قُشُورُ الرُّمان. وقِرْفَةُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
أَلا أَبْلِغْ لَدَيْكَ بَنِي سُوَيدٍ، ... وقِرْفَةَ، حِينَ مالَ بِهِ الولاءُ
وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: أَمْنَعُ مِنْ أُم قِرْفَة؛ هِيَ اسْمُ امرأَة. التَّهْذِيبُ: وَفِي الْحَدِيثِ
أَن جَارِيَتَيْنِ كَانَتَا تُغَنِّيان بِمَا تَقَارَفَتْ بِهِ الأَنصارُ يَوْمَ بُعاثٍ
؛ هَكَذَا رُوي فِي بَعْضِ طُرُقِهِ.
قرصف: ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه خَرَج عَلَى أَتانٍ وَعَلَيْهَا قَرْصَفٌ لَمْ يبْقَ مِنْهُ إِلَّا قَرْقَرُها
؛ القَرْصَف: الْقَطِيفَةُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى بِالرَّاءِ، وَيُرْوَى بالواو.
قرضف: ابْنُ الأَعرابي: القُرْضُوف الْقَاطِعُ، والقُرضُوف الْكَثِيرُ الأَكل.
قرطف: القَرْطَفَة: القَطِيفة المُخْمَلة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بأَن كَذَبَ القَرَاطِفُ والقُروفُ
الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ قَطَفَ: القَرَاطِف فُرُش مُخْمَلة. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعي فِي قَوْلِهِ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ: أَنه كَانَ مُتَدَثّراً فِي قَرْطَف
؛ هُوَ القَطِيفة التي لها خَمْل.
قرعف: تَقَرْعَفَ الرَّجُلُ واقْرَعَفَّ وتَقَرفَع: تَقَبَّض.
قرقف: القَرْقَفَة: الرِّعْدة، وَقَدْ قَرْقَفَه الْبَرْدُ مأْخوذ مِنَ الإِرْقاف، كرِّرت الْقَافُ فِي أَولها. وَيُقَالُ: إِنِّي لأُقَرْقِف مِنَ الْبَرْدِ أَي أُرْعَدُ. وَفِي حَدِيثِ
أُم الدَّرْدَاءِ: كَانَ أَبو الدَّرْدَاءِ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَيَجِيءُ وَهُوَ يُقَرْقِف فأَضُمّه بَيْنَ فخِذَيّ
، أَي يُرْعَدُ مِنَ الْبَرْدِ. والقَرْقَف: الْمَاءُ الْبَارِدُ المُرْعِد. والقَرْقَف: الْخَمْرُ، وَهُوَ اسْمٌ لَهَا، قِيلَ: سُمِّيَتْ قَرْقَفاً لأَنها تُقَرْقِفُ شارِبَها أَي تُرْعِده، وأَنكر بَعْضُهُمْ أَنها تُقَرْقِفُ النَّاسَ. قَالَ اللَّيْثُ: القَرْقَف اسْمٌ لِلْخَمْرِ وَيُوصَفُ بِهِ الْمَاءُ الْبَارِدُ ذُو الصَّفَاءِ؛ وَقَالَ:
وَلَا زَادَ إِلَّا فَضْلتانِ: سُلافةٌ، ... وأَبيضُ مِنْ مَاءِ الغمامةِ قَرْقَفُ
أَراد بِهِ الْمَاءَ. قَالَ الأَزهري: قَوْلُ اللَّيْثِ إِنَّهُ يُوصَفُ بالقَرْقَف الْمَاءُ الْبَارِدُ وهَم. وأَوهَمه بَيْتُ الْفَرَزْدَقِ، وَفِي الْبَيْتِ مُؤَخَّرٌ أُريد بِهِ التَّقْدِيمُ، وَذَلِكَ الَّذِي شَبّه عَلَى اللَّيْثِ، وَالْمَعْنَى فضْلتانِ سلافةٌ قَرْقَفٌ وأَبيضُ مِنْ مَاءِ الغَمامة. والقَرْقُوف: الدِّرهم، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ أَنه قَالَ: أَبيضُ قَرْقُوف، بِلَا شَعر وَلَا صُوفٍ، فِي الْبِلَادِ يَطوف؛ يَعْنِي الدِّرْهَمَ الأَبيض. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: وَفِي الْحَدِيثِ
أَن الرَّجل إِذَا لَمْ يَغَرْ عَلَى أَهله بعَثَ اللَّهُ طَائِرًا يُقَالُ لَهُ القَرْقَفَنَّةُ فَيَقَعُ عَلَى مِشْريق بَابِهِ، وَلَوْ رأَى الرِّجالَ مَعَ أَهله لَمْ يُبْصِرهم وَلَمْ يُغَيِّر أَمرَهم.
الْفَرَّاءُ: مِنْ نَادِرِ كَلَامِهِمُ القَرْقَفَنَّة الكَمَرَة. غَيْرُهُ: القَرْقَف طَيْرٌ صغار كأَنها الصِّعاء.
قشف: القَشَفُ: قَذَر الْجِلْدِ. قَشِفَ يَقْشَفُ قَشَفًا وتَقَشَّفَ: لَمْ يَتَعَهَّد الغَسْل والنَّظافة، فَهُوَ قَشِفٌ. وَرَجُلٌ مُتَقَشِّف: تَارِكُ النَّظَافَةِ والتَّرَفُّه. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَى رَجُلًا قَشِفَ الْهَيْئَةِ
أَي تَارِكًا لِلْغَسْلِ والتنْظِيف. وقَشِفَ قشَفاً لَا غَيْرَ: تَغَيَّر مِنْ تَلْوِيحِ الشَّمْسِ أَو الفَقْر. والقَشَفُ: يُبْس العَيْش، وَرَجُلٌ قَشِفٌ. وَقِيلَ: القَشَفُ رَثاثة الْهَيْئَةِ وسُوء الْحَالِ وَضِيقُ الْعَيْشِ. يُقَالُ: أَصابهم مِنَ الْعَيْشِ ضَفَفٌ(9/282)
وحَفَف وقَشَفٌ، كُلُّ هَذَا مِنْ شِدَّةِ الْعَيْشِ. والمُتَقَشِّف: الَّذِي يَتَبَلَّغ بِالْقُوتِ وبالمُرَقَّع. الْفَرَّاءُ: عامٌ أَقْشفُ أَقْشر شَدِيدٌ.
قصف: القَصْف: الْكَسْرُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: كَسَرَ القَناة وَنَحْوَهَا نِصفين. قَصَفَ الشيءَ يَقْصِفه قَصْفاً: كَسَرَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِف أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَلَا قَصَفُوا لَهُ قَناة
أَي كَسَرُوا. وَقَدْ قَصِفَ قَصَفاً، فَهُوَ قَصِفٌ وقَصِيفٌ وأَقْصَفُ. وانْقَصَفَ وتَقَصَّفَ: انْكَسَرَ، وَقِيلَ: قَصِفَ انْكَسَرَ وَلَمْ يَبِن. وانْقَصَفَ: بَانَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَسْمَرٌ غيرُ مَجْلُوزٍ عَلَى قَصَفِ «2»
وقَصَفَتِ الرِّيحُ السَّفِينَةَ. والأَقْصَفُ: لُغَةٌ فِي الأَقْصَم، وَهُوَ الَّذِي انْكَسَرَتْ ثَنِيّته مِنَ النِّصْفِ. وقَصِفَتْ ثنِيّتُه قَصَفاً، وَهِيَ قَصْفَاء: انْكَسَرَتْ عَرْضاً؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي نَعْرِفُهُ فِي الَّذِي انْكَسَرَتْ ثَنِيَّتُهُ مِنَ النِّصْفِ الأَقصم. والقَصْفُ: مَصْدَرُ قصَفْتُ العُود أَقْصِفُه قَصْفاً إِذَا كَسَرْتَهُ. وقَصِفَ العودُ يَقْصَف قَصَفاً، وَهُوَ أَقْصَفُ وقَصِفٌ إِذَا كَانَ خَوّاراً ضَعِيفاً، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ رَجُلٌ قَصِف سَرِيعُ الِانْكِسَارِ عَنِ النَّجْدةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ قَيس بْنِ رِفاعة:
أُولو أَناةٍ وأَحْلامٍ إِذَا غَضِبُوا، ... لَا قَصِفُونَ وَلَا سُودٌ رَعابيبُ
وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذَا خَلَوْا عَنْ شَيْءٍ فَترةً وخِذلاناً: انْقَصَفُوا عَنْهُ. وَرَجُلٌ قَصِفُ البَطن عَنِ الْجُوعِ: ضَعِيف عَنِ احْتِمَالِهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَرِيحٌ قَاصِف وقَاصِفَة: شَدِيدَةٌ تُكَسِّر مَا مرَّت بِهِ مِنَ الشَّجَرِ وَغَيْرِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: الرِّياحُ ثَمَانٍ: أَربعٌ عَذَابٌ وأَربع رَحْمَةٌ، فأَما الرَّحمة فالناشِراتُ والذَّارِياتُ والمُرْسَلاتُ والمُبَشِّرات، وأَما الْعَذَابُ فالعاصِفُ والقَاصِفُ وَهُمَا فِي الْبَحْرِ، والصَّرْصَر والعَقيمُ وَهُمَا فِي البرِّ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ
؛ أَي رِيحًا تَقْصِف الأَشياء تَكْسِرُها كَمَا تُقْصَف العِيدان وَغَيْرُهَا. وَثَوْبٌ قَصِيف: لَا عَرْض لَهُ. والقَصْفُ والقَصَفَة: هَدِيرُ الْبَعِيرِ وَهُوَ شِدَّةُ رُغائه. قَصَفَ البعيرُ يَقْصِفُ قَصْفاً وقُصُوفاً وقَصِيفاً: صَرَفَ أَنيابه وهَدر فِي الشِّقْشِقة. ورَعْدٌ قَاصِفٌ: شَدِيدُ الصَّوْتِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذَا بلَغ الرَّعد الْغَايَةَ فِي الشدَّة فَهُوَ القَاصِف، وَقَدْ قَصَفَ يَقْصِفُ قَصْفاً وقَصِيفاً. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وضَرْبه الْبَحْرَ: فانتَهى إِلَيْهِ وَلَهُ قَصِيف مَخافة أَن يَضْرِبه بعَصاه
، أَي صَوْتٌ هَائِلٌ يُشبه صَوْتَ الرَّعْد؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَعْد قَاصِف أَي شَدِيدٌ مُهْلك لِصَوْتِهِ. والقَصْف: اللَّهْو واللَّعِب، وَيُقَالُ: إِنَّهَا مُولَّدة. والقَصْفُ: الجَلَبة والإِعْلان بِاللَّهْوِ. وقَصَفَ عَلَيْنَا بالطَّعام يَقْصِفُ قَصْفاً: تابَعَ. ابْنُ الأَعرابي: القُصُوف الإِقامة فِي الأَكل وَالشُّرْبِ. والقَصْفَة: دَفْعة الْخَيْلِ عِنْدَ اللِّقاء. والقَصْفةُ: دَفْعة النَّاسِ وقَضَّتُهم وزَحْمتهم، وَقَدِ انْقَصَفوا، وَرُبَّمَا قَالُوهُ فِي الْمَاءِ. وقَصْفَة الْقَوْمِ: تَدافُعُهم وَازْدِحَامُهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ
يَرْوِيهِ نَابِغَةُ بَنِي جَعدةَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: أَنا وَالنَّبِيُّونَ فُرَّاطٌّ لقَاصِفِينَ، وَذَلِكَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُمُ الَّذِينَ يَزْدَحِمُونَ حَتَّى يَقْصِف بَعْضُهُمْ بَعْضًا، مِنَ القَصْف الكسرِ والدَّفْعِ الشديد، لفَرْط
__________
(2) . قوله [وأسمر إلخ] صدره كما في شرح القاموس:
سيفي جريء وفرعي غير مؤتشب(9/283)
الزِّحام؛ يُرِيدُ أَنهم يتقدَّمون الأُممَ إِلَى الْجَنَّةِ وَهُمْ عَلَى إِثْرِهِمْ بِداراً مُتدافعين ومُزْدَحِمين. وَقَالَ غَيْرُهُ: الانْقِصَافُ الانْدِفاع. يُقَالُ: انْقَصَفُوا عَنْهُ إِذَا تَرَكُوهُ ومرُّوا؛ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَن النَّبِيِّينَ يَتَقَدَّمُونَ أُممهم فِي الْجَنَّةِ والأُمم عَلَى أَثرهم يُبَادِرُونَ دُخُولَهَا فيَقْصِفُ بعضُهم بَعْضًا أَي يَزْحَمُ بعضُهم بَعْضًا بِداراً إِلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَاهُ أَنا وَالنَّبِيُّونَ مُتَقَدِّمُونَ فِي الشَّفَاعَةِ كَثِيرِينَ مُتَدَافِعِينَ مُزْدَحِمين. وَيُقَالُ: سَمِعْتُ قَصْفَة الناسِ أَي دَفْعَتهم وزَحْمتَهم؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كقَصْفَةِ الناسِ مِنَ المُحْرَنْجِمِ
وَرُوِيَ فِي حَدِيثٍ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لما يَهُمُّني مِنِ انْقِصَافِهِم عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ أَهَمُّ عِنْدِي مِنْ تَمَامِ شفاعَتي
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي أَنّ اسْتِسْعادَهم بِدُخُولِ الْجَنَّةِ وأَن يَتِمَّ لَهُمْ ذَلِكَ أَهمُّ عِنْدِي مِنْ أَن أَبلغ أَنا مَنْزِلَةَ الشَّافِعِينَ المُشَفَّعين، لأَن قَبُولَ شَفَاعَتِهِ كَرَامَةٌ لَهُ، فَوُصُولُهُمْ إِلَى مُبْتَغَاهُمْ آثَرُ عِنْدَهُ مِنْ نَيل هَذِهِ الْكَرَامَةِ لفَرْط شفَقته، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أُمته. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ يُصَلِّي ويَقرأُ الْقُرْآنَ فتَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وأَبناؤهم
أَي يَزْدَحِمون. وَفِي حَدِيثِ
الْيَهُودِيِّ: لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ: تَرَكْتُ بَنِي قَيْلة يَتَقَاصَفُون عَلَى رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنه نَبِيٌّ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
شَيَّبَتْني هُود وأَخواتُها قَصَّفْن عليَّ الأُمم
أَي ذُكر لِي فِيهَا هَلَاكُ الأُمم وقُصَّ عليَّ فِيهَا أَخبارهم حَتَّى تَقَاصَفَ بعضُها عَلَى بَعْضٍ، كأَنَّها ازْدَحَمَتْ بِتتابُعها. وَرَجُلٌ صَلِفٌ قَصِفٌ: كأَنه يُدافع بِالشَّرِّ. وانْقَصَفُوا عَلَيْهِ: تتابَعُوا. والقَصْفَةُ: رِقَّةٌ تَخْرُجُ فِي الأَرْطى، وَجَمْعُهَا قَصْفٌ، وَقَدْ أَقْصَفَ، وَقِيلَ: القَصْفَة قِطعة مِنْ رَمْلٍ تَتَقَصَّفُ مِنْ مِعْظَمِه؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، وَالْجَمْعُ قَصْف وقُصْفانٌ مِثْلَ تَمْرة وتَمْر وتُمْران، والقَصْفَة: مِرْقاة الدَّرَجَةِ مِثْلُ القَصْمة، وَتُسَمَّى المرأَة الضَّخْمة القِصَاف. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَرَجَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى صَعْدةٍ يَتْبَعُهَا حُذاقيٌّ عَلَيْهَا قَوْصَفٌ لَمْ يَبق مِنْهُ إِلَّا قَرْقَرُها
؛ قَالَ: والصَّعْدة الأَتانُ، والحُذاقيُّ الجَحْش، والقَوصَفُ القَطِيفة، والقَرْقر ظَهْرُهَا. والقَصِيف: هَشيم الشَّجَرِ. والتَّقَصُّفُ: التكسُّر. وَيُقَالُ: قَصِفَ النبْتُ يَقْصَفُ قَصَفاً، فَهُوَ قَصِفٌ إِذَا طَالَ حَتَّى انْحَنَى مِنْ طُوله؛ قَالَ لَبِيدٍ:
حَتَّى تَزَيَّنَتِ الجِواءُ بفاخِرٍ ... قَصِفٍ، كأَلوان الرِّجال، عَميم
أَي نَبْتٍ فاخِر. والبَرْدِيُّ إِذَا طَالَ يُقَالُ لَهُ القَصِيفُ. وبنو قِصَافٍ: بطن.
قضف: القَضَافَةُ: قِلَّة اللَّحْمِ. والقَضَفُ: الدِّقة. والقَضِيفُ: الدَّقيق الْعَظْمِ الْقَلِيلُ اللَّحْمِ، وَالْجَمْعُ قُضَفَاء وقِضَاف. وَقَدْ قَضُفَ، بِالضَّمِّ: يَقْضُفُ قَضَافَة وقَضَفاً، فَهُوَ قَضِيف أَي نَحِيف. وَقَدْ جَاءَ القَضَفُ فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:
بينَ شُكولِ النِّسَاءِ خِلْقَتُها ... قَصْد، فَلَا جَبْلة وَلَا قَضَفُ
وَجَارِيَةٌ قَضِيفَة إِذَا كَانَتْ مَمْشوقة، وَجَمْعُهَا قِضَاف.(9/284)
والقَضَفَةُ: أَكمة كأَنها حَجَرٌ وَاحِدٌ، وَالْجَمْعُ قَضَفٌ وقِضَاف وقِضْفَان وقُضْفَانٌ، كُلُّ ذَلِكَ عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الزَّائِدِ. قَالَ: والقِضاف لَا يَخْرُجُ سَيْلُهَا مِنْ بَيْنِهَا. الأَصمعي: القِضْفَانُ والقُضْفَان أَماكن مُرْتَفِعَةٌ بَيْنَ الْحِجَارَةِ وَالطِّينِ، وَاحِدَتُهَا قَضَفَة. ابْنُ شُمَيْلٍ عَنْ أَبي خَيْرة: القَضَفُ آكامٌ صِغار يَسيل الْمَاءُ بَيْنَهَا وَهِيَ فِي مُطْمئن مِنَ الأَرض وَعَلَى جِرَفة الْوَادِي، الْوَاحِدَةُ قَضَفَةٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ خَنَّقَ الآلُ الشِّعافَ، وغَرَّقَتْ ... جَواريه جُذْعانَ القِضَافِ البَراتِكِ
قَالَ: الجُذْعانُ الصِّغَارُ والبَراتِك الصِّغَارُ. وَقَالَ أَبو خَيرة: القَضَفَة أَكمة صَغِيرَةٌ بَيْضَاءُ كأَن حِجَارَتَهَا الجِرْجِسُ، وَهِيَ هَناة أَصغر مِنَ البَعُوض، والجِرْجِسُ يُقَالُ لَهُ الطَّيْرُ الأَبيض كأَنه الجَصُّ بَيَاضًا؛ قَالَ الأَزهري: حَكَى ذَلِكَ كُلُّهُ شَمِرٌ فِيمَا قرأَت بِخَطِّهِ، والقِضَفَةُ: قِطعة مِنَ الرَّمْلِ تَنْكَسِرُ مِنْ مُعْظمه. والقَضَفَة: القَطاة فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَهُ أَبو مَالِكٍ، قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْ ذلك أَحد سواه.
قطف: قطَف الشيءَ يَقْطِفُه قَطْفاً وقَطفاناً وقَطَافاً وقِطَافاً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: قَطعه. والقِطْف: مَا قُطِف مِنَ الثَّمَرِ، وَهُوَ أَيضاً العُنْقود سَاعَةَ يُقْطَف. والقِطْف: اسْمُ الثِّمَارِ الْمَقْطُوفَةِ، وَالْجَمْعُ قُطوف، والقِطْف، بِالْكَسْرِ: العُنْقود، وَبِجَمْعِهِ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ قَالَ سُبْحَانَهُ: قُطُوفُها دانِيَةٌ
؛ أَي ثِمَارُهَا قَرِيبَةُ التَّنَاوُلِ يَقْطِفها الْقَاعِدُ وَالْقَائِمُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَجْتَمِعُ النفَر عَلَى القِطف فيُشبِعهم
؛ القِطْف، بِالْكَسْرِ: الْعُنْقُودُ، وَهُوَ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُقْطَف كالذِّبْح والطِّحْن وَيُجْمَعُ عَلَى قِطَاف وقُطُوف، وأَكثر الْمُحَدِّثِينَ يَرْوُونَهُ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْكَسْرِ. والقَطَاف والقِطَاف: أَوانُ قَطْفِ الثَّمَرِ، التَّهْذِيبُ: القِطَافُ اسْمُ وَقْتِ القَطْف. قال الْحَجَّاجُ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَرى رؤوساً قَدْ أَينعت وَحَانَ قِطافها؛ قَالَ الأَزهري: القِطاف اسْمُ وَقْتِ القَطف، قَالَ: والقَطَاف، بِالْفَتْحِ، جَائِزٌ عِنْدَ الْكِسَائِيِّ أَيضاً، وقال: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ القِطَاف مَصْدَرًا. وأَقْطَفَ العِنْبُ: حَانَ أَن يُقْطَف. وأَقْطَفَ الْقَوْمُ: آنَ قِطافُ كُرومهم، وأَجْززوا مِنَ الجَزاز فِي النَّخْلِ إِذَا أَصْرَمُوا. وأَقْطَفَ الكَرْمُ: دَنا قِطافه. التَّهْذِيبُ: القَطْف قَطعُك العِنب، وكلُّ شَيْءٍ تَقطعه عَنْ شَيْءٍ، فَقَدْ قطَفْته حَتَّى الْجَرَادَ تَقْطِف رؤوسها. والمِقْطَف: المِنْجَل الَّذِي يُقْطف بِهِ. والمِقْطَفُ: أَصل العُنقود. وقُطَافَة الشَّجَرِ: مَا قُطِفَ مِنْهُ: والقُطَافَة، بِالضَّمِّ: مَا يَسْقُطُ مِنَ الْعِنَبِ إِذَا قُطِف كالجُرامة مِنَ التَّمْرِ. ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ:
يَقْذِفون فِيهِ مِنَ القَطِيف
، وَفِي رِوَايَةٍ:
يَديفون القَطِيف
: المَقطوف مِنَ الثَّمَرِ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والقَطفُ فِي الْوَافِرِ: حَذْفُ حَرْفَيْنِ مِنْ آخِرِ الجُزْء وَتَسْكِينُ مَا قبلها كَحَذْفِكَ تُن مِنْ مُفَاعَلَتُنْ وَتَسْكِينِ اللَّامِ فَيَبْقَى مُفَاعَلْ فَيُنْقَلُ فِي التَّقْطِيعِ إِلَى فَعُولُنْ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي عَرُوضٍ أَو ضَرْبٍ، وَلَيْسَ هَذَا بِحَادِثٍ لِلزِّحَافِ، إِنَّمَا هُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي عَرُوضِ الْوَافِرِ وَضَرْبِهِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَقْطُوفاً لأَنك قَطَفْتَ الْحَرْفَيْنِ وَمَعَهُمَا حَرَكَةٌ قَبْلَهُمَا، فَصَارَ نَحْوَ الثَّمَرَةِ الَّتِي تَقْطَعُهَا فيَعْلق بِهَا شَيْءٌ مِنَ الشَّجَرَةِ.(9/285)
والقَطِيفَةُ: القَرْطفةُ، وَجَمْعُهَا القَطَائِفُ، والقراطِف «1» فُرش مُخْمَلَة. والقَطِيفَة: دِثار مُخْمل، وَقِيلَ: كِسَاءٌ لَهُ خَمْل، وَالْجَمْعُ القَطَائِفُ، وقُطُف مِثْلُ صَحيفة وصُحُف كأَنها جَمْعُ قَطيف وصَحِيف. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَعِس عَبْدُ القَطيفة
؛ هِيَ كِسَاءٌ لَهُ خَمْل، أَي الَّذِي يَعمل لَهَا ويَهْتَمّ بِتَحْصِيلِهَا؛ وَمِنْهُ القَطَائِف الَّتِي تُؤْكَلُ. التَّهْذِيبُ: القَطَائِف طَعَامٌ يُسَوَّى مِنَ الدَّقِيقِ المُرَقِّ بِالْمَاءِ، شُبِّهَتْ بخَمْل القَطَائِف الَّتِي تُفْترش. والقَطُوف مِنَ الدَّواب: الْبَطِيءُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: هُوَ الضّيِّق المشْي. وقَطَفَت الدَّابَّةُ تَقْطِف قَطْفاً وتَقْطُفُ قِطَافاً وقُطُوفاً وقَطُفَتْ، وَهِيَ قَطُوف: أَساءَتِ السَّيرَ وأَبطأَت، وَالْجَمْعُ قُطُفٌ، وَالِاسْمُ القِطَاف؛ وَمِنْهُ قَوْلَ زُهَيْرٍ:
بآرِزَةِ الفَقارةِ لَمْ يَخُنْها ... قِطَافٌ فِي الرِّكَابِ، وَلَا خِلاء
التَّهْذِيبُ: والقِطَافُ مَصْدَرُ القَطُوف مِنَ الدَّوَابِّ، وَهُوَ المتقارِب الخَطو البطِيء. وفَرس قَطُوف: يَقْطِف فِي عَدْوه، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الإِنسان؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَمْسَى غُلامْي كَسِلًا قَطُوفا، ... مُوَصَّباً تَحْسَبُه مَجُوفا
وأَقْطَفَ الرَّجُلُ وَالْقَوْمُ إِذَا كَانَتْ دابَّته أَو دوابُّهم قُطُفاً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ جَرَادًا:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ، ... إِذَا تَجاوَبَ مِنْ بُرْدَيْه تَرنِيمُ
بَرَدَاهُ: جَناحاه؛ يَقُولُ: تَضْرِبُ رِجْلاه جناحَيه فَيُسْمَعُ لَهُمَا صُوَيْتٌ كأَنه تَرْنيم. والقَطْفُ: ضَرْبٌ مِنْ مَشْيِ الْخَيْلِ، وَفَرَسٌ قَطُوف. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَبَيْنَا أَنا عَلَى جَمَلِي أَسِير وَكَانَ جَمَلِي فِيهِ قِطَاف
، وَفِي رِوَايَةٍ:
عَلَى جَمَلٍ لِي قَطُوفٍ
؛ القِطافُ: تقارُب الخَطْو فِي سُرْعة مِنَ القَطف وَهُوَ القَطع؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
رَكِب عَلَى فَرَسٍ لأَبي طَلحَة تَقْطُف
، وَفِي رِوَايَةٍ:
قَطُوفٍ
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَقْطَفُ القومِ دَابَّةَ أَمِيرُهم
أَي أَنهم يَسِيرُونَ بسَيْر دابَّته فيَتَّبعُونه كَمَا يُتَّبع الأَمير. والقَطْف: الخَدْشُ، وَجَمْعُهُ قُطُوفٌ. قَطَفَه يَقْطِفُه قَطْفاً وقَطَّفَه: خدَشه؛ قَالَ حَاتِمٌ:
سِلاحُك مَرْقَى فَمَا أَنت ضائرٌ ... عَدُوًّا، ولكنْ وَجْه مَوْلَاكَ تَقْطِفُ «2»
وأَنشد الأَزهري:
وهنَّ إِذَا أَبْصَرْنه مُتَبَذِّلًا، ... خَمَشْنَ وُجُوهاً حُرَّةً لَمْ تُقَطَّف
أَي لَمْ تُخَدَّش. وقَطَّفَ الماءَ فِي الخَمْر: قطَّره؛ قَالَ جرانُ العَوْد:
ونِلنا سُقاطاً مِن حَدِيثٍ كأَنه ... جَنَى النحلِ، فِي أَبْكارِ عُودٍ تُقَطَّفُ
والقِطْفَةُ، بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ، مِنَ السُّطَّاح: وَهِيَ بَقْلَةٌ رِبْعِية تسْلَنْطِح وتَطولُ وَلَهَا شَوْكٌ كالحَسَك، وجَوْفُه أَحْمر وَوَرَقُهُ أَغْبر. والقَطَفُ: بقْلة، وَاحِدَتُهَا قَطَفَةٌ. والقَطْفُ:
__________
(1) . قوله [وجمعها القَطَائِف والقراطف إلى قوله وفي الحديث] كذا بالأصل.
(2) . قوله [مرقى] كذا في الأصل براء، والذي في شرح القاموس بواو، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ همزها.(9/286)
نَبَاتٌ رَخْص عَرِيض الورَق يُطْبَخُ، الْوَاحِدَةُ قَطفة، يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ سَرْنك، كَذَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ القَطْف، بِالتَّسْكِينِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ القَطف، بِفَتْحِ الطَّاءِ، الْوَاحِدَةُ قَطَفَة، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ قَطَفَة. والقَطَفُ: ضَرب مِنَ العِضاه. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَطَف مِنْ شَجَرِ الْجَبَلِ وَهُوَ مِثْلُ شَجَرِ الإِجّاص فِي القَدْر، وَرَقَتُهُ خَضْراء مُعْرَضَّة حَمْرَاءُ الأَطراف خَشْناء، وَخَشَبُهُ صُلب مَتِينٌ. وقَطِيفٌ والقَطِيف جَمِيعًا: قَرْيَةٌ بِالْبَحْرَيْنِ، وَفِي الصِّحَاحِ: القَطِيفُ اسْمُ موضع.
قعف: القَعْفُ: شِدَّةُ الوَطْء واجْترافُ التُّرَابِ بِالْقَوَائِمِ، قَعَفَ يَقْعَفُ قَعْفاً؛ قَالَ:
يَقْعَفْنَ باعاً، كفَراش الغِضْرِمِ، ... مَظْلُومةً، وضاحِياً لَمْ يُظْلَمِ
الغِضْرم: الْمَاءُ. وقَعَفَ مَا فِي الإِناء: أَخذ جَمِيعَهُ واشْتَفَّه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: القَعْفُ لُغَةٌ فِي القَحْف، وَهُوَ اشْتِفافُك مَا فِي الإِناء أَجمع. والقَاعِفُ مِنَ الْمَطَرِ: الشديدُ مِثْلُ القاحِف. وسَيْل جُحاف وقُعاف وجُراف وقُحاف بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وقَعَفَ المطرُ الْحِجَارَةَ يَقْعَفُها: أَخذها بِشِدَّتِهِ وجَرفها. وَسَيْلٌ قُعَاف: كَثِيرُ الْمَاءِ يَذْهَبُ بِمَا يَمُرُّ بِهِ. وانْقَعَف الشَّيْءُ: انقَلَع مِنْ أَصله. وقَعَفْتُ النَّخْلَةَ: اقْتَلَعْتها مِنْ أَصلها. أَبو عُبَيْدٍ: انْقَعَفَ الجُرُف إِذَا انهارَ وانْقَعر؛ وأَنشد:
واقْتَعَفَ الجَلْمةَ مِنْهَا واقْتَثَثْ، ... فَإِنَّمَا تَقدَحُها لِمَنْ يَرِثْ «1»
قَوْلُهُ مِنْهَا أَي مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا؛ اقْتَعَفَ الجَلْمة أَي اقْتَلِعِ اللَّحْمَ بجُمْلته، وَقَوْلُهُ اقتَثَثَ أَي اجْتَثَّ، يُقَالُ: اقْتُثَّ واجْتُثَّ إِذَا قُلِعَ مِنْ أَصله، وانْقَعَصَ وانْقَعَفَ وانْغَرَفَ إِذَا مَاتَ. والقَعْفُ: السُّقوط فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: القَعْف سُقوط الْحَائِطِ. انْقَعَفَ الحائطُ: انقلَع مِنْ أَصله؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
شُدَّا عليَّ سُرَّتي لَا تَنْقَعِفْ، ... إِذَا مَشَيْتُ مِشْيةَ العَوْدِ النَّطِفْ
قفف: القُفَّة: الزَّبيل، والقُفَّة: قَرعة يَابِسَةٌ، وَفِي الْمُحْكَمِ: كهيْئةِ القَرْعَة تُتَّخذ مِنْ خُوصٍ وَنَحْوِهِ تَجْعَلُ فِيهَا المرأَةُ قُطنها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدًا عَلَى قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ القُفَّة القَرعة الْيَابِسَةُ لِلرَّاجِزِ:
رُبَّ عَجُوزٍ رأْسُها كالقُفَّهْ ... تَمْشي بخُفٍّ، مَعَهَا هِرْشَفَّهْ
وَيُرْوَى كالكُفّه.
وَيُرْوَى: تَحْمِلُ خُفًّا
، قَالَ أَبو عُبَيْدٍةَ: القُفْعة مِثْلُ القُفَّة مِنَ الْخُوصِ. قَالَ الأَزهري: ورأَيت الأَعراب يَقُولُونَ القُفعة القُفَّة وَيَجْعَلُونَ لَهَا مَعاليق يُعَلّقونها بِهَا مِنْ آخِرَةِ الرَّحْلِ، يُلْقِي الرَّاكِبُ فِيهَا زَادَهُ وَتَمْرَهُ، وَهِيَ مُدوَّرة كالقَرْعة، وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: وضَعي قُفَّتَكَ
؛ القُفَّة: شِبْهُ زَبيل صَغِيرٍ مِنْ خُوصٍ يُجْتَنى فِيهِ الرُّطب وتضَع فِيهِ النِّسَاءُ غَزْلَهُنَّ وَيُشَبَّهُ بِهِ الشَّيْخُ وَالْعَجُوزُ. والقُفَّة: الرَّجُلُ الْقَصِيرُ الْقَلِيلُ اللَّحْمِ. وَقِيلَ: القُفَّة الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الْقَصِيرُ الْقَلِيلُ اللَّحْمِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ شَيْخٌ كالقُفَّة وَعَجُوزٌ كالقُفَّةِ؛ وأَنشد:
كلُّ عَجُوزٍ رأْسُها كالقُفَّهْ
واسْتَقَفَّ الشَّيْخُ: تَقَبَّض وَانْضَمَّ وَتَشَنَّجَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
رَقِيقَةَ: فأَصْبَحْتُ مَذْعورة وقد قَفَ
__________
(1) . قوله [تقدحها] كذا في الأصل بقاف، والذي في شرح القاموس: تكدحها بكاف.(9/287)
جِلْدِي
أَي تَقَبَّض كأَنه يَبس وتَشَنَّج، وَقِيلَ: أَرادت قَفَّ شَعْرِي فَقَامَ مِنَ الفزَع؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَقَدْ تَكَلَّمْتَ بِشَيْءٍ قَفَّ لَهُ شَعْرِي.
والقُفَّة: الشَّجَرَةُ الْيَابِسَةُ الْبَالِيَةُ، يُقَالُ: كَبِرَ حَتَّى صَارَ كأَنه قُفّة. الأَزهري: القُفَّة شَجَرَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ تَرْتَفِعُ عَنِ الأَرض قَدْرَ شِبْرٍ وَتَيْبَسُ فَيُشَبَّهُ بِهَا الشَّيْخُ إِذَا عَسَا فَيُقَالُ: كأَنه قُفَّة.
وَرُوِيَ عَنْ أَبي رَجاء العُطارِديّ أَنه قَالَ: يأْتونني فيَحْمِلونني كأَنني قُفَّة حَتَّى يَضَعُوني فِي مَقام الإِمام، فأَقرأُ بِهِمُ الثَّلَاثِينَ والأَربعين فِي رَكْعَةٍ
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: كَبِرَ حَتَّى صَارَ كأَنه قُفَّة أَي شَجَرَةٌ بَالِيَةٌ يَابِسَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَجَائِزٌ أَن يُشَبَّهَ الشَّيْخُ بقُفَّةِ الْخُوصِ. وَحَكَى ابْنُ الأَثير: القَفَّة الشَّجَرَةُ، بِالْفَتْحِ، والقُفَّة: الزَّبيل، بِالضَّمِّ. وقَفَّتِ الأَرض تَقِفُّ قَفّاً وقُفوفاً: يَبِسَ بَقْلُهَا، وَكَذَلِكَ قَفَّ البَقل. والقَفُّ والقَفِيفُ: مَا يَبِسَ مِنَ الْبَقْلِ وَسَائِرِ النَّبْتِ، وَقِيلَ مَا تَمَّ يُبْسُهُ مِنْ أَحرار الْبُقُولِ وَذُكُورِهَا؛ قَالَ:
صافَتْ يَبيساً وقَفِيفاً تَلْهَمُهْ
وَقِيلَ: لَا يَكُونُ القَفُّ إِلَّا مِنَ البقْل والقَفْعاء، وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَفْعَاءِ فَبَعْضٌ يبَقِّلها وَبَعْضٌ يُعَشِّبُها؛ وكلُّ مَا يَبِسَ فَقَدْ قَفَّ. وَقَالَ الأَصمعي: قَفَّ العُشب إِذَا اشْتَدَّ يُبْسه. يُقَالُ الإِبل فِيمَا شَاءَتْ مِنْ جَفيف وقَفِيف. الأَزهري: القَفّ، بِفَتْحِ الْقَافِ، مَا يَبس مِنَ البُقول وَتَنَاثَرَ حَبُّهُ وَوَرَقُهُ فَالْمَالُ يَرْعَاهُ ويَسْمَنُ عَلَيْهِ، يُقَالُ: لَهُ القَفّ والقَفِيف والقَمِيم. وَيُقَالُ لِلثَّوْبِ إِذَا جَفَّ بَعْدَ الغَسل: قَدْ قَفَّ قُفُوفاً. أَبو حَنِيفَةَ: أَقَفَّتِ السائمةُ وَجَدَتِ الْمَرَاعِيَ يَابِسَةً، وأَقَفَّتْ عينُ الْمَرِيضِ إِقْفَافاً وَالْبَاكِي: ذَهَبَ دمعُها وَارْتَفَعَ سَوَادُهَا. وأَقَفَّتِ الدَّجَاجَةُ إِقْفَافاً، وَهِيَ مُقِفٌّ: انْقَطَعَ بَيْضُهَا، وَقِيلَ: جَمَعت الْبَيْضَ فِي بَطْنِهَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَقَفَّتِ الدَّجَاجَةُ إِذَا أَقطعت وَانْقَطَعَ بَيْضُهَا. والقَفَّة مِنَ الرِّجَالِ، بِفَتْحِ الْقَافِ: الصَّغِيرُ الجُثَّة الْقَلِيلُ. والقُفَّة: الرِّعدة، وَعَلَيْهِ قُفَّةٌ أَي رِعدة وقُشَعْريرة. وقَفَّ يَقِفُّ قُفُوفاً: أَرْعَدَ واقْشَعَرَّ. وقَفَّ شَعْرِي أَي قَامَ مِنَ الفزَع. الْفَرَّاءُ: قَفَّ جِلْدُهُ يَقِفُّ قُفُوفاً يُرِيدُ اقْشَعَرَّ؛ وأَنشد:
وَإِنِّي لَتَعْرُوني لذِكْراكِ قُفَّةٌ، ... كَمَا انْتَفَضَ العُصعفُور مِنْ سَبَل القَطْرِ
وَفِي حَدِيثِ
سَهْلِ بْنِ حُنَيْف: فأَخذته قَفْقَفَة
أَي رِعْدة. يُقَالُ: تَقَفْقَفَ مِنَ البَرد إِذَا انْضَمَّ وَارْتَعَدَ. وقُفُّ الشَّيْءِ: ظَهْرُه. والقُفَّة والقُفُّ: مَا ارْتَفَعَ مِنْ مُتون الأَرض وصلُبت حِجَارَتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ كَالْغَبِيطِ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ النَشْزَيْن وَهُوَ مَكْرَمة، وَقِيلَ: القُفُّ أَغلظ مِنَ الجَرْم والحَزْن، وَقَالَ شَمِرٌ: القُفُّ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض وَغَلُظَ وَلَمْ يَبْلُغْ أَن يَكُونَ جَبَلًا. والقَفْقَفَة: الرِّعدة مِنْ حُمَّى أَو غَضَبٍ أَو نَحْوِهِ، وَقِيلَ: هِيَ الرِّعْدة مَغْمُوماً، وَقَدْ تَقَفْقَفَ وقَفْقَفَ؛ قَالَ:
نِعْمَ ضَجِيعُ الْفَتَى، إِذَا بَرَدَ الليلُ ... سُحَيْراً، فقَفْقَفَ الصُّرَدُ
وسُمع لَهُ قَفْقَفَةٌ إِذَا تَطَهّر فسُمع لأَضراسه تَقَعْقُع مِنَ الْبَرْدِ. وَفِي حَدِيثِ
سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ هِشَامٍ أَخذته قَفْقَفَةٌ
؛ اللَّيْثُ: القَفقفة اضْطِرَابُ الْحَنَكَيْنِ واصْطِكاك الأَسْنان مِنَ الصرْدِ أَو مِنْ(9/288)
نافِضِ الحُمَّى؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
قَفْقَاف أَلحِي الواعِساتِ العُمَّه «2»
الأَصمعي: تَقَفْقَف مِنَ الْبَرْدِ وتَرَفْرف بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ: القُفَّة رِعْدة تأْخذ مِنَ الحُمَّى. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: القُفُّ حِجَارَةٌ غاصٌّ بعضُها بِبَعْضٍ مُترادِف بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ حُمْرٌ لَا يُخَالِطُهَا مِنَ اللِّين وَالسُّهُولَةِ شَيْءٌ، وَهُوَ جَبَلٌ غَيْرُ أَنه لَيْسَ بِطَوِيلٍ فِي السَّمَاءِ فِيهِ إِشْرَافٌ عَلَى مَا حَوْلَهُ، وَمَا أَشرف مِنْهُ عَلَى الأَرض حِجَارَةٌ، تَحْتَ الْحِجَارَةِ أَيضاً حِجَارَةٌ، وَلَا تُلْقَى قُفّاً إِلَّا وَفِيهِ حِجَارَةٌ متقلِّعةٌ عِظام مِثْلَ الإِبل البُروك وأَعْظم وصِغار، قَالَ: ورُبّ قُفّ حِجَارَتُهُ فَنَادِيرُ أَمثال الْبُيُوتِ، قَالَ: وَيَكُونُ فِي القُفِّ رِياض وَقِيعَانٌ، فَالرَّوْضَةُ حِينَئِذٍ مِنَ الْقُفِّ الَّذِي هِيَ فِيهِ وَلَوْ ذهبْت تَحْفِرُ فِيهِ لغَلبتك كَثْرَةُ حِجَارَتِهَا، وَهِيَ إِذَا رأَيتها رأَيتها طِينًا وَهِيَ تُنبت وتُعشِب، قَالَ: وَإِنَّمَا قُفُّ القفِّ حِجَارَتُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وقُفّ أَقْفَافٍ ورَمْلٍ بَحْوَنِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وقِفَافُ الصَّمَّانِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَهِيَ بِلَادٌ عَرِيضَةٌ واسِعة فِيهَا رِياض وقِيعان وسُلْقان كَثِيرَةٌ، وَإِذَا أَخصبت رَبَّعت الْعَرَبُ جَمِيعًا لسعَتها وَكَثْرَةِ عُشب قِيعانها، وَهِيَ مِنْ حُزون نَجْدٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رأْس الْبِئْرِ وَقَدْ تَوَسَّط قُفّها
؛ قُفُّ الْبِئْرِ: هُوَ الدَّكَّة الَّتِي تُجْعل حَوْلَهَا. وأَصل القُفِّ مَا غلُظ مِنَ الأَرض وَارْتَفَعَ، أَو هُوَ مِنَ القَفِّ الْيَابِسِ لأَنَّ مَا ارْتَفَعَ حَوْلَ الْبِئْرِ يَكُونُ يَابِسًا فِي الْغَالِبِ. والقُفّ أَيضاً: وادٍ مِنْ أَودية الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ مَالٌ لأَهلها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاوِيَةَ: أُعيذك بِاللَّهِ أَن تَنْزِلَ وَادِيًا فتدَع أَوله يَرِفُّ وآخِرَه يَقِفُ
أَي يَيْبَس، وَقِيلَ: القُفُّ آكَامٌ ومَخارِمُ وبِراق، وَجَمْعُهُ قِفَاف وأَقْفَاف؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ. وَقَالَ فِي بَابِ مَعْدُولِ النَّسَبِ الَّذِي يَجِيءُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ: إِذَا نَسَبْتَ إِلَى قِفَاف قُلْتَ قُفِّيٌّ، فَإِنْ كَانَ عَنَى جَمْعَ قُفّ فَلَيْسَ مِنْ شَاذِ النِّسَبِ إِلَّا أَن يَكُونَ عَنَى بِهِ اسْمَ مَوْضِعٍ أَو رَجُلٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِذَا نَسَبْتَ إِلَيْهِ قُلْتَ قِفافي لأَنه لَيْسَ بِجَمْعٍ فَيُرَدُّ إِلَى وَاحِدٍ لِلنَّسَبِ. والقِفَّةُ، بِالْكَسْرِ: أَوَّل مَا يَخْرُجُ مِنَ بَطْنِ الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ: اللَّيْثُ: القُفَّة بُنّة الفأْس؛ قَالَ الأَزهري: بُنّة الفأْس أَصلها الَّذِي فِيهِ خُرْتها الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ فَعَّالها، وَالْقُفَّةُ: الأَرنب؛ عَنْ كُرَاعٍ،. وقَيْسُ قُفَّةَ: لَقَبٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يَكُونُ فِي قُفَّةَ التَّنْوِينُ لأَنك أَردت الْمَعْرِفَةَ الَّتِي أَردتها حِينَ قُلْتَ قَيْسُ، فَلَوْ نَوَّنْتَ قُفَّة كَانَ الِاسْمُ نَكِرَةً كأَنك قُلْتَ قُفَّة مَعْرِفَةٌ ثُمَّ لَصقت قَيْسًا إِلَيْهَا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا. والقُفَّانِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ البُرْجميّ:
خَرَجْنا مِنَ القُفَّينِ، لَا حَيّ مِثْلنا، ... بِآيَتِنَا نُزْجي اللِّقاح المَطافِلا
والقَفَّانُ: الْجَمَاعَةُ. وقَفَّانُ كُلِّ شَيْءٍ: جُمّاعُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَن حُذَيْفَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ لَهُ: إِنَّكَ تَسْتَعِينُ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ فَقَالَ: إِنِّي لأَستعين بِالرَّجُلِ لِقُوَّتِهِ ثُمَّ أَكون عَلَى قَفَّانه
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَفَّان كُلِّ شَيْءٍ جُمّاعه واستقصاء معرفته، يقول: أَكون عَلَى تَتَبُّعِ أَمره حَتَّى أَستَقصِيَ عِلْمَهُ وأَعرفه، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَا أَحسب هذه الكلمة عربية إنما أَصلها قَبَّان، ومنه قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ قبّانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذَا كَانَ
__________
(2) . قوله [الواعسات] كذا في الأصل بالواو ولعله بالراء.(9/289)
بِمَنْزِلَةِ الأَمين عَلَيْهِ وَالرَّئِيسِ الَّذِي يتتَبع أَمره وَيُحَاسِبُهُ، وَلِهَذَا قِيلَ لِلْمِيزَانِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ القَبّان قَبّان. قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ أَتيته عَلَى قَفَّان ذَلِكَ وَقَافِيَتِهِ أَي عَلَى أَثره، وَقِيلَ فِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَنَّهُ يَقُولُ: أَستعين بِالرَّجُلِ الْكَافِي الْقَوِيُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ الثقةِ، ثُمَّ أَكون مِنْ وَرَائِهِ وَعَلَى إِثْرِهِ أَتَتَبَّع أَمره وأَبحث عَنْ حَالِهِ، فَكِفَايَتُهُ لِي تَنْفَعُنِي ومُراقبتي لَهُ تَمْنَعُهُ مِنَ الْخِيَانَةِ.
وقَفَّانٌ: فَعَّالٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي القَفا القَفَنّ، وَمَنْ جَعَلَ النُّونَ زَائِدَةً فَهُوَ فَعْلان، قَالَ: وذكره الهروي والأَزهري فِي قفف عَلَى أَن النُّونَ زَائِدَةٌ، وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي قفن، وَقَالَ: القَفَّان القَفا وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ: هو معرَّب قَبَّان الذي يُوزَنُ بِهِ. وَجَاءَ عَلَى قَفَّان ذَلِكَ أَي عَلَى أَثره. والقَفَّاف: الَّذِي يَسرِق الدَّرَاهِمَ بَيْنَ أَصابعه، وَقَدْ قَفَّ يَقُفُّ، وأَهل الْعِرَاقِ يَقُولُونَ للسُّوقي الَّذِي يَسرِق بِكَفَّيْهِ إِذَا انْتَقَدَ الدَّرَاهِمَ: قَفَّاف. وَقَدْ قَفَّ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا؛ وَقَالَ:
فَقَفَّ، بِكَّفِّه، سَبْعِينَ مِنْهَا ... مِنَ السُّود المُرَوَّقةِ الصِّلابِ
وَفِي الْحَدِيثِ
أَن بَعْضَهُمْ ضَرَبَ مَثَلًا فَقَالَ: إِنَّ قَفَّافاً ذَهَبَ إِلَى صَيرَفيّ بِدَرَاهِمَ
؛ القَفَّافُ: الَّذِي يَسْرِق الدَّرَاهِمَ بِكَفِّهِ عِنْدَ الِانْتِقَادِ. يُقَالُ: قَفَّ فُلَانٌ دِرْهماً. والقَفَّان: القرسْطون؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ لَا وَضْعَ لَهُ فِي الْعَجَمِيَّةِ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ فِيهِ النُّونُ زَائِدَةً لأَن مَا فِي آخِرِهِ نُونٌ بَعْدَ أَلِفٍ فَإِنَّ فَعْلاناً فِيهِ أَكثر مِنْ فَعَّال.
وقدِم وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَنْ أَنتم؟ فَقَالُوا: بَنُو غَيّانَ، فَقَالَ: بَلْ بَنُو رَشْدان
، فَلَوْ تَصَوَّرَتْ عِنْدَهُ غَيّان فَعَّالًا مِنَ الْغَيْنِ وَهُوَ النُّو «1» وَالْعَطَشُ لَقَالَ بَنُو رَشَّاد، فَدَلَّ قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن فَعْلاناً مِمَّا آخِرُهُ نُونٌ أَكثر مِنْ فَعَّالٍ مِمَّا آخِرُهُ نُونٌ. وأَما الأَصمعي فَقَالَ: قَفَّان قپَّان بالپاء الَّتِي بَيْنَ الْبَاءِ وَالْفَاءِ، أُعربت بِإِخْلَاصِهَا فَاءً، وَقَدْ يَجُوزُ إِخْلَاصُهَا بَاءً لأَن سِيبَوَيْهِ قَدْ أَطلق ذَلِكَ في الپاء الَّتِي بَيْنَ الْفَاءِ وَالْبَاءِ. وقَفْقَفَا الظَّلِيم: جَنَاحَاهُ؛ وَقَوْلُ ابْنُ أَحمر يَصِفُ الظَّلِيم وَالْبَيْضَ:
فَظَلَّ يَحُفُّهنَّ بِقَفْقَفَيْه، ... ويَلْحَفُهنَّ هَفْهافاً ثَخِينا
يَصِفُ ظَلِيمًا حَضَنَ بَيْضَهُ وقَفْقَفَ عَلَيْهِ بِجَنَاحَيْهِ عِنْدَ الحِضان فَيُرِيدُ أَنه يحُفُّ بَيْضَهُ وَيَجْعَلُ جَنَاحَيْهِ لَهُ كَاللِّحَافِ وَهُوَ رَقِيقٌ مَعَ ثِخَنِهِ. وقَفْقَفَا الطَّائِرِ: جَنَاحَاهُ. والقَفْقَفَان: الفَكَّان. وقَفْقَفَ النَّبْتُ وتَقَفْقَفَ وهو قَفْقَاف: يبس.
قلف: القُلْفَة، بِالضَّمِّ: الغُرلة؛ أَنشد أَبو الْغَوْثِ:
كأَنَّما حِثْرِمةُ بنِ غابِنِ ... قُلْفَةُ طِفْلٍ، تَحتَ مُوسى خاتنِ
ابْنُ سِيدَهْ: القُلْفَة والقَلَفَة جِلْدَةُ الذَّكَرِ الَّتِي أُلبِسَتها الحشَفة، وَهِيَ الَّتِي انْقَطَعَ مِنْ ذَكَرِ الصَّبِيِّ. وَرَجُلٌ أَقْلَفُ بيِّن القلَف: لَمْ يُختَن. والقَلَف: مَصْدَرُ الأَقْلَف، وَقَدْ قَلِف قَلَفاً. والقَلْفُ، بِالْجَزْمِ: قَطْعُ القُلْفَة وَاقْتِلَاعُ الظُّفر مِنْ أَصلها؛ وأَنشد:
يَقْتَلِفُ الأَظْفارَ عَنْ بَنانِه
الْجَوْهَرِيُّ: وقَلَفَها الْخَاتِنُ قَلْفاً قطَعها، قَالَ: وَتَزْعُمُ الْعَرَبُ أَن الْغُلَامَ إِذَا وُلِدَ فِي القمْراء فَسحَت قُلْفَته
__________
(1) . قوله [النو] كذا بالأصل.(9/290)
فَصَارَ كَالْمَخْتُونِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ وَقَدْ كَانَ دَخَلَ مَعَ قَيْصَرَ الْحَمَّامَ فَرَآهُ أَقْلَف:
إِنِّي حَلَفْتُ يَميناً غيرَ كَاذِبَةٍ: ... لأَنت أَقْلَفُ، إِلَّا مَا جَنَى القَمَرُ
إِذَا طَعَنْت بِهِ، مالَتْ عِمامَتُه، ... كَمَا تجَمَّع تحتَ الفَلْكةِ الوَبَرُ
والقَلَفَةُ، بِالتَّحْرِيكِ، مِنَ الأَقْلَف كالقَطَعَةِ مِنَ الأَقطع، وقَلَفَ الشَّجَرَةَ: نزَع عَنْهَا لِحاءها؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
قلَفْت الحَصَى عَنْهُ الَّذِي فوقَ ظَهْره ... بأَحْلامِ جُهَّالٍ، إِذَا مَا تَغَضَّفُوا
وقَلَف الدَّنَّ يَقْلِفُه قَلفْاً، فَهُوَ مَقْلوف وقَليف: نَزَعَ عَنْهُ الطِّينَ. ابْنُ بَرِّيٍّ: القَلِيف دَنُّ الْخَمْرِ الَّذِي قُشر عَنْهُ طِينُهُ؛ وأَنشد:
وَلَا يُرى فِي بَيْتِهِ القَلِيفُ
وقَلَفَ الشرابُ: أَزْبد.
وسُمِع أَحمد بن صالح يقول فِي حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ الْعَصِيرَ مَا لَمْ يَقْلِفْ، قَالَ: مَا لَمْ يُزْبِدْ.
قَالَ الأَزهري: أَحمد بْنُ صَالِحٍ صَاحِبُ لُغَةٍ إِمَامٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ. والقِلْفُ والقُلافَة: القِشْر. والقِلْف: قِشر الرُّمان. وقَلَفَ الشيءَ قَلْفاً: كقَلَبه قلْباً؛ عَنْ كُرَاعٍ. والقُلْفَتَانِ: طرَفا الشَّارِبَيْنِ مِمَّا يَلِي الصِّماغين. وَشَفَةٌ قَلِفَة: فِيهَا غِلَظ. وَسَيْفٌ أَقْلَفُ: لَهُ حَدٌّ وَاحِدٌ وَقَدْ حُزِّزَ طَرف ظُبَتِه. وَعَامٌ أَقْلَف: مُخْصب كَثِيرُ الْخَيْرِ. وَعَيْشٌ أَقْلَف: نَاعِمٌ رَغَد. وقَلَفَ السَّفِينَةَ: خَرَزَ أَلواحها بِاللِّيفِ وَجَعَلَ فِي خَلَلِها القارَ. والقَلِيفُ: جِلال التَّمْرِ، وَاحِدَتُهَا قَلِيفَة؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَقَالَ كُرَاعٌ: القَلِيف الجُلَّةُ الْعَظِيمَةُ. النَّضْرُ: القِلْف الجِلال الْمَمْلُوءَةُ تَمْرًا، كلُّ جُلَّةٍ مِنْهَا قِلْفَة، وَهِيَ المَقْلُوفَة أَيضاً. وَثَلَاثُ مَقْلُوفَات: كُلُّ جُلَّة مَقْلُوفَة، وَهِيَ الْجِلَالُ الْبَحْرَانِيَّةُ. واقْتَلَفْت مِنْ فُلَانٍ أَربع قِلْفَات وأَربع مَقْلُوفَات: وَهُوَ أَن تأْتي الجُلَّةَ عِنْدَ الرَّجُلِ فتأْخذها بقوله مِنْهُ وَلَا تَكِيلها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
لَا يأْكلُ البَقْلَ وَلَا يَرِيفُ، ... وَلَا يُرَى فِي بيتِه القَلِيفُ
ابْنُ بَرِّيٍّ: والقَلِيف التَّمْرُ الْبَحْرِيُّ يَتَقَلَّفُ عَنْهُ قِشْرُهُ، قَالَ: والقَلِيف مَا يُقْلَفُ مِنَ الْخُبْزِ أَي يُقَشَّرُ. قَالَ: والقَلِيف أَيضاً يَابِسُ الْفَاكِهَةِ. والقَلِيف: الذَّكَرُ الَّذِي قُطِعَتْ قُلْفته. والقِلْفَة، بِالْكَسْرِ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ أَخضر لَهُ ثَمَرَةٌ صَغِيرَةٌ وَالْمَالُ حَرِيصٌ عَلَيْهَا، يَعْنِي بِالْمَالِ الإِبل. والقِلَّف: لُغَةٌ فِي القِنَّفِ. قَالَ أَبو مَالِكٍ: القِلَّف والقِنَّف وَاحِدٌ وَهُوَ الغِرْيَنُ واليَفَنُ إِذَا يَبِسَ، وَيُقَالُ لَهُ غِرْيَنٌ إِذَا كَانَ رَطْباً وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِثْلُهُ حِمَّص وقِنَّب. وَرَجُلٌ خِنَّبٌ: طَوِيلٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: القِلَّف يابس طين الغِرْيَن.
قلعف: اقْلَعَفَّ الشيءُ اقْلِعْفَافاً: تَقَبَّض. واقْلَعَفَّت أَنامله: تشَنَّجت مِنْ بَرْد أَو كِبَر. واقْلَعَفَّ الشيءَ: مَدَّه ثُمَّ أَرسله فَانْضَمَّ. واقْفَعَلَّت أنامِله: كاقْلَعَفَّت، وَقِيلَ: المُقْفَعِلّ المُتَشَنِّج مِنْ بَرْد أَو كِبَر فلم يُخص به الأَنامل. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ يَتَمَدَّدُ ثُمَّ يَنْضَمُّ إِلَى نفْسه وَإِلَى شَيْءٍ: قَدِ اقْلَعَفَّ إِلَيْهِ. الأَزهري: وَالْبَعِيرُ إِذَا ضَرَبَ النَّاقَةَ فَانْضَمَّ إِلَيْهَا يَقْلَعِفُّ فَيَصِيرُ عَلَى عُرْقوبيه مُعتمداً عَلَيْهِمَا، وَهُوَ(9/291)
فِي ضِرَابِهِ يُقَالُ اقْلَعَفَّها، قَالَ: وَهَذَا لَا يُقلب. قَالَ الأَزهري: قَالَ النَّضْرُ: يُقَالُ لِلرَّاكِبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَرْكَبٍ وَطِيءٍ مُتَقَلْعِف.
قنف: القَنَفُ: عِظَمُ الأُذن وَإِقْبَالُهَا عَلَى الْوَجْهِ وَتَبَاعُدُهَا مِنَ الرأْس، وَقِيلَ: انْثِنَاءُ طرَفها وَاسْتِلْقَاؤُهَا عَلَى ظَهْرِ الأُخرى، وَقِيلَ: انْثِنَاءُ أَطرافها عَلَى ظَاهِرِهَا، وَقِيلَ: انْتِشَارُ الأُذنين وَإِقْبَالُهُمَا عَلَى الرأْس، وَقِيلَ: صِغَرُهَا وَلُصُوقُهَا بالرأْس، أُذن قَنْفَاء. غَيْرُهُ: القَنَف صِغَرُ الأُذنين وغِلَظُهما، وَقِيلَ: عِظَم الأُذن وَانْقِلَابُهَا، وَالرَّجُلُ أَقْنَف والمرأَة قَنْفَاء. ابْنُ سِيدَهْ: والقَنَفُ فِي الشَّاةِ انْثِنَاءُ أُذنها إِلَى رأْسها حَتَّى يَظْهَرَ بَطْنُهَا؛ وَقِيلَ: القَنَفُ فِي أُذن الإِنسان انْثِنَاؤُهَا وَفِي أُذن المِعْزى غِلَظُهَا كأَنها رأْس نَعْل مَخْصُوفَةٍ، وَهِيَ أُذن قَنْفَاء، وَمِنَ الإِنسان إِذَا كَانَتْ لَا أُطُرَ لَهَا. وأَقْنَفَ الرَّجُلُ إِذَا اسْتَرْخَتْ أُذنه. وأَقْنَفَ الرَّجُلُ واسْتَقْنَفَ: اجْتَمَعَ لَهُ رأْيه وأَمره فِي مَعَاشِهِ، وكمرَة قَنْفَاء عَلَى التَّشْبِيهِ؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
وأُمّ مَثْوايَ تُدرِّي لِمَّتي، ... وتَغْمِزُ القَنْفَاء ذَاتَ الفرْوةِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الرَّجَزُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ: وتمْسَحُ القَنْفَاء، قَالَ: وَصَوَابُهُ وَتَغْمِزُ القَنْفَاء، قَالَ: وَفَسَّرَهُ الْجَوْهَرِيُّ بأَنه الذَّكَرُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والقَنْفَاء لَيْسَتْ مِنْ أَسماء الذَّكَرِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ أَسماء الكمَرة، وَهِيَ الحَشَفة والفَيْشة والفَيْشَلة، وَيُقَالُ لَهَا ذاتُ الحُوق، والحُوقُ: إطارُها المُطِيف بِهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
غَمْزَكَ بالقَنْفاء ذاتِ الحُوقِ، ... بَيْنَ سِماطَيْ رَكَبٍ مَحْلوقِ
وأَنشد الأَخفش:
قَدْ وَعَدَتْني أُمُّ عَمْرو أَن تَا ... تَمْسح رأْسي وتُفَلِّيني وَا
وتَمْسَح القَنْفَاء حَتَّى تَنْتا
أَرَادَ حَتَّى تنتأَ فَخَفَّفَ وأَبدل، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. اللَّيْثُ وَذَكَرَ قِصَّةً لهمَّام بْنِ مُرّة وبناتِه يَفْحُش ذِكْرُهَا فَلَمْ يَذْكُرْهَا. الأَزهري: والأَقْنَف الأَبيض الْقَفَا مِنَ الْخَيْلِ. وَفَرَسٌ أَقْنَف: أَبيض الْقَفَا وَلَوْنُ سَائِرِهِ مَا كَانَ، وَالْمَصْدَرُ القَنَف. والقُنَافُ والقِنَافُ: الْكَبِيرُ الأَنف. وَرَجُلٌ قُنَافٌ وقِنَاف: ضَخْمُ الأَنف، وَقِيلَ: عَظِيمُ الرأْس وَاللِّحْيَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ الْجِسْمِ الْغَلِيظُهُ. والقَنِيبُ والقَنِيفُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَفِي الصِّحَاحِ: جماعاتُ النَّاسِ، وَجَمْعُهُ قُنُف. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ السِّيرَافِيِّ: القَنِيف الطَّيْلَسان؛ وأَنشد لِقَيْسِ بْنِ رِفاعة:
إنْ تَرَيْنا قُلَيِّلين كما ذيدَ ... عَنِ المُجْرِبين ذَوْدٌ صِحاحُ،
فَلَقَدْ نَنْتَدِي، ويَجْلِسُ فِينَا ... مَجْلِسٌ كالقَنِيفِ فَعْمٌ رَداحُ
وَيُقَالُ: اسْتَقْنَفَ الْمَجْلِسُ إِذَا اسْتَدَارَ. والقَنِيف: السَّحَابُ ذُو الْمَاءِ الْكَثِيرِ. وَمَرَّ قَنِيفٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي قِطعة مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. والقِنَّفُ: مَا يَبِس مِنَ الغَدير فتَقَلَّع طِينُهُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: القِنَّفُ والقِلَّفُ مَا تَطَايَرَ مِنْ طِينِ السَّيْلِ عَنْ وَجْهِ الأَرض وتشقَّقَ. أَبو عَمْرٍو: القَنَفُ واللَّخْنُ الْبَيَاضُ الَّذِي عَلَى جُرْدان الحمار. وقُنَافَةُ: اسم.
قنصف: القِنْصِفُ: طُوطُ البَرْديِّ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ البرديُّ إذا طال.(9/292)
قوف: قُوفُ الرَّقَبَةِ وقُوفَتُها: الشَّعَرُ السَّائِلُ فِي نُقْرتها. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ خُذْ بقُوف قَفاه وبقُوفَة قَفَاهُ وبقَافِيةِ قَفاه وَبِصُوفِ قَفاه وَصُوفَتِهِ وبظَليفه وبصَلِيفه وبصَلِيفَتِه كُلُّهُ بِمَعْنَى قَفَاهُ. أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ أَخذته بِقُوفِ رَقَبَتِهِ وَصُوفِ رَقَبَتِهِ أَي أَخذته كُلَّهُ، وَقِيلَ: أَخذت بِقُوفِ رَقَبَتِهِ وَقَافِ رَقَبَتِهِ وَصُوفِ رَقَبَتِهِ؛ مَعْنَاهُ أَن يأْخذ بِرَقَبَتِهِ جَمْعاء، وَقِيلَ يأْخذ بِرَقَبَتِهِ فيعْصِرها؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
نَجَوْتَ بقُوفِ نَفْسِكَ. غَيْر أَني ... إخالُ بأَنْ سَيَيْتَمُ أَو تَئيمُ
أَي نَجَوْتَ بِنَفْسِكَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَي سَيَيْتَمُ ابْنُكَ وتَئيم زَوْجَتُكَ، قَالَ: وَالْبَيْتُ غُفل لَا يُعْرَفُ قَائِلُهُ. وقُوفُ الأُذن: أَعْلاها، وَقِيلَ: قُوف الأُذن مُسْتدار سَمِّها. والقَائِفُ: الَّذِي يَعرف الْآثَارَ، وَالْجَمْعُ القَافَةُ. يُقَالُ: قُفْت أَثره إِذَا اتَّبعْته مِثْلَ قَفَوْت أَثَره؛ وَقَالَ الْقُطَامِيُّ:
كذَبْت عَلَيْكَ لَا تَزالُ تَقُوفُني، ... كَمَا قَافَ آثارَ الوَسِيقةِ قَائِفُ
فأغْراه بنفْسه أَي عَلَيْكَ بِي. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للأَسْود بْنِ يَعْفُر. وَحَكَى أَبو حَاتِمٍ عَنِ الأَصمعي: أَن قَوْلَهُ لَا تَزَالُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى تَقْدِيرِ أَن تَقْدِيرَهُ أَن لَا تَزَالَ، فَلَمَّا سَقَطَتْ أَن ارْتَفَعَ الْفِعْلُ وَجَعَلَهُ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ كذَب عَلَيْكَ الْحَجُّ، وَكَذَبَ زَائِدَةٌ، وَكَذَلِكَ كَذَبْتُ فِي الْبَيْتِ زَائِدَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَهَذَا قَوْلُ الأَصمعي، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ كَذَبَ. وَيُقَالُ: هُوَ أَقْوف النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن مُجَزِّزاً كَانَ قَائِفاً
؛ القَائِف الَّذِي يتَتبع الْآثَارَ وَيَعْرِفُهَا وَيَعْرِفُ شبَه الرَّجُلِ بأَخيه وأَبيه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يقُوف الأَثر ويَقْتَافُه قِيَافَة مِثْلَ قَفَا الأَثر وَاقْتَفَاهُ. ابْنُ سِيدَهْ: قَافَ الأَثر قِيَافَة واقْتَافَه اقْتِيَافاً وقَافَه يَقُوفُه قَوْفاً وتَقَوَّفُه تتَبَّعه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
مُحَلًّى بأَطواق عِتاق يَبينُها، ... عَلَى الضَّزْنِ، أَغْبى الضأْن، لَوْ يَتَقَوَّفُ
الضَّزْنُ هُنَا: سُوء الْحَالِ مِنَ الْجَهْلِ؛ يَقُولُ: كرمُه وَجُودُهُ يَبِينُ لِمَنْ لَا يَفْهَمُ الخَبر فَكَيْفَ مَنْ يَفْهَمُ؟ وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى شَبَهِ الْوَلَدِ بأَبيه: قَائِف، والقِيَافَة: المَصْدر. وَفُلَانٌ يَتَقَوَّفُ عليَّ مَالِي أَي يَحْجُر عَلَيَّ فِيهِ، وَهُوَ يَتَقَوَّفُنِي فِي الْمَجْلِسِ أَي يأْخذ عَلَيَّ فِي كَلَامِي، وَيَقُولُ قُلْ كَذَا وَكَذَا. والقَفْوُ: القَذْف، والقَوْف مِثْلُ القَفْو؛ وأَنشد:
أَعوذُ بِاللَّهِ الجَلِيل الأَعْظمِ ... مِنْ قَوْفِيَ الشَّيْءَ الَّذِي لَمْ أَعلمِ
والقَاف: حَرْفُ هِجَاءٍ، وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ، يَكُونُ أَصلًا لَا بَدَلًا وَلَا زَائِدًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن مَجَازَ قَافَ مَجاز الْحُرُوفِ الَّتِي تَكُونُ فِي أَوائل السُّوَرِ نَحْوَ: ن، والر*؛ وَقِيلَ: مَعْنَى ق قُضِي الأَمر، كَمَا قِيلَ حم*، حُمَّ الأَمر؛ وَجَاءَ فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ أَن قَافاً جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا مِنْ يَاقُوتَةٍ خَضْراء، وأَن السَّمَاءَ بَيْضَاءُ وَإِنَّمَا اخضرَّت مِنْ خُضْرته؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَضَيْنَا أَنَّ أَلفها مِنَ الْوَاوِ لأَن الأَلف إِذَا كَانَتْ عَيْنًا فَإِبْدَالُهَا مِنَ الْوَاوِ أَكثر مِنْ إِبْدَالِهَا مِنَ الْيَاءِ، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الكاف
كأف: أَكْأَفَت النَّخْلَةُ: انْقَلَعَت مِنْ أَصلها؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وأَبدلوا فَقَالُوا أَكْعَفَتْ.(9/293)
كتف: الكَتِفُ والكِتْفُ مِثْلُ كَذِبٍ وكِذْبٍ: عَظْمٌ عَرِيضٌ خَلْفَ المَنْكِب، أُنثى وَهِيَ تَكُونُ لِلنَّاسِ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ائتُوني بكَتِف ودَواة أَكْتُب لَكُمْ كِتَابًا
، قَالَ: الْكَتِفُ عَظْمٌ عَرِيضٌ يَكُونُ فِي أَصل كَتِفِ الْحَيَوَانِ مِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ كَانُوا يكتُبون فِيهِ لقِلة القَراطِيس عِنْدَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا لِي أَراكم عَنْهَا مُعْرِضين؟ وَاللَّهُ لأَرْمِيَنَّها بَيْنَ أَكْتَافِكم
يُرْوَى بِالتَّاءِ وَالنُّونِ، فَمَعْنَى التَّاءِ أَنها كَانَتْ عَلَى ظُهُورِهِمْ وَبَيْنَ أَكتافهم لَا يقدِرون أَن يُعْرِضوا عَنْهَا لأَنهم حَامِلُوهَا فَهِيَ مَعَهُمْ لَا تُفارِقهم، وَمَعْنَى النُّونِ أَنه يَرْمِيهَا فِي أَفْنِيتهم ونواحِيهم فَكُلَّمَا مَرُّوا فِيهَا رأَوها فَلَا يَقْدِرون أَن يَنْسَوْها. والكَتِفُ مِنَ الإِبل وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَغَيْرِهَا: مَا فَوْقَ العَضُد، وَقِيلَ: الْكَتِفَانِ أَعلى الْيَدَيْنِ، وَالْجَمْعُ أَكْتَاف؛ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُجَاوِزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِي جَمْعِهِ كِتَفَةً. والأَكْتَف مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَشْتَكِي كَتِفَهُ. وَرَجُلٌ أَكْتَف بيّنُ الكَتَفِ أَي عَرِيضُ الكَتِف، وَفِي الْمُحْكَمِ: عَظِيمُ الْكَتِفِ. وَرَجُلٌ أَكْتَف: عَظِيمُ الْكَتِفِ كَمَا يُقَالُ أَرْأَسُ وأَعْنَقُ، وَمَا كَانَ أَكْتَفَ وَلَقَدْ كَتِف كَتَفاً: عظُمت كَتِفُه. وَإِنِّي لأَعلم مِنْ أَين تُؤْكَلُ الكَتِفُ؛ تضربه كل شيء عَلِمْتَهُ. والكُتاف: وَجَعٌ فِي الكتِف. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بِالدَّابَّةِ كُتافٌ شَدِيدٌ أَي دَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. والكَتَفُ: عَيْب يَكُونُ فِي الكَتِف. والكتَف: انْفِراجٌ فِي أَعالي كَتِفِ الإِنسان وَغَيْرِهِ مِمَّا يَلِي الكاهِل، وَقِيلَ: الكَتَفُ فِي الْخَيْلِ انْفِرَاجُ أَعالي الكَتِفَين مِنْ غَراضِيفها مِمَّا يَلِي الْكَاهِلَ، وَهُوَ مِنَ الْعُيُوبِ الَّتِي تَكُونُ خِلْقة. أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ أَكْتَف وَهُوَ الَّذِي فِي فُروع كَتِفيه انْفِرَاجٌ فِي غَرَاضِيفِهَا مِمَّا يَلِي الْكَاهِلَ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَكْتَفُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي فِي أَعالي غَراضِيف كَتِفَيْهِ انْفِرَاجٌ. والكَتَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: نُقْصَانٌ فِي الْكَتِفِ، وَقِيلَ: هُوَ ظَلَع يأْخذ مِنْ وَجَعِ الكَتِفِ، كَتِفَ كَتَفاً وَهُوَ أَكْتَف. وكَتِفَ الْبَعِيرِ كَتَفاً وَهُوَ أَكْتَفُ إِذَا اشْتَكَى كَتِفه وظَلع مِنْهَا. اللِّحْيَانِيُّ: بِالْبَعِيرِ كَتَفٌ شَدِيدٌ إِذَا اشْتَكَى كَتِفه. يُقَالُ جَمَلٌ أَكْتَف وَنَاقَةٌ كَتْفَاء. وكَتَفَه يَكْتِفُه كَتْفاً: أَصاب كَتِفه أَو ضَرَبَهُ عَلَيْهَا. والكَتَف: مَصْدَرُ الأَكْتَف وَهُوَ الَّذِي انْضَمَّتْ كَتِفاه عَلَى وَسَطِ كَاهِلِهِ خِلْقة قَبِيحَةً. وكَتَفَت الخيلُ تَكْتِفُ كَتْفاً وكَتَّفَت وتكَتَّفَت: ارْتَفَعَتْ فُروع أَكتافها فِي الْمَشْيِ، وعُرِضَت عَلَى ابْنِ أُقَيْصِرٍ أَحد بَنِي أَسد بْنِ خُزَيْمَةَ خَيْلٌ فأَوْمأَ إِلَى بَعْضِهَا وَقَالَ: تَجِيءُ هَذِهِ سَابِقَةً، فسأَلوه: مَا الَّذِي رأَيت فِيهَا؟ فَقَالَ: رأَيتها مَشَتْ فكَتَفَتْ، وخبَّت فوجَفَت، وعدَت فنَسَفَت فَجَاءَتْ سَابِقَةً. والكَتِفَان: اسْمُ فَرْسٍ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَتْ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ زَيْدٍ تَرِثِيهِ:
إِذَا سَجَعَتْ، بالرَّقْمَتَيْنِ، حَمَامَةٌ، ... أَو الرَّسِّ تَبْكي فارِسَ الكَتِفَانِ
وكَتَفَتِ المرأَة تَكتِفُ: مَشَتْ فحرَّكت كَتِفَيْهَا. قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُهُمْ مَشَتْ فكَتَفَتْ أَي حَرَّكَتْ كتِفيْها يَعْنِي الْفَرَسَ. والكِتَافُ: مصدرُ المِكْتَافِ مِنَ الدَّوَابِّ، والمِكْتَافُ مِنَ الدَّوَابِّ: الَّذِي يَعقِر السرجُ كتفَه، وَالِاسْمُ الكِتَاف، والكَتَّافُ: الَّذِي يَنْظُرُ فِي الأَكتاف فيُكَهِّنُ فِيهَا. والكَتْف: الْمَشْيُ الرُّوَيْد؛ قَالَ الأَعشى:(9/294)
فأَفْحَمْته حَتَّى اسْتَكان كأَنَّه ... قريحُ سِلاح، يَكْتِف الْمَشْيَ، فاترُ
أَنشده ابْنُ بَرِّيٍّ. ابْنُ سِيدَهْ: كَتَفَ يَكْتِفُ كَتْفاً وكَتِيفاً مَشَى مَشْياً رُوَيْداً؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وسُقْت رَبيعاً بالقَناة كأَنه ... قَرِيحُ سِلَاحٍ، يَكْتِفُ الْمَشْيَ، فَاتِرُ
والكُتْفَان والكِتْفَان: الْجَرَادُ بَعْدَ الغَوْغاء، وَقِيلَ: هُوَ كُتْفَان وكِتْفَان إِذَا بَدَا حَجْم أَجنحته ورأَيت موضعَه شاخِصاً، وَإِنْ مسَسْتَه وَجَدْتَ حَجْمه، وَاحِدَتُهُ كِتْفَانَة، وَقِيلَ: وَاحِدُهُ كَاتِف والأُنثى كَاتِفَة. أَبو عُبَيْدَةَ: يَكُونُ الْجَرَادُ بَعْدَ الْغَوْغَاءِ كِتْفَانًا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَمَاعِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْكُتْفَانِ مِنَ الْجَرَادِ الَّتِي ظَهَرَتْ أَجنحتها وَلَمَّا تَطِرْ بَعْدُ، فَهِيَ تَنْقُزُ فِي الأَرض نَقَزاناً مِثْلَ المَكْتُوف الَّذِي لَا يَستعين بِيَدَيْهِ إِذَا مَشَى. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذَا كَثُرَ: مثلُ الدَّبى والكُتفان [الكِتفان] . والغَوْغاء مِنَ الْجَرَادِ: مَا قَدْ طَارَ وَنَبَتَتْ أَجنحته. الأَصمعي: إِذَا اسْتَبَانَ حَجْمُ أَجنحة الْجَرَادِ فَهُوَ كُتْفَانٌ، وَإِذَا احْمَرَّ الْجَرَادُ فَانْسَلَخَ مِنَ الأَلوان كُلِّهَا فَهِيَ الغَوْغاء. الْجَوْهَرِيُّ: الكُتفان الْجَرَادُ أَوّل مَا يَطِيرُ مِنْهُ، وَيُقَالُ: هِيَ الْجَرَادُ بَعْدَ الْغَوْغَاءِ أَولها السِّرْو ثُمَّ الدَّبى ثُمَّ الْغَوْغَاءُ ثُمَّ الْكُتْفَانِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يُثَقَّلُ فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ صَخْرٌ أَخو الخَنْساء:
وحَيّ حَرِيدٌ قَدْ صَبَحْتُ بِغارةٍ، ... كرِجْل الجَرادِ أَو دَبًى كُتُفانِ
والكَتْفُ والكَتَفانُ: ضَرْبٌ مِنَ الطيَران كأَنه يَرُدُّ جَنَاحَيْهِ وَيَضُمُّهُمَا إِلَى مَا وَرَاءَهُ. والكَتْفُ: شَدُّكَ الْيَدَيْنِ مِنْ خَلْفٍ. وكَتَفَ الرجلَ يَكْتِفُهُ كَتْفاً وكَتَّفَه: شدَّ يَدَيْهِ مِنْ خَلْفِهِ بالكِتاف. والكِتافُ: مَا شُدَّ بِهِ؛ قَالَتْ بَعْضِ نِسَاءِ الأَعراب تَصِفُ سَحَابًا:
أَناخَ بِذِي بَقَرٍ بَرْكَه، ... كأَنَّ عَلَى عضُدَيْه كِتَافا
وَجَاءَ بِهِ فِي كِتَاف أَي فِي وِثاق. والكِتَافُ: الحَبل الَّذِي يُكتف بِهِ الإِنسان. وَفِي الْحَدِيثِ:
الَّذِي يُصَلِّي وَقَدْ عقَص شَعْرَهُ كَالَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوف
؛ هُوَ الَّذِي شُدَّتْ يَدَاهُ مِنْ خَلْفِهِ يُشَبَّهُ بِهِ الَّذِي يَعْقِد شَعْرَهُ مِنْ خَلْفِهِ. والكِتَافُ: وِثَاقٌ فِي الرحْل والقَتَب وَهُوَ إسارُ عُودين أَو حِنْوين يُشدّ أَحدهما إِلَى الْآخَرِ. والكتْف: أَن يشدَّ حِنْوا الرَّحل أَحدهما عَلَى الْآخَرِ. وكَتَّفَ اللَّحْمَ تَكْتِيفاً: قطَّعه صِغَارًا، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ، وكَتَّفَه بِالسَّيْفِ كَذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: والكَتِيفَةُ ضبَّة الْبَابِ وَهِيَ حَدِيدَةٌ عَرِيضَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والكَتِيفُ والكَتِيفَة حَدِيدَةٌ عَرِيضَةٌ طَوِيلَةٌ وَرُبَّمَا كَانَتْ كأَنها صَحِيفَةٌ، وَقِيلَ: الكَتِيف الضَّبَّةُ؛ قَالَ الأَعشى:
بيْنما المَرْء كالرُّديْني ذي الجُبَّةِ ... سَوَّاه مُصْلِحُ التَّثْقِيفِ
أَو كَقِدْحِ النُّضار لأَّمَه القَين، ... وَدَانَى صُدوعه بالكَتِيفِ
رَدَّه دَهْرُه المُضَلَّل، حَتَّى ... عادَ مِنْ بعدِ مَشْيِه للدَّلِيفِ
قَوْلُهُ بالكَتِيف يَعْنِي كَتَائِفَ رِقاقاً مِنَ الشَبه؛ وَقِيلَ: الكَتِيفة الضبَّة، وَقِيلَ: الضَّبَّةُ مِنَ الْحَدِيدِ، وَجَمْعُهَا(9/295)
كَتِيف وكُتُفٌ. وكَتَفَ الإِناء يَكْتِفُه كَتْفاً وكَتَّفَه: لأَمَه بالكَتِيف؛ قَالَ جَرِيرٌ:
ويُنْكِرُ كفَّيْه الحُسامُ وحَدُّه، ... ويَعْرِفُ كفَّيْه الإِناءُ المُكَتَّفُ
شِمْرٌ: وَيُقَالُ لِلسَّيْفِ الصَّفِيحِ كَتِيف؛ قَالَ أَبو دُواد:
فَوَدِدْتُ لَوْ أَني لَقِيتُك خالِياً، ... أَمْشِي، بكَفِّي صَعْدَةٌ وكَتِيفُ
أَراد سَيْفًا صَفِيحاً فَسَمَّاهُ كَتِيفاً. قَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَة: كَتِيفَةُ الرحْل وَاحِدَةُ الكَتَائِف، وَهِيَ حَدِيدَةٌ يُكْتَفُ بِهَا الرحْل. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أُخذ المَكْتُوف مِنْ هَذَا لأَنه جَمع يَدَيْهِ. والكَتِيفَة: كلْبَة الحدَّاد. والكَتِيفَةُ: السَّخِيمةُ والحِقْد وَالْعَدَاوَةُ وَتُجْمَعُ عَلَى الكَتَائِف؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
أَخُوك الَّذِي لَا يَمْلِكُ الحِسَّ نفسُه، ... وتَرْفضُّ عِنْدَ المُخْطِفاتِ الكَتَائِفُ
وَيُرْوَى المُحْفِظات. وكِتَافُ القَوْس: مَا بَيْنَ الطَّائِفِ والسِّيةِ، وَالْجَمْعُ أَكْتِفَةٌ وكُتُفٌ.
كثف: الكَثَافَةُ: الْكَثْرَةُ والالتِفافُ، وَالْفِعْلُ كَثُفَ يَكْثُفُ كَثَافَة، والكَثِيف اسْمُ كَثْرته يُوصَفُ بِهِ الْعَسْكَرُ وَالْمَاءُ وَالسَّحَابُ؛ وأَنشد:
وتحتَ كَثِيفِ الْمَاءِ، فِي بَاطِنِ الثَّرَى، ... ملائكةٌ تَنْحَطُّ فِيهِ وتَصْعَدُ
وَيُقَالُ: اسْتَكْثَفَ الشيءُ اسْتِكْثَافاً، وَقَدْ كَثَّفْتُه أَنا تَكْثِيفاً. ابْنُ سِيدَهْ: والكَثِيفُ والكُثاف الْكَثِيرُ، وَهُوَ أَيضاً الْكَثِيرُ المُتراكِبُ المُلْتَفُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، كَثُفَ كَثَافَة وتَكَاثَفَ. وكَثَّفَه: كثَّره وغلَّظه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنه انْتَهَى إِلَى عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَوْمَ صِفِّين وَهُوَ فِي كثْف
أَي فِي حَشْد وَجَمَاعَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
طُليحةَ: فاسْتَكْثَفَ أَمرُه
أَي ارْتَفَعَ وَعَلَا. والكَثَافَةُ: الغِلَظُ. وكَثُفَ الشَّيْءُ، فَهُوَ كَثِيف، وتَكَاثَفَ الشَّيْءُ. وَفِي صِفَةِ النَّارِ:
لسُرادِق النَّارِ أَربعَةُ جُدُرٍ كُثُفٌ
؛ الكُثُفُ: جَمْعُ كَثِيف، وَهُوَ الثَّخِينُ الغَليظ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: شَقَقْن أَكْثَفَ مُروطِهِنَّ فاخْتَمَرْنَ بِهِ
، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ فِيهِ بِالنُّونِ، وَسَيَجِيءُ. وامرأَة مُكَثَّفَة: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ المرأَة الْمَخْزُومِيَّةِ: إِنِّي أَنا المُكَثَّفَة المؤثَّفة؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرْ المكثَّفة ولا المؤثَّفة، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنَّمَا هِيَ المُكَثَّفَة المؤنَّفة، قَالَ: فالمُكَثَّفَة المُحْكمة الفَرْج، والمؤَنَّفة الَّتِي قَدِ استؤنِفت بِالنِّكَاحِ أَوّلًا. والكَثِيفُ: السَّيْفُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا حَقِيقَتُهُ، والأَقرب أَن تَكُونَ تَاءً لأَن الكَتِيف من الحديد.
كحف: الأَزهري خَاصَّةً: ابْنُ الأَعرابي الكُحُوفُ الأَعضاء، وَهِيَ القُحوف.
كدف: فِي نَوَادِرِ الأَعراب: سَمِعْتُ كَدَفَتْهم وَحَدَفَتَهُمْ وهَدْفتهم وحَشكتهم وهذأَتهم وَوَيْدَهُمْ وَأَوْيَدَهُمْ وأَزَّهم وأَزيزَهم، وَهُوَ الصَّوْتُ تَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِ مُعَايِنَةٍ.
كرف: كَرَفَ الشيءَ: شَمَّه. وكَرَفَ الحِمارُ إِذَا شمَّ بَوْلَ الأَتان ثُمَّ رفَع رأْسه وقلَب شفَته؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَغلب العِجْلي:
تَخالُه مِنْ كَرْفِهِنَّ كالِحا، ... وافْترَّ صَابًا ونَشُوقاً مَالِحَا(9/296)
وكرَف الحِمارُ والبِرْذَوْنُ يَكْرُفُ ويَكْرِفُ كَرْفاً وكِرَافاً وكَرَّفَ: شَمَّ الرَّوْثَ أَو الْبَوْلَ أَو غَيْرَهُمَا ثُمَّ رَفَعَ رأْسه، وَكَذَلِكَ الفحلُ إِذَا شَمَّ طَرُوقته ثُمَّ رَفَعَ رأْسه نَحْوَ السَّمَاءِ وكشَّر حَتَّى تَقْلُص شَفتاه؛ وأَنشد:
مُشاخِصاً طَوراً، وطَوراً كارِفا
وَحِمَارٌ مِكْرَاف: يَكْرف الأَبوال. والكَرَّافُ: مُجَمِّش الْقُحَابِ. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الكَرَّافُ الَّذِي يَسْرِق النَّظَرَ إِلَى النِّسَاءِ. والكِرْفُ: الدَّلْو «2» مِنْ جِلْدٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
أَكلَّ يَوْمٍ لَكَ ضَيْزَنانِ، ... عَلَى إِزَاءِ الحَوْضِ مِلهزانِ،
بكِرْفَتَينِ يَتَواهَقانِ؟
يَتَواهَقانِ: يَتَباريانِ. والكِرْفِئُ: قِطَع مِنَ السَّحَابِ مُتراكمة صِغَارٌ، وَاحِدَتُهَا كِرْفِئَة؛ قَالَ:
كَكِرْفِئَةِ الغَيْثِ ذاتِ الصَّبير، ... ترْمِي السَّحابَ ويُرْمَى لَهَا
وَهِيَ الكِرْثِئ أَيضاً، بِالثَّاءِ. وتَكَرْفَأَ السحابُ: تراكبَ، وَجَعَلَهُ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ رُباعيّاً. والكِرْفِئ: قِشْرَةُ الْبَيْضَةِ العُليا الْيَابِسَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا القَيْض.
كرسف: الكُرْسُف: القُطن وَهُوَ الكُرْسُوف، وَاحِدَتُهُ كُرْسُفَة، وَمِنْهُ كُرْسُف الدَّواةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كُفِّن فِي ثَلَاثَةِ أَثواب يَمانِيةٍ كُرْسُفٍ
؛ الكُرْسُفُ: القُطن، قَالَ ابْنُ الأَثير: جَعَلَهُ وَصْفًا لِلثِّيَابِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَقًّا كَقَوْلِهِمْ مَرَرْتُ بحَيّة ذِرَاعٍ وَإِبِلٍ مِائَةٍ. وَفِي حَدِيثِ الْمُسْتَحَاضَةِ:
أَنْعَتُ لكِ الكُرْسُفَ.
وتَكَرْسَفَ الرَّجُلُ: دَخَلَ بعضُه فِي بَعْضٍ. أَبو عَمْرٍو: المُكَرْسَف الجمل المُعَرْقَب.
كرشف: أَبو عَمْرٍو: الكَرْشَفَةُ الأَرض الْغَلِيظَةُ، وَهِيَ الخَرْشَفةُ، وَيُقَالُ: كِرْشِفَةٌ وخِرْشِفَةٌ وكِرْشَافٌ وخِرْشافٌ؛ وأَنشد:
هَيَّجها مِنْ أَحْلب الكِرْشَافِ، ... ورُطُبٍ مِنْ كلإٍ مُجْتافِ
«3» أَسْمَرَ للوَغْدِ الضَّعيف نَافِي، ... جَراشِع جَباجِب الأَجوافِ
حُمْر الذُّرى مُشْرِفة الأَفْوافِ
كرنف: الكِرْنَافُ والكُرْنَاف: أُصول الكَرَب الَّتِي تَبْقى فِي جِذْعِ السعَفِ، وَمَا قُطِع مِنَ السَّعَفِ فَهُوَ الكرَب، الْوَاحِدَةُ كُرْنَافَة وكِرْنَافَة، وَجَمْعُ الكُرْنَاف والكِرْنَاف كَرَانِيف. ابْنُ سِيدَهْ: الكُرْنَافَة والكِرْنَافَة والكُرْنُوفَة أَصل السَّعَفَةِ الْغَلِيظُ المُلتزِقُ بجِذْعِ النَّخْلَةِ، وَقِيلَ: الكَرَانِيف أُصول السعَفِ الغِلاظ العِراض الَّتِي إِذَا يَبِسَتْ صَارَتْ أَمثال الأَكتاف. وَفِي حَدِيثِ
الواقِميّ: وَقَدْ ضَافَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَتى بِقربَتِه نَخلةً فعَلّقها بكرْنافة
، وَهِيَ أَصل السَّعَفَةِ الْغَلِيظَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِلَّا بُعِثَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سعفَها وكَرَانِيفها أَشاجِع تَنْهَشه.
وَفِي حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ: وَالْقُرْآنُ فِي الكَرَانِيف
، يَعْنِي أَنه كَانَ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا قَبْلَ جَمْعِهِ فِي الصُّحف. وكَرْنَفَ النَّخْلَةَ: جَرَدَ جِذْعَها مِنْ كَرَانِيفه.
__________
(2) . قوله [والكِرْف الدلو] كذا هو في الأصل ونقله شارح القاموس بدون هاء تأنيث والشاهد مذكور فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ اللسان بهاء.
(3) . قوله [أَحلب] كذا هو في الأَصل بالحاء وبالجيم في شرح القاموس.(9/297)
والمُكَرْنِف: الَّذِي يَلْقُط التَّمْرَ مِنْ أُصول الكَرَانِيف؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
قَدْ تَخِذَتْ سَلْمَى بقَرْنٍ حَائِطًا، ... واستأْجَرَت مُكَرْنِفاً ولاقِطا
وكَرْنَفَه بِالْعَصَا: ضَرَبَهُ بِهَا؛ قَالَ بَشِيرٌ الْقَرِيرِيُّ:
لَمَّا انْتَكَفْت لَهُ فوَلَّى مُدْبِراً، ... كَرْنَفْته بِهِراوةٍ عَجراء
وانْتَكَفْت: مِلْتُ. وَفِي النَّوَادِرِ: خَرْنَفْته بِالسَّيْفِ وكَرْنَفْتُه إِذَا ضَرَبْتُهُ، وَقِيلَ: كَرْنَفَه بالسيف إذا قَطعه.
كرهف: المُكْرَهِفُّ: الذَّكَرُ الْمُنْتَشِرُ المُشْرِف. واكْرَهَفَّ الذَّكَرُ: انْتَشَرَ؛ وأَنشد:
قَنْفاء فَيْش مُكْرَهِفّ حُوقُها، ... إِذَا تَمَأّتْ، وَبَدَا مَفْلُوقُها
الاكْرِهْفَافُ: الانْتِشار. والمُكْرَهِفّ: لُغَةٌ فِي المُكْفَهِرّ أَو مَقْلُوبٌ عَنْهُ؛ وَبَيْتُ كثيِّر يُرْوَى بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَهُوَ قَوْلُهُ:
نَشِيمُ عَلَى أَرْضِ ابنِ لَيْلَى مَخِيلَةً، ... عَرِيضاً سَناها مُكْفَهِرًّا صَبيرُها
قَالَ الأَزهري: المُكْفَهرُّ مِنَ السَّحَابِ الَّذِي يَغْلُظُ وَيَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، قَالَ: والمكرهفُّ مِثْلُهُ.
كسف: كَسَفَ القمرُ يَكْسِفُ كُسُوفاً، وَكَذَلِكَ الشَّمْسُ كَسَفَتْ تَكْسِف كُسُوفاً: ذَهَبَ ضوءُها واسْوَدَّت، وَبَعْضٌ يَقُولُ انْكَسَفَ وَهُوَ خطأٌ، وكَسَفَها اللَّهُ وأَكْسَفَها، والأَول أَعلى، وَالْقَمَرُ فِي كُلِّ ذَلِكَ كَالشَّمْسِ. وَكَسَفَ الْقَمَرُ: ذَهَبَ نُورُهُ وتغيَّر إِلَى السَّوَادِ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ جَابِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، فِي حَدِيثِ طَوِيلٍ؛ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: انْكَسَفت. وكَسَفَ الرجلُ إِذَا نكَّس طَرْفه. وكَسَفَتْ حالُه: سَاءَتْ، وكَسَفَتْ إِذَا تغيَّرت. وكَسَفَتِ الشَّمْسُ وخسَفت بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الكُسُوف والخُسُوف لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا بِالْكَافِ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا بِالْخَاءِ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ فِي الشَّمْسِ بِالْكَافِ وَفِي الْقَمَرِ بِالْخَاءِ، وَكُلُّهُمْ
روَوا أَن الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكسفان لِمَوْتِ أَحد وَلَا لِحَيَاتِهِ
، وَالْكَثِيرُ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَرَّاءِ أَن يَكُونَ الكُسُوف لِلشَّمْسِ وَالْخُسُوفُ لِلْقَمَرِ، يُقَالُ: كَسَفَت الشَّمْسُ وكَسَفَها اللَّهُ وانْكَسَفت، وَخَسَفَ الْقَمَرُ وخسَفه اللَّهُ وَانْخَسَفَ؛ وَوَرَدَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ:
إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحد وَلَا لِحَيَاتِهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: خَسَفَ الْقَمَرُ بِوَزْنِ فَعَل إِذَا كَانَ الْفِعْلُ لَهُ، وخُسِف عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، قَالَ: وَقَدْ وَرَدَ الْخُسُوفُ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا لِلشَّمْسِ وَالْمَعْرُوفُ لَهَا فِي اللُّغَةِ الكُسُوف لَا الْخُسُوفُ، قَالَ: فأَما إِطْلَاقُهُ فِي مِثْلِ هَذَا فَتَغْلِيبًا لِلْقَمَرِ لِتَذْكِيرِهِ عَلَى تأَنيث الشَّمْسِ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَخُصُّ الْقَمَرَ، وَلِلْمُعَارَضَةِ أَيضاً لِمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الأُولى
لَا يَنْكَسِفَان
، قَالَ: وأَما إِطْلَاقُ الْخُسُوفِ عَلَى الشَّمْسِ مُنْفَرِدَةً فَلِاشْتِرَاكِ الْخُسُوفِ والكُسُوف فِي مَعْنَى ذَهَابِ نُورِهِمَا وَإِظْلَامِهِمَا. والانخِساف: مُطَاوِعُ خسَفْته فانخَسَف، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَامَّةُ ذَلِكَ فِي خَسَفَ. أَبو زَيْدٍ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ إِذَا اسْودَّت بِالنَّهَارِ، وكَسَفَتِ الشمسُ النجومَ إِذَا غَلَبَ ضوءُها عَلَى النُّجُومِ فَلَمْ يبدُ منها شي، فَالشَّمْسُ حِينَئِذٍ كَاسِفَة النُّجُومِ، يتعدَّى وَلَا يَتَعَدَّى؛ قَالَ جَرِيرٌ:(9/298)
فالشمسُ طالعةٌ لَيْسَتْ بكَاسِفَةٍ، ... تَبكي عَلَيْكَ، نُجومَ الليلِ والقَمرا
قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَنها طَالِعَةٌ تَبْكِي عَلَيْكَ وَلَمْ تكسِف ضَوْءَ النُّجُومِ وَلَا الْقَمَرِ لأَنها فِي طُلُوعِهَا خَاشِعَةً بَاكِيَةً لَا نُورَ لَهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ كَسَفَ القمرُ إِلَّا أَن الأَجود فِيهِ أَن يُقَالَ خسَف القَمرُ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، قَالَ: وَتَقُولُ خشَعَت الشَّمْسُ وكَسَفَتْ وخسَفت بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَرَوَى اللَّيْثُ الْبَيْتَ:
الشمسُ كَاسِفَةٌ لَيْسَتْ بطالعةٍ، ... تُبْكِي عَلَيْكَ نجومَ الليلِ والقَمرا
فَقَالَ: أَراد مَا طَلَعَ نَجْمٌ وَمَا طَلَعَ قَمَرٌ، ثُمَّ صَرَفَهُ فَنَصَبَهُ، وَهَذَا كَمَا تَقُولُ: لَا آتِيكَ مطْرَ السَّمَاءِ أَي مَا مَطَرَت السَّمَاءُ، وطُلوعَ الشمسِ أَي مَا طَلعت الشمسُ، ثُمَّ صَرَفْتَهُ فَنَصَبْتَهُ. وَقَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ تُبْكِي عَلَيْكَ نجومَ اللَّيْلِ وَالْقَمَرَا أَي مَا دَامَتِ النُّجُومُ وَالْقَمَرُ، وَحُكِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ مِثْلُهُ، قَالَ: وَقُلْتُ لِلْفَرَّاءِ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِيهِ إِنَّهُ عَلَى مَعْنَى الْمُغَالَبَةِ بَاكَيْتُهُ فَبَكَيْتُهُ فَالشَّمْسُ تَغْلِبُ النُّجُومَ بُكَاءً، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْوَجْهَ حَسَنٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِحَسَنٍ وَلَا قَرِيبٍ مِنْهُ. وكَسَفَ بالُه يَكْسف إِذَا حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِالشَّرِّ، وأَكْسَفَه الحزنُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
يَرْمِي الغُيُوبَ بعَينَيْه ومَطْرِفُه ... مُغْضٍ، كَمَا كَسَفَ المُسْتأْخذُ الرَّمِدُ
وَقِيلَ: كُسُوف بَالِهِ أَن يَضِيق عَلَيْهِ أَمله. وَرَجُلٌ كَاسِفُ الْبَالِ أَي سيِء الْحَالِ. وَرَجُلٌ كَاسِفُ الْوَجْهِ: عابسُه مِنْ سُوءِ الْحَالِ؛ يُقَالُ: عبَس فِي وَجْهِي وكَسَفَ كُسُوفاً. والكُسُوف فِي الْوَجْهِ: الصُّفْرَةُ وَالتَّغَيُّرُ. وَرَجُلٌ كَاسِف: مَهْمُومٌ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وهُزل مِنَ الْحُزْنِ. وَفِي الْمَثَلِ: أَكَسْفاً وإمْساكا؟ أَي أَعبوساً مَعَ بُخل. والتَّكْسِيف: التَّقْطِيعُ. وكَسَفَ الشيءَ يَكْسِفُه كَسْفاً وكَسَّفَه، كِلَاهُمَا: قَطَعَهُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الثَّوْبَ والأَديم. والكِسْف والكِسْفَةُ والكَسِيفَة: القِطْعة مِمَّا قطَعْت. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه جَاءَ بِثَرِيدَةِ كِسْفٍ
أَي خُبْزٍ مُكَسَّرٍ، وَهِيَ جَمْعُ كِسْفَة لِلْقِطْعَةِ مِنَ الشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ رأَيته وَعَلَيْهِ كِسَافٌ
أَي قِطْعَةُ ثَوْبٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وكأَنها جَمْعُ كِسْفة أَو كِسْف. وكِسْف السَّحَابِ وكِسَفُه: قِطَعُه، وَقِيلَ إِذَا كَانَتْ عَرِيضَةً فَهِيَ كِسْف. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ
؛ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً
، قَالَ: الكِسْفُ والكِسَفُ وَجْهَانِ، والكِسْفُ: الجِماعُ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابياً يَقُولُ أَعطني كِسْفَة مِنْ ثَوْبِكَ يُرِيدُ قِطْعة، كَقَوْلِكَ خِرْقة، وكُسِفَ فِعْلٌ، وَقَدْ يَكُونُ الكِسْف جِمَاعًا للكِسفة مِثْلَ عُشْبة وعُشْب؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قُرِئَ كِسْفاً وكِسَفاً، فَمَنْ قرأَ كِسَفاً جَعَلَهَا جَمْعَ كِسْفة وَهِيَ القِطْعة، وَمَنْ قرأَ كِسْفاً جَعَلَهُ وَاحِدًا، قَالَ: أَو تُسْقِطَهَا طَبَقاً عَلَيْنَا، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ كسَفْت الشَّيْءَ إِذَا غطَّيته. وَسُئِلَ أَبو الْهَيْثَمِ عَنْ قَوْلِهِمْ كسَفْت الثوبَ أَي قَطَعْتُهُ فَقَالَ: كلُّ شَيْءٍ قطعتَه فَقَدْ كَسَفْتَهُ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لخِرَق الْقَمِيصِ قَبْلَ أَن تؤلَّف الكسَفُ والكِيَف والحِذَف، وَاحِدَتُهَا كِسْفة وكِيفةٌ وحِذْفةٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ كَسَفَ أَملُه فَهُوَ كَاسِف إِذَا انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ مِمَّا كَانَ يأْمل وَلَمْ يَنْبَسِطْ، وكَسَفَ بالُه يَكْسِفُ حدَّثته نَفْسُهُ بِالشَّرِّ.(9/299)
والكَسْفُ: قَطع العُرْقُوب وَهُوَ مَصْدَرُ كَسَفْتُ الْبَعِيرَ إِذَا قَطَعْتَ عُرْقوبه. وكَسَفَ عُرْقُوبَهُ يكْسِفُه كَسْفاً: قطَع عصَبَته دُونَ سَائِرِ الرِّجل. وَيُقَالُ: استدبَر فرَسَه فكسَف عُرْقُوبَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن صفْوان كَسَفَ عُرقوبَ راحِلَتِه
أَي قطَعه بالسيف.
كشف: الكشْفُ: رفعُك الشَّيْءَ عَمَّا يُواريه وَيُغَطِّيهِ، كَشَفَه يَكُشِفه كَشْفاً وكَشَّفَه فانْكَشَفَ وتَكَشَّفَ. ورَيْطٌ كَشِيفٌ: مَكْشُوف أَو مُنْكَشِف؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
أَجَشَّ رِبَحْلًا، لَهُ هَيْدَبٌ ... يُرَفِّعُ للخالِ رَيْطاً كَشِيفا
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يَعْنِي أَن الْبَرْقَ إِذْ لَمَع أَضاء السحابَ فَتَرَاهُ أَبيض فكأَنه كَشَفَ عَنْ رَيْطٍ. يُقَالُ: تَكَشَّفَ الْبَرْقُ إِذَا ملأَ السَّمَاءَ. والمَكْشُوف فِي عَروض السَّرِيعِ: الجُزء الَّذِي هُوَ مَفْعُولُنْ أَصله مفْعولات، حُذِفَتِ التَّاءُ فَبَقِيَ مَفْعُولًا فَنُقِلَ فِي التَّقْطِيعِ إِلَى مَفْعُولُنْ. وكَشَفَ الأَمر يَكْشِفُه كَشْفاً: أَظْهَرَهُ. وكَشَّفَه عَنِ الأَمر: أَكرهه عَلَى إِظْهَارِهِ. وكَاشَفَه بالعَداوة أَي بادأَه بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ تَكَاشَفْتم مَا تَدافَنْتم
أَي لَوِ انْكَشَفَ عَيبُ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: أَي لَوْ عَلِمَ يعضُكم سَريرةَ بَعْضٍ لَاسْتَثْقَلَ تَشْيِيع جنازَتِه ودَفْنَه. والكَاشِفَةُ: مَصْدَرٌ كالعافِية والخاتِمة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ
؛ أَي كَشْف، وَقِيلَ: إِنَّمَا دَخَلَتِ الْهَاءُ لِيُسَاجِعَ قَوْلَهُ أَزِفَتِ الْآزِفَةُ، وَقِيلَ: الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ
أَي لَا يَكْشِفُ الساعةَ إِلَّا ربُّ الْعَالَمِينَ، فَالْهَاءُ عَلَى هَذَا لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا قُلْنَا. وأَكْشَفَ الرجلُ إِكْشَافاً إِذَا ضَحِكَ فَانْقَلَبَتْ شفَته حَتَّى تَبْدُوَ دَرادِرُه. والكَشَفةُ: انقِلاب مِنْ قُصاص الشعَر اسْمٌ كالنَّزَعَةِ، كَشِفَ كَشَفاً، وَهُوَ أَكْشَفُ. والكَشَفُ فِي الجَبْهة: إِدْبَارُ نَاصِيَتِهَا مِنْ غَيْرِ نَزَعٍ، وَقِيلَ: الكَشَفُ رُجُوعُ شَعْرِ القُصّة قِبَلَ الْيَافُوخِ. والكشَف: مَصْدَرُ الأَكْشَفِ. والكَشَفَةُ: الِاسْمُ وَهِيَ دَائِرَةٌ فِي قُصاص النَّاصِيَةِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ شَعَرَاتٍ تَنْبُت صُعُداً وَلَمْ تَكُنْ دَائِرَةً، فَهِيَ كَشَفَةٌ، وَهِيَ يُتشاءم بِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الكَشَفُ، بِالتَّحْرِيكِ، انْقِلَابٌ مِنْ قُصاص النَّاصِيَةِ كأَنها دَائِرَةٌ، وَهِيَ شُعيرات تَنْبُتُ صُعُداً، وَالرَّجُلُ أَكْشَف وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ كَشَفَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الطُّفَيل: أَنه عَرَض لَهُ شَابٌّ أَحمر أَكْشَفُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَكْشَفَ الَّذِي تَنْبُتُ لَهُ شَعَرَاتٌ فِي قُصاص نَاصِيَتِهِ ثَائِرَةً لَا تَكَادُ تسْترسِل، وَالْعَرَبُ تَتَشَاءَمُ بِهِ. وتَكَشَّفَتِ الأَرض: تَصَوَّحت مِنْهَا أَماكن وَيَبِسَتْ. والأَكْشَفُ: الَّذِي لَا تُرْس مَعَهُ فِي الْحَرْبِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَثْبُتُ فِي الْحَرْبِ. والكُشُفُ: الَّذِينَ لَا يَصْدُقون القِتال، لَا يُعْرف لَهُ وَاحِدٌ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
زَالُوا فَمَا زالَ أنْكاسٌ وَلَا كُشُفٌ
قَالَ ابْنُ الأَثير: الكُشُفُ جَمْعُ أَكْشَف. وَهُوَ الَّذِي لَا تُرْسَ مَعَهُ كأَنه مُنْكشِف غَيْرُ مَسْتُورٍ. وكَشِفَ القومُ: انْهَزَمُوا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَمَا ذُمَّ حاديهمْ، وَلَا فالَ رأْيُهُم، ... وَلَا كَشِفُوا، إِنْ أَفزَعَ السِّرْبَ صَائِحُ
وَلَا كَشِفُوا أَي لَمْ يَنْهَزِمُوا.(9/300)
والكِشَافُ: أَن تَلْقَح الناقةُ فِي غَيْرِ زَمَانِ لَقاحها، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَضْرِبها الْفَحْلُ وَهِيَ حَائِلٌ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُحْمَل عَلَيْهَا سَنَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ أَوْ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُحْمَل عَلَيْهَا سَنَةً ثُمَّ تُتْرَكَ اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، كَشَفَت النَّاقَةُ تَكْشِف كِشافاً، وَهِيَ كَشُوف، وَالْجَمْعُ كُشُفٌ، وأَكْشَفَتْ. وأَكْشَفَ القومُ: لَقِحَت إبلُهم كِشَافاً. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ والكَشُوف مِنَ الإِبل الَّتِي يَضْرِبُهَا الْفَحْلُ وَهِيَ حَامِلٌ، وَمَصْدَرُهُ الكِشَافُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ هَذَا التَّفْسِيرُ خطأٌ، والكِشَافُ أَن يُحمل عَلَى النَّاقَةِ بَعْدَ نِتَاجِهَا وَهِيَ عائذ قد وضَعت حَدِيثًا،
وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: إِذَا حُمِلَ عَلَى النَّاقَةِ سَنَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ فَذَلِكَ الكِشَاف
، وَهِيَ نَاقَةٌ كَشُوف. وأَكْشَفَ الْقَوْمُ أَي كَشفَت إبلُهم. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَجودُ نِتَاجِ الإِبل أَن يَضْرِبَهَا الْفَحْلُ، فَإِذَا نُتِجَت تُركت سَنَةً لَا يَضْرِبُهَا الْفَحْلُ، فَإِذَا فُصِل عَنْهَا فَصِيلُهَا وَذَلِكَ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ نِتاجها أُرسل الْفَحْلُ فِي الإِبل الَّتِي هِيَ فِيهَا فَيَضْرِبُهَا، وَإِذَا لَمْ تَجِمّ سَنَةً بَعْدَ نِتاجها كَانَ أَقلَّ لِلَبَنِهَا وأَضعفَ لِوَلَدِهَا وأَنْهَك لقوَّتها وطِرْقِها؛ ولَقِحت الحربُ كِشَافاً عَلَى الْمِثْلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٌ:
فَتعْرُكْكُمُ عَرْكَ الرَّحى بثِفالِها، ... وتَلْقَحْ كِشَافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فتُتْئمِ
فَضَرَبَ إِلْقَاحَهَا كِشافاً بحِدْثان نِتاجها وإتْآمها مَثَلًا لِشِدَّةِ الْحَرْبِ وَامْتِدَادِ أَيامها، وَفِي الصِّحَاحِ: ثُمَّ تُنْتِجُ فتَفْطِم. وأَكْشَفَ القومُ إِذَا صَارَتْ إِبِلُهُمْ كُشُفاً، الْوَاحِدَةُ كَشُوف فِي الْحَمْلِ. والكَشَفُ فِي الْخَيْلِ: الْتِوَاءٌ فِي عَسِيب الذنَب. واكْتَشَفَ الكبْشُ النَّعْجَةَ: نزَا عليها.
كعف: أَكْعَفَتِ النخلةُ: انْقَلَعَت مِنْ أَصلها؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وَزَعَمَ أَن عَيْنَهَا بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ أَكْأَفَت.
كفف: كَفَّ الشيءَ يَكُفُّه كَفّاً: جَمَعَهُ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ بِهِ جِراحة فسأَله: كَيْفَ يتوضأُ؟ فَقَالَ: كُفَّه بخِرْقة
أَي اجمَعها حَوْلَهُ. والكَفُّ: الْيَدُ، أُنثى. وَفِي التَّهْذِيبِ: والكَفُّ كَفُّ الْيَدِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هَذِهِ كَفٌّ وَاحِدِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد الْفَرَّاءُ:
أُوَفِّيكما مَا بلَّ حَلْقيَ رِيقتي، ... وَمَا حَمَلَت كَفَّايَ أَنْمُلِيَ العَشْرا
قَالَ: وَقَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
لَهُ كَفَّانِ: كَفٌّ كَفُّ ضُرٍّ، ... وكَفُّ فَواضِلٍ خَضِلٌ نَداها
وَقَالَ زُهَيْرٌ:
حَتَّى إِذَا مَا هَوَتْ كَفُّ الولِيدِ لَهَا، ... طارَتْ، وَفِي يدِه مِنْ ريشِها بِتَكُ
قَالَ: وَقَالَ الأَعشى:
يَداكَ يَدا صِدْقٍ: فكَفٌّ مُفِيدةٌ، ... وأُخرى، إِذَا مَا ضُنَّ بِالْمَالِ، تُنْفِق
وَقَالَ أَيضاً:
غَرَّاءُ تُبْهِجُ زَوْلَه، ... والكفُّ زَيَّنها خِضابه
قَالَ: وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
جَمَعْت نِزاراً، وَهِيَ شَتَّى شُعوبها، ... كَمَا جَمَعَت كَفٌّ إِلَيْهَا الأَباخِسا(9/301)
وَقَالَ ذُو الإِصبع:
زَمان بِهِ للهِ كَفٌّ كَريمةٌ ... عَلَيْنَا، ونُعْماه بِهِنَّ تَسِير
وَقَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
فَمَا بَلَغَتْ كَفُّ امْرِئٍ مُتَناوِلٍ ... بِهَا المَجْدَ، إِلَّا حَيْثُ مَا نِلتَ أَطْولُ
وَمَا بَلَغَ المُهْدُون نَحْوَكَ مِدْحَةً، ... وإنْ أَطْنَبُوا، إِلَّا وَمَا فيكَ أَفضَلُ
وَيُرْوَى:
وَمَا بَلَغَ الْمُهْدُونَ فِي الْقَوْلِ مِدْحَةً
فأَما قَوْلِ الأَعشى:
أَرَى رجُلًا مِنْهُمْ أَسِيفاً، كأَنما ... يضمُّ إِلَى كَشْحَيْه كَفّاً مُخَضَّبا
فَإِنَّهُ أَراد السَّاعِدَ فذكَّر، وَقِيلَ: إِنَّمَا أَراد العُضو، وَقِيلَ: هُوَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يَضُمُّ أَو مِنْ هَاءِ كَشْحَيْهِ، وَالْجَمْعُ أَكُفٌّ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُجَاوِزُوا هَذَا الْمِثَالَ، وَحَكَى غَيْرُهُ كُفُوف؛ قَالَ أَبو عمارةَ بن أَبي طرفَة الهُذلي يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ:
فصِلْ جَناحِي بأَبي لَطِيفِ، ... حَتَّى يَكُفَّ الزَّحْفَ بالزُّحوفِ
بكلِّ لَينٍ صارِمٍ رهِيفِ، ... وذابِلٍ يَلَذّ بالكُفُوفِ
أَبو لَطِيفٍ يَعْنِي أَخاً لَهُ أَصغر مِنْهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ أَحمر:
يَداً مَا قَدْ يَدَيْتُ عَلَى سُكَيْنٍ ... وعبدِ اللَّهِ، إِذْ نُهِشَ الكُفُوفُ
وأَنشد لِلَيْلَى الأَخْيَلِيّة:
بقَوْلٍ كَتَحْبير الْيَمَانِي ونائلٍ، ... إِذَا قُلِبَتْ دُونَ العَطاء كُفُوفُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ فِي جَمْعِ كفٍّ أَكْفَاف؛ وأَنشد عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ:
يُمسون مِمَّا أَضْمَرُوا فِي بُطُونهم ... مُقَطَّعَةً أَكْفَافُ أَيديهمُ اليُمْن
وَفِي حَدِيثِ الصَّدَقَةِ:
كأَنما يَضَعُها فِي كفِّ الرَّحْمَنِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ مَحَلِّ القَبول والإِثابة وَإِلَّا فَلَا كَفَّ لِلرَّحْمَنِ وَلَا جارِحةَ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ المُشَبِّهون عُلُوّاً كَبِيرًا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ اللَّهَ إِنْ شَاءَ أَدخل خلْقه الْجَنَّةَ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ عُمَرُ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْكَفِّ والحفْنة وَالْيَدِ فِي الْحَدِيثِ وكلُّها تَمْثِيلٌ مِنْ غَيْرِ تَشْبِيهٍ، وَلِلصَّقْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ جَوَارِحِ الطَّيْرِ كَفَّانِ فِي رِجْليه، وَلِلسَّبْعِ كَفَّان فِي يَدَيْهِ لأَنه يَكُفُّ بِهِمَا عَلَى مَا أَخذ. والكَفُّ الخَضيب: نَجْمٌ. وكَفُّ الْكَلْبِ: عُشْبة مِنَ الأَحرار، وسيأْتي ذِكْرُهَا. واسْتَكَفَّ عينَه: وَضَعَ كَفَّه عَلَيْهَا فِي الشَّمْسِ يَنْظُرُ هَلْ يَرَى شَيْئًا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ قِدْحاً لَهُ:
خَرُوجٌ مِنَ الغُمَّى، إِذَا صُكَّ صَكّةً ... بَدَا، والعُيونُ المُسْتَكِفَّةُ تَلْمَحُ
الْكِسَائِيُّ: اسْتَكْفَفْت الشَّيْءَ واسْتَشْرَفْته، كِلَاهُمَا: أَن تَضَعَ يَدَكَ عَلَى حَاجِبِكَ كَالَّذِي يَسْتَظِل مِنَ الشَّمْسِ حَتَّى يَستبين الشَّيْءُ. يُقَالُ: اسْتَكَفَّت عينه إذا نظرت تَحْتَ الْكَفِّ. الْجَوْهَرِيُّ: اسْتَكْفَفْت الشَّيْءَ(9/302)
اسْتَوْضَحْته، وَهُوَ أَن تَضَعَ يَدَكَ عَلَى حَاجِبِكَ كَالَّذِي يَستظل مِنَ الشَّمْسِ تَنْظُرُ إِلَى الشَّيْءِ هَلْ تَرَاهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: اسْتَكَفَّ القومُ حَوْلَ الشَّيْءِ أَي أَحاطوا بِهِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
إِذَا رَمَقَتْه مِنْ مَعَدٍّ عِمارةٌ ... بَدَا، والعُيونُ المُسْتَكِفَّة تَلْمَحُ
واسْتَكَفَّ السَّائِلُ: بَسط كفَّه. وتكَفَّفَ الشيءَ: طَلَبَهُ بكَفِّه وتَكَفَّفَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا رأَى فِي الْمَنَامِ كأَن ظُلَّة تَنْطِف عَسلًا وَسَمْنًا وكأَنَّ النَّاسَ يَتَكَفَّفُونه
؛ التَّفْسِيرُ لِلْهَرَوِيِّ فِي الْغَرِيبَيْنِ وَالِاسْمُ مِنْهَا الكَفَف. وَفِي الْحَدِيثِ:
لأَن تَدَعَ ورَثتَك أَغنياء خَيْرٌ مِنْ أَن تَدعهم عَالَةً يَتَكَفَّفُون النَّاسَ
؛ مَعْنَاهُ يسأَلون النَّاسَ بأَكُفِّهم يمدُّونها إِلَيْهِمْ. وَيُقَالُ: تَكَفَّفَ واسْتَكَفَّ إذا أَخذ الشي بكفِّه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلَا تُطْمِعوا فِيهَا يَدًا مُسْتَكِفَّةً ... لغيركُمُ، لَوْ تَسْتَطِيعُ انْتِشالَها
الْجَوْهَرِيُّ: واسْتَكَفَّ وتَكَفَّفَ بِمَعْنًى وَهُوَ أَن يَمُدَّ كفَّه يسأَل النَّاسَ. يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَكَفَّفُ النَّاسَ، وَفِي الْحَدِيثِ:
يتصدَّق بِجَمِيعِ مَالِهِ ثُمَّ يَقْعُد يَسْتَكِفُّ الناسَ.
ابْنُ الأَثير: يُقَالُ اسْتَكَفَّ وتَكَفَّفَ إِذَا أَخذ بِبَطْنِ كَفِّهِ أَو سأَل كَفًّا مِنَ الطَّعَامِ أَو مَا يكُفُّ الْجُوعَ. وَقَوْلُهُمْ: لَقِيتُهُ كَفَّةَ كَفَّةَ، بِفَتْحِ الْكَافِ، أَي كِفَاحًا، وَذَلِكَ إِذَا استقْبلته مُواجهة، وَهُمَا اسْمَانِ جُعلا وَاحِدًا وَبُنِيَا عَلَى الْفَتْحِ مِثْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ: فَتَلَقَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَفَّةَ كَفَّةَ
أَي مُواجهة كأَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ كَفَّ صَاحِبَهُ عَنْ مُجَاوَزَتِهِ إِلَى غَيْرِهِ أَي مَنَعَه. والكَفَّة: الْمَرَّةُ مِنَ الكَفَّ. ابْنُ سِيدَهْ: ولَقِيتُه كَفَّةَ كفَّةَ وكفَّةَ كفَّةٍ عَلَى الإِضافة أَي فُجاءة مُوَاجَهَةً؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَن الْآخَرَ مَجْرُورٌ أَنَّ يُونُسَ زَعَمَ أَن رُؤْبَةَ كَانَ يَقُولُ لَقِيتُهُ كِفَّةً لِكفّةٍ أَو كِفَّةً عَنْ كفّةٍ، إِنَّمَا جَعَلَ هَذَا هَكَذَا فِي الظَّرْفِ وَالْحَالِ لأَن أَصل هَذَا الْكَلَامِ أَن يَكُونَ ظَرْفًا أَو حَالًا. وكفَّ الرجلَ عَنِ الأَمر يكُفُّه كَفّاً وكَفْكَفَه فكَفَّ واكْتَفَّ وتَكَفَّفَ؛ اللَّيْثُ: كَفَفْتُ فُلَانًا عَنِ السُّوءِ فكَفَّ يَكُفُّ كَفّاً، سَوَاءٌ لفظُ اللَّازِمِ والمُجاوز. ابْنُ الأَعرابي: كَفْكَفَ إِذَا رَفَق بغرِيمه أَو ردَّ عَنْهُ مَنْ يُؤْذِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: كَفَفْتُ الرَّجُلَ عَنِ الشَّيْءِ فكَفَّ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، وَالْمَصْدَرُ وَاحِدٌ. وكَفْكَفْت الرَّجُلَ: مِثْلَ كفَفْتُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ:
أَلم تَرَني سَكَّنْتُ لأْياً كِلابَكُم، ... وكَفْكَفْتُ عَنْكُمْ أَكْلُبي، وَهِيَ عُقَّر؟
واسْتَكَفَّ الرجلُ الرجلَ: مِنَ الكفِّ عَنِ الشَّيْءِ. وتَكَفَّفَ دمعُه: ارْتَدَّ، وكَفْكَفَه هُوَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَصله عِنْدِي مِنْ وكَفَ يَكِفُ، وَهَذَا كَقَوْلِكَ لَا تعِظيني وتَعظْعَظي. وَقَالُوا: خَضْخضتُ الشيءَ فِي الْمَاءِ وأَصله مِنْ خُضْت. وَالْمَكْفُوفُ: الضَّرير، وَالْجَمْعُ المَكَافِيفُ. وَقَدْ كُفَّ بصرُه وكَفَّ بصرُه كَفّاً: ذهَب. وَرَجُلٌ مَكْفُوف أَي أَعمى، وَقَدْ كُفَّ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كَفَّ بصرُه وكُفَّ. والكَفْكَفَة: كَفُّك الشَّيْءَ أَي ردُّك الشَّيْءَ عَنِ الشَّيْءِ، وكَفْكَفْت دمْع الْعَيْنِ. وَبَعِيرٌ كَافٌّ: أُكلت أَسنانه وقَصُرَت مِنَ الكِبَر حَتَّى تَكَادَ تَذْهَبُ، والأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ، وَقَدْ كُفَّتْ أَسنانها، فَإِذَا ارْتَفَعَ عَنْ ذَلِكَ(9/303)
فَهُوَ ماجٌّ. وَقَدْ كَفَّتْ النَّاقَةُ تَكُفُّ كُفُوفاً. والكَفُّ فِي العَرُوض: حَذْفُ السَّابِعِ مِنَ الْجُزْءِ نَحْوَ حَذْفِكَ النُّونَ مِنْ مَفَاعِيلُنْ حَتَّى يَصِيرَ مفاعيلُ وَمِنْ فَاعِلَاتُنْ حَتَّى يَصِيرَ فَاعِلَاتٍ، وَكَذَلِكَ كلُّ مَا حُذف سَابِعُهُ عَلَى التَّشْبِيهِ بكُفَّة الْقَمِيصِ الَّتِي تَكُونُ فِي طَرَفِ ذَيْلِهِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ. والمَكْفُوف فِي عِلل الْعَرُوضِ مفاعيلُ كَانَ أَصله مَفَاعِيلُنْ، فَلَمَّا ذَهَبَتِ النُّونُ قَالَ الْخَلِيلُ هُوَ مَكْفُوف. وكِفَافُ الثَّوْبِ: نَواحِيه. ويُكَفُّ الدِّخْريصُ إِذَا كُفَّ بَعْدَ خِياطة مَرَّةً. وكَفَفْت الثوبَ أَي خِطْت حَاشِيَتَهُ، وَهِيَ الخِياطةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الشَّلِّ. وعَيْبةٌ مَكْفُوفَة أَي مُشْرَجةٌ مَشْدودة.
وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالحديْبِية لأَهل مَكَّةَ: وإنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ عَيبةً مَكْفُوفَةً
؛ أَراد بالمَكْفُوفَة الَّتِي أُشْرِجَت عَلَى مَا فِيهَا وقُفِلت وضَربها مَثَلًا لِلصُّدُورِ أَنها نَقِيَّة مِنِ الغِلِّ والغِشّ فِيمَا كَتَبُوا واتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنَ الصُّلْح والهُدْنة، وَالْعَرَبُ تُشَبِّهُ الصُّدُورَ الَّتِي فِيهَا الْقُلُوبُ بالعِياب الَّتِي تُشْرَج عَلَى حُرِّ الثِّيَابِ وفاخِر الْمَتَاعِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، العِياب المُشْرجة عَلَى مَا فِيهَا مَثَلًا لِلْقُلُوبِ طُوِيَت عَلَى مَا تَعَاقَدُوا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وكادَت عِيابُ الوُدِّ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، ... وَإِنْ قِيلَ أَبْناءُ العُمومةِ، تَصْفَرُ
فَجَعَلَ الصُّدور عِياباً للوُدِّ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ: وإنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ عَيبةً مَكْفُوفَة: مَعْنَاهُ أَن يَكُونَ الشَّرُّ بَيْنَهُمْ مَكْفُوفًا كَمَا تُكَفُّ العَيبة إِذَا أُشْرِجَت عَلَى مَا فِيهَا مِنَ مَتاع، كَذَلِكَ الذُّحُول الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ قَدِ اصْطَلَحُوا عَلَى أَن لَا يَنْشُروها وأَن يَتَكَافُّوا عَنْهَا، كأَنهم قَدْ جَعَلُوهَا فِي وِعاء وأَشرجوا عَلَيْهَا. الْجَوْهَرِيُّ: كُفَّةُ القَمِيص، بِالضَّمِّ، مَا اسْتَدَارَ حَوْلَ الذَّيل، وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُ: كلُّ مَا اسْتَطَالَ فَهُوَ كُفَّة، بِالضَّمِّ، نَحْوَ كُفَّة الثَّوْبِ وَهِيَ حَاشِيَتُهُ، وكُفَّةِ الرَّمْلِ، وَجَمْعُهُ كِفَافٌ، وكلُّ مَا اسْتَدَارَ فَهُوَ كِفّة، بِالْكَسْرِ، نَحْوَ كِفَّةِ الْمِيزَانِ وكِفَّةِ الصَّائِدِ، وَهِيَ حِبالته، وكِفَّةِ اللِّثةِ، وَهُوَ مَا انحدرَ مِنْهَا. قَالَ: وَيُقَالُ أَيضاً كَفَّة الْمِيزَانِ، بِالْفَتْحِ، وَالْجَمْعُ كِفَفٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ كِفَّةِ الحابِل قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كأَنَّ فِجاجَ الأَرضِ، وَهِيَ عَرِيضةٌ ... عَلَى الخائفِ المَطْلوبِ، كِفَّةُ حابِلِ
وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: الكِفَّةُ والشَّبكةُ أَمرهما وَاحِدٌ
؛ الكِفَّة، بِالْكَسْرِ: حِبالة الصَّائِدِ. والكِفَفُ فِي الوَشْم: داراتٌ تَكُونُ فِيهِ. وكِفَافُ الشَّيْءِ: حِتارُه. ابْنُ سِيدَهْ: والكِفَّة، بِالْكَسْرِ، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَدِيرٍ كَدَارَةِ الْوَشْمِ وعُود الدُّفّ وَحِبَالَةِ الصيْد، وَالْجَمْعُ كِفَفٌ وكِفَافٌ. قَالَ: وكفَّة الْمِيزَانِ الْكَسْرُ فِيهَا أَشهر، وَقَدْ حُكِيَ فِيهَا الْفَتْحُ وأَباها بَعْضُهُمْ. والكُفَّة: كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطِيلٍ ككُفَّة الرَّمْلِ وَالثَّوْبِ وَالشَّجَرِ وكُفَّة اللِّثةِ، وَهِيَ مَا سَالَ مِنْهَا عَلَى الضِّرس. وَفِي التَّهْذِيبِ: وكِفَّة اللِّثَةِ مَا انْحَدَرَ مِنْهَا عَلَى أُصول الثغْر، وأَمّا كُفَّةُ الرمْل وَالْقَمِيصِ فطُرّتهما وَمَا حَوْلَهُمَا. وكُفَّة كُلِّ شَيْءٍ، بِالضَّمِّ: حَاشِيَتُهُ وطرَّته. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كرَّم الله وَجْهَهُ، يَصِفُ السَّحَابَ: والتَمع بَرْقُه فِي كُفَفِه
أَي فِي حَوَاشِيهِ؛ وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
إِذَا غَشِيكم الليلُ فَاجْعَلُوا الرِّماح كُفَّة
أَي فِي حَوَاشِي الْعَسْكَرِ وأَطرافه. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ إنَّ برِجْلي شُقاقاً، فَقَالَ: اكْفُفه بخِرْقة
أَي اعْصُبْه بِهَا وَاجْعَلْهَا حَوْلَهُ. وكُفَّة الثَّوْبِ: طُرَّته(9/304)
الَّتِي لَا هُدب فِيهَا، وَجَمْعُ كُلِّ ذَلِكَ كُفَف وكِفَافٌ. وَقَدْ كَفَّ الثوبَ يَكُفُّه كَفّاً: تَرَكَهُ بِلَا هُدب. والكِفَافُ مِنَ الثَّوْبِ: مَوْضِعُ الْكَفِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا أَلبس الْقَمِيصَ المُكَفَّف بِالْحَرِيرِ
أَي الَّذِي عُمِل عَلَى ذَيْله وأَكمامه وجَيْبه كِفَاف مِنْ حَرِيرٍ، وكلُّ مَضَمِّ شَيْءٍ كِفَافُه، وَمِنْهُ كِفَافُ الأُذن والظفُر وَالدُّبُرِ، وكِفَّة الصَّائِدِ، مَكْسُورٌ أَيضاً. والكِفَّة: حِبَالَةُ الصَّائِدِ، بِالْكَسْرِ. والكِفَّةُ: مَا يُصاد بِهِ الظِّباء يُجْعَلُ كالطوْق. وكُفَفُ السَّحَابِ وكِفَافُه: نَوَاحِيهِ. وكُفَّة السَّحَابِ: نَاحِيَتُهُ. وكِفافُ السَّحَابِ: أَسافله، وَالْجَمْعُ أَكِفَّةٌ. والكِفَافُ: الْحَوْقَةُ والوَتَرَةُ. واسْتَكَفُّوه: صَارُوا حَواليْه. والمُسْتَكِفّ: الْمُسْتَدِيرُ كالكِفَّة. والكَفَفُ: كالكِفَفِ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الوَشم. واسْتَكَفَّت الحيَّة إِذَا ترَحَّتْ كالكِفَّةِ. واسْتَكَفَّ بِهِ الناسُ إِذَا عَصبوا بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المنفِقُ عَلَى الْخَيْلِ كالمسْتَكِفّ بِالصَّدَقَةِ
أَي الباسطِ يدَه يُعطِيها، مِنْ قَوْلِهِمُ استكفَّ بِهِ الناسُ إِذَا أَحدَقوا بِهِ، واستكَفُّوا حَوْلَهُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ كِفاف الثَّوْبِ، وَهِيَ طُرَّته وحَواشِيه وأَطرافُه، أَو مِنَ الكِفّة، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ مَا اسْتَدَارَ كَكِفَّةِ الْمِيزَانِ. وَفِي حَدِيثِ
رُقَيْقَة: فاسْتَكَفُّوا جَنابَيْ عبدِ الْمُطَّلِبِ
أَي أَحاطوا بِهِ وَاجْتَمَعُوا حَوْلَهُ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أُمرتُ أَن لَا أَكُفَّ شَعراً وَلَا ثَوْبًا
، يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى الْمَنْعِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي لَا أَمنَعهما مِنْ الِاسْتِرْسَالِ حَالَ السُّجُودِ ليَقَعا عَلَى الأَرض، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى الْجَمْعِ أَي لَا يَجْمَعُهُمَا وَلَا يَضُمُّهُمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْمُؤْمِنُ أَخو الْمُؤْمِنِ يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَته
أَي يَجْمَعُ عَلَيْهِ مَعِيشتَه ويَضُمُّها إِلَيْهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
يَكُفُّ مَاءَ وَجْهِهِ
أَي يصُونُه وَيَجْمَعُهُ عَنْ بَذْلِ السُّؤَالِ وأَصله الْمَنْعُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُم سَلَمَةَ: كُفِّي رأْسي
أَي اجمعِيه وضُمِّي أَطرافه، وَفِي رِوَايَةٍ:
كفِّي عَنْ رأْسي
أَي دَعيه وَاتْرُكِي مَشْطَه. والكِفَفُ: النُّقَر الَّتِي فِيهَا الْعُيُونُ؛ وَقَوْلُ حُمَيْدٍ:
ظَلَلْنا إِلَى كَهْفٍ، وظلَّت رِحالُنا ... إِلَى مُسْتَكِفَّاتٍ لهنَّ غُروبُ
قِيلَ: أَراد بالمُسْتَكِفّات الأَعين لأَنها فِي كِفَفٍ، وَقِيلَ: أَراد الإِبل الْمُجْتَمِعَةَ، وَقِيلَ: أَراد شَجَرًا قَدِ اسْتَكَفَّ بعضُها إِلَى بَعْضٍ، وَقَوْلُهُ لهنَّ غُروب أَي ظِلال. والكَافَّةُ: الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. يُقَالُ: لَقِيتهم كَافَّةً أَي كلَّهم. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً
، قَالَ: كَافَّةً
بِمَعْنَى الْجَمِيعِ والإِحاطة، فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كلِّه أَي فِي جَمِيعِ شَرَائِعِهِ، وَمَعْنَى كَافَّةً
فِي اشْتِقَاقِ اللُّغَةِ: مَا يَكُفُّ الشَّيْءَ فِي آخِرِهِ، مِنْ ذَلِكَ كُفَّة الْقَمِيصِ وَهِيَ حَاشِيَتُهُ، وكلُّ مُسْتَطِيلٍ فَحَرْفُهُ كُفَّة، وَكُلُّ مُسْتَدِيرٍ كِفَّة نَحْوَ كِفَّة الْمِيزَانِ. قَالَ: وَسُمِّيَتْ كُفَّة الثَّوْبِ لأَنها تَمْنَعُهُ أَن يَنْتَشِرَ، وأَصل الكَفّ الْمَنْعُ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لطَرف الْيَدِ كَفٌّ لأَنها يُكَفُّ بِهَا عَنْ سَائِرِ الْبَدَنِ، وَهِيَ الرَّاحَةُ مَعَ الأَصابع، وَمِنْ هَذَا قِيلَ رَجُلٌ مَكْفُوف أَي قَدْ كُفَّ بصرُه مِنْ أَن يَنْظُرَ، فَمَعْنَى الْآيَةِ ابْلُغوا فِي الإِسلام إِلَى حَيْثُ تَنْتَهِي شَرَائِعُهُ فَتُكَفُّوا مِنْ أَن تعدُو شَرَائِعُهُ وَادْخُلُوا كلُّكم حَتَّى يُكَفَّ عَنْ عَدَدٍ وَاحِدٍ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً
، مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ وَهُوَ مَصْدَرٌ عَلَى فَاعِلَةٍ كَالْعَافِيَةِ وَالْعَاقِبَةِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ قَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ مُحِيطِينَ، قَالَ: فَلَا يَجُوزُ أَن(9/305)
يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعَ لَا يُقَالُ قَاتِلُوهُمْ كَافَّات وَلَا كَافِّين، كَمَا أَنك إِذَا قُلْتَ قاتِلْهم عَامَّةً لَمْ تثنِّ وَلَمْ تُجْمَعْ، وَكَذَلِكَ خَاصَّةً وَهَذَا مَذْهَبُ النَّحْوِيِّينَ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُ ابْنِ رَوَاحَةَ الأَنصاري:
فسِرْنا إِلَيْهِمْ كَافَّةً فِي رِحالِهِمْ ... جَمِيعًا، عَلَيْنَا البَيْضُ لَا نَتَخَشَّعُ
فَإِنَّمَا خَفَّفَهُ ضَرُورَةً لأَنه لَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ ساكِنين فِي حَشْوِ الْبَيْتِ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْآخَرِ:
جَزى اللهُ الروابَ جَزَاءَ سَوْءٍ، ... وأَلْبَسَهُنّ مِنْ بَرَصٍ قَمِيصا
وَهُوَ جَمْعُ رَابَّةٍ. وأَكافِيفُ الْجَبَلِ: حُيوده، قَالَ:
مُسْحَنْفِراً مِنْ جبالِ الرُّومِ يَسْتُره ... مِنْهَا أَكَافِيفُ، فِيمَا دُونها زَوَرُ
«4» يَصِفُ الفُرات وجَرْيَه فِي جِبَالِ الرُّوم المُطلَّة عَلَيْهِ حَتَّى يشُق بِلَادَ الْعِرَاقِ. أَبُو سَعِيدٍ: يُقَالُ فُلَانٌ لَحْمُهُ كَفَافٌ لأَدِيمه إِذا امْتَلأ جِلْدُهُ مِنْ لَحْمِهِ، قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَب:
فُضُولٌ أَراها فِي أَديميَ بعدَ ما ... يَكُونُ كَفَافَ اللحمِ، أَو هُوَ أَجمَلُ
أَراد بِالْفُضُولِ تَغَضُّن جلده لكِبره بعد ما كَانَ مُكْتَنِزَ اللَّحْمِ، وَكَانَ الْجِلْدُ مُمْتَدًا مَعَ اللَّحْمِ لَا يَفْضُل عَنْهُ، وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
نَجُوسُ عِمارةً ونَكُفُّ أُخرى ... لَنَا، حَتَّى يُجاوزَها دَلِيلُ
رَامَ تَفْسِيرَهَا فَقَالَ: نَكُفُّ نأْخذ فِي كِفاف أُخرى، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِتَفْسِيرٍ لأَنه لَمْ يُفَسِّرِ الْكَفَافَ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ: يَقُولُ نطأُ قَبِيلَةً ونتخلَّلها ونَكُفُّ أُخرى أَي نأْخذ فِي كُفَّتها، وَهِيَ نَاحِيَتُهَا، ثُمَّ ندَعها وَنَحْنُ نَقْدِرُ عَلَيْهَا. وَقَالَ الأَصمعي: يُقَالُ نفقَتُه الكَفَافُ أَيْ لَيْسَ فِيهَا فَضْلٌ إِنما عِنْدَهُ مَا يكُفُّه عَنِ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: ابْدَأْ بِمَنْ تعُولُ وَلَا تُلامُ عَلَى كَفَاف
، يَقُولُ: إِذا لَمْ يَكُنِ عِنْدَكَ فَضْل لم تُلَمْ على أَن لَا تُعْطِيَ أَحداً. الْجَوْهَرِيُّ: كَفَاف الشَّيْءِ، بِالْفَتْحِ، مِثْلُهُ وقَيْسُه، والكَفَاف أَيضاً مِنَ الرِّزق: الْقُوتُ وَهُوَ مَا كفَّ عَنِ النَّاسِ أَي أَغنى. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ اجْعَل رِزقَ آلِ محمدٍ كَفَافاً.
والكَفَافُ مِنَ الْقُوتِ: الَّذِي عَلَى قدْر نَفَقَتِهِ لَا فَضْلَ فِيهَا وَلَا نَقْصَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الأُبَيْرِد اليَرْبوعِيّ:
أَلا لَيتَ حَظِّي مِنْ غُدانةَ أَنه ... يَكُونُ كَفَافاً: لَا عليَّ وَلَا لِيا
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَدِدْت أَني سَلِمت مِنَ الخِلافة كَفَافاً: لَا عَلَيَّ ولا ليَ
، الْكَفَافُ: هُوَ الَّذِي لَا يفضُل عَنِ الشَّيْءِ وَيَكُونُ بقدْر الْحَاجَةِ إِليه، وَهُوَ نَصْب عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: أَراد بِهِ مَكْفُوفًا عَنِّي شرُّها، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن لَا تنالَ مِنِّي وَلَا أَنالَ مِنْهَا أَي تكُفَّ عَنِّي وأَكُفَّ عَنْهَا. ابْنُ بَرِّيٍّ: والكِفَافُ الطَّورُ، قَالَ عَبْدُ بَنِي الحَسْحاس:
أَحارِ تَرَى البَرْقَ لَمْ يَغْتَمِضْ ... ، يُضِيء كِفَافاً، ويَخْبُو كِفَافا
وقال رؤبة: «5»
__________
(4) . هذا البيت للأخطل من قصيدته: خف القطين إلخ.
(5) . قوله [وَقَالَ رُؤْبَةُ فَلَيْتَ حَظِّي إلخ] في هامش النهاية: وقد يبنى على الكسر فيقال دعني كفاف، أنشد أبو زيد لرؤبة: فليت حظي (البيت) .(9/306)
فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ نَداكَ الضَّافي ... ، وَالنَّفْعَ أَنْ تَتْرُكَني كَفَافِ
والكَفُّ: الرِّجلة، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ يَعْنِي بِهِ البَقْلة الحمقاء.
كلف: الكَلَف: شَيْءٌ يَعْلُو الْوَجْهَ كالسِّمسم. كَلِفَ وجهُه يَكْلَفُ كَلَفاً، وَهُوَ أَكلف: تغيَّر. والكلَف والكُلْفَةُ: حُمْرة كَدرة تَعْلُو الْوَجْهَ، وَقِيلَ: لَوْنٌ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ سَوَادٌ يَكُونُ فِي الْوَجْهِ، وَقَدْ كَلِفَ. وَبَعِيرٌ أَكْلَف وَنَاقَةٌ كَلْفَاء وَبِهِ كُلْفَة، كلُّ هَذَا فِي الْوَجْهِ خَاصَّةً، وَهُوَ لَوْنٌ يَعْلُو الْجِلْدَ فَيُغَيِّرُ بَشَرَتَهُ. وَثَوْرٌ أَكْلَف وَخَدٌّ أَكْلَفُ: أَسفَع؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الثَّوْرَ:
عَنْ حَرْفِ خَيْشومٍ وخَدٍّ أَكْلَفا
وَيُقَالُ للبَهَق الكَلَف. والبعير الأَكْلَف: يَكُونُ فِي خَدَّيْهِ سَوَادٌ خَفيّ. الأَصمعي: إِذَا كَانَ الْبَعِيرُ شَدِيدَ الْحُمْرَةِ يخلِط حُمرته سَوَادٌ لَيْسَ بِخَالِصٍ فَتِلْكَ الْكُلْفَةُ. وَيُقَالُ: كُمَيْت أَكْلَف لِلَّذِي كَلِفَت حُمرته فَلَمْ تَصْفُ وَيُرَى فِي أَطراف شَعْرِهِ سَوَادٌ إِلَى الِاحْتِرَاقِ مَا هُوَ. والكَلْفَاء: الْخَمْرُ الَّتِي تَشْتَدُّ حُمرتها حَتَّى تَضْرِبَ إِلَى السَّوَادِ. شَمِرٌ وَغَيْرُهُ: مِنْ أَسماء الْخَمْرِ الكَلْفَاء والعَذْراء. وكَلِف بِالشَّيْءِ كَلَفاً وكُلْفَة، فَهُوَ كَلِفٌ ومُكَلَّف: لهِج بِهِ. أَبو زَيْدٍ: كَلِفْت مِنْكَ أَمْراً كَلَفاً. وكَلِفَ بِهَا أَشَدَّ الكَلَفِ أَي أَحَبَّها. وَرَجُلٌ مِكْلَاف: مُحِبّ لِلنِّسَاءِ. والمُكَلَّف والمُتَكَلِّف: الوقّاعُ فِيمَا لَا يَعْنيه. والمُتَكَلِّف: العِرِّيض لِمَا لَا يَعْنِيهِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ كَلِفْت هَذَا الأَمْر وتَكَلَّفْتُه. والكُلْفَةُ: مَا تكلَّفْت مِنْ أَمر فِي نَائِبَةٍ أَو حَقٍّ. وَيُقَالُ: كَلِفْتُ بِهَذَا الأَمر أَي أُولِعْتُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطيقون
، هُوَ مِنْ كَلِفْت بالأَمر إِذَا أُولِعْت بِهِ وأَحْبَبْته. وَفِي الْحَدِيثِ:
عُثْمَانُ كَلِفٌ بأَقاربه
أَي شديدُ الْحُبِّ لَهُمْ. والكَلَف: الوُلوع بِالشَّيْءِ مَعَ شَغْلِ قَلْبٍ ومَشقة. وكَلَّفَه تَكْلِيفاً أَي أَمره بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ. وتَكَلَّفْت الشيءَ: تجشَّمْته عَلَى مشقَّة وَعَلَى خِلَافِ عَادَتِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَراك كَلِفْت بِعِلْمِ الْقُرْآنِ
، وكَلِفْته إِذَا تحمَّلته. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَتَكَلَّفُ لإِخوانه الكُلَف والتَّكَالِيف. وَيُقَالُ: حَمَلْت الشَّيْءَ تَكْلِفَة إِذَا لَمْ تُطقه إِلَّا تكلُّفاً، وَهُوَ تَفْعِلةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنا وأُمتي بُرَاءٌ مِنَ التَّكَلُّف.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نُهِينا عَنِ التَّكَلُّفِ
؛ أَراد كَثْرَةَ السُّؤَالِ والبحثَ عَنِ الأَشياء الْغَامِضَةِ الَّتِي لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْهَا والأَخذَ بِظَاهِرِ الشَّرِيعَةِ وقبولَ مَا أَتت بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: كَلِفَ الأَمرَ وكَلَفَه تجشَّمه «6» عَلَى مشقَّة وعُسْرة؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
أَزُهَيْرُ، هَلْ عَنْ شَيْبةٍ مِنْ مَصْرِفِ، ... أَم لَا خُلودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ؟
وَهِيَ الكُلَف والتَّكَالِف، وَاحِدَتُهَا تَكْلِفَة؛ وَقَوْلُهُ:
وهُنَّ يَطْوِينَ عَلَى التَّكَالِف ... بالسَّوْمِ، أَحياناً، وبالتقاذُف
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا وَاحِدَ لَهُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ تَكْلفة؛ وَرَوَاهُ ابْنُ جِنِّي:
وَهُنَّ يَطْوِينَ عَلَى التَّكَالُف
__________
(6) . قوله [وكَلَفَه تجشمه] كذا بالأصل مخففاً، ولعله كَلفَ الأَمر وتَكَلَّفَه تَجَشَّمَهُ كما يرشد إليه الشاهد بعد.(9/307)
جَاءَ بِهِ فِي السِّنَادِ لأَن قَبْلَ هَذَا:
إِذَا احْتَسَى، يومَ هَجِيرٍ هَائِفٍ، ... غُرورَ عِيدِيَّاتِها الخَوانِف
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَرَ أَحداً رَوَاهُ التَّكَالُف، بِضَمِّ اللَّامِ، إِلَّا ابْنَ جِنِّي. والكُلَافِيّ: ضَرْبٌ مِنَ الْعِنَبِ أَبيض فِيهِ خُضرة وَإِذَا زُبِّب جَاءَ زَبِيبُهُ أَكلف وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الكُلافِيّ، وَقِيلَ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى كُلاف، بَلَدٌ فِي شَقِّ الْيَمَنِ مَعْرُوفٌ. وَذُو كُلافٍ وكُلْفَى: مَوْضِعَانِ. التَّهْذِيبُ: وَذُو كُلاف اسْمُ وَادٍ فِي شِعْرِ ابْنِ مُقْبِلٍ.
كنف: الكَنَفُ والكَنَفَةُ: نَاحِيَةُ الشَّيْءِ، وناحِيتا كلِّ شَيْءٍ كَنَفَاه، وَالْجَمْعُ أَكْنَاف. وَبَنُو فُلَانٍ يَكْنُفُون بَنِي فُلَانٍ أَي هُمْ نُزول فِي نَاحِيَتِهِمْ. وكَنَفُ الرَّجل: حِضْنه يَعْنِي العَضُدين والصدْرَ. وأَكْنَاف الْجَبَلِ وَالْوَادِي: نواحِيه حَيْثُ تَنْضَمُّ إِلَيْهِ، الْوَاحِدُ كَنَفٌ. والكَنَفُ: الْجَانِبُ وَالنَّاحِيَةُ، بِالتَّحْرِيكِ. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لَهُ أَين مَنْزِلُكَ؟ قَالَ: بأَكْنَافِ بِيشةَ
أَي نَوَاحِيهَا. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
مَا كشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنثى
؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ بِالْكَسْرِ مِنَ الكِنْفِ، وَبِالْفَتْحِ مِنَ الكَنَفَ. وكَنَفَا الإِنسان: جانِباه، وكَنَفَاه ناحِيتاه عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، وَهُمَا حِضْناه. وكَنَفُ اللَّهِ: رَحْمَتُهُ. واذْهَبْ فِي كَنَفِ اللَّهِ وحِفظه أَي فِي كَلاءته وحِرْزه وحِفظه، يَكْنُفُه بالكَلاءة وحُسن الوِلاية. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي النْجوى: يُدْنى المؤمنُ مِنْ رَبِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يضَع عَلَيْهِ كَنَفَه
؛ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: يَعْنِي يَسْتُرُهُ، وَقِيلَ: يَرْحَمُهُ ويَلْطُف بِهِ، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يضَعُ اللَّهُ عَلَيْهِ كَنَفَه أَي رَحْمَتَهُ وبِرّه وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِجَعْلِهِ تَحْتَ ظِلِّ رَحْمَتِهِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَفِي حَدِيثٍ
أَبي وَائِلٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نشَر اللَّهُ كَنَفَه عَلَى الْمُسْلِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا، وتعطَّفَ بِيَدِهِ وكُمه.
وكَنَفَه عَنِ الشَّيْءِ: حَجَزه عَنْهُ. وكَنَفَ الرجلَ يَكْنُفُه وتَكَنَّفَه واكْتَنَفَه: جَعَلَهُ فِي كنَفِه. وتَكَنَّفُوه واكْتَنَفُوه: أَحاطوا بِهِ، والتَّكْنِيفُ مِثْلُهُ. يُقَالُ: صِلاء مُكَنَّف أَي أُحيط بِهِ مِنْ جَوانِبه. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
مَضَوْا عَلَى شَاكِلَتِهِمْ مُكَانِفِين
أَي يكنُف بعضُهم بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ: فاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي
أَيْ أَحطْنا بِهِ مِنْ جانِبَيْه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَتَكَنَّفَه النَّاسُ.
وكَنَفَه يَكْنُفُه كَنْفاً وأَكْنَفَه: حَفِظه وأَعانه؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كَنَفَه ضَمَّهُ إِلَيْهِ وَجَعَلَهُ فِي عِياله. وَفُلَانٌ يَعِيش فِي كَنَفَ فُلَانٍ أَيْ فِي ظِلِّه. وأَكْنَفْت الرَّجُلَ إِذَا أَعَنْتَه، فَهُوَ مُكْنَف. الْجَوْهَرِيُّ: كَنَفْت الرَّجلَ أَكْنُفُه أَي حُطْتُه وصُنْتُه، وكَنَفْتُ بِالرَّجُلِ إِذَا قُمْتَ بِهِ وَجَعَلْتَهُ فِي كَنَفِك. والمُكَانَفَة: الْمُعَاوَنَةُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَلا أَكون لَكَ صَاحِبًا أَكْنُفُ راعِيَكَ وأَقْتَبِس مِنْكَ؟
أَي أُعِينُه وأَكون إِلَى جَانِبِهِ وَأَجْعَلُهُ فِي كنَف. وأَكْنَفَه: أَتاه فِي حَاجَةٍ فَقَامَ لَهُ بِهَا وأَعانه عَلَيْهَا. وكَنَفَا الطَّائِرِ: جَنَاحَاهُ. وأَكْنَفَه الصيدَ وَالطَّيْرَ: أَعانه عَلَى تَصَيُّدِهَا، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. ويُدْعى عَلَى الإِنسان فَيُقَالُ: لَا تَكْنُفُه مِنَ اللَّهِ كَانِفَة أَيْ لَا تَحْفَظُهُ. اللَّيْثُ: يُقَالُ للإِنسان الْمَخْذُولِ لَا تَكْنُفُه مِنَ اللَّهِ كَانِفة أَي لَا تحْجُزه. وَانْهَزَمُوا فَمَا كَانَتْ لَهُمْ كَانِفَة دُونَ الْمَنْزِلِ أَو الْعَسْكَرِ أَي مَوْضِعٍ يلجَؤُون إِلَيْهِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ ابْنُ الأَعرابي، وَفِي التَّهْذِيبِ:(9/308)
فَمَا كَانَ لَهُمْ كَانِفَة دون العسكر أَي حاجز يحجُز عَنْهُمُ العدوَّ. وتَكَنَّفَ الشَّيْءَ واكْتَنَفَه: صَارَ حَوَالَيْهِ. وتَكَنَّفُوه مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَيِ احْتَوَشُوه. وَنَاقَةٌ كَنُوف: وَهِيَ الَّتِي إِذَا أَصابها الْبَرْدُ اكْتَنَفَتْ فِي أَكناف الإِبل تَسْتَتِرُ بِهَا مِنَ الْبَرْدِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والكَنُوف مِنَ النُّوقِ الَّتِي تبرُك فِي كنَفة الإِبل لِتَقِيَ نَفْسَهَا مِنَ الرِّيحِ وَالْبَرْدِ، وَقَدِ اكْتَنَفت، وَقِيلَ: الكَنُوف الَّتِي تَبْرُكُ نَاحِيَةً مِنَ الإِبل تَسْتَقْبِلُ الرِّيحَ لِصِحَّتِهَا: واطْلُب نَاقَتَكَ فِي كَنَفِ الإِبل أَي فِي نَاحِيَتِهَا. وكَنَفَةُ الإِبل: نَاحِيَتُهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ نَاقَةٌ كَنُوف تَبْرُكُ فِي كَنَفَة الإِبل مِثْلَ القَذُور إِلَّا أَنها لَا تَسْتبعد كَمَا تَسْتَبْعِدُ القَذور. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: شَاةٌ كَنْفَاء أَي حَدْباء. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: نَاقَةٌ كَنُوف تَبِيتُ فِي كَنَف الإِبل أَي نَاحِيَتِهَا؛ وأَنشد:
إِذَا اسْتَثارَ كَنُوفاً خِلْت مَا بَرَكَت ... عَلَيْهِ يُنْدَفُ، فِي حافاتِه، العُطُبُ
والمُكَانِفُ: الَّتِي تبرُك مِنْ وَرَاءِ الإِبل؛ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والكَنَفَانِ: الجَناحانِ؛ قَالَ:
سِقْطانِ مِنْ كَنَفَيْ نَعامٍ جافِلِ
وكلُّ مَا سُتر، فَقَدْ كُنِفَ. والكَنِيفُ: التُّرْس لسَتْره، وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: تُرْس كَنِيف، وَمِنْهُ قِيلَ للمَذْهب كَنِيف، وَكُلُّ سَاتِرٍ كَنِيف؛ قَالَ لَبِيدٌ:
حَريماً حِينَ لَمْ يَمْنَعْ حَريماً ... سُيوفُهمُ، وَلَا الحَجَفُ الكَنِيفُ
والكَنِيفُ: السَّاتِرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: وَلَا يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانِفَةٌ
أَي سَاتِرَةٌ، وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: شَقَقْن أَكْنَفَ مُروطِهنّ فاخْتَمَرْن بِهِ
أَي أَسْتَرَها وأَصْفَقَها، وَيُرْوَى بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والكَنِيفُ: حَظيرة مِنْ خشَب أَوْ شَجَرٍ تُتَّخَذُ للإِبل، زَادَ الأَزهري: وَلِلْغَنَمِ؛ تَقُولُ مِنْهُ: كَنَفْتُ الإِبل أَكْنُفُ وأَكنِفُ. واكْتَنَفَ القومُ إِذَا اتَّخَذُوا كَنِيفاً لإِبلهم. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: لَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ كَنُوف
، قَالَ: هِيَ الشَّاةُ الْقَاصِيَةُ الَّتِي لَا تَمْشِي مَعَ الْغَنَمِ، وَلَعَلَّهُ أَراد لإِتْعابها المصدِّق بِاعْتِزَالِهَا عَنِ الْغَنَمِ، فَهِيَ كالمُشَيِّعةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الأَضاحي، وَقِيلَ: نَاقَةٌ كَنُوف إِذَا أَصابها الْبَرْدُ فَهِيَ تَسْتَتِرُ بالإِبل. ابْنُ سِيدَهْ: والكَنِيف حَظيرة مِنْ خَشَبٍ أَو شَجَرٍ تُتَّخَذُ للإِبل لتقِيَها الرِّيحَ وَالْبَرْدَ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَكْنِفُها أَيْ يَسْتُرُهَا وَيَقِيهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَبِيتُ بَيْنَ الزَّرْبِ والكَنِيفِ
وَالْجَمْعُ كُنُفٌ؛ قَالَ:
لَمّا تَآزَيْنا إِلَى دِفْء الكُنُفْ
وكَنَفَ الكَنِيفَ يَكْنُفُه كَنْفاً وكُنُوفاً: عَمِلَهُ. وكَنَفْتُ الدارَ أَكْنُفُها: اتَّخَذَتْ لَهَا كَنِيفًا. وكَنَفَ الإِبلَ والغنمَ يَكْنُفُها كَنْفاً: عَمِلَ لَهَا كَنيفاً. وكَنَفَ لإِبله كَنِيفاً: اتَّخَذَهُ لَهَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وكَنفَ الكَيّالُ يَكْنُفُ كَنْفاً حَسناً: وَهُوَ أَن يَجْعَلَ يَدَيْهِ عَلَى رأْس القَفِيز يُمْسِك بِهِمَا الطَّعَامَ، يُقَالُ: كِلْه كَيْلًا غَيْرَ مَكْنُوف. وتَكَنَّفَ القومُ بالغِثاث: وَذَلِكَ أَن تَمُوتَ غَنَمُهُمْ هُزالًا فيَحْظُروا بِالَّتِي مَاتَتْ حَوْلَ الأَحْياء الَّتِي بَقِين فتسْتُرها مِنَ الرِّياح. واكْتَنَفَ كَنِيفاً: اتَّخَذَهُ. وكَنَفَ القومُ:(9/309)
حبَسوا أَموالهم مِنْ أَزْلٍ وتَضْييق عَلَيْهِمْ. والكَنِيف: الكُنّة تُشْرَع فَوْقَ بَابِ الدَّارِ. وكَنَفَ الدَّارَ يَكْنُفُها كَنْفاً: اتَّخَذَ لَهَا كَنِيفاً. والكَنِيف: الخَلاء وَكُلُّهُ رَاجِعٌ إِلَى السَّتر، وأَهل الْعِرَاقِ يُسَمُّونَ مَا أَشرعوا مِنْ أَعالي دُورهم كَنِيفاً، وَاشْتِقَاقُ اسْمِ الكَنِيف كأَنه كُنِفَ فِي أَستر النَّوَاحِي، والحظيرةُ تُسَمَّى كَنِيفاً لأَنها تَكْنفُ الإِبلَ أَي تَسْتُرُهَا مِنَ الْبَرْدِ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ حِينَ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنه أَشرف مِنْ كَنِيف فكلَّمهم
أَي مِنْ سُتْرة؛ وكلُّ مَا سَتر مِنْ بِنَاءٍ أَو حَظِيرَةٍ، فَهُوَ كَنِيف؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَالِكٍ والأَكوع:
تَبِيتُ بَيْنَ الزِّرْبِ والكَنِيف
أَي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكْنُفُهَا وَيَسْتُرُهَا. والكِنْفُ: الزَّنْفَلِيجة يَكُونُ فِيهَا أَداة الرَّاعِي ومَتاعه، وَهُوَ أَيضاً وِعاء طَوِيلٌ يَكُونُ فِيهِ مَتاع التِّجار وأَسْقاطهم؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ عُمَرَ فِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كُنَيْفٌ مُلِئ عِلْماً
أَي أَنه وِعَاءٌ لِلْعِلْمِ بِمَنْزِلَةِ الْوِعَاءِ الَّذِي يَضَعُ الرَّجُلُ فِيهِ أَداته، وَتَصْغِيرُهُ عَلَى جِهَةِ الْمَدْحِ لَهُ، وَهُوَ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ للكِنْف كَقَوْلٍ حُباب بْنُ المُنْذِر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجّب؛ شَبَّهَ عُمَرُ قَلْبَ ابْنِ مَسْعُودٍ بِكِنْف الرَّاعِي لأَن فِيهِ مِبْراتَه ومِقَصَّه وشَفْرته فَفِيهِ كلُّ مَا يُرِيدُ؛ هَكَذَا قلبُ ابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ جُمع فِيهِ كلُّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ مِنَ الْعُلُومِ، وَقِيلَ: الكِنْف وِعَاءٌ يَجْعَلُ فِيهِ الصَّائِغُ أَدواته، وَقِيلَ: الكِنْف الْوِعَاءُ الَّذِي يكْنُف مَا جُعل فِيهِ أَي يَحْفَظُهُ. والكِنْفُ أَيضاً: مِثْلُ العَيْبة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بكِنْف فِيهِ مَتَاعٌ، وَهُوَ مِثْلُ الْعَيْبَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه توضَّأَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِناء فكَنَفَها وَضَرَبَ بِالْمَاءِ وَجْهَهُ
أَي جَمَعها وَجَعَلَهَا كالكِنْف وَهُوَ الْوِعَاءُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: أَنه أَعطى عِيَاضًا كِنْف الرَّاعي
أَي وِعَاءَهُ الَّذِي يَجْعَلُ فِيهِ آلَتَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَمْرٍو وَزَوْجَتِهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: لَمْ يُفَتِّش لَنَا كِنْفاً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ مَعَهَا كَمَا يُدْخِلُ الرَّجُلُ يَدَهُ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَوَاخِلِ أَمرها؛ قَالَ: وأَكثر مَا يُرْوَى بِفَتْحِ الْكَافِ وَالنُّونِ مِنَ الكَنَف، وَهُوَ الْجَانِبُ، يَعْنِي أَنه لَمْ يَقْرَبها. وكَنَف الرجلُ عَنِ الشَّيْءِ: عَدَلَ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
فَصالوا وصُلْنا، واتَّقَونا بماكِرٍ، ... ليُعْلَمَ مَا فِينا عَنِ البيْع كَانِفُ
قَالَ الأَصمعي:
وَيُرْوَى كَاتِفُ
؛ قَالَ: أَظن ذَلِكَ ظَنًّا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ:
ليُعلَمَ هَلْ مِنّا عَنِ الْبَيْعِ كَانِف
قَالَ: وَيَعْنِي بِالْمَاكِرِ الْحِمَارَ أَي لَهُ مَكر وخَديعة. وكَنِيف وكَانِف ومُكْنِف، بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ: أَسماء. ومُكْنِف بْنُ زَيد الْخَيْلِ كَانَ لَهُ غَناء فِي الرِّدّة مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَهُوَ الَّذِي فتَح الرَّيَّ، وأَبو حَمَّادٍ الرَّاوِيَةُ من سَبْيه.
كهف: الكَهْف: كالمَغارة فِي الْجَبَلِ إِلَّا أَنه أَوسع مِنْهَا، فَإِذَا صَغُرَ فَهُوَ غَارٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: الكَهْف كَالْبَيْتِ الْمَنْقُورِ فِي الْجَبَلِ، وَجَمْعُهُ كُهُوف. وتَكَهَّفَ الجبلُ: صَارَتْ فِيهِ كُهُوف، وتَكَهَّفَتِ الْبِئْرُ: صَارَ فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ كَهْف فُلَانٍ أَي مَلْجَأٌ. الأَزهري: يُقَالُ فُلَانٌ كَهْف أَهل(9/310)
الرِّيَبِ إِذَا كَانُوا يَلُوذون بِهِ فَيَكُونُ وزَراً ومَلْجأ لَهُمْ. وأُكَيْهِفٌ: مَوْضِعٌ. وكَهْفَةُ: اسْمُ امرأَة، وَهِيَ كَهْفَةُ بِنْتُ مَصاد أَحد بَنِي نَبهان.
كوف: كَوَّفَ الأَدِيم: قَطَعه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، ككَيَّفه، وكَوَّفَ الشيءَ: نَحَّاهُ، وكَوَّفَه: جَمَعَهُ. والتَّكَوُّفُ: التَّجَمُّعُ. والكُوفَة: الرَّمَلَةُ الْمُجْتَمِعَةُ، وَقِيلَ: الكُوفَة الرَّمَلَةُ مَا كَانَتْ، وَقِيلَ: الكُوفَة الرَّمَلَةُ الْحَمْرَاءُ وَبِهَا سُمِّيَتِ الكُوفَة. الأَزهري: اللَّيْثُ كُوفَانُ اسْمُ أَرض وَبِهَا سُمِّيَتِ الكُوفَة. ابْنُ سِيدَهْ: الكُوفَة بَلَدٌ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن سَعْدًا لَمَّا أَراد أَن يَبْنِيَ الْكُوفَةَ ارْتَادَهَا لَهُمْ وَقَالَ: تَكَوَّفُوا فِي هَذَا الْمَكَانِ أَي اجْتَمِعُوا فِيهِ، وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: إِنَّمَا قَالَ كَوِّفُوا هَذَا الرَّمْلَ أَيْ نَحُّوه وَانْزِلُوا، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الكُوفَة. وكُوفَان: اسْمُ الكُوفَة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَبِهَا كَانَتْ تُدْعَى قَبْلُ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: كَانَتِ الكُوفَة تُدْعى كُوفَانَ. وكَوَّفَ القومُ: أَتوا الْكُوفَةَ؛ قَالَ:
إِذَا مَا رأَتْ يَوْمًا مِنَ النَّاسِ رَاكِبًا ... يُبَصِّر مِنْ جِيرانها، ويُكَوِّفُ
وكَوَّفْتُ تَكْوِيفاً أَي صِرْتُ إِلَى الْكُوفَةِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وتَكَوَّفَ الرجلُ أَي تَشَبَّهَ بأَهل الْكُوفَةِ أَو انْتَسَبَ إِلَيْهِمْ. وتَكَوَّفَ الرملُ والقومُ أَي اسْتَدَارُوا. والكُوفانُ والكُوَّفَان: الشرُّ الشَّدِيدُ. وتَرك القومَ في كُوفَان أَي فِي أَمر مُسْتَدِيرٍ. وإنَّ بَنِي فُلَانٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ لَفِي كُوفان وكَوَّفان أَي فِي أَمر شَدِيدٍ، وَيُقَالُ فِي عَناء ومَشَقَّة ودَوَران؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فَمَا أَضْحى وَمَا أَمْسَيْتُ إِلَّا ... وَإِنِّي منكُم فِي كَوَّفَانِ
وَإِنَّهُ لَفِي كُوفَان مِنْ ذَلِكَ أَي حِرْز ومَنَعة. الْكِسَائِيُّ: وَالنَّاسُ فِي كُوفَان مِنْ أَمرهم وَفِي كُوَّفَان وكَوْفَان أَي فِي اخْتِلَاطٍ. والكُوفَانُ: الدَّغَل بَيْنَ القصَب وَالْخَشَبِ. والكَاف: حَرْفٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ سَائِرُ حُرُوفِ الْهِجَاءِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَشاقَتْكَ أَطْلالٌ تَعَفَّتْ رُسُومُها، ... كَمَا بَيَّنَتْ كَافٌ تلُوح ومِيمها؟
والكَافُ أَلفها وَاوٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهِيَ مِنَ الْحُرُوفِ حَرْفٌ مَهْمُوسٌ يَكُونُ أَصلًا وَبَدَلًا وَزَائِدًا وَيَكُونُ اسْمًا، فَإِذَا كَانَتِ اسْمًا ابْتُدِئَ بِهَا فَقِيلَ كَزَيْدٍ جَاءَنِي، يُرِيدُ مِثْلَ زَيْدٍ جَاءَنِي، وَكَبَكْرٍ غلامٌ لِزَيْدٍ، يُرِيدُ مِثْلَ بَكْرٍ غُلَامٌ لِزَيْدٍ، فَإِنْ أَدخلت إنَّ عَلَى هَذَا قُلْتَ إنَّ كَبَكْرٍ غلامٌ لِمُحَمَّدٍ فَرَفَعَتِ الْغُلَامَ لأَنه خَبَرُ إنَّ، والكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لأَنها اسْمُ إِنَّ، وَتَقُولُ إِذَا جَعَلْتَ الكَافَ خَبَرًا مُقَدَّمًا إنَّ كَبَكْرٍ أَخاك تُرِيدُ إِنَّ أَخاك كَبَكْرٍ كَمَا تَقُولُ إِنَّ مِنَ الْكِرَامِ زَيْدًا، وَإِذَا كَانَتْ حَرْفًا لَمْ تَقَعْ إِلَّا مُتَوَسِّطَةً فَتَقُولُ مَرَرْتُ بِالَّذِي كَزَيْدٍ، فَالْكَافُ هُنَا حَرْفٌ لَا مَحَالَةَ، وَاعْلَمْ أَن هَذِهِ الكَاف الَّتِي هِيَ حَرْفُ جَرٍّ كَمَا كَانَتْ غَيْرَ زَائِدَةٍ فِيمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا، فَقَدْ تَكُونُ زَائِدَةً مُؤَكِّدَةً بِمَنْزِلَةِ الْبَاءِ فِي خَبَرِ لَيْسَ وَفِي خَبَرِ مَا ومِن وَغَيْرِهَا مِنَ الْحُرُوفِ الْجَارَّةِ، وَذَلِكَ نَحْوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ؛ تَقْدِيرُهُ وَاللَّهُ أَعلم: لَيْسَ مثلَه شَيْءٌ، وَلَا بُدَّ مِنِ اعْتِقَادِ زِيَادَةِ الْكَافِ لِيَصِحَّ الْمَعْنَى لأَنك إِنْ لَمْ تَعْتَقِدْ ذَلِكَ أَثبتَّ لَهُ عَزَّ اسْمُهُ مِثْلًا،(9/311)
وَزَعَمْتَ أَنه لَيْسَ كَالَّذِي هُوَ مِثْلُهُ شَيْءٌ، فَيَفْسُدُ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما مَا فِيهِ مِنْ إِثْبَاتِ الْمِثْلِ لِمَنْ لَا مِثْلَ لَهُ عَزَّ وَعَلَا عُلُوًّا كَبِيرًا، وَالْآخَرُ أَن الشَّيْءَ إِذَا أَثبَتَّ لَهُ مِثْلًا فَهُوَ مِثل مِثْلِهِ لأَن الشَّيْءَ إِذَا مَاثَلَهُ شَيْءٌ فَهُوَ أَيضاً مُماثل لِمَا مَاثَلَهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ عَلَى فَسَادِ اعْتِقَادِ مُعْتَقِدِهِ لَمَا جَازَ أَن يُقَالَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، لأَنه تَعَالَى مِثلُ مِثله وَهُوَ شَيْءٌ لأَنه تَبَارَكَ اسْمُهُ قَدْ سَمَّى نَفْسَهُ شَيْئًا بِقَوْلِهِ: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ؛ وَذَلِكَ أَن أَيّاً إِذَا كَانَتِ اسْتِفْهَامًا لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَوَابُهَا إِلَّا مِنْ جِنْسِ مَا أُضيفت إِلَيْهِ، أَلا تَرَى أَنك لَوْ قَالَ لَكَ قَائِلٌ أيُّ الطَّعَامِ أَحب إِلَيْكَ لَمْ يَجُزْ أَن تَقُولَ لَهُ الرُّكُوبَ وَلَا الْمَشْيَ وَلَا غَيْرَهُ مِمَّا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الطَّعَامِ؟ فَهَذَا كُلُّهُ يُؤَكِّدُ عِنْدَكَ أَن الكَافَ فِي كَمِثْلِهِ لَا بدَّ أَن تَكُونَ زَائِدَةً؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
لَواحِقُ الأَقْرابِ فِيهَا كالمَقَقْ
والمَقَقُ: الطُّول، وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا الشَّيْءِ كَالطُّولِ إِنَّمَا يُقَالُ فِي هَذَا الشَّيْءِ طُولٌ، فكأَنه قَالَ فِيهَا مَقَق أَي طُولٌ، وَقَدْ تَكُونُ الكَاف زَائِدَةً فِي نَحْوِ ذَلِكَ وَذَاكَ وتِيك وَتِلْكَ وأُولئك، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ لَيْسَكَ زَيْدًا أَي لَيْسَ زَيْدًا والكَاف لِتَوْكِيدِ الْخِطَابِ، وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا قِيلَ لأَحدهم كَيْفَ أَصبحت أَن يَقُولَ كخيرٍ، وَالْمَعْنَى عَلَى خَيْرٍ، قَالَ الأَخفش: فَالْكَافُ فِي مَعْنَى عَلَى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ فِي مَعْنَى الْبَاءِ أَي بِخَيْرٍ، قَالَ الأَخفش وَنَحْوٌ مِنْهُ قَوْلُهُمْ: كَنَ كَمَا أَنت. الْجَوْهَرِيُّ الكَافُ حَرْفُ جَرٍّ وَهِيَ لِلتَّشْبِيهِ؛ قَالَ: وَقَدْ تَقَعُ مَوْقِعَ اسْمٍ فَيَدْخُلُ عَلَيْهَا حَرْفُ الْجَرِّ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا:
ورُحْنا بِكَابْنِ الْمَاءِ يُجْنَبُ وسْطَنا، ... تَصَوَّبُ فِيهِ العَيْنُ طَوراً وتَرْتَقي
قَالَ:؛ وَقَدْ تَكُونُ ضَمِيرًا للمُخاطب الْمَجْرُورِ وَالْمَنْصُوبِ كَقَوْلِكَ غُلَامُكَ وضَربك، وَتَكُونُ لِلْخِطَابِ وَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الإِعراب كَقَوْلِكَ ذَلِكَ وَتِلْكَ وأُولئك ورُوَيْدَك، لأَنها لَيْسَتْ بِاسْمٍ هَاهُنَا وَإِنَّمَا هِيَ لِلْخِطَابِ فَقَطْ تُفْتَحُ لِلْمُذَكَّرِ وَتُكْسَرُ لِلْمُؤَنَّثِ. وكوَّفَ الكَافَ: عَمِلها. وكوَّفْتُ كَافاً حَسَنًا أَي كَتَبْتُ كَافًا. وَيُقَالُ: لَيْسَتْ عَلَيْهِ تُوفة وَلَا كُوفَةً، وَهُوَ مِثْلُ المَزْرِيةِ. وَقَدْ تافَ وكَافَ. والكُوَيْفَةُ: مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ كُوَيْفَة عَمْرٍو، وَهُوَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ مِنَ الأَزْد كَانَ أَبْرويز لَمَّا انْهَزَمَ مِنْ بَهرام جُور نَزَلَ بِهِ فَقَرَاهُ وَحَمَلَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُلْكِهِ أَقطعه ذلك الموضع.
كيف: كَيَّفَ الأَدِيمَ: قَطَّعه، والكِيفَةُ: القِطْعة مِنْهُ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ للخِرْقة الَّتِي يُرْقَع بِهَا ذَيْل الْقَمِيصِ القُدَّامُ: كِيفَة، وَالَّذِي يُرَقَّعُ بِهَا ذَيْلُ الْقَمِيصِ الخَلفُ: حيفةٌ. وكَيْفَ: اسْمٌ مَعْنَاهُ الِاسْتِفْهَامُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَإِنْ ذكِّرت جَازَ، فأَما قَوْلُهُمْ: كَيَّفَ الشيءَ فَكَلَامٌ مُوَلَّدٌ. الأَزهري: كَيْفَ حَرْفُ أَداة ونصْبُ الْفَاءِ فِرَارًا بِهِ مِنَ الْيَاءِ السَّاكِنَةِ فِيهَا لِئَلَّا يَلْتَقِيَ سَاكِنَانِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً
«7» : تأَويل كَيْفَ اسْتِفْهَامٌ فِي مَعْنَى التَّعَجُّبِ، وَهَذَا التَّعَجُّبُ إِنَّمَا هُوَ لِلْخَلْقِ وَالْمُؤْمِنِينَ أَي اعجَبوا مِنْ هَؤُلَاءِ كَيْفَ يَكْفُرُونَ وَقَدْ ثَبَتَتْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ فِي مَصْدَرِ كَيْفَ: الكَيْفِيَّة. الْجَوْهَرِيُّ: كَيْفَ اسْمٌ مُبْهَمٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ وَإِنَّمَا حُرِّكَ آخِرُهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَبُنِي على الفتح
__________
(7) . الآية(9/312)
دُونَ الْكَسْرِ لِمَكَانِ الْيَاءِ وَهُوَ لِلِاسْتِفْهَامِ عَنِ الأَحوال، وَقَدْ يَقَعُ بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ، وَإِذَا ضَمَمْتَ إِلَيْهِ مَا صَحَّ أَن يُجَازِيَ بِهِ تَقُولُ: كَيْفَما تَفْعَلْ أَفْعَلْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فِي هَذَا الْمَكَانِ لَا يُجَازَى بكَيْفَ وَلَا بكَيْفَمَا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، وَمِنَ الْكُوفِيِّينَ مَنْ يُجازي بكَيْفَمَا.
فصل اللام
لَأَفَ: التَّهْذِيبُ: ابْنُ السِّكِّيتِ فُلَانٌ يَلْأَفُ الطَّعَامَ لَأْفاً إِذَا أَكله أَكلًا جَيِّدًا.
لجف: اللَّجَفُ مِثْلُ البُعْثُط: وَهُوَ سُرَّةُ الْوَادِي. واللَّجَفُ: النَّاحِيَةُ مِنَ الْحَوْضِ أَو الْبِئْرِ يأْكله الْمَاءُ فَيَصِيرُ كالكَهْف؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
مُتَبَهِّرات بالسِّجالِ مِلاؤُها ... يَخْرُجْن مِنْ لَجَفٍ لَهَا مُتَلَقَّمِ
وَالْجَمْعُ أَلْجَاف. واللَّجْفُ: الحَفْرُ فِي أَصل الكِناس، وَقِيلَ: فِي جَنْبِ الكِناس وَنَحْوِهِ، وَالِاسْمُ اللَّجَفُ. والمُلَجِّف: الَّذِي يَحْفِر فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْبِئْرِ. والتَّلَجُّف: التحفُّر فِي نَوَاحِي الْبِئْرِ. ولَجَّفْت الْبِئْرَ تَلْجِيفاً: حَفَرْتُ فِي جَوَانِبِهَا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: أَنه حَفَر حَفِيرة فَلَجَّفَها
أَي حفَر فِي جَوَانِبِهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ ثَوْرًا:
بِسَلْهَبَيْنِ فَوْق أَنْفٍ أَدْلَفا، ... إِذَا انْتَحَى مُعْتَقِماً أَو لَجَّفَا
قَوْلُهُ بِسَلْهَبَيْنِ أَي بقرْنين طَوِيلَيْنِ. وَيُقَالُ: بِئْرُ فُلَانٍ مُتَلَجِّفَة؛ وأَنشد:
لَوْ أَنَّ سَلْمَى ورَدَتْ ذَا أَلجَافْ، ... لقَصَّرَت ذَناذِنَ الثَّوْبِ الضَّافْ
ابْنُ شُمَيْلٍ: أَلْجَافُ الرَّكيّة مَا أَكل الْمَاءُ مِنْ نَوَاحِي أَصلها، وَإِنْ لَمْ يأْكلها وَكَانَتْ مُسْتَوِيَةَ الأَسفل فَلَيْسَتْ بلَجف. وَقَالَ يُونُسُ: لَجَف، ويقال: اللَّجَف مَا حَفَر الماءُ مِنْ أَعلى الرَّكِيَّةِ وأَسفلها فَصَارَ مِثْلَ الْغَارِ. الْجَوْهَرِيُّ: اللَّجَف حَفْر فِي جَانِبِ الْبِئْرِ. ولَجِفَتِ الْبِئْرُ لَجَفاً، وَهِيَ لَجْفَاء، وتَلَجَّفَت، كِلَاهُمَا: تَحفَّرت وأُكلت مِنْ أَعلاها وأَسفلها؛ وقد اسعتير ذَلِكَ فِي الجُرح كَقَوْلِ عِذَارُ بْنُ دُرة الطَّائِيُّ:
يَحُجُّ مأْمُومةً فِي قَعْرِها لَجَفٌ، ... فاسْتُ الطَّبِيبِ قَذاها كالمَغاريدِ
وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الأَصمعي: تَلجَّفَت الْبِئْرُ أَي انْخسفتْ؛ وَبِئْرُ فُلَانٍ مُتَلَجِّفَة. واللَّجَفُ: مَلْجأُ السَّيْلِ وَهُوَ مَحْبِسُه. واللِّجَافُ: مَا أَشْرَفَ عَلَى الْغَارِ مِنْ صَخْرٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ ناتٍ مِنَ الْجَبَلِ، وَرُبَّمَا جَعَلَ ذَلِكَ فَوْقَ الْبَابِ. ابْنُ سِيدَهْ: اللَّجَفَةُ الْغَارِ فِي الْجَبَلِ، وَالْجَمْعُ لَجَفَات، قَالَ: وَلَا أَعلمه كُسِّر. ولَجَّفَ الشيءَ: وسَّعه مِنْ جَوَانِبِهِ. والتَّلْجِيفُ: إِدْخَالُ الذَّكَرِ فِي جَوَانِبِ الْفَرْجِ؛ قَالَ البَوْلانيُّ:
فاعْتَكَلا وأَيُّما اعْتِكالِ، ... ولُجِّفَت بمِدسَرٍ مُخْتالِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَرَ الدَّجَّالَ وَفِتْنَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَانْتَحَبَ الْقَوْمُ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصواتهم فأَخذ بلَجَفَتَي الْبَابِ فَقَالَ مَهْيَمْ
؛ لَجَفَتَا الْبَابِ عِضادتاه وَجَانِبَاهُ مِنْ قَوْلِهِمْ لجَوانب الْبِئْرِ أَلْجَاف جَمْعُ لَجَف، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالْبَاءِ، قَالَ: وَهُوَ وهَمٌ. واللَّجِيفُ مِنَ السِّهام: الْعَرِيضُ؛ هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي بِاللَّامِ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ النجِيف وَقَدْ
رَوَى اللَّخيف
، وَهُوَ قَوْلُ السُّكَّرِيِّ، وسيأْتي ذِكْرُهُ.(9/313)
وَفِي التَّهْذِيبُ: اللَّجِيفُ مِنَ السِّهَامِ الَّذِي نَصْله عَرِيضٌ، شَكَّ أَبو عُبَيْدٍ فِي اللَّجِيفِ. قَالَ الأَزهري: وَحَقٌّ لَهُ أَن يَشُكَّ فِيهِ لأَن الصَّوَابَ النَّجِيفُ، وَهُوَ مِنَ السِّهَامِ الْعَرِيضِ النَّصْلِ، وَجَمْعُهُ نُجُفٌ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ اسْمُ فَرَسِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّجِيف.
قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْجِيمِ، فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مِنَ السُّرْعَةِ ولأَن اللَّجِيف سهم عريض النصل.
لحف: اللِّحَاف والمِلْحَفُ والمِلْحَفَة: اللِّباس الَّذِي فَوْقَ سَائِرِ اللِّبَاسِ مِنْ دِثار الْبَرْدِ وَنَحْوِهِ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ تغطَّيت بِهِ فَقَدِ الْتَحَفْتُ بِهِ. واللِّحَاف: اسْمُ مَا يُلْتَحف بِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُصَلِّي فِي شُعُرِنا وَلَا فِي لُحُفِنَا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اللِّحَاف كلُّ مَا تغطَّيت بِهِ. ولَحَفْت الرَّجل أَلْحَفُه إِذَا فعلْت بِهِ ذَلِكَ يَعْنِي إِذَا غطَّيته؛ وَقَوْلُ طرَفة:
ثُمَّ راحُوا عَبِقَ المِسْكُ بِهِمْ، ... يَلْحَفُون الأَرضَ هُدَّابَ الأُزُرْ
أَي يُغَطُّونها ويُلْبِسونها هدّابَ أُزُرهم إِذَا جرُّوها فِي الأَرض. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لِذَلِكَ الثَّوْبُ لِحَاف ومِلْحَف بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا يُقَالُ إِزَارٌ ومِئْزَر وقِرام ومِقْرَم، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ مِلْحَفَة ومِقْرمة وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ سِمْطاً أَو مُبَطَّناً، وَيُقَالُ لَهُ لِحَاف. ولَحَفَه لِحَافاً: أَلبسه إِيَّاهُ. وأَلْحَفَه إِيَّاهُ: جَعَلَهُ لَهُ لِحَافًا. وأَلْحَفَه: اشْتَرَى لَهُ لِحافا؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَفِي التَّهْذِيبِ: ولَحَفْتُ لِحَافاً وَهُوَ جَعْلُكَهُ. وتَلَحَّفْتُ لِحَافاً إِذَا اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْتَحَفْتُ؛ وأَنشد لطَرَفة:
يَلْحَفُونَ الأَرض هُدَّابَ الأُزر
أَي يَجُرُّونَهَا عَلَى الأَرض، وَرُوِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ لَحَفْتُه وأَلْحَفْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وأَنشد بَيْتَ طَرَفَةَ أَيضاً. وأَلْحَفَ الرجلُ ولَحَّفَ إِذَا جَرَّ إِزَارَهُ عَلَى الأَرض خُيَلاءً وبطَراً، وأَنشد بيت طرفة أَيضاً. والمِلْحَفَة عِنْدَ الْعَرَبِ هِيَ المُلاءة السِّمْط، فَإِذَا بُطِّنت بِبِطَانَةٍ أَو حُشيت فَهِيَ عِنْدَ الْعَوَامِّ مِلْحَفَة، قَالَ: وَالْعَرَبُ لَا تَعْرِفُ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: المِلْحَفَة وَاحِدَةُ المَلاحِف. وتَلَحَّفَ بالمِلْحَفَة واللِّحَاف والْتَحَفَ ولَحَفَ بِهِمَا: تغطَّى بِهِمَا، لُغيّة، وَإِنَّهَا لحَسَنة اللِّحْفَة مِنَ الالْتِحَاف. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ فُلَانٌ حسَن اللِّحْفَة وَهِيَ الْحَالَةُ الَّتِي تَتَلَحَّفُ بِهَا. واللَّحْفُ: تغْطِيتُك الشَّيْءَ بِاللِّحَافِ؛ قَالَ الأَزهري: أَخبرني الْمُنْذِرِيُّ عَنِ الحرَّاني عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ أَنه أَنشده لجرير:
كَمْ قَدْ نَزَلْتُ بِكُمْ ضَيْفاً فتَلْحَفُنِي ... فَضْلَ اللِّحَاف، ونِعم الفَضْلُ يُلْتَحَفُ
قَالَ: أَراد أَعطيتني فضْل عَطَائِكَ وَجُودِكَ. وَقَدْ لَحَفَه فضلَ لِحَافَه إِذَا أَناله مَعْرُوفَهُ وفَضْلَه وزَوَّده. التَّهْذِيبُ: وأَلْحَفَ الرجلُ ضَيْفَهُ إِذَا آثَره بفِراشه وَلِحَافِهِ فِي الحَلِيت، وَهُوَ الثَّلج الدَّائِمُ والأَرِيزُ الْبَارِدُ. ولاحَفْت الرَّجُلَ مُلاحَفة: كانَفْته. والإِلْحَاف: شِدَّةُ الإِلْحاح فِي المسأَلة. وَفِي التَّنْزِيلِ: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً
؛ وَقَدْ أَلْحَفَ عَلَيْهِ؛ وَيُقَالُ:
وَلَيْسَ للمُلحِفِ مِثْلُ الرَّدّ
وأَلْحَفَ السائلُ: أَلَحَّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ بَشَّارِ بْنِ بُرْد:
الحُرُّ يُلْحى، والعَصا للعَبْدِ، ... وَلَيْسَ لِلْمُلْحِفِ مِثْلُ الردِّ(9/314)
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: كَانَ يُلْحِفُ شَارِبَهُ أَي يُبَالِغُ فِي قُصِّه.
التَّهْذِيبُ عَنِ الزَّجَّاجِ:
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَنْ سأَل وَلَهُ أَربعون دِرْهَمًا فَقَدْ أَلْحَفَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَقَدْ سأَل النَّاسَ إِلْحَافاً
، قَالَ: وَمَعْنَى أَلْحَفَ أَي شَمِل بالمسأَلة وَهُوَ مُستغْن عَنْهَا. قَالَ: واللِّحَاف مِنْ هَذَا اشتقاقُه لأَنه يَشْمَلُ الإِنسان فِي التغْطية؛ قَالَ: وَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ لَا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً
أَي لَيْسَ مِنْهُمْ سُؤَالٌ فَيَكُونُ إِلْحَافٌ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عَلَى لاحِبٍ لَا يُهْتَدى بمَناره
الْمَعْنَى لَيْسَ بِهِ مَنار فيُهْتَدى بِهِ. ولُحِفَ فِي مَالِهِ لَحْفةً «1» إِذَا ذَهَبَ مِنْهُ شَيْءٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ الخَصِيبي يَقُولُ: هُوَ أَفْلَسُ مِنْ ضارِبِ قِحْفِ اسْتِه وَمِنْ ضَارِبِ لِحْف اسْتِهِ، قَالَ: وَهُوَ شِقُّ الاسْت، وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لأَنه لَا يَجِدُ شَيْئًا يلبَسه فتقَع يَدُهُ عَلَى شُعَب اسْتِهِ. ولَحُفَ القمرُ إِذَا جَاوَزَ النِّصْفَ فنقَص ضوءُه عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ. ولِحَافٌ واللَّحِيف: فُرْسَانٌ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ اسْمُ فَرَسِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّحِيف لِطُولِ ذَنَبِهِ
، فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ، كأَنه يَلْحَفُ الأَرض بِذَنَبِهِ أَي يُغَطِّيها به.
لخف: اللَّخْف: الضرْب الشَّدِيدُ. لَخَفَه بِالْعَصَا لَخْفاً: ضرَبه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَفِي الحَراكِيلِ نُحور جُزَّل، ... لَخْفٌ كأَشْداقِ القِلاصِ الهُزَّل
ولَخَفَ عيْنَه: لطَمها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. واللِّخَاف: حِجَارَةٌ بِيضٌ عَرِيضَةٌ رِقَاقٌ، وَاحِدَتُهَا لَخْفَة. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ حِينَ أَمَره أَبو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَن يَجْمَعَ الْقُرْآنَ قَالَ: فجعلتُ أَتَتبَّعه مِنَ الرِّقَاعِ واللِّخَاف والعُسُب.
وَفِي حَدِيثِ
جَارِيَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فأَخذَت لِخَافَةً مِنْ حَجَرٍ فَذَبَحَتْهَا بِهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ اسْمُ فَرَسِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّخِيف
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِمَ يَتَحَقَّقْهُ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَرُوِيَ بِالْجِيمِ. واللَّخْفُ مِثْلُ الرَّخْفِ: وَهُوَ الزُّبْد الرَّقِيق. السُّلَمي: الوَخِيفةُ واللَّخِيفَةُ والخَزِيرة وَاحِدٌ.
لصف: لَصَفَ لونُه يَلْصِفُ لَصْفاً ولُصُوفاً ولَصِيفاً برَق وتلأْلأَ؛ وأَنشد لِابْنِ الرِّقاع:
مُجَلِّحة من بنات النّعامِ، ... بَيْضَاءُ واضِحة تَلْصِفُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَمَّا وفَد عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَقُرَيْشٌ إِلَى سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَن فأَذن لَهُمْ فَإِذَا هُوَ مُتَضَمّخٌ بِالْعَبِيرِ يَلْصِفُ وبيصُ الْمِسْكِ مِنَ مَفْرَقه
أَي يَبْرُق ويَتلألأ. واللَّاصِف: الإِثْمِد المُكتَحَل بِهِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه سُمِّيَ بِهِ مِنْ حَيْثُ وُصِف بالتَّأَلُّل وَهُوَ البرِيق. واللَّصْفُ واللَّصَفُ: شَيْءٌ يَنْبُتُ فِي أَصل الكَبَر رَطْب كأَنه خِيار، قَالَ الأَزهري: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وأَما ثَمَرُ الكَبَر فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ الشَّفَلَّح إِذَا انْشَقَّ وتفتَّح كالبُرعُومة، وَقِيلَ: اللَّصَف الكبَر نفسُه، وَقِيلَ: هُوَ ثَمَرَةٌ حَشِيشَةٌ تُطبخ وَتُوضَعُ فِي الْمَرَقَةِ فتُمْرِئها ويُصْطَبَغ بعُصارتها، وَاحِدَتُهَا لَصْفَةٌ ولَصَفَةٌ، قَالَ: والأَعرف فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَتْحُ الصاد، وإنما
__________
(1) . قوله [لَحْفَة] كذا ضبطت اللام في الأصل بالفتح وفي القاموس بالضم.(9/315)
الإِسكان عَنْ كُرَاعٍ وَحْدَهُ، فلَصْفٌ عَلَى قَوْلِهِ اسْمٌ لِلْجَمْعِ. اللَّيْثُ: اللَّصَف لُغَةٌ فِي الأَصَف، وَهِيَ ثَمَرَةُ شَجَرَةٍ تُجْعَلُ فِي المَرق وَلَهُ عُصَارَةٌ يُصْطَبَغُ بِهِ يُمرئ الطَّعَامَ وَهُوَ جِنْسٌ مِنَ الثَّمَرِ، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو الْغَوْثِ. ولَصَفَ البعيرُ، مُخَفَّفٌ: أَكَلَ اللَصَفَ. ولَصَافٌ ولَصَافِ مِثْلَ قطامِ: مَوْضِعٌ مِنْ مَنَازِلِ بَنِي تَمِيمٍ، وَقِيلَ: أَرض لِبَنِي تَمِيمٍ؛ قَالَ أَبو المُهَوِّس الأَسَدِي:
قَدْ كُنْتُ أَحسَبُكم أُسُودَ خَفِيّةٍ، ... فَإِذَا لَصَافِ تَبيضُ فِيهِ الحُمَّرُ
وَإِذَا تَسُرُّكَ مِنْ تميمٍ خَصْلةٌ، ... فلمَا يسُوءُك مِنْ تميمٍ أَكْثرُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَبَعْضُهُمْ يُعربه وَيُجْرِيهِ مَجْرَى مَا لَا يَنْصَرِفُ مِنَ الأَسماء؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهَدُهُ:
نَحْنُ ورَدْنا حاضِري لَصَافا، ... بسَلَفٍ يَلْتَهِم الأَسلافا
ولَصَاف وثَبْرَةُ: ماءَان بِنَاحِيَةِ الشَّواجِن فِي دِيَارِ ضَبّة بْنِ أُدّ؛ وإيَّاها أَراد النَّابِغَةُ بِقَوْلِهِ:
بمُصْطَحِباتٍ مِنْ لَصافِ وثَبْرَةٍ ... يَزُرْنَ أَلَالًا، سَيْرُهنَّ التَّدافُعُ
لطف: اللَّطِيف: صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَاسْمٌ مِنْ أَسمائه، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ
، وَفِيهِ: وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ*
؛ وَمَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، الرَّفِيقُ بِعِبَادِهِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: اللَّطِيف الَّذِي يُوصِلُ إِلَيْكَ أَربك فِي رِفْق، واللُّطفُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى: التَّوْفِيقُ والعِصمة، وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِهِ: اللَّطِيف هُوَ الَّذِي اجْتَمَعَ لَهُ الرِّفق فِي الْفِعْلِ والعلمُ بِدَقَائِقَ الْمَصَالِحِ وَإِيصَالُهَا إِلَى مَنْ قَدَّرَهَا لَهُ مِنْ خَلْقِهِ. يُقَالُ: لَطَفَ بِهِ وَلَهُ، بِالْفَتْحِ، يَلْطُفُ لُطْفاً إِذَا رَفَقَ بِهِ. فأَما لَطُفَ، بِالضَّمِّ، يَلْطُفُ فَمَعْنَاهُ صغُر ودقَّ. ابْنُ الأَعرابي: لَطف فُلَانٌ يَلْطُفُ إِذَا رَفَق لُطْفاً، وَيُقَالُ: لَطَفَ اللَّهُ لَكَ أَي أَوْصَل إِلَيْكَ مَا تُحِب برِفْق. وفي حَدِيثِ الإِفك:
وَلَا أَرَى مِنْهُ اللُّطف الَّذِي كُنْتُ أَعرفه
أَي الرِّفق وَالْبِرَّ، وَيُرْوَى بِفَتْحِ اللَّامِ وَالطَّاءِ، لُغَةٌ فِيهِ. واللُّطْف واللَّطَف: الْبِرُّ والتَّكْرمة والتحَفِّي. لَطف بِهِ لُطْفاً ولَطافة وأَلْطَفَهُ وأَلْطَفْتُهُ: أَتحَفْته. وأَلْطَفَه بِكَذَا أَي بَرَّه بِهِ، وَالِاسْمُ اللَّطَفُ، بِالتَّحْرِيكِ. يُقَالُ: جَاءَتْنَا لَطَفَةٌ مِنْ فُلَانٍ أَي هَدية. وَهَؤُلَاءِ لَطَفُ فُلَانٍ أَي أَصحابه وأَهله الَّذِينَ يُلطفونه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَلَا لَطَفٌ يَبْكي عَلَيْكَ نَصيح
حَمَلَ الْوَصْفَ عَلَى اللَّفْظِ لأَن لَفْظَ لَطَفٍ لَفْظُ الْوَاحِدِ، فَلِذَلِكَ سَاغَ لَهُ وَصْفُ الْجَمْعِ بِالْوَاحِدِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي بلَطَفٍ وَاحِدٌ، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ اللَّطَف مَصْدَرًا فَيَكُونُ مَعْنَاهُ وَلَا ذُو لَطَف، وَالِاسْمُ اللُّطف. وَهُوَ لَطِيف بالأَمر أَي رَفِيق، وَقَدْ لَطَف بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الصَّبْغاء: فاجْمَعْ لَهُ الأَحِبّة الأَلَاطِف
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جَمْعُ الأَلْطَفِ، أَفعل مِنَ اللُّطف الرِّفْق، قَالَ: وَيُرْوَى الأَظالف، بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ. واللَّطِيفُ مِنَ الأَجْرام وَالْكَلَامِ: مَا لَا خَفاء فِيهِ، وَقَدْ لَطُفَ لَطَافَة، بِالضَّمِّ، أَي صغُر، فَهُوَ لَطِيف. وَجَارِيَةٌ لَطِيفَة الخَصْر إِذَا كَانَتْ ضَامِرَةَ الْبَطْنِ. واللَّطِيفُ مِنَ الْكَلَامِ: مَا غَمُض مَعْنَاهُ وخَفي. واللُّطْف فِي الْعَمَلِ: الرِّفْقُ فِيهِ. ولَطُف الشيءُ يَلْطُف: صَغُرَ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:(9/316)
وهمْ سبعة كعَوالي الرِّماحِ، ... بِيضُ الوُجوهِ لِطَافُ الأُزُرْ
إِنَّمَا عَنَى أَنهم خِماص الْبُطُونِ لِطَافُ مواضِع الأُزر؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
ولَلَّهُ أَدْنَى مِن وَرِيدي وأَلْطَفُ
إِنَّمَا يُرِيدُ وأَلطف اتِّصالًا. ولَطُفَ عَنْهُ: كصغُر عَنْهُ. وأَلْطَفَ الرجلُ البعيرَ وأَلْطَفَ لَهُ أَدخل قَضِيبَهُ فِي حَيَاءِ النَّاقَةِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يهتدِ لِمَوْضِعِ الضِّراب. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْجَمَلِ إِذَا لَمْ يَسْتَرْشِد لطَروقته فأَدخل الرَّاعي قَضِيبَهُ فِي حَيَائِهَا: قَدْ أَخْلطه إخْلاطاً وأَلْطَفَه إلْطَافاً، وَهُوَ يُخْلِطه ويُلطِفه. واسْتخْلط الْجَمَلُ واسْتَلْطَفَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ تِلقاء نَفْسِهِ وأَدخله فيها بنفسه، وأَخلطه غَيْرَهُ. أَبو صاعِد الكِلابيّ: يُقَالُ أَلْطَفْتُ الشيءَ بِجَنْبِي واسْتَلْطَفْتُه إِذَا أَلصقته وَهُوَ ضِدٌّ جَافَيْتُهُ عَنِّي؛ وأَنشد:
سَرَيْتُ بِهَا مُسْتَلْطِفاً، دونَ ريْطَتي ... ودُونَ رِدائي الجَرْدِ، ذَا شُطَبٍ عَضْبا
والتَّلَطُّفُ للأَمر: الترفُّق لَهُ، وأُمٌّ لَطِيفَة بِوَلَدِهَا تُلْطِفُ إِلطَافاً. واللَّطَفُ أَيضاً مِنْ طُرَف التُّحَف: مَا أَلطَفْتُ بِهِ أَخاك ليَعْرِفَ بِهِ بِرَّك. والمُلاطَفَةُ: المُبارَّة. وأَبو لَطِيف: مِنْ كُناهم؛ قَالَ عُمارة بْنُ أَبي طَرفة:
فَصِلْ جَناحي بأَبي لَطِيف
لعف: قَالَ الأَزهري: أَهملها اللَّيْثُ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي كِتَابِهِ وَلَمْ أَجده لِغَيْرِهِ: تَلَعَّفَ الأَسدُ وَالْبَعِيرُ إِذَا نظَر ثُمَّ أَغضى ثُمَّ نَظَرَ، قَالَ: وَإِنْ وُجِدَ شَاهِدٌ لِمَا قاله فهو صحيح.
لغف: لَغِفَ مَا فِي الإِناء لَغْفاً: لَعِقَه. ولَغَفَ الرجلُ والأَسد لَغْفاً وأَلْغَفَ: حدَّد نَظَرَهُ، وَفِي النَّوَادِرِ: أَلْغَفْتُ فِي السيْر وأَوْغَفْت فِيهِ. وتَلَغَّفْتُ الشَّيْءَ إِذَا أَسرعت أَكله بِكَفِّكَ مِنْ غَيْرِ مضْغ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ قَطَاةً:
لَهَا مِلْغَفَانِ إِذَا أَوْغَفا، ... يَحُثَّان جُؤْجُؤَها بالوَحى
يَعْنِي جَنَاحَيْهَا. ولَغِفْتُ الإِناء لَغْفاً ولَغَفْتُه لَغْفاً: لَعِقْته. أَبو الْهَيْثَمِ: اللَّغِيف خاصّةُ الرَّجُلِ مأْخوذ مِنَ اللَّغْف. يُقَالُ: لَغِفْتُ الإِدامَ أَي لَقِمْتُه؛ وأَنشد:
يُلْصِقُ باللِّينِ ويَلْغَفُ الأُدُمْ
ولَغَفَ وأَلْغَفَ: جارَ. وأَلْغَفَ بِعَيْنِهِ: لَحَظ، وَعَلَى الرَّجُلِ: أَكثر مِنَ الْكَلَامِ الْقَبِيحِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنَّ عَيْنَيه إِذَا مَا لَغَّفَا
وَيُرْوَى: أَلْغَفَا. ولَاغَفَ الرجلَ: صادَقه. واللَّغِيفُ: الصَّدِيق، وَالْجَمْعُ لُغَفَاء. واللَّغِيف أَيضاً: الَّذِي يأْكل مَعَ اللُّصوص، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، زَادَ غَيْرُهُ: وَيَشْرَبُ مَعَهُمْ. وَيَحْفَظُ ثِيَابَهُمْ وَلَا يَسْرِقُ مَعَهُمْ. يُقَالُ: فِي بَنِي فُلَانٍ لُغَفَاء. واللَّغِيف أَيضاً: الَّذِي يَسْرِقُ اللُّغَةَ مِنَ الْكُتُبِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ فُلَانٌ لَغِيفُ فُلَانٍ وخُلْصانه ودُخْلُلهُ، وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: دَلَغْت الطَّعَامَ وذَلَغْته أَي أَكلته، وَمِثْلُهُ اللَّغْف.
لفف: اللَّفَف: كثرةُ لَحْمِ الفَخذين، وَهُوَ فِي النِّسَاءِ نَعْتٌ، وَفِي الرِّجَالِ عَيْبٌ. لَفَّ لَفّاً ولَفَفاً، وَهُوَ(9/317)
أَلَفُّ. وَرَجُلٌ أَلَفُّ: ثَقِيلٌ. ولَفَّ الشَّيْءَ يَلُفُّه لَفّاً: جَمَعُهُ، وَقَدِ الْتَفَّ، وجمعٌ لَفِيفٌ: مُجْتَمِعٌ مُلتَفٌّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ؛ قَالَ ساعدةُ بْنُ جؤيَّة:
فالدَّهْر لَا يَبْقى عَلَى حَدَثانِه ... أَنَسٌ لَفِيفٌ، ذُو طَرائفَ، حَوْشَبُ
واللُّفُوف: الْجَمَاعَاتُ؛ قَالَ أَبو قِلَابَةَ:
إذْ عارَتِ النَّبْلُ والْتَفُّوا اللُّفُوف، وإذْ ... سَلُّوا السيوفَ عُراةً بَعْدَ أَشْجانِ
وَرَجُلٌ أَلَفُّ: مَقْرون الْحَاجِبَيْنِ. وامرأَة لَفَّاء: مُلْتَفَّةُ الْفَخْذَيْنِ، وَفِي الصِّحَاحِ: ضَخْمَةُ الْفَخْذَيْنِ مُكْتَنِزَةٌ؛ وَفَخْذَانِ لَفَّاوَان؛ قَالَ الحكَم الخُضْري:
تَساهَم ثَوْباها، فَفِي الدِّرْعِ رَأْدةٌ، ... وَفِي المِرْطِ لَفَّاوَانِ، رِدْفُهما عَبْلُ
قَوْلُهُ تَساهم أَي تَقارع. وَفِي حَدِيثِ
أَبي المَوالي: إِنِّي لأَسمع بَيْنَ فَخِذَيها مِنْ لَفَفِها مِثْلَ قَشِيشِ الحَرابش
؛ اللَّفُّ واللَّفَفُ: تَداني الْفَخْذَيْنِ مِنَ السِّمَن. وَجَاءَ الْقَوْمُ بلَفِّهم ولَفَّتِهِم ولَفِيفِهم أَي بِجَمَاعَتِهِمْ وأَخلاطهم، وَجَاءَ لِفُّهم ولَفُّهم ولَفِيفُهم كَذَلِكَ. واللَّفِيفُ: الْقَوْمُ يَجْتَمِعُونَ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى لَيْسَ أَصلهم واحداً. وجاؤوا أَلفافاً أَي لَفِيفاً. وَيُقَالُ: كَانَ بَنُو فُلَانٍ لَفّاً وَبَنُو فُلَانٍ لِقَوْمٍ آخَرين لَفّاً إِذَا تَحَزَّبُوا حِزْبين. وقولهم: جاؤوا ومَن لَفَّ لَفَّهم [لِفَّهم] أَي ومَن عُدَّ فِيهِمْ وتأَشَّب إِلَيْهِمْ. ابْنُ سِيدَهْ: جَاءَ بَنُو فُلَانٍ ومَن لَفَّ لَفَّهم ولِفَّهم وَإِنْ شِئْتَ رفَعت «2» ، وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي: وَمَنْ أَخذ إخْذهم وأَخْذهم. واللَّفِيفُ: مَا اجْتَمَعَ مِنَ النَّاسِ مِنْ قبائلَ شتَّى. أَبو عَمْرٍو: اللَّفِيف الْجَمْعُ الْعَظِيمُ مِنْ أَخْلاط شتَّى فِيهِمُ الشَّرِيفُ والدَنيء وَالْمُطِيعُ وَالْعَاصِي وَالْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً
، أَي أَتينا بِكُمْ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: أَي مُجْتَمِعِينَ مُخْتَلِطِينَ. يُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذَا اخْتَلَطُوا: لَفٌّ ولَفِيفٌ. واللِّفّ: الصِّنف مِنَ النَّاسِ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ. وَفِي حَدِيثِ
نَابِلٍ: قَالَ سافرتُ مَعَ مَوْلَايَ عُثْمَانَ وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي حَجٍّ أَو عُمْرَةٍ فَكَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنِ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، لِفّاً، وَكُنْتُ أَنا وَابْنُ الزُّبَيْرِ فِي شَبَبة مَعَنَا لِفّاً، فَكُنَّا نَتَرَامَى بِالْحَنْظَلِ فَمَا يَزِيدُنَا عُمَرُ عَنْ أَن يَقُولَ كَذَاكَ لَا تَذْعَرُوا عَلَيْنَا
؛ اللِّفُّ: الحِزْب وَالطَّائِفَةُ مِنَ الالْتِفَاف، وَجَمْعُهُ أَلْفَاف؛ يَقُولُ: حسْبُكم لَا تُنَفِّرُوا عَلَيْنَا إِبِلَنَا. والْتَفَّ الشَّيْءُ: تَجَمَّعَ وتكاثَف. الْجَوْهَرِيُّ: لَفَفْتُ الشَّيْءَ لَفّاً ولَفَّفْتُه، شُدّد لِلْمُبَالَغَةِ، ولَفَّه حَقَّهُ أَي مَنَعَهُ. وَفُلَانٌ لَفِيف فُلَانٍ أَي صَديقه. وَمَكَانٌ أَلَفَّ: مُلْتَفٌّ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جؤيَّة:
ومُقامِهنّ، إِذَا حُبِسْنَ بمَأْزِمٍ ... ضَيْقٍ أَلَفَّ، وصَدَّهنَّ الأَخْشَبُ
واللَّفِيف: الْكَثِيرُ مِنَ الشَّجَرِ. وَجَنَّةٌ لَفَّة ولَفٌّ: مُلْتَفَّةٌ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: لَمْ نَسْمَعْ شَجَرَةً لَفَّة لَكِنْ وَاحِدَتُهَا لَفَّاء، وَجَمْعُهَا لُفٌّ، وَجَمْعُ لِفٍّ أَلْفَاف مِثْلُ عِدّ وأَعْداد. والأَلْفَاف: الأَشجار يَلْتَفُّ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وجنَّاتٌ أَلْفَاف، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً
؛ وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَلْفَاف جَمْعَ لُفٍّ فَيَكُونَ جَمْعُ الْجَمْعِ، قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: وَهُوَ جَمْعُ لَفِيف كنَصِير وأَنصار. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً
أَي وَبَسَاتِينَ ملتفَّة. والْتِفَافُ النبْت: كَثْرَتُهُ. الْجَوْهَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً
: واحدها لِفٌّ،
__________
(2) . قوله [رفعت] يريد ضممت اللام كما يفيده المجد.(9/318)
بِالْكَسْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ كُنَّا لِفّاً أَي مُجْتَمِعِينَ فِي مَوْضِعٍ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْتَفَّ الشَّجَرُ بِالْمَكَانِ كَثُرَ وَتَضَايَقَ، وَهِيَ حَدِيقَةٌ لَفَّةٌ وَشَجَرٌ لَفٌّ، كِلَاهُمَا بِالْفَتْحِ، وَقَدْ لَفَّ يَلَفُّ لَفّاً. واللَّفِيف: ضُرُوبُ الشَّجَرِ إِذَا الْتَفَّ وَاجْتَمَعَ. وَفِي أَرض بَنِي فُلَانٍ تَلافِيفُ مِنْ عُشب أَي نَبَاتٍ مُلْتَفٍّ. قَالَ الأَصمعي: الأَلَفُّ الْمَوْضِعُ الْمُلْتَفُّ الْكَثِيرُ الأَهل، وأَنشد بَيْتَ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
ومُقامِهن، إِذَا حُبِسْن بمأْزمٍ ... ضَيْقٍ أَلفَّ، وصدَّهنَّ الأَخشبُ
التَّهْذِيبُ: اللُّفُّ الشَّوابِل مِنَ الْجَوَارِي وَهُنَّ السِّمانُ الطِّوَالُ. واللَّفُّ: الأَكل. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ وذَواتِها: قَالَتِ امرأَة: زَوْجِي إِنْ أَكل لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفّ
أَي قَمَش وخلَط مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اللَّفُّ فِي المَطعم الإِكثار مِنْهُ مِنَ التَّخْلِيطِ مِنْ صُنُوفِهِ لَا يُبقي مِنْهُ شَيْئًا. وَطَعَامٌ لَفِيف إِذَا كَانَ مَخْلُوطًا مِنْ جِنْسَيْنِ فَصَاعِدًا. ولَفْلَفَ الرجلُ إِذَا اسْتَقْصَى الأَكل والعلَف. واللَّفَفُ فِي الأَكل: إِكْثَارٌ وَتَخْلِيطٌ، وَفِي الْكَلَامِ: ثِقَل وعِيٌّ مَعَ ضَعْف. وَرَجُلٌ أَلَفَّ بيِّن اللَفَف أَي عَييٌّ بَطِيءُ الْكَلَامِ إِذَا تَكَلَّمَ ملأَ لسانُه فَمَهُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وِلايةُ سِلَّغْدٍ أَلَفَّ كأَنه، ... مِنَ الرَّهَقِ المَخْلُوطِ بالنُّوكِ، أَثْوَل
وَقَدْ لَفَّ لَفَفاً وَهُوَ أَلفُّ، وكذلك اللَّفْلَفُ واللَّفْلافُ، وَقَدْ لَفْلَفَ. أَبو زَيْدٍ: الأَلَفُّ العَيِيُّ، وَقَدْ لَفِفْت لَفَفاً؛ وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ الثَّقِيلُ اللِّسَانِ. الصِّحَاحُ: الأَلَفُّ الرَّجُلُ الثَّقِيلُ الْبَطِيءُ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: اللَّفَف إِدْخَالُ حَرْفٍ فِي حَرْفٍ. وَبَابٌ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ يُقَالُ لَهُ اللَّفِيف لِاجْتِمَاعِ الْحَرْفَيْنِ الْمُعْتَلَّيْنِ فِي ثَلَاثِيهِ نَحْوُ دَوِيّ وحَيِيّ. ابْنُ بَرِّيٍّ: اللَّفِيف مِنَ الأَفعال المُعْتَلّ الْفَاءِ وَاللَّامِ كوَقَى وودَى. اللَّيْثُ: اللَّفِيف مِنَ الْكَلَامِ كُلُّ كَلِمَةٍ فِيهَا معتلَّان أَو مُعْتَلٌّ وَمُضَاعَفٌ، قَالَ: واللَّفَفُ مَا لفَّفوا مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا كَمَا يُلَفِّفُ الرَّجُلُ شَهَادَةَ الزُّورِ. وأَلَفَّ الرَّجُلُ رأْسه إِذَا جَعَلَهُ تَحْتَ ثَوْبِهِ، وتَلَفَّفَ فُلَانٌ فِي ثَوْبِهِ والْتَفَّ بِهِ وتَلَفْلَفَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: وَإِنْ رَقد الْتَفَ
أَي إِذَا نَامَ تلفَّف فِي ثَوْبٍ وَنَامَ نَاحِيَةً عَنِّي. واللِّفَافَة: مَا يُلفّ عَلَى الرِّجل وَغَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ اللَّفَائِف. واللَّفِيفَة: لَحْمُ المَتن الَّذِي تَحْتَهُ العقَب مِنَ الْبَعِيرِ؛ وَالشَّيْءُ المُلَفَّف فِي الْبِجَادِ وَطْبُ اللَّبَنِ فِي قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذَا مَا مَاتَ مَيْتٌ مِنْ تميمٍ، ... وسَرَّكَ أَن يعِيشَ، فَجئْ بزادِ
بخُبْزٍ أَو بسمْن أَو بتمْرٍ، ... أَو الشَّيْءُ المُلَفَّف فِي البِجادِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ إِنَّ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ لأَبي المُهَوِّس الأَسدي، وَيُقَالُ إِنَّهُمَا لِيَزِيدَ بْنُ عَمْرِو بْنِ الصَّعِق، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ قَالَ: وَقَالَ أَوس بْنُ غَلفاء يَرُدُّ عَلَى ابْنِ الصَّعِق:
فإنَّك، فِي هِجاء بَنِي تميمٍ، ... كمُزْدادِ الغَرامِ إِلَى الغَرامِ
وَهُمْ ترَكُوكَ أَسْلَح مِنْ حُبارى ... رأَتْ صَقْراً، وأَشْرَدَ مِنْ نَعامِ
وأَلَفَّ الطائرُ رأْسه: جَعَلَهُ تَحْتَ جَنَاحِهِ؛ قَالَ أُميَّة(9/319)
ابن أَبي الصلْت:
وَمِنْهُمْ مُلِفٌّ رأْسَه فِي جَناحِه، ... يَكادُ لذِكرى رَبّه يتفَصَّدُ «1»
الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَمَتَ: يُقَالُ فُلَانٌ يَعْمِتُ أَقرانه إِذَا كَانَ يَقهَرهم ويَلُفهم، يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْحَرْبِ وجَوْدة الرأْي وَالْعِلْمِ بأَمر الْعَدُوِّ وَإِثْخَانِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ يُقَالُ للَفَائِف الصُّوفِ عُمُتٌ لأَنها تُعْمَت أَي تُلَفّ؛ قَالَ الهذلي:
يَلُفُّ طَوائفَ الفُرْسانِ، ... وَهُوَ بلَفِّهِم أَرِبُ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ
؛ إِنَّهُ لفُّ ساقَي الْمَيِّتِ فِي كفَنه، وَقِيلَ: إِنَّهُ اتِّصال شِدَّةِ الدُّنْيَا بِشِدَّةِ الْآخِرَةِ. والميّتُ يُلَفُّ فِي أَكفانه لَفّاً إِذَا أُدْرِجَ فِيهَا. والأَلَفَّان: عِرْقان يستبطِنان العضُدين وَيُفْرَدُ أَحدهما مِنَ الْآخَرِ؛ قَالَ:
إنْ أَنا لَمْ أُرْوِ فشَلَّتْ كَفِّي، ... وانْقطَع العِرْقُ مِنَ الأَلَفِ
ابْنُ الأَعرابي: اللَّفَف أَن يَلتوِي عِرْق فِي سَاعِدِ الْعَامِلِ فيُعَطِّله عَنِ الْعَمَلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الأَلَفُّ عِرق يَكُونُ بَيْنَ وَظِيف الْيَدِ وَبَيْنَ العُجاية فِي بَاطِنِ الوَظِيف؛ وأَنشد:
يَا رِيَّها، إِنْ لَمْ تَخُنِّي كفِّي، ... أَو يَنْقَطِعْ عِرْقٌ مِنَ الأَلَفّ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَفْلَفَ الرجلُ إِذَا اضْطَرب ساعِدُه مِنَ التِواء عِرْق فِيهِ، وَهُوَ اللَّفَفُ؛ وأَنشد:
الدَّلْوُ دَلْوِي، إنْ نَجَتْ مِنَ اللَّجَفْ، ... وَإِنْ نَجَا صاحبُها مِنَ اللَّفَفْ
واللَّفِيفُ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ. ولَفْلَف: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الْقَتَّالُ:
عَفا لَفْلَفٌ مِنْ أَهله فالمُضَيَّحُ، ... فَلَيْسَ بِهِ إِلَّا الثعالِبُ تَضْبَحُ
لقف: اللَّقْفُ: تناوُل الشَّيْءِ يُرْمَى بِهِ إِلَيْكَ. تَقُولُ: لَقَّفَني تَلْقِيفاً فلَقِفْته. ابْنُ سِيدَهْ: اللَّقْفُ سُرْعَةُ الأَخذ لِمَا يُرْمَى إِلَيْكَ بِالْيَدِ أَو بِاللِّسَانِ. لَقِفَه، بِالْكَسْرِ، يَلْقَفه لَقْفاً ولَقَفاً والْتَقَفَه وتَلَقَّفَه: تناوَله بِسُرْعَةٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ فِي صِفَةِ ثَوْرٍ وحْشِيّ وحَفْره كِناساً تَحْتَ الأَرْطاةِ وتَلَقُّفُه مَا يَنْهار عَلَيْهِ ورمْيه بِهِ:
مِنَ الشَّمالِيل وَمَا تَلَقَّفَا
أَي مَا يَكَادُ يَقَعُ عَلَيْهِ مِنَ الْكِنَاسِ حِينَ يَحفِره تَلَقَّفَه فرَمى بِهِ، وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:
تَلَقَّفْتُ التلْبية مِن فِي رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي تلقَّيتُها وحفِظتها بِسُرْعَةٍ. وَرَجُلٌ ثَقِفٌ لَقِفٌ وثَقْفٌ لَقْف أَي خَفِيف حاذِق، وَقِيلَ: سريعُ الفَهْم لِما يُرمى إِلَيْهِ مِنْ كَلَامٍ بِاللِّسَانِ وَسَرِيعُ الأَخذ لِمَا يُرْمَى إِلَيْهِ بِالْيَدِ، وَقِيلَ: هُوَ إِذَا كَانَ ضَابِطًا لِمَا يَحْويه قَائِمًا بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الْحَاذِقُ بصِناعته؛ وَقَدْ يُفْرَدُ اللَّقَف فَيُقَالُ: رَجُلٌ لَقف يَعْنِي بِهِ مَا تقدَّم. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: قَالَ لِامْرَأَةٍ إِنَّكِ لَقُوفٌ صَيُود
؛ اللَّقُوف: التي إذا مسَّها
__________
(1) . قوله [يتفصد] هو بالدال في الأصل وشرح القاموس لكن كتب بإزائه في الأصل يتفصل باللام.(9/320)
الرَّجُلُ لَقِفَتْ يَدَهُ سَرِيعًا أَي أَخذتها. اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لثَقْف لَقْف وثَقِف لَقِف وثَقِيف لَقيف بيِّن الثَّقافة وَاللَّقَافَةِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِنَّهُمْ لَيُلَقِّفُون الطعامَ أَي يأْكلونه وَلَا تَقُولُ يتلَقَّفونه؛ وأَنشد:
إِذَا مَا دُعِيتُم للطَّعامِ فلَقِّفُوا، ... كَمَا لَقَّفَتْ زُبٌّ شآمِيةٌ حُرْدُ
والتَّلْقِيف: شدَّة رَفْعِها يَدَهَا كأَنما تَمُدُّ مَدّاً؛ وَيُقَالُ: تَلْقِيفها ضَرْبها بأَيديها لَبّاتها يَعْنِي الْجَمَالَ فِي سَيْرِهَا. ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ فَعلٍ وفَعَلٍ بِاخْتِلَافِ الْمَعْنَى: اللَّقْف مَصْدَرُ لَقِفْتُ الشَّيْءَ أَلْقَفُه لَقْفاً إِذَا أَخذته فأَكلته أَو ابْتَلَعتَه. والتَلَقُّف: الِابْتِلَاعُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَإِذَا هِيَ تَلَقَّفُ مَا يَأْفِكون، وَقُرِئَ: فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ*
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: لَقِفْتُ الشيءَ أَلْقَفُه لَقْفاً ولَقَفَاناً، وَهِيَ فِي التَّفْسِيرِ تَبْتَلِع. وَحَوْضٌ لَقِفٌ ولَقِيفٌ: مَلآن، وَقِيلَ: هُوَ الْحَوْضُ الَّذِي لَمْ يُمْدَر وَلَمْ يُطيَّن فَالْمَاءُ يَتَفَجَّرُ مِنْ جَوَانِبِهِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
كَمَا يَتهدَّم الْحَوْضُ اللَّقِيف
وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ الَّذِي يَتَلَجَّف مِنْ أَسفله فيَنْهار، وتَلَجّفُه أَكل الْمَاءُ نواحِيَه. وتَلَقَّفَ الحوضُ: تَلجَّف مِنْ أَسافله. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: اللَّقِيف بِالْمَلْآنِ أَشبه مِنْهُ بِالْحَوْضِ الَّذِي لَمْ يُمْدَر. يُقَالُ: لَقِفْتُ الشيءَ أَلْقَفُه لَقْفاً، فأَنا لاقِف ولَقِيفٌ، فالحوضُ لَقِفَ الْمَاءَ، فَهُوَ لاقِفٌ ولَقِيف؛ وَإِنْ جَعَلْتَهُ بِمَعْنَى مَا قَالَ الأَصمعي: إِنَّهُ تَلَجَّفَ وتَوَسَّعَ أَلْجَافه حَتَّى صَارَ الْمَاءُ مِجْتَمِعًا إِلَيْهِ فامتلأَت أَلْجَافُه، كَانَ حَسَنًا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: التَّلْقِيف أَن يَخْبِطَ الْفَرَسُ بِيَدَيْهِ فِي اسْتنانه لَا يُقِلُّهما نَحْوَ بَطْنِهِ، قَالَ: والكَرْوُ مِثْلُ التَّوقِيفِ. وَبَعِيرٌ مُتَلَقِّفٌ: يَهْوِي بخُفَّي يَدَيْهِ إِلَى وحْشِيّه فِي سَيْرِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: واللَّقَفُ، بِالتَّحْرِيكِ، سقُوط الْحَائِطِ، قَالَ: وَقَدْ لَقِفَ الْحَوْضُ لَقَفاً تَهوَّر مِنْ أَسفله واتَّسع، وَحَوْضٌ لَقِفٌ؛ قَالَ خُويْلِد، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لأَبي خِرَاشٍ الهُذَلي:
كَابِي الرَّمادِ عَظيمُ القِدْرِ جَفْنَتُه، ... حِينَ الشِّتَاءِ، كَحَوْضِ المَنْهَلِ اللَّقِفِ
قَالَ: واللَّقِيفُ مِثْلُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَلَمْ تَر غيرَ عادِيةٍ لِزاماً، ... كَمَا يَتَفَجَّر الحَوْضُ اللَّقِيفُ
قَالَ: وَيُقَالُ المَلآن، والأَوّل هُوَ الصَّحِيحُ. والعادِيةُ: الْقَوْمُ يَعْدُون عَلَى أَرجلهم، أَي فَحَمْلَتُهُم لِزام كأَنهم لَزِموه لَا يُفارقون مَا هُمْ فِيهِ. والأَلْقَاف: جَوانِب الْبِئْرِ والحوضِ مِثْلُ الأَلجاف، الْوَاحِدُ لَقَفٌ ولجَف. ولَقْف أَو لِقْف: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لعنَ اللَّهُ بطْنَ لَقْفٍ مَسِيلًا ... ومَجاحاً، فَلَا أُحِبُّ مَجاحا
لَقِيَتْ ناقَتي بِهِ وبِلَقْفٍ ... بَلَداً مُجْدِباً، وَمَاءً شَحاحا
لهف: اللَّهْف واللَّهَف: الأَسى وَالْحُزْنُ والغَيْظ، وَقِيلَ: الأَسى على شيء يفُوتُك بعد ما تُشرف عَلَيْهِ؛ وأَما قَوْلُهُ أَنشده الأَخفش وَابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُمَا:
فلَسْتُ بمُدْرِكٍ مَا فَاتَ مِني ... بِلَهْفَ، وَلَا بلَيْتَ، وَلَا لوَ انِّي
فَإِنَّمَا أَراد بأَن أَقول وا لهَفا فَحَذَفَ الأَلف. الْجَوْهَرِيُّ:(9/321)
لَهِفَ، بِالْكَسْرِ، يَلْهَفُ لَهَفاً أَي حَزِن وتحسَّر، وَكَذَلِكَ التَّلَهُّف عَلَى الشَّيْءِ. وَقَوْلُهُمْ: يَا لَهْفَ فُلَانٍ كَلِمَةٌ يُتحسَّر بِهَا عَلَى مَا فَاتَ؛ وَرَجُلٌ لَهِف ولَهِيف؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤية:
صَبَّ اللَّهِيفُ لَهَا السُّبُوبَ بطَغْيةٍ ... تُنْبي العُقابَ، كَمَا يُلَطُّ المِجْنَبُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ اللَّهِيف فَاعِلًا بصَبَّ، وأَن يَكُونَ خَبَرَ مبتدإٍ مُضْمَرٍ كأَنه قَالَ: صُبَّ السُّبُوبُ بطَغية، فَقِيلَ: مَن هُوَ؟ قَالَ: هُوَ اللَّهِيف، وَلَوْ قَالَ اللَّهِيفَ فَنَصَبَ عَلَى التَّرَحُّمِ لَكَانَ حَسناً، قَالَ: وَهَذَا كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهُ المسكينَ أَحقُّ؛ وَكَذَلِكَ رَجُلٌ لَهْفَانُ وامرأَة لَهْفَى مِنْ قَوْمٍ وَنِسَاءٍ لَهَافَى ولُهُفٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُلَهِّفُ نفْسَه وأُمّه إذا قال: وا نَفْساه وا أُمِّياه وا لَهْفَتَاه وا لَهْفَتِياهْ، واللَّهْفَانُ: المتَحسِّر. واللَّهْفَانُ واللَّاهِفُ: المَكْروب. وَفِي الْحَدِيثِ:
اتَّقُوا دعْوة اللَّهْفَان
؛ هُوَ الْمَكْرُوبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُحِبُّ إِغَاثَةَ اللَّهْفان.
وَمِنْ أَمثالهم: إِلَى أُمّه يَلْهَف اللَّهْفَان؛ قَالَ شَمِرٌ: يَلْهَفُ مِنْ لَهِفَ. وبأُمه يَستَغيث اللَّهِفُ، يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنِ اضْطُرّ فَاسْتَغَاثَ بأَهل ثِقَته. قَالَ: وَيُقَالُ لَهَّفَ فُلَانٌ أُمَّه وأُمَّيْه، يُرِيدُونَ أَبويه؛ قَالَ الجَعْدي:
أَشْكى ولَهَّفَ أُمّيْه، وَقَدْ لَهِفَتْ ... أُمّاه، والأُم فِيمَا تُنْحِلُ الْخَبَلَا
يُرِيدُ أَباه وأُمه. وَيُقَالُ: لَهِفَ لَهْفاً، فَهُوَ لَهْفَان، ولُهِفَ، فَهُوَ مَلْهُوف أَي حَزين قَدْ ذَهَبَ لَهُ مَالٌ أَو فُجع بحَميم؛ وَقَالَ الزَّفَيان:
يَا ابْن أَبي العاصِي إليكَ لَهَّفَت، ... تَشْكُو إِلَيْكَ سَنةً قَدْ جَلَّفَتْ
لَهَّفَت أَي استغاثتْ. وَيُقَالُ: نادَى لَهَفَه إِذَا قَالَ يَا لَهَفي، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِمْ يَا لَهْفا عَلَيْهِ: أَصله يَا لهْفي، ثُمَّ جُعِلَتْ يَاءَ الإِضافة أَلفاً كَقَوْلِهِمْ: يَا ويْلي عَلَيْهِ وَيَا ويْلا عَلَيْهِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: أَنا لَهِيفُ الْقَلْبِ ولَاهِفٌ ومَلهُوف أَي مُحْتَرِق الْقَلْبِ. واللَّهِيف: الْمُضْطَرُّ. والمَلْهُوف: الْمَظْلُومُ يُنَادِي وَيَسْتَغِيثُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَجِب المَلْهُوفَ.
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
تُعِين ذَا الْحَاجَةِ المَلْهُوفَ
؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ للرُّبَعِ مِنَ الإِبل فَقَالَ:
إِذَا دَعَاهَا الرُّبَعُ المَلْهُوفُ، ... نَوَّه مِنْهَا الزَّجِلاتُ الحُوفُ
كأَنَّ هَذَا الرُّبَعَ ظُلِم بأَنه فُطِم قَبْلَ أَوانه، أَو حِيل بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمه بأَمر آخَرَ غَيْرِ الفِطام. واللَّهُوف: الطَّوِيلُ.
لوف: اللُّوف: نَبَاتٌ يَخْرُجُ لَهُ ورَقات خُضْر رِواء جَعْدَة تَنْبَسِطُ عَلَى الأَرض وَتَخْرُجُ لَهُ قَصَبَةٌ مِنْ وَسَطِهَا، وَفِي رأِسها ثَمَرَةٌ، وَلَهُ بَصَلٌ شَبِيهٌ بِبَصَلِ العُنصُل وَالنَّاسُ يَتَداوَوْن بِهِ، وَاحِدَتُهُ لُوفَة؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَسَمِعْتُ مِنْ عَرَبِ الْجَزِيرَةِ: ونباتُه يَبْدأُ فِي الرَّبِيعِ، قَالَ: ورأَيت أَكثر مَنابته مَا قَارَبَ الْجِبَالَ، وَقِيلَ: أَكثر مَنَابِتِهِ الجبال.
ليف: اللَّيف: لِيف النَّخْلِ مَعْرُوفٌ، الْقِطْعَةُ مِنْهُ لِيفَةٌ. ولَيَّفَتِ الفَسِيلة: غَلُظت وَكَثُرَ لِيفها وَقَدْ لَيَّفَه المُلَيِّف تَلْيِيفاً، وأَجود اللِّيفِ لِيفُ النارَجِيل، وَهُوَ جَوْز الهِند، تَجِيءُ الجَوزة مَلْفُوفَةً فِيهِ وَهِيَ بَائِنَةٌ مِنْ قِشْرِهَا يُقَالُ لَهَا الكِنْبار، وأَجود الكِنبار يَكُونُ أَسود شَدِيدَ السَّوَادِ، وَذَلِكَ أَجود اللِّيف وأَقواه مَسَداً وأَصْبره عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ وأَكثره ثَمَنًا.(9/322)
فصل النون
نأف: أَبو عَمْرٍو: نَئِفَ يَنْأَفُ إِذَا أَكل، وَيَصْلُحُ فِي الشُّرْبِ. ابْنُ سِيدَهْ: نَئِفَ الشيءَ نأْفاً ونَأَفاً أَكله، وَقِيلَ: هُوَ أَكل خِيار الشَّيْءِ وأَوّله. ونَئِفَتِ الراعيةُ المَرْعَى: أَكلتْه. وَزَعَمَ أَبو حَنِيفَةَ أَنه عَلَى تأَخير الْهَمْزَةِ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِقَوِيٍّ. ونَئِفَ مِنَ الشَّرَابِ نَأَفاً ونَأْفاً: رَوِي. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: نَئِفَ فِي الشُّرْبِ إِذَا ارْتوى. الْجَوْهَرِيُّ: نَئِفْت مِنَ الطَّعَامِ أَنْأَفُ نَأْفاً إِذَا أَكلت منه.
نتف: نَتَفَه يَنْتِفُه نَتْفاً ونَتَّفَهُ فانْتَتَفَ وتَنَتَّفَ وتَنَاتَفَ ونَتَّفْتُ الشُّعور، شُدّد لِلْكَثْرَةِ، والنَّتْفُ: نَزْعُ الشَّعَرِ وَمَا أَشبهه. والنُّتَاف والنُّتَافَة: مَا انْتَتَفَ وَسَقَطَ مِنَ الشَّيْءِ المَنْتُوف. ونُتَافَةُ الإِبط: مَا نُتف مِنْهُ. والمِنْتَاف: مَا نُتِف بِهِ. وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: أَنْتَفَ الكَلأُ أَمكن أَن يُنْتَف. والنُّتْفَة: مَا نَتَفْتَه بأَصابعك مِنْ نَبْتٍ أَو غَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ النُّتَف. وَرَجُلٌ نُتَفَة، مِثَالُ هُمَزة: يَنْتِف مِنَ الْعِلْمِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَقْصِيه. وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ إِذَا ذُكِر الأَصمعي قَالَ: ذَلِكَ رَجُلٌ نُتَفَة؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: أَراد أَنه لَمْ يستقْصِ كَلَامَ الْعَرَبِ إِنَّمَا حَفِظَ الوَخْز والخَطيئة مِنْهُ. قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: هذا رجل مِنْتَاف إِذَا كَانَ غَيْرَ وَساعٍ، يُقَارِبُ خَطْوه إِذَا مَشَى، وَالْبَعِيرُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ غَيْرَ وَطِيء. والنَّتَفُ: مَا يتَقَلَّع مِنَ الإِكلِيل الَّذِي حَوالَي الظُّفْرِ.
نجف: النَّجْفَة: أَرض مُستديرة مشْرِفة، وَالْجَمْعُ نَجَفٌ ونِجَافٌ. والجوهري: النَّجَفُ والنَّجَفَةُ، بِالتَّحْرِيكِ، مَكَانٌ لَا يَعْلُوهُ الْمَاءُ مُستطيل مُنقاد. ابْنُ سِيدَهْ: النَّجَفُ والنِّجَافُ شَيْءٌ «2» يَكُونُ فِي بَطْنِ الْوَادِي شَبِيهٌ بنِجَاف الغَبيط جِدًّا، وَلَيْسَ بِجِدٍّ عَرِيضٍ، لَهُ طُولُ مُنقاد مِنْ بَيْنِ مُعْوَجّ وَمُسْتَقِيمٍ لَا يعلوهُ الْمَاءُ وَقَدْ يَكُونُ فِي بَطْنِ الأَرض، وَقِيلَ: النِّجَاف شِعاب الحَرّة الَّتِي يُسكب فِيهَا. يُقَالُ: أَصابنا مَطَرٌ أَسال النِّجَاف. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَن حَسَّانُ بْنِ ثَابِتٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، دَخَلَ عَلَيْهَا فأَكرمته ونَجَّفَتْه
أَي رَفَعَت مِنْهُ. والنَّجَفَةُ: شِبْهُ التلِّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه جَلَسَ عَلَى مِنْجَافِ السَّفِينَةِ
؛ قِيلَ: هُوَ سُكَّانُها الَّذِي تُعَدَّلُ بِهِ، سُمِّيَ بِهِ لِارْتِفَاعِهِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا أَعتمده. ونَجَفَةُ الكَثِيب: إبْطه وَهُوَ آخِرُهُ الَّذِي تُصَفِّقه الرِّيَاحُ فتَنْجُفُه فَيَصِيرُ كأَنه جَرْف مَنْجوف؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يَكُونُ فِي أَسافلها سُهولة تَنْقَادُ فِي الأَرض لَهَا أَودية تَنْصبّ إِلَى لِينٍ مِنَ الأَرض؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: النَّجَفَةُ تَكُونُ فِي بَطْنِ الْوَادِي شِبْهِ جِدار لَيْسَ بِعَرِيضٍ. وَيُقَالُ لإِبْط الْكَثِيبِ: نَجَفَة الْكَثِيبِ. ابْنُ الأَعرابي: النَّجَفَةُ المُسَنَّاةُ، والنَّجَف التَّلُّ. قَالَ الأَزهري: والنَّجَفَة الَّتِي بِظَهْرِ الْكُوفَةِ، وَهِيَ كالمُسَنَّاة تَمْنَعُ مَاءَ السَّيْلِ أَن يَعْلُوَ مَنَازِلَ الْكُوفَةِ وَمَقَابِرَهَا. ابْنُ الأَعرابي: النِّجَاف هُوَ الدَّرَوَنْدُ والنَّجْرانُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: النِّجَاف الَّذِي يُقَالُ لَهُ الدَّوَّارَةُ، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ الْبَابَ مِنْ أَعلى الأُسْكُفَّةِ، والنِّجَافُ العَتبة وَهِيَ أُسْكُفَّة الْبَابِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَيَقُولُ أَي رَبِّ قَدِّمني إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فأَكون تَحْتَ نِجَافِ الْجَنَّةِ
؛ قِيلَ: هُوَ أُسْكفّة الْبَابِ، وَقَالَ الأَزهري:
__________
(2) . قوله [النَّجَف والنِّجَاف شيء إلخ] كذا بالأصل، وعبارة ياقوت: والنَّجفة تَكُونُ فِي بَطْنِ الْوَادِي شِبْهِ جِدَارٍ لَيْسَ بِعَرِيضٍ له طول إلى آخر ما هنا.(9/323)
هُوَ دَرَوَنْدُه يَعْنِي أَعلاه. ابْنُ الأَعرابي: والنِّجَافُ أَيضاً شِمالُ الشَّاةِ الَّذِي يُعَلَّق عَلَى ضَرْعِهَا. وَقَدْ أَنْجَفَ الرَّجُلُ إِذَا شدَّ عَلَى شَاتِهِ النِّجَاف. والنَّجَفُ: قُشُورُ الصِّلِّيان. الْفَرَّاءُ: نِجَافُ الإِنسان مَدْرَعَته. وَقَالَ اللَّيْثُ: نِجَافُ التَّيْسِ جِلد يشدُّ بَيْنَ بَطْنِهِ وَالْقَضِيبِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى السِّفاد، يُقَالُ: تَيْسٌ مَنْجُوف. الْجَوْهَرِيُّ: نِجَاف التَّيْسِ أَن يُرْبَط قَضِيبه إِلَى رِجْلِهِ أَو إِلَى ظَهْرِهِ، وَذَلِكَ إِذَا أَكثر الضِّراب يُمنع بِذَلِكَ مِنْهُ. وَقَالَ أَبو الْغَوْثِ: يُعْصب قَضِيبُهُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى السِّفاد. والنِّجَافُ: الْبَابُ وَالْغَارُ وَنَحْوَهُمَا. وَغَارٌ مَنْجُوفٌ أَي موسَّع. والمَنْجُوف: المَحْفُور مِنَ القُبور عَرْضاً غَيْرَ مَضْرُوح؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ يَرْثي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
يَا لَهْفَ نَفْسيَ، إِنْ كَانَ الَّذِي زعَمُوا ... حَقّاً وَمَاذَا يَرُدُّ اليومَ تَلْهِيفِي؟
إِنْ كَانَ مأْوَى وُفُودِ الناسِ راحَ بِهِ ... رَهْطٌ إِلَى جَدَثٍ، كالغارِ، مَنْجُوفِ
وَقِيلَ: هُوَ المحفُور أَيَّ حفْر كَانَ. وَقَبْرٌ مَنْجُوف وَغَارٌ مَنْجُوف: موسَّع. وَإِنَاءٌ مَنْجُوف: وَاسِعُ الأَسفل. وقدَح مَنْجُوف: وَاسِعُ الْجَوْفِ؛ وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ مَنْجُوبٌ، بِالْبَاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ خطأٌ إِنَّمَا الْمَنْجُوبُ الْمَدْبُوغُ بالنَّجَب. ونَجَفَ السَّهمَ يَنْجُفُه نَجْفاً: عَرَّضَه؛ وكلُّ مَا عُرِّضَ فَقَدْ نُجِفَ. والنَّجِيف: النَّصْلُ الْعَرِيضُ. والنَّجِيف مِنَ السِّهَامِ: الْعَرِيضِ النَّصْلِ. وسهْم نَجِيف: عَرِيضٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ الْعَرِيضُ الْوَاسِعُ الجُرْح، وَالْجَمْعُ نُجُفٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
نُجُفٌ بَذَلْتُ لَهَا خَوافي ناهِضٍ، ... حَشْرِ القَوادِمِ كاللِّفاع الأَطْحَلِ
اللِّفاع: اللِّحاف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنْشَادِهِ نُجُفٍ لأَن قَبْلَهُ:
بمَعابِلٍ صُلْعِ الظُّباتِ، كأَنها ... جَمْرٌ بمَسْهَكةٍ يُشَبُّ لِمُصْطَلي
قَالَ:
وَرَوَاهُ الأَصمعي ومَعابلًا
، بِالنَّصْبِ، وَكَذَلِكَ نَجَفًا؛ وَقَوْلُهُ كاللِّفاع الأَطحل أَي كأَنّ لَوْنَ هَذَا النِّسر لَوْنُ لِحاف أَسود. ونَجَفَ القِدْحَ يَنْجُفُه نَجْفاً: بَراه. وانْتَجَفَ الشيءَ: اسْتَخْرَجَهُ. وانْتِجَاف الشَّيْءِ: اسْتِخْرَاجُهُ. يُقَالُ: انْتَجَفت إِذَا اسْتَخْرَجْتَ أَقصى مَا فِي الضَّرْع مِنَ اللَّبَنِ. وانْتَجَفَتِ الريحُ السحابَ إِذَا استفْرغَتْه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ سَحَابًا:
مَرَتْه الصَّبا ورَفَته الجَنُوبُ، ... وانْتَجَفَتْه الشَّمالُ انْتِجَافا
ابْنُ سِيدَهْ: النِّجَافُ كِسَاءٌ يُشَدُّ عَلَى بَطْنِ العَتُود لِئَلَّا يَنْزَوِ، وعَتودٌ مَنْجُوف. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف لَهُ فِعْلًا. والنَّجْفُ: الحلَب الْجَيِّدُ حَتَّى يُنْفِضَ الضْرعَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ نَاقَةً غَزِيرَةً:
تَصُفُّ أَو تُرْمي عَلَى الصَّفُوف، ... إِذَا أَتاها الحالِبُ النَّجُوف
والمِنْجَفُ: الزَّبيل؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ مِنْجَفَة. والنَّجَفَةُ: مَوْضِعٌ بين البصْرة والبحرين.
نحف: النَّحَافَةُ: الهُزال. نَحُفَ الرَّجُلُ نَحَافَةً، فَهُوَ نَحِيف: قَضِيف ضَرْبٌ قَلِيلُ اللَّحْمِ؛ وأَنشد قَوْلَهُ:(9/324)
تَرى الرجلَ النَّحِيفَ فتَزْدرِيه، ... وتحتَ ثِيابه رجُل مَريرُ
عاقلٌ «1» . وأَنْحَفَه غَيْرَهُ. وَرَجُلٌ نَحِفٌ ونَحِيفٌ: دَقيق مِنَ الأَصل لَيْسَ مِنَ الهُزال، وَالْجَمْعُ نُحَفَاء ونِحَاف، وَقَدْ نَحُفَ ونَحِفَ. والنَّحِيف: اسْمُ فَرَسِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
نخف: النَّخْف: النِّكاح. والنَّخَفَةُ: الصَّوْتُ مِنَ الأَنف إِذَا مَخَط، يُقَالُ: أَنْخَفَ الرَّجُلُ كَثُرَ صَوْتُ نَخِيفِه، وَهُوَ مِثْلُ الخَنِين مِنَ الأَنف. ونَخَفَت الْعَنْزُ تَنْخَف نَخْفاً، وَهُوَ نَحْوَ نَفْخِ الهِرَّة، وَقِيلَ: هُوَ شَبِيهٌ بالعُطاس. ونَخْف: اسْمُ رَجُلٍ مُشْتَقٌّ مِنْهُ. والنِّخَاف: الخُفُّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَجَمْعُهُ أَنْخِفَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعرابي: جَاءَنَا فُلَانٌ فِي نِخَافَين مُنَظَّمَين، وَفِي التَّهْذِيبِ: مُلَكَّمَين، أَي فِي خُفَّيْن مُرَّقَعَين.
ندف: النَّدْفُ: طَرْق القُطن بالمِنْدَف. نَدَفَ القُطنَ يَنْدِفُه نَدْفاً: ضَرَبَهُ بالمِنْدَف، فَهُوَ نَدِيف؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا اسْتُعِيرَ فِي غَيْرِهِ؛ قَالَ الأَعشى:
جالِس عِنْدَهُ النَّدامى، فما يَنْفَكُّ ... يُؤتى بمِزْهَرٍ مَنْدُوف
وَذَكَرَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ حَذَفَ قَالَ: وَالْمَحْذُوفُ الزِّقُّ؛ وأَنشد:
قَاعِدًا حَوْلَهُ النَّدامى، فَمَا ينفك ... يُؤْتَى بمُوكَرٍ مَحْذُوف
وَرَوَاهُ شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: مَجْدوف ومَجْذوف، بِالْجِيمِ وَبِالدَّالِ أَو بِالذَّالِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُمَا الْمَقْطُوعُ، وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: مَنْدُوف، وأَما مَحْذُوفٌ فَمَا رَوَاهُ غَيْرُ اللَّيْثِ. والنَّدِيفُ: الْقُطْنُ المَنْدوف. والمِنْدَفُ والمِنْدَفَةُ: مَا نُدِفَ بِهِ. والنَّدَّاف: نادِف الْقُطْنِ، عَرَبِيَّةٌ صَحِيحَةٌ. والنَّدِيف: الْقُطْنُ الَّذِي يُباع فِي السُّوقِ مَنْدوفاً. والنَّدْفُ: شُرْبُ السِّباع الماءَ بأَلسنتها. والنَّدَّاف: الضاربُ بِالْعُودِ؛ وَقَالَ الأَعشى:
وصَدُوح إِذَا يُهَيِّجُها الشُّرْبُ، ... تَرَقَّتْ فِي مِزْهَرٍ مَنْدُوف
أَراد بالصَّدُوح جَارِيَةً تُغَنِّي. وَقَالَ الأَصمعي: رَجُلٌ نَدَّاف كَثِيرُ الأَكل. والنَّدْف: الأَكل. ابْنُ الأَعرابي: أَنْدَفَ الرجلُ إِذَا مَالَ إِلَى النَّدْف، وَهُوَ صَوْتُ الْعُودِ فِي حِجْر الكَرينة. ونَدَفَت السَّمَاءُ بالثَّلْج أَي رمَت بِهِ. ونَدَفَت السحابةُ البَرَدَ نَدْفاً عَلَى الْمَثَلِ. ونَدَفَت الدَّابَّةُ تَنْدِف فِي سَيْرِهَا نَدْفاً ونَدِيفاً ونَدَفَاناً، وَهُوَ سُرْعة رجْع اليدين.
نزف: نَزَفْتُ مَاءَ الْبِئْرِ نَزْفاً إِذَا نزحْته كُلَّهُ، ونَزَفَت هِيَ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، ونُزِفَت أَيضاً، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: نَزَفَ البئرَ يَنْزِفُه انَزْفاً وأَنْزَفُها بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كِلَاهُمَا: نزَحها. وأَنزَفَت هِيَ: نزَحت وَذَهَبَ مَاؤُهَا؛ قَالَ لَبِيَدٌ:
أَرَبَّتْ عَلَيْهِ كلُّ وطْفاء جَوْنةٍ ... هَتُوفٍ، مَتَى يُنْزَفْ لَهَا الْمَاءُ تَسْكُبِ
قَالَ: وأَما ابْنُ جِنِّيٍّ فَقَالَ: نَزَفْت الْبِئْرَ وأَنْزَفَت هِيَ فَإِنَّهُ جَاءَ مُخَالِفًا لِلْعَادَةِ، وَذَلِكَ أَنك تَجد فِيهَا فعَل مُتَعَدِّيًا، وأَفعَل غَيْرَ مُتَعَدٍّ، وَقَدْ ذَكَرَ عِلَّةَ ذَلِكَ فِي شَنَق البعيرَ وجَفَلَ الظَّلِيمَ. وأَنْزَفَ القومُ: نَفِدَ شرابُهم. الْجَوْهَرِيُّ: أَنْزَفَ القومُ إِذَا انْقَطَعَ شَرَابُهُمْ،
وَقُرِئَ: وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزِفُون
، بكسر الزاي.
__________
(1) . قوله: عاقلٌ تفسير للفظة مرير الواردة في البيت.(9/325)
وأَنْزَفَ الْقَوْمُ إِذَا ذَهَبَ مَاءُ بِئْرِهِمْ وَانْقَطَعَ. وَبِئْرٌ نَزِيفٌ ونَزُوف: قَلِيلَةُ الْمَاءِ مَنزُوفَة. ونَزَفْت الْبِئْرَ أَي استقَيْت مَاءَهَا كلَّه. وَفِي الْحَدِيثِ:
زَمْزَمُ لَا تُنْزَفُ وَلَا تُذَمُ
أَي لَا يَفْنى مَاؤُهَا عَلَى كَثْرَةِ الِاسْتِقَاءِ. أَبو عُبَيْدَةَ: نَزِفَت عَبْرتُه، بِالْكَسْرِ، وأَنْزَفَها صَاحِبُهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وصَرَّحَ ابنُ مَعْمَرٍ لِمَنْ ذَمَرْ، ... وأَنْزَفَ العَبْرةَ مَنْ لَاقَى العِبَرْ
ذمَره: زجَره أَي قَالَ لَهُ جِدَّ فِي الأَمْر؛ وَقَالَ أَيضاً:
وَقَدْ أَراني بالدِّيارِ مُنْزَفا، ... أَزْمانَ لَا أَحْسَبُ شَيْئًا مُنْزَفَا
والنُّزْفَةُ، بِالضَّمِّ: الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ وَالْخَمْرِ مِثْلَ الغُرْفة، وَالْجَمْعُ نُزَفٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يُقَطِّعُ مَوضُونَ الحديثِ ابتِسامُها، ... تَقَطُّعَ مَاءِ المُزْن فِي نُزَفِ الخَمْر «1»
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
فشَنَّ فِي الإِبرِيق مِنْهَا نُزَفا
والمِنْزَفَةُ: مَا يُنْزَف بِهِ الْمَاءُ، وَقِيلَ: هِيَ دُلَيَّة تُشَدُّ فِي رأْس عُودٍ طَوِيلٍ، ويُنْصب عَوْدٌ ويُعَرَّض ذَلِكَ الْعَوْدُ الَّذِي فِي طرَفه الدَّلْو عَلَى الْعَوْدِ الْمَنْصُوبِ ويُستقى بِهِ الْمَاءُ. ونَزَفَه الحجَّام يَنْزِفُه ويَنْزُفُه: أَخرج دَمَهُ كُلَّهُ. ونُزِفَ دَمُهُ نَزْفاً، فَهُوَ مَنْزُوف ونَزِيف: هُرِيق. ونَزَفَ فُلَانٌ دَمَه يَنْزِفُه نَزْفاً إِذَا اسْتَخْرَجَهُ بحِجامة أَو فَصْد، ونزَفه الدمُ يَنْزِفُه نَزْفاً، قَالَ: وَهَذَا هُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ الَّذِي يُعرف مَعْنَاهُ، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ النُّزْف. وَيُقَالُ: نَزَفَه الدَّمُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ كَثِيرًا حَتَّى يَضْعُف. والنُّزْف: الضعْف الْحَادِثُ عَنْ ذَلِكَ؛ فأَما قَوْلُ قَيس بْنِ الخَطِيم:
تَغْتَرِقُ الطرْفَ، وَهِيَ لاهِيةٌ، ... كأَنَّما شَفَّ وجْهَها نُزْفُ
فَإِنَّ ابْنَ الأَعرابي قَالَ: يَعْنِي مِنَ الضعْفِ والانْبِهار، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ؛ قَالَ غَيْرُهُ: النُّزف هُنَا الْجُرْحُ الَّذِي ينْزِفُ عَنْهُ دَمُ الإِنسان؛ وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد أَنها رَقِيقة المَحاسن حَتَّى كأَنَّ دَمَهَا مَنْزُوف. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَدركه النُّزْف فَصَرَعَهُ مِنْ نَزْفِ الدَّمِ. ونَزَفَه الدمُ والفَرَقُ: زَالَ عقْلُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ أَنْزَفَه. ونَزَّفت المرأَة تَنْزِيفاً إِذَا رأَت دَمًا عَلَى حَمْلِهَا، وَذَلِكَ يَزيد الْوَلَدَ ضَعفاً وحَمْلَها طُولًا. ونُزِفَ الرجلُ دَمًا إِذَا رَعَف فَخَرَجَ دَمُهُ كُلُّهُ. وَفِي الْمَثَلِ: فُلَانٌ أَجْبَنُ من المَنْزُوف ضَرِطاً [ضَرَطاً] وأَجبن مِنَ المَنْزُوف خَضْفاً؛ وَذَلِكَ أَن رَجُلًا فَزِع فضَرطَ حَتَّى مَاتَ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ رَجُلٌ كَانَ يَدَّعِي الشَّجَاعَةَ، فَلَمَّا رأَى الْخَيْلَ جَعَلَ يَفْعل حَتَّى مَاتَ هَكَذَا، قَالَ: يَفْعَلُ يَعْنِي يَضْرَطُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ رَجُلٌ كَانَ إِذَا نُبِّه لشُرب الصَّبوح قَالَ: هلَّا نَبَّهْتني لِخَيْلٍ قَدْ أَغارت؟ فَقِيلَ لَهُ يَوْمًا عَلَى جِهَةِ الِاخْتِبَارِ: هَذِهِ نَوَاصِي الْخَيْلِ فَمَا زَالَ يَقُولُ الْخَيْلَ الخيلَ ويَضْرَط حَتَّى مَاتَ؛ وَقِيلَ: المَنْزُوف هُنَا دَابَّةٌ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالذِّئْبِ تَكُونُ بِالْبَادِيَةِ إِذَا صِيحَ بِهَا لَمْ تَزَلْ تَضْرَط حَتَّى تَمُوتَ. والنَّزِيفُ والمَنْزُوفُ: السكرانُ المنزوفُ العقْلِ، وَقَدْ نُزِفَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ
__________
(1) . قوله [موضون الحديث] كذا بالأصل هنا، وقدم المؤلف في مادة قطع: موضوع الحديث بدل ما هنا، وقال في التفسير: موضوع الحديث محفوظه.(9/326)
أَي لَا يَسكَرون؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ للأُبَيْرِد:
لَعَمْرِي لئنْ أَنْزَفْتُمُ أَو صَحَوتُمُ، ... لبئسَ النَّدامَى كنتمُ، آلَ أَبْجَرا
شرِبتم ومَدَّرْتُمْ، وَكَانَ أَبوكُمُ ... كَذاكمْ، إِذَا مَا يَشْرَبُ الكاسَ مَدَّرا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ أَبجرُ بْنُ جَابِرٍ العِجليّ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا. قَالَ: وَقَوْمٌ يَجْعَلُونَ المُنْزِف مِثْلَ المَنْزُوف الَّذِي قَدْ نُزِفَ دمُه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: نُزِف الرَّجُلُ، فَهُوَ مَنْزُوف ونَزِيف، أَي سَكِر فَذَهَبَ عقلُه. الأَزهري: وأَما قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْخَمْرِ الَّتِي فِي الْجَنَّةِ: لَا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ
؛ قِيلَ أَي لَا يَجدون عَنْهَا سُكْراً، وَقُرِئَتْ: يُنْزِفُون؛ قَالَ الْفَرَّاءُ وَلَهُ مَعْنَيَانِ: يُقَالُ قَدْ أَنْزَفَ الرَّجلُ فَنِيت خَمْرُهُ، وأَنزَفَ إِذَا ذهبَ عَقْلُهُ مِنَ السُّكْرِ، فَهَذَانِ وَجْهَانِ فِي قِرَاءَةِ مَن قرأَ يُنْزِفُون، وَمَنْ قرأَ يُنْزَفُونَ فَمَعْنَاهُ لَا تَذْهَبُ عُقولهم أَي لَا يسْكرون؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي أَنْزَف:
لعَمْرِي لَئِنْ أَنْزَفْتُمُ أَو صحَوْتمُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي عَطِشَ حَتَّى يَبِست عُروقه وجَفَّ لِسانه نَزِيف ومَنْزُوف؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
شُرْبَ النَّزِيف ببَرْدِ مَاءِ الحَشْرَجِ
أَبو عَمْرٍو: النَّزِيفُ السَّكْرَانُ، والسكرانُ نَزِيف إِذَا نُزِفَ عَقْلُهُ. والنَّزِيف: المَحْمُوم؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الحَشْرَجُ النُّقْرة فِي الْجَبَلِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ فيصْفُو. ونَزَف عَبْرتَه وأَنْزَفَها: أَفناها. وأَنْزَفَ الشيءَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ:
أَيامَ لَا أَحْسَبُ شَيْئًا مُنْزَفا
وأَنْزَفَ القومُ: لَمْ يبقَ لَهُمْ شَيْءٌ. وأَنْزَفَ الرَّجُلُ: انْقَطَعَ كَلَامُهُ أَو ذَهَبَ عَقْلُهُ أَو ذَهَبَتْ حُجَّتُهُ فِي خُصومة أَو غَيْرِهَا؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا كَانَ فَاعِلًا، فَهُوَ مُنْزِف، وَإِذَا كَانَ مَفْعُولًا، فَهُوَ مَنْزُوف، كأَنه عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ أَو كأَنه وُضِع فِيهِ النَّزْف. الْجَوْهَرِيُّ: ونُزِفَ الرَّجُلُ فِي الْخُصُومَةِ إِذَا انْقَطَعَتْ حُجته. اللَّيْثُ: قَالَتْ بِنْتُ الجَلَنْدى مَلِكُ عُمان حِينَ أَلبست السُّلَحْفاةَ حُلِيَّها وَدَخَلَتِ الْبَحْرَ فَصَاحَتْ وَهِيَ تَقُولُ: نَزَافِ نَزَاف، وَلَمْ يبقَ فِي الْبَحْرِ غَيْرَ قَذاف؛ أَرادت انْزِفْن الْمَاءَ وَلَمْ يَبْقَ غير غرفة.
نسف: نَسَفَتِ الريحُ الشَّيْءَ تَنْسِفُه نَسْفاً وانْتَسَفَته: سلبَتْه، وأَنْسَفَتِ الريحُ إنْسَافاً وأَسَافَت الترابَ وَالْحَصَى. والنَّسْف: نَقْر الطَّائِرِ بمِنْقاره، وَقَدِ انْتَسَفَ الطَّائِرُ الشَّيْءَ عَنْ وَجْهِ الأَرض بمِخْلَبه وَنَسَفَهُ. والنُّسَّافُ والنَّسَّاف؛ الأَول عَنْ سِيبَوَيْهِ والأَخير عَنْ كُرَاعٍ: طَائِرٌ لَهُ مِنْقار كَبِيرٌ. ونَسَفَ البعيرُ الكلأَ يَنْسِفُه، بِالْكَسْرِ، إِذَا اقْتَلَعَهُ بأَصله. وانْتَسَفْتُ الشَّيْءَ: اقْتَلَعْته؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وانْتَسَفَ الجالِبَ مِنْ أَنْدابه ... إغباطُنا المَيْسَ عَلَى أَصْلابه
والنَّسْف: انْتِسَافُ الريحِ الشيءَ كأَنَها تَسْلُبه. ونَسَفَتِ الراعيةُ الكلأَ تَنْسِفُه نَسْفاً: أَخذته بأَفواهها وأَحْناكها. وَبَعِيرٌ نَسُوف: يأَكل بمُقدَّم فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: بَعِيرٌ نَسُوف يَقْتَلِع الكلأَ مِنْ أَصله بمقدَّم فِيهِ، وَنَاقَةٌ نَسُوف كَذَلِكَ، وَهِيَ المَنَاسِيف كأَنها جَمْعُ مِنْسَاف وَهِيَ مِنْ بَابِ مَلامِحَ ومَذاكير.(9/327)
وَفَرَسٌ نَسُوف: يستَغْرِق الحِزام لإِجْفار جَنْبَيْهِ. وَفَرَسٌ نَسُوف السُّنْبُكِ إِذَا أَدناه مِنَ الأَرض فِي عَدْوِه. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ: إِنَّهُ لنَسُوف السُّنْبُكِ مِنَ الأَرض، وَذَلِكَ إِذَا أَدنى طرَف الْحَافِرِ مِنَ الأَرض فِي عدْوه، وَكَذَلِكَ إِذَا أَدنى الفرسُ مِرْفقيه مِنَ الْحِزَامِ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ لِتَقَارُبِ مِرفقيه، وَهُوَ مَحْمُودٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فِي مِرْفَقَيْه تَقارُبٌ، وَلَهُ ... بِرْكةُ زَوْرٍ كجَبْأَةِ الخَزَم
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الجَبْأَةُ خشَبةُ الحَذّاء، شبَّه بِهَا صَدْرَ فَرَسِهِ فِي استِدارتها. وَقِيلَ: النَّسُوف مِنَ الْخَيْلِ الْوَاسِعُ الْخَطْوِ. ونَسَفَه بسُنبكه أَو ظِلْفه يَنْسِفُه وأَنْسَفَه: نَحَّاهُ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
قِياماً عَجِلْنَ عَلَيْهِ النَّباتَ، ... يَنْسِفْنَه بالظُّلوفِ انْتِسَافا
عَجِلْنَ عَلَيْهِ: عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ؛ ينْسِفْنه: يَنْسِفْن هَذَا النَّبَاتَ، يقْلَعْنه بأَرجلهن قَبْلَ أَن يبلُغ. والنَّسْفُ: القَلْع. ونَسَفَ نَسْفاً: خَطا. وَنَاقَةٌ نَسُوف: تنْسف التُّرَابَ فِي عدْوها. وانْتَسَفَ البِناءَ: استأْصله. أَبو زَيْدٍ: نَسَفْت الْبِنَاءَ نَسْفاً إِذَا قلَعْته، وَالَّذِي يُنْسَفُ بِهِ الْبِنَاءُ يُسَمَّى مِنْسَفَة، والمِنْسَفَة آلَةٌ يُقْلَعُ بِهَا الْبِنَاءُ. ونَسَفَ البعيرُ الكلأَ نَسْفاً إِذَا اقْتَلَعَهُ بمقدَّم فِيهِ. ونَسَفَ الْبَعِيرُ بِرِجْلِهِ إِذَا ضَرَبَ رِجْلَهُ بمقدَّم «2» .... وَكَذَلِكَ الإِنسان. وَيُقَالُ: بَيْنَنَا عَقَبَة نَسُوف وعقَبة نَاشِطَةٌ أَي طَوِيلَةٌ شَاقَّةٌ. اللِّحْيَانِيُّ: انْتُسِفَ لونُه وانتُشِفَ لَوْنُهُ والتُمع لَوْنُهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ يَصِفُ فَرَسًا فِي حُضْرها:
نَسُوفٌ للحِزام بمِرْفَقَيْها، ... يَسُدُّ خَواءَ طُبْيَيْها الغُبارُ
يَقُولُ: إِذَا استَفْرغَت جَرْياً نَسَفَت حِزامها بمِرْفَقَيْ يَدَيْهَا، وَإِذَا ملأَت فُروجها عدْواً سَدَّ الغُبار مَا بَيْنَ طُبْيَيْها، وَهُوَ خَواؤه. ونَسَفَ البعيرَ حِمْلُه نَسْفاً إِذَا مرَط حِملُه الْوَبَرَ عَنْ صَفْحَتِي جَنْبَيْهِ. ونَسَفَ الشَّيْءَ، وَهُوَ نَسِيف: غَرْبله. والنُّسَّافَة: مَا سَقَطَ مِنَ الشَّيْءِ يَنْسِفُه، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ نُسَافَة السَّويق. والنَّسْف: تَنْقِية الْجَيِّدِ مِنَ الرَّديء، وَيُقَالُ لمُنْخُل مُطوَّل المِنْسف. ونَسَفَ الطَّعَامَ يَنْسِفُه نَسْفاً إِذَا نفَضه. وَيُقَالُ: اعْزِل النُّسافة وكلْ مِنَ الْخَالِصِ. ونَسْفُ الطعامِ: نَفْضُه. والمِنْسَف: هَنٌ طَوِيلٌ أَعلاه مُرْتَفِعٌ وَهُوَ مُتَصَوِّب الصَّدْرِ يَكُونُ عِنْدَ الْقَاشِرِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: أَتانا فلانٌ كأَنّ لِحْيَتَهُ مِنْسَف؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَكَاهَا أَبو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ. والمِنْسَفَة: الغِرْبال. وَكَلَامٌ نَسِيف: خَفِيٌّ، هُذلية؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فأَلْفَى القومَ قَدْ شَرِبُوا فضَمُّوا، ... أَمامَ الْقَوْمِ، مَنْطِقُهم نَسِيفُ
قَالَ الأَصمعي: أَي يَنْتَسِفُون الْكَلَامَ انْتِسَافاً لَا يُتِمُّونه مِنَ الفَرَق، يَهْمِسون بِهِ رُوَيْدًا مِنَ الْفَرَقِ فَهُوَ خَفِيٌّ لِئَلَّا يُنْذَر بِهِمْ ولأَنهم فِي أَرض عَدُوٍّ، وَقَوْلُهُ فَضَمُّوا أَي اجْتَمَعُوا وَضَمُّوا إِلَيْهِمْ دَوَابَّهُمْ وَرِحَالَهُمْ. وَيُقَالُ: هُمَا يَتَنَاسَفان. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِهِ فضَمّوا أَي كفُّوا عَنِ الْكَلَامِ، وَقِيلَ: اجْتَمَعُوا أَمام قَوْمٍ آخَرِينَ. وانْتَسَفُوا الْكَلَامَ بَيْنَهُمْ: أَخْفَوه وقلَّلُوه. ومِنْسَفُ الحِمار: فَمُه. نَسَفَ الأَتان
__________
(2) . كذا بياض بالأَصل.(9/328)
بفِيه يَنْسِفُها نَسْفاً ومَنْسَفاً ومَنْسِفاً: عضَّها فَتَرَكَ فِيهَا أَثراً؛ الأَخيرة كمَرْجِع مِنْ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ*. وَتَرَكَ فِيهَا نَسِيفاً أَي أَثراً مِنْ عَضِّه، أَو انْحِصاصَ وبَرٍ؛ قَالَ المُمَزَّق:
وَقَدْ تَخِذَتْ رِجْلي، لَدي جَنْبِ غَرْزِها، ... نَسِيفاً كأُفْحوصِ القَطاةِ المُطَرِّق
والنَّسِيفُ: أَثر كَدْم الحِمار وأَثر رَكْض الرِّجل بِجَنْبَيِ الْبَعِيرِ إِذَا انْحَصَّ عَنْهُ الْوَبَرُ. وَيُقَالُ لِلْحِمَارِ: بِهِ نَسِيفٌ، وَذَلِكَ إِذَا أَخذ الْفَحْلُ مِنْهُ لَحْمًا أَو شَعْرًا فَبَقِيَ أَثره. وَيُقَالُ: اتَّخَذَ فُلَانٌ فِي جَنْبِ نَاقَتِهِ نَسِيفاً إِذَا انْجَرَدَ وبَر مَرْكَضَيْه بِرِجْلَيْهِ، وأَنشد بَيْتَ الممزَّق أَيضاً. وَيُقَالُ لِفَمِ الْحِمَارِ: مِنْسَف، وَقِيلَ: مَنْسِف. ونَسَفَ الحِملُ ظهرَ الْبَعِيرِ نَسْفاً وانْتَسَفَه: حَصَّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْوَبَرِ. وَمَا فِي ظَهْرِهِ مَنْسَف: كَقَوْلِكَ مَا فِي ظَهْرِهِ مَضْرَب. والنَّسْفَة: حِجارة يُنْسَف بِهَا الوَسَخ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهَا صَاحِبُ الْعَيْنِ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ بِالشِّينِ. التَّهْذِيبُ: وَضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ يُشبه الخُطَّاف يَنْتَسِف ويسمى النُّسَّاف، وبالسين. النِّسْفَة: مِنْ حِجَارَةِ الحَرَّة، تَكُونُ نَخِرة ذَاتَ نَخاريب يُنسف بِهَا الوسَخُ عَنِ الأَقدام فِي الْحَمَّامَاتِ. وانْتُسِفَ لونُه: انْتُقِع، وَسَيُذْكَرُ فِي الشِّينِ. ونَسَفَ البعيرُ بِرِجْلِهِ نَسْفاً: ضَرَبَ بِهَا قُدُماً. ونَسَفَ الإِناءُ يَنْسِفُ: فَاضَ. والنَّسْفُ الطعْن مِثْلَ النزْع. ونَسَفٌ: كُورة. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِنَّهُ لَكَثِيرُ النَّسِيف، وَهُوَ السِّرارُ. يُقَالُ: أَطال نَسِيفه أَي سِراره، والله أَعلم.
نشف: نَشِفَ الماءُ: يَبس، ونَشِفَتْه الأَرضُ نَشْفاً، وَالِاسْمُ النَّشَف. ونَشَف الماءَ يَنْشِفُه نَشْفاً ونَشِفَه: أَخذه مِنْ غَدِيرٍ أَو غَيْرِهِ بِخِرْقَةٍ أَو غَيْرِهَا. ابْنُ السِّكِّيتِ: النَّشْفُ مَصْدَرُ نَشِفَ الحوضُ الْمَاءَ يَنْشَفُه نَشْفاً. ونَشِفَ الثوبُ العَرَقَ، بِالْكَسْرِ، يَنْشَفُه نَشْفاً: شَرِبَهُ، وتَنَشَّفه كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْق: أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لَنَا اكْسِروا بِيعتَكم وانْضَحُوا مَكَانَهَا واتَّخِذوه مَسْجِدًا، قُلْنَا: الْبَلَدُ بَعِيدٌ وَالْمَاءُ يَنْشَفُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَصل النَّشْف دُخُولُ الْمَاءِ فِي الأَرض وَالثَّوْبِ؛ يُقَالُ: نَشِفَتِ الأَرضُ الْمَاءِ تَنْشَفه نَشْفاً شَرِبَتْهُ. والنُّشافَةُ: مَا نَشِف مِنَ الْمَاءِ. وأَرض نَشِفة بيِّنة النَّشَف، بِالتَّحْرِيكِ، إِذَا كَانَتْ تَنْشَفُ الماءَ، وَقِيلَ يَنْشَفُ مَاؤُهَا. ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ فَعِلَ وَهُوَ الْفَصِيحُ الَّذِي لَا يَتَكَلَّمُ بِغَيْرِهِ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَفْتَحُ نَشَف الحوضَ مِنَ الْمَاءِ يَنْشُفه ونَفَدَ الشيءُ يَنْفُدُ لَا غَيْرَ. ابْنُ بُزُرْجَ: قَالُوا نَشِفَت جَرَّتُك الماءَ ونَشَفت تَنْشَفُ وتَنْشُفُ. والنُّشْفَةُ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ يَبْقى فِي الإِناء مِثْلُ الجُرْعة؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وانْتَشَفَ الوسَخَ: أَذْهبه مَسْحاً وَنَحْوَهُ. والنَّشْفَةُ والنِّشْفَةُ: الْحَجَرُ الَّذِي يُتَدَلَّك بِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لانْتِشَافِه الْوَسَخَ فِي الْحَمَّامَاتِ، وَالْجَمْعُ نِشَفٌ ونِشَافٌ، فَأَمَّا النَّشَفُ فَاسْمُ الْجَمْعِ وَلَيْسَ بِجَمْعٍ لأَن فَعْلَة وفِعْلة لَيْسَ مِمَّا يكسَّر عَلَى فَعَلَ، وَنَظِيرُهُ فلْكةٌ وفلَك وحَلْقة وحَلَق؛ كُلُّهُ عَنْ سِيبَوَيْهِ. اللَّيْثُ: النَّشَف دُخول الْمَاءِ فِي الأَرض، والنَّشَفُ حِجَارَةٌ عَلَى قدْر الأَفْهار وَنَحْوِهَا سُودٌ كأَنها مُحْتَرِقَةٌ تُسَمَّى نَشْفَةً ونَشَفاً، وَهُوَ الَّذِي يُنَقَّى بِهِ الْوَسَخُ فِي الحمَّامات، سُمِّيَتْ نَشْفَة لتَنَشُّفِها الْمَاءَ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ نَشَفَةً لانْتِشَافِها الوسَخَ عَنْ مَوَاضِعِهِ.(9/329)
الأَصمعي: النَّشْف، بِالتَّسْكِينِ، والنَّشَف، بِالتَّحْرِيكِ، حِجَارَةُ الحَرَّة وَهِيَ سُودٌ كأَنها مُحْتَرِقَةٌ، الْوَاحِدَةُ نَشْفَة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَنَظِيرُهُ حَلْقة وحَلَق وفَلْكة وفلَك وحَمْأَة وحَمَأٌ وبكْرة وبَكَر لبَكْرة الَّتِي فِي لُغَةِ مَنْ أَسكن بكْرة ولزْبة ولَزَبَ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: النَّشْفَة الْحِجَارَةُ الَّتِي تُدلَك بِهَا الأَقدام؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
طُوبى لِمَنْ كَانَتْ لَهُ هِرْشَفَّهْ ... ونَشْفَةٌ يملأَ مِنْهَا كَفَّهْ
وَقَالَ الأُمويُّ: النِّشْفَة، بِكَسْرِ النُّونِ. وَفِي حَدِيثِ
عَمَّارٍ: أَتَى النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأَى بِهِ صُفرة فَقَالَ اغْسِلْهَا، فذهبْتُ فأَخذْت نَشَفَةً لَنَا فدَلَكْت بِهَا عَلَى تلك الصُّفرة حَتَّى ذَهَبَتْ
؛ قَالَ: النَّشَفَة، بِالتَّحْرِيكِ وَقَدْ تُسَكَّنُ، وَاحِدَةُ النَّشَف وَهِيَ حِجَارَةٌ سُودٌ كأَنها أُحْرقت بِالنَّارِ وَإِذَا تُرِكَتْ عَلَى رأْس الْمَاءِ طفَت وَلَمْ تغُص فِيهِ، وَهِيَ الَّتِي يُحَكُّ بِهَا الْوَسَخُ عَنِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
حُذَيْفَةَ: أَظلَّتكم الفِتن تَرْمِي بالنَّشَف ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا تَرْمِي بالرَّضْف
، يَعْنِي أَنَّ الأُّولى مِنَ الفِتَن لَا تؤثِّر فِي أَديان النَّاسِ لخِفَّتِها، وَالَّتِي بَعْدَهَا كَهَيْئَةِ حِجَارَةٍ قَدْ أُحميت بِالنَّارِ فَكَانَتْ رضْفاً، فَهِيَ أَبلغ فِي أَديانهم وأَثْلَم لأَبدانهم. والنَّشْفَة: الصُّوفة الَّتِي يُنَشَّف بِهَا الْمَاءُ مِنَ الأَرض. الصِّحَاحُ: والنَّشَّافَة الَّتِي يُنَشَّف بِهَا الْمَاءُ: وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَشَّافَةٌ يُنَشِّفُ بِهَا غُسالة وَجْهِهِ
يَعْنِي مِنْدِيلًا يَمْسَحُ بِهِ وَضُوءه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أَيوب: فَقُمْتُ أَنا وأُم أَيوب بقَطِيفة مَا لَنَا غيرُها نُنَشِّفُ بِهَا الْمَاءَ.
والنُّشَافَة: الرَّغْوة، وَهِيَ الحُفالة. ابْنُ سِيدَهْ: النُّشْفَة والنُّشَافَة الرَّغْوة الَّتِي تَعْلُو اللَّبَنَ لَبَنَ الإِبل وَالْغَنَمِ إِذَا حُلب وَهُوَ الزَّبَد، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ رَغْوة اللَّبَنِ، وَلَمْ يَخُصَّ وَقْتَ الْحَلْبِ. وانْتَشَفَ النُّشَافَة: أَخذها. وأَنْشَفَهُ: أَعطاه النُّشافة. وَيُقَالُ لِلصَّبِيِّ: أَنْشِفْني أَي أَعْطِنِي النُّشافة أَشربها. ونَشَّفَت الإِبل أَي صَارَتْ لأَلبانها نُشَافة. وَيُقَالُ: انْتَشَفَ إِذَا شَرِبَ النِّشَافَة. حَكَى يَعْقُوبُ: أَمست إِبِلُكُمْ تُنَشِّفُ وتُرَغِّي أَي لَهَا نُشافة ورَغْوة مِنَ التَّنْشِيف وَالتَّرْغِيَةِ. النَّضْرُ: نَشَّفْتُ النَّاقَةُ تَنْشِيفاً، وَهِيَ نَاقَةٌ مُنَشِّفٌ، وَهُوَ أَن تَرَاهَا مَرَّةً حَافِلًا وَمَرَّةً لَيْسَ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ، وَإِنَّمَا تَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَدْنُو نِتاجها. والنُّشَافَة والنُّشْفَة: مَا أَخذت بمغْرفة مِنَ القدْر وَهُوَ حَارٌّ فتحسَّيْتَه. والنَّشْفُ: اللَّون؛ وَيُرْوَى بَيْتُ أَبي كَبِيرٍ:
وبَياضُ وجْهِك لَمْ تَحُلْ أَسرارُه ... مِثْلُ الوَذِيلةِ، أَو كنَشْفِ الأَنْضُرِ
وانتُشِفَ لَوْنُهُ: انتُقع؛ حَكَاهُ يَعْقُوبَ، قَالَ: وَالسِّينُ لُغَةٌ.
نصف: النِّصْفُ: أَحد شقَّي الشَّيْءِ. ابْنُ سِيدَهْ: النِّصْفُ والنُّصف، بِالضَّمِّ، والنَّصِيفُ والنَّصْفُ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي: أَحد جزأَي الْكَمَالِ،
وقرأَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: فَلَهَا النُّصْف.
وَفِي الْحَدِيثِ:
الصَّبْرُ نِصْف الإِيمان
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بِالصَّبْرِ الوَرَع لأَن الْعِبَادَةَ قِسمان: نُسُك وورَعٌ، فالنُّسُك مَا أَمَرَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ، والورَعُ مَا نَهَت عَنْهُ، وَإِنَّمَا يُنْتَهى عَنْهُ بِالصَّبْرِ فَكَانَ الصبرُ نِصْفَ الإِيمانِ، وَالْجَمْعُ أَنْصَاف. ونَصَفَ الشيءَ يَنْصُفُه نَصْفاً وانْتَصَفَه وتَنَصَّفَه ونَصَّفَه: أَخذ نِصْفَه. والمُنَصَّفُ مِنَ الشَّرَابِ: الَّذِي يُطبَخ حَتَّى يَذْهَبَ نِصْفُه. ونَصَفَ القَدَحَ يَنْصفُه نَصْفاً: شَرِبَ نِصْفَه. ونَصَفَ الشيءُ الشيءَ يَنْصُفُه: بَلَغَ نِصْفَه. ونَصَفَ النهارُ يَنْصُف(9/330)
وينصِف وانْتَصَفَ وأَنْصَفَ: بَلَغَ نِصْفه، وَقِيلَ: كلُّ مَا بَلغ نِصْفه فِي ذَاتِهِ فَقَدْ أَنْصَفَ؛ وكلُّ مَا بَلَغَ نِصْفَهُ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ نَصَفَ؛ وَقَالَ الْمُسَيَّبِ بْنِ عَلَسٍ يَصِفُ غَائِصًا فِي الْبَحْرِ عَلَى دُرَّة:
نَصَفَ النهارُ، الماءُ غامِرُه، ... ورَفِيقُه بالغَيْبِ لَا يَدْرِي
أَراد انْتَصَفَ النهارُ والماءُ غَامِرُهُ فانْتَصَفَ النهارُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَاءِ، فَحَذَفَ وَاوَ الْحَالِ، ونَصَفْتُ الشيءَ إِذَا بَلَغْتُ نِصْفَه؛ تَقُولُ: نَصَفْتُ الْقُرْآنَ أَي بَلَغْتُ النِّصْفَ؛ ونَصَفَ عُمُرَه ونَصَفَ الشيبُ رأْسَه. وَيُقَالُ: قَدْ نَصَفَ الإِزارُ ساقَه يَنْصُفُها إِذَا بَلَغَ نِصفها؛ وأَنشد لأَبي جُنْدَب الْهُذَلِيُّ:
وكنتُ، إِذَا جارِي دَعا لِمَضُوفةٍ، ... أُشَمِّر حَتَّى يَنْصُف الساقَ مِئْزَرِي
وَقَالَ ابنُ مَيَّادةَ يَمْدَحُ رَجُلًا:
ترَى سَيْفَه لَا يَنْصُفُ السَّاقَ نَعْلُه، ... أَجَلْ لَا، وَإِنْ كَانَتْ طِوالًا مَحامِلُهْ
الْيَزِيدِيُّ: وَنَصَفَ الماءُ الْبِئْرَ والحُبَّ والكُوزَ وَهُوَ يَنصُفه نَصفاً ونُصوفاً، وَقَدْ أَنْصَفَ الماءُ الْحُبَّ إِنْصَافاً؛ وَكَذَلِكَ الْكُوزُ إِذَا بَلَغَ نِصْفَهُ، فَإِنْ كُنْتَ أَنت فعَلْت بِهِ قُلْتَ: أَنصَفْتُ الماءَ الحُبَّ وَالْكُوزَ إِنْصَافاً، وَتَقُولُ: أَنْصَفَ الشيبُ رأْسه ونَصَّفَ تَنْصِيفاً، وَإِذَا بَلَغْتَ نصْف السِّنِّ قُلْتَ: قَدْ أَنصَفْتُه ونَصَّفْتُه إِنْصَافاً وتَنْصِيفاً وأَنْصَفْتُه مِنْ نَفْسِي. وَإِنَاءٌ نَصْفَان، بِالْفَتْحِ: بَلَغَ الكيلُ أَو الْمَاءُ نِصْفَه، وجُمْجُمةٌ نَصْفَى، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ النِّصْف مِنَ الأَجزاء أَعني أَنَّهُ، لَا يُقَالُ ثَلْثان وَلَا رَبْعان وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي تَقْتَضِي هَذِهِ الأَجزاء، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ونَصَّفَ البُسْرُ: رطَّب نصفُه؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ومَنْصَفُ القَوْسِ والوتَر: مَوْضِعُ النِّصف مِنْهُمَا. ومَنْصَفُ الشَّيْءِ: وسَطُه. والمَنْصَفُ مِنَ الطَّرِيقِ وَمِنَ النَّهَارِ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ: وَسَطُهُ. والمَنْصَفُ: نِصْفُ الطَّرِيقِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى إِذَا كَانَ بالمَنْصَف
أَي الْمَوْضِعِ الوسَط بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ. ومُنْتَصَفُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ: وسَطُه. وانْتَصَفَ النهارُ ونَصَفَ، فَهُوَ يَنْصُفُ. وَيُقَالُ: أَنْصَفَ النَّهَارُ أَيضاً أَي انْتَصَفَ، وَكَذَلِكَ نَصَّفَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وإنْ نَبَّهَتْهُنَّ الولائدُ بعد ما ... تصعَّد يومُ الصَّيْف، أَو كاد يَنْصُفُ
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى إِذَا الليلُ التَّمامُ نَصَّفَا
وَكُلُّ شَيْءٍ بلَغ نِصْفَ غَيْرِهِ فَقَدْ نَصَفَه؛ وَكُلُّ شَيْءٍ بَلَغَ نِصْف نفْسِه فَقَدْ أَنْصَفَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: نَصَفَ النهارُ إِذَا انْتَصَفَ؛ وأَنْصَفَ النهارُ إِذَا انْتَصَفَ. ونَصَّفْتُ الشيءَ؛ إِذَا أَخذت نِصفه. وتَنْصِيفُ الشَّيْءِ: جَعْلُهُ نِصْفَين. ونَاصَفْتُه الْمَالَ: قاسَمْته عَلَى النِّصْفِ. والنَّصَفُ: الكَهْل كأَنه بَلَغَ نِصف عُمُره. وَقَوْمُ أَنْصَاف ونَصَفُون، والأُنثى نَصَفٌ ونَصَفَة كَذَلِكَ أَيضاً: كأَنَّ نِصفَ عُمُرِهَا ذَهَبَ؛ وَقَدْ بيَّن ذَلِكَ الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ:
لَا تَنْكِحَنَّ عَجُوزاً أَو مُطلَّقةً، ... وَلَا يَسُوقَنَّها فِي حَبْلِك القَدَرُ
وَإِنْ أَتَوْكَ فَقَالُوا: إِنَّهَا نَصَفٌ، ... فإنَّ أَطْيَبَ نِصْفَيْها الَّذِي غَبَرا «3»
__________
(3) . في هذا البيت إقواء.(9/331)
أَنشده ابْنُ الأَعرابي. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِنَّ فُلَانَةً لَعَلَى نَصَفِها أَي نِصْف شَبَابِهَا؛ وأَنشد:
إنَّ غُلاماً، غَرَّه جَرْشَبِيَّةٌ ... عَلَى نَفْسِها مِنْ نفْسِه، لَضَعِيف
الجَرْشَبِيّة: الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ الهَرِمة، وَقِيلَ: النَّصَف، بِالتَّحْرِيكِ، المرأَة بَيْنَ الحَدَثة والمُسِنّة، وَتَصْغِيرُهَا نُصَيْف بِلَا هَاءٍ لأَنها صِفَةٌ؛ وَفِي قَصِيدَةِ كَعْبٍ:
شَدَّ النهارِ ذِراعَيْ عَيْطَلٍ نَصَفٍ
النَّصَف، بِالتَّحْرِيكِ: الَّتِي بَيْنَ الشابَّة والكهْلة، وَقِيلَ: النَّصَف مِنَ النِّسَاءِ التَّيِ قَدْ بَلَغَتْ خَمْسًا وأَربعين وَنَحْوَهَا، وَقِيلَ: الَّتِي قَدْ بَلَغَتْ خَمْسِينَ، وَالْقِيَاسُ الأَول لأَنه يَجُرُّهُ اشْتِقَاقٌ وَهَذَا لَا اشْتِقَاقَ لَهُ، وَالْجَمْعُ أَنْصَاف ونُصُفٌ ونُصْفٌ؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ النَّصَف لِلْجَمْعِ كَالْوَاحِدِ، وَقَدْ نَصَّفَ. والنَّصِيف: مِكيال. وَقَدْ نَصَفَهم: أَخَذَ مِنْهُمُ النِّصف يَنْصُفُهم نَصْفاً كَمَا يُقَالُ عشَرَهم يَعْشُرُهم عَشْراً. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تسُبُّوا أَصحابي فَإِنَّ أَحدكم لَوْ أَنفق مَا فِي الأَرض جَمِيعًا مَا أَدرك مُدَّ أَحدِهم وَلَا نَصِيفَه
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْعَرَبُ تُسَمِّي النِّصْف النَّصِيف كَمَا يَقُولُونَ فِي العُشر العَشِير وَفِي الثُّمن الثَّمِين؛ وأَنشد لسلَمة بْنُ الأَكوع:
لَمْ يَغْذُها مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ، ... وَلَا تُمَيْراتٌ وَلَا تعْجِيفُ
لكنْ غَذَّاهَا اللَّبَن الخَريفُ: ... المَحْضُ والقارِصُ والصَّريفُ
والنَّصِيف: الخِمار، وَقَدْ نَصَّفَتِ المرأَةُ رأْسها بِالْخِمَارِ. وانْتَصَفَت الْجَارِيَةُ وتَنَصَّفَت أَي اخْتَمَرَتْ، ونَصَّفْتُها أَنا تَنْصِيفاً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي صِفَةِ الْحُورِ الْعِينِ:
ولَنَصِيفُ إِحْدَاهُنَّ عَلَى رأْسها خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فيها
؛ هو الخِمار، وَقِيلَ المِعْجَر؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ يَصِفُ امرأَة:
سقَطَ النَّصِيف، وَلَمْ تُرِد إسقاطَه، ... فَتناوَلَتْه واتَّقَتْنا باليَدِ
قَالَ أَبو سَعِيدٍ: النَّصِيف ثَوْبٌ تتجلَّل بِهِ المرأَة فَوْقَ ثِيَابِهَا كُلِّهَا، سُمِّيَ نَصِيفاً لأَنه نَصَفٌ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا فحَجز أَبصارهم عَنْهَا، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ: سَقَطَ النَّصِيف، لأَن النَّصِيف إِذَا جُعِلَ خِماراً فَسَقَطَ فَلَيْسَ لستْرِها وجهَها مَعَ كشفِها شعَرها مَعْنًى، وَقِيلَ: نَصِيف المرأَة مِعْجَرُها. والنَّصَفُ والنَّصَفَةُ والإِنْصَاف: إِعْطَاءُ الْحَقِّ، وَقَدِ انْتَصَفَ مِنْهُ، وأَنْصَفَ الرجلُ صَاحِبَهُ إِنْصَافاً، وَقَدْ أَعطاه النَّصَفَةَ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْصَفَ إِذَا أَخذ الْحَقَّ وأَعطى الْحَقَّ. والنَّصَفَة: اسْمُ الإِنْصَاف، وَتَفْسِيرُهُ أَن تُعْطِيَهُ مِنْ نَفْسِكَ النَّصَف أَي تُعْطيه مِنَ الْحَقِّ كَالَّذِي تَسْتَحِقُّ لِنَفْسِكَ. وَيُقَالُ: انْتَصَفْتُ مِنْ فُلَانٍ أَخذْت حَقِّي كَمَلًا حَتَّى صِرْتُ أَنا وَهُوَ عَلَى النَّصَف سَواءً. وتَنَصَّفْتُ السُّلْطَانَ أَي سأَلته أَن يُنْصِفَني. والنِّصْفُ: الإِنْصافُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ولكنَّ نِصْفاً، لَوْ سَبَبْتُ وسَبَّني ... بنُو عَبْدِ شَمسٍ مِنْ مَنافٍ وهاشِمِ
وأَنْصَفَ الرجلُ أَي عَدَلَ. وَيُقَالُ: أَنْصَفَه مِنْ نفْسه وانْتَصَفْتُ أَنا مِنْهُ وتَنَاصَفُوا أَي أَنصف بعضُهم بَعْضًا مِنْ نَفْسِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ مَعَ زِنْباع بْنِ رَوْح:
مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بْنَ رَوْحٍ ببلدةٍ، ... لِيَ النِّصْفُ مِنْهَا، يَقْرَع السِّنَّ مِنْ نَدَمْ(9/332)
النِّصْف، بِالْكَسْرِ: الانْتِصَاف، وَقَدْ أَنْصَفَه مِنْ خَصْمِهِ يُنْصِفُه إِنْصَافاً ونَصَفَه يَنْصِفُه ويَنْصُفُه نَصْفاً ونِصَافَةً ونَصَافاً ونِصَافاً وأَنْصَفَه وتَنَصَّفَه كلُّه: خدَمه. الْجَوْهَرِيُّ: تَنَصَّفَ أَي خَدم؛ قَالَتِ الحُرَقة بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ:
فبَيْنا نَسُوسُ الناسَ، والأَمْرُ أَمْرُنا، ... إِذَا نحنُ فِيهِمْ سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ
فأُفٍّ لدُنيا لَا يدُوم نَعيمُها؛ ... تقَلَّبُ تاراتٍ بِنا وتَصَرَّفُ
وَيُقَالُ: تنصَّفْتُه بِمَعْنَى خدَمْته وعبَدْته؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فإنَّ الإِلَه تَنَصَّفْتُه، ... بأَنْ لَا أَعُقَّ وأَن لَا أَحُوبا
قَالَ: وَعَلَيْهِ بَيْتُ الحُرَقة بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ:
إِذَا نَحْنُ فِيهِمْ سُوقَةٌ نَتَنَصَّفُ
ونَصَفَ القومَ أَيضاً: خَدَمُهُمْ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
لَهَا غَلَلٌ مِنْ زازِقيٍّ وكُرْسُفٍ ... بأَيْمانِ عُجْمٍ يَنْصُفُون المَقاوِلا
قَوْلُهُ لَهَا أَي لظُروف الْخَمْرِ. والنَّاصِفُ والمِنْصَف، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الْخَادِمُ. وَيُقَالُ لِلْخَادِمِ: مِنْصَف ومَنْصَفٌ. والنَّصِيفُ: الْخَادِمُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنه ذَكَرَ دَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: دَخَلَ المِحراب وأَقعد مِنْصفاً عَلَى الْبَابِ
، يَعْنِي خَادِمًا، وَالْجَمْعُ مَنَاصِف؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: المِنْصَف، بِكَسْرِ الْمِيمِ، الْخَادِمُ، وَقَدْ تُفْتَحُ الْمِيمُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سَلام، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَجَاءَنِي مِنْصَف فرَفع ثِيَابِي مِنْ خَلْفي.
وَيُقَالُ: نَصَفْتُ الرجلَ فأَنا أَنْصُفُه وأَنْصِفُه نِصَافَة ونَصَافَة أَي خَدَمْتُهُ. والنَّصَفَةُ: الخُدَّام، وَاحِدُهُمْ نَاصِفٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: والنَّصَف الخدَّام. وتَنَصَّفَه: طلَب مَعْرُوفه؛ قَالَ:
فَإِنَّ الإِله تَنَصَّفْتُه، ... بأَنْ لَا أَخُونَ وأَنْ لَا أُخانا
وَقِيلَ: تَنَصَّفْتُه أَطعْته وانْقَدْت لَهُ؛ وَقَوْلُ ابْنِ هَرْمَةَ:
مَنْ ذَا رسولٌ ناصِحٌ فَمُبَلِّغٌ ... عنَّي عُلَيَّةَ غَيرَ قِيلِ الكاذِبِ
أَني غَرِضْتُ إِلَى تَنَاصُف وجْهِها، ... غَرَضَ المُحِبِّ إِلَى الحبيبِ الغائِبِ
أَي اشْتَقْت، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ خِدْمة وَجْهِهَا بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: إِلَى مَحَاسِنِهِ الَّتِي تقَسَّمت الْحُسْنَ فتَنَاصَفَتْه أَي أَنصفَ بعضُها بَعْضًا فَاسْتَوَتْ فِيهِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: تَنَاصُفُ وجهِها مَحَاسِنُهَا أَنها كُلَّهَا حَسَنة يُنْصِفُ بَعْضُهَا بَعْضًا، يُرِيدُ أَن أَعضاءها مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْجَمَالِ وَالْحُسْنِ فكأَنَّ بَعْضَهَا أَنْصَفَ بَعْضًا فتَنَاصَفَ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَعْنِي اسْتِوَاءَ الْمَحَاسِنِ كأَنَّ بَعْضَ أَعضاء الْوَجْهِ أَنصف بَعْضًا فِي أَخذ القِسْط مِنَ الْجَمَالِ؛ وَرَجُلٌ مُتَنَاصِف: مُتساوي الْمَحَاسِنِ، وأَنْصَفَ إِذَا خَدَمَ سَيِّدَهُ. وأَنْصَفَ إِذَا سَارَ بِنِصْفِ النَّهَارِ. والمَنَاصِف: أَودية صِغَارٌ، والنَّوَاصِف: صُخُورٌ فِي مَناصِف أَسناد الْوَادِي وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ المَسايِل؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الصَّبْغاء:
بَيْنَ القِرانِ السَّوْء والنَّوَاصِف
جَمْعُ نَاصِفَة وَهِيَ الصَّخْرَةُ. قَالَ ابْنُ الأَثير:
وَيُرْوَى التَّراصُف.
والنَّوَاصِفُ: مَجَارِي الْمَاءِ فِي الْوَادِي،(9/333)
وَاحِدَتُهَا نَاصِفَة: وأَنشد:
خَلايا سَفِينٍ بالنَّوَاصِف مِنْ دَدِ
والنَّاصِفَة مِنَ الأَرض: رَحَبة بِهَا شَجَرٌ لَا تَكُونُ نَاصِفَةً إِلَّا وَلَهَا شَجَرٌ. والنَّاصِفَة: الأَرض الَّتِي تُنبت الثُّمام وَغَيْرَهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النَّاصِفَة مَوْضِعٌ مِنبات يتَّسع مِنَ الْوَادِي؛ قَالَ الأَعشى:
كخَذُولٍ تَرْعى النَّواصِفَ من تَثْلِيثَ ... قَفْراً، خَلا لَهَا الأَسْلاقُ
والنَّاصِفَة: مَجْرَى الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ النَّوَاصِف، وَقِيلَ: النَّوَاصِف أَماكن بَيْنَ الغِلَظ واللِّين؛ وأَنشد قَوْلَ طَرَفَةُ:
كأَنَّ حُدُوجَ المالِكِيّةِ، غُدْوةً، ... خَلايا سَفِينٍ بالنَّوَاصِفِ مِنْ دَدِ
وَقِيلَ: النَّوَاصِف رِحاب مِنَ الأَرض. ونَاصِفَةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
بنَاصِفَةِ الجَوَّيْن أَو بمُحَجِّر
نضف: النَّضَفُ: الصَّعْتر، الْوَاحِدَةُ نَضَفَة؛ وأَنشد:
ظَلَّا بأَقْريَةِ التُّفَّاحِ، يَوْمَهُما، ... يُنَبِّشانِ أُصولَ المَغْدِ والنَّضَفَا
ابْنُ الأَعرابي: أَنْضَفَ الرجلُ إِذَا دَامَ عَلَى أَكل النَّضَف وَهُوَ الصَّعتر. ومرَّ بِنَا قَوْمٌ نَضِفُون نَجِسُون بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ونَضَفَ الفَصِيلُ جَمِيعَ مَا فِي ضَرْع أُمه يَنْضِفُه ويَنْضُفُه وانْتَضَفَه: شَرِبَهُ جَمِيعَهُ. وانْتَضَفَ مَا فِي الإِناء: شَرِبَ جَمِيعَ مَا فِيهِ. وانْتَضَفَتِ الإِبل مَاءَ حَوْضِهَا: شَرِبَتْهُ أَجمع، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ بِالصَّادِ، ونَضَفْتُ مَا فِي الإِناء مِثْلُهُ. وانْتَضَفْتُه: مِثْلَ لَعِقْته. وانْتَضَفَ الفَصيلُ مَا فِي بَطْنِ أُمه أَي امْتَكَّه، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَذَلِكَ نَضِفَه، بِالْكَسْرِ، نَضَفاً. وَقَالَ أَبو تُرَابٍ عَنِ الْخَصِيبِيِّ: أَنْضَفَتُ النَّاقَةُ وأَوضَفَت إِذَا خَبَّت، وأَوْضَفْتُها فوضَفَتْ إِذَا فَعَلَتْ. ابْنُ الأَعرابي: النَّضَفُ إِبْدَاءُ الحُصاص. وَقَالَ غَيْرُهُ: رَجُلٌ نَاضِف ومِنْضَف وخاضفٌ ومِخْضَفٌ إِذَا كَانَ ضَرّاطاً؛ وأَنشد:
وأَيْنَ مَوَالِينا الضِّعافُ المَنَاضِفُ
نطف: النطَفُ والوحَرُ: العَيْب. يُقَالُ: هُمْ أَهل الرَّيْب والنَّطَف. ابْنُ سِيدَهْ: نَطَفَه نَطْفاً ونَطَّفَه لطَّخه بِعَيْبٍ وقَذَفَه بِهِ. وَقَدْ نَطِفَ، بِالْكَسْرِ، نَطَفاً ونَطَافَةً ونُطُوفَة، فَهُوَ نَطِفٌ: عابَ وأَرابَ. وَيُقَالُ: مرَّ بِنَا قَوْمٌ نَطِفُون نَضِفون وحَرُون نَجِسُون كفَّار. والنَّطَف: التَّلَطُّخ بِالْعَيْبِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فَدَعْ مَا لَيْسَ مِنْكَ ولستَ مِنْهُ، ... هُمَا رِدْفَين مِنْ نَطَفٍ قَرِيبُ
قَالَ رِدْفين عَلَى أَنهما اجْتَمَعَا عَلَيْهِ مُتَرَادِفَيْنِ فَنَصَبَهُمَا عَلَى الْحَالِ. وَفُلَانٌ يُنْطَف بسُوء أَي يُلَطَّخ. وَفُلَانٌ يُنْطَف بفُجور أَي يُقْذَف بِهِ. وَمَا تَنَطَّفْت بِهِ أَي مَا تلطَّخْت. وَقَدْ نَطِفَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، إِذَا اتُّهِمَ بِرِيبَةٍ، وأَنطفه غَيْرُهُ. والنَّطِفُ: الرَّجُلُ المُرِيب. وَإِنَّهُ لَنَطِفٌ بِهَذَا الأَمر أَي متَّهَم، وَقَدْ نَطِفَ ونُطِفَ نَطَفاً فِيهِمَا. وَوَقَعَ فِي نَطَفٍ أَي شَرٍّ وَفَسَادٍ. ونَطِفَ الشيءُ أَي فَسَدَ. ونَطِفَ الْبَعِيرُ نَطَفاً، فَهُوَ نَطِفٌ: أَشرفت دَبَرَتُه عَلَى جَوْفِهِ ونَقَّبت عَنْ فُؤاده، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أَصابته الغُدّة(9/334)
فِي بَطْنِهِ، والأُنثى نَطَفَة. والنَّطَفُ: إِشْرَافُ الشجَّة عَلَى الدِّمَاغِ والدبَرة عَلَى الْجَوْفِ، وَقَدْ نَطِفَ الْبَعِيرُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كَوْسَ الهِبَلِّ النَّطِفِ المَحْجوزِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
شُدَّا عَلَيَّ سُرَّتي لَا تَنْقَعِفْ ... إِذَا مَشَيْتُ مِشْيَةَ العَوْدِ النَّطِفْ
وَرَجُلٌ نَطِفٌ: أَشرفت شَجَّته عَلَى دِماغه. ونَطِفَ مِنَ الطَّعَامِ يَنْطَفُ نَطَفاً: بَشِم. والنَّطَف: عِلَّةٌ يُكوى مِنْهَا الرَّجُلُ، ورجُل نَطِفٌ: بِهِ ذَلِكَ الدَّاءُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
واسْتَمَعُوا قَوْلًا بِهِ يُكْوى النَّطِفْ، ... يَكادُ مَنْ يُتْلَى عَلَيْهِ يُجْتأَفْ «1»
والنَّطْفُ: عَقْر الجُرح. ونَطَفَ الجَرْحَ والخُراجَ نَطْفاً: عَقَرَهُ. والنَّطَفُ والنُّطَفُ: اللُّؤْلُؤُ الصَّافِي اللَّوْنِ، وَقِيلَ: الصِّغَارُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هِيَ القِرَطةُ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ نَطَفَة ونُطَفَة، شُبِّهَتْ بقَطْرة الْمَاءِ. والنَّطَفَة، بِالتَّحْرِيكِ: القُرط. وَغُلَامٌ مُنَطَّف: مُقَرَّط. وَوَصِيفَةٌ مُنَطَّفَة ومُتَنَطِّفَة أَي مُقَرَّطة بتُومَتَيْ قُرْط؛ قَالَ:
كأَنَّ ذَا فَدّامةٍ مُنَطَّفا ... قَطَّف مِنْ أَعْنابه مَا قَطَّفا
وَقَالَ الأَعشى:
يَسْعى بِهَا ذُو زُجاجاتٍ لَهُ نَطَفٌ، ... مُقَلِّصٌ أَسْفَلَ السِّربالِ مُعْتَمِلُ
وتَنَطَّفَتِ المرأَة أَي تَقَرَّطت. والنُّطْفَة والنُّطَافَة: الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ، وَقِيلَ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَبقى فِي القِربة، وَقِيلَ: هِيَ كالجُرْعة وَلَا فِعل للنُّطفة. والنُّطْفَة: الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَبْقَى فِي الدَّلْو؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ أَيضاً، وَقِيلَ: هِيَ الْمَاءُ الصَّافِي، قلَّ أَو كَثُرَ، وَالْجَمْعُ نُطَف ونِطَاف، وَقَدْ فَرَّقَ الْجَوْهَرِيُّ بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ فِي الْجَمْعِ فَقَالَ: النُّطفة الْمَاءُ الصَّافِي، وَالْجَمْعُ النِّطَاف، والنُّطفة مَاءُ الرَّجُلِ، وَالْجَمْعُ نُطَف. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ للمُويْهة الْقَلِيلَةِ نُطفة، وَلِلْمَاءِ الْكَثِيرِ نُطفة، وَهُوَ بِالْقَلِيلِ أَخص، قَالَ: ورأَيت أَعرابيّاً شَرِبَ مِنْ رَكِيّة يُقَالُ لَهَا شَفِيَّة وَكَانَتْ غَزِيرَةَ الْمَاءِ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهَا لَنُطْفَةٌ بَارِدَةٌ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فَجَعَلَ الْخَمْرَ نُطفة:
تَقَطُّعَ مَاءِ المُزْنِ فِي نُطَفِ الخَمْرِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لأَصحابه: هَلْ مِنْ وَضوء؟ فَجَاءَ رَجُلٌ بنُطفة فِي إِدَاوَةٍ
؛ أَراد بِهَا هَاهُنَا الْمَاءَ الْقَلِيلَ، وَبِهِ سُمِّيَ المنيُّ نُطفة لِقِلَّتِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى
. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكم
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا تَجْعَلُوا نُطَفَكم إِلَّا فِي طَهارة
، وَهُوَ حَثٌّ عَلَى اسْتِخَارَةِ أُم الْوَلَدِ وأَن تَكُونَ صَالِحَةً، وَعَنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَو مِلْكِ يَمِينٍ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَا يزالُ الإِسلامُ يَزِيدُ وأَهله ويَنْقُصُ الشِّرك وأَهله حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ بَيْنَ النُّطْفَتَيْنِ لَا يَخْشَى إِلَّا جَوْرًا
؛ أَراد بالنُّطْفَتَيْنِ بِحْرَ الْمَشْرِقِ وَبَحْرَ الْمَغْرِبِ، فأَما بَحْرُ الْمَشْرِقِ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ عِنْدَ نَوَاحِي الْبَصْرَةِ، وأَما بَحْرُ الْمَغْرِبِ فمُنْقَطَعُه عِنْدَ القُلْزم؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد بالنُّطْفَتَيْنِ ماء الفُرات وماء البحر الَّذِي يَلِي جُدّة وَمَا وَالَاهَا فكأَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَراد أَن الرَّجُلَ يَسِيرُ فِي أَرض الْعَرَبِ بَيْنَ مَاءِ الْفُرَاتِ وَمَاءِ الْبَحْرِ لَا يَخَافُ في طريقه غير
__________
(1) . ورد هذا البيت في مادة جأف وفيه يجتئف بدل يجتأف.(9/335)
الضَّلال والجَوْر عَنِ الطَّرِيقِ، وَقِيلَ: أَراد بالنُّطْفَتَيْنِ بَحْرَ الرُّومِ وَبَحْرَ الصِّينِ لأَن كُلَّ نُطْفَةٍ غَيْرُ الأُخرى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَراد؛ وَفِي رِوَايَةٍ
: لَا يَخْشَى جَوْرًا
أَي لَا يَخَافُ فِي طَرِيقِهِ أَحداً يَجُورُ عَلَيْهِ وَيَظْلِمُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قطَعْنا إِلَيْهِمْ هَذِهِ النُّطفةَ
أَي الْبَحْرَ وَمَاءَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: وليُمْهِلْها عِنْدَ النِّطَاف والأَعْشاب
، يَعْنِي الإِبل وَالْمَاشِيَةَ، النِّطَاف: جَمْعُ نُطفة، يُرِيدُ أَنها إِذَا وَرَدَتْ عَلَى الْمِيَاهِ والعُشب يدَعُها لتَرِد وَتَرْعَى. والنُّطْفَة: الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا الْوَلَدُ. والنَّطْفُ: الصبُّ. والنَّطْفُ: القَطْر. ونَطَفَ الماءُ ونَطَفَ الحُبُّ وَالْكُوزُ وَغَيْرُهُمَا يَنْطِفُ ويَنْطُف نَطْفاً ونُطُوفاً ونِطَافاً ونَطَفَاناً: قَطَر. والقِرْبة تَنْطُف أَي تقْطُر مِنْ وَهْيٍ أَو سَرْبٍ أَو سُخْف. ونَطَفَانُ الْمَاءِ: سَيَلانُه. ونَطَفَ الماءُ يَنْطُفُ ويَنْطِفُ إِذَا قَطَرَ قَلِيلًا قَلِيلًا. وَفِي
صِفَةِ السَّيِّدِ الْمَسِيحِ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: يَنْطِفُ رأْسه مَاءً.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: دَخَلْتُ على حفصة ونَوْساتُها تَنْطِفُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا أَتاه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رأَيتُ ظُلَّة تَنْطِفُ سَمْنًا وَعَسَلًا
أَي تقطُر. والنُّطَافَةُ: القُطارة. والنَّطُوف: القَطُور. وَلَيْلَةٌ نَطُوف: قَاطِرَةٌ تُمْطِرُ حَتَّى الصَّبَاحِ. ونَطَفَت آذَانُ الْمَاشِيَةِ وتَنَطَّفَت: ابتلَّت بِالْمَاءِ فقطَرت؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الأَعراب وَوَصَفَ لَيْلَةً ذَاتَ مَطَرٍ: تَنْطف آذَانَ ضأْنها حَتَّى الصَّبَاحِ. والنَّاطِفُ: القُبَّيط لأَنه يَتَنَطَّف قَبْلَ استِضْرابه أَي يقْطُر قَبْلَ خُثورته؛ وَجَعَلَ الْجَعْدِيُّ الْخَمْرَ نَاطِفاً فَقَالَ:
وَبَاتَ فَريق يَنْضَحُون كأَنما ... سُقُوا نَاطِفاً، مِنْ أَذْرِعاتٍ، مُفَلْفَلا
والتَّنَطُّف: التَّقَزُّزُ. وأَصاب كَنْزَ النَّطِف، وَلَهُ حَدِيثٌ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ كَنْزُ النَّطِف مَا عَدَا؛ قَالَ: هُوَ اسْمُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي يَرْبوعٍ كَانَ فَقِيرًا فأَغار عَلَى مَالٍ بَعَثَ بِهِ باذانُ إِلَى كِسرى مِنَ الْيَمَنِ، فأَعطى مِنْهُ يَوْمًا حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ فَضَرَبَتْ بِهِ الْعَرَبُ الْمَثَلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الرَّجُلُ هُوَ النَّطِفُ بْنُ الخَيْبَري أَحد بَنِي سَلِيط بن الحرث بْنِ يَرْبُوعٍ، وَكَانَ أَصاب عَيْبَتَيْ جَوْهَرٍ مِنَ اللَّطِيمة الَّتِي كَانَ باذانُ أَرسَل بِهَا إِلَى كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، فَانْتَهَبَهَا بَنُو حَنظلةَ فقُتِلت بِهَا تمِيم يَوْمَ صَفْقة المُشَقَّر، ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي كِتَابِ الِاشْتِقَاقِ: النَّطِف اسْمُهُ حِطَّانُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ النُّطَفُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ كَانَ فَقِيرًا يَحْمِلُ الْمَاءَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَنْطِفُ أَي يَقْطُرُ، وَكَانَ أَغَارَ عَلَى مَالٍ بَعَثَ بِهِ بَاذَانُ إِلَى كِسْرَى.
نظف: النَّظافة: النَّقاوة. والنَّظَافَة: مَصْدَرُ التَّنْظِيف وَالْفِعْلُ اللَّازِمُ مِنْهُ نَظُفَ الشيءُ، بِالضَّمِّ، نَظَافَة، فَهُوَ نَظِيف: حَسُن وبَهُوَ. ونَظَّفَه يُنَظِّفُه تَنْظِيفاً أَي نَقَّاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَظِيف يُحب النَّظافة.
قَالَ ابْنُ الأَثير: نَظافةُ اللَّهِ كِنَايَةٌ عَنْ تَنَزُّهِهِ مِنْ سِمات الْحَدَثِ وتَعاليه فِي ذَاتِهِ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، وحُبُّه النَّظَافَة مِنْ غَيْرِهِ كِنَايَةٌ عَنْ خُلُوصِ الْعَقِيدَةِ وَنَفْيِ الشِّرْكِ ومجانبةِ الأَهواء، ثُمَّ نَظَافَةُ الْقَلْبِ عَنِ الغِلِّ والحِقد وَالْحَسَدِ وأَمثالها، ثُمَّ نَظَافَةُ المَطعم والمَلبس عَنِ الْحَرَامِ والشُّبَه، ثُمَّ نَظَافَةُ الظَّاهِرِ بِمُلَابَسَةِ الْعِبَادَاتِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
نَظِّفُوا أَفواهكم فَإِنَّهَا طُرق الْقُرْآنِ
أَي صُونوها عَنِ اللَّغو والفُحْش والغِيبة وَالنَّمِيمَةِ وَالْكَذِبِ وأَمثالها، وَعَنْ أَكل الْحَرَامِ وَالْقَاذُورَاتِ وَالْحَثُّ عَلَى تَطْهِيرِهَا مِنَ النَّجَاسَاتِ وَالسُّؤَالِ. والتَّنَظُّف:(9/336)
تكلُّف النَّظَافَةِ. واسْتَنْظَفْتُ الشيءَ أَي أَخذته نَظِيفًا كُلَّهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبَ
أَي تَسْتَوْعِبهم هَلَاكًا، مِنِ اسْتَنْظَفْت الشَّيْءَ إِذَا أَخذته كُلَّهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: اسْتَنْظَفْتُ مَا عِنْدَهُ وَاسْتَغْنَيْتُ عَنْهُ. والمِنْظَفَة: سُمَّهة تُتخذ مِنَ الْخُوصِ. واسْتَنْظَفَ الْوَالِي مَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَرَاجِ: اسْتَوْفَاهُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ التَّنْظيف فِي هَذَا الْمَعْنَى؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ اسْتَنْظَفْتُ الْخَرَاجَ وَلَا يُقَالُ نَظَّفْته. ونَظَفَ الفصِيلُ مَا فِي ضَرْع أُمه وانْتَظَفَه: شَرِبَ جَمِيعَ مَا فِيهِ، وانْتَظَفْتُه أَنا كَذَلِكَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والتَّنَظُّف عِنْدَ الْعَرَبِ التَّنَطُّس والتَّقَزُّز وطلَبُ النَّظافةِ مِنْ رَائِحَةِ غَمَرٍ أَو نَفْي زُهومة وَمَا أَشبهها، وَكَذَلِكَ غَسْل الوسَخ والدَّرَن والدَّنَس. وَيُقَالُ للأُشْنان وَمَا أَشبهه: نَظِيف، لِتَنْظِيفِهِ الْيَدَ وَالثَّوْبَ مِنْ غَمَر المَرق وَاللَّحْمِ ووضَر الودَك وَمَا أَشبهه. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ نَظِيف السَّرَاوِيلِ: مَعْنَاهُ أَنه عَفِيفُ الفَرْج، يُكَنَّى بِالسَّرَاوِيلِ عَنِ الْفَرْجِ كَمَا يُقَالُ هُوَ عَفِيفُ المِئزر والإِزار؛ قَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَة يَرْثِي أَخاه:
حُلْو شَمائلُه عَفِيفُ المِئزَر
أَي عَفِيفُ الْفَرْجِ. قَالَ: وَفُلَانٌ نَجِس السَّرَاوِيلِ إِذَا كَانَ غَيْرَ عَفِيفِ الْفَرْجِ. قَالَ: وَهُمْ يَكنون بِالثِّيَابِ عَنِ النفْس وَالْقَلْبِ، وبالإِزار عَنِ الْعَفَافِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ:
فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
فسُلِّي ثِيابي مِنْ ثِيابكِ تَنْسُلِ
فِي الثِّيَابِ ثَلَاثَةُ أَقوال: قَالَ قَوْمٌ الثِّيَابُ هَاهُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الأَمر؛ الْمَعْنَى اقْطَعِي أَمري مِنْ أَمرِك، وَقِيلَ: الثِّيَابُ كِنَايَةٌ عَنِ الْقَلْبِ؛ الْمَعْنَى سُلِّي قَلْبِي مِنْ قَلْبِكِ، وَقَالَ قَوْمٌ: هَذَا الْكَلَامُ كِنَايَةٌ عَنِ الصَّرِيمَةِ، يَقُولُ الرَّجُلُ لامرأَته ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ حَرَامٌ، وَمَعْنَى الْبَيْتِ إِنِّي فِي خُلُق لَا تَرْضَيْنه فاصْرِميني، وَقَوْلُهُ تنسُل تَبِين وتُقْطَع، ونسَلتِ السنُّ إِذَا بَانَتْ، ونسَل رِيش الطَّائِرِ إِذَا سَقَطَ.
نعف: النَّعْفُ مِنَ الأَرض: الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ فِي اعْتِرَاضٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَا انْحَدَر عَنِ السَّفْح وغَلُظ وَكَانَ فِيهِ صُعود وهُبوط، وَقِيلَ: هُوَ نَاحِيَةٌ مِنَ الْجَبَلِ أَو نَاحِيَةٌ مِنْ رأْسه، وَقِيلَ: النَّعْف مَا انْحَدَرَ عَنْ غِلَظ الْجَبَلِ وَارْتَفَعَ عَنْ مَجْرى السيْل، وَمِثْلُهُ الخَيْفُ، وَقِيلَ: النَّعْفُ مَا ارْتَفَعَ عَنِ الْوَادِي إِلَى الأَرض وَلَيْسَ بِالْغَلِيظِ، وَكَذَلِكَ نَعْف التَّلِّ؛ قَالَ:
مِثْل الزَّحالِيفِ بنَعْفِ التَّلِ
وَقِيلَ: النَّعْفُ مَا انْحَدَرَ مِنْ حُزونة الْجَبَلِ وَارْتَفَعَ عَنْ مُنْحَدَر الْوَادِي فَمَا بَيْنَهُمَا نَعْف وسَرْوٌ وخَيْفٌ، وَالْجَمْعُ نِعَافٌ. ونَعْفُ الرَّمْلَةِ: مُقدَّمها وَمَا استَرَقَّ مِنْهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قطَعْتُ بنَعْفِ مَعْقُلةَ العِدالا
يُرِيدُ مَا استرقَّ مِنْ رَمْله، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ نِعاف. ونِعافٌ نُعَّفٌ، عَلَى الْمُبَالَغَةِ: كبِطاحٍ بُطَّح. وَفِي النَّوَادِرِ: أَخذت نَاعِفَةَ القُنَّةِ وراعِفَتها وَطَارِفَتَهَا وَرَعَّافَهَا وَقَائِدَتَهَا، كُلُّ هَذَا مُنْقادها. وانتَعَفَ الرَّجُلُ: ارْتَقَى نَعْفاً. والنَّعْفَةُ: ذُؤَابَةُ النعْل. والنَّعْفَةُ: أَدَم يَضْرِب خلْف شَرْخ الرَّحْل. والنَّعَفَةُ والنَّعْفَةُ: أَدَمة تضْطَرِبُ خلْف آخِرة الرَّحْل مِنْ أَعلاه، وَهِيَ العَذَبةُ والذُّؤابة. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: رأَيت الأَسود بْنَ يَزِيدَ قَدْ تَلفَّف فِي قطِيفة ثُمَّ عقَد هُدبة(9/337)
القَطِيفة بنَعَفَةِ الرَّحْل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: النَّعَفَةُ، بِالتَّحْرِيكِ، جلْدة أَو سَير يُشدّ فِي آخِرَةِ الرحْل يعلَّق فِيهِ الشَّيْءُ يَكُونُ مَعَ الرَّاكِبِ، وَقِيلَ: هِيَ فَضْلَةٌ مِنْ غِشاء الرحْل تُشقَّق سُيُورًا وَتَكُونُ عَلَى آخِرَتِهِ. وانتَعَفْت الشَّيْءَ: تركتُه إِلَى غَيْرِهِ. وناعفْتُ الطريقَ: عارَضْتُه. والنعْفة فِي النَّعْلِ: السَّير الَّذِي يَضْرِبُ ظْهرَ القَدَم مِنْ قِبَلِ وحْشِيِّها. وَيُقَالُ: ضَعِيف نَعِيفٌ إِتْبَاعٌ لَهُ. والانْتِعَاف: وضُوح الشَّخْصِ وظُهوره. وَيُقَالُ: مِنْ أَيْنَ انْتَعَفَ الرَّاكِبُ أَي مِنْ أَين وضَح وَمِنْ أَين ظَهَرَ. والمُنْتَعَفُ: الحَدّ بَيْنَ الحَزْن والسَّهْل؛ قَالَ البَعِيث:
بمُنْتَعَفٍ بين الحُزونةٍ والسَّهْلِ
نغف: النَّغَفُ، بِالتَّحْرِيكِ وَالْغَيْنُ مُعْجَمَةٌ: دُودٌ يَسْقُطُ مِنْ أُنوف الْغَنَمِ والإِبل، وَفِي الصِّحَاحِ: الدُّودُ الَّذِي يَكُونُ فِي أُنوف الإِبل وَالْغَنَمِ، وَاحِدَتُهُ نَغَفَة. ونَغِفَ البعيرُ: كَثُرَ نَغَفُه. والنَّغَفُ: دُودٌ طِوال سُودٌ وغُبر، وَقِيلَ: هِيَ دُودٌ طِوَالٌ سُودٌ وَغُبْرٌ وَخُضْرٌ تَقْطَعُ الحَرث فِي بُطُونِ الأَرض، وَقِيلَ: هِيَ دُودٌ عُقْف، وَقِيلَ: غُضْف تَنْسَلِخُ عَنِ الْخَنَافِسِ وَنَحْوِهَا، وَقِيلَ: هِيَ دُودٌ بِيضٌ يَكُونَ فِيهَا مَاءٌ، وَقِيلَ: دُودٌ أَبيض يَكُونُ فِي النَّوَى إِذَا أُنْقِع، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الدُّودِ فَلَيْسَ بنَغَف. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن يأْجُوج ومأْجوج يُسَلّط اللَّهُ عَلَيْهِمْ فيُهْلِكُهم النَّغَف فيأْخذ فِي رِقَابِهِمْ
؛ وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ:
إِذَا كَانَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ سُلِّطَ عَلَى يأْجوج ومأْجوج النَّغَفُ فيُصبحون فَرْسَى
أَي مَوْتى؛ النَّغَف، بِالتَّحْرِيكِ: هُوَ الدُّودُ الَّذِي يَكُونُ فِي أُنوف الإِبل والغَنم. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
دَعُوا مُحَمَّدًا وأَصحابه حَتَّى يَمُوتُوا موتَ النَّغَف
؛ والنَّغَفُ عِنْدَ الْعَرَبِ: دِيدان تَولَّدُ فِي أَجوافِ الْحَيَوَانِ وَالنَّاسِ وُفِي غراضِيف الخياشِيم، قَالَ: وَقَدْ رأَيتها فِي رؤوس الإِبل وَالشَّاءِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ ذَلِيلٍ حَقِيرٍ: مَا هُوَ إِلَّا نَغَفَة، تشبِّه بِهَذِهِ الدُّودَةِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي تَحْتَقِرُهُ: يَا نَغَفَةُ، وَإِنَّمَا أَنت نَغَفَة. والنَّغَفَتَان: عظمان في رؤوس الوَجْنَتَين وَمِنْ تَحَرُّكِهِمَا يَكُونُ العُطاس. التَّهْذِيبُ: وَفِي عظْمَي الوَجْنتين لِكُلِّ رأْس نَغَفَتَان أَي عَظْمَانِ، وَالْمَسْمُوعُ مِنَ الْعَرَبِ فِيهِمَا النَّكَفَتان، بِالْكَافِ، وَهُمَا حدَّا اللَّحْيَين مِنْ تَحْتُ، وسيأْتي ذِكْرُهُمَا قَالَ الأَزهري: وأَما النَّغَفَتَان بِمَعْنَاهُمَا فَمَا سَمِعْتُهُ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. والنَّغَفُ: مَا يُخرجه الإِنسان مِنْ أَنفه مِنْ مُخاط يَابِسٍ. والنَّغَفَةُ: المُسْتحقَر، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. والنَّغَفَة أَيضاً: مَا يبِس مِنَ الذَّنِين الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الأَنف، فَإِذَا كَانَ رَطْبًا فَهُوَ ذَنين؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِمَنِ استقذروه: يا نَغَفَةُ
نفف: التَّهْذِيبُ: رَوَى الأَزهري عَنِ الْمُؤَرِّجِ قَالَ: نَفَفْتُ السَّوِيقَ وسَفِفْتُهُ وَهُوَ النَّفِيفُ والسَّفِيف لِسَفِيفِ السّوِيق؛ وأَنشد لِرَجُلٍ مِنْ أَزْد شنُوءةَ:
وَكَانَ نَصِيرِي مَعْشَراً فطَحا بِهِمْ ... نَفِيفُ السّوِيق، والبُطونُ النواتِقُ
وقال: إذا عظُم الْبَطْنُ وَارْتَفَعَ المعَدُّ يقال لصاحبه ناتِق.
نفنف: النَّفْنَف: الْهَوَاءُ، وَقِيلَ: الْهَوَاءُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرض مَهْوًى، فَهُوَ نَفْنَفٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:(9/338)
ترَى قُرْطَها مِنْ حُرَّةِ اللِّيتِ مُشْرِفاً، ... عَلَى هَلَكٍ، فِي نَفْنَفٍ يَتطوَّحُ
الأَصمعي: النَّفْنَف مهْواة مَا بَيْنَ جَبَلَيْنِ. والنَّفْنَف: المَفازة. والنَّفْنَاف: الْبَعِيدُ؛ عَنِ كُرَاعٍ. ونَفَانِفُ الكَبِدِ: نَوَاحِيهَا. ونَفَانِفُ الدارِ: نَوَاحِيهَا؛ وصُقْعُ الْجَبَلِ الَّذِي كأَنه جِدَارٌ مَبْنِيٌّ مسْتوٍ نَفْنَف، والرَّكية مِنْ شَفَتِهَا إِلَى قَعْرِهَا نَفْنَف. والنَّفْنَفُ: أَسناد الْجَبَلِ الَّتِي تَعْلوه مِنْهَا وتَهْبِط مِنْهَا فَتِلْكَ نَفَانِفُ، وَلَا تُنبت النَّفَانِف شَيْئًا لأَنها خَشِنة غَلِيظَةٌ بَعِيدَةٌ مِنَ الأَرض. ابْنُ الأَعرابي: النَفْنَفُ مَا بَيْنَ أَعلى الْحَائِطِ إِلَى أَسفل، وَبَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض، وأَعلى البئر إلى أَسفل.
نقف: اللَّيْثُ: النَّقْف كَسْر الْهَامَّةِ عَنِ الدِّمَاغِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا يَنْقُف الظَّلِيمُ الحنْظل عَنْ حَبِّهِ. والمُنَاقَفَة: الْمُضَارَبَةُ بِالسُّيُوفِ عَلَى الرُّؤوس. ونَقَفَ رأْسه يَنْقُفُه نَقْفاً ونقَحه: ضَرَبَهُ عَلَى رأْسه حَتَّى يَخْرُجَ دِمَاغُهُ، وَقِيلَ: نَقَفَه ضَرْبَهُ أَيسر الضَّرْبِ، وَقِيلَ: هُوَ كَسْرُ الرأْس عَلَى الدِّمَاغِ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبُكَ إِيَّاهُ برُمْح أَو عَصًا، وَقَدْ نَاقَفْت الرَّجُلَ مُنَاقَفَةً ونِقَافاً. يُقَالُ: الْيَوْمَ قِحافٌ وَغَدًا نِقَافٌ أَي الْيَوْمَ خَمْر وَغَدًا أَمْر، وَمَنْ رَوَاهُ وَغَدًا ثِقاف فَقَدْ صحَّف. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو: اعْدُدْ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ ثُمَّ يَكُونُ النَّقْفُ والنِّقَافُ
أَي القتْل والقِتال؛ والنَّقْفُ: هشْم الرأْس، أَي تَهِيجُ الْفِتَنُ وَالْحُرُوبُ بَعْدَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
مُسْلِمَ بْنَ عُقْبة المُرِّي: لَا يَكُونُ إِلَّا الوِقافُ ثُمَّ النِّقَافُ ثُمَّ الانْصراف
أَي المُواقَفة فِي الْحَرْبِ ثُمَّ المُناجَزةُ بِالسُّيُوفِ ثُمَّ الِانْصِرَافُ عَنْهَا. وتَنَقَّفْتُ الْحَنْظَلَ أَي شَقَقْتُهُ عَنِ الهَبِيد؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كأَني، غَداة البيْن يَوْمَ تحمَّلُوا ... لَدَى سَمُراتِ الحَيِّ، نَاقِفُ حَنْظَلِ
وَيُقَالُ: حنظلٌ نَقِيف أَي مَنْقُوف؛ وَفِي رَجَزِ كَعْبٍ وَابْنِ الأَكوع:
لكنْ غَذاها حَنْظَلٌ نَقِيفُ
أَي مَنْقوف، وَهُوَ أَن جَانِيَ الْحَنْظَلِ يَنْقُفُها بظُفُره أَي يَضْرِبُهَا، فَإِنْ صَوَّتَتْ عَلِمَ أَنها مُدركة فَاجْتَنَاهَا. ونَقَفَ الظَّلِيمُ الحنظلَ يَنْقُفُه وانْتَقَفَه: كَسَرَهُ عَنْ هَبِيدِهِ. ونَقَفَ الرُّمانة إِذَا قَشَّرَهَا ليستخرجَ حَبّها. وانْتَقَفْتُ الشيءَ: اسْتَخْرَجْتُهُ. ونَقَفَ البيضةَ: نقَبها. ونَقَفَ الفرْخُ البيضةَ: نقَبها وَخَرَجَ مِنْهَا. والنَّقْف: الفرْخ حِينَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَيْضَةِ، سُمِّيَ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلرَّجُلَيْنِ جاءَا فِي ثِقاف وَاحِدٍ ونِقَاف وَاحِدٍ إِذَا جاءَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ؛ أَبو سَعِيدٍ: إِذَا جاءَا مُتساوِيين لَا يتقدَّم أَحدهما الْآخَرَ، وأَصله الفَرْخانِ يَخْرُجَانِ مِنْ بَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ. وأَنْقَفَ الجرادُ: رَمَى بِبَيْضِهِ. وَقَوْلُهُمْ: لَا تَكُونُوا كَالْجَرَادِ رَعَى وَادِيًا وأَنْقَفَ وَادِيًا أَي أَكثر بَيْضَهُ فِيهِ. والنَّقَفَة كالنَّجَفة، وَهِيَ وُهَيْدة صَغِيرَةٌ تَكُونُ فِي رأْس الْجَبَلِ أَو الأَكَمة. وجِذْع نَقِيف ومَنْقُوف: أَكلته الأَرَضةُ. وأَنقَفْتُك المُخَّ أَي أَعطيتك الْعَظْمَ تَسْتَخْرِجُ مُخَّه. والمَنْقُوف: الرَّجُلُ الخفيفُ الأَخْدَعيْنِ القليلُ اللَّحْمِ. ومِنْقَافُ الطَّائِرِ: مِنقارُه فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. والمِنْقَاف: عَظْمُ دُوَيْبَّة تَكُونُ فِي الْبَحْرِ فِي وَسَطِهِ مَشَقٌّ تُصْقل بِهِ الصُّحف، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْب مِنَ الودَع. وَرَجُلٌ نَقَّاف: ذُو نَظر فِي الأَشياء وتدْبير.(9/339)
والنَّقَّاف: السَّائِلُ، وَخُصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ سَائِلَ الإِبل وَالشَّاءِ؛ قَالَ:
إِذَا جَاءَ نَقَّافٌ يَعُدُّ عِيالَه ... طَويل الْعَصَا، نَكَّبْته عَنْ شِياهِها «2»
التَّهْذِيبُ: وَقَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ خَمْرًا:
لَذيذاً ومَنْقُوفاً بِصَافِي مَخِيلةٍ، ... مِنَ النَّاصِعِ المَحْمُودِ مِنْ خَمْر بَابِلَا
أَراد مَمْزُوجًا بماءٍ صَافٍ مِنْ ماءِ سَحَابَةٍ، وَقِيلَ: المَنْقُوف المَبْزُول من الشراب، نَقَفْتُه نَقْفاً أَي بَزَلْته. وَيُقَالُ: نَحَتَ النَّحَّاتُ العُود فَتَرَكَ فِيهِ مَنْقَفاً إِذَا لَمْ يُنْعِم نَحْته وَلَمْ يُسوِّه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كِلْنا عليهِنَّ بمُدٍّ أَجْوَفَا، ... لَمْ يَدَعِ النَّقَّافُ فِيهِ مَنْقَفَا،
إِلَّا انْتَقى مِنْ حَوْفِه ولَجَّفا
يُرِيدُ أَنه أَنعم نَحْتَهُ. والنَّقَّاف: النحّات للخشب.
نكف: النَّكْفُ: تنحِيتُك الدَّمْع عَنْ خدَّيك بإصْبعك؛ قَالَ:
فبانُوا فُلُولًا مَا تذَكَّر منهمُ ... مَنِ الحِلْفِ، لَمْ يُنْكَفْ لعَينيك مَدمَعُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: فماتُوا. ونَكَفْتُ الدمعَ أَنْكُفُه نَكْفاً إِذَا نَحَّيْتَهُ عَنْ خَدِّكَ بِإِصْبَعِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: جعَلَ يضرِب بالمِعْول حَتَّى عَرِقَ جَبينُه وانْتَكَفَ العَرَقَ عَنْ جَبِينِهِ
أَي مسَحَه وَنَحَّاهُ. وَفِي حَدِيثِ حُنيْن:
قَدْ جَاءَ جَيْشٌ لَا يُكَتُّ وَلَا يُنْكَفُ
أَي لَا يُحْصَى وَلَا يُبلَغ آخِرُهُ، وَقِيلَ: لَا يَنقطِع آخِرُهُ كأَنه مِنْ نَكَفَ الدمعَ. والنَّكْفُ: مَصْدَرُ نَكَفْت الغيثَ أَنْكُفُه نَكْفاً أَي أَقْطَعته وَذَلِكَ إِذَا انْقَطَعَ عَنْكَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ أَي أَقطعته قَالَ كَذَا فِي إِصْلَاحِ المَنْطِق، وَقَالَ: يُقَالُ أَقطعْت الشَّيْءَ إِذَا انْقَطَعَ عَنْكَ. وَيُقَالُ: هَذَا غَيْثٌ لَا يُنْكَفُ، وَهَذَا غَيْثٌ مَا نَكَفْناه أَي مَا قطعْناه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ قَطَعْنَاهُ بِغَيْرِ أَلف، وَقَدْ نَكَفْنَاه نَكْفاً. وَغَيْثٌ لَا يُنْكُفُ: لَا ينْقطِع. وقَلِيب لَا يُنْكَفُ: لَا يُنْزَح. وَهَذَا غَيْثٌ لَا يَنْكُفُه أَحد أَي لَا يَعْلَمُ أَحد أَين أَقصاه. ورأَينا غَيثاً مَا نَكَفَه أَحد سَارَ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ أَي مَا أَقطعه. وَفُلَانٌ بَحْرٌ لَا يُنْكَفُ أَي لَا يُنْزَحُ. التَّهْذِيبُ: وَمَاءٌ لَا يُنْكَفُ وَلَا يُنْزَحُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: نَكَفَ البئرَ ونكَشَها أَي نزَحَها، وَعِنْدَهُ شَجاعة لَا تُنْكَفُ وَلَا تُنكش أَي لَا تُدرك كُلُّهَا. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: تَنَاكَفَ الرجلانِ الْكَلَامَ إِذَا تَعاوَراه. ونَكِفَ الرجلُ عَنِ الأَمر، بِالْكَسْرِ، نَكَفاً واسْتَنْكَفَ: أَنِف وَامْتَنَعَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ
. وَرَجُلٌ نِكْفٌ: يُسْتَنْكَفُ مِنْهُ. الأَزهري: سَمِعْتُ الْمُنْذِرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبا الْعَبَّاسِ وَسُئِلَ عَنِ الاسْتِنْكَاف فِي قوله تعالى: نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ
، فَقَالَ: هُوَ أَن يَقُولَ لَا، وَهُوَ مِنَ النَّكَفِ والوَكَفِ. يُقَالُ: مَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الأَمر نَكَفٌ وَلَا وَكَفٌ، فالنَّكَفُ: أَن يُقَالَ لَهُ سُوء. واسْتَنْكَفَ ونَكِفَ إِذَا دَفَعَه وَقَالَ: لَا، وَالْمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ الاسْتِنْكَاف والاسْتكبار وَاحِدٌ، وَالِاسْتِكْبَارُ: أَن يَتَكَبَّرَ ويتعظَّم، والاسْتِنْكَاف: مَا قُلْنَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي ذَلِكَ: أَي لَيْسَ يَسْتَنْكِفُ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنه إِلَهٌ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ المقرّبون وهم أَكبر
__________
(2) . قوله [يعد] في شرح القاموس: يسوق، وقوله: [شياهها] في الشرح المذكور: عياليا.(9/340)
مِنَ الْبَشَرِ، قَالَ: وَمَعْنَى نْ يَسْتَنْكِفَ
أَي لَنْ يأْنَف، وأَصله مِنْ نَكَفْتُ الدمعَ إِذَا نَحَّيْتَهُ بِإِصْبَعِكَ عَنْ خدك، قال: فتأْويل نْ يَسْتَنْكِفَ
لَنْ يَنْقَبِض وَلَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ عُبُودَةِ اللَّهِ. وَيُقَالُ: نَكِفْتُ مِنْ ذَلِكَ الأَمر أَنْكَفُ نَكَفاً إِذَا اسْتَنْكَفْت مِنْهُ. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: ونَكَفْتُ، بِالْفَتْحِ، لُغَةٌ. ونَكَفْتُ عَنِ الشَّيْءِ أَي عدَلت مِثْلُ كنَفْت. وَيُقَالُ: ضَرب هَذَا فانْتَكَفَ فضَرب هَذَا. والانْتِكَاف: مِثْلُ الانْتِكاث؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
مَا بالُ قلبٍ راجعَ انْتِكَافَا، ... بَعْدَ التَّعَزِّي، اللَّهْوَ والإِيجافا؟
ونَكِفَ نَكَفاً وانْتَكَفَ: تَبرَّأَ وَهُوَ نَحْوُ الأَوَّل. قَالَ ثَعْلَبٌ:
وَسُئِلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قَوْلِهِمْ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ: هُوَ الانْتِكَاف
، ثُمَّ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: هُوَ التَّبَرُّؤُ مِنَ الأَولاد وَالصَّوَاحِبِ، وَفِي النِّهَايَةِ: فَقَالَ إِنْكَافُ اللَّهِ مِنْ كُلِّ سُوء أَي تَنْزِيهُهُ وتقْديسه. يُقَالُ: نَكِفْتُ مِنَ الشَّيْءِ واسْتَنْكَفْتُ مِنْهُ أَي أَنفْت مِنْهُ، وأَنْكَفْتُه أَي نزَّهْته عَمَّا يُسْتَنْكَف. اللِّحْيَانِيُّ: النَّكَفُ ذِرْبة تَحْتَ اللُّغْدَين مِثْلُ الغُدد. والنَّكَفَةُ: الداغصةُ. والنَّكْفَةُ والنَّكَفَةُ: مَا بَيْنَ اللَّحيين والعُنُق مِنْ جانبَي الحُلقوم مِنْ قُدُم مِنْ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ. وَقِيلَ: هِيَ غُدَدةٌ صَغِيرَةٌ، وَفِي الْمُحْكَمِ: غُدَدَةٌ فِي أَصل اللَّحْي بَيْنَ الرَّأْد وَشَحْمَةِ الأُذن، وَقِيلَ: هُوَ حَدُّ اللَّحْي، وَقِيلَ: النكَفَتانِ غُدَّتان تَكْتَنِفان الْحُلْقُومَ فِي أَصل اللَّحْيِ، وَقِيلَ: النَّكَفَتَان لُحْمَتَانِ مُكْتنِفتا عَكَدة اللِّسَانِ مِنْ بَاطِنِ الْفَمِ فِي أُصول الأُذنين دَاخِلَتَانِ بَيْنَ اللَّحْيَيْنِ، وَقِيلَ: هُمَا عُقْدتان رُبَّمَا سَقَطَتَا مِنْ وَجَعِ الْحَلْقِ فَظَهَرَ لَهُمَا حَجْم. ونَكِفَ الرَّجُلُ نَكَفاً: أَصابه ذَلِكَ، وَقِيلَ: النَّكَفَتَانِ العظمان الناتئان عند شَحْمَةِ الأُذنين يَكُونُ فِي النَّاسِ وَفِي الإِبل، وَقِيلَ: هُمَا عَنْ يَمِينِ العَنْفَقة وَشَمَالِهَا، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَا يَنبُتُ عَلَيْهِ شَعْرٌ، وَقِيلَ: النَّكَفَتَانِ مِنَ الإِنسان غُدَّتان فِي الْحَلْقِ بَيْنَهُمَا الْحُلْقُومُ، وَهُمَا مِنَ الْفَرَسِ طرَفا اللَّحْيَيْنِ الدَّاخِلَانِ فِي أُصول الأُذنين، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ: نَكَفَ، بِالتَّحْرِيكِ. ابْنُ الأَعرابي: النَّكَفُ اللُّغدان اللَّذَانِ فِي الْحَلْقِ وَهُمَا جَانِبَا الْحُلْقُومِ؛ وأَنشد:
فطَوَّحَتْ ببَضْعَةٍ والبَطْنُ خِفّ، ... فقَذَفَتها، فأَبَتْ لَا تَنْقَذِفْ،
فخرَفتها فَتَلقَّاها النَّكَفْ
قَالَ: والمَنْكُوف الَّذِي يَشْتَكِي نَكَفَتُه، وَهُوَ أَصل اللِّهْزِمة. ونَكَّفَتُ الإِبل، فَهِيَ مُنَكِّفَة إِذَا ظَهَرَتْ نَكَفاتُها. والنَّكَفَتَان: اللِّهْزمتان. والنَّكَفَةُ: وَجَعٌ يأْخذ فِي الأُذن. اللَّيْثُ: النَّفَكة لُغَةٌ فِي النكَفَةِ. والنُّكافُ والنُّكاثُ، عَلَى الْبَدَلِ: الغُدَدةُ، وَقِيلَ: هُوَ دَاءٌ يأْخذ فِي النكَفَتين، وَهُوَ أَحد الأَدْواء الَّتِي اشْتُقَّتْ مِنَ العُضْو، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي حَرْفِ القافِ. وَإِبِلٌ مُنَكَّفَةٌ: أَصابها ذَلِكَ. والنُّكَاف: ورَم يأَخذ نَكَفَتَي الْبَعِيرِ، قَالَ: وَهُوَ دَاءٌ يَأْخُذُهَا فِي حلوقِها فَيَقْتُلُهَا قَتْلًا ذَرِيعًا، وَالْبَعِيرُ مَنْكُوف وَالنَّاقَةُ مَنْكُوفَة. والنَّكَف: وَجَعٌ يَأْخُذُ فِي الْيَدِ، وَقَدْ نَكِفَ نَكَفاً. ونَكَفَ أَثَرَه يَنْكُفُه نَكْفاً، وانْتَكَفَه: اعْتَرَضَهُ فِي مَكَانٍ سَهْلٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَذَلِكَ إِذَا عَلَا ظَلَفاً مِنَ الأَرض غَلِيظًا لَا يُؤَدِّي الأَثر فَاعْتَرَضَهُ فِي مَكَانٍ سَهْلٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:(9/341)
ثُمَّ اسْتَحَثَّ ذَرْعَه اسْتِحْثاثا، ... نَكَفْت حيثُ مَثْمَثَ المِثْماثا
والانْتِكَاف: الْمَيْلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: انْتَكَفْتُ لَهُ فَضَرَبْتُهُ انْتِكَافاً أَي مِلْت عَلَيْهِ؛ وأَنشد:
لمَّا انْتَكَفْتُ لَهُ فَوَلَّى مُدْبِراً، ... كَرْنَفْتُه بِهِراوةٍ عَجْراء
ويَنْكَفُ: اسْمُ ملِك مِنْ مُلُوكِ حِمْير. ويَنْكفُ: مَوْضِعٌ. وَذَاتُ نَكِيف: مَوْضِعٌ. ويومُ نَكِيف: وَقْعَةٌ كَانَتْ بَيْنَ قُريش وَبَيْنَ بَنِي كِنانة.
نهف: أَهمله اللَّيْثُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: النَّهْفُ التَّحَيُّر.
نوف: نَافَ الشيءُ نَوْفاً: ارْتَفَعَ وأَشْرف. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ذَاكَ طَوْد مُنيفٌ
أَي عالٍ مُشْرِف. يُقَالُ: نَافَ الشيءُ يَنُوفُ إِذَا طَالَ وَارْتَفَعَ. وأَنَافَ الشيءُ عَلَى غَيْرِهِ: ارْتَفَعَ وأَشرف. وَيُقَالُ لِكُلِّ مُشرف عل غَيْرِهِ: إِنَّهُ لمُنِيف، وَقَدْ أَنَافَ إِنَافَة، قَالَ طَرَفَةُ:
وأَنَافَتْ بهَوادٍ تُلُعٍ، ... كجُذُوعٍ شُذِّبَتْ عَنْهَا القُشُرْ
وَمِنْهُ يُقَالُ: عِشْرُونَ ونَيِّف لأَنه زَائِدٌ عَلَى الْعَقْدِ. الأَزهري: ومِن نَافَ يُقَالُ هَذِهِ مِائَةٌ ونَيِّفٌ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، أَي زِيَادَةٌ، وَهِيَ كَلَامُ الْعَرَبِ، وعوامُّ النَّاسِ يُخَفِّفُونَ فَيَقُولُونَ: ونَيْف، وَهُوَ لَحْنٌ عِنْدَ الْفُصَحَاءِ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الَّذِي حَصَّلْنَاهُ مِنْ أَقاويل حُذَّاق الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ أَنّ النَّيِّف مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَى ثَلَاثٍ، والبِضْع مِنْ أَربع إِلَى تِسْعٍ. وَيُقَالُ: نَيَّفَ فُلَانٌ عَلَى السِّتِّينَ وَنَحْوِهَا إِذَا زَادَ عَلَيْهَا؛ وكلُّ مَا زَادَ عَلَى العَقْد، فَهُوَ نَيِّفٌ، بِالتَّشْدِيدِ، وَقَدْ يُخَفَّفُ حَتَّى يَبْلُغَ العَقْد الثَّانِي. ابْنُ سِيدَهْ: النَّيِّف الْفَضْلُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَحَكَى الأَصمعي: ضَعِ النَّيِّف فِي مَوْضِعِهِ أَي الفضْل؛ وَقَدْ نَيَّفَ العددُ عَلَى مَا تَقُولُ. قَالَ: والنَّيْفُ والنَّيِّفُ، كميْت وميِّت، الزِّيَادَةُ. والنِّيفُ والنِّيفَة: مَا بَيْنَ العَقْدين لأَنها زِيَادَةٌ، يُقَالُ: لَهُ عَشْرَةٌ ونَيِّف، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُقُودِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ عِشْرُونَ ونَيِّفٌ وَمِائَةٌ ونَيِّف وأَلف ونَيِّف، وَلَا يُقَالُ نَيِّفٌ إِلَّا بَعْدَ عَقْد، قَالَ: وَإِنَّمَا قِيلَ نَيِّفٌ لأَنه زَائِدٌ عَلَى الْعَدَدِ الَّذِي حَوَاهُ ذَلِكَ العَقْد. وأَنَافَت الدَّرَاهِمُ عَلَى كَذَا: زَادَتْ. وأَنَافَ الْجَبَلُ وأَنَافَ البِناء، فَهُوَ جَبَلٌ مُنِيف وَبِنَاءٌ مُنِيف أَي طَوِيلٌ؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي فِي كِتَابِهِ الْمَوْسُومِ بِالْمُعْرِبِ: وأَنت تَرَاهُمْ قَدِ اسْتَحْدَثُوا فِي حَبْله مِنْ قَوْلِهِ:
لَمَّا رأَيت الدَّهْر جَهْماً حَبْلُهو
حَرْفَ مَدٍّ أَنَافُوه عَلَى وَزْنِ الْبَيْتِ، فَعُدِّيَ أَنَافُوه وَلَيْسَ هَذَا بِمَعْرُوفٍ، وَإِنَّمَا عَدَّاهُ لأَنه فِي مَعْنَى زَادَ. ونَيَّفَ العَدَد عَلَى مَا تَقُولُ: زَادَ، وأَورد الْجَوْهَرِيُّ النَّيِّفُ الزِّيَادَةُ، والنِّياف فِي تَرْجَمَةِ نَيِّفٍ، قَالَ: وأَصله الْوَاوَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ ابن الرِّقاع:
ولدت ترابيه رأْسُها، ... عَلَى كلِّ رابيةٍ، نَيِّف «1»
وامرأَة مُنِيفَة وَنِيَافٌ: تَامَّةُ الطُّولِ والحُسن. وَجَمَلٌ نِيَاف وَنَاقَةٌ نِيَاف: طَوِيلَا السَّنَامِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ زِيَادٍ المِلْقَطِيّ:
والرَّحْل فَوْقَ ذاتِ نَوْفٍ خامس»
__________
(1) . قوله [ولدت ترابيه] كذا بالأصل، ولعله ولدت برابية، واحدة الروابي.
(2) . قوله [خامس] كذا في الأَصل بالخاء، ولعله بالجيم.(9/342)
قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَاءُ كُلِّ ذَلِكَ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لأَنه مِنَ النَّوْفِ الَّذِي هُوَ العُلُوُّ والارْتفاع، قُلِبَتْ فِيهِ الْوَاوُ تَخْفِيفًا لَا وُجُوبًا، أَلا تَرَى إِلَى صِحَّةِ صِوان وخِوان وصِوار؟ عَلَى أَنه قَدْ حَكَى صِيان وصِيار، وَذَلِكَ عَنْ تَخْفِيفٍ لَا عَنْ صَنْعة وَوُجُوبٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ نِيَاف مَصْدَرًا جَارِيًا عَلَى فِعْلٍ مُعْتَلٍّ مُقَدَّرٍ، فيُجْرى حِينَئِذٍ مُجرى قِيام وصِيام، وَوُصِفَ بِهِ كَمَا يُوصَفُ بِالْمَصَادِرِ، وقصْر نِيافٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَنَاقَةٌ نِيَاف وَجَمَلٌ نِيَاف أَي طَوِيلٌ فِي ارْتِفَاعٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أُفْرُغْ لأَمْثالِ مِعًى أُلَّافِ، ... يَتْبَعْنَ وَخْيَ عَيْهَلٍ نِيافِ
والوَخْيُ: حُسْن صَوْتِ مَشْيِهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحَقُّ النِّيَاف أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ نَوَفَ. يُقَالُ: نَافَ يَنُوفُ أَي طَالَ، وَإِنَّمَا قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً عَلَى جِهَةِ التَّخْفِيفِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: صِوَانٌ وَصِيَانٌ وطِوال وطِيال؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
رَآهَا الفُؤاد، فاسْتُضِلَّ ضَلالُه، ... نِيَافاً مِنَ البِيض الحِسان العَطابِل
وَقَالَ جَرِيرٌ:
والخيلُ تَنْحِطُ بالكُماة، وَقَدْ رأَى ... لَمْعَ الربِيثةِ بالنِّيَاف العيْطَلِ
أَراد بِالْجَبَلِ الْعَالِي الطَّوِيلِ؛ وَقَالَ آخَرُ:
كُلُّ كِنازٍ لَحْمُه نِيَافِ، ... كالعَلَم المُوفي عَلَى الأَعْرافِ
وَقَالَ آخَرُ:
يأْوي إِلَى طائِقه الشِّنْعافِ، ... بَيْنَ حَوامي رَتَبٍ نِيَافِ
الطائقُ: الأَنْفُ يَنْدُرُ مِنَ الْجَبَلِ. والرتَبُ: العتَبُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لأَبي الرَّبِيعِ:
والرحْلُ فوقَ جَسْرةٍ نِيَافِ ... كَبْداء جَسْر، غَيْرُ مَا ازْدِهافِ
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
نِيَافاً تَزِلُّ الطيرُ عَنْ قُذُفاتِه، ... يَظَلُّ الضَّبابُ فوقَه قَدْ تَعَصَّرا
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جَمَلٌ نَيَّافٌ، عَلَى فَيْعال، إِذَا ارْتَفَعَ فِي سَيْرِهِ؛ وأَنشد:
يَتْبعْنَ نَيَّافَ الضُّحى عُزاهِلا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: رَوَاهُ غَيْرُهُ:
يَتْبَعْنَ زَيّافَ الضُّحَى
قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: العَزاهِلُ التامُّ الخَلْقِ. وفَلاةٌ نِيَافٌ: طَوِيلَةٌ عَرِيضَةٌ؛ قَالَ:
إِذَا اعْتَلى عَرْضَ نِيَافٍ فِلِّ، ... أَذْرى أَساهِيكَ عَتِيقٍ أَلِّ،
بعَطْفِ ضَبْعَيْ مَرِحٍ شِمِلِ
وَيُرْوَى: بأَوْب. والنَّوْفُ: أَسفل الذَّيْل لِزِيَادَتِهِ وَطُولِهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والنَّوْفُ: السَّنام الْعَالِي، وَالْجَمْعُ أَنواف، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ سَنَامَ الْبَعِيرِ، وَبِهِ سُمِّيَ نَوْفٌ البِكاليّ. والنَّوْفُ: البَظْر، وَكُلُّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الزِّيَادَةِ وَالِارْتِفَاعِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: النوْف البظْر، وَقِيلَ الفَرج؛ قَالَ هَمَّامُ بْنُ قَبِيصةَ الْفَزَارِيُّ حِينَ قَتَلَهُ وَازِعُ بْنُ ذُؤَالةَ:
تَعِسْتَ ابنَ ذاتِ النَّوْفِ أَجْهِزْ عَلَى امْرِئٍ ... يَرَى المَوْتَ خَيْراً مِن فِرارٍ وأَكْرَما(9/343)
وَلَا تَتْرُكَنِّي كالخُشاشةِ، إنَّني ... صَبُورٌ، إِذا مَا النِّكْسُ مِثْلُك أَحْجَما
وَرُوِيَ عَنِ الْمُؤَرِّجِ قَالَ: النَّوْفُ المَصُّ مِنَ الثَّدْي، والنَّوْفُ الصَّوْتُ. يُقَالُ: نَافَت الضَّبُعة تَنُوفُ نَوْفاً. ونَوْف: اسْمُ رَجُلٍ. ويَنُوفُ: عقَبة مَعْرُوفَةٌ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِارْتِفَاعِهَا؛ وأَنشد أَحمد بْنُ يَحْيَى:
عُقابُ يَنُوفُ لَا عُقابُ القَواعِلِ
وَرَوَاهُ ابْنُ جِنِّي: تَنُوفُ، قَالَ: وَهُوَ تَفْعُل مِنَ النَّوْف، وَهُوَ الِارْتِفَاعُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعُلُوِّهَا؛ الْجَوْهَرِيُّ: ويَنُوفُ فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ هَضْبة في جبل طيِء، وَبَيْتُ امْرِئِ الْقَيْسِ هُوَ قَوْلُهُ:
كأَنّ دِثاراً حَلَّقَت بلَبُونِه ... عُقَابُ يَنُوفُ، لَا عِقَابُ الْقَوَاعِلِ
قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ فِي شِعْرِهِ تَنُوفُ، بِالتَّاءِ، وَيُرْوَى تَنُوفِيَ «1» أَيضاً. وَعَبْدُ مَنَافٍ: بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ. الْجَوْهَرِيُّ: عَبْدُ مَنَافٍ أَبو هَاشِمٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ مَنَافِيّ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ مِمَّا وَقَعَتْ فِيهِ الإِضافة إِلَى الثَّانِي دُونَ الأَول لأَنه لَوْ أُضيف إِلَى الأَول لَالْتَبَسَ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَ الْقِيَاسُ عَبْدِيٌّ «2» إِلَّا أَنهم عَدَلُوا عَنِ القياس لإِزالة اللبس.
فصل الهاء
هتف: الهَتْفُ والهُتَافُ الصَّوْتُ الْجَافِي الْعَالِي، وَقِيلَ: الصَّوْتُ الشَّدِيدُ. وَقَدْ هَتَفَ بِهِ هُتَافاً أَي صَاحَ بِهِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هَتَفْتُ بِفُلَانٍ أَي دعَوْتُه، وهَتَفْتُ بِفُلَانٍ أَي مدَحْته. وَفُلَانَةٌ يُهْتَفُ بِهَا أَي تُذكر بجَمال. وَفِي حَدِيثِ حُنين:
قَالَ اهْتِفْ بالأَنصار
أَي نادِهم وادعُهم، وَقَدْ هَتَفَ يَهْتِفُ هَتْفاً. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ
أَي يَدْعُوهُ ويُناشِده. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ هَتَفَ يَهْتِفُ هَتْفاً، وَالْحَمَامَةُ تَهْتِفُ، وَسَمِعْتُ هَاتِفاً يَهْتِفُ إِذَا كُنْتَ تَسْمَعُ الصَّوْتَ وَلَا تُبْصِر أَحداً. وهَتَفتِ الحَمامة هَتْفاً: ناحَتْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ هَتَّفْتُ الْحَمَامَةُ؛ وأَنشد لنُصَيْب:
وَلَا أنَّني ناسِيكَ بِاللَّيْلِ، مَا بَكَتْ، ... عَلَى فَننٍ، ورْقاء ظَلَّتْ تُهَتِّفُ
وحَمامة هَتُوف: كَثِيرَةُ الهُتاف. وَقَوْسٌ هَتُوف وهَتَفَى: مُرِنّةٌ مصَوِّتة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلشَّمَّاخِ:
هَتُوفٌ إِذَا مَا جَامَعَ الظبيَ سَهْمُها، ... وَإِنَّ رِيعَ مِنْهَا أَسْلَمَتْه النَّوافِرُ
وَرِيحٌ هَتُوف: حَنَّانَةٌ، وَالْاسْمُ الهَتَفَى. وَقَوْسٌ هَتَّافَة: ذَاتُ صَوْتٍ. وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ هَمَزَ: قَوْسٌ هَمَزى شَدِيدَةُ الهَمْز إِذَا نُزع فِيهَا؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
أَنْحَى شِمالًا هَمَزَى نَضُوحا، ... وهَتَفَى مُعْطِيةً طَرُوحا «3»
وَقَوْسٌ هَتَفَى: تهتف بالوتَر.
هجف: الهِجَفُّ: الطَّوِيلُ الضخْم؛ التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ جُرْهُمٍ فِي الرُّبَاعِيِّ: قَالَ عَمْرٌو الْهُذَلِيُّ:
فَلَا تَتَمَنَّنِي، وتمَنَّ جِلْفاً ... جُراهِمَةً، هِجَفّاً كَالْجِبَالِ
جُراهِمة: ضَخماً. هِجَفّاً: ثَقِيلًا طويلًا كالجبال
__________
(1) . في الفاء من تنوفي روايتان: الفتح والكسر كما في معجم ياقوت.
(2) . قوله [عبدي] كذا هو في الأصل تبعاً للجوهري.
(3) . قوله [نضوحا] أي شديدة الحفز للسهم.(9/344)
لَا غَناء عِنْدَهُ. والهِجَفُّ: الظَّلِيمُ الْجَافِي الكثيرُ الزِّفِّ، والهِزَفُّ مِثْلُهُ، وَقِيلَ: الهِجَفّ الظَّلِيمُ المُسِنُّ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَمَا بَيْضاتُ ذِي لِبَدٍ هِجَفٍّ ... سُقِينَ بزاجَلٍ، حَتَّى رَوِينا
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وسأَلت أَبا حَاتِمٍ عَنْ قَوْلِ الرَّاجِزِ:
وجَفَرَ الفَحْلُ فأَضْحى قَدْ هَجَفْ، ... واصْفَرَّ مَا اخْضَرَّ مِنَ البقْل وجفْ
فَقُلْتُ: مَا هَجَف؟ فَقَالَ: لَا أَدري، فسأَلت التَّوَّزِيّ فَقَالَ: هَجَف لَحِقَتْ خَاصِرَتَاهُ بِجَنْبَيْهِ؛ وأَنشد فِيهِ بَيْتَنَا. الْجَوْهَرِيُّ: الهِجَفُّ مِنَ النَّعَامِ وَمِنَ النَّاسِ الْجَافِي الثَّقِيلُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
هُوَ الأَضْبَط الهوّاسُ فِينَا شَجاعةً، ... وفِيمَنْ يُعاديه الهِجَفُّ المُثقَّلُ
وانْهَجَفَ الظبْي والإِنسان وَالْفَرَسُ: انْغرفَ مِنَ الْجُوعِ وَالْمَرَضِ وَبَدَتْ عِظامه مِنَ الهُزال وانْعَجَف. وهَجِفَ هَجَفاً إِذَا جَاعَ، وَقِيلَ: هَجَفَ إِذَا جَاعَ وَاسْتَرْخَى بَطْنُهُ. أَبو سَعِيدٍ: العَجْفةُ والهَجْفَةُ «1» وَاحِدٌ وَهُوَ مِنَ الْهُزَالِ؛ وأَنشد لِكَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
مُصَعْلَكاً مُغْرَباً أَطرافُه هَجْفا
ابْنُ بَرِّيٍّ: والأَهْجَفُ الضَّامِرُ، والأُنثى هَجْفاء قَالَ:
تَضْحَكُ سَلْمى، أَن رأَتْني أَهْجَفَا ... نِضْواً، كأَشلاء اللِّجام أَهْيَفا
والهِجَفُّ والهَجَفْجَفُ: الرَّغِيبُ البطْن؛ قَالَ:
قَدْ عَلِمَ القومُ بَنُو طَريف، ... أَنك شيخٌ صَلِفٌ ضَعِيف،
هَجَفْجَفٌ لضِرْسه حَفِيف
هجنف: ظَليم هَجَنَّفٌ: جافٍ.
هدف: الأَزهري: رَوَى شِمْرٌ بِإِسْنَادٍ لَهُ أَن الزُّبَيْرَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ اجْتَمَعَا فِي الحِجْر فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كنتَ أَهْدَفْتَ لِي يَوْمَ بَدْر وَلَكِنِّي استَبْقَيْتك لِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ، فَقَالَ عَمْرٌو: وأَنت والله لقد كنت أَهدفت لِي وَمَا يسُرُّني أَنَّ لِي مِثْلَك بفَرَّتي مِنْكَ؛ قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ أَهْدَفْت لِي، الإِهْدَافُ الدُّنو مِنْكَ وَالْاسْتِقْبَالُ لَكَ وَالْانْتِصَابُ. يُقَالُ: أَهْدَفَ لِي الشيءُ، فَهُوَ مُهْدِفٌ، وأَهْدَفَ لَكَ السحابُ وَالشَّيْءُ إِذَا انْتَصَبَ؛ وأَنشد:
ومِنْ بَنِي ضَبّةَ كَهْفٌ مِكْهَفُ، ... إنْ سَالَ يَوْمًا جَمْعُهم وأَهْدَفُوا
وَقَالَ: الإِهْدَافُ الدُّنُوُّ. أَهْدَفَ الْقَوْمُ أَي قَرُبوا. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ وَالْفَرَّاءُ: يُقَالُ لَمَّا أَهْدَفَتْ لِي الكُوفة نزلْت، وَلَمَّا أَهْدَفَتْ لَهُمْ تقَرَّبوا. وَكُلُّ شَيْءٍ رأَيته قَدِ استقْبلك اسْتِقْبَالًا، فَهُوَ مُهْدِفٌ ومُسْتَهْدِفٌ. وَقَدِ اسْتَهْدَفَ أَي انْتَصَبَ، وَمِنْ ذَلِكَ أُخذ الهَدَفُ لِانْتِصَابِهِ لِمَنْ يَرْمِيه؛ وَقَالَ الزَّفَيان السَّعدي يَذْكُرُ نَاقَتَهُ:
تَرْجُو اجْتِبارَ عَظْمِها، إذْ أَزْحَفَتْ ... فأَمْرَعَتْ، لَمَّا إِلَيْكَ أَهْدَفَتْ
أَي قَرُبَتْ ودَنَت. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: قَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَقَدْ أَهدفْت لِي يوم بدر فضِفْت
__________
(1) . قوله [العجفة والهجفة إلخ] كذا بالأصل مضبوطاً، وعبارة القاموس: والهجفة، كفرحة، العجفة، قال شارحه: وهو من الهزال، قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ إلخ.(9/345)
عَنْكَ، فَقَالَ أَبو بَكْرٍ: لَكِنَّكَ لَوْ أَهدفْت لِي لَمْ أَضِف عَنْكَ
أَي لَوْ لجَأْت إليَّ لَمْ أَعْدِل عَنْكَ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَمْرٌو يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ؛ وضِفْتُ عَنْكَ أَي عَدَلْت ومِلْت؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ كَعْبٍ:
عَظِيمُ رَمادِ البيْتِ يَحْتَلُّ بيتَه، ... إِلَى هَدَفٍ لَمْ يَحْتَجِبْه غُيوب
وغُيوب: جَمْعُ غَيْب، وَهُوَ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض. والهَدَفُ: المُشْرِفُ مِنَ الأَرض وَإِلَيْهِ يُلْجأُ؛ وَيُرْوَى:
عظيمُ رَمَادِ القِدْرِ رَحْبٌ فِناؤه
يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ دَنَا مِنْكَ وَانْتَصَبَ لَكَ وَاسْتَقْبَلَكَ: قَدْ أَهْدَف لَكَ الشَّيْءُ واسْتَهْدَفَ. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ جَاءَتْ هَادِفَةٌ مِنْ نَاسٍ وداهِفة وجاهِشةٌ وهاجِشةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: هَلْ هَدَفَ إِلَيْكُمْ هَادِفٌ أَو هبَش هابِشٌ؟ يَسْتَخْبِرُهُ هَلْ حدَث ببلَده أَحد سِوَى مَن كَانَ بِهِ. والهَدَفُ: الغَرض المُنْتَضَلُ فِيهِ بِالسِّهَامِ. والهَدَفُ: كُلُّ شَيْءٍ عَظِيمٍ مُرْتَفِعٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا مرَّ بهَدَفٍ مائلٍ أَو صَدَفٍ مَائِلٍ أَسرع المشْيَ
؛ الهَدَفُ كُلُّ بِناء مُرْتَفِعٍ مُشْرِف، والصدَفُ نحْو مِنَ الهَدَف؛ قَالَ النَّضْرُ: الهَدَفُ مَا رُفِع وبُنِي مِنَ الأَرض للنِّضال، والقِرْطاسُ مَا وُضع فِي الهَدَف ليُرمى، والغرَض مَا يُنصب شِبْه غِرْبال أَو حَلْقة؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْغَرَضُ الْهَدَفُ. وَيُسَمَّى الْقِرْطَاسُ هَدَفاً وغرَضاً، عَلَى الْاسْتِعَارَةِ. يُقَالُ: أَهْدَفَ لَكَ الصيدُ فارْمِه، وأَكْثب وأغْرَض مِثْلُهُ. والهَدَف: حَيْد مُرْتَفِعٌ مِنَ الرَّمْلِ، وَقِيلَ هُوَ كلُّ شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ كحُيود الرَّمْلِ الْمُشْرِفَةِ. وَالْجَمْعُ أَهْدَاف، لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: الهَدَف كُلُّ شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ مِنْ بِنَاءٍ أَو كَثِيب رَمْل أَو جَبَلٍ؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ الغرَضُ هَدَفاً وَبِهِ شُبِّهَ الرَّجُلُ الْعَظِيمُ. ابْنُ سِيدَهْ: والهَدَفُ مِنَ الرِّجَالِ الْجَسِيمُ الطَّوِيلُ الْعُنُقِ الْعَرِيضُ الأَلواح، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ، وقيل: هو الثَّقِيلُ النَّؤُومُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
إِذَا الهَدَفُ المِعْزابُ صَوَّب رأْسَه، ... وأَعْجَبه ضَفْوٌ مِنَ الثَّلَّةِ الخُطْلِ
قَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ الهَدَف المعْزابُ قَالَ: هَذَا رَاعِي ضأْن فَهُوَ لضَأْنِه هَدَف تأْوي إِلَيْهِ، وَهَذَا ذَمٌّ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ راعِيَ الضأْن. وَيُقَالُ: أَحمقُ مِنْ رَاعِي الضأْن، قَالَ: وَلَمْ يُرد بالخَطَل اسْتِرْخاء آذَانِهَا، أَرَادَ بالخُطْل الْكَثِيرَةُ تَخْطَل عَلَيْهِ وتَتْبعه. قَالَ: وَقَوْلُهُ الهَدَف الرَّجُلُ الْعَظِيمُ خطأٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الهَدَفُ الثقِيلُ الوَخِمُ، وَيُرْوَى المِعْزال، والمِعْزال: الَّذِي يَرْعَى مَاشِيَتَهُ بمَعْزِل عَنِ النَّاسِ، والمِعْزابُ: الَّذِي عَزَب بإبلِه. وضَفْو: اتِّسَاعٌ مِنَ الْمَالِ. والخُطْل: الطَّوِيلَةُ الْآذَانِ. وأَهْدَفَ عَلَى التَّلِّ أَي أَشرَف. وامرأَة مُهْدِفَة أَي لَحِيمة. ورَكَبٌ مُسْتَهْدِفٌ أَي عَريض مُرْتَفِعٌ؛ قَالَ «1» :
وإِذا طَعَنْتَ طَعَنْتَ فِي مُسْتَهْدِفٍ، ... رَابِي المَجَسَّةِ بالعَبِير مُقَرْمَدِ
أَي مُرتفع منتصِب. وامرأَة مُهْدِفَة: مُرْتَفِعَةُ الجَهاز. وأَهْدَفَ لَكَ الشيءُ واسْتَهْدَفَ: انْتَصَبَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَحَتَّى سَمِعْنا خَشْف بَيْضاء جَعْدةٍ، ... عَلَى قَدمَيْ مُسْتَهْدِفٍ متقاصِر
__________
(1) . النابغة الذبياني.(9/346)
يَعْنِي بالمُسْتَهْدِفِ الْحَالِبُ يَتقاصَر للحَلب؛ يَقُولُ: سَمِعْنَا صوتَ الرَّغْوة تَتَسَاقَطُ عَلَى قدَم الْحَالِبِ. والهِدْفَةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ والبُيوت؛ قَالَ عُقْبة: رأَيت هِدْفةً مِنَ النَّاسِ أَي فِرْقة. الأَصمعي: غِدْفةٌ وغِدَفٌ وهِدْفة وهِدَفٌ بِمَعْنَى قِطْعة. ابْنُ الأَعرابي: الدَّافِه الْغَرِيبُ، قَالَ الأَزهري: كأَنه بِمَعْنَى الدَّاهِف والهادِف، وَقِيلَ: الهِدفة الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ مِنَ النَّاسِ يُقيمون ويَظْعَنون. وهَدَفَ إِلَى الشَّيْءِ: أَسْرَعَ، وأَهْدَفَ إليه لَجَأَ.
هذف: سائقٌ هَذَّافٌ: سَريع؛ قَالَ:
تُبْطِرُ ذَرْعَ السائقِ الهَذَّافِ ... بعَنَقٍ مِنْ فَوْرِه زَرَّافِ
وَقِيلَ: الهَذَّافُ السَّرِيعُ مِنْ غَيْرِ أَن يُشْتَرَطَ فِيهِ سَوْق، وَقَدْ هَذَفَ يَهْذِفُ إِذَا أَسرع، وَجَاءَ مُهْذِفاً مُهْذِباً مُهْذِلًا بِمَعْنًى واحد.
هرف: الهَرْفُ: مُجاوزةُ القَدْر فِي الثَّناء والمدْح والإِطْناب فِي ذَلِكَ حَتَّى كأَنه يَهْدِر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رُفْقة جَاءَتْ وَهُمْ يَهْرِفُون بصاحِب لَهُمْ وَيَقُولُونَ: مَا رأَينا يَا رَسُولَ اللَّهِ مِثْلَ فُلَانٍ، مَا سِرنا إلَّا كَانَ فِي قِرَاءَةٍ وَلَا نَزَلْنَا إلَّا كَانَ فِي صَلَاةٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَهْرِفُون بِهِ أَي يَمدحونه ويُطْنِبون فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا تَهْرِفْ بِمَا لَا تَعْرِف،
وَفِي رِوَايَةٍ: قَبْلَ أَن تَعْرِفَ
، أَي لَا تَمْدَحْ قَبْلَ التَّجْرِبَةِ، وَهُوَ أَن تَذْكُرَهُ فِي أَول كَلَامِكَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي حَمْدٍ وَثَنَاءٍ. التَّهْذِيبِ: الهَرْف شِبْه الهَذَيان مِنَ الإِعجاب بِالشَّيْءِ. يُقَالُ: هُوَ يَهْرِفُ بِفُلَانٍ نهارَه كُلَّهُ هَرْفاً. وَيُقَالُ لِبَعْضِ السِّبَاعِ يَهْرِفُ لِكَثْرَةِ صَوْتِهِ. وَيُقَالُ: هَرَفْتُ بِالرَّجُلِ أَهْرِفُ هَرْفاً. ابْنُ الأَعرابي: هَرَفَ إِذَا هَذَى؛ والهَرْفُ: مدْحُ الرَّجُلِ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ. والهَرْفُ: الأَوّل. والهَرْفُ: ابْتِدَاءُ النَّبَاتِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وهَرَفَ السَّبُع يَهْرِفُ هَرْفاً: تَابَعَ صَوْتَهُ. وأَهْرَفَ الرجلُ مِثْلُ أَحرَفَ أَي نَما مالُه. وأَهْرَفَتِ النَّخْلَةُ أَي عَجَّلت إِتَاءَهَا.
هرشف: الهِرْشَفُّ والهِرْشَفَّةُ: الْعَجُوزُ الْبَالِيَةُ الْكَبِيرَةُ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الهَرِمة: هِرْشَفَّة وهِرْدَشّة. وَعَجُوزٌ هِرْشَفَّة وهِرْشَبَّة، بِالْفَاءِ وَالْبَاءِ. ودلْوٌ هِرْشَفَّة: بَالِيَةٌ متشنِّجة، وَقَدِ اهْرَشَّفَتْ. والهِرْشَفَّة: خِرقة يُنشَّف بِهَا الْمَاءُ؛ قَالَ:
كلُّ عَجُوزٍ، رأْسُها كالكِفّهْ، ... تَسْعى بجُفٍّ مَعَهَا هِرْشَفَّهْ
والهِرْشَفَّة: صُوفَةُ الدَّوَاةِ، وَهِيَ أَيضاً صُوفَةٌ أَو خِرْقة يُنَشَّف بِهَا الْمَاءُ؛ وَفِي نُسْخَةٍ: مَاءُ الْمَطَرِ مِنَ الأَرض، ثُمَّ تُعْصَرُ فِي الإِناء، وَإِنَّمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا قَلَّ الْمَاءُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
طُوبى لِمَن كَانَتْ لَهُ هِرْشَفَّهْ ... ونَشْفةٌ يَمْلأُ مِنْهَا كَفَّهْ
أَبو عُبَيْدٍ: الهِرشَفَّة قِطْعَةٌ خَرِقَةٌ يُحْمَلُ بِهَا الْمَاءُ أَو قِطْعَةُ كِسَاءٍ أَو نَحْوُهُ ينشَّف بِهَا مَاءُ الْمَطَرِ مِنَ الأَرض ثُمَّ تُعْصَرُ فِي الجُفّ وَذَلِكَ مِنْ قِلَّة الْمَاءِ. وَيُقَالُ لِصُوفَةِ الدَّوَاةِ إِذَا يَبست هِرْشَفَّة، وَقَدْ هَرْشَفَت واهْرَشَّفَتْ. والهِرْشَفُّ مِنَ الرِّجَالِ: الْكَبِيرُ الْمَهْزُولُ. والهِرْشَفّ: الْكَثِيرُ الشُّرْبِ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. أَبو خَيرة: التَّهَرْشُفُ التحَسِّي قليلًا قليلًا.
هزف: هَزَفَتْه الرِّيحُ تَهْزِفُه هَزْفاً. اسْتَخَفَّتْه. والهِزَفُّ: الْجَافِي مِنَ الظِّلْمان؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ(9/347)
الْجَافِي الْغَلِيظُ مِثْلُ الهِجَفِّ، وَقِيلَ: الهِزَفّ الطَّوِيلُ الرِّيشِ.
هزرف: الهُزْرُوفُ والهِزْرَاف: الظَّلِيم. والهِزْرَاف: الخفيفُ السَّرِيعُ وَرُبَّمَا نُعِتَ بِهِ الظَّلِيمُ. وظَلِيم هِزْرَوْفٌ: سَرِيعٌ خَفيف، وَقَدْ هَزْرَف فِي عَدْوه هَزْرَفةً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الهِزْرِفيّ الْكَثِيرُ الْحَرَكَةِ، والهُزْرُوف السَّرِيعُ؛ قَالَ تأَبَّطَ شَرًّا يصِف ظَليماً:
مِنَ الحُصِّ هُزْرُوفٌ يَطِير عِفاؤه، ... إِذَا اسْتَدْرَجَ الفَيْفاء مَدَّ المَغابِنا
أَزَجُّ زَلُوجٌ هِزْرِفيٌّ زفازِفٌ، ... هِزَفٌّ يَبُذُّ النَّاجِياتِ الصَّوافِنا
قَالَ: وَقِيلَ الهُزْرُوفُ الْعَظِيمُ الخَلْق؛ ذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هزف.
هطف: الهَطِفُ: اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ أَبو قَبِيلَةٍ كَانُوا أَول مَنْ نَحت الجِفانَ؛ وَقَالَ الأَزهري: بَنُو الهَطِف حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ ذَكَرَهُ أَبو خِراش الْهُذَلِيُّ فَقَالَ:
لَوْ كَانَ حَيّاً لغاداهُم بمُتْرَعةٍ ... مِنَ الرَّواويق، مِنْ شِيزى بَني الهَطِف
والهَطَفَى: اسم.
هفف: الهَفِيف: سُرْعة السَّيْرِ. هَفَّ يَهِفُّ هَفِيفاً: أَسرع فِي السَّيْرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذَا مَا نعَسْنا نَعْسةً قُلْتُ غَنِّنا ... بَخَرْقاء، وارْفَعْ مِنْ هَفِيف الرَّواحِل
وهَفَّت هَافَّةٌ مِنَ النَّاسِ أَي طَرأَت عَنْ جَدْب. وغيمٌ هِفٌّ: لَا مَاءَ فِيهِ. والهِفُّ، بِالْكَسْرِ: السَّحَابُ الرَّقِيقُ لَا مَاءَ فِيهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ أُميّة:
وشَوَّذتْ شَمْسُهم، إِذَا طَلَعَتْ ... بالجُلْب، هِفّاً كأَنه كَتَمُ «1»
شوَّذت: ارْتَفَعَتْ، أَراد أَن الشَّمْسَ طَلَعَتْ فِي قُتْمة فكأَنما عَمَّمَتْها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاللَّهِ مَا فِي بَيْتِكَ هُفَّة وَلَا سُفّة
؛ الهُفَّة: السَّحَابُ لَا مَاءَ فِيهِ، والسُّفّة: مَا يُنْسَج مِنَ الْخُوصِ كالزَّبيل، أَي لَا مَشروب فِي بَيْتِكَ وَلَا مأْكول. وشُهْدة هِفٌّ: لَا عسَل فِيهَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: شُهدة هِفَّة. وَعَسَلٌ هَفٌّ: رَقِيقٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ:
لتَكَشَّفَتْ عَنْ ذِي مُتُونٍ نَيِّرٍ، ... كالرَّيْطِ لَا هِفٍّ، وَلَا هُوَ مُخْرَبُ
مُخْرَبٌ: تُرك لَمْ يُعَسَّلْ فِيهِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْهِفُّ، بِغَيْرِ هَاءٍ، الشُّهْدَةُ الرَّقِيقَةُ الْخَفِيفَةُ الْقَلِيلَةُ الْعَسَلِ. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ شُهدة هِفٌّ لَيْسَ فِيهَا عَسَلٌ، فَوِصِفَ بِهِ. والهَفَّاف: الْبَرَّاقُ. وَجَاءَنَا عَلَى هَفَّانِ ذَاكَ أَي وَقْتِهِ وحِينه. وَثَوْبٌ هَفَّاف وهَفْهَاف: يَخِفُّ مَعَ الرِّيحِ، وَفِي الصِّحَاحِ: أَي رَقِيقٌ شَفّاف. وَرِيحٌ هَفَّافَة وهَفْهَافَة: سَرِيعَةُ المَرّ. وهَفَّتْ تَهِفُّ هَفّاً وهَفِيفاً إِذَا سَمِعْتَ صَوْتَ هُبوبها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، فِي تَفْسِيرِ السَّكِينة: هِيَ رِيحٌ هَفَّافَة
أَي سَرِيعَةُ المُرور فِي هُبوبها. والريحُ الهَفَّافَة: السَّاكِنَةُ الطَّيِّبةُ. الأَزهري فِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عنه،
__________
(1) . قوله [بالجلب] بالجيم هو الصواب وقد تقدم في شوذ بالخاء المعجمة في البيت وتفسيره وهو خطأ. راجع مادتي جلب وخلب.(9/348)
أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ، قَالَ: لَهَا وَجْهٌ كَوَجْهِ الإِنسان، وَهِيَ بعدَ رِيحٍ أَحمر.
وَرَجُلٌ هَفَّاف الْقَمِيصِ إِذَا نُعِت بالخِفّة؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي الغازنته «1» :
وأَبْيَضَ هَفَّافِ القَمِيصِ أَخَذْتُه، ... فجئْتُ بِهِ للقَوم مُغْتَصباً قَسْرا
أَراد بالأَبيض قَلْباً عَلَيْهِ شَحْمٌ أَبيض، وقَمِيص الْقَلْبِ: غِشاؤه مِنَ الشَّحْمِ، وَجَعَلَهُ هَفَّافاً لرقَّته؛ وأَما قَوْلُ ابْنِ أَحمر:
كبَيْضةِ أُدْحِيٍّ بوَعْثِ خَميلةٍ، ... يُهَفْهِفُها هَيْقٌ بجُؤْشُوشِه صَعْلُ
فَمَعْنَى يُهَفْهِفُها أَي يُحرِّكها ويَدْفَعها لتُفْرِخ عَنِ الرَّأْل. والهَفْهَافَان: الجَناحان لخِفَّتِهما؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ ظَليماً وبيضَه:
يَبِيت يَحُفُّهن بقَفْقَفَيْهِ، ... ويَلْحَفُهُنَّ هَفْهَافاً ثَخِينا
أَي يُلْبِسُهن جَناحاً، وَجَعَلَهُ ثَخِينًا لِتَرَاكُبِ الرِّيش. وظِلٌّ هَفْهَفٌ: بَارِدٌ تَهِفّ فِيهِ الرِّيحُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَبطَحَ حَيَّاشاً وظِلًّا هَفْهَفَا
وغُرْفة هَفَّافَة وهَفْهَافَة: مُظِلّة بَارِدَةٌ. وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ الهَيْفاء: مُهَفَّفَةٌ ومُهَفْهَفَةٌ وَهِيَ الخَمِيصةُ البطنِ الدَّقِيقَةُ الخَصْر، وَرَجُلٌ هَفْهَاف ومُهَفْهَف كَذَلِكَ؛ وأَنشد:
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضاء غيرُ مُفاضةٍ
وامرأَة مُهَفْهَفَة أَي ضَامِرَةُ الْبَطْنِ. ابْنُ الأَعرابي: هَفْهَفَ الرَّجل إِذَا مُشِقَ بَدَنُهُ فَصَارَ كأَنه غُصْن يَميد مَلاحة. والهِفُّ: الزرْع الَّذِي يُؤَخَّرُ حَصاده فيَنْتَثِر حُبُّهُ والهَفَّاف: الْخَفِيفُ، وَقَدْ هَفَّ هَفِيفاً. وَرِيشٌ هَفَّاف. واليَهْفُوف: الجَبان. ابْنُ سِيدَهْ: اليَهْفُوف الحديدُ الْقَلْبِ، وَزَادَ غَيْرُهُ مِنَ الرِّجَالِ، وَهُوَ أَيضاً الأَحمق. واليَهْفُوف: القَفْر مِنَ الأَرض. ابْنُ بَرِّيٍّ: أَبو عَمْرٍو اليَهْفُوف: الْقَلْبُ الْحَدِيدُ؛ وأَنشد:
طَائِرُهُ حَدَا بقَلْبٍ يَهْفُوف
وَرَجُلٌ هِفٌّ: خفيفٌ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ وذكَر الحَجاج: هَلْ كَانَ إلَّا حِمَارًا هِفّاً؟
أَي طَيَّاشًا خَفِيفًا. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: كَانَتِ الأَرضُ هِفّاً عَلَى الْمَاءِ
أَي قَلِقةً لَا تَستقِرُّ، مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ هِفٌّ أَي خَفِيفٌ. وَفِي النَّوَادِرِ: تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا أَحسَنَ هِفَّة الورَق ورِقَّته، وَهِيَ إبْرِدَتُه. وظِلٌّ هَفْهَافٌ: بَارِدٌ، والظلُّ الهَفَّافُ. وزُقاقُ الهَفَّةِ: مَوْضِعٌ مِنَ البَطِيحة كَثِيرُ القَصْباء فِيهِ مُخْتَرَق للسُّفُن. والهِفُّ، بِالْكَسْرِ: جِنْسٌ مِنَ السَّمَكِ صِغَارٌ. ابْنُ الأَعرابي: الهِفُّ الهازِبَى، مَقْصُورٌ، وَهُوَ السَّمَكُ، وَاحِدَتُهُ هِفَّة. وَقَالَ عُمارة: يُقَالُ لِلْهِفِّ الحُساسُ، قَالَ: والهازِبى جنس من السمك مَعْرُوفٌ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
كَانَ بعضُ العُبّادِ يُفْطِر كُلَّ لَيْلَةٍ عَلَى هِفَّة يَشْوِيها
؛ هُوَ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، نَوْعٌ مِنَ السَّمَكِ، وَقِيلَ: هُوَ الدُّعْمُوص وَهِيَ دُويبة تَكُونُ فِي مُسْتَنْقَع الْمَاءِ.
هقف: الهَقَفُ: قِلَّةُ شَهْوة الطَّعام؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بثبت.
__________
(1) . قوله [الغازنته] كذا في الأصل.(9/349)
هكف: الهَكَفُ: السُّرْعَةُ فِي العَدْوِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ فِعْل مُمَاتٌ. وهَنْكَفٌ: مَوْضِعٌ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ رباعيّاً.
هلف: الهِلَّوفَةُ والهِلَّوْف: اللِّحْية الضَّخْمَةُ الْكَثِيرَةُ الشَّعْرِ الْمُنْتَشِرَةُ. والهِلَّوْف مِنَ الإِبل: المُسنّ الْكَبِيرُ الْكَثِيرُ الوَبَر، وَهُوَ مِنَ الرِّجَالِ الشَّيْخُ الْقَدِيمُ الهَرِم الْمُسِنُّ، وَقِيلَ: الْكَذَّابُ. وَإِذَا كَبِرَ الرَّجُلُ وهَرِم فَهُوَ الهِلَّوْف. وَرَجُلٌ هُلْفُوف: كَثِيرُ شَعْرِ الرأْس وَاللِّحْيَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: الهِلَّوْف الثَّقِيلُ الْجَافِي الْعَظِيمُ اللِّحْيَةِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الهِلَّوف الثَّقِيلُ الْبَطِيءُ الَّذِي لَا غَناء عِنْدَهِ؛ قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ وَهِيَ تُرَقِّص ابْنًا لَهَا:
أَشْبِه أَبا أُمِّك، أَو أَشْبه عَمَلْ ... وَلَا تكونَنَّ كَهِلَّوْفٍ وَكَلْ،
يُصْبِحُ فِي مَضْجَعِه قَدِ انْجَدَلْ، ... وارْقَ إِلَى الخَيراتِ زَنأً فِي الجَبَلْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المرأَة الَّتِي ذَكَرَ هِيَ مَنْفُوسَةُ بِنْتُ زَيْدِ الْفَوَارِسِ، قَالَ: وَالشِّعْرُ لِزَوْجِهَا قَيْس بْنِ عَاصِمٍ، وعَمل اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ خَالُهُ؛ يَقُولُ: لَا تُجاوِزْنا فِي الشَّبه، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ:
أَشْبِه أَخِي أَو أَشبِهَنْ أَباكا، ... أَمّا أَبي فلَن تَنالَ ذَاكَا،
تَقْصُر أَن تَنالَه يَدَاكَا
وَقَالَ آخَرُ:
هِلَّوْفة كأَنها جُوالِقُ، ... لَهَا فضولٌ وَلَهَا بَنائِقُ
والهِلَّوْفة: الْعَجُوزُ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ بْنُ الأَخرس:
إعْمِدْ إِلَى أَفْصَى وَلَا تأَخَّرِ، ... فكُنْ إِلَى ساحَتِهم ثُمَّ اصْفِرِ،
تأْتِكَ مِنْ هِلَّوْفَةٍ أَو مُعْصِرِ
يَصِفُهُمْ بالفُجُور وأَنك مَتَى أَردت ذَلِكَ مِنْهُمْ فَاقْرِبْ مِنْ بُيُوتِهِمْ وَاصْفِرْ تأْتك مِنْهُمُ الْكَبِيرَةُ والصغيرة.
هنف: الإِهْنَافُ: ضَحِكٌ فِيهِ فُتُور كَضَحِك الْمُسْتَهْزِئِ، وَكَذَلِكَ المُهَانَفَة والتَهَانُف؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
مُهَفْهَفَةُ الكَشْحَينِ بَيْضاءُ كاعِبُ، ... تُهَانِفُ للجُهَّالِ مِنّا، وتَلْعَبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
إِذَا هُنَّ فَصَّلْن الحَدِيثَ لأَهْلِه، ... حَدِيث الرَّنا، فَصَّلْنَه بالتَّهَانُف
وَقَالَ آخَرُ:
وهُنَّ فِي تَهَانُفٍ وَفِي قَهٍ
ابْنُ سِيدَهْ: الهُنُوف والهِنَافُ ضَحِك فَوْقَ التَّبَسم، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ ضَحِكَ النِّسَاءِ. وتَهَانَفَ بِهِ: تَضاحَك؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
مِنَ اللُّفِّ أَفْخاذاً تَهَانَفُ للصِّبا، ... إِذَا أَقْبَلَتْ كَانَتْ لَطِيفاً هَضِيمُها
وَقِيلَ: تَهَانَفَ بِهِ تَضاحَكَ وتعَجَّب؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقِيلَ: هُوَ الضحِكُ الخَفِيُّ. اللَّيْثُ: الهنافُ مُهَانَفَةُ الجَوارِي بِالضَّحِكِ وَهُوَ التَّبَسُّمُ؛ وأَنشد:
تَغُضُّ الجُفونَ عَلَى رِسْلِها ... بحُسْنِ الهِنَافِ، وخَونِ النَّظَرْ(9/350)
والمُهَانَفَةُ: المُلاعَبة أَيضاً. قِيلَ: أَقبل فُلَانٌ مُهْنِفاً أَي مُسْرعاً لِيَنَالَ مَا عِنْدِي؛ قَالَ: وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ كِتَابِ الْكَامِلِ لِلْمُبَرِّدِ: التَّهَانُف الضَّحِكُ بالسُّخْرية. والمُهَانَفَة: المُلاعبة. وأَهْنَفَ الصبيُّ إهْنَافاً: مِثْلُ الإِجْهاش، وَهُوَ التَّهَيُّؤُ لِلْبُكَاءِ. والتَّهَنُّف: الْبُكَاءُ؛ وأَنشد لعَنْتَرة بْنِ الأَخْرس:
تَكُفُّ وتَسْتَبْقِي حَيَاءً وهَيْبَةً ... لَنَا، ثُم يَعْلُو صَوْتُها بالتَّهَنُّفِ
وأَهنَف الصبيُّ وتَهَانَفَ: تَهيّأَ لِلْبُكَاءِ كأَجْهَشَ، وَقَدْ يَكُونُ التَّهَانُف بُكَاءَ غَيْرِ الطِّفْلِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ وَالشِّعْرُ لأَعرابي «2» :
تَهَانَفْتَ واستبكاكَ رسْمُ المَنازِلِ ... بسُوقةِ أَهْوى، أَو بِقارةِ حائلِ
فهذا هاهنا إِنَّمَا هُوَ لِلرِّجَالِ دُونَ الأَطفال لأَنَّ الأَطفال لَا تَبْكِي عَلَى الْمَنَازِلِ والأَطْلال؛ وَقَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ تَهَانَفْت: تشبَّهت بالأَطفال فِي بُكَائِكَ كَقَوْلِ الْكُمَيْتُ:
أَشَيخاً، كالوَلِيدِ برَسْم دارٍ، ... تُسائلُ مَا أَصَمَّ عن السَّؤُول؟
أَصمّ أَي صَمَّ.
هوف: رَجُلٌ هُوفٌ: لَا خَيْرَ عِنْدَهُ. والهُوفُ مِنَ الرِّيَاحِ: كالهَيْفِ، وَهِيَ الباردةُ الهُبوب، وَفِي الصِّحَاحِ: الْهَوْفُ الرِّيحُ الْحَارَّةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أُم تأَبَّط شَرًّا: وَا ابْناه لَيْسَ بعُلْفُوف تَلُفُّه هُوف حَشيّ مِنْ صُوف، وَقِيلَ: لَمْ يُسْمَعْ هَذَا إلَّا فِي كَلَامِ أُم تأَبط شَرًّا، وَإِنَّمَا قَالَتْهُ لأَن فِقَر كَلَامِهَا مَوْضُوعَةٌ عَلَى هَذَا، أَلا تَرَى أَن قَبْلَ هَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلِهَا لَيْسَ بعُلْفُوف وَبُعْدَهْ حَشِيٌّ مِنْ صُوفٍ؟ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ هَيَفَ، وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
هيف: هَافَ ورَقُ الشَّجَرِ يَهِيف: سَقَطَ. والهَيْفُ والهُوف: رِيحٌ حارَّة تأْتي مِنْ قِبَل الْيَمَنِ، وَهِيَ النَّكْباء الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الجَنُوب والدَّبُور مِنْ تَحْتِ مَجْرَى سُهَيْل يَهيف مِنْهَا وَرَقُ الشَّجَرِ. ابْنُ الأَعرابي: نَكْباء الصَّبا والجَنوب مِهْيافٌ مِلْواحٌ مِيباسٌ لِلْبَقْلِ، وَهِيَ الَّتِي تَجِيءُ بَيْنَ الرِّيحين، وَقَالَ الأَصمعي: الهَيْف الْجَنُوبُ إِذا هَبَّت بِحَرٍّ، وَقِيلَ: الْهَيْفُ رِيحٌ بَارِدَةٌ تَجِيءُ مِنْ قِبَلِ مَهَبِّ الْجَنُوبِ، قَالَ: وَهَذَا لَا يُوَافِقُ الِاشْتِقَاقَ؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ إِنَّ الهيْف رِيحٌ بَارِدَةٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحد، وَالْهَيْفُ لَا تَكُونُ إِلَّا حَارَّةً. ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ الْهَيْفُ كُلُّ رِيحٍ ذاتِ سَمُوم تُعَطِّش الْمَالَ وتُيَبِّس الرّطْب؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وصَوَّحَ البَقْلَ نأْآجٌ تَجِيء بِهِ ... هَيْفٌ يَمانِيةٌ، فِي مَرِّها نَكَبُ
وَفِي الْمَثَلِ: ذَهَبَتْ هَيف لأَديانها أَي لِعَادَاتِهَا لأَنها تُجَفِّف كُلَّ شَيْءٍ وتُيَبِّسه وتَهَيَّفَ الرَّجُلُ مِنَ الهَيْف كَمَا يُقَالُ تَشتَّى مِنَ الشِّتاء. والهُوف مِنْ قَوْلُ أُم تأَبَّط شَرًّا: تَلُفُّه هُوف، إِنَّمَا بَنَتْهُ عَلَى فُعْل لِما قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهَا: لَيْسَ بعُلْفُوف، وَمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهَا: حَشِيّ مِنْ صُوفٍ، وَقِيلَ: هِيَ لُغَةٌ فِي الهَيْف. وهَافَ واسْتَهَافَ: أَصابته الهَيْفُ فَعَطِش؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَقَدَّمْتهنّ عَلَى مِرْجَمٍ ... يلُوكُ اللِّجامَ، إِذَا مَا اسْتَهَافَا
__________
(2) . قوله [لأعرابي] في معجم ياقوت: قال الراعي تَهَانَفت إلخ.(9/351)
وَرَجُلٌ هَيُوفٌ ومِهْيَافٌ وهَافٌ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: لَا يَصْبِرُ عَلَى الْعَطَشِ. وَيُقَالُ لِلْعَطْشَانِ: إِنَّهُ لهَافٌ، والأُنثى هَائِفَة. وَنَاقَةٌ مِهْيَافٌ وهَافَةٌ وَإِبِلٌ هَافَة، كَذَلِكَ: تعطَش سَرِيعًا. واهْتَافَ أَي عَطِش. قَالَ الأَصمعي: رَجُلٌ هَيْفان. والمِهْيَاف: السَّرِيعُ العطَشِ، وَقَدْ هَافَ يَهَاف هِيَافاً، وَهَافَتِ الإِبل تَهافُ هِيافاً وهُيافاً إِذَا اشتدَّت الهيْفُ مِنَ الجَنوب واستقبلَتْها بِوُجُوهِهَا فَاتِحَةً أَفواهَها مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ. وأَهَافَ الرجلُ: عَطِشت إِبِلُهُ؛ قَالَ:
فَقَدْ أَهَافُوا، زَعَمُوا، وأَنْزَعُوا
الأَصمعي: الهَافَة النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ الْعَطَشِ، وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، وَهِيَ المِهْياف والمِهْيامُ. والهِيفُ: جَمْعُ أَهْيَف وهَيْفاء، وَهُوَ الضَّامِرُ الْبَطْنِ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ فوه: فاهاهُ إِذَا فاخَره وناطَقَه، وَهَافَاهُ إِذَا مايَله إِلَى هَواه. والهَيَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: رقَّة الْخَصْرِ وضُمور الْبَطْنِ، هَيِفَ هَيَفاً وهَافَ هَيْفاً، فَهُوَ أَهْيَف، وَلُغَةُ تَمِيمٍ: هَافَ يَهَافُ هَيْفاً، وامرأَة هَيْفَاء وَقَوْمٌ هِيف. وَفَرَسٌ هَيْفَاء: ضَامِرَةٌ. وهَيْفَاء: فَرَسُ طَارِقِ بن حَصَبةَ.
فصل الواو
وثف: حَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ: وَثَفَه مِنْ ثَفاه، وَبِذَلِكَ اسْتُدِلَّ عَلَى أَن أَلف ثَفا وَاوٌ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ فَاءً وَهَذِهِ لَامًا، وَهُوَ مِمَّا يَفْعَلُ هَذَا كَثِيرًا إِذَا عَدَمَ الدَّلِيلَ مِنْ ذَاتِ الشيء.
وجف: الوَجْفُ: سُرْعة السَّيْرِ. وَجَفَ البعيرُ وَالْفَرَسُ يَجِف وَجْفاً ووَجِيفاً: أَسْرعَ. والوَجِيف: دُونَ التَّقْرِيبِ مِنَ السَّيْرِ. الْجَوْهَرِيُّ: الوَجِيفُ ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل وَالْخَيْلِ، وَقَدْ وَجَفَ الْبَعِيرُ يَجِفُ وَجْفاً ووَجِيفاً. وأَوْجَف دابته إذا حثَّها، وأَوْجَفْتُهُ أَنا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ البِرُّ بالإِيجاف.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: وأَوْجَفَ الذِّكْرَ بِلِسَانِهِ
أَي حرَّكه، وأَوْجَفَه راكبُه. وَحَدِيثُ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَهونُ سيرِها فِيهِ الوَجِيف
؛ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ سَرِيعٌ. وَنَاقَةٌ مِيجَاف: كَثِيرَةُ الْوَجِيفِ. وَرَاكِبُ الْبَعِيرِ يُوضِع وَرَاكِبُ الْفَرَسِ يُوجِف. قَالَ الأَزهري: الوَجِيف يَصْلُحُ لِلْبَعِيرِ وَالْفَرَسِ. ووَجَفَ الشيءُ إِذَا اضْطَرَبَ. ووَجَفَ الْقَلْبُ وَجِيفاً: خَفَق، وَقَلْبٌ وَاجِف. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: شَدِيدَةُ الِاضْطِرَابِ؛ قَالَ قَتَادَةُ: وَجَفَت عَمَّا عَايَنَتْ، وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: خَائِفَةٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ
؛ أَي مَا أَعملتم يَعْنِي مَا أَفاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَموال بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا لَمْ يُوجف الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ خَيْلًا وَلَا رِكاباً، والرِّكاب الإِبل. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ يُوجِفوا عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ
؛ الإِيجَاف: سُرعة السَّيْرِ؛ وَيُقَالُ أَوْجَفَ فأَعجَف؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ناجٍ طَواه الأَيْنُ مِمَّا وَجَفا، ... طَيَّ اللَّيالي زُلَفاً فَزُلَفا،
سَماوَةَ الهِلالِ حَتَّى احْقَوْقَفا
وَيُقَالُ: اسْتَوْجَفَ الحُبُّ فُؤاده إِذَا ذَهَبَ بِهِ؛ وأَنشد:
وَلَكِنَّ هَذَا القلبَ قلبٌ مُضَلَّلٌ، ... هَفا هَفْوةً فاسْتَوْجَفَتْهُ المَقادِرُ
وحف: الأَزهري: الوَحْف الشَّعْرُ الأَسود، وَمِنَ النَّبَاتِ الرَّيّان. وعُشب وَحْف ووَاحِف أَي كَثِيرٌ.(9/352)
وَشَعْرٌ وَحْف أَي كَثِيرٌ حسَن، ووَحَفٌ أَيضاً، بِالتَّحْرِيكِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أُنَيْس: تَناهى وَحْفُها
، هُوَ مِنَ الشَّعْرِ الْوَحْفِ. ابْنُ سِيدَهْ: الْوَحْفُ مِنَ النَّبَاتِ وَالشَّعْرِ مَا غَزُر وأَثَّتْ أُصوله وَاسْوَدَّ، وَقَدْ وَحِفَ ووَحُفَ يَوْحَفُ وَحَافَةً ووُحُوفَةً، والوَاحِفُ كالوَحْف؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَمادَتْ عَلَى رَغْمِ المَهاري، وأَبْرَقَتْ ... بأَصْفَرَ مِثْلِ الوَرْسِ فِي وَاحِفٍ جَثْلِ
والوَحْفَاء: الأَرض السَّوداء، وَقِيلَ: الحَمراء، وَالْجَمْعُ وَحَافَى. والوَحْفَةُ: أَرض مُستديرةٌ مُرْتفِعة سَوْدَاءُ، وَالْجَمْعُ وِحَافٌ. والوَحْفَةُ: صَخْرَةٌ فِي بَطْنِ وادٍ أَو سَنَدٍ نَاتِئَةٍ فِي مَوْضِعِهَا سَوْدَاءُ، وَجَمْعُهَا وِحَاف؛ قَالَ:
دَعَتْها التَّناهي برَوْضِ القَطا، ... فنَعْفِ الوِحَافِ إِلَى جُلْجُلِ
والوَحْفَاء: الحَمراء مِنَ الأَرض، والمَسْحاء: السَّوْدَاءُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الوَحْفَاء السَّوْدَاءُ، وَالْمَسْحَاءُ الْحَمْرَاءُ. وَالصَّخْرَةُ السَّوْدَاءُ وَحْفَة. أَبو خَيْرَةَ: الوَحْفَة القارةُ مِثْلَ القُنَّة غَبْرَاءُ وَحَمْرَاءُ تَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ. والوِحَافُ: جِماعُه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وعَهْد أَطْلالٍ، بِوَادِي الرَّضْمِ، ... غَيَّرها بَيْنَ الوِحَافِ السُّحْمِ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الوِحَافُ مَا بَيْنَ الأَرضين مَا وَصَلَ بعضَها بَعْضًا؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ:
مِنْهَا وِحَافُ القَهْرِ أَو طِلْحامُها
والوَحْفَاء مِنَ الأَرض: فِيهَا حِجَارَةٌ سُودٌ وَلَيْسَتْ بِحَرَّةٍ، وَجَمْعُهَا وَحَافَى. ومَوَاحِفُ الإِبل: مبارِكها. وزُبْدة وَحْفَةٌ: رَقِيقَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ إِذَا احْتَرَقَ اللَّبَنُ ورقَّت الزُّبْدَةُ، وَالْمَعْرُوفُ رَخْفة. والوَحْفَةُ: الصَّوْتُ. وَيُقَالُ: وَحَفَ الرَّجلُ ووَحَّفَ تَوْحِيفاً إِذَا ضَرَبَ بِنَفْسِهِ الأَرض، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ. ووَحَفَ فُلَانٌ إِلَى فُلَانٍ إِذَا قَصَدَهُ وَنَزَلَ بِهِ؛ وأَنشد:
لَا يَتَّقي اللَّهَ فِي ضَيْفٍ إِذَا وَحَفَا
ووَحَفَ وأَوْحَفَ ووَحَّفَ وأَوْحَفَ كُلُّهُ إِذَا أَسْرَعَ. ووَحَفَ إِلَيْهِ وَحْفاً: جلَس، وَقِيلَ: دَنا. ووَحَفَ الرجلُ والليلُ: تَدانَيا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ووَحَفَ إِلَيْهِ: جَاءَهُ وغَشِيَه؛ عَنْهُ أَيضاً؛ وأَنشد:
لمَّا تآزَيْنا إِلَى دِفء الكُنُفْ، ... أَقبلَتِ الخودُ إِلَى الزَّادِ تَحِفْ
ووَحَفَ البعيرُ وَالرَّجُلُ بِنَفْسِهِ وَحْفاً: رَمَى. والمَوْحِف: الْمَكَانُ الَّذِي تَبْرُك فِيهِ الإِبل. وَنَاقَةٌ مِيحَاف إِذَا كَانَتْ لَا تُفَارِقُ مَبْرَكها، وَإِبِلٌ مَوَاحِيف. ومَوْحِف الإِبل: مَبْرَكُهَا. والمَوْحِف: مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ وِحَافٌ ووَاحِف. والوَحْف: الْجَنَاحُ الْكَثِيرُ الرِّيشِ؛ ووِحَافُ القَهْرِ: مَوْضِعٌ، وَهُوَ فِي شِعْرِ لَبِيدٍ فِي قَوْلِهِ:
فصُوائق إِنْ أَلْيَنَتْ فمِظَنَّةٌ، ... مِنْهَا وِحَاف الْقَهْرِ أَو طِلْخَامُهَا «1»
والمُوَحَّف: الْبَعِيرُ المَهْزول؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
جَوْنٍ تَرى فِيهِ الجِبال خُشَّفا، ... كَمَا رأَيتَ الشارِفَ المُوَحَّفَا
__________
(1) . قوله [فصوائق] ضبط بضم الصاد في الأصل ومعجم ياقوت، وقوله [ألينت] في شرح القاموس: أيمنت، وقوله [طلخامها] كذا في الأصل بالمعجمة، وهو بالمهملة في ياقوت، وقال: لا تلتفتن إلى قول من قال بالخاء معجمة. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ في معلقة لبيد عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ.(9/353)
ووَحْفةُ: فَرَسُ عُلاثةَ بْنِ الجُلاس الحَنظلي؛ وَفِيهِ يَقُولُ:
مَا زِلْتُ أَرْميهم بوَحْفَةَ ناصِبا
والتوْحِيفُ: الضَّرْبُ بِالْعَصَا.
وخف: الوَخْفُ: ضَرْبُكَ الخِطْمِيّ فِي الطَّشْتِ يُوخَفُ ليَختلط. وَخَفَ الخطميَّ والسويقَ وَخْفاً ووَخَّفَهُ وأَوْخَفَهُ: ضَرَبَهُ بِيَدِهِ وبلَّه لِيَتَلَجَّن ويتلزَّج وَيَصِيرَ غَسُولًا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَسمَع للأَصواتِ مِنْهَا خَفْخَفا، ... ضَرْبَ البَراجِيمِ اللَّجِينَ المُوخَفا
كَذَلِكَ أَنشده الْبَرَاجِيمُ، بِالْيَاءِ، وَذَلِكَ لأَن الشَّاعِرَ أَراد أَن يوفِّيَ الْجُزْءَ فأَثبت الْيَاءَ لِذَلِكَ، وإلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ، تَقُولُ: أَما عِنْدَكَ وَخِيفٌ أَغسل بِهِ رأْسي؟ والوَخِيفُ والوَخِيفَةُ: مَا أَوْخَفْت مِنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ حِمَارًا وأُتُناً:
كأَنَّ عَلَى أَكسائها، مِنْ لُغامِه، ... وَخِيفَةَ خِطْمِيّ بِمَاءٍ مُبَحْزَج
وَفِي حَدِيثُ
سَلْمَانَ: لَمَّا احتُضِر دَعَا بِمِسْكٍ ثُمَّ قَالَ لامرأَته: أَوْخِفِيه فِي تَورٍ وانْضَحِيه حَوْلَ فِرَاشِي
أَي اضْرِبِيهِ بِالْمَاءِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْخَطْمِيِّ الْمَضْرُوبِ بِالْمَاءِ: وَخِيف. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: يُوخَفُ لِلْمَيِّتِ سِدْر فيُغسل بِهِ
، وَيُقَالُ للإِناء الَّذِي يُوخَفُ فِيهِ: مِيخَف؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: اكْشِف لِي عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُقَبِّلُهُ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْكَ، فَكَشَفَ عَنْ سُرَّته كأَنها مِيخَفُ لُجَين
أَي مُدْهُن فِضة، قَالَ: وأَصله مِوْخَف فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ الْمِيمِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِ القُلاخِ:
وأَوْخَفَتْ أَيدي الرجالِ الغِسْلا
قَالَ: أَراد خَطَرانَ الْيَدِ بالفَخار وَالْكَلَامِ كأَنه يضرِب غِسْلًا. والوَخِيفَة: السَّوِيقُ الْمَبْلُولُ. وَيُقَالُ: أَتاه بِلَبَنٍ مِثْلِ وِخَاف الرأْس. والوَخِيفةُ مِنْ طَعَامِ الأَعراب: أَقِط مطحونٌ يُذَرُّ عَلَى مَاءٍ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ السَّمْنُ وَيُضْرَبُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ثُمَّ يُؤْكَلُ. والوَخِيفَة: التَّمْرُ يُلْقَى عَلَى الزُّبْدِ فَيُؤْكَلُ. وَصَارَ الْمَاءُ وَخِيفَة إِذَا غَلَبَ الطِّينُ عَلَى الْمَاءِ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنْ أَبِي طَيْبَةَ. وَيُقَالُ للأَحمق الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ: إِنَّهُ ليُوخَف فِي الطِّينِ، مِثْلَ يُوخِف الخِطْميّ، وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً: إِنَّهُ لمُوخِف أَي يُوخِف زِبْله كَمَا يُوخَف الخِطميُّ، ويقال له العَجّان أَيضاً، وَهُوَ مِنْ كِنَايَاتِهِمْ. والوَخْفَة والوَخَفَة: شِبْهُ الخَرِيطة من أَدم.
ودف: وَدَفَ الإِناءُ: قطَر. والوَدْفَةُ: الشَّحْمَةُ. ووَدَفَ الشحْمُ وَنَحْوُهُ يَدِفُ: سالَ وقطَر. واسْتَوْدَفْتُ الشَّحْمَةَ أَيِ اسْتَقْطرْتها فَوَدَفْتُ. واسْتَوْدَفَتِ المرأَةُ مَاءَ الرَّجُلِ إِذَا اجْتَمَعَتْ تَحْتَهُ وتقبَّضت لئلَّا يَفْتَرِقَ الْمَاءُ فَلَا تَحْمِلُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والأُدافُ: الذَّكَرُ لقَطَرانه، الْهَمْزَةُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وَهُوَ مِمَّا لَزِمَ فِيهِ الْبَدَلُ إِذْ لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا وُدَاف. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي الأُدَاف الدِّيَةُ
، يَعْنِي الذَّكَرَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: سَمَّاهُ بِمَا يَقْطُر مِنْهُ مَجَازًا وقلَب الْوَاوَ هَمْزَةً. التَّهْذِيبُ: والأُدَاف والأُذاف، بِالدَّالِ وَالذَّالِ، فَرْجُ الرَّجُلِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَوْلَجَ فِي كعثَبِها الأُدَافَا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قِيلَ لَهُ أُدَاف لِمَا يَدِفُ مِنْهُ أَي(9/354)
يقطُر مِنَ الْمَنِيِّ والمَذي وَالْبَوْلِ، وَكَانَ فِي الأَصل وُدافاً، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً لِانْضِمَامِهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ، وَهُوَ فِي الأَصل وُقِّتت. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لبُظارة المرأَة الوَدَفَةُ والوَذَفَةُ والوَذَرَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى أَبو الطَّيِّبِ اللُّغَوِيُّ أَن الْمَنِيَّ يُسَمَّى الوَدْف والوُداف، بِضَمِّ الْوَاوِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي الْوُدَافِ الغُسل
؛ الوُدَاف الَّذِي يَقْطُرُ مِنَ الذَّكَرِ فَوْقَ الْمَذْيِ. وَفُلَانٌ يَسْتوْدِفُ مَعْرُوفَ فُلَانٍ أَي يسأَله. واسْتَوْدَفَ اللَّبَن: صَبَّهُ فِي الإِناء. والوَدْفَة والوَدِيفَة: الرَّوْضة النَّاضِرَةُ المُتَخيِّلة. وَقَالَ أَبو حَازِمٍ: الوَدَفَة، بِفَتْحِ الدَّالِّ، الرَّوْضَةُ الْخَضْرَاءُ مِنْ نَبْتٍ، وَقِيلَ الْخَضْرَاءُ الْمَمْطُورَةُ اللَّيِّنَةُ العُشبِ، وَقَالُوا: أَصبحت الأَرض كُلُّهَا وَدَفَة وَاحِدَةً خِصْباً إِذَا اخْضَرَّتْ كُلُّهَا. قَالَ أَبو صَاعِدٍ: يُقَالُ وَدِيفَة مِنْ بَقْلٍ وَمِنْ عُشب إِذَا كَانَتِ الرَّوْضَةُ نَاضِرَةً مُتَخَيَّلَةً يُقَالُ: حَلُّوا فِي وَدِيفَة مُنْكَرة وَفِي غَذِيمة مُنْكَرَةٍ. ووَدْفَةُ الأَسدي: مِنْ شُعرائهم.
وذف: الوَذْفُ والوَذَفَانُ: مِشْية فِيهَا اهْتِزاز وتَبَخْتُر، وَقَدْ وَذَفَ وتَوَذَّفَ. والتَّوَذُّفُ: الإِسْراع. وفَعلَ ذَلِكَ وَذْفَان كَذَا أَي حِدثانه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، نَزَلَ بأُم مَعْبَد وَذْفَان مَخْرجِه إِلَى الْمَدِينَةِ
أَي عِنْدِ مَخْرَجِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ كَمَا تَقُولُ حِدثانَ مَخْرَجِهِ وسُرْعانه. والتَّوذُّف: مُقَارَبَةُ الْخَطْوِ وَالتَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْيِ، وَقِيلَ: الإِسراع. ووَذْفَة: مَوْضِعٌ. التَّهْذِيبُ: الأُداف والأُذاف فَرْجُ الرَّجُلِ. والوَذَفَة والوَذَرةُ بُظارة المرأَة؟
وَرُوِيَ أَن الْحَجَّاجَ قَامَ يَتَوَذَّفُ بِمَكَّةَ فِي سِبْتَيْنِ لَهُ بَعْدَ قَتْلِهِ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَسماء بِنْتَ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّوَذُّف التَّبَخْتُرُ، وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَقُولُ: التَّوَذُّف الإِسراع؛ وَقَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ:
يُعطي النَّجائبَ بالرِّحال كأَنَّها ... بَقَرُ الصَّرائم، والجِيادَ تَوَذَّفُ
أَراد وَيُعْطِي الجِيادَ، وَيُقَالُ: مرَّ يَتَوَذَّف، بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ، إِذَا مَرَّ يُقارب الْخَطْوَ ويحرك مَنكِبيه.
ورف: ورَفَ النبتُ وَالشَّجَرُ يَرِفُ وَرْفاً ووَرَفاً ووَريفاً ووُروفاً: تنعَّم واهتزَّ. ورأَيت لخُضرته بَهْجة مِنْ ريِّه ونَعْمته، وَهُوَ وَارِفٌ أَي نَاضِرٌ رَفّاف شَدِيدُ الْخُضْرَةِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهُمَا لُغَتَانِ رَفَّ يَرِفُّ ووَرَفَ يَرِفُ، وَهُوَ الرَّفِيف والوَرِيف. ووَرَفَ الظلُّ: اتَّسع. ابْنُ الأَعرابي: أَوْرَف الظلُّ ووَرَفَ ووَرَّفَ إِذَا طَالَ وامتدَّ، والظلُّ وَارِفٌ أَي وَاسِعٌ مُمْتَدُّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ زِمَامَ النَّاقَةِ:
وأَحْوى كأَيمِ الضالِ أَطْرَقَ بعدَ ما ... حَبا تحتَ فَيْنانٍ، مِنَ الظِّلِّ، وَارِف
وَارِف: نَعْتٌ لفَينان، والفَينانُ: الطَّوِيلُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لمُعَقِّر بْنِ حِمَارٍ الْبَارِقِيِّ:
مِنَ اللَّائي سَنابِكُهُنَّ شُمٌّ، ... أَخَفَّ مُشاشَها لَيْنٌ وَرِيفُ
وَقَدْ وَرَفَ الظلُّ يَرِفُ وَرْفاً ووَرِيفاً أَي اتَّسع.
وزف: وَزَفَ البعيرُ وَغَيْرُهُ وَزْفاً ووَزِيفاً ووَزْفَةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَهِيَ مُسْترابة: أَسرعَ الْمَشْيَ، وَقِيلَ: قارَب خُطاه كزفَّ. ابْنُ الأَعرابي: وَزَفَ وأَوْزَفَ إَذا أَسرع. والوَزِيف: سُرعة السيرِ مِثْلُ الزَّفِيف. وَفِي بَعْضِ(9/355)
الْقِرَاءَاتِ:
فأَقْبلوا إِلَيْهِ يَزِفُون
، بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ، مِنْ وَزَفَ يَزِفُ إِذَا أَسرع مِثْلُ زَفَّ يَزِفُّ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قرأَ بِهِ حَمْزَةُ عَنِ الأَعمش عَنِ ابْنٍ وثَّاب؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا أَعرف وَزَفَ يَزِفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَقَدْ قُرِئَ بِهِ؛ قَالَ: وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: عَرَفَ غَيْرُ الْفَرَّاءِ يَزِفُون، بِالتَّخْفِيفِ، بِمَعْنَى يُسرعون. ووَزَفَه وَزْفاً: اسْتَعْجَلَهُ، يَمَانِيَّةٌ. ووَزَفَ إِلَيْهِ: دَنَا. وتَوَازَف الْقَوْمُ: دَنَا بعضُهم مِنْ بَعْضٍ؛ كِلْتَاهُمَا عَنْ ثَعْلَبٍ. والتَوَازُف: المُناهدة فِي النفَقات. يُقَالُ: تَوَازَفُوا بَيْنَهُمْ، وَقَالَ: هِيَ صَحِيحَةٌ؛ وأَنشد:
عِظام الجِفانِ بالعشيّةِ والضُّحى، ... مَشايِيط للأَبْدانِ عند التَّوَازُفِ «2»
وسف: الوَسْف: تَشَقُّقٌ يبْدو فِي الْيَدِ وَفِي فَخِذِ الْبَعِيرَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الوَسْف تَشَقُّقٌ يَبْدُو فِي مقدَّم فَخِذِ الْبَعِيرِ وَعَجُزِهِ عِنْدَ مؤخَّر السِّمَن والاكْتناز، ثُمَّ يَعُم جَسَدَهُ فيَتقشَّر جلدُه ويَتَوَسَّفُ، وَقَدْ تَوَسَّفَ، وَرُبَّمَا تَوَسَّفَ الْجِلْدُ مِنْ دَاءٍ وقُوباء، وتَوَسَّفَتِ التَّمْرَةُ كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَسود بْنُ يعفُر:
وكنتُ، إِذَا مَا قُرِّبَ الزادُ، مُولَعاً ... بكلِّ كُمَيْتٍ جَلْدةٍ لَمْ تُوَسَّفِ
كُمَيْتٌ: تَمرة حَمْرَاءُ إِلَى السَّوَادِ. وجَلْدة: صُلبة. لَمْ تُوَسَّف: لَمْ تُقَشَّر. وتَوَسَّفَتْ أَوبار الإِبل: تَطَايَرَتْ عَنْهَا وَافْتَرَقَتْ. الْفَرَّاءُ: وَسَّفْتُه إِذَا قَشَرْتَهُ. وَتَمْرَةٌ مُوَسَّفَة: مَقْشُورَةٌ. أَبو عَمْرٍو: إِذَا سَقَطَ الْوَبَرُ أَو الشَّعَرِ مِنَ الْجِلْدِ وَتَغَيَّرَ قِيلَ تَوَسَّفَ. والتَوَسُّفُ: التقشُّر؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَهَذَا ابنُ قَيْنٍ جِلْدُه يَتَوَسَّفُ
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للقَرْح والجُدَرِيّ إِذَا يَبِس وتقَرَّف وَلِلْجَرَبِ أَيضاً فِي الإِبل إِذَا قفَل: قَدْ تَوَسَّفَ جِلْدُهُ وَتَقَشْقَشَ جِلْدُهُ، كله بمعنى.
وصف: وَصَفَ الشيءَ لَهُ وَعَلَيْهِ وَصْفاً وصِفَةً: حَلَّاه، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ، وَقِيلَ: الوَصْف الْمَصْدَرُ والصِّفَةُ الحِلْية، اللَّيْثُ: الوَصْف وَصْفُكَ الشَّيْءَ بحِلْيته ونَعْته. وتَوَاصَفُوا الشيءَ مِنَ الْوَصْفِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى مَا تَصِفُونَ
؛ أَراد مَا تَصِفُونَهُ مِنَ الْكَذِبِ. واسْتَوْصَفَهُ الشيءَ: سأَله أَن يَصفه لَهُ. واتَّصَفَ الشيءُ: أَمكن وصْفُه؛ قَالَ سُحَيْمٌ:
وَمَا دُمْيةٌ مِنْ دُمى مَيْسَنانَ، ... مُعْجِبةً نَظَراً واتِّصَافا «3»
اتَّصَفَ مِنَ الْوَصْفِ. واتَّصَفَ الشَّيْءُ أَي صَارَ مُتَوَاصِفاً؛ قَالَ طرَفة بْنُ الْعَبْدِ:
إِنِّي كَفانيَ مِنْ أَمْرٍ هَمَمْتُ بِهِ ... جارٌ، كَجَارِ الحُذاقيِّ الَّذِي اتَّصَفَا
أَي صَارَ مَوْصُوفًا بحُسْن الجِوار. ووَصَفَ المُهْرُ: توجَّه لحُسْنِ السَّيْرِ كأَنه وصَف الشَّيْءَ. وَيُقَالُ لِلْمَهْرِ إِذَا تَوَجَّهَ لِشَيْءٍ مِنْ حُسن السَّيْرِ: قَدْ وَصَفَ مَعْنَاهُ أَنه قَدْ وصفَ الْمَشْيَ. يُقَالُ: مَهُر حِينَ وَصَفَ. ووَصَفَ المُهرُ إِذَا جَادَ مشْيُه؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
إِذَا مَا أَدْلَجَتْ، وَصَفَتْ يَدَاهَا ... لَهَا الإِدْلاجَ، لَيلةَ لا هُجوع
__________
(2) . قوله [عند] كتب بإزائه في طرة الأصل غير وهو الذي في شرح القاموس.
(3) . قوله [دمية من دمى] أَنشده في مادة ميس: قرية من قرى، وأراد الشاعر مَيْسَانَ فَاضْطَرَّ فَزَادَ النُّونَ كما نبه عليه المؤلف هناك.(9/356)
يُرِيدُ أَجادت السَّيْرَ. وَقَالَ الأَصمعي: أَي تَصِف لَهَا إدلاجَ اللَّيْلَةَ الَّتِي لَا تَهْجَعُ فِيهَا؛ قَالَ القُطامي:
وقِيدَ إِلَى الظَّعِينةِ أَرْحَبيٌّ، ... جُلالٌ هَيْكَلٌ يَصِفُ القِطارا
أَي يَصِفُ سِيرةَ القِطار. وبَيْعُ المُوَاصَفَةِ: أَن يَبِيعَ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ رُؤية. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ أَنه كَرِهَ المُوَاصَفَةَ فِي الْبَيْعِ
؛ قَالَ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا بَاعَ شَيْئًا عِنْدَهُ عَلَى الصِّفَةِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ؛ وَقَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا بَيْعٌ عَلَى الصِّفَةِ الْمَضْمُونَةِ بِلَا أَجل يُميَّز لَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وأَهلُ مَكَّةَ لَا يُجِيزُونَ السَّلَم إِذَا لَمْ يَكُنْ إِلَى أَجل مَعْلُومٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: بَيْعُ المُوَاصَفَة هُوَ أَن يَبِيعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ ثُمَّ يَبتاعَه فيدفَعَه إِلَى الْمُشْتَرِي، قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لأَنه بَاعَ بِالصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ نَظر وَلَا حِيازَة مِلك. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: إِنْ لَا يَشِفّ فَإِنَّهُ يَصِفُ
أَي يَصِفُهَا، يُرِيدُ الثَّوْبَ الرَّقِيقَ إِنْ لَمْ يَبِنْ مِنْهُ الجَسد فَإِنَّهُ لرقَّته يَصِفُ الْبَدَنَ فَيَظْهَرُ مِنْهُ حَجْم الأَعضاء، فَشَبَّهَ ذَلِكَ بِالصِّفَةِ كَمَا يَصِفُ الرَّجُلُ سِلْعَته. وَغُلَامٌ وَصِيف: شَابٌّ، والأُنثى وَصِيفَة. وَفِي حَدِيثُ
أُم أَيمن: أَنها كَانَتْ وَصِيفَة لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ
أَي أَمة، وَقَدْ أَوْصَفَ ووَصُفَ وَصَافَةً. ابْنُ الأَعرابي: أَوْصَفَ الوصِيفُ إِذَا تمَّ قَدُّه، وأَوْصَفَتِ الْجَارِيَةُ، ووَصِيفٌ ووُصَفَاء ووَصِيفَة ووَصَائِفُ. وأَما أَبو عُبَيْدٍ فَقَالَ: وَصِيفٌ بَيِّنُ الوَصَافَةِ، وأَما ثَعْلَبٌ فَقَالَ: بيِّن الإِيصَافِ، وأَدْخلاه فِي الْمَصَادِرِ الَّتِي لَا أَفعال لَهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: كَيْفَ أَنت وموتٌ يُصِيب الناسَ حَتَّى يَكُونَ البيتُ بالوَصِيف؟
الوَصِيف: الْعَبْدُ، والأَمة وَصِيفَةٌ؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ أَن الْمَوْتَ يَكْثُرُ حَتَّى يَصِيرَ موضعُ قَبْرٍ يُشترى بِعَبْدٍ مِنْ كَثْرَةِ الْمَوْتِ، مِثْلُ المُوتان الَّذِي وَقَعَ بِالْبَصْرَةِ وَغَيْرِهَا. وَبَيْتُ الرَّجُلِ: قَبَرُهُ، وَقَبْرُ الْمَيِّتِ: بَيْتُهُ. والوَصِيف: الْخَادِمُ، غُلَامًا كَانَ أَو جَارِيَةً. وَيُقَالُ وَصُفَ الغلامُ إِذَا بَلَغَ الخِدمة، فَهُوَ وَصِيف بَيِّنُ الوَصَافَة، وَالْجَمْعُ وُصَفَاء. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: وَرُبَّمَا قَالُوا لِلْجَارِيَةِ وَصِيفَة بَيِّنَةُ الوَصَافَة والإِيصَاف، وَالْجَمْعُ الوَصَائِف. واسْتَوْصَفْت الطبيبَ لِدَائِي إِذَا سأَلته أَن يَصِفَ لَكَ مَا تَتعالج بِهِ. والصِّفَة: كالعِلْم وَالسَّوَادِ. قَالَ: وأَما النَّحْوِيُّونَ فَلَيْسَ يُرِيدُونَ بِالصِّفَةِ هَذَا لأَن الصِّفَةَ عِنْدَهُمْ هِيَ النَّعْتُ، وَالنَّعْتُ هُوَ اسْمُ الْفَاعِلِ نَحْوُ ضَارِبٍ، وَالْمَفْعُولِ نَحْوُ مَضْرُوبٍ وَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى نَحْوُ مِثْلٍ وَشِبْهٍ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ، يَقُولُونَ: رأَيت أَخاك الظَّريفَ، فالأَخ هُوَ الْمَوْصُوفُ، وَالظَّرِيفُ هُوَ الصِّفَةُ، فَلِهَذَا قَالُوا لَا يَجُوزُ أَن يُضَافَ الشَّيْءُ إِلَى صِفَتِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَن يُضَافَ إِلَى نَفْسِهِ لأَن الصِّفَة هِيَ الْمَوْصُوفُ عِنْدَهُمْ، أَلا تَرَى أَن الظريف هو الأَخ؟
وطف: الوَطَفُ: كَثْرَةُ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ والأَشفار مَعَ اسْترخاء وَطُولٍ، وَهُوَ أَهون مِنَ الزَّبَب، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأُذُن؛ رَجُلٌ أَوْطَفُ بيِّن الوَطَف وامرأَة وَطْفَاء إِذَا كَانَا كَثِيرَيْ شَعْرِ أَهداب الْعَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ فِي أَشفاره وَطَفٌ
؛ الْمَعْنَى أَنه كَانَ فِي هُدْب أَشفار عَيْنَيْهِ طُولٌ؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَنَّهُ كَانَ أَهْدَب الأَشْفار
أَي طويلَها، وَقَدْ وَطِفَ يَوْطَفُ، فَهُوَ أَوْطَفُ. وَبَعِيرٌ أَوْطَف: كَثِيرُ الوبَر سَابِغُهُ. وَعَيْنٌ وَطْفَاء: فَاضِلَةُ الشُّفْر مُسْتَرخية النَّظَرِ. وَظَلَامٌ أَوْطَفُ: مُلْبِس دانٍ، وأَكثر مَا يُقَالُ فِي الشِّعْرِ. وسَحاب(9/357)
أَوْطَفُ: فِي وَجْهِهِ كالحِمل الثَّقِيلِ، وَسَحَابَةٌ وَطْفَاء بَيِّنَةُ الوَطَف كَذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي فِيهِ اسْتِرْخَاءٌ فِي جَوَانِبِهِ لِكَثْرَةِ الْمَاءِ. أَبو زَيْدٍ: الوَطْفَاء الدِّيمة السَّحُّ الحَثيثةُ، طَالَ مَطَرُهَا أَو قصُر، إِذَا تَدلَّت ذُيُولُها؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
دِيمة هَطْلاء فِيهَا وَطَف
وعامٌ أَوْطَفُ: مُخْصِب كَثِيرُ الْخَيْرِ. وعَيْش أَوْطَفُ: نَاعِمٌ وَاسِعٌ رَخِيٌّ. وَخُذْ مَا أَوْطَفَ لَكَ أَي مَا أَشرفَ وَارْتَفَعَ، كَقَوْلِهِمْ: خُذْ مَا طَفَّ لَكَ. ووَطَفَ وطْفاً: طَرَد الطَّرِيدة وَكَانَ فِي أَثرها. ووَطَفَ الشيءَ عَلَى نَفْسِهِ وَطْفاً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرْهُ.
وظف: الوَظِيفَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا يُقدَّر لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ رِزق أَو طَعَامٍ أَو علَف أَو شَراب، وَجَمْعُهَا الوَظَائِفُ والوُظُفُ. ووَظَفَ الشيءَ عَلَى نَفْسِهِ ووَظَّفَه تَوْظِيفاً: أَلزمها إِيَّاهُ، وَقَدْ وَظَّفْت لَهُ تَوْظِيفاً عَلَى الصَّبِيِّ كُلَّ يَوْمٍ حِفْظَ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. والوَظِيفُ لِكُلِّ ذِي أَربع: مَا فَوْقَ الرُّسْغ إِلَى مَفْصِل السَّاقِ. ووَظِيفا يَدَيِ الْفَرَسِ: مَا تَحْتَ رُكْبَتَيْه إِلَى جَنْبَيْهِ، ووَظِيفَا رِجْلَيْهِ: مَا بَيْنَ كَعْبَيْهِ إِلَى جَنْبَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الوَظِيفُ مِنْ رُسْغَي الْبَعِيرِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ فِي يَدَيْهِ، وأَما فِي رِجْلَيْهِ فَمِنْ رُسغيه إِلَى عُرقوبيه، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَوْظِفَة ووُظُف. ووَظَفْت الْبَعِيرَ أَظِفُه وَظْفاً إِذَا أَصبت وَظِيفَه. الْجَوْهَرِيُّ: الوَظِيف مُسْتدَقُّ الذِّراع وَالسَّاقِ مِنَ الْخَيْلِ والإِبل وَنَحْوِهِمَا، وَالْجَمْعُ الأَوْظِفَة. وَفِي حَدِيثِ حَدِّ الزِّنَا:
فَنَزَعَ لَهُ بوَظِيف بَعِيرٍ فَرَمَاهُ بِهِ فَقَتَلَهُ
؛ قَالَ: وَظِيف الْبَعِيرِ خُفُّه وَهُوَ لَهُ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ. وَقَالَ الأَصمعي: يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَرَسِ أَن تَعْرُض أَوْظِفَة رِجْلَيْهِ وتَحْدَب أَوْظِفَة يَدَيْهِ. ووَظَفْت البعيرَ إِذَا قصَّرت قَيْده. وجاءَت الإِبل عَلَى وَظِيف وَاحِدٍ إِذَا تَبِع بعضُها بَعْضًا كأَنها قِطار، كلُّ بَعِيرٍ رأْسُه عِنْدَ ذَنْبِ صَاحِبِهِ. وَجَاءَ يَظِفُه أَي يَتبَعُه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَيُقَالُ: وَظَفَ فُلَانٌ فُلَانًا يَظِفُه وَظْفاً إِذَا تَبِعَهُ، مأْخوذ مِنَ الوَظِيف. وَيُقَالُ: إِذَا ذَبَحْتَ ذَبِيحَةً فاسْتَوْظِفْ قطعَ الحُلقوم والمَرِيء والوَدَجَيْن أَي اسْتَوْعِب ذَلِكَ كُلَّهُ؛ هَكَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ؛ وَقَوْلُهُ:
أَبْقَتْ لَنَا وقَعاتُ الدَّهْرِ مَكْرُمَةً، ... مَا هَبّتِ الرِّيحُ والدُّنيا لَهَا وُظُف
أَي دُوَل. وَفِي التَّهْذِيبِ: هِيَ شِبْهُ الدُّوَل مرَّة لِهَؤُلَاءِ وَمَرَّةً لِهَؤُلَاءِ، جَمْعُ الوَظِيفَة.
وعف: ابْنُ الأَعرابي: الوُعُوف، بِالْعَيْنِ، ضَعْفُ الْبَصَرِ. قَالَ الأَزهري: جَاءَ بِهِ فِي بَابِ الْعَيْنِ وَذَكَرَ مَعَهُ العُوُوف، وأَما أَبو عُبَيْدٍ فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَنْ أَصحابه الوَغْف، بِالْغَيْنِ، ضَعْف الْبَصَرِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي بَابٍ آخَرَ: أَوْعَفَ الرجلُ إِذَا ضعُف بَصَرُهُ، وكأَنهما لُغَتَانِ بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ. والوَعْفُ: مَوْضِعٌ غَلِيظٌ، وَقِيلَ: مَنْقَعُ مَاءٍ فِيهِ غِلَظ، وَالْجَمْعُ وِعَافٌ.
وغف: الوَغْفُ والإِيغَافُ: ضَعف الْبَصَرِ؛ الأَزهري: رأَيت بِخَطِّ الإِياديِّ فِي الوغْف قَالَ: فِي كِتَابِ أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ لأَبي سَعْدٍ المَعْني:
لعَيْنَيْك وَغْفٌ، إِذْ رأَيتَ ابنَ مَرْثَدٍ ... يُقَسْبِرُها بفَرْقَمٍ يَتَزَبَّدُ(9/358)
قَالَ: هَكَذَا قَيَّدَهُ بِفَرْقَمٍ، يُرِيدُ الحَشفةَ بِالْفَاءِ وَالْقَافِ:
إِذَا انْتَشَرَتْ حَسِبْتَها ذاتَ هَضْبةٍ، ... تَرَمَّزُ فِي أَلغازِها وتَرَدَّدُ
وَرَوَى عَرْقم قَالَ: وأَنا وَاقِفٌ فِيهِ. والقَسْبرة: النِّكَاحُ. والوَغْف: السُّرْعة، وَقِيلَ: سُرْعَةُ العدْو؛ وأَنشد:
وأَوْغَفَتْ شَوارِعاً وأَوْغَفَا
وَقَدْ أَوْغَفَ إِذَا سَارَ سَيْرًا مُتْعِباً. وأَوْغَفَ إِذَا عَمِشَ. وأَوْغَفَ إِذَا أَكل مِنَ الطَّعَامِ مَا يَكْفِيهِ. والإِيغَافُ: سُرعة ضَرب الْجَنَاحَيْنِ. والإِيغَاف: سُرْعَةُ العَدو. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الإِيغَاف التحرُّك. وأَوْغَفَتِ المرأَة إِيغَافاً إِذَا ارْتَهَزَت عِنْدَ الجِماع تَحْتَ الرَّجُلِ؛ وأَنشد لرِبْعي الدُّبَيْريّ:
لَمَّا دَحاها بمِتَلٍّ كالصَّقْب، ... وأَوْغَفَتْ لِذَاكَ إِيغَافَ الكلْب
قَالَتْ: لَقَدْ أَصبحْتَ قَرْماً ذَا وَطْب، ... لِمَا يُديمُ الحُبَّ مِنْهُ فِي القَلْب
والوَغْف: قِطْعة أَدم أَو كِساء أَو شَيْءٌ يُشدّ عَلَى بَطْنِ التيْس لئلَّا يَنْزُو أَو يشرَب بوله.
وَقَفَ: الوُقُوف خِلَافُ الجُلوس، وَقَفَ بِالْمَكَانِ وَقْفاً ووُقُوفاً، فَهُوَ وَاقِف، وَالْجَمْعُ وُقْف ووُقُوف، وَيُقَالُ: وَقَفَتِ الدابةُ تَقِفُ وُقُوفاً، ووَقَفْتُها أَنا وَقْفاً. ووَقَّفَ الدابةَ: جَعَلَهَا تَقِف؛ وَقَوْلُهُ:
أَحْدَثُ مَوْقِفَ مِنْ أُم سَلْمٍ ... تَصَدِّيها، وأَصْحابي وُقُوفُ
وُقُوفٌ فوقَ عِيسٍ قَدْ أُمِلَّتْ، ... بَراهُنَّ الإِناخةُ والوَجِيفُ
إِنَّمَا أَراد وُقُوف لإِبلهم وَهُمْ فَوْقَهَا؛ وَقَوْلُهُ:
أَحدث مَوْقِف مِنْ أُم سَلْمِ
إِنَّمَا أَراد أَحدث مَوَاقِفَ هِيَ لِي مِنْ أُم سلْم أَو مِنْ مَوَاقِفِ أُم سلْم، وَقَوْلُهُ تَصَدِّيها إِنَّمَا أَراد مُتصدّاها، وَإِنَّمَا قُلْتُ هَذَا لأُقابل المَوْقِف الَّذِي هُوَ الْمَوْضِعُ بالمُتصدَّى الَّذِي هُوَ الْمَوْضِعُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مُقَابَلَةَ اسْمٍ بَاسِمٍ، وَمَكَانٍ بِمَكَانٍ، وقد يكون مَوْقِفِي هاهنا وُقُوفي، فإِذا كَانَ ذَلِكَ فَالتَّصَدِّي عَلَى وَجْهِهِ أَي أَنه مَصْدَرٌ حِينَئِذٍ، فَقَابَلَ الْمَصْدَرَ بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِمَّا جَاءَ شَاهِدًا عَلَى أَوْقَفْتُ الدَّابَّةَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَقَوْلُهَا، والرِّكابُ مُوقَفَةٌ: ... أَقِمْ عَلَيْنَا أَخي، فَلَمْ أُقِمِ
وَقَوْلُهُ:
قُلْتُ لَهَا: قِفِي لَنَا، قَالَتْ: قافْ
إِنَّمَا أَراد قَدْ وَقَفْتُ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْقَافِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَلَوْ نَقَلَ هَذَا الشَّاعِرُ إِلَيْنَا شَيْئًا مِنْ جُمْلَةِ الْحَالِ فَقَالَ مَعَ قَوْلِهِ قَالَتْ قَافْ: وأَمسكَت زِمَامَ بَعِيرِهَا أَو عاجَته عَلَيْنَا، لَكَانَ أَبين لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ وأَدل، عَلَى أَنها أَرادت قِفِي لَنَا قِفِي لَنَا أَي تَقُولُ لِي قِفِي لَنَا مُتَعَجِّبَةً مِنْهُ، وَهُوَ إِذَا شاهَدها وَقَدْ وقَفَتْ عَلِمَ أَن قَوْلَهَا قَافْ إجابةٌ لَهُ لَا رَدّ لِقَوْلِهِ وتعَجُّب مِنْهُ فِي قَوْلِهِ قِفِي لَنَا. اللَّيْثُ: الوَقْف مَصْدَرُ قَوْلِكَ وَقَفْتُ الدابةَ ووَقَفْت الْكَلِمَةَ وَقْفاً، وَهَذَا مُجاوِز، فَإِذَا كَانَ لَازِمًا قُلْتُ وَقَفَتْ وُقوفاً. وَإِذَا وَقَّفْتَ الرجلَ عَلَى كَلِمَةٍ قُلْتُ: وَقَّفْتُه تَوْقِيفاً. ووَقَفَ الأَرض عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَفِي الصِّحَاحِ لِلْمَسَاكِينِ، وَقْفاً: حبسَها، ووَقَفْتُ الدابةَ والأَرضَ وكلَّ شَيْءٍ، فأَما أَوْقَفَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الدَّوَابِّ والأَرضين وَغَيْرِهِمَا فَهِيَ(9/359)
لُغَةٌ رَديئة؛ قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: إِلَّا أَني لَوْ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ وَاقِف فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَوْقَفَك هاهنا، لرأَيته حسَناً. وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ عَنِ الْكِسَائِيِّ: مَا أَوْقَفَك هاهنا وأَيُّ شيء أَوْقَفَك هاهنا أَي أَيُّ شَيْءٍ صيَّرك إِلَى الوُقُوف، وَقِيلَ: وَقَفَ وأَوْقَفَ سَوَاءٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ أَوْقَفْت إِلَّا حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوقَفْت عَنِ الأَمر الَّذِي كُنْتُ فِيهِ أَي أَقْلَعْت؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
قَلَّ فِي شَطِّ نَهْروانَ اغْتِماضِي، ... ودَعاني هَوى العُيونِ المِراضِ
جامِحاً فِي غَوايَتي، ثم أَوقَفْتُ ... رِضاً بالتُّقَى، وذُو البِرِّ رَاضِي
قَالَ: وَحَكَى أَبو عَمْرٍو كَلِمَتَهُمْ ثُمَّ أَوْقَفْت أَي سكتُّ، وَكُلُّ شَيْءٍ تُمسك عَنْهُ تَقُولُ أَوْقَفت، وَيُقَالُ: كَانَ عَلَى أَمْر فأَوْقَفَ أَي أَقصَر. وَتَقُولُ: وَقَفْت الشَّيْءَ أَقِفه وَقْفاً، وَلَا يُقَالُ فِيهِ أَوقفت إِلَّا عَلَى لُغَةٍ رَدِيئَةٍ. وَفِي كِتَابِهِ لأَهل نجْرانَ: وَأَنْ لَا يُغيَّرَ وَاقِف مِنْ وِقِّيفَاه؛ الوَاقِف: خَادِمُ البِيعة لأَنه وقَف نفسَه عَلَى خِدْمتها، والوِقِّيفَى، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْقَصْرِ: الْخِدْمَةُ، وَهِيَ مَصْدَرٌ كالخِصِّيصى والخِلِّيفى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ
، يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوجه: جَائِزٌ أَن يَكُونُوا عَايِنُوهَا، وَجَائِزٌ أَن يَكُونُوا عَلَيْهَا وَهِيَ تَحْتُهُمْ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَجود أَن يَكُونَ مَعْنًى وُقِفُوا عَلَى النَّارِ أُدخلوها فعرَفوا مِقدار عَذَابِهَا كَمَا تَقُولُ: وَقَفْت عَلَى مَا عِنْدَ فُلَانٍ تُرِيدُ قَدْ فَهِمته وتبيَّنْته. وَرَجُلٌ وَقَّاف: مُتَأَنٍّ غَيْرُ عَجِل؛ قَالَ:
وَقَدْ وَقَّفَتْني بينَ شكٍّ وشُبْهةٍ، ... وَمَا كُنْتُ وَقَّافاً عَلَى الشُّبُهات
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: أَنَّ الْمُؤْمِنَ وَقَّاف مُتَأَنٍّ وَلَيْسَ كحاطِب اللَّيْلِ
؛ والوَقَّاف: الَّذِي لَا يَسْتَعْجِلُ فِي الأُمور، وَهُوَ فَعّال مِنَ الوُقُوف. والوَقَّاف: المُحْجِم عَنِ الْقِتَالِ كأَنه يَقِف نَفْسَهُ عَنْهُ وَيَعُوقُهَا؛ قَالَ دُرَيْدٌ:
وإنْ يَكُ عبدُ اللَّهِ خلَّى مكانَه، ... فَمَا كَانَ وَقَّافاً، وَلَا طائشَ اليدِ
ووَاقَفَه مُوَاقَفَةً ووِقَافاً: وقفَ مَعَهُ فِي حَرْبٍ أَو خُصومة. التَّهْذِيبُ: أَوْقَفْت الرجلَ عَلَى خِزْيِه إِذَا كُنْتُ لَا تَحْبِسُهُ بِيَدِكَ، فأَنا أُوقِفُه إيقَافاً، قَالَ: وَمَا لَكَ تَقِف دَابَّتَكَ تَحْبِسُهَا بِيَدَكَ. والمَوْقِفُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تقِف فِيهِ حَيْثُ كَانَ. وتَوْقِيفُ النَّاسِ فِي الْحَجِّ: وُقوفهم بالمواقِف. والتَّوْقِيف: كالنَّصّ، وتَوَاقَفَ الْفَرِيقَانِ فِي القِتال. ووَاقَفْتُه عَلَى كَذَا مُوَاقَفَةً ووِقَافاً واسْتَوْقَفْتُه أَي سأَلته الوقُوف. والتَّوَقُّف فِي الشَّيْءِ: كالتلَوُّم فِيهِ. وأَوْقَفْت الرَّجُلَ عَلَى كَذَا إِذَا لَمْ تَحْبِسْهُ بِيَدِكَ. والوَاقِفَة: القدَم، يَمَانِيَةٌ صِفَةٌ غَالِبَةٌ. والمِيقَف والمِيقَاف: عُود أَو غَيْرُهُ يسكَّن بِهِ غلَيان القِدر كأَنّ غَلَيَانَهَا يُوقف بِذَلِكَ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمَوْقُوف مِنْ عَروض مَشْطُور السَّريع والمُنْسَرِح: الْجُزْءُ الَّذِي هُوَ مَفْعُولَانِ، كَقَوْلِهِ:
يَنْضَحْنَ فِي حافاتِها بالأَبْوالْ
فَقَوْلُهُ بالأَبوال مفعولانْ أَصله مفعولاتُ أُسكنت التَّاءُ فَصَارَ مفعولاتْ، فَنُقِلَ فِي التَّقْطِيعِ إِلَى مَفْعُولَانِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن حَرَكَةَ آخِرِهِ وُقِفَت فَسُمِّي مَوْقُوفاً، كَمَا سَمَّيْتُ مِنْ وقَطْ وَهَذِهِ الأَشياء الْمَبْنِيَةُ عَلَى سُكُونِ(9/360)
الأَواخِر مَوْقُوفاً. ومَوْقِفُ المرأَةِ: يَدَاهَا وَعَيْنَاهَا وَمَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ إِظْهَارِهِ. الأَصمعي: بَدَا مِنَ المرأَة مَوقِفُها وَهُوَ يَدَاهَا وَعَيْنَاهَا وَمَا لَا بدَّ لَهَا مِنْ إِظْهَارِهِ. وَيُقَالُ للمرأَة: إِنَّهَا لحسَنة المَوْقِفَين، وَهُمَا الْوَجْهُ والقدَم. الْمُحْكَمُ: وَإِنَّهَا لِجَمِيلَةُ مَوْقِف الراكِب يَعْنِي عَيْنَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا، وَهُوَ مَا يَرَاهُ الرَّاكِبُ مِنْهَا. ووقَّفَتِ المرأَةُ يَدَيْهَا بالحِنّاء إِذَا نقَّطت فِي يَدَيْهَا نُقَطاً. ومَوْقِفُ الْفُرْسِ: مَا دخَل فِي وسَط الشَّاكِلَةِ، وَقِيلَ: مَوْقِفَاه الهَزْمتان اللَّتَانِ فِي كَشْحَيه. أَبو عُبَيْدٍ: المَوْقِفَان مِنَ الْفَرَسِ نُقْرتا خَاصِرَتَيْهِ. يُقَالُ: فَرَسٌ شَدِيدُ المَوْقِفَين كَمَا يُقَالُ شَديدُ الجَنْبَين وحَبِطُ الموْقِفَينِ إِذَا كَانَ عَظِيمَ الْجَنْبَيْنِ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
شدِيدُ قِلاتِ المَوْقِفَيْنِ كأَنما ... بِهِ نَفَسٌ، أَو قَدْ أَراد ليَزْفِرَا
وَقَالَ:
فَلِيق النَّسا حَبِط المَوْقِفَيْنِ، ... يَسْتَنُّ كالصدَعِ الأَشْعَبِ
وَقِيلَ: مَوْقِف الدَّابَّةِ مَا أَشرف مِنْ صُلبه عَلَى خَاصِرَتِهِ. التَّهْذِيبُ: قَالَ بَعْضُهُمْ فَرَسٌ مُوَقَّف وَهُوَ أَبرشُ أَعلى الأُذنين كأَنهما مَنْقُوشَتَانِ بِبَيَاضٍ وَلَوْنُ سَائِرِهِ مَا كَانَ. والوَقِيفَةُ: الأُروِيَّةُ تُلْجِئها الْكِلَابُ إِلَى صَخْرَةٍ لَا مَخلَص لَهَا مِنْهَا فِي الْجَبَلِ فَلَا يُمْكِنُهَا أَن تَنْزِلَ حَتَّى تُصَادَ؛ قَالَ:
فَلَا تَحْسَبَنِّي شَحْمةً مِنْ وَقِيفَةٍ ... مُطَرَّدةٍ مِمَّا تَصيدُكَ سَلْفَعُ
وَفِي رِوَايَةٍ: تَسَرَّطُها مِمَّا تَصِيدُكَ. وسَلْفَعُ: اسْمُ كَلْبَةٍ، وَقِيلَ: الوَقِيفَة الطَّريدة إِذَا أَعْيَت مِنْ مُطاردة الْكِلَابِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الوَقِيفَة الوَعِل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ الوَقِيفَة الأُرْوِيّة. وكلُّ مَوْضِعٍ حبسَته الْكِلَابُ عَلَى أَصحابه، فَهُوَ وَقِيفَة. ووَقَّفَ الْحَدِيثَ: بيَّنه. أَبو زَيْدٍ: وَقَّفْتُ الْحَدِيثَ تَوْقِيفاً وبيَّنته تَبْيِينًا، وَهُمَا وَاحِدٌ. ووَقَّفْتُه عَلَى ذَنْبِهِ أَي أَطلعته عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: وَقَّفْتُهُ عَلَى الْكَلِمَةِ تَوْقِيفاً. والوَقْف: الخَلْخال مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْفِضَّةِ والذَّبْل وَغَيْرِهِمَا، وأَكثر مَا يَكُونُ مِنَ الذَّبْلِ، وَقِيلَ: هُوَ السِّوار مَا كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ السُّوَارُ مِنَ الذَّبل وَالْعَاجُ، وَالْجَمْعُ وُقُوف. والمَسَكُ إِذَا كَانَ مِنْ عَاجٍ فَهُوَ وَقْف، وَإِذَا كَانَ مِنْ ذَبْل فَهُوَ مَسَك، وَهُوَ كَهَيْئَةِ السِّوار. يُقَالُ: وَقَّفَتِ المرأَة تَوْقِيفاً إِذَا جَعَلَتْ فِي يَدَيْهَا الوقْف. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي عَمْرٍو: أَوْقَفَتِ الجاريةُ، جُعِلَتْ لَهَا وقْفاً مِنْ ذَبْل؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدًا عَلَى الوقْف السُّوَارُ مِنَ الْعَاجِ لِابْنِ مُقْبل:
كأَنه وَقْفُ عاجٍ بَاتَ مَكْنُونا «4»
والتَّوْقِيف: الْبَيَاضُ مَعَ السَّوَادِ. ووُقُوف القوسِ: أَوتارُها الْمَشْدُودَةُ فِي يَدِهَا وَرِجْلِهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: التَّوْقِيف عقَب يُلْوَى عَلَى الْقَوْسِ رَطباً لَيّناً حَتَّى يَصِيرَ كالحَلْقة، مُشْتَقٌّ مِنَ الوَقْف الَّذِي هُوَ السُّوَارُ مِنَ الْعَاجِ؛ هَذِهِ حِكَايَةُ أَبي حَنِيفَةَ، جَعَلَ التَّوْقِيف اسْمًا كالتَّمْتين والتنْبيت؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَبو حَنِيفَةَ لَا يُؤَمِّنُ عَلَى هَذَا، إِنَّمَا الصَّحِيحُ أَن يَقُولَ: التَّوْقِيف أَن يُلْوى العَقَبُ عَلَى الْقَوْسِ رَطْبًا حَتَّى يَصِيرَ كَالْحَلْقَةِ، فيُعَبَّر عَنِ الْمَصْدَرِ بِالْمَصْدَرِ، إلَّا أَنْ
__________
(4) . قوله [مكنونا] كذا بالأصل وكتب بإزائه: منكفتاً، وهو الذي في شرح القاموس.(9/361)
يُثْبِتَ أَن أَبا حَنِيفَةَ مِمَّنْ يَعْرِفُ مِثْلَ هَذَا، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه لَيْسَ مِنْ أَهل الْعِلْمِ بِهِ وَلِذَلِكَ لَا آمَنُهُ عَلَيْهِ وأَحمله عَلَى الأَوسع الأَشيع. والتَّوْقِيف أَيضاً: لَيُّ العَقَب عَلَى الْقَوْسِ مِنْ غَيْرِ عيب. ابن شميل: والتَّوْقِيف أَن يُوَقِّف عَلَى طائفَي الْقَوْسِ بِمَضَائِغَ مِنْ عَقَب قَدْ جَعَلَهُنَّ فِي غِراء مِنْ دِمَاءِ الظِّباء فَيَجِئْنَ سوداً، ثم يُغْلى عَلَى الغِراء بصَدإِ أَطراف النَّبْل فَيَجِيءُ أَسود لَازِقًا لَا يَنْقَطِعُ أَبداً. ووَقْفُ التُّرْسِ: الْمُسْتَدِيرُ بِحَافَّتِهِ، حَدِيدًا كَانَ أَو قَرْناً، وَقَدْ وَقَّفَه. وضَرع مُوَقَّف: بِهِ آثَارُ الصِّرار؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إبْلُ أَبي الحَبْحاب إبْلٌ تُعْرَفُ، ... يَزِينُها مُجَفَّفٌ مُوَقَّفُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي مُجَفَّفٌ، بِالْجِيمِ، أَي ضَرْع كأَنه جُفٌّ وَهُوَ الوَطْب الخَلَقُ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ محفَّف، بِالْحَاءِ، أَي مُمْتَلِئٍ قَدْ حَفَّت بِهِ. يُقَالُ: حَفَّ الْقَوْمُ بِالشَّيْءِ وحفَّفوه أَحدقوا بِهِ. والتَّوْقِيفُ: الْبَيَاضُ مَعَ السَّوَادِ. وَدَابَّةٌ مُوَقَّفَة تَوْقِيفاً وَهُوَ شِيَتُها. وَدَابَّةٌ مُوَقَّفَة: فِي قَوَائِمِهَا خُطوط سُودُ؛ قَالَ الشَّمَّاخِ:
وَمَا أَرْوَى، وإنْ كَرُمَتْ عَلَيْنَا، ... بأَدْنَى مِنْ مُوَقَّفَة حَرُونِ
وَاسْتَعْمَلَ أَبو ذُؤَيْبٍ التَّوْقِيف فِي العُقاب فَقَالَ:
مُوَقَّفَة القَوادِم والذُّنابَى، ... كأَنَّ سَراتها اللَّبَن الحَلِيبُ
أَبو عُبَيْدٍ: إِذَا أَصاب الأَوْظِفَة بَيَاضٌ فِي مَوْضِعِ الوَقْف وَلَمْ يعْدها إِلَى أَسفل وَلَا فَوْقَ فَذَلِكَ التَّوْقِيف. وَيُقَالُ: فَرَسٌ مُوَقَّف. اللَّيْثُ: التَّوْقِيف فِي قَوَائِمِ الدَّابَّةِ وَبَقَرَ الْوَحْشِ خُطوط سود؛ وأَنشد: شَيْباً مُوَقَّفاً. وَقَالَ آخَرُ:
لَهَا أُمٌّ مُوَقَّفَةٌ رَكُوبٌ، ... بحيثُ الرَّقْوُ مَرْتَعُها البَريرُ
وَرَجُلٌ مُوَقَّفٌ: أَصابته البَلايا هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَرَجُلٌ مُوَقَّفٌ عَلَى الْحَقِّ: ذَلول بِهِ. وَحِمَارٌ مُوَقَّفٌ؛ عَنْهُ أَيضاً: كُوِيتْ ذِرَاعَاهُ كَيّاً مُسْتَدِيرًا؛ وأَنشد:
كَوَيْنا خَشْرَماً فِي الرأْس عَشْراً، ... ووَقَّفْنَا هُدَيْبةَ، إِذْ أَتانا
اللِّحْيَانِيُّ: المِيقَفُ والمِيقَافُ العُودُ الَّذِي تُحرّك بِهِ القِدر ويسكَّن بِهِ غَلَيَانُهَا، وَهُوَ المِدْوَمُ والمِدْوامُ؛ قَالَ: والإِدامة تَرْكُ القِدْر عَلَى الأَثافي بَعْدَ الْفَرَاغِ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ وغَزوة حُنَيْن: أَقبلت مَعَهُ فَوَقَفَتْ حَتَّى اتَّقَفَ الناسُ كُلُّهُمْ
أَي حَتَّى وقَفُوا؛ اتَّقَفَ مُطَاوِعٌ وَقَفَ، تَقُولُ: وَقَفْتُهُ فاتَّقَفَ مِثْلَ وعدْته فاتَّعَد، والأَصل فِيهِ اوْتَقف، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِهَا وَكَسْرٍ مَا قَبِلَهَا، ثُمَّ قُلِبَتِ الْيَاءُ تَاءً وأُدْغمت فِي تَاءِ الِافْتِعَالِ. ووَاقِفٌ: بَطْنٌ مِنَ الأَنصار مِنْ بَنِي سَالِمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَوْس. ابْنُ سِيدَهْ: ووَاقِفٌ بَطْنٌ مِنْ أَوس اللَّاتِ. والوَقَّاف: شَاعِرٌ مَعْرُوفٌ.
وَكَفَ: وَكَفَ الدمعُ وَالْمَاءُ وَكْفاً ووَكِيفاً ووُكُوفاً ووَكَفَاناً: سَالَ. ووَكَفَتِ العينُ الدمْعَ وَكْفاً ووَكِيفاً: أَسالته. اللِّحْيَانِيُّ: وَكَفَتِ العينُ تَكِفُ وَكْفاً ووَكِيفاً، وَسَحَابٌ وَكُوفٌ إِذَا كَانَتْ تَسِيل قَلِيلًا قَلِيلًا. ووَكَفَتِ الدلْوُ وَكْفاً ووَكِيفاً: قُطِّرَتْ، وَقِيلَ: الوَكْف الْمَصْدَرُ، والوَكِيفُ الْقَطْرُ نَفْسِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى(9/362)
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، توضأَ فاسْتَوْكَفَ ثَلَاثًا
؛ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: مَعْنَاهُ أَنه غَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا وَبَالَغَ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَى يَدَيْهِ حَتَّى وَكَفَ الماءُ مِنْ يَدَيْهِ أَي قَطَرَ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يصف الخَمر:
إِذَا اسْتَوْكَفَتْ باتَ الغَوِيُّ يَسُوفُها، ... كَمَا جَسَّ أَحْشاءَ السَّقِيمِ طَبِيبُ
أَراد إِذَا استقْطرتْ. واسْتَوْكَفْت الشيءَ: استَقْطَرْته: ووَكَفَ البيتُ وَكْفاً ووَكِيفاً ووُكُوفاً ووَكَفَاناً وتَوْكَافاً وأَوْكَفَ وتَوَكَّفَ: هَطَلَ وقطَر، وَكَذَلِكَ السطْح، وَمَصْدَرُهُ الوَكِيف والوَكْف. وَشَاةٌ وَكُوفٌ: غَزيرة اللَّبَنِ وَكَذَلِكَ مِنْحةٌ وَكُوفٌ وَنَاقَةٌ وَكُوفٌ أَي غَزِيرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ مَنَحَ مِنْحة وَكُوفاً فَلَهُ كَذَا وَكَذَا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الوَكُوف الْغَزِيرَةُ الْكَثِيرَةُ الدَّرِّ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ: وَكَفَ البيتُ بِالْمَطَرِ، ووَكَفَتِ العينُ بِالدَّمْعِ إِذَا تقاطَر. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْوَكُوفُ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ لِبَنُهَا سنَتها جَمْعاء. وأَوْكَفَتِ المرأَة: قارَبت أَن تَلِدَ. والوَكْف: النِّطَعُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
ومُدَّعَسٍ فِيهِ الأَنِيضُ اخْتَفَيْتُه ... بجَرْداء، مِثْلِ الوَكْفِ، يَكْبُو غُرابها
بجَرْداء يَعْنِي أَرضاً مَلْساء لَا تُنبت شَيْئًا يَكْبُو غُرَابَ الفأْس عَنْهَا لصَلابتها إِذَا حُفِرت؛ وَالْبَيْتُ الَّذِي أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
تَدَلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وخَيْطةٍ ... بِجَرْدَاءَ مِثْلِ الْوَكْفِ يَكْبُو غُرَابُهَا
والوَكَفُ: وَكَفُ الْبَيْتِ مِثْلَ الجَناح فِي الْبَيْتِ يَكُونُ عَلَى الكُنَّةِ أَو الكَنِيف. وَفِي الْحَدِيثِ:
خيارُ الشُّهداء عِنْدَ اللَّهِ أَصحابُ الوَكَف؛ قِيلَ: وَمَنْ أَصحابُ الوَكَف؟ قَالَ: قَوْمٌ تُكْفأُ عَلَيْهِمْ مَرَاكِبُهُمْ فِي الْبَحْرِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الوَكَفُ فِي الْبَيْتِ مِثْلُ الْجَنَاحِ يَكُونُ عَلَيْهِ الكَنِيف؛ الْمَعْنَى أَن مَرَاكِبَهُمُ انْقَلَبَتْ بِهِمْ فَصَارَتْ فَوْقَهُمْ مِثْلَ أَوْكَاف الْبُيُوتِ، قَالَ: وأَصل الوَكَف فِي اللُّغَةِ المَيْل والجَوْرُ. والوَكَف، بِالتَّحْرِيكِ: الإِثم، وَقِيلَ: الْعَيْبُ والنقْص. وَقَدْ وَكِفَ الرَّجُلُ يَوْكَفُ وَكَفاً إِذَا أَثِمَ. وَقَدْ وَكِفَ يَوْكَفُ وأَوْكَفَه: أَوقعه فِي إثْم. وَيُقَالُ: مَا عَلَيْكَ فِي هَذَا وَكَفٌ. والوَكَفُ: الْعَيْبُ؛ أَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لِعَمْرِو بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ، وَيُقَالُ لِقَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ:
الحَافِظُو عَوْرَةِ العشيرةِ، لَا يَأْتيهِمُ ... مِنْ ورائهمْ وَكَفُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنكر عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ أَن يَكُونَ الوَكَف بِمَعْنَى الإِثم، وَقَالَ: هُوَ بِمَعْنَى العَيْب فَقَطْ. وَلَيْسَ فِي هَذَا الأَمر وَكْف وَلَا وَكَف أَي فَسَادٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ليَخْرُجَنَّ ناسٌ مِنْ قُبورهم فِي صُورَةِ «1» القِرَدة بِمَا داهَنُوا أَهل الْمَعَاصِيَ ثُمَّ وَكَفُوا عَنْ عِلْمهم وَهُمْ يَستطيعون
؛ قَالَ الزَّجَاجُ: وَكَفُوا عَنْ عِلمهم أَي قصَّروا عَنْهُ ونقَصُوا. يُقَالُ: عَلَيْكَ فِي هَذَا الأَمر وَكَف أَي نقص. ويقال: ليس عَلَيْكَ فِي هَذَا الأَمر وَكَف أَي لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهِ مَكْرُوهٌ وَلَا نَقْصٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: البَخيل فِي غَيْرِ وَكَفٍ
؛ الوَكَفُ: الْوُقُوعُ فِي المأْثَم وَالْعَيْبِ. وَفِي عَقْلِهِ ورأْيِه وَكَفٌ أَي فَسَادٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَثَعْلَبٍ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ إِنِّي لأَخشى عَلَيْكَ وَكَفَ فُلَانٌ أَي
__________
(1) . قوله [في صورة] في النهاية: على صورة.(9/363)
جَوْرَه ومَيْله؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
بكَ يَعْتَلي وَكَفَ الأُمُور، ... ويَحْمِلُ الأَثْقالَ حامِلْ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الوَكَفُ الثِّقلُ والشدَّةُ. وَقَالَتِ الكِلابية: يُقَالُ فُلَانٌ عَلَى وَكَفٍ مِنْ حَاجَتِهِ إِذَا كَانَ لَا يَدْرِي عَلَى مَا هُوَ مِنْهَا، قَالَ: وَكُلُّ هَذَا لَيْسَ بِخَارِجٍ مِمَّا جَاءَ مفسَّراً فِي الْحَدِيثِ لأَن التَّكَفِّيَ «2» هُوَ المَيْل. والوَكَفُ مِنَ الأَرض: مَا انْهَبَطَ عَنِ الْمُرْتَفَعِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ ثَوْرًا:
يَعْلو الدَّكاديكَ ويَعْلُو الوَكَفا
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ سَفْح الْجَبَلِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ الْمَكَانُ الغَمْضُ فِي أَصل شَرف. ابْنُ شُمَيْلٍ: الوَكَفُ مِنَ الأَرض القِنْع يتَّسع وَهُوَ جَلَد طِينٍ وَحَصَى، وَجَمْعُهُ أَوْكَاف. وتَوَكَّفَ الأَثَر: تتبَّعه. والتَّوَكُّف: التوقُّع وَالِانْتِظَارُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَيْرٍ: أَهلُ الْقُبُورِ يَتَوَكَّفُون الأَخْبار
أَي يَنْتَظِرُونَهَا ويسأَلون عَنْهَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَي يَتَوَقَّعُونَهَا، فَإِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ سأَلوه: مَا فَعَلَ فُلَانٌ وَمَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ يُقَالُ: هُوَ يَتَوَكَّفُ الْخَبَرَ أَي يتوقَّعه. وَتَقُولُ: مَا زِلْتُ أَتَوَكَّفُه حَتَّى لقِيته. وَيُقَالُ: وَاكَفْت الرَّجُلَ مُوَاكَفَةً فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا إِذَا واجَهْتَه وعارَضْته؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مَتَّى مَا يُوَاكِفْها ابْنُ أُنْثَى، رَمَتْ بِهِ ... مَعَ الجَيْشِ يَبْغِيها المَغانِمَ، تَنْكُلُ «3»
وتَوَكَّفَ عيالَه وحشَمه: تعهَّدهم، وَهُوَ يَتَوَكَّفُهم: يتعهَّدهم وَيَنْظُرُ فِي أُمورهم. والوُكَاف والوِكَاف والأُكَاف والإِكَاف: يَكُونُ لِلْبَعِيرِ وَالْحِمَارِ وَالْبَغْلِ؛ قَالَ يَعْقُوبُ وَكَانَ رُؤْبَةُ يَنْشُدُ:
كالكَوْدَن المَشدُودِ بِالْوِكَافِ
وَالْجَمْعُ وُكُف؛ وأَوْكَفَ الدابةَ، حِجازيّة. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ آكَفْت الْبَغْلَ وأَوْكَفْته. ووَكَّفَ الدابةَ: وَضَعَ عَلَيْهَا الْوِكَافَ. ووَكَّفَ وَكَافًا: عَمَلُهُ، اللِّحْيَانِيُّ: أَوْكَفْت الْبَغْلَ أُوكِفُه إِيكَافاً، وَهِيَ لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ وتميم، تَقُولُ: آكَفْتُهُ أُوكِفُه إِيكَافاً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَّفْته تَوْكِيفاً وأَكَّفْته تَأْكِيفاً، وَالِاسْمُ الْوِكَافُ والإِكاف.
وَلَفَّ: الوَلْف والوِلافُ والوَلِيفُ: ضَرْب مِنَ العَدْو، وَهُوَ أَن تَقَعَ الْقَوَائِمُ مَعًا، وَكَذَلِكَ أَن تَجِيءَ الْقَوَائِمُ مَعًا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ووَلَّى بِإِجْرِيّا وِلافٍ كأَنه، ... عَلَى الشَّرف الأَقصَى، يُساطُ ويُكْلبُ
أَي مُؤتَلِفةٌ. والإِجْرِيّا: الجَرْيُ وَالْعَادَةُ بِمَا يأْخذ بِهِ نفسَه فِيهِ، ويُساط: يَضْرِبُ بِالسَّوْطِ، ويُكلبُ: يَضْرِبُ بالكُّلَّاب وَهُوَ المِهْماز. ووَلَفَ الفرسُ يَلِفُ وَلْفاً ووَلِيفاً: وَهُوَ ضَرْب مِنْ عَدوه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ويَومَ رَكْضِ الْغَارَةِ الوِلافِ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَراد بالوِلافِ الاعْتزاء والاتِّصال؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كَأَنَّ عَلَى مَعْنَاهُ فِي الأَصل إِلَافًا فصيَّر الْهَمْزَةَ وَاوًا؛ وكلُّ شَيْءٍ غطَّى شَيْئًا وأَلبَسه فَهُوَ مُولِفٌ لَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَصَارَ رَقْراقُ السَّرابِ مُولِفا
لأَنه غطَّى الأَرض. الْجَوْهَرِيُّ: الوِلافُ مِثْلُ الإِلاف، وَهُوَ المُوالَفَةُ. وبَرْق وِلاف وإلاف
__________
(2) . قوله التكفي: هكذا في الأَصل ولعلها الوَكْف.
(3) . قوله [تنكل] كذا في الأصل بالنون، وفي شرح القاموس: بثاء مثلثة.(9/364)
إِذَا بَرَقَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يَخْطَف خَطْفَتين فِي وَاحِدَةٍ وَلَا يَكَادُ يُخلف، وَزَعَمُوا أَنه أَصدَقُ المُخِيلةِ؛ وَإِيَّاهُ عنَى يعقوبُ بِقَوْلِهِ الوِلاف والإِلاف قَالَ: وَهُوَ مِمَّا يُقَالُ بِالْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ، وبَرق وَلِيفٌ: كوِلاف. الأَصمعي: إِذَا تتابَع لَمَعانُ الْبَرْقِ فَهُوَ وَلِيف ووِلافٌ وَقَدْ وَلَفَ يَلِفُ وَلِيفاً، وَهُوَ مُخِيل لِلْمَطَرِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَكَادُ يُخْلِف. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الوَلِيفُ أَن يَلْمَعَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ؛ قال صخر الغيّ:
لبما بَعُدَ شَتات النَّوَى، ... وَقَدْ بِتُّ أَخْيَلْتُ بَرْقاً وَلِيفا «1»
وأَخْيَلْتُ الْبَرْقَ أَي رأَيته مُخِيلًا. وَبَرْقٌ وَلِيف أَي مُتتابع. وتَوَالَفَ الشَّيْءُ مُوَالَفَةً ووِلافاً، نَادِرٌ ائْتَلَفَ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ وَلَيْسَ مِنْ لفظه.
وَهَفَ: الوَهْفُ مِثْلُ الوَرْفِ: وَهُوَ اهْتِزَازُ النَّبْتِ وَشِدَّةُ خُضرته. وَهَفَ النبتُ يَهِفُ وَهْفاً ووَهِيفاً: اخْضَرَّ وأَورق وَاهْتَزَّ مِثْلَ ورَف ورْفاً. يُقَالُ: يَهِفُ ويَرِفُ وَهِيفاً ووَرِيفاً. وأَوْهَفَ لَكَ الشَّيْءُ: أَشرفَ وسُنَّته الوِهَافَة [الوَهَافَة] «2» . وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَا يُزالَنّ وَاهِفٌ عَنْ وِهَافَتِه.
وَفِي كِتَابِ أَهل نَجْرانَ: لَا يُمْنع وَاهِف عَنْ وَهْفِيَّتِه،
وَيُرْوَى وَهَافَته ووِهافته.
قَالَ: الوَاهِفُ فِي الأَصل قيِّم البِيعةِ،
وَيُرْوَى وافِهٌ عَنْ وَفْهِيَّته
، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَيُقَالُ: مَا يُوهِفُ لَهُ شَيْءٌ إلَّا أَخذه أَي مَا يَرْتَفِعُ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا أَخذه. وَكَذَلِكَ مَا يُطِفُّ لَهُ شَيْءٌ وَمَا يُشْرِف إِيهَافًا وَإِشْرَافًا.
وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنه قَالَ فِي كَلَامٍ: كُلَّمَا وَهَفَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا أَخذوه
؛ مَعْنَاهُ كُلَّمَا بَدَا لَهُمْ وعرَض. وَقَالَ الأَزهري فِي هَذَا الْمَكَانِ: يُقَالُ وَهَفَ الشَّيْءُ يَهِفُ وَهْفاً إِذَا طارَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
سَائِلَةُ الأَصْداغ يَهْفو طاقُها
أَي يَطِيرُ كِسَاؤُهَا، وَمِنْهُ قِيلَ للزَّلة هَفْوة، وأَورد ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْبَيْتُ فِي تَرْجَمَةٍ هَفَا. المفضَّل: الوَاهِف قيِّم البِيعة، وَمِنْهُ
قَوْلُ عَائِشَةَ فِي صِفَةِ أَبيها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قلَّده رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهْف الأَمانةِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
وَهْف الدِّين
، أَي قلَّده القِيامَ بشرَف الدِّين بَعْدَهُ، كأَنما عنَتْ أَمرَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إِيَّاهُ أَن يصليَ بِالنَّاسِ فِي مرَضه، وَقِيلَ: وَهْفُ الأَمانة ثِقَلُها. ووَهْفٌ وهَفْو: وَهُوَ المَيْل مِنْ حَقٍّ إِلَى ضعْف، قَالَ: وَكِلَا الأَمرين مَدْحٌ لأَبي بَكْرٍ: أَحدهما الْقِيَامُ بالأَمر، وَالْآخَرُ رَدُّ الضَّعْفِ إِلَى قوّة الحق.
فصل الياء المثناة تحتها
يَرِفَ: يَرْفأ: حَيٌّ مِنَ العَرب. ويَرْفأ أَيضاً: غُلَامٌ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَاللَّهِ أَعلم.
__________
(1) . قوله [لبما بعد] كذا بالنسخ على هذه الصورة، وأما الأصل المعول عليه ففيه أكل أرضة.
(2) . قوله [وسنته الوهافة] كذا بالأصل، ولعل هذه الجملة مقدمة من تأخير وحق التركيب: الوَاهِف، فِي الْأَصْلِ، قَيِّمُ البيعة وسنته الوهافة أي طريقته خدمة البيعة والقيام بأمرها.(9/365)
الجزء العاشر
ق
حرف القاف
ق: التَّهْذِيبِ: الْقَافُ وَالْكَافُ لهَوِيَّتان. وَقَالَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: تأْليفهما مَعْقُومٌ فِي بناءِ الْعَرَبِيَّةِ لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهِمَا إلَّا أَن تجيءَ كَلِمَةٌ مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ معرَّبة، وَالْقَافُ أَحد الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ، وَمَخْرَجُ الْجِيمِ وَالْقَافِ وَالْكَافِ بَيْنَ عَكَدة اللِّسَانِ وَبَيْنَ اللَّهاة فِي أَقصى الْفَمِ، وَالْقَافُ وَالْجِيمُ كَيْفَ قُلِبَتَا لَمْ يَحْسُنْ تأْليفهما إلَّا بِفَصْلٍ لَازِمٍ، وَقَدْ جاءَت كَلِمَاتٌ معرَّبات فِي الْعَرَبِيَّةِ لَيْسَتْ مِنْهَا، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَكَانِهِ. التَّهْذِيبِ: وَالْعَيْنُ وَالْقَافُ لَا تَدْخُلَانِ عَلَى بناءٍ إلَّا حسَّنتاه لأَنهما أَطلق الْحُرُوفِ، أَما الْعَيْنُ فأَنصع الْحُرُوفِ جَرْساً وأَلذها سَمَاعًا، وأَما الْقَافُ فأَمتن الْحُرُوفِ وأَصحها جَرْسًا، فَإِذَا كَانَتَا أَو إِحْدَاهُمَا فِي بناءٍ حسُن لنَصاعتهما، فَإِنْ كَانَ البناءُ اسْمًا لَزِمَتْهُ السِّينُ وَالدَّالُ مَعَ لزوم العين والقاف.
فصل الألف
أبق: الإِباقُ: هرَبُ الْعَبِيدِ وذَهابهم مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا كدِّ عَمَلٍ، قَالَ: وَهَذَا الْحُكْمُ فِيهِ أَن يُردّ، فَإِذَا كَانَ مِنْ كَدِّ عَمَلٍ أَو خَوْفٍ لَمْ يُرَدَّ. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: كَانَ يَرُدُّ العبدَ مِنَ الإِباق الباتِ
أَيِ الْقَاطِعِ الَّذِي لَا شُبهة فِيهِ. وَقَدْ أَبَقَ أَيْ هربَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَبْدًا لِابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَبَق فلحِق بِالرُّومِ.
ابْنُ سِيدَهْ: أَبَقَ يَأْبِق ويأْبُق أَبْقاً وَإِبَاقًا، فَهُوَ آبِقٌ، وَجَمْعُهُ أُبَّاقٌ. وأَبَقَ وتأَبَّقَ: اسْتَخْفَى ثُمَّ ذَهَبَ؛ قَالَ الأَعشى:
فَذَاكَ وَلَمْ يَعْجِزْ مِنَ الموتِ رَبُّه، ... ولكنْ أَتاه الموتُ لَا يتَأَبَّقُ
الأَزهري: الإِباقُ هرَبُ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي يُونُسَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ نَدَّ فِي الأَرض مُغاضِباً لِقَوْمِهِ: إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
. وتأَبَّق: استترَ، وَيُقَالُ احْتَبَسَ؛ وَرَوَى ثَعْلَبٌ أَنَّ ابْنَ الأَعرابي أَنشده:
أَلا قالتْ بَهانِ وَلَمْ تأَبَّقْ: ... كَبِرْتَ وَلَا يَلِيقُ بِكَ النَّعيمُ
قَالَ: لَمْ تأَبَّق إِذَا لَمْ تأَثَّم مِنْ مَقَالَتِهَا، وَقِيلَ: لَمْ تأَبَّق لَمْ تأْنَف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لعامر بْنِ كَعْبِ(10/3)
بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ، وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ: وَلَا يَلِيطُ، بِالطَّاءِ، وَكَذَلِكَ أَنشده أَبو زَيْدٍ؛ وَبَعْدَهُ:
بَنُون وهَجْمةٌ كأَشاء بُسٍّ، ... صَفايا كَثَّةُ الأَوْبارِ كُومُ
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سأَلت الأَصمعي عَنْ قَوْلِهِ وَلَمْ تأَبَّق فَقَالَ: لَا أَعرفه؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: لَمْ تأَبَّق لَمْ تَبْعُدْ مأْخوذ مِنَ الإِباق، وَقِيلَ لَمْ تستخفِ أَي قَالَتْ عَلَانِيَةً. والتأَبُّق: التَّوَارِي، وَكَانَ الأَصمعي يَرْوِيهِ:
أَلا قالتْ حَذامِ وجارَتاها
وتأَبَّقت النَّاقَةُ: حبَست لَبَنَهَا. والأَبَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: القِنَّب، وَقِيلَ: قِشْرُهُ، وَقِيلَ: الْحَبْلُ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
القائدَ الخيلِ مَنْكُوباً دوابرُها، ... قَدْ أُحْكِمَت حَكماتِ القِدِّ والأَبَقا
والأَبَقُ: الكتَّان؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وأَبَّاق: رَجُلٌ مِنْ رُجَّازهم، وَهُوَ يُكَنَّى أَبا قَرِيبَةَ.
أرق: الأَرَقُ: السَّهَرُ. وَقَدْ أَرِقْت، بِالْكَسْرِ، أَي سَهِرْت، وَكَذَلِكَ ائتَرَقْت عَلَى افْتَعَلْت، فأَنا أَرِقٌ. التَّهْذِيبُ: الأَرَقُ ذَهَابُ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: ذَهَابُ النَّوْمِ لِعِلَّةٍ. يُقَالُ: أَرِقْت آرَقُ. وَيُقَالُ: أَرِقَ أَرَقاً، فَهُوَ أَرِقٌ وآرِقٌ وأَرُقٌ وأُرُقٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فبِتُّ بليلِ الآرِقِ المُتَمَلِّلِ
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَادَتَهُ فَبِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ لَا غَيْرُ. وَقَدْ أَرَّقه كَذَا وَكَذَا تأْريقاً، فَهُوَ مؤَرَّق، أَي أَسهَره؛ قَالَ:
مَتَّى أَنامُ لَا يُؤَرِّقْني الكَرى
قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَزَمَهُ لأَنه فِي مَعْنَى إِنْ يَكُنْ لِي نَوْمٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ لا يؤَرقني الكرى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا يَدُلُّكَ مِنْ مَذَاهِبِ الْعَرَبِ عَلَى أنَّ الإِشمام يقرُب مِنَ السُّكُونِ وأَنه دُونَ رَوْم الْحَرَكَةِ، قَالَ: وَذَلِكَ لأَن الشعر من الرجز ووزنه: مَتَى أَنا: مَفَاعِلُنْ، مُ لَا يُؤَرْ: مَفَاعِلُنْ، رقْني الْكَرَى: مُسْتَفْعِلُنْ؛ وَالْقَافُ مِنْ يؤَرقني بِإِزَاءِ السِّينِ مِنْ مستفعلن، والسين كما ترى سَاكِنَةٌ؛ قَالَ: وَلَوِ اعْتَدَدْتَ بِمَا فِي الْقَافِ مِنَ الإِشمام حَرَكَةَ لَصَارَ الْجُزْءُ إِلَى مُتَفَاعِلُنْ، وَالرَّجَزُ لَيْسَ فِيهِ مُتَفَاعِلُنْ إِنَّمَا يأْتي فِي الْكَامِلِ، قَالَ: فَهَذِهِ دَلَالَةٌ قَاطِعَةٌ عَلَى أَن حَرَكَةَ الإِشمام لِضِعْفِهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا، وَالْحَرْفُ الَّذِي هِيَ فِيهِ سَاكِنٌ أَو كَالسَّاكِنِ، وأَنها أَقل فِي النِّسْبَةِ وَالزِّنَةِ مِنَ الْحَرَكَةِ المُخفاة فِي هَمْزَةٍ بَيْنَ بَيْنَ وَغَيْرِهَا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يُشمُّها الرَّفْعَ كأَنه قَالَ غَيْرُ مؤَرَّق، وأَراد الكَرِيّ فَحَذَفَ إِحْدَى الياءَين. والأَرْقانُ والأَرَقانُ والإِرْقانُ: داءٌ يُصيب الزَّرْعَ وَالنَّخْلَ؛ قَالَ:
ويَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُه، ... كأَنَّ فِي رَيْطَتَيْه نَضْحَ إرْقانِ
وَقَدْ أَرقَ؛ وَمَنْ جَعَلَ هَمْزَتَهُ بَدَلًا فَحُكْمُهُ الْيَاءُ، وزَرْع مأْرُوق ومَيْرُوق وَنَخْلَةٌ مأْرُوقة. واليرَقانُ والأَرَقان أَيضاً: آفَةٌ تُصيب الإِنسان يُصِيبه مِنْهَا الصُّفار فِي جَسَدِهِ. الصِّحَاحُ: الأَرَقانُ لُغَةٌ فِي اليرَقان وَهُوَ آفَةٌ تُصِيبُ الزَّرْعَ وداءٌ يُصِيبُ النَّاسَ. والإِرْقانُ: شَجَرٌ بِعَيْنِهِ وَقَدْ فُسِّر بِهِ الْبَيْتُ.(10/4)
وَقَوْلُهُمْ: جاءَنا بأُمِّ الرُّبَيْق عَلَى أُرَيْقٍ تَعْنِي بِهِ الدَّاهيَة؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَصله مِنَ الحيَّات؛ قَالَ الأَصمعي: تَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنه مِنْ قَوْلِ رَجُلٍ رأَى الْغُولَ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَق؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حقُّ أُريق أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ وَرِقَ لأَنه تَصْغِيرُ أَورق تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ كَقَوْلِهِمْ فِي أَسود سُويد، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَن أَصل الأُريق مِنَ الْحَيَّاتِ، كَمَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ، قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
وَقَدْ رَأَى دُونيَ مِنْ تَهَجُّمِي ... أُمَّ الرُّبَيْقِ والأُرَيْقِ الأَزْنَمِ «3»
. بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ الأَزنم وَهُوَ الَّذِي لَهُ زَنَمة مِنَ الحيَّات. وأُراقُ، بِالضَّمِّ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
كأَنَّ عَلَى الجِمالِ، أَوانَ حُفَّتْ، ... هَجائنَ مِنْ نعاجِ أُراقَ عِينا
أزق: الأَزْقُ: الأَزْلُ وَهُوَ الضَّيِّقُ فِي الْحَرْبِ، أَزَق يأْزِقُ: أَزْقاً. والمَأْزِق: الْمَوْضِعُ الضيِّق الَّذِي يَقْتَتِلُونَ فِيهِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَكَذَلِكَ مَأْزِق الْعَيْشِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ مَوْضِعُ الْحَرْبِ مَأْزِقاً، وَالْجَمْعُ المَآزِق، مفْعِل مِنَ الأَزْق. الْفَرَّاءُ: تأَزَّق صَدْرِي وتَأَزَّل أَي ضاق.
أسق: المِئْساق: الطَّائِرُ الَّذِي يُصَفِّقُ بِجَنَاحَيْهِ إِذَا طَارَ.
استبرق: قَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ
، قَالَ: هُوَ الدِّيباج الصَّفِيقُ الْغَلِيظُ الحسَن، قَالَ: وَهُوَ اسْمٌ أَعجمي أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ اسْتَقْره وَنُقِلَ مِنَ الْعَجَمِيَّةِ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ كَمَا سُمي الدِّيباجُ وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنَ الْفَارِسِيَّةِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَا غلُظ مِنَ الْحَرِيرِ والإِبْرَيْسَم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ فِي الْبَاءِ مِنَ الْقَافِ فِي بَرَقَ عَلَى أَن الْهَمْزَةَ وَالتَّاءَ وَالسِّينَ مِنَ الزَّوَائِدِ، وَذَكَرَهَا أَيضاً فِي السِّينِ وَالرَّاءِ، وَذَكَرَهَا الأَزهري فِي خُمَاسِيِّ الْقَافِ عَلَى أَن هَمْزَتَهَا وَحْدَهَا زَائِدَةٌ، وَقَالَ: إِنَّهَا وأَمثالَها مِنَ الأَلفاظ حُرُوفٌ غَرِيبَةٌ وَقَعَ فِيهَا وِفاق بَيْنَ الْعَجَمِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ، وَقَالَ: هَذَا عندي هو الصواب.
أشق: الأُشَّق: دَوَاءٌ كَالصَّمْغِ وَهُوَ الأُشَّج، دَخِيلٌ فِي العربية.
أفق: الأُفْق والأُفُق مِثْلُ عُسْر وعسُر: مَا ظَهَرَ مِنْ نَوَاحِي الفَلَك وأَطراف الأَرض، وَكَذَلِكَ آفَاقُ السَّمَاءِ نَوَاحِيهَا، وَكَذَلِكَ أُفْق الْبَيْتِ مِنْ بُيُوتِ الأَعراب نَوَاحِيهِ مَا دُونَ سَمْكه، وَجَمْعُهُ آفَاقُ، وَقِيلَ: مَهابُّ الرِّيَاحِ الأَربعة: الجَنُوب والشَّمال والدَّبور والصَّبا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ نُرِي أَهل مَكَّةَ كَيْفَ يُفتح عَلَى أَهل الْآفَاقِ ومَن قرُب مِنْهُمْ أَيضاً. وَرَجُلٌ أُفُقِيّ وأَفَقِيّ: مَنْسُوبٌ إِلَى الْآفَاقِ أَو إِلَى الأُفُق، الأَخيرة مِنْ شَاذِ النَّسَبِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: رَجُلٌ أَفَقِيّ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْفَاءِ، إِذَا كَانَ مِنْ آفَاقِ الأَرض أَي نَوَاحِيهَا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ أُفُقي، بِضَمِّهِمَا، وَهُوَ القياس؛ قال الكميت:
الفاتِقُون الراتِقُون ... الآفِقُون عَلَى المعاشِرْ
وَيُقَالُ: تأَفَّق بِنَا إِذَا جَاءَنَا مِنْ أُفُق؛ وَقَالَ أَبو وَجْزة:
أَلا طَرَقَتْ سُعْدَى فكيْف تأَفَّقَتْ ... بِنَا، وَهِيَ مَيْسانُ اللَّيالي كَسُولُها؟
__________
(3) . قوله [تهجمي] كذا بالأَصل وشرح القاموس، ولعله: تجهمي بتقديم الجيم(10/5)
قالوا: تأَفَّقت بِنَا أَلمَّت بِنَا وأَتَتْنا. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ حِينَ وَصَفَ أَخاه فَقَالَ: صَفّاقٌ أَفّاق
؛ قوله أَفَّاق أَي يَضْرِبُ فِي آفَاقِ الأَرض أَي نَوَاحِيهَا مُكْتَسِباً؛ وَمِنْهُ شِعْرُ الْعَبَّاسِ يَمْدَحُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وأَنتَ لمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الأَرضُ، ... وضاءتْ بنُورِكَ الأُفُقُ
وأَنَّث الأُفق ذِهَابًا إِلَى النَّاحِيَةِ كَمَا أَنث جَرِيرٌ السُّورَ فِي قَوْلِهِ:
لَمَّا أَتى خَبَرُ الزُّبَيْرِ، تَضَعْضَعَتْ ... سُور المَدينةِ، والجبالُ الخُشَّعُ
وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الأُفُقُ وَاحِدًا وَجَمْعًا كالفُلْك؛ وَضَاءَتْ: لُغَةٌ فِي أَضاءت. وَقَعَدَتْ عَلَى أَفَق الطَّرِيقِ أَي عَلَى وَجْهِهِ، وَالْجَمْعُ آفَاقٌ. وأَفَق يأْفِق: رَكِبَ رأْسَه فِي الْآفَاقِ. والأُفُق: مَا بَيْنَ الزِّرَّيْنِ المقدَّمين فِي رُواق الْبَيْتِ. والآفِق، عَلَى فَاعِلٍ: الَّذِي قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْعِلْمِ وَالْكَرَمِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْخَيْرِ، تَقُولُ مِنْهُ: أَفِق، بِالْكَسْرِ، يأْفَقُ أَفَقاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ القَزّاز أَنّ الآفِق فِعْلُهُ أَفَق يأْفِق، وَكَذَا حُكِيَ عَنْ كُرَاعٍ، وَاسْتَدَلَّ الْقَزَّازُ عَلَى أَنه آفِق عَلَى زِنَةِ فاعِل بِكَوْنِ فِعْلِهِ عَلَى فَعَلَ؛ وأَنشد أَبو زِيَادٍ شَاهِدًا عَلَى آفِقٍ بِالْمَدِّ لِسِرَاجِ بْنِ قُرَّةَ الْكِلَابِيِّ:
وَهِيَ تَصَدَّى لِرِفَلٍّ آفِقِ، ... ضَخْمِ الحُدولِ بائنِ المَرافِقِ
وأَنشد غَيْرُهُ لأَبي النَّجْمِ:
بَيْنَ أَبٍ ضَخْمٍ وخالٍ آفِقِ، ... بَيْنَ المُصَلّي والجَوادِ السابِقِ
وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
تَعْرِفُ، فِي أَوْجُهِها البَشائرِ، ... آسانَ كلِّ آفِقٍ مُشاجِرِ
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: أَفِق مُشاجر بِالْقَصْرِ، لا غير، قال: والأَبيات الْمُتَقَدِّمَةُ تَشْهَدُ بِفَسَادِ قَوْلِهِ. وأَفَقَ يأْفِق أَفْقاً: غلَب يغلِب. وأَفَق عَلَى أَصحابه يأْفِق أَفْقاً: أَفضلَ عَلَيْهِمْ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
وَلَا المَلِكُ النُّعْمانُ، يومَ لَقِيتُه ... بغِبْطَتِه، يُعْطِي القُطوطَ ويأْفِقُ
أَراد بالقُطوط كُتُبَ الْجَوَائِزِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يُفْضِل، وَقِيلَ: يأْخذ مِنَ الْآفَاقِ. وَيُقَالُ: أَفَقَه يأْفِقُه إِذَا سبَقَه فِي الْفَضْلِ. وَيُقَالُ: أَفَقَ فُلَانٌ إِذَا ذَهَبَ فِي الأَرض، وأَفَق فِي العَطاء أَي فَضَّل وأَعطى بَعْضًا أَكثر مِنْ بَعْضٍ. الأَصمعي: بَعِيرٌ آفِق وَفَرَسٌ آفِق إِذَا كَانَ رَائِعًا كَرِيمًا وَالْبَعِيرُ عَتِيقًا كَرِيمًا. وَفَرَسٌ آفِق قُوبِل مِنْ آفِق وآفِقة إِذَا كَانَ كَرِيمَ الطَّرَفَيْنِ. وَفَرَسٌ أُفُقٌ، بِالضَّمِّ: رَائِعٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنِ قِنْعاس:
وكنتُ إِذَا أَرَى زِفّاً مَرِيضًا ... يُناحُ عَلَى جَنازَتِهِ، بَكَيْتُ
«1» . أُرَجِّلُ جُمَّتي وأَجُرُّ ثَوْبِي، ... وتَحْمِلُ بِزَّتي أُفُقٌ كُمَيْتُ
والأَفِيقُ: الْجِلْدُ الَّذِي لَمْ يُدبغ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وقيل:
__________
(1) . قوله [زفاً] كذا في الأَصل مضبوطاً بزاي مكسورة وفاء ومثله في شرح القاموس(10/6)
هُوَ الَّذِي لَمْ تَتِمَّ دِباغته. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ أَفيق
؛ قَالَ: هُوَ الْجِلْدُ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ دِباغُه، وَقِيلَ: هُوَ مَا دُبِغ بِغَيْرِ القَرظ مِنْ أَدْبِغة أَهل نَجْدٍ مِثْلُ الأَرْطى والحُلَّبِ والقَرْنُوة والعِرْنةِ وأَشياء غَيْرِهَا، فَالَّتِي تُدْبَغُ بِهَذِهِ الأَدْبِغة فَهِيَ أَفَقٌ حَتَّى تُقدّ فيُتَّخذ مِنْهَا مَا يُتَّخَذُ. وَفِي حَدِيثِ
غَزْوان: فَانْطَلَقْتُ إِلَى السُّوقِ فَاشْتَرَيْتُ أَفِيقةً
أَي سِقاء مِنْ أَدَم، وأَنثه عَلَى تأْويل الْقِرْبَةِ والشَّنّة، وَقِيلَ: الأَفِيق الأَديم حِينَ يَخْرُجُ مِنَ الدِّباغ مَفْرُوغًا مِنْهُ وَفِيهِ رَائِحَتُهُ، وَقِيلَ: أَوّل مَا يَكُونُ مِنَ الْجِلْدِ فِي الدَّبَّاغِ فَهُوَ مَنِيئة ثُمَّ أَفِيق ثُمَّ يَكُونُ أَديماً، وَالْمَنِيئَةُ: الْجِلْدُ أَول مَا يُدْبَغُ ثُمَّ هُوَ أَفيق، وَقَدْ مَنَأْته وأَفَقْته، وَالْجَمْعُ أَفَق مِثْلُ أَدِيم وأَدَم. والأَفَقُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ وَلَيْسَ بِجَمْعٍ لأَن فَعِيلًا لَا يُكَسَّرُ عَلَى فعَل. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى ثَعْلَبًا قَدْ حَكَى فِي الأَفِيق الأَفِقَ عَلَى مِثَالِ النَّبِق وَفَسَّرَهُ بِالْجِلْدِ الذي لم يدبغ، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَا يُقَالُ فِي جَمْعِهِ أُفُق البَتّةَ وَإِنَّمَا هُوَ الأَفَقُ، بِالْفَتْحِ، فأَفِيق عَلَى هَذَا لَهُ اسْمُ جَمْعٍ وَلَيْسَ لَهُ جَمْعٌ؛ وأَفَق الأَدِيمَ يأْفِقه أَفْقاً: دَبَغَهُ إِلَى أَن صَارَ أَفيقاً. الأَصمعي: يُقَالُ للأَديم إِذَا دُبِغَ قَبْلَ أَن يُخرز أَفيق، وَالْجَمْعُ آفِقة مِثْلُ أَدِيم وآدِمة وَرَغِيفٍ وأَرغفة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والأَفِيق مِنَ الإِنسان وَمِنْ كُلِّ بَهِيمَةٍ جِلْدُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَشْقَى بِهِ صَفْحُ الفَرِيصِ والأَفَقْ
وأَفَقُ الطَّرِيقِ: سَنَنُه. والأَفَقةُ: المَرقةُ مِنْ مَرَق الإِهاب. والأَفقة: الْخَاصِرَةُ، وَجَمْعُهَا أَفَق؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الآفِقة مِثْلُ فَاعِلَةٍ. وأُفاقةُ: مَوْضِعٌ ذَكَرَهُ لَبِيَدٌ فَقَالَ:
وشَهِدْتُ أَنْجِيَةَ الأُفاقةِ عالِياً ... كَعْبي، وأَرْدافُ المُلوكِ شُهودُ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْجَعْدِيِّ:
ونحنُ رَهَنَّا بالأُفاقةِ عامِراً، ... بِمَا كَانَ فِي الدِّرْداء رَهْناً فأُبْسِلا
وَقَالَ العَوّامُ بْنُ شَوْذَب: «1» .
قَبَحَ الإِلَهُ عِصابةً مِنْ وائلٍ يومَ ... الأُفاقةِ أَسْلَمُوا بِسْطاما
ألق: الأَلْقُ والأُلاقُ والأَوْلَقُ: الجُنُون، وَهُوَ فَوْعل، وَقَدْ أَلَقَه اللهُ يأْلِقُه أَلْقاً. وَرَجُلٌ مأْلُوق ومُأَوْلَقٌ عَلَى مِثَالِ مُعَوْلَقٍ مِنَ الأَوْلَق؛ قَالَ الرِّيَاشِيُّ: أَنشدني أَبو عُبَيْدَةَ:
كأَنَّما بِي مِن أَرَانِي أَوْلَقُ
وَيُقَالُ لِلْمَجْنُونِ: مُأَوْلَق، عَلَى وَزْنِ مُفَوْعل؛ وقال الشَّاعِرُ:
ومُأَوْلَقٍ أَنْضَجْتُ كَيّةَ رأْسِه، ... فتركْتُه ذَفِراً كريحِ الجَوْرَبِ
هُوَ لِنَافِعِ بْنِ لَقِيط الأَسدي، أَي هَجْوتُه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ الأَولق أَفعل لأَنه يُقَالُ أُلِق الرجلُ فَهُوَ مَأْلُوق عَلَى مَفعول؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قولُ الْجَوْهَرِيِّ هَذَا وهَم مِنْهُ، وَصَوَابُهُ أَن يَقُولَ وَلَق الرجلُ يَلِقُ، وأَما أُلِقَ فَهُوَ يَشْهَدُ بِكَوْنِ الْهَمْزَةِ أَصلًا لَا زَائِدَةً. أَبو زَيْدٍ: امرأَة أَلَقى، بِالتَّحْرِيكِ، قَالَ وَهِيَ السَّرِيعَةُ الوَثْبِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قول الشاعر:
__________
(1) . قوله [العوام بن شوذب] كذا في الأَصل وشرح القاموس؛ وعبارة ياقوت: العوام أخو الحرث بن همام(10/7)
ولا أَلَقَى ثَطَّةُ الحاجِبيْنِ، ... مُحْرَفةُ الساقِ، ظَمْأَى القَدَمْ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
شَمَرْدَل غَيْر هُراء مِئْلَق
قَالَ: المِئلَق مِنَ المأْلُوق وَهُوَ الأَحمق أَو المَعْتُوه. وأُلِقَ الرَّجُلُ يُؤْلَق أَلْقاً، فَهُوَ مأْلوق إِذَا أَخذه الأَوْلَق؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شاهدُ الأَوْلق الْجُنُونُ قَوْلُ الأَعشى:
وتُصْبِح عَنْ غِبِّ السُّرى وكأَنّها ... أَلَمَّ بِهَا، مِنْ طائِف الجِنِّ، أَوْلَقُ
وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ يَهْجُو وَلَدَ يَعْصُر وَهُمْ غَنِيٌّ وباهِلةُ والطُّفاوةُ:
أَباهِل، مَا أَدْرِي أَمِنْ لُؤْمِ مَنْصِبي ... أُحِبُّكُمُ، أَم بِي جُنونٌ وأَوْلَقُ؟
والمأْلُوق: اسْمُ فَرَسِ المُحَرِّش «1» . بْنِ عَمْرٍو صِفَةٌ غَالِبَةٌ عَلَى التَّشْبِيهِ. والأَولَقُ: الأَحمق. وأَلَقَ البرقُ يأْلِق أَلْقاً وتأَلَّق وائْتلَق يَأْتَلق ائْتلاقاً: لمَعَ وأَضاء؛ الأَول عَنِ ابْنِ جِنِّي؛ وَقَدْ عَدَّى الأَخير ابْنُ أَحمر فَقَالَ:
تُلَفِّفُها بِدِيباجٍ وخَزٍّ ... ليَجْلُوها، فَتَأْتَلِقُ العُيونا
وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَدَّاهُ بِإِسْقَاطِ حَرْفٍ أَو لأَنَّ مَعْنَاهُ تَخْتَطِفُ. والائتلاقُ: مِثْلُ التأَلُّق. والإِلَّق: المُتأَلِّق، وَهُوَ عَلَى وَزْنِ إمَّع. وبرقٌ أَلّاق: لَا مَطَرَ فِيهِ. والأَلْقُ: الْكَذِبُ. وأَلَق البرقُ يأْلِقُ أَلْقاً إِذَا كَذَبَ. والإِلاق: الْبَرْقُ الْكَاذِبُ الَّذِي لَا مَطَرَ فِيهِ. وَرَجُلٌ إلاقٌ: خَدَّاعٌ مُتَلَوِّنٌ شُبِّهَ بِالْبَرْقِ الأُلَّق؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
ولسْت بِذِي مَلَقٍ كاذِبِ ... إلاقٍ، كَبَرْقٍ مِنَ الخُلَّبِ
فَجُعِلَ الكَذوب إِلَاقًا. وَبَرْقٌ أُلَّق: مِثْلُ خُلَّب. والأَلوقةُ: طَعَامٌ يُصلَح بالزُّبد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَدِيثُك أَشْهَى عِنْدَنَا مِنْ أَلُوقةٍ، ... يُعَجِّلها طَيّانُ شَهْوانُ للطُّعْمِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ الأَلوقة هُوَ الزُّبْدُ بالرُّطَب، وَفِيهِ لُغَتَانِ أَلُوقة ولُوقة؛ وأَنشد لِرَجُلٍ مِنْ عُذْرة:
وإنِّي لِمَنْ سالَمْتُمُ لأَلُوقةٌ، ... وإنِّي لِمَنْ عاديتُمُ سَمُّ أَسْوَد
ابْنُ سِيدَهْ: والأَلوقة الزُّبْدَةُ؛ وَقِيلَ: الزُّبْدَةُ بالرُّطَب لتأَلُّقِها أَي بَرِيقها، قَالَ: وَقَدْ تَوَهَّمَ قَوْمٌ أَن الأَلوقة «2» . لَمَّا كَانَتْ هِيَ اللُّوقة فِي الْمَعْنَى وَتَقَارَبَتْ حُرُوفُهُمَا مِنْ لَفْظِهِمَا، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، لأَنها لَوْ كَانَتْ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ لَوَجَبَ تَصْحِيحُ عَيْنِهَا إِذْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي أَولها مِنْ زِيَادَةِ الْفِعْلِ، وَالْمِثَالُ مِثَالُهُ، فَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَن تَكُونَ أَلْوُقَةً، كَمَا قَالُوا فِي أَثْوُب وأَسْوق وأَعْيُن وأَنْيُب بِالصِّحَّةِ ليُفْرق بِذَلِكَ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ. وَرَجُلٌ إلْقٌ: كَذُوب سيِء الخُلُق. وامرأَة إِلْقَةٌ: كَذُوب سَيِّئَةُ الْخُلُقِ. والإِلْقة السِّعْلاة، وَقِيلَ الذِّئْبُ. وامرأَة إلْقةٌ: سَرِيعَةُ الْوَثْبِ. ابْنُ الأَعرابي: يقال للذئب سِلْقٌ
__________
(1) . قوله [المحرش] بالشين المعجمة، وفي القاموس بالقاف
(2) . قوله [أن الأَلوقة لما إلخ] كذا بالأَصل، ولعله أن الأَلوقة من لوق لما كانت أي لكونها(10/8)
وإلْق. قَالَ اللَّيْثُ: الإِلقة تُوصَفُ بِهَا السِّعلاة وَالذِّئْبَةُ والمرأَة الجَريئة لخُبْثهن. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعوذ بِكَ مِنَ الأَلْس والأَلْقِ
؛ هُوَ الْجُنُونُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا أَحسَبه أَراد بالأَلْق إِلَّا الأَوْلَقَ وَهُوَ الْجُنُونُ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِهِ الْكَذِبَ، وَهُوَ الأَلْق والأَوْلَق، قَالَ: وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: أَلْق وإلْق، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، ووَلْق، وَالْفِعْلُ مِنَ الأَول أَلَقَ يأْلِقُ، وَمِنَ الثَّانِي ولَقَ يلِقُ. وَيُقَالُ: بِهِ أُلاق وأُلاس، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، أَي جُنُونٌ مِنَ الأَوْلَق والأَلْس. وَيُقَالُ مِنَ الأَلْق الَّذِي هُوَ الْكَذِبُ فِي قَوْلِ الْعَرَبِ: أَلَقَ الرجلُ فَهُوَ يأْلِقُ أَلْقاً فَهُوَ آلِق إِذَا انْبَسَطَ لِسَانُهُ بالكذب؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُوَ مِنَ الوَلْق الْكَذِبِ فأَبدل الْوَاوَ هَمْزَةً، وَقَدْ أَخذه عَلَيْهِ ابْنُ الأَنباري لأَن إِبْدَالَ الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ الْمَفْتُوحَةِ لَا يُجْعَلُ أَصلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُتَكَلَّمُ بِمَا سُمِعَ مِنْهُ. وَرَجُلٌ إِلَاقٌ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، أَي كَذُوبٌ، وأَصله مِنْ قَوْلِهِمْ بَرْقٌ إِلَاقٌ أَي لَا مَطَرَ مَعَهُ. والأَلَّاق أَيضاً: الْكَذَّابُ، وَقَدْ أَلَق يأْلِق أَلْقاً. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: بِهِ أُلاق وأُلاس مِنَ الأَوْلق والأَلْس، وَهُوَ الْجُنُونُ. والإِلق، بِالْكَسْرِ: الذِّئْبُ، والأُنثى إلْقة، وَجَمْعُهَا إلَقٌ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا للقِردة إِلَقَةٌ وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ إلْق، وَلَكِنْ قِرْدٌ ورُبّاح؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ المُعتمِر:
تبارَكَ اللهُ وسبحانَه، ... مَن بيَدَيهِ النفْعُ والضَّرُّ
مَن خَلْقُه فِي رِزْقه كلُّهم: ... الذِّيخُ والثًيْتَلُ والغُفْرُ
وساكِنُ الجَوّ إِذَا مَا عَلا ... فِيهِ، ومَن مَسْكَنُه القَفْرُ
والصَّدَعُ الأَعْصَمُ فِي شاهِقٍ، ... وجَأْبةٌ مَسْكَنُها الوَعْرُ
والحَيّةُ الصَّمّاء فِي جُحْرِها، ... والتُّتْفُلُ الرائغُ والذَّرُّ
وهِقْلةٌ تَرْتاعُ مِن ظِلِّها، ... لَهَا عِرارٌ وَلَهَا زَمْرُ
تَلْتَهِمُ المَرْوَ عَلَى شَهْوةٍ، ... وحَبُّ شَيْءٍ عِنْدَهَا الجَمْرُ
وظَبْيةٌ تخْضِم فِي حَنْظَلٍ، ... وعقربٌ يُعْجِبها التمْرُ
وإلْقةٌ تُرْغِثُ رُبّاحَها، ... والسَّهْلُ والنوْفَلُ والنَّضْرُ
أمق: أَمْقُ الْعَيْنِ: كمُؤْقها.
أَنَقَ: الأَنَقُ: الإِعْجابُ بِالشَّيْءِ. تَقُولُ: أَنِقْت بِهِ وأَنا آنَق بِهِ أنَقاً وأَنا بِهِ أَنِق: مُعْجَب. وَإِنَّهُ لأَنِيقٌ مُؤَنَّقٌ: لِكُلِّ شَيْءٍ أَعجبَك حُسْنه. وَقَدْ أَنِق بِالشَّيْءِ وأَنِق لَهُ أَنَقاً، فَهُوَ بِهِ أَنِقٌ: أُعْجِبَ. وأَنا بِهِ أَنِق أَيْ مُعْجَب؛ قَالَ:
إِنَّ الزُّبَيْرَ زَلِقٌ وزُمَّلِقْ، ... جاءتْ بِهِ عَنْسٌ مِنَ الشامِ تَلِق،
لَا أَمِنٌ جَلِيسُه وَلَا أَنِقْ
أَي لَا يأْمَنُه وَلَا يأْنَق بِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ أَنِقْت بِالشَّيْءِ أَي أُعْجِبت بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
قزَعةَ مَوْلَى زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَبا سَعِيدٍ يحدِّث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بأَربع فآنقَتْني
أَي أَعجبتْني؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ أَيْنَقْنَني. وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: لَا أَيْنَقُ بِحَدِيثِهِ أَي لَا(10/9)
أُعْجَب، وَهِيَ هَكَذَا تُرْوَى. وآنقَني الشَّيْءُ يُؤْنِقُني إِينَاقًا: أَعجبني. وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ: أَنِقْت الشَّيْءَ أَحببْته؛ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُمْ: رَوضة أَنيق، فِي مَعْنَى مأْنُوقة أَي مَحْبُوبَةٍ، وَأَمَّا أَنِيقة فَبِمَعْنَى مُؤْنِقة. يُقَالُ: آنقَني الشَّيْءُ فَهُوَ مُؤْنِق وأَنِيق، وَمِثْلُهُ مؤْلم وأَلِيم ومُسمِع وَسَمِيعٌ؛ وَقَالَ:
أَمِنْ رَيْحانةَ الدّاعِي السميعُ
وَمِثْلُهُ مُبدِع وَبَدِيعٌ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ*؛ ومُكِلٌّ وكَلِيل؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
حَتَّى شَآهَا كَلِيلٌ، مَوْهِناً، عَمِلٌ، ... باتَتْ طِراباً، وباتَ الليلَ لَمْ يَنَمِ
والأَنَقُ: حُسْن المَنْظر وإعْجابه إِيَّاكَ. والأَنَقُ: الفرَحُ والسُّرور، وَقَدْ أَنِقَ، بِالْكَسْرِ، يأْنَقُ أَنَقاً. والأَنَقُ: النباتُ الحسَن الْمُعْجَبُ، سمِّي بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَتْ أَعرابية: يَا حَبَّذَا الخَلاء آكلُ أَنَقي وأَلبَس خَلَقي وَقَالَ الرَّاجِزُ:
جَاءَ بَنُو عَمِّك رُوّادُ الأَنَقْ
وَقِيلَ: الأَنَق اطِّراد الخُضْرة فِي عَيْنَيْكَ لأَنها تُعجِب رَائِيَهَا. وَشَيْءٌ أَنيقٌ: حَسَنٌ مُعجِب. وتأنَّق فِي الأَمر إِذَا عَمِلَهُ بِنِيقةٍ مِثْلَ تَنَوَّقَ، وَلَهُ إناقةٌ وأَناقةٌ ولَباقةٌ. وتأَنَّقَ فِي أُموره: تجوَّد وَجَاءَ فِيهَا بِالْعَجَبِ. وتأَنَّقَ المَكانَ: أعجَبه فعَلِقَه لَا يُفَارِقُهُ. وتأَنَّق فُلَانٌ فِي الرَّوضة إِذَا وَقَعَ فِيهَا مُعْجَبًا بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِذَا وقعتُ فِي آلِ حم وقعتُ فِي رَوْضاتٍ أَتأَنَّقُهنّ
، وَفِي التَّهْذِيبِ: وقعتُ فِي روْضاتٍ دَمِثاتٍ أَتأَنَّقُ فِيهِنَّ؛ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ أَتأَنق فِيهِنَّ أَتَتبَّع مَحَاسِنَهُنَّ وأُعْجَبُ بِهِنَّ وأَستلذُّ قِرَاءَتَهُنَّ وأَتمتَّعُ بِمَحَاسِنِهِنَّ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: مَنْظَرٌ أَنيق إِذَا كَانَ حَسَنًا مُعْجِبًا، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ
عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: مَا مِنْ عاشِية أَشدُّ أَنَقاً وَلَا أَبعدُ شِبَعاً مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ
أَي أَشد إِعْجَابًا وَاسْتِحْسَانًا ومحَبَّة ورَغْبة. والعاشِيةُ مِنَ العَشاء: وَهُوَ الأَكل بِاللَّيْلِ. وَمِنْ أَمثالهم: لَيْسَ المُتعلِّق كالمُتأَنِّق؛ مَعْنَاهُ لَيْسَ الْقَانِعُ بالعُلْقة وَهِيَ البُلْغة مِنَ الْعَيْشِ كَالَّذِي لَا يَقْنَع إِلَّا بآنَق الأَشياء وأَعجبها. وَيُقَالُ: هُوَ يتأَنّق أَي يَطلُب آنَق الأَشياء. أَبو زَيْدٍ: أَنِقْت الشَّيْءَ أَنَقاً إِذَا أَحببْته؛ وَتَقُولُ: روْضة أَنِيق وَنَبَاتٌ أَنيق. والأَنُوقُ عَلَى فَعُول: الرَّخَمة، وَقِيلَ: ذَكَرُ الرَّخَمِ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْوقَ الرَّجُلُ إِذَا اصْطَادَ الأَنُوق وَهِيَ الرَّخَمَةُ. وَفِي الْمَثَلِ: أَعزُّ مِنْ بَيْضِ الأَنُوق لأَنها تُحْرِزه فَلَا يَكَادُ يُظْفَر بِهِ لأَن أَوْكارها فِي رؤوس الْجِبَالِ والأَماكن الصعْبة الْبَعِيدَةِ، وَهِيَ تُحمَّق مَعَ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: ترقَّيتُ إِلَى مَرْقاةٍ يقْصُر دُونَهَا الأَنُوق
؛ هِيَ الرَّخَمَةُ لأَنها تَبِيضُ في رؤُوس الْجِبَالِ والأَماكن الصَّعْبَةِ؛ وَفِي الْمَثَلِ:
طَلبَ الأَبْلَقَ العَقُوقَ، فَلَمَّا ... لَمْ يَجِدْهُ، أَرادَ بيضَ الأَنُوقِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يُعْنى بِهِ الرَّخَمَةُ الأُنثى وأَن يُعْنَى بِهِ الذَّكَرُ لأَن بَيْضَ الذَّكَرِ مَعْدُومٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُضَافَ الْبَيْضُ إِلَيْهِ لأَنه كَثِيرًا مَا يحضُنها، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا، كَمَا يحضُن الظَّلِيمُ بَيْضَهُ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ أَو أَبو حَيَّة النُّمَيْري:(10/10)
فَمَا بَيْضةٌ باتَ الظَّلِيمُ يَحُفُّها، ... لَدَى جُؤْجُؤٍ عَبْلٍ، بمَيْثاءِ حَوْمَلا
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: افْرِضْ لِي، قَالَ نَعَمْ، قَالَ وَلِوَلَدِي، قَالَ لَا، قَالَ وَلِعَشِيرَتِي، قَالَ لَا؛ ثُمَّ تَمَثَّلَ:
طَلبَ الأَبلقَ العَقوقَ، فَلَمَّا ... لَمْ يَجِدْهُ، أَراد بَيضَ الأَنوق
العَقُوقُ: الْحَامِلُ مِنَ النُّوق، والأَبلق: مِنْ صِفَاتِ الذُّكُورِ، وَالذَّكَرُ لَا يَحْمِلُ فكأَنه قَالَ طَلَب الذَّكَرَ الْحَامِلَ. وبَيضُ الأَنوق مثَل لِلَّذِي يطلبُ المُحال الممتنِع، وَمِنْهُ الْمَثَلُ: أَعَزُّ مِنْ بَيْضِ الأَنُوق والأَبلقِ الْعَقُوقِ، وَفِي الْمَثَلِ السَّائِرِ فِي الرَّجُلِ يُسأَل مَا لَا يَكُونُ وَمَا لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ: كلَّفْتَني الأَبْلَقَ العَقُوق؛ وَمِثْلُهُ: كلَّفتني بَيْضَ الأَنوق. وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِرَجُلٍ أَرَادَهُ عَلَى حَاجَةٍ لَا يُسأَل مِثْلَهَا وَهُوَ يَفْتِل لَهُ فِي الذِّرْوة والغاربِ: أَنا أَجَلُّ مِنَ الحَرْشِ ثُمَّ الخَديعةِ، ثُمَّ سَأَلَهُ أُخْرَى أَصْعبَ مِنْهَا فأَنشد الْبَيْتَ المَثَلَ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وبيضُ الأَنوق عَزِيزٌ لَا يُوجَدُ، وَهَذَا مَثَلٌ يُضرب لِلرَّجُلِ يَسأَل الهَيِّنَ فَلَا يُعْطَى، فيَسأَل مَا هُوَ أَعز مِنْهُ. وَقَالَ عُمارةُ: الأَنوقُ عِنْدِي العُقاب وَالنَّاسُ يَقُولُونَ الرخَمة، والرخمةُ تُوجَدُ فِي الخَرابات وَفِي السهْل. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَنوق طَائِرٌ أَسود لَهُ كالعُرْف يُبعِد لِبَيْضِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِيهِ مُوقُ الأَنُوق لأَنها تُحمَّق؛ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْكُمَيْتُ فَقَالَ:
وذاتِ اسْمَينِ، والأَلوانُ شَتَّى، ... تُحَمَّقُ، وَهْيَ كَيِّسةُ الحَوِيلِ
يَعْنِي الرَّخَمَةَ. وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا ذَاتُ اسْمَيْنِ لأَنها تسمَّى الرَّخَمَةَ والأَنُوقَ، وَإِنَّمَا كَيِسَ حَوِيلُها لأَنها أَوَّل الطَّيْرِ قِطاعاً، وَإِنَّمَا تَبِيضُ حَيْثُ لَا يَلْحَق شَيْءٌ بَيْضَهَا، وَقِيلَ: الأَنوق طَائِرٌ يُشْبِهُ الرَّخَمَةَ فِي القَدِّ والصَّلَعِ وصُفْرة المِنقار، وَيُخَالِفُهَا أَنها سَوْدَاءُ طَوِيلَةُ المِنْقار؛ قَالَ العُدَيْلُ بْنُ الفَرْخ:
بَيْضُ الأَنُوقِ كسِرِّهِنَّ، ومَن يُرِدْ ... بَيْضَ الأَنوقِ، فإنه بمَعاقِل
أهق: الأَيْهُقانُ: الجَرْجِيرُ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْجَرْجِيرُ الْبَرِّيُّ، وَهُوَ فَيْعُلان. وَفِي حَدِيثِ
قُسِّ بْنِ ساعِدَة: ورَضِيع أَيْهُقان
؛ هُوَ الْجَرْجِيرُ الْبَرِّيُّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَعَلا فُروع الأَيْهُقانِ، وأَطفَلَت ... بالجَلْهَتَينِ ظِباؤُها ونَعامُها
إِنْ نَصَبْتَ فروعَ جَعَلْتَ الأَلف الَّتِي فِي فَعلا لِلتَّثْنِيَةِ أَي الجَوْدُ والرِّهامُ هُمَا فَعَلَا فُروعَ الأَيهقان وأَنْبتاها، وَإِنْ رَفَعْتَهُ جَعَلْتَهَا أَصْلِيَّةً مِنْ عَلا يَعْلُو، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ يُشْبِهُ الْجَرْجِيرُ وَلَيْسَ بِهِ؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مِنَ الْعُشْبِ الأَيهقان وَإِنَّمَا اسْمُهُ النَّهَقُ، قَالَ: وَإِنَّمَا سَمَّاهُ لَبِيدٌ الأَيْهُقان حَيْثُ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ فِي الشِّعْرِ إِلَّا الأَيهقان، قَالَ: وَهِيَ عُشبة تَطُولُ فِي السَّمَاءِ طُولًا شَدِيدًا، وَلَهَا وَرْدَةٌ حَمْرَاءُ وَوَرَقَةٌ عَرِيضَةٌ، وَالنَّاسُ يأْكلونه، قَالَ: وسأَلت عَنْهُ بَعْضَ الأَعراب فَقَالَ: هُوَ عُشْبَةٌ تَسْتَقِلُّ مِقْدَارَ السَّاعِدِ، وَلَهَا وَرَقَةٌ أَعظم مِنْ وَرَقَةِ الحُوَّاءة وَزَهْرَةٌ بَيْضَاءُ، وَهِيَ تُؤْكَلُ وَفِيهَا مَرَارَةٌ، وَاحِدَتُهُ أَيْهُقانة، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي زِيَادٍ مِنْ أَن الأَيْهُقان مُغَيَّرٌ عَنِ النهَق مَقْلُوبٌ مِنْهُ خطأٌ، لأَن سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى الأَيْهُقان فِي الأَمثلة الصَّحِيحَةِ الْوَضْعِيَّةِ الَّتِي لم يُعْنَ بها غيرها، فَقَالَ: وَيَكُونُ عَلَى فَيْعُلان فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ نَحْوِ الأَيْهُقانِ والصَّيْمُرانِ والزَّيْبُدان(10/11)
والهَيْرُدانِ، وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى فَيْعُلان دُونَ أَفْعُلان، وَإِنْ كَانَتِ الْهَمْزَةُ تَقَعُ أَولًا زَائِدَةً، لِكَثْرَةِ فيْعُلان كالخَيْزُران والحَيْسُمان وقلة أَفعُلان.
أوق: الأُوقةُ: هَبْطة يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وَجَمْعُهَا أُوَق. والأَوْقُ: الثِّقَلُ. وأَلقى عَلَيْهِ أَوْقَه أَي ثِقَلَه؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
إليكَ حَتَّى قلَّدُوكَ طوْقَها، ... وحَمَّلُوكَ عِبْأَها وأَوْقَها
وآقَ عَلَيْنَا فُلَانٌ أَوْقاً أَي أَشْرَفَ؛ وأَنشد:
آقَ عَلَيْنَا، وَهُوَ شَرُّ آيِقِ، ... وجاءَنا مِن بَعْدُ بالبَهالِقِ
وَيُقَالُ: آقَ عَلَيْنَا مالَ بأَوْقِه، وَهُوَ الثِّقَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: آقَ عَلَيْنَا أَتانا بالأَوْقِ، وَهُوَ الشُّؤْمُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ بَيْتٌ مؤَوَّقُ، والمؤوَّقُ: المَشْؤُوم؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وبَيْت يَفُوحُ المِسْكُ فِي حَجَراتِه، ... بعيدٌ مِنَ الآفاتِ غَيْرُ مُؤَوَّقِ
أَي غير مَشْؤُوم. وَيُقَالُ: آقَ فُلَانٌ عَلَيْنَا يؤُوق أَي مَالَ عَلَيْنَا. والأَوْقُ: الثِّقَلُ. وَقَدْ أَوَّقْته تأْويقاً أَي حمَّلته المَشقَّة وَالْمَكْرُوهَ؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ المُثَنَّى الطُّهَوِيُّ:
عَزَّ عَلَى عَمِّكِ أَن تُؤَوَّقي، ... أَو أَنْ تَبِيتي لَيْلةً لَمْ تُغْبَقِي،
أَو أَن تُرَيْ كأْباء لَمْ تَبْرَنْشِقي
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: أَوَّقْتُه تأْوِيقاً، وَهُوَ أَن تُقلِّل طعامَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عزَّ عَلَى عَمِّكِ أَن تؤَوَّقي
والمُؤَوِّقُ: الَّذِي يؤخِّرُ طعامَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَوْ كَانَ حُتْرُوشُ بْنُ عَزَّةَ راضِياً ... سِوَى عَيْشِه هَذَا بعَيْشٍ مُؤَوَّقِ
ابْنُ شُمَيْلٍ: والأُوقةُ الرَّكِيَّة مِثْلُ البالُوعةِ هُوَّةٌ فِي الأَرض خَلِيقة فِي بُطُونِ الأَودِية وَتَكُونُ فِي الرِّياض أَحياناً أُسَمِّيها إِذَا كَانَتْ قَامَتَيْنِ أُوقةً، فَمَا زَادَ وَمَا كَانَ أقلَّ مِنْ قَامَتَيْنِ فَلَا أَعُدُّها أُوقة، وَفَمُهَا مِثْلُ فَمِ الرَّكِيَّة وأَوسع أَحياناً، وَهِيَ الْهُوَّةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وانْغَمَسَ الرَّامي لَهَا بينَ الأُوَقْ ... فِي غِيلِ قَصباء وخِيسٍ مُخْتَلَقْ
والأُوقِيَّةُ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ: زِنةُ سبْعةِ مَثَاقِيلَ، وَقِيلَ: زِنَةُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، فَإِنْ جَعَلَتْهَا أُفعُولة فَهِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْبَابِ. والأَوْقُ: اسْمُ مَوْضِعٍ: قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
أَتاهُنَّ أَنَّ مِياهَ الذُّهابِ ... فالمُلْجِ فالأَوْقِ فالمِيثَبِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَمَتَّعْ من السِّيدانِ والأَوْقِ نظْرةً، ... فقلْبُك للسِّيدانِ والأَوْقِ آلِفُ
فَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ.
أيق: الأَيْقُ: الوَظِيفُ، وَقِيلَ عظمه، وقال أَبُو عُبَيْدٍ: الأَيْقان مِنَ الوَظيفين مَوْضِعَا القَيْد وَهُمَا القَيْنان؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وقامَ المَها يَعْقِلْنَ كلَّ مُكَبَّلٍ، ... كما رُضَّ أيْقَا مُذْهَبِ اللَّوْنِ صافِنِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الأَيْقُ هُوَ المَرِيطُ بَيْنَ الثُّنَّةِ وأُمّ القِرْدان مِنْ بَاطِنِ الرُّسْغ.(10/12)
فصل الباء
بثق: البَثْقُ: كسْرُك شطَّ النَّهْرِ لِيَنْشَقَّ الْمَاءُ. ابْنُ سِيدَهْ: بَثَق شِقَّ النَّهْرِ يَبْثُقه بَثْقاً كسَره ليَنبَعِث ماؤُه، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ البَثْقُ والبِثْقُ، وَقِيلَ: هَمَا مُنْبَعَثُ الْمَاءِ، وَجَمْعُهُ بُثوق. وَقَدْ بَثَقَ الماءُ وانْبَثَقَ عَلَيْهِمْ إِذَا أَقبل عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَظُنُّوا بِهِ، وَانْبَثَقَ عَلَيْهِمُ الأَمرُ: هجَم مِنْ غَيْرِ أَن يشعرُوا بِهِ. وبَثَق السيلُ مَوْضِعَ كَذَا يبثُق بَثْقاً وبِثْقاً؛ عَنْ يَعْقُوبَ، أَي خَرَقه وشقَّه فَانْبَثَقَ لَهُ أَي انفجَر؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ بَثْقُ السَّيْلِ، بِفَتْحِ الْبَاءِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلرَّكِيَّةِ المُمتلِئة مَاءً بَاثِقَةٌ وَقَدْ بثَقت تبثُق بثُوقاً، وَهِيَ الطَّامِيَةُ. وَفُلَانٌ باثِقُ الكَرْمِ أَي غَزِيرُه. والبثَق: دَاءٌ يُصِيبُ الزَّرْعَ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ، وَقَدْ بثِقَ.
بخق: البَخَق: أَقبح مَا يَكُونُ مِنَ العَوَر وأَكثرُه غَمَصاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَمَا بعَيْنَيْه عواوِيرُ البَخَقْ
وَقَالَ شَمِرٌ: البَخَق أَن تَخْسِف العينُ بَعْدَ العَوَر. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ إِذَا بُخِقَتْ مائةُ دِينَارٍ
؛ أَرَادَ إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ صَحِيحَةَ الصُّورَةِ قَائِمَةً فِي مَوْضِعِهَا إِلَّا أَن صَاحِبَهَا لَا يُبصِر ثُمَّ بُخِقَتْ بعدُ فَفِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ؛ قَالَ شَمِرٌ: أَراد زَيْدٌ أَنها إِنْ عَوِرت وَلَمْ تَنْخَسف وَهُوَ لَا يُبصر بِهَا إِلَّا أَنها قَائِمَةٌ ثُمَّ فُقِئت بَعْدُ فَفِيهَا مِائَةُ دِيَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: البَخَق أَن يذهَب بصرُه وَتَبْقَى عَيْنُهُ مُنْفتحة قَائِمَةً. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: بَخِقَت عينُه إِذَا ذَهَبَتْ، وأَبْخَقْتُها إِذَا فقأْتها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ نَهْيه عَنِ البَخْقاء فِي الأَضاحي، وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ يَصِفُ الأَحنَف: كَانَ ناتئَ الوَجْنة باخِقَ الْعَيْنِ.
ابْنُ سِيدَهْ: بخَقَت عينُه وبَخِقَت: عارَتْ أشدَّ العوَر، وَالْفَتْحُ أَعلى. وَعَيْنٌ بَخْقاء وبَخِيق وبَخِيقة: عوْراء، وَقَدْ بَخَقَها يَبْخَقُها بَخْقاً وأَبْخَقَها: عوَّرها. وَرَجُلٌ بَخِيق وأَبْخَقُ: مَبْخُوق الْعَيْنِ. الْجَوْهَرِيُّ: البَخَق، بِالتَّحْرِيكِ.، العَوَر بانْخِساف العين.
بخدق: بُخْدُقٌ: الحَب الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ [اسْفيُوش] «3» . قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ الْبَخْدَقُ نَبْتٌ وَلَمْ يُعْرَفْ إِلَّا مِنْ أُم الهيثم.
بخنق: اللَّيْثُ: البُخْنُق بُرْقُع يُغَشِّي العُنق وَالصَّدْرَ، والبُرْنُس الصَّغِيرُ يُسَمَّى بُخْنَقاً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَلَيْهِ مِنَ الظَّلْماء جُلٌّ وبُخْنَقُ
ابْنُ سِيدَهْ: البُخْنُق الْبُرْقُعُ الصَّغِيرُ. والبُخْنُق: خِرْقَةٌ تَلْبَسُهَا المرأَة فَتُغَطِّي رأْسها مَا قبَلَ مِنْهُ وَمَا دَبَر غَيْرَ وسَط رأْسها، وَقِيلَ: هِيَ خِرْقَةٌ تَقَنَّع بِهَا وتَخِيطُ طَرَفَيْها تَحْتَ حَنَكِهَا وتَخِيط مَعَهَا خِرْقة عَلَى مَوْضِعِ الْجَبْهَةِ. يُقَالُ: تَبَخْنَقَت، وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهِ المِحْنك. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: البُخْنُقُ والبُخْنَقُ أَن تُخاط خِرْقَةٌ مَعَ الدِّرع فَيَصِيرُ كأَنه تُرْس فَتَجْعَلُهُ المرأَة عَلَى رأْسها. الصِّحَاحُ فِي تَرْجَمَةِ بَخَقَ: الْبُخْنُقُ خِرْقَةٌ تَقَنَّع بِهَا الْجَارِيَةُ وَتَشُدُّ طرفيْها تَحْتَ حَنَكِهَا لتُوقِّي الخِمار مِنَ الدُّهْن أَو الدُّهْنَ مِنَ الغُبار. ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ الْبُخْنُقُ أَصل عُنُقِ الْجَرَادَةِ، وبُخْنق الجَرادة: الجِلْباب الَّذِي عَلَى أَصْلِ عُنقها، وَجَمْعُهُ بَخانِقُ، وَبَعْضُ بَنِي عُقَيْل يَقُولُ بُحْنق. والمُبَخْنَق مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي أَخَذت غُرَّتُه لِحْيَيْهِ إِلَى أُصول أُذنيه.
__________
(3) . قوله [اسفيوش] كذا في الأَصل بالشين المعجمة، وفي شرح القاموس بالمهملة(10/13)
بذق: الباذِقُ والباذَقُ: الْخَمْرُ الأَحمر. وَرَجُلٌ حاذِقٌ باذِق: إِتْبَاعٌ.
وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ الباذِقِ فَقَالَ: سبقَ مُحَمَّدٌ الباذِقَ، وَمَا أَسكر فَهُوَ حَرَامٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الباذِقُ والباذَق كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ عُرِّبت فَلَمْ نَعرفها؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ تَعْرِيبُ باذَه، وَهُوَ اسْمُ الْخَمْرِ بِالْفَارِسِيَّةِ، أَي لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَو سَبَقَ قَوْلُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ، وَمِمَّا أُعرب البَياذِقة الرجَّالة، وَمِنْهُ بَيْذَقُ الشِّطْرَنج؛ وَحَذَفَ الشَّاعِرُ الْيَاءَ فَقَالَ:
وللشَّرِّ سُوَّاقٌ خِفافٌ بُذُوقُها
أَراد خفافٌ بياذِقُها كأَنه جَعَلَ الْبَيْذَقَ بَذْقاً؛ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ بُزُرْجَ. وَفِي غَزوة الْفَتْحِ: وجعلَ أَبا عُبَيْدَةَ عَلَى البياذِقةِ؛ هُمُ الرَّجَّالَةُ، وَاللَّفْظَةُ فَارِسِيَّةٌ مُعْرِبَةٌ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِخِفَّةِ حَرَكَتِهِمْ وأَنهم لَيْسَ مَعَهُمْ ما يُثقلهم.
بذرق: الْمُحْكَمُ: البَذْرَقَةُ فَارِسِيٌّ معرَّب؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: البَذْرقة الخُفارة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُتَنَبِّي: أُبَذْرَقُ وَمَعِي سَيْفِي؛ وَقَاتَلَ حَتَّى قُتل. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: لَيْسَتِ البَذْرقة عَرَبِيَّةٌ وَإِنَّمَا هِيَ فَارِسِيَّةٌ فعرَّبتها الْعَرَبُ. يُقَالُ: بعَثَ السُّلْطَانُ بَذْرَقة مَعَ الْقَافِلَةِ، بِالذَّالِ مُعْجَمَةً. وَقَالَ الْهَرَوِيُّ فِي فَصْلِ عَصَمَ مِنْ كِتَابِهِ الْغَرِيبَيْنِ: إِنَّ الْبَذْرَقَةَ يُقَالُ لَهَا عِصْمة أَيْ يُعْتَصَمُ بها.
برق:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: البَرْقُ سَوط مِنْ نُورٍ يَزجرُ بِهِ الملَكُ السَّحَابَ.
والبَرْقُ: وَاحِدُ بُروق السَّحَابِ. والبَرقُ الَّذِي يَلمع فِي الْغَيْمِ، وَجَمْعُهُ بُروق. وبرَقت السَّمَاءُ تَبْرُق بَرْقاً وأَبْرَقتْ: جاءَت بِبَرق. والبُرْقةُ: المِقْدار مِنَ البَرْق، وَقُرِئَ:
يَكَادُ سنَا بُرَقِه
، فَهَذَا لَا مَحَالَةَ جَمْعُ بُرْقة. وَمَرَّتْ بِنَا الليلةَ سَحَابَةٌ بَرَّاقَةٌ وبارقةٌ أَي سَحَابَةٌ ذَاتُ بَرْق؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وأَبْرَق الْقَوْمُ: دَخَلُوا فِي البَرْق، وأَبرقُوا البرْق: رأَوْه؛ قَالَ طُفَيْل:
ظَعَائِنُ أَبْرَقْنَ الخَرِيفَ وشِمْنَه، ... وخِفْنَ الهُمامَ أَن تُقاد قَنَابِلُهْ
قَالَ الْفَارِسِيُّ: أَراد أَبْرَقْن بَرْقه. وَيُقَالُ: أَبرقَ الرَّجُلُ إِذَا أَمَّ البرقَ أَي قصَده. والبارِقُ: سَحَابٌ ذُو بَرْق. وَالسَّحَابَةُ بارقةٌ، وسحابةٌ بَارِقَةٌ: ذَاتُ بَرق. وَيُقَالُ: مَا فَعَلَتِ الْبَارِقَةُ الَّتِي رأَيتَها الْبَارِحَةَ؟ يَعْنِي السَّحَابَةَ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا بَرق؛ عَنِ الأَصمعي. بَرَقَت السَّمَاءُ ورعَدَت بَرَقاناً أَي لَمَعَت. وبرَق الرَّجل ورعَد يرعُد إِذَا تَهَدَّدَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
يَا جَلَّ مَا بَعُدَتْ عليكَ بِلادُنا ... وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرْضِكَ وارْعُدِ
وبرَق الرَّجُلُ وأبرَق: تهدَّد وأَوْعد، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، كأَنه أَراه مَخِيلةَ الأَذى كَمَا يُري البرقُ مخيلةَ المطَر؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذَا خَشِيَتْ مِنْهُ الصَّرِيمة، أَبرَقَتْ ... لَهُ بَرْقةً مِنْ خُلَّبٍ غَيْرِ ماطِرِ
جَاءَ بِالْمَصْدَرِ عَلَى برَقَ لإِن أَبْرَقَ وبرَق سَوَاءٌ، وَكَانَ الأَصمعي يُنْكِرُ أَبْرق وأَرعد وَلَمْ يَكُ يَرَى ذَا الرُّمة حُجةً؛ وَكَذَلِكَ أَنشد بَيْتَ الْكُمَيْتِ:
أَبْرِقْ وأَرْعِد يَا يزيدُ، ... فَمَا وَعِيدُك لِي بِضائرْ
فَقَالَ: هُوَ جُرْمُقانِيّ. اللَّيْثُ: البَرق دخِيل فِي الْعَرَبِيَّةِ وَقَدِ اسْتَعْمَلُوهُ، وَجَمْعُهُ البِرْقان. وأَرْعَدْنا وأَبْرَقْنا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا أَي رأَينا الْبَرْقَ وَالرَّعْدَ. وَيُقَالُ: برْق الخُلَّبِ وبرقُ خُلَّبٍ، بالإِضافة،(10/14)
وبرقٌ خُلَّبٌ بِالصِّفَةِ، وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَطَرٌ. وأَرعَد القومُ وأَبرَقُوا أَي أَصابهم رَعْد وبَرق. واستَبْرَقَ المكانُ إِذَا لَمَع بِالْبَرْقِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَسْتَبْرِقُ الأُفُقُ الأَقصَى، إِذَا ابْتَسَمَتْ، ... لَمْعَ السُّيُوفِ، سِوَى أَغْمادِها، القُضُبِ
وَفِي صِفَةِ أَبي إدريسَ: دخلْت مَسْجِدَ دِمَشْقَ فَإِذَا فَتًى بَرّاقُ الثَّنَايَا؛ وصَف ثَنَايَاهُ بالحُسن والضِّياء «1» وَأَنَّهَا تَلْمَع إِذَا تبسَّم كَالْبَرْقِ، أَراد صِفَةَ وَجْهِهِ بالبِشْر والطَّلاقة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
تَبْرقُ أَساريرُ وجههِ
أَي تَلْمَعُ وتَسْتَنِيرُ كالبَرْق. بَرق السيفُ وَغَيْرُهُ يَبْرُق بَرْقاً وبَرِيقاً وبرُوقاً وبَرَقاناً: لمَع وتَلأْلأَ، وَالِاسْمُ البَريق. وسيفٌ إبْريق: كَثِيرُ اللَّمَعان وَالْمَاءِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
تَعَلَّق إبْرِيقاً، وأَظهر جَعْبةً ... ليُهْلِكَ حَيّاً ذَا زُهاء وجامِلِ
والإِبْريقُ: السيفُ الشديدُ البَرِيق؛ عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ: سُمِّيَ بِهِ لِفِعْلِهِ، وأَنشد الْبَيْتَ الْمُتَقَدِّمَ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الإِبريق السَّيْفُ هَاهُنَا، سُمِّيَ بِهِ لبَرِيقِه، وَقَالَ غَيْرُهُ: الإِبريق هَاهُنَا قَوْس فِيهِ تَلامِيعُ. وجاريةٌ إبريقٌ: بَرَّاقَةُ الْجِسْمِ. والبارِقةُ: السيوفُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِهَا لِبَيَاضِهَا. ورأَيت البارِقةَ أَيْ بريقَ السِّلَاحِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رأْسه فِتْنَةً
أَيْ لَمَعانِها. وَفِي حَدِيثِ
عَمّار، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الجنةُ تَحْتَ الْبَارِقَةِ
أَيْ تَحْتَ السُّيُوفِ. يُقَالُ لِلسِّلَاحِ إِذَا رَأَيْتَ برِيقَه: رأيتُ الْبَارِقَةَ. وأبرَق الرَّجُلُ إِذَا لَمَعَ بِسَيْفِهِ وبَرق بِهِ أَيْضًا، وأبرَق بِسَيْفِهِ يُبْرق إِذَا لَمَعَ بِهِ. وَلَا أَفعله مَا برَق فِي السَّمَاءِ نَجْمٌ أَي مَا طَلَعَ، عَنْهُ أَيضاً، وَكُلُّهُ مِنَ الْبَرْقِ. والبُراق: دَابَّةٌ يَرْكَبُهَا الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، مُشْتَقَّةٌ مِنَ البَرْق، وَقِيلَ: الْبُرَاقُ فَرَسُ جِبْرِيلَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الْجَوْهَرِيُّ: الْبُرَاقُ اسْمُ دَابَّةٍ رَكِبَهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْلَةَ المِعْراج، وذُكر فِي الْحَدِيثِ قَالَ:
وَهُوَ الدَّابَّةُ الَّتِي رَكِبَهَا لَيْلَةَ الإِسْراء
؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لنُصوع لَوْنِهِ وشدَّة بَرِيقِهِ، وَقِيلَ: لسُرعة حَرَكَتِهِ شَبَّهَهُ فِيهَا بالبَرْق. وشيءٌ برّاقٌ: ذُو بَرِيق. والبُرقانة: دُفْعة «2» الْبَرِيقِ. وَرَجُلٌ بُرْقانٌ: بَرَّاقُ الْبَدَنِ. وبرَّقَ بصَرَه: لأْلأَ بِهِ. اللَّيْثُ: برَّق فُلَانٌ بِعَيْنَيْهِ تَبْريقاً إِذَا لأْلأَ بِهِمَا مِنْ شدَّة النَّظَرِ؛ وأَنشد:
وطَفِقَتْ بعَيْنِها تَبْريقا ... نحوَ الأَميرِ، تَبْتَغي تَطْليقا
وبرَّقَ عَيْنَيْهِ تَبْرِيقًا إِذَا أَوسَعَهما وأَحدَّ النَّظَرَ. وبرَّق: لوَّح بِشَيْءٍ لَيْسَ لَهُ مِصْداق، تَقُولُ الْعَرَبُ: برَّقْت وعرَّقْت؛ عرَّقْتُ أَي قلَّلت. وعَمِل رَجُلٌ عَمَلًا فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: عرَّقْتَ وبرَّقت لوَّحتَ بِشَيْءٍ لَيْسَ لَهُ مِصداق. وبَرِقَ بصرُه بَرَقاً وبرَق يبرُق بُرُوقاً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: دَهِشَ فَلَمْ يُبْصِرْ، وَقِيلَ: تحيَّر فَلَمْ يَطْرِفْ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَوْ أنَّ لُقمانَ الحَكيمَ تَعَرَّضَتْ ... لعَينيْهِ مَيٌّ سافِراً، كادَ يَبْرَقُ
وَفِي التَّنْزِيلِ: فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ
، وبَرَقَ، قُرئ بِهِمَا جَمِيعًا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَ عَاصِمٌ وأَهل الْمَدِينَةِ بَرِقَ
،
__________
(1) . قوله [والضياء] الذي في النهاية: والصفاء
(2) . قوله [والبرقانة دفعة] ضبطت في الأَصل الباء بالضم.(10/15)
بِكَسْرِ الرَّاءِ، وقرأَها نَافِعٌ وَحْدَهُ برَق، بِفَتْحِ الرَّاءِ، مِنَ البَريق أَي شخَص، وَمَنْ قرأَ بَرِقَ
فَمَعْنَاهُ فَزِع؛ وأَنشد قَوْلَ طرَفة:
فنَفْسَكَ فانْعَ وَلَا تَنْعَني، ... وداوِ الكُلومَ وَلَا تَبْرَقِ
يَقُولُ: لَا تَفزَعْ مِنْ هَوْل الجِراح الَّتِي بِكَ، قَالَ: وَمَنْ قرأَ بَرَق يَقُولُ فَتَحَ عَيْنَيْهِ مِنَ الفزَع، وبرَقَ بصرُه أَيْضًا كَذَلِكَ. وأَبرَقَه الفزَعُ. والبَرَقُ أَيْضًا: الْفَزَعُ. وَرَجُلٌ بَرُوقٌ: جَبان. ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: البُرْقُ الضِّبابُ، والبُرْقُ الْعَيْنُ المُنْفتحة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عَنْهُمَا: لِكُلِّ دَاخِلٍ بَرْقة
أَي دَهْشة، والبَرَقُ: الدهَشُ. وَفِي حَدِيثِ
عَمرو: أَنه كَتَبَ إِلَى عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إنَّ الْبَحْرَ خَلْق عَظِيمٌ يَرْكبه خَلق ضَعيف دُود عَلَى عُود بَيْنَ غرَق وبَرَق
؛ البَرَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: الحَيْرة والدهَش. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
إِذَا بَرِقَتِ الأَبصار
، يَجُوزُ كَسْرُ الرَّاءِ وَفَتْحُهَا، فَالْكَسْرُ بِمَعْنَى الحَيْرة، وَالْفَتْحُ بِمَعْنَى الْبَرِيقِ اللُّموع. وَفِي حَدِيثِ
وَحْشِيّ: فَاحْتَمَلَهُ حَتَّى إِذَا برِقَت قَدَمَاهُ رمَى بِهِ
أَي ضَعُفتا وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ برَق بَصَرُهُ أَي ضَعُفَ. وَنَاقَةٌ بَارِقٌ: تَشَذَّرُ بِذَنَبِهَا مِنْ غَيْرِ لقَح؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَبرَقَت الناقةُ بذَنبها، وَهِيَ مُبرِق وبَرُوقٌ؛ الأَخيرة شَاذَّةٌ: شَالَتْ بِهِ عِنْدَ اللَّقاح، وبرَقت أَيضاً، ونُوق مَبارِيقُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ إِذَا شالَت بِذَنَبِهَا وتلقَّحت وَلَيْسَتْ بِلَاقِحٍ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: دَعْني مِنْ تَكْذابِك وتأْثامك شَوَلانَ البَرُوق؛ نَصْبُ شَوَلَانَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَي أَنك بِمَنْزِلَةِ النَّاقَةِ الَّتِي تُبْرِق بِذَنَبِهَا أَيْ تشولُ بِهِ فَتُوهِمُكَ أَنها لَاقِحٌ، وَهِيَ غَيْرُ لَاقِحٍ، وَجَمْعُ البَرُوق بُرْقٌ. وَقَوْلُ ابْنِ الأَعرابي، وَقَدْ ذَكَرَ شهرَزُورَ: قَبَّحَهَا اللَّهُ إِنَّ رِجَالَهَا لنُزْق وإنَّ عَقَارِبَهَا لبُرْق أَي أَنها تَشُولُ بأَذنابها كَمَا تَشُولُ النَّاقَةُ البَروق. وأَبرقت المرأَة بِوَجْهِهَا وَسَائِرِ جِسْمِهَا وبرَقت؛ الأَخيرة «3» عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وبرَّقَت إِذَا تعرَّضت وتحسَّنت، وَقِيلَ: أَظْهرته عَلَى عَمْد؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَخْدَعْنَ بالتبْريق والتأَنُّث
وامرأَة برَّاقة وإبْريق: تَفْعَلُ ذَلِكَ. اللِّحْيَانِيُّ: امرأَة إِبْرِيقٌ إِذَا كَانَتْ برَّاقة. ورعَدت المرأَة وبرَقَت أَي تزيَّنت. والبُرْقانةُ: الجَرادة الْمُتَلَوِّنَةُ، وَجَمْعُهَا بُرْقانٌ. والبُرْقةُ والبَرْقاء: أَرض غَلِيظَةٌ مُخْتَلِطَةٌ بِحِجَارَةٍ وَرَمْلٍ، وَجَمْعُهَا بُرَقٌ وبِراقٌ، شَبَّهُوهُ بِصِحاف لأَنه قَدِ اسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الأَسماء، فَإِذَا اتَّسَعَتِ البُرقة فَهِيَ الأَبْرَقُ، وَجَمْعُهُ أَبارق، كسِّر تَكْسِيرَ الأَسماء لِغَلَبَتِهِ. الأَصمعي: الأَبْرقُ والبَرْقاء غِلَظ فِيهِ حِجَارَةٌ وَرَمْلٌ وَطِينٌ مُخْتَلِطَةٌ، وَكَذَلِكَ البُرْقة، وَجَمْعُ البَرقاء بَرْقاوات، وَتُجْمَعُ البُرقة بِراقاً. وَيُقَالُ: قُنْفُذُ بُرْقةٍ كَمَا يُقَالُ ضَبُّ كُدْية، وَالْجَمْعُ بُرَقٌ. وتَيْسٌ أَبرقُ: فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مِنَ الْغَنَمِ أَبرق وبَرقاء للأُنثى، وَهُوَ مِنَ الدَّوَابِّ أَبلَق وبَلْقاء، وَمِنَ الْكِلَابِ أَبقَع وبَقْعاء. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَبْرِقُوا فإنَّ دمَ عَفْراء أَزكى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْداوين
، أَي ضَحُّوا بِالْبَرْقَاءِ، وَهِيَ الشَّاةُ الَّتِي فِي خِلال صُوفِهَا الأَبيض طَاقَاتٌ سود، وقيل: معناه
__________
(3) . قوله [الأَخيرة إلخ] ضبطت في الأَصل بتخفيف الراء، ونسب في شرح القاموس برّقت مشددة للحياني.(10/16)
اطلُبوا الدَّسَمَ والسِّمَن، مِنْ بَرَقْت لَهُ إِذَا دسَّمْتَ طَعَامَهُ بالسمْن. وجبَل أَبرقُ: فِيهِ لونانِ مِنْ سَوَادٍ وَبَيَاضٍ، وَيُقَالُ للجبَل أَبرقُ لبُرْقة الرَّمْلِ الَّذِي تَحْتَهُ. ابْنُ الأَعرابي: الأَبرقُ الْجَبَلُ مَخْلُوطًا بِرَمْلٍ، وَهِيَ البُرْقةُ ذاتُ حِجَارَةٍ وَتُرَابٍ، وَحِجَارَتُهَا الْغَالِبُ عَلَيْهَا الْبَيَاضُ وَفِيهَا حِجَارَةٌ حُمر وَسُودٌ، والترابُ أَبيض وأَعْفر وَهُوَ يَبْرُقُ لَكَ بلوْن حِجَارَتِهَا وَتُرَابِهَا، وَإِنَّمَا بَرْقُها اختلافُ أَلْوَانِهَا، وتُنْبِت أَسنادُها وظهرُها البقْلَ وَالشَّجَرَ نَبَاتًا كَثِيرًا يَكُونُ إِلَى جَنْبِهَا الرَّوضُ أَحْيَانًا؛ وَيُقَالُ لِلْعَيْنِ بَرْقاء لِسَوَادِ الحَدقة مَعَ بَيَاضِ الشحْمة؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
بمُنْحَدِرٍ مِنْ رأْسِ بَرْقاءَ، حَطَّه ... تذَكُّرُ بَيْنٍ مَنْ حَبِيبٍ مُزايِلِ «1»
. يَعْنِي دَمْعاً انحدَرَ مِنَ الْعَيْنِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَراد الْعَيْنَ لِاخْتِلَاطِهَا بِلَوْنَيْنِ مِنْ سَوَادٍ وَبَيَاضٍ. ورَوْضة بَرْقاء: فِيهَا لَوْنَانِ مِنَ النبْت؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَدَى رَوْضةٍ قَرْحاءَ بَرْقاء جادَها، ... مِنَ الدَّلْوِ والوَسْمِيِّ، طَلٌّ وهاضِبُ
وَيُقَالُ لِلْجَرَادِ إِذَا كَانَ فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ: بُرْقانٌ؛ وكلُّ شَيْءٍ اجْتَمَعَ فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، فَهُوَ أَبْرق. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ للجَنادِب البُرْقُ؛ قَالَ طَهْمان الْكِلَابِيُّ:
قَطَعْت، وحِرْباء الضُّحى مُتَشَوِّسٌ، ... ولِلْبُرْقِ يَرْمَحْنَ المِتانَ نَقِيقُ
والنَّقِيق: الصَّرِير. أَبُو زَيْدٍ: إِذَا أَدَمْتَ الطَّعَامَ بدَسَم قَلِيلٍ قُلْتَ بَرَقْتُه أَبْرُقُه بَرْقاً. والبُرْقةُ: قِلَّة الدسَم فِي الطَّعَامِ. وبَرَقَ الأُدْمَ بِالزَّيْتِ والدسَم يَبْرُقُه بَرْقاً وبُروقاً: جَعَلَ فِيهِ شَيْئًا يَسِيرًا، وَهِيَ البَريقة، وَجَمْعُهَا بَرائقُ، وَكَذَلِكَ التبارِيقُ. وبرَق الطعامَ يبرُقه إِذَا صَبَّ فِيهِ الزَّيْتَ. والبَريقةُ: طَعَامٌ فِيهِ لَبَنٌ وَمَاءٌ يُبْرَقُ بالسمْن والإِهالةِ؛ ابْنُ السِّكِّيتِ عَنْ أَبي صَاعِدٍ: البَرِيقةُ وَجَمْعُهَا بَرائقُ وَهِيَ اللَّبَنُ يُصَبُّ عَلَيْهِ إهالةٌ أَوْ سَمْنٌ قَلِيلٌ. وَيُقَالُ: ابْرُقوا الْمَاءَ بِزَيْتٍ أَيْ صبُّوا عَلَيْهِ زَيْتًا قَلِيلًا. وَقَدْ بَرَقُوا لَنَا طَعَامًا بِزَيْتٍ أَوْ سمْن برْقاً: وَهُوَ شَيْءٌ مِنْهُ قَلِيلٌ لَمْ يُسَغْسِغُوه أَي لَمْ يُكثروا دُهْنه. المُؤرِّج: بَرَّق فُلَانٌ تَبْرِيقًا إِذَا سَافَرَ سَفَرًا بَعِيدًا، وبَرَّقَ مَنْزِلَهُ أَيْ زَيَّنه وزَوَّقَه، وبرَّقَ فُلَانٌ فِي الْمَعَاصِي إِذَا أَلَحَّ فِيهَا، وبَرَّق لِي الأَمْرُ أَيْ أعْيا علَيَّ. وبَرَق السِّقاءُ يَبْرُق بَرْقاً وبُروقاً: أَصَابَهُ حرٌّ فذابَ زُبْده وتقطَّع فَلَمْ يَجْتَمِعْ. يُقَالُ: سِقاء بَرِقٌ. والبُرَقِيُّ: الطُّفَيْلِيُّ، حجازيَّة. والبَرَقُ: الحَمَلُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَجَمْعُهُ أبْراقٌ وبِرْقانٌ وبُرقان. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
أَنَّ صاحِبَ رايتِه فِي عَجْب ذَنبه مِثْلَ أَلْيةِ البَرَقِ وَفِيهِ هُلْباتٌ كهُلْبات الْفَرَسِ
؛ الْبَرَقُ، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ: الحمَل، وَهُوَ تَعْرِيبُ بَرَهْ بِالْفَارِسِيَّةِ. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ: تسُوقُهم النارُ سَوقَ البَرَقِ
الكَسِير أَيِ الْمَكْسُورِ القَوائم يَعْنِي تَسُوقُهُمُ النَّارُ سَوْقاً رَفِيقاً كَمَا يُساق الحَمَل الظَّالِعُ. والإِبْرِيقُ: إِنَاءٌ، وَجَمْعُهُ أبارِيقُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
ودَعا بالصَّبُوحِ، يَوْمًا، فجاءَتْ ... قَيْنةٌ فِي يَمينِها إبْرِيقُ
وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ الكُوز. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَرَّةً:
__________
(1) . قوله [تذكر] في الصحاح: مخافة(10/17)
هُوَ الْكُوزُ، وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ مِثْلُ الْكُوزِ وَهُوَ فِي كُلِّ ذَلِكَ فَارِسِيٌّ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ
؛ وأَنشد أَبُو حَنِيفَةَ لشُبْرُمةَ الضَّبِّي:
كأَنَّ أَبارِيقَ الشَّمُولِ عَشِيّةً ... إوَزٌّ بأَعْلى الطَّفِّ، عُوجُ الحناجِرِ
وَالْعَرَبُ تُشَبِّهُ أبارِيقَ الْخَمْرِ بِرِقَابِ طَيْرِ الْمَاءِ؛ قَالَ أَبُو الهِنْدِيّ:
مُفَدَّمة قَزّاً، كأنَّ رِقابَها ... رِقابُ بناتِ الْمَاءِ أَفْزَعَها الرَّعْد
وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
بأَبارِيقَ شِبْهِ أَعْناقِ طَيْرِ الماءِ ... قَدْ جِيبَ، فوْقَهُنَّ، حَنِيفُ
وَيُشَبِّهُونَ الإِبْرِيق أَيْضًا بِالظَّبْيِ؛ قَالَ عَلْقَمةُ بْنُ عَبْدة:
كأَنَّ إبْرِيقَهم ظبيٌ عَلَى شَرَفٍ، ... مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتّانِ مَلْثُومُ
وَقَالَ آخَرُ
كأنَّ أبارِيقَ المُدامِ لدَيْهِمُ ... ظِباء، بأعْلى الرَّقْمَتَيْنِ، قِيامُ
وَشَبَّهَ بعضُ بَنِي أَسَدٍ أُذن الكُوز بِيَاءِ حطِّي؛ فَقَالَ أَبُو الْهِنْدِيِّ اليَرْبوعِيّ:
وصُبِّي فِي أُبَيْرِقٍ مَلِيحٍ، ... كأنَّ الأُذْن مِنْهُ رَجْعُ حُطِّي
والبَرْوَقُ: مَا يكْسُو الأَرض مِنْ أَوّل خُضْرة النَّبَاتِ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: البَرْوَقُ شَجَرٌ ضَعِيفٌ لَهُ ثَمَرٌ حبٌّ أَسْوَدُ صِغَارٌ، قَالَ: أَخبرني أَعرابي قَالَ: البَرْوَقُ نَبْتٌ ضَعِيفٌ رَيّانُ لَهُ خِطَرةٌ دِقاقٌ، في رُؤوسِها قَماعِيلُ صِغار مِثْلَ الحِمَّص، فِيهَا حَبٌّ أَسْوَدُ وَلَا يَرْعَاهَا شَيْءٌ وَلَا تُؤْكَلُ وَحْدَهَا لأَنها تُورِث التَّهَبُّجَ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ بَقْلَةُ سَوْء تَنْبُت فِي أَوَّلِ الْبَقْلِ لَهَا قَصبة مِثْلَ السِّياط وَثَمَرَةٌ سَوْداء، وَاحِدَتُهُ بَرْوَقة. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: هُوَ أشكَرُ مِنْ بَرْوقٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعِيشُ بأدْنى نَدًى يَقَعُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقِيلَ: لأَنه يَخْضَرُّ إِذَا رَأَى السَّحَابَ. وبَرِقَت الإِبل وَالْغَنَمُ، بِالْكَسْرِ، تَبْرَق بَرَقاً إِذَا اشْتَكت بُطونها مِنْ أَكْلِ البَرْوَق؛ وَيُقَالُ أَيْضًا: أضْعفُ مِنْ بَرْوقةٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كأَنَّ سُيوفَ التَّيْمِ عيدانُ بَرْوَقٍ، ... إِذَا نُضِيَت عَنْهَا لحَرْبٍ جُفُونُها
وبارِقٌ وبُرَيْرِقٌ وبُرَيْقٌ وبُرْقان وبَرّاقة: أَسماء. وَبَنُو أبارِقَ: قَبِيلَةٌ. وبارِقٌ: مَوْضِعٌ إِلَيْهِ تُنسب الصِّحافُ الْبَارِقِيَّةُ؛ قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
فَمَا إنْ هُما فِي صَحْفةٍ بارِقِيّةٍ ... جَديدٍ، أُمِرَّتْ بالقَدُومِ وبالصَّقْلِ
أَراد وبالمِصْقلة، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا عطَف العرَض عَلَى الجَوْهَر. وبِراقٌ: مَاءٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ:
فأَحْمَى رأْسَه بِصَعيدِ عَكٍّ، ... وسائرَ خَلْقِه بَجبا بِراقِ
وَبَارِقٌ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ مِنْهُمْ مُعَقَّر بْنُ حِمار البارِقي الشَّاعِرُ. وبارِقٌ: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْكُوفَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أسْود بْنِ يَعْفُرَ:
أرضُ الخَوَرْنَقِ والسَّديرِ وبارِقٍ، ... والقَصْرِ ذِي الشُّرفاتِ مِنْ سِنْدادِ(10/18)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِ الأَسود: أَهلِ الْخَوَرْنَقِ بِالْخَفْضِ؛ وَقَبْلَهُ:
مَاذَا أُؤمِّلُ بعدَ آلِ مُحَرِّقٍ، ... تَرَكُوا مَنازِلَهم، وبعدَ إيادِ؟
أهلِ الْخَوَرْنَقِ ... الْبَيْتَ، وخفضُه عَلَى الْبَدَلِ مِنْ آلِ، وَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ بأَرض فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَنْصُوبَةً بَدَلًا مِنْ منازِلَهم. وتُبارِقُ: اسْمُ مَوْضِعٍ أَيْضًا؛ عَنْ أَبِي عَمْرٍو؛ وَقَالَ عِمْران بْنُ حِطَّانَ:
عَفا كَنَفا حَوْرانَ مِنْ أُمِّ مَعْفَسٍ، ... وأقْفَر مِنْهَا تُسْتَرٌ وتُبارِقُ «1»
. وبُرْقة: مَوْضِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ بُرْقةَ، وَهُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ بِهِ مَالٌ كَانَتْ صدَقاتُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهَا. وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ هُنَا: الإِسْتبرقُ الدّيباجُ الغليظُ، فَارِسِيٌّ معرَّب، وتصغيره أُبَيْرِق.
برزق: البَرازِيقُ: الْجَمَاعَاتُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: جَماعاتُ النَّاسِ، وَقِيلَ: جماعات الخيل، وقيل: هم الفُرسان، وَاحِدُهُمْ بِرْزِيق، فَارِسِيٌّ معرَّب، وَقَدْ تُحْذَفُ الْيَاءُ فِي الْجَمْعِ؛ قَالَ عُمارة:
أَرْض بِهَا الثِّيرانُ كالبَرازِقِ، ... كأَنما يَمْشِينَ فِي اليَلامِقِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقوم السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ الناسُ بَرازِيقَ
يَعْنِي جماعاتٍ، وَيُرْوَى بَرازِقَ، وَاحِدُهُ بِرْزاق وبَرْزَقٌ. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ: أَلَمْ تَكُنْ مِنْكُمْ نُهاةٌ يَمْنَعُونَ الناسَ عَنْ كَذَا وَكَذَا وَهَذِهِ البَرازِيق
؛ وَقَالَ جُهَيْنة بْنُ جُنْدَب بْنِ العَنْبر بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ:
رَدَدْنا جَمْعَ سابُورٍ، وأَنتم ... بِمَهْواةٍ، مَتالِفُها كثيرُ
تَظَلُّ جِيادنا مُتَمَطِّراتٍ ... بَرازِيقاً، تُصَبِّحُ أَوْ تُغِيرُ
يَعْنِي جَمَاعَاتِ الْخَيْلِ. وَقَالَ زِيَادٌ: مَا هَذِهِ البَرازِيقُ الَّتِي تَتَرَدَّدُ؟ وتَبَرْزَق القومُ: اجْتَمَعُوا بِلَا خَيْلٍ وَلَا رِكاب؛ عَنِ الهَجَرِيّ. والبَرْزَق: نَبَاتٌ؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: هَذَا مُنْكَرٌ وأراه بَرْوقٌ فغُيِّر.
برشق: التَّهْذِيبُ فِي رُبَاعِيِّ الْقَافِ: الأَصمعي رَجُلٌ مُبْرَنْشِقٌ فَرِحٌ مَسرور، قَالَ: وحدَّثت الرشيدَ هرونَ بِحَدِيثٍ فابْرَنْشَق أَيْ فَرِح وسُرَّ؛ وَرُبَّمَا قَالُوا: ابرنْشقَ الشَّجَرُ إِذَا أزْهَر؛ وَقَالَ فِي آخِرِ الْخُمَاسِيِّ مِنْ حَرْفِ الْعَيْنِ: اقْرَنْشَعَ الرَّجُلُ إِذَا سُرّ، وابْرَنْشَق مِثْلُهُ؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ المُثَنَّى الطُّهَوي:
أَوْ أنْ تُرَيْ كَأْباء لم تَبْرَنْشِقي
برنق: البِرْنِيقُ: مِنْ أَسْمَاءِ الكَمْأَة؛ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: بِرْنيق ضَرْبٌ مِنَ الْكَمْأَةِ صِغَارٌ أَسْوَدُ. وَبَنُو بِرْنِيق: بُطَيْن مِنَ العرب.
بزق: البَزْقُ والبَصْق: لُغَتَانِ فِي البُزاق والبُصاق، بَزَق يَبْزُق بَزْقاً. وبَزَقَ الأَرضَ: بذَرها. التَّهْذِيبُ: لُغَةٌ فِي الْيَمَنِ بزَقُوا الأَرضَ أَيْ بذَرُوها، وبزَقَت الشمسُ كبَزَغَتْ. وَفِي حَدِيثِ
أَنَسٍ قَالَ:
__________
(1) . قوله [حوران] كذا هو في الأَصل وشرح القاموس بالراء، وهي من أعمال دمشق الشام، وحوران ايضاً: ماء بنجد، وأما حوزان، بالزاي: فناحية من نواحي مرو الروذ من نواحي خراسان، أفاده ياقوت ولعلها أنسب لقوله تستر(10/19)
أَتينا أَهلَ خَيْبَرَ حِينَ بزَقت الشَّمْسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِساحةِ قَوْمٍ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ
؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رُوِيَ بِالْقَافِ وَالْمَعْرُوفُ بزَغَت، بَالْغَيْنِ، أَيْ طَلَعَتْ، قَالَ: وَلَعَلَّ بَزَقَتْ لُغَةٌ، وَالْغَيْنُ وَالْقَافُ مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ، قَالَ: وَأَحْسَبُ الرِّوَايَةَ برقَت، بالراء.
بسق: بسَقَ الشَّيْءَ يَبْسُق بُسوقاً: تَمَّ طُولُهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ
؛ الْفَرَّاءُ: باسقاتٍ طُولًا؛ يُقَالُ: بَسَق طُولًا فَهُنَّ طِوال النخلِ. وبَسق النخلُ بُسوقاً أَيْ طَالَ. وَفِي حَدِيثِ
قُطْبةَ بْنِ مَالِكٍ: صَلَّى بِنَا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قرأَ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ
؛ الباسِقُ: الْمُرْتَفِعُ فِي عُلُوّه. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ السَّحَابَةِ:
كَيْفَ تَرَوْن بواسِقَها
؟ أَيْ مَا اسْتَطَالَ مِنْ فُروعها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قُسٍّ: مِنْ بواسِقِ أُقْحُوان
، وَحَدِيثُ
ابْنِ الزُّبير: وارْجَحَنّ بَعْدَ تبَسُّق
أَيْ ثَقُل ومالَ بعد ما ارْتَفَعَ ذِكْرُهُ دُونَهُمْ. وَبَسَقَ عَلَى قَوْمِهِ: عَلاهم فِي الْفَضْلِ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي نَوْفَلٍ:
يَا ابْنَ الَّذِينَ بفَضْلِهم ... بسَقَت عَلَى قَيْسٍ فَزاره
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الحَنَفِيّةِ: كَيْفَ بسَق أَبُو بَكْرٍ أصحابَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ أَيْ كَيْفَ ارْتَفَعَ ذِكْرُهُ دُونَهُمْ. والبُسوقُ: عُلوُّ ذِكر الرَّجُلِ فِي الفَضل. وبَسق بَسْقاً: لُغَةٌ فِي بصَق. وبُساقة الْقَمَرِ: حَجَرٌ أَبْيَضُ صَافٍ يتلأْلأَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الصَّادِ أَيْضًا. التَّهْذِيبُ: بصَق وبسَق وبزَق وَاحِدٌ. الْجَوْهَرِيُّ: البُساق البُصاق. وَفِي حَدِيثِ الحُديْبِية:
فَقَعَدَ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى جَبا الرَّكِيّة فَإِمَّا دَعا وَإِمَّا بَسق فِيهَا
؛ لُغَةٌ فِي بَصَق. وبَواسِقُ السَّحَابِ: أَوَائِلُهُ؛ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وأبْسقت الناقةُ والشاةُ، وَهِيَ مُبْسِق ومِبْساق وبَسُوق؛ الأَخيرة عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ: وقَع اللِّبَأُ فِي ضَرْعِهَا قَبْلَ النِّتاج، ونُوق مَباسِيق، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ البِكر إِذَا جَرَى اللَّبَنُ فِي ثَدْيِهَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: أبْسَقت النَّاقَةُ إِذَا أَنْزَلَتِ اللَّبَنَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ بِشَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ فتُحلَب، قَالَ: وَرُبَّمَا أَبْسَقَتْ وَلَيْسَتْ بِحَامِلٍ فأَنزلت اللَّبَنَ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَنَّ الْجَارِيَةَ تُبْسِق وَهِيَ بِكْرٌ، يَصِيرُ فِي ثَدْيِهَا لَبَنٌ. الْيَزِيدِيُّ: أَبْسقت النَّاقَةُ وأَبْزقت إِذَا أَنزلت اللَّبَنَ. الأَصمعي: إِذَا أَشْرَقَ ضَرْع النَّاقَةِ وَوَقَعَ فِيهِ اللَّبَنُ فَهِيَ مُضْرع، فَإِذَا وَقَعَ فِيهِ اللبأُ قَبْلَ النِّتَاجِ فَهِيَ مُبسِق. والبَسْقةُ: الحَرّةُ، وَجَمْعُهَا بِساقٌ؛ قَالَ كُثيّر عَزّةَ:
قَضَيْتُ لُبانَتي وصَرَمْتُ أَمْرِي، ... وعَدَّيْتُ المَطِيّةَ فِي بِساقِ
وبُساق: بَلد. وَقَالَ اللَّيْثُ: بُسَاقٌ جَبَلٌ بِالْحِجَازِ مِمَّا يَلي الغَوْر.
بستق: التَّهْذِيبُ: قَدِم أَعْرَابِيٌّ مِنْ نَجْدٍ بعضَ القُرى فَقَالَ:
سَقَى نَجْداً وساكِنَه هَزِيمٌ ... حَثِيثُ الوَدْقِ، مُنْسَكِبٌ يَماني
بلادٌ لَا يُحَسُّ البَقُّ فِيهَا، ... وَلَا يُدْرَى بِهَا مَا البَسْتَقاني
وَلَمْ يُسْتَبَّ ساكِنُها عِشاء ... بكَشْخانٍ، وَلَا بالقَرْطبانِ
قِيلَ: البَسْتَقاني صَاحِبُ البُستان، وَقِيلَ: هُوَ الناطُور.(10/20)
بشق: الباشَقُ: اسْمُ طَائِرٍ، أَعجمي مُعَرَّبٌ. التَّهْذِيبُ: فِي نَوَادِرِ الأَعراب بَشَقْته بِالْعَصَا وفشَخْتُه. وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسْقاء:
بَشِقَ المسافرُ ومُنِع الطريقُ
، قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَي انْسَدَّ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: بَشِقَ أَي أَسْرع مِثْلَ بَشِكَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تأَخَّر، وَقِيلَ: حُبِس، وَقِيلَ: مَلَّ، وَقِيلَ: ضَعُف. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: بَشِقَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لَثِق مِنَ اللَّثَق وَهُوَ الوَحَلُ، وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مَشِقَ أَي صَارَ مزِلّةً وزَلَقاً، وَالْمِيمُ وَالْبَاءُ مُتقارِبان؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا هُوَ بالباءِ مِنْ بشَقْت الثَّوْبَ وبَشَكْته إِذَا قَطَعْتَهُ فِي خِفّةٍ؛ أَيْ قُطِع الْمُسَافِرُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ بِالنُّونِ مِنْ قَوْلِهِمْ نَشِقَ الظبْيُ فِي الحِبالة إِذَا عَلِقَ فِيهَا. وَرَجُلٌ بَشِقٌ إِذَا كَانَ يَدْخُلُ فِي أُمور لَا يَكَادُ يَخْلُص منها.
بصق: البُصاقُ: لُغَةٌ فِي البُزاق، بَصَق يَبْصُق بَصْقاً. اللَّيْثُ: بصَق لُغَةٌ فِي بزَق وبسَقَ. وبُصاقةُ الْقَمَرِ وبُصاقُه: حَجَرٌ أَبْيَضُ مُتَلأْلئٌ. وبُصاقُ الإِبل: خِيارُها، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي كُلِّ ذَلِكَ سَوَاءٌ. وبُصاقٌ: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ لَا يَدْخُلُهُ اللَّامُ. والبُصاق: جِنس مِنَ النَّخْلِ. أَبُو عَمْرٍو: البَصْقةُ حَرّة فِيهَا ارْتِفاعٌ، وَجَمْعُهَا بِصاقٌ. والبَصُوقُ: أبْكَاءُ الْغَنَمِ.
بطق: البِطاقةُ: الوَرقةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: البِطاقة رُقْعة صَغِيرَةٌ يُثْبَتُ فِيهَا مِقْدار مَا تَجْعَلُ فِيهِ، إِنْ كَانَ عَيْنًا فوزْنُه أَو عَدَدُهُ، وَإِنْ كَانَ مَتَاعًا فقِيمته. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ لِامْرَأَةٍ سَأَلَتْهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ: اكتُبِيها فِي بِطَاقَةٍ
أَيْ رُقْعة صَغِيرَةٍ، وَيُرْوَى بِالنُّونِ وَهُوَ غَرِيبٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْبِطَاقَةُ رُقْعَةٌ صَغِيرَةٌ وَهِيَ كَلِمَةٌ مُبْتَذَلَةٌ بِمِصْرَ وَمَا وَالَاهَا، يَدْعُونَ الرُّقْعَةَ الَّتِي تَكُونُ فِي الثَّوْبِ وَفِيهَا رقْمُ ثَمنِه بِطَاقَةً؛ هَكَذَا خُصِّصَ فِي التَّهْذِيبِ، وعمَّ الْمُحْكَمُ بِهِ وَلَمْ يُخصِّص بِهِ مِصْرَ وَمَا وَالَاهَا وَلَا غَيْرَهَا فَقَالَ: البِطاقة الرُّقْعَةُ الصَّغِيرَةُ تَكُونُ فِي الثَّوْبِ، وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: يُؤتى بِرَجُلٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فتُخرج لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجلًّا فِيهَا خَطَايَاهُ، ويُخرج لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا شهادةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فترْجَح بِهَا.
ابْنُ سِيدَهْ: وَالْبِطَاقَةُ الرُّقْعَةُ الصَّغِيرَةُ تَكُونُ فِي الثَّوْبِ وَفِيهَا رَقْمُ ثَمَنِهِ بِلُغَةِ مِصْرَ؛ حَكَى هَذِهِ شَمِرٌ وَقَالَ: لأَنها تَشُدُّ بطاقةٍ مِنْ هُدْب الثَّوْبِ، قَالَ: وَهَذَا الِاشْتِقَاقُ خطأٌ لأَن الْبَاءَ عَلَى قَوْلِهِ بَاءُ الْجَرِّ فَتَكُونُ زَائِدَةً، قَالَ: وَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الأَعرابي وَهِيَ كَلِمَةٌ كَثِيرَةُ الِاسْتِعْمَالِ بِمِصْرَ، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى.
بطرق: البِطْريقُ بِلُغَةِ أَهل الشَّامِ وَالرُّومِ: هُوَ القَائدُ، معرَّب، وَجَمْعُهُ بطَارِقةٌ. وَفِي حَدِيثِ هِرَقْل:
فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ بَطارِقتُه مِنَ الرُّوم
؛ هُوَ جَمْعُ بِطْريق، وَهُوَ الْحَاذِقُ بالحَرْب وأُمورها بِلُغَةِ الرُّوم، وَهُوَ ذُو مَنْصِب وتقدُّمٍ عِنْدَهُمْ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فَلَا تُنْكِرُوني، إنَّ قَوْمي أَعِزَّةٌ ... بَطارِقةٌ، بِيضُ الوُجوهِ كِرامُ
وَيُقَالُ: إِنَّ البِطْريق عَرَبِيٌّ وَافَقَ الْعَجَمِيَّ وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ؛ وَقَالَ أُميّة بْنُ أَبِي الصَّلْتِ:
مِنْ كُلِّ بِطْريقٍ لبطريقٍ ... نَقِيّ الوجْهِ واضِحْ
ابْنُ سِيدَهْ: البِطْرِيق الْعَظِيمُ مِنَ الرُّوم، وَقِيلَ: هُوَ الوَضِيء المُعْجب وَلَا تُوصَفُ بِهِ المرأَة؛ قَالَ(10/21)
أَبُو ذُؤَيْبٍ:
هُمُ رَجَعُوا بالعَرْجِ، والقَومُ شُهَّدٌ ... هَوازِنُ، تَحْدُوها حُماةٌ بَطارِقُ
أَرَادَ بَطارِيق فَحَذَفَ. والبِطْرِيقانِ: مَا عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنَ الشِّراك.
بعق: البُعاقُ: شِدَّةُ الصَّوْتِ، وَقَدْ بَعَقَ الرجلُ وَغَيْرُهُ وانْبَعَقَ وبعَقَت الإِبلُ بُعاقاً. والباعِقُ: المُؤَذن، وَقَدْ بَعَقَ بُعاقاً؛ وَأَنْشَدَ:
تَيَمَّمْتُ بالكِدْيَوْنِ كَيْ لَا يَفُوتَني، ... مِنَ المَقْلةِ البَيْضاء، تَقْرِيظُ باعِق
قَالَ: يَعْنِي تَرْجِيعَ الْمُؤَذِّنِ إِذَا رجَّع فِي أَذَانِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَرَوَاهُ غَيْرُهُ تَفْرِيطُ نَاعِقِ، مِنْ نَعَق الرَّاعِي بِغَنَمِهِ، وَلَعَلَّهُمَا لُغَتَانِ. وانْبَعَق الشَّيْءُ: اندَرأَ مُفاجأَة وأَنت لَا تشعُر مِنْ حَيْثُ لَمْ تَحْتَسِبْهُ، وَهُوَ الانْبِعاق؛ وأَنشد:
بَيْنما المَرْء آمِناً راعَه رائعُ ... حَتْفٍ، لَمْ يَخْشَ مِنْهُ انْبِعاقَهْ
والباعِقُ: الْمَطَرُ يُفاجِئ بِوَابِلٍ. وَمَطَرٌ بُعاقٌ وبِعاقٌ: مُنْدفِع بِالْمَاءِ، وَقَدْ تَبَعَّق يتَبَعَّق وانْبَعَقَ يَنْبَعِق. وسيْلٌ بُعاق وبِعاق: شَدِيدُ الدفْعة؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ الَّذِي يَجْرُف كُلَّ شَيْءٍ. وَأَرْضٌ مَبْعُوقة: أَصَابَهَا البُعاق. والبعاقُ: الْمَطَرُ الَّذِي يَتبَعَّق بِالْمَاءِ تبعُّقاً؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
تبَعَّقَ فِيهِ الوابِلُ المُتَهَطِّلُ
وبعَقَ الناقةَ: نَحَرَها وأسالَ دمَها. وَفِي حَدِيثِ
حُذيفة أَنَّهُ قَالَ: مَا بَقِيَ مِنَ المُنافقين إِلَّا أَرْبَعَةً، فَقَالَ رَجُلٌ: فأَين الَّذِينَ يُبَعِّقُون لِقاحَنا ويَنقُبون بُيُوتَنَا؟ فَقَالَ حُذيْفةُ: أُولئك هُمُ الْفَاسِقُونَ
؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ
يُبَعِّقُونَ لِقَاحَنَا
يَعْنِي أَنَّهُمْ ينْحَرون إِبِلَنَا ويُسيلون دِماءها. يُقَالُ: انْبَعَقَ المطرُ إِذَا سَالَ لِكَثْرَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسقاء:
جَمُّ البُعاق
؛ هُوَ بِالضَّمِّ، الْمَطَرُ الْكَثِيرُ الْغَزِيرُ الْوَاسِعُ. وبعقْت الإِبلَ: نحرْتُها، وتَبعَّقَت: أفاضَتْ بِهَا «2» . قَالَ الأَزهري: وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب انْبعَق فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا انْبِعاقاً إِذَا أَخذه مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، فَهُوَ مُنْبعِق. وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: الِانْبِعَاقُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي مِنْ شقاشِق الشَّيْطَانِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ الانْبِعاقَ فِي الْكَلَامِ، فَرَحِمَ اللَّهُ امْرأً أوجَز فِي كَلَامِهِ
؛ أَي التوسُّعَ فِيهِ والتكثُّر مِنْهُ، وَيُرْوَى:
التبعُّقَ فِي الْكَلَامِ.
والبُعاق، بِالضَّمِّ: سَحَابٌ يَتَصَبَّبُ بِشِدَّةٍ. وَقَدِ انْبعَقَ المُزْن إِذَا انْبعَجَ بِالْمَطَرِ، وتَبَعَّق مِثْلُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَجُود مَرْوانَ، إِذَا تَدَفَّقا، ... جُودٌ كجُودِ الغَيْثِ، إِذْ تَبَعَّقا
والبَعْقُ والبَعْجُ: الشَّقُّ. وبعَّقْت زِقَّ الْخَمْرِ تَبْعِيقاً أَيْ شققْتُه.
بعثق: البَعْثَقةُ: خُروج الْمَاءِ مِنْ غائِل حَوْضٍ أَوْ جابِيةٍ. وتَبَعْثَقَ إِذَا انْكَسَرَتْ مِنْهُ نَاحِيَةٌ ففاضَ مِنْهَا، والله أَعلم.
بعنق: عُقاب عَقَنْباةٌ وعَبَنْقاةٌ وقَعَنْباة وبَعَنْقاةٌ: حَديدة الْمَخَالِبِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّرِيعَةُ الخَطْف المُنكَرة؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَمَا قَالُوا أَسَدٌ أَسِدٌ وكَلْبٌ كَلِبٌ. الأَزهري: اعْبَنْقَى وابْعَنْقَى إِذَا سَاءَ خلقُه.
__________
(2) . قوله [وتبعقت أفاضت بها] كذا بالأصل ورمز له بعلامة وقفة(10/22)
بغنق: البُغْنُوق: موضع.
بقق: البَقُّ: البَعُوض، وَاحِدَتُهُ بَقَّة. وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَكَم، وقيل لزُفَر بن الحرث:
أَلا إنَّما قَيْسُ بْنُ عَيْلانَ بَقّةٌ، ... إِذَا وَجَدَتْ رِيحَ العصيرِ تَغَنَّتِ
وَقِيلَ: هِيَ عِظامُ البعُوض؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَغَرّ مِنَ البُلْقِ العِتاقِ يَشُقُّه ... أَذى البَقِّ، إِلَّا مَا احْتَوَى بالقَوائِم
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
يَمْصَعْنَ بالأَذْناب مِنْ لَوحٍ وبَقْ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِبَعْضِ الأَعراب يَهْجُو قَوْمًا قصَّروا فِي ضِيافتِه:
يَا حاضِرِي الماءِ، لَا مَعْروفَ عندكمُ، ... لَكِنَّ أَذاكمْ عَلَيْنَا رائحٌ غادِي
بِتْنا عُذُوباً، وَبَاتَ البَقُّ يَلْسَبُنا، ... نَشْوِي القَراحَ كأَن لَا حَيَّ بالوادِي
إنِّي لَمِثْلُكُمُ فِي مِثلِ فِعْلِكُمُ، ... إنْ جِئْتُكمْ، أبَداً، إِلَّا مَعِي زَادِي
وَمَعْنَى نَشْوِي الْقِرَاحَ أَي نسخِّن الماءَ الْبَارِدَ بِالنَّارِ لأَن الْبَارِدَ مُضِرّ عَلَى الجُوع، وَيُقَالُ: البقُّ الدَّارِجُ فِي حِيطان الْبُيُوتِ، وَقِيلَ: هِيَ دُوَيْبَّة مِثْلُ الْقَمْلَةِ حَمْرَاءُ مُنْتِنَةُ الرِّيحِ تَكُونُ فِي السُّرُر والجُدُر، وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا بَنَاتُ الْحَصِيرِ إِذَا قَتَلْتَهَا شمَمت لَهَا رَائِحَةَ اللَّوْز المُرّ؛ قَالَ:
إِلَى بَلَدٍ لَا بَقَّ فِيهِ وَلَا أَذًى، ... وَلَا نبَطِيَّاتٍ يُفَجِّرْنَ جَعْفَرا
وبَقَّ المكانُ وأبقَّ: كَثُرَ بقُّه. وأَرضٌ مُبِقَّةٌ: كَثِيرَةُ الْبَقِّ. وبَقَّ النَّبْتُ بُقوقاً، وَذَلِكَ حِينَ يَطلُع. وأَبقَّ الْوَادِي إِذا أَخرج نَبَاتَهُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
رَعَتْ مِنْ خُفافٍ حِينَ بَقَّ عِيابَه، ... وحَلَّ الرَّوايا كلُّ أسْحَمَ ماطِرِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بقَّ عِيابَه أَيْ نَشَرَهَا. وبقَّ الرجلُ يَبِقُّ ويَبُقُّ بَقّاً وبَقَقاً وبَقِيقاً وأبَقَّ وبَقْبَقَ: كثُرَ كلامُه. وبقَّ عَلَيْنَا كلامَه: أَكثره، وبقَّ كَلَامًا وبقَّ بِهِ. وَرَجُلٌ مِبَقٌّ وبَقاقٌ وبَقْباقٌ: كَثِيرُ الْكَلَامِ، أَخطأ أَو أَصاب، وَقِيلَ: كَثِيرُ الْكَلَامِ مُخلِّط. وَيُقَالُ: بَقْبَقَ عَلَيْنَا الْكَلَامَ أَيْ فرَّقه. وبقَّت المرأَة وأبقَّت: كثُر ولدُها. قَالَ سِيبَوَيْهِ: بقَّت وَلَدًا وبقَّت كَلَامًا كَقَوْلِكَ نثَرتْ وَلَدًا ونثَرتْ كَلَامًا. وامرأَة مِبَقَّةٌ: مِفْعَلةٌ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ:
إنَّ لَنَا لَكَنَّهْ ... مِبَقَّةً مِفَنَّهْ،
مِنْتِيجةً مِعَنَّهْ، ... سِمْعَنَّةً نِظْرَنَّهْ
كَالذِّئْبِ وَسْطَ القُنَّهْ، ... إلَّا تَرَهْ تَظُنَّهْ «1»
. وأَبقَّ ولدُ فُلَانٍ إبْقاقاً إِذَا كَثُرُوا. وَرَجُلٌ بَقاقٌ وبَقاقةٌ أَي كَثِيرُ الْكَلَامِ، وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، وَكَذَلِكَ بَقْباق وبقْباقةٌ وفَقْفاق وفَقْفاقةٌ وذَقْذاقٌ وذَقْذاقةٌ وثَرْثارٌ وثَرْثارةٌ وبَرْبارٌ وبَرْبارةٌ،
__________
(1) . قوله [كالذئب وسط القنة] هو في الأَصل هنا وشرح القاموس بالقاف، وقدمه المؤلف في مادة سمع بالعين، والعنة؛ بالضم، الحظيرة من الخشب كما في القاموس(10/23)
كُلُّ ذَلِكَ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ. وَرَجُلٌ بَقْباقٌ: هَذِرٌ؛ قَالَ:
وَقَدْ أَقُودُ بالدَّوَى المُزَمَّلِ، ... أَخْرَسَ فِي السَّفْرِ بَقاقَ المَنْزِلِ
وَكَذَلِكَ البَقْباقُ؛ يَقُولُ: إِذا سَافَرَ فَلَا بَيان لَهُ، وإِذا أَقام بِالْمَنْزِلِ كثُر كَلَامُهُ، والدَّوَى: الرَّجُلُ الأَحمق، والمُزَمَّل: المُدَثَّر، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَقود الْبَعِيرَ بالدَّوى، وأَخرسَ حَالٌ مِنَ الدَّوى، وَكَذَلِكَ بَقَاقَ، يَصِفُهُ بِكَثْرَةِ كَلَامِهِ فِي بَيْتِهِ وعِيِّه فِي الْمَجَالِسِ. وبقَّت السماءُ بَقّاً وأبقَّت: كَثُرَ مَطَرُهَا وَتَتَابَعَ وجاءَت بِمَطَرٍ شَدِيدٍ. وبقَّ يَبُقُّ بَقّاً: أَوْسَعَ مِنَ العطيَّة. وبَقَّ لَنَا العَطاءَ: أَوسَعه؛ قَالَ:
وبَسطَ الخيْرَ لَنَا وبَقَّه، ... فالخلقُ طُرّاً يأْكلون رِزقَه
وبقَّ فُلَانٌ مالَه أَيْ فرَّقه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَم كتَم الفَضْلَ الَّذِي قَدْ بقَّه، ... فِي المسلِمين، جِلَّه ودِقَّه
والبَقُّ: الواسعُ الْعَرِيضُ: قَالَ الأَخطل:
تَجِدْ أثَراً بَقّاً وعِزّاً خُنابِسا
وبقَّ الشيءَ يبُقُّه: أَخرج مَا فِيهِ؛ وأَنشد بَيْتَ الرَّاعِي:
رَعَتْ بِخُفَافٍ حِينَ بقَّ عِيَابَهُ، ... وحلَّ الرَّوَايَا كُلُّ أَسحمَ هاطِلِ
والبَقاقُ: أَسقاط مَا فِي الْبَيْتِ مِنَ المَتاع.
قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: بَلَغَنَا أنَّ عَالِمًا مِنْ علماءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَضَعَ لِلنَّاسِ سَبْعِينَ كِتَابًا مِنَ الأَحكام وصُنوف الْعِلْمِ، فأَوحى اللَّهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنبيائهم أَنْ قُلْ لِفُلَانٍ إِنَّكَ قَدْ ملأْت الأَرض بَقاقاً، وإِن اللَّهَ لَمْ يَقبل مِنْ بَقاقِك شَيْئًا
؛ قَالَ الأَزهري: البَقاق كَثْرَةُ الْكَلَامِ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ
أَن اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقْبَلْ مِمَّا أَكثرت شَيْئًا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالَ لأَبي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا لِي أَراك لَقّاً بَقًّا؟ كَيْفَ بِكَ إِذا أَخرجوك مِنَ الْمَدِينَةِ
؟ يُقَالُ: رَجُلٌ لَقاقٌ بقَاقٌ أَي كَثِيرُ الْكَلَامِ، وَيُرْوَى
لَقاً بَقاً
، بِوَزْنِ عَصا، وهو تبع للقا المَرْمِيّ المَطْرُوح. وَيُقَالُ لِلْكَثِيرِ الْكَلَامِ: بَقْباقٌ. ابْنُ الأَعرابي: البَقَقةُ الثَّرْثارُون. وبَقَّ الخبرَ بَقّاً: نَشَره وَأَرْسَلَهُ. والبَقْبَقةُ: حِكَايَةُ صَوْتٍ كَمَا يُبَقْبِق الكوزُ فِي الْمَاءِ. يُقَالُ: بَقْبَقَ الكوزُ بالماءِ أَي صوَّت. وبَقْبَقَتِ القِدر: غَلَت. وبَقَّةُ: مَوْضِعٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبٌ مِنَ الحِيرة كَانَ بِهِ جَذِيمة الأَبرش قِيلَ إِنه عَلَى شَاطِئِ الفُرات؛ قَالَ عَديّ بْنُ زَيْدٍ:
دَعا بالبَقَّةِ الأُمراءَ يَوْماً ... جَذِيمةُ، يَسْتَشِير النَّاصِحِينا
وَمِنْهُ الْمَثَلُ: خلَّفْتَ الرأْيَ ببقَّةَ، وَهَذَا قَوْلُ قَصِير بْنِ سَعْد اللَّخْمِيّ لجَذِيمة الأَبْرشِ حِينَ أَشار عَلَيْهِ أَن لَا يَسِير إِلَى الزَّبَّاء، فَلَمَّا نَدِم عَلَى سَيْرِهِ قَالَ قَصِيرٌ ذَلِكَ. وبَقَّة: اسْمُ امْرَأَةٍ؛ وَأَنْشَدَ الأَحمر:
يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ ... أفْضَلُ مِنْ يومِ احْلِقِي وقُومِي
أَراد بُقُولِهِ احْلِقِي وَقَوْمِي فِي الشدَّة. ورقَّصَت امرأَة(10/24)
طِفْلها فَقَالَتْ: حُزُقَّةٌ حُزُّقَّه تَرَقَّ عيْنَ بَقَّه؛ قِيلَ: بقَّة اسْمُ حِصْن، أَرادت اصعَد عينَ بقَّة أَي اعلُها، وَقِيلَ: إِنها شبَّهت طِفْلَها بالبَقَّة لصِغر جُثَّته؛ وَقَوْلُهُ:
أَلم تَسْمَعا بالبَقَّتَيْنِ المُنادِيا
أَراد بقَّةَ الحِصْن وَمَكَانًا آخَرَ مَعَهَا كَمَا قَالَ:
ومَهْمَهَيْنِ قَذَفَيْنِ مَرْتَيْنْ ... قَطَعْتُه بالسَّمْتِ لَا بالسَّمْتَيْنْ
بلق: البلَق: بلَقُ الدَّابَّةِ. والبَلَقُ: سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَكَذَلِكَ البُلْقة، بِالضَّمِّ. ابْنِ سِيدَهْ: البَلَق والبُلْقة مَصْدَرُ الأَبلق ارتفاعُ التَّحْجِيلِ إِلَى الْفَخِذَيْنِ، وَالْفِعْلُ بَلِقَ يَبْلَقُ بلَقاً وبَلَقَ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وابْلَقَّ، فَهُوَ أَبْلَقُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا يُعْرَفُ فِي فِعْلِهِ إِلا ابْلاقَّ وابْلَقَّ. وَيُقَالُ لِلدَّابَّةِ أَبْلَقُ وبَلْقاء، وَالْعَرَبُ تَقُولُ دَابَّةٌ أَبلَق؛ وَجَبَلٌ أَبْرَق، وَجَعَلَ رُؤْبَةُ الْجِبَالَ بُلْقاً فَقَالَ:
بادَرْنَ رِيحَ مَطَرٍ وبَرْقا، ... وظُلْمَة الليلِ نِعافاً بُلْقا
وَيُقَالُ: ابْلَقَّ الدابةُ يَبْلَقُّ ابْلِقاقاً وابْلاقَّ ابْلِيقاقاً وابْلَوْلَق ابْلِيلاقاً، فَهُوَ مُبْلَقٌّ ومُبْلاقٌّ وأَبلَقُ، قَالَ: وقلَّما تَرَاهُمْ يَقُولُونَ بَلِقَ يَبْلَقُ كَمَا أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ دَهِمَ يَدْهَم وَلَا كَمِتَ يَكْمَت؛ وَقَوْلُهُمْ:
ضَرَطَ البَلْقاء جالَتْ فِي الرَّسَنْ
يُضرب لِلْبَاطِلِ الَّذِي لَا يَكُونُ، وَلِلَّذِي يَعِد الْبَاطِلَ. وأَبلَق: وُلِد لَهُ وُلْد بُلْق. وَفِي الْمَثَلِ: طلَب الأَبْلَقَ العَقُوقَ؛ يُضرب لِمَنْ يَطلُب مَا لَا يُمْكِنُ، وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ أَنق. والبَلَقُ: حَجَرٌ بِالْيَمَنِ يُضيء مَا وَرَاءَهُ كَمَا يُضيء الزُّجاج. والبلَق: البابُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. وبلَقه يَبْلُقُه بَلْقاً وأَبلَقه: فَتَحَهُ كُلَّهُ، وَقِيلَ: فَتَحَهُ فَتْحًا شَدِيدًا وأَغلقه، ضِدٌّ. وانْبَلَقَ الْبَابُ: انْفَتَحَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فالحِصْنُ مُنْثَلمٌ والبابُ مُنْبَلِق
وَفِي حَدِيثِ
زَيْدٍ: فبُلِقَ الْبَابُ
أَي فُتح كُلُّهُ. يُقَالُ: بلَقْتُه فانْبلَق. والبَلَق: الفُسْطاط؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فلْيأْتِ وسْطَ قِبابه بَلَقِي، ... ولْيأْتِ وسطَ قَبِيلِه رَجْلي
وَفِي رِوَايَةٍ: وليأْت وَسَطَ خَمِيسه. والبَلُّوقُ والبُلُّوقةُ، وَالْفَتْحُ أَعْلى: رَمَلَةٌ لَا تُنْبِت إِلَّا الرُّخامَى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي صِفَةِ ثَوْرٍ:
يَرُودُ الرُّخامَى لَا يَرَى مُسْتظامه ... ببَلُّوقةٍ، إلَّا كَبِيرُ المَحافِرِ «1»
. أَراد أَنه يَسْتَثِيرُ الرُّخَامَى. والبَلُّوقة: مَا اسْتَوَى مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: هِيَ بُقْعَةٌ لَيْسَ بِهَا شَجَرٌ وَلَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وَقِيلَ: هِيَ قَفر مِنَ الأَرض لَا يَسْكُنُهَا إِلا الْجِنُّ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اسْتَوَى مِنَ الأَرض. اللَّيْثُ: البلُّوقة وَالْجَمْعُ البَلالِيقُ، وَهِيَ مَوَاضِعُ لَا ينبُت فِيهَا الشَّجَرُ. أَبو عُبَيْدٍ: السَّبارِيتُ الأَرَضون الَّتِي لَا شَيْءَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ البَلالِيقُ والمَوامِي. وَقَالَ أَبو خَيْرةَ: البلُّوقة مَكَانٌ صُلب بَيْنَ الرِّمَالِ كأَنه مكْنُوس تزعُم الأَعراب أَنه مِنْ مَسَاكِنِ الْجِنِّ. الْفَرَّاءُ: الْبَلُّوقَةُ أَرض وَاسِعَةٌ مُخصبة لَا يُشاركك فيها
__________
(1) . قوله [يرود إلخ] كذا بالأَصل، وبين السطور بخط ناسخ الأَصل فوق مستظامه مستراده، وفي شرح القاموس بدل الراء زاي(10/25)
أَحد؛ يُقَالُ: تَرَكَتُهُمْ فِي بَلُّوقَةٍ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: الْبَلُّوقَةُ مَكَانٌ فَسِيحٌ مِنَ الأَرض بَسِيطة تُنبِت الرُّخامَى لَا غيرَها. والأَبْلَقُ الفَرْد: قَصْرُ السَّمَوْأَل بْنِ عادِياء الْيَهُودِيِّ بأَرض تَيْماء؛ قَالَ الأَعشى:
بالأَبْلَقِ الفَرْدِ مِنْ تَيْماء، مَنْزِلُه ... حِصْنٌ حَصينٌ، وجارٌ غيرُ خَتّارِ»
. وَفِي الْمَثَلِ: تمرّدَ مارِدٌ وعزَّ الأَبْلَقُ، وَقَدْ يُقَالُ أبْلَقُ؛ قَالَ الأَعشى:
وحِصْنٌ بِتَيْماء اليَهودِيِّ أبْلَقُ
أَبدل أَبلق مِنْ حِصْنٍ، وَقِيلَ: ماردٌ والأَبلقُ حِصنانِ قَصَدَتْهُمَا زَبّاء ملِكة الْجَزِيرَةِ فَلَمَّا لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِمَا قَالَتْ ذَلِكَ. والبَلالِيقُ: المَوامِي، الواحد بَلُّوقة وَهِيَ الْمَفَازَةُ؛ وَقَالَ عُمارة فِي الْجَمْعِ:
فورَدَتْ مِنْ أيمَنِ البَلالِقِ
وَقَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُر: ثُمَّ ارْتَعَيْنَ البَلالِقا. وَقَالَ الْخَلِيلُ: البالُوقة لُغَةٌ فِي البالُوعة. والبَلْقاء: أَرض بِالشَّامِ، وَقِيلَ مَدِينَةٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِحَسَّانَ:
انظُرْ خَليلي، ببابِ جِلَّقَ، هَلْ ... تُؤْنِسُ دونَ البَلْقاء مِنْ أحَدِ؟
والبُلْقُ: اسْمُ أَرض؛ قَالَ:
رَعَتْ بمُعَقِّب فالبُلْق نَبْتاً، ... أَطارَ نَسِيلَها عَنْهَا فَطَارَا
وبُلَيْق: اسْمُ فَرَسٍ. وَفِي الْمَثَلِ: يَجْرِي بُلَيْقٌ ويُذَمّ؛ يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ يَجْتَهِدُ ثُمَّ يُلام، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ فَرَسٍ كَانَ يَسبِق مَعَ الخيلِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُعَابُ. أَبُو عَمْرٍو: البَلْقُ فَتْحُ كُعْبة الْجَارِيَةِ؛ قَالَ: وأَنشدني فَتًى مِنَ الْحَيِّ:
رَكَبٌ تَمَّ وتَمَّتْ رَبَّتُهْ، ... كَانَ مَخْتوماً ففُضَّتْ كُعْبَتُهُ
والبَلَقُ: الحُمْقُ الَّذِي لَيْسَ بِمُحْكَمٍ بعد.
بلثق: البَلاثِق: الْمَاءُ الْكَثِيرُ، وَقِيلَ: البَلاثِقُ المِياه المُسْتَنْقِعاتُ. وعينٌ بلاثقُ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ. والبَلاثِقُ: الْآبَارُ المَيِّهةُ الغزيرةُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فأَوْرَدها مِنْ آخِر الليلِ مَشْرَباً ... بَلاثِقَ خُضْراً، ماؤهنَّ قَلِيصُ
أَي كَثِيرٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: مَاؤُهُنَّ فَضِيض؛ وَإِنَّمَا قَالَ خُضْرًا لأَن الْمَاءَ إِذَا كَثُرَ يُرَى أَخْضَرُ. وَنَاقَةٌ بَلْثَق: غَزِيرة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
بَلاثِقٌ نعْمَ قِلاصُ المُحْتَلَبْ
بلعق: البَلْعَقُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ مِنْ أَجودِ تَمْرِهِمْ؛ وَأَنْشَدَ:
يَا مُقْرِضاً قَشّاً ويُقْضَى بَلْعَقا
قَالَ: وَهَذَا مثلٌ ضَرَبَهُ لِمَنْ يَصْطَنِعُ مَعْرُوفًا ليجتَرَّ أَكثر مِنْهُ. قَالَ الأَصمعي: أَجودُ تَمْرِ عُمان الفَرْض والبَلْعَقُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: البَلعق الْجَيِّدُ مِنْ جَمِيعِ أَصناف التُّمور؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الْحَارِثِيِّ:
لَا يَحْسَبَنْ أَعْداؤنا حَرْبَنا ... كالزُّبْدِ، مأْكولًا به البَلْعَقُ
__________
(2) . وفي رواية أخرى: غيرُ غدّار(10/26)
بلهق: البَلْهَقُ: الداهيةُ. وامرأَة بِلْهِقٌ: حَمْقاء كَثِيرَةُ الْكَلَامِ، وَفِيهَا بَلْهَقةٌ، وَهِيَ أَيضاً الْحَمْرَاءُ الشَّدِيدَةُ. وبَلْهَقٌ: مَوْضِعٌ. والبَلْهَقَةُ: البَهْلَقةُ، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي تَرْجَمَةِ بَهْلَقَ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: سَمِعْتُ الْكِلَابِيَّ يَقُولُ: البُلْهُق والبِلْهِقُ، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ، الْكَثِيرَةُ الْكَلَامِ وَهِيَ الَّتِي لَا صَيُّورَ لَهَا. قَالَ: ولقينَا فُلَانٌ فبَلْهَقَ لَنَا فِي كَلَامِهِ وعِدتِه فَيَقُولُ السَّامِعُ لَا يَغرّكم بَلْهَقَتُه فَمَا عِنْدَهُ خَيْرٌ. اللَّيْثُ: البِلْهِقُ الضَّجُور الْكَثِيرُ الصَّخَب، وَتَقُولُ بِلْهِق، وَالْجَمْعُ بَلاهِقُ. ابْنُ الأَعرابي: فِي كَلَامِهِ طَرْمَذةٌ وبَلْهَقة ولَهْوَقةٌ أَي كِبْر، قَالَ: وَفِي النوادر كذلك.
بنق: بَنَّقَ الكِتابَ: لُغَةٌ فِي نَبَّقه. وبَنَّق كلامَه: جمعَه وَسَوَّاهُ، وَمِنْهُ بَنائقُ القَميصِ أَي جَمْعُ شَيْءٍ «1» . وَقَدْ بَنَّق كِتَابَهُ إِذَا جوَّده وجمعَه. والبِنَقة والبَنِيقةُ: رُقْعة تَكُونُ فِي الثَّوْبِ كاللَّبِنةِ وَنَحْوِهَا، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: البَنِيقة لَبِنة الْقَمِيصِ، وَالْجَمْعُ بَنائقُ وبَنِيقٌ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ مُعَاذٍ الْمَجْنُونُ:
يَضُمُّ إليَّ الليلُ أَطْفالَ حُبِّها، ... كَمَا ضَمَّ أزْرارَ القَمِيصِ البَنائقُ
وَيُرْوَى: أَثْناء حُبِّهَا؛ وَيُرْوَى: أَبناء حُبِّهَا؛ وَأَرَادَ بالأَطفال الأَحزان الْمُتَوَلِّدَةَ عَنِ الْحُبِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ لأَن الأَزرار هِيَ الَّتِي تضُم البَنائقَ، وَلَيْسَتِ البنائقُ هِيَ الَّتِي تَضُمُّ الأَزرارَ، وَكَانَ حَقُّ إِنْشَادِهِ:
كَمَا ضمَّ أزرارُ القميصِ الْبَنَائِقَا
إِلَّا أَنه قَلَبَهُ، وَفَسَّرَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ الْبَنَائِقَ هُنَا بالعُرى الَّتِي تُدخَل فِيهَا الأَزْرار، وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا وَاضِحٌ بيِّن لَا يُحتاج مَعَهُ إِلَى قَلْب وَلَا تعسُّف إِلا أَن الْجُمْهُورَ عَلَى الْوَجْهِ الأَول؛ وَذَكَرَ ابْنُ السِّيرَافِيِّ أَنه رَوَى بَعْضَهُمْ:
كَمَا ضَمَّ أَزرارُ الْقَمِيصِ الْبَنَائِقَا
قَالَ: وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لأَن الْقَصِيدَةَ مَرْفُوعَةٌ، وأَولها:
لَعَمْرُكِ إنَّ الحُبَّ، يَا أُمَّ مالِكٍ، ... بِجسْمي، جَزاني اللهُ، مِنْكِ لَلائقُ
وَبَعْدَ قَوْلِهِ: يَضُمُّ إليَّ الليلُ أَطْفالَ حُبها قَوْلُهُ:
وَمَاذَا عَسَى الواشُونَ أَن يَتحدَّثُوا ... سِوَى أَن يقُولوا: إنَّني لكِ عاشِقُ؟
نَعَمْ صدَقَ الواشُونَ أَنتِ حَبيبةٌ ... إليَّ، وإنْ لَمْ تَصْفُ منكِ الخَلائقُ
وَقَالَ أَبو الحَجاج الأَعلم: البَنِيقة اللَّبِنة. وَكُلُّ رُقْعة تُزَادُ فِي ثَوْبٍ أَو دَلو ليتَّسِع، فَهِيَ بنِيقة؛ ويقوِّي هَذَا الْقَوْلَ قَوْلُ الأَعشى:
قَوافِيَ أَمْثالًا يُوَسِّعْنَ جِلْدَه، ... كَمَا زِدْتَ فِي عَرْضِ الأَدِيمِ الدَّخارِصا
فَجَعَلَ الدِّخْرِصةَ رُقعة فِي الْجِلْدِ زِيدَت ليتَّسع بِهَا؛ قَالَ السِّيرَافِيُّ: والدِّخرِصةُ أَطول مِنَ اللَّبِنة، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَإِذَا ثَبَتَ أَن بَنِيقة الْقَمِيصِ هِيَ جُرُبَّانُه فُهِم مَعْنَاهُ، لأَن جُرُبّانه مَعْرُوفٌ، وَهُوَ طَوْقُه الَّذِي فِيهِ الأَزْرارُ مَخِيطةً، فَإِذَا أُريد ضَمُّهُ أُدخلت أَزراره فِي العُرى فضَمَّ الصدْر إِلَى النَّحر، وَعَلَى ذَلِكَ فَسَّرَ بَيْتَ قَيْسِ بْنِ مُعَاذٍ الْمُتَقَدِّمَ؛ قَالَ: وَيُبَيِّنُ صِحَّةَ
__________
(1) . كذا بالأصل(10/27)
ذَلِكَ مَا أَنشده الْقَالِي فِي نَوَادِرِهِ وَهُوَ:
لَهُ خَفَقانٌ يَرْفَعُ الجَيْبَ والحَشَى، ... يُقَطِّعُ أَزْرارَ الجِرِبّانِ ثائرُهْ
هَكَذَا أَنشده، بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ، وَزَعَمَ أَنه وَجَدَهُ كذا بخط إِسحق بْنِ إِبراهيم المَوْصليّ، وَكَانَ الْفَرَّاءُ وَمَنْ تَابَعَهُ يَضُمُّ الْجِيمَ وَالرَّاءَ؛ وَمِثْلُ هَذَا بَيْتُ ابْنِ الدُّمَيْنة:
رَمَتْني بطَرفٍ، لَوْ كَمِيًّا رَمَتْ بِهِ، ... لَبُلَّ نَجيعاً نَحْرُه وبَنائقُه
لأَن البَنِيقة طَوْقُ الثَّوْبِ الَّذِي يَضُم النَّحْرَ وَمَا حولَه، وَهُوَ الجُرُبّان؛ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ العُرى عَلَى تَفْسِيرِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: وَمِمَّا يدلُّك عَلَى أَن البَنيقة هِيَ الجُرُبَّان قَوْلُ جَرِيرٍ:
إِذَا قِيلَ هَذَا البَيْنُ، راجعْتُ عَبْرةً ... لَهَا بِجُرُبّانِ البَنيقةِ واكِفُ
وإِنما أَضاف الْجُرُبَّانَ إِلَى الْبَنِيقَةِ وإِن كَانَ إِيَّاهَا فِي الْمَعْنَى ليُعلم أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهَذَا مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْعَامِّ إِلَى الْخَاصِّ، كَقَوْلِهِمْ عِرْقُ النَّسا، وَإِنْ كَانَ الْعِرْقُ هُوَ النَّسَا مِنْ جِهَةِ أَنّ النَّسَا خَاصٌّ والعِرق عَامٌّ لَا يخصُّ النَّسَا مِنْ غَيْرِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ حبْل الوَرِيد وَحَبُّ الحَصِيد وثابتُ قُطْنةَ لأَن قُطنة لَقَبُهُ، وَكَانَ يَجْعَلُ فِي أَنْفِهِ قُطْنَةً فَيَصِيرُ أَعرف مِنْ ثَابِتٍ، وَلَمَّا كَانَ الْجُرُبَّانُ عَامَّا يَنْطَلِقُ عَلَى الْبَنِيقَةِ وَعَلَى غِلاف السَّيْفِ وأُريد بِهِ الْبَنِيقَةُ أضافَه إِلَى الْبَنِيقَةِ ليُخصِّصة بِذَلِكَ؛ قَالَ: وَمِثْلُ بَيْتِ جَرِيرٍ قَوْلُ ابْنُ الرِّقاع:
كأَنَّ زُرُورَ القُبْطُرِيَّةِ عُلِّقَتْ ... بَنادِكُها مِنْهُ بِجِذْعٍ مُقَوَّمِ
والبَنادِكُ: الْبَنَائِقُ، وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ أَيضاً لمِلْحة الجَرْمِي، وَيُرْوَى: عُلِّقَت بَنَائِقُهَا، وَقِيلَ: هِيَ هُنَا عُراها فَيَكُونُ حُجَّةً لأَبي عَمرو الشَّيباني. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الأَحول: وَالْبَنِيقَةُ الدِّخْرِصة؛ وَعَلَيْهِ فُسِّرَ بَيْتُ ذِي الرُّمَّةِ يَهْجو رَهْط إمرئِ الْقَيْسِ بْنِ زَيْدِ مَناةَ:
عَلَى كُلِّ كَهْلٍ أَزْعَكِيٍّ ويافِعٍ، ... مِنَ اللُّؤْمِ، سِرْبالٌ جَديدُ البنائِقِ
فَقَالَ: البنائقُ الدَّخارِصُ، وإِنما خَصَّ الْبَنَائِقَ بالجِدَّة لِيُعْلَمَ بِذَلِكَ أنَّ اللؤْم فِيهِمْ ظَاهِرٌ بيِّن كَمَا قَالَ طرَفة:
تَلَاقَى، وأَحياناً تَبِينُ كأَنها ... بَنائقُ غرٌّ فِي قَمِيصٍ مُقَدَّدِ
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَدْ أَغْتَدِي والصُّبْحُ ذُو بَنِيقِ
جَعَلَ لَهُ بَنِيقاً عَلَى التَّشْبِيهِ ببَنيقةِ القَميص لِبَيَاضِهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الرَّجَزُ:
والصبحُ ذُو بَنائق
وَقَالَ: شَبَّهَ بَيَاضَ الصُّبْحِ بِبَيَاضِ الْبَنِيقَةِ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ نُصَيْب:
سَوِدْتُ فَلَمْ أَمْلِكْ سَوادِي، وتَحْتَه ... قَمِيصٌ مِنَ القُوهِيِّ، بِيضٌ بنَائقُهْ
وأَراد بِقَوْلِهِ سودتُ أَنه عَوِرَتْ عينُه؛ وَاسْتَعَارَ لَهَا تَحْتَ السَّوَادِ مِنْ عَيْنِهِ قَمِيصًا بِيضاً بنائقُه كَمَا اسْتَعَارَ الفرزذق لِلثَّلْجِ مُلاء بِيضِ البَنائق فقال يصف ناقته:
تَظَلُّ بعيْنَيْها إِلَى الجَبَلِ الَّذِي ... عَلَيْهِ مُلاء الثَّلْجِ، بِيضُ البَنائِق(10/28)
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: بَنائقُ وبِنَقٌ، وَزَعَمَ أنَّ بِنَقاً جَمْعُ الْجَمْعِ، وَهَذَا مَا لَا يُعقل؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ:
قَدْ أغْتدِي والصبحُ ذُو بَنيقِ
قَالَ: شَبَّهَ بَيَاضَ الصُّبْحِ بِبَيَاضِ الْبَنِيقَةِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذَا اعْتفاها صَحْصَحانٌ مَهْيَعُ ... مُبَنَّقٌ بآلِه مُقَنَّعُ
قَالَ الأَصمعي: قَوْلُهُ مُبنَّق يَقُولُ السَّرابُ فِي نواحِيه مُقَنِّعٌ قَدْ غَطَّى كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَعْلَمُ أَن الْبَنِيقَةَ قَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا فَقِيلَ: هِيَ لَبِنة الْقَمِيصِ، وَقِيلَ جُرُبَّانه، وَقِيلَ دِخْرِصَتُه، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْبَنِيقَةُ وَالدِّخْرِصَةُ وَالْجُرُبَّانُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَسُمِّيَتْ بِنِيقَةً لِجَمْعِهَا وَتَحْسِينِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: أَرض مَبْنُوقةٌ مَوْصُولَةٌ بأُخرى كَمَا تُوصَل بَنِيقَةُ الْقَمِيصِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُغْبَرّة الأَفْيافِ مَحْلُولة الحَصَى، ... دَيامِيمُها مَبْنُوقةٌ بالصّفاصِفِ
هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو، وَرَوَى غَيْرُهُ مَوْصُولَةٌ. والبَنِيقةُ: الزَّمَعة مِنَ العِنب إِذا عَظُمَتْ. والبَنِيقة: السَّطْر مِنَ النَّخْلِ. ابْنُ الأَعرابي: أَبْنَق وبَنَّق ونَبَّق وأنْبَقَ كُلَّهُ إِذَا غَرَسَ شِراكاً وَاحِدًا مِنَ الوَدِيّ فَيُقَالُ نَخْلٌ مُبَنَّقٌ ومنَبَّقٌ. وَفِي النَّوَادِرِ: بَنَّق فُلَانٌ كِذْبةً حَرْشاء وبَوَّقها وبَلَّقها إِذَا صنَعَها وزوَّقَها. وبَنَّقْته بِالسَّوْطِ وبَلَّقْته وقَوَّبْتُه وجَوَّبْتُه وفتَّقْته وفلَّقْتُه إِذَا قطَّعْته. وبَنيقةُ الْفَرَسِ: الشَّعْرُ الْمُخْتَلِفُ فِي وَسَطِ مِرْفَقِه، وَقِيلَ: فِي وَسَطِ مِرْفَقه مِمَّا يَلي الشاكِلةَ. والبَنيقتانِ: دائرتانِ فِي نَحْر الْفَرَسِ. والبنيقتانِ: عُودان فِي طَرَفَي المِضْمَدةِ.
بندق: البُنْدُق: الجِلَّوْزُ، وَاحِدَتُهُ بُنْدُقةٌ، وَقِيلَ: البُندق حَمْلُ شَجَرٍ كالجلَّوْز. وبُنْدُقةُ: بَطن، قِيلَ أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ بُنْدُقةُ بْنُ مَظَّةَ بْنِ سَعد العَشيرة، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حِدَأ حِدَأ وراءكِ بُنْدقةُ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ. والبُنْدُقُ: الَّذِي يُرْمَى بِهِ، وَالْوَاحِدَةُ بُنْدُقة وَالْجَمْعُ البنَادِقُ.
بهق: البَهَقُ: بَيَاضٌ دُونَ الْبَرَصِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِيهِ خُطوطٌ مِنْ سَوادٍ وبَلَقْ، ... كأَنها فِي الجِسْمِ تَوْليعُ البَهَق «1»
. البَهَقُ: بَيَاضٌ يَعْتَرِي الْجَسَدَ بِخِلَافِ لَوْنِهِ لَيْسَ مِنَ البَرَص. وبَيْهَق: مَوْضِعٌ.
بهلق: البِهْلِقُ: الزَّرِيُّ الخُلُقِ. والبُهْلُقُ والبِهْلِقُ: الكثيرةُ الْكَلَامِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا صَيُّورٌ. والبِهْلِقُ، بِكَسْرِ الْبَاءِ وَاللَّامِ: المرأَة الْحَمْرَاءُ الشَّدِيدَةُ الحُمْرة، وَقِيلَ: هِيَ المرأَة الضَّجُور الشَّدِيدَةُ الحُمْرة. والبِهْلِقُ: الصَّخِبُ. والبَهْلَقُ: الداهيةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى تَرَى الأَعْداءُ منِّي بَهْلَقا، ... أَنكرَ مِمَّا عِندهم وأقْلَقا
أَي داهِيةً. والبَهْلَقَة: شِبْه الطَّرْمذةِ، وَقَدْ بَهْلَق. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ البَلْهقة، بِتَقْدِيمِ اللَّامِ، فَرَدَّ ذَلِكَ ثَعْلَبٌ وَقَالَ: إِنما هِيَ البَهْلقة، بِتَقْدِيمِ الْهَاءِ عَلَى اللَّامِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وقد تقدم.
__________
(1) . قوله [فيه خطوط] الذي في مادة ولع: فيها(10/29)
والبَهَالِقُ: الأَباطيلُ. أَبو عَمْرٍو: جاءَ بالبَهالِق وَهِيَ الأَباطِيلُ؛ وأَنشد:
آقَ عَلَيْنَا وَهُوَ شَرُّ آيِقِ، ... وَجَاءَنَا مِنْ بعْدُ بالبَهالِقِ
غَيْرُهُ:
يُوَلْوِلُ من جَوْبِهِنَّ الدليلُ، ... باللَّيْلِ، ولْولةَ البَهْلَقِ
وَيُقَالُ: جَاءَ بِالْكَلِمَةِ بَهْلَقاً وبِهلِقاً أَي مُواجهةً لَا يَسْتَتِرُ بِهَا، والبَهالِقُ: الدَّوَاهِي؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تأْتي إِلَى البَهالِق
بوق: البائقةُ: الداهِيةُ. وداهيةٌ بَؤُوق: شَدِيدَةٌ. باقَتْهم الداهِيةُ تَبُوقُهم بَوْقاً، بالفتح، وبُؤوقاً: أصابتهم، وكذلك باقَتهم، بَؤوقٌ عَلَى فَعُول. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ بمؤْمِن مَنْ لَا يأْمَنُ جارُه بوائقَه
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا يدخُل الجنةَ مَنْ لَا يأْمَن جارُه بَوائقَه
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: بوائقُه غَوائلُه وشرُّه أَوْ ظُلْمه وغَشَمُه. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: يَنامُ عَنِ الحَقائق ويَسْتَيْقِظ للبَوائقِ.
وَيُقَالُ للداهِية والبَلِيّة تَنْزِلُ بِالْقَوْمِ: أَصابتهم بَائِقَةٌ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
اللَّهُمَّ إِنيِ أَعوذ بِكَ مِنْ بَوائقِ الدَّهْرِ.
قَالَ الْكِسَائِيُّ: باقَتْهم الْبَائِقَةُ تَبُوقهم بَوْقاً أَصَابَتْهُمْ، وَمِثْلُهُ فَقَرَتْهم الفاقِرةُ، وكذلك باقَتهم بَؤوق، عَلَى فَعَوْلٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لزُغْبةَ الباهِليّ وكُنْيته أَبو شَفِيقٍ، وَقِيلَ جَزْء بْنُ ربَاحٍ الباهِليّ:
تَراها عِنْدَ قُبَّتِنا قَصيراً، ... ونَبْذُلُها إذا باقَتْ بَؤُوقُ
وأَول الْقَصِيدَةِ:
أَنَوْراً سَرْعَ مَاذَا يَا فَرُوقُ
وَيُقَالُ: باقُوا عَلَيْهِ قَتَلُوهُ، وانْباقُوا بِهِ ظلَموه. ابْنُ الأَعرابي: باقَ إِذَا هجَم عَلَى قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذنهم، وباقَ إِذا كَذَّبَ، وَبَاقَ إِذا جَاءَ بالشَّر والخُصومات. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ باقَ يَبُوق بَوْقاً إِذَا جاءَ بالبُوقِ، وَهُوَ الكذبُ السُّماقُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أنَّ الْبَاطِلَ يُسَمَّى بُوقاً، والبُوقُ: الْبَاطِلُ؛ قَالَ حسَّان بْنُ ثَابِتٍ يَرْثي عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
يَا قاتَلَ اللهُ قَوْماً كَانَ شأْنُهُمُ ... قَتْلَ الإِمامِ الأَمين المُسْلمِ الفَطِنِ
مَا قَتَلُوه عَلَى ذَنْب ألمَّ بِهِ، ... إلَّا الَّذِي نطَقُوا بُوقاً، وَلَمْ يَكُنِ
قَالَ شَمِرٌ: لَمْ أَسمع البُوق فِي الباطِل إِلَّا هُنَا وَلَمْ يُعْرَف بيتُ حسَّان. وباقَ الشيءُ بُوقاً: غَابَ، وباقَ بُوقاً: ظَهَرَ، ضِدٌّ. وَبَاقَتِ السفينة بَوْقاً وبُؤُوقاً: غَرِقَت، وَهُوَ ضِدٌّ. والبَوْقُ والبُوق والبُوقةُ: الدُّفْعة المُنكَرة مِنَ الْمَطَرِ، وَقَدِ انْباقَتْ. الأَصمعي: أَصابتْنا بُوقة مُنْكَرَةٌ وبُوقٌ وَهِيَ دُفعة مِنَ الْمَطَرِ انْبَعَجَتْ ضَرْبةً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مِنْ باكِر الوَسْميِّ نَضّاحِ البُوَقْ
وَيُقَالُ: هِيَ جَمْعُ بُوقةٍ مِثْلُ أَوقةٍ وأُوَقٍ، وَيُقَالُ: أَصابهم بُوق مِنَ الْمَطَرِ، وَهُوَ كَثْرَتُهُ. وانْباقتْ عَلَيْهِمْ بائقةُ شَرٍّ مِثْلُ انْباجَت أَي انفَتَقَتْ. وانباقَ عَلَيْهِمُ الدَّهرُ أَي هجَم عَلَيْهِمْ بالدَّاهية كَمَا يَخْرُجُ الصوتُ مِنَ البُوق. وَتَقُولُ: دَفَعْت عَنْكَ بائقةَ فُلَانٍ. والبَوْقُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: أَشدُّه. وَفِي الْمَثَلِ: مُخْرَنْبِقٌ ليَنْباقَ أَي ليَنْدَفِع فيُظهِر مَا فِي نفْسه.(10/30)
والباقةُ مِنَ البَقْل: حُزمة مِنْهُ. والبُوقة: ضَرْب مِنَ الشَّجَرِ دَقِيق شَدِيدُ الِالْتِوَاءِ. اللَّيْثُ: البُوقةُ شَجَرَةٌ مِنْ دِقّ الشَّجَرِ شَدِيدَةُ الِالْتِوَاءِ. والبُوقُ: الَّذِي يُنْفَخ فِيهِ ويُزْمَر؛ عَنْ كَرَاعٍ؛ وأَنشد الأَصمعي:
زَمْرَ النصارَى زَمَرَتْ فِي البُوقِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للعَرْجِيّ:
هَوَوْا لَنَا زُمَراً مِنْ كُلِّ ناحِيةٍ، ... كأنَّما فَزِعُوا مِنْ نَفْخةِ البُوقِ
والبُوقُ: شِبه مِنْقافٍ مُلْتَوِي الخَرْق يَنْفخ فِيهِ الطَّحَّانُ فَيَعْلُو صَوْتُهُ فيُعلم المُراد بِهِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. وَيُقَالُ للإِنسان الَّذِي لَا يكتُم السِّر: إِنما هو بُوق.
بيق: البِيقِيَةُ: «1» . حُبٌّ أَكبر مِنَ الجُلْبان أَخضر يُؤْكَلُ مَخْبُوزًا وَمَطْبُوخًا وتُعْلَفُه البقَر وَهُوَ بِالشَّامِ كَثِيرٌ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الفُقهاء في القَطاني.
فصل التاء
تأق: التَّأَقُ: شدَّة الامْتِلاء. ابْنُ سِيدَهْ: تَئِقَ السِّقاء يَتْأَق تَأَقاً، فَهُوَ تَئِقٌ: امْتَلأَ، وأَتْأَقَه هُوَ إتْآقاً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أتْأَقُ الحِياضَ بمواتِحه
؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
يَنْضَحْنَ نَضْحَ المَزادِ الوُفْرِ أتْأَقَها ... شَدُّ الرُّواةِ بِمَاءٍ، غَيْرِ مَشْرُوبِ مَاءٍ غَيْرِ مَشْرُوبِ
يَعْنِي العرَق، أَراد ينضَحن بِمَاءٍ غَيْرِ مَشْرُوبٍ نضحَ المَزادِ الوُفْر. وَرَجُلٌ تَئِقٌ: مَلآن غَيْظاً أَوْ حُزْنًا أَوْ سُرُورًا، وَقِيلَ: هُوَ الضَّيِّقُ الخُلق، وَقِيلَ: تَئقَ إِذَا امتلأَ حُزْنًا وَكَادَ يَبْكِي. أَبو عَمْرٍو: التَّأَقةُ شِدَّةُ الغضَب والسُّرْعةُ إِلَى الشَّرِّ، والمَأَقُ شِدَّةُ الْبُكَاءِ. ومُهْر تَئِقٌ: سريعٌ. وأتأَقَ القوسَ: شدَّ نَزْعها وأَغرق فِيهَا السهمَ. وَفَرَسٌ تَئِقٌ: نشِيط مُمْتلئ جَرْياً؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وأَرْيَحِيّاً عَضْباً وَذَا خُصَلٍ، ... مُخْلَوْلِقَ المَتْنِ سابِحاً تَئِقَا
أَريَحِيٌّ: مَنْسُوبٌ إِلَى أرْيَحَ أَرْضٍ بِالْيَمَنِ؛ إِيَّاهَا عَنَى الهُذلي بِقَوْلِهِ:
فلَوْتُ عَنْهُ سُيوفَ أَرْيَحَ، إذْ ... بَاءَ بكَفِّي، فَلَمْ أَكَدْ أَجِدُ
وَقَدْ تَئقَ تأَقاً، وتَئق الصبيُّ وَغَيْرُهُ تأَقاً وتأَقةً؛ عَنِ اللِّحْيَانِي، فَهُوَ تَئِقٌ إِذَا أَخذه شِبْهُ الفُواق عِنْدَ الْبُكَاءِ. وَمِنْ كَلَامِ أُم تأَبّط شَرًّا أَو غَيْرِهَا: وَلَا أبتُّه تَئِقاً. أَبُو عَمْرٍو: التأَقة، بِالتَّحْرِيكِ، شِدَّةُ الغضَب والسرعةُ إلى الشر، وَهُوَ يَتْأقُ وَبِهِ تأَقةٌ؛ وَفِي مَثَلٍ لِلْعَرَبِ: أَنتَ تَئقٌ وأَنا مَئقٌ فَكَيْفَ نَتَّفِق؟ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قِيلَ مَعْنَاهُ أَنت ضَيِّقٌ وأَنا خَفِيفٌ فَكَيْفَ نَتَّفِقُ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنت سَرِيعُ الغَضَب وأَنا سَرِيعُ الْبُكَاءِ فَكَيْفَ نَتَّفِقُ، وَقَالَ أَعرابي مِنْ عَامِرٍ: أَنت غَضْبانُ وأَنا غَضْبَانُ فَكَيْفَ نَتَّفِقُ؟ الأَصمعي: فِي هَذَا الْمَثَلِ تَقُولُ الْعَرَبُ أَنا تَئِقٌ وأَخي مَئِقٌ فَكَيْفَ نَتَّفِقُ؛ يَقُولُ: أَنَا مُمْتَلِئٌ مِنَ الغيْظ وَالْحُزْنِ وأَخي سَرِيعُ الْبُكَاءِ فَلَا يَقَعُ بَيْنَنَا وِفاق. وَقَالَ الأَصمعي: التَّئق السَّرِيعُ إِلَى الشَّرِّ وَالْمَئِقُ السَّرِيعُ الْبُكَاءِ، وَيُقَالُ: الْمُمْتَلِئُ مِنَ الْغَضَبِ، وَقَالَ الأَصمعي: هو الحديدُ؛
__________
(1) . قوله [البيقية] كذا ضبط في الأَصل بياء مخففة، وعبارة القاموس: البيقة، بالكسر، حب إلى آخر ما هنا. وفيه البيقية بياء بعد القاف مضبوطة بالتشديد قال: البيقية، بالكسر، نبات أطول من العدس(10/31)
قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ كَلْبًا:
أَصْمَعُ الكَعْبَين مَهْضُوم الحَشا، ... سَرْطَمُ اللَّحْيَيْن مَعَّاجٌ تَئِقْ
والمِتْأَقُ أَيضاً: الحادُّ؛ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ مَسْعُودٍ الضَّبِّي يَصِفُ فَرَسًا:
ضَافِي السَّبِيب أسِيلُ الخَدِّ مُشْتَرِفٌ، ... حَابِي الضُّلوعِ شَدِيدٌ أَسْرُه تَئِقُ
الأَصمعي: وتَئِقَ الرَّجُلُ إِذَا امتلأَ غضَباً وغَيْظاً، ومَئِقَ إِذَا أَخَذَهُ شِبه الفُواق عِنْدَ الْبُكَاءِ قَبْلَ أَنْ يَبْكِيَ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
كأنَّما عَوْلَتُها، مِنَ التَّأَقْ، ... عَوْلةُ ثَكلى ولْوَلَتْ بَعْدَ المأَقْ
والمَأَقُ: نَشْيجُ الْبُكَاءِ أَيضاً، والتأَق: الامْتِلاء. والمَأَقُ: نَشِيجُ الْبُكَاءِ الَّذِي كأَنه نفَس يقْلَعه مِنْ صَدْرِهِ. وَقَالَ أَبو الْجَرَّاحِ: التَّئِق المَلآن شِبَعاً ورِيّاً، والمَئِقُ الْغَضْبَانُ؛ وَقِيلَ: التَّئِقُ هُنَا الْمُمْتَلِئُ حُزْنًا، وَقِيلَ: النشِيط، وقيل: السّيِء الْخُلُقِ. وَفِي حَدِيثِ السِّراط:
فيمُرّ الرجُل كَشَدِّ الْفَرَسِ التئِق الجَواد
أَي الْمُمْتَلِئِ نَشاطاً.
ترق: التِّرَقُ: شَبِيه بالدُّرْج؛ قَالَ الأَعشى:
ومارِد مِنْ غُواةِ الْجِنِّ، يَحْرُسها ... ذُو نِيقةٍ مُسْتَعِدٌّ دُونَهَا تَرَقا
دُونَهَا: يَعْنِي دُونَ الدُّرَّة. والتَّرْقُوَتانِ: الْعَظْمَانِ المُشْرِفان بَيْنَ ثُغْرة النحْر والعاتِق تَكُونُ لِلنَّاسِ وَغَيْرِهِمْ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ قَطَاةٍ:
قَرَتْ نُطْفةً بَيْنَ التَّراقي، كأنَّها ... لدَى سَفَط بَيْنَ الجَوانِح مُقْفَلِ
وَهِيَ التَّرْقُوَةُ، فَعْلُوَةٌ، وَلَا تَقُلْ تُرقوة، بِالضَّمِّ، وَقِيلَ: هِيَ عَظْمٌ وَصَلَ بَيْنَ ثُغرة النَّحْرِ وَالْعَاتِقِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَجَمْعُهَا التَّرَاقِي؛ وَقَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ:
همُ أَوْرَدُوكَ الموتَ حينَ أَتيتَهم، ... وجاشَتْ إليكَ النفْسُ بَيْنَ التَّرائقِ
إِنَّمَا أَراد بَيْنَ التَّرَاقِي فقَلَب. وتَرْقاهُ: أَصابَ تَرْقُوتَه، وتَرْقَيْتُه أَيضاً تَرْقاةً: أَصبْتُ تَرْقُوته. وَفِي حَدِيثِ الخوارج:
يقرأُون الْقُرْآنَ لَا يُجاوز حَناجِرهم وتَراقِيَهم
؛ وَالْمَعْنَى أَن قراءَتهم لَا يَرْفَعُهَا اللَّهُ وَلَا يَقْبَلُهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ تُجاوز حُلوقهم، وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا يَعْمَلُونَ بِالْقُرْآنِ وَلَا يُثَابُونَ عَلَى قِرَاءَتِهِ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ غَيْرُ الْقِرَاءَةِ. والتِّرياق، بِكَسْرِ التَّاءِ: مَعْرُوفٌ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، هُوَ دَواء السُّموم لُغَةٌ فِي الدِّرْياق، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْخَمْرَ تِرياقاً وتِرْياقة لأَنها تذهَب بالهَمّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى، وَقِيلَ الْبَيْتُ لِابْنِ مُقبل:
سَقَتْني بصَهْباءَ تِرْياقةٍ، ... مَتَى مَا تُلَيِّنْ عِظامي تَلِنْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
إنَّ فِي عَجْوةِ العاليةِ تِرْياقاً
؛ الترياقُ: مَا يُستعمل لدَفع السَّمّ مِنَ الأَدْوية والمَعاجِين، وَيُقَالُ دِرْياق، بِالدَّالِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمر: مَا أُبالي مَا أَتيتُ إِنْ شَرِبْتُ تِرْيَاقًا
؛ إِنَّمَا كَرَّهَهُ مِنْ أَجل مَا يقَع فِيهِ مِنْ لُحوم الأَفاعي والخَمْر وَهِيَ حَرَامٌ نَجِسة، قَالَ: وَالتِّرْيَاقُ أَنواع فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا بأْس بِهِ، وَقِيلَ: الْحَدِيثُ مُطْلَقٌ فالأَولى اجْتِنَابُهُ كلُّه.(10/32)
ترنق: التَّرْنُوق: الْمَاءُ الْبَاقِي فِي مَسِيل الْمَاءِ. شَمِرٌ: التُّرْنُوق الطِّينُ الَّذِي يرسُب فِي مَسَايِلِ الْمِيَاهِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تُرنوق الْمَسِيلِ، بِضَمِّ التَّاءِ، وَهُمَا لُغَتَانِ.
تقق: التَّقْتَقةُ: الهُويُّ مِنْ فَوقُ إِلَى أَسْفَلَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ، وَقَدْ تَتَقْتَقَ. وتَتَقْتَقَ مِنَ الْجَبَلِ وَفِي الْجَبَلِ: انْحدر؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والتَّقْتَقةُ: سُرعة السَّيْرِ وَشِدَّتُهُ. الْفَرَّاءُ: الذَّوْحُ سَيْر عَنِيفٌ؛ وَكَذَلِكَ الطَّمْلُ والتَّقْتَقةُ. ابْنُ الأَعرابي: التقْتَقةُ الْحَرَكَةُ. ابْنُ الأَعرابي: تَقْتَقَ هبَط وتتَقْتَقت عَيْنُهُ غارَت؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ، وَالصَّحِيحُ نَقْنَقَت، بِالنُّونِ، وأُنْكِر عَلَى أَبي عُبَيْدَةَ ذَلِكَ؛ كَذَا ذَكَرَ ابْنُ الأَعرابي وأَنشد:
خُوصٌ ذواتُ أَعْين نَقانِقِ، ... جُبْتُ بها مَجْهولةَ السَّمالِقِ
توق: التَّوْقُ: تُؤُوق النَّفْسِ إِلَى الشَّيْءِ وَهُوَ نِزاعها إِلَيْهِ. تاقَت نفْسي إِلَى الشَّيْءِ تَتُوق توْقاً وتُؤوقاً: نزَعَت وَاشْتَاقَتْ، وتاقَت الشيءَ كَتَاقَتْ إِلَيْهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فالحمدُ لِله عَلَى مَا وفَّقا ... مَرْوانَ، إذْ تاقُوا الأُمورَ التُّوَّقا
والمُتَوَّقُ: المُتَشَهَّى. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: مَا لَكَ تَتَوَّقُ فِي قُريش وتَدعُنا
؟ تَتَوَّقُ، تفعَّل مِنَ التَّوْقِ: وَهُوَ الشَّوقُ إِلَى الشَّيْءِ والنُّزوعُ إِلَيْهِ، والأَصل تَتَتوّق بِثَلَاثِ تَاءَاتٍ فَحَذَفَ تَاءَ الأَصل تَخْفِيفًا، أَرَادَ لِمَ تتزوّجُ فِي قُرَيْشٍ غَيْرَنَا وتدعُنا يَعْنِي بَنِي هَاشِمٍ، وَيُرْوَى تَنَوَّقُ، بِالنُّونِ، مِنَ التنوُّقِ فِي الشَّيْءِ إِذَا عُمل عَلَى اسْتِحْسَانٍ وَإِعْجَابٍ بِهِ. يُقَالُ: تنوَّق وتأَنَّق. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
مَا لَكَ تَتَوَّقُ فِي قُرَيْشٍ وتدعُ سَائِرَهُمْ.
والمُتَوَّقُ: الْكَلَامُ الْبَاطِلُ. ونفْس توَّاقةٌ: مُشْتاقةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:
جَاءَ الشِّتاء وقَميصي أَخْلاقْ ... شَراذِمٌ يَضْحَكُ مِنِّي التَّوّاقْ
قِيلَ: التَّوّاق اسْمُ ابْنِهِ، وَيُرْوَى النَّوَّاق بِالنُّونِ. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: المرْء تَوَّاقٌ إِلَى مَا لَمْ ينَل. وَقِيلَ: التَّوَّاقُ الَّذِي تَتُوق نفْسُه إِلَى كُلِّ دَناءة. ابْنُ الأَعرابي: التَّوَقةُ الخُسَّفُ جَمْعُ خاسِفٍ وَهُوَ الناقِهُ، والتَّوْقُ نفْس النزْع، والتُّوقُ العَوَج فِي الْعَصَا وَنَحْوِهَا. وتاقَ الرجلُ يتُوق: جَادَ بنفْسه عِنْدَ الْمَوْتِ. وَفِي حَدِيثِ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَتْ ناقةُ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُتوّقةً
؛ كَذَا رَوَاهُ بِالتَّاءِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا الْمُتَوَّقَةُ؟ فَقَالَ: مِثْلُ قَوْلِكَ فَرَسٌ تَئِقٌ أَي جَوَادٌ؛ قَالَ الْحَرْبِيُّ: وَتَفْسِيرُهُ أَعْجبُ مِنْ تَصحِيفه، وإِنما هِيَ مُنَوَّقة، بِالنُّونِ، هِيَ الَّتِي قَدْ رِيضَت وأُدِّبَت.
فصل الثاء
ثبق: ابْنُ بَرِّيٍّ: ثَبَقَت العينُ تَثْبِقُ أَسرَع دمعُها. وثَبَق النهرُ: أَسرع جَرْيُه وكثُر مَاؤُهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَا بالُ عَيْنِك عاوَدَت تَعْشاقَها؟ ... عينٌ تَثَبَّقَ دَمْعُها تَثْباقَها
ثدق: ثدَق المطرُ: خَرَجَ مِنَ السَّحَابِ خُروجاً سَرِيعًا وجَدَّ نَحْوَ الوَدْق. وَسَحَابٌ ثَادِقٌ ووادٍ ثَادِقٌ أَي سَائِلٌ. ابْنُ الأَعرابي: الثَّدْق والثادِق النَّدى الظَّاهِرُ. يُقَالُ: تباعَد مِنَ الثَّادِقِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: سَأَلْتُ الرِّياشي وَأَبَا حَاتِمٍ عَنِ اشْتِقَاقِ ثَادِقٍ فَقَالَا: لَا نَعْرِفُهُ،(10/33)
فسأَلت أَبا عُثْمَانَ الْأَشْتَانَذَانِيَّ فَقَالَ: ثدَقَ الْمَطَرُ مِنَ السَّحَابِ إِذا خَرَجَ خُرُوجًا سَرِيعًا. وثادقٌ: اسْمُ فَرَسِ حَاجِبِ بْنِ حَبيب الأَسدي؛ وَقَوْلُ حَاجِبٍ:
وباتَتْ تَلُومُ عَلَى ثادِقٍ ... ليُشْرى، فَقَدْ جَدَّ عِصْيانُها
أَلا إنَّ نَجْواكِ فِي ثادِقٍ ... سَوَاءٌ عليَّ وإعلانُها
وقلتُ: أَلم تَعْلَمي أَنه ... كرِيمُ المَكَبّةِ مِبدانُها؟
فَهُوَ اسْمُ فُرْسٍ. وَقَوْلُهُ عِصيانُها أَي عِصياني لَهَا، وَصَوَابُ إِنشاده:
بَاتَتْ تَلُومُ عَلَى ثَادِقٍ
بِغَيْرِ وَاوٍ؛ وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: ثَادِقٌ فَرَسٌ كَانَ لمُنْقِذ بْنِ طَريف بْنِ عَمْرِو بن قُعَين بن الحرث بن ثَعلبةَ وأَنشد لَهُ هَذَا الشِّعْرَ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنه لِحَاجِبٍ وَهُوَ أَيضاً مَوْضِعٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
فَوادِي البَدِيِّ فالطَّوِيّ فثادِق، ... فوادِي القَنانِ جِزْعُه فأَثاكِلُهْ
وَقَدْ ذَكَرَهُ لَبِيدٌ فَقَالَ:
فأَجمادَ ذِي رَقْدٍ فأَكْنافَ ثادِقٍ، ... فصارةَ تُوفي فوقَها فالأَعابِلا
ثفرق: الأَصمعي: الثُّفْرُوق قِمَع البُسْرة وَالتَّمْرَةِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
قُراد كثُفْرُوقِ النَّواة ضَئيل
وَقَالَ العَدَبّس: الثُّفْرُوقُ هُوَ مَا يَلْزَقُ بِهِ القِمع مِنَ التَّمْرَةِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الثَّفارِيقُ أَقماع البُسر. والثُّفروق: عِلاقة مَا بَيْنَ النَّوَاةِ وَالْقِمَعِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، قَالَ: يُلْقى لَهُمْ مِنَ الثَّفاريق وَالتَّمْرِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: العُنقود إِذا أُكل مَا عَلَيْهِ فَهُوَ ثُفروق وعُمْشُوش؛ وأَراد مُجَاهِدٌ بِالثَّفَارِيقِ الْعَنَاقِيدُ يُخْرط مَا عَلَيْهَا فَتَبْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَالثَّلَاثُ يُخْطِئها المِخْلب فتُلقى لِلْمَسَاكِينِ. اللَّيْثُ: الثُّفْرُوق غِلاف مَا بَيْنَ النَّواة والقِمَع. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: إِذَا حَضَرَ المساكينُ عِنْدَ الجَداد أُلقي لَهُمْ مِنَ الثَّفاريق وَالتَّمْرِ
؛ الأَصل فِي الثَّفَارِيقِ الأَقْماع الَّتِي تَلْزَق بالبُسر، وَاحِدَتُهَا ثُفروق وَلَمْ يُرِدْهَا هَاهُنَا، وإِنما كَنَّى بِهَا عَنْ شَيْءٍ مِنَ البُسر يُعْطَوْنه؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: كَأَنَّ الثُّفروق عَلَى مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ شُعبة مِنْ شِمْرَاخِ العِذْق. ابْنُ سِيدَهْ: الذُّفْروق لُغَةٌ فِي الثُّفْروق.
ثقق: الثقْثَقةُ: الإِسْراع، وَقَدْ حُكِيَتَ بِتَاءَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ.
ج ق: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجِيمُ وَالْقَافُ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَلَا مُعرَبًا أَو حِكَايَةَ صَوْتٍ مِثْلَ كَلِمَاتٍ ذَكَرَهَا هُوَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَنُفَرِّقُهَا نَحْنُ هُنَا بِتَرَاجِمَ فِي أَماكنها وَنَشْرَحُ فِيهَا مَا ذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو مَنْصُورٍ الْجَوَالِيقِيِّ فِي الْمُعَرَّبِ: لَمْ تَجْتَمِعِ الْجِيمُ وَالْقَافُ فِي كَلِمَةٍ عَرَبِيَّةٍ إِلا بِفَاصِلٍ نَحْوَ جَلَوْبَق وجَرَنْدَق، وَقَالَ اللَّيْثُ: الْقَافُ وَالْجِيمُ جَاءَتَا فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ أَكثرها مُعَرَّبٌ، قَالَ وأُهملا مَعَ الشِّينِ وَالصَّادِ وَالضَّادِ وَاسْتُعْمِلَا مَعَ السِّينِ فِي الجَوْسَقِ خَاصَّةً، وَهُوَ دَخِيلٌ معرّب(10/34)
جبلق: التَّهْذِيبُ: جابَلَقُ «2» . وجابَلَصُ مَدِينَتَانِ إِحْدَاهُمَا بالمشرِق والأُخرى بِالْمَغْرِبِ لَيْسَ وَرَاءَهُمَا إِنْسِيٌّ؛ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنه ذَكَرَ حَدِيثًا ذَكَرَ فيه هاتين المدينتين.
جبنثق: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ بِخَطِّ أَبي هَاشِمٍ فِي هَذَا الْبَيْتِ: الجَبْنَثْقةُ مرأَة السُّوءِ، وَقَالَ:
بَني جَبْنَثْقةٍ ولدتْ لِئَامًا، ... عَلَيَّ بلُؤْمِكُم تَتَوَثَّبُونا
قَالَ: وَالْكَلِمَةُ خُمَاسِيَّةٌ، قَالَ: وَمَا أَراها عَرَبِيَّةً.
جرق: ابْنُ الأَعرابي: الجَوْرَقُ الظَّليم؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَمَنْ قَالَهُ جَوْرف، بِالْفَاءِ، فَقَدْ صَحَّفَ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: رَجُلٌ هَزِيلٌ جُراقة غَلْق، قَالَ: والجُراقة والغَلْق الخَلَق، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: رَجُلٌ جُلاقة وجُراقة وَمَا عليه جُلاقةُ لحم.
جردق: الجَرْدَقةُ: مَعْرُوفَةٌ الرَّغيف، فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
كَانَ بعِيراً بالرَّغِيفِ الجَرْدَق
وجَرَنْدق: اسْمٌ. والجَرْذَقُ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: لُغَةٌ فِي الجَرْدق، كِلَاهُمَا مُعَرَّبٌ، وَيُقَالُ لِلرَّغِيفِ جَرْدَقٌ، وَهَذِهِ الْحُرُوفُ كُلُّهَا مُعَرَّبَةٌ لَا أُصول لَهَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ ذكره الأَزهري.
جرذق: الجَرْذَق، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، لُغَةٌ فِي الْجَرْدَقِ؛ زَعَمَ ابْنُ الأَعرابي أَنه سَمِعَهَا من رجل فصيح.
جَرْمَقَ: الجُرْمُوق: خُفّ صَغِيرٌ، وَقِيلَ خُفٌّ صَغِيرٌ يُلبس فَوْقَ الْخُفِّ. وجَرامِقةُ الشَّامِ: أَنباطها، وَاحِدُهُمْ جُرْمُقانيٌّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَصمعي فِي الكُميت: هُوَ جُرْمُقانِيٌّ. التَّهْذِيبُ: الجَرامِقةُ جِيلٌ مِنَ النَّاسِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْجَرَامِقَةُ قَوْمٌ بالمَوْصِل أَصلهم مِنَ الْعَجَمِ. أَبو تُرَابٍ: قَالَ شُجَاعٌ الجِرْماقُ والجِلْماقُ مَا عُصِبَ بِهِ القَوسُ مِنَ العَقَب، وَهُوَ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُعَرَّبَةِ وَلَا أَصل لَهَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ.
جَرَنْدَقُ: جَرَنْدَقٌ هُوَ اسْمٌ.
جَزَقَ: استُعمل الجَوْزَقُ وَهُوَ معرب.
جَسَقَ: الجَوْسَقُ: الحِصْن، وَقِيلَ: هُوَ شَبِيهٌ بِالْحِصْنِ، مُعَرَّبٌ وأَصله كُوشك بِالْفَارِسِيَّةِ. والجَوْسَق: الْقَصْرُ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الْجَوْسَقُ الْحِصْنُ قَوْلُ النُّعْمَانِ مِنْ بَنِي عدِيّ:
لعلَّ أَميرَ المؤمِنين يَسُوءُه ... تَنادُمُنا فِي الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ
جَعْثَقَ: جَعْثَق: اسْمٌ، وَلَيْسَ بثبت.
جَعْفَقَ: جَعْفَقَ القومُ: رَكِبُوا وتَهَيَّأُوا.
جَعْفَلَقَ: الأَزهري: قَالَ أَبو عَمْرٍو الجَعْفَلِيقُ الْعَظِيمَةُ مِنَ النِّسَاءِ؛ قَالَ أَبو حَبِيبة الشَّيْبَانِيُّ:
قامَ إِلَى عَذْراء جَعْفَلِيقِ، ... قَدْ زُيِّنَتْ بكَعْثَبٍ مَحْلُوقِ
يَمْشِي بمثلِ النخلةِ السَّحُوقِ، ... مُعَجَّرٍ مُبَجَّرٍ مَعْرُوقِ
هامَتُه كصخْرةٍ فِي نِيقِ، ... فشَقَّ مِنْهَا أَضْيَقَ المَضِيقِ
طَرَّقَه لِلْعَمَلِ المَوْمُوقِ، ... يَا حَبَّذا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ
__________
(2) . قوله [جابلق] ضبطت اللام في القاموس بالفتح. وقال في معجم ياقوت بسكون اللام وأما جابلص فحكي في القاموس في اللام السكون والفتح(10/35)
جَقَقَ: الجقّةُ: النَّاقَةُ الهَرِمة؛ عن ابن الأَعرابي.
جَلَقَ: جِلَّق وجِلِّق: مَوْضِعٌ؛ يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ؛ قَالَ الْمُتَلَمِّسُ:
بجِلّق تَسْطُو بامرئٍ مَا تَلَعْثَما
أَي مَا نَكَص؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
لئنْ كَانَ للقَبْرَيْنِ قَبْرٍ بجِلّقٍ، ... وقبْرٍ بصَيْداء الَّذِي عِنْدَ حارِب
التَّهْذِيبُ: جِلَّقٌ، بِالتَّشْدِيدِ وَكَسْرِ الْجِيمِ، مَوْضِعٌ بِالشَّامِ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَلَقَ اسْمُ دِمَشق؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
للهِ دَرُّ عِصابةٍ نادَمْتُهمْ، ... يَوْمًا، بجلقَ فِي الزمانِ الأَوّلِ
والجُوالِقُ والجُوالَق، بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وِعَاءٌ مِنَ الأَوعية مَعْرُوفٌ مُعَرَّبٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ:
أُحِبُّ ماوِيَّةَ حُبًّا صادِقا، ... حُبَّ أَبي الجُوالِقِ الجُوالِقا
أَي هُوَ شَدِيدُ الْحُبِّ لِمَا فِي جَوَالِقِهِ مِنَ الطَّعَامِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالْجَمْعُ جَوالِق، بِفَتْحِ الْجِيمِ، وجَوالِيق، وَلَمْ يَقُولُوا جَوالِقات، اسْتَغْنَوْا عَنْهُ بجَوالِيق، وَرُبَّ شَيْءٍ هَكَذَا وَبِعَكْسِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا حَبَّذا مَا فِي الجَوالِيقِ السُّودْ ... مِنْ خَشْكِنانٍ وسَوِيقٍ مَقْنُودْ
وَرُبَّمَا جَوَّزَ الجوالِقات غَيْرُ سِيبَوَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ سِيبَوَيْهِ قَدْ جَمَعَتِ الْعَرَبُ أَسماء مُذَكَّرَةً بالأَلف وَالتَّاءِ لِامْتِنَاعِ تَكْسِيرِهَا نَحْوَ سِجِلّ وإسْطبْل وحَمّام فَقَالُوا سِجِلَّات وَحَمَّامَاتٌ وإسْطَبْلات، وَلَمْ يَقُولُوا فِي جَمْعِ جُوالِق جُوالِقات لأَنهم قَدْ كسَّروه فَقَالُوا جَوالِيق. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لِلَبِيدٍ قَاتِلِ أَخيه زَيْدٍ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بَعْدَ أَن أَسلم: أَنت قَاتِلُ أَخي يَا جوالِق؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ
؛ الجوالِق، بِكَسْرِ اللَّامِ: هُوَ اللَّبِيدُ وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ لَبِيداً؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
ونازِلةٍ بالحَيِّ، يَوْمًا، قَرَيْتُها ... جَوالِيقَ أَصْفاراً وَنَارًا تُحَرِّقُ
قَالَ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ أَصفاراً جَراداً خَالِيَةَ الأَجواف مِنَ البَيْض وَالطَّعَامِ. وجَوْلَق: اسْمٌ؛ قَالَ الرَّاوِي: وأَنا أَظنه جَلَوْبَقاً. ابْنُ الأَعرابي: جَلقَ رأْسَه وجَلَطَه إِذَا حَلَقَه. التَّهْذِيبُ: رَجُلٌ جُلاقةٌ وجُراقةٌ، وَمَا عَلَيْهِ جُلاقة لَحْمٍ، قَالَ: وَيُقَالُ للمَنْجَنِيق المنْجَلِيقُ.
جَلْبَقَ: جَلَوْبَق: اسْمٌ، وَكَذَلِكَ الجَلَوْفَق، قَالَ: هُوَ اسْمُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ؛ وفيه يقول الفرزذق:
رأَيتُ رِجالًا يَنْفَحُ المِسْكُ مِنهمُ، ... ورِيحُ الخُرُوءِ مِنْ ثِيابِ الجَلَوْبَقِ
جَلْفَقَ: أَتان جَلَنْفَقٌ: سَمِينة. وجَلَوْبَق: اسْمٌ، وَكَذَلِكَ الجَلَوْفَقُ.
جَلْمَقَ: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: قَالَ أَبو تُرَابٍ قَالَ شُجَاعٌ: الجِرْماقُ والجِلْماقُ مَا عُصِب بِهِ القَوْس مِنَ العَقَبِ.
جَلَنْبَلَقْ: الصِّحَاحُ: حِكَايَةُ صَوْتِ بَابٍ ضَخْم فِي حَالِ فَتْحِهِ وإِصْفاقِه، جَلَنْ عَلَى حِدَةٍ، وبَلَقْ عَلَى حِدَةٍ؛ أَنشد الْمَازِنِيُّ:
فتَفْتَحُه طَوْراً، وطَوْراً تُجِيفُه، ... فتسمَعُ فِي الحالَينِ مِنْهُ جَلَنْبَلَقْ(10/36)
جَلْهَقَ: الجُلاهِقُ: البُنْدُقُ، وَمِنْهُ قَوْسُ الجُلاهِقِ، وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ جُلَهْ، وَهِيَ كُبّة غَزْلٍ، وَالْكَثِيرُ جُلَها، وَبِهَا سُمِّيَ الْحَائِكُ. النَّضْرُ: الجُلاهِقُ الطينُ المُدَوَّر المُدَمْلَقُ، وجُلاهِقة وَاحِدَةٌ وجُلاهِقَتانِ. وَيُقَالُ: جَهْلَقْتُ جُلاهِقاً، قدَّم الهاء وأَخّر اللام.
جنق: الجُنُق، بِضَمِّ الْجِيمِ وَالنُّونِ: حِجَارَةُ المَنْجَنِيق. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الجُنُقُ أَصحاب تَدْبِيرِ المَنْجَنِيق. يُقَالُ: جَنَقُوا يَجْنِقُون جَنْقاً. حَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ: جَنَّقُونا بالمَنْجَنِيق تَجْنِيقاً أَي رَمَوْنا بأَحجارها. وَيُقَالُ: مَجْنَقَ المنجنيقَ وجَنَّق. وَقِيلَ لأَعرابي: كَيْفَ كَانَتْ حُروبكم؟ قَالَ: كَانَتْ بَيْنَنَا حُروب عُون، تُفْقأُ فِيهَا الْعُيُونُ، فَتَارَةً نُجْنَق، وأُخرى نُرْشَق.
جنبق: امرأَة جُنْبُقة: نَعْتٌ مكروه.
جنفلق: الجَنْفَلِيقُ: الضَّخْمَةُ مِنَ النِّسَاءِ وَهِيَ الْعَظِيمَةُ، وَكَذَلِكَ الشَّفْشَلِيقُ، خماسي.
جهلق: الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ جَلْهَقَ: الجُلاهِقُ الطِّينُ المُدَوَّر المُدَمْلَق. وَيُقَالُ: جَهْلَقت جُلاهِقاً، قدَّم الْهَاءَ وأَخّر اللَّامَ.
جوق: الجَوْقُ «3» . كُلُّ خَلِيطٍ مِنَ الرِّعاء أَمرهم وَاحِدٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الجَوْقُ كُلُّ قطيعٍ مِنَ الرُّعاةِ أَمرهم وَاحِدٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الْجَوْقُ القَطيعُ مِنَ الرِّعاء، والجوْقُ أَيضاً: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَحسَبه دخِيلًا. والأَجْوَقُ: الْغَلِيظُ العُنق. الْجَوْهَرِيُّ: الجَوَقُ مَيَلٌ فِي الْوَجْهِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ فِي وَجْهِهِ شَدَفٌ وجَوَقٌ أَي مَيَلٌ، وَقَدْ جَوِقَ يَجْوَقُ، فَهُوَ أَجْوَقُ وجَوِقٌ. وَيُقَالُ: عدوٌّ أَجْوَقُ الفكِّ أَي مائلُ الشقِّ، وجمعه جُوقةٌ.
فصل الحاء
حبق: الحَبْقُ والحَبِقُ، بِكَسْرِ الْبَاءِ، والحُباقُ: الضُّراطُ؛ قَالَ خِداشُ بْنُ زُهَيْرٍ الْعَامِرِيُّ:
لَهُمْ حَبِقٌ، والسَّوْدُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، ... يَدِيَّ لَكُمْ والعادِياتِ المُحَصَّبا «4»
. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: السَّوْدُ اسْمُ مَوْضِعٍ؛ ويَدِيٌّ: جَمَعُ يَدٍ مِثْلُ قَوْلِهِ:
فإنَّ لَهُ عِندي يَدِيّاً وأَنْعُما
وأَضافها إِلَى نَفْسِهِ، وَرَوَاهُ أَبو سَهْلٍ الْهَرَوِيُّ: يَدِيّ لَكُمْ، وَقَالَ: يُقَالُ يَدِيَّ لَكَ أَن يَكُونَ كَذَا كَمَا تَقُولُ علَيَّ لَكَ أَن يَكُونَ كَذَا؛ وَرَوَاهُ الْجَرْمِيُّ: يَدِي لَكُمْ، سَاكِنَةَ الْيَاءِ، والعادياتِ مَخْفُوضٌ بِوَاوِ الْقَسَمِ وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الإِبل وَالْغَنَمِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَبِقُ ضُراطُ المَعز، تَقُولُ: حبَقَت تَحْبِقُ حَبْقاً، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي النَّاسِ: حبَق يحبِق حبْقاً وحَبِقاً وحُباقاً، لَفْظُ الِاسْمِ وَلَفْظُ الْمَصْدَرِ فِيهِ سَوَاءٌ، وأَفعال الضَّرِطِ تجيءُ كَثِيرًا مُتَعَدِّيَةً بِحَرْفٍ كَقَوْلِهِمْ عفَق بِهَا وحَطَأَ بِهَا ونفَخ بِهَا إِذَا ضَرطَ. وَفِي حَدِيثِ المُنْكَر الَّذِي كَانُوا يأْتُونه فِي نادِيهم قَالَ:
كَانُوا يَحْبِقُون فِيهِ
؛ الحَبِق، بِكَسْرِ الْبَاءِ: الضُّراط. وَيُقَالُ للأَمة: يَا حَباقِ كَمَا يُقَالُ يَا دَفارِ. الأَزهري: الحبَقُ دَواءٌ مِنْ أَدْوِيةِ الصَّيادِلة، والحَبَقُ الفُوذَنْج. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَبَقُ نَبَاتٌ
__________
(3) . قوله [الجوق] كذا بالأصل. والذي في نسخ الجوهري بأيدينا: الجوقة الجماعة من الناس
(4) . قوله [والعاديات] في مادة سود والزائرات وفيها ضبط حبق بفتح الباء والصواب كسرها(10/37)
طَيِّبُ الرِّيحِ مُرَبَّعُ السُّوقِ وَوَرَقُهُ نَحْوُ وَرَقِ الخِلافِ مِنْهُ سُهْلِيّ وَمِنْهُ جَبَلي وَلَيْسَ بمَرْعًى. ابْنُ خَالَوَيْهِ: الحبقُ الباذَرُوجُ، وَجَمْعُهُ حِباقٌ؛ وأَنشد:
فأَتَوْنا بدَرْمَقٍ وحِباقٍ، ... وشِواء مُرَعْبَلٍ وصِنابِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَباقَى الحَنْدَقُوقَى لُغَةٌ حِيرِيّةٌ؛ أَنْشَدَ الأَصمعي لِبَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ:
لَيْتَ شِعْري، مَتَى تَخُبُّ بي الناقةُ، ... بَيْنَ العُذَيْبِ فالصِّنَّيْنِ
مُحْقباً زُكْرةً وخُبْزاً رِقَاقًا، ... وحَباقى وقِطْعةً مِنْ نُونِ
وَمَا فِي النِّحْيِ حَبَقةٌ أَي لطْخُ وضَرٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ، كَقَوْلِكَ مَا فِي النَّحْيِ عَبَقة. وعِذْقُ الحُبَيْق: ضرْب مِنَ الدَّقَل رَديء، وَهُوَ مُصَغَّرٌ، هُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ رَدِيءٌ مَنْسُوبٌ إِلَى ابْنِ حُبَيْق، وَهُوَ تَمْرٌ أَغبر صَغِيرٌ مَعَ طُولٍ فِيهِ. يُقَالُ: حُبَيْقٌ ونُبَيْقٌ وَذَوَاتُ العُنيق لأَنواع مِنَ التَّمْرِ، وَالنُّبَيْقُ أَغبر مدوَّر، وَذَوَاتُ العُنيق لَهَا أَعناق مَعَ طُولٍ وغُبرة، وَرُبَّمَا اجْتَمَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي عِذْق وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ لَوْنَين مِنَ التَّمْرِ: الجُعْرُورِ ولون الحُبَيْق
، يَعْنِي أَن تؤْخذ فِي الصَّدَقَةِ. أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ يَمْشِي الدِّفِقَّى والحِبِقَّى وَهِيَ دُونَ الدفقَّى. ابْنُ خَالَوَيْهِ: الحُبَيْبِيق الأَحمق، والحُباق لَقَبُ بَطْنٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ؛ قَالَ:
يُنادِي الحُباقَ وخَمّانَها، ... وَقَدْ شيَّطُوا رأْسَه فالتَهَبْ
حبطقطق: هَذَا مَذْكُورٌ فِي السُّدَاسِيِّ، وَقَالَ: حَبَطِقْطِقْ حِكَايَةُ صَوْتِ قَوَائِمِ الْخَيْلِ إِذَا جَرَتْ؛ وأَنشد الْمَازِنِيُّ:
جرَتِ الخيلُ فقالتْ: ... حَبَطِقْطِقْ حَبَطِقْطق
حبقنق: حُبَقْنِيقٌ: سيءُ الخلُق.
حبلق: الحَبَلَّق: الصَّغِيرُ القَصير؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يُحابي بِنَا فِي الحَقِّ كُلَّ حَبَلَّقٍ، ... لَنَا البَول عَنْ عِرْنِينِه يتفرَّقُ
والحَبَلَّقُ: غَنَمٌ صِغَارٌ لَا تكْبُر؛ قَالَ الأَخطل:
واذْكُرْ غُدانةَ عِدّاناً مُزَنَّمةً ... مِنَ الحَبَلَّقِ، يُبْنى حَوْلَها الصِّيَرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ حبق: غُدانةُ بْنُ يَرْبُوع بْنِ حَنْظَلةَ، وعِدّانٌ جَمْعُ عَتُود مِثْلُ عِتْدان، وَإِنْ شِئْتَ نَصَبْتَهُ عَلَى الذَّمِّ. والحَبلَّقةُ: غَنَمٌ بجُرَش.
حثرق: الأَزهري: ابْنُ دُرَيْدٍ الحَثْرَقَةُ خُشونة وحُمرة تَكُونُ في العين.
حدق: حدَقَ بِهِ الشيءُ وأَحدقَ: اسْتَدارَ؛ قَالَ الأَخطل:
المُنْعِمُون بنُو حَرْبٍ، وَقَدْ حَدَقَتْ ... بيَ المَنِيّةُ، واسْتَبْطأْتُ أَنصارِي
وَقَالَ سَاعِدَةُ:
وأُنْبِئْتُ أنَّ القومَ قَدْ حَدَقُوا بِهِ، ... فَلَا رَيْبَ أنْ قَدْ كَانَ ثَمَّ لَحيمُ
وَكُلُّ شَيْءٍ اسْتَدار بِشَيْءٍ وأَحاطَ بِهِ، فَقَدْ أَحدَقَ بِهِ. وَتَقُولُ: عَلَيْهِ شامةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أحدقَ بِهَا بَيَاضٌ. والحَدِيقة مِنَ الرِّياض: كلُّ أَرض اسْتَدَارَتْ وأَحدق(10/38)
بِهَا حاجزٌ أَوْ أَرض مُرْتَفِعَةٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
جادَتْ عَلَيْهَا كلُّ بِكْرٍ حُرًةٍ، ... فتَرَكْنَ كلَّ حَديقةٍ كالدِّرْهمِ
وَيُرْوَى: كلَّ قَرارةٍ؛ وَقِيلَ: الحَدِيقةُ كُلُّ أَرض ذَاتِ شَجَرٍ مُثمر وَنَخْلٍ، وَقِيلَ: الحديقةُ البُسْتانُ وَالْحَائِطُ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الجَنةَ مِنَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ؛ قَالَ:
صُورِيّةٌ أُولِعْتُ باشْتِهارِها، ... ناصِلةُ الحِقْوَيْنِ مِنْ إزارِها
يُطْرِقُ كلبُ الحَيِّ مِنْ حِذارِها، ... أَعْطَيْتُ فِيهَا طائِعاً أَو كارِها
حَدِيقةً غَلْباء فِي جِدارِها، ... وفرَساً أُنْثى وعَبْداً فارِها
أَراد أَنه أَعطاها نَخْلًا وكَرْماً مُحْدَقاً عَلَيْهَا، وَذَلِكَ أَفْخَم لِلنَّخْلِ وَالْكَرْمِ لأَنه لَا يُحْدَق عَلَيْهِ إِلَّا وَهُوَ مَضْنُون بِهِ مُنْفِسٌ، وَإِنَّمَا أَراد أَنه غالَى بِمَهْرِهَا عَلَى مَا هِيَ بِهِ مِنَ الاشْتِهار وَخَلَائِقِ الأَشرار، وَقِيلَ: الحَدِيقةُ حُفرة تَكُونُ فِي الْوَادِي تَحْبِسُ الْمَاءَ، وكلُّ وَطِيءٍ يَحْبس الْمَاءَ فِي الْوَادِي وإِن لَمْ يَكُنِ الْمَاءُ فِي بَطْنِهِ، فَهُوَ حديقةٌ. والحدِيقةُ: أَعْمقُ مِنَ الغَديِر. والحديقةُ: القِطعة مِنَ الزَّرْعِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَكُلُّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِدَارَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَحَدائِقَ غُلْباً
. وكلُّ بُستان كَانَ عَلَيْهِ حَائِطٌ، فَهُوَ حَدِيقَةٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِطٌ لَمْ يُقَل لَهُ حَدِيقَةٌ. الزَّجَّاجُ: الحدائقُ البَساتين وَالشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ. وحدِيقُ الرَّوْضِ: مَا أَعشب مِنْهُ والتَفَّ. يُقَالُ: رَوْضة بَنِي فُلَانٍ مَا هِيَ إِلَّا حَدِيقَةٌ مَا يَجُوزُ فِيهَا شَيْءٌ. وَقَدْ أَحدقت الرَّوْضةُ عُشْباً، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا عُشْبٌ فَهِيَ رَوْضة. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَمِعَ مِنَ السَّحَابِ صَوْتًا يَقُولُ اسْقِ حَدِيقةَ فُلَانٍ.
والحَدَقةُ: السَّوَادُ الْمُسْتَدِيرُ وَسَطَ الْعَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ فِي الظَّاهِرِ سَوَادُ الْعَيْنِ وَفِي الْبَاطِنِ خَرَزَتها. الْجَوْهَرِيُّ: حدَقةُ الْعَيْنِ سَوَادُهَا الأَعظم، وَالْجَمْعُ حَدَقٌ وأَحداقٌ وحِداقٌ؛ قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
فالعَيْنُ بَعْدهمُ كأَنَّ حِداقَها ... سُمِلَتْ بشوكٍ، فَهِيَ عُورٌ تَدْمَعُ
قَالَ: حِداقَها أَرَادَ الحدَقةَ وَمَا حولَها كَمَا يُقَالُ لِلْبَعِيرِ ذُو عَثانِين وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: الحدَقُ جَمَاعَةُ الحدَقةِ، وَهِيَ فِي الظَّاهِرِ سَوَادُ الْعَيْنِ وَفِي الْبَاطِنِ خَرَزَتها، قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ السَّوَادُ الأَعظم فِي الْعَيْنِ هُوَ الْحَدَقَةُ والأَصغر هُوَ النَّاظِرُ، وَفِيهِ إِنْسَانُ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا النَّاظِرُ كالمِرآة إِذَا اسْتَقْبَلْتَهَا رأيتَ فِيهَا شَخْصَكَ. وَقَوْلُهُمْ فِي حَدِيثِ
الأَحنف: نَزَلُوا فِي مِثْلِ حدَقةِ الْبَعِيرِ
أَي نَزَلُوا فِي خِصْب، وشبَّهه بِحَدَقَةِ الْبَعِيرِ لأَنها رَيّا مِنَ الْمَاءِ، وَقِيلَ: إِنما أَراد أنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ دَائِمٌ لأَن النِّقْي لَا يَبقى فِي جَسَدِ الْبَعِيرِ بقاءَه فِي الْعَيْنِ والسُّلامَى؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: شبَّه بِلَادَهُمْ فِي كَثْرَةِ مَائِهَا وخِصْبها بِالْعَيْنِ لأَنها تُوصَفُ بِكَثْرَةِ الْمَاءِ والنَّداوة، ولأَن المُخ لَا يَبْقَى فِي شيءٍ مِنَ الأَعضاء بَقَاءَهُ فِي الْعَيْنِ. والحُنْدُوقةُ والحِنْدِيقةُ: الحَدقةُ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهَا. والتَّحْدِيقُ: شِدَّةُ النَّظَرِ بِالْحَدَقَةِ؛ وقولُ مُليحٍ الْهُذَلِيِّ:
أَبي نَصَبَ الرَّاياتِ بَيْنَ هَوازِنٍ ... وَبَيْنَ تَمِيمٍ، بعدَ خَوْفٍ مُحَدِّقِ(10/39)
أَراد أَمراً شَدِيدًا تُحَدِّقُ مِنْهُ الرِّجَالُ. وَفِي حَدِيثُ
مُعاوية بْنِ الحكَم: فحدَّقني القومُ بأَبصارهم
أَي رَمَوْني بحَدَقِهم، جَمْعُ حدَقة. وحدَقَ فُلَانٌ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ يَحْدِقُه حَدْقاً إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ. وحدَق الميتُ إِذَا فتَح عَيْنَيْهِ وطرَف بِهِمَا، والحُدوق الْمَصْدَرُ. ورأَيتُ الميتَ يَحْدِقُ يَمْنةً ويَسْرة أَي يَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَيَنْظُرُ. والحَدْلَقَةُ، بِزِيَادَةِ اللَّامِ: مِثْلُ التَّحْديق، وَقَدْ حَدْلَقَ الرَّجُلُ إِذَا أَدار حَدَقَته فِي النَّظَرِ. والحَدَقُ: الباذِنْجانُ، وَاحِدَتُهَا حَدَقة، شُبِّهَ بحدَق المَها؛ قَالَ:
تَلْقَى بِهَا بَيْضَ القَطا الكُدارِي، ... تَوَائِمًا كالحَدَقِ الصِّغارِ
وَوَجَدْنَا بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ: الحذَقُ الْبَاذِنْجَانُ، بِالذَّالِ الْمَنْقُوطَةِ، وَلَا أَعرفها. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْبَاذِنْجَانِ الْحَدَقُ والمَغْد، وَقَدْ ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذَا الْفَصْلِ الحَنْدَقُوق، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ أَن يَذْكُرَ فِي تَرْجَمَةِ حندق لأَن النُّونَ أَصلية، وَوَزْنَهُ فَعْلَلول، وَكَذَا ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ وَهُوَ عِنْدَهُ صفة.
حدرق: الأَزهري عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه كَتَبَ عَنْ أَعرابي قَالَ: السَّخِينة دقِيقٌ يُلْقَى عَلَى ماءٍ أَو عَلَى لَبَنٍ فَيُطْبَخُ ثُمَّ يؤْكل بِتَمْرٍ أَو يُحْسَى وَهُوَ الحَساء، قَالَ: وَهِيَ السَّخونة أَيضاً وَهِيَ النَّفِيتةُ والحُدْرُقَّةُ والخَزِيرةُ والحَرِيرةُ أَرقُّ مِنْهَا، قَالَ: وَقَالَتْ جَارِيَةٌ لأُمِّها: يَا أُمّياه أَنَفِيتَة تُتَّخَذُ أَم حُدْرُقَّة؟ والحُدرقَّة: مِثْلُ زَرْق الطَّيْرِ فِي الرِّقَّة.
حدلق: الحُدَلِقةُ، مِثَالُ الهُدَبِد: الحَدقةُ الْكَبِيرَةُ. وَعَيْنٌ حُدَلِقةٌ: جاحظةٌ. والحُدَلِقةُ: الْعَيْنُ الْكَبِيرَةُ. وَقَالَ كُرَاعٌ: أَكل الذِّئْبُ مِنَ الشَّاةِ الحُدَلِقةَ أَي الْعَيْنَ. وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ شيءٌ مِنْ جَسَدِهَا لَا أَدري مَا هُوَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الأَصمعي سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ بَنِي سَعْدٍ يَقُولُ: شدَّ الذئبُ عَلَى شَاةِ فُلَانٍ فأَخذ حُدَلِقَتها وَهُوَ غَلْصَمَتُها. والحَدَوْلَق: القصير المجتمع.
حذق: الحِذْقُ والحَذاقةُ: المَهارة فِي كُلِّ عَمَلٍ، حذَق الشيءَ يَحْذِقُه وحَذِقَه حَذْقاً وحِذْقاً وحَذاقاً وحِذاقاً وحَذاقة وحِذاقة، فَهُوَ حَاذِقٌ مِنْ قَوْمٍ حُذَّاق. الأَزهري: تَقُولُ حَذَق وحَذِق فِي عَمَلِهِ يَحْذِق ويَحْذَق، فَهُوَ حَاذِقٌ مَاهِرٌ، والغلامُ يَحْذِق القرآنَ حِذْقاً وحِذاقاً، وَالِاسْمُ الحِذاقة. أَبو زَيْدٍ: حذَقَ الغلامُ الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ يَحذِقُ حِذْقاً وحَذْقاً وحِذاقاً وحَذاقاً وحِذاقة وحَذاقة مهرَ فِيهِ، وَقَدْ حَذِقَ يحذَق لُغَةً. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: فَمَا مرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى حَذَقْته وعرَفْته وأتقَنْته
، وَالِاسْمُ الْحَذْقَةُ مأْخوذ مِنَ الحَذْق الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ. وَيُقَالُ لِلْيَوْمِ الَّذِي يَختم فِيهِ الصبيُّ الْقُرْآنَ: هَذَا يَوْمُ حِذاقِه. وَفُلَانٌ فِي صَنْعَتِهِ حَاذِقٌ بَاذِقٌ، وَهُوَ إِتْبَاعٌ لَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: وحذَق الشيءَ يَحْذِقه حَذْقاً، فَهُوَ مَحْذوق وحَذِيقٌ، مدَّه وَقَطَعَهُ بِمِنْجَل وَنَحْوِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ، وَالْفِعْلُ اللَّازِمُ الِانْحِذَاقُ؛ وَأَنْشَدَ:
يكادُ مِنْهُ نِياطُ القَلبِ يَنحذِقُ
والحَذِيقُ: الْمَقْطُوعُ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ السِّكِّيتِ لزُغْبةَ الباهِلي:
أنَوْراً سَرْعَ مَاذَا يَا فَرُوقُ؟ ... وحَبْلُ الوَصْلِ مُنْتَكِثٌ حَذِيقُ
أَيْ مَقْطُوعٌ. والحاذِقُ: الْقَاطِعُ؛ قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:(10/40)
يُرى ناصِحاً فِيمَا بَدَا، فَإِذَا خَلَا، ... فَذَلِكَ سِكِّينٌ عَلَى الحَلْقِ حاذِقُ
وحَبْل أحْذاق أخْلاق: كَأَنَّهُ حُذِق أَيْ قُطِع، جَعَلُوا كُلَّ جزءٍ مِنْهُ حَذِيقاً؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ؛ وَقِيلَ: الحَذْق القَطْع مَا كَانَ. وانْحَذَق الشيءُ: انقطَع. وحذقَ الرِّباطُ يدَ الشَّاةِ: أثَّر فِيهَا بقَطْع. الأَزهري: حذقْت الْحَبْلَ أحْذِقُه حَذْقاً إِذَا قَطَعْتَهُ، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ. وحذَق الخَلُّ يَحْذِقُ حُذوقاً: حَمُض. وحذَق اللَّبَنُ وَالنَّبِيذُ وَنَحْوُهُمَا يَحْذِق حُذوقاً: حذَى اللسانَ. والحاذِقُ أَيْضًا: الْخَبِيثُ الْحُمُوضَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْحَاذِقُ مِنَ الشَّرَابِ المُدْرِكُ الْبَالِغُ؛ وَأَنْشَدَ:
يُفِخْن بَوْلًا كالشَّرابِ الحاذِقِ، ... ذَا حَرْوةٍ يَطِير فِي المَناشِقِ
وحذَق الخلُّ فَاهَ: حَمَزَه. والحُذاقيُّ: الفصيحُ اللسانِ البيِّنُ اللَّهجة؛ قَالَ طرَفةُ:
إِنِّي كفانيَ، مِنْ أمرٍ هَمَمْتُ بِهِ، ... جارٌ كجارِ الحُذاقيِّ الَّذِي اتَّصفا
يَعْنِي أَبَا دُواد الإِياديّ الشَّاعِرَ، وَكَانَ أَبُو دُوادٍ جاوَرَ كعْبَ بْنَ مامةَ، وَقَوْلُهُ اتَّصَفَا أَيْ صَارَ مُتواصِفاً؛ وَقَالَ أَبُو دُوَادَ:
ودارٍ يقولُ لَهَا الرَّائدُونَ: ... وَيْلُ امِّ دارِ الحُذاقيّ دَارَا
يَعْنِي بالحُذاقي نفْسَه، وحُذاقٌ: رهطُ أَبِي دُوَادَ؛ وَقَالَ أَيضاً:
ورِجال مِنَ الأَقارِبِ كَانُوا ... مِن حُذاقٍ، همُ الرؤُوسُ الخِيار
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما قَوْلُ الْآخَرِ:
وقولُ الحُذاقيّ قَدْ يُستَمَعْ، ... وقَوْليَ ذُرَّ عَلَيْهِ الصَّبِرْ
فَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ الرَّجُلَ الْفَصِيحَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه خَرَجَ عَلَى صَعْدةٍ يَتْبَعُها حُذاقيٌ
؛ هُوَ الجَحش، والصَّعْدةُ الأَتان. وَمَا فِي رَحْلِهِ حُذاقةٌ أَيْ شيءٌ مِنْ طَعَامٍ. وأَكَل الطَّعَامَ فَمَا تَرَكَ مِنْهُ حُذاقةً وحُذافةً، بِالْفَاءِ. واحتَمل رحلَه فَمَا تَرَكَ مِنْهُ حُذاقةً. وَبَنُو حُذاقةَ: بَطْنٌ مِنْ إِيَادٍ، وكلٌّ مِنَ الْعَرَبِ حُذافة، بِالْفَاءِ، غَيْرَ هَذَا فَإِنَّهُ بِالْقَافِ. وَوَرَدَ فِي شِعْرِ أَبِي دُواد حُذاق بِغَيْرِ هَاءٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيْتُهُ آنِفًا: كَانُوا مِنْ حُذاق. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ حدق: الحدَق الباذِنْجان، وَوَجَدْنَا بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الحذَق الْبَاذِنْجَانُ، بِالذَّالِ مَنْقُوطَةً، قَالَ: وَلَا أَعْرِفُهَا.
حذلق: الحَذْلَقةُ: التصرُّف بالظَّرْف. والمُتَحَذْلِق: المُتَكَيِّس، وَقِيلَ: المُتحذلق هُوَ الْمُتَكَيِّسُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَزْدَادَ عَلَى قَدْرِهِ. وَإِنَّهُ ليَتَحَذْلَق فِي كَلَامِهِ ويَتَبَلْتَع أَيْ يتظرَّف ويَتكيَّسُ. وَرَجُلٌ حِذْلقٌ: كثيرُ الْكَلَامِ صَلِفٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ. والحِذْلاقُ: الشيءُ المُحَدَّد، وَقَدْ حُذْلِقَ. وَيُقَالُ: حَذْلَقَ الرجلُ وتَحَذْلَق إِذَا أَظهر الحِذْق وادَّعى أَكثر مِمَّا عنده.
حرق: الحَرَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّارُ. يُقَالُ: فِي حَرَقِ اللَّهِ؛ قَالَ:
شَدًّا سَريعاً مِثلَ إضرامِ الحَرَقْ(10/41)
وَقَدْ تَحرَّقَتْ، والتحريقُ: تأْثيرها فِي الشَّيْءِ. الأَزهري: والحَرَقُ مِنْ حَرَق النَّارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحَرَقُ والغَرَقُ والشَّرَقُ شَهَادَةٌ.
ابْنُ الأَعرابي: حرَقُ النَّارِ لهَبُه، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُهُ
ضالَّةُ المُؤمِن حرَقُ النارِ
أَيْ لَهَبُها؛ قَالَ الأَزهري: أَراد أَن ضالةَ الْمُؤْمِنِ إِذَا أَخذها إِنْسَانٌ ليتملَّكها فإنها تُؤَدِّيهِ إِلَى حرَق النَّارِ، والضالةُ مِنَ الْحَيَوَانِ: الإِبل وَالْبَقَرُ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا يُبْعِد ذَهَابُهُ فِي الأَرض وَيَمْتَنِعُ مِنَ السِّباع، لَيْسَ لأَحد أَن يَعْرِض لَهَا لأَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْعَدَ مَن عَرَضَ لَهَا ليأْخذها بِالنَّارِ. وأحْرقَه بِالنَّارِ وحَرَّقه: شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحَرِقُ شَهِيدٌ
، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَفِي رِوَايَةٍ:
الحَريقُ
أَيِ الَّذِي يقَع فِي حرَق النَّارِ فيَلْتَهِب. وَفِي حَدِيثِ المُظاهِر:
احْتَرَقْت
أَيْ هلكْت؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المُجامِع:
فِي نَهَارِ رَمَضَانَ احْترقْت
؛ شَبَّهَا مَا وقَعا فِيهِ مِنَ الجِماع فِي المُظاهرة والصَّوْم بالهَلاك. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّهُ أُوحي إليَّ أَنْ أُحْرِقَ قُرَيْشًا
أَي أُهْلِكَهم، وَحَدِيثُ قِتَالِ أَهل الرِّدَّةِ:
فَلَمْ يَزَلْ يُحَرِّقُ أعْضاءهم حَتَّى أَدْخَلَهُمْ مِنَ الْبَابِ الَّذِي خَرجوا مِنْهُ
، قَالَ: وأُخذ مِنْ حَارِقَةِ الوَرِك، وأَحرقته النَّارُ وحَرّقَتْه فَاحْتَرَقَ وتحرّقَ، والحُرْقةُ: حَرارتها. أَبُو مَالِكٍ: هَذِهِ نارٌ حِراقٌ وحُراق: تُحْرِق كُلَّ شَيْءٍ. وأَلقى اللَّهُ الْكَافِرَ فِي حارِقَتِه أَيْ فِي نارِه؛ وتحرّقَ الشيءُ بِالنَّارِ واحْترقَ، وَالِاسْمُ الحُرْقةُ والحَريقُ. وَكَانَ عَمْرُو بْنُ هِند يلقَّب بالمُحَرِّق، لأَنه حرَّق مِائَةً مِنْ بَنِي تَمِيمٍ: تِسْعَةً وَتِسْعِينَ مِنْ بَنِي دارِم، وَوَاحِدًا مِنَ البَراجِم، وشأْنه مَشْهُورٌ. ومُحَرِّق أَيضاً: لقب الحرث بْنِ عَمْرٍو ملِك الشَّامِ مِنْ آلِ جَفْنةَ، وإِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه أَوّل مَنْ حرَّق الْعَرَبَ فِي دِيَارِهِمْ، فَهُمْ يُدْعَوْن آلَ مُحَرِّق؛ وأَما قَوْلُ أسودَ بْنِ يَعْفُر:
مَاذَا أُؤَمِّلُ بعدَ آلِ مُحَرِّقٍ، ... تَرَكُوا منازِلَهم، وبعدَ إيادِ؟
فَإِنَّمَا عَنَى بِهِ إمرأَ الْقَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَدِيّ اللخْمِيّ لأَنه أَيضاً يُدعَى مُحَرِّقًا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: محرِّق لَقَبُ ملِك، وَهُمَا مُحرِّقان: مُحَرِّقُ الأَكبر وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ اللَّخْمِيُّ، وَمُحَرِّقُ الثَّانِي وَهُوَ عَمرو بْنُ هِنْدٍ مُضَرِّطُ الْحِجَارَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَحْرِيقِهِ بَنِي تَمِيمٍ يَوْمَ أوارةَ، وَقِيلَ: لِتَحْرِيقِهِ نَخْلَ مَلْهَمٍ. والحُرْقةُ: مَا يَجِدُهُ الإِنسان مِنْ لَذْعةِ حُبّ أَوْ حُزْنٍ أَوْ طَعْمِ شَيْءٍ فِيهِ حَرَارَةٌ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: الحُرقة مَا تَجِدُ فِي الْعَيْنِ مِنَ الرمَد، وَفِي الْقَلْبِ مِنَ الوجَع، أَوْ فِي طَعْمِ شَيْءٍ مُحرِق. والحَرُوقاء والحَرُوقُ والحُرّاقُ والحَرُّوقُ: مَا يُقْدَح بِهِ النَّارُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هِيَ الخِرَقُ المُحرَّقة الَّتِي يَقَعُ فِيهَا السّقْط؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: هُوَ الَّذِي تُورَى فِيهِ النارُ. ابْنُ الأَعرابي: الحَرُوقُ والحَرُّوقُ والحُراقُ مَا نَتَقَتْ بِهِ النَّارُ مِنْ خِرْقة أَوْ نَبْجٍ، قَالَ: والنَّبْجُ أصُول البَرْدِيّ إِذَا جَفَّ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُراق والحُراقة مَا تَقَعُ فِيهِ النارُ عِنْدَ القَدْح، وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ فِي بَابِ فَعُولاء عَنِ الْفَرَّاءِ: أَنَّهُ يُقَالُ الحَرُوقاء لِلَّتِي تُقْدَحُ مِنْهُ النَّارُ والحَرُوقُ والحُرّاقُ والحَرُّوقُ، قَالَ: وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ الحُراقُ والحُراقةُ فعدَّتها سِتُّ لُغَاتٍ. ابْنُ سِيدَهْ: والحَرّاقاتُ سفُن فِيهَا مَرامِي نِيران، وَقِيلَ: هِيَ المَرامِي أنفُسها. الْجَوْهَرِيُّ: الحَرّاقة، بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ، ضَرْبٌ مِنَ السُّفُنِ فِيهَا مَرَامِي نِيرَانٍ يُرمى بِهَا الْعَدُوُّ فِي الْبَحْرِ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ يَصِفُ إِبِلًا:(10/42)
حَرَّقَها حَمْضُ بِلادٍ فِلِّ، ... وغَتْمُ نَجْمٍ غيرِ مُسْتَقِلِّ،
فَمَا تكادُ نِيبُها تُوَلِّي
يَعْنِي عَطَّشها، والغَتْم: شِدَّةُ الْحَرِّ، وَيُرْوَى: وغَيم نَجْمٍ، والغَيْم: العطَش. والحَرّاقات: مَوَاضِعُ القَلَّايِينَ والفَحّامِين. وأَحْرِقْ لَنَا فِي هَذِهِ القصَبَةِ نَارًا أَيْ أقْبِسْنا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ونارٌ حِراقٌ: لَا تُبْقي شَيْئًا. وَرَجُلٌ حُراق وحِراق: لَا يُبْقِي شَيْئًا إِلَّا أَفْسَدَهُ، مَثَّلَ بِذَلِكَ، ورَمْيٌ حِراقٌ: شَدِيدٌ، مَثَّلَ بِذَلِكَ أَيْضًا. والحَرَقُ: أَنْ يُصيب الثوبَ احْتِراقٌ مِنَ النَّارِ. والحَرَقُ: احْتراق يُصِيبُه مِنْ دَقِّ القَصّار. ابْنُ الأَعرابي: الحَرَق النَّقْب فِي الثَّوْبِ مِنْ دَقِّ القَصّار، جَعَلَهُ مِثْلَ الحرَق الَّذِي هُوَ لهَب النَّارِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ يسكَّن. وعِمامة حَرَقانِيّة: وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الوَشْي فِيهِ لَوْنٌ كأَنه مُحْترِق. والحرَقُ والحَريقُ: اضْطِرام النَّارِ وتَحَرُّقها. والحَرِيقُ أَيضاً: اللَّهَب؛ قَالَ غَيْلانُ الرِّبْعِيُّ:
يُثِرْنَ، مِنْ أَكْدَرِها بالدَّقْعاء، ... مُنْتَصِباً مِثْلَ حَرِيقِ القَصْباء
وَفِي الْحَدِيثِ:
شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمَاءُ المُحْرقَ مِنَ الخاصِرةِ
؛ الْمَاءُ المُحرَقُ: هُوَ المُغْلى بالحَرَق وَهُوَ النَّارُ، يُرِيدُ أَنَّهُ شَرِبَهُ مِنْ وجَع الخاصِرةِ. والحَرُوقةُ: الْمَاءُ يُحْرَق قَلِيلًا ثُمَّ يُذَرُّ عَلَيْهِ دقِيق قَلِيلٌ فيتنافَت أَيْ يَنتفخ ويتقافَز عِنْدَ الغَليانِ. والحَرِيقةُ: النَّفِيتةُ، وَقِيلَ: الحَرِيقةُ الْمَاءُ يُغْلى ثُمَّ يذرُّ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ فيُلْعَق وَهُوَ أَغْلَظُ مِنَ الحَساء، وَإِنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَهَا فِي شِدَّةِ الدهْر وغَلاء السِّعر وعجَفِ الْمَالِ وكلَب الزَّمَانِ. الأَزهري: ابْنُ السِّكِّيتِ الحَرِيقة والنَّفِيتة أَن يُذرّ الدَّقِيقُ عَلَى مَاءٍ أَو لَبَنٍ حَلِيبٍ حَتَّى يَنْفِت ويُتحسَّى مِنْ نَفْتها، وَهُوَ أَغلظ مِنَ السَّخينة، فَيُوَسِّعَ بِهَا صَاحِبُ العِيال عَلَى عِياله إِذَا غَلَبَهُ الدَّهْرُ. وَيُقَالُ: وَجَدْتُ بَنِي فُلَانٍ مَا لَهُمْ عَيْشٌ إلَّا الحَرائقُ. والحَرِيقُ: مَا أَحرقَ النباتَ مِنْ حَرٍّ أَو بَرْدٍ أَو رِيحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآفَاتِ، وَقَدِ احترقَ النَّبات. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ.
وَهُوَ يَتحرَّقُ جُوعاً: كَقَوْلِكَ يَتضرَّم. ونَصل حَرِقٌ حَدِيدٌ: كأَنه ذُو إِحْرَاقٍ، أَراه عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
فأَدْرَكَه فأَشْرَعَ فِي نَساه ... سِناناً، نَصْلُه حَرِقٌ حَدِيدُ
وَمَاءٌ حُراقٌ وحُرّاقٌ: مِلْح شديدُ المُلُوحةِ، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ. ابْنُ الأَعرابي: مَاءٌ حُراق وقُعاعٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَلَيْسَ بَعْدَ الحُراقِ شَيْءٌ، وَهُوَ الَّذِي يُحَرِّق أَوْبَارَ الإِبل. وأَحْرَقَنا فُلَانٌ: بَرَّح بِنَا وَآذَانَا؛ قَالَ:
أَحْرَقَني الناسُ بتَكْلِيفِهمْ، ... مَا لَقِيَ الناسُ مِنَ الناسِ؟
والحُرْقانُ: المَذَحُ وَهُوَ اصْطِكاكُ الفخِذين. الأَزهري: اللَّيْثُ الحَرْقُ حَرْق النابَيْن أَحدهما بِالْآخَرِ؛ وَأَنْشَدَ:
أَبَى الضَّيْمَ، والنُّعمانُ يَحرِق نابَه ... عَلَيْهِ، فأفْصى، والسيوفُ مَعاقِلُه
وحَريقُ النابِ: صَريفُه. والحَرْقُ: مَصْدَرٌ حَرَقَ نابُ الْبَعِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَحْرقُون أَنيابهم(10/43)
غَيْظاً وحَنَقاً
أَيْ يَحُكُّون بَعْضَهَا بِبَعْضٍ. ابْنُ سِيدَهْ: حرَق نابُ الْبَعِيرِ يَحْرُقُ ويَحْرِقُ حرْقاً وحَريقاً صرَف بِنابِه، وحرَق الإِنسانُ وغيرُه نابَه يَحرُقه ويَحْرِقُه حرْقاً وحَرِيقاً وحُروقاً فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْظ وغضَبٍ، وَقِيلَ: الحُروق مُحْدَث. وحرَق نابَه يَحْرُقه أَيْ سحَقه حَتَّى سُمع لَهُ صَريفٌ؛ وَفُلَانٌ يحرُق عَلَيْكَ الأُرَّمَ غَيظاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نُبِّئْتُ أحْماء سُلَيْمى إِنَّمَا ... باتُوا غِضاباً، يَحْرُقون الأُرَّما
وسَحابٌ حَرِقٌ أَيْ شَدِيدُ البرْقِ. وفَرس حُراقُ العَدْوِ إِذَا كَانَ يحتَرِقُ فِي عَدْوه. والحارِقةُ: العصَبةُ الَّتِي تَجْمع بَيْنَ رأْس الْفَخِذِ والوَرِك؛ وَقِيلَ: هِيَ عَصَبَةٌ مُتَّصِلَةٌ بَيْنَ وابلَتَي الْفَخِذِ والعَضُد الَّتِي تَدُورُ فِي صدَفة الْوَرِكِ وَالْكَتِفِ، فَإِذَا انْفَصَلَتْ لَمْ تَلْتَئِمْ أَبَدًا، يُقَالُ عِنْدَهَا حُرِقَ الرَّجُلُ فَهُوَ مَحْروق، وَقِيلَ: الحارقةُ فِي الخُرْبة عَصَبَةٌ تُعلِّق الْفَخِذَ بِالْوَرِكِ وَبِهَا يَمْشِي الإِنسان، وَقِيلَ: الحارِقَتانِ عصَبتان في رؤوس أَعَالِي الْفَخِذَيْنِ فِي أَطرافها ثُمَّ تَدْخُلَانِ فِي نُقْرتي الْوَرِكَيْنِ مُلْتَزِقَتَيْنِ نَابِتَتَيْنِ فِي النُّقْرَتَيْنِ فِيهِمَا مَوْصِل مَا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ وَالْوَرِكِ، وَإِذَا زَالَتِ الحارقةُ عَرِجَ الَّذِي يُصيبه ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْحَارِقَةُ عَصَبَةٌ أَو عِرْق فِي الرِّجل، وحَرِقَ حَرَقاً وحُرِقَ حَرْقاً: انْقَطَعَتْ حَارِقَتُهُ. الأَزهري: ابْنُ الأَعرابي الْحَارِقَةُ الْعَصَبَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْوَرِكِ، فَإِذَا انْقَطَعَتْ مَشَى صَاحِبُهَا عَلَى أَطراف أَصابعه لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَ ذَلِكَ، قَالَ: وَإِذَا مَشَى عَلَى أَطراف أَصَابِعِهِ اخْتِيَارًا فَهُوَ مُكتامٌ؛ وَقَدِ اكْتامَ الرَّاعِي عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ «5» ... أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَنَالَ أَطْرَافَ الشَّجَرِ بِعَصَاهُ ليَهُشَّ بِهَا عَلَى غَنَمِهِ؛ وَأَنْشَدَ لِلرَّاجِزِ يَصِفُ رَاعِيًا:
تَراهُ، تحتَ الفَننِ الوَريقِ، ... يَشُولُ بالمِحْجَنِ كالمَحْرُوقِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي أَخْبَرَ أَنَّهُ يَقُومُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَ الْغُصْنَ فيُميله إِلَى إِبِلِهِ، يَقُولُ: فَهُوَ يَرْفَعُ رِجْلَهُ لِيَتَنَاوَلَ الغُصن الْبَعِيدَ مِنْهُ فيَجْذِبه؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: يَقُولُ إِنَّهُ يَقُومُ عَلَى فَرْد رَجُلٍ يَتَطَاوَلُ للأَفنان وَيَجْتَذِبُهَا بِالْمِحْجَنِ فينفُضها للإِبل كَأَنَّهُ مَحْروق. والحَرَقُ فِي الناسِ والإِبل: انْقِطَاعُ الْحَارِقَةِ. وَرَجُلٌ حَرِقٌ: أَكْثَرُ مِنْ مَحْروق؛ وَبَعِيرٌ مَحْروقٌ: أَكْثَرُ مِنْ حَرِقٍ، وَاللُّغَتَانِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ فَصِيحَتَانِ. والحارقةُ أَيْضًا: عصَبة أَوْ عِرْق فِي الرِّجل؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والمَحروق الَّذِي انْقَطَعَتْ حَارِقَتُهُ، وَيُقَالُ: الَّذِي زَالَ وَرِكُه؛ قَالَ آخَرُ:
همُ الغِرْبانُ فِي حُرُماتِ جارٍ، ... وَفِي الأَدْنَيْنَ حُرَّاقُ الوُرُوكِ
يَقُولُ: إِذَا نَزَلَ بِهِمْ جَارٌ ذُو حُرمة أَكَلُوا مَالَهُ كَالْغُرَابِ الَّذِي لَا يَعاف الدَّبر وَلَا القَذَر، وَهُمْ فِي الظُّلم والجَنَف عَلَى أدانِيهم كالمَحروق الَّذِي يَمْشِي مُتجانِفاً ويَزهَد فِي مَعُونتهم والذبِّ عَنْهُمْ. والحَرْقُوَةُ: أَعْلَى الحَلق أَوِ اللَّهاة. وحَرِقَ الشعرُ حَرَقاً، فَهُوَ حَرِقٌ: قَصُر فَلَمْ يَطُلْ أَوِ انْقَطَعَ؛ قَالَ أَبُو كَبير الهُذلي:
ذَهَبَت بَشاشَته فأَصْبَح خامِلًا، ... حَرِقَ المَفارِقِ كالبُراءِ الأَعْفَرِ
البُراء: البُرايةُ وَهِيَ النُّحاتةُ، والأَعفرُ: الأَبيضُ
__________
(5) . كذا بياض بالأصل.(10/44)
الَّذِي تَعْلُوهُ حُمرة. وحَرِقَ رِيشُ الطَّائِرِ، فَهُوَ حَرِقٌ: انْحصّ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ يَصِفُ غُرَابًا:
حَرِقُ الجَناحِ، كأنَّ لَحْيَيْ رأسِه ... جَلَمانِ، بالأَخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ
والحَرَقُ فِي الناصيةِ: كَالسَّفَى، والفعلُ كَالْفِعْلِ. وحَرِقَت اللِّحية فَهِيَ حَرِقةٌ: قصُر شَعَرُ ذقَنها عَنْ شَعَرِ العارِضين. أَبُو عُبَيْدٍ: إِذَا انْقَطَعَ الشَّعَرُ ونَسَل قِيلَ حَرِق يحرَقُ، وَهُوَ حَرِق، وَفِي الصِّحَاحِ: فَهُوَ حَرِقُ الشَّعَرِ وَالْجَنَاحِ؛ قَالَ الطِّرمّاح يَصِفُ غُرَابًا:
شَنِجُ النِّسا حَرِقُ الجَناح كأنَّه، ... فِي الدَّارِ إثْرَ الظَّاعِنينَ، مُقَيَّدُ
وحَرَقَ الحديدَ بالمِبْرَد يحْرُقه ويَحْرِقُه حَرْقاً وحَرَّقه: بردَه وحَكَّ بعضَه بِبَعْضٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَنُحَرِّقَنَّهُ «1» . وَقُرِئَ
لنُحَرِّقَنَّه
ولنَحْرُقَنَّه
، وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قَرَأَ لنحرُقنّه لنَبْرُدَنَّه بِالْحَدِيدِ بَرْداً مِنْ حرَقْتُه أحْرُقه حَرْقاً؛ وَأَنْشَدَ المُفَضَّل لِعَامِرِ بْنِ شَقِيق الضَّبي:
بذِي فَرْقَيْنِ، يَومَ بَنُو حَبيبٍ ... نُيوبَهُم عَلَيْنَا يَحْرُقُونا
قَالَ:
وَقَرَأَ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لنحرُقنَّه
أَيْ لنبرُدَنَّه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ نَهَى عَنْ حَرْق النَّوَاةِ
؛ هُوَ بَرْدها بالمِبرد. يُقَالُ: حرَقه المِحْرقِ أَيْ بَرَدَهُ بِهِ؛ وَمِنْهُ الْقِرَاءَةُ لَنُحَرِّقَنَّهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إِحْرَاقَهَا بِالنَّارِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ إِكْرَامًا لِلنَّخْلَةِ أَوْ لأَن النَّوَى قُوتُ الدَّواجِن فِي الْحَدِيثِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَحَرَّقَهُ مُكَثَّرَةٌ عَنْ حَرَقه كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الزَّجَّاجُ مِنْ أَنَّ لنُّحَرِّقَنَّه بِمَعْنَى لنبرُدنَّه مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، لأَن الْجَوْهَرَ الْمَبْرُودَ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ، وَبِهَذَا رَدَّ عَلَيْهِ الْفَارِسِيُّ قَوْلَهُ. والحِرْقُ والحُراقُ والحِراقُ والحَرُوقُ، كُلُّهُ: الكُشُّ الَّذِي يُلْقَح بِهِ النَّخْلُ، أَعْنِي بالكُشّ الشِّمْراخَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنَ الْفَحْلِ فيُدَسُّ فِي الطَّلْعة. والحارِقةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تُكثر سَبَّ جارتِها. والحارِقةُ والحارُوق مِنَ النِّسَاءِ: الضيّقةُ الْفَرْجِ. ابْنُ الأَعرابي: وَامْرَأَةٌ حارِقةٌ ضَيِّقَةُ المَلاقي، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَغْلِبها الشَّهْوَةُ حَتَّى تَحْرُقَ أنيابَها بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ أَيْ تحُكّها، يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَا «2» وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وجدْتُها حارِقةً طارِقةً فَائِقَةً.
وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:
دخلَ مكةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوداء حَرَقانِيّةٌ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّهَا السَّوْدَاءُ وَلَا يُدرَى مَا أصلُه؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هِيَ الَّتِي عَلَى لَوْنِ مَا أَحْرَقَتْهُ النَّارُ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ بِزِيَادَةِ الأَلف وَالنُّونِ إِلَى الحرَق، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ، قَالَ: وَيُقَالُ الحَرْقُ بِالنَّارِ والحَرَقُ مَعًا. والحَرَقُ مِنَ الدّقِّ: الَّذِي يَعْرِض لِلثَّوْبِ عِنْدَ دَقِّهِ، مُحَرَّكٌ لَا غَيْرُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَرَادَ أَنْ يَستبدل بعُمَّاله لِما رَأَى مِنْ إِبْطَائِهِمْ فَقَالَ: أَمَّا عَدِيُّ بْنُ أرْطاة فَإِنَّمَا غرَّني بِعمامته الحَرَقانِيَّة السَّوْدَاءِ.
__________
(1) . قوله [وفي التنزيل لَنُحَرِّقَنَّهُ إلخ] كذا بالأصل مضبوطاً. وعبارة زاده على البيضاوي: والعامة على ضم النون وكسر الراء مشدّدة من حرقه يحرقه، بالتشديد، بمعنى أحرقه بالنار، وشدّد للكثرة والمبالغة، أو برده بالمبرد عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ حرق الشيء يحرقه ويحرقه، بضم الراء وكسرها، إذا برده بالمبرد، ويؤيد الاحتمال الأَول قراءة
لنحرقنه
بضم النون وسكون الحاء وكسر الراء من الإحراق، ويعضد الثاني قراءة لنحرقنه بفتح النون وكسر الراء وضمها خفيفة أي لنبردنه انتهى. فتلخص أن فيه أربع قراءات
(2) . قوله [يقول عليكم بها] كذا بالأَصل هنا، وأورده ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ حديث
الإِمام علي: خير النساء الحارقة
، وفي رواية:
كذبتكم الحارقة.(10/45)
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: خَيْرُ النِّسَاءِ الحارِقةُ
؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْحَارِقَةُ هِيَ الَّتِي تُقام عَلَى أَرْبَعٍ، قَالَ: وَقَالَ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا صَبَر عَلَى الحارِقةِ إِلَّا أَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ
؛ هَذَا قَوْلُ ثَعْلَبٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ الْحَارِقَةَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، هَذَا إِنَّمَا هُوَ اسْمٌ لِهَذَا الضّرْب مِنَ الْجِمَاعِ. والمُحارَقةُ: المُباضَعةُ عَلَى الجَنب؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: المُحارَقة المُجامَعة. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: كذَبَتْكم الْحَارِقَةُ مَا قَامَ لِي بِهَا إِلَّا أَسْمَاءُ بِنْتُ عُميس
، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الحارقةُ الإِبْراكُ؛ قَالَ الأَزهري فِي هَذَا الْمَكَانِ: وَأَمَّا قَوْلُ جَرِيرٍ:
أَمَدَحْتَ، ويْحَكَ مِنْقَراً أَن ألزَقُوا ... بالحارِقَيْنِ، فأرْسَلُوها تَظْلَعُ
وَلَمْ يَقُلْ فِي تَفْسِيرِهِ شَيْئًا. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْحَارِقَةِ مِنَ النِّسَاءِ فَمَا ثَبَتَ لِي مِنْهُنَّ إِلَّا أَسْمَاءُ
؛ قَالَ الأَزهري: كَأَنَّهُ قَالَ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْجِمَاعِ مَعَهُنَّ. قَالَ والحارقةُ مِنَ السُبع اسْمٌ لَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْحَارِقَةُ السَّبُعُ. ابْنُ الأَعرابي: الحَرْق الأَكل المُسْتَقْصى. والحُرْقُ: الغَضابى مِنَ النَّاسِ. وحَرَقَ الرجلُ إِذَا «1» سَاءَ خُلقُه. والحُرْقَتانِ: تَيْمٌ وسَعد ابْنَا قَيْسِ بْنِ ثَعْلبة بْنِ عُكابةَ بْنِ صَعْب وَهُمَا رَهط الأَعشى؛ قَالَ:
عجبتُ لآلِ الحُرْقَتَيْنِ، كَأَنَّمَا ... رأوْني نَفِيّاً مِنْ إيادٍ وتُرْخُمِ
وحَراقٌ وحُرَيْقٌ وحُرَيْقاء: أَسْمَاءٌ. وحُرَيْقٌ: ابْنُ النُّعْمَانِ بْنُ الْمُنْذِرِ، وحُرَقةُ: بِنْتُهُ؛ قَالَ:
نُقْسِمُ باللهِ: نُسْلِمُ الحَلَقَهْ، ... وَلَا حُرَيْقاً، وأخْتَه الحُرَقَهْ
قَوْلُهُ نُسَلِّمُ أَيْ لَا نُسلم. والحُرَقةُ أَيْضًا: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ، وَكَذَلِكَ الحَرُوقةُ. والمُحَرّقةُ: بَلَدٌ.
حربق: حَرْبَقَ عَمَلَهُ: أَفْسَدَهُ.
حرزق: هي لُغَةٌ فِي حَزْرقَ، وَسَيَأْتِي ذكرها.
حزق: حزَقه حَزْقاً: عَصَبه وضغَطه. والحَزْقُ: شِدَّةُ جَذْبِ الرِّباط والوَترِ. حَزقه يَحْزِقُه حَزْقاً وحزَقه بالحبْل يَحْزِقه حَزْقاً: شَدَّهُ. وحَزق القوسَ يَحزِقُها حَزْقاً: شَدَّ وَتَرَهَا، وكلُّ رِباط حِزاقٌ. وَرَجُلٌ حَزُقّةٌ وحُزُقّةٌ ومُتَحَزِّق: بَخِيلٌ مُتَشدِّد عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ ضَنّاً بِهِ، وَالِاسْمُ الحَزَقُ؛ قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ الحُزُقُ والحُزُقةُ والحَزَقُ مِثْلُهُ؛ وَأَنْشَدَ:
فَهِيَ تَعادَى مِنْ حَزازٍ ذِي حَزَقْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنْ عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، خَطَبَ أَصْحَابَهُ فِي أمرِ المارِقينَ وحضَّهم عَلَى قِتَالِهِمْ فَلَمَّا قَتَلُوهُمْ جاؤوا فَقَالُوا: أبْشِر يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدِ استأْصَلْناهم فَقَالَ عليّ: حَزقُ عيرٍ قَدْ بَقِيت مِنْهُمْ بَقِيّة
؛ قَالَ الْمُفَضَّلُ: فِي قَوْلِهِ
حزقُ عيرٍ
هَذَا مَثَلٌ تَقُولُهُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ المُخْبِر بخَبَر غَيْرِ تَامٍّ وَلَا مُحصَّلٍ، حَزْقُ عيْرٍ أَيْ حُصاصُ حِمار أَيْ لَيْسَ الأَمر كَمَا زَعَمْتُمْ؛ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: أَرَادَ عَلِيٌّ أَنَّ أَمْرَهُمْ مُحكَم بعدُ كحَزْقِ حِمل الْحِمَارِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحِمَارَ يضْطرب بِحِمْلِهِ، فَرُبَّمَا أَلْقَاهُ فيُحْزَقُ حَزْقاً شَدِيدًا، يَقُولُ عَلِيٌّ: فأمرُهم بعدُ مُحكَم؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الحزْقُ الشَّدُّ الْبَلِيغُ والتضْييقُ؛ يُقَالُ: حزَقَه بِالْحَبْلِ إِذَا قوَّى شدَّه؛ أَرَادَ أَنَّ أمرهم
__________
(1) . قوله [وحرق الرجل كذا إلخ] كذا ضبط في الأَصل بفتح الراء ولعله بضمها كما هو المعروف في أفعال السجايا.(10/46)
بعدُ فِي إِحْكَامِهِ كَأَنَّهُ حِمْلُ حِمَارٍ بُولِغ فِي شدِّه، وتقديرُه حزْقُ حِمل عَير، فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَإِنَّمَا خَصَّ الْحِمَارَ بإحكامِ الحِمل لأَنه رُبَّمَا اضْطَرَبَ فَأَلْقَاهُ، وَقِيلَ: الحَزْقُ الضُّراط، أَيْ أَنَّ مَا فَعَلْتُمْ بِهِمْ فِي قِلَّةِ الاكْتِراث لَهُ هُوَ ضُرَاطُ حِمَارٍ. وَرَجُلٌ حُزُقٌّ وحَزُقٌّ وحُزُقَّة: قَصِيرٌ يقارِب الخَطْو؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وأعْجَبَني مَشْيُ الحُزُقّةِ خالِدٍ، ... كمَشْيِ أتانٍ حُلِّئتْ بالمَناهِلِ
وَفِي كَلَامِهِمْ: حُزُقَّةٌ حُزُقّهْ، ترَقَّ عينَ بَقّهْ؛ ترَقَّ أَيِ ارْقَ مِنْ قَوْلِكَ رَقِيتُ فِي الدَّرجة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُرقِّص الْحَسَنَ أَوِ الْحُسَيْنَ وَيَقُولُ: حُزقة حُزُّقَّهْ، ترَقَّ عَيْنَ بَقَّهْ
؛ الْحُزُقَّةُ: الضَّعِيفُ الَّذِي يُقَارِبُ خَطوه مِنْ ضَعف فَكَانَ يَرْقى حَتَّى يضَع قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَكَرَهَا لَهُ عَلَى سَبِيلِ المُداعَبة والتأْنيس لَهُ، وترقَّ: بِمَعْنَى اصْعَد، وَعَيْنَ بَقَّةٍ: كِنَايَةٌ عَنْ صِغَرِ الْعَيْنِ، وحزقةٌ مَرْفُوعٌ عَلَى خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَنْتَ حُزُقَّةٌ، وَحُزُقَّةُ الثَّانِي كَذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ خَبَرٌ مُكَرَّرٌ، وَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْ حُزُقَّةُ أَرَادَ يَا حُزُقَّةُ، فَحَذَفَ حَرْفَ النِّدَاءِ، وَهُوَ فِي الشُّذُوذِ كَقَوْلِهِمْ أطْرِقْ كَرًا لأَن حَرْفَ النِّدَاءِ إِنَّمَا يُحْذَفُ مِنَ العَلم الْمَضْمُومِ أَوِ الْمُضَافِ، وَقِيلَ: الحُزُقّة الْقَصِيرُ الضخْمُ البطنِ الَّذِي إِذَا مَشَى أَدَارَ اسْتَه. والحُزُقّ والحُزُقّة أَيْضًا: السيء الخُلق الْبَخِيلُ؛ أَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي كِلَابٍ:
وَلَيْسَ بحَوّازٍ لأَحْلاسِ رَحْلِه ... ومِزْوَدِه كَيْساً مِنَ الرَّأْيِ أَوْ زُهْدا
حُزُقّ، إِذَا مَا القومُ أبْدَوْا فُكاهةً، ... تَذَكَّرَ آإِيَّاهُ يَعْنونَ أمْ قِرْدا
قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبُو تُرَابٍ سَمِعْتُ شَمِرًا وَأَبَا سَعِيدٍ يَقُولَانِ: رَجُلٌ حُزُقَّةٌ وحُزُمّةٌ إِذَا كَانَ قَصِيرًا. وَقَالَ شَمِرٌ: الْحَزْقُ الضَّيق القُدرة وَالرَّأْيِ الشحِيحُ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ قَصِيرًا دَمِيماً فَهُوَ حُزُقَّةٌ أَيْضًا. الأَصمعي: رَجُلٌ حُزُقة وَهُوَ الضيقُ الرَّأْيِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَأَنْشَدَ بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ وَقَدْ تقدَّم. والحِزْقةُ: القِطعة مِنَ الجَراد، وَقِيلَ: الحِزقة القِطعة مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الرِّيحُ، وَالْجَمْعُ حِزَقٌ؛ قَالَ:
غَيَّرَ الجِدَّةَ مِنْ عِرْفانِها ... حِزَقُ الريحِ وطُوفانُ المَطَرْ
وَهِيَ الحَزِيقةُ، وَالْجَمْعُ حَزائقُ وحَزِيقٌ وحُزُقٌ. الأَصمعي: الحَزِيقُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ورَقاق عَصِب ظِلْمانُه، ... كحَزِيقِ الحَبَشِيِّينَ الزُّجلْ
الْجَوْهَرِيُّ: الحِزْقُ والحِزْقةُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ وَالطَّيْرِ وَغَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ فِي فَضْل الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرانَ:
كَأَنَّهُمَا حِزْقانِ مِنْ طيرٍ صوافَ
، وَالْجَمْعُ الحِزَق مِثْلُ فِرْقة وفِرَق؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
تأْوي لَهُ حِزَقُ النَّعامِ، كَمَا أوَتْ ... قُلُصٌ يَمانِيةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِمِ «1»
. وَيُرْوَى حِزَقٌ. والحِزْقُ والحَزِيقةُ: الْجَمَاعَةُ من
__________
(1) . قوله [تأوي له إلخ] رواية الجوهري والزوزني:
تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ، كَمَا أَوَتْ ... حِزَقٌ يَمَانِيَةٌ لأَعجم طمطم(10/47)
كُلِّ شَيْءٍ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ «1» وَالرَّاءِ وَسَنَذْكُرُهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي سَلَمَةَ: لَمْ يَكُنْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُتحزِّقِين وَلَا مُتَماوِتِين
أَيْ مُتَقَبِّضين وَمُجْتَمِعِينَ. وَقِيلَ لِلْجَمَاعَةِ حِزْقةٌ لِانْضِمَامِ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحازِقةُ والحَزَّاقةُ العِير، طَائِيَّةٌ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الْحَازِقَةِ وَجَمْعُهُ حَوازِقُ:
ومَنْهَلٍ لَيْسَ بِهِ حَوازِقُ
قَالَ: وَيُقَالُ هُوَ جَمْعُ حَوْزَقة لُغَةٌ فِي حَازِقَةٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ الحازِقة والحَزِيقُ والحَزِيقةُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ حُمُر الْوَحْشِ:
كأنَّه، كلَّما ارْفَضَّت حَزِيقَتُها ... بالصُّلْبِ مِنْ نَهْسِه أكْفالَها، كَلِبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا رَأْي لحازِقٍ
؛ الحازِقُ الَّذِي ضاقَ عَلَيْهِ خُفُّه فَحَزَقَ رِجْلَهُ أَيْ عَصَرها وضَغَطَها، وَهُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يصلِّي وَهُوَ حاقِنٌ أَوْ حاقِبٌ أَوْ حازِقٌ.
الأَزهري: يُقَالُ أحْزَقْته إِحْزَاقًا إِذَا مَنَعْتُهُ؛ قَالَ أَبُو وَجْزةَ:
فَمَا المالُ إِلَّا سُؤْرُ حَقِّك كلِّه، ... وَلَكِنَّهُ عَمَّا سِوى الحقِّ مُحْزَقُ
والحَزِيقةُ: كالحَدِيقة. وحازِقٌ وحازُوقٌ وحِزَاقٌ: أَسْمَاءٌ؛ قَالَ:
أقَلِّبُ طَرْفي فِي الفوارِسِ لَا أرَى ... حِزاقاً، وعيْنِي كالحَجاة مِن القَطْرِ
فَلَوْ بِيَدِي مُلْكُ اليَمامةِ، لَمْ تَزَلْ ... قَبَائلُ يَسْبِينَ العَقائلَ مِنْ شَكْرِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حازُوق اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الخَوارج جَعَلَتْهُ امْرَأَتُهُ حِزاقاً وَقَالَتْ تَرْثِيه ... وَأَنْشَدَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ: أُقلب طَرْفِي ... وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لخِرْنِق تَرْثِي أَخَاهَا حازُوقاً، وَكَانَ بَنُو شَكْر قَتَلُوهُ وَهُمْ مِنَ الأَزْد، وَقِيلَ: الْبَيْتُ لِلْحَنَفِيَّةِ تَرْثِي أَخَاهَا حازُوقاً، قَتَلَهُ بَنُو شَكْر عَلَى مَا تقدَّم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ إِنَّمَا أَرَادَ حَازُوقًا أَوْ حَازِقًا فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الشِّعْرُ فغيَّره، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: اجْتَمَعَ جَوارٍ فأرِنَّ وأشِرْنَ ولَعِبْن الحُزُقَّةَ
؛ قِيلَ: هِيَ لُعْبة مِنَ اللُّعَب أُخذت مِنَ التَّحَزُّق التجمُّع.
حزرق: حَزْرَقَ الرجلُ: انضمَّ وخضَع، وَفِي لُغَةٍ: حُزْرِقَ الرَّجل فُعِلَ بِهِ إِذَا انضمَّ وخضَع. والمُحَزْرَقُ: السَّريعُ الغضَبِ، وَأَصْلُهُ بالنَّبَطِية هُزْرُوقَى. والحَزْرَقةُ: الضيِّقُ. وحَزْرَقَ الرجلَ وحرْزَقَه: حبَسه وضيَّق عَلَيْهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: حَبَسَهُ فِي السِّجْنِ؛ قَالَ الأَعشى:
فَذاكَ وَمَا أنْجَى مِنَ الموْت رَبَّه، ... بِساباطَ، حَتَّى ماتَ وَهُوَ مُحَزْرَقُ
ومُحَرْزَقُ؛ يَقُولُ: حبَس كِسْرى النُّعمانَ بْنَ المُنذِر بساباطِ الْمَدَائِنِ حَتَّى ماتَ وَهُوَ مُضَيَّقٌ عَلَيْهِ؛ وَرَوَى ابْنُ جِنِّي عَنِ التَّوَّزِيّ قَالَ قُلْتُ لأَبي زَيْدٍ الأَنصاري: أَنْتُمْ تُنْشِدُونَ قَوْلَ الأَعشى:
حَتَّى مَاتَ وَهُوَ مُحَزْرَقٌ
وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ يُنْشِدُهُ مُحَرْزَقٌ، بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ، فقال: إنها نَبَطِيَّة وأُم أَبِي عَمْرٍو نَبَطِيَّةٌ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهَا مِنَّا. الْمُؤَرَّجُ: النبَطُ تُسَمِّي الْمَحْبُوسَ المُهَزْرَقَ، بِالْهَاءِ، قَالَ: وَالْحَبْسُ يُقَالُ له الهُزْرُوقَى؛
__________
(1) . قوله [ويروى بالخاء إلخ] أي قوله حزقان في الحديث المتقدم.(10/48)
وَأَنْشَدَ شَمِرٌ:
أرِيني فَتًى ذَا لوْثةٍ، وَهُوَ حازِمٌ، ... ذَرِيني، فإنِّي لَا أَخَافُ المُحَزْرَقا
الأَزهري: رَأَيْتُ فِي نُسْخَةٍ مَسْمُوعَةٍ قَالَ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ: وَلَسْتُ بِحِزْراقةٍ، الزَّايُ قَبْلَ الرَّاءِ، أَيْ بضيِّق الْقَلْبِ جَبان، قَالَ: وَرَوَاهُ شَمِرٌ: وَلَسْتُ بِخَزْرَاقَةٍ، بِالْخَاءِ مُعْجَمَةً، قَالَ: وَهُوَ الأَحمق.
حفلق: ابْنُ سِيدَهْ: الحَفَلَّقُ الضعيف الأَحمق.
حقق: الحَقُّ: نَقِيضُ الْبَاطِلِ، وَجَمْعُهُ حُقوقٌ وحِقاقٌ، وَلَيْسَ لَهُ بِناء أَدْنَى عدَد. وَفِي حَدِيثِ التَّلْبِيَةِ:
لبَّيْك حَقّاً حَقًّا
أَيْ غَيْرَ بَاطِلٍ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِغَيْرِهِ أَيْ أَنَّهُ أكَد بِهِ مَعْنَى ألزَم طاعتَك الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ لَبَّيْكَ، كَمَا تَقُولُ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ حَقًّا فتؤَكِّد بِهِ وتُكرِّرُه لِزِيَادَةِ التأْكيد، وتَعَبُّداً مَفْعُولٌ لَهُ «1» وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: لَحَقُّ أَنَّهُ ذَاهِبٌ بِإِضَافَةِ حَقٍّ إِلَى أَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ: لَيقِينُ ذَاكَ أمرُك، وَلَيْسَتْ فِي كَلَامِ كُلِّ الْعَرَبِ، فَأَمْرُكَ هُوَ خَبَرُ يقينُ لأَنه قَدْ أَضَافَهُ إِلَى ذَاكَ وَإِذَا أَضَافَهُ إِلَيْهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْهُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: سَمِعْنَا فُصَحَاءَ الْعَرَبِ يَقُولُونَهُ، وَقَالَ الأَخفش: لَمْ أَسْمَعْ هَذَا مِنَ الْعَرَبِ إِنَّمَا وَجَدْنَاهُ فِي الْكِتَابِ وَوَجْهُ جوازِه، عَلَى قِلَّته، طُولُ الْكَلَامِ بِمَا أُضِيفَ هَذَا الْمُبْتَدَأُ إِلَيْهِ، وَإِذَا طَالَ الْكَلَامُ جَازَ فِيهِ من الحذف ما لا يَجُوزُ فِيهِ إِذَا قصُر، أَلَا تَرَى إِلَى مَا حَكَاهُ الْخَلِيلُ عَنْهُمْ: مَا أَنَا بِالَّذِي قَائِلٌ لَكَ شَيْئًا؟ وَلَوْ قُلْتَ: مَا أَنَّا بِالَّذِي قَائِمٌ لقَبُح. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ
؛ قَالَ أَبُو إسحق: الْحَقُّ أَمْرِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا أَتَى بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ؛ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ
. وحَقَّ الأَمرُ يَحِقُّ ويَحُقُّ حَقّاً وحُقوقاً: صَارَ حَقّاً وثَبت؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ وجَب يَجِب وجُوباً، وحَقَّ عَلَيْهِ القولُ وأحْقَقْتُه أَنَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ
؛ أَيْ ثَبَتَ، قَالَ الزَّجَّاجُ: هُمُ الجنُّ وَالشَّيَاطِينُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ
؛ أَيْ وَجَبَتْ وَثَبَتَتْ، وَكَذَلِكَ: لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ
؛ وحَقَّه يَحُقُّه حَقًّا وأحَقَّه، كِلَاهُمَا: أَثْبَتَهُ وَصَارَ عنده حقّاً لا يشكُّ فِيهِ. وأحقَّه: صَيَّرَهُ حَقًّا. وحقَّه وحَقَّقه: صدَّقه؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: صدَّق قائلَه. وحقَّق الرجلُ إِذَا قَالَ هَذَا الشَّيْءُ هُوَ الحقُّ كَقَوْلِكَ صدَّق. وَيُقَالُ: أحقَقْت الأَمر إِحْقَاقًا إِذَا أَحْكَمْتَهُ وصَحَّحته؛ وَأَنْشَدَ:
قَدْ كنتُ أوْعَزْتُ إِلَى العَلاء ... بأنْ يُحِقَّ وذَمَ الدِّلاء
وحَقَّ الأَمرَ يحُقُّه حَقًّا وأحقَّه: كَانَ مِنْهُ عَلَى يَقِينٍ؛ تَقُولُ: حَقَقْت الأَمر وأحْقَقْته إِذَا كُنْتَ عَلَى يَقِينٍ مِنْهُ. وَيُقَالُ: مَا لِي فِيكَ حقٌّ وَلَا حِقاقٌ أَيْ خُصومة. وحَقَّ حَذَرَ الرَّجُلِ يَحُقُّه حَقّاً وحَقَقْتُ حذَره وأحقَقْته أَيْ فَعَلْتُ مَا كَانَ يَحذَره. وحقَقْت الرَّجُلَ وأحقَقْته إِذَا أتيتَه؛ حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ. قَالَ الأَزهري: وَلَا تَقُلْ حَقَّ حذَرَك، وَقَالَ: حقَقْت الرَّجُلَ وأحقَقْته إِذَا غلَبته عَلَى الْحَقِّ وأثبَتَّه عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحقَّه عَلَى الْحَقِّ وأحقَّه غلبَه عَلَيْهِ، واستَحقَّه طلَب مِنْهُ حقَّه. واحْتَقّ القومُ: قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: الحقُّ فِي يَدِي. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قُرَّاء الْقُرْآنِ: مَتَى مَا تَغْلوا فِي الْقُرْآنِ تَحْتَقُّوا
، يَعْنِي المِراء فِي الْقُرْآنِ، وَمَعْنَى تحتقُّوا تَخْتَصِمُوا فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: الحقُّ بِيَدِي
__________
(1) . قوله [وتعبداً مفعول له] كذا هو في النهاية أيضاً.(10/49)
وَمَعِي؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الحَضانةِ:
فجاءَ رَجُلَانِ يَحْتَقّانِ فِي ولَد
أَيْ يختصِمان ويطلُب كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقَّهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ يحاقُّني فِي وَلَدِي
؟ وَحَدِيثُ
وهْب: كَانَ فِيمَا كلَّم اللَّهُ أيُّوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أتحاقُّني بِخِطْئِك
؛ وَمِنْهُ كِتَابُهُ لحُصَين: إنَّ لَهُ كَذَا وَكَذَا لَا يُحاقُّه فِيهَا أَحَدٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ خَرَجَ فِي الْهَاجِرَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهُ: مَا أَخْرَجَكَ؟ قَالَ: مَا أَخْرَجَنِي إِلَّا مَا أجِدُ مِنْ حاقِّ الجُوع
أَيْ صادِقه وشدَّته، وَيُرْوَى بِالتَّخْفِيفِ مِنْ حاقَ بِهِ يَحِيقُ حَيْقاً وَحَاقًا إِذَا أَحْدَقَ بِهِ، يُرِيدُ مِنَ اشْتِمَالِ الْجُوعِ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَصْدَرٌ أَقَامَهُ مُقَامَ الِاسْمِ، وَهُوَ مَعَ التَّشْدِيدِ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْ حقَّ يَحِقُّ. وَفِي حَدِيثِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ:
وتَحْتَقُّونها إِلَى شَرَقِ الموتَى
أَيْ تضيِّقُون وقتَها إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ. يُقَالُ: هُوَ فِي حاقٍّ مِنْ كَذَا أَيْ فِي ضِيقٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وشرَحه، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ. وَالْحَقُّ: مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقِيلَ مِنْ صِفَاتِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الْمَوْجُودُ حَقِيقَةً المُتحققُ وُجُودُهُ وإلَهِيَّتُه. والحَق: ضِدُّ الْبَاطِلِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ
. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الْحَقُّ هُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ هُنَا التَّنْزِيلَ أَيْ لو كن الْقُرْآنُ بِمَا يحِبُّونه لفَسَدت السمواتُ والأَرضُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ
؛ مَعْنَاهُ جاءَت السكرةُ الَّتِي تَدُلُّ الإِنسان أَنَّهُ مَيِّتٌ بالحقِّ بِالْمَوْتِ الَّذِي خُلق لَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الحقِ
أي بِالْمَوْتِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَقِيلَ: الْحَقُّ هُنَا اللَّهُ تَعَالَى. وقولٌ حقٌّ: وُصِف بِهِ، كَمَا تَقُولُ قولٌ بَاطِلٌ. وقال الليحاني: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِ
، إِنَّمَا هُوَ عَلَى إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ؛ قَالَ الأَزهري: رَفَعَ الْكِسَائِيُّ الْقَوْلَ وَجَعَلَ الْحَقَّ هُوَ اللَّهَ، وَقَدْ نصَب قولَ قومٌ مِنَ الْقُرَّاءِ يُرِيدُونَ ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلًا حَقًّا، وَقَرَأَ مَنْ قَرَأَ: فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ
بِرَفْعِ الْحَقِّ الأَول فَمَعْنَاهُ أَنَا الحقُّ. وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ
، قَرَأَ الْقُرَّاءُ الأَول بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، رُوِيَ الرَّفْعُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، الْمَعْنَى فالحقُّ مِنِّي وَأَقُولُ الحقَّ، وَقَدْ نَصَبَهُمَا مَعًا كَثِيرٌ مِنَ القُرَّاء، مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الأَول عَلَى مَعْنَى الحقَّ لأَمْلأَنَّ، ونَصب الثَّانِي بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ قَرَأَ
فالحقَّ وَالْحَقَّ أَقُولُ
بِنَصْبِ الْحَقِّ الأَول، فَتَقْدِيرُهُ فأحُقُّ الْحَقَّ حَقًّا؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: تَقْدِيرُهُ فَأَقُولُ الحقَّ حَقًّا؛ وَمَنْ قَرَأَ
فالحقِ
، أَرَادَ فَبِالْحَقِّ وَهِيَ قَلِيلَةٌ لأَن حُرُوفَ الْجَرِّ لا تُضْمَرُ. وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِ
، فَالنَّصْبُ فِي الْحَقِّ جَائِزٌ يُرِيدُ حَقًّا أَيْ أُحِقُّ الحقَّ وأحُقُّه حَقّاً، قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ خَفَضْتَ الْحَقَّ فَجَعَلْتَهُ صِفَةً لِلَّهِ، وَإِنْ شِئْتَ رَفَعْتَهُ فَجَعَلْتَهُ مِنْ صِفَةِ الْوَلَايَةِ هُنَالِكَ الولايةُ الحقُّ لِلَّهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الحقَ
أَيْ رُؤْيَا صَادِقَةً لَيْسَتْ مِنْ أضْغاث الأَحْلام، وَقِيلَ:
فَقَدْ رَآنِي حَقِيقَةً غَيْرَ مُشَبَّهٍ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أمِيناً حقَّ أمِينٍ
أَيْ صِدْقاً، وَقِيلَ: وَاجِبًا ثَابِتًا لَهُ الأَمانةُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أتدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ
أَيْ ثوابُهم الَّذِي وعدَهم بِهِ فَهُوَ واجبُ الإِنْجازِ ثَابِتٌ بوعدِه الحقِّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الحقُّ بَعْدِي مَعَ عُمَرَ.
ويَحُقُّ عَلَيْكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا: يَجِبُ، وَالْكَسْرُ لُغَةٌ، ويَحُقُّ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ ويَحُقُّ لَكَ تَفْعل؛ قَالَ:(10/50)
يَحُقُّ لِمَنْ أَبُو موسَى أَبُوه ... يُوَفِّقُه الَّذِي نصَب الجِبالا
وَأَنْتَ حَقيِقٌ عَلَيْكَ ذَلِكَ وحَقيِقٌ عليَّ أَن أَفعله؛ قَالَ شَمِرٌ: تَقُولُ الْعَرَبُ حَقَّ عليَّ أَن أَفعلَ ذَلِكَ وحُقَّ، وإِني لمَحْقُوق أَن أَفعل خَيْرًا، وَهُوَ حَقِيق بِهِ ومَحقُوق بِهِ أَي خَلِيق لَهُ، وَالْجَمْعُ أَحِقاء ومَحقوقون. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حُقَّ لَكَ أَن تَفْعَلَ ذَلِكَ وحَقَّ، وإِني لَمَحْقُوقٌ أَن أَفعل كَذَا، فإِذا قُلْتَ حُقَّ قُلْتَ لَكَ، وَإِذَا قُلْتَ حَقَّ قُلْتَ عَلَيْكَ، قَالَ: وَتَقُولُ يَحِقُّ عَلَيْكَ أَن تَفْعَلَ كَذَا وحُقَّ لَكَ، وَلَمْ يَقُولُوا حَقَقْتَ أَن تَفْعَلَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ*
؛ أَي وحُقَّ لَهَا أنَ تَفْعَلَ. وَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ حَقَّ عَلَيْكَ أَن تَفْعَلَ وجَب عَلَيْكَ. وَقَالُوا: حَقٌّ أَن تَفْعَلَ وحَقِيقٌ أَن تَفْعَلَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: حَقِيقٌ عَلى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ
. وحَقِيقٌ فِي حَقَّ وحُقَّ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعول، كَقَوْلِكَ أَنت حَقِيق أَن تَفْعَلَهُ أَي مَحْقُوقٌ أَن تَفْعَلَهُ، وَتَقُولَ: أَنت مَحْقوق أَن تَفْعَلَ ذَلِكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَصِّرْ فإِنَّكَ بالتَّقْصِير مَحْقوق
وَفِي التَّنْزِيلِ: فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا
. وَيُقَالُ للمرأَة: أَنت حقِيقة لِذَلِكَ، يَجْعَلُونَهُ كَالِاسْمِ، وَأَنت مَحْقوقة لِذَلِكَ، وأَنت مَحْقوقة أَن تَفْعَلِي ذَلِكَ؛ وأَما قَوْلُ الأَعشى:
وإِنَّ امْرَأً أَسْرى إِليكِ، ودونَه ... مِنَ الأَرضِ مَوْماةٌ ويَهْماء سَمْلَقُ
لَمَحْقُوقةٌ أَن تَسْتَجِيبي لِصَوْتِه، ... وأَن تَعْلَمي أَنَّ المُعانَ مُوَفَّقُ
فإِنه أَراد لَخُلّة محْقوقة، يَعْنِي بالخُلّة الخَلِيلَ، وَلَا تَكُونُ الْهَاءُ فِي مَحْقُوقَةٍ لِلْمُبَالَغَةِ لأَن الْمُبَالَغَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي أَسْمَاءِ الفاعلين دون المَفْعُولين، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ لَمَحْقُوقَةٌ أَنْتِ، لأَن الصِّفَةَ إِذَا جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَوْصُوفِهَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الأَخفش بُدٌّ مِنْ إِبْرَازِ الضَّمِيرِ، وَهَذَا كُلُّهُ تَعْلِيلُ الْفَارِسِيِّ؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
إِذَا قَالَ عاوٍ مَنْ مَعَدٍّ قَصِيدةً، ... بِهَا جَرَبٌ، عُدَّتْ عليَّ بِزَوْبَرا
فيَنْطِقُها غَيْري وأُرْمى بذَنبها، ... فَهَذَا قَضاءٌ حَقُّه أَن يُغَيَّرا
أَيْ حُقَّ لَهُ. والحَقُّ وَاحِدُ الحُقوق، والحَقَّةُ والحِقَّةُ أخصُّ مِنْهُ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الحَق؛ قَالَ الأَزهري: كَأَنَّهَا أوجَبُ وَأَخَصُّ، تَقُولُ هَذِهِ حَقَّتي أَيْ حَقِّي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ أَعْطَى كلَّ ذِي حَقّ حَقَّهُ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ
أَيْ حظَّه ونَصِيبَه الَّذِي فُرِضَ لَهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا طُعِنَ أُوقِظَ لِلصَّلَاةِ فَقَالَ: الصلاةُ وَاللَّهِ إِذَنْ وَلَا حقَ
أَيْ وَلَا حَظَّ فِي الإِسلام لِمَن تركَها، وَقِيلَ: أَرَادَ الصلاةُ مقْضِيّة إِذَنْ وَلَا حَقَّ مَقْضِيٌّ غَيْرَهَا، يَعْنِي أَنَّ فِي عُنقه حُقوقاً جَمَّةً يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدتها وَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَيْهِ، فهَبْ أَنَّهُ قَضَى حَقَّ الصَّلَاةِ فَمَا بالُ الحُقوق الأُخر؟ وَفِي الْحَدِيثِ:
ليلةُ الضَّيْفِ حَقٌّ فَمَنْ أَصْبَحَ بفِنائه ضَيْف فَهُوَ عَلَيْهِ دَيْن
؛ جَعَلَهَا حَقّاً مِنْ طَرِيقِ الْمَعْرُوفِ والمُروءة وَلَمْ يَزَلْ قِرى الضَّيفِ مِنْ شِيَم الكِرام ومَنْع القِرى مَذْمُومٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَيُّما رجُل ضافَ قَوْمًا فَأَصْبَحَ مَحْرُوماً فإِن نَصْرَه حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَتَّى يأْخذ قِرى لَيْلَتِهِ مِنْ زَرعه وَمَالِهِ
؛ وَقَالَ الْخَطَابِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الَّذِي يَخَافُ التَّلَفَ عَلَى نَفْسِهِ ولا يجد مَا يأْكل فَلَهُ أَنْ(10/51)
يَتناول مِنْ مَالِ أَخِيهِ مَا يُقيم نَفْسَهُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَا يأْكله هَلْ يَلْزَمُهُ فِي مُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ وَقَالُوا هَذَا الْعَالِمُ حَقُّ الْعَالِمِ؛ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ التَّناهي وَأَنَّهُ قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِيمَا يَصِفُهُ مِنَ الخِصال، قَالَ: وَقَالُوا هَذَا عَبْدُ اللَّهِ الحَقَّ لَا الْبَاطِلَ، دَخَلَتْ فِيهِ اللَّامُ كَدُخُولِهَا فِي قَوْلِهِمْ أَرْسَلَها العِراكَ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ تُسْقَطُ مِنْهُ فَتَقُولُ حَقًّا لَا بَاطَلًا. وحُقَّ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ وحُقِقْتَ أَنْ «2» تَفْعَلَ وَمَا كَانَ يَحُقُّك أَنْ تَفْعَلَهُ فِي مَعْنَى مَا حُقَّ لَكَ. وأُحِقَّ عَلَيْكَ القَضاء فحَقَّ أَيْ أُثْبِتَ فَثَبَتَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: حَقَقْت عَلَيْهِ الْقَضَاءَ أحُقُّه حَقّاً وأحقَقْتُه أُحِقُّه إحْقاقاً أَيْ أَوْجَبْتُهُ. قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَلَا أَعْرِفُ مَا قَالَ الْكِسَائِيُّ فِي حَقَقْت الرجلَ وأحْقَقْته أَيْ غَلَبْتُهُ عَلَى الْحَقِّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ
، مَنْصُوبٌ عَلَى مَعْنَى حَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَقًّا؛ هَذَا قَوْلُ أَبِي إسحق النَّحْوِيِّ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي نَصْبِ قَوْلِهِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ
وَمَا أَشْبَهَهُ فِي الْكِتَابِ: إِنَّهُ نَصْب مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ لَا أَنَّهُ مِنْ نَعْتِ قَوْلِهِ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا
، قَالَ: وَهُوَ كَقَوْلِكَ عبدُ اللهِ فِي الدَّارِ حَقًّا، إِنَّمَا نَصْبُ حَقًّا مِنْ نِيَّةِ كَلَامِ المُخبِر كَأَنَّهُ قَالَ: أُخْبِركم بِذَلِكَ حَقًّا؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الْقَوْلُ يَقْرُبُ مِمَّا قاله أبو إسحق لأَنه جَعَلَهُ مَصْدَرًا مؤكِّداً كَأَنَّهُ قَالَ أُخبركم بِذَلِكَ أحُقُّه حَقّاً؛ قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا الْفَرَّاءُ: وكلُّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ نَكِرات الْحَقِّ أَوْ مَعْرِفَتِهِ أَوْ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مَصْدَرًا، فَوَجْهُ الْكَلَامِ فِيهِ النَّصْبُ كَقَوْلِ اللَّهِ تعالى: وَعْدَ الْحَقِّ*
ووَعْدَ الصِّدْقِ؛ والحَقِيقَةُ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ حَقُّ الأَمر ووجُوبُه. وَبَلَغَ حقيقةَ الأَمر أَيْ يَقِينَ شأْنه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يبلُغ الْمُؤْمِنُ حقيقةَ الإِيمان حَتَّى لَا يَعِيب مُسْلِمًا بِعَيْب هُوَ فِيهِ
؛ يَعْنِي خالِصَ الإِيمان ومَحْضَه وكُنْهَه. وحقيقةُ الرَّجُلِ: مَا يَلْزَمُهُ حِفظه ومَنْعُه ويَحِقُّ عَلَيْهِ الدِّفاعُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ يَسُوق الوَسِيقة ويَنْسِلُ [يَنْسُلُ] الوَدِيقةَ ويَحْمي الْحَقِيقَةَ، فالوَسيقةُ الطريدةُ مِنَ الإِبل، سُمِّيَتْ وَسِيقَةً لأَن طَارِدَهَا يَسِقُها إِذَا ساقَها أَيْ يَقْبِضها، والوَديقةُ شِدَّةُ الْحَرِّ، والحقيقةُ مَا يَحِقّ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِيه، وَجَمْعُهَا الحَقائقُ. والحقيقةُ فِي اللُّغَةِ: مَا أُقِرّ فِي الِاسْتِعْمَالِ عَلَى أَصْلِ وضْعِه، والمَجازُ مَا كَانَ بِضِدِّ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْمَجَازُ ويُعدَل إِلَيْهِ عَنِ الْحَقِيقَةِ لمعانٍ ثَلَاثَةٍ: وَهِيَ الاتِّساع وَالتَّوْكِيدُ وَالتَّشْبِيهُ، فَإِنْ عُدِم هَذِهِ الأَوصافُ كَانَتِ الْحَقِيقَةُ البتَّةَ، وَقِيلَ: الْحَقِيقَةُ الرَّايَةُ؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ:
لَقَدْ عَلِمَتْ عَلْيا هَوازِنَ أَنَّني ... أَنا الفارِسُ الْحَامِي حَقِيقةَ جَعْفَرِ
وَقِيلَ: الْحَقِيقَةُ الحُرْمة، والحَقيقة الفِناء. وحَقَّ الشئُ يَحِقُّ، بِالْكَسْرِ، حَقًّا أَيْ وَجَبَ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: مَا حَقَّ القولُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى استغْنى الرِّجالُ بالرجالِ والنساءُ بالنساءِ
أَيْ وجَب ولَزِم. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي
. وأحقَقْت الشئ أَيْ أَوْجَبْتُهُ. وَتَحَقَّقَ عِنْدَهُ الخَبَرُ أَيْ صحَّ. وحقَّقَ قَوْلَهُ وظنَّه تَحْقِيقًا أَيْ صدَّقَ. وكلامٌ مُحَقَّقٌ أَيْ رَصِين؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
دَعْ ذَا وحَبِّرْ مَنْطِقاً مُحَقَّقا
والحَقُّ: صِدْق الحديثِ. والحَقُّ: اليَقين بعد الشكِّ.
__________
(2) . قوله [وحققت أن إلخ] كذا ضبط في الأَصل وبعض نسخ الصحاح بضم فكسر والذي في القاموس بفتح فكسر.(10/52)
وأحقَّ الرجلُ: قَالَ شَيْئًا أَوِ ادَّعَى شَيْئًا فَوَجَبَ لَهُ. واستحقَّ الشيءَ: اسْتَوْجَبَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً
، أَيِ اسْتَوْجَبَاهُ بالخِيانةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَإِنِ اطُّلِعَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَوْجَبَا إِثْمًا أَيْ خِيَانَةً بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ الَّتِي أقْدما عَلَيْهَا، فآخرانِ يَقُومانِ مَقامها مِنْ وَرَثَةِ المُتوفَّى الَّذِينَ استُحِقَّ عَلَيْهِمْ أَيْ مُلِك عَلَيْهِمْ حقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ بِتِلْكَ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَى عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ، وَإِذَا اشتَرَى رَجُلٌ دَارًا مِنْ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ آخَرُ وأقامَ بيِّنةً عَادِلَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَحَكَمَ لَهُ الحاكمُ بِبَيِّنَتِهِ فَقَدِ اسْتَحَقَّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي اشْتَرَاهَا أَيْ مَلَكَها عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي إِلَى يَدِ مَن استحقَّها، وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أدَّاه إِلَيْهِ، والاستِحْقاقُ والاسْتِيجابُ قَرِيبَانِ مِنَ السَّوَاءِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما
، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أشدُّ اسْتِحْقاقاً للقَبول، وَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ مِنَ اسْتَحقَّ أَعْنِي السِّينَ وَالتَّاءَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أثْبَتُ مِنْ شَهَادَتِهِمَا مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ حَقَّ الشيءُ إِذَا ثَبَتَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَا حقُّ امرئٍ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا ووَصِيَّتُه عِنْدَهُ
؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَاهُ مَا الحَزْمُ لامرئٍ وَمَا الْمَعْرُوفُ فِي الأَخلاق الحسَنة لامرئٍ وَلَا الأَحْوطُ إِلَّا هَذَا، لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْفَرْضِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ حَكَمَ عَلَى عِبَادِهِ بِوُجُوبِ الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا ثُمَّ نَسخ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ فَبَقِيَ حَقُّ الرَّجُلِ فِي مَالِهِ أَنْ يُوصي لِغَيْرِ الْوَارِثِ، وَهُوَ مَا قدَّره الشَّارِعُ بِثُلُثِ مَالِهِ. وحاقَّهُ فِي الأَمر مُحَاقَّةً وحِقاقاً: ادَّعَى أَنَّهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْهُ، وَأَكْثَرُ مَا اسْتَعْمَلُوا هَذَا فِي قَوْلِهِمْ حاقَّني أَيْ أَكْثَرُ مَا يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي فِعْلِ الْغَائِبِ. وحاقَّهُ فحَقَّه يَحُقُّه: غَلبه، وَذَلِكَ فِي الْخُصُومَةِ وَاسْتِيجَابِ الْحَقِّ. وحاقَّهُ أَيْ خاصَمه وادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحَقَّ، فَإِذَا غَلَبَهُ قِيلَ حَقَّه. والتَّحَاقُّ: التخاصمُ. والاحْتِقاقُ: الِاخْتِصَامُ. وَيُقَالُ: احْتَقَّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَلَا يُقَالُ لِلْوَاحِدِ كَمَا لَا يُقَالُ اخْتَصَمَ لِلْوَاحِدِ دُونَ الْآخَرِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: إِذَا بَلَغَ النساءُ نَصَّ الحِقاقِ
، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:
نَصَّ الحَقائِقِ
، فالعَصَبة أوْلى؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: نَصُّ كُلِّ شَيْءٍ مُنتهاه ومَبْلَغ أَقْصَاهُ. والحِقاقُ: المُحاقَّةُ وَهُوَ أَنْ تُحاقَّ الأُمُّ العَصبَة فِي الْجَارِيَةِ فَتَقُولَ أَنَا أحَقُّ بِهَا، وَيَقُولُونَ بَلْ نَحْنُ أحَقُّ، وَأَرَادَ بِنَصِّ الحِقاق الإِدْراكَ لأَن وَقْتَ الصِّغَرِ يَنْتَهِي فَتَخْرُجُ الْجَارِيَةُ مِنْ حَدِّ الصِّغَرِ إِلَى الْكِبَرِ؛ يَقُولُ: مَا دَامَتِ الجاريةُ صَغِيرَةً فأُمُّها أوْلى بِهَا، فَإِذَا بَلَغَت فَالْعَصَبَةُ أوْلى بِأَمْرِهَا مِنْ أُمها وبتزويجها وحَضانتها إذا كانو مَحْرَماً لَهَا مِثْلَ الْآبَاءِ والإِخْوة والأَعمام؛ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: نَصُّ الحِقاق بُلُوغُ الْعَقْلِ، وَهُوَ مِثْلُ الإِدراك لأَنه إِنَّمَا أَرَادَ مُنْتَهَى الأَمر الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْحُقُوقُ والأَحكام فَهُوَ الْعَقْلُ والإِدراك. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بُلُوغُ الْمَرْأَةِ إِلَى الْحَدِّ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ تَزْوِيجُهَا وتصَرُّفها فِي أَمْرِهَا، تَشْبِيهًا بالحِقاقِ مِنَ الإِبل جَمْعُ حِقٍّ وحِقَّةٍ، وَهُوَ الَّذِي دَخَلَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يُتمكَّن مِنْ رُكُوبِهِ وَتَحْمِيلِهِ، وَمَنْ رَوَاهُ
نَصَّ الحَقائِقِ
فَإِنَّهُ أَرَادَ جَمْعَ الحَقيقة، وَهُوَ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ حَقُّ الأَمر ووجوبُه، أَوْ جَمْعُ الحِقَّة مِنَ الإِبل؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ حَامي الحَقِيقة إِذَا حَمَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِ حمايتُه. وَرَجُلٌ نَزِقُ الحِقاقِ إِذَا خَاصَمَ فِي صِغَارِ الأَشياء. والحاقَّةُ: النَّازِلَةُ وَهِيَ الدَّاهِيَةُ أَيْضًا. وَفِي التَّهْذِيبِ:(10/53)
الحَقَّةُ الدَّاهِيَةُ والحاقَّةُ الْقِيَامَةُ، وقد حَقَّتْ تَحُقُّ. وَفِي التَّنْزِيلِ: الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ
؛ الْحَاقَّةُ: السَّاعَةُ وَالْقِيَامَةُ، سُمِّيَتْ حاقَّةً لأَنها تَحُقُّ كلَّ إِنْسَانٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ؛ قَالَ ذَلِكَ الزَّجَّاجُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سُمِّيَتْ حاقَّةً لأَن فِيهَا حَواقَّ الأُمور والثوابَ. والحَقَّةُ: حَقِيقَةُ الأَمر، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لَمَّا عرفتَ الحَقَّةَ مِني هربْتَ، والحَقَّةُ والحاقَّةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقِيلَ: سَمِّيَتِ الْقِيَامَةُ حاقَّةً لأَنها تَحُقُّ كلَّ مُحاقٍّ فِي دِين اللَّهِ بِالْبَاطِلِ أَيْ كُلَّ مُجادِلٍ ومُخاصم فتحُقُّه أَيْ تَغْلِبه وتَخْصِمه، مِنْ قَوْلِكَ حاقَقْتُه أُحاقُّه حِقاقاً ومُحاقَّةً فحَقَقْتُه أحُقُّه أَيْ غَلَبْتُهُ وفَلَجْتُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَقَ فِي قَوْلِهِ الْحَاقَّةُ
: رُفِعَتْ بِالِابْتِدَاءِ، ومَا رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ أَيْضًا، والْحَاقَّةُ
الثَّانِيَةُ خَبَرُ مَا، وَالْمَعْنَى تَفْخِيمُ شَأْنِهَا كَأَنَّهُ قَالَ الحاقَّةُ أَيُّ شيءٍ الحاقَّةُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ
، مَعْنَاهُ أيُّ شيءٍ أعْلَمَكَ مَا الحاقَّةُ، وَمَا موضعُها رَفْعٌ وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ أَدْراكَ؛ الْمَعْنَى مَا أعْلَمَكَ أيُّ شيءٍ الحاقَّةُ. وَمِنْ أَيْمَانِهِمْ: لَحَقُّ لأَفْعَلَنّ، مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضَّمِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ لَحَقُّ لَا آتِيكَ هُوَ يَمِينٌ لِلْعَرَبِ يَرْفَعُونَهَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ إِذَا جَاءَتْ بَعْدَ اللَّامِ، وَإِذَا أَزَالُوا عَنْهَا اللَّامَ قَالُوا حَقّاً لَا آتِيك؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ لَحَقُّ اللَّهِ فنَزَّلَه مَنْزِلَةَ لَعَمْرُ اللهِ، وَلَقَدْ أُوجِبَ رفعُه لِدُخُولِ اللَّامِ كَمَا وَجب فِي قَوْلِكَ لَعَمْرُ اللَّهِ إِذَا كَانَ بِاللَّامِ. والحَقُّ: المِلْك. والحُقُقُ: الْقَرِيبُو الْعَهْدِ بالأُمور خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، قَالَ: والحُقُقُ المُحِقُّون لِمَا ادّعَوْا أَيْضًا. والحِقُّ مِنْ أَوْلَادِ الإِبل: الَّذِي بَلَغَ أَنْ يُرْكب ويُحمَل عَلَيْهِ ويَضْرِب، يَعْنِي أَنْ يَضْرِبَ الناقةَ، بيِّنُ الإِحقاقِ والاسْتحقاق، وَقِيلَ: إِذَا بَلَغَتْ أمُّه أوَانَ الحَمْل مِنَ الْعَامِ المُقْبِل فَهُوَ حِقٌّ بيِّنُ الحِقَّةِ. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ بَعِيرٌ حِقٌّ بيِّنُ الحِقِّ بِغَيْرِ هَاءٍ، وَقِيلَ: إِذَا بَلَغَ هُوَ وأُخته أَنْ يُحْمَل عَلَيْهِمَا ويُركبا فَهُوَ حِقٌّ؛ الْجَوْهَرِيُّ: سُمِّي حِقّاً لِاسْتِحْقَاقِهِ أَنْ يُحْمل عَلَيْهِ وَأَنْ يُنتفع بِهِ؛ تَقُولُ: هُوَ حِقٌّ بيِّنُ الحِقَّةِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَقِيلَ: الحِقُّ الَّذِي اسْتَكْمَلَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ؛ قَالَ:
إِذَا سُهَيْلٌ مَغْرِبَ الشَّمْسِ طَلَعْ، ... فابْنُ اللَّبونِ الحِقُّ والحِقُّ جَذَعْ
وَالْجَمْعُ أحُقٌّ وحِقاقٌ، والأُنثى حِقَّة وحِقٌّ أَيْضًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حِقَّةٌ بَيِّنَةُ الحِقَّةِ، وَإِنَّمَا حُكْمُهُ بَيِّنة الحَقاقةِ والحُقُوقةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَبنية الْمُخَالِفَةِ لِلصِّفَةِ لأَن الْمَصْدَرَ فِي مِثْلِ هَذَا يُخَالِفُ الصِّفَةَ، وَنَظِيرُهُ فِي مُوَافَقَةِ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْمَصَادِرِ لِلِاسْمِ فِي الْبِنَاءِ قَوْلُهُمْ أسَدٌ بَيِّنُ الأَسد. قَالَ أَبُو مَالِكٍ: أحَقَّت البَكْرَة إِذَا اسْتَوْفَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَإِذَا لَقِحَت حِينَ تُحِقّ قِيلَ لَقِحت عليَّ كَرْهًا. والحِقَّةُ أَيْضًا: النَّاقَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ إِذَا جَازَتْ عِدَّتُها خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ ذِكْرُ الحِقِّ والحِقَّة، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حُقُقٌ وحَقائق؛ وَمِنْهُ قَوْلِ المُسَيَّب بْنِ عَلَس:
قَدْ نالَني مِنْهُ عَلَى عَدَمٍ ... مثلُ الفَسِيل، صِغارُها الحُقُقُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الْمَمْدُوحِ وَهُوَ حَسَّانُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَخُو النُّعْمَانِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا تُجْمَعُ عَلَى حَقائقَ مِثْلَ إفَالٍ وَأَفَائِلَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ نَادِرٌ؛ وَأَنْشَدَ لعُمارةَ بْنِ طَارِقٍ:(10/54)
ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيانِقِ، ... لَسْنَ بأَنْيابٍ وَلَا حَقائِقِ
وَهَذَا مِثْلُ جَمْعهم امرأَة غِرَّة عَلَى غَرائر، وَكَجَمْعِهِمْ ضَرَّة عَلَى ضَرائر، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقياس مُطَّرِد. والحِقُّ والحِقَّة فِي حَدِيثِ صَدَقَاتِ الإِبل وَالدِّيَاتِ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْبَعِيرُ إِذا اسْتَكْمَلَ السَّنَةَ الثَّالِثَةَ وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ فَهُوَ حِينَئِذٍ حِقٌّ، والأُنثى حِقَّة. والحِقَّة: نَبْزُ أُم جَرِير بْنِ الخَطَفَى، وَذَلِكَ لأَن سُوَيْدَ بْنَ كُرَاعٍ خَطَبَهَا إِلَى أَبيها فَقَالَ لَهُ: إِنها لَصَغِيرَةٌ صُرْعةٌ، قَالَ سُوَيْدٌ: لَقَدْ رأَيتُها وَهِيَ حِقَّةٌ أَي كالحِقَّة مِنَ الإِبل فِي عِظَمها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَمِنْ وَراء حِقاقِ العُرْفُطِ
أَي صِغَارِهَا وشَوابِّها، تَشْبِيهًا بِحقاق الإِبل. وحَقَّتِ الحِقَّةُ تَحِقُّ وأَحَقَّت، كِلَاهُمَا: صَارَتْ حِقَّةً؛ قَالَ الأَعشى:
بِحِقَّتِها حُبِسَتْ في اللَّجينِ، ... حَتَّى السَّديِسُ لَهَا قَدْ أَسَنّ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ أَسَنَّ سدِيسُ النَّاقَةِ إِذا نبَت وَذَلِكَ فِي الثَّامِنَةِ، يَقُولُ: قِيمَ عَلَيْهَا مِنْ لَدُنْ كَانَتْ حِقَّة إِلى أَن أَسْدَسَت، وَالْجَمْعُ حِقاقٌ وحُقُقٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَمْ يُرد بحقَّتها صِفَةً لَهَا لأَنه لَا يُقَالُ ذَلِكَ كَمَا لَا يُقَالُ بجَذَعَتها فُعِلَ بِهَا كَذَا وَلَا بثنيَّتها وَلَا بِبَازِلِهَا، وَلَا أَراد بِقَوْلِهِ أَسَنَّ كَبِرَ لأَنه لَا يُقَالُ أَسَنَّ السِّنُّ، وإِنما يُقَالُ أَسنَّ الرَّجُلُ وأَسنَّت المرأَة، وإِنما أَراد أَنها رُبِطَت فِي اللَّجين وَقْتًا كَانَتْ حِقَّةً إِلى أَن نَجَمَ سَدِيسُها أَي نبَت، وَجَمْعُ الحِقاق حُقُق مِثْلُ كِتاب وكتُب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الحِقَّة هُنَا الْوَقْتَ، وأَتت الناقةُ عَلَى حِقَّتها أَي عَلَى وَقْتِهَا الَّذِي ضَربها الْفَحْلُ فِيهِ مِنْ قَابِلٍ، وَهُوَ إِذا تَمَّ حَملها وَزَادَتْ عَلَى السَّنَةِ أَياماً مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي ضُربت فِيهِ عَامًا أَوّل حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الجَنين السنةَ، وَقِيلَ: حِقُّ النَّاقَةِ واسْتِحقاقُها تَمام حَمِلها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَفانين مَكْتوب لَهَا دُون حِقِّها، ... إِذا حَمْلُها راشَ الحِجَاجَينِ بالثُّكْلِ
أَي إِذا نبَت الشَّعْرُ عَلَى وَلَدِهَا أَلْقَتْهُ ميِّتاً، وَقِيلَ: مَعْنَى الْبَيْتِ أَنه كُتِبَ لِهَذِهِ النَّجَائِبِ إِسقاطُ أَولادها قَبْلَ أَناء نِتاجها، وَذَلِكَ أَنها رُكبت فِي سفَر أَتعبها فِيهِ شِدَّةُ السَّيْرِ حَتَّى أَجْهَضَتْ أَولادها؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُمِّيَتِ الحِقَّة لأَنها استحقَّت أَن يَطْرُقها الفحلُ، وَقَوْلُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ حَقِّ لَقاحها وحِقِّ لَقاحها أَيضاً، بِالْكَسْرِ، أَي حِينَ ثَبَتَ ذَلِكَ فِيهَا. الأَصمعي: إِذا جَازَتِ النَّاقَةُ السَّنَةَ وَلَمْ تَلِدْ قِيلَ قَدْ جَازَتِ الحِقَّ؛ وقولُ عَدِيّ:
أَي قَوْمِي إِذا عَزَّتِ الْخَمْرُ ... وَقَامَتْ رِفَاقُهُمْ بِالْحِقَاقِ
وَيُرْوَى: وَقَامَتْ حِقَاقُهُمْ بِالرِّفَاقِ، قَالَ: وحِقاقُ الشَّجَرِ صِغَارُهَا شُبِّهَتْ بِحِقَاقِ الإِبل. وَيُقَالُ: عَذر الرَّجلُ وأَعْذَر واسْتَحقَّ واستوْجَب إِذا أَذنب ذَنْبًا استوْجب بِهِ عُقوبة؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَهْلِكُ الناسُ حَتَّى يُعْذِرُوا مِنْ أَنفسهم.
وصبَغْتُ الثوبَ صَبْغاً تَحْقِيقاً أَي مُشْبَعاً. وَثَوْبٌ مُحقَّق: عَلَيْهِ وَشْيٌ عَلَى صُورَةِ الحُقَق، كَمَا يُقَالُ بُرْدٌ مُرَجَّلٌ. وَثَوْبٌ مُحَقَّقٌ إِذا كَانَ مُحْكَمَ النَّسْجِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَسَرْبَلْ جِلْدَ وجْهِ أَبِيك، إِنّا ... كَفَيْناكَ المُحَقَّقَةَ الرِّقاقا(10/55)
وأَنا حَقِيقٌ عَلَى كَذَا أَي حَريصٌ عَلَيْهِ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَقِيقٌ عَلى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ
، فِي قِرَاءَةِ مَنْ قرأَ بِهِ، وَقُرِئَ
حَقِيقٌ عَلَيَّ أَن لَا أَقول
، وَمَعْنَاهُ وَاجِبٌ عَلَيَّ تَرْكُ الْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ إِلَّا بِالْحَقِّ. والحُقُّ والحُقَّةُ، بِالضَّمِّ: مَعْرُوفَةٌ، هَذَا المَنْحوت مِنَ الْخَشَبِ وَالْعَاجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَصْلُحُ أَن يُنحت مِنْهُ، عربيٌّ مَعْرُوفٌ قَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ الْفَصِيحِ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ تُسوّى الحُقة مِنَ الْعَاجِ وَغَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمرو بْنِ كُلْثُوم:
وثَدْياً مثلَ حُقِّ العاجِ رَخْصاً، ... حَصاناً مِنْ أَكُفِّ اللَّامِسِينا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْجَمْعُ حُقٌّ وحُقَقٌ وحِقاقٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَجَمْعُ الحُقّ أَحْقاقٌ وحِقاقٌ، وَجَمْعُ الحُقَّة حُقَقٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
سَوَّى مَساحِيهنَّ تَقْطِيطَ الحُقَقْ
وصَفَ حَوافِرَ حُمُر الوَحْشِ أَي أَنَّ الحِجارة سوَّت حَوافِرها كأَنما قُطِّطَتْ تَقْطِيطَ الحُقَقِ، وَقَدْ قَالُوا فِي جَمْعِ حُقَّةٍ حُقّ، فَجَعَلُوهُ مِنْ بَابِ سِدْرة وسِدْر، وَهَذَا أَكثره إِنما هُوَ فِي الْمَخْلُوقِ دُونَ الْمَصْنُوعِ، وَنَظِيرُهُ مِنَ الْمَصْنُوعِ دَواةٌ ودَوًى وسَفِينة وسَفِين. والحُقُّ مِنَ الْوَرِكِ: مَغْرِزُ رأْس الْفَخِذِ فِيهَا عصَبة إِلى رأْس الْفَخِذِ إِذا انْقَطَعَتْ حَرِقَ الرِّجْلُ، وَقِيلَ: الحُق أَصل الْوَرِكِ الَّذِي فِيهِ عَظْمُ رأْس الْفَخِذِ. والحُق أَيضاً: النُّقْرة الَّتِي فِي رأْس الْكَتِفِ. والحُقُّ: رأْس العَضُد الَّذِي فِيهِ الوابِلةُ وَمَا أَشْبهها. وَيُقَالُ: أَصبت حَاقَّ عَيْنِهِ وَسَقَطَ فُلَانٌ عَلَى حاقِّ رأْسه أَي وسَط رأْسه، وَجِئْتُهُ فِي حاقِّ الشِّتَاءِ أَي فِي وَسَطِهِ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لنُقْبة مِنَ الجرَب ظهَرت بِبَعِيرٍ فشكُّوا فِيهَا فَقَالَ: هَذَا حاقُّ صُمادِحِ الجَرَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ لِلنِّسَاءِ أَن يَحقُقْنَ الطَّريقَ
؛ هُوَ أَن يَركبن حُقَّها وَهُوَ وسَطها مِنْ قَوْلِكَ سقَط عَلَى حاقِّ القَفا وحُقِّه. وَفِي حَدِيثِ
يُوسُفَ بْنِ عمر: إِنَّ عامِلًا مِنْ عُمالي يذكُر أَنه زَرَعَ كلَّ حُقٍّ ولُقٍ
؛ الحُق: الأَرض الْمُطَمْئِنَةُ، واللُّق: الْمُرْتَفِعَةُ. وحُقُّ الكَهْوَل: بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمرو بْنِ الْعَاصِ أَنه قَالَ لِمُعَاوِيَةَ فِي مُحاوَراتٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا: لَقَدْ رأَيْتك بِالْعِرَاقِ وإِنَّ أَمْرَك كحُقِّ الكَهول وكالحَجاةِ فِي الضَّعْف فَمَا زِلت أَرُمُّه حَتَّى اسْتَحكم
، فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ، قَالَ: أَي واهٍ. وحُقُّ الكَهول: بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رَوَى ابْنُ قُتَيْبَةَ هَذَا الْحَرْفَ بِعَيْنِهِ فصحَّفه وَقَالَ: مِثْلُ حُق الكَهْدَلِ، بِالدَّالِّ بَدَلَ الْوَاوِ، قَالَ: وخبَطَ فِي تَفْسِيرِهِ خَبْط العَشْواء، وَالصَّوَابُ مِثْلُ حُق الكَهول، والكَهول الْعَنْكَبُوتُ، وحُقُّه بَيْتُهُ. وحاقُّ وسَطِ الرأْس: حَلاوةُ الْقَفَا. وَيُقَالُ: استحقَّت إِبلُنا رَبِيعًا وأَحَقَّت رَبِيعًا إِذا كَانَ الرَّبِيعُ تَامًّا فرعَتْه. وأَحقَّ القومُ إِحْقاقاً إِذا سَمِنَ مالُهم. واحتقَّ الْقَوْمُ احْتقاقاً إِذا سَمِنَ وَانْتَهَى سِمَنُه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَحقَّ القومُ مِنَ الرَّبِيعِ إِحْقاقاً إِذا أَسْمَنُوا؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، يُرِيدُ سَمِنت مَواشِيهم. وحقَّت النَّاقَةُ وأَحقَّت واستحقَّت: سَمِنَتْ. وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ أَنه قَالَ: أَتيت أَبا صَفْوانَ أَيام قَسمَ المَهْدِيُّ الأَعراب فَقَالَ أَبو صَفْوَانَ؛: مِمَّنْ أَنت؟ وَكَانَ أَعرابيّاً فأَراد أَن يَمْتَحِنَهُ، قُلْتُ: مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: مِنْ أَيّ تميم؟ قلت:(10/56)
رباني، قَالَ: وَمَا صنعتُك؟ قُلْتُ: الإِبل، قَالَ: فأَخبرني عَنْ حِقَّة حَقَّت عَلَى ثَلَاثِ حِقاق، فَقُلْتُ: سأَلت خَبِيرًا: هَذِهِ بَكْرة كَانَ مَعَهَا بَكْرتان فِي رَبِيعٍ وَاحِدٍ فارْتَبَعْنَ فسَمِنَت قَبْلَ أَن تَسْمَنَا فَقَدْ حقَّت وَاحِدَةً، ثُمَّ ضَبَعَت وَلَمْ تَضْبَعا فَقَدْ حقَّت عَلَيْهِمَا حِقَّة أُخرى، ثُمَّ لَقِحَت وَلَمْ تَلْقَحا فَهَذِهِ ثَلَاثُ حِقَّات، فَقَالَ لِي: لعَمْري أَنت مِنْهُمْ واسْتَحَقَّت النَّاقَةُ لَقاحاً إِذا لَقِحت وَاسْتَحَقَّ لَقاحُها، يُجْعَل الْفِعْلُ مَرَّةً لِلنَّاقَةِ وَمَرَّةً للَّقاح. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: مَحاقُّ المالِ يَكُونُ الحَلْبة الأُولى، وَالثَّانِيَةُ مِنْهَا لِبَأٌ. والمَحاقُّ: اللَّاتِي لَمْ يُنْتَجْن فِي الْعَامِ الْمَاضِي وَلَمْ يُحلَبن فِيهِ. واحْتقَّ الفرسُ أَي ضَمُر. وَيُقَالُ: لَا يحقُّ مَا فِي هَذَا الوِعاء رِطْلًا، مَعْنَاهُ أَنه لا يَزِنُ رِطْلًا. وطعْنة مُحْتَقَّة أَي لَا زَيْغَ فِيهَا وَقَدْ نَفَذَت. وَيُقَالُ: رمَى فُلَانٌ الصيدَ فاحتقَّ بَعْضًا وشَرَم بَعْضًا أَي قتَل بَعْضًا وأُفْلِتَ بَعْضٌ جَريحاً؛ والمُحْتقُّ مِنَ الطعْن: النافِذُ إِلى الْجَوْفِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي كَبِيرٍ الهذلي:
هَلَّا وَقَدْ شَرَعَ الأَسنَّة نَحْوها، ... مَا بينَ مُحْتَقٍّ بِهَا ومُشَرِّمِ
أَراد مِنْ بَيْنِ طَعْن نافذٍ فِي جَوْفِهَا وآخَرَ قَدْ شرَّمَ جلدَها وَلَمْ ينفُذ إِلى الْجَوْفِ. والأَحقُّ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي لَا يَعْرَق، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي يَضَعُ حَافِرَ رِجْلِهِ مَوْضِعَ حَافِرِ يَدِهِ، وَهُمَا عَيْبٌ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ خَرَشةَ الخَطْمِيّ:
بأَجْرَدَ مِنْ عِتاقِ الخَيلِ نَهْدٍ ... جَوادٍ، لَا أَحقُّ وَلَا شئيتُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ دُرَيْدٍ، وَرِوَايَةُ أَبي عبيد:
وأَقْدَرُ مُشْرِفُ الصَّهواتِ ساطٍ، ... كُمَيْتٌ، لَا أَحقُّ وَلَا شَئِيتُ
الأَقدرُ: الَّذِي يَجُوزُ حَافِرَا رِجْلَيْهِ حافِريْ يَدَيْهِ، والأَحقُّ: الَّذِي يُطَبِّقُ حَافِرَا رِجْلَيْهِ حافريْ يَدَيْهِ، والشَّئيتُ: الَّذِي يقْصُر موقِعُ حَافِرِ رِجْلِهِ عَنْ مَوْقِعِ حَافِرِ يَدِهِ، وَذَلِكَ أَيضاً عَيْبٌ، وَالِاسْمُ الحَقَق. وَبَنَاتُ الحُقَيْقِ: ضرْب مِنْ رَدِيء التَّمْرِ، وَقِيلَ: هُوَ الشِّيص، قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ بَنَاتُ الْحُقَيْقِ ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ، وَالصَّوَابُ لَوْن الحُبَيق ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ رَدِيءٌ. وَبَنَاتُ الْحُقَيْقِ فِي صِفَةِ التَّمْرِ تَغْيِيرٌ، ولَوْنُ الحُبيق مَعْرُوفٌ. قَالَ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهى عَنْ لوْنين مِنَ التَّمْرِ فِي الصَّدَقَةِ: أَحدهما الجُعْرُور، وَالْآخَرُ لَوْنُ الْحُبَيْقِ
، وَيُقَالُ لِنَخْلَتِهِ عَذْقُ ابْنِ حُبَيْقٍ «3» وَلَيْسَ بشِيص وَلَكِنَّهُ رَدِيءٌ مِنَ الدَّقَلِ؛ وَرَوَى
الأَزهري حَدِيثًا آخَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبيه قَالَ: لَا يُخرَج فِي الصَّدَقَةِ الجُعرور وَلَا لَوْنُ حُبيْق
؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا تَمْرٌ رديء والسس «4» تَمْرٍ وَتُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْ وَسَطِ التَّمْرِ. والحَقْحقةُ: شدَّة السَّيْرِ. حَقْحقَ القومُ إِذا اشْتَدُّوا فِي السَّيْرِ. وقَرَبٌ مُحَقْحَقٌ: جادٌّ مِنْهُ. وتعَبَّدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطَرِّف بْنِ الشِّخِّير فَلَمْ يَقتصِد فَقَالَ لَهُ أَبوه: يَا عَبْدَ اللَّهِ، العلمُ أَفضلُ مِنَ الْعَمَلِ، والحسَنةُ بَيْنَ السَّيِّئتين، وخيرُ الأُمور أَوساطُها، وشرُّ السَّيْرِ الحَقْحقةُ؛ هُوَ إِشارة إِلَى الرِّفق فِي العبادة، يعني عليك
__________
(3) . قوله [عذق ابن حبيق] ضبط عذق بالفتح هو الصواب ففي الزرقاني على الموطأ قال أبو عمر بفتح العين النخلة وبالكسر الكباسة أي القنو كأن التمر سمي باسم النخلة لأَنه منها انتهى. فضبطه في مادة حبق بالكسر خطأ.
(4) . قوله [والسس] كذا بالأصل ولعله وأيبس.(10/57)
بالقَصْد فِي الْعِبَادَةِ وَلَا تَحْمِل عَلَى نَفْسِكَ فتَسأَم؛ وخيرُ الْعَمَلِ مَا دِيمَ وإِن قلَّ، وإِذا حَمَلْتَ عَلَى نَفْسِكَ مِنَ الْعِبَادَةِ مَا لَا تُطيِقُه انْقَطَعْتَ بِهِ عَنِ الدَّوام عَلَى الْعِبَادَةِ وبَقِيت حَسيراً، فتكلَّفْ مِنَ الْعِبَادَةِ مَا تُطيقُه وَلَا يَحْسِرُك. والحَقحقةُ: أَرفع السَّيْرِ وأَتْعَبُه للظَّهر. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْحَقْحَقَةُ سَيْرُ اللَّيْلِ فِي أَوّله، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْحَقْحَقَةُ فِي السَّيْرِ إِتعابُ سَاعَةٍ وكفُّ سَاعَةٍ؛ قَالَ الأَزهري: فَسَّرَ اللَّيْثُ الْحَقْحَقَةَ تَفْسِيرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَمْ يُصِبِ الصَّوَابَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَالْحَقْحَقَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ أَن يُسار البعيرُ ويُحمل عَلَى مَا يُتْعِبُهُ وَمَا لَا يُطِيقُهُ حَتَّى يُبْدِعَ بِرَاكِبِهِ، وَقِيلَ: هُوَ المُتعِب مِنَ السَّيْرِ، قَالَ: وأَما قَوْلُ اللَّيْثِ إِنّ الْحَقْحَقَةَ سَيْرُ أَول اللَّيْلِ فَهُوَ بَاطِلٌ مَا قَالَهُ أَحد، وَلَكِنْ يُقَالُ فَحِّمُوا عَنِ اللَّيْلِ أَي لَا تَسِيرُوا فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الحَقحقةُ أَن يُجْهِد الضعيفَ شدَّةُ السَّيْرَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وسَيرٌ حَقْحَاقٌ شَدِيدٌ، وَقَدْ حَقْحَقَ وهَقْهَقَ عَلَى الْبَدَلِ، وقَهْقَهَ عَلَى الْقَلْبِ بَعْدَ الْبَدَلِ. وقَرَبٌ حَقْحاق وهَقْهاق وقَهْقاه ومُقَهْقَه ومُهَقْهَقٌ إِذا كَانَ السَّيْرُ فِيهِ شَدِيدًا مُتعِباً. وأُمّ حِقّة: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْس:
فَقَدْ أَنْكَرَتْه أُمُّ حِقّة حادِثاً، ... وأَنْكَرها مَا شئت، والودُّ خادِعُ
حلق: الحَلْقُ: مَساغ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي المَريء، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَحْلاقٌ؛ قَالَ:
إِنَّ الَّذِينَ يَسُوغُ فِي أَحْلاقِهم ... زادٌ يُمَنُّ عليهمُ، للِئامُ
وأَنشده الْمُبَرِّدُ: فِي أَعْناقِهم، فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ حَمزَة، وَالْكَثِيرُ حُلوق وحُلُقٌ؛ الأَخيرة عَزِيزة؛ أَنشد الْفَارِسِيُّ:
حَتَّى إِذا ابْتَلَّتْ حلاقِيمُ الحُلُقْ
الأَزهري: مَخْرَجُ النَّفَسِ مِنَ الحُلْقُوم وَمَوْضِعُ الذَّبْحِ هُوَ أَيضاً مِنَ الحَلْق. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الْحَلْقُ مَوْضِعُ الغَلْصَمة والمَذْبَح. وحَلَقه يَحْلُقُه حَلْقاً: ضَرَبَهُ فأَصاب حَلْقَه. وحَلِقَ حَلَقاً: شَكَا حَلْقَه، يَطَّرِدُ عَلَيْهِمَا بَابٌ. ابْنُ الأَعرابي: حلَق إِذا أَوجَع، وحَلِقَ إِذا وجِعَ. والحُلاقُ: وجَعٌ فِي الحَلْق والحُلْقُوم كالحَلْق، فُعْلُوم عند الْخَلِيلِ، وفُعْلُول عِنْدَ غَيْرِهِ، وسيأْتي. وحُلُوق الأَرض: مَجارِيها وأَوْدِيتها عَلَى التَّشْبِيهِ بالحُلوق الَّتِي هِيَ مَساوِغُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَكَذَلِكَ حُلوق الْآنِيَةِ والحِياض. وحَلَّقَ الإِناءُ مِنَ الشَّرَابِ: امْتلأَ إِلَّا قَلِيلًا كأَنَّ مَا فِيهِ مِنَ الْمَاءِ انْتَهَى إِلى حَلْقِه، ووَفَّى حلْقَةَ حَوْضِهِ: وَذَلِكَ إِذا قَارَبَ أَن يملأَه إِلَى حَلْقه. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ وفَّيْت حَلْقة الْحَوْضِ تَوفِيةً والإِناء كَذَلِكَ. وحَلْقةُ الإِناء: مَا بَقِيَ بَعْدَ أَن تَجْعَلَ فِيهِ مِنَ الشَّرَابِ أَو الطَّعَامِ إِلى نِصْفِهِ، فَمَا كَانَ فَوْقَ النِّصْفِ إِلى أَعلاه فَهُوَ الْحَلْقَةُ؛ وأَنشد:
قامَ يُوَفِّي حَلْقَةَ الحَوْضِ فَلَجْ
قَالَ أَبو مَالِكٍ: حَلْقة الْحَوْضِ امْتِلاؤُه، وَحَلْقَتُهُ أَيضاً دُونَ الِامْتِلَاءِ؛ وأَنشد:
فَوافٍ كَيْلُها ومُحَلِّقُ
والمُحلِّق: دُونَ المَلْء؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَخافُ بأَن أُدْعَى وحَوْضِي مُحَلِّقٌ، ... إِذا كَانَ يومُ الحَتْف يومَ حِمامِي «5»
__________
(5) . وفي قصيدة الفرزدق:
إِذا كان يوم الوِردِ يومَ خِصامِ(10/58)
وحَلَّق ماءُ الْحَوْضِ إِذا قلَّ وَذَهَبَ. وحلَّق الحوضُ: ذَهَبَ ماؤُه؛ قَالَ الزَّفَيانُ:
ودُونَ مَسْراها فَلاةٌ خيْفَقُ، ... نَائِي الْمِيَاهِ، ناضبٌ مُحَلِّقُ «1»
. وحَلَّقَ المكُّوكُ إِذا بَلَّغَ مَا يُجعل فِيهِ حَلْقَه. والحُلُق: الأَهْوِية بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض، وَاحِدُهَا حالِقٌ. وَجَبَلٌ حَالِقٌ: لَا نَبَاتَ فِيهِ كأَنه حُلِق، وَهُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ كَقَوْلِ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
ذَكَرْتُ بِهَا سَلْمَى، فبِتُّ كأَنَّني ... ذَكَرْتُ حَبيباً فاقِداً تَحْتَ مَرْمَسِ
أَراد مَفْقوداً، وَقِيلَ: الْحَالِقُ مِنَ الْجِبَالِ المُنِيفُ المُشْرِف، وَلَا يَكُونُ إِلا مَعَ عَدَمِ نَبَاتٍ. وَيُقَالُ: جَاءَ مِنْ حَالِقٍ أَي مِنْ مَكَانٍ مُشرف. وَفِي حَدِيثِ المَبْعث:
فهَمَمْتُ أَن أَطرح بِنَفْسِي مِنْ حالِق
أَي جَبَلٍ عالٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ كُنَّا نَعْمِد إِلى الحُلْقانةِ فنَقْطَع مَا ذَنَّبَ مِنْهَا
؛ يُقَالُ للبُسر إِذا بَدَا الإِرْطاب فِيهِ مِنْ قِبل ذَنَبِه التَّذْنوبة، فإِذا بَلَغَ نِصْفَهُ فهو مُجَزَّع، فإِذا بلغ ثُلُثيه فهو حُلْقان ومُحَلْقِنٌ؛ يُرِيدُ أَنه كَانَ يَقْطَعُ مَا أَرطب مِنْهَا وَيَرْمِيهِ عِنْدَ الِانْتِبَاذِ لِئَلَّا يَكُونَ قَدْ جَمع فِيهِ بَيْنَ البُسْر والرُّطب؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
بَكَّار: مَرَّ بِقَوْمٍ يَنالُون مِنَ الثَّعْد والحُلْقان.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: بُسرة حُلْقانة بَلَغَ الإِرْطاب حَلْقَهَا وَقِيلَ هِيَ الَّتِي بَلَغَ الإِرْطاب قَرِيبًا مِنَ الثُّفروق مِنْ أَسْفَلِهَا وَالْجَمْعُ حُلْقانٌ ومُحَلْقِنة وَالْجَمْعُ مُحَلْقِنٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُقَالُ حلَّق البُسر وَهِيَ الحَواليقُ، بِثَبَاتِ الْيَاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا الْبِنَاءُ عِنْدِي عَلَى النَّسَبِ إِذ لَوْ كَانَ عَلَى الْفِعْلِ لَقَالَ: مَحاليق، وأَيضاً فإِني لَا أَدري مَا وَجْهُ ثَبَاتِ الْيَاءِ فِي حَواليق. وحَلْق التَّمْرَةِ والبُسرة: مُنْتَهَى ثُلثيها كأَن ذَلِكَ مَوْضِعُ الْحَلْقِ مِنْهَا. والحَلْقُ: حَلْقُ الشَّعْرِ. والحَلْقُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ حَلق رأْسه. وحَلَّقوا رؤُوسهم: شَدَّدَ لِلْكَثْرَةِ. والاحْتِلاقُ: الحَلْق. يقال: حَلق مَعَزه، ولا يقال: جَزَّه إِلا فِي الضأْن، وَعَنْزٌ مَحْلوقة، وحُلاقة المِعزى، بِالضَّمِّ: مَا حُلِق مِنْ شَعْرِهِ. وَيُقَالُ: إِن رأْسه لَجيِّد الحِلاق. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحَلْق فِي الشَّعْرِ مِنَ النَّاسِ وَالْمَعْزِ كالجَزّ فِي الصُّوفِ، حلَقه يَحلِقه حَلْقاً فَهُوَ حالقٌ وحلاقٌ وحلَقَه واحْتَلَقه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَا هُمَّ، إِن كَانَ بنُو عَمِيرهْ ... أَهْلُ [أَهْلِ] التِّلِبِّ هَؤُلَا مَقْصُورهْ
«2» ، فابْعَثْ عَلَيْهِمْ سَنةً قاشُورة، ... تَحْتَلِقُ المالَ احْتلاقَ النُّورهْ
وَيُقَالُ: حَلق مِعْزاه إِذا أَخذ شَعْرَهَا، وجزَّ ضأْنَه، وَهِيَ مِعْزى مَحْلُوقة وحَلِيقة، وَشَعْرٌ مَحْلوق. وَيُقَالُ: لِحْيَةٌ حَليق، وَلَا يُقَالُ حَلِيقة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ورأْس حَلِيقٌ مَحْلُوقٌ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
وَلَكِنِّي رأَيتُ الصبْر خَيْراً ... مِنَ النَّعْلَينِ والرأْسِ الحَلِيق
والحُلاقةُ: مَا حُلِقَ مِنْهُ يَكُونُ ذَلِكَ فِي النَّاسِ وَالْمَعْزِ. والحَلِيقُ: الشَّعْرُ الْمَحْلُوقُ، والجمع حِلاقٌ.
__________
(1) . قوله [مسراها] كذا في الأَصل، والذي في شرح القاموس مرآها
(2) . قوله [مقصورة] فسره المؤلف في مادة قصر عن ابن الأَعرابي فقال: مَقْصُورَةً أَيْ خَلَصُوا فَلَمْ يخالطهم غيرهم(10/59)
واحْتلقَ بالمُوسَى. وَفِي التَّنْزِيلِ: مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ
. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ مِنَّا مَنْ صَلَق أَو حَلق
أَي لَيْسَ مِنْ أَهل سُنَّتنا مَنْ حلَق شَعْرَهُ عِنْدَ المُصيبة إِذا حلَّت بِهِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لُعِنَ مِنَ النِّسَاءِ الْحَالِقَةُ والسالِقةُ والخارِقةُ.
وَقِيلَ: أَراد بِهِ الَّتِي تَحلِق وَجْهَهَا لِلزِّينَةِ؛ وَفِي حَدِيثٍ:
لَيْسَ مِنَّا مَنْ سلَق أَو حلَق أَو خَرق
أَي لَيْسَ مِنْ سنَّتنا رَفْعُ الصَّوْتِ فِي المَصائب وَلَا حلْقُ الشَّعْرِ وَلَا خَرْقُ الثِّيَابِ. وَفِي حَدِيثِ الحَجّ:
اللهمَّ اغْفر للمُحَلِّقِين
قَالَهَا ثَلَاثًا؛ المحلِّقون الَّذِينَ حلَقوا شُعُورَهُمْ فِي الْحَجِّ أَو العُمرة وخصَّهم بِالدُّعَاءِ دُونَ الْمُقَصِّرِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ أَخذوا مِنْ شُعُورِهِمْ وَلَمْ يَحلِقوا لأَن أَكثر مَنْ أَحرم مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ هَدْيٌ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ سَاقَ الهَدْيَ، ومَن مَعَهُ هَدْيْ لَا يَحلِق حَتَّى يَنْحَر هديَه، فَلَمَّا أَمرَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ أَن يَحْلِقَ ويحِلَّ، وجَدُوا فِي أَنفسهم مِنْ ذَلِكَ وأَحبُّوا أَن يأَذَن لَهُمْ فِي المُقام عَلَى إِحرامهم حَتَّى يُكْمِلُوا الْحَجَّ، وَكَانَتْ طاعةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَولى بِهِمْ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنَ الإِحْلال كَانَ التَّقْصِيرُ فِي نُفوسهم أَخفّ مِنَ الْحَلْقِ، فَمَالَ أَكثرهم إِليه، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ بَادَرَ إِلى الطَّاعَةِ وَحَلَقَ وَلَمْ يُراجِع، فَلِذَلِكَ قدَّم المحلِّقين وأَخَّر المقصِّرين. والمِحْلَقُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الكِساءُ الَّذِي يَحْلِق الشَّعْرَ مِنْ خِشونته؛ قَالَ عُمارة بْنُ طارِقٍ يَصِفُ إِبلًا تَرِدُ الماءَ فَتَشْرَبُ:
يَنْفُضْنَ بالمَشافِر الهَدالِقِ، ... نَفْضَكَ بالمَحاشِئ المَحالِقِ
والمَحاشِئُ: أَكْسِية خَشِنةٌ تَحْلِقُ الْجَسَدَ، وَاحِدُهَا مِحْشأ، بِالْهَمْزِ، وَيُقَالُ: مِحْشاة، بِغَيْرِ هَمْزٍ، والهَدالِقُ: جَمْعُ هِدْلق وَهِيَ المُسْتَرْخِيَةُ. والحَلَقةُ: الضُّروعُ المُرْتَفعةُ. وضَرْعٌ حالقٌ: ضخْم يَحْلِقُ شَعْرَ الْفَخْذَيْنِ مِنْ ضِخَمِه. وَقَالُوا: بَيْنَهُمُ احْلِقِي وقُومي أَي بَيْنَهُمْ بَلاءٌ وشدَّة وَهُوَ مِنْ حَلْق الشَّعْرِ كَانَ النساءُ يَئمْن فيَحلِقْن شُعورَهنَّ؛ قَالَ:
يومُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ ... أَفضلُ مِنْ يومِ احْلِقي وقُومِي
ابْنُ الأَعرابي: الحَلْقُ الشُّؤْم. وَمِمَّا يُدعَى بِهِ عَلَى المرأَة: عَقْرَى حَلْقَى، وعَقْراً حَلْقاً فأَمّا عقرَى وَعَقْرًا فَسَنَذْكُرُهُ فِي حَرْفِ الْعَيْنِ، وأَما حلْقَى وَحَلْقًا فَمَعْنَاهُ أَنه دُعِيَ عَلَيْهَا أَن تَئِيمَ مِنْ بَعْلِهَا فتَحْلِق شَعْرَهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَوجع اللَّهُ حَلْقها، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ معناه أَنها مَشْؤُومةٌ، وَلَا أَحُقُّها. وَقَالَ الأَزهري: حَلْقَى عقْرى مشؤُومة مُؤْذِية. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لصَفِيَّة بِنْتِ حُيَيٍّ حِينَ قِيلَ لَهُ يَوْمَ النَّفْر إِنها نَفِسَت أَو حَاضَتْ فَقَالَ: عَقْرَى حَلْقَى مَا أَراها إِلَّا حابِسَتنا
؛ مَعْنَاهُ عَقَر اللَّهُ جَسدَها وحلَقها أَي أَصابها بِوَجَعٍ فِي حَلْقها، كَمَا يُقَالُ رأَسَه وعضَده وصَدَره إِذا أَصاب رأْسَه وعضُدَه وصَدْره. قَالَ الأَزهري: وأَصله عَقْرًا حَلْقًا، وأَصحاب الْحَدِيثِ يَقُولُونَ عقرَى حلقَى بِوَزْنِ غَضْبَى، حَيْثُ هُوَ جارٍ عَلَى المؤَنث، وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ التَّنْوِينُ عَلَى أَنه مَصْدَرُ فَعل مَتْرُوكِ اللَّفْظِ، تَقْدِيرُهُ عقَرها اللَّهُ عقْراً وحلَقها اللَّهُ حَلْقًا. وَيُقَالُ للأَمر تَعْجَبُ مِنْهُ: عقْراً حَلْقًا، وَيُقَالُ أَيضاً للمرأَة إِذا كانت مؤْذِية مشؤُومة؛ وَمِنْ مَوَاضِعِ التَّعَجُّبِ قولُ أُمّ الصَّبِيِّ الَّذِي تكلَّم: عَقْرَى أَوَكان هَذَا مِنْهُ قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ عِنْدَ الأَمر تَعْجَبُ مِنْهُ: خَمْشَى وعَقْرى وحَلْقى كأَنه مِنَ العَقْر والحَلْق(10/60)
والخَمْش؛ وأَنشد:
أَلا قَوْمِي أُولُو عَقْرَى وحَلْقَى ... لِما لاقَتْ سَلامانُ بْنُ غَنْمِ
وَمَعْنَاهُ قَومِي أُولُو نساءٍ قَدْ عَقَرْن وجُوههن فخدَشْنَها وحَلَقْن شُعُورَهُنَّ مُتَسَلِّباتٍ عَلَى مَنْ قُتل مِنْ رِجَالِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ رَوَاهُ ابْنُ القطَّاع:
أَلا قَومي أُولو عَقْرَى وحَلْقَى
يُرِيدُونَ أَلا قَوْمِي ذَوو نساءٍ قَدْ عَقَرْنَ وجوهَهنَّ وحلقن رؤُوسهن، قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الهَرَوِيّ فِي الْغَرِيبَيْنِ قَالَ: وَالَّذِي رَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ:
أَلا قُومِي إِلى عقْرى وحلْقى
قَالَ: وفسَّره عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي فَقَالَ: قَوْلُهُمْ عَقْرَى حَلْقَى، الأَصل فِيهِ أَن المرأَة كَانَتْ إِذا أُصِيب لَهَا كَرِيمٌ حلَقَت رأْسها وأَخذت نَعْلين تَضْرِبُ بِهِمَا رأْسَها وتعقِره؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْخَنْسَاءِ:
فَلَا وأَبِيكَ، مَا سَلَّيْتُ نَفْسِي ... بِفاحِشةٍ أَتَيتُ، وَلَا عُقوقِ
ولكنِّي رأَيتُ الصَّبْر خَيراً ... مِنَ النَّعلين والرأْسِ الحَليقِ
يُرِيدُ إِن قَوْمِي هَؤُلَاءِ قَدْ بَلَغَ بِهِمْ مِنَ البَلاء مَا يبلُغ بالمرأَة الْمَعْقُورَةِ الْمَحْلُوقَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنهم صَارُوا إِلى حَالِ النساءِ المَعْقُورات الْمَحْلُوقَاتِ. قَالَ شَمِرٌ: رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَقْرًا حَلْقًا، فَقُلْتُ لَهُ: لَمْ أَسمع هَذَا إِلا عقرَى حلقَى، فَقَالَ: لَكِنِّي لَمْ أَسمع فَعْلى عَلَى الدُّعَاءِ، قَالَ شَمِرٌ: فَقُلْتُ لَهُ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ إِن صِبيانَ الْبَادِيَةِ يَلْعَبُونَ وَيَقُولُونَ مُطَّيْرَى عَلَى فُعَّيْلى، وَهُوَ أَثقل مِنْ حَلْقَى، قَالَ: فَصَيَّرَهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ: مُنَوَّنًا وَغَيْرَ منوَّن. وَيُقَالُ: لَا تَفعل ذَلِكَ أُمُّك حالِقٌ أَي أَثْكلَ اللَّهُ أُمَّك بِكَ حَتَّى تَحلِق شَعْرَهَا، والمرأَةُ إِذا حلَقت شَعْرَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حالِقةٌ وحَلْقَى. ومثَلٌ لِلْعَرَبِ: لأُمّك الحَلْقُ وَلِعَيْنِكَ العُبْرُ. والحَلْقَةُ: كلُّ شيءٍ اسْتَدَارَ كحَلْقةِ الْحَدِيدِ والفِضّة وَالذَّهَبِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي النَّاسِ، وَالْجَمْعُ حِلاقٌ عَلَى الْغَالِبِ، وحِلَقٌ عَلَى النَّادِرِ كهَضْبة وهِضَب، والحَلَقُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ وَلَيْسَ بِجَمْعٍ لأَن فَعْلة لَيْسَتْ مِمَّا يكسَّر عَلَى فَعَلٍ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا حَكَاهُ مِنْ قَوْلِهِمْ فَلْكَةٌ وفَلَكٌ، وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ فِي الحَلْقة فَتْحَ اللَّامِ وأَنكرها ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ، فَعَلَى هَذِهِ الْحِكَايَةِ حلَقٌ جَمْعُ حلَقة وَلَيْسَ حِينَئِذٍ اسْمَ جَمْعٍ كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي حلَق الَّذِي هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لحَلْقة، وَلَمْ يَحمِل سِيبَوَيْهِ حلَقاً إِلا عَلَى أَنه جَمْعُ حَلْقة وإِن كَانَ قَدْ حَكَى حلَقة بِفَتْحِهَا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حَلْقة الْبَابِ وحلَقته، بإِسكان اللَّامِ وَفَتْحِهَا، وَقَالَ كُرَاعٌ: حلْقةُ الْقَوْمِ وحلَقتهم، وَحَكَى الأُمَوِيُّ: حِلْقة الْقَوْمِ، بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَهِيَ لُغَةُ بَنِي الحرت بْنِ كَعْبٍ، وَجَمْعُ الحِلْقةِ حِلَقٌ وحَلَق وحِلاقٌ، فأَما حِلَقٌ فَهُوَ بابُه، وأَما حَلَقٌ فإِنه اسْمٌ لِجَمْعِ حِلْقة كَمَا كَانَ اسْمًا لِجَمْعِ حَلْقةٍ، وأَما حِلاقٌ فَنَادِرٌ لأَن فِعالًا لَيْسَ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى جَمْعِ فِعْلة. الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ الحَلْقةُ، بالتخفِيف، مِنَ الْقَوْمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ حَلَقة، وَقَالَ الأَصمعي: حَلْقة مِنَ النَّاسِ وَمِنْ حَدِيدٍ، وَالْجَمْعُ حِلَقٌ مِثْلَ بَدْرةٍ وبِدَر وقَصْعة وقِصَعٍ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَختار فِي حلَقة الْحَدِيدِ فَتْحَ اللَّامِ وَيَجُوزُ الْجَزْمُ، وأَختار فِي حلْقة الْقَوْمِ الْجَزْمَ وَيَجُوزُ التَّثْقِيلُ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: أَختار فِي حلْقة الْحَدِيدِ وحلْقة(10/61)
النَّاسِ التَّخْفِيفَ، وَيَجُوزُ فِيهِمَا التَّثْقِيلُ، وَالْجَمْعُ عِنْدَهُ حَلَقٌ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هِيَ حلْقة الْبَابِ وحلْقة الْقَوْمِ، وَالْجَمْعُ حِلَق وحِلاق. وَحَكَى يُونُسُ عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ حلَقة فِي الْوَاحِدِ، بِالتَّحْرِيكِ، وَالْجَمْعُ حَلَقٌ وحَلَقات؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّهُمْ يُجِيزُهُ عَلَى ضَعْفِهِ وأَنشد:
مَهْلًا بَني رُومانَ، بعضَ وَعيدكم ... وإِيّاكُم والهُلْبَ منِّي عَضارِطا
أَرِطُّوا، فَقَدْ أَقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكمْ، ... عسَى أَن تَفُوزوا أَن تَكُونُوا رَطائطا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَقُولُ قَدِ اضْطَرَبَ أَمرُكم مِنْ بَابِ الجِدِّ وَالْعَقْلِ فتَحامَقُوا عَسَى أَن تفُوزوا؛ والهُلْبُ: جَمْعُ أَهْلَبَ، وَهُوَ الْكَثِيرُ شَعْرِ الأُنثيين، والعِضْرِطُ: العِجانُ، وَيُقَالُ: إِن الأَهلَبَ العِضرِطِ لَا يُطاق؛ وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْفَرَزْدَقُ حَلَقة فِي حلْقةِ الْقَوْمِ قَالَ:
يَا أَيُّها الجالِسُ، وسْطَ الحَلَقهْ، ... أَفي زِناً قُطِعْتَ أَمْ فِي سَرِقَهْ؟
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
أُقْسِمُ بِاللَّهِ نُسْلِمُ الحَلَقهْ ... وَلَا حُرَيْقاً، وأُخْتَه الحُرَقهْ
وَقَالَ آخَرُ:
حَلَفْتُ بالمِلْحِ والرَّمادِ وبالنارِ ... وَبِاللَّهِ نُسْلِمُ الحَلَقهْ
حَتَّى يَظَلَّ الجَوادُ مُنْعَفِراً، ... ويَخْضِبَ القَيْلُ عُرْوَةَ الدَّرَقهْ
ابْنُ الأَعرابي: هُمْ كالحَلَقةِ المُفْرَغة لَا يُدْرَى أَيُّها طَرَفُها؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلْقَوْمِ إِذا كَانُوا مُجتمعين مؤتَلِفين كلمتهُم وأَيديهم واحدة لا يَطْمَعُ عَدوُّهم فِيهِمْ وَلَا يَنال مِنْهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهى عَنِ الحِلَقِ قَبْلَ الصَّلاةِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
عَنِ التَّحَلُّقِ
؛ أَراد قَبْلَ صَلَاةِ الجُمعة؛ الحِلَقُ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ: جَمْعُ الحَلْقة مِثْلَ قَصْعة وقِصَعٍ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ مُسْتَدِيرُونَ كحلْقة الْبَابِ وَغَيْرِهَا. والتَّحَلُّق، تفَعُّل مِنْهَا: وَهُوَ أَن يتَعمَّدوا ذَلِكَ. وتَحلَّق القومُ: جَلَسُوا حَلْقة حَلْقة. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُصَلُّوا خَلْف النيِّام وَلَا المُتَحَلِّقين
أَي الجُلوسِ حِلَقاً حِلَقاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْجَالِسُ وسْط الحلَقة مَلْعُونٌ لأَنه إِذا جَلَسَ فِي وسَطِها اسْتَدْبَرَ بعضَهم بِظَهْرِهِ فيُؤذيهم بِذَلِكَ فيَسبُّونه ويلْعَنُونه
،؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَا حِمَى إِلا فِي ثَلَاثٍ
، وَذَكَرَ حَلْقة الْقَوْمِ أَي لَهُمْ أَن يَحْمُوها حَتَّى لَا يَتَخَطَّاهم أَحَد وَلَا يَجلس فِي وَسَطِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ حِلَقِ الذَّهَبِ
؛ هِيَ جَمْعُ حَلْقةٍ وَهِيَ الخاتمُ بِلَا فَصّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
مَنْ أَحَبّ أَن يُحَلِّق جَبِينَهُ حَلْقة مِنْ نَارٍ فلْيُحَلِّقْه حَلْقة مِنْ ذَهَبٍ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ يأْجُوج ومأْجُوج:
فُتِحَ اليومَ مِنْ رَدْمِ يأْجوجَ ومأْجوجَ مِثْلُ هَذِهِ وحَلَّق بإِصْبَعِه الإِبْهام وَالَّتِي تَلِيهَا وعقَد عَشْراً
أَي جَعَلَ إِصْبَعيْه كالحَلْقة، وعَقْدُ الْعَشْرَةِ: مِنْ مُواضَعات الحُسّاب، وَهُوَ أَن يَجْعَلَ رأْس إِصْبَعه السَّبَّابَةِ فِي وَسَطِ إِصبعه الإِبهام ويَعْملهما كالحَلْقة. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ أَبو يُوسُفَ سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ حلَقة، بِالتَّحْرِيكِ، إِلا فِي قَوْلِهِمْ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ حَلَقةٌ لِلَّذِينِ يَحلِقون الشَّعْرَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لِلَّذِينِ يحلقونَ المِعْزى، جَمْعُ حالِقٍ. وأَما قَوْلُ الْعَرَبِ: التَقَتْ حلَقتا البِطان، بِغَيْرِ حَذْفِ أَلف حلْقتا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ اللَّامِ، فإِنهم جَمَعُوا فِيهَا بَيْنَ سَاكِنَيْنِ فِي الْوَصْلِ غَيْرَ مُدْغَمٍ أَحدهما فِي الْآخَرِ، وَعَلَى هَذَا قِرَاءَةُ(10/62)
نَافِعٍ: مَحْيايْ ومَماتي، بِسُكُونِ يَاءِ مَحيايْ، وَلَكِنَّهَا مَلْفُوظٌ بِهَا مَمْدُودَةٌ وَهَذَا مَعَ كَوْنِ الأَوّل مِنْهُمَا حَرْفَ مَدٍّ؛ وَمِمَّا جَاءَ فِيهِ بِغَيْرِ حَرْفِ لِينٍ، وَهُوَ شاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ:
رَخِّينَ أَذْيالَ الحِقِيِّ وارْتَعْنْ ... مَشْيَ حَمِيّات كأَنْ لَمْ يُفْزَعْنْ،
إِنْ يُمْنَعِ اليومَ نِساء تُمْنَعْنْ
قَالَ الأَخفش: أَخبرني بَعْضُ مَنْ أَثق بِهِ أَنه سَمِعَ:
أَنا جَريرٌ كُنْيَتي أَبو عَمْرْ، ... أَجُبُناً وغَيْرةً خَلْفَ السِّتْرْ
قَالَ: وَسَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ:
أَنا ابنُ ماوِيّة إِذا جَدَّ النَّقْرْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّي لِهَذَا ضَرْبٌ مِنَ الْقِيَاسِ، وَذَلِكَ أَنّ السَّاكِنَ الأَوّل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدًّا فإِنه قَدْ ضارَع لِسُكُونِهِ الْمَدَّةَ، كَمَا أَن حَرْفَ اللِّينِ إِذا تَحَرَّكَ جَرَى مَجرى الصَّحِيحِ، فَصَحَّ فِي نَحْوِ عِوَضٍ وحِولٍ، أَلا تَرَاهُمَا لَمْ تُقْلب الحركةُ فِيهِمَا كَمَا قُلِبَتْ فِي رِيحٍ ودِيمة لِسُكُونِهَا؟ وَكَذَلِكَ مَا أُعِلّ لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهُ نَحْوَ مِيعاد ومِيقات، وَالضَّمَّةِ قَبْلَهُ نَحْوَ مُوسر ومُوقن إِذا تَحَرَّكَ صَحَّ فَقَالُوا مَواعِيدُ ومَواقيتُ ومَياسيرُ ومَياقِينُ، فَكَمَا جَرَى الْمَدُّ مَجْرَى الصَّحِيحِ بِحَرَكَتِهِ كَذَلِكَ يَجْرِي الْحَرْفُ الصَّحِيحُ مَجْرَى حَرْفِ اللِّينِ لِسُكُونِهِ، أَوَلا تَرَى مَا يَعرِض لِلصَّحِيحِ إِذا سَكَنَ مِنَ الإِدغام وَالْقَلْبِ نَحْوَ مَنْ رأَيت وَمَنْ لقِيت وَعَنْبَرٍ وامرأَة شَنْباء؟ فإِذا تَحَرَّكَ صَحَّ فَقَالُوا الشنَب وَالْعَنْبَرُ وأَنا رأَيت وأَنا لقِيت، فَكَذَلِكَ أَيضاً تَجْرِي الْعَيْنُ مِنِ ارتعْن، وَالْمِيمُ مِنْ أَبي عمْرو، وَالْقَافُ مِنَ النقْر لِسُكُونِهَا مَجْرَى حَرْفِ الْمَدِّ فَيَجُوزُ اجْتِمَاعُهَا مَعَ السَّاكِنِ بَعْدَهَا. وَفِي الرَّحِمِ حَلْقتانِ: إِحداهما الَّتِي عَلَى فَمِ الفرْج عِنْدَ طرَفه، والأُخرى الَّتِي تنضمُّ عَلَى الْمَاءِ وَتَنْفَتِحُ لِلْحَيْضِ، وَقِيلَ: إِنما الأُخرى الَّتِي يُبالُ مِنْهَا. وحَلَّق القمرُ وتحلَّق: صَارَ حولَه دارةٌ. وَضَرَبُوا بُيُوتَهُمْ حِلاقاً أَي صَفًّا وَاحِدًا حَتَّى كأَنها حَلْقة. وحلَّقَ الطائرُ إِذا ارْتَفَعَ فِي الْهَوَاءِ واسْتدارَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
إِذا مَا التَقَى الجَمْعانِ، حَلَّقَ فوقَهمْ ... عَصائبُ طَيْرٍ تَهْتَدِي بِعصائبِ «3»
وَقَالَ غَيْرُهُ:
ولوْلا سُليْمانُ الأَمِيرُ لحَلَّقَتْ ... بِهِ، مِن عِتاقِ الطيْرِ، عَنْقاءُ مُغْرِب
وإِنما يُرِيدُ حلَّقت فِي الهَواء فَذَهَبَتْ بِهِ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
فحَيَّتْ فحيَّاها، فهَبَّتْ فحَلَّقَتْ ... مَعَ النجْمِ رُؤْيا، فِي المَنامِ، كذُوبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ بَيْعِ المُحلِّقاتِ
أَي بيعِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ. وَرَوَى
أَنس بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي الْعَصْرَ والشمسُ بَيْضَاءُ مُحَلِّقةٌ فأَرجِع إِلى أَهلي فأَقول صلُّوا
؛ قَالَ شَمِرٌ: مُحلِّقة أَي مُرْتَفِعَةٌ؛ قَالَ: تَحْلِيقُ الشَّمْسِ مِنْ أَوَّل النَّهَارِ ارْتِفَاعُهَا مِنَ المَشرِق وَمِنْ آخِرِ النَّهَارِ انْحِدارُها. وَقَالَ شَمِرٌ: لَا أَدري التَّحْلِيقَ إِلا الارتفاعَ فِي الْهَوَاءِ. يُقَالُ: حلَّق النجمُ إِذا ارْتَفَعَ، وتَحْلِيقُ الطائرِ ارْتِفَاعُهُ فِي طَيَرانه، وَمِنْهُ حَلَّقَ الطائرُ فِي كَبِد السَّمَاءِ إِذا ارْتَفَعَ وَاسْتَدَارَ؛ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الأَسَدي
__________
(3) . وفي ديوان النابغة:
إِذا ما غَزَوا بالجيش، حلَّق فوقهم(10/63)
فِي النَّجْمِ:
رُبَّ مَنْهَلٍ طاوٍ ورَدْتُ، وَقَدْ خَوَى ... نَجْمٌ، وحَلَّقَ فِي السَّمَاءِ نُجومُ
خَوى: غابَ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي الطَّائِرِ:
ورَدْتُ احْتِسافاً والثُّرَيَّا كأَنَّها، ... عَلَى قِمّةِ الرأْسِ، ابنُ مَاءٍ مُحَلِّقُ
وَفِي حَدِيثٍ:
فحلَّقَ بِبَصَرِهِ إِلى السَّمَاءِ كَمَا يُحلِّقُ الطَّائِرُ إِذا ارْتَفَعَ فِي الْهَوَاءِ
أَي رفَعه؛ وَمِنْهُ الحالِقُ: الْجَبَلُ المُنِيفُ المُشْرِف. والمُحلَّقُ: مَوْضِعُ حَلْقِ الرأْسِ بِمنًى؛ وأَنشد:
كلَّا ورَبِّ البيْتِ والمُحلَّقِ
والمُحلِّق، بِكَسْرِ اللَّامِ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ بَكْر بْنِ كِلاب مِنْ بَنِي عَامِرٍ مَمْدُوحِ الأَعشى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المُحلِّق اسْمُ رَجُلٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن فَرَسَهُ عضَّته فِي وَجْهِهِ فتركَتْ بِهِ أَثراً عَلَى شَكْلِ الحَلقة؛ وإِياه عَنَى الأَعشى بِقَوْلِهِ:
تُشَبُّ لِمَقْرورَيْنِ يَصْطَلِيانِها، ... وباتَ عَلَى النارِ النَّدَى والمُحَلِّقُ
وَقَالَ أَيضاً:
تَرُوحَ عَلَى آلِ المُحَلِّقِ جَفْنةٌ، ... كجابِيةِ الشيخِ العِراقِيِّ تَفْهَقُ
وأَما قَوْلُ النَّابِغَةِ الجَعْدِي:
وذكَرْتَ مِنْ لبَنِ المُحَلَّق شَرْبَةً، ... والخَيْلُ تَعْدُو بالصَّعِيدِ بَدادِ
فَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ أَنه عَنَى نَاقَةً سمَتُها عَلَى شَكْلِ الحَلْقة وذكَّر عَلَى إِرادةِ الشَّخْصِ أَن الضَّرْع؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ، وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ وَقَالَ: قَالَ عَوْقُ بْنُ الخَرِع يُخَاطِبُ لَقيطَ بْنِ زُرارةَ، وأَيده ابْنُ بَرِّيٍّ فَقَالَ: قَالَهُ يُعيِّره بأَخيه مَعْبَدٍ حِينَ أَسَرَه بَنُو عَامِرٍ فِي يَوْمِ رَحْرَحان وفرَّ عَنْهُ؛ وَقَبْلَ الْبَيْتِ:
هَلَّا كَرَرْتَ عَلَى ابنِ أُمِّك مَعْبَدٍ، ... والعامِرِيُّ يَقُودُه بصِفادِ «1»
والمُحَلَّقُ مِنَ الإِبل: المَوْسوم بحلْقة فِي فَخْذِهِ أَو فِي أَصل أُذنه، ويقال للإِبل المُحَلَّقة حلَقٌ؛ قال جَنْدل الطُّهَوي:
قَدْ خَرَّبَ الأَنْضادَ تَنْشادُ الحَلَقْ ... مِنْ كلَ بالٍ وجْهُه بَلْيَ الخِرَقْ
يَقُولُ: خَرَّبوا أَنْضادَ بُيُوتِنَا مِنْ أَمتعتنا بطلَب الضَّوالِّ. الْجَوْهَرِيُّ: إِبل مُحلَّقة وسْمُها الحَلَقُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي وجْزة السَّعْدِيِّ:
وذُو حَلَقٍ تَقْضِي العَواذِيرُ بَيْنَهَا، ... تَرُوحُ بأَخْطارٍ عِظامِ اللَّقائحِ «2»
. ابْنُ بَرِّيٍّ: العَواذِيرُ جَمْعُ عاذُور وَهُوَ وَسْم كالخَطّ، وَوَاحِدُ الأَخْطار خِطْر وَهِيَ الإِبل الْكَثِيرَةُ، وسكِّينٌ حالِقٌ وحاذِقٌ أَي حَدِيد. والدُّرُوع تُسَمَّى حَلْقةً؛ ابْنُ سِيدَهْ: الحَلْقَةُ اسْمٌ لجُملة السِّلاح والدُّروع وَمَا أَشبهها وإِنما ذَلِكَ لِمَكَانِ الدُّرُوعِ، وغلبَّوا هَذَا النَّوْعَ مِنَ السِّلَاحِ، أَعني الدُّرُوعَ،
__________
(1) . قوله [هلا كررت إلخ] أورد المؤلف هذا البيت في مادة صفد:
هلا مننت على أخيك معبد ... والعامريّ يقوده أصفاد
والصواب ما هنا؛ والصفاد، بالكسر: حبل يوثق به.
(2) . قوله [تقضي] أي تفصل وتميز، وضبطناه في مادة عذر بالبناء للمفعول(10/64)
لشدَّة غَنائه، ويدُلك عَلَى أَن الْمُرَاعَاةَ فِي هَذَا إِنما هِيَ للدُّروع أَن النُّعْمَانَ قَدْ سمَّى دُروعه حَلْقة. وَفِي صُلْحِ خَيْبَرَ:
وَلِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الصفْراء والبيْضاء والحلْقةُ
؛ الحلْقةُ، بِسُكُونِ اللَّامِ: السلاحُ عَامًّا، وَقِيلَ: هِيَ الدُّرُوعُ خَاصَّةً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وإِن لَنَا أَغْفالَ الأَرض والحَلْقَةَ.
ابْنُ سِيدَهْ: الحِلْق الْخَاتَمُ مِنَ الْفِضَّةِ بِغَيْرِ فَصّ، والحِلق، بِالْكَسْرِ، خَاتَمُ المُلْك. ابْنُ الأَعرابي: أُعْطِيَ فُلَانٌ الحِلْقَ أَي خاتمَ المُلك يَكُونُ فِي يَدِهِ؛ قَالَ:
وأُعْطِيَ مِنّا الحِلْقَ أَبيضُ ماجِدٌ ... رَدِيفُ مُلوكٍ، مَا تُغبُّ نَوافِلُهْ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِجَرِيرٍ:
ففازَ، بِحِلْقِ المُنْذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ. ... فَتًى منهمُ رَخْوُ النِّجاد كرِيمُ
والحِلْقُ: الْمَالُ الْكَثِيرُ. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بالحِلْق والإِحْرافِ. وَنَاقَةٌ حالِقٌ: حافِل، وَالْجَمْعُ حوَالِقُ وحُلَّقٌ. والحالِقُ: الضَّرْعُ المُمْتلئ لِذَلِكَ كأَنَّ اللبَن فِيهِ إِلى حَلْقه. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْحَالِقُ الضَّرْعُ، وَلَمْ يُحَلِّه، وَعِنْدِي أَنه المُمْتلئ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ يَصِفُ الإِبل بالغَزارة:
وإِن لَمْ يكنْ إِلَّا الأَمالِيسُ أَصْبَحَتْ ... لَهَا حُلَّقٌ ضَرّاتُها، شَكِراتِ
حُلَّقٌ: جَمْعُ حالِق، أَبدل ضراتُها مِنْ حُلَّق وَجَعَلَ شَكِرَاتِ خَبَرَ أَصبحت، وشَكِرات: مُمتلِئة مِنَ اللَّبَنِ؛ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ:
إِذا لَمْ يَكُنْ إِلا الأَمالِيسُ رُوِّحَتْ، ... مُحَلّقةً، ضَرّاتُها شَكِراتِ
وَقَالَ: مُحلّقة حُفَّلًا كَثِيرَةُ اللَّبَنِ، وَكَذَلِكَ حُلَّق مُمتلئة. وَقَالَ النَّضْرُ: الْحَالِقُ مِنَ الإِبل الشَّدِيدَةُ الحَفْل الْعَظِيمَةُ الضَّرّة، وَقَدْ حَلَقَت تحْلِقُ حَلْقاً. قَالَ الأَزهري: الْحَالِقُ مِنْ نَعْتِ الضُّروع جَاءَ بِمَعْنَيَيْنِ مُتضادَّين، وَالْحَالِقُ: الْمُرْتَفِعُ الْمُنْضَمُّ إِلى الْبَطْنِ لِقِلَّةِ لَبَنِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
حَتَّى إِذا يَبِسَتْ وأَسْحَقَ حالِقٌ، ... لَمْ يُبْلِه إِرْضاعُها وفِطامُها «1»
. فَالْحَالِقُ هُنَا: الضَّرْعُ الْمُرْتَفِعُ الَّذِي قلَّ لَبَنُهُ، وإِسْحاقُه دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى. وَالْحَالِقُ أَيضاً: الضَّرْعُ الْمُمْتَلِئُ وَشَاهِدُهُ مَا تقدَّم مِنْ بَيْتِ الْحُطَيْئَةِ لأَن قَوْلَهُ فِي آخِرِ الْبَيْتِ شَكِرَاتِ يَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ اللَّبَنِ. وَقَالَ الأَصمعي: أَصبحت ضرةُ النَّاقَةِ حَالِقًا إِذا قَارَبَتِ المَلْء وَلَمْ تَفْعَلْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حلَّق اللَّبَنُ ذَهَبَ، وَالْحَالِقُ الَّتِي ذَهَبَ لَبَنُهَا؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. وحلَق الضرعُ: ذَهَبَ لَبَنُهُ يَحْلِق حُلوقاً، فَهُوَ حَالِقٌ، وحُلوقُه ارْتِفَاعُهُ إِلى الْبَطْنِ وانضمامُه، وَهُوَ فِي قَوْلٍ آخَرَ كَثْرَةُ لَبَنِهِ. وَالْحَالِقُ: الضَّامِرُ. والحالقُ السَّرِيعُ الْخَفِيفُ. وحَلِقَ قَضِيبُ الْفُرْسِ وَالْحِمَارِ يَحْلَق حَلَقاً: احمرَّ وتقشَّر؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ ثَوْرٌ النَّمِرِي يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ دَاءٍ لَيْسَ لَهُ دَواء إِلا أَن يُخْصَى فَرُبَّمَا سَلِمَ وَرُبَّمَا مَاتَ؛ قَالَ:
خَصَيْتُكَ يَا ابنَ حَمْزَةَ بالقَوافي، ... كَمَا يُخْصَى مِنَ الحَلَقِ الحِمارُ
قَالَ الأَصمعي: يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ كَثْرَةِ السِّفاد. وحَلِقَ الفرسُ وَالْحِمَارُ، بِالْكَسْرِ، إِذا سَفَد فأَصابه فَساد فِي قَضِيبه مِنْ تقشُّر أَوِ احْمرار فيُداوَى بالخِصاء. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشُّعَرَاءُ يَجْعَلُونَ الهِجاء
__________
(1) . في معلقة لبيد: يَئِسَت بدل يبست(10/65)
والغَلَبة خِصاء كأَنه خَرَجَ مِنَ الفُحول؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
خُصِيَ الفَرَزْدَقُ، والخِصاءُ مَذَلَّةٌ، ... يَرْجُو مُخاطَرَةَ القُرومِ البُزَّلِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحُلاقُ صِفَةُ سُوءٍ وَهُوَ مِنْهُ كأَنّ مَتاعَ الإِنسان يَفْصُد فتعُود حَرارتُه إِلى هُنَالِكَ. والحُلاقُ فِي الأَتان: أَن لَا تشبَع مِنَ السِّفاد وَلَا تَعْلَقُ مَعَ ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْهُ، قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ أَتانٌ حَلَقِيّةً إِذا تداولَتْها الحُمُر فأَصابها دَاءٌ فِي رحِمها. وحلَق الشيءَ يَحْلِقُه حَلْقاً: قشَره، وحَلَّقَتْ عينُ الْبَعِيرِ إِذا غارَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن فَكَّ حَلْقةً فكَّ اللَّهُ عَنْهُ حَلْقة يَوْمَ الْقِيَامَةِ
؛ حَكَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَنه مَنْ أَعْتق مَمْلُوكًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَكُّ رَقَبَةٍ. والحالِقُ: المَشْؤوم عَلَى قَوْمِهِ كأَنه يَحْلِقهم أَي يَقْشِرُهم. وَفِي الْحَدِيثِ رُوِيَ:
دَبَّ إِليكم دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمُ البَغْضاء، وَهِيَ الحالِقةُ
أَي الَّتِي مِنْ شأْنها أَن تَحْلق أَي تُهْلِك وتَسْتَأْصِل الدِّينَ كَمَا تَسْتأْصِل المُوسَى الشَّعْرَ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبةَ: الحالِقةُ قَطِيعة الرَّحمِ والتَّظالُمُ والقولُ السَّيِّءُ. وَيُقَالُ: وقَعَت فِيهِمْ حالِقةٌ لَا تدَعُ شَيْئًا إِلا أَهْلكَتْه. والحالِقةُ: السَّنَةُ الَّتِي تَحلِق كُلَّ شَيْءٍ. وَالْقَوْمُ يَحلِق بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِذا قَتل بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والحالِقةُ: المَنِيّة، وَتُسَمَّى حَلاقِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَلاقِ مِثْلَ قَطامِ المنيّةُ، مَعدُولة عَنِ الحالقةِ، لأَنها تَحلِق أَي تَقْشِرُ [تَقْشُرُ] ؛ قَالَ مُهَلْهل:
مَا أُرَجِّي بالعَيْشِ بعدَ نَدامَى، ... قَدْ أَراهم سُقُوا بكَأْسِ حَلاقِ
وَبُنِيَتْ عَلَى الْكَسْرِ لأَنه حَصَلَ فِيهَا الْعَدْلُ والتأْنيث وَالصِّفَةُ الْغَالِبَةُ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
لَحِقَتْ حَلاقِ بِهِمْ عَلَى أَكْسائهم، ... ضَرْبَ الرِّقابِ، وَلَا يُهِمُّ المَغْنَمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للأَخْزم بْنِ قاربٍ الطَّائِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ للمُقْعَد بْنِ عَمرو؛ وأَكساؤهم: مآخِرُهم، الْوَاحِدُ كسْء وكُسْء، بِالضَّمِّ أَيضاً. وحَلاقِ: السنةُ المُجْدِبة كأَنها تَقشر النَّبَاتَ، والحالُوق: الْمَوْتُ، لِذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فبَعَثْتُ إِليهم بقَميص رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانْتَحَبَ الناسُ فحلَّق بِهِ أَبو بَكْرٍ إِليّ وَقَالَ: تزوَّدِي مِنْهُ واطْوِيه
، أَي رَمَاهُ إِليّ. والحَلْقُ: نَبات لِوَرَقِهِ حُموضة يُخلَط بالوَسْمةِ للخِضاب، الْوَاحِدَةُ حَلْقة. والحالقُ مِنَ الكَرْم والشَّرْي وَنَحْوِهِ: مَا التَوى مِنْهُ وتعلَّق بالقُضْبان. والمَحالِقُ والمَحاليقُ: مَا تعلَّق بالقُضْبان. مِنْ تَعَارِيشِ الْكَرَمِ؛ قَالَ الأَزهري: كلُّ ذَلِكَ مأْخوذ مِنِ اسْتِدَارَتِهِ كالحَلْقة. والحَلْقُ: شَجَرٌ يُنْبِتُ نَبَاتَ الكَرْم يَرْتَقي فِي الشَّجَرِ وَلَهُ وَرَقٌ شَبِيهٌ بِوَرَقِ الْعِنَبِ حَامِضٌ يُطبخ بِهِ اللَّحْمُ، وَلَهُ عَناقيدُ صِغَارٌ كَعَنَاقِيدِ الْعِنَبِ الْبَرِّيِّ الَّذِي يَخْضَرُّ ثُمَّ يَسودُّ فَيَكُونُ مُرًّا، وَيُؤْخَذُ وَرَقُهُ وَيُطْبَخُ وَيُجْعَلُ مَاؤُهُ فِي العُصْفُر فَيَكُونُ أَجود لَهُ مِنْ حَبِّ الرُّمَّانِ، وَاحِدَتُهُ حَلْقة؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ويومُ تَحْلاقِ اللِّمَمِ: يومٌ لتَغْلِب عَلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ لأَن الحَلْقَ كَانَ شِعارهم يَوْمَئِذٍ. والحَوْلَقُ والحَيْلَقُ: مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ. والحَلائقُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو الزُّبَيْرِ التَّغْلَبيّ:(10/66)
أُحِبُّ تُرابَ الأَرضِ أَن تَنْزِلي بِهِ، ... وَذَا عَوْسَجٍ والجِزْعَ جِزْعَ الحَلائقِ
وَيُقَالُ: قَدْ أَكثرت مِنَ الحَوْلقة إِذا أَكثر مِنْ قَوْلِ: لَا حولَ وَلَا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشد ابْنُ الأَنباري شَاهِدًا عَلَيْهِ:
فِداكَ مِنَ الأَقْوامِ كلُّ مُبَخَّلٍ ... يُحَوْلِقُ، إِمّا سالَه العُرْفَ سائلُ
وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ
الحَوْلَقةِ
، هي لَفْظَةٌ مَبْنِيَّةٌ مِنْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، كَالْبَسْمَلَةِ مِنْ بِسْمِ اللَّهِ، والحمدَلةِ مِنَ الْحَمْدِ لِلَّهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْقَافِ، وَغَيْرُهُ يَقُولُ الحوْقلةُ، بِتَقْدِيمِ الْقَافِ عَلَى اللَّامِ، وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ إِظهار الْفَقْرِ إِلى اللَّهِ بِطَلَبِ المَعُونة مِنْهُ عَلَى مَا يُحاوِلُ مِنَ الأُمور وَهِيَ حَقِيقة العُبودِيّة؛ وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: مَعْنَاهُ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلا بِعِصْمَةِ اللَّهِ، وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلا بمعونته.
حلفق: التَّهْذِيبُ: أَبو عَمْرٍو الحُلْفُقُ الدَّرابزين، وَكَذَلِكَ التَّفاريجُ.
حمق: الحُمْقُ: ضِدُّ العَقْل. الْجَوْهَرِيُّ: الحُمْقُ والحُمُقُ قِلَّةُ الْعَقْلِ، حَمُقَ يَحْمُق حُمْقاً وحُمُقاً وحَماقةً وحمِقَ وانْحَمَقَ واسْتَحْمَقَ الرَّجُلُ إِذا فَعَلَ فِعْلَ الحَمْقَى. وَرَجُلٌ أَحمقُ وحَمِقٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَلَّفَ شَتَّى لَيْسَ بِالرَّاعِي الحَمِقْ
الْجَوْهَرِيُّ: حَمِقَ، بِالْكَسْرِ، يَحْمَقُ حُمْقاً مَثَلَ غَنِمَ يَغْنَمُ غُنْماً، فَهُوَ حَمِقٌ؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الحكَم الثَّقَفي:
قَدْ يُقْتِرُ الحُوَلُ التَّقِيُّ، ... ويُكْثِرُ الحَمِقُ الأَثِيمُ «1»
. وعَمرو بْنُ الحَمِق الخُزاعِيّ، وقومٌ ونِسوة حُمُق وحَمْقى وحَماقى. ابْنُ سِيدَهْ: حَمْقَى بَنَوْه عَلَى فَعْلى لأَنه شَيْءٌ أُصِيبوا بِهِ كَمَا قَالُوا هَلْكَى، وإِن كَانَ هالِك لفظَ فَاعِلٍ، وَقَالُوا: مَا أَحْمقَه، وَقَعَ التَّعَجُّبُ فِيهَا بِمَا أَفْعلَه وإِن كَانَتْ كالخُلُقِ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ حُمْقان، قَالَ: فَلَا أَدري أَهي صِيغَةٌ بَنَاهَا كخَبَط فرَقَدَ أَم لَفْظَةٌ عَرَبِيَّةٌ. وأَتاه فأَحْمَقَه: وَجَدَهُ أَحمقَ. وأَحمقَ بِهِ: ذَكَرَهُ بحُمق. وحَمَّقْتُ الرَّجُلَ تَحْمِيقاً: نسبتُه إِلَى الحُمْقِ، وحامَقْتُه إِذا ساعدْته عَلَى حُمْقِه، واستحمقْته أَي عَدَدْتُهُ أَحمَقَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ فِي طَلَاقِ امرأَته: أَرأَيتَ إِن عَجَز وَاسْتَحْمَقَ
؛ يُقَالُ: اسْتَحْمَقَ الرَّجُلُ إِذا فعَل فِعل الحَمْقَى. واستحمقْتُه: وَجَدْتُهُ أَحمق، فَهُوَ لَازِمٌ ومُتعدّ مِثْلَ اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ؛ وَيُرْوَى: اسْتُحْمِقَ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، والأَوّل أَولى ليُزاوِجَ عَجَز: وتَحامقَ فُلَانٌ إِذا تكلَّف الحَماقة؛ الأَزهري: وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِنَّ للحُمْقِ نِعْمةً في رِقابِ النّاس ... تَخْفَى عَلَى ذَوي الأَلبْابِ
قَالَ: وَسُئِلَ بَعْضُ البُلغاء عَنِ الحُمق فَقَالَ: أَجْوَدُه حَيْرةٌ؛ قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَنَّ الأَحْمق الَّذِي فِيهِ بُلْغةٌ يُطاوِلُك بحُمْقه فَلَا تَعْثُر عَلَى حُمْقه إِلا بَعْدَ مِراسٍ طَوِيلٍ. والأَحمقُ: الَّذِي لَا مَلاوِمَ فِيهِ ينكشِف حُمْقُه سَرِيعًا فتستريحُ مِنْهُ وَمِنْ صُحْبته، قَالَ: وَمَعْنَى
__________
(1) . قوله [الحول] في القاموس: رجل حول كصرد: كثير الاحتيال(10/67)
الْبَيْتِ مُقدَّم ومؤخَّر كأَنه قَالَ إِن للحُمْقِ نِعْمَةً فِي رِقَابِ العُقلاء تَغِيب وَتَخْفَى عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ لأَنهم أَفْطَن وأَذْكَى مِنْ غَيْرِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: يَنطَلِقُ أَحدكم فَيَرْكَبُ الحَمُوقةَ
؛ هِيَ فَعولةٌ مِنَ الحُمْقِ، أَي خَصْلةً ذَاتُ حُمْقٍ. وَحَقِيقَةُ الحُمق: وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ الْعِلْمِ بقُبْحه. وَفِي الْحَدِيثِ الآخَر مَعَ نَجْدة الحَرُوريّ:
لوْلا أَن يقعَ فِي أُحْموقةٍ مَا كَتَبْتُ إِليه
، هُوَ مِنْهُ. وأَحمقَ الرَّجُلُ والمرأَة: ولَدا الحَمْقَى؛ وامرأَة مُحْمِقٌ ومُحْمِقة، الأَخيرة عَلَى الفعْل؛ قَالَ بَعْضُ نِسَاءِ الْعَرَبِ:
لَسْتُ أُبالي أَن أَكُونَ مُحْمِقَهْ، ... إِذا رأَيتُ خُصْيةً مُعَلَّقهْ
تَقُولُ: لَا أُبالي أَن أَلد أَحْمَقَ بَعْدَ أَن يَكُونَ الوَلد ذَكَرًا لَهُ خُصية مُعلَّقة، وَقَدْ قِيلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَمِقةٌ عَلَى النَّسَبِ كطَعِمٍ وعَمِلٍ، والأَكثر مَا تقدَّم، وإِن كَانَ مِنْ عَادَةِ المرأَة أَن تَلِدَ الحَمْقَى فَهِيَ مِحْماقٌ. والأُحْموقةُ: مأْخوذ مِنَ الحُمق. والمُحْمِقاتُ مِنَ اللَّيَالِي: الَّتِي يَطلعُ الْقَمَرُ فِيهَا لَيْلَهُ كلَّه فَيَكُونُ فِي السَّمَاءِ وَمِنْ دُونِهِ سَحاب، فَتَرَى ضَوءاً وَلَا تَرَى قَمَرًا، فتظُنُّ أَنك قَدْ أَصبحت وَعَلَيْكَ لَيْلٌ، مُشْتَقٌّ مِنَ الحُمْق. وَفِي الْمَثَلِ: غَرُّوني غُرُورَ المُحْمِقات. وَيُقَالُ: سِرْنا فِي لَيَالٍ مُحمِقات إِذا اسْتَتَرَ الْقَمَرُ فِيهَا بِغَيْمٍ أَبيض فَيَسِيرُ الرَّاكِبُ وَيَظُنُّ أَنه قَدْ أَصبح حَتَّى يَملَّ، قَالَ: وَمِنْهُ أُخذ اسْمُ الأَحْمق لأَنه يغُرك فِي أَول مَجْلِسِهِ بتَعاقُلِه، فإِذا انْتَهَى إِلى آخِرِ كَلَامِهِ تبيَّن حُمْقُهُ فَقَدْ غَرَّكَ بأَول كَلَامِهِ. والبَقْلة الحَمْقاء: هِيَ الفَرْفَخةُ؛ ابْنُ سِيدَهْ؛ البَقْلةُ الْحَمْقَاءُ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الرِّجْلة لأَنها مُلْعِبةٌ، فشُبِّهت بالأَحمق الَّذِي يَسيل لُعابُه، وَقِيلَ: لأَنها تَنْبُت فِي مَجْرَى السُّيول. والحُمَيْقاء: الْخَمْرُ لأَنها تُعْقب شَارِبَهَا الحُمْق. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى ابْنُ الأَنباري أَنه يُقَالُ: حَمَّقَ الرجلُ إِذا شرِب الحُمْقَ، وَهِيَ الْخَمْرُ؛ وأَنشد للنَّمِر بْنِ تَوْلَب:
لُقَيْمُ بْنُ لُقْمانَ مِن أُخْتِه، ... وَكَانَ ابنَ أُخْتٍ لَهُ وابْنَما
عَشِيّةَ حَمَّقَ فاسْتَحْضَنَتْ ... إِليه، فَجامَعها مُظْلِما
قَالَ: وأَنكر أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ ذَلِكَ، قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْ أَحد أَن الحُمقِ مِنْ أَسماء الخَمر، قَالَ: والوراية فِي الْبَيْتِ حُمِّقَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: حَمَّقَتْه الهَجْعةُ أَي جَعلته كالأَحْمق؛ وأَنشد:
كُفِيتُ زَمِيلًا حَمَّقَتْه بهَجْعةٍ، ... عَلَى عَجَلٍ، أَضْحَى بِهَا، وَهُوَ ساجِدُ
وَالْبَاءُ فِي بِهَجْعة زَائِدَةٌ وَمَوْضِعُهَا رَفْعٌ. وَفَرَسٌ مُحْمِقٌ: نِتاجُها لَا يُسْبَق؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف المُحمِق بِهَذَا الْمَعْنَى، والأَحْمقُ مأْخوذ مِنَ انْحِماق السُّوق إِذا كَسَدت فكأَنه فَسَدَ عقلُه حَتَّى كَسَدَ. وحَمُقَت السوقُ بِالضَّمِّ، وانْحَمَقَتْ: كسَدتْ. ابْنُ الأَعرابي: الحُمْقُ أَصله الكَسادُ. وَيُقَالُ: الأَحمقُ الكاسِدُ العقْلِ، قَالَ: والحُمق أَيضاً الْغُرُورُ. وانْحَمق الثوبُ: أَخْلَق. ونامَ الثوبُ فِي الحُمْق: أَخْلَقَ. وانْحَمق الرَّجُلُ: ضعُف عَنِ الأَمر؛ قَالَ:
والشيْخُ يُضْرَبُ أَحْياناً فيَنْحَمِقُ(10/68)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ الكِناني:
يَا كَعْبُ، إِنَّ أَخاكَ مُنْحمِقٌ، ... فاشْدُدْ إِزارَ أَخِيكَ يَا كَعْبُ
والحَمِقُ: الخَفيفُ اللِّحيةِ، وَبِهِ سُمِّيَ عَمرو بْنُ الحَمِق، قَتَلَهُ أَصحاب مُعاوِيةَ ورأْسُه أَوَّلُ رأْس حُمِل فِي الإِسلام. والحُماقُ والحَماق والحُمَيْقاء: مِثْلَ الجُدَرِيِّ الَّذِي يُصِيب الإِنسان يَتَفَرَّقُ فِي الْجَسَدِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ شَيْءٌ يَخْرُجُ بِالصِّبْيَانِ وَقَدْ حُمِقَ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُماقُ مِثْلَ السُّعال كالجُدَرِيّ يُصيب الإِنسان، وَيُقَالُ مِنْهُ رَجُلٌ مَحْمُوقٌ. والحُماقُ والحَمِيقُ والحَمَقِيقُ: نَبْتٌ. الأَزهري: الحُماق نَبْتٌ ذكرتْه أُمّ الْهَيْثَمِ، قَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَن الحَمَقِيقَ نَبْتٌ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ الهَمَقِيقُ. الأَزهري: انْحَمَقَ الطَّعام انْحِماقاً ومأَقَ مُؤُوقاً إِذا رَخُص. والحُمَيْمِيقُ: طَائِرٌ يَصِيدُ العَظاء والجَنادِب وَنَحْوَهُمَا.
حملق: الحِمْلاقُ والحُمْلاقُ والحُمْلوقُ: مَا غَطَّت الجُفُونُ مِنْ بَياضِ المُقْلةِ؛ قَالَ:
قالِبُ حِمْلاقَيْهِ قَدْ كادَ يُجَنّ
وَقَالَ عَبِيدٌ:
يَدِبُّ مِنْ خَوْفِها دَبِيباً، ... والعينُ حِمْلاقُها مَقْلوبُ
والحِملاق [الحُملاق] : مَا لَزِقَ بِالْعَيْنِ مِنْ مَوْضِعِ الكُحْل مِنْ بَاطِنٍ، وَقِيلَ: الحملاقُ بَاطِنُ الْجَفْنِ الأَحمر الَّذِي إِذا قُلب للكَحْل بدَتْ حُمرته. وحَمْلَقَ الرَّجل إِذا فَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَقِيلَ: الحَمالِيقُ مِنَ الأَجفان مَا يَلي المُقلة مِنْ لَحْمِهَا، وَقِيلَ: هُوَ مَا فِي الْمُقْلَةِ مِنْ نَواحِيها، وَقِيلَ: الْحِمْلَاقُ مَا وَلِي المقلةَ مِنْ جِلْدِ الجَفن. الْجَوْهَرِيُّ: حملاقُ الْعَيْنِ بَاطِنُ أَجفانها الَّذِي يُسوِّده الكُحْل. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ مُتَلَثِّماً لَا يُظْهِرُ مَنْ حُسْنِ وَجْهِهِ إِلا حَمالِيقُ حَدَقتيه. وحَمْلَق الرَّجُلُ إِذا انْقَلَبَ حِمْلَاقُ عَيْنَيْهِ مِنَ الفزَع؛ وأَنشد:
رأَتْ رجُلًا أَهْوَى إِليها، فحَمْلَقَت ... إِليه بِمَاقِي عَيْنِها المُتَقَلِّب
والمُحَمْلِقُ مِنَ الأَعين: الَّتِي حَولَ مُقْلَتَيْها بَيَاضٌ لَمْ يُخالِطها سَوَادٌ، وَعَيْنٌ مُحَمْلِقة مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: حَمالِيقُ الْعَيْنِ بَيَاضُهَا أَجمعُ مَا خَلَا السوادَ. وحَمْلَق إِليه: نَظَرَ، وَقِيلَ: نظرَ نَظَرًا شَدِيدًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
والليْثُ إِن أَوْعَدَ يَوماً، حَمْلَقا ... بمُقْلةٍ تُوقِدُ فَصًّا أَزْرقا
التَّهْذِيبُ: حَمالِيقُ المرأَة مَا انْضَمَّ عَلَيْهِ شُفْرا عَوْرَتِها؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
وَيْحَكِ يَا عِرَابُ لَا تُبَرْبِري، ... هلْ لكِ فِي ذَا العَزَبِ المُخَصَّرِ؟
يَمشِي بعَرْدٍ كالوَظِيفِ الأَعْجَرِ، ... وفَيْشةٍ مَتَى تَراها تشْفرِي،
تَقْلِبُ أَحْياناً حَمالِيقَ الحِرِ
حنق: الحَنَقُ: شِدَّةُ الاغْتياظِ؛ قَالَ:
ولَّى جَمِيعاً يُنادي ظِلَّه طَلَقاً، ... ثُمَّ انْثَنى مَرِساً قَدْ آدَه الحَنَقُ
أَي أَثْقَلَه الغضَبُ. حَنِقَ عَلَيْهِ، بِالْكَسْرِ، يَحْنَقُ(10/69)
حَنَقاً وحَنِقاً، فَهُوَ حَنِقٌ وحَنِيقٌ؛ قَالَ:
وبعضُهُم عَلَى بعضٍ حَنِيقُ
وَقَدْ أَحْنَقه. والحنَقُ: الغيْظُ، وَالْجَمْعُ حِناقٌ مِثْلَ جبَل وجِبال. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَا يَصْلُح هَذَا الأَمْرُ إِلا لِمَنْ لَا يُحْنِقُ عَلَى جِرَّتِه
أَي لَا يَحْقِدُ عَلَى رَعِيَّتِه؛ والحَنَقُ: الغيظُ، والجِرَّةُ: مَا يُخرجه الْبَعِيرُ مِنْ جَوْفِهِ ويَمْضَغُه. والإِحْناقُ: لُحوقُ الْبَطْنِ والتِصاقُه، وأَصل ذَلِكَ أَن الْبَعِيرَ يَقْذِف بجِرّته، وإِنما وُضع مَوْضِعَ الكَظم مِنْ حَيْثُ إِنّ الاجْترار يَنْفُخ الْبَطْنَ والكظمُ بِخِلَافِهِ، فَيُقَالُ: مَا يُحْنِق فُلَانٌ عَلَى جِرّة وَمَا يَكْظِم عَلَى جِرة إِذا لَمْ يَنطو عَلَى حِقد ودَغَل؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَلَا يُقَالُ لِلرَّاعِي جِرّة، وَجَاءَ عُمَرُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَضَرَبَهُ مَثَلًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي جَهْلٍ: إِنَّ مُحَمَّدًا نَزَلَ يَثْرِبَ وَهُوَ حَنِقٌ عَلَيْكُمْ
؛ وأَحْنقَه غَيْرُهُ، فَهُوَ مُحْنَقٌ؛ قَالَتْ قُتَيلةُ بِنْتُ النضْر بْنِ الحرث «2» :
مَا كَانَ ضَرَّك لَوْ مَنَنْتَ، ورُبَّما ... مَنَّ الفَتَى، وَهُوَ المَغِيظُ المُحْنَقُ
وأَحْنقَ الرَّجل إِذا حقَدَ حِقْداً لَا يَنْحلُّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ حَنِيق بِمَعْنَى مُحْنَق؛ قَالَ المُفضَّل النُّكْرِيُّ:
تَلاقَيْنا بغِينةِ ذِي طُرَيْفٍ، ... وبعضهُمُ عَلَى بَعْضٍ حنيقُ
والإِحْناقُ: لزُوقُ البَطْنِ بالصُّلْب؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بطَلِيح أَسْفارٍ تَركْنَ بَقِيّة ... مِنْهَا، فأَحنَقَ صُلْبُها وسَنامُها
والمُحْنِقُ: الْقَلِيلُ اللَّحْمِ، واللاحِقُ مِثْلُهُ. أَبو الْهَيْثَمِ: المُحنق الضَّامِرُ؛ وَأَنْشَدَ:
قَدْ قالَتِ الأَنْساعُ للبطْنِ الْحَقي ... قِدْماً، فآضَتْ كالفَنِيقِ المُحْنِقِ
وأَحْنقَ الزَّرْع، فَهُوَ مُحْنق إِذا انتشَرَ سَفى سُنْبِله بَعْدَ مَا يُقَنْبِع؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ الرُّكَّابَ فِي السَّفَر:
مَحانِيق تَضْحَى، وَهِيَ عُوجٌ كأَنَّها ... حوز.... مُستأْجَرات نَوائحُ «3»
قَالَ: والمَحانِيقُ الإِبل الضُّمَّر. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الحُنُقُ السِّمانُ مِنَ الإِبل. وأَحْنقَ إِذا سَمِن فَجَاءَ بِشَحْمٍ كَثِيرٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ الأَضداد. وأَحْنَقَ سَنام الْبَعِيرِ أَي ضَمُر ودَقَّ. ابْنُ سِيدَهْ: المُحْنِقُ مِنَ الإِبل الضامِر مِنْ هِياجٍ أَو غَرْثٍ، وَحِمَارٌ مُحْنِق: ضَمُر مِنْ كَثْرَةِ الضِّراب؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
كأَنَّني ضَمَّنْتُ هِقْلًا عَوْهَقا ... أَقْتادَ رَحْلي، أَو كُدُرًّا مُحْنِقا
وإِبل مَحانِيقُ: كَأَنَّهُمْ توهَّموا وَاحِدَهُ مِحْناقاً؛ قَالَ ذُو الرُّمة:
مَحانيق يَنْفُضْنَ الخِدامَ كأَنَّها ... نَعامٌ، وحادِيهنَّ بالخَرْقِ صادِحُ
أَي رَافِعٌ صوتَه بالتطْريب، وَقِيلَ: الإِحْناق لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الخُفّ وَالْحَافِرِ. والمُحْنِق أَيضاً مِنَ الْحَمِيرِ: الضَّامِرُ اللَّاحِقُ الْبَطْنِ بِالظَّهْرِ لِشِدَّةِ الغَيرة؛ وفي ترجمة
__________
(2) . قوله [بنت النضر] في النهاية: أخته انتهى. والخلاف في كتب السير معروف
(3) . قوله [حوز] كذا بالأَصل على هذه الصورة مع بياض بعده، ولم نجد هذا البيت في ديوان ذي الرمة(10/70)
عقم قَالَ خُفافٌ:
وخَيْل تَهادَى لَا هَوادةَ بَيْنَهَا، ... شَهِدْتُ بمدلوكِ المَعاقِم مُحْنِقِ
المُحنِق: الضامر.
حندق: الحَنْدَقوقَى والحَنْدَقُوقُ والحِنْدَقُوقُ: بَقْلَةٌ أَو حَشِيشة كالفَثِّ الرَّطْب، نبَطِيّة مُعرَّبة، وَيُقَالُ لَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ الذُّرَقُ، قَالَ: وَلَا تَقُلِ الحَنْدَقوقى. والحَنْدَقوقُ: الطَّوِيلُ المُضْطرب، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَنْدقُوق وَهُوَ الذُّرَقُ نبَطي مُعَرَّبٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ حدق: صَوَابُ حَنْدَقُوقَ أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ حندق لأَن النُّونَ أَصلية، وَوَزْنُهُ فَعْلَلُول، قَالَ: وكذا ذكره سيبوبه وَهُوَ عِنْدَهُ صِفَةٌ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ السَّرَّاجِ بأَنه الطَّوِيلُ الْمُضْطَرِبُ شِبْهُ الْمَجْنُونِ. الأَزهري: أَبو عُبَيْدَةَ الحَنْدَقوق الرَّأْراء الْعَيْنِ؛ وأَنشد:
وهَبْتُه لَيْسَ بِشَمْشَلِيقِ، ... وَلَا دَحوقِ العَينِ حَنْدَقُوقِ
والشَّمْشَلِيقُ: الخَفِيفُ. والدَّحُوقُ: الرَّأْراء.
حوق: الحُوقُ والحَوْقُ: لُغَتَانِ، وَهُوَ مَا استدارَ بالكَمَرة مِن حُروفها؛ قَالَ:
غَمْزَكَ بالكَبْساء ذاتِ الحُوق
وَقِيلَ: حُوقُها حَرْفُهَا؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الْحُوقُ اسْتِدارة فِي الذَّكَرِ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ:
قَدْ وجَبَ المَهْرُ إِذَا غابَ الحُوق
وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ. وكَمَرةٌ حَوْقاء وفَيْشَلة حَوقاء: مُشْرِفة. وأَيْرٌ أحْوَقُ: عَظِيمُ الحُوق. وحَوْقُ الحِمار: لَقَبُ الْفَرَزْدَقِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
ذَكَرْتَ بناتِ الشمْسِ، والشمسُ لَمْ تَلِدْ، ... وهَيْهاتَ مِنْ حَوْقِ الحِمارِ الكَواكِبُ «1»
. وحاقَه حَوْقاً: دلَكَه. وَحَاقَ الْبَيْتَ يَحُوقه حَوقاً: كنَسَه. والمِحْوَقةُ: المِكْنَسةُ. والحَوْقُ: الكَنْسُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ حِينَ بَعث الجندَ إِلى الشَّامِ: كَانَ فِي وَصِيَّتِهِ: سَتَجِدُونَ أَقواماً مُحَوّقةً رؤوسُهُم
؛ أَراد أَنهم حَلَقوا وَسَطَ رؤوسهم فَشَبَّهَ إِزالة الشَّعْرِ مِنْهُ بالكَنْس، قَالَ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الحُوق وَهُوَ الإِطار المُحيط بِالشَّيْءِ المُسْتَدِير حَوله. والحُواقةُ: الكُناسةُ. الْكِسَائِيُّ: الحُواقة القُماش. وأَرض مَحُوقةٌ: قَلِيلَةُ النَّبْتِ جِدًّا لِقِلَّةِ الْمَطَرِ. وحَوَّقَ عَلَيْهِ كَلَامَهُ: عَوَّجَه. وحُوَّاقة: مَوْضِعٌ. الأَزهري: أَبو عَمْرٍو الحَوْقةُ الْجَمَاعَةُ المُمَخْرِقةُ. والحَوْقُ: الحَوْقلةُ. ابْنُ الأَعرابي: الحَوْقُ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ، والله أَعلم.
حيق: اللَّيْثُ: الحَيْقُ مَا حاقَ بالإِنسان مِنْ مَكْر أَو سُوء عَمَلٍ يَعْمَلُهُ فَيَنْزِلُ ذَلِكَ بِهِ، تَقُولُ: أَحاق اللَّهُ بِهِمْ مَكْرَهُمْ. وحاقَ بِهِ الشَّيْءُ يَحِيق حَيْقاً: نزَل بِهِ وأَحاطَ بِهِ، وَقِيلَ: الحَيْقُ فِي اللُّغَةِ هُوَ أَن يَشْتَمِلَ عَلَى الإِنسان عاقبةُ مَكْرُوهٍ فَعَلَهُ، وَفِي التَّنْزِيلِ: فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ*
. قَالَ ثَعْلَبٌ: كَانُوا يَقُولُونَ لَا عَذاب وَلَا آخِرةَ فحاقَ بِهِمُ الْعَذَابُ الَّذِي كذَّبوا بِهِ، وأَحاقهُ اللَّهُ بِهِ: أَنزله، وَقِيلَ: حاقَ بِهِمُ العذابُ أَي أَحاط بِهِمْ وَنَزَلَ كأَنه وَجَبَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: حَاقَ يَحِيق، فَهُوَ حَائِقٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَحاقَ بِهِمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ*
، أَي أَحاط بِهِمُ الْعَذَابُ الَّذِي هُوَ جَزَاءُ مَا كَانُوا يستهزئُون كَمَا تَقُولُ أَحاطَ بِفُلَانٍ عمَلُه وأَهلكَه
__________
(1) . في ديوان جرير: وأيهات بدل وهيهات، والمعنى واحد(10/71)
كَسْبُه أَي أَهلَكه جَزَاءُ كَسْبِه؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ أَبو إِسحق حاقَ بِمَعْنَى أَحاطَ، قَالَ: وأَراه أَخذه مِنَ الحُوق وَهُوَ مَا اسْتدارَ بالكَمَرة، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الحُوق فُعْلًا مِنْ حاقَ يَحِيق، كَانَ فِي الأَصل حُيْقٌ فَقُلِبَتِ الْيَاءُ وَاوًا لِانْضِمَامِ الْحَاءِ، وَقَدْ تَدْخُلُ الْوَاوُ عَلَى الْيَاءِ مِثْلَ طَوبي أَصلُه طيْبَى، وَقَدْ تَدْخُلُ الْيَاءُ عَلَى الْوَاوِ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، يُقَالُ: تَصَوَّح النَّبْتُ وتَصَيَّح وتَوَّهَه وتَيَّهَه وطَوَّحَه وطَيَّحَه، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وحاقَ بِهِمْ: فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عادَ عَلَيْهِمْ مَا استهزؤوا بِهِ، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَحاط بِهِمْ نَزَلَ بِهِمْ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ
، أَي لَا يَرجِع عاقبةُ مَكْرُوهِهِ إِلا عَلَيْهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَخرَجني مَا أَجِد مِنْ حاقِ الجُوع
؛ هُوَ مِنْ حاقَ يحيقُ حَيْقاً وَحَاقًا أَي لَزمَه ووجَب عَلَيْهِ. والحَيْقُ: مَا يَشتمل عَلَى الإِنسان مِنْ مَكْرُوهٍ، وَيُرْوَى بِالتَّشْدِيدِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: تخَوَّف مِنَ الساعةِ الَّتِي مَن سارَ فِيهَا حاقَ بِهِ الضُّرُّ.
وَشَيْءٌ مَحِيقٌ ومَحْيُوقٌ: مَدْلوكٌ. وَحَاقَ فِيهِ السيفُ حَيْقاً: كحاكَ. وحَيْقٌ: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: جبَلُ الحَيْقِ جَبَلُ قاف.
فصل الخاء
خبق: الخِبَقُّ مِثْلُ الهِجَفِّ: الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ، وإِن شِئْتَ كَسَرْتَ الْبَاءَ إِتباعاً لِلْخَاءِ، وَفِي الصِّحَاحِ: طَوِيلٌ وَلَمْ يُخصِّص. وَفَرَسٌ خِبَقٌّ وخِبِقٌّ: سَرِيعٌ. وَنَاقَةٌ خِبِقّةٌ وخِبِقٌّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراها السَّرِيعَةَ. وَنَاقَةٌ خِبِقَّى: وَساعٌ؛ عَنْهُ أَيضاً. والخَبْق: صَوْتُ الحَياء عِنْدَ الجِماع، وامرأَة خَبُوقٌ: يُسْمَعُ مِنْهَا ذَلِكَ. والخَبْقةُ: الأَرض الواسِعة. فَرَسٌ أَشَقٌّ خِبَقٌّ فِي العَدْوِ: مِثْلُ الدِّفِقَّى؛ وَيُنْشَدُ:
يَعْدُو الخِبِقَّى والدِّفِقَّى مِنْعَب
وَرُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ رُؤبة أَنه سُمِع يَصِفُ فَرَسًا يَقُولُ: أَشَقُّ أَمَقُّ خِبَقٌّ، قَالَ: وَقِيلَ: خِبَقّ إِتباع الأَشَقِّ الأَمَقِّ، والقولُ إِنه يُفْرَدُ بِالنَّعْتِ لِلطَّوِيلِ. ابْنُ الأَعرابي: خُبَيْقٌ تَصْغِيرُ خَبْق، وَهُوَ الطُّول. وَيُقَالُ: حَبَقَ وخَبَقَ إِذا ضَرط؛ قَالَ أَبو عُبيدةَ: الدِّفِقَّى هُوَ التَّدَفُّق فِي المَشْي وَمِثْلُهُ الخِبِقَّى. ابْنُ الأَعرابي: نَاقَةٌ خبِقَّة وخِبِقٌّ وخِبقَّى ودِفِقَّى ودِفقَّة أَي وساعٌ، قَالَ: وَفَرَسٌ خِبَقّ ورجل خِبَقٌّ وثّابٌ.
خبرق: خَبْرَقَ الثوبَ: شَقَّه.
خدنق: الخَدَنَّقُ والخَذَنَّقُ، بِالدَّالِ وَالذَّالِ: ذَكَرُ العَناكِب؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، والأَعرف الخَدَرْنَقُ، وسنذكره.
خدرنق: الخَدَرْنَقُ والخَذَرْنق، بِالدَّالِ وَالذَّالِ: ذِكْرُ العَناكِب، وَفِي الصِّحَاحِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ للزَّفَيانِ السَّعْدِي:
ومَنْهَلٍ طامٍ عَلَيْهِ الغَلْفَقُ، ... يُنِيرُ أَو يُسْدِي بِهِ الخَدَرْنَقُ
فإِذا جَمَعْتَ حَذَفْتَ آخِرَهُ فَقُلْتَ خَدارِن، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الخدَرْنقُ العَنْكَبوت وَلَمْ يَخُصَّ بِهِ الذِّكْرَ، وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: الْعَنْكَبُوتُ الضخْمة.
خذق: خذَق البازِي خَذْقاً، قَالَ: وسائرُ الطيرِ، ذَرَقَ. ابْنُ سِيدَهْ: الخَذْق للبازِي خاصَّة كالذَّرْقِ(10/72)
لِسَائِرِ الطَّيْرِ، وَعَمَّ بِهِ بَعْضَهُمُ. الأَصمعي: ذَرَق الطَّائِرُ وَخَذَقَ ومَزَق وزَرَقَ يَخْذُق ويَخْذِق. الْجَوْهَرِيُّ: خَذْقُ الطائِر ذَرْقُه. وَقِيلَ لِمُعَاوِيَةَ: أَتذكر الفِيلَ؟ قَالَ: أَذكُر خَذْقة يَعْنِي رَوْثه. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ الْهَرَوِيِّ وَالزَّمَخْشَرِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لأَن مُعَاوِيَةَ يَصْبُو عَنْ ذَلِكَ لأَنه وُلِدَ بَعْدَ الْفِيلِ بأَكثر مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً فَكَيْفَ يَبقى رَوْثُه حَتَّى يَرَاهُ؟ وإِنما الصَّحِيحُ قُباثُ «1» بْنُ أَشْيَمَ قِيلَ لَهُ: أَنت أَكبَرُ أَم رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: هُوَ أَكبر مِنِّي وأَنا أَقدمُ مِنْهُ فِي الْمِيلَادِ، وأَنا رأَيت خَذْق الفِيل أَخضَر مُحِيلًا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُكْرِمٍ، عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مَا رَوَاهُ الْهَرَوِيُّ وَالزَّمَخْشَرِيُّ صَحِيحًا أَيضاً وَيَكُونُ مُعَاوِيَةُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: أَذكر خَذْقه، وَيَكُونُ كَنَّى بِذَلِكَ عَنْ إِثَارَةِ السَّيِّئَةِ وَمَا جَرَى مِنْهُ عَلَى النَّاسِ وَمَا جَرَى عَلَيْهِ مِنَ البَلاء كَمَا تَقُولُ النَّاسُ عَنْ خَطَأِ مَنْ تَقَدَّمَ وزَلَل مَنْ مَضَى: هَذِهِ غلَطات زَيْدٍ وَهَذِهِ سَقَطات عَمْرٍو، وَرُبَّمَا قَالُوا فِي أَلفاظهم: نَحْنُ إِلَى الْآنِ فِي خَرياتِ فُلَانٍ أَو هَذِهِ مِنْ خَرْيَاتِ فُلَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثمَّ خُرْء، وَاللَّهُ أَعلم. والمِخْذَقةُ، بِالْكَسْرِ: الاسْتُ. وَيُقَالُ للأَمة: يَا خَذاقِ، يُكَنُّونَ بِهِ عَنْ ذَلِكَ. وَابْنُ خَذَّاقِ، من شُعرائهم.
خذرق: الخِذراقُ والمُخَذْرِقُ: السَّلَّاحُ.
خذرنق: الخَذَرْنَقُ والخَدَرْنق: ذَكَرُ العَناكِب.
خذنق: الخَذَنَّقُ والخَدَنَّقُ: ذكَر الْعَنَاكِبِ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي.
خرق: الخَرْق: الفُرجة، وَجَمْعُهُ خُروق؛ خَرَقه يَخْرِقُه [يَخْرُقُه] خَرْقاً وخرَّقه واخْتَرَقه فتخَرَّق وانخرَق واخْرَوْرَق، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ. التَّهْذِيبُ: الْخَرْقُ الشَّقُّ فِي الْحَائِطِ وَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ. يُقَالُ: فِي ثَوْبِهِ خَرق وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ. والخِرْقة: القِطعة مِنْ خِرَقِ الثَّوْبِ، والخِرْقة المِزْقةُ مِنْهُ. وخَرَقْت الثَّوْبَ إِذَا شَقَقْتَه. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ المُتمزِّق الثِّيَابِ: مُنْخَرِق السِّرْبال. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ:
كأَنهما خرْقان مِنْ طَيْرٍ صَوافَ
؛ هَكَذَا جاءَ فِي حَدِيثِ النَّوّاسِ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا بِالْفَتْحِ فَهُوَ مِنَ الخَرْق أَي مَا انْخرقَ مِنَ الشَّيْءِ وبانَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مِنَ الخِرْقة القِطعة مِنَ الجَراد، وَقِيلَ: الصَّوَابُ حِزْقانِ، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ، مِنَ الحِزْقةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ وَالطَّيْرِ وَغَيْرِهِمَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مَرْيَمَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ: فَجَاءَتْ خِرْقةٌ مِنْ جَراد فاصْطادَتْ وشَوَتْ
؛ وأَمّا قَوْلُهُ:
إنَّ بَني سَلْمى شُيوخٌ جِلَّهْ، ... بِيضُ الوُجوهِ خُرُقُ الأَخِلَّهْ
فَزَعَمَ ابْنُ الأَعرابي أَنه عَنَى أَنَّ سُيُوفَهُمْ تَأْكُلُ أَغمادَها مِنْ حِدّتها، فخُرُق عَلَى هَذَا جَمْعُ خارِق أَو خَرُوق أَي خُرُقُ السُّيوف للأَخِلَّة. وانْخرَقت الرِّيحُ: هبَّت عَلَى غَيْرِ اسْتِقَامَةٍ. وريحٌ خَرِيقٌ: شَدِيدَةٌ، وَقِيلَ: لَيِّنَةٌ سَهْلَةٌ، فَهُوَ ضِدٌّ، وَقِيلَ: رَاجِعَةٌ غَيْرُ مُسْتَمِرَّةِ السَّيْرِ، وَقِيلَ: طويلةُ الهُبوب. التَّهْذِيبُ: والخَرِيقُ مِنْ أَسماء الرِّيحِ الباردةِ الشَّدِيدَةِ الهُبوبِ كَأَنَّهَا خُرِقَت، أَماتوا الْفَاعِلَ بِهَا؛ قال الأَعلم الهذلي:
__________
(1) . قوله [قباث] ضبط بنسخة من النهاية يوثق بها في غير موضع بضم القاف، وفي القاموس: وقباث كسحاب بن أشيم صحابي.(10/73)
كأَنَّ مُلاءَتَيَّ عَلَى هِجَفّ، ... يَعِنُّ مَعَ العَشِيَّةِ للرِّئالِ
كأنَّ هُوِيَّها خَفَقانُ ريحٍ ... خَرِيقٍ، بَيْنَ أَعْلامٍ طِوالِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ شاذٌّ وَقِيَاسُهُ خَرِيقةٌ، وَهَكَذَا أَنشد الْجَوْهَرِيُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ:
كأَنَّ جناحَه خَفقانُ رِيحٍ
يَصِفُ ظَلِيمًا؛ وأَنشد لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
بمَثْوى حَرامٍ والمَطِيّ كأَنَّه ... قَنا مَسَدٍ، هَبَّت لَهُنّ خَرِيقُ
وأَنشد أَيضاً لِزُهَيْرٍ:
مُكَلَّل بأُصُولِ النَّبْتِ تَنْسِجُه ... رِيحٌ خَريقٌ، لِضَاحِي مَائِهِ حُبُكُ
وَيُقَالُ: انْخَرَقتِ الريحُ؛ الخَرِيقُ إِذَا اشْتَدَّ هُبوبُها وتخلُّلها المواضعَ. والخَرْقُ: الأَرض الْبَعِيدَةُ، مُستوية كَانَتْ أَو غَيْرَ مُسْتَوِيَةٍ. يُقَالُ: قَطَعْنَا إِلَيْكُمْ أَرضاً خَرْقاً وخَروقاً. والخَرْقُ: الْفَلَاةُ الْوَاسِعَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لانْخِراق الرِّيحِ فِيهَا، وَالْجَمْعُ خُرُوقٌ؛ قَالَ مَعْقِلُ بْنُ خُوَيْلِد الهُذلي:
وإِنَّهما لَجَوَّابا خُرُوقٍ، ... وشَرَّابانِ بالنُّطَفِ الطَّوامي
والنُّطف: جَمْعُ نُطْفة وَهُوَ الْمَاءُ الصَّافِي، وَالطَّوَامِي: الْمُرْتَفِعَةُ. والخَرْقُ: البُعْد، كَانَ فِيهَا مَاءٌ أَو شَجَرٌ أَو أَنِيس أَو لَمْ يَكُنْ، قَالَ: وبُعدُ مَا بَيْنَ الْبَصْرَةِ وحَفَرِ أَبي مُوسَى خَرْقٌ، وَمَا بَيْنَ النِّباجِ وضَرِيَّة خرقٌ. وَقَالَ الْمُؤَرَّجُ: كُلُّ بَلَدٍ وَاسِعٍ تَتخرَق بِهِ الرِّيَاحُ، فَهُوَ خَرْق. والخِرْقُ مِنَ الفِتْيان: الظَّرِيفُ فِي سَماحة ونَجْدة. تخرَّق فِي الكَرَم: اتَّسع. والخِرْقُ، بِالْكَسْرِ: الْكَرِيمُ المُتَخرِّقُ فِي الكرَم، وَقِيلَ: هُوَ الفَتى الْكَرِيمُ الخَليقةِ، وَالْجَمْعُ أَخراقٌ. وَيُقَالُ: هُوَ يَتخرَّقُ فِي السَّخَاءِ إِذَا توسَّع فِيهِ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ للأُبَيْرِد اليَرْبُوعي:
فَتًى، إنْ هُوَ اسْتَغْنى تخَرَّقَ فِي الغِنى، ... وإنْ عَضَّ دَهْرٌ لَمْ يَضَعْ مَتْنَه الفَقْرُ
وَقَوْلُ ساعِدةَ بْنِ جُؤيَّةَ:
خِرْق مِنَ الخَطِّيِّ أُغْمِضَ حَدُّه، ... مِثْل الشِّهابِ رَفَعْتَه يَتلهَّبُ
جَعَلَ الخِرْقَ مِنَ الرِّماحِ كالخِرْق مِنَ الرِّجَالِ. والخِرِّيقُ مِنَ الرِّجَالِ. كالخِرْق عَلَى مِثَالِ الفِسِّيق؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ رَجُلًا صَحِبَه رَجُلٌ كَرِيمٌ:
أُتِيحَ لَهُ مِنَ الفِتْيان خِرْقٌ ... أَخو ثِقةٍ، وخِرِّيقٌ خَشُوفُ
وَجَمْعُهُ خِرِّيقُون؛ قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْهُمْ كسَّروه لأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَكَادُ يُكْسَرُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. والمِخْراقُ: الْكَرِيمُ كالخِرْق؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
وطِيرِي لمِخْراقٍ أَشمَّ، كأَنه ... سَلِيمُ رِماحٍ لَمْ تَنَلْه الزَّعانِفُ
ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ مِخْراق وخِرْق ومُتخرِّقٌ أَي سَخِيّ، قَالَ: وَلَا جَمْعَ للخِرْق.(10/74)
وأُذُن خَرْقاء: فِيهَا خَرْق نَافِذٌ. وَشَاةٌ خَرْقاء: مَثْقُوبَةُ الأُذن ثَقْباً مُسْتَدِيرًا، وَقِيلَ: الخرْقاء الشَّاةُ يُشَقُّ فِي وَسَطِ أُذنها شَقٌّ وَاحِدٌ إِلَى طَرَفِ أُذنها وَلَا تُبان. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهى أَن يُضَحَّى بشَرْقاء أَو خَرْقاء
؛ الخَرْقُ: الشقُّ؛ قَالَ الأَصمعي: الشرْقاءُ فِي الْغَنَمِ المَشقُوقة الأُذن بِاثْنَيْنِ، والخرقاءُ مِنَ الْغَنَمِ الَّتِي يَكُونُ فِي أُذنها خَرق، وَقِيلَ: الْخَرْقَاءُ أَن يَكُونَ فِي الأُذن ثَقْب مُسْتَدِيرٌ. والمُخْتَرَقُ: المَمَرُّ. ابْنُ سِيدَهْ: والاخْتِراقُ المَمَرُّ فِي الأَرض عَرْضاً عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ. واختِراقُ الرِّياح: مُرورها. ومنْخَرَقُ الرِّيَاحِ: مَهَبُّها، والريحُ تخْتَرِقُ فِي الأَرض. وَرِيحٌ خَرقاء: شَدِيدَةٌ. واخترَقَ الدَّار أَوْ دَارَ فلانٍ: جَعَلَهَا طَرِيقًا لِحَاجَتِهِ. واخْترقَتِ الخيلُ مَا بَيْنَ القُرى وَالشَّجَرِ: تَخَلَّلَتْها؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يُكِلُّ وفدَ الرِّيحِ مِنْ حَيْثُ انْخَرَقْ
وخَرَقْتُ الأَرضَ خَرْقاً أَي جُبْتها. وخرقَ الأَرض يخرُقها: قَطَعَهَا حَتَّى بَلَغَ أَقْصاها، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الثَّوْرُ مِخْراقاً. وَفِي التَّنْزِيلِ إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ
. والمِخراقُ: الثَّوْر الوحْشِيّ لأَنه يَخرِق الأَرض، وَهَذَا كَمَا قِيلَ لَهُ ناشِطٌ، وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ مِخراقاً لقطْعِه البلادَ الْبَعِيدَةَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيٍّ:
كالنَّابِئِ المِخْراقِ
والتخَرُّق: لُغَةٌ فِي التخلُّق مِنَ الْكَذِبِ. وخَرَق الكذبَ وتَخَرَّقه، وخَرَّقَه، كلُّه: اخْتلَقه؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ
؛
قرأَ نَافِعٌ وَحْدَهُ: وخرَّقوا لَهُ
، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَسَائِرُ الْقُرَّاءِ قَرَؤُوا: وخَرَقُوا
، بِالتَّخْفِيفِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى خَرقُوا افْتَعلوا ذَلِكَ كَذِبًا وكُفراً، وَقَالَ: وخرَقوا واخْترقُوا وخلَقوا واخْتَلَقُوا وَاحِدٍ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الاخْتِراقُ والاخْتِلاقُ والاخْتِراصُ والافْتِراءُ وَاحِدٌ. وَيُقَالُ: خَلق الْكَلِمَةَ واخْتَلَقها وخَرَقها وَاخْتَرَقَهَا إِذَا ابْتدَعها كَذِبًا، وتَخَرَّق الْكَذِبَ وتَخَلَّقه. والخُرْقُ والخُرُقُ: نَقِيض الرِّفْق، والخَرَقُ مَصْدَرُهُ، وَصَاحِبُهُ أَخْرَقُ. وخَرِقَ بِالشَّيْءِ يَخْرَقُ: جَهِلَهُ وَلَمْ يُحسن عَمَلَهُ. وَبَعِيرٌ أَخْرَقُ: يَقَعُ مَنْسِمه بالأَرض قَبْلَ خُفِّه يَعْتَري للنَّجابة. وَنَاقَةٌ خَرْقاء: لَا تَتَعَهَّد مَوَاضِعَ قَوَائِمِهَا. وَرِيحٌ خَرْقاء: لَا تَدُوم عَلَى جِهتها فِي هُبُوبها؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بَيْت أَطافَتْ بِهِ خَرْقاء مَهْجُوم
وَقَالَ الْمَازِنِيُّ فِي قَوْلِهِ أَطافت بِهِ خَرْقَاءُ: امرأَة غَيْرُ صَناع وَلَا لَهَا رِفق، فَإِذَا بَنت بَيْتًا انْهدم سَرِيعًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرِّفق يُمْن والخُرْقُ شُؤم
؛ الخُرق، بِالضَّمِّ: الجهل والحمق. وفي الحديث:
تُعِينُ صانِعاً أَو تَصْنَع لأَخْرَقَ
أَي لِجَاهِلٍ بِمَا يَجِب أَن يَعْمَله وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدَيْهِ صَنْعة يكتسِب بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَكَرِهْتُ أَن أَجيئَهن بخَرْقاء مِثْلِهِنَّ
أَي حَمْقاء جَاهِلَةٍ، وَهِيَ تَأْنِيثُ الأَخْرقِ. ومَفازةٌ خرْقاء خَوْقاء: بَعِيدَةٌ. والخَرْقُ: المَفازةُ الْبَعِيدَةُ، اخْتَرَقَتْهُ الرِّيحُ، فَهُوَ خَرْق أَملس. والخُرْق: الحُمق؛ خَرُق خُرْقاً، فَهُوَ أَخرق، والأُنثى خَرْقَاءُ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا تَعْدَمُ الخَرْقاء عِلَّة، وَمَعْنَاهُ أَنَّ العِلَل كَثِيرَةٌ مَوْجُودَةٌ تُحسِنها الخَرقاء فَضلًا عَنِ الكَيِّس. الْكِسَائِيُّ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ بَابِ أَفْعلَ وفعْلاء، سِوَى الأَلوان، فَإِنَّهُ يُقَالُ فِيهِ فَعِلَ يَفْعَل مِثْلَ عَرِج(10/75)
يَعْرَج وَمَا أَشبهه إِلَّا سِتَّةَ أَحرف «2» فَإِنَّهَا جاءَت عَلَى فَعُلَ: الأَخْرَقُ والأَحْمَقُ والأَرْعَنُ والأَعْجَفُ والأَسْمَنُ.... يُقَالُ: خَرُق الرَّجُلُ يَخْرُق، فَهُوَ أَخرق، وَكَذَلِكَ أَخواته. والخَرَق، بِالتَّحْرِيكِ: الدَّهَشُ مِنَ الفَزَع أَو الحَياء. وَقَدْ أَخْرَقْتُه أَي أَدْهَشْته. وَقَدْ خَرِق، بِالْكَسْرِ، خرَقاً، فَهُوَ خَرِق: دَهِش. وخَرِق الظّبْيُ: دَهِش فلَصِقَ بالأَرض وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهوض، وَكَذَلِكَ الطَّائِرُ، إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الطَّيَرَانِ جَزعاً، وَقَدْ أَخْرَقه الفزَع فخَرِق؛ قَالَ شَمِرٌ: وأَقرأني ابْنُ الأَعرابي لِبَعْضِ الهُذليين يَصِفُ طَرِيقًا:
وأَبْيَض يَهْدِيني، وَإِنْ لَمْ أُنادِه، ... كفَرْقِ العَرُوسِ طُوله غيرُ مُخْرِقِ
توائمُه فِي جانِبَيه كأنها ... شُؤونٌ برأسٍ، عَظْمُها لَمْ يُفَلَّقِ
فَقَالَ: غَيْرُ مُخرِق أَي لَا أَخرَقُ فِيهِ وَلَا أَحارُ وَإِنْ طَالَ عليَّ وبعُد، وَتَوَائِمُهُ: أَراد بُنَيَّاتِ الطَّرِيقِ. وَفِي حَدِيثِ تَزْوِيجِ فاطمةَ، رضوانُ اللَّهِ عَلَيْهَا:
فَلَمَّا أَصبح دَعَاهَا فجاءَت خَرِقةً مِنَ الحَياء
أَي خَجِلة مَدْهُوشة، مِنَ الخَرَقِ التحيُّر؛ وَرُوِيَ
أَنها أَتته تَعثُر فِي مِرْطِها مِنَ الخَجَل.
وَفِي حَدِيثِ
مَكْحُولٍ: فوَقع فَخَرِق
؛ أَراد أَنه وَقَعَ مَيِّتًا. ابْنُ الأَعرابي: الغزالُ إِذَا أَدركه الْكَلْبُ خَرِقَ فلَزِق بالأَرض. وَقَالَ اللَّيْثُ: الخرَقُ شِبْه البَطر مِنَ الْفَزَعِ كَمَا يَخْرَقُ الخِشْفُ إِذَا صِيدَ. قَالَ: وخَرِق الرَّجُلُ إِذَا بَقِيَ متحيِّراً مِنْ هَمّ أَو شِدَّةٍ؛ قَالَ: وخَرِق الرَّجُلُ فِي البيْت فَلَمْ يَبْرَحْ فَهُوَ يَخْرَقُ خرَقاً وأَخْرَقَه الخَوفُ. والخرَق مَصْدَرُ الأَخْرق، وَهُوَ ضِدُّ الرَّفِيقِ. وخَرِقَ يَخْرَقُ خَرَقًا، فَهُوَ أَخْرَقُ إِذَا حَمُق: وَالِاسْمُ الخُرْق، بِالضَّمِّ، وَرَمَادٌ خَرِق: لازِقٌ بالأَرض. ورَحِم خَريق إِذَا خَرَقها الْوَلَدُ فَلَا تَلْقَح بَعْدَ ذَلِكَ. والمَخارِيقُ، وَاحِدُهَا مِخْراق: مَا تَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ مِنَ الخِرَقِ المَفْتُولة؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلثوم:
كأَنَّ سُيوفَنا مِنّا وَمِنْهُمْ ... مَخاريقٌ بأَيدي لَاعِبِينَا
ابْنُ سِيدَهْ: والمِخْراقُ مِنديل أَو نَحْوُهُ يُلوى فيُضرب بِهِ أَو يُلَفُّ فيُفَزَّعُ بِهِ، وَهُوَ لُعْبة يَلْعب بِهَا الصِّبْيَانُ؛ قَالَ:
أُجالِدُهمْ يومَ الحَديثة حاسِراً، ... كأَن يَدي بالسيْف مِخْراقُ لاعِب
وَهُوَ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: البَرْقُ مخارِيقُ الْمَلَائِكَةِ
، وأَنشد بَيْتَ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ، وَقَالَ: هُوَ جَمْعُ مِخْراق، وَهُوَ فِي الأَصل عِنْدَ الْعَرَبِ ثَوْبٌ يُلَفّ وَيَضْرِبُ بِهِ الصبيانُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَراد أَنها آلَةٌ تزجُر بِهَا الْمَلَائِكَةُ السَّحَابَ وتسُوقه؛ وَيُفَسِّرُهُ حَدِيثُ
ابْنُ عَبَّاسٍ: البَرْقُ سَوْط مِنْ نُورٍ تَزْجُر بِهِ الْمَلَائِكَةُ السَّحَابَ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ أَيْمَنَ وفِتْيةً مَعَهُ حَلُّوا أُزُرَهم وَجَعَلُوهَا مخارِيقَ واجْتلدوا بِهَا فَرَآهُمُ النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: لَا مِنَ اللَّهِ اسْتَحْيَوْا وَلَا مِنْ رَسُولِهِ اسْتَتَروا، وأمُّ أَيْمن تَقُولُ: استَغْفِر لَهُمْ.
والمِخْراقُ: السَّيْفُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وأَبْيَض كالمِخْراقِ بَلَّيتُ حَدَّه
__________
(2) . قوله [ستة أحرف] بيض المؤلف للسادس ولعله عجم ففي المصباح وعجم بالضم عجمة فهو أعجم والمرأة عجماء. وقوله [والأسمن] كذا بالأَصل ولعله محرف عن أيمن، ففي القاموس يمن ككرم فهو ميمون وأيمن.(10/76)
وَقَالَ كُثيّر فِي المخَاريق بِمَعْنَى السُّيُوفِ:
عَلَيْهِنَّ شُعْثٌ كالمَخارِيق، كُلُّهمْ ... يُعَدُّ كَرِيماً، لَا جَباناً وَلَا وَغْلا
وَقَوْلُ أَبِي ذُؤيب يَصِفُ فَرَسًا:
أرِقْتُ لَهُ ذاتَ العِشاء كأنَّه ... مَخاريقُ، يُدْعَى وسْطَهُن خَرِيجُ
جَمْعُهُ، كَأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ دُفْعة مِنْ هَذَا البَرق مِخْراقاً، لَا يَكُونُ إِلَّا هَذَا لأَن ضَمِيرَ الْبَرْقِ وَاحِدٌ، والمَخاريقُ جَمْعٌ. والمِخْراقُ: الطَّوِيلُ الحَسن الْجِسْمِ؛ قَالَ شَمِرٌ: المِخراقُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا يَقَعُ فِي أَمْرٍ إِلَّا خَرَجَ مِنْهُ، قَالَ: والثَّور البَرِّي يُسَمَّى مِخْراقاً لأَن الْكِلَابَ تطلبُه فيُفْلت مِنْهَا. وَقَالَ أَبو عدْنان: المَخارِق المَلاصُّ يَتَخَرَّقُون الأَرض، بَيْنَا هُم بأَرضٍ إِذَا هُمْ بأُخرى. الأَصمعي: المَخارِقُ الرِّجَالُ الَّذِينَ يتخرَّقون ويتصرَّفون فِي وجُوه الْخَيْرِ. والمَخْروق: المَحْروم الَّذِي لَا يقَع فِي يَدِهِ غِنى. وخَرَق فِي الْبَيْتِ خُروقاً: أَقام فَلَمْ يَبرَح. والخِرْقة: القِطْعة مِنَ الْجَرَادِ كالحِزْقة؛ قَالَ:
قَدْ نَزلَت، بساحةِ ابنِ واصِلِ، ... خِرْقةُ رِجْلٍ مِنْ جَرادٍ نازِلِ
وَجَمْعُهَا خِرَق. والخُرَّقُ: ضَرْب مِنَ الْعَصَافِيرِ، وَاحِدَتُهُ خُرَّقةٌ، وَقِيلَ: الخُرَّق وَاحِدٌ. التَّهْذِيبُ: والخُرَّق طَائِرٌ. والخَرْقاء: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:
غَداةَ الرُّعْنِ والخَرْقاء تَدْعُو، ... وصَرَّحَ باطنُ الظَّنِّ الكَذوب
ومِخْراقٌ ومُخارق: اسْمَانِ. وَذُو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ: جَاهِلِيٌّ مِنْ شُعرائهم لَقَبٌ، وَاسْمُهُ قُرْطٌ، لُقِّب بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
لَمَّا رأَتْ إِبلِي هَزْلَى حَمُولَتُها، ... جاءتْ عِجافاً عَلَيْهَا الرِّيشُ والخِرَقُ
الْجَوْهَرِيُّ: الخَرِيق المُطمئنّ مِنَ الأَرض وَفِيهِ نَبَاتٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ مَرَرْتُ بخَرِيق مِنَ الأَرض بَيْنَ مَسْحاوَيْن. والمَسْحاء: أَرض لَا نَبَاتَ فِيهَا. والخَرِيقُ: الَّذِي توسَّط بَيْنَ مَسْحَاوَيْنِ بِالنَّبَاتِ، وَالْجَمْعُ الخُرُق؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ لأَبي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِي:
تَرْعَى سَمِيراءُ إِلَى أَهْضامِها ... إِلَى الطُّرَيْفاتِ إِلَى أَرْمامِها،
فِي خُرُقٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرامِها «1»
. وَفُلَانٌ مِخْراقُ حَرْب أَي صَاحِبُ حُروب يَخِفّ فِيهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ قَوْمًا:
لَمْ أَرَ مَعْشَراً كبَنِي صُرَيْمٍ، ... تَضُمُّهمُ التَّهائمُ والنُّجُودُ
أَجَلَّ جَلَالَةً وأَعَزَ فَقْداً، ... وأَقْضَى للحُقُوقِ، وَهُمْ قُعودُ
وأَكثرَ ناشِئاً مِخْراقَ حَرْبٍ، ... يُعِين عَلَى السِّيادةِ أَو يَسُودُ
يَقُولُ: لَمْ أَر مَعْشَرًا أَكْثَرَ فِتْيان حَرْب مِنْهُمْ. والخَرْقاء: صَاحِبَةُ ذِي الرُّمَّة وَهِيَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ رَبيعةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعة. ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَمرو الشَّيْبانِي المُخْرَوْرِقُ الذي
__________
(1) . قوله [سميراء] في ياقوت بفتح السين وكسر الميم، وقيل بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ(10/77)
يَدوُر عَلَى الإِبل فَيحمِلها عَلَى مَكْرُوهِهَا؛ وأَنشد:
خَلْفَ المَطِيّ رجُلًا مخْرَوْرِقا، ... لَمْ يَعْدُ صَوْبَ دِرْعهِ المُنَطّقا
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: عمامةٌ خُرقانِيّةٌ كأَنه لوَاها ثُمَّ كَوَّرها كَمَا يَفْعَلُهُ أَهل الرَّساتِيق
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ وَقَدْ رُوِيَتْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالضَّمِّ وَبِالْفَتْحِ وَغَيْرِ ذلك.
خربق: الخَرْبَقُ «1» . نَبْتٌ كالسمِّ يُغْشَى عَلَى آكِلِهِ وَلَا يَقْتُلُهُ. وَامْرَأَةٌ مُخرْبَقةٌ: رَبوخ، وخِرْباقٌ. سَرِيعَةُ الْمَشْيِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ الطَّوِيلَةِ الْعَظِيمَةِ خِرْباق وغِلْفاقٌ ومُزَنَّرة ولُباخِيَّةٌ. وخَرْبَقَ الشَّيْءَ: قطَّعه مِثْلَ خَرْدَلَه، وَرُبَّمَا قَالُوا خَبْرَقْت مِثْلَ جذَب وجَبَذَ. وخَرْبَقْت الثَّوْبَ أَي شقَقْته. وخَرْبَق عَمَله: أَفسده. وجدَّ فِي خِرْباق أَي فِي ضَرِطٍ. وَرَجُلٌ خِرْباق: كَثِيرُ الضَّرِط. وخَرْبَق النبتُ: اتَّصَلَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. والخِرْباقُ: اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ يُقَالُ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ. والمُخْرَنْبِق: المُطْرِقُ السَّاكِتُ الكافُّ. وَفِي الْمَثَلِ: مُخْرَنْبِقٌ ليَنْباعَ أَي ليَثِب أَو ليَسْطُو إِذَا أَصَابَ فُرْصة، فَمَعْنَاهُ أَنه سَكَتَ لِدَاهِيَةٍ يُرِيدُهَا. الأَصمعي: مِنْ أَمثالهم فِي الرَّجُلِ يُطيل الصْمت حَتَّى يُحْسَب مُغَفّلًا وَهُوَ ذُو نَكْراء: مُخْرَنْبِقٌ لِينباع، وَلِيَنْبَاعَ ليَنْبَسط، وَقِيلَ: هُوَ المُطْرِق المُتَرَبِّص بالفُرْصة يَثِب عَلَى عَدُوِّهِ أَو حَاجَتِهِ إِذَا أَمكنه الْوُثُوبُ، وَمِثْلُهُ مُخْرَنْطِمٌ لِيَنْبَاعَ، وَقِيلَ: الْمُخْرَنْبِقُ الَّذِي لَا يُجِيب إِذَا كُلِّم. وَيُقَالُ: اخْرنبق الرَّجُلُ وَهُوَ انْقماعُ المُرِيب؛ وأَنشد:
صَاحِبُ حانُوتٍ، إِذَا مَا اخْرنْبقا ... فِيهِ، عَلاه سُكرهُ فَخَذْرَقا
يُقَالُ: رَجُلٌ مُخَذْرِقٌ وخِذراق أَي سَلَّاح. واخْرنْبقَ: مِثْلُ اخْرَنْفَقَ إِذَا انْقَمَعَ. واخْرنبقَ: لَطِئ بالأَرض. والمُخْرَنْبِق: اللَّاصِق بالأَرض. والخَرْبَق: ضَرْبٌ مِنَ الأَدْوِية.
خردق: فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَعَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عبدٌ كَانَ يَبِيعُ الخُردِيق
؛ الخُرْديق: المَرَق، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، أَصله خُورْدِيك؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
قَالَتْ سُلَيْمَى: اشْتَرْ لَنَا دَقِيقا، ... واشْتَرْ شُحَيْماً، نَتَّخِذْ خُرْدِيقا
خرفق: اخْرَنْفَق: انقَمَع.
خرمق: امرأَة مُخْرَمِّقة: لَا تَتَكَلَّمُ إِنْ كُلمت.
خرنق: الخِرْنِق: وَلَدُ الأَرنب، يَكُونُ لِلذَّكَرِ والأُنثى؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
ليَّنةِ المَسِّ كَمَسِّ الخِرْنِقِ
وَقِيلَ: هُوَ الفَتِيّ مِنَ الأَرانب؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
كأنَّ تَحتي قَرِماً سُوذانِقا، ... وبازِياً يَخْتَطِفُ الخَرانِقا
وأَرض مُخَرْنِقةٌ: كَثِيرَةُ الخَرانِق، وخَرْنَقتِ الناقةُ إِذَا رأَيتَ الشحمَ فِي جَانِبَيْ سنَامِها فِدَراً كالخَرانِق. اللَّيْثُ: الخِرْنِقُ اسْمُ حَمَّةٍ؛ وأَنشد:
بينَ عُنَيْزاتٍ وَبَيْنَ الخِرْنِق
والخِرْنِقُ: مَصْنَعةُ الْمَاءِ. والخِرنق: اسْمُ حَوْض.
__________
(1) . قوله [الخربق] في القاموس الخربق كجعفر. وقوله [ولا يقتله] في ابن البيطار: الإفراط منه يقتل(10/78)
وخِرْنِقُ والخِرنقُ، جَمِيعًا: اسْمُ أُخت طَرفة بْنِ الْعَبْدِ، وَقِيلَ: هِيَ امرأَة شَاعِرَةٌ، وَهِيَ خِرنق بِنْتُ هَفَّانَ [هِفَّانَ] مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ ضُبَيْعة رهطِ الأَعشى. والخَوَرْنَقُ: نَهْرٌ، والخَوَرْنق: الْمَجْلِسُ الَّذِي يَأْكُلُ فِيهِ الْمَلِكُ وَيَشْرَبُ، فَارِسِيٌّ مُعرب، أَصله، خُرَنْكاه، وَقِيلَ: خُرَنْقاه مُعَرَّبٌ؛ قَالَ الأَعشى:
ويُجْبَى إِلَيْهِ السَّيْلحون، ودُونها ... صَريفُونَ فِي أَنْهارِها، والخَوَرْنَق
والخَورْنقُ: نَبْتٌ. والخَورْنق: اسْمُ قَصْرٍ بِالْعِرَاقِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، بِنَاهُ النُّعْمَانُ الأَكبر الَّذِي يُقَالُ لَهُ الأَعور، وَهُوَ الَّذِي لَبِس المُسُوح فساحَ فِي الأَرض؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَذْكُرُهُ:
وتَبَيَّنْ رَبَّ الخَوَرْنَقِ، إذ أَشرفَ ... يَوْمًا، وللهُدَى تَفْكِيرُ
سَرَّه حالُه، وكثرةُ مَا يَمْلِكُ، ... والبحرُ مُعْرِضاً والسَّدِيرُ
فارْعَوى قلْبُه فقال: وما غِبْطةُ ... حَيٍّ إِلَى المماتِ يَصيرُ؟
خزق: الخَزْقُ: الطعْنُ. وَفِي حَدِيثِ
عدِيّ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْمي بالمِعْراضِ، فَقَالَ: كُل مَا خَزَق وَمَا أَصاب بَعَرْضه فَلَا تأْكل
، خَزَق السهمُ وخَسَق إِذَا أَصاب الرَّمِيَّة ونفَذ فِيهَا؛ ابْنُ سِيدَهْ: خَزق السَّهْمُ يَخْزِق خَزْقاً وخُزوقاً كخَسق؛ وَالسَّهْمُ إِذَا قَرْطَسَ، فَقَدْ خَسَق وخَزق، وَسَهْمٌ خاسِقٌ وَخَازِقٌ، وَهُوَ المُقَرْطِسُ النَّافِذُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
الْحَسَنِ: لَا تَأْكُلْ مِنْ صَيْدِ المَعراض إلَّا أَن يَخزِق
؛ مَعْنَاهُ يَنْفُذُ وَيَسِيلُ الدَّمُ لأَنه رُبَّمَا قُتِلَ بعَرضه وَلَا يَجُوزُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَالْخَازِقُ مِنَ السِّهام المُقرطِس؛ وَيُقَالُ: خزَقْتهم بِالنَّبْلِ أَي أَصبتهم بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
سَلَمَة بْنِ الأَكوع: فَإِذَا كنتُ فِي الشَّجْراء خَزَقْتُهم بِالنَّبْلِ
أَي أَصبتهم بِهَا. وخَزَقه بِالرُّمْحِ يَخْزِقه: طعَنه بِهِ طعْناً خَفِيفًا، وَهُوَ أَمضى مِنْ خَازِقٍ يَعْنِي السِّنانَ. ومن أَمثاله فِي بَابِ التَّشْبِيهِ: أَنفَذُ مِنْ خَازِقٍ؛ يَعْنون السَهمَ النَّافِذَ، والخازِقُ: السِّنَانُ. والمِخْزَقةُ: الحَرْبة. والمِخْزَقُ: عُودٌ فِي طرَفه مِسْمار مُحدَّد يَكُونُ عِنْدَ بَيَّاعِ البُسْر. وانْخَزق الشيءُ: ارْتَزَّ فِي الأَرض. اللَّيْثُ: كُلُّ شَيْءٍ حَادٍّ رَزَزْتَه فِي الأَرض وَغَيْرِهَا فارْتَزَّ، فَقَدْ خزَقْته. والخَزْقُ: مَا يَثبُت. والخَزْق: مَا ينفُذ. وَيُقَالُ: يوشِكُ أَن يَلْقَى خازِقَ ورَقِه؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ الجَرِيء. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنَّهُ لخازِقُ ورقِه إِذَا كَانَ لَا يُطمَع فِيهِ. وخزَقَه بِعَيْنِهِ: حَدَّدَها إِلَيْهِ وَرَمَاهُ بِهَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وأَرض خُزُقٌ: لَا يَحْتَبِس عَلَيْهَا مَاؤُهَا وَيَخْرُجُ تُرَابُهَا. وخزَق الطائرُ والرَّجل يَخْزِق خَزْقاً: أَلقى مَا فِي بَطْنِهِ. وَيُقَالُ للأَمةِ: يَا خَزاقِ يُكَنَّى بِهِ عَنِ الذَّرْق. ابْنُ بَرِّيٍّ: خُزاقُ اسْمُ قَرْيَةٍ مِنْ قُرى راوَنْدَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلم تَعْلَما مَا لِي بِراوَنْد كلِّها، ... وَلَا بخُزاقٍ، مِنْ صَدِيقٍ سِواكُما
خزرق: الخِزْراقةُ: الضَّعِيف. الأَزهري: رأَيت فِي نُسْخَةٍ مَسْمُوعَةٍ قَالَ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ: ولستُ بِحِزْراقةٍ؛ الزَّايُ قَبْلَ الرَّاءِ، أَي بِضَيِّقِ الْقَلْبِ جَبان، قَالَ: وَرَوَاهُ شَمِرٌ وَلَسْتُ بِخَزْرَاقَةٍ، بِالْخَاءِ مُعْجَمَةً، قَالَ:(10/79)
وَهُوَ الأَحمق. والخُزْرِيقُ: طَعَامٌ شَبِيهٌ بالحَساء أَو الحَرِيرة.
خزرنق: الخَزَرْنَقُ: ذَكَرُ العَناكِب. والخُزْرانِقُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ فارسي.
خسق: إِذَا رُمي بِالسِّهَامِ فَمِنْهَا الخاسِقُ وَهُوَ المُقَرْطِس، وَهُوَ لُغَةٌ فِي الْخَازِقِ. خَسَق السهمُ يَخْسِق خَسقاً وخُسوقاً: قَرْطَس، وخَسَق أَيضاً: لَمْ ينفُذ نَفاذاً شَدِيدًا. الأَزهري: رَمى فخَسق إِذَا شَقَّ الْجِلْدَ. وخَسَقَت النَّاقَةُ الأَرض تَخْسِقُها خَسْقاً: خَدَّتْهَا. وَنَاقَةٌ خَسُوق: سَيِّئَةُ الخُلُق تَخْسِق الأَرض بمنَاسِمها إِذَا مَشَتِ انْقَلَبَ مَنْسِمها فخَدَّ فِي الأَرض. وخَيسَقٌ: اسْمٌ. التَّهْذِيبُ: خَيْسَقٌ اسْمُ لابةٍ مَعْرُوفَةٍ. وَبِئْرٌ خَيْسَقٌ: بعيدةُ القعْر. وَقَبْرٌ خَيْسَق أَيضاً: قَعِير.
خشق: الخَوْشق: مَا يَبقى في العِذْق بعد ما يُلْقَط مَا فِيهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والخَوْشَق مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الرَّدِيء؛ عَنِ الهَجَرِيّ.
خفق: الخَفْقُ: اضْطِراب الشَّيْءِ العَرِيض. يُقَالُ: راياتُهم تَخْفِق وتَخْتَفِقُ، وَتُسَمَّى الأَعلامُ الخَوافِقَ والخافِقاتِ. ابْنُ سِيدَهْ: خَفَقَ الفؤَاد والبرْق والسيفُ والرايةُ وَالرِّيحُ وَنَحْوُهَا يَخْفِقُ ويَخْفُقُ خَفْقاً وخُفوقاً وخَفَقاناً وأَخْفقَ واخْتفَق، كُلُّهُ: اضْطَرب، وَكَذَلِكَ القَلب والسَّراب إِذَا اضْطَربا. التَّهْذِيبُ: خَفقت الرِّيحُ خَفَقاناً، وَهُوَ حَفيفُها أَي دَوِيُّ جَرْيِها، قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنَّ هُوِيَّها خَفَقانُ ريحٍ ... خَرِيقٍ، بينَ أَعْلامٍ طِوالِ
وأَخْفَقَ بِثَوْبِهِ: لَمع بِهِ. والخَفْقة: مَا يُصيب القلبَ فيَخفِق لَهُ، وَفُؤَادٌ مَخْفوق. التَّهْذِيبُ: الخَفقانُ اضْطِرَابُ الْقَلْبِ وَهِيَ خِفّة تَأْخُذُ الْقَلْبَ، تَقُولُ: رَجُلٌ مَخْفوق. وخفَق بِرَأْسِهِ مِنَ النُّعاس: أَمالَه، وَقِيلَ: هُوَ إِذَا نَعس نَعْسةً ثُمَّ تَنَبَّهَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كانت رؤوسهم تَخْفِق خَفْقة أَو خَفْقَتَيْنِ.
وَيُقَالُ: سَيَّرَ اللَّيْلُ الخَفْقتان وَهُمَا أَوّله وَآخِرُهُ، وَسَيْرُ النَّهَارِ البَرْدانِ أَي غُدْوة وَعَشِيَّةٌ. وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ فِي كِتَابِهِ: خفَق خُفوقاً إِذَا نَامَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانُوا يَنْتَظِرُونَ العِشاء حَتَّى تَخْفِق رؤوسهم
أَي يَنامون حَتَّى تسقُط أَذْقانهم عَلَى صُدُورِهِمْ وَهُمْ قُعود، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الخُفوق الِاضْطِرَابِ. وَيُقَالُ: خفَق فُلَانٌ خَفْقة إِذَا نَامَ نَومة خَفِيفَةً. وخَفَق الرَّجُلُ أَي حَرَّكَ رَأْسَهُ وَهُوَ نَاعِسٌ. وخفَق الآلُ خَفْقاً: اضْطَرب؛ فأَمّا قَوْلُ رُؤْبَةَ:
وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ، ... مُشْتَبِهِ الأَعلامِ لَمَّاعِ الخَفَقْ
فَإِنَّهُ حُرِّك لِلضَّرُورَةِ كَمَا قَالَ:
فَلَمْ يُنْظَرْ بِهِ الحَشَكُ
وأَرض خَفَّاقَةٌ: يَخْفِق فِيهَا السَّرَابُ. التَّهْذِيبُ: السَّراب الخَفُوق والخافِقُ الْكَثِيرُ الِاضْطِرَابِ. والخَفْقة: المَفازة ذَاتُ الْآلِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وخَفْقة لَيْسَ بِهَا طُوئِيّ
يَعْنِي لَيْسَ بِهَا أَحد. وخفَق الشيءُ: غَابَ، وَقِيلَ لعَبِيدةَ «2» . السَّلْمانِيّ: مَا يُوجِبُ الغُسل؟ فَقَالَ: الخَفْقُ والخِلاط؛ يُرِيدُ بِالْخَفْقِ مَغِيب الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ؛ التَّفْسِيرُ للأَزهري، مِنْ خَفَق النجمُ إذا
__________
(2) . قوله [عبيدة] قال النووي كسفينة وضبط في النهاية أيضاً بفتح العين(10/80)
انْحطَّ فِي الْمَغْرِبِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الخَفْق الضرْبِ. وخفَقَ النجمُ يَخْفِقُ وأَخْفَقَ: غَابَ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
عيْرانة كفُقودِ الرَّحْلِ ناجِية، ... إِذَا النجومُ تَوَلَّتْ بَعْدَ إخْفاقِ «1»
. وَقِيلَ: هُوَ إِذَا تلأَلأَ وأَضاء؛ وأَنشد الأَزهري:
وأَطْعُنُ بالقَومِ شَطْرَ المُلوكِ، ... حَتَّى إِذَا خَفَقَ المِجْدَحُ
وخَفقَ النجمُ وَالْقَمَرُ: انْحطّ فِي الْمَغْرِبِ، وَكَذَلِكَ الشَّمْسُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَخْفقَ إِذا تَوَلَّى للمَغِيب. يُقَالُ: ورَدْتُ خُفوقَ النَّجْمِ أَي وَقْتَ خُفوق الثُّريا، تَجْعَلُهُ ظَرْفًا وَهُوَ مَصْدَرٌ. وَرَأَيْتُ فُلَانًا خَافِقَ الْعَيْنِ أَي خاشِعَ الْعَيْنِ غَائِرَهَا، وَكَذَلِكَ مَاكِلَ الْعَيْنِ «2» ومُرَنَّقُ الْعَيْنِ. وخفَق الليلُ: سَقَطَ عَنِ الأُفق؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وخفَق السهمُ: أَسرع. ورِيح خَيْفَقٌ: سَرِيعَةٌ. وَفَرَسٌ خَيْفَق وَنَاقَةٌ خَيْفَق: سَرِيعَةٌ جِدًّا، وَقِيلَ: هِيَ الطَّوِيلَةُ الْقَوَائِمِ مَعَ إخْطاف، وَقَدْ يَكُونُ لِلذَّكَرِ والتأنيثُ عَلَيْهِ أَغلب، وَقِيلَ: فَرَسٌ خَيْفَق مُخْطَفةُ البطنِ قَلِيلَةُ اللَّحْمِ. الكلابيُّ: امرأَة خَيْفق وَهِيَ الطَّوِيلَةُ الرُّفْعين الدَّقِيقَةُ الْعِظَامِ الْبَعِيدَةُ الْخَطْوِ. وَفَرَسٌ خَيْفق أَي سَرِيعَةٌ جِدًّا. وَظَلِيمٌ خَيْفق: سَرِيعٌ، وَهُوَ الخَنْفَقِيقُ فِي النَّاقَةِ وَالْفَرَسِ وَالظَّلِيمِ، وَهُوَ مَشْيٌ فِي اضْطِرَابٍ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ خَفِق والأُنثى خَفِقة مِثْلُ خَرِب وخَرِبة، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ خُفَق والأُنثى خُفقَة مِثْلُ رُطَب ورُطبَة، وَالْجِمْعُ خَفِقاتٌ وخُفَقَاتٌ وخِفاقٌ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الأَقَبّ، وَرُبَّمَا كَانَ الْخُفُوقُ مِنْ خِلْقة الْفَرَسِ، وَرُبَّمَا كَانَ مِنَ الضُّمور والجَهْد، وَرُبَّمَا أُفرد وَرُبَّمَا أُضيف؛ وأَنشد فِي الإِفراد:
ومُكْفِت فَضْلِ سابغةٍ دلاصٍ، ... عَلَى خَيْفانةٍ خَفِقٍ حَشاها
وأَنشد فِي الإِضافة:
بِشَنجٍ مُوَتَّرِ الأَنساء، ... حَابِي الضُّلُوعِ خَفِق الأَحْشاء
وَيُقَالُ: فرسٌ خَفِقُ الحشَا. والخيْفَق: فَرَسُ سَعْد بْنِ مُشْهِبٍ. وَامْرَأَةٌ خَنْفَقٌ: سَرِيعَةٌ جَرِيئة. والخَنْفَقُ والخَنْفَقِيقُ: الدَّاهِيَةُ؛ يُقَالُ: دَاهِيَةٌ خَنْفَقِيقُ، وَهُوَ أَيْضًا الخَفِيفةُ مِنَ النِّسَاءِ الجَرِيئة، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، جَعَلَهَا مِنْ خَفْقِ الرِّيحِ. والخَنْفقِيق: حِكَايَةُ أَصوات حَوَافِرِ الْخَيْلِ. والخَنْفقِيقُ: الناقِصُ الخَلْقِ؛ قَالَ شُيَيْمُ بْنُ خُوَيْلِد:
قلتُ لَسيِّدنا: يا حكيمُ، ... إنَّكَ لَمْ تأسُ أَسْواً رَفِيقا
أَعَنْتَ عَدِيًّا عَلَى شَأوِها، ... تُعادِي فَرِيقاً وتَنْفِي فَريقا
أَطَعْتَ اليَمِينَ عِنادَ الشِّمالِ، ... تُنَحِّي بِحَدّ المَواسِي الحُلُوقا
زَحَرْتَ بِهَا لَيْلَةً كلَّها، ... فجِئتَ بِهَا مُؤْيَداً خَنْفَقِيقا
وَهَذَا أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
__________
(1) . قوله [كفقود الرحل] كذا بالأَصل مضبوطاً ومثله شرح القاموس ولعله كقعود الرحل
(2) . قوله [ما كل العين] كذا بالأَصل مرموزاً له بعلامة وقفة، والحرف الأَخير يحتمل أن يكون كافاً أو لاماً، ولعله ماذل العين أي مسترخيها وفاترها.(10/81)
وَقَدْ طَلقَتْ لَيْلَةً كلَّها، ... فجاءتْ بِهِ مُؤْدَناً خَنْفَقِيقا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّوَابُ:
زحرت بها ليلة كلها
كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَقَوْلُهُ: يَا حَكِيمُ، هُزْء مِنْهُ أَيْ أَنت الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّكَ حَكِيمٌ وتُخطئ هَذَا الخَطأ، وَقَوْلُهُ: أَطَعْتَ الْيَمِينَ عِناد الشَّمَالِ، مِثْلُ ضَرَبَهُ، يُرِيدُ فَعَلَتْ فِعْلًا أَمكنت بِهِ أَعداءنا مِنَّا كَمَا أَعلمتك أَن الْعَرَبَ تَأْتِي أَعداءها مِنْ مَيامِنهم؛ يَقُولُ: فجِئتنا بداهيةٍ مِنَ الأَمر وجئتَ بِهِ مُؤْيَداً خَنْفَقِيقًا أَي نَاقِصًا مُقَصِّراً. وخفَقَه بِالسَّيْفِ وَالسَّوْطِ والدِّرَّةِ يَخْفُقه ويَخْفِقه خَفْقاً: ضَرَبَهُ بِهَا ضرْباً خَفِيفًا. والمِخْفقةُ: الشَّيْءُ يُضْرَبُ به نحو سير أو دِرّة التَّهْذِيبُ: والمِخْفَقَةُ والخَفْقَة، جَزْمٌ، هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يضرب به نحو سير أَوْ دِرَّة. ابْنُ سِيدَهْ: والمِخفقة سَوْطٌ مِنْ خَشَبٍ. وَسَيْفٌ مِخْفَقٌ: عَرِيض. قَالَ الأَزهري: والمِخْفَقُ مِنْ أَسْمَاءِ السَّيْفِ الْعَرِيضِ. اللَّيْثُ: الخَفْقُ ضَرْبُكَ الشَّيْءُ بالدِّرَّة أَو بِشَيْءٍ عَرِيضٍ، والمِخْفقة الدِّرَّةُ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: فَضَرَبَهُمَا بالمِخفقة
؛ هِيَ الدِّرَّةُ. وأَخْفقَ الرجلُ: طَلب حَاجَةً فَلَمْ يَظْفَر بِهَا كَالرَّجُلِ إِذَا غَزَا وَلَمْ يَغْنَمْ، أَو كَالصَّائِدِ إِذَا رَجَعَ وَلَمْ يَصْطَدْ، وطلَب حَاجَةً فأخْفَقَ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: أَيُّما سَرِيّةٍ غَزت فأخْفَقت كَانَ لَهَا أَجرها مَرَّتَيْنِ
؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الإِخْفاقُ أَنْ يغزُو فَلا يَغْنَمَ شَيْئًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ يَصِفُ فَرَسًا لَهُ:
فيُخْفِقُ مرَّةً ويَصِيدُ أُخْرَى، ... ويَفْجَع ذَا الضَّغائن بالأَرِيب «1»
يَقُولُ: يَغْزُو عَلَى هَذَا الْفَرَسِ فَيَغْنَمُ مَرَّةً وَلَا يَغْنَمُ أُخرى؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ كَلُّ طَالِبِ حَاجَةٍ إِذَا لَمْ يَقْضِهَا فَقَدْ أَخْفق إِخْفَاقًا، وَأَصْلُ ذَلِكَ فِي الْغَنِيمَةِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: أَصْلُهُ مِنَ الخَفْق التحرُّك أَيْ صادَفَتِ الغنيمةَ خافِقةً غَيْرَ ثَابِتَةٍ مُسْتَقِرَّةٍ. اللَّيْثُ: أَخْفقَ القومُ فنَي زادُهم، وأَخفقَ الرجلُ قَلَّ مَالُهُ. والخَفْقُ: صَوْتُ النَّعْلِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الأَصوات. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ:
إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعالهم حِينَ يُولُّون عَنْهُ
، يَعْنِي الميتَ يَسْمَعُ صَوْتَ نِعَالِهِمْ عَلَى الأَرض إِذَا مشَوْا. وَرَجُلٌ خَفّاقُ الْقَدَمِ عَرِيضُ بَاطِنِ الْقَدَمِ، وخَفقَ الأَرضَ بنَعْله وكلُّ ضَرْبٍ بِشَيْءٍ عَرِيضٍ خَفْقٌ؛ وَقَوْلُهُ:
مُهَفْهَف الكَشْحَينْ خَفّاق القَدَمْ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ أَنَّهُ خَفِيفٌ عَلَى الأَرض لَيْسَ بِثَقِيلٍ وَلَا بَطيء، وَقِيلَ: خَفَّاقُ الْقَدَمِ إِذَا كَانَ صَدْرُ قَدَمَيْهِ عَرِيضًا؛ قَالَ أَبو زُغْبةَ الْخَزْرَجِيُّ:
قَدْ لَفَّها الليلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ، ... خَدَلَّجِ الساقَيْنِ خَفّاق القَدَم
وَقِيلَ: هَذَا الرَّجَزُ للحُطَم القَيْسِيّ. وامرأَة خَفّاقةُ الحَشَى أَي خمِيصة؛ وَقَوْلُهُ:
أَلَا يَا هَضِيمَ الكَشْحِ خَفّاقة الحَشى، ... مِنَ الغِيدِ أَعْناقاً أولاكِ العَواتقِ
إِنَّمَا عَنَى بِأَنَّهَا ضَامِرَةُ الْبَطْنِ خَميصة، وَإِذَا ضَمُرت خَفَقت، والخَفْقةُ: المَفازة المَلْساء ذَاتُ الآلِ. والخافِقُ: الْمَكَانُ الْخَالِي مِنَ الأَنِيس، وَقَدْ خَفَقَ إِذَا خَلَا؛ قَالَ الرَّاعِي:
عَوَيْتَ عُواء الكلْبِ، لَمَّا لَقِيتَنا ... بِثَهْلانَ، مِنْ خَوْف الفُروجِ الخَوافِق
__________
(1) . قوله [ويصيد] في الأَساس: ويفيد، وقوله [ويفجع] ويفجأ. وهو في ديوانه:
فيخفق تارة وَيَصِيدُ أُخرى ... وَيَفْجَعُ ذَا الضغائن بالأَريب(10/82)
وخَفَق فِي الْبِلَادِ خُفوقاً: ذَهَبَ. والخافِقان: قُطْرا الْهَوَاءِ. والخَافِقانِ: أُفُق الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: لأَن الليل والنهار يَحْفِقان فِيهِمَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: يَخْفِقَانِ بَيْنَهُمَا؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الْخَافِقَانِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَغْرِبَ يُقَالُ لَهُ الخافِقُ وَهُوَ الْغَائِبُ، فغَلَّبُوا الْمَغْرِبَ عَلَى الْمَشْرِقِ فَقَالُوا الْخَافِقَانِ كَمَا قَالُوا الأَبوان. شَمِرٌ: الخافقانِ طرَفا السَّمَاءِ والأَرض؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
واللهْب لهبُ الخافِقَيْن يَهْذِمهُ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يَهْذِمه يَأْكُلُهُ.
كِلَاهُمَا فِي فَلَكٍ يستلْحِمُه
أَي يَرْكَبُهُ؛ وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جنْبةَ: الخافقانِ مُنْتَهَى الأَرض وَالسَّمَاءِ. يُقَالُ: أَلحق اللَّهُ فُلَانًا بِالْخَافِقِ، قَالَ: والخافقانِ هَواءان مُحيطانِ بِجَانِبَيِ الأَرض. قَالَ: وخَوافِقُ السَّمَاءِ الجِهات الَّتِي تَخرج مِنْهَا الرِّيَاحُ الأَربع. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ مِيكَائِيلَ مَنْكِباه يَحُكّان الخافِقَيْنِ
يَعْنِي طرَفي السَّمَاءِ، وَفِي النِّهَايَةِ:
مَنْكِبا إِسْرَافِيلَ يَحُكّانِ الْخَافِقَيْنِ
، قَالَ: وَهُمَا طَرَفَا السَّمَاءِ والأَرض؛ وَقِيلَ: الْمَغْرِبُ وَالْمَشْرِقُ. والخَفّاقةُ: الاسْت. وخفَقت الدَّابَّةُ تَخْفِق إِذَا ضَرطَت، فَهِيَ خَفُوق. والمَخْفُوق: الْمَجْنُونُ؛ وأَنشد:
مَخْفُوقة تَزَوَّجَتْ مَخْفُوقا
وَرَوَى
الأَزهري بِإِسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسيد قَالَ: يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خَفْقة مِنَ الدِّين وَسَوْدَابِ الدِّينِ
«2» ، وَفِي رِوَايَةِ
جَابِرٍ: وإدْبار مِنَ الْعِلْمِ
؛ أَراد أَن خُرُوجَ الدَّجَّالِ يَكُونُ عِنْدَ ضَعف الدِّينِ وقِلّة أَهله وظُهور أَهل الْبَاطِلِ عَلَى أَهل الْحَقِّ وفُشُوّ الشَّرِّ وأَهله، وَهُوَ مِنْ خَفق الليلُ إِذَا ذَهَبَ أَكْثَرَهُ، أَو خَفقَ إِذَا اضْطربَ، أَو خَفقَ إِذَا نَعَس. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخَفْقةُ فِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ النَّعْسةُ هاهنا، يَعْنِي أَنَّ الدِّينَ ناعِسٌ وَسْنانُ فِي ضَعفه، مِنْ قَوْلِكَ خَفقَ خَفْقة إِذَا نامَ نَوْمَةً خَفِيفَةً. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: ظَلَمَ ظُلْمَ الخَيْفَقانِ وَقِيلَ: كَانَ اسْمُهُ سَيّاراً خَرَجَ يُرِيدُ الشّحْر هَارِبًا مِنْ عَوْف بْنِ إِكْلِيلِ بْنِ سَيَّارٍ، وَكَانَ قَتَلَ أَخاه عُوَيْفًا، فَلَقِيَهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ وَمَعَهُ نَاقَتَانِ وزادٌ، فَقَالَ لَهُ: أَين تُرِيدُ؟ قَالَ: الشَّحْرُ لِئَلَّا يَقْدِر عليَّ عَوْفٌ فَقَدْ قَتَلْتُ أَخاه عُوَيْفاً، فَقَالَ: خُذْ إِحْدَى النَّاقَتَيْنِ، وشاطَرَه زادَه، فَلَمَّا ولَّى عَطَفَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ فَسُمِّيَ صَرِيعَ الظُّلْمِ؛ وَفِيهِ يَقُولُ الْقَائِلُ:
أُعَلِّمُه الرِّمايةَ كُلَّ يَومٍ، ... فَلَمَّا اسْتَدَّ ساعِدُه رَماني
تَعَالَى اللَّهُ هَذَا الجَوْرُ حَقّاً، ... وَلَا ظُلمٌ كَظُلْم الخَيْفَقانِ
والخَفَقانُ: اضْطِرابُ الْجَنَاحِ. وخَفَقَ الطَّائِرُ أَي طَارَ، وأَخْفَقَ إِذَا ضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنها إخْفاقُ طيرٍ لَمْ يَطِرْ
وَفَلَاةٌ خَيْفَقٌ أَيْ وَاسِعَةٌ يَخْفِق فِيهَا السَّراب؛ قَالَ الزَّفَيان:
أَنَّى أَلَمَّ طَيْفُ لَيلى يَطْرُقُ، ... ودُونَ مَسْراها فَلاةٌ فَيْهقُ،
تِيهٌ مَرَوْراة وفَيْفٌ خَيْفَقُ
__________
(2) . قوله [وسوداب الدين] كذا بالأَصل ورمز له بعلامة وقفة(10/83)
الأَصمعي: المَخْفَقُ الأَرض الَّتِي تَسْتَوِي فَيَكُونُ فِيهَا السرابُ مضْطَرِباً. ومُخَفِّقٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ولامِعاً مخَفِّقٌ فَعَيْهَمُه
خقق: خقَّت الأَتانُ تخِقُّ خَقِيقاً، وَهِيَ خقُوق: صوَّتَ حَياؤها عِنْدَ الْجِمَاعِ مِنَ الهُزال والاسْتِرْخاء، وَكَذَلِكَ كَلُّ أُنْثَى مِنَ الدَّوَابِّ. وخَقَّ الفَرج يَخِقُّ خقِيقاً، وَكَذَلِكَ قُنْبُ الفرَس إِذَا صَوَّتَ، وخقَّت الْمَرْأَةُ وَهِيَ خَقوق وخَقَّاقة كَذَلِكَ، وَهُوَ نَعْتٌ مَكْرُوهٌ؛ قَالَ:
لَوْ نِكْتَ مِنهنَّ خقُوقاً عَرْدا، ... سَمِعْت رِزّاً ودَوِيّاً إِدَّا
أَبو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ: الخِقاقُ صَوْتٌ يَكُونُ فِي ظَبْية الأُنثى مِنَ الْخَيْلِ مِنْ رَخاوة خِلْقتها وارْتِفاع مُلْتَقاها، فَإِذَا تَحَرَّكَتْ لعَنَقٍ أَو غَيْرِهِ احْتَشَتْ رَحمُها الريحَ فصوَّتت فَذَلِكَ الخِقاق، وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ مِنْ ذَلِكَ الخاقُّ. والخَقُوق والخَقَّاقةُ مِنَ الأُتُن وَالنِّسَاءِ: الْوَاسِعَةُ الدُبر. وَيُقَالُ فِي السِّباب: يَا ابْنَ الخَقُوق والخَقَّاقةُ: الاسْتُ؛ وَمِنَ الأَحْراح مُخِقٌّ، وإخْقاقُه: صَوْتُهُ عِنْدَ النَّخْجِ. وحِرٌ مُخِقّ: مُصَوِّتٌ عِنْدَ النَّخْجِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذَا اتَّسعت البَكْرةُ أَو اتَّسع خَرْقُها عَنْهَا قِيلَ: أَخَقَّت إخْقاقاً فانخَسُوها نَخْساً، وَهُوَ أَن يُسدَّ مَا اتَّسَعَ مِنْهَا بِخَشَبَةٍ أَو بِحَجَرٍ أَو بِغَيْرِهِ. وخَقَّت الْبَكَرَةُ: اتَّسع خَرْقُها عَنِ المِحْوَر أَو اتَّسَعَتِ النّعامةُ عَنْ مَوْضِعِ طَرفها مِنَ الزُّرْنُوق. والخَقِيقُ والخَقْخَقةُ: زُعاقُ قُنْب الدَّابَّةِ، وَقَدْ خَقَّ وخَقْخقَ. قَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ الخَقيقُ زُعاقُ قُنب الدابَّة فَإِذَا ضُوعِفَ مُخَفَّفًا قِيلَ: خَقْخَق. والخَقْخقة: صَوْتُ الْقَنْبِ والفرجِ إِذَا ضُوعف. وخَقَّ القارُ وَمَا أَشبهه خَقّاً وخقَقاً وخَقِيقاً وخَقخق: غَلى وسُمع لَهُ صَوْتٌ. والخَقُّ: الْغَدِيرُ الْيَابِسُ إِذَا جَفَّ وتَقَلْفَع؛ قَالَ:
كأَنَّما يَمْشِين فِي خَقّ يَبَسْ
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَالَ أَهل اللُّغَةِ الخقُّ شِبْهُ حُفْرَةٍ غَامِضَةٍ فِي الأَرض مِثْلُ اللُّخْقُوق، قَالَ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. والخَقُّ والأُخْقوق: قَدْرُ مَا يَخْتَفِي فِيهِ الدَّابَّةُ أَو الرَّجُلُ، لُغَةٌ فِي اللُّخْقوق؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَمَنْ قَالَ اللُّخْقُوقُ فَإِنَّمَا هُوَ غَلَطٌ مِنْ قِبَلِ الْهَمْزَةِ مَعَ لَامِ الْمَعْرِفَةِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ يَتكلم بِهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَبِهَذِهِ اللُّغَةِ قَرَأَ نَافِعٌ، يَقُولُونَ قَالَ الأَحمر، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَالَ لَحْمر، وَقَالَ ذَلِكَ سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلُ؛ حَكَاهُ الزَّجَّاجُ. وَقِيلَ: الأَخاقِيقُ فُقَرٌ فِي الأَرض وَهِيَ كُسور فِيهَا فِي مُنْعَرَج الْجَبَلِ وَفِي الأَرض المتَفقِّرة، وَهِيَ الأَودية. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ وَاقِفًا مَعَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوَقَصَت بِهِ نَاقَتُهُ فِي أَخاقِيقِ جِرْذان فَمَاتَ
؛ وَهِيَ شُقوق فِي الأَرض، وَاحِدُهَا أُخْقُوق، وَلَا يَعْرِفُهُ الأَصمعي إِلَّا بِاللَّامِ؛ قَالَ الأَصمعي: إِنَّمَا هُوَ لخَاقِيق جِرْذانٍ، وَاحِدُهَا لُخْقوق، وَهِيَ شُقُوقٌ فِي الأَرض؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: الأَخاقِيقُ صَحِيحَةٌ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَاحِدُهَا أُخْقُوق مِثْلُ أُخدود وأَخادِيدَ. والخَقُّ والخَدُّ: الشَّقُّ فِي الأَرض. يُقَالُ: خَدَّ السيلُ فِيهَا خَدّاً وخَقَّ فِيهَا خَقّاً. ابْنُ شُمَيْلٍ: خَقَّ السَّيْلُ فِي الأَرض خَقًّا إِذَا حَفر فِيهَا حَفْراً عَمِيقًا.(10/84)
وَكَتَبَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوانَ إِلى وَكِيلٍ لَهُ عَلَى ضَيْعة: أَمَّا بَعْدُ فَلَا تَدَعْ خَقّاً مِنَ الأَرض وَلَا لَقًّا إِلا سَوَّيْته وزرَعْتَه؛ فاللَّقُّ: الشَّقُّ الْمُسْتَطِيلُ وَهُوَ الصَّدْعُ، والخَقُّ: حُفْرة غامضة في الأَرض وَهُوَ الجُحْر؛ وأَنشد شَمِرٌ لِلَّعين المِنْقَريّ يَصِفُ ذَكَرَ فَرَسٍ:
وقاسِحٍ كَعمُودِ الأَثْلِ يَحْفِزُه ... دَرْكاً حِصان، وصُلْب غَيْر مَعْرُوقِ
مِثْل الهِراوة مِيثام، إِذا وقَبَتْ ... فِي مَهْبِلٍ، صادَفَتْ دَاءَ اللَّخاقِيقِ «1»
. ابْنُ الأَعرابي: الخِقَقةُ الرَّكَواتُ المُتلاحِماتُ، والخِقَقةُ أَيضاً الشُّقوق الضيِّقةُ. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ استخَقَّ الفرَسُ وأَخَقَّ وامْتَخَض إِذا اسْتَرْخى سُرْمُه، يُقَالُ ذلك في الذكر.
خلق: اللَّهُ تَعَالَى وتقدَّس الخالِقُ والخَلَّاقُ، وَفِي التَّنْزِيلِ: هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ
؛ وَفِيهِ: بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ
؛ وإِنما قُدّم أَوَّل وَهْلة لأَنه مِنْ أَسماء اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ. الأَزهري: وَمِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْخَالِقُ والخلَّاق وَلَا تَجُوزُ هَذِهِ الصِّفَةُ بالأَلف وَاللَّامِ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ الَّذِي أَوجد الأَشياء جَمِيعَهَا بَعْدَ أَن لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً، وأَصل الْخَلْقِ التَّقْدِيرُ، فَهُوَ باعْتبار تَقْدِيرِ مَا مِنْهُ وجُودُها وَبِالِاعْتِبَارِ للإِيجادِ عَلَى وَفْقِ التَّقْدِيرِ خالقٌ. والخَلْقُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: ابتِداع الشَّيْءِ عَلَى مِثال لَمْ يُسبق إِليه: وَكُلُّ شَيْءٍ خلَقه اللَّهُ فَهُوَ مُبْتَدِئه عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سُبق إِليه: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ
... فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ
. قَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ الأَنباري: الْخَلْقُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما الإِنْشاء عَلَى مِثَالٍ أَبْدعَه، وَالْآخَرُ التَّقْدِيرُ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ
، مَعْنَاهُ أَحسن المُقدِّرين؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً
؛ أَي تُقدِّرون كَذِبًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ
خَلْقه؛ تَقْدِيرُهُ، وَلَمْ يَرِدْ أَنه يُحدِث مَعْدُومًا. ابْنُ سِيدَهْ: خَلق اللَّهُ الشَّيْءَ يَخلُقه خَلْقًا أَحدثه بَعْدَ أَن لَمْ يَكُنْ، والخَلْقُ يَكُونُ الْمَصْدَرَ وَيَكُونُ المَخْلُوقَ؛ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ
؛ أَي يخلُقكم نُطَفاً ثُمَّ عَلَقاً ثُمَّ مُضَغاً ثُمَّ عِظاماً ثُمَّ يَكسُو العِظام لَحْمًا ثُمَّ يُصوّر ويَنفُخ فِيهِ الرُّوح، فَذَلِكَ مَعْنَى خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ
فِي البَطن والرَّحِم والمَشِيمةِ، وَقَدْ قِيلَ فِي الأَصلاب وَالرَّحِمِ وَالْبَطْنِ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
الَّذِي أَحسَنَ كلَّ شَيْءٍ خَلْقَه
؛ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قرأَ بِهِ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوجه: فَقَالَ خَلْقاً مِنْهُ، وَقَالَ خَلْقَ كلِّ شَيْءٍ، وَقَالَ عَلَّم كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه؛ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ دِينَ اللَّهِ لأَن اللَّهَ فَطَر الخَلْقَ عَلَى الإِسلام وخلَقهم مِنْ ظَهْرِ آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كالذّرِّ، وأَشْهَدَهم أَنه رَبُّهُمْ وَآمَنُوا، فَمَنْ كَفَرَ فَقَدْ غيَّر خَلْقَ اللَّهِ، وَقِيلَ: هُوَ الخِصاء لأَنَّ مَنْ يَخْصِي الْفَحْلَ فَقَدْ غيَّر خَلْقَ اللَّهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ
، أَي دِينَ اللَّهِ؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ذَهَبَ قَوْمٌ إِلى أَن قولهما حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ الإِيمان مَخْلُوقٌ وَلَا حَجَّةَ لَهُ، لأَن قَوْلَهُمَا دِين اللَّهِ أَرادا حُكْمَ اللَّهِ، والدِّينُ الحُكْم، أَي فَلَيُغَيِّرُنَّ حُكْمَ اللَّهِ والخَلْق الدِّينُ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ
؛ قَالَ قَتَادَةُ: لدِين اللَّهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ الصَّحِيحُ لَا يَقدِر أَحد أَن يُبَدِّلَ
__________
(1) . قوله [مثل الهراوة إلخ] سيأتي للمؤلف في مادة لخق على غير هذا الوجه(10/85)
مَعْنَى صِحَّةِ الدِّينِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ
؛ أَي قُدرتُنا عَلَى حَشْركم كَقُدْرَتِنَا عَلَى خَلْقِكم. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَخلَّق لِلنَّاسِ بِمَا يَعلم اللهُ أَنه لَيْسَ مِنْ نَفسه شانَه اللَّهُ
؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: قَوْلُهُ تخلَّق أَي أَظهر فِي خُلُقِه خِلَافَ نِيَّتِهِ. ومُضْغةٌ مُخلَّقة أَي تَامَّةُ الْخَلْقِ. وَسُئِلَ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنِ قَوْلِهِ تَعَالَى: مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ
، فَقَالَ: النَّاسُ خُلِقوا عَلَى ضَرْبَيْنِ: مِنْهُمْ تَامُّ الخَلق، وَمِنْهُمْ خَدِيجٌ نَاقِصٌ غَيْرُ تَامٍّ، يدُلُّك عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ مَا نَشاءُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مُخَلَّقَةٌ قَدْ بَدَا خَلْقُها، وَغَيْرُ مُخَلَّقَةٍ لَمْ تُصوَّر. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ: لَا وَالَّذِي خَلَق الخُلُوق مَا فَعَلْتُ ذَلِكَ؛ يُرِيدُ جَمْعَ الخَلْقِ. وَرَجُلٌ خَلِيقٌ بَيِّنُ الخَلْق: تامُّ الخَلْق مُعْتَدِلٌ، والأُنثى خَلِيق وخَلِيقة ومُخْتَلَقةٌ، وَقَدْ خَلُقَت خَلاقة. والمُخْتلَق: كالخَليق، والأُنثى مُخْتلَقة. وَرَجُلٌ خَلِيق إِذا تَمَّ خَلقُه، وَالنَّعْتُ خَلُقت المرأَة خَلاقة إِذا تَمَّ خَلْقها. وَرَجُلٌ خَلِيق ومُخْتلَق: حسَنُ الخَلْقِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: امرأَة خَلِيقة ذَاتُ جِسْمٍ وخَلْق، وَلَا يُنْعَتُ بِهِ الرَّجُلُ. والمُخْتلَق: التامُّ الخَلْق والجَمالِ المُعتدِل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ البُرْج بْنِ مُسْهِر:
فَلَمَّا أَن تَنَشَّى، قامَ خِرْقٌ ... مِنَ الفِتْيانِ، مُختَلَقٌ هَضِيمُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ وقَتلِه أَبا جَهْلٍ: وَهُوَ كالجَمل المُخَلَّقِ
أَي التامِّ الخَلْقِ. والخَلِيقةُ: الخَلْقُ والخَلائقُ، يُقَالُ: هُمْ خَلِيقةُ اللَّهِ وَهُمْ خَلْق اللَّهِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَجَمْعُهَا الْخَلَائِقُ. وَفِي حَدِيثِ الخَوارِج:
هُمْ شَرُّ الخَلْقِ والخَلِيقةِ
؛ الخَلْقُ: النَّاسُ، والخَليقةُ: الْبَهَائِمُ، وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَيُرِيدُ بِهِمَا جَمِيعَ الْخَلَائِقِ. والخَلِيقةُ: الطَّبِيعة الَّتِي يُخلَق بِهَا الإِنسان. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: هَذِهِ خَلِيقتُه الَّتِي خُلق عَلَيْهَا وخُلِقَها وَالَّتِي خُلِق؛ أَراد الَّتِي خُلِق صَاحِبُهَا، وَالْجَمْعُ الخَلائق؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ المَلِيكُ، فإِنَّما ... قَسَمَ الخلائقَ، بَيْنَنَا، عَلَّامُها
والخِلْقةُ: الفِطْرة. أَبو زَيْدٍ: إِنه لَكَرِيمُ الطَّبِيعة والخَلِيقةِ والسَّلِيقةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والخَلِيقُ: كالخَلِيقة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ: وَقَالَ القَنانِي فِي الْكِسَائِيِّ:
وَمَا لِي صَدِيقٌ ناصِحٌ أَغْتَدِي لَهُ ... ببَغْدادَ إِلَّا أَنتَ، بَرٌّ مُوافِقُ
يَزِينُ الكِسائيَّ الأَغرَّ خَلِيقُه، ... إِذا فَضَحَتْ بعْضَ الرِّجالِ الخَلائقُ
وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الخَلِيقُ جَمْعَ خَلِيقة كَشَعِيرٍ وَشَعِيرَةٍ، قَالَ: وَهُوَ السابِق إِليّ، والخُلُق الخَلِيقة أَعني الطَّبِيعة. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ
، وَالْجَمْعُ أَخْلاق، لَا يُكسّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. والخُلْق والخُلُق: السَّجِيّة. يُقَالُ: خالِصِ المُؤْمنَ وخالِقِ الْفَاجِرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ شَيْءٌ فِي الْمِيزَانِ أَثْقلَ مِنْ حُسن الخُلُق
؛ الخُلُقُ، بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِهَا: وَهُوَ الدِّين والطبْع وَالسَّجِيَّةُ، وَحَقِيقَتُهُ أَنه لِصورة الإِنسان الْبَاطِنَةِ وَهِيَ نفْسه وأَوصافها وَمَعَانِيهَا المختصةُ بِها بِمَنْزِلَةِ الخَلْق لِصُورَتِهِ الظَّاهِرَةِ وأَوصافها وَمَعَانِيهَا، وَلَهُمَا أَوصاف حسَنة وَقَبِيحَةٌ، والثوابُ وَالْعِقَابُ(10/86)
يَتَعَلَّقَانِ بأَوصاف الصُّورَةِ الْبَاطِنَةِ أَكثر مِمَّا يَتَعَلَّقَانِ بأَوصاف الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ، وَلِهَذَا تَكَرَّرَتِ الأَحاديث فِي مَدح حُسن الْخُلُقِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَقَوْلِهِ:
مِن أَكثر مَا يُدخل الناسَ الجنَّةَ تَقْوَى اللَّهِ وحُسْنُ الْخُلُقِ
، وقولِه:
أَكملُ المؤْمنين إِيماناً أَحْسنُهم خلُقاً
، وَقَوْلُهُ:
إِنَّ الْعَبْدَ ليُدرك بحُسن خُلقه درجةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ
، وَقَوْلُهُ:
بُعِثت لأُتَمِّم مَكارِم الأَخلاق
؛ وَكَذَلِكَ جَاءَتْ فِي ذَمِّ سُوءِ الْخُلُقِ أَيضاً أَحاديث كَثِيرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ خُلُقه القرآنَ
أَي كَانَ مُتَمَسِّكًا بِهِ وَبِآدَابِهِ وأَوامره وَنَوَاهِيهِ وَمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَكَارِمِ وَالْمَحَاسِنِ والأَلطاف. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: مَنْ تخلَّق لِلنَّاسِ بِمَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنه لَيْسَ مِنْ نَفْسه شانَه اللَّهُ
، أَي تكلَّف أَن يُظهر مِنْ خُلُقه خِلاف مَا يَنطوِي عَلَيْهِ، مِثْلُ تصَنَّعَ وتجَمَّل إِذا أَظهر الصَّنِيع وَالْجَمِيلَ. وتَخلَّق بخلُق كَذَا: اسْتَعْمَلَهُ مِنْ غَيْرِ أَن يَكُونَ مَخْلُوقًا فِي فِطْرته، وَقَوْلُهُ تخلَّق مِثْلَ تَجمَّل أَي أَظهر جَمالًا وَتَصَنَّعَ وتَحسَّن، إِنَّما تأْوِيلُه الإِظْهار. وَفُلَانٌ يَتخلَّق بِغَيْرِ خُلقه أَي يَتكلَّفه؛ قَالَ سَالِمُ بْنُ وابِصةَ:
يَا أَيُّها المُتحلِّي غيرَ شِيمَتِه، ... إِن التَّخَلُّق يأْتي دُونه الخُلُقُ
أَراد بِغَيْرِ شِيمته فَحَذَفَ وأَوصَل. وخالَقَ الناسَ: عاشَرهم عَلَى أَخلاقِهم؛ قَالَ:
خالِقِ الناسَ بخُلْقٍ حَسَنٍ، ... لَا تَكُنْ كلْباً عَلَى الناسِ يَهِرّ
والخَلْق: التَّقْدِيرُ؛ وخلَق الأَدِيمَ يَخْلُقه خَلْقاً: قدَّره لما يريد قَبْلَ الْقَطْعِ وَقَاسَهُ لِيَقْطَعَ مِنْهُ مَزادةً أَو قِربة أَو خُفّاً؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَمْدَحُ رَجُلًا:
ولأَنتَ تَفْري مَا خَلَقْتَ، وبعضُ ... القومِ يَخْلُقُ، ثُمَّ لَا يَفْري
يَقُولُ: أَنت إِذا قدَّرت أَمراً قَطَعْتَهُ وأَمضيتَه وغيرُك يُقدِّر مَا لَا يَقطعه لأَنه لَيْسَ بِمَاضِي العَزْم، وأَنتَ مَضّاء عَلَى مَا عَزَمْتَ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
أَرادُوا أَن تُزايِلَ خالِقاتٌ ... أَدِيمَهُمُ، يَقِسْنَ ويَفْتَرِينا
يَصِفُ ابْنَيْ نِزار مِنْ مَعدّ، وَهُمَا رَبِيعةُ ومُضَر، أَراد أَن نسَبهم وأَدِيمهم وَاحِدٌ، فإِذا أَراد خالقاتُ الأَديم التفْرِيقَ بَيْنَ نسَبهم تبيَّن لَهُنَّ أَنه أَديم وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ خَلْقُه لِلْقَطْعِ، وضرَب النِّسَاءَ الخالِقاتِ مَثَلًا لِلنَّسَّابِينَ الَّذِينَ أَرادوا التَّفْرِيقَ بَيْنَ ابْنَيْ نِزار، وَيُقَالُ: زايَلْتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وزيَّلْتُ إِذا فَرَّقْت. وَفِي حَدِيثِ
أُخت أُمَيَّةَ بْنُ أَبي الصَّلْت قَالَتْ: فدخَلَ عليَّ وأَنا أَخلُقُ أَدِيماً
أَي أُقَدِّره لأَقْطَعه. وَقَالَ
الْحَجَّاجُ: مَا خَلَقْتُ إِلَّا فَرَيْتُ، وَلَا وَعَدْتُ إِلَّا وَفَيْتُ.
والخَلِيقةُ: الحَفِيرة المَخْلوقة فِي الأَرض، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض، وَقِيلَ: هِيَ الْبِئْرُ الَّتِي لَا ماءَ فِيهَا، وَقِيلَ: هِيَ النُّقْرة فِي الْجَبَلِ يَسْتَنقِع فِيهَا الْمَاءُ، وَقِيلَ: الْخَلِيقَةُ الْبِئْرُ سَاعَةَ تُحْفَر. ابْنُ الأَعرابي: الخُلُق الآبارُ الحَدِيثاتُ الحَفْر. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: رأَيت بِذِرْوة الصَّمّان قِلاتاً تُمْسِك ماءَ السَّمَاءِ فِي صَفاةٍ خَلَقها اللَّهُ فِيهَا تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ خَلائقَ، الْوَاحِدَةُ خَلِيقةٌ، ورأَيت بالخَلْصاء مِنْ جِبَالِ الدَّهْناء دُحْلاناً خَلَقَهَا اللَّهُ فِي بُطُونِ الأَرض أَفواهُها ضَيِّقَةٌ، فإِذا دَخَلَهَا الدَّاخِلُ وَجَدَهَا تَضِيقُ مَرَّةً وتَتَّسِعُ أُخرى، ثُمَّ يُفْضي المَمَرُّ فِيهَا إِلى قَرار لِلْمَاءِ وَاسِعٍ لَا يُوقَفُ عَلَى أقْصاه،(10/87)
وَالْعَرَبُ إِذا تَرَبَّعوا الدَّهْنَاءَ وَلَمْ يَقَعَ رَبِيعٌ بالأَرضِ يَمْلأُ الغُدْرانَ استَقَوْا لِخَيْلِهِمْ وَشِفَاهِهِمْ «2» مِنْ هَذِهِ الدُّحْلان. والخَلْقُ: الْكَذِبُ. وخلَق الكذبَ والإِفْكَ يخلُقه وتخَلَّقَه واخْتَلَقَه وافْتراه: ابتدَعه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً
. وَيُقَالُ: هَذِهِ قَصِيدَةٌ مَخْلوقة أَي مَنْحولة إِلى غَيْرِ قَائِلِهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ
، فَمَعْنَاهُ كَذِبُ الأَولين، وخُلُق الأَوَّلين قِيلَ: شِيمةُ الأَولين، وَقِيلَ: عادةُ الأَوَّلين؛ ومَن قرأَ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ
فَمَعْنَاهُ افْتِراءُ الأَوَّلين؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قرأَ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ
أَراد اختِلاقهم وَكَذِبَهُمْ، وَمَنْ قرأَ
خُلُق الأَولين
، وَهُوَ أَحبُّ إِليَّ، الْفَرَّاءُ: أَراد عَادَةَ الأَولين؛ قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ حدَّثنا فُلَانٌ بأَحاديث الخَلْق، وَهِيَ الخُرافات مِنَ الأَحاديث المُفْتَعَلةِ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ
؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ
أَي تَخَرُّص. وَفِي حَدِيثِ
أَبي طَالِبٍ: إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ
أَي كَذِبٌ
، وَهُوَ افْتِعال مِنَ الخَلْق والإِبْداع كأَنَّ الْكَاذِبَ تخلَّق قَوْلَهُ، وأَصل الخَلق التَّقْدِيرُ قَبْلَ الْقَطْعِ. اللَّيْثُ: رَجُلٌ خالِقٌ أَي صَانِعٌ، وهُنَّ الخالقاتُ لِلنِّسَاءِ. وخلَق الشيءُ خُلوقاً وخُلوقةً وخَلُقَ خَلاقةً وخَلِق وأَخْلَق إِخْلاقاً واخْلَوْلَق: بَلِيَ؛ قَالَ:
هاجَ الهَوى رَسْمٌ، بذاتِ الغَضَا، ... مُخْلَوْلِقٌ مُسْتَعْجِمٌ مُحْوِلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ خَلُقَ قَوْلُ الأَعشى:
أَلا يَا قَتْل، قَدْ خَلُقَ الجَديدُ، ... وحُبُّكِ مَا يَمِحُّ [يَمُحُ] وَلَا يَبِيدُ
وَيُقَالُ أَيضاً: خَلُق الثوبُ خُلوقاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَضَوْا، وكأَنْ لَمْ تَغْنَ بالأَمسِ أَهْلُهُم، ... وكُلُّ جَدِيدٍ صائِرٌ لِخُلُوقِ
وَيُقَالُ: أَخْلَقَ الرَّجُلُ إِذا صَارَ ذَا أَخْلاق؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
عَجِبَتْ أُثَيْلةُ أَنْ رأَتْني مُخْلِقاً؛ ... ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ أَيُّ ذَاكَ يَرُوعُ؟
قَدْ يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتى، ورِداؤه ... خَلَقٌ، وجَيْبُ قَميصِه مَرْقُوعُ
وأَخْلَقْته أَنا، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وشيءٌ خَلَقٌ: بالٍ، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ لأَنه فِي الأَصل مَصْدَرُ الأَخْلَقِ وَهُوَ الأَمْلَس. يُقَالُ: ثَوْبٌ خَلَق ومِلْحفة خَلَق وَدَارٌ خَلَقٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا خَلَقة فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ. وجِسْمٌ خَلَقٌ ورِمّة خَلَق؛ قَالَ لَبِيدٌ:
والثِّيبُ إِنْ تَعْرُ مِنِّي رِمَّةً خَلَقاً، ... بعدَ المَماتِ، فإِني كنتُ أَتَّئِرُ
وَالْجَمْعُ خُلْقانٌ وأَخْلاق. وَقَدْ يُقَالُ: ثَوْبٌ أَخلاق يَصِفُونَ بِهِ الْوَاحِدَ، إِذا كَانَتِ الخلُوقة فِيهِ كلِّهِ كَمَا قَالُوا بُرْمةٌ أَعْشار وَثَوْبٌ أَكْياشٌ وحبْل أَرْمامٌ وأَرضٌ سَباسِبٌ، وَهَذَا النَّحْوُ كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ مُلاءَة أَخْلاق وبُرْمة أَخْلاق؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي نَوَاحِيهَا أَخْلاق، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي فُرِّقَ ثُمَّ جُمِع، قَالَ: وَكَذَلِكَ حَبْل أَخلاق وقِرْبة أَخلاق؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ ثَوْبٌ أَخلاق يُجمع
__________
(2) . قوله [لخيلهم وشفاههم] كذا بالأَصل، وعبارة ياقوت في الدحائل عن الأَزهري: أَنْ دُحْلَانَ الْخَلْصَاءِ لَا تَخْلُو مِنَ الْمَاءِ وَلَا يُسْتَقَى مِنْهَا إِلَّا لِلشِّفَاءِ والخبل لتعذر الاستسقاء مِنْهَا وَبُعْدِ الْمَاءِ فِيهَا من فوهة الدحل(10/88)
بِمَا حَوْلَهُ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
جاءَ الشِّتاءُ، وقَمِيصي أَخْلاقْ ... شَراذِمٌ، يَضْحَكُ مِنْهُ التَّوَّاقْ
والتَّوّاقُ: ابْنُهُ. وَيُقَالُ جُبّة خَلَق، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَجَدِيدٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ أَيضاً، وَلَا يَجُوزُ جُبَّة خلَقة وَلَا جَديدة. وَقَدْ خَلُق الثَّوْبُ، بِالضَّمِّ، خُلوقة أَي بَلِيَ، وأَخلَق الثَّوْبُ مِثْلُهُ. وَثَوْبٌ خَلَقٌ: بالٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
كأَنَّهما، والآلُ يَجْرِي عَلَيْهِمَا ... مِنَ البُعْدِ، عَيْنا بُرْقُعٍ خَلَقانِ
قَالَ الْفَرَّاءُ: وإِنما قِيلَ لَهُ خَلقٌ بِغَيْرِ هَاءٍ لأَنه كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِي الأَصل مُضَافًا فَيُقَالُ أَعطِني خَلَقَ جُبَّتك وخَلَقَ عِمامتِك، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الإِفراد كَذَلِكَ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ قَالَ الزَّجَّاجِيُّ فِي شَرْحِ رِسَالَةِ أَدب الْكَاتِبِ: لَيْسَ مَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ بِشَيْءٍ لأَنه يُقَالُ لَهُ فلمَ وَجَبَ سُقوط الْهَاءِ فِي الإِضافة حَتَّى حُمل الإِفراد عَلَيْهَا؟ أَلا تَرَى أَن إِضافة الْمُؤَنَّثِ إِلى الْمُؤَنَّثِ لَا تُوجِبُ إسقاط العلاقة مِنْهُ، كقولهِ مخدّةُ هِند ومِسْوَرةُ زَينب وَمَا أَشبه ذَلِكَ؟ وَحَكَى الْكِسَائِيُّ: أَصبحت ثِيَابُهُمْ خُلْقاناً وخَلَقُهم جُدُداً، فَوَضَعَ الْوَاحِدَ مَوْضِعَ الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ الخُلقان. ومِلْحفة خُلَيْقٌ: صغَّروه بِلَا هَاءٍ لأَنه صِفَةٌ وَالْهَاءُ لَا تَلْحَقُ تَصْغِيرَ الصِّفَاتِ، كَمَا قَالُوا نُصَيف فِي تَصْغِيرِ امرأَة نَصَف. وأَخْلق الدّهرُ الشيءَ: أَبلاه؛ وَكَذَلِكَ أَخْلَق السائلُ وجهَه، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وأَخلقَه خَلَقاً: أَعطاه إِياها. وأَخلَق فُلَانٌ فُلَانًا: أَعطاه ثَوْبًا خَلقاً. وأَخلقْته ثَوْبًا إِذا كسَوْته ثَوْبًا خَلَقًا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدًا عَلَى أَخْلَق الثوبُ لأَبي الأَسود الدُّؤَلِيِّ:
نَظَرْتُ إِلى عُنْوانِه فنَبَذْتُه، ... كنَبذِكَ نعْلًا أَخْلَقَتْ مِنْ نِعالِكا
وَفِي حَدِيثِ
أُم خَالِدٍ: قَالَ لَهَا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبْلي وأَخْلِقِي
؛ يُرْوَى بِالْقَافِ وَالْفَاءِ، فَبِالْقَافِ مِنْ إِخلاق الثَّوْبِ وَتَقْطِيعِهِ مِنْ خَلُق الثوبُ وأَخلَقه، وَالْفَاءُ بِمَعْنَى العِوَض والبَدَل، قَالَ: وَهُوَ الأَشبه. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: باعَه بيْع الخلَق، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ وأَنشد:
أَبْلِغْ فَزارةَ أَنِّي قَدْ شَرَيْتُ لَهَا ... مَجْدَ الحياةِ بِسَيْفِي، بَيْعَ ذِي الخَلَقِ
والأَخْلَقُ: الليِّن الأَملسُ المُصْمَتُ. والأَخلَق: الأَملس مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وهَضْبة خَلْقاء: مُصمتة مَلْساء لَا نَبَاتَ بِهَا. وَقَوْلُ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَيْسَ الْفَقِيرُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ إِنما الْفَقِيرُ الأَخْلَقُ الكَسْبِ
؛ يَعْنِي الأَملس مِنَ الحَسنات الَّذِي لَمْ يُقدِّم لِآخِرَتِهِ شَيْئًا يُثَابُ عَلَيْهِ؛ أَراد أَن الْفَقْرَ الأَكبر إِنما هُوَ فَقْرُ الْآخِرَةِ وأَنّ فَقْرَ الدُّنْيَا أَهون الْفَقْرَيْنِ، وَمَعْنَى وَصْفِ الْكَسْبِ بِذَلِكَ أَنه وَافِرٌ مُنْتظِم لَا يَقَعُ فِيهِ وَكْسٌ وَلَا يَتحيَّفُه نَقْص، كَقَوْلِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لَيْسَ الرَّقُوب الَّذِي لَا يَبْقَى لَهُ وَلَدٌ وإِنما الرَّقُوبُ الَّذِي لَمْ يُقدِّم مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه، هَذَا مثَل لِلرَّجُلِ الَّذِي لَا يُرْزَأُ فِي مَالِهِ، وَلَا يُصاب بِالْمَصَائِبِ، وَلَا يُنكَب فيُثاب عَلَى صَبْرِهِ فِيهِ، فإِذا لَمْ يُصَبْ وَلَمْ يُنكب كَانَ فَقِيرًا مِنَ الثَّوَابِ؛ وأَصل هَذَا أَن يُقَالَ لِلْجَبَلِ الْمُصْمَتِ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ شَيْءٌ أَخلَقُ. وَفِي حَدِيثِ
فاطمةَ بِنْتِ قَيْسٍ: وأَما مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ أَخلَقُ مِنَ الْمَالِ
أَي خِلْوٌ عارٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ حَجر أَخلَقُ أَي أَمْلَسُ مُصْمَت لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ شَيْءٌ.(10/89)
وَصَخْرَةٌ خَلْقاء إِذا كَانَتْ مَلْساء؛ وأَنشد للأَعشى:
قَدْ يَتْرُك الدهْرُ فِي خَلْقاءَ راسيةٍ ... وَهْياً، ويُنْزِلُ مِنْهَا الأَعْصَمَ الصَّدَعا
فأَراد عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَن الفَقْر الأَكبر إِنما هُوَ فقرُ الْآخِرَةِ لِمَنْ لَمْ يُقدِّم مِنْ مَالِهِ شَيْئًا يُثَابُ عَلَيْهِ هُنَالِكَ. والخَلْق: كُلُّ شَيْءٍ مُمَلَّس. وَسَهْمٌ مُخَلَّق: أَملَسُ مُستوٍ. وَجَبَلٌ أَخلقُ: ليِّن أَملس. وَصَخْرَةٌ خَلْقاء بيِّنة الخَلَق: لَيْسَ فِيهَا وَصْم وَلَا كَسْرٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ فَرَسًا:
بمُقَلِّصٍ دَرْكِ الطَّرِيدةِ، مَتْنُه ... كصَفا الخَلِيقةِ بالفَضاءِ المُلْبِدِ
والخَلِقةُ: السحابةُ الْمُسْتَوِيَةُ المُخِيلةُ لِلْمَطَرِ. وامرأَة خُلَّقٌ وخَلْقاء: مِثْلُ الرَّتْقاء لأَنها مُصْمَتة كالصَّفاة الخَلْقاء؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ مَثَل بالهَضْبة الخَلْقاء لأَنها مُصمتة مِثْلُهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كُتب إِليه فِي امرأَة خَلْقاء تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ فكتَب إِليه: إِن كَانُوا عَلِمُوا بِذَلِكَ، يَعْنِي أَولياءها، فأَغْرمْهم صَداقَها لِزَوْجِهَا
؛ الخَلْقاء: الرَّتْقاء مِنَ الصخْرة الملْساء المُصمتة. والخَلائق: حَمائرُ الْمَاءِ، وَهِيَ صُخور أَربع عِظام مُلْس تَكُونُ عَلَى رأْس الرَّكِيّة يَقُومُ عَلَيْهَا النازعُ والماتِحُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَغَادَرْنَ مَرْكُوّاً أَكَسَّ عَشِيّة، ... لدَى نَزَحٍ رَيَّانَ بادٍ خَلائقُهْ
وخَلِق الشيءُ خَلَقاً واخْلَوْلَق: امْلاسَّ ولانَ وَاسْتَوَى، وخَلَقه هُوَ. واخْلَوْلَق السحابُ: اسْتَوَى وارْتَتقَتْ جَوَانِبُهُ وصارَ خَلِيقاً لِلْمَطَرِ كأَنه مُلِّس تَمْلِيسًا؛ وأَنشد لمُرقِّش:
مَاذَا وُقُوفي عَلَى رَبْعٍ عَفا، ... مُخْلَوْلِقٍ دارسٍ مُسْتَعْجِمِ؟
واخْلَولَق الرَّسْمُ أَي اسْتَوَى بالأَرض. وسَحابة خَلْقاء وخَلِقة؛ عَنْهُ أَيضاً، وَلَمْ يُفسر. ونشأَتْ لَهُمْ سَحَابَةٌ خَلِقة وخَلِيقةٌ أَي فِيهَا أَثر الْمَطَرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا رَعَدَتْ رَعْدةٌ وَلَا بَرَقَتْ، ... لكنَّها أُنْشِئتْ لَنَا خَلِقَهْ
وقِدْحٌ مُخلَّق: مُستوٍ أَملس مُلَيَّن، وَقِيلَ: كُلُّ مَا لُيِّن ومُلِّس، فَقَدْ خُلِّق. وَيُقَالُ: خَلَّقْته مَلَّسته؛ وأَنشد لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ الهِلالي:
كأَنَّ حَجاجَيْ عَيْنِها فِي مُثَلَّمٍ، ... مِنَ الصَّخْرِ، جَوْنٍ خَلَّقَتْه المَوارِدُ
الْجَوْهَرِيُّ: والمُخلَّق القِدْح إِذا لُيِّن؛ وَقَالَ يَصِفُهُ:
فخَلَّقْتُه حَتَّى إِذا تَمَّ واسْتوَى، ... كَمُخّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمامِ،
قَرَنْتُ بحَقْوَيْهِ ثَلاثاً، فَلَمْ يَزِغْ ... عَنِ القَصْدِ حَتَّى بُصِّرتْ بدِمامِ
والخَلْقاء: السَّمَاءُ لمَلاستها واستِوائها. وخَلْقاء الجَبْهة والمَتْن وخُلَيْقاؤُهما: مُستَواهما وَمَا امْلاسَّ مِنْهُمَا، وَهُمَا بَاطِنَا الْغَارِ الأَعلى أَيضاً، وَقِيلَ: هُمَا مَا ظَهَرَ مِنْهُ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ لَفْظُ التَّصْغِيرِ. وخَلْقاء الْغَارِ الأَعلى: بَاطِنُهُ. وَيُقَالُ: سُحِبُوا عَلَى خَلْقاواتِ جِباهِهم. والخُلَيْقاءُ مِنَ الْفَرَسِ: حَيْثُ لَقِيت جَبهته قَصبة أَنفه مِنْ مُسْتدَقِّها، وَهِيَ كالعِرْنين مِنَ الإِنسان. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فِي وَجْهِ الْفَرَسِ خُلَيْقاوانِ وَهُمَا حَيْثُ لقِيت جبهتُه قَصبة أَنفه، قَالَ: وَالْخَلَيْقَانِ عَنْ يَمِينِ الخُلَيْقاء وَشِمَالِهَا يَنْحَدِر إِلى(10/90)
الْعَيْنِ، قَالَ: والخُلَيْقاء بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الخَلْقاء. والخَلُوقُ والخِلاقُ: ضَرب مِنَ الطِّيب، وَقِيلَ: الزَّعْفران؛ أَنشد أَبو بَكْرٍ:
قَدْ عَلِمَتْ، إِنْ لَمْ أَجِدْ مُعِينا، ... لتَخْلِطَنَّ بالخَلُوقِ طِينا
يَعْنِي امْرَأَتَهُ، يَقُولُ: إِنْ لَمْ أَجد مَنْ يُعينني عَلَى سَقْيِ الإِبل قَامَتْ فَاسْتَقَتْ مَعِي، فَوَقَعَ الطِّينُ عَلَى خَلُوق يَدَيْهَا، فَاكْتَفَى بالمُسبَّب الَّذِي هُوَ اخْتِلَاطُ الطِّينِ بِالْخَلُوقِ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِقَاءُ مَعَهُ؛ وأَنشد اللحياني:
ومُنْسَدِلًا كقُرونِ العَرُوسِ ... تُوسِعُه زَنْبَقاً أَو خِلاقا
وَقَدْ تَخلَّق وخَلَّقْته: طَلَيْته بالخَلُوق. وخَلَّقَت المرأَة جِسْمَهَا: طَلته بالخَلوق؛ أَنْشَدَ اللِّحْيَانِيُّ:
يَا ليتَ شِعْري عنكِ يَا غَلابِ، ... تَحْمِلُ معْها أَحسنَ الأَرْكابِ،
أَصفر قَد خُلِّقَ بالمَلابِ
وَقَدْ تخلَّقت المرأَة بِالْخَلُوقِ، والخلوقُ: طِيبٌ مَعْرُوفٌ يُتَّخَذُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنواع الطِّيبِ، وتَغلِب عَلَيْهِ الْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ، وَقَدْ وَرَدَ تَارَةً بِإِبَاحَتِهِ وَتَارَةً بِالنَّهْيِ عَنْهُ، وَالنَّهْيُ أَكثر وأَثبت، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ لأَنه مِنْ طِيبِ النِّسَاءِ، وَهُنَّ أَكثر اسْتِعْمَالًا لَهُ مِنْهُمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ نَاسِخَةٌ. والخُلُق: المُرُوءَة. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مَخْلَقةٌ لِلْخَيْرِ كَقَوْلِكَ مَجْدَرةٌ ومَحْراةٌ ومَقْمَنةٌ. وَفُلَانٌ خَلِيق لِكَذَا أَيْ جَدِيرٌ بِهِ. وأَنت خَليق بِذَلِكَ أَي جَدِيرٌ. وَقَدْ خَلُق لِذَلِكَ، بِالضَّمِّ: كأَنه مِمَّنْ يُقدَّر فِيهِ ذَاكَ وتُرى فِيهِ مَخايِلهُ. وَهَذَا الأَمر مخْلَقة لَكَ أَيْ مَجْدَرة، وَإِنَّهُ مَخلقة مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ. وَإِنَّهُ لخَلِيق أَن يَفعل ذَلِكَ، وبأَن يَفْعَلَ ذَلِكَ، ولأَن يَفْعَلَ ذَلِكَ، ومِن أَن يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِنَّهُ لمَخلَقة، يُقَالُ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ كُلِّهَا؛ كلُّ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَحُكِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ: إنَّ أَخْلَقَ بِكَ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ، قَالَ: أَرادوا إنَّ أَخلق الأَشياء بِكَ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ يَا خليقُ بِذَلِكَ فَتَرْفَعُ، وَيَا خليقَ بِذَلِكَ فَتَنْصِبُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف وَجْهَ ذَلِكَ. وَهُوَ خَلِيقٌ لَهُ أَي شَبِيهٌ. وَمَا أَخْلَقَه أَي مَا أَشْبَهَهُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لِخَلِيقٌ أَيْ حَرِيٌّ؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلشَّيْءِ الَّذِي قَدْ قَرُب أَنْ يَقَعَ وَصَحَّ عِنْدَ مَنْ سَمِعَ بِوُقُوعِهِ كونُه وَتَحْقِيقُهُ. وَيُقَالُ: أَخْلِقْ بِهِ، وأَجْدِرْ بِهِ، وأَعْسِ بِهِ، وأَحْرِ بِهِ، وأَقْمِنْ بِهِ، وأَحْجِ بِهِ؛ كلُّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ وَاحِدٌ. وَاشْتِقَاقُ خَلِيق وَمَا أَخْلَقه مِنَ الخَلاقة، وَهِيَ التَّمْرينُ؛ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ لِلَّذِي قَدْ أَلِفَ شَيْئًا صَارَ ذَلِكَ لَهُ خُلُقاً أَيْ مَرَنَ عَلَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ الخُلُق الحسَن. والخُلوقة: المَلاسةُ، وأَمّا جَدِير فمأْخوذ مِنَ الإِحاطة بِالشَّيْءِ وَلِذَلِكَ سمِّي الْحَائِطُ جِداراً. وأَجدرَ ثَمَرُ الشَّجَرَةِ إذا بدت تَمرتُه وأَدَّى مَا فِي طِباعه. والحِجا: الْعَقْلُ وَهُوَ أَصل الطَّبْعِ. وأَخْلَق إخْلاقاً بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وأَما قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
ومُخْتَلَقٌ للمُلْك أَبيضُ فَدْغَمٌ، ... أَشَمُّ أَبَجُّ العينِ كالقَمر البَدْرِ
فَإِنَّمَا عَنَى بِهِ أَنه خُلِق خِلْقةً تصلحُ للمُلك. واخلَوْلَقَت السماءُ أَن تمطرُ أَي قارَبتْ وشابهَت، واخْلَوْلَق أَن تَمطُر عَلَى أَن الفِعل لَانَ «1» .؛ حكاه
__________
(1) . قوله: عَلَى أَن الْفِعْلَ لَانَ، هكذا في الأصل ولعل في الكلام سقطاً(10/91)
سِيبَوَيْهِ. واخْلَوْلَق السَّحَابُ أَي اسْتَوَى؛ وَيُقَالُ: صَارَ خَلِيقاً لِلْمَطَرِ. وَفِي حَدِيثِ صِفَةِ السَّحَابِ:
واخْلَوْلَق بَعْدَ تَفرُّقٍ
أَي اجْتَمَعَ وتهيَّأ لِلْمَطَرِ. وَفِي خُطبة
ابْنِ الزُّبَيْرِ. إِنَّ الموتَ قَدْ تَغَشَّاكم سحابُه، وأَحْدَق بِكُمْ رَبابُه، واخْلوْلَقَ بَعْدَ تَفرُّق
؛ وَهَذَا الْبِنَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ وَهُوَ افْعَوْعَل كاغْدَوْدَنَ واغْشَوْشَبَ. والخَلاقُ: الحَظُّ والنَّصِيب مِنَ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ. يُقَالُ: لَا خَلاق لَهُ فِي الْآخِرَةِ. وَرَجُلٌ لَا خَلَاقَ لَهُ أَي لَا رَغْبة لَهُ فِي الْخَيْرِ وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَلَا صَلاح فِي الدِّينِ. وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ
؛ الْخَلَاقُ: النَّصِيبُ مِنَ الْخَيْرِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَا خلاق لهم لا نَصِيبَ لَهُمْ فِي الْخَيْرِ، قَالَ: والخَلاق الدِّينُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْخَلَاقُ النَّصِيبُ المُوفَّر؛ وأَنشد لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:
فَمَنْ يَكُ مِنْهُمْ ذَا خَلاق، فإنَّه ... سَيَمْنَعُه مِنْ ظُلْمِه مَا تَوَكَّدا
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ
؛ الخَلاق، بِالْفَتْحِ: الْحَظُّ وَالنَّصِيبُ. وَفِي حَدِيثِ
أُبَيّ: إِنما تأْكل مِنْهُ بخَلاقك
أَي بِحَظِّكَ وَنَصِيبِكَ مِنَ الدِّينِ؛ قَالَ لَهُ ذَلِكَ فِي طَعَامِ مَنْ أَقرأَه الْقُرْآنَ.
خمق: الخَمْقُ: الأَخذ فِي خُفْية [خِفْية] ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَحسَبه عربيّاً.
خنق: الخَنِق، بِكَسْرِ النُّونِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ خَنَقَه يَخْنُقُه خَنْقاً وخَنِقاً، فَهُوَ مَخْنُوق وخَنِيق، وَكَذَلِكَ خَنَّقه، وَمِنْهُ الخُنَّاق وَقَدِ انْخَنقَ واخْتنقَ وانْخنقت الشَّاةُ بِنَفْسِهَا، فَهِيَ مُنْخَنِقة، فأَما الانْخناق فَهُوَ انعصار الخِناق [الخُناق] فِي خَنْقه، والاخْتِناق فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ. وَرَجُلٌ خَنِق: مَخْنُوق. وَرَجُلٌ خانِق فِي مَوْضِعِ خَنِيق: ذُو خِنَاقٍ؛ وَأَنْشَدَ:
وخانِقٍ ذِي غُصَّة جِرَّاضِ «2»
. والخِناق الحَبل الَّذِي يُخنَق بِهِ. والخِناق: مَا يُخَنق بِهِ. والخَنَّاق: نَعْتٌ لِمَنْ يَكُونُ ذَلِكَ شأْنَه وفعلَه بِالنَّاسِ. والخِناق والمِخْنقة: القِلادة الْوَاقِعَةُ عَلَى المُخَنَّق. والخُناقُ والخُناقيَّةُ: دَاءٌ أَو رِيحٌ يأْخذ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ فِي الحُلوق وَيَعْتَرِي الْخَيْلَ أَيضاً وَقَدْ يأْخذ الطَّيْرَ في رؤوسها وحُلُقها، وأَكثر مَا يَظْهَرُ فِي الْحَمَامِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ مُشْتَقٍّ لأَن الخَنق إِنَّمَا هُوَ فِي الْحَلْقِ. يُقَالُ خُنق الْفَرَسُ، فَهُوَ مَخْنوق. أَبُو سَعِيدٍ: المُخْتَنِق مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي أَخذت غُرّتُه لَحْيَيْه إِلَى أُصول أُذنيه، فَإِذَا أَخذ البياضُ وجْهه وأُذنيه فَهُوَ مُبَرْنَسٌ. وخَنَّقْت الحوضَ تخْنِيقاً إِذَا شدَدْت مَلأَه؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
ثُمّ طَبَّاهَا ذُو حبابٍ مُتْرَعُ، ... مُخَنَّقٌ بِمَائِهِ مُدَعْدَعُ
ابْنُ الأَعرابي: الخُنُق الفُروج الضَّيقة مِنْ فُروج النِّسَاءِ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: فَلْهَمٌ خِنَاقٌ ضَيِّق حُزُقّةٌ قَصِير السَّمْك. والمُخْتَنَقُ: المَضِيق. ومُختَنق الشِّعْب: مَضِيقُه. والخانِقُ: مَضيق فِي الْوَادِي. وَالْخَانِقُ: شِعْب ضَيِّقٌ فِي الْجَبَلِ، وأَهل الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الزُّقاق خَانِقًا. وخَانِقين وخانِقُونَ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ، وَفِي النصب
__________
(2) . قوله [وخانق ذي إلخ] عبارة المؤلف في مادة جرض: وَالْجَرِيضُ وَالْجِرْيَاضُ الشَّدِيدُ الْهَمِّ؛ وَأَنْشَدَ:
وَخَانِقٍ ذِي غُصَّةٍ جِرْيَاضِ ... قَالَ خَانِقٍ مَخْنُوقٍ ذي خنق(10/92)
وَالْخَفْضِ خَانِقِينَ. الْجَوْهَرِيُّ: انْخنقَت الشَّاةُ بِنَفْسِهَا فَهِيَ مُنخَنقة، وَمَوْضِعُهُ مِنَ الْعُنُقِ مُخَنَّق، بِالتَّشْدِيدِ، يُقَالُ: بَلَغَ مِنْهُ المُخَنَّق. وأَخذت بِمُخَنَّقه أَي مَوْضِعِ الخِناق؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي النَّجْمِ:
والنفْسُ قَدْ طارَتْ إِلَى المُخنَّق
وَكَذَلِكَ الخِناق والخُناق. يُقَالُ: أَخَذ بِخُناقه؛ وَمِنْهُ اشْتُقَّتِ المِخْنقة مِنَ الْقِلَادَةِ. والمُختَنق: المَضِيقُ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ: سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمراء يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقاتها ويَخْنُقونها إِلى شَرق الْمَوْتَى
أَي يُضيِّقُون وَقْتَهَا بتأْخيرها. يُقَالُ: خنقْت الْوَقْتَ أَخْنُقه إِذَا أَخَّرته وضيَّقْته. وَهُمْ فِي خُناق مِنَ الْمَوْتِ أَي في ضيق.
خنبق: الخُنْبُقُ: البَخِيل الضيِّقُ، والخِنْبِق: الرَّعْناء.
خندق: الخَنْدَقُ: الْوَادِي. والخَندق: الحَفير. وخَنْدَقَ حَوْلَهُ: حَفَرَ خَنْدقاً. والخَندق: الْمَحْفُورُ، وَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا تحْسَبَنَّ الخَنْدَقَ المَحْفُورا، ... يَدْفَعُ عَنْكَ القَدَر المَقْدُورا
وَهُوَ أَيضاً اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
كعَناء لَيْلَتِنا الَّتِي جُعِلَتْ لَنَا، ... بالقَرْيَتَيْن، ولَيلةٍ بالخَنْدَقِ
والخَنْدَقُوق: الطَّوِيلُ. وخَنْدَقُ بْنُ زِيَادٍ: رجل من العرب.
خنعق: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: ابْنُ شُمَيْلٍ قَالَ أَبو الْوَلِيدِ الأَعرابي: قُلْتُ لأَبي الذِّئْبِ رأَيت فُلَانًا مُخَنْعِقاً، فَقَالَ أَبو الذِّئْبِ: مُخَعْنِقاً يَعْنِي ذَاهِبًا بِسُرعة مَشْيٍ، ورأَيته فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُخَنعِقاً، فَقَالَ لَهُ أَبو الذِّئْبِ: مخنْعِقاً، بِتَقْدِيمِ النُّونِ فيهما.
خنفق: اللَّيْثُ: الخَنْفَقِيق والعَنْقَفِير وَهُوَ الدَّاهِيَةُ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
سَهِرْتَ بِهِ لَيْلَةً كلَّها، ... فجئتَ بِهِ مُؤْدَناً خَنْفَقِيقا «1»
. يَقُولُ: ولدْتَ للرَّأْي لَيْلَةً كُلَّهَا فَجِئْتَ بِدَاهِيَةٍ.
خوق: الخَوْقُ: الحَلْقة مِنَ الذَّهَبِ والفِضة، وَقِيلَ هِيَ حَلْقة القُرط والشَّنْف خاصَّة؛ قَالَ سَيّار الأَباني:
كَأَنَّ خَوْقَ قُرْطِها المَعْقُوبِ ... عَلَى دَباةٍ، أَوْ عَلَى يَعْسُوبِ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الخَوْق حَلقة فِي الأُذن، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا مِنْ فِضَّةٍ، يُقَالُ: مَا فِي أُذنها خُرْصٌ وَلَا خَوْق. ابْنُ الأَعرابي: الحادُور القُرط، وخَوْقه حَلْقته؛ قَالَ: والمُخَوَّقُ الحادُور الْعَظِيمُ الخَوْقِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: خُقْ خُقْ أَي حَلِّ جَارِيَتَكَ بِالْقُرْطِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَما تَستطيع إِحداكُنّ أَن تأْخذ خَوْفاً مِنْ فِضَّةٍ فتَطلِيَه بِزَعْفَرَانٍ؟
الخَوْقُ: الحَلْقة. وخاقُ المفازِة: طُولُهَا، وخَوَقُها: سَعَتُها، وَيُقَالُ: خَوَقها طُولُهَا وعَرْض انْبِسَاطِهَا وسَعة جَوْفها، وخَرْقٌ أَخْوقُ؛ قَالَ سَالِمُ بْنُ قِحْفَانَ:
تَرَكْت كُلَّ صَحْصحانٍ أَخْوَقا
ومَفازَة خَوْقاء: وَاسِعَةُ الجَوْف، ومُنْخاقةٌ؛ وأَنشد:
خَوْقاء مَفضاها إِلَى مُنخاقِ
وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
عَنْ طامِسِ الأَعْلامِ أَو تَخَوَّقا
__________
(1) . ورد هذا البيت في الصفحتين 81 و 82 في روايتين تختلفان عما روي عليه هنا(10/93)
قَالَ: تخوَّق تباعَدَ عَنْهُ؛ وَقَالَ:
وجَرْداء خَوْقاء المسارِحِ هَوْجَل، ... بِهَا لاسْتِداء الشَّعْشَعانات مَسْبَحُ
وَقِيلَ: مَفازة خَوْقاء لَا مَاءَ فِيهَا وَقَدِ انْخاقَت المَفازة. وَبَلَدٌ أَخْوَقُ: وَاسِعٌ بَعِيدٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِي العَين مَهْوًى ذِي حِدابٍ أَخْوَقا، ... إِذَا المَهارِي اجْتَبْنَه تخَرَّقا
والخَوْقاء: الرَّكِيَّة الْبَعِيدَةُ الْقَعْرِ الْوَاسِعَةُ مِنَ الرَّكايا بيِّنة الخَوَق. والخَوَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرٌ قَوْلُكَ مَفازة خَوْقاء، وَبِئْرٌ خَوْقاء أَيْ وَاسِعَةٌ. والخَوْقاء مِنَ النِّسَاءِ: الْوَاسِعَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا حِجَابَ بَيْنَ فَرْجِهَا ودُبرها، وَقِيلَ: هِيَ المُفْضاة. وَيُقَالُ لِلْفَرْجِ: خاقِ باقِ لخَوَقِها أَيْ لسَعتها كأَنها حِكَايَةُ صَوْتِ سَعَتِهِ؛ قَالَ:
قَدْ أَقْبَلَتْ عَمْرةُ مِنْ عِراقِها، ... تَضْرِب قُنْبَ عَيْرِها بِساقها،
تَسْتَقبِلُ الريحَ بِخاق باقِها،
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَجَعَلَ الرَّاجِزُ خاقِ باقِ فَلْهَم المرأَة حَيْثُ يَقُولُ:
مُلْصِقةَ السَّرْجِ بخاقِ باقِها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: خَاقِ بَاقِ صَوْتُ الْفَرْجِ عِنْدَ النِّكَاحِ فَسُمِّيَ الْفَرْجُ بِهِ، قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ الْخَاقِ بَاقِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ مِثْلُ الخَازِ بازِ. والخَوْقاء: الحَمْقاء مِنَ النِّسَاءِ. والخَوْقاء مِنَ النِّسَاءِ: الطَّوِيلَةُ الدقيقةُ، وَنِسَاءٌ خُوقٌ. وخاقَ الرجلُ المرأَةَ إِذَا فَعل بِهَا. ابْنُ الأَعرابي: خاقِ باقِ صَوْتُ حَرَكَةِ أَبي عُمَيْر فِي زَرْنَبِ الفَلْهَمِ، والزَّرْنَب الكَيْن. وخاقَ الشيءَ: اسْتأْصَله وذهَب بِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَقَدْ خاقَتْ بحُوري أَصْلَ تَيْمٍ، ... فَقَدْ غَرِقُوا بمُنْتَطَحِ [بمُنْتَطِحِ] السُّيُولِ
والخَوَقُ: الجرَب؛ عَنِ الأُموِيّ. يُقَالُ: بَعِيرٌ أَخْوقُ، وَنَاقَةٌ خَوْقاء أَيْ جَربْاء، وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ الجرَب؛ وأَنشد ابْنُ شُمَيْلٍ:
لَا تأْمَنَنَّ سُلَيْمى أَن أُفارِقَها ... صَرْمي ظَعائنَ هِنْدٍ، يَوم سُعْفوقِ
لَقَدْ صَرَمْتُ خَلِيلًا كَانَ يأْلَفُني، ... والآمِناتُ فِراقي بعدهَ خُوقِ «1»
. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: خُوقُ الْفَرَسِ جِلْدة ذَكَرِهِ الَّذِي يَرْجِعُ فيه مِشْوارهُ.
فصل الدال المهملة
دبق: الدِّبْق: حَمْلُ شَجَرٍ فِي جَوْفه كالغِراء لَازِقٌ يَلْزَق بِجَنَاحِ الطَّائِرِ فيُصاد بِهِ. ودَبَّقْتها تَدْبِيقاً إِذَا صِدتها بِهِ؛ وَقِيلَ: كلُّ مَا أُلزق بِهِ شَيْءٌ، فَهُوَ دِبْق مِثْلُ طِبْق، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الدِّبق شَيْءٌ يَلْتَزِق كالغِراء يُصَادُ بِهِ الطَّيْرُ، دبَقَه يَدْبِقُه دَبْقاً ودَبَّقَه. والدَّبُوقاء: العَذِرة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
والمِلْغُ يَلْكى بالكَلام الأَمْلَغِ، ... لَوْلَا دَبُوقاء اسْتِه لَمْ يَبْطَغِ
المِلغ: الْخَبِيثُ، وَيُقَالُ النَّذْل الساقِط؛ يَلكَى بسَقَط الْكَلَامِ أَي يَجِيءُ بِسَقَطِ الْقَوْلِ وَمَا لَا خَيْرَ فِيهِ، وَجَعَلَ مَا يَخرج مِنْ كَلَامِهِ وَفِيهِ كَالْعَذِرَةِ الَّتِي تَخْرُجُ مِنِ اسْتِهِ؛ ويَبْطَغ: يتلطَّخ فَكَلَامُهُ إِذَا ظَهَرَ بِمَنْزِلَةِ
__________
(1) . قوله: خوقِ، بالكسر، هكذا في الأَصل، ولعلّ فيه إقواء(10/94)
سَلْحِه إِذَا تَلطَّخ بِهِ، وَقِيلَ هُوَ كُلُّ مَا تمَطَّط وتلَزَّج. وَعَيْشٌ مُدبَّقٌ لَيْسَ بِتَامٍّ. ودَبَقَ فِي مَعِيشته، خَفِيفَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: لَزِق، لَمْ يُفَسِّرْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا. ودابِقٌ، ودابَقٌ، مَصْرُوفٌ: مَوْضِعٌ أَو بَلَدٌ؛ قَالَ غَيْلانُ بْنُ حُريْث، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ لِلْهَدَّارِ:
ودابِق وأَيْنَ مِنّي دابِق
اسْمُ بَلَدٍ، والأَغلب عَلَيْهِ التَّذْكِيرُ وَالصَّرْفُ لأَنه فِي الأَصل اسْمُ نَهْرٍ، وَقَدْ يُؤَنَّثُ وَلَا يُصرف. والدَّبُّوق: لُعبة يَلعب بِهَا الصِّبْيَانُ مَعْرُوفَةٌ. والدَّبِيقيُّ: مِنْ دِقِّ ثِيَابِ مِصْرَ مَعْرُوفَةٌ تُنْسَبُ إلى دَبِيق.
دثق: رُوِيَ عَنْ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الدَّثْقُ صَبُّ الْمَاءِ بالعجَلة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُوَ مِثْلُ الدَّفْق سَوَاءٌ، وأَهمله اللَّيْثُ.
دحق: الْعَرَبُ تُسَمِّي العَيْر الَّذِي غُلِب عَلَى عانَته دَحِيقاً. وَقَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: الدَّحْقُ أَنْ تَقصُر يَدُ الرَّجُلِ عَنِ الشَّيْءِ، تَقُولُ: دَحَقَتْ يدُ فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ. ابْنُ سِيدَهْ: دحَقَتْ يدِي عَنِ الشَّيْءِ تَدْحَق دَحْقاً: قصُرت عَنْ تناوُله. والدَّحْقُ: الدَّفْع. وَقَدْ أَدْحقه اللَّهُ أَيْ باعَده عَنْ كُلِّ خَيْرٍ. وَرَجُلٌ دَحِيقٌ مُدْحَقٌ: مُنَحًّى عَنِ الْخَيْرِ والناسِ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. ودحَقَت الرَّحِمُ إِذَا رَمتْ بِالْمَاءِ فَلَمْ تَقْبَلْهُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
دحَقَتْ عَلَيْكَ بِناتِقٍ مِذْكارِ
ودحَقت النَّاقَةُ وَغَيْرُهَا بِرَحِمِهَا تَدْحَق دَحْقاً ودُحوقاً، وَهِيَ دَاحِقٌ ودَحُوق: أَخرجَتها بَعْدَ النِّتاج فَمَاتَتْ. وانْدحَقت رَحِمُ النَّاقَةِ أَي انْدَلَقت. ودَحقَت المرأَة بِوَلَدِهَا دَحْقاً: وَلَدَتْ بعضَهم فِي إِثْرِ بَعْضٍ. ابْنُ هَانِئٍ: الدَّاحِقُ مِنَ النِّسَاءِ المُخرجة رَحِمُهَا شَحْماً وَلَحْمًا. الأَصمعي: تَقُولُ الْعَرَبُ قبَّحه اللَّهُ وأُمًّا رَمَعَتْ بِهِ ودَحَقَت بِهِ ودَمَصَتْ بِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي وَلَدَتْهُ. أَبو عَمْرٍو: الدَّحُوق مِنَ النِّسَاءِ ضِدُّ المَقاليت، وَهُنَّ المُتْئمات. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ: سَيَظْهَرُ بَعْدِي عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مُنْدَحِقُ الْبَطْنَ
أَي وَاسْعُهَا كأَن جوانِبها قَدْ بَعُد بعضُها مِنْ بَعْضٍ فاتَّسعتْ. والدَّحِيقُ: الْبَعِيدُ المُقْصى، وَقَدْ دَحقَه النَّاسُ أَي لَا يُبالى بِهِ. والدَّاحِق: الغَضْبان. وَيُقَالُ: أَدْحَقه اللَّهُ وأَسْحَقه وَفِي حَدِيثِ عَرَفَةَ:
مَا مِنْ يومٍ إبليسُ فِيهِ أَدْحَرُ وَلَا أَدْحَقُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عرَفةَ
؛ الدحْقُ: الطرْدُ والإِبعادُ. وَفِي الْحَدِيثِ حِينَ عَرَضَ نَفْسه عَلَى أَحْياء الْعَرَبِ:
عَمَدْتم إِلى دَحِيقِ قومٍ فأَجَرْتُموه
أي طَرِيدِهم.
دحلق: الدَّحْلَقةُ: انتفاخُ الْبَطْنِ.
دحمق: الدُّحْموق والدُّمْحُوق: الْعَظِيمُ البطن.
ددق: الدَّوْدَقُ: الصَّعِيدُ الأَملس؛ عَنِ الْهِجْرِيِّ؛ وأَنشد:
تَتْرُكُ مِنْهُ الوَعْثَ مِثلَ الدَّوْدَق
درق: الدَّرَقُ: ضَرْبٌ مِنَ التِّرَسةِ، الْوَاحِدَةُ دَرَقة تُتَّخَذُ مِنَ الْجُلُودِ. غَيْرُهُ: الدَّرَقَةُ الحَجَفة وَهِيَ تُرْس مِنْ جُلُودٍ لَيْسَ فِيهِ خَشَبٌ وَلَا عَقَب، وَالْجَمْعُ دَرَقٌ وأَدراق ودِراقٌ. ودَوْرَق: مَدِينَةٌ أَو مَوْضِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَقَدْ كنتُ رَمْلِيّاً، فأَصبَحْت ثاوِياً ... بدَوْرَقَ، مُلْقًى بينكُنَّ أَدُورُ(10/95)
والدَّوْرق: مِقدار لِمَا يُشرب يُكتال بِهِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. والدِّرَّاقُ والدِّرْياقُ والدِّرْياقةُ، كُلُّهُ التِّرْياق، مُعَرَّبٌ أَيْضًا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَدْ كنتُ قَبْل الكِبَرِ الطِّلْخَمِّ، ... وقبْل نَحْضِ العَضَلِ الزِّيَمِّ،
رِيقِي ودِرْياقي شِفاء السّمِ
النَّحْضُ: ذَهاب اللَّحْمِ، والزِّيَمُّ: المُكْتَنز. وَحَكَى الْهِجْرِيُّ دَرياق، بِالْفَتْحِ. وَحَكَى ابْنُ خَالَوَيْهِ أَنَّهُ يُقَالُ طِرْياق، بَالطَّاءِ، لأَن الطَّاءَ وَالدَّالَ وَالتَّاءَ مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ، قَالَ: وَمِثْلُهُ مدَّه ومطَّه ومَتَّه. وَقَالُوا: طَرَنْجَبِين فِي التَّرَنْجَبِينَ، وطَفْليس فِي تَفْليس، والمِطْرَس فِي الْمِتْرَسِ. وَيُقَالُ لِلْخَمْرِ دِرْياقةٌ عَلَى النَّسَب؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
سَقَتْني بصَهْباء دِرْياقةٍ، ... مَتَى مَا تُلَيِّنْ عظامِي تَلِنْ
أَبو تُرَابٍ عَنْ مُدْرِك السُّلَمي: يُقَالُ مَلَّسني الرَّجُلُ بِلِسَانِهِ ومَلَّقَني ودَرَّقَني أَي ليَّنني وأَصلح مِنِّي يُدَرِّقُني ويُمَلِّسُني ويُمَلِّقُني. ابْنُ الأَعرابي: الدَّرْقُ الصُّلْبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
دردق: الدَّرْدَقُ: الصِّبْيان الصِّغار. يُقَالُ: وِلْدانٌ دَرْدَقٌ ودَرادِقُ. والدَّرْدَق: الصَّغِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وأَصله الصِّغَارُ مِنَ الْغَنَمِ، وَالْجَمْعُ الدَّرادق. والدَّرْداقُ: دكٌّ صَغِيرٌ مُتَلبِّد، فَإِذَا حَفَرْتَ كشفْتَ عَنْ رَمْلٍ؛ وَأَنْشَدَ الأَعشى:
وتَعادَى عَنْهُ، النَّهارَ، تُوارِيهِ ... عِراضُ الرِّمالِ والدَّرْداقِ
قَالَ الأَزهري: أَما الدَّرْداقُ فَإِنَّهَا حِبال صِغَارٌ مِنْ حِبال الرَّمْلِ الْعَظِيمَةِ. والدَّرْدَقُ: صِغَارُ الإِبل وَالنَّاسِ؛ قَالَ الأَعشى:
يهبُ الجِلَّةَ الجَراجِرَ، كالبُسْتانِ، ... تَحْنُو لِدَرْدَقٍ أَطْفالِ
درشق: دَرْشَقَ الشيءَ: خلَطه.
درفق: المُدْرَنْفِقُ: المُسْرِع فِي سَيْرِهِ. يُقَالُ: ادْرَنْفِقْ مُرْمَعِلًّا أَي امْضِ رَاشِدًا. ودَرْفَقَ فِي مَشْيِه: أَسرع. وادْرَنْفَقَتِ النَّاقَةُ إِذَا مَضَتْ فِي السَّيْرِ فأَسرعت. وادْرنفَق: تقدَّم. وادْرَنْفَقَت الإِبل إِذَا تقدَّمت الإِبلُ. اللَّيْثُ: ادْرَنْفَقَ أَي اقْتَحم قُدُماً. أَبو تُرَابٍ: مرَّ مَرًّا دَرَنْفَقاً ودَلَنْفَقاً، وَهُوَ مَرٌّ سَرِيعٌ شَبِيهٌ بالهَمْلَجة.
درمق: الدَّرْمَقُ: لُغَةٌ فِي الدَّرْمك وَهُوَ الدَّقِيقُ المُحَوَّرُ. وَذُكِرَ عَنْ خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ أَنه وَصَفَ الدِّرْهَمَ فقال: يُطعِم الدَّرْمق ويَكْسُو النَّرْمقَ، فأَبدل الْكَافَ قَافًا؛ أَرَادَ بالنَّرمق «1» بِالْفَارِسِيَّةِ نَرْم.
دسق: الدَّسَقُ: امْتِلاءُ الحَوْضِ حَتَّى يَفِيض. ودَسِقَ الحوضُ دَسَقاً: امْتلأَ وساحَ ماؤُه، وأَدْسقه هُوَ؛ قَالَ رؤْبة:
يَرِدْنَ تَحْتَ الأَثْلِ سَيَّاحَ الدَّسَقْ
والدَّسَقُ: الْبَيَاضُ، يُرِيدُ أَنَّ الماءَ أَبيض. والدَّيْسَق: اسْمُ الْحَوْضِ. والدَّيْسَق: الْحَوْضُ الْملآن مَاءً. وملأْتُ الحوضَ حَتَّى دَسِق أَي ساحَ ماؤُه. وغَدِير دَيْسَق: أَبيض مُطَّرِد. والدَّيْسَقُ: الْبَيَاضُ والحُسن والنُّور. والدَّيْسقُ: الْخُبْزُ الأَبيض،
__________
(1) . قوله [أراد بالنرمق إلخ] عبارة النهاية: وهو فارسي معرب أصله النرم.(10/96)
قَالَ الأَعشى:
لَهُ دَرْمَكٌ فِي رأْسِه ومَشارِبٌ، ... وقِدْرٌ وطَبَّاخٌ وكأْسٌ ودَيْسَقُ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
وحُورٌ كأَمْثالِ الدُّمَى ومَنَاصِفٌ، ... وقِدْرٌ وطَبَّاخٌ وصاعٌ ودَيْسَقُ
وفسَّره ابْنُ بَرِّيٍّ فَقَالَ: الصَّاعُ مِشْرَبةٌ، والدَّيْسَقُ خِوان مِنْ فضَّة. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: والدَّيْسَقُ الفَلاة، والدَّيْسق التُّرَابُ، والديْسقُ تَرَقْرُقُ السَّراب وبياضُه، والماءُ المُتَضَحْضِحُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
يَعُطُّ رَيْعانَ السَّرابِ الدَّيْسَقا
وَرُبَّمَا سَمَّوُا الْحَوْضَ المَلآن بِذَلِكَ. وسَرابٌ دَيْسق: جارٍ. والسَّرابُ يُسَمَّى دَيْسقاً إِذا اشتدَّ جرْيُه، قَالَ رؤْبة:
هَابِي العَشِيِّ دَيْسَق ضحاؤُه
أَبو عمرو: دَيْسَقٌ أَبيض وَقْتَ الْهَاجِرَةِ. والدَّيْسقُ: المُمْتَلئُ يَعْنِي مِنَ السَّرَابِ. أَبو عَمْرٍو: الدَّيْسقُ الصحراءُ الْوَاسِعَةُ. والدَّيْسق: الطَّسْتُ. والدَّيْسق: الخِوانُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْفِضَّةِ خَاصَّةً. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الدَّيْسَقُ مُعَرَّبٌ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ طَشْتُخْوان. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الديسقُ الطَّشْتخان هُوَ الْفَابُورُ. وَيُقَالُ لِكُلِّ شيءٍ يُنِير ويُضِيءُ: دَيْسَقٌ. ويوم دَيْسَقةَ: يَوْمٌ مِنْ أَيام الْعَرَبِ مَشْهُورٌ وكأَنه اسْمُ مَوْضِعٍ، قَالَ الْجَعْدِيُّ:
نحنُ الفَوارِسُ، يومَ دَيْسَقَةَ، ... المُغْشُو الكُماةِ غَوارِبَ الأَكَمِ
والدَّيْسَقُ: مِكيال أَو إِناء. والدَّيْسقُ: الشيخُ. ودَيسَقٌ: مَوْضِعٌ. وَابْنُ دَيْسَقٍ: رَجُلٌ. وبيتٌ دَوْسَقٌ، عَلَى مِثَالِ فَوْعَلٍ: بَيْنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، عَنْ كُرَاعٍ. والدَّسْقانُ: الرَّسُولُ، حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ.
دشق: أَبُو عُبَيْدَةَ: بيتٌ دَوْشَقٌ إِذَا كَانَ ضَخْماً؛ وَجَمَلٌ دَوْشَقٌ إِذَا كَانَ ضَخْمًا، فَإِذَا كَانَ سَرِيعًا فَهُوَ دَمْشَقٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
دعق: الدَّعْقُ: شِدَّةُ وَطْءِ الدَّابَّةِ. دَعَقت الدوابُّ الأَرضَ تَدْعَقُها دَعْقاً: أَثَّرت فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَكَرَ فِتْنَةً فَقَالَ: حَتَّى تَدْعقَ الخيلُ فِي الدِّماءِ
أَي تَطَأَ فِيهِ. وطريقٌ دعْقٌ ومَدْعُوق أَيْ مَوْطُوءٌ، وَطَرِيقٌ مَدْعُوسٌ وَمَدْعُوقٌ. ودُعِقَ الطريقُ: كثُر عَلَيْهِ الْوَطْءُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَرْكَبْن ثِنْيَ لاحبٍ مَدْعُوقِ، ... نَائِي القَراديدِ مِنَ البُثُوق «1»
. وَقَدْ دَعقَه الناسُ. وَطَرِيقٌ دَعْق وعْثٌ أَي مَوطوء كَثِيرُ الْآثَارِ، وَطَرِيقٌ دَعِق «2» . قَالَ رُؤْبَةُ:
زَوْراً تَجَافَى عَنْ أَشاآتِ العُوَقْ ... فِي رَسْمِ آثارٍ ومِدْعاسٍ دَعِقْ
وَيُقَالُ دعقَت الإِبلُ الحوضَ دعْقاً إِذَا وَرَدَتْ فَازْدَحَمَتْ عَلَى الْحَوْضِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كَانَتْ لَنَا كدَعْقةِ الوِرْدِ الصَّدِي
__________
(1) . قوله [نائي إلخ] تقدم في مادة قرد:
نابي القراديد من البؤوق
(2) . قوله [دعق] كذا ضبط في الأَصل وقال شارح القاموس ككتف وشاهده قول رؤبة زوراً تجافى إلخ كدعق بالسكون انتهى ملخصاً فانظره، وضبط في مادة دعس بفتحتين تبعاً لما وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ(10/97)
والدَّعْقُ: الدَّقُّ. وَقَالَ بَعْضُ ضعَفَة أَهل اللُّغَةِ: الدعْقُ الدَّقُّ، وَالْعَيْنُ زَائِدَةٌ كأَنها بَدَلٌ مِنَ الْقَافِ الأُولى، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. ودعَقَت الإِبلُ الْحَوْضَ إِذَا خبَطَتْه حَتَّى تُثَلِّمه مِنْ جَوَانِبِهِ. ودَعَق الْمَاءَ دَعْقاً. فَجَّره؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَضْرِبُ عِبْرَيْه ويَغْشَى المَدْعَقا
ودَعَقه يَدْعَقُه دَعْقاً: أَجهز عَلَيْهِ. والدَّعْقة: الدُّفْعة. وَيُقَالُ: أَصابتْنا دَعقة مِنْ مَطَرٍ أَي دُفْعة شَدِيدَةٌ. وَدَعَقَ عَلَيْهِمُ الخيلَ يَدْعَقُها دَعْقاً إِذَا دفَعها عَلَيْهِمْ فِي الْغَارَةِ. ودعَقوا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ دَعْقاً: دَفَعُوهَا، وَالِاسْمُ الدَّعْقة، وَقِيلَ: الدَّعْقة المَصْبوب عَلَيْهِمُ الْغَارَةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والدَّعْقة: جَمَاعَةٌ مِنَ الإِبل. وَخَيْلٌ مَداعِيقُ: متقدِّمة في الغارة تدُوس الْقَوْمَ فِي الْغَارَاتِ. وأَدْعَقَ إِبِلَهُ: أَرسلها. وشَلٌّ دَعْقٌ: شَدِيدٌ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَداعِقُ الْوَادِي ومَثادِقُه ومَذابِحُه ومَهارِقُه مَدافِعُه. والدَّعْقُ: الهَيْج والتَّنْفِير، وَقَدْ دَعَقَه دَعْقاً وَلَا يُقَالُ أَدعَقَه؛ وأَما قَوْلُ لَبِيدٌ:
فِي جَمِيعٍ حافِظي عَوْراتِهمْ، ... لَا يَهُمُّونِ بِإِدْعاقِ الشَّلَلْ
فَيُقَالُ: هُوَ جَمْعُ دَعْق وَهُوَ مَصْدَرٌ فتوهَّمه اسْمًا، أَيْ أَنهم إِذَا فزِعوا لَا يُنَفِّرون إِبِلَهُمْ، وَلَكِنْ يَجْمَعُونَهَا وَيُقَاتِلُونَ دونها لعِزِّهم؛ قال الأَصعمي: أَساءَ لَبِيدٌ فِي قَوْلِهِ:
لَا يَهُمُّونَ بإِدعاق الشَّلَلْ
وَقَالَ غَيْرُهُ: دعَقها وأَدعَقها لغتان.
دعسق: لَيْلَةٌ دُعْسُقَّةٌ: شَدِيدَةُ الظُّلْمة؛ قَالَ:
باتَتْ لهنَّ لَيْلةٌ دُعْسُقَّه، ... مِنْ غائرِ العينِ بَعِيدِ الشُّقَّهْ
دعشق: الدُّعْشُوقة: دويبَّة كالخُنْفُساء، وَرُبَّمَا قِيلَ للصبيَّة والمرأَة الْقَصِيرَةِ: يَا دُعْشُوقة تَشْبِيهًا بِتِلْكَ الدُّوَيْبَّةِ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: دُوَيْبَّةٌ وَلَمْ يُحلِّها. وَدَعْشَقٌ: اسم.
دعفق: الدَّعْفَقةُ: الحُمْق.
دعلق: قَالَ الأَزهري: دَعْلَقْت فِي هَذَا الْوَادِي اليومَ وأعْلَقْت ودَعْلَقْت فِي المسأَلة عَنِ الشَّيْءِ وأَعْلَقت فِيهَا أَي أَبْعَدْت فيها.
دغرق: الدَّغْرَقة: إلباسُ اللَّيْلِ كلَّ شَيْءٍ. والدَّغْرَقة: إسْبالُ السِّتْر عَلَى الشَّيْءِ، وَقَدْ ذُكِرَا فِي التَّهْذِيبِ أَيضاً فِي تَرْجَمَةِ غَرْدَقَ. والدَّغْرَقةُ: كدُورة فِي الْمَاءِ، وَقَدْ دَغْرَقَ الْمَاءُ. والدَّغْرقةُ: غَرْفُ الحَمْأَة والكَدِر بالدُّلِيِّ عَلَى رؤُوس الإِبل؛ عَنْ أَبي زِيَادٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا أَخَوَيَّ مِنْ سَلامانَ ادْفِقا، ... قَدْ طالَ مَا صَفَّيْتُما فَدغْرِقا
والدَّغْرَقُ: الماءُ الكَدِر. ودَغْرَقه القَدمُ والتَّخوِيضُ. ودَغْرَقَ عَلَيْهِ الماءَ: صبَّه عَلَيْهِ ودَغْرَقَ الْمَاءَ: صبَّه صَبًّا شَدِيدًا. ودَغْرقَ مالَه: كأَنه صبَّه فأَنفقه. وعَيْشٌ دَغْرَقٌ: وَاسِعٌ. ودَغْفَقَ الماءَ: صَبَّهُ كدَغْرقَه.
دغفق: الدَّغْفَقُ: الماءُ الْمَصْبُوبُ. دَغْفَقَ الماءَ دَغْفَقَةً: صَبَّهُ كدَغْرَقَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فتوضأْنا كلُّنا مِنْهَا وَنَحْنُ أَربع عَشْرةَ مِائَةً نُدَغْفِقُها دَغْفَقةً
؛ دَغْفقَ الماءَ إِذَا دفَقه وصبَّه صَبّاً كَثِيرًا وَاسِعًا. ودغْفقَ مالَه دَغْفقةً ودِغْفاقاً: صَبَّهُ فأَنفَقه وفرَّقه وبذَّره وعيشٌ دغْفقٌ: واسعٌ مخْصِب مِثْلُ دَغْفلٍ. وَفُلَانٌ فِي عَيش دَغْفَقٍ أَي واسعٍ. وعامٌ دغْفَقٌ ودغْفَلٌ إِذَا كان مخصباً.(10/98)
دفق: دفَق الماءُ والدَّمْعُ يَدْفِق ويدْفُق دَفْقاً ودُفُوقاً وانْدفَق وتدَفَّق واستَدْفَقَ: انْصبَّ، وَقِيلَ: انصبَّ بمرَّة فَهُوَ دَافِقٌ أَيْ مَدْفُوقٌ كَمَا قَالُوا سِرٌّ كاتِمٌ أَي مكتُوم، لأَنه مِنْ قَوْلِكَ دُفِق الْمَاءُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ؛ وَمِنْهُمْ مَن قَالَ: لَا يُقَالُ دفَق الماءُ. وكلُّ مُراقٍ دافِقٌ ومُنْدَفِق، وَقَدْ دفَقَه يدْفِقُه ويَدْفُقُه دَفْقاً ودَفَّقَه. والانْدِفاقُ: الانْصِباب. والتدفُّق: التَّصَبُّبُ. التَّهْذِيبُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى دَافِقٌ مَدْفُوقٌ، قَالَ: وأَهل الْحِجَازِ أَفْعلُ لِهَذَا مِنْ غَيْرِهِمْ أَنْ يَفْعَلُوا الْمَفْعُولَ فَاعِلًا إِذَا كَانَ فِي مَذْهَبِ نَعْتٍ، كَقَوْلِ الْعَرَبِ: هَذَا سرٌّ كاتمٌ وهمٌّ ناصبٌ وَلَيْلٌ نَائِمٌ، قَالَ: وأَعان عَلَى ذَلِكَ أَنها وَافَقَتْ رؤُوس الْآيَاتِ الَّتِي هِيَ مَعَهُنَّ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مِنْ ماءٍ دافِقٍ
، مَعْنَاهُ مِنْ ماءٍ ذِي دَفْق، قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، وَكَذَلِكَ سرٌّ كَاتِمٌ ذُو كِتْمان. وَانْدَفَقَ الْكُوزُ إِذَا دُفِق ماؤُه. وَيُقَالُ فِي الطِّيرَة عِنْدَ انْصِبَابِ الإِناء: دَافِقُ خَيْرٍ وَقَدْ أَدْفَقْت الكوزَ إِذَا بَدَّدْت مَا فِيهِ بمرَّة. قَالَ الأَزهري: الدَّفْق فِي كَلَامِ الْعَرَبِ صَبُّ الْمَاءِ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ. يُقَالُ: دَفَقْتُ الْكُوزَ فَانْدَفَقَ وَهُوَ مَدفُوق، قَالَ: وَلَمْ أَسمع دفَقْت الماءَ فدَفَق لِغَيْرِ اللَّيْثِ، قَالَ: وأَحسبه ذَهَبَ إِلى قَوْلِهِ تَعَالَى: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ
، وَهَذَا جَائِزٌ فِي النُّعُوتِ، وَمَعْنَى دافِقٍ ذِي دَفْق كَمَا قَالَ الخليل وسيبويه. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ أَدفَقُ إِذَا انْحَنَى صُلْبُه مِنْ كِبَر أَوْ غَمٍّ؛ وَأَنْشَدَ المفضَّل:
وَابْنُ مِلاطٍ مُتَجافٍ أَدفَق
وَفِي الدُّعَاءِ عَلَى الإِنسان بِالْمَوْتِ: دَفَق اللهُ روحَه أَي أَفاظه. ودفَّقتْ كَفَّاه النَّدَى أَيْ صبَّتا، شَدَّدَ لِلْكَثْرَةِ. ودفَق النهرُ وَالْوَادِي إِذَا امتلأَ حَتَّى يَفيض الماءُ مِنْ جَوَانِبِهِ. وسَيْلٌ دُفاق، بِالضَّمِّ: يملأُ جَنَبَتَيِ الوادِي. وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسقْاء:
دُفاق العَزائلِ
؛ الدُّفاقُ: الْمَطَرُ الْوَاسِعُ الْكَثِيرُ، والعَزائل: مَقْلُوبُ العَزالي، وَهِيَ مَخارج الْمَاءِ مِنَ المَزاد. وفَمٌ أَدْفقُ إِذَا انْصبَّت أَسنانه إِلى قُدَّام. ودَفِقَ البعيرُ دَفَقاً وَهُوَ أَدْفَقُ: مالَ مِرْفَقه عَنْ جَانِبِهِ. وَبَعِيرٌ أَدفَق بيِّن الدفَقِ إِذَا كَانَتْ أَسنانه مُنتصِبةً إِلَى خارج. وَرَجُلٌ أَدْفقُ: فِي نِبْتة أَسنانِه «3» ... وتدفَّقتِ الأُتُن: أَسرعَت. وَسَيْرٌ أَدفقُ: سَرِيعٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
بَيْن الدِّفِقَّى والنَّجاءِ الأَدْفَقِ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ أَقصى العَنَق. يُقَالُ: سَارَ القومُ سيْراً أَدفقَ أَيْ سَرِيعًا. وَجَمَلٌ دِفَقٌّ، مِثْلُ هِجَفّ: سَرِيعٌ يَتدفَّق فِي مَشيه، والأُنثى دَفُوق ودِفاق ودِفَقَّةٌ ودِفِقَّى ودِفَقَّى. وَهُوَ يَمْشِي الدِّفِقَّى إِذَا أَسرعَ وباعَدَ خَطْوَه، وَهِيَ مِشْية يتدفَّق فِيهَا ويُسْرِع؛ وأَنشد:
تَمْشِي العُجَيْلى مِنْ مَخافةِ شَدْقَمٍ، ... يَمْشِي الدِّفِقَّى والخَنِيف ويَضْبِرُ
وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ:
عَلَى دِفِقَّى المَشْيِ عَيْسَجورِ
فَسَّرَهُ بأَن الدِّفِقَّى هُنَا الْمَشْيُ السَّرِيعُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لأَن الدِّفقَّى إِنَّمَا هِيَ هُنَا صِفَةٌ لِلنَّاقَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَيْسجور، وَهِيَ الشَّدِيدَةُ. وَفِي حَدِيثِ
الزِّبْرِقانِ: أَبْغضُ كَنائني إِليَّ الَّتِي تَمْشي الدِّفِقَّى
؛ هِيَ بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْقَصْرِ: الإِسراع فِي الْمَشْيِ. وَنَاقَةٌ دِفاقٌ، بِالْكَسْرِ:
__________
(3) . قوله [في نبتة أسنانه إلخ] كذا في الأَصل ولعله في نبتة أسنانه انصباب إلى قدام كما يؤخذ من قوله وفم أدفق أو نحو ذلك.(10/99)
وَهِيَ المُتدفِّقة فِي سَيْرِهَا مُسْرِعةً. وَقَدْ يُقَالُ جَمَلٌ دِفاقٌ وَنَاقَةٌ دفْقاءُ وَجَمَلٌ أَدْفقُ، وَهُوَ شدَّةُ بَيْنونةِ المِرْفَق عَنِ الْجَنْبَيْنِ؛ وأَنشد:
بعَنْتَرِيسٍ تَرَى فِي زَوْرِها دَسَعاً، ... وَفِي المَرافِقِ مِن حَيْزُومِها دَفَقا
وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَتدفَّق فِي الْبَاطِلِ تدفُّقاً إِذَا كَانَ يُسارع إِلَيْهِ؛ قَالَ الأَعشى:
فَمَا أَنا عَمَّا تَصْنَعُون بغافِلٍ، ... وَلَا بسَفِيهٍ حِلْمُه يَتدفَّقُ
وجاؤوا دُفْقة وَاحِدَةً، بِالضَّمِّ، أَيْ دُفْعةً وَاحِدَةً ودُفاقٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ساعدةُ:
وَمَا ضَرَبٌ بَيْضاء يَسْقِي دَبُوبَها ... دُفاقٌ فعُرْوانُ الكَراثِ فَضِيمُها
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ وادٍ. وَيُقَالُ: هِلَالٌ أَدفقُ إِذَا رَأَيْتَهُ مَرْقوناً أَعْقَفَ وَلَا تَرَاهُ مُسْتَلْقِيًا قَدِ ارْتَفَعَ طرَفاه؛ وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: هِلَالٌ أَدفق خَيْرٌ مِنْ هِلَالٍ حاقِن؛ قَالَ: الأَدفق الأَعوج، وَالْحَاقِنُ الَّذِي يَرْتَفِعُ طرَفاه ويَستلقي ظهرُه. وَفِي النوادرِ: هلالٌ أَدفقُ أَيْ مُستوٍ أَبيض ليس يمُتَنَكِّب عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْعَرَبُ تَسْتَحِبُّ أَنْ يَهِلَّ الهلالُ أَدفقَ، وَيَكْرَهُونَ أَن يَكُونَ مُسْتَلْقِيًا قَدِ ارْتَفَعَ طَرَفَاهُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: ودَوفَقُ قَبِيلَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَوْ كُنْت مِنْ دَوْفَقَ أَو بنِيها، ... قَبِيلة قَدْ عَطِبَتْ أَيْدِيها،
مُعَوِّدِينَ الحَفْرَ حافِرِيها
دقق: الدَّقُّ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ دَقَقْت الدَّواءَ أَدُقُّه دَقًّا، وَهُوَ الرَّضُّ. والدَّقُّ: الكَسر والرَّضُّ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَضْرِبَ الشيءَ بِالشَّيْءِ حَتَّى تَهْشِمَه، دَقَّه يَدُقُّه دَقّاً ودقَقْتُه فانْدَقَّ. والتَّدْقيقُ: إنعامُ الدَّقّ. والمِدَقُّ والمِدَقَّةُ والمُدُقُّ: مَا دقَقْتَ بِهِ الشيءَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا المُدُقُّ لأَنهم جَعَلُوهُ اسْمًا لَهُ كالجُلْمُود، يَعْنِي أَنه لَوْ كَانَ عَلَى الْفِعْلِ لَكَانَ قِيَاسُهُ المِدَقَّ أَوِ المِدَقَّة لأَنه مِمَّا يُعتمل بِهَا، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ مِنَ الأَدوات الَّتِي يُعتمل بِهَا عَلَى مُفعُل بِالضَّمِّ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الحِمار والأُتُن:
يَتْبَعْنَ جأْباً كَمُدُقِّ المِعْطِيرْ
يَعْنِي مِدْوَكَ العَطّار، حَسِب أَنه يُدَقُّ بِهِ، وَتَصْغِيرُهُ مُدَيْق، وَالْجَمْعُ مَداقُّ. التَّهْذِيبُ: والمُدق حَجَرٌ يُدّق بِهِ الطِّيبُ، ضُمَّ الْمِيمُ لأَنه جُعِلَ اسْمًا، وَكَذَلِكَ المُنْخُل، فَإِذَا جُعِلَ نَعْتًا رُدَّ إِلَى مِفْعل؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ أَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ:
يَرْمي الجَلامِيدَ بِجُلْمُود مِدَقّ
اسْتَشْهَدَ بِهِ عَلَى أَنَّ المِدقّ ما دققت به الشيء، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَمِدَقٌّ بَدَلٌ مِنْ جُلْمُودٍ، والسابقُ إِلَيَّ مِنْ هَذَا أَنَّهُ مِفعل مِنْ قَوْلِكَ حَافِرٌ مدَق أَي يدُقُّ الأَشياء، كَقَوْلِكَ رَجُلٌ مِطْعَن، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ هُنَا صِفَةٌ لِجُلْمُودٍ؛ قَالَ الأَزهري: مُدُقٌّ وأَخواته وَهِيَ مُسْعُط ومُنخل ومُدْهُن ومُنْصُلٌ ومُكْحُلةٌ جَاءَتْ نوادِرَ، بِضَمِّ الْمِيمِ، وَمَوْضِعُ الْعَيْنِ مِنْ مفعُل، وَسَائِرُ كَلَامِ الْعَرَبِ جَاءَ عَلَى مِفْعل ومفْعلة فِيمَا يُعْتَمَلُ بِهِ نَحْوَ مِخْرَز ومِقْطَع ومسَلّة وَمَا أَشبهها. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ فِي الكَيل قَالَ: لَا دَقَّ وَلَا زَلْزَلةَ
؛ هُوَ أَنْ يَدُقَّ مَا فِي الْمِكْيَالِ مِنَ المَكيل حَتَّى يَنْضَمَّ بعضُه إِلَى بَعْضٍ. والدَّقّاقةُ: شَيْءٌ يُدَقُّ بِهِ الأَرزُّ.(10/100)
والدَّقوقةُ والدَّواقُّ: الْبَقَرُ وَالْحُمُرُ الَّتِي تَدُوس البُرَّ. والدُّقاقةُ والدُّقاقُ: مَا انْدَقَّ مِنَ الشَّيْءِ، وَهُوَ التُّرَابُ اللَّيِّن الَّذِي كَسَحَته الرِّيحُ مِنَ الأَرض. ودُقَقُ التُّرَابِ: دُقاقهُ، وَاحِدَتُهَا دُقَّة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تَبْدو لَنَا أَعْلامُه بَعْدَ الغَرَقْ، ... فِي قِطَعِ الآلِ وهَبْوات الدُّقَقْ
والدُّقاقُ: فُتات كُلِّ شَيْءٍ دُقَّ. والدُّقَّةُ والدُّقَقُ: مَا تَسْهَك بِهِ الرِّيحُ مِنَ الأَرض؛ وَأَنْشَدَ:
بساهِكاتٍ دُقَقٍ وجَلْجالْ
وَفِي مُنَاجَاةِ
مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: سَلْنِي حَتَّى الدُّقّة
؛ هِيَ بِتَشْدِيدِ الْقَافِ: المِلح الْمَدْقُوقُ. وَهِيَ أَيضاً مَا تسحَقه الرِّيحُ مِنَ التُّرَابِ. والدّقّةُ: مَصْدَرُ الدَّقِيق، تَقُولُ: دَقَّ الشَّيْءُ يدِقّ دِقّة، وَهُوَ عَلَى أَربعة أَنْحَاءٍ فِي الْمَعْنَى. والدَّقِيقُ: الطَّحِينُ. وَالرَّجُلُ الْقَلِيلُ الْخَيْرِ هُوَ الدَّقِيق. والدَّقِيق: الأَمر الْغَامِضُ. وَالدَّقِيقُ: الشَّيْءُ لَا غِلَظَ لَهُ. وأَهل مَكَّةَ يُسَمُّونَ توابِل القِدْر كُلَّهَا دُقّة؛ ابْنُ سِيدَهْ: الدُّقّة التَّوَابِلُ وَمَا خُلط بِهِ مِنَ الْأَبْزَارِ نَحْوَ القِزْح وَمَا أَشبهه. والدُّقة: الْمِلْحُ وَمَا خُلِطَ بِهِ مِنَ الأَبزار، وَقِيلَ: الدُّقَّةُ الْمِلْحُ الْمَدْقُوقُ وَحْدَهُ. وَمَا لَهُ دُقة أَي مَا لَهُ مِلْح. وامرأَة لَا دُقة لَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مَلِيحة. وَإِنَّ فُلَانَةَ لَقَلِيلَةُ الدُّقَّةِ إِذَا لَمْ تَكُنْ مَلِيحَةً، وَقَالَ كُرَاعٌ: رَجُلٌ دَقِمٌ مَدْقوق الأَسنان عَلَى المثَل مُشْتَقٌّ مِنَ الدقِّ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَهَذَا يُبْطِلُهُ التَّصْرِيفُ. والدِّقُّ: كُلُّ شَيْءٍ دَقَّ وصغُر؛ تَقُولُ: مَا رَزأْتُه دِقّاً وَلَا جِلًّا. والدِّقُّ: نَقِيضُ الجِلِّ، وَقِيلَ: هُوَ صِغَارُهُ دُونَ جَلّه وجِلّه، وَقِيلَ: هُوَ صِغَارُهُ ورَدِيئه، شَيْءٌ دِقٌّ ودَقِيق ودُقاق. ودِقُّ الشَّجَرِ: صِغَارُهُ، وَقِيلَ: خِساسه. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الدِّق مَا دَقّ عَلَى الإِبل مِنَ النَّبْتِ ولانَ فيأْكله الضَّعِيفُ مِنَ الإِبل وَالصَّغِيرُ والأَدْرَد وَالْمَرِيضُ، وَقِيلَ: دِقُّه صِغَارُ ورَقه؛ قَالَ جُبَيْها الأَشجعي:
فَلَوْ أَنَّها قامَتْ بِظِنْبٍ مُعَجَّمٍ، ... نَفَى الجَدْبُ عَنْهُ دِقّه، فَهْوَ كالِحُ «1»
. وَرَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ:
فَلَوْ أَنها طَافَتْ بنَبْتٍ مُشَرْشَرٍ، ... نَفَى الدِّقَّ عَنْهُ جَدْبُه، فَهْوَ كالحُ
المُشرشَر: الَّذِي قَدْ شَرْشَرتْه الْمَاشِيَةُ أَي أَكلته. والدَّقيق: الطِّحْن. والدَّقِيقيُّ: بَائِعُ الدَّقِيقِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُقَالُ دَقّاق. ورجلْ دَقِيقٌ بيِّن الدِّقّ: قَلِيلُ الْخَيْرِ بَخِيلٌ؛ قَالَ:
وَإِنْ جَاءَكُمْ مِنّا غَرِيبٌ بأَرضكم، ... لَوَيْتُم لَهُ، دِقّاً، جُنوبَ المَناخرِ
وَشَيْءٌ دَقِيق: غَامِضٌ. وَالدَّقِيقُ: الَّذِي لَا غِلظَ لَهُ خِلَافُ الْغَلِيظِ، وَكَذَلِكَ الدُّقاقُ بِالضَّمِّ. والدِّق، بِالْكَسْرِ، مِثْلُهُ، وَمِنْهُ حُمّى الدِّقّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الدَّقيق والرّقِيق أَن الدقِيق خِلَافُ الْغَلِيظِ، وَالرَّقِيقَ خِلَافُ الثَّخين، وَلِهَذَا يُقَالُ حَساء رَقيق وحَساء ثَخِينٌ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ حَسَاءٌ دَقِيقٌ. وَيُقَالُ: سَيْفٌ دَقِيقُ المَضْرِب، ورُمْح دَقِيق، وغُصن دَقِيقٌ كَمَا تَقُولُ رُمح غَلِيظٌ وَغُصْنٌ غَلِيظٌ، وَكَذَلِكَ حَبْلٌ دَقِيقٌ وَحَبْلٌ غَلِيظٌ، وَقَدْ يُوقَع الدَّقِيقُ مِنْ صِفَةِ
__________
(1) . قوله [بظنب إلخ] هذا البيت أوردوه شاهداً على الظنب بالكسر أصل الشجرة، ووقع في مادة بجج بطاء مهملة مضمومة في البيت وتفسيره وهو خطأ(10/101)
الأَمر الْحَقِيرِ الصَّغِيرِ فَيَكُونُ ضِدَّهُ الْجَلِيلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فإنَّ الدَّقِيقَ يهِيجُ الجَلِيلَ، ... وإنَّ الغَرِيب إِذَا شَاءَ ذَلْ
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ قَالَ: اسْتَدِقَّ الدُّنْيَا واجْتَهِد رأْيَك
أَي احْتقِرها واستصغِرْها، وَهُوَ استَفْعل مِنَ الشَّيْءِ الدَّقِيقِ. وَقَوْلُهُمْ: أَخذتُ جِلّه ودِقَّه كَمَا يُقَالُ أَخذت قَلِيلَهُ وَكَثِيرِهِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كلَّه: دِقَّه وجِلَّه.
وَمَا لَهُ دَقِيقة وَلَا جَلِيلة أَي مَا لَهُ شاةٌ وَلَا نَاقَةٌ. وأَتيته فَمَا أَدَقَّني وَلَا أَجلَّني أَي مَا أَعطاني إِحْدَاهُمَا، وَقِيلَ أَي مَا أَعطاني دَقِيقًا وَلَا جَلِيلًا؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَهْجُو قَوْمًا:
إذا اصْطَكَّت الحَرْبُ إمْرأَ القَيْسِ، أَخْبَروا ... عَضارِيطَ، إِذْ كَانُوا رِعاء الدَّقائقِ
أَراد أَنهم رِعَاءُ الشَّاءِ والبَهْم. ودقَّقْت الشيءَ وأَدْقَقْته: جَعَلْتُهُ دَقيقاً. وَقَدْ دَقَّ يَدِقُّ دِقَّةً: صَارَ دَقِيقًا، وأَدقَّه غَيْرُهُ ودقَّقَه. المُفَضَّل: الدَّقْداقُ صِغَارُ الأَنْقاء الْمُتَرَاكِمَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّقَقةُ المُظهرون أقْذالَ النَّاسِ أَي عُيوبهم، وَاحِدُهَا قَذَلٌ. ودَقَّ الشيءَ يدُقُّه إِذَا أَظْهَرَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
ودَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشِمِ
أَيْ أَظهروا العُيوب والعَداوات. وَيُقَالُ فِي التَّهَدُّدِ: لأَدُقَّنَّ شُقورَك أَيْ لأُظهِرنَّ أُمورَك. ومُسْتَدَقُّ السَّاعِدِ: مُقَدَّمه مِمَّا يَلِي الرُّسْغَ. ومستدَقُّ كُلِّ شَيْءٍ: مَا دَقَّ مِنْهُ واسْترَقَّ. واستَدَقَّ الشيءُ أَيْ صَارَ دَقِيقًا؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ للحَشْو مِنَ الإِبل الدُّقَّة. والمِدَقُّ: الْقَوِيُّ. والدَّقْدَقةُ: حِكَايَةُ أَصْوَاتِ حَوَافِرِ الدَّوَابِّ فِي سُرعة تردُّدها مِثْلَ الطَّقْطَقةِ. والمُداقَّةُ فِي الأَمر: التَّداقُّ. والمُداقَّة: فِعْلٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، يُقَالُ: إنه ليُداقُّه الحِساب.
دلق: الانْدِلاقُ: التقدُّم. وَكُلُّ مَا نَدَرَ خَارِجًا، فَقَدِ انْدلَق. اللَّيْثُ: الدَّلْقُ، مَجْزُومٌ، خُرُوجُ الشَّيْءِ مِنْ مَخْرجه سَرِيعًا. يُقَالُ: دَلَق السيفُ مِنْ غِمْده إِذَا سَقَطَ وَخَرَجَ مِنْ غَيْرِ أَن يُسَلَّ؛ وأَنشد:
كالسيْفِ، مِنْ جَفْنِ السِّلاح، الدَّالِق
ابْنُ سِيدَهْ: دَلَق السيفُ مِنْ غِمده دَلْقاً ودُلوقاً وانْدلَق، كِلَاهُمَا: استرْخى وَخَرَجَ سَرِيعًا مِنْ غَيْرِ اسْتِلال، وَكَذَلِكَ إِذَا انشقَّ جَفْنُه وَخَرَجَ مِنْهُ. وأَدْلَقَه هُوَ ودلَقْته أَنَا دَلْقاً إِذَا أَزْلَقْته مِنْ غِمْدِهِ. وسيفٌ دالِقٌ ودَلوق إِذَا كَانَ سَلِسَ الْخُرُوجِ مِنْ غِمْدِهِ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ سَلّ، وَهُوَ أَجْودُ السُّيوف وأخلصُها؛ وكلُّ سَابِقٍ متقدِّم، فَهُوَ دَالِقٌ. وانْدلَق بَيْنَ أَصحابه: سبَقَ فَمَضَى. وانْدلق بطنُه: اسْتَرْخَى وَخَرَجَ متقدِّماً. وطعَنَه فاندَلَقَتْ أَقتاب بَطْنِهِ: خَرَجَتْ أَمعاؤه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فيُلقى فِي النَّارِ فتَنْدَلِقُ أَقتابُ بَطْنِهِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الِانْدِلَاقُ خُرُوجُ الشَّيْءِ مِنْ مَكَانِهِ، يُرِيدُ خُرُوجَ أَمعائه مِنْ جَوْفه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
جِئْتُ وَقَدْ أَدْلقَني البَرْد
أَي أَخرجني. واندلقَ السيْلُ عَلَى الْقَوْمِ أَيْ هَجَمَ، وَانْدَلَقَتِ الْخَيْلُ. وخَيْلٌ دُلُقٌ أَي مُنْدَلِقة شَدِيدَةُ الدُّفْعة؛ قَالَ طَرَفَةُ يَصِفُ خَيْلًا:
دُلُقٌ فِي غارةٍ مَسْفُوحةٍ، ... كرِعالِ الطَّيْرِ أَسْراباً تَمُرّ «2» .
__________
(2) . في ديوان طرفة روي صدرُ البيت على هذه الصورة:
ذُلُقُ الغارةِ في إفزاعهم(10/102)
وانْدلَق البابُ إِذَا كَانَ يَنْصَفِق إِذَا فُتح لَا يَثْبُتُ مَفْتُوحًا. ودَلَق بابَه دَلْقاً: فَتَحَهُ فَتْحاً شَدِيدًا. وغارةٌ دُلُقٌ ودَلوقٌ: شَدِيدَةُ الدفْعِ؛ والغارةُ: الْخَيْلُ المُغيِرة، وَقَدْ دَلَقُوا عَلَيْهِمُ الغارةَ أَيْ شنُّوها. وَيُقَالُ لِلْخَيْلِ: وَقَدِ انْدلَقت إِذَا خَرَجَتْ فَأَسْرَعَتِ السَّيْرَ. وَيُقَالُ: دَلَقتِ الخيلُ دُلوقاً إِذَا خَرَجَتْ مُتَتابِعةً، فَهِيَ خَيْلٌ دُلُقٌ، وَاحِدُهَا دَالِقٌ ودَلوق؛ وَكَانَ يُقَالُ لعُمارةَ بْنِ زَيْدٍ العَبْسي أَخِي الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ دالِق لِكَثْرَةِ غَارَاتِهِ. ودَلَقَ الغارةَ إِذَا قدَّمها وبَثَّها. ويقال: بَيْناهم آمِنون إِذْ دلَق عَلَيْهِمُ السيلُ. وَيُقَالُ: أدْلَقْت المُخَّةَ مِنْ قَصَبة الْعَظْمِ فانْدَلَقت. وَيُقَالُ: دلَق البعيرُ شِقْشِقَته يَدْلقُها دَلْقاً إِذَا أَخْرَجَهَا فَانْدَلَقَتْ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ جَمَلًا:
يَدْلُق مِثْل الحَرَمِيِّ الوافِرِ، ... مِنْ شَدْقَمِيٍّ سَبِطِ المَشافِرِ
أَيْ يُخرج شِقشقته مِثْلَ الحَرَمِيّ، وَهُوَ دَلْو مستوٍ مَنْ أدَم الحرَم. والدَّلُوق والدَّلْقاء: النَّاقَةُ الَّتِي تَتَكَسَّرُ أَسْنَانُهَا مِنَ الكِبَر فتَمُجُّ الْمَاءَ؛ أَنْشَدَ يَعْقُوبُ:
شارِف دَلْقاء لَا سِنَّ لَهَا، ... تَحْمِلُ الأَعْباء مِنْ عَهْدِ إرَمْ
وَفِي حَدِيثِ
حَليمة: مَعَهَا شَارِفٌ دَلْقَاءُ
أَيْ مُتَكَسِّرَةُ الأَسنان لِكِبَرِهَا، فَإِذَا شَرِبَتِ الْمَاءَ سَقَطَ مِنْ فِيها، وَهِيَ الدِّلْقِمُ والدِّلْقَمُ؛ الأَخيرة عَنْ يَعْقُوبَ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِلذَّكَرِ؛ قال:
لاهُمَّ إنْ كنتَ قَبِلْتَ حَجَّتِجْ، ... فَلَا يَزالُ شاحِجٌ يأْتيكَ بِجْ
أقْمَرُ نَهَّازٌ يُنَزِّي وفْرَتِجْ، ... لَا دِلْقِمُ الأَسْنانِ بَلْ جَلْدٌ فَتِجْ
قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ بَعْدَ البُزول شارِف ثُمَّ عَوْزَمٌ ثُمَّ لِطْلِطٌ ثُمَّ جَحْمَرِشٌ ثُمَّ جَعْماء ثُمَّ دِلْقِمٌ إِذَا سَقَطَتْ أضْراسُها هَرَماً؛ وَالدِّلْقِمُ، بِالْكَسْرِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، كَمَا قَالُوا للدَّقْعاء دِقْعِم وللدَّرْداء دِرْدِمٌ. وَجَاءَ وَقَدْ دَلَق لجامَه أَيْ وَهُوَ مَجْهُودٌ مِنَ الْعَطَشِ والإِعياء. والدَّلَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: دويبَّة، فارسي معرب.
دلفق: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبُو تُرَابٍ مَرَّ مَرّاً درَنْفَقاً ودَلَنْفَقاً، وَهُوَ مَرٌّ سَرِيعٌ شَبِيهٌ بالهَمْلجة؛ قَالَ: وَأَنْشَدَ عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ الْغَطَفَانِيُّ:
فَراحَ يُعاطِيهِنَّ مَشْياً دَلَنْفَقاً، ... وهنَّ بعِطْفَيهِ لهنَّ خَبِيبُ
دمق: دَمَقه يَدْمُقُه دَمْقاً: كَسَرَ أَسْنَانَهُ كدَقَمه؛ وَأَنْشَدَ الأَصمعي:
ويأْكُلُ الحَيَّةَ والحَيُّوتا، ... ويَدْمُقُ الأَقْفالَ والتَّابوتا
ويَخْنُق العَجُوزَ أَوْ تَمُوتا، ... أَوْ تُخْرِجَ المأْقُوطَ والمَلْتوتا
ودقَمَ فَاهَ ودَمقَه دَقْماً ودَمْقاً إِذَا كَسَرَ أَسْنَانَهُ. ودَمقَه فِي الْبَيْتِ يَدْمِقُه ويَدْمُقُه دَمْقاً فَهُوَ مَدْموق ودَميق، وأدْمقَه: أَدْخَلَهُ فِيهِ. وانْدمقَ عَلَيْهِمْ بَغْتة: دَخَلَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَكَذَلِكَ دمَقَ أَيْضًا دُمُوقًا. وَالِانْدِمَاقُ: الانخِراط. واندمَق الصيّادُ فِي قُترته وَانْدَمَقَ مِنْهَا أَيْضًا إِذَا خَرَجَ. ودَمَق الصيّادُ فِي قُترته وَانْدَمَقَ فِيهَا:(10/103)
دَخَلَ، وَانْدَمَقَ مِنْهَا: خَرَجَ، ضِدٌّ؛ وأدْمقْته إِدْمَاقًا. وَفِيهِمْ دَمْقٌ إِذَا كَانُوا يَدْخُلُونَ عَلَى الْقَوْمِ بِغَيْرِ إِذْنٍ فيأْكلون طَعَامَهُمْ؛ وَرَوَى شِمْرٌ بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ خَالِدًا كَتَبَ إِلَى عُمر: إنَّ الناسَ قَدْ دَمَقُوا فِي الخَمْر وتَزاهَدُوا فِي الحَدِّ؛ أَيْ أَنَّهُمْ تهافَتُوا فِي شُربها وَانْبَسَطُوا وَأَكْثَرُوا مِنْهُ. قَالَ شِمْرٌ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي دَمَقَ الرجلُ عَلَى الْقَوْمِ ودَمَر إِذَا دَخَلَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ دَمَقُوا فِي الْخَمْرِ أَيْ دَخَلُوا واتَّسعوا؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الصائدَ وَدُخُولَهُ فِي قُتْرته:
لَمّا تَسَوَّى فِي خَفِيِّ المُنْدَمَقْ
قَالَ: مُنْدَمَقُه مَدْخَلُه؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: المُندَمق المُتَّسِع. والدمَق، بِالتَّحْرِيكِ: الثَّلْجُ مَعَ الرِّيحِ يَغْشَى الإِنسان مَنْ كُلِّ أوْب حَتَّى يكادَ يَقْتُلُ مَن يُصيبه، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. ويومٌ داموقٌ: ذُو وَعْكةٍ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ لأَن [الدَّمَهْ] بِالْفَارِسِيَّةِ النَّفْسُ فَهُوَ دَمَهْكِر أَيْ آخِذٌ بِالنَّفْسِ. والدُّمَّيْقُ: اسْمٌ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّمْقُ السَّرِقة. وَيُقَالُ: أَخَذَ فُلَانٌ مِنَ الْمَالِ حَتَّى دَقِمَ «1» . وَحَتَّى فَقِمَ أي حتى احْتَشَى.
دمحق: الدَّمْحَقُ مِنَ الأَطعمة: مَعْرُوفٌ. والدُّحْموقُ والدُّمْحُوقُ: الْعَظِيمُ البطن.
دمخق: دَمْخَقَ فِي مَشْيه وحَدِيثه يُدَمْخِق دَمْخقةً: تَثاقل؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: وَهُوَ الثَّقِيلُ فِي مَشْيِهِ الْحَدِيدِ فِي تَكَلُّفِهِ؛ وَمِثْلُهُ اشْتِقَاقُ الْفِعْلِ، فَمَا كَانَ مِنَ الْفِعْلِ الرُّبَاعِيِّ نَحْوَ دَمْخقَ وشَيْطنَ بِوَزْنِ فَعْلَل قُلْتُ شَيْطنَ فُلَانٌ، وَإِذَا قُلْتَ شيطنَ فَإِنَّهُ مِنْهُ تَحْوِيلٌ إِلَى حَالِ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا قُدّم الْفِعْلُ فَهُوَ وَاحِدٌ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَذَلِكَ أَنَّكَ تَقُولُ فَعَلُوا قَالُوا، وَلِلِاثْنَيْنِ فَعَلَا قَالَا، فَلَمَّا أظهَرت الِاسْمَ قُلْتَ فَعَلَ الْقَوْمُ، فَإِذَا قدَّمْتَ الأَسماء قُلْتَ الْقَوْمُ فَعَلُوا وَإِنَّمَا فَعَلُوا خَبَرُ الأَسماء وَلَمْ تَجْعَلْ لِلْقَوْمِ فِعلًا لأَنك تَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ ضَرَبْتُهُ، فَالْهَاءُ هِيَ لِعَبْدِ اللَّهِ؛ وَكَذَلِكَ الْوَاوُ الَّتِي فِي فَعَلُوا هِيَ لِلْقَوْمِ، فَافْهَمْ ذَلِكَ وَنَحْوَهُ. قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: لَمْ أَجِدْ دَمْخقَ لِغَيْرِ اللَّيْثِ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا.
دمشق: دَمْشَقَ عَمَلَه: أسْرَع فِيهِ. ودَمْشَقَ الشيءَ: زَيَّنَه؛ قَالَ أَبُو نُخَيْلةَ:
دُمْشِقَ ذاكَ الصَّخَرُ المُصَخَّرُ
والدَّمْشقُ: النَّاقَةُ الخَفِيفة السَّرِيعَةُ؛ وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ قَوْلَ الزَّفَيَانِ:
ومَنْهَلٍ طامٍ عَلَيْهِ الغَلْفَقُ ... يُنِيرُ، أَوْ يُسْدِي بِهِ الخَوَرْنَقُ
وَرَدْتهُ، والليلُ داجٍ أبْلَقُ، ... وصاحِبِي ذاتُ هِبابٍ دَمْشَقُ،
كأنَّها بعدَ الكَلالِ زَوْرقُ
قَالَ: وَكَذَلِكَ نَاقَةٌ دِمَشْقٌ مثالُ حِضَجْر. ودِمَشْقُ: مَدِينَةٌ، مِنْ هَذَا أُخِذَ، قِيلَ: فَدَمْشِقُوها أَيِ ابنُوها بِالْعَجَلَةِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: دِمَشْقُ قَصَبَةُ الشَّامِ؛ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ:
قَطَعْتَ الدَّهْرَ كالسَّدِرِ المُعَنَّى ... تُهَدِّر فِي دِمَشْقَ، وَمَا تَرِيمُ
وَيُرْوَى: تُهدّد. التَّهْذِيبُ: دِمَشْق اسْمُ جُند من
__________
(1) . قوله [حتى دقم] كذا في الأصل، والذي في شرح القاموس: حتى دمق(10/104)
أجْناد الشَّامِ. ودَمْشَقْت فِي الشَّيْءِ: أسْرَعْت. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ دَشَقَ: جَمَلٌ دَوْشق إذا كان صخماً، فَإِنْ كَانَ سَرِيعًا فَهُوَ دَمْشَق.
دملق: المُدَمْلَق مِنَ الْحَجَرِ وَمِنَ الحافرِ: الأَملس المُدَوَّر مِثْلُ المُدَمْلَك والمُدَمْلَج؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بِكُلّ موْقُوعِ النُّسورِ أخْلَقا ... لأْمٍ يَدُقُّ الحجَر المُدَمْلَقا
قَالَ: وَكَذَلِكَ الْحَافِرُ؛ قَالَ:
وحافِرٌ صُلْب العُجَى مُدَمْلَقُ، ... وساقُ هَيْقٍ أنْفُها مُعَرَّقُ
وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي النَّجْمِ:
وَكُلُّ هِنْدِيّ حَديدِ الرَّوْنَقِ، ... يَفْلِقُ رأسَ البيضةِ المُدَمْلَقِ
وَحَجَرٌ دُمَلِقٌ ودُمْلُوقٌ ودُمالِقٌ مُدَمْلَقٌ دُمْلُوقٌ: شديدُ الاسْتدارة؛ وَأَنْشَدَ:
وعَضَّ بِالنَّاسِ زَمانٌ عارقُ، ... يَرْفَضُّ مِنْهُ الحَجرُ الدُّمالِقُ
أَبُو خَيْرَةَ: الدُّمْلُوق والدُّمالق الْحَجَرُ الأَملس مِثْلُ الْكَفِّ. وَفِي حَدِيثِ
ثَمُودَ: رَمَاهُمُ اللَّهُ بالدَّمالِق
أَي بِالْحِجَارَةِ المُلْسِ، وَجَمْعُ دَمالِق دَمالِيقُ، وَقَدْ دُمْلِقَ؛ وَقِيلَ: الدُّمَلِقُ الْحَجَرُ الأَملس الصُّلب؛ يُقَالُ: دَمْلَقَه ودَمْلَكه إِذَا مَلَّسه وسَوّاه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ظَبْيانَ وَذِكْرُ ثَمُودًا فَقَالَ: رَمَاهُمُ اللَّهُ بالدَّمالِق وأَهلكهم بالصَّواعِق
؛ التَّفْسِيرُ الأَخير لِابْنِ قُتَيْبَةَ. وفَرج دُمالِقٌ: وَاسِعٌ عَظِيمٌ؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ الْمُثَنَّى:
جاءتْ بِهِ مِن فَرجها الدُّمالِقِ
وَشَيْخٌ دُمالِقٌ: أصلعُ. وَرَجُلٌ دُمالق الرأسِ: محلوقُه. وَرَجُلٌ دَمَلَّقُ الْوَجْهِ: مُحَدَّده. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الدُّمالِقُ مِنَ الكَمأة أَصْغَرُ مِنَ العُرْجون وَأَقْصَرُ مَا يَكُونُ فِي الرَّوْضِ، وَهُوَ طَيِّبٌ، وقلَّما يَسودّ، وَهُوَ الَّذِي كَأَنَّ رأسه مِظَلّة.
دنق: الدّانِق والدّانَقُ: مِنَ الأَوزان، وَرُبَّمَا قِيلَ داناقٌ كَمَا قَالُوا للدِّرْهمِ درْهام، وَهُوَ سُدُسُ الدِّرْهَمِ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
يَا قَوْمِ، مَن يَعْذِرُ مَنْ عَجْرَد ... القاتِلِ الْمَرْءِ عَلَى الدانِق؟
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: لَعَنَ الله الدانَقَ [الدانِقَ] وَمَنْ دَنَّق
؛ الدَّانق، بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا: هُوَ سُدُسُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ كأَنه أَراد النَّهْيَ عَنِ التَّقْدِيرِ وَالنَّظَرِ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ الْحَقِيرِ، وَالْجَمْعُ دوانِق ودَوانِيقُ؛ الأَخيرة شَاذَّةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَهُ فَقَالَ: جَمْعُ دانِق دوانِق، وَجَمْعُ دانَق دَوَانِيقُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ جَمْعٍ جَاءَ عَلَى فَواعِل ومَفاعِل فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُمَدَّ بِيَاءٍ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَمَّا الَّذِينَ قَالُوا دَوَانِيقُ فَإِنَّمَا جَعَلُوهُ تَكْسِيرَ فَاعَالٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِهِمْ كَمَا قَالُوا مَلَامِيحُ، وَتَصْغِيرُهُ دُويْنيق وَهُوَ شَاذٌّ أَيْضًا. ابْنُ الأَعرابي عَنْ أَبِي المكارِم قَالَ: الدَّنيقُ والكِيصُ والصُّوصُ الَّذِي يَنْزِلُ وَحْدَهُ وَيَأْكُلُ وَحْدَهُ بِالنَّهَارِ، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ أَكَلَ فِي ضَوْء الْقَمَرِ لِئَلَّا يَرَاهُ الضيْفُ. وتَدْنِيقُ الشَّمْسِ للغُروب: دُنُوّها. ودَنَّقت الشمسُ تَدْنِيقاً: مَالَتْ لِلْغُرُوبِ. وتَدْنِيقُ الْعَيْنِ: غُؤورها. ودَنَّقَت عينُه تَدْنِيقاً: غارتْ. ودَنَّق وجهُه: هُزِل، وَقِيلَ: دَنَّق وجههُ إِذَا اصْفَرَّ مِنَ(10/105)
الْمَرَضِ. ودنَّق الرَّجلُ: مَاتَ، وَقِيلَ: دنَّق لِلْمَوْتِ تَدْنِيقًا دَنَا مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
الأَوزاعي: لَا بأْس للأَسِير إِذا خَافَ أَن يُمَثَّل بِهِ أَن يُدَنِّق لِلْمَوْتِ
أَي يَدنُو مِنْهُ؛ يُرِيدُ لَهُ أَن يُظهر أَنه مُشْفٍ عَلَى الْمَوْتِ لِئَلَّا يُمَثَّل بِهِ. وَيُقَالُ للأَحْمق دانِقٌ ودائقٌ ووادِقٌ وهِرْطٌ. والدانِقُ: السَّاقِطُ المَهزُول مِنَ الرِّجَالِ. أَبو عَمْرٍو: مريضٌ دانِقٌ إِذا كَانَ مُدْنَفاً مُحَرَّضاً؛ وَأَنْشَدَ:
إنَّ ذواتِ الدَّلِّ والبَخانِقِ ... يَقْتُلْن كلَّ وامقٍ وعاشِقِ،
حتَّى تَراه كالسَّليمِ الداَّنِقِ
اللَّيْثُ: دنَّق وَجْهَ الرَّجُلِ تدْنِيقاً إِذا رأَيت فِيهِ ضُمْر الهُزَال مَنْ مرَض أَوْ نصَب. والدَّنْقةُ: حَبة سَوْدَاءُ مُسْتَدِيرَةٌ تَكُونُ فِي الحِنطة. والدَّنْقة: الزُّؤان؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والمُدَنِّق: المُستقْصِي. يُقَالُ: دنَّق إِلَيْهِ النظَرَ ورنَّقَ، وَكَذَلِكَ النَّظَرُ الضَّعِيفُ. قَالَ الْحَسَنُ: لَا تُدَنِّقوا فيُدَنَّقَ عَلَيْكُمْ. والتَّدْنِيقُ مِثْلُ الترْنِيق: وَهُوَ إِدامة النَّظَرِ إِلى الشَّيْءِ، وأَهل العِراق يَقُولُونَ فُلَانٌ مُدَنِّق إِذا كَانَ يُداقّ النَّظَرُ فِي مُعامَلاته ونَفقاته ويَسْتَقْصِي. الأَزهري: وَالتَّدْنِيقُ والمُداقّة والاسْتقصاء كِنَايَاتٌ عَنِ الْبُخْلِ والشُّحِّ. ابْنُ الأَعرابي: الدُّنُقُ المُقَتِّرُون عَلَى عِيالهم وَأَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ يُقَالُ: مَنْ لَمْ يُدَنِّقْ زَرْنَق، والزَّرْنَقةُ العِينة؛ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: مِنَ الْعُيُونِ الجاحِظةُ والظاهِرة والمُدَنِّقة، وَهُوَ سَوَاءٌ، وَهُوَ خروج العين وظهورها؛ قال الأَزهري: وَقَوْلُهُ أَصَحُّ مِمَّنْ جعل تدنيق العين غؤوراً.
دنشق: دَنْشَقٌ: اسم.
دهق: الدَّهْقُ: شِدَّةُ الضَّغْط. والدهْق أَيْضًا: مُتابعة الشَّدِّ. ودَهَق الماءَ وأدْهَقه: أفْرَغه إِفْرَاغًا شَدِيدًا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عنه: نُطْفةً دِهاقاً وعَلَقةً مُحاقاً
أَي نُطْفَةً قَدْ أَفْرغت إِفراغاً شَدِيدًا، مِنْ قَوْلِهِمْ أَدْهَقْت الْمَاءَ أَفْرَغته إِفراغاً شَدِيدًا، فَهُوَ إِذاً مِنَ الأَضداد. وَأَدْهَقَ الكأسَ: شدَّ ملأَها. وكأسٌ دِهاق: مُتْرعة مُمْتَلِئَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَكَأْساً دِهاقاً
، قِيلَ: مَلأَى؛ وَقَالَ خِداش بْنُ زُهير:
أَتَانَا عامرٌ يَرْجُو قِرانا، ... فأَتْرَعْنا لَهُ كأْساً دِهاقا
وَيُقَالُ: أدْهَقْتُ الكأْسَ إِلَى أصْبارها أَيْ ملأْتها إِلَى أعالِيها. وَفِي التَّهْذِيبِ: دهقْت الكأْس أَيْ ملأْتها، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ دِهاقاً مُتتابعة عَلَى شارِبِيها مِنَ الدهْق الَّذِي هُوَ مُتَابَعَةُ الشَّدِّ، والأَوّل أَعْرَفُ، وَقِيلَ: دِهاقاً صَافِيَةً؛ وَأَنْشَدَ:
يَلَذُّه بكَأْسِه الدِّهاق
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَأَمَّا صِفَتُهم الكأْسَ وَهِيَ أُنْثَى بالدِّهاق وَلَفْظُهُ لَفْظُ التَّذْكِيرِ فَمِنْ بَابِ عَدْل ورِضا. أَعْنِي أَنَّهُ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ وَهُوَ مَوْضُوعُ مَوْضِعَ إِدْهَاقٍ، وَقَدْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ هِجانٍ ودِلاصٍ إِلَّا أَنا لَمْ نَسْمَعْ كأْسان دِهاقانِ؛ قَالَ: وَإِنَّمَا حَمَلَ سِيبَوَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ دِلاصاً وَهِجَانًا فِي حَدِّ الْجَمْعِ تَكْسِيرًا لهِجانٍ ودِلاص فِي حَدِّ الإِفراد قولُهم هِجانانِ ودِلاصانِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَحَمَلَهُ عَلَى بَابِ رِضاً لأَنه أَكْثَرُ، فَافْهَمْهُ. ودَهَقَ لِي مِنَ الْمَالِ دَهْقةً: أَعْطَانِي مِنْهُ صَدْراً. والدَّهَقُ: خَشَبَتَانِ يُغْمَزُ بِهِمَا السَّاقُ. وادَّهَقَتِ(10/106)
الْحِجَارَةُ: اشْتَدَّ تَلازُبها وَدَخَلَ بعضُها فِي بَعْضٍ مَعَ كَثْرَةٍ؛ وَأَنْشَدَ الأَزهري:
يَنصاحُ مِن جِبْلةِ رَضْمٍ مُدَّهِقْ
والدِّهْقانُ والدُّهقان: التَّاجِرُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنْ جَعَلْتَ دِهقان مِنَ الدَّهْق لَمْ تَصْرِفْهُ. هَكَذَا قَالَ مِنَ الدَّهْقِ، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَقَالَهُ عَلَى أَنَّهُ مَقُولٌ أَمْ هُوَ تَمْثِيلٌ مِنْهُ لَا لَفْظٌ مَعْقُولٌ، قَالَ: والأَغلب عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ مَقُولٌ وَهُمُ الدَّهاقِنةُ والدَّهاقِين؛ قَالَ:
إِذَا شِئتُ غَنَّتْني دَهاقِينُ قَرْيةٍ، ... وصَنَّاجةٌ تَحْدُو عَلَى كُلِّ مَنْسِم
وَقَبْلَهُ:
أَلَا أبْلِغا الحَسْناء أَنَّ حَلِيلَها، ... بِمَيْسانٍ، يُسْقى مِنْ زُجاجٍ وحَنْتَمِ
وَبَعْدَهُ:
لعَلَّ أميرَ المُؤمِنينَ يَسُوءُه ... تَنادُمنا بالجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ
إِذَا كنتَ ندْماني فبالأَكبَرِ اسْقِني، ... وَلَا تَسْقِني بالأَصْغَرِ المُتَثَلِّمِ
يَعْنِي بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عَنْهُ، لأَنه هُوَ الَّذِي وَلَّاهُ. والدَّهَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: ضَرْبٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ [أَشْكَنْجَه] . ودَهَقْت الشيءَ: كسَرْته وقطَعْته، وَكَذَلِكَ دَهْدَقْتَه؛ وَأَنْشَدَ الحُجْر بْنُ خَالِدٍ أَحَدُ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلبةَ:
نُدَهْدِقُ بَضْعَ اللَّحْمِ للباعِ والنَّدى، ... وبَعْضُهم تَغْلي بِذَمٍّ مَناقِعُهْ
ونحلب ضِرْسَ الضَّيْفِ فِينَا، إِذَا شَتا، ... سَدِيفَ السَّنامِ تَشْتَرِيهِ أصابِعُهْ
المَناقِعُ: القُدور الصِّغَارُ، وَاحِدُهَا مَنْقَع، ومَنْقَعة؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي النَّجْمِ:
قدِ اسْتَحلُّو القتْلَ فاقْتُلْ وادْهَقِ
والدَّهْدَقة: دَوَرانُ البِضَعِ الْكَثِيرِ فِي القِدر إذا غلت تَرَاهَا تَعلُو مرَّة وتَسْفُل أُخْرَى؛ وَأَنْشَدَ:
تَقَمَّصَ دَهْداقَ البَضِيعِ، كأنَّه ... رُؤُوسُ قَطاً كُدْرٍ دِقاقٍ الحَناجِر
دهدق: الأَزهري فِي النَّوَادِرِ: زَهْزَقَ فِي ضَحِكِهِ زَهْزَقَةً ودَهْدَقَ دَهْدَقةً.
دهمق: الدُّهامِقُ: التُّراب اللَّيِّن. وَأَرْضٌ دَهامِيق: ليِّنة دَقِيقَةٌ؛ أَنْشَدَ ابْنُ دُرَيْدٍ:
كأنَّما فِي تُرْبِهِ الدُّهامِقِ ... مِنْ ألِّه تَحْتَ الهَجِيرِ الوادِقِ
ودَهْمَقَ الطَّحِينَ: دقَّقَه وليَّنه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ شِئْتُ أَن يُدَهْمَقَ لِي لفعلْتُ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَابَ قَوْمًا فَقَالَ: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها
؛ مَعْنَاهُ لَوْ شِئْتُ أَن يُلَيَّنَ لِيَ الطعامُ ويُجَوَّدَ. ودَهْمَقْتُ اللحمَ: مِثْلُ دَهْدَقْتُه. والدَّهْمَقَةُ: لِينُ الطعامِ وَطِيبُهُ ورِقَّتُه، وَكَذَلِكَ كُلَّ شيءٍ ليِّن؛ قَالَ اللَّيْثُ: وأَنشدني خَلَفٌ الأَحمر فِي نَعْتِ أَرض:
جَوْنٌ رَوابي تُرْبِه دَهامِقُ
يَعْنِي تُرْبة ليِّنة. أَبو عُبَيْدٍ: الدَّهْمَقة والدَّهْقَنة سَوَاءٌ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا سَوَاءٌ لأَن لِينَ الطَّعَامِ مِنَ الدهْقنة.(10/107)
والمُدَهْمَقُ: المُدَقَّق. وَسَمِعَ ابْنُ الْفَقْعَسِيِّ يَقُولُ: المُدَهْمَق الجيِّد مِنَ الطَّعَامِ؛ قَالَ وَأَنْشَدَنِي أَعْرَابِيٌّ:
إِذَا أرَدْتَ عَمَلًا سُوقِيّا ... مُدَهْمَقاً، فادْعُ لَهُ سِلْمِيّا
قَالَ: والمُدَهْمَق الَّذِي لَمْ يُجوّد، وَهَذَا ضِدُّ الأَول. التَّهْذِيبُ: أَبُو حَاتِمٍ بعد ما ذَكَرَ أنَّ قَوْمًا غَلِطوا فَقَالُوا لِلشَّيْءِ المُجوَّد مُدهْمَق، وَالَّذِي يُشفَق عَلَيْهِ أَيْضًا مُدهْمَق؛ وَاحْتَجَّ بِمَا أَنْشَدَهُ ابْنُ الأَعرابي:
إِذَا أَرَدْتَ عَمَلًا سُوقِيًّا
فَظَنُّوا أَنَّ السُّوقِيَّ الرَّدِيءُ؛ قَالَ: وَأَصْحَابُ المَرائي يُعطُون عَلَى جِلاء المِرآة فَإِذَا اشْتَرَطُوا عَمَلًا سُوقِياً أضْعفُوا الْكِرَاءَ، قَالَ: وَهُوَ أجْودُ الْعَمَلِ. ابْنُ سَمْعَانَ: المُدَهْمَق المُستوي؛ وَأَنْشَدَ:
كَأَنَّ رِزَّ الوَتَرِ المُدَهْمَقِ، ... إِذَا مَطاها، هَزمٌ مِنْ فَرَقِ
ودَهْمَق الفاتِلُ الوَتَرَ إِذَا جَاءَ بِهِ مُسْتَوِيًا مِنْ أوَّله إِلَى آخِرِهِ، وَأَنْشَدَ:
دَهْمَقَه الفاتِلُ بينَ الكَفَّيْن، ... فَهُوَ أمِينٌ مَتْنُه يُرْضي العَيْن
التَّهْذِيبُ: ودَهْمَقْت فِي الشَّيْءِ أَيْ أَسْرَعْتُ. قَالَ أَعْرَابِيٌّ: كَانَ مُدْرِك الفَقْعَسِيّ يسمَّى مُدَهْمِقاً لِبَيَانِ لِسَانِهِ وجَوْدة شِعره؛ تَقُولُ: هُوَ مُدَهْمِق مَا يُطاق لسانُه لتَجْويدِه الْكَلَامَ وتَحْبيرِه إيّاه.
دَوَقَ: الدُّوقُ، بِالضَّمِّ: المُوقُ والحُمْقُ. والدّائقُ: الهالِك حُمْقاً. يُقَالُ: هُوَ أحْمقُ مائقٌ دائقٌ؛ وَقَدْ ماقَ وداقَ يَمُوقُ ويَدُوقُ مَواقةً وَدَوَاقَةً ودَوْقاً ومُؤُوقاً ودُؤُوقاً. وَرَجُلٌ مُدَوَّق: مُحَمَّق. أَبُو سَعِيدٍ: داقَ الرَّجلُ فِي فِعْلِهِ وداكَ يَدُوقُ ويَدُوك إِذَا حَمُق. ومالٌ دَوْقى ورَوبَى «2» أي هَزْلَى.
ذحق: ابْنُ سِيدَهْ: ذَحَقَ اللِّسانُ يَذْحَقُ ذَحْقاً انْسلَق وانْقشَر مِنْ دَاءٍ يُصيبه، والله أعلم.
ذرق: ذَرْقُ الطائرِ: خُرْؤُه. وذَرقَ الطائرُ يَذْرُق ويَذْرِقُ ذَرْقاً، وأذْرَقَ: خَذَق بِسَلْحه وذَرَقَ، وَقَدْ يُسْتَعَارُ فِي السبُع والثعلب؛ أَنْشَدَ اللِّحْيَانِيُّ:
إِلَّا تِلكَ الثَّعالِبُ قَدْ تَوَالَتْ ... عَلَيَّ، وحالَفَتْ عُرْجاً ضِباعا
لِتَأْكُلَني، فَمَرَّ لهُنَّ لَحْمي، ... فأذْرَقَ مِنْ حِذاري أَوْ أَتَاعَا
وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الذُّراق؛ عَنْ أَبِي زَيْدٍ. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ لَمَّا سَأَلَهُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ هِجَاءِ الْحُطَيْئَةِ للزِّبْرِقان بِقَوْلِهِ:
دَعِ المَكارِمَ لَا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِها، ... واقْعُدْ فإنَّك أنتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي
مَا هَجاه بَلْ ذَرق عَلَيْهِ. والذَّرْقُ: ذَرْقُ الحُبارَى بِسَلْحِهِ، والخَذْقُ أشدُّ مِنَ الذَّرْق. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: تَذَرَّقَتْ فُلَانَةُ بالكُحل وأذْرَقَتْ إِذَا اكْتحلت. والذُّرَقُ: نَبَاتٌ كالفِسْفِسة تُسَمِّيهِ الحاضرةُ الحَنْدَقُوقى. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: الذُّرَق الْحَنْدَقُوقِيُّ؛ غَيْرُهُ: وَاحِدَتُهَا ذُرَقة، وَيُقَالُ لَهَا: حَنْدَقَوْقَى وحِنْدَقَوْقَى وحِنْدَقُوقَى؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهَا
__________
(2) . قوله [دوقى ورَوبَى] كذا في الأصل.(10/108)
نُفَيْحة طَيِّبَةٌ فِيهَا شَبه مِنَ الفَثِّ تَطُولُ فِي السَّمَاءِ كَمَا ينبُت الفَثُّ، وَهُوَ يَنْبُتُ فِي القِيعان ومَناقِع الْمَاءِ. وَقَالَ مُرّة: الذُّرَقُ نَبَاتٌ مِثْلُ الكُرّاث الْجَبَلِيِّ الدِّقاق لَهُ فِي رَأْسِهِ قَماعِل صِغَارٌ فِيهَا حبٌّ أَغْبَرُ حُلو، يؤْكلُ رَطباً تُحبه الرِّعاء وَيَأْتُونَ بِهِ أَهْلِيهِمْ فَإِذَا جفَّ لَمْ تَعرِض لَهُ، وَلَهُ نِصال صِغار لَهَا قِشْرَةٌ سَوْدَاءُ فَإِذَا قُشرت قُشرت عَنْ بَيَاضٍ، قَالَ: وَهِيَ صادِقةُ الحَلاوة كَثِيرَةُ الْمَاءِ يَأْكُلُهَا النَّاسُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى إِذَا مَا هاجَ حِيرانُ الذُّرَقْ ... وأهْيَجَ الخَلْصاء مِنْ ذاتِ البُرَقْ «1»
. وأذْرَقَت الأَرض: أنْبَتت الذُّرَق. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَاعٌ كَثِيرُ الذُّرَق
، بِضَمِّ الذَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، الْحِنْدَقَوْقُ وَهُوَ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ. وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ: لَبَنٌ مُذَرَّق أي مَذيق.
ذرفق: اذْرَنْفَقَ: تَقدَّم كادْرَنْفَقَ؛ حكاه نصير.
ذعق: الذُّعاق بِمَنْزِلَةِ الزُّعاق: المُرّ. مَاءٌ ذُعاقٌ: كزُعاقٍ. قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ عَرَبِيٍّ فَلَا أَدْرِي أَلُغَةٌ أَمْ لُثْغة. وذَعَق بِهِ ذَعْقاً: صَاحَ كَزَعَق. ابْنُ دُرَيْدٍ: وذَعقَه وزَعَقَه إِذَا صَاحَ بِهِ فأَفْزعَه؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ أَبَاطِيلِ ابْنِ دُرَيْدٍ.
ذعلق: الذُّعْلُوق والذُّعلُوقة: نَبْتٌ يشبه الكُرّات يَلتوي طيِّبُ الأَكل وَهُوَ يَنْبُتُ فِي أَجْوَافِ الشَّجَرِ؛ وذُعلُوقٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ لِحْيةُ التَّيْس. وكلُّ نَبْتٍ دَقَّ ذُعْلُوق، وَقِيلَ: هُوَ نَبَاتٌ يَكُونُ بِالْبَادِيَةِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ نَبْتٌ يَسْتَطِيلُ عَلَى وَجْهِ الأَرض؛ وَقَوْلُهُ:
يَا رُبَّ مُهرٍ مَزْعُوقْ، ... مُقَيَّل أَوْ مَغْبُوقْ
مِن لَبنِ الدُّهْم الرُّوقْ، ... حتَّى شَتا كالذُّعْلُوقْ
فسَّره فَقَالَ أَيْ فِي خِصْبه وسِمنَه ولِينه. قَالَ الأَزهري: يُشبَّه بِهِ الْمُهْرُ النَّاعِمُ، وَقِيلَ: هُوَ القَضِيب الرَّطب، وَقَدْ يَتَّجِهُ تَفْسِيرُ الْبَيْتِ عَلَى هَذَا. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ نَبْتٌ أدقُّ مِنَ الْكُرَّاثِ وَلَهُ لبَن. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ قَالَ: الذُّعْلُوقُ مِنْ أَسْمَاءِ الكمأَة. والذُّعلوق: طَائِرٌ صَغِيرٌ.
ذفرق: الذُّفْروق: لُغَةٌ فِي الثُّفْروق.
ذلق: أَبُو عَمْرٍو: الذَّلَقُ حِدَّة الشَّيْءِ. وحَدُّ كُلِّ شَيْءٍ ذَلْقُه، وذَلْقُ كُلِّ شَيْءٍ حَدُّه. وَيُقَالُ: شَباً مُذَلَّقٌ أَيْ حادٌّ؛ قَالَ الزَّفَيانُ:
وَالْبِيضُ فِي أيْمانِهم تأَلَّقُ، ... وذُبَّل فِيهَا شَباً مُذَلَّقُ
وذَلْقُ السِّنان: حَدُّ طرَفه، والذلْقُ: تَحْديدك إِيَّاهُ. تَقُولُ: ذَلَقْته وأذْلقْته. ابْنُ سِيدَهْ: ذَلْقُ كُلِّ شَيْءٍ وذَلَقُه وذَلْقَتُه حِدَّته، وَكَذَلِكَ ذَوْلَقُه، وَقَدْ ذَلَقه ذَلْقاً وأذْلقه وذَلَّقه؛ وَقَوْلُ رؤْبة:
حتَّى إِذَا تَوقَّدَتْ مِن الزَّرَقْ ... حَجْرِيَّةٌ كالجَمْرِ مِنْ سَنِّ الذَّلَقْ «2»
. يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ ذَالِقٍ كَرَائِحٍ وروَح وعازِب وعَزَب، وَهُوَ المُحدَّد النَّصْلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مِنْ سَنِّ الذلْق فَحُرِّكَ لِلضَّرُورَةِ وَمِثْلُهُ في الشعر
__________
(1) . قوله [الذرق] تقدم لنا هذا البيت في مادتي حجر وحير بلفظ الدرق بدال مهملة مفتوحة وهو خطأ والصواب ما هنا
(2) . قوله [من سن الذلق] تَقَدَّمَ هَذَا الْبَيْتُ فِي مادة حجر بلفظ الدلق بدال مهملة تبعاً للأَصل وهو خطأ والصواب ما هنا(10/109)
كَثِيرٌ. وذلَقُ اللِّسَانِ وذَلَقَته: حِدَّته، وذَوْلقُه طَرَفُهُ. وكلُّ محدَّد الطرَف مُذَلَّق، ذَلُقَ ذَلَاقَةً، فَهُوَ ذَلِيق وذَلْق وذُلَق وذُلُق. وذَلِقَ اللسانُ، بِالْكَسْرِ، يَذْلَقُ ذلَقاً أَيْ ذَرِبَ وَكَذَلِكَ السِّنَانُ، فَهُوَ ذَلِقٌ وأذْلَقُ. وَيُقَالُ أَيْضًا: ذَلُقَ السِّنَانُ، بِالضَّمِّ، ذَلْقاً، فَهُوَ ذَلِيق بيِّن الذَّلاقة. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْع: عَلَى حدِّ سِنان مُذلَّقٍ
أَي مُحَدَّدٍ؛ أَرادت أَنها مَعَهُ عَلَى حَدِّ السِّنَانِ المحدَّد فَلَا تَجد مَعَهُ قَراراً. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فكسرتُ حَجَرًا وحسَرْتُه فانْذَلَق
أَي صَارَ لَهُ حَدٌّ يَقطَع. ابْنُ الأَعرابي: لِسان ذَلْقٌ طَلْقٌ، وذَلِيقٌ طَلِيق، وذُلُقٌ طُلُقٌ، وذُلَقٌ طُلَقٌ، أَربع لُغَاتٍ فِيهَا. والذَّلِيق: الفصيحُ اللسانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا كَانَ يومُ الْقِيَامَةِ جاءَت الرَّحِم فَتَكَلَّمَتْ بِلِسَانٍ ذُلَقٍ طُلَقٍ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ صِلْ مَن وصَلني واقْطَع مَن قَطَعَنِي.
الْكِسَائِيُّ: لِسَانٌ طُلَقٌ ذُلَقٌ كَمَا جاءَ فِي الْحَدِيثِ أَي فَصِيحٌ بَلِيغٌ، ذُلَق عَلَى فُعَل بِوَزْنِ صُرَد؛ وَيُقَالُ: طُلُقٌ ذُلُقٌ وطَلْق ذَلْق وطَلِيق ذَلِيق، وَيُرَادُ بِالْجَمِيعِ المَضاء والنَّفاذ. أَبُو زَيْدٍ: المُذَلَّق مِنَ اللَّبَنِ الحليبُ يُخلط بِالْمَاءِ. وعَدْوٌ ذَلِيق: شَدِيدٌ. قَالَ الْهُذَلِيُّ:
أَوَائِلُ بالشَّدِّ الذَّليقِ وحَثَّني، ... لَدى المتْنِ، مَشْبُوحُ الذِّراعَيْن خَلْجَم «1»
. وذَلَّقْتُ الْفَرَسَ تَذليقاً إِذَا ضَمَّرْته؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
فَذَلَّقْتُه حَتَّى تَرَفَّع لحمُه، ... أُداوِيهِ مَكْنوناً وأركَبُ وادِعا
أَيْ ضمَّرته حَتَّى ارْتَفَعَ لحمُه إلى رؤُؤس الْعِظَامِ وَذَهَبَ رَهَلُه. وَفِي حَدِيثِ حَفْر زَمزمَ:
أَلم نسقِ الحَجِيج وَنَنْحَرِ المِذْلاقةَ
؛ هِيَ النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ السَّيْرِ. وَالْحُرُوفُ الذُّلْقُ: حُرُوفُ طَرف اللسانِ. التَّهْذِيبُ: الْحُرُوفُ الذُّلْق الرَّاءُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ سُمِّيَتْ ذُلْقاً لأَنَّ مَخَارِجَهَا مِنْ طَرَفٍ اللِّسَانِ. وذَلَقُ كُلِّ شَيْءٍ وذَوْلَقُه: طرَفُه. ابْنُ سِيدَهْ: وَحُرُوفُ الذَّلاقة سِتَّةٌ: الراءُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ وَالْفَاءُ وَالْبَاءُ وَالْمِيمُ لأَنه يُعتَمد عَلَيْهَا بذَلَقِ اللِّسَانِ، وَهُوَ صَدْرُهُ وطرَفه، وَقِيلَ: هِيَ حُرُوفُ طَرَفِ اللِّسَانِ وَالشَّفَةِ وَهِيَ الْحُرُوفُ الذُّلْق، الْوَاحِدُ أذْلق، ثَلَاثَةٌ مِنْهَا ذوْلَقِيَّة: وَهِيَ الرَّاءُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ، وثلاثة شفظوِية: وَهِيَ الْفَاءُ وَالْبَاءُ وَالْمِيمُ، وَإِنَّمَا سمِّيت هَذِهِ الْحُرُوفُ ذُلْقًا لأَن الذَّلَاقَةَ فِي المَنطِق إِنَّمَا هِيَ بِطَرَفِ أسَلةِ اللِّسَانِ وَالشَّفَتَيْنِ، وَهُمَا مَدْرجتا هَذِهِ الْحُرُوفِ السِّتَّةِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَفِي هَذِهِ الْحُرُوفِ السِّتَّةِ سِرٌّ ظَريف يُنتفع بِهِ فِي اللُّغَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى رَأَيْتَ اسْمًا رُبَاعِيًّا أَوْ خُمَاسِيًّا غَيْرَ ذِي زَوَائِدَ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حَرْفٍ مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ أَوْ حَرْفَيْنِ وَرُبَّمَا كَانَ ثَلَاثَةٌ، وَذَلِكَ نَحْوُ جَعْفَرٍ فِيهِ الرَّاءُ وَالْفَاءُ، وقَعْضَب فِيهِ الْبَاءُ، وسَلْهَب فِيهِ اللَّامُ وَالْبَاءُ، وسَفَرْجل فِيهِ الْفَاءُ وَالرَّاءُ وَاللَّامُ، وفَرَزْدق فِيهِ الْفَاءُ وَالرَّاءُ، وهَمَرْجَل فِيهِ الْمِيمُ وَالرَّاءُ وَاللَّامُ، وقِرْطَعْب فِيهِ الرَّاءُ وَالْبَاءُ، وَهَكَذَا عامَّة هَذَا الْبَابِ، فَمَتَى وَجَدْتَ كَلِمَةً رُبَاعِيَّةً أَوْ خُمَاسِيَّةٌ مُعَرَّاة من بَعْضِ هَذِهِ الأَحرف السِّتَّةِ فَاقْضِ بِأَنَّهُ دَخِيلٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَلَيْسَ مِنْهُ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْحُرُوفُ غَيْرَ هَذِهِ السِّتَّةِ المُصْمَتةَ أَيْ صُمِت عَنْهَا أَنْ يُبْنَى مِنْهَا كَلِمَةٌ رُبَاعِيَّةٌ أَوْ خُمَاسِيَّةٌ مُعَرَّاةٌ مِنْ حُرُوفِ الذَّلاقة. والذَّلْق، بِالتَّسْكِينِ: مَجْرى المِحْور فِي البَكرة. وذَلْقُ السَّهْمِ: مُسْتَدَقُّه. والإِذْلاقُ: سُرعة
__________
(1) . قوله [لدى المتن] في الأساس: بذا المتن(10/110)
الرَّمْيِ، والذَّلَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: القَلَقُ، وَقَدْ ذَلِق، بِالْكَسْرِ. وأَذلقْته أَنا وأَذْلَق الضَّبَّ واسْتذْلَقه إِذا صبَّ عَلَى جُحْرِهِ الماءَ حَتَّى يَخْرُجَ. التَّهْذِيبُ: وَالضَّبُّ إِذا صُب الماءُ فِي جُحْرِهِ أَذْلقه فَيَخْرُجُ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَلِقَ يومَ أُحُد مِنَ الْعَطَشِ
؛ أَي جَهَده حَتَّى خَرَجَ لسانُه. وذَلقه الصَّوْمُ وَغَيْرُهُ وأَذْلقه: أَضْعفه وأَقْلَقه. وَفِي حَدِيثِ
ماعِزٍ: أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمرَ برَجْمه فَلَمَّا أَذْلقَتْه الحِجارة جَمَزَ وفَرَّ
أَي بَلَغَتْ مِنْهُ الجَهْدَ حَتَّى قَلِق. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَنها كَانَتْ تَصُومُ فِي السَّفَرِ حَتَّى أَذْلَقها الصوْمُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي:
أَذلقها
أَي أَذابَها، وَقِيلَ:
أَذلقها
الصَّوْمُ أَي جهَدها وأَذابها وأَقلقها. وأَذْلَقه الصومُ وذَلَقَه وذَلَّقه أَي أَضعفه. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ:
أَذلقها
الصَّوْمُ أَحرجها، قَالَ: وتَذْلِيق الضِّباب تَوْجِيهُ الْمَاءِ إِلى جِحَرَتها؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
بمُسْتَذْلِقٍ حَشَراتِ الإِكامِ، ... يَمْنَعُ مِن ذِي الوِجارِ الوِجارا
يَعْنِي الْغَيْثَ أَنه يَسْتَخْرِجُ هَوَامَّ الإِكام. وَقَدْ أَذْلَقَني السَّمُوم أَي أَذابني وهزَلَني. وَفِي حَدِيثِ
أَيوب، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنه قَالَ فِي مُناجاته: أَذْلَقني الْبَلَاءُ فتكلمْتُ
أَي جَهَدني، وَمَعْنَى الإِذْلاق أَن يَبْلُغَ مِنْهُ الجَهْدُ حَتَّى يَقْلَقَ ويَتَضَوَّر. وَيُقَالُ: قَدْ أَقلقني قولُك وأَذْلقَني. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبِية:
يَكْسَعُها بِقَائِمِ السَّيْفِ حَتَّى أَذْلقَه
أَي أَقْلقَه. وخطِيب ذَلِقٌ وذَلِيقٌ، والأُنثى ذَلِقةٌ وذَلِيقة. وأَذْلقْتُ السراجَ إِذلاقاً أَي أَضأْته. وَفِي أَشراط السَّاعَةِ ذِكْرُ ذُلَقْيَة؛ هِيَ بِضَمِّ الذَّالِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تحتها: مدينة.
ذوق: الذَّوْقُ: مَصْدَرُ ذاقَ الشيءَ يذُوقه ذَوقاً وذَواقاً ومَذاقاً، فالذَّواق والمَذاق يَكُونَانِ مَصْدَرَيْنِ وَيَكُونَانِ طَعْماً، كَمَا تَقُولُ ذَواقُه ومذاقُه طَيِّبٌ؛ والمَذاق: طَعْمُ الشَّيْءِ. والذَّواقُ: هُوَ المأْكول وَالْمَشْرُوبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ يَكُنْ يَذُمُّ ذَواقاً
، فَعال بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنَ الذَّوْقِ، وَيَقَعُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالِاسْمِ؛ وَمَا ذُقْتُ ذَواقاً أَي شَيْئًا، وَتَقُولُ: ذُقْتُ فُلَانًا وذُقْتُ مَا عِنْدَهُ أَي خَبَرْته، وَكَذَلِكَ ما نَزَلَ بالإِنسان مِنْ مَكروه فَقَدْ ذاقَه. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الذّوّاقِين والذّوَّاقات
؛ يَعْنِي السريعِي النكاحِ السريعِي الطلاقِ؛ قَالَ: وَتَفْسِيرُهُ أَن لَا يَطْمئنّ وَلَا تَطْمَئِنُّ كُلَّمَا تَزَوَّجَ أَو تَزَوَّجَتْ كَرِها ومدَّا أَعينهما إِلى غَيْرِهِمَا. والذَّوَّاق: المَلُول. وَيُقَالُ: ذُقت فُلَانًا أَي خبَرْته وبُرْتُه. واسْتَذَقْت فُلَانًا إِذا خَبَرْتَهُ فَلَمْ تَحْمَد مَخْبَرَته؛ وَمِنْهُ قَوْلُ نَهْشل بْنِ حرِّيٍّ:
وعَهْدُ الغانِياتِ كعَهْدِ قَيْنٍ، ... وَنَتْ عَنْهُ الجَعائلُ، مسْتَذاقِ
كبَرْقٍ لاحَ يُعْجِبُ مَنْ رَآهُ، ... وَلَا يَشْفِي الحَوائم مِنْ لَماقِ
يُرِيدُ أَنّ القَيْنَ إِذا تأَخَّر عَنْهُ أَجرُه فسدَ حَالُهُ مَعَ إِخوانه، فَلَا يَصِل إِلَى الِاجْتِمَاعِ بِهِمْ عَلَى الشَّراب وَنَحْوِهِ. وتَذَوَّقْته أَي ذُقْته شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وأَمر مُستَذاقٌ أَي مُجَرَّبٌ مَعْلُومٌ. والذَّوْقُ: يَكُونُ فِيمَا يُكره ويُحمد. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ
؛ أَي ابْتَلاها بسُوء مَا خُبِرت مِنْ عِقاب الْجُوعِ والخَوْف. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانُوا إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ لَا يَتفرَّقون إِلا عَنْ ذَواق
؛ ضَرب الذَّوَاقُ مَثَلًا لِمَا يَنالون عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ أَي لَا(10/111)
يَتفرقون إِلا عَنْ عِلْمٍ وأَدب يَتعلَّمونه، يَقوم لأَنفسهم وأَرواحهم مَقام الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لأَجسامهم. وَيُقَالُ: ذُقْ هَذِهِ القوس أَي انْزَعْ فيها لتَخْبُر لِينها مِنْ شِدَّتِهَا؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فَذَاقَ فأَعْطَتْه مِنَ اللِّينِ جانِباً، ... كَفَى ولَها أَن يُغْرِقَ النَّبْل حاجِزُ «1»
. أَي لَهَا حَاجِزٌ يَمنع مِنْ إِغراقٍ أَي فِيهَا لِينٌ وَشِدَّةٌ؛ وَمِثْلُهُ:
فِي كَفِّه مُعْطِيةٌ مَنُوع
وَمِثْلُهُ:
شِرْيانة تَمْنَعُ بعدَ اللِّينِ
وذُقْتُ القوسَ إِذا جذَبْت وترَها لِتَنْظُرَ مَا شَدَّتُهَا. ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ: فَذُوقُوا الْعَذابَ*
، قَالَ: الذَّوْق يَكُونُ بِالْفَمِ وَبِغَيْرِ الْفَمِ. وَقَالَ أَبو حَمْزَةَ: يُقَالُ أَذاق فُلَانٌ بَعْدَكَ سَرْواً أَي صَارَ سَرِيّاً، وأَذاقَ بعدَك كَرَماً، وأَذاق الفرَسُ بَعْدَكَ عَدْواً أَي صَارَ عَدّاء بَعْدَكَ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها
، أَي خبَرت؛ وأَذاقَه اللهُ وَبَالَ أَمره؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
فذوقُوا كَمَا ذُقْنا غَداةَ مُحَجِّرٍ ... مِنَ الغَيْظِ، فِي أكْبادِنا، والتَّحَوُّبِ «2»
. وذاقَ الرَّجُلُ عُسَيْلَةَ المرأَة إِذا أَوْلَج فيها إِذاقةً حَتَّى خَبر طِيب جِماعها، وذاقَت هِيَ عُسَيْلَته كَذَلِكَ لَمَّا خالَطها. وَرَجُلٌ ذَوّاق مِطْلاق إِذا كَانَ كَثِيرَ النِّكَاحِ كَثِيرَ الطَّلَاقِ. ويومٌ مَا ذُقْته طَعَامًا أَي مَا ذُقْتُ فِيهِ، وذاقَ الْعَذَابَ وَالْمَكْرُوهَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَهُوَ مثَل: وَفِي التَّنْزِيلِ: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ
. وَفِي حَدِيثِ أُحُد:
أَن أَبا سُفْيَانَ لَمَّا رأَى حَمْزَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مقْتولًا قَالَ لَهُ: ذُقْ عُقَقُ
أَي ذُقْ طعْمَ مُخالَفَتِك لَنَا وتَرْكِكَ دِينَك الَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ يَا عاقَّ قَوْمِهِ؛ جَعَلَ إِسلامَه عُقوقاً، وَهَذَا مِنَ الْمَجَازِ أَن يُسْتَعْمَلَ الذَّوْق وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بالأَجسام فِي الْمَعَانِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ
، وقوله: فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ
. وأَذَقْته إِياه، وتَذاوقَ القومُ الشَّيْءَ كذاقُوه؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِل:
يَهْزُزْنَ للمَشْيِ أَوْصالًا مُنعَّمةً، ... هَزَّ الشَّمالِ ضُحًى عَيْدانَ يَبْرِينا
أَو كاهْتِزازِ رُدَيْنِيٍّ تَذاوَقَه ... أَيدي التِّجارِ فَزادُوا مَتْنَه لِينا «3»
. والمعروفُ تَدَاوُلُهُ. وَيُقَالُ: مَا ذُقت ذَواقاً أَي شَيْئًا، وَهُوَ مَا يُذاق من الطعام.
فصل الراء
ربق: اللَّيْثُ: الرِّبْقُ الخَيْط، الْوَاحِدَةُ رِبْقة. ابْنُ سِيدَهْ: الرِّبْقةُ والرَّبْقةُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، والرِّبْقُ، بِالْكَسْرِ، كُلُّ ذَلِكَ: الحبْلُ والحَلْقةُ تُشَدُّ بِهَا الْغَنَمُ الصِّغَارُ لِئَلَّا تَرْضَع، وَالْجَمْعُ أَرْباقٌ ورِباقٌ ورِبَقٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَكُمُ العَهْدُ «4» مَا لَمْ تأْكُلوا الرِّباقَ
؛ شبَّه مَا يَلزم الأَعناقَ مِنَ العَهْدِ بالرِّباق وَاسْتَعَارَ الأَكل لنقْض الْعَهْدِ، فإِن الْبَهِيمَةَ إِذا أَكلت الرِّبق خلَصت مِنَ الشَّدّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمر:
__________
(1) . قوله [كفى ولها إلخ] كذا بالأَصل والذي في الأَساس:
لها ولها أن يغرق السهم حاجز
(2) . قوله [محجر] قال الأَصمعي بِكَسْرِ الْجِيمِ وَغَيْرُهُ يَفْتَحُ
(3) . قوله [التجار] في الأَساس: الكماة
(4) . قوله [لكم العهد] هو كذلك في الصحاح، والذي في النهاية: لكم الوفاء بالعهد(10/112)
وتَذَرُوا أَرْباقَها فِي أَعناقها
؛ شبَّه مَا قُلِّدَتْه أَعناقُها مِنَ الأَوْزار وَالْآثَامِ أَو مِنْ وُجُوبِ الْحَجِّ بالأَرباق اللَّازِمَةِ لأَعناق البَهْم. وأَخرج رَبْقةَ [رِبْقةَ] الإِسلام مِنْ عُنقه: فارَق الْجَمَاعَةَ؛ وَيُرْوَى عَنْ
حُذَيْفَةَ: مَن فارَق الجماعةَ قِيدَ شِبْر فَقَدْ خَلع رِبقةَ الإِسلام مِنْ عُنقه
؛ الرِّبقة فِي الأَصل: عُروة فِي حَبْل تُجعل فِي عُنق الْبَهِيمَةِ أَو يَدِهَا تُمسكها، فَاسْتَعَارَهَا للإِسلام، يَعْنِي مَا يَشدّ الْمُسْلِمُ بِهِ نفسَه مِنْ عُرى الإِسلام أَي حُدُودِهِ وأَحكامه وأَوامره وَنَوَاهِيهِ؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ أَراد بِرِبْقَةِ الإِسلام عَقْد الإِسلام؛ قَالَ: وَمَعْنَى مُفارقة الْجَمَاعَةِ تَركُ السُّنة واتِّباع البِدْعة. وَفِي الصِّحَاحِ: الرِّبْقُ، بِالْكَسْرِ، حَبْلٌ فِيهِ عِدَّةُ عُرى تُشدُّ بِهِ البَهْم، الْوَاحِدَةُ مِنَ العُرى رِبْقة؛ وفرَّجَ عَنْهُ رِبْقَته أَي كُرْبته، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى المثَل والأَصل مَا تقدَّم. والرَّبْق، بِالْفَتْحِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ رَبَقْت الشاةَ والجَدْي أَرْبُقُها وأَرْبِقُها رَبْقاً ورَبَّقها شدَّها فِي الرَّبْقَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: جَعَلَ رأْسه فِي الرِّبقة فارْتَبقَ. وَيُقَالُ: ارْتَبَقَ الظَّبْيُ فِي حِبالتي أَي عَلِقَ، وَالْعَرَبُ تقول: رَمَّدَت الضأْنُ فَرَبِّق رَبِّقْ. والرَّبِيقةُ: البَهْمةُ المرْبوقة فِي الرِّبْق. وَشَاةٌ رَبِيقةٌ ورَبِيقٌ ومُرَبَّقةٌ: مَرْبوقة؛ شَاةٌ مَرْبوقة وَشَاءٌ مُربَّقة. وَقَدْ قِيلَ: إِن التَّرْبِيقَ أَيضاً الْحَلْقَةُ وَالْحَبْلُ تشدُّ بِهِ الْغَنَمُ، فإِن كَانَ ذَلِكَ فالتَّرْبيقُ اسْمٌ كالتنْبِيت الَّذِي هُوَ النَّبَاتُ، والتمْتِين الَّذِي هُوَ خَيْط مِنْ خُيوط الفُسطاط. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: واضطَرَب حَبْل الدِّينِ فأَخذ بطَرَفَيْه ورَبَّق لَكُمْ أَثناءه
؛ تُرِيدُ لمَّا اضْطَرَبَ الأَمر يَوْمَ الرِّدة أَحاطَ بِهِ مِنْ جَوَانِبِهِ وضَمَّه فَلَمْ يَشِذّ مِنْهُمْ أَحد وَلَمْ يَخْرُجْ عمَّا جَمَعَهُمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ تَرْبيق البَهم شدِّه فِي الرِّباق. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قَالَ لِمُوسَى بْنِ طَلْحَةَ انْطَلِق إِلى الْعَسْكَرِ، فَمَا وجدْت مِنْ سِلَاحٍ أَو ثَوْبٍ ارْتُبِقَ فاقْبِضْه واتَّق اللَّهَ وَاجْلِسْ فِي بَيْتِكَ
؛ رَبَقْتُ الشَّيْءَ وارْتَبَقْته لِنَفْسِي كرَبَطْته وارْتَبَطْتُه، وَهُوَ مِنَ الرِّبقة أَي مَا وجدتَ مِنْ شَيْءٍ أُخذ مِنْكُمْ وأُصيب فاستَرْجِعه، وَكَانَ مِنْ حُكمه فِي أَهْلِ الْبَغْيِ أَنَّ مَا وُجد مِنْ مَالِهِمْ فِي يَدِ أَحد يُسترجَع مِنْهُ. الأَزهري: الرِّبْق مَا تُرْبَق بِهِ الشَّاةُ، وَهُوَ خَيْطٌ يُثنى حَلْقة ثُمَّ يُجعل رأْسُ الشَّاةِ فِيهِ ثُمَّ يُشدّ؛ قَالَ: سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ أَعْرَابِ بَنِي تَمِيمٍ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيَّةً وَقَدْ عَمدت إِلى حَبْل فعَقدت فِيهِ أَربع عُرى وَجَعَلَتْ أَعناق صِبيان أَربعة فِيهَا، وَهِيَ تَقُولُ: أَربع مُربَّقات، تسأَل لَهُمْ، قَالَ: وَكَذَلِكَ يُصنع بالسِّخال. وَيُقَالُ: رَبَّق الرَّجُلُ أَثناء حَبْلِهِ وربَّق أَرْباقه إِذا هيَّأَها لِسِخَالِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَمَّدَتِ الضأْنُ فرَبِّقْ رَبِّقْ أَي هيِء الأَرْباق فَإِنَّهَا تَلِدُ عَنْ قُرب لأَنها تُضْرِعُ عَلَى رأْس الْوِلَادَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ المِعزى، فَلِذَلِكَ قَالُوا فِيهَا رَنِّقْ رَنِّقْ، بِالنُّونِ؛ وَجَعَلَ زُهَيْرٌ الجَوامِع رِبَقاً فَقَالَ يُمْدَحُ رَجُلًا:
أَشَمّ أَبْيَض فَيّاض، يُفَكِّكُ عَنْ ... أَيْدِي العُناةِ وَعَنْ أَعْناقِها الرِّبَقا
التَّهْذِيبُ: والرِّبْقة نَسْج مِنَ الصُّوفِ الأَسود عَرْضُه مِثْلُ عَرْضِ التِّكَّة، وَفِيهِ طَريقة حَمْرَاءُ مِنْ عِهْن تُعقَد أَطرافُها، ثُمَّ تُعلَّق فِي عُنق الصَّبِيِّ وتُخرج إِحدى يَدَيْهِ مِنْهَا كَمَا يُخرِج الرَّجُلُ إِحدى يَدَيْهِ مِنْ حَمائل السَّيْفِ، وإِنما تُعلِّق الأَعرابُ الرِّبَقَ فِي أَعناق صِبْيَانِهِمْ مِنَ الْعَيْنِ. ورَبَقَ فُلَانًا فِي هَذَا الأَمر يَرْبُقُه رَبْقاً فارْتَبَقَ: أَوْقَعه فِيهِ فَوَقَعَ. وارتَبَق فِي الحِبالةِ: نَشِبَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.(10/113)
وأُمُّ الرُّبَيْق: مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ. وَفِي الْمَثَلِ: جَاءَ بأُمِّ الرُّبَيْق عَلَى أُرَيْق. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لَقِيتُ مِنْهُ أُمّ الرُّبيق عَلَى وُرَيْق وَيُقَالُ أُرَيْق. اللَّيْثُ: أُم الرُّبيق مِنْ أَسْمَاءِ الْحَرْبِ وَالشَّدَائِدِ؛ وأَنشد:
أُمُّ الرُّبَيْقِ والوُرَيْقِ الأَزْنَم
ربرق: الرَّبْرَقُ: عِنَبُ الثَّعْلب.
رتق: الرَّتْقُ: ضِدُّ الفَتْق. ابْنُ سِيدَهْ: الرَّتْقُ إِلحام الفَتْق وإِصلاحُه. رَتَقَه يَرْتُقُه ويَرْتِقُه رَتْقاً فارْتَتَق أَي التأَم. يُقَالُ: رَتَقْنا فَتْقَهم حَتَّى ارْتَتَق، والرَّتْق: المَرْتوق. وَفِي التَّنْزِيلِ: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما
؛ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: كَانَتِ السموات رتْقاً لَا يَنْزِلُ مِنْهَا رَجْع، وَكَانَتِ الأَرض رتْقاً لَيْسَ فِيهَا صَدْع فَفَتَقَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَاءِ وَالنَّبَاتِ رِزْقاً لِلْعِبَادِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: فُتِقت السَّمَاءُ بالقَطر والأَرض بالنبْت، قَالَ: وَقَالَ كَانَتَا رَتْقًا وَلَمْ يَقُلْ رَتْقَيْنِ لأَنه أُخذ مِنَ الْفِعْلِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ رَتْقًا لأَن الرَّتْقَ مَصْدَرٌ؛ الْمَعْنَى كَانَتَا ذَوَاتَيْ رَتْق فَجُعِلَتَا ذَوَاتَيْ فَتْق.
وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه سُئِلَ عَنِ اللَّيْلِ: هَلْ كَانَ قَبْلَ النَّهَارِ؟ فَتَلَا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً
، قَالَ: والرَّتْق الظُّلمة.
وَرُوِيَ أَيضاً عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ اللَّيْلَ قَبْلَ النَّهَارِ، وقرأَ: كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما
، قَالَ: هَلْ كَانَ إِلَّا ظُلَّة أَو ظُلْمة؟
وَالرَّاتِقُ: المُلْتَئم مِنَ السَّحَابِ؛ وَبِهِ فَسَّرَ أَبو حَنِيفَةَ قَوْلَ أَبي ذُؤَيْبٍ:
يُضِيء سَناه راتِقٌ مُتَكشِّفٌ، ... أَغرُّ، كمِصْباحِ اليَهُود، أَجُوجُ
وَيُرْوَى: دَلوج أَي يَدْلُج بِالْمَاءِ. والرَّتَق، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ رَتِقَت المرأَة رَتَقاً، وَهِيَ رَتْقاء بيِّنة الرَّتَقِ: الْتَصَقَ خِتانُها فَلَمْ تُنَل لارْتِتاق ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْهَا، فَهِيَ لَا يُستطاع جِماعها. أَبُو الْهَيْثَمِ: الرَّتْقاء المرأَة المُنضَمّة الْفَرْجِ الَّتِي لَا يَكَادُ الذَّكَرُ يَجُوزُ فرجَها لشدَّة انْضِمَامِهِ. وفرجٌ أَرْتَقُ: ملتزِق، وَقَدْ يَكُونُ الرتَقُ فِي الإِبل. والرِّتاقُ: ثَوْبَانِ يُرْتَقانِ بِحَوَاشِيهِمَا؛ قَالَ:
جارِية بَيْضاء فِي رِتاقِ، ... تُدِيرُ طَرْفاً أَكْحَلَ المَآقِي
والرُّتْقُ والرَّتَقُ: خَلَلُ مَا بين الأَصابع.
رحق: الرَّحِيقُ: مِنْ أَسماء الْخَمْرِ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ مِنْ أَعْتَقِها وأَفضَلها، وَقِيلَ: الرَّحِيقُ صَفُوة الْخَمْرِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ
، قَالَ: الرَّحِيق الشَّرَابُ الَّذِي لَا غِشّ فِيهِ، وَقِيلَ: الرَّحِيقُ السَّهل مِنَ الْخَمْرِ. والرَّحِيقُ والرُّحاقُ: الصَّافِي وَلَا فِعْلَ لَهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ أَسماء الْخَمْرِ الرحيقُ والرّاحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُّما مؤمِنٍ سقَى مُؤْمِنًا عَلَى ظَمَإٍ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ المَخْتوم
؛ الرحيقُ: مِنْ أَسماء الْخَمْرِ يُرِيدُ خَمْرَ الْجَنَّةِ، والمختومُ: المَصُونُ الَّذِي لَمْ يُبتذَل لأَجل خِتامه.
ردق: الرَّدَقُ: لُغَةٌ فِي الرَّدَج، وَهُوَ عِقيُ الجَدْي، كَمَا أَن الشَّيْرَق لُغَةٌ فِي الشيْرَج؛ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ:
لَهَا رَدَقٌ فِي بَيْتِها تسْتَعِدُّه، ... إِذا جَاءَهَا يَوماً مِنَ الناسِ خاطِبُ
والمعروف رَدَجٌ.
ررق: ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّيْرَقُ عنب الثَّعْلب.(10/114)
رزق: الرازقُ والرّزَّاقُ: فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى لأَنه يَرزُق الْخَلْقَ أَجمعين، وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ الأَرْزاق وأَعطى الْخَلَائِقَ أَرزاقها وأَوصَلها إِلَيْهِمْ، وفَعّال مِنْ أَبنية المُبالغة. والرِّزْقُ: مَعْرُوفٌ. والأَرزاقُ نوعانِ: ظَاهِرَةٌ للأَبدان كالأَقْوات، وَبَاطِنَةٌ لِلْقُلُوبِ والنُّفوس كالمَعارِف وَالْعُلُومِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها.
وأَرزاقُ بَنِي آدَمَ مَكْتُوبَةٌ مُقدَّرة لَهُمْ، وَهِيَ وَاصِلَةٌ إِليهم. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ
؛ يَقُولُ: بَلْ أَنا رَازِقُهُمْ مَا خَلَقْتُهُمْ إِلا ليَعبدون. وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ.
يُقَالُ: رَزَقَ الخلقَ رَزْقاً ورِزْقاً، فالرَّزق بِفَتْحِ الرَّاءِ، هُوَ الْمَصْدَرُ الْحَقِيقِيُّ، والرِّزْقُ الِاسْمُ؛ وَيَجُوزُ أَن يُوضَعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ. ورزَقه اللَّهُ يرزُقه رِزقاً حَسَنًا: نعَشَه. والرَّزْقُ، عَلَى لَفْظِ الْمَصْدَرِ: مَا رَزقه إِيّاه، وَالْجَمْعُ أَرزاق. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً
؛ قِيلَ: رِزْقًا هَاهُنَا مَصْدَرٌ فَقَوْلُهُ شَيْئًا على هذا منصوب برزقاً، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ اسْمٌ فَشَيْئًا عَلَى هَذَا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ رِزْقًا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن اللَّهَ تَعَالَى يَبعث المَلَك إِلى كُلِّ مَن اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ رَحِم أُمه فَيَقُولُ لَهُ: اكْتُبْ رِزْقَه وأَجلَه وعملَه وَشَقِيٌّ أَو سَعِيدٌ، فيُختم لَهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً
؛ قِيلَ: هُوَ عِنَبٌ فِي غَيْرِ حِينِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: رُوِيَ
أَنه رِزق الْجَنَّةِ
؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وأَرى كَرَامَتَهُ بَقاءه وسَلامته مِمَّا يَلحَق أَرزاقَ الدُّنْيَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى؛ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ
؛ انْتِصَابُ رِزْقاً
عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما عَلَى مَعْنَى رَزقْناهم رِزْقًا لأَن إِنْباتَه هَذِهِ الأَشياء رِزق، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ؛ الْمَعْنَى فأَنبتنا هَذِهِ الأَشياء للرِّزْق. وارْتَزقَه واسْتَرْزقَه: طَلَبَ مِنْهُ الرِّزق. وَرَجُلٌ مَرْزُوق أَي مجْدود؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
رُزِقَتْ مَرابِيعَ النُّجومِ وصابَها ... وَدْقُ الرّواعِدِ: جَوْدُها فَرِهامُها
جَعَلَ الرِّزْق مَطَرًا لأَن الرِّزْق عَنْهُ يَكُونُ. والرِّزْقُ: مَا يُنْتَفعُ بِهِ، وَالْجَمْعُ الأَرْزاق. والرَّزق: العَطاء وَهُوَ مَصْدَرُ قَوْلِكَ رَزَقه اللَّهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ عُوَيْفِ القَوافي فِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ:
سُمِّيتَ بالفارُوقِ، فافْرُقْ فَرْقَه، ... وارْزُقْ عِيالَ المسلمِينَ رَزْقَه
وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ سُمِّيتَ بَاسِمِ الفارُوق، وَالِاسْمُ هُوَ عُمر، والفارُوقُ هُوَ الْمُسَمَّى، وَقَدْ يُسَمَّى الْمَطَرُ رِزْقًا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها
. وَقَالَ تَعَالَى: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ
؛ قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْمَطَرُ وَهَذَا اتِّسَاعٌ فِي اللُّغَةِ كَمَا يُقَالُ التَّمْرُ فِي قَعْر القَلِيب يَعْنِي بِهِ سَقْيَ النَّخْلِ. وأَرزاقُ الْجُنْدِ: أَطماعُهم، وَقَدِ ارْتَزقُوا. والرَّزقة، بِالْفَتْحِ: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَالْجَمْعُ الرَّزَقاتُ، وَهِيَ أَطماع الْجُنْدِ. وارْتزقَ الجُندُ: أَخذوا أَرْزاقَهم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ
، أَي شُكْرَ رِزْقِكُمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: مُطِرنا بنَوْءِ الثُّريا، وهو كقوله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ، يَعْنِي أَهلها. ورَزَقَ الأَميرُ جُنْدَهُ فارْتَزقُوا ارْتِزاقاً، وَيُقَالُ: رُزِق الجندُ رَزْقة وَاحِدَةً لَا غَيْرَ، ورُزِقوا رَزْقتين أَي مَرَّتَيْنِ.(10/115)
ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ لتَيْس بَنِي حِمّانَ أَبو مَرْزُوقٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَعْدَدْت للجارِ وللرَّفِيقِ، ... والضَّيْفِ والصاحِبِ والصَّدِيقِ
ولِلْعِيالِ الدَّرْدقِ اللُّصُوقِ، ... حَمْراء مِنْ نَسْلِ أَبي مَرْزُوقِ
تَمْسَحُ خَدَّ الحالِبِ الرَّفِيقِ، ... بِلَبنِ المَسِّ قَلِيلِ الرِّيقِ
وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي:
حَمْراء مِنْ مَعْزِ أَبي مَرْزُوقِ
والرَّوازِقُ: الجَوارِحُ مِنَ الْكِلَابِ وَالطَّيْرِ، ورَزق الطائرُ فرْخَه يَرْزُقه رَزْقاً كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَعشى:
وكأَنَّما تَبِعَ الصِّوارَ بِشَخْصها ... عَجْزاءُ تَرْزُقُ بالسُّلِيِّ عِيالَها
والرَّازِقِيّةُ والرّازِقِيُّ: ثِياب كتَّانٍ بِيضٌ، وَقِيلَ: كُلُّ ثَوْبٍ رَقِيقٍ رازِقيٌّ، وَقِيلَ: الرازِقيُّ الكتَّان نَفْسُهُ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ ظُروف الْخَمْرِ:
لَهَا غَلَلٌ مِنْ رازِقِيٍّ وكُرْسُفٍ ... بأَيْمانِ عُجْمٍ، يَنْصُفُون المَقاوِلا
أَي يَخْدمُون الأَقْيال؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لعَوْفِ بن الخَرِعِ:
كأَنَّ الظِّباء بِها والنِّعاجَ ... يُكْسَيْنَ، مِنْ رازِقِيٍّ، شِعارا
وَفِي حَدِيثِ
الجَوْنِيّةِ الَّتِي أَراد النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن يتزوَّجها قَالَ: اكْسُها رازِقِيَّيْنِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
رازقيّتَين
؛ هِيَ ثِيَابُ كِتَّانٍ بِيضٌ. والرَّازِقِيّ: الضَّعيفُ مِنْ كُلِّ شيءٍ، والرازقيُّ: ضَرْبٌ مِنْ عِنَبِ الطَّائِفِ أَبيض طَوِيلُ الْحَبِّ. التَّهْذِيبِ: العِنب الرازِقِيُّ هُوَ المُلاحِيُّ. ورُزَيْقٌ: اسم.
رزتق: اللِّحْيَانِيُّ: الرُّزْتاقُ والرُّسْتاقُ واحد.
رزدق: الرُّزْداقُ: لُغَةٌ فِي الرُّسْداقِ، تَعْرِيبُ الرُّسْتاق، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ، وَلَا تَقُلْ رُستاق؛ وَكَانَ اللَّيْثُ يَقُولُ لِلَّذِي يقول له الناس الرَّسْتقُ، وهو الصف: رَزْدَقٌ، وهو دَخِيلٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّزْدقُ السَّطْر مِنَ النَّخْلِ والصَّفُّ مِنَ الناسِ، وَهُوَ مُعرّب، وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ [رَسْتَهْ] ، قَالَ رُؤْبَةُ:
والعِيسُ يَحْذَرْنَ السِّياطَ المُشَّقَا ... ضَوابِعاً نَرْمي بِهِنَّ الرَّزْدَقا
رستق: اللِّحْيَانِيُّ: الرُّزتاق والرُّستاق وَاحِدٌ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، أَلحقوه بقُرْطاس. وَيُقَالُ: رُزْداق ورُستاق، وَالْجَمْعُ الرَّساتِيقُ وَهِيَ السَّوَادُ؛ وَقَالَ ابْنُ مَيّادةَ:
تقولُ خَوْدٌ ذاتُ طَرْفٍ بَرّاقْ: ... هَلَّا اشْتَرَيْتَ حِنْطةً بالرُّسْتاقْ،
سَمْراء مِمَّا دَرَسَ ابنُ مِخْراقْ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: رُسداق ورُزداق، وَلَا تَقُلْ رُستاق.
رسدق: الرُّسْداق والرُّزْداق، فَارِسِيٌّ: بُيُوتٌ مُجْتَمِعَةٌ، وَلَا تَقُلْ رُسْتَاقٌ. وَكَانَ اللَّيْثُ يَقُولُ لِلَّذِي يَقُولُ لَهُ النَّاسُ الرَّسْتق، وهو الصف: رَزْدَق، وهو دخيل.
رشق: الرَّشْق: الرَّمْيُ؛ وَقَدْ رَشَقَهم بالسَّهم والنَّبْل يرشُقُهم رَشقاً: رَماهم، وكلُّ شَوْط ووجْهٍ مِنْ(10/116)
ذَلِكَ رِشْق. والرِّشْقُ، بِالْكَسْرِ: الِاسْمُ، وَهُوَ الْوَجْهُ مِنَ الرَّمْيِ. التَّهْذِيبِ: الرَّشْق والخَزْقُ بِالرَّمْيِ، قَالَ: وَإِذَا رَمى أَهلُ النِّضال مَا مَعَهُمْ مِنَ السِّهام كُلِّهَا ثُمَّ عَادُوا فكلُّ شوْط مِنْ ذَلِكَ رِشْقٌ. أَبو عُبَيْدٍ: الرِّشْقُ الوَجْهُ مِنَ الرَّمْي إِذا رمَوْا بأَجْمعهم وجْهاً بِجَمِيعِ سِهامهم فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ قَالُوا: رمَيْنا رِشْقاً وَاحِدًا، وَرَمَوْا رِشْقاً وَاحِدًا أَو عَلَى رشقٍ وَاحِدٍ أَي وَجْهًا وَاحِدًا بِجَمِيعِ سِهامهم؛ قَالَ أَبو زُبَيْد:
كلَّ يَوْمٍ تَرْمِيهِ مِنْهَا بِرِشْقٍ، ... فَمُصِيبٌ أَوصافَ غيرَ بَعِيدِ
والرَّشْقُ: الْمَصْدَرُ، يُقَالُ: رَشقْت رَشْقًا. وَفِي حَدِيثِ
حَسَّانَ: قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي هِجائه لِلْمُشْرِكِينَ: لهُو أَشدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ
؛ الرشْق: مَصْدَرُ رشَقه يَرْشُقُهُ رَشْقاً إِذا رَماه بالسِّهام؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سلَمَة: فأَلْحَقُ رَجلًا فأَرْشُقُه بسَهم
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فرشَقُوهم رَشْقاً
، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ هَاهُنَا بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْوَجْهُ مِنَ الرَّمْيِ. والرِّشْقُ أَيضاً: أَن يَرْمِيَ الرَّامِي بالسِّهام كُلِّهَا، ويُجمع عَلَى أَرشاق؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
فَضالَة: أَنه كَانَ يَخْرُجُ فيَرمِي الأَرْشاق.
وَيُقَالُ للقَوْس: مَا أَرْشَقَها أَي مَا أَخفَّها وأَسرَع سهمَها. ورشَقَهم بِنظْرة: رَماهم. والإِرْشاقُ: إحدادُ النَّظَرِ؛ وأَرشَقَتِ المرأَة والمَهاةُ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
وَلَقَدْ يَرُوقُ قُلوبَهُنَّ تَكلُّمِي، ... ويَرُوعُني مُقَلُ الصِّوارِ [الصُّوارِ] المُرْشِقِ
أَبو عُبَيْدٍ: أَرْشقْتُ إِليه النَّظَر إِذا أَحْدَدْته. ورَشقْت الْقَوْمَ بِبَصَرِي وأَرشقْت أَي طمَحْت بِبَصَرِي فَنَظَرْتُ. والمُرْشِق مِنَ الظِّبَاءِ: الَّتِي تَمُدُّ عنقَها وَتَنْظُرُ فَهِيَ أَحسن مَا تَكُونُ. والمُرْشِق مِنَ النِّسَاءِ وَالظِّبَاءِ: الَّتِي مَعَهَا وَلَدَهَا؛ وَقِيلَ: الإِرْشاقُ امْتدادُ أَعناقها وانتصابُها. وأَرْشقَت الظبْيةُ أَي مدَّت عُنقها، وَلَا يُقَالُ لِلْبَقَرِ مُرشِقات لِقصَر أَعناقِهن؛ قَالَ أَبو دُواد:
وَلَقَدْ ذَعَرْتُ بَناتِ عمِّ ... المُرْشِقاتِ لَهَا بَصابِصْ
أَراد ذَعرتُ بَقَر الوحْش بناتِ عَمِّ الظِّبَاءِ، والبَصابِصُ: حركاتُ الأَذناب، وبَصْبَصَ: حَرَّكَ ذنَبَه؛ قَالَ المُسيَّب بْنُ عَلَس:
وكأَنَّ غِزْلانَ الصَّرِيمة، إِذْ ... مَتَعَ النهارُ وأَرْشَقَ الحَدَقُ
وجِيدٌ أَرشَقُ: منتصِب؛ قَالَ رُؤبة:
بِمُقْلَتَيْ رِئمٍ وجِيدٍ أَرْشقا
والرِّشْق والرَّشْقُ، لُغَتَانِ: صَوْتُ الْقَلَمِ إِذا كُتب بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: كأَني برَشْقِ الْقَلَمِ فِي مسامِعي حِينَ جَرى عَلَى الأَلواح بكَتْبه التوراةَ.
والمُرْشِقُ والرَّشِيقُ مِنَ الغِلمان والجَواري: الخَفِيفُ الحسنُ القَدّ اللَّطِيفهُ، وَقَدْ رَشُق، بِالضَّمِّ، رَشاقة. التَّهْذِيبِ: يُقَالُ لِلْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ إِذا كَانَا فِي اعْتِدال: رَشيقٌ ورَشِيقةٌ، وَقَدْ رَشُقا رَشاقة. وَنَاقَةٌ رَشِيقة: خَفِيفَةٌ سَرِيعَةٌ. وتَرشَّق فِي الأَمر: احْتَدَّ. والرَّشانِيقُ: بَطْنٌ من السودان.(10/117)
رصق: التَّهْذِيبِ: قَالُوا جَوْزٌ مُرْصَقٌ إِذا تَعذَّر خُروج لُبّه، وجَوْز مُرْتَصِقٌ. والتصقَ الشيءُ وارْتَصق والتَزقَ بِمَعْنًى واحد.
رعق: الرُّعاقُ: صَوْتٌ يُسمع مِنْ قُنْب الدَّابَّةِ؛ وَقِيلَ: هُوَ صَوْتُ بَطْنِ المُقْرِف «5» ، رَعَقَ يَرْعَقُ رُعاقاً؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَيْسَ للرُّعاق وَلَا لأَخواته كالضَّغِيبِ والوَعِيق والأَزْمَلِ فِعْل؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: [الرَّعيقُ] والرُّعاقُ والوَعِيقُ والوُعاقُ الصَّوْتُ الَّذِي يُسمع مِنْ بَطْنِ النَّاقَةِ؛ قَالَ الأَصمعي: وَهُوَ صَوْتُ جُرْدانه إِذا تَقَلْقَلَ فِي قُنْبه. اللَّيْثُ: الرُّعاقُ صوت يسمع من قنب الدَّابَّةِ كَمَا يَسْمَعُ الوَعِيقُ مَنْ ثَفْرِ الأُنثى. يُقَالُ: وعَقَ يَعِقُ وُعاقاً، فَفَرَّقَ بَيْنَ الرَّعيق والوَعِيق، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّعيقُ والرُّعاق والوَعِيقُ والوُعاقُ بِمَعْنًى؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ صَوْتُ الْبَطْنِ مِنَ الحِجْر وجُرْدان الْفَرَسَ. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الرُّعاق صَوْتُ بَطْنِ الْفَرَسِ إِذا جَرَى، وَيُقَالُ له الوَقِيبُ والخَضِيعةُ.
رفق: الرِّفْق: ضِدُّ العنْف. رَفَق بالأَمر وَلَهُ وَعَلَيْهِ يَرْفُق رِفْقاً ورَفُقَ يَرْفُقُ ورَفِقَ: لطَفَ. ورفَقَ بِالرَّجُلِ وأَرْفَقه بِمَعْنًى. وَكَذَلِكَ تَرفَّق بِهِ. وَيُقَالُ: أَرْفقْته أَي نَفَعْته، وأَوْلاه رافِقةً أَي رِفْقاً، وَهُوَ بِهِ رَفِيق لَطِيف، وَهَذَا الأَمر بكَ رَفِيقٌ ورافِقٌ، وَفِي نُسْخَةٍ: ورافِقٌ عَلَيْكَ. اللَّيْثُ: الرِّفق لِين الْجَانِبِ ولَطافةُ الْفِعْلِ، وَصَاحِبُهُ رَفِيق وَقَدْ رَفَقَ يَرفُقُ، وإِذا أَمرت قُلْتَ: رِفْقاً، وَمَعْنَاهُ ارفُق رِفقاً. ابْنُ الأَعرابي: رَفقَ انْتَظر، ورَفُق إِذا كَانَ رَفِيقًا بِالْعَمَلِ. قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ رَفَق بِهِ ورَفُقَ بِهِ وَهُوَ رافِقٌ بِهِ ورَفِيق بِهِ. أَبو زَيْدٍ: رَفق اللَّهُ بِكَ ورفَق عَلَيْكَ رِفْقاً ومَرْفِقاً وأَرفقَك اللَّهُ إِرْفاقاً. وَفِي حَدِيثِ المُزارعة:
نَهَانَا عَنْ أَمرٍ كَانَ بِنَا رَافِقًا
أَي ذَا رِفْق؛ والرِّفْقُ: لِينُ الْجَانِبِ خِلاف العنف. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا كَانَ الرِّفْق فِي شَيْءٍ إِلَّا زانَه
أَي اللّطفُ، وَفِي الْحَدِيثِ:
في إِرْفاقِ ضَعِيفِهم وسَدّه خَلَّتهم
أَي إِيصال الرِّفْق إِليهم؛ والحديثِ الْآخَرِ:
أَنت رَفِيق واللهُ الطَّبِيبِ
أَي أَنت تَرفُق بِالْمَرِيضِ وتُلَطِّفُه وَاللَّهُ الَّذِي يُبْرئه ويُعافِيه. وَيُقَالُ للمُتَطَبِّب: مُترفِّق ورَفِيق، وَكُرِهَ أَن يُقَالَ طَبِيبٌ فِي خَبَرٍ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. والرِّفْقُ والمِرْفَقُ والمَرْفِقُ والمَرفَقُ: مَا اسْتُعِينَ بِهِ، وَقَدْ تَرَفَّقَ بِهِ وارْتفَق. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً
؛ مَن قرأَه مِرفَقاً
جَعَلَهُ مِثْلَ مقْطَع، وَمَنْ قرأَه
مَرْفِقاً
جَعَلَهُ اسْمًا مِثْلَ مَسْجِدٍ، وَيَجُوزُ مَرْفَقاً أَي رِفْقاً مِثْلُ مَطْلَع وَلَمْ يُقرأْ بِهِ؛ التَّهْذِيبُ: كَسَرَ الحسنُ والأَعمش الْمِيمَ مِنْ مِرْفَق، ونصبَها أَهل الْمَدِينَةِ وَعَاصِمٌ، فكأَن الَّذِينَ فَتَحُوا الْمِيمَ وَكَسَرُوا الْفَاءَ أَرادوا أَن يَفْرقُوا بَيْنَ المَرفِق مِنَ الأَمر وَبَيْنَ المِرْفَق مِنَ الإِنسان، قَالَ: وأَكثر الْعَرَبِ عَلَى كَسْرِ الْمِيمِ مِنَ الأَمر وَمِنْ مِرفَق الإِنسان؛ قَالَ: وَالْعَرَبُ أَيضاً تَفْتَحُ الْمِيمَ مِنْ مَرفِق الإِنسان، لُغَتَانِ فِي هَذَا وَفِي هَذَا. وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً
: وَهُوَ مَا ارتفَقْت بِهِ، وَيُقَالُ مَرفِق؛ وَقَالَ يُونُسُ: الَّذِي أَخْتَارُهُ المَرْفِقُ فِي الأَمر، والمِرْفَقُ فِي الْيَدِ، والمِرْفَقُ المُغْتَسَلُ. ومَرافِقُ الدَّارِ: مَصابُّ الْمَاءِ ونحوُها. التَّهْذِيبُ: والمِرْفَقُ مِنْ مَرافِق الدَّارِ مِنَ الْمُغْتَسَلِ وَالْكَنِيفِ وَنَحْوِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أَيُّوب: وجدْنا مَرافِقَهم قَدِ اسْتُقْبِل بِهَا
__________
(5) . قوله [المقرف] كذا هو في الأَصل هنا بالفاء، وسيأتي له في مادة وعق بالباء الموحدة، وقلد شارح القاموس الأَصل في المادتين(10/118)
القِبْلةُ
، يُرِيدُ الكُنُفَ والحُشُوشَ، وَاحِدُهَا مِرْفَق، بِالْكَسْرِ. الْجَوْهَرِيُّ: والمِرْفَق والمَرْفِقُ مَوْصِلُ الذِّرَاعِ فِي العَضُد، وَكَذَلِكَ المِرفَق والمَرفِقُ مِنَ الأَمر وَهُوَ مَا ارتفقْت وانْتفعْت بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: المِرفَق والمَرفِق مِنَ الإِنسان وَالدَّابَّةِ أَعلى الذِّراع وأَسفلُ العَضُد. والمِرفَقةُ، بِالْكَسْرِ، والمِرْفَقُ: المُتَّكأُ والمِخَدَّةُ. وَقَدْ تَرفَّق عَلَيْهِ وارْتَفَقَ: تَوَكَّأَ، وَقَدْ تَمَرْفَقَ إِذا أَخذَ مِرْفَقةً. وَبَاتَ فُلَانٌ مُرتَفِقاً أَي مُتَّكِئاً عَلَى مِرفَق يَدِهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَعشى باهِلةَ:
فبِتُّ مُرْتَفِقاً، والعينُ ساهِرةٌ، ... كأَنَّ نَوْمي عليَّ، اللَّيلَ، مَحْجُورُ
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أُنِّثَ الْفِعْلُ عَلَى مَعْنَى الْجَنَّةِ، وَلَوْ ذُكِّرَ كَانَ صَوَابًا؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: مرتفَقاً أَي مُتَّكأً. يُقَالُ: قَدِ ارْتفَق إِذا اتَّكأَ عَلَى مِرْفَقةٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المِرفق مَكْسُورٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ المُتَّكَأِ وَمِنَ الْيَدِ وَمِنَ الأَمر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُّكم ابنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالُوا: هُوَ الأَبيضُ المُرتفِق
أَي المتكِئُ عَلَى المِرفَقة، وَهِيَ كالوِسادة، وأَصله مِنَ المِرْفَق كأَنه اسْتعملَ مِرفقه واتَّكأَ عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَنَ:
اشْرَبْ هَنيئاً عليكَ التَّاجُ مُرْتَفِقا
وَقِيلَ: المِرْفَقُ مِنَ الإِنسان وَالدَّابَّةِ، والمَرْفِقُ الأَمر الرَّفيقُ، ففُرِقَ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ. والرَّفَقُ: انْفِتالُ المِرْفَقِ عَنِ الْجَنْبِ، وَقَدْ رَفِقَ وَهُوَ أَرْفَقُ، وَنَاقَةٌ رَفْقاء؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الَّذِي حَفِظْتُهُ بِهَذَا الْمَعْنَى نَاقَةٌ دَفْقاء وَجَمَلٌ أَدْفَقُ إِذا انْفَتَق مِرفَقُه عَنْ جَنْبِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَبَعِيرٌ مَرْفوقٌ: يَشْتَكِي مِرفَقه. وَنَاقَةٌ رَفقاء: استَدَّ إِحليل خِلْفها فحلَبت دَمًا، ورَفِقةٌ: وَرِمَ ضَرْعُها، وَهُوَ نَحْوُ الرَّفْقاء؛ وَقِيلَ: الرَّفِقةُ الَّتِي تُوضع التَّوْدِيةُ عَلَى إِحليلها فيَقْرَح؛ قَالَ زَيْدُ بْنُ كُثْوَةَ: إِذا انْسَدَّت أَحالِيل النَّاقَةِ قِيلَ: بِهَا رَفَقٌ، وَنَاقَةٌ رَفِقة؛ قَالَ: وَهُوَ حَرْفٌ غَرِيبٌ. اللَّيْثُ: المِرْفاقُ مِنَ الإِبل إِذا صُرَّت أَوْجَعها الصِّرار، فإِذا حُلِبت خَرَجَ مِنْهَا دَمٌ، وهي الرَّفِقةُ: وناقة رَفِقة أَيضاً: مُذْعِنة. والرِّفاق: حَبْلٌ يُشَدُّ مِنَ الوَظِيف إِلى الْعَضُدِ، وَقِيلَ: هُوَ حَبْلٌ يُشَدُّ فِي عُنُقِ الْبَعِيرِ إِلى رُسْغه؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
فإِنَّكَ والشَّكاةَ مِن آلِ لأْمٍ، ... كذاتِ الضِّغْنِ تَمْشي فِي الرِّفاقِ
والجمعُ رُفُقٌ. وذاتُ الضِّغْنِ: نَاقَةٌ تَنْزِعُ إِلى وَطَنِها، يَعْنِي أَنَّ ذَاتَ الضِّغْنِ لَيْسَتْ بمُستقيمة الْمَشْيِ لِمَا فِي قَلْبِهَا مِنَ النِّزاع إِلَى هَواها، وَكَذَلِكَ أَنا لَسْتُ بِمُسْتَقِيمٍ لِآلِ لأْم لأَن فِي قَلْبِي عَلَيْهِمْ أَشياء؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
وأَقْبَلَ يَزْحَفُ زَحْفَ الكَسِير، ... كأَنَّ، عَلَى عَضُدَيْهِ، رِفاقا
ورَفَقها يرفُقها رَفْقاً: شدَّ عَلَيْهَا الرِّفاق، وَذَلِكَ إِذا خِيف أَن تنزِع إِلى وطَنِها فَشَدَّها. الأَصمعي: الرِّفاقُ أَن يُخْشَى عَلَى النَّاقَةِ أَن تَنزع إِلى وَطَنِهَا فيُشدَّ عضُدُها شَدًّا شَدِيدًا لتُخْبَل عَنْ أَن تُسْرِعَ، وَذَلِكَ الْحَبْلُ هُوَ الرِّفاق؛ وَقَدْ يَكُونُ الرِّفاق أَيضاً أَن تَظلَع مِنْ إِحدى يَدَيْهَا فيَخْشون أَن تُبْطِرَ اليدُ الصحيحةُ السقيمةَ ذَرْعَها فيَصيرَ الظَّلَعُ كَسْراً، فيُحزَّ عضُد الْيَدِ الصحيحةِ لِكَيْ تَضْعُفَ(10/119)
فَيَكُونُ سَدْوُهما وَاحِدًا. وَجَمَلٌ مِرْفاق إِذا كَانَ مِرْفَقُه يُصيب جَنْبَهُ. ورافَق الرجلَ: صاحَبَه. ورَفِيقُك: الَّذِي يُرافِقُك، وَقِيلَ: هُوَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ خَاصَّةً، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ مِثْلُ الصَّدِيق. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً
؛ وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى رُفَقاء، وَقِيلَ: إِذا عَدا الرَّجلان بِلَا عَمَلٍ فَهُمَا رَفِيقانِ، فإِن عَمِلا عَلَى بَعِيرَيْهما فَهُمَا زَمِيلانِ. وتَرافَق الْقَوْمُ وارْتفَقُوا: صَارُوا رُفَقاء. والرُّفاقةُ والرُّفْقةُ والرِّفْقة وَاحِدٌ: الْجَمَاعَةُ المُترافِقون فِي السَّفَرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الرِّفْقةَ جَمْعُ رَفِيق، والرُّفْقة اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَالْجَمْعُ رِفَقٌ ورُفَقٌ ورِفاقٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: الرِّفاقُ جَمْعُ رُفْقةٍ كعُلْبةٍ وعِلابٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قِياماً يَنْظُرُونَ إِلى بِلالٍ، ... رِفاقَ الحَجِّ أَبْصَرَتِ الهِلالا
قَالُوا فِي تَفْسِيرِ الرِّفاق: جَمْعُ رُفْقة، وَيُجْمَعُ رُفَق أَيضاً، ومَن قَالَ رِفْقة قَالَ رِفَقٌ ورِفاقٌ، وَقَيْسٌ تَقُولُ: رِفْقة، وَتَمِيمٌ: رُفْقة. ورِفاقٌ أَيضاً: جَمْعُ رَفِيق كَكَرِيمٍ وكِرام. والرِّفاقُ أَيضاً: مَصْدَرُ رافَقْتُه. اللَّيْثُ: الرِّفْقَةُ يُسمون رِفْقَةً مَا دَامُوا مُنْضَمِّينَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ومَسير وَاحِدٍ، فإِذا تفرَّقوا ذَهَبَ عَنْهُمُ اسْمُ الرّفْقة؛ والرّفْقة: الْقَوْمُ يَنْهَضُونَ فِي سَفَر يَسِيرُونَ مَعًا وَيَنْزِلُونَ مَعًا وَلَا يَفْترِقون، وأَكثرُ مَا يُسمَّوْن رِفْقَةً إِذا نَهَضُوا مُيّاراً، وَهُمَا رَفِيقانِ وَهُمْ رُفقاء. ورَفِيقُك: الَّذِي يُرافِقُك فِي السَّفَرِ تَجْمَعُك وإِيّاه رِفْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْوَاحِدُ رَفِيق وَالْجَمْعُ أَيضاً رَفِيق، تَقُولُ: رافَقْته وتَرافَقْنا فِي السَّفَرِ. والرَّفِيق: المُرافِقُ، وَالْجَمْعُ الرُّفقاء فإِذا تفرَّقوا ذَهَبَ اسْمُ الرِّفْقَةِ وَلَا يَذْهَبُ اسْمُ الرفيق. وَقَالَ أَبو إِسحق فِي معنى قوله: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً
، قَالَ: يَعْنِي النَّبِيِّينَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجمعين، لأَنه قَالَ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ، يَعْنِي المُطِيعين مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً
، يَعْنِي الأَنبياء ومَن مَعَهُمْ، قَالَ: ورَفِيقاً
مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ يَنُوبُ عَنْ رُفقاء؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا يَجُوزُ أَن يَنُوبَ الْوَاحِدُ عَنِ الْجَمْعِ إِلا أَن يَكُونَ مِنَ أَسماء الْفَاعِلِينَ، لَا يَجُوزُ حسُن أُولئك رَجُلًا، وأَجازه الزَّجَّاجُ وَقَالَ: هُوَ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه خُيِّرَ عِنْدَ مَوْتِهِ بَيْنَ البَقاء فِي الدُّنْيَا والتوسِعة عَلَيْهِ فِيهَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ: بَلْ مَعَ الرفيقِ الأَعلى
، وَذَلِكَ أَنه خُيِّر بَيْنَ الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، وكأَنه أَراد قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً
، وَلَمَّا كَانَ الرَّفِيقُ مُشْتَقًّا مِنْ فِعْلٍ وَجَازَ أَن يَنُوبَ عَنِ الْمَصْدَرِ وُضع مَوْضع الْجَمِيعِ. وَقَالَ شَمِرٌ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَثْقُل فِي حَجْري [حِجْري] ، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنظر فِي وَجْهِهِ فإِذا بصرهُ قد شَخَص وهو يَقُولُ: بَلِ الرفِيقَ الأَعْلى مِنَ الْجَنَّةِ، وقُبِضَ
؛ قَالَ أَبو عَدْنانَ: قَوْلُهُ فِي الدُّعَاءِ
اللَّهُمَّ أَلْحِقْني بالرَّفيق الأَعلى
، سَمِعْتُ أَبا الفَهْدِ الباهِليّ يَقُولُ: إِنه تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَفِيقٌ وَفِيقٌ، فكأَن مَعْنَاهُ أَلحقني بالرَّفيق أَي بِاللَّهِ، يُقَالُ: اللهُ رَفيق بِعِبَادِهِ، مِنَ الرِّفْق والرأْفة، فَهُوَ فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْعُلَمَاءُ عَلَى أَن مَعْنَاهُ أَلحقني بِجَمَاعَةِ الأَنبياء الَّذِينَ يَسْكُنُونَ أَعلى عِلِّيِّين، وَهُوَ اسْمٌ جَاءَ عَلَى فَعِيل، وَمَعْنَاهُ الجَماعة كالصَّدِيق والخَليط يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعلم بِمَا أَراد؛ قَالَ: وَلَا أَعرف الرَّفِيقَ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. وَرَوَى الأَزهري مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ(10/120)
رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذا ثَقُل إِنسان مِنْ أَهله مسَحَه بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ: أَذْهِبِ الباسَ ربَّ الناسِ، واشْفِ أَنتَ الشَّافِي، لَا شِفاء إِلا شِفاؤُك، شِفاءٌ لَا يُغادِرُ سَقَماً؛ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا ثَقُلَ أَخذت بِيَدِهِ الْيُمْنَى، فَجَعَلْتُ أَمْسَحُه وأَقولهن، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنِّي وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاجْعَلْنِي مِنَ الرَّفيق
؛ وَقَوْلُهُ مِنَ الرَّفيق يَدُلُّ عَلَى أَن الْمُرَادَ بِالرَّفِيقِ جَمَاعَةُ الأَنبياء. والرفيقُ: ضدُّ الأَخْرَق. ورَفِيقةُ الرَّجُلِ: امرأَته؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ: وَقَالَ أَبو زِيَادٍ فِي حَدِيثِهِ
سأَلني رَفيقي
؛ أَراد زَوْجَتِي، قَالَ: ورَفيقُ المرأَة زَوْجُهَا؛ قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يُنشد بَيْتَ عَبِيدٍ:
مِنْ بَين مُرْتَفِقٍ مِنْهَا ومُنْصاحِ
وَفَسَّرَ المُنْصاحَ الفائضَ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الأَرض. والمُرْتَفِقُ: المُمْتلِئ الْوَاقِفُ الثَّابِتُ الدَّائِمُ، كَرَبَ أَن يَمتلئ أَو امْتلأَ، وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ وَقَالَ: الْمُنْصَاحُ المُنْشَقُّ. والرَّفَقُ: الماءُ الْقَصِيرُ الرِّشاء. وماءٌ رَفَقٌ: قَصِيرُ الرِّشَاءِ. ومَرْتَعٌ رَفِيق: لَيْسَ بِكَثِيرٍ. ومَرْتَعٌ رَفَقٌ: سَهْلُ المَطْلَبِ. وَيُقَالُ: طلبْتُ حَاجَةً فَوَجَدْتُهَا رَفَق البُغْيةِ إِذا كَانَتْ سَهْلة. وَفِي مَالِهِ رَفَقٌ أَي قِلَّةٌ، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَبي عُبَيْدٍ رَقَقٌ، بِقَافَيْنِ. والرَّافِقةُ: مَوْضِعٌ أَو بَلَدٌ. وَفِي حَدِيثِ طَهْفةَ فِي رِوَايَةٍ:
مَا لَمْ تُضْمِرُوا الرِّفاق
، وفُسِّرَ بالنِّفاق. ومَرْفَقٌ اسْمُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قَتَلَتْهُ بَنُو فَقْعَسٍ؛ قَالَ المَرّارُ الفَقعسِيُّ:
وغادَرَ مَرْفَقاً، والخَيْلُ تَرْدي ... بسَيْلِ العِرْضِ، مُسْتَلَباً صَرِيعا
رقق: الرَّقِيقُ: نَقِيضُ الغَلِيظ والثَّخِينِ. والرِّقَّةُ: ضدُّ الغِلَظ؛ رَقَّ يَرِقُّ رِقَّة فَهُوَ رَقِيقٌ ورُقاقٌ وأَرَقَّه ورَقَّقه والأُنثى رَقيقةٌ ورُقاقةٌ؛ قَالَ:
مِنْ ناقةٍ خَوَّارةٍ رَقِيقهْ، ... تَرْمِيهمُ ببَكَراتٍ رُوقَهْ
مَعْنَى قَوْلِهِ رَقِيقَةٌ أَنَّهَا لَا تَغْزُر الناقةُ حَتَّى تَهِنَ أَنقاؤها وتَضْعُف وتَرِقَّ، وَيَتَّسِعَ مَجرى مُخِّها ويَطِيب لَحْمُهَا وَيَكِرَ مُخُّها؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْجَمْعُ رِقاق ورَقائق. وأَرَقَّ الشيءَ ورَقَّقه: جَعَلَهُ رَقِيقًا. واسْترقَّ الشيءُ: نَقِيضُ استغلظَ. وَيُقَالُ: مَالٌ مُترقْرِقُ السِّمَن وَمُتَرَقْرِقُ الهُزال ومُترقرق لأَن يَرْمِدَ أَي مُتَهيِء لَهُ تَرَاهُ قَدْ دَنا مِنْ ذَلِكَ، الرَّمْدُ: الهَلاكُ؛ وَمِنْهُ عامُ الرَّمادةِ، والرِّقُّ: الشَّيْءُ الرَّقيقُ. وَيُقَالُ للأَرض اللَّيِّنَةِ: رِقٌّ؛ عَنِ الأَصمعي. ورَقَّ جِلد العِنب: لَطُفَ. وأَرَقَّ العنبُ: رَقَّ جِلْدُهُ وَكَثُرَ ماؤُه، وَخَصَّ أَبو حَنِيفَةَ بِهِ الْعِنَبَ الأَبيض. ومُسْتَرَقُّ الشَّيْءِ: مَا رَقَّ مِنْهُ. ورَقِيقُ الأَنف: مُسْتَرَقُّه حَيْثُ لانَ مِنْ جَانِبِهِ؛ قَالَ:
سالَ فَقَدْ سَدَّ رَقِيقَ المَنْخَرِ
أَي سَالَ مُخاطُه؛ وَقَالَ أَبو حَيَّة النُّمَيْري:
مُخْلِف بُزْلٍ مُعالاةٍ مُعرَّضةٍ، ... لَمْ يُسْتَمَلْ ذُو رَقِيقَيْها عَلَى وَلَدِ
قَوْلُهُ مُعالاةٍ مُعرَّضةٍ: يَقُولُ ذَهَبَ طُولًا وعَرْضاً؛ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُسْتَمل ذُو رقيقيْها عَلَى وَلَدٍ فتَشُمَّه. ومَرَقَّا الأَنْفِ: كَرَقيقَيْه، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي مَرَّةً بِالتَّخْفِيفِ، وَهُوَ خطأٌ لأَن هَذَا إِنما هُوَ مِنَ الرِّقة كَمَا بَيَّنَّا. الأَصمعي: رَقِيقا النُّخْرَتَينِ ناحِيتاهما؛ وأَنشد:
ساطٍ إِذا ابْتَلَّ رَقِيقاهُ نَدى(10/121)
نَدَى: فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. ومَراقُّ الْبَطْنِ: أَسفله وَمَا حَوْلَهُ مِمَّا اسْتَرَقَّ مِنْهُ، وَلَا وَاحِدَ لَهَا. التَّهْذِيبُ: والمَراقُّ مَا سَفَل مِنَ الْبَطْنِ عِنْدَ الصِّفاق أَسفل مِنَ السُّرَّةِ. ومَراقُّ الإِبِلِ: أَرْفاغُها. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذا أَرادَ أَنْ يغْتسِلَ مِنَ الجنابةِ بَدأَ بِيَمِينِهِ فغَسلها، ثُمَّ غَسَلَ مَراقَّه بشِماله ويُفِيضُ عَلَيْهَا بِيَمِينِهِ، فإِذا أَنْقاها أَهْوى بِيَدِهِ إِلى الْحَائِطِ فدَلَكَها ثُمَّ أَفاضَ عَلَيْهَا الْمَاءَ
؛ أَراد بمراقِّه مَا سَفَلَ مِنْ بَطْنِهِ ورُفْغَيْه ومَذاكيره وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي تَرِقُّ جُلُودُهَا كنَى عَنْ جَمِيعِهَا بالمَراقِّ، وَهُوَ جَمْعُ المَرَقِّ؛ قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَاحِدُهَا مَرَقٌّ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا وَاحِدَ لَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه اطَّلى حَتَّى إِذا بَلَغَ المَراقّ وليَ هُوَ ذَلِكَ بنفْسه.
وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ الرِّقَّة فِي الأَرض فَقَالَ: أَرض رَقيقة. وَعَيْشٌ رَقيق الحَواشي: ناعِم. والرَّقَقُ: رِقَّة الطَّعَامِ. وَفِي مَالِهِ رَقَقٌ ورقَّة أَي قِلَّةٌ، وَقَدْ أَرَقَّ؛ وَذَكَرَهُ الفرَّاءُ بِالنَّفْيِ فَقَالَ: يُقَالُ مَا فِي مَالِهِ رَقَقٌ أَي قِلَّةٌ. والرَّقَقُ: الضَّعْفُ. وَرَجُلٌ فِيهِ رَقَقٌ أَي ضَعف؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَمْ تَلْقَ فِي عَظْمِها وَهْناً وَلَا رَقَقا
والرِّقَّةُ: مَصْدَرُ الرَّقِيقِ عامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يُقَالَ: فُلَانٌ رَقيقُ الدِّين. وَفِي حَدِيثٍ:
اسْتَوْصُوا بالمِعْزَى فإِنه مالٌ رَقيقٌ
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: يَعْنِي أَنه لَيْسَ لَهُ صَبْرُ الضأْن عَلَى الجَفاء وَفَسَادِ العَطَن وشِدَّة البَرْد، وَهُمْ يَضْرِبُونَ الْمَثَلَ فَيَقُولُونَ: أَصْرَدُ مِنْ عَنْز جَرْباء. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَن أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، رَجُلٌ رَقيقٌ
أَي ضَعِيفٌ هَيِّن؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَهلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ قُلُوبًا
أَي أَليَن وأَقبل للمَوْعِظة، وَالْمُرَادُ بالرِّقَّة ضِدُّ القَسوة والشدَّة. وتَرَقَّقته الْجَارِيَةُ: فَتَنتْه حَتَّى رَقَّ أَي ضَعُف صَبْرُهُ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمة:
دَعتْه عَنْوةً فَتَرَقَّقَتْه، ... فَرَقَّ، وَلَا خَلالةَ للرَّقِيقِ
ابْنِ الأَعرابي فِي قَوْلِ السَّاجِعِ حِينَ قَالَتْ لَهُ المرأَة: أَين شَبابُكَ وجَلَدُكَ؟ فَقَالَ: مَن طَالَ أَمَدُه، وَكَثُرَ ولدُه، ورَقَّ عدَده، ذَهَبَ جَلَدُه؛ قَوْلُهُ رَقَّ عَدَدُهُ أَي سِنُوه الَّتِي يَعُدُّها ذَهَبَ أَكثرُها وَبَقِيَ أَقلُّها، فَكَانَ ذَلِكَ الأَقل عِنْدَهُ رَقِيقاً. والرَّقَقُ: ضَعْفُ العِظام؛ وأَنشد:
حَلَّتْ نَوارُ بأَرْضٍ لَا يُبَلِّغُها، ... إِلا صَمُوتُ السُّرَى لَا تَسأَم العَنَقا
خَطَّارةٌ بَعْدَ غِبِّ الجَهْدِ ناجِيةٌ، ... لَمْ تَلْقَ فِي عَظْمِها وَهْناً وَلَا رَقَقا
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي الْهَيْثَمِ الثَّعْلَبِيِّ:
لَهَا مسائحُ زورٌ فِي مَراكِضها ... لِينٌ، وَلَيْسَ بِهَا وَهْنٌ وَلَا رَقَقُ «6»
. وَيُقَالُ: رقَّت عظامُ فُلَانٍ إِذا كَبِر وأَسَنَّ. وأَرَقَّ فُلَانٌ إِذا رَقَّتْ حالُه وقلَّ مَالُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: كَبِرَتْ سِنِّي ورَقَّ عَظْمِي
أَي ضَعُفت. والرِّقَّةُ: الرَّحْمَةُ. ورقَقْت لَهُ أَرِقُّ: رحِمْتُه. ورَقَّ وجهُه: اسْتَحْيَا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا تَرَكَتْ شُرْبَ الرَّثيئةِ هاجَرٌ ... وهَكَّ الخَلايا، لَمْ تَرِقَّ عُيُونُها
__________
(6) . قوله [لها] كذا بالأَصل، وصوب ابن بري كما في مادة مسح: لنا(10/122)
لَمْ ترِقّ عُيُونُهَا أَي لَمْ تَستَحْيِ. والرَّقاق، بِالْفَتْحِ: الأَرض السَّهلةُ المُنبسِطة المُستوِية الليِّنةُ الترابِ تَحْتَ صَلَابَةٍ؛ قَصَرَهُ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ فِي قَوْلِهِ:
كأَنَّها، وهْيَ تَهاوَى بالرَّقَقْ ... مِنْ ذَرْوِها، شِبْراقُ شَدٍّ ذِي عَمَقْ «1»
. الأَصمعي: الرَّقاقُ الأَرض اللَّيِّنَةُ مِنْ غَيْرِ رَمْلٍ، وأَنشد:
كأَنَّها بَيْنَ الرَّقاقِ والخَمَرْ، ... إِذا تَبارَيْنَ، شَآبِيبُ مَطَرْ
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
ذارِي الرَّقاقِ واثِبُ الجراثِمِ
أَي يَذْرُو فِي الرَّقاقِ وَيَثِبُ فِي الجَراثِيمِ مِنَ الرَّمْلِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لإِبراهيم بْنِ عِمران الأَنصاري:
رَقاقُها ضَرِمٌ وجَريُها خَذِمٌ، ... ولَحْمها زِيَمٌ والبَطْنُ مَقْبُوبُ
والرُّقاقُ، بِالضَّمِّ: الْخُبْزُ الْمُنْبَسِطُ الرَّقِيقُ نَقِيضُ الغَلِيظ. يُقَالُ: خُبْز رُقاق ورَقِيق. تَقُولُ: عِنْدِي غُلَامٌ يَخْبِز الْغَلِيظَ وَالرَّقِيقَ، فإِن قُلْتَ يَخْبِزُ الجَرْدَقَ قُلْتَ: والرُّقاق، لأَنهما اسْمَانِ، والرُّقاقة الْوَاحِدَةُ، وَقِيلَ: الرُّقاق المُرَقَّق. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه مَا أَكل مُرَقَّقاً قَطُّ
؛ هُوَ الأَرْغِفة الْوَاسِعَةُ الرَّقِيقة. يُقَالُ: رَقِيق ورُقاق كطَويل وطُوال. والرُّقُّ: الماءُ الرَّقيق فِي الْبَحْرِ أَو فِي الْوَادِي لَا غُزْرَ لَهُ. والرَّقُّ: الصَّحِيفَةُ الْبَيْضَاءُ؛ غَيْرُهُ: الرَّق، بِالْفَتْحِ: مَا يُكتب فِيهِ وَهُوَ جِلْد رَقِيق، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ
؛ أَي فِي صُحُفٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الرَّقُّ الصَّحَائِفُ الَّتِي تُخرج إِلى بَنِي آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فآخِذٌ كتابَه بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ، قَالَ الأَزهري: وَمَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَكْتُوبَ يُسَمَّى رَقّاً أَيضاً، وقوله: وَكِتابٍ مَسْطُورٍ؛ الْكِتَابُ هَاهُنَا مَا أُثْبِت عَلَى بَنِي آدَمَ مِنَ أَعمالهم. والرَّقَّةُ: كُلُّ أَرض إِلى جَنب وادٍ يَنْبَسِطُ عَلَيْهَا الْمَاءُ أَيَّام المَدِّ ثُمَّ يَنْحَسِرُ عَنْهَا الْمَاءُ فَتَكُونُ مَكْرُمةً لِلنَّبَاتِ، وَالْجَمْعُ رِقاقٌ. أَبو حَاتِمٍ: الرَّقَّة الأَرض الَّتِي نَضَب عَنْهَا الْمَاءُ، والرَّقَّةُ الْبَيْضَاءُ مَعْرُوفَةٌ مِنْهُ،. والرَّقَّةُ: اسْمُ بَلَدٍ. والرَّقُّ: ضَرْبٌ مِنْ دوابِّ الْمَاءِ شِبه التِّمْساح. والرَّق: الْعَظِيمُ مِنَ السَّلاحِف، وَجَمْعُهُ رُقُوق. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ يَشْتَرُونَ الرَّقَّ فيأْكلونه
؛ قَالَ الحَربي: هُوَ دُوَيْبة مَائِيَّةٌ لَهَا أَربع قَوَائِمَ وأَظفار وأَسنان تُظهرها وتُغيِّبها. والرِّقُّ، بِالْكَسْرِ: المِلك والعُبودِيَّةُ. ورَقَّ: صَارَ فِي رِقٍّ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: يُحَطُّ عَنْهُ بقَدْر مَا عَتَق ويَسْعَى فِيمَا رَقَّ مِنْهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
يُودَى المُكاتَبُ بقَدْر مَا رَقَّ مِنْهُ دِيةَ العَبْدِ وَبِقَدْرِ مَا أَدَّى دِيةَ الحُرِّ
؛ وَمَعْنَاهُ أَن المكاتَب إِذا جُنِيَ عَلَيْهِ جِنايةٌ وَقَدْ أَدَّى بعضَ كِتَابَتِهِ فإِنَّ الْجَانِيَ عَلَيْهِ يَدْفَع إِلى وَرَثَتِهِ بِقَدْرِ مَا كَانَ أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ دِيةَ حُرٍّ، وَيَدْفَعُ إِلَى مَوْلَاهُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ دِيةَ عبدٍ كأَن كاتَب عَلَى أَلف وقِيمتُه مِائَةٌ ثُمَّ قُتِل وَقَدْ أَدَّى خَمْسَمِائَةٍ فَلِوَرَثَتِهِ خَمْسَةُ آلَافٍ نصفُ
__________
(1) . قوله [تهاوى بالرقق] كذا في الأَصل وهو في الصحاح أيضاً بواو في تهاوى وقافين في الرفق والذي سيأتي للمؤلف في مادتي شبرق ومعق تهادى في الرفق بدال بدل الواو وفاء بدل القاف وضبطت الرفق بضم ففتح في المادتين(10/123)
دِيَةِ حُرّ، وَلِسَيِّدِهِ خَمْسُونَ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ خَرّجه أَبو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ مَذْهَبُ النَّخَعِيِّ، وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ شَيْءٌ مِنْهُ، وأَجمع الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنّ المُكاتَب عَبْدٌ مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهم. وعَبْدٌ مَرْقُوق ومُرَقٌّ ورَقيقٌ، وَجَمْعُ الرَّقيق أَرِقَّاء. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَمةٌ رَقيق ورَقِيقة مِنْ إِماء رقائقَ فَقَطْ، وَقِيلَ: الرَّقِيقُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ. واسترقَّ المَمْلوكَ فرَقَّ: أَدخله فِي الرِّقِّ. واسْترقَّ مملوكَه وأَرَقَّه: وَهُوَ نَقِيضُ أَعْتقَه. والرَّقيقُ: الْمَمْلُوكُ، وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَقَدْ يُطلق عَلَى الْجَمَاعَةِ كالرَّفيق، تَقُولُ مِنْهُ رَقَّ العبدَ وأَرَقَّه واسْترقَّه. اللَّيْثُ: الرِّقُّ العُبودة، والرَّقيق الْعَبْدُ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى بِنَاءِ الِاسْمِ. وَقَدْ رَقَّ فُلَانٌ أَي صَارَ عَبْدًا. أَبو الْعَبَّاسِ: سُمِّيَ الْعَبِيدُ رَقِيقاً لأَنهم يَرِقُّون لِمَالِكِهِمْ ويَذِلُّون ويَخْضَعون، وَسُمِّيَتِ السُّوق سُوقًا لأَن الأَشياءَ تُساق إِليها، والسَّوْقُ: مَصْدَرٌ، والسُّوقُ: اسْمٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمر: فَلَمْ يَبْقَ أَحد مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلا لَهُ فِيهَا حَظٌّ وحَقٌّ إِلّا بعضَ مَن تَمْلِكُونَ مِن أَرِقّائكم
أَي عَبِيدُكُمْ؛ قِيلَ: أَراد بِهِ عَبِيدًا مَخْصُوصِينَ، وَذَلِكَ أَنّ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ يُعطي ثَلَاثَةَ مَماليك لِبَنِي غِفَارٍ شَهِدُوا بَدْراً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فأَراد بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ، وَقِيلَ: أَراد جَمِيعَ الْمَمَالِيكِ، وإِنما اسْتَثْنَى مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضًا مِنْ كُلٍّ، فَكَانَ ذَلِكَ مُنْصَرِفًا إِلَى جِنْسِ الْمَمَالِيكِ، وَقَدْ يُوضَعُ الْبَعْضُ مَوْضِعَ الْكُلِّ حَتَّى قِيلَ إِنه مِنَ الأَضداد. والرِّقُّ أَيضاً: الشَّيْءُ الرَّقيق، وَيُقَالُ للأَرض الليِّنةِ رِقٌّ؛ عَنِ الأَصمعي. والرِّقُّ: ورَق الشَّجَرِ؛ وَرَوَى بَيْتَ جُبَيها الأَشجعي:
نَفى الجَدْبُ عَنْهُ رِقَّه فَهُوَ كالِحُ
والرِّقُّ: نَبَاتٌ لَهُ عُود وشَوْك وورَق أَبيض. ورَقْرَقْت الثَّوْبَ بالطِّيب: أَجْريته فِيهِ؛ قَالَ الأَعشى:
وتَبْرُدُ بَرْدَ رِداء العَرُوس ... بالصَّيْفِ رَقْرَقْتَ فِيهِ العَبِيرا
ورَقْرَقَ الثَّرِيدَ بالدَّسَم: آدَمَه بِهِ، وَقِيلَ: كثَّره. ورَقْراقُ السَّحَابِ: مَا ذهَب مِنْهُ وَجَاءَ. والرَّقراقُ: تَرَقْرُق السَّراب. وَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ بَصيص وتلأْلُؤ، فَهُوَ رَقْراق؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ونَسَجَتْ لَوامِعُ الحَرُورِ ... بِرَقْرقانِ آلِها المَسْجُورِ
رَقْرقان: مَا تَرَقْرَق مِنَ السَّرَابِ أَي تحرَّك، والمَسْجُور هَاهُنَا: المُوقد مِنْ شدَّة الحَرّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الشمسَ تَطْلُع تَرَقْرَقُ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي تَدُور تَجِيءُ وَتَذْهَبُ وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْ ظُهور حَرَكَتِهَا عِنْدَ طُلُوعِهَا، فإِنها تُرى لَهَا حركةٌ مُتَخَيَّلة بِسَبَبِ قُربها مِنَ الأُفُق وأَبْخِرته المُعْتَرِضة بَيْنَهَا وَبَيْنَ الأَبصار، بِخِلَافِ مَا إِذا علَتْ وَارْتَفَعَتْ. وَسَرَابٌ رَقْراقٌ ورَقرقانٌ: ذُو بَصيصٍ. وتَرَقرَقَ: جرَى جَرْياً سَهلًا. وترَقْرق الشيءُ: تلأْلأَ أَي جَاءَ وذهبَ. ورقْرقْت الْمَاءَ فترقْرقَ أَي جَاءَ وَذَهَبَ، وَكَذَلِكَ الدَّمعُ إِذا دَارَ فِي الحِملاق. وسيفٌ رُقارِقٌ: بَرَّاقٌ. وَثَوْبٌ رُقارِق: رَقيق. وَجَارِيَةٌ رَقْراقة: كأَنّ الْمَاءَ يَجْرِي فِي وَجْهِهَا. وَجَارِيَةٌ رَقْراقةُ البشَرة: بَرَّاقَةُ البياضِ. وترَقْرقَت عَيْنُهُ: دَمَعت، ورَقْرَقَها هُوَ. ورَقْراقُ الدَّمْعِ: مَا ترَقْرقَ مِنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فإِنْ لَمْ تُصاحِبْها رَمَيْنا بأَعْيُنٍ، ... سَريعٍ برَقْراقِ الدُّمُوعِ انْهِلالُها(10/124)
ورَقْرقَ الخمرَ: مَزَجَها. وتَرْقِيقُ الْكَلَامِ: تَحْسِينُهُ. وَفِي الْمَثَلِ: عَنْ صَبُوحٍ تُرَقِّقُ؛ يَقُولُ: تُرَقِّق كَلَامَكَ وتُلطِّفه لِتُوجِبَ الصَّبُوح، قَالَهُ رَجُلٌ لِضَيْفٍ لَهُ غَبَقَه، فَرَقَّقَ الضيفُ كلامَه ليُصْبِحه؛ وَرُوِيَ هَذَا الْمَثَلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنه قَالَ لِرَجُلٍ سأَله عَنْ رَجُلٍ قبَّل أُمَّ امرأَته فَقَالَ: حَرُمت عَلَيْهِ امرأَته، أَعن صَبوح تُرَقِّق؟ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اتَّهمه بِمَا هُوَ أَفْحش مِنَ القُبلة، وَهَذَا مَثَلٌ لِلْعَرَبِ يُقَالُ لِمَنْ يُظهر شَيْئًا وَهُوَ يُرِيدُ غَيْرَهُ، كأَنه أَراد أَن يَقُولَ جامَع أُمَّ امرأَته فَقَالَ قَبَّل، وأَصله أَن رَجُلًا نَزَلَ بِقَوْمٍ فَبَاتَ عِنْدَهُمْ فَجَعَلَ يُرقّق كَلَامَهُ وَيَقُولُ: إِذا أَصبحت غَدًا فاصْطبحت فَعَلْتُ كَذَا، يُرِيدُ إِيجاب الصَّبُوح عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَعن صَبُوح تُرقِّق أَي تُعرّض بالصَّبُوح، وَحَقِيقَتُهُ أَنّ الغَرض الَّذِي يَقْصِده كأَنّ عَلَيْهِ مَا يستُره فَيُرِيدُ أَن يَجْعَلَهُ رَقِيقاً شَفّافاً يَنِمُّ عَلَى مَا وَراءه، وكأَنَّ الشَّعْبِيَّ اتَّهم السَّائِلَ وَتَوَهَّمَ أَنه أَراد بالقُبلة مَا يَتْبَعُها فغَلّظ عَلَيْهِ الأَمرَ. وَفِي الْحَدِيثِ
وَتَجِيءُ فِتْنةٌ فيُرَقّقُ بعضُها بَعْضاً
أَي يُشَوِّق بتَحسينها وتَسْوِيلها. وترقَّقْتَ لَهُ إِذا رَقَّ لَهُ قلبُك. والرَّقاقُ: السَّيْر السَّهل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
باقٍ عَلَى الأَيْنِ يُعْطي، إِن رَفَقْتَ بِهِ، ... مَعْجاً رَقاقاً، وإِن تَخْرُقْ بِهِ يَخِدِ
أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ مُرِقٌّ إِذا كَانَ حَافِرُهُ خَفِيفًا وَبِهِ رَقَقٌ. وحِضْنا الرَّجُلِ: رَقيقاه؛ وَقَالَ مُزاحِم:
أَصابَ رَقِيقَيْهِ بِمَهْوٍ، كأَنه ... شُعاعةُ قَرْنِ الشمس مُلْتَهِبِ النَّصْلِ
رمق: الرَّمَقُ: بَقِيَّةُ الحياةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: بَقِية الرُّوح، وَقِيلَ: هُوَ آخِر النفْس. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتيت أَبا جَهل وَبِهِ رَمَقٌ
، وَالْجَمْعُ أَرْماقٌ. وَرَجُلٌ رامِق: ذُو رَمَقٍ؛ قَالَ:
كأَنَّهمْ مِنْ رامِقٍ ومُقْصَدِ ... أَعجَازُ نَخْلِ الدَّقَلِ المُعَصَّدِ
ورَمَّقه: أَمْسكَ رَمَقه. يُقَالُ: رَمَّقُوه وَهُمْ يَرمِّقُونه بِشَيْءٍ أَي قَدرِ مَا يُمْسِك رَمَقَه. وَيُقَالُ: مَا عَيْشُه إِلا رُمْقةٌ ورِماقٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مَا وَجْزُ مَعْرُوفِك بالرِّماقِ، ... وَلَا مُؤاخاتُك بالمِذاقِ
أَي لَيْسَ بِمَحْضٍ خالصٍ، والرَّمَقُ والرُّمْقةُ والرِّماقُ والرَّماقُ؛ الأَخيرة عَنْ يَعْقُوبَ: الْقَلِيلُ مِنَ العَيْش الَّذِي يُمْسِكُ الرَّمَقَ، قَالَ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ موتٌ لَا يَجُرّ إِلى عارٍ خَير مِنْ عَيْشٍ فِي رِماق. والمُرْمَقُّ مِنَ العَيش: الدُّون اليَسِير. وعَيْشٌ مُرْمَقٌّ: قَلِيلٌ يَسير؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَرانا عَلَى حُبِّ الحَياةِ وطُولِها، ... يُجَدُّ بِنا، فِي كلِّ يَوْمٍ، ونَهْزِل
«1» . نُعالِجُ مُرْمَقًّا مِنَ العَيْشِ فَانِيًا، ... لَهُ حارِكٌ لَا يَحْمِلُ العِبْء أَجْزَلُ
وَعَيْشٌ رَمِقٌ أَي يُمْسِك الرَّمَق. وَمَا فِي عَيْشِ فُلَانٍ إِلا رُمْقة ورِماق أَي بِلُغَةٍ. والرُّمُق: الفُقراء الَّذِينَ يتَبلَّغون بالرِّماق وَهُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الْعَيْشِ؛ التَّهْذِيبُ: وأَنشد المُنذِري لأَوْس:
صَبَوْتَ، وَهَلْ تَصْبُو ورَأْسُك أَشْيَبُ، ... وفاتَتْكَ بالرَّهْنِ المُرامَقِ [المُرامِقِ] زَيْنَبُ؟
__________
(1) . قوله [يجد] رواه الجوهري في مادة هزل بالبناء للفاعل ونقل المؤلف عن ابن بري فيها أنه بالبناء للمفعول وقال: قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ(10/125)
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الرَّهْن المُرامَق، وَيُرْوَى المُرامِق، وَهُوَ الرَّهن الَّذِي لَيْسَ بِمَوْثُوقٍ بِهِ وَهُوَ قَلْبُ أَوْس. والمُرامِقُ: الَّذِي بآخِر رَمَقٍ؛ وَفُلَانٌ يُرامِقُ عيْشَه إِذا كَانَ يُدارِيه؛ فارَقَتْه زَيْنَبُ وقلبُه عِنْدَهَا فأَوْسٌ يُرامِقُه أَي يُدارِيه. والمُرامِقُ: الَّذِي لَمْ يبقَ فِي قَلْبِهِ مِنْ مودَّتك إِلا قَلِيلٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وصاحِبٍ مُرامِقٍ داجَيْتُه، ... دَهَنْتُه بالدُّهْن أَو طَلَيْتُه،
عَلَى بِلالِ نَفْسِه طَوَيْتُه
ورامَقْتُ الأَمر إِذا لَمْ تُبرمه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
والأَمْرُ مَا رامَقْتَه مُلَهْوَجا ... يُضْوِيك، مَا لَمْ تَجْنِ مِنْهُ مُنْضَجا
وَنَخْلَةٌ تُرامِقُ بعِرْق أَي لَا تَحْيا وَلَا تَمُوتُ. والرُّمَّقُ: الضعيفُ مِنَ الرِّجال. وحَبْل مُرْماقٌّ: ضَعِيفٌ، وَقَدِ ارْماقَّ الحبْلُ ارْمِيقاقاً. وارْمَقَّ الأَمرُ ارْمِقاقاً أَي ضَعُف. وَحَبْلٌ أَرْماقٌ: ضَعِيفٌ خَلَقٌ.. وارْمَقَّ العيْشُ: ضَعُف. وترمَّقَ الرجلُ الماءَ وَغَيْرَهُ: حَسا مِنْهُ حُسْوةً بَعْدَ أُخرى. والرَّمَقُ: القَطيعُ مِنَ الْغَنَمِ. فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: أَضْرَعَتِ الضَّأْنُ فرَبِّقْ رَبِّقْ، وأَضْرَعَتِ المَعز فرَمِّقْ رَمِّقْ؛ يُرِيدُ الأَرْباقَ وَهِيَ خُيوط تُطرَح فِي أَعناق البَهم لأَن الضأْن تُنزِل اللبن على رُؤوس أَولادها، والمِعزى تُنزل قَبْلَ نِتاجها بأَيام، يَقُولُ: فتَرَمَّقْ لبنَها أَي اشرَبه قَلِيلًا قليلًا. ورجل مُرامِق: سَيِء الخُلُق عَاجِزٌ. ورامَقَه: دَارَاهُ مَخافة شَرِّهِ. والرِّماقُ: النِّفاق. وَفِي حَدِيثِ طَهْفةَ:
مَا لَمْ تُضْمِروا الرِّماق
، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا لأَنَّ المنافِقَ مُدارٍ بِالْكَذِبِ؛ حَكَاهُ الهَرويّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. يُقَالُ: رامَقْته رِماقاً وَهُوَ أَن تنظُر إِليه شَزْراً نظَرَ العَداوة، يَعْنِي مَا لَمْ تَضِق قلوبُكم عَنِ الْحَقِّ. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: أَرْمُق فَدْفَدَها
أَي أَنظُر نَظَرًا طَوِيلًا شَزْراً. والمُرَمِّقُ فِي الشَّيْءِ: الَّذِي لَا يُبالِغ فِي عَمَله. والتَّرْمِيقُ: العَمل يعمَلُه الرَّجُلُ لَا يُحْسِنه وَقَدْ يَتبلَّغ بِهِ. يُقَالُ: رَمِّقْ عَلَى مَزادَتَيْك أَي رُمَّهما مَرَمَّةً تتبَلَّغ بِهِمَا. ورمقَه يَرْمُقه رَمْقاً ورامَقَه: نَظَرَ إِليه. ورمقْتُه بِبَصَرِي ورامَقْتُه إِذا أَتْبَعْته بصَرك تتعهَّده وَتَنْظُرُ إِليه وتَرقُبه. ورمَّقَ تَرْمِيقاً: أَدامَ النَّظَرَ مِثْلُ رَنَّقَ. وَرَجُلٌ يَرْموقٌ: ضَعِيفُ الْبَصَرِ. والرُّمُقُ: الحسَدةُ، وَاحِدُهُمْ رامِق ورَمُوقٌ. والرَّامِقُ والرَّامِجُ: هُوَ المِلْواحُ الَّذِي تُصاد بِهِ البُزاةُ والصُّقور، وَهُوَ أَن تُشَدَّ رِجل الْبُومَةِ فِي شَيْءٍ أَسود وتُخاطَ عَيْنَاهَا ويُشدّ فِي ساقها خَيْطٌ طَوِيلٌ، فإِذا وَقَعَ الْبَازِي عَلَيْهَا صَادَهُ الصَّيَّادُ مِنْ قُترته؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَا أَحسبه عَرَبِيًّا صَحِيحًا. وارْمقّ الطريقُ: امْتَدَّ وَطَالَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عَرَفْتُ مِنْ ضَرْبِ الحَرِير عِتْقا ... فِيهِ، إِذا السَّهْبُ بهِنّ ارْمَقّا
الأَصمعي: ارْمَقَّ الإِهابُ ارْمِقاقاً إِذا رَقَّ، وَمِنْهُ ارْمِقاقُ الْعَيْشِ؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
وَلَمْ يَدْبُغُونا عَلَى تِحْلِئٍ، ... فيَرْمَقُّ أَمْرٌ وَلَمْ يَعْمَلُوا
والمُرْمَقُّ: الْفَاسِدُ مِنْ كُلِّ شيء.
رنق: الرَّنْق: تُرَابٌ فِي الْمَاءِ مِنَ القَذى وَنَحْوِهِ. والرَّنَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ رَنِقَ الماءُ، بِالْكَسْرِ. ابْنُ سِيدَهْ: رَنَقَ الماءُ رَنْقاً ورُنُوقاً(10/126)
ورَنِقَ رَنَقاً، فَهُوَ رَنِقٌ ورَنْقٌ، بِالتَّسْكِينِ، وتَرَنَّقَ: كَدِرَ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ لزُهَير:
شَجَّ السُّقاةُ عَلَى ناجُودِها شَبِماً ... مِن مَاءِ لِينَة، لَا طَرْقاً وَلَا رَنَقا
كَذَا أَنشده بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالنُّونِ. الْجَوْهَرِيُّ: مَاءٌ رَنْق، بِالتَّسْكِينِ، أَي كَدِر. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ جُمِعَ رَنْقٌ عَلَى رَنائق كأَنه جَمْعُ رَنِيقة؛ قَالَ الْمَجْنُونُ:
يُغادِرْنَ بالمَوْماةِ سَخْلًا، كأَنه ... دَعامِيصُ مَاءٍ نَشَّ عَنْهَا الرّنائقُ
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: وَسُئِلَ أَيَنْفُخ الرَّجُلُ فِي الْمَاءِ؟ فَقَالَ: إِن كَانَ مِنْ رَنَقٍ فَلَا بأْس
أَي مِنْ كَدَرٍ. يُقَالُ: مَاءٌ رَنْق، بِالسُّكُونِ، وَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ مَصْدَرٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الزُّبَيْرِ «2» : لَيْسَ للشارِبِ إِلّا الرَّنْقُ والطَّرْقُ.
ورَنَّقَه هُوَ وأَرْنَقه إِرناقاً وَتَرْنِيقًا: كدَّرَه. والرَّنْقة: الْمَاءُ الْقَلِيلُ الكَدِر يَبْقَى فِي الْحَوْضِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَصَارَ الطِّينُ رَنْقة وَاحِدَةً إِذا غلَب الطِّينُ عَلَى الْمَاءِ؛ عَنْهُ أَيضاً. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّرْنوق الطِّينُ الَّذِي فِي الأَنهار والمَسِيل. ورَنِقَ عيشُه رَنَقاً: كَدِرَ. وَعَيْشٌ رَنِقٌ: كَدِرٌ. وَمَا فِي عيشِه رَنَقٌ أَي كَدَرٌ. ابْنُ الأَعرابي: التَّرْنِيقُ يَكُونُ تَكْدِيراً وَيَكُونُ تَصْفِية، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الأَضْداد. يُقَالُ: رَنَّق اللَّهُ قَذاتَك أَي صَفّاها. والتَّرْنِيقُ: كَسْر الطَّائِرِ جناحَه مِنْ دَاءٍ أَو رَمْي حَتَّى يَسْقُطَ، وَهُوَ مُرَنَّقُ الجَناحِ؛ وأَنشد:
فيَهْوِي صَحِيحاً أَو يُرَنِّقُ طائرُهْ
وتَرْنِيقُ الطَّائِرِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما صَفُّه جَنَاحَيْهِ فِي الْهَوَاءِ لَا يُحرِّكهما، وَالْآخَرُ أَن يَخْفِقَ بِجَنَاحَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِذا ضَرَبَتْنا الرِّيحُ رَنَّق فَوْقَنا ... عَلَى حَدِّ قَوْسَيْنا، كَمَا خَفَقَ النَّسْرُ
ورَنَّق الطائرُ: رَفْرَفَ فَلَمْ يَسْقُطْ وَلَمْ يَبْرَحْ؛ قَالَ الرَّاجِزُ
وتَحْتَ كُلِّ خافِقٍ مُرَنِّقِ، ... مِن طيِءٍ، كلُّ فَتًى عَشَنَّقِ
وَفِي الصِّحَاحِ: رَنَّق الطائرُ إِذا خفَق بِجَنَاحَيْهِ فِي الْهَوَاءِ وَثَبَتَ فَلَمْ يَطِرْ. وَفِي حَدِيثِ
سُلَيْمَانَ: احْشُروا الطيرَ إِلا الرَّنْقاء
؛ هِيَ الْقَاعِدَةُ عَلَى الْبَيْضِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه ذَكَر النَّفْخَ فِي الصُّوَرِ فَقَالَ: تَرْتَجُّ الأَرضُ بأَهلها فَتَكُونُ كالسَّفِينة المُرَنِّقة فِي الْبَحْرِ تَضْرِبُهَا الأَمواجُ.
يُقَالُ: رَنَّقت السَّفِينَةُ إِذا دارَتْ فِي مَكانها وَلَمْ تَسِر. ورنَّق: تحيَّر. والتَّرْنِيقُ: قِيام الرَّجل لَا يَدْرِي أَيذهب أَم يَجِيءُ؛ ورَنَّق اللِّواءُ كَمَا يُقَالُ رَنَّق الطَّائِرُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَضْرِبُهم، إِذا اللِّواء رنَّقا، ... ضَرْباً يُطِيح أَذْرُعاً وأَسْوُقا
وَكَذَلِكَ الشَّمْسُ إِذا قَارَبَتِ الْغُرُوبَ؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
ورَنَّقَتِ المَنِيّة، فهْي ظِلٌّ، ... عَلَى الأَبْطال، دانِيةُ الجَناحِ «3»
. ابْنُ الأَعرابي: أَرْنَقَ الرجلُ إِذا حرَّك لِواءه للحَمْلة، وأَرْنَق اللواءُ نفسُه ورَنَّقَ فِي الْوَجْهَيْنِ مِثْلُهُ.
__________
(2) . قوله [حديث ابن الزبير] هو هنا في النسخة المعول عليها من النهاية كذلك وفيها من مادة طرق حديث معاوية
(3) . قوله [قَالَ أَبُو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ ورنقت إلخ] عبارة الأَساس: ورنقت منه المنية دنا وقوعها، قال: ورنقت المنية إلخ البيت(10/127)
ورَنَّقَ النظَرَ: أَخفاه مِنْ ذَلِكَ. ورَنَّقَ النومُ فِي عَيْنِهِ: خالَطها؛ قَالَ عدِيّ بْنُ الرِّقاعِ:
وَسْنان أَقْصده النعاسُ، فرَنَّقَتْ ... فِي عَيْنِه سِنةٌ، وَلَيْسَ بِنائم
ورَنَّق النظَرَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
رَمَّدَتِ المِعْزى فَرَنِّقْ رَنِّق، ... ورَمَّدَ الضَّأْنُ فَرَبِّقْ رَبِّق
أَي انْتَظِر وِلَادَتَهَا فإِنه سَيَطُولُ انْتِظَارُكَ لَهَا لأَنها تُرْئي وَلَا تَضع إِلا بَعْدَ مُدَّةٍ، وَرُبَّمَا قِيلَ بِالْمِيمِ «1» . وَبِالدَّالِ أَيضاً، وتَرْنِيقها: أَن تَرِمَ ضُروعها وَيَظْهَرَ حَملُها، والمِعزى إِذا رمَّدت تأَخَّر وِلَادُهَا، والضأْن إِذا رَمَّدَتْ أَسرع وِلادها عَلَى أَثر تَرْمِيدها. والتَّرْبِيقُ: إِعداد الأَرْباق للسِّخال. ولَقِيت فُلَانًا مُرَنِّقة عَيْنَاهُ أَي مُنْكَسِرُ الطرْف مِنْ جُوع أَو غَيْرِهِ. والترْنِيقُ: إِدامة النَّظَرِ، لُغَةٌ فِي التَّرْمِيق والتَّدْنِيق. ورَنَّقَ الْقَوْمُ بِالْمَكَانِ: أَقاموا بِهِ واحْتَبَسوا بِهِ. والترْنِيق: الِانْتِظَارُ لِلشَّيْءِ. والترْنيق: ضَعْفٌ يَكُونُ فِي الْبَصَرِ وَفِي الْبَدَنِ وَفِي الأَمر. يُقَالُ: رَنَّق الْقَوْمُ فِي أَمر كَذَا أَي خَلطُوا الرأْي. والرَّنْقُ: الْكَذِبُ. والرَّوْنَقُ: مَاءُ السَّيْفِ وصَفاؤه وحُسنه. ورَوْنَقُ الشَّبَابِ: أَوّله وَمَاؤُهُ، وَكَذَلِكَ رَوْنَقُ الضُّحى. يُقَالُ: أَتيته رَوْنَقَ الضُّحَى أَي أَوَّلها؛ قَالَ:
أَلم تَسْمَعِي، أَيْ عَبْدَ، فِي رَوْنَقِ الضُّحى ... بُكاء حَماماتٍ لَهُنَّ هَدِيرُ؟
رهق: الرَّهَقُ: الْكَذِبُ؛ وأَنشد:
حَلَفَتْ يَمِيناً غَيْرَ مَا رَهَقٍ ... باللهِ، ربِّ محمدٍ وبِلالِ
أَبو عَمْرٍو: الرَّهَقُ الخِفّةُ والعَرْبَدةُ؛ وأَنشد فِي وَصْفِ كَرْمةٍ وَشَرَابِهَا:
لَهَا حَلِيبٌ كأنَّ المِسْكَ خالَطَه، ... يَغْشى النَّدامى عَلَيْهِ الجُودُ والرَّهَقُ،
أَراد عَصِيرَ الْعِنَبِ. والرَّهَقُ: جَهْلٌ فِي الإِنسان وخِفَّة فِي عَقْلِهِ؛ تَقُولُ: بِهِ رَهَق. وَرَجُلٌ مُرَهَّقٌ: مَوْصُوفٌ بِذَلِكَ وَلَا فِعل لَهُ. والمُرَهَّقُ: الفاسِد. والمُرَهَّقُ: الْكَرِيمُ الجَوَاد. ابْنُ الأَعرابي: إِنه لَرَهِقٌ نَزِلٌ أَي سَرِيعٌ إِلى الشَّرِّ سَرِيعُ الحِدَّة؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وِلايةُ سِلَّغْدٍ أَلَفَّ كأَنَّه، ... مِنَ الرَّهَقِ المَخْلُوط بالنُّوك، أَثْوَلُ
قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: فِيهِ رَهَق أَي حِدَّة وخِفَّة. وإِنه لَرَهِقٌ أَي فِيهِ حِدَّةٌ وسفَه. والرَّهَق: السَّفَه والنُّوكُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَسْبُكَ مِنَ الرَّهَق وَالْجَفَاءِ أَن لَا يُعرَفَ بيتُك
؛ مَعْنَاهُ لَا تَدْعو الناسُ إِلى بَيْتِكَ لِلطَّعَامِ، أَراد بالرهَق النُّوكَ والحُمق. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَنه وعَظ رَجُلًا فِي صُحبة رَجُلٍ رَهِقٍ
أَي فِيهِ خِفَّة وحِدَّة. يُقَالُ: رَجُلٌ فِيهِ رَهَق إِذا كَانَ يَخِفّ إِلى الشَّرِّ ويَغشاه، وَقِيلَ: الرَّهَقُ فِي الْحَدِيثِ الأَوّل الحُمق وَالْجَهْلُ؛ أَراد حسبُك مِنْ هَذَا الخُلُق أَن يُجهل بيتُك وَلَا يُعرف، وَذَلِكَ أَنه كَانَ اشْتَرَى إِزاراً مِنْهُ فَقَالَ للوَزّان: زِنْ وأَرْجِحْ، فَقَالَ: مَن هَذَا؟ فَقَالَ المسؤول: حَسْبُكَ جَهلًا أَن لَا يُعْرَفَ بَيْتُكَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ الْهَرَوِيُّ، قال:
__________
(1) . قوله [بالميم] أي بدل النون في رنق وبالدال أي بدل الراء. وقوله [وترنيقها أن إلخ] المناسب وترميدها(10/128)
وَهُوَ وَهَم وإِنما هُوَ حَسْبُكَ مِنَ الرَّهَق والجَفاء أَن لَا تَعْرِفَ نَبِيَّكَ أَي أَنه لَمَّا سأَل عَنْهُ حَيْثُ قَالَ لَهُ: زِنْ وأَرجح، لَمْ يَكُنْ يعرفه فقال له المَسؤول: حَسْبُكَ جَهْلًا أَن لَا تَعْرِفَ نَبِيَّكَ؛ قَالَ: عَلَى أَني رأَيته فِي بَعْضِ نُسَخِ الْهَرَوِيِّ مُصْلَحاً، وَلَمْ يَذْكر فِيهِ التعْليل والطَّعامَ والدُّعاء إِلى الْبَيْتِ. والرَّهَقُ: التُّهمَةُ. والمُرَهَّقُ: المُتَّهم فِي دِينه. والرَّهَقُ: الإِثْمُ. والرَّهْقةُ: المرأَةُ الْفَاجِرَةُ. ورَهِقَ فُلَانٌ فُلَانًا: تَبِعه فقارَب أَن يَلْحَقه. وأَرْهَقْناهم الخيْل: أَلحقْناهم إِياها. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً
، أَي لَا تُغْشني شَيْئًا؛ وَقَالَ أَبُو خِراش الهُذلي:
ولوْلا نَحْنُ، أَرْهَقَه صُهَيْبٌ ... حُسامَ الحَدِّ مَطْرُوراً خَشِيبا
وَرُوِي: مذْرُوباً خَشِيبا؛ وأَرْهَقه حُساماً: بِمَعْنَى أَغْشاه إِيّاه؛ وَعَلَيْهِ يَصِحُّ الْمَعْنَى. وأَرْهقَه عُسْراً أَي كَلَّفه إِياه؛ تَقُولُ: لَا تُرْهِقْني لَا أَرهَقك اللهُ أَي لَا تُعْسِرْني لَا أَعْسَرَك اللهُ؛ وأَرْهَقَه إِثماً أَو أَمراً صَعْباً حَتَّى رَهِقه رَهَقاً، والرَّهَق: غِشْيان الشَّيْءِ؛ رَهِقَه، بِالْكَسْرِ، يَرْهَقُه رهَقاً أَي غَشِيَه. تَقُولُ: رَهِقه مَا يَكْره أَي غَشِيَهُ ذَلِكَ. وأَرْهَقْت الرَّجل: أَدْركْته، ورَهِقْته: غَشِيته. وأَرْهَقه طُغْياناً أَي أَغْشاه إِيّاه، وأَرْهَقْته إِثماً حَتَّى رَهِقه رَهَقاً: أَدركه. وأَرْهَقَني فُلان إِثماً حَتَّى رَهِقْته أَي حَمَّلَني إِثماً حَتَّى حَمَلته لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِن رَهِقَ سَيِّدَه دَيْن
أَي لَزِمه أَداؤه وضُيِّقَ عَلَيْهِ. وَحَدِيثُ
سَعْدٍ: كَانَ إِذا دخَل مَكَّةَ مُراهِقاً خرَج إِلى عَرَفَةَ قَبل أَن يَطُوف بِالْبَيْتِ
أَي إِذا ضَاقَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ بالتأْخير حَتَّى يَخَافَ فَوْتَ الْوُقُوفِ كأَنه كَانَ يَقْدَم يَوْمَ التَّرْوِية أَو يَوْمَ عرفةَ. الْفَرَّاءُ: رَهِقَني الرَّجلُ يَرْهَقُني رَهَقاً أَي لَحِقَني وغَشِيني، وأَرْهقْته إِذا أَرْهَقْته غيرَك. يُقَالُ: أَرْهقناهم الْخَيْلَ فَهُمْ مُرْهَقون. وَيُقَالُ: رَهِقه دَيْنٌ فَهُوَ يَرْهَقُه إِذا غَشِيه. وإِنه لعَطُوبٌ عَلَى المُرْهَق أَي عَلَى المُدْرَكِ. والمُرْهَقُ: المَحْمول عَلَيْهِ فِي الأَمرِ مَا لَا يُطِيق. وَبِهِ رَهْقة شَدِيدَةٌ: وَهِيَ العَظَمة والفَساد. ورَهِقَت الكلابُ الصَّيْدَ رَهَقاً: غَشِيَتْهُ ولَحِقَتْه. والرَّهَق: غِشْيان الْمَحَارِمِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ. تَقُولُ: فِي فُلَانٍ رهَق أَي يَغْشَى الْمَحَارِمَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَمدح النُّعمان بْنَ بَشِير الأَنصاري:
كالكَوْكَبِ الأَزهَرِ انْشَقَّتْ دُجُنَّتُه، ... فِي النّاسِ، لَا رَهَقٌ فِيهِ وَلَا بَخَلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ فُسِّرَ الرَّهق فِي شِعر الأَعشى بأَنه غِشيان المَحارم وَمَا لَا خَيْرَ فِيهِ فِي قَوْلِهِ:
لَا شَيْءَ يَنْفَعُني مِنْ دُونِ رُؤيَتِها، ... هَلْ يَشْتَفِي وامِقٌ مَا لَمْ يُصِبْ رَهَقا؟
والرَّهَقُ: السَّفَه وغشيانُ الْمَحَارِمِ. والمُرْهَق: الَّذِي أُدْرِك ليُقتل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ومُرْهَقٍ سالَ إِمْتاعاً بأُصْدتِه ... لَمْ يَسْتَعِنْ، وحَوامِي المَوْتِ تَغْشاه
فَرَّجْتُ عَنْهُ بصَرْعَيْنِ لأَرْملةٍ، ... وبائسٍ جَاءَ مَعْناه كمَعْناه
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشده أَبو عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ غَيْث بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ لِبَعْضِ الْعَرَبِ يَصِفُ رَجُلًا شَرِيفًا ارْتُثّ فِي بَعْضِ المَعارِك، فسأَلهم أَن يُمْتِعوه بأُصْدته، وَهِيَ ثَوْبٌ صَغِيرٌ يُلبس تَحْتَ الثِّيَابِ أَي لَا يُسْلَب؛(10/129)
وَقَوْلُهُ لَمْ يَستَعن لَمْ يَحلِق عانَته وَهُوَ فِي حَالِ الْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ: فرّجْت عَنْهُ بصرعيْن، الصرْعانِ: الإِبلان تَرِدُ إِحداهما حِينَ تَصْدُر الأُخرى لِكَثْرَتِهَا، يَقُولُ: افْتَدَيْتُهُ بِصَرْعَيْنِ مِنَ الإِبل فأَعتقته بِهِمَا، وإِنما أَعددتهما للأَرامِل والأَيْتام أَفْدِيهم بِهَا؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
تَنْدَى أَكُفُّهُمُ، وَفِي أَبياتِهمْ ... ثِقةُ المُجاوِر، والمُضافِ المُرْهَقِ
والمُرَهَّق: الَّذِي يَغْشَاهُ السؤَّالُ والضِّيفانُ؛ قَالَ ابْنُ هَرَمَةَ:
خَيْرُ الرِّجال المُرَهَّقُون، كَمَا ... خَيْرُ تِلاعِ البِلادِ أَكْلَؤها
وَقَالَ زُهَيْرٌ يَمْدَحُ رَجُلًا:
ومُرَهَّقُ النِّيرانِ يُحْمَد فِي اللَّأْوَاءِ، ... غيرُ مُلَعَّن القِدْر
وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ
؛ أَي لَا يَغشاها وَلَا يَلحقُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا صلَّى أَحدكم إِلى شَيْءٍ فليَرْهَقْه
أَي فلْيَغْشه ولْيدْنُ مِنْهُ وَلَا يَبعُد مِنْهُ. وأَرْهقَنا الليلُ: دَنَا مِنَّا. وأَرهقْنا الصلاةَ: أَخَّرناها حَتَّى دَنَا وَقْتُ الأُخرى. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَمْرٍو: وأَرهقْنا الصلاةَ وَنَحْنُ نتوضَّأ
أَي أَخَّرناها عَنْ وَقْتِهَا حَتَّى كِدْنَا نُغْشِيها ونُلْحِقُها بِالصَّلَاةِ الَّتِي بَعْدَهَا. ورهِقَتْنا الصَّلَاةُ رَهَقاً: حَانَتْ. وَيُقَالُ: هُوَ يَعْدُو الرَّهَقَى وَهُوَ أَن يُسرِعَ فِي عدْوه حَتَّى يَرْهَقَ الَّذِي يطلبُه. والرَّهُوق: النَّاقَةُ الوَساعُ الجَواد الَّتِي إِذا قُدْتَها رَهِقَتك حَتَّى تَكَادَ تطؤُك بخُفَّيها؛ وأَنشد:
وقلتُ لَهَا: أَرْخِي، فأَرْخَتْ برأْسِها ... غَشَمْشَمةٌ للقائدِينَ رَهُوقُ
وَرَاهَقَ الغلامُ، فَهُوَ مراهِق إِذا قَارَبَ الِاحْتِلَامَ. والمُراهِق: الْغُلَامُ الَّذِي قَدْ قَارَبَ الحُلُم، وَجَارِيَةٌ مراهِقة. وَيُقَالُ: جَارِيَةٌ راهِقة وَغُلَامٌ راهِق، وَذَلِكَ ابْنُ الْعَشْرِ إِلى إِحدى عَشْرَةَ؛ وأَنشد:
وفَتاةٍ راهِقٍ عُلِّقْتُها ... فِي عَلاليَّ طِوالٍ وظُلَلْ
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً
؛ قِيلَ: كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ إِذا مرَّت رُفقة مِنْهُمْ بوادٍ يَقُولُونَ: نعُوذ بعَزِير هَذَا الْوَادِي مِنْ مَرَدة الْجِنِّ، فَزادُوهُمْ رَهَقاً
أَي ذِلة وضَعفاً، قَالَ: وَيَجُوزُ، وَاللَّهُ أَعلم، أَن الإِنسان الَّذِي عَاذُوا بِهِ مِنَ الْجِنِّ زَادَهُمْ رَهَقًا أَي ذِلّة، وَقَالَ قَتَادَةُ: زَادُوهُمْ إِثماً، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: زَادُوهُمْ غَيّاً، وَقَالَ الأَزهري: فَزادُوهُمْ رَهَقاً
هُوَ السُّرْعَةُ إِلى الشَّرِّ، وَقِيلَ: فِي قَوْلِهِ فَزادُوهُمْ رَهَقاً
أَي سَفَهاً وطُغياناً، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ الرهَق: الظُّلم، وَقِيلَ الطُّغْيَانُ، وَقِيلَ الْفَسَادُ، وَقِيلَ العظَمة، وَقِيلَ السَّفَهُ، وَقِيلَ الذِّلَّةُ. ويقال: الرهق الكِبْر. يقال: رَجُلٌ رَهِق أَي مُعْجَبٌ ذُو نَخْوة، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُ
حُذَيْفَةَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنك لرَهِق
؛ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنه أُنزلت آيَةُ الكَلالة عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورأْسُ نَاقَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عَنْهُ، عِنْدَ كَفَل نَاقَةِ حُذَيْفَةَ فلَقَّنها رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حذيفةَ وَلَمْ يُلَقِّنْها عمَر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بَعَثَ إِلى حُذَيْفَةَ(10/130)