فتُدْخَلُ أَيْدٍ فِي حَناجِرَ أُقْنِعَتْ ... لِعادَتِها مِنَ الخَزِيرِ المُعَرَّفِ
قَالَ: أُقْنِعَتْ أَي مُدّتْ ورُفِعَتْ لِلْفَمِ. وأَقْنَعَ رأْسَه وعنقَه: رفعَه وشَخَصَ بِبَصَرِهِ نَحْوَ الشَّيْءِ لَا يصْرِفُه عَنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ
؛ المُقْنِعُ: الَّذِي يَرْفَعُ رأْسه يَنْظُرُ فِي ذلٍّ، والإِقْناعُ: رَفْعُ الرأْس وَالنَّظَرُ فِي ذُلٍّ وخُشُوعٍ. وأَقْنَعَ فُلَانٌ رأْسَه: وَهُوَ أَن يَرْفَعَ بَصَرَهُ وَوَجْهَهُ إِلى مَا حِيالَ رأْسِه مِنَ السَّمَاءِ. والمُقْنِعُ: الرافِعُ رأْسَه إِلى السَّمَاءِ؛ وَقَالَ رؤْبة يَصِفُ ثَوْرَ وَحْشٍ:
أَشْرَفَ رَوْقاه صَلِيفاً مُقْنِعا
يَعْنِي عنُقَ الثوْرِ لأَن فِيهِ كالانْتصابِ أَمامَه. والمُقْنِع رأْسَه: الَّذِي قَدْ رَفَعه وأَقْبَلَ بطرْفِه إِلى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ. وَيُقَالُ: أَقْنَعَ فُلَانٌ الصَّبِيَّ فَقَبَّلَه، وَذَلِكَ إِذا وضَعَ إِحْدى يَدَيْهِ عَلَى فَأْسِ قَفاه وَجَعَلَ الأُخرى تَحْتَ ذَقَنِه وأَمالَه إِليه فَقَبَّلَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا ركَع لَا يُصَوِّبُ رأْسَه وَلَا يُقْنِعُه
أَي لَا يَرْفَعُه حَتَّى يكونَ أَعْلى مِنْ ظهرِه، وَقَدْ أَقْنَعَه يُقْنِعُه إِقْناعاً. قَالَ: والإِقْناعُ فِي الصلاةِ مِنْ تَمَامِهَا. وأَقنع حَلقه وَفَمَهُ: رَفَعَهُ لِاسْتِيفَاءِ مَا يَشْرَبُهُ مِنْ مَاءٍ أَو لَبَنٍ أَو غَيْرِهِمَا؛ قَالَ:
يُدافِعُ حَيْزُومَيْه سُخْنُ صَرِيحِها ... وحَلْقاً تَراهُ للثُّمالةِ مُقْنَعا
والإِقْناعُ: أَن يُقْنِعَ البَعيرُ رأْسَه إِلى الحَوْضِ لِلشُّرْبِ، وَهُوَ مَدُّه رأْسَه. والمُقْنَعُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَرْفَعُ رأْسه خِلْقةً؛ وأَنشد:
لِمُقْنَعٍ فِي رأْسِه جُحاشِر
والإِقْناعُ: أَن تَضَعَ الناقةُ عُثْنُونَها فِي الْمَاءِ وتَرْفَع مِنْ رأْسِها قَلِيلًا إِلى الْمَاءِ لتَجْتَذِبَه اجْتِذاباً. والمُقْنِعةُ مِنَ الشاءِ: المرتفِعةُ الضَّرْعِ لَيْسَ فِيهِ تَصوُّبٌ، وَقَدْ قَنَعَتْ بضَرْعِها وأَقْنَعَتْ وَهِيَ مُقْنِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَاقَةٌ مُقْنِعةُ الضرْعِ
، الَّتِي أَخْلافُها تَرْتَفِعُ إِلى بَطْنِهَا. وأَقْنَعْتَ الإِناءَ فِي النَّهْرِ: اسْتَقْبَلْتَ بِهِ جَرْيَتَه ليمتلئَ أَو أَمَلْتَه لتصبَّ مَا فِيهِ؛ قَالَ يَصِفُ النَّاقَةَ:
تُقْنِعُ للجَدْولِ مِنْهَا جَدْولا
شبَّه حَلْقَهَا وَفَاهَا بِالْجَدْوَلِ تَسْتَقْبِلُ بِهِ جَدْوَلًا إِذا شَرِبَتْ. وَالرَّجُلُ يُقْنِعُ الإِناءَ لِلْمَاءِ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ شِعْبٍ، ويُقْنِعُ رأْسَه نَحْوَ الشَّيْءِ إِذا أَقْبَلَ بِهِ إِليه لَا يَصْرِفُه عَنْهُ. وقَنَعةُ الجبلِ والسنامِ: أَعْلاهما، وَكَذَلِكَ قَمَعَتُهما. وَيُقَالُ: قَنَعْتُ رأْس الْجَبَلِ وقَنَّعْتُه إِذا عَلَوْتَه والقَنَعةُ: مَا نَتَأَ مِنْ رأْس الْجَبَلِ والإِنسان. وقَنَّعَه بِالسَّيْفِ والسوْطِ والعَصا: عَلاه بِهِ، وَهُوَ مِنْهُ. والقَنُوعُ: بِمَنْزِلَةِ الحَدُورِ مِنْ سَفْحِ الْجَبَلِ، مُؤَنَّثٌ. والقِنْعُ: مَا بَقِيَ مِنَ الْمَاءِ فِي قُرْبِ الْجَبَلِ، وَالْكَافُ لُغَةٌ. والقِنْعُ: مُستَدارُ الرَّمْلِ، وَقِيلَ: أَسْفَلُه وأَعْلاه، وَقِيلَ: القِنْعُ أَرض سَهْلةٌ بَيْنَ رِمَالٍ تُنْبِتُ الشَّجَرَ، وَقِيلَ: هُوَ خَفْضٌ مِنَ الأَرض لَهُ حَواجِبُ يَحْتقِنُ فِيهِ الماءُ ويُعْشِبُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ وَوَصَفَ ظُعُناً:
فَلَمَّا رأَينَ القِنْعَ أَسْفَى وأَخْلَفَتْ، ... مِنَ العقْرَبِيّاتِ، الهُيُوجُ الأَواخِرُ
وَالْجَمْعُ أَقْناعٌ. والقِنْعةُ مِنَ القِنْعانِ: مَا جرَى بَيْنَ(8/299)
القُفِّ والسهْلِ مِنَ التُّرَابِ الكثيرِ فإِذا نضَبَ عَنْهُ الماءُ صَارَ فَراشاً يابِساً، وَالْجَمْعُ قِنْعٌ وقِنَعةٌ، والأَقْيَسُ أَن يَكُونَ قِنَعةٌ جَمْع قِنْعٍ. والقِنْعانُ، بِالْكَسْرِ: مِنَ القِنْعِ وَهُوَ الْمُسْتَوِي بَيْنَ أَكَمَتَينِ سَهْلَتَينِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الحُمُرَ:
وأَبْصرْنَ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطافُه ... فَراشاً، وأَنَّ البَقْلَ ذاوٍ ويابِسُ
وأَقْنَعَ الرجلُ إِذا صادَف القِنْعَ وَهُوَ الرَّمْلُ الْمُجْتَمِعُ. والقِنْعُ: مُتَّسَعُ الحَزْنِ حَيْثُ يَسْهُلُ، وَيُجْمَعُ القِنْعُ قِنَعَةً وقِنْعاناً. والقَنَعَةُ مِنَ الرَّمْلِ: مَا اسْتَوى أَسفلُه مِنَ الأَرض إِلى جَنْبِه، وَهُوَ اللَّبَبُ، وَمَا اسْتَرَقَّ مِنَ الرَّمْلِ. وَفِي حَدِيثِ الأَذان:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اهْتَمَّ للصلاة كيف يَجْمَعُ لها الناسَ فَذُكِرَ لَهُ القُنْعُ فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ رؤْيا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الأَذان
؛ جَاءَ تَفْسِيرُ القُنْعِ فِي بَعْضِ الرِّوايات أَنه الشَّبُّورُ، والشَّبُّورُ البُوقُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدْ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ لَفْظَةِ القُنْعِ هَاهُنَا فَرُوِيَتْ بِالْبَاءِ وَالتَّاءِ وَالثَّاءِ والنون، وأَشهرها وأَكثرها النون؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: سأَلت عَنْهُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ أَهل اللُّغَةِ فَلَمْ يُثْبِتُوهُ لِي عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، فإِن كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِالنُّونِ صَحِيحَةً فَلَا أَراه سُمِّيَ إِلا لإِقْناعِ الصَّوْتِ بِهِ، وَهُوَ رَفْعُه، يُقَالُ: أَقْنَعَ الرجلُ صوتَه ورأْسَه إِذا رَفَعَهُمَا، وَمَنْ يُرِيدُ أَن يَنْفُخَ فِي الْبُوقِ يَرْفَعُ رأْسه وَصَوْتَهُ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَو لأَنَّ أَطرافَه أُقْنِعَتْ إِلى دَاخِلِهِ أَي عُطِفَتْ؛ وأَما قَوْلُ الرَّاعِي:
زَجِلَ الحُداءِ، كأَنَّ فِي حَيْزُومِه ... قَصَباً ومُقْنَعةَ [مُقْنِعةَ] الحَنِينِ عَجُولا
قَالَ عُمارةُ بْنُ عَقِيلٍ: زُعِمَ أَنه عَنى بمُقْنَعةِ الحنينِ النَّايَ لأَن الزامِرَ إِذا زَمَرَ أَقْنَعَ رأْسه، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ ذَكَرَ القَصَبَ مَرَّةً، فَقَالَ: هِيَ ضُرُوبٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَراد وصَوْتَ مُقْنَعةِ الْحَنِينِ فَحَذَفَ الصَّوْتَ وأَقام مُقْنَعة مُقامَه، وَمَنْ رَوَاهُ مُقْنِعةَ الحَنِين أَراد نَاقَةً رَفَعَتْ حَنِينَهَا. وإِداوةٌ مقموعةٌ ومقنوعةٌ، بِالْمِيمِ وَالنُّونِ، إِذا خُنِثَ رأْسُها. والمِقْنَعُ والمِقْنَعةُ؛ الأُولى عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: مَا تُغَطِّي بِهِ المرأَةُ، رأْسَها، وَفِي الصِّحَاحِ: مَا تُقَنِّعُ بِهِ المرأَةُ رأْسَها، وَكَذَلِكَ كلُّ مَا يُسْتَعْمَلُ بِهِ مَكْسورَ الأَوَّلِ يأْتي عَلَى مِفْعَلٍ ومِفعَلة، وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه رأَى جَارِيَةً عَلَيْهَا قِناعٌ فَضَرَبَهَا بالدِّرّة وَقَالَ: أَتَشَبَّهِين بالحَرائِر
؟ وَقَدْ كَانَ يَوْمَئِذٍ مِنْ لُبْسِهِنَّ. وَقَوْلُهُمْ: الكُشْيَتان مِنَ الضبِّ شَحْمتان عَلَى خِلْقة لِسَانِ الْكَلْبِ صَفراوانِ عَلَيْهِمَا مِقْنعة سوْداء، إِنما يُرِيدُونَ مِثْلَ المِقْنعةِ. والقِناعُ: أَوْسَعُ مِنَ المِقْنعةِ، وَقَدْ تَقَنَّعَتْ بِهِ وقَنَّعَتْ رأْسَها. وقَنَّعْتُها: أَلبستها القِناعَ فتَقنَّعَتْ بِهِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
إِنْ تُغْدفي دُوني القِناعَ، فإِنَّني ... طَبٌّ بأَخْذِ الفارِسِ المُسْتَلْئِمِ
والقِناعُ والمِقْنَعةُ: مَا تتَقَنَّعُ بِهِ المرأَةُ مِنْ ثَوْبٍ تُغَطِّي رأْسَها ومحاسِنَها. وأَلقى عَنْ وجْهه قِناعَ الحياءِ، عَلَى الْمَثَلِ. وقَنَّعه الشيبُ خِمارَه إِذا عَلَاهُ الشيبُ؛ وَقَالَ الأَعشى:
وقَنَّعَه الشيبُ مِنْهُ خِمارا
وَرُبَّمَا سَمَّوُا الشَّيْبَ قِناعاً لِكَوْنِهِ موضعَ القِناعِ مِنَ الرأْس؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:(8/300)
حَتَّى اكْتَسى الرأْسُ قِناعاً أَشْهَبا، ... أَمْلَحَ لَا آذَى وَلَا مُحَبَّبا
وَمِنْ كَلَامِ السَّاجِعِ: إِذا طَلَعَتِ الذِّراع، حَسَرتِ الشمسُ القِناع، وأَشْعَلَتْ فِي الأُفُقِ الشُّعاع، وتَرَقْرَقَ السّرابُ بكلِّ قَاعْ. اللَّيْثُ: المِقْنَعةُ مَا تُقَنِّعُ بِهِ المرأَةُ رأْسَها؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الثِّقَاتِ مِنْ أَهل اللُّغَةِ بَيْنَ القِناعِ والمِقْنَعةِ، وَهُوَ مِثْلُ اللِّحافِ والمِلْحفةِ. وَفِي حَدِيثِ بدْرٍ:
فانْكَشَفَ قِناعُ قَلْبِهِ فَمَاتَ
؛ قِناعُ القلبِ: غِشاؤُه تَشْبِيهًا بقناعِ المرأَةِ وَهُوَ أَكْبر مِنَ المِقْنعةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتاه رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ
؛ هُوَ المُتَغَطِّي بالسِّلاحِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي عَلَى رأْسه بَيْضَةٌ وَهِيَ الخوذةُ لأَنَّ الرأْس مَوْضِعُ القِناعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه زارَ قبرَ أُمّه فِي أَلْفِ مُقَنَّعٍ
أَي فِي أَلف فَارِسٍ مُغطًّى بالسلاحِ. وَرَجُلٌ مُقَنَّعٌ، بِالتَّشْدِيدِ، أَي عَلَيْهِ بَيضة ومِغْفَرٌ. وتَقَنَّعَ فِي السِّلَاحِ: دخَل. والمُقَنَّع: المُغَطَّى رأْسُه؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
فِي كلِّ يومٍ هامَتي مُقَرَّعَهْ ... قانِعةٌ، وَلَمْ تَكُنْ مُقَنَّعَهْ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ هَذَا وَمِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ قَانِعَةٌ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الزَّائِدِ حَتَّى كأَنه قَدْ قِيلَ قَنَعَتْ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى النسَبِ أَي ذَاتَ قِناعٍ وأُلحق فِيهَا الْهَاءُ لِتَمَكُّنِ التأْنيث؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَحَد وُلاتِه كَتَبَ إِليه كِتَابًا لَحَنَ فِيهِ فَكَتَبَ إِليه عُمَرُ أَنْ قَنِّعْ كَاتِبَكَ سَوْطًا وإِنه لَلَئِيمُ القِنْعِ
، بِكَسْرِ الْقَافِ، إِذا كَانَ لَئِمَ الأَصْل. والقِنْعانُ: الْعَظِيمُ مِنَ الوُعولِ. والقِنْعُ والقِناعُ: الطَّبَقُ مِنْ عُسُبِ النخْلِ يُوضَعُ فِيهِ الطَّعَامُ، وَالْجَمْعُ أَقْناعٌ وأَقْنِعةٌ. وَفِي حَدِيثِ
الرُّبَيِّعِ بِنْتِ المُعَوِّذ قَالَتْ: أَتيتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، بقِناعٍ مِنْ رُطَبٍ وأَجْرٍ زُغْبٍ
؛ قَالَ: القِنْعُ والقِناعُ الطبَقُ الَّذِي يؤْكل عَلَيْهِ الطعامُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَيُجْعَلُ فِيهِ الفاكِهةُ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ لَهُ القِنْعُ والقُنْع، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وَقِيلَ: القِناعُ جَمْعُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِن كَانَ لَيُهْدَى لَنَا القِناعُ فِيهِ كَعْبٌ مِنْ إِهالةٍ فنَفْرَحُ بِهِ.
قَالَ: وَقَوْلُهُ وأجْرٍ زُغْبٍ يُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: القِناعُ طَبَقُ الرُّطَبِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: القِنْعُ الطَّبَقُ الَّذِي تُؤْكَلُ فِيهِ الْفَاكِهَةُ وَغَيْرُهَا، وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ: القُنْع الَّذِي يُؤْكَلُ عَلَيْهِ، وَجَمْعُهُ أَقناعٌ مِثْلُ بُرْدٍ وأَبْرادٍ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَخَذَتْ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، غَشْيةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَالَتْ:
ومَنْ لَا يَزالُ الدَّمْعُ فِيهِ مُقَنَّعاً، ... فَلَا بُدَّ يَوْماً أَنَّه مُهَراقُ
فَسَّرُوا المُقَنَّعَ بأَنه المحبوسُ فِي جوْفِه، وَيَجُوزُ أَن يُرَادَ مَنْ كَانَ دَمْعُه مُغَطًّى فِي شُؤُونِه كامِناً فِيهَا فَلَا بُدَّ أَن يُبْرِزَهُ الْبُكَاءُ. والقُنْعةُ: الكُوَّةُ فِي الحائطِ. وقَنَعَتِ الإِبلُ والغنمُ، بِالْفَتْحِ: رجعَتْ إِلى مَرْعاها ومالتْ إِليه وأَقبلت نَحْوَ أَهلها وأَقْنَعَتْ لِمَأْواها، وأَقْنَعْتُها أَنا فِيهِمَا، وَفِي الصِّحَاحِ: وَقَدْ قَنِعَتْ هِيَ إِذا مالتْ لَهُ. وقَنَعَتْ، بِالْفَتْحِ: مَالَتْ لِمأْواها. وقَنَعةُ السنامِ: أَعْلاه، لُغَةٌ فِي قَمَعَتِه. الأَصمعي: المُقْنَعُ الفَمُ الَّذِي يَكُونُ عطْفُ أَسنانِه إِلى دَاخِلِ الْفَمِ وَذَلِكَ القَويّ الَّذِي يُقْطَعُ لَهُ كلُّ شَيْءٍ، فإِذا كَانَ انصِبابُها إِلى خَارِجٍ فهو أَرْفَقُ، وَذَلِكَ ضَعِيفٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، وفَمٌ مُقْنَعٌ مِنْ ذَلِكَ؛(8/301)
قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ إِبلًا:
يُباكِرْنَ العِضاهَ بمُقْنَعاتٍ، ... نَواجِذُهُنَّ كالحَدَإِ الوَقِيعِ
وَقَالَ ابْنُ مَيّادةَ يَصِفُ الإِبل أَيضاً:
تُباكِرُ العِضاهَ، قَبْلَ الإِشْراق، ... بمُقْنَعاتٍ كَقِعابِ الأَوْراق
يَقُولُ: هِيَ أَفتاءٌ وأَسنانُها بِيضُ. وقَنَّعَ الدِّيكُ إِذا رَدَّ بُرائِلَه إِلى رأْسه؛ وَقَالَ:
وَلَا يَزالُ خَرَبٌ مُقَنَّعُ ... بُرائِلاه،، والجَناحُ يَلْمَعُ
وقُنَيْعٌ: اسم رجل.
قنبع: القُنْبُعُ: الْقَصِيرُ الخَسيسُ. والقُنْبُعةُ: خِرْقة تُخاطُ شَبِيهَةٌ بالبُرْنُسِ تَلْبَسُهَا الصِّبْيَانُ. والقُنْبُعةُ: هَنةٌ تُخاطُ مِثْلَ المِقْنَعةِ تُغَطِّي الْمَتْنَيْنِ، وَقِيلَ: القُنْبُعةُ مِثْلُ الخُنْبُعةِ إِلَّا أَنها أَصغر، والقُنْبُعةُ: غِلافُ نَوْرِ الشَّجَرَةِ مِثْلَ الخُنْبُعة؛، وَكَذَلِكَ القُنْبُعُ، بِغَيْرِ هَاءٍ. وقُنْبُعُ النَّوْرِ وقُنْبُعَتُه: غِطاؤُه، وأُراه عَلَى الْمِثْلِ بِهَذِهِ القُنْبعة. وقَنْبَعَتِ الشجرةُ: صَارَتْ ثَمَرَتُهَا أَو زَهْرَتُهَا فِي قُنْبعة أَو غِطاء. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القُنْبُعُ وِعاء السُّنْبُلةِ. وقَنْبَعَتْ: صَارَتْ فِي القُنْبُعِ. وَيُقَالُ: قَنْبَعَت وبَرْهَمَتْ بُرْهومةً. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ قَنْبَعَ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ إِذا تَوارى، وأَصله قَبَعَ فَزِيدَتِ النُّونُ؛ قَالَهُ أَبو عَمْرٍو؛ وأَنشد:
وقَنْبَعَ الجُعْبوبُ فِي ثِيابِه، ... وهْو عَلَى مَا زَلَّ مِنْهُ مُكْتَئِبْ
والقُنْبُعُ: وِعاءُ الحِنْطة فِي السنْبُل، وَقِيلَ: الْقَنْبَعَةُ الَّتِي فِيهَا السنبلة.
قندع: قَالَ فِي تَرْجَمَةِ قنذع: القُنْذُوعُ والقُنْذُعُ الدّيُّوثُ، سُرْيَانِيَّةٌ لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ مَحْضَةٍ، وَقَدْ يُقَالُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ.
قنذع: القُنْذَعُ والقُنْذُعُ والقُنْذُوعُ، كُلُّهُ: الدّيُّوثُ، سُرْيَانِيَّةٌ لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ مَحْضَةٍ، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وَفِي حَدِيثِ
وَهْبٍ: ذَلِكَ القُنْذُعُ
، هُوَ الدَّيُّوثُ الَّذِي لَا يَغارُ عَلَى أَهْلِه. ابْنُ الأَعرابي: القَنازِعُ والقَناذِعُ القبيحُ مِنَ الْكَلَامِ، فَاسْتَوَى عِنْدَهُمَا الزَّايُ وَالذَّالُ فِي الْقَبِيحِ مِنَ الْكَلَامِ، فأَما فِي الشَّعَر فلم أَسمع إِلا القَنازِعَ. قَالَ الأَزهريّ: وَهَذَا رَاجِعٌ فِي المَخازِي «3» والقَبائحِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أَيوب: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمْرَضُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطاياه وإِن بَلَغَتْ قُنْذُعَةَ رأْسِه.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ مَا يَبْقَى مِنَ الشَّعْرِ مفرَّقاً فِي نواحِي الرأْسِ كالقُنْزُعةِ، قَالَ: وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْقَافِ وَالنُّونِ عَلَى أَن النُّونَ أَصلية، وَجَعَلَ الْجَوْهَرِيُّ النُّونَ مِنْهُ وَمِنَ القنزعة زائدة.
قنزع: القَنْزَعةُ والقُنْزُعُة؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: وَاحِدَةُ القَنازِعِ، وَهِيَ الخُصْلةُ مِنَ الشعَر تُتْرَكُ عَلَى رأْس الصَّبِيِّ، وَهِيَ كالذّوائِبِ فِي نُواحِي الرأْس. والقَنْزَعةُ: الَّتِي تَتَّخِذُهَا المرأَة عَلَى رأْسها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لأُم سُلَيْمٍ: خَضِّلِي قَنازِعَكِ
أَي نَدِّيها ورَطِّلِيها بالدُّهْنِ لِيَذْهَبَ شَعَثُها، وقَنازِعُها خُصَلُ شَعَرِها الَّتِي تَطايَرُ مِنَ الشَّعَثِ وتَمَرَّطُ، فأَمرها بتَرْطِيلِها بالدُّهْن ليذهب شَعَثُه؛ وفي خَبَرٍ آخَرَ:
أَن النَّبِيَّ،
__________
(3) . 1 قوله" راجع في المخازي" كذا بالأصل، ولعله ضمن معنى مستعمل أو في بمعنى إِلى أو نحو ذَلِكَ.(8/302)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ القَنازِعِ
؛ هُوَ أَن يُؤْخَذَ بَعْضُ الشَّعَرِ وَيُتْرَكَ مِنْهُ مَوَاضِعُ مُتَفَرِّقَةٌ لَا تُؤْخَذُ كالقَزَعِ. وَيُقَالُ: لَمْ يَبْقَ مِنْ شعَرِه إِلا قُنْزُعةٌ، والعُنْصُوةُ مِثْلُ ذَلِكَ، قَالَ: وَهَذَا مِثْلُ نَهْيِهِ عَنِ القَزَعِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَهَلَّ بعُمْرةٍ وَقَدْ لَبَّدَ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ: خُذْ مِنْ قَنازِعِ رَأْسِكَ
أَي مِمَّا ارْتَفَعَ مِنْ شَعْرِكَ وَطَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
غَطِّي قَنازِعَكِ يَا أُمّ أَيْمَنَ
، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الشَّعَرِ إِذا كَانَ فِي وَسَطِ الرأْس خَاصَّةً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ القَطا وفِراخَها:
يَنُؤْنَ، وَلَمْ يُكْسَيْنَ إِلَّا قَنازِعاً ... مِنَ الرِّيشِ، تَنْواءَ الفِصالِ الهَزائِلِ
وَقِيلَ: هُوَ الشَّعَرُ حَوالَي الرأْس؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط يَصِفُ الصَّلَعَ:
كأَنَّ طَسًّا بَيْنَ قُنْزُعاتِه ... مَرْتاً، تَزِلُّ الكَفُّ عَنْ قِلاته «4»
وَالْجَمْعُ قُنْزُعٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
طَيَّر عَنْهَا قُنْزُعاً مِنْ قُنْزُعِ ... مَرُّ اللَّيالِي؛ أَبْطِئِي وأَسْرِعِي
وَيُرْوَى:
سُيِّرَ عَنْهُ قُنْزُعٌ عَنْ قُنْزُعِ
والقُنْزُعُ والقُنْزُعةُ: الرِّيشُ الْمُجْتَمِعُ فِي رأْس الدِّيكِ. والقُنْزُعةُ: المرأَة الْقَصِيرَةُ. الأَزهري: الْقُنْزُعَةُ المرأَة الْقَصِيرَةُ جِدًّا. والقَنازِعُ: الدّواهِي. والقُنْزُعةُ: العَجْبُ. وقَنازِعُ الشَّعَرِ: خُصَلُه، وَتُشَبَّهُ بِهَا قنازِعُ النصِيِّ والأَسْنِمةِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قَنازِع أَسْنامٍ بِهَا وثُغام
والقَنَازِعُ مِنَ الشعَر: مَا تَبَقَّى فِي نَواحِي الرأْسِ مُتَفَرِّقًا؛ وأَنشد:
صَيَّرَ مِنْكَ الرأْسَ قُنْزُعاتِ، ... واحْتَلَقَ الشَّعْرَ عَلَى الهاماتِ
والقَنازِعُ فِي غَيْرِ هَذَا: القبيحُ مِنَ الْكَلَامِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
فَلَمْ أَجْتَعِلْ فِيمَا أَتيْتُ مَلامةً، ... أَتيْتُ الجَمالَ، واجْتَنَبْتُ القَنازعا
ابْنُ الأَعرابي: القَنازِعُ والقَناذِعُ القبيحُ مِنَ الْكَلَامِ، فَاسْتَوَى عِنْدَهُمَا الزَّايُ وَالذَّالُ فِي الْقَبِيحِ مِنَ الْكَلَامِ، فأَما في الشعَر فلم أَسمع إِلا القَنازِعَ. وَرَوَى الأَزهري
عَنْ سَرْوَعةَ الوُحاظِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبي أَيوبَ فِي غَزْوةٍ فرَأَى رَجُلًا مَرِيضًا فَقَالَ لَهُ: أَبشر مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمْرَضُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا حَطّ اللَّهُ عَنْهُ خَطاياه وَلَوْ بَلَغَتْ قُنْزُعةَ رأْسِه
، قَالَ: وَرَوَاهُ
بُنْدارٌ عَنْ أَبي داودَ عَنْ شُعْبةَ، قَالَ بُنْدارٌ: قُلْتُ لأَبي دَاوُدَ: قُلْ قُنْزُعة، فَقَالَ: قُنْذُعة
، قَالَ شَمِرٌ: والمعروفُ فِي الشعَر القُنْزُعةُ والقَنازِعُ كَمَا لَقَّنَ بُنْدَارٌ أَبا دَاوُدَ فَلَمْ يَلْقَنْه. والقَنازِعُ: صِغارُ الناسِ. والقُنْزُعةُ: حَجر أَعظم مِنَ الجَوْزةِ.
قنفع: القُنْفُعُ: القصيرُ الخسِيسُ. والقُنْفُعةُ: القُنْفُذةُ الأُنثى، وتَقَنْفُعُها تَقَبُّضُها. والقُنْفُعةُ أَيضاً: الفأْرةُ. الأَزهري: القُنفع الفأْرُ، الْقَافُ قَبْلَ الْفَاءِ. وَقَالَ أَيضاً: مِنْ أَسماء الفأْر الفُنْقُعُ، الْفَاءُ قَبْلَ الْقَافِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. والقُنْفُعةُ والفُنْقُعةُ جميعاً: الاست؛
__________
(4) . قوله [قلاته] كذا بالأصل، وهو جمع القلت بالفتح: النُّقْرَةُ فِي الْجَبَلِ يَسْتَنْقِعُ فيها الماء، وفي شرح القاموس: صفاته، واحد الصفا بالفتح فيهما.(8/303)
كِلْتَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ؛ وأَنشد الأَزهري:
قَفَرْنِية كأَنَّ بِطَيْطَبَيْها ... وقُنْفُعِها، طِلاءَ الأُرْجُوانِ «1»
والقَفَرْنِيةُ: المرأَة القصيرة.
قهع: رَوَى ابْنُ شُمَيْلٍ عَنْ أَبي خَيْرةَ قَالَ: يُقَالُ قَهْقَعَ الدُّبُّ قِهْقاعاً، وَهُوَ حِكَايَةُ صَوْتِ الدُّبِّ فِي ضَحِكِه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهِيَ حِكَايَةٌ مؤلَّفةٌ.
قوع: قاعَ الفحلُ الناقةَ وَعَلَى النَّاقَةِ يَقُوعُها قَوْعاً وقِياعاً واقْتاعَها وتَقَوَّعَها: ضرَبَها، وَهُوَ قَلْبُ قَعا. واقْتاعَ الفحلُ إِذا هاجَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يَقْتاعُها كلُّ فَصِيلٍ مُكْرَمِ، ... كالحَبَشِيِّ يَرْتَقِي فِي السُّلَّمِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: يقتاعُها يقَعُ عَلَيْهَا، وَقَالَ: هَذِهِ نَاقَةٌ طَوِيلَةٌ وَقَدْ طَالَ فُصْلانُها فَرَكِبُوهَا. وتَقَوَّعَ الحِرْباءُ الشجرةَ إِذا عَلاها كَمَا يَتَقَوّعُ الفحلُ الناقةُ. والقَوَّاعُ: الذِّئبُ الصَّيّاحُ. والقَيّاعُ: الخِنْزِيرُ الجَبانُ. والقاعُ والقاعةُ والقِيعُ: أَرض واسعةٌ سَهْلة مُطَمْئِنَةٌ مُسْتَوِيَةٌ حُرّةٌ لَا حُزُونةَ فِيهَا وَلَا ارْتِفاعَ وَلَا انْهِباطَ، تَنْفَرِجُ عَنْهَا الجبالُ والآكامُ، وَلَا حَصَى فِيهَا وَلَا حجارةَ وَلَا تُنْبِتُ الشَّجَرَ، وَمَا حَوالَيْها أَرْفَعُ مِنْهَا وَهُوَ مَصَبُّ المِياهِ، وَقِيلَ: هُوَ مَنْقَعُ الْمَاءِ فِي حُرِّ الطِّينِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اسْتَوَى مِنَ الأَرض وصَلُبَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ نَبَاتٌ، وَالْجَمْعُ أَقواعٌ وأَقْوُعٌ وقِيعانٌ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، وقِيعةٌ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا جارٌ وجِيرةٌ، وَذَهَبَ أَبو عُبَيْدٍ إِلى أَن القِيعةَ تَكُونُ لِلْوَاحِدِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقِيعَةُ مِنَ الْقَاعِ وَهُوَ أَيضاً مِنَ الْوَاوِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ
؛ الْفَرَّاءُ: القِيعةُ جَمْعُ القاعِ، قَالَ: والقاعُ مَا انْبَسَطَ مِنَ الأَرض وَفِيهِ يَكُونُ السَّرابُ نِصْفَ النَّهَارِ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: القاعُ الأَرض الحُرَّةُ الطينِ الَّتِي لَا يُخَالِطُهَا رَمْلٌ فَيَشْرَبُ مَاءَهَا، وَهِيَ مُسْتَوِيَةٌ لَيْسَ فِيهَا تَطامُنٌ وَلَا ارْتِفاعٌ، وإِذا خَالَطَهَا الرَّمْلُ لَمْ تَكُنْ قَاعًا لأَنها تَشْرَبُ الْمَاءَ فَلَا تُمْسِكُه، ويُصَغِّرُ قُوَيْعةً مَنْ أَنَّث، وَمَنْ ذكَّر قَالَ قُوَيْعٌ، وَدَلَّتْ هَذِهِ الْوَاوُ أَنَ أَلفها مَرْجِعُهَا إِلى الْوَاوِ. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ قاعٌ وقِيعانٌ وَهِيَ طِينٌ حُرّ يُنْبِتُ السِّدْرَ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي جَمْعِ أَقْواعٍ:
ووَدَّعْنَ أَقْواعَ الشَّمالِيلِ، بَعْدَ ما ... ذَوى بَقْلُها، أَحْرارُها وذُكورُها
وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ لأُصَيْلٍ: كَيْفَ ترَكْتَ مَكَّةَ؟ قَالَ: ترَكْتُها قَدِ ابْيَضَّ قاعُها؛ القاعُ: المكانُ الْمُسْتَوِي الواسعُ فِي وَطاءَةٍ مِنَ الأَرض يَعْلُوهُ مَاءُ السَّمَاءِ فَيُمْسِكُهُ وَيَسْتَوِي نَبَاتُهُ، أَراد أَنَّ مَاءَ الْمَطَرِ غسَله فابيضَّ أَو كَثُرَ عَلَيْهِ فَبَقِيَ كالغَدِير الْوَاحِدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنما هِيَ قِيعانٌ أَمْسَكَتِ الماءَ.
قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت قِيعانَ الصّمّانِ وأَقمتُ بِهَا شَتْوَتَيْنِ، الْوَاحِدُ مِنْهَا قاعٌ وَهِيَ أَرض صُلْبةُ القِفافِ حُرَّةُ طينِ القِيعانِ، تُمْسِكُ الْمَاءَ وتُنْبِتُ العُشْبَ، ورُبَّ قاعٍ مِنْهَا يَكُونُ مِيلًا فِي مِيلٍ وأَقل مِنْ ذَلِكَ وأَكثر، وحَوالَيِ القِيعانِ سُلْقانٌ وآكامٌ في رُؤوس القِفافِ غليظةٌ تَنْصَبُّ مِياهُها فِي القِيعانِ، وَمِنْ قِيعانِها مَا يُنْبِتُ الضالَ فتُرَى حَرجاتٍ، وَمِنْهَا مَا لَا يُنْبِتُ وَهَى أَرض مَرِيَّةٌ، إِذا أَعْشَبَتْ رَبَّعَتِ الْعَرَبُ أَجمع.
__________
(1) . قوله [قفرنية إلخ] كذا بالأصل.(8/304)
والقَوْعُ: مِسْطَحُ التَّمْرِ أَو البُرِّ، عَبْدِيَّةٌ، وَالْجَمْعُ أَقْواعٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ البَيْدَرُ والأَندَرُ والجَرينُ. والقاعةُ: موضعُ مُنْتَهى السانِيةِ مِنْ مَجْذَبِ الدَّلْوِ. وقاعةُ الدارِ: ساحَتُها مِثْلُ القاحةِ، وَجَمْعُهَا قَوَعاتٌ؛ قَالَ وَعْلةُ الجَرْمي:
وهَلْ تَرَكْت نِساءَ الحَيِّ ضاحِيةً، ... فِي قاعةِ الدارِ، يَسْتَوْقِدْنَ بالغُبُطِ؟
وَكَذَلِكَ باحَتُها وصَرْحَتُها. والقُواعُ: الذَّكَرُ مِنَ الأَرانِب. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: القُواعةُ الأَرنب الأُنثى.
فصل الكاف
كبع: الكَبْعُ: النقْدُ؛ عَنِ اللَّيْثِ؛ وأَنشد:
قَالُوا ليَ: اكْبَعْ، قُلْتُ: لسْتُ كابِعا
وكَبَعَ الدراهِمَ كَبْعاً: وَزَنَهَا ونَقَدَها. وكَبَعه عَنِ الشَّيْءِ يَكْبَعُه كَبْعاً: مَنَعَهُ. والكَبْعُ: المَنْعُ. والكَبْعُ: القَطْعُ؛ قَالَ:
تَرَكْتُ لُصوصَ المِصْرِ مِنْ بَينِ بائِسٍ ... صَلِيبٍ، ومَكْبُوعِ الكراسِيعِ بارِكِ
والكُبوعُ والكُنوعُ: الذلُّ والخُضوعُ. والكُبَعةُ: مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ. قَالَ الأَزهري: والكُبَعُ جَمَلُ الْبَحْرِ. وَيُقَالُ للمرأَة الدَّمِيمةِ: يَا وجْهَ الكُبَعِ وسبٌّ للجَواري: يَا بُعْصوصةُ كُفِّي، وَيَا وجْهَ الكُبَعِ الكُبَعُ: سَمَكٌ بَحْرِيٌّ وحْشُ المَرْآةِ.
كتع: الكُتَعُ: وَلَدُ الثعْلب، وَقِيلَ أَرْدَأُ ولدِ الثَّعْلَبِ، وَجَمْعُهُ كِتْعانٌ. والكُتَعُ: الذِّئبُ، بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ. وَرِجَالٌ كَتِعونَ، وَلَا يكسَّر. وأَكْتَعُ: رِدْفٌ لأَجْمَعَ، لَا يُفْرَدُ مِنْهُ وَلَا يكسَّر، والأُنثى كَتْعاءُ، وَهِيَ تكسَّر عَلَى كُتْعٍ وَلَا تُسَلَّمُ، وَقِيلَ: أَكْتَعُ كأَجْمَعَ لَيْسَ بِرِدْفٍ وَهُوَ نَادِرٌ؛ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ:
أَتَيْم بْنُ عَمْرٍو وَالَّذِي جاءَ بِغْضةً، ... ومِنْ دُونِه الشرْمان والبَرْكُ أَكتَعُ
ورأَيت المالَ جَمْعاً كَتْعاً، وَاشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ جَمْعاءَ كَتْعاءَ، ورأَيت إِخوانَك جُمَعَ كُتَعَ، ورأَيت الْقَوْمَ أَجمعين أَكْتَعِين أَبْصَعِينَ أَبتعين، تُوكَّدُ الْكَلِمَةُ بِهَذِهِ التواكِيدِ كُلِّهَا، وَلَا يُقَدَّمُ كُتَعُ عَلَى جُمَعَ فِي التأْكيد، وَلَا يُفْرَدُ لأَنه إِتباع لَهُ، وَيُقَالُ إِنه مأْخوذ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَتى عَلَيْهِ حَوْلٌ كَتِيعٌ أَي تامٌّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ مَا أَنشده الْفَرَّاءُ:
يَا لَيْتَني كُنْتُ صَبِيًّا مُرْضَعا، ... تَحْمِلُني الذَّلْفاءُ حَوْلًا أَكْتَعا
إِذا بَكَيْتُ قَبَّلَتْني أَرْبَعا، ... فَلَا أَزالُ الدَّهْرَ أَبْكِي أَجْمَعا
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَتَدْخُلُنَّ الجنةَ أَجْمَعون أَكْتَعون إِلَّا مَنْ شَرَدَ عَلَى اللَّهِ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ وَبِنَاءِ الْكَعْبَةِ: فأَقَضَّه أَجْمَعَ أَكْتَعَ.
وَمَا بِالدَّارِ كَتِيعٌ أَي أَحدٌ؛ حَكَاهَا يَعْقُوبُ وسُمِعَتْ مِنْ أَعرابِ بَنِي تَمِيمٍ؛ قال مَعْدِيكربَ:
وَكَمْ مِنْ غائِطٍ مِنْ دُونِ سَلْمى ... قَلِيلِ الأُنْسِ، لَيْسَ بِهِ كَتِيعُ
والكَتيعُ: المنفَردُ مِنَ النَّاسِ.(8/305)
والكُتْعةُ: طرَفُ القارورةِ. والكُتْعةُ: الدْلوُ الصَّغِيرَةُ؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، وَجَمْعُهَا كُتَعٌ. والكُتَعُ: الذليلُ. والكُتَعُ: الرَّجُلُ اللَّئِيمُ، وَالْجَمْعُ كِتْعانٌ مِثْلُ صُرَدٍ وصِرْدانٍ. وَرَجُلٌ كُتَعٌ: مُشَمِّرٌ فِي أَمره، وَقَدْ كَتِعَ كَتَعاً وكَتَعَ؛ وَقِيلَ كَتَعَ تَقَبَّض وَانْضَمَّ كَكَنَع. وكاتَعه اللَّهُ كقاتَعه أَي قاتَله، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنَّ كَافَ كَاتَعَهُ بَدَلٌ مِنْ قَافِ قاتَعَه. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَن يَقُولُوا قَاتَلَهُ اللَّهُ ثُمَّ تُسْتَقْبَح فَيَقُولُوا قاتَعه اللَّهُ وكاتَعه، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ وَيحَكَ ووَيْسَكَ بِمَعْنَى ويْلَك، إِلا أَنها دُونَهَا. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: لَا وَالَّذِي أَكْتَعُ بِهِ أَي أَحْلِفُ. وكَتَعَ أَي هرَب. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: جَاءَ فُلَانٌ مُكَوْتِعاً ومُكْتِعاً ومُكْعِداً «1» ومُكَعْتِراً إِذا جَاءَ يمشي مَشْياً سريعاً.
كثع: الكَثَعةُ: الطِّينُ. وكَثَّعَ أَي كَثَّأَ. والكَثْعةُ والكُثْعةُ: مَا عَلَى اللبنِ مِنَ الدَّسَمِ والخُثُورةِ، وَقَدْ كَثَعَ وكَثَّعَ أَي عَلا دَسَمُه وخُثُورَتُه رأْسَه وصَفا الماءُ مِنْ تَحْتِهِ. وشَرِبْتُ كَثْعةً مِنْ لَبَنٍ أَي حِينِ ظَهَرَتْ زُبدته. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ: ذَرُوني أُكَثِّعْ سِقاءَكم وأُكَثِّئْه أَي آكُلُ مَا عَلَاهُ مِنَ الدسَم. وكَثَعَتِ الْغَنَمُ كُثُوعاً: اسْتَرْخَتْ بُطُونُهَا فَسَلَحَتْ ورَقَّ مَا يَجِيءُ مِنْهَا، وَقِيلَ: اسْتَرْخَتْ بُطُونُهَا فَقَطْ. وَرَمَتِ الْغَنَمُ بكُثُوعِها إِذا رَمَتْ بثُلُوطها، الْوَاحِدُ كَثْعٌ. وكَثَعَتِ اللِّثةُ والشَّفةُ تَكْثَعُ كُثُوعاً وكَثِعَتْ: كَثُرَ دَمُهَا حَتَّى كَادَتْ تَنْقَلِبُ، وَقِيلَ: كَثِعَتِ الشَّفَةُ واللِّثةُ احْمَرَّتْ أَيضاً. وشَفةٌ كاثِعةٌ باثِعةٌ أَي مُمْتَلِئَةٌ غَلِيظَةٌ، وامرأَةٌ مُكَثِّعةٌ. وكَثَّعَتِ اللحيةُ وكَثَّأَتْ، وَهِيَ كُثَعةٌ: طَالَتْ وكَثُرَتْ وكَثُفَتْ. والكُثْعةُ: الفَرْقُ الَّذِي وَسَطَ ظَاهِرِ الشَّفَةِ العُليا. والكَوْثَعُ: اللَّئِيمُ مِنَ الرِّجَالِ، والأُنثى كَوْثَعةٌ. وكَثَّعَتِ القِدْر: رَمَتْ بزَبَدِها، وهو الكُثْعةُ.
كدع: كَدَعَه يَكْدَعُه كَدْعاً: دَفَعَه.
كرع: كَرِعَت المرأَةُ كَرَعاً، فَهِيَ كَرِعةٌ: اغْتَلَمَتْ وأَحَبَّتِ الجِماعَ. وَجَارِيَةٌ كرِعةٌ: مِغْلِيمٌ، وَرَجُلٌ كَرِعٌ، وَقَدْ كَرِعَتْ إِلى الفحْلِ كَرَعاً. والكُراعُ مِنَ الإِنسان: مَا دُونُ الرُّكْبَةِ إِلى الْكَعْبِ، وَمِنَ الدوابِّ: مَا دُونَ الكَعْبِ، أُنْثَى. يُقَالُ: هَذِهِ كُراعٌ وَهُوَ الْوَظِيفُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهُوَ مِنْ ذواتِ الحافِرِ مَا دُونَ الرُّسْغِ، قَالَ: وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الكُراعُ أَيضاً للإِبل كَمَا اسْتُعْمِلَ فِي ذَوَاتِ الْحَافِرِ؛ قَالَتِ الخنساءُ «2» :
فقامَتْ تَكُوسُ عَلَى أَكْرُعٍ ... ثلاثٍ، وغادَرْتَ أُخْرَى خَضِيبا
فَجَعَلَتْ لَهَا أَكارِعَ أَربعاً، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ فِي ذَوَاتِ الأَربع، قَالَ: وَلَا يَكُونُ الْكُرَاعُ فِي الرِّجل دُونَ الْيَدِ إِلا فِي الإِنسان خاصّة، وأَما ما
__________
(1) . قوله [ومكعداً] كذا بالأَصل مضبوطاً ولم نجد هذه المادة في القاموس بهذا المعنى ولا في الصحاح ولا في اللسان، نعم فيه في مادة لغد: وَجَاءَ مُتَلَغِّدًا أَيْ مُتَغَضِّبًا متغيظاً حنقاً
(2) . قوله [قالت الخنساء] كذا بالأَصل هنا، ومر في مادة كوس: قالت عَمْرَةُ أُخت الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ وَأُمُّهَا الْخَنْسَاءُ تَرْثِي أَخَاهَا وَتَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ يُعَرْقِبُ الْإِبِلَ: فَظَلَّتْ تَكُوسُ على إلخ(8/306)
سِوَاهُ فَيَكُونُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُمَا مِمَّا يُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفِ الأَصمعي التَّذْكِيرَ، وَقَالَ مَرَّةً أُخرى: هُوَ مُذَكَّرٌ لَا غَيْرُ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما كُراعٌ فإِن الْوَجْهَ فِيهِ تَرْكُ الصرْف، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَصْرِفُهُ يُشَبِّهُهُ بِذِرَاعٍ، وَهُوَ أَخبث الْوَجْهَيْنِ، يَعْنِي أَن الْوَجْهَ إِذا سُمِّيَ بِهِ أَن لَا يَصْرِفَ لأَنه مُؤَنَّثٌ سُمِّيَ بِهِ مُذَكَّرٌ، وَالْجَمْعُ أَكْرُعٌ، وأَكارِعُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وأَما سِيبَوَيْهِ فإِنه جَعَلَهُ مِمَّا كُسِّرَ عَلَى مَا لَا يُكَسَّرُ عَلَيْهِ مثلُه فِراراً مِنْ جَمْعِ الْجَمْعِ، وَقَدْ يُكَسَّرُ عَلَى كِرْعانٍ. والكُراعُ مِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ: بِمَنْزِلَةِ الوَظِيفِ مِنَ الْخَيْلِ والإِبل والحُمُرِ وَهُوَ مُسْتدَقُّ الساقِ الْعَارِي مِنَ اللَّحْمِ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالْجَمْعُ أَكْرُعٌ ثُمَّ أَكارِعُ. وَفِي الْمَثَلِ: أُعْطِيَ العبدُ كُراعاً فطلَب ذِراعاً، لأَن الذِّرَاعَ فِي الْيَدِ وَهُوَ أَفضل مِنَ الكُراع فِي الرجْلِ. وكَرَعَه: أَصابَ كُراعَه. وكَرِعَ كَرَعاً: شَكا كُراعَه. وَيُقَالُ لِلضَّعِيفِ الدِّفاعِ: فُلَانٌ مَا يُنْضجُ الكُراعَ. والكَرَعُ: دِقَّةُ الأَكارِعِ، طَوِيلَةً كَانَتْ أَو قَصِيرَةً، كَرِعَ كَرَعاً، وَهُوَ أَكْرَعُ، وَفِيهِ كَرَعٌ أَي دِقَّةٌ. والكَرَعُ أَيضاً: دِقَّةُ الساقِ، وَقِيلَ: دِقَّةُ مُقَدَّمِها وَهُوَ أَكْرعُ، والفِعْلُ كالفِعْلِ والصِّفةُ كالصِّفةِ. وَفِي حَدِيثِ الْحَوْضِ:
فَبَدَأَ اللَّهُ بكُراعٍ
أَيْ طرَفٍ مِنْ ماءِ الجنةِ مُشَبَّهٍ بِالْكُرَاعِ لِقِلَّتِهِ، وإِنه كالكُراعِ مِنَ الدَّابَّةِ. وتَكَرَّعَ لِلصَّلَاةِ: غَسَل أَكارِعَه، وَعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْوُضُوءَ. قَالَ الأَزهري: تَطَهَّرَ الغلام وتَكَرَّعَ وتَمكَّنَ إِذا تَطَهَّرَ لِلصَّلَاةِ. وكُراعَا الجُنْدَبِ: رِجْلَاهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ:
ونَفَى الجُنْدَبُ الحَصى بِكُراعَيْه، ... وأوْفَى فِي عُودِه الحِرْباءُ
وكُراعُ الأَرض: ناحِيَتُها. وأَكارِعُ الأَرض: أَطْرافُها القاصِيةُ، شُبِّهَتْ بأَكارِعِ الشَّاءِ وَهِيَ قوائمُها. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: لَا بأْس بالطَّلَبِ فِي أَكارِعِ الأَرض
أَي نَوَاحِيهَا وأَطْرافِها. والكُراعُ: كلُّ أَنف سالَ فَتَقْدَمُ مِنْ جَبَلٍ أَو حَرّةٍ. وكُراع كلِّ شَيْءٍ: طَرَفُه، وَالْجَمْعُ فِي هَذَا كُلِّهِ كِرْعانٌ وأَكارِعُ. وَقَالَ الأَصمعي: العُنُقُ مِنَ الحَرّة يَمْتَدُّ؛ قَالَ عَوْفُ بْنُ الأَحوص:
أَلم أَظْلِفْ عَنِ الشُّعَراءِ عِرْضِي، ... كَمَا ظُلِفَ الوَسِيقةُ بالكُراعِ؟
وَقِيلَ: الكُراعُ رُكْنٌ مِنَ الْجَبَلِ يَعْرِضُ فِي الطَّرِيقِ. وَيُقَالُ: أَكْرَعَكَ الصيْدُ وأَخْطَبَكَ وأَصْقَبَك وأَقْنى لكَ بِمَعْنَى أَمْكَنَكَ. وكَرِعَ الرجلُ بِطِيبٍ فَصاكَ بِهِ أَي لَصِقَ بِهِ. والكُراعُ: اسْمٌ يَجْمَعُ الْخَيْلَ. والكُراعُ: السلاحُ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ يَجْمَعُ الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ. وأَكْرَعَ القومُ إِذا صَبَّتْ عَلَيْهِمُ السماءُ فاسْتَنْقَعَ الماءُ حَتَّى يَسْقُوا إِبلهم مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِمَاءِ السَّمَاءِ إِذا اجْتَمَعَ فِي غَدِيرٍ أَو مَساكٍ: كَرَعٌ. وَقَدْ شَرِبْنا الكَرَعَ وأَرْوَيْنا نَعَمَنا بالكَرَعِ. والكَرَعُ. والكُراعُ: مَاءُ السَّمَاءِ يُكْرَعُ فِيهِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاوِيَةَ: شَرِبْتُ عُنْفُوانَ المكْرَعِ
أَي فِي أَوّلِ الماءِ، وَهُوَ مَفْعَلٌ مِنَ الكَرَعِ، أَراد بِهِ عَزَّ فَشَرِبَ صافِيَ الْمَاءِ وَشَرِبَ غَيْرُهُ الكَدِرَ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ إِبلًا وراعِيَها بالرِّفْقِ فِي رِعايةِ الإِبلِ، وَنَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ لِابْنِ الرِّقَاعِ:(8/307)
يَسُنُّها آبِلٌ، مَا إِنْ يُجَزِّئُها ... جَزْأً شَديداً، وَمَا إِنْ تَرْتَوي كَرَعا
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَخُوضُه الماشِيةُ بأَكارِعِها. وَكُلُّ خائِضِ ماءٍ كارِعٌ، شرِبَ أَو لَمْ يَشْرَبْ. والكَرّاعُ: الَّذِي يَسْقِي مَالَهُ بالكَرَعِ وَهُوَ مَاءُ السَّمَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنّ رَجُلًا سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ فِي سَحابة: اسْقِ كَرَعَ فُلَانٍ
، قَالَ: أَراد مَوْضِعًا يَجْتَمِعُ فِيهِ ماءُ السَّمَاءِ فَيَسْقِي بِهِ صَاحِبُهُ زَرْعَهُ. وَيُقَالُ: شَرِبَتِ الإِبل بالكَرَعِ إِذا شَرِبَتْ مِنْ ماءِ الغَدِيرِ. وكَرَعَ فِي الْمَاءِ يَكْرَعُ كُرُوعاً وكَرْعاً: تَنَاوَلَهُ بِفِيه مِنْ مَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ أَن يَشْرَبَ بِكَفَّيْه وَلَا بإِناء، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَدْخُلَ النَّهْرَ ثُمَّ يُشْرَبُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُصَوِّبَ رأْسَه فِي الْمَاءِ وإِن لَمْ يَشْرَبْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنصار فِي حائِطه فَقَالَ: إِن كَانَ عِنْدَكَ ماءٌ بَاتَ فِي شَنِّه وإِلا كَرَعْنا
؛ كَرَعَ إِذا تناوَلَ الماءَ بِفِيه مِنْ مَوْضِعِهِ كَمَا تَفْعَلُ الْبَهَائِمُ لأَنها تَدْخُلُ أَكارِعَها، وَهُوَ الكَرْعُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عِكْرِمَةَ: كَرِهَ الكَرْعَ فِي النَّهْرِ.
وَكُلُّ شَيْءٍ شَرِبْتَ منه بنيك مِنْ إِناءٍ أَو غَيْرِهِ، فَقَدْ كَرَعْتَ فِيهِ؛ وَقَالَ الأَخطل:
يُرْوِي العِطاشَ لَها عَذْبٌ مُقَبَّلُه، ... إِذا العِطاشُ عَلَى أَمثالِه كَرَعُوا
والكارِعُ: الَّذِي رَمَى بِفَمِهِ فِي الْمَاءِ. والكَرِيعُ: الَّذِي يَشْرَبُ بِيَدَيْهِ مِنَ النَّهْرِ إِذا فَقَدَ الإِناء. وكَرَعَ فِي الإِناء إِذا أَمال نَحْوَهُ عُنُقَهُ فَشَرِبَ مِنْهُ؛ وأَنشد لِلنَّابِغَةِ:
بِصَهْباءَ فِي أَكْنافِها المِسْك كارِعُ
قَالَ: والكارِعُ الإِنسانُ أَي أَنت المِسْكُ لأَنك أَنت الكارِعُ فِيهَا المسْكَ. وَيُقَالُ: اكْرَعْ فِي هَذَا الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْنِ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى: كَرِع يَكْرَعُ كَرَعاً، وأَكْرَعُوا: أَصابوا الكَرَعَ، وَهُوَ مَاءُ السَّمَاءِ، وأَوْرَدُوا. والكارِعاتُ والمُكْرِعاتُ: النَّخْلُ «3» الَّتِي عَلَى الْمَاءِ، وَقَدْ أَكْرَعَتْ وكَرَعَتْ، وَهِيَ كارِعةٌ ومُكْرعةٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ الَّتِي لَا يُفَارِقُ الماءُ أُصولَها؛ وأَنشد:
أَو المُكْرَعات مِنْ نَخِيلِ ابْنِ يامِنٍ، ... دُوَيْنَ الصَّفا، اللَّائي يَلِينَ المُشَقَّرا
قَالَ: والمُكْرَعاتُ أَيضاً النَّخْلُ القَرِيبةُ مِنَ المَحَلِّ، قَالَ: والمُكْرَعاتُ أَيضاً مِنَ النَّخْلِ الَّتِي أُكْرِعَتْ فِي الْمَاءِ؛ قَالَ لَبِيَدٍ يَصِفُ نَخْلًا نَابِتًا عَلَى الْمَاءِ:
يَشْرَبْنَ رِفْهاً عِراكاً غَيْرَ صادِرةٍ، ... فكلُّها كارِعٌ فِي الماءِ مُغْتَمِرُ
قَالَ: والمُكْرَعاتُ أَيضاً الإِبل تُدْنى مِنَ الْبُيُوتِ لتَدْفَأَ بالدُّخانِ، وَقِيلَ: هِيَ اللَّواتي تُدْخِلُ رؤوسَها إِلى الصِّلاءِ فَتَسْوَدُّ أَعْناقُها، وَفِي الْمُصَنَّفِ المُكْرَباتُ؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ للأَخطل:
فَلَا تَنْزلْ بِجَعْدِيٍّ إِذا مَا ... تَرَدَّى المُكْرعاتُ مِنَ الدُّخانِ
وَقَدْ جُعِلَتِ المُكْرِعاتُ هُنَا النَّخِيلُ النَّابِتَةُ عَلَى الْمَاءِ. وكَرَعُ النَّاسِ: سَفِلَتُهم. وأَكارِعُ الناسِ:
__________
(3) . قوله [والمكرعات النخل] هو بكسر الراء كما في سائر نسخ الصحاح أفاده شارح القاموس وعليه يتمشى ما بعده، وأما المكرعات في البيت فضبط بفتح الراء في الأصل ومعجم ياقوت وصرح به في القاموس حيث قال: وبفتح الراء ما غرس في الماء إلخ.(8/308)
السَّفِلَةُ شُبِّهُوا بأَكارِعِ الدوابِّ، وَهِيَ قوائِمُها. والكَرَّاعُ: الَّذِي يُخادِنُ الكَرَعَ وَهُمُ السَّفِلُ مِنَ النَّاسِ، يُقَالُ لِلْوَاحِدِ: كَرَعٌ ثُمَّ هَلُمَّ جَرًّا. وَفِي حَدِيثِ
النَّجَاشِيِّ: فَهَلْ يَنْطِقُ فِيكُمُ الكَرَعُ
؟ قَالَ ابْنُ الأَثير: تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ الدَّنيءُ النفْسِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لَوْ أَطاعَنا أَبو بَكْرٍ فِيمَا أَشَرْنا بِهِ عَلَيْهِ مِنْ ترْكِ قِتالِ أَهلِ الرِّدّةِ لَغَلَبَ عَلَى هَذَا الأَمْرِ الكَرَعُ والأَعْرابُ
؛ قَالَ: هُمُ السَّفِلَةُ والطَّغامُ مِنَ الناسِ. وكُراعُ الغَمِيم: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خرَج عامَ الحُدَيْبِيةِ حَتَّى بَلَغَ كُراعَ الغَمِيم
، هُوَ اسْمُ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وأَبو رِياشٍ سُوَيْدُ بْنُ كُراعَ: مِنْ فٌرْسانِ الْعَرَبِ وَشُعَرَائِهِمْ، وكُراعُ اسْمُ أُمه لَا يَنْصَرِفُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ النَّسَبُ إِلى الثَّانِي لأَن تَعَرُّفَه إِنما هُوَ بِهِ كَابْنِ الزُّبَيْرِ وأَبي دَعْلَجٍ، وأَما الكَرّاعةُ الَّتِي تَلْفِظُ بِهَا العامّةُ فكلمة مُوَلَّدة.
كربع: كَرْبَعَه وبَرْكَعَه فَتَبَرْكَعَ: صَرَعَه فوقَع عَلَى اسْتِه، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةٍ بَرْكَعَ.
كرتع: كَرْتَعَ الرجلُ: وَقَعَ فِيمَا لَا يَعْنِيه؛ وأَنشد:
يَهيمُ بِهَا الكَرْتَعُ
وكَرْتَعَه: صَرَعَه. والكَرْتَعُ: القصير.
كرسع: الكُرْسُوعُ: حَرْفُ الزَّنْدِ الَّذِي يَلِي الخِنْصِر، وَهُوَ الناتئُ عِنْدَ الرُّسْغِ، وَهُوَ الوَحْشِيُّ، وَهُوَ مِنَ الشَّاةِ وَنَحْوِهَا عُظَيْمٌ يَلِي الرُّسْغَ مِنْ وظِيفِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَقَبَضَ عَلَى كُرْسُوعي
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وكُرْسُوعُ الْقَدَمِ أَيضاً: مَفْصِلُها مِنَ الساقِ، كُلُّ ذَلِكَ مُذَكَّرٌ. والمُكَرْسَعُ: النّاتئُ الكُرْسُوعِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والكَرْسَعةُ عَدْوُه. وامرأَة مُكَرْسَعةٌ: ناتِئةُ الكُرْسُوعِ تُعابُ بِذَلِكَ. وَبَعْضٌ يَقُولُ: الكُرْسُوعُ عُظَيم فِي طَرَفِ الْوَظِيفِ مِمَّا يَلِي الرُّسْغَ مِنْ وَظِيفِ الشَّاءِ وَنَحْوِهَا. وكَرْسَعَ الرجلَ: ضَرَبَ كُرْسُوعه بِالسَّيْفِ. والكَرْسَعةُ: ضَرْبٌ مِنَ العَدْو.
كسع: الكَسْعُ: أَنْ تَضْرِبَ بِيَدِكَ أَو بِرِجْلِكَ بِصَدْرِ قَدَمِكَ عَلَى دُبُرِ إِنسان أَو شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ أَرقم: أَنَّ رَجُلًا كَسَعَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصار
أَي ضرَب دُبُرَه بِيَدِهِ. وكَسَعَهم بالسيفِ يَكْسَعُهم كَسْعاً: اتَّبَعَ أَدبارَهم فَضَرَبَهُمْ بِهِ مِثْلَ يَكْسَؤُهم وَيُقَالُ: ولَّى القومُ أَدْبارَهم فَكَسَعُوهم بِسُيُوفِهِمْ أَي ضَرَبُوا دَوابِرَهم. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا هَزَمَ الْقَوْمَ فمرَّ وَهُوَ يَطْرُدُهُم: مَرَّ فُلَانٌ يَكْسَؤُهم ويَكْسَعُهم أَي يَتْبَعُهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ يَوْمَ أُحد: فَضَرَبْتُ عُرْقُوبَ فرَسِه فاكْتَسَعَتْ بِهِ
أَي سَقَطَتْ مِنْ نَاحِيَةِ مُؤَخَّرِها ورَمَتْ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبيةِ:
وعليٌّ يَكْسَعُها بقائِمِ السيفِ
أَي يَضْرِبُها مِنْ أَسْفَلَ. وورَدَتِ الخيولُ يَكْسَعُ بعضُها بَعْضًا، وكَسَعه بِمَا ساءَه: تَكَلَّمَ فَرَمَاهُ عَلَى إِثْر قَوْلِهِ بِكَلِمَةٍ يَسوءُه بِهَا، وَقِيلَ: كَسَعَه إِذا هَمَزَه مِنْ وَرَائِهِ بكلامٍ قَبِيحٍ. وَقَوْلُهُمْ: مَرَّ فُلَانٌ يَكْسَعُ، قَالَ الأَصمعي: الكَسْعُ شدَّةُ المَرِّ. يُقَالُ: كَسَعَه بِكَذَا وَكَذَا إِذا جَعَلَهُ تَابِعًا لَهُ ومُذْهَباً بِهِ؛ وأَنشد لأَبي شِبْلٍ الأَعرابي:
كُسِعَ الشِّتاءُ بسَبْعةٍ غُبْرِ: ... أَيامِ شَهْلَتِنا مِنَ الشَّهْرِ(8/309)
فإِذا انْقَضَتْ أَيّامُ شَهْلَتِنا:
صِنٌّ وصِنَّبْرٌ مَعَ الوَبْرِ، ... وبآمِرٍ وأَخِيهِ مُؤْتَمِرٍ،
ومُعَلِّلٍ وبِمُطْفِئِ الجَمْرِ، ... ذهَب الشِّتاءُ مُوَلِّياً هَرَباً،
وأَتَتْكَ واقِدَةٌ مِنَ النَّجْرِ
وكَسَعَ الناقةَ بغُبْرِها يَكْسَعُها كَسْعاً: تَرَكَ فِي خِلْفِها بقِيَّةً مِنَ اللَّبَنِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ تَغْزِيرَها وَهُوَ أَشدُّ لَهَا؛ قَالَ الحرِثُ بْنُ حِلِّزةَ:
لَا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغْبارِها، ... إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَنِ الناتِجُ
واحْلُبْ لأَضْيافِكَ أَلْبانها، ... فإِنَّ شَرَّ اللبَنِ الوالِجُ
أَغْبارُها: جَمْعُ الغُبْرِ وَهِيَ بقيّةُ اللَّبَنِ فِي الضرْعِ، والوالِجُ أَي الَّذِي يَلِجُ فِي ظُهُورِها مِنَ اللَّبَنِ المَكْسُوعِ؛ يَقُولُ: لَا تُغَزِّرْ إِبِلَك تَطلُبُ بِذَلِكَ قُوَّةَ نَسْلِها واحْلُبْها لأَضْيافِكَ، فلعلَّ عَدُوًّا يُغيرُ عَلَيْهَا فَيَكُونُ نتاجُها لَهُ دُونَكَ، وَقِيلَ: الكَسْعُ أَن يُضْرَبَ ضَرْعُها بِالْمَاءِ الْبَارِدِ ليَجِفَّ لبنُها ويَترادّ فِي ظَهْرِهَا فَيَكُونَ أَقوى لَهَا عَلَى الجَدْب فِي العامِ القابِلِ، وَمِنْهُ قِيلَ رَجُلٌ مُكَسَّعٌ، وَهُوَ مِنْ نَعْتِ العَزَبِ إِذا لَمْ يَتَزَوَّجْ، وَتَفْسِيرُهُ: رُدَّت بَقِيَّتُهُ فِي ظَهْرِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وَاللَّهِ لَا يُخْرِجُها مِنْ قَعْرِه ... إِلَّا فَتًى مُكَسَّعٌ بِغُبْرِه
وَقَالَ الأَزهري: الكَسْعُ أَن يؤخَذَ ماءٌ باردٌ فَيُضْرَبَ بِهِ ضُرُوعُ الإِبل الْحَلُوبَةِ إِذا أَرادوا تَغْزِيرَها ليَبْقَى لَهَا طِرْقُها وَيَكُونَ أَقْوى لأَولادِها الَّتِي تُنْتَجُها، وَقِيلَ: الكَسْعُ أَن تَتْرُكَ لَبَنًا فِيهَا لَا تَحْتَلِبُها، وَقِيلَ: هُوَ علاجُ الضرْعِ بالمَسْحِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَذْهَبَ اللَّبَنُ ويَرْتَفِعَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَكْبَرُ مَا نَعْلَمُه مِنْ كُفْرِه ... أَنْ كُلّها يَكْسَعُها بغُبْرِه،
وَلَا يُبالي وَطْأَها فِي قَبْرِه
يَعْنِي الْحَدِيثَ فِيمَنْ لَا يؤدِّي زَكَاةَ نعَمه أَنَّها تَطَؤُه، يَقُولُ: هَذَا كُفْرُه وعَيْبُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ الإِبلَ والغَنَمَ إِذا لَمْ يُعْطِ صاحِبُها حَقَّها
أَي زكاتَها وَمَا يَجِبُ فِيهَا بُطِحَ لَهَا يومَ الْقِيَامَةِ بِقاعٍ قَرْقَر فَوَطِئَتْه لأَنه يَمْنَعُ حَقَّها ودَرَّها ويَكْسَعُها وَلَا يُبالي أَن تَطَأَه بَعْدَ مَوْتِهِ. وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: ضِفْتُ قَوْمًا فأَتَوْني بكُسَعٍ جَبِيزاتٍ مُعَشِّشاتٍ؛ قَالَ: الكُسَعُ الكِسَرُ، والجِبِيزاتُ اليابِساتُ، والمُعَشِّشاتُ المُكَرَّجاتُ. واكْتَسَعَ الكلبُ بذَنَبِه إِذا اسْتَثْفَرَ. وكَسَعَتِ الظَّبْيةُ والناقةُ إِذا أَدخلتا ذَنَبَيْهِما بَيْنَ أَرْجُلِهما، وَنَاقَةٌ كاسِعٌ بِغَيْرِ هَاءٍ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: إِذا خَطَرَ الفحْلُ فَضَرَبَ فَخِذَيْه بِذَنَبِهِ فَذَلِكَ الاكْتِساعُ، فإِن شالَ بِهِ ثُمَّ طَواه فَقَدَ عَقْرَبَه. والكُسْعُومُ: الحِمارُ بالحِمْيَرِيّةِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. والكُسْعةُ: الرِّيشُ الأَبيض الْمُجْتَمِعُ تَحْتَ ذنَب الطائِر، وَفِي التَّهْذِيبِ: تَحْتَ ذَنَبِ العُقابِ، والصِّفةُ أَكْسَعُ، وَجَمْعُهَا الكُسَعُ، والكَسَعُ فِي شِياتِ الْخَيْلِ مِنْ وضَحِ القوائمِ: أَن يَكُونَ البياضُ فِي طرَفِ الثُّنَّةِ فِي الرجْل، يُقَالُ: فرَسٌ أَكْسَعُ. والكُسْعَةُ: النُّكْتةُ البَيْضاء فِي جبْهة الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا،(8/310)
وَقِيلَ فِي جَنْبِهَا. والكُسْعةُ: الحُمُرُ السائمةُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَيْسَ فِي الكُسْعةِ صَدَقةٌ
، وَقِيلَ: هِيَ الْحُمُرُ كُلُّهَا. قَالَ الأَزهري: سُمِّيَتِ الْحُمُرُ كُسْعةً لأَنها تُكْسَعُ فِي أَدْبارِها إِذا سِيقَتْ وَعَلَيْهَا أَحْمالُها. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: والكُسْعةُ تَقَعُ عَلَى الإِبل العَوامِل والبقَر الحَوامِلِ والحَمِيرِ والرَّقِيقِ، وإِنما كُسْعَتُها أَنها تُكْسَعُ بِالْعَصَا إِذا سيقَت، وَالْحَمِيرُ لَيْسَتْ أَولى بالكُسعةِ مِنْ غَيْرِهَا، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الْحُمُرُ وَالْعَبِيدُ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الكُسْعة الرَّقِيقُ، سُمِّيَ كسْعة لأَنك تَكْسَعُه إِلى حَاجَتِكَ، قَالَ: والنّخَّةُ الْحَمِيرُ، والجَبْهةُ الْخَيْلُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: كَسَعَ فُلَانٌ فُلَانًا وكَسَحَه وثَفَنَه ولَظَّه ولاظَه يَلُظُّه ويَلُوظُه ويَلأَظُه إِذا طَرَدَه. والكُسْعةُ: وثَنٌ كَانَ يُعْبَدُ، وتَكَسَّعَ فِي ضَلَالِهِ ذهَب كَتَسَكَّعَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والكُسَعُ: حَيٌّ مِنْ قَيْسِ عَيْلانَ، وَقِيلَ: هُمْ حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ رُماةٌ، وَمِنْهُمُ الكُسَعِيُّ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ المثلُ فِي النَّدامةِ، وَهُوَ رَجُلٌ رامٍ رَمى بعد ما أَسْدَفَ الليلُ عَيْراً فأَصابَه وَظَنَّ أَنه أَخْطأَه فَكَسَرَ قَوْسَه، وَقِيلَ: وَقَطَعَ إِصْبَعَه ثُمَّ نَدِمَ مِنَ الغَدِ حِينَ نَظَرَ إِلى العَيْر مَقْتُولًا وسَهْمُه فِيهِ، فَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ نَادِمٍ عَلَى فِعْل يَفْعَلُه؛ وإِياه عَنى الفرزدقُ بِقَوْلِهِ:
نَدِمْتُ نَدامةَ الكُسَعِيِّ، لَمَّا ... غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقةً نَوارُ
وَقَالَ الْآخَرُ:
نَدِمْتُ نَدامةَ الكُسَعيّ، لَمَّا ... رأَتْ عَيْنَاهُ مَا فَعَلَتْ يَداهُ
وَقِيلَ: كَانَ اسْمُهُ مُحارِبَ بْنَ قَيْسٍ مِنْ بَنِي كُسَيْعةَ أَو بَنِي الكُسَعِ بَطْنٍ مِنْ حِمْيَرَ؛ وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ
الْكُسَعِيِّ أَنه كَانَ يَرْعَى إِبلًا لَهُ فِي وادٍ فِيهِ حَمْضٌ وشَوْحَطٌ، فإِمّا رَبَّى نَبْعةً حَتَّى اتَّخَذَ مِنْهَا قَوْسًا، وإِما رأَى قَضِيبَ شَوْحَطٍ نَابِتًا فِي صَخْرَةٍ فأَعْجَبَه فجعلَ يُقوِّمُه حَتَّى بَلَغَ أَن يَكُونَ قَوْساً فَقَطَعَهُ وَقَالَ:
يَا رَبِّ سَدِّدْني لنَحْتِ قَوْسي، ... فإِنَّها مِنْ لَذَّتي لنَفْسي،
وانْفَعْ بقَوْسي ولَدِي وعِرْسي؛ ... أَنْحَتُ صَفْراءَ كَلَوْنِ الوَرْسِ،
كَبْداءَ ليسَتْ كالقِسِيِّ النُّكْسِ
حَتَّى إِذا فَرَغَ مِنْ نَحْتِهَا بَرى مِنْ بَقِيَّتها خَمْسَةَ أَسْهُمٍ ثُمَّ قَالَ:
هُنَّ ورَبِّي أَسْهُمٌ حِسانُ ... يَلَذُّ للرَّمْي بِهَا البَنانُ،
كأَنَّما قَوَّمَها مِيزانُ ... فأَبْشِرُوا بالخِصْبِ يَا صِبْيانُ
إِنْ لمْ يَعُقْني الشُّؤْمُ والحِرْمانُ
ثُمَّ خَرَجَ لَيْلًا إِلى قُتْرة لَهُ عَلَى مَوارِدِ حُمُرِ الوحْش فَرَمى عَيْراً مِنْهَا فأَنْفَذَه، وأَوْرى السهمُ فِي الصوَّانة نَارًا فَظَنَّ أَنه أَخطأَ فَقَالَ:
أَعوذُ بالمُهَيْمِنِ الرحْمنِ ... مِنْ نَكَدِ الجَدِّ مع الحِرْمانِ،
ما لي رَأَيتُ السَّهْمَ فِي الصَّوّانِ ... يُورِي شَرارَ النارِ كالعِقْيانِ،
أَخْلَفَ ظَنِّي ورَجا الصِّبْيانِ
ثُمَّ وَرَدَتِ الْحُمُرُ ثَانِيَةً فَرَمَى عَيْرًا مِنْهَا فَكَانَ كَالَّذِي(8/311)
مَضى مِنْ رَمْيه فَقَالَ:
أَعوذُ بالرحْمنِ مِنْ شَرِّ القَدَرْ، ... لَا بارَك الرحمنُ فِي أُمِّ القُتَرْ
أَأُمْغِطُ السَّهْمَ لإِرْهاقِ الضَّرَرْ، ... أَمْ ذاكَ مِنْ سُوءِ احْتِمالٍ ونَظَرْ،
أَمْ لَيْسَ يُغْني حَذَرٌ عِنْدَ قَدَرْ؟
المَغْطُ والإِمْغاطُ: سُرْعةُ النزْعِ بِالسَّهْمِ؛ قَالَ: ثُمَّ وَرَدَتِ الْحُمُرُ ثَالِثَةً فَكَانَ كَمَا مَضَى مِنْ رَمْيِهِ فَقَالَ:
إِنِّي لشُؤْمي وشَقائي ونَكَدْ، ... قَدْ شَفَّ مِنِّي مَا أَرَى حَرُّ الكَبِدْ،
أَخْلَفَ مَا أَرْجُو لأَهْلي ووَلَدْ
ثُمَّ وَرَدَتِ الْحُمُرُ رَابِعَةً فَكَانَ كَمَا مَضَى مِنْ رَمْيِهِ الأَوّل فَقَالَ:
مَا بالُ سَهْمِي يُظْهِرُ الحُباحِبَا؟ ... قَدْ كنتُ أَرْجُو أَن يكونَ صائِبا،
إِذْ أَمكَنَ العَيْرُ وأَبْدَى جانِبا، ... فَصَارَ رَأْيي فِيهِ رَأْياً كاذِبا
ثُمَّ وَرَدَتِ الْحُمُرُ خَامِسَةً فَكَانَ كَمَا مَضَى مِنْ رَمْيِهِ فَقَالَ:
أَبَعْدَ خَمْسٍ قَدْ حَفِظْتُ عَدَّها ... أَحْمِلُ قَوْسِي وأُرِيدُ رَدَّها؟
أَخْزَى إِلَهِي لِينَها وشَدَّها ... واللهِ لَا تَسْلَمُ عِنْدِي بَعْدَها،
وَلَا أُرَجِّي، مَا حَييتُ، رِفْدَها
ثُمَّ خَرَجَ مِنْ قُتْرَتِه حتى جاء بها إِلى صَخْرَةٍ فَضَرَبَهَا بِهَا حَتَّى كَسَرَها ثُمَّ نَامَ إِلى جَانِبِهَا حَتَّى أَصبح؛ فَلَمَّا أَصبح وَنَظَرَ إِلى نَبْلِهِ مُضَرَّجة بِالدِّمَاءِ وإِلى الحُمُرِ مُصَرَّعةً حَوْلَهُ عَضَّ إِبهامه فقطعها ثم أَنشأَ يَقُولُ:
نَدِمْتُ نَدامةً، لَوْ أَنَّ نَفْسِي ... تُطاوِعُني، إِذاً لَبَتَرْتُ خَمْسِي
تَبَيَّنَ لِي سَفاه الرَّأْي مِنِّي، ... لَعَمْرُ اللَّهِ، حينَ كَسَرْتُ قَوْسِي
كشع: كَشَعُوا عَنْ قَتِيلٍ: تَفَرَّقُوا عَنْهُ فِي مَعْرَكةٍ؛ قَالَ: شِلْو حِمارٍ كَشَعَتْ عنه الحُمُرْ
كعع: الكَعُّ والكاعُّ: الضعِيفُ العاجُ، وَزْنُهُ فَعْلٌ؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ. وَرَجُلٌ كعُّ الْوَجْهِ: رقِيقُه. وَرَجُلٌ كُعْكُعٌ، بِالضَّمِّ، أَي جَبانٌ ضَعِيفٌ. وكَعَّ يَكِعُّ ويَكُعُّ، وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ، كَعّاً وكُعُوعاً وكَعاعةً وكَيْعُوعةً فَهُوَ كَعٌّ وكاعٌّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا كَانَ كَعُّ القوْمِ للرَّحْلِ أَلْزَما «1»
قَالَ أَبو زَيْدٍ: كَعَعْتُ وكَعِعْتُ لُغَتَانِ مِثْلَ زَلَلْتُ وزَلِلْتُ. وَقَالَ ابْنُ المظَفَّر: رَجُلٌ كَعٌّ كاعٌّ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَمْضِي فِي عَزْمٍ وَلَا حَزْمٍ، وَهُوَ الناكِصُ عَلَى عَقِبَيْه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا زَالَتْ قُرَيْشٌ كَاعَّةً حَتَّى مَاتَ أَبو طَالِبٍ، فَلَمَّا مات اجْتَرَؤُوا عَلَيْهِ
؛ الكاعّةُ جَمْعُ كاعٍّ، وَهُوَ الْجَبَانُ، أَراد أَنهم كَانُوا يجْبُنُون عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حَيَاةِ أَبي طَالِبٍ، فلما مات اجترؤوا عَلَيْهِ، وَيُرْوَى بِتَخْفِيفِ الْعَيْنِ. وتَكَعْكَعَ: هابَ القومَ وَتَرَكَهُمْ بعد ما أَرادهم وجَبُنَ عَنْهُمْ، لُغَةٌ فِي تَكَأْكَأَ وتَكَعْكَعَ الرجلُ
__________
(1) . قوله [للرحل ألزما] كذا بالأصل، والذي في الصحاح: للدحل لازما.(8/312)
وتَكَأْكَأَ إِذا ارْتَدَعَ. وَفِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ:
قَالُوا لَهُ ثُمَّ رأَيناك تَكَعْكَعْتَ
أَي أَحْجَمْتَ وتأَخَّرْتَ إِلى وراءُ. وأَكَعَّه الخوفُ وَكَعْكَعَهُ: حَبَسَهُ عَنْ وَجْهِهِ، وَكَعْكَعَهُ فَتَكَعْكَعَ: حَبْسَهُ فَاحْتَبَسَ؛ وأَنشد لِمُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ:
ولكِنَّني أَمْضِي عَلَى ذاكَ مُقْدِماً، ... إِذا بَعْضُ مَنْ يَلْقَى الخُطوبَ تَكَعْكَعا
وأَصل كَعْكَعْتُ كَعَّعْتُ، فَاسْتَثْقَلَتِ الْعَرَبُ الْجَمْعَ بَيْنَ ثَلَاثَةُ أَحرف مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِحَرْفٍ مُكَرَّرٍ، وأَكَعَّه الفَرَقُ إِكْعاعاً إِذا حَبَسَه عَنْ وَجْهِهِ. وكَعْكَعَ فِي كلامِه كَعْكَعةً وأَكَعَّ: تَحَبَّسَ، والأَوّل أَكثر. وكَعْكَعَه عَنِ الوِرْدِ: نَحّاه؛ عن ثعلب.
كعنكع: الكَعَنْكَعُ: الذَّكَرُ مِنَ الغِيلان. الْفَرَّاءُ: الشيطانُ هُوَ الكَعَنْكَعُ والعَكَنْكَعُ والقانُ.
كلع: الكَلَعُ: شُقاقٌ ووَسَخ يَكُونُ بالقَدَمَين، كِلعَتْ رِجْلُه تَكْلَع كَلَعاً وكُلاعاً: تَشَقَّقَت واتَّسَخَت؛ قَالَ حَكِيمَ بْنَ مُعَيّةَ الرَّبَعِيّ:
يَؤُولُها تِرْعِيةٌ غيْرُ وَرَعْ، ... ليسَ بِفانٍ كِبَراً وَلَا ضَرَعْ
ترَى بِرِجْلَيْهِ شُقُوقاً فِي كَلَعْ، ... مِنْ بارِئٍ حِيصَ، ودامٍ مُنْسَلِعْ
أَراد فِيهَا كَلَعٌ، وأَكْلَعْتُها، وكَلِعَ رأْسُه كَلَعاً كَذَلِكَ. وأَسْوَدُ كَلِعٌ: سَوادُه كالوَسَخِ، ورجُلٌ كَلِعٌ كَذَلِكَ، وكَلَعَ البعيرُ كَلَعاً، فَهُوَ كَلِعٌ: انْشَقَّ فِرْسِنُه واتَّسَخَ. والكَوْلَعُ: الوسَخُ. وكَلِعَ فِيهِ الوسَخُ كَلَعاً إِذا يَبِسَ. وإِناءٌ كَلِعٌ ومُكْلَعٌ: التبَدَ عَلَيْهِ الوسَخُ، وسِقاءٌ كَلِعٌ. والكُلاعِيُّ: الشُّجاعُ، مأَخوذ مِنَ الكُلاع وَهُوَ البأْسُ وَالشِّدَّةُ وَالصَّبْرُ فِي المَواطِنِ. والكُلْعة والكَلْعةُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: داءٌ يأْخذُ الْبَعِيرَ فِي مُؤَخَّرِه فيَجْرُدُ شعَرَه عَنْ مُؤَخَّرِهِ ويَتَشَقَّقُ ويَسْوَدُّ وَرُبَّمَا هَلَكَ مِنْهُ. والكَلَعُ: أَشدُّ الجَرَبِ وهو الذي يَبِضُّ جَرَباً فَيَيْبَسُ فَلَا يَنْجَعُ فِيهِ الهِناءُ. والكَلَعةُ: القِطْعةُ مِنَ الغَنَمِ، وَقِيلَ: الْغَنَمُ الْكَثِيرَةُ. والتَّكَلُّعُ: التَّحالُفُ والتَّجَمُّعُ، لُغَةٌ يَمَانِيَةٌ، وَبِهِ سُمِّيَ ذُو الكَلاعِ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ مَلِكٌ حِمْيَرِيٌّ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ مِنَ الأَذْواء، وَسُمِّيَ ذَا الكَلاعِ لأَنهم تَكَلَّعُوا عَلَى يَدَيْهِ أَي تَجَمَّعُوا، وإِذا اجْتَمَعَتِ الْقَبَائِلُ وتناصَرَتْ فَقَدَ تَكَلَّعت، وَأَصْلُ هَذَا مِنَ الكَلَعِ يَرْتَكِبُ الرِّجْل.
كمع: كامَعَ المرأَة: ضَاجَعَها، والكِمْعُ والكَمِيعُ: الضَّجِيعُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلزَّوْجِ: هُوَ كَمِيعُها؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وسَيْفِي كالعَقِيقة، فهْو كِمْعِي ... سِلاحِي، لَا أَفَلَّ ولا فُطارا
وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لأَوس:
وهَبَّتِ الشَّمْأَلُ البَلِيلُ، إِذْ ... باتَ كَمِيعُ الفَتاةِ مُلْتَفِعا
وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ كامَعْتُ المرأَة إِذا ضَمَّها إِليه يَصُونُها. والمُكامَعةُ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا: هِيَ أَن يُضاجِع الرجُلُ الرجلَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَا سِتْرَ بَيْنَهُمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ المُكامَعةِ والمُكاعَمةِ
، فالمُكامَعةُ أَن يَنامَ الرجلُ مَعَ الرجلِ، والمرأَةُ مَعَ(8/313)
المرأَةِ فِي إِزارٍ وَاحِدٍ تَماسُّ جُلُودُهما لَا حاجزَ بَيْنَهُمَا. والمُكامِعُ: الْقَرِيبُ مِنْكَ الَّذِي لَا يخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمرك؛ قَالَ:
دَعَوْتُ ابنَ سَلْمَى جَحْوَشاً حِينَ أُحْضِرَتْ ... هُمُومِي، وَرَامَانِي العَدُوُّ المُكامِعُ
وكَمَعَ فِي الْمَاءِ كَمْعاً وكرَع فِيهِ: شَرَعَ؛ وأَنشد:
أَو أَعْوجِيٍّ كَبَرْدِ العَضْبِ ذِي حجَلٍ، ... وغُرّةٍ زَيَّنَتْه كامِعٍ فِيهَا
وَيُقَالُ: كَمَعَ الفَرسُ والبعِيرُ والرجُلُ فِي الْمَاءِ وكَرَعَ، وَمَعْنَاهُمَا شَرَعَ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرَّقَّاعِ:
بَرّاقة الثَّغْرِ تَسْقِي القَلْبَ لَذَّتها، ... إِذا مُقَبِّلُها فِي ثَغْرِها كَمَعا
مَعْنَاهُ شَرَعَ بِفِيه فِي رِيق ثَغرِها. قَالَ الأَزهري: وَلَوْ رُوِيَ: يَشْفِي القَلْبَ رِيقَتُها، كَانَ جَائِزًا. أَبُو حَنِيفَةَ: الكِمْعُ خَفْضٌ مِنَ الأَرض لَيِّنٌ؛ قَالَ:
وكأَنَّ نَخْلًا فِي مُطَيْطةَ ثاوِياً، ... بالكِمْعِ، بَيْنَ قَرارِها وحَجاها
حَجاها: حَرْفُها. والكِمْعُ: نَاحِيَةُ الْوَادِي؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
مِنْ أَنْ عَرفْت المَنْزِلاتِ الحُسَّبا، ... بالكِمْعِ، لَمْ تَمْلِكْ لِعَيْنٍ غَرَبا
والكِمعُ: المطمئنُّ مِنَ الأَرض، وَيُقَالُ: مستقَر الْمَاءِ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: الأَكْماعُ أَماكِنُ مِنَ الأَرض تَرْتَفِعُ حُرُوفُهَا وَتَطَمْئِنُّ أَوساطُها، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الكِمْعُ الإِمَّعةُ مِنَ الرِّجَالِ وَالْعَامَّةُ تُسَمِّيهِ المَعْمَعِيَّ واللِّبْدِيَّ. والكِمْعُ: موضعٌ.
كنع: كَنَعَ كُنُوعاً وتَكَنَّعَ: تَقَبَّضَ وانضمَّ وتَشَنَّجَ يُبْساً. والكَنَعُ والكُناعُ: قِصَرُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ دَاءٍ عَلَى هَيْئَةِ القَطْعِ والتَّعَقُّفِ؛ قَالَ:
أَنْحَى أَبو لَقِطٍ حَزًّا بشَفْرتِه، ... فأَصْبَحَتْ كَفُّه اليُمْنى بِهَا كَنَعُ
والكَنِيعُ: المكسورُ اليدِ. وَرَجُلٌ مُكَنَّعٌ: مُقَفَّعُ الْيَدِ، وَقِيلَ: مُقَفَّعُ الأَصابِعِ يَابِسُهَا مُتَقَبِّضُها. وكَنَّعَ أَصابعه: ضَرَبَهَا فيَبِسَتْ. والتكْنِيعُ: التَّقْبِيضُ. والتكَنُّعُ: التقَبُّضُ. وأَسيرٌ كانِعٌ: ضَمَّهُ القِدُّ، يُقَالُ مِنْهُ: تَكَنَّعَ الأَسيرُ فِي قِدِّه؛ قَالَ مُتَمِّمٌ:
وعانٍ ثَوى فِي القِدِّ حَتَّى تَكَنَّعا
أَي تَقَبَّضَ وَاجْتَمَعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحد لَمَّا قَرُبُوا مِنَ المدينةِ كَنَعُوا عَنْهَا
أَي أَحْجَمُوا عَنِ الدُّخُولِ فِيهَا وانْقَبَضُوا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَنَعَ يَكْنَعُ كُنُوعاً إِذا جَبُنَ وهرَب وإِذا عدَل. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَتَتْ قافِلةٌ مِنَ الْحِجَازِ فَلَمَّا بلَغُوا الْمَدِينَةَ كَنَعُوا عَنْهَا.
والكَنِيعُ: العادِلُ مِنْ طَرِيقٍ إِلى غَيْرِهِ. يُقَالُ: كَنَعُوا عَنَّا أَي عدَلوا. واكْتَنَعَ الْقَوْمُ: اجْتَمَعُوا. وتَكَنَّعَت يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ: تَقَبَّضَتا مِنْ جرْحٍ وَيَبِسَتَا. والأَكْنَعُ والمَكْنُوعُ: الْمَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ مِنْهُ؛ قَالَ:
تَرَكْتُ لُصُوصَ المِصْرِ مِنْ بَيْنِ بائِسٍ ... صَلِيبٍ، ومَكْنُوعِ الكَراسِيعِ بارِكِ(8/314)
والمُكَنَّعُ: الَّذِي قُطِعَتْ يَدَاهُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَمْشِي كَمَشْي الأَهْدَإِ المُكَنَّعِ
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
مُكَعْبَرُ الأَنْساءِ أَو مُكَنَّعُ
والأَكْنَعُ والكَنِعُ: الَّذِي تَشَنَّجَت يدُه، والمُكَنَّعةُ: اليدُ الشَّلَّاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعَث خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ إِلى ذِي الخَلَصةِ ليَهْدِمَها وَفِيهَا صَنمٌ يَعْبُدُونَهُ، فَقَالَ لَهُ السادِنُ: لَا تَفْعَلْ فإِنها مُكَنِّعَتُكَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي مُقَبِّضةٌ يَدَيْكَ ومُشِلَّتُهما؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الكانِعُ الَّذِي تَقَبَّضَت يدُه ويَبِسَتْ، وأَراد الْكَافِرُ بِقَوْلِهِ إِنها مُكَنِّعَتُكَ أَي تُخَبِّلُ أَعضاءَك وتُيَبِّسُها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه قَالَ عَنْ طلحةَ لَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِ للخلافةِ: الأَكْنَعُ أَلا إِنّ فِيهِ نَخْوةً وكِبراً
؛ الأَكْنَعُ: الأَشَلُّ، وَقَدْ كَانَتْ يَدُهُ أُصيبت يَوْمَ أُحد لَمَّا وَقَى بِهَا رسولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَلَّت. وكَنَّعه بالسيفِ: أَيْبَسَ جِلْدَه، وكَنَعَ يَكْنَعُ كَنْعاً وكُنُوعاً: تَقَبَّضَ وتَداخَلَ. وَرَجُلٌ كَنِيعٌ: مُتَقَبِّضٌ؛ قَالَ جَحْدَرٌ وَكَانَ فِي سِجْن الْحَجَّاجِ:
تأَوَّبني، فَبِتُّ لَهَا كَنِيعاً، ... هُمُومٌ، مَا تُفارِقُني، حَواني
ابْنُ الأَعرابي قَالَ: قَالَ أَعرابي لَا وَالَّذِي أَكْنَعُ بِهِ أَي أَحْلِفُ بِهِ. وكَنَعَ النجمُ أَي مَالَ للغُروبِ. وكَنَعَ الموتُ يَكْنَعُ كُنُوعاً: دَنَا وقَرُبَ؛ قَالَ الأَحوص:
يَكُونُ حِذارَ الموْتِ والموتُ كانِعُ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِنِّي إِذا الموتُ كَنَعْ
وَيُقَالُ مِنْهُ: تَكَنَّعَ واكْتَنَعَ فُلَانٌ مِنِّي أَي دَنَا مِنِّي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة جَاءَتْ تَحْمِلُ صَبِيًّا بِهِ جُنُونٌ فحَبَس رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الراحِلة ثُمَّ اكْتَنَعَ لَهَا
أَي دَنَا مِنْهَا، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنَ الكُنُوعِ. والتكَنُّع: التَّحَصُّنُ. وكَنَعَتِ العُقابُ وأَكْنَعَت: جَمَعَتْ جَناحَيْها للانْقِضاضِ وضَمَّتهما، فَهِيَ كانِعةٌ جانِحةٌ. وكَنَعَ المِسْكُ بِالثَّوْبِ: لَزِق بِهِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
بِزَوْراءَ فِي أَكْنافِها المِسكُ كانِعُ
وَقِيلَ: أَراد تكاثُفَ المِسْكِ وتَراكُبَه، قَالَ الأَزهري: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ كانعُ، بِالنُّونِ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ اللَّاصِقُ بِهَا، قَالَ: وَلَسْتُ أَحُقُّه. وأَمرٌ أَكْنَعُ: ناقصٌ، وأُمور كُنْعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَحنف بْنِ قَيْسٍ: كُلُّ أَمرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَكْنَعُ أَي أَقْطَعُ، وَقِيلَ نَاقِصٌ أَبْتَرُ. واكْتَنَعَ الشيءُ: حَضَرَ. والمُكْتَنِعُ: الحاضِرُ. واكْتَنَعَ الليلُ إِذا حَضَرَ وَدَنَا؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ:
آبَ هَذَا الليلُ واكْتَنَعا، ... وأَمَرَّ النَّوْمُ وامْتَنَعا «2»
واكْتَنَعَ عَلَيْهِ: عَطَفَ. والاكْتِناعُ: التَّعَطُّف. والكُنُوعُ: الطَمعُ؛ قَالَ سِنانُ بنُ عَمْرو:
خَمِيص الحَشا يَطْوِي عَلَى السَّغْبِ نفْسَه، ... طَرُود لِحَوْباتِ النُّفُوسِ الكَوانِعِ
__________
(2) . قوله [آب إلخ] في ياقوت:
آب هذا الهم فاكتنعا ... وأترَّ النوم فامتنعا(8/315)
وَرَجُلٌ كانِعٌ: نَزَلَ بِكَ بنفسِه وأَهلِه طَمَعاً فِي فَضْلِكَ. والكانِعُ: الَّذِي تَدانى وتَصاغَر وتَقارَب بعضُه مِنْ بَعْضٍ. وكَنَعَ يَكْنَعُ كُنُوعاً وأَكْنَعَ: خضَع، وَقِيلَ دَنا مِنَ الذِّلَّةِ، وَقِيلَ سأَلَ. وأَكْنَع الرجلُ لِلشَّيْءِ إِذا ذَلَّ لَهُ وخَضَعَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْ نَفْثِه والرِّفْقِ حَتَّى أَكْنَعا
أَبُو عَمْرٍو: الكانِعُ السائِلُ الخاضِعُ؛ وَرَوَى بَيْتًا فِيهِ:
رَمى اللهُ فِي تِلْكَ الأَكُفِّ الكَوانِعِ
وَمَعْنَاهُ الدَّواني للسؤالِ والطمَعِ، وَقِيلَ: هِيَ اللازِقةُ بِالْوَجْهِ. وكَنِعَ الشيءُ كَنَعاً: لَزِمَ وَدَامَ. والكَنِعُ: اللازمُ؛ قَالَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ:
وتَخَطَّيْتُ إِليها مِنْ عِداً، ... بِزِماعِ الأَمْرِ، والهَمِّ الكَنِعْ
وتَكَنَّعَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ إِذا تَضَبَّثَ بِهِ وتَعَلَّقَ. الأَصمعي: سَمِعْتُ أَعرابياً يَقُولُ فِي دُعائِه: يَا رَبِّ، أَعوذ بِكَ مِنَ الخُنُوعِ والكُنُوعِ، فسأَلته عَنْهُمَا فَقَالَ: الخُنُوعُ الغَدْرُ. والخانِعُ: الَّذِي يَضَعُ رأْسَه للسَوْأَةِ يأْتي أَمراً قَبْيِحًا وَيَرْجِعُ عارُه عَلَيْهِ فَيَسْتَحْيِي مِنْهُ ويُنَكِّسُ رأْسه. والكُنُوعُ: التصاغُرُ عِنْدَ المسأَلة، وَقِيلَ: الذلُّ وَالْخُضُوعُ. وكَنَّعَه: ضَرَبَهُ عَلَى رأْسه؛ قَالَ البَعِيثُ:
لَكَنَّعْتُه بالسَّيْفِ أَو لَجَدَعْتُه، ... فَمَا عاشَ إِلَّا وَهُوَ فِي الناسِ أَكْشَمُ
وكَنِعَ الرجلُ إِذا صُرِعَ عَلَى حَنَكِه. والكِنْعُ: مَا بَقِيَ قُرْبَ الجبلِ مِنَ الْمَاءِ، وَمَا بالدارِ كَنِيعٌ أَي أَحَدٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَالْمَعْرُوفُ كَتِيعٌ. وَيُقَالُ: بَضَّعَه وكَنّعَه وكَوَّعَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وكَنْعانُ بنُ سامِ بْنِ نوحٍ: إِليه يُنْسَبُ الكَنْعانِيُّون، وَكَانُوا أُمة يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَةٍ تُضارِعُ الْعَرَبِيَّةَ. والكَنَعْناةُ: عَفَلُ المرأَة؛ وأَنشد:
فَجَيَّأَها النساءُ، فَحانَ مِنْهَا ... كَنَعْناةٌ، ورادِعةٌ رَذُومُ
قَالَ: الكَنَعْناةُ العَفَلُ، والرّادِعةُ اسْتُها، والرَّذُومُ الضَّرُوطُ، وجَيَّأَها النِّسَاءُ أَي خِطْنَها. يُقَالُ: جَيَّأْتُ القِرْبة إِذا خِطْتَها.
كنتع: الكُنْتُعُ: القصير.
كوع: الكاعُ والكُوعُ: طرَفُ الزَّنْدِ الَّذِي يَلِي أَصلَ الإِبْهامِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَصل الإِبهام إِلى الزَّنْدِ، وَقِيلَ: هُمَا طَرَفَا الزَّنْدَيْنِ في الذراع وَالْكُوعُ الَّذِي يَلِي الإِبهام، والكاعُ: طرَفُ الزَّنْدِ الَّذِي يَلِي الخِنْصِر، وَهُوَ الكُرْسُوعُ، وَجَمْعُهُمَا أَكْواعٌ. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ كاعٌ وكُوعٌ فِي الْيَدِ. وَرَجُلٌ أَكْوَعُ: عظيمُ الكُوعِ، وَقِيلَ مُعْوَجُّه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
دَواحِسٌ فِي رُسْغِ عَيْرٍ أَكْوَعا
وَالْمَصْدَرُ الكَوَعُ، وامرأَة كَوْعاءُ بَيّنةُ الكَوعِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: بَعَثَ بِهِ أَبُوهُ إِلى خيبرَ وَقَاسَمَهُمُ الثمرةَ فَسَحَرُوه فتَكَوَّعَتْ أَصابِعُه
؛ الكَوَعُ، بِالتَّحْرِيكِ: أَن تَعْوَجَّ اليدُ مِنْ قِبَلِ الكُوعِ، وَهُوَ رأْس الْيَدِ مِمَّا يَلِي الإِبهام، والكُرْسُوعُ رأْسه مِمَّا يَلِي الْخِنْصِرَ. وَقَدْ كَوِعَ كَوَعاً وكَوَّعه: ضَرَبَهُ فَصَيَّرَهُ مُعَوَّجَ الأَكْواعِ. وَيُقَالُ: أَحْمَقُ يَمْتَخِطُ بكُوعِه. وَفِي حَدِيثِ
سَلَمةَ بْنِ الأَكْوعِ: يا ثَكِلَتْه أُمُّه أَكْوَعُه(8/316)
بُكْرَةَ
، يَعْنِي أَنت الأَكْوَعُ الَّذِي كَانَ قَدْ تَبِعَنَا بُكْرة الْيَوْمِ لأَنه كَانَ أوَّل مَا لحِقَهم صاحَ بِهِمْ: أَنا ابْنُ الأَكوع، واليومُ يومُ الرُّضَّع، فَلَمَّا عَادَ قَالَ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلَ آخِرَ النَّهَارِ، قَالُوا: أَنت الَّذِي كُنْتَ مَعَنَا بُكْرةَ فقال: نَعَمْ أَنا أَكْوَعُك بُكْرَةَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: ورأَيت
الزَّمَخْشَرِيَّ قَدْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ هَكَذَا: قَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ بِكْرَةَ أَكْوَعِه
، يَعْنُونَ أَن سلمةَ بِكْرُ الأَكوع أَبيه، قَالَ: وَالْمَرْوِيُّ فِي الصَّحِيحِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَولًا، وَتَصْغِيرُ الكاعِ كُوَيْعٌ. والكَوَعُ فِي النَّاسِ: أَن تَعْوَجَّ الْكَفُّ مِنْ قِبَلِ الكُوعِ، وَقَدْ تَكَوَّعَتْ يَدُهُ. وكاعَ الكلبُ يَكُوعُ: مشَى فِي الرَّمْلِ وتَمايَلَ عَلَى كُوعِه مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ. وكاعَ كَوْعاً: عُقِرَ فَمَشَى عَلَى كُوعِهِ لأَنه لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ، وَقِيلَ: مَشَى فِي شِقّ. والكَوَعُ: يُبْسٌ فِي الرسْغَيْنِ وإِقْبالُ إِحْدى الْيَدَيْنِ عَلَى الأُخرى. بَعِيرٌ أَكْوَعُ وَنَاقَةٌ كَوْعاءُ: يابِسا الرسْغَيْنِ. أَبو زَيْدٍ: الأَكْوَعُ اليابِسُ اليدِ مِنَ الرُّسْغِ الَّذِي أَقبلت يَدُهُ نَحْوَ بَطْنِ الذِّرَاعِ، والأَكْوَعُ مِنَ الإِبل: الَّذِي قَدْ أَقبل خُفُّهُ نَحْوَ الْوَظِيفِ فَهُوَ يَمْشِي عَلَى رُسْغِهِ، وَلَا يَكُونُ الكَوَعُ إِلا فِي الْيَدَيْنِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الكَوَعُ الْتِوَاءُ الكُوعِ. وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ وَكَعَ: الكَوَعُ أَن يُقْبِلَ إِبهامُ الرجْلِ عَلَى أَخواتها إِقْبالًا شَدِيدًا حَتَّى يَظْهَرَ عَظْمُ أَصلها، قَالَ: والكَوَعُ فِي الْيَدِ انْقِلابُ الكُوعِ حَتَّى يَزُولَ فَتَرَى شَخْصَ أَصله خَارِجًا. الْكِسَائِيُّ: كِعْتُ عَنِ الشَّيْءِ أَكِيعُ وأَكاعُ لُغَةٌ فِي كَعَعْتُ عَنْهُ أَكِعُّ إِذا هِبْتَه وجَبُنْتَ عَنْهُ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. والأَكْوَعُ: اسم رجل.
كيع: كاعَ يَكِيعُ ويَكاعُ؛ الأَخيرة عَنْ يَعْقُوبَ، كَيْعاً وكَيْعُوعةً، فَهُوَ كائِعٌ وكاعٍ، عَلَى الْقَلْبِ: جَبُنَ؛ قَالَ:
حَتَّى اسْتَفَأْنا نِساءَ الحَيِّ ضاحِيةً، ... وأَصْبَحَ المَرْءُ عَمْرٌو مُثْبَتاً كاعِي
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا زالَتْ قُرَيْشٌ كَاعَّةً حَتَّى مَاتَ أَبو طَالِبٍ
؛ الكاعةُ: جَمْعُ كائِعٍ وَهُوَ الجَبانُ كبائِعٍ وباعةٍ، وَقَدْ كَاعَ يَكِيعُ، وَيُرْوَى بِالتَّشْدِيدِ، أَراد أَنهم كَانُوا يَجْبُنُونَ عَنْ أَذى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حياته فلما مات اجترؤوا عليه.
فصل اللام
لخع: اللَّخْعُ: اسْتِرْخاءُ الْجِسْمِ، يَمَانِيَّةٌ، واللَّخِيعةُ: اسْمٌ مُشْتَقٌّ منه. ويَلْخَعُ: موضع.
لذع: اللذْعُ: حُرْقة كَحُرْقةِ النَّارِ، وَقِيلَ: هُوَ مَسُّ النارِ وحِدَّتها. لَذَعَه يَلْذَعُه لَذْعاً ولَذَعَتْه النَّارُ لَذْعاً: لفَحَتْه وأَحْرقتْه. وَفِي الْحَدِيثِ:
خيرُ مَا تَداوَيْتُم بِهِ كَذَا وَكَذَا أَو لَذْعةٌ بِنَارٍ تُصِيبُ أَلماً
؛ اللَّذْعُ: الخفيفُ مِنْ إِحراق النَّارِ، يُرِيدُ الكَيَّ. ولَذَعَ الحُبُّ قَلْبَه: آلَمَهُ؛ قَالَ أَبو دُوَادَ:
فَدَمْعِيَ مِنْ ذِكْرِها مُسْبَلٌ، ... وَفِي الصَّدْرِ لَذْعٌ كجَمْر الغَضا
ولَذَعَه بِلِسَانِهِ عَلَى الْمَثَلِ أَي أَوْجَعَه بِكَلَامٍ. يَقُولُ: نعوذُ بِاللَّهِ مِنْ لَواذِعِه. والتَّلَذُّعُ: التوَقُّدُ. وتَلَذّعَ الرجُل: توقَّدَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. واللَّوْذَعِيُّ: الحدِيدُ الفُؤادِ واللسانِ الظريفُ كأَنه يَلْذَعُ مِنْ ذَكائِه؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:(8/317)
فَمَا بالُ أَهل الدَّارِ لَمْ يَتَفَرَّقُوا، ... وَقَدْ خَفَّ عَنْهَا اللَّوْذَعِيُّ الحُلاحِلُ؟
وَقِيلَ: هُوَ الْحَدِيدُ النفْسِ. واللُّذَعُ: نَبِيذٌ يَلْذَعُ. وَبَعِيرٌ مَلْذُوعٌ: كُوِيَ كَيّةً خَفِيفَةً فِي فَخْذِهِ. وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ: اللَّذْعةُ لَذْعةٌ بالمِيسَم فِي بَاطِنِ الذِّرَاعِ، وَقَالَ: أَخذته مِنْ سِمَاتِ الإِبل لِابْنِ حَبِيبٍ. وَيُقَالُ: لَذَعَ فُلَانٌ بَعِيرَهُ فِي فَخْذِهِ لَذْعَةً أَو لَذْعَتَيْنِ بطرَفِ الْمِيسَمِ. وَجَمْعُهَا اللَّذَعاتُ. والتَذَعَت القَرْحةُ: قاحَتْ، وَقَدْ لَذَعَها القَيْحُ، وَالْقُرْحَةُ إِذا قَيَّحَتْ تَلْتَذِعُ، والتِذاعُ القَرْحةِ: احْتِراقُها وجَعاً. ولَذَعَ الطائِرُ: رَفْرَفَ ثُمَّ حَرَّكَ جناحَيْه قَلِيلًا، وَالطَّائِرُ يَلْذَعُ الجناحَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ فِي قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ، قَالَ: بَسْطُ أَجْنِحَتِهِنَّ وتَلَذُّعُهُنَّ.
ولَذَعَ الطائرُ جَناحَيْه إِذا رَفْرفَ فحرَّكهما بَعْدَ تَسْكِينِهِمَا. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: رأَيته غَضْبانَ يَتلَذَّعُ أَي يَتَلَفَّتُ وَيُحَرِّكُ لِسَانَهُ.
لسع: اللَّسعُ: لِما ضرَب بمُؤَخَّرِه، واللَّدْغُ لِما كَانَ بِالْفَمِ، لَسَعَتْه الهامّةُ تَلْسَعُه لَسْعاً ولَسَّعَتْه. وَيُقَالُ: لَسَعَتْه الحيةُ والعقربُ، وَقَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: اللَّسْعُ لِلْعَقْرَبِ، قَالَ: وَزَعَمَ أَعرابي أَنَّ مِنَ الحَيَّاتِ مَا يَلْسَع بِلِسَانِهِ كَلَسْعِ حُمةِ الْعَقْرَبِ وَلَيْسَتْ لَهُ أَسنانٌ. ورجُل لَسِيعٌ: مَلْسُوعٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، وَالْجَمْعُ لَسْعى ولُسَعاء كقتِيل وقَتْلى وقُتَلاءَ. ولَسَعَه بِلِسَانِهِ: عابَه وَآذَاهُ. ورجُل لسّاعٌ ولُسَعةٌ: عَيّابة مُؤْذٍ قَرَّاصةٌ لِلنَّاسِ بِلِسَانِهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ الأَزهري: الْمَسْمُوعُ مِنَ الْعَرَبِ أَنَّ اللَّسْعَ لِذَوَاتِ الإِبر مِنَ العقارِب والزنابيرِ، وأَما الحيَّاتُ فإِنها تَنْهَشُ وتعَضُّ وتَجْذِبُ وتَنْشُطُ [تَنْشِطُ] ، وَيُقَالُ لِلْعَقْرَبِ: قَدْ لَسَعَتْه ولَسَبَتْه وأَبَرَتْه ووكَعَتْه وكَوَتْه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يُلْسَعُ [يُلْسَعِ] المؤمِنُ مِنْ جُحْر مَرَّتَيْنِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا يُلْذَعُ [يُلْذَعِ]
، واللَّسْعُ واللَّذْعُ سَوَاءٌ، وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ هُنَا، أَي لَا يُدْهى الْمُؤْمِنُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مَرَّتَيْنِ فإِنه بالأُولى يَعْتَبِرُ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: رُوِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا، فَالضَّمُّ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الكيِّسُ الحازِمُ الَّذِي لَا يُؤْتى مِنْ جِهَةِ الغفْلةِ فَيُخْدَعُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَهُوَ لَا يَفْطُنُ لِذَلِكَ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الخِداعُ فِي أَمْرِ الدِّينِ لَا أَمْر الدُّنْيَا، وأَما بِالْكَسْرِ فَعَلَى وجْه النَّهْيِ أَي لَا يُخدَعَنَّ الْمُؤْمِنُ وَلَا يُؤْتَيَنَّ مِنْ نَاحِيَةِ الْغَفْلَةِ فَيَقَعُ فِي مَكْرُوهٍ أَو شَرٍّ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ وَلَكِنْ يَكُونُ فَطِناً حَذِراً، وَهَذَا التأْويل أَصلح أَن يَكُونَ لأَمر الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَعًا. ولُسِّعَ الرجلُ: أَقامَ فِي مَنْزِلِهِ فَلَمْ يبْرَحْ. والمُلَسَّعةُ: المقيمُ الَّذِي لَا يَبْرَحُ، زادُوا الْهَاءَ لِلْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ:
مُلَسَّعةٌ وَسْطَ أَرْساغِه، ... بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغِي أَرْنَبا «3»
وَيُرْوَى: مُلَسَّعةٌ بَيْنَ أَرْباقِه، مُلَسَّعةٌ: تَلْسَعُه الْحَيَّاتُ والعقارِبُ فَلَا يُبَالِي بِهَا بَلْ يُقِيمُ بَيْنَ غَنَمِهِ، وَهَذَا غَرِيبٌ لأَن الْهَاءَ إِنما تَلْحَقُ لِلْمُبَالَغَةِ أَسْماء الْفَاعِلِينَ لَا أَسماء الْمَفْعُولِينَ، وَقَوْلُهُ بَيْنَ أَرْباقِه أَراد بَيْنَ بَهْمِه فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الْوَزْنُ فأَقام مَا هُوَ مِنْ سَبَبِهَا مُقامَها، وَهِيَ الأَرْباقُ، وَعَيْنٌ مُلَسِّعةٌ. ولَسْعا: مَوْضِعٌ، يُمَدُّ ويُقْصَرُ. واللَّيْسَعُ: اسْمٌ أَعجمي، وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنها لغة في إِليَسَع.
__________
(3) . ورد هذا البيت في مادة يسع عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ.(8/318)
لطع: اللَّطْعُ: لَطْعُكَ الشَّيْءَ بِلِسَانِكَ، وَهُوَ اللحْسُ. لَطَعَه يَلْطَعُه لَطْعاً: لَعِقَه لَعْقاً، وَقِيلَ: لحِسه بِلِسَانِهِ، وَحَكَى الأَزهريّ عَنِ الْفَرَّاءِ: لَطَعْتُ الشَّيْءَ أَلْطَعُه لَطْعاً إِذا لَعِقْتَه، قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: لَطِعْته، بِكَسْرِ الطَّاءِ. وَرَجُلٌ لَطّاعٌ قَطّاعٌ: فَلَطَّاعٌ يَمُصُّ أَصابعَه إِذا أَكل ويَلْحَسُ مَا عَلَيْهَا، وقَطَّاعٌ يأْكل نِصْفَ اللُّقْمَةِ وَيَرُدُّ النِّصْفَ الثَّانِي. واللَّطَعُ: تَقَشُّرٌ فِي الشفةِ وحُمْرةٌ تَعْلُوهَا. واللَّطَعُ أَيضاً: رِقَّةُ الشَّفَةِ وَقِلَّةُ لَحْمِهَا، وَهِيَ شَفةٌ لَطْعاء. ولِثةٌ لَطْعاء: قَلِيلَةُ اللَّحْمِ. وَقَالَ الأَزهريّ: بَلِ اللَّطَعُ رِقَّةٌ فِي شَفَةِ الرجُلِ الأَلْطَع، وامرأَة لَطْعاءُ بَيِّنةُ اللطَعِ إِذا انْسَحَقَت أَسنانها فَلَصِقَتْ باللِّثةِ. واللطَع، بِالتَّحْرِيكِ: بَيَاضٌ فِي بَاطِنِ الشَّفَةِ وأَكثر مَا يَعْتَرِي ذَلِكَ السُّودانَ، وَفِي تَهْذِيبِ الأَزهري: بَيَاضٌ فِي الشَّفَةِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِبَاطِنٍ. والأَلْطَعُ: الَّذِي ذَهَبَتْ أَسنانه مِنْ أُصولها وَبَقِيَتْ أَسْناخُها فِي الدُّرْدُرِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الشَّابِّ وَالْكَبِيرِ، لَطِعَ لَطَعاً وَهُوَ أَلْطَعُ، وَقِيلَ: اللَّطَعُ أَن تَحاتَّ الأَسْنانُ إِلا أَسْناخَها وتَقْصُر حَتَّى تَلْتزِقَ بالحنَك، رَجُلٌ أَلْطَعُ وامرأَة لَطْعاء؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
جاءتْكَ فِي شَوْذَرها تَمِيسُ ... عُجَيِّزٌ لَطْعاءُ دَرْدَبِيسُ،
أَحْسَنُ مِنْهَا مَنْظَراً إِبْلِيسُ
وَقِيلَ: هُوَ أَن تُرى أُصولُ الأَسنانِ فِي اللَّحْمِ. واللَّطْعاءُ: الْيَابِسَةُ الْفَرْجِ، وَقِيلَ: هِيَ الْمَهْزُولَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الصَّغِيرَةُ الجَهازِ، وَقِيلَ: هِيَ القلِيلةُ لحمِ الفَرْج، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ اللَّطَعُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: لَطَعْتُه بالعَصا، والْطَعِ اسمَه أَثْبِتْه، والْطَعْه أَي امْحُه، وَكَذَلِكَ اطْلِسْه. وَرَجُلٌ لُطَعٌ: لَئِيمٌ كَلُكَعٍ. واللَّطْعُ: أَن تَضْرِبَ مؤخَّر الإِنسانِ بِرِجْلِكَ، تَقُولُ: لَطِعْتُه، بِالْكَسْرِ، أَلْطَعُه لَطْعاً. والتَطَعَ: شُرْبُ جَمِيعِ مَا فِي الإِناءِ أَو الحوْضِ كأَنه لَحِسَه.
لعع: امرأَة لَعَّةٌ: ملِيحةٌ عفِيفةٌ، وَقِيلَ: خَفِيفَةٌ تُغازِلُكَ وَلَا تُمَكِّنكَ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الملِيحةُ الَّتِي تُدِيمُ نَظَرَك إِليها مِنْ جَمالِها. وَرَجُلٌ لَعَّاعة: يَتَكَلَّف الأَلْحانَ مِنْ غَيْرِ صَوَابٍ، وَفِي الْمُحْكَمِ: بِلَا صوْتٍ. واللُّعاعةُ: الهِنْدِبَاءُ. واللُّعاعُ: أَوَّل النَّبْتِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَكثر مَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي البُهْمَى، وَقِيلَ: هُوَ بَقْلٌ نَاعِمٌ فِي أَوَّلِ مَا يَبْدُو رقِيقٌ ثُمَّ يَغْلُظ، وَاحِدَتُهُ لُعاعةٌ. وَيُقَالُ: فِي بَلَدِ بَنِي فُلَانٍ لُعاعةٌ حسَنةٌ وَنُعَاعَةٌ حَسَنَةٌ، وَهُوَ نَبْتٌ ناعِمٌ فِي أَوَّلِ مَا يَنْبُتُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ فِي الْحَدِيثِ:
إِنما الدُّنْيَا لُعاعةٌ
، يَعْنِي أَنَّ الدُّنْيَا كَالنَّبَاتِ الأَخضرِ قَليل الْبَقَاءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا بَقِيَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لُعاعةٌ أَي بقِيَّةٌ يَسِيرَةٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَوجَدْتُم يَا معاشِرَ الأَنْصارِ مِنْ لُعاعةٍ مِنَ الدُّنْيَا تأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا ليُسْلِمُوا ووَكَلْتُكم إِلى إِسْلامِكم
؛ وَقَالَ سُوِيدُ بْنُ كُرَاعٍ وَوَصَفَ ثَوْرًا وَكِلَابًا:
رَعَى غيرَ مَذْعُورٍ بِهِنّ، وراقَه ... لُعاعٌ تَهاداهُ الدَّكادِكُ واعِدُ
راقَه: أَعْجَبَه. واعِدٌ: يُرْجَى مِنْهُ خَيْرٌ وتمامُ نباتٍ، وَقِيلَ: اللُّعاعةُ كُلُّ نَبَاتٍ ليِّن مِنْ أَحْرارِ البُقُولِ فِيهَا ماءٌ كَثِيرٌ لَزِجٌ، وَيُقَالُ لَهُ النُّعاعةُ(8/319)
أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
كادَ اللُّعاعُ مِنَ الحَوْذانِ يَسْحَطُها، ... ورِجْرِجٌ بَيْنَ لَحْيَيها خَناطِيلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَسْحَطُها يَذْبَحُها أَي كَادَتْ هَذِهِ الْبَقَرَةُ تَغَصُّ بِمَا لَا يُغَصُّ بِهِ لحُزْنها عَلَى وَلَدِهَا حِينَ أَكله الذِّئْبُ، وَبَقِيَ لُعابُها بَيْنَ لَحْيَيْها خَناطِيلَ أَي قِطَعاً متفرِّقة. واللُّعاعةُ أَيضاً: بَقْلةٌ مِنْ تَمْرِ الْحَشِيشِ تؤْكل. وأَلعَّتِ الأَرضُ تُلِعُّ إِلْعاعاً: أَنبتت اللُّعاعَ. وتَلَعَّى اللُّعاعَ: أَكَله وَهُوَ مِنْ مُحَوَّلِ التَّضْعِيفِ، يُقَالُ: خَرَجْنَا نَتَلَعّى أَي نأْكل اللُّعاعَ، كَانَ فِي الأَصل نتلَعَّعُ مُكَرَّرُ الْعَيْنَاتِ فَقُلِبَتْ إِحداها يَاءً كَمَا قَالُوا تَظَنَّيْتُ مِنَ الظَّنِّ، وَيُقَالُ: عسَلٌ مُتَلَعِّعٌ ومُتَلَعٍّ مِثْلُهُ، والأَصل مُتَلَعِّعٌ وَهُوَ الَّذِي إِذا رَفَعْتَه امتدَّ مَعَكَ فَلَمْ يَنْقَطِعْ لِلُزُوجَتِهِ. وَفِي الأَرض لُعاعةٌ مِنْ كَلإٍ: للشيءِ الرَّقِيقِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: واللُّعاعةُ الكَلأُ الْخَفِيفُ، رُعِيَ أَو لم يُرْعَ. اللُّعاعةُ: مَا بَقِيَ فِي السِّقَاءِ. وَفِي الإِناءِ لُعاعةٌ أَي جَرْعةٌ مِنَ الشَّرَابِ. ولُعاعةُ الإِناء: صَفْوتُه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَقِيَ فِي الإِناءِ لُعاعةٌ أَي قَلِيلٌ. ولُعاعُ الشَّمْسِ: السرابُ، والأَكثر لُعابُ الشَّمْسِ. واللَّعْلَع: السرابُ، واللَّعْلَعةُ: بَصِيصُه. والتلَعْلُعْ: التَّلأْلُؤُ. ولَعْلَعَ عظْمَه ولَحْمَه لَعْلَعةً: كَسره فتكسَّر، وتَلَعْلَع هُوَ: تَكَسَّرَ؛ قَالَ رؤْبة:
ومَنْ هَمَزْنا رأْسَه تَلَعْلَعا
وتَلَعْلَعَ مِنَ الجُوعِ وَالْعَطَشِ: تَضَوَّر. وتَلَعْلَعَ الْكَلْبُ: دلَعَ لسانَه عطَشاً. وتَلَعْلَعَ الرجُل: ضَعُفَ. واللَّعْلاعُ: الجبانُ. واللَّعْلَعُ: الذِّئْبُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
واللَّعْلَعُ المُهْتَبِلُ العَسُوسُ
ولَعْلَعٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
فَصَدَّهُم عَنْ لَعْلَعٍ وبارِقِ ... ضَرْبٌ يُشِيطُهم عَلَى الخَنادِقِ
وَقِيلَ: هُوَ جَبَلٌ كَانَتْ بِهِ وقْعة. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَقامَتْ لَعْلَعُ
، فَسَّرَهُ ابْنُ الأَثير فَقَالَ: هُوَ جَبَلٌ وأَنثه لأَنه جَعَلَهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ الَّتِي حَوْلَ الْجَبَلِ؛ وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ: لَقَدْ ذاقَ مِنَّا عامِرٌ يومَ لَعْلَعٍ حُساماً، إِذا مَا هُزّ بالكَفِّ صَمَّما وَقِيلَ: هُوَ ماءٌ بِالْبَادِيَةِ مَعْرُوفٌ. واللَّعِيعةُ: خُبْزُ الجاوَرْسِ. ولَعْ لَعْ: زَجْرٌ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْمَقْلُوبِ.
لفع: الالْتِفاعُ والتلَفُّعُ: الِالْتِحَافُ بِالثَّوْبِ، وَهُوَ أَن يَشْتَمِلَ بِهِ حَتَّى يُجَلِّلَ جَسَدَهُ؛ قَالَ الأَزهريّ: وَهُوَ اشْتِمَالُ الصَّمَّاء عِنْدَ الْعَرَبِ، والتَفَع مِثْلُهُ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
وهَبَّتِ الشَّمْأَلُ البَلِيلُ، وإِذْ ... باتَ كَمِيعُ الفَتاةِ مُلْتَفِعا
ولَفَّعَ رأْسه تَلْفِيعاً أَي غَطَّاه. وتَلَفَّعَ الرجلُ بِالثَّوْبِ والشجرُ بِالْوَرَقِ إِذا اشتملَ بِهِ وتَغَطَّى بِهِ؛ وَقَوْلُهُ:
مَنَعَ الفِرارَ، فجئتُ نحوَكَ هارِباً، ... جَيشٌ يَجُرُّ ومِقْنَبٌ يَتَلَفَّعُ(8/320)
يَعْنِي يَتَلَفَّعُ بالقَتامِ. وتَلَفَّعَتِ المرأَةُ بِمِرْطِها أَي التَحَفَت بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنَّ نساءُ المؤْمنين «1» يَشْهَدْنَ مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، الصبحَ ثُمَّ يَرْجِعْنَ مُتَلَفِّعاتٍ بمُروطِهِن مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ
أَي مُتَجَلِّلاتٍ بأَكسِيَتِهنَّ، والمِرْطُ كِساءٌ أَو مِطْرَفٌ يُشْتَمَلُ بِهِ كالملْحفةِ واللِّفاعُ والمِلْفَعةُ: مَا تُلُفِّعَ بِهِ مِنْ رِداءٍ أَو لِحاف أَو قِناعٍ، وَقَالَ الأَزهري: يُجَلَّلُ بِهِ الجسدُ كُلُّهُ، كِساءً كَانَ أَو غيرَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا: وَقَدْ دَخَلْنَا فِي لِفاعِنا
أَي لِحافِنا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُبَيٍّ: كَانَتْ تُرَجِّلُني وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا إِلَّا لِفاعٌ
، يَعْنِي امرأَته؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي كَبِيرٍ يصِفُ رِيشَ النَّصْل:
نُجُفٌ بَذَلْتُ لَهَا خَوافي نَاهِضٍ، ... حَشْرِ القَوادِمِ كاللِّفاعِ الأَطْحَلِ
أَراد كَالثَّوْبِ الأَسْود؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
لَمْ تَتلَفَّعْ، بفَضْلِ مِئْزَرِها، ... دَعْدٌ، وَلَمْ تُغْذَ دَعْدُ بالعُلَبِ
وإِنه لحَسَنُ اللِّفْعةِ مِنَ التلَفُّعِ. ولَفَّعَ المرأَة: ضَمَّهَا إِليه مُشْتَمِلًا عَلَيْهَا، مُشْتَقٌّ مِنَ اللِّفاعِ؛ وأَما قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:
ونحنُ تَلَفَّعْنا عَلَى عَسْكَرَيْهِمُ ... جِهاراً، وَمَا طِبِّي ببَغْيٍ وَلَا فَخْرِ
أَي اشْتَمَلْنَا عَلَيْهِمْ؛ وأَما قَوْلُ الرَّاجِزِ:
وعُلْبةٍ مِنْ قادِمِ اللِّفاعِ
فاللِّفاعُ: اسْمُ نَاقَةٍ بِعَيْنِهَا، وَقِيلَ: هُوَ الخِلْفُ المُقَدَّم. وَابْنُ اللَّفَّاعة: ابْنُ المُعانِقةِ للفُحولِ. ولَفَعَ الشيْبُ رأْسَه يَلْفَعُه لَفْعاً ولَفَّعَه فَتلفَّعَ: شَمِلَه. وَقِيلَ: المُتَلَفِّعُ الأَشْيَبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَفَعَتْكَ النارُ
أَي شَمِلَتْكَ مِنْ نواحِيكَ وأَصابَكَ لَهِيبُها. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ الْعَيْنُ بَدَلًا مِنْ حَاءِ لَفَحَتْه النارُ؛ وَقَوْلُ كَعْبٍ:
وَقَدْ تَلفَّعَ بالقُورِ العَساقِيلُ
هُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ، الْمَعْنَى أَراد تَلَفَّعَ القُورُ بالعَساقِيل فَقَلَبَ وَاسْتَعَارَ. ولَفَّع المَزادةَ: قبلها فَجَعَلَ أَطِبَّتَها فِي وَسَطِهَا، فَهِيَ مُلَفَّعةٌ، وَذَلِكَ تَلْفِيعُها. والتَفَعتِ الأَرضُ: اسْتوتْ خُضْرَتُها ونباتُها. وتلَفَّعَ المالُ: نفَعَه الرَّعْيُ. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا اخضرَّت الأَرضُ وَانْتَفَعَ المالُ بِمَا يُصِيبُ مِنَ الرَّعْيِ قِيلَ: قَدْ تَلَفَّعَتِ الإِبل وَالْغَنَمُ. وَحَكَى الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ لَقَعَ قَالَ: واللِّقاعُ الكِساءُ الْغَلِيظُ، قَالَ: وَهَذَا تَصْحِيفٌ وَالَّذِي أَراه اللِّفاعُ، بِالْفَاءِ، وَهُوَ كساءٌ يُتَلَفَّعُ بِهِ أَي يُشْتَمَلُ بِهِ؛ وأَنشد بَيْتَ أَبي كَبِيرٍ يصف ريش النصل.
لقع: لَقَعَه بالبعْرةِ يَلْقَعُه لَقْعاً: رَمَاهُ بِهَا، وَلَا يَكُونُ اللَّقْعُ فِي غَيْرِ الْبَعْرَةِ مِمَّا يُرْمَى بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَقَعَه بِبَعْرَةٍ
أَي رَمَاهُ بِهَا. ولَقَعَه بِشَرٍّ ومَقَعَه: رَمَاهُ بِهِ. ولَقَعَه بِعَيْنِهِ عانَه، يَلْقَعُه لَقْعاً: أَصابَه بِهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَمْ يُسْمَعِ اللقْعُ إِلا فِي إِصابةِ الْعَيْنِ وَفِي الْبَعْرَةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ إِن فُلَانًا لَقَعَ فرسَك فَهُوَ يَدُورُ كأَنَّه فِي فَلَكٍ
أَي رَمَاهُ بِعَيْنِهِ وأَصابَه بِهَا فأَصابَه دُوارٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنه دخل على هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: إِنك لَذُو كِدْنةٍ؛ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ أَخذَتْه قَفْقَفَةٌ
أَي رِعْدةٌ، فَقَالَ: أَظن الأَحْوَلَ لَقَعَني بعَيْنِه أَي أَصابَني بِعَيْنِهِ، يَعْنِي هشاماً، وكان أَحْوَلَ.
__________
(1) . في النهاية: كنَّ نساء من المؤمنات. ومتلفّفات بدل متجللات واللِّفاع بدل والمرط.(8/321)
واللَّقْعُ: العيْبُ، والفِعْل كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ. ورجُلٌ تِلِقَّاعٌ وتِلِقَّاعةٌ: عُيَبةٌ. وتِلِقَّاعةٌ أَيضاً: كثيرُ الكلامِ لَا نَظِيرَ لَهُ إِلا تِكِلَّامةٌ؛ وامرأَة تِلِقَّاعةٌ كَذَلِكَ. وَرَجُلٌ لُقَّاعةٌ: كَتِلِقَّاعةٍ، وَقِيلَ: اللُّقَّاعةُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ، الَّذِي يُصِيبُ مواقِعَ الْكَلَامِ، وَقِيلَ: الحاضِرُ الجوابِ، وَفِيهِ لُقَّاعاتٌ. يُقَالُ: رَجُلٌ لُقَّاعٌ ولُقَّاعةٌ لِلْكَثِيرِ الْكَلَامِ. واللُّقَّاعةُ: المُلَقِّبُ لِلنَّاسِ؛ وأَنشد لأَبي جُهَيْمةَ الذهْلي:
لقدْ لاعَ مِمّا كانَ بَيْني وبيْنَه، ... وحَدَّثَ عَنْ لُقَّاعةٍ، وهْو كاذِبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ولَقَعَه أَي عابَه، بالباءِ. واللُّقَّاعةُ: الدّاهِيةُ المُتَفَصِّحُ، وَقِيلَ: هُوَ الظَّرِيفُ اللَّبِقُ. واللُّقَعةُ: الَّذِي يَتَلَقَّعُ بالكلامِ وَلَا شَيْءَ عِنْدَهُ وراءَ الكلامِ. وامرأَة مِلْقَعةٌ: فَحّاشةٌ؛ وأَنشد:
وإِن تَكلَّمْتِ فكُوني مِلْقَعه
واللَّقَّاعُ واللُّقاعُ: الذبابُ الأَخضر الَّذِي يَلْسَعُ الناسَ؛ قَالَ شُبَيْلُ بْنُ عَزْرَةَ:
كأَنَّ تَجاوُبَ اللَّقَّاعِ فِيهَا ... وعَنْتَرَةٍ وأَهْمِجةٍ رِعالُ
وَاحِدَتُهُ لَقّاعةٌ ولُقاعةٌ. الأَزهري: اللَّقَّاعُ الذُّبابُ، ولَقْعُه أَخْذُه الشيءَ بمَتْكِ أَنفِه؛ وأَنشد:
إِذا غَرَّدَ اللَّقَّاعُ فِيهَا لِعَنْتَرٍ ... بمُغْدَوْدِنٍ مُستَأْسِدِ النَّبْتِ ذِي خَبْرِ
قَالَ: والعَنْتَرُ ذُبابٌ أَخْضَرُ، والخَبْرُ: السِّدْرُ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذا أَخذ الذُّبَابُ شَيْئًا بمَتْكِ أَنفِه مِنْ عسَل وَغَيْرِهِ قِيلَ: لَقَعَه يَلْقَعُه. وَيُقَالُ: مرَّ فُلَانٌ يَلْقَعُ إِذا أَسْرَعَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
صَلَنْقَعٌ بَلَنْقَعُ، ... وَسْطَ الرِّكابِ يَلْقَعُ
والتُقِعَ لَوْنُه والتُمِعَ أَي ذَهَبَ وتغيَّر؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، مِثْلَ امتُقِعَ، قَالَ الأَزهري: التُقِعَ لَوْنُه واسْتُقِعَ والتُمِعَ ونُطِعَ وانْتُطِعَ واسْتُنْطِعَ لونُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَحَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: اللِّقاعُ الكساءُ الغليظُ، وَقَالَ: هَذَا تَصْحِيفٌ، وَالَّذِي أَراه اللِّفاعُ، بِالْفَاءِ، وَهُوَ كساءٌ يُتَلَفَّعُ بِهِ أَي يُشْتَمَلُ بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ يَصِفُ رِيشَ النَّصْلِ:
حَشْرِ القَوادِمِ كاللِّفاعِ الأَطْحَلِ
لكع: اللُّكَعُ: وسِخُ القُلْفَةِ. لَكِعَ عَلَيْهِ الوَسَخُ لَكَعاً إِذا لَصِقَ بِهِ ولَزِمَه. واللَّكْعُ: النَّهْزُ فِي الرَّضاعِ. ولَكَعَ الرجُلُ الشاةَ إِذا نَهَزَها، ونَكَعَها إِذا فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ عِنْدَ حَلْبِها، وَهُوَ أَن يَضْرِبَ ضَرْعَها لِتدِرَّ. واللُّكَعُ: المُهْرُ والجَحْشُ، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَيُقَالُ للصبيِّ الصَّغِيرِ أَيضاً لُكَعٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَثَمَّ لُكَعٌ
، يَعْنِي الحسَنَ أَو الحُسَيْنَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. قَالَ ابْنُ الأَثير فِي هَذَا الْمَكَانِ: فإِن أُطلق عَلَى الْكَبِيرِ أُريد بِهِ الصَّغِيرُ العِلم والعقْلِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: قَالَ لِرَجُلٍ يَا لُكَعُ
، يُرِيدُ يَا صَغِيرًا فِي العِلم. واللَّكِيعةُ: الأَمةُ اللئيمةُ. ولَكِعَ الرجُل يَلْكَعُ لَكَعاً ولَكاعةً: لَؤُمَ وحَمُقَ. وَفِي حَدِيثِ
أَهل الْبَيْتِ: لَا يُحِبُّنا أَلْكَعُ.
وَرَجُلٌ أَلْكَعُ ولُكَعٌ(8/322)
ولَكِيعٌ ولَكاعٌ ومَلْكَعانٌ ولَكُوعٌ: لَئِيمٌ دَنِيءٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ يوصَفُ بِهِ الحَمِقُ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ إِياسَ بنَ مُعاوِيةَ رَدَّ شَهادتي، فَقَالَ: يَا ملْكَعانُ لِمَ رَدَدْتَ شهادَتَه
؟ أَراد حَداثةَ سِنِّه أَو صِغَره فِي الْعِلْمِ، وَالْمِيمُ وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
لَا أَبْتَغي فَضْلَ امرئٍ لَكُوعِ، ... جَعْدِ اليَدَيْنِ لَحِزٍ مَنُوعِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي المَلْكَعانِ:
إِذا هَوْذِيّةٌ وَلَدَتْ غُلاماً ... لِسِدْرِيٍّ، فَذَلِكَ مَلْكَعانُ
وَيُقَالُ: رَجُلٌ لَكُوعٌ أَي ذلِيلٌ عَبْدُ النَّفْسِ؛ وَقَوْلُهُ:
فأَقْبَلَتْ حُمُرُهُمْ هَوابِعا، ... فِي السِّكَّتَينِ، تَحْمِلُ الأَلاكِعا
كسَّر أَلْكَعَ تَكْسِيرَ الأَسْماءِ حِينَ غَلَبَ، وإِلا فَكَانَ حُكْمُه تحملُ اللُّكْعَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا عَلَى النَّسَبِ أَو عَلَى جَمْعِ الْجَمْعِ. والمرأَة لَكاعِ مِثْلُ قَطامِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنه قَالَ لِمَوْلاةٍ لَهُ أَرادت الخُروجَ مِنَ المدينةِ: اقْعُدِي لَكاعِ ومَلْكَعانةٌ ولَكِيعةٌ ولَكْعاءُ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَنه قَالَ لأَمة رَآهَا: يَا لَكْعاءُ أَتَشَبَّهِينَ بالحَرائِرِ؟
قَالَ أَبو الْغَرِيبِ النَّصْرِيُّ:
أُطَوِّفُ مَا أُطَوِّفُ، ثُمَّ آوِي ... إِلى بَيْتٍ قَعِيدَتُه لَكاعِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْفَرَّاءُ تَثْنِيَةُ لَكاعِ أَن تَقُولَ يَا ذواتَيْ لَكِيعة أَقْبِلا، وَيَا ذواتِ لَكِيعة أَقْبِلْنَ. وَقَالُوا فِي النِّدَاءِ لِلرَّجُلِ: يَا لُكَعُ، وللمرأَة يَا لَكاعِ، وَلِلِاثْنَيْنِ يَا ذَوَيْ لُكَعَ، وَقَدْ لَكِعَ لَكاعةً، وَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَنهما لَا يُسْتَعْمَلَانِ إِلَّا فِي النِّدَاءِ، قَالَ: فَلَا يُصْرَفُ لَكاعِ فِي الْمَعْرِفَةِ لأَنه مَعْدُولٌ مِنْ أَلْكَعَ. ولَكاعِ: الأَمةُ أَيضاً. واللُّكَعُ: العبْدُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو فِي قَوْلِهِمْ يَا لُكَعُ، قَالَ: هُوَ اللَّئِيمُ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَبْدُ، وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ العيِيُّ الَّذِي لَا يَتَّجِهُ لِمَنْطِقٍ وَلَا غَيْرِهِ، مأْخوذ مِنَ المَلاكِيعِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ قَوْلُ الأَصمعي، أَلا تَرَى
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَقَالَ: أَين لُكَعٌ
؟ أَراد الْحَسَنَ، وَهُوَ صَغِيرٌ، أَراد أَنه لِصِغَرِهِ لَا يَتَّجِهُ لِمَنْطِقٍ وَمَا يُصْلِحُه وَلَمْ يُرِدْ أَنه لَئِيمٌ أَو عَبْدٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: أَرأَيت إِنْ دَخَلَ رَجُلٌ بَيْتَهُ فرأَى لُكاعاً قَدْ تَفَخَّذَ امرأَته، أَيذهب فيُحْضِرُ أَربعةَ شُهَداءَ
؟ جَعَلَ لُكاعاً «2» صِفَةً لِلرَّجُلِ نَعْتًا عَلَى فُعالٍ، قَالَ ابْنُ الأَثير: فَلَعَلَّهُ أَراد لُكَعاً؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
يأْتي عَلَى الناسِ زَمَانٌ يَكُونُ أَسْعَدَ الناسِ بِالدُّنْيَا لُكَعٌ ابنُ لُكَعٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اللُّكَعُ عِنْدَ الْعَرَبِ العبدُ أَو اللئِيمُ، وَقِيلَ: الوَسِخُ، وَقِيلَ: الأَحْمَقُ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ لَكِيعٌ وكِيعٌ ووَكُوعٌ لَكُوعٌ لئِيمٌ، وَعَبْدٌ أَلْكَعُ أوْكَعُ، وأَمَة لَكْعاءُ ووَكْعاءُ، وَهِيَ الحَمْقاءُ؛ وَقَالَ البكْرِيُّ: هَذَا شَتْمٌ لِلْعَبْدِ واللَّئِيم. أَبو نَهْشَلٍ: يُقَالُ هُوَ لُكَعٌ لاكعٌ، قَالَ: وَهُوَ الضيِّق الصدْرِ القليلُ الغَناءِ الَّذِي يؤَخِّره الرجالُ عَنْ أُمورهم فَلَا يَكُونُ لَهُ موْقِعٌ، فَذَلِكَ اللُّكَعُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ خَبِيثَ الفِعالِ شَحِيحاً
__________
(2) . قوله [لكاعاً] كذا ضبط في الأصل، وقال في شرح القاموس: لكاعاً كسحاب ونصه ورجل لكاع كسحاب لئيم، ومنه حديث سعد أرأيت إلخ.(8/323)
قلِيلَ الْخَيْرِ: إِنه للَكُوعٌ. وبنُو اللَّكِيعةِ: قومٌ؛ قَالَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ:
هُمُ حَفِظوا ذِمارِي، يَوْمَ جَاءَتْ ... كَتائِبُ مُسْرِفٍ وبَني اللَّكيعه
مُسْرِفٌ: لقَبُ مُسْلِمِ بْنَ عُقْبةَ المُرِّي صَاحِبِ وَقْعةِ الحَرَّةِ لأَنه كَانَ أَسْرَفَ فِيهَا. واللُّكَعُ: الَّذِي لَا يُبِينُ الكلامَ. واللَّكْعُ: اللَّسْعُ؛ وَمِنْهُ قولُ ذِي الإِصْبَعِ:
إِمَّا تَرَى نبْلَه فَخَشْرَمَ خَشَّاءَ، ... إِذا مُسَّ دَبْرُه لَكَعا
يَعْنِي نصْلَ السَّهْمِ. ولَكَعَتْه العَقْرَبُ تَلْكَعُه لَكْعاً. ولَكَعَ الرجُلَ: أَسْمَعَه مَا لَا يَجْمُلُ، عَلَى الْمَثَلِ؛ عَنِ الهجَرِيّ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ الذَّكَرِ لُكَعٌ، والأُنثى لُكَعةٌ، وَيُصْرَفُ فِي المعْرفة لأَنه لَيْسَ ذَلِكَ المَعْدُولَ الَّذِي يُقَالُ لِلْمُؤَنَّثِ مِنْهُ لَكاعِ، وإِنما هُوَ مِثْلُ صُرَدٍ ونُغَرٍ. أَبو عُبَيْدَةَ: إِذا سَقَطتْ أَضراسُ الفرَس فَهُوَ لُكَعٌ، والأُنثى لُكَعةٌ، وإِذا سَقَطَ فَمُهُ فَهُوَ الأَلْكَعُ. والمَلاكِيعُ: مَا خرجَ مَعَ السَّلَى مِنَ الْبَطْنِ مِنْ سُخْدٍ وصَاءةٍ وَغَيْرِهِمَا، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْعَبْدِ وَمَنْ لَا أَصْلَ لَهُ: لُكَعٌ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لَكُوعٌ؛ وأَنشد:
أَنتَ الفَتى، مَا دامَ فِي الزَّهَرِ النَّدَى، ... وأنتَ، إِذا اشْتَدَّ الزمانُ، لَكُوعُ
واللُّكاعةُ: شوْكةٌ تُحْتَطَبُ لَهَا سُوَيْقةٌ قدرُ الشِّبْر ليِّنة كأَنها سيْر، وَلَهَا فُرُوعٌ مَمْلُوءَةٌ شوْكاً، وَفِي خِلالِ الشوْك ورَيْقةٌ لَا بَالَ بِهَا تَنْقَبِضُ ثُمَّ يَبْقَى الشَّوْكُ، فإِذا جفَّت ابْيَضَّتْ، وجمعها لُكاعٌ.
لمع: لَمَعَ الشيءُ يَلْمَعُ لَمْعاً ولَمَعَاناً ولُمُوعاً ولَمِيعاً وتِلِمّاعاً وتَلَمَّعَ، كلُّه: بَرَقَ وأَضاءَ، والْتَمَعَ مِثْلُهُ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عائذ:
وأَعْفَتْ تِلِمّاعاً بِزَأْرٍ كأَنه ... تَهَدُّمُ طَوْدٍ، صَخْرُه يَتَكَلَّدُ
ولَمَعَ البرْقُ يَلْمَعُ لَمْعاً ولَمَعاناً إِذا أَضاءَ. وأَرض مُلْمِعةٌ ومُلَمِّعةٌ ومُلَمَّعةٌ ولَمَّاعةٌ: يَلْمَعُ فِيهَا السرابُ. واللَّمَّاعةُ: الفَلاةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:
كَمْ دُونَ لَيْلى منْ تَنُوفِيّةٍ ... لَمّاعةٍ، يُنْذَرُ فِيهَا النُّذُرْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اللَّمَّاعةُ الفلاةُ الَّتِي تَلْمَعُ بالسرابِ. واليَلْمَعُ: السرابُ لِلَمَعانِه. وَفِي الْمَثَلِ: أَكْذَبُ مَنْ يَلْمَعٍ. ويَلْمَعٌ: اسْمُ بَرْقٍ خُلَّبٍ لِلَمعانِه أَيضاً، ويُشَبَّه بِهِ الكَذُوبُ فَيُقَالُ: هُوَ أَكذَبُ مِنْ يَلْمَعٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا مَا شَكَوْتُ الحُبَّ كيْما تُثِيبَني ... بِوِدِّيَ، قالتْ: إِنما أَنتَ يَلْمَعُ
واليَلْمَعُ: مَا لَمَعَ مِنَ السِّلاحِ كالبيضةِ والدِّرْعِ. وخَدٌّ مُلْمَعٌ: صَقِيلٌ. ولَمَعَ بثَوْبِه وسَيْفِه لَمْعاً وأَلْمَعَ: أَشارَ، وَقِيلَ: أَشار لِلإِنْذارِ، ولَمَعَ: أَعْلى، وَهُوَ أَن يرفَعَه ويحرِّكَه لِيَرَاهُ غَيْرُهُ فيَجِيءَ إِليه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
زَيْنَبَ: رَآهَا تَلْمَع مِنْ وراءِ الحجابِ
أَي تُشِيرُ بِيَدِهَا؛ قَالَ الأَعشى:
حَتَّى إِذا لَمَعَ الدَّلِلُ بثَوْبِه، ... سُقِيَتْ، وصَبَّ رُواتُها أَوْشالَها(8/324)
وَيُرْوَى أَشْوالَها؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
عَيْثي بِلُبِّ ابْنةِ المكتومِ، إِذْ لَمَعَت ... بالرَّاكِبَيْنِ عَلَى نَعْوانَ، أَنْ يَقَعا «1»
عَيْثي بِمَنْزِلَةِ عَجَبي ومَرَحي. ولَمَعَ الرجلُ بِيَدَيْهِ: أَشار بِهِمَا، وأَلْمَعَتِ المرأَةُ بِسِوارِها وثوبِها كَذَلِكَ؛ قَالَ عدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعَبَّادِيُّ:
عَنْ مُبْرِقاتٍ بالبُرِينَ تَبْدُو، ... وبالأَكُفِّ اللَّامِعاتِ سُورُ
ولَمَعَ الطائِرُ بجنَاحَيْه يَلْمَعُ وأَلْمَعَ بِهِمَا: حَرَّكهما فِي طَيَرانِه وخَفَق بِهِمَا. وَيُقَالُ لِجَناحَي الطائِرِ: مِلْمَعاهُ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَذْكُرُ قَطَاةً:
لَهَا مِلْمَعانِ، إِذا أَوْغَفَا ... يَحُثَّانِ جُؤْجُؤَها بالوَحَى
أَوْغَفَا: أَسْرَعا. والوَحَى هَاهُنَا: الصوْتُ، وَكَذَلِكَ الوَحاةُ، أَرادَ حَفِيفَ جَناحيْها. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والمِلْمَعُ الجَناحُ، وأَورد بَيْتُ حُمَيْد بْنِ ثَوْرٍ. وأَلْمَعَتِ الناقةُ بِذَنَبها، وَهِيَ مُلْمِعٌ: رَفَعَتْه فَعُلِمَ أَنها لاقِحٌ، وَهِيَ تُلْمِعُ إِلْماعاً إِذا حَمَلَتْ. وأَلْمَعَتْ، وَهِيَ مُلْمِعٌ أَيضاً: تَحَرَّكَ ولَدُها فِي بَطْنِهَا. ولَمَعَ ضَرْعُها: لَوَّنَ عِنْدَ نُزُولِ الدِّرّةِ فِيهِ. وتَلَمَّعَ وأَلْمَعَ، كُلُّهُ: تَلَوَّنَ أَلْواناً عِنْدَ الإِنزال؛ قَالَ الأَزهريّ: لَمْ أَسمع الإِلْماعَ فِي النَّاقَةِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، إِنما يُقَالُ لِلنَّاقَةِ مُضْرِعٌ ومُرْمِدٌ ومُرِدٌّ، فَقَوْلُهُ أَلْمَعَتِ الناقةُ بذنَبِها شاذٌّ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ شالَتِ الناقةُ بِذَنَبِهَا بَعْدَ لَقاحِها وشَمَذَتْ واكْتَارَت وعَشَّرَتْ، فإِن فَعَلَتْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَبَلٍ قِيلَ: قَدْ أبْرَقَت، فَهِيَ مُبْرِقٌ، والإِلْماعُ فِي ذَوَاتِ المِخْلَبِ والحافرِ: إِشْراقُ الضرْعِ واسْوِدادُ الْحَلَمَةِ بِاللَّبَنِ لِلْحَمْلِ: يُقَالُ: أَلْمَعَت الفرسُ والأَتانُ وأَطْباء اللَّبُوءَةِ إِذا أَشْرَقَت لِلْحَمْلِ وَاسْوَدَّتْ حَلَماتُها. الأَصمعي: إِذا اسْتَبَانَ حَمْلُ الأَتان وَصَارَ فِي ضَرْعِها لُمَعُ سَوَادٍ، فَهِيَ مُلْمِعٌ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ: إِذا أَشرق ضَرْعُ الْفَرَسِ لِلْحَمْلِ قِيلَ أَلمعت، قَالَ: وَيُقَالُ ذَلِكَ لِكُلِّ حَافِرٍ وَلِلسِّبَاعِ أَيضاً. واللُّمْعةُ: السَّوَادُ حَوْلَ حَلَمَةِ الثَّدْيِ خِلْقَةً، وَقِيلَ: اللُّمْعَةُ البقْعة مِنَ السَّوَادِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: كُلُّ لَوْنٍ خَالَفَ لَوْنًا لُمْعَةٌ وتَلْمِيعٌ. وَشَيْءٌ مُلَمَّعٌ: ذُو لُمَعٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
مَهْلًا، أَبَيْتَ اللَّعْنَ لَا تأْكلْ مَعَهْ، ... إِنَّ اسْتَه مِنْ بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ
وَيُقَالُ للأَبرص: المُلَمَّعُ. واللُّمَعُ: تَلْمِيعٌ يَكُونُ فِي الْحَجَرِ وَالثَّوْبِ أَو الشَّيْءِ يَتَلَوَّنُ أَلواناً شَتَّى. يُقَالُ: حَجَرٌ مُلَمَّعٌ، وَوَاحِدَةُ اللُّمَعِ لُمْعةٌ. يُقَالُ: لُمْعةٌ مِنْ سوادٍ أَوْ بَيَاضٍ أَو حُمْرَةٍ. وَلَمْعَةُ جَسَدِ الإِنسان: نَعْمَتُه وَبَرِيقُ لَوْنِهِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
تُكْذِبُ النُّفُوسَ لُمْعَتُها، ... وتَحُورُ بَعْدُ آثَارَا
واللُّمْعةُ، بِالضَّمِّ: قِطْعةٌ مِنَ النبْتِ إِذا أَخذت فِي الْيُبْسِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لُمْعَةٌ قَدْ أَحَشَّت أَي قَدْ أَمْكَنَت أَن تُحَشَّ، وَذَلِكَ إِذا يَبِسَتْ. واللُّمْعةُ: الموضعُ الَّذِي يَكْثُر فِيهِ الخَلَى، وَلَا يُقَالُ لَهَا لُمْعةٌ حَتَّى تبيضَّ، وَقِيلَ: لَا تَكُونُ اللُّمْعةُ إِلا مِنَ الطَّرِيفةِ والصِّلِّيانِ إِذا يبسا. تقول العرب:
__________
(1) . قوله [أن يقعا] كذا بالأَصل ومثله في شرح القاموس هنا وفيه في مادة عيث يقفا.(8/325)
وَقَعْنَا فِي لُمْعة مِنْ نَصِيٍّ وصِلِّيانٍ أَي فِي بُقْعةٍ مِنْهَا ذَاتِ وضَحٍ لِمَا نَبَتَ فِيهَا مِنَ النَّصِّيِّ، وَتُجْمَعُ لُمَعاً. وأَلْمَعَ البَلَدُ: كَثُرَ كَلَؤُه. وَيُقَالُ: هَذِهِ بِلَادٌ قَدْ أَلْمَعَتْ، وَهِيَ مُلْمِعةٌ، وَذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ كَلأُ عَامِ أَوّلَ بكَلإِ العامِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه رأَى عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ فَقَالَ: أَين تُرِيدُ؟ قَالَ: الشامَ، فَقَالَ: أَما إِنَّها ضاحيةُ قَوْمِكَ وَهِيَ اللَّمّاعةُ بالرُّكْبانِ
تَلْمَعُ بِهِمْ أَي تَدْعُوهم إِليها وتَطَّبِيهِمْ. واللَّمْعُ: الطرْحُ والرَّمْيُ. واللَّمّاعةُ: العُقابُ. وعُقابٌ لَمُوعٌ: سرِيعةُ الاختِطافِ. والتَمَعَ الشيءَ: اخْتَلَسَه. وأَلْمَعَ بِالشَّيْءِ: ذهَب بِهِ؛ قَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ:
وعَمْراً وجَوْناً بالمُشَقَّرِ أَلْمَعا
يَعْنِي ذَهَبَ بِهِمَا الدهرُ. وَيُقَالُ: أَراد بِقَوْلِهِ أَلْمَعَا اللَّذَيْنِ مَعًا، فأَدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ صِلَةً، قَالَ أَبو عَدْنَانَ: قَالَ لِي أَبو عُبَيْدَةَ يُقَالُ هُوَ الأَلْمَعُ بِمَعْنَى الأَلْمَعِيِّ؛ قَالَ: وأَراد مُتَمِّمٌ بِقَوْلِهِ:
وعَمْراً وجَوْناً بالمُشَقَّرِ أَلْمَعا
أَي جَوْناً الأَلْمَعَ فَحَذَفَ الأَلف وَاللَّامَ. قَالَ ابْنُ بُزُرْجٍ: يُقَالُ لَمَعْتُ بِالشَّيْءِ وأَلْمَعْتُ بِهِ أَي سَرَقْتُه. وَيُقَالُ: أَلْمَعَتْ بِهَا الطريقُ فَلَمَعَتْ؛ وأَنشد:
أَلْمِعْ بِهِنَّ وضَحَ الطَّرِيقِ، ... لَمْعَكَ بالكبساءِ ذاتِ الحُوقِ
وأَلْمَعَ بِمَا فِي الإِناء مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ: ذَهَبَ بِهِ. والتُمِعَ لَوْنُه: ذهَب وتَغَيَّرَ، وَحَكَى يَعْقُوبُ فِي الْمُبْدَلِ التَمَعَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا فَزِعَ مِنْ شَيْءٍ أَو غَضِبَ وحَزِنَ فَتَغَيَّرَ لِذَلِكَ لَوْنُهُ: قَدِ التُمِعَ لَونُه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه رأَى رَجُلًا شَاخِصًا بصَرُه إِلى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: مَا يَدْرِي هَذَا لَعَلَّ بَصَرَه سَيُلْتَمَعُ قَبْلَ أَن يَرْجِعَ إِليه
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةُ: مَعْنَاهُ يُخْتَلَسُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا كَانَ أَحدكم فِي الصَّلَاةِ فَلَا يرفَعْ بصَره إِلى السَّمَاءِ؛ يُلْتَمَعُ بصرُه
أَي يُخْتَلَسُ. يُقَالُ: أَلْمَعْتُ بِالشَّيْءِ إِذا اخْتَلَسْتَه واخْتَطَفْتَه بِسُرْعَةٍ. وَيُقَالُ: التَمَعْنا القومَ ذَهَبْنَا بِهِمْ. واللُّمْعةُ: الطائفةُ، وَجَمْعُهَا لُمَعٌ ولِماعٌ؛ قَالَ القُطامِيّ:
زَمَانَ الجاهِلِيّةِ كُلُّ حَيٍّ، ... أَبَرْنا مِنْ فَصِيلَتِهِمْ لِماعا
والفَصِيلةُ: الفَخِذُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْ هَذَا يُقَالُ التُمِعَ لونُه إِذا ذَهَب، قَالَ: واللُّمْعةُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يُصِيبُهُ الْمَاءُ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه اغْتسل فرأَى لُمْعةً بمَنْكِبِه فدَلكَها بشَعَره
؛ أَراد بُقْعةً يَسِيرَةً مِنْ جَسَدِه لَمْ يَنَلْها الْمَاءُ؛ وَهِيَ فِي الأَصل قِطعةٌ مِنَ النبْت إِذا أَخذت فِي اليُبْسِ. وَفِي حَدِيثِ دَمِ الْحَيْضِ:
فرأَى بِهِ لُمْعةً مِنْ دَمٍ.
واللّوامِعُ: الكَبِدُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَدَعْنَ مِنْ تَخْرِيقِه اللَّوامِعا ... أَوْهِيةً، لَا يَبْتَغِينَ راقِعا
قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ لَمَعَ فلانٌ البَابَ أَي بَرَزَ مِنْهُ؛ وأَنشد:
حَتَّى إِذا عَنْ كَانَ فِي التَّلَمُّسِ، ... أَفْلَتَه اللهُ بِشِقِّ الأَنْفُسِ،(8/326)
مُلَثَّمَ النابِ، رَثِيمَ المَعْطِسِ
وَفِي حَدِيثِ
لقمانَ بْنِ عَادٍ: إِنْ أَرَ مَطْمَعِي فَحِدَوٌّ تَلَمَّع، وإِن لَا أَرَ مَطْمَعِي فَوَقّاعٌ بِصُلَّعٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى تَلَمَّعُ أَي تَخْتَطِفُ الشَّيْءَ فِي انْقِضاضِها، وأَراد بالحِدَوِّ الحِدَأَةَ، وَهِيَ لُغَةُ أَهل مَكَّةَ، وَيُرْوَى تَلْمَع مِنْ لَمَعَ الطائِرُ بِجَنَاحَيْهِ إِذا خَفَقَ بهما. واللّامِعةُ اللَّمّاعةُ: اليافوخُ مِنَ الصَّبِيِّ مَا دَامَتْ رطْبةً لَيِّنةً، وَجَمْعُهَا اللَّوامِعُ، فإِذا اشْتَدَّتْ وَعَادَتْ عَظْماً فَهِيَ اليافوخُ. وَيُقَالُ: ذَهَبَت نفسُه لِماعاً أَي قِطْعةً قِطْعةً؛ قَالَ مَقّاسٌ:
بعَيْشٍ صالِحٍ مَا دُمْتُ فِيكُمْ، ... وعَيْشُ المَرْءِ يَهْبِطُه لِماعا
واليَلْمَعُ والأَلْمَعُ والأَلْمَعِيُّ واليَلْمَعِيُّ: الدَّاهي الَّذِي يَتَظَنَّنُ الأُمُور فَلَا يُخْطِئُ، وَقِيلَ: هُوَ الذَّكِيُّ المُتَوَقِّدُ الحدِيدُ اللسانِ والقَلْبِ؛ قَالَ الأَزهري: الأَلمَعيُّ الخَفيفُ الظريفُ؛ وأَنشد قَوْلُ أَوس بْنِ حُجْرٍ:
الأَلمَعِيَّ الَّذِي يَظُنُّ لَكَ الظَّنَّ، ... كأَنْ قَدْ رَأَى، وَقَدْ سَمِعا
نَصَبَ الأَلمعِيَّ بِفِعْلٍ مُتَقَدِّمٍ؛ وأَنشد الأَصمعي فِي اليَلْمَعيّ لِطَرَفةَ:
وكائِنْ تَرى مِنْ يَلْمَعِيٍّ مُحَظْرَبٍ، ... ولَيْسَ لَه عِنْدَ العَزائِمِ جُولُ
رَجُلٌ مُحَظْرَبٌ: شديدُ الخَلق مَفتوله، وَقِيلَ: الأَلمَعِيُّ الَّذِي إِذا لَمَعَ لَهُ أَولُ الأَمر عَرَفَ آخِرَهُ، يَكْتَفِي بِظَنِّهِ دُونَ يَقِينِهِ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ اللَّمْعِ، وَهُوَ الإِشارةُ الْخَفِيَّةُ وَالنَّظَرُ الخفِيُّ؛ حَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: اليَلْمَعِيُّ والأَلمِعيُّ الْكَذَّابُ مأْخوذ مِنَ اليَلْمَع وَهُوَ السرابُ. قَالَ الأَزهري: مَا عَلِمْتُ أَحداً قَالَ فِي تَفْسِيرِ اليَلْمَعِيِّ مِنَ اللُّغَوِيِّينَ مَا قَالَهُ اللَّيْثُ، قَالَ: وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا قَالَهُ الأَئمة فِي الأَلمعيّ وَهُوَ مُتَقَارِبٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، قَالَ: وَالَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ بَاطِلٌ لأَنه عَلَى تَفْسِيرِهِ ذَمٌّ، وَالْعَرَبُ لَا تَضَعُ الأَلمعي إِلَّا فِي مَوْضِعِ الْمَدْحِ؛ قَالَ غَيْرُهُ: والأَلمَعِيُّ واليَلمَعيُّ المَلَّاذُ وَهُوَ الَّذِي يَخْلِطُ الصِّدْقَ بِالْكَذِبِ. والمُلَمَّعُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي يَكُونُ فِي جِسْمِهِ بُقَعٌ تُخَالِفُ سَائِرَ لَوْنِهِ، فإِذا كَانَ فِيهِ اسْتِطَالَةٌ فَهُوَ مُوَلَّعٌ. ولِماعٌ: فَرَسُ عَبَّادِ بْنِ بَشِيرٍ أحدِ بَنِي حَارِثَةَ شَهِدَ عَلَيْهِ يومَ السَّرْحِ.
لهع: اللَّهَعُ واللَّهِعُ واللَّهِيعُ: المُسْترْسِلُ إِلى كُلِّ أَحد، وَقَدْ لهِعَ لَهعاً ولَهاعةً، فَهُوَ لَهِعٌ ولَهِيعٌ. واللَّهَعُ أَيضاً: التَّفَيْهُقُ فِي الْكَلَامِ. ابْنُ الأَعرابي: فِي فُلَانٍ لَهيعةٌ إِذا كَانَ فِيهِ فَتَرَةٌ وكَسَلٌ. وَرَجُلٌ فِيهِ لَهيعةٌ ولهَاعةٌ أَي غَفْلةٌ، وَقِيلَ: اللَّهيعةُ التَّواني فِي الشِّراء وَالْبَيْعِ حَتَّى يُغْبَنَ. وتَلَهْيَعَ فِي كَلَامِهِ إِذا أَفرَطَ، وَكَذَلِكَ تَبَلْتَعَ. وَدَخَلَ مَعبَدُ بْنُ طَوْقٍ الْعَنْبَرِيُّ عَلَى أَمير فَتَكَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ فأَحْسَنَ، فَلَمَّا جَلَسَ تَلَهْيَعَ فِي كَلَامِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا معْبد مَا أَظرَفَك قَائِمًا وأَمْوَتَك جَالِسًا قَالَ: إِني إِذا قمتُ جَدَدْتُ، وإِذا جلستُ هَزَلْت. ولَهيعةُ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْهُ، وَقِيلَ: هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الهَلَعِ مقلوبة.
لوع: اللَّوْعةُ: وَجَعُ الْقَلْبِ مِنَ الْمَرَضِ وَالْحُبِّ وَالْحُزْنِ، وَقِيلَ: هِيَ حُرْقةُ الحُزْن والهَوى والوجْد. لاعَه(8/327)
الحبُّ يَلوعُه لَوْعاً فَلاعَ يَلاعُ والْتاعَ فُؤادُه أَي احْترقَ مِنَ الشوقِ. ولَوْعةُ الحُبِّ: حُرْقَتُه، وَرَجُلٌ لاعٌ وَقَوْمٌ لاعُون ولاعةٌ وامرأَة لاعةٌ كَذَلِكَ. يُقَالُ: أَتانٌ لاعةُ الفُؤادِ إِلى جَحْشِها، قَالَ الأَصمعي: أَي لائعةُ الفواد، وَهِيَ الَّتِي كأَنها وَلْهى مِنَ الفَزَعِ؛ وأَنشد الأَعشى:
مُلْمِعٍ لاعةِ الفُؤادِ إِلى جَحْشٍ ... فَلاهُ عَنْهَا، فَبِئْسَ الْفَالِي
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِني لأَجِدُ لَهُ مِنَ اللَّاعةِ مَا أَجِدُ لِولدِي
؛ اللَّاعةُ واللَّوْعةُ: مَا يَجِدُه الإِنسان لِولَدِه وحَميمِه مِنَ الحُرْقة وشِدّة الحبِّ. وَرَجُلٌ لاعٌ ولاعٍ: حريصٌ سيِء الخُلقِ جَزوعٌ عَلَى الْجُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يجوعُ قَبْلَ أَصحابِه، وجَمْعُ اللَّاعِ أَلْواعٌ ولاعُونَ. وامرأَة لاعةٌ، وَقَدْ لِعْتُ لَوعاً وَلَاعًا ولُووعاً كَجَزِعْتُ جَزَعاً؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ. وَقَالَ مَرَّةً: لِعْتَ وأَنت لائِعٌ كبِعْتَ وأَنت بائِعٌ، فَوَزْنُ لِعْتَ عَلَى الأَول فَعِلْتَ وَوَزْنُهُ عَلَى الثَّانِي فَعَلْتَ. وَرَجُلٌ هاعٌ لاعٌ: فهاعٌ جَزُوع، ولاعٌ موجَعٌ؛ هَذِهِ حِكَايَةُ أَهل اللُّغَةِ، وَالصَّحِيحُ مُتَوَجِّعٌ لِيُعَبِّرُ عَنْ فاعِلٍ بفاعِل، وَلَيْسَ لاعٌ بإِتْباع لِمَا تقدَّم مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ لاعٌ دُونَ هَاعٍ، فَلَوْ كَانَ إِتباعاً لَمْ يَقُولُوهُ إِلَّا معَ هاعٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ لِعْتُ أَلاعُ، فَهُوَ لاعٌ ولائِعٌ، ولاعٌ عِنْدَهُ أَكثر؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لمِرْداسِ بْنِ حُصَين:
وَلَا فَرِحٌ بخَيْرٍ إِنْ أَتاه، ... وَلَا جَزِعٌ مِنَ الحِدْثانِ لَاعِ
وَقِيلَ: رَجُلٌ هاعٌ لاعٌ أَي جَبانٌ جَزوعٌ، وَقَدْ لاعَ يَلِيعُ؛ وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ: لِعْتُ أَلاعُ وهِعْتُ أَهاعُ، وَذَكَرَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ هَوَعَ هِعْتُ أَهاعُ ولِعْتُ أَلاعُ هَيَعاناً ولَيَعاناً إِذا ضَجِرْتَ؛ وَقَالَ عَدِيٌّ:
إِذا أَنتَ فاكَهْتَ الرِّجالَ فَلَا تَلَعْ، ... وقُلْ مِثْلَ مَا قَالُوا وَلَا تَتَرَنَّكِ
قَالَ ابْنُ بُزُرْجٍ: يُقَالُ لاعَ يَلاعُ لَيْعاً مِنَ الضَّجَرِ والجَزَعِ والحَزَنِ وَهِيَ اللَّوْعةُ. ابْنُ الأَعرابي: لاعَ يَلاعُ لَوْعةً إِذا جَزِعَ أَو مَرِضَ. وَرَجُلٌ هاعٌ لاعٌ وهائِعٌ لائِعٌ إِذا كَانَ جَباناً ضَعيفاً، وَقَدْ يُقَالُ: لاعَني الهمُّ والحَزَنُ فالْتَعْتُ الْتِياعاً، وَيُقَالُ: لَا تَلَعْ أَي لَا تَضْجَرْ؛ قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ لَا تَلَعْ مِنْ لاعَ كَمَا يُقَالُ لَا تَهَبْ مِنْ هابَ. وامرأَة هاعةٌ لاعةٌ، وَرَجُلٌ هائِعٌ لائِعٌ، وامرأَة لاعةٌ كَلَعّةٍ: تُغازِلُك وَلَا تُمَكِّنُك، وَقِيلَ: مَلِيحَةٌ تُدِيمُ نَظَرَكَ إِليها مِنْ جَمَالِهَا، وَقِيلَ: مَلِيحَةٌ بَعِيدَةٌ مِنَ الرِّيبَةِ، وَقِيلَ: اللَّاعة المرأَة الحديدةُ الفؤادِ الشهْمةُ. قَالَ الأَزهري: اللوْعةُ السَّوَادُ حوْلَ حَلَمَةِ المرأَة، وَقَدْ أَلْعَى ثَدْيُها إِذا تَغَيَّر. ابْنُ الأَعرابي: أَلواعُ الثَّدْيِ جَمْعُ لَوْعٍ وَهُوَ السوادُ الَّذِي عَلَى الثدْيِ، قَالَ الأَزهري: هَذَا السَّوَادُ يُقَالُ لَهُ لَعْوةٌ ولَوْعةٌ، وَهُمَا لُغَتَانِ؛ قَالَ زيادٌ الأَعْجَمُ:
كَذَبْتَ لَمْ تَغْذُه سَوْداءُ مُقْرِفةٌ ... بِلَوْع ثَديٍ، كأَنفِ الكلبِ، دمّاعِ
فصل الميم
متع: مَتَعَ النبيذُ يَمْتَعُ مُتوعاً: اشتدَّت حُمْرَتُهُ. وَنَبِيذٌ ماتِعٌ أَي شديدُ الحمْرةِ. ومَتَعَ الحبْلُ: اشْتَدَّ. وحَبْل ماتِعٌ: جيِّدُ الفَتْلِ. وَيُقَالُ لِلْجَبَلِ الطَّوِيلِ: ماتِعٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
كَعْبٍ والدَّجّال:(8/328)
يُسَخَّرُ مَعَهُ جَبَلٌ ماتعٌ خِلاطُه ثَريدٌ
أَي طَوِيلٌ شاهِقٌ. ومَتَعَ الرجُلُ ومَتُعَ: جادَ وظَرُفَ، وَقِيلَ: كُلُّ مَا جادَ فَقَدْ مَتُعَ، وَهُوَ ماتِعٌ. والماتِعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: البالغُ فِي الجَوْدةِ الْغَايَةَ فِي بَابِهِ؛ وأَنشد:
خُذْه فَقَدْ أُعْطِيتَه جَيِّداً، ... قَدْ أُحْكِمَتْ صَنْعَتُه، ماتِعا
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى المَتاعَ والتمتُّعَ والاسْتمتاعَ والتَّمْتِيعَ فِي مواضعَ مِنْ كِتَابِهِ، وَمَعَانِيهَا وإِن اخْتَلَفَتْ رَاجِعَةٌ إِلى أَصل وَاحِدٍ. قَالَ الأَزهري: فأَما المَتاعُ فِي الأَصل فَكُلُّ شَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ويُتَبَلَّغُ بِهِ ويُتَزَوَّدُ والفَناءُ يأْتي عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا. والمُتْعةُ والمِتْعَةُ: العُمْرةُ إِلى الْحَجِّ، وَقَدْ تَمَتَّعَ واسْتَمْتَعَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ
؛ صُورَةُ المُسْتَمْتِعِ بِالْعُمْرَةِ إِلى الحجِّ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشهر الْحَجِّ فإِذا أَحرم بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ إِهْلالِه شَوّالًا فَقَدْ صَارَ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إِلى الْحَجِّ، وَسُمِّيَ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إِلى الْحَجِّ لأَنه إِذا قَدِمَ مَكَّةَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ وسعَى بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَحَلَقَ رأْسه وَذَبَحَ نُسُكَه الْوَاجِبَ عَلَيْهِ لِتَمَتُّعِهِ، وَحَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ فِي إِحْرامه مِنَ النِّسَاءِ والطِّيبِ، ثُمَّ يُنْشِئ بَعْدَ ذَلِكَ إِحراماً جَدِيدًا لِلْحَجِّ وَقْتَ نُهُوضِهِ إِلى مِنًى أَو قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَن يَجِبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إِلى الْمِيقَاتِ الَّذِي أَنشأَ مِنْهُ عُمْرَتَهُ، فَذَلِكَ تَمَتُّعُهُ بِالْعُمْرَةِ إِلى الْحَجِّ أَي انْتِفَاعُهُ وَتَبَلُّغُهُ بِمَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْ حِلاق وَطِيبٍ وتَنَظُّفٍ وقَضاء تَفَثٍ وإِلمام بأَهله، إِن كَانَتْ مَعَهُ، وَكُلُّ هَذِهِ الأَشياء كَانَتْ محرَّمة عَلَيْهِ فأُبيح لَهُ أَن يَحِلَّ وَيَنْتَفِعَ بإِحلال هَذِهِ الأَشياء كُلِّهَا مَعَ مَا سَقَطَ عَنْهُ مِنَ الرُّجُوعِ إِلى الْمِيقَاتِ والإِحرام مِنْهُ بِالْحَجِّ، فَيَكُونُ قَدْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيام الْحَجِّ أَي انْتَفَعَ لأَنهم كَانُوا لَا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشهر الْحَجِّ فأَجازها الإِسلام، وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنّ الْمُتَمَتِّعَ أَخَفُّ حَالًا مِنَ القارنِ فَافْهَمْهُ؛ وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشهر الْحَجِّ فِي شَوَّالٍ أَو ذِي الْقَعْدَةِ أَو ذِي الحِجّةِ قَبْلَ الْحَجِّ فَقَدِ اسْتَمْتَعَ.
والمُتْعةُ: التمتُّع بالمرأَة لَا تُرِيدُ إِدامَتها لِنَفْسِكَ، وَمُتْعَةُ التَّزْوِيجِ بِمَكَّةَ مِنْهُ، وأَما قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ في سُورَةِ النِّسَاءِ بِعَقِبِ مَا حَرَّمَ مِنَ النِّسَاءِ فَقَالَ: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ أَي عَاقِدِي النِّكَاحِ الْحَلَالِ غَيْرَ زُنَاةٍ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً
؛ فإِن الزَّجَّاجَ ذَكَرَ أَنّ هَذِهِ آيَةً غَلِطَ فِيهَا قَوْمٌ غَلَطًا عَظِيمًا لِجَهْلِهِمْ بِاللُّغَةِ، وَذَلِكَ أَنهم ذَهَبُوا إِلى قَوْلِهِ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ
مِنَ الْمُتْعَةِ الَّتِي قَدْ أَجمع أَهل الْعِلْمِ أَنها حَرَامٌ، وإِنما مَعْنَى فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ
، فَمَا نَكَحْتُمْ مِنْهُنَّ عَلَى الشَّرِيطَةِ الَّتِي جَرَى فِي الْآيَةِ أَنه الإِحصان أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ أَي عاقِدينَ التزويجَ أَي فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ عَلَى عَقْدِ التَّزْوِيجِ الَّذِي جَرَى ذِكْرُهُ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً أَي مُهُورَهُنَّ، فإِن اسْتَمْتَعَ بِالدُّخُولِ بِهَا آتَى الْمَهْرَ تَامًّا، وإِن اسْتَمْتَعَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ آتَى نِصْفَ الْمَهْرِ؛ قَالَ الأَزهري: الْمَتَاعُ فِي اللُّغَةِ كُلُّ مَا انْتُفِعَ بِهِ فَهُوَ مَتَاعٌ، وقوله: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ
، لَيْسَ بِمَعْنَى زَوِّدُوهُنَّ المُتَعَ، إِنما مَعْنَاهُ أَعطوهن مَا يَسْتَمْتِعْنَ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ
، قَالَ: وَمَنْ زَعَمَ أَن قَوْلَهُ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ
الَّتِي هِيَ الشَّرْطُ فِي التَّمَتُّعِ الَّذِي يَفْعَلُهُ الرَّافِضَةُ، فَقَدْ أَخطأَ خَطَأً عَظِيمًا لأَن الْآيَةَ وَاضِحَةٌ بَيِّنَةٌ؛ قَالَ: فإِن احْتَجَّ مُحْتَجٌّ مِنَ الرَّوَافِضِ بِمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه كَانَ يَرَاهَا حَلَالًا وأَنه كَانَ يقرؤها فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلى أَجل مُسَمًّى، فَالثَّابِتُ عِنْدَنَا(8/329)
أَن ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَاهَا حَلَالًا، ثُمَّ لَمَّا وَقَفَ عَلَى نَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَجَعَ عَنْ إِحلالها؛ قَالَ
عَطَاءٌ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ مَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ إِلا رَحْمَةً رَحِمَ اللَّهُ بِهَا أُمة مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْلَا نَهْيُهُ عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلى الزِّنَا أَحد إِلا شَفًى وَاللَّهِ، ولكأَني أَسمع قَوْلَهُ: إِلا شَفًى
، عَطَاءٌ الْقَائِلُ، قَالَ عَطَاءٌ: فَهِيَ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ
إِلى كَذَا وَكَذَا مِنَ الأَجل عَلَى كَذَا وَكَذَا شَيْئًا مُسَمًّى، فإِن بَدَا لَهُمَا أَن يَتَرَاضَيَا بَعْدَ الأَجل وإِن تَفَرَّقَا فَهُمْ وَلَيْسَ بِنِكَاحٍ «2» ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَهُوَ الَّذِي يُبَيِّنُ أَن ابْنَ عَبَّاسٍ صَحَّ لَهُ نَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، عَنِ الْمُتْعَةِ الشَّرْطِيَّةِ وأَنه رَجَعَ عَنْ إِحلالها إِلى تَحْرِيمِهَا، وَقَوْلُهُ إِلا شَفًى أَي إِلا أَن يُشْفِيَ أَي يُشْرِفَ عَلَى الزِّنَا وَلَا يوافقه، أَقام الِاسْمَ وَهُوَ الشَّفَى مُقام الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ الإِشْفاءُ عَلَى الشَّيْءِ، وَحَرْفُ كُلِّ شَيْءٍ شَفَاهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ، وأَشْفَى عَلَى الهَلاكِ إِذا أَشْرَفَ عَلَيْهِ، وإِنما بَيَّنْتُ هَذَا الْبَيَانَ لِئَلَّا يَغُرَّ بعضُ الرافِضةِ غِرًّا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيُحِلُّ لَهُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإِن النَّهْيَ عَنِ الْمُتْعَةِ الشَّرْطِيَّةِ صَحَّ مِنْ جِهَاتٍ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيْرُ مَا رُوِيَ عَنْ أَمير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَنَهْيُهُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْهَا لَكَانَ كَافِيًا، وَهِيَ الْمُتْعَةُ كَانَتْ يُنْتَفَعُ بِهَا إِلى أَمد مَعْلُومٍ، وَقَدْ كَانَ مُبَاحًا فِي أَوّل الإِسلام ثُمَّ حُرِّمَ، وَهُوَ الْآنَ جَائِزٌ عِنْدَ الشِّيعَةِ. وَمَتَعَ النهارُ يَمْتَعُ مُتُوعاً: ارْتَفَعَ وبَلَغَ غايةَ ارْتفاعِه قَبْلَ الزَّوَالِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وأَدْرَكْنا بِهَا حَكَمَ بْنَ عَمْرٍو، ... وقَدْ مَتَعَ النَّهارُ بِنا فَزَالا
وَقِيلَ: ارْتَفَعَ وَطَالَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ قَوْلَ سُوَيْدِ ابن أَبي كَاهِلٍ:
يَسْبَحُ الآلُ عَلَى أَعْلامِها ... وَعَلَى البِيدِ، إِذا اليَوْمُ مَتَعْ
ومَتَعَت الضُّحَى مُتُوعاً تَرَجَّلَت وَبَلَغَتِ الْغَايَةَ وَذَلِكَ إِلى أَوّل الضُّحَى. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه كَانَ يُفْتي النَّاسَ حَتَّى إِذا مَتَعَ الضُّحَى وسَئِمَ
؛ مَتَعَ النهارُ: طالَ وامتدَّ وَتَعَالَى؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مَالِكِ بْنِ أَوس: بَيْنَا أَنا جَالِسٌ فِي أَهلي حِينَ مَتَعَ النهارُ إِذا رَسُولُ عمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَانْطَلَقْتُ إِليه.
ومَتَعَ السَّرابُ مُتُوعاً: ارْتَفَعَ فِي أَوّل النَّهَارِ؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:
ومِنّا، غَداةَ الرَّوْعِ، فِتْيانُ نَجْدةٍ، ... إِذا مَتَعَتْ بَعْدَ الأَكُفِّ الأَشاجِعُ
أَي ارْتَفَعَتْ مِنْ قَوْلِكَ مَتَعَ النهارُ والآلُ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي مُتِعَتْ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَقِيلَ قَوْلُهُ إِذا مَتَعَتْ أَي إِذا احْمَرَّتِ الأَكُفُّ والأَشاجِعُ مِنَ الدَّمِ. ومُتْعةُ المرأَة: مَا وُصِلَتْ بِهِ بعدَ الطلاقِ، وَقَدْ مَتَّعَها. قَالَ الأَزهريّ: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ
، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ
؛ قَالَ الأَزهريّ: وَهَذَا التَّمْتِيعُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُطَلَّقَاتِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما وَاجِبٌ لَا يَسَعُهُ تَرْكُهُ، وَالْآخَرُ غَيْرُ وَاجِبٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِعْلُهُ، فَالْوَاجِبُ لِلْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا حِينَ تَزَوَّجَهَا سمَّى لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا، فَعَلَيْهِ أَن يُمَتِّعَهَا بِمَا عَزَّ وَهَانَ مِنْ مَتَاعٍ ينفعها
__________
(2) . هكذا الأَصل(8/330)
بِهِ مِنْ ثَوْبٍ يُلبسها إِياه، أَو خَادِمٍ يَخْدُمُها أَو دَرَاهِمَ أَو طَعَامٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ لأَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَحْصُرْهُ بِوَقْتٍ، وإِنما أَمر بِتَمْتِيعِهَا فَقَطْ، وَقَدْ قَالَ: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ
؛ وأَما المُتْعةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ مِنْ جِهَةِ الإِحسان وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْعَهْدِ، فأَن يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ امرأَة وَيُسَمِّيَ لَهَا صَدَاقًا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا أَو بَعْدَهُ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَن يُمَتِّعَهَا بِمُتْعَةٍ سِوَى نِصْفِ الْمَهْرِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لَهَا، إِن لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، أَو الْمَهْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ كُلِّهِ، إِن كَانَ دَخَلَ بِهَا، فَيُمَتِّعُهَا بِمُتْعَةٍ يَنْفَعُهَا بِهَا وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ اسْتِحْبَابٌ لِيَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ الْمُحْسِنِينَ أَو الْمُتَّقِينَ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي ذَلِكَ كُلَّهُ مُتْعةً ومَتاعاً وتَحْميماً وحَمّاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ طَلَّقَ امرأَة فَمَتَّعَ بِوَليدة
أَي أَعطاها أَمةً، هُوَ مِنْ هَذَا الَّذِي يُسْتَحَبُّ لِلْمُطَلِّقِ أَن يُعْطِيَ امرأَته عِنْدَ طَلَاقِهَا شَيْئًا يَهَبُها إِيّاه. ورجلٌ ماتِعٌ: طَوِيلٌ. وأَمْتَعَ بِالشَّيْءِ وتَمَتَّعَ بِهِ واسْتَمْتَع: دَامَ لَهُ مَا يسْتَمِدُّه مِنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها
؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ مِنَ اهْلِها ... جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجبْلِ
يُرِيدُ أَن النَّاسَ كُلَّهُمْ مُتْعةٌ للمَنايا، والأَنَسُ كالإِنْسِ والجبْلُ الْكَثِيرُ. ومَتَّعه اللَّهُ وأَمْتَعه بِكَذَا: أَبْقاه لِيَسْتَمْتِع بِهِ. يُقَالُ: أَمْتَعَ اللَّهُ فُلاناً بفلانٍ إِمْتاعاً أَي أَبقاه لِيَسْتَمْتِع بِهِ فِيمَا يُحِبُّ مِنَ الانْتفاعِ بِهِ والسُّرور بِمَكَانِهِ، وأَمْتَعه اللَّهُ بِكَذَا ومَتَّعَه بِمَعْنًى. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى
، فَمَعْنَاهُ أَي يُبْقِكم بَقاء فِي عافِيةٍ إِلى وَقْتِ وَفَاتِكُمْ وَلَا يَسْتَأْصِلْكُمْ بِالْعَذَابِ كَمَا استأْصل القُرى الَّذِينَ كَفَرُوا. ومَتَّعَ اللَّهُ فُلَانًا وأَمْتَعه إِذا أَبقاه وأَنْسَأَه إِلى أَن يَنْتَهِيَ شَبابُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ نَخْلًا نَابِتًا عَلَى الْمَاءِ حَتَّى طالَ طِوالُه إِلى السَّمَاءِ فَقَالَ:
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفَا وسَرِيُّه، ... عُمٌّ نواعِمُ، بَيْنَهُنَّ كُرُومُ
والصَّفا والسَّرِيُّ: نهرانِ مُتَخَلِّجانِ مِنْ نَهْرِ مُحَلِّمٍ الَّذِي بِالْبَحْرَيْنِ لِسَقْيِ نَخِيلِ هَجَرَ كُلِّهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ
؛ أَرادَ مَتِّعُوهُنّ تَمْتِيعًا فَوَضَعَ مَتَاعًا مَوْضِعَ تَمْتِيعٍ، وَلِذَلِكَ عدَّاه بإِلى؛ قَالَ الأَزهري: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً؛ فَمُقامُ الحولِ مَنْسُوخٌ بِاعْتِدَادِ أَربعة أَشهر وَعَشْرٍ، وَالْوَصِيَّةُ لَهُنَّ مَنْسُوخَةٌ بِمَا بَيَّنَ اللَّهُ مِنْ مِيرَاثِهَا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ، وَقُرِئَ:
وصيَّةٌ لأَزواجهم، وَوَصِيَّةً
، بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي أُريد بِهِ الْفِعْلُ كأَنه قَالَ لِيُوصُوا لَهُنَّ وَصِيَّةً، وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى إِضمار فَعَلَيْهِمْ وَصِيَّةٌ لأَزواجهم، وَنَصْبُ قَوْلِهِ مَتَاعًا عَلَى الْمَصْدَرِ أَيضاً أَراد متِّعوهن مَتَاعًا، والمَتاعُ والمُتْعةُ اسْمانِ يَقُومانِ مَقامَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ التَّمْتِيعُ أَي انْفَعُوهُنَّ بِمَا تُوصُونَ بِهِ لَهُنَّ مِنْ صِلةٍ تَقُوتُهن إِلى الْحَوْلِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ مَا كانُوا يُوعَدُونَ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ أَطلنا أَعمارهم ثُمَّ جَاءَهُمُ الْمَوْتُ. والماتِعُ: الطَّوِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ومَتَّعَ الشيءَ: طَوَّله؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ الْبَيْتَ الْمُقَدَّمَ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:(8/331)
إِلى خَيْرِ دِينٍ سُنَّةٍ قَدْ عَلِمْته، ... ومِيزانُه فِي سُورةِ المَجْدِ ماتِعُ
أَي راجِحٌ زائِدٌ. وأَمْتَعَه بِالشَّيْءِ ومَتَّعَه: مَلَّاه إِياه. وأَمْتَعْتُ بِالشَّيْءِ أَي تَمَتَّعْتُ بِهِ، وَكَذَلِكَ تَمَتَّعْتُ بأَهلي وَمَالِي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاعِي:
خَلِيلَيْنِ مِنْ شَعْبَيْنِ شَتَّى تَجاوَرا ... قَلِيلًا، وَكَانَا بالتَّفَرُّقِ أَمْتَعا «1»
أَمتَعا هَاهُنَا: تَمتَّعا، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ المَتاعُ، وَهُوَ فِي تَفْسِيرِ الأَصمعي مُتَعَدّ بِمَعْنَى مَتَّعَ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِلرَّاعِي:
ولكِنَّما أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّه ... بِفِرْقٍ يُخَشِّيه، بِهَجْهَجَ، ناعِقُه
أَي تَمَتَّعَ جَدُّه بِفِرْقٍ مِنَ الْغَنَمِ، وَخَالَفَ الأَصمعي أَبا زَيْدٍ وأَبا عَمْرٍو فِي الْبَيْتِ الأَوّل وَرَوَاهُ: وَكَانَا للتفَرُّقِ أَمْتَعا، بِاللَّامِ؛ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ أَحد يُفَارِقُ صَاحِبَهُ إِلا أَمْتَعَه بِشَيْءٍ يُذَكِّرُهُ بِهِ، فَكَانَ مَا أَمتَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ صَاحِبَهُ أَن فارَقه أَي كَانَا مُتجاوِرَيْن فِي المُرْتَبَعِ فَلَمَّا انْقَضَى الرَّبِيعُ تَفَرَّقَا، وَرُوِيَ الْبَيْتُ الثَّانِي: وأَمْتَعَ جَدَّه، بِالنَّصْبِ، أَي أَمتعَ اللَّهُ جَدَّه. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: طَالَمَا أُمْتِعَ بِالْعَافِيَةِ فِي مَعْنَى مُتِّعَ وتَمَتَّعَ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: اسْتَمْتَعُوا يَقُولُ رَضُوا بِنَصِيبِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنصبائهم فِي الْآخِرَةِ وَفَعَلْتُمْ أَنتم كَمَا فَعَلُوا. وَيُقَالُ: أَمْتَعْتُ عَنْ فُلَانٍ أَي اسْتَغْنَيْتُ عَنْهُ. والمُتْعةُ والمِتْعةُ والمَتْعةُ أَيضاً: البُلْغةُ؛ وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: ابْغِني مُتْعةً أَعِيشُ بِهَا أَي ابْغِ لِي شَيْئًا آكُلُه أَو زَادًا أَتَزَوَّدُه أَو قُوتًا أَقتاته؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى يَصِفُ صَائِدًا:
مِنْ آلِ نَبْهانَ يَبْغِي صَحْبَه مُتَعا
أَي يَبْغِي لأَصحابه صَيْدًا يَعِيشُونَ بِهِ، والمُتَعُ جَمَعَ مُتْعةٍ. قَالَ اللَّيْثُ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مِتْعةٌ، وَجَمْعُهَا مِتَعٌ، وَقِيلَ: المُتْعةُ الزَّادُ الْقَلِيلُ، وَجَمْعُهَا مُتَعٌ. قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ
؛ أَي بُلْغةٌ يُتَبلَّغُ بِهِ لَا بَقَاءَ لَهُ. وَيُقَالُ: لَا يُمْتِعُني هَذَا الثوبُ أَي لَا يَبْقى لِي، وَمِنْهُ يُقَالُ: أَمْتَعَ اللَّهُ بِكَ. أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ فأُمَتِّعُه أَيْ أُؤخره، وَمِنْهُ يُقَالُ: أَمْتَعَك اللَّهُ بِطُولِ الْعُمْرِ؛ وأَما قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ يَهْجُو امرأَته:
لَوْ جُمِعَ الثَّلَاثُ والرُّباعُ ... وحِنْطةُ الأَرضِ الَّتِي تُباعُ،
لَمْ تَرَهُ إِلّا هُوَ المَتاعُ
فإِنه هَجَا امرأَته. وَالثَّلَاثُ وَالرُّبَاعُ: أَحدهما كَيْلٌ مَعْلُومٌ، وَالْآخَرُ وَزْنٌ مَعْلُومٌ؛ يَقُولُ: لَوْ جُمِعَ لَهَا مَا يكالُ أَو بوزن لَمْ تَرَهُ المرأَة إِلا مُتْعةً قَلِيلَةً. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ*
، وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه عَنَى بِبُيُوتٍ غَيْرِ مَسْكُونَةٍ الْخَانَاتِ والفنادِقَ الَّتِي تَنْزِلُهَا السابِلةُ وَلَا يُقيمون فِيهَا إِلا مُقامَ ظَاعِنٍ، وَقِيلَ: إِنه عَنَى بِهَا الخَراباتِ الَّتِي يَدْخُلُهَا أَبناء السَّبِيلِ للانتِفاصِ مِنْ بَوْلٍ أَو خَلاء، وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فِيها مَتاعٌ لَكُمْ
، أَي مَنْفَعةٌ لَكُمْ تَقْضُون فِيهَا حَوَائِجَكُمْ مُسْتَتِرِينَ عَنِ الأَبْصارِ ورُؤية النَّاسِ، فَذَلِكَ المَتاعُ، وَاللَّهُ أَعلم بِمَا أَراد. وَقَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: المَتاعُ مِنْ أَمْتِعةِ الْبَيْتِ مَا يَسْتَمْتِعُ بِهِ الإِنسان فِي حَوائِجه،
__________
(1) . قوله [خليلين] الذي في الصحاح وشرح القاموس خليطين.(8/332)
وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ، قَالَ: وَالدُّنْيَا مَتَاعُ الْغُرُورُ، يَقُولُ: إِنَّمَا العَيْشُ مَتَاعُ أَيام ثُمَّ يَزُولُ أَي بَقاء أَيام. والمَتاعُ: السِّلْعةُ. والمَتاعُ أَيضاً: الْمَنْفَعَةُ وَمَا تَمَتَّعْتَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الأَكْوَعِ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْلَا مَتَّعْتنا بِهِ
أَي تَرَكْتَنَا نَنْتَفِعُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه حَرَّمَ الْمَدِينَةَ وَرَخَّصَ فِي متاعِ النَّاصِحِ
، أَراد أَداة الْبَعِيرِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنَ الشَّجَرِ فَسَمَّاهَا مَتَاعًا. والمتاعُ: كُلُّ مَا يُنْتَفعُ بِهِ مِنْ عُروضِ الدُّنْيَا قليلِها وكثيرِها. ومَتَعَ بِالشَّيْءِ: ذَهَبَ بِهِ يَمْتَعُ مَتْعاً. يُقَالُ: لَئِنِ اشْتَرَيْتَ هَذَا الْغُلَامَ لتَمْتَعَنّ مِنْهُ بِغُلَامٍ صَالِحٍ أَي لتَذْهَبَنَّ بِهِ؛ قَالَ المُشَعَّثُ:
تَمَتَّعْ يَا مُشَعَّثُ، إِنَّ شَيْئًا، ... سَبَقْتَ بِهِ المَماتَ، هُوَ المَتاعُ
وَبِهَذَا الْبَيْتِ سُمِّيَ مُشَعَّثاً. والمَتاعُ: المالُ والأَثاث، وَالْجَمْعُ أَمْتعةٌ، وأَماتِعُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي أَماتِيعَ، فَهُوَ مِنْ بَابِ أَقاطِيعَ. ومتاعُ المرأَةِ: هَنُها. والمَتْعُ والمُتْعُ: الكيْدُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، والأُولى أَعلى؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مِنْ مَتْعِ أَعْداءٍ وحوْضٍ تَهْدِمُه
وماتِعٌ: اسم.
مثع: المَثَعُ: مِشْيةٌ قَبِيحَةٌ لِلنِّسَاءِ، مَثَعَتِ المرأَة تَمْثَعُ مَثْعاً وتَمْثُعُ ومَثِعَت، كِلَاهُمَا: مَشَتْ مِشْيةً قَبِيحَةً، وضَبُعٌ مَثْعاء كَذَلِكَ؛ قَالَ المعْنيُّ:
كالضَّبُعِ المَثْعاء عَنَّاها السُّدُمْ، ... تَحْفِرُه مِنْ جانِبٍ ويَنْهَدِمْ
المَثْعاءُ: الضَّبُعُ المُنْتِنةُ.
مجع: المَجْعُ والتمجُّعُ: أَكل التَّمْرِ الْيَابِسِ. ومَجَعَ يَمْجُعُ مَجْعاً وتَمَجَّعَ: أَكل التَّمْرَ بِاللَّبَنِ مَعًا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يأْكل التَّمْرَ وَيَشْرَبَ عَلَيْهِ اللَّبَنَ. يُقَالُ: هُوَ لَا يَزَالُ يَتَمَجَّعُ، وَهُوَ أَن يَحْسُوَ حَسْوةً مِنَ اللَّبَنِ ويَلْقَمَ عَلَيْهَا تَمْرةً، وَذَلِكَ المَجِيعُ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَرُبَّمَا أُلْقِيَ التمرُ فِي اللَّبَنِ حَتَّى يَتَشَرَّبَهُ فَيُؤْكَلُ التمرُ وتَبْقى المَجاعةُ. وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ:
دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَتَمَجَّعُ مِنْ ذَلِكَ
، وَقِيلَ: المَجِيعُ التَّمْرُ يُعْجَنُ بِاللَّبَنِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الطَّعَامِ؛ وَقَالَ:
إِنَّ فِي دارِنا ثلاثَ حَبالى، ... فَوَدِدْنا أنْ لَوْ وَضَعْنَ جَمِيعا:
جارَتي ثُمَّ هِرَّتي ثُمَّ شَاتِي، ... فإِذا مَا وَضَعْنَ كُنّ رَبيعا
جَارَتِي للخَبِيص، والهرُّ للفأْرِ، ... وَشَاتِي، إِذا اشْتَهَيْنا مَجِيعا
كأَنه قَالَ: وَشَاتِي للمَجِيع إِذا اشْتَهَيْناه. والمجاعةُ: فُضالةُ المَجِيع. وَرَجُلٌ مَجّاعٌ ومَجّاعةٌ ومُجّاعةٌ إِذا كَانَ يُحِبُّ المَجِيعَ، وَهُوَ كَثِيرُ التمجُّع. وتماجَعَ الرجلانِ: تَماجَنا وتَرافَثا. ومَجِعَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، يَمْجَعُ مَجاعةً إِذا تماجَنَ. والمِجْعُ والمُجْعةُ والمُجَعةُ، مِثَالُ الهُمَزةِ: الرَّجُلُ الأَحمق الَّذِي إِذا جَلَسَ لَمْ يَكَدْ يَبْرَحُ مَكَانَهُ، والأُنثى مِجْعةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَأَرَى أَنه حُكِيَ فِيهِ المِجَعةُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المِجْعُ الجاهِلُ، وَقِيلَ: المازِحُ. وَيُقَالُ: مَجُعَ مَجاعةً، بِالضَّمِّ، مِثل قَبُحَ قَبَاحَةً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنه دَخَلَ عَلَى سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَمازَحَه بِكَلِمَةٍ فَقَالَ: إِياي وكلامَ(8/333)
المِجَعةِ
، وَاحِدُهُمْ مِجْعٌ مِثْلُ قِرَدةٍ وقِرْدٍ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَوْ رُوِيَ بِالسُّكُونِ لَكَانَ الْمُرَادُ إِياي وكلامَ المرأَةِ الغَزِلةِ، وَيُرْوَى إِيّايَ وكلامَ المَجاعة أَي التَّصْرِيحِ بالرَّفَثِ. يُقَالُ: فِي نِسَاءِ بَنِي فُلَانٍ مَجاعةٌ أَي يُصَرِّحْنَ بالرَّفَثِ الَّذِي يُكَنَّى عَنْهُ، وَقَوْلُهُ إِياي يَقُولُ احْذَرُوني وجَنِّبُوني وتَنَحَّوا عَني. وامرأَة مَجِعةٌ: قليلةُ الحَياءِ مِثَالُ جَلِعةٍ فِي الوزْنِ وَالْمَعْنَى؛ عَنْ يَعْقُوبَ. والمَجِعةُ: الْمُتَكَلِّمَةُ بالفُحْشِ، وَالِاسْمُ المَجاعةُ، والمِجْعُ والمَجْعُ: الداعِرُ، وَهُوَ مِجْع نِسَاءٍ يُجالِسُهُنّ ويَتَحَدَّثُ إِليهن. ومَجّاعٌ: اسم.
مدع: مَيْدُوعٌ: فَرَسُ عَبْدِ الْحَرْثِ بْنِ ضِرار الضَّبِّيّ.
مذع: مَذَعَ يَمْذَعُ مَذْعاً: أَخبر بِبَعْضِ الأَمر ثُمَّ كَتَمَه، وَقِيلَ: قَطَعَه وأَخذ فِي غَيْرِهِ. وَرَجُلٌ مَذَّاعٌ: مُتَمَلِّقٌ كَذَّابٌ لَا يَقِي وَلَا يَحْفَظُ أَحداً بِظَهْرِ الغَيْبِ. وَقَدْ مَذَعَ إِذا كَذَبَ. ومَذَعَ فُلَانٌ يَمِينًا إِذا حَلَفَ. والمَذَّاعُ أَيضاً: الَّذِي لَا يَكْتُم سِرًّا. ومِذْعى: حَفْرٌ بالحَزِيز حَزِيزَ رامةَ، مُؤَنَّثٌ مَقْصُورٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
سَمَتْ لَكَ مِنْهَا حاجةٌ بَيْنَ ثَهْمَدٍ ... ومِذْعى، وأَعناقُ المَطِيِّ خَواضِعُ
والمَذْعُ: سَيَلانُ المَزادةِ. والمَذْعُ: السَّيَلانُ مِنَ الْعُيُونِ الَّتِي تَكُونُ فِي شَعَفاتِ الجبالِ. ومَذَعَ بِبَوْلِهِ أَي رَمى بِهِ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ بذع: البَذْعُ قَطْرُ حُبِّ الماءِ، قَالَ: وَهُوَ المَذْعُ أَيضاً، يُقَالُ بَذَعَ ومَذَعَ إِذا قَطَرَ.
مرع: المَرْعُ: الكَلأُ، وَالْجَمْعُ أَمْرُعٌ وأَمْراعٌ مِثْلُ يَمْنٍ وأَيْمُنٍ وأَيمانٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَعْنِي عَضَّ السِنِينَ المُجْدِبةِ:
أَكَلَ الجَمِيمَ وطاوَعَتْه سَمْحجٌ ... مثْلُ القَناةِ، وأَزْعَلَتْه الأَمْرُعُ
ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذَا الْفَصْلِ: المَرِيعُ الخَصِيبُ، وَالْجَمْعُ أَمْرُعٌ وأَمْراعٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَا يَصِحُّ أَن يُجْمَعَ مَرِيعٌ عَلَى أَمْرُعٍ لأَنّ فَعِيلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعُلٍ إِلا إِذا كَانَ مُؤَنَّثًا نَحْوَ يمِينٍ وأَيْمُنٍ، وأَما أَمْرُعٌ فِي بَيْتِ أَبي ذُؤَيْبٍ فَهُوَ جَمْعُ مَرْعٍ، وَهُوَ الكَلأُ؛ قَالَ أَعرابي: أَتَتْ عَلَيْنَا أَعوامٌ أَمْرُعٌ إِذا كَانَتْ خَصْبةً. ومَرَعَ المكانُ والوادِي مَرْعاً ومَراعةً ومَرِعَ مَرَعاً وأَمْرَعَ، كلُّه: أَخْصَبَ وأَكْلأَ، وَقِيلَ لَمْ يأْت مَرَعَ، وَيَجُوزُ مَرُعَ. ومَرِعَ الرَّجُلُ إِذا وَقَعَ فِي خِصْبٍ، ومَرِع إِذا تَنَعَّمَ. ومكانٌ مَرِعٌ ومَرِيعٌ: خَصِيب مُمْرِع ناجِعٌ؛ قَالَ الأَعشى:
سَلِسٌ مُقَلَّدُه أَسِيلٌ ... خَدُّه مَرِعٌ جَنابُهْ
وأَمْرَعَ القومُ: أَصابوا الكَلأَ فأَخْصَبُوا. وَفِي الْمَثَلِ: أَمْرَعْتَ فانْزِلْ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
بِمَا شِئْتَ مِنْ خَزٍّ وأَمْرَعْتَ فانْزِلِ
وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ مُمْرِعُون إِذا كَانَتْ مواشِيهم فِي خِصْبٍ. وأَرض أُمْرُوعةٌ أَي خَصِيبَةٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: المُمْرِعةُ. الأَرض المُعْشِبةُ المُكْلِئةُ. وَقَدْ أَمْرَعَت الأَرضُ إِذا شَبِعَ غَنَمُهَا، وأَمْرَعَتْ إِذا أَكْلأَتْ فِي الشَّجَرِ وَالْبَقْلِ، وَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا مُمْرِعةٌ مَا دَامَتْ مُكْلِئةً مِنَ الرَّبِيعِ واليَبِيسِ. وأَمْرَعَتِ الأَرضُ إِذا(8/334)
أَعْشَبَتْ. وغَيْثٌ مَرِيعٌ ومِمْراعٌ: تُمْرِعُ عَنْهُ الأَرضُ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَعا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً مُرْبِعاً
؛ المَرِيعُ: ذُو المَراعةِ والخِصْبِ. يُقَالُ: أَمْرَعَ الْوَادِي إِذا أَخْصَبَ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وغَيْث مَرِيع لَمْ يُجَدَّعْ نَباتُه
أَي لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهُ الْمَطَرُ فَيُجَدَّعَ كَمَا يُجَدَّعُ الصَّبِيُّ إِذا لَمْ يَرْوَ مِنَ اللَّبَنِ فيسوءَ غِذاؤه ويُهْزَلَ. ومَمارِيعُ الأَرضِ: مَكارِمُها، قَالَ: أَعني بِمَكَارِمِهَا الَّتِي هِيَ جَمْعُ مَكْرُمةٍ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا وَاحِدًا. وَرَجُلٌ مَرِيعُ الجنابِ: كَثِيرُ الْخَيْرِ، عَلَى الْمَثَلِ. وأَمْرَعَتِ الأَرضُ: شَبِعَ مالُها كلُّه؛ قَالَ:
أَمْرَعَتِ الأَرضُ لَوَ أَنَّ مَالَا، ... لَوْ أَنَّ نُوقاً لَكَ أَو جِمالا،
أَو ثَلّةً من غَنَمٍ إِمَّا لا
والمُرَعُ: طَيْرٌ صِغار لَا يَظْهَرُ إِلا فِي الْمَطَرِ شَبِيهٌ بالدُّرّاجة، وَاحِدَتُهُ مُرَعةٌ مِثْلُ هُمَزةٍ مِثْلُ رُطَبٍ ورُطَبةٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ المُرَعُ تَكْسِيرَ مُرَعةٍ، إِنما هُوَ مِنْ بَابِ تَمْرة وتَمْر لأَن فُعَلةَ لَا تكسَّر لقلتها في كلامها، أَلا تَرَاهُمْ قَالُوا: هَذَا المُرَعُ فَذَكَّرُوا فَلَوْ كَانَ كالغُرَفِ لأَنَّثُوا. ابْنُ الأَعرابي: المُرْعةُ طَائِرٌ طَوِيلٌ، وَجَمْعُهَا مُرَعٌ؛ وأَنشد لِمَلِيحٍ:
سَقَى جارَتَيْ سُعْدَى، وسُعْدَى ورَهْطَها، ... وحيثُ التَقَى شَرْقٌ بِسُعْدَى ومَغْرِبُ
بِذي هَيْدبٍ أَيْما الرُّبا تحتَ وَدْقِه ... فَترْوَى، وأَيْما كلُّ وادٍ فَيَرْعَبُ
لَهُ مُرَعٌ يَخْرُجْنَ مِنْ تحتِ وَدْقِه، ... منَ الماءِ جُونٌ رِيشُها يَتَصَبَّبُ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: المُرْعةُ طَائِرٌ أَبيض حسَنُ اللونِ طَيِّبُ الطَّعْمِ فِي قَدْرِ السُّمانَى. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه سُئِلَ عَنِ السَّلْوى فَقَالَ: هِيَ المُرَعةُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ طَائِرٌ أَبيض حَسَنُ اللَّوْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ بِقَدْرِ السُّمانى، قَالَ: إِنه يَقَعُ فِي الْمَطَرِ مِنَ السَّمَاءِ. ومارِعةُ: ملِكٌ فِي الدهْرِ الأَوّل. وَبَنُو مارِعةَ: بَطْنٌ يُقَالُ لَهُمُ الموارِعُ. ومَرْوَعُ: أَرض؛ قَالَ رؤْبة:
فِي جَوْفِ أَجْنَى مِنْ حِفافى مَرْوَعا
وأَمْرَعَ رأْسَه بدُهْنٍ أَي أَكْثَرَ مِنْهُ وأَوْسَعَه، يُقَالُ: أَمرِعْ رأْسك وامْرَعْه أَي أَكثر مِنْهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كَغُصْنِ بانٍ عُودُه سَرَعْرَعُ، ... كأَنَّ وَرْداً مِنْ دِهانٍ يُمْرَعُ
لَوْنِي، وَلَوْ هَبَّتْ عَقِيمٌ تَسْفَعُ
يَقُولُ كأَنَّ لَوْنَهُ يُعْلَى بالدُّهْنِ لصَفائِه. ابْنُ الأَعرابي: أَمْرَعَ المكانُ لَا غَيْرُ. ومَرَعَ رأْسَه بِالدُّهْنِ إِذا مَسَحَه.
مزع: المَزْعُ: شدّةُ السَّيْرِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
والخَيْلَ تَمْزَعُ غَرْباً فِي أَعِنَّتها، ... كالطَّيْرِ تَنْجُو مِنَ الشُّؤْبُوبِ ذِي البَرَدِ
مَزَعَ البعيرُ فِي عَدْوِه يَمْزَعُ مَزْعاً: أَسْرَع فِي عَدْوه، وَكَذَلِكَ الفرسُ والظبْيُ، وَقِيلَ: العَدْو الْخَفِيفُ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّل العدْو وَآخِرُ المشْي. وَيُقَالُ لِلظَّبْيِ إِذا عَدا: مَزَعَ وقَزَعَ، وَفَرَسٌ مِمْزَعٌ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:(8/335)
وَكُلُّ طَمُوحِ الطَّرْفِ شَقَّاءَ شَطْبةٍ ... مُقَرِّبةٍ كَبْداءَ جَرْداءَ مِمْزَعِ
والمَزْعِيُّ: النَّمّامُ، وَقَدْ يَكُونُ السيّارَ بِاللَّيْلِ. والقنافِذُ تَمْزَعُ بِاللَّيْلِ مَزْعاً إِذا سَعَتْ فأَسْرَعَتْ؛ وأَنشد الرِّيَاشِيُّ لِعَبْدَةَ بْنِ الطَّبِيبِ يَضْرِبُ مَثَلًا لِلنَّمَّامِ:
قومٌ، إِذا دَمَسَ الظّلامُ عليهمُ، ... حَدَجُوا قَنافِذَ بالنميمةِ تَمْزَعُ
ابْنُ الأَعرابي: القُنْفُذُ يُقَالُ لَهَا المَزّاعُ. ومَزَعَ القُطْنَ يَمْزَعُه مَزْعاً: نَفَشَه. ومَزَّعَتِ المرأَةُ القطنَ بِيَدِها إِذا زَبَّدَتْه وقَطَّعَتْه ثُمَّ أَلَّفَتْه فَجَوَّدَتْهُ بِذَلِكَ. والمُزْعةُ: القِطْعةُ مِنَ القُطْنِ والرِّيشِ وَاللَّحْمِ ونحوِها. والمِزْعةُ، بِالْكَسْرِ، مِنَ الرِّيشِ وَالْقُطْنِ مِثْلَ المِزْقةِ مِنَ الخِرَقِ، وَجَمْعُهَا مِزَعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ ظَلِيمًا:
مِزعٌ يُطَيِّره أَزَفُّ خَذُومُ
أَي سَرِيعٌ. ومُزاعةُ الشَّيْءِ: سُقاطَتُه. ومَزَّعَ اللحمَ فَتَمزَّع: فَرَّقَه فَتَفَرَّقَ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَقَالَ لَهُمْ تَمَزَّعُوه فأَوفاهُمُ الَّذِي لَهُمْ
أَي تقاسَموه وفَرَّقُوه بَيْنَكُمْ. والتَّمزِيعُ: التفْرِيقُ. يُقَالُ: مَزَّعَ فُلَانٌ أَمرَه تَمْزِيعاً إِذا فَرَّقَه. والمُزْعةُ: بقيَّةُ الدسَمِ. وتَمَزَّعَ غَيْظًا: تَقَطَّعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه غَضِبَ غَضَباً شَدِيدًا حَتَّى تَخَيَّلَ لِي أَنّ أَنفه يَتَمَزَّعُ مِنْ شدةِ غَضَبِه
أَي يَتَقَطَّعُ وَيَتَشَقَّقُ غَضَباً. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَيْسَ يَتَمَزَّعُ بِشَيْءٍ وَلَكِنِّي أَحسبه يَتَرَمَّعُ، وَهُوَ أَن تَرَاهُ كأَنه يُرْعِدُ مِنْ الْغَضَبِ، وَلَمْ يَنْكَرْ أَبو عُبَيْدٍ أَن يَكُونَ التَّمَزُّعُ بِمَعْنَى التقَطّع وإِنما اسْتُبْعِدَ الْمَعْنَى. والمُزْعةُ، بِالضَّمِّ: قِطْعةُ لَحْمٍ، يُقَالُ: مَا عَلَيْهِ مُزْعةُ لَحْمٍ أَي مَا عَلَيْهِ حُزّةُ لَحْمٍ، وَكَذَلِكَ مَا فِي وَجْهِهِ لُحادةُ لَحْمٍ. أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ النَّفْيِ: مَا عَلَيْهِ مُزْعةُ لَحْمٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَزالُ المسأَلة بِالْعَبْدِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا فِي وَجْهِهِ مُزْعةُ لَحْمٍ
أَي قِطْعةٌ يَسِيرَةٌ مِنَ اللَّحْمِ. أَبو عَمْرٍو: مَا ذُقْتُ مُزْعةَ لَحْمٍ وَلَا حذْفةً وَلَا حِذْيةً وَلَا لَحْبَةً وَلَا حِرْباءةً وَلَا يَرْبوعةً وَلَا مُلَّاكًا وَلَا ملُوكاً بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ومَزَّعَ اللحمَ تَمْزِيعاً: قطَّعه؛ قَالَ خَبِيبٌ:
وذلكَ فِي ذاتِ الإِلَهِ، وإِن يَشَأ ... يُبارِكْ عَلَى أَوْصالِ شِلْوٍ مُمَزّعِ
وَمَا فِي الإِناءِ مُزْعةٌ مِنَ الماءِ أَي جُرعةٌ.
مسع: الأَصمعي: يُقَالُ لِرِيحِ الشَّمالِ مِسْعٌ ونِسْعٌ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ للمُتَنَخِّل الهُذَلي، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لأَبي ذُؤَيْبٍ لَا لِلْمُتَنَخِّلِ:
قَدْ حالَ بَيْنَ دَرِيسَيْه مُؤَوِّبةٌ ... مِسْعٌ، لَهَا بعِضاهِ الأَرضِ تَهْزِيزُ
قَوْلُهُ مُؤَوِّبةٌ أَي ريحٌ تجيءُ مَعَ اللَّيْلِ. والمَسْعِيُّ مِنَ الرِّجَالِ: الْكَثِيرُ السيْرِ القويُّ عليه.
مشع: المَشْعُ: ضرْبٌ مِنَ الأَكل كأَكلِكَ القِثّاء، وَقَدْ مَشَعَ القِثّاءَ مَشْعاً أَي مَضَغَه، وَقِيلَ: المَشْعُ أَكلُ القِثّاء وَغَيْرِهِ مِمَّا لَهُ جَرْسٌ عِنْدَ الأَكل. وَيُقَالُ: مَشَعْنا القَصْعةَ أَي أَكلنا كُلَّ مَا فِيهَا. والمَشْعُ: السَّيْرُ السَّهْلُ. والتمشُّعُ: الاستنجاءُ. والتمْشِيعُ: التمْسِيح. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى أَن يُتَمَشَّعَ برَوْثٍ أَو عَظْمٍ
: التمشُّعُ: التمسُّحُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ حَرْفٌ صَحِيحٌ. وتَمَشَّعَ وامْتَشَعَ إِذا أَزال عَنْهُ الأَذى. ومَشَعَ القُطْنَ يَمْشَعُه مَشْعاً: نَفَشَه(8/336)
بِيَدِهِ، والمِشْعةُ والمَشِيعةُ: القِطْعةُ مِنْهُ. والمَشْعُ: الكَسْبُ. ومَشَعَ يَمْشَعُ مَشْعاً ومُشُوعاً: كَسَبَ وجَمَع. وَرَجُلٌ مَشُوعٌ: كَسُوبٌ؛ قَالَ:
وَلَيْسَ بخَيْرٍ مِنْ أَبٍ غيرَ أَنه، ... إِذا اغْبَرّ آفاقُ البلادِ، مَشُوعُ
ومَشَعْتُ الغنَمَ: حَلَبْتُها. وامْتَشَعْتُ مَا فِي الضّرْعِ وامْتَشَقْتُه إِذا لَمْ تدَع فِيهِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ امْتَشَعْتُ مَا فِي يَدَيْ فُلَانٍ وامْتَشَقْته إِذا أَخذت مَا فِي يَدِهِ كُلَّهُ. وَامْتَشَعَ السيفَ مِنْ غِمْدِه وامْتَلَخه إِذا امْتَعَدَه وسلَّه مُسْرِعاً. وَيُقَالُ: امْتَشِعْ مِنْ فُلَانٍ مَا مَشَعَ لَكَ أَي خُذْ مِنْهُ مَا وجدْت. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: امْتَشَعَ الرَّجُلُ ثَوْبَ صَاحِبِهِ أَي اخْتَلَسَه. وذئبٌ مَشُوعٌ.
مصع: المَصْع: التَّحْرِيكُ، وَقِيلَ: هُوَ عَدْوٌ شَدِيدٌ يُحَرَّكُ فِيهِ الذَّنَبُ. وَمَرَّ يَمْصَعُ أَي يُسْرِعُ مِثْلَ يَمْزَعُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
يَمْصَع فِي قِطْعةِ طَيْلَسانِ ... مَصْعاً، كَمَصْعِ ذكَرِ الوِرْلانِ
ومَصَعَتِ الدابةُ بذَنَبِها مَصْعاً: حَرَّكَتْهُ مِنْ غَيْرِ عَدْوٍ، وَالدَّابَّةُ تَمْصَعُ بِذَنَبِهَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا بَدا مِنْهُنّ إِنْقاضُ النُّقَقْ، ... بَصْبَصْنَ واقْشَعْرَرْنَ مِنْ خوْفِ الرَّهَقْ،
يَمْصَعْنَ بالأَذْنابِ مِنْ لُوحٍ وَبَقْ
اللُّوحُ: الْعَطَشُ، والإِنْقاض: الصوتُ، والنُّقَقُ: الضَّفادِعُ، جَمْعُ نَقُوقٍ، وَكَانَ حَقُّهُ نُقُقٌ فَفَتَحَ لِتَوَالِي الضَّمَّتَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: والفتنةُ قَدْ مَصَعَتْهم
أَي عَرَكَتْهم وَنَالَتْ مِنْهُمْ؛ هُوَ مِنَ المَصْعِ الَّذِي هُوَ الْحَرَكَةُ والضرْبُ. والمُماصَعةُ والمِصاعُ: المُجالدَة والمُضارَبةُ. وفي حديث
عبيد ابن عُمَيْرٍ فِي الْمَوْقُوذَةِ: إِذا مَصَعَتْ بذَنبها
أَي حرّكَتْه وضربَتْ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ دَمِ الْحَيْضِ:
فَمَصَعَتْه بظُفُرِها
أَي حَرَّكَتْهُ وفَرَكَتْه. ومَصَعَ الفرسُ يَمْصَعُ مَصْعاً: مَرَّ مَرًّا خَفِيفًا. ومَصَع البعيرُ يَمْصَعُ مَصْعاً: أَسْرَعَ. ومَصَعَ الرجُلُ فِي الأَرض يَمْصَعُ مَصْعاً وامْتَصَعَ إِذا ذَهَبَ فِيهَا؛ قَالَ الأَغلب الْعِجْلِيُّ:
وهُنَّ يَمْصَعْنَ امْتِصاعَ الأَظْبِ، ... مُتَّسِقاتٍ كاتِّساقِ الجَنْبِ
ومَصَعَ لبنُ النَّاقَةِ مِنْهُ يَمْصَعُ مُصُوعاً؛ الْآتِي وَالْمَصْدَرُ جَمِيعًا عَنِ اللِّحْيَانِي: ذَهَبَ، فَهِيَ ماصِعةُ الدَّرِّ. وَكُلُّ شَيْءٍ ولَّى وَقَدْ ذهَب، فَقَدْ مَصَعَ. وأَمْصَعَ الرجلُ إِذا ذهَب لبَنُ إِبِلِه. وأَمْصَعَ القومُ: مَصَعَتْ أَلْبانُ إِبِلِهم، ومَصَعَت إِبلهم: ذهَبَت أَلبانُها؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ لِلْمَاءِ فَقَالَ أَنشده اللِّحْيَانِي:
أَصْبَحَ حوْضاكَ، لِمَنْ يَراهما، ... مُسَمَّلَيْنِ ماصِعاً قِراهُما
ومَصَعَ البردُ أَي ذهَب. ومَصَعْتُ ضَرْعَ الناقةِ إِذا ضَرَبْتَه بالماءِ البارِدِ. والمَصْعُ: القِلّةُ. ومَصَعَ الحوْضَ بِمَاءٍ قَلِيلٍ: بَلَّه ونضحَه. ومَصَعَ الحوضُ إِذا نَشِفَ مَاؤُهُ. ومَصَعَ ماءُ الْحَوْضِ إِذا نَشَّفَه الحوضُ. ومَصَعَت الناقةُ هُزالًا، قَالَ: وكلُّ مُولٍّ ماصِعٌ. والمَصْعُ: السوْقُ. ومَصَعَه بِالسَّوْطِ: ضرَبه ضرَباتٍ قَلِيلَةً ثَلَاثًا أَو أَربعاً. والمصْع: الضرْبُ بِالسَّيْفِ، وَرَجُلٌ مَصِعٌ؛ وأَنشد(8/337)
:
رُبْ هَيْضَلٍ مَصِعٍ لَفَفْتُ بِهَيْضَلِ
والمُماصَعةُ: المُقاتَلةُ والمُجالَدة بِالسُّيُوفِ؛ وأَنشد القُطامي:
تَراهُم يَغْمِزُونَ مَنِ اسْتَرَكُّوا، ... ويَجْتَنِبُونَ مَنْ صَدَقَ المِصاعا
وَفِي حَدِيثِ
ثقِيفٍ: تَرَكُوا المِصاعَ
أَي الجِلادَ والضِّرابَ: وماصَعَ قِرْنَه مُماصَعةً ومِصاعاً: جالَده بِالسَّيْفِ وَنَحْوِهِ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ لِلزِّبْرِقَانِ:
يَهْدِي الخَمِيسَ نِجاداً فِي مَطالِعِها، ... إِمّا المِصاعُ، وإِمّا ضَرْبةٌ رُعبُ
وأَنشد الأَصمعي يَصِفُ الْجَوَارِيَ:
إِذا هُنَّ نازَلْنَ أَقْرانَهُنَّ، ... وَكَانَ المِصاع بِمَا فِي الجُؤَنْ
يَعْنِي قِتَالَ النساءِ الرجالَ بِمَا عَلَيْهِنَّ مِنَ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ. وَرَجُلٌ مَصِعٌ: مُقَاتِلٌ بِالسَّيْفِ؛ قَالَ:
وَوَرَاءَ الثَّأْرِ مِنِّي ابْنُ أُخْتٍ ... مَصِعٌ، عُقْدَتُه مَا تُحَلُ
والمَصِعُ: الغلامُ الَّذِي يَلْعَب بالمِخْراقِ. ومَصَعَ البرْقُ أَي أَوْمَضَ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَسُئِلَ أَعرابي عَنِ الْبَرْقِ فَقَالَ: مَصْعةُ مَلَكٍ أَي يَضْرِبُ السحابةَ ضَرْبةً فَتَرى النِّيرانَ. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: البرْقُ مَصْعُ مَلَكٍ يسُوقُ السحابَ
أَي يَضْرِبُ السَّحَابَ ضَرْبَةً فتَرى البرْقَ يَلْمَعُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ التَّحْرِيكُ وَالضَّرْبُ فكأَن السَّوْطَ يَقَعُ بِهِ لِلسَّحَابِ وَتَحْرِيكٌ لَهُ. والماصِعُ: البَرَّاقُ، وَقِيلَ المُتَغيرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
فأَفْرَغْنَ مِنْ ماصِعٍ لوْنُه ... عَلَى قُلُصٍ يَنْتَهِبْنَ السِّجالا
هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ؛ وَالرِّوَايَةُ: فأَفْرَغْتُ مِنْ ماصِعٍ، لأَن قَبْلَهُ:
فأَوْرَدْتُها مَنْهَلًا آجِناً، ... نُعاجِلُ حِلًّا بِهِ وارْتِحالا
وَيُرْوَى: نُعالِجُ؛ قَوْلُهُ فأَفْرَغْتُ مِنْ ماصِعٍ لوْنُه أَي سَقَيْتُها مِنْ مَاءٍ خَالِصٍ أَبيض لَهُ لَمَعانٌ كَلَمْعِ الْبَرْقِ مِنْ صَفائِه، والسِّجالُ: جَمْعُ سَجْلٍ للدَّلْوِ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ نَصْعٍ عِنْدَ ذِكْرِ هَذَا الْبَيْتِ: وَقَدْ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ ماصِع فَجَعَلَهُ مَاءً قَلِيلًا. وَقَالَ شَمِرٌ: ماصِعٌ يُرِيدُ ناصِعٌ، صَيَّرَ النُّونَ مِيمًا؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي شِعْرٍ لَهُ آخَرَ فَجَعَلَ الماصِعَ كَدراً فَقَالَ:
عَبَّتْ، بِمِشْفَرِها وفضْلِ زِمامِها، ... فِي فَضْلةٍ مِنْ ماصِعٍ مُتَكَدِّرِ
والمَصِعُ: الشيْخُ الزَّحّارُ. قَالَ الأَزهريّ: وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ قَبَّحَه اللهُ وأُمًّا مَصَعَتْ بِهِ وَهُوَ أَن تُلْقِيَ المرأَةُ ولدَها بزَحْرةٍ واحدةٍ وتَرْمِيَه. ومَصَعَ بِالشَّيْءِ: رَمَى بِهِ. ومَصَعَ الطائرُ بذَرْقِه مَصْعاً: رَمَى. وَقَالَ الأَصمعي: يُقَالُ مَصَعَتِ الأُمّ بِوَلَدِهَا وأَمْصَعَت بِهِ، بالأَلف، وأَخْفَدَت بِهِ وحَطَأَتْ بِهِ وزَكَبَت بِهِ. ومَصَعَ بسَلْحِه مَصْعاً: رَمَى بِهِ مِنْ فَرَقٍ أَو عَجَلةٍ، وَقِيلَ: كلُّ مَا رُمِيَ بِهِ فَقَدْ مُصِعَ بِهِ مَصْعاً؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ:
تَرى أَثَرَ الحيّاتِ فِيهَا، كأَنَّها ... مَماصِعُ وِلْدانٍ بقُضْبانِ إِسْحِلِ(8/338)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها المَرامي أَو المَلاعِبُ أَو مَا أَشْبَه ذَلِكَ. والمَصُوعُ: الفَرُوقُ. والمُصْعُ والمُصَعُ: حَمْلُ العَوْسَجِ وثَمَرُه، وَهُوَ أَحمر يُؤْكَلُ، الْوَاحِدَةُ مُصْعةٌ ومُصَعة، يُقَالُ: هُوَ أَحمر كالمُصَعَةِ يَعْنِي ثَمَرَةَ العوْسَجِ، وَمِنْهُ ضَرْبٌ أَسود لَا يُؤْكَلُ عَلَى أَرْدإِ العَوْسَجِ وأَخْبَثِه شوْكاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ المُصَعِ قَوْلُ الضَّبِّيِّ:
أَكانَ كَرِّي وإِقْدامي بِفي جُرَذٍ، ... بَيْنَ العَواسِجِ، أَحْنى حَوْلَه المُصَعُ؟
والمُصْعةُ والمُصَعةُ مِثَالُ الهُمَزة: طَائِرٌ صَغِيرٌ أَخضرُ يأْخذه الْفَخُّ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ؛ وَيُرْوَى قَوْلُ الشمّاخِ يصِفُ نَبْعةً:
فَمَظَّعَها شَهْرَيْن ماءَ لِحائِها، ... ويَنْظُرُ فِيهَا أَيَّها هُوَ غامِزُ
بِالصَّادِّ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ؛ يَقُولُ: ترَك عَلَيْهَا قِشْرها حَتَّى جَفَّ عَلَيْهَا لِيطُها، وأَيَّها منصوب بغامِزٌ، وَالصَّحِيحُ فِي الرِّوَايَةِ فمَظَّعَها أَي شَرَّبَها ماءَ لِحائِها، وَهُوَ فِعْلٌ مُتَعَدٍّ إِلى مَفْعُولَيْنِ كَشَرَّبَ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ أَنْصَعْتُ لَهُ بِالْحَقِّ وأَمْصَعْتُ وعَجَّرْتُ وعَنَّقْتُ إِذا أَقرّ بِهِ وأَعطاه عفواً.
مضع: مَضَعَه يَمْضَعُه مَضْعاً: تَناوَلَ عِرْضَه. والمُمْضَعُ: المُطْعَمُ لِلصَّيْدِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ وأَنشد:
رَمَتْنيَ مَيٌّ بالهَوى رَمْيَ مُمْضَعٍ، ... مِنَ الوَحْشِ، لَوْطٍ لم تَعُقْه الأَوانِسُ
مطع: المَطْعُ: ضربٌ مِنَ الأَكل بأَدنى الفَمِ والتناوُلُ فِي الأَكل بِالثَّنَايَا وَمَا يَلِيهَا مِنْ مُقَدّمِ الأَسنان. يُقَالُ: هُوَ ماطِعٌ ناطِعٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ القَضْمُ. ومَطَعَ فِي الأَرض مَطْعاً ومُطُوعاً: ذهَب فَلَمْ يُوجَدْ.
مظع: مَظَعَ الوَتَرَ يَمْظَعُه مَظْعاً ومَظَّعَه تَمْظِيعاً: مَلَّسَه ويبَّسَه، وَقِيلَ: وأَلانه، وَكَذَلِكَ الْخَشَبَةُ، وَقِيلَ: كلُّ مَا أَلانَه ومَلَّسَه، فَقَدْ مَظَعَه، ومَظَعَتِ الريحُ الخَشَبة: امْتَخَرَتْ نُدُوَّتَها. ومَظَّعْتُ الخشَبةَ إِذا قَطَعْتَها رطْبةً ثُمَّ وَضعْتَها بِلِحائها فِي الشَّمْسِ حَتَّى تَتَشَرَّبَ ماءَها ويُتْرَك لِحاؤها عَلَيْهَا لئَلا تَتَصَدَّعَ وتَتَشَقَّقَ؛ قَالَ أَوس ابْنُ حَجَرٍ يَصِفُ رَجُلًا قَطَعَ شَجَرَةً يَتَّخِذُ مِنْهَا قوْساً:
فَمَظَّعَها حَوْلَيْنِ ماءَ لِحائِها، ... تُعالى عَلَى ظَهْر العَرِيشِ وتُنْزَلُ
الْعَرِيشُ: الْبَيْتُ؛ يَقُولُ تُرْفَع عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ وتُنْزَلُ بِالنَّهَارِ لِئَلَّا تُصِيبَهَا الشَّمْسُ فتتفطر. والتَّمَظُّعُ: شُرْبُ القضِيب مَاءَ اللِّحاء تَتْرُكُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَشَرَّبَه فَيَكُونُ أَصلب لَهُ، وَقَدْ مَظَّعَه الماءَ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
فَلَمَّا نَجا مِنْ ذلكَ الكَرْبِ، لَمْ يَزَلْ ... يُمَظِّعُها ماءَ اللِّحاءِ لِتَذْبُلا
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا رَوَّى بالدسَمِ الثَّرِيدَ: قَدْ رَوَّغَه ومَرَّغَه ومَظَّعَه ومَرْطَلَه وسَغْبَلَه وسَغْسَغَه. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مَظَّعَ القوْسَ والسَّهْمَ شَرّبهما؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ قَوْسًا:
فمَظّعَها شَهْرَيْنِ ماءَ لحائِها، ... ويَنْظُرُ فِيها أَيَّها هُوَ غامِزُ
والمَظْعُ فِعْلُهُ مُماتٌ، وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ مَظَّعْت الْعُودَ إِذا تَرَكْتَهُ فِي لِحائِه لِيَشْرَبَ مَاءَهُ. ومَظَّعَ فُلَانٌ(8/339)
الإِهابَ إِذا سَقَاهُ الدُّهْنَ حَتَّى يَشْرَبَه. وتَمَظَّعَ مَا عِنْدَهُ: تَلَحَّسَه كُلَّهُ. وَفُلَانٌ يَتَمَظّعُ الظلَّ أَي يَتَتَبَّعُه مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ. والمُظْعةُ: بَقِيّةٌ مِنَ الكَلإِ.
معع: المَعُّ: الذّوَبانُ. والمَعْمَعةُ: صَوْتُ الحَريقِ فِي القَصَبِ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: هُوَ حكايةُ صوتِ لَهَبِ النَّارِ إِذا شُبَّتْ بالضِّرامِ؛ وَمِنْهُ قولُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كمَعْمَعةِ السَّعَفِ المُوقَدِ
وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:
مَنْ سَرَّه ضرْبٌ يُرَعْبِلُ بعضُه ... بَعْضًا، كمَعْمَعةِ الأَباءِ المُحْرَقِ
والمَعْمَعةُ: صَوْتُ الشُجَعاءِ فِي الْحَرْبِ، وَقَدْ مَعْمَعوا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ومَعْمَعَتْ فِي وَعْكةٍ ومَعْمَعا
وَيُقَالُ لِلْحَرْبِ مَعْمَعةٌ، وَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما صَوْتُ المُقاتلةِ، وَالثَّانِي اسْتِعارُ نارِها. وَفِي حَدِيثٍ:
لَا تَهْلِكُ أُمَّتي حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمُ التمايُلُ والتمايُزُ والمَعامِعُ
؛ المَعامِعُ شدَّة الحرْبِ والجِدُّ فِي القِتالِ وهَيْجُ الفِتَنِ والْتِهابُ نِيرانِها، والأَصل فِيهِ مَعْمعةُ النارِ، وَهِيَ سُرْعةُ تَلَهُّبِها، وَمِثْلُهُ مَعْمَعةُ الحرِّ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ: الْآنَ حَمِيَ الوَطِيسُ. والمَعْمَعةُ: شدَّةُ الْحَرِّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
إِذا الفَلاةُ أَوحَشَتْ فِي المَعْمَعهْ
والمَعْمَعانُ كالمَعْمَعةِ، وَقِيلَ: هو أَشدُّ الْحَرِّ. وَلَيْلَةٌ مَعْمَعانةٌ ومَعْمَعانيَّةٌ: شديدةُ الْحَرِّ، وَكَذَلِكَ اليومُ مَعْمَعانيٌّ ومَعْمَعانٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ يَتَتَبَّعُ اليومَ المَعْمَعانِيَّ فيصومُه
أَي الشديدَ الْحَرِّ. وَفِي حَدِيثٍ
ثَابِتٍ قَالَ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: إِنه لَيَظَلُّ فِي الْيَوْمِ المَعْمَعانيِّ البعيدِ مَا بَيْنَ الطرَفَيْنِ يُراوِحُ مَا بَيْنَ جَبْهَتِه وقدَمَيْه.
ويومٌ مَعْماعٌ كمَعْمَعانيٍّ؛ قَالَ:
يومٌ مِنَ الجَوْزاءِ مَعْماعٌ شَمِسْ
ومَعْمَعَ القومُ أَي سَارُوا فِي شدَّةِ الْحَرِّ. والمَعْمَعُ: المرأَة الَّتِي أَمرُها مُجْمَعٌ لَا تُعْطِي أَحداً مِنْ مَالِهَا شَيْئًا. وَفِي حَدِيثِ
أَوْفى بْنِ دَلْهَمٍ: النِّسَاءُ أَربع، فَمِنْهُنَّ مَعْمَع لَهَا شَيْئُها أَجْمَع
؛ هِيَ المسْتَبدةُ بِمَالِهَا عَنْ زَوْجِهَا لَا تواسِيه مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا فُسِّرَ. والمَعْمَعِيُّ: الرَّجُلُ الَّذِي يَكُونُ مَعَ مَن غَلَب. وَيُقَالُ: مَعْمَعَ الرجلُ إِذا لَمْ يحْصُل عَلَى مذهَبٍ كأَنه يَقُولُ لكّلٍ أَنا معَك، وَمِنْهُ قِيلٌ لِمَثَلِهِ: رَجُلٌ إِمَّعٌ وإِمَّعةٌ. والمَعْمَعةُ: الدَّمْشَقةُ وَهُوَ عَمَلٌ فِي عَجَلٍ. وامرأَة مَعْمَعٌ: ذكِيَّةٌ مُتَوَقِّدةٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. ومَعَ، بِتَحْرِيكِ الْعَيْنِ: كَلِمَةٌ تَضُمُّ الشَّيْءَ إِلى الشَّيْءِ وَهِيَ اسْمٌ مَعْنَاهُ الصُّحْبَةُ وأَصلها مَعاً، وَذَكَرَهَا الأَزهري فِي المعتلِّ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّرِيِّ: الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَن مَعَ اسمٌ حَرَكَةُ آخِرِهِ مَعَ تَحَرُّكِ مَا قَبْلَهُ، وَقَدْ يسَكن ويُنَوَّنُ، تَقُولُ: جاؤوا مَعاً. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ مَعًا: وَقَالَ اللَّيْثُ كُنَّا مَعًا مَعْنَاهُ كُنَّا جَمِيعًا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ
؛ نَصَبَ مَعَكُمْ كَنَصْبِ الظُّرُوفِ، تَقُولُ: أَنا مَعَكُمْ وأَنا خَلْفَكم، مَعْنَاهُ أَنا مستقِرّ مَعَكُمْ وأَنا مُسْتَقِرٌّ خَلْفَكُمْ. وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ
، أَي ناصِرُهم؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا؛ أَي اللَّهُ ناصِرنا، وَقَوْلُهُ:(8/340)
وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
، مَعْنَاهُ كُونُوا صادِقين، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً
، مَعْنَاهُ بعدَ الْعُسْرِ يُسْر، وَقِيلَ: إِنَّ بِمَعْنَاهَا مَعْ بِسُكُونِ الْعَيْنِ غَيْرَ إِنَّ مَعَ الْمُتَحَرِّكَةِ تَكُونُ اسْمًا وَحَرْفًا وَمَعَ السَّاكِنَةِ الْعَيْنِ حَرْفٌ لَا غَيْرُ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
ورِيشِي مِنْكُمُ وهَوايَ مَعْكُمْ، ... وإِنْ كانتْ زِيارَتُكم لِماما
وَحَكَى الْكِسَائِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ وغَنْمٍ أَنهم يسكِّنون الْعَيْنَ مِنْ مَعْ فَيَقُولُونَ معْكم ومعْنا، قَالَ: فإِذا جَاءَتِ الأَلف وَاللَّامُ وأَلف الْوَصْلِ اخْتَلَفُوا فِيهَا، فَبَعْضُهُمْ يَفْتَحُ الْعَيْنَ وَبَعْضُهُمْ يَكْسِرُهَا، فَيَقُولُونَ مَع القومِ ومَعَ ابنِك، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مَعِ الْقَوْمِ ومَعِ ابنِك، أَما مَنْ فَتَحَ الْعَيْنَ مَعَ الأَلف وَاللَّامِ فإِنه بَنَاهُ عَلَى قَوْلِكَ كُنَّا مَعاً وَنَحْنُ مَعًا، فَلَمَّا جَعَلَهَا حَرْفًا وأَخرجها مِنَ الِاسْمِ حَذَفَ الأَلف وَتَرَكَ الْعَيْنَ عَلَى فَتْحِهَا فَقَالَ: معَ الْقَوْمِ ومعَ ابْنِكَ، قَالَ: وَهُوَ كَلَامُ عَامَّةِ الْعَرَبِ، يَعْنِي فَتْحَ الْعَيْنِ مَعَ الأَلف وَاللَّامِ وَمَعَ أَلف الْوَصْلِ، قَالَ: وأَما مَنْ سكَّن فَقَالَ معْكم ثُمَّ كَسَرَ عِنْدَ أَلف الْوَصْلِ فإِنه أَخرجَه مُخْرَجَ الأَدَواتِ، مِثْلَ هَلْ وبَلْ وقدْ وكمْ، فَقَالَ: معِ القومِ كَقَوْلِكَ: كمِ القومُ وبلِ الْقَوْمُ، وَقَدْ ينوَّن فيقال جاؤوني مَعًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعاً تُسْتَعْمَلُ لِلِاثْنَيْنِ فصاعِداً، يُقَالُ: هُمْ مَعاً قِيامٌ وهنَّ مَعًا قيامٌ؛ قَالَ أُسامةُ بن الحرث الْهُذَلِيُّ:
فسامُونا الهِدانةَ مِن قَريبٍ، ... وهُنَّ مَعاً قِيامٌ كالشُّجُوبِ
والهِدانةُ: المُوادَعةُ؛ وَقَالَ آخَرُ:
لَا تُرْتَجى حِينَ تُلاقي الذَّائِدا، ... أَسَبْعةً لاقَتْ مَعاً أَمْ واحِداً؟
وإِذا أَكثر الرَّجُلُ مِنْ قَوْلِ مَعَ قِيلَ: هُوَ يُمَعْمِعُ مَعْمعةً. قَالَ: وَدِرْهَمٌ مَعْمَعِيٌّ كُتِبَ عَلَيْهِ مَعَ مَعَ؛ وَقَوْلُهُ:
تَغَلْغَلَ حُبُّ عَثْمةَ فِي فؤَادي، ... فَبادِيهِ مَعَ الْخَافِي يَسِيرُ
أَراد فبادِيهِ مَضْمُومًا إِلى خافِيه يسِيرٌ، وَذَلِكَ أَنه لَمَّا وَصَفَ الْحُبَّ بالتغَلْغُلِ إِنما ذَلِكَ وصْفٌ يَخُصُّ الجَواهِرَ لَا الأَحْداثَ، أَلا تَرَى أَن المتغَلغِلَ فِي الشَّيْءِ لَا بدَّ أَن يَتَجَاوَزَ مَكَانًا إِلى آخَرَ؟ وَذَلِكَ تفرِيغُ مَكانٍ وشُغْلُ مَكَانٍ، وَهَذِهِ أَوصاف تَخُصُّ فِي الْحَقِيقَةِ الأَعيان لَا الأَحداث، فأَما التَّشْبِيهُ فلأَنه شَبَّهَ مَا لَا يَنْتَقِلُ وَلَا يَزُولُ بِمَا يَنْتَقِلُ وَيَزُولُ، وأَما الْمُبَالَغَةُ وَالتَّوْكِيدُ فإِنه أَخرجه عَنْ ضَعْفِ العَرَضِيَّةِ إِلى قُوَّةِ الجَوْهَرِيَّةِ. وَجِئْتُ مِن معِهم أَي مِنْ عِنْدِهِمْ.
مقع: المَقْعُ: أَشدُّ الشُّرْبِ. ومَقَعَ الفصيلُ أُمَّه يَمْقَعُها مَقْعاً وامْتَقَعها: رَضَعَها بشدَّة، وَهُوَ أَن يَشْرَبَ مَا فِي ضَرْعِها. وامْتَقَعَ الفَصِيلُ مَا فِي ضَرْعِ أُمه إِذا شَرِبَ مَا فِيهِ أَجمع، وَكَذَلِكَ امْتَقَّه وامْتَكَّه. ومُقِعَ فُلَانٌ بسَوْءَةٍ مَقْعاً: رُمِيَ بِهَا. وَيُقَالُ: مَقَعْتُه بشرٍّ ولقَعْتُه مَعْنَاهُ إِذا رميْته بِهِ. وَيُقَالُ: امْتُقِعَ لونُه إِذا تَغَيَّرَ مِنْ حُزْنٍ أَو فزعٍ، وَكَذَلِكَ انْتُقِعَ، بِالنُّونِ، وابْتُقِعَ، بِالْبَاءِ، وَالْمِيمُ أَجود، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن مِيمَ امْتُقِعَ بَدَلٌ من نون انْتُقِعَ.
ملع: المَلْعُ: الذَّهابُ فِي الأَرض، وَقِيلَ الطلَبُ، وَقِيلَ السُّرْعةُ والخِفَّةُ، وَقِيلَ شِدَّةُ السَّيْرِ، وَقِيلَ العَدْوُ الشَّدِيدُ، وَقِيلَ فَوْقَ الْمَشْيِ دُونَ الخَبَبِ، وَقِيلَ هُوَ السَّيْرُ السَّرِيعُ الْخَفِيفُ، مَلَعَ يَمْلَعُ مَلْعاً(8/341)
ومَلَعاناً. وَفِي الْحَدِيثِ:
كنتُ أَسِيرُ المَلْعَ والخَبَبَ والوَضْعَ
؛ المَلْع: السيْرُ الخفِيفُ السرِيعُ دُونَ الخَبَبِ، والوَضْعُ فَوْقَهُ. أَبو عُبَيْدٍ: المَلْعُ سُرْعَةُ سَيْرِ النَّاقَةِ، وَقَدْ مَلَعَتْ وانْمَلَعَتْ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
فُتْلُ المَرافِقِ تَحْدُوها فَتَنْمَلِعُ
وَجَمَلٌ مَلُوعٌ ومَيْلَعٌ: سرِيعٌ، والأُنثى مَلُوعٌ ومَيْلَعٌ، ومِيلاعٌ نَادِرٌ فِيمَنْ جَعَلَهُ فِيعالًا، وَذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ الْمَصْدَرِ بِهَذَا الْبِنَاءِ. الأَزهري: وَيُقَالُ نَاقَةٌ مَيْلَعٌ مَيْلَقٌ سريعةٌ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ جَمَلٌ مَيْلَعٌ. والمَيْلَعُ: الناقةُ الْخَفِيفَةُ السَّرِيعَةُ، وَمَا أَسْرَع مَلْعَها فِي الأَرض وَهُوَ سُرْعَةُ عَنَقِها؛ وأَنشد:
جاءَتْ بِهِ مَيْلَعةٌ طِمِرَّهْ
وأَنشد الْفَرَّاءُ:
وتَهْفُو بِهادٍ لَها مَيلَعٍ، ... كَمَا أَقْحَمَ القادِسَ الأَرْدَمُونا
قَالَ: المَيْلَعُ المُضْطَرِبُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا. والمَيْلَعُ: الخفيفُ. والقادِسُ: السفينةُ. والأَرْدَمُ: المَلَّاحُ. وعُقابُ مَلاعٍ مضافٌ، وعقابٌ مَلاعٌ «2» ومِلاعٌ ومَلُوعٌ: خَفِيفَةُ الضْرب والاخْتِطافِ؛ قَالَ إمْرؤُ الْقَيْسِ:
كأَنَّ دِثاراً حَلَّقَتْ بلَبُونِه ... عُقابُ مَلاعٍ، لَا عُقابُ القَواعِلِ
مَعْنَاهُ أَنَّ العُقاب كلَّما عَلَتْ فِي الْجَبَلِ كَانَ أَسْرَعَ لانْقِضاضها، يَقُولُ: فَهَذِهِ عُقابُ مَلاعٍ أَي تَهوِي مِنْ عُلْوٍ، وَلَيْسَتْ بِعُقَابِ القَواعِلِ، وَهِيَ الجبالُ القِصارُ، وَقِيلَ: اشْتِقَاقُهُ مِنَ المَلْعِ الَّذِي هُوَ العَدْوُ الشَّدِيدُ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: عُقاب ملاعٍ تَصِيدُ الجِرْذانَ وحَشَراتِ الأَرض. والمَلِيعُ: الأَرضُ الواسعةُ، وَقِيلَ: الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
وَلَا مَحالةَ مِنْ قَبْرٍ بمَحْنِيةٍ ... أَو فِي مَلِيعٍ، كَظَهْرِ التُّرْس، وضَّاحِ
وَكَذَلِكَ المَلاعُ والمَيْلَعُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الفَلاةُ الواسعةُ يَحْتَاجُ فِيهَا إِلى المَلْعِ الَّذِي هُوَ السُّرْعةُ، وَلَيْسَ هَذَا بِقَوِيٍّ. والمَلِيعُ: الْفَسِيحُ الواسعُ مِنَ الأَرض الْبَعِيدُ المستَوِي، وإِنما سُمِّيَ مَلِيعاً لمَلْعِ الإِبلِ فِيهِ وَهُوَ ذَهَابُهَا. والمَلِيعُ: الفَضاءُ الواسعُ؛ وَقَوْلُ عَمْرِو بْنِ معديكَرِبَ:
فأَسْمَعَ واتْلأَبَّ بِنا مَلِيعُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ المَلِيعُ هَاهُنَا الْفَلَاةَ، وأَن يَكُونَ مَلِيعٌ مَوْضِعًا بِعَيْنِهِ. والمَيْلَعُ: الطَّرِيقُ الَّذِي لَهُ سَنَدانِ مَدَّ البصرِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المَلِيعُ كهيئةِ السِّكَّةِ ذاهبٌ فِي الأَرض ضَيِّقٌ قَعْرُه أَقل مِنْ قامةٍ، ثُمَّ لَا يَلْبَثُ أَن يَنْقَطِعَ ثُمَّ يَضْمَحِلَّ، إِنما يَكُونُ فِيمَا اسْتَوَى مِنَ الأَرض فِي الصَّحارى ومُتُونِ الأَرض، يَقُودُ المَلِيعُ الغَلْوَتَينِ أَو أَقلّ، وَالْجَمَاعَةُ مُلُعٌ. ومَيْلَعٌ: اسْمُ كَلْبَةٍ؛ قَالَ رؤْبة:
والشَّدُّ يُدْني لاحِقاً وهِبْلَعا، ... وصاحِبَ الحِرْجِ، ويُدْني مَيْلَعا
__________
(2) . قوله [وعقاب ملاع] يستفاد من مجموع كلامي القاموس وياقوت أن في ملاع ثلاثة أوجه: البناء على الكسر كقطام، والإعراب مصروفاً كسحاب، والمنع من الصرف وهو أقلها.(8/342)
ومَلِيعٌ: هَضْبةٌ بِعَيْنِهَا؛ قَالَ المَرَّارُ الفَقْعَسِيُّ:
رأَيتُ، ودُونَها هَضْباتُ سَلْمَى، ... حُمُولَ الحَيِّ عالِيةً مَلِيعا
قَالَ: مَلِيعٌ مَدَى البَصَرِ أَرضٌ مستويةٌ. ومَلاعِ: مَوْضِعٌ. والمَلِيعُ والمَلاعُ: المَفازَةُ الَّتِي لَا نَبَاتَ بِهَا. وَمِنْ أَمثالهم قَوْلُهُمْ: أَوْدَتْ بِهِ عُقابُ مَلاعٍ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: ملاعٌ مُضَافٌ، وَيُقَالُ: مَلاعٌ مِنْ نَعْتِ العُقابِ أُضِيفَتْ إِلى نَعْتِها، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمْعُ وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِمْ: طَارَتْ بِهِ العَنْقاءُ، وحَلَّقَتْ بِهِ عَنْقاءُ مُغْرِبٍ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: عُقابُ مَلاعٍ وَهُوَ العُقَيِّبُ الَّذِي يَصِيدُ الجِرْذانَ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ مُوشْ خَوارْ؛ قَالَ: وَمِنْ أَمثالهم لأَنْتَ أَخَفُّ يَداً مِنْ عُقَيِّبِ مَلاعَ يَا فَتَى، مَنْصُوبٌ، قَالَ: وَهُوَ عُقابٌ تأْخُذُ العصافيرَ والجِرْذان وَلَا تأْخذ أَكبر مِنْهَا. والمَيْلَع: السريعُ؛ قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُطَيْر الأَسدي يَصِفُ فَرَسًا:
مَيْلَعُ التقْريبِ يَعبُوبٌ، إِذا ... بادَرَ الجَوْنةَ، واحْمَرَّ الأُفُقْ
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ مَلَعَ الفَصِيلُ أُمَّه ومَلق أُمه إِذا رَضَعَها.
مَنَعَ: المَنْعُ: أَن تَحُولَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشَّيْءِ الَّذِي يُرِيدُهُ، وَهُوَ خلافُ الإِعْطاءِ، وَيُقَالُ: هُوَ تحجيرُ الشَّيْءِ، مَنَعَه يَمْنَعُه مَنْعاً ومَنَّعَه فامْتَنَع مِنْهُ وتمنَّع. وَرَجُلٌ مَنُوعٌ ومانِعٌ ومَنَّاعٌ: ضَنِينٌ مُمْسِكٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ*
، وَفِيهِ: وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً
. ومَنِيعٌ: لَا يُخْلَصُ إِليه فِي قَوْمٍ مُنَعاءَ، وَالِاسْمُ المَنَعةُ والمَنْعةُ والمِنْعةُ. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ مَنُوعٌ يَمْنَع غَيْرَهُ، وَرَجُلٌ مَنِعٌ يَمْنَعُ نَفْسَهُ، قَالَ: والمَنِيعُ أَيضاً الممتنِعُ، والمَنُوع الَّذِي مَنَعَ غَيْرَهُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:
بَراني حُبُّ مَنْ لَا أَسْتَطِيعُ، ... ومَنْ هُوَ لِلَّذِي أَهْوَى مَنُوعُ
والمانِعُ: مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما مَا رُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: اللَّهُمَّ لَا مانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ
، فَكَانَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي مَنِ استحقَّ العطاءَ وَيَمْنَعُ مَنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ إِلَّا الْمَنْعَ، وَيُعْطِي مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَادِلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي مِنْ تَفْسِيرِ الْمَانِعِ أَنه تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَمْنَعُ أَهل دِينِهِ أَي يَحُوطُهم وَيَنْصُرُهُمْ، وَقِيلَ: يَمْنَعُ مَنْ يُرِيدُ مِنْ خَلْقِهِ مَا يُرِيدُ وَيُعْطِيهِ مَا يُرِيدُ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ فُلَانٌ فِي مَنَعةٍ أَي فِي قَوْمٍ يَحْمُونَهُ وَيَمْنَعُونَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى فِي صِفَةِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ بَالِغٌ، إِذ لَا مَنَعَةَ لِمَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ اللَّهُ وَلَا يَمْتَنِعْ مَنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لَهُ مَانِعًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ مَن مَنَعْتَ مَمْنُوعٌ
أَي مَنْ حَرَمْتَه فَهُوَ مَحْرُومٌ لَا يُعْطِيهِ أَحد غَيْرُكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهات ومَنْعٍ وَهَاتِ
أَي عَنْ مَنْعِ مَا عَلَيْهِ إِعطاؤُه وطَلبِ مَا لَيْسَ لَهُ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ النَّجِيرَمِيّ «3» : مَنَعةٌ جَمْعُ مانِعٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سيَعُوذُ بِهَذَا البيتِ قومٌ لَيْسَتْ لَهُمْ مَنْعةٌ
أَي قوَّة تَمْنَعُ مَنْ يُرِيدُهُمْ بِسُوءٍ، وَقَدْ تُفْتَحُ النُّونُ، وَقِيلَ: هِيَ بِالْفَتْحِ جمعُ مانِعٍ مِثْلُ كافِرٍ وكفَرةٍ. ومانَعْتُه الشيءَ مُمَانَعةً، ومَنُعَ الشيءُ مَناعةً، فَهُوَ
__________
(3) . قوله [النجيرمي] حكى ياقوت في معجمه فتح الجيم وكسرها مع فتح الراء(8/343)
مَنِيعٌ: اعتَزَّ وتعسَّر. وَفُلَانٌ فِي عِزٍّ ومَنَعةٍ، بِالتَّحْرِيكِ وَقَدْ يُسكن، يُقَالُ: المَنعةُ جمعٌ كَمَا قدَّمنا أَي هُوَ فِي عِزٍّ وَمَنْ يَمْنعه مِنْ عشيرتِه، وَقَدْ تمنَّع. وامرأَة مَنِيعةٌ متمنِّعةٌ: لَا تُؤَاتَى عَلَى فاحِشةٍ، والفعلُ كَالْفِعْلِ، وَقَدْ مَنُعَتْ مَناعةً، وَكَذَلِكَ حصِنٌ مَنِيعٌ، وَقَدْ مَنُعَ، بِالضَّمِّ، مَناعةً إِذا لَمْ يُرَمْ. وَنَاقَةٌ مانِعٌ: مَنَعَتْ لَبَنَهَا، عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ أُسامةُ الهُذَلي:
كأَني أُصادِيها عَلَى غُبْرِ مانِعٍ ... مُقَلِّصةٍ، قَدْ أَهْجَرَتها فُحُولُها
ومَناعِ: بِمَعْنَى امْنَعْ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَن بَنِي أَسد يَفْتَحُونَ مَناعَها ودَراكَها وَمَا كَانَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَالْكَسْرُ أَعرف. وقوسٌ مَنْعةٌ: ممتنعةٌ مُتَأَبِّيةٌ شاقَّةٌ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ بَرَاءٍ:
ارْمِ سَلاماً وأَبا الغَرَّافِ، ... وَعَاصِمًا عَنْ مَنْعَةٍ قَذَّافِ
والمُتَمنِّعَتانِ: البكْرَةُ والعَناقُ يَتَمَنَّعانِ عَلَى السَّنةِ لفَتائِهما وإِنهما يَشْبَعانِ قَبْلَ الجِلَّةِ، وَهُمَا المُقاتِلتانِ الزمانَ عَلَى أَنفُسِهما. وَرَجُلٌ مَنِيعٌ: قويُّ الْبَدَنِ شديدُه. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لَا مَنْعَ عَنْ ذَاكَ، قَالَ: والتأْويل حَقًّا أَنك إِن فَعَلْتَ ذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: المَنْعِيُّ أَكَّالُ المُنُوعِ وَهِيَ السَّرطاناتُ، وَاحِدُهَا مَنْعٌ. ومانِعٌ ومَنِيعٌ ومُنَيْعٌ وأَمْنَعُ: أَسماءٌ. ومَناعِ: هَضْبةٌ في جبل طيِءٍ. والمَناعةُ: اسْمُ بَلَدٌ؛ قَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
أَرَى الدَّهْر لَا يَبْقَى عَلَى حَدَثانِه، ... أُبُودٌ بأَطرافِ المَناعةِ جَلْعَدُ «1»
قَالَ ابْنُ جِنِّي: المَناعةُ تَحْتَمِلُ أَمرين: أَحدهما أَن تَكُونَ فَعالةً مِنْ مَنَعَ، وَالْآخَرُ أَن تَكُونَ مَفْعَلَةً مِنْ قَوْلِهِمْ جائِعٌ نائِعٌ، وأَصلها مَنْوَعةٌ فجرَت مَجْرى مَقامةٍ وأَصلُها مَقْوَمةٌ.
مهع: فِي التَّهْذِيبِ خَاصَّةً: المَهَعُ، الْمِيمُ قَبْلَ الْهَاءِ: تَلَوُّنُ الْوَجْهِ مِنْ عارِضٍ فادِحٍ، وأَما المَهْيَعُ فَهُوَ مَفْعَلٌ مِنْ هاعَ يَهِيعُ، والميم ليست بأَصلية.
موع: ماعَ الفِضّةُ والصُّفْرُ في النار: ذاب.
ميع: ماعَ الماءُ والدمُ والسَّرابُ وَنَحْوُهُ يَمِيعُ مَيْعاً: جَرَى عَلَى وَجْهِ الأَرض جرْياً مُنْبَسِطًا فِي هِينةٍ، وأَماعَه إِماعَةً وإِماعاً؛ قَالَ الأَزهري: وأَنشد اللَّيْثُ:
كأَنَّه ذُو لِبَدٍ دَلَهْمَسُ، ... بساعِدَيْه جَسَدٌ مُوَرَّسُ،
مِنَ الدِّماءِ، مائِعٌ ويُبَّسُ
والمَيْعُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ ماعَ السمْنُ يَمِيعُ أَي ذابَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه سُئِلَ عَنْ فأْرةٍ وقَعَت فِي سَمْنٍ فَقَالَ: إِن كَانَ مَائِعًا فأَرِقْه، وإِن كَانَ جامِساً فأَلْقِ مَا حوْلَه
؛ قَوْلُهُ إِن كَانَ مَائِعًا أَي ذَائِبًا، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ المَيْعَةُ لأَنها سائلةٌ، وَقَالَ عَطَاءٌ فِي تَفْسِيرِ الْوَيْلِ: الوَيْلُ وادٍ فِي جَهَنَّمَ لَوْ سُيِّرَت فِيهِ الإِبلُ لَماعَت مِنْ حَرّه فِيهِ أَي ذابَتْ وسالَتْ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ حِينَ سُئِلَ عَنِ المُهْلِ: فأَذابَ فِضَّةً فَجَعَلَتْ تَمَيَّعُ وتَلَوَّنُ فَقَالَ: هَذَا مِنْ أَشْبهِ مَا أَنتم راؤُون بالمُهْلِ.
وَفِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ:
لَا يُرِيدُهَا أَحد بِكَيْدٍ إِلا انْماعَ كَمَا يَنْماعُ المِلْحُ فِي الماءِ
أَي يَذُوبُ وَيَجْرِي. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: ماؤُنا يَمِيعُ وجَنابُنا مَرِيعٌ.
وماعَ الشيءُ والصُّفْرُ والفِضَّةُ يَمِيعُ وتَمَيَّعَ: ذابَ وسالَ.
__________
(1) . قوله [بأطراف المناعة] تقدم في مادة أبد إِنشاده بأطراف المثاعد.(8/344)
ومَيْعةُ الحُضْرِ والشَّبابِ والسُّكْرِ والنهارِ وجرْي الفَرَسِ: أَوَّلُه وأَنْشَطُه، وَقِيلَ: مَيْعةُ كلِّ شَيْءٍ مُعْظَمُه. والمَيْعةُ: سَيَلانُ الشَّيْءِ المَصْبُوبِ. والمَيْعةُ والمائِعةُ: ضَرْبٌ مِنَ العِطْرِ. والمَيْعةُ: صَمْغٌ يَسِيلُ مِنْ شَجَرِ بِبِلَادِ الرُّومِ يُؤْخَذُ فَيُطْبَخُ، فَمَا صَفَا مِنْهُ فَهُوَ المَيْعةُ السائلةُ، وَمَا بَقِيَ مِنْهُ شِبْهَ الثَّجِير فَهُوَ المَيْعةُ اليابسةُ؛ قَالَ الأَزهري: وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِهَذِهِ الهَنةِ مَيْعةٌ لسَيَلانِه؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
والقَيْظُ يُغْشِيها لُعاباً مائِعا، ... فَأْتَجَّ لَفَّافٌ بِهَا المَعامِعا
ائْتَجَّ: تَوَهَّجَ، واللَّفَّافُ: القَيْظُ يَلُفُّ الْحَرَّ أَيْ يَجْمَعُهُ، ومَعْمَعةُ الْحَرِّ: التِهابُه. وَيُقَالُ لناصِيةِ الفرَس إِذا طالَتْ وسالتْ: مَائِعَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيٍّ:
يهَزْهِزُ غُصناً ذَا ذوائبَ مَائِعًا
أَراد بالغُصن الناصيةَ
فصل النون
نبع: نَبَعَ الماءُ ونبِعَ ونَبُعَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، يَنْبِعُ وينْبَعُ ويَنْبُع؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، نَبْعاً ونُبُوعاً: تَفجَّر، وَقِيلَ: خَرَجَ مِنَ الْعَيْنِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْعَيْنُ يَنْبُوعاً؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ يَفْعُولٌ مِنْ نَبَعَ الْمَاءِ إِذا جَرَى مِنْ الْعَيْنِ وَجَمْعُهُ يَنابِيعُ، وَبِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ عَيْنُ مَاءٍ يُقَالُ لَهَا يَنْبُعُ تَسْقِي نَخِيلًا لآلِ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ فأَمّا قَوْلُ عَنْتَرَةُ:
يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ ... زَيّافةٍ، مِثْلِ الفَنِيقِ المُقْرَمِ
فإِنما أَراد ينْبَع فأَشْبع فَتْحَةَ الْبَاءِ لِلضَّرُورَةِ فنشأَت بَعْدَهَا أَلف، فإِن سأَل سَائِلٌ فَقَالَ: إِذا كَانَ يَنْباعُ إِنما هُوَ إِشباع فَتْحَةِ بَاءِ يَنْبَعُ فَمَا تَقُولُ فِي يَنْبَاعُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ إِذا سَمَّيْتَ بِهَا رَجُلًا أَتصرفه مَعْرِفَةً أَم لَا؟ فَالْجَوَابُ أَن سَبِيلَهُ أَن لَا يُصرف مَعْرِفَةً، وَذَلِكَ أَنه وإِن كَانَ أَصله يَنْبَعُ فَنُقِلَ إِلى يَنْباعُ فإِنه بَعْدَ النَّقْلِ قَدْ أَشبه مِثَالًا آخَرَ مِنَ الْفِعْلِ، وَهُوَ يَنْفَعِلُ مِثْلُ يَنْقادُ ويَنْحازُ، فَكَمَا أَنك لَوْ سَمَّيْتَ رَجُلًا يَنْقادُ أَو يَنْحازُ لَمَا صَرَفْتَهُ فَكَذَلِكَ يَنْبَاعُ، وإِن كَانَ قَدْ فُقِدَ لَفْظُ يَنْبَعُ وَهُوَ يَفْعَلُ فَقَدْ صَارَ إِلى يَنْبَاعُ الَّذِي هُوَ بِوَزْنِ يَنْحَازُ، فإِن قُلْتَ: إِنّ يَنْبَاعُ يَفْعالُ ويَنْحازُ يَنْفَعِلُ، وأَصله يَنْحَوِزُ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَن يُشَبِّهَ أَلف يَفْعالُ بِعَيْنِ يَنْفَعِلُ؟ فَالْجَوَابُ أَنه إِنما شَبَّهْنَاهُ بِهَا تَشْبِيهًا لَفْظِيًّا فَسَاغَ لَنَا ذَلِكَ وَلَمْ نُشَبِّهْهُ تَشْبِيهًا مَعْنَوِيًّا فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا ذَلِكَ، عَلَى أَن الأَصمعي قَدْ ذَهَبَ فِي يَنْبَاعُ إِلى أَنه يَنْفَعِلُ، قَالَ: وَيُقَالُ انْباعَ الشجاعُ يَنباعُ انْبِيَاعًا إِذا تَحَرَّكَ مِنَ الصَّفِّ مَاضِيًا، فَهَذَا يَنْفَعِلُ لَا مَحَالَةَ لأَجل مَاضِيهِ وَمَصْدَرِهِ لأَن انْباعَ لَا يَكُونُ إِلا انْفَعَلَ، والانْبِياعُ لَا يَكُونُ إِلَّا انْفِعالًا؛ أَنشد الأَصمعي:
يُطْرِقُ حِلْماً وأَناةً مَعاً، ... ثُمَّتَ يَنْباعُ انْبِياعَ الشُّجاع
ويَنْبُوعُه: مُفَجَّرُه. والينْبُوعُ: الجَدْوَلُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً
، وَالْجَمْعُ اليَنابِيعُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
ذَكَرَ الوُرُود بِهَا، وَسَاقَى أَمرُه ... سَوْماً، وأَقْبَل حَيْنُه يَتَنَبَّعُ
والنَّبْعُ: شَجَرٌ، زَادَ الأَزهريّ: مِنْ أَشجار الجبالِ تُتَّخَذُ مِنْهُ القِسِيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ النَّبْعِ، قِيلَ:(8/345)
كَانَ شَجَرًا يَطُولُ ويَعْلُو فدَعا النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَا أَطالَك اللهُ مِنْ عُودٍ فَلَمْ يَطُلْ بَعْدُ
؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
كأَنَّها، وَقَدْ بَراها الإِخْماسْ ... ودَلَجُ الليْلِ وهادٍ قَيّاسْ،
شَرائِجُ النَّبْعِ بَراها القَوّاسْ
قَالَ: وَرُبَّمَا اقْتُدِحَ بِهِ، الْوَاحِدَةُ نَبْعة؛ قَالَ الأَعشى:
وَلَوْ رُمْت فِي ظُلْمةٍ قادِحاً ... حَصاةً بنَبْعٍ لأَوْرَيْت نَارَا
يَعْنِي أَنه مُؤَتًّى لَهُ حَتَّى لَوْ قَدَحَ حصاةً بنَبْعٍ لأَوْرَى لَهُ، وَذَلِكَ مَا لَا يتأَتّى لأَحد، وَجَعَلَ النبْعَ مَثَلًا فِي قِلّة النَّارِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وَقَالَ مَرَّةً: النبْعُ شَجَرٌ أَصفرُ العُود رَزِينُه ثقيلُه فِي الْيَدِ وإِذا تَقَادَمَ احْمَرَّ، قَالَ: وَكُلُّ القِسِيِّ إِذا ضُمَّت إِلى قَوْسِ النبْعِ كَرَمَتْها قوْسُ النبعِ لأَنها أَجمع القِسِيِّ للأَرْزِ واللِّين، يَعْنِي بالأَرْزِ الشدّةَ، قَالَ: وَلَا يَكُونُ الْعُودُ كَرِيمًا حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ، وَمِنْ أَغصانه تُتَّخَذُ السِّهامُ؛ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ:
وأَصْفَر مِنْ قِداحِ النبْعِ فرْع، ... بِهِ عَلَمانِ مِنْ عَقَبٍ وضَرْسِ
يَقُولُ: إِنه بُرِيَ مِنْ فرْعِ الغُصْنِ لَيْسَ بِفِلْقٍ. الْمُبَرِّدُ: النبْعُ والشَّوْحَطُ والشَّرْيانُ شَجَرَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكِنَّهَا تَخْتَلِفُ أَسماؤها لِاخْتِلَافِ منابِتها وَتُكْرَمُ عَلَى ذَلِكَ، فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي قُلّةِ الجبَلِ فَهُوَ النبْعُ، وَمَا كَانَ فِي سَفْحه فَهُوَ الشَّرْيان، وَمَا كَانَ فِي الحَضِيضِ فَهُوَ الشَّوْحَطُ، وَالنَّبْعُ لَا نَارَ فِيهِ وَلِذَلِكَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فَيُقَالُ: لَوِ اقْتَدَحَ فُلَانٌ بالنبْعِ لأَوْرَى نَارًا إِذا وُصِفَ بجَوْدةِ الرأْي والحِذْق بالأُمور؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ يُفَضِّلُ قَوْسَ النَّبْعِ عَلَى قَوْسِ الشَّوْحَطِ وَالشِّرْيَانِ:
وكيفَ تَخافُ القومَ، أُمُّكَ هابِلٌ، ... وعِنْدَكَ قوْسٌ فارِجٌ وجَفِيرُ
مِنَ النبْعِ لَا شَرْيانةٌ مُسْتَحِيلةٌ، ... وَلَا شَوْحَطٌ عِنْدَ اللِّقاءِ غَرُورُ
والنَّبَّاعةُ: الرّمّاعةُ مِنْ رأْسِ الصبيِّ قَبْلَ أَن تَشْتَدَّ، فإِذا اشْتَدَّت فَهِيَ اليافُوخُ. ويَنْبُع: مَوْضِعٌ بَيْنَ مكةَ والمدينةِ؛ قَالَ كثيِّر:
ومَرَّ فأَرْوَى يَنْبُعاً فجُنُوبَه، ... وَقَدْ جِيدَ مِنْهُ جَيْدَةٌ فَعَباثِرُ
ونُبايِعُ: اسْمُ مكانٍ أَو جَبل أَوْ وادٍ فِي بِلَادِ هُذَيْلٍ؛ ذَكَرَهُ أَبو ذُؤَيْبٍ فَقَالَ:
وكأَنَّها بالجِزْعِ جِزْعِ نُبايِعٍ، ... وأُولاتِ ذِي العَرْجاءِ، نَهْبٌ مُجْمَعُ
وَيُجْمَعُ عَلَى نُبايِعاتٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى الْمُفَضَّلُ فِيهِ الْيَاءَ قَبْلَ النُّونِ، وَرَوَى غَيْرُهُ نُبايِع كَمَا ذَهَبَ إِليه ابْنُ الْقَطَّاعِ. ويُنابِعا مَضْمُومُ الأَوّل مَقْصُورٌ: مكانٌ، فإِذا فُتِحَ أَوّله مُدّ، هَذَا قَوْلُ كُرَاعٍ، وَحَكَى غَيْرُهُ فِيهِ الْمَدَّ مَعَ الضَّمِّ. ونَبايِعات: اسْمُ مَكَانٍ. ويُنابِعات أَيضاً، بِضَمِّ أَوَّله، قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَهُوَ مِثَالٌ لَمْ يَذْكُرْهُ سِيبَوَيْهِ، وأَما ابْنُ جِنِّي فَجَعَلَهُ رُبَاعِيًّا، وَقَالَ: مَا أَظرَفَ بأَبي بَكْرٍ أَنْ أَوْرَدَه عَلَى أَنه أَحد الْفَوَائِتِ، أَلا يَعْلَمُ أَن سِيبَوَيْهِ قَالَ: وَيَكُونُ عَلَى يَفاعِلَ نَحْوُ اليَحامِدِ واليَرامِعِ؟ فأَما إِلْحاق عَلَمِ التأْنيث وَالْجَمْعِ بِهِ فزائِدٌ عَلَى الْمِثَالِ غَيْرُ مُحْتَسَبٍ بِهِ، وإِن(8/346)
رَوَاهُ راوٍ نُبايِعات فنُبايِعُ نُفاعِلُ كنُضارِبُ ونُقاتِلُ، نُقِلَ وجُمِعَ وَكَذَلِكَ يُنابِعاوات. ونَوابِعُ الْبَعِيرِ: المواضعُ الَّتِي يَسِيلُ مِنْهَا عَرَقُه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والنَّبِيعُ أَيضاً العَرَقُ؛ قَالَ الْمِرَارُ:
تَرى بِلِحَى جَماجِمها نَبِيعا
وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَنْ الأَصمعي قَالَ: يُقَالُ قَدِ انْباعَ فُلَانٌ عَلَيْنَا بِالْكَلَامِ أَي انْبَعَثَ. وَفِي الْمَثَلِ: مُخْرَنْبِقٌ ليَنباعَ أَي ساكِتٌ ليَنْبَعِثَ ومُطْرِقٌ ليَنْثالَ. قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: انْباعَ حَقُّهُ أَن يَذْكُرَهُ فِي فَصْلِ بوعَ لأَنه انْفَعَلَ مِنْ باعَ الفرسُ يَبُوعُ إِذا انْبَسَطَ فِي جَرْيِه، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ نَحْنُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ تَرْجَمَةِ بَوَعَ. والنَّبَّاعةُ: الاسْتُ، يُقَالُ: كَذَبَتْ نَبّاعَتُك إِذا رَدَمَ، وَيُقَالُ بالغين المعجمة أَيضاً.
نتع: نَتَعَ العَرَقُ يَنْتُعُ نَتْعاً ونُتُوعاً: كَنَبَعَ إِلا أَن نَتَعَ فِي العرَق أَحسنُ، ونَتَعَ الدَّمُ مِنَ الجُرْحِ والماءُ مِنَ الْعَيْنِ أَو الْحَجَرِ يَنْتِعُ ويَنْتُعُ: خَرَجَ قَلِيلًا قَلِيلًا. ابْنُ الأَعرابي: أَنْتَع الرَّجُلُ إِذا عَرِقَ عرَقاً كَثِيرًا. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبةَ فِي المُتَلاحِمةِ مِنَ الشِّجاجِ: وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ الْجِلْدَ فَتُزِلْهُ فيَنْتُعُ اللحمُ وَلَا يَكُونُ للمِسْبارِ فِيهِ طَرِيقٌ، قَالَ: والنَّتْعُ أَن لَا يَكُونَ دُونَهُ شَيْءٌ مِنَ الْجِلْدِ يُوارِيه وَلَا وَراءه عَظْمٌ يَخْرُجُ قَدْ حَالَ دُونَ ذَلِكَ العظمِ فَتِلْكَ المُتَلاحِمةُ.
نثع: ابْنُ الأَعرابي: أَنْثَعَ الرجلُ إِذا قَاءَ، وأَنْثَعَ إِذا خَرَجَ الدمُ مِنْ أَنفه غَالِبًا لَهُ. أَبو زَيْدٍ: أَنْثَعَ القَيْءُ مِنْ فِيهِ إِنْثاعاً، وَكَذَلِكَ الدَّمُ مِنَ الأَنف. وأَنْثَعَ القيءُ وَالدَّمُ: تَبِعَ بعضُه بَعْضًا.
نجع: النُّجْعةُ عِنْدَ الْعَرَبِ: المَذْهَبُ فِي طلَبِ الكلإِ فِي مَوْضِعِهِ. والبادِيةُ تُحْضَرُ مَحاضِرُها عِنْدَ هَيْجِ العُشْبِ ونَقْصِ الخُرَفِ وفَناءِ مَاءُ السَّمَاءِ فِي الغُدْرانِ، فَلَا يَزَالُونَ حَاضِرَةً يَشْرَبُونَ الْمَاءَ العِدَّ حَتَّى يَقَعَ ربِيعٌ بالأَرض، خَرَفِيّاً كَانَ أَو شَتِيّاً، فإِذا وَقَعَ الرَّبِيعُ تَوَزَّعَتْهُمُ النُّجَعُ وَتَتَبَّعُوا مَساقِطَ الْغَيْثِ يَرْعَوْنَ الكَلأَ والعُشْبَ، إِذا أَعْشَبَتِ البِلادُ، وَيَشْرَبُونَ الكَرَعَ، وَهُوَ ماءُ السماءِ، فَلَا يَزَالُونَ فِي النُّجَعِ إِلى أَن يَهيجَ العُشْبُ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ وتَنِشَّ الغُدْرانُ، فَيَرْجِعون إِلى مَحاضِرهم عَلَى أَعدادِ الْمِيَاهِ. والنُّجْعةُ: طَلَبُ الكَلإِ والعُرْفِ، وَيُسْتَعَارُ فِيمَا سِوَاهُمَا فَيُقَالُ: فُلَانٌ نُجْعَتِي أَي أَمَلي عَلَى الْمِثَالِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: ليْسَتْ بدارِ نُجْعةٍ.
والمُنْتَجَعُ: المَنْزِلُ فِي طَلب الكلإِ، والمَحْضَرُ: المَرْجِعُ إِلى الْمِيَاهِ. وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ ناجِعةٌ ومُنْتَجِعُون، ونَجَعُوا الأَرض يَنْجَعُونها وانْتَجَعُوها. وَفِي حَدِيثِ
بُدَيْلٍ: هَذِهِ هَوازِنُ تَنَجَّعَت أَرضنا
؛ التَّنَجُّعُ والانْتِجاعُ والنُّجْعة: طَلبُ الكلإِ ومَساقِطِ الغَيْثِ. وَفِي الْمَثَلِ: مَن أَجدَبَ انْتَجَعَ. وَيُقَالُ: انْتَجَعْنا أَرضاً نَطْلُبُ الرِّيف، وانْتَجَعْنا فُلَانًا إِذا أَتيناه نطلُبُ مَعْرُوفه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فقلتُ لصَيْدَحَ: انْتَجِعِي بِلالا
وَيُقَالُ للمُنْتَجَعِ مَنْجَعٌ، وَجَمْعُهُ مناجِعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:
كانَتْ مَناجِعَها الدَّهْنا وجانِبُها، ... والقُفّ مِمَّا تَراه فِرْقةً دَرَرا «2» .
__________
(2) . قوله [فرقة] كذا بالأصل مضبوطاً، والذي تقدم في مادة درر: فوقه(8/347)
وَكَذَلِكَ نَجَعَتِ الإِبلُ والغَنَمُ المَرْتَعَ وانْتَجَعَتْه؛ قَالَ:
أَعْطاكَ يَا زَيْدُ الَّذِي أَعْطَى النّعَمْ ... بَوائِكاً لَمْ تَنْتَجِعْ مِنَ الغَنَمْ «1»
وَاسْتَعْمَلَ عُبَيْدٌ الانْتِجاعَ فِي الْحَرْبِ لأَنهم إِنما يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلى الإِغارة وَالنَّهْبِ فَقَالَ:
فانْتَجَعْنَ الحَرِثَ الأَعْرَجَ فِي ... جَحْفَلٍ، كالليْلِ، خَطَّارِ العَوالي
ونَجع الطعامُ فِي الإِنسان يَنْجَعُ نُجوعاً: هَنأَ آكِلَه أَو تَبَيَّنَتْ تَنْمِيَتُه واسْتَمْرأَه وصَلَح عَلَيْهِ. ونَجع فِيهِ الدّواءُ وأَنْجَعَ إِذا عَمِلَ، وَيُقَالُ: أَنْجَعَ إِذا نفَع. ونجَع فِيهِ القولُ والخِطابُ والوَعْظُ: عَمِلَ فِيهِ وَدَخَلَ وأَثَّرَ. ونجَع فِيهِ الدواءُ يَنْجَعُ ويَنْجِعُ ونَجَّعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، ونجَع فِي الدَّابَّةِ العلَفُ، وَلَا يُقَالُ أَنْجَعَ. والنَّجُوعُ: المَدِيدُ. ونَجَعَه: سَقَاهُ النَّجُوعَ وَهُوَ أَن يَسْقِيَه الْمَاءُ بالبِزْرِ أَو بالسِّمْسِمِ، وَقَدْ نَجَعْتُ الْبَعِيرَ. وَتَقُولُ: هَذَا طَعَامٌ يُنْجَعُ عَنْهُ ويُنْجَعُ بِهِ ويُسْتَنْجَعُ بِهِ ويُسْتَرْجَعُ عَنْهُ، وَذَلِكَ إِذا نفَع واسْتُمْرِئَ فيُسْمَنُ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ الرِّعْيُ، وَهُوَ طَعَامٌ ناجِعٌ ومُنْجِعٌ وغائِرٌ. وماءٌ ناجِعٌ ونَجِيعٌ: مَرِيءٌ، وَمَاءٌ نَجِيعٌ كَمَا يُقَالُ نَمِيرٌ. وأَنْجَعَ الرجلُ إِذا أَفْلَح. والنَّجِيعُ: الدمُ، وَقِيلَ: هُوَ دَمُ الجَوفِ خاصَّة، وَقِيلَ: هُوَ الطَّرِيُّ مِنْهُ، وَقِيلَ: مَا كَانَ إِلى السَّوَادِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ الدمُ المَصْبُوب؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ طَرَفَةَ:
عالينَ رَقْماً فاخِراً لوْنُه، ... مِنْ عَبْقَريٍّ كَنَجِيعِ الذَّبيح
ونَجُوعُ الصَّبِيِّ: هُوَ اللَّبَنُ. ونُجِعَ الصَّبِيُّ بِلَبَنِ الشَّاةِ إِذا غُذِيَ بِهِ وسُقِيَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُبيّ: وَسُئِلَ عَنِ النَّبِيذِ فَقَالَ: عَلَيْكَ بِاللَّبَنِ الَّذِي نُجِعْتَ بِهِ
أَي سُقِيتَه فِي الصِّغَرِ وغُذِّيت بِهِ. والنَّجِيعُ: خَبَطٌ يُضْرَبُ بِالدَّقِيقِ وَبِالْمَاءِ يُوجَرُ الجَمل. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: دَخَلَ عَلَيْهِ المِقْدادُ بالسُّقْيا وَهُوَ يَنْجَع بَكَراتٍ لَهُ دَقِيقًا وخَبَطاً
أَي يَعْلِفُها، يُقَالُ: نَجَعْتُ الإِبل أَي عَلفْتها النَّجُوعَ والنَّجِيعَ، وَهُوَ أَن يُخْلَطَ العلَفُ مِنَ الخبَط وَالدَّقِيقِ بِالْمَاءِ ثُمَّ تسقاه الإِبلُ.
نخع: النِّخاعُ والنُّخاعُ والنَّخاعُ: عِرْقٌ أَبيض فِي دَاخِلِ الْعُنُقِ يَنْقَادُ فِي فَقارِ الصُّلْبِ حَتَّى يَبْلُغَ عَجْبَ الذَّنَبِ، وَهُوَ يَسْقِي العِظامَ؛ قال ربيعة ابن مَقرُومٍ الضَّبِّيّ:
لَهُ بُرةٌ إِذا مَا لَجَّ عاجَتْ ... أَخادِعُه، فَلانَ لَها النّخاعُ
ونَخَع الشاةَ نَخْعاً: قَطَعَ نخاعَها. والمَنْخَعُ: مَوْضِعُ قَطْعِ النّخاعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا لَا تَنْخَعُوا الذَّبِيحةَ حَتَّى تَجِبَ
أَي لَا تَقْطَعُوا رَقَبَتَهَا وتَفْصِلُوها قَبْلَ أَن تَسْكُنَ حَرَكَتُهَا. والنخْعُ لِلذَّبِيحَةِ: أَن يَعْجَلَ الذابحُ فَيَبْلُغَ القَطْعُ إِلى النّخاعِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: النُّخَاعُ خيْطٌ أَبيض يَكُونُ دَاخِلَ عَظْمِ الرَّقَبَةِ وَيَكُونُ مُمْتَدًّا إِلى الصُّلْبِ، وَيُقَالُ لَهُ خَيْطُ الرَّقَبَةِ. وَيُقَالُ: النُّخَاعُ خَيْطُ الفَقارِ المتصل بالدماغ.
__________
(1) . قوله [أعطاك إلخ] كذا بالأصل هنا وسيأتي إنشاده في مادة بوك: أَعْطَاكَ يَا زَيْدُ الَّذِي يُعْطِي النِّعَمْ مِنْ غَيْرِ مَا تَمَنُّنٍ وَلَا عَدَمْ بَوَائِكًا لَمْ تَنْتَجِعْ مَعَ الغنم(8/348)
والمَنْخَعُ: مَفْصِلُ الفَهْقة بَيْنَ العُنق والرأْس مِنْ بَاطِنٍ. يُقَالُ: ذَبَحَهُ فنَخَعَه نَخْعاً أَي جَاوَزَ مُنْتَهَى الذبْح إِلى النُّخَاعِ. يُقَالُ: دَابَّةٌ مَنْخُوعةٌ. والنخْعُ: القتلُ الشديدُ مُشْتَقٌّ مِنْ قَطْعِ النُّخَاعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنّ أَنْخَعَ الأَسماء عِنْدَ اللَّهِ أَن يَتَسَمَّى الرجلُ بِاسْمِ مَلِك الأَمْلاكِ
أَي أَقْتَلَها لِصَاحِبِهِ وأَهْلَكَها لَهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: والنخْع أَشدُّ الْقَتْلِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ:
إِنّ أَخْنَعَ
، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، أَي أَذلّ. والناخعُ: الَّذِي قَتَلَ الأَمْرَ عِلْماً، وَقِيلَ: هُوَ المُبِين للأُمور. ونَخَع الشاةَ نَخْعاً: ذَبَحَهَا حَتَّى جَاوَزَ المَذْبَحَ مِنْ ذَلِكَ؛ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وتَنَخَّعَ السحابُ إِذا قاءَ مَا فِيهِ مِنَ الْمَطَرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وحالِكةِ اللَّيالي مِنْ جُمادَى، ... تَنَخَّعَ فِي جَواشِنِها السَّحابُ
والنُّخاعةُ، بِالضَّمِّ: مَا تَفَلَه الإِنسان كالنُّخامةِ. وتَنَخَّع الرجلُ: رمَى بنُخاعتِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
النُّخاعةُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئةٌ
، قَالَ: هِيَ البَزْقةُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ أَصل الْفَمِ مِمَّا يَلِي أَصل النّخاعِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَمْ يَجْعَلْ أَحد النُّخاعة بِمَنْزِلَةِ النُّخَامَةِ إِلا بَعْضَ الْبَصْرِيِّينَ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. ونخَع بحَقِّي يَنْخَعُ نُخُوعاً ونَخِعَ: أَقَرَّ، وكذلك بَخَعَ، بالياء أَيضاً، أَي أَذْعَنَ. وانْتَخَعَ فُلَانٌ عَنْ أَرضه: بَعُدَ عَنْهَا. والنَّخَعُ: قَبِيلَةٌ مِنَ الأَزْد، وَقِيلَ: النَّخَعُ قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ رهْطُ إِبراهيم النَّخَعِيّ. ونَخَعْتُه النصِيحةَ والوِدّ أَخْلَصْتُهما. ويَنْخَع: موضعٌ.
ندع: ابْنُ الأَعرابي: أَنْدَعَ الرجلُ إِذا تَبِعَ أَخْلاقَ اللِّئامِ والأَنْذالِ، قال: وأَدْنَعَ إِذا تَبِعَ طريقةَ الصالحينَ.
نزع: نَزَعَ الشيءَ يَنْزِعُه نَزْعاً، فَهُوَ مَنْزُوعٌ ونزِيعٌ، وانْتَزَعَه فانْتَزعَ: اقْتَلَعَه فاقْتَلَعَ، وَفَرَّقَ سِيبَوَيْهِ بَيْنَ نَزَعَ وانْتَزَعَ فَقَالَ: انْتَزَعَ اسْتَلَبَ، ونزَع: حَوَّلَ الشَّيْءَ عَنْ مَوْضِعِهِ وإِن كَانَ عَلَى نَحْوِ الاسْتِلاب. وانْتَزَعَ الرمحَ: اقْتَلَعَه ثُمَّ حَمل. وانتزَع الشيءُ: انقلَع. ونزَع الأَمِيرُ العامِلَ عَنْ عَمَلِهِ: أَزالَه، وَهُوَ عَلَى المثَل لأَنه إِذا أَزالَه فَقَدِ اقْتَلَعَه وأَزالَه. وَقَوْلُهُمْ فُلَانٌ فِي النزْعِ أَي فِي قَلْعِ الحياةِ. يُقَالُ: فُلَانٌ يَنْزِعُ نَزْعاً إِذا كَانَ فِي السِّياقِ عِنْدَ الموْتِ، وَكَذَلِكَ هُوَ يَسُوقُ سَوْقاً، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: تَنْزِعُ الأَنْفُس مِنْ صدورِ الكفَّارِ كَمَا يُغْرِقُ النازِعُ فِي القوْسِ إِذا جَذَبَ الوَتَرَ، وَقِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: يَعْنِي بِهِ الملائكةَ تَنْزِعُ رُوحَ الْكَافِرِ وتَنْشِطُه فيَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَمرُ خروجِ رُوحِه، وَقِيلَ: النَّازِعاتِ غَرْقاً
القِسِيُّ، وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً الأَوْهاقُ، وَقِيلَ: النازعاتُ والناشطاتُ النجومُ تَنْزِعُ مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ وتَنْشِطُ. والمِنْزَعةُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: خَشَبَةٌ عَرِيضَةٌ نَحْوَ المِلْعَقةِ تَكُونُ مَعَ مُشْتارِ العَسلِ يَنْزِعُ بِهَا النحْلَ اللَّواصِقَ بالشهْدِ، وَتُسَمَّى المِحْبَضَ. ونزَع عَنِ الصَّبِيِّ والأَمر يَنْزِعُ نُزُوعاً: كَفَّ وانْتَهَى، وَرُبَّمَا قَالُوا نَزْعاً. ونازَعَتْنِي نَفْسِي إِلى هَواها نِزاعاً: غالَبَتْنِي. ونَزَعْتُها أَنا: غَلَبْتُها. وَيُقَالُ للإِنسان إِذا هَوِيَ شَيْئًا ونازَعَتْه نفسُه إِليه: هُوَ يَنْزِعُ إِليه نِزاعاً. ونزَع الدلْوَ مِنَ الْبِئْرِ يَنْزِعُها نزْعاً ونزَع بِهَا، كِلَاهُمَا: جَذَبَها بِغَيْرِ قَامَةٍ(8/349)
وأَخرجها؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
قَدْ أَنْزِعُ الدَّلْوَ تَقَطَّى بالمَرَسْ، ... تُوزِغُ مِنْ مَلْءٍ كَإِيزاغِ الفَرَسْ
تَقَطِّيها: خروجُها قَلِيلًا قَلِيلًا بِغَيْرِ قَامَةٍ، وأَصل النَّزْعِ الجَذْبُ والقَلْعُ، وَمِنْهُ نَزْعُ الميتِ رُوحه. ونزَع القوْسَ إِذا جذَبَها. وبئرٌ نَزُوعٌ ونَزِيعٌ: قَرِيبَةُ القَعْرِ تُنْزَعُ دِلاؤُها بالأَيْدِي نَزْعاً لِقُرْبِهَا، ونَزوعٌ هُنَا لِلْمَفْعُولِ مِثْلَ رَكُوبٍ، وَالْجَمْعُ نِزاعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: رأَيْتُنِي أَنْزِعُ عَلَى قلِيبٍ
؛ مَعْنَاهُ رأَيْتُنِي فِي المنامِ أَستَقِي بيدِي مِنْ قَلِيبٍ، يُقَالُ: نزَع بِيَدِهِ إِذا اسْتَقَى بدَلْوٍ عُلِّقَ فِيهَا الرِّشاءُ. وجَمل نَزُوعٌ: يُنْزَعُ عَلَيْهِ الماءُ مِنَ الْبِئْرِ وَحْدَهُ. والمَنْزَعةُ: رأْسُ الْبِئْرِ الَّذِي يُنْزَعُ عَلَيْهِ؛ قَالَ:
يَا عَيْنُ بَكّي عَامِرًا يومَ النَّهَلْ، ... عِنْدَ العشاءِ والرِّشاءِ والعَمَلْ،
قامَ عَلَى مَنْزَعةٍ زَلْجٍ فَزَلْ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ صخرةٌ تَكُونَ عَلَى رأْسِ الْبِئْرِ يَقُومُ عَلَيْهَا السَّاقِي، والعُقابانِ مِنْ جَنْبَتَيْها تُعَضِّدانِها، وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى القِبيلةَ. وَفُلَانٌ قَرِيبُ المَنْزَعةِ أَي قَرِيبُ الهِمّةِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: وانْتِزاعُ النّيّةِ بُعْدُها؛ وَمِنْهُ نَزَعَ الإِنسانُ إِلى أَهله والبعيرُ إِلى وطَنِه يَنْزِعُ نِزاعاً ونُزُوعاً: حَنَّ واشتاقَ، وَهُوَ نَزُوعٌ، وَالْجَمْعُ نُزُعٌ، وَنَاقَةٌ نازِعٌ إِلى وطنِها بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْجَمْعُ نَوازِعُ، وَهِيَ النّزائِعُ، وَاحِدَتُهَا نَزِيعةٌ. وجَمل نازِعٌ ونَزُوعٌ ونَزِيعٌ؛ قَالَ جَمِيلٌ:
فقلتُ لَهُمْ: لَا تَعْذِلُونِيَ وانْظُرُوا ... إِلى النازِعِ المَقْصُورِ كيفَ يَكُونُ؟
وأَنْزَعَ القومُ فَهُمْ مُنْزِعُون: نَزَعَتْ إِبلهم إِلى أَوطانِها؛ قَالَ:
فَقَدْ أَهافُوا زَعَمُوا وأَنْزَعُوا
أَهافُوا: عَطِشَتْ إِبلهم والنَّزِيعُ والنازعُ: الْغَرِيبُ، وَهُوَ أَيضاً الْبَعِيدُ. والنَّزِيعُ: الَّذِي أُمُّه سَبيَّةٌ؛ قَالَ المرّارُ:
عَقَلْت نِساءَهُم فِينا حدِيثاً، ... ضَنِينَ المالِ، والوَلَدَ النَّزِيعا
ونُزّاعُ القَبائِلِ: غُرَباؤُهم الَّذِينَ يُجاوِرُون قَبائِلَ لَيْسُوا مِنْهُمُ، الْوَاحِدُ نَزِيعٌ ونازعٌ. والنَّزائِعُ والنُّزّاعُ: الغُرَباءُ، وَفِي الْحَدِيثِ:
طُوبَى للغُرَباء قِيلَ: مَنْ هُم يَا رسولَ اللهِ؟ قَالَ: النُّزّاعُ مِنَ القبائِلِ
؛ هُوَ الَّذِي نزَع عَنْ أَهله وعشِيرَتِه أَي بَعُدَ وغابَ، وَقِيلَ: لأَنه نزَع إِلى وَطَنِهِ أَي يَنْجَذِبُ ويميلُ، وَالْمُرَادُ الأَوّل أَي طُوبَى لِلْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ هجَروا أَوطانَهم فِي اللَّهِ تَعَالَى. ونزَع إِلى عِرْقٍ كَرِيمٍ أَو لُؤْم يَنْزِعُ نُزُوعاً ونزَعَت بِهِ أَعراقُه ونَزَعَتْه ونَزَعها ونزَع إِليها، قَالَ: ونزَع شَبَهَه عِرْقٌ، وَفِي حَدِيثِ القَذْفِ:
إِنما هُوَ عِرْقٌ نزَعَه.
والنَّزِيعُ: الشريفُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِي نزَع إِلى عِرْق كَرِيمٍ، وَكَذَلِكَ فرَس نَزِيعٌ. ونزَع فُلَانٌ إِلى أَبيه يَنْزِعُ فِي الشَّبَه أَي ذهَب إِليه وأَشْبهه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقَدْ نَزَعْتَ بمثْلِ مَا فِي التوراةِ
أَي جئتَ بِمَا يُشْبهها. والنَّزائِعُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّتِي نَزَعَتْ إِلى أَعْراقٍ، وَاحِدَتُهَا نَزِيعةٌ، وَقِيلَ: النَّزائِعُ مِنَ الإِبل وَالْخَيْلِ الَّتِي انْتُزِعَت مِنْ أَيْدِي الغُرباء، وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنْ أَيدي قَوْمٍ آخَرِين، وجُلِبَتْ إِلى غَيْرِ بِلَادِهَا،(8/350)
وَقِيلَ: هِيَ المُنْتَقَذةُ مِنْ أَيديهم، وَهِيَ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي تُزَوَّجُ فِي غَيْرِ عَشِيرَتِهَا فَتُنْقَلُ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ نَزِيعةٌ. وَفِي حَدِيثِ
ظَبْيَانَ: أَن قَبائِلَ مِنَ الأَزْد نَتَّجُوا فِيهَا النَّزائِعَ
أَي الإِبل الغرائبَ انْتَزَعُوها مِنْ أَيدي النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لآلِ السَّائِبِ: قَدْ أَضْوَيْتُم فانكِحوا فِي النَّزائِعِ
أَي فِي النِّسَاءِ الغرائبِ مِنْ عَشِيرَتِكُمْ. وَيُقَالُ: هَذِهِ الأَرض تُنازِعُ أَرضَ كَذَا أَي تَتَّصِلُ بِهَا؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَقًى بَيْنَ أَجْمادٍ وجَرْعاء نازَعَتْ ... حِبالًا، بِهِنَّ الجازِئاتُ الأَوابِدُ
والمَنْزَعةُ: القوْسُ الفَجْواءُ. ونَزَع فِي القوْسِ يَنْزِعُ نَزْعاً: مَدَّ بالوتَر، وَقِيلَ: جذَبَ الْوَتَرَ بِالسَّهْمِ: والنّزَعةُ: الرُّماةُ، واحدُهم نازِعٌ. وَفِي مثلٍ: عادَ السهمُ إِلى النَّزَعةِ أَي رَجَعَ الْحَقُّ إِلى أَهله وقامَ بإِصْلاحِ الأَمرِ أَهلُ الأَناةِ، وَهُوَ جَمْعُ نازِعٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَفِي الْمَثَلِ عادَ الرَّمْيُ عَلَى النَّزَعةِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلَّذِي يَحِيقُ بِهِ مَكْرُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَنْ تَخُورَ قُوىً مَا دامَ صاحِبُها يَنْزِعُ ويَنْزُو
أَي يَجْذِبُ قوْسَه ويَثِبُ عَلَى فَرَسِهِ. وانْتَزَعَ للصيْدِ سَهْماً: رَمَاهُ بِهِ، واسمُ السهْمِ المِنْزَعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَرَمَى ليُنْفِذَ فُرَّهاً، فَهَوَى لَهُ ... سَهْمٌ، فأَنْقَذَ طُرَّتَيْه المِنْزَعُ
فُرَّهاً جَمْعُ فَارِهٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَ هَذَا الْبَيْتِ: ورَمَى فأَنفَذَ، وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ. والمِنْزَعُ أَيضاً: السَّهْمُ الَّذِي يُرْمَى بِهِ أَبْعَدَ مَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ لتُقَدَّر بِهِ الغَلْوةُ؛ قَالَ الأَعشى:
فهْو كالمِنْزَعِ المَرِيشِ من الشَّوْحَطِ، ... غالَتْ بِهِ يَمِينُ المُغالي
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المِنْزَعُ حَدِيدَةٌ لَا سِنْخَ لَهَا إِنما هِيَ أَدْنى حديدةٍ لَا خَيْرَ فِيهَا، تؤخَذ وتُدْخَلُ فِي الرُّعْظِ. وانْتَزَعَ بِالْآيَةِ والشّعْرِ: تمثَّلَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا اسْتَنْبَطَ مَعْنَى آيةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ انْتَزَعَ مَعْنًى جيِّداً، ونَزَعَه مِثْلَهُ أَي اسْتَخْرَجَه. ومُنازَعةُ الكأْس: مُعاطاتُها. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لَا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ
؛ أَي يَتَعاطَوْن والأَصل فِيهِ يتجاذَبُون. وَيُقَالُ: نازَعني فلانٌ بَنانَه أَي صَافَحَنِي. والمُنازعةُ: المُصافَحةُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
يُنازِعْنَنا رَخْصَ البَنانِ، كأَنما ... يُنازِعْنَنا هُدَّابَ رَيطٍ مُعَضَّدِ
والمُنازعةُ: المُجاذَبةُ فِي الأَعْيانِ والمَعاني؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنا فَرَطُكم عَلَى الحوْضِ فَلأُلْفِيَنَّ مَا نُوزِعْتُ فِي أَحدِكم فأَقولُ هَذَا مِني
أَي يُجْذَبُ ويؤخَذُ مِنِّي. والنَّزاعةُ والنِّزاعةُ والمِنْزَعةُ والمَنْزَعةُ: الخُصومة. والمُنازَعةُ فِي الخُصومةِ: مُجاذَبةُ الحُجَجِ فِيمَا يَتنازَعُ فِيهِ الخَصْمانِ. وَقَدْ نازَعَه مُنازَعةً ونِزاعاً: جاذَبه فِي الْخُصُومَةِ؛ قَالَ ابْنِ مُقْبِلٍ:
نازَعْتُ أَلْبابَها لُبِّي بمُقْتَصِرٍ ... مِنَ الأَحاديثِ، حَتَّى زِدْنَنِي لِينَا
أَي نازَعَ لُبِّي أَلْبابَهُنَّ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُقَالُ(8/351)
فِي الْعَاقِبَةِ فَنَزَعْتُه استَغْنَوْا عَنْهُ بِغَلَبْتُه. والتنازُع: التخاصُمُ. وتنازَعَ القومُ: اخْتَصَمُوا. وَبَيْنَهُمْ نِزاعةٌ أَي خصومةٌ فِي حَقٍّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صلَّى يَوْمًا فَلَمَّا سلَّم مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: مَا لِي أُنازَعُ القرآنَ
أَي أُجاذَبُ فِي قِرَاءَتِهِ، وَذَلِكَ أَن بَعْضَ المأْمومين جَهَرَ خَلْفه فنازَعه قِراءتَه فَشَغَلَهُ فَنَهَاهُ عَنِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَهُ. والمِنْزَعةُ والمَنْزَعةُ: مَا يرجِعُ إِليه الرَّجُلُ مِنْ أَمره ورأْيِه وتدبيرِه. قَالَ الأَصمعي: يَقُولُونَ وَاللَّهِ لَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَضْعَفُ مِنْزَعةً، بِكَسْرِ الْمِيمِ، ومَنْزَعةً، بِفَتْحِهَا، أَي رأْياً وَتَدْبِيرًا؛ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي مِفْعلة ومَفْعلة، وَقِيلَ: المنزَعةُ قُوَّةُ عزْمِ الرأْي والهِمّة، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الجيِّد الرأْي: إِنه لجيِّد الْمَنْزَعَةِ. ونَزَعَتِ الْخَيْلُ تَنْزِعُ: جَرَتْ طِلْقاً؛ وأَنشد:
والخيْلَ تَنْزِعُ قُبًّا فِي أَعِنَّتِها، ... كالطيرِ تَنْجُو مِنَ الشُّؤْبوبِ ذِي البَرَدِ
ونزَع المريضُ يَنْزِعُ نزْعاً ونازَع نِزاعاً: جادَ بنفسِه. ومَنْزعة الشرابِ: طِيبُ مَقْطَعِه، يُقَالُ: شرابٌ طيِّبُ المنزعةِ أَي طَيُّبُ مَقْطَعِ الشُّرْبِ. وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: خِتامُهُ مِسْكٌ، إِنهم إِذا شَرِبُوا الرَّحيقَ فَفَنِيَ مَا فِي الكأْس وَانْقَطَعَ الشرْب انْخَتَمَ ذَلِكَ بِرِيحِ الْمِسْكِ. والنَّزَعُ: انْحِسارُ مقدَّم شعَر الرأْسِ عَنْ جَانِبَيِ الجَبْهةِ، وموضِعُه النَّزَعةُ، وَقَدْ نَزِعَ يَنْزَعُ نَزَعاً، وَهُوَ أَنْزَعُ بَيِّنُ النَّزَعِ، وَالِاسْمُ النَّزَعةُ، وامرأَة نَزْعاءُ؛ وَقِيلَ: لَا يُقَالُ امرأَة نَزْعَاءُ، وَلَكِنْ يُقَالُ زَعْراءُ. والنَّزَعتانِ: ما يَنْحَسِرُ عنه الشَّعْرِ مِنْ أَعلى الجَبينَينِ حَتَّى يُصَعِّدَ فِي الرأْس. والنَّزْعاءُ مِنَ الجِباهِ الَّتِي أَقبلت نَاصِيَتُهَا وَارْتَفَعَ أَعلى شعَرِ صُدْغِها. وَفِي حَدِيثِ
الْقُرَشِيِّ: أَسَرني رَجُلٌ أَنْزَعُ.
وَفِي صِفَةِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
البَطِينُ الأَنْزَعُ.
وَالْعَرَبُ تحبُّ النزَع وتَتَيَمَّنُ بالأَنْزع وتَذُمُّ الغَمَمَ وتَتَشاءَم بالأَغَمّ، وتَزْعُمُ أَن الأَغم الْقَفَا وَالْجَبِينَ لَا يَكُونُ إِلا لَئِيماً: ومنه وقول هُدْبةَ بْنِ خَشْرَمٍ:
وَلَا تَنْكِحي، إِنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا، ... أَغَمَّ القَفا والوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزَعا
وأَنْزَع الرجلُ إِذا ظَهَرَتْ نَزَعَتاه. ونَزَعَه بنَزِيعةٍ: نَخَسَه؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَغَنَمٌ نُزُعٌ ونُزَّعٌ: حَرامَى تَطْلُبُ الفحْلَ، وَبِهَا نِزاعٌ، وَشَاةٌ نازِعٌ. والنزائِعُ مِنَ الرِّياحِ: هِيَ النُّكْبُ، سُمِّيَتْ نزائِعَ لِاخْتِلَافِ مَهابِّها. والنَّزَعةُ: بِقْلَةٌ كالخَضِرةِ، وثُمام مُنَزَّعٌ: شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النَّزَعةُ تَكُونُ بالرَّوْضِ وليس لها زَهْرٌ وَلَا ثَمَرٌ، تأْكلها الإِبل إِذا لَمْ تَجِدْ غَيْرَهَا، فإِذا أَكلتها امْتَنَعَتْ أَلبانها خُبْثاً. ورأَيت فِي التَّهْذِيبِ: النزعةُ نَبت مَعْرُوفٌ. ورأَيت فُلَانًا مُتَنَزِّعاً إِلى كَذَا أَي مُتَسَرِّعاً نازِعاً إِليه.
نسع: النِّسْعُ: سَيْرٌ يُضْفَرُ عَلَى هَيْئَةِ أَعِنَّةِ النِّعالِ تُشَدُّ بِهِ الرِّحالُ، وَالْجَمْعُ أَنْساعٌ ونُسُوعٌ ونُسْعٌ، والقِطْعةُ مِنْهُ نِسْعةٌ، وَقِيلَ: النِّسْعةُ الَّتِي تُنْسَجُ عَرِيضًا لِلتَّصْدِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ
: يَجُرُّ نِسْعةً فِي عُنُقِه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ سَيْرٌ مَضْفُورٌ يُجْعَلُ زِمَامًا لِلْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ تُنْسَجُ عَرِيضَةً تُجْعَلُ عَلَى صَدْرِ الْبَعِيرِ؛ قَالَ عَبْدُ يَغُوثَ:
أَقولُ وَقَدْ شَدُّوا لِساني بِنِسْعةٍ
والأَنْساعُ: الحِبالُ، وَاحِدُهَا نِسْعٌ؛ قَالَ:(8/352)
عاليْتُ أَنْساعي وجِلْبَ الكُورِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ فِي شِعْرُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ النِّسْعُ لِلْوَاحِدِ؛ قَالَ:
رأَتْني بنِسْعَيْها، فَرَدَّتْ مَخافَتي ... إِلى الصَّدْرِ رَوعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ «2»
وَالْجَمْعُ نُسْعٌ ونِسَعٌ وأَنْساعٌ؛ قَالَ الأَعشى:
تَخالُ حَتْماً عَلَيْهَا، كلَّما ضَمَرَتْ ... مِنَ الكَلالِ، بأَنْ تَسْتَوْفيَ النِّسَعا
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للبِطانِ والحَقَبِ هُمَا النِّسْعان، وَقَالَ بِذِي النِّسْعَين «3» والنِّسْعُ والسِّنْعُ: المَفْصِلُ بَيْنَ الْكَفِّ والساعِدِ. وامرأَةٌ ناسعةٌ: طويلةُ الظَّهْرِ، وَقِيلَ: هِيَ الطويلةُ السِّنِّ، وَقِيلَ: هِيَ الطويلةُ البَظْرِ، ونُسُوعُه طُولُه، وَقَدْ نَسَعَتْ نُسُوعاً. والمِنْسَعةُ: الأَرض الَّتِي يَطُولُ نَبْتُها. ونَسَعَت أَسنانُه تَنْسَعُ نُسُوعاً ونَسَّعَتْ تَنْسِيعاً إِذا طالَتْ واسْتَرْخَتْ حَتَّى تَبْدُو أُصولُها التي كانت تُوارِيها اللِّثةُ وانْحَسَرَت اللِّثةُ عَنْهَا، يُقَالُ: نَسَعَ فُوه؛ قال الراجز:
ونَسَعَتْ أَسْنانُ عَوْدٍ، فانْجَلَعْ ... عُمورُها عَنْ ناصِلاتٍ لَمْ يَدَعْ
ونِسْعٌ ومِسْعٌ، كِلَاهُمَا: مِنْ أَسماءِ الشَّمال، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنَّ الْمِيمَ بَدَلٌ مِنَ النُّونِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ خُوَيْلِدٍ:
ويْلُمِّها لَقْحةً، إِمّا تُؤَوِّبُهم ... نِسْعٌ شَآمِيةٌ فِيهَا الأَعاصِيرُ
قَالَ الأَزهري: سُمِّيَتِ الشَّمالُ نِسْعاً لدقَّة مَهَبِّها، شُبِّهَتْ بالنِّسْعِ المَضْفُورِ مِنَ الأَدمِ. قَالَ شَمِرٌ: هُذَيْلٌ تُسَمِّي الجَنُوبَ مِسْعاً، قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْحِجَازِيِّينَ يَقُولُ هُوَ يُسْعٌ، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ: هُوَ نِسْعٌ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
مُتَتَبِّعٌ خَطَئِي يَوَدُّ لَو أَنَّني ... هابٍ، بمَدْرَجةِ الصَّبا، مَنْسُوعُ
ويروى مَيْسُوعُ؛ وقول الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
قَدْ حالَ دُونَ دَرِيسَيْه مُؤَوِّبةٌ ... نِسْعٌ، لَهَا بعِضاهِ الأَرضِ تَهْزِيزُ
أَبْدَلَ فِيهِ نِسْعاً من مُؤَوِّبةٍ، وإِنما قُلْتُ هَذَا لأَنَّ قَوْمًا مِنَ المتأَخرين جَعَلُوا نِسْعاً مِنْ صِفَاتِ الشَّمالِ وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْبَيْتِ، وَيُرْوَى مُؤَوِّيةٌ أَي تَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ يأْوِيَ كأَنها تُؤْويه. ابْنُ الأَعرابي: انْتَسَعَتِ الإِبل وانْتَسَغَت، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ، إِذا تفَرَّقَتْ فِي مَراعِيها؛ قَالَ الأَخطل:
رَجَنَّ [رَجِنَ] بحيثُ تَنْتَسِعُ المَطايا، ... فَلَا بَقًّا تَخافُ وَلَا ذُبابا «4»
وأَنْسَعَ الرجلُ إِذا كَثُرَ أَذاهُ لِجيرانِه. ابْنُ الأَعرابي: هَذَا سِنْعُه وسَنْعُه وشِنْعُه وشَنْعُه وسِلْعُه وسَلْعُه ووَفْقُه ووِفاقُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وأنْساعُ الطَّرِيقِ: شَرَكُه. ونِسْعٌ: بَلَدٌ، وَقِيلَ: هُوَ جَبَلٌ أَسود بَيْنَ الصَّفْراء ويَنْبُعَ؛ قَالَ كثيِّر عَزّةَ:
فقلتُ، وأَسْرَرْتُ النَّدامةَ: ليْتَني، ... وَكُنْتُ امْرَأً، أَغْتَشُّ كُلَّ عَذُولِ
سَلَكْتُ سَبيلَ الرائحاتِ عَشِيّةً ... مَخارِمَ نِسْعٍ، أَو سَلَكْنَ سَبيلي
__________
(2) . قوله [رأتني إلخ] في الأساس في مادة روع:
رَأَتْنِي بِحَبْلَيْهَا فَصَدَّتْ مَخَافَةً ... وَفِي الْحَبْلِ رَوْعَاءُ الْفُؤَادِ فروق
(3) . قوله: بذي النسعين: هكذا في الأَصل.
(4) . في ديوان الأَخطل: دجنّ بدل رجنّ، والمعنى واحد.(8/353)
قَالَ الأَزهري: ويَنْسُوعةُ القُفِّ مَنْهَلةٌ مِنْ مَناهِلِ طَرِيقِ مَكَّةَ عَلَى جادَّة البصْرةِ، بِهَا رَكايا عَذْبةُ الْمَاءِ عِنْدَ مُنْقَطَعِ رِمالِ الدَّهْناءِ بَيْنَ ماوِيّةَ والنِّباجِ، قَالَ: وَقَدْ شَرِبْتُ مِنْ مائِها. قَالَ ابْنُ الأَثير: ونِسْعٌ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ الَّذِي حَمَاهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والخُلَفاءُ، وَهُوَ صَدْرُ وادي العَقِيقِ.
نشع: النَّشْعُ: جُعْلُ الكاهِنِ، وَقَدْ أَنْشَعَه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَالَ الحَوازي، وأَبَى أَن يُنْشَعا: ... يَا هِنْدُ مَا أَسْرَعَ مَا تَسَعْسَعا
وَهَذَا الرجَزُ لَمْ يُورِد الأَزهريُّ وَلَا ابْنُ سِيدَهْ مِنْهُ إِلا البيتَ الأَولَ عَلَى صُورَةِ:
قَالَ الحَوازي، واسْتَحَتْ أَن تُنشَعا
ثُمَّ قَالَ: ابْنُ سِيدَهْ: الحَوازي الكَواهِنُ، واسْتَحَتْ أَن تأْخذ أَجر الكَهانةِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: واشْتَهَتْ أَن تُنْشَعا، وأَما الْجَوْهَرِيُّ فإِنه أَورد الْبَيْتَيْنِ كَمَا أَوْرَدْناهما؛ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتَانِ فِي الأُرجوزة لَا يَلِي أَحدهما الْآخَرَ؛ وَالضَّمِيرُ فِي يُنْشَعا غَيْرُ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي تَسَعْسَعا لأَنه يَعُودُ فِي يُنْشَعا عَلَى تَمِيمٍ أَبي الْقَبِيلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ:
إِنَّ تَمِيماً لَمْ يُراضَعْ مُسْبَعا، ... وَلَمْ تَلِدْه أُمُّه مُقَنَّعا
ثُمَّ قَالَ:
قَالَ الحَوازي وأَبَى أَن يُنْشَعا
ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ:
أَشَرْيةٌ فِي قَرْيةٍ مَا أَشْنَعا
أَي قَالَتِ الحَوازي، وهُنَّ الكَواهِنُ: أَهذا الْمَوْلُودُ شَرْية فِي قرْيةٍ أَي حَنْظلة فِي قريةِ نَمْلٍ أَي تمِيمٌ وأَولادُه مُرُّونَ كالحَنْظَلِ كَثِيرُونَ كَالنَّمْلِ؛ قَالَ ابْنُ حَمْزَةَ: وَمَعْنَى أَن يُنْشَعا أَي أَن يؤخَذ قَهْرًا. والنشْعُ: انْتِزاعُكَ الشَّيْءَ بعُنْفٍ، وَالضَّمِيرُ فِي تَسَعْسَعا يَعُودُ عَلَى رُؤْبَةَ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلَ الْبَيْتِ:
لَمّا رأَتْني أُمّ عَمْرٍو أَصْلَعا، ... قالتْ، وَلَمْ تَأْلُ بِهِ أَن يَسْمَعا:
يَا هِنْدُ مَا أَسْرَعَ مَا تَسَعْسَعا
والنَّشُوعُ والنَّشُوغُ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ مَعًا: السَّعُوطُ، والوَجُورُ: الَّذِي يُوجَرُه الْمَرِيضُ أَو الصَّبِيُّ؛ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ أَن السَّعُوطَ فِي الأَنْفِ والوَجُورَ فِي الْفَمِ. وَيُقَالُ: إِن السَّعُوطَ يَكُونُ لِلِاثْنَيْنِ وَلِهَذَا يُقَالُ للمُسْعُطِ مِنْشَعٌ ومِنْشَغٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كَانَ الأَصمعي يُنْشِدُ بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ:
فأَلأَمُ مُرْضَعٍ نُشِعَ المَحارا
بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ، وَهُوَ إِجارُك الصَّبِيَّ الدَّواءَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: النَّشُوعُ السَّعُوطُ، ثُمَّ قَالَ: نُشِعَ الصبيُّ ونُشِغَ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ مَعًا، وَقَدْ نَشَعَهُ نَشْعاً وأَنْشَعَه سَعَّطَه مِثْلَ وجَرَه وأَوْجَرَه، وانْتَشَعَ الرجلُ مِثْلُ اسْتَعَطَ، وَرُبَّمَا قَالُوا أَنْشَعْتُه الْكَلَامَ إِذا لَقَّنْتَه. ونَشَعَ الناقةَ يَنْشَعُها نُشُوعاً: سَعَّطَها، وَكَذَلِكَ الرجلَ؛ قَالَ المرّارُ:
إِلَيْكُمْ، يَا لِئامَ الناسِ، إِنِّي ... نُشِعْتُ العِزَّ فِي أَنْفي نُشُوعا
والنُّشُوعُ، بِالضَّمِّ: الْمَصْدَرُ. وَذَاتُ النُّشُوعِ: فَرَسُ بَسْطامِ بْنِ قَيْسٍ. ونُشِعَ بالشيءِ: أُولِعَ بِهِ. وإِنه لَمَنْشُوعٌ بأَكل(8/354)
اللَّحْمِ أَي مُولَعٌ بِهِ، وَالْغَيْنُ الْمُعْجَمَةُ لُغَةٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وَفُلَانٌ مَنْشُوعٌ بِكَذَا أَي مُولَعٌ بِهِ؛ قَالَ أَبو وَجْزَة:
نَشِيعٌ بماءِ البَقْلِ بَينَ طَرائِقٍ، ... مِنَ الخَلْقِ، مَا مِنْهُنَّ شيءٌ مُضيَّعُ
والنَّشْعُ والانْتِشاعُ: انْتِزاعُك الشَّيْءَ بعُنْفٍ. والنُّشاعةُ: مَا انْتَشَعَه بِيَدِهِ ثُمَّ أَلقاه. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ الأَحمر نَشَعَ الطيِّبَ شَمَّه. والنَّشَعُ مِنَ الماءِ: مَا خَبُثَ طَعْمُه.
نصع: الناصِعُ والنَّصِيعُ: البالغُ مِنَ الأَلوان الْخَالِصُ مِنْهَا الصَّافِي أَيّ لَوْنٍ كَانَ، وأَكثر مَا يُقَالُ فِي الْبَيَاضِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
إِنَّ ذَواتِ الأُزْرِ والبَراقِعِ، ... والبُدْنِ فِي ذاكَ البَياضِ النّاصِعِ،
لَيْسَ اعْتِذارٌ عِنْدَهَا بِنافِعِ
وَقَالَ الْمَرَّارُ:
راقَه مِنْهَا بَياضٌ ناصِعٌ ... يُونِقُ العَينَ، وشَعْرٌ مُسْبَكِر
وَقَدْ نَصَعَ لونُه نَصاعةً ونُصوعاً: اشتَدَّ بَياضُه وخَلَصَ؛ قَالَ سُويد بْنُ أَبي كَاهِلٍ:
صَقَلَتْه بِقَضِيبٍ ناعِمٍ ... مِن أَراكٍ طَيِّبٍ، حَتى نَصَعْ
وأَبيَضُ ناصِعٌ ويَقَقٌ، وأَصفَرُ نَاصِعٌ: بَالَغُوا بِهِ كَمَا قَالُوا أَسودُ حالِكٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي الشِّياتِ: أَصفر ناصِعٌ، قَالَ: هُوَ الأَصفر السّراةِ تَعْلو مَتنَه جُدَّةٌ غَبْساءُ، والناصِعُ فِي كُلِّ لَوْنٍ خَلصَ ووَضَح، وَقِيلَ: لَا يُقَالُ أَبيض ناصِعٌ وَلَكِنْ أَبيض يَقَقٌ وأَحمر ناصِعٌ ونَصّاعٌ؛ قَالَ:
بُدِّلْنَ بُؤْساً بعدَ طُولِ تَنَعُّمٍ، ... ومِنَ الثِّيابِ يُرَيْنَ فِي الأَلوانِ،
مِنْ صُفْرةٍ تَعْلو البياضَ وحُمْرةٍ ... نَصّاعةٍ، كَشَقائِقِ النُّعْمانِ
وَقَالَ الأَصمعي: كلُّ ثَوْبٍ خالِصِ البياضِ أَو الصُّفرة أَو الحُمْرة فَهُوَ ناصِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
سُدُماً قَلِيلًا عَهْدُه بأَنِيسِه، ... مِن بَينِ أَصفَرَ ناصِعٍ ودِفانِ
أَيْ ورَدتْ سُدُماً. ونَصَعَ لونُه نُصوعاً إِذا اشْتَدَّ بياضُه. ونَصَعَ الشيءُ: خلَص، والأَمر: وضَحَ وبانَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ لقِيطٍ الإِياديّ:
إِني أَرى الرَّأْيَ، إِن لَمْ أُعْصَ، قَدْ نَصَعا
والناصِعُ: الخالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَشَيْءٌ ناصِعٌ: خالِصٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
: المدينةُ كالكِير تَنْفي خَبَثها وتَنْصَعُ طِيبَها
أَي تُخَلِّصُه، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَضَعَ. وحسَبٌ ناصِعٌ: خالِصٌ. وحَقٌّ ناصِعٌ: وَاضِحٌ، كِلَاهُمَا عَلَى الْمَثَلِ. يُقَالُ: أَنْصَعَ لِلْحَقِّ إِنْصاعاً إِذا أَقَرَّ بِهِ، وَاسْتَعْمَلَ جَابِرُ بْنُ قَبِيصة النَّصاعةَ فِي الظَّرْف، وأُراه إِنما يَعْنِي بِهِ خُلوصَ الظَّرْف، فَقَالَ: مَا رأَيت رَجُلًا أَنْصَعَ ظَرْفاً مِنْكَ وَلَا أَحْضَر جَوَابًا وَلَا أَكثر صَواباً مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يعنيَ بِهِ اللونَ كأَن تَقُولَ: مَا رأَيت رَجُلًا أَظهر ظَرْفاً، لأَن اللَّوْنَ وَاسِطَةٌ فِي ظُهورِ الأَشياء، وَقَالُوا: ناصِعِ الخَبَرَ أَخاكَ وكُنْ مِنْهُ عَلَى حذَرٍ، وَهُوَ مِنَ الأَمر الناصِعِ أَي البَيِّنِ أَو الخالِصِ. ونَصَعَ(8/355)
الرجلُ: أَظهَرَ عَداوتَه وبَيَّنَها وقصَدَ القِتالَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كَرَّ بِأَحْجَى مانِعٍ أَنْ يَمْنَعا ... حَتَّى اقْشَعَرَّ جِلْدُه وأَنْصَعا
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَظهر مَا فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُخَصِّصِ العَداوةَ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
والدَّارُ إِنْ تُنْئِهمْ عَنِّي، فإِنَّ لهُمْ ... ودِّي ونَصْري، إِذا أَعْداؤُهم نصَعوا
قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَنْصَعَ أَظْهَرَ مَا فِي نفْسِه. والناصِعُ مِنَ الجيْشِ والقومِ: الْخَالِصُونَ الَّذِينَ لَا يَخْلِطُهم غيرُهم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ولمَّا أَنْ دَعَوْتُ بَنِي طريفٍ، ... أَتَوْني ناصِعِينَ إِلى الصِّياحِ
وَقِيلَ: إِن قَوْلَهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَتوني نَاصِعِينَ أَي قَاصِدِينَ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَقِّ الناصِعِ أَيضاً. والنِّصْعُ والنَّصْعُ والنُّصْعُ: جِلْدٌ أَبيض. وَقَالَ المُؤَرِّج: النِّصَعُ والنِّطَعُ لِوَاحِدِ الأَنْطاعِ، وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ مِنَ الأَدَمِ؛ وأَنشد لِحَاجِزِ بْنِ الجُعَيد الأَزْدي:
فنَنْحَرُها ونَخْلِطُها بِأُخْرى، ... كأَنَّ سَراتَها نِصَعٌ دَهِين
وَيُقَالُ: نِصْعٌ، بِسُكُونِ الصَّادِ. والنِّصْعُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيابِ شَدِيدُ الْبَيَاضِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَرْعى الخُزامى بذِي قارٍ، فَقَدْ خَضَبَتْ ... مِنْهُ الجَحافِلَ والأَطْرافَ والزَّمَعا
مُجْتابُ نِصْعٍ يَمانٍ فوْقَ نُقْبَتِه، ... وبالأَكارِعِ مِنْ دِيباجِه قطَعا
وعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ كُلَّ جِلْدٍ أَبيض أَو ثوب أَبيض؛ قال يَصِفُ بَقَرَ الوَحْش:
كأَنَّ تَحْتي ناشِطاً مُوَلَّعا، ... بالشامِ حَتَّى خِلْته مُبَرْقَعا،
بِنِيقَةِ مِنْ مرْحَليٍّ أَسْفَعا، ... تَخالُ نِصْعاً فَوْقَها مُقَطَّعا،
يُخالِطُ التَّقْلِيصَ إِذْ تَدَرَّعا
يَقُولُ: كأَنَّ عَلَيْهِ نِصْعاً مُقَلَّصاً عَنْهُ، يَقُولُ: تخالُ أَنه لَبِس ثَوْبًا أَبيض مُقَلَّصًا عَنْهُ لَمْ يَبْلُغْ كُروعَه الَّتِي لَيْسَتْ عَلَى لَوْنِهِ. وأَنْصَعَ الرجلُ للشرِّ إِنْصاعاً: تَصَدَّى لَهُ. والنَّصِيعُ: الْبَحْرُ؛ قَالَ:
أَدْلَيْتُ دَلْوي فِي النَّصِيعِ الزَّاخِرِ
قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ النَّصِيعُ البحرُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وأَراد بالنَّصِيعِ مَاءَ بِئرٍ ناصِعِ الْمَاءَ لَيْسَ بِكَدِرٍ لأَن مَاءَ الْبَحْرِ لَا يُدْلى فِيهِ الدَّلْوُ. يُقَالُ: ماءٌ ناصِعٌ وماصِعٌ ونَصِيعٌ إِذا كَانَ صَافِيًا، والمعروف الْبَحْرِ البَضيعُ، بِالْبَاءِ وَالضَّادِ. وشَرِبَ حَتَّى نَصَعَ وَحَتَّى نَقَعَ، وَذَلِكَ إِذا شَفى غَلِيلَه، والمعروفُ بَضَعَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمَناصِعُ: المواضعُ الَّتِي يُتَخَلَّى فِيهَا لبَوْلٍ أَو غائِطٍ أَو لِحَاجَةٍ، الْوَاحِدُ مَنْصَعٌ، لأَنه يُبْرَزُ إِليها ويُظْهَرُ. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
كَانَ مُتَبَرَّزُ النساءِ فِي المدينةِ قَبْلَ أَن تُسَوَّى الكُنُفُ فِي الدُّورِ المناصِعَ
، حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، قَالَ الأَزهري: أَرى أَن المناصعَ مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ خارجَ الْمَدِينَةِ، وكُنَّ «1» النساءُ يَتَبَرَّزْن إِليه بِاللَّيْلِ عَلَى مذاهبِ الْعَرَبِ بالجاهِليَّة. وَفِي الْحَدِيثِ
: إِنَّ المَناصِعَ صَعِيدٌ
__________
(1) . قوله: كن النساء؛ هكذا في الأَصل.(8/356)
أَفيَحُ خارجَ الْمَدِينَةِ.
ونَصَعَتِ الناقةُ إِذا مَضَغَتِ الجِرّة؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ: أَنْصَعَتِ الناقةُ للفحْل إِنصاعاً قَرَّت لَهُ عِنْدَ الضِّرابِ. وَقَالَ أَبو يُوسُفَ: يُقَالُ قبَّح اللَّهُ أُمًّا نَصَعَتْ بِهِ أَي ولَدَتْه، مِثْلَ مَصَعَتْ به.
نطع: النَّطْعُ والنَّطَعُ والنِّطْعُ والنِّطَعُ مِنَ الأَدَمِ: مَعْرُوفٌ؛ قَالَ التَّمِيمِيُّ:
يَضْرِبْنَ بالأَزِمَّةِ الخُدُودا، ... ضَرْبَ الرِّياحِ النِّطَعَ المَمْدُودا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنكر أَبو زِيَادٌ نَطْع وَقَالَ نِطْع، وأَنكر عَلِيُّ بْنُ حَمْزةَ نَطَع وأَثبت نِطَع لَا غَيْرَ، وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ عَنِ ابْنِ جِنِّي قَالَ: اجْتَمَعَ أَبو عَبْدِ اللَّهِ ابن الأَعرابي وأَبو زِيَادٍ الْكِلَابِيُّ عَلَى الجِسْرِ فسأَل أَبو زِيَادٍ أَبا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قوْلِ النابغةِ:
عَلَى ظَهْرِ مِبْناةٍ جدِيدٍ سُيُورُها
فَقَالَ أَبو عَبْدِ اللَّهِ: النَّطْعُ، بِالْفَتْحِ، فَقَالَ أَبو زِيَادٍ: لَا أَعرفه، فَقَالَ: النِّطْعُ، بِالْكَسْرِ، فَقَالَ أَبو زِيَادٍ: نَعَمْ وَالْجَمْعُ أَنْطُعٌ وأَنْطاعٌ ونُطُوعٌ. والنُّطاعةُ والقُطاعةُ والقُضاضةُ: اللُّقْمةُ يُؤكل نِصْفُها ثُمَّ تُرَدُّ إِلى الخِوانِ، وَهُوَ عَيْبٌ. يُقَالُ: فُلَانٌ لاطِعٌ ناطِعٌ قاطِعٌ. والنِّطْعُ والنِّطَعُ والنَّطَعُ والنَّطَعةُ: مَا ظهرَ مِنْ غارِ الفَمِ الأَعلى، وَهِيَ الجِلْدةُ المُلْتَزِقةُ بِعَظْمِ الخُلَيْقاءِ فِيهَا آثَارٌ كالتَّحْزِيزِ، وَهُنَاكَ مَوقِعُ اللِّسَانِ فِي الحَنَكِ، وَالْجَمْعُ نُطُوعٌ لَا غَيْرَ، وَيُقَالُ لِمَرْفَعِه مِنْ أَسْفَلِه الفِراشُ. والتَّنَطُّعُ فِي الْكَلَامِ: التَّعَمُّقُ فِيهِ مأْخوذ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ
؛ هُمُ المُتَعَمِّقُونَ المُغالُونَ فِي الكلامِ الَّذِينَ يتَكلمون بأَقْصَى حُلُوقِهم تَكَبُّراً كَمَا
قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَبْغَضَكُم إِليّ الثَّرْثارُونَ المُتَفَيْهِقُون
، وَكُلٌّ مِنْهَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مأْخوذ مِنَ النِّطَعِ وَهُوَ الغارُ الأَعْلى فِي الفَمِ، قَالَ: ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ تَعَمُّقٍ قوْلًا وفِعْلًا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَنْ تَزالوا بخَيْرٍ مَا عَجَّلْتُم الفِطْرَ وَلَمْ تَنَطَّعُوا تَنَطُّعَ أَهْلِ العِراقِ
أَي تَتَكَلَّفُوا الْقَوْلَ وَالْعَمَلَ، وَقِيلَ: أَراد بِهِ هَاهُنَا الإِكثارَ مِنَ الأَكلِ والشرْبِ والتوسُّعَ فِيهِ حَتَّى يَصِلَ إِلى الغارِ الأَعْلى، وَيُسْتَحَبُّ لِلصَّائِمِ أَن يُعَجِّلَ الفِطْرَ بتَناوُلِ القَليلِ مِنَ الفَطُورِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِيّاكُم والتَّنَطُّعَ والاخْتِلافَ فإِنما هُوَ كَقَوْلِ أَحدكم هَلُمَّ وتعالَ
؛ أَراد النهْيَ عَلَى المُلاحاةِ فِي القِراءاتِ المختلفةِ وأَنّ مَرْجِعَها كُلِّها إِلى وَجْهٍ وَاحِدٍ مِنَ الصَّوَابِ كَمَا أَن هَلُمَّ بِمَعْنَى تعالَ. ابْنُ الأَعرابي: النُّطُعُ المُتَشَدِّقُون فِي كَلَامِهِمْ. وتَنَطَّعَ فِي الْكَلَامِ وتَنَطَّسَ إِذا تأَنَّقَ فِيهِ وتَعَمَّقَ. وتَنَطَّعَ فِي شَهَواتِه: تأَنَّقَ. ويقال: وطِئْنا نِطَاع بَنِي فُلَانٍ أَي دخَلْنا أَرْضَهم. قَالَ: وجَنابُ القومِ نِطاعُهم. قَالَ الأَزهري: ونَطاعِ بِوَزْنِ قَطامِ ماءٌ فِي بلادِ بَنِي تَمِيمٍ وَقَدْ ورَدْتُه. يُقَالُ: شَرِبَتْ إِبلُنا مِنْ ماءِ نَطاعِ، وَهِيَ رَكِيّةٌ عَذْبةُ الْمَاءِ غَزِيرَتُه. ويومُ نطاعِ: يومٌ مِنْ أَيامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ الأَعشى:
بظُلْمِهِمْ بِنَطاعِ المَلْكَ ضاحِيةً، ... فَقَدَ حَسَوْا بَعْدُ مِنْ أَنْفاسِها جُرَعا
نعع: النُّعاعةَ: بَقْلَةٌ ناعمةٌ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: النعاعةُ اللُّعاعةُ، وَهِيَ بقلةٌ ناعمةٌ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: النَّعْناعُ(8/357)
البَقْلُ، والنُّعاعةُ مَوْضِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَا مالَ إِلا إِبِلٌ جَمَّاعهْ، ... مَشْرَبُها الجَيْأَةُ أَو نُعاعَهْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى يَعْقُوبُ أَن نُونُهَا بَدَلٌ مِنْ لَامِ لُعاعةٍ، وَهَذَا قَوِيٌّ لأَنهم قَالُوا أَلَعَّتِ الأَرضُ وَلَمْ يَقُولُوا أَنَعَّتْ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النُّعاعُ النَّبَاتُ الغَضُّ الناعِمُ فِي أَوّلِ نباتِه قَبْلَ أَن يَكْتَهِلَ، وَوَاحِدَتُهُ بِالْهَاءِ. والنُّعْنُعُ: الذَّكَرُ المُسْتَرْخِي. والنَّعْنَعةُ: ضَعْفُ الغُرْمُولِ بَعْدَ قُوَّتِهِ. والنُّعْنُعُ: الرجُل الطوِيلُ المُضْطَربُ الرَّخْوُ، والنُّعُّ: الضعِيفُ. والتَّنَعْنُعُ: الاضْطِرابُ والتّمايُلُ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
منَ النّيِّ حَتَّى اسْتَحْقَبَتْ كلَّ مِرْفَقٍ ... رَوادِفَ، أَمثالَ الدِّلاءِ تَنَعْنَعُ
والتَّنَعْنُعُ: التَّباعُدُ؛ وَمِنْهُ قولُ ذِي الرُّمّة:
عَلَى مِثْلِها يَدْنو البَعِيدُ، ويَبْعُدُ ... القَرِيبُ، ويُطْوَى النازِحُ المُتَنَعْنِعُ
والنُّعْنُعُ: الفَرْجُ الطوِيل الرَّقِيقُ؛ وأَنشد:
سَلُوا نِساءَ أَشْجَعْ: ... أَيُّ الأُيُورِ أَنْفَعْ؟
أَالطَّوِيلُ النُّعْنُعْ؟ ... أَم القَصِيرُ القَرْصَعْ؟
القَرْصَعُ: القَصِيرُ المُعَجَّرُ. وَيُقَالُ لِبَظْرِ المرأَةِ إِذا طالَ: نُعْنُعٌ؛ قَالَ المُغِيرةُ بْنُ حَبْناءَ:
وإِلَّا جِئْتُ نُعْنُعَها بقَوْلٍ، ... يُصَيِّره ثَماناً فِي ثَمانِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُهُ ثَماناً لَحْنٌ وَالصَّحِيحُ ثَمانِياً، وإِن رُوِيَ:
يُصَيِّرُه ثَمانٍ فِي ثَمان
عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ رأَيت قاضٍ كَانَ جَائِزًا، قَالَ الأَصمعي: المَعِدَةُ مِنَ الإِنسان مِثْلُ الكَرِشِ مِنَ الدَّوَابِّ، وَهِيَ مِنَ الطَّيْرِ القانِصةُ بِمَنْزِلَةِ الْقَبِّ «2» عَلَى فُوهةِ المَصارِينِ، قَالَ: والحَوْصَلةُ يُقَالُ لَهَا النُّعْنُعةُ؛ وأَنشد:
فَعَبَّتْ لَهُنَّ الماءَ فِي نُعْنُعاتِها، ... ووَلَّيْنَ تَوْلاةَ المُشِيح المُحاذِر
قَالَ: وحَوْصَلةُ الرجُلِ كلُّ شَيْءٍ أَسفلَ السُّرَّةِ. والنُّعْنُعُ والنَّعْنَعُ والنَّعْناعُ: بَقْلةٌ طَيِّبةُ الرِّيحِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النُّعْنُعُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الرُّواة بِالضَّمِّ، بَقْلَةٌ طَيِّبَةُ الريحِ وَالطَّعْمِ فِيهَا حَرارةٌ عَلَى اللِّسَانِ، قَالَ: وَالْعَامَّةُ تَقُولُ نَعْنَعٌ، بِالْفَتْحِ، وَفِي الصِّحَاحِ: ونَعْنَعٌ مَقْصُورٌ مِنْهُ، وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلى الْعَامَّةِ. والنَّعْنَعةُ: حِكايةُ صَوْتٍ يَرْجِعُ إِلى الْعَيْنِ وَالنُّونِ.
نفع: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى النافِعُ: هُوَ الَّذِي يُوَصِّلُ النفْعَ إِلى مَن يَشَاءُ مِنْ خلْقه حَيْثُ هُوَ خالِقُ النفْعِ والضَّرِّ والخيْرِ والشرِّ. والنفْعُ: ضِدُّ الضرِّ، نَفَعَه يَنْفَعُه نَفْعاً ومَنْفَعةً؛ قَالَ:
كَلَّا، ومَنْ مَنْفَعَتي وضَيْري ... بكَفِّه، ومَبْدَئي وحَوْرِي
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
قَالَتْ أُمَيْمةُ: مَا لجِسْمِكَ شاحِباً، ... مُنْذُ ابْتَذَلْتَ، ومِثْلُ مالِكَ يَنْفَعُ؟
__________
(2) . قوله [القب] كذا بالأصل.(8/358)
أَي اتَّخِذْ مَنْ يَكْفِيكَ فَمِثْلُ مالِكَ يَنْبَغِي أَن تُوَدِّعَ نَفْسَكَ بِهِ. وَفُلَانٌ يَنْتَفِعُ بِكَذَا وَكَذَا، ونَفَعْتُ فُلاناً بِكَذَا فانْتَفَعَ بِهِ. وَرَجُلٌ نَفُوعٌ ونَفّاعٌ: كثيرُ النَّفْعِ، وَقِيلَ: يَنْفَع الناسَ وَلَا يَضُرُّ. والنَّفِيعةُ والنُّفاعةُ والمَنْفَعةُ: اسْمُ مَا انْتُفِعَ بِهِ. وَيُقَالُ: مَا عِنْدَهُمْ نَفِيعةٌ أَي مَنْفَعةٌ. واسْتَنْفَعَه: طَلَبَ نَفْعَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومُسْتَنْفِعٍ لَمْ يَجْزِه بِبَلائِه ... نَفَعْنا، ومَوْلًى قَدْ أَجَبْنا لِيُنْصَرا
والنِّفْعةُ: جِلْدةٌ تُشَقُّ فَتُجْعَلُ فِي جانِبي المَزادِ وَفِي كُلِّ جَانِبٍ نِفْعةٌ، وَالْجَمْعُ نِفْعٌ ونِفَعٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يَشْرَبُ مِنَ الإِداوةِ وَلَا يَخْنِثُها ويُسَمِّيها نَفْعةَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: سمَّاها بالمرَّة الْوَاحِدَةِ مِنَ النَّفْعِ وَمَنَعَهَا الصَّرْفَ للعلَمية والتأْنيث، وَقَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي الْفَائِقِ، فإِن صَحَّ النَّقْلُ وإِلا فَمَا أَشبَهَ الْكَلِمَةَ أَن تَكُونَ بِالْقَافِ مِنَ النَّقْعِ وَهُوَ الرَّيُّ. والنَّفْعةُ: العَصا، وَهِيَ فَعْلةٌ مِنَ النَّفْعِ. وأَنْفَعَ الرجلُ إِذا تَجِرَ فِي النَّفعاتِ، وَهِيَ العِصِيُّ. ونافِعٌ ونَفّاعٌ ونُفَيْعٌ: أَسماء؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: نُفَيْعٌ شَاعِرٌ مِنْ تَمِيم، فإِما أَن يَكُونَ تَصْغِيرَ نَفْع وإِما أَن يَكُونَ تَصْغِيرَ نافِعٍ أَو نَفّاعٍ بعد الترخيم.
نقع: نَقَعَ الماءُ فِي المَسِيلِ وَنَحْوِهِ يَنْقَعُ نُقُوعاً واسْتَنْقَعَ: اجْتَمَعَ. واسْتَنْقَعَ الماءُ فِي الغَدِيرِ أَي اجْتَمَعَ وَثَبَتَ. وَيُقَالُ: استنقَعَ الماءُ إِذا اجْتَمَعَ فِي نِهْيٍ أَو غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ نَقَعَ يَنْقَعُ نُقُوعاً. وَيُقَالُ: طالَ إِنْقاعُ الماءِ واسْتِنْقاعُه حَتَّى اصْفَرَّ. والمَنْقَعُ، بِالْفَتْحِ: المَوْضِعُ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الماءُ، وَالْجَمْعُ مَناقِعُ. وَفِي حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: إِذا اسْتَنْقَعَتْ نَفْسُ المؤمنِ جاءَه ملَكُ الموتِ
أَي إِذا اجْتَمَعَتْ فِي فِيهِ تُرِيدُ الْخُرُوجَ كَمَا يَسْتَنْقِعُ الماءُ فِي قَرارِه، وأَراد بالنفْسِ الرُّوحَ؛ قَالَ الأَزهري: وَلِهَذَا الْحَدِيثِ مَخْرَجٌ آخَر وهو من قَوْلُهُمْ نَقَعْتُه إِذا قَتَلْتَهُ، وَقِيلَ: إِذا اسْتَنْقَعَتْ، يَعْنِي إِذا خرجَت؛ قَالَ شَمِرٌ: وَلَا أَعرفها؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
مُسْتَنْقِعانِ عَلَى فُضُولِ المِشْفَرِ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: يَعْنِي نَابَيِ النَّاقَةِ أَنهما مُسْتَنْقِعانِ فِي اللُّغامِ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبةَ: مُصَوِّتانِ. والنَّقْعُ: مَحْبِسُ الماءِ. والنَّقْعُ: الماءُ الناقِعُ أَي المُجْتَمِعُ. ونَقْعُ البئرِ: الماءُ المُجْتَمِعُ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يُسْتَقَى. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَا يُمْنَعُ نَقْعُ البئرِ وَلَا رَهْوُ الماءِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَقْعُدْ أَحدُكم فِي طريقٍ أَو نَقْعِ ماءٍ
، يَعْنِي عِنْدَ الحَدَثِ وقضاءِ الحاجةِ. والنَّقِيعُ: البئرُ الكثيرةُ الماءِ، مُذَكَّر والجمعُ أَنْقِعةٌ، وكلُّ مُجْتَمَعِ ماءٍ نَقْعٌ، وَالْجَمْعُ نُقْعانٌ، والنَّقْعُ: القاعُ مِنْهُ، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الحُرَّةُ الطينِ لَيْسَ فِيهَا ارْتفاع وَلَا انْهِباط، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَ وَقَالَ: الَّتِي يسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ نِقاعٌ وأَنْقُعٌ مِثْلُ بَحْرٍ وبِحارٍ وأَبْحُرٍ، وَقِيلَ: النِّقاعُ قِيعانُ الأَرض؛ وأَنشد:
يَسُوفُ بأَنْفَيْهِ النِّقاعَ كأَنَّه، ... عَنِ الرَّوْضِ مِنْ فَرْطِ النَّشاطِ، كَعِيمُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: نَقْعُ البئرِ فَضْلُ مائِها الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهَا أَو مِنَ الْعَيْنِ قَبْلَ أَن يَصِيرَ فِي إِناء أَو وِعاء، قَالَ: وَفَسَّرَهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
مَنْ مَنَعَ فَضْلَ الماءِ لِيَمْنَع(8/359)
بِهِ فَضْلَ الكَلإِ مَنَعَه اللَّهُ فَضْلَه يومَ القيامةِ
؛ وأَصل هَذَا فِي الْبِئْرِ يَحْتَفِرُهَا الرَّجُلُ بالفَلاةِ مِنَ الأَرض يَسْقِي بِهَا مَواشِيَه، فإِذا سَقاها فَلَيْسَ لَهُ أَن يَمْنَعَ الماءَ الفاضِلَ عَنْ مَواشِيهِ مَواشِيَ غَيْرِهِ أَو شَارِبًا يَشْرَبُ بشَفَتِه، وإِنما قِيلَ لِلْمَاءِ نَقْعٌ لأَنه يُنْقَعُ بِهِ العَطَشُ أَي يُرْوَى بِهِ. يُقَالُ: نَقَعَ بِالرِّيِّ وبَضَعَ. ونَقَعَ السّمُّ فِي أَنْيابِ الحيَّةِ: اجْتَمعَ، وأَنْقَعَتْه الحيّةُ؛ قَالَ:
أَبَعْدَ الَّذِي قَدْ لَجَّ تَتَّخِذِينَني ... عَدُوًّا، وَقَدْ جَرَّعْتِني السّمَّ مُنْقَعا؟
وَقِيلَ: أَنْقَعَ السمَّ عَتَّقَه. وَيُقَالُ: سُمٌّ ناقِعٌ أَي بالِغٌ قاتِلٌ، وَقَدْ نَقَعَه أَي قَتَلَه، وَقِيلَ: ثَابِتٌ مُجْتَمِعٌ مِنْ نَقْعِ الْمَاءِ. وَيُقَالُ: سُمٌّ مَنْقُوعٌ ونَقِيعٌ وناقِعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَبِتُّ كأَنِّي ساوَرَتْني ضَئِيلةٌ ... مِنَ الرُّقْشِ، فِي أَنْيابِها السُّمُّ ناقِعُ
وَفِي حَدِيثِ
بَدْرٍ: رأَيتُ البَلايا تَحْمِلُ الْمَنَايَا، نَواضِحُ يَثْرِبَ تَحْمِلُ السُّمَّ الناقِعَ.
وموْتٌ ناقِعٌ أَي دائِمٌ. ودمٌ ناقِعٌ أَي طَرِيٌّ؛ قَالَ قَسّام بْنُ رَواحةَ:
وَمَا زالَ مِنْ قَتْلَى رِزاحٍ بعالِجٍ ... دَمٌ ناقِعٌ، أَو جاسِدٌ غيرُ ماصِحِ
قَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُرِيدُ بالناقِعِ الطَّرِيَّ وبالجاسِدِ القَدِيمَ. وسَمٌّ مُنْقَعٌ أَي مُرَبًّى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِيهَا ذَراريحٌ وسَمٌّ مُنْقَعُ
يَعْنِي فِي كأْس الْمَوْتِ. واسْتَنْقَعَ فِي الْمَاءِ: ثَبَتَ فِيهِ يَبْتَرِدُ، وَالْمَوْضِعُ مُسْتَنْقَعٌ، وَكَانَ عَطَاءُ يَسْتَنْقِعُ فِي حِياضِ عَرَفةَ أَي يدخلُها ويَتَبَرَّد بِمَائِهَا. واسْتُنْقِعَ الشَّيْءُ فِي الْمَاءُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه. والنَّقِيعُ والنَّقِيعةُ: المَحْضُ مِنَ اللَّبَنِ يُبَرَّدُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أُطَوِّفُ، مَا أُطَوِّفُ، ثُمَّ آوِي ... إِلى أُمِّي، ويَكْفِيني النَّقِيعُ
وَهُوَ المُنْقَعُ أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا:
قانَى لَهُ فِي الصَّيْفِ ظِلٌّ بارِدٌ، ... ونَصِيُّ ناعِجةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده ونصِيُّ باعِجةٍ، بِالْبَاءِ؛ قَالَ أَبو هِشَامٍ: الباعِجةُ هِيَ الوَعْساءُ ذاتُ الرِّمْثِ والحَمْضِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّهْلةُ المُسْتَوِيةُ تُنْبِتُ الرِّمْثَ والبَقْلَ وأَطايِبَ العُشْبِ، وَقِيلَ: هِيَ مُتَّسَعُ الوادِي، وَقَانَى لَهُ أَي دامَ لَهُ؛ قَالَ الأَزهريّ: أَصلُه مِنْ أَنْقَعْتُ اللبَنَ، فَهُوَ نَقِيعٌ، وَلَا يُقَالُ مُنْقَعٌ، وَلَا يَقُولُونَ نَقَعْتُه، قَالَ: وَهَذَا سَماعي مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ: ووجدْتُ للمُؤَرِّجِ حُرُوفاً فِي الإِنقاعِ مَا عُجْت بِهَا وَلَا علِمْت راوِيها عَنْهُ. يُقَالُ: أَنْقَعْتُ الرجُلَ إِذا ضَرَبْتَ أَنْفَه بإِصْبَعِكَ، وأَنْقَعْتُ الميِّتَ إِذا دَفَنْته، وأَنْقَعْتُ البَيْتَ إِذا زَخْرَفْتَه، وأَنْقَعْتُ الجاريةَ إِذا افْتَرَعْتَها، وأَنْقَعْتُ الْبَيْتَ إِذا جَعَلْتَ أَعلاه أَسفلَه، قَالَ: وَهَذِهِ حُروفٌ مُنْكَرةٌ كلُّها لَا أَعرِفُ مِنْهَا شَيْئًا. والنَّقُوعُ، بِالْفَتْحِ: مَا يُنْقَعُ فِي الْمَاءِ مِنَ اللَّيْلِ لِدواءٍ أَو نَبِيذٍ ويُشْرَبُ نَهَارًا، وَبِالْعَكْسِ. وَفِي حَدِيثِ الكَرْمِ:
تَتَّخِذُونَهُ زَبِيباً تُنْقِعُونه
أَي تَخْلِطونه(8/360)
بِالْمَاءِ لِيَصِيرَ شَراباً. وَفِي التَّهْذِيبِ: النَّقُوعُ مَا أَنْقَعْتَ مِنْ شَيْءٍ. يُقَالُ: سَقَوْنا نَقُوعاً لِدواءٍ أُنْقِعَ مِنَ اللَّيْلِ، وَذَلِكَ الإِناء مِنْقَعٌ، بِالْكَسْرِ. ونَقَعَ الشيءَ فِي الماءِ وَغَيْرِهِ يَنْقَعُه نَقْعاً، فَهُوَ نَقِيعٌ، وأَنْقَعَه: نَبَذَه. وأَنْقَعْتُ الدّواءَ وَغَيْرَهُ فِي الْمَاءِ، فَهُوَ مُنْقَعٌ. والنَّقِيعُ والنَّقُوعُ: شَيْءٌ يُنْقَعُ فِيهِ الزَّبِيبُ وَغَيْرُهُ ثُمَّ يُصَفَّى ماؤُه ويُشْرَبُ، والنُّقاعةُ: مَا أَنْقَعْتَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والنُّقاعةُ اسْمُ مَا أُنْقِعَ فِيهِ الشيءُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِهِ مِنْ نِضاخِ الشَّوْلِ رَدْعٌ، كأَنَّه ... نُقاعةُ حِنّاءٍ بماءِ الصَّنَوْبَرِ
وكلُّ مَا أُلقِيَ فِي ماءٍ، فَقَدْ أُنْقِعَ. والنَّقُوعُ والنَّقِيعُ: شَرابٌ يُتَّخَذُ مِنْ زَبِيبٍ يُنْقَعُ فِي الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ، وَقِيلَ فِي السَّكَر: إِنه نَقِيعُ الزَّبيبِ. والنَّقْعُ: الرَّيُّ، شَرِبَ فَمَا نَقَعَ وَلَا بَضَعَ. ومثَلٌ مِنَ الأَمثالِ: حَتَّامَ تَكْرَعُ وَلَا تَنْقَعُ؟ ونَقَعَ مِنَ الْمَاءِ وَبِهِ يَنْقَعُ نُقُوعاً: رَوِيَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَوْ شِئْتِ، قَدْ نَقَعَ الفُؤادُ بشَرْبةٍ، ... تَدَعُ الصَّوادِيَ لَا يَجِدْنَ غَلِيلا
وَيُقَالُ: شَرِبَ حَتَّى نَقَعَ أَي شَفى غَلِيلَه ورَوِيَ. وماءٌ ناقِعٌ: وهو كالناجِعِ؛ وَمَا رأَيت شَرْبةً أَنْقَعَ مِنْهَا. ونَقَعْتُ بِالْخَبَرِ وبالشّرابِ إِذا اشْتَفَيْتَ مِنْهُ. وَمَا نَقَعْتُ بِخَبَرِهِ أَي لَمْ أَشْتَفِ بِهِ. وَيُقَالُ: مَا نَقَعْتُ بخبَر فُلَانٍ نُقوعاً أَي مَا عُجْتُ بكلامِه وَلَمْ أُصَدِّقْه. وَيُقَالُ: نَقَعَتْ بِذَلِكَ نفْسِي أَي اطْمَأَنَّتْ إِليه ورَوِيَتْ بِهِ. وأَنْقَعَني الماءُ أَي أَرْواني. وأَنْقَعَني الرَّيُّ ونَقَعْتُ بِهِ ونَقَعَ الماءُ العَطَشَ يَنْقَعُه نَقْعاً ونُقُوعاً: أَذْهَبَه وسَكَّنَه؛ قَالَ حَفْصٌ الأُمَوِيُّ:
أَكْرَعُ عِنْدَ الوُرُودِ فِي سُدُمٍ ... تَنْقَعُ مِنْ غُلَّتي، وأَجْزَأُها
وَفِي الْمَثَلِ: الرَّشْفُ أَنْقَعُ أَي الشَّرابُ الَّذِي يُتَرَشَّفُ قَلِيلًا قَليلًا أَقْطَعُ للعطَشِ وأَنْجَعُ، وإِن كَانَ فِيهِ بُطءٌ. ونَقَعَ الماءُ غُلَّتَه أَي أَرْوى عَطَشَه. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: إِنه لَشَرَّابٌ بأَنْقُعٍ. ووَرَدَ أَيضاً فِي حديثِ الحَجّاجِ: إِنَّكُم يَا أَهلَ العِراقِ شَرَّابُونَ عَلَيَّ بأَنْقُعٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ الَّذِي جَرَّبَ الأُمُورَ ومارَسها، وقيل للذي يُعادُ الأُمور المَكْرُوهةَ، أَراد أَنهم يَجْتَرئُونَ عَلَيْهِ ويَتَناكَرون. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ للإِنسان إِذا كَانَ متعاداً لِفِعْلِ الْخَيْرِ والشرِّ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه قَدْ جَرَّبَ الأُمور ومارَسها حَتَّى عَرَفَهَا وَخَبِرَهَا، والأَصل فِيهِ أَن الدَّلِيلَ مِنَ الْعَرَبِ إِذا عَرَفَ المِياهَ فِي الفَلَواتِ ووَرَدَها وَشَرِبَ مِنْهَا، حَذَقَ سُلُوكَ الطريقِ الَّتِي تُؤَدّيه إِلى الْبَادِيَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه مُعاوِدٌ للأُمور يأْتيها حَتَّى يَبْلُغَ أَقْصَى مُرادِه، وكأَنَّ أَنْقُعاً جَمْعُ نَقْعٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَنْقُعٌ جَمْعُ قِلَّة، وَهُوَ الماءُ الناقِعُ أَو الأَرض الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وأَصله أَنَّ الطَّائِرَ الحَذِرَ لَا يَرِدُ المَشارِعَ، وَلَكِنَّهُ يأْتي المَناقِعَ يَشْرَبُ مِنْهَا، كَذَلِكَ الرَّجُلُ الحَذِرُ لَا يَتَقَحّمُ الأُمورَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى أَبو عُبَيْدٍ أَن هَذَا الْمَثَلَ لِابْنِ جُرَيْجٍ قَالَهُ فِي مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، وَكَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ أَفصح النَّاسِ، يَقُولُ ابْنُ جُرَيْجٍ: إِنه رَكِب فِي طلَبِ الْحَدِيثِ كلَّ حَزْن وَكَتَبَ مِنْ كُلِّ وجْهٍ، قَالَ الأَزهريُّ: والأَنْقُعُ جَمْعُ النَّقْعِ، وَهُوَ كُلُّ ماءٍ مُسْتَنْقِعٍ مِنْ عِدٍّ أَو(8/361)
غَدِيرٍ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مُنْقَعٌ أَي يُسْتَشْفى بِرأْيه، وأَصله مِنْ نَقَعْتُ بِالرَّيِّ. والمِنْقَعُ والمِنْقَعةُ: إِناءٌ يُنْقَعُ فِيهِ الشَّيْءُ. ومِنْقَعُ البُرَمِ: تَوْرٌ صَغِيرٌ أَو قُدَيْرةٌ صَغِيرَةٌ مِنْ حِجارة، وجمعه مَناقِعُ، تَكُونُ لِلصَّبِيِّ يَطْرَحُون فِيهِ التمْر واللبَنَ يُطْعَمُه ويُسْقاهُ؛ قَالَ طَرَفةُ:
أَلْقَوْا إِلَيْكَ بِكُلِّ أَرْمَلةٍ ... شَعْثاءَ، تَحْمِلُ مِنْقَعَ البُرَمِ
البُرَمُ هَاهُنَا: جَمْعُ بُرْمةٍ، وَقِيلَ: هِيَ المِنْقَعةُ والمِنْقَعُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا تَكُونُ إِلا مِنَ حِجَارَةٍ. والأُنْقُوعةُ: وَقْبَةُ الثَّرِيدِ الَّتِي فِيهَا الوَدَكُ. وَكُلُّ شَيْءٍ سالَ إِليه الماءُ مِنْ مَثْعَبٍ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ أُنْقُوعةٌ. ونُقاعةُ كُلِّ شَيْءٍ: الماءُ الَّذِي يُنْقَعُ فِيهِ. والنَّقْعُ: دَواءٌ يُنْقَعُ ويُشْربُ. والنَّقِيعةُ مِنَ الإِبل: العَبِيطةُ تُوَفَّر أَعْضاؤها فَتُنْقَعُ فِي أَشياءَ. ونَقَعَ نَقِيعةً: عَمِلَها. والنَّقِيعةُ: مَا نُحِرَ مِنَ النَّهْبِ قَبْلَ أَن يُقْتَسَمَ؛ قَالَ:
مِيلُ الذُّرى لُحِبَتْ عَرائِكُها، ... لَحْبَ الشِّفارِ نَقِيعةَ النَّهْبِ
وانْتَقَعَ القومُ نَقيعةً أَي ذَبَحوا مِنَ الغنيمةِ شَيْئًا قَبْلَ القَسْمِ. وَيُقَالُ: جاؤُوا بناقةٍ مِنْ نَهْبٍ فَنَحَرُوهَا. والنَّقِيعةُ: طَعَامٌ يُصْنَعُ للقادِم مِنَ السفَر، وَفِي التَّهْذِيبِ: النَّقِيعَةُ مَا صنَعَه الرجُل عِنْدَ قُدُومِهِ مِنَ السَّفَرِ. يُقَالُ: أَنْقَعْتُ إِنْقاعاً؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:
إِنَّا لَنَضْرِبُ بالصَّوارِمِ هامَهُمْ، ... ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ
وَيُرْوَى:
إِنَّا لَنَضْرِبُ بالسُّيوفِ رُؤوسَهم
القُدَّامُ: القادِمُون مِنْ سفَر جَمْعُ قادِمٍ، وَقِيلَ: القُدَّامُ المَلِكُ، وَرُوِيَ القَدَّامُ، بِفَتْحِ الْقَافِ، وَهُوَ المَلِكُ. والقُدارُ: الجَزَّارُ. والنَّقِيعةُ: طَعامُ الرجلِ ليلةَ إِمْلاكِه. يُقَالُ: دَعَوْنا إِلى نَقِيعَتهم، وَقَدْ نَقَعَ يَنْقَعُ نُقُوعاً وأَنْقَعَ. وَيُقَالُ: كُلُّ جَزُورٍ جَزَرتَها للضِّيافةِ، فَهِيَ نَقِيعةٌ. يُقَالُ: نَقَعْتُ النَّقِيعةَ وأَنْقَعْتُ وانْتَقَعْتُ أَي نَحَرْتُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هَذَا الْمَكَانِ:
كلُّ الطَّعامِ تَشْتَهي رَبِيعهْ: ... الخُرْسُ والإِعْذارُ والنَّقِيعهْ
وَرُبَّمَا نَقَعُوا عَنْ عدّةٍ مِنَ الإِبل إِذا بَلَغَتْها جَزُوراً أَي نَحَرُوهُ، فَتِلْكَ النَّقِيعةُ؛ وأَنشد:
مَيْمونةُ الطَّيْر لَمْ تَنْعِقْ أَشائِمُها، ... دائِمَةُ القِدْرِ بالأَفْراعِ والنُّقُعِ
وإِذا زُوِّجَ الرجلُ فأَطْعَمَ عَيْبَتَه قِيلَ: نَقَعَ لَهُمْ أَي نَحَرَ. وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ: إِذا لَقِيَ الرجلُ مِنْهُمْ قَوْمًا يَقُولُ: مِيلُوا يُنْقَعْ لَكُمْ أَي يُجْزَرْ لَكُمْ، كأَنه يَدْعُوهم إِلى دَعْوَتِه. وَيُقَالُ: الناسُ نَقائِعُ الموْتِ أَي يَجْزُرُهم كَمَا يَجْزُرُ الجَزَّارُ النَّقِيعةَ. والنقْعُ: الغُبارُ الساطِعُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً
؛ أَي غُبَارًا، وَالْجَمْعُ نِقاعٌ. ونَقَعَ الموتُ: كَثُرَ. والنَّقِيعُ: الصُّراخُ. والنَّقْعُ: رَفْعُ الصوتِ. ونَقَعَ الصوتُ واسْتَنْقَعَ أَي ارْتَفَع؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَمَتى يَنْقَعْ صُراخٌ صادِقٌ، ... يُحْلِبُوها ذاتَ جَرْسٍ وزَجَلْ(8/362)
مَتَى يَنْقَعْ صُراخٌ أَي مَتَى يَرْتَفِعْ، وَقِيلَ: يَدُومُ وَيَثْبُتُ، وَالْهَاءُ للحرْب وإِن لَمْ يَذْكُرْهُ لأَن فِي الْكَلَامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ، وَيُرْوَى يَحْلِبُوها مَتَى مَا سَمِعُوا صارِخاً؛ أَحْلَبُوا الحرْبَ أَي جَمَعُوا لَهَا. ونَقَعَ الصارِخُ بِصَوْتِهِ يَنْقَعُ نُقُوعاً وأَنْقَعَه، كِلَاهُمَا: تابَعَه وأَدامَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنه قَالَ فِي نساءٍ اجْتَمَعْنَ يَبْكِينَ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: وَمَا عَلَى نِسَاءِ بَنِي الْمُغِيرَةِ أَنْ يُهْرِقْنَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: يَسْفِكْنَ مِنْ دُموعِهِنَّ عَلَى أَبي سُلَيْمانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ وَلَا لَقْلَقةٌ
، يَعْنِي رَفْعَ الصوتِ، وَقِيلَ: يَعْنِي بالنقْعِ أَصواتَ الخُدودِ إِذا ضُرِبَتْ، وَقِيلَ: هُوَ وَضْعُهُنَّ عَلَى رؤُوسهن النَّقْعَ، وَهُوَ الغبارُ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا أَولى لأَنه قَرَنَ بِهِ اللَّقْلَقَةَ، وَهِيَ الصَّوْتُ، فحَمْلُ اللَّفْظَيْنِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَوْلى مِنْ حَمْلِهِمَا عى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ: النَّقْعُ هَاهُنَا شَقُّ الجُيُوبِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَجَدْتُ بَيْتًا لِلْمَرَّارِ فِيهِ:
نَقَعْنَ جُيُوبَهُنَّ عليَّ حَيًّا، ... وأَعْدَدْنَ المَراثيَ والعَوِيلا
والنَّقَّاعُ: المُتَكَثِّرُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ مدْحِ نفْسِه بالشَّجاعة والسَّخاءِ وَمَا أَشبهه. ونَقَعَ لَهُ الشَّرَّ: أَدامَه. وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ: أَنْقَعْتُ لَهُ شَرًّا، وَهُوَ اسْتِعارةٌ. وَيُقَالُ: نَقَعَه بِالشَّتْمِ إِذا شَتَمَهُ شَتْمًا قَبِيحًا. والنَّقائِعُ: خَبارَى فِي بِلادِ تَمِيمٍ، والخَبارَى: جُمَعُ خَبْراءَ، وَهِيَ قاعٌ مُسْتَدِيرٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ الماءُ. وانْتُقِعَ لونُه: تَغَيَّرَ مِنْ هَمٍّ أَو فزَعٍ، وَهُوَ مُنْتَقَعٌ، وَالْمِيمُ أَعرف، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن مِيمَ امْتُقِعَ بَدَلٌ مِنْ نُونِهَا. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
أَنه أَتَى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ملكانِ فأَضْجَعاه وشَقَّا بَطنَه فرجعَ وَقَدِ انْتُقِعَ لونُه
؛ قَالَ النَّضِرُ: يُقَالُ ذَلِكَ إِذا ذَهَبَ دَمُه وَتَغَيَّرَتْ جِلْدَةُ وَجْهِهِ إِما مِنْ خوْفٍ وإِما مِنْ مَرَضٍ. والنَّقُوعُ: ضَرْبٌ مِنَ الطِّيب. الأَصمعي: يُقَالُ صَبَغَ فُلَانٌ ثوبَه بنَقُوعٍ، وَهُوَ صِبْغٌ يُجْعَلُ فِيهِ مِنْ أَفْواه الطِّيبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ عُمَرَ حَمَى غَرَزَ النَّقِيعِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَوْضِعٌ حمَاه لِنَعَمِ الفيءِ وخَيْلِ الْمُجَاهِدِينَ فَلَا يَرْعاه غَيْرُهَا، وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ أَي يَجْتَمِعُ؛ قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
أَول جُمُعةٍ جُمِّعَتْ فِي الإِسلام بِالْمَدِينَةِ فِي نَقِيعِ الخَضِماتِ
؛ قَالَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِنَوَاحِي الْمَدِينَةِ.
نكع: النَّكِعُ: الأَحْمَرُ مِنْ كلِّ شَيْءٍ. والأَنْكَعُ: المُتَقَشِّرُ الأَنْفِ مَعَ حُمْرةٍ شديدةٍ. رجُلٌ أَنْكَعُ بيِّنُ النَّكَعِ، وَقَدْ نَكِعَ يَنْكعُ نَكَعاً. والنَّكِعةُ مِنَ النساءِ: الحَمْراءُ اللَّوْنِ. والنَّكِعُ والناكِعُ والنُّكَعةُ: الأَحمر الأَقْشَرُ. وأَحمر نَكِعٌ: شَدِيدُ الحُمْرَةِ ورجُلٌ نُكَعٌ: يخالِطُ حُمْرَتَه سَوادٌ، وَالِاسْمُ النَّكَعةُ والنُّكَعةُ. وشَفةٌ نَكِعة: اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهَا لِكَثْرَةِ دَمِ بَاطِنِهَا. ونَكَعةُ الأَنْفِ: طَرَفُه. وَيُقَالُ: أَحمر مثلُ نَكَعةِ الطُّرْثُوثِ، ونَكَعةُ الطُّرْثُوثِ، بِالتَّحْرِيكِ: قِشْرَةٌ حَمْراء فِي أَعْلاه، وَقِيلَ: هِيَ رأْسه، وَقِيلَ: هِيَ مِنْ أَعْلاه إِلى قَدْرِ إِصبع عَلَيْهِ قِشْرَةٌ حَمْرَاءُ؛ قَالَ الأَزهري: رأَيتها كأَنها ثُومةُ ذَكَرِ الرَّجُلِ مُشْرَبةٌ حُمْرةً. وَفِي الْخَبَرِ:
قَبَّحَ اللَّهُ نَكَعةَ أَنْفِه كأَنها نَكَعةُ الطُّرْثُوثِ
والنُّكعةُ، بِضَمِّ النُّونِ: جَناةٌ حَمْرَاءُ كَالنَّبْقِ فِي اسْتِدَارَتِهِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَحمر كالنُّكعةِ، قَالَ: وَهِيَ ثَمَرَةُ النُّقاوَى وَهُوَ نَبْتٌ(8/363)
أَحمر. وَفِي حَدِيثٍ:
كَانَتْ عَيْنَاهُ أَشدَّ حُمْرَةً مِنَ النُّكعةِ.
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قَالَ: فَكَانَتْ عَيْنَاهُ أَشدّ حُمْرَةً مِنَ النُّكعةِ، هَكَذَا رَوَاهُ بِضَمِّ النُّونِ. قَالَ الأَزهري: وَسَمَاعِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ نَكَعةٌ، بِالْفَتْحِ. والنُّكَعةُ والنَّكَعةُ: ثَمَرُ شَجَرٍ أَحمر. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النُّكَعةُ والنَّكَعةُ كِلاهما هَنةٌ حَمْرَاءُ تَظْهَرُ فِي رأْس الطُّرْثُوثِ. ونَكَعه بِظَهْرِ قدمِه نَكْعاً: ضَرَبَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّرْبُ عَلَى الدُّبر كالكَسْعِ. والنَّكُوعُ مِنَ النِّسَاءِ: القصِيرةُ، وَجَمْعُهَا نُكُعٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
بِيضٌ مَلاوِيحُ، يومَ الصَّيْفِ، لَا صُبُرٌ ... عَلَى الهَوانِ، وَلَا سُودٌ، وَلَا نُكُعُ
ونَكَعَه حَقَّه: حَبَسَه عَنْهُ. ونَكَعَه الوِرْدَ وَمِنْهُ: مَنَعَه إِيّاه؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
بَني ثُعَلٍ لَا تَنْكَعُوا العَنْزَ شُرْبَها، ... بَني ثُعَلٍ مَنْ يَنْكَع العَنْزَ ظالِمُ
وأَنْكَعَتْه بِغْيَتُه: طَلَبها ففاتَتْه. ونَكَعَه عَنِ الشَّيْءِ يَنْكَعُه نَكْعاً وأَنْكَعَه: صَرَفَه. ونَكَعَ عَنِ الأَمر ونَكَلَ بِمَعْنًى واحدٍ. وتَكَلَّمَ فأَنْكَعَه: أَسْكَتَه. وشَرِبَ فأَنْكَعَه: نَغَّصَ عَلَيْهِ. والنُّكَعةُ: الأَحْمَقُ الَّذِي إِذا جَلَسَ لَمْ يَكَدْ يَبْرَحُ. وَيُقَالُ للأَحمق: هُكَعةٌ نُكَعةٌ. والنَّكْعُ: الإِعْجالُ عَنِ الأَمْرِ. ونَكَعَه عَنِ الأَمر: أَعْجَلَه عَنْهُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
تَقْنِصُكَ الخَيْلُ وتَصْطادُكَ الطَّيْرُ، ... وَلَا تُنْكَعُ لَهْوَ القَنِيص
ابْنُ الأَعرابي: لَا تُنْكَعُ لَا تُمْنَعُ؛ وأَنشد أَبو حَاتِمٍ فِي الإِنْكاعِ بِمَعْنَى الإِعْجالِ:
أَرَى إِبلي لَا تُنْكَعُ الوِرْدَ شُرَّداً، ... إِذا شُلَّ قومٌ عَنْ وُرودٍ وكُعْكِعوا
وَذَكَرَ فِي تَرْجَمَةِ لكع: ولَكَعَ الرجلُ الشاةَ إِذا نَهَزَها، ونكَعَها إِذا فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ عِنْدَ حَلْبِها، وَهُوَ أَن يَضْرِبَ ضَرْعَها لِتَدِرَّ.
نهع: نَهَعَ يَنْهَعُ نُهوعاً أَي تَهَوَّعَ للقَيء وَلَمْ يَقْلِسْ شَيْئًا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَا أَعْرِفُ هَذَا الحرفَ وَلَا أَحُقُّه، وَفِي الصِّحَاحِ: أَي تَهَوَّعَ وَهُوَ التَّقَيُّؤُ.
نهبع: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: النُّهْبوعُ طائِرٌ؛ عَنِ ابْنِ خالويه.
نوع: النَّوْعُ أَخَصُّ مِنَ الجِنس، وَهُوَ أَيضاً الضرْبُ مِنَ الشَّيْءِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَهُ تَحْديدٌ مَنْطِقيّ لَا يَلِيقُ بِهَذَا الْمَكَانِ، وَالْجَمْعُ أَنواعٌ، قَلَّ أَو كثُر. قَالَ اللَّيْثُ: النوْعُ والأَنواعُ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ كُلُّ ضَرْبٍ مِنَ الشَّيْءِ وَكُلُّ صِنْفٍ مِنَ الثِّيَابِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرُ ذَلِكَ حَتَّى الْكَلَامُ؛ وَقَدْ تَنَوَّعَ الشَّيْءُ أَنواعاً. وناعَ الغُصْنُ يَنوعُ: تمايَلَ. وناعَ الشيءُ نَوْعاً: تَرَجَّحَ. والتنَوُّعُ: التذَبْذُبُ. والنُّوعُ، بِالضَّمِّ: الجُوعُ، وصرَّف سِيبَوَيْهِ مِنْهُ فِعْلًا فَقَالَ: ناعَ يَنوعُ نَوْعاً، فَهُوَ نائِعٌ. يُقَالُ: رَماه اللَّهُ بالجوعِ والنُّوعِ، وَقِيلَ: النُّوعُ إِتْباعٌ للجُوعِ، والنائِعُ إِتباعٌ للجائعِ، يُقَالُ: رَجُلٌ جائعٌ نائِعٌ، وَقِيلَ: النُّوعُ العطَشُ وَهُوَ أَشبه لِقَوْلِهِمْ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الإِنسان: جُوعاً وَنُوعًا، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، وَلَوْ كَانَ الجُوع نُوعاً لَمْ يَحْسُنْ تَكْرِيرُهُ، وَقِيلَ: إِذا اخْتَلَفَ اللَّفْظَانِ جَازَ التَّكْرِيرُ، قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ جُوعاً لَهُ ونُوعاً، وجُوساً لَهُ وجُوداً، لَمْ يَزِدْ عَلَى(8/364)
هَذَا، وَقِيلَ: جائِعٌ نائِعٌ أَي جائعٌ، وَقِيلَ عطشانُ، وَقِيلَ إِتباع كَقَوْلِكَ حَسَنٌ بَسَنٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَعَلَى هذا يَكُونُ مِنْ بَابِ بُعْداً لَهُ وسُحقاً مِمَّا تَكَرَرَ فِيهِ اللفظانِ المختلفانِ بِمَعْنًى، قَالَ: وَذَلِكَ أَيضاً تَقْوِيَةٌ لِمَنْ يَزْعُمُ أَنه إِتباع لأَن الإِتباع أَن يَكُونَ الثَّانِي بِمَعْنَى الأَوَّل، وَلَوْ كَانَ بِمَعْنَى الْعَطَشِ لَمْ يَكُنْ إِتباعاً لأَنه لَيْسَ مِنْ مَعْنَاهُ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ إِتباعاً لأَن الإِتباع لَا يَكُونُ بِحَرْفِ الْعَطْفِ، والآخرُ أَنَّ لَهُ مَعْنًى فِي نَفْسِهِ يُنْطَقُ بِهِ مُفْرَدًا غَيْرَ تَابِعٍ، وَالْجَمْعُ نِياعٌ. يُقَالُ: قَوْمٌ جِياعٌ نِياعٌ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
لَعَمْرُ بَني شِهابٍ مَا أَقامُوا ... صدورَ الخيلِ والأَسَلَ النِّياعا
يَعْنِي الرِّماح العِطاش إِلى الدِّماء، قَالَ: والأَسَلُ أَطرافُ الأَسِنَّةِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِدُرَيْدِ بْنِ الصِّمّةِ؛ وَقَوْلُ الأَجْدع بْنِ مَالِكٍ أَنشد يَعْقُوبُ فِي الْمَقْلُوبِ:
خَيْلانِ مِنْ قَوْمي وَمِنْ أَعْدائِهِمْ، ... خَفَضُوا أَسِنَّتَهُمْ وكلُّ نَاعِي
قَالَ: أَراد نائِعٌ أَي عطشانُ إِلى دَمِ صاحِبه فقَلب؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ عَلَى وَجْهِهِ إِنما هُوَ فاعِلٌ مِنْ نَعَيْتُ وَذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ يَا لثاراتِ فلانٍ:
وَلَقَدْ نَعَيْتُكَ، يومَ حِرْمِ صَوائِقٍ، ... بمعابِلٍ زُرْقٍ وأَبْيَضَ مِخْذَمِ
أَي طَلَبْتُ دَمَك فَلَمْ أَزلْ أَضْرِبُ القومَ وأَطعُنُهم وأَنْعاكَ وأَبكيكَ حَتَّى شَفَيْتُ نَفْسِي وأَخذْتُ بثأْري؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِآخَرَ:
إِذا اشْتَدَّ نُوعِي بالفَلاةِ ذَكَرْتُها، ... فقامَ مَقامَ الرّيِّ عِنْدِي ادِّكارُها
والنَّوْعةُ: الفاكِهةُ الرَّطْبةُ الطرِيَّةُ. قَالَ أَبو عَدْنَانَ: قَالَ لِي أَعرابي فِي شَيْءٍ سأَلته عَنْهُ: مَا أَدري عَلَى أَيِّ مِنْواعٍ هُوَ. وسُئِلَت هِنْدُ ابْنَةُ الخُسِّ: مَا أَشدُّ الأَشياء «3» ؟ فَقَالَتْ: ضِرْسٌ جائعٌ يَقْذِفُ فِي مِعًى نائِعٍ وَيُقَالُ لِلْغُصْنِ إِذا حرَّكته الرِّيَاحُ فَتَحَرَّكَ: قَدْ ناعَ يَنُوعُ نَوَعاناً، وتَنَوَّعَ تَنَوُّعاً، واستَناع اسْتِناعةً، وَقَدْ نَوَّعَتْه الرياحُ تَنْويعاً إِذا ضَرَبَتْه وحرَّكَتْه؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: ناعَ يَنوعُ ويَنِيعُ إِذا تمايَلَ، قَالَ الأَزهري: والخائِعُ اسْمُ جَبَلٍ يُقَابِلُهُ جَبَلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ نائِعٌ؛ وأَنشد لأَبي وَجْزة السَّعْدي فِي ذِكْرِهِمَا:
والخائِعُ الجَوْنُ آتٍ عَنْ شَمائِلِهمْ، ... ونائِعُ النَّعْفِ عَنْ أَيمانِهِمْ يَفَعُ
قَالَ: ونُوَيعةُ اسْمُ وادٍ بعَيْنِه؛ قَالَ الرَّاعِي:
بِنُوَيْعَتَيْنِ فَشَاطِئِ التَّسْريرِ
واسْتَناعَ الشيءُ: تَمَادَى؛ قَالَ الطِّرمّاحُ:
قُلْ لِباكي الأَمواتِ: لا تَبْكِ للناسِ، ... وَلَا يَسْتَنِعْ بِهِ فَنَدُهْ
والاسْتِناعةُ: التَّقَدُّم فِي السَّيْرِ؛ قَالَ القُطامِيّ يَصِفُ ناقَتَه:
وَكَانَتْ ضَرْبةً مِنْ شَدْقَمِيٍّ، ... إِذا مَا احْتُثَّتِ الإِبلُ اسْتَناعا
نيع: ناعَ يَنِيعُ نَيْعاً واسْتَناعَ: تقَدَّم كاسْتَنعى.
فصل الهاء
هبع: هَبَعَ يَهْبَعُ هُبوعاً وهَبَعاناً: مَدَّ عُنُقَه، وإِبل هُبَّعٌ، قال العجاج:
__________
(3) . قوله [ما أشد الأشياء إلخ] كذا بالأصل هنا، وتقدم في مادة ضيع: مَا أَحَدُّ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَابٌ جَائِعٌ يُلْقِي فِي معى ضائع(8/365)
كَلَّفْتُهَا ذَا هَبّةٍ هَجَنَّعا، ... عَوْجاً يَبُذُّ الذَّامِلاتِ الهُبَّعا
أَي كلَّفْتُ هَذِهِ البَلدةَ جَملًا ذَا نَشاطٍ، والعَوْجُ: الَّذِي فِيهِ لِينٌ وتَعَطُّفٌ مِنْ قَوْلِكَ عاجَ إِذا انْعَطَفَ، وَيُرْوَى غَوْجاً، بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ، وَهُوَ الْوَاسِعُ الصدْرِ. وهَبَعَ بعنُقه هَبْعاً وهُبوعاً، فَهُوَ هَابِعٌ وهَبُوعٌ: اسْتَعْجَلَ وَاسْتَعَانَ بِعُنُقِهِ، وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وإِني لأَطوِي الكَشْحَ مِنْ دُونِ مَا انطَوَى، ... وأَقْطَعُ بالخَرْقِ الهَبُوعِ المُرَاجِمِ
إِنما أَراد: وأَقطع الخرقَ بالهَبوعِ فأَتبَعَ الْجَرَّ الْجَرَّ، واسْتَهْبَعَه: رامَ مِنْهُ ذَلِكَ. والهُبَعُ: الفَصِيلُ الَّذِي يُنْتَجُ فِي الصيْفِ، وَقِيلَ: هُوَ الْفَصِيلُ الَّذِي فُصِلَ فِي آخِرِ النِّتاجِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُنْتَجُ فِي حَمارَّةِ القَيْظِ، وَسُمِّيَ هُبَعاً لأَنَّه يَهْبَعُ إِذا مَشَى أَي يَمُدُّ عُنُقَهُ ويَتَكارَهُ لِيُدْرِكَ أُمَّهُ، والأُنثى هُبَعة، وَالْجَمْعُ هُبَعَاتٌ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْعَرَبُ تَقُولُ مَا لَه هُبَعٌ وَلَا رُبَعٌ، فالرُّبَعُ مَا نُتِجَ فِي أَوّلِ الرَّبِيعِ، والهُبَعُ مَا نُتِجَ فِي الصيْفِ. قَالَ الأَصمعي: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عُمَرَ قَالَ: سأَلت جَبْر ابن حَبِيب عَنِ الْهُبَعِ لِمَ سمِّي هُبَعًا؟ قَالَ: لأَن الرِّباعَ تُنْتَج فِي رِبْعِيّةِ النِّتاجِ أَي فِي أَوّله، ويُنْتَج الْهُبَعُ فِي الصَّيْفِيّةِ فَتَقْوى الرِّباعُ قَبْلَهُ، فإِذا مَاشَاهَا أَبْطَرَتْه ذَرْعاً أَي حَمَلَتْه عَلَى مَا لَا يُطِيقُ لأَنها أَقْوى مِنْهُ، فَهَبَعَ أَي اسْتَعَانَ بعُنُقه فِي مَشْيِه، وَقَوْلُ عَمْرُو بْنُ جَمِيلٍ الأَسدي
كأَنَّ أَوْبَ ضَبْعِه المَلّاذِ «1» ... ذَرْعُ اليَمانِينَ سَدَى المِشْواذِ،
يَسْتَهْبِعُ المُواهِقَ المُحاذِي ... عافِيه سَهْواً غيرَ مَا إِجْراذِ،
أَعْلُو بِه الأَعرافَ ذَا الأَلْواذِ
يَسْتَهْبِعُ المُواهِقَ أَي يُبْطِرُ ذَرْعه فَيَحْمِلُهُ عَلَى أَن يَهْبَعَ، والمُواهِقُ: المُبارِي، واللَّوْذُ: جانِبُ الجَبَلِ، وجَمْعُ الهُبَعِ هِباعٌ، وَقِيلَ: لَا جَمْعَ لَهُ، وَقِيلَ: لَا يُجْمَعُ هُبَعٌ عَلَى هِباعٍ كَمَا يُجْمَعُ رُبَعٌ عَلَى رِباعٍ. وهَبَعَ الحِمارُ يَهْبَعُ هَبْعاً وهُبُوعاً: مشَى مَشْياً بَليداً، قَالَ:
فَأَقْبَلَتْ حُمُرُهُمْ هَوابِعا، ... فِي السِّكَّتَيْنِ، تَحْمِلُ الأَلاكِعا
وكلُّ مَشْيٍ يَكُونُ كَذَلِكَ، فَهُوَ هَبْعٌ. وَيُقَالُ: إِنّ الْحُمُرَ كُلَّهَا تَهْبَعُ فِي مَشْيَتِها أَي تمدُّ عُنُقَهَا. والهُبوعُ: أَن يُفاجئك القومُ من كلِّ جانِبٍ.
هبركع: الهَبَرْكَعُ: القصير.
هبقع: رَجُلٌ هَبْقَعٌ وهَبَنْقَعٌ وهُباقِعٌ: قصيرٌ مُلَزَّزُ الخَلْقِ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ. والهَبَنْقَعُ: المَزْهُوُّ الأَحْمَقُ الَّذِي يُحِبّ مُحادَثَةَ النِّسَاءِ، والأُنثى بِالْهَاءِ. والهَبَنْقَعةُ: قُعُودُ الرجلِ عَلَى عُرْقُوبَيْه قَائِمًا عَلَى أَطرافِ أَصابِعِه. واهْبَنْقَعَ: جَلَسَ الهَبَنْقَعةَ، وَهِيَ جِلْسةُ المَزْهُوِّ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ومُهُورُ نِسْوَتِهِمْ، إِذا مَا أَنْكَحُوا، ... غَدَوِيُّ كلِّ هَبَنْقَعٍ تِنْبالِ
والهَبَنْقَعَةُ: أَنْ يَتَرَبّعَ ثُمَّ يَمُدُّ رِجْلَهُ الْيُمْنَى فِي تَرَبُّعِهِ، وَقِيلَ: هِيَ جلْسةٌ فِي تَرَبُّعٍ. والهَبَنْقَعةُ: قُعودُ
__________
(1) . قوله" كان أوب إلخ" تقدم في مادة جرذ:
كَأَنَّ أَوْبَ صَنْعَةِ الْمَلَاذِ ... يستهيع المراهق المحاذي(8/366)
الاستِلقاءِ إِلى خَلْفٍ. والهَبَنْقَعُ: الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى أَمر فِي قَوْلٍ وَلَا فِعْلَ وَلَا يُوثَقُ بِهِ، والأُنثى بِالْهَاءِ. والهَبَنْقَعُ: الَّذِي يَجْلِسُ عَلَى عَقِبَيْهِ أَو عَلَى أَطراف أَصابعه يسأَل النَّاسَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي إِذا قَعَدَ فِي مَكَانٍ لَمْ يَكَدْ يَبْرَحُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ هَبَنْقَعٌ لَازِمٌ بِمَكَانِهِ وَصَاحِبُ نِسْوان؛ قَالَ:
أَرْسَلَها هَبَنْقَعٌ يَبْغِي الغَزَلْ
أَخبر أَنه صَاحِبُ نِسَاءٍ، وَقَالَ شَمِرٌ: هُوَ الَّذِي يأْتيك يَلْزَمُ بابَك فِي طَلب مَا عِنْدَكَ لَا يَبْرَحُ. وَرَجُلٌ هَبَنْقَعٌ وامرأَة هَبَنْقَعةٌ: وَهُوَ الأَحمق يُعرف حُمْقُه فِي جُلُوسِهِ وأُموره. وَقَالَ الأَصمعي: قَالَ الزِّبْرِقانُ بنُ بَدْرٍ: أَبْغَضُ كَنائِني الَّتِي تمشِي الدِّفِقَّى وَتَجْلِسُ الهَبَنْقَعَةَ؛ الدِّفِقَّى مَشْيٌ وَاسِعٌ، والهَبَنْقَعةُ أَن تَرَبَّعَ وتمدَّ إِحدى رِجْلَيْهَا فِي تَرَبُّعِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَرَّ بامرأَة سوْداء تُرقِّصُ صَبِيًّا لَهَا وَتَقُولُ:
يَمْشِي الثَّطا ويَجلِسُ الهَبَنْقَعهْ
هِيَ أَن يُقْعِيَ ويَضُمَّ فخِذَيْه وَيَفْتَحَ رجليه.
هبلع: الهِبْلَع، مِثَالُ الدِّرْهم، والهِبْلاعُ: الواسِعُ الحُنْجُورِ العظيمُ اللَّقْمِ الأَكُولُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وُضِعَ الخَزِيرُ، فَقِيلَ: أَين مُجاشِعٌ؟ ... فَشَحا جَحافِلَه جُرافٌ هِبْلَعُ
وَفِي شِعْرِ خُبَيْب بْنِ عَدِيّ:
حَجْمُ نارٍ هِبْلَع
الهِبْلَعُ: الأَكُولُ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ إِن الْهَاءَ زَائِدَةٌ فَيَكُونُ مِنَ البَلْع. والهِبْلَعُ: اللَّئِيمُ. وَعَبْدٌ هِبْلَعٌ: لَا يُعْرَفُ أَبواه أَو لَا يُعْرَفُ أَحدهما. والهِبْلَعُ: الكلبُ السَّلوقيُّ. وهِبْلَعٌ: اسْمُ كَلْبٍ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَسماء الكلابِ السَّلُوقِيّةِ، قَالَ:
والشَّدُّ يُدْني لَاحِقًا وهِبْلَعا
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هاءَ هِبْلَعٍ زَائِدَةٌ، وَلَيْسَ بقويّ.
هتع: هَتَعَ الرجلُ: أَقْبل مُسْرِعاً كَهَطَعَ.
هجع: الهُجُوعُ: النوْم ليْلًا. هَجَعَ يَهْجَعُ هُجُوعاً: نامَ، وَقِيلَ نَامَ بالليلِ خَاصَّةً، وَقَدْ يَكُونُ الهجُوعُ بِغَيْرِ نَوْمٍ؛ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبي سُلْمَى:
قَفْرٌ هَجَعْتُ بِهَا ولَسْتُ بنائِمٍ، ... وذِراعُ مُلْقِيةِ الجِرانِ وَسَادِي
وَقَوْمٌ هُجَّعٌ وهُجوعٌ، وَنِسَاءٌ هُجَّعٌ وهُجوعٌ وهَواجِعُ، وهَواجِعاتٌ جَمْعُ الْجَمْعِ. والتَّهْجاعُ: النومةُ الخفيفةُ؛ قَالَ أَبو قَيْسِ بْنُ الأَسْلَتِ:
قَدْ حَصَّتِ البَيْضةُ رَأْسِي، فَمَا ... أَطْعَمُ نَوْماً غيرَ تَهْجاعِ
وهَجَّعَ القومُ تَهْجِيعاً أَي نَوَّمُوا. ومَرَّ هَجِيعٌ مِنَ الليلِ أَي ساعةٌ مِثْلَ هَزِيع؛ حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَيُقَالُ: أَتيت فُلَانًا بَعْدَ هَجْعةٍ أَي بَعْدَ نَوْمةٍ خفيفةٍ مِنْ أَوّل اللَّيْلِ. وَفِي حَدِيثِ
الثَّوْرِيِّ: طَرَقَني بَعْدَ هَجْعٍ. مِنَ الليلِ
؛ الهَجْعُ والهَجْعةُ والهَجِيعُ: طائفةٌ مِنَ اللَّيْلِ، والهِجْعةُ مِنْهُ كالجِلْسةِ مِنَ الْجُلُوسِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للرجُلِ الأَحْمَقِ الغافِلِ عَمَّا يُرادُ بِهِ هِجْعٌ وهِجْعةٌ وهُجَعةٌ ومِهْجَعٌ، وأَصله مِنَ الهُجُوعِ النَّوْمِ. وَرَجُلٌ هُجَعةٌ، مِثلُ هُمَزةٍ، وهُجَعٌ ومِهجَعٌ للغافِل الأَحمَقِ السَّرِيعِ الاسْتِنامةِ إِلى كُلِّ أَحَدٍ. والهَجِعُ: الأَحْمَقُ.(8/367)
وهَجَعَ جُوعُه مِثْلَ هَجأَ إِذا انْكَسَرَ وَلَمْ يَشْبَعْ بَعْدُ. وهَجَعَ غَرَثُه وهَجأَ إِذا سَكَنَ. وأَهْجَعَ فلانٌ غَرَثَه إِذا سكَّن ضَرَمَه مِثْلَ أَهْجَأَ. ومِهْجَعٌ: اسْمُ رجل.
هجرع: الأَزهري: الهِجْرَعُ مِنْ وَصْفِ الكلابِ السَّلُوقِيّةِ الخِفافِ، والهِجْرَعُ الطويلُ الممْشُوقُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَسْعَرَ ضَرْباً أَو طُوالًا هِجْرَعا
ومثَّله الْجَوْهَرِيُّ بدِرْهَمٍ. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لِلطَّوِيلِ هِجْرَعٌ وهَجْرَعٌ «2» ؛ قَالَ أَبو نَصْرٍ: سأَلت الْفَرَّاءَ عَنْهُ فَكَسَرَ الْهَاءَ وَقَالَ: هُوَ نَادِرٌ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ هِجْرَعٌ، بِكَسْرِ الْهَاءِ، وهَجْرَعٌ، بِفَتْحِهَا، طَوِيلٌ أَعْرَجُ؛ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ الطويلُ، لَمْ يُقَيِّدْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَقِيلَ إِنَّ الْهَاءَ زَائِدَةٌ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وهَرْجَعٌ لُغَةٌ فِيهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الأَزهري: والهِجْرَعُ الأَحْمَقُ مِنَ الرِّجالِ؛ وأَنشد:
ولأَقْضِينَّ عَلَى يَزِيدَ أَمِيرِها ... بقَضاء لَا رِخْوٍ، ولَيْسَ بِهِجْرَعِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ الشُّجَاعُ والجَبانُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: الهِجْرَعُ الطَّويل عِنْدَ الأَصمعي، والأَحْمَقُ عِنْدَ أَبي عُبَيْدَةَ، والجَبانُ عند غيرهما.
هجنع: الهَجَنَّعُ: الشيْخُ الأَصْلَعُ. والهَجَنَّعُ: الظَّلِيمُ الأَقْرَعُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
جَذْباً كَرَأْسِ الأَقْرَعِ الهَجَنَّعِ
والهَجَنَّعُ: الطَّوِيلُ، وَقِيلَ: هُوَ الذَّكَرُ الطَّوِيلُ مِنَ النَّعَامِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ وأَنشد:
عَقْماً ورَقْماً وحارِيّاً تُضاعِفُه ... عَلَى قَلائِصَ أَمْثالِ الهَجانِيعِ «3»
الأَزهري: الظَّلِيمُ الأَقْرعُ وَبِهِ قوَّة هَجَنَّعٌ، والنعامةُ هَجَنَّعةٌ. والهَجَنَّعُ: الطَّوِيل الأَجْنأُ مِنَ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ الْجَافِي، وَقِيلَ: الطويلُ الضَّخْم؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ظَلِيمًا:
كأَنَّه حَبَشِيٌّ يَبْتَغِي أَثَراً، ... ومِنْ مَعاشِرَ، فِي آذانِها الخُرَبُ
هَجَنَّعٌ راحَ فِي سَوْداءَ مُخْمَلَةٍ، ... مِنَ القَطائِفِ، أَعْلى ثَوْبِه الهُدَبُ
وَقِيلَ: الهَجَنَّعُ الْعَظِيمُ الطويلُ. والهَجَنَّعُ مِنْ أَولاد الإِبل: مَا نُتِجَ فِي حَمارَّةِ القَيْظِ وقَلَّما يَسْلَمُ مِنْ قَرَعِ الرأْسِ، والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِالْهَاءِ. والهَجَنَّعُ: الأَسْوَدُ.
هدع: الهَوْدَعُ: النعامُ. وهِدَعْ هِدَعْ، بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَتَسْكِينِ الْعَيْنِ: كَلِمَةٌ يسكَّن بِهَا صِغارُ الإِبل عِنْدَ النِّفارِ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِجِلَّتِها وَلَا مَسانِّها، وَزَعَمُوا أَن رَجُلًا أَتى السُّوقَ ببَكْرٍ لَهُ يَبِيعُهُ، فساوَمَه رَجُلٌ فَقَالَ: بِكَمِ البكْرُ؟ فَقَالَ: إِنه جَمَلٌ، فَقَالَ: هُوَ بَكْرٌ؛ فَبَيْنَمَا هُوَ يُمارِيه إِذْ نَفَرَ الْبَكْرُ، فَقَالَ صَاحِبُهُ: هِدَعْ هِدَعْ ليَسْكُنَ نِفارُه، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: صدَقَني سِنَّ بَكْرِه، وإِنما يُقَالُ هِدَعْ لِلْبَكْرِ ليَسْكُنَ. وهَداعِ: مِنْ زَجْرِ العُنُوقِ كدَهاعِ.
__________
(2) . قوله [وهجرع] بهامش الأَصل صوابه: وهرجع
(3) . قوله [تضاعفه] هو في الأصل بالتاء وكذا في شرح القاموس: وسبق فيه في مادة حير إنشاده بالنون.(8/368)
هدلع: الهُنْدَلِعُ: بِقِلَّةٍ قِيلَ إِنها عَرَبِيَّةٌ، فإِذا صَحَّ أَنه مِنْ كَلَامِهِمْ وَجَبَ أَن تَكُونَ نُونُهُ زَائِدَةً لأَنه لَا أَصل بإِزائها فَيُقَابِلُهَا، وَمِثَالُ الْكَلِمَةِ عَلَى هَذَا فُنْعَلِلٌ، وَهُوَ بِنَاءٌ فائت.
هذلع: الهُذْلُوعُ: الغَلِيظُ الشَّفةِ.
هرع: الهَرَعُ والهُراعُ والإِهْراعُ: شدَّة السَّوْقِ وسُرْعةُ العَدْو؛ قَالَ الْشَّاعِرُ أَورده ابْنُ بَرِّيٍّ:
كأَنَّ حُمُولَهم، مُتتابِعاتٍ، ... رَعِيلٌ يُهْرَعُونَ إِلى رَعيلِ
وَقَدْ هُرِعُوا وأُهْرِعُوا. واسْتُهْرِعَتِ الإِبلُ: أَسْرَعَتْ إِلى الحوضِ. وأُهْرِعَ الرجلُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ: خَفَّ وأُرْعِدَ مِنْ سُرْعةٍ أَو خوْفٍ أَو حِرْصٍ أَو غَضَبٍ أَو حُمَّى. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُسْتَحَثُّون إِليه كأَنه يَحُثُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وتَهَرَّعَ إِليه: عَجِلَ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الإِهْراعُ إِسْراعٌ فِي طُمَأْنِينةٍ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ: إِسْراعٌ فِي فَزَعٍ، فَقَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الإِهْراعُ إِسْراعٌ فِي رِعْدَةٍ، وَقَالَ الْمُهَلْهَلُ:
فجاؤُوا يُهْرَعُونَ، وهُمْ أُسارَى، ... يَقُودُهُمُ عَلَى رَغمِ الأُنُوفِ
قَالَ اللِّيْثُ: يُهْرَعُون وَهُمْ أُسارى يُساقُون ويُعْجَلُون. يُقَالُ: هُرِعُوا وأُهْرِعُوا. أَبو عُبَيْدٍ: أُهْرِع الرجلُ إِهْراعاً إِذا أَتاكَ وَهُوَ يُرْعَدُ مِنَ البَرْدِ، وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ مُهْرَعاً مِنَ الْحُمَّى وَالْغَضَبِ، وَهُوَ حِينٌ يُرْعَدُ، والمُهْرَعُ أَيضاً كَالْحَرِيصِ؛ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي لَفْظِ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ
، أَي يَسْعَوْن عِجالًا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أُهْرِعُوا وهُرِعُوا فَهُمْ مُهْرَعُون ومَهْرُوعُون؛ أَنشد شَمِرٌ لِابْنِ أَحمر يَصِفُ الرِّيحَ:
أَرَبَّتْ عَلَيْهَا كلُّ هَوْجاءَ سَهْوةٍ ... زَفُوفِ التَّوالي، رَحْبةِ المُتَنَسَّمِ
إِبارِيّةٍ هَوْجاء، مَوْعِدُها الضُّحَى، ... إِذا أَرْزَمَتْ جاءَتْ بِوِرْدٍ غَشَمْشَمِ
زَفُوفٍ نِيافٍ هَيْرَعٍ عَجْرَفِيَّةٍ، ... تَرَى البِيدَ، مِنْ إِعْصافِها الجَرْيَ، تَرْتَمي
أَراد بالوِرْد المَطَرَ. ورجُل هَرِعٌ: سَرِيعُ المَشْي. وهَرِعٌ أَيضاً: سَرِيعُ البُكاءِ. والهَرِعُ: الْجَارِي. وهَرِعَ الشيءُ هَرَعاً، فَهُوَ هَرِعٌ، وهَمَعَ: سَالَ، وَقِيلَ: تَتابَعَ فِي سَيَلانِه؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
عُذَافِرة، كأَنَّ بِذِفْرَيَيْها ... كُحَيْلًا، بَضَّ مِنْ هَرِعٍ هَمُوعِ
وَدَمٌ هَرِعٌ أَي جارٍ بَيِّنُ الهَرَعِ، وَقَدْ هَرِعَ. والهَرِعةُ مِنَ النِّسَاءِ: المرأَةُ الَّتِي تُنْزِلُ حِينَ يخالِطُها الرَّجُلُ قَبْلَهُ شَبَقاً وحرْصاً عَلَى الرِّجَالِ. والمَهْرُوعُ: المجنونُ الَّذِي يُصْرَعُ. يُقَالُ: هُوَ مَهْرُوعٌ مَخْفُوعٌ مَمْسُوسٌ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المَهْرُوعُ المَصْرُوعُ مِنَ الجَهْدِ. والهَيْرَعُ: الَّذِي لَا يتَماسَكُ، وَهُوَ أَيضاً الجَبانُ الضعيفُ الجَزُوعُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
ولَسْتُ بِهَيْرَعٍ خَفِقٍ حَشاه، ... إِذا مَا طَيَّرَتْه الرِّيحُ طارَا
والهَيْرَعُ والهَيْلَعُ: الضعيفُ. وإِذا أَشْرَعَ القومُ رِماحَهم ثُمَّ مَضَوْا بِهَا قِيلَ: هَرَّعُوا بِهَا. وتَهَرَّعَتِ الرِّماحُ إِذا أَقْبَلَتْ شَوارِعَ؛ وأَنشد:
عِنْدَ البَدِيهةِ والرِّماحُ تَهَرَّعُ(8/369)
وهَرَّعَ القومُ الرماحَ وأَهْرَعُوها: أَشْرَعُوها وَمَضَوْا بِهَا. وتَهَرَّعَتْ هِيَ: أَقْبَلَتْ شَوارِعَ. والهَيْرَعَةُ: الغُولُ كالعَيْهَرةِ. ورِيحٌ هَيْرَعٌ: سَرِيعةُ الهُبُوب، وَقِيلَ: تَسْفِي الترابَ. وَرِيحٌ هَيْرَعَةٌ. قَصِفةٌ تأْتي بالتُّرابِ. والهَيْرَعةُ: القَصَبة الَّتِي يَزْمِرُ فِيهَا الرَّاعِي، وَرُبَّمَا سُمِّيَتْ يَراعةً أَيضاً. والهَرْعةُ والفَرْعةُ: القَمْلة الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: الضَّخْمة، والهُرْنُوعُ أَكثر، وَقِيلَ: الفَرْعةُ والهَرْعةُ والهَيْرعَةُ والخَيْضَعةُ مَعْنَاهَا واحِدٌ. والهِرْياعُ: سَفِيرُ ورَق الشَّجَرِ. والهَرِيعةُ: شُجَيرة دَقِيقةُ الأَغْصان. ويَهْرَعُ: موضع.
هربع: الأَزهري: لِصٌّ هُرْبُعٌ وذِئْبٌ هُرْبُعٌ خفيفٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وَفِي الصَّفِيحِ ذِئْبُ صَيْدٍ هُرْبُعُ، ... فِي كَفِّه ذاتُ خِطامٍ مُمْتِعُ
هرجع: هَرْجَعٌ: لُغَةٌ فِي هَجْرَعٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقَدْ تقدَّم.
هرمع: الهَرَمَّعُ: السُّرْعةُ والخِفَّةُ فِي المَشْي. وَقَدِ اهْرَمَّعَ الرَّجُلُ أَي أَسْرَعَ فِي مَشْيَتِه، وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ سَرِيعَ البُكاءِ والدُّمُوعِ، واهْرَمَّعَتِ الْعَيْنُ بالدَّمْعِ كَذَلِكَ. وَرَجُلٌ هَرَمَّعٌ: سَرِيعُ البُكاء. واهْرَمَّعَ إِليه: تبَاكى إِليه، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَظن الْمِيمَ زَائِدَةً. ابْنُ الأَعرابي: نَشَأَتْ سَحابةٌ فاهْرَمَّعَ قَطْرُها إِذا كَانَ جَوْداً. ابْنُ الأَعرابي، وَذَكَرَ غَيْثًا قَالَ: فاهْرَمَّعَ مَطَرُه حتى رأَينا مَا نَرَى عَيْنَ السماءِ مِن الْمَاءِ؛ اهْرَمَّعَ أَي سالَ بِكَثْرَةِ مَاءٍ؛ وأَنشد:
وقَصَباً رأَيته عُرْهُوما «1»
وَقَالَ اللِّيْثُ: اهْرَمَّعَ الرجلُ فِي مَنْطِقِه وحَدِيثِه إِذا انهمَل فِيهِ، وَالنَّعْتُ مُهْرَمِّعٌ، قَالَ: وَالْعَيْنُ تَهْرَمِّعُ إِذا أَذْرَتِ الدَّمْعَ سَرِيعاً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اهْرَمَّعَ بِمَنْزِلَةِ احْرَنْجَمَ وَوَزْنُهُ افْعَنْلَلَ وأَصله اهْرَنْمَعَ، فأُدغمت النُّونُ فِي الْمِيمِ، وَهَذَا فِي الأَربعة نَظِيرُ امَّحَى مِنْ بَابِ الثَّلَاثَةِ الأَصل فِيهِ انْمَحَى، فأُدغمت نُونُهُ فِي الْمِيمِ، وَذَلِكَ لعدم اللبس.
هرنع: الهُرْنُع: أَصْغَرُ القَملِ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَمَلُ عامَّةً، والأُنثى هِرْنِعةٌ. والهُرْنُوعُ والهِرْنِعةُ، كِلَاهُمَا: الْقَمْلَةُ الضَّخْمَةُ، وَقِيلَ: الصغيرة؛ وأَنشد:
نهر الهَرانِع عَقْدُهُ عِنْد الْخَصَا ... بأَذَلَّ حيثُ يكونُ مَنْ يَتَذلَّلُ «2»
الأَزهري: الهَرانِعُ أُصولُ نباتٍ تُشْبِهُ الطَّراثِيثَ.
هزع: هَزَعَه يَهْزَعه هَزْعاً وهَزَّعه تَهْزِيعاً: كَسَّرَه فانْهَزَعَ أَي انْكَسرَ وانْدَقَّ. وهَزَّعَه: دَقَّ عُنُقَه. وانْهَزَعَ عَظْمُه انْهِزاعاً إِذا انْكَسَرَ وقُدَّ؛ وأَنشد:
لَفْتاً وتَهْزِيعاً سَواءَ اللَّفْتِ
أَي سَويَّ اللَّفتِ، وَرَجُلٌ مِهْزَعٌ وأَسدٌ مِهْزَعٌ مِنْ ذَلِكَ. وهَزَّعْتُ الشيءَ: فَرَّقْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: إِياكم وتَهْزِيعَ الأَخْلاقِ وتَصَرُّفَها
__________
(1) . قوله [وقصباً إلخ] كذا بالأَصل، وأورده في مادة عفهم وعرهم:
وقصباً عفاهما عرهوما
(2) . قوله [نهر الهرانع إلخ] هكذا بالأَصل.(8/370)
مِنْ قَوْلِهِمْ هَزَّعْتُ الشيءَ تَهْزِيعاً كَسَّرْتُه وفَرَّقْتُه. والهَزِيعُ: صَدْرٌ مِنَ اللَّيْلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى مَضَى هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْلِ
أَي طائِفةٌ مِنْهُ نَحْوَ ثُلُثِهِ وَرُبُعِهِ، وَالْجَمْعُ هُزُعٌ. وَمَضَى هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْلِ كَقَوْلِكَ مَضَى جَرْسٌ وَجَوْشٌ وهَدِيءٌ كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والتَّهَزُّعُ: شِبْه العُبُوس والتَّنَكُّر. يُقَالُ: تَهَزَّعَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ، واشْتِقاقُه مِنْ هَزيعِ اللَّيْلِ، وَتِلْكَ ساعةٌ وحْشِيَّةٌ. والهَزَعُ والتَّهَزُّع: الاضْطِرابُ. تَهَزَّعَ الرُّمْحُ: اضْطَرَبَ واهْتَزَّ. واهْتِزاعُ القَناةِ والسَّيْفِ: اهْتِزازُهما إِذا هُزَّا. وتَهَزَّعَتِ المرأَةُ: اضْطَرَبَتْ فِي مَشْيَتِها؛ قَالَ:
إِذا مَشَتْ سالَتْ، وَلَمْ تَقَرْصَعِ، ... هَزَّ القَناةِ لَدْنةِ التَّهَزُّعِ
قَرْصَعَتْ فِي مَشْيَتِها إِذا قَرْمَطَتْ خُطاها. ومَرَّ يَهْزَعُ ويَهْتَزِعُ أَي يَتَنَفَّضُ. وَسَيْفٌ مُهْتَزِعٌ: جيِّدُ الاهْتِزازِ إِذا هُزَّ؛ وأَنشد الأَصمعي لأَبي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسي:
إِنَّا إِذا قَلَّتْ طخَارِيرُ القَزَعْ، ... وصَدَرَ الشَّارِبُ مِنْهَا عَنْ جُرَعْ،
نَفْحَلُها البِيضَ القَلِيلاتِ الطَّبَعْ، ... مِنْ كلِّ عَرَّاصٍ، إِذا هُزَّ اهْتَزَعْ
مِثْلِ قُدامَى النَّسْرِ، مَا مَسَّ بَضَعْ
أَراد بالعَرَّاصِ السيفَ البَرَّاقَ المضطَرِبَ. واهْتَزَعَ: اضْطَرَبَ. ومَرَّ فُلَانٌ يَهْزَعُ أَي يُسْرِع مِثْلَ يَمْزَع. وهَزَعَ واهْتَزَعَ وتَهَزَّعَ، كُلُّهُ: بِمَعْنَى أَسْرَعَ. وَفَرَسٌ مُهْتَزِعٌ: سرِيعُ العَدْوِ. وهَزَعَ الفرسُ يَهْزَعُ: أَسْرَعَ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ. وهَزَعَ الظَّبْيُ يَهْزَعُ هَزْعاً: عَدا عَدْواً شَدِيداً. ومَرَّ فُلَانٌ يَهْزَعُ ويَقْزَعُ أَي يَعْرُجُ، وَهُوَ أَيضاً أَنْ يَعْدُوَ عَدْواً شَدِيدًا؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الثَّوْرَ وَالْكِلَابَ:
وإِن دَنَتْ مِنْ أَرْضِه تَهَزَّعا
أَراد أَن الكِلابَ إِذا دَنَتْ مِنْ قَوائِمِ الثَّوْرِ تَهَزَّعَ أَي أَسْرَعَ فِي عَدْوِه. والأَهْزَعُ مِنَ السِّهامِ: الَّذِي يَبْقَى فِي الكِنانة وَحْدَهُ، وَهُوَ أَرْدَؤُها، وَيُقَالُ لَهُ سَهْمٌ هِزاعٌ، وَقِيلَ: الأَهْزَعُ خَيْرُ السِّهامِ وأَفضلُها تَدَّخِرُه لشَديدة، وَقِيلَ: هُوَ آخِرُ مَا يَبْقَى مِنَ السِّهَامِ فِي الْكِنَانَةِ، جيِّداً كَانَ أَو رَدِيئًا، وَقِيلَ: إِنما يُتَكَلَّمُ بِهِ فِي النَّفْيِ فَيُقَالُ: مَا فِي جَفِيرِه أَهْزَعُ، وَمَا فِي كِنَانَتِهِ أَهْزَعُ؛ وَقَدْ يأْتي بِهِ الشَّاعِرُ فِي غَيْرِ النَّفْيِ لِلضَّرُورَةِ، فإِنَّ النَّمِر ابنَ تَوْلَبٍ أَتى بِهِ مَعَ غَيْرِ الجَحْد فَقَالَ:
فأَرْسلَ سَهْماً لَهُ أَهْزَعا، ... فَشَكَّ نواهِقَه والفَما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جاءَ أَيضاً لِغَيْرِ النَّمِرِ؛ قَالَ رَيَّانُ بْنُ حُوَيْصٍ:
كَبِرْتُ ورَقَّ العَظْمُ مِني، كأَنَّما ... رَمَى الدَّهْرُ مِني كلَّ عِرْقٍ بأَهْزَعا
وَرُبَّمَا قِيلَ: رُمِيتُ بأَهْزَعَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
لَا تَكُ كالرامِي بغيرِ أَهْزَعا
يَعْنِي كَمَنْ لَيْسَ فِي كِنانته أَهْزَعُ وَلَا غَيْرُهُ، وَهُوَ الَّذِي يَتَكَلَّفُ الرَّمْيَ وَلَا سَهْمَ مَعَهُ. وَيُقَالُ: مَا فِي(8/371)
الجَعْبَةِ إِلَّا سَهْمٌ هِزاعٌ أَي وَحْدَهُ؛ وأَنشد:
وبَقِيتُ بعْدَهُمُ كَسَهْمِ هِزاعِ
وَمَا بَقِيَ فِي سَنامِ بَعِيرِك أَهْزَعُ أَي بَقِيَّةُ شَحْمٍ. وَقَوْلُهُمْ: مَا فِي الدارِ أَهْزَعُ أَي مَا فِيهَا أَحَدٌ. وظَلَّ يَهْزَعُ فِي الحشِيشِ أَي يَرْعى. وهُزَيْعٌ ومِهْزَعٌ: اسْمانِ. والمِهْزَعُ: المِدَقُّ؛ وَقَالَ يَصِفُ أَسداً:
كأَنَّهُمُ يَخْشَوْن مِنْكَ مُدَرَّباً، ... بحَلْيَةَ، مَشْبُوحَ الذِّراعَيْنِ، مِهْزَعا
هزلع: الهِزْلاعُ: الخفِيفُ. والهِزْلاعُ: السِّمْعُ الأَزَلُّ، وهَزْلَعَتُه: انْسِلالُه ومُضِيُّه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمْعَانَ:
واغْتَالَها مُهَفْهَفٌ هَزَلَّعُ
وهِزْلاعٌ: اسم.
هزنع: الهُزْنُوعُ: أَصل نَبَاتٍ يُشْبِهُ الطُّرْثُوثَ.
هسع: هُسَعُ وهَيْسُوعٌ اسْمَانِ: لا يعرف اشتقاقهما.
هطع: هَطَعَ يَهْطَعُ هُطُوعاً وأَهْطَعَ: أَقْبَلَ عَلَى الشَّيْءِ بِبَصَرِهِ فَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ
؛ وَقِيلَ: المُهْطِعُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي ذُلٍّ وخُشوعٍ، والمُقْنِعُ الَّذِي يَرْفَع رأْسَه يَنْظُرُ فِي ذلٍّ. وهَطَعَ وأَهْطَعَ: أَقبل مُسْرِعاً خَائِفًا لَا يَكُونُ إِلا مَعَ خَوْفٍ، وَقِيلَ: نظرَ بخُضُوعٍ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقِيلَ: مَدَّ عُنُقَهُ وصَوَّبَ رأْسه، وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ مُهْطِعِينَ: مُحَمِّجِين، والتَّحْمِيجُ إِدامةُ النَّظَرِ مَعَ فَتْحِ العيْنَيْنِ، وإِلى هَذَا مَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَقَالَ اللَّيْثُ: بَعِيرٌ مُهْطِعٌ فِي عُنُقِه تصوِيبٌ خِلْقة. يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا أَقَرَّ وذَلَّ: أَرْيَخَ وأَهْطَعَ؛ وأَنشد:
تَعَبَّدَنِي نِمْرُ بْنُ سَعْدٍ، وَقَدْ أُرَى ... ونِمْرُ بْنُ سَعْدٍ لِي مُطِيعٌ ومُهْطِعُ
وَقَوْلُهُ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ
فُسِّرَ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ وأَنشد:
بِدَجْلةَ أَهلُها، ولقدْ أَراهُمْ، ... بدَجْلةَ، مُهْطِعِينَ إِلى السَّماعِ
أَي مُسْرِعِين. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: سِراعاً إِلى أَمره مُهْطِعِين إِلى مَعادِه
؛ الإِهْطاعُ: الإِسْراعُ فِي العَدْوِ. وأَهْطَعَ البعيرُ فِي سيْرِه واسْتَهْطَعَ إِذا أَسْرَعَ. وَنَاقَةٌ هَطْعَى: سريعةٌ. والهَيْطَعُ: الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ. وطريقٌ هَيْطَعٌ: واسعٌ. وهَطْعَى وهَوْطَعٌ: اسْمَانِ، وَقَالَ شِمْرٌ: لَمْ أَسمع هاطِعاً إِلا لطُفَيْلٍ وَهُوَ الناكِسُ، وَقِيلَ: المُهْطِعُ الساكِتُ الْمُنْطَلِقُ إِلى الهُتافِ إِذا هَتَفَ هاتِفٌ، والإِقْناعُ رَفْعُ الرأْسِ فِي اعْوِجاجٍ فِي جانِبٍ مِثْلِ الجانِفِ، والجانِفُ الَّذِي يَعْدِلُ فِي مَشْيَتِه، فأَما رَفْعُه فِي استِقامةٍ فليس عندهم بإِقْناعٍ.
هطلع: الهَطَلَّعُ: الجماعةُ مِنَ النَّاسِ. وجَيْشٌ هَطَلَّعٌ: كَثِيرٌ. الأَزهري: بُؤْسٌ هَطَلَّعٌ كَثِيرُ؛ ابْنُ سَيِّدِهِ: قِيلَ هُوَ الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، والهَطَلَّعُ: الجَسِيمُ المضطَرِبُ الطُّولِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الهَطَلَّعُ الطويلُ الجسمِ مثل الهَجَنَّعِ.
هعع: هَعَّ يَهُعُّ هَعّاً وهَعَّةً: لُغَةٌ فِي هاعَ يَهُوعُ أَي قاءَ.
هقع: الهَقْعةُ: دائرةٌ فِي وَسَطِ زَوْرِ الْفَرَسِ أَو عُرْضِ زَوْرِه، وَهِيَ دائرةُ الْحَزْمِ تُسْتَحَبُ، وَقِيلَ: هِيَ(8/372)
دَائِرَةٌ تَكُونُ بِجَنْبِ بَعْضِ الدَّوَابِّ يُتَشاءَمُ بِهَا وتُكْرَه. وَيُقَالُ: إِن المَهْقُوعَ لَا يَسْبِقُ أَبداً، وَقَدْ هُقِعَ هَقْعاً، فَهُوَ مَهْقُوعٌ؛ قَالَ:
إِذا عَرِقَ المَهْقُوعُ بالمَرْءِ أَنْعَظَتْ ... حَلِيلَتُه، وازْدادَ حَرّاً عِجانُها
فأَجابه مُجِيبٌ:
قَدْ يَرْكَبُ المَهْقُوعَ مَنْ لَسْتَ مِثْلَه، ... وَقَدْ يَرْكَبُ المَهْقُوعَ زَوْجُ حَصانِ
والهَقْعةُ: ثلاثةُ كواكِبَ نَيِّرةٌ قَرِيبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فَوْقَ مَنْكِبِ الجَوْزاءِ، وَقِيلَ: هِيَ رأْس الْجَوْزَاءِ كأَنها أَثافِيّ وَهِيَ مَنْزِلٌ من مَنارِلِ الْقَمَرِ، وَبِهَا شُبِّهَتِ الدَّائِرَةُ الَّتِي تَكُونُ بِجَنْبِ بَعْضِ الدَّوَابِّ فِي معَدِّه ومَرْكَلِه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: طَلِّقْ أَلفاً يَكْفِيكَ مِنْهَا هَقْعةُ الْجَوْزَاءِ
أَي يَكْفِيكَ مِنَ التَّطْلِيقِ ثلاثُ تَطْليقاتٍ. والهُقَعةُ مِثَالُ الهُمَزةِ: الْكَثِيرُ الاتِّكاء والاضْطِجاعِ بَيْنَ الْقَوْمِ، وَحَكَى ذَلِكَ الأُمَوِيُّ فِيمَنْ حَكَاهُ وأَنكره شَمِرٌ وَصَحَّحَهُ أَبو مَنْصُورٍ، وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: يُقَالُ للأَحمقِ الَّذِي إِذا جَلَسَ لَمْ يَكَدْ يَبْرَحُ: إِنه لَهُكَعةٌ نُكَعةٌ. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الأَعراب أَنه يُقَالُ: اهْتَكَعه عِرْقُ سَوْءٍ واهْتَقَعَه واهْتَنَعَه واخْتَضَعَه وارْتَكَسَه إِذا تَعَقَّلَه وأَقْعَدَه عَنْ بُلُوغِ الشَّرَفِ وَالْخَيْرِ. وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: الهَكِعةُ الناقةُ الَّتِي اسْتَرْخَتْ مِنَ الضَّبَعةِ. وَيُقَالُ: هَكِعَتْ هَكَعاً. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَقِعَتِ الناقةُ هَقْعاً، فَهِيَ هَقِعةٌ، وَهِيَ الَّتِي إِذا أَرادت الْفَحْلَ وقَعَتْ مِنْ شدّةِ الضَّبَعةِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: فَقَدِ اسْتَبَانَ لَكَ أَن الْقَافَ وَالْكَافَ لُغَتَانِ فِي الهَقِعةِ والهَكِعةِ، وأَنّ مَا قَالَهُ الأُمَوِيّ صَحِيحٌ وإِن أَنكره شَمِرٌ. وَيُقَالُ: قَشَطَ فُلَانٌ عَنْ فَرَسِهِ الجُلَّ وكَشَطَه، وَهُوَ القُسْطُ والكُسْطُ لِهَذَا العُود، وَقَدْ تَعاقَبَ الْقَافُ وَالْكَافُ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا. والاهْتِقاعُ: مسانّةُ الفحْلِ الناقةَ الَّتِي لَمْ تَضْبَع. يُقَالُ: سَانَّ الفحلُ الناقةَ حَتَّى اهْتَقعَها يَتَقَوَّعُها ثُمَّ يَعِيسُهَا. واهْتَقَعَ الفحلُ الناقةَ: أَبْرَكها، وَقِيلَ: أَبركها ثُمَّ تَسَدَّلَها «3» وعَلاها، وتَهَقَّعَتْ هِيَ: بَرَكَتْ. وَنَاقَةٌ هَقِعةٌ إِذا رَمَتْ بِنَفْسِهَا بَيْنَ يَدَيِ الْفَحْلِ مِنَ الضَّبَعةِ كَهكِعةٍ. وتَهَقَّعَتِ الضأْنُ: اسْتَحْرَمَتْ كُلُّهَا. وتَهَقَّعُوا وِرْداً: جاؤوا كُلُّهُمْ، وتهَقَّعَ فُلَانٌ عَلَيْنَا وتَتَرَّعَ وتَطَيَّخَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي تكَبَّرَ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا امْرُؤٌ ذُو سَوْءةٍ تَهَقَّعا
والاهْتِقاعُ فِي الحُمَّى: أَن تَدَعَ المَحْمُومَ يَوْمًا ثُمَّ تَهْتَقِعَه أَي تُعاودَه وتُثْخِنَه. وكلُّ شيءٍ عاوَدَكَ، فَقَدِ اهْتَقَعَكَ. والهَيْقَعةُ: ضرْبُ الشَّيْءِ اليابِسِ عَلَى مِثْلِهِ نَحْوِ الْحَدِيدِ، وَهِيَ أَيضاً حِكَايَةٌ لِصَوْتِ الضَّرْبِ والوقْعِ، وَقِيلَ: صَوْتُ السُّيُوفِ فِي مَعْرَكةِ القِتالِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَضْرِبَ بِالْحَدِّ مِنْ فَوْقُ؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ رِبْعٍ الْهُذَلِيُّ:
فالطَّعْنُ شَغْشَغةٌ، والضَّرْبُ هَيْقعةٌ، ... ضَرْبَ المُعَوِّلِ تَحْتَ الدِّيمةِ العَضَدا
__________
(3) . قوله [تسدّلها] كذا بالأَصل، والذي في القاموس هنا: تسدّاها، ونصه أيضا في مادة سدي: وتسدّاه ركبه وعلاه، وفي الصحاح فيها: وتسدّاه أَيْ عَلَاهُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا دَنَوْتُ تَسَدَّيْتُهَا ... فَثَوْبًا نسيت وثوباً أجر(8/373)
شَبَّهَ صوْتَ الضَّرّابِ بالسُّيوفِ بضَرْبِ العَضّادِ الشجَرَ بفَأْسِه لبِناءِ عالةٍ يَسْتَكِنُّ بِهَا مِنَ الْمَطَرِ، والشَّغْشَغَةُ: حِكَايَةُ صوتِ الطعْنِ، والمُعَوِّلُ: الَّذِي يَبْنِي العالةَ وَهُوَ شَجَرٌ يَقْطَعُهُ الرَّاعِي فَيَجْعَلُهُ عَلَى شَجَرَتَيْنِ فيستظلُّ تَحْتَهُ مِنَ الْمَطَرِ، والعَضَدُ: مَا عُضِدَ مِنَ الشجَر أَي قُطِعَ. واهْتُقِعَ لونُه: تَغَيَّر مِنْ خوْفٍ أَو فَزَعٍ، لَا يَجِيءُ إِلا عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ. والهُقاعُ: غَفْلةٌ تُصِيبُ الإِنسان مِنْ هَمّ أَو مرَض.
هكع: هَكَعَ يَهْكَعُ هُكُوعاً: سَكَنَ واطْمأَنَّ. والبقرةُ تَهْكَعُ فِي كِناسِها إِذا اشْتَدَّ حَرُّ النَّهَارِ. والهُكُوعُ: نَوْمُ الْبَقَرَةِ تَحْتَ السِّدْرَةِ. وهَكَعَتِ البقرُ تَحْتَ الشَّجَرِ تَهْكَعُ، فَهُنَّ هُكُوعٌ: اسْتَظَلَّت تَحْتَهُ فِي شدَّة الْحَرِّ؛ قَالَ الطرمّاحُ:
تَرَى العِينَ فِيهَا، مِن لَدُنْ مَتَعَ الضُّحَى ... إِلى اللَّيْلِ، فِي الغَيْضاتِ، وهْيَ هُكُوعُ
وَيُرْوَى:
فِي الغَيْضا وهُنَّ هُكُوعُ
أَي نِيامٌ، وَقِيلَ: مُكِبَّاتٌ عَلَى الأَرض، وَقِيلَ: ساكِناتٌ مُطْمَئِنَّاتٌ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وهَكِعَ هَكَعاً، وَهُوَ شَبِيهٌ بالجَزَعِ والإِطْراقِ مِنْ حُزْنٍ أَو غَضَبٍ. وهَكَعَ هَكْعاً: نَامَ قاعِداً. والهُكاعُ: النومُ بَعْدَ التعبِ. وَقَالَ أَعرابي: مَرَرْتُ بِإِراخٍ هُكَّعٍ فِي مِئْرانِها أَي نِيامٍ فِي مَأْواها. والهَكَعُ: شَهْوةُ الناقةِ للضِّرابِ. وهَكِعَتِ الناقةُ هَكَعاً، فَهِيَ هَكِعةٌ: اسْتَرْخَتْ مِنْ شدَّةِ الضَّبَعةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن لَا تَسْتَقِرَّ فِي مكانٍ مِنْ شدَّة الضَّبَعةِ. والهُكاعِيُّ: مأْخُوذٌ مِنَ الهُكاعِ وَهُوَ شهوةُ الجِماعِ. والهَكعةُ والهُكَعَةُ الأَحْمَقُ الَّذِي إِذا جَلَسَ لَمْ يَكَدْ يَبْرَحُ، وَقِيلَ: الأَحمق، وَلَمْ يُقَيَّدْ. والهُكاعُ: السُّعالُ. وهَكَعَ البعيرُ والناقةُ يَهْكَعُ هَكْعاً وهُكاعاً: سَعَلَ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
وتبَوَّأ الأَبْطالُ، بَعْدَ حَزاحِزٍ، ... هَكْعَ النَّواحِزِ فِي مُناخِ المَوْحِفِ
الحَزاحِزُ: الحَركاتُ، وَمَعْنَاهُ أَنهم تَبَوَّأُوا مَراكِزَهم فِي الْحَرْبِ بَعْدَ حَزاحِزَ كَانَتْ لَهُمْ حَتَّى هَكَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ، وهُكوعُهم بُرُوكُهم لِلْقِتَالِ كَمَا تَهْكَعُ النواحِز مِنَ الإِبل فِي مبَارِكها أَي تَسْكُنُ وَتَطْمَئِنُّ، وهَكَعَ عَظْمُه إِذا انْكَسَرَ بعد ما انْجَبَرَ. وهَكَعَ الرجلُ إِلى القوْمِ إِذا نَزَل بِهِمْ بَعْدَمَا يُمْسِي؛ وأَنشد:
وإِنْ هَكَعَ الأَضْيافُ تَحْتَ عشِيّةٍ ... مُصَدّقةِ الشَّفَّانِ كاذِبةِ القَطْرِ
وهَكَعَ الليلُ هُكُوعاً إِذا أَرْخَى سُدُولَه، ولَيْلٌ هاكِعٌ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
قَطَعْتُ إِلى مَعْرُوفِها مُنْكَراتِها ... بِعَيْهَمةٍ تَنْسَلُّ، والليلُ هاكِعُ
والليلُ هاكِعٌ أَي بارِكٌ مُنِيخٌ. ورأَيتُ فُلَانًا هاكِعاً أَي مُكِبّاً. وَقَدْ هَكَعَ إِلى الأَرض إِذا أَكَبَّ. وذهَب فُلَانٌ فَمَا أَدري أَين سَكَعَ وهَكَعَ أَي أَين ذهَب وأَين توجَّه وأَين أَقام.
هلع: الهَلَعُ: الحِرْصُ، وَقِيلَ: الجَزَعُ وقِلّةُ الصبرِ، وَقِيلَ: هُوَ أَسْوأُ الجَزَعِ وأَفْحَشُه، هَلِعَ يَهْلَعُ هَلَعاً وهُلوعاً، فَهُوَ هَلِعٌ وهَلُوعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِشَبَّةَ بْنِ عَقَّالٍ حِينَ أَراد أَن يقبِّل يَدَهُ: مَهْلًا يَا شبَّةُ فإِن الْعَرَبَ لَا تَفْعَلُ هَذَا إِلا(8/374)
هُلُوعاً وإِن العَجَم لَمْ تَفْعَلْهُ إِلا خُضوعاً. والهِلاعُ والهُلاعُ: كالهُلُوعِ. ورجلٌ هَلِعٌ وهالِعٌ وهَلُوعٌ وهِلْواعٌ وهِلْواعةٌ: جَزُوعٌ حرِيصٌ. والهَلَعُ: الحُزْنُ، تميميَّة. والهَلِعُ: الحَزِينُ. وشُحٌّ هالِعٌ: مُحْزِنٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً
؛ قَالَ مَعْمَرٌ وَالْحَسَنُ: هُوَ الشَّرِهُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الهَلُوعُ الضَّجُورُ، وَصِفَتُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً، فَهَذِهِ صِفَتُهُ. والهَلُوعُ: الَّذِي يَفْزَعُ ويَجْزَعُ مِنَ الشَّرِّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ: رجلٌ هَلُوعٌ إِذا كَانَ لَا يَصْبِرُ عَلَى خَيْرٍ وَلَا شَرٍّ حَتَّى يَفْعَلَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ الْحَقِّ، وأَورد الْآيَةَ وَقَالَ بَعْدَهَا: قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلِي قَلْبٌ سَقِيمٌ لَيْسَ يَصْحُو، ... ونَفْسٌ مَا تُفِيقُ مِنَ الهُلاعِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنْ شَرِّ مَا أُعْطِيَ المَرءُ شُحٌّ هالِعٌ وجُبْنٌ خالِعٌ
أَي يَجْزَعُ فِيهِ العبدُ ويَحْزَنُ كَمَا يُقَالُ: يومٌ عاصِفٌ ولَيْلٌ نائِمٌ، وَيَحْتَمِلُ أَيضاً أَن يَقُولَ هالِعٌ لِلِازْدِوَاجِ مَعَ خالِع، والخالِعُ: الَّذِي كأَنه يَخْلَعُ فُؤادَه لشِدَّتِه. وهَلِعَ هَلَعاً: جاعَ. والهَلَعُ والهُلاعُ والهَلَعانُ: الجُبْنُ عِنْدَ اللِّقاءِ. وَحَكَى يَعْقُوبُ: رِجْلٌ هُلَعةٌ مِثْلُ هُمَزةٍ إِذا كَانَ يَهْلَعُ ويَجْزَعُ ويَسْتَجِيعُ سَرِيعاً. وَفِي تَرْجَمَةِ هَرع قَالَ أَبو عَمْرٍو: الهَيْرَعُ والهَيْلَعُ الضَّعِيفُ. ابْنُ الأَعرابي: الهَوْلَعُ الجَزِعُ. وذئبٌ هَلَعٌ بُلَعٌ؛ الهُلَعُ مِنَ الحِرْصِ أَي الحَرِيصُ عَلَى الشَّيْءِ، والبُلَعُ مِنَ الابْتِلاعِ. وَرَجُلٌ هَمَلَّعٌ وهَوَلَّعٌ: وَهُوَ مِنَ السرْعةِ. وَنَاقَةٌ هِلْواعٌ وهِلْواعةٌ: سَرِيعةٌ شَهْمةُ الفُؤادِ تخافُ السَّوْط. وَفِي حَدِيثِ
هِشَامٍ: إِنها لَمِسْياعٌ هِلْواعٌ
، هِيَ الَّتِي فِيهَا خفَّة وحِدَّةٌ، وَقِيلَ: سَرِيعةٌ شديدةٌ مِذْعانٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِلطِّرِمَّاحِ:
قَدْ تَبَطَّنْتُ بِهِلْواعةٍ، ... غُبْر أَسْفارٍ كَتُومِ البُغام
وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَضْجَرُ فَتُسْرِعُ فِي السَّيْرِ، وَقَدْ هَلْوَعَتْ هَلْوَعةً أَي أَسْرَعَتْ ومَضَتْ وجَدَّت. والهَوالِعُ مِنَ النّعامِ، والهالِعُ: النعامُ السَّرِيعُ فِي مُضِيِّهِ. ونَعَامةٌ هالِعٌ وهالِعةٌ: نافرةٌ، وَقِيلَ: حَدِيدةٌ فِي مُضِيِّها؛ وأَنشد الباهِليّ للمُسَيَّب بْنُ عَلَسٍ يَصِفُ نَاقَةً شَبَّهَهَا بِالنَّعَامَةِ:
صَكَّاء ذِعْلِبة إِذا اسْتَدْبَرْتَها ... حَرَج إِذا اسْتَقْبَلْتَها هِلْواع
وَنَاقَةٌ هِلْواعٌ: فِيهَا نَزَقٌ وخِفَّةٌ، وَقِيلَ: هِيَ النَّفُورُ. وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: قَوْلُهُ صَكَّاءُ شَبَّهَهَا بِالنَّعَامَةِ ثُمَّ وَصَفَ النعامةَ بالصَّكَكِ، وَلَيْسَ الصَّكَّاءُ مِنْ وصْفِ الناقةِ. وهَلْوَعْتُ: مَضَيْتُ نافِراً، وَقِيلَ: مَضَيْتُ فأَسْرَعْتُ. والهُلائِعُ: اللَّئيمُ. وَمَا لَهُ هِلَّعٌ وَلَا هِلَّعةٌ أَي مَا لَه شَيْءٌ قَلِيلٌ، وَقِيلَ: مَا لَهُ هِلَّعٌ وَلَا هِلَّعةٌ أَي مَا لَهُ جَدْيٌ وَلَا عَناقٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الهِلَّع الْجِدِّيُّ، والهِلَّعة العناق، فَفَصَّلَها.
هلبع: رَجُلٌ هُلابِعٌ: حَرِيصٌ عَلَى الأَكل، والهُلَبِعُ والهُلابِعُ: الذِّئب لِذَلِكَ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ، والهُلابِعُ: الكُرَّزِيُّ اللَّئِيمُ الجَسِيمُ؛ وأَنشد:
عَبْدَ بَنِي عائِشةَ الهُلابِعا
والهُلابِعُ: الاسم.
همع: هَمَعَ الدمْعُ والماءُ وَنَحْوُهُمَا يَهْمَعُ ويَهْمُعُ هَمْعاً وهَمَعاً وهُمُوعاً وهَمَعَاناً وأَهْمَعَ: سالَ،(8/375)
وَكَذَلِكَ الطَّلُّ إِذَا سَقَطَ عَلَى الشَّجَرِ ثُمَّ تَهَمَّعَ أَي سالَ؛ قَالَ رُؤْبةُ:
بادَرَ مِنْ لَيْلٍ وطَلٍّ أَهْمَعا، ... أَجْوَفَ بهَّى بَهْوَه فاسْتَوْسَعا
وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ: وطَلٍّ هَمَعا، بِغَيْرِ أَلف. وهَمَعَتْ عينُه إِذا سَالَتْ دُمُوعُهَا، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: زَعَمُوا أَنَّ هَمِعَتْ لُغَةٌ، وتَهَمَّعَ الرَّجُلُ: بَكَى، وَقِيلَ تَباكَى. وَعَيْنٌ هَمِعةٌ: لَا تَزَالُ تَدْمَعُ، بُنِيَتْ عَلَى صِيغَةِ الدَّاءِ كَرَمِدَت، فَهِيَ رَمِدةٌ. وسَحاب هَمِعٌ: مَاطِرٌ بنَوْئِه عَلَى صِيغَةِ هَطِلٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا تَلتفت للهِمْيَعِ بِالْعَيْنِ فإِنه بَالْغَيْنِ، وإِن كَانَ قَدْ حَكَاهُ بِالْعَيْنِ قَوْمٌ، وَبِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ قَوْمٌ آخَرُونَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ اللَّيْثُ الهَيْمَعُ، بِالْيَاءِ وَالْمِيمِ قَبْلَ الْعَيْنِ، المَوْتُ الوَحِيُّ. قَالَ: وذَبَحَه ذَبْحاً هَيْمَعاً أَي سَرِيعاً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَكَذَا قَالَ اللَّيْثُ: الهَيْمَعُ، بِالْعَيْنِ وَالْيَاءِ قَبْلَ الْمِيمِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ الأَصمعيّ يَقُولُ الهِمْيَعُ الموْتُ؛ وأَنشد لِلْهُذَلِيِّ:
مِنَ المُرْبَعِينَ ومِنْ آزِلٍ، ... إِذا جَنَّه الليْلُ كالنّاحِطِ
إِذا وَرَدُوا مِصْرَهُم عُوجِلُوا، ... مِنَ المَوْتِ، بالهِمْيَعِ الذاعِطِ
هَكَذَا رُويَ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَالْيَاءِ بَعْدَ الْمِيمِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهُوَ الصَّوَابُ، والهَيْمَعُ عِنْدَ البُصَراء تَصْحِيفٌ. واهْتُمِعَ لَوْنهُ وامتُقِعَ لَوْنُهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَهُ الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: هَمَعَ رأْسَه، فَهُوَ مَهْمُوعٌ إِذا شَجَّه.
همسع: الهَمَيْسَعُ: القَوِيُّ الَّذِي لَا يُصْرَعُ جَنْبُه مِنَ الرِّجَالِ. والهَمَيْسَعُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ جَدُّ عَدْنَانَ بْنِ أُدَد، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبه بالسُّرْيانية، قَالَ: وَقَدْ سَمَّى حِمْير ابنه هَمَيْسَعاً.
همقع: الهُمَقِعُ والهُمَّقِعُ: ضَرْبٌ مِنْ ثَمَرِ العِضاه، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ جَنَى التَّنْضُبِ وَهُوَ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ مِنَ الْعِضَاهِ، وَوَاحِدَتُهُ هُمَّقِعةٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، حَكَاهُ عَنْ أَبي الْجَرَّاحِ. وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ التَّنْضُب بِعَيْنِهِ، وَحَكَى الْفَرَّاءُ عَنْ أَبي شَبِيب الأَعْرابي أَن الهُمَّقِعَ والهُمَّقِعةَ الأَحْمَقُ والحَمْقاء، قَالَ: وَهَذَا لَا يُطَابِقُ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ لأَنّ الهُمَّقِعَ عِنْدَهُ اسْمٌ، وَهُوَ عَلَى قَوْلِ أَبي شَبِيبٍ صِفَةٌ، وَلَا نَظِيرَ للهُمَّقِع إِلَّا رجُل زُمَّلِقٌ لِلَّذِي يَقْضِي شَهْوتَه قَبْلَ أَن يُفْضِيَ إِلى المرأَة.
هملع: رَجُلٌ هَمَلَّعٌ: مُتَخَطْرِفٌ خَفِيفُ الوَطْءِ يُوَقِّعُ وطْأَهُ تَوْقِيعاً شَدِيداً مِنْ خِفّةِ وطْئِه؛ وأَنشد:
رأَيْتُ الهَمَلَّعَ ذَا اللَّعْوَتَيْنِ ... لَيس بآبٍ، وَلَا ضَهْيَدِ
وَقَالَ: ضَهْيَد كَلِمَةٌ مولَّدة وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَعْيَلٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْخَفِيفُ السَّرِيعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي تَرْجَمَةِ هَلَعَ: رَجُلٌ هَمَلَّعٌ وهَوَلَّعٌ وَهُوَ مِنَ السُرْعةِ. والهَمَلَّعُ والسَّمَلَّعُ: الذِّئْبُ الْخَفِيفُ، وَرُبَّمَا سُمِّيَ الذِّئْبُ هَملَّعاً، وَلَامُهُ مُشَدَّدَةٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَظنها زَائِدَةً؛ قَالَ:
لَا تأْمُرِينِي ببَناتِ أَسْفَعِ، ... فالشاةُ لَا تَمْشِي مَعَ الهَمَلَّعِ
أَسْفَعُ: فَحْلٌ مِنَ الْغَنَمِ، وَقَوْلُهُ لَا تَمْشِي مَعَ الهَمَلّع(8/376)
أَي لَا تَكْثُرُ مَعَ الذئب، وقيل وقوله تَمْشِي يَكْثُرُ نَسْلُهَا. والهَمَلَّعُ: الْجَمَلُ السَّرِيعُ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، قَالَ: والهَمَلَّعُ السَّيْرُ السَّرِيعُ؛ قَالَ:
جاوَزْتُ أَهْوالًا، وتَحْتِيَ شَيْقَبٌ، ... تَغْدُو بِرَحْلِي، كالفَنِيقِ، هَمَلَّعُ
وَقِيلَ: الهَمَلَّع مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا وَفاء لَهُ وَلَا يَدُومُ عَلَى إِخاءِ أَحد.
هنع: الهَنَع: تَطامن والتِواء فِي العُنُق، وَقِيلَ: فِي عُنق الْبَعِيرِ والمَنْكِبِ وقِصَرٌ، وَقِيلَ: الهَنَع تَطَامُنُ العُنُق مِنْ وسَطِها، الذَّكَرُ أَهْنَع والأُنثى هَنْعاء، وَقَدْ هَنِع، بِالْكَسْرِ، يهنَع هنَعاً، والهَنَع فِي العُفْر مِنَ الظِّباء خَاصَّةً دُونَ الأُدم لأَن فِي أَعناق العُفْر قِصَراً، وظلِيم أَهْنَع ونَعامة هَنْعاء، وَهِيَ التِواء فِي عُنُقها حَتَّى يَقْصُر لِذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُ الطَّائِرُ الطَّوِيلُ الْعُنُقِ مِنْ بَنات الْمَاءِ والبَرّ. وأَكمَةٌ هَنْعاء أَي قَصِيرَةٌ، وَهِيَ ضِدُّ سَطْعاء. وَفِيهِ هَنَع أَي جَنَأٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ قَالَ لِرَجُلٍ شَكَا إِليه خَالِدًا: هَلْ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَحدٌ مِنْ أَصحاب خَالِدٍ فَقَالَ: نَعَم رجُل طَوِيلٌ فِيهِ هَنَع
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي انْحِناء قَلِيلٌ، وَقِيلَ: هُوَ تَطَامُنُ الْعُنُقِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَالْجِنُّ والإِنس إِلينا هُنَّع
أَي خُضوع. والهَنْعاء مِنَ الإِبل: الَّتِي انحدرَت قَصَرَتُها وَارْتَفَعَ رأْسها وأَشْرَف حارِكُها؛ وَقِيلَ: الَّتِي فِي عُنقِها تَطَامُنٌ خِلْقةً؛ وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: نَدْعُو الْبَعِيرَ الْقَابِلَ بِعُنُقِهِ إِلى الأَرض أَهْنَع وَهُوَ عَيب. والهُناع: دَاءٌ يُصِيبُ الإِنسان فِي عُنُقِهِ. والهَنْعة والهنَعة جَمِيعًا: سِمة مِنْ سِماتِ الإِبل فِي مُنْخَفِضِ الْعُنُقِ. يُقَالُ: بَعِيرٌ مَهْنُوعٌ، وَقَدْ هُنِع هَنْعاً. والهَنْعة: مَنْكِب الْجَوْزَاءِ الأَيْسَر، وَهُوَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ، وَقِيلَ: هُمَا كَوْكَبَانِ أَبيضان بَيْنَهُمَا قِيدُ سَوْطٍ عَلَى أَثر الهَقْعة فِي المَجَرّة، قَالَ: وإِنما يَنْزِلُ الْقَمَرُ بالتَّحايِي، وَهِيَ ثَلَاثَةُ كواكبَ حِذاء الهَنْعة، وَاحِدَتُهَا تِحْياة، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الهَنْعة قَوْسُ الْجَوْزَاءِ يُرْمى بِهَا ذراعُ الأَسد، وَهِيَ ثمانيةُ أَنْجمٍ فِي صُورَةِ قَوْسٍ، فِي مَقْبِضِ الْقَوْسِ النَّجْمَانِ اللَّذَانِ يُقَالُ لَهُمَا الْهَنْعَةُ وَهِيَ مِنْ أَنْواء الْجَوْزَاءِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: تَقُولُ الْعَرَبُ: إِذا طَلَعَتِ الهنْعةُ أَرطَبَ النَّخْلُ بِالْحِجَازِ، وَهِيَ خَمْسَةُ أَنجُم مُصْطَفَّةٍ يَنْزِلُهَا الْقَمَرُ.
هنبع: الهُنْبُعُ: شِبْه مِقْنَعة قَدْ خِيطَ تَلْبَسُه الجَوارِي. الأَزهري: الهُنْبُع مَا صغُر مِنْهَا، والخُنْبُع مَا اتَّسَعَ مِنْهَا حَتَّى يَبْلغ اليَدين ويُغَطِّيهما؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا لَهُ هُنْبُع وَلَا خُنْبُع.
هوع: هَاعَ يَهُوع ويَهاع هَوْعاً وهُواعاً: تَهَوَّع وقاءَ، وَقِيلَ: قَاءَ بِلَا كُلْفة، وإِذا تَكَلَّفَ ذَلِكَ قِيلَ تَهَوَّعَ، وَمَا خَرَجَ مِنْ حَلْقه هُواعة. وَيُقَالُ: تهوَّع نفْسَه إِذا قاءَ بنفْسه كأَنه يُخْرِجُهَا، قَالَ رؤْبة يَصِفُ ثَوْرًا طَعَنَ كِلَابًا:
يَنْهَى بِهِ سَوَّارَهُنَّ الأَشْجَعا، ... حَتَّى إِذا ناهَزَها تَهَوَّعا
قَالَ بَعْضُهُمْ: تَهَوَّع أَي قاءَ الدَّمَ. وَيُقَالُ: قاءَ نفْسَه فأَخْرَجَها. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: هاعَ هَيْعُوعةً، فِي بَنَاتِ الْوَاوِ، تَهَوَّعَ، وَلَا يَتَوَجَّهُ، اللَّهُمَّ إِلا أَن يَكُونَ مَحْذُوفًا. وتهوَّع: تَكَلَّف القَيءَ. وهَوَّعَه: قَيّأَه. وَالتَّهَوُّعُ: التقيؤُ. يُقَالُ: لأُهَوِّعَنَّه مَا أَكَلَ أَي(8/377)
لأُقَيِّئَنَّه ولأَسْتَخْرِجَنَّه مِنْ حَلْقه. وَفِي الْحَدِيثِ
كَانَ إِذا تسوَّك قَالَ أُعْ أُعْ كأَنه يَتَهوَّع
أَي يَتَقَيّأُ؛ والهُواعُ: القيءُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلْقَمَةَ: الصائمُ إِذا ذَرَعَه القيءُ فليُتِمَّ صومَه وإِذا تَهَوَّع فَعَلَيْه الْقَضَاءُ
أَي إِذا اسْتَقاءَ. وهاعَ القومُ بعضُهم إِلى بَعْضٍ أَي هَمُّوا بالوُثوب. والهُواعةُ: مَا هاعَ بِهِ. ورجُل هاعٌ لاعٌ: جَزُوعٌ، وامرأَة هاعةٌ لاعةٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: تَقْدِيرُهُ عِنْدَنَا فَعِلٌ مَكْسُورُ الْعَيْنِ. وهُواعٌ: ذُو القَعْدة؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وقَوْمِي لَدَى الهَيْجاءِ أَكْرَمُ مَوْقِفاً، ... إِذا كانَ يومٌ مِنْ هُواعٍ عَصِيبُ
هيع: هاعَ يَهاعُ ويَهيع هَيْعاً وَهَاعًا وهُيُوعاً وهَيْعةً وهَيَعاناً وهَيْعوعة: جَبُنَ وفَزِع، وَقِيلَ: اسْتَخَفَّ عِنْدَ الجَزَع؛ قَالَ الطِّرِمَّاحِ:
أَنا ابْنُ حُماةِ المَجْدِ مِنْ آلِ مالكٍ، ... إِذا جَعَلَتْ خُورُ الرجالِ تَهِيع
وَرَجُلٌ هائِعٌ لائِعٌ، وهاعٌ لاعٌ، وهاعٍ لاعٍ عَلَى القَلْب، كلُّ ذَلِكَ إِتباع أَي جَبَانٌ ضَعِيفٌ جَزُوع، وامرأَة هاعَةٌ لَاعَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الهاعُ الجَزوعُ، واللاعُ المُوجَع؛ وَقَوْلُ أَبي الْعِيَالِ الْهُذَلِيِّ:
أَرجِعْ مَنِيحَتَكَ الَّتِي أَتْبَعْتَها ... هَوْعاً، وحَدَّ مُذَلَّقٍ مَسْنُون
يَقُولُ: رُدَّها فَقَدْ جَزِعَتْ نفسُك فِي أَثَرِها، وَقِيلَ: الهَوْع العَداوةُ، وَقِيلَ: شِدَّة الحِرْصِ. وَيُقَالُ: هاعَتْ نفسُه هَوْعاً أَي ازْدَادَتْ حِرْصاً. وَفِي النَّوَادِرِ: فُلَانٌ مُنْهاع إِليَّ ومُتَهيِّع وتَيِّع ومُتَتَيِّع وتَرْعانُ وتَرِعٌ أَي سَرِيعٌ إِلى الشَّرِّ. والهَيْعةُ: صوتُ الصَّارِخ للفَزَع، وَقِيلَ: الهَيعة الصَّوْتُ الَّذِي تَفْزَعُ مِنْهُ وتخافُه مِنْ عَدُوٍّ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
خَيْرُ النَّاسِ رجُلٌ مُمْسِكٌ بِعِنان فرَسِه فِي سَبِيلِ اللَّهِ كلَّما سَمِعَ هَيْعة طارَ إِليها.
قَالَ: وأَصل هَذَا الجَزَعُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
: كنتُ عِنْدَ عُمَرَ فسَمِع الْهَائِعَةَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: انْصَرَف الناسُ مِنَ الْوَتْرِ
، يَعْنِي الصياحَ والضجَّةَ. أَبو عَمْرٍو: الهائِعة والواعِية الصَّوْتُ الشَّدِيدُ. قَالَ: وهِعْت أَهاعُ ولِعْتُ أَلاعُ هَيَعاناً ولَيَعاناً إِذا ضَجِرْت. وهاعَ الرجُل يَهِيعُ ويَهاعُ هَيْعاً وهَيَعاناً وَهَاعًا وهَيْعة، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: جاعَ فَجَزِعَ وشَكَا، وَقِيلَ: الْهَاعُ التجَرُّع عَلَى الجُوعِ وَغَيْرِهِ، والهاعُ سوءُ الحِرْصِ مَعَ الضَّعْفِ، والفعلُ كالفِعْل، يُقَالُ: هاعَ يَهاعُ هَيْعةً وَهَاعًا؛ قَالَ أَبو قَيْسِ بْنُ الأَسلت:
الكَيْسُ والقُوَّةُ خَيْرٌ من الإِشفاقِ ... والفَهَّةِ والهاعِ
وَرَجُلٌ هاعٌ وامْرأَة هاعةٌ. والهَيْعة: كالحَيْرة. وَرَجُلٌ مُتَهَيِّعٌ: مُتَحَيِّرٌ. والهائعةُ: الصوتُ الشَّديد. والهَيْعةُ: كلُّ مَا أَفْزَعك مِنْ صَوْت أَو فاحِشة تُشاعُ؛ قَالَ قَعْنَب بْنُ أُم صَاحِبٍ:
إِنْ يَسْمَعوا هَيْعةً طارُوا بِهَا فَرَحاً ... مِني، وَمَا سَمِعُوا مِنْ صالِحٍ دَفَنُوا
قَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: هِعْت أَهاعُ هَيْعاً مِنَ الحُبِّ والحُزْنِ. وأَرض هَيْعةٌ: واسعةٌ مَبْسوطة. وَهَاعَ الشيءُ يَهِيع هِياعاً: اتَّسَعَ وانْتَشَر. وَطَرِيقٌ(8/378)
مَهْيَعٌ: واضِحٌ واسِعٌ بَيِّنٌ، وجَمْعُه مَهايِعُ؛ وأَنشد:
بالغَوْر يهْدِيها طرِيقٌ مَهْيَعُ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
إِنَ الصَّنيعةَ لَا تكونُ صَنِيعةً ... حَتَّى يُصابَ بِهَا طرِيقٌ مَهْيَع
وبلَد مَهْيَعٌ: واسعٌ، شذَّ عَنِ الْقِيَاسِ فصَحَّ، وَكَانَ الْحُكْمُ أَن يعْتل لأَنه مَفْعَل مِمَّا اعْتَلَّت عينُه. وتَهَيَّعَ السرابُ وانْهاعَ انْهِياعاً: انبَسَطَ عَلَى الأَرض. والهَيْعةُ: سيَلانُ الشَّيْءِ المصْبوبِ عَلَى وَجْهِ الأَرض مِثْلُ المَيْعة، وَقَدْ هَاعَ يَهِيعُ هَيْعاً، وماءٌ هائِعٌ. وهاعَ الشيءُ يهيعُ هَيْعاناً: ذابَ، وخَصَّ بعضُهم بِهِ ذَوَبان الرَّصاصِ، والرَّصاصُ يَهِيعُ فِي المَذْوَب. يُقَالُ: رَصاصٌ هائِعٌ فِي المَذْوَب. وهاعَتِ الإِبلُ إِلى الماءِ تَهِيعُ إِذا أَرادته، فَهِيَ هَائِعَةٌ. ومَهْيَعٌ ومَهْيَعةُ، كِلَاهُمَا: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الجُحْفةِ، وَقِيلَ: المَهْيعة هِيَ الجحفةُ. وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ مهع: وَفِي الْحَدِيثِ:
وانْقُل حُمَّاها إِلى مَهْيَعةَ
؛ مهيعةُ: اسْمُ الجُحْفة وَهِيَ ميقاتُ أَهلِ الشَّامِ، وَبِهَا غَدِيرُ خُمٍّ، وَهِيَ شَدِيدَةُ الوَخَم. قَالَ الأَصمعي: لَمْ يُولَدْ بغَدِيرِ خُمٍّ أَحد فَعَاشَ إِلى أَن يَحْتَلِمَ إِلَّا أَن يُحَوَّلَ مِنْهَا، قَالَ: وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اتَّقَوْا البِدَعَ والزَمُوا المَهْيع
؛ هُوَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ الْمُنْبَسِطُ؛ قَالَ: وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مَفْعَل مِنَ التهيُّع وَهُوَ الِانْبِسَاطُ، قَالَ الأَزهري: وَمَنْ قَالَ مَهْيَعٌ فَعْيَلٌ فَقَدْ أَخطَأَ لأَنه لَا فَعْيل فِي كَلَامِهِمْ بِفَتْحِ أَوله.
فصل الواو
وَبَعَ: الوَبَّاعةُ: الاسْت؛ كذَبَت وَبَّاعَتُه أَي اسْتُه ووَبَّاغَتُه ونَبَّاعَتُه ونَبَّاغَتُه وعَفَّاقَتُه ومِخْذَفَتُه كلُّه أَي رَدَمَ. وأَنْبَقَ الرجُلُ إِذا خرَجَت ريحُه ضَعِيفَةً، فإِن زَادَ عَلَيْهَا قِيلَ: عَفَقَ بِهَا ووبَّعَ بِهَا، قَالَ: وَيُقَالُ لرَمَّاعةِ الصبيِّ الوَبَّاعةُ والغادِيةُ. ووَبِعانُ عَلَى مِثالِ ظَرِبان: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي مُزاحِمٍ السعْدِيِّ:
إِنَّ بأَجْزاعِ البُرَيْراءِ فالحَشَى، ... فَوَكْدٍ إِلى النَّقْعَيْنِ مِنْ وَبِعانِ
وجع: الوَجَع: اسْمٌ جامِعٌ لِكُلِّ مَرَضٍ مُؤْلِمٍ، وَالْجَمْعُ أَوْجاعٌ، وَقَدْ وَجِعَ فُلَانٌ يَوْجَعُ ويَيْجَعُ وياجَعُ، فَهُوَ وجِعٌ، مِنْ قَوْمٍ وَجْعَى ووَجاعَى ووَجِعِينَ ووِجاعٍ وأَوجاعٍ، ونِسْوةٌ وَجاعى ووَجِعاتٌ؛ وَبَنُو أَسَد يَقُولُونَ يِيجَعُ، بِكَسْرِ الْيَاءِ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ يِعْلَمُ اسْتِثْقالًا لِلْكَسْرَةِ عَلَى الْيَاءِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الياءَان قَوِيَتا واحْتَمَلَتْ مَا لَمْ تَحْتَمِلْهُ الْمُفْرِدَةُ، وَيُنْشَدُ لِمُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ:
قَعِيدَكِ أَن لَا تُسْمِعِيني مَلامةً، ... وَلَا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤادِ فَيِيجَعا
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَنا إِيجَعُ وأَنت تِيجَعُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَصل فِي يِيجَعُ يَوْجَعُ، فَلَمَّا أَرادوا قَلْبَ الْوَاوِ يَاءً كَسَرُوا الْيَاءَ الَّتِي هِيَ حَرْفُ الْمُضَارَعَةِ لِتَنْقَلِبَ الْوَاوُ يَاءً قَلْبًا صَحِيحًا، وَمَنْ قَالَ يَيْجلُ ويَيْجَعُ فإِنه قَلَبَ الْوَاوَ يَاءً قَلْبًا ساذَجاً بِخِلَافِ الْقَلْبِ الأَول لأَنَّ الْوَاوَ السَّاكِنَةَ إِنما تَقْلِبُها إِلى الْيَاءِ الكسرةُ قَبْلَهَا. قَالَ الأَزهري: ولُغةٌ قبيحةٌ مَنْ يَقُولُ وَجِعَ يَجِعُ،(8/379)
قَالَ: وَيَقُولُ أَنا أَوْجَعُ رأْسي ويَوْجَعُني رأْسي وأَوْجَعْتُه أَنا. ووَجِعَ عُضْوُه: أَلِمَ وأَوْجَعَهُ هُوَ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ وَجِعْتَ بَطْنَكَ مِثْلَ سَفِهْتَ رأْيَكَ ورَشِدْتَ أَمرَك، قَالَ: وَهَذَا مِنَ الْمَعْرِفَةِ الَّتِي كَالنَّكِرَةِ لأَن قَوْلَكَ بَطْنَكَ مُفَسِّرٌ، وَكَذَلِكَ غُبِنْتَ رأْيَك، والأَصل فِيهِ وَجِعَ رأْسُك وأَلم بَطْنُكَ وسَفِهَ رأْيُك ونَفْسُك، فَلَمَّا حُوِّلَ الفعلُ خَرَجَ قَوْلُكَ وَجِعْتَ بطنَك وَمَا أَشبهه مَفَسِّراً، قَالَ: وَجَاءَ هَذَا نَادِرًا فِي أَحرف مَعْدُودَةٍ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما نَصَبُوا وَجِعْتَ بطنَك بِنَزْعِ الْخَافِضِ مِنْهُ كأَنه قَالَ وَجِعْت مِنْ بَطْنِكَ، وَكَذَلِكَ سَفِهْتَ فِي رأْيك، وَهَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ لأَن المُفَسِّراتِ لَا تَكُونُ إِلا نَكِرَاتٍ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَمَضَّني الجُرْحُ فَوَجِعْتُه. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ وَجِعَ فلانٌ رأْسَه وبطنَه. وأَوْجَعْتُ فُلَانًا ضَرْباً وجِيعاً، وضَرْبٌ وجِيعٌ أَي مُوجِعٌ، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ عَلَى فَعِيلٍ مِنْ أَفْعَلَ، كَمَا يُقَالُ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَعْنَى مُؤْلِمٍ، وَقِيلَ: ضربٌ وجِيعٌ وأَلِيمٌ ذُو أَلَمٍ. وَفُلَانٌ يَوْجَعُ رأْسَه، نصبْتَ الرأْسَ، فإِن جِئْتَ بِالْهَاءِ قُلْتَ يَوْجَعُه رأْسُه وأَنا أَيْجَع رأْسي ويَوْجَعُني رأْسي، وَلَا تَقُلْ يُوجِعني رأْسي، وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ؛ قَالَ صِمّة بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُشَيْرِيُّ:
تَلَفَّتُّ نحوَ الحَيِّ، حَتَّى وجَدْتُني ... وجِعْتُ مِنَ الإِصْغاءِ لِيتاً وأَخْدَعا
والإِيجاعُ: الإِيلامُ. وأَوْجَعَ فِي العَدُوّ: أَثْخَنَ. وتَوَجَّعَ: تَشَكَّى الوجَعَ. وتوجَّعَ لَهُ مِمَّا نَزَلَ بِهِ: رَثى له مِنْ مَكْرُوهٍ نَازِلٍ. والوجْعاءُ: السافِلةُ وَهِيَ الدُّبُر، مَمْدُودَةٌ؛ قَالَ أَنسُ بْنَ مُدْرِكةَ الخَثْعَمِي:
غَضِبتُ للمَرْءِ، إِذْ نِيكَتْ حَلِيلَتُه، ... وإِذْ يُشَدُّ عَلَى وَجْعائِها الثَّفَرُ
أَغْشَى الحُروبَ، وسِرْبالي مُضاعَفةٌ ... تَغْشَى البَنانَ، وسَيْفي صارِمٌ ذَكَرُ
إِني وقَتْلي سُلَيْكاً ثُمَّ أَعْقِلَه، ... كالثَّوْرِ يُضْرَبُ لَمَّا عافَتِ البَقَرُ
يَعْنِي أَنها بُوضِعَتْ. وجمعُ الوَجْعاءِ وَجْعاواتٌ، وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الشعْرِ أَنَّ سُلَيْكاً مَرَّ فِي بَعْضِ غَزَواتِه بِبَيْتٍ مِنْ خَثْعَمَ، وأَهله خُلوفٌ، فَرأَى فيهنَّ امرأَة بَضَّةً شَابَّةً فَعلاها، فأُخْبر أَنس بِذَلِكَ فأَدْركه فَقَتَلَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحِلُّ المسأَلةُ إِلا لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ
؛ هُوَ أَنْ يَتَحَمَّلَ دِيةً فَيَسْعَى بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَها إِلى أَولياءِ الْمَقْتُولِ، فإِن لَمْ يؤدِّها قُتِل المُتَحَمَّلُ عَنْهُ فَيُوجِعُه قَتْلُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مُري بَنِيكِ يُقَلِّمُوا أَظْفارَهم أَن يُوجِعُوا الضُّرُوعَ
أَي لِئَلَّا يُوجِعُوها إِذا حَلَبُوها بأَظْفارِهم. وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ الجِعةَ فَقَالَ: والجِعةُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ، عَنْ أَبي عُبَيْدٍ، قَالَ: وَلَسْتُ أَدري مَا نُقْصانُه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الجِعةُ لَامُهَا وَاوٌ مَنْ جَعَوْت أَي جَمَعْتُ كأَنها سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا تَجْعُو الناسَ عَلَى شُرْبِها أَي تَجْمَعُهُمْ، وَذَكَرَ الأَزهري هَذَا الْحَرْفُ فِي الْمُعْتَلِّ، وَسَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ. وأُمُّ وجَعِ الكَبدِ: نَبْتَةٌ تَنْفَعُ من وجَعِها.
ودع: الوَدْعُ والوَدَعُ والوَدَعاتُ: مناقِيفُ صِغارٌ تُخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ تُزَيَّنُ بِهَا العَثاكِيلُ، وَهِيَ خَرَزٌ بيضٌ جُوفٌ فِي بُطُونِهَا شَقٌّ كَشَقِّ النواةِ تَتَفَاوَتُ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَقِيلَ: هِيَ جُوفٌ فِي جَوْفها دُوَيْبّةٌ كالحَلَمةِ؛ قَالَ عَقِيلُ بْنُ عُلَّفَة:(8/380)
وَلَا أُلْقِي لِذي الوَدَعاتِ سَوْطِي ... لأَخْدَعَه، وغِرَّتَه أُرِيدُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده:
أُلاعِبُه وزَلَّتَه أُرِيدُ
وَاحِدَتُهَا ودْعةٌ وودَعةٌ. ووَدَّعَ الصبيَّ: وضَعَ فِي عنُقهِ الوَدَع. وودَّعَ الكلبَ: قَلَّدَه الودَعَ؛ قَالَ:
يُوَدِّعُ بالأَمْراسِ كُلَّ عَمَلَّسٍ، ... مِنَ المُطْعِماتِ اللَّحْمَ غيرَ الشَّواحِنِ
أَي يُقَلِّدُها وَدَعَ الأَمْراسِ. وذُو الودْعِ: الصبيُّ لأَنه يُقَلَّدُها مَا دامَ صَغِيرًا؛ قَالَ جَمِيلٌ:
أَلَمْ تَعْلَمِي، يَا أُمَّ ذِي الوَدْعِ، أَنَّني ... أُضاحِكُ ذِكْراكُمْ، وأَنْتِ صَلُودُ؟
وَيُرْوَى: أَهَشُّ لِذِكْراكُمْ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ تَعَلَّقَ ودَعةً لَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ، وإِنما نَهَى عَنْهَا لأَنهم كَانُوا يُعَلِّقُونَها مَخافةَ الْعَيْنِ
، وَقَوْلُهُ:
لَا ودَعَ اللهُ لَهُ
أَي لَا جَعَلَهُ فِي دَعةٍ وسُكُونٍ، وَهُوَ لَفْظٌ مَبْنِيٌّ مِنَ الْوَدَعَةِ، أَي لَا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يَخافُه. وَهُوَ يَمْرُدُني الوَدْعَ ويَمْرُثُني أَي يَخْدَعُني كَمَا يُخْدَعُ الصَّبِيُّ بِالْوَدْعِ فَيُخَلَّى يَمْرُثُها. وَيُقَالُ للأَحمق: هُوَ يَمْرُدُ الوْدَع، يُشَبَّهُ بِالصَّبِيِّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والحِلْمُ حِلْم صبيٍّ يَمْرُثُ الوَدَعَهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشد الأَصمعي هَذَا الْبَيْتَ فِي الأَصمعيات لِرَجُلٍ مِنْ تَمِيمٍ بِكَمَالِهِ:
السِّنُّ مِنْ جَلْفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خلَقٍ، ... والعَقْلُ عَقْلُ صَبيٍّ يَمْرُسُ الوَدَعَهْ
قَالَ: وَتَقُولُ خَرَجَ زَيْدٌ فَوَدَّعَ أَباه وابنَه وكلبَه وفرسَه ودِرْعَه أَي ودَّع أَباه عِنْدَ سَفَرِهِ مِنَ التوْدِيعِ، ووَدَّع ابْنَهُ: جَعَلَ الوَدعَ فِي عُنُقه، وكلبَه: قَلَّدَه الْوَدْعَ، وفرسَه: رَفَّهَه، وَهُوَ فَرَسٌ مُوَدَّعُ ومَوْدُوع، عَلَى غَيْرِ قِياسٍ، ودِرْعَه، والشيءَ: صانَه فِي صِوانِه. والدَّعةُ والتُّدْعةُ «4» عَلَى الْبَدَلِ: الخَفْضُ فِي العَيْشِ والراحةُ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ. والوَديعُ: الرَّجُلُ الْهَادِئُ الساكِنُ ذُو التُّدَعةِ. وَيُقَالُ ذُو وَداعةٍ، وَدُعَ يَوْدُعُ دَعةً ووَداعةً، زَادَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ووَدَعَه، فَهُوَ وَديعٌ ووادِعٌ أَي ساكِن؛ وأَنشد شَمِرٌ قَوْلَ عُبَيْدٍ الرَّاعِي:
ثَناءٌ تُشْرِقُ الأَحْسابُ مِنْهُ، ... بِهِ تَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونا
أَيْ تَقِيه وتَصُونه، وَقِيلَ أَي تُقِرُّه عَلَى صَوْنِه وادِعاً. وَيُقَالُ: وَدَعَ الرجلُ يَدَعُ إِذا صَارَ إِلى الدَّعةِ والسُّكونِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ سُوِيدِ بْنِ كُرَاعٍ:
أَرَّقَ العينَ خَيالٌ لَمْ يَدَعْ ... لِسُلَيْمى، ففُؤادِي مُنْتَزَعْ
أَي لَمْ يَبْقَ وَلَمْ يَقِرَّ. وَيُقَالُ: نَالَ فُلَانٌ المَكارِمَ وادِعاً أَي مِنْ غَيْرِ أَن يَتَكَلَّفَ فِيهَا مَشَقّة. وتوَدَّعَ واتَّدعَ تُدْعةً وتُدَعةً وودَّعَه: رَفَّهَه، وَالِاسْمُ المَوْدوعُ. وَرَجُلٌ مُتَّدِعٌ أَي صاحبُ دَعَةٍ وراحةٍ؛ فأَما قَوْلُ خُفافِ بْنِ نُدْبة:
إِذا مَا اسْتَحَمَّتْ أَرضُه مِنْ سَمائِه ... جَرى، وَهُوَ موْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَق
__________
(4) . قوله [والتدعة] أي بالسكون وكهمزة أفاده المجد(8/381)
فكأَنه مَفْعُولٌ مِنَ الدَّعةِ أَي أَنه يَنَالُ مُتَّدَعاً مِنَ الجرْيِ مَتْرُوكًا لَا يُضْرَبُ وَلَا يْزْجَرُ مَا يسْبِقُ بِهِ، وَبَيْتُ خُفَافِ بْنِ نُدْبَةَ هَذَا أَورده الْجَوْهَرِيُّ وَفَسَّرَهُ فَقَالَ أَي مَتْرُوكٌ لَا يُضْرَبُ وَلَا يُزْجَرُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَوْدوعٌ هَاهُنَا مِنَ الدَّعةِ الَّتِي هِيَ السُّكُونُ لَا مِنَ التَّرْكِ كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَيْ أَنه جَرَى وَلَمْ يَجْهَدْ كَمَا أَوردناه، وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: فرَسٌ ودِيعٌ وموْدوعٌ ومُودَعٌ؛ وَقَالَ ذُو الإِصبَع العَدواني:
أُقْصِرُ مِنْ قَيْدِه وأُودِعُه، ... حَتَّى إِذا السِّرْبُ رِيعَ أَو فَزِعا
والدَّعةُ: مِنْ وَقارِ الرجُلِ الوَدِيعِ. وَقَوْلُهُمْ: عليكَ بالمَوْدوع أَي بالسكِينة وَالْوَقَارِ، فإِن قُلْتَ: فإِنه لَفْظُ مفْعولٍ وَلَا فِعْل لَهُ إِذ لَمْ يَقُولُوا ودَعْتُه فِي هَذَا الْمَعْنَى؛ قِيلَ: قَدْ تَجِيءُ الصِّفَةُ وَلَا فِعْلَ لَهَا كَمَا حُكي مِنْ قَوْلِهِمُ رجل مَفْؤودٌ للجَبانِ، ومُدَرْهَمٌ لِلْكَثِيرِ الدِّرهم، وَلَمْ يَقُولُوا فُئِدَ وَلَا دُرْهِمَ. وَقَالُوا: أَسْعَده اللَّهُ، فَهُوَ مَسْعودٌ، وَلَا يُقَالُ سُعِدَ إِلا فِي لُغَةٍ شَاذَّةٍ. وإِذا أَمَرْتَ الرَّجُلَ بالسكينةِ والوَقارِ قُلْتَ لَهُ: تَوَدَّعْ واتَّدِعْ؛ قَالَ الأَزهري: وَعَلَيْكَ بالموْدوعِ مِنْ غَيْرِ أَن تَجْعَلَ لَهُ فِعْلًا وَلَا فَاعِلًا مِثْل المَعْسورِ والمَيْسورِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ عَلَيْكَ بِالْمَوْدُوعِ أَي بالسكينةِ وَالْوَقَارِ، قَالَ: لَا يُقَالُ مِنْهُ ودَعه كَمَا لَا يُقَالُ مِنَ المَعْسور والمَيْسور عَسَرَه ويَسَرَه. ووَدَعَ الشيءُ يَدَعُ واتَّدَعَ، كِلَاهُمَا: سكَن؛ وَعَلَيْهِ أَنشد بَعْضُهُمْ بَيْتَ الْفَرَزْدَقُ:
وعَضُّ زَمانٍ يَا ابنَ مَرْوانَ، لَمْ يَدَعْ ... مِنَ الْمَالِ إِلّا مُسْحَتٌ أَو مُجَلَّفُ
فَمَعْنَى لَمْ يَدَعْ لَمْ يَتَّدِعْ وَلَمْ يَثْبُتْ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَ زَمَانٍ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ لِكَوْنِهَا صِفَةً لَهُ، وَالْعَائِدُ مِنْهَا إِليه مَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِمَوْضِعِهِ، وَالتَّقْدِيرُ فِيهِ لَمْ يَدَعْ فِيهِ أَو لأَجْلِه مِنَ الْمَالِ إِلا مُسحَتٌ أَو مُجَلَّف، فَيَرْتَفِعُ مُسْحت بِفِعْلِهِ ومجَلَّفُ عُطِفَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يَدَعْ لَمْ يَبْقَ وَلَمْ يَقِرَّ، وَقِيلَ: لَمْ يَسْتَقِرَّ، وأَنشده سلمةُ إِلا مُسْحَتاً أَو مُجَلَّفُ أَي لَمْ يَتْرُكْ مِنَ الْمَالِ إِلَّا شَيْئًا مُسْتأْصَلًا هالِكاً أَو مُجَلَّفٌ كَذَلِكَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ رَوَاهُ الْكِسَائِيُّ وَفَسَّرَهُ، قَالَ: وَهُوَ كَقَوْلِكَ ضَرَبْتَ زَيْدًا وعمروٌ، تُرِيدُ وعمْرٌو مَضْرُوبٌ، فَلَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْفِعْلُ رُفِعَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِسُوَيْدِ بْنِ أَبي كَاهِلٍ:
أَرَّقَ العَيْنَ خَيالٌ لَمْ يَدَعْ ... مِنْ سُلَيْمى، فَفُؤادي مُنْتَزَعْ
أَي لَمْ يَسْتَقِرّ. وأَودَعَ الثوبَ ووَدَّعَه: صانَه. قَالَ الأَزهري: والتوْدِيعُ أَن تُوَدِّعَ ثَوْبًا فِي صِوانٍ لَا يَصِلُ إِليه غُبارٌ وَلَا رِيحٌ. وودَعْتُ الثوبَ بِالثَّوْبِ وأَنا أَدَعُه، مُخَفَّفٌ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: المِيدَعُ كُلُّ ثَوْبٍ جَعَلْتَهُ مِيدَعاً لِثَوْبٍ جَدِيدٍ تُوَدِّعُه بِهِ أَي تَصُونه بِهِ. وَيُقَالُ: مِيداعةٌ، وَجَمْعُ المِيدَعِ مَوادِعُ، وأَصله الْوَاوُ لأَنك ودَّعْتَ بِهِ ثوبَك أَي رفَّهْتَه بِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
هِيَ الشمْسُ إِشْراقاً، إِذا مَا تَزَيَّنَتْ، ... وشِبْهُ النَّقا مُقْتَرَّةً فِي المَوادِعِ
وَقَالَ الأَصمعي: المِيدَعُ الثوبُ الَّذِي تَبْتَذِلُه وتُودِّعُ بِهِ ثيابَ الحُقوق لِيَوْمِ الحَفْل، وإِنما يُتَّخَذ المِيدعُ لِيودَعَ بِهِ المَصونُ. وتودَّعَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذا ابْتَذَلَهُ فِي حَاجَتِهِ. وتودَّع ثيابَ صَونِه إِذا ابْتَذَلَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
صَلى معه عبدُ الله(8/382)
ابن أُنَيْسٍ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ مُتَمَزِّقٌ فَلَمَّا انْصَرَفَ دَعَا لَهُ بِثَوْبٍ فَقَالَ: تَوَدَّعْه بخَلَقِكَ هَذَا
أَي تَصَوَّنْه بِهِ، يُرِيدُ الْبَسْ هَذَا الَّذِي دَفَعْتُهُ إِليك فِي أَوقات الِاحْتِفَالِ والتزَيُّن. والتَّوديعُ: أَن يَجْعَلَ ثَوْبًا وقايةَ ثَوْبٍ آخَرَ. والمِيدَعُ والميدعةُ والمِيداعةُ: مَا ودَّعَه بِهِ. وثوبٌ مِيدعٌ: صِفَةٌ؛ قَالَ الضَّبِّيُّ:
أُقَدِّمُه قُدَّامَ نَفْسي، وأَتَّقِي ... بِهِ الموتَ، إِنَّ الصُّوفَ للخَزِّ مِيدَعُ
وَقَدْ يُضاف. والمِيدع أَيضاً: الثَّوْبُ الَّذِي تَبْتَذِله المرأَة فِي بَيْتِهَا. يُقَالُ: هَذَا مِبْذَلُ المرأَة ومِيدعُها، ومِيدَعَتُها: الَّتِي تُوَدِّعُ بِهَا ثِيَابَهَا. وَيُقَالُ لِلثَّوْبِ الَّذِي يُبْتَذَل: مِبْذَلٌ ومِيدَعٌ ومِعْوز ومِفْضل. والمِيدعُ والمِيدَعةُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ؛ قَالَ شَمِرٌ أَنشد ابْنُ أَبي عدْنان:
فِي الكَفِّ مِنِّي مَجَلاتٌ أَرْبَعُ ... مُبْتَذَلاتٌ، مَا لَهُنَّ مِيدَعُ
قَالَ: مَا لهنَّ مِيدع أَي مَا لَهُنَّ مَنْ يَكْفيهنَّ العَمَل فيَدَعُهُنَّ أَي يصونهُنَّ عَنِ العَمَل. وكلامٌ مِيدَعٌ إِذا كَانَ يُحْزِنُ، وَذَلِكَ إِذا كَانَ كَلَامًا يُحْتَشَمُ مِنْهُ وَلَا يُسْتَحْسَنُ. والمِيداعةُ: الرَّجُلُ الَّذِي يُحب الدَّعةَ؛ عَنِ الْفَرَّاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا لَمْ يُنْكِر الناسُ المُنْكَرَ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُمْ
أَي أُهْمِلوا وتُرِكوا وَمَا يَرْتَكِبونَ مِنَ المَعاصي حَتَّى يُكثِروا مِنْهَا، وَلَمْ يُهْدَوْا لِرُشْدِهِمْ حَتَّى يَسْتَوْجِبُوا الْعُقُوبَةَ فَيُعَاقِبَهُمُ اللَّهُ، وأَصله مِنَ التوْدِيع وَهُوَ التَّرْكُ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الْمَجَازِ لأَن المُعْتَنيَ بإِصْلاحِ شأْن الرَّجُلِ إِذا يَئِسَ مِنْ صلاحِه تَرَكَهُ واسْتراحَ مِنْ مُعاناةِ النَّصَب مَعَهُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ قَوْلِهِمْ تَوَدَّعْتُ الشيءَ أَي صُنْتُه فِي مِيدَعٍ، يَعْنِي قَدْ صَارُوا بِحَيْثُ يُتَحَفَّظُ مِنْهُمْ ويُتَصَوَّن كَمَا يُتَوَقَّى شِرَارُ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: إِذا مَشَتْ هَذِهِ الأُمّةُ السُّمَّيْهاءَ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهَا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ارْكَبُوا هَذِهِ الدوابَّ سَالِمَةً وايْتَدِعُوها سَالِمَةً
أَي اتْرُكُوها ورَفِّهُوا عَنْهَا إِذا لَمْ تَحْتاجُوا إِلى رُكُوبها، وَهُوَ افْتَعَلَ مَنْ وَدُعَ، بِالضَّمِّ، ودَاعةً ودَعةً أَي سَكَنَ وتَرَفَّهَ. وايْتَدَعَ، فَهُوَ مُتَّدِعٌ أَي صَاحِبُ دَعةٍ، أَو مِنْ وَدَعَ إِذا تَرَكَ، يُقَالُ اتَّدَعَ وايْتَدَعَ عَلَى الْقَلْبِ والإِدغام والإِظهار. وَقَوْلُهُمْ: دَعْ هَذَا أَي اتْرُكْه، ووَدَعَه يَدَعُه: تَرَكَهُ، وَهِيَ شَاذَّةٌ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ: دَعْني وذَرْني ويَدَعُ ويَذَرُ، وَلَا يَقُولُونَ ودَعْتُكَ وَلَا وَذَرْتُكَ، اسْتَغْنَوْا عَنْهُمَا بتَرَكْتُكَ وَالْمَصْدَرُ فِيهِمَا تَرْكًا، وَلَا يُقَالُ ودْعاً وَلَا وَذْراً؛ وَحَكَاهُمَا بَعْضُهُمْ وَلَا وادِعٌ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَيْتٍ أَنشده الْفَارِسِيُّ فِي الْبَصْرِيَّاتِ:
فأَيُّهُما مَا أَتْبَعَنَّ، فإِنَّني ... حَزِينٌ عَلَى تَرْكِ الَّذِي أَنا وادِعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ وادِعٌ فِي شِعْرِ مَعْنِ بْنِ أَوْسٍ:
عَلَيْهِ شَرِيبٌ لَيِّنٌ وادِعُ العَصا، ... يُساجِلُها حمَّاته وتُساجِلُه
وَفِي التَّنْزِيلِ: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى
؛ أَي لَمْ يَقْطَعِ اللهُ الوحيَ عَنْكَ وَلَا أَبْغَضَكَ، وَذَلِكَ
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْتأَخر الوحْيُ عَنْهُ فَقَالَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ: إِن مُحَمَّدًا قَدْ وَدَّعَهُ رَبُّهُ وقَلاه، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى
، الْمَعْنَى وَمَا قَلاكَ،(8/383)
وسائر القُرّاء قرؤوه: وَدَّعَكَ، بِالتَّشْدِيدِ، وقرأَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:
مَا وَدَعَك رَبُّكَ
، بِالتَّخْفِيفِ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ، أَي مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ؛ قَالَ:
وَكَانَ مَا قَدَّمُوا لأَنْفُسِهم ... أَكْثَرَ نَفْعاً مِنَ الَّذِي وَدَعُوا
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: إِنما هَذَا عَلَى الضَّرُورَةِ لأَنّ الشَّاعِرَ إِذَا اضْطُرَّ جَازَ لَهُ أَن يَنْطِقَ بِمَا يُنْتِجُه القِياسُ، وإِن لَمْ يَرِدْ بِهِ سَماعٌ؛ وأَنشد قولَ أَبي الأَسودِ الدُّؤلي:
لَيْتَ شِعْرِي، عَنْ خَلِيلي، مَا الَّذِي ... غالَه فِي الحُبِّ حَتَّى وَدَعَهْ؟
وَعَلَيْهِ قرأَ بَعْضُهُمْ:
مَا وَدَعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلى
، لأَن الترْكَ ضَرْبٌ مِنَ القِلى، قَالَ: فَهَذَا أَحسن مِنْ أَن يُعَلَّ بَابُ اسْتَحْوَذَ واسْتَنْوَقَ الجَمَلُ لأَنّ اسْتِعْمالَ ودَعَ مُراجعةُ أَصل، وإِعلالُ اسْتَحْوَذَ وَاسْتَنْوَقَ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْمُصَحِّحِ تركُ أَصل، وَبَيْنَ مُرَاجَعَةِ الأُصول وَتَرْكِهَا مَا لَا خَفاء به؛ وهذا بيت رَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ أَخي الأَصمعي أَن عَمَّهُ أَنشده لأَنس بْنِ زُنَيْمٍ اللِّيثِيِّ:
لَيْتَ شِعْرِي، عَنْ أَمِيري، مَا الَّذِي ... غالَه فِي الْحُبِّ حَتَّى ودَعهْ؟
لَا يَكُنْ بَرْقُك بَرْقاً خُلَّباً، ... إِنَّ خَيْرَ البَرْقِ مَا الغَيْثُ مَعَهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ رُوِيَ الْبَيْتَانِ لِلْمَذْكُورَيْنِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الْعَرَبُ لَا تَقُولُ ودَعْتُهُ فأَنا وادعٌ أَي تَرِكْتُهُ وَلَكِنْ يَقُولُونَ فِي الْغَابِرِ يَدَعُ، وَفِي الأَمر دَعْه، وَفِي النَّهْيِ لَا تَدَعْه؛ وأَنشد:
أَكْثَرَ نَفْعاً مِنَ الَّذِي ودَعُوا
يَعْنِي تَرَكُوا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَيَنْتَهيَنَّ أَقوامٌ عَنْ وَدْعِهم الجُمُعاتِ أَو ليُخْتَمَنَّ عَلَى قُلُوبِهِمْ
أَي عَنْ تَرْكهم إِيّاها والتَّخَلُّفِ عَنْهَا مِنْ وَدَعَ الشيءَ يَدَعُه وَدْعاً إِذا تَرَكَهُ، وَزَعَمَتِ النحويةُ أَنّ الْعَرَبَ أَماتُوا مَصْدَرَ يَدَعُ ويَذَرُ واسْتَغْنَوْا عَنْهُ بتَرْكٍ، وَالنَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفصح الْعَرَبِ وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْهُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما يُحْمل قَوْلُهُمْ عَلَى قِلَّةِ اسْتِعْمَالِهِ فَهُوَ شاذٌّ فِي الِاسْتِعْمَالِ صَحِيحٌ فِي الْقِيَاسِ، وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ حَتَّى قُرِئَ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
مَا وَدَعَك رَبُّكَ وَمَا قَلى
، بِالتَّخْفِيفِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لسُوَيْدِ بن أَبي كاهِلٍ:
سَلْ أَمِيري: مَا الَّذِي غَيَّرَه ... عَنْ وِصالي، اليوَمَ، حتى وَدَعَه؟
وأَنشد لآخر:
فَسَعَى مَسْعاتَه فِي قَوْمِه، ... ثُمَّ لَمْ يُدْركْ، وَلَا عَجْزاً وَدَعْ
وَقَالُوا: لَمْ يُدَعْ وَلَمْ يُذَرْ شاذٌّ، والأَعرف لَمْ يُودَعْ وَلَمْ يُوذَرْ، وَهُوَ الْقِيَاسُ. والوَداعُ، بِالْفَتْحِ: التَّرْكُ. وَقَدْ ودَّعَه ووَادَعَه ووَدَعَه ووادَعَه دُعاءٌ لَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ:
فهاجَ جَوًى فِي القَلْبِ ضُمِّنَه الهَوَى، ... بِبَيْنُونةٍ يَنْأَى بِهَا مَنْ يُوادِعُ
وَقِيلَ فِي قَوْلِ ابْنِ مُفَرِّغٍ:
دَعيني مِنَ اللَّوْم بَعْضَ الدَّعَهْ
أَيِ اتْرُكِيني بعضَ الترْك. وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ فِي المررية «5» الَّذِي يَتَصَنَّعُ فِي الأَمر ولا يُعْتَمَدُ منه
__________
(5) . قوله [في المررية] كذا بالأَصل(8/384)
عَلَى ثِقةٍ: دَعْني مِنْ هِنْدَ فَلَا جَدِيدَها ودَعَتْ وَلَا خَلَقَها رَقَعَتْ. وَفِي حَدِيثِ الخَرْصِ:
إِذا خَرَصْتُم فخُذُوا ودَعُوا الثُّلُثَ، فإِن لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فدَعوا الرُّبعَ
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: ذَهَبَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ إِلى أَنه يُتْرَكُ لَهُمْ مِنْ عُرْضِ المالِ تَوْسِعةً عَلَيْهِمْ لأَنه إِن أُخِذَ الحقُّ مِنْهُمْ مُسْتَوْفًى أَضَرَّ بِهِمْ، فإِنه يَكُونُ مِنْهَا الساقِطةُ والهالِكةُ وَمَا يأْكله الطَّيْرُ وَالنَّاسُ، وَكَانَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يأْمر الخُرّاصَ بِذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا يُترك لَهُمْ شيءٌ شائِعٌ فِي جُمْلَةِ النَّخْلِ بَلْ يُفْرَدُ لَهُمْ نَخلاتٌ مَعْدودةٌ قَدْ عُلِمَ مِقْدارُ ثَمَرِهَا بالخَرْصِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنهم إِذا لَمْ يَرْضَوْا بِخَرْصِكُم فدَعوا لَهُمُ الثُّلُثَ أَو الرُّبُعَ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ وَيَضْمَنُوا حَقَّهُ وَيَتْرُكُوا الْبَاقِيَ إِلى أَن يَجِفَّ ويُؤخذ حَقُّه، لَا أَنه يُتْرَكُ لَهُمْ بِلَا عِوَضٍ وَلَا إِخْرَاجٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
دَعْ داعِيَ اللَّبنِ
أَي اتْرُكْ مِنْهُ فِي الضَّرْع شَيْئًا يَسْتَنْزِلُ اللَّبَنَ وَلَا تَسْتَقْصِ حَلْبَه. والوَداعُ: تَوْدِيعُ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا فِي المَسِيرِ. وتَوْدِيعُ المُسافِرِ أَهلَه إِذا أَراد سَفَرًا: تخليفُه إِيّاهم خافِضِينَ وادِعِينَ، وَهُمْ يُوَدِّعُونه إِذا سَافَرَ تفاؤُلًا بالدَّعةِ الَّتِي يَصِيرُ إِليها إِذا قَفَلَ. وَيُقَالُ ودَعْتُ، بِالتَّخْفِيفِ، فَوَدَعَ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وسِرْتُ المَطِيّةَ مَوْدُوعةً، ... تُضَحّي رُوَيْداً، وتُمْسي زُرَيْقا
وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ فرَسٌ ودِيعٌ ومَوْدُوعٌ وموَدَّعٌ. وتَوَدَّعَ القومُ وتَوادَعُوا: وَدَّعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والتوْدِيعُ عِنْدَ الرَّحِيل، وَالِاسْمُ الوَادع، بِالْفَتْحِ. قَالَ شَمِرٌ: والتوْدِيعُ يَكُونُ لِلْحَيِّ وَالْمَيِّتِ؛ وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ:
فَوَدِّعْ بالسَّلام أَبا حُرَيْزٍ، ... وقَلَّ وداعُ أَرْبَدَ بالسلامِ
وَقَالَ الْقُطَامِيُّ:
قِفي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ضُباعا، ... وَلَا يَكُ مَوْقِفٌ مِنْك الوَداعا
أَراد وَلَا يَكُ مِنْكِ مَوْقِفَ الوَداعِ وَلْيَكُنْ مَوْقِفَ غِبْطةٍ وإِقامة لأَنَّ مَوْقِفَ الْوَدَاعِ يَكُونُ لِلفِراقِ وَيَكُونُ مُنَغَّصاً بِمَا يَتْلُوهُ مِنَ التبارِيحِ والشوْقِ. قَالَ الأَزهريّ: والتوْدِيعُ، وإِن كَانَ أَصلُه تَخْليفَ المُسافِرِ أَهْله وذَوِيه وادِعينَ، فإِنّ الْعَرَبَ تَضَعُهُ مَوْضِعَ التحيةِ وَالسَّلَامِ لأَنه إِذا خَلَّفَ دَعَا لَهُمْ بِالسَّلَامَةِ وَالْبَقَاءِ ودَعوْا بمثْلِ ذَلِكَ؛ أَلا تَرَى أَن لَبِيدًا قَالَ فِي أَخِيهِ وَقَدْ مَاتَ:
فَوَدِّعْ بِالسَّلَامِ أَبا حُرَيْزٍ
أَراد الدُّعَاءَ لَهُ بِالسَّلَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَدْ رَثَاهُ لَبِيدٌ بِهَذَا الشِّعْرِ وودَّعَه تَوْدِيعَ الْحَيِّ إِذا سَافَرَ، وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ التوْدِيعُ تَرْكَه إِياه فِي الخفْضِ والدَّعةِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: تُوُدِّعَ مِنِّي أَي سُلِّمَ عَلَيَّ. قَالَ الأَزهري: فَمَعْنَى تُوُدِّعَ مِنْهُمْ أَي سُلِّمَ عَلَيْهِمْ لِلتَّوْدِيعِ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ قَوْلَ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ وَذَكَرَ نَاقَتَهُ:
قاظَتْ أُثالَ إِلى المَلا، وتَرَبَّعَتْ ... بالحَزْنِ عازِبةً تُسَنُّ وتُودَعُ
قَالَ: تُودَعُ أَي تُوَدَّعُ، تُسَنُّ أَي تُصْقَلُ بالرِّعْي. يُقَالُ: سَنَّ إِبلَه إِذا أَحْسَنَ القِيامَ عَلَيْهَا وصَقَلَها، وَكَذَلِكَ صَقَلَ فَرَسَه إِذا أَراد أَن يَبْلُغَ مِنْ ضُمْرِه مَا يَبْلُغُ الصَّيْقَلُ مِنَ السَّيْفِ، وَهَذَا مَثَلٌ؛(8/385)
وَرَوَى شِمْرٌ عَنْ مُحَارِبٍ: ودَّعْتُ فُلَانًا مِنْ وادِع السَّلَامِ. ووَدَّعْتُ فُلَانًا أَي هَجَرْتُه. والوَداعُ: القِلى. والمُوادَعةُ والتَّوادُعُ: شِبْهُ المُصالحةِ والتَّصالُحِ. والوَدِيعُ: العَهْدُ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفةَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَكُمْ يَا بَنِي نهْدٍ ودائِعُ الشِّرْكِ ووضائعُ الْمَالِ؛ ودائِعُ الشرْكِ
أَي العُهودُ والمَواثِيقُ، يُقَالُ: أَعْطَيْتُه وَدِيعاً أَي عَهْداً. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَن يُرِيدُوا بِهَا مَا كَانُوا اسْتُودِعُوه مِنْ أَمْوالِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الإِسلام، أَراد إِحْلالَها لَهُمْ لأَنها مَالُ كَافِرٍ قُدِرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَهْدٍ وَلَا شرْطٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
مَا لَمْ يَكُنْ عَهْدٌ وَلَا مَوْعِدٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه وادَعَ بَني فُلَانٍ
أَي صالَحَهم وسالَمَهم عَلَى تَرْكِ الْحَرْبِ والأَذى، وَحَقِيقَةُ المُوادعةِ المُتاركةُ أَي يَدَعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا هُوَ فِيهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وَكَانَ كَعْبٌ القُرَظِيُّ مُوادِعاً لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ الطَّعَامِ:
غَيْرَ مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ، لا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبّنا
أَي غَيْرَ مَتْرُوكِ الطاعةِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الوَداعِ وإِليه يَرْجِعُ. وتَوادَعَ الْقَوْمُ: أَعْطى بعضُهم بَعْضًا عَهْداً، وَكُلُّهُ مِنَ الْمُصَالَحَةِ؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. وَقَالَ الأَزهري: تَوادَعَ الفَريقانِ إِذا أَعْطى كُلٌّ مِنْهُمُ الآخرِينَ عَهْدًا أَن لَا يَغْزُوَهُم؛ تَقُولُ: وادَعْتُ العَدُوَّ إِذا هادَنْتَه مُوادَعةً، وَهِيَ الهُدْنةُ والمُوادعةُ. وَنَاقَةٌ مُوَدَّعةٌ: لَا تُرْكَب وَلَا تُحْلَب. وتَوْدِيعُ الفَحلِ: اقْتِناؤُه للفِحْلةِ. واسْتَوْدَعه مَالًا وأَوْدَعَه إِياه: دَفَعَه إِليه لِيَكُونَ عِنْدَهُ ودِيعةً. وأَوْدَعَه: قَبِلَ مِنْهُ الوَدِيعة؛ جَاءَ بِهِ الْكِسَائِيُّ فِي بَابِ الأَضداد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
اسْتُودِعَ العِلْمَ قِرْطاسٌ فَضَيَّعَهُ، ... فبِئْسَ مُسْتَودَعُ العِلْمِ القَراطِيسُ
وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: لَا أَعرف أَوْدَعْتُه قَبِلْتُ وَدِيعَته، وأَنكره شَمِرٌ إِلا أَنه حَكَى عَنْ بَعْضِهِمُ اسْتَوْدَعَني فُلانٌ بَعِيرًا فأَبَيْتُ أَن أُودِعَه أَي أَقْبَلَه؛ قَالَ الأَزهري: قَالَهُ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي كِتَابِ المَنْطِقِ والكسائِيُّ لَا يَحْكِي عَنِ الْعَرَبِ شَيْئًا إِلا وقد ضَبَطَه وحفِظه. وَيُقَالُ: أَوْدَعْتُ الرَّجُلَ مَالًا واسْتَوْدَعْتُه مَالًا؛ وأَنشد:
يَا ابنَ أَبي وَيَا بُنَيَّ أُمِّيَهْ، ... أَوْدَعْتُكَ اللهَ الَّذِي هُو حَسْبِيَهْ
وأَنشد ابْنِ الأَعرابي:
حَتَّى إِذا ضَرَبَ القُسُوس عَصاهُمُ، ... ودَنا منَ المُتَنَسِّكينَ رُكُوعُ،
أَوْدَعْتَنا أَشْياءَ واسْتَوْدعْتَنا ... أَشْياءَ، ليْسَ يُضِيعُهُنَّ مُضِيعُ
وأَنشد أَيضاً:
إِنْ سَرَّكَ الرّيُّ قُبَيْلَ النَّاسِ، ... فَوَدِّعِ الغَرْبَ بِوَهْمٍ شاسِ
ودِّعِ الغَرْبَ أَي اجْعَلْهُ ودِيعةً لِهَذَا الجَمَل أَي أَلْزِمْه الغَرْبَ. والوَدِيعةُ: وَاحِدَةُ الوَدائِعِ، وَهِيَ مَا اسْتُودِعَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ
؛ المُسْتَوْدَعُ مَا فِي الأَرحام، واسْتَعاره
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، للحِكْمة والحُجّة فَقَالَ: بِهِمْ يَحفظ اللهُ حُجَجَه حَتَّى يودِعوها نُظراءَهُم ويَزرَعُوها فِي قُلوبِ أَشباهِهِم
؛ وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو:
فمستقِرّ
، بِكَسْرِ الْقَافِ،(8/386)
وقرأَ الْكُوفِيُّونَ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ بِالْفَتْحِ وَكُلُّهُمْ قَالَ: فَمُسْتَقِرّ فِي الرَّحِمِ وَمُسْتَوْدَعٌ فِي صُلْبِ الأَب، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فَلَكُم فِي الأَرْحامِ مُسْتَقَرٌّ وَلَكُمْ فِي الأَصْلاب مُسْتَوْدَعٌ، وَمَنْ قرأَ
فمستقِرّ
، بِالْكَسْرِ، فَمَعْنَاهُ فَمِنْكُمْ مُسْتَقِرٌّ فِي الأَحياء وَمِنْكُمْ مُسْتَوْدَعٌ فِي الثَّرى. وَقَالَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها
أَي مُستَقَرَّها فِي الأَرحام ومُسْتَوْدَعَها فِي الأَرض. وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
؛ يَقُولُ: اصْبِرْ عَلَى أَذاهم. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَدَعْ أَذاهُمْ
أَي أَعْرِضْ عَنْهُمْ؛ وَفِي شِعْرُ الْعَبَّاسِ يَمْدَحُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ فِي الظِّلالِ وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ، حيثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
المُسْتَوْدَعُ: المَكانُ الَّذِي تُجْعَلُ فِيهِ الْوَدِيعَةُ، يُقَالُ: اسْتَوْدَعْتُه ودِيعةً إِذا اسْتَحْفَظْتَه إِيّاها، وأَراد بِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ بِهِ آدمُ وَحَوَّاءُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: أَراد بِهِ الرَّحِمَ. وطائِرٌ أَوْدَعُ: تحتَ حنَكِه بَيَاضٌ. والوَدْعُ والوَدَعُ: اليَرْبُوعُ، والأَوْدَع أَيضاً مِنْ أَسماء الْيَرْبُوعِ. والوَدْعُ: الغَرَضُ يُرْمَى فِيهِ. والوَدْعُ: وثَنٌ. وذاتُ الوَدْعِ: وثَنٌ أَيضاً. وَذَاتُ الوَدْعِ: سَفِينَةَ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَتِ الْعَرَبُ تُقْسِمُ بِهَا فَتَقُولُ: بِذاتِ الودْع؛ قَالَ عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ العبّادِي:
كَلّا، يَمِيناً بذاتِ الوَدْعِ، لَوْ حَدَثَتْ ... فِيكُمْ، وقابَلَ قَبْرُ الماجِدِ الزَّارَا
يُرِيدُ سفينةَ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَحْلِفُ بِهَا وَيَعْنِي بالماجِدِ النُّعمانَ بنَ المنذِرِ، والزَّارُ أَراد الزَّارَةَ بِالْجَزِيرَةِ، وَكَانَ النُّعْمَانُ مَرِضَ هُنَالِكَ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: ذاتُ الودْعِ مكةُ لأَنها كَانَ يُعَلَّقُ عَلَيْهَا فِي سُتُورِها الوَدْعُ؛ وَيُقَالُ: أَراد بِذَاتِ الوَدْعِ الأَوْثانَ. أَبو عَمْرٍو: الوَدِيعُ المَقْبُرةُ. والودْعُ، بِسُكُونِ الدَّالِ: جائِرٌ يُحاطُ عَلَيْهِ حائطٌ يَدْفِنُ فِيهِ القومُ مَوْتَاهُمْ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي عَنْ المَسْرُوحِيّ؛ وأَنشد:
لَعَمْرِي، لَقَدْ أَوْفى ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً ... عَلَى ظَهْرِ وَدْعٍ، أَتْقَنَ الرَّصْفَ صانِعُهْ
وَفِي الوَدْعِ، لَوْ يَدْري ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً، ... غِنى الدهْرِ أَو حَتْفٌ لِمَنْ هُوَ طالِعُهْ
قَالَ الْمَسْرُوحِيُّ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي رُوَيْبَةَ بْنِ قُصَيْبةَ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ يَقُولُ: أَوْفَى رَجُلٍ مِنَّا عَلَى ظَهْرِ وَدْعٍ بالجُمْهُورةِ، وَهِيَ حُرَّةٌ لِبَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، قَالَ: فَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ مَا أَنْشَدْناه، قَالَ: فَخَرَجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ حَتَّى أَتى قُرَيْشًا فأَخبر بِهَا رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ فأَرسل مَعَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَقَالَ: احْفِرُوه واقرؤوا الْقُرْآنَ عِنْدَهُ واقْلَعُوه، فأَتوه فَقَلَعُوا مِنْهُ فَمَاتَ سِتَّةٌ مِنْهُمْ أَو سَبْعَةٌ وَانْصَرَفَ الْبَاقُونَ ذَاهِبَةً عُقُولُهُمْ فَزَعاً، فأَخبروا صَاحِبَهُمْ فكَفُّوا عَنْهُ، قَالَ: وَلَمْ يَعُدْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَحد؛ كُلُّ ذَلِكَ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي عَنْ الْمَسْرُوحِيِّ، وَجَمْعُ الوَدْعِ وُدُوعٌ؛ عَنِ الْمَسْرُوحِيِّ أَيضاً. والوَداعُ: وادٍ بمكةَ، وثَنِيّةُ الوَداعِ مَنْسُوبَةٌ إِليه. وَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ اسْتَقْبَلَهُ إِماءُ مكةَ يُصَفِّقْنَ ويَقُلْن:
طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنَا ... مِنْ ثَنيّاتِ الوداعِ،
وجَبَ الشكْرُ عَلَيْنَا، ... مَا دَعا للهِ داعِ(8/387)
ووَدْعانُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
ببيْض وَدْعانَ بِساطٌ سِيُ
ووادِعةُ: قَبِيلَةٌ إِما أَن تَكُونَ مِنَ هَمْدانَ، وإِمّا أَن تَكُونَ هَمْدانُ مِنْهَا، وموْدُوعٌ: اسْمُ فَرَسِ هَرِمِ بْنِ ضَمْضَمٍ المُرّي، وَكَانَ هَرِمٌ قُتِلَ فِي حَرْبِ داحِسٍ؛ وَفِيهِ تَقُولُ نائحتُه:
يَا لَهْفَ نَفْسِي لَهَفَ المَفْجُوعِ، ... أَنْ لَا أَرَى هَرِماً عَلَى مَوْدُوعِ
وذع: قَالَ الأَزهريّ فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ عَذَأَ: قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِيمَا قرأْت لَهُ مِنَ الأَلفاظ إِن صَحَّ لَهُ: وذَعَ الماءُ يَذَعُ وهَمَى يَهْمِي إِذا سَالَ، قَالَ: والواذِعُ المَعِينُ، قَالَ: وكلُّ ماءٍ جرَى عَلَى صَفاةٍ فَهُوَ واذِعٌ. قَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ مُنْكَرٌ وَمَا رأَيته إِلا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَيَنْبَغِي أَن يفتش عنه.
ورع: الوَرَعُ: التَّحَرُّجُ. تَوَرَّعَ عَنْ كَذَا أَي تحرَّج. والوَرِعُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: الرَّجُلُ التَّقِيُّ المُتَحَرِّجُ، وَهُوَ وَرِعٌ بيِّن الورَعِ، وَقَدْ ورِعَ مِنْ ذَلِكَ يَرِعُ ويَوْرَعُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، رِعةً وورَعاً وورَعَ ورْعاً؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ، وورُعَ ورُوعاً وَوَرَاعَةً وتَوَرَّعَ، وَالِاسْمُ الرِّعةُ والرِّيعةُ؛ الأَخِيرةُ عَلَى القلب. ويقال: فلان سَيءُ الرِّعةِ أَي قَلِيلُ الورَعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِلاكُ الدِّينِ الورَعُ
؛ الورَعُ فِي الأَصل: الكَفّ عَنِ المَحارِمِ والتحَرُّجُ مِنْهُ وتَوَرَّعَ مِنْ كَذَا، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِلْكَفِّ عَنِ الْمُبَاحِ وَالْحَلَالِ. الأَصمعي: الرِّعةُ الهَدْيُ وحُسْنُ الهيئةِ أَو سُوء الْهَيْئَةِ. يُقَالُ: قَوْمٌ حَسَنةٌ رِعَتُهم أَي شأْنُهم وأَمْرُهم وأَدَبُهم، وأَصله مِنَ الوَرَعِ وَهُوَ الكَفّ عَنِ الْقَبِيحِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ فرأَى مِنْهُمْ رِعةً سيِّئةً فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ
؛ يريد بالرِّعةِ هاهنا الاحْتِشامَ والكَفَّ عَنْ سُوءِ الأَدَبِ أَي لَمْ يُحْسِنُوا ذَلِكَ. يُقَالُ: وَرِعَ يَرِعُ رِعةً مِثْلُ وَثِقَ يَثِقُ ثِقَةً. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
وأَعِذْني مِنْ سُوءِ الرِّعةِ
أَي مِنْ سُوءِ الكفِّ عَمَّا لَا يَنْبَغِي. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَوْفٍ: وبِنَهْيه يَرِعُون
أَي يَكُفُّونَ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: فَلَا يُوَرَّعُ رَجُلٌ عَنْ جمَل يَختطمه
أَي يُكَفُّ ويُمْنعُ، وَرُوِيَ يُوزَعُ، بِالزَّايِ، وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَهَا. والوَرَعُ، بِالتَّحْرِيكِ: الجَبانُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لإِحْجامِه ونُكُوصه. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وأَصحابنا يَذْهَبُونَ بِالْوَرَعِ إِلى الْجَبَانِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وإِنما الْوَرَعُ الصَّغِيرُ الضَّعِيفُ الَّذِي لَا غَناءَ عِنْدَهِ. يُقَالُ: إِنما مَالُ فُلَانٍ أَوْراع أَي صِغَارٌ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّغِيرُ الضَّعِيفُ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ أَوْراعٌ، والأُنثى مِنْ كُلِّ ذلكَ وَرَعةٌ، وَقَدْ وَرُعَ، بِالضَّمِّ، يَوْرُعُ وُرْعاً، بِالضَّمِّ سَاكِنَةُ الرَّاءِ، وَوُرُوعاً ووُرْعةً ووَراعةً ووَراعاً، ووَرِعَ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، يَرِعُ وَرَعاً؛ حَكَاهَا ثَعْلَبٌ عَنْ يَعْقُوبَ، ووَراعةً، وأَرى يَرَعُ، بِالْفَتْحِ، لُغَةً كَيَدَعُ، وتَوَرَّعَ، كُلُّ ذَلِكَ إِذا جَبُنَ أَو صغُر، والورَع: الضَّعِيفُ فِي رأْيه وَعَقْلِهِ وَبَدَنِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
رِعةُ الأَحْمَقِ يَرْضَى مَا صَنَعْ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: رِعةُ الأَحمقِ حالَتُه الَّتِي يَرْضَى بِهَا.(8/388)
وَحَكَى ابْنُ دُريد: رَجُلٌ وَرَعٌ بَيِّنُ الوُرُوعة؛ وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
لَا هَيِّبانٌ قَلْبُه مَنَّانُ، ... وَلَا نَخِيبٌ ورَعٌ جَبانُ
قَالَ: وَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ صِفَاتِ الجبانِ. وَيُقَالُ: الوَرَعُ عَلَى الْعُمُومِ الضَّعِيفُ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ. وورَّعه عَنِ الشَّيْءِ تَوْرِيعاً: كفَّه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَرِّعِ اللِّصَّ وَلَا تُراعِه
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: يَقُولُ إِذا شَعَرْتَ بِهِ ورأَيْتَه فِي مَنْزِلِكَ فادْفَعْه واكْفُفْه عَنْ أَخذ متاعِك، وَقَوْلُهُ وَلَا تُراعِه أَي لَا تُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ رُدَّه بتعرُّض لَهُ أَو تَنْبيه وَلَا تَنتَظِر مَا يَكُونُ مِنْ أَمره. وَكُلُّ شَيْءٍ تَنْتَظِرُهُ، فأَنت تُرَاعِيهِ وتَرْعاه؛ وَمِنْهُ تَقُولُ: هُوَ يَرْعَى الشمسَ أَي يَنتَظِرُ وُجُوبَها، قَالَ: وَالشَّاعِرُ يَرْعَى النُّجُومَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: ادْفَعْه واكْفُفْ بِمَا اسْتَطَعْتَ وَلَا تَنْتَظِرْ فِيهِ شَيْئًا. وَكُلُّ شَيْءٍ كَفَفْتَه، فَقَدْ ورعْتَه؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
وورَّعْتُ مَا يَكْنِي الوُجُوهَ رِعايةً ... ليَحْضُرَ خَيرٌ، أَو ليَقْصُرَ مُنْكَرُ
يَقُولُ: ورَّعْتُ عَنْكُمْ مَا يَكْني وُجُوهَكُمْ، تَمَنَّنَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَيضاً أَنه قَالَ لِلسَّائِبِ: وَرِّعْ عَنِّي فِي الدِّرْهَمِ والدِّرهمين
أَي كُفَّ عَنِّي الخُصومَ بأَن تَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وتَنُوبَ عَنِّي فِي ذَلِكَ، وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
وإِذا أَشْفَى وَرِعَ
أَي إِذَا أَشْرَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَفَّ. وأَوْرَعَه أَيضاً: لُغَةٌ فِي وَرَّعَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، والأُولى أَعْلى. ووَرَّعَ الإِبلَ عَنِ الحَوْضِ: رَدَّها فارْتَدَّتْ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وَقَالَ الَّذِي يَرْجُو العُلالةَ: وَرِّعوا ... عَنِ الْمَاءِ لَا يُطْرَقْ، وَهُنَّ طَوارِقُهْ
ووَرَّعَ الفرَسَ: حَبَسَه بِلِجَامِهِ. ووَرَّعَ بَيْنَهُمَا وأَوْرَعَ: حَجَزَ. والتوْرِيعُ: الكَفُّ والمَنْعُ؛ وَقَالَ أَبُو دُوَادَ:
فَبَيْنا نُوَرِّعُهُ باللِّجام، ... نُرِيدُ بِهِ قَنَصاً أَو غِوارا
أَي نَكُفُّه. وَمِنْهُ الوَرَعُ التحرُّجُ. وَمَا وَرَّعَ أَن فَعَلَ كَذَا وَكَذَا أَي مَا كَذَّب. والمُوارَعةُ: المُناطَقةُ والمُكالَمَةُ ووارَعَه: ناطَقَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ أَبو بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُوارِعانِه
، يَعْنِي عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَي يَسْتَشِيرانِه؛ هُوَ مِنَ المُناطَقةِ والمُكالَمَةِ؛ قَالَ حَسَّانُ:
نَشَدْتُ بَني النَّجَّارِ أَفْعالَ والِدي، ... إِذا الْعَانِ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَنْ يُوارِعُهْ
وَيُرْوَى: يُوازِعُه. ومُوَرِّعٌ وورِيعةُ: اسْمَانِ. والوَرِيعةُ: اسْمُ فَرَسِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ؛ وأَنشد الْمَازِنِيُّ فِي الوَرِيعةِ:
ورَدَّ خَلِيلَنا بعَطاءِ صِدْقٍ، ... وأَعْقَبَه الوَرِيعةَ مِنْ نِصابِ
وَقَالَ: الوَرِيعةُ اسْمُ فَرَسٍ، قَالَ: ونِصابٌ اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ وإِنما يُرِيدُ أَعْقَبَه الوَرِيعةَ مِنْ نَسْلِ نِصابٍ. والوَرِيعةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَحَقًّا رأَيْتَ الظَّاعِنِينَ تَحَمَّلُوا ... منَ الجَزْعِ، أَو وَارِي الودِيعةِ ذِي الأَثْلِ؟
وَقِيلَ: هُوَ وادٍ مَعْرُوفٌ فِيهِ شَجَرٌ كَثِيرٌ؛ قَالَ الرَّاعِي(8/389)
يَذْكُرُ الهَوادِجَ:
يُخَيَّلْنَ مِنْ أَثْلِ الوَرِيعةِ، وانْتَحَى ... لَهَا القَيْنُ يَعْقُوبٌ بفَأْسٍ ومِبْرَدِ
وزع: الوَزْعُ: كَفُّ النفْسِ عَنْ هَواها. وزَعَه وَبِهِ يَزَعُ ويَزِعُ وزْعاً: كفَّه فاتَّزَعَ هُوَ أَي كَفَّ، وَكَذَلِكَ ورِعْتُه. والوازِعُ فِي الحرْبِ: المُوَكَّلُ بالصُّفُوفِ يَزَعُ مَنْ تقدَّم مِنْهُمْ بِغَيْرِ أَمره. وَيُقَالُ: وزَعْتُ الجَيْشَ إِذا حَبَسْتَ أَوَّلَهم عَلَى آخِرِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن إِبليس رأَى جبريلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَوْمَ بَدْرٍ يَزَعُ الملائكةَ
أَي يُرتِّبُهم ويُسَوِّيهِم ويَصُفُّهم للحربِ فكأَنه يَكُفُّهم عَنِ التفَرُّقِ والانْتِشارِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنّ المُغِيرَةَ رَجُلٌ وازِعٌ
؛ يُرِيدُ أَنه صَالِحٌ لِلتَّقَدُّمِ عَلَى الْجَيْشِ وتدبيرِ أَمرهم وَتَرْتِيبِهِمْ فِي قِتَالِهِمْ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَهُمْ يُوزَعُونَ*
، أَي يُحْبَسُ أَوّلُهم عَلَى آخِرهم، وَقِيلَ: يُكَفُّونَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن يَزَعُ السلطانُ أَكثرُ مِمَّنْ يَزَعُ القرآنُ
؛ مَعْنَاهُ أَنّ مَن يَكُفُّ عَنِ ارتِكابِ العَظائِم مَخافةَ السلطانِ أَكثرُ مِمَّنْ تَكُفُّه مخافةُ القرآنِ واللهِ تَعَالَى، فَمَنْ يكفُّه السلطانُ عَنِ الْمَعَاصِي أَكثر مِمَّنْ يَكُفُّهُ القرآنُ بالأَمْرِ والنهيِ والإِنذار؛ وَقَوْلُ خَصِيبٍ الضَّمْرِيّ:
لَمَّا رأَيتُ بَني عَمْرٍو وَيازِعَهُم، ... أَيْقَنْتُ أَنِّي لَهُمْ فِي هَذِهِ قَوَدُ
أَراد وازِعَهم فَقَلَبَ الْوَاوَ يَاءً طَلَبًا لِلْخِفَّةِ وأَيضاً فتَنَكَّبَ الْجَمْعُ بَيْنَ وَاوَيْنِ: وَاوِ الْعَطْفِ وَيَاءِ الْفَاعِلِ «6» وَقَالَ السُّكَّرِيُّ: لُغَتُهُمْ جَعْلُ الْوَاوِ يَاءً؛ قَالَ النَّابِغَةِ:
عَلَى حِينَ عاتَبْتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبا، ... وقلتُ: أَلَمّا أَصْحُ، والشَّيبُ وازِعُ؟
وَفِي حَدِيثِ
الحَسَنِ لَمَّا وَليَ القضاءَ قَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ وَزَعةٍ
أَي أَعْوانٍ يَكُفُّونهم عَنِ التَّعَدِّي والشرِّ والفَسادِ، وَفِي رِوَايَةٍ:
مِنْ وازِعٍ
أَي مِنْ سلطانٍ يَكُفُّهم ويَزَعُ بعضَهم عَنْ بَعْضِهِمْ، يَعْنِي السلطانَ وأَصحابَه. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَردت أَن أَكْشِفَ عَنْ وجْهِ أَبي لَمَّا قُتِلَ والنبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَنْظُرُ إِلي فَلَا يَزَعُني
أَي لَا يَزْجُرُني وَلَا يَنْهاني. ووازِعٌ وابنُ وازِعٍ، كِلَاهُمَا: الْكَلْبُ لأَنه يَزَعُ الذِّئْبَ عَنِ الْغَنَمِ أَي يكُفُّه. والوازِعُ: الحابِسُ العسكرِ المُوَكَّلُ بالصفوفِ يتقدَّم الصَّفَّ فَيُصْلِحُهُ ويقدِّم ويؤَخر، وَالْجَمْعُ وزَعةٌ ووُزّاعٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ شُكِيَ إِليه بعضُ عُمّالِه لِيَقْتَصَّ مِنْهُ فَقَالَ: أَنا أُقِيدُ مِنْ وزَعةِ اللهِ
، وَهُوَ جَمْعُ وازِعٍ، أَراد أُقِيدُ مِنَ الَّذِينَ يكفَّونَ الناسَ عَنِ الإِقْدام عَلَى الشَّرِّ. وَفِي رِوَايَةٍ:
أَن عُمَرَ قَالَ لأَبي بَكْرٍ أَقِصَّ هَذَا مِنْ هَذَا بأَنْفِه، فَقَالَ: أَنا لَا أُقِصُّ مِنْ وزَعَةِ اللَّهِ، فأَمْسَكَ.
والوَزِيعُ: اسْمٌ للجمْعِ كالغَزيِّ. وأَوْزَعْتُه بِالشَّيْءِ: أَغْرَيْتُه فأُوزِعَ بِهِ، فَهُوَ مُوزَعٌ بِهِ أَي مُغْرًى بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَهابَ ضُمْرانُ مِنْهُ، حيثُ يُوزِعُه ... طَعْنَ المُعارِكِ عِنْدَ المَحْجِرِ النَّجُدِ
أَي يُغْرِيه. وَفَاعِلُ يُوزِعُه مُضْمَرٌ يَعُودُ عَلَى صَاحِبِهِ أَي يُغْرِيه صاحبُه، وطَعْنَ مَنْصُوبٌ بهابَ، والنَّجُدُ نَعْتُ المُعارِكِ وَمَعْنَاهُ الشجاعُ، وإِن جَعَلَتْهُ نَعْتًا للمَحْجِر فَهُوَ مِنَ النَّجَدِ وَهُوَ العَرَقُ، وَالِاسْمُ والمصدرُ جَمِيعًا الوَزُوعُ، بِالْفَتْحِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ مُوزَعاً بالسِّواكِ
أَي مُولَعاً بِهِ. وَقَدْ أُوزِعَ بِالشَّيْءِ يُوزَعُ إِذا اعتادَه وأَكثر مِنْهُ وأُلْهِمَ. والوَزُوعُ: الوَلُوعُ؛
__________
(6) . قوله [وياء الفاعل] كذا بالأصل،(8/390)
وَقَدْ أُوزِعَ بِهِ وَزُوعاً: وَقَدْ أُوزِعَ بِهِ وَزُوعاً: كأُولِعَ بِهِ وُلُوعاً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لَوَلُوعٌ وَزُوعٌ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الإِتباع. وأَوْزَعَه الشيءَ: أَلْهَمه إِياه. وَفِي التَّنْزِيلِ: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ*
؛ وَمَعْنَى أَوْزِعْني أَلْهِمْني وأَولِعْني بِهِ، وتأْويلُه فِي اللُّغَةِ كُفَّني عَنِ الأَشياء إِلَّا عَنْ شُكْرِ نِعْمَتِكَ، وكُفَّني عَمَّا يُباعِدُني عَنْكَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لِتُوزَعْ بِتَقْوَى اللَّهِ أَي لِتُلْهَمْ بِتَقْوَى اللَّهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا نَصُّ لَفْظِهِ وَعِنْدِي أَن مَعْنَى قَوْلِهِمْ لِتُوزَعْ بِتَقْوَى اللَّهِ مِنَ الوَزُوع الَّذِي هُوَ الوُلُوعُ، وَذَلِكَ لأَنه لَا يُقَالُ فِي الإِلهام أَوْزَعْتُه بِالشَّيْءِ، إِنما يُقَالُ أَوْزَعْتُه الشيءَ. وَقَدْ أَوْزَعَه اللَّهُ إِذا أَلْهَمَه. واسْتَوْزَعْتُ اللَّهَ شُكره فأَوْزَعَني أَي اسْتَلْهَمْتُه فأَلْهَمَني. وَيُقَالُ: قَدْ أَوْزَعْتُه بِالشَّيْءِ إِيزاعاً إِذا أَغْرَيته، وإِنه لمُوزَعٌ بِكَذَا وَكَذَا أَي مُغْرًى بِهِ، وَالِاسْمُ الوَزُوعُ. وأُوزِعْتُ الشيءَ: مِثْلُ أُلهِمْتُه وأُولِعْتُ بِهِ. والتوْزِيعُ: القِسْمَةُ والتَّفْرِيقُ. ووَزَّعَ الشَّيْءَ: قَسَّمه وفَرَّقه. وَتَوَزَّعُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَي تَقَسَّموه، يُقَالُ: وزَّعْنا الجَزُورَ فِيمَا بَيْنَنَا. وَفِي حَدِيثِ الضَّحَايَا:
إِلَى غُنَيْمةٍ فَتَوَزَّعُوها
أَي اقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه حَلَقَ شعَره فِي الْحَجِّ ووَزَّعَه بَيْنَ النَّاسِ
أَي فَرَّقه وقسَمه بَيْنَهُمْ، وَزَّعه يُوَزِّعُه تَوزِيعاً، وَمِنْ هَذَا أُخِذَ الأَوزاعُ، وَهُمُ الفِرَقُ مِنَ النَّاسِ، يُقَالُ أَتَيْتُهم وَهُمْ أَوْزاعٌ أَي مُتَفَرِّقُون. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه خَرَجَ لَيْلَةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ والناسُ أَوْزاعٌ
أَي يُصَلُّونَ مُتَفَرِّقِينَ غَيْرَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى إِمام وَاحِدٍ، أَراد أَنهم كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ فِيهِ بَعْدَ الْعَشَاءِ مُتَفَرِّقِينَ؛ وَفِي شِعْرِ حسان:
بضَرْبٍ كإِيزاعِ المَخاصِ مُشاشَه
جَعَلَ الإِيزاعَ مَوْضِعَ التَّوْزِيعِ وَهُوَ التَفْريقُ، وأَراد بالمُشاشِ هاهنا البَوْلَ، وَقِيلَ: هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. وَبِهَا أَوزاعٌ مِنَ النَّاسِ وأَوْباشٌ أَي فِرَقٌ وَجَمَاعَاتٌ، وَقِيلَ: هُمُ الضُّرُوب المتفرِّقون، وَلَا واحد لأَوزاع؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ رَجُلًا:
أَحْلَلْت بيتَك بالجَمِيعِ، وبعضُهم ... مُتَفَرِّقٌ لِيَحِلَّ بالأَوْزاعِ
الأَوْزاعُ هاهنا: بُيُوتٌ منْتَبِذةٌ عَنْ مُجْتَمَعِ الناسِ. وأَوْزَعَ بَيْنَهُمَا: فرَّقَ وأَصْلَحَ. والمتَّزِعُ: الشديدُ النفْسِ؛ وَقَوْلُ خَصِيبٍ يَذْكُرُ قُرْبَه مِنْ عَدُوٍّ لَهُ:
لَمَّا عَرَفْتُ بَني عَمْرٍو ويازِعَهُمْ، ... أَيْقَنْتُ أَنِّي لهُمْ فِي هَذِهِ قَوَدُ
قَالَ: يازِعُهم لُغَتُهُمْ يُرِيدُونَ وازِعَهم فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ أَي سَيَسْتَقِيدُون مِنَّا. وأَوْزَعَتِ الناقةُ بِبَوْلِهَا أَي رَمَتْ بِهِ رَمْياً وقطَّعَتْه، قَالَ الأَصمعي: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا إِذا ضَرَبَهَا الْفَحْلُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَعَ هَذَا الْحَرْفُ فِي بَعْضِ النَّسْخِ مصحَّفاً، وَالصَّوَابُ أَوْزَغَتْ، بَالِغِينَ مُعْجَمَةً، قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ وزَغَ. والأَوْزاعُ: بَطْنٌ مِنْ همْدانَ مِنْهُمْ الأَوْزاعِيُّ. والأَوْزاعُ: بُطُونٌ مِنْ حِمْيَر، سُمُّوا بِهَذَا لأَنهم تفرَّقوا. ووَزُوعُ: اسْمُ امرأَة. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: لَا يُوزَعُ رَجُلٌ عَنْ جَمَلٍ يَخْطِمُه «1»
أَي لَا يُكَفُّ وَلَا يُمْنع؛ هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى فِي الْوَاوِ مَعَ الزَّايِ، وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْوَاوِ مَعَ الرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
__________
(1) . قوله [يخطمه] تقدم في ورع: يختطمه، والمؤلف في المحلين تابع للنهاية.(8/391)
وسع: فِي أَسْمائِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الواسِعُ: هُوَ الَّذِي وَسِعَ رِزْقُه جميعَ خَلْقِه ووَسِعتْ رحمتُه كُلَّ شَيْءٍ وغِناه كُلَّ فَقْرٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: الْوَاسِعُ مِنْ أَسماءِ اللَّهِ الكثيرُ العطاءِ الَّذِي يَسَعُ لِمَا يُسْأَلُ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدَةَ. وَيُقَالُ: الواسِعُ المُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ قَوْلِهِ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً
؛ وَقَالَ:
أُعْطِيهِمُ الجَهْدَ مِني بَلْهَ مَا أَسَعُ
مَعْنَاهُ فَدَعْ مَا أُحِيطُ بِهِ وأَقْدِر عَلَيْهِ، الْمَعْنَى أُعطيهم مَا لَا أَجده إِلَّا بالجَهْدِ فَدَعْ مَا أُحيطُ بِهِ. وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ
؛ يَقُولُ: أَينما تُوَلُّوا فَاقْصِدُوا وَجْهَ اللَّهِ تَيَمُّمكم القِبْلة، إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ
، يَدُلُّ عَلَى أَنه تَوْسِعةٌ عَلَى الناسِ فِي شَيْءٍ رَخَّصَ لَهُمْ؛ قَالَ الأَزهري: أَراد التَّحَرِّيَ عِنْدَ إِشْكالِ الْقِبْلَةِ. وَالسِّعَةُ: نَقِيضُ الضِّيق، وَقَدْ وَسِعَه يَسَعُه ويَسِعُه سَعةً، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، أَعني فَعِلَ يَفْعِلُ وإِنما فَتَحَهَا حَرْفُ الْحَلْقِ، وَلَوْ كَانَتْ يَفْعَلُ ثَبَتَتِ الْوَاوُ وَصَحَّتْ إِلَّا بحسَب ياجَلُ. ووسُع، بِالضَّمِّ، وَسَاعَةً، فَهُوَ وَسِيعٌ. وشيءٌ وَسِيعٌ وأَسِيعٌ: واسِعٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنما ذُكِرَتْ سَعةُ الأَرضِ هاهنا لِمَنْ كَانَ مَعَ مَنْ يَعْبُدُ الأَصنام فأُمِرَ بِالْهِجْرَةِ عَنِ البلَد الَّذِي يُكره فِيهِ عَلَى عِبادَتِها كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها
؛ وَقَدْ جَرَى ذِكْرُ الأَوْثانِ في قوله: وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ. واتَّسَعَ: كَوَسِعَ. وَسَمِعَ الْكِسَائِيُّ: الطَّرِيقُ ياتَسِعُ، أَرادوا يَوْتَسِعُ فأَبدلوا الْوَاوَ أَلفاً طَلَبًا لِلْخِفَّةِ كَمَا قَالُوا ياجَلُ وَنَحْوَهُ، ويَتَّسِعُ أَكثرُ وأَقْيَسُ. واسْتَوْسَعَ الشيءَ: وَجَدَهُ واسِعاً وطلبَه واسِعاً، وأَوْسَعَه ووَسَّعَه: صيَّره وَاسِعًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ
؛ أَراد جَعْلَنَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الأَرض سَعةً، جُعِلَ أَوْسَعَ بِمَعْنَى وَسَّعَ، وَقِيلَ: أَوْسَعَ الرجلُ صَارَ ذَا سَعةٍ وغِنًى، وَقَوْلِهِ: وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ
أَي أَغنِياءُ قادِرون. وَيُقَالُ: أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي أَغناكَ. وَرَجُلٌ مُوسِعٌ: وَهُوَ المَلِيءُ. وتَوَسَّعُوا فِي الْمَجْلِسِ أَي تَفَسَّحُوا. والسَّعةُ: الغِنى والرفاهِيةُ، عَلَى الْمَثَلِ. ووَسِعَ عَلَيْهِ يَسَعُ سَعةً ووَسَّعَ، كِلَاهُمَا: رَفَّهَه وأَغناه. وَفِي النَّوَادِرِ: اللَّهُمَّ سَعْ عَلَيْهِ أَي وسِّعْ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ الدُّنْيَا: مُتَّسعُ لَهُ فِيهَا. وأَوْسَعَه الشيءَ: جَعَلَهُ يَسَعُه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَتُوسِعُ أَهْلَها أَقِطاً وسَمْناً، ... وحَسْبُك مِنْ غِنًى شِبَعٌ ورِيُ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قِيلَ لامرأَة أَيُّ النساءِ أَبْغَضُ إِليْكِ؟ فَقَالَتْ: الَّتِي تأْكل لَمّاً، وتُوسِعُ الحيَّ ذَمًّا. وَفِي الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ أَوْسِعْنا رَحْمَتَكَ
أَي اجْعَلْهَا تَسَعُنا. وَيُقَالُ: مَا أَسَعُ ذَلِكَ أَي مَا أُطِيقُه، وَلَا يَسَعُني هَذَا الأَمر مِثْلَهُ. وَيُقَالُ: هَلْ تَسَعُ ذَلِكَ أَي هَلْ تُطِيقُه؟ والوُسْعُ والوَسْعُ والسَّعةُ: الجِدةُ والطاقةُ، وَقِيلَ: هُوَ قَدْرُ جِدةِ الرَّجُلِ وقَدْرُه ذاتُ الْيَدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنكم لَنْ تَسَعُوا الناسَ بأَموالكم فَسَعُوهم بأَخْلاقِكم
، أَي لَا تَتَّسِعُ أَمْوالُكم لعَطائِهم فوَسِّعُوا أَخْلاقَكم لِصُحْبتهم. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قاله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنكم لَا تَسَعُونَ الناسَ بأَموالِكم فلْيَسَعْهم مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ.
وَقَدْ أَوْسَعَ الرجلُ: كثُرَ مالُه. وَفِي التَّنْزِيلِ: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ.(8/392)
وَقَالَ تَعَالَى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ
؛ أَي عَلَى قَدْرِ سِعَتِهِ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ. وَيُقَالُ: إِنه لَفِي سَعةٍ مِنْ عَيْشِه. والسَّعةُ: أَصلها وُسْعة فَحُذِفَتِ الْوَاوُ وَنُقِصَتْ. وَيُقَالُ: لِيَسَعْكَ بيتُك، مَعْنَاهُ القَرارُ. وَيُقَالُ: هَذَا الكَيْلُ يَسَعُ ثلاثةَ أَمْناء، وَهَذَا الوِعاءُ يَسَعُ عِشْرِينَ كيْلًا، وَهَذَا الْوِعَاءُ يَسَعُهُ عِشْرُونَ كَيْلًا، عَلَى مِثَالِ قَوْلِكَ: أَنا أَسعُ هَذَا الأَمْرَ، وَهَذَا الأَمْرُ يَسَعُني، والأَصل فِي هَذَا أَن تَدْخُلَ فِي وَعَلَى وَلَامٌ لأَنَّ قَوْلَكَ هَذَا الْوِعَاءُ يَسَعُ عِشْرِينَ كَيْلًا أَي يَتَّسِعُ لِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ: هَذَا الخُفُّ يَسَعُ رِجْلِي أَي يَسَعُ لِرِجْلِي أَي يَتَّسِعُ لَهَا وَعَلَيْهَا. وَتَقُولُ: هَذَا الوِعاءُ يَسَعُه عِشْرُونَ كَيْلًا، مَعْنَاهُ يَسَعُ فِيهِ عِشْرُونَ كَيْلًا أَي يَتَّسِعُ فِيهِ عِشْرُونَ كَيْلًا، والأَصل فِي هَذِهِ المسأَلة أَن يَكُونَ بِصفة، غَيْرَ أَنهم يَنْزِعُون الصِّفَاتِ مِنْ أَشياءَ كَثِيرَةٍ حَتَّى يَتَّصِلَ الْفِعْلُ إِلى مَا يَلِيهِ ويُفْضِيَ إِليه كأَنه مَفْعول بِهِ، كَقَوْلِكَ: كِلْتُكَ واسْتَجَبْتك ومَكَّنْتُكَ أَي كِلْتُ لَكَ وَاسْتَجَبْتُ لَكَ وَمَكَّنْتُ لَكَ. وَيُقَالُ: وسِعَتْ رحْمتُهُ كلَّ شَيْءٍ ولكلِّ شَيْءٍ وَعَلَى كلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ
، أَي اتَّسَعَ لَهَا. ووَسِعَ الشيءُ الشيءَ: لَمْ يَضِقْ عَنْهُ. وَيُقَالُ: لَا يَسَعُني شَيْءٌ ويَضِيقَ عَنْكَ أَي وأَن يَضِيقَ عَنْكَ؛ يَقُولُ: مَتَى وَسِعَني شيءٌ وَسِعَكَ. وَيُقَالُ: إِنه لَيَسَعُني مَا وَسِعَك. والتوْسِيعُ: خِلَافُ التضْيِيقِ. ووسَّعْتُ البيتَ وَغَيْرَهُ فاتَّسَعَ واسْتَوْسَعَ. ووَسُعَ الفرسُ، بِالضَّمِّ، سَعةً ووَساعةً، وَهُوَ وَساعٌ: اتَّسَعَ فِي السَّيْرِ. وَفَرَسٌ وَساعٌ إِذا كَانَ جَواداً ذَا سَعةٍ فِي خَطْوِه وذَرْعِه. وناقةٌ وَساعٌ: واسِعةُ الخَلْق؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
عَيْشُها العِلْهِزُ المُطَحَّنُ بالقَتِّ، ... وإِيضاعُها القَعُودَ الوَساعا
القَعُودُ مِنَ الإِبل: مَا اقْتُعِد فَرُكِبَ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَضَرَبَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَجُزَ جَملي وَكَانَ فِيهِ قِطافٌ فَانْطَلَقَ أَوْسَعَ جملٍ رَكِبْتُه قَطُّ
أَي أَعْجَلَ جمَلٍ سَيْراً. يُقَالُ: جَمَلٌ وَساعٌ، بِالْفَتْحِ، أَي وَاسِعُ الخَطْو سَرِيعُ السيْر. وَفِي حَدِيثِ
هِشَامٍ يَصِفُ نَاقَةً: إِنها لمِيساعٌ
أَي وَاسِعَةُ الخَطْو، وَهُوَ مِفْعالٌ، بِالْكَسْرِ، مِنْهُ. وسَيْرٌ وَسِيعٌ ووَساعٌ: مُتَّسِعٌ. واتَّسَعَ النهارُ وَغَيْرُهُ: امْتَدَّ وطالَ. والوَساعُ: الندْبُ لِسَعةِ خَلْقِهِ. وَمَا لِي عَنْ ذَاكَ مُتَّسَعٌ أَي مَصْرِفٌ. وسَعْ: زجْرٌ للإِبل كأَنهم قَالُوا: سَعْ يَا جملُ فِي مَعْنَى اتَّسِعْ فِي خَطْوكَ وَمَشْيِكَ. واليَسَعُ: اسْمُ نَبِيٍّ هَذَا إِن كَانَ عَرَبِيًّا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَسَعُ اسْمٌ مِنْ أَسماءِ الْعَجَمِ وَقَدْ أُدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ، وَهُمَا لَا يَدْخُلَانِ عَلَى نَظَائِرِهِ نَحْوُ يَعْمَرَ ويَزيدَ ويَشْكُرَ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ؛ وأَنشد الفرَّاءُ لِجَرِيرٍ:
وجَدْنا الوَلِيدَ بنَ اليَزِيدِ مُبارَكاً، ... شدِيداً بأَعْباءِ الخِلافةِ كاهِلُهْ
وقرئَ: والْيَسَع واللَّيْسَع أَيضاً، بِلَامَيْنِ. قَالَ الأَزهري: ووَسِيعٌ ماءٌ لَبَنِي سعْدٍ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: وَسِيعٌ ودُحْرُضٌ ماءَانِ بَيْنَ سَعْدٍ وَبَنِي قُشَيْرٍ، وَهُمَا الدُّحْرُضانِ اللَّذَانِ فِي شِعْرِ عَنْتَرةَ إِذ يَقُولُ:
شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأَصْبَحَتْ ... زَوْراءَ، تَنْفِرُ عَنْ حِياضِ الدَّيْلَمِ(8/393)
وشع: وشَعَ القُطْنَ وغيرَه، وَوشَّعَه، كِلاهما: لَفَّه. والوَشِيعةُ: مَا وُشِّعَ مِنْهُ أَو مِنَ الغَزْل. والوَشِيعةُ: كُبَّةُ الغَزْلِ. والوَشِيعُ: خشَبةُ الحائِكِ الَّتِي يُسَمِّيها الناسُ الحَفَّ، وَهِيَ عِنْدُ الْعَرَبِ الحِلْوُ إِذا كَانَتْ صَغِيرَةً، والوَشِيعُ إِذا كَانَتْ كَبِيرَةً. والوَّشِيعةُ: خشَبةٌ أَو قصَبةٌ يُلَفُّ عَلَيْهَا الغَزْلُ، وَقِيلَ: قَصَبَةٌ يَجْعلُ فِيهَا الحائِك لُحْمةَ الثوبِ للنسْجِ، وَالْجَمْعُ وَشِيعٌ ووَشائِعُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بِهِ مَلْعَبٌ مِنْ مُعْصِفاتٍ نَسَجْنَه، ... كَنَسْجِ اليَماني بُرْدَه بالوَشائِعِ
والتوْشِيعُ: لَفُّ القُطْنِ بَعْدَ النَّدْفِ، وكلُّ لَفِيفةٍ مِنْهُ وَشِيعةٌ؛ قَالَ رؤْبة:
فانْصاعَ يَكْسُوها الغُبارَ الأَصْيَعا، ... نَدْفَ القِياسِ القُطنَ المُوَشَّعا
الأَصْيَعُ: الغُبارُ الَّذِي يجيءُ وَيَذْهَبُ، يَتَصَيَّع ويَنْصاعُ: مَرَّةً هَاهُنَا وَمَرَّةً هَاهُنَا. وَقَالَ الأَزهري: هِيَ قَصَبَةٌ يُلْوى عَلَيْهَا الغزلُ مِنْ أَلوان شَتى مِنَ الوَشْيِ وَغَيْرِ أَلوان الْوَشْيِ، وَمِنْ هُنَاكَ سُمِّيَتْ قصَبةُ الحائِكِ الوَشِيعة، وَجَمْعُهَا وَشَائِعُ، لأَن الْغَزْلَ يُوشَّعُ فِيهَا. ووَشَّعَتِ المرأَةُ قُطنها إِذا قَرَضَتْه وهَيَّأَتْه للندْفِ بَعْدَ الحَلْجِ، وهو التَّزبِيدُ والتَّسْيِيحُ. وَيُقَالُ لِمَا كَسَا الغازِلُ المَغْزُولَ: وشِيعةٌ ووَلِيعةٌ وسَلِيخةٌ ونَضْلةٌ. وَيُقَالُ: وَشْعٌ مِنْ خَيْرٍ ووُشُوعٌ ووَشْمٌ ووُشُومٌ وشَمْعٌ وشُموعٌ. والوَشِيعُ: عَلَمُ الثوْبِ ووَشَّعَ الثوبَ: رَقَمَه بعَلَم وَنَحْوِهِ. والوشِيعةُ: الطريقةُ فِي البُرْدِ. وتَوَشَّعَ بالكذِبِ. تَحَسَّنَ وتَكَثَّرَ؛ وَقَوْلُهُ:
وَمَا جَلْسُ أَبْكارٍ أَطاعَ لِسَرْحِها ... جَنى ثَمَرٍ، بالوادِيَيْنِ، وشُوعُ
قِيلَ: وَشُوعٌ كثيرٌ، وَقِيلَ: إِن الْوَاوَ لِلْعَطْفِ، والشُّوعُ: شَجَرُ الْبَانِ، الْوَاحِدَةُ شُوعةٌ. وَيُرْوَى: وُشُوعُ، بِضَمِّ الْوَاوِ، فَمَنْ رَوَاهُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَشوع فَالْوَاوُ وَاوُ النسَق، وَمَنْ رَوَاهُ وُشوعُ فَهُوَ جَمْعُ وَشْعٍ، وَهُوَ زَهْر البُقول. والوَشْعُ: شَجَرُ البانِ، وَالْجَمْعُ الوُشوعُ. والتَّوشِيعُ: دخولُ الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ. وتوَشَّعَ الشيءُ: تفَرَّقَ. والوَشوعُ: الْمُتَفَرِّقَةُ. ووُشوعُ البقْل: أَزاهِيرُه، وَقِيلَ: هُوَ مَا اجْتَمَعَ عَلَى أَطرافه مِنْهَا، وَاحِدُهَا وَشْعٌ. وأَوشَعَ الشجرُ والبقلُ: أَخرج زهْرَه أَو اجْتَمَعَ عَلَى أَطرافه. قَالَ الأَزهري: وشَعَتِ البقلةُ إِذا انفَرَجَت زَهْرتُها. والوَشِيعةُ والوَشِيعُ: حظِيرةُ الشَّجَرِ حَوْلَ الكَرْم والبُستان، وَجَمْعُهَا وشائِعُ. ووَشَّعُوا عَلَى كَرَمِهِمْ وَبُسْتَانِهِمْ: حَظَرُوا. والوَشِيعُ: كَرْمٌ لَا يَكُونُ لَهُ حَائِطٌ فيجعلُ حولَه الشوكُ لِيَمْنَعَ مَن يَدْخُلُ إِليه. ووَشَّعَ كرمَه: جُعِلَ لَهُ وَشِيعاً، وَهُوَ أَن يَبْنِيَ جِدارَه بقَصَبٍ أَو سعَف يُشَبِّكُ الجِدارَ بِهِ، وَهُوَ التَّوشِيعُ. والمُوَشَّعُ: سَعَفٌ يُجْعَلُ مِثْلَ الْحَظِيرَةِ عَلَى الجَوْخانِ يُنْسَجُ نَسْجاً؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجُ:
صَافِي النّحاسِ لَمْ يُوشَّعْ بكَدَرْ
وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: لَمْ يُوَشَّعْ لَمْ يُخْلَط وَهُوَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَمَعْنَاهُ لَمْ يُلبس بِكَدَرٍ لأَنَّ السّعَف الَّذِي يُسَمَّى النَّسِيجةَ مِنْهُ المُوَشَّع يُلبس بِهِ الجَوخان. والوَشيع: الخُضُّ، وَقِيلَ: الوَشِيعُ شَريجةٌ مِنَ السعَف تُلْقى(8/394)
عَلَى خَشباتِ السقْفِ، قَالَ: وَرُبَّمَا أُقِيمَ كَالْخُصِّ وسُدَّ خَصاصُها بالثُّمامِ، وَالْجَمْعُ وشائِعُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
والمسجِدُ يومئذٍ وشِيعٌ بسَعَف وَخَشَبٍ
؛ قَالَ كثيِّر:
دِيارٌ عَفَتْ مِنْ عَزَّةَ، الصَّيْفَ، بَعْدَ ما ... تُجِدُّ عَلَيْهِنَّ الوَشِيعَ المُثَمَّما
أَي تُجِدُّ عزةُ يَعْنِي تجعلُه جَدِيدًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِابْنِ هَرْمةَ:
بِلِوى سُوَيْقةَ، أَو بِبُرْقةِ أَخْزَمٍ، ... خِيمٌ عَلَى آلائِهِنَّ وَشِيعُ
وَقَالَ: قَالَ السُّكَّرِيُّ الوَشِيعُ الثُّمامُ وَغَيْرُهُ، والوَشِيعُ سَقْفُ الْبَيْتِ، والوَشِيعُ عَريشٌ يُبْنى لِلرَّئِيسِ فِي الْعَسْكَرِ يُشْرِفُ مِنْهُ عَلَى عَسْكَرِهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الوَشِيعِ يَوْمَ بَدْرٍ
أَي فِي العَريش. والوَشْعُ: النَّبْذُ مِنْ طَلْع النَّخْلِ. والوَشْعُ: الشَّيْءُ القليلُ مِنَ النبْت فِي الْجَبَلِ. والوُشُوعُ: الضُّرُوبُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ووَشَعَ الجبلَ ووشعَ فِيهِ يَشَعُ، بِالْفَتْحِ، وَشْعاً ووُشوعاً وتوَشَّعه: عَلَاهُ: وتوَشَّعَتِ الغنمُ فِي الْجَبَلِ إِذا ارْتَقَتْ فِيهِ ترْعاه، وإِنه لوَشوعٌ فِيهِ مُتَوَقِّلٌ لَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ وأَنشد:
ويْلُمِّها لِقْحةُ شَيْخٍ قَدْ نَحَلْ، ... حَوْساءُ فِي السَّهْلِ، وَشوعٌ فِي الجبَلْ
وتَوَشَّعَ فُلَانٌ فِي الْجَبَلِ إِذا صَعَّدَ فِيهِ. ووشَعَه الشيءُ أَي عَلاه. وتَوَشَّعَ الشيْبُ رأْسَه إِذا عَلَاهُ. يُقَالُ: وشَع فِيهِ القَتِيرُ ووَشَّعَ وأَتْلَعَ فِيهِ الْقَتِيرُ وسَبَّل فِيهِ الشيْبُ ونَصَلَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والوَشُوعُ: الوَجُورُ يُوجَرُه الصبيُّ مِثْلُ النَّشُوع. والوَشِيعُ: جِذْعٌ أَو غَيْرُهُ عَلَى رأْس الْبِئْرِ إِذا كَانَتْ وَاسِعَةً يَقُومُ عَلَيْهِ السَّاقِي. والوَشِيعةُ: خَشَبَةٌ غَلِيظَةٌ تُوضَعُ عَلَى رأْس الْبِئْرِ يَقُومُ عَلَيْهَا السَّاقِي؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ صَائِدًا:
فأَزَلَّ السَّهْمَ عَنْهَا، كَمَا ... زَلَّ بِالسَّاقِي وشِيعُ المَقام
ابْنُ شُمَيْلٍ: تَوَزَّعَ بَنُو فُلَانٍ ضُيُوفَهم وتوَشَّعُوا سَوَاءً أَي ذهَبوا بِهِمْ إِلى بُيُوتِهِمْ، كلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِطَائِفَةٍ. والوَشِيعُ ووَشِيعٌ، كِلَاهُمَا: ماءٌ مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ:
شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأَصْبَحَتْ ... زَوْراءَ، تَنْفِرُ عَنْ حِياضِ الدَّيْلَمِ
إِنما هُوَ دُحْرُضٌ ووَشِيعٌ ماءَان مَعْرُوفَانِ فَقَالَ الدُّحْرُضَينِ اضْطِراراً، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي وَسِيعٍ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيضاً.
وصع: الوَصْعُ والوَصَعُ والوَصِيعُ: الصَّغِيرُ مِنَ العَصافِير، وَقِيلَ: الصَّغِيرُ مِنْ أَولاد الْعَصَافِيرِ، وَقِيلَ: هُوَ طَائِرٌ كالعُصفور، وَقِيلَ: يُشْبِهُ الْعُصْفُورَ الصَّغِيرَ فِي صِغَرِ جِسْمِهِ، وَقِيلَ: أَصغر مِنَ الْعُصْفُورِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الْعَرْشُ عَلَى مَنْكِبِ إِسْرافِيلَ وإِنه لَيَتَواضَعُ لله حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الوَصع
، يُرْوَى بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِهَا، وَالْجَمْعُ وِصْعانٌ. والوَصِيعُ: صوْتُ الْعُصْفُورِ، وَقِيلَ: الوَصْعُ والصَّعْوُ وَاحِدٌ كجَذْبٍ وجَبْذٍ؛ قَالَ شَمِرٌ: لَمْ أَسمع الوضْع فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِمْ إِلا أَني سَمِعْتُ بَيْتًا لَا أَدري مَنْ قَائِلُهُ وَلَيْسَ مِنَ الْوَصْعِ الطَّائِرِ فِي شَيْءٍ:
أَناخَ، فنِعْمَ مَا اقْلَوْلى وخَوَّى ... عَلَى خَمْسٍ يَصَعْنَ حَصَى الجَبُوبِ(8/395)
قَالَ: يَصَعْنَ الحَصى يُغَيِّبْنَه فِي الأَرض. قَالَ الأَزهري: الصَّوَابُ عِنْدِي يَصُعْنَ حَصَى الجَبوب أَي يُفَرِّقْنَها، يَعْنِي الثَّفِناتِ الخَمْسَ. قَالَ الأَزهري فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: وأَما عِيصُو فَهُوَ ابْنُ إِسحاقَ أَخي يَعْقُوبَ، وَهُوَ أَبو الروم.
وضع: الوَضْعُ: ضِدُّ الرَّفْعِ، وضَعَه يَضَعُه وَضْعاً ومَوْضُوعاً، وأَنشد ثَعْلَبٌ بَيْتَيْنِ فِيهِمَا: مَوْضُوعُ جُودِكَ ومَرْفوعُه، عَنَى بِالْمَوْضُوعِ مَا أَضمره وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ، وَالْمَرْفُوعُ مَا أَظهره وَتَكَلَّمَ بِهِ. والمواضِعُ: مَعْرُوفَةٌ، وَاحِدُهَا مَوْضِعٌ، وَاسْمُ الْمَكَانِ المَوْضِعُ والموضَعُ، بِالْفَتْحِ؛ الأَخير نَادِرٌ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَفْعَلٌ مِمَّا فَاؤُهُ واوٌ اسْمًا لَا مَصْدراً إِلا هَذَا، فأَما مَوْهَبٌ ومَوْرَقٌ فَلِلْعِلْمِيَّةِ، وأَما ادْخُلُوا مَوْحَدَ مَوْحدَ فَفَتَحُوهُ إِذ كَانَ اسْمًا مَوْضُوعًا لَيْسَ بِمَصْدَرٍ وَلَا مَكَانٍ، وإِنما هُوَ مَعْدُولٌ عَنْ وَاحِدٍ كَمَا أَن عُمر مَعْدُولٌ عَنْ عَامِرٍ، هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. والموضَعةُ: لُغَةٌ فِي الموْضِعِ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْعَرَبِ، قَالَ: يُقَالُ ارْزُنْ فِي مَوضِعِكَ ومَوْضَعَتِكَ. والموضِعُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ وَضَعْتُ الشَّيْءَ مِنْ يَدِي وَضْعاً وَمَوْضُوعًا، وَهُوَ مِثْلُ المَعْقُولِ، ومَوْضَعاً. وإِنه لحَسَنُ الوِضْعةِ أَي الوَضْعِ. والوَضْعُ أَيضاً: الموضوعُ، سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ وَلَهُ نَظائِرُ، مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا مَا سيأْتي إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، والجمعُ أَوضاعٌ. والوَضِيعُ: البُسْرُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ كلُّه فَهُوَ فِي جُؤَنٍ أَو جِرارٍ. والوَضِيعُ: أَن يُوضَعَ التمرُ قَبْلَ أَن يَجِفَّ فيُوضَعَ فِي الجَرِينِ أَو فِي الجِرارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ رَفَعَ السِّلاحَ ثُمَّ وَضَعَه فدَمُه هَدَرٌ
، يَعْنِي فِي الفِتْنةِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: ليسَ فِي الهَيْشاتِ قَوَدٌ، أَراد الفِتْنةَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ وضَعَه أَي ضرَبَ بِهِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه وضعَه مِنْ يَدِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَنْ شَهَرَ سيفَه ثُمَّ وضَعَه
أَي قاتَلَ بِهِ يَعْنِي فِي الفِتْنةِ. يُقَالُ: وضَعَ الشيءَ مِنْ يَدِهِ يَضَعُه وَضْعاً إِذا أَلقاه فكأَنه أَلقاه فِي الضَّرِيبةِ؛ قَالَ سُدَيْفٌ:
فَضَعِ السَّيْفَ، وارْفَعِ السَّوْطَ حَتَّى ... لَا تَرى فوْقَ ظَهْرِها أُمَوِيّا
مَعْنَاهُ ضَعِ السيفَ فِي المَضْرُوبِ بِهِ وَارْفَعِ السوْطَ لتَضْرِب بِهِ. وَيُقَالُ: وضَعَ يدَه فِي الطَّعَامِ إِذا أَكله. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَعْنَاهُ أَن يَضَعْنَ المِلْحَفةَ والرِّداءَ. والوَضِيعةُ: الحَطِيطةُ. وَقَدِ اسْتَوْضَعَ مِنْهُ إِذا اسْتَحَطَّ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كَانُوا كَمُشْتَرِكِينَ لَمّا بايَعُوا ... خَسِرُوا، وشَفَّ عليهِمُ واستَوْضَعُوا
ووَضعَ عَنْهُ الدَّيْنَ والدمَ وَجَمِيعَ أَنواعِ الجِنايةِ يَضَعُه وَضْعاً: أَسْقَطَه عَنْهُ. ودَيْنٌ وضِيعٌ: مَوْضُوعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِجَمِيلٍ:
فإِنْ غَلَبَتْكِ النَّفْسُ إِلَّا وُرُودَه، ... فَدَيْني إِذاً يَا بُثْنُ عَنْكِ وضِيعُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
يَنْزِل عِيسَى بنُ مريمَ فيَضَعُ الجِزْيةَ
أَي يَحْمِل الناسَ عَلَى دينِ الإِسلامِ فَلَا يَبْقَى ذِمِّيٌّ تَجْري عَلَيْهِ الجِزيةُ، وَقِيلَ: أَراد أَنه لَا يَبْقَى فَقِيرٌ مُحْتاجٌ لاسْتِغْناءِ الناسِ بِكَثْرَةِ الأَمْوالِ فتُوضَعُ الجِزيةُ وَتُسْقَطُ لأَنها إِنما شُرِعَت لِتَزِيدَ فِي مَصالِحِ(8/396)
الْمُسْلِمِينَ وتَقْوِيةً لَهُمْ، فإِذا لَمْ يَبْقَ محتاجٌ لَمْ تُؤْخَذْ، قُلْتُ: هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، فإِن الفرائِضَ لَا تُعَلَّلُ، وَيَطَّرِدُ عَلَى مَا قَالَهُ الزكاةُ أَيضاً، وَفِي هَذَا جُرْأَةٌ عَلَى وَضْعِ الفَرائِضِ والتَّعَبُّداتِ. وَفِي الْحَدِيثِ: ويَضَعُ العِلْمَ «2» أَي يَهْدِمُه ويُلْصِقُه بالأَرض، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
إِن كنتَ وضَعْتَ الحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ
أَي أَسْقَطْتَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَنْظرَ مُعْسِراً أَو وَضَعَ لَهُ
أَي حَطَّ عَنْهُ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ شَيْئًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
وإِذا أَحدهما يَسْتَوْضِعُ الآخرَ ويَسْتَرْفِقُه
أَي يَسْتَحِطُّه مِنْ دَيْنِه. وأَما الَّذِي فِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: إِنْ كَانَ أَحدُنا ليَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشاةُ
، أَراد أَنَّ نَجْوَهُم كَانَ يَخْرُجُ بَعَراً ليُبْسِه مِنْ أَكْلِهِم ورَقَ السَّمُرِ وعدمِ الغِذاء المَأْلُوفِ، وإِذا عاكَمَ الرجلُ صاحِبَه الأَعْدالَ يَقُولُ أَحدهما لصاحِبه: واضِعْ أَيْ أَمِلِ العِدْلَ عَلَى المِرْبَعةِ الَّتِي يَحْمِلَانِ العِدْلَ بِهَا، فإِذا أَمره بِالرَّفْعِ قَالَ: رابِعْ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ إِذا اعْتَكَمُوا. ووضَعَ الشيءَ وَضْعاً: اخْتَلَقَه. وتَواضَعَ القومُ عَلَى الشَّيْءِ: اتَّفَقُوا عَلَيْهِ. وأَوْضَعْتُه فِي الأَمر إِذا وافَقْتَه فِيهِ عَلَى شَيْءٍ. والضَّعةُ والضِّعةُ: خِلاف الرِّفْعةِ فِي القَدْرِ، والأَصل وِضْعةٌ، حَذَفُوا الْفَاءَ عَلَى الْقِيَاسِ كَمَا حُذِفَتْ مِنْ عِدة وزنِة، ثم إِنهم عَدَلُوا بِهَا عَنْ فِعلة فأَقروا الْحَذْفَ عَلَى حَالِهِ وإِن زَالَتِ الْكَسْرَةُ الَّتِي كَانَتْ مُوجِبَةً لَهُ، فَقَالُوا: الضَّعة فتدرَّجوا بالضِّعةِ إِلى الضَّعةِ، وَهِيَ وَضْعةٌ كجَفْنةٍ وقَصْعةٍ لَا لأَن الْفَاءَ فُتِحْتَ لأَجل الْحَرْفِ الْحَلْقِيِّ كَمَا ذَهَبَ إِليه مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ؛ وَرَجُلٌ وَضِيعٌ، وَضُعَ يَوْضُعُ وَضَاعَةً وضَعةً وضِعةً: صَارَ وَضِيعاً، فَهُوَ وَضِيعٌ، وَهُوَ ضِدُّ الشَّرِيفِ، واتَّضَعَ، ووَضَعَه ووَضَّعَه، وَقَصَرَ ابْنِ الأَعرابي الضِّعةَ، بِالْكَسْرِ، عَلَى الحسَب، والضَّعةَ، بِالْفَتْحِ، عَلَى الشجرِ والنباتِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي مَكَانِهِ. ووَضَعَ الرجلُ نفسَه يَضَعُها وَضْعاً ووُضوعاً وضَعةً وضِعةً قَبِيحَةً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، ووَضَعَ مِنْهُ فُلَانٌ أَي حَطَّ مِنْ درَجته. والوَضِيعُ: الدَّنِيءُ مِنَ النَّاسِ، يُقَالُ: فِي حسبَه ضَعةٌ وضِعةٌ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ، حَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا الضِّعةَ كَمَا قَالُوا الرِّفْعةَ أَي حَمَلُوهُ عَلَى نَقِيضِهِ، فَكَسَرُوا أَوَّله وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ ضَعَهَ قَالَ: فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الضَّعةِ؛ الضَّعةُ: الذّلُّ والهَوانُ والدَّناءةُ، قَالَ: وَالْهَاءُ فِيهَا عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ. والتَّواضُعُ: التَّذَلُّلُ. وتَواضَعَ الرجلُ: ذَلَّ. وَيُقَالُ: دَخَلَ فُلَانٌ أَمْراً فَوَضَعَه دُخُولُه فِيهِ فاتَّضَعَ. وتَواضَعَتِ الأَرضُ: انْخَفَضَتْ عَمَّا يَلِيهَا، وأَراه عَلَى الْمَثَلِ. وَيُقَالُ: إِنَّ بَلَدَكُمْ لمُتَواضِعٌ، وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ المُتَخاشِعُ مِنْ بُعْدِه تراهُ مِنْ بَعيدٍ لاصِقاً بالأَرض. وتَواضَعَ مَا بَيْنَنَا أَي بَعُدَ. وَيُقَالُ: فِي فُلَانٍ تَوْضِيعٌ أَي تَخْنِيثٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا من خُزاعةَ يُقَالُ لَهُ هِيتٌ كَانَ فِيهِ تَوْضِيعٌ أَوْ تخْنيتٌ.
وَفُلَانٌ مُوَضَّعٌ إِذا كَانَ مُخَنَّثاً. ووُضِعَ فِي تِجارتِه ضَعةً وضِعةً ووَضِيعةً، فَهُوَ مَوْضُوعٌ فِيهَا، وأُوضِعَ ووَضِعَ وَضَعاً: غُبِنَ وخَسِرَ فِيهَا، وصِيغةُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ أَكثر؛ قَالَ:
فَكَانَ مَا رَبِحْت وَسْطَ العَيْثَرَهْ، ... وَفِي الزِّحامِ، أَنْ وُضِعْت عَشَرَهْ
__________
(2) . قوله [ويضع العلم] كذا ضبط بالأصل وفي النهاية أيضاً بكسر أوله.(8/397)
وَيُرْوَى: وَضِعْت. وَيُقَالُ: وُضِعْت فِي مَالِي وأُوضِعْتُ ووُكِسْتُ وأُوكِسْتُ. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: الوَضِيعةُ عَلَى الْمَالِ وَالرِّبْحُ عَلَى مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ
؛ الوَضِيعةُ: الخَسارة. وَقَدْ وُضِعَ فِي البَيْعِ يُوضَعُ وَضِيعةً، يَعْنِي أنَّ الخَسارةَ مِنْ رأْس الْمَالِ. قَالَ الْفَرَّاءُ. فِي قَلْبِي مَوْضِعةٌ وموْقِعةٌ أَي مَحَبّةٌ. والوَضْعُ: أَهْوَنُ سَيْرِ الدوابِّ والإِبل، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ سَيْرِ الإِبل دُونَ الشَّدِّ، وَقِيلَ: هُوَ فَوْقَ الخَبَب، وضَعَتْ وَضْعاً وموْضُوعاً؛ قَالَ ابنُ مُقْبِلٍ فَاسْتَعَارَهُ لِلسَّرَابِ:
وهَلْ عَلِمْت، إِذا لاذَ الظِّباء، وقَدْ ... ظَلَّ السَّرابُ عَلَى حِزَّانهِ يَضَعُ؟
قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ وَضَعَ الرجلُ إِذا عَدا يَضَعُ وَضْعاً؛ وأَنشد لِدُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ فِي يَوْمِ هَوازِنَ:
يَا لَيْتَني فِيهَا جذَعْ، ... أَخُبُّ فِيهَا وأَضَعْ
أَقُودُ وَطْفاءَ الزَّمَعْ، ... كأَنها شاةٌ صَدَعْ
أَخُبُّ مِنَ الخَبَبِ. وأَضَعُ: أَعْدُو مِنَ الوَضْعِ، وَبَعِيرٌ حَسَنُ الموضوعِ؛ قَالَ طرَفةُ:
مَرْفُوعُها زَوْلٌ، ومَوْضُوعُها ... كَمَرِّ غَيْثٍ لَجِبٍ، وَسْطَ رِيح
وأَوْضَعَها هُوَ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
إِنَّ دُلَيْماً قَدْ أَلاحَ مِنْ أَبي ... فَقَالَ: أَنْزِلْني، فَلَا إِيضاعَ بِي
أَي لَا أَقْدِرُ عَلَى أَن أَسير. قَالَ الأَزهري: وضَعَتِ الناقةُ، وَهُوَ نَحْوُ الرَّقَصانِ، وأَوْضَعْتُها أَنا، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ: وَضَعَ الْبَعِيرُ إِذا عَدا، وأَوْضَعْتُه أَنَا إِذا حَمَلْتَهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الدابّةُ تَضَعُ السَّيْرَ وَضْعاً، وَهُوَ سَيْرٌ دُونٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ
؛ وأَنشد:
بِمَاذَا تَرُدِّينَ امْرأً جاءَ، لَا يَرَى ... كَوُدِّكِ وُدًّا، قَدْ أَكَلَّ وأَوْضَعا؟
قَالَ الأَزهري: قَوْلُ اللَّيْثِ الوَضْعُ سَير دُونٌ لَيْسَ بصحيح، والوَضْعُ هُوَ العَدْوُ؛ وَاعْتَبَرَ الليثُ اللفظَ وَلَمْ يُعْرَفْ كَلَامَ الْعَرَبِ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ
، فإِنَّ الْفَرَّاءَ قَالَ: الإِيضاعُ السَّيْرُ بَيْنَ الْقَوْمِ، وَقَالَ الْعَرَبُ: تَقُولُ أَوْضَعَ الراكِبُ ووَضَعَتِ الناقةُ، وَرُبَّمَا قَالُوا لِلرَّاكِبِ وَضَعَ؛ وأَنشد:
أَلْفَيْتَني مُحْتَمَلًا بِذِي أَضَعْ
وَقِيلَ: لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ
، أَي أَوْضَعُوا مَراكِبَهم خِلالَكم. وَقَالَ الأَخفش: يُقَالُ أَوْضَعْتُ وَجِئْتُ مُوضِعاً وَلَا يوقِعُه عَلَى شَيْءٍ. وَيُقَالُ: مَنْ أَيْنَ أَوْضَعَ وَمِنْ أَين أَوْضَحَ الراكِبُ هَذَا الْكَلَامُ الْجَيِّدُ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَقَوْلُهُمْ إِذا طرأَ عَلَيْهِمْ رَاكِبٌ قَالُوا من أَين أَوْضَحَ الراكِبُ فَمَعْنَاهُ مِنْ أَين أَنشأَ وَلَيْسَ مِنَ الإِيضاعِ فِي شَيْءٍ؛ قَالَ الأَزهريّ: وَكَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى مَا قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ وَقَدْ سمعتُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ مِنَ الْعَرَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفاض مِنْ عَرفةَ وَعَلَيْهِ السكينةُ وأَوْضَعَ فِي وادِي مُحَسِّرٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِيضاعُ سَيْرٌ مِثْلُ الخَبَبِ؛ وأَنشد:
إِذا أُعْطِيتُ راحِلةً ورَحْلًا، ... وَلِمَ أُوضِعْ، فقامَ عليَّ ناعِي(8/398)
وضَعَ البعيرُ وأَوْضَعه راكِبُه إِذا حَملَه عَلَى سُرْعةِ السيْرِ. قَالَ الأَزهري: الإِيضاعُ أَن يُعْدِيَ بعيرَه ويَحْمِلَه عَلَى العَدْوِ الحَثِيثِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، دَفَعَ عن عَرَفَاتٍ وَهُوَ يَسِيرُ العَنَقَ فإِذا وجَدَ فَجْوةً نَصَ
، فالنصُّ التَّحْرِيكُ حَتَّى يُسْتَخْرَجَ مِنَ الدَّابَّةِ أَقْصَى سيْرِها، وَكَذَلِكَ الإِيضاعُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرٌو، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنك واللهِ سَقَعْتَ الحاجِب وأَوْضَعْتَ بالراكِب
أَي حملْته عَلَى أَن يُوضِعَ مَرْكُوبَه. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ: شَرُّ الناسِ فِي الفتنةِ الراكِبُ المُوضِعُ
أَيِ المُسْرِعُ فِيهَا. قَالَ: وَقَدْ يَقُولُ بَعْضُ قَيْسٍ أَوْضَعْتُ بعِيري فَلَا يَكُونُ لَحْناً. وَرَوَى المنذريُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه سَمِعَهُ يَقُولُ بعد ما عُرِضَ عَلَيْهِ كلامُ الأَخفش هَذَا فَقَالَ: يُقَالُ وضَعَ البعيرُ يَضَعُ وَضْعاً إِذا عَدا وأَسرَعَ، فَهُوَ واضِعٌ، وأَوْضَعْتُه أَنا أُوضِعُه إِيضاعاً. وَيُقَالُ: وضَعَ البعيرُ حَكَمَته إِذا طامَنَ رأْسَه وأَسرعَ، وَيُرَادُ بِحَكَمَتِه لَحْياه؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فَهنّ سَمامٌ واضِعٌ حَكَماتِه، ... مُخَوِّنةٌ أَعْجازُه وكَراكِرُه
ووَضَعَ الشيءَ فِي المكانِ: أَثْبَتَه فِيهِ. وَتَقُولُ فِي الحَجَرِ واللَّبِنِ إِذا بُنِيَ بِهِ: ضَعْه غيرَ هَذِهِ الوَضْعةِ والوِضْعةِ والضِّعةِ كُلُّهُ بِمَعْنًى، وَالْهَاءُ فِي الضِّعةِ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ. ووَضَّعَ الحائِطُ القُطْنَ عَلَى الثَّوْبِ وَالْبَانِي الحجرَ توْضِيعاً: نَضَّدَ بعضَه عَلَى بَعْضٍ. والتوْضِيعُ: خِياطةُ الجُبَّةِ بَعْدَ وَضْعِ القُطن. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والأَوضع مِثْلُ الأَرْسَحِ؛ وأَنشد:
حَتَّى تَرُوحُوا ساقِطِي المَآزِرِ، ... وُضْعَ الفِقاحِ، نُشَّزَ الخَواصِرِ
والوضيعةٌ: قَوْمٌ مِنَ الْجُنْدِ يُوضَعُون فِي كُورةٍ لَا يَغْزُون مِنْهَا. والوَضائِعُ والوَضِيعةُ: قَوْمٌ كَانَ كِسْرى يَنْقُلُهُمْ مِنْ أَرضهم فَيُسْكِنُهم أَرضاً أُخرى حَتَّى يَصِيرُوا بِهَا وَضِيعةً أَبداً، وَهُمُ الشِّحْنُ والمَسالِحُ. قَالَ الأَزهري: والوَضِيعةُ الوَضائِعُ الَّذِينَ وضَعَهم فَهُمْ شَبَهُ الرَّهائِنِ كَانَ يَرْتَهِنُهم وَيُنْزِلُهُمْ بَعْضَ بِلَادِهِ. والوَضِيعةُ: حِنْطةٌ تُدَقُّ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهَا سَمْنٌ فَتُؤْكَلُ. والوَضائعُ: مَا يأْخذه السُّلْطَانُ مِنَ الخَراج والعُشور. والوَضائِعُ: الوَظائِفُ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: لَكُمْ يَا بَني نَهْدٍ ودائِعُ الشِّرْكِ ووضائِعُ المِلْكِ
؛ والوَضائِعُ: جَمْعُ وَضيعةٍ وَهِيَ الوَظِيفةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى المِلك، وَهِيَ مَا يَلْزَمُ الناسَ فِي أَموالهم مِنَ الصدَقةِ والزكاةِ، أَي لَكُمُ الوظائِفُ الَّتِي تَلْزَمُ الْمُسْلِمِينَ لَا نَتجاوزها مَعَكُمْ وَلَا نَزِيدُ عَلَيْكُمْ فِيهَا شَيْئًا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا كَانَ مُلُوكُ الْجَاهِلِيَّةِ يُوَظِّفُون عَلَى رَعِيَّتِهِمْ ويستأْثرون بِهِ فِي الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا مِنَ المَغْنَمِ، أَي لَا نأْخذ مِنْكُمْ ما كان ملوككم وضفوه عَلَيْكُمْ بَلْ هُوَ لَكُمْ. والوَضائِعُ: كُتُبٌ يُكْتَبُ فِيهَا الحِكمةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَبِيٌّ وأَن اسْمه وصورَتَه فِي الوَضائِعِ
، وَلَمْ أَسمع لِهَاتَيْنِ الأَخيرتين بِوَاحِدٍ؛ حَكَاهُمَا الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، والوَضِيعةُ: وَاحِدَةُ الوَضائع، وَهِيَ أَثقالُ الْقَوْمِ. يُقَالُ: أَين خَلَّفُوا وضائِعَهم؟ وَتَقُولُ: وضَعْتُ عِنْدَ فُلَانٍ وَضِيعةً، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَضِيعاً، أَي اسْتَوْدَعْتُه ودِيعةً. وَيُقَالُ للوَدِيعةِ وضِيعٌ. وأَما الَّذِي فِي الْحَدِيثِ:
إِنّ الملائكةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتها لِطَالِبِ الْعِلْمِ
أَي تَفْرُشُها لِتَكُونَ تَحْتَ أَقدامه إِذا(8/399)
مَشَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ واضِعٌ يَدَهُ لِمُسيء الليلِ لِيَتُوبَ بالنهارِ ولمُسِيء النَّهَارِ لِيَتُوبَ بِاللَّيْلِ
؛ أَراد بالوَضْعِ هاهنا البَسْطَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الأُخرى:
إِن اللَّهَ باسِطٌ يَدَهُ لِمُسِيءِ اللَّيْلِ
، وَهُوَ مَجَازٌ فِي الْبَسْطِ وَالْيَدِ كَوَضْعِ أَجنحة الْمَلَائِكَةِ، وَقِيلَ: أَراد بِالْوَضْعِ الإِمْهالَ وتَرْكَ المُعاجَلةِ بالعُقوبة. يُقَالُ: [وضَعَ يَدَهُ عَنْ فُلَانٍ] إِذا كَفَّ عَنْهُ، وَتَكُونُ اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ أَي يَضَعُها عَنْهُ، أَو لَامُ الأَجل أَي يَكُفُّهَا لأَجله، وَالْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ أَنه يَتَقاضَى الْمُذْنِبِينَ بِالتَّوْبَةِ ليَقْبَلَها مِنْهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه وضَعَ يدَه فِي كُشْيةِ ضَبٍّ، وَقَالَ: إِن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يُحَرِّمه
؛ وضعُ الْيَدِ كِنَايَةٌ عَنِ الأَخذ فِي أَكله. والمُوَضِّعُ: الَّذِي تَزِلُّ رِجْلهُ ويُفْرَشُ وظِيفُه ثُمَّ يَتْبَعُ ذَلِكَ مَا فَوْقَهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَخَصَّ أَبو عُبَيْدٍ بِذَلِكَ الْفَرَسَ، وَقَالَ: هُوَ عَيْبٌ. واتَّضَعَ بعيرَه: أَخذ برأْسه وخَفَّضَه إِذا كَانَ قَائِمًا لِيَضَعَ قَدَمَهُ عَلَى عُنُقِهِ فَيَرْكَبُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَعانَكَ اللهُ فَخَفَّ أَثْقَلُهْ ... عليكَ مأْجُوراً، وأَنْتَ جَمَلُهْ،
قُمْتَ بِهِ لم يَتَّضِحْكَ أَجْلَلُهْ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
أَصْبَحْتَ فَرْعا قِدَادَ نَابَكَ اتَّضَعَتْ ... زيْدٌ مراكِبَها فِي المَجْدِ، إِذ رَكِبوا «1»
فَجَعَلَ اتَّضَعَ مُتَعَدِّيًا وَقَدْ يَكُونُ لَازِمًا، يُقَالُ: وضَعْتُه فاتَّضَعَ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
إِذا مَا اتَّضَعْنَا كارِهِينَ لبَيْعةٍ، ... أَناخُوا لأُخْرَى، والأَزِمّةُ تُجْذَبُ
ووَضَّعَتِ النَّعامةُ بَيْضَها إِذا رَثَدَتْه ووضَعَتْ بعضَه فَوْقَ بَعْضٍ، وَهُوَ بيضٌ مُوَضَّعٌ منضُودٌ. وأَما الَّذِي فِي حديثِ
فاطمةَ بِنْتِ قيسٍ: لَا يَضَع عَصاه عَنْ عاتِقِه
أَي أَنه ضَرّاب لِلنِّسَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ كنايةٌ عَنِ كَثْرَةِ أَسْفارِه لأَنّ الْمُسَافِرَ يَحْمِلُ عَصاه فِي سفَرِه. والوُضْعُ والتُّضْعُ عَلَى الْبَدَلِ، كِلَاهُمَا: الحَمْل عَلَى حيْضٍ، وَكَذَلِكَ التُّضُعُ، وَقِيلَ: هُوَ الحَمْلُ فِي مُقْتَبَلِ الحَيْضِ؛ قَالَ:
تقولُ، والجُرْدانُ فِيهَا مُكْتَنِعْ: ... أَمَا تَخافُ حَبَلًا عَلَى تُضُعْ؟
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الوُضْعُ الحمْل قَبْلَ الْحَيْضِ، والتُّضْعُ فِي آخِرِهِ،
قَالَتْ أُم تَأبَّطَ شَرًّا: والله مَا حمَلْتُه وُضْعاً، وَلَا وَضَعْتُه يَتْناً، وَلَا أَرْضَعْتُه غَيْلًا، وَلَا أَبَتُّه تَئِقاً
، وَيُقَالُ: مَئِقاً، وَهُوَ أَجود الْكَلَامِ، فالوُضْعُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، واليَتْنُ أَن تَخْرُجَ رَجُلَاهُ قَبْلَ رأْسه، والتّئِقُ الغَضْبانُ، والمَئِقُ مِنَ المأَقة فِي الْبُكَاءِ، وَزَادَ ابْنِ الأَعرابي فِي
قَوْلِ أُم تأَبط شَرًّا: وَلَا سَقَيْتُه هُدَبِداً، وَلَا أَنَمْتُه ثَئِداً، وَلَا أَطْعَمْتُه قَبْلَ رِئةٍ كَبِداً
؛ الهُدَبِدُ: اللَّبَنُ الثَّخِينُ المُتَكَبِّدُ، وَهُوَ يَثْقُلُ عَلَيْهِ فَيَمْنَعُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وثَئِداً أَي عَلَى موضِعٍ نَكِدٍ، والكَبِدُ ثَقِيلَةٌ فانْتَفَتْ مِنْ إِطْعامِها إِيَّاه كَبِداً. ووضَعَتِ الحامِلُ الوَلَدَ تَضَعُه وَضْعاً، بِالْفَتْحِ، وتُضْعاً، وَهِيَ واضِعٌ: ولدَتْه. ووضَعَت وُضْعاً، بِالضَّمِّ: حَمَلَتْ فِي آخِر طُهْرِها فِي مُقْبَلِ الحَيْضةِ. ووضَعَتِ المرأةُ خِمارَها، وَهِيَ واضِعٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: خَلَعَتْه. وامرأَةٌ واضِعٌ أَي لَا خِمَارَ عَلَيْهَا. والضَّعةُ: شَجَرٌ مِنَ الحَمْضِ، هَذَا إِذا جَعَلْتَ الهاء
__________
(1) . هكذا ورد هذا البيت في الأَصل.(8/400)
عِوَضًا مِنَ الْوَاوِ الذَّاهِبَةِ مِنْ أَوّله، فأَما إِن كَانَتْ مِنْ آخِرِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُعْتَلِّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الحَمْضُ يُقَالُ لَهُ الوضِيعةُ، وَالْجَمْعُ وضائِعُ، وَهَؤُلَاءِ أَصحابُ الوَضِيعةِ أَي أَصحابُ حَمْضٍ مُقِيمُونَ فِيهِ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهُ. وناقةٌ واضِعٌ وواضِعةٌ ونُوقٌ واضِعاتٌ: تَرْعَى الحمضَ حولَ الْمَاءِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
رأَى صاحِبي فِي العادِياتِ نَجِيبةً، ... وأَمْثالَها فِي الواضِعاتِ القَوامِسِ
وَقَدْ وَضَعَتْ تَضَعُ وَضِيعةً. ووضَعَها: أَلْزَمَها المَرْعى. وإِبِلٌ واضِعةٌ أَي مقيمةٌ فِي الْحَمْضِ. وَيُقَالُ: وضَعَت الإِبلُ تَضَعُ إِذا رَعَتِ الْحَمْضِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا رَعَتِ الإِبلُ الحَمض حَوْلَ الْمَاءِ فَلَمْ تَبْرَحْ قِيلَ وضَعَت تَضَعُ وضِيعةً، ووضَعْتُها أَنا، فَهِيَ مَوْضُوعةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. ابْنُ الأَعرابي: تَقُولُ الْعَرَبُ: أَوْضِعْ بِنَا وأَمْلِكْ؛ الإِيضاعُ بالحَمْضِ والإِمْلاكُ فِي الخُلَّةِ؛ وأَنشد:
وضَعَها قَيْسٌ، وهِيْ نَزائِعُ، ... فَطَرَحَتْ أَولادها الوَضائِعُ
نَزائِعُ إِلى الخُلَّةِ. وقومٌ ذَوُو وَضِيعةٍ: ترْعى إِبلُهم الحمضَ. والمُواضَعةُ: مُتاركةُ الْبَيْعِ. والمُواضَعةُ: المُناظَرة فِي الأَمر. والمُواضَعةُ: أَن تُواضِعَ صَاحِبَكَ أَمراً تُنَاظِرُهُ فِيهِ. والمُواضَعةُ: المُراهَنةُ. وَبَيْنَهُمْ وِضاعٌ أَي مُراهنةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ووضَعَ أَكثرَه شعَراً: ضرَب عنُقَه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والواضِعةُ: الرَّوْضةُ. ولِوَى الوَضِيعةِ: رَمْلةٌ معروفةٌ. ومَوْضُوعٌ: موْضِعٌ، ودارةُ موضوعٍ هُنَالِكَ. ورجلٌ مُوَضَّعٌ أَي مُطَرَّحٌ ليس بِمُسْتَحْكِم الخَلْقِ.
وعع: خطِيبٌ وَعْوَعٌ: مُحْسِنٌ؛ قَالَتِ الخَنساءُ:
هُوَ القَرْمُ واللَّسِنُ الوَعْوَعُ
وَرُبَّمَا سُمِّيَ الجَبانُ وَعْوَعاً. قَالَ الأَزهري: تَقُولُ خَطِيبٌ وَعْوَعٌ نَعْت حسَن، ورجلٌ مِهْذارٌ وَعْواعٌ نَعْتٌ قَبِيحٌ؛ قَالَ:
نِكْسٌ مِنَ القوْمِ ووَعْواعٌ وَعَيُ
والوَعْوعةُ: مِنْ أَصواتِ الكلابِ وَبَنَاتِ آوَى. ووَعْوَع الكلبُ والذئبُ وَعْوَعةً ووَعْواعاً: عَوَى وصَوَّتَ، وَلَا يَجُوزُ كَسْرُ الْوَاوِ فِي وَعْواعٍ كَراهِيةً لِلْكَسْرَةِ فِيهَا، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْكَلْبِ وَالذِّئْبِ. وَحَكَى الأَزهريّ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: يُضاعَفُ فِي الْحِكَايَةِ فَيُقَالُ وَعْوَعَ الكلبُ وَعْوَعةً، وَالْمَصْدَرُ الوَعْوَعة والوَعْواعُ، قَالَ: وَلَا يُكْسَرُ واوُ الوَعْواع كَمَا يُكْسَر الزَّايُ من الزِّلْزالِ ونحوه كراهيةَ الْكَسْرِ فِي الْوَاوِ؛ قَالَ: وكذلك حكايةُ اليَعْيَعةِ واليَعْياعِ مِنْ فِعالِ الصِّبْيَانِ إِذا رَمَى أَحدُهم الشيءَ إِلى صَبِيٍّ آخَرَ لأَن الْيَاءَ خِلْقَتُها الْكَسْرُ، فيَسْتَقْبِحُون الواوَ بَيْنَ كَسْرَتَيْنِ، والواوُ خِلْقَتُهَا الضَّمُّ، فَيَسْتَقْبِحُونَ الْتِقَاءَ كَسْرَةٍ وَضَمَّةٍ فَلَا تَجِدُهُمَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي أَصل الْبَنَّاءِ؛ والوَعْواعُ: الصوتُ والجَلَبةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تسْمَعُ للمَرْءِ وَعْواعا
وَقَالَ الْمُسَيِّبُ:
يأْتي عَلَى القوْمِ الكَثيرِ سِلاحُهُمْ، ... فيَبِيتُ مِنْهُ القوْمُ فِي وَعْواعِ
والوَعْواعُ: الدَّيْدَبانُ، يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا.(8/401)
الأَصمعي: الدَّيْدَبانُ يُقَالُ لَهُ الوَعْوَعُ. والوَعاوِعُ: الأَشِدّاءُ وأَوّلُ مَنْ يُغِيثُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والوَعْواعُ أَوّلُ مَنْ يُغِيثُ مِنَ المُقاتِلةِ، وَقِيلَ: الوَعْواعُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْد يَصِفُ الأَسد:
وعاثَ فِي كَبّةِ الوَعْواعِ والعيرِ
وَنَسَبَ الأَزهري هَذَا الشِّعْرَ لأَبي ذُؤَيْبٍ. وَفِي حَدِيثٍ
عَلِيٍّ: وأَنتم تَنْفرُون عَنْهُ نُفُور المِعْزَى مِنْ وَعْوَعة الأَسَدِ
أَي صوْتِه. ووَعْواعُ النَّاسِ: ضَجَّتُهم. الأَزهريُّ: الوَعاوِعُ الأَجْرِياءُ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
لَا يُجْفِلُونَ عَنِ المُضافِ، إِذا رَأَوْا ... أُولى الوَعاوِع كالغَطاطِ المُقْبِلِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراد وَعاوِيعَ فَحَذَفَ الْيَاءَ لِلضَّرُورَةِ كَقَوْلِهِ:
قَدْ أَنْكَرَتْ ساداتُها الرَّوائِسا، ... والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا
والوَعْوعُ: الرَّجُلُ الضعيفُ؛ وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ عَنْ الأَصمعي: الوَعاوِعُ أَصواتُ الناسِ إِذا حملوا. ويقال للقوم ذا وَعْوَعُوا: وَعاوِعُ أَيضاً؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ الهُذَليّ:
ستَنْصُرُ أَفناءُ عَمْرٍو وكاهِلٍ، ... إِذا غَزَا منهم غَزِيٌّ وَعاوِعُ
قوله [ستنصر إلخ] كذا بالأصل، وبهامشه صواب إنشاده:
ستنصرني عمرو وأفناء كاهل ... إذا ما غزا منهم مطيّ وَعَاوِعُ
والوَعْوَعُ والوَعْواعُ: ابْنُ آوَى. والوَعْواعُ: موضعٌ.
وفع: الوَفْعةُ: الغِلافُ، وَجَمْعُهَا وِفاعٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والوَفْعُ المُرْتَفِعُ مِنَ الأَرض، وَجَمْعُهُ أَوْفاعٌ؛ قَالَ ابْنُ الرِّقاعِ:
فَمَا تَرَكَتْ أَركانُه مِنْ سَوادِه، ... وَلَا مِنْ بَياضٍ مُسْتَراداً، وَلَا وَفْعا
والوَفِيعةُ: هَنةٌ تُتَّخَذُ مِنَ العَراجِين والخُوص مِثْلُ السَّلّةِ، وَلَا تَقُلْهُ بِالْقَافِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: قَالَ ابْنُ خالَوَيْه الوَفِيعةُ، بِالْفَاءِ والقَاف جَمِيعًا، القُفَّة مِنَ الْخُوصِ؛ قَالَ: وَقَالَ الحامِضُ وَابْنُ الأَنباري هِيَ بِالْقَافِ لَا غَيْرَ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا بِالْفَاءِ لَا غَيْرَ. وَيُقَالُ للخرْقة الَّتِي يَمْسح بِهَا الكاتبُ قَلَمَه مِنَ المِدادِ: الوَفِيعةُ. والوَفِيعةُ: خِرْقةُ الحائِض. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: الرَّبَذةُ والوَفِيعةُ والطليةُ صُوفَةٌ تُطْلى بِهَا الإِبل الجَرْبَى. والوَفِيعةُ والوِفاعُ: صِمامُ القارُورةِ. وَغُلَامٌ وفَعةٌ وأَفَعةٌ كَيَفعةٍ.
وَقَعَ: وقَع عَلَى الشَّيْءِ وَمِنْهُ يَقَعُ وَقْعاً ووُقُوعاً: سقَطَ، ووَقَعَ الشيءُ مِنْ يَدِي كَذَلِكَ، وأَوْقَعَه غيرُه ووَقَعْتُ مِنْ كَذَا وَعَنْ كَذَا وَقْعاً، ووَقَعَ المطرُ بالأَرض، وَلَا يُقَالُ سَقَطَ؛ هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، وَقَدْ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فَقَالَ: سَقَط المطرُ مكانَ كَذَا فمكانَ كَذَا. ومَواقِعُ الغيثِ: مَساقِطُه. وَيُقَالُ: وقَع الشيءُ مَوْقِعَه، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: وقَعَ رَبِيعٌ بالأَرض يَقَعُ وُقُوعاً لأَوّلِ مَطَرٍ يَقَعُ فِي الخَرِيفِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ سَقَطَ. وَيُقَالُ: سَمِعْتُ وَقْعَ المطرِ وَهُوَ شدّةُ ضَرْبِه الأَرضَ إِذا وَبَلَ. وَيُقَالُ: سَمِعْتُ لحَوافِرِ الدّوابِّ وقْعاً ووُقُوعاً؛ وَقَوْلُ أَعْشَى باهِلةَ:
وأَلْجَأَ الكلبَ مَوْقُوعُ الصَّقِيعِ بِهِ، ... وأَلْجَأَ الحَيَّ مِنْ تَنْفاخِها الحَجرُ(8/402)
إِنما هُوَ مَصْدَرٌ كالمَجْلُودِ والمَعْقُول. والمَوْقِعُ والمَوْقِعةُ: موضِعُ الوُقُوع؛ حَكَى الأَخيرةَ اللِّحْيَانِيُّ. وَوِقاعةُ السّترِ، بِالْكَسْرِ: مَوْقِعُه إِذا أُرسل. وَفِي حَدِيثِ
أُم سلمةَ أَنها قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: اجْعَلي بَيْتَكِ حِصْنَكِ وَوِقاعةَ السِّتْرِ قَبْرَكِ
؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الوِقاعةُ، بِالْكَسْرِ، موضعُ وُقُوعِ طَرَفِ الستْرِ عَلَى الأَرض إِذا أُرْسِلَ، وَهِيَ مَوْقِعُه ومَوْقِعَتُه، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ، أَي ساحةَ الستْرِ. والمِيقَعةُ: داءٌ يأْخذ الْفَصِيلَ كالحَصْبةِ فيَقَعُ فَلَا يَكَادُ يَقُومُ. ووَقْعُ السيفِ ووَقْعَتُه ووُقُوعُه: هِبَّتُه ونُزُولُه بالضَّرِيبة، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، ووَقَعَ بِهِ ماكر يَقَعُ وُقُوعاً ووَقِيعةً: نَزَلَ. وَفِي الْمَثَلِ: الحِذارُ أَشدُّ مِنَ الوَقِيعةِ؛ يُضْرَبُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ يَعْظُمُ فِي صَدْرِه الشيءُ، فإِذا وَقَعَ فِيهِ كَانَ أَهْوَنَ مِمَّا ظَنَّ، وأَوْقَعَ ظَنَّه عَلَى الشَّيْءِ ووَقَّعَه، كِلَاهُمَا: قَدَّرَه وأَنْزَلَه. ووَقع بالأَمر: أَحدثه وأَنزله. ووَقَعَ القولُ والحكْمُ إِذا وجَب. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعلم، وإِذا وَجَبَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخرجنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرض، وأَوْقَعَ بِهِ مَا يَسُوءُهُ كَذَلِكَ. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ
، مَعْنَاهُ أَصابَهم ونزَلَ بِهِمْ. ووَقَعَ مِنْهُ الأَمْرُ مَوْقِعاً حسَناً أَو سَيِّئاً: ثَبَتَ لَدَيْهِ، وأَمّا مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
اتَّقُوا النارَ وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَةٍ فإِنها تَقَعُ مِنَ الجائِعِ مَوْقِعَها مِنَ الشبْعانِ
، فإِنه أَراد أَنَّ شِقَّ التمرةِ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ كبيرُ مَوْقِعٍ مِنَ الْجَائِعِ إِذا تناوَلَه كَمَا لَا يَتَبَيَّنُ عَلَى شِبَعِ الشبعانِ إِذا أَكله، فَلَا تعْجِزُوا أَن تَتَصَدَّقُوا بِهِ، وَقِيلَ: لأَنه يسأَل هَذَا شقَّ تَمْرَةٍ وَذَا شِقَّ تَمْرَةٍ وَثَالِثًا وَرَابِعًا فَيَجْتَمِعُ لَهُ مَا يَسُدُّ بِهِ جَوْعَتَه. وأَوْقَعَ بِهِ الدهرُ: سَطا، وَهُوَ منه. والوَقِعةُ: الدّاهِيةُ. والواقِعةُ: النازِلةُ مِنْ صُرُوف الدهرِ، والواقعةُ: اسْمٌ مِنْ أَسماء يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ
، يَعْنِي القيامةَ. قَالَ أَبو إِسحاق: يُقَالُ لِكُلِّ آتٍ يُتَوَقَّعُ قَدْ وقَعَ الأَمْرُ كَقَوْلِكَ قَدْ جَاءَ الأَمرُ، قَالَ: والواقِعةُ هَاهُنَا الساعةُ والقيامةُ. والوَقْعةُ والوَقِيعةُ: الحْربُ والقِتالُ، وَقِيلَ: المَعْرَكةُ، وَالْجَمْعُ الوَقائِعُ. وَقَدْ وقَعَ بِهِمْ وأَوْقَعَ بِهِمْ فِي الْحَرْبِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وإِذا وقَعَ قومٌ بِقَوْمٍ قِيلَ: واقَعُوهم وأَوْقَعُوا بِهِمْ إِيقاعاً. والوَقْعةُ والواقِعةُ: صَدْمةُ الْحَرْبِ، وواقَعُوهم فِي القتالِ مُواقَعةً وَوِقاعاً. وَقَالَ اللَّيْثُ: الوقْعَةُ فِي الْحَرْبِ صَدْمةٌ بَعْدَ صَدْمةٍ. ووَقائِعُ الْعَرَبِ: أَيّامُ حُرُوبِهم. والوِقاعُ: المُواقَعةُ فِي الحَرْبِ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
ومَنْ شَهِدَ المَلاحِمَ والوِقاعا
والوَقْعةُ: النَّوْمة فِي آخِرِ اللَّيْلِ. والوَقْعةُ: أَن يَقْضِيَ فِي كُلِّ يومٍ حَاجَةً إِلى مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الغَدِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وتَبَرَّزَ الوَقْعةَ أَي الغائِطَ مَرَّةً فِي الْيَوْمِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَيَعْقُوبُ: سُئِلَ رَجُلٌ عَنْ سَيْرِه كَيْفَ كَانَ سَيْرُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ آكُل الوجْبةَ، وأَنْجو الوَقْعةَ، وأُعَرِّسُ إِذا أَفْجَرْتُ، وأَرْتَحِلُ إِذَا أَسْفَرْتُ، وأَسِيرُ المَلْعَ والخَبَبَ والوَضْعَ، فأَتَيْتُكم لِمُسْيِ سَبْع؛ الوَجْبةُ: أَكْلة فِي الْيَوْمِ إِلى مِثْلِهَا مِنَ الغَدِ، ابْنُ الأَثير: تَفْسِيرُهُ الوَقْعةُ المرّةُ مِنَ الوُقُوعِ السُّقُوطِ، وأَنْجُو(8/403)
مِنَ النَّجْو الحَدَثِ أَي آكُلُ مرَّةً وَاحِدَةً وأُحْدِثُ مَرَّةً فِي كُلِّ يومٍ، والمَلْعُ فوقَ المَشْيِ ودُونَ الخَبَبِ، والوَضْعُ فَوْقَ الْخَبَبِ؛ وَقَوْلُهُ لِمُسْي سَبْعٍ أَي لِمَساء سَبْعٍ. الأَصمعي: التوْقِيعُ فِي السَّيْرِ شَبِيهٌ بِالتَّلْقِيفِ وَهُوَ رَفْعُهُ يدَه إِلى فَوْقَ. ووَقَّعَ القومُ تَوْقِيعاً إِذا عَرَّسوا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا وقَّعُوا وهْناً أَناخُوا مَطِيَّهُمْ
وطائِرٌ واقِعٌ إِذا كَانَ عَلَى شَجَرٍ أَو مُوكِناً؛ قَالَ الأَخطل:
كأَنّما كانُوا غُراباً واقِعا، ... فطارَ لَمّا أَبْصَرَ الصَّواعِقا «2»
ووَقَعَ الطائِرُ يَقَعُ وُقُوعاً، وَالِاسْمُ الوَقْعةُ: نزلَ عَنْ طَيَرانِه، فَهُوَ واقِعٌ. وإِنه لَحَسَنُ الوِقْعةِ، بِالْكَسْرِ. وَطَيْرٌ وُقَّعٌ ووُقُوعٌ: واقِعةٌ؛ وَقَوْلُهُ:
فإِنَّك والتَّأْبِينَ عُرْوةَ بَعْدَ ما ... دَعاكَ، وأَيْدِينا إِليه شَوارِعُ،
لَكَالرَّجُلِ الحادِي، وَقَدْ تَلَعَ الضُّحَى، ... وطَيْرُ المَنايا فوْقَهُنَّ أَواقِعُ
إِنما أَراد وواقِعٌ جَمْعَ واقِعةٍ فَهَمَزَ الْوَاوَ الأُولى. ووَقِيعةُ الطائِر ومَوْقَعَتُه، بِفَتْحِ الْقَافِ: مَوْضِعُ وُقُوعه الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ ويَعْتادُ الطائِرُ إِتْيانَه، وَجَمْعُهَا مَواقِعُ. ومِيقَعةُ البازِي: مَكَانٌ يأْلَفُه فَيَقَعُ عَلَيْهِ؛ وأَنشد:
كأَنَّ مَتْنَيْهِ مِنَ النَّفِيّ ... مَواقِع الطَّيْرِ عَلَى الصُّفِيّ
شَبَّهَ مَا انْتَشَرَ مِنْ مَاءِ الِاسْتِقَاءِ بِالدَّلْوِ عَلَى مَتْنَيْهِ بِمَوَاقِعِ الطَّيْرِ عَلَى الصَّفا إِذا زَرَقَتْ عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المَوْقِعُ مَوْضِعٌ لِكُلِّ واقِعٍ. تَقُولُ: إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَيَقَعُ مِنْ قلبِي مَوْقِعاً، يَكُونُ ذَلِكَ فِي المَسرّةِ والمَساءةِ. والنَّسْرُ الواقِعُ: نَجْمٌ سُمِّيَ بِذَلِكَ كأَنه كاسِرٌ جناحَيْه مِنْ خَلْفِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ واقِعاً لأَنّ بِحِذائِه النَّسْرَ الطَّائِرَ، فالنسرُ الواقِعُ شامِيٌّ، والنَّسْرُ الطائرُ حَدّه مَا بَيْنَ النُّجُومِ الشَّامِيَّةِ وَالْيَمَانِيَةِ، وَهُوَ مُعْتَرِضٌ غَيْرُ مُسْتَطِيلٍ، وَهُوَ نَيِّرٌ وَمَعَهُ كَوْكَبَانِ غامِضان، وَهُوَ بَيْنَهُمَا وَقَّافٌ كأَنهما لَهُ كَالْجَنَاحَيْنِ قَدْ بسَطَهما، وكأَنه يَكَادُ يَطِيرُ وَهُوَ مَعَهُمَا مُعْتَرِضٌ مُصْطَفّ، وَلِذَلِكَ جَعَلُوهُ طَائِرًا، وأَمّا الواقِعُ فَهُوَ ثلاثةُ كواكِبَ كالأَثافي، فَكَوْكَبَانِ مُخْتَلِفَانِ لَيْسَا عَلَى هَيْئَةِ النَّسْرِ الطَّائِرِ، فَهُمَا لَهُ كَالْجَنَاحَيْنِ وَلَكِنَّهُمَا مُنْضَمَّانِ إِليه كأَنه طائِرٌ وقَعَ. وإِنه لواقِعُ الطيْرِ أَي ساكِنٌ لَيِّنٌ. ووَقَعَتِ الدّوابُّ ووَقَّعَتْ: رَبَضَتْ. ووَقَعَتِ الإِبلُ ووَقَّعَتْ: بَرَكَتْ، وَقِيلَ: وَقَّعَتْ، مُشَدَّدَةٌ، اطمأَنت بالأَرض بَعْدَ الرِّيِّ؛ أَنشد ابْنِ الأَعرابي:
حَتَّى إِذَا وَقَّعْنَ بالأَنْباثِ، ... غيرَ خَفِيفاتِ وَلَا غِراثِ
وإِنما قَالَ غَيْرَ خَفِيفَاتٍ وَلَا غِراث لأَنها قَدْ شَبِعَتْ ورَوِيَتْ فَثَقُلَتْ. والوَقِيعةُ فِي النَّاسِ: الغِيبةُ، ووَقَعَ فِيهِمْ وُقُوعاً
__________
(2) . قوله [الصواعقا] كذا بالأصل هنا، وتقدم في صقع: الصواقعا شاهداً على أنها لغة لتميم في الصواعق.(8/404)
ووَقِيعةً: اغْتابهم، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَذْكُرَ فِي الإِنسان مَا لَيْسَ فِيهِ. وَهُوَ رَجُلٌ وَقّاعٌ ووَقّاعةٌ أَي يَغْتابُ الناسَ. وَقَدْ أَظْهَرَ الوقِيعةَ فِي فُلَانٍ إِذا عابَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: فوَقَعَ بِي أَبي
أَي لامَنِي وعَنَّقَنِي. يُقَالُ: وقَعْت بِفُلَانٍ إِذا لُمْتَه ووَقَعْتُ فِيهِ إِذا عِبْتَه وذَمَمْتَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
طارقٍ: ذهَب رَجُلٌ ليَقَعَ فِي خَالِدٍ
أَي يَذُمَّه ويَعِيبَه ويَغْتابَه. ووَقاعِ: دائِرةٌ عَلَى الجاعِرَتَيْن أَو حيثُما كَانَتْ عَنْ كَيٍّ، وَقِيلَ: هِيَ كَيّةٌ تَكُونُ بَيْنَ القَرْنَيْن قَرْنَي الرأْسِ؛ قَالَ عوفُ بْنُ الأَحوص:
وكنتُ، إِذا مُنِيتُ بخَصْمِ سَوْءٍ، ... دَلَفْتُ لَهُ فأَكْوِيهِ وَقاعِ
وَهَذَا الْبَيْتُ نَسَبَهُ الأَزهري لِقَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: كوَيْتُه وقاعِ، قَالَ: وَلَا تَكُونُ إِلا دَارَةً حَيْثُ كَانَتْ يَعْنِي لَيْسَ لَهَا مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ. وَقَالَ شَمِرٌ: كَواهُ وَقاعِ إِذا كَوَى أُمّ رأْسِه. يُقَالُ: وَقَعْتُه أَقَعُه إِذا كَوَيْتَه تِلْكَ الكَيّةَ، ووَقَعَ فِي العَمَلِ وُقُوعاً: أَخذ. وواقَعَ الأُمورَ مُواقَعةً ووِقاعاً: دَانَاهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وأَرى قَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ويُطْرِقُ إِطْراقَ الشُّجاعِ وعِنْدَه، ... إِذا عُدَّتِ الهَيْجا، وِقاعُ مُصادِفِ
إِنما هُوَ مِنْ هَذَا، قَالَ: وأَما ابْنُ الأَعرابي فَلَمْ يُفَسِّرْهُ. والوِقاعُ: مُواقَعةُ الرجلِ امرأَتَه إِذا باضَعَها وخالَطَها. وواقَعَ المرأَة ووَقَعَ عَلَيْهَا. جامَعَها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراهما عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والوَقائِعُ: المنَاقِعُ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
رَشِيفَ الغُرَيْرِيّاتِ ماءَ الوَقائِعِ
والوَقِيعُ: مَنَاقِعُ الْمَاءِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَقِيعُ مِنَ الأَرضِ الغليظُ الَّذِي لَا يُنَشِّفُ الْمَاءَ وَلَا يُنْبِتُ بَيِّنُ الوَقاعةِ، وَالْجَمْعُ وُقُعٌ. والوَقِيعةُ: مَكَانٌ صُلْبٌ يُمْسِكُ الْمَاءَ، وَكَذَلِكَ النُّقْرةُ فِي الْجَبَلِ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ، وَجَمْعُهَا وَقائِعُ؛ قَالَ:
إِذا مَا اسْتَبالُوا الخيلَ كانتْ أَكُفُّهُمْ ... وَقائِعَ للأَبْوالِ، والماءُ أَبْرَدُ
يَقُولُ: كَانُوا فِي فَلاةٍ فاسْتَبالُوا الخيلَ فِي أَكفهم فَشَرِبُوا أَبوالها مِنَ الْعَطَشِ. وَحَكَى ابْنُ شُمَيْلٍ: أَرضٌ وَقِيعةٌ لَا تَكَادُ تُنَشِّفُ الماءَ مِنَ القِيعانِ وَغَيْرِهَا مِنَ القفافِ والجبالِ، قَالَ: وأَمْكِنةٌ وُقُعٌ بَيِّنةُ الوَقاعةِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الأَسدِيّ يَقُولُ: أَوْقَعَتِ الروضةُ إِذا أَمْسَكَتِ الماءَ؛ وأَنشدني فِيهِ:
مُوقِعة جَثْجاثُها قَدْ أَنْوَرا
والوَقِيعةُ: نُقْرةٌ فِي مَتْنِ حَجَرٍ فِي سَهْل أَو جَبَلٍ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ، وَهِيَ تَصْغُرُ وَتَعْظُمُ حَتَّى تُجاوِزَ حَدَّ الوَقِيعةِ فَتَكُونَ وَقِيطاً؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
الزَّاجِرُ العِيسَ فِي الإِمْلِيسِ أَعْيُنُها ... مِثْلُ الوَقائِعِ، فِي أَنْصافِها السَّمَلُ
والوَقْعُ، بِالتَّسْكِينِ: الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الْجَبَلِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الوَقْعُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ وهو دون الجبل. الوَقْعُ الحصَى الصِّغارُ، وَاحِدَتُهَا وَقْعةٌ. والوَقَعُ، بِالتَّحْرِيكِ: الحجارةُ، وَاحِدَتُهَا وَقَعةٌ؛ قَالَ الذُّبْيَانِيُّ:(8/405)
بَرَى وَقَعُ الصَّوانِ حَدَّ نُسُورِها، ... فَهُنَّ لِطافٌ كالصِّعادِ الذَّوائِدِ «1»
والتوْقِيعُ: رَمْيٌ قَرِيبٌ لَا تُباعِدُه كأَنك تُرِيدُ أَن تُوقِعَه عَلَى شَيْءٍ، وَكَذَلِكَ توْقِيعُ الأَرْكانِ. والتوْقِيعُ: الإِصابة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَقَدْ جَعَلَتْ بَوائِقُ مِنْ أُمورٍ ... تُوَقِّعُ دُونَه، وتَكُفُّ دُوني
والتَّوَقُّعُ: تَنَظُّرُ الأَمْرِ، يُقَالُ: تَوَقَّعْتُ مَجِيئَه وتَنَظَّرْتُه. وتَوَقَّعَ الشيءَ واسْتَوْقَعَه: تَنَظَّرَه وتَخَوَّفَه. والتوْقِيعُ: تَظَنِّي الشيءِ وتَوهُّمُه، يُقَالُ: وَقِّعْ أَي أَلْقِ ظَنَّكَ عَلَى شَيْءٍ، والتوْقِيعُ بِالظَّنِّ وَالْكَلَامِ والرَّمْيِ يَعْتَمِدُه ليَقَعَ عَلَيْهِ وَهْمُه. والوَقْعُ والوَقِيعُ: الأَثَرُ الَّذِي يخالفُ اللوْنَ. والتوقيعُ: سَحْجٌ فِي ظَهْرِ الدابةِ، وَقِيلَ: فِي أَطرافِ عظامِ الدّابّةِ مِنَ الرُّكُوبِ، وَرُبَّمَا انْحَصَّ عَنْهُ الشعَرُ ونَبَتَ أَبيضَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والتوْقِيعُ: الدَّبَرُ. وَبَعِيرٌ مُوَقَّعُ الظهرِ: بِهِ آثارُ الدَّبَرِ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا كَانَ بِهِ الدَّبَرُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلْحَكَمِ بْنِ عَبْدَلٍ الأَسدِيّ:
مِثْل الحِمارِ المُوَقَّعِ الظَّهْرِ، لَا ... يُحْسِنُ مَشْياً إِلَّا إِذا ضُرِبا
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَدِمَتْ عَلَيْهِ حليمةُ فشَكَتْ إِليه جَدْبَ البلادِ، فَكَلَّمَ لَهَا خديجةَ فَأَعْطَتْها أَربعين شَاةً وَبَعِيرًا مُوَقَّعاً للظَّعِينةِ
؛ المُوَقَّعُ: الَّذِي بظَهْرِه آثَارُ الدَّبر لِكَثْرَةِ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ ورُكِبَ، فَهُوَ ذَلُولٌ مجرّبٌ، والظَّعِينةُ: الهَوْدَجُ هاهنا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ يَدُلُّني عَلَى نَسِيجِ وحْدِه؟ قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ غيرَكَ، فَقَالَ: مَا هِيَ إِلا إِبلٌ مُوَقَّعٌ ظُهُورُها
أَي أَنا مِثْلُ الإِبلِ المُوَقَّعةِ فِي العيْبِ بدَبَر ظُهُورِهَا؛ وأَنشد الأَزهري:
وَلَمْ يُوَقَّعْ بِرُكُوبٍ حَجَبُهْ
والتوْقِيعُ: إِصابةُ المَطر بعضَ الأَرضِ وإِخطاؤه بَعْضًا، وَقِيلَ: هُوَ إِنباتُ بَعْضِهَا، دُونَ بَعْضٍ؛ قَالَ اللَّيْثُ: إِذا أَصابَ الأَرضَ مَطَرٌ مُتَفَرِّقٌ أَصاب وأَخْطأَ، فَذَلِكَ تَوْقِيعٌ فِي نَبْتِها. والتوْقِيعُ فِي الكتابِ: إِلْحاقُ شَيْءٍ فِيهِ بَعْدَ الفراغِ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ التوْقِيعِ الَّذِي هُوَ مخالفةُ الثَّانِي للأَوّلِ. قَالَ الأَزهري: تَوْقِيعُ الكاتِب فِي الْكِتَابِ المَكْتُوبِ أَن يُجْمِلَ بَيْنَ تَضاعِيفِ سُطُوره مَقاصِدَ الْحَاجَةِ ويَحْذِفَ الفُضُولَ، وَهُوَ مأْخوذ مِنْ تَوْقِيعِ الدَّبَرِ ظهرَ الْبَعِيرِ، فكأَنّ المُوَقِّع فِي الْكِتَابِ يُؤَثِّر فِي الأَمر الَّذِي كُتِبَ الكتابُ فِيهِ مَا يُؤَكِّدُه ويُوجبه. والتوْقِيعُ: مَا يُوَقَّعُ فِي الكتابِ. وَيُقَالُ: السُّرُورُ تَوْقِيع جائزٌ. ووَقَعَ الحدِيدَ والمُدْيةَ والسيفَ والنصلَ يَقَعُها وَقْعاً: أَحَدَّها وضَرَبَها؛ قَالَ الأَصمعي: يقالُ ذَلِكَ إِذا فَعَلْتُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
حَرَّى مُوَقَّعة ماجَ البَنانُ بِهَا ... عَلَى خِضَمٍّ، يُسَقَّى الماءَ، عجَّاجِ
أَراد بالحَرَّى المِرْماةَ العَطْشَى. ونَصْلٌ وقِيعٌ: مُحَدَّدٌ، وَكَذَلِكَ الشَّفْرةُ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
__________
(1) . قوله [الذوائد] بهامش الأَصل صوابه: الذوابل.(8/406)
وآخَرُ مِنْهُمُ أَجْرَرْتُ رُمْحِي، ... وَفِي البَجْلِيّ مِعْبَلةٌ وقِيعُ
هَذَا الْبَيْتُ رَوَاهُ الأَصمعي: وَفِي البَجَلِيّ، فَقَالَ لَهُ أَعرابي كَانَ بالمِرْبَدِ: أَخْطَأْتَ «2» يَا شيخُ مَا الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ عَبْسٍ وبَجِيلةَ؟ والوَقِيعُ مِنَ السُّيُوفِ: مَا شُحِذَ بِالْحَجَرِ. وسكِّينٌ وقِيعٌ أَي حدِيدٌ وُقِعَ بالميقَعةِ، يُقَالُ: قَعْ حَدِيدك؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
يُباكِرْنَ العِضاه بمُقْنَعاتٍ، ... نَواجِذُهُنَّ كالحَدَإِ الوَقِيعِ
ووَقَعْتُ السِّكِّينَ: أَحْدَدْتُها. وَسِكِّينٌ مُوَقَّعٌ أَي مُحَدَّدٌ. واسْتَوْقَعَ السيفُ: احتاجَ إِلى الشَّحْذِ. والمِيقَعةُ: مَا وُقِعَ بِهِ السَّيْفُ، وَقِيلَ: المِيقَعةُ المِسَنُّ الطَّوِيلُ. والتوْقِيعُ: إِقْبالُ الصَّيْقَلِ عَلَى السَّيْفِ بِمِيقَعَتِه يُحَدّده، ومِرْماةٌ مُوَقَّعةٌ. والمِيقَعُ والمِيقَعةُ، كِلَاهُمَا: المِطْرَقةُ. والوَقِيعةُ: كالمِيقَعةِ، شاذٌّ لأَنها آلَةٌ، والآلةُ إِنما تأْتي عَلَى مِفْعل؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
رَأَى شَخْصَ مَسْعُودِ بْنَ سَعْدٍ، بكَفِّه ... حدِيدٌ حدِيثٌ، بالوَقِيعةِ مُعْتَدِي
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
دَلَفْتُ لَهُ بأَبْيَضَ مَشْرَفِيّ، ... كأَنَ، عَلَى مَواقِعِه، غُبارا
يَعْنِي بِهِ مَواقِعَ المِيقَعةِ وَهِيَ المِطْرَقةُ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِابْنَ حِلِّزة:
أَنْمِي إِلى حَرْفٍ مُذَكَّرةٍ، ... تَهِصُ الحَصى بمَواقِعٍ خُنْسِ
وَيُرْوَى: بمنَاسِمٍ مُلْسِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَل مَعَ آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، المِيقَعةُ والسِّنْدانُ والكَلْبتانِ
؛ قَالَ: المِيقَعةُ المِطْرقةُ، وَالْجَمْعُ المَواقِع، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ وَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ قُلِبَتْ لِكَسْرَةِ الْمِيمِ. والمِيقَعةُ: خَشَبَةُ القَصّارِ الَّتِي يَدُقُّ عَلَيْهَا. يُقَالُ: سَيْفٌ وَقِيعٌ وَرُبَّمَا وُقِّعَ بِالْحِجَارَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ابنُ أَخي وَقِعٌ
أَي مريضٌ مُشْتَكٍ، وأَصل الوَقَعِ الحجارةُ المحَددة. والوَقَعُ: الحَفاءُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لا وَقَعٌ في نَعْلِه وَلَا عَسَمْ
والوَقِعُ: الَّذِي يَشْتَكِي رِجْلَهُ مِنَ الْحِجَارَةِ، والحجارةُ الوَقَعُ. ووَقِعَ الرجلُ والفرسُ يَوْقَعُ وقَعاً، فَهُوَ وَقِعٌ: حَفِيَ مِنَ الْحِجَارَةِ أَو الشوْك وَاشْتَكَى لحمَ قَدِّمِيهِ، زَادَ الأَزهري: بَعْدَ غَسْلٍ مِنْ غِلَظِ الأَرض وَالْحِجَارَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أُبَيٍّ: قَالَ لِرَجُلٍ لَوِ اشتريْتَ دَابَّةً تَقِيكَ الوَقَعَ
؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ أَن تُصيب الحجارةُ القَدَمَ فتُوهِنَها. يُقَالُ: وَقِعْتُ أَوْقَعُ وَقَعاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي المِقْدامِ وَاسْمُهُ جَسّاسُ ابن قُطَيْبٍ:
يَا لَيْتَ لِي نَعْلَيْنِ مِنْ جِلْدِ الضَّبُعْ، ... وشُرُكاً مِنَ اسْتِها لَا تَنْقَطِعُ،
كلَّ الحِذاءِ يَحْتَذِي الْحَافِي الوَقِعْ
قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنَّ الحاجةَ تَحْمِلُ صاحبَها عَلَى التَّعَلُّقِ بِكُلِّ شَيْءٍ قَدَرَ عَلَيْهِ، قَالَ: ونحوٌ مِنْهُ قَوْلُهُمُ الغَرِيقُ يتعلقُ بالطُّحْلُبِ. ووقِعَتِ الدابةُ تَوْقَعُ إِذا أَصابها دَاءٌ ووَجَعٌ فِي حَافِرِهَا مِنْ وَطْء على غِلظٍ،
__________
(2) . قوله [أخطأت إلخ] في مادة بجل من الصحاح: وَبَجْلَةُ بَطْنٌ مِنْ سُلَيْمٍ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِمْ بَجْلِيٌّ بِالتَّسْكِينِ، ومنه قول عنترة: وفي البجلي إلخ.(8/407)
والغِلظ هُوَ الَّذِي يَبرِي حَدَّ نُسورِها، وَقَدْ وَقَّعه الحجرُ تَوْقِيعاً كَمَا يُسَنُّ الْحَدِيدُ بِالْحِجَارَةِ. ووَقَّعَتِ الحجارةُ الحافِرَ فَقَطَعَتْ سنابِكَه تَوْقِيعاً، وَحَافِرٌ وَقِيعٌ: وَقَعَتْه الحجارةُ فغَضَّتْ مِنْهُ. وَحَافِرٌ مَوْقوعٌ: مِثْلُ وَقِيعٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رؤْبة:
لأْم يَدُقُّ الحَجَرَ المُدَمْلَقا، ... بكلِّ موْقُوعِ النُّسورِ أَخْلَقا «1»
وَقَدَمٌ موْقوعةٌ: غليظةٌ شَدِيدَةٌ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
يَرْكَبُ قَيْناه وقِيعاً ناعِلا
الوقِيعُ: الحافرُ المحَدَّد كأَنه شُحِذَ بالأَحجار كَمَا يُوقَعُ السيفُ إِذا شُحِذ، وَقِيلَ: الوقِيعُ الحافرُ الصُّلْبُ، والناعِلُ الَّذِي لَا يَحْفى كأَنَّ عَلَيْهِ نعْلًا. وَيُقَالُ: طَرِيقٌ مُوَقَّعٌ مُذَلَّلٌ، وَرَجُلٌ مُوَقَّعٌ مُنَجَّذٌ، وَقِيلَ: قَدْ أَصابته الْبَلَايَا؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَمَا مِنْكُمُ، أَفْناءَ بَكْرِ بنِ وائِلٍ، ... بِغارَتِنا، إِلا ذَلُولٌ مُوَقَّعُ
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لغِلافِ القارورةِ الوَقْعةُ والوِقاعُ، والوِقَعةُ للجميع. والواقِعُ: الذي يَنْفُرُ الرَّحى وَهُمُ الوَقَعةُ. والوَقْعُ: السحابُ الرَّقيق، وأَهل الْكُوفَةِ يُسَمَّوْنَ الفِعْل المتعدِّي واقِعاً. والإِيقاعُ: مِنْ إِيقاعِ اللحْنِ والغِناءِ وَهُوَ أَن يُوقِعَ الأَلحانَ ويبنيها، وَسَمَّى الْخَلِيلُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، كِتَابًا مِنْ كُتُبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى كِتَابُ الإِيقاعِ. والوَقَعةُ: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ الأَزهري: هُمْ حَيٌّ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ؛ وأَنشد الأَصمعي:
مِنْ عامِرٍ وسَلولٍ أَوْ مِنَ الوَقَعهْ
ومَوْقوعٌ: مَوْضِعٌ أَو مَاءٌ. وواقِعٌ: فرسٌ لِرَبِيعَةَ ابنِ جُشَمَ.
وَكَعَ: وكعَتْه العَقْربُ بإِبرَتِها وَكْعاً: ضَرَبَتْهُ ولدَغَتْه وكَوَتْه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْقُطَامِيِّ:
سَرَى فِي جَلِيدِ الليْلِ، حَتَّى كأَنَّما ... تَحَرَّمَ بالأَطْرافِ وكْعَ العَقارِبِ
وَقَدْ يَكُونُ للأَسوَدِ مِنَ الحيّاتِ؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ مُرَّةَ الْهُذَلِيِّ:
ودافَعَ أُخْرى القومِ ضَرْبٌ خَرادِلٌ، ... ورَمْيُ نِبالٍ مِثلُ وَكْعِ الأَساوِدِ «2»
أَورده الْجَوْهَرِيُّ: ورَمْيِ نِبالٍ مثلِ، بِالْخَفْضِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بِالرَّفْعِ. ووَكَعَ البعيرُ: سَقَطَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
خِرْقٌ، إِذا وَكَعَ المَطِيُّ مِنَ الوَجى، ... لَمْ يَطْوِ دُونَ رَفيقِه ذَا المِزْوَدِ
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: رَكَعَ أَي انْكَبَّ وانثَنى، وَذَا المِزْودِ يَعْنِي الطعامَ لأَنه فِي المزود يكون. الوَكَعُ: مَيْل الأَصابع قِبَلَ السبَّابةِ حَتَّى تَصِيرَ كالعُقْفة خِلْقة أَو عَرَضاً، وَقَدْ يَكُونُ فِي إِبهام الرِّجْلِ فيُقْبِلُ الإِبهامُ عَلَى السبَّابة حَتَّى يُرى أَصلُها خَارِجًا كالعُقْدةِ، وَكِعَ وَكَعاً، وَهُوَ أَوْكَعُ، وامرأَة وَكْعاء. وَقَالَ اللَّيْثُ: الوَكَعُ مَيَلانٌ في
__________
(1) . قوله [لأم إلخ] عكس الجوهري البيت في مادة دملق وتبعه المؤلف هناك.
(2) . قوله [ودافع إلخ] في شرح القاموس:
ودافع أخرى القوم ضرباً خرادلًا(8/408)
صَدْر القدَم نَحْوَ الخِنْصِر وَرُبَّمَا كَانَ فِي إِبهام الْيَدِ، وأَكثر مَا يَكُونُ ذَلِكَ للإِماء اللَّوَاتِي يَكْددْنَ فِي العمَل، وَقِيلَ: الوَكَعُ ركوبُ الإِبهامِ عَلَى السَّبَّابَةِ مِنَ الرِّجْل؛ يُقَالُ: يَا ابْنَ الوَكْعاء. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ جَمَعُوهُ فِي الشِّعْرِ عَلَى وكَعَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَحْصَنُوا أُمَّهُمُ مِنْ عَبْدِهِمْ، ... تِلْكَ أَفْعالُ القِزامِ الوَكَعهْ
مَعْنَى أَحْصَنوا زَوَّجوا. والأَوكَعُ: الأَحْمَقُ الطويلُ. وَرَجُلٌ أَوكَعُ: يَقُولُ لَا إِذا سُئِلَ؛ عَنْ أَبي العَمَيْثل الأَعرابي. وَرُبَّمَا قَالُوا عبدٌ أَوْكَعُ، يُرِيدُونَ اللَّئِيمَ. وأمةٌ وكْعاء أَي حَمْقاءُ. ابْنُ الأَعرابي: فِي رُسْغِه وكَعٌ وكَوَع إِذا الْتَوَى كوعُه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الوَكَعُ فِي الرَّجُلِ انقِلابُها إِلى وَحْشِيِّها، واللَّكاعةُ اللؤمُ، والوَكاعةُ الشدَّةُ. وفرسٌ وكِيعٌ: صُلبٌ غلِيظ شديدٌ، ودابّةٌ وكِيعٌ. ووَكُعَ الفرسُ وَكاعةً، فَهُوَ وكِيعٌ: صَلُبَ إِهابُه واشتَدّ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ وإِياها عَنَى الْفَرَزْدَقُ بِقَوْلِهِ:
ووَفْراءَ لَمْ تُحْرَزْ بسَيْرٍ، وكِيعةٍ، ... غَدوْتُ بِهَا طَبّاً يَدِي بِرِشائِها
ذَعَرْتُ بِهَا سِرْباً نَقِيّاً جُلُودُه، ... كَنَجْمِ الثُّرَيّا أَسْفَرَتْ مِنْ عَمائِها
وفْراء أَي وَافِرَةٌ يَعْنِي فَرَسًا أُنثى، وكِيعة: وَثِيقَةُ الخَلْقِ شَدِيدَةٌ. وَيُقَالُ: قَدْ أَسْمَنَ القومُ وأَوْكَعُوا إِذا سَمِنَتْ إِبلهم وغَلُظَتْ مِنَ الشَّحْمِ وَاشْتَدَّتْ. وكلُّ وَثِيقٍ شَدِيدٌ، فَهُوَ وَكِيعٌ. والوَكِيعةُ مِنَ الإِبلِ: الشديدةُ المَتِينةُ. وسِقاءٌ وَكِيعٌ: مَتِينٌ مُحكَمُ الجِلْدِ والخَرْز شديدُ المَخارِزِ لَا يَنْضَحُ. واسْتوْكَعَ السقاءُ إِذا مَتُنَ واشتدَّت مَخارِزُه «1» بعد ما شُرِّبَ. ومَزادةٌ وَكِيعةٌ: قُوِّرَ مَا ضَعُفَ مِنْ أَديمها وأُلقي وخُرِزَ مَا صَلُب مِنْهُ وَبَقِيَ. وفَرْوٌ وكِيعٌ: مَتِينٌ، وَقِيلَ: كُلُّ صُلْبٍ وَكِيعٌ، وَقِيلَ: الوَكِيعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْغَلِيظُ الْمَتِينُ، وَقَدْ وكُعَ وكاعةَ وأَوْكَعَه غَيْرُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَلَى أَنَّ مَكْتُوبَ العِجالِ وكِيعُ
يَعْنِي سِقَاءَ اللَّبَنِ؛ هَذَا قَوْلُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ للطرمَّاح وَصَوَابُهُ بِكَمَالِهِ:
تُنَشِّفُ أَوْشالَ النِّطافِ، ودُونَها ... كُلَى عِجَلٍ، مَكْتُوبُهُنَّ وكِيعُ
قَالَ: والعِجَلُ جَمْعُ عِجْلةٍ وَهُوَ السِّقاءُ، ومَكْتُوبها مَخْرُوزُها. وَفِي حَدِيثِ المَبْعَث:
قَلْبٌ وكِيعٌ واعٍ
أَي مَتِينٌ مُحْكَم مِنْ قَوْلِهِمْ سِقاءٌ وَكِيعٌ إِذا كَانَ مُحْكَمَ الخرْز. واسْتَوْكَعَ واسْتَوْكَعَتْ مَعِدتُه: اشْتَدَّتْ وقَوِيَتْ، وَقِيلَ: اسْتَوْكَعَتْ معدتُه أَي اشتدَّت طَبِيعَتُهُ. واسْتَوْكَعَتِ الفِراخُ: غَلُظَتْ وسَمِنَتْ كاسْتَوْكَحَتْ. ووَكُعَ الرجلُ وَكاعةً، فَهُوَ وَكِيعٌ: غَلُظَ. وأَمْرٌ وكِيعٌ: مُسْتَحْكِمٌ. والمِيكَعُ: الجُوالِقُ لأَنه يُحْكَمُ ويُشَدُّ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
جُرَّتْ فَتاةُ مُجاشِعٍ فِي مِنْقَرٍ، ... غيرَ المِراء، كَمَا يُجَرُّ المِيكَعُ
__________
(1) . قوله [واشتدت مخارزه] كذا في الأَصل بشين معجمة، وفي القاموس: واستدت، قال شارحه بالسين المهملة على الصواب، وفي بعض النسخ بالمعجمة وهو خطأ.(8/409)
وَقِيلَ: المِيكَعُ المالَقةُ الَّتِي تُسَوَّى بِهَا خُدَدُ الأَرض المَكْرُوبةِ. والمِيكعةُ: سِكَّةُ الحِراثةِ، وَالْجَمْعُ مِيكَعٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بَزَنْ. والوَكْعُ: الحَلْبُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
لأَنْتُمْ بوَكْعِ الظأْنِ أَعْلَمُ مِنْكُمُ ... بقَرْعِ الكُماةِ، حيثُ تُبْغَى الجَرائِمُ
ووَكَعْتُ الشاةَ إِذا نَهَزْتَ ضَرْعَها عِنْدَ الحلْب، وباتَ الفَصِيلُ يَكَعُ أُمَّه الليلةَ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: قَالَتِ العَنْزُ احْلُبْ ودَعْ فإِنَّ لَكَ مَا تَدَعُ، وَقَالَتِ النَّعْجَةَ احْلُبْ وكَعْ فليسَ لَكَ مَا تَدَعُ أَي انْهزِ الضرْعَ واحْلُبْ كلَّ مَا فِيهِ. ووَكَعَتِ الدَّجاجةُ إِذا خَضَعَتْ عِنْدَ سِفادِ الدِّيكِ. وأَوْكَعَ القومُ: قلَّ خيرُهم. ووَكِيعٌ: اسم رجل.
وَلَعَ: الوَلُوعُ: العَلاقةُ مَنْ أُولِعْتُ، وَكَذَلِكَ الوَزُوعُ مِنْ أُوزِعْتُ، وَهُمَا اسْمَانِ أُقيما مُقامَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ، وَلِعَ بِهِ وَلَعاً، ووَلُوعاً الِاسْمُ وَالْمَصْدَرُ جَمِيعًا بِالْفَتْحِ، فَهُوَ وَلِعٌ ووَلُوعٌ ولاعةٌ. وأُولِعَ بِهِ وَلُوعاً وإِيلاعاً إِذا لَجَّ. وأَوْلَعَه بِهِ: أَغْراه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَوْلَعْتَ قُريشاً بعَمَّارٍ
أَي صَيَّرْتَهم يُولَعون بِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فأَوْلِعْ بالعِفاسِ بَنِي نُمَيْرٍ، ... كَمَا أَوْلَعْتَ بالدَّبَرِ الغُرابا
وَهُوَ مُولَعٌ بِهِ، بِفَتْحِ اللَّامِ، أَي مُغْرًى بِهِ. والوَلَعُ: نَفْسُ الوَلُوعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعوذُ بِكَ مِنَ الشرِّ وَلُوعاً
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه كَانَ مُولَعاً بالسِّواكِ.
وَقَالَ عرَّام: يُقَالُ بِفُلَانٍ مِنْ حُبِّ فُلَانَةٍ الأَوْلَعُ والأَوْلَقُ، وَهُوَ شِبْه الجنونِ. وايْتَلَعَتْ فلانةُ قَلْبِيَ، وفلانٌ مُوتَلَعُ القَلْبِ، ومُوتَلَه الْقَلْبُ، ومُتَّلَه الْقَلْبُ، ومُنْتَزَعُ الْقَلْبِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: وَلِعَ فلانٌ بفلانِ يَوْلَعُ بِهِ إِذا لَجَّ فِي أَمره وحَرَصَ عَلَى إِيذائِه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَلَعَ يَلَعُ أَي اسْتخَفَّ؛ وأَنشد:
فَتراهُنَّ عَلَى مُهْلَتِه ... يَخْتَلِينَ الأَرضَ، والشاةُ يَلَعْ
أَي يستخِفُّ عَدْواً، وذَكَّر الشاةَ؛ وَقَالَ الْمَازِنِيُّ فِي قَوْلِهِ والشاةُ يَلَعُ أَيْ لَا يُجِدُّ فِي العَدْوِ فكأَنه يَلْعَبُ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَعَ يَلَعُ إِذا كَذَبَ فِي عَدْوِه ولم يُجِدّ. رجل وُلَعةٌ: يُولَعُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ، وهُلَعةٌ: يَجْزَعُ سَرِيعاً. ووَلَعَ يَلَعُ وَلْعاً وَوَلَعاناً إِذا كَذَبَ. الْفَرَّاءُ: ولَعْتَ بِالْكَذِبِ تَلَعُ وَلْعاً. والوَلْعُ، بِالتَّسْكِينِ: الكَذِبُ؛ قَالَ كعبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
لكِنَّها خُلَّةٌ، قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِها ... فَجْعٌ ووَلْعٌ، وإِخْلافُ وتَبْدِيلُ
وقال ذُو الإِصْبَع العَدْوانيّ:
إِلَّا بأَنْ تَكْذِبا عليَّ، وَلَا ... أَمْلِكُ أَن تَكْذِبا، وأَن تَلَعا
وَقَالَ آخَرُ:
لِخَلَّابةِ العَيْنيْنِ كَذَّابةِ المُنى، ... وهُنَّ مِنَ الإِخْلافِ والوَلَعانِ
أَي مِنْ أَهل الخُلْفِ والكَذِبِ، وجَعَلَهُنَّ مِنَ الإِخْلاف لمُلازمتهن لَهُ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ للبَعِيثِ:
وهُنَّ مَنَّ الإِخْلافِ قَبْلَك والمَطْل(8/410)
قَالَ: وَمِثْلُهُ لِعُتْبَةَ بْنِ الوغْل التَّغْلَبيّ:
أَلا فِي سَبِيلِ اللهِ تَغْيِيرُ لِمَّتي ... ووَجْهِك مِمَّا فِي القَوارِيرِ أَصْفَرا
وَيُقَالُ: وَلْعٌ والِعٌ كَمَا يُقَالُ عَجَبٌ عاجِبٌ. والوالِعُ: الكَذَّابُ، وَالْجَمْعُ وَلَعةٌ مِثْلَ فاسِقٍ وفَسَقة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي دُوادٍ الرُّؤاسيّ:
مَتى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقْوامَ قَولَتُه، ... إِذا اضْمَحَلَّ حدِيثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ
وَيُقَالُ: قَدْ وَلَعَ فُلَانٌ بحَقِّي وَلْعاً أَي ذهَب بِهِ. والتوْلِيعُ: التلْمِيعُ مِنَ البرَصِ وَغَيْرِهِ. وفرسٌ مُوَلَّعٌ: تَلْمِيعُه مُستطيل وَهُوَ الَّذِي فِي بَياضِ بَلَقِه استِطالة وتَفَرُّقٌ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ الرِّقاعِ يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ:
مُوَلَّعٌ بسوادٍ فِي أَسافِلِه، ... مِنْهُ اكْتَسى، وبلَونٍ مِثْلِه اكْتحَلا
والمُوَلَّع: كالمُلَمَّعِ إِلَّا أَنَّ التَّوْلِيعَ اسْتِطَالَةُ البلَق؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوادٍ وبَلَقْ، ... كأَنه في الجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: قُلْتُ لِرُؤْبَةَ إِن كَانَتِ الْخُطُوطُ فَقُلْ كأَنها، وإِن كَانَ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ فَقُلْ كأَنهما، فَقَالَ:
كأَنَّ ذَا، وَيْلَكَ، تَوْلِيعُ الْبَهَقْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرِوَايَةُ الأَصمعي كأَنها أَيْ كأَنَّ الْخُطُوطَ، وَقَالَ الأَصمعي: فإِذا كَانَ فِي الدَّابَّةِ ضُرُوبٌ مِنَ الأَلوان مِنْ غَيْرِ بلَق، فَذَلِكَ التوْلِيعُ. يُقَالُ: بِرْذَوْن مُوَلَّعٌ، وَكَذَلِكَ الشاةُ والبقرةُ الوَحْشِيّةُ والظَّبْيةُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
مُوَلَّعة بالطُّرّتَيْنِ دَنا لَهَا ... جَنى أَيْكةٍ، تَضْفُو عَلَيْهَا قِصارُها
وَقَالَ أَيضاً:
يَنْهَسْنَه ويَذُودُهُنَّ ويَحْتَمِي ... عَبْلُ الشَّوى، بالطُّرَّتَيْنِ مُولَّعُ
أَي مولَّع فِي طُرَّتَيْهِ. وَرَجُلٌ مولَّع: أَبْرَصُ؛ وأَنشد أَيضاً:
كأَنها في الجلد توليع البهق
وَيُقَالُ: ولَّعَ اللهُ جسَدَه أَي بَرَّصَه. والوَلِيعُ: الطَّلْعُ، وَقِيلَ: الطلْعُ مَا دَامَ فِي قِيقائِه كأَنه نَظْمُ اللُّؤْلُؤِ فِي شِدَّةِ بَيَاضِهِ، وَقِيلَ: طَلْعُ الفُحّالِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّلْعُ قَبْلَ أَن يَتَفَتَّح؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ ثَغْر امرأَة:
وتَبْسِمُ عَنْ نَيِّرٍ كالوَلِيعِ، ... تُشَقِّقُ عَنْهُ الرُّقاةُ الجُفُوفا
قَالَ: الرّقاةُ جَمْعُ راقٍ وَهُمُ الَّذِينَ يَرْقَون إِلَى النَّخْلِ، والجُفُوفُ جَمْعُ جُفّ وَهُوَ وعاءُ الطَّلْعِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَلِيعُ مَا دامَ فِي الطَّلْعةِ أَبيضَ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الوَلِيعُ مَا فِي جوْفِ الطَّلْعةِ، وَاحِدَتُهُ وَلِيعةٌ. ووَلِيعةٌ: اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَبَنُو وَلِيعةَ: حَيٌّ مِنْ كِنْدةَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَلِيٍّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
أَبي العَبّاسُ، قَرْمُ بَني قُصَيٍّ، ... وأَخْوالي المُلُوكُ، بَنُو وَلِيعهْ
هُمُ مَنَعُوا ذِماري، يَوْمَ جاءتْ ... كَتائِبُ مُسْرِفٍ، وبَنو اللَّكِيعهْ(8/411)
وكِنْدةُ مَعْدِنٌ للمُلْكِ قِدْماً، ... يَزِينُ فِعالَهم عِظَمُ الدَّسِيعهْ
وأُخِذَ ثوْبي وَمَا أَدْري مَا والِعَتُه وَمَا وَلَع بِهِ أَي ذهَب بِهِ. وفقدْنا غُلَامًا لَنَا مَا أَدري مَا وَلَعَه أَي مَا حَبَسَه، وَمَا أَدري مَا والِعَتُه بِمَعْنَاهُ أَيضاً. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ وَلَعَ فُلَانًا والِعٌ، ووَلَعَتْه والِعةٌ، واتَّلَعَتْه والِعةٌ أَي خَفِيَ عَلَيَّ أَمرُه فَلَا أَدرِي أَحَيٌّ أَم مَيّت، وإِن لَا تَدْرِي بِمَنْ يُولِعُ هَرِمُك؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. ووَلِيعةُ: قَبِيلَةٌ؛ وَقَوْلُ الجَمُوحِ الْهُذَلِيِّ:
تمَنَّى، وَلَمْ أَقْذِفْ لَدَيْه مُجَرَّباً ... لِقائِل سَوْءٍ يَسْتَجِيرُ الوَلائِعا
إِنما أَراد الوَلِيعتين فَجَمَعَهُ عَلَى حَدّ المَهالِبِ والمَناذر.
وَمَعَ: الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الوَعْمة ظَبْيةُ الجبَلِ، والوَمْعةُ: الدُّفْعةُ من المعاء «2»
وَنَعَ: الوَنَعُ: كَلِمَةٌ يُشارُ بِهَا إِلى الشيءِ الحَقِيرِ، يَمَانِيَةٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بثبت.
فصل الياء
يَدَعَ: الأَيدع: صِبْغٌ أَحمر، وَقِيلَ: هُوَ خَشَبُ البَقَّمِ، وَقِيلَ: هُوَ دَمُ الأَخَوَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّعْفَرَانُ، وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ أَفْعَلَ. وَقَالَ الأَصمعي: العَنْدَمُ دَمُ الأَخوين، وَيُقَالُ: هُوَ الأَيدع أَيضاً؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
فَنَحا لَها بمُذَلَّقَيْنِ كأَنَّما ... بِهِما، مِنَ النَّضْح المُجَدَّحِ، أَيْدَعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وشجرَتُه يُقَالُ لَهَا الحُرَيْفةُ، وَعُودُهَا الجَنْجَنةُ وغُصْنها الأَكْرُوعُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَيْدَعُ نَبَاتٌ؛ وأَنشد:
إِذا رُحْنَ يَهْزُزْنَ الذُّيُولَ عَشِيّةً، ... كهَزِّ الجَنُوبِ الهَيْفِ دَوْماً وأَيدَعا
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ صَمْغٌ أَحمر يُؤتى بِهِ مِنْ سُقُطْرى جَزِيرةِ الصَّبِرِ السُّقُطْرِيّ، وَقَدْ يَدَّعْتُه. وأَيْدَعَ الحجَّ عَلَى نَفْسِهِ: أَوْجَبَه، وَذَلِكَ إِذا تَطيَّبَ لإِحْرامِه؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وربِّ الرّاقِصاتِ إِلى الثَّنايا ... بشُعْثٍ أَيْدَعُوا حَجّاً تَمَامَا
وأَيْدَعَ الرجلُ إِذا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ حَجًّا. وَقَوْلُ جَرِيرٍ أَيْدَعُوا أَي أَوْجَبُوا عَلَى أَنفسهم؛ وأَنشد لكثيِّر:
كأَنَّ حُمُولَ القوْمِ، حِينَ تَحَمَّلُوا، ... صَرِيمةُ نَخْلٍ أَوْ صَرِيمةُ أَيْدَعِ
قَالَ الأَزهري: هَذَا الْبَيْتُ يَدُلُّ عَلَى أَنّ الأَيدَعَ هُوَ البَقَّمُ لأَنه يُحْمل فِي السفُن مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ؛ وأَما قَوْلُ رُؤْبَةَ:
أَبَيْتُ مِنْ ذاكَ العَفافِ الأَوْدَعا، ... كَمَا اتَّقى مُحْرِمُ حَجٍّ أَيْدَعا،
أَيْنَ امْرُؤٌ ذُو مَرْأَة تَمَقَّعا
أَي تَسَفَّه وَجَاءَ بِمَا يُسْتَحْيا مِنْهُ، وَقِيلَ: عَنَى بالأَيْدع الزعفرانَ لأَنَّ الْمُحْرِمَ يَتَّقي الطِّيبَ، وَقِيلَ: أَراد أَوجب حَجًّا عَلَى نَفْسِهِ، وَهَذَا ينصرف، فإِن سميت
__________
(2) . قوله [الدفعة من المعاء] كذا بالأَصل، وعبارة القاموس مع شرحه: الدفعة من الماء، والوعمة ظبية الجبل، هكذا في العباب، وفي التكملة: من الماء، والذي في التهذيب: من المعاء، وهكذا نقله صاحب اللسان.(8/412)
بِهِ رَجُلًا لَمْ تَصْرِفْهُ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلتَّعْرِيفِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ، وَصَرَفْتَهُ فِي النَّكِرَةِ مثلَ أَفْكَل. ابْنُ الأَعرابي: أَوْذَمْتُ يَميناً وأَيْدَعْتها أَي أَوْجَبتُها. ويَدَّعْتُ الشيءَ أُيَدِّعُه تَيْدِيعاً: صَبغْتُه بالزعفرانِ. ومَيْدُوعٌ: اسْمُ فرَسِ عبدِ الحرِثِ بْنِ ضِرارِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ الضَّبّيِّ؛ وَقَالَ:
تَشَكَّى الغَزْوَ مَيْدُوعٌ، وأَضْحَى ... كأَشْلاءِ اللِّحامِ، بِهِ فُدُوحُ
فَلَا تَجْزَعُ مِنَ الحِدْثانِ، إِني ... أكُرُّ الغَزْوَ، إِذْ جَلَبَ القُرُوحُ
وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ يَدِيع، بِفَتْحِ الْيَاءِ الأُولى وَكَسْرِ الدَّالِ، نَاحِيَةٌ مِنْ فَدَك وخَيْبَر بِهَا مياهٌ وَعُيُونٌ لِبَنِي فَزارةَ وغيرهم.
يَرَعَ: اليَرَعُ: أَوْلادُ بَقَرِ الْوَحْشِ. واليَراعُ: القَصَبُ، وَاحِدَتُهُ يَراعةٌ. واليَراعةُ: مِزْمارُ الرَّاعِي. واليَراعةُ: الأَجَمةُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ مِزْمَارًا شبَّه حَنِينَه بِصَوْتِهِ:
سَبيٌّ مِنْ يَراعَتِه نَفاهُ ... أَتيٌّ، مَدّه صُحَرٌ ولُوبُ
سَبيٌّ: مَسْبيٌّ يَعْنِي مِزْمَارًا قَصَبَتُه مِنْ أَرض غريبةٍ اقْتَلَعَتْهَا السُّيُولُ فأَتت بِهَا مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ فكأَنه لِذَلِكَ سَبِيٌّ، وصُحَرٌ: جَمْعُ صُحْرة وَهِيَ جَوْبةٌ تَنْجابُ وسْطَ الْحَرَّةِ، وَيُقَالُ: إِنه أَراد باليَراعةِ الأَجَمَةَ، قَالَ الأَزهريّ: القَصبة الَّتِي يَنْفُخ فِيهَا الرَّاعِي تُسَمَّى اليَراعةَ؛ وأَنشد:
أَحِنُّ إِلى لَيْلى، وإِن شَطَّتِ النَّوى ... بِلَيْلى، كَمَا حَنَّ اليَراعُ المُثَقَّبُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: كنتُ مَعَ رسولِ لله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَ صوتَ يَراعٍ
أَي قَصَبَةٍ كَانَ يُزْمَرُ بِهَا. واليَراعةُ واليَراعُ: الجبانُ الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا رَأْيَ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَصَبِ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِكَعْبِ الأَمثال:
وَلَا تَكُ مِنْ أَخْدانِ كُلِّ يَراعةٍ ... هَواءً كَسَقْبِ البانِ، جُوفٌ مَكاسِرُهْ
وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمةَ: وعادَ لَها اليَراعُ مُجْرَنْثِماً
؛ الْيَرَاعُ: الضِّعافُ مِنَ الغَنَمِ وَغَيْرُهَا، والأَصل فِي اليراعِ القَصَبُ ثم سمي به لجبانُ الضعِيفُ. واليَراعُ كالبَعُوضِ يَغْشَى الْوَجْهَ، وَاحِدَتُهُ يَراعةٌ. واليَراعُ: جَمْعُ يَراعةٍ، وَهِيَ ذُبَابٌ يَطِيرُ بِاللَّيْلِ كأَنه نارٌ. واليَراعُ: فَراشةٌ إِذا طَارَتْ فِي اللَّيْلِ لَمْ يَشُكَّ مَن يَعْرِفُهَا أَنها شَرارةٌ طارَتْ عَنْ نَارٍ، قَالَ عَمْرُو بْنُ بَحْر: نارُ اليَراعةِ قِيلَ هِيَ نارُ حُباحِب، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِنَارِ الْبَرْقِ، قَالَ: واليَراعةُ طَائِرٌ صَغِيرٌ، إِن طَارَ بِالنَّهَارِ كَانَ كَبَعْضِ الطَّيْرِ، وإِن طَارَ بِاللَّيْلِ كَانَ كأَنه شِهاب قُذِفَ أَو مِصْباح يَطِيرُ؛ وأَنشد:
أَو طائِر يُدْعى اليَراعةَ، إِذْ يُرَى ... فِي حِنْدِسٍ كَضِياءِ نارِ مُنَوِّر
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي عُبَيْدَةَ: اليَراعُ الهَمَجُ بَيْنَ الْبَعُوضِ والذِّبّانِ يَرْكَبُ الْوَجْهَ والرأْس وَلَا يلذَع. واليَراعةُ: موضع بعينه؛ قَالَ الْمُثَقِّبُ:
عَلَى طُرُقٍ عِنْدَ اليَراعةِ تَارَةً، ... تُوازي شَرِيرَ البَحْرِ وهْوَ قَعِيدُها
قَالَ الأَزهري: اليَرُوعُ لُغَةٌ مَرْغُوب عَنْهَا لأَهل الشِّحْرِ كأَن تَفْسِيرَهَا الرُّعْبُ والفَزَعُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: واليَراعةُ النّعامةُ؛ قَالَ الرَّاعِي: يَراعةً إِجْفِيلا.(8/413)
يَسَعَ: حَكَى الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عِيسِ عَنْ شَمِرٍ قَالَ: تُسَمَّى الريحُ الجَنُوبُ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ النُّعامى، وَهِيَ الأَزْيَبُ أَيْضًا، وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهَا مِسْعاً، وَقَالَ بَعْضُ أَهل الْحِجَازِ يُسْعٌ، بِضَمِّ الْيَاءِ، قَالَ: وأَما اسْمَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاليَسَعُ وقرئ اللَّيْسَع.
يعع: قَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ وَعَعَ: وَلَا يَكْسِرُ وَاوُ الوَعْواعِ كَمَا يُكْسَرُ الزاي من الزِّلْزالِ ونحوه كراهية الكسر في الواو، قَالَ: وَكَذَلِكَ حِكَايَةُ اليَعْيَعةِ واليَعْياعِ من فِعالِ الصِّبْيانِ إِذا رَمَى أَحدهم الشَّيْءَ إِلى صَبِيٍّ آخَرَ، لأَن الْيَاءَ خِلْقَتُهَا الْكَسْرُ فَيَسْتَقْبِحُونَ الْوَاوَ بَيْنَ كَسْرَتَيْنِ، وَالْوَاوُ خِلْقَتُهَا الضَّمُّ فَيَسْتَقْبِحُونَ الْتِقَاءَ كَسْرَةٍ وَضَمَّةٍ فَلَا تَجِدُهُمَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي أَصل الْبَنَّاءِ؛ وأَنشد:
أَمْسَتْ كَهامةِ يَعْياعٍ تَداولَها ... أَيْدِي الأَوازِعِ، مَا تُلْقَى وَمَا تُذَرُ
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: اليَعْيَعةُ واليَعْياعُ مِنْ أَفعال الصِّبْيَانِ إِذا رَمَى أَحدهم الشيءَ إِلى الْآخَرِ. وَقَالَ: يَع. وَقِيلَ: اليَعْيَعةُ حِكَايَةُ أَصوات الْقَوْمِ إِذا تَداعَوْا فقالوا: ياع ياعْ.
يَفْع: الْيِفَاعُ: المُشْرِفُ مِنَ الأَرض وَالْجَبَلِ، وَقِيلَ: هُوَ قِطْعَةٌ مِنْهُمَا فِيهَا غِلَظٌ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
وأَصْبَحَ سَيْلُ ذَلِكَ قَدْ تَرَقَّى ... إِلى مَنْ كانَ مَنْزِلُه يَفاعا
وَقِيلَ: هُوَ التَّلُّ الْمُشْرِفُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَجَاءَ فِي جَمْعِهِ يُفُوعٌ؛ قَالَ الْمَرَّارُ:
بنَظْرَةِ أَزْرَقِ العَيْنَيْنِ بازٍ، ... عَلَى عَلْياءَ، يَطَّرِدُ اليُفُوعا
والمَيْفَعُ: المكانُ المُشْرِفُ؛ وَقَوْلُ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ ظَبْيةً:
وَفِي كلِّ نَشْزٍ لَهَا مَيْفَع، ... وَفِي كلِّ وجْهٍ لَهَا مُرْتَعى
وَرَوَاهُ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَهَا مُنْتَصَى، فَسَّرَهُ الْمُفَسِّرُ فَقَالَ: مَيْفَعٌ كيَفاعٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ أَدري كَيْفَ هَذَا لأَنّ الظَّاهِرَ مِنْ مَيْفَع فِي الْبَيْتِ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا، وأَراه تَوَهَّمَ مِنَ اليَفاعِ فِعْلًا فَجَاءَ بِمَصْدَرٍ عَلَيْهِ، وَالتَّفْسِيرُ الأَول خطأٌ؛ وَيُقَوِّي مَا قُلْنَاهُ قَوْلُهُ:
وَفِي كُلِّ وَجْهٍ لَهَا مُرْتَعَى
واليافِعُ: مَا أَشْرَفَ مِنَ الرَّمْل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ خِشْفاً:
تَنْفي الطَّوارِفَ عَنْهُ دِعْصَتا بَقَرٍ، ... ويافِعٌ مِنْ فِرنْدَادَينِ مَلْمُومُ
وجِبالٌ يَفَعاتٌ ويافِعاتٌ: مُشْرِفاتٌ. وَكُلُّ شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ، فَهُوَ يَفاعٌ، وَقِيلَ: كلُّ مرتفِعٍ يافِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِابْنِ الْعَارِمِ الْكِلَابِيِّ:
فأَشْعَرْته تحتَ الظَّلامِ، وبَيْنَنا، ... مِنَ الخَطَرِ المَنْضُودِ فِي العَينِ، يافِعُ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِ عَدِيّ:
مَا رَجائي في اليافِعاتِ ذَواتِ الهَيجِ ... أمْ مَا صَيْري، وكيفَ احْتِيالي؟
قَالَ: اليافعاتُ مِنَ الأَمْرِ مَا عَلا وغلَبَ مِنْهَا. وتَيَفَّعَ الرجلُ: أوْقَدَ نَارَهُ فِي اليَفاعِ أَو اليافِعِ؛ قَالَ رُشَيْدُ بْنُ رُمَيْضٍ الغَنَوِيّ:
إِذا حانَ مِنْهُ مَنْزِلُ القَوْمِ أَوْقَدَتْ ... لأُخْراهُ أولاهُ سَنًى وتَيَفَّعُوا(8/414)
وغلامٌ يافِعٌ ويَفَعةٌ وأَفَعَةٌ ويَفَعٌ: شَابُّ، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَرُبَّمَا كسِّر عَلَى الأَيْفاع فَقِيلَ غِلْمَانٌ أَيْفاعٌ ويَفَعةٌ أَيضاً. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ يَفَعةً ووَفَعةً، بِالْيَاءِ وَالْوَاوِ، وَقَدْ أَيْفَعَ أَي ارْتَفَعَ، وَهُوَ يَافِعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَلَا يُقَالُ مُوفعٌ، وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ؛ قَالَ كُرَاعٍ: وَنَظِيرُهُ أَبْقَلَ الموْضِعُ وَهُوَ بَاقِلٌ كَثُرَ بَقْلُهُ، وأَوْرَقَ النَّبْتُ وَهُوَ وارِقٌ طَلَعَ ورَقُه، وأَورَسَ وَهُوَ وارِسٌ كَذَلِكَ، وأقْرَبَ الرجلُ وَهُوَ قارِبٌ إِذا قَرُبَتْ إِبِلُه مِنَ الْمَاءِ، وَهِيَ ليلةُ القَرَبِ؛ وَنَظِيرُ هَذَا، أَعني مَجيءَ اسْمِ الْفَاعِلِ عَلَى حَذْفِ الزَّوَائِدِ، مَجيءُ اسْمِ الْمَفْعُولِ عَلَى حَذْفِهَا أَيضاً نَحْوَ أَحَبَّه فَهُوَ مَحْبُوبٌ، وأضْأَدَه فهو مَضْؤُودٌ وَنَحْوَهُ. قَالَ الأَزهري: وَالْقِيَاسُ مُوفِعٌ وَجَمْعُهُ أَيْفاعٌ. وتَيَفَّعَ الْغُلَامُ: كأَيْفعَ؛ وجاريةٌ يَفَعةٌ ويافِعة وَقَدْ أَيْفَعَتْ وتَيَفَّعَتْ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ومعَه رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَيْفَعَ أَو كَرَبَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَيْفَعَ الغلامُ فَهُوَ يافِعٌ إِذا شارَفَ الاحْتِلامَ، وَقَالَ: مَنْ قَالَ يافِعٌ ثَنَّى وجَمَعَ، وَمَنْ قَالَ يَفَعة لَمْ يُثَنِّ وَلَمْ يُجْمَعْ. وَفِي حَدِيث
عُمَرَ: قِيلَ له إِنّ هاهنا غُلَامًا يَفَاعاً لَمْ يَحْتَلِمْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ وَيُرِيدُ بِهِ الْيَافِعَ. قَالَ: واليَفاعُ الْمُرْتَفِعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ: وَفِي إِطاق اليَفاعِ عَلَى النَّاسِ غرابةٌ. ويافَعَ فلانٌ أَمةَ فلانٍ مُيافَعةً: فَجَرَ لها وَفِي حَدِيثِ
الصَّادِقِ: لَا يُحِبُّنا أهلَ البَيْتِ «1» ... وَلَا ولَدُ المُيَافَعةِ
أَي وَلدُ الزِّنَا. ويافِعٌ: فَرَسُ والِبةَ بن سِدْرةَ.
يَنْعَ: يَنَعَ الثَّمَرُ يَيْنَعُ ويَيْنِعُ يَنَعاً ويُنْعاً ويُنُوعاً، فَهُوَ يانِعٌ مِنْ ثَمَرٍ يَنْعٍ وأَيْنَعَ يُونِعُ إِيناعاً، كِلَاهُمَا: أَدْرَكَ ونَضِجَ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَمْ تَسْقُطِ الْيَاءُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِتُقَوِّيَهَا بأُختها. وَفِي حَدِيثِ
خَبّابٍ: ومِنّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُها.
أَيْنَعَ يُونِعُ ويَنَعَ يَيْنِعُ: أَدْرَكَ ونَضِجَ، وأَيْنَعَ أَكثر اسْتِعْمَالًا، وَقُرِئَ ويَنْعِه ويُنْعِه ويانِعِه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِي قِبابٍ حَوْلَ دَسْكَرَةٍ، ... حَوْلَها الزَّيْتُونُ قَدْ يَنَعا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ للأَحْوَصِ أَو يزيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ؛ وَقَالَ آخَرُ:
لَقَدْ أَمَرَتْني أُمُّ أَوْفَى سَفاهةً ... لأَهْجُرَ هَجْراً، حِينَ أَرطَبَ يانِعُهْ
أَراد هَجَراً فسَكَّنَ ضَرورةً. واليَنْعُ: النضجُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ
. وثَمَرٌ يَنِيعٌ وأَيْنَعُ ويانِعٌ، واليَنِيعُ واليانِعُ مِثْلُ النَّضِيجِ والناضِجِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:
كأَنَّ عَلَى عَوارِضِهِنَّ رَاحًا، ... يُفَضُّ عَلَيْهِ رُمّانٌ يَنِيعٌ
وَقَالَ أَبو حَيّةَ النُّمَيْري:
لَهُ أَرَجٌ مِنْ طِيبِ مَا يُلْتَقَى بِهِ، ... لأَيْنَعَ يَنْدَى مِن أَراكٍ ومِن سِدْرِ
وَجَمْعُ اليانِعِ يَنْعٌ مِثْلَ صاحِبٍ وصَحْبٍ؛ عَنِ ابْنِ كَيْسَانَ: وَيُقَالُ: أَيْنَعَ الثَّمَرُ، فَهُوَ يانِعٌ ومُونِعٌ كَمَا يُقَالُ أَيْفَعَ الغلامُ فَهُوَ يافِعٌ، وَقَدْ يُكَنَى بالإِيناعِ عَنْ إِدْراكِ المَشْوِيِّ والمَطْبُوخِ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ أَبي سَمّالٍ لِلنَّجَاشِيِّ: هَلْ لكَ في رُؤُوسِ جُذْعانٍ فِي كَرِشٍ مِنْ أَوّلِ الليلِ إِلى آخِرِهِ قد أيْنَعَتْ
__________
(1) . هنا بياض بالأصل، وعبارة النهاية: لَا يُحِبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ كذا وكذا ولا ولد الميافعة.(8/415)
وتَهَرَّأَتْ؟ وَكَانَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، قَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: أَفي رَمَضَانَ؟ قَالَ لَهُ أَبو السَّمَّالِ: مَا شَوّالٌ ورمضانُ إِلا وَاحِدًا، أَو قَالَ نَعَمْ، قَالَ: فَمَا تَسْقيني عَلَيْهَا؟ قَالَ: شَرَابًا كالوَرْس، يُطيِّبُ النفْس، يُكَثِّر الطِّرْق، ويُدِرُّ فِي العِرْق، يَشُدُّ العِظام، ويُسَهِّلُ للفَدْمِ الْكَلَامَ، قَالَ: فَثَنَى رِجْلَهُ فَلَمَّا أَكَلا وشَرِبا أَخذ فِيهِمَا الشَّرَابَ فَارْتَفَعَتْ أَصواتهما فَنَذِرَ بِهِمَا بعضُ الْجِيرَانِ فأَتَى عليَّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي النَّجاشِيِّ وأَبي سَمَّالٍ سَكْرانَيْنِ مِنَ الْخَمْرِ؟ فَبَعَثَ إِليهما عَلِيٌّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فأَما أَبو سَمَّالٍ فسَقط إِلى جِيرانٍ لَهُ، وأَما النجاشيُّ فأُخِذَ فأُتِيَ بِهِ عليُّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَفي رمضانَ وصِبْيانُنا صِيامٌ؟ فأَمر بِهِ فَجُلِدَ ثَمَانِينَ وَزَادَهُ عِشْرِينَ، فَقَالَ: أَبا حَسَنٍ مَا هَذِهِ العِلاوةُ؟ فَقَالَ: لِجُرْأَتِكَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَجَعَلَ أَهل الْكُوفَةِ يَقُولُونَ: ضَرطَ النجاشِيُّ، فَقَالَ: كَلَّا إِنها يَمانِيةٌ ووِكاؤُها شَهْر
؛ كُلُّ ذَلِكَ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. وأَما قَوْلُ الْحَجَّاجِ: إِنِّي لأَرَى رُؤُوساً قَدْ أَيْنَعَتْ وحانَ قِطافُها، فإِنما أَراد: قَدْ قَرُبَ حِمامُها وحانَ انْصِرامُها، شَبَّهَ رؤُوسهم لِاسْتِحْقَاقِهِمُ الْقَتْلَ بِثِمَارٍ قَدْ أَدركت وَحَانَ أَن تُقْطَفَ. واليانِعُ: الأَحمر مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وثَمَرٌ يانِعٌ إِذا لَوَّنَ، وامرأَة يانِعةُ الوَجْنَتَيْنِ؛ وَقَالَ رَكَّاضٌ الدُّبَيْريّ:
ونَحْراً عَلَيْهِ الدُّرُّ تَزْهُو كُرومُه، ... تَرائبَ، لَا شُقْراً ينَعْنَ وَلَا كُهْبا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: واليُنُوعُ الحُمْرةُ مِنَ الدَّمِ؛ قَالَ الْمَرَّارُ:
وإِنْ رَعَفَتْ مَناسِمُها بِنَقْبٍ، ... تَرَكْنَ جَنادِلًا مِنْهُ يُنُوعا
قَالَ ابْنُ الأَثير: ودمٌ يانِعٌ مُحْمارٌّ. واليَنَعةُ: خَرَزَةٌ حَمْراء. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِي ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ: إِنْ جاءتْ بِهِ أُمّه أُحَيْمِرَ مِثْلَ اليَنَعةِ فَهُوَ لأَبيه الَّذِي انْتَفَى مِنْهُ
؛ قِيلَ: اليَنَعةُ خَرَزة حَمْراء، وَجَمْعُهُ يَنَعٌ. واليَنَعةُ أَيضاً: ضَرْبٌ مِنَ العَقِيق مَعْرُوفٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: اليَنَعُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، ضَرْبٌ مِنَ الْعَقِيقِ مَعْرُوفٌ، وَاللَّهُ أَعلم.(8/416)
غ
باب الغين المعجمة
غ: الْغَيْنُ مِنَ الْحُرُوفِ الحَلْقِيّة وَمَخْرَجُهَا مِنَ الْحَلْقِ، وَهِيَ أَيضاً مِنَ الْحُرُوفِ المَجْهُورةِ، والغينُ وَالْخَاءُ فِي حَيِّزٍ واحد.
فصل الألف
أبغ: عَيْنُ أُباغَ، بِالضَّمِّ: مَوْضِعٌ بَيْنَ الْكُوفَةِ والرَّقَّةِ؛ قَالَتِ امرأَة مِنْ بَنِي شَيْبَانَ:
وَقَالُوا: فارِساً مِنْكُمْ قَتَلْنا ... فَقلنا: الرُّمْحُ يَكْلَف بالكَرِيمِ
بِعَيْنِ أُباغَ قاسَمْنا المَنايا، ... فكانَ قَسِيمُها خَيْرَ القَسِيمِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لِابْنَةِ الْمُنْذِرِ تَقُولُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالَّذِي قُتِلَ بأُباغ هُوَ الْمُنْذِرُ «1» بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ نصر اللخميّ، قتله الْحَرْثَ بْنُ أَبي شَمِرٍ الْغَسَّانِيُّ؛ وَمِنْهُ يَوْمُ عَيْنِ أُباغ يومٌ مِنْ أَيام الْعَرَبِ قُتِلَ فِيهِ الْمُنْذِرُ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ.
فصل الباء الموحدة
بدغ: بَدِغَ الرَّجُلُ يَبْدَغُ بَدْغاً وبَدَغاً: تَزَحَّفَ عَلَى الأَرض باسْتِه وتلطَّخ بخُرْئِه. وبَدِغَ بعَذِرتِه: تلَطَّخَ بِهَا، وَكَذَلِكَ إِذا تلطَّخ بالشرِّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
والمِلْغُ يَلْكَى بالكلامِ الأَمْلَغِ، ... لَوْلَا دَبُوقاءُ اسْتِه لَمْ يَبْدَغِ
وَيُرْوَى يَبْطَغِ. وبَدِغَ بَدَغاً: تَلَطَّخ بالشرِّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والبَدِغُ والبِدْغُ البادِنُ السمينُ، والبَدِغُ المَعِيبُ، وَمِنْهُ لُقِّبَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ البَدِغ لأُبْنةٍ كَانَتْ بِهِ، زَعَمُوا؛ وَلِذَلِكَ قَالَ فِيهِ مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ:
تَرَى ابنَ وُهَيْرٍ خَلْفَ قيْسٍ، كأَنه ... حِمارٌ ودَى خَلْفَ اسْتِ آخَرَ قائمِ «2»
__________
(1) . قوله [هو المنذر إلخ] كذا بالأصل، والذي في معجم ياقوت: المنذر بْنِ الْمُنْذِرُ بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ اللخمي، وفي شرح القاموس: المنذر بْنِ الْمُنْذِرُ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ
(2) . قوله [وهير] كذا بالأصل، وفي شرح القاموس: زبير.(8/417)
والأَبْدَغُ «1» قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسَبه مَوْضِعًا. وَزَعَمَ ابْنُ الأَعرابي أَن بَعْضَ الْعَرَبِ عَذَرَ عَذْرة فسُمِيَ البَدِغَ مِثالَ التَّعِبِ، وَاللَّهُ أَعلم.
برغ: البَرْغُ: لُغَةٌ فِي المَرْغِ وَهُوَ اللُّعاب. ابْنُ الأَعرابي: بَرِغَ الرَّجُلُ إِذا تَنَعَّمَ. قَالَ الأَزهري: أَصل بَرِغَ رَبَغَ. وعَيْش رابِغٌ أَي نَاعِمٌ، وَهَذَا مَقْلُوبٌ.
برزغ: شَابٌّ بُرْزُغٌ وبُرْزُوغٌ وبِرْزاغٌ: تارٌّ تامٌّ ممتلئٌ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ جَاهِلِيٍّ:
حَسْبُك بعضُ القَوْلِ لَا تَمَدَّهي، ... غَرَّكِ بِرْزاغُ الشَّبابِ المُزْدَهي
قَوْلُهُ لَا تَمَدَّهي يُرِيدُ لَا تمدَّحي، وشبابٌ بُرْزُغٌ وبُرْزوغٌ وبِرْزاغٌ كَذَلِكَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرُؤْبَةَ:
بَعْدَ أَفانِينِ الشَّبابِ البُرْزُغِ
والبُرْزُغُ: نشاطُ الشَّباب؛ وأَنشد:
هَيْهاتَ مِيعادُ الشَّبابِ البُرْزُغِ
بزغ: بَزَغَتِ الشمسُ تَبْزُغُ بَزْغاً وبُزُوغاً: بَدَا مِنْهَا طُلوعٌ أَو طَلَعَت وشَرَقَتْ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: ابتدأَت فِي الطُّلوع. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً
. وَفِي الْحَدِيثِ:
حِينَ بَزَغَت الشمسُ
أَي طَلَعَتْ، ونجومٌ بَوازِغُ. وبَزَغَ النَّجْمُ والقمَرُ: ابتدَأَ طُلُوعُهما، مأْخوذ مِنَ البَزْغِ، وَهُوَ الشَّقُّ كأَنها تُشَقُّ بنورِه الظُّلْمَةَ شَقًّا، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ: بَزَغَ البَيْطارُ أَشاعِرَ الدَّابَّةِ وَبِضْعِهَا إِذا شَقَّ ذَلِكَ المكانَ مِنْهَا بِمِبْضَعِهِ. وَيُقَالُ للسِّنِّ: بازِغةٌ وبازِمَةٌ. وبَزغَ نابٌ الْبَعِيرِ: طَلَعَ، وَقِيلَ: ابتدأَ فِي الطُّلوع. وابْتَزَغَ الربيعُ أَي جَاءَ أَوَّلُه. والبَزْغُ والتَّبْزِيغُ: التَّشْرِيطُ، وَقَدْ بَزَّغَه، واسمُ الْآلَةِ المِبْزَغُ. وبَزَّغَ الحاجِمُ والبَيْطارُ أَي شَرَّط. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن كَانَ فِي شَيْءٍ شِفاءٌ فَفِي بَزْغَةِ الحَجَّام
؛ البَزْغُ: الشَّرْطُ. وبَزَغَ دَمَهُ أَي أَساله؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ يَصِفُ ثَوْرًا طَعَنَ الكلابَ بِقَرْنيهِ وهُما سِلَاحُهُ:
يَهُزُّ سِلاحاً لَمْ يَرِثْها كَلالةً، ... يَشُكُّ بِهَا مِنْها أُصُولَ المَغابِنِ
يُساقِطُها تَتْرَى بِكُلِّ خَمِيلَةٍ، ... كبَزْغ البِيَطْر الثَّقْفِ رَهصَ الكَوادن
وَهَذَا الْبَيْتُ نَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ للأَعشى وردَّ عَلَيْهِ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَالَ: هُوَ للطِّرمّاحِ. والرَّهْصُ: جُمَعُ رَهْصةٍ وَهِيَ مِثْلُ الوَقْرَة، وَهِيَ أَنْ يَدْوَى حافِرُ الدابةِ مِنْ حَجَرٍ تَطَؤُه، والكَوادِنُ: البَراذِينُ. وَيُقَالُ لِلْحَدِيدَةِ الَّتِي يُشْرَطُ بِهَا: مِبْزَغٌ ومِبْضَعٌ. قَالَ أَبو عَدْنَانَ: الوَخْزُ التَّبْزيغُ، وَالتَّبْزِيغُ والتَّغْزِيبُ وَاحِدٌ، غَزَّبَ وبَزَّغَ. يُقَالُ: بَزَّغَ البَيْطارُ الْحَافِرَ إِذا عَمَدَ إِلى أَشاعِرِهِ بِمبْضع فَوَخَزَه بِهِ وَخْزاً خَفِيًّا لَا يبلُغ العَصَب فَيَكُونُ دَواءً لَهُ، وأَما فَصْد عُرُوقِ الدابّةِ وإِخْراجُ الدمِ مِنْهُ فَيُقَالُ لَهُ التَّوْدِيجُ، يُقَالُ: ودِّجْ فَرَسَكَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ للبَرْكِ مِبْزَغَةٌ ومِيزَغةٌ. وبَزِيغٌ: اسم فرس معروف.
بطغ: بَطِغَ بالعَذِرة يَبْطَغُ بَطَغاً: تَلَطَّخَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَوْلَا دَبوقاءُ اسْتِه لَمْ يبطخِ
__________
(1) . قوله [والأبدغ إلخ] مثله للمجد حيث قال: والأبدغ موضع. وعبارة ياقوت: أبذغ بالفتح ثم السكون وفتح الذال المعجمة وغين معجمة أيضاً: موضع في حسبان أبي بكر بن دريد(8/418)
وَهُوَ لُغَةٌ فِي بَدِغَ، وَيُرْوَى لَمْ يَبْدَغِ أَي لَمْ يَتَلَطَّخْ بِالْعَذِرَةِ. وبَطِغَ بِالشَّيْءِ: تَلَطَّخَ بِهِ. وبَطِغَ بالأَرض أَي تَمَسَّحَ بِهَا وتَزَحَّفَ. ابْنُ الأَعرابي: أَزْقَنَ زيدٌ عُمَرًا إِذا أَعانَه عَلَى حِمْلِه لِيَنْهَضَ بِهِ، وَمِثْلُهُ أَبْطَغَه وأَبْدَغَه وعَدَّلَه ولَوَّنَه وأَسْمَعَه وأَنْآهُ ونَوَّاه وحَوَّلَه: بمعنى أَعانَه.
بغغ: البَغْبَغةُ والبَغْباغُ: حِكَايَةُ بَعْضِ الهَدِير؛ قَالَ:
برَجْسِ بَغْباغِ الهَدِيرِ البَهْبهِ «1»
والبُغَيْبِغُ، عَلَى لَفْظِ التَّصْغِيرِ: التَّيْسُ مِنَ الظِّباء إِذا كَانَ سَمِيناً. وبَغَّ الدمُ إِذا هاجَ. ومَشْرَبٌ بُغَيْبِغٌ: كَثِيرُ الماءِ. وماءٌ بُغَيْبِغٌ: قَرِيبُ الرِّشاءِ. والبُغَيْبِغُ: البِئرُ القَرِيبُ الرّشاءِ. ابْنُ الأَعرابي: بئْرٌ بُغْبُغٌ وبُغَيْبِغٌ قَرِيبُ الرِّشَاءِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا رُبَّ ماءٍ لَك بالأَجْبالِ، ... أَجبالِ سَلْمَى الشُّمَّخِ الطِّوالِ
بُغَيْبِغٍ يُنْزَعُ بالعِقالِ، ... طامٍ عَلَيْهِ ورقُ الهدالِ
لِقُرْبِ رِشائه يَعْنِي أَنه يُنزع بالعِقال لقِصَر الْمَاءِ لأَن الْعِقَالَ قَصِيرٌ؛ وَقَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الحَذْلَمِي:
فَصَيَّحَتْ بُغَيْبِغاً تُعادِيهْ ... ذَا عَرْمَضٍ تَخْضَرُّ كَفُّ عافِيهْ
عافِيه: وارِدُه. والبُغَيْبِغةُ: ضَيْعةٌ بِالْمَدِينَةِ لِآلِ جَعْفَرٍ. التَّهْذِيبُ: وبُغَيْبِغةُ ماءٌ لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ عَيْنٌ كَثِيرَةُ النَّخْلِ غَزِيرَةُ الْمَاءِ. والبَغْبَغةُ: شُرْبُ الْمَاءِ. والمُبَغْبِغُ: السرِيعُ العَجِلُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرُؤْبَةَ:
يَشْتَقُّ بَعْدَ الطَّلَقِ المُبَغْبِغِ.
بلغ: بَلغَ الشيءُ يَبْلُغُ بُلُوغاً وبَلاغاً: وصَلَ وانْتَهَى، وأَبْلَغَه هُوَ إِبْلاغاً وبَلَّغَه تَبْلِيغاً؛ وقولُ أَبي قَيْسِ بنِ الأَسْلَتِ السُّلَمِيِّ:
قالَتْ، ولَمْ تَقْصِدْ لِقِيلِ الخَنى: ... مَهْلًا فَقَدْ أَبْلَغْتَ أَسْماعي
إِنما هُوَ مِنْ ذَلِكَ أَي قَدِ انْتَهَيْتَ فِيهِ وأَنْعَمْتَ. وتَبَلَّغَ بِالشَّيْءِ: وصَلَ إِلى مُرادِه، وبَلَغَ مَبْلَغَ فُلَانٍ ومَبْلَغَتَه. وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسْقاء:
واجْعَلْ مَا أَنزلتَ لَنَا قُوّةً وَبَلَاغًا إِلى حِينٍ
؛ البَلاغُ: مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ ويُتَوَصَّلُ إِلى الشَّيْءِ الْمَطْلُوبِ. والبَلاغُ: مَا بَلَغَكَ. والبَلاغُ: الكِفايةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
تَزَجَّ مِنْ دُنْياكَ بالبَلاغِ، ... وباكِرِ المِعْدةَ بالدِّباغِ
وَتَقُولُ: لَهُ فِي هَذَا بَلاغٌ وبُلْغةٌ وتَبَلُّغٌ أَي كِفايةٌ، وبَلَّغْتُ الرِّسالةَ. والبَلاغُ: الإِبْلاغُ. وفي التنزيل: إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ
، أَي لَا أَجِدُ مَنْجى إِلا أَن أُبَلِّغَ عَنِ اللهِ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ. والإِبلاغُ: الإِيصالُ، وَكَذَلِكَ التبْلِيغُ، وَالِاسْمُ مِنْهُ البَلاغُ، وبَلَّغْتُ الرِّسالةَ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ بَلَّغْتُ القومَ بَلَاغًا اسْمٌ يَقُومُ مَقَامَ التبْلِيغِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ رافِعةٍ رَفَعَتْ عَنّا «2» مِنَ الْبَلَاغِ فَلْيُبَلِّغْ عَنّا
، يُرْوَى بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، وَقِيلَ: أَراد مِنَ المُبَلِّغِين، وأَبْلغْتُه وبَلَّغْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وإِن كانت الرواية
__________
(1) . قوله [برجس] بهامش الأصل في نسخة: بزجر.
(2) . قوله [رفعت عنا] كذا بالأصل، والذي في القاموس: علينا، قال شارحه: وكذا في العباب.(8/419)
مِنَ الْبَلَاغِ بِفَتْحِ الْبَاءِ فَلَهُ وَجْهَانِ: أَحدهما أَن البَلاغَ مَا بَلَغَ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ، والوجهُ الْآخَرُ مِنْ ذَوِي البَلاغِ أَيِ الَّذِينَ بَلَّغُونا يَعْنِي ذَوِي التَّبْلِيغِ، فأَقام الِاسْمَ مَقَامَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ كَمَا تَقُولُ أَعْطَيْتُه عَطاء، وأَما الْكَسْرُ فَقَالَ الْهَرَوِيُّ: أُراه مِنَ المُبالِغين فِي التبْليغ، بالَغَ يُبالِغُ مُبالَغةً وبِلاغاً إِذا اجْتَهد فِي الأَمر، وَالْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ:
كلُّ جماعةٍ أَو نَفْسٍ تُبَلِّغُ عَنَّا وتُذِيعُ ما تقوله فَلْتُبَلِّغْ ولْتَحْكِ.
وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ
، أَي أَنزلناه ليُنْذَر الناسُ بِهِ. وبَلَّغَ الفارِسُ إِذا مَدَّ يدَه بِعِنانِ فَرَسِهِ لِيَزِيدَ فِي جَرْيِه. وبَلَغَ الغُلامُ: احْتَلَمَ كأَنه بَلَغَ وَقْتَ الكتابِ عَلَيْهِ والتكليفِ، وَكَذَلِكَ بَلَغَتِ الجاريةُ. التَّهْذِيبُ: بَلَغَ الصبيُّ وَالْجَارِيَةُ إِذا أَدْركا، وَهُمَا بالِغانِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ: جَارِيَةٌ بالِغٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، هَكَذَا رَوَى الأَزهريّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْهُ، قَالَ الأَزهري: وَالشَّافِعِيُّ فَصِيحٌ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ فُصَحاء الْعَرَبِ يَقُولُونَ جَارِيَةٌ بَالِغٌ، وَهَكَذَا قَوْلُهُمْ امرأَة عاشِقٌ ولِحيةٌ ناصِلٌ، قَالَ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ جَارِيَةٌ بَالِغَةٌ لَمْ يَكُنْ خَطَأً لأَنه الأَصل. وبَلَغْتُ المكانَ بُلُوغاً: وصلْتُ إِليه وَكَذَلِكَ إِذا شارَفْتَ عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ*
، أَي قارَبْنَه. وبَلَغَ النبْتُ: انتهَى. وتَبالَغ الدِّباغُ فِي الْجِلْدِ: انْتَهَى فِيهِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وبَلَغتِ النخلةُ وغيرُها مِنَ الشَّجَرِ: حَانَ إدْراكُ ثَمَرِهَا؛ عَنْهُ أَيضاً. وشيءٌ بَالِغٌ أَي جيِّدٌ، وَقَدْ بلَغَ فِي الجَوْدةِ مَبْلغاً. وَيُقَالُ: أَمْرُ اللهِ بَلْغ، بِالْفَتْحِ، أَي بالِغٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ
. وأَمرٌ بالِغٌ وبَلْغٌ: نافِذٌ يَبْلُغُ أَين أُرِيدَ به؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلِّزةَ:
فهَداهُمْ بالأَسْودَيْنِ وأَمْرُ اللَّهِ ... بَلْغٌ يَشْقَى بِهِ الأَشْقِياءُ
وجَيْشٌ بَلْغٌ كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: اللَّهُمَّ سَمْعٌ لَا بَلْغٌ وسِمْعٌ لَا بِلْغٍ، وَقَدْ يُنْصَبُ كُلُّ ذَلِكَ فَيُقَالُ: سَمعاً لَا بَلْغاً وسِمْعاً لَا بِلْغاً، وَذَلِكَ إِذا سَمِعْتُ أَمراً مُنْكَرًا أَي يُسْمَعُ بِهِ وَلَا يَبْلُغُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْخَبَرِ يَبْلُغُ واحدَهم وَلَا يُحَقِّقُونَهُ: سَمْعٌ لَا بَلْغٌ أَي نَسْمَعُهُ وَلَا يَبْلُغنا. وأَحْمَقُ بَلْغٌ وبِلْغٌ أَي هُوَ مِنْ حَماقَتِه «1» يُبَلِّغُ مَا يُرِيدُهُ، وَقِيلَ: بَالَغَ فِي الحُمْقِ، وأَتْبَعُوا فَقَالُوا: بِلْغٌ مِلْغٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ مُوجَبَةٌ أَبداً قَدْ حَلَفْنَا لَكُمْ أَن نَفِيَ بِهَا، وَقَالَ مُرَّةُ: أَي قَدِ انْتَهَتْ إِلى غَايَتِهَا، وَقِيلَ: يمينٌ بَالِغَةٌ أَي مؤكَّدةٌ. والمُبالَغةُ: أَن تَبْلُغَ فِي الأَمر جُهْدَك. وَيُقَالُ: بُلِغَ فُلَانٌ أَي جُهِدَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّ الضِّبابَ خَضَعَتْ رِقابُها ... للسيفِ، لَمَّا بُلِغَتْ أَحْسابُها
أَي مَجْهودُها «2» وأَحْسابُها شَجاعَتُها وقوّتُها ومَناقِبُها. وأَمرٌ بَالِغٌ: جَيِّدٌ. والبَلاغةُ: الفَصاحةُ. والبَلْغُ والبِلْغُ: البَلِيغُ مِنَ الرِّجَالِ. وَرَجُلٌ بَلِيغٌ وبَلْغٌ وبِلْغٌ: حسَنُ الْكَلَامِ فَصِيحُه يُبَلِّغُ بِعِبَارَةِ لِسَانِهِ كُنْهَ مَا فِي قَلْبِهِ، والجمعُ بُلَغاءُ، وَقَدْ بَلُغَ، بِالضَّمِّ، بَلاغةً أَي صَارَ بَلِيغاً. وقولٌ بَلِيغٌ: بالِغٌ وَقَدْ بَلُغَ. والبَلاغاتُ: كالوِشاياتِ. والبِلَغْنُ: البَلاغةُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ، ومثَّل به سيبويه.
__________
(1) . قوله [من حماقته] عبارة القاموس: مع حماقته.
(2) . قوله [أي مجهودها] كذا بالأَصل، ولعله جهدت ليطابق بلغت،(8/420)
والبِلَغْنُ أَيضاً: النّمَّام؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَالْبَلَغْنُ: الَّذِي يُبَلِّغُ للناسِ بعضِهم حدِيثَ بَعْضٍ. وتَبَلَّغَ بِهِ مرضُه: اشتَّدّ. وبَلَغَ بِهِ البِلَغِينَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، إِذا اسْتَقْصَى فِي شَتْمِه وأَذاهُ. والبُلَغِينُ والبِلَغِينُ. الدّاهيةُ: وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَائِشَةَ قَالَتِ لأَمير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ أُخِذَتْ يومَ الجملِ: قَدْ بَلَغْتَ مِنّا البِلَغِينَ [البُلَغِينَ]
؛ مَعْنَاهُ أَنَّ الحَرْبَ قَدْ جَهَدَتْنا وبَلَغَتْ مِنَّا كُلَّ مَبْلَغٍ، يُرْوَى بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَعَ فَتْحِ اللَّامِ، وَهُوَ مَثَلٌ، مَعْنَاهُ بَلَغْتَ مِنَّا كُلَّ مَبْلَغٍ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهَا قَدْ بَلَغْتَ مِنَّا البِلَغِينَ [البُلَغِينَ] : أَنَّهُ مِثْلَ قَوْلِهِمْ لَقِيتَ مِنَّا البُرَحِينَ والأَقْوَرِينَ، وَكُلُّ هَذَا مِنَ الدَّواهِي، قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَصل فِيهِ كأَنه قِيلَ: خَطْبٌ بُلَغٌ وبِلَغٌ أَي بَلِيغٌ، وأَمْرٌ بُرَحٌ وبِرَحٌ أَي مُبَرِّح، ثُمَّ جُمِعَا عَلَى السَّلَامَةِ إِيذاناً بأَنَّ الْخُطُوبَ فِي شِدَّةِ نِكايَتِها بِمَنْزِلَةِ العُقلاء الَّذِينَ لَهُمْ قَصْد وتعمُّد. وبالَغَ فُلَانٌ فِي أَمْرِي إِذَا لم يُقَصِّر فِيهِ. والبُلْغَةُ: مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ مِنَ الْعَيْشِ، زَادَ الأَزهري: وَلَا فَضْلَ فِيهِ. وتَبَلَّغ بِكَذَا أَي اكتفَى بِهِ. وبَلَّغَ الشيْبُ فِي رأْسه: ظَهَرَ أَوّلَ مَا يَظْهَرُ، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيضاً، قَالَ: وَزَعَمَ الْبَصْرِيُّونَ أَن ابْنَ الأَعرابي صَحَّفَ فِي نوادِرِه فَقَالَ مَكَانَ بَلَّعَ بَلَّغَ الشيبُ، فَلَمَّا قِيلَ لَهُ إِنه تَصْحِيفٌ قَالَ: بَلَّعَ وبَلَّغَ. قَالَ أَبو بَكْرٍ الصُّوليُّ: وَقُرِئَ يَوْمًا عَلَى أَبي الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٍ وأَنا حَاضِرٌ هَذَا، فَقَالَ: الَّذِي أَكتب بَلَّغ، كَذَا قَالَ بِالْغَيْنِ مُعْجَمَةً. والبالِغاءُ: الأَكارِعُ فِي لُغَةِ أَهل الْمَدِينَةِ، وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ بايْها. والتَّبْلِغةُ: سَيْر يُدْرج عَلَى السِّيَة حَيْثُ انْتَهَى طرَفُ الوَتَر ثَلَاثَ مِرارٍ أَو أَربعاً لِكَيْ يَثْبُتَ الْوَتَرُ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ جَعَلَ التَّبْلِغَةَ اسْمًا كالتَّوْدِيةِ والتَّنْهِيةِ ليس بمصدر، فتفهَّمه.
بوغ: البَوْغاءُ: التُّرَابُ عَامَّةً، وَقِيلَ: هِيَ التُّرْبَةُ الرَّخْوَةُ الَّتِي كأَنها ذَرِيرةٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ:
تَشُجُّ بِهَا بَوْغاءَ قُفٍّ، وَتَارَةً ... تَسُنُّ عَلَيْهَا تُرْبَ آمِلةٍ عُفْرِ
يَعْنِي كُثْبانَ رَمْلٍ؛ قَالَ وَقَالَ آخَرُ:
لَعَمْرُكَ، لَوْلَا أَرْبعٌ مَا تَعَفَّرَتْ ... بِبَغدانَ، فِي بَوْغائِها، القَدَمانِ
وَقِيلَ: البَوْغاءُ التُّرابُ الْهَابِي فِي الهَواء، وَقِيلَ: هُوَ التُّرَابُ الَّذِي يَطِيرُ مِنْ دِقَّتِهِ إِذا مُسَّ؛ وَفِي حَدِيثِ
سُطَيْحٍ:
تَلُفُّه فِي الرِّيحِ بَوْغاءُ الدِّمَنْ
البَوْغاءُ: التُّرَابُ الناعِمُ، والدِّمَنُ: منه ما تَدَمَّنَ أَي تَجَمَّعَ وتَلَبَّدَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا اللَّفْظُ كأَنه مِنَ الْمَقْلُوبِ تَلُفُّهُ الرِّيحُ فِي بَوْغَاءِ الدِّمَنِ؛ قَالَ: وَتَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ الأُخرى:
تَلُفُّهُ الرِّيحُ بِبَوْغَاءِ الدِّمَنِ
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي أَرض الْمَدِينَةِ:
إِنما هِيَ سِباخٌ وبَوْغاء.
وبَوْغاءُ الناسِ: سَفِلَتُهم وحَمْقاهُم وطاشَتُهم. والبَوْغُ: الَّذِي يَكُونُ فِي أَجْوافِ الفِقَعةِ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وتَبَوَّغَ بِهِ الدمُ: هاجَ كتَبَيَّغَ، وتَبَوَّغَ الرجلُ بِصَاحِبِهِ فَغَلَبَهُ، وتَبَوَّغَ الدمُ بِصَاحِبِهِ فَقَتَلَهُ. وَحَكَى(8/421)
بَعْضُ الأَعراب: مَنْ هَذَا المُبَوَّغُ عَلَيْهِ ومَن هَذَا المُبَيَّغُ عَلَيْهِ؟ مَعْنَاهُ لَا يُحْسَدُ. وتَبَوَّغَ الشرُّ وتَبَوَّقَ إِذا اتَّسَعَ.
بيغ: تَبَيَّغَ بِهِ الدمُ: هاجَ بِهِ، وَذَلِكَ حِينَ تَظْهَرُ حُمْرَتُه فِي البَدَن، وَهُوَ فِي الشَّفَةِ خَاصَّةً البَيْغُ. أَبو زَيْدٍ: تَبَيَّغَ بِهِ النوْمُ إِذا غَلَبَه، وتبيَّغَ بِهِ الدمُ غَلبه، وتبيَّغَ بِهِ المرضُ غَلَبَهُ. وَقَالَ شَمِرٌ: تبيَّغَ بِهِ الدمُ أَن يَغْلِبَه حَتَّى يَقْهَرَه، وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: تبيَّغ بِهِ الدَّمُ أَي تَرَدَّدَ فِيهِ الدَّمُ. وتبيغَ الماءُ إِذَا تَرَدَّدَ فتَحَيَّرَ فِي مَجْراه مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا، وَكَذَلِكَ تَبَوَّحَ بِهِ الدمُ «1» . والبَيْغُ توَقُّدُ الدَّمِ حَتَّى يظهرَ فِي العُروق. قَالَ شَمِرٌ: أَقْرأَني ابْنُ الأَعرابي لِرُؤْبَةَ:
فاعْلَمْ وَلَيْسَ الرَّأْيُ بالتَّبَيُّغِ
وَفَسَّرَ التبيُّغ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كتَبَيُّغِ الداءِ إِذَا أَخذ فِي جَسَدِهِ كُلِّهِ وَاشْتَدَّ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وتَعْلَمْ نَزِيغاتُ الهَوَى أَنَّ وِدَّها ... تَبَيَّغَ مِنِّي كلَّ عَظْمٍ ومَفْصِلِ
لَمْ يُفَسِّرْهُ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ فِي مَعْنَى رَكِبَ فَيَنْتَصِبُ انْتِصَابَ الْمَفْعُولِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي مَعْنَى هَاجَ وثارَ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا: ثارَ مِنِّي عَلَى كلِّ عَظْمٍ ومَفْصِلِ، فَحَذَفَ عَلَى وَعَدَّى الْفِعْلَ بَعْدَ حَذْفِ الْحَرْفِ. وتبَيَّغَ بِهِ الدَّمُ غَلَبه وقَهَرَه كأَنه مَقْلُوبٌ عَنِ الْبَغْيِ أَي تَبَغَّى مَثَلُ جَذَبَ وجَبَذَ وَمَا أَطْيَبَه وأَيْطَبَه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وإِنك عالِمٌ وَلَا تُبَغْ أَي لَا تَبَيَّغُ بِكَ العينُ فَتُصِيبُكَ كَمَا يَتَبَيَّغُ الدمُ بِصَاحِبِهِ فَيَقْتُلُهُ. وَحَكَى بَعْضُ الأَعراب: مَنْ هَذَا المُبَوَّغُ عَلَيْهِ ومَن هَذَا المُبَيَّغُ عَلَيْهِ؟ مَعْنَاهُ لَا يُحْسَدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بِالْحِجَامَةِ لَا يَتَبَيَّغْ بأَحدِكم الدمُ فيَقْتُلَه
أَي لَا يَتَهَيَّجْ، وَقِيلَ: أَصله مِنَ البَغْي، يُرِيدُ تَبَغَّى فَقَدَّمَ الْيَاءَ وأَخَّر الْغَيْنَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: تَبَيَّغَ وتَبَوَّغَ، بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَأَصْلُهُ مِنَ البَوْغاء وَهُوَ الترابُ إِذا ثَارَ، فَمَعْنَاهُ لَا يَثُرْ بأَحدكم الدمُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا تَبَيَّغَ بأَحدكم الدمُ فَلْيَحْتَجِمْ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: ابْغِني خادِماً لَا يكونُ قَحْماً فَانِيًا وَلَا صَغِيرًا ضَرَعاً فَقَدْ تَبَيَّغَ بِيَ الدمُ
، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل التاء المثناة
تسغ: التَّسْغُ: لَطْخُ سَحابٍ رَقِيقٍ، وَلَيْسَ بَثَبَتٍ.
تغغ: التَّغْتَغةُ: حِكَايَةُ صَوْت الحَلْي وَتَكُونُ حِكَايَةَ بَعْضِ الصَّوْتِ، يُقَالُ: سَمِعْتُ لِهَذَا الْحَلْيِ تَغْتَغةً إِذَا أَصاب بعضُه بَعْضًا فَسَمِعْتُ صَوْتَهُ. والتغْتَغةُ: ثِقَلٌ فِي اللِّسَانِ، وَقَدْ تَغْتَغَ. والتَّغْتَغةُ: إِخفاءُ الضَّحِكِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: تَغْتَغَ الضَّحِكَ تَغْتَغَةً إِذَا أَخْفاه. قَالَ الأَزهريّ: قَوْلُ اللَّيْثِ فِي التَّغْتَغَةِ إِنه حِكَايَةُ صَوْتِ الْحَلْيِ تَصْحِيفٌ إِنما هُوَ حِكَايَةُ صَوْتِ الضَّحِك. وتَغْتَغَ الشيخُ: سقَطَتْ أَسْنانُه فَلَمْ يُفْهَمْ كلامهُ. وتِغ تِغ: حِكَايَةُ صَوْتُ الضَّحِكِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: تَقُولُ سَمِعْتُ طاقِ طاقِ لِصَوْتِ الضَّرْبِ، وَتَقُولُ سَمِعْتُ تِغ تِغ يُرِيدُونَ صَوْتَ الضَّحِكِ، وَقَالَ أَيضاً: أَقبلوا تِغ تِغ وأَقبلوا قِه قِه إِذا قَرْقُروا بِالضَّحِكِ، وَقَدِ اتَّغَوْا بالضحك واوْتَغَوْا.
توغ: تاغَ هَلَكَ وأَتاغه اللَّهُ، وكأَنه مَقْلُوبٌ مِنْ وتَغَ.
__________
(1) . قوله [وَكَذَلِكَ تَبَوَّحَ بِهِ الدَّمُ] كذا في الأَصل بحاء مهملة ولعله بغين معجمة.(8/422)
فصل الثاء المثلثة
ثرغ: الثَّرْغُ مَصَبُّ الْمَاءِ فِي الدَّلْو كالفَرْغِ، وَجَمْعُهُ ثُرُوغٌ، وَحَكَى يَعْقُوبُ أَن الثَّاءَ بَدَلٌ مِنَ الْفَاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُعْجِبُنِي لأَنهم لَا يَكَادُونَ يَتَّسِعُونَ فِي الْمُبْدَلِ بِجَمْعٍ وَلَا غَيْرِهِ. وثُرُوغُ الدَّلْوِ وفُروغُها: مَا بَيْنَ العَراقي، واحدُها فَرْغٌ وثَرْغ.
ثغغ: الثَّغْثَغةُ: عَضُّ الصَّبِيِّ قَبْلَ أَن يَشْقَأَ ويَثَّغِرَ. والمُثَغْثِغُ: الَّذِي يَبُلُّ برِيقِهِ وَلَا يؤثِّر «2» والثَّغْثَغة: الْكَلَامُ الَّذِي لَا نِظامَ لَهُ. والمُثَغْثِغُ: الَّذِي إِذا تكَلَّم حَرَّك أَسْنانه فِي فِيِه واضْطَرَبَ اضْطِراباً شَدِيدًا فَلَمْ يُبَيِّنْ كلامَه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وعَضَّ عَضَّ الأَدْرَدِ المُثَغْثِغِ، ... بَعْدَ أَفانِينِ الشَّبابِ البُرْزُغِ
ثلغ: ثَلَغَه بالعَصَا: ضَرَبَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وثَلَغ الشيءَ يَثْلَغُه ثَلْغاً: شدَخَه. وثَلَغَ رأْسَه يَثْلَغُه ثَلْغاً: هَشَمَه وشدَخَه، وَقِيلَ: الثَّلْغُ فِي الرَّطْبِ خاصَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذًا يَثْلَغُوا رأْسي كَمَا تُثْلَغُ الخُبْزةُ
؛ الثَّلْغُ: الشَّدْخُ، وَقِيلَ هُوَ ضَرْبُك الشيءَ الرطبَ بِالشَّيْءِ الْيَابِسِ حَتَّى يَنْشَدِخَ. وَفِي حَدِيثِ الرؤْيا:
فإِذا هُوَ يَهْوي بِالصَّخْرَةِ فَيَثْلَغُ بِهَا رأْسَه
؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
كالفَقْعِ إنْ يُهْمَزْ بوَطْءٍ يُثْلَغِ
وَقَدِ انْثَلَغَ وانْشَدَخَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والمُثَلَّغُ مِنَ الرُّطَب: مَا سَقَطَ مِنَ النَّخْلَةِ فَانْشَدَخَ، وَقِيلَ: المثلَّغ مِنَ البُسْرِ والرُّطَب الَّذِي أَصابه الْمَطَرُ فأَسقطه مِنَ النَّخْلَةِ ودَقَّه، وَقَدْ تَنَاثَرَتِ الثِّمار فَثُلِّغَتْ تَثْلِيغاً. والمُثَلَّغَةُ: الرُّطَبةُ المُعَرَّقة، وهي المَعْوة.
ثمغ: الثَّمْغُ: الكَسْر فِي الرَّطْب خَاصَّةً، ثَمَغَه يَثْمَغُه ثَمْغاً. وثَمَغَ رأْسَه بالعَصا ثَمْغاً: شدَخَه مِثْلَ ثَلَغَه. والثَّمْغُ: خَلْطُ البياضِ بِالسَّوَادِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَنْ لاحَ شَيْبُ الشَّمَطِ المُثَمَّغِ
وثَمَغ السوادُ والبياضُ: اخْتَلَطا. وثَمَغَ رأْسَه بالحِنَّاءِ والخَلُوقِ يَثْمَغُه: غَمَسَه فأَكثر. وثَمَغَ لِحْيَتَه فِي الخِضابِ أَي غَمَسَها؛ وأَنشد:
ولِحْيةٍ تُثْمَغُ فِي خَلُوقِها
وثَمَغَ الثوبَ يَثْمَغُه ثَمْغاً: أَشْبَعَ صَبْغَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرَكْتُ بَني الغُزَيِّلِ غَيْرَ فَخْزٍ، ... كأَنَّ لِحاهُمُ ثُمِغَتْ بِوَرْس
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيَجُوزُ ثَمَّغْتُ الثَّوْبَ، بِالتَّشْدِيدِ، وَكَذَلِكَ ثَمَّغْتُ الشَّعَر بالحِنَّاء. وَيُقَالُ: ثَمَّغَ رأْسَه بالدُّهْن أَو بِخَلُوقٍ بَلَّه. وثَمَّغَ الشيءَ: كَسَرَه. وثَمْغٌ: مَالٌ كَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فوقَفه. وَفِي حَدِيثِ صدَقةِ عُمَرَ
: إِنْ حَدَثَ بِهِ حادِثٌ إنَّ ثَمْغاً وصِرْمةَ ابن الأَكْوَعِ وَكَذَا وَكَذَا جَعَلَهُ وَقْفًا
؛ هُمَا مَالَانِ مَعْرُوفَانِ بِالْمَدِينَةِ كَانَا لِعُمَرَ بْنِ الخطاب فوقَفهما.
__________
(2) . قوله [ولا يؤثر] زاد شارح القاموس فيما يعض لأنه لا أسنان له، قاله الليث.(8/423)
وثَمَغَةُ الْجَبَلِ: أَعْلاه؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقُولُ ثَمَغَةُ الْجَبَلِ، بِالثَّاءِ، قَالَ: وَالَّذِي سَمِعْتُ أَنا نَمَغةُ، بالنون.
فصل الدال المهملة
دبغ: دَبَغَ الجِلْد يَدْبَغُه ويَدْبُغُه يَدْبِغُه؛ الْكَسْرُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، دَبْغاً ودِباغةً ودِباغاً، والدَّبّاغُ مُحَاوِلُ ذَلِكَ، وحِرْفَتُه الدِّباغةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
دِباغُها طَهُورُها.
والدِّبْغُ والدِّباغُ والدِّباغةُ والدِّبْغةُ، بِالْكَسْرِ: مَا يُدْبَغُ بِهِ الأَدِيمُ؛ الدِّباغةُ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَالْمَصْدَرُ الدَّبْغُ. يُقَالُ: الْجِلْدُ فِي الدِّباغ. والمَدْبَغةُ: مَوْضِعُ الدِّباغِ. التَّهْذِيبُ: والمَدْبَغةُ والمَنِيئةُ الجُلود الَّتِي ابْتُدِئَ بِهَا فِي الدِّباغِ. وأَدِيمٌ دَبِيغٌ: مَدْبُوغٌ. والدَّبْغةُ، بِالْفَتْحِ: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، تَقُولُ: دَبَغْتُ الْجِلْدَ فانْدَبَغَ.
دغغ: الدَّغْدَغةُ فِي البُضْعِ وَغَيْرِهِ. التحْرِيكُ. وَيُقَالُ للمَغْمُوزِ فِي حسَبه أَو نسَبه: مُدَغْدَغٌ. وَيُقَالُ: دَغْدَغَه بِكَلِمَةٍ إِذَا طَعن عَلَيْهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
علَيَّ إنِّي لَسْتُ بالمُدَغْدَغِ «1»
أَي لَا يُطْعَن في حَسبي.
دفغ: الدَّفْغُ: حُطامُ الذُّرةِ ونُسافَتُها؛ قَالَ الْحِرْمَازِيُّ:
دُونَكِ بَوْغاءَ رِياغَ الدَّفْغِ
الرِّياغُ: التُّرَابُ المُدَقَّقُ، والدَّفْغُ: أَلأَمُ مَوْضع فِي الْوَادِي وشرُّه تُراباً، وَهَذَا الْحَرْفُ فِي كِتَابِ النَّبَاتِ إِنَّمَا هُوَ الرَّفْغُ، بالراءِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ هُنَا شِعْرَ الحِرْمازي، وأَنشد مُسْتَشْهِداً عَلَى حُطام الذُّرة قَوْلَ الشَّاعِرِ:
ذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ حُطامِ الدَّفْغِ
دمغ: الدِّماغُ: حَشْوُ الرأْسِ، وَالْجَمْعُ أَدْمِغةٌ ودُمُغٌ. وأُمّ الدِّماغِ: الهامةُ، وَقِيلَ: الْجِلْدَةُ الرَّقِيقةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهِ. والدَّمْغُ: كَسْرُ الصَّاقُورةِ عَنِ الدِّماغ. دَمَغَه يَدْمَغُه دَمْغاً، فَهُوَ مَدْموغٌ ودَمِيغٌ، وَالْجَمْعُ دَمْغى، وَكَذَلِكَ مَرَةٌ دَمِيغٌ مِنْ نِسْوةٍ دَمْغى؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: رأَيت عَيْنَيْه عَيْنَيْ دَمِيغٍ
؛ رَجُلٌ دَمِيغٌ ومَدْموغ: خَرَجَ دِماغُه. ودَمَغَه: أَصابَ دِماغَه. ودَمَغَه دَمْغاً: شَجَّه حَتَّى بَلَغَتِ الشجّةُ الدِّمَاغَ، وَاسْمُهَا الدَّامِغةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: دامِغِ جَيْشاتِ الأَباطِيل
أَي مُهْلِكِها. يُقَالُ: دَمَغَه دَمْغاً إِذَا أَصاب دِماغَه فَقَتَلَهُ. وَفِي حَدِيثِ ذِكْرِ الشِّجاجِ:
الدامغةُ الَّتِي انْتَهَتْ إِلَى الدِّمَاغِ
، والدَّامِغةُ مِنَ الشِّجَاجِ الَّتِي تَهْشِمُ الدِّمَاغَ حَتَّى لَا تُبْقي شَيْئًا. وَالشِّجَاجُ عَشَرَةٌ: أَولها القاشرةُ وَهِيَ الحارِصةُ ثُمَّ الباضعةُ ثُمَّ الدّاميةُ ثُمَّ المُتَلاحِمةُ ثُمَّ السِّمْحاقُ ثُمَّ المُوضِحة ثُمَّ الهاشِمةُ ثُمَّ المُنَقِّلةُ ثُمَّ الآمّةُ ثُمَّ الدَّامِغة، وَزَادَ أَبو عُبَيْدٍ: الدّامِعةُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ بَعْدَ الدَّامِيَةِ. ودَمَغَتْه الشمسُ دَمْغاً: آلَمَتْ دِماغَه. ودَمِيغُ الشَّيْطَانِ: نَبْزُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ كَانَ الشيطانُ دَمَغَه. والدّامِغةُ: حَدِيدةٌ تُشَدُّ بِهَا آخرةُ الرَّحل. الأَصمعي: يُقَالُ لِلْحَدِيدَةِ الَّتِي فَوْقَ مؤخَّرة الرَّحْلِ الغاشِيةُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الدّامِغةُ؛ وَقَالَ
__________
(1) . قوله [عليّ إلخ] قبله:
وَاحْذَرْ أَقَاوِيلَ الْعُدَاةِ النُّزَّغِ(8/424)
ذُو الرُّمَّةِ:
فَرُحْنا وقُمْنا، والدَّوامِغُ تَلْتَظي ... عَلَى العِيسِ مِنْ شَمْسٍ بَطِيءٍ زَوالُها
قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الدَّوامِغُ على حاقِّ رُؤوس الأَحْناء مِنْ فَوْقِهَا، واحِدتُها دامِغة، وَرُبَّمَا كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ وتُؤْسَرُ بالقِدِّ أَسْراً شَدِيدًا، وَهِيَ الخَذارِيفُ، وَاحِدُهَا خُذْرُوف. وَقَدْ دَمَغَتِ المرأَةُ حَوِيَّتَها تَدْمَغُ دَمْغاً. قَالَ الأَزهري: الدَّامِغَةُ إِذَا كَانَتْ مِنْ حَدِيدٍ عُرِّضَت فَوْقَ طرَفَي الحِنْوَيْنِ وسُمِّرَتْ بمِسْمارين، والخذاريفُ تشدّ على رؤوس العَوارِضِ لِئَلَّا تتفَكَّكَ. أَبو عَمْرٍو: أَحْوَجْتُه إِلَى كَذَا وأَحْرَجْتُه وأَدْغَمْتُه وأَدْمَغْتُه وأَجْلَدْتُه وأَزْأَمْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والدّامِغةُ: طَلْعةٌ طَوِيلةٌ صُلْبة تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ شَظِيّاتِ قُلْبِ النَّخْلة فَتُفْسِدُها إِن تُرِكَتْ، فإِذا عُلِم بِهَا امْتُصِخَتْ، والقَهْرُ والأَخْذُ مِنْ فوقُ دَمْغٌ كَمَا يَدْمَغُ الحَقُّ الباطلَ. ودَمَغَه يَدْمَغُه دَمْغاً: غَلَبه وأَخذه مِنْ فَوْقُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ
؛ أَي يَعْلوه وَيَغْلِبُهُ ويُبْطِله؛ قَالَ الأَزهري: فيَدْمَغُه فَيَذْهَبُ بِهِ ذَهابَ الصَّغارِ والذُّلِّ. وأَدْمَغَ الرجلُ طَعامَه: ابتلَعه بَعْدَ المَضْغ، وَقِيلَ قَبْلَه، وَهُوَ أَشبه. ودَمَغَتِ الأَرضُ: أَكَلتْ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَحُكِيَ اللِّحْيَانِيُّ: دَمَغَهم بمُطْفِئةِ الرَّضْف، يَعْنِي بمُطْفئة الرضْف الشاةَ المهْزولة، وَلَمْ يُفَسِّرْ دَمْغَهُمْ إِلَّا أَن يَعْني غَلَبَهم.
دمرغ: الدُّمَّرِغُ: الرجلُ الشديدُ الحُمْرة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ، وأَرى اللِّحْيَانِيَّ قَالَ أَبْيَضُ دُمَّرِغٌ أَي شَدِيدُ البياضِ، شكَّ فيه الطوسِي.
دنغ: الدَّنِغُ: مِنْ سَفِلةِ النَّاسِ. رجلٌ دَنِغٌ مِنْ قَوْمٍ دَنَغةٍ نادِرٌ لأَن فَعَلة جَمْعًا إِنما هُوَ تَكْسِيرُ فاعِلٍ، وَهُمُ السُّفّالُ الأَرْذالُ.
دَوَغَ: قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الْكِلَابِيَّ يَقُولُ: داغَ القومُ وداكُوا إِذا عَمَّهم المرَضُ، والقومُ فِي دَوْغةٍ مِنَ الْمَرَضِ ودَوكة إِذا عَمَّهم وآذاهُم. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَصابَتْنا دَوْغةٌ أَي بَرْد. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: فِي فُلَانٍ دَوْغَةٌ ودَوْكة أَي حُمْقٌ.
فصل الذال المعجمة
ذلغ: ذَلِغَ الرَّجُلُ ذَلَغاً: تَشَقَّقَت شَفَتَاهُ. وَرَجُلٌ أَذْلَغُ وأَذْلَغِيٌّ: غَلِيظُ الشفةِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: غَلَيِظُ الشَّفَتَيْنِ. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ: كَانَ كُثَيِّرٌ أُذَيْلِغَ لَا يَنَالُ خِلْفَ النَّاقَةِ لِقصَره. وَرَجُلٌ أَذْلَغُ: مُتَقشِّر الشفةِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: دَلَعْتُ الطعامَ «1» وذَلَغْتُه أَي أَكلته، وَمِثْلُهُ اللَّغَف. والأَذْلَغُ والأَذْلَغِيُّ: الأَقْلَفُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ، الْجَعْدِيُّ يَهْجُو لَيْلَى الأَخيلية:
دَعي عَنْكِ تَهْجاءَ الرِّجال، وأَقْبِلي ... عَلَى أَذلَغِيٍّ يَمْلأُ اسْتَكِ فَيْشَلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ الأَذلَغي منسوب إلى الأَذْلَغِ ابن شدَّاد مِنْ بَنِي عُبادةَ بْنِ عُقَيْلٍ وَكَانَ نَكّاحاً. وذَلِغَتْ شفَتُه تَذْلَغُ ذَلَغاً إِذا انْقَلَبَتْ، وَهُوَ الأَذْلَغُ. وذَلِغَ الذَّكَرُ يَذْلَغُ: أَمْذى. وذكَرٌ أَذلَغِيّ مَذَّاء؛ وأَنشد ابن بري:
__________
(1) . قوله [دلعت الطعام إلخ] كذا بالأصل هنا وتبعه شارح القاموس فجعل دلع بالعين المهملة، وفي مادة لغف: دلغت الطعام وذلغته بغين معجمة فيهما.(8/425)
فَدَحَّها بأَذْلَغِيٍّ بَكْبَكِ، ... فصَرَخَتْ قَدْ: جُزْتَ أَقصى المسْلكِ
وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ: أَذْلَغُ وأَذلَغِيّ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
واكْتَشَفَتْ لِناشِئٍ دَمَكْمَكِ ... عَنْ وارِمٍ، أَكْظارُه عَضَنَّكِ،
فَداسَها بأَذْلَغِيٍّ بَكْبَكِ
قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ مِذْلَغٌ أَيضاً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ الْوَزِيرُ الأَذْلَغ الأَيْرُ الأَقشرُ، وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً مِذْلَغٌ؛ وَقَالَ كُثَيْرٌ الْمُحَارِبِيُّ:
لَمْ أَرَ فيهمْ كَسُوَيْدٍ رامِحا، ... يَحْمِلُ عَرْداً كالمَصادِ زامِحا
مُلَمْلَمَ الهامةِ يَضْحى قاسِحا، ... لَمّا رَأَى السَّوْداءَ هَبَّ جانِحا
فَشامَ فِيهَا مِذْلَغاً صُمادِحا ... فصَرَخَتْ: لقَد لَقِيتُ ناكِحا
رَهْزاً دِراكاً يحْطِمُ الجَوانِحا
قَالَ الأَزهري: الذَّكَرُ يُسَمَّى أَذْلَغَ إِذا اتْمَهَلَّ فَصَارَتْ ثومَتُه مِثْلَ الشَّفَةِ الْمُنْقَلِبَةِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ قَدْ تَذَلَّغَتِ الرُّطبةُ انْقَشَرَ جِلْدُهَا، وتَذَلَّغَ ظَهَرُ الْجَمَلِ مِنَ الحِمْل إِذا انْقَشَرَ جِلْدُهُ. وَبَنُو الأَذلَغ: حَيٌّ.
فصل الراء المهملة
ربغ: خُذْهُ بِرَبَغِه أَي بحدْثانِه ورُبّانِه، وَقِيلَ بأَصله. والرَّبْغُ: التُّرابُ المدَقَّقُ كالرَّفْغِ. والأَربَغُ: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ الرَّباغةُ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّبْغُ الرِّيُّ، والإِرْباغُ إرْسال الإِبل عَلَى الْمَاءِ كُلَّمَا شَاءَتْ وَرَدَتْ بِلَا وَقْتٍ، هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ، وَالصَّحِيحُ الإِرْباعُ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تقدَّم، وَتَقُولُ مِنْهُ: أَرْبَغَها فَهِيَ مُرْبَغةٌ، وَقَدْ ربَغَتْ هِيَ. وَيُقَالُ: تُرِكَتْ إِبلُها هَمَلًا مُرْبَغةً، وَفِي التَّهْذِيبِ: هَمَلًا مُرْبَغاً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: هَلْ لَكَ فِي نَاقَتَيْنِ مُرْبَغَتَينِ سَمِينَتَيْنِ
أَي مُخصِبَتين؛ الإِرْباغُ: إِرسال الإِبل عَلَى الْمَاءِ تَرِدُه أَيَّ وَقْتٍ شَاءَتْ، أَراد نَاقَتَيْنِ قَدْ أَرْبَغَتا حَتَّى أَخصَبت أَبْدانُهما وسَمِنتا. وعَيشٌ رابِغٌ رافِغٌ أَي ناعِم. ورَبَغَ القومُ فِي النَّعِيمِ إِذا أَقاموا فِيهِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ الشيطانَ قَدْ أَرْبَغَ فِي قُلُوبِكُمْ وعَشَّشَ
أَي أَقام عَلَى فَساد اتَّسع لَهُ المُقامُ مَعَهُ. قَالَ: والرَّابِغُ الَّذِي يُقيم عَلَى أَمْر ممْكِن لَهُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: ورابِغٌ وادٍ يَقْطَعُه الحاجُّ بَيْنَ البَزْواءِ والجُحْفةِ دُون عَزْوَر؛ قَالَ كُثَيِّر:
أَقولُ، وقدْ جاوَزْنَ مِنْ عَيْنِ رابِغٍ ... مَهامِهَ غُبْراً يَرْفَعُ الأُكْمَ آلُها
وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ رَابِغٌ، بِكَسْرِ الْبَاءِ، بَطْنُ وادٍ عِنْدَ الْجُحْفَةِ. ويَرْبَغُ وأَرباغ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ الشَّنْفَرَى:
وأُصْبِحُ بالعَضْداءِ أَبْغِي سَراتَهم، ... وأُسْلِكُ خِلًّا بَيْنَ أَرْباغَ والسَّرْدِ
رثغ: الرَّثَغُ: لُغَةٌ فِي اللَّثَغِ.
ردغ: الرَّدْغُ والرَّدَغةُ والرَّدْغةُ، بِالْهَاءِ: الْمَاءُ وَالطِّينُ والوَحَل الْكَثِيرُ الشديدُ؛ الْفَتْحُ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْجَمْعُ رِداغٌ ورَدَغٌ. وَمَكَانٌ رَدِغٌ: وَحِلٌ. وارتَدغَ الرجلُ: وقَعَ فِي الرِّداغِ أَو فِي الرَّدْغةِ. وَفِي حَدِيثِ
شدَّاد بْنِ أَوس: أَنه تَخَلَّفَ عَنِ الْجُمُعَةِ فِي يَوْمِ(8/426)
مطرٍ وَقَالَ مَنَعَنا هَذَا الرِّداغُ عَنِ الْجُمُعَةِ
؛ الرَّدَغةُ: الطِّينُ، وَيُرْوَى بِالزَّايِ بَدَلُ الدَّالِ وَهِيَ بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: هِيَ الرَّدَغةُ وَقَدْ جَاءَ رَدْغة. وَفِي مَثَلٍ مِنَ المُعاياة قَالُوا: ضَأْنٌ بِذِي تُناتِضَةَ يَقْطَعُ رَدْغةَ الْمَاءِ بعَنَقٍ وإِرْخاء، يُسَكِّنُونَ دَالَ الردْغة فِي هَذِهِ وَحْدَهَا وَلَا يُسَكِّنُونَهَا فِي غَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا كُنْتُمْ فِي الرِّداغ أَو الثلْجِ وحضرتِ الصلاةُ فأَوْمِئوا إِيماء.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قَالَ فِي مُؤمن مَا لَيْسَ فِيهِ حَبَسه اللهُ فِي رَدَغَةِ الخَبالِ
؛ جَاءَ تَفْسِيرُهَا فِي الْحَدِيثِ أَنها عُصارةُ أَهلِ النَّارِ، وَقِيلَ: هُوَ الطِّينُ والوَحَلُ الكثيرُ. وَفِي حَدِيثِ
حَسَّانَ بْنِ عطيّةَ: مَنْ قَفا مُؤْمِنًا بِمَا لَيْسَ فِيهِ وقَفَه اللَّهُ فِي رَدْغةِ الخَبال.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ شرِبَ الخمرَ سَقاه اللَّهُ مِنْ رَدْغةِ الخَبال.
وَفِي الْحَدِيثِ:
خَطَبَنَا فِي يوْمٍ ذِي رَدْغٍ.
ورَدَغَت السماءُ: مثلُ رَزَغَتْ. والرَّدِيغُ: الأَحمق الضعيفُ. والمَرْدَغةُ: الرَّوْضةُ البَهِيَّةُ. والمَرْدغةُ: مَا بَيْنَ العُنقِ إِلَى التَّرْقُوةِ، والجمعُ المَرادِغُ، وَقِيلَ: المَرْدَغَةُ مِنَ الْعُنُقِ اللحْمةُ الَّتِي تَلِي مؤخَّر الناهِضِ مِنْ وسَط العَضُدِ إِلَى المِرْفق. ابْنُ الأَعرابي المَرْدَغةُ اللحْمةُ الَّتِي بَيْنَ وابِلةِ الكتفِ وجَناجِنِ الصَّدْرِ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: دخلْتُ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى وَقَعَتْ يَدِي عَلَى مَرادِغه
؛ هِيَ مَا بَيْنَ الْعُنُقِ إِلَى التَّرْقُوَةِ، وَقِيلَ: لَحْمُ الصَّدْرِ، الْوَاحِدَةُ مَرْدَغةٌ، وَقِيلَ المَرادِغُ البآدِلُ وَهِيَ أَسفل التَّرْقُوَتَيْنِ فِي جانِبي الصدْر. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذا سَمِنَ الْبَعِيرُ كَانَتْ لَهُ مَرادِغُ فِي بَطْنِهِ وَعَلَى فُرُوعِ كتِفَيْه، وَذَلِكَ أَنّ الشَّحْمَ يَتَراكَبُ عَلَيْهَا كالأَرانِبِ الجُثُومِ، وإِذا لَمْ تَكُنْ سَمِينةً فَلَا مَرْدَغَةَ هُنَاكَ. وَيُقَالُ: إِنَّ نَاقَتَكَ ذاتُ مَرادِغَ، وجملك ذو مَرادِغَ.
رزغ: الرَّزْغُ: الماءُ الْقَلِيلُ فِي المَسايِلِ والثِّمادِ والحِساءِ وَنَحْوِهَا، والرَّزَغةُ أَقل مِنَ الرَّدَغةِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَشدُّ مِنَ الرَّدَغَةِ. والرَّزَغةُ، بِالْفَتْحِ: الطِّينُ الرَّقِيقُ والوحَلُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ أَنه قَالَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ: مَا خطَبَ أَميرُكم اليومَ؟ فَقِيلَ: أَما جَمَّعْتَ؟ فَقَالَ: مَنَعَنا هَذَا الرَّزَغُ
؛ أَبو عَمْرٍو وَغَيْرُهُ: الرَّزَغُ الطِّينُ والرُّطوبةُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ والوحَلُ، وأَرْزَغَتِ السماء، في مُرْزِغةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
خَطَبَنَا في يومٍ ذي رَزَغٍ
، وَرُوِيَ الْحَدِيثَانِ بِالدَّالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
خُفافِ بْنَ نُدْبةَ: إِنْ تُرْزِغِ الأَمْطارُ غَيْثًا.
والرَّزِغُ والرَّازِغُ: المُرْتَطِمُ فِيهَا. وأَرْزَغَت السَّمَاءُ وأَرزغَ المطرُ: كَانَ مِنْهُ مَا يَبُلُّ الأَرضَ، وَقِيلَ: أَرْزَغَ المطرُ الأَرضَ إِذا بلَّها وبالَغ وَلَمْ يَسِلْ؛ قَالَ طرفةُ يَهْجُو، وَفِي التَّهْذِيبِ يَمْدَحُ رَجُلًا:
وأَنْتَ، عَلَى الأَدْنى، شَمالٌ عَرِيَّةٌ ... شَآمِيةٌ تَزْوي الوُجُوهَ بَلِيلُ
وأَنْتَ، عَلَى الأَقْصى، صَباً غيرُ قَرّةٍ ... تَذاءَبُ مِنْهَا مُرْزِغٌ ومُسِيلُ
يَقُولُ: أَنت للبُعداء كالصَّبا تَسوقُ السّحابَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَكُونُ مِنْهَا مَطَرٌ مُرْزِغ وَمَطَرٌ مُسِيل، وَهُوَ الَّذِي يُسِيلُ الأَوْدِيةَ والتِّلاعَ، فَمَنْ رَوَاهُ تذاءبَ بِالْفَتْحِ جَعَلَهُ للمُرْزِغِ، وَمَنْ رَفَعَ جَعَلَهُ للصَّبا، ثُمَّ قَالَ مِنْهَا مُرزغ وَمِنْهَا مُسيل. وأَرزَغَ الرجلَ: لطَّخه بعَيْب وأَرْزَغَ فِيهِ إرْزاغاً(8/427)
وأَغْمَز فِيهِ إِغْمَازًا: اسْتَضْعَفه واحْتَقَره وعابَه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذَا المَنايا انْتَبْنَه لَمْ يَصْدُغِ، ... ثُمَّتَ أَعْطَى الذُّلَّ كَفَّ المُرْزِغِ،
فالحَرْبُ شَهْباءُ الكِباشِ الصُّلَّغِ
وَهَذَا الرَّجَزُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: وأَعْطى الذِّلَّة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ ثُمَّتَ أَعطى الذُّلَّ. وَيُقَالُ: احْتَفَرَ القومُ حَتَّى أَرْزَغوا أَي بَلَغُوا الطينَ الرطْبَ.
رسغ: الرُسْغُ: مَفْصِلُ مَا بَيْنَ الْكَفِّ والذِّراع، وَقِيلَ: الرُّسْغُ مُجْتَمَعُ السَّاقِينِ وَالْقَدَمَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ مَفْصِلُ مَا بَيْنَ السَّاعِدِ والكفِّ والساقِ والقدمِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَوْضِعُ المُسْتَدِقُّ الَّذِي بَيْنَ الحافِر ومَوْصِلِ الوَظِيفِ مِنَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ، وَهُوَ الرُّسُغُ، بِالتَّحْرِيكِ أَيضاً مِثْلُ عُسْر وعُسُرٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فِي رُسُغٍ لَا يَتَشَكّى الحَوْشَبا، ... مُسْتَبْطِناً مَعَ الصَّمِيمِ عَصَبا
والجمعُ أَرْساغٌ. ورَسَغَ البعيرَ: شدَّ رُسْغَ يَدَيْهِ بِخَيْطٍ. والرُّسْغُ والرِّساغُ: مَا شُدَّ بِهِمَا، وَقِيلَ: الرُّسْغُ حَبْلٌ يُشَدُّ بِهِ الْبَعِيرُ شَدّاً شَدِيدًا فَيَمْنَعُهُ أَن يَنْبَعِثَ فِي المَشْي، وَجَمْعُهُ رِساغٌ. التَّهْذِيبِ: الرِّساغُ حَبْلٌ يشدُّ فِي رُسْغَي الْبَعِيرِ إِذَا قُيِّدَ بِهِ، والرَّسَغُ: اسْتِرْخاءٌ فِي قَوائِمِ الْبَعِيرِ. والرِّساغُ: مُراسَعةُ الصَّرِيعين فِي الصِّراع إِذَا أَخذ أَرساغَهما. ابْنُ بُزُرْج: ارْتَسَغَ فُلَانٌ عَلَى عِيالِه إِذا وسَّعَ عَلَيْهِمُ النَّفَقَةَ. وَيُقَالُ: ارْتَسِغْ عَلَى عيالِك وَلَا تُقتِّرُ. وإِنه مُرَسَّغٌ عَلَيْهِ فِي الْعَيْشِ أَي مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ. وعيشٌ رَسِيغٌ: واسِعٌ. وَطَعَامٌ رَسِيغٌ: كَثِيرٌ. وأَصابَ الأَرضَ مَطَرٌ فَرَسَّغَ أَي بَلَغَ الماءُ الرُّسْغَ أَو حَفَرَهُ حَافِرٌ فَبَلَغَ الثَّرَى قَدْرَ رُسْغه، وَكَذَلِكَ أَرْسَغَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقِيلَ: رَسَّغَ المطرُ كَثُرَ حَتَّى غَابَ فِيهِ الرُّسْغُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَصابَنا مَطَرٌ مُرَسِّغٌ إِذَا ثَرَّى الأَرضَ حَتَّى تَبْلُغَ يَدُ الحافِر عنه إلى أَرْساغِه.
رصغ: الرُّصْغُ: لُغَةٌ فِي الرُّسْغ مَعْرُوفَةٌ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ الرُّسْغُ، بِالسِّينِ، والرِّساغُ والرِّصاغُ: حَبْلٌ يشدُّ فِي رُسْغ الدَّابَّةِ شَدِيدًا إِلَى وَتِد أَو غَيْرِهِ وَيَمْنَعُ الْبَعِيرَ مِنَ الانْبعاث فِي الْمَشْيِ، وَهُوَ بِالصَّادِ لغة العامة.
رغغ: الرَّغِيغةُ: طَعَامٌ مِثْلُ الحَسا يُصْنَع بِالتَّمْرِ؛ قَالَ: أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
لَقَدْ عَلِمَتْ أَسَدٌ أَنَّنا ... لَهُمْ نُصُرٌ، ولنِعْمَ النُّصُرْ
فكَيْفَ وجَدْتُمْ، وَقَدْ ذُقْتُمُ ... رَغِيغَتَكُمْ بَيْنَ حُلْوٍ ومُرْ؟
والرَّغِيغَةُ: مَا عَلَى الزُّبْدِ وَهُوَ مَا يُسْلأُ مِنَ اللَّبَنِ مِثْلَ الرَّغْوةِ، وَقِيلَ: الرَّغِيغةُ لَبَنٌ يُغْلَى ويُذَرُّ عَلَيْهِ دَقِيقٌ يُتَّخَذُ للنُّفَساء، وَقِيلَ: هُوَ طَعَامٌ يُتَّخَذُ لِلنُّفَسَاءِ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّغِيغَةُ لَبَنٌ يُطْبخ، وأَنشد بَيْتَ أَوس؛ قَالَ الأَصمعي: كَنَّى بالرغِيغةِ عَنِ الوقْعةِ أَي ذُقْتم طَعْمَها فَكَيْفَ وَجَدْتُمُوهَا. والرَّغْرَغَةُ: أَن تشرَبَ الإِبلُ الْمَاءَ كلَّ يَوْمٍ، وَقِيلَ: كُلُّ يَوْمٍ مَتَى شَاءَتْ، وَهُوَ مِثْلُ الرَّفْهِ، وَقِيلَ: هِيَ(8/428)
أَن تَرَدَّدَ عَلَى الْمَاءِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِرَارًا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يسقِيَها يَوْمًا بِالْغَدَاةِ وَيَوْمًا بِالْعَشِيِّ. الأَصمعي فِي رَدِّ الإِبل قَالَ: إِذا رَدَّدَها عَلَى الْمَاءِ فِي الْيَوْمِ مِراراً فَذَلِكَ الرَّغْرَغةُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المَغْمَغةُ أَن تَرِدَ الْمَاءَ كُلَّمَا شَاءَتْ، يَعْنِي الإِبل، والرَّغْرَغةُ هُوَ أَن يَسْقِيَهَا سَقْيًا لَيْسَ بتامٍّ وَلَا كافٍ. ورَغْرَغَ أَمْراً: أَخْفاه. والرّغرغةُ: رَفاغةُ العيشِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِبِشْرِ بْنِ النّكْث:
حَلا غُثاءُ الرَّاسِياتِ فَهَدَرْ ... رَغْرَغةً رَفْهاً، إِذَا الوِردُ حَضَرْ
الْفَرَّاءُ: إِذَا كَانَ الْعَجِينُ رَقِيقًا فَهُوَ الضَّغِيغةُ والرَّغِيغةُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّغِيغةُ عُشْبٌ ناعِمٌ. والمُرَغْرَغُ: غَزْل لَمْ يُبْرَمْ.
رفغ: الرَّفْغُ والرُّفْغُ: أُصُولُ الفَخِذيْنِ مِنْ بَاطِنٍ وَهُمَا مَا اكْتَنَفَا أَعالي جانِبَي العانةِ عِنْدَ مُلْتَقَى أَعالي بَواطِنِ الْفَخِذَيْنِ وأَعلى الْبَطْنِ، وَهُمَا أَيْضاً أُصول الإِبْطَيْنِ، وَقِيلَ: الرُّفْغ مِنْ بَاطِنِ الفَخذِ عِنْدَ الأُرْبِيَّةِ، وَالْجَمْعُ أَرْفُغٌ وأَرْفاغٌ ورِفاغٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ زَوَّجُوني جَيْأَلًا، فِيهَا حَدَبْ، ... دَقِيقةَ الأَرْفاغِ ضَخْماءَ الرُّكَبْ
وناقةٌ رَفْغاءُ: واسِعةُ الرُّفْغِ. وَنَاقَةٌ رفِغةٌ: قَرِحةُ الرفْغَيْنِ. والرَّفْغاءُ مِنَ النِّسَاءِ: الدَّقِيقةُ الفَخِذيْن المُعِيقةُ «2» . الرّفْغَيْنِ الصَّغِيرَةُ المَتاعِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المَرافِغُ أُصول الْيَدَيْنِ وَالْفَخِذَيْنِ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا. والأَرْفاغُ: المَغابنُ مِنَ الْآبَاطِ وأُصولِ الْفَخِذَيْنِ والحوالِبِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَطاوِي الأَعْضاء وَمَا يَجْتَمِعُ فِيهِ الوَسَخُ والعَرَقُ. والمَرْفُوغةُ: الَّتِي التَزَقَ خِتانُها صَغِيرَةً فَلَا يَصِلُ إِليها الرِّجال. والرُّفْغُ: وسَخُ الظفُر، وَقِيلَ: الْوَسَخُ الَّذِي بَيْنَ الأُنْملة والظُّفُرِ، وَقِيلَ: الرُّفْغ كُلُّ مَوْضِعٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْوَسَخُ كالإِبْط والعُكْنةِ وَنَحْوِهِمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صلَّى فأَوْهَم فِي صلاتِه فَقِيلَ لَهُ: يَا رسولَ اللَّهِ كأَنك قَدْ أَوْهَمْتَ، قَالَ: وَكَيْفَ لَا أُوهِمُ ورُفْغُ أَحدِكم بَيْنَ ظُفُرِه وأُنْمُلَتِه
؟ قَالَ الأَصمعي: جمْع الرُّفْغ أَرْفاغٌ وَهِيَ الآباطُ والمَغابِنُ مِنَ الْجَسَدِ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الإِبلِ والناسِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمَعْنَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا بَيْنَ الأُنثيين وأُصول الْفَخِذَيْنِ وَهِيَ المَغابِنُ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثُ
عُمَرَ: إِذا الْتَقَى الرُّفْغانِ فَقَدْ وجَبَ الغُسْلُ
، يُرِيدُ إِذَا الْتَقَى ذَلِكَ مِنَ الرجلِ والمرأَةِ وَلَا يَكُونُ هَذَا إلَّا بَعْدَ الْتِقَاءِ الخِتانَيْنِ، قَالَ: وَمَعْنَى الْحَدِيثِ الأَوَّل أَنَّ أَحدهم يَحُكُّ ذَلِكَ المَوْضِعَ مِنْ جَسَدِهِ فيَعْلَقُ دَرَنه ووسَخُه بأَصابعه فَيَبْقَى بَيْنَ الظُّفْرِ والأُنملة، وإِنما أَنْكَرَ مِنْ هَذَا طُولَ الأَظفار وتركَ قَصِّها حَتَّى تطولَ، وأَراد بالرُّفْغ هَاهُنَا وسَخَ الظُّفُرِ كأَنه قَالَ ووسَخُ رُفْغ أَحدِكم، وَالْمَعْنَى أَنكم لَا تُقَلِّمُونَ أَظْفاركم ثُمَّ تَحُكُّونَ أَرْفاغَكم فيَعْلَقُ بِهَا مَا فِيهَا مِنَ الوَسخ، وَاللَّهُ أَعلم؛ قُلْتُ: وَقَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ لَا يَكُونُ الْتِقَاءُ الرُّفْغَيْنِ مِنَ الرَّجُلِ والمرأَة إلَّا بَعْدَ الْتِقَاءِ الخِتانَيْن فِيهِ نَظَرٌ لأَنه قَدْ يُمْكِنُ أَن يَلْتَقِيَ الرُّفْغَانِ وَلَا يَلْتَقِيَ الخِتانان، وَلَكِنَّهُ أَراد الْغَالِبَ مِنْ هَذِهِ الْحَالَةِ، وَاللَّهُ أَعلم. والرُّفْغان:
__________
(2) . قوله [المعيقة] كذا ضبط بالأَصل، وهو في القاموس بلا ضبط، وبهامش شارحه ما نصه: قوله المعيقة يظهر أن الميم من زيادة الناسخ في المتن وحقه العيقة كضيقة بتشديد الياء على فيعلة من عوق، وفي اللسان عيق إتباع لضيق أي بشد الياء فيهما، في ضيقة تعويق للرجل عن حاجته، قاله نصر(8/429)
أَصْلا الْفَخِذَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَشْرٌ مِنَ السُّنَّةِ كَذَا وَكَذَا ونَتْفُ الرُّفْغَيْن
أَي الإِبْطين، وَجَعَلَ الْفَرَّاءُ الرُّفْغَيْنِ الإِبطين فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ:
عَشْرٌ مِنَ السُّنَّةِ مِنْهَا تَقْلِيمُ الأَظْفار ونَتْفُ الرُّفْغَيْنِ
؛ وَهُوَ فِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: ونَتْفُ الإِبْطِ
، وَهُوَ مَرْوِيٌّ
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَمْسٌ مِنَ الفِطْرةِ: الاسْتِحْدادُ والخِتانُ وقَصُّ الشارِب ونتفُ الإِبْطِ وتَقْلِيمُ الأَظفارِ.
ابْنُ شُمَيْلٍ: والرُّفْغُ مِنَ المرأَة مَا حولَ فرجها. وقال أَعرابي: تَرَفَّغَ الرجلُ المرأَةَ إِذَا قَعَدَ بَيْنَ فَخِذَيْهَا لِيَطأَها، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: رَفَغَ الرجلُ المرأَةَ إِذا قَعَدَ بَيْنَ فَخِذَيْهَا. وَيُقَالُ: تَرَفَّغَ فُلَانٌ فَوْقَ الْبَعِيرِ إِذا خَشِيَ أَن يَرْمِيَ بِهِ فلَفَّ رجْلَيه عِنْدَ ثِيلِ الْبَعِيرِ. والرَّفْغُ: تِبْنُ الذُّرةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
دُونكِ بوغاءَ تُرابَ الرَّفْغِ
والرَّفْغُ: أَسفلُ الفلاةِ وأَسفلُ الوادِي. والرَّفْغُ أَيضاً: الْمَكَانُ الجَدْبُ الرَّقِيقُ المُقارِبُ. والرَّفْغُ: الأَرضُ الكثيرةُ التُّراب. وجاءَ فُلَانٌ بِمَالٍ كرَفْغِ التُّرَابِ فِي كَثْرَتِهِ. وَتُرَابٌ رَفْغٌ وطعامٌ رَفْغٌ: لَيِّن. قَالَ بَعْضُهُمْ: أَصل الرَّفْغِ اللِّينُ والسُّهولةُ. والرَّفْغُ: الناحيةُ؛ عَنِ الأَخفش؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
أَتى قَرْيةً كانَتْ كَثِيرًا طَعامُها، ... كرَفْغِ التُّرابِ، كلُّ شيءٍ يَميرُها
يُفَسَّر بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَو بعامَّتِه. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ هُوَ فِي رَفْغٍ مِنْ قَوْمِهِ وَفِي رَفْغٍ مِنَ القريةِ إِذَا كَانَ فِي ناحيةٍ مِنْهَا وَلَيْسَ فِي وسَط قَوْمِهِ. والرَّفْغُ: السِّقاءُ الرَّقِيقُ المُقارِبُ. والرَّفْغُ أَلأَمُ موْضِعٍ فِي الوادِي وشَرُّه تُراباً. وأَرْفاغُ الناسِ: أَلائمهُم وسُفَّالُهم، الواحد رَفْغٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرْفاغ الوادِي جَوانِبُه. والرَّفْغ: الأَرضُ السَّهْلة، وَجَمْعُهَا رِفاغٌ. والرَّفْغُ والرَّفاغةُ والرَّفاغِيةُ: سَعةُ العَيْشِ والخِصْبُ والسَّعةُ. وعيشٌ أَرْفَغ ورافِغٌ ورفِيغٌ: خصيبٌ واسِعٌ طيِّب. ورَفُغَ عيشُه، بِالضَّمِّ، رَفاغةً: اتَّسَعَ. وتَرَفَّغَ الرجلُ: تَوَسَّعَ. وَإِنَّهُ لَفِي رَفاغةٍ ورَفاغِيةٍ مِنَ الْعَيْشِ مِثْلُ ثَمَانِيَةٍ؛ وأَنشد:
تحتَ دُجُنَّاتِ النَّعِيمِ الأَرْفَغِ
والرُّفَغْنِيةُ والرُّفَهْنِيةُ: سَعَةُ الْعَيْشِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَرْفَغَ لَكُمُ المَعاشَ
أَي أَوْسَعَ، وَفِي حَدِيثِهِ:
النَّعَم الرَّوافِغُ
، جَمْعُ رافِغةٍ. والأَرْفَغُ: موضِعٌ.
رمغ: رَمَغَ الشيءَ يَرْمَغُه رَمْغاً: دَلَكَه بيدِه كَمَا تَدْلُك الأَدِيمَ ونحوَه. ورُماغٌ ورِماغٌ: موضعٌ.
روغ: راغَ يرُوغُ رَوْغاً ورَوَغاناً: حادَ. وَرَاغَ إِلَى كَذَا أَي مالَ إِلَيْهِ سِرّاً وحادَ. وَفُلَانٌ يُراوِغ فُلَانًا إِذَا كَانَ يَحِيدُ عَمَّا يُدِيرُه عَلَيْهِ ويُحايِصُه. وأراغَه هُوَ وراوَغَه: خادَعَه. وراغَ الصْيدُ: ذهَب هاهُنا وَهَاهُنَا، وراغَ الثعْلَبُ. وَفِي الْمَثَلِ: رُوغِي جَعارِ وانْظُرِي أَين المَفَرُّ، وجَعارِ اسْمُ الضَّبُعِ، وَلَا تَقُلْ رُوغِي إلَّا للمؤَنث، وَالِاسْمُ مِنْهُ الرَّواغُ، بِالْفَتْحِ. وأَراغَ وارْتاغَ: بِمَعْنَى طَلَب وأَراد. تَقُولُ: أَرَغْتُ الصَيْدَ، وَمَاذَا تُرِيغُ أَي مَا تُرِيدُ وَتَطْلُبُ. وَيُقَالُ: أَرِيغُوني إِراغَتَكم أَي(8/430)
اطْلُبوني طَلِبَتَكم. التَّهْذِيبُ: وَفُلَانٌ يُرِيغُ كَذَا وَكَذَا ويُلِيصُه أَي يَطْلُبُه وَيُدِيرُهُ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
يُدِيرونني عَنْ سالِمٍ وأُرِيغُه، ... وجِلْدةُ بَيْن العَيْنِ والأَنْفِ سالِمُ
وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ يَحومُ حَوْلَكَ: مَا تُرِيغُ أَي مَا تَطْلُب. وَفُلَانٌ يُدِيرُني عَلَى أَمر وأَنا أُرِيغُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يُرِيغُ سَوادَ عَيْنَيْهِ الغُرابُ
أَي يَطْلُبُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه سَمِعَ بُكَاءَ صَبِيٍّ فسأَل أُمه فَقَالَتْ: إِنِّي أُرِيغُه عَلَى الطَّعَامِ
أَي أُدِيرُه عَلَيْهِ وأُرِيده مِنْهُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُرِيغُني عَلَى أَمرٍ وَعَنْ أَمرٍ أَي يُراوِدُني وَيَطْلُبُهُ مِنِّي؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قَيْسٍ: خَرَجْتُ أُرِيغُ بَعِيرًا شرَدَ مِنِّي
أَي أَطلبه بِكُلِّ طَرِيقٍ. وَمِنْهُ رَوَغانُ الثعلبِ، وَفُلَانٌ يُراوِغُ فِي الأَمرِ مُراوَغةً، وتَراوَغَ القومُ أَي راوَغَ بعضُهم بَعْضًا. والرَّوَّاغُ: الثَّعْلَبُ، وَهُوَ أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلب. وراغَ إِلَيْهِ يُسارُّه أَو يَضْرِبُه: أَقْبَلَ. وراغَ فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ أَي مَالَ إِليه سِرًّا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ
، وَقَالَ تَعَالَى: فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ
؛ كلُّ ذَلِكَ انْحِرَافٌ فِي اسْتخفاء، وَقِيلَ: أَقْبَلَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ فَراغَ إِلى أَهْلِهِ
: مَعْنَاهُ رجَع إِلَى أَهلِه فِي حَالِ إِخْفاء مِنْهُ لرُجُوعِه، وَلَا يُقَالُ لِلَّذِي رجَع قَدْ راغَ إلَّا أَن يَكُونَ مُخْفِياً لرُجوعه. وَقَالَ في قوله فَراغَ عَلَيْهِمْ
: مالَ عَلَيْهِمْ وكأَنَّ الرَّوْغَ هَاهُنَا أَي أَنه اعْتَلَّ عَلَيْهِمْ رَوْغاً لِيَفْعَلَ بآلِهتِهِم مَا فَعَل. وَطَرِيقٌ رائِغٌ: مائِلٌ. وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف: فعَدَلْتُ إِلَى رائِغةٍ مِنْ رَوائِغِ المدينةِ
أَي طريقٍ يَعْدِلُ ويَمِيلُ عَنِ الطريقِ الأَعْظَمِ. قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً
، أَي مالَ وأَقْبَلَ. ورِواغةُ القومِ ورِياغَتُهم: حَيْثُ يَصْطَرِعُون. وَيُقَالُ: هَذِهِ رياغةُ بَنِي فُلَانٍ ورِواغَتُهم أَي حَيْثُ يَصْطَرِعُون، وأَصله رِواغةٌ صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا. والمُراوَغةُ: المُصارَعةُ. ورَوَّغَ لُقْمَتَه فِي الدَّسَم: غَمَسَها فِيهِ كَرَوَّلَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا كَفَى أَحدَكم خادِمُه حَرَّ طعامِه فلْيُقْعِدْه مَعَهُ وإلَّا فَلْيُرَوِّغْ لَهُ لُقْمةً
أَي يُطْعِمْه لُقْمة مُشَرَّبةً مِنْ دَسَمِ الطَّعامِ. يُقَالُ رَوَّغَ فُلَانٌ طَعامَه ومَرَّغه وسَغْبَلَه إِذا رَوَّاه دَسَماً. وتُرَوَّغُ الدابةُ فِي التراب: تُمَرَّغُ «1» .
ريغ: الرِّياغُ: الترابُ، وَقِيلَ: التُّرَابُ المُدَقَّقُ. شَمِرٌ: الرِّياغُ الرَّهَجُ وَالتُّرَابُ، قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ عَيْراً وأُتُنَه:
وإنْ أَثارَتْ مِنْ رِياغٍ سَمْلَقا، ... تَهْوِي حَوامِيها بِهِ مُدَقَّقا
قَالَ الأَزهري: وأَحسَب الموضِع الَّذِي يَتَمَرَّغُ فِيهِ الدوابُّ سُمِّي مَراغاً مِنَ الرِّياغِ، وهو الغُبارُ.
فصل الزاي
زغغ: الْكِسَائِيُّ: زَغْزَغَ الرجلُ فَمَا أَحْجَمَ أَي حَمَلَ فَلَمْ يَنْكُصْ، ولَقِيتُه فَمَا زَغْزَغَ أَي فَمَا أَحْجَمَ. قَالَ الأَزهريّ: وَلَا أَدري أَصحيح هُوَ أَم لَا. وزَغْزَغَ بِالرَّجُلِ: هَزِئَ بِهِ وسَخِرَ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةُ:
عَلَيَّ إنِّي لَسْتُ بالمُزَغْزَغِ
__________
(1) . قوله [تروّغ وتمرّغ] كذا ضبط في الأَصل بصيغة المبني للمفعول، وفي القاموس: تروّغ الدابة تمرغت بالبناء للفاعل، قال شارحه: صوابه تروغت.(8/431)
أَي بِالَّذِي يُسْخَرُ مِنْهُ. والزَّغْزغةُ: أَن يَخْبَأَ الشيءَ ويُخفِيَه. ابْنُ بَرِّيٍّ: الزَّغْزَغَ المَغْمُوزُ فِي حَسَبِه ونسَبِه، والزَّغْزَغَةُ الخِفّةُ والنَّزَقُ، ورجلٌ زَغْزَغٌ مِنْهُ. والزُّغْزُغُ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ. وزَغْزَغٌ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ مُعَرَّفًا بالأَلف وَاللَّامِ الزَّغْزغ. وَيُقَالُ: كَلَّمْتُهُ بالزُّغْزُغِيَّةِ، وَهِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَجَمِ، وَاللَّهُ أَعلم.
زلغ: زَلَغَه بِالْعَصَا: ضَرَبَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الأَزهري: أَما زَلَغَ فَهُوَ عِنْدِي مُهْمَلٌ، قَالَ: وَذَكَرَ اللَّيْثُ أَنه مُسْتَعْمَلٌ وَقَالَ: تَزَلَّغَتْ رجْلي إِذَا تَشَقَّقَتْ. والتَّزَلُّغُ: الشِّقَاقُ «2» . قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْرُوفُ تَزَلَّعَتْ يَدُهُ ورِجله إِذَا تَشَقَّقَتْ، بِالْعَيْنِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، وَمَنْ قَالَ تَزَلَّغَتْ، بِالْغَيْنِ المعجمة، فقد صحَّف.
زوغ: زاغَ الطريق زَوْغاً وزَيْغاً: عَدَلَ، وَالْيَاءُ أَفصح؛ أَنشد ابْنُ جِنِّي فِي الْوَاوِ:
صَحا قَلْبي وأَقْصَرَ واعِظايَهْ، ... وعُلِّقَ وصْلَ أَزْوَغَ مِنْ عَظايَهْ
جَعَلَ الزَّيَغانَ للعَظايةِ. وَيُقَالُ: زاغَ فِي كُلِّ مَا جَرَى فِي المَنْطِقِ يَزُوغُ زَوَغاناً، وَتَقُولُ: أَنت أَزَغْتَه فِي كُلِّ مَا جَرَى فِي المَنْطِقِ، وأَنا أُزِيغُه إزاغةً، وزاوَغْتُه مُزاوَغَةً وزِواغاً وزُغْتُ به زَوَغاناً.
زيغ: الزَّيْغُ: المَيْلُ، زاغَ يَزِيغُ زَيْغاً وزَيَغاناً وزُيُوغاً وزَيْغُوغةً وأَزَغْتُه أَنا إِزَاغَةً، وَهُوَ زائِغٌ مِنْ قَوْمٍ زاغةٍ: مالَ. وقومٌ زاغةٌ عَنِ الشَّيْءِ أَي زَائِغُونَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنا لَا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا
؛ أَي لَا تُمِلْنا عَنِ الهُدَى والقَصْدِ وَلَا تُضِلَّنا، وَقِيلَ: لَا تُزِغْ قُلُوبَنا
لَا تَتَعَبَّدْنا بِمَا يَكُونُ سَبَبًا لِزَيْغِ قلوبِنا، والواوُ لُغَةٌ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ لَا تُزِغْ قَلْبي أَي لَا تُمَيِّلْه عَنِ الإِيمانِ.
يُقَالُ: زاغَ عَنِ الطَّرِيقِ يَزِيغُ إِذَا عدَلَ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَخافُ إِن تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمرِه أَن أَزِيغَ
أَي أَجُورَ وأَعْدِلَ عَنِ الْحَقِّ، وَحَدِيثِ
عَائِشَةَ: وإذْ زَاغَتِ الأَبصار
أَي مالَتْ عَنْ مَكَانِهَا كَمَا يَعْرِضُ للإِنسان عِنْدَ الْخَوْفِ. وأَزاغه عَنِ الطَّرِيقِ أَي أَمالَه. وزاغتِ الشمسُ تَزِيغُ زَيُوغاً، فَهِيَ زائِغةٌ: مالَتْ وزاغَتْ، وَكَذَلِكَ إِذا فاءَ الفيءُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ
. وزاغَ البصرُ أَي كَلَّ. والتَّزايُغُ: التَّمايُلُ، وخصَّ بعضُهم بِهِ التَّمايُلَ فِي الأَسْنانِ. أَبو سَعِيدٍ: زَيَّغْتُ فُلَانًا تَزْيِيغاً إِذَا أَقَمْتَ زَيْغَه، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ تَظَلَّمَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ فَظَلَّمَه تَظْليماً. والزَّاغُ: هَذَا الطَّائِرُ، وَجَمْعُهُ الزِّيغانُ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري أَعربيّ أَم مُعَرَّبٌ. وَفِي حَدِيثِ
الحَكَمِ: أَنه رخَّصَ فِي الزَّاغِ
، قَالَ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ الغِرْبانِ صَغِيرٌ. وتَزَيَّغَتِ المرأَةُ تَزَيُّغاً مِثْلُ تَزَيَّقَتْ تَزَيُّقاً إِذا تَزَيَّنَتْ وتَبَرَّجَتْ وتَلَبَّسَتْ كَتَزَيَّنَتْ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
فصل السين المهملة
سبغ: شَيْءٌ سابغٌ أَي كامِلٌ وافٍ. وسَبَغَ الشيءُ يَسْبُغُ سُبُوغاً: طالَ إِلَى الأَرض واتَّسَعَ، وأَسْبَغَه
__________
(2) . قوله [والتزلغ] كذا بالأَصل، ولعله الانشقاق أو التشقق.(8/432)
هُوَ وسَبَغَ الشعرُ سُبُوغاً وسَبَغَتِ الدِّرْعُ، وكلُّ شيءٍ طالَ إِلَى الأَرض، فَهُوَ سابِغٌ. وَقَدْ أَسْبَغَ فُلَانٌ ثَوْبَه أَي أَوسَعَه. وسَبَغَتِ النِّعْمةُ تَسْبُغُ، بِالضَّمِّ، سُبُوغاً: اتَّسَعَتْ. وإِسْباغُ الوُضوءِ: المُبالَغة فِيهِ وإتْمامُه. وَنِعْمَةٌ سابِغةٌ، وأَسْبَغَ اللَّهُ عَلَيْهِ النِّعْمةَ: أَكْمَلَها وأَتَمَّها ووسَّعَها. وَإِنَّهُمْ لَفِي سَبْغةٍ مِنَ العَيْشِ أَي سَعةٍ. ودَلْوٌ سابِغةٌ: طَوِيلَةٌ؛ قَالَ:
دَلْوُكَ دَلْوٌ، يَا دُلَيْحُ، سابِغهْ ... فِي كلِّ أَرْجاءِ القَلِيبِ والِغهْ
ومطرٌ سابغٌ، وسَبَغَ المطرُ: دَنا إِلَى الأَرض وَامْتَدَّ؛ قَالَ:
يُسِيلُ الرُّبا، واهِي الكُلَى، عَرِصُ الذُّرى، ... أَهِلَّةُ نَضّاخِ النَّدَى سابغِ القَطْرِ
وذنَبٌ سابِغٌ أَي وافٍ. وَفِي حَدِيثِ المُلاعَنةِ:
إِنْ جَاءَتْ بِهِ سابِغَ الأَلْيَتَيْنِ
أَي عظِيمهما مِنْ سُبُوغِ الثَّوْبِ والنِّعْمةِ. والسابِغةُ: الدِّرْعُ الواسِعةُ. وَرَجُلٌ مُسْبِغٌ: عَلَيْهِ دِرعٌ سابِغةٌ. والدِّرْعُ السابِغةُ: الَّتِي تَجُرُّها فِي الأَرض أَو عَلَى كَعْبَيْكَ طُولًا وسَعةً؛ وأَنشد شَمِرٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الأَسدي:
وسابِغةٍ تَغْشَى البنانَ، كأَنَّها ... أَضاةٌ بِضحْضاحٍ مِنَ الْمَاءِ ظاهِرِ
وتَسْبِغةُ البَيْضةِ: مَا تُوصَلُ بِهِ البَيْضةُ مِنْ حَلَقِ الدُّرُوعِ فَتَسْتُرُ العُنُقَ لأَن البيضةَ بِهِ تَسْبُغُ، ولوْلاه لَكَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِ الدِّرْع خَلَلٌ وعوْرة. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ بيضةٌ لَهَا سابِغٌ؛ وَقَالَ النَّضْرُ: تَسْبِغةُ الْبَيْضِ رُفُوفُها «1» مِنَ الزَّرَدِ أَسفَل الْبَيْضَةِ يَقِي بِهَا الرجلُ عُنقه، وَيُقَالُ لِذَلِكَ المِغْفَر أَيضاً؛ وَقَالَ أَبو وَجْزةَ فِي التَّسْبِغةِ:
وتَسْبِغة يَغْشَى المَناكِبَ رَيْعُها، ... لِدوادَ كانَتْ، نَسْجُها لَمْ يُهَلْهَلِ
وَفِي حَدِيثِ قَتْلِ أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ:
زَجَلَه بِالْحَرْبَةِ فتَقَعُ فِي تَرْقُوَتهِ تَحْتَ تَسْبِغةِ الْبَيْضَةِ
؛ التَّسْبِغةُ: شَيْءٌ مِنْ حَلَق الدُّرُوع والزَّرَدِ يَعْلُقُ بالخُوذةِ دَائِرًا مَعَهَا ليسْتُر الرقبةَ وجَيْبَ الدِّرْع. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إنَّ زَرَدَتَيْنِ مِنْ زَرَدِ التَّسْبِغةِ نَشِبَتا فِي خَدّ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، يَوْمَ أُحُد
، وَهِيَ تَفْعِلة، مَصْدَرُ سَبَّغَ مِنَ السُّبُوغ الشُّمُولِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ اسْمُ دِرْعِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَا السُّبُوغِ
لِتَمامِها وسَعَتِها. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: أَسْبِغُوا لليتِيم فِي النفَقةِ
أَي أَنفِقوا عَلَيْهِ تَمَامَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَوَسِّعُوا عَلَيْهِ فِيهَا. وفحْلٌ سابِغٌ أَي طويلُ الجُرْدانِ، وَضِدُّهُ الكَمْشُ. وَنَاقَةٌ سابِغةُ الضُّلُوع وعجِيزةٌ سابِغةٌ وأَلْيَةٌ سابِغةٌ. والمُسَبَّغُ مِنَ الرَّمَل: مَا زِيدَ عَلَى جُزْئِهِ حَرْفٌ نَحْوُ فاعِلاتانْ مِنْ قَوْلِهِ:
يَا خَلِيلَيَّ ارْبَعا ... فاسْتَنْطِقا رَسْماً بِعُسْفانْ
فَقَوْلُهُ: مَن بعُسْفانْ فاعِلاتانْ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَى قَوْلِهِمْ مُسَبَّغاً كأَنَّه جُعِلَ سَابِغًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ المُسَبَّغِ والمُذَيَّلِ أَن المُسَبَّغَ زِيدَ عَلَى مَا يُزاحَفُ
__________
(1) . قوله [رفوفها] الذي في شرح القاموس: رفرفها براءين، وفي الأساس: وسالت تسبغته على سابغته وهي رفرف البيضة.(8/433)
مِثْلُه، وَهُوَ أَقلّ مُتَحَرِّكَاتٍ مِنَ المُذَيَّلِ، وَهُوَ زِيَادَةٌ على سبب، والمُذَيَّلُ عَلَى وَتِدٍ. قَالَ أَبو إسحق: سُمِّي مُسبَّغاً لوُفُورِ سُبُوغِه لأَن فَاعِلَاتُنْ إِذَا جَاءَ تَامًّا فَهُوَ سَابِغٌ، فإِذا زِدْتَ عَلَى السَّابِغِ فَهُوَ مُسَبَّغ كَمَا أَنك تَقُولُ لِذِي الفَضْل فاضِلٌ، وَتَقُولُ لِلَّذِي يَكْثُرُ فَضْلُهُ فَضّالٌ ومُفَضَّلٌ. وسَبَّغَتِ الناقةُ تَسْبِيغاً، فَهِيَ مُسَبِّغٌ: أَلْقَتْ وَلَدَهَا لِغَيْرِ تَمَامِ، وَقِيلَ: أَلقته وَقَدْ أَشْعَر، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَادَةً فَهِيَ مِسْباغٌ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ. وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: التسْبِيغُ فِي جَمِيعِ الحَوامل مثلُه فِي النَّاقَةِ. والمُسَبَّغُ: الَّذِي رَمَتْ بِهِ أُمُّه بعد ما نُفِخَ فِيهِ الرُّوح؛ عَنْ كُرَاعٍ. التَّهْذِيبِ: وسبَّغَتِ النَّاقَةُ تَسْبيغاً فَهِيَ مُسَبِّغ إِذَا كَانَتْ كُلَّمَا نَبَت عَلَى وَلَدِهَا فِي بَطْنِهَا الوَبَرُ أَجْهَضَتْه، وَكَذَلِكَ مِنَ الحوامِلِ كلِّها. أَبو عَمْرٍو: سَبَّطَت الإِبلُ أَوْلادَها وسَبَّغَتْ إِذَا أَلقَتْها.
سرغ: ابْنُ الأَعرابي: سُرُوغُ الكَرْمِ قُضْبانُه الرَّطْبةُ، الْوَاحِدُ سَرْغٌ. وسَرِغَ الرَّجُلُ إِذَا أَكلَ القُطُوفَ مِنَ الْعِنَبِ بأُصُولها، وَقَالَ اللَّيْثُ: هِيَ السُّروع، بِالْعَيْنِ، وَقَدْ تقدَّمت. وسَرْغٌ: مَوْضِعٌ مِنَ الشَّامِ قِيلَ إِنَّهُ وَادِي تَبُوكَ، وَقِيلَ بِقُرْبِ تَبُوكَ؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَفِي حَدِيثٍ الطاعونِ: أَنه لَمَّا خَرَجَ إِلَى الشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغ لقِيَه الناسُ فأُخْبِرَ أَنَّ الوباءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ
؛ هِيَ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا قَرْية بِوادي تَبوك مِنْ طَرِيقِ الشَّامِ، وَقِيلَ: هِيَ عَلَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَرْحَلةً مِنَ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ يَقْربُ مِنْ رِيفِ الشَّامِ.
سغسغ: سَغْسَغَ الدُّهْنَ فِي رأْسه سَغْسَغةً وسِغْساغاً: أَدْخله تحتَ شَعْرِهِ. وسَغْسَغَ رأْسَه بالدُّهْنِ: رَوَّاه ووضَعَ عَلَيْهِ الدهنَ بِكَفَّيْهِ وَعَصَرَهُ لِيَتَشَرَّبَ؛ وأَنشد الليث:
إنْ لَمْ يَعُقْني عائِقُ التَّسَغْسُغِ
أَراد الإِيغالَ فِي الأَرض، قَالَ: وأَصله سَغَّغْتُه بِثَلَاثِ غَيْنَاتٍ إلَّا أَنهم أَبدلوا مِنَ الْغَيْنِ الْوُسْطَى سِينًا فَرْقًا بَيْنَ فَعْلَلَ وفَعَّل، وإِنما أَرادوا السِّينَ دُونَ سَائِرِ الْحُرُوفِ لأَن فِي الْحَرْفِ سِينًا، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي جَمِيعِ مَا أَشبهه مِنَ الْمُضَاعَفِ مِثْلَ لَقْلَقَ وعَثْعَثَ وكَعْكَعَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي طِيبِ المُحْرِمِ: أَما أَنا فأُسَغْسِغُه فِي رأْسي
أَي أُرَوِّيهِ، وَيُرْوَى بِالصَّادِّ، وَسَيَجِيءُ. وسَغْسَغ الطعامَ سَغْسَغَة: أَوْسَعَه دَسَماً، وَقَدْ حُكِيَتْ بِالصَّادِ. وَفِي حَدِيثِ
واثلةَ: وصَنَعَ مِنْهُ ثَريدةً ثُمَّ سَغْسَغَها
، بِالسِّينِ وَالْغَيْنِ، أَي رَوَّاها بالدُّهْن والسَّمْنِ، وَيُرْوَى بِالشِّينِ. وسَغْسَغَ الشيءَ فِي التُّرَابِ: دَحْرَجَه ودَسَّسَه فيه. وسَغْسَغَ الشيءَ: حرَّكَه مِنْ مَوْضِعِهِ مِثْلَ الوتدِ وَمَا أَشبهه. وسَغْسَغَتْ. ثَنِيَّتُه: تحرَّكت. وتَسَغْسَغَ مِنَ الأَمرِ: تَخَلَّصَ مِنْهُ. وتَسَغْسَغَ فِي الأَرض أَي دَخَلَ؛ قَالَ رؤْبة:
إليكَ أَرْجُو مِن نَداكَ الأَسْبَغِ، ... إنْ لَمْ يَعُقْني عائِقُ التَّسَغْسُغِ
فِي الأَرضِ، فارْقُبْني وعَجْمَ المُضَّغِ
قَالَ: يَعْنِي الْمَوْتَ، وَقِيلَ: أَراد الإِيغال فِي الأَرض كَمَا تَقَدَّمَ.(8/434)
سقغ: أَنشد ابْنُ جِنِّي:
قُبِّحْتِ مِنْ سالِفةٍ ومِنْ صُدُغْ، ... كأَنَّها كُشْيةُ ضَبٍّ فِي سُقُغْ
كَذَا رَوَاهُ يُونُسُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو لِيُونُسَ وَقَدْ رأَى مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَحُّشِ مِنْ هَذَا: لَوْلَا ذَاكَ لم أَرْوِهما.
سلغ: سَلَغَت الشاةُ والبقرةُ تَسْلَغُ سُلُوغاً، وَهِيَ سالِغٌ: تَمَّ سِمَنُها. وأَما مَا حُكِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ صالِغٌ فَعَلَى المُضارعةِ، وَقِيلَ: هِيَ عَنْبَرِية عَلَى أَنَّ الأَصمعي قَالَ: هِيَ بِالصَّادِّ لَا غَيْرَ. وَغَنَمٌ سُلَّغٌ كَصُلَّغٍ. وسَلَغَ الحِمارُ: قَرِحَ. وسَلَغَتِ البقرةُ والشاةُ تَسْلَغُ سُلُوغاً إِذَا أَسْقَطَتِ السِّنَّ الَّتِي خَلْفَ السَّدِيسِ، فهي يسالِغٌ، وصَلَغَتْ، فَهِيَ صالِغٌ، الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ، وَذَلِكَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ، والسُّلوغُ فِي ذَوات الأَظْلافِ: بِمَنْزِلَةِ البُزُولِ فِي ذَواتِ الأَخْفافِ لأَنهما أَقصى أَسنانهما لأَنَّ وَلَدُ الْبَقَرَةِ أَوَّلَ سنةٍ عِجْلٌ ثُمَّ تَبِيعٌ ثُمَّ جَذَعٌ ثُمَّ ثَنِيٌّ ثُمَّ رَباعٌ ثُمَّ سَدِيسٌ ثم سالِغُ سَنةٍ وسالِغُ سَنَتَيْنِ إِلَى مَا زَادَ، وَوَلَدُ الشاةِ أَوّلَ حَمَلٌ أَو جَدْي ثُمَّ جَذَعٌ ثُمَّ ثَنِيٌّ ثُمَّ رَباعٌ ثُمَّ سَدِيسٌ ثُمَّ سالِغٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ لأَنَّ وَلَدُ الْبَقَرَةِ أَول سَنَةٍ عِجْل ثُمَّ تَبيع ثُمَّ جذَع قَالَ: صَوَابُهُ أَولَ سَنَةٍ عِجْلٌ وتَبيعٌ لأَنَّ التَّبِيعَ لأَوّل سنةٍ والجذَع لِلثَّانِيَةِ فَيَكُونُ السَّالِغُ هُوَ السَّادِسَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ تَبِعَ أَنّ التَّبِيعَ لأَول سَنَةٍ فَيَكُونُ الجذَع عَلَى هَذَا لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ. وسَلَغتِ الشاةُ إِذَا طَلع نابُها. وسَلَغَ رأْسَه: لُغَةٌ فِي ثَلَغَه. وأَحْمرُ أَسْلَغُ: شَدِيدُ الحُمْرةِ، بالَغُوا بِهِ كَمَا قَالُوا أَحمر قانئٌ. ابن الأَعرابي: رأَيته كاذِباً ماتِعاً أَسْلَغَ مُنْسَلِخاً كلُّه الشَّدِيدُ الحُمْرةِ. ولَحْمٌ أَسْلَغُ بَيِّنُ السَّلَغِ: نيءٌ أَحمر، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُطْبَخُ وَلَا يُنْضَجُ. وَيُقَالُ للأَبْرَصِ أَسْلَغُ وأَسْلَعُ، بالغين والعين.
سمغ: سَمَّغَه: أَطْعَمَه وجَرَّعَه كَسَغَّمَه؛ عَنْ كُرَاعٍ. والسَّامِغانِ: جَامِعَا الْفَمِّ تَحْتَ طَرَفَي الشارِبِ مِنْ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ.
سملغ: السَّمَلَّغُ، الْغَيْنُ أَخيرة كالسَّلْغَمِ: الطويلُ.
سوغ: ساغَ الشرابُ فِي الحَلْقِ يَسُوغُ سَوْغاً وسَواغاً: سَهُلَ مَدْخَلهُ فِي الحلقِ. وساغَ الطعامُ سَوْغاً: نَزَلَ فِي الحلقِ، وأَساغَه هُوَ وساغَه يَسُوغُه ويَسِيغُه سَوْغاً وسَيْغاً وأَساغَه اللَّهُ إِيّاه. وَيُقَالُ: أَساغَ فلانٌ الطعامَ والشرابَ يُسِيغُه وسَوَّغَه مَا أَصابَ: هَنَّأَه، وَقِيلَ: تَرَكَه لَهُ خَالِصًا. وسِغْتُه أَسِيغُه وسُغْتُه أَسُوغُه يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، والأَجْوَدُ أَسَغْتُه إِساغةً. يُقَالُ: أَسِغْ لِي غُصَّتي أَي أَمْهِلْنِي وَلَا تُعْجِلْني. وَقَالَ تَعَالَى: يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ
. والسِّواغُ، بِكَسْرِ السِّينِ: مَا أَسَغْتَ بِهِ غُصَّتَكَ. يُقَالُ: الْمَاءُ سِواغُ الغُصَص؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
وكانَتْ سِواغاً أَنْ جَئِزْت بِغُصَّةٍ
وشرابٌ سائِغُ وأَسْوَغُ: عَذْبٌ. وطَعامٌ أَسْوَغُ سَيِّغٌ: يَسُوغُ فِي الحَلْقِ؛ وقوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الهُذَليِّ:
قدْ ساغَ فِيهِ لَهَا وَجْهُ النهارِ كَمَا ... ساغَ الشَّرابُ لِعَطْشانٍ، إِذَا شَرِبا
أَرادَ سَهُلَ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي النَّهَارِ عَلَى الْمَثَلِ. وساغ لَهُ(8/435)
مَا فَعَلَ أَي جازَ لَهُ ذَلِكَ، وأَنا سَوَّغْتُه لَهُ أَي جَوَّزْتُه. قَالَ ابْنُ بُزْرُجٍ: أَساغَ فلانٌ بِفُلَانٍ أَي بِهِ تَمَّ أَمرُه وَبِهِ كَانَ قضاءُ حاجتِه، وَذَلِكَ أَنه يُرِيدُ عِدَّةَ رجالٍ أَو عِدَّةَ دَراهِمَ فَيَبْقَى وَاحِدٌ بِهِ يَتِمُّ الأَمرُ، فإِذا أَصابَه قِيلَ أَساغَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ أَكثر مِنْ ذَلِكَ قِيلَ أَساغُوا بِهِمْ. وسَوْغُ الرجلِ: الَّذِي يُولَدُ عَلَى أَثره، إن لَمْ يَكُ أَخاه. وسَوْغُه: أَخوه لأَبيه وأُمه، وَذَلِكَ إِذَا وُلِدَ بَعْدَهُ عَلَى أَثره لَيْسَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ أَحدهما سَوْغُه، وَقَالَ الْآخَرُ سَوْغَتُه، مَعْنَاهُ يَتْلُوهُ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: هُوَ سَوْغُه وسَيْغُه، بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ. وَيُقَالُ: هُوَ أَخوه سَوْغُه وَهِيَ أُخته سَوْغُه إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ هَذَا سَوْغُ هَذَا وَسَيغُ هَذَا لِلَّذِي وُلِدَ بَعْدَهُ وَلَمْ يُولَدْ بَيْنَهُمَا. وَسَوْغُهُ وسَوْغَتُه: أُخته الَّتِي وُلِدَتْ عَلَى أَثره. وأَسْواغُه: الَّذِينَ وُلِدُوا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ بَعْدَهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ بَطْنٌ سِوَاهُمْ، وَالصَّادُ فِيهِ لُغَةٌ. وأَسْوَغَ الرجلُ أَخاه إِسْواغاً إِذَا وُلِدَ مَعَهُ. وَقَدْ سَاغَتْ بِهِ الأَرضُ سَوْغاً مِثْلُ سَاخَتْ سَوَاءٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أَيوب: إِذَا شِئْتَ فارْكَبْ ثُمَّ سُغْ فِي الأَرض مَا وجدْتَ مَساغاً
أَي ادْخُلُ فِيهَا مَا وجدْت مَدْخَلًا.
سيغ: هَذَا سَيْغُ هَذَا إِذَا كَانَ عَلَى قَدْرِه.
فصل الشين المعجمة
شتغ: شَتَغَ الشيءَ يَشْتَغُه شَتْغاً: وَطِئَه وذَلَّلَه. والمَشاتِغُ: المَهالِكُ.
شرغ: الشِّرْغُ والشَّرْغُ: الضِّفْدَعُ الصَّغِيرُ، وَالْجَمْعُ شُرُوغٌ. اللَّيْثُ: الشَّرْغُ، يُخَفَّفُ ويثقَّل، الضِّفْدَعُ الصَّغِيرُ، وَيُقَالُ لَهُ الشُّرَيْرِيغُ والشِّرِّيغُ؛ وأَنشد:
تَرَى الشُّرَيْرِيغَ يَطْفُو فوقَ طاحِرةٍ، ... مُسْحَنْطِراً ناظِراً نحوَ الشَّناغِيبِ
يُقَالُ للغُصْنِ الناعِمِ: شُنْغُوبٌ وشُغْنُوبٌ.
شرفغ: الشُّرْفُوغُ: الضِّفْدع الصَّغِيرُ، يمانية.
شغغ: الشَّغْشَغةُ: التصْرِيدُ فِي الشُّرْبِ. وشَغْشَغَ الشيءَ: أَدْخَله وأَخرجه. والشَّغْشَغةُ: تَحْرِيكُ اللِّجام فِي الْفَمِ. يُقَالُ: شَغْشَغَ المُلْجِمُ اللِّجامَ فِي فَمِ الدابَّة إِذا امْتَنَعَ عَلَيْهِ فَرَدَّدَهُ فِي فِيهِ تأْدِيباً؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الهُذَلي:
ذُو غَيِّثٍ بَسْرٌ يَبُذُّ قَذالَه، ... إِنْ كَانَ شَغْشَغه سِوارُ المُلْجِمِ
قَالَ الأَزهري: مَنْ رَوَاهُ إِنْ كَانَ فَتَحَ سِوارَ قَالَ: وَالرَّفْعُ أَجود. وشَغْشَغَ السِّنانَ فِي الطَّعْنة: حَرَّكَهُ لِيَتَمَكَّنَ فِي المَطْعونِ وَهُوَ الشَّغْشَغةُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُدْخلَه ويُخْرِجَه. والشَّغْشَغةُ: صَوْتُ الطَّعْنِ؛ قَالَ عَبْدُ مَنافِ بْنُ رِبْعٍ الْهُذَلِيُّ:
الطَّعْنُ شَغْشَغَةٌ، والضَّرْبُ هَيْقَعةٌ، ... ضَرْبَ المُعَوِّلِ تحتَ الدِّيمةِ العَضَدا
المُعَوِّلُ: الَّذِي يَبْني العالةَ وَهِيَ شِبْهُ الظُّلّةِ لِيَسْتَتِرَ بِهَا مِنَ الْمَطَرِ. والشَّغْشَغةُ: ضَرْبٌ مِنَ الهَدِيرِ. وشَغْشَغَ الإِناءَ: صبَّ فِيهِ الْمَاءَ أَو غَيْرَهُ ليَمْلأَه. وشَغْشَغَ الْبِئْرَ إِذَا كَدَّرها. قَالَ الأَزهري: كأَنه مَقْلُوبٌ مِنَ التَّغْشِيشِ والغَشَشِ، وَهُوَ الكَدِرُ، وللشَّغْشَغَةِ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ حِكاية صوتِ الطَّعْنةِ إِذَا رَدَّدَهَا الطاعِنُ فِي جَوْفِ المَطْعُونِ كَمَا تَقَدَّمَ.(8/436)
وَفِي التَّهْذِيبِ: الشَّغْشَغةُ التَّصْرِيدُ فِي الشُّرْب وَهُوَ التَّقْلِيلُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَوْ كنتُ أَسْطِيعُكَ لَمْ تُشَغْشِغِ ... شِرْبي، وَمَا المَشْغُولُ مِثْلَ الأَفْرَغِ
قَالَ الأَزهري: مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ تُشَغْشِغْ شِرْبي أَي لم تُكَدِّرُه.
شلغ: شَلَغَ رأْسَه شَلْغاً: شَدَخَه كَثَلَغه وفَلَغَه، وفَدَغَه مثله.
فصل الصاد المهملة
صبغ: الصِّبْغُ والصِّباغُ: مَا يُصْطَبَغُ بِهِ مِنَ الإِدامِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الزَّيْتُون: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ
، يَعْنِي دُهْنَه؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ الآكلونَ يَصْطَبِغُون بالزَّيت فَجَعَلَ الصِّبْغَ الزَّيْتَ نفسَه، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَراد بالصِّبْغ الزيتونَ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا أَجود الْقَوْلَيْنِ لأَنه قَدْ ذَكَرَ الدُّهن قَبْلَهُ، قَالَ: وَقَوْلُهُ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ أَي تَنْبُتُ وَفِيهَا دُهْن وَمَعَهَا دُهْن كَقَوْلِكَ جَاءَنِي زَيْدٌ بِالسَّيْفِ أَي جَاءَنِي وَمَعَهُ السَّيْفُ. وصَبَغَ اللقمةَ يَصْبُغُها صَبْغاً: دَهَنها وغمَسها، وكلُّ مَا غُمِسَ، فَقَدْ صُبِغَ، وَالْجَمْعُ صِباغٌ؛ قَالَ الرَّاجِزِ:
تَزَجَّ مِنْ دُنْياكَ بالبَلاغِ، ... وباكِرِ المِعْدَةَ بالدِّباغِ
بالمِلْحِ، أَو مَا خَفَّ مِنْ صِباغِ
وَيُقَالُ: صَبَغَتِ الناقةُ مَشافِرَها فِي الْمَاءِ إِذَا غَمَسَتْها، وصَبَغَ يدَه فِي الْمَاءِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ صَبَغَتْ مَشافِراً كالأَشْبارْ، ... تُرْبِي عَلَى مَا قُدَّ يَفْرِيهِ الفَارْ،
مَسْكَ شَبُوبَينِ لَهَا بأَصْبارْ
قَالَ الأَزهري: وسمَّتِ النَّصَارَى غَمْسَهم أَوْلادَهم فِي الْمَاءِ صَبْغاً لغَمْسِهم إِيَّاهُمْ فِيهِ. والصَّبْغُ: الغَمْسُ. وصَبَغَ الثوبَ والشَّيْبَ ونحوَهما يَصْبَغُه ويَصْبُغُه ويَصْبِغُه ثلاتُ لغاتٍ؛ الْكَسْرُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، صَبْغاً وصِبْغاً وصِبَغةً؛ التَّثْقِيلُ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ الأَصمعي وأَبا زَيْدٍ يَقُولَانِ صَبَغْتُ الثوبَ أَصْبَغُه وأَصْبُغُه صِبَغاً حَسَنًا، الصَّادُ مَكْسُورَةٌ وَالْبَاءُ مُتَحَرِّكَةٌ، وَالَّذِي يُصْبَغُ بِهِ الصِّبْغُ، بِسُكُونِ الْبَاءِ، مِثْلَ الشِّبَعِ والشِّبْع؛ وأَنشد:
واصْبَغْ ثِيابي صِبَغاً تَحْقِيقا، ... مِن جَيِّدِ العُصْفُرِ لَا تَشْرِيقا
قَالَ: والتَّشْرِيقُ الصَّبْغُ الخفيفُ. والصِّبْغُ والصِّباغُ والصِّبْغةُ: مَا يُصْبَغُ بِهِ وتُلَوَّنُ بِهِ الثِّيَابُ، والصَّبْغُ الْمَصْدَرُ، وَالْجَمْعُ أَصْباغٌ وأَصْبِغةٌ. واصْطَبَغَ: اتَّخَذَ الصِّبْغَ، والصبّاغُ: مُعالِجُ الصّبْغِ، وحِرْفته الصِّباغةُ. وثيابٌ مُصَبَّغةٌ إِذا صُبِغَتْ، شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ فِي الْحَجِّ: فوجَد فَاطِمَةَ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغاً
أَي مَصْبوغة غَيْرَ بِيضٍ، وَهِيَ فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعول. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغةً
أَي يُغْمَسُ كَمَا يُغْمَسُ الثوبُ فِي الصِّبْغ. وَفِي حَدِيثِ آخَرَ:
اصْبُغُوه فِي النَّارِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَكْذَبُ الناسِ الصبّاغُون والصَّوّاغُون
؛ هُمْ صَبّاغو الثِّيَابِ وصاغةُ الحُلِيِّ لأَنهم يَمْطُلُون بالمَواعِيد، وأَصل الصَّبْغُ التَّغْيِيرُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: رأَى قَوْمًا يَتَعادَوْنَ فَقَالَ: مَا لَهُمْ؟ فَقَالُوا: خَرَجَ الدَّجّالُ، فَقَالَ: كَذِبةٌ كَذَبَها الصّباغُون
، وَرُوِيَ
الصوَّاغون.
وَقَوْلُهُمْ:(8/437)
قَدْ صَبَغُوني فِي عَيْنِكَ، يُقَالُ: مَعْنَاهُ غَيَّروني عِنْدَكَ وأَخبروا أَني قَدْ تَغَيَّرْتُ عَمَّا كُنْتُ عَلَيْهِ. قَالَ: والصَّبْغُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ التَّغْيِيرُ، وَمِنْهُ صُبِغَ الثوبُ إِذَا غُيِّرَ لَونُه وأُزِيلَ عَنْ حَالِهِ إِلى حالِ سَوادٍ أَو حُمْرةٍ أَو صُفْرةٍ، قَالَ: وَقِيلَ هُوَ مأْخوذ مَنْ قَوْلِهِمْ صَبَغُوني فِي عَيْنِكَ وصَبغوني عِنْدَكَ أَي أَشارُوا إِلَيْكَ بأَني مَوْضِعٌ لِمَا قَصَدْتَني بِهِ، مِنْ قوْلِ الْعَرَبِ صَبَغْتُ الرجلَ بِعَيْنِي وَيَدِي أَي أَشَرْتُ إِليه؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ إِذَا أَرادت بإشارةٍ أَو غَيْرِهَا قَالُوا صَبَعْت، بالعين المهملة؛ قال أَبو زَيْدٍ. وصِبْغةُ اللَّهِ: دِينُه، وَيُقَالُ أَصلُه. والصِّبغةُ: الشرِيعةُ والخِلقةُ، وَقِيلَ: هِيَ كُلُّ مَا تُقُرِّبَ بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً
؛ وَهُوَ مشتقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْهُ صَبْغُ النَّصَارَى أَولادهم فِي مَاءٍ لَهُمْ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّمَا قِيلَ صِبْغةَ لأَن بَعْضَ النَّصَارَى كَانُوا إِذَا وُلِدَ الْمَوْلُودُ جَعَلُوهُ فِي ماءٍ لَهُمْ كَالتَّطْهِيرِ فَيَقُولُونَ هَذَا تَطْهِيرٌ لَهُ كالخِتانة. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ صِبْغَةَ اللَّهِ
، يأْمر بِهَا مُحَمَّدًا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ الخِتانةُ اخْتَتَنَ إِبراهيم، وَهِيَ الصِبْغَةُ فَجَرَتِ الصِّبْغة عَلَى الخِتانة لصَبْغهم الغِلْمانَ فِي الْمَاءِ، وَنَصَبَ صبغةَ اللَّهِ لأَنه رَدَّها عَلَى قَوْلِهِ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ أَي بَلْ نَتَّبِع مِلَّة إِبْرَاهِيمَ ونتَّبِع صبغةَ اللَّهِ، وَقَالَ غَيْرُ الْفَرَّاءِ: أَضمر لَهَا فِعْلًا اعْرِفُوا صِبْغة اللَّهِ وتدبَّرُوا صِبْغَةَ اللَّهِ وَشِبْهُ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: صبغةُ اللَّهِ دِينُ اللَّهِ وفِطْرته. وَحُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو أَنه قَالَ: كُلُّ مَا تُقُرِّبَ بِهِ إِلى اللَّهِ فَهُوَ الصِّبْغَةُ. وتَصَبَّغَ فُلَانٌ فِي الدِّينِ تَصَبُّغاً وصِبغةً حَسَنةً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وصَبَغَ الذِّمِّيُّ ولدَه فِي الْيَهُودِيَّةِ أَو النَّصْرَانِيَّةَ صِبْغةً قَبِيحَةً: أَدخلها فِيهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَتِ النَّصَارَى تَغْمِسُ أَبناءها فِي مَاءٍ يُنَصِّرونهم بِذَلِكَ، قَالَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ. والصَّبَغُ فِي الْفَرَسِ: أَن تَبْيَضَّ الثُّنّةُ كلُّها وَلَا يَتَّصلَ بياضُها ببَياضِ التَّحْجِيلِ. والصَّبَغُ أَيضاً: أَن يَبْيَضَّ الذنَبُ كُلُّهُ والناصيةُ كُلُّهَا، وَهُوَ أَصْبَغُ. والصَّبَغُ أَيضاً: أَخَفُّ مِنَ الشَّعَل، وَهُوَ أَن تَكُونَ فِي طرَف ذنَبه شَعرات بِيض، يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ فَرَسٌ أَصْبَغُ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إِذَا شَابَتْ نَاصِيَةُ الْفَرَسِ فَهُوَ أَسْعَفُ، فإِذا ابْيَضَّتْ كُلُّهَا فَهُوَ أَصْبَغُ، قَالَ: والشَّعَلُ بَياض فِي عُرْضِ الذنَب، فإِن ابْيَضَّ كُلُّهُ أَو أَطْرافُه فَهُوَ أَصْبَغُ، قَالَ: والكَسَعُ أَن تبيضَّ أَطْرافُ الثُّنَنِ، فإِن ابْيَضَّتِ الثُّنَنُ كُلُّهَا فِي يَدٍ أَو رِجْلٍ وَلَمْ تَتَّصِلْ بِبَيَاضِ التَّحْجِيلِ فَهُوَ أَصْبَغُ. والصَّبْغاءُ مِنَ الضأْن: البيضاءُ طرَفِ الذَّنَبِ وسائرُها أَسود، وَالِاسْمُ الصُّبْغةُ. أَبو زَيْدٍ: إِذا ابْيَضَّ طَرَفُ ذنَب النعجةِ فَهِيَ صَبْغاء، وَقِيلَ: الأَصبغُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي ابْيَضَّتْ ناصِيته أَو ابْيَضَّتْ أَطراف ذَنَبِهِ، والأَصْبَغُ مِنَ الطَّيْرِ مَا ابْيَضَّ أَعلى ذَنْبِهِ، وَقِيلَ مَا ابْيَضَّ ذنَبُه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادَةَ: قَالَ أَبو بَكْرٍ كلَّا لَا يُعْطِيهِ أُصَيْبِغَ قُريش
، يَصِفُهُ بالعَجْزِ والضَّعْفِ والهَوان، فَشُبِّهَ بالأَصبغ وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الطُّيُورِ ضَعِيفٌ، وَقِيلَ شَبَّهه بالصَّبْغاءِ النَّباتِ، وَسَيَجِيءُ، وَيُرْوَى بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ تَصْغِيرُ ضَبُع عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ تَحْقيراً لَهُ. وصَبَغَ الثوبُ يَصْبُغُ صُبوغاً: اتَّسَعَ وطالَ لُغَةٌ فِي سَبَغَ. وصَبَّغَتِ الناقةُ: أَلْقَتْ ولدَها لَغَةٌ فِي سَبَّغَتْ. الأَصمعي: إِذَا أَلقت الناقةُ ولدَها وَقَدْ أَشْعَرَ قِيلَ: سَبَّغَتْ، فَهِيَ مُسبِّغٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ صَبَّغَتْ فَهِيَ مُصَبِّغٌ، بِالصَّادِّ، والسينُ أَكثر. وَيُقَالُ: نَاقَةٌ(8/438)
صابِغٌ إِذَا امْتَلأَ ضَرْعُها وحَسُنَ لَوْنُهُ، وَقَدْ صَبُغَ ضَرعُها صُبوغاً، وَهِيَ أَجْوَدُها مَحْلبة وأَحَبُّها إِلى الناسِ. وصَبَغَتْ عَضَلةُ فُلَانٍ أَي طالتْ تَصْبُغ، وَبِالسِّينِ أَيضاً. وصَبَغَتِ الإِبلُ فِي الرعْي تَصْبُغُ، فَهِيَ صابغةٌ؛ وَقَالَ جَنْدَلٌ يَصِفُ إِبلًا:
قَطَعْتُها بِرُجَّعٍ أَبْلاءِ، ... إِذَا اغْتَمَسْنَ مَلَثَ الظَّلْماءِ
بالقَوْمِ، لَمْ يَصْبُغْنَ فِي عَشاءِ
وَيُرْوَى: لَمْ يَصْبُؤْنَ فِي عَشاء. يُقَالُ: صَبأَ فِي الطَّعَامِ إِذَا وضَعَ فِيهِ رأْسَه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا تَرَكْتُه بِصِبْغ الثَّمَنِ أَي لَمْ أَتركه بثَمَنِه الذي هو ثمنه، وما أَخذته بِصِبْغ الثَّمَنِ أَي لم آخُذُهُ بِثَمَنِهِ الَّذِي هُوَ ثَمَنُهُ، وَلَكِنِّي أَخذته بِغلَاءٍ. وَيُقَالُ: أَصْبَغَتِ النخلةُ فَهِيَ مُصْبِغٌ إِذَا ظَهر فِي بُسْرِها النُّضْجُ، والبُسْرةُ الَّتِي قَدْ نَضِجَ بَعْضُهَا هِيَ الصُّبْغةُ، تَقُولُ: نَزَعْتُ مِنْهَا صُبْغةً أَو صُبْغَتَينِ، وَالصَّادُ فِي هَذَا أَكثر. وصَبَّغَت الرُّطَبةُ: مِثْلَ ذنَّبَتْ. والصَّبْغاءُ: ضَرْبٌ مِنْ نَبَاتِ القُفِّ. وقال أَبو حنيفة: الصَّبْغاء شَجَرَةٌ شَبِيهَةٌ بالضَّعةِ تأْلَفُها الظِّباء بَيْضَاءُ الثَّمَرَةِ، قَالَ: وَعَنِ الأَعراب الصَّبْغاءُ مِثْلُ الثُّمامِ. قَالَ الأَزهري: الصَّبْغاءُ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
هَلْ رأَيتم الصَّبْغاء مَا يَلي الظلَّ مِنْهَا أَصفرُ وأَبيضُ؟
وَرُوِيَ
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْري أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيل السيْلِ
، أَلَمْ تَرَوْها مَا يَلِي الظلَّ مِنْهَا أُصَيْفِرُ أَو أَبيضُ، وَمَا يلي الشمسَ منها أُخَيْضِرُ؟ وَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَهِيَ صَبْغاءُ؛ وَقَالَ: إِنَّ الطاقَةَ الغَضَّةَ مِنَ الصبْغاء حِينَ تَطْلُعُ الشمسُ يَكُونُ مَا يَلِي الشمسَ مِنْ أَعالِيها أَبيضَ وَمَا يَلِي الظلَّ أَخضر كأَنها شُبِّهَتْ بِالنَّعْجَةِ الصَّبْغَاءِ؛ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: شَبَّه نَباتَ لُحُومِهِمْ بَعْدَ إحْراقِها بِنَبَاتِ الطَّاقَةِ مِنَ النَّبْتِ حِينَ تطلُع، وَذَلِكَ أَنها حِينَ تطلُع تَكُونُ صَبْغاء، فَمَا يَلِي الشمسَ مِنْ أَعالِيها أَخضرُ، وَمَا يَلِي الظلَّ أَبيضُ. وَبَنُو صَبْغاء: قَوْمٌ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: الصَّبْغاء شَجَرَةٌ بَيْضَاءُ الثمرةِ. وصُبَيْغٌ وأَصْبَغُ وصبِيغٌ: أَسماء. وصِبْغٌ: اسْمُ رَجُلٍ كَانَ يَتَعَنَّتُ الناسَ بسُؤالات فِي مُشْكِل الْقُرْآنِ فأَمر عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِضَرْبِهِ وَنَفَاهُ إِلى البَصرة ونَهى عن مُجالَسَتِه.
صدغ: الصُّدْغُ: مَا انْحَدَرَ مِنَ الرأْس إِلى مَرْكَبِ اللَّحيين، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ الْعَيْنِ والأُذن، وَقِيلَ: الصُّدْغَانِ مَا بَيْنَ لِحاظَي الْعَيْنَيْنِ إِلى أَصل الأُذن؛ قَالَ:
قُبِّحْتِ مِنْ سالِفةٍ ومِنْ صُدُغْ، ... كأَنها كُشْيةُ ضَبٍّ فِي صُقُعْ «2»
أَراد قبحتِ يَا سالفةُ مِنْ سَالِفَةٍ وقبِّحتَ يَا صُدُغُ مِنْ صُدْغٍ، فَحَذَفَ لِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِمَا فِي قُوَّةِ كَلَامِهِ وحرَّك الصدُغَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَلِلشِّعْرِ فَعَل ذَلِكَ أَم هُوَ فِي مَوْضُوعِ الْكَلَامِ، وَكَذَلِكَ صُقُع فَلَا أَدري أصُقُع لُغَةٌ أَم حَرَّكَهُ تَحْرِيكًا مُعْتَبطاً، وَقَالَ: صُدُغ وصُقُع فَجَمَعَ بَيْنَ الْغَيْنِ وَالْعَيْنِ لأَنهما مجانِسانِ إذْ هُمَا حَرْفَا حَلْقٍ، وَيُرْوَى صُقُغْ، فَلَا أَدري هَلْ صُقُغْ لُغَةٌ فِي صُقُع أَم احْتَاجَ إِليه لِلْقَافِيَةِ فحوَّل الْعَيْنَ غَيْنًا لأَنهما جَمِيعًا مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ، وَالْجَمْعُ أَصْداغٌ وأَصْدُغٌ، وَيُسَمَّى أَيضاً الشعَرُ الْمُتَدَلِّي عَلَيْهِ صُدْغاً، وَيُقَالُ: صُدْغٌ مُعَقْرَبٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عاضَها اللهُ غُلاماً، بَعْدَ ما ... شابَتِ الأَصداغُ، والضِّرْسُ نَقِدْ
__________
(2) . في مادة [سقغ] يوجد سقغ بدل صُقُعْ.(8/439)
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الصُّدْغانِ هُمَا مَوْصِلُ مَا بَيْنَ اللِّحية والرأْس إِلى أَسفَل مِنَ القَرْنَيْنِ وَفِيهِ الدُّوّارة، الْوَاوُ ثَقِيلَةٌ وَالدَّالُ مَرْفُوعَةٌ، وَهِيَ الَّتِي فِي وَسَطِ الرأْس يَدْعُونَهَا الدَّائِرَةَ، وإِليها يَنتَهي فَروُ الرأْسِ، والقَرنانِ حَرْفَا جانِبَيِ الرأْس، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا السُّدْغُ، بِالسِّينِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ المُسْتَنِير قُطْرُب: إِنَّ قَوْمًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُمْ بَلْعَنْبَر يَقْلِبُونَ السِّينَ صَادًا عِنْدَ أَربعة أَحرف: عِنْدَ الطَّاءِ وَالْقَافِ وَالْغَيْنِ وَالْخَاءِ إِذا كُنَّ بَعْدَ السِّينِ، وَلَا يُبالون أَثَانِيَةً كُنَّ أَم ثَالِثَةً أَم رَابِعَةً بَعْدَ أَن يَكُنَّ بَعْدَهَا، يَقُولُونَ سِراط وصِراط وبَسْطة وَبَصْطَةٌ وسَيْقل وَصَيْقَلٌ وسَرَقْت وَصَرَقْتَ ومَسْغَبة ومَصغبة ومِسْدَغة ومِصدغة وسخَّر لَكُمْ وصخَّر لَكُمْ والسَّخَبُ والصَّخَبُ. وصَدَغَه يَصْدَغُه صَدْغاً: ضَرَبَ صُدْغَه أَو حَاذَى صُدْغَه بصُدْغِه فِي الْمَشْيِ. وصُدِغَ صَدَغاً: اشْتَكَى صُدْغَه. والمِصْدغةُ: المِخَدّةُ الَّتِي توضَعُ تَحْتَ الصُّدْغ، وَقَالُوا مِزْدغة، بِالزَّايِ. والأَصْدغانِ: عِرْقَانِ تَحْتَ الصُّدْغين هُمَا يَضْرِبَانِ مِنْ كُلِّ أَحد فِي الدُّنْيَا أَبداً وَلَا وَاحِدَ لَهُمَا يُعْرَفُ، كَمَا قَالُوا المِذْرَوان لناحِيَتَي الرأْس وَلَا يُقَالُ مِذْرى لِلْوَاحِدِ، وَالْمَعْرُوفُ الأَصْدرانِ. والصِّداغُ: سِمةٌ فِي مَوْضِعِ الصُّدْغِ طُولًا. وَبَعِيرٌ مَصْدوغٌ وإِبل مُصَدَّغةٌ إِذا وسِمَتْ بالصِّداغ. والصَّدِيغُ: الْوَلَدُ قَبْلَ اسْتِتمامه سبعةَ أَيامِ، سُمِّي بِذَلِكَ لأَنه لَا يشتَدُّ صُدغاه إِلا إِلى سَبْعَةِ أَيام. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ: كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُورّثون الصَّبِيَّ، يَقُولُونَ: مَا شأْن هَذَا الصَّدِيغِ الَّذِي لَا يحْتَرِفُ وَلَا يَنْفَع نَجْعَلُ لَهُ نَصِيبًا فِي الْمِيرَاثِ؟
الصَّدِيغُ: الضَّعِيفُ، وَقِيلَ: هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعول مِنْ صَدَغه عَنِ الشَّيْءِ إِذَا صَرَفَهُ. وَمَا يَصْدَغُ نَمْلَةً مِنْ ضَعْفِه أَي مَا يَقْتُلُ نَمْلَةً. وصَدُغَ، بِالضَّمِّ، يَصْدُغُ صَداغةً أَي ضَعُف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ رُؤْبَةُ:
إِذا المَنايا انْتَبْنَه لَمْ يَصْدُغ
أَي لَمْ يَضْعُفْ. وصَدَغَ إِلى الشَّيْءِ يَصْدُغ صُدوغاً وصَدَغاً: مالَ. وصَدَغ عَنْ طَرِيقِهِ: مَالَ. ولأُقِيمَنَّ صَدَغَك أَي مَيْلَك. وصَدَغَه.: أَقام صَدَغَه. وصَدَغَه عَنِ الأَمر يَصْدَغُه صَدْغاً: صرَفَه. يُقَالُ: مَا صَدَغك عَنْ هَذَا الأَمر أَي مَا صَرَفَك وردَّك؟ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ أَو الْبَعِيرِ إِذا مرَّ مُنْفَلِتاً يَعْدو فأُتبِعَ لِيُرَدّ: اتَّبَعَ فُلَانٌ بَعِيرَهُ فَمَا صَدَغَه أَي فَمَا ثَنَاهُ وَمَا ردَّه، وَذَلِكَ إِذَا نَدَّ؛ وَرَوَى أَصحاب أَبي عُبَيْدٍ هَذَا الْحَرْفَ عَنْهُ بِالْعَيْنِ، وَالصَّوَابُ بِالْغَيْنِ، كَمَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُ.
صغصغ: صَغْصَغَ رأْسَه بالدُّهْن صَغْصَغةً وصَغْصاغاً: لُغَةٌ فِي سَغْسَغَه؛ حَكَاهَا قُطْرُب وَهِيَ مُضارِعةٌ. وصَغْصَغَ ثَريدَه: رَوَّاه دَسَماً، وَمِثْلُهُ سَغسَغَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: سُئل عَنِ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ فَقَالَ: أَمّا أَنا فأُصَغْصِغُه فِي رأْسي
، قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ، وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: إِنما هُوَ أُسَغْسِغُه أَي أُرَوِّيه بِهِ، وَالسِّينُ وَالصَّادُ يَتَعَاقَبَانِ مَعَ الْخَاءِ وَالْغَيْنِ وَالْقَافِ وَالطَّاءِ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ صَدَغَ، وَقِيلَ: صَغْصَغَ شعرَه إِذا رجَّلَه.
صفغ: الصَّفْغ: القَمْحُ بِالْيَدِ، عَرَبِيٌّ مَعْرُوفٌ. صَفَغَ الشيءَ يَصْفَغُه صَفْغاً وأَصْفَغَه فَمَه؛ وأَنشد أَبو مَالِكٍ:
دُونَكِ بَوْغاءَ تُرابَ الرَّفْغِ، ... فأَصْفِغيهِ فاكِ أَيَّ صَفْغِ(8/440)
وإِن تَرَيْ كَفَّكِ ذاتَ نَفْعِ، ... شَفَيْتِها بالنَّفْثِ أَو بالمَرْغِ
أَراد أَيّ إِصْفَاغٍ فَلَمْ يُمْكِنْهُ. وَيُقَالُ: قَمَحْتُ الشَّيْءَ وصَفَغْتُه أَصْفَغُه صَفْغاً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا حَرْفٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ عَمْرو بْنُ كِرْكِرةَ وَهُوَ ثِقَةٌ، قَالَ: والرَّفْعُ تِبْنُ الذُّرة، والرَّفْعُ أَسفل الْوَادِي، والنَّفْغُ التَّنَفُّطُ، والمَرْغ الرِّيق.
صقغ: الصُّقْغُ: لُغَةٌ فِي الصُّقْع، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ:
قُبِّحْتِ مِنْ سالِفةٍ وَمِنْ صُدُغْ، ... كأَنها كُشْيةُ ضَبٍّ فِي صُقُغْ «3»
هَكَذَا رِوَايَةُ يُونُسُ عَنْ أَبي عَمْرٍو، وَقَالَ لَهُ أَبو عَمْرٍو: لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ أَروهما، كأَنه آنَسَ مِنْ يُونِسُ تَوَحُّشاً من هذا.
صلغ: الصَّلْغةُ: السَّفِينَةُ الْكَبِيرَةُ. والصُّلوغُ فِي ذَوَاتِ الأَظْلاف مِثْلُ السُّلوغِ. وصَلَغَت الشاةُ وَالْبَقَرَةُ تَصْلَغُ صُلوغاً وسَلَغَتْ، وَهِيَ صالِغٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: تَمَّتْ أَسْنانها، وَهِيَ تَصْلَغُ بِالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ، وَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَن الأَصل السِّينُ، والصادُ مُضارِعة لِمَكَانِ الْغَيْنِ. وَغَنَمٌ صُلَّغٌ: سَوالِغُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
والحرْبُ شَهْباءُ الكِباشِ الصُّلَّغِ
الكِباشُ: الأَبْطال. والصّالِغُ: كالقارِحِ مِنَ الْخَيْلِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَيْسَ بَعْدَ الصالِغِ فِي الظِّلْف سِنٌّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَرْتِيبُ الأَسْنان فِي تَرْجَمَةِ سَلَغَ. أَبو زَيْدٍ: الشاةُ تَصْلَغُ فِي السنةِ السادسةِ، وَقَالَ الأَصمعي: صالِغٌ بِالصَّادِ، قَالَ: وتَصْلَغُ الشاةُ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ، وَكَذَلِكَ الْبَقَرَةُ، قَالَ: وَلَيْسَ بَعْدَ الصُّلوغِ سِنٌّ. ابْنُ الأَعرابي: المِعْزى سُلَّغٌ وصُلَّغ وسَوالِغُ وصَوالِغُ لِتَمَامِ خَمْسِ سِنِينَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْهِمْ فِيهِ الصالِغُ والقارِحُ
، قَالَ: هُوَ مِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ الَّذِي كَمَل وَانْتَهَى سِنُّه، وَذَلِكَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ، وَيُقَالُ بالسين.
صمغ: الصَّمْغُ: وَاحِدُ صُموغ الأَشجار. ابْنُ سِيدَهْ: الصَّمْغُ والصَّمَغُ شَيْءٌ يَنْضَحُه الشَّجَرُ ويَسيل مِنْهَا، وَاحِدَتُهُ صَمْغة وصَمَغة، وكسَّر أَبو حَنِيفَةَ الصَّمْغة أَو الصمَغة عَلَى صُموغ فَقَالَ: وَمِنَ الصُّمُوغِ المُقْلُ، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ معروفاً، وأَنواع الصمغ كثيرة، وأَما الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّمْغُ الْعَرَبِيُّ فَصَمْغُ الطَّلْحِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْيَتِيمِ إِذا كَانَ مَجْدُوراً: كأَنه صَمَغةٌ
، يُرِيدُ حِينَ يَبْيَضُّ الجُدَرِيُّ عَلَى يَدَيْهِ فَيَصِيرُ كَالصَّمْغِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: لأَقْلَعَنَّكَ قَلْعَ الصَّمغة
أَي لأَسْتَأْصِلَنَّكَ، وَالصَّمْغُ إِذَا قُلِعَ انقَلع كُلُّهُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثر، وَرُبَّمَا أَخَذ معه بعضَ لِحائِها. وَفِي الْمَثَلِ: تَرَكْتُه عَلَى مِثْل مَقْرِفِ الصَّمْغَةِ، وَذَلِكَ إِذا لَمْ يَتْرُكْ لَهُ شَيْئًا لأَنها تُقْتَلَعُ مِنْ شَجَرَتِهَا حَتَّى لَا تُبقي عُلْقة. وحِبْرٌ مُصَمَّغٌ أَي مُتَّخَذٌ مِنْهُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهَذَا الْحَرْفُ لَا أَدري مِمَّنْ سَمِعْتُهُ. والصِّمْغانِ: مُلْتَقى الشَّفَتَيْنِ مِمَّا يَلِي الشِّدْقين. والصِّمْغتان والصامِغانِ والصِّماغان: جانِبا الْفَمِ، وَقِيلَ: هُمَا مؤخَّر الْفَمِ، وَقِيلَ: هُمَا مُجْتَمَعُ الرِّيقِ مِنَ الشَّفَتَيْنِ الَّذِي يَمْسَحُهُ الإِنسان، وَفِي التَّهْذِيبِ: مُجْتَمَعُ الرِّيقِ فِي جَانِبِ الشَّفَةِ، وَيُسَمِّيهُمَا العامّةُ الصِّوارَين. وَفِي حَدِيثِ
بَعْضِ الْقُرَشِيِّينَ: حَتَّى عَرِقْتَ وزَبَّبَ صِماغاكَ
أَي طَلَعَ زَبَدُهما. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: نَظِّفوا الصِّماغَيْن فإِنهما مَقْعَدا المَلَكَين
، وَهَذَا حَضٌّ عَلَى السّواك؛ قال الراجز:
__________
(3) . راجع هَذَا الْبَيْتَ فِي فَصْلِ السين سقغ وفصل الصاد صدغ.(8/441)
قدْ شانَ أَبْناءَ بَني عَتَّابِ ... نَتْفُ الصَّاغَيْنِ عَلَى الأَبوابِ
قَالَ: والصَّماغانِ والصامِغان مِنَ الْفَرَسِ مُنْتَهَى الشِّدْقين فِي الرأْس. واسْتَصْمَغْت الصابَ: وَذَلِكَ أَن تَشْرُط شَجَرَةً لِيَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ مرٌّ فَيَنْعَقِدُ كَالصَّبْرِ؛ عَنْ أَبي الْغَوْثِ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ صَمَخَ: أَبو عُبَيْدٍ الشاةُ إِذا حُلبت عِنْدَ وِلَادِهَا فوُجِدَ فِي أَحالِيلِ ضَرْعِها شَيْءٌ يَابِسٌ يُسَمَّى الصَّمْخَ والصَّمْغَ، الْوَاحِدَةُ صَمْخةٌ وصَمْغة، فإِذا فُطِر ذَلِكَ أَفصح لَبَنُهَا بَعْدَ ذَلِكَ واحْلَولى.
صوغ: الصَّوْغُ: مَصْدَرُ صاغَ الشيءَ يَصُوغُه صَوْغاً وصِياغةً وصُغْتُه أَصوغُه صِياغةً وصِيغةً وصَيْغُوغةً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: سَبكَهُ وَمِثْلُهُ كَانَ كَيْنُونةً وَدَامَ دَيْمُومةً وَسَادَ سَيْدُودةً. قَالَ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ كَانَ أَصلُه كَوْنُونةً وسَوْدُودةً ودَوْمُومةً فقُلبت الواوُ يَاءً طلبَ الخِفَّةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ فَعْلُولةً، كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ أَو مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ. وَرَجُلٌ صائِغٌ وصَوَّاغٌ وصَيَّاغٌ مُعاقِبةٌ فِي لُغَةِ أَهل الْحِجَازِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: واعَدْتُ صَوَّاغاً مِنْ بَنِي قَيْنُقاعَ
؛ هو صَوَّاغُ الحَلْي، قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِنَّمَا قَالَ بَعْضُهُمْ صَيّاغٌ لأَنهم كَرِهُوا الْتِقَاءَ الواوين لا سيَّما فِيمَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ، فأَبدلوا الأُولى مِنَ الْعَيْنَيْنِ يَاءً كَمَا قَالُوا فِي أَمَّا أَيْما وَنَحْوَ ذَلِكَ فَصَارَ تَقْدِيرُهُ الصَّيْواغُ، فَلَمَّا الْتَقَتِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ عَلَى هَذَا أَبدلوا الْوَاوَ لِلْيَاءِ قَبْلَهَا فَقَالُوا الصيَّاغ، فَإِبْدَالُهُمُ الْعَيْنَ الأُولى مِنَ الصوَّاغِ دَلِيلٌ عَلَى أَنها هِيَ الزَّائِدَةُ لأَن الإِعْلال بِالزَّائِدِ أَولى مِنْهُ بالأَصل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن قُلْتَ فَقَدْ قلبْتَ الْعَيْنَ الثَّانِيَةَ أَيضاً فقلتَ صَيَّاغ، فَلَسْنَا نَرَاكَ إِلَّا وَقَدْ أَعللت الْعَيْنَيْنِ جَمِيعًا، فَمَنْ جَعَلَكَ بأَن تَجْعَلَ الأُولى هِيَ الزَّائِدَةَ دُونَ الأَخيرة وَقَدِ انْقَلَبَتَا جَمِيعًا؟ قِيلَ: قَلْبُ الثَّانِيَةِ لَا يُسْتَنْكَرُ لأَنه عَنْ وُجُوبٍ وَذَلِكَ لِوُقُوعِ الْيَاءِ سَاكِنَةً قَبْلَهَا، فَهَذَا غَيْرُ تَعَدٍّ وَلَا يُعْتَذَر مِنْهُ، لَكِنْ قلبُ الأُولى وَلَيْسَ هُنَاكَ عِلَّةٌ يُضْطَر إِلَى إِبْدَالِهَا أَكثر مِنَ الِاسْتِخْفَافِ مجرداً هو التَّعَدِّي الْمُسْتَنْكَرِ وَلَكِنَّهُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْمُحْتَجُّ بِهِ، فَلِذَلِكَ اعْتَمَدْنَاهُ، وعَملُه الصِّياغةُ، والشيءُ مَصُوغٌ. والصَّوْغُ: مَا صِيغَ، وَقَدْ قُرِئَ: قَالُوا نَفْقِدُ صَوْغَ الْمَلِكِ. وَرَجُلٌ صَوَّاغٌ: يَصُوغُ الكلامَ ويُزَوِّرُهُ، وَرُبَّمَا قَالُوا: فُلَانٌ يَصوغُ الْكَذِبَ، وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ. وصاغَ فُلَانٌ زُوراً وَكَذِبًا إِذا اخْتَلَقَهُ. وَهَذَا شَيْءٌ حسَنُ الصِّيغةِ أَي حسَنُ العَملِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَكْذَبُ النَّاسِ الصَّبَّاغُون والصَّوَّاغُون
؛ هُمْ صَبَّاغُو الثيابِ وصاغةُ الحُلِيّ لأَنهم يَمْطُلُونَ بالمواعِيدِ الْكَاذِبَةِ، وَقِيلَ: أَراد الَّذِينَ يرتِّبُون الْحَدِيثَ: ويَصُوغُون الْكَذِبَ. يُقَالُ: صَاغَ شِعْرًا وَكَلَامًا أَي وَضَعَهُ ورتَّبَه، وَيُرْوَى الصيَّاغون، بِالْيَاءِ، وَرُوِيَ
عَنْ أَبي رَافِعٍ الصَّائِغِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُمازِحُني يَقُولُ أَكْذَبُ النَّاسُ الصَّوَّاغُ، يَقُولُ الْيَوْمَ وغَداً
، وَقِيلَ: أَراد الَّذِينَ يَصْبُغون الْكَلَامَ ويَصُوغُونه أَي يُغَيِّرُونه ويَخْرُصُونه؛ وأَصل الصَّبْغِ التغْيير. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: رأَى قَوْمًا يَتَعادَوْنَ فَقَالَ: مَا لَهُمْ؟ فَقَالُوا: خَرَجَ الدَّجَّالُ فَقَالَ: كَذِبَةٌ كَذَبَها الصيَّاغون
؛ وَرُوِيَ
الصوَّاغون
، أَي اخْتلقها الْكَذَّابُونَ. وَهَذَا صَوْغُ هَذَا أَي عَلَى قَدْرِهِ. وغُلامانِ صَوْغانِ: عَلَى لِدةٍ واحدةٍ. وَهُمَا صَوْغانِ أَي سِيَّانِ. قَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: هُوَ سَوْغُ أَخيه طَرِيدُه وُلِدَ فِي إِثره. قَالَ الْفَرَّاءُ: بَنُو سُليم وهَوازِنُ وأَهلُ العالِيةِ(8/442)
وهُذَيْلٌ يَقُولُونَ هُوَ أَخوه صَوْغُه، بِالصَّادِ، قَالَ: وأَكثر الْكَلَامِ بِالسِّينِ سوغُه. وَفُلَانٌ حسَنُ الصِّيغةِ أَي حسَنُ الخِلْقةِ والقَدِّ. وصاغَه اللهُ صِيغةً حَسَنةً أَي خَلَقَه، وصِيغَ عَلَى صِيغَتِه أَي خُلِقَ خِلْقَتَه، وصاغَ اللهُ الخلقَ يَصُوغُها. ابْنُ شُمَيْلٍ: صاغَ الأُدْمُ فِي الطَّعَامِ يَصُوغُ أَي رَسَبَ، وصاغَ الماءُ فِي الأَرض رَسَبَ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ بُكَيْرٍ «1» الْمُزْنِيِّ فِي الطَّعَامِ: يَدْخُلُ صَوْغاً وَيَخْرُجُ سُرُحاً أَي الأَطْعِمةُ المَصُوغةُ أَلواناً المهيأَة بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ. والصِّيغةُ: السِّهامُ الَّتِي مِنْ عَمَلِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وصِيغة قَدْ راشَها ورَكَّبا
وسِهامٌ صِيغةٌ مِنْ ذَلِكَ أَي مِنَ عَمَلِ رجُل واحدٍ، وَهُوَ مِنَ الواوِ إِلا أَنها انْقَلَبَتْ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ حُمَيْدٍ الأَرقط:
شَرْيانة تَمْنَعُ بَعْدَ اللِّينِ، ... وصِيغة ضُرِّجْنَ بالبَشْنِينِ
صيغ: صَيَّغَ فُلَانٌ طَعاماً أَي أَنْقَعَه فِي الأُدْمِ حَتَّى تَرَوَّغَ، وَقَدْ رَيَّغَه بالسمْن ورَوَّغَه وصَيَّغَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
يُعْطين، مِنْ فَضْلِ الإِلهِ الأَسْبَغِ، ... آذِيَّ دَفَّاعٍ كَسَيْلِ الأَصْيَغِ
فالأَصْيَغُ: الْمَاءُ العامُّ الْكَثِيرُ. وَيُقَالُ: الأَصْيَغُ وادٍ، وَيُقَالُ نَهْرٌ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: رَمَيْتَ بِكَذَا وَكَذَا صِيغةً مِنْ كَثَبٍ «2» فِي عَدُوّك
؛ يُرِيدُ سِهاماً رَمَى بِهَا فِيهِ. يُقَالُ: هَذِهِ سِهامٌ صِيغةٌ أي مُسْتوية مِنْ عَمَلِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وأَصلها الْوَاوُ فَانْقَلَبَتْ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا. وَيُقَالُ: صِيغةُ الأَمرِ كَذَا وَكَذَا أَي هَيْئَتُهُ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا.
فصل الضاد المعجمة
ضغغ: الضَّغِيغةُ: الرَّوْضةُ الناضِرةُ المُتَخَلِّيةُ. أَبو عَمْرٍو: الرَّوْضةُ الضَّغِيغةُ والمَرْغَدةُ والمَغْمَغةُ والمَخْجَلةُ والمَرغةُ والحَدِيقةُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُقَالُ هُمْ فِي ضغِيغةٍ من الضَّغاضِغِ إِذَا كَانُوا فِي خِصْبٍ وسَعَةٍ وكَلإٍ كَثِيرٍ. وأَقمنا عِنْدَ فُلَانٍ فِي ضَغِيغٍ أَي خِصْبٍ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الضَّغِيغةُ الرَّوْضَةُ. وَقَالَ أَبو صَاعِدٍ الْكِلَابِيُّ: ضَغِيغةٌ مِنْ بَقْل وَمِنْ عُشْبٍ إِذا كَانَتِ الرَّوْضَةُ نَاضِرَةً. وأَقمت عِنْدَهُ فِي ضَغِيغِ دَهْرِه أَي قَدْرَ تَمامِه. والضَّغْضَغةُ: لَوْكُ الدرْداءِ. يُقَالُ: ضَغْضَغَتِ العَجُوزُ إِذا لاكَتْ شَيْئًا بَيْنَ الْحَنَكَيْنِ وَلَا سِنّ لَهَا. وضَغْضَغَ اللحْمَ فِي فِيهِ: لَمْ يُحْكِم مَضْغَه. وضَغْضَغَ الكلامَ: لَمْ يُبَيِّنْه. والضَّغيغةُ: الْعَجِينُ الرَّقِيقُ. الْفَرَّاءُ: إِذَا كَانَ الْعَجِينُ رَقِيقًا، فَهُوَ الضَّغِيغةُ والرَّغِيغةُ.
ضمغ: أَضْمَغَ شِدْقَه: كَثَّرَ لُعابَه؛ قَالَ:
وأَضْمَغَ شِدْقَه يَبْكي عَلَيْهَا، ... يُسِيلُ عَلَى عَوارِضِه البُصاقا
قَالَ: لَمْ يَحْكِهَا إِلَّا صَاحِبُ الْعَيْنِ.
فصل الطاء المهملة
طلغ: الأَزهري: أَهمله اللَّيْثُ، قَالَ: وأَخبرني الثِّقَةُ مِنْ أَصحابنا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ جَبَلَةَ عَنْ شمر عن
__________
(1) . قوله [بكير] كذا في الأَصل، والذي في النهاية: بكر.
(2) . قوله [من كثب] كذا بالأَصل والنهاية أيضاً بلا ضبط، ولعله يريد من شجر كثب جمع الكثيب.(8/443)
الْكِلَابِيِّ يُقَالُ: فُلَانٌ يَطْلَغُ المِهْنةَ. قَالَ: والطَّلَغانُ أَن يَعْيا فَيَعْمَلَ عَلَى الكَلالِ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَرْفُ عِنْدَ أَصحابنا عَنْ شَمِرٍ فأَفادَنِيه أَبو طَاهِرِ بْنُ الْفَضْلِ، وَهُوَ ثِقَةٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: قَالَ الْعَتْرِيفِيُّ «1» إِذا عَجَزَ الرَّجُلُ قُلْنا هُوَ يَطْلَغُ المِهْنةَ، والطَّلَغانُ: أَن يَعْيا الرَّجُلُ ثُمَّ يَعْمَلَ عَلَى الإِعْياء وهو التَّلَغُّبُ.
طوغ: الطاغوتُ: مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وكلُّ رأْسٍ فِي الضلالِ طاغوتٌ، وَقِيلَ: الطاغوتُ الأَصْنامُ، وَقِيلَ الشيطانُ، وَقِيلَ الكَهَنةُ، وَقِيلَ مَرَدةُ أَهل الْكِتَابِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ
؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: قِيلَ الجِبْتُ والطاغوتُ هَاهُنَا حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ وكَعْبُ بْنُ الأَشْرَف الْيَهُودِيَّانِ لأَنهم إِذا اتَّبَعُوا أَمَرهما فَقَدْ أَطاعُوهما مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يُرِيدُونَ أَن يَتَحاكمُوا إِلى الطَّاغُوتِ، أَي إِلَى الكُهّانِ والشيطانِ، يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَزْنُهُ فَلَعُوت لأَنه مِنْ طَغَوْت؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما آثَرْتُ طَوَغُوتاً فِي التَّقْدِيرِ عَلَى طَيَغُوتٍ لأَن قَلْبَ الْوَاوِ عَنْ مَوْضِعِهَا أَكثر مِنْ قَلْبِ الْيَاءِ فِي كَلَامِهِمْ نَحْوُ شَجَرٍ شاكٍ ولاثٍ وهارٍ، وَقَدْ يكسَّر عَلَى طَواغِيتَ وطَواغٍ؛ الأَخيرة عن اللحياني.
فصل الظاء المعجمة
ظربغ: التَّهْذِيبُ فِي الْخُمَاسِيِّ: الظَّرْبَغانةُ، بِالظَّاءِ وَالْغَيْنِ، الحَيّةُ.
فصل الغين المعجمة
غوغ: الغاغُ: الحَبَقُ، وَاحِدَتُهُ غاغةٌ، والغاغةُ: نَبَاتٌ يُشْبِهُ الهربُون «2» . وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لَهُ ابْنُ عَوْفٍ: يَحْضُرُكَ غَوْغاءُ الناسِ
، أَصل الغَوْغاءِ الجَرادُ حِينَ يَخِفُّ للطَّيرانِ ثُمَّ اسْتُعِيرَ للسَّفِلةِ مِنَ الناسِ والمُتَسَرِّعين إِلَى الشرِّ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الغَوْغاءِ الصوتِ والجَلَبةِ لكثرة لَغَطِهم وصِياحِهِم.
فصل الفاء
فتغ: فَتَغَ الشيءَ يَفْتَغُه فَتْغاً إِذا وَطِئَه حَتَّى يَتَشَدَّخَ، وَهُوَ مِثْلُ الفَدْغِ.
فدغ: الفَدْغُ: شَدْخُ شَيْءٍ أَجْوَفَ مِثْلِ حَبَّةِ عِنَبٍ وَنَحْوِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه دَعَا عَلَى عُتْبةَ بْنِ أَبي لَهَب فَضَغَمه الأَسَدُ ضَغْمةً فَدَغَه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الفَدْغُ الشدْخُ والشقُّ الْيَسِيرُ. غَيْرُهُ: الفَدْغُ كَسْرُ الشَّيْءِ الرَّطْب والأَجْوَفِ، وشَدَخَه فَدَغَه يَفْدَغُه فَدْغاً. وَفِي بَعْضِ الأَخبار فِي الذَّبْحِ بِالْحَجَرِ:
إِن لَمْ يَفْدَغِ الحُلْقُومَ فكُلْ
أَي لَمْ يُثَرِّدْه لأَن الذَّبْحَ بِالْحَجَرِ يَشْدَخُ الجِلْدَ وَرُبَّمَا لَا يَقْطَعُ الأَوْداجَ فَيَكُونُ كالمَوْقُوذِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ سِيرِينَ: سُئِلَ عَنِ الذَّبِيحَةِ بالعُود فَقَالَ: كُلْ مَا لَمْ يَفْدَغْ
؛ يُرِيدُ مَا قَتَلَ بحدِّه فَكُلْهُ وَمَا قَتَلَ بِثِقَلِه فَلَا تأْكله، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
إِذًا تَفْدَغُ قُرَيْشٌ الرأْسَ
أَي تَشْدَخُ. وَيُقَالُ: فَدَغَ رأْسَه وثَدَغَه إِذا رَضّه وشَدَخَه. وَيُقَالُ: رَجُلٌ مِفْدَغٌ كَمَا يُقَالُ مِدَقٌّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مِنِّي مَقاذِيف مِدَقٍّ مِفْدَغِ
فرغ: الفَراغُ: الخَلاءُ، فَرَغَ يَفْرَغُ ويَفْرُغُ فَراغاً وفُروغاً وفَرِغَ يَفْرَغُ. وَفِي التَّنْزِيلِ:
__________
(1) . قوله [العتريفي] كذا في الأَصل بعين مهملة، وفي القاموس بغين معجمة.
(2) . قوله [الهربون] كذا بالأَصل، والذي في شرح القاموس: الهرنوي.(8/444)
وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً
، أَي خَالِيًا مِنَ الصَّبْرِ، وَقُرِئَ
فُرُغاً
أَي مُفَرَّغاً. وفَرَّغَ المكانَ: أَخلاه، وَقَدْ قُرِئَ:
حَتَّى إِذا فُرِّغَ عَنْ قلوبِهم
، وَفُسِّرَ: فَرَّغَ قلوبَهم مِنَ الفَزَعِ. وتَفْرِيغُ الظُّرُوفِ: إِخْلاؤها. وفَرَغْتُ مِنَ الشُّغُلِ أَفْرُغُ فُروغاً وفَراغاً وتَفَرَّغْتُ لِكَذَا واستَفْرَغْتُ مَجْهُودِي فِي كَذَا أَي بذلتُه. يُقَالُ: اسْتَفْرَغَ فُلَانٌ مَجْهُودَه إِذا لَمْ يُبْق مِنْ جُهْدِه وطاقتِه شَيْئًا. وفَرَغَ الرجلُ: ماتَ مِثْلُ قَضَى، عَلَى المثَل، لأَن جِسْمَهُ خَلا مِنْ رُوحِه. وإِناءٌ فُرُغٌ: مُفَرَّغٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ أَعرابي تَبَصَّرُوا الشَّيِّفانَ، فإِنه يَصُوكُ عَلَى شَعَفةِ المَصادِ كأَنه قِرْشامٌ عَلَى فَرْغِ صَقْرٍ؛ يَصُوك أَي يَلْزَمُ، والمَصادُ الْجَبَلُ، والقِرْشامُ القُرادُ، والفَرْغُ الإِناء الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الصَّقْرُ، وَهُوَ الدُّوشابُ. وقَوْسٌ فُرُغٌ وفِراغٌ: بِغَيْرِ وَتَرٍ، وَقِيلَ: بِغَيْرِ سَهْمٍ. وَنَاقَةٌ فِراغٌ: بِغَيْرِ سِمةٍ. والفِراغُ مِنَ الإِبل: الصَّفِيُّ الغَزِيرةُ الواسِعةُ جِرابِ الضَّرْعِ. والفَرْغُ: السَّعةُ والسَّيَلانُ. الأَصمعي: الفِراغُ حَوْضٌ مِنْ أَدَمٍ واسِعٌ ضَخْمٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
طافَ بِهِ جَنْبَيْ فِراغٍ عَثْجَل
وَيُقَالُ: عَنَى بالفِراغِ ضَرْعها أَنه قَدْ جَفَّ مَا فِيهِ مِنَ اللَّبَن فَتَغَضَّنَ؛ وَقَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
ونَحَتْ لَهُ عَنْ أَرزِ تَالِئَةٍ ... فِلْقٍ فِراغِ مَعابِلٍ طُحْل
أَراد بالفِراغِ هَاهُنَا نِصالًا عَرِيضةً، وأَراد بالأَرْزِ القَوْسَ نفسَها، شبَّهها بِالشَّجَرَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الأَرْزةُ، والمِعْبَلةُ: العَرِيضُ مِنَ النِّصالِ. وطَعْنةٌ فَرْغاءُ وذاتُ فَرْغٍ: واسِعةٌ يَسِيلُ دَمُها، وَكَذَلِكَ ضَرْبة فرِيغةٌ وفَرِيغٌ. والطعنةُ الفَرْغاءُ: ذَاتُ الفَرْغ وَهُوَ السَّعةُ. وطرِيقٌ فرِيغٌ: واسِعٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي قَدْ أُثِّرَ فِيهِ لِكَثْرَةِ مَا وُطِئَ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
فأَجَزْتُه بأَفَلَّ تَحْسَبُ أَثْرَه ... نَهْجاً، أَبانَ بِذِي فَرِيغٍ مَخْرَفِ
والفَرِيغُ: العرِيضُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ سِهاماً:
فِراغٌ عَوارِي اللِّيطِ، تُكْسَى ظُباتُها ... سَبائِبَ، مِنْهَا جاسِدٌ ونَجِيعُ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَي سَنَعْمِد، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ جَرِيرٍ:
ولَمَّا اتَّقَى القَيْنُ العَراقيَ بِاسْتِه، ... فَرَغْتُ إِلَى العَبْدِ المُقَيَّدِ فِي الحِجْلِ
قَالَ: مَعْنَى فَرَغْتُ أَي عَمَدْتُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: افْرُغْ إِلَى أَضْيافِك
أَي اعْمِدْ واقْصِدْ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى التخَلّي والفَراغِ لتَتَوَفَّرَ عَلَى قِراهم والاشتِغالِ بِهِمْ. وسَهْمٌ فَرِيغٌ: حَدِيدٌ؛ قَالَ النَّمِر بْنُ تَوْلَبٍ:
فَرِيغ الغِرارِ عَلَى قَدْرِهِ، ... فَشَكَّ نَواهِقَه والفَما
وسِكِّينٌ فَرِيغٌ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ فَرِيغٌ: حَدِيدُ اللِّسانِ. وَفَرَسٌ فَرِيغٌ: واسِعُ المَشْي، وَقِيلَ: جَوادٌ بِعِيدٌ الشَّحْوةِ؛ قَالَ:
ويَكادُ يَهْلِكُ فِي تَنُوفَتِه شأْوُ ... الفَرِيغِ، وعَقْبُ ذِي العَقْبِ
وَقَدْ فَرُغَ الفرسُ فَراغَةً. وهِمْلاجٌ فَرِيغٌ:(8/445)
سَرِيعٌ أَيضاً؛ عَنْ كُرَاعٍ، والمَعْنَيانِ مُقْتَرِبانِ. وَفَرَسٌ فَرِيغُ المَشْي: هِمْلاجٌ وَساعٌ. وَفَرَسٌ مُسْتَفْرِغٌ: لَا يَدَّخِرُ مِنْ حُضْرِه شَيْئًا. وَرَجُلٌ فِراغٌ: سَرِيعُ الْمَشْيِ واسعُ الخِطاءِ، وَدَابَّةٌ فِراغُ السَّيْرِ كَذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا مِنَ الأَنصار قَالَ: حَمَلْنا رسولَ اللهِ، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى حِمارٍ لَنَا قَطُوفٍ فَنَزَلَ عَنْهُ فإِذا هُوَ فِراغٌ لَا يُسايَرُ
أَي سَرِيعُ المَشْي واسعُ الخَطْوةِ «3» . والإِفراغُ: الصَّبُّ. وفَرَغَ عَلَيْهِ الماءَ وأَفْرَغَه: صَبَّه؛ حَكَى الأَوَّل ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:
فَرَغْنَ الهَوى فِي القَلْبِ، ثُمَّ سَقَيْنَه ... صُباباتِ ماءِ الحُزْنِ بالأَعْيُنِ النُّجْلِ
وَفِي التَّنْزِيلِ: رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً*
؛ أَي اصْبُبْ، وَقِيلَ: أَي أَنْزِلْ عَلَيْنَا صَبْرًا يَشْتَمِلُ عَلَيْنَا، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وافْتَرَغَ: أَفْرَغَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَاءَ وصَبَّه عَلَيْهِ. وفَرِغَ الماءُ، بِالْكَسْرِ، يَفْرَغُ فَراغاً مِثَالُ سَمِعَ يَسْمَعُ سَماعاً أَي انْصَبَّ، وأَفرغته أَنا. وَفِي حَدِيثِ الْغُسْلِ:
كَانَ يُفْرِغُ عَلَى رأْسِه ثَلَاثَ إفراغاتٍ
، وَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الإِفْراغِ. يُقَالُ: أَفْرَغْتُ الإِناء إِفْراغاً وفَرَّغْتُه تَفْرِيغاً إِذا قَلَبْتَ مَا فِيهِ. وأَفْرَغْتُ الدِّماءَ: أَرَقْتُها. وَفَرَّغْتُه تَفْرِيغاً أَي صَبَبْتُهُ. وَيُقَالُ: ذَهَب دمُه فَرْغاً وفِرْغاً أَي باطِلًا هَدَراً لَمْ يُطْلَبْ بِهِ؛ وأَنشد:
فإنْ تَكُ أَذْوادٌ أُخِذْنَ ونِسْوةٌ، ... فَلَنْ تَذْهَبُوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبالِ
والفُراغة: مَاءُ الرَّجُلِ وَهُوَ النُّطْفةُ. وأَفْرَغَ عِنْدَ الْجِمَاعِ: صَبَّ ماءَه. وأَفْرَغَ الذهبَ والفِضَّةَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْجَوَاهِرِ الذَّائِبَةِ: صَبَّها فِي قالَبٍ. وحَلْقة مُفْرَغةٌ: مُصْمَتةُ الجَوانِب غيرُ مَقْطُوعةٍ. ودِرْهم مُفْرَغٌ: مَصْبُوب فِي قَالَبٍ لَيْسَ بِمَضْرُوبٍ. والفَرْغُ: مَفْرَغُ الدَّلْو وَهُوَ خَرْقُه الَّذِي يأْخذ الْمَاءَ. ومَفْرَغُ الدلوِ: مَا يَلِي مُقَدَّم الحَوْضِ. والمَفْرَغُ والفَرْغُ والثَّرْغُ: مَخْرَجُ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ عَراقي الدَّلْوِ، وَالْجَمْعُ فُرُوغٌ وثُرُوغٌ. وفِراغُ الدَّلْوِ: ناحِيَتها الَّتِي يُصَبُّ مِنْهَا الْمَاءُ؛ وأَنشد:
تسْقي بِهِ ذَاتَ فِراغٍ عَثْجَلا
وَقَالَ:
كأَنَّ شِدْقَيْه، إِذَا تَهَكَّما، ... فَرْغانِ مِنْ غَرْبَيْن قَدْ تخَرَّما
قَالَ: وفَرْغُه سَعةُ خَرْقِه، وَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَ الفَرْغانِ. والفَرْغُ: نَجْمٌ مِنْ مَنازِلِ الْقَمَرِ، وَهُمَا فَرْغانِ مَنزِلان فِي بُرْج الدَّلْوِ: فَرْغُ الدَّلْوِ المُقَدَّمُ، وَفَرْغُ الدَّلْوِ المُؤَخَّرُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَوْكَبانِ نَيّرانِ، بَيْنَ كُلِّ كَوْكَبَيْنِ قَدْرُ خَمْسِ أَذرع فِي رأْي الْعَيْنِ. والفِراغُ: الإِناء بِعَيْنِهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. التَّهْذِيبُ: وأَما الفِراغُ فَكُلُّ إناءِ عِنْدَ الْعَرَبِ فِراغٌ. والفَرْغانُ: الإِناءُ الواسِعُ. والفِراغُ: الأَوْدِية؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا وَاحِدًا وَلَا اشْتَقَّها. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الفَرْغُ الأَرض المُجْدِبةُ؛ قَالَ مَالِكٌ الْعُلَيْمِيُّ:
أُنْجُ نِجَاءً مِنْ غَرِيمٍ مَكْبُولْ، ... يُلْقى عَلَيْهِ النَّيْدُلانُ والغُولْ
واتَّقِ أَجْساداً بِفَرْغٍ مَجْهُولْ
__________
(3) . قوله [الخطوة] كذا بالأَصل وشرح القاموس، والذي في النهاية: سريع الخطو.(8/446)
ويَزِيدُ بْنُ مُفَرِّغ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: شاعرٌ مِنْ حِمْيَر.
فشغ: الفَشْغُ والانْفِشاغُ: اتِّساعُ الشيءِ وانْتِشارُه. وتَفَشَّغَ فِيهِ الشيبُ وتَفَشَّغَه؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي: كَثُرَ فِيهِ وانْتَشَرَ. وفَشَغَه أَي عَلَاهُ حَتَّى غَطَّاه. ابْنُ الأَعرابي: تَفَشَّغَه الشيبُ وتَشَيَّعَه وتَشَيَّمَه وتَسَنَّمَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والفاشِغةُ: الغُرّةُ المُنْتَشِرةُ المُغَطِّية لِلْعَيْنِ. وتَفَشَّغَتِ الغُرَّة: كَثُرَتْ وَانْتَشَرَتْ؛ وفَشَغَتِ الناصِيةُ والقُصّةُ حَتَّى تُغَطِّي عَيْنَ الْفَرَسِ؛ قَالَ عِدِيّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ فَرَسًا:
لَهُ قُصّةٌ فَشَغَتْ حاجِبَيْه، ... والعَيْنُ تُبْصِرُ مَا فِي الظُّلَمْ
والناصيةُ الفَشْغاءُ: المُنْتَشِرةُ. وفَشَغَه بِالسَّوْطِ فَشْغاً أَي عَلاه بِهِ، وَكَذَلِكَ أَفْشَغَه بِهِ إِذا ضَرَبَهُ. وتَفَشَّغَ الْوَلَدُ: كثُر.
وَقَالَ النَّجَاشِيُّ لِقُرَيْشٍ حِينَ أَتوه: هَلْ تَفَشَّغَ فِيكُمُ الولدُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَلَامَاتِ الْخَيْرِ؟ قَالُوا: نَعَمْ
، أَي هَلْ كثُر؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي هَلْ يَكُونُ لِلرَّجُلِ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ مِنَ الْوَلَدِ ذُكُورٌ؟ قَالُوا نَعَمْ وأَكثرُ؛ قَالَ: وأَصله مِنَ الظُّهُورِ والعُلُوِّ والانتِشارِ. وَفِي حَدِيثِ
الأَشْتَرِ: أَنه قَالَ لِعَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ هَذَا الأَمْرَ قَدْ تَفَشَّغَ
أَي فَشا وانْتَشَرَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا هَذِهِ الفُتْيا الَّتِي تَفَشَّغَتْ فِي النَّاسِ؟
وَيُرْوَى:
تَشَقَّقَتْ وتَشَغَّفَتْ وتَشَعَّبَتْ.
وَيُقَالُ: تَفَشَّغَ فِي بَنِي فُلَانٍ الخيرُ إِذَا كَثُرَ وَفَشَا. وتَفَشَّغَ لَهُ وَلَدٌ: كَثُرَ. وتَفَشَّغَ فِيهِ الدَّمُ أَي غلَبه وتَمَشَّى فِي بَدَنِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طُفَيْلٍ الغَنَوِيّ:
وَقَدْ سَمِنَتْ حَتَّى كأَنَّ مَخاضَها ... تَفَشَّغَها ظَلْعٌ، وليْسَتْ بِظُلَّعِ
وَحَكَى ابْنُ كَيْسَانَ: تَفَشَّغَ الرجلُ البُيوتَ دَخَلَ فِيهَا. وتَفَشَّغَ فُلَانٌ فِي بُيُوتِ الحيِّ إِذَا غَابَ فِيهَا فَلَمْ تَرَهُ، وتَفَشَّغَ المرأَةَ: دَخَلَ بَيْنَ رجْليها ووقَعَ عَلَيْهَا وافْتَرَعَهَا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ المَنُونِ القليلِ الْخَيْرِ: مُفْشِغٌ، وَقَدْ أَفْشَغَ الرجلُ. وَرَجُلٌ أَفْشَغُ الثَّنِيّةِ: ناتِئُها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه كَانَ آدمَ ذَا ضَفِيرَتين أَفْشَغَ الثَّنِيَّتَيْنِ
أَي ناتِئَ الثَّنِيَّتَيْن خارجَتَيْن عَنْ نَضَدِ الأَسنان. الأَصمعي: فَشَّغَه النومُ تَفْشِيغاً إِذا عَلَاهُ وَغَلَبَهُ وكسَّلَه؛ وأَنشد لأَبي دُوَادٍ:
فإِذا غَزالٌ عاقِدٌ، ... كالظَّبْي فَشَّغَه المَنام
والتَّفَشُّغُ والفِشاغُ: الكَسَلُ. وَقَدْ فشَّغَه المَنامُ أَي كَسَّلَه. والفُشّاغُ: نَبَاتٌ يَتَفَشَّغُ ويَنْتَشِرُ عَلَى الشَّجَرِ ويَلْتَوي عَلَيْهِ. وَرَوَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ الأَزهري أَن الفُشاغ يثقَّل وَيُخَفَّفُ. والفَشْغَةُ: قَصَبةٌ «1» فِي جَوْفِ قَصبة. والفَشْغةُ: مَا تَطايَرَ مِنْ جَوْفِ الصَّوْصَلاةِ، وَهُوَ نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ صاصُلى، وَقِيلَ: هُوَ حَشيشٌ يأْكل جَوْفَه صِبْيانُ العِراقِ. وفَشَغَه بالسوْط يَفْشَغُه فَشْغاً وأَفْشَغَه بِهِ وأَفْشَغَه إِيَّاهُ: ضرَبه بِهِ. وفاشَغَ الناقةَ إِذا أَراد أَن يَذْبَحَ وَلدها فجعلَ عَلَيْهِ ثَوْبًا يُغَطِّي بِهِ رأْسَه وظَهْرَه كلَّه مَا خَلا سَنامه، فيَرْضَعُها يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثُمَّ يُوثَقُ وتُنَحَّى عَنْهُ أُمه حَيْثُ تَرَاهُ، ثُمَّ يؤخَذُ عَنْهُ الثوبُ فيجعلُ عَلَى حُوار آخَرَ فَتَرَى أَنه ابنُها ويُنْطَلقُ بِالْآخَرِ فَيُذْبَحُ. التَّهْذِيبُ: المُفاشَغةُ أَن يُجَرَّ ولدُ الناقةِ مِنْ تحتها
__________
(1) . قوله [قصبة في إلخ] كذا بالأَصل، والذي في القاموس: قطنة في إلخ.(8/447)
فيُنْحَرَ وتُعْطَفَ عَلَى وَلَدٍ آخَرَ يُجَرُّ إِلَيْهَا فيُلْقَى تَحْتَهَا فَتَرْأَمُه. يُقَالُ: فاشَغَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ فُوشِغَ بِهَا؛ وَقَالَ ابْنُ حِلِّزة:
بَطَلٌ يُجَرِّرُه وَلَا يَرْثي لَهُ، ... جَرَّ المُفاشِغِ هَمَّ بالإِرْآمِ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن وَفْدَ البَصْرةِ أَتَوْه وَقَدْ تَفَشَّغُوا فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْهَيْئَةُ؟ فَقَالُوا: تَرَكْنَا الثِّيابَ فِي العِيابِ وجِئْناكَ، وقال: الْبَسُوا وأَمِيطُوا الخُيَلاء
؛ قَالَ شَمِرٌ: تَفَشَّغُوا أَي لَبِسُوا أَخْشَنَ ثيابهم ولم يَتَهَيَّؤُوا لِلِقَائِهِ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وأَنا لَا آمَنُ أَن يَكُونَ مصحَّفاً مِنْ تَقَشَّفُوا، والتَّقَشُّفُ: أَن لَا يَتَعَهَّدَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ. والفَشاغُ فِي المَهْر: نحو القِرافِ.
فضغ: فَضَغَ العودَ يَفْضَغُه فَضْغاً: هَشَمَه. وَرَجُلٌ مِفْضَغٌ: يَتَشَدَّقُ ويَلْحَنُ كأَنه يَفْضَغُ الكلامَ، والله أَعلم.
فلغ: الفَلْغُ: الشَّدْخُ. فَلَغَ رأْسَه، زَادَ فِي التَّهْذِيبِ: بِالْعَصَا، يَفْلَغُه فَلْغاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّي إِنْ آتِهِمْ يُفْلَغْ رأَسِي كَمَا تُفْلَغُ العِترةُ
أَي يُكسَر. وأَصل الفَلْغِ الشقُّ، والعِتْرةُ نَبْتٌ، قَالَ: وفَلَغَه مِثْلَ ثَلَغَه إِذا شَدَخَه؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ أَي أَنَّ فَاءَ فَلَغَ بَدَلٌ مِنْ ثَاءِ ثَلَغَ؛ يُقَالُ للقَفِيز بِالسُّرْيَانِيَّةِ فالِغا، وأَعْرَبته العربُ فقالت فِلْجٌ.
فوغ: فَوْغةُ الطيبِ: كفَوْعَتِه؛ حَكَاهَا كُرَاعٌ وَقَالَ: فَوْغةُ، بإعْجام الْغَيْنِ، وَلَمْ يَقُلْهَا أَحد غَيْرَهُ. قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهَا عَلَى ثِقَةٍ. قَالَ شَمِرٌ: وفَوْغةٌ مِنَ الْفَاغِيَةِ، قَالَ الأَزهري: كأَنه مَقْلُوبٌ عِنْدَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
احْبِسُوا صِبيانَكم حَتَّى تذهَبَ فَوْعةُ العِشاءْ
أَي أَوَّله كفَوْرتِه. وفَوْعةُ الطِّيبِ: أَوّلُ مَا يَفُوحُ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالْغَيْنِ لُغَةٌ فيه.
فصل اللام
لتغ: اللَّتْغُ: الضَّرْبُ بِالْيَدِ. لَتَغَه بِيَدِهِ لَتْغاً: ضَرَبَهُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بثبت.
لثغ: اللُّثْغةُ: أَن تَعْدِلَ الحرْفَ إِلى حَرْفٍ غَيْرِهِ. والأَلْثَغُ: الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَن يَتَكَلَّمَ بِالرَّاءِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُجْعَلُ الرَّاءَ غَيْنًا أَو لَامًا أَو يَجْعَلُ الرَّاءَ فِي طرَف لِسَانِهِ أَو يَجْعَلُ الصَّادَ فَاءً، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَتَحَوَّلُ لِسَانُهُ عَنِ السِّينِ إِلَى الثَّاءِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَتِمُّ رَفْعُ لِسَانِهِ فِي الْكَلَامِ وَفِيهِ ثِقَلٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُبَيِّنُ الكلامَ، وَقِيلَ: هو الَّذِي قَصُرَ لِسَانُهُ عَنْ مَوْضِعِ الْحَرْفِ ولَحِقَ مَوْضِعَ أَقْرَبِ الْحُرُوفِ مِنَ الْحَرْفِ الَّذِي يَعْثُر لِسَانُهُ عَنْهُ، وَالْمَصْدَرُ اللَّثَغُ. ولَثَغَ لسانَ فُلَانٍ إِذا صَيَّرَه أَلْثَغَ. لَثِغَ، بِالْكَسْرِ يَلْثَغُ لَثَغاً، وَالِاسْمُ اللُّثْغةُ، والمرأَة لَثْغاء. وَفِي النَّوَادِرِ: مَا أَشدَّ لَثَغَته وَمَا أَقبح لُثْغَتَه فاللَّثَغَةُ الفَمُ، واللُّثْغةُ ثِقَلُ اللسانِ بِالْكَلَامِ، وَهُوَ أَلْثَغُ بيِّنُ اللُّثْغةِ وَلَا يُقَالُ بَيِّنُ اللَّثَغةِ، وَاللَّهُ أَعلم.
لدغ: اللَّدْغُ: عَضُّ الحَيّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَقِيلَ: اللَّدْغُ بِالْفَمِ واللَّسْعُ بالذَّنَب، قَالَ اللَّيْثُ: اللَّدْغُ بِالنَّابِ، وَفِي بَعْضِ اللُّغَاتِ: تَلْدَغُ العَقْرَبُ. وَقَالَ أَبو وجْزةَ: اللَّدْغةُ جامِعةٌ لِكُلِّ هامّةٍ تَلْدَغُ لَدْغاً؛ يُقَالُ: لَدَغَتْه تَلْدَغُه لَدْغاً وتَلْداغاً؛ وَرَجُلٌ مَلْدُوغ ولَدِيغٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، وَالْجَمْعُ لَدْغَى ولُدَغاءُ وَلَا يُجْمَعُ جَمْعَ السَّلَامَةِ لأَن(8/448)
مُؤَنَّثَهُ لَا يَدْخُلُهُ الْهَاءُ، والسَّلِيمُ: اللَّدِيغُ. وَيُقَالُ: أَلْدَغْتُ الرجلَ إِذا أَرْسَلْتَ إِليه حَيّةً تَلْدَغُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
وأَعوذُ بكَ أَن أَمُوتَ لَدِيغاً
؛ اللَّدِيغُ: المَلْدُوغُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. ولَدَغَه بِكَلِمَةٍ يَلْدَغُه لَدْغاً: نَزَغَه بِهَا، وَرَجُلٌ مِلْدَغٌ: يَفْعَلُ ذَلِكَ بِالنَّاسِ، وأَصابه مِنْهُ ذُبابٌ لادِغٌ أَي شرٌّ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَهُوَ عَلَى المثل.
لصغ: لَصَغَ الجِلْدُ يَلْصَغُ لُصُوغاً إِذا يَبِسَ عَلَى العظْم عَجَفاً.
لغلغ: لَغْلَغَ الطعامَ: أَدَمَه بِالسَّمْنِ والوَدَك؛ عَنْ كُرَاعٍ. أَبو عَمْرٍو: لَغْلَغَ ثَرِيدَه وسَغْسَغَه ورَوَّغَه رَوّاه مِنَ الأُدْمِ. وَيُقَالُ: فِي كَلَامِهِ لَغْلغةٌ ولَخْلخةٌ أَي عُجْمة. التَّهْذِيبُ: واللَّغْلَغُ طَائِرٌ مَعْرُوفٌ. غَيْرُهُ: اللَّغْلَغُ طَائِرٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبه عربيّاً.
لمغ: الْتُمِغُ لَوْنُه: ذهَب كالتُمِع؛ حكاه الهروي.
لوغ: لاغَ الشيءَ لَوْغاً: أَدارَه فِي فِيهِ ثُمَّ لَفَظَه. ابْنُ الأَعرابي: لاغَ يَلُوغُ لَوْغاً إِذا لَزِمَ الشيءَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اللَّوْغُ السَّوادُ الَّذِي حَوْلَ الحَلَمةِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
كذَبْتَ لَمْ تَغْذُه سَوْداءُ مُقْرِفةٌ، ... بِلَوْغِ ثَدْيٍ كأَنْفِ الكَلْبِ دَمّاعِ
وقالتْ خالةُ امْرِئِ الْقَيْسِ لَهُ: إِنَّ أُمك تَرَكَتْكَ صَغِيرًا فأَرْضَعْتُكَ كلْبةً مُجْرِيةً فَقَبِلْتَ لَوْغَها.
ليغ: الأَلْيَغُ: الَّذِي يَرْجِع كلامُه ولسانُه إِلَى الْيَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُبَيِّنُ الكلامَ، وَالِاسْمُ اللَّيَغُ واللِّياغةُ، وامرأَة لَيْغاءُ. واللِّياغةُ: الأَحْمَقُ؛ الْكَسْرِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَالْفَتْحُ عَنْ ثَعْلَبٍ. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ أَلْيَغُ وامْرأَة لَيْغاء إِذَا كَانَا أَحمقين. قَالَ: واللَّيَغُ الحُمْقُ الْجَيِّدُ. وطَعام سَيِّغٌ لَيِّغٌ وسائِغٌ لائِغٌ: إِتْباع أَي يَسُوغُ فِي الْحَلْقِ. ولاغَ الشيءَ لَيْغاً: راوَدَه لِيَنْتَزِعَه.
فصل الميم
مرغ: المَرْغُ: المُخاطُ، وَقِيلَ اللُّعابُ؛ قَالَ الحِرْمازِيّ:
دُونَكِ بَوْغاءَ تُرابَ الدَّفْغِ، ... فأَصْفِغِيه فاكِ أَيَّ صَفْغِ،
ذلِك خَيْرٌ مِنْ حُطامِ الرَّفْغِ ... وإنْ تَرَيْ كَفَّكِ ذاتَ نَفْغِ،
شَفَيْتِها بالنَّفْثِ بَعْدَ المَرْغِ
والمَرْغُ: الرِّيقُ، وَقِيلَ: المَرْغُ لُعاب الشَّاءِ، وَهُوَ فِي الإِنسان مُسْتَعارٌ كَقَوْلِهِمْ أَحْمَقُ مَا يَجْأَى مَرْغَه أَي لَا يَسْتر لُعابَه، وجَأَيْتُ الشيءَ أَي ستَرْتُه، وعَمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَقَصَرَهُ ابْنُ الأَعرابي عَلَى الإِنسان فَقَالَ: المَرْغُ للإِنسان، والرُّوالُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ لِلْخَيْلِ، واللُّغامُ للإِبل. وأَمْرَغَ أَي سالَ لُعابُه. وأَمْرَغَ: نامَ فسالَ مَرْغُه مِنْ نَاحِيَتَيْ فِيهِ. وتَمرَّغَ إِذا رَشَّه مِنْ فِيهِ؛ قَالَ الكُمَيْتُ يُعاتِبُ قُرَيْشاً:
فَلمْ أَرْغُ مِمَّا كَانَ بَيْني وبَيْنَها، ... وَلَمْ أَتمَرَّغْ أَنْ تَجَنَّى غَضُوبُها
قَوْلُهُ فَلَمْ أَرْغُ مِنْ رُغاء الْبَعِيرِ. والأَمْرَغُ: الَّذِي يَسِيل مَرْغُه. والمَرْغةُ: الروْضةُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: تَمَرَّغْنا أَي تَنَزَّهْنا. والمَرْغُ: الرَّوْضةُ الْكَثِيرَةُ(8/449)
النَّبَاتِ، وَقَدْ تَمَرَّغَ المالُ إِذَا أَطَالَ الرَّعْي فِيهَا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: مَرَغَ العَيْرُ فِي العُشْبِ إِذَا أَقام فِيهِ يَرْعَى؛ وأَنشد لرِبْعِيّ الدُّبَيري:
إِنِّي رَأَيْتُ العَيْرَ فِي العُشْبِ مَرَغْ، ... فجِئْتُ أَمْشِي مُسْتَطاراً فِي الرَّزَغْ
وَيُقَالُ: تَمَرَّغْتُ عَلَى فُلَانٍ أَي تَلَبَّثْتُ وتمكَّثْتُ. وأَمْرَغَ إِذا أَكثر الكلامَ فِي غَيْرِ صَواب. والمَرْغُ: الإِشْباعُ بالدُّهْن. وَرَجُلٌ أَمْرَغُ وشعَر مَرِغٌ: ذُو قَبُولٍ للدُّهْن. والمُتَمَرِّغُ: الَّذِي يَصْنَعُ نفسَه بالادِّهانِ والتَّزَلُّقِ. وأَمْرَغَ العَجينَ: أَكثر ماءَه حَتَّى رَقَّ، لُغَةٌ فِي أَمْرَخَه فَلَمْ يَقْدِر أَن يُيَبِّسه. ومَرِغَ عِرْضُه: دَنِسَ، وأَمْرَغَه هُوَ ومَرَّغَه: دَنَّسَه، والمُجاوِزُ مِنْ فِعْله الإِمْراغ. ومَرَّغَه فِي التُّرَابِ تَمْرِيغًا فتَمرَّغ أَي مَعَّكه فَتَمَعَّك، ومارَغه، كِلَاهُمَا: أَلْزَقَه بِهِ، وَالِاسْمُ المَراغةُ، وَالْمَوْضِعُ مَتَمَرَّغٌ ومَراغٌ ومَراغةٌ. وَفِي صِفَةِ الْجَنَّةِ:
مَراغُ دَوابِّها المِسْكُ
أَي الْمَوْضِعَ الَّذِي يُتَمَرَّغُ فِيهِ مِنْ تُرابها. والتمَرُّغُ: التَّقَلُّبُ فِي التُّرَابِ. وَفِي حَدِيثِ
عَمّار: أَجْنَبْنا فِي سفَر وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ فتمَرَّغْنا فِي التُّرَابِ
؛ ظَنَّ أَنَّ الجُنُبَ يَحْتَاجُ أَن يُوَصِّلَ الترابَ إِلى جَمِيعِ جسَده كَالْمَاءِ. ومَراغةُ الإِبل: مُتَمَرَّغها. والمَرْغُ: المَصِيرُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ بَعْرُ الشَّاةِ. والمَراغةُ: الأَتانُ، وَقِيلَ: الأَتانُ الَّتِي لَا تَمْتَنِعُ مِنْ الفُحول، وَبِذَلِكَ لقَّب الأَخطلُ أُمَّ جَريرٍ فَسَمَّاهُ ابْنَ المَراغةِ أَي يَتَمرَّغ عَلَيْهَا الرِّجال، وَقِيلَ: لأَن كُلَيْبًا كَانَتْ أَصحابَ حُمُرٍ. والمَرْغُ: أَكلُ السائِمة العُشبَ. ومَرَغَتِ السائمةُ والإِبل العُشْبَ تَمْرَغُه مَرْغاً: أَكلته؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ومَراغُ الإِبلِ: مُتَمَرَّغُها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَجْفِلُها كلُّ سَنامٍ مِجْفَلِ، ... لَأْياً بِلأْيٍ فِي المَراغِ المُسْهِلِ
والمِمْرَغةُ: المِعَى الأَعْوَرُ لأَنه يُرْمى بِهِ، وَسُمِّيَ أَعْورَ لأَنه كَالْكِيسِ لَا مَنْفَذَ له.
مزغ: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: التمَزُّغُ التَّوَثُّبُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بالوَثْبِ فِي السَّوْآتِ والتمَزُّغِ
مشغ: المَشْغُ: ضَرْب مِنَ الأَكل لَيْسَ بِالشَّدِيدِ، وَقِيلَ: هُوَ كأَكْلِكَ القِثَّاءَة. ومَشَغَ عِرْضَه ومَشَّغَه: عابَه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
واحْذَرْ أَقاوِيلَ العُداةِ النُّزَّغِ ... عَليَّ، إِنِّي لَسْتُ بالمُزَغْزَغِ
أَغْدُو، وعِرْضِي ليسَ بالمُمَشَّغِ
أَي لَيْسَ بالمُكَدَّرِ وَلَا المُلَطَّخ. والمِشْغةُ: طِينٌ يُجْمَعُ ويُغْرَزُ فِيهِ شوْكٌ ويُترك حَتَّى يَجِفَّ ثُمَّ يُضْرَب عَلَيْهِ الكَتّانُ حَتَّى يَتَسرَّح. ابْنُ الأَعرابي: ثَوْبٌ ممَشَّغٌ مَصْبوغ بالمِشْغ. قَالَ الأَزهري: أَراد بالمِشْغِ المِشْقَ، وَهُوَ الطِّينُ الأَحمر. وَرَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ بَعْضِ العرب: مَشَغَه ماءةَ سَوْطٍ ومَشَقَه إِذا ضَرَبَهُ. أَبو عَمْرٍو: المِشْغة قِطعة الثَّوْبِ أَو الْكِسَاءِ الخَلَق؛ وأَنشد لأَبي بَدْرٍ السُّلَمِيِّ:
كأَنَّه مِشْغةُ شَيْخ مُلْقاهْ
مضغ: مَضَغَ يَمْضَغُ ويَمْضُغُ مَضْغاً: لاكَ. وأَمْضَغَه الشيءَ ومَضَّغَه: أَلاكَه إِياه؛ قَالَ:
أُمْضِغُ مَن شاحَنَ عُوداً مُرّا
شاحَن: عادَى؛ وَقَالَ:
هاعٍ يُمَضِّغُني، ويُصْبِحُ سادِراً، ... سِلْكًا بِلَحْمِي، ذِئْبُه لَا يَشْبَعُ(8/450)
ومَضَغَ الطعامَ يَمْضَغه مَضْغاً. والمَضاغ، بِالْفَتْحِ: مَا يُمْضَغُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: كلُّ طَعَامٍ يُمْضَغ. وَمَا ذُقْتُ مَضاغاً وَلَا لَواكاً أَي مَا ذُقتُ مَا يُمْضَغ. وَيُقَالُ: مَا عِنْدَنَا مَضاغٌ، وَهَذِهِ كِسرة لَيِّنة المَضاغِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَكلَ حَشَفةً مِنْ تمراتٍ قَالَ: فَكَانَتْ أَعْجَبَهُنّ إِليَّ لأَنها شَدَّتْ فِي مَضاغي
؛ الْمِضَاغُ، بِالْفَتْحِ: الطَّعَامُ يُمْضَغُ، وَقِيلَ: هُوَ المَضْغُ نفسُه. يُقَالُ: لُقمةٌ ليِّنةُ الْمَضَاغِ وَشَدِيدَةُ المَضاغِ، أَراد أَنها كَانَ فِيهَا قوَّة عِنْدَ مَضْغِها. وكَلأٌ مَضِغٌ: قَدْ بَلَغ أَن تمضَغَه الرّاعِيةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي فَقْعَسٍ فِي صِفَةِ الكلإِ: خَضِعٌ مَضِع ضافٍ رَتِع؛ أَراد مَضِغ فحوَّل الْغَيْنَ عَيْنًا لِما قبله من خَضِع وَلِمَا بَعْدَهُ مِنْ رَتِع. والمُضاغةُ، بِالضَّمِّ: مَا مُضِغَ. والمُضاغةُ: مَا يَبْقى فِي الفَم مِنْ آخِرِ مَا مَضَغْتَه. والمَواضِغُ: الأَضْراسُ لمَضْغِها، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. والماضِغانِ والماضِغتانِ والمَضِيغتان: الحَنَكانِ لمضْغِهما المأْكولَ، وَقِيلَ: هُمَا رُوذا الحَنَكَيْن «2» لِذَلِكَ، وَقِيلَ: هُمَا عِرْقان فِي اللَّحْيَين، وَقِيلَ: هُمَا أَصْلا اللَّحْيَين عِنْدَ مَنْبِت الأَضراس بِحياله، وَقِيلَ: هُمَا مَا شَخَصَ عِنْدَ المَضْغِ. والمَضِيغةُ: كُلُّ عَصبةٍ ذاتِ لحْم، فإِما أَن تَكُونَ مِمَّا يُمْضَغُ، وإِما أَن تُشَبَّهُ بِذَلِكَ إِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ. والمَضِيغَةُ: لَحْمُ باطِن العَضُد، لِذَلِكَ أَيضاً. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: كُلُّ لَحْمٍ عَلَى عَظْمٍ مَضِيغةٌ، وَالْجَمْعُ مَضِيغٌ ومَضائِغُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: كُلُّ لحمَة يَفْصِلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غيرها عِرْقٌ فهي مَضِيغةٌ، قَالَ: واللِّهْزِمةُ مَضِيغةٌ والعَضَلةُ مَضِيغة. والمَضائِغ مِنْ وَظيفَي الفرس: رؤوسُ الشَّظَايَتَيْنِ «3» لأَن آكِلَها مِنَ الْوَحْشِ يَمْضَغُها، وَقَدْ تَكُونُ عَلَى التَّشْبِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ لمَكان المضغ أَيضاً. والمَضِغة: مَا بُلَّ وشُدَّ عَلَى طرَف سِيةِ القَوْسِ مِنَ العَقَب لأَنه يُمْضَغُ، وَقِيلَ: هِيَ العَقَبةُ الَّتِي عَلَى طرَف السِّيةِ. الأَصمعي: المَضائِغُ العَقَباتُ اللَّواتي عَلَى طرَفِ السِّيَتَيْن. والمُضْغةُ: القِطْعةُ مِنَ اللَّحم لِمَكَانِ الْمَضْغِ أَيضاً. التَّهْذِيبُ: المُضْغة قِطعة لَحْمٍ، وَقِيلَ: تَكُونُ المُضغة غيرَ اللَّحْمِ. يُقَالُ: أَطْيَبُ مُضْغةٍ أَكَلَها الناسُ صَيْحانِيّةٌ مَصْلِيَّةٌ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبةَ: المُضْغةُ مِنَ اللحمَ قدْرُ مَا يُلْقي الإِنسانُ فِي فِيهِ، وَمِنْهُ قِيلَ: فِي الإِنسان مُضغتانِ إِذا صَلَحَتا صَلَحَ البَدَنُ: القلْبُ واللِّسانُ، وَالْجَمْعُ مُضَغٌ، وقلْب الإِنسان مُضْغة مِنْ جسَده. التَّهْذِيبُ: إِذا صَارَتِ العَلَقة الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا الإِنسان لَحْمة فَهِيَ مُضغة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن خَلْقَ أَحدكم يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمه أَربعين يَوْمًا نُطْفَةً ثُمَّ أَربعين يَوْمًا عَلَقَة ثُمَّ أَربعين يَوْمًا مُضْغَةً ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ الملَك.
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن فِي ابْنِ آدَمَ مُضْغةً إِذا صَلَحَت صلَحَ الجسدُ كُلُّهُ
، يَعْنِي القَلْبَ لأَنه قِطْعةُ لَحْمٍ مِنَ الْجَسَدِ. والمَضَّاغةُ: الأَحْمَقُ. والمُضَغُ مِنَ الجِراحِ: صِغارُها،
وَقَوْلُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنّا لَا نتَعاقَلُ المُضَغَ بَيْنَنا
، أَراد الْجِرَاحَاتِ، والمُضَغُ جَمْعُ مُضْغةٍ، وَهِيَ القطْعة مِنَ اللَّحْمِ قدر ما يُمْضَغُ وَسَمَّاهَا مُضَغاً عَلَى التَّشْبِيهِ بمُضْغةِ الإِنسان فِي خلْقه، يَذْهبُ بِذَلِكَ إِلَى تَصْغيرها
__________
(2) . قوله [روذا الحنكين] كذا بالأَصل، ولعلهما رؤدا اللحيين بالهمز، ففي مادة رأد من اللسان: وَالرَّأْدُ وَالرُّؤْدُ أَيْضًا رَأْدُ اللَّحْيِ وَهُوَ أَصْلُ اللَّحْيِ النَّاتِئُ تَحْتَ الْأُذُنِ، وَقِيلَ أَصل الْأَضْرَاسِ فِي اللَّحْيِ، وَقِيلَ الرَّأْدَانُ طَرَفَا اللَّحْيَيْنِ الدَّقِيقَانِ اللَّذَانِ فِي أَعْلَاهُمَا.
(3) . قوله [الشظايتين] كذا بالأصل، والذي في القاموس: الشظئ عظيم لازق بالركبة أَو بالذراع أو بالوظيف أو عصب صغار فيه.(8/451)
وتَقْليلها. والمُضَغُ: مَا لَيْسَ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ مَعْلُومٌ مِنَ الجِراحِ والشِّجاج، شُبِّهَت بمُضْغةِ الخَلْقِ قَبْلَ نَفْث الرُّوحِ، وبالمُضْغةِ الْوَاحِدَةِ شُبِّهت اللُّقْمة تُمْضَغُ، وَقِيلَ: شَبَّهَهَا بِالْمُضْغَةِ مِنَ اللَّحْمِ لِقِلَّتِهَا فِي جَنْبِ مَا عَظُمَ مِنَ الجِناياتِ. وَقَالَ أَحمد لإِسحق: مَا الَّذِي لَا تَعْقِلُ العاقِلةُ؟ قَالَ: مَا دُونُ الثلُث؛ وَقَالَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ: لَا تَعْقِلُ العاقلةُ مَا دُونَ المُوضِحةِ إِنما فِيهَا حُكومةٌ، وتَحْمِلُ العاقِلةُ المُوضِحةَ فَمَا فوقَها، وَقَالَا مَعًا: لَا تَعْقِلُ المرأَة وَالصَّبِيُّ مَعَ الْعَاقِلَةِ. وأَمْضَغَ التمرُ: حَانَ أَن يُمْضَغَ. وتَمْرٌ ذُو مَضْغةٍ: صُلْبٌ متِين يُمْضَغُ كَثِيرًا. وهَجاه هِجاءً ذَا مَمْضَغةٍ: يَصِفُهُ بالجَوْدةِ والصَّلابة كَالتَّمْرِ ذِي المَمْضَغةِ. وإِنه لذو مُضْغةٍ إِذَا كَانَ مِنْ سُوسِهِ اللحمُ. ومُضَغُ الأُمورِ: صِغارُها، وَكِلَاهُمَا مِنَ المَضْغِ. وماضَغَه القِتالَ والخُصومةَ: طاوَلَه إِيّاهُما.
مغمغ: المَغْمغةُ: الاخْتِلاطُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مَا مِنْكَ خَلْطُ الخُلُقِ المُمَغْمِغِ، ... فانْفَحْ بِسَجْلٍ مِنْ نَدىً مُبلِّغ
وتَمَغْمَغَ المالُ إِذا جَرَى فِيهِ السِّمَنُ. ومَغْمَغَ اللحمَ: لَمْ يُحْكِمْ مَضْغَه. ومَغْمَغَ الكلامَ: لَمْ يُبَيِّنْه. والمَغْمَغةُ: أَن تَرِدَ الإِبلُ الْمَاءَ كلَّما شاءتْ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالَّذِي حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ الرَّغْرَغةُ، وَقَدْ تقدَّم. ومَغْمَغَ طَعامَه: أَكثر أُدْمَه.، وَالْمَعْرُوفُ صَغْصَغَ. أَبو عَمْرٍو: إِذَا رَوَّى الثَّرِيدَ دَسَماً قِيلَ مَغْمَغَه ورَوَّغَه وسَغْسَغَه وصَغْصَغَه.
ملغ: المِلْغُ، بِالْكَسْرِ: المُتَمَلِّقُ، وَقِيلَ الشّاطِرُ، وَقِيلَ الأَحْمَقُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بالفُحْشِ، وَقِيلَ الَّذِي لَا يُبالي مَا قَالَ وَلَا مَا قيلَ لَهُ، وَالْجَمْعُ أَمْلاغٌ. ومُلِغَ فِي كلامِه وتَمَلَّغَ: تَحَمَّقَ. وكلامٌ مِلْغٌ وأَمْلَغُ: لَا خَيْرَ فِيهِ. والمِلْغُ: الأَحْمَقُ الوَقْسُ اللفْظِ، قَالَ رُؤْبَةُ:
أَوْهى أَدِيماً حَلِماً لَمْ يُدْبَغِ، ... والمِلْغُ يَلْكى بالكَلامِ الأَمْلَغِ
التَّهْذِيبُ فِي هَذَا الْمَكَانِ: وَقَالَ رؤبةُ:
يُمارِسُ الأَغْصانَ بالتمَلُّغِ «1»
هُوَ تَفَعل مِنْهُ. وَيُقَالُ: مِلْغٌ مُتَمَلِّغٌ، وَقَالُوا: بِلْغٌ مِلْغٌ، فبِلْغٌ أَحْمَقُ بالِغٌ فِي حُمْقِه أَو بَالِغٌ مَا يُرِيدُ مَعَ حُمْقه، ومِلْغٌ إِتْباع، وَقِيلَ إِنه يُفْرَدُ فَلَا يَكُونُ إِتباعاً، وأَورد بَيْتَ رُؤْبَةَ: والمِلْغُ يَلْكى، وَقَالَ: فَدَلَّ أَنه لَيْسَ بإِتباع، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ رُؤْبَةُ فِي المِلْغ أَيضاً:
غَيَّرَ آَلِي، وأَطالَ ذَبِّي ... غَثِيثةُ المِلْغِ بقَوْلٍ خِبِ
موغ: ماغَتِ السِّنَّوْرةُ تمُوغُ مُواغاً ومَوْغاً: مِثْلُ ماءَتْ.
فصل النون
نبغ: نَبَغَ الدَّقِيقُ مِنْ خَصاصِ المُنْخُلِ يَنْبُغُ: خَرَجَ، وَتَقُولُ: أَنْبَغْتُه فَنَبَغَ. ونَبَغَ الوِعاءُ بالدَّقِيقِ إِذَا كَانَ دَقِيقاً فَتَطايَرَ مِنْ خَصاصِ ما
__________
(1) . 1 قوله" يمارس الأغصان" كذا بالأصل، وبهامشه صوابه الأَعضال انتهى. أي جمع العضل، بكسر فسكون: الرجل الداهية والشديد القبح.(8/452)
رَقَّ مِنْهُ. ونَبَغَ الماءُ ونَبَعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ونَبَغَ الرَّجُلُ يَنْبَغُ ويَنْبُغُ ويَنْبِغُ نَبْغاً: لَمْ يَكُنْ فِي إِرْثِه الشِّعْرُ ثُمَّ قَالَ وأَجادَ؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ النَّوابِغ مِنَ الشُّعراء نَحْوُ الجَعْديّ والذُّبْياني وَغَيْرِهِمَا؛ وَقَالَتْ لَيْلَى الأَخْيَلِيّة:
أَنابِغَ، لمْ تَنْبَغْ، وَلَمْ تَكُ أَوّلا، ... وكنتَ صُنَيّاً بَيْنَ صَدَّيْن مَجْهَلا «1»
ونَبَغَ مِنْهُ شاعِرٌ: خَرَجَ. ونَبَغَ الشيءُ: ظَهَرَ. ونَبَغَ فِيهِمُ النِّفاقُ إِذَا ظَهَرَ بَعْدَمَا كَانُوا يُخْفونه مِنْهُ. ونَبَغَت المَزادةُ إِذا كَانَتْ كتُوماً فَصَارَتْ سَرِبةً. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ فِي أَبيها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: غاضَ نَبْغَ النِّفاقِ والرِّدَّةِ
أَي نَقَصه وأَهْلَكَه وأَذْهَبَه. والنابغةُ: الشاعرُ المعْروف، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِظُهُورِهِ؛ وَقِيلَ: سَمَّاهُ بِهِ زيادُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لِقَوْلِهِ:
وحَلَّتْ فِي بَني القَيْنِ بْنِ جَسْرٍ، ... وَقَدْ نَبَغَتْ لَنا مِنْهُمْ شُؤُونُ
وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، وَقَدْ قَالُوا نَابِغَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ونابِغةُ الجَعْدِيُّ بالرَّمْلِ بَيْتُه، ... عَلَيْهِ صَفِيحٌ مِنْ تُرابٍ مُوَضَّع
قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَخْرَجَ الأَلف وَاللَّامَ وجُعِلَ كواسِط. التَّهْذِيبُ: وَقِيلَ إِن زِيَادًا قَالَ الشِّعْرَ عَلَى كِبَرِ سِنِّهِ ونَبَغَ فَسُمِّي النابغةَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
ومَهْمَهةٍ صَخِبٍ هامُها، ... نَوابِغُها ضَحْوةً تَضْبَحُ
قِيلَ: النوابِغُ إناثُ الثَّعالِب. قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعْرِفُ الشِّعْر. وَيُقَالُ: نَبَغَ فُلَانٌ بِتُوسِه إِذا خرَجَ بطَبْعِه. وَيُقَالُ لهِبْرِيةِ الرأْس: نُبّاغُه ونُبّاغَتُه؛ قَالَ: وَقَوْلُ لَيْلَى:
أَنابِغَ، لَمْ تَنْبُغْ، وَلَمْ تَكُ أَوّلا
هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ نَبَغَ فُلَانٌ بِتُوسِه إِذا أَظْهَرَ خُلُقَه وَتَرَكَ التَّخَلُّقَ، فَكَانَ مَعْناها أَنه ظَهَرَ لُؤْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تكْتُمُه وَلَمْ يَنْفَعْك تَخَلُّقُكَ بِغَيْرِ خُلُقِكَ الَّذِي طُبِعْتَ عَلَيْهِ. وتَنَبَّغَتْ بَناتُ الأَوْبَرِ إِذَا يَبِسَتْ فَخَرَجَ مِنْهَا مثلُ الدقيق.
نتغ: نَتَغَ الرجلَ يَنْتِغُه ويَنْتُغُه نَتْغاً: عَابَهُ. ونَتَغْتُه وأَنْتَغْتُه: عِبْتُه وقلتُ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ. وَرَجُلٌ مِنْتَغٌ: عَيّابٌ مُعْتادٌ لِذَلِكَ، وَقَدْ نَتَغَه؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
غَمَزَتْ بِشَيْبي تِرْبَها فَتَعَجَّبَتْ، ... وسَمِعْتُ خَلْفَ قِرامِها إِنتاغَها
وَكَذَاكَ مَا هِيَ إِنْ تَراخَى غَمْزُها، ... شَبَّهْتُ جَعْدَ عُموقِها أَصْداغَها
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: النَّتْغُ والفَدْخُ الشَّدْخُ. وأَنْتَغَ إِنْتاغاً: ضَحِكَ ضَحْكاً خَفِيًّا كَضَحْكِ المُسْتَهْزِئ؛ وأَنشد:
لَمّا رَأَيْتُ المُنْتِغِينَ أَنْتَغُوا
ابْنُ الأَعرابي: الإِنْتاغُ أَن يُخْفِي ضَحِكَه ويُظْهِرَ بعضَه، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ونَتَغَ ضَحِكَ ضَحِكَ المُسْتَهْزِئ.
ندغ: النَّدْغُ: شِبْهُ النَّخْس. نَدَغَه يَنْدَغُه نَدْغاً: طعَنَه ونَخَسه بإِصْبَعِه؛ ودَغْدَغَه شِبْه المُغازَلةِ وهي
__________
(1) . قوله [مجهلا] تقدم في مادة صدد ضبطه بضم الميم تبعاً لما فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الصحاح.(8/453)
المُناذَغةُ؛ قَالَ رُؤبة:
لَذَّتْ أَحادِيثُ الغَوِيِّ المِنْدَغِ
والنَّدْغُ أَيضاً: الطَّعْنُ بالرُّمحِ وَبِالْكَلَامِ أَيضاً. وانْتَدَغَ الرجلُ: أَخْفَى الضَّحْكَ، وَهُوَ أَخْفَى مَا يَكُونُ مِنْهُ. ونَدَغَه بِكَلِمَةٍ يَنْدَغُه نَدْغاً: سَبَعَه؛ وَرَجُلٌ مِنْدَغٌ؛ قَالَ:
قَوْلًا كتَحْدِيثِ الهَلُوكِ الهَيْنَغِ ... مالَتْ لأَقْوالِ الغَوِيّ المِنْدَغِ،
فَهْيَ تُرِي الأَعْلاقَ ذاتَ النُّغْنُغِ
يُرِيدُ بالأَعلاقِ الحُلِيَّ الَّتِي عَلَيْهَا. والنُّغْنُغُ: الْحَرَكَةُ. والمِنْدَغُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الَّذِي مِنْ عَادَتِهِ النَّدْغُ. والنِّدْغُ والنَّدْغُ والنَّدَغُ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كُلُّهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَخيرة أَراها عَنْ ثَعْلَبٍ وَلَا أَحقها، كلُّه: الصَّعْتَرُ البَرّي، وَهُوَ مِمَّا تَرْعاه النَّحْلُ وتُعَسِّلُ عَلَيْهِ، وعَسَلُه أَطْيَبُ العَسَلِ، ولَعَسَلِه جَلْوتانِ: جَلْوةُ الصَّيْفِ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي الرَّبِيع وَهِيَ أَكثر الشِّيارَيْنِ؛ وجَلوة الصَّفَرِية وَهِيَ دُونَهَا. وَفِي حَدِيثِ
سُلَيْمان بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: دَخَلَ الطائفَ فَوَجَدَ رَائِحَةَ الصَّعْتَرِ فَقَالَ: بِواديكم هَذَا نَدْغةٌ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: النَّدْغُ الصَّعْتَرُ البَرّيّ، والسِّحاء نَبْت آخَرُ وَكِلَاهُمَا مِنْ مَراعي النَّحْلِ. وَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَامِلِهِ بالطائِف أَن يُرْسِلَ إِلَيْهِ بِعَسَلٍ أَخْضَرَ فِي السِّقاء، أَبيض فِي الإِناء، مِنْ عَسَلِ النَّدْغِ والسِّحاء، والأَطبَّاءُ يزْعُمون أَنّ عَسَلَ الصَّعْتَرِ أَمْتَنُ العَسَل وأَشَدُّه لُزُوجةً وحَرارةً، وَقِيلَ: النَّدغ شَجَرٌ أَخضر لَهُ ثَمَرٌ أَبيض، وَاحِدَتُهُ نَدْغَةٌ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النَّدْغُ مِمَّا يَنْبُتُ فِي الْجِبَالِ وَوَرَقُهُ مِثْلُ وَرَقِ الحَوْكِ وَلَا يَرْعَاهُ شَيْءٌ، وَلَهُ زَهْرٌ صَغِيرٌ شَدِيدُ الْبَيَاضِ، وَكَذَلِكَ عَسَلُهُ أَبيض كأَنه زُبْدُ الضأْن وَهُوَ ذَفِرٌ كرِيهُ الرِّيحِ، وَاحِدَتُهُ نَدْغة ونِدْغة. وَيُقَالُ للبَرْك المِنْدغةُ والمِنْسغةُ.
نزغ: النَّزْغُ: أَن تَنْزِغَ بَيْنَ قَوْمٍ فتَحْمِلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ بفسادٍ بَيْنَهُمْ. ونَزَغَ بَيْنَهُمْ يَنْزَغُ ويَنْزِغُ نَزْغاً: أَغْرَى وأَفْسَدَ وَحَمَلَ بعضَهم عَلَى بَعْضٍ. والنزْغُ: الْكَلَامُ الَّذِي يُغْرِي بَيْنَ النَّاسِ. ونَزَغَه: حرَّكه أَدنى حَرَكَةٍ. ونزَغ الشيطانُ بَيْنَهُمْ يَنزَغُ ويَنزِغُ نَزْغاً أَي أَفسد وأَغرى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ*
؛ نَزْغُ الشيطانِ: وسَاوِسُه ونَخْسُه فِي الْقَلْبِ بِمَا يُسَوِّلُ للإِنسان مِن المَعاصي، يَعْنِي يُلْقِي فِي قَلْبِهِ مَا يُفْسِدُه عَلَى أَصحابه؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ إِن نالَك مِنَ الشَّيْطَانِ أَدْنى نَزْغٍ ووَسْوسةٍ وتَحْرِيك يَصْرِفُك عَنِ الِاحْتِمَالِ، فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ وامْضِ عَلَى حُكْمِكَ. أَبو زَيْدٍ: نَزَغْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ ونَزَأْتُ ومَأَسْتُ كُلَّ هَذَا مِنَ الإِفسادِ بَيْنَهُمْ، وَكَذَلِكَ دَحَسْتُ وآسَدْتُ وأَرَّشْتُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ: وَلَمْ تَرْمِ الشُّكُوكُ بَنَوازِغِها عَزِيمةَ إِيمانِهم
؛ النّوازِغُ: جَمْعُ نازِغةٍ مِنَ النزْغ وَهُوَ الطعْنُ والفَسادُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
صِياحُ الْمَوْلُودِ حِينَ يَقَع نَزْغةٌ مِنَ الشيطانِ
أَي نَخْسةٌ وطَعْنةٌ. ونَزَغَ الرجلَ يَنْزَغُه نَزْغاً: ذَكَرَهُ بِقَبِيحٍ. وَرَجُلٌ مِنْزَغٌ ومِنْزَغةٌ ونَزّاغٌ: يَنْزَغُ الناسَ. والنَّزْغُ: شِبْهُ الوَخْز والطعْن. ونَزَغَه بِكَلِمَةٍ نَزْغاً: نخَسَه وطَعَن فِيهِ مِثْلَ نَسَغَه. ونَدَغَه ونَزَغَه نَزْغاً: طَعَنه بِيَدٍ أَو رُمْح. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: فنزَغَه إِنْسَانٌ مِنْ أَهل الْمَسْجِدِ بِنزيغةٍ
أَي(8/454)
رَمَاهُ بِكَلِمَةٍ سَيِّئَةٍ. وأَدْرَكَ الأَمْرَ بِنَزَغِه أَي بِحِدْثانِه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَيُقَالُ للبَرْك: المِنْزَغةُ والمِنْسْغةُ والمِيزغةُ والمِبْزغةُ والمِنْدغةُ.
نسغ: نَسَغَت الواشِمةُ بالإِبرة نَسْغاً: غَرَزَتْ بِهَا. والنسْغُ: تَغْرِيزُ الإِبرة، وَذَلِكَ أَنّ الواشِمةَ إِذَا وشَمَتْ يَدَهَا ضَبَّرَتْ عِدَّة إِبر فَنَسَغَتْ بِهَا يَدَهَا ثُمَّ أَسَفَّتْه النَّؤُورَ، فإِذا بَرَأَ قُلِعَ قِرْفُه عَنْ سَواد قَدْ رَصُنَ. ونَسَغَ الْخُبْزَةَ نَسْغاً غَرَزَها. ابْنُ الأَعرابي: المِنْسغةُ والمِبْزغةُ البَرْكُ الَّذِي يُغْرَزُ بِهِ الخُبْزُ. والمِنْسغةُ: إِضْبارةٌ مِنْ ريشِ الطَّائِرِ أَو ذنَبه يَنْسَغُ بِهَا الخَبَّازُ الخُبْزَ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ. والنَّسْغُ مِثْلَ النَّخْسِ. ونَسَغَه بِيَدٍ أَو رُمْحٍ أَو سَوْطٍ نَسْغاً ونَسَّغَه: طَعَنَهُ، وَكَذَلِكَ أَنْسَغَه. ونَسَغَه بِكَلِمَةٍ: مِثْلَ نَزَغه. وَرَجُلٌ ناسِغٌ مِنْ قَوْمٍ نُسَّغٍ: حاذقٌ بِالطَّعْنِ؛ قَالَ:
إِنِّي عَلَى نَسْغِ الرِّجالِ النُّسَّغِ
ونَسَغَ البعيرُ: ضَرَبَ مَوْضِعَ لَسْعةِ الذُّبابِ بخُفّه. وأَنْسَغَتِ الفَسيلةُ ونَسَّغَتْ: أَخْرَجَتْ قُلْبَها، وَقِيلَ: أَخرجت سَعَفًا فَوْقَ سعَف، وأَنْسَغتِ الشَّجَرَةُ: نَبَتَتْ بَعْدَ الْقَطْعِ، وَكَذَلِكَ الكرمُ. وانْتَسَغَ الرجلُ: تَحَرّى. ونَسَغ فِي الأَرض نَسْغاً: ذَهَبَ. ونَسَغَتْ ثَنِيَّتُه: تَحَرَّكَتْ ورَجَعَتْ. والنَّسِيغُ: العَرَقُ. وانْتَسَعَتِ الإِبلُ وانْتَسَغَتْ انْتِساغاً، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ، إِذا تَفَرَّقَتْ فِي مَراعِيها وتَباعَدَتْ؛ وَقَالَ الأَخطل:
رجِنَّ بِحَيْثُ تَنْتَسِغُ المَطَايا، ... فَلَا بَقًّا تَخافُ، وَلَا ذُبابَا «2»
نشغ: النَّشُوغُ: الوَجُورُ والسَّعُوطُ، وَهُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيضاً، وَهُوَ أَعلى، وَقَدْ نُشِغَ الصبيُّ نُشُوغاً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذَا مَرْئِيَّةٌ ولَدَتْ غُلاماً، ... فَأَلأَمُ مُرْضَعٍ نُشِغَ المَحارا
وَرُوِيَ نُشِعَ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ إِيجارُك الصَّبِيَّ الدَّواءَ، وَقَدْ تَقَدّم نَشغَه ونَشَعه إِذا أَوْجَره. ابْنُ الأَعرابي: نُشِعَ الصَّبِيُّ ونشِغَ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ، إِذَا أُوجِرَ فِي الأَنف. اللَّيْثُ: نَشَغْتُ الصبيَّ وَجُوراً فانْتَشَغَه جُرْعةً بَعْدَ جُرْعةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِذا هُوَ يَنْشَغُ
أَي يَمَصُّ بِفِيه. والمِنْشَغةُ: المُسْعُطُ أَو الصَّدَفةُ يُسْعَطُ بِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَأَنْشَغُه حَتَّى يَلِينَ شَرِيسُه، ... بِمِنْشغةٍ فِيهَا سِمامٌ وعَلْقَمُ
والنَّشَغُ: التَّلْقِينُ، وَرُبَّمَا قَالُوا نَشَغْته الْكَلَامَ نَشْغاً أَي لقَّنْتُه وعَلَّمته، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ. وَيُقَالُ نَشَغْتُه الكلامَ ونَسَغْتُه الكلامَ، بِالشِّينِ وَالسِّينِ؛ ونَشَغَه يَنْشَغُه نَشْغاً وأَنْشَغَه فَنَشَغَ وتَنَشَّغَ وانْتَشَغَ وناشَغَ؛ قَالَ:
أَهْوى وَقَدْ ناشَغَ شِرْباً واغِلا
والنَّشْغُ: الشَّهِيقُ حَتَّى يَكاد يَبْلُغُ بِهِ الغَشْيَ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ إِسْمَاعِيلَ: فإِذا الصَّبِيُّ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ
، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَمْتَصُّ بِفيه مِنْ نَشَغْتُ الصَّبِيَّ دَواء فانْتَشَغَه. ونَشَغَ يَنْشَغُ نَشْغاً: شَهِقَ حَتَّى كَادَ يُغْشى عَلَيْهِ وإِنما ذَلِكَ مِنْ شَوْقِه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه ذكرَ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَشَغَ نَشْغَةً
أَي شَهِقَ وغُشِيَ عَلَيْهِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا
__________
(2) . في ديوان الأَخطل: دجنّ بدل رجنّ، والمعنى واحد(8/455)
يَفْعَلُ ذَلِكَ الإِنسان شَوْقاً إِلى صَاحِبِهِ أَو إِلى شَيْءٍ فائتٍ وأَسَفاً عَلَيْهِ وحُبًّا للِقائه. قَالَ: وَهَذَا نَشْغٌ، بَالْغَيْنِ، لَا اخْتِلَافَ فِيهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يمدحُ رَجُلًا وَيَذْكُرُ شَوْقَه إِليه:
عَرَفْتُ أَني ناشِغٌ فِي النُّشَّغِ، ... إِلَيْكَ أَرْجُو مِنْ نَداكَ الأَسْبَغِ
والنَّشْغةُ: تَنَفُّسةٌ مِنْ تَنَفُّسِ الصُّعَداء، يُقَالُ مِنْهُ: نَشَغَ يَنْشَغُ نَشْغاً. والنَّشْغُ: جُعْلُ الكاهِنِ، وَقَدْ نَشَفَه، والعينُ الْمُهْمَلَةُ أَعْلى، ونُشِغَ بِهِ نَشْغاً: أُولِعَ، وَالْعَيْنُ الْمُهْمَلَةُ لُغَةٌ. أَبو عَمْرٍو: نُشِغَ بِهِ ونُشِعَ بِهِ وشُغِفَ بِهِ أَي أُولِعَ بِهِ. وإِنه لنَشُوغٌ بأَكل اللَّحْمِ ومَنْشُوغٌ بِهِ أَي مُولَعٌ. والنَّاشِغانِ: الواهِنَتانِ وَهُمَا ضِلَعانِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ضِلَعٌ. الْفَرَّاءُ: النَّواشِغُ مَجاري الْمَاءِ فِي الْوَادِي؛ وأَنشد للمرَّار بْنِ سَعِيد:
وَلَا مُتلاقِياً، والشمسُ طِفْلٌ، ... ببَعْضِ نَواشِغِ الْوَادِي حُمولا
والناشِغةُ: مَجْرى الْمَاءِ إِلَى الْوَادِي، وخَصَّ ابْنُ الأَعرابي بِهَا الشُّعْبةَ المَسِيلةَ أَو الشِّعْبَ المَسِيلَ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النَّواشِغُ أَضْخَمُ مِنَ الشِّحاحِ، والنَّشَغاتُ فُواقاتٌ خَفِيِّاتٌ جِدّاً عِنْدَ الْمَوْتِ، وَاحِدَتُهَا نَشْغةٌ، وَقَدْ نَشَغَ وتَنَشَّغَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَعْجَلُوا بِتَغْطيةِ وجْهِ الْمَيِّتِ حَتَّى يَنْشَغَ
أَو
يَتَنَشَّغَ
؛ حَكَاهُ الهَرَويُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْشَغَ الرَّجُلُ تَنَحَّى. ونَشَغَه بالرُّمْحِ: طَعَنَه؛ قَالَ الأَخطل:
تنَقَّلَتِ الدِّيارُ بِهَا فَحلَّتْ ... بِحَزَّةَ، حَيْثُ يَنْتَشِغُ البَعِيرُ
وانْتِشاغُ البَعير: أَن يَضْرِبَ بخُفِّه مَوْضِعَ لَذْعِ الذُّبابِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
شَأْسُ الهَبُوطِ زَناءُ الحامِيَيْنِ، مَتَى ... تَنْشَغْ بِوارِدةٍ، يَحْدُثْ لَهَا فَزَعُ
يَصِفُ طَرِيقًا تَنْشَغُ بِوارِدةٍ أَي يَصِيرُ فِيهِ النَّاسُ فَتَتضايقُ الطَّريقُ بالوارِدةِ، كَمَا يَنْشَغُ بِالشَّيْءِ إِذَا غَصَّ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّجَاشِيِّ: هَلْ تَنَشَّغَ فِيكُمُ الوَلَدُ؟
أَي اتَّسَعَ وكَثُرَ؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَشْهُورُ تَفَشَّغَ بِالْفَاءِ، وَاللَّهُ أَعلم.
نغغ: النُّغْنُغُ، بِالضَّمِّ، والنغْنُغةُ: مَوْضِعٌ بَيْنَ اللَّهاةِ وشَوارِبِ الحُنْجُورِ، فإِذا عَرَضَ فِيهِ دَاءٌ قِيلَ: نُغْنِغَ فلانٌ، وَقِيلَ: النَّغانِغُ لَحماتٌ تَكُونُ فِي الْحَلْقِ عِنْدَ اللَّهَاةِ، وَاحِدُهَا نُغْنُغٌ وَهِيَ اللَّغانينُ، وَاحِدُهَا لُغْنُونٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
غَمَزَ ابنُ مُرَّةَ يَا فَرَزْدَقُ كَينَها، ... غَمْزَ الطَّبِيبِ نَغانِغَ المَعْذُورِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: واحدةُ النَّغانِغِ نُغْنُغةٌ وَهِيَ لَحْمُ أُصولِ الآذانِ مِنْ دَاخِلِ الحَلْق تُصِيبُها العُذْرةُ، ونُغْنِغَ: أَصابَه دَاءٌ فِي النَّغانِغِ، وكلُّ وَرَمٍ فِيهِ اسْتِرْخاء نُغْنُغةٌ. والنَّغْنَغةُ، بِالْفَتْحِ: غُدَّة تَكُونُ فِي الحَلْقِ. والنُّغْنُغةُ والنُّغْنُغُ: لَحْمٌ مُتَدَلٍّ فِي بُطُونِ الأُذُنَينِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والنُّغْنُغُ الحَرَكَةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فَهْيَ تُري الأَعْلاقَ ذاتَ النُّغْنُغِ
نفغ: النَّفَغُ: التَّنَفُّطُ. نَفِغَتْ يدُه تَنْفَغُ نَفَغاً ونَفَغَتْ تَنْفَغُ نَفْغاً ونُفُوغاً: نَفِطَتْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وإنْ تَرَيْ كَفَّكِ ذاتَ النَّفْغِ(8/456)
نمغ: التَّنْمِيغُ: مَجْمَجةٌ بِسَوَادٍ وَحُمْرَةٍ وَبَيَاضٍ. وَرَجُلٌ مُنَمَّغٌ: مُخْتَلِفُ اللَّوْنِ. والنَّمَغةُ والنَّمَّاغةُ: مَا تَحَرَّكَ مِنَ الرَّمَّاعة. والنَّمَغةُ: مَا تَحَرَّك مِنْ رأْس الصَّبِيِّ الْمَوْلُودِ، فَإِذَا اشْتَدَّ ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْهُ، والنمّاغةُ أَعلى الرأْس. والنَّمَغةُ: رأْسُ الْجَبَلِ. ونَمْغةُ الْجَبَلِ ونَمَغَتُه وثَمَغَتُه: رأْسُه وأَعلاه، وَالْمَعْرُوفُ عَنِ الْفَرَّاءِ الْفَتْحُ، وَالْجَمْعُ نَمَغٌ؛ وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: هِيَ مِنْ رأْس الصَّبِيِّ الرَّمَّاعةُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لرأْس الصَّبِيُّ قَبْلَ أَن يشتَدّ يافوخُه النَّمَغةُ والغاذَّةُ والغاذِيةُ. ونَمَغةُ القومِ: خيارُهمْ.
فصل الهاء
هبغ: الهُبوغ: النَّوْمُ؛ وأَنشد:
هَبَغْنا بَيْنَ أَذْرُعِهِنّ، حَتَّى ... تَبَخْبَخَ حَرُّذي رَمْضاء حامِي
هَبَغَ يَهْبَغُ هَبْغاً وهُبُوغاً أَي نامَ، وَقِيلَ: رَقَدَ رَقْدةً مِنَ النَّهَارِ، وَقِيلَ: رَقَدَ بِالنَّهَارِ أَيَّ قَدْرٍ كَانَ رَقْدةً أَو أَكثر، وَقِيلَ: الهُبُوغُ المُبالَغةُ الْقَلِيلَةُ مِنَ النومِ أَيّ حينٍ كَانَ، وخَبَطَ مِثْلُ هَبَغَ، وَالْاسْمُ الهَبْغةُ. وامرأَة هَبَيَّغةٌ وهَبَيَّغٌ: فاجِرةٌ أَي لَا تَرُدُّ يَدَ لامِسٍ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَنَهْرٌ هَبَيَّغٌ ووادٍ هَبَيَّغٌ: عَظِيمَانِ؛ حَكَاهُمَا السِّيرَافِيُّ عَنِ الْفَرَّاءِ. والهَبَيَّغ: وادٍ بِعَيْنِهِ. الأَزهري عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحمد: لَا تُوجَدُ الْهَاءُ مَعَ الْغَيْنِ إِلَّا فِي هَذِهِ الأَحرف وَهِيَ: الأَهْيَغُ والغَيْهَقُ والهَبَيَّغُ والهِلْياغُ والغَيْهَبُ والهِمْيَغُ، وَكُلٌّ مِنْهَا سَيُذْكَرُ في موضعه.
هدغ: الأَزهري فِي نَوَادِرِ الأَعراب: انْهَدَغَتِ الرُّطَبةُ وانْثَدَغَتْ وانثَمَغَت أَي انْفَضَخَت حِينَ سَقَطَتْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: انْهَمَغَت كذلك.
هدلغ: الهُدْلُوغةُ: الرَّجُلُ الأَحْمَقُ القَبيحُ الخَلْقِ.
هرنغ: اللِّيْثُ: الهُرْنوغُ شِبْهُ الطُّرْثوثِ يؤْكل.
هغغ: هَغَّ: حِكَايَةُ التَّغَرْغُرِ وَلَا يُصَرَّفُ مِنْهُ فِعْلٌ لِثِقَلِهِ عَلَى اللِّسَانِ وَقُبْحِهِ فِي المَنْطِق إِلَّا أَن يُضْطَرَّ شَاعِرٌ.
هفغ: هَفَغَ يَهْفَغُ هَفْغاً وهُفُوغاً إِذَا ضَعُفَ مِنْ جُوعٍ أَوْ مَرَضٍ.
هلغ: اللَّيْثُ: الهِلْياغُ المرأَة المُمانِعة المُضاحِكةُ المُلاعِبةُ. والهِلْياغُ: من صِغار السِّباعِ.
همغ: الهِمْيَغُ: الْمَوْتُ، وَقِيلَ: الْمَوْتُ الوَحِيُّ الْمُعَجَّلُ؛ قَالَ أُسامة بْنُ حَبِيبٍ الْهُذَلِيِّ يَصِفُ قَوْمًا مُنْهَزِمِينَ:
إِذَا بَلَغُوا مِصْرَهمْ عُوجِلُوا ... مِنَ المَوْتِ بالهِمْيَغِ الذَّاعِطِ
يَعْنِي الذَّابِحَ، قَالَ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَحَكَاهُ اللَّيْثُ: الهِمْيَع، بِالْعَيْنِ الْمُهْمِلَةِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَانَ الْخَلِيلُ يَقُولُهُ بِعَيْنٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ؛ وَخَالَفَهُ النَّاسُ. قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ هَمَغَ رأْسَه وثَدَغَه وثَمَغَه إِذَا شدَخَه. وَفِي تَرْجَمَةِ هَدَغَ: انْهَدَغَتِ الرُّطَبَة وانْهَمَغَتْ كذلك، وقد تقدم.
هنغ: الهَنْغُ: إِخْفاءُ الصوْتِ مِنَ الرَّجُلِ والمرأَةِ عِنْدَ الغَزَلِ. وهانَغَها: أَخْفَى كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صوتَه. وهانَغْتُ المرأَة: غازَلْتُها؛ وأَنشد:
قَوْلًا كَتَحْدِيثِ الهَلُوكِ الهَيْنَغِ
أَبو زَيْدٍ: خاضَنْتُ المرأَة إِذا غازَلْتَها، وَكَذَلِكَ هانَغْتُها. والهَيْنَغُ أَيضاً: المرأَةُ المغازِلة لِزَوْجِهَا،(8/457)
وَقِيلَ: المرأَة الْمُغَازِلَةُ الضَّحُوكُ. والهَيْنَغُ: الَّتِي تُظْهِرُ سِرَّها إِلَى كُلِّ أَحد. الأَزهري: قرأَت بِخَطِّ شَمِرٌ لأَبي مَالِكٍ امرأَة هَيْنغٌ فاجِرةٌ، وهَنَغَتْ إذا فَجَرَتْ.
هنبغ: الهنْبُغُ: شِدَّةُ الجُوعِ، ويُوصَف بِهِ فَيُقَالُ: جُوعٌ هُنْبُوغٌ. أَبو عَمْرٍو: جُوعٌ هُنْبُغٌ وهِنْباغٌ وهِلَّقْسٌ وهلَّقْبٌ أَي شدِيدٌ. والهُنْبُغُ: المرأَةُ الفاجِرةُ. والهِنْبِغُ: لُغَةٌ فِيهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والهُنْبُغُ: العَجاجُ الَّذِي يَطفُو مِنْ رِقَّتِه ودِقَّتِه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وبَعْدَ إيغافِ العَجاجِ الهُنْبُغِ
وَقِيلَ: الهُنْبُغُ مِنَ العَجاج الَّذِي يَجيءُ وَيَذْهَبُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْقَمْلَةِ الصَّغِيرَةِ الهُنْبُغُ والهُنْبُوغُ والقَهْبَلِسُ. والهُنْبُوغُ: شِبْهُ الطُّرْثوثِ يُؤْكلُ. والهَبَيْنَغُ: الأَحْمَقُ. والهُنْبُوغُ: طائر.
هوغ: الهَوْغُ: الشَّيْءُ الْكَثِيرُ، وليس باللغة المستعملة.
هيغ: الأَهْيَغُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ. والأَهْيَغُ: أَرْغَدُ العَيْشِ وأَخْصَبُه، وتَرَكَه فِي الأَهْيَغَينِ أَي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَقِيلَ: فِي الشرْبِ وَالنِّكَاحِ، وَقِيلَ: فِي الأَكل وَالنِّكَاحِ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
يَغْمِسْنَ مَنْ غَمَسْنَه فِي الأَهْيَغِ
وَوَقَعَ فُلَانٌ فِي الأَهْيَغَينِ أَي فِي الأَكل وَالشُّرْبِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَفِي الأَهْيَغينِ أَي الخِصْب وحُسْنِ الْحَالِ. وعامٌ أهْيَغُ إِذَا كَانَ مُخْصِباً كَثِيرَ الْعُشْبِ والخِصب. وهَيَّغْتُ الثَّريدةَ إِذَا أَكثرت وَدَكَها.
فصل الواو
وَبَغَ: وَبَغَ الرجلَ: عابَه وطَعَنَ عَلَيْهِ. قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعرفه. والوَبَغُ: دَاءٌ يأْخذ الإِبل فيُرَى فَسادُه فِي أَوْبارِها، وَقِيلَ: الوَبَغُ هِبْرِيةُ الرأْس ونُبَّاغَتُه الَّتِي تَتَناثر مِنْهُ. والأَوْبَغُ: مَوْضِعٌ. والوَبّاغةُ: الاسْتُ، بِالْغَيْنِ وَالْعَيْنِ جَمِيعًا. يُقَالُ: كذَبَتْ وَبّاغَتُكَ ووبّاعَتُكَ إذا ضَرطَ.
وتغ: الوَتَغُ، بِالتَّحْرِيكِ: الهَلاكُ. وَتِغَ يَوْتَغُ وتَغاً: فسَدَ وهلَكَ وأَثِمَ، وأَوْتَغَه هُوَ. والمَوْتَغةُ: المَهْلَكَةُ. وَفِي حَدِيثِ الإِمارةِ:
حَتَّى يكونَ عَمَلُه هُوَ الَّذِي يُطْلِقُه أَو يُوتِغُه
أَي يُهْلِكُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِنه: لَا يُوتِغُ إِلَّا نَفْسَه.
ووَتِغَ وَتَغاً: وجِعَ. وأَوْتَغَه: أَوْجَعَه. والوَتَغُ: الوَجَعُ. تَقُولُ: وَاللَّهِ لأُوتِغَنَّكَ أَي لأُوجِعَنَّكَ. وأَتْغاه يُتْغِيه بِمَعْنَى أَوْتَغَه. وأَوْتَغَه اللَّهُ أَي أَهْلَكَه. ووَتِغَ فِي حُجَّته وتَغاً: أَخْطأَ، وَالِاسْمُ الوَتِيغةُ. وأَوْتَغَه عِنْدَ السُّلْطَانِ: لَقَّنه مَا يَكُونُ عَلَيْهِ لَا لَهُ. والوَتَغُ: الإِثمُ وفَسادُ الدِّين. وَقَدْ أَوْتَغَ دِينَه بالإِثْمِ وقَوْله، وَقِيلَ: الوَتَغُ قِلَّةُ الْعَقْلِ فِي الْكَلَامِ، يُقَالُ: أَوْتَغْتُ القولَ؛ وأَنشد:
يَا أُمَّتَا، لَا تَغْضَبي إِن شِئْتِ، ... وَلَا تَقُولي وَتَغاً، إنْ فِئْتِ
الْكِسَائِيُّ: وَتِغَ الرجلُ يَوْتَغُ وَتَغاً، وَهُوَ الْهَلَاكُ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وأَنتَ أَوْتَغْتَه. ووَتِغَتِ المرأَةُ تَيْتَغُ وَتَغاً، فَهِيَ وَتِغةٌ: ضَيَّعَتْ نَفْسَهَا فِي فَرْجِهَا، ووَتِغَ الرَّجُلُ كذلك.(8/458)
وثغ: الوَثِيغةُ: الدُّرْجةُ الَّتِي تُتَّخَذُ لِلنَّاقَةِ تُدْخَلُ فِي حَيائها إِذا أَرادوا أَن يَظْأَرُوها عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا؛ وَقَدْ وَثَغَها الظائِرُ يَثِغُها وَثْغاً أَي اتَّخَذَ لَهَا وَثِيغةً. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ لِمَا اخْتَلَطَ والتفَّ مِنْ أَجناس العُشْبِ الغَضِّ وثِيغةٌ ووَثِيخةٌ، بالغين والخاء.
وزغ: الوَزَغُ: دُوَيْبَّةٌ. التَّهْذِيبُ: الوَزَغُ سَوامُّ أَبْرَصَ. ابْنُ سِيدَهْ: الوَزَغةُ سامُّ أَبرصَ، وَالْجَمْعُ وَزَغٌ وأَوْزاغٌ ووِزْغانٌ ووُزْغانٌ وإزْغانٌ، عَلَى الْبَدَلِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَلَمَّا تَجاذَبْنا تَفَرْقَعَ ظَهْرُهُ، ... كَمَا تُنْقِضُ الوِزْغانُ زُرْقاً عُيُونُها
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَمر بِقَتْلِ الأَوْزاغِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَمَّا احْتَرَقَ بَيْتُ المَقْدِسِ كَانَتِ الأَوْزاغُ تَنْفُخُه.
وَفِي حَدِيثِ
أُم شَرِيك: أَنها استأْمَرَتِ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَتْلِ الوِزْغانِ فأَمرها بِذَلِكَ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الوِزْغانَ إِنما هُوَ جَمْعُ وَزَغ الَّذِي هُوَ جَمْعُ وزَغَة كوَرَلٍ ووِرْلانٍ لأَن الجمع إِذَا طَابَقَ الْوَاحِدَ فِي الْبِنَاءِ وَكَانَ ذَلِكَ الْجَمْعُ مِمَّا يُجْمَعُ جُمِعَ عَلَى مَا جُمِعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْوَاحِدُ، وَلَيْسَ بِجَمْعِ وزَغةٍ لأَن مَا فِيهِ الْهَاءُ لَا يُجْمَعُ عَلَى فِعْلانِ. ووُزِّغَ الجَنِينُ تَوْزِيغاً: صُوِّرَ فِي الْبَطْنِ فتَبَيَّنَت صُورَتُه وتحرَّك. أَبو عُبَيْدَةَ: إِذا تَبَيَّنَتْ صُورَةُ المُهْر فِي بَطْنِ أُمه فَقَدْ وُزِّغَ تَوْزِيغاً. والإِيزاغُ: إِخْراجُ البولِ دُفْعةً دُفْعةً. وأَوزَغَت الناقةُ ببَوْلها وأَزْغَلَت بِهِ: قَطَّعَتْه دُفَعاً دُفَعاً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا مَا دَعاها أَوْزَغَتْ بَكَراتُها، ... كإِيزاغِ آثارِ المُدى فِي التَّرائِبِ
وَكَذَلِكَ الفرسُ والدلْوُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
قَدْ أَنْزِعُ الدَّلْوَ تَقَطَّى بالمَرَسْ، ... تُوزِغُ مِنْ مَلْءٍ كإيزاغِ الفَرَسْ.
يَعْنِي أَنها تَفِيضُ مِنَ المَلْءِ فيَجْري ذَلِكَ الْمَاءُ، والحوامِلُ مِنَ الإِبل تُوزِغُ بأَبْوالِها، والطَّعْنةُ تُوزِعُ بِالدَّمِ؛ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ زُغْبةَ:
بِضَرْبٍ كآذانِ الفِراء فُضُولُه، ... وطَعنٍ كإيزاغِ المخَاضِ تَبُورُها
أَي تبورُها وتَخْتَبِرُها. ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: الوَزَغُ الارْتِعاشُ والرِّعْدةُ. وَيُقَالُ: بِفُلَانٍ وَزَغٌ إِذا كَانَ يَرْتَعِشُ كَقَوْلِكَ بِهِ رِعْشةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ هِنْدِ بْنِ خديجةَ زَوْجِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: مَرّ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالحكَمِ أَبي مَرْوان قَالَ: فَجَعَلَ الحكَمُ يَغْمِزُ بِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بإِصْبَعهِ فالتَفَتَ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِهِ وَزَغاً، قَالَ: فرَجَفَ مكانَه وارْتَعَشَ.
وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَن الحكَم بْنِ أَبي الْعَاصِ حاكَى رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ خَلْفِه فَعَلِمَ بِذَلِكَ وَقَالَ: كَذَا فَلْتَكن، فأَصابه وَزْغٌ لَمْ يُفارِقْه
أَي رِعْشةٌ، وَهِيَ سَاكِنَةُ الزَّايِ، قال: والوَزْغُ الارْتِعاشُ.
وشغ: الوَشُوغُ: مَا يُجْعَلُ مِنَ الدَّوَاءِ فِي الفَم، وَقَدْ أَوْشَغَه. وَشَيْءٌ وَشْغ، بِالتَّسْكِينِ، أَي قَلِيلٌ وَتْحٌ. والوَشِيغُ: الْقَلِيلُ كالوَتْحِ. وَقَدْ أَوْشَغَ عَطِيَّتَه أَي أَوْتَحَها؛ قَالَ رُؤْبَةُ:(8/459)
ليْسَ كإِيشاغِ القَلِيلِ المُوشَغِ ... بِمَدفَقِ الغَرْبِ، رَحيبِ المَفْرَغِ
والوَشْغُ: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ وَجَمْعُهُ وُشُوغٌ. وتَوَشَّغَ فُلَانٌ بالسَّوء إِذَا تَلَطَّخَ بِهِ؛ قَالَ القُلاخُ:
إِنِّي امْرُؤٌ لَمْ أَتَوَشَّغْ بالكَذِبْ
ابْنُ الأَعرابي: أَوْشَغَتِ الناقةُ ببَولها وأَوْزَغَتْ وأَزْغَلَتْ إِذَا قَطَّعَتْه فَرمت به زُغْلَة. واسْتَوْشَغَ فُلَانٌ إِذَا اسْتَقى بِدَلْوٍ واهِيةٍ، وَهُوَ الاسْتِنْشاغُ.
وَلَغَ: الوَلْغُ: شُرْبُ السِّباع بأَلْسِنتها. ولَغَ السبُعُ والكلبُ وكلُّ خَطْمٍ، ووَلِغَ يَلَغُ فِيهِمَا وَلْغاً: شَرِبَ مَاءً أَو دَمًا؛ وأَنشد ابْنُ برِّيّ لِحَاجِزِ الأَزْدِيّ اللِّصِّ:
بِغَزْوٍ مِثْلِ الذِّئْب حَتى ... يَثُوبَ بِصاحِبي ثأْرٌ مُنِيمُ
وَقَالَ آخَرُ:
بِغَزْوٍ كَولْغِ الذِّئْبِ، غادٍ وَرائحٍ، ... وسَيْرٍ كَنَصْل السَّيْفِ لَا يَتَعَوَّجُ
ولْغُ الذِّئْبِ: نَسَقٌ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا «3» فَتْرَةٌ كعَدِّ الْحَاسِبِ. قَالَ: وولَغَ الْكَلْبُ فِي الإِناءِ يَلَغُ وَلُوغاً أَي شَرِبَ فِيهِ بأَطراف لِسَانِهِ. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: وَلَغَ الكلبُ بِشَرابِنا وَفِي شَرَابِنَا وَمِنْ شَرَابِنَا. وَيُقَالُ: أَوْلَغْتُ الكلبَ إِذا جعلتَ لَهُ مَاءً أَو شَيْئًا يَوْلَغُ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا وَلَغَ الكلبُ فِي إِناء أَحدكم فَلْيَغْسِلْه سَبْع مرَّات
، أَي شَرِبَ مِنْهُ بِلِسَانِهِ، وأَكثر مَا يَكُونُ الوُلُوغُ فِي السِّباع قَالَ الشَّاعِرُ: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ هُوَ ابْنُ هَرْمةَ وَنَسَبُهُ الْجَوْهَرِيُّ لأَبي زُبَيْد الطَّائِيِّ:
مُرْضِعُ شِبْلَيْن فِي مَغارِهما، ... قَدْ نَهَزا لِلْفِطامِ أَوْ فُطِما
مَا مرَّ يَوْمٌ إِلَّا وعِنْدهما ... لَحْمُ رِجالٍ، أَو يُولَغانِ دَما
وَفِي التَّهْذِيبِ: وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ يالَغُ، أَرادوا بَيَانَ الْوَاوِ فَجَعَلُوا مَكَانَهَا أَلفاً؛ قَالَ ابْنُ الرُّقَيَّاتِ:
مَا مَرَّ يومٌ إِلَّا وَعِنْدَهُمَا ... لحمُ رِجَالٍ، أَو يالَغانِ دَمَا
اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ وَلَغَ الْكَلْبُ وَوَلِغَ يَلِغُ فِي اللُّغَتَيْنِ مَعًا، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ وَلِغَ يَوْلَغُ مثلُ وجِلَ يَوْجَلُ. وَيُقَالُ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الطُّيُورِ يَلَغُ غيرَ الذُّبابِ. والمِيلغُ والمِيلغةُ: الإِناء الَّذِي يَلَغُ فِيهِ الْكَلْبُ. وَفِي الصِّحَاحِ: والمِيلغُ الإِناء الَّذِي يَلِغُ فِيهِ فِي الدَّمِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَه لِيَدِيَ قَوْمًا قَتَلهم خالِد بْنُ الْوَلِيدِ فأَعطاهم مِيلَغَة الْكَلْبِ
، هِيَ الإِناء الذي يَلَغُ فيه الْكَلْبُ، يَعْنِي أَعطاهم قِيمةَ كلِّ مَا ذَهَبَ لَهُمْ حَتَّى قيمَةَ المِيلغةِ. وَرَجُلٌ مُسْتَوْلِغٌ: لَا يُبالي ذَمًّا وَلَا عَارًا، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرُؤْبَةَ:
__________
(3) . قوله [لا يفصل بينهما] كذا بالأَصل.(8/460)
فَلَا تَقِسْني بامْرِئٍ مُسْتَولِغ
واسْتعار بَعْضُهُمُ الوُلُوغَ للدَّلْو فَقَالَ:
دَلْوُكَ دَلْوٌ يَا دُلَيْحُ سابِغَهْ، ... فِي كلِّ أَرْجاء القَلِيبِ والِغَهْ
والوَلْغةُ: الدَّلْو الصَّغيرة؛ قَالَ:
شَرُّ الدِّلاء الوَلْغةُ المُلازِمهْ، ... والبَكَراتُ، شَرُّهُنَّ الصائِمهْ
يَعْنِي الَّتِي لَا تَدُورُ وإِنما كَانَتْ مُلازِمةً لأَنك لَا تَقْضِي حاجَتك بِالِاسْتِقَاءِ بِهَا لِصِغَرِهَا.
وَمَغَ: ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الوَمْغَةُ الشعرةُ الطَّوِيلَةُ.(8/461)
الجزء التاسع
ف
حرف الفاء
ف: الْفَاءُ مِنَ الْحُرُوفِ المَهْمُوسةِ ومن الحروف الشَّفَوِية.
فصل الهمزة
أثف: الأُثْفِيَّةُ والإِثْفِيّةُ: الْحَجَرُ الَّذِي تُوضَعُ عَلَيْهِ القِدْرُ، وَجَمْعُهَا أَثافيُّ وأَثافٍ، قَالَ الأَخفش: اعْتَزَمت الْعَرَبُ أَثافيَ أَي أَنهم لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهَا إِلَّا مُخَفَّفَةً. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: والبُرْمة بينَ الأَثافي
؛ هِيَ جَمْعُ أُثْفِيّة، وَقَدْ تُخَفَّفُ الْيَاءُ فِي الْجَمْعِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الَّتِي تُنْصَبُ وَتُجْعَلُ القِدْرُ عَلَيْهَا. يُقَالُ: أَثْفَيْتُ القِدْرَ إِذَا جعلتَ لَهَا الأَثافي، وثَفَّيْتُها إِذَا وَضَعْتَهَا عَلَيْهَا، وَالْهَمْزَةُ فِيهَا زَائِدَةٌ؛ ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ بَعْضِ الأَفاضل. قَالَ أَبو الْقَاسِمِ الزمخشَري: الأُثْفِيّةُ ذَاتُ وَجْهَيْنِ تَكُونُ فُعْلُويةً وأُفْعُولةً، تَقُولُ أَثَّفْتُ القِدْرَ وثَفَّيْتُها وتأَثَّفَتِ القِدْرُ. الْجَوْهَرِيُّ: أَثَّفْتُ القِدْرَ تأْثِيفاً لُغَةٌ فِي ثَفَّيْتُها تَثْفِيةً إِذَا وضعتَها عَلَى الأَثافي. وَقَوْلُهُمْ: رَمَاهُ اللَّهُ بِثَالِثَةِ الأَثافي، قَالَ ثَعْلَبٌ: أَي رَمَاهُ اللَّهُ بِالْجَبَلِ أَي بِداهيةٍ مثلِ الْجَبَلِ، وَالْمَعْنَى أَنهم إِذَا لَمْ يَجِدُوا ثَالِثَةً مِنَ الأَثافي أَسْنَدُوا قُدُورَهم إِلَى الْجَبَلِ. وَقَدْ آثَفَها وأَثَّفَها وأَثْفاها، وقِدْرٌ مُؤَثْفاةٌ؛ قَالَ:
وصالياتٍ كَكما يُؤَثْفَيْنْ «4»
وتأَثَّفْناه: صِرْنَا حَوالَيْه كالأُثْفِيةِ. ومرَةٌ مؤَثَّفةٌ: لِزَوْجِهَا امرأَتان سِواها وَهِيَ ثَالِثَتُهُمَا، شُبِّهَتْ بأَثافي القِدْر. وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَخْزُومِيَّةِ: إِنِّي أَنا المُؤَثَّفة المُكَثَّفةُ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا. والإِثْفِيّةُ، بِالْكَسْرِ: العَدَدُ والجماعةُ مِنَ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي حَدِيثٍ لَهُ: إِنَّ فِي الحِرْمازِ اليومَ لَثَفِنةً إثْفِيَّةً مِنْ أَثافي النَّاسِ صُلْبةً؛ نَصَب إثْفِيّة عَلَى الْبَدَلِ وَلَا تَكُونُ صِفَةً لأَنها اسْمٌ. وتأَثَّفوا بِالْمَكَانِ: أَقاموا فَلَمْ يَبْرَحُوا. وتأَثَّفوا عَلَى الأَمر: تَعاوَنُوا. وأَثَفْتُه آثِفُه أَثْفاً: تَبِعْتُه. والآثِفُ: التَّابِعُ، وَقَدْ أَثَفَه يأْثِفُه مِثَالٌ كسَرَه يكْسِرُه أَي تَبِعَه. الْجَوْهَرِيُّ: أَبو زَيْدٍ تأَثَّفَ الرجلُ المكانَ إِذَا لَمْ يَبْرَحْه. وَيُقَالُ: تأَثَّفُوه أَي تَكَنَّفُوه؛ وَمِنْهُ قول النابغة:
__________
(4) . قوله: ككما يُؤثْفَينْ هكذا في الأَصل.(9/3)
لَا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لَا كِفاء لَهُ، ... وإنْ تأَثَّفَك الأَعْداءُ بالرِّفَدِ
أَي لَا تَرْمِني منكَ برُكْنٍ لَا مِثْلَ لَهُ، وإِن تأَثَّفَك الأَعْداء واحْتَوَشُوكَ مُتَوازِرِينَ أَي مُتعاوِنِين. والرِّفَدُ: جَمْعُ رِفْدةٍ.
أدف: الأُدافُ: الذَّكَرُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَوْلَجَ فِي كَعْثَبِها الأُدافا، ... مِثْلَ الذِّراعِ يَمْتَطِي النِّطافا
وَفِي حَدِيثِ الدِّياتِ:
فِي الأُدافِ الدِّيةُ
، يَعْنِي الذَّكَرَ إِذَا قُطِعَ، وَهَمْزَتُهُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ مِنْ ودَفَ الإِناءُ إِذَا قَطَر. وَدَفَتِ الشَّحْمةُ إذ قَطَرَتْ دُهْناً، وَيُرْوَى بِالذَّالِ المعجمة.
أذف: قَالَ فِي تَرْجَمَةِ أَدف عَنِ الذَّكَرِ وَمَا شَرَحَهُ فِيهِ: وَيُرْوَى بِالذَّالِ المعجمة.
أرف: الأُرْفةُ: الحَدُّ وفَصْلُ مَا بَيْنَ الدُّورِ والضِّياع، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن فَاءَ أُرْفةٍ بَدَلٌ مِنْ ثَاءِ أُرْثةٍ، وأَرَّفَ الدارَ والأَرض: قسَمَها وحَدَّها. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: والأُرَفُ تَقْطَعُ الشُّفْعةَ
؛ الأُرَفُ: المَعالِمُ والحُدُودُ، وَهَذَا كَلَامُ أَهل الْحِجَازِ، وَكَانُوا لَا يَرَوْنَ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُّ مَالٍ اقْتُسِمَ وأُرِّفَ عَلَيْهِ فَلَا شُفعة فِيهِ
أَي حُدَّ وأُعْلِم. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: فقَسَمُوها عَلَى عَدَد السِّهامِ وأَعْلَمُوا أُرَفَها
؛ الأُرَفُ: جَمْعُ أُرْفة وَهِيَ الحُدُودُ والمَعالِمُ، وَيُقَالُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ: مَا أَجِدُ لِهَذِهِ الأُمَّة مِنْ أُرْفةِ أَجلٍ بَعْدَ السبعينَ
أَي مِنْ حَدٍّ يَنْتَهي إِلَيْهِ. وَيُقَالُ: أَرَّفْتُ الدارَ والأَرضَ تأْرِيفاً إِذَا قَسَمْتَها وحَدَّدْتَها. اللِّحْيَانِيُّ: الأُرَفُ والأُرَثُ الحُدُودُ بَيْنَ الأَرضين. وَفِي الصِّحَاحِ: مَعالِمُ الْحُدُودِ بَيْنَ الأَرضين. والأُرْفةُ: المُسَنَّاةُ بَيْنَ قَراحَيْنِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَجَمْعُهُ أُرَفٌ كدُخْنةٍ ودُخَنٍ. قَالَ: وَقَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ: جَعَل عليَّ زَوْجِي أُرْفةً لَا أَخُورُها أَي عَلامةً. وَإِنَّهُ لَفِي إرْفِ مَجْدٍ كإِرْثِ مَجْدٍّ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْمُبْدَلِ. الأَصمعي: الآرِفُ الَّذِي يأْتي قَرْناه عَلَى وجْهِه، قَالَ: والأَرْفَحُ الَّذِي يذهَبُ قَرْنَاهُ قِبَلَ أُذُنَيْه فِي تَباعُدٍ بَيْنَهُمَا، والأَفْشَغُ الَّذِي احْلاحَّ «1» وَذَهَبَ قَرْنَاهُ كَذَا وَكَذَا، والأَحمص المُنْتَصِبُ أَحدهما الْمُنْخَفِضُ الآخَر، والأَفْشَق الَّذِي تَباعَدَ مَا بَيْنَ قَرْنَيْه، والأُرْفيُّ اللَّبَنُ المَحْض. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: لَحَديثٌ مِنْ فِي العاقِلِ أَشْهى إليَّ مِنَ الشُّهدِ بِمَاءِ رَصَفَةٍ بمَحْضِ الأُرْفيِ
؛ قَالَ: هُوَ اللَّبَنُ المحْضُ الطَّيِّبُ، قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ عِنْدَ شَرْحِهِ للرَّصفة في حرف الراء.
أزف: أَزِفَ يَأْزَفُ أَزَفاً وأُزُوفاً: اقْتَرَبَ. وكلُّ شَيْءٍ اقْتَرَبَ، فَقَدْ أَزِفَ أَزَفاً أَي دَنا وأَفِدَ. والآزِفةُ الْقِيَامَةُ لقُرْبِها وَإِنِ اسْتَبْعَدَ الناسُ مَداها، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ
؛ يَعْنِي الْقِيَامَةَ، أَي دَنَتِ القيامةُ. وأَزِفَ الرَّجُلُ أَي عَجِلَ، فَهُوَ آزِفٌ عَلَى فاعِل. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَدْ أَزِفَ الوقتُ وحانَ الأَجَلُ
أَي دَنَا وقَرُبَ. والآزِفُ: المُسْتَعْجِلُ. والمُتَآزِفُ مِنَ الرِّجَالِ: القَصِير، وَهُوَ المُتَداني، وَقِيلَ: هُوَ الضَّعيفُ الجَبان؛ قَالَ العُجَيْرُ:
فَتىً قُدَّ قَدَّ السيفِ لَا مُتَآزِفٌ، ... وَلَا رَهِلٌ لَبّاتُه وبَآدِلُهْ
__________
(1) . قوله: احلاحّ؛ هكذا في الأَصل ولا أثر لمادة حلح في المعاجم.(9/4)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قُلْتُ لأَعْرابي مَا المُحْبَنْطِئُ؟ قَالَ: المُتَكَأْكِئُ، قُلْتُ: مَا المُتَكَأْكِئُ؟ قَالَ: المُتآزِفُ، قُلْتُ: مَا المُتَآزِفُ؟ قَالَ: أَنت أَحمقُ وتَرَكَني ومرَّ. والمُتآزِفُ: الخَطوُ المُتقارِبُ. ومَكانٌ مُتَآزِفٌ: ضَيِّقٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ «1» : المأْزَفةُ العَذِرةُ، وجمعها مآزِفُ؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو للهَيْثَمِ بْنِ حَسَّانَ التَّغْلبيّ:
كأَنَّ رِداءَيْه، إِذَا مَا ارْتَداهما، ... عَلَى جُعَلٍ يَغْشى المآزِفَ بالنُّخَرْ
النُّخَرُ: جَمْعُ نُخْرة الأَنْفِ.
أسف: الأَسَفُ: المُبالغةُ فِي الحُزْنِ والغَضَبِ. وأَسِفَ أَسَفاً، فَهُوَ أَسِفٌ وأَسْفان وآسِفٌ وأَسُوفٌ وأَسِيفٌ، وَالْجَمْعُ أُسَفاء. وَقَدْ أَسِفَ عَلَى مَا فاتَه وتأَسَّفَ أَي تَلَهَّفَ، وأَسِفَ عَلَيْهِ أَسَفاً أَي غَضِبَ، وآسَفَه: أَغْضَبَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ
؛ مَعْنَى آسَفُونَا أَغْضَبُونا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً*
. والأَسِيفُ والآسِف: الغَضْبانُ؛ قَالَ الأَعشى، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
أَرَى رَجُلًا مِنْهُمْ أَسِيفاً، كأَنَّمَا ... يَضُمُّ إِلَى كَشْحَيْه كَفّاً مُخَضَّبا
يَقُولُ: كأَنَّ يدَه قُطِعَتْ فاخْتَضَبَتْ بِدَمِها. وَيُقَالُ لِمَوْتِ الفَجْأَةِ: أَخذةُ أَسَفٍ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ فِي قَوْلِ الأَعشى أَرى رَجُلًا مِنْهُمْ أَسِيفاً: هُوَ مِنَ التَّأَسُّفِ لِقَطْعِ يَدِهِ، وَقِيلَ: هُوَ أَسيرٌ قَدْ غُلَّت يدُه فجَرحَ الغُلُّ يَدَه، قَالَ: والقولُ الأَوَّلُ هُوَ المجتمَع عَلَيْهِ. ابْنُ الأَنباري: أَسِفَ فُلَانٌ عَلَى كَذَا وَكَذَا وتأَسَّفَ وَهُوَ مُتَأَسِّفٌ عَلَى مَا فَاتَهُ، فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَن يَكُونَ الْمَعْنَى حَزِن عَلَى مَا فَاتَهُ لأَن الأَسف عِنْدَ الْعَرَبِ الْحُزْنُ، وَقِيلَ أَشدُّ الْحُزْنِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً، مَعْنَاهُ حُزْناً، والقولُ الآخرُ أَن يَكُونَ مَعْنَى أَسِفَ عَلَى كَذَا وَكَذَا أَي جَزِعَ عَلَى مَا فَاتَهُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَسفاً أَي جَزَعاً، وَقَالَ قَتَادَةُ: أَسفاً غَضَباً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَسَفى عَلى يُوسُفَ
؛ أَسي يَا جَزَعاه. والأَسِيفُ والأَسُوفُ: السريعُ الحُزْنِ الرَّقِيقُ، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الأَسِيفُ الغضْبانَ مَعَ الْحُزْنِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنها قَالَتْ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ أَمر أَبا بَكْرٍ بِالصَّلَاةِ فِي مَرَضِهِ: إِنَّ أَبا بَكْرٍ رجلُ أَسِيفٌ فمَتَى مَا يقُمْ مَقامَك يَغْلِبْه الْبُكَاءُ
أَي سريعُ الْبُكَاءِ وَالْحُزْنِ، وَقِيلَ: هُوَ الرَّقِيقُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَسِيفُ السَّرِيعُ الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، قَالَ: وَهُوَ الأَسُوفُ والأَسِيفُ، قَالَ: وأَما الأَسِفُ، فَهُوَ الغَضْبانُ المُتَلَهِّفُ عَلَى الشَّيْءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: غَضْبانَ أَسِفاً*
. اللَّيْثُ: الأَسَفُ فِي حَالِ الْحُزْنِ وَفِي حَالِ الغَضَب إِذَا جَاءَكَ أَمرٌ مِمَّنْ هُوَ دونَك فأَنت أَسِفٌ أَي غَضْبانُ، وَقَدْ آسَفَك إِذَا جَاءَكَ أَمر فَحَزِنْتَ لَهُ وَلَمْ تُطِقْه فأَنت أَسِفٌ أَي حَزِينٌ ومُتَأَسِّفٌ أَيضاً. وَفِي حَدِيثٍ:
مَوتُ الفَجْأَةِ راحةٌ للمُؤمِن وأَخْذةُ أَسَفٍ لِلْكَافِرِ
أَي أَخْذةُ غَضَبٍ أَو غَضْبانَ. يُقَالُ: أَسِفَ يأْسَفُ أَسَفاً، فَهُوَ أَسِفٌ إِذَا غَضِبَ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: إِنْ كَانُوا ليَكْرَهُون أَخْذةً كأَخْذةِ الأَسَفِ
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
آسَفُ كَمَا يَأْسَفُون
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعاوِية بْنِ الْحَكَمِ: فأَسِفْتُ عَلَيْهَا
؛ وَقَدْ آسَفَه وتأَسَّفَ عَلَيْهِ. والأَسِيفُ: الْعَبْدُ والأَجيرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لِذُلِّهِم وبُعْدِهم، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، والأُنثى
__________
(1) . قوله [ابن بري] كذا بالأصل وبهامشه صوابه: أَبو زيد.(9/5)
أَسِيفَةٌ، وَقِيلَ: العسِيفُ الأَجير. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقْتُلُوا عَسِيفاً وَلَا أَسيفاً
؛ الأَسِيفُ: الشَّيْخُ الْفَانِي، وَقِيلَ الْعَبْدُ، وَقِيلَ الأَسير، وَالْجَمْعُ الأُسفاء؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
تَرَى صُواهُ قُيَّماً وجُلَّسا، ... كَمَا رأَيتَ الأُسَفاءَ البُؤَّسا
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الأُسَفاء الأُجراء، والأَسِيفُ: المُتَلَهِّفُ عَلَى مَا فاتَ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الأَسافةُ. يُقَالُ: إِنَّهُ لأَسِيفٌ بَيِّنُ الأَسافَةِ. والأَسيفُ والأَسِيفَةُ والأُسافَةُ والأَسافةُ، كلُّه: البَلَدُ الَّذِي لَا يُنْبِتُ شَيْئًا. والأُسافةُ: الأَرض الرَّقِيقةُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والأَسافَةُ: رِقَّةُ الأَرض؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
تَحُفُّها أَسافَةٌ وجَمْعَرُ
وَقِيلَ: أَرضٌ أَسِيفَةٌ رقيقةٌ لَا تَكَادُ تُنْبِتُ شَيْئًا. وتَأَسَّفَتْ يدُه: تَشَعَّثَتْ. وأَسافٌ وإسافٌ: اسْمُ صَنَمٍ لِقُرَيْشٍ. الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: إسافٌ ونائلةُ صَنَمانِ كَانَا لِقُرَيْشٍ وضَعَهما عَمْرو بْنُ لُحَيٍّ عَلَى الصَّفا والمَرْوةِ، وَكَانَ يُذبحُ عَلَيْهِمَا تُجاه الكعبَةِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنهما كَانَا مِنْ جُرْهُم إسافُ بْنُ عَمْرٍو ونائلةُ بِنْتُ سَهْل فَفَجرا فِي الْكَعْبَةِ فَمُسِخا حَجَرَيْنِ عَبَدَتْهما قُرَيْشٌ، وَقِيلَ: كَانَا رَجُلًا وامرأَة دَخَلَا الْبَيْتَ فَوَجَدَا خَلْوَةً فَوَثَبَ إسافٌ عَلَى نَائِلَةَ، وَقِيلَ: فأَحْدثا فَمَسَخهما اللَّهُ حَجَرَيْنِ، وَقَدْ وَرَدَا فِي حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَإِسَافٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَقَدْ تُفْتَحُ. وإسافٌ: اسْمُ الْيَمِّ الَّذِي غَرِقَ فِيهِ فِرْعَوْنُ وجنودُه؛ عَنِ الزَّجَّاجِ، قَالَ: وَهُوَ بِنَاحِيَةِ مِصْرَ. الْفَرَّاءُ: يُوسُفُ ويُوسَفُ ويُوسِفُ ثَلَاثُ لُغَاتٍ، وَحُكِيَ فِيهَا الهمز أَيضاً.
أشف: الْجَوْهَرِيُّ: الإِشْفَى للإِسْكافِ، وَهُوَ فِعْلى، وَالْجَمْعُ الأَشافي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ وَهُوَ فِعْلَى، قَالَ: صَوَابُهُ إفْعَلٌ، وَالْهَمْزَةُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ منوَّن غيرُ مصروف.
أصف: الأَصَفُ: لُغَةٌ فِي اللَّصَفِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. الْفَرَّاءُ: هُوَ اللَّصَفُ وَهُوَ شَيْءٌ يَنْبُتُ فِي أَصْل الكَبَرِ؛ وَلَمْ يَعْرِف الأَصَفَ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَصَفُ الكَبَر، وأَما الَّذِي يَنْبُتُ فِي أَصله مِثْلُ الْخِيَارِ، فَهُوَ اللَّصَفُ. وآصِف كاتِبُ سُلَيْمَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ الَّذِي دَعَا اللَّه بِالِاسْمِ الأَعظم فرأَى سليمانُ العَرْشَ مُسْتقِرّاً عنده.
أفف: الأُفُّ: الوَسَخُ الَّذِي حَوْلَ الظُّفُرِ، والتُّفُّ الَّذِي فِيهِ، وَقِيلَ: الأُفُّ وسَخ الأُذن والتُّفُّ وسَخ الأَظفار. يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ اسْتِقْذارِ الشَّيْءِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ ذَلِكَ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ يُضْجَرُ مِنْهُ ويُتَأَذَّى بِهِ. والأَفَفُ: الضَّجَرُ، وَقِيلَ: الأُفُّ والأَفَف القِلة، والتُّفُّ مَنْسُوقٌ عَلَى أُفّ، وَمَعْنَاهُ كَمَعْنَاهُ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي فَصْلِ التَّاءِ. وأُفّ: كَلِمَةُ تَضَجُّرٍ وَفِيهَا عَشْرَةُ أَوجه: أُفَّ لَهُ وأُفِّ وأُفُّ وأُفّاً وأُفٍّ وأُفٌّ، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما
، وأُفِّي مُمالٌ وأُفَّى وأُفَّةٌ وأُفْ خَفِيفَةٌ مِنْ أُفّ الْمُشَدَّدَةِ، وَقَدْ جَمَعَ جمالُ الدِّين بْنُ مَالِكٍ هَذِهِ الْعَشْرَ لُغَاتٍ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ:
فأُفَّ ثَلِّثْ ونَوِّنْ، إِنْ أَرَدْتَ، وقُل: ... أُفَّى وأُفِّي وأُفْ وأُفَّةً تُصِبِ(9/6)
ابْنُ جِنِّي: أَما أُفّ وَنَحْوُهُ مِنْ أَسماء الفِعْلِ كَهَيْهاتَ فِي الجَرّ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَفعال الأَمر، وَكَانَ الْمَوْضِعُ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ لِصَهْ ومَهْ ورُوَيْد وَنَحْوِ ذَلِكَ، ثُمَّ حُمِلَ عَلَيْهِ بَابُ أُف وَنَحْوِهَا مِنْ حَيْثُ كَانَ اسْمًا سُمِّيَ بِهِ الْفِعْلُ، وَكَانَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْ لَفْظِ الأَمر وَالْخَبَرِ قَدْ يَقَعُ مَوْقِع صاحبِه صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هُوَ صَاحِبَهُ، فكأَنْ لَا خِلافَ هُنَالِكَ فِي لَفْظٍ وَلَا مَعْنًى. وأَفَّفَه وأَفَّفَ بِهِ: قَالَ لَهُ أُف. وتأَفَّفَ الرجلُ: قَالَ أُفَّةً وَلَيْسَ بِفِعْلٍ مَوْضُوعٍ عَلَى أَفَّ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَلَكِنَّهُ مِنْ بَابِ سَبَّحَ وهَلَّلَ إِذَا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ «1» ... إِذَا مَثَّلَ نَصْبَ أُفَّة وتُفّة لَمْ يُمَثِّلْه بِفِعْلٍ مِنْ لَفْظِهِ كَمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ بسَقْياً ورَعْياً وَنَحْوِهِمَا، وَلَكِنَّهُ مثَّله بِقَوْلِهِ «2» ... إِذْ لَمْ نَجِدْ لَهُ فِعْلًا مِنْ لَفْظِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ أُفّاً لَهُ وأُفَّةً لَهُ أَي قَذَراً لَهُ، وَالتَّنْوِينُ لِلتَّنْكِيرِ، وأُفَّةً وتُفَّةً، وَقَدْ أَفَّفَ تأْفِيفاً إِذَا قَالَ أُف. وَيُقَالُ: أُفّاً وتُفّاً وَهُوَ إتباعٌ لَهُ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ القطاعِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ: أَفَّةً وإفَّةً. التَّهْذِيبُ: قَالَ الْفَرَّاءُ وَلَا تَقُلْ فِي أُفَّة إِلَّا الرفع والنصب، وقال فِي قَوْلِهِ فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ
: قُرِئَ أُفِّ، بِالْكَسْرِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وأُفٍّ بِالتَّنْوِينِ، فَمَنْ خَفَضَ ونوَّن ذهب إِلَى أَنها صَوْتٌ لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ إِلَّا بِالنُّطْقِ بِهِ فخَفَضُوه كَمَا تُخْفَضُ الأَصواتُ ونَوَّنُوه كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ سَمِعْتُ طاقٍ طاقٍ لِصَوْتِ الضَّرْبِ، وَيَقُولُونَ سَمِعْتُ تِغٍ تِغٍ لِصَوْتِ الضَّحِكِ، وَالَّذِينَ لَمْ يُنَوِّنُوا وخَفَضُوا قالوا أُفِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحرف، وأَكثر الأَصوات عَلَى حَرْفَيْنِ مِثْلُ صَهٍ وتِغٍ ومَهٍ، فَذَلِكَ الَّذِي يُخْفَضُ وَيُنَوَّنُ لأَنه مُتَحَرِّكُ الأَوّل، قَالَ: وَلَسْنَا مُضْطَرِّينَ إِلَى حَرَكَةِ الثَّانِي مِنَ الأَدوات وأَشباهها فَخُفِضَ بِالنُّونِ، وَشُبِّهَتْ أُفّ بِقَوْلِهِمْ مُدّ ورُدّ إِذَا كَانَتْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحرف، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ جَعَلَ فُلَانٌ يَتَأَفَّفُ مِنْ رِيحٍ وَجَدَهَا، مَعْنَاهُ يَقُولُ أُف أُف. وَحُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ: لَا تقولَنَّ لَهُ أُفًّا وَلَا تُفًّا. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: مَنْ قَالَ أُفّاً لَكَ نَصَبَهُ عَلَى مَذْهَبِ الدُّعَاءِ كَمَا يُقَالُ وَيْلًا للكافرين، ومن قال أُفٌّ لَكَ رَفَعَهُ بِاللَّامِ كَمَا يُقَالُ وَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ، وَمَنْ قَالَ أُفٍّ لَكَ خَفَضَهُ عَلَى التَّشْبِيهِ بالأَصوات كَمَا يُقَالُ صَهٍ ومَهٍ، وَمَنْ قَالَ أُفِّي لَكَ أَضافه إِلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ قَالَ أُفْ لَكَ شَبَّهَهُ بالأَدوات بمَنْ وكَمْ وَبَلْ وَهَلْ. وَقَالَ أَبو طَالِبٍ: أُفٌّ لَكَ وتُفٌّ وأُفَّةٌ وتُفّةٌ، وَقِيلَ أُفٌّ مَعْنَاهُ قِلَّةٌ، وتُفٌّ إتباعٌ مأْخوذ مِنَ الأَفَفِ وَهُوَ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ
أَي لَا تَسْتَثْقِلْ شَيْئًا مِنْ أَمرهما وتَضِقْ صَدْرًا بِهِ وَلَا تُغْلِظْ لَهُمَا، قَالَ: وَالنَّاسُ يَقُولُونَ لِمَا يَكْرَهُونَ وَيَسْتَثْقِلُونَ أُف لَهُ، وأَصل هَذَا نَفْخُكَ لِلشَّيْءِ يَسْقُطُ عليكَ مِنْ تُراب أَو رَماد وَلِلْمَكَانِ تُرِيدُ إماطةَ أَذًى عَنْهُ، فقِيلَتْ لِكُلِّ مُسْتَثْقَلٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى أُف النَّتْنُ، وَمَعْنَى الْآيَةِ لَا تَقُلْ لَهُمَا مَا فِيهِ أَدنى تَبَرُّمٍ إِذَا كَبِرَا أَو أَسَنّا، بَلْ تَوَلَّ خَدْمَتَهما. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَلقى طرَفَ ثَوْبه عَلَى أَنْفِه وَقَالَ أُف أُف
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ الاسْتِقْذارُ لِمَا شَمَّ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الاحْتِقارُ والاسْتِقْلالُ، وَهُوَ صوتٌ إِذَا صوّتَ بِهِ الإِنسانُ عُلِم أَنه مُتَضَجِّرٌ مُتَكَرِّه، وَقِيلَ: أَصل الأَفف مِنْ وسَخِ الأُذن والإِصْبع إِذَا فُتِلَ. وأَفَّفْتُ بِفُلَانٍ تَأْفِيفاً إِذا قُلْتَ لَهُ أُفّ لَكَ، وتأَفَّفَ بِهِ كأَفَّفَه. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عنها: أَنها لَمَّا قُتِلَ أَخوها مُحَمَّدُ بْنُ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَرْسلت عبدَ الرَّحْمَنِ أَخاها فَجَاءَ بابْنِه القاسِم وَبِنْتِهِ مِنْ مصر، فلما
__________
(1) . هنا بياض بالأصل.
(2) . هنا بياض بالأصل.(9/7)
جَاءَ بِهِمَا أَخَذَتْهُما عائشةُ فَرَبَّتْهما إِلَى أَن اسْتَقَلَّا ثُمَّ دَعَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَا تَجِد فِي نَفْسِكَ مِنْ أَخْذِ بَنِي أَخِيك دُونكَ لأَنهم كَانُوا صِبياناً فَخَشِيتُ أَن تتأَفَّفَ بِهِمْ نِساؤك، فَكُنْتُ أَلْطَف بِهِمْ وأَصْبَرَ عَلَيْهِمْ، فَخُذْهُمْ إِلَيْكَ وَكُنْ لَهُمْ كَمَا قَالَ حُجَيَّةُ بْنُ المُضَرِّب لِبَنِي أَخيه سَعْدانَ؛ وأَنشدته الأَبيات الَّتِي أَوَّلها:
لجَجْنا ولَجَّتْ هَذِهِ فِي التَّغَضُّبِ
وَرَجُلٌ أَفَّافٌ: كَثِيرُ التَّأَفُّفِ، وَقَدْ أَفَّ يَئِفُّ ويَؤُفُّ أَفّاً. قَالَ ابْنُ دُريد: هُوَ أَن يَقُولَ أُفّ مِنْ كَرْبٍ أَو ضَجَر. وَيُقَالُ: كَانَ فُلَانٌ أُفُوفةً، وَهُوَ الَّذِي لَا يَزَالُ يقولُ لِبَعْضِ أَمره أُفّ لَكَ، فَذَلِكَ الأُفُوفةُ. وَقَوْلُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ عَلَى إفِّ ذَلِكَ وإفَّانه، بِكَسْرِهِمَا، أَي حِينه وأَوانه. وَجَاءَ عَلَى تَئِفَّةِ ذَلِكَ، مِثْلُ تَعِفَّةِ ذَلِكَ، وَهُوَ تَفْعِلَةٌ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: فِي أَبنيةِ الْكِتَابِ تَئِفَّةٌ فَعِلَّةٌ، قال: وَالظَّاهِرُ مَعَ الْجَوْهَرِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ عَلَى إِفِّ ذَلِكَ وإِفَّانِه، قال أَبو عَلِيٍّ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنها تَفْعِلةٌ وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ سِيبَوَيْهِ ذَلِكَ عَلَى مَا حَكَاهُ أَبو بَكْرٍ أَنه فِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ فِي بَابِ زِيَادَةِ التَّاءِ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وَالدَّلِيلُ عَلَى زِيَادَتِهَا مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ أَحمد عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: يُقَالُ أَتاني فِي إفّانِ ذَلِكَ وأُفّان ذَلِكَ وأَفَفِ ذَلِكَ وتَئِفَّةِ ذَلِكَ، وأَتانا عَلَى إفِّ ذَلِكَ وإفَّتِهِ وأَفَفِه وإفَّانِه وتَئِفَّتِه وعِدَّانهِ أَيْ عَلَى إبَّانِه ووَقْته، يَجْعَلُ تَئِفَّةً فَعِلَّةً، وَالْفَارِسِيُّ يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالِاشْتِقَاقِ وَيَحْتَجُّ بِمَا تقدَّم. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: نِعْمَ الفارسُ عَوَيْمِرٌ غيرَ أُفَّةٍ؛ جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ غيرَ جَبانٍ أَو غيرَ ثَقِيلٍ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَرى الأَصل فِيهِ الأَفَف وهو الضَّجَرُ، قال: وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ مَعْنَى الأُفّةِ المُعْدِمُ المُقِلُّ مِنَ الأَفَفِ، وَهُوَ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ. واليأْفُوفُ: الخفِيفُ السَّرِيعُ؛ وَقَالَ:
هُوجاً يَآفِيفَ صِغاراً زُعْرا
واليأْفُوفُ: الأَحمقُ الخفِيفُ الرأْي. واليأْفُوفُ: الرَّاعِي صِفَةٌ كاليَحْضُور واليَحْمُوم كأَنه مُتَهَيِءٌ لرِعايته عارِفٌ بأَوْقاتِها مِنْ قَوْلِهِمْ: جَاءَ عَلَى إِفَّانِ ذَلِكَ وتَئِفَّتِه. واليأْفُوفُ: الْخَفِيفُ السَّرِيعُ، وَقِيلَ: الضَّعِيفُ الأَحمقُ. واليأْفُوفَةُ: الفراشةُ،
ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ الشاطبيّ قال فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَعَدِيكَرِبَ أَنه قَالَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ: فُلَانٌ أَخَفُّ مِنْ يأْفُوفَةٍ
، قال: اليأْفُوفَةُ الفَراشةُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَرى كلَّ يأْفُوفٍ وكلَّ حَزَنْبَلٍ، ... وشِهْذارةٍ تِرْعابةٍ قَدْ تَضَلَّعا
والتِّرْعابةُ: الفَرُوقةُ. واليأْفُوفُ: العَييُّ الخَوَّار؛ قَالَ الرَّاعي:
مُغَمَّرُ العَيْشِ يَأْفُوفٌ، شَمائِلُه ... تأْبَى المَوَدَّةَ، لَا يُعْطِي وَلَا يَسَلُ
قَوْلُهُ مُغَمَّر العَيْشِ أَي لَا يكادُ يُصِيبُ مِنَ العَيْشِ إِلَّا قَلِيلًا، أُخِذَ مِنَ الغَمَر، وَقِيلَ: هُوَ المُغَفَّلُ عَنْ كلِّ عَيْش.
أكف: الإِكافُ والأُكاف مِنَ المراكب: شبه الرِّحالِ والأَقْتابِ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن هَمْزَتَهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ وُكافٍ ووِكافٍ، وَالْجَمْعُ آكِفةٌ وأُكُفٌ كإزارٍ وآزِرةٍ وأُزُرٍ. غَيْرُهُ: أُكافُ الْحِمَارِ وإكافُه ووِكافُه ووُكافه، وَالْجَمْعُ أُكُفٌ، وَقِيلَ فِي جَمْعِهِ(9/8)
وُكُفٌ؛ وأَنشد فِي الأُكافِ [الإِكافِ] لِرَاجِزٍ:
إنَّ لَنا أَحْمِرةً عِجافا، ... يأْكُلْنَ كلَّ لَيْلةٍ أُكافا [إِكافا]
أَي يأْكلن ثَمَنَ أُكافٍ [إِكاف] أَي يُباعُ أُكافٌ [إِكاف] ويُطْعَم بِثَمَنِهِ؛ وَمِثْلُهُ:
نُطْعِمُها إِذَا شَتَتْ أَولادَها
أَي ثَمَنِ أَولادها، وَمِنْهُ المَثَل: تَجُوعُ الحُرَّةُ وَلَا تأْكلُ ثَدْيَيْها أَي أُجرة ثَدْيَيْها. وآكَفَ الدابّةَ: وَضَعُ عَلَيْهَا الإِكاف كأَوْكَفَها أَي شدَّ عَلَيْهَا الإِكاف؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: آكَفَ البغلَ لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وأَوْكَفَه لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ. وأَكَّفَ أُكافاً وَإِكَافًا: عَمِلَه.
ألف: الأَلْفُ مِنَ العَدَد مَعْرُوفٌ مُذَكَّرٌ، وَالْجَمْعُ آلُفٌ؛ قَالَ بُكَيْر أَصَمّ بَنِي الحرث بْنِ عَبَّادٍ:
عَرَباً ثَلاثَة آلُفٍ، وكَتِيبةً ... أَلْفَيْنِ أَعْجَمَ مِنْ بَني الفَدّامِ
وآلافٌ وأُلُوفٌ، يُقَالُ ثلاثةُ آلَافٍ إِلَى الْعَشْرَةِ، ثُمَّ أُلُوفٌ جَمْعُ الْجَمْعِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ
؛ فأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَكَانَ حامِلُكُم مِنّا ورافِدُكُمْ، ... وحامِلُ المِينَ بَعْدَ المِينَ والأَلَفِ
إِنَّمَا أَراد الآلافَ فَحَذَفَ لِلضَّرُورَةِ، وَكَذَلِكَ أَراد المِئِين فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ. وَيُقَالُ: أَلْفٌ أَقْرَعُ لأَن الْعَرَبَ تُذَكِّرُ الأَلفَ، وَإِنْ أُنّث عَلَى أَنه جَمْعٌ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ فِيهِ التَّذْكِيرُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ جَمِيعِ النَّحْوِيِّينَ. وَيُقَالُ: هَذَا أَلف وَاحِدٌ وَلَا يُقَالُ وَاحِدَةٌ، وَهَذَا أَلْف أَقْرَعُ أَي تامٌّ وَلَا يُقَالُ قَرْعاءُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَوْ قُلْتَ هَذِهِ أَلْف بِمَعْنَى هَذِهِ الدراهمُ أَلف لَجَازَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي التَّذْكِيرِ:
فإنْ يَكُ حَقِّي صادِقاً، وَهْوَ صادِقي، ... نَقُدْ نَحْوَكُمْ أَلْفاً مِنَ الخَيْلِ أَقْرَعا
قَالَ: وَقَالَ آخَرُ:
وَلَوْ طَلَبُوني بالعَقُوقِ، أَتَيْتُهُمْ ... بأَلْفٍ أُؤَدِّيهِ إِلَى القَوْمِ أَقْرَعا
وأَلَّفَ العَدَدَ وآلَفَه: جَعَلَهُ أَلْفاً. وآلَفُوا: صَارُوا أَلفاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَوَّلُ حَيّ آلَفَ مَعَ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَنُو فُلَانٍ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ كَانَ الْقَوْمُ تِسْعَمائة وتِسْعةً وَتِسْعِينَ فآلفْتُهم، مَمْدُود، وآلَفُوا هُمْ إِذَا صَارُوا أَلفاً، وَكَذَلِكَ أَمْأَيْتُهم فأَمْأَوْا إِذَا صَارُوا مِائَةً. الْجَوْهَرِيُّ: آلَفْتُ القومَ إِيلَافًا أَي كَمَّلْتُهم أَلفاً، وَكَذَلِكَ آلَفْتُ الدراهِمَ وآلَفَتْ هِيَ. وَيُقَالُ: أَلْفٌ مؤَلَّفَةٌ أَي مُكَمَّلةٌ. وأَلَفَه يأْلِفُه، بِالْكَسْرِ، أَي أَعْطاه أَلفاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وكَريمةٍ مِنْ آلِ قَيْسَ أَلَفْتُه ... حَتَّى تَبَذَّخَ فارْتَقى الأَعْلامِ
أَي ورُبَّ كَريمةٍ، وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، وارْتَقى إِلَى الأَعْلام، فحَذَف إِلَى وَهُوَ يُريده. وشارَطَه مُؤَالَفةً أَي عَلَى أَلف؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وألِفَ الشيءَ أَلْفاً وَإِلَافًا ووِلافاً؛ الأَخيرة شاذّةٌ، وأَلَفانا وأَلَفَه: لَزمه، وآلَفَه إِيَّاهُ: أَلْزَمَه. وَفُلَانٌ قَدْ أَلِفَ هَذَا الموْضِعَ، بِالْكَسْرِ، يأْلَفُه أَلفاً وآلَفَه أَيَّاهُ غيرُه، وَيُقَالُ أَيضاً: آلَفْتُ(9/9)
الْمَوْضِعَ أُولِفُه إِيلَافًا، وَكَذَلِكَ آلَفْتُ الموضِعَ أُؤالِفُه مُؤَالَفة وَإِلَافًا، فَصَارَتْ صُورةُ أَفْعَلَ وفاعَلَ فِي الْمَاضِي وَاحِدَةً، وأَلَّفْتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ تأْلِيفاً فتأَلَّفا وأْتَلَفا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ
؛ فِيمَنْ جَعَلَ الْهَاءَ مَفْعُولًا ورحلةَ مَفْعُولًا ثَانِيًا، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الْمَفْعُولُ هُنَا وَاحِدًا عَلَى قَوْلِكَ آلَفْتُ الشَّيْءَ كأَلِفْتُه، وَتَكُونُ الْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي مَوْضِعِ الْفَاعِلِ كَمَا تَقُولُ عَجِبْتُ مِنْ ضَرْبِ زيدٍ عَمْرًا، وَقَالَ أَبو إسحَاق فِي لإِيلافِ قريس ثَلَاثَةُ أَوجه: لإِيلاف، ولإِلاف، وَوَجْهٌ ثَالِثٌ لإِلْفِ قُرَيْشٍ، قَالَ: وَقَدْ قُرئ بِالْوَجْهَيْنِ الأَولين. أَبو عُبَيْدٍ: أَلِفْتُ الشَّيْءَ وآلَفْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ لَزِمْتُهُ، فَهُوَ مُؤْلَفٌ ومأْلُوفٌ. وآلَفَتِ الظّباءُ الرَّمْلَ إِذَا أَلِفَتْه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مِنَ المُؤْلِفاتِ الرَّمْلِ أَدْماءُ حُرَّةٌ، ... شُعاعُ الضُّحَى فِي مَتْنِها يَتَوَضَّحُ
أَبو زَيْدٍ: أَلِفْتُ الشيءَ وأَلِفْتُ فُلَانًا إِذَا أَنِسْتَ بِهِ، وأَلَّفْتُ بَيْنَهُمْ تأْلِيفاً إِذَا جَمَعْتَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ تَفَرُّقٍ، وأَلَّفْتُ الشَّيْءَ تأْلِيفاً إِذَا وصلْت بَعْضَهُ بِبَعْضٍ؛ وَمِنْهُ تأْلِيفُ الْكُتُبِ. وأَلَّفْتُ الشيءَ أَي وصَلْتُه. وآلَفْتُ فُلَانًا الشَّيْءَ إِذَا أَلزمته إِيَّاهُ أُولِفُه إِيلَافًا، وَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِإِيلافِ قُرَيْشٍ
لِتُؤْلَفَ قُريش الرِّحْلَتَيْن فَتَتَّصِلَا وَلَا تَنْقَطِعا، فَاللَّامُ مُتَّصِلَةٌ بِالسُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، أَي أَهلكَ اللَّهُ أَصحابَ الفِيلِ لِتُؤْلَفَ قريشٌ رِحْلَتَيْها آمِنِين. ابْنُ الأَعرابي: أَصحاب الإِيلافِ أَربعةُ إخوةٍ: هاشمٌ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَالْمُطَّلِبُ وَنَوْفَلٌ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانُوا يُؤَلِّفُون الجِوارَ يُتْبِعُون بعضَه بَعْضًا يُجِيرون قُرَيْشًا بمِيَرِهِم وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ المُجِيرينَ، فأَمّا هَاشِمٌ فَإِنَّهُ أَخذ حَبْلًا مِنْ مَلِكِ الرُّومِ، وأَخذ نَوْفَلٌ حَبْلًا مِنْ كِسْرى، وأَخذ عَبْدُ شَمْسٍ حَبْلًا مِنَ النَّجَاشِيِّ، وأَخذ الْمُطَّلِبُ حَبْلًا مِنْ مُلُوكِ حِمْير، قَالَ: فَكَانَ تُجّار قُرَيْشٍ يَخْتَلِفُونَ إِلَى هَذِهِ الأَمصار بحِبال هؤُلاء الإِخوة فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: مَنْ قرأَ لإِلافِهم وإلْفِهِم فَهُمَا مِنْ أَلِفَ يأْلَف، وَمَنْ قرأَ لإِيلافهم فَهُوَ مِنْ آلَفَ يُؤْلِفُ، قَالَ: وَمَعْنَى يُؤَلِّفُون يُهَيِّئوُن ويُجَهِّزُون. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهُوَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الأَعرابي بِمَعْنَى يُجِيرُون، والإِلْفُ والإِلافُ بِمَعْنًى؛ وأَنشد حَبِيبُ بْنُ أَوس فِي بَابِ الْهِجَاءِ لمُساور بْنِ هِنْدٍ يَهْجُو بَنِي أَسد:
زَعَمْتُمْ أَن إخْوَتَكم قُرَيْشٌ، ... لَهُمْ إلْفٌ، وَلَيْسَ لَكُمْ إلافُ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قرأَ إلْفِهِمْ فَقَدْ يَكُونُ مِنْ يُؤَلِّفُون، قَالَ: وأَجود مِنْ ذَلِكَ أَن يُجْعَلَ مِنْ يأْلَفون رِحْلةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. والإِيلافُ: مِنْ يُؤْلِفُون أَي يُهَيِّئُونَ ويُجَهِّزُون، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: كَانَ هاشمٌ يُؤَلِّفُ إِلَى الشَّامِ، وعبدُ شَمْسٍ يُؤَلِّف إِلَى الحَبَشةِ، والمطلبُ إِلَى اليَمن، ونَوْفَلٌ إِلَى فارِسَ. قَالَ: ويتأَلَّفُون أَي يَسْتَجِيرون؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ حِيناً، وتُؤْلِفُ الجِوارَ، ... ويُغْشِيها الأَمانَ ذِمامُها
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَن أَول مَنْ أَخَذ لَهَا الإِيلافَ لَهاشِمٌ
؛ الإِيلافُ: العَهْدُ والذِّمامُ، كَانَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مُنَافٍ أَخذه مِنَ الْمُلُوكِ لِقُرَيْشٍ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِإِيلافِ قُرَيْشٍ
: يَقُولُ(9/10)
تَعَالَى: أَهلكت أَصحاب الْفِيلِ لأُولِف قُرَيْشًا مَكَّةَ، ولِتُؤَلِّف قُرَيْشٌ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ أَي تَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، إِذَا فَرَغُوا مِنْ ذِهِ أَخذوا فِي ذِهِ، وَهُوَ كَمَا تَقُولُ ضَرَبْتُهُ لِكَذَا لِكَذَا، بِحَذْفِ الْوَاوِ، وَهِيَ الأُلْفةُ. وأْتَلَفَ الشيءُ: أَلِفَ بعضُه بَعْضًا، وأَلَّفَه: جَمَعَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ، وتَأَلَّفَ: تَنَظَّمَ. والإِلْف: الأَلِيفُ. يُقَالُ: حَنَّتِ الإِلْفُ إِلَى الإِلْفِ، وَجَمْعُ الأَلِيف أَلائِفُ مِثْلَ تَبِيعٍ وتَبائِعَ وأَفِيلٍ وأَفائِلَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فأَصْبَحَ البَكْرُ فَرْداً مِنْ أَلائِفِه، ... يَرْتادُ أَحْلِيةً أعْجازُها شَذَبُ
والأُلَّافِ: جَمْعُ آلِفٍ مِثْلُ كافِرٍ وكُفّارٍ. وتأَلَّفَه عَلَى الإِسْلام، وَمِنْهُ المؤَلَّفة قلوبُهم. التَّهْذِيبُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ
، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي المُتَحابِّينَ فِي اللَّهِ، قَالَ: والمؤَلَّفةُ قُلُوبُهُمْ فِي آيَةِ الصَّدَقات قومٌ مِنْ سَادَاتِ الْعَرَبِ أَمر اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي أَول الإِسلام بتَأَلُّفِهم أَي بمُقارَبَتِهم وإعْطائهم ليُرَغِّبوا مَن وَرَاءَهُمْ فِي الإِسلام، فَلَا تَحْمِلهم الحَمِيَّةُ مع ضَعْف نِيّاتِهم عَلَى أَن يَكُونُوا إلْباً مَعَ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ نَفَّلهم النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، يَوْمَ حُنَيْن بِمِائَتَيْنِ مِنَ الإِبل تأَلُّفاً لَهُمْ، مِنْهُمُ الأَقْرَعُ بْنُ حابِسٍ التَّمِيمِيُّ، والعباسُ بْنُ مِرْداسٍ السُّلَمِيّ، وعُيَيْنةُ بْنُ حِصْن الفَزارِيُّ، وأَبو سفيانَ بْنُ حَرْبٍ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ: إِنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تأَلَّفَ فِي وقتٍ بَعْضَ سادةِ الْكُفَّارِ، فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً وَظَهَرَ أَهلُ دِينِ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ أَهل المِلَل، أَغنى اللَّهُ تَعَالَى، وَلَهُ الْحَمْدُ، عَنْ أَن يُتَأَلَّف كافرٌ اليومَ بِمَالٍ يُعْطى لِظُهُورِ أَهل دِينِهِ عَلَى جَمِيعِ الْكُفَّارِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
إلافُ اللَّهِ مَا غَطَّيْت بَيْتاً، ... دَعائِمهُ الخِلافةُ والنُّسُورُ
قِيلَ: إلافُ اللَّهِ أَمانُ اللَّهِ، وَقِيلَ: منزِلةٌ مِنَ اللَّهِ. وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
إِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حدِيثي عَهْدٍ بكُفْرٍ أَتأَلَّفُهم
؛ التأَلُّفُ: المُداراةُ والإِيناسُ ليَثْبُتُوا عَلَى الإِسلام رَغْبةً فِيمَا يَصِلُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمَالِ؛ وَمِنْهُ حديثُ الزكاةِ:
سَهْمٌ للمؤلَّفة قُلُوبُهُمْ.
والإِلْفُ: الَّذِي تأْلَفُه، وَالْجَمْعُ آلافٌ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ فِي جَمْعِ إلْفٍ الُوفٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه جَمْعُ آلِفٍ كشاهِدٍ وشُهُودٍ، وَهُوَ الأَلِيفُ، وَجَمْعُهُ أُلَفاءُ والأُنثى آلِفةٌ وإِلْفٌ؛ قَالَ:
وحَوْراء المَدامِعِ إِلْفُ صَخْر
وَقَالَ:
قَفْرُ فَيافٍ، تَرى ثَوْرَ النِّعاجِ بِهَا ... يَروحُ فَرْداً، وتَبْقى إلْفُه طاوِيهْ
وَهَذَا مِنْ شَاذِّ الْبَسِيطِ لأَن قَوْلَهُ طاوِيهْ فاعِلُنْ وضربُ الْبَسِيطِ لَا يأْتي عَلَى فَاعِلُنْ، وَالَّذِي حَكَاهُ أَبو إسحَاق وَعَزَاهُ إِلَى الأَخفش أَنَّ أَعرابيّاً سُئِلَ أَن يَصْنَعَ بَيْتًا تَامًّا مِنَ الْبَسِيطِ فَصَنَعَ هَذَا الْبَيْتَ، وَهَذَا لَيْسَ بحُجة فيُعْتَدَّ بِفَاعِلُنْ ضَرْبًا فِي الْبَسِيطِ، إِنَّمَا هُوَ فِي مَوْضُوعِ الدَّائِرَةِ، فأَمّا الْمُسْتَعْمَلُ فَهُوَ فعِلن وفَعْلن. وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَلِيفي وإلْفي وَهُمْ أُلَّافي، وَقَدْ نَزَعَ الْبَعِيرُ إِلَى أُلَّافه؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
أَكُنْ مِثْلَ ذِي الأُلَّاف، لُزَّتْ كُراعُه ... إِلَى أُخْتِها الأُخْرى، ووَلَّى صَواحِبُهْ(9/11)
يجوزُ الأُلَّاف وَهُوَ جَمْعُ آلِف، وَالْآلَافُ جَمْعُ إلْفٍ. وَقَدِ ائتَلَفَ القومُ ائتِلافاً وأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ تأْليفاً. وأَوالِفُ الطَّيْرِ: الَّتِي قَدْ أَلِفَتْ مكةَ والحرمَ، شَرَّفَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وأَوالِفُ الْحَمَامِ: دَواجِنُها الَّتِي تأْلَفُ البيوتَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَوالِفاً مكةَ مِنْ وُرْقِ الحِمى
أَراد الحَمام فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الْوَزْنُ فَقَالَ الحِمى؛ وأَما قَوْلُ رُؤْبَةَ:
تاللهِ لَوْ كُنْتُ مِنَ الأُلَّافِ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَراد بالأُلَّاف الَّذِينَ يأْلَفُون الأَمْصارَ، وَاحِدُهَمْ آلِفٌ. وآلَفَ الرجلُ: تَجِرَ. وأَلَّفَ القومُ إِلَى كَذَا وتَأَلَّفُوا: اسْتَجَارُوا. والأَلِفُ والأَلِيفُ: حَرْفُ هِجَاءٍ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ الأَلِف مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ مُؤَنَّثَةٌ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْحُرُوفِ، هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ وَإِنْ ذكَّرت جَازَ؛ قَالَ سيبوبه: حُرُوفُ الْمُعْجَمِ كُلُّهَا تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ كَمَا أَنَّ الإِنسان يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَمْ ذلِكَ الْكِتابُ، والمص، والمر؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الَّذِي اخْتَرْنَا فِي تَفْسِيرِهَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ الم*: أَنا الله أَعلم، والمص: أَنا اللَّهُ أَعلم وأَفْصِلُ، والمر: أَنا اللَّهُ أَعلم وَأَرَى؛ قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: مَوْضِعُ هَذِهِ الْحُرُوفِ رَفْعٌ بِمَا بَعْدَهَا، قَالَ: المص كِتابٌ، فكتاب مرتفع بأَلمص، وكأَنّ مَعْنَاهُ أَلمص حُرُوفُ كِتَابٍ أُنزل إِلَيْكَ، قَالَ: وَهَذَا لَوْ كَانَ كَمَا وُصِفَ لَكَانَ بَعْدَ هَذِهِ الْحُرُوفِ أَبداً ذِكْرُ الْكِتَابِ، فَقَوْلُهُ: الم اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، يَدُلُّ عَلَى أَن الأَمر مَرَافِعٌ لَهَا عَلَى قَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ: يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْفَصْلَ مُسْتَوْفًى فِي صَدْرِ الْكِتَابِ عِنْدَ تَفْسِيرِ الْحُرُوفِ المُقَطَّعةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أنف: الأَنْفُ: المَنْخَرُ مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ آنُفٌ وآنافٌ وأُنُوفٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
بِيضُ الوُجُوهِ كَريمةٌ أَحْسابُهُمْ، ... فِي كلِّ نائِبَةٍ، عِزازُ الآنُفِ
وَقَالَ الأَعشى:
إِذَا رَوَّحَ الرَاعي اللِّقاحَ مُعَزِّباً، ... وأَمْسَتْ عَلَى آنافِها غَبَراتُها
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
بِيضُ الوُجُوهِ، كَرِيمةٌ أَحْسابُهُم، ... شُمُّ الأَنُوفِ مِنَ الطِّرازِ الأَوَّلِ
وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الأَنْفَ أَنْفين؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
يَسُوفُ بأَنْفَيْهِ النِّقاعَ كأَنه، ... عَنِ الرَّوْضِ مِنْ فَرْطِ النَّشاطِ، كَعِيمُ
الْجَوْهَرِيُّ: الأَنْفُ للإِنسان وَغَيْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ سَبْقِ الحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ:
فليَأْخُذْ بأَنفِه ويَخْرُجْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: إِنَّمَا أَمَره بِذَلِكَ ليُوهِمَ المُصَلِّين أَن بِهِ رُعافاً، قَالَ: وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الأَدب فِي سَتْرِ العَوْرَة وإخْفاء القَبيحِ، والكنايةِ بالأَحْسَن عَنِ الأَقْبح، قَالَ: وَلَا يَدْخُلُ فِي بَابِ الْكَذِبِ وَالرِّيَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّجَمُّل والحَياء وطلَبِ السَّلَامَةِ مِنَ النَّاسِ. وأَنَفَه يَأْنُفُه ويأْنِفُه أَنْفاً: أَصابَ أَنْفَه. وَرَجُلٌ أُنافيٌّ: عَظِيم الأَنْفِ، وعُضادِيٌّ: عَظِيمُ العَضُد، وأُذانيٌّ: عَظِيمُ الأُذن.(9/12)
والأَنُوفُ: المرأَةُ الطَّيِّبَةُ رِيحِ الأَنْفِ. ابْنُ سِيدَهْ: امرأَة أَنُوفٌ طَيِّبَةٌ رِيحِ الأَنف، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الَّتِي يُعْجِبُك شَمُّك لَهَا، قَالَ: وَقِيلَ لأَعرابي تَزَوَّج امرأَة: كَيْفَ رأَيتها؟ فَقَالَ: وجَدْتها رَصُوفاً رَشُوفاً أَنُوفاً، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَبَعِيرٌ مأْنُوفٌ: يُساقُ بأَنْفِه، فَهُوَ أَنِفٌ. وأَنِفَ الْبَعِيرُ: شَكَا أَنْفَه مِنَ البُرة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ الْمُؤْمِنَ كَالْبَعِيرِ الأَنِفِ والآنِف
أَي أَنه لَا يَرِيمُ التَّشَكِّي «3» ، وَفِي رِوَايَةٍ:
المُسْلِمون هَيِّنُون لَيِّنُون كَالْجَمَلِ الأَنِفِ أَي المأْنُوفِ، إِنْ قِيدَ انْقادَ، وَإِنْ أُنِيخَ عَلَى صَخْرةٍ اسْتَناخَ.
وَالْبَعِيرُ أَنِفٌ: مِثْلَ تَعِبَ، فَهُوَ تَعِبٌ، وَقِيلَ: الأَنِفُ الَّذِي عَقَره الخِطامُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِشاشٍ أَو بُرةٍ أَو خِزامةٍ فِي أَنفه فَمَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ يَمْتَنِعُ عَلَى قَائِدِهِ فِي شَيْءٍ لِلْوَجَعِ، فَهُوَ ذَلُولٌ مُنْقَادٌ، وَكَانَ الأَصل فِي هَذَا أَن يُقَالَ مأْنُوف لأَنه مَفْعول بِهِ كَمَا يُقَالُ مصدورٌ. وأَنَفَه: جَعَلَهُ يَشْتَكي أَنْفَه. وأَضاعَ مَطْلَبَ أَنْفِه أَي الرَّحِمَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
وَإِذَا الكَرِيمُ أَضاعَ مَوْضِع أَنْفِه، ... أَو عِرْضَه لِكَرِيهَةٍ، لَمْ يَغْضَبِ
وَبَعِيرٌ مأْنُوفٌ كَمَا يُقَالُ مَبطونٌ ومَصْدورٌ ومَفْؤُودٌ لِلَّذِي يَشْتَكي بطنَه أَو صَدْرَه أَو فُؤَادَه، وَجَمِيعُ مَا فِي الْجَسَدِ عَلَى هَذَا، وَلَكِنَّ هَذَا الْحَرْفَ جاء شاذًّا عنهم. وقال بَعْضُهُمْ: الجملُ الأَنِفُ الذَّلُولُ، وقال أَبو سَعِيدٍ: الْجَمَلُ الأَنِف الذَّلِيلُ الْمُؤَاتِي الَّذِي يأْنَفُ مِنَ الزَّجْر وَمِنَ الضَّرْبِ، ويُعطي مَا عِنْدَهُ مِنَ السَّيْرِ عَفْواً سَهْلًا، كَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى زَجْرٍ وَلَا عِتاب وَمَا لَزِمَهُ مِنْ حَقٍّ صبرَ عَلَيْهِ وَقَامَ بِهِ. وأَنَفْتُ الرَّجُلَ: ضَرَبْتُ أَنْفَه، وآنَفْتُه أَنا إِينَافًا إِذَا جَعَلْتَهُ يَشْتَكِي أَنْفَه. وأَنَفَه الماءُ إِذَا بَلَغَ أَنْفَه، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: وَذَلِكَ إِذَا نَزَلَ فِي النَّهْرِ. وَقَالَ بَعْضُ الكِلابِيِّينَ: أَنِفَتِ الإِبلُ إِذَا وقَع الذُّبابُ عَلَى أُنُوفِها وطَلَبَتْ أَماكِنَ لَمْ تَكُنْ تَطْلُبها قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ الأَنَفُ، والأَنَفُ يُؤْذِيها بِالنَّهَارِ؛ وَقَالَ مَعْقِل بْنُ رَيْحانَ:
وقَرَّبُوا كلَّ مَهْرِيٍّ ودَوْسَرَةٍ، ... كالفَحْلِ يَقْدَعُها التَّفْقِيرُ والأَنَفُ
والتَّأْنِيفُ: تَحْدِيدُ طرَفِ الشَّيْءِ. وأَنْفا القَوْس: الحَدَّانِ اللَّذَانِ فِي بَواطِن السِّيَتَيْن. وأَنْف النعْلِ: أَسَلَتُها. وأَنْفُ كلِّ شَيْءٍ: طرَفُه وأَوَّله؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْحُطَيْئَةِ:
ويَحْرُمُ سِرُّ جارَتِهِمْ عليهمْ، ... ويأْكلُ جارُهُمْ أَنْفَ القِصاعِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيَكُونُ فِي الأَزْمِنَةِ؛ وَاسْتَعْمَلَهُ أَبو خِرَاشٍ فِي اللِّحْيَةِ فَقَالَ:
تُخاصِمُ قَوْماً لَا تَلَقَّى جوابَهُمْ، ... وَقَدْ أَخَذَتْ مِنْ أَنْفِ لِحْيَتِكَ اليَدُ
سَمَّى مُقَدَّمَها أَنْفاً، يَقُولُ: فطالتْ لِحْيَتُكَ حَتَّى قبضْتَ عَلَيْهَا وَلَا عَقْلَ لَكَ، مَثَلٌ. وأَنْفُ النَّابِ: طَرَفُه حِينَ يطْلُعُ. وأَنْفُ النَّابِ: حَرْفُه وطَرَفُه حِينَ يَطْلُعُ. وأَنْفُ البَرْدِ: أَشَدُّه. وجاءَ يَعْدُو وأَنْفَ الشَّدِّ والعَدْوِ أَي أَشدَّه. يُقَالُ: هَذَا أَنْفُ الشَّدِّ، وَهُوَ أَوّلُ العَدْوِ. وأَنْفُ البردِ: أَوّله وأَشدُّه. وأَنْف الْمَطَرِ: أَوّل مَا أَنبت؛ قال
__________
(3) . قوله [لا يريم التشكي] أي يديم التشكي مما به إلى مولاه لا إلى سواه.(9/13)
امْرُؤُ الْقَيْسِ:
قَدْ غَدا يَحْمِلُني فِي أَنْفِه ... لاحِقُ الأَيْطَلِ مَحْبُوكٌ مُمَرّ
وَهَذَا أَنْفُ عَمَلِ فُلَانٍ أَي أَوّل مَا أَخذ فِيهِ. وأَنف خُفّ الْبَعِيرِ: طرَفُ مَنْسِمِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لِكُلِّ شَيْءٍ أُنْفةٌ، وأُنْفَةُ الصلاةِ التَّكْبِيرَةُ الأُولى
؛ أُنفة الشَّيْءِ: ابْتِدَاؤُهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، قال: وقال الْهَرَوِيُّ الصَّحِيحُ بِالْفَتْحِ، وأَنْفُ الجَبَل نادرٌ يَشْخَصُ ويَنْدُر مِنْهُ. والمُؤَنَّفُ: المُحَدَّدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والمُؤَنَّفُ: المُسَوَّى. وسيرٌ مُؤَنَّفٌ: مَقْدودٌ عَلَى قَدْرٍ واسْتِواء؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعرابي يَصِفُ فَرَسًا: لُهِزَ لَهْزَ العَيْرِ وأُنِّفَ تأْنِيف السَّيْرِ أَي قُدّ حَتَّى اسْتَوَى كَمَا يَسْتَوِي السَّيْرُ الْمَقْدُودُ. ورَوْضةٌ أُنُفٌ، بِالضَّمِّ: لَمْ يَرْعَها أَحد، وَفِي الْمُحْكَمِ: لَمْ تُوطَأْ؛ وَاحْتَاجَ أَبو النَّجْمِ إِلَيْهِ فَسَكَّنَهُ فَقَالَ:
أُنْفٌ تَرَى ذِبّانَها تُعَلِّلُهْ
وكَلأٌ أُنُفٌ إِذَا كَانَ بِحَالِهِ لَمْ يَرْعَه أَحد. وكأْسٌ أُنُفٌ: مَلأَى، وَكَذَلِكَ المَنْهَلُ. والأُنُفُ: الخَمر الَّتِي لَمْ يُسْتَخْرَجْ مِنْ دَنِّها شَيْءٌ قَبْلَهَا؛ قَالَ عَبْدَةُ بْنُ الطَبِيب:
ثُمَّ اصْطَبَحْنا كُمَيْتاً قَرْقَفاً أُنُفاً ... مِنْ طَيِّبِ الرَّاحِ، واللَّذَّاتُ تَعْلِيلُ
وأَرض أُنُفٌ وأَنيفةٌ: مُنْبِتَةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: بَكَّرَ نباتُها. وَهِيَ آنَفُ بِلَادِ اللَّهِ أَي أَسْرَعُها نَبَاتًا. وأَرض أَنِيفةُ النبْتِ إِذَا أَسْرَعتِ النباتَ. وأَنَف: وَطِئَ كَلأً أُنُفاً. وأَنَفَتِ الإِبلُ إِذَا وطِئَت كَلَأً أُنُفاً، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُرْعَ. وآنَفْتُها أَنا، فَهِيَ مُؤْنَفَةٌ إِذَا انْتَهَيْتَ بِهَا أَنْفَ المَرْعَى. يُقَالُ: روضةٌ أُنُف وكأْسٌ أُنُف لَمْ يُشرب بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ كأَنه اسْتُؤْنِفَ شُرْبُهَا مِثْلُ روْضةٍ أُنف. وَيُقَالُ: أَنَّفَ فُلَانٌ مالَه تأْنيفاً وَآنَفَهَا إِينَافًا إِذَا رَعَّاهَا أُنُف الكلإِ؛ وأَنشد:
لَسْتُ بِذي ثَلَّةٍ مُؤَنَّفَةٍ، ... آقِطُ أَلبانَها وأَسْلَؤُها «1»
وَقَالَ حُمَيْدٌ:
ضَرائرٌ لَيْسَ لَهُنَّ مَهْرُ، ... تأْنِيفُهُنَّ نَقَلٌ وأَفْرُ
أَي رَعْيُهُنَّ الكلأَ الأُنُف هَذَانِ الضرْبانِ مِنَ العَدْو وَالسَّيْرِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُسْلِمٍ الخَوْلانيّ. ووضَعَها فِي أُنُفٍ مِنَ الكلإِ وصَفْوٍ مِنَ الْمَاءِ
؛ الأُنُفُ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ: الكلأَ الَّذِي لَمْ يُرْعَ وَلَمْ تَطَأْه الْمَاشِيَةُ. واسْتَأْنَفَ الشيءَ وأْتَنَفَه: أَخذ أَوّله وابتدأَه، وَقِيلَ: اسْتَقْبَلَه، وأَنا آتَنِفُه ائْتِنافاً، وَهُوَ افْتعِالٌ مِنْ أَنْفِ الشَّيْءَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّمَا الأَمْرُ أُنُفٌ
أَي يُسْتَأْنَفُ اسْتِئْنَافًا مِنْ غَيْرِ أَن يَسْبِقَ بِهِ سابِقُ قَضَاءٍ وَتَقْدِيرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى اخْتِيارِك وَدُخُولِكَ فِيهِ؛ استأْنفت الشَّيْءَ إِذَا ابتدأْته. وَفَعَلْتُ الشَّيْءَ آنِفاً أَي فِي أَول وَقْتٍ
__________
(1) . قوله [آقط البانها إلخ] تقدم في شكر:
تضرب دِرَّاتِهَا إِذَا شَكِرَتْ ... بِأَقْطِهَا والرخاف تسلؤها
وسيأتي في رخف: تَضْرِبُ ضَرَّاتِهَا إِذَا اشْتَكَرَتْ نافطها إلخ. ويظهر أن الصواب تأقطها مضارع أقط.(9/14)
يقرُب مِنِّي. واسْتَأْنَفَه بوعْد: ابتدأَه مِنْ غَيْرِ أَن يسأَله إِيَّاهُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وأَنتِ المُنَى، لَوْ كُنْتِ تَسْتَأْنِفيننا ... بوَعْدٍ، ولكِنْ مُعْتَفاكِ جَدِيبُ
أَي لَوْ كُنْتِ تَعِديننا الوَصْل. وأَنْفُ الشَّيْءِ: أَوّله ومُسْتَأْنَفُه. والمُؤْنَفَةُ والمُؤَنَّفةُ مِنَ الإِبل: الَّتِي يُتَّبَعُ بِهَا أَنْفُ المَرْعى أَي أَوَّله، وَفِي كِتَابِ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ: أَنْفُ الرِّعْي. وَرَجُلٌ مِئْنافٌ: يَسْتَأْنِفُ المَراعي والمَنازل ويُرَعِّي مَالَهُ أُنُفَ الكلإِ. والمؤَنَّفَةُّ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي اسْتُؤْنِفَت بِالنِّكَاحِ أَوّلًا. وَيُقَالُ: امرأَة مُكَثّفةٌ مؤَنَّفة، وسيأْتي ذِكْرُ المُكَثَّفةِ فِي مَوْضِعِهِ. وَيُقَالُ للمرأَةِ إِذَا حَمَلَتْ فاشْتَدَّ وحَمُها وتَشَهَّتْ عَلَى أَهلها الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ: إِنَّهَا لتَتَأَنَّفُ الشَّهواتِ تأَنُّفاً. وَيُقَالُ للحَدِيدِ اللَّيِّن أَنِيفٌ وأَنِيثٌ، بِالْفَاءِ وَالثَّاءِ؛ قَالَ الأَزهري: حَكَاهُ أَبو تراب. وجاؤوا آنِفاً أَي قُبَيْلًا. اللَّيْثُ: أَتَيْتُ فُلَانًا أُنُفاً كَمَا تَقُولُ مِنْ ذِي قُبُلٍ. وَيُقَالُ: آتِيكَ مِنْ ذِي أُنُفٍ كَمَا تَقُولُ مِنْ ذِي قُبُلٍ أَي فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، وَفِعْلُهُ بآنِفةٍ وَآنِفًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه مِثْلُ قَوْلِهِمْ فعَلَه آنِفًا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَاذَا قالَ آنِفاً
؛ أَيْ مَاذَا قَالَ الساعةَ فِي أَوّل وَقْتٍ يَقْرُبُ مِنّا، وَمَعْنَى آنِفًا مِنْ قَوْلِكَ استأْنَفَ الشيءَ إِذَا ابتدأَه. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَاذَا قَالَ آنِفًا أَي مُذْ سَاعَةٍ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: نزلتْ فِي الْمُنَافِقِينَ يَسْتَمِعُونَ خُطبة رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا خَرَجُوا سأَلوا أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْتِهزاء وَإِعْلَامًا أَنهم لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى مَا قَالَ فَقَالُوا: مَاذَا قالَ آنِفاً؟
أَي مَاذَا قَالَ السَّاعَةَ. وَقُلْتُ كَذَا آنِفاً وَسَالِفًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُنزلت عليَّ سُورَةٌ آنِفاً
أَي الْآنَ. والاسْتِئنافُ: الِابْتِدَاءُ، وَكَذَلِكَ الائْتِنافُ. وَرَجُلٌ حَمِيُّ الأَنْف إِذَا كَانَ أَنِفاً يأْنَفُ أَن يُضامَ. وأَنِفَ مِنَ الشَّيْءِ يأْنَفُ أَنَفاً وأَنَفةً: حَمِيَ، وَقِيلَ: اسْتَنْكَف. يقال: مَا رأَيت أَحْمَى أَنْفاً وَلَا آنَفَ مِنْ فُلَانٍ. وأَنِفَ الطعامَ وَغَيْرَهُ أَنَفاً: كَرِهَه. وَقَدْ أَنِفَ البعيرُ الكَلأَ إِذَا أَجَمَه، وَكَذَلِكَ المرأَةُ والناقةُ والفرسُ تأْنَفُ فَحْلَها إِذَا تبَيَّنَ حملُها فكَرِهَتْه وَهُوَ الأَنَفُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى إِذَا مَا أَنِفَ التَّنُّوما، ... وخَبَطَ العِهْنَةَ والقَيْصُوما
وقال ابْنُ الأَعرابي: أَنِفَ أَجَمَ، ونَئِفَ إِذَا كَرِه. قَالَ: وَقَالَ أَعرابي أَنِفَتْ فرَسِي هَذِهِ هَذَا البلَد أَي اجْتَوَتْه وكَرِهَتْه فهُزِلَتْ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَنِفْتُ مِنْ قَوْلِكَ لِي أَشَدَّ الأَنَفِ أَي كرِهتُ مَا قُلْتَ لِي. وَفِي حَدِيثِ
مَعْقِل بْنِ يَسَارٍ: فَحَمِيَ مِنْ ذَلِكَ أَنَفاً
؛ أَنِفَ مِنَ الشَّيْءِ يأْنَفُ أَنَفاً إِذَا كَرِهَهُ وشَرُفَتْ عَنْهُ نفسُه؛ وأَراد بِهِ هَاهُنَا أَخذته الحَمِيّةُ مِنَ الغَيْرَة والغَضَبِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ هُوَ أَنْفاً، بِسُكُونِ النُّونِ، للعُضْوِ أَي اشتدَّ غضبُه وغَيْظُه مِنْ طَرِيقِ الْكِنَايَةِ كَمَا يُقَالُ للمُتَغَيِّظ وَرِمَ أَنْفُه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ فِي عَهْده إِلَى عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بِالْخِلَافَةِ: فكلُّكم ورِمَ أَنْفُه
أَي اغْتاظَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ أَحسن الْكِنَايَاتِ لأَن المُغْتاظَ يَرِمُ أَنفُه ويَحْمَرُّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ
أَما إِنَّكَ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لجَعَلْتَ أَنْفكَ(9/15)
فِي قَفَاكَ
، يُرِيدُ أَعْرَضْتَ عَنِ الحَقِّ وأَقْبَلْتَ عَلَى الْبَاطِلِ، وَقِيلَ: أَراد أَنك تُقْبِلُ بِوَجْهِكَ عَلَى مَن وراءكَ مِنْ أَشْياعِكَ فتُؤْثِرَهُم بِبِرِّك. وَرَجُلٌ أَنُوفٌ: شديدُ الأَنَفَةِ، وَالْجَمْعُ أُنُفٌ. وآنَفَه: جعلَه يأْنَفُ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمَى جَمِيماً وبُسْرَةً ... وصَمْعاء حَتَّى آنَفَتْها نِصالُها
أَي صَيَّرت النِّصالُ هَذِهِ الإِبلَ إِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ تأْنفُ رَعْيَ مَا رَعَتْه أَي تأْجِمُه؛ وقال ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ آنَفَتْها جَعَلَتْهَا تَشْتَكي أُنوفَها، قَالَ: وَإِنْ شئتَ قُلْتَ إِنَّهُ فاعَلَتْها مِنَ الأَنْف، وَقَالَ عُمارةُ: آنَفَتْها جَعَلَتْهَا تأْنَفُ مِنْهَا كَمَا يأْنَفُ الإِنسانُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الأَصمعي يَقُولُ كَذَا وَإِنَّ أَبا عَمْرٍو يَقُولُ كَذَا، فَقَالَ: الأَصمعي عاضٌّ كَذَا مِنْ أُمِّه، وأَبو عَمْرٍو ماصٌّ كَذَا مِنْ أُمه أَقول وَيَقُولَانِ، فأَخبر الرَّاوِيَةُ ابنَ الأَعرابي بِهَذَا فَقَالَ: صَدَقَ وأَنتَ عَرَّضْتَهما لَهُ، وَقَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ آنَفَتْها نِصالُها قَالَ: لَمْ يَقُلْ أَنَفَتْها لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ أَنَفَه وظَهَرَه إِذَا ضَرَبَ أَنْفَه وظهْره، وَإِنَّمَا مَدُّهُ لأَنه أَرَادَ جَعَلَتْهَا النِّصالُ تَشْتَكي أُنُوفَها، يَعْنِي نِصال البُهْمى، وَهُوَ شَوْكُها؛ والجَمِيم: الَّذِي قَدِ ارْتفع وَلَمْ يَتِمّ ذَلِكَ التمامَ. وبُسْرةً وَهِيَ الغَضّةُ، وصَمْعاء إِذَا امْتلأَ كِمامُها وَلَمْ تَتَفَقَّأْ. وَيُقَالُ: هاجَ البُهْمى حَتَّى آنَفَتِ الرّاعِيةَ نِصالُها وَذَلِكَ أَن يَيْبَسَ سَفاها فَلَا ترْعاها الإِبل وَلَا غَيْرُهَا، وَذَلِكَ فِي آخِرِ الْحَرِّ، فكأَنَّها جَعَلَتْهَا تأْنَفُ رَعْيها أَي تَكْرَهُهُ. ابْنُ الأَعرابي: الأَنْفُ السيِّد. وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يَتَتَبَّعُ أَنفه إِذَا كَانَ يَتَشَمَّمُ الرَّائِحَةَ فيَتْبَعُها. وأَنْفٌ: بلْدةٌ؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ رِبْع الهذَليّ:
مِنَ الأَسَى أَهْلُ أَنْفٍ، يَوْمَ جاءَهُمُ ... جَيْشُ الحِمارِ، فكانُوا عارِضاً بَرِدا
وَإِذَا نَسَبُوا إِلَى بَنِي أَنْفِ الناقةِ وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَناة قَالُوا: فلانٌ الأَنْفِيُّ؛ سُمُّوا أَنْفِيِّينَ لِقَوْلِ الحُطَيْئةِ فِيهِمْ:
قَوْمٌ هُمُ الأَنْفُ، والأَذْنابُ غَيْرُهُمُ، ... ومَنْ يُسَوِّي بأَنْفِ الناقةِ الذَّنَبا؟
أوف: الآفةُ: العاهةُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: عَرَضٌ مُفْسِدٌ لِمَا أَصاب مِنْ شَيْءٍ. وَيُقَالُ: آفةُ الظَّرْفِ الصَّلَفُ وآفةُ العِلْمِ النِّسيانُ. وطعامٌ مَؤُوفٌ: أَصابته آفةٌ، وَفِي غَيْرِ الْمُحْكَمِ: طَعَامٌ مَأْوُوفٌ. وإِيفَ الطعامُ، فَهُوَ مَئِيفٌ: مثلُ مَعِيفٍ، قَالَ: وعِيهَ فَهُوَ مَعُوهٌ ومَعِيهٌ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ إِيفَ الزرعُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، أَي أَصابته آفة فهو مَؤُوفٌ مِثْلُ مَعُوفٍ. وآفَ القومُ وأُوفوا وإِيفُوا: دَخَلَتْ عَلَيْهِمْ آفَةٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: إِفُوا، الأَلف مُمالةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَاءِ سَاكِنٌ يُبَيِّنُه اللَّفْظُ لَا الْخَطُّ. وآفَتِ البلادُ تَؤُوفُ أَوْفاً وَآفَةً وأُوُوفاً كَقَوْلِكَ عُوُوفاً: صَارَتْ فِيهَا آفةٌ، والله أَعلم.
فصل التاء المثناة
تأف: أَتَيْتُه عَلَى تَئِفّة ذَلِكَ: كتَفِئّةٍ، فَعِلَّةٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وتَفْعِلةٌ عِنْدَ أَبي عَلِيٍّ، أَي حِينَ ذَلِكَ لأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: أَفَفْتُ عَلَيْهِ عَنْبرةَ الشِّتَاءِ أَي أَتيته فِي ذَلِكَ الْحِينِ؛ وأَتيته عَلَى إفَّان ذَلِكَ وتِئِفّانه أَي أَوَّلِه، فَهَذَا يَشْهَد بِزِيَادَتِهَا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَيْسَتِ التَّاءُ فِي تَفِئَّةٍ وتَئِفَّةٍ أَصليةً. والتَّئفّانُ: النَّشاطُ.(9/16)
تحف: التُّحْفةُ: الطُرْفةُ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الرَّياحين. والتُّحْفَةُ: مَا أَتْحَفْتَ بِهِ الرجلَ مِنَ البِرِّ واللُّطْف والنَّغَص، وَكَذَلِكَ التُّحَفَة، بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالْجَمْعُ تُحَفٌ، وَقَدْ أَتْحَفَه بِهَا واتَّحَفَه؛ قَالَ ابْنُ هَرْمةَ:
واسْتَيْقَنَتْ أَنها مُثابِرةٌ، ... وأَنَّها بالنَّجاحِ مُتَّحِفَهْ
قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: تَاؤُهُ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ إِلَّا أَنَّها لازمةٌ لِجَمِيعِ تَصارِيف فِعْلِهَا إِلَّا فِي يَتَفَعل. يُقَالُ: أَتْحَفْتُ الرَّجُلَ تُحْفَةً وَهُوَ يَتَوَحَّفُ، وكأَنهم كَرِهُوا لزوم البدل هاهنا لِاجْتِمَاعِ المِثْلين فَرَدُّوهُ إِلَى الأَصل، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فَهُوَ مَنْ وَحَفَ، وَقَالَ الأَزهري: أَصل التُّحْفةِ وُحْفةٌ، وَكَذَلِكَ التُّهَمَةُ أَصلها وُهَمَةٌ، وَكَذَلِكَ التُّخَمةُ، وَرَجُلٌ تُكَلةٌ، والأَصل وُكَلة، وتُقاةٌ أَصلها وُقاةٌ، وتُراثٌ أَصله وُراثٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تُحْفَةُ الصائِم الدُّهْنُ والمِجْمَرُ
، يَعْنِي أَنه يُذْهِب عَنْهُ مَشَقَّةَ الصوْمِ وشِدَّتَه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عَمْرةَ فِي صِفَةِ التَّمْرِ: تُحْفَةُ الكَبير وصُمْتةُ الصَّغِيرِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
تُحْفَةُ المؤمنِ الموتُ
أَي مَا يُصِيبُ المؤْمنَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الأَذى، وَمَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي لَا يَصِلُ إِلَيْهِ إِلَّا بالموتِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَثير:
قَدْ قُلْت إِذْ مَدَحُوا الحياةَ وأَسْرَفُوا: ... فِي المَوْتِ أَلْفُ فَضِيلةٍ لَا تُعْرَفُ
مِنْها أَمانُ عَذابِه بِلقائِه، ... وفِراقُ كلِّ مُعاشِرٍ لَا يُنْصِفُ
وَيُشْبِهُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
الموتُ راحةُ المؤمنِ.
ترف: الترَفُ: التَّنَعُّمُ، والتُّرْفةُ النَّعْمةُ، والتَّتْريفُ حُسْنُ الغِذاء. وصبيٌّ مُتْرَفٌ إِذَا كَانَ مُنَعَّمَ البدنِ مُدَلَّلًا والمُتْرَفُ: الَّذِي قَدْ أَبْطَرَتْه النعمةُ وسَعة العيْشِ. وأَتْرَفَتْه النَّعْمةُ أَي أَطْغَتْه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَوْهِ لفِراخِ محمدٍ مِنْ خَلِيفَةٍ يُسْتَخْلَفُ عِتْريفٍ مُتْرَفٍ
؛ المُتْرَفُ: المُتَنَعِّمُ المُتَوَسِّعُ فِي مَلاذِّ الدُّنْيَا وشَهواتِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فُرَّ بِهِ مِنْ جَبَّارٍ مُتْرَفٍ.
وَرَجُلٌ مُتْرَفٌ ومُتَرَّفٌ: مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ. وتَرَّفَ الرجلَ وأَتْرَفَه: دَلَّلَه ومَلَّكَه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها*
؛ أَي أُولو الترفةِ وأَراد رؤساءَها وقادةَ الشَّرِّ مِنْهَا. والتُّرْفةُ، بِالضَّمِّ: الطعامُ الطَّيِّبُ، وَكُلُّ طُرْفة تُرْفةٌ، وأَتْرَفَ الرجلَ: أَعطاه شَهْوَتَه؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وتَرِفَ النباتُ: تَرَوّى. والتُّرْفة، بِالضَّمِّ: الهَنةُ الناتئةُ فِي وَسَطِ الشَّفةِ الْعُلْيَا خِلْقةً وَصَاحِبُهَا أَتْرَفُ. والتُّرفة: مِسْقاةٌ يُشْرَبُ بها.
تفف: التُّفُّ: وسَخُ الأَظْفارِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: وسَخ بَيْنَ الظُّفُرِ والأَنْمُلةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَجْتَمِعُ تَحْتَ الظُّفْرِ مِنَ الوسَخ؛ والأُفُّ: وسخُ الأُذن، والتَّتْفِيفُ مِنَ التُّفِّ كالتَّأْفِيف مِنَ الأُفِّ. وَقَالَ أَبو طَالِبٍ: قَوْلُهُمْ أُفٌّ وأُفَّةٌ وتُفٌّ وتُفّةٌ، فالأُفُّ وسخُ الأُذن، والتُّفُّ وَسَخُ الأَظْفار، فَكَانَ ذَلِكَ يُقَالُ عند الشي يُسْتَقْذَرُ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى صَارُوا يَسْتَعْمِلُونَهُ عِنْدَ كُلِّ مَا يتَأَذَّوْنَ بِهِ، وَقِيلَ: أُفٌّ لَهُ مَعْنَاهُ قلَّةٌ لَهُ، وتُفٌّ إِتْبَاعٌ مأْخوذ مِنَ الأَفَفِ، وَهُوَ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ. ابْنُ الأَعرابي: تَفْتَفَ الرجلُ إِذَا تَقَذَّرَ بَعْدَ تَنْظِيفٍ. وَيُقَالُ: أَفَّ يَؤُفُّ ويَئِفُّ إِذَا(9/17)
قَالَ أُفّ. وَيُقَالُ: أُفَّةٌ لَهُ وتُفَّةٌ أَي تَضَجُّر. وَيُقَالُ: الأُفُّ بِمَعْنَى الْقِلَّةِ مِنَ الأَفَفِ وَهُوَ الْقَلِيلُ. والتُفّة دُوَيْبَّةٌ تُشْبِهُ الفأْر؛ وَقَالَ الأَصمعي: هَذَا غَلَطٌ إِنَّمَا هِيَ دُوَيْبَّةٌ عَلَى شَكْل جَرْو الْكَلْبِ يُقَالُ لَهَا عَناقُ الأَرض، قَالَ: وَقَدْ رأَيته. وَفِي الْمَثَلِ: أَغْنى مِنَ التُّفّةِ عَنِ الرُّفّة، وَفِي الْمُحْكَمِ: اسْتَغْنَتِ التُّفَّةُ عَنِ الرُّفَّةِ؛ والرُّفَّةُ: دُقاقُ التِّبْن، وَقِيلَ: التِّبْنُ عَامَّةً، وَكِلَاهُمَا بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ. والتُّفَفة: دُودة صَغِيرَةٌ تُؤَثِّرُ فِي الْجِلْدِ. والتَّفَّافُ: الوَضِيعُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَسْأَلُ الناسَ شَاةً أَو شَاتَيْنِ؛ قَالَ:
وصِرْمةٍ عِشْرِينَ أَو ثلاثينْ ... يُغْنِينَنا عَنْ مَكْسَبِ التَّفافِينْ
تلف: اللَّيْثُ: التَّلَفُ الهَلاكُ والعَطَبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. تَلِفَ يَتْلَفُ تَلَفاً، فَهُوَ تَلِفٌ: هَلَكَ. غَيْرُهُ: تَلِفَ الشيءُ وأَتْلَفَه غَيْرُهُ وذهَبت نفسُ فلانٍ تَلَفاً وظَلَفاً بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي هَدَراً. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنَّ مِنَ القَرَفِ التَّلَفَ، والقَرَفُ مُداناةُ الوَباء، والمَتَالِفُ المَهالِكُ. وأَتْلَفَ فُلَانٌ مالَه إتْلَافاً إِذَا أَفناه إسْرافاً؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وقَوْمٍ كِرامٍ قَدْ نَقَلْنا إليهمُ ... قِراهُمْ، فأَتْلَفْنا المَنايا وأَتْلَفُوا
أَتْلَفْنا المَنايا أَي وجدْناها ذاتَ تَلَفٍ أَي ذاتَ إتْلافٍ ووجدُوها كَذَلِكَ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَتْلَفْنَا الْمَنَايَا وأَتْلَفُوا أَي صَيَّرْنا المَنايا تَلَفاً لَهُمْ وصَيَّرُوها لَنَا تلَفاً، قَالَ: وَيُقَالُ مَعْنَاهُ صادَفْناها تُتْلِفُنا وصادَفُوها تُتْلِفُهم. وَرَجُلٌ مِتْلَفٌ ومِتْلافٌ: يُتْلِفُ مالَه، وَقِيلَ: كَثِيرُ الإِتْلافِ. والمَتْلَفَةُ: مَهْواةٌ مُشْرِفةٌ عَلَى تَلَفٍ. والمَتْلَفَة: القَفْر؛ قَالَ طَرَفَةُ أَو غَيْرُهُ:
بمَتْلَفَةٍ ليْسَتْ بطَلْحٍ وَلَا حَمْضِ
أَراد لَيْسَتْ بمَنْبِت طَلْحٍ وَلَا حَمْض، لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ لأَن المَتْلَفَةَ المَنْبِتُ، والطَّلْح وَالْحَمْضُ نَبْتانِ لَا مَنْبِتانِ، والمَتْلَفُ المَفازةُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
ومَتْلَفٍ مثْلِ فَرْقِ الرأْس تَخْلُجُهُ ... مَطارِبٌ زَقَبٌ، أَمْيالُها فِيحُ
المَتْلفُ: القَفْرُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يُتْلِفُ سالِكَه فِي الأَكثر. والتَّلْفةُ: الهَضْبةُ المَنِيعةُ الَّتِي يَغْشى مَن تَعَاطَاهَا التَّلَفُ؛ عَنِ الهَجَريّ؛ وأَنشد:
أَلا لَكُما فَرْخانِ فِي رأْس تَلْفَةٍ، ... إِذَا رامَها الرَّامِي تَطاوَلَ نِيقُها
تنف: التَّنُوفةُ: القَفْرُ مِنَ الأَرض وأَصل بِنائها التَّنَفُ، وَهِيَ المَفازةُ، وَالْجَمْعُ تَنائفُ؛ وَقِيلَ: التَّنُوفةُ مِنَ الأَرض المُتباعِدةُ مَا بَيْنَ الأَطْرافِ، وَقِيلَ: التَّنُوفَةُ الَّتِي لَا مَاءَ بِهَا مِنَ الفَلواتِ وَلَا أَنِيسَ وَإِنْ كَانَتْ مُعْشِبَةً، وَقِيلَ: التَّنُوفَةُ الْبَعِيدَةُ وَفِيهَا مُجْتَمَعُ كلإٍ وَلَكِنْ لَا يُقدَرُ عَلَى رعْيِه لبُعْدِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سَافَرَ رَجُلٌ بأَرضٍ تَنُوفَةٍ
؛ التَّنُوفَةُ: الأَرضُ القَفْرُ، وَقِيلَ البعيدةُ الْمَاءِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: التَّنُوفَةُ المَفازةُ، وَكَذَلِكَ التَّنُوفِيّةُ كَمَا قَالُوا دَوٌّ ودَوِّيَّةٌ لأَنها أَرض مِثْلُهَا فنُسِبت إِلَيْهَا؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:(9/18)
كَمْ دَونَ لَيْلى مِنْ تَنُوفِيَّةٍ ... لَمَّاعةٍ، تُنْذَرُ فِيهَا النُّذُرْ
وتَنُوفى: موضعٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَنَّ دِثاراً حَلَّقَتْ بِلَبُونِه ... عُقابُ تَنُوفى، لَا عُقابُ القَواعِلِ
وَهُوَ مِنَ المُثُل الَّتِي لَمْ يَذْكُرْها سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قُلْتُ مَرَّةً لأَبي عَلِيٍّ يَجُوزُ أَن تَكُونَ تَنُوفَى مَقْصُورَةٌ مِنْ تَنوفاء بِمَنْزِلَةِ بَرُوكاء، فَسَمِعَ ذَلِكَ وتَقَبَّلَه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَلف تَنُوفَى إِشْبَاعًا لِلْفَتْحَةِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ رَوَيْنَاهُ مَفْتُوحًا وَتَكُونُ هَذِهِ الأَلف ملحَقةً مَعَ الإِشباع لإِقامة الْوَزْنِ؛ أَلا تَرَاهَا مُقَابِلَةً لِيَاءِ مَفَاعِيلُنْ كَمَا أَن الأَلف فِي قَوْلِهِ:
يَنْباعُ مِنْ ذِفْرى غَضُوبٍ جَسْرةٍ
إِنَّمَا هِيَ إشْباعٌ لِلْفَتْحَةِ طلَباً لإِقامة الْوَزْنِ، أَلا تَرَى أَنه لَوْ قَالَ يَنْبَعُ مِنْ ذِفْرَى لَصَحَّ الْوَزْنُ إِلَّا أَن فِيهِ زِحافاً، وَهُوَ الخَزْلُ، كَمَا أَنه لَوْ قَالَ تَنُوفَ لَكَانَ الْجُزْءُ مَقْبوضاً فالإِشْباعُ إِذًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِنَّمَا هُوَ مخافةَ الزِّحاف الَّذِي هو جائز.
توف: مَا فِي أَمرهم تَوِيفةٌ أَي تَوانٍ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَا فِيهِ تُوفةٌ وَلَا تافةٌ أَي مَا فِيهِ عَيْبٌ. أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ عَراماً يقول تَاهَ بَصَرُ الرَّجُلِ وتافَ إِذَا نَظَرَ إِلَى الشَّيْءِ فِي دَوَامٍ؛ وأَنشد:
فَمَا أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لَا أَنْسَ نَظْرتي ... بمكةَ أَنِّي تائفُ النَّظَراتِ
وتافَ عَنِّي بصَرُكَ وتاهَ إِذَا تَخَطَّى.
فصل الثاء المثلثة
ثطف: أَهملها اللَّيْثُ وَاسْتَعْمَلَ ابْنُ الأَعرابي الثَّطَفَ قَالَ: هُوَ النَّعْمةُ فِي المَطْعَمِ والمَشْرَبِ والمَنامِ. وَقَالَ شِمْرٌ: الثَّطَفُ النَّعْمةُ.
ثقف: ثَقِفَ الشيءَ ثَقْفاً وثِقافاً وثُقُوفةً: حَذَقَه. وَرَجُلٌ ثَقْفٌ «2» وثَقِفٌ وثَقُفٌ: حاذِقٌ فَهِم، وأَتبعوه فَقَالُوا ثَقْفٌ لَقْفٌ. وَقَالَ أَبو زيادٍ: رَجُلٌ ثَقْفٌ لَقفٌ رامٍ راوٍ. اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ ثَقْفٌ لَقْفٌ وثَقِفٌ لَقِفٌ وثَقِيفٌ لَقِيف بَيِّنُ الثَّقافةِ واللَّقافة. ابْنُ السِّكِّيتِ: رَجُلٌ ثَقْفٌ لَقْفٌ إِذَا كَانَ ضابِطاً لِمَا يَحْوِيه قَائِمًا بِهِ. وَيُقَالُ: ثَقِفَ الشيءَ وَهُوَ سُرعةُ التَّعَلُّمِ. ابْنُ دُرَيْدٍ: ثَقِفْتُ الشيءَ حَذَقْتُه، وثَقِفْتُه إِذَا ظَفِرْتَ بِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ
. وثَقُفَ الرجلُ ثَقافةً أَيْ صَارَ حاذِقاً خَفِيفًا مِثْلَ ضَخُم، فَهُوَ ضَخْمٌ، وَمِنْهُ المُثاقَفةُ. وثَقِفَ أَيضاً ثَقَفاً مِثْلَ تَعِبَ تَعَباً أَي صَارَ حاذِقاً فَطِناً، فَهُوَ ثَقِفٌ وثَقُفٌ مِثْلُ حَذِرٍ وحَذُرٍ ونَدِسٍ ونَدُسٍ؛ فَفِي حَدِيثِ الهِجْرةِ:
وَهُوَ غُلَامٌ لَقِنٌ ثَقِفٌ
أَي ذُو فِطْنةٍ وذَكاء، وَالْمُرَادُ أَنه ثَابِتُ الْمَعْرِفَةِ بِمَا يُحتاجُ إِلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم حَكِيم بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إِنِّي حَصانٌ فَمَا أُكَلَّم، وثَقافٌ فَمَا أُعَلَّم.
وثَقُفَ الخَلُّ ثَقَافةً وثَقِفَ، فَهُوَ ثَقِيفٌ وثِقِّيفٌ، بِالتَّشْدِيدِ، الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ: حَذَقَ وحَمُضَ جِدًّا مِثْلَ بَصَلٍ حِرِّيفٍ، قَالَ: وَلَيْسَ بحَسَنٍ. وثَقِف الرجلَ: ظَفِرَ بِهِ. وثَقِفْتُه ثَقْفاً مِثالُ بلِعْتُه بَلْعاً أَي صادَفْتُه؛ وقال:
__________
(2) . قوله [رجل ثقف] كضخم كما في الصحاح، وضبط في القاموس بالكسر كحبر.(9/19)
فَإِمَّا تَثْقَفُوني فاقْتُلُوني، ... فَإِنْ أَثْقَفْ فَسَوْفَ تَرَوْنَ بَالِي
وثَقِفْنا فُلَانًا فِي مَوْضِعِ كَذَا أَي أَخَذْناه، وَمَصْدَرُهُ الثِّقْفُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ*
. والثَّقاف والثِّقافةُ: الْعَمَلُ بِالسَّيْفِ؛ قَالَ:
وكأَنَّ لَمْعَ بُرُوقِها، ... فِي الجَوِّ، أَسْيافُ المُثاقِفْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا مَلَكَ اثْنا عَشَرَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ كَعْبٍ كَانَ الثَّقَف
«1» والثِّقافُ إِلَى أَن تَقُومَ السَّاعَةُ، يَعْنِي الخِصامَ والجِلادَ. والثِّقافُ: حَدِيدَةٌ تَكُونُ مَعَ القَوَّاسِ والرَّمّاحِ يُقَوِّمُ بِهَا الشيءَ المُعْوَجَّ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الثِّقافُ خَشَبَةٌ قَوية قَدْرَ الذِّراع فِي طرَفها خَرق يَتَّسِعُ للقَوْسِ وتُدْخَلُ فِيهِ عَلَى شُحُوبتها ويُغْمَزُ مِنْهَا حَيْثُ يُبْتَغَى أَن يُغْمَزَ حَتَّى تَصِيرَ إِلَى مَا يُرَادُ مِنْهَا، وَلَا يُفعل ذَلِكَ بالقِسِيّ وَلَا بِالرِّمَاحِ إِلَّا مَدْهُونةً ممْلُولةً أَو مَضْهوبةً عَلَى النَّارِ مُلوّحة، والعَدَدُ أَثْقِفةٌ، وَالْجَمْعُ ثُقُفٌ، والثِّقافُ: مَا تُسَوَّى بِهِ الرِّماحُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرٍو:
إِذَا عَضَّ الثِّقافُ بِهَا اشْمَأَزَّتْ، ... تَشُجُّ قَفا المُثَقِّفِ والجَبِينا
وتَثْقِيفُها: تَسْوِيَتُها. وَفِي الْمَثَلِ: دَرْدَبَ لمَّا عَضَّه الثِّقافُ؛ قَالَ: الثِّقاف خَشَبَةٌ تسوَّى بِهَا الرِّمَاحُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وأَقامَ أَوَدَه بِثِقافِه
؛ الثِّقافُ مَا تُقَوَّمُ بِهِ الرِّماحُ، تُرِيدُ أَنه سَوَّى عَوَج الْمُسْلِمِينَ. وثَقِيفٌ: حَيٌّ مِنْ قَيْس، وَقِيلَ أَبو حَيٍّ مِنْ هَوازِنَ، وَاسْمُهُ قَسِيٌّ، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ ثَقِيف اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ، والأَول أَكثر. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما قَوْلُهُمْ هَذِهِ ثَقِيف فَعَلَى إِرَادَةِ الْجَمَاعَةِ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِغَلَبَةِ التَّذْكِيرِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِمَّا لَا يُقَالُ فِيهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا لَا يُقَالُ مِنْ بَنِي فُلَانٍ التَّذْكِيرُ فِيهِ أَغلب كَمَا ذُكِرَ فِي مَعَدّ وقُرَيْشٍ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: النَّسَبُ إِلَى ثَقِيف ثَقَفِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ.
فصل الجيم
جأف: جَأَفَه جَأْفاً واجتَأَفَه: صَرَعَه لُغَةٌ فِي جَعَفَه؛ قَالَ:
وَلَّوْا تَكُبُّهُمُ الرِّماحُ، كأَنهم ... نَخْلٌ جَأَفْتَ أُصُولَه، أَو أَثْأَبُ
وأَنشد ثَعْلَبٌ:
واسْتَمَعُوا قَوْلًا بِهِ يُكْوَى النَّطِفْ، ... يَكادُ مَنْ يُتْلَى عَلَيْهِ يَجْتَئِفْ
اللَّيْثُ: الجأْف ضَرب مِنَ الفزَع والخوْفِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنَّ تَحْتي ناشِطاً مُجَأْفا
وجأَفَه: بِمَعْنَى ذَعَرَه. وانْجَأَفَتِ النخلةُ وانْجأَثَت كانْجَعَفَتْ إِذَا انْقَعَرَتْ وسَقَطَتْ. وجُئِفَ الرجلُ جَأْفاً، بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ فِي الْمَصْدَرِ: فَزِع وذُعِرَ، فهو مَجْؤُوفٌ، ومثله جُئِثَ، فهو مَجْؤُوثٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَقَدْ جُئِفَ أَشدَّ الجَأْفِ فهو مَجْؤُوفٌ مِثْلُ مَجْعُوفٍ أَي خَائِفٍ، وَالِاسْمُ الجُؤَافُ. وَرَجُلٌ مُجَأَّفٌ: لَا فؤادَ لَهُ. وَرَجُلٌ مَجْؤُوف مِثْلُ مَجْعُوف: جَائِعٌ، وَقَدْ جُئِفَ. وجأْآفٌ: صَيّاحٌ.
__________
(1) . قوله [كان الثقف] ضبط في الأَصل بفتح القاف وفي النهاية بكسرها.(9/20)
جترف: التَّهْذِيبُ: جَتْرَفُ كُورة من كُوَرِ كِرْمانَ.
جحف: جَحَفَ الشيءَ يَجْحَفُه جَحْفاً: قَشَرَه. والجَحْفُ والمُجاحَفَةُ: أَخْذُ الشَّيْءِ واجْتِرافُه. والجَحْفُ: شِدَّةُ الجَرْفِ إلَّا أَن الجَرْفَ لِلشَّيْءِ الْكَثِيرِ والجَحْفَ لِلْمَاءِ والكُرَةِ وَنَحْوِهِمَا. تَقُولُ: اجْتَحَفْنا مَاءَ البئرِ إِلا جَحْفَةً وَاحِدَةً بالكَفِّ أَو بالإِناء. يُقَالُ: جَحَفْتُ الكُرةَ مِنْ وجْهِ الأَرض واجْتَحَفْتُها. وسَيْلٌ جُرافٌ وجُحافٌ: يَجْرُفُ كلَّ شَيْءٍ ويَذْهَبُ بِهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَسَيْلٌ جُحاف، بِالضَّمِّ، يَذْهَبُ بِكُلِّ شَيْءٍ ويَجْحَفُه أَي يَقْشُرُه وَقَدِ اجْتَحَفَه؛ وأَنشد الأَزهريّ لإمرِئ الْقَيْسِ:
لَها كَفَلٌ كصَفاةِ المسيلِ، ... أَبْرَزَ عَنْهَا جُحافٌ مُضِرُّ
وأَجْحَفَ بِهِ أَي ذَهَبَ بِهِ، وأَجْحَفَ بِهِ أَي قَارَبَهُ ودَنا مِنْهُ، وجاحَفَ بِهِ أَي زاحَمه وداناهُ. وَيُقَالُ: مرَّ الشَّيْءُ مُضِرًّا ومُجْحِفاً أَي مُقارِباً. وَفِي حَدِيثِ
عَمّار: أَنه دَخَلَ عَلَى أُمّ سَلَمَة، وَكَانَ أَخاها مِنَ الرَّضاعةِ، فاجْتَحَفَ ابْنَتَها زَيْنَبَ مِنْ حِجْرِها أَي اسْتَلَبَها.
والجُحْفَةُ: مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: جُحْفَةُ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ، وَهِيَ مِيقاتُ أَهلِ الشامِ؛ زَعَمَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ أَن العَمالِيقَ أَخرجوا بَنِي عَبِيلٍ، وَهُمْ إخْوة عادٍ، مِنْ يَثْرِبَ فَنَزَلُوا الجُحْفَة وَكَانَ اسْمُهَا مَهْيَعَة فجاءَهم سَيْلٌ فاجْتَحَفَهم فَسُمِّيَتْ جُحْفَةَ، وَقِيلَ: الجُحْفَةُ قَرْيَةٌ تقرُب مِنْ سِيفِ الْبَحْرِ أَجْحَفَ السيلُ بأَهْلِها فَسُمِّيَتْ جُحْفَة. واجْتَحَفْنا مَاءَ الْبِئْرِ: نَزَفْناه بِالْكَفِّ أَو بالإِناء. والجُحْفَةُ: مَا اجْتُحِفَ مِنْهَا أَو بَقِيَ فِيهَا بَعْدَ الاجْتحاف. والجَحْفَةُ والجُحْفَةُ: بقيَّةُ الْمَاءِ فِي جَوَانِبِ الحَوْض؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. والجَحْفُ: أَكل الثَّرِيدِ. والجَحْفُ: الضرْبُ بِالسَّيْفِ؛ وأَنشد:
وَلَا يَسْتَوِي الجَحْفانِ: جَحْفُ ثَرِيدَةٍ، ... وجَحْفُ حَرُورِيٍّ بأَبْيَضَ صارِمِ
يَعْنِي أَكلَ الزُّبْدِ بِالتَّمْرِ والضَرْبَ بالسيفِ. والجُحْفَةُ: اليَسيرُ مِنَ الثَّرِيدِ يَكُونُ فِي الإِناء لَيْسَ يملؤُه. والجَحُوفُ: الثّرِيدُ يَبْقَى فِي وسَطِ الجَفْنَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والجُحْفَةُ أَيضاً مِلءُ اليدِ، وَجَمْعُهَا جُحَفٌ. وجَحَفَ لَهُمْ: غَرَفَ. وتَجَاحَفُوا الكُرَةَ بَيْنَهُمْ: دَحْرَجُوها بالصَّوالجة. وتَجاحُفُ القومِ فِي القِتال: تناوُلُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا بالعِصِيّ والسُّيُوفِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وكانَ مَا اهْتَضَّ الجِحافُ بَهْرَجَا
يَعْنِي مَا كَسَرَهُ التَّجاحُفُ بَيْنَهُمْ، يُرِيدُ بِهِ الْقَتْلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خُذُوا الْعَطَاءَ مَا كَانَ عَطاء، فَإِذَا تَجاحَفَتْ قُرَيْشٌ المُلْكَ بَيْنَهُمْ فارْفُضُوه
، وَقِيلَ: فَاتْرُكُوا العَطاء، أَي تَنَاوَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالسُّيُوفِ، يُرِيدُ إِذَا تَقاتَلُوا عَلَى الْمُلْكِ. والجِحافُ: مُزاحمةُ الحرْبِ. والجَحُوفُ: الدَّلْوُ الَّتِي تَجْحَفُ الْمَاءَ أَي تأْخذه وتذهَب بِهِ. والجِحافُ، بِالْكَسْرِ: أَن يَسْتَقِيَ الرجلُ فَتُصِيبَ الدَّلْوُ فمَ الْبِئْرِ فتَنْخَرِقَ ويَنْصَبّ مَاؤُهَا؛ قَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ دَلْوُ بَنِي مَنافِ ... تَقْوِيمَ فَرْغَيْها عَنِ الجِحافِ(9/21)
والجِحافُ: المُزاولةُ فِي الأَمر. وجاحَفَ عَنْهُ كجاحَشَ، ومَوْتٌ جُحافٌ: شَدِيد يَذْهَبُ بِكُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وكائِنْ تَخَطَّتْ ناقَتي مِنْ مَفازةٍ، ... وكمْ زَلَّ عَنْهَا مِنْ جُحافِ المَقادِرِ
وَقِيلَ: الجُحافُ الموتُ فَجَعَلُوهُ اسْمًا لَهُ. والمُجاحَفةُ: الدُّنوُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَحْنف: إِنَّمَا أَنا لِبَنِي تَمِيمٍ كعُلْبةِ الرَّاعِي يُجاحِفُون بِهَا يومَ الوِرْدِ. وأَجْحَف بِالطَّرِيقِ: دَنا مِنْهُ وَلَمْ يُخالِطْه. وأَجْحفَ بالأَمْرِ: قارَبَ الإِخْلالَ بِهِ. وسنةٌ مُجْحِفةٌ: مُضِرَّةٌ بِالْمَالِ. وأَجْحَفَ بِهِمُ الدهرُ: اسْتأْصَلَهم. وَالسَّنَةُ المُجْحِفَة: الَّتِي تُجْحِفُ بِالْقَوْمِ قَتْلًا وَإِفْسَادًا للأَمْوالِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَنه قَالَ لِعَدِيٍّ: إِنَّمَا فَرَضْتُ لِقَوْمٍ أَجْحَفَتْ بِهِمُ الفاقةُ
أَي أَذْهَبَت أَموالَهم وأَفْقَرتْهم الحاجةُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَن آثَرَ الدُّنْيَا أَجْحَفَتْ بآخِرته. وَيُقَالُ: أَجْحَفَ العَدُوُّ بِهِمْ أَو السَّمَاءُ أَو الْغَيْثُ أَو السيلُ دَنا مِنْهُمْ وأَخْطَأَهُم. والجُحْفَةُ: النُّقْطَةُ مِنَ المَرْتَعِ فِي قَرْنِ الفَلاةِ، وقَرْنُها رَأْسُها وقُلَّتُها الَّتِي تَشْتَبِهُ المياهُ مِنْ جَوَانِبِهَا جَمْعاء، فَلَا يَدْرِي القارِبُ أَيُّ الْمِيَاهِ مِنْهُ أَقْربُ بطَرَفِها. وجَحَفَ الشيءَ بِرِجْلِه يَجْحَفُه جَحْفاً إِذَا رَفَسَه حَتَّى يَرْمِيَ بِهِ. والجُحافُ: وجَعٌ فِي البَطْنِ يأْخذ مِنْ أَكلِ اللَّحْمِ بَحتاً كالحُجاف، وَقَدْ جُحِفَ، وَالرَّجُلُ مَجْحُوفٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الجُحافُ مَشْيُ البَطْنِ عَنْ تُخَمةٍ، وَالرَّجُلُ مَجْحُوفٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَرُفقةٌ تَشْكُو الجُحافَ والقَبَصْ، ... جُلُودُهُمْ أَلْيَنُ مِنْ مَسِّ القُمُصْ
الجُحافُ: وَجَعٌ يأْخذ عَنْ أَكل اللَّحْمِ بَحْتاً، والقَبَص: عَنْ أَكل التَّمْرِ. وجَحّافٌ والجَحّافُ: اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ. وأَبو جُحَيْفةَ: آخِرُ مَنْ ماتَ بالكُوفة مِنْ أَصحاب رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
جخف: جَخَفَ الرجلُ يَجْخِفُ، بِالْكَسْرِ، جَخْفاً وجُخافاً وجَخِيفاً: تَكَبَّرَ، وَقِيلَ: الجَخِيفُ أَن يَفْتَخِر الرَّجُلُ بأَكثرَ مِمَّا عندَه؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
أَراهُم بحَمْدِ اللَّهِ بَعْدَ جَخِيفِهم، ... غُرابُهم إذْ مَسَّه الْفَتْرُ واقِعا «2»
وَرَجُلٌ جَخَّافٌ مِثْلُ جَفّاخٍ: صاحبُ فَخْرٍ وتكَبُّرٍ، وغُلامٌ جُخافٌ كَذَلِكَ؛ عَنْ يَعْقُوبَ حَكَاهُ فِي الْمَقْلُوبِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فالتَفَتَ إليَّ، يَعْنِي الفاروقَ، فَقَالَ: جَخْفاً جَخْفاً
أَي فَخْرًا فَخْرًا وَشَرَفًا شرَفاً. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى جَفْخًا، بِتَقْدِيمِ الْفَاءِ، عَلَى الْقَلْبِ. والجَخِيفُ: العَقْلُ، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي جَخِيفي أَي رُوعِي. والجَخِيفُ: صَوت مِنَ الجَوْفِ أَشدُّ مِنَ الغَطِيطِ. وجَخَفَ النائمُ جَخِيفاً: نَفَخَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه نامَ وَهُوَ جالِسٌ حَتَّى سُمعَ جَخِيفُه ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يتوضأْ
، أَي غَطِيطُه فِي النَّوْمِ؛ الجَخِيفُ: الصَّوْتُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَمْ أَسمعه فِي الصوتِ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. والجَخِيفُ: الجَوْفُ.
__________
(2) . قوله [الفتر واقعا] كذا بالأصل وشرح القاموس وبعض نسخ الصحاح وفي المطبوع منه القتر واقع بالقاف ورفع واقع وفيه أيضاً القتر، بِالْكَسْرِ، ضَرْبٌ مِنَ النِّصَالِ نحو من المرماة وهو سهم الهدف.(9/22)
والجَخِيفُ: الْكَثِيرُ. وامرأَة جَخْفَةٌ: قَضيفَةٌ، وَالْجَمْعُ جِخافٌ، وَرَجُلٌ جَخِيفٌ كذلك، وقوم جُخُفٌ.
جدف: جَدَفَ الطائِرُ يَجْدِفُ جُدُوفاً إِذَا كَانَ مَقْصُوصَ الْجَنَاحَيْنِ فرأَيته إِذَا طَارَ كأَنه يَرُدُّهما إِلَى خَلْفه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْفَرَزْدَقِ:
وَلَوْ كنتُ أَخْشى خَالِدًا أَنْ يَرُوعَني، ... لَطِرْتُ بوافٍ ريشُه غيرِ جادِفِ
وَقِيلَ: هُوَ أَن يَكْسِرَ مِنْ جَنَاحِهِ شَيْئًا ثُمَّ يَميلَ عِنْدَ الفَرَقِ مِنَ الصَّقْر؛ قَالَ:
تُناقِضُ بالأَشْعارِ صَقْراً مُدَرَّباً، ... وأَنتَ حُبارَى خِيفَةَ الصَّقْرِ تَجْدِفُ
الْكِسَائِيُّ: والمصدرُ مِنْ جَدَفَ الطائرُ الجَدْفُ، وَجَنَاحَا الطَّائِرِ مِجْدافاه، وَمِنْهُ سُمِّي مِجْداف السَّفينة. وَمِجْدَافُ السَّفِينَةِ، بِالدَّالِ وَالذَّالِ جَمِيعًا، لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ. ابْنُ سِيدَهْ: مِجْداف السَّفِينَةِ خَشَبَةٌ فِي رأْسها لَوْحٌ عَرِيضٌ تُدْفَعُ بِهَا، مُشتَقٌ مِنْ جَدَفَ الطائرُ، وَقَدْ جَدَفَ المَلَّاحُ السَّفِينَةَ يَجْدِفُ جَدْفاً. أَبو عَمْرٍو: جَدَف الطائرُ وجَدَفَ الملَّاحُ بالمِجْدافِ، وَهُوَ المُرْدِيُّ والمِقْذَفُ والمِقْذافُ. أَبو المِقْدامِ السُّلَمِيُّ: جَدَفَتِ السماءُ بِالثَّلْجِ وجَذَفَتْ تَجْذِفُ إِذَا رَمَتْ بِهِ. والأَجْدَفُ: القَصِيرُ؛ وأَنشد:
مُحِبٌّ لِصُغْراها، بَصِيرٌ بنَسْلِها، ... حَفِيظٌ لأُخْراها، حُنَيِّفُ أَجْدَفُ
والمِجْدافُ: العُنُق، عَلَى التَّشْبِيهِ؛ قَالَ:
بأَتْلَعِ المِجْدافِ ذَيّالِ الذَّنَبْ
والمِجْدافُ: السوطُ، لُغَةٌ نَجْرانِيَّة؛ عَنِ الأَصمعي؛ قَالَ المُثَقِّبُ العَبْدِيّ:
تَكادُ إِنْ حُرِّكَ مِجْدافُها، ... تَنْسَلُّ مِنْ مَثْناتِها وَالْيَدِ «1»
وَرَجُلٌ مَجْدُوفُ اليدِ والقميصِ والإِزارِ: قصيرُها؛ قَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤيّةَ:
كحاشِيةِ المَجْدُوفِ زَيَّنَ لِيطَها، ... مِنَ النَّبْعِ، أَزْرٌ حاشِكٌ وكَتُومُ
وجَدَفَتِ المرأَة تَجْدِفُ: مَشَتْ مَشْيَ القِصارِ. وجَدَفَ الرَّجُلُ فِي مِشْيَتِه: أَسْرَعَ، بِالدَّالِ؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ، فأَما أَبو عُبَيْدٍ فَذَكَرَهَا مَعَ جَدَفَ الطائرُ وجَدَفَ الإِنسانُ فَقَالَ فِي الإِنسان: هَذِهِ بِالذَّالِ، وَصَرَّحَ الْفَارِسِيُّ بِخِلَافِهِ كَمَا أَرَيْتك فَقَالَ بِالدَّالِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ. والجَدْفُ: القَطْعُ. وجدَفَ الشيءَ جَدْفاً: قَطَعَه؛ قَالَ الأَعشى:
قَاعِدًا عندَه النَّدامى، فما يَنْفَكُّ ... يُؤْتى بمُوكَرٍ مَجْدُوفِ
وَإِنَّهُ لَمَجْدُوفٌ «2» عَلَيْهِ العَيْشُ أَي مُضَيَّقٌ عَلَيْهِ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ جَذَفَ قَالَ: وَالْمَجْذُوفُ الزِّقُّ، وأَنشد بَيْتَ الأَعشى هَذَا، وَقَالَ: وَمَجْدُوفٌ، بِالْجِيمِ وَبِالدَّالِ وَبِالذَّالِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُمَا المَقْطُوعُ، قَالَ: وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ مَنْدُوف، قَالَ: وأَما مَحْذُوفٌ فَمَا رَوَاهُ غَيْرُ اللَّيْثِ. والتَّجديفُ: هُوَ الكُفْرُ بالنِّعم. يقال منه:
__________
(1) . قوله [واليد] كذا بالأَصل وشرح القاموس، والذي في عِدَّةَ نُسَخٍ مِنَ الصِّحَاحِ: باليد.
(2) . قوله [وإنه لمجدوف إلخ] كذا بالأصل، وعبارة القاموس: وإنه لمجدّف عليه العيش كمعظم مضيق.(9/23)
جَدَّفَ يُجَدِّفُ تَجْدِيفاً. وجَدَّفَ الرجلُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ: كفَرها وَلَمْ يَقْنَعْ بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
شَرُّ الحديثِ التَّجْديفُ
، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي كُفْرَ النِّعْمة واسْتِقلال مَا أَنعم اللَّهُ عَلَيْكَ؛ وأَنشد:
ولكِنِّي صَبَرْتُ، وَلَمْ أُجَدِّفْ، ... وَكَانَ الصَّبْرُ غَايَةَ أَوَّلينا
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُجَدِّفوا بنِعْمة اللَّهِ
أَي لَا تَكْفُروها وتَسْتَقِلُّوها. والجَدَفُ: القَبْرُ، وَالْجَمْعُ أَجْدافٌ، وَكَرِهَهَا بَعْضَهُمْ وَقَالَ: لَا جَمْعَ للجَدَفِ لأَنه قَدْ ضَعُفَ بالإِبْدال فَلَمْ يَتَصَرَّفْ. الْجَوْهَرِيُّ: الجَدَفُ الْقَبْرُ وَهُوَ إِبْدَالُ الجَدَثِ وَالْعَرَبُ تُعَقِّبُ بَيْنَ الْفَاءِ وَالثَّاءِ فِي اللُّغَةِ فَيَقُولُونَ جَدَثٌ وجَدَفٌ، وَهِيَ الأَجداثُ والأَجْدافُ. والجَدَفُ مِنَ الشَّراب: مَا لَمْ يُغَطَّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ سأَل الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ الجنُّ اسْتَهْوَتْه: مَا كَانَ طَعامُهم؟ قَالَ: الفُولُ، وَمَا لَمْ يُذْكَر اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، قَالَ: فَمَا كَانَ شَرابُهم؟ قَالَ: الجَدَفُ
، وَتَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ أَنه مَا لَا يُغَطَّى مِنَ الشَّرَابِ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: الجدَف لَمْ أَسمعه إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا جَاءَ إِلَّا وَلَهُ أَصل، وَلَكِنْ ذَهَبَ مَنْ كَانَ يَعْرِفُهُ وَيَتَكَلَّمُ بِهِ كَمَا قَدْ ذَهَبَ مِنْ كَلَامِهِمْ شَيْءٌ كَثِيرٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الجَدَفُ مِنَ الجَدْف وَهُوَ القَطْع كأَنه أَراد مَا يُرْمى بِهِ مِنَ الشَّرَابِ مِنْ زَبَد أَو رَغْوة أَو قَذًى كأَنه قُطِعَ مِنَ الشَّرَابِ فَرُمِيَ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ عَنِ الْقُتَيْبِيِّ وَالَّذِي جَاءَ فِي صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ أَن القَطْع هُوَ الجَذْفُ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُهْمَلَةِ، وأَثبته الأَزهري فِيهِمَا وَقَدْ فُسِّرَ أَيضاً بِالنَّبَاتِ الَّذِي يَكُونُ بِالْيَمَنِ لَا يَحْتَاجُ آكله إلى شُرْب ماء. ابْنُ سِيدَهْ: الجدَفُ نَبَاتٌ يَكُونُ بِالْيَمَنِ تأْكله الإِبل فتَجْزَأُ بِهِ عَنِ الْمَاءِ، وَقَالَ كُرَاعٌ: لَا يُحْتاج مَعَ أَكله إِلَى شُرْبِ مَاءٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَعَلَيْهِ قَوْلُ جَرِيرٍ:
كانُوا إِذَا جعَلوا فِي صِيرِهِم بَصَلًا، ... ثُمَّ اشْتَوَوْا كَنْعَداً مِنْ مالِحٍ، جَدَفُوا
والجُدافى، مَقْصُورٌ: الْغَنِيمَةُ. أَبو عَمْرٍو: الجَدافاةُ الْغَنِيمَةُ؛ وأَنشد:
قَدْ أَتانا رامِعاً قِبِّراهْ، ... لَا يَعْرِفُ الحَقَّ وليْس يَهْواهْ،
كَانَ لَنا، لَمَّا أَتَى، جَدافاهْ «1»
ابْنُ الأَعرابي: الجَدافاءُ والغُنامى والغُنْمى والهُبالةُ وَالْإِبَالَةُ والحُواسةُ والحُباسةُ.
جذف: جَذَفَ الشيءَ جَذْفاً: قَطَعَه؛ قَالَ الأَعشى:
قَاعِدًا حَوْلَه النَّدامَى، فَمَا يَنْفَكُّ ... يُؤْتَى بمُوكَرٍ مَجْذُوفِ
أَراد بالمُوكَرِ السِّقاء المَلآنَ مِنَ الْخَمْرِ. والمَجْذوف: الَّذِي قُطِعت قوائمُه. والمجْذوفُ والمجْدوفُ: الْمَقْطُوعُ، وجَذَفَ الطائرُ يَجْذِفُ: أَسْرَع تَحْرِيكَ جَناحَيْه وأَكثر مَا يَكُونُ ذَلِكَ أَنْ يُقَصَّ أَحدُ الْجَنَاحَيْنِ، لُغَةٌ فِي جَدَفَ. ومِجْذافُ السَّفِينَةِ: لُغَةٌ فِي مِجْدَافِهَا، كِلْتَاهُمَا فَصِيحَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ؛ قَالَ المثقَّب الْعَبْدِيِّ يَصِفُ نَاقَةً:
تَكادُ، إنْ حُرِّكَ مِجذافُها، ... تَنْسَلُّ مِنْ مَثْناتِها واليَدِ
__________
(1) . قوله [قد أتانا] كذا في الأصل وشرح القاموس بدون حرف قبل قد، وقوله كان لنا إلخ بهامش الأصل صوابه: فكان لما جاءنا جدافاه.(9/24)
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قُلْتُ لأَبي الْغَوْثِ مَا مِجْذافُها؟ قَالَ: السَّوْطُ جَعَلَهُ كَالْمِجْذَافِ لَهَا. وجَذَفَ الإِنسانُ فِي مَشْيه جَذْفاً وتَجَذَّفَ: أَسرع؛ قَالَ:
لَجَذْتَهُمُ حَتَّى إِذَا سافَ مالُهُمْ، ... أَتَيْتَهُمُ مِنْ قابِلٍ تَتَجَذَّفُ
وجَذَفَ الشيءَ: كَجَذَبَه؛ حَكَاهُ نُصَير؛ وَرَوَى بيتَ ذِي الرُّمَّةِ:
إِذَا خافَ مِنْهَا ضِغْنَ حَقْباء قِلْوةٍ، ... حَداها بِحَلْحالٍ، مِنَ الصَّوْتِ، جاذِفِ
بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، والأَعرف الدال المهملة.
جرف: الجَرْفُ: اجْتِرافُك الشيءَ عَنْ وجهِ الأَرض حَتَّى يُقَالَ: كَانَتِ المرأَةُ ذَاتُ لثةٍ فاجْتَرَفَها الطبيبُ أَي اسْتَحاها عَنِ الأَسنان قَطْعاً. والجَرْفُ: الأَخْذُ الْكَثِيرُ. جَرَفَ الشيءَ يَجْرُفُه، بِالضَّمِّ، جَرْفاً واجْتَرَفه: أَخذه أَخذاً كَثِيرًا. والمِجْرَفُ والمِجْرَفةُ: مَا جُرِفَ بِهِ. وجَرَفْت الشيءَ أَجْرُفه، بِالضَّمِّ، جَرْفاً أَي ذَهَبْتُ بِهِ كلِّه أَو جُلِّه. وجَرَفْتُ الطِّينَ: كَسَحْتُه، وَمِنْهُ سُمّي المِجْرَفةُ. وبَنانٌ مِجْرَفٌ: كَثِيرُ الأَخْذ مِنَ الطَّعَامِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَعْدَدْت لِلَّقْمِ بَناناً مِجْرَفا، ... ومِعْدةً تَغْلي، وبَطْناً أَجْوَفا
وجَرَفَ السيلُ الوادِيَ يَجْرُفه جَرْفاً: جَوّخَه. الْجَوْهَرِيُّ: والجُرْفُ والجُرُفُ مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُر مَا تَجَرَّفَتْه السُّيول وأَكَلَتْه مِنَ الأَرض، وَقَدْ جَرَّفَتْه السُّيُولُ تَجْريفاً وتَجَرَّفَتْه؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ طَيِءٍ:
فإنْ تَكُنِ الحَوادِثُ جَرَّفَتْني، ... فَلَمْ أَرَ هالِكاً كابْنَيْ زِيادِ
ابْنُ سِيدَهْ: والجُرُفُ مَا أَكلَ السيلُ مِنْ أَسْفَل شِقِّ الْوَادِي والنَّهر، وَالْجَمْعُ أَجْرافٌ وجُرُوف وجِرَفةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شِقِّه فَهُوَ شَطٌّ وشاطئٌ. وسيْلٌ جُرافٌ وجاروفٌ: يَجْرُفُ مَا مَرَّ بِهِ مِنْ كَثْرَتِهِ يذهَب بِكُلِّ شَيْءٍ، وغَيْثٌ جارفٌ كَذَلِكَ. وجُرْفُ الْوَادِي ونحوِه مِنْ أَسنادِ المسايِل إِذَا نَخَج الماءُ فِي أَصْلِه فاحتَفَره فَصَارَ كالدَّحْلِ وأَشْرَفَ أَعلاه، فَإِذَا انْصَدَعَ أَعلاه فَهُوَ هارٍ، وَقَدْ جَرَف السَّيْلُ أَسناده. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ
. وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: الجُرْفُ عُرْضُ الْجَبَلِ الأَمْلَسِ. شَمِرٌ: يُقَالُ جُرْفٌ وأَجْراف وجِرَفةٌ وَهِيَ المَهْواة. ابْنُ الأَعرابي: أَجْرَفَ الرجلُ إِذَا رَعَّى إبِلَه فِي الجَرْف، وَهُوَ الخِصْبُ والكَلأُ المُلْتَفُّ؛ وأَنشد:
في حبَّةٍ جَرْف وحَمْض هَيْكل
والإِبل تَسْمَنُ عَلَيْهَا سِمَناً مُكْتَنِزاً يَعْنِي عَلَى الْحَبَّةِ، وَهُوَ مَا تَناثر مِنْ حُبوب البُقول واجتَمع مَعَهَا ورَق يَبِيسِ الْبَقْلِ فتَسْمَنُ الإِبل عَلَيْهَا. وأَجْرَفت الأَرضُ: أَصابَها سيلٌ جُرافٌ. ابْنُ الأَعرابي: الجَرْفُ المالُ الْكَثِيرُ مِنَ الصّامِتِ والنّاطقِ. والطاعونُ الجارِفُ الَّذِي نَزَلَ بِالْبَصْرَةِ كَانَ ذَريعاً فسُمّي جارِفاً جَرَفَ الناسَ كجَرْفِ السَّيْلِ. الْجَوْهَرِيُّ: الجارِفُ طاعُونٌ كَانَ فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبير وَوَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ طَاعُونُ الجارِفِ، وموْتٌ(9/25)
جُرافٌ مِنْهُ. والجارِفُ: شُؤْمٌ أَو بَلِيَّةٌ تَجْتَرِف مالَ القَوْمِ. الصِّحَاحُ: والجارِفُ الموتُ العامُّ يَجْرُفُ مالَ القومِ. وَرَجُلٌ جُراف: شَديد النِّكَاحِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَا شَبُّ ويْلَكَ مَا لاقَتْ فَتاتُكُمُ، ... والمِنْقَرِيُّ جُرافٌ غيرُ عِنِّينِ؟
وَرَجُلٌ جُرافٌ: يأْتي عَلَى الطَّعَامِ كلِّه؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وُضِعَ الخَزيرُ فَقِيلَ: أَيْنَ مُجاشِعٌ؟ ... فشَحا جَحافِلَه جُرافٌ هِبْلَعُ
ابْنُ سِيدَهْ: رَجُلٌ جُرافٌ شَديدُ الأَكل لَا يُبْقِي شَيْئًا، ومُجَرِّفٌ ومُتَجَرِّفٌ: مَهْزُول. وكَبْشٌ مُتَجرِّفٌ: ذَهَبَ عامّةُ سِمَنِه. وجُرِفَ النَّبَاتُ: أُكِلَ عَنْ آخِرِهِ. وجُرِفَ فِي مالِه جَرْفةً إِذَا ذَهَبَ مِنْهُ شَيْءٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَلَمْ يُرِدْ بالجَرْفة هَاهُنَا الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ إِنَّمَا عَنى بِهَا مَا عُنِيَ بالجَرْفِ. والمُجَرَّفُ والمُجارَفُ: الْفَقِيرُ كالمُحارَفِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وَعَدَّهُ بَدَلًا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرَجُلٌ مُجَرَّفٌ: قَدْ جَرَّفَه الدهرُ أَي اجْتاح مالَه وأَفْقَرَه. اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ مُجارَفٌ ومُحارفٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِب خَيْرًا. ابْنُ السِّكِّيتِ: الجُرافُ مِكْيالٌ ضَخْم؛ وَقَوْلُهُ: بالجُرافِ الأَكْبر، يُقَالُ: كَانَ لَهُمْ مِنَ الهَواني «2» مِكْيالًا ضَخْماً وَافِيًا. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ لضَرْب مِنَ الْكَيْلِ جُراف وجِراف؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كَيْلَ عِداءٍ بالجِرافِ القَنْقَلِ ... مِنْ صُبْرةٍ، مِثْلِ الكَثِيبِ الأَهْيَلِ
قَوْلُهُ عِداء أَي مُوالاةٍ. وسَيْفٌ جُرافٌ: يَجْرُف كُلَّ شَيْءٍ. والجَرْفةُ مِنْ «3» سِماتِ الإِبل: أَن تُقْطَعَ جِلْدَةٌ مِنْ جَسَدِ الْبَعِيرِ دُونَ أَنفه مِنْ غَيْرِ أَن تَبِينَ. وَقِيلَ: الجَرْفةُ فِي الْفَخِذِ خاصَّةً أَن تُقْطَعَ جِلدة مِنْ فَخِذِهِ مِنْ غَيْرِ بَيْنونة ثُمَّ تُجْمع وَمِثْلُهَا فِي الأَنف واللِّهْزِمةِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: بَنَوْه عَلَى فَعْلةٍ اسْتَغْنَوْا بِالْعَمَلِ عَنِ الأَثر، يَعْنِي أَنهم لَوْ أَرادوا لَفْظَ الأَثَرِ لَقَالُوا الجُرْفَ أَو الجِراف كالمُشْطِ والخِباطِ، فَافْهَمْ. غَيْرُهُ: الجَرْفُ، بِالْفَتْحِ، سِمةٌ مِنْ سِماتِ الإِبل وَهِيَ فِي الْفَخِذِ بِمَنْزِلَةِ القرْمة «4» فِي الأَنف تُقْطَعُ جلْدةٌ وَتُجْمَعُ فِي الْفَخِذِ كَمَا تُجْمَعُ عَلَى الأَنف. وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: الجُرْفةُ والجَرْفةُ أَن تُجْرَفَ لِهْزِمةُ الْبَعِيرِ، وَهُوَ أَن يُقْشر جلدُه فيُفْتَلَ ثُمَّ يُترك فيَجِفّ فَيَكُونَ جَاسِيًا كأَنه بَعْرَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الجُرْفةُ وسْم بِاللِّهْزِمَةِ تَحْتَ الأُذن؛ قَالَ مُدْرِكٌ:
يُعارِضُ مَجْرُوفاً ثَنَتْه خِزامةٌ، ... كأَنَّ ابنَ حَشْرٍ تَحْتَ حالِبِه رَأْلُ
وطَعْنٌ جَرْفٌ: واسعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فأُبْنا جَدالى لَمْ يُفَرَّقْ عَديدُنا، ... وآبُوا بِطَعْنٍ فِي كَواهِلِهِم جَرْفِ
والجَرْفُ والجَريفُ: يَبِيسُ الحَماط. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ الجَريف يَبيس الأَفاني خاصَّة. والجُرَّافُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
أَمِنْ عَملِ الجُرّافِ، أَمْسِ، وظُلْمِه ... وعُدْوانهِ أَعْتَبْتُمونا بِراسِمِ؟
__________
(2) . قوله والهواني هكذا في الأَصل، ولم نجد هذه اللفظة في المعاجم التي بين أيدينا ولعلها محرّفة عن خوابي. (3) . قوله [والجرفة من إلخ] هي بالفتح وقد تضم كما في القاموس. (4) . قوله [القرمة] بفتح القاف وضمها كما في القاموس.(9/26)
أَمِيرَيْ عَداءٍ إنْ حَبَسْنا عليهِما ... بَهائِمَ مالٍ، أوْدَيا بالبَهائِم
نَصَبَ أَميري عَداء عَلَى الذَّمِّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه مَرَّ يَستَعْرِضُ الناسَ بالجُرْف
؛ اسْمُ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ وأَصله مَا تَجْرُفه السُّيول مِنَ الأَوْدِيةِ. والجَرْفُ: أَخذُك الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِ الأَرض بالمِجْرفةِ. ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ
لَيْسَ لِابْنِ آدَمَ إِلَّا بَيْتٌ يُكِنُّه وَثَوْبٌ يُوارِيه.
وجِرَفُ الخُبز أَي كِسَرُه، الْوَاحِدَةُ جِرْفةٌ، وَيُرْوَى بِاللَّامِ بَدَلَ الرَّاءِ. ابْنُ الأَعرابي: الجَوْرَقُ الظَّلِيمُ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَمَنْ قَالَهُ بِالْفَاءِ جَوْرَفٌ فَقَدْ صَحَّفَ. التَّهْذِيبُ: قَالَ بَعْضُهُمُ الجَوْرَفُ الظَّلِيمُ؛ وأَنشد لِكَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ الْمُزَنِيُّ:
كأَنَّ رَحْلي، وَقَدْ لانَتْ عَريكَتُها، ... كَسَوْتُه جَوْرَفاً أَغصانه حَصَفَا «1»
قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ وَصَوَابُهُ الجَوْرَقُ، بِالْقَافِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ جرل: مكانٌ جَرِلٌ فِيهِ تَعادٍ واختِلافٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَعراب قيس: أَرضٌ جَرْفة مختلفة وقِدْحٌ جَرْفٌ، ورجل جَرْفٌ كذلك.
جَزَفَ: الجَزْفُ: الأَخذُ بِالْكَثْرَةِ. وجَزَفَ لَهُ فِي الكيْل: أَكثر. الْجَوْهَرِيُّ: الجَزْفُ أَخْذ الشَّيْءِ مُجازفةً وجِزافاً، فَارِسِيٌّ مُعَرَّب. وَفِي الْحَدِيثِ:
ابْتاعُوا الطعامَ جِزافاً
؛ الجِزافُ والجَزْفُ: المَجْهولُ القَدْر. مَكِيلًا كَانَ أَو مَوْزوناً. والجُزاف «2» والجِزاف والجُزافةُ والجِزافةُ: بَيْعُكَ الشَّيْءَ واشْتِراؤكَه بِلَا وَزْنٍ وَلَا كَيْلٍ وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى المُساهلةِ، وَهُوَ دَخِيلٌ، تَقُولُ: بِعْتُه بالجُزافِ والجُزافةِ وَالْقِيَاسُ جِزافٌ؛ وقولُ صخْر الغَيّ:
فأقْبَلَ مِنْهُ طِوالُ الذُّرى، ... كأَنَّ عليهنَّ بَيْعاً جَزِيفا
أَراد طَعَامًا بِيعَ جِزافاً بِغَيْرِ كَيْل، يَصِفُ سَحاباً. أَبو عَمْرٍو: اجْتَزَفْتُ الشيءَ اجْتِزافاً إِذَا شَرَيْتَه جِزافاً، والله أَعلم.
جَعَفَ: جَعَفَه جَعْفاً فانْجَعَفَ: صرَعه وضرَب بِهِ الأَرضَ فانْصَرَعَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه مرَّ بمُصْعب بْنِ عُمَيْر وَهُوَ مُنْجَعِفٌ
أَي مَصْروعٌ، وَفِي رِوَايَةٍ:
بِمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ.
يُقَالُ: ضرَبه فَجَعَبه وجَعَفَه وجَأَبَه وجَعْفَلَه وجَفَلَه إِذَا صَرَعَه. والجَعْفُ: شِدَّةُ الصَّرْعِ. وجَعَفَ الشَّيْءَ جَعْفاً: قَلَبَه. وجَعَفَ الشَّيْءَ وَالشَّجَرَةَ يَجْعَفُها جَعْفاً فانْجَعَفَت: قَلَعَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُ الْكَافِرِ «3» كمثلِ الأَرزةِ المُجْذِية عَلَى الأَرض حَتَّى يَكُونَ انْجِعافُها مَرَّةً وَاحِدَةً
أَي انْقِلاعُها. وسَيْلٌ جُعافٌ: يَجْعَفُ كُلَّ شَيْءٍ أَي يَقْلِبه. وَمَا عِنْدَهُ مِنَ المَتاع إِلَّا جَعْفٌ أَي قَلِيلٌ. والجُعْفةُ: مَوْضِعٌ. وجُعْفٌ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وجُعْفِيٌّ: مِنْ هَمدانَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جُعْفِيٌّ أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ وَهُوَ جُعْفِيُّ بْنُ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ مِنْ مَذْحِج، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ كَذَلِكَ، وَمِنْهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الحُرّ الجُعْفِيُّ وَجَابِرٌ الجُعْفيُّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
قَبائِلُ جُعْفِيّ بنِ سَعْدٍ، كأَنَّما ... سَقى جَمْعَهم ماءُ الزُّعافِ مُنِيم
__________
(1) . قوله [أغصانه حصفا] كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس هنا وفي حرف القاف أيضاً: أقرابه خصفا.
(2) . قوله [والجزاف إلخ] في القاموس: والجزاف والجزافة مثلثتين.
(3) . قوله [مثل الكافر] الذي في النهاية هنا وفي مادة جذي: مثل المنافق.(9/27)
قَوْلُهُ مُنِيم أَي مُهْلِك، جَعَلَ الْمَوْتَ نَوْمًا. وَيُقَالُ هَذَا كَقَوْلِهِمْ ثَأْرٌ مُنيمٌ: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جُعْفِيُّ مِثْلُ كُرسِيّ فِي لُزُومِ الْيَاءِ المشدَّدة فِي آخِرِهِ، فَإِذَا نَسَبْتَ إِلَيْهِ قَدَّرْتَ حذفَ الْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وإلحاقَ يَاءِ النسبِ مَكَانَهَا، وَقَدْ جُمِع جَمْعَ رُومِيّ فَقِيلَ جُعْفٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جُعْفٌ بنَجْرانَ تَجُرُّ القَنا، ... لَيْسَ بِهَا جُعْفِيُّ بالمُشْرِعِ
وَلَمْ يُصْرَفْ جُعْفِيّ لأَنه أَراد بها القبيلة.
جَفَفَ: جَفَّ الشيءِ يَجِفُّ ويَجَفُّ، بِالْفَتْحِ، جُفوفاً وجَفافاً: يَبِسَ، وتَجَفْجَفَ: جَفَّ وَفِيهِ بعضُ النَّداوةِ، وجَفَّفْتُه أَنا تَجْفِيفاً؛ وأَنشد أَبو الْوَفَاءِ الأَعرابي:
لمَلَّ بُكَيْرَةً لَقِحَتْ عِراضاً، ... لِقَرْعِ هَجَنَّعٍ ناجٍ نَجِيبِ
فَكَبَّرَ راعِياها حِينَ سَلَّى ... طَوِيلَ السَّمْكِ، صَحَّ مِنَ العُيُوبِ
فقامَ عَلَى قَوائِمَ لَيِّناتٍ، ... قُبَيْلَ تَجَفْجُفِ الوَبَرِ الرَّطِيبِ
والجَفافُ: مَا جَفَّ مِنَ الشَّيْءِ الَّذِي تُجَفِّفُه. تَقُولُ: اعْزِل جَفافَه عَنْ رَطْبِه. التَّهْذِيبُ: جَفِفْتَ تجَفُّ وجَفَفْتَ تَجِفُّ وَكُلُّهُمْ يَخْتَارُ تَجِفُّ عَلَى تَجَفّ. والجَفِيفُ: مَا يَبِسَ مِنْ أَحرار الْبُقُولُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا ضَمَّت مِنْهُ الرِّيحُ. وَقَدْ جَفَّ الثوبُ وَغَيْرُهُ يَجِفُّ، بالكسرِ، ويَجَفُّ، بِالْفَتْحِ: لُغَةٌ فِيهِ حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ «1» وردَّها الْكِسَائِيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
جَفَّتِ الأَقلامُ وطُوِيَتِ الصُّحُف
؛ يُرِيدُ مَا كُتِبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنَ المَقادير وَالْكَائِنَاتِ والفَراغِ مِنْهَا، تَشْبِيهًا بفَراغ الْكَاتِبِ مِنْ كِتَابَتِهِ ويُبْسِ قَلَمِه. وتَجَفْجَفَ الثوبُ إِذَا ابْتَلَّ ثُمَّ جَفَّ وَفِيهِ نَدًى فَإِنْ يَبِسَ كلَّ اليُبْسِ قِيلَ قَدْ قَفَّ، وأَصلها تجفَّفَ فأَبدلوا مَكَانَ الْفَاءِ الوُسْطى فَاءَ الْفِعْلِ كَمَا قَالُوا تَبَشْبَشَ. الْجَوْهَرِيُّ: الجَفِيفُ مَا يَبِس مِنَ النَّبْتِ. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ الإِبل فِيمَا شَاءَتْ مِنْ جَفِيفٍ وقَفِيفٍ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِرَاجِزٍ:
يُثْري بِهِ القَرْمَلَ والجَفِيفا، ... وعَنْكَثاً مُلْتَبِساً مَصْيُوفا
والجُفافةُ: مَا يَنْتَثِر مِنَ القَتِّ والحَشِيشِ وَنَحْوِهِ. والجُفّ: غِشَاءُ الطَّلْع إِذَا جَفَّ، وعمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: هُوَ وِعاء الطَّلع، وَقِيلَ: الجُفُّ قِيقاءة الطَّلْعِ وَهُوَ الغِشاء الَّذِي عَلَى الوَلِيعِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ فِي صِفَةِ ثَغْر امرأَة:
وتَبْسِمُ عَنْ نَيِّرٍ كالوَلِيعِ، ... شَقَّقَ عَنْهُ الرُّقاةُ الجُفُوفا
الوَلِيعُ: الطَّلْعُ، والرُّقاةُ: الَّذِينَ يَرْقَوْنَ عَلَى النَّخْلِ: أَبو عَمْرٍو: جُفٌّ وجُبٌّ لوِعاء الطَّلْعِ. وَفِي حَدِيثِ سِحْر النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
طُبَّ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ سِحْره فِي جُفِّ طَلْعَةِ ذكرٍ ودُفِنَ تحتَ راعُوفةِ الْبِئْرِ
؛ رَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ بِإِضَافَةِ طَلْعَةٍ إِلَى ذَكَرٍ أَو نَحْوِهِ؛ قَالَ أَبو عبيد: جُفُ
__________
(1) . قوله [ابن دريد] بهامش الأصل صوابه: أبو زيد.(9/28)
الطلعةِ وِعاؤها الَّذِي تَكُونُ فِيهِ، وَالْجَمْعُ الجُفوفُ، وَيُرْوَى فِي جُّبّ، بِالْبَاءِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الجُفُّ نِصْفُ قِرْبة تُقطع مِنْ أَسْفلِها فَتُجْعَلُ دَلْواً؛ قَالَ:
رُّبَّ عَجُوزٍ رأْسُها كالقُفَّهْ، ... تَحْمِلُ جُفّاً مَعَهَا هِرْشَفّهْ الهِرْشَفَّةُ
خِرْقةٌ ينشَّف بِهَا الْمَاءُ مِنَ الأَرض. والجُفُّ: شَيْءٌ مِنْ جُلود الإِبل كالإِناء أَو كالدَّلْو يُؤْخَذُ فِيهِ مَاءُ السَّمَاءِ يسَعُ نِصْفَ قِرْبة أَو نَحْوَهُ. اللَّيْثُ: الجُفَّةُ ضَرْبٌ مِنَ الدِّلاء يُقَالُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مَعَ السَّقَّائِينَ يملؤون بِهِ المزايدَ. القُتَيْبي: الجُفُّ قِرْبة تُقْطع عِنْدَ يَدَيْهَا ويُنْبَذ فِيهَا. والجُفُّ: الشنُّ الْبَالِي يُقْطَعُ مِنْ نِصْفِهِ فَيُجْعَلُ كَالدَّلْوِ، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَ الجُفّ مِنْ أَصل نَخْلٍ يُنْقَر. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْجُفُّ شَيْءٌ يُنْقَرُ مِنْ جُذُوعِ النخَل. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَعِيدٍ: قِيلَ لَهُ النَّبيذُ فِي الجُفّ، فَقَالَ: أَخْبَثُ وأَخْبَثُ
؛ الجُفّ: وِعَاءٌ مِنْ جُلُودٍ لَا يُوكأُ أَي لَا يُشَدّ، وَقِيلَ: هُوَ نِصْفُ قِرْبَةٍ تُقْطَعُ مِنْ أَسفلها وَتُتَّخَذُ دَلْوًا. والجُفُّ: الوطْبُ الخَلَقُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
إبْلُ أَبي الحَبْحابِ إبْلٌ تُعْرَفُ، ... يَزِينُها مُجَفَّفٌ مُوَقَّفُ
إِنَّمَا عَنَى بالمُجفَّفِ الضَّرْعَ الَّذِي كالجُفِّ وَهُوَ الوطْبُ الخَلَقُ. والمُوَقَّفُ: الَّذِي بِهِ آثَارُ الصِّرار. والجُفُّ: الشَّيْخُ الْكَبِيرُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِهَا؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ. وجُفُّ الشَّيْءِ: شَخْصُه. والجُفُّ والجُفَّةُ والجَفَّة، بِالْفَتْحِ: جَمَاعَةُ النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا نَفَلَ فِي غنِيمةٍ حَتَّى تُقْسَمَ جُفَّةً
أَي كُلَّهَا، وَيُرْوَى:
حَتَّى تُقْسَمَ عَلَى جُفَّتِه
أَي عَلَى جَمَاعَةِ الْجَيْشِ أَولًا. وَيُقَالُ: دُعِيتُ فِي جَفَّة النَّاسِ، وَجَاءَ الْقَوْمُ جَفّةً وَاحِدَةً. الْكِسَائِيُّ: الجَفَّةُ والضّفَّة والقِمَّةُ جَمَاعَةُ الْقَوْمِ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ عَلَى الجُفّ، بِالضَّمِّ، الْجَمَاعَةُ قَوْلُ النَّابِغَةِ يُخاطِبُ عَمْرو بْنَ هندٍ الْمَلِكَ:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرو بنَ هِنْدٍ آيَةً، ... ومِنَ النَّصيحةِ كَثْرَةُ الإِنْذارِ:
لَا أَعْرِفَنَّكَ عارِضاً لِرِماحِنا ... فِي جُفِّ تَغْلِبَ وارِدِي الأَمْرارِ
يَعْنِي جَماعَتَهم. قَالَ: وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَرْوِيهِ فِي جُفِّ ثَعْلَبَ، قَالَ: يُرِيدُ ثَعْلَبَةَ بنَ عَوف بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيانَ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْجُفُّ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ: فِي جُفِّ ثَعْلَب، قَالَ: وَرَوَاهُ الْكُوفِيُّونَ فِي جَوْفِ تَغْلِبَ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ هَذَا خَطَأٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الجَفاء فِي هَذَيْنِ الجُفَّيْن: رَبيعةَ ومُضَر
؛ هُوَ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ وَالْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِبَكْرٍ وَتَمِيمٍ الجُفّانِ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ:
مَا فَتِئَتْ مُرَّاقُ أَهلِ المِصْرَيْنْ: ... سَقْطَ عُمانَ، ولُصُوصَ الجُفَّيْنْ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجز لحُميد الأَرْقط؛ وَقَالَ أَبو مَيْمُونٍ الْعِجْلِيُّ:
قُدْنا إِلَى الشامِ جِيادَ المِصْرَيْنْ: ... مِنْ قَيْس عَيْلانَ وخَيْلِ الجُفَّيْنْ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: كَيْفَ يَصْلُح أَمرُ بَلَدٍ جُلُّ أَهلِه هذانِ الجُفّان؟
وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا كنتُ لأَدَعَ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ جُفَّيْن(9/29)
يَضْرِبُ بعضُهم رِقابَ بعضٍ.
وجُفافُ الطَّيْرِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فَمَا أَبصَرَ النارَ الَّتِي وضَحَتْ لَهُ، ... وراءَ جُفافِ الطَّيْرِ، إِلَّا تَمارِيا
وجَفّةُ المَوْكِبِ وجَفْجَفَتُه: هَزِيزُه. والتِّجْفافُ والتَّجْفافُ: الَّذِي يُوضَعُ عَلَى الْخَيْلِ مِنْ حديدٍ أَو غَيْرِهِ فِي الْحَرْبِ، ذهَبُوا فِيهِ إِلَى مَعْنَى الصَّلَابَةِ والجُفُوفِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَوَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى تَائِهَا بأَنها أَصلُ لأَنها بإزاءِ قَافِ قِرطاس. قَالَ ابْنُ جِنِّي: سأَلت أَبا عَلِيٍّ عَنْ تِجْفافٍ أَتاؤُه للإِلحاق بِبَابِ قِرْطَاسٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمَا انْضَافَ إِلَيْهَا مِنْ زِيَادَةِ الأَلف مَعَهَا، وَجَمْعُهُ التَّجافِيفُ. والتَّجفاف، بِفَتْحِ التَّاءِ: مِثْلُ التَّجْفِيف جَفَّفْتُه تَجْفِيفاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعِدَّ للفَقْرِ تِجْفافاً
؛ التِّجْفافُ: مَا جُلِّلَ بِهِ الْفَرَسُ مِنْ سِلاحٍ وَآلَةٍ تَقِيهِ الجِراحَ. وَفَرَسٌ مُجَفَّفٌ: عَلَيْهِ تِجْفَاف، وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ. وَتَجْفِيفُ الْفَرَسِ: أَن تُلبسه التِّجْفَافَ. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
فَجَاءَ يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى فَرَسٍ مُجَفَّفٍ
أَي عَلَيْهِ تِجفافٌ، قَالَ: وَقَدْ يلبَسُه الإِنسان أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: أَنه كَانَ عَلَى تجافِيفه الديباجُ
؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
كبَيْضَةِ أُدْحِيٍّ تَجَفَّفَ فَوقَها ... هِجَفٌّ حَداه القَطْرُ، والليلُ كانِعُ
أَي تحرَّك فَوْقَهَا وأَلبسها جَنَاحَيْهِ. والجَفْجَفَةُ: صَوْتُ الثَّوْبِ الْجَدِيدِ وَحَرَكَةُ الْقِرْطَاسِ، وَكَذَلِكَ الخَفْخَفَةُ، قَالَ: وَلَا تَكُونُ الخفخفةُ إِلَّا بَعْدَ الجَفْجَفةِ. والجَفَفُ: الغَلِيظُ اليابِسُ مِنَ الأَرض. والجَفْجَفُ: الغَلِيظُ مِنَ الأَرض، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ الغِلَظُ مِنَ الأَرض فَجَعَلَهُ اسْمًا للعَرَضِ إِلَّا أَن يَعْنِيَ بالغِلَظِ الغلِيظَ، وَهُوَ أَيضاً القاعُ الْمُسْتَوِي الواسِعُ. والجَفْجَفُ: القاعُ الْمُسْتَدِيرُ؛ وأَنشد:
يَطْوِي الفِيافي جَفْجَفاً فَجَفْجَفا
الأَصمعي: الجُفُّ الأَرض الْمُرْتَفِعَةُ وَلَيْسَتْ بالغَليظة وَلَا الليِّنة، وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ الجَفْجَفُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لمُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَة:
وحَلّوا جَفْجَفاً غيرَ طائِل
التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ جَعَعَ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ الْفَرَجِ سَمِعْتُ أَبا الرَّبِيعِ الْبَكْرِيَّ يَقُولُ: الجَعْجَعُ والجَفْجَفُ مِنَ الأَرض المُتَطامِنُ، وَذَلِكَ أَن الْمَاءَ يَتَجَفْجَفُ فِيهِ فَيَقُومُ أَي يَدُومُ، قَالَ: وأَرَدْتُه عَلَى يَتَجَعْجَع فَلَمْ يَقُلْهَا فِي الْمَاءِ. وجَعْجَعَ بالماشِيةِ وجَفْجَفَها إِذَا حَبَسَهَا. ابْنُ الأَعرابي: الضَّفَفُ القِلَّةُ، والجَفَفُ الحاجةُ. الأَصمعي: أَصابهم مِنَ الْعَيْشِ ضَفَفٌ وجَفَفٌ وشَظَفٌ، كُلُّ هَذَا مِنْ شِدَّةِ الْعَيْشِ. وَمَا رُؤيَ عَلَيْهِ ضَفَفٌ وَلَا جَفَفٌ أَي أَثر حَاجَةٍ، ووُلِدَ للإِنسان عَلَى جَفَفٍ أَي عَلَى حَاجَةٍ إِلَيْهِ. والجَفْجَفَةُ: جَمْعُ الأَباعِر بعضِها إِلَى بَعْضٍ. وجفافٌ: اسْمُ وادٍ معروفٍ.
جَلَفَ: الجَلْفُ: القَشْر. جَلَفَ الشيءَ يَجْلُفُه جَلْفاً: قَشَرَه، وَقِيلَ: هُوَ قَشْرُ الْجِلْدِ مَعَ شَيْءٍ مِنَ اللَّحْمِ، والجُلْفَةُ: مَا جَلَفْت مِنْهُ، والجَلْفُ أَجْفَى مِنَ الجَرْفِ وأَشدُّ اسْتِئصالًا. والجَلْفُ: مَصْدَرُ جَلَفْت أَي قشَرْتُ. وجَلَفَ ظُفُرَه عَنْ(9/30)
إصْبَعِه: كَشَطَه. ورِجْل جَلِيفَةٌ وطَعْنَةٌ جالِفةٌ: تَقْشُر الجِلْدَ وَلَا تُخَالِطُ الجَوفَ وَلَمْ تَدْخُلْهُ. والجالِفةُ: الشَّجَّةُ الَّتِي تَقْشِرُ الْجِلْدَ مَعَ اللَّحْمِ وَهِيَ خلافُ الْجَائِفَةِ. وجَلَفْتُ الشَّيْءَ: قَطَعْتُه واسْتَأْصَلْتُه: وجَلَف الطِينَ عَنْ رأْس الدَّنِّ يَجْلُفه، بِالضَّمِّ، جَلْفاً: نَزَعه. وَيُقَالُ: أَصابتهم جَلِيفةٌ عظيمةٌ إِذَا اجْتَلَفَتْ أَموالَهم، وَهُمْ مُجْتَلَفُون. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَجَمْعُ الجَلِيفةِ جَلائِف؛ وأَنشد للعُجَيْر:
وَإِذَا تَعَرَّقَتِ الجَلائِفُ مالَه، ... قُرِنَتْ صَحِيحَتُنا إِلَى جَرْبائِه
ابْنُ الأَعرابي: أَجْلَفَ الرجلُ إِذَا نَحَّى الجُلافَ عَنْ رأْس الخُنْبُجةِ. والجُلافُ: الطِّينُ. وجُلِّفَ النباتُ: أُكِلَ عَنْ آخِره. والمُجَلَّفُ: الَّذِي أَتى عَلَيْهِ الدهرُ فأَذْهَبَ مالَه، وَقَدْ جَلَّفَه واجْتَلَفَه. والجَلِيفةُ: السنةُ الَّتِي تَجْلُفُ المالَ. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِلسَّنَةِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي تَضُرُّ بالأَموال جالفةٌ، وَقَدْ جَلَفَتْهُم. وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ مَنْ تَحِلُّ لَهُ المسأَلة:
وَرَجُلٌ أَصابت مَالَهُ جَالِفَةٌ
؛ هِيَ السنةُ الَّتِي تَذْهَبُ بأَمْوالِ الناسِ وَهُوَ عامٌّ فِي كُلِّ آفةٍ مِنَ الْآفَاتِ المُذْهِبةِ للمالِ. والجَلائفُ: السِّنُونَ. أَبو عُبَيْدٍ: المُجَلَّفُ الَّذِي ذهَبَ مالُه. وَرَجُلٌ مُجَلَّفٌ: قَدْ جَلَّفَه الدهرُ، وَهُوَ أَيضاً مُجَرَّف. والجالِفةُ: السنةُ الَّتِي تَذْهَبُ بأَموالِ الناسِ. والمُجَلَّفُ الَّذِي أُخِذ مِنْ جَوانِبه؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وعَضُّ زَمانٍ، يَا ابنَ مَرْوانَ، لمْ يَدَعْ ... مِنَ المالِ إِلَّا مُسْحَتاً أَو مُجَلَّفُ
وَقَالَ أَبو الغَوْثِ: المُسْحَتُ المُهْلَكُ. والمُجَلَّف: الَّذِي بَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ، يُرِيدُ إِلَّا مُسْحَتاً أَو هُوَ مُجَلَّفٌ. والمُجَلَّفُ أَيضاً: الرَّجُلُ الَّذِي جَلَّفَتْه السِّنُونَ أَي أَذْهَبَتْ أَموالَه. يُقَالُ جَلَّفَتْ كَحْلٌ، وزمانٌ جالِفٌ وجارِفٌ. وَيُقَالُ: أَصابَتْهم جَلِيفةٌ عَظِيمَةٌ إِذَا اجْتَلَفَتْ أَموالَهم، وَهُمْ قَوْمٌ مُجْتَلَفُون. وَخُبْزٌ مَجْلُوفٌ: أَحْرَقَه التَّنُّور فَلزِقَ بِهِ قُشوره. والجِلْفُ: الْخُبْزُ اليابِسُ الغَلِيظُ بِلَا أُدْمٍ وَلَا لَبن كالخَشِبِ وَنَحْوِهِ؛ وأَنشد:
القَفْرُ خَيْرٌ مِنْ مَبيتٍ بِتُّه، ... بِجُنُوبِ زَخَّةَ، عندَ آلِ مُعارِكِ
جاؤُوا بِجِلْفٍ مِنْ شَعِيرٍ يابِسٍ، ... بَيْني وبَيْنَ غُلامِهِمْ ذِي الحارِكِ
وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ:
أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ، سِوى جِلْفِ الطَّعَامِ وظِلِّ ثَوْبٍ وبيتٍ يَسْتُر، فَضْلٌ
؛ الجِلْفُ: الخُبْزُ وَحْدَهُ لَا أُدْمَ مَعه، وَيُرْوَى بِفَتْحِ اللَّامِ، جَمْعُ جِلْفةٍ وَهِيَ الكِسْرةُ مِنَ الْخُبْزِ؛ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: الجِلْف هاهنا الظَّرْفُ مِثْلُ الخُرْجِ والجُوالِق، يُرِيدُ مَا يُتْرك فِيهِ الْخُبْزُ. والجَلائِفُ: السُّيولُ. وجَلَفَه بِالسَّيْفِ: ضرَبه. وجُلِفَ فِي مالِه جَلْفةً: ذهَب مِنْهُ شَيْءٌ. والجِلْفُ: بَدَنُ الشاةِ المَسْلُوخة بلا رأْس ولا بَطْنٍ وَلَا قَوائِمَ، وَقِيلَ: الجِلْفُ الْبَدَنُ الَّذِي لَا رأْس عَلَيْهِ مِنْ أَي نَوْع كَانَ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَجْلافٌ. وشاةٌ مَجْلُوفةٌ: مَسْلوخةٌ، وَالْمَصْدَرُ الجَلافةُ. والجِلْفُ: الأَعرابي الْجَافِي، وَفِي الْمُحْكَمِ: الجِلْفُ الْجَافِي فِي خَلْقِه وخُلُقِه، شُبِّه بِجِلْفِ الشاةِ أَي أَنَّ جَوْفَه هَواء لَا عَقْلَ فِيهِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْجَمْعُ أَجْلافٌ، هَذَا هُوَ الأَكثر لأَن بَابَ فِعْل يكسَّر عَلَى أَفعال، وَقَدْ قَالُوا أَجْلُفٌ(9/31)
شبَّهُوه بأَذْؤُبٍ عَلَى ذَلِكَ لاعْتِقاب أَفْعُلٍ وأَفْعالٍ عَلَى الِاسْمِ الْوَاحِدِ كَثِيرًا. وَمَا كَانَ جِلْفاً وَلَقَدْ جَلِفَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا جَفا: فُلَانٌ جِلْفٌ جافٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي للمَرّار:
وَلِمَ أَجْلَفْ، وَلَمْ يُقْصِرْنَ عَنِّي، ... ولكِنْ قَدْ أَنَى لِي أَنْ أَريعا
أَي لَمْ أَصِرْ جِلفاً جافِياً. الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ أَعرابي جِلْفٌ أَي جافٍ، وأَصله مِنْ أَجْلافِ الشاةِ وَهِيَ الْمَسْلُوخَةُ بِلَا رأْس وَلَا قَوائِمَ وَلَا بَطْنٍ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَصل الجِلْفِ الدَّنُّ الفارِغُ، قَالَ: وَالْمَسْلُوخُ إِذَا أُخْرِجَ جَوْفُه جِلْفٌ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَهُ رَجُلٌ جِلْفٌ جافٍ
؛ الجِلْفُ: الأَحمق، أَصله مِنَ الشَّاةِ الْمَسْلُوخَةِ والدَّنِّ، شُبِّه الأَحمقُ بِهِمَا لِضَعْفِ عَقْلِهِ، وَإِذَا كَانَ الْمَالُ لَا سِمَنَ لَهُ وَلَا ظَهْر وَلَا بَطْنَ يَحْمِلُ قِيلَ: هُوَ كالجِلْفِ. ابْنُ سِيدَهْ: الجِلْفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الدنُّ وَلَمْ يُحَدَّ عَلَى أَي حَالٍ هُوَ، وَجَمْعُهُ جُلُوف؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
بَيْتُ جُلُوفٍ بارِدٌ ظِلُّه، ... فِيهِ ظِباءٌ ودواخِيلُ خُوصْ
وَقِيلَ: الجِلْفُ أَسْفَل الدَّنِّ إِذَا انْكَسَرَ. والجِلْفُ: كلُّ ظَرفٍ ووِعاءٍ والظِّباءُ: جَمْعُ الظَّبْيَةِ، وَهِيَ الجُرَيِّبُ الصغِير يَكُونُ وِعاء المِسْك والطِّيبِ. والجُلافى مِنَ الدِّلاء: العظيمةُ؛ وأَنشد:
مِنْ سابغِ الأَجْلافِ ذِي سَجْلٍ رَوي، ... وُكِّرَ تَوْكِيرَ جُلافى الدُّلي
ابْنُ الأَعرابي: الجِلْفة القِرْفةُ. والجِلْفُ: الزِّقُّ بِلَا رأْس وَلَا قَوَائِمَ؛ وأَما قَوْلُ قَيْس بْنِ الخَطِيمِ يَصِفُ امرأَة:
كأَنَّ لَبّاتِها تَبَدَّدَها ... هَزْلى جَرادٍ، أَجْوافُه جُلُف «2»
ابْنُ السِّكِّيتِ: كأَنه شبَّه الْحُلِيَّ الَّذِي عَلَى لَبَّتها بجراد لا رؤوس لَهَا وَلَا قَوَائِمَ، وَقِيلَ: الجُلُفُ جَمْعُ الجَلِيفِ، وَهُوَ الَّذِي قُشِر. أَبو عَمْرٍو: الجِلْفُ كلُّ ظَرْفٍ ووِعاءٍ، وَجَمْعُهُ جُلوف. والجِلْفُ: الفُحّالُ مِنَ النَّخْلِ الَّذِي يُلْقَحُ بطَلْعِه؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
بَهازِراً لَمْ تَتَّخِذْ مَآزِرا، ... فهْي تُسامِي حَوْلَ جِلْفٍ جازِرا
يَعْنِي بالبَهازِرِ النخلَ الَّتِي تَتَناوَلُ مِنْهَا بِيَدِكَ، والجازِرُ هُنَا المُقَشِّرُ لِلنَّخْلَةِ عِنْدَ التلْقِيح، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ جُلُوفٌ. والجَلِيفُ: نَبْتٌ شَبِيهٌ بِالزَّرْعِ فِيهِ غُبْرةٌ وله في رؤوسه سِنَفةٌ كالبَلُّوطِ مملوءَةٌ حَبًّا كَحَبِّ الأَرْزَنِ، وَهُوَ مَسْمَنةٌ لِلْمَالِ ونَباتُه السُّهُول؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَاللَّهُ أَعلم
جَلَنْفَ: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: اللَّيْثُ طَعَامٌ جَلَنْفاةٌ، وَهُوَ الْقَفَارُ الَّذِي لَا أُدم فيه.
جنف: الجَنَفُ فِي الزَّوْرِ: دُخُولُ أَحد شِقَّيْهِ وانْهِضامُه مَعَ اعْتدالِ الْآخَرِ. جَنِفَ، بِالْكَسْرِ، يَجْنَفُ جَنَفاً، فَهُوَ جَنِفٌ وأَجْنَفُ. والأَنثى جَنْفاء. وَرَجُلٌ أَجْنَفُ: فِي أَحدِ شِقَّيْه مَيْلٌ عَنِ الْآخَرِ. والجَنَفُ: المَيْلُ والجَوْرُ، جَنِفَ
__________
(2) . قوله:
هَزْلَى جَرَادٍ أَجْوَافُهُ جُلُفُ
تقدم في بدد:
هزلى جواد أجوافه جلف
بفتح الجيم واللام والصواب ما هنا.(9/32)
جَنَفاً؛ قَالَ الأَغْلب العِجْلِيُّ:
غِرٍّ جُنافيٍّ جَمِيلِ الزِّيِ
الجُنافيّ: الَّذِي يَتَجانَفُ فِي مِشْيَتِه فيَخْتالُ فِيهَا. وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ رَجُلٌ جُنافيٌّ، بِضَمِّ الْجِيمِ، مُخْتال فِيهِ ميْل؛ قَالَ: وَلَمْ أَسمع جُنافِيّاً إِلَّا فِي بَيْتِ الأَغلب، وَقَيَّدَهُ شَمِرٌ بِخَطِّهِ بِضَمِّ الْجِيمِ. وجَنِفَ عَلَيْهِ جَنَفاً وأَجْنَفَ: مالَ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ والخُصومةِ وَالْقَوْلِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً
؛ قَالَ اللَّيْثُ: الجَنَفُ المَيْلُ فِي الْكَلَامِ وَفِي الأُمور كُلِّهَا. تَقُولُ: جَنِفَ فُلَانٌ عَلَيْنَا، بِالْكَسْرِ، وأَجْنَفَ فِي حُكْمِهِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بالحَيْفِ إِلَّا أَن الحَيفَ من الحاكم خاصة والجنَف عَامٌّ؛ قَالَ الأَزهري: أَما قَوْلُهُ الحَيْفُ مِنَ الْحَاكِمِ خَاصَّةً فخطأٌ؛ الْحَيْفُ يَكُونُ مِنْ كُلِّ مَنْ حافَ أَي جارَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ التَّابِعِينَ: يُرَدُّ مِنْ حَيْف النَّاحِل مَا يُرَدُّ مِنْ جَنَف المُوصِي، والناحِلُ إِذَا نَحَل بعضَ ولدِه دُونَ بَعْضِ فَقَدْ حافَ، وَلَيْسَ بِحَاكِمٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُرْوَةَ: يُرَدُّ مِنْ صدَقةِ الجانِف فِي مَرَضِهِ مَا يُرَدُّ مِنْ وصِيَّةِ المُجْنِف عِنْدَ مَوْتِهِ.
يُقَالُ: جَنَفَ وأَجْنَفَ إِذَا مالَ وجارَ فَجُمِعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، وَقِيلَ: الجانِفُ يُخْتَصُّ بِالْوَصِيَّةِ، والمُجْنِفُ الْمَائِلُ عَنِ الْحَقِّ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً
أَي ميْلًا أَو إِثْمًا أَي قَصْداً لإِثْم؛ وَقَوْلُ أَبي الْعِيَالِ:
أَلَّا دَرَأْتَ الخَصْمَ، حِينَ رَأَيْتَهُم ... جَنَفاً عليَّ بأَلْسُنٍ وعُيُونِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَنَفاً هُنَا جمعَ جانِفٍ كرائحٍ ورَوَحٍ، وأَن يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ كأَنه قَالَ: ذَوَيْ جَنَف. وجَنِفَ عَنْ طَرِيقِهِ وجَنَفَ وتَجَانَفَ: عَدَلَ، وتَجَانَفَ إِلَى الشَّيْءِ كَذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ
، أَي مُتَمايل مُتَعَمّد؛ وَقَالَ الأَعشى:
تَجَانَفُ عَنْ جوِّ اليَمامَةِ ناقَتي، ... وَمَا عَدَلَتْ مِنْ أَهلِها لِسَوائِكا
وتجانَفَ لإِثمٍ أَي مَالَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، وَقَدْ أَفْطَر الناسُ فِي رَمضانَ ثُمَّ ظَهَرَتِ الشمسُ فَقَالَ: نَقْضيه «1» مَا تَجانَفْنا لإِثم
أَي لَمْ نَمِل فِيهِ لِارْتِكَابِ إِثْمٍ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لَجَّ فِي جِنافٍ قبيحٍ وجِناب قَبِيحٍ إِذَا لَجَّ فِي مُجانبةِ أَهله؛ وَقَوْلُ عَامِرٍ الخَصَفيّ:
هُمُ المَوْلى، وإنْ جَنَفُوا عَلَيْنا، ... وإنَّا مِنْ لِقائِهِمُ لَزُورُ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المَوْلَى هاهنا فِي مَوْضِعِ المَوالي أَي بَنِي العَمّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ لَبِيدٌ:
إِنِّي امْرُؤٌ مَنَعَتْ أَرُومة عامِرٍ ... ضَيْمِي، وَقَدْ جَنَفَتْ عَلَيَّ خُصومي
وَيُقَالُ: أَجْنَفَ الرَّجُلُ أَي جَاءَ بالجَنَف كَمَا يُقَالُ أَلام أَي أَتى بِمَا يُلامُ عَلَيْهِ، وأَخَسَّ أَتى بخَسِيس؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
وَلَقَدْ نُقِيمُ، إِذَا الخُصُومُ تَنافَدُوا، ... أَحْلامَهُم صَعَر الخَصِيمِ المُجْنِفِ
وَيُرْوَى: تَناقَدُوا. وَرَجُلٌ أَجْنَفُ أَي مُنْحَني
__________
(1) . قوله [نقضيه] كذا بالأصل، والذي في النهاية: لا نقضيه، بإثبات لا بين السطور بمداد أحمر، وبهامشها ما نصه: وفيه لا تقضيه لا رد لما توهمه السائل كأنه قال أثمنا فقال له لا ثم قال نقضيه إلى آخره.(9/33)
الظَّهْرِ. وذَكَرٌ أَجْنَفُ: وَهُوَ كالسَّدَلِ. وقَدَح أَجْنَفُ: ضَخْمٌ؛ قَالَ عدِيّ بْنُ الرِّقاعِ:
ويكرُّ العَبْدانِ بالمِحْلَبِ ... الأَجْنَفِ فِيهَا، حَتَّى يَمُجَّ السِّقاء
وجُنَفَى، مَقْصُورٌ عَلَى فُعَلَى، بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. وجَنَفاءُ: مَوْضِعٌ أَيضاً؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ وأَنشد لِزِيَادِ بْنِ سَيَّار الفَزاري:
رَحَلْتُ إليكَ مِنْ جَنَفاء، حَتَّى ... أَنَخْتُ حِيالَ بَيْتِك بالمَطالِ
وَفِي حَدِيثِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ ذِكْرُ جَنْفاء؛ هِيَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَالْمَدِّ، مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ بَنِي فزارة.
جندف: الجُنْدُفُ: القَصِيرُ المُلَزَّزُ. والجُنادِفُ: الْجَافِي الجَسِيمُ مِنَ النَّاسِ والإِبل، وَنَاقَةٌ جُنادِفةٌ وأَمَة جُنادِفةٌ كَذَلِكَ، وَلَا تُوصف بِهِ الحُرَّةُ. والجُنادِفُ: القَصير المُلَزَّزُ الخَلق، وَقِيلَ: الَّذِي إِذَا مَشَى حرَّك كَتِفَيْهِ، وَهُوَ مَشْيُ القِصار. وَرَجُلٌ جُنادِفٌ: غَلِيظٌ قَصِيرُ الرَّقبة؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ الرَّاعِي يَهْجُو جَرِيرَ بْنَ الخَطَفَى؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَهْجُو ابْنَ الرِّقاعِ:
جُنادفٌ لاحِقٌ بالرأْس مَنْكِبُه، ... كأَنه كَوْدنٌ يُوشَى بكُلَّابِ
مِنْ مَعْشَرٍ كُحِلَتْ باللؤْم أَعْيُنُهمْ، ... وُقْصِ الرِّقابِ مَوالٍ غَيرِ صُيّابِ «1»
الْجَوْهَرِيُّ: الجُنادِفُ، بِالضَّمِّ، الْقَصِيرُ الغليظ الخلقة.
جوف: الجَوْفُ: الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض. وجَوْفُ الإِنسان: بَطْنُهُ، مَعْرُوفٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الجَوْفُ باطِنُ البَطْنِ، والجَوْفُ مَا انْطَبَقَتْ عَلَيْهِ الكَتِفان والعَضُدان والأَضْلاعُ والصُّقْلانِ، وَجَمْعُهَا أَجوافٌ. وجافَه جَوْفاً: أَصابَ جَوْفَه. وجافَ الصَّيْدَ: أَدخل السَّهْمَ فِي جَوْفِه وَلَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ. والجائفةُ: الطعْنةُ الَّتِي تَبْلُغُ الْجَوْفَ. وطعْنَةٌ جَائِفَةٌ: تُخالِط الجوْف، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَنْفُذُه. وجافَه بِهَا وأَجافَه بِهَا: أَصابَ جَوْفَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: أَجَفْتُه الطعْنةَ وجُفْتُه بِهَا؛ حَكَاهُ عَنِ الْكِسَائِيِّ فِي بَابِ أَفْعَلْتُ الشَّيْءَ وفَعَلْتُ بِهِ. وَيُقَالُ: طَعَنْتُه فجُفْتُه وجافَه الدَّواءُ، فَهُوَ مَجُوفٌ إِذَا دَخَلَ جَوْفَه. ووِعاء مُسْتَجافٌ: واسِعٌ. واسْتَجافَ الشيءُ واسْتَجْوَفَ: اتَّسَعَ؛ قال أَبو دواد:
فَهْيَ شَوْهاءُ كالجُوالِقِ، فُوها ... مُسْتَجافٌ يَضِلُّ فِيهِ الشَّكِيمُ
واسْتَجَفْتُ المكانَ: وَجَدْتُهُ أَجْوَفَ. والجَوَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ شَيْءٌ أَجْوَفُ. وَفِي حَدِيثِ خَلْقِ آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنه خَلْقٌ لَا يَتَمالَكُ
؛ الأَجْوَفُ: الَّذِي لَهُ جَوْفٌ، وَلَا يتمالَك أَي لَا يَتَماسَكُ. وَفِي حَدِيثِ
عِمْران: كَانَ عُمَرُ أَجْوَفَ جَلِيدًا
أَي كَبِيرَ الجوْفِ عَظِيمَهُ. وَفِي حَدِيثِ
خُبَيْب: فَجافَتْني
؛ هُوَ مِنَ الأَوّل أَي وَصَلَتْ إِلَى جَوْفي. وَفِي حَدِيثِ
مَسْرُوقٍ فِي الْبَعِيرِ المُتَرَدِّي فِي الْبِئْرِ: جُوفُوه
أَي اطْعَنُوه
__________
(1) . قوله [وقص إلخ] في مادة صوب من الصحاح:
قُفْدِ الْأَكُفِّ لِئَامٍ غَيْرِ صياب
وكذا في شرح القاموس في مادة صيب بل في اللسان في غير هذه المادة.(9/34)
فِي جَوْفِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيةِ
؛ هِيَ الطَّعْنَةُ الَّتِي تَنْفُذُ إِلَى الْجَوْفِ. يُقَالُ: جُفْتُه إِذَا أَصَبْتَ جَوْفَه، وأَجَفْتُه الطَّعْنَة وجُفْتُهُ بِهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْمُرَادُ بِالْجَوْفِ هاهنا كلُّ مَا لَهُ قُوَّةٌ مُحِيلةٌ كالبَطْن والدِّماغ. وَفِي حَدِيثِ
حُذيْفَة: مَا مِنَّا أَحَدٌ لَوْ فُتِّشَ إِلَّا فُتِّش عَنْ جائفةٍ أَو مُنَقِّلةٍ
؛ المُنَقِّلَةُ مِنَ الْجِرَاحِ: مَا يَنْقُلُ الْعَظْمَ عَنْ مَوْضِعِهِ، أَراد لَيْسَ أَحدٌ إِلَّا وَفِيهِ عَيْب عَظِيمٌ فَاسْتَعَارَ الجائفةَ والمنقِّلةَ لِذَلِكَ. والأَجْوَفانِ: البَطْنُ والفَرْجُ لاتِّساعِ أَجْوافِهما. أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ:
لَا تَنْسَوُا الجوْفَ وَمَا وَعَى
أَي مَا يَدْخُلُ فِيهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ: قِيلَ أَراد بِالْجَوْفِ الْبَطْنَ وَالْفَرْجَ مَعًا كَمَا قَالَ
إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخافُ عَلَيْكُمُ الأَجْوفان
، وَقِيلَ: أَراد بالجوْفِ الْقَلْبَ وَمَا وَعى وحَفِظَ مِنْ مَعْرِفةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَفَرَسٌ أَجْوَفُ ومَجُوف ومُجَوَّفٌ: أَبيضُ الجوْفِ إِلَى مُنْتَهَى الْجَنْبَيْنِ وسائرُ لونِه مَا كَانَ. وَرَجُلٌ أَجْوَفُ: وَاسِعُ الجوْفِ؛ قَالَ:
حارِ بْنَ كَعْبٍ، أَلا الأَحْلامُ تَزْجُرُكم ... عَنّا، وأَنْتُمْ مِنَ الجُوفِ الجَماخِيرِ؟ «1»
وَقَوْلُ صَخْرِ الغَيّ:
أَسالَ منَ الليلِ أَشْجانَه، ... كأَنَّ ظَواهِرَه كُنَّ جُوفا
يَعْنِي أَن الْمَاءَ صادَفَ أَرضاً خَوَّارةً فاسْتَوْعَبَتْه فكأَنها جَوْفَاءُ غَيْرَ مُصْمَتةٍ. وَرَجُلٌ مَجوفٌ ومُجَوَّف: جَبانٌ لَا قَلْبَ لَهُ كأَنه خَالِي الجَوْفِ مِنَ الفُؤَادِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ حَسّان:
أَلا أَبْلِغْ أَبا سُفْيانَ عَنِّي: ... فأَنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواء
أَي خَالِيَ الْجَوْفِ مِنَ الْقَلْبِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المَجُوف الرَّجُل الضَّخْمُ «2» الْجَوْفِ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ نَاقَتَهُ:
هِيَ الصَّاحِبُ الأَدْنى وبَيْني وبَيْنَها ... مَجُوفٌ عِلافيٌّ، وقِطْعٌ ونُمْرُقُ
يَعْنِي هِيَ الصاحِب الَّذِي يَصْحَبُني. وأَجَفْتُ البابَ: رددْتُه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فَجِئنا مِنَ البابِ المُجافِ تَواتُراً، ... وإنْ تَقعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ
وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:
أَنه دَخَلَ الْبَيْتَ وأَجافَ البابَ
أَي رَدَّهُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَجِيفُوا أَبوابَكم
أَي رُدُّوها. وجَوْفُ كُلِّ شَيْءٍ: داخِلُه. قَالَ سِيبَوَيْهِ: الجَوفُ مِنَ الأَلفاظ الَّتِي لَا تُسْتَعْمَلُ ظَرْفًا إِلَّا بِالْحُرُوفِ لأَنه صَارَ مُخْتَصًّا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ. والجَوْفُ مِنَ الأَرض: مَا اتَّسع واطْمَأَنَّ فَصَارَ كَالْجَوْفِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مُوَلَّعةً خَنْساء ليسَتْ بنَعْجةٍ، ... يُدَمِّنُ أَجْوافَ المِياهِ وَقِيرُها
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَجْتابُ أَصْلًا قالِصاً مُتَنَبِّذاً ... بِعُجُوبِ أَنْقاءٍ، يَمِيلُ هَيامُها
مَنْ رَوَاهُ يَجْتَافُ، بِالْفَاءِ، فَمَعْنَاهُ يَدْخُلُ، يَصِفُ مَطَرًا. وَالْقَالِصُ: المُرْتفع. والمُتَنَبِّذ: المُتَنَحّي ناحيةً.
__________
(1) . قوله [ألا الأحلام] في الأساس: ألا أحلام.
(2) . قوله [الرجل الضخم] كذا في الأَصل وشرح القاموس وبعض نسخ الصحاح، وفي بعض آخر: الرحل، بالحاء، وعليه يجيء الشاهد.(9/35)
وَالْجَوْفُ مِنَ الأَرض أَوسع مِنَ الشِّعْب تَسِيلُ فِيهِ التِّلاعُ والأَودية وَلَهُ جِرَفةٌ، وَرُبَّمَا كَانَ أَوْسَعَ مِنَ الْوَادِي وأَقْعَر، وَرُبَّمَا كَانَ سَهْلًا يُمْسك الْمَاءَ، وَرُبَّمَا كَانَ قَاعًا مُسْتَدِيرًا فأَمسك الْمَاءَ. ابْنُ الأَعرابي: الجَوْف الْوَادِي. يُقَالُ: جوْفٌ لاخٌ إِذَا كَانَ عَميقاً، وجَوْفٌ جِلواح: واسِعٌ، وجَوْفٌ زَقَبٌ: ضَيِّقٌ. أَبو عَمْرٍو: إِذَا ارْتَفَعَ بَلَقُ الْفَرَسِ إِلَى جَنْبَيْهِ فَهُوَ مُجَوَّفٌ بَلَقاً؛ وأَنشد:
ومُجَوَّف بَلَقاً مَلَكْتُ عِنانَه، ... يَعْدُو عَلَى خَمْسٍ، قَوائِمُه زَكا
أَراد أَنه يَعْدُو عَلَى خَمْسٍ مِنَ الوحْش فَيَصِيدُهَا، وَقَوَائِمُهُ زَكَا أَي لَيْسَتْ خَساً وَلَكِنَّهَا أَزواج، ملكْتُ عِنانَه أَي اشْتَرَيْتَهُ وَلَمْ أَسْتَعِرْه. أَبو عُبَيْدَةَ: أَجْوَفُ أَبْيَضُ البطنِ إِلَى مُنْتَهَى الجَنْبَيْنِ وَلَوْنُ سَائِرِهِ مَا كَانَ، وَهُوَ المُجَوَّفُ بالبلَق ومُجَوَّفٌ بلَقاً. الْجَوْهَرِيُّ: الْمُجَوَّفُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي يَصْعَدُ الْبَلَقُ حَتَّى يَبْلُغَ البطنَ؛ عَنِ الأَصمعي؛ وأَنشد لِطُفَيْلٍ:
شَميط الذُّنَابَى جُوِّفَتْ، وَهْيَ جَوْنةٌ ... بِنُقْبة دِيباجٍ، ورَيْطٍ مُقَطَّعِ
واجتافَه وتَجَوَّفَه بِمَعْنًى أَي دَخَلَ فِي جوْفِه. وَشَيْءٌ جُوفيٌّ أَي واسِعُ الجَوْفِ. ودِلاءٌ جُوفٌ أَي واسِعة. وَشَجَرَةٌ جَوْفاء أَي ذَاتُ جَوْفٍ. وَشَيْءٌ مُجَوَّفٌ أَي أَجْوَفُ وَفِيهِ تَجْوِيفٌ. وتَلْعة جائفةٌ: قَعِيرةٌ. وتِلاعٌ جَوائِفُ، وجَوائِفُ النَّفْسِ: مَا تَقَعَّرَ مِنَ الجوْفِ ومَقارّ الرُّوحِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَلم يَكْفِني مَرْوانُ، لَمّا أَتَيْتُهُ ... زِياداً، وردَّ النَّفْسَ بَيْنَ الجَوائِفِ؟
وتَجَوَّفَتِ الخُوصةُ العَرْفَجَ: وَذَلِكَ قَبْلَ أَن تَخْرُجَ وَهِيَ فِي جَوْفِه. والجَوَفُ: خَلاء الجوْفٍ كالقَصبةِ الجَوْفاء. والجُوفانُ: جَمْعُ الأَجْوَفِ. واجتافَ الثَّوْرُ الكِناسَ وتَجَوَّفَه، كِلَاهُمَا: دَخَلَ فِي جوْفه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الثورَ والكِناسَ:
فهْو، إِذَا مَا اجْتافَه جُوفيُّ، ... كالخُصِّ إذْ جَلَّلَه الباريُ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَجَوَّفَ كلَّ أَرْطاةٍ رَبُوضٍ ... مِنَ الدَّهْنا تَفَرَّعَتِ الحِبالا
والجَوْفُ: مَوْضِعٌ باليمن، والجَوْفُ: اليمامة، وباليمن وادٍ يُقَالُ لَهُ الْجَوْفُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
الجَوْفُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَغْواطِ، ... ومِنْ أَلاءَاتٍ ومِنْ أُراطِ «3»
وجَوْفُ حِمارٍ وجوْفُ الحِمار: وادٍ مَنْسُوبٌ إِلَى حِمارِ بْنِ مُوَيْلِعٍ رَجُلٌ مِنْ بَقَايَا عَادٍ، فأَشرك بِاللَّهِ فأَرسل اللَّهُ عَلَيْهِ صَاعِقَةً أَحْرَقَتْه والجَوْفَ، فَصَارَ مَلْعباً لِلْجِنِّ لَا يُتَجَرَّأُ عَلَى سُلُوكِهِ؛ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ:
وخَرْقٍ كَجَوْف العَيْرِ قَفْرٍ مَضَلّة
أَراد كَجَوْفِ الحِمار فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الْوَزْنُ فَوَضَعَ العيرَ مَوْضِعَهُ لأَنه فِي مَعْنَاهُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ووادٍ كَجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُه
__________
(3) . قوله [أراط] في معجم ياقوت: أراط، بالضم، من مياه بَنِي نُمَيْرٍ، ثُمَّ قَالَ: وأراط باليمامة. وفي اللسان في مادة أرط: فأما قوله الجوف إلخ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أراط جَمْعَ أَرْطَاةٍ وَهُوَ الْوَجْهُ وَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ أَرْطَى انتهى. وفيه أيضاً أن الغوط وَالْغَائِطُ الْمُتَّسِعُ مِنَ الأَرض مَعَ طُمَأْنِينَةٍ وَجَمْعُهُ أَغْوَاطٌ انتهى. وألاءات بوزن علامات وفعالات كما في المعجم وغيره موضع.(9/36)
قَالَ: أَراد بجَوْف الْعَيْرِ وَادِيًا بِعَيْنِهِ أُضيف إِلَى الْعَيْرِ وَعُرِفَ بِذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ أَخلى مِنْ جَوْفِ حِمَارٍ هُوَ اسْمُ وادٍ فِي أَرض عادٍ فِيهِ مَاءٌ وَشَجَرٌ، حَمَاهَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ حِمار وَكَانَ لَهُ بَنُونَ فأَصابتهم صَاعِقَةٌ فَمَاتُوا، فَكَفَرَ كُفْرًا عَظِيمًا، وَقَتَلَ كُلَّ مَنْ مرَّ بِهِ مِنَ النَّاسِ، فأَقبلت نَارٌ مِنْ أَسفل الْجَوْفِ فأَحرقته وَمَنْ فِيهِ، وغاضَ مَاؤُهُ فَضَرَبَتِ الْعَرَبُ بِهِ الْمَثَلَ فَقَالُوا: أَكْفَرُ مِنْ حِمار، ووادٍ كَجَوْفِ الْحِمَارِ، وَكَجَوْفِ العَير، وأَخْرَبُ مِنْ جَوْفِ حِمَارٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَتَوقَّلَتْ بِنَا القِلاصُ مِنْ أَعالي الجَوْف
؛ الجَوْفُ أَرْض لمُرادٍ، وَقِيلَ: هُوَ بَطْنُ الوادِي. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ
قِيلَ لَهُ: أَيُّ الليلِ أَسمَعُ؟ قَالَ: جَوْفُ الليلِ الآخِرُ
أَي ثُلْثُهُ الآخِرُ، وَهُوَ الْجُزْءُ الْخَامِسُ مِنْ أَسْداس اللَّيْلِ، وأَهل الْيَمَنِ والغَوْر يُسَمُّونَ فَساطِيطَ العُمّال الأَجْوافَ. والجُوفانُ: ذَكَرَ الرَّجُلِ؛ قَالَ:
لأَحْناء العِضاه أَقَلُّ عَارًا ... مِنَ الجُوفانِ، يَلْفَحُه السَّعِيرُ
وَقَالَ المؤرجُ: أَيْرُ الحِمار يُقَالُ لَهُ الجُوفان، وَكَانَتْ بَنُو فزارةَ تُعَيَّرُ بأَكل الجُوفانِ فَقَالَ سَالِمُ بْنُ دارةَ يَهْجُو بَنِي فَزارةَ:
لَا تَأْمَنَنَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ بِهِ ... عَلَى قَلُوصِكَ، واكْتُبْها بأَسْيَارِ
لَا تأْمَنَنْه وَلَا تأْمَنْ بَوائقَه، ... بَعْدَ الَّذِي امْتَلَّ أَيْرَ العَيْرِ فِي النارِ
مِنْهَا:
أَطْعَمْتُمُ الضَّيْفَ جُوفاناً مُخاتَلةً، ... فَلَا سَقاكم إلهِي الخالِقُ البارِي
والجائفُ: عِرْق يَجْرِي عَلَى العَضُد إِلَى نُغْض الْكَتِفِ وَهُوَ الفلِيقُ. والجُوفيُّ والجُوافُ، بِالضَّمِّ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ، وَاحِدَتُهُ جُوافَةٌ؛ وأَنشد أَبو الغَوْث:
إِذَا تَعَشَّوْا بَصَلًا وَخَلَّا، ... وكَنْعَداً وجُوفِياً قَدْ صلَّا،
باتُوا يَسُلُّونَ الفُساء سَلَّا، ... سَلَّ النَّبِيطِ القَصَبَ المُبْتَلَّا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: خَفَّفَهُ لِلضَّرُورَةِ. وَفِي حَدِيثِ
مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ: أَكلتُ رَغِيفًا ورأْسَ جُوافةٍ فَعَلَى الدُّنْيَا العَفاء
؛ الجُوافةُ، بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ وَلَيْسَ مِنْ جَيِّدِه. والجَوفاء: مَوْضِعٌ أَو مَاءٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَقَدْ كَانَ فِي بَقْعاء رِيٌّ لشائكُم، ... وتَلْعَةَ والجَوفاء يَجْري غَدِيرُها «1»
وَقَوْلُهُ فِي صِفَةِ نَهْرِ الْجَنَّةِ:
حَافَّتَاهُ الياقوتُ المُجَيَّب
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الَّذِي جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ اللُّؤلؤ المُجَوَّفُ، قَالَ: وَهُوَ مَعْرُوفٌ، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي سُنَنِ أَبي داودَ المجيَّب أَو الْمُجَوَّفُ بِالشَّكِّ، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي مَعالِمِ السُّنن المجيَّب أَو المجوَّب، بِالْبَاءِ فِيهِمَا، عَلَى الشَّكِّ، قَالَ: ومعناه الأَجوف.
جيف: الجِيفةُ: مَعْرُوفَةٌ جُثَّةُ الْمَيِّتِ، وَقِيلَ: جُثَّةُ الْمَيِّتِ إِذَا أَنْتَنَتْ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فارْتَفَعَت ريحُ جِيفةٍ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا أَعرِفَنَّ أَحدَكم جِيفةَ لَيْلٍ قُطْرُبَ نهارٍ
أَي يَسْعَى طُول نهارِه لِدُنْيَاهُ ويَنام طُولَ ليلِه كالجِيفة الَّتِي لا تتحرك.
__________
(1) . قوله [لشائكم] في معجم ياقوت في عدة مواضع: لشأنكم.(9/37)
وَقَدْ جَافَتِ الجِيفةُ واجْتافَتْ وانْجافَتْ: أَنتنت وأَرْوَحَتْ. وجَيَّفَتِ الجِيفةُ تَجْيِيفاً إِذَا أَصَلَّتْ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
أَتُكَلِّمُ أُناساً جَيَّفُوا؟
أَي أَنتَنوا، وَجَمْعُ الْجِيفَةِ، وَهِيَ الجُثَّة الْمَيِّتَةُ الْمُنْتِنَةُ، جِيَفٌ ثُمَّ أَجْيافٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دَيُّوثٌ وَلَا جَيَّافٌ
، وَهُوَ النَّبّاشُ فِي الجَدَثِ، قَالَ: وَسُمِّيَ النّبَّاش جَيّافاً لأَنه يكْشِفُ الثِّيَابَ عَنْ جِيَفِ الْمَوْتَى ويأْخذها، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لِنَتْنِ فِعْله.
فصل الحاء المهملة
حتف: الحَتْفُ: الْمَوْتُ، وَجَمْعُهُ حُتُوفٌ؛ قَالَ حَنَشُ بْنُ مَالِكٍ:
فَنَفْسَك أَحْرِزْ، فإنَّ الحُتُوفَ ... يَنْبَأْنَ بالمَرْءِ فِي كلِّ وَادِ
وَلَا يُبْنى مِنْهُ فِعْل. وَقَوْلُ الْعَرَبِ: مَاتَ فُلَانٌ حَتْفَ أَنفه أَي بِلَا ضَرْبٍ وَلَا قَتْلٍ، وَقِيلَ: إِذَا مَاتَ فَجْأَةً، نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ كأَنهم توهَّموا حَتَفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِعْلٌ. قَالَ الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: وَلَمْ أَسمع للحَتْفِ فِعْلًا.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَنْ مَاتَ حَتْف أَنفه فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ وَقَعَ أَجره عَلَى اللَّهُ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ أَن يَمُوتَ مَوْتًا عَلَى فِرَاشِهِ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ وَلَا غَرَق وَلَا سَبُع ولا غيره، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَهُوَ شَهِيدٌ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن يَمُوتَ عَلَى فِرَاشِهِ كأَنه سَقَطَ لأَنفه فَمَاتَ. والحَتْفُ: الْهَلَاكُ، قَالَ: كَانُوا يتخَيَّلُون أَن رُوحَ الْمَرِيضِ تَخْرُجُ مِنْ أَنفه فَإِنْ جُرِحَ خَرَجَتْ مِنْ جِراحتِه. الأَزهري:
وَرُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ «1» أَنه قَالَ: فِي السَّمَكِ: مَا مَاتَ حَتْفَ أَنفه فَلَا تأْكله
، يَعْنِي الَّذِي يَمُوتُ مِنْهُ فِي الْمَاءِ وَهُوَ الطَّافِي. قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا قِيلَ لِلَّذِي يَمُوتُ عَلَى فِرَاشِهِ مَاتَ حَتْفَ أَنفه. وَيُقَالُ: مَاتَ حَتْفَ أَنْفَيْهِ لأَنَّ نَفْسه تَخْرُجُ بِتَنَفُّسِهِ مِنْ فِيهِ وأَنفه. قَالَ: وَيُقَالُ أَيضاً مَاتَ حَتْفَ فِيه كَمَا يُقَالُ مَاتَ حَتْف أَنفه، والأَنفُ والفمُ مَخْرَجَا النفَس. قَالَ: وَمَنْ قَالَ حَتْفَ أَنفيه احْتَمَلَ أَن يَكُونَ أَراد سَمَّيْ أَنفه وَهُمَا مَنْخَراه، وَيُحْتَمَلُ أَن يُرَادَ بِهِ أَنفه وَفَمُهُ فَغَلَّب أَحدَ الِاسْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لِتَجَاوُرِهِمَا؛ وَفِي حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ:
والمَرْءُ يأْتي حَتْفُه مِن فَوْقهِ
يُرِيدُ أَن حَذَره وجُبْنَه غيرُ دَافِعٍ عَنْهُ المَنِيّة إِذَا حَلَّتْ بِهِ، وأَوّل مَنْ قَالَ ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ مَامَةَ فِي شِعْرِهِ، يُرِيدُ أَن الْمَوْتَ يأْتيه مِنَ السَّمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ قَيْلَة: أَنَّ صَاحِبَهَا قَالَ لَهَا كنتُ أَنا وأَنتِ، كَمَا قِيلَ: حَتْفَها تَحْمِلُ ضَأْنٌ بأَظْلافِها؛ قَالَ: أَصله أَن رَجُلًا كَانَ جَائِعًا بالفَلاة القَفْر، فَوَجَدَ شَاةً وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَذْبَحُهَا بِهِ، فَبَحَثَتِ الشاةُ الأَرض فَظَهَرَ فِيهَا مُدْية فَذَبَحَهَا بِهَا، فَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ مَنْ أَعان عَلَى نَفْسِهِ بسُوء تَدْبِيرِهِ؛ وَوَصَفَ أُميةُ الحيّةَ بِالْحَتْفَةِ فَقَالَ:
والحَيّةُ الحَتْفةُ الرَّقْشاء أَخْرَجَها، ... منْ بَيْتِها، أَمَناتُ اللهِ والكَلِمُ
وحُتافةُ الخِوانِ كَحُتامَتِه: وَهُوَ مَا يَنْتَثِر فَيُؤْكَلُ ويُرْجى فِيهِ الثَّواب.
حترف: ابْنُ الأَعرابي: الحُتْرُوفُ الكادُّ على عِياله.
حثرف: الحَثْرفةُ: الخُشونةُ والحُمْرةُ تكون في العين.
__________
(1) . قوله [عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ] كذا بالأصل والذي في النهاية: عبيد بن عمير.(9/38)
وتَحَثْرَفَ الشيءُ مِنْ يَدِي: تَبَدَّدَ. وحَثْرَفَه مِنْ مَوْضِعِهِ: زَعْزَعَه؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَيْسَ بثبت.
حجف: الحَجَفُ: ضَرْب مِنَ التِّرَسَةِ، وَاحِدَتُهَا حَجَفةٌ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الجُلودِ خاصَّة، وَقِيلَ: هِيَ مِنْ جُلُودِ الإِبل مُقَوَّرةً، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هِيَ مِنْ جلودِ الإِبل يُطارَقُ بعضُها بِبَعْضٍ؛ قَالَ الأَعشى:
لَسْنا بِعِيرٍ، وبَيْتِ اللَّهِ، مائرةٍ، ... لَكِنْ عَلَيْنا دُروعُ القَوْمِ والحَجَفُ.
وَيُقَالُ للتُّرْس إِذَا كَانَ مِنْ جُلُودٍ لَيْسَ فِيهِ خشَب وَلَا عَقَبٌ: حَجَفةٌ ودَرَقةٌ، وَالْجَمْعُ حَجَفٌ؛ قَالَ سُؤْرُ الذِّئْب:
مَا بالُ عَيْنٍ عَنْ كَراها قَدْ جَفَتْ، ... وشَفَّها مِن حُزْنِها مَا كَلِفَتْ؟
كأَنَّ عُوَّاراً بِهَا، أَو طُرِفَتْ ... مسْبَلةً، تَسْتَنُّ لَمَّا عَرَفَتْ
دَارًا لِلَيْلى بَعْدَ حَوْلٍ قَدْ عَفَتْ، ... كأَنَّها مَهارِقٌ قَدْ زُخْرِفَتْ
تَسْمَعُ لِلحَلْيِ، إِذَا مَا انْصَرَفَتْ، ... كَزَجَلِ الرِّيح، إِذَا مَا زَفْزَفَتْ
مَا ضَرَّها أَم مَا علَيْها لوْ شَفَتْ ... مُتَيَّماً بنَظْرةٍ، وأَسْعَفَتْ؟
قَدْ تَبَلَتْ فُؤَادَه وشَغَفَتْ، ... بَلْ جَوْزِ تَيْهاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ،
قَطَعْتُها إِذَا المَها تَجَوَّفَتْ، ... مَآرِناً إِلَى ذَراها أَهْدَفَتْ
يُرِيدُ رُبَّ جَوْزِ تَيْهاء، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ إِذَا سَكَتَ عَلَى الْهَاءِ جَعَلَهَا تَاءً فَقَالَ: هَذَا طلحتْ، وخُبز الذُّرتْ. وَفِي حَدِيثِ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ:
فَتَطَوَّقَتْ بِالْبَيْتِ كالحَجَفةِ
؛ هِيَ التُّرْس. والمُحاجِفُ: المُقاتِلُ صاحِبُ الحَجَفةِ. وحاجَفْتُ فُلَانًا إِذَا عارَضْته ودافَعْته. واحتَجَفْتُ نَفْسِي عَنْ كَذَا واحْتَجَنْتها «1» أَي ظَلَفْتُها. والحُجافُ: مَا يَعْتَري مِنْ كَثْرَةِ الأَكل أَو مِنْ أَكل شَيْءٍ لَا يُلَائِمُ فيأْخذُه البطنُ اسْتِطْلاقاً، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقَعَ عَلَيْهِ المَشْيُ والقَيء مِنَ التُّخَمةِ، وَرَجُلٌ مَحْجُوفٌ؛ قَالَ رؤبةُ:
يَا أَيُّها الدَّارِئُ كالمَنْكُوفِ، ... والمُتَشكِّي مَغْلَة المَحْجُوفِ
الدَّارِئُ: الَّذِي دَرَأَت غُدّتُه أَي خَرَجَتْ، والمَنْكُوفُ: الَّذِي يَتَشَكَّى نَكَفَته وَهُمَا الغُدّتانِ اللَّتانِ فِي رَأْدي اللَّحْيَيْنِ، وَقَالَ الأَزهري: هِيَ أَصل اللِّهْزِمةِ، وَقَالَ: المَحْجُوفُ والمَجْحُوفُ وَاحِدٌ، قَالَ: وَهُوَ الحُجاف والجُحاف مَغَسٌ فِي الْبَطْنِ شَدِيدٌ. وحَجَفةُ: أَبو ذَرْوة بن حَجَفةَ، قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مِنْ شعرائهم.
حجرف: الحُجْرُوفُ: دُوَيْبّةٌ طَوِيلَةُ الْقَوَائِمِ أَعظم مِنَ النَّمْلَةِ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: هِيَ العُجْرُوفُ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي العين.
حذف: حذَفَ الشيءَ يَحْذِفُه حَذْفاً: قَطَعَه مِنْ طَرَفه، والحَجَّامُ يَحْذِفُ الشعْر، مِنْ ذَلِكَ. والحُذافةُ: مَا حُذِفَ مِنْ شَيْءٍ فَطُرِح، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ حُذافةَ الأَديم. الأَزهري: تَحْذِيفُ
__________
(1) . قوله [واحتجنتها] كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: واجتحفتها.(9/39)
الشَّعر تَطْريرُه وتَسْويَتُه، وَإِذَا أَخذت مِنْ نَوَاحِيهِ مَا تُسَوِّيه بِهِ فَقَدْ حَذَّفْتَه؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَهَا جَبْهةٌ كسَراةِ المِجَنِّ ... حَذَّفَه الصّانِعُ المُقْتَدِرْ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده الْجَوْهَرِيُّ عَلَى قَوْلِهِ حَذَّفَه تَحْذيفاً أَي هَيَّأَه وصَنَعه، قَالَ: وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا؛ وَقَالَ النَّضْرُ: التَّحْذِيفُ فِي الطُّرّة أَن تُجْعل سُكَيْنِيَّةً كَمَا تَفْعَلُ النَّصَارَى. وأُذن حَذْفاء: كأَنها حُذِفَتْ أَي قُطِعَتْ. والحِذْفةُ القِطْعة مِنَ الثَّوْبِ، وَقَدِ احْتَذَفَه وحَذَف رأْسَه. وَفِي الصِّحَاحِ: حذَف رأْسه بِالسَّيْفِ حَذْفاً ضَرَبَهُ فقطَع مِنْهُ قِطْعة. والحَذْفُ: الرَّمْيُ عَنْ جانِبٍ والضرْبُ عَنْ جَانِبٍ، تَقُولُ: حَذَفَ يَحْذِفُ حَذْفاً. وحَذَفَه حَذْفاً: ضَرَبَهُ عَنْ جَانِبٍ أَو رَماه عَنْهُ، وحَذَفَه بالعَصا وَبِالسَّيْفِ يَحْذِفُه حَذْفاً وتَحَذَّفه: ضَرَبَهُ أَو رَمَاهُ بِهَا. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيتُ رُعْيانَ الْعَرَبِ يَحْذِفُون الأَرانِبَ بِعِصِيِّهم إِذَا عَدَتْ ودَرَمَتْ بَيْنَ أَيديهم، فَرُبَّمَا أَصابت الْعَصَا قَوَائِمَهَا فيَصِيدونها وَيَذْبَحُونَهَا. قَالَ: وأَما الخَذْفُ، بِالْخَاءِ، فَإِنَّهُ الرَّمْيُ بالحَصى الصِّغَارِ بأَطراف الأَصابع، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَرْفجةَ: فتناوَلَ السَّيْفَ فحَذَفَه بِهِ
أَي ضَرَبَهُ بِهِ عَنْ جَانِبٍ. والحَذْفُ يُسْتَعْمَلُ فِي الرمْي وَالضَّرْبِ مَعاً. وَيُقَالُ: هُمْ بَيْنَ حاذِفٍ وقاذِفٍ؛ الحاذِفُ بِالْعَصَا والقاذِفُ بِالْحَجَرِ. وَفِي الْمَثَلِ: إِيَّايَ وأَن يَحْذِفَ أَحَدُكم الأَرْنَبَ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ عَنِ الْعَرَبِ، أَي وأَن يرمِيَها أَحد، وذلك لأَنها مَشْؤُومةٌ يُتَطَيَّرُ بِالتَّعَرُّضِ لَهَا. وحَذَفَني بِجَائِزَةٍ: وَصَلَنِي. والحَذَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: ضَأْنٌ سُود جُرْدٌ صِغار تكون باليمن. وَقِيلَ: هِيَ غَنَمٌ سُودٌ صغار تكون بالحجاز، وَاحِدَتُهَا حَذَفةٌ، وَيُقَالُ لَهَا النَّقَدُ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَوُّوا الصُّفُوف
، وَفِي رِوَايَةٍ:
تَراصُّوا بَيْنَكُمْ فِي الصَّلَاةِ لَا تَتَخَلَّلُكم الشَّيَاطِينُ كأَنها بَناتُ حَذَف
، وَفِي رِوَايَةٍ:
كأَولاد الْحَذَفِ يَزْعُمُونَ أَنها عَلَى صُوَرِ هَذِهِ الْغَنَمِ
؛ قَالَ:
فأَضْحَتِ الدّارُ قَفْراً لَا أَنِيسَ بِهَا، ... إِلَّا القِهادُ مَعَ القَهْبيِّ والحَذَف
اسْتَعاره للظِّباء، وَقِيلَ: الحَذَفُ أَوْلادُ الْغَنَمِ عَامَّةً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَتَفْسِيرُ الْحَدِيثِ بِالْغَنَمِ السُّود الجُرْد الَّتِي تكون باليمن أَحَبُّ التَّفْسِيرَيْنِ إِلَيَّ لأَنها فِي الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ الْحَذَفِ: هِيَ الْغَنَمُ الصِّغَارُ الْحِجَازِيَّةُ، وَقِيلَ: هِيَ صِغَارٌ جُرْدٌ لَيْسَ لَهَا آذَانٌ وَلَا أَذناب يُجاء بِهَا مِنْ جُرَشِ اليَمنِ. الأَزهري عَنِ ابْنِ شُمَيْلٍ: الأَبقعُ الْغُرَابُ الأَبيض الْجَنَاحِ، قَالَ: والحَذَفُ الصِّغَارُ السُّودُ وَالْوَاحِدُ حَذَفة، وَهِيَ الزِّيغان الَّتِي تُؤْكَلُ، والحذَف الصِّغَارُ مِنَ النِّعاج. الْجَوْهَرِيُّ: حَذْفُ الشَّيْءِ إسْقاطُه، وَمِنْهُ حَذَفتُ مِنْ شَعري وَمِنْ ذَنَب الدَّابَّةِ أَي أَخذت. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَذْفُ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ سُنّةٌ
؛ هُوَ تَخْفِيفُهُ وَتَرْكُ الإِطالة فِيهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ
النَّخَعِيّ: التَّكْبِيرُ جَزْمٌ وَالسَّلَامُ جَزْمٌ فَإِنَّهُ إِذَا جَزَمَ السَّلَامَ وقطعَه فَقَدْ خفَّفه وحَذفه.
الأَزهري عَنِ ابْنِ المُظفَّر: الحَذْفُ قَطْفُ الشَّيْءِ مِنَ الطرَف كَمَا يُحْذَفُ ذَنَب الدَّابَّةِ، قَالَ: والمَحْذُوفُ الزِّقُّ؛ وأَنشد:
قاعِداً حَوْلَه النَّدامَى، فَمَا يَنْفَكُّ ... يُؤتَى بِمُوكَرٍ مَحْذوفِ(9/40)
قَالَ: وَرَوَاهُ شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي مَجْدوف ومَجْذُوف، بِالْجِيمِ وَبِالدَّالِ أَو بِالذَّالِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُمَا الْمَقْطُوعُ، وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ مَنْدُوف، وأَما مَحْذُوفٌ فَمَا رَوَاهُ غَيْرُ اللَّيْثِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْجِيمِ. والحذَفُ: ضَرْبٌ مِنَ البَطّ صِغار، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. وحذَفُ الزَّرْعِ: ورَقُه. وَمَا فِي رَحْله حُذافةٌ أَي شَيْءٌ مِنْ طَعَامٍ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَكلَ الطَّعَامَ فَمَا تَرَكَ مِنْهُ حُذافةً، وَاحْتَمَلَ رَحْله فَمَا تَرَكَ مِنْهُ حُذافةً أَي شَيْئًا. قَالَ الأَزهري: وأَصحاب أَبي عُبَيْدٍ رَوَوا هَذَا الْحَرْفَ فِي بَابِ النَّفْيِ حُذاقة، بِالْقَافِ، وأَنكره شَمِرٌ وَالصَّوَابُ مَا قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَهُ اللِّحْيَانِيُّ، بِالْفَاءِ، فِي نَوَادِرِهِ، وَقَالَ: حُذافةُ الأَدِيمِ مَا رُمِيَ مِنْهُ. وحُذَيْفَةُ: اسْمُ رَجُلٍ. وحَذْفةُ: اسْمُ فَرَسِ خَالِدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلاب؛ قَالَ:
فَمَنْ يَكُ سَائِلًا عَني، فَإِنِّي ... وحَذْفةَ كالشَّجَا تحتَ الوَرِيدِ
حرف: الحَرْفُ مِنْ حُروف الهِجاء: مَعْرُوفٌ وَاحِدُ حُرُوفِ التَّهَجِّي. والحَرْفُ: الأَداة الَّتِي تُسَمَّى الرابِطةَ لأَنها تَرْبُطُ الاسمَ بِالِاسْمِ والفعلَ بِالْفِعْلِ كَعَنْ وَعَلَى وَنَحْوِهِمَا، قَالَ الأَزهري: كلُّ كَلِمَةٍ بُنِيَتْ أَداةً عَارِيَةً فِي الْكَلَامِ لِتَفْرِقَة المعاني واسمُها حَرْفٌ، وَإِنْ كَانَ بِنَاؤُهَا بِحَرْفٍ أَو فَوْقَ ذَلِكَ مِثْلُ حَتَّى وَهَلْ وبَلْ وَلَعَلَّ، وكلُّ كَلِمَةٍ تقرأُ عَلَى الْوُجُوهِ مِنَ الْقُرْآنِ تُسَمَّى حَرْفاً، تَقُولُ: هَذَا فِي حَرْف ابْنِ مَسْعُودٍ أَي فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ. ابْنُ سِيدَهْ: والحَرْفُ القِراءة الَّتِي تقرأُ عَلَى أَوجُه، وَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
مِنْ قَوْلِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُف كلُّها شافٍ كافٍ
، أَراد بالحرْفِ اللُّغَةَ. قال أَبو عبيد وأَبو الْعَبَّاسِ. نَزَلَ عَلَى سَبْعِ لُغات مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ، قَالَ: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن يَكُونَ فِي الْحَرْفِ الْوَاحِدِ سَبْعَةُ أَوجُه هَذَا لَمْ يُسْمَعْ بِهِ، قَالَ: وَلَكِنْ يَقُولُ هَذِهِ اللُّغَاتُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْقُرْآنِ، فَبَعْضُهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، وَبَعْضُهُ بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ، وَبَعْضُهُ بِلُغَةِ هوازِنَ، وَبَعْضُهُ بِلُغَةِ هُذَيْل، وَكَذَلِكَ سَائِرُ اللُّغَاتِ وَمَعَانِيهَا فِي هَذَا كُلِّهِ وَاحِدٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن يَكُونَ فِي الْحَرْفِ الْوَاحِدِ سبعةُ أَوجه، عَلَى أَنه قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مَا قَدْ قُرِئ بِسَبْعَةٍ وَعَشْرَةٍ نَحْوُ: مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ وعَبَدَ الطَّاغُوتَ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ القراءة فوجدتهم متقاربين فاقرأُوا كَمَا عُلِّمْتمْ إِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحدكم هَلمّ وتعالَ وأَقْبِلْ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِيهِ أَقوال غَيْرُ ذَلِكَ، هَذَا أَحسنها. والحَرْفُ فِي الأَصل: الطَّرَفُ والجانِبُ، وَبِهِ سُمِّيَ الحَرْفُ مِنْ حُرُوفِ الهِجاء. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُف فَقَالَ: مَا هِيَ إِلَّا لُغَاتٌ. قَالَ الأَزهري: فأَبو الْعَبَّاسِ النحْويّ وَهُوَ وَاحِدُ عصْره قَدِ ارْتَضَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبو عُبَيْدٍ واستصوَبه، قَالَ: وَهَذِهِ السَّبْعَةُ أَحرف الَّتِي مَعْنَاهَا اللُّغَاتُ غَيْرُ خَارِجَةٍ مِنَ الَّذِي كُتِبَ فِي مَصَاحِفِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي اجْتَمَعَ عَلَيْهَا السلَف المرضيُّون والخَلَف الْمُتَّبَعُونَ، فَمَنْ قرأَ بِحَرْفٍ وَلَا يُخالِفُ الْمُصْحَفَ بِزِيَادَةٍ أَو نُقْصَانٍ أَو تَقْدِيمِ مؤخّرٍ أَو تأْخير مُقَدَّمٍ، وَقَدْ قرأَ بِهِ إِمَامٌ مِنْ أَئمة القُرّاء الْمُشْتَهِرِينَ فِي الأَمصار، فَقَدْ قرأَ بِحَرْفٍ مِنَ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَا، وَمَنْ قرأَ بِحَرْفٍ شَاذٍّ يُخَالِفُ الْمُصْحَفَ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ جُمْهُورَ الْقُرَّاءِ الْمَعْرُوفِينَ، فَهُوَ غَيْرُ مُصِيبٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهل الْعِلْمِ الَّذِينَ هُمُ القُدوة وَمَذْهَبُ الرَّاسِخِينَ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَإِلَى هَذَا أَوْمأَ أَبو الْعَبَّاسِ النَّحْوِيُّ وأَبو(9/41)
بَكْرِ بْنُ الأَنباري فِي كِتَابٍ لَهُ أَلفه فِي اتِّبَاعِ مَا فِي الْمُصْحَفِ الإِمام، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ مُقْرِئ أَهل الْعِرَاقِ وَغَيْرُهُ مِنَ الأَثبات المتْقِنِين، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ عِنْدِي غَيْرُ مَا قَالُوا، وَاللَّهُ تَعَالَى يُوَفِّقُنَا لِلِاتِّبَاعِ وَيُجَنِّبُنَا الِابْتِدَاعَ. وحَرْفا الرأْس: شِقاه. وَحَرْفُ السَّفِينَةِ وَالْجَبَلِ: جَانِبُهُمَا، وَالْجَمْعُ أَحْرُفٌ وحُرُوفٌ وحِرَفةٌ. شَمِرٌ: الحَرْفُ مِنَ الْجَبَلِ مَا نَتَأَ فِي جَنْبِه مِنْهُ كهَيْئة الدُّكانِ الصَّغِيرِ أَو نَحْوِهِ. قَالَ: والحَرْفُ أَيضاً فِي أَعْلاه تَرى لَهُ حَرْفاً دَقِيقًا مُشفِياً عَلَى سَواء ظَهْرِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: حرْفُ كُلِّ شَيْءٍ طَرفُه وشفِيرُه وحَدُّه، وَمِنْهُ حَرْفُ الْجَبَلِ وَهُوَ أَعْلاه المُحدَّدُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَهلُ الْكِتَابِ لَا يأْتون النِّساء إِلَّا عَلَى حَرْفٍ
أَي عَلَى جَانِبٍ. والحَرْفُ مِنَ الإِبل: النَّجِيبة الماضِيةُ الَّتِي أَنْضَتها الأَسفار، شُبِّهَتْ بِحَرْفِ السَّيْفِ فِي مَضَائِهَا وَنَجَائِهَا ودِقَّتها، وَقِيلَ: هِيَ الضّامِرةُ الصُّلْبَةُ، شُبِّهَتْ بِحَرْفِ الْجَبَلِ فِي شِدَّتها وصَلابتها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
جُمالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنادٌ، يَشُلُّها ... وظِيفٌ أَزَجُّ الخَطْوِ رَيّانُ سَهْوَقُ
فَلَوْ كَانَ الحَرْفُ مَهْزُولًا لَمْ يَصِفْهَا بأَنها جُمالية سِناد وَلَا أَنَّ وظِيفَها رَيّانُ، وَهَذَا الْبَيْتُ يَنْقُضُ تَفْسِيرَ مَنْ قَالَ نَاقَةٌ حَرْفٌ أَي مَهْزُولَةٌ، شُبِّهَتْ بِحَرْفِ كِتَابَةٍ لِدِقَّتِهَا وهُزالها؛ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنه قَالَ: الحرْف النَّاقَةُ الضَّامِرَةُ، وَقَالَ الأَصمعي: الحرْفُ النَّاقَةُ الْمَهْزُولَةُ؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
حَرْفٌ أَخُوها أَبوها مِنْ مُهَجَّنةٍ، ... وعَمُّها خالُها قَوْداء شِمْلِيلُ
قَالَ: يَصِفُ النَّاقَةَ بالحَرْفِ لأَنها ضامِرٌ، وتُشَبَّهُ بالحَرْف مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ وَهُوَ الأَلف لدِقَّتِها، وَتُشَبَّهُ بحَرْف الْجَبَلِ إِذَا وُصِفَتْ بالعِظَمِ. وأَحْرَفْتُ نَاقَتِي إِذَا هَزَلْتَها؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَلَا يُقَالُ جملٌ حَرْف إِنَّمَا تُخَصّ بِهِ الناقةُ؛ وَقَالَ خَالِدُ بْنُ زُهَيْرٍ:
مَتَى مَا تَشأْ أَحْمِلْكَ، والرَّأْسُ مائِلٌ، ... عَلَى صَعْبةٍ حَرْفٍ، وَشِيكٍ طُمُورُها
كَنَى بالصعبةِ الحَرْفِ عَنِ الدَّاهِيةِ الشَّدِيدَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ مَرْكُوبٌ. وحرْفُ الشَّيْءِ: ناحِيَتُه. وَفُلَانٌ عَلَى حَرْف مِنْ أَمْره أَي ناحيةٍ مِنْهُ كأَنه يَنْتَظِرُ ويتوقَّعُ، فَإِنْ رأَى مِنْ نَاحِيَةِ مَا يُحِبُّ وَإِلَّا مَالَ إِلَى غَيْرِهَا. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فُلَانٌ عَلَى حَرْف مِنْ أَمره أَي نَاحِيَةٍ مِنْهُ إِذَا رأَى شَيْئًا لَا يُعْجِبُهُ عَدَلَ عَنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ
؛ أَي إِذَا لَمْ يرَ مَا يُحِبُّ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ، قِيلَ: هُوَ أَن يَعْبُدَهُ عَلَى السرَّاء دُونَ الضرَّاء. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: عَلَى حَرْف أَي عَلَى شَكّ، قَالَ: وَحَقِيقَتُهُ أَنه يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ أَي عَلَى طَرِيقَةٍ فِي الدِّينِ لَا يدخُل فِيهِ دُخُولَ مُتَمَكِّنٍ، فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ أَي إِنْ أَصابه خِصْبٌ وكثُرَ مالُه وماشِيَتُه اطْمَأَنَّ بِمَا أَصابه ورضِيَ بِدِينِهِ، وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ اخْتِبارٌ بِجَدْبٍ وقِلَّة مالٍ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ أَي رَجَعَ عَنْ دِينِهِ إِلَى الْكُفْرِ وعِبادة الأَوْثان. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ قَالَ: أَما تَسْمِيَتُهُمُ الحَرْفَ حرْفاً فحَرْفُ كُلِّ شَيْءٍ نَاحِيَتُهُ كحَرْفِ الْجَبَلِ وَالنَّهْرِ وَالسَّيْفِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الأَزهري: كأَن الْخَيْرَ والخِصْب نَاحِيَةٌ وَالضُّرُّ وَالشَّرُّ وَالْمَكْرُوهُ نَاحِيَةٌ أُخرى، فَهُمَا حَرْفَانِ وَعَلَى الْعَبْدِ أَن يَعْبُدَ خَالِقَهُ عَلَى حَالَتَيِ السَّرَّاءِ(9/42)
والضرَّاء، وَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ عَلَى السرَّاء وَحْدَهَا دُونَ أَن يَعْبُدَهُ عَلَى الضرَّاء يَبْتَلِيه اللَّهُ بِهَا فَقَدْ عَبَدَهُ عَلَى حَرْفٍ، وَمَنْ عَبَدَهُ كَيْفَمَا تَصَرَّفَتْ بِهِ الحالُ فَقَدْ عَبَدَهُ عِبَادَةَ عَبْدٍ مُقِرّ بأَنَّ لَهُ خَالِقًا يُصَرِّفُه كَيْفَ يَشاء، وأَنه إِنِ امْتَحَنَه باللَّأْواء أَو أَنْعَم عَلَيْهِ بالسرَّاء، فَهُوَ فِي ذَلِكَ عَادِلٌ أَو مُتَفَضِّلٌ غَيْرُ ظَالِمٍ وَلَا مُتَعَدٍّ لَهُ الْخَيْرَ، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ وَلَا خِيرةَ لِلْعَبْدِ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ أَي عَلَى غَيْرِ طمأْنينة عَلَى أَمر أَي لَا يَدْخُلُ فِي الدِّينِ دُخُولَ مُتَمَكِّنٍ. وحَرَفَ عَنِ الشَّيْءِ يَحْرِفُ حَرْفاً وانْحَرَفَ وتَحَرَّفَ واحْرَوْرَفَ: عَدَلَ. الأَزهري. وَإِذَا مالَ الإِنسانُ عَنْ شَيْءٍ يُقَالُ تَحَرَّف وَانْحَرَفَ واحْرَورَفَ؛ وأَنشد الْعَجَّاجُ فِي صِفَةِ ثَوْرٍ حَفَرَ كِناساً فَقَالَ:
وإنْ أَصابَ عُدَواء احْرَوْرَفَا ... عَنْهَا، وولَّاها ظُلُوفاً ظُلَّفا
أَي إِن أَصابَ مَوانِع. وعُدَواءُ الشي: مَوانِعُه. وتَحْرِيفُ الْقَلَمِ: قَطُّه مُحَرَّفاً. وقَلمٌ مُحَرَّفٌ: عُدِلَ بأَحد حَرفَيْه عَنِ الْآخَرِ؛ قَالَ:
تَخالُ أُذْنَيْهِ، إِذَا تَشَوَّفا، ... خافِيةً أَو قَلَماً مُحَرَّفا
وتَحْرِيفُ الكَلِم عَنْ مواضِعِه: تَغْيِيرُهُ. وَالتَّحْرِيفُ فِي الْقُرْآنِ وَالْكَلِمَةِ: تَغْيِيرُ الحرفِ عَنْ مَعْنَاهُ وَالْكَلِمَةُ عَنْ مَعْنَاهَا وَهِيَ قَرِيبَةُ الشَّبَهِ كَمَا كَانَتِ الْيَهُودُ تُغَيِّرُ مَعانيَ التَّوْرَاةِ بالأَشباه، فوصَفَهم اللَّهُ بِفِعْلِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ*
. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: آمَنْتُ بمُحَرِّفِ الْقُلُوبِ
؛ هُوَ المُزِيلُ أَي مُمِيلُها ومُزيغُها وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: المُحَرِّكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا يأْتون النِّسَاءَ إِلَّا عَلَى حَرْفٍ
أَي عَلَى جَنْب. والمُحَرَّفُ: الَّذِي ذَهَب مالُه. والمُحارَفُ: الَّذِي لَا يُصيبُ خَيْرًا مِنْ وجْهٍ تَوَجَّه لَهُ، وَالْمَصْدَرُ الحِرافُ. والحُرْفُ: الحِرْمان. الأَزهري: وَيُقَالُ لِلْمَحْرُومِ الَّذِي قُتِّرَ عَلَيْهِ رزقُه مُحارَفٌ.
وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ قوله: وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ، أَن السَّائِلَ هُوَ الَّذِي يسأَل النَّاسَ، وَالْمَحْرُومَ هُوَ المُحارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الإِسلام سَهْم
، وَهُوَ مُحارَفٌ. وَرَوَى الأَزهري عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنه قَالَ: كلُّ مَنِ اسْتَغنَى بِكَسْبه فَلَيْسَ لَهُ أَن يسأَل الصدقةَ، وَإِذَا كَانَ لَا يبلُغُ كسبُه مَا يُقِيمُه وعيالَه، فَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ المفسِّرون أَنه الْمَحْرُومُ المُحارَف الَّذِي يَحْتَرِفُ بيدَيه، قَدْ حُرِم سَهْمَه مِنَ الْغَنِيمَةِ لَا يَغْزُو مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَبَقِيَ محْروماً يُعْطى مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يَسُدُّ حِرْمانَه، وَالِاسْمُ مِنْهُ الحُرْفَةُ، بِالضَّمِّ، وأَما الحِرْفَةُ فَهُوَ اسْمٌ مِنَ الاحْتِرَافِ وَهُوَ الاكْتِسابُ؛ يُقَالُ: هُوَ يَحْرِفُ لعِيالِه ويَحْتَرِفُ ويَقْرِشُ ويَقْتَرِشُ بِمَعْنَى يَكْتَسِبُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَقِيلَ: المُحَارَفُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، هُوَ الْمَحْرُومُ الْمَحْدُودُ الَّذِي إِذَا طَلَب فَلَا يُرْزَق أَو يَكُونُ لَا يَسْعَى فِي الْكَسْبِ. وَفِي الصِّحَاحِ: رَجُلٌ مُحَارَف، بِفَتْحِ الرَّاءِ، أَي مَحْدُودٌ مَحْرُومٌ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِكَ مُبارَكٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مُحارَفٌ بِالشَّاءِ والأَباعِرِ، ... مُبارَكٌ بالقَلَعِيِّ الباتِرِ
وَقَدْ حُورِفَ كَسْبُ فُلَانٍ إِذَا شُدِّد عَلَيْهِ فِي مُعاملَته وضُيِّقَ فِي مَعاشِه كأَنه مِيلَ بِرِزْقه عَنْهُ، مِنَ الانْحِرافِ عَنِ الشَّيْءِ وَهُوَ الْمَيْلُ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ(9/43)
ابْنِ مَسْعُودٍ: موتُ الْمُؤْمِنِ بعَرَقِ الْجَبِينِ تَبْقَى عَلَيْهِ البقِيّةُ مِنَ الذُّنوبِ فَيُحارَفُ بِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ
أَي يُشَدَّد عَلَيْهِ لتُمَحَّصَ ذُنُوبُهُ، وُضِعَ وَضْعَ المُجازاةِ والمُكافأَة، وَالْمَعْنَى أَن الشدَّة الَّتِي تَعْرِض لَهُ حَتَّى يَعْرَقَ لَهَا جَبينُه عِنْدَ السِّياقِ تَكُونُ جَزَاءً وَكَفَّارَةً لِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ، أَو هُوَ مِنَ المُحارَفةِ وَهُوَ التشْديدُ فِي المَعاش. وَفِي التَّهْذِيبِ: فيُحَارَفُ بِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَي يُقايَسُ بِهَا فَتَكُونُ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ، وَمَعْنَى عَرَقِ الْجَبِينِ شدَّةُ السِّيَاقِ. والحُرْفُ: الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ رَجُلٌ مُحَارَفٌ أَي مَنْقُوصُ الحَظِّ لَا يَنْمُو لَهُ مَالٌ، وَكَذَلِكَ الحِرْفَةُ، بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَحِرْفَةُ أَحدِهم أَشَدُّ عليَّ مِنْ عَيْلَتِه
أَي إغْناءُ الفَقِير وكفايةُ أَمْرِه أَيْسَرُ عليَّ مِنْ إصْلاحِ الفاسدِ، وَقِيلَ: أَراد لَعَدم حِرْفةِ أَحدِهم والاغْتِمامُ لِذَلِكَ أَشَدُّ عليَّ مِنْ فَقْرِه. والمُحْتَرِفُ: الصانِعُ. وَفُلَانٌ حَريفي أَي مُعامِلي. اللِّحْيَانِيُّ: وحُرِفَ فِي مَالِهِ حَرْفَةً ذهَب مِنْهُ شَيْءٌ، وحَرَفْتُ الشَّيْءَ عَنْ وجْهه حَرْفاً. وَيُقَالُ: مَا لِي عَنْ هَذَا الأَمْرِ مَحْرِفٌ وَمَا لِي عَنْهُ مَصْرِفٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي مُتَنَحًّى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ:
أَزُهَيْرُ، هَلْ عَنْ شَيْبةٍ مِنْ مَحْرِفِ، ... أَمْ لَا خُلُودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ؟
والمُحْرِفُ: الَّذِي نَما مالُه وصَلَحَ، وَالِاسْمُ الحِرْفَةُ. وأَحْرَفَ الرجلُ إِحْرَافًا فَهُوَ مُحْرِفٌ إِذَا نَما مالُه وصَلَحَ. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بالحِلْقِ والإِحْرَاف إِذَا جَاءَ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ. والحِرْفَةُ: الصِّناعةُ. وحِرْفَةُ الرجلِ: ضَيْعَتُه أَو صَنْعَتُه. وحَرَفَ لأَهْلِه واحْتَرَفَ: كسَب وطلَب واحْتالَ، وَقِيلَ: الاحْتِرَافُ الاكْتِسابُ، أَيّاً كَانَ. الأَزهري: وأَحْرَفَ إِذَا اسْتَغْنى بَعْدَ فَقْرٍ. وأَحْرَفَ الرجلُ إِذَا كَدَّ عَلَى عِياله. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَقَدْ عَلِم قَوْمِي أَن حِرْفَتِي لَمْ تكن تَعْجِز عن مؤونة أَهلي وشُغِلْتُ بأَمر الْمُسْلِمِينَ فسيأْكل آلُ أَبي بَكْرٍ مِنْ هَذَا ويَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ
؛ الحِرْفَةُ: الصِّناعةُ وجِهةُ الكَسْب؛ وحَرِيفُ الرَّجُلِ: مُعامِلُه فِي حِرْفَتِه، وأَراد باحْتِرَافِه لِلْمُسْلِمِينَ نَظَره فِي أُمورهم وتَثْميرَ مَكاسِبهمْ وأَرْزاقِهم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِنِّي لأَرى الرَّجُلَ يُعْجِبُني فأَقول: هَلْ لَهُ حِرْفَة؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، سَقَطَ مِنْ عَيْنِي
؛ وَقِيلَ: مَعْنَى الْحَدِيثِ الأَوَّل هُوَ أَن يَكُونَ مِنَ الحُرْفَة والحِرْفَة، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حِرْفَة الأَدَبِ، بِالْكَسْرِ. وَيُقَالُ: لَا تُحارِفْ أَخاكَ بالسوء أَي تُجازِه بِسُوءِ صنِيعِه تُقايِسْه وأَحْسِنْ إِذَا أَساء واصْفَحْ عَنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: أَحْرَفَ الرجلُ إِذَا جَازَى عَلَى خَيْر أَو شَرٍّ، قَالَ: وَمِنْهُ الخَبرُ:
إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحارَفُ عَنْ عَمَلِهِ الْخَيْرَ أَو الشَّرَّ
أَي يُجازى. وَقَوْلُهُمْ فِي الْحَدِيثِ:
سَلِّطْ عَلَيْهِمْ مَوْتَ طاعُونٍ دَفِيفٍ يُحَرِّفُ القُلوبَ
أَي يُمِيلها ويَجْعَلُها عَلَى حرْفٍ أَي جَانِبٍ وطَرَفٍ، وَيُرْوَى يَحُوفُ، بِالْوَاوِ، وَسَنَذْكُرُهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وَوَصَفَ سُفيانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَها
أَي أَمالَها، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
وَقَالَ بِيَدِهِ فَحَرَفَهَا كأَنه يُرِيدُ الْقَتْلَ
وَوَصَفَ بِهَا قطْع السيفِ بحَدِّه. وحَرَفَ عَيْنَه: كَحَلها؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
بِزَرْقاوَيْنِ لَمْ تُحْرَفْ، ولَمَّا ... يُصِبْها عائِرٌ بشَفير ماقِ
أَراد لَمْ تُحْرَفا فأَقام الْوَاحِدُ مُقام الاثْنين كَمَا قَالَ(9/44)
أَبو ذُؤَيب:
نامَ الخَلِيُّ، وبتُّ الليلَ مُشْتَجِراً، ... كأَنَّ عيْنَيَّ فِيهَا الصَّابُ مَذْبوحُ
والمِحْرَفُ والمِحْرافُ: المِيلُ الَّذِي تقاسُ بِهِ الجِراحات. والمِحْرَفُ والمِحْرافُ أَيضاً: المِسْبارُ الَّذِي يُقاسُ بِهِ الجُرح؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ يَذْكُرُ جِراحةً:
إِذَا الطَّبيبُ بمِحْرافَيْه عالَجَها، ... زادَتْ عَلَى النَّقْرِ أَو تَحْريكها ضَجَما
وَيُرْوَى عَلَى النَّفْرِ، والنَّفْرُ الوَرَمُ، وَيُقَالُ: خُرُوجُ الدَّمِ؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
فإنْ يَكُ عَتَّابٌ أَصابَ بسَهْمِه ... حَشاه، فَعَنَّاه الجَوى والمَحارِفُ
والمُحارَفةُ: مُقايَسَةُ الجُرْحِ بالمِحْرافِ، وَهُوَ المِيل الَّذِي تُسْبَرُ بِهِ الجِراحاتُ؛ وأَنشد:
كَمَا زَلَّ عَنْ رأْسِ الشَّجِيجِ المحارفُ
وَجَمْعُهُ مَحارِفُ ومَحَارِيفُ؛ قَالَ الجَعْدي:
ودَعَوْتَ لَهْفَك بَعْدَ فاقِرةٍ، ... تُبْدي مَحارِفُها عَنِ العَظْمِ
وحارَفَه: فاخَرَه؛ قَالَ ساعِدةُ بْنُ جُؤَيَّة:
فإنْ تَكُ قَسْرٌ أَعْقَبَتْ مِنْ جُنَيْدِبٍ، ... فَقَدْ عَلِمُوا فِي الغَزْوِ كيْفَ نُحارِفُ
والحُرْفُ: حَبُّ الرَّشادِ، وَاحِدَتُهُ حُرْفةٌ. الأَزهري: الحُرْفُ حَبٌّ كالخَرْدَلِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحُرف، بِالضَّمِّ، هُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ حبَّ الرَّشاد. والحُرْفُ والحُرافُ: حَيّةٌ مُظْلِمُ اللَّوْنِ يَضْرِبُ إِلَى السَّواد إِذَا أَخذ الإِنسانَ لَمْ يَبْقَ فِيهِ دَمٌ إِلَّا خَرَجَ. والحَرافةُ: طَعْم يُحْرِقُ اللِّسانَ والفَمَ. وَبَصَلٌ حِرِّيفٌ: يُحْرِقُ الْفَمَ وَلَهُ حَرارةٌ، وَقِيلَ: كُلُّ طَعَامٍ يُحْرِقُ فَمَ آكِلِهِ بحَرارة مَذاقِه حِرِّيفٌ، بِالتَّشْدِيدِ، لِلَّذِي يَلْذَعُ اللسانَ بحَرافَتِه، وَكَذَلِكَ بَصَلٌ حِرِّيفٌ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ حَرِّيف.
حرجف: الحَرْجَفُ: الرِّيحُ الباردةُ. وريحٌ حَرْجَفٌ: بارِدةٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذَا اغْبَرَّ آفاقُ السَّمَاءِ وهَتَّكَتْ، ... سُتُورَ بُيُوتِ الحَّيِّ، نَكْباءُ حَرْجَفُ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذَا اشْتدَّت الرِّيحُ مَعَ بَرْد ويُبْس، فَهِيَ حَرْجَفٌ. وَلَيْلَةٌ حَرْجَف: باردَةُ الرِّيح؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرة.
حرشف: الحَرْشَفُ: صِغار كُلِّ شَيْءٍ. والحَرْشَفُ: الْجَرَادُ مَا لَمْ تَنْبُتْ أَجْنِحَتُه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَنَّهُمْ حَرْشَفٌ مَبْثُوثُ ... بالجَوِّ، إذْ تَبْرُقُ النِّعالُ
شبَّه الْخَيْلَ بِالْجَرَادِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: يُرِيدُ الرجَّالة، وَقِيلَ: هُمُ الرجَّالة فِي هَذَا الْبَيْتِ. والحَرْشَفُ: جَراد كَثِيرٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا أَيُّها الحَرْشَفُ ذَا الأَكلِ الكُدَم
الكُدَمُ: الشَّديدُ الأَكل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ غَزْوةِ حُنَيْنٍ:
أَرى كَتِيبَةَ حَرْشَفٍ
؛ الحرشَف: الرَّجّالةُ شُبِّهُوا بالحَرْشَفِ مِنَ الجَرادِ وَهُوَ أَشدُّه(9/45)
أَكْلًا؛ يُقَالُ: مَا ثَمَّ غيرُ حَرْشَفِ رجالٍ أَي ضعفاءَ وشُيُوخٍ، وصِغارُ كُلِّ شَيْءٍ حَرْشَفُه. والحَرْشفُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمك. والحَرْشَف: فُلُوسُ السَّمَكِ. والحَرْشَفُ: نَبْت، وَقِيلَ: نَبْتٌ عَرِيضُ الْوَرَقِ؛ قَالَ الأَزهري: رأَيته فِي الْبَادِيَةِ، وَقِيلَ: نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ كَنْكَرْ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ؛ الحَرْشَف الكُدْسُ بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ. يُقَالُ: دُسْنا الحَرْشَفَ. وحَرْشَفُ السِّلاحِ: مَا زُيِّنَ بِهِ، وَقِيلَ: حَرْشَفُ السلاحِ فُلوس مِنْ فِضة يُزَيَّنُ بِهَا. التَّهْذِيبُ: وحَرْشَفُ الدِّرْع حُبُكُه، شُبِّهَ بِحَرْشَفِ السَّمَكِ الَّتِي عَلَى ظَهْرِهَا وَهِيَ فُلوسها. وَيُقَالُ لِلْحِجَارَةِ الَّتِي تَنْبُت عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ: الحَرْشف. أَبو عَمْرٍو: الحَرْشَفَةُ الأَرض الغلِيظة، مَنْقُولٌ مِنْ كِتَابِ الاعْتقابِ غَيْرَ مَسْمُوع، ذكره الجوهري كذلك.
حرقف: الحَرْقَفَتانِ: رؤوس أَعالي الوَرِكَينِ بِمَنْزِلَةِ الحَجَبَةِ؛ قَالَ هُدْبةُ:
رأَتْ ساعِدَيْ غُولٍ، وتحتَ قَمِيصِه ... جَناجِنُ يَدْمَى حَدُّها والحَراقِفُ
والحَرقَفَتانِ: مُجْتَمَعُ رأْسِ الفَخِذ ورأْسِ الورِك حَيْثُ يَلْتقيانِ مِنْ ظَاهِرٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَرْقَفَةُ عَظْمُ الحَجَبَةِ وَهِيَ رأْس الوَرِكِ. يُقَالُ لِلْمَرِيضِ إِذَا طالَتْ ضَجْعَتُه: دَبِرَتْ حَراقِفُه. وَفِي حَدِيثِ
سُوَيْدٍ: تَرَانِي إِذَا دَبِرَتْ حَرْقَفَتي وَمَا لِي ضَجْعةٌ إِلَّا عَلَى وجْهي مَا يَسُرُّني أَنِّي نَقَصْتُ مِنْهُ قُلامة ظُفُرٍ
، وَالْجَمْعُ الحَراقِفُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَيْسُوا بِهَدِّينَ فِي الحُرُوبِ، إِذَا ... تُعْقَدُ فَوْقَ الحَراقِفِ النُّطُقُ
وحَرْقَفَ الرجلُ: وَضَعَ رأْسه عَلَى حَراقِفِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَكِبَ فَرَسًا فَنَفَرَتْ فَنَدَرَ مِنْهَا عَلَى أَرض غَلِيظَةٍ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ وعُرْضُ رُكْبَتَيْهِ وحَرْقَفَتَيْهِ ومَنْكِبَيْهِ وعُرْضُ وَجْهه مُنْشَجٌ
؛ الحرْقَفَةُ: عَظْمُ رأْس الوَرِك. والحُرْقُوفُ: الدَّابَّةُ المَهْزُولُ. ودابةٌ حُرْقُوفٌ: شَدِيدُ الهُزال وَقَدْ بَدَا حَرَاقِيفُه. وحرقُوفٌ: دُوَيبَّةٌ مِنْ أَحْناش الأَرض؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الْحَرْفُ فِي الْجَمْهَرَةِ لَابْنِ دُرَيْدٍ مَعَ حروف غيره لَمْ أَجد ذِكْرَهَا لأَحد مِنَ الثِّقَاتِ، قَالَ: وَيَنْبَغِي لِلنَّاظِرِ أَن يَفْحَصَ عَنْهَا فَمَا وَجَدَهُ لإِمام يُوثَقُ بِهِ أَلحقه بِالرُّبَاعِيِّ، وَمَا لَمْ يَجِدْهُ مِنْهَا لِثِقَةٍ كَانَ مِنْهُ عَلَى رِيبَةٍ وحذر.
حرنقف: الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: امرأَة حُرَنْقِفةٌ قصيرة.
حسف: الحُسَافُ: بَقِيّةُ كلِّ شَيْءٍ أُكل فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلٌ. وحُسَافَةُ التمرِ: بَقِيَّةُ قُشُوره وأَقْماعُه وكِسَرُه؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ اللَّيْثُ: الحُسَافَة حُسَافَةُ التَّمْرِ، وَهِيَ قُشوره ورَدِيئه. وحُسَافُ المائدةِ: مَا يَنْتَثِرُ فَيُؤْكَلُ فيُرْجى فِيهِ الثوابُ. وحُسَافُ الصِّلِّيانِ وَنَحْوِهِ: يَبِيسُه، وَالْجَمْعُ أَحْسَافٌ. والحُسَافَةُ: مَا سَقَطَ مِنَ التَّمْرِ، وَقِيلَ: الحُسَافَةُ فِي التَّمْرِ خَاصَّةً مَا سَقَطَ مِنْ أَقماعه وَقُشُورِهِ وكِسَره. الْجَوْهَرِيُّ: الحُسَافَة مَا تَنَاثَرَ مِنَ التَّمْرِ الْفَاسِدِ. وحَسَفَ التمرَ يَحْسِفُه حَسْفاً وحَسَّفَه: نَقَّاه مِنَ الحُسافةِ. ابْنُ الأَعرابي: الحُسوفُ اسْتِقْصاء الشَّيْءِ وتَنْقِيَتُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ أَسْلَم كَانَ يأْتي عُمَرَ بالصاعِ مِنَ التَّمْرِ فَيَقُولُ: يَا أَسْلَمُ حُتَّ عَنْهُ قِشْره،(9/46)
قَالَ: فأَحْسِفُه ثُمَّ يأْكله
؛ الحَسْفُ كَالْحَتِّ وَهُوَ إِزَالَةُ القِشْر. وَمِنْهُ حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ قَالَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ: لَقَدْ رأَيت جِلْدَه يَتَحَسَّفُ تَحَسُّفَ جِلدِ الحَيّةِ
أَي يَتَقَشر. وَهُوَ مِنْ حُسافتهم أَي مِنْ خُشارَتِهمْ. وحُسَافَةُ الناسِ: رُذالُهم. وانْحَسَفَ الشيءُ فِي يَدِي: انفَتَّ. وحَسَفَ القَرْحة: قَشَرَها. وتَحَسَّفَ الجِلْدُ: تَقَشَّرَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وتَحَسَّفَتْ أَوْبارُ الإِبلِ وتوَسَّفَتْ إِذَا تَمَعَّطَتْ وتَطايَرَتْ. والحَسِيفَةُ: الضَّغِينةُ؛ قَالَ الأَعشى:
فَماتَ وَلَمْ تَذْهَبْ حَسِيفةُ صَدْرِه، ... يُخَبِّرُ عَنْهُ ذَاكَ أَهْلُ المَقابِرِ
وَفِي صَدْرِهِ عليَّ حَسِيفةٌ وحُسَافَةٌ أَي غَيْظٌ وعداوةٌ. أَبو عُبَيْدٍ: فِي قَلْبِهِ عَلَيْهِ كَتِيفةٌ وحَسِيفَةٌ وحَسيكةٌ وسخِيمةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَرَجَعَ فُلَانٌ بحَسيفة نَفْسِه إِذَا رجَعَ وَلَمْ يَقْضِ حاجةَ نفسِه؛ وأَنشد:
إِذَا سُئِلُوا المَعْرُوفَ لَمْ يَبْخَلُوا بِهِ، ... وَلَمْ يَرْجِعُوا طُلَّابَه بالحَسائِفِ
قَالَ الْفَرَّاءُ: حُسِفَ فُلَانٌ أَي رُذلَ وأُسْقِطَ. وَحَكَى الأَزهري عَنْ بَعْضِ الأَعراب قَالَ: يُقَالُ لجَرْسِ الحَيّاتِ حَسْفٌ وحَسِيفٌ وحفيفٌ؛ وأَنشد:
أَباتوني بِشَرِّ مَبيتِ ضَيْفٍ، ... بِهِ حَسْفُ الأَفاعي والبُرُوصِ
شَمِرٌ: الحُسافةُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ؛ قَالَ: وأَنشدني ابْنُ الأَعرابي لكثيِّر:
إِذَا النَّبْلُ فِي نَحْرِ الكُمَيْتِ، كأَنها ... شَوارِعُ دَبْرٍ فِي حُسَافَةِ مُدْهُنِ
شَمِرٌ: وَهُوَ الحُشافةُ، بِالشِّينِ أَيضاً، المُدْهُن: صخْرة يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ.
حشف: الحَشَفُ مِنَ التَّمْرِ: مَا لَمْ يُنْوِ، فَإِذَا يَبِس صَلُب وَفَسَدَ لَا طعْم لَهُ وَلَا لِحاء وَلَا حَلَاوَةَ. وَتَمْرٌ حَشِفٌ: كَثِيرُ الحَشَف عَلَى النِّسبة وَقَدْ أَحْشَفَتِ النخلةُ أَي صَارَ تَمْرُها حَشَفاً. الْجَوْهَرِيُّ: الحَشَفُ أَردَأُ التَّمْرِ. وَفِي الْمَثَلِ: أَحَشَفاً وسُوءَ كِيلة؟ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى رَجُلًا عَلَّقَ قِنْوَ حَشَفٍ تَصَدَّق بِهِ
؛ الحَشَفُ: اليابِسُ الفاسِدُ مِنَ التَّمْرِ، وَقِيلَ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا نَوَى لَهُ كالشِّيصِ. والحَشَفُ: الضَّرْعُ الْبَالِي. وَقَدْ أَحْشَفَ ضَرْعُ الناقةِ إِذَا تَقَبَّضَ واسْتَشَنَّ أَي صَارَ كالشَّنّ. وحَشَفَ: ارْتَفَع مِنْهُ اللبَنُ. والحَشَفَةُ: الكَمَرةُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَا فَوْقَ الخِتان. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فِي الحَشَفةِ الدِّيَةُ
؛ هِيَ رأْس الذكَر إِذَا قَطَعَهَا إِنْسَانٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الديةُ كَامِلَةً. والحَشِيفُ: الثَّوْبُ الْبَالِي الخَلَقُ؛ قَالَ صَخْر الغَيّ:
أُتِيحَ لَهَا أُقَيْدِرُ ذُو حَشِيفٍ، ... إِذَا سامَتْ عَلَى المَلَقاتِ سَامَا
وَرَجُلٌ مُتَحَشِّفٌ أَي عَلَيْهِ أَطْمارٌ. وَيُقَالُ لأُذُن الإِنسان إِذَا يَبَسَتْ فَتَقَبَّضَتْ: قَدِ اسْتَحْشَفَتْ، وَكَذَلِكَ ضَرْعُ الأُنثى إِذَا قَلَصَ وتَقَبّضَ قَدِ اسْتَحْشَفَ، وَيُقَالُ حَشِفٌ؛ وَقَالَ طَرفةُ:
على حَشِفٍ [حَشَفٍ] كالشَّنِّ ذاوٍ مُجَدَّد
وتَحَشَّفَتْ أَوبارُ الإِبلِ: طارَتْ عَنْهَا وتَفَرَّقَت. وَيُقَالُ: رأَيت فُلَانًا مُتَحَشِّفاً أَي رأَيته سَيِءَ الحالِ(9/47)
مُتَقَهِّلًا رَثَّ الْهَيْئَةِ. وَفِي حَدِيثُ
عُثْمَانَ: قَالَ لَهُ أَبانُ بْنُ سَعِيدٍ مَا لِي أَراكَ مُتَحَشِّفاً؟ أَسْبِلْ فَقَالَ: هَكَذَا كَانَتْ إزْرَةُ صَاحِبِنَا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ المُتَحَشِّفُ: اللَّابِسُ الحشيفِ وَهُوَ الخلَقُ، وَقِيلَ: المُتَحَشِّفُ المُبْتَئِسُ المُتَقَبِّضُ. والإِزْرَة، بِالْكَسْرِ: حالةُ المُتَأَزِّرِ. والحَشَفَةُ: صَخْرةٌ رِخْوةٌ فِي سَهْل مِنَ الأَرض. الأَزهري: وَيُقَالُ لِلْجَزِيرَةِ فِي الْبَحْرِ لَا يَعْلُوها الماءُ حَشَفَةٌ، وجَمْعها حِشَافٌ إِذَا كَانَتْ صَغِيرَةً مُستديرة. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ موضعَ بيتِ اللَّهِ كَانَ حَشَفَةً فدحَا اللهُ الأَرض عَنْهَا.
وَقَالَ شَمِرٌ: الحُشافةُ والحُسافةُ، بِالشِّينِ وَالسِّينِ، الْمَاءُ القليل.
حصف: الحَصافةُ: ثَخانةُ العَقْل. حَصُفَ، بِالضَّمِّ، حَصافةً إِذَا كَانَ جَيِّدَ الرأْيِ مُحْكَم الْعَقْلِ، وَهُوَ حَصِفٌ وحَصِيفٌ بَيِّنُ الحَصافةِ. والحَصِيفُ: الرَّجُلُ المُحْكَمُ الْعَقْلِ؛ قَالَ:
حَدِيثُك فِي الشِّتاءِ حدِيثُ صَيْفٍ، ... وشَتْوِيُّ الحَدِيثِ إِذَا تَصِيفُ
فَتَخْلِطُ فِيهِ مِن هَذَا بِهَذَا، ... فَما أَدْرِي أَأَحْمَقُ أَمْ حَصِيفُ؟
فأَمّا حَصِفٌ فَعَلَى النسَبِ، وأَما حَصِيفٌ فَعَلَى الفِعْل. وَفِي كِتَابِ
عُمر إِلَى أَبي عُبيدة، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَن لَا يُمْضِيَ أَمْرَ اللهِ إِلَّا بَعِيدَ الغِرَّةِ حَصِيفَ العُقدة
؛ الحَصِيفُ: المُحكمُ الْعَقْلِ، وإحْصافُ الأَمْرِ: إحْكامُه، وَيُرِيدُ بالعُقْدة هَاهُنَا الرأْيَ والتدْبير، وَكُلُّ مُحْكَم لَا خَلَلَ فِيهِ حَصِيفٌ. ومُحْصَفٌ: كثِيفٌ قويٌّ. وَثَوْبٌ حَصِيفٌ إِذَا كَانَ مُحْكَمَ النَّسْجِ صَفِيقَه، وأَحْصَفَ النَّاسِجُ نَسْجَه. ورأْيٌ مُسْتَحْصِفٌ، وَقَدِ اسْتَحْصَفَ رأْيهُ إِذَا اسْتَحْكَم، وَكَذَلِكَ المُسْتَحْصِدُ. واسْتَحْصَفَ الشيءُ: اسْتَحكَمَ. وَيُقَالُ: اسْتَحْصَفَ القومُ واسْتَحْصَدُوا إِذَا اجْتَمَعُوا؛ قَالَ الأَعشى:
تأْوِي طَوائِفُها إِلَى مَحْصُوفةٍ ... مَكْروهةٍ، يَخشَى الكُماةُ نِزالَها
قَالَ الأَزهري: أَراد بالمَحْصُوفة كَتِيبَةً مجْمُوعة وَجَعَلَهَا مَحْصُوفةً مِنْ حُصِفَتْ، فَهِيَ مَحْصُوفَةٌ. قَالَ الأَزهري: وَفِي النَّوَادِرِ حَصَبْتُه عَنْ كَذَا وأَحْصَبْتُه وحَصَفْتُه وأَحْصَفْتُه وحَصَيته وأَحْصَيتُه إِذَا أَقْصَيْتَه. وإحْصافُ الأَمْرِ: إحْكامُه. وإحْصاف الحبلِ: إحكامُ فَتْلِه. والمُحْصَفُ مِنَ الحِبالِ: الشَّدِيدُ الفَتْلِ، وَقَدِ اسْتَحْصَفَ. والمُسْتَحْصِفةُ: المرأَة الضَّيِّقةُ اليابسةُ، قِيلَ: وَهِيَ الَّتِي تَيْبَسُ عِنْدَ الغِشْيانِ وَذَلِكَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ. وفَرْجٌ مُسْتَحْصِفٌ أَي ضَيِّق. واسْتَحَصَفَ عَلَيْنَا الزمانُ: اشْتَدَّ. واسْتَحْصَفَ القومُ: اجْتَمَعُوا. والإِحْصافُ: أَن يَعْدُوَ الرجلُ عَدْواً فِيهِ تَقارُبٌ. وأَحْصَفَ الفرسُ والرجلُ إِذَا عَدَا عَدْواً شَدِيدًا، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْفَرَسُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يَعْدُو، وَقِيلَ: الإِحْصافُ أَقْصَى الحُضْر؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ذارٍ إِذَا لاقَى العَزازَ أَحْصَفَا، ... وَإِنْ تَلَقَّى غَدَراً تَخَطْرَفا
والذَّرْوُ: المَرُّ الخَفِيفُ، والغَدَرُ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض وانْخَفَض، وَيُقَالُ: الكثيرُ الْحِجَارَةِ. وَفَرَسٌ مِحْصَفٌ وَنَاقَةٌ مِحْصافٌ؛ شاهِدُه قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمْعَانَ التَّغْلَبيّ:(9/48)
وسَرَيْتُ لَا جَزِعاً وَلَا مُتَهَلِّعاً، ... يَعْدُو برَحْلي جَسْرةٌ مِحْصافُ
والحَصَفُ: بَثْرٌ صِغار يقِيحُ وَلَا يَعْظُم وَرُبَّمَا خَرَجَ فِي مَراقِّ البَطْنِ أَيام الْحَرِّ، وَقَدْ حَصِفَ جِلده، بِالْكَسْرِ، يَحْصَفُ حَصَفاً. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: حَصِفَ يَحْصَفُ حَصَفاً وبَثِرَ وجهُه يَبْثَرُ بَثَراً. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَصَفُ الجَرَبُ الْيَابِسُ، وَالْحَصِيفَةُ الحيَّةُ؛ طائيّة.
حطف: الأَزهري: الحَنْطَفْ الضخْم الْبَطْنِ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ فِيهِ.
حفف: حَفَّ القومُ بِالشَّيْءِ وحَوالَيْه يَحُفُّونَ حَفّاً وحَفُّوه وحَفَّفوه: أَحْدَقُوا به وأَطافُوا به وعَكفوا واسْتَداروا، وَفِي التَّهْذِيبِ: حَفَّ الْقَوْمُ بِسَيِّدِهِمْ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ
؛
قَالَ الزَّجَّاجُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ مَعْنَى حَافِّين مُحدِقِين
؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كَبَيْضَةِ أُدْحِيٍّ بمَيْتِ خَمِيلةٍ، ... يُحَفِّفُها جَوْنٌ بِجُؤْجِئِه صَعْلُ
وَقَوْلُهُ:
إبْلُ أَبي الحَبْحابِ إبْلٌ تُعْرَفُ، ... يَزِينُها مُحَفَّفٌ مُوَقَّفُ
المُحَفَّفُ: الضَّرْعُ الممْتَلئُ الَّذِي لَهُ جَوَانِبُ كأَنَّ جَوَانِبَهُ حَفَّفَتْه أَي حَفَّتْ بِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي مُجَفَّفٌ، يُرِيدُ ضَرْعاً كأَنه جُفٌّ، وَهُوَ الوَطْبُ الخَلَقُ. وحَفَّه بالشي يَحُفُّه كَمَا يُحَفُّ الهَوْدَجُ بِالثِّيَابِ، وَكَذَلِكَ التَّحْفِيفُ. وَفِي حَدِيثِ أَهْلِ الذِّكْرِ:
فَيَحُفُّونَهم بأَجْنِحَتِهم
أَي يَطُوفُونَ بِهِمْ ويدُورُون حَوْلَهم. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
إلَّا حَفَّتْهم الملائكةُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
ظَلَّلَ اللَّهُ مكانَ البيتِ غَمامةً فَكَانَتْ حِفَافَ البيتِ
أَي مُحْدِقةً بِهِ. والمِحَفَّةُ: رَحْلٌ يُحَفُّ بِثَوْبٍ ثُمَّ تَرْكَبُ فِيهِ المرأَة، وَقِيلَ: المِحَفَّةُ مَرْكَب كالهَوْدَجِ إلَّا أَنَّ الْهَوْدَجَ يُقَبَّبُ والمِحَفَّةُ لَا تُقَبَّبُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: سُمِّيَتْ بِهَا لأَن الخَشب يَحُفُّ بِالْقَاعِدِ فِيهَا أَي يُحِيطُ بِهِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ، وَقِيلَ: المِحَفَّة مَركب مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ. والحَفَفُ: الجمعُ، وَقِيلَ: قِلَّة المأْكولِ وَكَثْرَةُ الأَكَلَةِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ أَن تَكُونَ العِيالُ مثلَ الزَّادِ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ الضِّيقُ فِي الْمَعَاشِ، وَقَالَتِ امرأَة: خَرَجَ زَوْجِي ويَتِمَ وَلَدي فَمَا أَصابهم حَفَفٌ وَلَا ضَفَفٌ، قَالَ: فالحَفَفُ الضِّيق، والضَّفَف أَن يَقِلَّ الطعامُ ويَكْثُرَ آكِلُوهُ، وَقِيلَ هُوَ مِقدار الْعِيَالِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْحَفَفُ الكَفافُ مِنَ المَعيشةِ. وأَصابهم حَفَفٌ مِنَ الْعَيْشِ أَي شدَّة، وما رُؤِيَ عَلَيْهِمْ حَفَفٌ وَلَا ضَفَفٌ أَي أَثرُ عَوَزٍ. قَالَ الأَصمعي: الحَفَفُ عَيْشُ سُوء وقِلَّة مَالٍ، وأُولئك قَوْمٌ مَحْفُوفُون. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمْ يشْبَعْ مِنْ طَعَامٍ إِلَّا عَلَى حَفَفٍ
؛ الحَفَفُ: الضِّيقُ وَقِلَّةُ الْمَعِيشَةِ، أَي لَمْ يَشْبَعْ إِلَّا والحالُ عِنْدَهُ خلافُ الرِّخاء والخِصْبِ. وَطَعَامٌ حَفَفٌ: قَلِيلٌ. وَمَعِيشَةٌ حَفَفٌ: ضَنْكٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ قَالَ لَهُ وَفْدُ الْعِرَاقِ: إنَّ أَمير الْمُؤْمِنِينَ بَلَغَ سِنّاً وَهُوَ حافُّ المَطعَم
أَي يابِسُه وقَحِلُه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ
أَنه سأَل رَجُلًا فَقَالَ: كَيْفَ وَجَدْتَ أَبا عُبيْدَة؟ فَقَالَ: رأَيت حُفُوفاً
أَي ضِيقَ عَيْشٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَبْلِغْ معاويةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ حَفَّفَ
«2» وجُهِدَ أَي قلَ
__________
(2) . قوله [حَفَّفَ] بهامش النهاية: حَفَّفَ، مبالغة في حَفَّ أي جهد وقل ماله من حَفَّتِ الأرض ونحوه.(9/49)
مَالُهُ. الأَصمعي: أَصابهم مِنَ العَيْشِ ضَفَفٌ وحَفَفٌ وقَشَفٌ، كُلُّ هَذَا مِنْ شدَّة العَيْشِ. ابْنُ الأَعرابي: الضَّفَفُ القِلَّة والحَفَفُ الحاجةُ، وَيُقَالُ: الضفَف والحَفَفُ وَاحِدٌ؛ وأَنشد:
هَدِيّة كانَتْ كَفافاً حَفَفاً، ... لَا تَبْلُغُ الْجَارَ وَمَنْ تَلَطَّفا
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الضفَفُ أَن تَكُونَ الأَكَلَةُ أَكثرَ مِنْ مِقدار المالِ، والحَفَفُ أَن تَكُونَ الأَكَلة بِمِقْدَارِ الْمَالِ. قَالَ:
وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَكلَ كَانَ مَنْ يأْكل مَعَهُ أَكثر عَدَدًا مِنْ قَدْرِ مَبْلَغِ المأَكول وكفافِه
، قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَمَنْ تَلَطَّفا أَي مَنْ بَرَّنا لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا مَا نَبَرُّه: وَمَا عِنْدَ فُلَانٍ إِلَا حَفَفٌ مِنَ المَتاعِ، وَهُوَ القوتُ الْقَلِيلُ. وحَفَّتْهم الحاجةُ تَحُفُّهم حَفّاً شَدِيدًا إِذَا كَانُوا مَحاوِيجَ. وَعِنْدَهُ حَفَّة مِنْ مَتاعٍ أَو مالٍ أَي قُوتٌ قَلِيلٌ لَيْسَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ أَهله. وَكَانَ الطَّعَامُ حِفافَ مَا أَكلوا أَي قَدْرَه. ووُلِدَ لَهُ عَلَى حَفَفٍ أَي عَلَى حَاجَةٍ إِلَيْهِ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ مَا يَحُفُّهم إِلَى ذَلِكَ إِلَّا الحاجةُ يُرِيدُ مَا يدْعوهم وَمَا يُحْوِجُهم. والاحْتِفَافُ: أَكلُ جَمِيعِ مَا فِي القِدْر، والاشتِفافُ: شربُ جَمِيعِ مَا فِي الإِناء. والحُفُوفُ: اليُبْسُ مِنْ غَيْرِ دَسَمٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قالَتْ سُلَيْمى أَن رأَتْ حُفُوفي، ... مَعَ اضْطِرابِ اللَّحْمِ والشُّفُوفِ
قَالَ الأَصمعي: حَفَّ رأْسُهُ يَحِفُّ حُفُوفاً وأَحْفَفْتُه أَنا. وسَوِيقٌ حافٌّ: يابِسٌ غَيْرُ مَلْتُوتٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَمْ يُلَتَّ بسمْن ولا زيت. وحَفَّتْ أَرضُنا تَحِفُّ حُفُوفاً: يَبِسَ بَقْلُها. وحَفَّ بَطْنُ الرَّجُلِ: لَمْ يأْكل دسَماً وَلَا لَحْمًا فَيَبِسَ. وَيُقَالُ: حَفَّتِ الثَّريدة إِذَا يبِسَ أَعْلاها فَتَشَقَّقَتْ. وَفَرَسٌ قَفِرٌ حافٌّ: لَا يَسْمَنُ عَلَى الضَّبُعَةِ. وحَفَّ رأْسَه وشارِبه يَحُفُّ حَفّاً أَي أَحْفاه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَفَّ اللِّحية يَحُفُّها حَفّاً: أَخذ مِنْهَا، وحَفَّه يَحُفُّه حَفّاً: قَشَره، والمرأَة تَحُفُّ وَجْهها حَفّاً وحِفافاً: تُزِيلُ عَنْهُ الشعر بالمُوسَى وتَقْشِرُهُ [تَقْشُرُهُ] ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. واحْتَفَّتِ المرأَةُ وأَحَفّتْ وَهِيَ تَحْتَفُّ: تأْمر مَنْ يَحُفُّ شَعْرَ وَجْهِهَا نَتْفاً بِخَيْطَيْنِ، وَهُوَ مِنَ القَشْر، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّعْرِ الحُفَافَةُ، وَقِيلَ: الحُفَافَةُ مَا سَقَط مِنَ الشعَر المَحْفُوفِ وَغَيْرِهِ. وحَفَّتِ اللحيةُ تَحِفُّ حُفُوفاً: شَعِثَتْ. وحَفَّ رأْسُ الإِنسان وَغَيْرِهِ يَحِفُّ حُفُوفاً: شَعِثَ وبَعُدَ عَهْدُه بالدُّهن؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ وَتِداً:
وأَشْعَثَ فِي الدَّارِ ذِي لِمَّةٍ ... يُطِيلُ الحُفُوفَ، وَلَا يَقْمَلُ
يَعْنِي وَتِدًا حَفَّهُ صاحبُه تَرَك تَعَهُّدَه. والحِفافان: ناحِيتا الرأْسِ والإِناء وَغَيْرِهِمَا، وَقِيلَ: هُمَا جَانِبَاهُ، وَالْجَمْعُ أَحِفَّةٌ. وحِفافا الجبلِ: جَانِبَاهُ. وحِفَافَا كُلِّ شَيْءٍ: جَانِبَاهُ؛ وَقَالَ طَرَفَةُ يَصِفُ نَاحِيَتِي عَسِيبِ ذَنَبِ النَّاقَةِ:
كأَنَّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ، تَكَنَّفا ... حِفَافَيْهِ، شُكّا فِي العَسِيبِ بِمسْرَدِ
وَإِنَاءٌ حَفَّان: بَلَغَ الْمَاءُ وغيرُه حِفَافَيْهِ. والأَحِفَّةُ أَيضاً: مَا بَقِيَ حَوْلَ الصَّلَعةِ مِنَ الشَّعْرِ، الْوَاحِدُ حِفافٌ. الأَصمعي: يُقَالُ بَقِيَ مِنْ شَعْرِهِ حِفَافٌ، وَذَلِكَ إِذَا صَلِعَ فَبَقِيَتْ طُرَّة مِنْ شعَره حَوْلَ رأْسه، قَالَ: وَجَمْعُ الحِفافِ أَحِفَّة؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يصفُ(9/50)
الجِفانَ الَّتِي تُطعم فِيهَا الضِّيفانُ:
لَهُنَّ، إِذَا أَصْبَحْنَ، مِنْهُمْ أَحِفَّةٌ، ... وحينَ يَرَوْنَ الليلَ أَقْبَلَ جَائِيَا
أَراد بِقَوْلِهِ لَهُنَّ أَي للجِفانِ، أَحِفّة أَي قَوْمٌ اسْتَدَارُوا بِهَا يأْكلون مِنَ الثَّرِيدِ الَّذِي لُبِّقَ فِيهَا واللُّحْمانِ الَّتِي كُلِّلَتْ بِهَا، أَي قَوْمٌ اسْتَدَارُوا حَوْلَهَا؛ والجِفان تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ وَهُوَ:
فَمَا مَرْتَعُ الجِيرانِ إِلَّا جِفانُكُمْ، ... تَبارَوْن أَنتم والرِّياحُ تَبارِيا
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: كَانَ أَصلَعَ لَهُ حِفافٌ
؛ هُوَ أَن يَنْكَشِف الشَّعْرُ عَنْ وَسَطِ رأْسه ويَبْقى مَا حولَه. والحَفَّافُ: اللَّحْمُ الَّذِي فِي أَسفَل الْحَنَكِ إِلَى اللَّهاة. الأَزهري: يُقَالُ يَبِس حَفَّافُه وَهُوَ اللَّحْمُ اللَّيِّنُ أَسفل اللَّهاة. والحَافَّانِ مِنَ اللِّسَانِ: عِرْقان أَخْضَران يَكْتَنِفانه مِنْ بَاطِنٍ، وَقِيلَ: حَافُّ اللسانِ طَرَفُه. وَرَجُلٌ حَافُّ الْعَيْنِ بَيِّنُ الحُفُوفِ أَي شَدِيدُ الإِصابة بِهَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، مَعْنَاهُ أَنه يُصِيبُ النَّاسَ بِالْعَيْنِ. وحَفُّ الحائكِ خَشَبته الْعَرِيضَةُ يُنَسِّقُ بِهَا اللُّحْمةَ بَيْنَ السَّدَى. والحَفُّ، بِغَيْرِ هَاءٍ: المِنْسَجُ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَفَّةُ المِنْوالُ وَهُوَ الخشَبة الَّتِي يَلُفُّ عَلَيْهَا الحائِكُ الثوبَ. والحَفَّةُ: القَصَباتُ الثَّلَاثُ، وَقِيلَ: الحِفَّةُ، بِالْكَسْرِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يَضرب بِهَا الحائكُ كَالسَّيْفِ، والحَفُّ: القَصبة الَّتِي تَجِيءُ وَتَذْهَبُ. قَالَ الأَزهري: كَذَا هُوَ عِنْدَ الأَعراب، وَجَمْعُهَا حُفُوفٌ، وَيُقَالُ: مَا أَنت بحَفَّةٍ ولا نِيرةٍ؛ الحَفَّة: مَا تقدَّم، وَالنِّيرَةُ: الخَشَبةُ المُعْتَرِضةُ، يُضْرب هَذَا لِمَنْ لَا يَنْفَع وَلَا يَضُرّ، مَعْنَاهُ مَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ. والحَفيفُ: صَوْتُ الشَّيْءِ تسْمَعُه كالرَّنَّةِ أَو طيَرانِ الطَّائِرِ أَو الرَّمْيةِ أَو الْتِهَابِ النَّارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، حَفَّ يَحِفُّ حَفِيفاً. وحَفْحَفَ وحَفَّ الجُعَلُ يَحِفُّ: طَارَ، والحَفِيفُ صَوْتُ جناحَيْه، والأُنثى مِنَ الأَساود تَحِفُّ حَفِيفاً، وَهُوَ صَوْتُ جِلْدِهَا إِذَا دَلَكَتْ بعضَه بِبَعْضٍ. وحَفِيفُ الرِّيح: صَوْتُهَا فِي كُلِّ مَا مرَّت بِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَبْلِغْ أَبا قَيْسٍ حَفِيفَ الأَثْأَبَهْ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: إِنَّهُ ضَعِيفُ الْعَقْلِ كأَنه حَفيفُ أَثْأَبةٍ تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أُوعِدُه وأُحَرِّكه كَمَا تحرِّك الريحُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ. وحَفَّ الفرسُ يَحِفّ حَفِيفًا وأَحْفَفْتُه أَنا إِذَا حَمَلْتُهُ عَلَى أَن يَكُونَ لَهُ حَفِيفٌ، وَهُوَ دَويّ جَرْيه، وَكَذَلِكَ حَفِيفُ جَنَاحِ الطَّائِرِ. والحَفِيفُ: صَوْتُ أَخفاف الإِبل إِذَا اشْتَدَّ؛ قَالَ:
يَقُولُ، والعِيسُ لَهَا حَفِيفُ: ... أَكلُّ مَنْ ساقَ بكُم عَنِيفُ؟
الأَصمعي: حَفَّ الغيْثُ إِذَا اشتَدَّت غَيْثَتُه حَتَّى تسمع له حَفيفاً. ويقال: أَجْرى الفرسَ حَتَّى أَحَفَّه إِذَا حَمَلَه عَلَى الحُضْر الشَّدِيدِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ حَفِيفٌ. وحَفَّ سمعُه: ذَهَبَ كُلُّهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ. وحَفَّانُ النَّعَامِ: رِيشُه. والحَفّانُ: وَلَدُ النَّعَامِ؛ وأَنشد لأُسامةَ الهُذَليّ:
وَإِلَّا النَّعامَ وحَفّانَه، ... وطُغْيا مَعَ اللَّهِقِ النَّاشِطِ(9/51)
الطُّغْيا: الصَّغِيرُ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ، وأَحمد بْنُ يَحْيَى يَقُولُ: الطَّغيا، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَاسْتَعَارَهُ أَبو النَّجْمِ لِصِغَارِ الإِبل فِي قَوْلِهِ:
والحَشْوُ مِنْ حَفّانِها كالحَنْظَلِ
فَشَبَّهَهَا لَمَّا رَوِيت مِنَ الْمَاءِ بالحَنظل فِي بَريقه ونَضارته، وَقِيلَ: الحَفّانُ صِغارُ النعامِ والإِبل. والحَفَّانُ مِنَ الإِبل أَيضاً: مَا دُونَ الحِقاق، وَقِيلَ: أَصل الحَفّان صِغَارُ النَّعَامِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي صِغَارِ كُلِّ جِنْسٍ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حَفّانةٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ؛ وأَنشد:
وزَفَّتِ الشَّوْلُ مِنْ بَرْدِ العَشِيّ، كَمَا ... زَفَّ النَّعام، إِلَى حَفّانِه، الرُّوحُ
والحَفّانُ: الخَدَمُ. وَفُلَانٌ حَفٌّ بنفسِه أَي مَعْنيٌّ. والحَفَّةُ: الكرامةُ التامّةُ. وَهُوَ يَحُفُّنا ويَرُفُّنا أَي يُعْطِينا ويَمِيرُنا. وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ حَفَّنا أَو رَفَّنا فَلْيَقْتَصِدْ، يَقُولُ: مَن مَدَحَنا فَلَا يَغْلُوَنَّ فِي ذَلِكَ ولكنْ لِيَتَكَلَّمْ بِالْحَقِّ مِنْهُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَي مَن خَدَمَنا أَو تَعَطَّفَ عَلَيْنَا وحاطَنا. الأَصمعي: هُوَ يَحِفُّ ويَرِفُّ أَي يَقُومُ ويَقْعُدُ ويَنْصَحُ ويُشْفِقُ، قَالَ: وَمَعْنَى يَحِفُّ تَسْمَع لَهُ حَفِيفاً. وَيُقَالُ: شَجَرٌ يَرِفُّ إِذَا كَانَ لَهُ اهْتِزازٌ مِنَ النَّضارةِ. وَيُقَالُ: مَا لِفلان حَافٌّ وَلَا رافٌّ، وذهَب مَنْ كَانَ يَحُفُّه ويَرُفُّه. وحُفُّ الْعَيْنِ: شَفْرُها. وَجَاءَ عَلَى حَفِّ ذَلِكَ وحَفَفِه وحِفَافِه أَي حِينِه وإبّانِه. وَهُوَ عَلَى حَفَفِ أَمْرٍ أَي ناحيةٍ مِنْهُ وشَرَفٍ. واحْتَفَّتِ الإِبلُ الكَلأَ: أَكلتْه أَو نالَتْ مِنْهُ، والحَفَّةُ: مَا احْتَفَّتْ مِنْهُ. وحِفافُ الرَّمَلِ: مُنْقَطَعُه، وجمعه أَحِفَّةٌ.
حقف: الحِقْفُ مِنَ الرَّمْلِ: المُعْوَجُّ، وَجَمْعُهُ أَحْقافٌ وحُقوفٌ وحِقافٌ وحِقَفةٌ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِمَا اعْوَجَّ: مُحْقَوْقِفٌ. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: فِي تَنائِفَ حِقافٍ
، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى: حَقائِفَ؛ الحِقافُ: جَمْعُ حِقْفٍ، وَهُوَ مَا اعْوَجَّ مِنَ الرَّمْلِ وَاسْتَطَالَ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَحْقافٍ، فأَما حَقائِفُ فَجَمْعُ الْجَمْعِ، أِمَّا جَمْعُ حِقافٍ أَو أَحقافٍ، وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ
، فَقِيلَ: هِيَ مِنَ الرِّمال، أَي أَنْذَرَهم هُنَالِكَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الأَحْقافُ دِيَارُ عَادٍ. قَالَ تَعَالَى: وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَاحِدُهَا حِقْفٌ وَهُوَ الْمُسْتَطِيلُ الْمُشْرِفُ، وَفِي بَعْضِ التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ بِالْأَحْقافِ
فَقَالَ بالأَرض، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ الأَول، وَقَالَ اللَّيْثُ: الأَحقافُ فِي الْقُرْآنِ جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا مِنْ زَبَرْجَدةٍ خَضْرَاءَ تَلْتَهِبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فتَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ كُلِّ أُفُق؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الْجَبَلُ الَّذِي وَصَفَهُ يُقَالُ لَهُ قافٌ، وأَما الأَحْقافُ فَهِيَ رِمَالٌ بِظَاهِرِ بِلَادِ الْيَمَنِ كَانَتْ عَادٌ تَنْزِلُ بِهَا. والحِقْفُ: أَصْلُ الرَّمْلِ وأَصل الْجَبَلِ وأَصل الْحَائِطِ. وَقَدِ احْقَوْقَفَ الرملُ إِذَا طالَ واعْوَجَّ. واحْقَوْقَفَ الهِلالُ: اعْوجَّ. وكلُّ مَا طالَ واعْوَجَّ، فَقَدِ احْقَوْقَفَ كَظَهْرِ الْبَعِيرِ وشَخْص القَمَرِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ناجٍ طَواهُ الأَيْنُ مِمَّا وجَفا، ... طَيَّ اللَّيالي زُلَفاً فَزُلَفَا،
سَماوةَ الهِلالِ حَتَّى احْقَوْقَفا
وَظَبْيٌ حاقِفٌ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنَّ مَعْنَاهُ صَارَ فِي حِقْفٍ، وَالْآخِرُ أَنه رَبَضَ واحْقَوْقَفَ ظهرُه.(9/52)
الأَزهري: الظَّبْيُ الحاقِفُ يَكُونُ رابِضاً فِي حِقْفٍ مِنَ الرَّمْلِ أَو مُنْطَوِيًا كالحِقْف. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: جَمَلٌ أَحْقَفُ خَمِيصٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ دُخِلَ فِيهِ فَهُوَ حِقْفٌ. وَرَجُلٌ حاقِفٌ إِذَا دَخَلَ فِي الْمَوْضِعِ؛ كلُّ ذَلِكَ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مرَّ هُوَ وأَصحابه وَهُمْ مُحْرِمُون بِظَبْيٍ حاقِفٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ
؛ هُوَ الَّذِي نَامَ وانحَنى وتَثَنّى فِي نَوْمِهِ، وَلِهَذَا قِيلَ لِلرَّمْلِ إِذَا كَانَ مُنْحَنِياً حِقْفٌ، وَكَانَتْ مَنازِلُ قَوْمِ عادٍ بالرِّمال.
حكف: الأَزهري خَاصَّةً: ابْنُ الأَعرابي الحُكُوفُ الاسْتِرْخاء فِي العَمَل.
حلف: الحِلْفُ والحَلِفُ: القَسَمُ لُغَتَانِ، حَلَفَ أَي أَقْسَم يَحْلِفُ حَلْفاً وحِلْفاً وحَلِفاً ومَحْلُوفاً، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ مِنَ الْمَصَادِرِ عَلَى مَفْعُولٍ مِثْلَ المَجْلُودِ والمَعْقُولِ والمَعْسُور والمَيْسُورِ، وَالْوَاحِدَةُ حَلْفةٌ؛ قَالَ إمْرؤُ الْقَيْسِ:
حَلَفْتُ لَها باللهِ حَلْفةَ فاجِرٍ: ... لَنامُوا فَمَا إنْ مِنْ حَدِيثٍ وَلَا صَالِي
وَيَقُولُونَ: مَحْلُوفةً بِاللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ، يَنْصِبُونَ عَلَى إِضْمَارِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَحْلُوفةً أَي قَسَماً، والمحلوفةُ هُوَ القَسَمُ. الأَزهري عَنِ الأَحمر: حَلَفْتُ مَحْلُوفًا مَصْدَرٌ. ابْنُ بُزُرج: لَا ومَحْلُوفائه لَا أَفْعَلُ، يُرِيدُ ومَحْلُوفِه فمَدَّها. وحَلَفَ أُحْلُوفة؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَرَجُلٌ حالِفٌ وحَلَّافٌ وحَلَّافةٌ: كَثِيرُ الحَلِفِ. وأَحْلَفْتُ الرجُلَ وحَلَّفْتُه واسْتَحْلَفْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَمِثْلُهُ أَرْهَبْتُه واسْتَرْهَبْتُه، وَقَدِ اسْتَحْلَفَه بِاللَّهِ مَا فَعَلَ ذَلِكَ وحَلَّفَه وأَحْلَفَه؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
قامَتْ إليَّ فأَحْلَفْتُها ... بِهَدْيٍ قَلائِدُه تَخْتَنِقْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فرأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا
؛ الحَلِفُ: الْيَمِينُ وأَصلُها العَقْدُ بالعَزْمِ وَالنِّيَّةِ فَخَالَفَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ تأْكيداً لعَقْدِه وإعْلاماً أَنَّ لَغْو اليمينِ لَا يَنْعَقِدُ تَحْتَهُ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ قَالَ لَهُ جُنْدَبٌ: تسْمَعُني أُحالِفُكَ مُنْذُ الْيَوْمِ وَقَدْ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا تَنهاني
؛ أُحالِفُكَ أُفاعِلُكَ مِنَ الحَلْفِ الْيَمِينِ. والحِلْفُ، بِالْكَسْرِ، العَهْد يَكُونُ بَيْنَ الْقَوْمِ. وَقَدْ حَالَفَه أَي عاهَدَه، وتَحَالَفُوا أَي تعاهَدُوا. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: حَالَفَ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ والأَنصار فِي دَارِنَا مرَّتين
أَي آخَى بَيْنَهُمْ، وَفِي رِوَايَةٍ:
حَالَفَ بَيْنَ قُرَيْشٍ والأَنصار
أَي آخَى بَيْنَهُمْ لأَنه لَا حِلْف فِي الإِسْلام. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَا حِلْفَ فِي الإِسلام.
قَالَ ابْنُ الأَثير: أَصل الحِلْفِ المُعاقدةُ والمُعاهَدَةُ عَلَى التَّعاضُدِ والتساعُدِ والاتِّفاقِ، فَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى الفِتَنِ والقِتالِ بَيْنَ الْقَبَائِلِ والغاراتِ فَذَلِكَ الَّذِي ورَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي الإِسلام بِقَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لَا حِلْف فِي الإِسلام
، وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى نَصْرِ المَظْلُومِ وصلةِ الأَرْحامِ كحِلْفِ المُطَيَّبِينَ وَمَا جَرى مَجْراه فَذَلِكَ الَّذِي
قَالَ فِيهِ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْه الإِسلامُ إِلَّا شِدَّةً
، يُرِيدُ مِنَ المُعاقدة عَلَى الْخَيْرِ ونُصْرةِ الْحَقِّ، وَبِذَلِكَ يَجْتَمِعُ الْحَدِيثَانِ، وَهَذَا هُوَ الحِلْفُ الَّذِي يَقْتَضِيه الإِسلامُ والمَمْنُوعُ مِنْهُ مَا خالَفَ حُكْمَ الإِسلام، وَقِيلَ: المُحالفة كَانَتْ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَقَوْلُهُ لَا حِلْفَ(9/53)
فِي الإِسلام قَالَهُ زَمَنَ الْفَتْحِ؛ فَكَانَ نَاسِخًا وَكَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأَبو بَكْرٍ مِنَ المُطَيَّبينَ وَكَانَ عُمَرُ مِنَ الأَحْلافِ، والأَحْلافُ سِتُّ قَبائِلَ: عبدُ الدَّارِ وجُمَحُ ومَخْزُومٌ وَبَنُو عَدِيٍّ وكعْبٌ وسَهْمٌ. والحَلِيفُ: المُحالِفُ. اللَّيْثُ: يُقَالُ حَالَفَ فُلَانٌ فُلَانًا، فَهُوَ حَلِيفُهُ، وَبَيْنَهُمَا حِلْف لأَنهما تَحالَفا بالأَيْمانِ أَن يَكُونَ أَمرُهما وَاحِدًا بالوَفاء، فَلَمَّا لَزِمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي الأَحْلافِ الَّتِي فِي الْعَشَائِرِ وَالْقَبَائِلِ صَارَ كُلُّ شَيْءٍ لَزِمَ شَيْئًا فَلَمْ يُفارِقْه فَهُوَ حَلِيفُه حَتَّى يُقَالَ: فُلَانٌ حَلِيفُ الجُودِ وَفُلَانٌ حَلِيفُ الإِكْثارِ وَفُلَانٌ حَلِيفُ الإِقْلالِ؛ وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:
وشَرِيكَيْنِ فِي كثِيرٍ مِنَ المالِ، ... وَكَانَا مُحالِفَيْ إقْلالِ
وحَالَفَ فُلَانٌ بَثَّه وحُزْنَه أَي لازَمَه. ابْنُ الأَعرابي: الأَحْلافُ فِي قُرَيْشٍ خَمْسُ قَبَائِلَ: عبدُ الدَّارِ وجُمَح وسَهْم ومَخْزوم وَعَدِيُّ بْنُ كَعْبٍ، سُمُّوا بِذَلِكَ لَمَّا أَرادَتْ بَنُو عبدِ مَنَافٍ أَخذ مَا فِي يَدَيْ عبدِ الدَّار مِنَ الْحِجَابَةِ والرِّفادةِ واللِّواءِ والسِّقايةِ، وأَبَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ، عَقَدَ كُلُّ قَوْمٍ عَلَى أَمْرِهِم حِلْفاً مُؤَكَّدًا عَلَى أَن لَا يَتَخَاذَلُوا، فأَخرجت عَبْدُ مَنَافٍ جَفْنة مَمْلُوءَةً طِيبًا فَوَضَعُوهَا لأَحْلافهم فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَهُمْ أَسَدٌ وزُهْرةُ وتَيْمٌ، ثُمَّ غَمَسَ الْقَوْمُ أَيديهم فِيهَا وتَعاقَدُوا ثُمَّ مَسَحُوا الْكَعْبَةَ بأَيديهم تَوْكِيدًا فَسُمُّوُا المطيَّبين، وتَعاقَدت بَنُو عَبْدِ الدَّارِ وحُلفاؤها حِلْفًا آخَرَ مُؤَكَّدًا عَلَى أَن لَا يتخاذلوا فسمو الأَحْلافَ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ يَذْكُرُهُمْ:
نَسَباً فِي المُطَيَّبينَ وَفِي الأَحْلافِ ... حَلَّ الذُّؤابةَ الجُمْهُورا
قَالَ: وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبي مُلَيْكَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فأَتاه ابْنُ صَفْوان فَقَالَ: نِعْمَ الإِمارةُ إمارةُ الأَحْلافِ كَانَتْ لَكُمْ قَالَ: الَّذِي كَانَ قَبْلَهَا خَيْرٌ مِنْهَا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ المطيَّبين وَكَانَ أَبو بَكْرٍ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ، وَكَانَ عُمَرُ مِنَ الأَحْلافِ، يَعْنِي إِمَارَةَ عُمَرَ.
وَسَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ نادِبة عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهِيَ تَقُولُ: يَا سيِّدَ الأَحْلافِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ والمُحْتَلَفِ عَلَيْهِمْ
، يَعْنِي المُطيبين. قَالَ الأَزهري: وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ مَا اقْتَصَّه ابْنُ الأَعرابي لأَن القُتَيْبي ذَكَرَ المُطيبين والأَحْلافَ فَخَلَط فِيمَا فسَّرَ وَلَمْ يؤدِّ القِصَّة عَلَى وَجْهِهَا، قَالَ: وأَرجو أَن يَكُونَ مَا رَوَاهُ شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي صَحِيحًا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وَجَدْنَا وِلايةَ المطيَّبيّ خَيْرًا مِنْ وِلاية الأَحْلافيِ
، يُرِيدُ أَبا بكر وعمر، يُرِيدُ أَنَّ أَبا بَكْرٍ كَانَ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ وَعُمَرَ مِنَ الأَحْلاف؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا أَحد مَا جَاءَ مِنْ النَّسَبِ لَا يُجْمَعُ لأَن الأَحْلاف صَارَ اسْمًا لَهُمْ كَمَا صَارَ الأَنصار اسْمًا للأَوْس والخَزْرج، والأَحْلافُ الَّذِينَ فِي شِعْرِ زُهَيْرٍ هُمْ: أَسَدٌ وغَطَفانُ لأَنهم تحالَفُوا عَلَى التَّناصُرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي أَشار إِلَيْهِ مِنْ شِعْرِ زُهَيْرٍ هُوَ قَوْلُهُ:
تَدارَكْتُما الأَحْلافَ قَدْ ثُلَّ عَرْشُها، ... وَذِبْيانَ [ذُبْيانَ] قَدْ زَلَّتْ بأَقْدامها النَّعْلُ
قَالَ: وَفِي قَوْلِهِ أَيضاً:
أَلا أَبْلِغِ الأَحْلافَ عَنِّي رِسالةً ... وذِبْيان: هَلْ أَقْسَمْتُمُ كلَّ مَقْسَمِ؟(9/54)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَلِيفانِ أَسَدٌ وغَطَفانُ صِفَةٌ لازِمةٌ لَهُمَا لُزُومَ الِاسْمِ. ابْنُ سِيدَهْ: الحِلْفُ العَهْدُ لأَنه لَا يُعْقَدُ إِلَّا بالحَلِفِ. وَالْجَمْعُ أَحْلَاف. وَقَدْ حالَفَه مُحالَفَة وحِلافاً، وَهُوَ حِلْفُه وحَليفه؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَسَوْفَ تَقُولُ، إنْ هِيَ لَمْ تَجِدْني: ... أَخانَ العَهْدَ أَم أَثِمَ الحَلِيفُ؟
الحَلِيف: الحالِفُ فِيمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ليَفِيَنَّ، وَالْجَمْعُ أَحْلافٌ وحُلَفاء، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنهما تَحَالَفَا أَن يَكُونَ أَمرهما وَاحِدًا بِالْوَفَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: والأَحْلافُ أَيضاً قَوْمٌ مِنْ ثَقِيفٍ لأَنَّ ثَقِيفًا فِرْقَتَانِ بَنُو مَالِكٍ والأَحْلافُ، وَيُقَالُ لِبَنِي أَسَدٍ وطَيِءٍ الحَلِيفان، وَيُقَالُ أَيضاً لفَزارةَ ولأَسَدٍ حَلِيفانِ لأَن خُزاعةَ لَمَّا أَجْلَتْ بَنِي أَسد عَنِ الحَرَم خَرَجَتْ فَحَالَفَتْ طَيِّئًا ثُمَّ حَالَفَتْ بَنِي فَزَارَةَ. ابْنُ سِيدَهْ: كُلُّ شَيْءٍ مُخْتَلَف فِيهِ، فَهُوَ مُحْلِفٌ لأَنه داعٍ إِلَى الحَلِفِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ حَضارِ والوَزْنُ مُحْلِفانِ، وَذَلِكَ أَنهما نَجْمانِ يَطْلُعانِ قَبْلَ سُهَيْل مِنْ مَطْلَعِه فَيَظُنُّ النَّاسُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنه سُهيل، فَيَحْلِفُ الْوَاحِدُ أَنه سُهَيْلٌ وَيَحْلِفُ الْآخَرُ أَنه لَيْسَ بِهِ. وَنَاقَةٌ مُحْلِفةٌ إِذَا شُكَّ فِي سِمَنِها حَتَّى يَدْعُوَ ذَلِكَ إِلَى الْحَلِفِ. الأَزهري: نَاقَةٌ مُحْلِفةُ السَّنام لَا يُدْرى أَفي سَنامِها شَحْمٌ أَم لَا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَطْلال مُحْلِفةِ الرُّسُومِ ... بأَلْوَتَي بَرٍّ وفاجِرْ
أَي يَحْلِفُ اثْنان: أَحدهما عَلَى الدُّرُوسِ وَالْآخَرُ عَلَى أَنه لَيْسَ بدارِسٍ فَيَبَرُّ أَحدهما فِي يَمِينِهِ وَيَحْنَثُ الْآخَرُ، وَهُوَ الْفَاجِرُ. وَيُقَالُ: كُمَيْتٌ مُحْلِفٌ إِذَا كَانَ بَيْنَ الأَحْوى والأَحَمّ حَتَّى يَخْتَلِفَ فِي كُمْتته، وكُمَيْتٌ غَيْرُ مُحلِف إِذَا كَانَ أَحْوَى خالِصَ الحُوَّة أَو أَحَمّ بَيِّنَ الحُمّةِ. وَفِي الصِّحَاحِ: كُمَيْتٌ مُحْلِفةٌ وَفَرَسٌ مُحْلِفٌ ومُحْلِفةٌ، وَهُوَ الكُمَيْت الأَحَمُّ والأَحْوى لأَنهما مُتَدانِيانِ حَتَّى يَشُكَّ فِيهِمَا البَصِيرانِ فَيَحْلِفُ هَذَا أَنه كُمَيْتٌ أَحْوى، وَيَحْلِفُ هَذَا أَنه كُمَيْتٌ أَحَمُّ؛ قَالَ ابْنُ كَلْحبة اليَرْبُوعي وَاسْمُهُ هُبَيْرةُ بْنُ عَبْدِ مَناف وكَلْحَبةُ أُمه:
تُسائِلُني بَنُو جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ: ... أَغَرَّاءُ العَرادةُ أَمْ بَهِيمُ؟
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ، ولكِنْ ... كَلَوْنِ الصِّرْفِ عُلَّ بِهِ الأَديمُ
يَعْنِي أَنها خَالِصَةُ اللَّوْنِ لَا يُحْلَفُ عَلَيْهَا أَنها لَيْسَتْ كَذَلِكَ، والصِّرْفُ: شَيْءٌ أَحْمر يُدْبَغُ بِهِ الجِلْدُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَى مُحلفة هُنَا أَنها فَرَسٌ لَا تُحْوِجُ صاحبَها إِلَى أَن يَحْلِفَ أَنه رأَى مِثْلَها كرَماً، وَالصَّحِيحُ هُوَ الأَول. والمُحْلِفُ مِنَ الغِلمان: الْمَشْكُوكُ فِي احْتِلَامِهِ لأَن ذَلِكَ رُبَّمَا دَعَا إِلَى الْحِلْفِ. اللَّيْثُ: أَحْلَفَ الغلامُ إِذَا جاوَز رِهاق الحُلُم، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ أَحْلَفَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَحْلَفَ الغُلام بِهَذَا الْمَعْنَى خَطَأٌ، إِنَّمَا يُقَالُ أَحْلَفَ الغلامُ إِذَا راهَقَ الحُلُم فَاخْتَلَفَ النَّاظِرُونَ إِلَيْهِ، فَقَائِلٌ يَقُولُ قَدِ احْتَلَمَ وأَدْرَك وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَائِلٌ يَقُولُ غَيْرَ مُدْرِكٍ وَيَحْلِفُ عَلَى قَوْلِهِ. وَكُلُّ شَيْءٍ يَخْتَلِفُ فِيهِ النَّاسُ وَلَا يقِفُون مِنْهُ عَلَى أَمر صَحِيحٍ، فَهُوَ مُحْلِفٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلشَّيْءِ المُخْتَلَفِ فِيهِ: مُحْلِفٌ ومُحْنِثٌ.(9/55)
والحَلِيفُ: الحَديدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ حَلافةٌ، وَإِنَّهُ لَحَلِيفُ اللسانِ عَلَى الْمَثَلِ بِذَلِكَ أَي حديدُ اللِّسَانِ فصيحٌ. وسِنانٌ حَلِيفٌ أَي حَديد. قَالَ الأَزهري: أَراه جُعِلَ حَلِيفًا لأَنه شُبِّه حِدَّةُ طرَفِه بَحِدَّةِ أَطْرافِ الحَلْفاء. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ أَنه قَالَ لِيَزِيدَ بْنِ المُهَلَّب: مَا أَمْضى جَنانَه وأَحْلَفَ لِسانَه
أَي مَا أَمْضاه وأَذْرَبَه مِنْ قَوْلِهِمْ سِنانٌ حَلِيفٌ أَي حَدِيدٌ مَاضٍ. والحَلَفُ والحَلْفاء: مِنْ نَباتِ الأَغْلاثِ، وَاحِدَتُهَا حَلِفةٌ وحَلَفةٌ وحَلْفاء وحَلْفاة؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: حَلْفاء وَاحِدَةٌ وحَلْفاء لِلْجَمِيعِ لِمَا كَانَ يَقَعُ لِلْجَمِيعِ وَلَمْ يَكُنِ اسْمًا كُسِّرَ عَلَيْهِ الْوَاحِدُ، أَرادوا أَن يَكُونَ الواحدُ مِنْ بِنَاءٍ فِيهِ عَلَامَةُ التأْنيث كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الأَكثر الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ عَلَامَةُ التأْنيث، وَيَقَعُ مُذَكَّرًا نَحْوَ التَّمْرِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وأَشباه ذَلِكَ، وَلَمْ يُجاوِزُوا الْبِنَاءَ الَّذِي يَقَعُ لِلْجَمِيعِ حَيْثُ أَرادوا وَاحِدًا فِيهِ عَلَامَةُ التأْنيث لأَنه فِيهِ عَلَامَةُ التأْنيث، فاكتفَوْا بِذَلِكَ وبَيَّنُوا الْوَاحِدَةَ بأَن وَصَفُوهَا بِوَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَجِيئُوا بِعَلَامَةٍ سِوى الْعَلَامَةِ الَّتِي فِي الْجَمْعِ لتَفْرُقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الِاسْمِ الَّذِي يَقَعُ لِلْجَمِيعِ وَلَيْسَ فِيهِ عَلَامَةُ التأْنيث نَحْوَ التَّمْرِ والبُسْر.، وأَرض حَلِفةٌ ومُحْلِفةٌ: كَثِيرَةُ الحَلْفاء. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرض حَلِفةٌ تُنْبِتُ الْحَلْفَاءَ. اللَّيْثُ: الْحَلْفَاءُ نَبَاتٌ حَمْلُه قصَبُ النُّشَّابِ. قَالَ الأَزهري: الحَلْفَاء نَبْتٌ أَطْرافُه مُحَدَّدةٌ كأَنها أَطْرافُ سَعَفِ النَّخْلِ وَالْخُوصِ، يَنْبُتُ فِي مغايِضِ الْمَاءِ والنُزُوزِ، الْوَاحِدَةُ حَلَفةٌ مِثْلَ قَصَبةٍ وقَصْباءَ وطَرَفَةٍ وطَرْفاءَ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الحَلْفَاء وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، وَكَذَلِكَ طرْفاء وبُهْمَى وشُكاعى وَاحِدَةٌ وَجَمْعٌ. ابْنُ الأَعرابي: الحَلْفاء الأَمَةُ الصَّخَّابة. الْجَوْهَرِيُّ: الحَلْفَاء نَبْتٌ فِي الْمَاءِ، وَقَالَ الأَصمعي: حَلِفة، بِكَسْرِ اللَّامِ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
أَنَّ عُتْبةَ بْنَ رَبيعةَ بَرَزَ لعُبيدةَ فَقَالَ: مَن أَنت؟ قَالَ: أَنا الَّذِي فِي الحَلْفاء
؛ أَراد أَنا الأَسد لأَنَّ مَأْوى الأَسَد الآجامُ ومَنابتُ الْحَلْفَاءِ، وَهُوَ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: هُوَ قَصَبٌ لَمْ يُدْرِكْ. وَالْحَلْفَاءُ: وَاحِدٌ يُرَادُ بِهِ الْجَمْعُ كالقصْباء والطرْفاء، وَقِيلَ: وَاحِدَتُهُ حَلْفاةٌ. وحُلَيْفٌ وحَلِيفٌ: اسْمان. وَذُو الحُلَيْفةِ: موضعٌ؛ وَقَالَ ابْنُ هَرْمةَ:
لمْ يُنْسَ رَكْبُك يومَ زالَ مَطِيُّهُمْ ... مِنْ ذِي الحُلَيْفِ، فصَبَّحُوا المَسْلُوقا
يَجُوزُ أَن يَكُونَ ذُو الحُلَيْفِ عِنْدَهُ لُغةً فِي ذِي الحُلَيْفةِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ حَذْفُ الْهَاءِ مِنْ ذِي الحُلَيْفَة فِي الشِّعْرِ كَمَا حَذَفَهَا الْآخَرُ مِنَ العُذَيْبةِ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
لَعَمْري، لَئِنْ أُمُّ الْحَكِيمِ تَرَحَّلَتْ ... وأَخْلَتْ بَخَيْماتِ العُذَيْبِ ظِلالَها
وَإِنَّمَا اسْمُ الماءِ العُذَيْبةُ، وَاللَّهُ أَعلم.
حلقف: احْلَنْقَفَ الشيءُ: أَفْرَطَ اعْوِجاجُه؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ هِمْيانُ بْنُ قُحافَة:
وانْعاجَتِ الأَحْناء حتى احْلَنْقَفَتْ،
حنف: الحَنَفُ فِي القَدَمَينِ: إقْبالُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الأُخرى بإبْهامها، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْحَافِرِ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَقِيلَ: هُوَ مَيْلُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الإِبهامين عَلَى صَاحِبَتِهَا حَتَّى يُرى شَخْصُ أَصلِها خَارِجًا، وَقِيلَ: هُوَ انْقِلَابُ الْقَدَمِ حَتَّى يَصِيرَ بَطنُها ظهرَها، وَقِيلَ: مَيْلٌ فِي صدْر القَدَم، وَقَدْ حَنِفَ حَنَفاً، ورجُل أَحْنَفُ وامرأَة حَنْفاء، وَبِهِ سُمِّيَ الأَحْنَفُ بْنُ(9/56)
قَيْس، وَاسْمُهُ صَخْرٌ، لِحَنَفٍ كَانَ فِي رِجْلِهِ، ورِجلٌ حَنْفَاء. الْجَوْهَرِيُّ: الأَحْنَفُ هُوَ الَّذِي يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ مِنْ شِقِّها الَّذِي يَلي خِنْصِرَها. يُقَالُ: ضرَبْتُ فَلَانًا عَلَى رِجْلِه فَحَنَّفْتُها، وقدَم حَنْفاء. والحَنَفُ: الاعْوِجاجُ فِي الرِّجْل، وَهُوَ أَن تُقْبِل إحْدَى إبْهامَيْ رِجْلَيْه عَلَى الأُخرى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِرَجُلٍ ارْفَعْ إزارَك، قَالَ: إِنِّي أَحْنَفُ.
الحَنَفُ: إقْبالُ القدَم بأَصابعها عَلَى الْقَدَمِ الأُخرى. الأَصمعي: الحَنَفُ أَن تُقْبلَ إبهامُ الرِّجْل الْيُمْنَى عَلَى أُختها مِنَ الْيُسْرَى وأَن تُقْبِلَ الأُخرى إِلَيْهَا إقْبالًا شَدِيدًا؛ وأَنشد لدايةِ الأَحْنَف وَكَانَتْ تُرَقِّصُه وَهُوَ طِفْل:
واللهِ لَوْلا حَنَفٌ برِجْلِهِ، ... مَا كانَ فِي فِتْيانِكُم مِن مِثلِهِ
وَمِنْ صِلَةٌ هَاهُنَا. أَبو عَمْرٍو: الحَنِيفُ المائِلُ مِنْ خَيْرٍ إِلَى شَرٍّ أَو مِنْ شَرٍّ إِلَى خَيْرٍ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: وَمِنْهُ أُخذ الحَنَفُ، وَاللَّهُ أَعلم. وحَنَفَ عَنِ الشَّيْءِ وتَحَنَّفَ: مَالَ. والحَنِيفُ: المُسْلِمُ الَّذِي يَتَحَنَّفُ عَنِ الأَدْيانِ أَي يَمِيلُ إِلَى الْحَقِّ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ قِبْلةَ البيتِ الْحَرَامِ عَلَى مِلَّةِ إبراهيمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقِيلَ: هُوَ المُخْلِصُ، وَقِيلَ: هُوَ مَنْ أَسلم فِي أَمر اللَّهِ فَلَمْ يَلْتَوِ فِي شَيْءٍ، وَقِيلَ: كلُّ مَنْ أَسلم لأَمر اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَلْتَوِ، فَهُوَ حنيفٌ. أَبو زَيْدٍ: الحَنيفُ المُسْتَقِيمُ؛ وأَنشد:
تَعَلَّمْ أَنْ سَيَهْدِيكُمْ إليْنا ... طريقٌ، لَا يُجُورُ بِكُمْ، حَنِيفُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً
، قَالَ: مَنْ كَانَ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ، فَهُوَ حَنِيفٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَكَانَ عَبَدَةُ الأَوْثانِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ: نَحْنُ حُنَفَاء عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام سَمَّوُا الْمُسْلِمَ حَنِيفاً
، وَقَالَ الأَخفش: الحَنِيف الْمُسْلِمُ، وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ مَن اخْتَتَنَ وَحَجَّ الْبَيْتَ حَنِيفٌ لأَن الْعَرَبَ لَمْ تَتَمَسَّكْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِ إِبْرَاهِيمَ غيرِ الخِتان وحَجِّ البيتِ، فكلُّ مَنِ اخْتَتَنَ وَحَجَّ قِيلَ لَهُ حَنِيف، فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام تمادَتِ الحَنِيفِيّةُ، فالحَنِيفُ الْمُسْلِمُ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: نَصَبَ حَنِيفاً فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْحَالِ، الْمَعْنَى بَلْ نَتَّبِعُ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ فِي حَالِ حَنِيفِيَّتِهِ، وَمَعْنَى الْحَنِيفِيَّةِ فِي اللُّغَةِ المَيْلُ، والمعنَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَنَفَ إِلَى دينِ اللَّهِ وَدِينِ الإِسلامِ، وَإِنَّمَا أُخِذَ الحَنَفُ مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُل أَحْنَفُ ورِجْلٌ حَنْفاء، وَهُوَ الَّذِي تَمِيلُ قدَماه كلُ وَاحِدَةٍ إِلَى أُختها بأَصابعها. الْفَرَّاءُ: الحَنِيف مَن سُنَّته الاختِتان. وَرَوَى الأَزهري عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ
، قَالَ: حُجَّاجاً، وَكَذَلِكَ قَالَ السُّدِّيُّ. وَيُقَالُ: تَحَنَّفَ فُلَانٌ إِلَى الشَّيْءِ تَحَنُّفاً إِذَا مَالَ إِلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً
، قَدْ قِيلَ: إِنَّ الحَنَفَ الاستقامةُ وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْمَائِلِ الرِّجْلِ أَحنف تَفَاؤُلًا بِالِاسْتِقَامَةِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَى الْحَنِيفِيَّةِ فِي الإِسلام المَيْلُ إِلَيْهِ والإِقامةُ عَلَى عَقْدِه. والحَنِيف: الصَّحِيحُ المَيْل إِلَى الإِسلام والثابتُ عَلَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَنِيف الْمُسْلِمُ وَقَدْ سُمِّيَ الْمُسْتَقِيمُ بِذَلِكَ كَمَا سمِّي الغُراب أَعْوَرَ. وتَحَنَّفَ الرجلُ أَي عَمِلَ عَمَلَ الحَنيفيّة، وَيُقَالُ اخْتتن، وَيُقَالُ اعْتَزَلَ الأَصنام وتَعبَّد؛ قَالَ جِرانُ العَوْدِ:
ولمَّا رأَين الصُّبْحَ، بَادَرْنَ ضَوْءَه ... رَسِيمَ قَطَا البطْحاء، أَوْ هُنَّ أَقطفُ(9/57)
وأَدْرَكْنَ أَعْجازاً مِن الليلِ، بَعْدَ مَا ... أَقامَ الصلاةَ العابِدُ المُتَحَنِّفُ
وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
أَقامَتْ بِهِ، كَمُقامِ الحَنِيف، ... شَهْرَيْ جُمادَى وشَهْرَيْ صَفَرْ
إِنَّمَا أَراد أَنها أَقامت بِهَذَا المُتَرَبَّع إقامةَ المُتَحَنِّفِ عَلَى هَيْكَلِه مَسْرُوراً بعَمله وتديُّنِه لِمَا يَرْجُوهُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الثَّوَابِ، وجَمْعُه حُنَفَاء، وَقَدْ حَنَفَ وتَحَنَّفَ. والدينُ الحَنِيف: الإِسلام، والحَنيفِيَّة: مِلة الإِسلام. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَحَبُّ الأَديان إِلَى اللَّهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ
، وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: مِلَّةٌ حَنِيفِيَّةٌ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الحَنِيفِيَّةُ الميلُ إِلَى الشَّيْءِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ. الزَّجَّاجِيُّ: الحَنِيف فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَنْ كَانَ يَحُجُّ البيتَ وَيَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ ويخْتَتنُ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام كَانَ الحَنِيفُ المُسْلِمَ، وَقِيلَ لَهُ حَنِيف لعُدوله عَنِ الشِّرْكِ؛ قَالَ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ نُعُوتِ الليَّالي فِي شدَّة الظُّلْمَةِ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي:
فَمَا شِبْهُ كَعْبٍ غيرَ أَعْتَمَ فاجِرٍ ... أَبى مُذْ دَجا الإِسْلامُ، لَا يَتَحَنَّفُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
خَلَقْتُ عِبادِي حُنَفَاء
أَي طاهِرِي الأَعضاء مِنَ المَعاصِي. لَا أَنهم خَلَقَهم مُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ، وَقِيلَ: أَراد أَنه خَلَقَهُمْ حُنَفَاء مُؤْمِنِينَ لِمَا أَخذ عَلَيْهِمِ الميثاقَ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ، فَلَا يُوجَدُ أَحد إِلَّا وَهُوَ مُقرّ بأَنَّ لَهُ رَبّاً وَإِنْ أَشرك بِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ. والحُنَفاءُ: جَمْع حَنِيفٍ، وَهُوَ الْمَائِلُ إِلَى الإِسلام الثابتُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بُعِثْتُ بالحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ.
وَبَنُو حَنِيفةَ: حَيٌّ وَهُمْ قَوْمُ مُسَيْلِمة الكذَّابِ، وَقِيلَ: بَنُو حَنِيفَة حَيٌّ مِنْ رَبيعة. وحَنِيفَةُ: أَبو حَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ، وَهُوَ حَنِيفَة بْنُ لُجَيم بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ؛ كَذَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وحَسَبٌ حَنِيفٌ أَي حديثٌ إسْلاميُّ لَا قَدِيمَ لَهُ؛ وَقَالَ ابْنُ حَبْناء التَّمِيمِيُّ:
وَمَاذَا غَيْرَ أَنَّك ذُو سِبالٍ ... تُمِسِّحُها، وَذُو حَسَبٍ حَنِيفِ؟
ابْنُ الأَعرابي: الحَنْفَاء شَجَرَةٌ، والحَنْفَاء القَوْسُ، والحَنْفَاء الْمُوسَى، والحَنْفَاء السُّلَحْفاةُ، والحَنْفَاء الحِرْباءَة، والحَنْفَاءُ الأَمَةُ المُتَلَوِّنةُ تَكْسَلُ مَرَّة وتَنْشَطُ أُخْرى. والحَنِيفِيَّةُ: ضَرْبٌ مِنَ السُّيوفِ، مَنْسُوبَةٌ إِلَى أَحْنَفَ لأَنه أَوّل مَنْ عَمِلها، وَهُوَ مِنَ المَعْدُولِ الَّذِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. قَالَ الأَزهري: السيوفُ الحَنِيفِيَّةُ تُنْسَبُ إِلَى الأَحْنَف بْنِ قَيْسٍ لأَنه أَول مَنْ أَمر بِاتِّخَاذِهَا، قَالَ والقياسُ الأَحْنَفِيُّ. الْجَوْهَرِيُّ: والحَنْفَاء اسْمُ مَاءٍ لَبَنِي مُعاوية بْنِ عَامِرِ بْنِ ربيعةَ، والحَنْفَاء فَرَسُ حُجْرِ بْنِ مُعاويةَ وَهُوَ أَيضاً فَرَسُ حُذَيْفةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزاريّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هِيَ أُخْتُ داحِسٍ لأَبيه مِنْ وَلَدِ العُقّالِ، والغَبْراء خالةُ داحِس وأُخته لأَبيه، وَاللَّهُ أَعلم.
حنتف: حَنْتَفٌ: اسْمٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَنْتَفَانِ الحَنْتَفُ وأَخوه سِيفٌ ابْنَا أَوْسِ بْنِ حِمْيَريّ بْنِ رِياح بْنِ يَرْبوعٍ. والحَنْتَفُ: الجَراد المُنَتَّفُ المُنَقَّى مِنَ الطَّبخ، وَبِهِ سمِّي الرَّجُلُ حَنْتَفاً. والحُنْتُوفُ: الَّذِي يَنْتِف لِحْيَتَه مِنْ هَيَجانِ المِرارِ به.(9/58)
حنجف: الحُنْجُفُ والحُنْجُفةُ: رأْسُ الوَرِكِ إِلَى الحَجبة، وَيُقَالُ لَهُ حَنْجَفٌ، وَيُقَالُ لَهُ حِنْجِفٌ. والحُنْجُوفُ: طَرَفُ حَرْقَفةِ الوَرِكِ. والحَنَاجِفُ: رؤوس الأَوْراكِ. والحُنْجُوفُ: رأْس الضِّلَعِ مِمَّا يَلي الصُّلْبَ؛ قَالَ الأَزهري: والحَناجِفُ رؤوس الأَضْلاع، وَلَمْ نَسْمَعْ لَهَا بِوَاحِدٍ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ حَنْجَفَة؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
جُمالِيَّةٌ لَمْ يَبْقَ إِلَّا سَراتُها، ... وأَلواحُ سُمْرٌ مُشْرِفاتُ الحَناجِفِ
وحُنْجُوفُ: دُوَيْبّةٌ.
حوف: الحافةُ والحَوْفُ: الناحِيةُ والجانِبُ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي حَيَفَ لأَن هَذِهِ الْكَلِمَةَ يَائِيَّةٌ وواوِية. وتَحَوَّفَ الشيءَ: أَخذ حافتَه وأَخذه مِنْ حافَتِه وتَخَوَّفَه، بِالْخَاءِ، بِمَعْنَاهُ. الْجَوْهَرِيُّ: تَحَوَّفَه أَي تَنَقَّصَه. غَيْرُهُ: وحَافَتَا الْوَادِي جانِباه. وحَافَ الشيءَ حَوْفاً: كَانَ فِي حافَتِه. وحَافَه: زارَه؛ قَالَ ابْنُ الزِّبَعْرى:
ونعْمان قَدْ غادَرْنَ تَحْتَ لِوائِه ... «3» .... طَيْرٌ يَحُفْنَ وُقُوعُ
وحَوْفُ الْوَادِي: حَرْفُه وناحِيَتُه؛ قَالَ ضَمْرةُ بْنُ ضمرةَ:
وَلَوْ كُنْتَ حَرْباً مَا طَلَعْتَ طُوَيْلِعاً، ... وَلَا حَوْفَه إِلَّا خَمِيساً عَرَمْرَما
وَيُرْوَى: جَوْفَه وجَوَّه. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَلِّطْ «4» عَلَيْهِمْ مَوْتَ طاعُونٍ يَحُوفُ القُلوبَ
؛ أَي يُغَيِّرُها عَنِ التَّوَكُّلِ ويَدْعُوها إِلَى الِانْتِقَالِ والهَرَب مِنْهُ، وَهُوَ مِنَ الحَافَةِ ناحيةِ الْمَوْضِعِ وجانِبِه، وَيُرْوَى يُحَوِّفُ، بِضَمِّ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِنَّمَا هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: لَمَّا قُتِلَ عمرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تركَ الناسُ حَافَةَ الإِسلامِ
أَي جانِبَه وطَرَفَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ عُمارةُ بنُ الوَلِيدِ وعَمرو بْنُ الْعَاصِ فِي الْبَحْرِ، فَجَلَسَ عمرٌو عَلَى مِيحَافِ السَّفِينَةِ فَدَفَعَهُ عُمارةُ
؛ أَراد بالمِيحَافِ أَحَدَ جَانِبَيِ السَّفِينَةِ، وَيُرْوَى بِالنُّونِ وَالْجِيمِ. والحَافَةُ: الثَّوْرُ الَّذِي فِي وسَطِ الكُدْسِ وَهُوَ أَشْقى العَوامِلِ. والحَوْفُ بِلُغَةِ أَهلِ الحَوْفِ وأَهل الشِّحْرِ: كالهَوْدَجِ وَلَيْسَ بِهِ، تَرْكَبُ بِهِ المرأَةُ البعيرَ، وَقِيلَ: الحَوْفُ مَرْكَب لِلنِّسَاءِ لَيْسَ بِهَوْدَجٍ وَلَا رَحْل. والحَوْفُ: الثَّوْبُ. والحَوف: جِلْدٌ يُشَقَّقُ كَهَيْئَةِ الإِزارِ تلْبَسُه الحائضُ والصِّبيانُ، وَجَمْعُهُ أَحْوافٌ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ جِلْد يُقَدُّ سُيُوراً عَرْضُ السَّيْرِ أَربع أَصابعَ، أَو شِبْرٌ، تَلْبَسُه الجاريةُ صَغِيرَةً قَبْلَ أَن تُدْرِكَ، وتلبسُه أَيضاً وَهِيَ حَائِضٌ، حِجَازِيَّةٌ، وَهِيَ الرَّهْطُ، نَجْدية؛ وَقَالَ مُرَّةُ: هِيَ كالنُّقْبةِ إِلَّا أَنها تُقَدَّدُ قِدَداً عَرْضُ القِدَّةِ أَربع أَصابع إِنْ كَانَتْ مِنْ أَدَم أَو خِرَقٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جَارِيَةٌ ذَاتُ هنٍ كالنَّوْفِ، ... مُلَمْلَمٍ تَسْتُرُه بحَوْفِ،
يَا لَيْتَني أَشِيمُ فِيهِ عَوْفي
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
__________
(3) . كذا بياض بسائر النسخ.
(4) . قوله [سلط إلخ] ضبط في النهاية هنا وفي مادة حرف بالبناء للفاعل، وضبط في مادة ذفف منها بالبناء للمفعول وكذا ضبطه المجد هنا.(9/59)
جَوارٍ يُحَلَّيْنَ اللِّطاطَ، تَزِينُها ... شَرائِحُ أَحْوافٍ مِنَ الأَدَمِ الصِّرْف
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: تزوَّجَني رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعليَّ حَوْفٌ
؛ الحَوْف: البَقِيرةُ تَلْبَسُه الصَّبيةُ، وَهُوَ ثَوْبٌ لَا كُمَّيْنِ لَهُ، وَقِيلَ: هِيَ سُيُور تَشُدُّها الصِّبْيَانُ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: هُوَ شِدَّةُ العَيْشِ. والحوْفُ: القَرْيةُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَجَمْعُهُ الأَحْوافُ. والحَوْفُ: موضِع.
حيف: الحَيْفُ: المَيْلُ فِي الحُكم، والجَوْرُ والظُّلم. حافَ عَلَيْهِ فِي حُكْمِه يَحِيفُ حَيفاً: مالَ وجارَ؛ وَرَجُلٌ حائِفٌ مِنْ قَوْمٍ حَافَةٍ وحُيَّفٍ وحُيُفٍ. الأَزهري: قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يُرَدُّ مِنْ حَيفِ النّاحِل مَا يُرَدُّ مِنْ جَنَفِ المُوصِي، وحَيْفُ الناحِلِ: أَن يَكُونَ لِلرَّجُلِ أَولاد فيُعْطي بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، وَقَدْ أُمر بأَن يسوِّي بَيْنَهُمْ، فَإِذَا فضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَدْ حَافَ.
وَجَاءَ بَشيرٌ الأَنصاريُّ بِابْنِهِ النُّعمان إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ نَحَلَه نَحْلًا وأَراد أَن يُشْهِدَه عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: أَكُلَّ ولَدِكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَه؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْهَد عَلَى حَيْفٍ، وَكَمَا تُحِبّ أَن يَكُونَ أَولادُك فِي بِرِّك سَوَاءً فسَوِّ بَيْنَهُمْ فِي العَطاء.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ
، أَي يَجُورَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَريفٌ فِي حَيْفِك
أَي فِي مَيْلِك مَعَهُ لشرَفِه؛ الحَيْفُ: الجَوْرُ وَالظُّلْمُ. وحَافَةُ كُلِّ شَيْءٍ: ناحِيَتُه، وَالْجَمْعُ حيَفٌ عَلَى القِياسِ، وحِيف عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَمِنْهُ حَافَتَا الْوَادِي، وَتَصْغِيرُهُ حُوَيْفَةٌ، وَقِيلَ: حِيفةُ الشَّيْءِ نَاحِيَتُهُ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي عَنْ أَبي الجَرَّاح: جَاءَنَا بضَيْحةٍ سَجاجةٍ تَرى سوادَ الْمَاءِ فِي حِيفِها. وحَافَتَا اللسانِ: جانِباه. وتَحَيَّفَ الشيءَ: أَخذ مِنْ جوانِبه ونواحِيه؛ وَقَوْلُ الطِّرِمّاح:
تَجَنَّبها الكُماةُ بكلِّ يَوْمٍ ... مَرِيضِ الشَّمْسِ، مُحْمَرِّ الحَوافي
فُسِّر بأَنه جَمْعُ حافةٍ، قَالَ: وَلَا أَدري وَجهَ هَذَا إِلَّا أَن تُجمع حَافَةٌ عَلَى حَوَائِفَ كَمَا جَمَعوا حَاجَةً عَلَى حَوائجَ، وَهُوَ نَادِرٌ عَزيز، ثُمَّ تُقلب. وتَحَيَّفَ مالَه: نَقَصَه وأَخَذَ مِنْ أَطْرافه. وتَحَيَّفْتُ الشَّيْءَ مِثْلَ تَحَوَّفْتُه إِذَا تَنَقَّصْته مِنْ حَافَاتِهِ. والحِيفةُ: الطَّريدَةُ لأَنها تَحَيَّفُ مَا يَزيدُ فتَنْقُصه؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والحَافَانِ: عِرْقانِ أَخضران تَحْتَ اللِّسَانِ، الْوَاحِدُ حَافٌ، خَفِيفٌ. والحَيْفُ: الهامُ وَالذَّكَرُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وذاتُ الحِيفَةِ: مِنْ مساجِد النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، بَيْنَ الْمَدِينَةِ وتَبُوك.
فصل الخاء المعجمة
ختف: الخُتْفُ: السَّذابُ، يَمَانِيَّةٌ.
خجف: الخَجِيفُ: لُغَةٌ فِي الجَخيف وَهُوَ الطَّيْشُ والخِفَّةُ وَالتَّكَبُّرُ. وَغُلَامٌ خُجافٌ: صَاحِبُ تَكَبُّرٍ وَفَخْرٍ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. اللَّيْثُ: الخَجِيفَةُ المرأَة القَضيفةُ، وهُنَّ الخِجافُ. وَرَجُلٌ خَجِيفٌ: قَضِيفٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع الْخَجِيفَ، الْخَاءُ قَبْلَ الْجِيمِ، فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ لِغَيْرِ الليث.
خدف: الخَدْفُ: مَشْيٌ فِيهِ سُرعةٌ وتَقارُبُ خُطىً. والخَدْفُ: الاخْتِلاسُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.(9/60)
واخْتَدَفَ الشيءَ: اخْتَطَفَه واجْتذبه. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لخِرَقِ الْقَمِيصِ قَبْلَ أَن تُؤَلَّفَ الكِسَفُ والخدَفُ، وَاحِدَتُهَا كِسْفَةٌ وخِدْفةٌ. والخَدْفُ: السُّكانُ الَّذِي لِلسَّفِينَةِ. ابْنُ الأَعرابي: امْتَعَدَه وامْتَشَقَه واخْتَدَفَه واخْتواه واخْتَاتَه وتَخَوَّته وامْتَشَنَه إِذَا اخْتَطفَه. وخَدَفْتُ الشَّيْءَ وخَذَفتُه: قَطَعْتُه.
خذف: الخَذْفُ: رَمْيُكَ بحَصاة أَو نواة تأْخُذها بين سَبّابَتَيْك أَو تَجْعَلُ مِخْذَفةً مِنْ خَشَبٍ تَرْمِي بِهَا بَيْنَ الإِبهام وَالسَّبَّابَةِ. خَذَفَ بِالشَّيْءِ يَخْذِفُ خَذْفاً: رَمى، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الحَصى. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ حَذَفَ قَالَ: وأَما الخَذْف، بِالْخَاءِ، فَإِنَّهُ الرَّمْيُ بِالْحَصَى الصِّغَارِ بأَطْراف الأَصابع. يُقَالُ: خَذَفَه بِالْحَصَى خَذْفًا.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهَى عن الخَذْفِ بِالْحَصَى وَقَالَ: إِنَّهُ يفقأُ العينَ وَلَا يَنْكِي العَدُوّ وَلَا يُحْرِزُ صَيداً.
ورمْيُ الجِمارِ يَكُونُ بمثْلِ حَصى الخَذْفِ وَهِيَ صِغَارٌ. وَفِي حَدِيثِ رَمْيِ الجِمار:
عَلَيْكُمْ بِمِثْلِ حَصَى الخذْف
أَي صغاراً. الجوري: الخَذْفُ بِالْحَصَى الرَّمْيُ بِهِ بالأَصابع؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كأَنّ الْحَصَى مِنْ خَلْفِها وأَمامِها، ... إِذَا نَجَلَتْهُ رِجْلُها، خَذْفُ أَعْسَرا
وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ الخَذْفِ
، وَهُوَ رَمْيُكَ حَصاةً أَو نواة تأْخذها بين سبابتيك فَتَرْمِي بِهَا، أَو تَتَّخِذُ مِخْذَفةً مِنْ خَشَبٍ فَتَرْمِي بِهَا الْحَصَاةَ بَيْنَ إبْهامك وَالسَّبَّابَةِ. والمِخْذَفةُ: المِقْلاعُ وَشَيْءٌ يُرْمَى بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمِخْذفة الَّتِي يُوضَعُ فِيهَا الْحَجَرُ ويُرْمى بِهَا الطَّيْرُ وَغَيْرُهَا مِثْلُ المِقلاع وَغَيْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ يَتْرُكْ عيسى بن مَرْيَمَ، عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، إِلَّا مِدْرَعةَ صُوفٍ ومِخْذَفةً
؛ أَراد بِالْمِخْذَفَةِ الْمِقْلَاعَ. وخَذْفُه النُّطْفَةَ: إِلْقَاؤُهَا فِي وسَط الرَّحِم. وخَذَفَ بِهَا يَخْذِفُ خَذْفاً: ضَرطَ. والخَذَّافة والمِخْذَفَةُ: الاسْتُ. وخذفَ بِبَوْلِهِ: رَمى بِهِ فَقَطَّعَه. والخَذْفُ: القَطعُ كالخَدْبِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والخَذْفُ والخَذَفانُ: سُرْعةُ سَيْرِ الإِبل. والخَذُوفُ مِنَ الدَّوابّ: السَّريعةُ والسَّمِينَةُ؛ قَالَ عَديّ:
لَا تَنْسَيَا ذِكْرِي على لذَّةِ الكأْسِ، ... وطَوْفٍ بالخَذُوفِ النَّحُوصْ
يَقُولُ: لَا تَنْسَيا ذِكْرِي عِنْدَ الشُّرْبِ والصَّيْدِ. الْجَوْهَرِيُّ: والخَذُوفُ الأَتان تَخْذِفُ مِنْ سُرْعَتِهَا الحَصى أَي تَرْميه؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
كأَنَّ الرَّحْلَ شُدَّ بِهِ خَذُوفٌ، ... مِنَ الجَوْناتِ، هادِيةٌ عَنُونُ
وَقِيلَ: الخَذُوفُ الَّتِي تَدْنو مِنَ الأَرض سِمَناً، وَقِيلَ: الخَذُوف الَّتِي تَرْفَعُ رِجْلَيْهَا إِلَى شِقِّ بَطْنِها. قَالَ الأَصمعي: أَتانٌ خَذُوفٌ، وَهِيَ الَّتِي تَدْنُو مِنَ الأَرض مِنَ السِّمَنِ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ عَيْراً وأُتُنَه:
نَفَى بالعِرَاكِ حَوالِيَّها، ... فَخَفَّتْ لَهُ خُذُفٌ ضُمَّرُ
والخَذُوفُ مِنَ الإِبل: الَّتِي لَا يَثْبُت صِرارُها. التَّهْذِيبُ: الخَذَفانُ ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل.
خذرف: خَذْرَفَ: زَجَّ بقوائمِه، وَقِيلَ: الخَذْرَفةُ اسْتِدارةُ القوائِمِ.(9/61)
والخُذْرُوفُ: السريعُ الْمَشْيِ، وَقِيلَ: السَّريعُ فِي جَرْيِه، والخُذْرُوفُ: عُوَيْدٌ مَشْقُوقٌ فِي وَسَطِهِ يُشَدُّ بِخَيْطٍ ويُمَدّ فَيُسْمع لَهُ حَنِينٌ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الخَرَّارة، وَقِيلَ: الخُذْرُوف شيءٌ يُدوِّرُه الصَّبِيُّ بِخَيْطٍ فِي يَدِهِ فيُسْمَع لَهُ دَويّ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا:
دَرِيرٍ، كخُذْرُوفِ الوَلِيدِ أَمَرَّه ... تَتابُعُ كَفَّيْه بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ
وَالْجَمْعُ الخَذاريف. وَفِي تَرْجَمَةِ رَمَعَ: اليَرْمَعُ الخَرَّارةُ الَّتِي يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ وَهِيَ الخُذْرُوف. التَّهْذِيبُ: والخُذْرُوف عُودٌ أَو قصَبَة مَشْقوقة يُفْرَض فِي وسَطه ثُمَّ يُشَدُّ بِخَيْطٍ، فَإِذَا أُمِرَّ دارَ وَسَمِعْتَ لَهُ حَفِيفًا، يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ ويُوصَفُ بِهِ الْفَرَسُ لسُرْعَتِه، تَقُولُ: هُوَ يُخَذْرِفُ بِقَوَائِمِهِ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وإنْ سَحَّ سَحّاً خَذْرَفَتْ بالأَكارِع
قَالَ بَعْضُهُمْ: الخَذْرَفَةُ مَا تَرْمِي الإِبلُ بأَخْفافِها مِنَ الْحَصَى إِذَا أَسرعت. وكلُّ شَيْءٍ مُنْتَشِرٍ مِنْ شَيْءٍ، فَهُوَ خُذْرُوفٌ؛ وأَنشد:
خَذارِيفُ مِن قَيْضِ النَّعامِ التَّرائكِ
وَقَالَ مُدْرِكٌ القَيْسِيُّ: تَخَذْرَفَتِ النَّوى فُلاناً وتَخَذْرَمَتْه إِذَا قَذَفَتْه ورحَلَتْ بِهِ. والخُذرُوف: العُود الَّذِي يُوضَعُ فِي خَرْقِ الرَّحى العُليا، وَقَدْ خَذْرَف الرَّحى. والخُذْرُوفُ: طِين شَبِيهٌ بالسُّكَّرِ يُلْعَبُ بِهِ. والخِذْرافُ: ضَرْبٌ مِنَ الحَمْضِ، الواحدةُ خِذْرَافَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْت رَبيعيّ إِذَا أَحَسَّ الصَّيْفَ يَبِسَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخِذْرَافُ مِنَ الحَمْض لَهُ وُرَيقة صَغيرةٌ تَرْتَفِعُ قَدْرَ الذِّراعِ، فَإِذَا جَفَّ شاكَهَ البَياضَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَوائِمُ أَشْباهٌ بأَرْضٍ مَريضةٍ، ... يَلُذْنَ بِخِذْرافِ المِتانِ وبالغَرْبِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الصَّحِيحُ أَن الخِذْرَافَ مِنَ الحَمْض وَلَيْسَ مِنْ بُقول الرَّبِيعِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَتَذَكَّرَتْ نَجْداً وبَرْدَ مِياهِها، ... ومَنابتَ الحَمَصِيص والخِذْرافِ
ورجُل مُتَخَذْرِفٌ: طَيِّبُ الخُلُقِ. وخَذْرَفَ الإِناءَ: مَلأَه. والخَذْرَفَةُ: القِطْعة مِنَ الثَّوْبِ. وتَخَذْرَفَ الثَّوْبُ: تَخَرَّقَ، والله أَعلم.
خرف: الخَرَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: فَسادُ العَقْلِ مِنَ الكِبَرِ. وَقَدْ خَرِفَ الرجُل، بِالْكَسْرِ، يَخْرَفُ خَرَفاً، فَهُوَ خَرِفٌ: فَسَدَ عَقْلُه مِنَ الكِبَرِ، والأُنثى خَرِفةٌ، وأَخْرَفَه الهَرَمُ؛ قَالَ أَبو النَّجْم العِجْليّ:
أَقْبَلْتُ مِنْ عِنْدِ زِيادٍ كالخَرِفْ، ... تَخُطُّ رِجْلايَ بخَطٍّ مُخْتَلِفْ،
وتَكْتُبانِ فِي الطَّريقِ لَامَ الِف «5»
نَقَلَ حركةَ الْهَمْزَةِ مِنَ الأَلف عَلَى الْمِيمِ السَّاكِنَةِ مِنْ لَامٍ فَانْفَتَحَتْ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ فِي الْعَدَدِ: ثلاثةَ أَرْبَعَةَ. والخَريفُ: أَحَدُ فُصُولِ السنةِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْهر مِنْ آخِرِ القَيْظِ وأَوَّل الشِّتَاءِ، وَسُمِّيَ خَريفاً لأَنه تُخْرَفُ فِيهِ الثِّمار أَي تُجْتَنى. والخَريفُ: أَوَّلُ مَا يَبدأُ مِنَ الْمَطَرِ فِي إقْبالِ الشِّتَاءِ. وَقَالَ أَبو حنيفة:
__________
(5) . قوله [وتكتبان] رواه في الصحاح بدون واو من التكتيب.(9/62)
لَيْسَ الخَرِيفُ فِي الأَصل بِاسْمِ الْفَصْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ مَطَرِ الْقَيْظِ، ثُمَّ سُمِّيَ الزَّمَنُ بِهِ، والنَّسَبُ إِلَيْهِ خَرْفيٌّ وخَرَفيٌّ، بِالتَّحْرِيكِ، كِلَاهُمَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وأَخْرَفَ القومُ: دَخَلُوا فِي الْخَرِيفِ، وَإِذَا مُطِرَ القومُ فِي الْخَرِيفِ قِيلَ: قَدْ خُرِفُوا، ومَطَرُ الْخَرِيفِ خَرْفيٌّ. وخُرِفَتِ الأَرضُ خَرْفاً: أَصابها مطرُ الْخَرِيفِ، فَهِيَ مَخْروفةٌ، وَكَذَلِكَ خُرِفَ الناسُ. الأَصمعي: أَرضٌ مخْروفةٌ أَصابها خَريفُ الْمَطَرِ، ومَرْبُوعةٌ أَصابها الربيعُ وَهُوَ الْمَطَرُ، ومَصِيفةٌ أَصابها الصيفُ. والخَريفُ: الْمَطَرُ فِي الْخَرِيفِ؛ وخُرِفَتِ الْبَهَائِمُ: أَصابها الخريفُ أَو أَنْبَتَ لَهَا مَا تَرْعاه؛ قَالَ الطِّرمَّاح:
مِثْلَ مَا كافَحْتَ مَخْرُوفةً ... نَصَّها ذاعِرُ رَوْعٍ مُؤام
يَعْنِي الظبْيةَ الَّتِي أَصابها الخَريفُ. الأَصمعي: أَوّل مَاءِ الْمَطَرِ فِي إقْبالِ الشِّتَاءِ اسْمُهُ الخرِيفُ، وَهُوَ الَّذِي يأْتي عِنْدَ صِرامِ النخْل، ثُمَّ الَّذِي يَلِيه الوَسْميّ وَهُوَ أَوَّلُ الرَّبيعِ، وَهَذَا عِنْدَ دُخُولِ الشِّتَاءِ، ثُمَّ يَلِيهِ الرَّبيع ثُمَّ الصيفُ ثُمَّ الحَمِيمُ، لأَن الْعَرَبَ تَجْعَلُ السَّنَةَ سِتَّةَ أَزْمِنة. أَبو زَيْدٍ الغَنَوِيُّ: الخَريفُ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشِّعْرى إِلَى غُرُوبِ العَرْقُوَتَيْنِ، والغَوْرُ ورُكْبةُ والحِجازُ، كُلُّهُ يُمْطَرُ بِالْخَرِيفِ، ونَجْدٌ لَا تُمْطَرُ فِي الخَريف، أَبو زَيْدٍ: أَوّلُ الْمَطَرِ الوسْمِيّ ثُمَّ الشَّتْوِيُّ ثُمَّ الدَّفَئِيُّ ثُمَّ الصيفُ ثُمَّ الحَمِيمُ ثُمَّ الخَريفُ، وَلِذَلِكَ جُعِلت السنةُ ستةَ أَزْمِنةٍ. وأَخْرَفُوا: أَقامُوا بِالْمَكَانِ خَرِيفَهم. والمَخْرَفُ: مَوْضِعُ إقامَتِهم ذَلِكَ الزَّمَنَ كأَنه عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذُرَيْح:
فَغَيْقةُ فالأَخْيافُ، أَخْيافُ ظَبْيةٍ، ... بِهَا مِنْ لُبَيْنى مَخْرَفٌ ومَرابِعُ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا رأَيت قَوْمًا خَرَفُوا فِي حائطِهم
أَي أَقامُوا فِيهِ وقْتَ اخْتِرافِ الثِّمارِ، وَهُوَ الْخَرِيفُ، كَقَوْلِكَ صافُوا وشَتَوْا إِذَا أَقاموا فِي الصيْف وَالشِّتَاءِ، وأَما أَخْرَفَ وأَصافَ وأَشْتَى فَمَعْنَاهُ أَنه دَخَلَ فِي هَذِهِ الأَوقات. وَفِي حَدِيثِ
الْجَارُودِ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَوْدٌ نأْتي عَلَيْهِنَّ فِي خُرُف فَنَسْتَمْتِعُ مِنْ ظُهورِهنَّ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا يَكْفِينا مِنَ الظَّهْر، قَالَ: ضالَّةُ المؤْمِن حَرَقُ النارِ
؛ قِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي خُرُفٍ أَي فِي وَقْتِ خُروجهنَّ إِلَى الْخَرِيفِ. وعامَلَه مُخارَفةً وخِرافاً مِنَ الخَريفِ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كالمُشاهَرَةِ مِنَ الشَّهْرِ. واسْتَأْجَره مُخارَفةً وخِرافاً؛ عَنْهُ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فُقَراءُ أُمتي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغنيائهم بأَربعين خَرِيفًا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الزَّمَانُ الْمَعْرُوفُ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ مَا بَيْنَ الصيْف وَالشِّتَاءِ، وَيُرِيدُ بِهِ أَربعين سَنَةً لأَن الْخَرِيفَ لَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ إِلَّا مرَّة وَاحِدَةً، فَإِذَا انْقَضَى أَربعون خَرِيفًا فَقَدْ مَضَتْ أَربعون سَنَةً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِنَّ أَهل النَّارِ يَدْعون مَالِكًا أَربعين خَرِيفًا
؛ وَفِي حَدِيثِ سَلَمَة بْنِ الأَكوع وَرَجَزِهِ:
لَمْ يَغْذُها مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ، ... وَلَا تُمَيْراتٌ وَلَا رَغِيفُ،
لكِنْ غَذاها لَبَنُ الخَريفِ «1»
قَالَ الأَزهري: اللَّبَنُ يَكُونُ فِي الخَريفِ أَدْسَمَ. وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: الرِّوَايَةُ اللبنُ الخَريفُ، قَالَ: فيُشْبِه أَنه أَجْرى اللَّبَنَ مُجْرى الثِّمار الَّتِي تُخْتَرَفُ عَلَى
__________
(1) . في هذا الشطر إقواء.(9/63)
الِاسْتِعَارَةِ، يُرِيدُ الطَّريَّ الحَديثَ العَهْدِ بالحَلَبِ. والخَريفُ: الساقِيةُ. والخريفُ: الرُّطَبُ المَجْنيّ. والخَريف: السنةُ والعامُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا بَيْنَ مَنْكِبَي الخازِنِ مِنْ خَزَنة جَهَنَّمَ خَريفٌ
؛ أَراد مَسَافَةً تُقْطَعُ مِنَ الْخَرِيفِ إِلَى الْخَرِيفِ وَهُوَ السَّنَةُ. والمُخْرِفُ: النَّاقَةُ الَّتِي تُنْتَجُ فِي الْخَرِيفِ. وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي نُتِجَتْ فِي مِثْلِ الْوَقْتِ الَّذِي حَمَلَتْ فِيهِ مِنْ قَابِلٍ، والأَوّل أَصحّ لأَن الاشْتِقاق يَمُدُّه، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيَّ:
تَلْقى الأَمانَ، عَلَى حِياضِ مُحمدٍ، ... ثَوْلاءُ مُخْرِفةٌ، وذِئْبٌ أَطْلَسُ
لَا ذِي تَخافُ، وَلَا لذلِك جُرْأَةٌ، ... تُهْدى الرَّعِيّةُ مَا اسْتَقامَ الرَّيِّسُ
وَقَدْ أَخْرَفَتِ الشاةُ: وَلَدَتْ فِي الخَريف، فَهِيَ مُخْرِفٌ. وَقَالَ شِمْرٌ: لَا أَعرف أَخْرَفَت بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا مِنَ الْخَرِيفِ، تَحْمِلُ الناقةُ فِيهِ وتَضَعُ فِيهِ. وخَرَفَ النخلَ يَخْرُفُه خَرْفاً وخَرافاً وخِرافاً واخْتَرَفَه: صَرَمَه واجْتَناه. والخَرُوفَةُ: النَّخْلَةُ يُخْرَفُ ثمَرُها أَي يُصْرَمُ، فَعُولةٌ بِمَعْنَى مَفْعولة. والخرائفُ: النَّخْلُ اللَّائي تُخْرَصُ. وخَرَفْتُ فُلَانًا أَخرفُه إِذَا لَقَطْتَ لَهُ الثَّمرَ. أَبو عَمْرٍو: اخْرُفْ لَنَا ثمَرَ النخلِ، وخَرَفْتُ الثِّمار أَخْرُفُها، بِالضَّمِّ، أَي اجْتَنَيْتُها، وَالثَّمَرُ مَخْرُوفٌ وخَريف. والمِخْرَف: النَّخْلَةُ نَفْسُها، والاخْتِرافُ: لَقْطُ النَّخْلِ، بُسْراً كَانَ أَو رُطَباً؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وأَخْرَفَ النخلُ: حانَ خِرافُه. والخارِفُ: الحافِظُ فِي النخلِ، وَالْجَمْعُ خُرّافٌ. وأَرسلوا خُرَّافَهم أَي نُظَّارَهم. وخَرَفَ الرجلُ يَخْرُفُ: أَخَذَ مِنْ طُرَفِ الفَواكِهِ، وَالِاسْمُ الخُرْفَةُ. يُقَالُ: التمْرُ خُرْفَة الصَّائِمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ الشجَرَ أَبْعَدُ مِنَ الخارِف
، وَهُوَ الَّذِي يَخْرُفُ الثَّمَر أَي يَجْتَنِيه. والخُرْفةُ، بِالضَّمِّ: مَا يُجْتَنى مِنَ الفَواكِه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عَمْرةَ: النَّخْلَةُ خُرْفةُ الصَّائِمِ
أَي ثَمَرتُه الَّتِي يأْكلها، ونَسَبَها إِلَى الصَّائِمِ لأَنه يُسْتَحَبُّ الإِفْطارُ عَلَيْهِ. وأَخْرَفَه نَخلةً: جعلَها لَهُ خُرْفةً يَخْتَرِفُها. والخَرُوفَةُ: النخلةُ. والخَريفةُ: النَّخْلَةُ الَّتِي تُعْزَلُ للخُرْفةِ. والخُرافةُ: مَا خُرِفَ مِنَ النَّخْلِ. والمَخْرَفُ: القِطْعة الصَّغِيرَةُ مِنَ النَّخْلِ سِتّ أَو سبْعٌ يَشْتَرِيهَا الرَّجُلُ للخُرْفةِ، وَقِيلَ هِيَ جَمَاعَةُ النَّخْلِ مَا بَلَغَتْ. التَّهْذِيبُ:
رَوَى ثوْبانُ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: عائدُ المَريضِ فِي مَخْرَفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ.
قَالَ شَمِرٌ: المَخْرَفَةُ سِكّةٌ بَيْنَ صَفَّيْن مِنْ نَخْلٍ يَخْتَرِفُ مِنْ أَيِّهِما شَاءَ أَي يَجْتَنِي، وَجَمْعُهَا المَخارِفُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: المَخارِفُ جَمْعُ مَخْرَفٍ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الحائطُ مِنَ النَّخْلِ أَي أَنّ العائدَ فِيمَا يَحُوزُه مِنَ الثَّوَابِ كأَنَّه عَلَى نَخْلِ الْجَنَّةِ يَخْتَرِفُ ثِمارَها. والمِخْرَفُ، بِالْكَسْرِ: مَا يُجْتَنى فِيهِ الثِّمارُ، وَهِيَ المَخارِفُ، وَإِنَّمَا سمِّي مِخْرَفاً لأَنه يُخْتَرَفُ فِيهِ أَي يُجْتَنَى. ابْنُ سِيدَهْ: المِخْرَفُ زَبيلٌ صَغِيرٌ يُخْتَرَفُ فِيهِ مِنْ أَطايِبِ الرُّطَب. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَخذ مِخْرَفاً فأَتَى عِذْقاً
؛ المِخْرَفُ، بِالْكَسْرِ: مَا يُجْتَنَى فِيهِ الثَّمَرُ، والمَخْرَفُ: جَنَى النخلِ. وَقَالَ ابْنُ قُتيبة فِيمَا ردَّ عَلَى أَبي عُبَيْدٍ: لَا يَكُونُ المَخْرفُ جَنى النَّخْلِ، وَإِنَّمَا المَخْرُوفُ جنَى النَّخْلِ، قَالَ:(9/64)
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ عائدُ الْمَرِيضِ فِي بَسَاتِينِ «2» الْجَنَّةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: بَلْ هُوَ المُخْطئُ لأَن المَخْرَفَ يَقَعُ عَلَى النَّخْلِ وَعَلَى المَخْرُوفِ مِنَ النَّخْلِ كَمَا يَقَعُ المشْرَب عَلَى الشُرْبِ والموضعِ والمَشْرُوبِ، وَكَذَلِكَ المَطْعَمُ يَقَعُ عَلَى الطَّعَامِ المأْكول، والمَرْكَبُ يقعُ عَلَى الْمَرْكُوبِ، فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ جَازَ أَن تَقَعَ المَخارِفُ عَلَى الرُّطَبِ المَخْرُوف، قَالَ: وَلَا يَجْهَلُ هَذَا إِلَّا قَلِيلُ التَّفْتِيشِ لِكَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ نُصَيْبٌ:
وَقَدْ عادَ عَذْبُ الماءِ بَحْراً، فزادَني ... إِلَى ظَمَئي أَنْ أَبْحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ
وَقَالَ آخَرُ:
وأُعْرِضُ عَنْ مَطاعِمَ قَدْ أَراها ... تُعَرَّضُ لِي، وَفِي البَطْنِ انْطواء
قَالَ: وَقَوْلُهُ عَائِدُ الْمَرِيضِ عَلَى بَسَاتِينِ الْجَنَّةِ لأَن عَلَى لَا تَكُونُ بِمَعْنَى فِي، لَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ الكِيسُ عَلَى كُمِّي يُرِيدُ فِي كُمِّي، والصِّفاتُ لَا تُحْمَلُ عَلَى أَخواتها إِلَّا بأَثر، وَمَا رَوَى لُغَوِيّ قطُّ أَنهم يَضَعُون عَلَى مَوْضِعَ فِي. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
عَلَى خُرْفةِ الْجَنَّةِ
؛ والخُرفة، بِالضَّمِّ: مَا يُخْتَرَفُ مِنَ النَّخْلِ حِينَ يُدْرِكُ ثَمَرَهُ. وَلَمَّا نَزَلَتْ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*، الْآيَةَ؛ قَالَ أَبو طَلْحَةَ: إنَّ لِي مَخْرَفاً وَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ صَدَقَةً أَي بُسْتاناً مِنْ نَخْلٍ. وَالْمَخْرَفُ، بِالْفَتْحِ: يَقَعُ عَلَى النَّخْلِ وَالرُّطَبِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادة: فابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفاً
أَي حَائِطًا يُخْرَفُ مِنْهُ الرُّطَبُ. وَيُقَالُ لِلنَّخْلَةِ الَّتِي يأْخذها الرَّجُلُ للخُرْفَة يَلقُطُ مَا عَلَيْهَا مِنَ الرُّطَب: الخَرُوفَةُ. وَقَدِ اشْتَمَلَ فُلَانٌ خَرائفَه إِذَا لَقَطَ مَا عَلَيْهَا مِنَ الرُّطَبِ إِلَّا قلِيلًا، وَقِيلَ: مَعْنَى الْحَدِيثِ
عَائِدُ الْمَرِيضِ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ
أَي يؤدِّيه ذَلِكَ إِلَى طُرُقِهَا؛ وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ رَجُلًا ضَرَبَهُ ضَرْبَةً:
وَلَقَدْ تُحِينُ الخِرْقَ يَرْكُدُ عِلْجُه، ... فَوْقَ الإِكامِ، إدامَةَ المُسْتَرْعِفِ
فأجَزْتُه بأَفَلَّ تَحْسَبُ أَثْرَه ... نَهْجاً، أَبانَ بِذِي فَريغٍ مَخْرَفِ
فَريغ: طَرِيقٌ وَاسِعٌ.
وَرُوِيَ أَيضاً عَنْ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: مَن عادَ مَريضاً إِيمَانًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَصْدِيقًا لكِتابه كَانَ مَا كَانَ قاعِداً فِي خِرافِ الجنةِ
، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
عائدُ المريضِ فِي خِرافة الْجَنَّةِ
أَي فِي اجْتِناء ثَمَرِهَا مِنْ خَرَفْت النخلةَ أَخْرُفُها، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
عَائِدُ الْمَرِيضِ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ
أَي مَخْرُوفٌ مِنْ ثَمَرِهَا، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والمَخْرَفةُ: الْبُسْتَانُ. والمَخْرَفُ والمَخْرَفَةُ: الطَّرِيقُ الواضحُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَرَكْتُكُمْ عَلَى مَخْرَفةِ «3» النَّعَمِ
أَي عَلَى مِثْلِ طريقِها الَّتِي تُمَهِّدُها بأَخْفافِها. ثَعْلَبٌ: المَخارِفُ الطُّرُقُ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَية الطُّرُق هِيَ. والخُرافةُ: الحديثُ المُسْتَمْلَحُ مِنَ الكذِبِ. وَقَالُوا: حَدِيثُ خُرافةَ، ذَكَرَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِمْ حديثُ خُرَافَة أَنَّ خُرَافَةَ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ أَو مِنْ جُهَيْنةَ، اخْتَطَفَتْه الجِنُّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَكَانَ يُحَدِّثُ بأَحاديثَ مِمَّا رَأَى يَعْجَبُ منها الناسُ
__________
(2) . قوله [في بساتين إلخ] هذا يناسب رواية النهاية عائد المريض على مخارف الجنة بصيغة الجمع لا الرواية هنا في مخرفة الجنة بالإفراد.
(3) . قوله [تركتكم على مخرفة] الذي في النهاية: تركتم على مثل مخرفة.(9/65)
فكذَّبوه فَجَرَى عَلَى أَلْسُنِ النَّاسِ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: وخُرَافَةُ حَقٌّ.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَ لَهَا حَدِّثِيني، قَالَتْ: مَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثَ خُرَافَةَ
، وَالرَّاءُ فِيهِ مُخَفَّفَةٌ، وَلَا تَدْخُلُهُ الأَلف وَاللَّامُ لأَنه مَعْرِفَةٌ إِلَّا أَن يُرِيدَ بِهِ الخُرَافَاتِ الموضوعةَ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْلِ، أَجْرَوْه عَلَى كُلِّ مَا يُكَذِّبُونَه مِنَ الأَحاديث، وَعَلَى كُلِّ مَا يُسْتَمْلَحُ ويُتَعَجَّبُ مِنْهُ. والخَرُوفُ: وَلَدُ الحَمَلِ، وَقِيلَ: هُوَ دونَ الجَذَعِ مِنَ الضأْنِ خَاصَّةً، وَالْجَمْعُ أَخْرِفَةٌ وخِرَفَان، والأَنثى خَرُوفَةٌ، واشْتِقاقُه أَنه يَخْرُفُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا أَي يَرْتَعُ. وَفِي حَدِيثِ
الْمَسِيحِ: إِنَّمَا أَبْعَثُكُم كالكِباشِ تَلْتَقِطون خِرْفَان بَنِي إِسْرَائِيلَ
؛ أَراد بالكِباش الكِبارَ العُلَماء، وبالخِرْفان الصِّغارَ الجُهّالَ. والخَرُوفُ مِنَ الْخَيْلِ مَا نُتِجَ فِي الخَريفِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَبَلَة: مَا رَعى الخَريفَ، وَقِيلَ: الخَرُوفُ ولَدُ الْفَرَسِ إِذَا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهر أَو سَبْعَةً؛ حَكَاهُ الأَصمعي فِي كِتَابِ الفَرس؛ وأَنشد لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَرْثِ:
ومُسْتَنّةٍ كاسْتِنانِ الخَرُوفِ، ... قَدْ قَطَعَ الحَبْلَ بالمِرْوَدِ
دَفُوعِ الأَصابعِ، ضَرْحَ الشَّمُوسِ ... نَجْلاء، مُؤيسة العُوَّدِ
أَرادَ مَعَ المِرْودِ. وَقَوْلُهُ ومُسْتَنَّةٍ يَعْنِي طَعْنة فَارَ دَمُها باسْتِنانٍ. والاسْتِنانُ والسَّنُّ: المَرُّ عَلَى وَجْهِهِ، يُرِيدُ أَن دَمَها مرَّ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا يَمْضِي المُهْرُ الأَرِنُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو الْغَوْثِ؛ وَقَوْلُهُ دَفُوع الأَصابع أَي إِذَا وضَعْتَ أَصابعكَ عَلَى الدَّم دَفَعها الدَّمُ كضَرْحِ الشَّمُوسِ برِجْلِه؛ يَقُولُ: يَئِسَ العُوّادُ مِنْ صَلاحِ هَذِهِ الطَّعْنة، والمِرْوَدُ: حَدِيدَةٌ تُوتَدُ فِي الأَرض يُشَدُّ فِيهَا حبلُ الدابةِ؛ فأَما قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
جَوادَ المَحَثّةِ والمُرْوَدِ «1»
والمَرْوِد أَيضاً، فَإِنَّهُ يُرِيدُ جَواداً فِي حالتَيْها إِذَا اسْتَحْثَثْتَها وَإِذَا رفَقْتَ بِهَا. والمُرْوَدُ: مُفْعَلٌ مِنَ الرَّوْدِ وَهُوَ الرِّفْقُ، والمَرْوَدُ مَفْعَلٌ مِنْهُ، وَجَمْعُهُ خُرُفٌ؛ قَالَ:
كأَنَّها خُرُفٌ وافٍ سَنابِكُها، ... فَطأْطَأَتْ بُؤَراً فِي صَهْوَةٍ جَدَدِ
ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذَا نُتِجَت الفرَسُ يُقَالُ لِوَلَدِهَا مُهْر وخَروف، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. والخَرْفى مَقْصُورٌ: الجُلْبانُ والخُلَّرُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ فَارِسِيٌّ. وَبَنُو خَارِفٍ: بَطْنان. وخارِفٌ ويامٌ: قَبيلَتان مِنَ اليمن، والله أَعلم.
خرشف: أَبو عَمْرٍو: الكَرْشَفَةُ الأَرضُ الغَليظةُ وَهِيَ الخَرْشَفةُ. وَيُقَالُ كِرْشِفةٌ وخِرْشِفةٌ وكِرْشافٌ وخِرْشافٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَبِالْبَيْضَاءِ مِنْ بِلَادِ بَنِي جَذِيمةَ بِسِيفِ الْبَحْرَيْنِ مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ خِرْشافٌ فِي رِمالٍ وَعْثَةٍ تَحْتَهَا أَحْساء عَذْبةُ الْمَاءِ، عَلَيْهَا نَخْلٌ بَعْلٌ.
خرقف: الخُرَنْقِفَةُ: القَصِيرُ.
خرنف: ناقةٌ خِرْنِفٌ: غَزيرةٌ. وَنُوقٌ خَرانِفُ: غَزيرةُ الأَلْبانِ. وَفِي النَّوَادِرِ: خَرْنَفْتُه بِالسَّيْفِ
__________
(1) . قوله [جواد إلخ] صدره كما في رود من الصحاح: وأعددت للحرب وثابة(9/66)
وكَرْنَفْتُه إِذَا ضَرَبْتَه. وخَرانِفُ العِضاه ثَمَرَتُهَا، وَاحِدَتُهَا خِرْنِفةٌ. والخِرْنِفُ: السَّمِينَةُ الغَزيرةُ مِنَ النُّوقِ؛ قَالَ زِيَادٌ المِلْقَطِيُّ:
يَلُفُّ مِنْهَا بالخَرانِيفِ الغُرَرْ، ... لَفّاً بأَخْلافِ الرَّخِيّاتِ المَصَرّ
خزف: الخَزَفُ: مَا عُمِلَ مِنَ الطِّينِ وشُويَ بِالنَّارِ فَصَارَ فَخّاراً، وَاحِدَتُهُ خَزَفةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الخَزَفُ، بِالتَّحْرِيكِ، الجَرُّ وَالَّذِي يَبيعُه الخَزَّاف. وخَزَفَ بِيَدِهِ يَخْزِفُ خَزْفاً: خَطَرَ. وخَزَفَ الشيءَ خَزْفاً: خَرَقَه. وخَزَفَ الثوبَ خَزْفاً: شَقَّه. والخَزْفُ: الخَطْرُ باليدِ عِنْدَ المَشْي.
خزرف: رَجُلٌ خِزْرَافَةٌ: ضَعِيفٌ خَوّارٌ خَفيفٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَضْطَرِبُ فِي جُلُوسِه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ولَسْتُ بِخِزْرَافَةٍ فِي القُعُود، ... ولَسْتُ بطَيّاخَةٍ أَخْدَبا «1»
الأَخْدَب الَّذِي لَا يَتَمالَكُ حُمْقاً، وَقِيلَ: الأَخْدَبُ الأَهْوَجُ. ابْنُ الأَعرابي: الخِزْرَافَةُ الَّذِي لَا يُحْسِنُ القُعود فِي الْمَجْلِسِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الخِزْرَافَةُ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ الخفيفُ، وَقِيلَ: الرَّخْوُ.
خسف: الخسف: سُؤُوخُ الأَرض بِمَا عَلَيْهَا. خَسَفَتْ تَخْسِفُ خَسْفاً وخُسُوفاً وانْخَسَفَتْ وخَسَفَها اللَّهُ وخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الأَرضَ خَسْفاً أَي غابَ بِهِ فِيهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ
. وخَسَفَ هُوَ فِي الأَرض وخُسِفَ بِهِ،
وَقُرِئَ: لخُسِفَ بِنَا
، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ. وَفِي حَرْفِ عَبْدِ اللَّهِ: لانْخُسِفَ بِنَا كَمَا يُقَالُ انْطُلِقَ بِنَا، وانْخَسَفَ بِهِ الأَرضُ وخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الأَرضَ وخَسَفَ المكانُ يَخْسِفُ خُسوفاً: ذهَب فِي الأَرض، وخَسَفَه اللَّهُ تَعَالَى. الأَزهري: وخُسِفَ بِالرَّجُلِ وبالقومِ إِذَا أَخذته الأَرضُ وَدَخَلَ فِيهَا. والخَسْفُ: إلْحاقُ الأَرض الأُولى بالثانية. والخَسْفُ: غُؤُورُ العينِ، وخُسوفُ العينِ: ذَهابُها فِي الرأْس. ابْنُ سِيدَهْ: خَسَفَتْ عينُه ساخَتْ، وخَسَفَها يَخْسِفُها خَسْفاً وَهِيَ خَسِيفةٌ: فَقَأَها. وَعَيْنٌ خَاسِفَةٌ: وَهِيَ الَّتِي فُقِئَتْ حَتَّى غَابَتْ حَدَقَتاها فِي الرأْس. وعينٌ خَاسِفٌ إِذَا غارَتْ، وَقَدْ خَسَفَتِ العينُ تَخْسِفُ خُسُوفاً؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
مِن كلِّ ملْقى ذَقَنٍ جَحُوفِ، ... يَلِحُّ عِنْدَ عَيْنِها الخَسِيفِ
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عينٌ خَسِيفٌ وَالْبِئْرُ خَسِيفٌ لَا غَيْرُ. وخَسَفَتِ الشمسُ وكسَفَتْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: خَسَفَتِ الشمسُ تَخْسِفُ خُسوفاً ذَهَبَ ضَوْؤُها، وخسَفَها اللَّهُ وَكَذَلِكَ الْقَمَرُ. قَالَ ثَعْلَبٌ: كسَفتِ الشمسُ وخَسَفَ الْقَمَرُ هَذَا أَجودُ الْكَلَامِ، والشمسُ تَخْسِفُ يَوْمَ القيامةِ خُسُوفاً، وَهُوَ دُخُولُهَا فِي السَّمَاءِ كأَنها تَكَوَّرَتْ فِي جُحْر. الْجَوْهَرِيُّ: وخُسُوفُ القمرِ كُسوفُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ الشمسَ والقمرَ لَا يَخْسِفانِ «2» لموْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَياتِه.
يُقَالُ: خَسَفَ القمرُ بِوَزْنِ ضرَب إِذَا كَانَ الْفِعْلُ لَهُ، وخُسِفَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعله. قال
__________
(1) . قوله [ولست إلخ] تقدم في مادة طيخ:
وَلَسْتُ بِطَيَّاخَةٍ فِي الرِّجَالِ ... ولست بخِزْرَافَة أحدبا
بفتح التاء من لست وبالحاء المهملة في أَحدبا.
(2) . قوله [لا يَخْسِفَان] في النهاية: لا ينخسفان.(9/67)
ابْنُ الأَثير: وَقَدْ وَرَدَ الخُسُوفُ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا لِلشَّمْسِ وَالْمَعْرُوفُ لَهَا فِي اللُّغَةِ الكسوفُ لَا الخُسُوفُ، فأَما إطلاقُه فِي مِثْلِ هَذَا فَتَغْلِيبًا لِلْقَمَرِ لِتَذْكِيرِهِ عَلَى تأْنيث الشَّمْسِ، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَخُصّ الْقَمَرَ، وَلِلْمُعَاوَضَةِ أَيضاً فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخرى:
إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفانِ
، وأَما إطلاقُ الخُسُوفِ عَلَى الشَّمْسِ مُنْفَرِدَةً فَلِاشْتِرَاكِ الخُسُوف وَالْكُسُوفِ فِي مَعْنَى ذَهَابِ نُورِهِمَا وَإِظْلَامِهِمَا. والانْخِسَافُ: مُطاوِعُ خَسَفْتُه فانْخَسَفَ. وخَسَفَ الشيءَ يَخْسِفُه خَسْفاً: خَرَقَه. وخَسَفَ السقْف نفْسُه وانْخَسَفَ: انْخَرَقَ. وَبِئْرٌ خَسُوفٌ وخَسِيفٌ: حُفِرَتْ فِي حِجَارَةٍ فَلَمْ يَنْقَطِعْ لَهَا مَادَّةٌ لِكَثْرَةِ مَائِهَا، وَالْجَمْعُ أَخْسِفةٌ وخُسُفٌ، وَقَدْ خَسَفَها خَسْفاً، وخَسْفُ الرَّكِيَّةِ: مَخْرَجُ مَائِهَا. وبئرٌ خَسِيفٌ إِذَا نُقِبَ جَبَلُها عَنْ عَيْلَمِ الْمَاءِ فَلَا يَنْزَحُ أَبداً. والخَسْفُ: أَن يَبْلُغَ الحافِرُ إِلَى مَاءِ عِدٍّ. أَبو عَمْرٍو: الخَسِيفُ الْبِئْرُ الَّتِي تُحْفَرُ فِي الْحِجَارَةِ فَلَا يَنْقَطِعُ مَاؤُهَا كَثْرَةً؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
قَدْ نَزَحَتْ، إنْ لَمْ تَكُنْ خَسِيفا، ... أَو يَكُنِ البَحرُ لَهَا حَلِيفَا
وَقَالَ آخَرُ: مِنَ العَيالِمِ الخُسْفُ، وَمَا كَانَتِ الْبِئْرُ خَسِيفاً، وَلَقَدْ خُسِفَتْ، وَالْجَمْعُ خُسُفٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَن الْعَبَّاسَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، سأَله عَنِ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ: امْرُؤُ الْقَيْسِ سابِقُهم خَسَفَ لَهُمْ عَيْن الشِّعْرِ فافْتَقَرَ «1» عَنْ معانٍ عُورٍ أَصَحَّ بَصَرٍ
أَي أَنْبَطَها وأَغْزَرها لَهُمْ، مِنْ قَوْلِهِمْ خَسَفَ البئرَ إِذَا حَفَرَها فِي حِجَارَةٍ فَنَبَعَتْ بِمَاءٍ كَثِيرٍ، يُرِيدُ أَنه ذَلَّلَ لَهُمُ الطَّرِيقَ إِلَيْهِ وبَصَّرَهُم بمَعاني الشِّعْر وفَنَّن أَنواعه وقَصَّدَه، فاحْتَذَى الشُّعَرَاءُ عَلَى مِثَالِهِ فَاسْتَعَارَ الْعَيْنَ لِذَلِكَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ قَالَ لِرَجُلٍ بَعَثَهُ يَحفِرُ بِئْرًا: أَخَسَفْتَ أَم أَوشَلْتَ؟ أَي أَطْلَعْتَ مَاءً كَثَيِرًا أَم قلِيلًا. والخَسِيفُ مِنَ السَّحابِ: مَا نَشَأَ مِنْ قِبَلِ العَيْنِ حامِلَ مَاءٍ كَثِيرٍ والعينُ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ. والخَسْفُ: الهُزالُ والذُّلُّ. وَيُقَالُ فِي الذُّلِّ خُسْفٌ أَيضاً، والخَسْفُ والخُسْفُ: الإِذْلالُ وتَحْمِيلُ الإِنسان مَا يَكْرَه؛ قَالَ الأَعشى:
إذْ سامَه خُطَّتَيْ خَسْفٍ، فَقَالَ لَهُ: ... اعْرِضْ عليَّ كَذَا أَسْمَعْهما، حارِ «2»
والخَسْفُ: الظُّلْمُ؛ قَالَ قَيس بْنُ الْخَطِيمِ:
وَلَمْ أَرَ كامْرئٍ يَدْنُو لِخَسْفٍ، ... لَهُ فِي الأَرض سَيْرٌ وانْتِواء
وَقَالَ ساعِدةُ بْنُ جُؤيّةَ:
أَلا يَا فَتًى، مَا عَبْدُ شَمْسٍ بِمِثْلِه ... يُبَلُّ عَلَى العادِي وتُؤْبَى المَخاسِفُ
المَخاسِفُ: جَمْعُ خَسْفٍ، خَرَجَ مَخْرَجَ مَشابهَ ومَلامِحَ. وَيُقَالُ: سامَه الخَسْفَ وسامَه خَسْفاً وخُسْفاً، أَيضاً بِالضَّمِّ، أَي أَوْلاه ذُلًّا. وَيُقَالُ: كلَّفه المَشَقَّةَ والذُّلَّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: مَنْ تَرَكَ الجِهادَ أَلْبَسَه اللهُ الذِّلَّةَ وسيمَ الخَسْفَ
؛ الخَسْفُ: النُّقْصانُ والهَوانُ، وأَصله أَن تُحْبَسَ الدابةُ عَلَى غَيْرِ عَلَفٍ ثُمَّ اسْتُعِيرَ فَوُضِعَ مَوْضِعَ الهَوان، وسِيمَ: كُلِّفَ وأُلزِمَ. والخَسْفُ: الجُوعُ؛ قَالَ بِشْر بْنُ أَبي خازم:
بضَيْفٍ قَدْ أَلمَّ بِهِمْ عِشاءً، ... عَلَى الخَسْفِ المُبَيَّنِ والجُدُوبِ
__________
(1) . قوله [فافتقر إلخ] فسره ابن الأَثير في مادة فقر فقال: أَي فَتَحَ عَنْ مَعَانٍ غامضة.
(2) . في قصيدة الأَعشى:
قلْ ما تشاء، فإني سامعٌ حارِ(9/68)
أَبو الْهَيْثَمِ: الخَاسِفُ الجائعُ؛ وأَنشد قَوْلَ أَوس:
أَخُو قُتُراتٍ قَدْ تَبَيَّنَ أَنه، ... إِذَا لَمْ يُصِبْ لَحْماً مِنَ الوَحْشِ، خاسِفُ
أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ شَرِبْنَا عَلَى الخَسْفِ أَي شَرِبْنَا عَلَى غَيْرِ أَكل. وَيُقَالُ: بَاتَ الْقَوْمُ عَلَى الخَسْف إِذَا بَاتُوا جِيَاعًا لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ يتقوَّتونه. وَبَاتَتِ الدابةُ عَلَى خَسْف إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَف؛ وأَنشد:
بِتْنا عَلَى الخَسْفِ، لَا رِسْلٌ نُقاتُ بِهِ، ... حَتَّى جَعَلْنا حِبالَ الرَّحْلِ فُصْلانا
أَي لَا قُوتَ لَنَا حَتَّى شَدَدْنا النُّوقَ بالحِبالِ لِتَدِرَّ عَلَيْنَا فَنَتَقَوَّتَ لبَنها. الْجَوْهَرِيُّ: بَاتَ فُلَانٌ الخَسْفَ أَي جَائِعًا. والخَسْفُ فِي الدَّوابّ: أَن تُحْبَسَ عَلَى غَيْرِ عَلَف. والخَسْفُ: النُّقْصانُ. يُقَالُ: رَضِيَ فُلَانٌ بالخَسْفِ أَي بالنَّقِيصة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ الخَسِيفَةُ أَيضاً؛ وأَنشد:
ومَوْتُ الفَتى، لَمْ يُعْطَ يَوْماً خَسِيفَةً، ... أَعَفُّ وأَغْنَى فِي الأَنامِ وأَكْرَمُ
والخاسِف: المَهْزولُ. وَنَاقَةٌ خَسِيفٌ: غَزيرَةٌ سرِيعةُ القَطْعِ فِي الشِّتَاءِ، وَقَدْ خَسَفَتْ خَسْفاً. والخُسُفُ: النُّقَّهُ مِنَ الرِّجال. ابْنُ الأَعرابي: وَيُقَالُ لِلْغُلَامِ الخَفِيف النَّشِيطِ خَاسِفٌ وخاشِفٌ ومَرّاقٌ ومُنْهَمِكٌ. والخَسْفُ: الجَوْزُ الَّذِي يُؤْكَلُ، وَاحِدَتُهُ خَسْفةٌ، شِحْرِيّةٌ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ الخُسْفُ، بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ السِّينِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. والخَسِيفانُ: رَدِيءُ التمْرِ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ وَزَعَمَ أَن النُّونَ نُونُ التَّثْنِيَةِ وأَنّ الضَّمَّ فِيهَا لُغَةٌ، وَحَكَى عَنْهُ أَيضاً: هُمَا خليلانُ، بِضَمِّ النُّونِ. والأَخَاسِيفُ: الأَرضُ اللَّيِّنَةُ. يُقَالُ: وقَعُوا فِي أَخاسِيفَ مِنَ الأَرض وهي اللينة.
خشف: الخَشْفُ: المَرُّ السريعُ. والخَشُوفُ مِنَ الرِّجَالِ: السريعُ. وخَشَفَ فِي الأَرض يَخْشُفُ ويَخْشِفُ خُشوفاً وخَشَفاناً، فَهُوَ خَاشِفٌ وخَشوفٌ وخَشِيفٌ: ذَهَب. أَبو عَمْرٍو: رَجُلٌ مِخَشٌّ مِخْشَفٌ وَهُوَ الجَريءُ عَلَى هَوْلِ اللَّيْلِ. وَرَجُلٌ خَشُوفٌ ومِخْشَفٌ: جَرِيءٌ عَلَى اللَّيْلِ طُرَقَةٌ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي عَمْرٍو: الخَشُوفُ الذاهبُ فِي اللَّيْلِ أَو غَيْرِهِ بجُرْأَةٍ؛ وأَنشد لأَبي المُساوِرِ العَبْسِيّ:
سَرَيْنَا، وفِينا صارِمٌ مُتَغَطْرِسٌ، ... سَرَنْدَى خَشُوفٌ فِي الدُّجى، مُؤْلِفُ القفرِ
وأَنشد لأَبي ذُؤَيْبٍ:
أُتِيحَ لَهُ مِنَ الفِتْيانِ خِرْقٌ ... أَخُو ثِقةٍ وخِرّيقٌ خَشُوفُ
ودليلٌ مِخْشَفٌ: ماضٍ. وَقَدْ خَشَفَ بِهِمْ يَخشِفُ خَشافةً وخَشَّفَ وخَشَفَ فِي الشَّيْءِ وانْخَشَفَ، كِلَاهُمَا: دَخَل فِيهِ؛ قَالَ:
وأَقْطَعُ الليلَ، إِذَا مَا أَسْدَفا، ... وقَنَّعَ الأَرضَ قِناعاً مُغْدَفا
وانْغَضَفَتْ لِمُرْجَحِنٍّ أَغْضَفا ... جَوْنٍ، تَرى فِيهِ الجِبالَ خُشَّفا
والخُشّافُ: طَائِرٌ صغيرُ العَيْنَينِ. الْجَوْهَرِيُّ: الخُشّافُ الخُفّاشُ، وَقِيلَ الخُطَّافُ. اللَّيْثُ:(9/69)
الخَشَفانُ الجَوَلانُ بِاللَّيْلِ، وسُمّي الخُشّافُ بِهِ لخَشَفانِه، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنَ الخُفّاشِ. قَالَ: وَمَنْ قَالَ خُفّاشٌ فاشْتِقاقُ اسْمِهِ مِنْ صِغَر عَينيه. والخَشْفُ والخِشْفُ: ذُبابٌ أَخْضر. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخُشْفُ الذبابُ الأَخضر، وَجَمْعُهُ أَخْشافٌ. والخِشْفُ: الظَّبْيُ بَعْدَ أَن يَكُونَ جِدايةً، وَقِيلَ: هُوَ خِشْفٌ أَوَّلَ مَا يُولَدُ، وَقِيلَ: هُوَ خِشْفٌ أَوَّل مَشْيِه، وَالْجَمْعُ خِشَفةٌ، والأَنثى بِالْهَاءِ. الأَصمعي: أَوَّلَ مَا يُولَدُ الظبيُ فَهُوَ طَلًا، وَقَالَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الأَعراب: هُوَ طَلًا ثُمَّ خشْفٌ. والأَخْشَفُ مِنَ الإِبل: الَّذِي عَمَّه الجَرَبُ. الأَصمعي: إِذَا جَرِبَ البعيرُ أَجْمَعُ فَيُقَالُ: أَجْرَبُ أَخْشَفُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ الَّذِي يَبِسَ عَلَيْهِ جَرَبَهُ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
عَلَى الناسِ مَطْلِيُّ المَساعِرِ أَخْشَفُ
والخُشَّفُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تَسِيرُ فِي اللَّيْلِ، الْوَاحِدُ خَشُوفٌ وخاشِفٌ وخاشِفةٌ؛ وأَنشد:
باتَ يُباري وَرِشاتٍ كَالْقَطَا ... عَجَمْجَماتٍ، خُشَّفاً تحْتَ السُّرى
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْوَاحِدُ مِنَ الخُشَّفِ خاشِفٌ لَا غَيْرُ، فأَمّا خَشُوفٌ فَجَمْعُهُ خشُفٌ، والوَرِشاتُ: الخِفافُ مِنَ النوقِ، والخَشْفُ مِثْلُ الخَسْفِ، وَهُوَ الذُّلُّ. والأَخاشِفُ، بِالشِّينِ: العَزازُ الصُّلْبُ مِنَ الأَرض، وأَما الأَخاسِفُ فَهِيَ الأَرض اللَّيِّنةُ. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ خَشَفَ بِهِ وخَفَشَ بِهِ وحَفَشَ بِهِ ولَهَطَ بِهِ إِذَا رَمَى بِهِ. وخَشَفَ البرْدُ يَخْشُفُ خَشْفاً: اشْتَدَّ. والخَشَفُ: اليُبْسُ. والخَشَفُ والخَشِيفُ: الثلْجُ، وَقِيلَ: الثَّلْجُ الخَشِنُ، وَكَذَلِكَ الجَمْدُ الرِّخْو، وَقَدْ خَشَفَ يَخْشِفُ ويَخْشُفُ خُشُوفاً. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: خَشَفَ الثلْجُ وَذَلِكَ فِي شدَّةِ البَرْدِ تَسْمَعُ لَهُ خَشْفة عِنْدَ المَشْيِ؛ قَالَ:
إِذَا كَبَّدَ النَّجْمُ السماءَ بشَتْوةٍ، ... عَلَى حِينَ هَرَّ الكلبُ والثلْجُ خاشِفُ
قَالَ: إِنَّمَا نَصَبَ حِينَ لأَنه جَعَلَ عَلَى فَضْلًا فِي الْكَلَامِ وأَضافَه إِلَى جُمْلَةٍ فتُركت الْجُمْلَةُ عَلَى إِعْرَابِهَا كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
عَلَى حِينَ أَلْهى الناسَ جُلُّ أُمُورِهم، ... فَنَدْلًا زُرَيْقُ المالَ نَدْلَ الثَّعالِبِ
ولأَنه أُضِيفَ إِلَى مَا لَا يُضَافُ إِلَى مِثْلِهِ وَهُوَ الْفِعْلُ، فَلَمْ يوفَّرْ حظُّه مِنَ الإِعرابِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلْقَطَامِيِّ وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ:
إِذَا كبَّدَ النجمُ السَّمَاءَ بسُحْرةٍ
قَالَ: وَبَنَى حِينَ عَلَى الْفَتْحِ لأَنه أَضافه إِلَى هرَّ وَهُوَ فِعْلٌ مَبْنِيٌّ فبُني لإِضافته إِلَى مَبْنِيٍّ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
عَلَى حينَ عاتَبْتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبا
وماءٌ خاشِفٌ وخَشْفٌ: جامِدٌ. والخَشِيفُ مِنَ الْمَاءِ: مَا جَرَى فِي البَطْحاء تحتَ الحَصى يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَةً ثُمَّ ذَهَبَ. قَالَ: وَلَيْسَ لِلْخَشِيفِ فِعْلٌ، يُقَالُ: أَصبح الماءُ خَشِيفاً؛ وأَنشد:
أَنْتَ إِذَا مَا انْحَدَرَ الخَشِيفُ ... ثَلْجٌ، وشَفَّانٌ لَهُ شَفِيفُ
والخَشَفُ: اليُبْسُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ الأَهتم:(9/70)
وشَنَّ مائِحةً فِي جِسْمِها خَشَفٌ، ... كأَنَّه بِقِباصِ الكَشْحِ مُحْتَرِقُ
والخَشْفُ والخَشْفَةُ والخَشَفَةُ: الْحَرَكَةُ والحِسُّ. وَقِيلَ: الحِسُّ الخَفِيُّ. وخَشَفَ يَخْشِفُ خَشْفاً إِذا سُمع لَهُ صَوت أَو حَركة.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَا دَخَلْتُ مَكاناً إِلَّا سَمِعْتُ خَشْفَةً فالتَفَتُّ فَإِذَا بِلَالٌ.
وَرَوَاهُ الأَزهري: أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِبلالٍ: مَا عَمَلُك؟ فَإِنِّي لَا أَراني أَدخلُ الْجَنَّةَ فأَسْمَعُ الخَشْفَةَ فأَنظُرُ إِلَّا رأَيتُكَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخَشْفةُ الصَّوْتُ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ، وَقِيلَ: الصوتُ، وَيُقَالُ خَشْفةٌ وخَشَفَةٌ لِلصَّوْتِ. وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: الخَشْفَةُ، بِالسُّكُونِ، الصوتُ الواحدُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الخشَفة، بِالتَّحْرِيكِ، الحِسُّ وَالْحَرَكَةُ، وَقِيلَ: الحِسُّ إِذَا وقَع السيفُ عَلَى اللَّحْمِ قلتَ سَمِعْتُ لَهُ خَشْفاً، وَإِذَا وقَع السيفُ عَلَى السِّلاح قَالَ: لَا أَسمع إِلَّا خَشْفاً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: فسَمِعَتْ أُمّي خَشْفَ قَدَمَيَّ.
والخَشْفُ: صَوْتٌ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ. وخَشْفَةُ الضَبُعِ: صَوْتُها. والخَشْفةُ: قُفٌّ قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ السُّهُولةُ. وجِبالٌ خُشَّفٌ: مُتواضِعةٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وأَنشد:
جَوْنٍ تَرى فِيهِ الجِبالَ الخُشَّفا، ... كَمَا رأَيتَ الشَّارِفَ المُوَحَّفا
وأُمُّ خَشَّافٍ: الدّاهِيةُ؛ قَالَ:
يَحْمِلْنَ عَنْقاء وعَنْقَفِيرا، ... وأُمّ خَشّافٍ وخَنْشَفِيرا
وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً: خَشَّاف، بِغَيْرِ أُم. وَيُقَالُ: خَاشَفَ فُلَانٌ فِي ذِمَّته إِذَا سارَعَ فِي إخْفارِها، قَالَ: وخَاشَفَ إِلَى كَذَا وَكَذَا مِثْلُه. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: كَانَ سَهْم بْنُ غالِبٍ من رُؤوس الخَوارِج، خَرَجَ بِالْبَصْرَةِ فآمَنَه عبدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِ معاويةُ: لَوْ كنتَ قَتَلْتَه كَانَتْ ذِمّةً خَاشَفْتَ فِيهَا
أَي سارَعْتَ إِلَى إخْفارها. يُقَالُ: خَاشَفَ إِلَى الشرِّ إِذَا بادَرَ إِلَيْهِ؛ يُرِيدُ: لَمْ يَكُنْ فِي قَتْلِكَ لَهُ إِلَّا أَن يقالَ قَدْ أَخْفَرَ ذِمَّتَه. والمَخْشَفُ: النَّجْرانُ «1» الَّذِي يَجْري فِيهِ البابُ، وَلَيْسَ لَهُ فِعْلٌ. وَسَيْفٌ خَاشِفٌ وخَشِيفٌ وخَشُوفٌ: ماضٍ. وخَشَفَ رأْسَه بِالْحَجَرِ: شَدَخَه، وَقِيلَ: كل ما شُدِخَ، فَقَدْ خُشِفَ. والخَشَفُ: الخَزَفُ «2» ، يَمَانِيَّةٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحْسَبُهم يَخُصُّون بِهِ مَا غَلُظَ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ الْكَعْبَةِ:
إِنَّهَا كَانَتْ خَشَفةً عَلَى الْمَاءِ فدُحِيَتْ عَنْهَا الأَرضُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ الخَشَفةُ وَاحِدَةُ الخَشَف، وَهِيَ حِجَارَةٌ تَنْبُتُ فِي الأَرض نَبَاتًا، قَالَ: وَتُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْعَيْنِ بَدَلَ الْفَاءِ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي مَوْضِعِهَا.
خصف: خَصَفَ النعلَ يخْصِفُها خَصْفاً: ظاهَرَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وخَرَزَها، وَهِيَ نَعْلٌ خَصِيفٌ؛ وكلُّ مَا طُورِقَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ، فَقَدْ خُصِفَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَخْصِفُ نَعْلَه
، وَفِي آخَرَ:
وَهُوَ قَاعِدٌ يَخْصِفُ نَعْلَهُ
أَي كَانَ يَخْرُزها، مِنَ الخَصْفِ: الضَّمُّ وَالْجَمْعُ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ عليّ
__________
(1) . قوله [والمخشف النجران] كذا بالأصل. وفي القاموس مع شرحه: والمخشف كمقعد: اليخدان؛ عن الليث، قال الصاغاني: ومعناه موضع الجمد. قلت: واليخ بالفارسية الجمد، ودان موضعه. هذا هو الصواب وقد غلط صاحب اللسان فقال هو النجران.
(2) . قوله [والخشف الخزف] في شرح القاموس الصواب: الخسف، بالسين المهملة.(9/71)
خاصِفِ النَّعْلِ
، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَبَّاسِ يَمْدَحُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ فِي الظِّلالِ وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ، حيثُ يَخْصَفُ الوَرَقُ
أَي فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ خَصَفَ آدمُ وحوَّاء، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، عَلَيْهِمَا مِنْ ورَق الْجَنَّةِ. والخصَفُ والخَصَفةُ: قِطْعَةٌ مِمَّا تُخصَفُ بِهِ النعلُ. والمِخْصَفُ: المِثقَبُ والإِشْفَى؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ يَصِفُ عُقاباً:
حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى فِراشِ عَزِيزَةٍ ... فَتْخاء، رَوْثَةُ أَنْفِها كالمِخْصَفِ
وَقَوْلُهُ فَمَا زَالُوا يَخْصِفون أَخْفافَ المَطِيّ بحوافِر الْخَيْلِ حَتَّى لَحِقُوهم، يَعْنِي أَنهم جَعَلُوا آثَارَ حَوافِرِ الْخَيْلِ عَلَى آثَارِ أَخْفاف الإِبل، فكأَنهم طارَقُوها بِهَا أَي خصَفُوها بِهَا كَمَا تخْصَفُ النعلُ. وخَصَفَ العُرْيانُ عَلَى نفسِه الشيءَ يخْصِفُه: وصلَه وأَلزَقَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ*
؛ يَقُولُ: يُلْزِقانِ بعضَه عَلَى بَعْضٍ ليَسْتُرا بِهِ عورَتَهما أَي يُطابقان بعضَ الْوَرَقِ عَلَى بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ الاخْتِصافُ. وَفِي
قِرَاءَةِ الْحَسَنِ: وَطَفِقَا يَخِصِّفانِ
، أَدغم التَّاءَ فِي الصَّادِ وَحَرَّكَ الْخَاءَ بِالْكَسْرِ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ حَوَّلَ حَرَكَةَ التَّاءِ فَفَتَحَهَا؛ حَكَاهُ الأَخفش. اللَّيْثُ: الاخْتِصافُ أَن يأْخذ الْعُرْيَانُ وَرَقًا عِراضاً فيَخْصِفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَيَسْتَتِرَ بِهَا. يُقَالُ: خَصَفَ واخْتَصَفَ يَخْصِفُ ويَخْتَصِفُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا دخلَ أَحدُكم الحَمَّام فَعَلَيْهِ بالنَّشيرِ وَلَا يَخْصِفْ
؛ النَّشِيرُ: المِئْزَرُ، وَلَا يَخْصِفْ أَي لَا يَضَعْ يَدَهُ عَلَى فَرْجِهِ، وتخَصَّفَه كَذَلِكَ، وَرَجُلٌ مِخْصَفٌ وخَصّافٌ: صانِعٌ لِذَلِكَ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. والخَصْفُ: النعلُ ذاتُ الطِّراقِ، وكلُّ طِراقٍ مِنْهَا خَصْفةٌ. والخَصَفَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: جُلَّةُ التَّمْرِ الَّتِي تُعْمَلُ مِنَ الْخُوصِ، وَقِيلَ: هِيَ البَحْرانِيةُ مِنَ الْجَلَالِ خَاصَّةً، وَجَمْعُهَا خَصَفٌ وخِصافٌ؛ قَالَ الأَخطل يَذْكُرُ قَبِيلَةً:
فطارُوا شقافَ الأُنْثَيَيْنِ، فعامِرٌ ... تَبيعُ بَنِيها بالخِصافِ وَبِالتَّمْرِ
أَي صَارُوا فِرْقَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الأُنثيين وَهُمَا البيضتانِ. وكتيبةٌ خَصِيفٌ: وَهُوَ لونُ الحديدِ. وَيُقَالُ: خُصِفَتْ مِنْ وَرَائِهَا بِخَيْلٍ أَي أُرْدِفَتْ، فَلِهَذَا لَمْ تَدْخُلْهَا الْهَاءُ لأَنها بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، فَلَوْ كَانَتْ لِلَّوْنِ الْحَدِيدِ لَقَالُوا خَصِيفَةٌ لأَنها بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ. وكلُّ لَوْنَيْنِ اجْتَمَعَا، فَهُوَ خَصِيفٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ خَصَفَتِ الإِبلُ الْخَيْلُ تَبِعَتْها؛ قَالَ مَقّاسٌ الْعَائِذِيُّ:
أَوْلى فأَوْلى، يا إمْرَأَ القَيْسِ، بَعْدَ ما ... خَصَفْنَ بآثارِ المَطِيِّ الحَوافِرا
والخَصِيفُ: اللَّبَنُ الْحَلِيبُ يُصَبُّ عَلَيْهِ الرائبُ، فَإِنْ جُعِلَ فِيهِ التَّمْرُ وَالسَّمْنُ، فَهُوَ العَوْبَثانيُّ؛ وقال ناشرةُ ابن مَالِكٍ يَرُدُّ عَلَى المُخَبّل:
إِذَا مَا الخَصِيفُ العَوْبَثانيُّ سَاءَنَا، ... ترَكْناه واخْتَرْنا السَّديفَ المُسَرْهَدا
والخَصَفُ: ثِيَابٌ غِلاظٌ جِدًّا. قَالَ اللَّيْثُ: بَلَغْنَا فِي الْحَدِيثِ
أَنَّ تُبَّعاً كسَا الْبَيْتَ المَنسوج، فانتفضَ البيتُ مِنْهُ ومَزَّقَه عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ كَسَاهُ الخَصَفَ فَلَمْ يَقْبَلْهَا، ثُمَّ كَسَاهُ الأَنْطاعَ فَقَبِلَها
؛ قِيلَ: أَراد بالخَصَف هاهنا الثيابَ الغِلاظَ جِدًّا تَشْبِيهًا بالخَصَفِ المَنْسوج مِنَ الخُوص؛ قَالَ الأَزهري: الْخَصَفُ الَّذِي(9/72)
كسَا تُبَّعٌ الْبَيْتَ لَمْ يَكُنْ ثِياباً غِلاظاً كَمَا قَالَ اللَّيْثُ، إِنَّمَا الْخَصَفُ سَفائِفُ تُسَفُّ مِنْ سَعَف النَّخْلِ فَيُسَوَّى مِنْهَا شُقَقٌ تُلَبَّسُ بُيوتَ الأَعراب، وَرُبَّمَا سُوّيت جِلالًا لِلتَّمْرِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه كَانَ يصلي فأَقبل رَجُلٌ فِي بَصره سُوءٌ فَمَرَّ بِبِئْرٍ عَلَيْهَا خَصَفَةٌ فوطِئها فَوَقَعَ فِيهَا
؛ الخَصَفَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: وَاحِدَةُ الخَصَف وَهِيَ الجُلَّةُ الَّتِي يُكْنَزُ فِيهَا التَّمْرُ، وكأَنها فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُول مِنَ الخَصْفِ، وَهُوَ ضمُّ الشَّيْءِ إِلَى الشي لأَنه شَيْءٌ مَنْسُوجٌ مِنَ الْخُوصِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتْ لَهُ خَصَفَةٌ يَحْجُرُها وَيُصَلِّي فِيهَا
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَنه كَانَ مُضْطَجِعاً عَلَى خصَفة
، وأَهل الْبَحْرِينِ يُسَمُّونَ جِلالَ التَّمْرِ خصَفاً. والخَصَفُ: الخزَفُ. وخَصَّفه الشيبُ إِذَا استَوى البياضُ والسوادُ. ابْنُ الأَعرابي: خَصَّفه الشيبُ تَخْصيفاً وخَوَّصه تَخْوِيصًا ونَقَّبَ فِيهِ تَنقِيباً بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وحَبْلٌ أَخْصَفٌ وخَصيفٌ: فِيهِ لوْنان مِنْ سوادٍ وَبَيَاضٍ، وَقِيلَ: الأَخْصَفُ والخَصِيف لوم كَلَوْنِ الرْماد. ورَمادٌ خَصِيفٌ: فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ وَرُبَّمَا سُمِّيَ الرَّمادُ بِذَلِكَ. التَّهْذِيبُ: الخَصِيفُ مِنَ الحِبال مَا كَانَ أَبْرَقَ بقوّةٍ سَوْدَاءَ وأُخرى بَيْضَاءَ، فَهُوَ خَصِيفٌ وأَخْصَفُ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى إِذَا مَا لَيْلُه تَكَشَّفا، ... أَبْدَى الصَّباحُ عَنْ بَرِيمٍ أَخْصَفا
وَقَالَ الطِّرِمّاح:
وخَصِيفٍ لذِي مَناتِجِ ظِئْرَيْنِ ... مِنَ المَرْخِ أَتْأَمَتْ رَبْدُهُ
شبَّه الرَّمادَ بالبَوِّ، وظِئْراه أُثْفِيتان أُوقِدَتِ النارُ بَيْنَهُمَا. والأَخْصَفُ مِنَ الْخَيْلِ وَالْغَنَمِ: الأَبيضُ الخاصِرَتَيْن والجنبينِ، وَسَائِرُ لَوْنِهِ مَا كَانَ، وَقَدْ يَكُونُ أَخْصَفَ بِجَنْبٍ وَاحِدٍ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي ارْتَفَعَ البَلَقُ مِنْ بَطْنِهِ إِلَى جَنْبَيْهِ. والأَخْصَفُ: الظَّلِيمُ لسوادٍ فِيهِ وَبَيَاضٍ، والنعامةُ خَصْفَاء، والخَصْفَاء مِنَ الضأْنِ: الَّتِي ابْيَضَّتْ خاصِرَتاها. وكَتيبةٌ خَصِيفَةٌ: لِمَا فِيهَا مِنْ صَدَإِ الْحَدِيدِ وبياضِه. والخَصُوفُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَلِدُ فِي التَّاسِعِ وَلَا تَدْخُلُ فِي الْعَاشِرِ، وَهِيَ مِنْ مَرابِيعِ الإِبل الَّتِي تُنْتَج إِذَا أَتت عَلَى مَضْرِبها تَماماً لَا يَنْقُصُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الَّتِي تُنْتَجُ عِنْدَ تَمامِ السنةِ، وَالْفِعْلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ خَصَفَتْ تَخْصِفُ خِصافاً. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذَا بَلَغَتِ الشَّهْرَ التَّاسِعَ مِنْ يَوْمِ لَقِحَتْ ثُمَّ أَلقَتْه: قَدْ خَصَفَتْ تَخْصِفُ خِصافاً، وَهِيَ خَصُوف. الْجَوْهَرِيُّ: وخَصَفَتِ النَّاقَةُ تَخْصِفُ خَصْفاً «3» إِذَا أَلْقَتْ وَلَدَهَا وَقَدْ بَلَغَ الشَّهْرَ التَّاسِعَ، فَهِيَ خَصُوف. وَيُقَالُ: الخَصُوفُ هِيَ الَّتِي تُنْتَجُ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ مَضْرِبها بِشَهْرٍ، والجَرُورُ بِشَهْرَيْنِ. وخَصَفَةُ: قَبِيلةٌ مِنْ مُحارِب. وخَصَفَةُ بْنُ قَيس عَيْلانَ: أَبو قَبَائِلَ مِنَ الْعَرَبِ. وخِصَافٌ: فَرَسُ سُمَيْر بْنِ رَبيعةَ. وخِصَافٌ أَيضاً: فرَسُ حَمَلِ بْنِ بَدْرٍ، رَوَى ابْنُ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبيه قَالَ: كَانَ مالكُ بْنُ عَمْرٍو الغَسَّاني يُقَالُ لَهُ فارسُ خِصَافٍ، وَكَانَ مِنْ أَجْبَنِ الناسِ، قَالَ: فغَزَا يَوْمًا فأَقبل سَهْمٌ حَتَّى وقَع عِنْدَ حافِر فرَسِه فَتَحَرَّكَ سَاعَةً، فَقَالَ: إِنَّ لِهَذَا السهْمِ سَبَبًا يَنْجُثُه، فاحْتَفَرَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ وقَع عَلَى نَفَقِ يَرْبُوعٍ فأَصاب رأْسَه فَتَحَرَّكَ اليَرْبُوعُ سَاعَةً ثُمَّ مَاتَ، فَقَالَ: هَذَا فِي جَوْفِ جُحْر جَاءَهُ سَهْمٌ فقتَله وأَنا ظاهِرٌ عَلَى فَرَسِي، مَا الْمَرْءُ فِي شَيْءٍ وَلَا اليربوعُ ثُمَّ شدَّ عَلَيْهِمْ فكان بعد
__________
(3) . قوله [تَخْصِفُ خَصْفاً] كذا بالأصل، والذي فيما بأيدينا من نسخ الجوهري: خصافاً لا خصفاً.(9/73)
ذَلِكَ مِنْ أَشجَعِ النَّاسِ؛ قَوْلُهُ يَنجثه أَي يُحَرِّكُهُ. قَالَ: وخِصَافٌ فَرَسِهِ، ويُضربُ المَثلُ فَيُقَالُ: أَجْرَأُ مِنْ فارِس خِصَافٍ. وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي: أَنَّ صاحِب خِصَافٍ كَانَ يُلَاقِي جُنْدَ كِسْرَى فَلَا يَجْتَرئ عَلَيْهِمْ ويظُنُّ أَنهم لَا يَمُوتون كَمَا تَمُوتُ النَّاسُ، فرَمى رَجُلًا مِنْهُمْ يَوْمًا بِسَهْمٍ فَصَرَعَهُ فَمَاتَ، فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَمُوتُونَ كَمَا نموتُ نَحْنُ، فاجترأَ عَلَيْهِمْ فَكَانَ مِنْ أَشجع النَّاسِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وخَصَافِ مِثْلَ قَطَامِ اسْمِ فَرَسٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
تاللهِ لَوْ أَلْقى خَصَافِ عَشِيّةً، ... لكُنْتُ عَلَى الأَمْلاكِ فارِسَ أَسْأَما
وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَجرأُ مِنَ خَاصِيٍّ خَصَاف «1» ، وَذَلِكَ أَن بعضَ المُلوكِ طَلَبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ ليَسْتَفْحِلَه فمَنَعه إِيَّاهُ وخَصاه. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ الإِخْصَافُ شدَّة العَدْوِ. وأَخْصَفَ يُخْصِفُ إِذَا أَسرَعَ فِي عَدْوِه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: صَحَّفَ الليثُ وَالصَّوَابُ أَحْصَفَ، بِالْحَاءِ، إحْصافاً إِذَا أَسْرَعَ فِي عَدْوِه.
خصلف: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: نَخْلٌ مُخَصْلَفٌ قَلِيلُ الحَمْلِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
كقِنْوانِ النَّخِيلِ المُخَصْلَفِ
خضف: خَضَفَ بِهَا يَخْضِفُ خَضْفاً وخَضَفاً وخُضَافاً وغَضَف بِهَا إِذَا ضَرطَ؛ وأَنشد:
إِنَّا وَجَدْنا خَلَفاً، بِئْسَ الخَلَفْ ... عَبْداً إِذَا مَا ناءَ بالحِمْلِ خَضَفْ
أَغْلَقَ عَنّا بابَه، ثُمَّ حَلَفْ ... لَا يُدْخِلُ البَوّابُ إِلَّا مَنْ عَرَفْ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ:
إنَّ عُبَيْداً خَلَفٌ بئسَ الخَلَفْ
وامرأَة خَضُوفٌ أَي رَدُومٌ؛ قَالَ خُلَيْدٌ اليَشْكُريّ:
فَتِلْك لَا تُشْبِهُ أُخْرى صِلْقِما، ... أَعْني خَضُوفاً بالفِناء دِلْقِما
والخَيْضَفُ: الضَّرُوطُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الخَيْضَفُ فَيْعَلٌ مِنَ الخَضْف وَهُوَ الرُّدامُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فأَنْتُمْ بَنُو الخَوَّارِ يُعْرَفُ ضَرْبُكُمْ، ... وأُمّاتُكُمْ فُتْخُ القُدامِ وخَيْضَفُ
وَيُقَالُ للأَمةِ: يَا خَضَافِ؛ وللمَسْبُوبِ: يَا ابنَ خَضَافِ مَبْنِيّةً كَحَذام؛ وَقَالَ رَجُلٌ لِجَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ وَكَانَتِ الخَوارِجُ قَتَلَتْه:
تَرَكْتَ أَصْحابَنا تَدْمى نُحُورُهُمُ، ... وجئتَ تَسْعى إِلَيْنَا خَضْفَةَ الجَملِ
أَراد: يَا خَضْفَةَ الْجَمَلِ. والخَضَفُ: البِطِّيخُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يَكُونُ قَعْسَرِيّاً رَطْباً مَا دَامَ صَغِيرًا ثُمَّ خَضَفاً أَكبرَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قُحّاً ثُمَّ يَكُونُ بِطِّيخاً؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
نازَعْتُهُمْ أُمَّ لَيْلى، وهْي مُخْضِفةٌ، ... لَهَا حُمَيّا بِهَا يُسْتَأْصَلُ العَرَبُ
__________
(1) . قوله [أَجْرَأُ مِنْ خَاصِيٍّ خَصَاف] تبع في ذلك الجوهري. وفي شرح القاموس: فأما ما ذكره الجوهري على مثال قطام، فهي كانت أنثى فكيف تخصى؟ وصحة إيراد المثل أَجْرَأُ مِنْ فَارِسِ خَصَاف انتهى. يعني كقطام وأما أَجْرَأُ مِنْ خَاصِيٍّ خِصَاف فهو ككتاب.(9/74)
أُمّ لَيلى: هِيَ الخَمر، والمُخْضِفَة: الخاثِرةُ، والعَرَبُ: وجَعُ المَعِدةِ. الأَزهري: أَظنها سُمِّيَتْ مُخَضْفَة لأَنها تُزِيلُ الْعَقْلَ فيَضْرطُ شارِبُها وَهُوَ لَا يَعْقِلُ.
خضرف: الخَضْرَفَةُ: العَجوز، وَفِي الْمُحْكَمِ: الخَضْرَفَةُ هرَمُ العَجُوزِ وفُضُولُ جِلْدها. وامرأَة خَنْضَرِفٌ: نَصَفٌ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ تَشَبَّبُ، وَقِيلَ: هِيَ الضَّخْمةُ الكثيرةُ اللَّحْمِ الْكَبِيرَةُ الثَّدْيَيْنِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: امرأَة خَنْضَرِفٌ وخَنْضَفير إِذَا كَانَتْ ضَخْمَةً لَهَا خَواصِرُ وبُطونٌ وغُضُونٌ؛ وأَنشد:
خَنْضَرِفٌ مثْلُ حُماء القُنَّهْ، ... لَيْسَتْ مِنَ البِيضِ ولا في الجَنّهْ
خضلف: الأَزهري: الخِضْلافُ شَجَرُ المُقْلِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الخَضْلَفَةُ خِفّة حَمْل النَّخِيلِ؛ وأَنشد:
إِذَا زُجِرَتْ أَلْوَتْ بِضافٍ سَبيبُه ... أَثِيثٍ كقِنْوانِ النخيلِ المُخَضْلَفِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعل قِلَّةَ حَمْل النخِيلِ خَضْلَفةً لأَنه شُبِّهَ بالمُقل فِي قِلة حَمله؛ وَقَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:
تُتِرُّ برجْلَيْها المُدِرَّ كأَنَّه، ... بِمشرفةِ الخِضْلافِ، بادٍ وُقُولُها
تُتِرُّه: تَدْفَعُه. والوُقُول: جَمْعُ وَقْلٍ وهو نوى المُقْل.
خطف: الخَطْفُ: الاسْتِلابُ، وَقِيلَ: الخَطْفُ الأَخْذُ فِي سُرْعةٍ واسْتِلابٍ. خَطِفَه، بِالْكَسْرِ، يَخْطَفُه خَطْفاً، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ اللُّغَةُ الْجَيِّدَةُ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى حَكَاهَا الأَخفش: خَطَفَ، بِالْفَتْحِ، يَخْطِفُ، بِالْكَسْرِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ رَديئة لَا تَكَادُ تُعْرَفُ: اجْتَذَبَه بسُرْعة،
وقرأَ بِهَا يُونُسُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَخْطِفُ أَبصارَهم، وأَكثر القُرّاء قرأُوا: يَخْطَف
، مَنْ خَطِفَ يَخْطَفُ، قَالَ الأَزهري: وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الْجَيِّدَةُ.
ورُوي عَنِ الْحَسَنِ أَنه قرأَ يِخِطِّفُ أَبصارَهم
، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ مَعَ الْكَسْرِ،
وقرأَها يَخَطِّفُ
، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِهَا، فَمَنْ قرأَ يَخَطِّفُ فالأَصل يَخْتَطِفُ فأُدْغِمت التاءُ فِي الطَّاءِ وأُلقيت فَتْحَةُ التَّاءِ عَلَى الْخَاءِ، وَمَنْ قرأَ يِخِطِّفُ كسَر الْخَاءَ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الطَّاءِ؛ قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الكسرُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ هاهنا خَطَأٌ وَإِنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ قَالَ هَذَا أَن يَقُولَ فِي يَعَضُّ يَعِضُّ وَفِي يَمُدُّ يَمِدُّ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ الْعِلَّةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ لأَنه لَوْ كسَر يَعِضُّ ويَمِدّ لالْتَبَسَ مَا أَصله يَفْعَل ويَفْعُل بِمَا أَصله يَفْعِل، قَالَ: وَيَخْتَطِفُ لَيْسَ أَصله غيرَها وَلَا يَكُونُ مَرَّةً عَلَى يَفْتَعِل وَمَرَّةً عَلَى يَفْتَعَل، فَكُسِرَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مُلْتَبِسٍ. التَّهْذِيبُ قَالَ: خَطِفَ يَخْطَفُ وخَطَفَ يَخْطِفُ لُغَتَانِ. شَمِرٌ: الخَطْف سُرْعَةُ أَخذ الشَّيْءِ. ومرَّ يَخْطَفُ خَطْفاً مُنْكَرًا أَي مرَّ مَرًّا سَرِيعًا. واخْتَطَفَه وتَخَطَّفَه بِمَعْنًى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ
، وَفِيهِ: وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ
. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ
؛ وأَما
قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ إِلَّا مَن خَطَّفَ الخَطْفَةَ
، بِالتَّشْدِيدِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ فَإِنَّ أَصله اخْتَطَفَ فأُدغمت التَّاءُ فِي الطَّاءِ وأُلقِيَتْ حَركتُها عَلَى الْخَاءِ فَسَقَطَتِ الأَلف، وَقُرِئَ خِطِّفَ، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالطَّاءِ عَلَى إِتْبَاعِ كَسْرَةِ الْخَاءِ كسرةَ الطَّاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، قَالَ سِيبَوَيْهِ: خَطَفَه واخْتَطَفَه(9/75)
كَمَا قَالُوا نَزَعَه وانْتَزَعَه. ورجُل خَيْطَفٌ: خاطِفٌ، وبازٌ مخْطَفٌ: يَخْطَفُ الصيدَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نهَى عَنِ المُجَثَّمةِ والخَطْفةِ
؛ وَهِيَ مَا اخْتَطَفَ الذئبُ مِنْ أَعضاء الشَّاةِ وَهِيَ حَيّةٌ مِنْ يَدٍ ورِجل، أَوِ اخْتَطَفَهُ الْكَلْبُ مِنْ أَعضاء حَيَوانِ الصَّيدِ مِنْ لَحْمٍ أَو غَيْرِهِ وَالصَّيْدُ حَيّ لأَن كُلَّ مَا أُبينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيّتٌ، وَالْمُرَادُ مَا يُقْطَع مِنْ أَعضاء الشَّاةِ؛ قَالَ: وكلُّ مَا أُبينَ مِنَ الْحَيَوَانِ وَهُوَ حَيٌّ مِنْ لَحْمٍ أَو شَحْمٍ، فَهُوَ مَيت لَا يَحِلُّ أَكله، وَذَلِكَ أَنه لَمَّا قَدِمَ المدينةَ رأَى النَّاسَ يَجُبُّون أَسْنِمَةَ الإِبلِ وأَلَياتِ الْغَنَمِ ويأْكلونها. والخَطْفَة: المرَّةُ الواحدةُ فَسُمِّيَ بِهَا العُضْوُ المُخْتَطَفُ. وَفِي حَدِيثِ الرَّضَاعَةِ:
لَا تُحَرِّمُ الخَطْفَةُ والخَطْفَتَانِ
أَي الرضعةُ الْقَلِيلَةُ يأْخذُها الصَّبِيُّ مِنَ الثدْي بِسُرْعَةٍ. وسيفٌ مِخْطَف: يَخطَفُ الْبَصَرَ بلَمْعِه؛ قَالَ:
وناطَ بالدَّفِّ حُساماً مِخْطَفَا
والخاطِفُ: الذئبُ. وذئبٌ خاطِفٌ: يَخْتَطِفُ الفَريسةَ، وبَرْقٌ خاطِفٌ لِنُورِ الأَبصار. وخَطِفَ البرقُ البَصرَ وخَطَفَه يَخْطِفُه: ذَهَبَ بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ
، وَقَدْ قُرِئَ بِالْكَسْرِ، وَكَذَلِكَ الشُّعاعُ والسيفُ وَكُلُّ جِرْمٍ صَقِيل؛ قَالَ:
والهُنْدُوانِيّاتُ يَخْطَفْنَ البَصَرْ
رَوَى الْمَخْزُومِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: لَمْ أَسمع أَحداً ذهَب بِبَصَرِهِ البرقُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ
، وَلَمْ يَقُلْ يُذْهِبُ، قَالَ: والصَّواعِقُ تُحْرِقُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ليَنْتَهِيَنَّ أَقْوامٌ عَنْ رفْع أَبصارِهم إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ أَو لتُخْطَفَنَّ أَبصارُهم
؛ هُوَ مِنَ الخَطْف استِلابِ الشَّيْءِ وأَخْذِه بسُرعَة. وَمِنْهُ حَدِيثُ أُحد:
إِنْ رأَيتمونا تَخْتَطِفُنا الطيرُ فَلَا تَبْرَحُوا
أَي تَسْتَلِبُنا وَتَطِيرُ بِنَا، وَهُوَ مُبالغة فِي الْهَلَاكِ. وخَطِفَ الشيطانُ السمْعَ واخْتَطَفَه: اسْتَرَقَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ
. والخَطَّافُ، بِالْفَتْحِ، الَّذِي فِي الْحَدِيثِ هُوَ الشَّيْطَانُ، يَخطَفُ السمعَ: يَسْتَرِقُه، وَهُوَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: نَفَقَتُكَ رِياءً وسُمْعةً للخَطَّاف
؛ هُوَ، بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ، الشيطانُ لأَنه يَخْطَفُ السَّمْعَ، وَقِيلَ: هُوَ بِضَمِّ الْخَاءِ عَلَى أَنه جَمْعُ خَاطِفٍ أَو تَشْبِيهًا بالخُطَّاف، وَهُوَ الْحَدِيدَةُ المُعْوَجَّةُ كالكلُّوبِ يُخْتَطَفُ بِهَا الشيءُ وَيُجْمَعُ عَلَى خَطَاطِيفَ. وَفِي حَدِيثِ الْجِنِّ:
يَختَطِفُون السَّمْعَ
أَي يَسْتَرِقُونَه ويَسْتَلِبونه. والخَيْطَفُ والخَيْطَفَى: سُرعة انْجِذَابِ السَّيْرِ كأَنه يخْتَطِفُ فِي مَشْيِه عُنُقَه أَي يجْتَذِبه. وَجَمَلٌ خَيْطَفٌ أَي سَرِيعُ الْمَرِّ. وَيُقَالُ: عَنَقٌ خَيْطَفٌ وخَطَفَى؛ قَالَ جَدُّ جَرِيرٍ:
وعَنَقاً بَعْدَ الرَّسِيمِ خَيْطَفا
والخَطَفَى: سَيْرَتُه، وَيُرْوَى خَطَفَى، وَبِهَذَا سُمِّي الخَطَفَى، وَهُوَ لقَبُ عَوْفٍ جَدّ جَرِيرِ بْنِ عطِيّةَ بْنِ عَوْفٍ الشَّاعِرِ؛ وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي عُبَيْدَةَ قَالَ: الخَطَفَى جَدُّ جَرِيرٍ وَاسْمُهُ حُذيفَةُ بْنُ بَدْر ولُقِّب بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
يَرْفَعْنَ بالليلِ، إِذَا مَا أَسْدَفا، ... أَعْناقَ جِنَّانٍ وَهَامًا رُجَّفا،
وعَنَقاً بَعْدَ الكَلالِ خَيْطَفا(9/76)
والجِنَّانُ: جِنْسٌ مِنَ الْحَيَّاتِ إذا مشَت رَفعت رؤوسها؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنَ مَلِيحِ شِعْرِ الخَطَفَى:
عَجِبْتُ لإِزْراءِ العَييِّ بنَفْسِه، ... وصَمْتِ الَّذِي قَدْ كَانَ بالقَوْلِ أَعلما
وَفِي الصَّمْتِ سَتْرٌ للعَييِّ، وَإِنَّمَا ... صَفِيحةُ لُبِّ المَرْء أَن يَتَكلَّما
وَقِيلَ: هُوَ مأْخوذ مَنْ الخَطْفِ وَهُوَ الخَلْسُ. وَجَمَلٌ خَيْطَفٌ: سَيْرُه كَذَلِكَ أَي سريعُ المَرّ، وَقَدْ خَطِفَ وخَطَفَ يَخْطِفُ ويَخْطَفُ خَطْفاً. والخاطُوفُ: شَبِيهٌ بالمِنْجَل يُشَدُّ فِي حِبالةِ الصائِد يَخْتَطِفُ الظبْيَ. والخُطّافُ: حَدِيدَةٌ تَكُونُ فِي الرَّحْل تُعَلَّقُ مِنْهَا الأَداةُ والعِجْلةُ. والخُطَّافُ: حَدِيدَةٌ حَجْناءُ تُعْقَلُ بِهَا البَكْرةُ مِنْ جانِبَيْها فِيهَا المِحْوَر؛ قَالَ النابغة:
خَطاطِيفُ حُجْنٌ فِي حِبالٍ مَتِينَةٍ، ... تُمَدُّ بِهَا أَيْدٍ إليكَ نوازِعُ
وكلُّ حديدةٍ حَجْناء خُطَّافٌ. الأَصمعي: الخُطَّاف هُوَ الَّذِي يَجْري فِي الْبَكْرَةِ إِذَا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ، فَإِذَا كَانَ مِنْ خَشَبٍ، فَهُوَ القَعْوُ، وَإِنَّمَا قِيلَ لخُطَّافِ البَكرة خُطَّافٌ لحَجَنه فِيهَا، ومَخالِيبُ السِّباعِ خَطاطِيفُها. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ «1» :
فِيهِ خَطاطِيفُ وكلالِيبُ.
وخَطاطِيفُ الأَسَد: براثِنُه شُبِّهَتْ بِالْحَدِيدَةِ لحُجْنَتِها؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ يَصِفُ الأَسد:
إِذَا عَلِقَتْ قِرْناً خَطاطِيفُ كَفِّه، ... رأَى الموتَ رَأْيَ العَيْنِ أَسْوَدَ أَحْمَرا
إِنَّمَا قَالَ: رَأْيَ الْعَيْنِ أَو بالعَيْنَيْنِ «2» تَوْكِيدًا، لأَنَّ الْمَوْتَ لَا يُرى بِالْعَيْنِ، لَمَّا قَالَ أَسْوَدَ أَحْمرا، وَكَانَ السوادُ والحُمْرةُ لَوْنَيْن، وَكَانَ اللَّوْن مِمَّا يُحسّ بِالْعَيْنِ جُعِلَ الموتُ كأَنه مَرْئيٌّ بِالْعَيْنِ، فتَفَهَّمْه. والخُطَّافُ: سِمةٌ عَلَى شَكْل خُطَّافِ البَكْرة، قَالَ: يُقَالُ لِسِمة يُوسَم بِهَا البَعِير، كأَنها خُطَّافُ البَكْرَة: خُطَّافٌ أَيضاً. وبَعِير مَخْطُوفٌ إِذَا كَانَ بِهِ هَذِهِ السِّمةُ. والخُطّافُ: طَائِرٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والخُطَّافُ العُصْفور الأَسودُ، وَهُوَ الَّذِي تَدْعُوه العامّةُ عُصْفُورَ الجنةِ، وَجَمْعُهُ خَطاطِيفُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: لأَنْ أَكونَ نَفَضْتُ يَدَيَّ مِنْ قُبُورِ بَنِيَّ أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَن يَقَعَ مِنْ بَيْضِ الخُطَّافِ فيَنْكَسِر
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الخُطَّاف الطَّائِرُ الْمَعْرُوفُ، قَالَ ذَلِكَ شَفَقَةً ورحْمةً. والخُطَّافُ: الرجُل اللِّصُّ الفاسِقُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
واسْتَصْحَبُوا كُلَّ عَمٍ أُمِّيِّ ... مِنْ كلِّ خُطّافٍ وأَعْرابيِ
وأَما قَوْلُ تِلْكَ المرأَة لِجَرِيرٍ: يَا ابْنَ خُطَّافٍ؛ فَإِنَّمَا قَالَتْهُ لَهُ هازِئةً بِهِ، وَهِيَ الخَطاطِيفُ. والخُطْفُ والخُطُفُ: الضُّمْرُ وخِفّةُ لَحْمِ الجَنْبِ. وإخْطَافُ الحَشى: انْطِواؤُه. وفَرس مُخْطَفُ الحَشى، بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ، إِذَا كَانَ لاحِقَ ما
__________
(1) . قوله [حديث القيامة] هو لفظ النهاية أيضاً، وبهامشها صوابه: حديث الصراط.
(2) . قوله [أو بالعينين] يشير إلى أنه يروى أيضاً: رأى الموت بالعينين إلخ، وهو كذلك في الصحاح.(9/77)
خَلْفَ المَحْزِمِ مِنْ بَطْنه، وَرَجُلٌ مُخْطَفٌ ومَخْطُوفٌ. وأَخْطَفَ الرجلُ: مَرِضَ يَسِيراً ثُمَّ بَرأَ سَرِيعًا. أَبو صَفْوانَ: يُقَالُ أَخْطَفَتْه الحُمّى أَي أَقْلَعَتْ عَنْهُ، وَمَا مِنْ مَرَضٍ إِلَّا وَلَهُ خُطْفٌ أَي يُبْرَأُ مِنْهُ؛ قَالَ:
وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا صَرْفُ يَوْمٍ ولَيْلةٍ، ... فَمُخْطِفةٌ تُنْمِي ومُقْعِصةٌ تُصْمِي
وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلذِّئْبِ خاطِفٌ، وَهِيَ الخَواطِفُ. وخَطافِ وكَسابِ: مِنْ أَسماء كِلَابِ الصَّيْدِ. وَيُقَالُ للصِّ الَّذِي يَدْغَرُ نفسَه عَلَى الشَّيْءِ فيَخْتَلِسُه: خُطَّافٌ. أَبو الخَطَّاب: خَطِفَتِ السفينةُ وخَطَفَت أَي سارَتْ؛ يُقَالُ: خَطِفَت اليومَ مِنْ عُمان أَي سَارَتْ. وَيُقَالُ: أَخْطَفَ لِي مِنْ حَدِيثه شَيْئًا ثُمَّ سَكَتَ، وَهُوَ الرَّجُلُ يأْخذ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَقْطَعُ حَدِيثَهُ، وَهُوَ الإِخْطافُ. والخياطِفُ: المَهاوي، وَاحِدُهَا خَيْطَفٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَقَدْ رُمْتَ أَمْراً، يَا مُعاوِيَ، دُونَه ... خَيَاطِفُ عِلَّوْزٍ، صِعابٌ مَراتِبُهْ
والخُطُف والخُطَّفُ، جَمِيعًا: مِثْلُ الجُنون؛ قَالَ أُسامةُ الهُذَلي:
فَجَاءَ، وَقَدْ أَوجَتْ مِنَ المَوْتِ نَفْسُه، ... بِهِ خُطُفٌ قَدْ حَذَّرَتْه المقاعِدُ
وَيُرْوَى خُطَّفٌ، فإِما أَن يَكُونَ جَمعاً كضُرَّب، وَإِمَّا أَن يَكُونَ وَاحِدًا. والإِخْطافُ: أَن تَرْمِيَ الرَّمِيّةَ فتُخْطئ قَرِيبًا، يُقَالُ مِنْهُ: رَمى الرَّمِيَّةَ فأَخْطَفَها أَي أَخْطأَها؛ وأَنشد أَيضاً:
فَمُخْطِفةٌ تُنْمي ومُقْعِصةٌ تُصْمي
وَقَالَ العُمانيُّ:
فانْقَضَّ قَدْ فاتَ العُيُونَ الطُّرَّفا، ... إِذَا أَصابَ صَيْدَه أَو أَخْطَفَا
ابْنُ بَزْرَجٍ: خَطِفْتُ الشَّيْءَ أَخذْته، وأَخْطَفْتُه أَخْطَأْتُه؛ وأَنشد الْهُذَلِيُّ:
تَناوَلُ أَطْرافَ القِرانِ، وعَيْنُها ... كعَيْنِ الحُبارى أَخْطَفَتْها الأَجادِلُ
والإِخْطافُ فِي الْخَيْلِ: ضِدُّ الانْتِفاخ، وَهُوَ عَيب فِي الْخَيْلِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الإِخْطَاف سِرُّ الْخَيْلِ، وَهُوَ صِغَرُ الْجَوْفِ «3» ؛ وأَنشد:
لَا دَنَنٌ فِيهِ وَلَا إخْطَافُ
والدَّنَنُ: قِصَرُ الْعُنُقِ وتطامُنُ المُقَدَّم؛ وَقَوْلُهُ:
تَعَرَّضْنَ مَرْمى الصَّيْدِ، ثُمَّ رَمَيْنَنا ... مِنَ النَّبْلِ، لَا بالطَّائِشاتِ الخَواطِفِ
إِنَّمَا هُوَ عَلَى إِرَادَةِ المُخْطِفات وَلَكِنَّهُ عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ. والخَطِيفةُ: دَقِيقٌ يُذَرُّ عَلَى لَبَنٍ ثُمَّ يُطْبَخُ فيُلْعَق؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الحَبُولاء. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فَإِذَا بِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ صَحْفة فِيهَا خَطِيفةٌ ومِلْبَنةٌ
؛ الخَطِيفةُ: لَبَنٌ يُطبخ بِدَقِيقٍ ويُخْتَطَفُ بالمَلاعِق بسُرعة. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَنه كَانَ عِنْدَ أُم سُليم شَعِيرٌ فَجَشَّتْه وعَمِلت لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم،
__________
(3) . قوله [سر الخيل وهو إلخ] كذا بالأصل. ونقل شارح القاموس ما قبله حرفاً فحرفاً وتصرف في هذا فقال: والإِخْطَاف في الخيل صغر الجوف إلخ.(9/78)
خَطِيفة فأَرْسَلتني أَدْعوه
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الخَطِيفَة عِنْدَ الْعَرَبِ أَن تُؤْخَذَ لُبَيْنةٌ فتسخَّنَ ثُمَّ يُذرَّ عَلَيْهَا دَقِيقَةٌ ثُمَّ تُطبخَ فَيَلْعَقَها الناسُ وَيَخْتَطِفُوهَا فِي سُرْعَةٍ.
وَدَخَلَ قَوْمٌ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَوْمَ عِيدٍ وَعِنْدَهُ الكَبُولاء، فَقَالُوا: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ أَيَوْمُ عِيد وخَطِيفةٌ؟ فَقَالَ: كُلوا مَا حَضَر واشكُروا الرزَّاق.
وخاطِفُ ظِلِّه: طَائِرٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ:
ورَيْطةِ فِتْيانٍ كخاطِفِ ظلِّه، ... جَعَلْتُ لَهم مِنْهَا خِباءً مُمَدَّدا
قَالَ ابْنُ سَلَمَة: هُوَ طَائِرٌ يُقَالُ لَهُ الرَّفْرافُ إِذَا رأَى ظلَّه فِي الْمَاءِ أَقبل إِلَيْهِ ليَخْطَفَه يحسَبُه صَيْداً، والله أَعلم.
خطرف: الخُطْرُوفُ: المُسْتَديرُ. وعَنَقٌ خِطْريفٌ: وَاسِعٌ، وخَطْرَفَ فِي مَشْيِه وتَخَطْرَفَ: تَوَسَّعَ. وخَطْرَفَه بِالسَّيْفِ: ضَرَبَهُ، بِالطَّاءِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ لَا غَيْرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَإِنْ تَلَقَّى غَدَراً تَخَطْرَفا
وجمَل خُطْرُوفٌ: يُخَطْرِفُ خَطْوَه؛ ويَتَخَطْرَفُ فِي مَشْيِهِ: يُجْعَلُ خَطْوَتَيْن خَطْوةً مِنْ وَساعَتِه. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَالْخَضِرِ، عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وإنَّ الانْدلاثَ والتَّخَطْرُفَ مِنَ الانْقِحام والتَكَلُّف
؛ تَخَطْرَف الشيءَ إِذَا جاوَزَه وتَعَدّاه، والله أَعلم.
خظرف: خَظْرَفَ البعيرُ فِي مَشْيِهِ: أَسرع وَوَسَّعَ الخَطْو، لُغة فِي خَذْرَفَ، بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ «1» ؛ وأَنشد:
وَإِنْ تَلَقّاه الدَّهاس خَظْرَفا
وخَظْرَفَ جِلْدُ العَجوز: اسْتَرْخى، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ بِالضَّادِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَالظَّاءُ أَكثر وأَحسن. وَعَجُوزٌ خَنْظَرِفٌ: مُسْتَرْخِيةُ اللَّحْمِ. اللَّيْثُ: الخَنْظَرِف الْعَجُوزُ الْفَانِيَةُ. وَجَمَلٌ خُظْرُوفٌ: وَاسْعُ الخَطوة. وَرَجُلٌ مُتَخَظْرِفٌ: واسِع الخَلْق رَحْبُ الذِّرَاعِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ خَظْرَفَ فِي مَشْيِهِ، بِالظَّاءِ وَالطَّاءِ أَيضاً. وخَطْرَفَه بِالسَّيْفِ: ضَرَبَهُ، بِالطَّاءِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ لَا غَيْرُ.
خفف: الخَفَّةُ والخِفّةُ: ضِدُّ الثِّقَلِ والرُّجُوحِ، يَكُونُ فِي الْجِسْمِ والعقلِ والعملِ. خَفَّ يَخِفُّ خَفّاً وخِفَّةً: صَارَ خَفِيفاً، فَهُوَ خَفِيفٌ وخُفافٌ، بِالضَّمِّ وَقِيلَ: الخَفِيفُ فِي الْجِسْمِ، والخُفَاف فِي التَّوَقُّد وَالذَّكَاءِ، وَجَمْعُهَا خِفَافٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ أَي مُوسرين أَو مُعْسِرين، وَقِيلَ: خَفَّتْ عَلَيْكُمُ الْحَرَكَةُ أَو ثَقُلَت، وَقِيلَ: رُكباناً ومُشاة، وَقِيلَ: شُبَّاناً وَشُيُوخًا. والخِفُّ: كُلُّ شَيْءٍ خَفَّ مَحْمَلُه. والخِفُّ، بِالْكَسْرِ: الخفِيف. وشيءٌ خِفٌّ: خَفِيفٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
يَزِلُّ الغُلامُ الخِفُّ عَنْ صَهَواتِه، ... ويُلْوِي بأَثْوابِ العَنِيفِ المُثَقَّلِ «2»
وَيُقَالُ: خَرَجَ فُلَانٌ فِي خِفٍّ مِنْ أَصحابه أَي فِي جَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ. وخِفُّ المَتاعِ: خَفِيفُه. وخَفَّ الْمَطَرُ: نَقَص؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فَتَمَطَّى زَمْخَريٌّ وارِمٌ ... مِنْ رَبيعٍ، كلَّما خَفَّ هَطَلْ «3»
__________
(1) . قوله [بالظاء] متعلق بخظرف.
(2) . وفي رواية: يطير الغلامُ الخُفُّ. وفي رواية أُخرى: يُزل الغلامَ الخِفَّ.
(3) . قوله [فتمطى إلخ] في مادة زمخر، قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فَتَعَالَى زَمْخَرِيٌّ وَارِمٌ ... مَالَتِ الْأَعْرَاقُ مِنْهُ واكتهل(9/79)
واسْتَخَفَّ فُلَانٌ بِحَقِّي إِذَا اسْتَهانَ بِهِ، واسْتَخَفَّه الفرحُ إِذَا ارْتَاحَ لأَمر. ابْنُ سِيدَهْ: اسْتَخَفَّه الجَزَعُ والطَربُ خَفَّ لَهُمَا فاسْتَطار وَلَمْ يثبُت. التَّهْذِيبُ: اسْتَخَفَّه الطَّرَب وأَخَفَّه إِذَا حَمَلَهُ عَلَى الخِفّة وأَزال حِلْمَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِبَعْضِ جُلسائه: لَا تَغْتابَنَّ عِنْدِي الرَّعِيّة فَإِنَّهُ لَا يُخِفُّني؛ يُقَالُ: أَخَفَّنِي الشيءُ إِذَا أَغْضَبَك حَتَّى حَمَلَكَ عَلَى الطَّيْش، واسْتَخَفَّه: طَلَب خِفَّتَه. التَّهْذِيبُ: اسْتَخَفَّهُ فُلَانٌ إِذَا اسْتَجْهَله فَحَمَلَهُ عَلَى اتِّباعه فِي غَيِّه، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ
، قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ لَا يَسْتَفِزَّنَّك عَنْ دِينِكَ أَي لَا يُخْرِجَنَّك الَّذِينَ لَا يُوقِنون لأَنهم ضُلَّال شَاكُّونَ. التَّهْذِيبُ: وَلَا يَسْتَخِفَّنَّك لَا يستفزنَّك وَلَا يَسْتَجْهِلَنَّك؛ وَمِنْهُ: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ
أَي حَمَلَهُمْ عَلَى الخِفّة وَالْجَهْلِ. يُقَالُ: اسْتَخَفَّهُ عَنْ رأْيه واستفزَّه عَنْ رأْيه إِذَا حَمَلَهُ عَلَى الْجَهْلِ وأَزاله عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّوَابِ. واستَخَفَّ بِهِ أَهانه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، لمَّا اسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَزْعم الْمُنَافِقُونَ أَنك اسْتَثْقَلْتَني وتَخَفَّفْتَ مِنِّي
، قَالَهَا لَمَّا اسْتَخْلَفَهُ فِي أَهله وَلَمْ يمضِ بِهِ إِلَى تِلْكَ الغَزاةِ؛ مَعْنَى تَخَفَّفْتَ مِنِّي أَي طَلَبْتَ الْخِفَّةَ بتخليفِك إِيَّايَ وَتَرْكِ اسْتصْحابي مَعَكَ. وخَفَّ فُلَانٌ لِفُلَانٍ إِذَا أَطاعه وَانْقَادَ لَهُ. وخَفَّتِ الأُتُنُ لعَيرها إِذَا أَطاعَتْه؛ وَقَالَ الرَّاعِي يَصِفُ العَير وأُتُنه:
نَفَى بالعِراكِ حَوالِيَّها، ... فَخَفَّتْ لَهُ خُذُفٌ ضُمَّرُ
والخَذُوفُ: وَلَدُ الأَتان إِذَا سَمِنَ. واسْتَخَفَّه: رَآهُ خَفيفاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ: اسْتَخَفَّ الْهَمْزَةَ الأُولى فَخَفَّفَهَا أَي أَنها لَمْ تَثْقُلْ عَلَيْهِ فخفَّفها لِذَلِكَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ
؛ أَي يَخِفُّ عَلَيْكُمْ حَمْلُهَا. وَالنُّونُ الخَفِيفَة: خِلَافَ الثَّقِيلَةِ وَيُكَنَّى بِذَلِكَ عَنِ التَّنْوِينِ أَيضاً وَيُقَالُ الخَفِيّة. وأَخَفَّ الرجلُ إِذَا كَانَتْ دوابُّه خِفَافًا. والمُخِفُّ: القليلُ المالِ الْخَفِيفُ الْحَالِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه كَانَ خَفِيفَ ذَاتِ الْيَدِ
أَي فَقِيرًا قَلِيلَ الْمَالِ والحظِّ مِنَ الدُّنْيَا، وَيُجْمَعُ الخَفِيفُ عَلَى أَخْفَافٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
خَرَّجَ شُبّانُ أَصحابه وأَخْفَافُهم حُسَّراً
؛ وَهُمُ الَّذِينَ لَا مَتاع لَهُمْ وَلَا سِلاح، وَيُرْوَى: خِفَافُهم وأَخِفّاؤهم، وَهُمَا جَمْعٌ خَفِيف أَيضاً. اللَّيْثُ: الخِفّةُ خِفَّةُ الوَزْنِ وخِفّةُ الحالِ. وَخِفَّةُ الرَّجل: طَيْشُه وخِفَّتُه فِي عَمَلِهِ، وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ كلِّه خَفَّ يَخِفُّ خِفَّة [خَفَّة] ، فَهُوَ خَفِيف، فَإِذَا كَانَ خَفِيفَ الْقَلْبِ مُتَوَقِّداً، فَهُوَ خُفَافٌ؛ وأَنشد:
جَوْزٌ خُفَافٌ قَلْبُه مُثَقَّلُ
وخَفَّ القومُ خُفُوفاً أَي قَلُّوا؛ وَقَدْ خَفَّت زَحْمَتُهم. وخَفَّ لَهُ فِي الخِدمةِ يَخِفُّ: خَدَمه. وأَخَفَّ الرَّجل، فَهُوَ مُخِفٌ وخَفِيف وخِفٌّ أَي خَفَّت حالُه ورَقَّت وَإِذَا كَانَ قَلِيلَ الثَّقَلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إنَّ بَيْنَ أَيدِينا عَقَبَةً كَؤُوداً لَا يُجَوِّزُهَا إِلَّا المُخِفّ
؛ يُرِيدُ المخفَّ مِنَ الذُّنُوبِ وأَسبابِ الدُّنْيَا وعُلَقِها؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَيضاً:
نَجا المُخِفُّون.
وأَخَفَّ الرجلُ إِذَا كَانَ قَلِيلَ الثَّقَلِ فِي سفَره أَو حَضَره. والتَّخْفِيفُ: ضدُّ التَّثْقِيلِ، واستَخَفَّه: خِلَافُ اسْتَثْقَلَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذَا بَعَثَ الخُرَّاصَ(9/80)
قَالَ: خَفِّفُوا الخَرْصَ فإنَّ فِي الْمَالِ العرِيّة وَالْوَصِيَّةَ
أَي لَا تَسْتَقْصُوا عَلَيْهِمْ فِيهِ فَإِنَّهُمْ يُطعِمون مِنْهَا ويُوصون. وَفِي حَدِيثِ
عَطاء: خَفِّفُوا عَلَى الأَرض
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
خِفُّوا
أَي لَا تُرْسِلوا أَنفسكم فِي السُّجُودِ إرْسالًا ثَقِيلًا فتؤثِّرُوا فِي جِباهِكم؛ أَراد خِفُّوا فِي السُّجُودِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُجَاهِدٍ: إِذَا سجدتَ فتَخافَ
أَي ضَعْ جَبْهَتَكَ عَلَى الأَرض وَضْعاً خفِيفاً، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والخَفِيفُ: ضَرْبٌ مِنَ الْعَرُوضِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لخِفَّته. وخَفَّ الْقَوْمُ عَنْ مَنْزِلِهِمْ خُفُوفاً: ارْتحَلُوا مُسْرِعِينَ، وَقِيلَ: ارتحلُوا عَنْهُ فَلَمْ يَخُصُّوا السُّرْعَةَ؛ قَالَ الأَخطل:
خَفَّ القَطِينُ فَراحُوا مِنْكَ أَو بَكَرُوا
والخُفُوفُ: سُرعةُ السَّيْرِ مِنَ الْمَنْزِلِ، يُقَالُ: حَانَ الخُفُوفُ. وَفِي حَدِيثِ خُطْبَتِهِ فِي مَرَضِهِ:
أَيها النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ دَنا مِنِّي خُفُوفٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ
أَي حركةٌ وقُرْبُ ارْتِحالٍ، يُرِيدُ الإِنذار بِمَوْتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: قَدْ كَانَ مِنِّي خفوفٌ
أَي عَجَلَةٌ وسُرعة سَيْرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا ذُكِرَ لَهُ قتلُ أَبي جَهْلٍ استخفَّه الفَرَحُ
أَي تَحَرَّكَ لِذَلِكَ وخَفَّ، وأَصله السرعةُ. ونَعامة خَفّانةٌ: سَرِيعَةٌ. والخُفُّ: خُفُّ الْبَعِيرِ، وَهُوَ مَجْمَعُ فِرْسِن الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: هَذَا خُفُّ الْبَعِيرِ وَهَذِهِ فِرْسِنُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا سَبَق إِلَّا فِي خُفٍّ أَو نَصْلٍ أَو حَافِرٍ
، فالخُفُّ الإِبل هاهنا، والحافِرُ الخيلُ، والنصلُ السهمُ الَّذِي يُرمى بِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مُضَافٍ، أَي لَا سَبَقَ إِلَّا فِي ذِي خُفٍّ أَو ذِي حافِرٍ أَو ذِي نَصْلٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الخُف وَاحِدُ أَخْفافِ الْبَعِيرِ وَهُوَ لِلْبَعِيرِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ الْخُفُّ لِلنَّعَامِ، سَوَّوْا بَيْنَهُمَا للتَّشابُهِ، وخُفُّ الإِنسانِ: مَا أَصابَ الأَرضَ مِنْ بَاطِنِ قَدَمِه، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ الْخُفُّ مِنَ الْحَيَوَانِ إِلَّا لِلْبَعِيرِ وَالنَّعَامَةِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: غَلِيظة الْخُفِّ
؛ اسْتَعَارَ خُفَّ الْبَعِيرِ لِقِدَمِ الإِنسان مَجَازًا، والخُفّ فِي الأَرض أَغلظ مِنَ النَّعْل؛ وأَما قَوْلُ الرَّاجِزِ:
يَحْمِلُ، فِي سَحْقٍ مِنَ الخِفافِ، ... تَوادِياً سُوِّينَ مِنْ خِلافِ
فَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ كِنْفاً اتُّخِذَ مِنْ ساقِ خُفٍّ. والخُفُّ: الَّذِي يُلْبَس، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَخْفافٌ وخِفافٌ. وتخَفَّفَ خُفّاً: لَبِسه. وَجَاءَتِ الإِبلُ عَلَى خُفّ وَاحِدٍ إِذَا تَبِعَ بَعْضُهَا بَعْضًا كأَنها قِطارٌ، كلُّ بَعِيرٍ رأْسُه عَلَى ذَنَبِ صَاحِبِهِ، مَقْطُورَةً كَانَتْ أَو غَيْرَ مَقْطُورَةٍ. وأَخَفَّ الرجلَ: ذَكَرَ قَبِيحَهُ وعابَه. وخَفّانُ: مَوْضِعٌ أَشِبُ الغِياضِ كَثِيرُ الأُسد؛ قَالَ الأَعشى:
وَمَا مُخْدِرٌ وَرْدٌ عَلَيْهِ مَهابةٌ، ... أَبو أَشْبُلٍ أَضْحى بخَفّانَ حارِدا
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مأْسَدة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
شَرَنْبَث أَطْرافِ البَنانِ ضُبارِمٌ، ... هَصُورٌ لَهُ فِي غِيلِ خَفّانَ أَشْبُلُ
والخُفّ: الجمَل المُسِنّ، وَقِيلَ: الضخْم؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
سأَلْتُ عَمْراً بَعْدَ بَكْرٍ خُفّا، ... والدَّلْوُ قَدْ تُسْمَعُ كيْ تَخِفّا
وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ حَمْيِ الأَراك إِلَّا مَا لَمْ تَنَلْه أَخْفافُ الإِبل
أَي مَا لَمْ تَبْلُغْه أَفواهُها بِمَشْيِهَا إِلَيْهِ.(9/81)
وَقَالَ الأَصمعي: الخُف الْجَمَلُ المُسِنُّ، وَجَمْعُهُ أَخفاف، أَي مَا قَرُب مِنَ المَرْعى لَا يُحْمى بَلْ يُتْرَكُ لمَسانِّ الإِبل وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنَ الضّعافِ الَّتِي لَا تَقْوى عَلَى الإِمعان فِي طلَبِ المَرْعَى. وخُفافٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ خُفافُ بْنُ نُدْبةَ السُّلمي أَحد غِرْبانِ الْعَرَبِ. والخَفْخَفَةُ: صوتُ الحُبارى والضَّبُعِ والخِنْزيرِ، وَقَدْ خَفْخَفَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَعَنَ الإِلهُ سِبالَ تَغْلِبَ إنَّهم ... ضُرِبوا بكلِّ مُخَفْخِفٍ حَنّان
وَهُوَ الخُفَاخِفُ. والخَفْخَفَةُ أَيضاً: صوتُ الثَّوْبِ الْجَدِيدِ أَو الفَرْو الْجَدِيدِ إِذَا لُبِس وحرَّكْتَه. ابْنُ الأَعرابي: خَفْخَفَ إِذَا حرَّك قميصَه الْجَدِيدَ فَسَمِعْتَ لَهُ خَفْخَفَةً أَي صَوْتًا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَكُونُ الخَفْخَفةُ إِلَّا بَعْدَ الجَفْجَفةِ، والخَفْخَفة أَيضاً: صَوْتُ الْقِرْطَاسِ إِذَا حرَّكْتَه وقلَبته. وَإِنَّهَا لخَفْخافةُ الصَّوْتِ أَي كأَن صَوْتَهَا يَخْرُجُ مِنْ أَنفها. والخُفْخُوفُ: طَائِرٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ أَبي الخَطاب الأَخفش، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ، قَالَ: وَلَا ذَكَرَهُ أَحد مِنْ أَصحابنا. الْمُفَضَّلُ: الخُفْخُوفُ الطَّائِرِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ المِيساقُ، وَهُوَ الَّذِي يُصَفِّقُ بِجَنَاحَيْهِ إِذَا طار.
خلف: اللَّيْثُ: الخَلْفُ ضِدُّ قُدّام. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: خَلْفٌ نَقِيضُ قُدَّام مُؤَنَّثَةٌ وَهِيَ تَكُونُ اسْمًا وظَرفاً، فَإِذَا كَانَتِ اسْمًا جَرت بِوُجُوهِ الإِعراب، وَإِذَا كَانَتْ ظَرْفًا لَمْ تَزَلْ نَصْبًا عَلَى حَالِهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ*
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: خَلْفَهُمْ مَا قَدْ وَقَعَ مِنْ أَعمالهم وَمَا بَيْنَ أَيديهم مِنْ أَمرِ الْقِيَامَةِ وَجَمِيعِ مَا يَكُونُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ
؛ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ مَا أَسْلَفْتُم مِنْ ذُنوبكم، وَما خَلْفَكُمْ
مَا تَسْتَعْمِلُونَهُ فِيمَا تَسْتَقْبِلُونَ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ مَا نَزَلَ بالأُمم قَبْلَكُمْ مِنَ الْعَذَابِ، وَما خَلْفَكُمْ
عذابُ الْآخِرَةِ. وخَلَفَه يَخْلُفه: صَارَ خَلْفَه. واخْتَلَفَه: أَخذَه مِنْ خَلْفِه. واخْتَلَفَه وخَلَّفَه وأَخْلَفه: جَعَلَهُ خَلْفَه؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
حَتَّى إِذَا عَزَلَ التَّوائمَ مُقْصِراً، ... ذاتَ العِشاء، وأَخْلَفَ الأَرْكاحا
وجَلَسْتُ خَلْفَ فُلَانٍ أَي بعدَه. والخَلْفُ: الظَهْر. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: جئتُ فِي الْهَاجِرَةِ فوجدْتُ عمرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عَنْهُ، يُصَلِّي فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فأَخْلَفَني، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَجَاءَ يَرْفَأُ، فتأَخَّرْتُ فصيلتُ خَلْفُه
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُهُ فأَخلفني أَي رَدَّني إِلَى خَلْفِه فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَو جَعَلَنِي خَلْفَه بحِذاء يَمِينِهِ. يُقَالُ: أَخْلَفَ الرجلُ يدَه أَي رَدَّها إِلَى خَلْفِه. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَلْحَحْتُ عَلَى فُلَانٍ فِي الاتِّباع حَتَّى اخْتَلَفْتُه أَي جَعَلْتُهُ خَلْفي؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ يَخْتَلِفُني النصيحةَ أَي يخْلُفني. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: أَتَخَلَّفُ عَنْ هِجْرتي
؛ يُرِيدُ خَوْفَ الْمَوْتِ بِمَكَّةَ لأَنها دَارٌ تَرَكُوهَا لِلَّهِ تَعَالَى، وهاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يُحِبُّوا أَن يَكُونَ مَوْتُهُمْ بِهَا، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ مَرِيضًا. والتخلُّفُ: التأَخُّرُ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: فخَلَّفَنا فكُنّا آخِر الأَربع
أَي أَخَّرَنا وَلَمْ يُقَدِّمْنا، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ ليَمُرُّ بجَنَباتهم فَمَا يُخَلِّفُهم(9/82)
أَي يتقدَّم عَلَيْهِمْ وَيَتْرُكُهُمْ وَرَاءَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
سَوُّوا صُفوفَكم وَلَا تَخْتَلِفوا فتَخْتَلِفَ قلوبُكم
أَي إِذَا تقدَّم بعضُهم عَلَى بَعْضٍ فِي الصُّفوف تأَثَّرَت قُلوبهم ونشأَ بَيْنَهُمُ الخُلْفُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَتُسَوُّنَّ صُفوفَكم أَو لَيُخالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكم
؛ يُرِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَصْرِفُ وجهَه عَنِ الْآخَرِ ويُوقَعُ بَيْنَهُمُ التباغُضُ، فإنَّ إقْبالَ الوجْهِ عَلَى الوجهِ مِنْ أَثَرِ المَوَدَّةٍ والأُلْفةِ، وَقِيلَ: أَراد بِهَا تحويلَها إِلَى الأَدْبارِ، وَقِيلَ: تَغْيِيرُ صُوَرِها إِلَى صُوَرٍ أُخرى. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
ثُمَّ أُخالِفَ إِلَى رِجَالٍ فأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بيوتَهم
أَي آتِيَهم مِنْ خَلْفِهِمْ، أَو أُخالف مَا أَظْهَرْتُ مِنْ إقامةِ الصلاةِ وأَرجع إِلَيْهِمْ فآخُذهم عَلَى غَفْلةٍ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى أَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ بمُعاقبتهم. وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفةِ:
وخالَف عَنّا عليٌّ والزُّبَيْرُ
أَي تَخَلَّفا. والخَلْفُ: المِرْبَدُ يَكُونُ خَلْفَ الْبَيْتِ؛ يُقَالُ: وَرَاءَ بَيْتِكَ خَلْفُ جَيِّدٌ، وَهُوَ المِرْبَدُ وَهُوَ مَحْبِسُ الإِبل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وجِيئا مِنَ البابِ المُجافِ تَواتُراً، ... وَلَا تَقْعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ «1»
وأَخْلَفَ يدَه إِلَى السيفِ إِذَا كَانَ مُعَلَّقاً خَلْفَه فَهَوَى إِلَيْهِ. وَجَاءَ خِلافَه أَي بَعْدَهُ. وَقُرِئَ:
وَإِذَا لَا يَلْبَثُون خَلفَكَ إِلَّا قَلِيلًا
، وخِلافك. والخِلْفةُ: مَا عُلِّقَ خَلْفَ الرَّاكِبِ؛ وَقَالَ:
كَمَا عُلِّقَتْ خِلْفَةُ المَحْمِلِ
وأَخْلَف الرجلُ: أهْوَى بيدِه إِلَى خَلْفِه ليأْخُذَ مِنْ رَحْلِه سَيْفًا أَو غيرَه، وأَخْلَفَ بيدِه وأَخْلفَ يدَه كَذَلِكَ. والإِخْلافُ: أَن يَضْرِبَ الرجُل يَدَهُ إِلَى قِرابِ سيفِه ليأْخُذَ سيفَه إِذَا رأَى عَدُوًّا. الْجَوْهَرِيُّ: أَخْلَفَ الرجلُ إِذَا أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى سَيْفِهِ ليَسُلَّه. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَن رَجُلًا أَخْلَفَ السَّيْفَ يَوْمَ بَدْرٍ «2» .
يُقَالُ: أَخْلَفَ يَدَهُ إِذَا أَراد سَيْفَهُ وأَخْلفَ يدَه إِلَى الكنانةِ. وَيُقَالُ: خَلَفَ لَهُ بالسيفِ إِذَا جَاءَ مِنْ وَرائه فضرَبه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَخْلَفَ بِيَدِهِ وأَخذ يَدْفَعُ الفَضْلَ.
واسْتَخْلَفَ فُلَانًا مِنْ فُلَانٍ: جَعَلَهُ مَكَانَهُ. وخَلَفَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا كَانَ خَلِيفَتَه. يُقَالُ: خَلَفَه فِي قَوْمِهِ خِلافَةً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي
. وخَلَفْتُه أَيضاً إِذَا جِئْتُ بَعْدَهُ. وَيُقَالُ: خَلَّفْتُ فُلَانًا أُخَلِّفُه تَخْلِيفاً واسْتَخْلفْتُه أَنا جَعَلتُه خَليفَتي. واسْتَخْلفه: جَعَلَهُ خَلِيفَةً. والخَلِيفةُ: الَّذِي يُسْتخْلَفُ مِمَّنْ قَبْلَهُ، والجمع خَلَائِف، جاؤوا بِهِ عَلَى الأَصل مِثْلَ كريمةٍ وكرائِمَ، وَهُوَ الخَلِيفُ وَالْجَمْعُ خُلَفَاء، وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ خَلِيفةٌ وخُلَفَاء، كَسَّروه تَكْسِيرَ فَعِيلٍ لأَنه لَا يَكُونُ إِلَّا لِلْمُذَكَّرِ؛ هَذَا نَقْلُ ابْنِ سِيدَهْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَعِيلة بِالْهَاءِ لَا تُجْمَعُ عَلَى فُعَلاء، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما خَلائِفُ فَعَلَى لَفْظِ خَلِيفةٍ وَلَمْ يَعْرِفْ خَلِيفًا، وَقَدْ حَكَاهُ أَبو حَاتِمٍ؛ وأَنشد لأَوْس بْنِ حَجَر:
إنَّ مِنَ الْحَيِّ مَوْجُودًا خَلِيفَتُهُ، ... وَمَا خَلِيفُ أَبِي وَهْبٍ بمَوْجُودِ
والخِلافَةُ: الإِمارةُ وَهِيَ الخِلِّيفَى. وإنه لخَلِيفةٌ
__________
(1) . قوله [وجيئا إلخ] تقدم إنشاده للمؤلف وشارح القاموس في مادّة جوف:
وجئنا مِنَ الْبَابِ الْمُجَافِ تَوَاتُرًا ... وَإِنْ تَقْعُدَا بِالْخَلْفِ فَالْخَلْفُ وَاسِعُ
(2) . قوله [أخلف السيف يوم إلخ] كذا بالأصل، والذي في النهاية مع إصلاح فِيهَا: وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فأحاطوا بنا وأنا أذب عنه فأخلف رجل بالسيف يوم بدر.
يقال إلخ.(9/83)
بَيِّنُ الخِلافةِ والخِلِّيفى. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: لَوْلَا الخِلِّيفَى لأَذَّنْتُ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَوْ أَطَقْتُ الأَذَان مَعَ الخِلّيفى
، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ والقَصْر، الخِلافةِ، وَهُوَ وأَمثاله مِنَ الأَبْنِيَةِ كالرِّمِّيَّا والدِّلِّيلَى مَصْدَرٌ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْكَثْرَةِ، يُرِيدُ بِهِ كَثْرَةَ اجتِهاده فِي ضَبْطِ أُمورِ الخِلافَةِ وتَصْرِيفِ أَعِنَّتِها. ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ الزَّجَّاجُ جَازَ أَنْ يُقَالَ للأَئمة خُلفاء اللَّهِ فِي أَرْضِه بقوله عز وجل: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ
. وَقَالَ غَيْرُهُ: الخَليفةُ السلطانُ الأَعظم. وَقَدْ يؤنَّثُ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
أَبوكَ خَلِيفةٌ وَلَدَتْه أُخْرَى، ... وأَنتَ خَليفةٌ، ذاكَ الكَمالُ
قَالَ: وَلَدَتْهُ أُخْرَى لتأْنيث اسْمِ الْخَلِيفَةِ وَالْوَجْهُ أَن يَكُونَ وَلَدَهُ آخَرُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ
، قَالَ: جَعَلَ أُمة مُحَمَّدٍ خَلَائِفَ كلِّ الأُمم، قَالَ: وَقِيلَ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ*
يَخْلُفُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: فَإِنَّهُ وقَعَ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً، والأَجْوَدُ أَن يُحْمَل عَلَى مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَقَعُ لِلرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ الْهَاءُ، أَلا تَرَى أَنهم قَدْ جَمَعُوهُ خُلَفَاء؟ قَالُوا ثلاثةُ خُلَفَاء لَا غَيْرَ، وَقَدْ جُمعَ خَلائِفَ، فَمَنْ قَالَ خَلَائِفَ قَالَ ثلاثَ خَلَائِفَ وَثَلَاثَةَ خَلَائِفَ، فمرَّة يَذْهَب بِهِ إِلَى الْمَعْنَى ومرَة يَذْهَبُ بِهِ إِلَى اللَّفْظِ، قَالَ: وَقَالُوا خُلَفَاء مِنْ أَجل أَنه لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى مُذَكَّرٍ وَفِيهِ الْهَاءُ، جَمَعُوهُ عَلَى إِسْقَاطِ الْهَاءِ فَصَارَ مِثْلَ ظَرِيفٍ وظُرَفاء لأَن فَعِيلة بِالْهَاءِ لَا تُجمَعُ عَلَى فُعلاء. ومِخْلافُ البلدِ: سُلطانُه. ابْنُ سِيدَهْ: والمِخْلافُ الكُورةُ يَقْدَمُ عَلَيْهَا الإِنسان، وَهُوَ عِنْدَ أَهل الْيَمَنِ واحِدُ المَخالِيفُ، وَهِيَ كُوَرُها، ولكلِّ مِخْلافٍ مِنْهَا اسْمٌ يُعْرَفُ بِهِ، وَهِيَ كالرُسْتاقِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المَخالِيفُ لأَهل الْيَمَنِ كالأَجْنادِ لأَهل الشامِ، والكورِ لأَهل العِراقِ، والرَّساتِيقِ لأَهل الجِبالِ، والطّساسِيج لأَهْلِ الأَهْوازِ. والخَلَفُ: مَا اسْتَخْلَفْتَه مِنْ شَيْءٍ. تَقُولُ: أَعطاك اللَّهُ خَلَفاً مِمَّا ذَهَبَ لَكَ، وَلَا يُقَالُ خَلْفاً؛ وأَنتَ خَلْفُ سُوءٍ مِنْ أَبيك. وخَلَفَه يَخْلُفُه خَلَفاً: صَارَ مَكَانَهُ. والخَلَفُ: الْوَلَدُ الصَّالِحُ يَبْقَى بَعْدَ الإِنسان، والخَلْفُ والخَالِفَةُ: الطَّالِحُ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَقَدْ يُسَمَّى خَلَفاً، بِفَتْحِ اللَّامِ، فِي الطَّلاحِ، وخَلْفاً، بإِسكانها، فِي الصّلاحِ، والأَوّلُ أَعْرَفُ. يُقَالُ: إِنَّهُ لخالِفٌ بَيِّنُ الخَلافةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى اللِّحْيَانِيَّ حَكَى الكسْر. وَفِي هَؤُلَاءِ القَوْمِ خَلَفٌ مِمَّنْ مَضى أَي يَقُومُونَ مَقامهم. وَفِي فُلَانٍ خَلَفٌ مِنْ فُلَانٍ إِذَا كَانَ صَالِحًا أَو طَالِحًا فَهُوَ خَلَفٌ. وَيُقَالُ: بئسَ الخَلَفُ هُمْ أَي بِئْسَ البَدَلُ. والخَلْفُ: القَرْن يأْتي بَعْدَ القَرْن، وَقَدْ خلَفوا بَعْدَهُمْ يخلُفون. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ
، بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ لأَنهم إِذَا أَضاعوا الصلاةَ فَهُمْ خَلْفُ سُوء لَا مَحالةَ، وَلَا يكونُ الخَلَفُ إلَّا مِنَ الأَخْيارِ، قَرْناً كَانَ أَو ولَداً، ولا يكونُ الخَلْفُ إلا مِنَ الأَشرارِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ
، قَالَ: قَرْنٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الخَلَفُ يَكُونُ فِي الخَير وَالشَّرِّ، وَكَذَلِكَ الخَلْفُ، وَقِيلَ: الخَلْفُ الأَرْدِياء الأَخِسَّاء. يُقَالُ: هَؤُلَاءِ خَلْفُ سوءٍ لناسٍ لاحِقِينَ بِنَاسٍ أَكثر مِنْهُمْ، وَهَذَا خَلْف سَوْء؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ذَهَبَ الذينَ يُعاشُ فِي أَكنافِهمْ، ... وبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجربِ(9/84)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَالْجَمْعُ فِيهِمَا أَخْلافٌ وخُلُوفٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بقِينا فِي خَلْفِ سَوْءٍ أَي بَقِيَّةِ سَوْء. وَبِذَلِكَ فُسِّرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ*
، أَي بَقِيّة. أَبو الدُّقَيْشِ: يُقَالُ مَضَى خَلْفٌ مِنَ النَّاسِ، وَجَاءَ خَلْفٌ مِنَ النَّاسِ، وَجَاءَ خَلْفٌ لَا خيرَ فِيهِ، وخَلْفٌ صَالِحٌ، خفَّفهما جَمِيعًا. ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَ هَذَا خَلْفٌ، بإِسكان اللَّامِ، للرَّديء، والخَلْفُ الرَّديء مِنَ الْقَوْلِ؛ يُقَالُ: هَذَا خَلْفٌ مِنَ القولِ أَي رَديء. وَيُقَالُ فِي مَثَلٍ: سَكَتَ أَلفاً ونَطَقَ خَلْفاً، لِلرَّجُلِ يُطيل الصَّمْتَ، فَإِذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بالخَطإ، أَي سَكَتَ عَنْ أَلف كَلِمَةٍ ثُمَّ تَكَلَّمَ بخطإٍ. وَحُكِيَ عَنْ يَعْقُوبَ قَالَ: إِنَّ أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر فأَشار بِإِبْهَامِهِ نَحْوَ اسْتِه فَقَالَ: إِنَّهَا خَلْفٌ نَطَقَتْ خَلْفاً؛ عَنَى بالنُّطْق هَاهُنَا الضَّرْطَ. والخَلَف، مَثَقَّل، إِذَا كَانَ خلَفاً مِنْ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ مَرْفُوعٍ:
يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُه يَنْفُون عَنْهُ تَحْريفَ الغالِينَ، وانْتِحالَ المُبْطِلينَ، وتأويلَ الجاهِلينَ
؛ قَالَ الْقَعْنَبِيُّ: سَمِعْتُ رَجُلًا يُحَدِّثُ مالكَ بْنَ أَنس بِهَذَا الْحَدِيثِ فأَعجبه. قَالَ ابْنُ الأَثير: الخَلَفُ، بِالتَّحْرِيكِ وَالسُّكُونِ، كُلُّ مَنْ يَجِيءُ بَعْدَ مَنْ مَضَى، إِلَّا أَنه بِالتَّحْرِيكِ فِي الْخَيْرِ، وَبِالتَّسْكِينِ فِي الشَّرِّ: يُقَالُ خَلَفُ صِدْقٍ وخَلْفُ سُوءٍ، وَمَعْنَاهُمَا جَمِيعًا القَرْن مِنَ النَّاسِ، قَالَ: وَالْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ المَفْتُوحُ، وَمِنَ السُّكُونِ الْحَدِيثُ:
سيكُونُ بَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً خَلْفٌ أَضاعُوا الصلاةَ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ
«1» ؛ خُلوفٌ هِيَ جَمْعٌ خَلْفٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلْيَنْفُضْ فِراشَه فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَه عَلَيْهِ
أَي لَعَلَّ هامَّة دَبَّتْ فَصَارَتْ فِيهِ بَعْدَهُ، وخِلافُ الشَّيْءِ بعدَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فدخَل ابنُ الزُّبَيْرِ خِلافَه.
وَحَدِيثُ الدَّجّال:
قَدْ خَلَفَهم فِي ذَرارِيِّهم
«2» . وَحَدِيثُ
أَبي اليَسَرِ: أَخَلَفْتَ غازِياً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي أَهلِه بِمِثْلِ هَذَا؟
يُقَالُ: خَلَفْتُ الرجلَ فِي أَهله إِذَا أَقمتَ بعدَه فِيهِمْ وَقُمْتَ عَنْهُ بِمَا كَانَ يَفْعَلُهُ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلِاسْتِفْهَامِ. وَفِي حَدِيثِ
ماعزٍ: كلَّما نَفَرْنا فِي سبيلِ اللَّهِ خَلَفَ أَحدُهم لَهُ نَبيبٌ كنَبِيبِ التَّيْسِ
؛ وَفِي حَدِيثِ
الأَعشى الحِرْمازِي:
فَخَلَفَتْني بنِزاعٍ وحَرَبْ
أَي بَقِيَتْ بَعْدِي؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَوْ رُوِيَ بِالتَّشْدِيدِ لَكَانَ بِمَعْنَى تَرَكَتْني خَلْفها، والحَرَبُ: الْغَضَبُ. وأَخْلَفَ فُلَانٌ خَلَفَ صِدْقٍ فِي قَوْمِهِ أَي ترَكَ فِيهِمْ عَقِباً. وأَعْطِه هَذَا خَلَفاً مِنْ هَذَا أَي بَدَلًا. والخَالِفةُ: الأُمّةُ الباقيةُ بَعْدَ الأُمة السالِفةِ لأَنها بَدَلٌ مِمَّنْ قَبْلَهَا؛ وأَنشد:
كَذَلِكَ تَلْقاه القُرون الخَوالِفُ
وخلَفَ فُلَانٌ مكانَ أَبيه يَخْلُف خِلافةً إِذَا كَانَ فِي مَكَانِهِ وَلَمْ يَصِرْ فِيهِ غيرُه. وخَلَفَه رَبُّه فِي أَهلِه وولدِه: أَحْسَنَ الخِلافةَ، وخَلَفَه فِي أَهله وولدِه ومكانِه يَخْلُفُه خِلافةً حسَنةً: كَانَ خَلِيفةً عَلَيْهِمْ مِنْهُ، يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: أَوْصى لَهُ بالخِلافةِ. وَقَدْ خَلَّف فُلَانٌ فُلَانًا يُخَلِّفُه تَخْلِيفاً، وخَلَفَ بَعْدَهُ يَخْلُفُ خُلوفاً، وَقَدْ خَالَفَه إِلَيْهِمْ واخْتَلَفه. وَهِيَ الخِلْفةُ؛ وأَخْلَفَ النباتُ: أَخرج الخِلْفةَ.
__________
(1) . قوله [تخلف من بعدهم] في النهاية: تختلف من بعده.
(2) . قوله [ذراريهم] في النهاية: ذريتهم.(9/85)
وأخْلَفَتِ الأَرضُ إِذَا أَصابَها بَرْد آخِر الصَّيْفِ فيَخْضَرُّ بعضُ شَجرِها. والخِلْفة: زِراعةُ الْحُبُوبِ لأَنها تُسْتَخْلَفُ مِنَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ. والخِلْفةُ: نَبْتٌ يَنْبُتُ بَعْدَ النَّبَاتِ الَّذِي يَتَهَشَّم. والخِلْفةُ: مَا أَنبت الصَّيْفُ من العُشْبِ بعد ما يَبِسَ العُشْبُ الرِّيفِيُّ، وَقَدِ اسْتَخْلَفَتِ الأَرض، وَكَذَلِكَ مَا زُرع مِنَ الحُبوب بَعْدَ إِدراك الأُولى خِلْفَةٌ لأَنها تُسْتَخْلَفُ. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: خيرُ المَرْعى الأَراكُ والسَّلَمُ إِذا أَخْلَفَ كَانَ لَجِيناً
أَي إِذا أَخرج الخِلْفَة، وَهُوَ الْوَرَقُ الَّذِي يُخْرَجُ بَعْدَ الورَق الأَوَّل فِي الصَّيْفِ. وَفِي حَدِيثِ
خُزيمةَ السُّلمي: حَتَّى آلَ السُّلامى وأَخْلَفَ الخُزامى
أَي طَلَعَتْ خِلْفَتُه مِنْ أُصولِه بِالْمَطَرِ. والخِلْفةُ: الرّيحةُ وَهِيَ مَا يَنْفَطِرُ عَنْهُ الشَّجَرُ فِي أَوَّل الْبَرْدِ، وَهُوَ مِنَ الصَّفَرِيَّةِ. والخِلْفةُ: نباتُ ورَقٍ دُونَ وَرَقٍ. والخِلْفةُ: شَيْءٌ يَحْمِلُه الكَرْمُ بعد ما يَسْوَدُّ العِنَبُ فيُقْطَفُ الْعِنَبُ وَهُوَ غَضٌّ أَخْضَرُ ثُمَّ يُدْرِك، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ سَائِرِ الثَّمر. والخِلفَةُ أَيضاً: أَن يأْتيَ الكَرْمُ بحِصْرِمٍ جديدٍ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وخِلْفَةُ الثَّمر: الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ. والإِخْلَافُ: أَن يَكُونَ فِي الشَّجَرِ ثَمَر فَيَذْهَبُ فَالَّذِي يعُود فِيهِ خِلْفةٌ. وَيُقَالُ: قَدْ أَخْلَفَ الشجرُ فَهُوَ يُخْلِفُ إخْلافاً إِذَا أَخرج وَرَقًا بَعْدَ وَرَقٍ قَدْ تَنَاثَرَ. وخِلْفة الشَّجَرِ: ثَمَرٌ يَخْرُجُ بَعْدَ الثَّمَرِ الْكَثِيرِ. وأَخْلَفَ الشجرُ: خَرَجَتْ لَهُ ثَمَرَةٌ بَعْدَ ثَمَرَةٍ. وأَخْلَفَ الطَّائِرُ: خَرَجَ لَهُ ريشٌ بَعْدَ رِيشٍ. وخَلَفَتِ الفاكهةُ بعضُها بَعْضًا خَلَفاً وخِلْفَةً إِذَا صَارَتْ خَلَفاً مِنَ الأُولى. وَرَجُلَانِ خِلْفَةٌ: يَخْلُفُ أَحدُهما الْآخَرَ. والخِلْفَةُ: اخْتِلَافُ الليلِ وَالنَّهَارِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً
؛ أَي هَذَا خَلَفٌ مِنْ هَذَا، يذهَب هَذَا وَيَجِيءُ هَذَا؛ وأَنشد لِزُهَيْرٍ:
بِهَا العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً، ... وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ مِنْ كلِّ مَجْثَمِ
وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِ زُهَيْرٍ يَمْشِينَ خِلْفَةً مُخْتَلِفاتٌ فِي أَنها ضَرْبان فِي أَلْوَانِهَا وَهَيْئَتِهَا، وَتَكُونُ خِلْفَة فِي مِشْيَتِها، تَذْهَبُ كَذَا وَتَجِيءُ كَذَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى خَلْفِهِ*
أَي مَن فَاتَهُ عَمَلُ في اللَّيْلِ اسْتَدْرَكَهُ فِي النَّهَارِ فَجَعَلَ هَذَا خلَفاً مِنْ هَذَا. وَيُقَالُ: عَلَيْنَا خِلْفَةٌ مِنْ نَهَارٍ أَي بَقِيَّةٌ، وبَقِيَ فِي الحَوْضِ خِلْفَةٌ مِنْ مَاءٍ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ يَجِيءُ بَعْدَ شَيْءٍ، فَهُوَ خِلْفَة. ابْنُ الأَعرابي: الخِلْفَة وَقْت بَعْدَ وَقْتٍ. والخَوالِفُ: الَّذِينَ لَا يَغْزُون، وَاحِدُهُمْ خَالِفَةٌ كأَنهم يَخْلُفُون مَنْ غَزَا. والخَوَالِفُ أَيضاً: الصِّبْيانُ المُتَخَلِّفُون. وقَعَدَ خِلافَ أَصحابه: لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ، وخَلَفَ عَنْ أَصحابه كَذَلِكَ. والخِلافُ: المُخالَفةُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: سُرِرْتُ بمَقْعَدِي خِلافَ أَصحابي أَي مُخالِفَهم، وخَلْفَ أَصحابي أَي بعدَهم، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سُرِرْتُ بمُقامي بعدَهم وبعدَ ذَهَابِهِمْ. ابْنُ الأَعرابي: الخَالِفَةُ القاعدِةُ مِنَ النِّسَاءِ فِي الدَّارِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذاً لَا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا
، ويقرأُ خَلْفَك وَمَعْنَاهُمَا بعدَك. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ
، ويقرأُ خَلْفَ رسولِ اللَّهِ أَي مُخالَفةَ رسولِ اللَّهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: خِلافَ
فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى بعد؛ وأَنشد للحرِثِ بْنِ خالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ:
عَقَبَ الرَّبيعُ خِلافَهم، فكأَنَّما ... نَشَطَ الشَّواطِبُ بَيْنَهُنَّ حَصِيرا(9/86)
قَالَ: وَمِثْلُهُ لمُزاحِمٍ العُقَيْلِي:
وَقَدْ يَفْرُطُ الجَهْل الفَتى ثُمَّ يَرْعَوِي، ... خِلافَ الصِّبا، للجاهلينَ حُلوم
قَالَ: وَمِثْلُهُ لِلْبَرِيقِ الْهُذَلِيِّ:
وَمَا كنتُ أَخْشى أَن أَعِيشَ خِلافَهم، ... بسِتَّةِ أَبْياتٍ، كَمَا نَبَتَ العِتْرُ
وأَنشد لأَبي ذُؤَيْبٍ:
فأَصْبَحْتُ أَمْشِي فِي دِيارٍ كأَنَّها، ... خِلافَ دِيارِ الكاهِلِيّةِ، عُورُ
وأَنشد لِآخَرَ:
فقُلْ لِلَّذِي يَبْقَى خِلافَ الَّذِي مضَى: ... تَهَيّأْ لأُخْرى مِثْلِها فكأَنْ قَدِ «1»
وأَنشد لأَوْس:
لَقِحَتْ بِهِ لِحَياً خِلافَ حِيالِ
أَي بَعدَ حِيالِ؛ وأَنشد لمُتَمِّم:
وفَقْدَ بَني آمٍ تَداعَوْا فَلَمْ أَكُنْ، ... خِلافَهُمُ، أَن أَسْتَكِينَ وأَضْرَعا
وَتَقُولُ: خَلَّفْتُ فُلَانًا وَرَائِي فَتَخَلَّفَ عَنِّي أَي تأَخَّر، والخُلُوفُ: الحُضَّرُ والغُيَّبُ ضِدٌّ. وَيُقَالُ: الحيُّ خُلوفٌ أَي غُيَّبٌ، والخُلوفُ الحُضُورُ المُتَخَلِّفُون؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:
أَصْبَحَ البَيْتُ بَيْتُ آلِ بَيانٍ ... مُقْشَعِرًّا، والحيُّ حَيٌّ خُلُوفُ
أَي لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحد؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِهِ:
أَصْبَحَ البيْتُ بَيْتُ آلِ إياسٍ
لأَن أَبا زُبَيْدٍ رَثَى فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ فَرْوَة بْنَ إياسِ بْنِ قَبيصةَ وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِالْحِيرَةِ. والخَلِيفُ: المتَخَلِّفُ عَنِ المِيعاد؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لنَنْزِلَنْهُ، ... وَلَمْ تَشْعُرْ إِذًا أَني خَلِيفُ
والخَلْفُ والخِلْفَةُ: الاسْتِقاء وَهُوَ اسْمٌ مِنَ الإِخْلافِ. والإِخْلافُ: الاسْتِقاء. والخَالِفُ: المُسْتَقِي. والمُسْتَخْلِفُ: المُسْتَسْقِي؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُسْتَخْلِفاتٍ مِنْ بلادِ تَنُوفةٍ، ... لِمُصْفَرَّةِ الأَشْداقِ، حُمْرِ الحَواصِلِ
وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
لِزُغْبٍ كأَوْلادِ القَطا راثَ خَلْفُها ... عَلَى عاجِزاتِ النَّهْضِ، حُمْرٍ حَواصلُهْ
يَعْنِي راثَ مُخْلِفُها فوضَع المَصْدَرَ مَوْضِعَهُ، وَقَوْلُهُ حواصِلُه قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَراد حَوَاصِلَ مَا ذَكَرْنَا، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْهَاءُ تَرْجِعُ إِلَى الزُّغْبِ دُون العاجِزاتِ الَّتِي فِيهِ عَلَامَةُ الْجَمْعِ، لأَن كُلَّ جَمْعٍ بُني عَلَى صُورَةِ الْوَاحِدِ سَاغَ فِيهِ تَوَهُّم الْوَاحِدِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
مِثْل الفِراخِ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ
لأَن الْفِرَاخَ لَيْسَ فِيهِ عَلَامَةُ الْجَمْعِ وَهُوَ عَلَى صُورَةِ الْوَاحِدِ كالكِتاب والحِجاب، وَيُقَالُ: الْهَاءُ تَرْجِعُ إِلَى النَّهْضِ وَهُوَ مَوْضِعٌ فِي كَتِف الْبَعِيرِ فَاسْتَعَارَهُ لِلْقَطَا، وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ هَذَا الْحَرْفَ بِكَسْرِ الْخَاءِ وقال:
__________
(1) . قوله [يبقى] في شرح القاموس: يبغي.(9/87)
الخِلْفُ الاسْتِقاءُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي مَا قَالَ أَبو عَمْرٍو إِنَّهُ الخَلْف، بِفَتْحِ الْخَاءِ، قَالَ: وَلَمْ يَعْزُ أَبو عُبَيْدٍ مَا قَالَ فِي الخِلف إِلَى أَحد. واسْتَخْلَفَ المُسْتَسْقي، والخَلْفُ الِاسْمُ مِنْهُ. يُقَالُ: أَخْلَفَ واسْتَخْلَفَ. والخَلْفُ: الحَيُّ الَّذِينَ ذهَبوا يَسْتَقُون وخَلَّفُوا أَثقالهم. وَفِي التَّهْذِيبِ: الخَلْفُ القوم الذين ذَهَبُوا مِنَ الْحَيِّ يَسْتَقُونَ وخلَّفوا أَثقالهم. واسْتَخْلَفَ الرجلُ: اسْتَعْذَب الْمَاءَ. واسْتَخْلَفَ واخْتَلَفَ وأَخْلَفَ: سَقَاهُ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
سَقاها فَروّاها مِنَ الْمَاءِ مُخْلِفُ
وَيُقَالُ: مِنْ أَين خِلْفَتُكم؟ أَي مِنْ أَين تَسْتَقُونَ. وأَخْلَفَ واسْتَخْلَفَ: اسْتَقَى. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَخْلَفْتُ القَومَ حَمَلت إِلَيْهِمُ الْمَاءَ العَذْب، وَهُمْ فِي رَبِيعٍ، لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ عَذْبٌ أَو يَكُونُونَ عَلَى مَاءٍ مِلْحٍ، وَلَا يَكُونُ الإِخْلافُ إِلَّا فِي الرَّبِيعِ، وَهُوَ فِي غَيْرِهِ مُسْتَعَارٌ مِنْهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخِلْفُ والخِلْفَةُ مِنْ ذَلِكَ الِاسْمِ، والخَلْفُ الْمَصْدَرُ؛ لَمْ يَحْكِ ذَلِكَ غَيْرُ أَبي عُبَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراه مِنْهُ غَلَطًا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: ذَهَبَ المُستَخْلِفُونَ يسْتَقُون أَي الْمُتَقَدِّمُونَ. والخَلَفُ: العِوَضُ والبَدَلُ مِمَّا أُخذ أَو ذهَب. وأَخْلَفَ فُلَانٌ لِنَفْسِهِ إِذَا كَانَ قَدْ ذَهَبَ لَهُ شَيْءٌ فَجَعَلَ مَكَانَهُ آخَرَ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فأَخْلِفْ وأَتْلِفْ، إِنَّمَا المالُ عارةٌ، ... وكُلْه مَعَ الدهْرِ الَّذِي هُوَ آكِلُه
يُقَالُ: اسْتَفِدْ خَلَفَ مَا أَتْلَفْتَ. وَيُقَالُ لِمَنْ هَلَكَ لَهُ مَنْ لَا يُعْتاضُ مِنْهُ كالأَب والأَمّ وَالْعَمِّ: خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي كَانَ اللَّهُ عَلَيْكَ خَلِيفَةً، وخَلَفَ عَلَيْكَ خَيْرًا وَبِخَيْرٍ وأَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ خَيْرًا وأَخْلَفَ لَكَ خَيْرًا، وَلِمَنْ هَلَك لَهُ مَا يُعْتاض مِنْهُ أَو ذهَب مِنْ وَلَدٍ أَو مَالٍ: أَخْلَفَ اللَّهُ لَكَ وخَلَفَ لَكَ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لِمَنْ ذَهَبَ لَهُ مَالٌ أَو وَلَدٌ أَو شَيْءٌ يُسْتَعاضُ: أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي ردَّ عَلَيْكَ مثلَ مَا ذَهَبَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ هَلَكَ لَهُ وَالِدٌ أَو عَمٌّ أَو أَخ قُلْتَ: خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ، بِغَيْرِ أَلف، أَي كَانَ اللَّهُ خليفةَ والدِك أَو مَنْ فَقَدتَه عَلَيْكَ. وَيُقَالُ: خَلَفَ اللَّهُ لَكَ خَلَفاً بخَيْرٍ، وأَخْلَفَ عَلَيْكَ خَيْرًا أَي أَبْدَلَك بِمَا ذَهَبَ مِنْكَ وعَوّضك عَنْهُ؛ وَقِيلَ: يُقَالُ خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ إِذَا مَاتَ لَكَ مَيِّتٌ أَي كَانَ اللَّهُ خَليفَتَه عَلَيْكَ، وأَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي أَبْدَلك. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
تَكَفَّل اللَّهُ للغازِي أَن يُخْلِفَ نَفَقَتَه.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ فِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ: اخْلُفْه فِي عَقِبِه
أَي كُنْ لَهُمْ بَعْدَهُ. وَحَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: اللَّهُمَّ اخْلُفْ لِي خَيْرًا مِنْهُ.
اليزِيدِيُّ: خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ خِلافة. الأَصمعي: خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ، إِذَا أَدخلت الْبَاءَ أَلْقَيْتَ الأَلف. وأَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي أَبدل لَكَ مَا ذَهَبَ. وخَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي كَانَ اللَّهُ خَلِيفَةَ والدِك عَلَيْكَ. والإِخْلافُ: أَن يُهْلِكَ الرجلُ شَيْئًا لِنَفْسِهِ أَو لِغَيْرِهِ ثُمَّ يُحْدِث مثلَه. والخَلْفُ: النَّسْلُ. والخَلَفُ والخَلْفُ: مَا جَاءَ مِنْ بعدُ. يُقَالُ: هُوَ خَلْفُ سَوء مِنْ أَبيه وخَلَفُ صِدْقٍ مِنْ أَبيه، بِالتَّحْرِيكِ، إِذَا قَامَ مَقامه؛ وَقَالَ الأَخفش: هُمَا سَوَاءٌ، مِنْهُمْ مَن يُحرّك، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَكِّنُ فِيهِمَا جَمِيعًا إِذَا أَضاف، وَمَنْ حَرَّكَ فِي خَلَفِ صدْق وَسَكَّنَ فِي الْآخَرِ فَإِنَّمَا أَراد الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إنَّا وجدْنا خَلَفاً، بئسَ الخَلَفْ ... عَبْداً إِذَا مَا ناءَ بالحِمْلِ خَضَفْ(9/88)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشدهما الرِّياشِيُّ لأَعرابي يذُمُّ رَجُلًا اتَّخَذَ وَلِيمَةً، قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَن الخَلَف خَلَفُ الإِنسان الَّذِي يَخْلُفُه مِنْ بَعْدِهِ، يأْتي بِمَعْنَى الْبَدَلِ فَيَكُونُ خلَفاً مِنْهُ أَي بَدَلًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هَذَا خَلَفٌ مِمَّا أُخذ لَكَ أَي بَدَلٌ مِنْهُ، وَلِهَذَا جَاءَ مَفْتُوحَ الأَوسط لِيُكُونَ عَلَى مِثال الْبَدَلِ وَعَلَى مِثَالِ ضِدّه أَيضاً، وَهُوَ الْعَدَمُ والتَّلَفُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
اللَّهُمَّ أَعْطِ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً ولِمُمْسِكٍ تَلَفاً
أَي عِوَضاً، يُقَالُ فِي الْفِعْلِ مِنْهُ خَلَفَه فِي قَوْمِهِ وَفِي أَهله يَخْلُفُه خَلَفاً وخِلافَةً. وخَلَفَنِي فَكَانَ نِعْمَ الخَلَفُ أَو بِئْسَ الخَلَفُ؛ وَمِنْهُ خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ خَلَفاً وخِلافةً، وَالْفَاعِلُ مِنْهُ خَلِيفٌ وخَلِيفَةٌ، وَالْجَمْعُ خُلفاء وخَلائِفُ، فالخَلَفُ فِي قَوْلِهِمْ نِعْمَ الخَلَف وَبِئْسَ الخَلَف، وخَلَفُ صِدْقٍ وخَلَفُ سَوء، وخَلَفٌ صالحٌ وخَلَفٌ طالحٌ، هُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ مَنْ يَكُونُ خَلِيفَةً، وَالْجَمْعُ أَخْلافٌ كَمَا تَقُولُ بدَلٌ وأَبْدالٌ لأَنه بِمَعْنَاهُ. قَالَ: وَحَكَى أَبو زَيْدٍ هُمْ أَخْلافُ سَوْء جَمْعُ خَلَفٍ؛ قَالَ: وَشَاهِدُ الضَّمِّ فِي مُسْتَقْبل فِعْلِه قولُ الشمَّاخ:
تُصِيبُهُمُ وتُخْطِينا المَنايا، ... وأَخْلُفُ فِي رُبُوعٍ عَنْ رُبُوعِ
قَالَ: وأَما الخَلْفُ، ساكِنَ الأَوسَط، فَهُوَ الَّذِي يَجيء بَعْدُ. يُقَالُ: خَلَفَ قومٌ بَعْدَ قَوْمٍ وسلطانٌ بَعْدَ سلطانٍ يَخْلُفُون خَلْفاً، فَهُمْ خَالِفون. تَقُولُ: أَنا خَالِفُه وخَالِفَتُه أَي جِئْتُ بَعْدَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن أَعرابيّاً سأَل أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ: أَنتَ خَلِيفَةُ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ: فَمَا أَنت؟ قَالَ: أَنا الخَالِفةُ بعدَه.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الخَلِيفةُ مَن يَقُومُ مَقام الذَّاهِبِ ويَسُدُّ مَسَدَّه، وَالْهَاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ، وَجَمْعُهُ الخُلَفَاء عَلَى مَعْنَى التَّذْكِيرِ لَا عَلَى اللَّفْظِ مِثْلَ ظَريفٍ وظُرَفاء، وَيُجْمَعُ عَلَى اللَّفْظِ خَلائِفَ كظرِيفةٍ وظرائِفَ، فأَما الخَالِفَةُ، فَهُوَ الَّذِي لَا غَناء عِنْدَهِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الخَالِف، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ الخِلافِ وَهُوَ بَيِّنُ الخَلَافَةِ، بِالْفَتْحِ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ تواضُعاً وهَضماً مِنْ نَفْسِهِ حِين قَالَ لَهُ:
أَنتَ خَلِيفَةُ رسولِ اللَّهِ.
وَسَمِعَ الأَزهري بَعْضَ الْعَرَبِ، وَهُوَ صادِرٌ عَنْ مَاءٍ وَقَدْ سأَله إِنْسَانٌ عَنْ رَفيق لَهُ فَقَالَ: هُوَ خالِفتي أَي وارِدٌ بَعْدِي. قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الخالِفُ المُتَخَلِّف عَنِ الْقَوْمِ فِي الغَزْوِ وَغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ*
، قَالَ: فَعَلَى هَذَا الخَلْفُ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَ الأَوّل بِمَنْزِلَةِ القَرْنِ بَعْدَ القَرْن، والخَلْفُ الْمُتَخَلِّفُ عَنِ الأَول، هَالِكًا كَانَ أَو حَيًّا. والخَلْفُ: الْبَاقِي بَعْدَ الْهَالِكِ وَالتَّابِعُ لَهُ، هُوَ فِي الأَصل أَيضاً مِنْ خَلَفَ يخْلُفُ خَلْفاً، سُمِّيَ بِهِ المُتَخَلِّف والخَالِفُ لَا عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ، وَجَمْعُهُ خُلُوفٌ كقَرْنٍ وَقُرُونٍ؛ قَالَ: وَيَكُونُ محْمُودا ومَذْموماً؛ فشاهدُ الْمَحْمُودِ قولُ حسانَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنصاري:
لَنا القَدَمُ الأُولى إِلَيْكَ، وخَلْفُنا، ... لأَوَّلِنا فِي طاعةِ اللَّهِ، تابِعُ
فالخَلْف هَاهُنَا هُوَ التابعُ لمَن مضَى وَلَيْسَ مِنْ مَعْنَى الخَلَفِ الَّذِي هُوَ البدَلُ، قَالَ: وَقِيلَ الخَلْفُ هُنَا المتخلِّفُون عَنِ الأَوّلين أَي الْبَاقُونَ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ*
، فَسُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ فَهَذَا قَوْلُ ثَعْلَبٍ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَحَكَى أَبو الْحَسَنِ الأَخفش فِي خَلفِ صِدْق وخَلفِ سَوء التحريكَ والإِسكان، قَالَ: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ ثَعْلَبٍ إِن(9/89)
الخَلَف يَجِيءُ بِمَعْنَى البدَل والخِلافةِ، والخَلْفُ يَجِيءُ بِمَعْنَى التَّخَلُّفِ عَمَّنْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ: وَشَاهِدُ الْمَذْمُومِ قَوْلُ لَبِيدٍ:
وبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجْرَبِ
قَالَ: وَيُسْتَعَارُ الخَلْفُ لِمَا لَا خَيْرَ فِيهِ، وَكِلَاهُمَا سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ أَعني الْمَحْمُودَ وَالْمَذْمُومَ، فَقَدْ صَارَ عَلَى هَذَا للفِعْل مَعْنَيَانِ: خَلَفْتُه خَلَفاً كُنْتُ بَعْدَهُ خَلَفاً مِنْهُ وَبَدَلًا، وخَلَفْتُه خَلْفاً جِئْتُ بَعْدَهُ، وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنَ الأَول خَلِيفة وخَلِيفٌ، وَمِنَ الثَّانِي خَالِفةٌ وخَالِفٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ
. قَالَ: وَقَدْ صَحَّ الفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا بَيَّنّاه. وَهُوَ مِنْ أَبيه خَلَف أَي بدلٌ، والبدلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَفٌ مِنْهُ. والخِلَافُ: المُضادّةُ، وَقَدْ خَالَفَه مُخَالَفَة وخِلافاً. وَفِي الْمَثَلِ: إِنَّمَا أَنتَ خِلَافَ الضَّبُعِ الراكبَ أَي تُخَالِفُ خِلافَ الضَّبُعِ لأَنَّ الضَّبُعَ إِذَا رأَت الراكِبَ هَرَبَتْ مِنْهُ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَفَسَّرَهُ بِذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ يُخَالِفُ إِلَى امرأَة فُلَانٍ أَي يأَتيها إِذَا غَابَ عَنْهَا. وخَلَفَ فُلَانٌ بعَقِبِ فُلَانٍ إِذَا خَالَفَه إِلَى أَهله. وَيُقَالُ: خَلَف فُلَانٌ بعَقبِي إِذَا فَارَقَهُ عَلَى أَمر فَصَنَعَ شَيْئًا آخَرَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا أَصح مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهُ يُخَالِفُهُ إِلَى أَهله. وَيُقَالُ: إِنَّ امرأَة فُلَانٍ تَخْلُفُ زوجَها بِالنِّزَاعِ إِلَى غَيْرِهِ إِذَا غَابَ عَنْهَا؛ وقدمَ أَعْشَى مازِنٍ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَنشده هَذَا الرَّجَزَ:
إليكَ أَشْكُو ذِرْبَةً مِنَ الذِّرَبْ، ... خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ فِي رَجَبْ،
فَخَلَفَتْني بِنزاعٍ وحَرَبْ، ... أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ
وأَخْلَفَ الغُلامُ، فَهُوَ مُخْلِفٌ إِذَا راهَقَ الحُلُم؛ ذكره الأَزهري؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
إِذَا لَسَعَتْه النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَها، ... وخَالَفَها فِي بَيْتِ نُوبٍ عَواسِلِ «2»
مَعْنَاهُ دخَل عَلَيْهَا وأَخَذ عَسَلها وَهِيَ تَرْعَى، فكأَنه خَالَفَ هَواها بِذَلِكَ، وَمَنْ رَوَاهُ وحالَفَها فَمَعْنَاهُ لزِمَها. والأَخْلَفُ: الأَعْسَرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي كَبِيرٍ الهُذلي:
زَقَبٌ، يَظَلُّ الذئبُ يَتْبَعُ ظِلَّه ... مِنْ ضِيقِ مَوْرِدِه، اسْتِنانَ الأَخْلَفِ
قَالَ السُّكَّرِيُّ: الأَخْلَفُ المُخالِفُ العَسِرُ الَّذِي كأَنه يَمشي عَلَى أَحد شِقَّيْه، وَقِيلَ: الأَخْلَفُ الأَحْوَلُ. وخَالَفَه إِلَى الشَّيْءِ: عَصاه إليه أَو قصَده بعد ما نَهَاهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى مَا أَنْهاكُمْ عَنْهُ
. الأَصمعي: خَلَفَ فُلَانٌ بعَقِبي وَذَلِكَ إِذَا مَا فارَقَه عَلَى أَمْر ثُمَّ جَاءَ مِنْ وَرَائِهِ فجعَل شَيْئًا آخَرَ بَعْدَ فِراقِه، وخَلَفَ لَهُ بِالسَّيْفِ إِذَا جَاءَهُ مِنْ خَلْفِه فضَرب عُنقه. والخِلافُ: الخُلْفُ؛ وسُمع غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ إِذَا سُئل وَهُوَ مُقبل عَلَى مَاءٍ أَو بَلَدٍ: أَحَسْتَ فُلَانًا؟ فيُجِيبُه: خَالِفَتِي؛ يُرِيدُ أَنه ورَدَ الْمَاءَ وأَنا صادِرٌ عَنْهُ. اللَّيْثُ: رَجُلٌ خَالِفٌ وخَالِفَةٌ أَي يُخالِفُ كثيرُ الخِلافِ. وَيُقَالُ: بَعِيرٌ أَخْلَفُ بيِّنُ الخَلَفِ إِذَا كَانَ مَائِلًا عَلَى شِقّ. الأَصمعي: الخَلَفُ فِي الْبَعِيرِ أَن يَكُونَ مَائِلًا فِي شَقٍّ. ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي خُلُقِه خَالِفٌ وخَالِفَةٌ وخُلْفَةٌ وخِلْفَةٌ وخِلَفْنَة وخِلَفْنَاةٌ أَي خِلافٌ. ورجل
__________
(2) . قوله [في بيت نوب إلخ] تقدّم ضبطه في مادة دبر لا على هذا الوجه ولعل الصواب في الضبط ما هنا.(9/90)
خِلَفْنَاة: مُخالِفٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هَذَا رَجُلٌ خِلَفْنَاة وامرأَة خِلَفْنَاة، قَالَ: وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْجَمْعُ خِلَفْنَيَاتٌ فِي الذُّكُورِ والإِناث. وَيُقَالُ: فِي خُلُق فُلَانٍ خِلَفْنَةٌ مِثْلُ دِرَفْسةٍ أَي الخِلافُ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، وَذَلِكَ إِذا كَانَ مُخالِفاً. وتَخالَفَ الأَمْران واخْتَلَفا: لَمْ يَتَّفِقا. وكلُّ مَا لَمْ يَتَسَاوَ، فَقَدْ تَخَالَفَ واخْتَلَفَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ
؛ أَي فِي حَالِ اخْتِلافِ أُكُلِه إِن قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يَكُونُ أَنْشأَه فِي حَالِ اخْتِلافِ أُكُله وَهُوَ قَدْ نَشأَ مِنْ قَبْلِ وقُوع أُكُلِه؟ فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنه قَدْ ذُكِرَ إِنْشَاءً بِقَوْلِهِ خالِقُ كلِّ شَيْءٍ، فأَعلم جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَن المُنْشئ لَهُ فِي حَالِ اخْتِلافِ أُكُلِه هُوَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَنشأَه وَلَا أُكُلَ فِيهِ مُخْتَلِفًا أُكُله لأَن الْمَعْنَى مُقَدَّراً ذَلِكَ فِيهِ كَمَا تَقُولُ: لتَدْخُلَنَّ مَنْزِلَ زَيْدٍ آكِلًا شَارِبًا أَي مُقَدِّراً ذَلِكَ، كَمَا حَكَى سسيبويه فِي قَوْلِهِ مررتُ بِرَجُلٍ مَعَهُ صَقْر صَائِدًا بِهِ غَدًا أَي مُقَدِّراً بِهِ الصيدَ، وَالِاسْمُ الخِلْفةُ. وَيُقَالُ: الْقَوْمُ خِلْفةٌ أَي مُخْتَلِفون، وَهُمَا خِلْفَان أَي مُخْتَلِفَانِ، وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ قَالَ:
دَلْوايَ خِلْفَانِ وساقِياهُما
أَي إِحْدَاهُمَا مُصْعِدةٌ مَلأَى والأُخرى مُنْحَدِرةٌ فارِغةٌ، أَو إِحداهما جَدِيدَةٌ والأُخرى خَلَقٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْئَيْنِ اخْتَلَفَا هُمَا خِلْفَان، قَالَ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ هُمَا خِلْفَتَانِ، وَحُكِيَ: لَهَا ولَدانِ خِلْفَانِ وخِلْفَتَانِ، وَلَهُ عَبدان خِلْفَان إِذَا كَانَ أَحدهما طَوِيلًا وَالْآخَرُ قَصِيرًا، أَو كَانَ أَحدهما أَبيضَ وَالْآخَرُ أَسود، وَلَهُ أَمتان خِلْفَان، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَخْلافٌ وخِلْفَةٌ. ونِتاجُ فُلَانٍ خِلْفَة أَي عَامًا ذَكَرًا وَعَامًا أُنثى. وَوَلَدَتِ النَّاقَةُ خِلْفَيْنِ أَي عَامًا ذَكَرًا وَعَامًا أُنثى. وَيُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ خِلْفَةٌ أَي شطْرةٌ نِصف ذُكُورٍ وَنِصْفٌ إِناث. والتَّخَالِيف: الأَلوان المختلفةُ. والخِلْفَةُ: الهَيْضةُ. يُقَالُ: أَخَذَتْه خِلْفَةٌ إِذَا اخْتَلَفَ إِلَى المُتَوَضَّإِ. وَيُقَالُ: بِهِ خِلْفَة أَي بَطنٌ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الرجلُ وأَخْلَفَه الدَّواء. والمَخْلُوفُ: الَّذِي أَصابته خِلفة ورِقَّةُ بَطْنٍ. وأَصبح خَالِفاً أَي ضَعِيفًا لَا يَشْتَهِي الطَّعَامَ. وخَلَفَ عَنِ الطَّعَامِ يَخْلُفُ خُلُوفاً، وَلَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ مرَض. اللَّيْثُ: يُقَالُ اخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ اخْتِلافةً وَاحِدَةً. والخَلْفُ والخَالِف والخالِفةُ: الفاسِدُ مِنَ النَّاسِ، الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. والخَوالِفُ: النِّسَاءُ المُتَخَلِّفاتُ فِي الْبُيُوتِ. ابْنُ الأَعرابي: الخُلُوفُ الْحَيُّ إِذَا خَرَجَ الرجالُ وَبَقِيَ النِّسَاءُ، والخُلُوفُ إِذَا كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ مُجْتَمِعِينَ فِي الْحَيِّ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ*
؛ قِيلَ: مَعَ النِّسَاءِ، وَقِيلَ: مَعَ الْفَاسِدِ مِنَ النَّاسِ، وجُمِع عَلَى فَواعِلَ كفوارِسَ؛ هَذَا عَنِ الزَّجَّاجِ. وَقَالَ: عَبد خَالِفٌ وصاحِب خَالِفٌ إِذَا كَانَ مُخالفاً. ورَجل خَالِفٌ وَامْرَأَةٌ خَالِفَةٌ إِذَا كَانَتْ فاسِدةً ومتخلِّفة فِي مَنْزِلِهَا. وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: لَمْ يجئْ فَاعِلٌ مَجْمُوعًا عَلَى فَواعِلَ إِلَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهُ لخَالِفٌ مِنَ الخَوَالِف، وهالِكٌ مِنَ الهَوالِكِ، وفارِسٌ مِنَ الفَوارِس. وَيُقَالُ: خَلَفَ فُلَانٌ عَنْ أَصحابه إِذَا لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الْيَهُودَ قَالَتْ لَقَدْ عَلِمْنَا أَن مُحَمَّدًا لَمْ يَتْرُكْ أَهلَه خُلُوفاً
أَي لَمْ يَتْرُكْهُنَّ سُدًى لَا راعِيَ لهنَّ وَلَا حامِيَ. يُقَالُ: حيٌّ خُلوفٌ إِذَا غَابَ الرِّجَالُ وأَقام النِّسَاءُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمُقِيمِينَ والظَّاعِنين؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المرأَة والمَزادَتَيْنِ:
ونَفَرُنا خُلُوفٌ
أَي رِجَالُنَا(9/91)
غُيَّبٌ. وَفِي حَدِيثِ
الخُدْريِّ: فأَتينا الْقَوْمَ خُلُوفاً.
والخَلْفُ: حَدُّ الفَأْسِ. ابْنُ سِيدَهْ: الخَلْفُ الفَأْس الْعَظِيمَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الفأْس برأْس وَاحِدٍ، وَقِيلَ: هُوَ رأْس الفأْس والمُوسى، وَالْجَمْعُ خُلوفٌ. وفأْسٌ ذاتُ خِلْفَيْنِ «1» أَي لَهَا رأْسانٍ، وفأَسٌ ذاتُ خِلْفٍ. والخَلْفُ: المِنْقارُ الَّذِي يُنْقَرُ بِهِ الْخَشَبُ. والخَلِيفَان: القُصْرَيانِ. والخِلْفُ: القُصَيْرى مِنَ الأَضْلاعِ، بِكَسْرِ الْخَاءِ «2» . وضِلَعُ الخِلْفِ: أَقصى الأَضْلاعِ وأَرَقُّها. والخِلْفُ، بِالْكَسْرِ: وَاحِدُ أَخْلافِ الضَّرْع وَهُوَ طرَفُه. الْجَوْهَرِيُّ: الخِلْفُ أَقصر أَضلاع الْجَنْبِ، وَالْجَمْعُ خُلُوف؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طرفةَ بْنِ الْعَبْدِ:
وطَيُّ مَحالٍ كالحَنِيِّ خُلُوفُه، ... وأَجْرِنةٌ لُزَّتْ بدَأْيٍ مُنَضَّدِ
والخَلْفُ: الطُّبْيُ المؤَخَّرُ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّرْعُ نفْسُه، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ ضَرْعَ النَّاقَةِ وَقَالَ: الخِلْف، بِالْكَسْرِ، حلَمةُ ضَرْعِ النَّاقَةِ القادِمان والآخِران. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخِلْفُ فِي الخُفِّ والظِّلْفِ، والطُّبْيُ فِي الحافِر والظُّفُر، وَجَمْعُ الخِلْف أَخْلافٌ وخُلُوفٌ؛ قَالَ:
وأَحْتَمِلُ الأَوْقَ الثَّقِيلَ وأَمْتَري ... خُلُوفَ المَنايا، حِينَ فَرَّ المُغامِسُ
وَتَقُولُ: خَلَّفَ بِنَاقَتِهِ تَخْلِيفاً أَي صَرَّ خِلْفاً وَاحِدًا مِنْ أَخْلافِها؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ وأَنشد لِطَرَفَةَ:
وطَيُّ مَحالٍ كَالْحَنِيِّ خُلُوفُه
قَالَ اللَّيْثُ: الخُلُوفُ جَمْعُ الخِلْفِ هُوَ الضَّرْعُ نفْسُه؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنَّ خِلْفَيها إِذَا مَا دَرَّا
يُرِيدُ طُبْيَيْ ضَرْعِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
دَعْ داعِيَ اللَّبَنِ. قَالَ: فَتَرَكَتْ أَخْلافَها قَائِمَةً
؛ الأَخْلافُ جَمْعُ خِلف، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الضَّرْعُ لِكُلِّ ذَاتِ خُفّ وظِلْفٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَقْبِضُ يَدِ الْحَالِبِ مِنَ الضَّرْعِ. أَبو عُبَيْدٍ: الخَلِيفُ مِنَ الْجَسَدِ مَا تَحْتَ الإِبط، والخَلِيفَانِ مِنَ الإِبل كالإِبْطين مِنَ الإِنسان، وخَلِيفَا الناقةِ إبْطاها، قَالَ كُثَيِّرٌ:
كأَنَّ خَلِيفَيْ زَوْرها ورَحاهُما ... بُنَى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بعدَ صَيْدنِ
الْمَكَا جُحْرُ الثَّعْلَبِ والأَرْنبِ وَنَحْوِهِ، والرَّحى الكِرْكِرةُ، وبُنَى جَمْعُ بُنْيةٍ، والصَّيْدن هُنَا الثَّعْلَبُ؛ وَقِيلَ: دُوَيْبَّةٌ تَعْمَلُ لَهَا بَيْتًا فِي الأَرض وتُخْفيه. وحلَبَ النَّاقَةَ خَلِيفَ لِبَئِها، يَعْنِي الحلْبة الَّتِي بَعْدَ ذَهاب اللِّبا. وخَلَفَ اللبنُ وَغَيْرُهُ وخَلُفَ يَخْلُفُ خُلُوفاً فِيهِمَا: تغَيَّر طَعْمُه وَرِيحُهُ. وخَلَفَ اللبنُ يَخْلُفُ خُلُوفاً إِذَا أُطيل إنْقاعُه حَتَّى يَفْسُدَ. وخَلَفَ النبيذُ إِذَا فسَد، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَخْلَفَ إِذَا حَمُضَ، وَإِنَّهُ لطَيِّبُ الخُلْفَةِ أَي طيِّبُ آخِر الطعْم. اللَّيْثُ: الخَالِفُ اللَّحْمُ الَّذِي تَجِدُ مِنْهُ رُوَيحةً وَلَا بأْسَ بمَضْغِه. وخَلَفَ فُوه يَخْلُفُ خُلُوفاً وخُلُوفَة وأَخْلَفَ: تغَيَّر، لُغَةٌ فِي خَلَفَ؛ وَمِنْهُ:
ونَوْم الضُّحى مَخْلَفَةٌ لِلْفَمِ
أَي يُغَيِّرُه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: خَلَفَ الطعامُ وَالْفَمُ وَمَا أَشبههما يَخْلُفُ خُلُوفاً إِذَا تغيَّر. وأَكل طَعَامًا فَبَقِيَتْ فِي فيه خِلْفَةٌ فتغير
__________
(1) . قوله [ذات خِلْفَيْنِ] قال في القاموس: ويفتح.
(2) . قوله [بكسر الخاء] أَي وتفتح وعلى الفتح اقتصر المجد.(9/92)
فُوه، وَهُوَ الَّذِي يَبْقى بَيْنَ الأَسنان. وخَلَفَ فَمُ الصَّائِمِ خُلُوفاً أَي تَغَيَّرَتْ رائحتُه.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
خِلْفَةُ فمِ الصَّائِمِ أَطيبُ عندَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ
؛ الخِلْفَةُ، بِالْكَسْرِ: تغَيُّرُ ريحِ الْفَمِ، قَالَ: وأَصلها فِي النَّبَاتِ أَن يَنْبُتَ الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ لأَنها رائحةٌ حديثةٌ بَعْدَ الرَّائِحَةِ الأُولى. وخَلَفَ فمُه يَخْلُفُ خِلْفَةً وخُلُوفاً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخُلُوف تَغَيُّرُ طَعْمِ الْفَمِ لتأَخُّرِ الطَّعَامِ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ سُئل عَنِ القُبْلة لِلصَّائِمِ فَقَالَ: وَمَا أَرَبُك إِلَى خُلُوف فِيهَا.
وَيُقَالُ: خَلَفَتْ نفْسه عَنِ الطَّعَامِ فَهِيَ تَخْلُفُ خُلُوفاً إِذَا أَضرَبَت عَنِ الطَّعَامِ مِنْ مَرَضٍ. وَيُقَالُ: خَلَفَ الرَّجُلُ عَنْ خُلُق أَبيه يَخْلُفُ خُلُوفاً إِذَا تغَيَّر عَنْهُ. وَيُقَالُ: أَبيعُكَ هَذَا العَبْدَ وأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ خُلْفَتِه أَي فَسادِه، ورجُل ذُو خُلْفةٍ، وَقَالَ ابْنُ بُزرج: خُلْفَةُ العبدِ أَن يَكُونَ أَحْمَقَ مَعْتُوهاً. اللِّحْيَانِيُّ: هَذَا رَجُلٌ خَلَفٌ إِذَا اعْتَزَلَ أَهلَه. وَعَبْدٌ خَالِفٌ: قَدِ اعْتَزَلَ أَهلَ بَيْتِهِ. وَفُلَانٌ خَالِفُ أَهلِ بَيْتِهِ وخَالِفَتُهم أَي أَحمقهم أَو لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقَدْ خَلَفَ يَخْلُفُ خَلافة وخُلُوفاً. والخَالِفَةُ: الأَحْمَقُ القليلُ العقْلِ. وَرَجُلٌ أَخْلَفُ وخُلْفُفٌ مَخْرَجَ قُعْدُدٍ. وَامْرَأَةٌ خَالِفَةٌ وخَلْفاء وخُلْفُفَة وخُلْفُفٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: وَهِيَ الحَمْقاء. وخَلَفَ فُلَانٌ أَي فسَد. وخَلَفَ فُلَانٌ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ أَي لَمْ يُفْلِح، فَهُوَ خَالِفٌ وَهِيَ خَالِفَة. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخالِفةُ العَمودُ الَّذِي يَكُونُ قُدَّامَ البيتِ. وخلَفَ بيتَه يَخْلُفُه خَلْفاً: جَعَلَ لَهُ خالِفةً، وَقِيلَ: الخالِفةُ عَمُودٌ مِنْ أَعْمِدة الخِباء. والخَوالِفُ: العُمُد الَّتِي فِي مُؤَخَّر الْبَيْتِ، وَاحِدَتُهَا خَالِفَةٌ وخَالِفٌ، وَهِيَ الخَلِيفُ. اللِّحْيَانِيُّ: تَكُونُ الخَالِفَةُ آخِرَ الْبَيْتِ. يُقَالُ: بَيْتٌ ذُو خَالِفَتَيْن. والخَوالِفُ: زَوايا الْبَيْتِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَاحِدَتُهَا خَالِفَةٌ. أَبو زَيْدٍ: خَالِفَةُ البيتِ تحتَ الأَطناب فِي الكِسْر، وَهِيَ الخَصاصةُ أَيضاً وَهِيَ الفَرْجة، وَجَمْعُ الخَالِفة خَوالِفُ وَهِيَ الزَّوايا؛ وأَنشد:
فأَخفت حَتَّى هَتَكُوا الخَوالِفا
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فِي بِناء الْكَعْبَةِ: قَالَ لَهَا لَوْلا حِدْثان قَوْمِك بِالْكُفْرِ بَنَيْتُها عَلَى أَساس إبراهيمَ وَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفَيْن، فَإِنَّ قُريشاً اسْتَقْصَرَتْ مِنْ بِنائها
؛ الخَلْفُ: الظَّهرُ، كأَنه أَراد أَن يَجْعَلَ لَهَا بَابَيْنِ، والجِهةُ الَّتِي تُقابِل البابَ مِنَ الْبَيْتِ ظهرُه، فَإِذَا كَانَ لَهَا بَابَانِ فَقَدْ صَارَ لَهَا ظَهْرانِ، وَيُرْوَى بِكَسْرِ الْخَاءِ، أَي زِيادَتَيْن كالثَّدْيَيْنِ، والأَول الْوَجْهُ. أَبو مَالِكٍ: الخَالِفَةُ الشُّقّةُ المؤخَّرةُ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ الكِفاء تحتَها طرَفُها مِمَّا يَلِي الأَرض مِنْ كِلا الشِّقَّين. والإِخْلافُ: أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فَيُجْعَلَ مِمَّا يَلي خُصْيَيِ الْبَعِيرِ لِئَلَّا يُصيبَ ثِيله فيَحْتَبِسَ بولُه، وَقَدْ أَخْلَفَه وأَخْلَفَ عَنْهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّمَا يُقَالُ أَخْلِفِ الحَقَبَ أَي نَحِّه عَنِ الثِّيلِ وحاذِ بِهِ الحَقَبَ لأَنه يُقَالُ حَقِبَ بولُ الجملِ أَي احْتَبَسَ، يَعْنِي أَن الحَقَب وقَع عَلَى مَبالِه، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّاقَةِ لأَن بَوْلَهَا مِنْ حَيائها، وَلَا يَبْلُغُ الحقَبُ الحَياء. وَبَعِيرٌ مَخْلُوفٌ: قَدْ شُقَّ عَنْ ثِيله مِنْ خَلْفِه إِذَا حَقِبَ. والإِخْلافُ: أَن يُصَيَّرَ الحَقَبُ وَرَاءَ الثِّيلِ لِئَلَّا يَقْطَعَه. يُقَالُ: أَخْلِفْ عَنْ بَعِيرِكَ فَيَصِيرُ الْحَقَبُ وَرَاءَ الثِّيلِ. والأَخْلَفُ مِنَ الإِبل: المشقوقُ الثِّيلِ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ وجَعاً.(9/93)
الأَصمعي: أَخْلَفْتَ عَنِ الْبَعِيرِ إِذَا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه فيَحْقَبُ أَي يَحْتَبِسُ بولُه فتحَوِّلُ الحَقَبَ فتجعلُه مِمَّا يَلِي خُصْيَي الْبَعِيرِ. والخُلْفُ والخُلُفُ: نقِيضُ الوَفاء بالوعْد، وَقِيلَ: أَصله التَّثْقِيلُ ثُمَّ يُخَفَّفُ. والخُلْفُ، بِالضَّمِّ: الِاسْمُ مِنَ الإِخلاف، وَهُوَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالْكَذِبِ فِي الْمَاضِي. وَيُقَالُ: أَخْلَفَه مَا وَعَده وَهُوَ أَن يَقُولَ شَيْئًا وَلَا يفْعَله عَلَى الِاسْتِقْبَالِ. والخُلُوفُ كالخُلْفِ؛ قَالَ شُبْرمةُ بْنُ الطُّفَيْل:
أَقِيمُوا صُدُورَ الخَيْلِ، إنَّ نُفُوسَكُمْ ... لَمِيقاتُ يَومٍ، مَا لَهُنَّ خُلُوفُ
وَقَدْ أَخْلَفَه ووعَده فأَخْلَفَه: وجَده قَدْ أَخْلَفَه، وأَخْلَفَه: وجدَ مَوْعِدَه خُلْفاً؛ قَالَ الأَعشى:
أَثْوى وقَصَّرَ لَيْلَةً ليُزَوَّدا، ... فمَضَتْ، وأَخْلَفَ مِنْ قُتَيلة مَوْعِدا
أَي مَضَتِ اللَّيْلَةُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى فَمَضَى، قَالَ: وَقَوْلُهُ فَمَضَى الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْعَاشِقِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الإِخْلافُ أَن لَا يَفي بِالْعَهْدِ وأَن يَعِدَ الرجلُ الرجلَ العِدةَ فَلَا يُنجزها. وَرَجُلٌ مُخْلِفٌ أَي كَثِيرُ الإِخْلافِ لوَعْدِه. والإِخْلافُ: أَن يَطْلُبَ الرجلُ الْحَاجَةَ أَو الْمَاءَ فَلَا يَجِدْ مَا طُلِبَ. اللِّحْيَانِيُّ: رُجِيَ فُلَانٌ فأَخْلَفَ. والخُلْفُ: اسْمٌ وضِعَ موضِع الإِخْلافِ. وَيُقَالُ لِلَّذِي لَا يَكَادُ يَفِي إِذَا وَعَدَ: إِنَّهُ لمِخْلافٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا وعَدَ أَخْلَفَ
أَي لَمْ يفِ بِعَهْدِهِ وَلَمْ يَصْدُقْ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الخُلْفُ، بِالضَّمِّ. وَرَجُلٌ مُخَالِفٌ: لَا يَكَادُ يُوفي. والخِلَافُ: المُضادَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
لمَّا أَسْلمَ سَعِيدُ بْنِ زَيْدٍ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَهله: إِنِّي لأَحْسَبُكَ خَالِفةَ بَنِي عَدِيٍ
أَي الكثيرَ الخِلافِ لَهُمْ؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إنَّ الخطَّاب أَبا عُمر قَالَهُ لزَيْد بْنِ عَمْرو أَبي سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ لمَّا خَالَفَ دِينَ قَوْمِهِ، وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ الَّذِي لَا خَيْرَ عِنْدَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَيُّما مُسلمٍ خَلَفَ غازِياً فِي خالِفَتِه
أَي فِيمَنْ أَقامَ بعدَه مِنْ أَهله وتخلَّف عَنْهُ. وأَخْلَفَتِ النجومُ: أَمْحَلَتْ وَلَمْ تُمْطِرْ وَلَمْ يَكُنْ لِنَوْئِها مَطَرٌ، وأَخْلَفَتْ عَنْ أَنْوائها كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَسودُ بْنُ يَعْفُرَ:
بِيض مَساميح فِي الشِّتَاءِ، وَإِنْ ... أَخْلَفَ نَجْمٌ عَنْ نَوئِه، وبَلُوا
والخَالِفَةُ: اللَّجوجُ مِنَ الرِّجَالِ. والإِخْلاف فِي النَّخْلَةِ إِذَا لَمْ تَحْمِلْ سَنَةً. والخَلِفَةُ: الناقةُ الحامِلُ، وَجَمْعُهَا خَلِفٌ، بِكَسْرِ اللَّامِ، وَقِيلَ: جَمْعُهَا مَخاضٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَمَا قَالُوا لِوَاحِدَةِ النِّسَاءِ امْرَأَةً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
مَا لَكِ تَرْغِينَ وَلَا تَرْغُو الخَلِفْ
وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي اسْتَكْمَلت سَنَةً بَعْدَ النِّتاج ثُمَّ حُمِل عَلَيْهَا فلَقِحَتْ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِذَا اسْتَبَانَ حَمْلُها فَهِيَ خَلِفَةٌ حَتَّى تُعْشِرَ. وخَلَفَت العامَ الناقةُ إِذَا ردَّها إِلَى خَلِفة. وخَلِفَت الناقةُ تَخْلَفُ خَلَفاً: حَمَلتْ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والإِخْلافُ: أَن تُعِيد عَلَيْهَا فَلَا تَحْمِل، وَهِيَ المُخْلِفةُ مِنَ النُّوقِ، وَهِيَ الرَّاجع الَّتِي توهَّموا أَنَّ بِهَا حمَلًا ثُمَّ لَمْ تَلْقَحْ، وَفِي الصِّحَاحِ: الَّتِي ظَهَرَ لَهُمْ أَنها لَقِحَتْ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ. والإِخْلافُ: أَن يُحْمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا تَلْقَحَ. والإِخْلافُ: أَن يأْتيَ عَلَى الْبَعِيرِ الْبَازِلِ سنةٌ بَعْدَ بُزُوله؛ يُقَالُ: بَعِير مُخْلِفٌ. والمُخْلِف(9/94)
مِنَ الإِبل: الَّذِي جَازَ البازِلَ؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: بَعْدَ البازِل وَلَيْسَ بَعْدَهُ سِنّ، وَلَكِنْ يُقَالُ مُخْلِفُ عامٍ أَو عَامَيْنِ، وَكَذَلِكَ مَا زَادَ، والأَنثى بِالْهَاءِ، وَقِيلَ: الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
أَيِّدِ الكاهلِ جَلْدٍ بازِلٍ ... أَخْلَفَ البازِلَ عَامًا أَو بَزَلْ
وَكَانَ أَبو زَيْدٍ يَقُولُ: لَا تَكُونُ النَّاقَةُ بَازِلًا وَلَكِنْ إِذَا أَتى عَلَيْهَا حَوْلٌ بَعْدَ البزُول فَهِيَ بَزُول إِلَى أَن تُنيِّبَ فتُدْعَى نَابًا، وَقِيلَ: الإِخْلافُ آخِرُ الأَسنان مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ. وَفِي حَدِيثِ الدِّيةِ:
كَذَا وَكَذَا خَلِفةً
؛ الخَلِفةُ، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ: الْحَامِلُ مِنَ النُّوقِ، وَتَجْمَعُ عَلَى خَلِفاتٍ وخَلَائِفَ، وَقَدْ خَلِفَت إِذَا حَمَلَتْ، وأَخْلَفَتْ إِذَا حالَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثلاثُ آياتٍ يَقْرؤهنَّ أَحدُكم خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثلاثِ خَلِفَاتٍ سِمانٍ عظامٍ.
وَفِي حَدِيثِ هَدْمِ الْكَعْبَةِ:
لَمَّا هَدَمُوهَا ظَهَرَ فِيهَا مِثْلُ خَلائفِ الإِبل
، أَراد بِهَا صُخوراً عِظاماً فِي أَساسها بقدْر النُّوقِ الْحَوَامِلِ. والخَلِيفُ مِنَ السِّهام: الحديدُ كالطَّرِيرِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لساعِدةَ بْنِ جُؤيَّةَ «3» :
ولَحَفْته مِنْهَا خَليفاً نَصْلُه ... حَدٌّ، كَحَدِّ الرُّمْحِ، لَيْسَ بِمِنزَعِ
والخَلِيفُ: مَدْفَعُ الْمَاءِ، وَقِيلَ: الْوَادِي بَيْنَ الجبَلين؛ قَالَ:
خَلِيف بَين قُنّة أَبْرَق
والخَليفُ: فَرْج بَيْنَ قُنَّتَيْنِ مُتدانٍ قَلِيلُ الْعَرْضِ والطُّول. والخَلِيفُ: تَدافُع «4» الأَوْدية وَإِنَّمَا يَنتهي المَدْفَعُ إِلَى خَلِيفٍ ليُفْضِيَ إِلَى سَعَةٍ. والخلِيفُ: الطَّريقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
فَلَمَّا جَزَمْتُ بِها قِرْبَتي، ... تَيَمَّمْتُ أَطْرِقةً أَو خَلِيفَا
جَزَمتُ: ملأْت، وأَطْرقة: جَمْعُ طَريق مِثْلُ رغيفٍ وأَرْغِفَةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ ذِيخُ الخَلِيفِ كَمَا يُقَالُ ذِئبُ غَضاً؛ قَالَ كثيِّر:
وذِفْرَى، ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف ... أَصابَ فَرِيقَةَ لَيْلٍ فَعاثَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِهِ بِذِفْرَى، وَقِيلَ: هُوَ الطَّرِيقُ فِي أَصل الْجَبَلِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّرِيقُ وَرَاءَ الْجَبَلِ، وَقِيلَ: وَرَاءَ الْوَادِي، وَقِيلَ: الخَلِيفُ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ أَيّاً كَانَ، وَقِيلَ: الطَّرِيقُ فَقَطْ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ خُلُفٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فِي خُلُفٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرامِها
والمَخْلَفَةُ: الطَّريقُ كالخَلِيفِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تُؤمِّلُ أَن تُلاقيَ أُمَّ وَهْبٍ ... بمَخْلَفَةٍ، إِذَا اجْتَمَعَتْ ثَقِيفُ
وَيُقَالُ: عَلَيْكَ المَخْلَفة الوُسْطَى أَي الطَّرِيقُ الْوُسْطَى. وَفِي الْحَدِيثِ ذكْرُ خَلِيفَةَ، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: جَبَلٌ بِمَكَّةَ يُشْرِفُ عَلَى أَجْيادٍ؛ وَقَوْلُ الهُذلي:
__________
(3) . قوله [جؤية] صوابه العجلان كما هو هكذا في الديوان، كتبه محمد مرتضى انتهى. من هامش الأصل بتصرف.
(4) . قوله [والخَلِيف تدافع إلخ] كذا بالأصل. وعبارة القاموس وشرحه: أو الخَلِيف مدفع الماء بين الجبلين. وقيل: مدفعه بين الواديين وإنما ينتهي إلى آخر ما هنا، وتأمل العبارتين.(9/95)
وإِنَّا نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ عِزّاً، ... إِذَا بُنِيَتْ لِمَخْلَفَةَ البُيوتُ
مَخْلَفَةُ مِنًى: حَيْثُ يَنْزل النَّاسُ. ومَخْلَفَة بَنِي فُلَانٍ: مَنْزِلُهم. والمَخْلَفُ بِمنًى أَيضاً: طُرُقُهم حَيْثُ يَمُرُّون. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ: مَنْ تَخَلَّفَ «1» مِنْ مِخْلافٍ إِلَى مِخْلافٍ فَعُشْرُه وصَدَقتُه إِلَى مِخْلافِ عَشِيرَتِه الأَوّل إِذَا حالَ عَلَيْهِ الحَوْل
؛ أَراد أَنه يؤَدِّي صدَقَته إِلَى عَشيرته الَّتِي كَانَ يُؤَدِّي إِلَيْهَا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ اسْتُعْمِلَ فُلَانٌ عَلَى مَخالِيفِ الطَّائفِ وَهِيَ الأَطراف والنَّواحي. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَة: فِي كُلِّ بَلَدٍ مِخْلافٌ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ. وَقَالَ: كُنَّا نَلْقَى بَنِي نُمَير وَنَحْنُ فِي مِخْلافِ الْمَدِينَةِ وَهُمْ فِي مِخلاف الْيَمَامَةِ. وَقَالَ أَبو مُعَاذٍ: المِخْلافُ البَنْكَرْدُ، وَهُوَ أَن يَكُونَ لِكُلِّ قَوْمٍ صَدقةٌ عَلَى حِدة، فَذَلِكَ بَنْكَرْدُه يُؤدِّي إِلَى عَشِيرَتِهِ الَّتِي كَانَ يُؤدِّي إِلَيْهَا. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ فُلَانٌ مِنْ مِخْلافِ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ عِنْدَ الْيَمَنِ كالرُّستاق، وَالْجَمْعُ مَخَالِيفُ. اليزيدِيّ: يُقَالُ إِنَّمَا أَنتم فِي خَوَالِفَ مِنَ الأَرض أَي فِي أَرَضِينَ لَا تُنْبِت إِلَّا فِي آخِرِ الأَرضِين نَبَاتًا. وَفِي حَدِيثِ
ذِي المِشْعارِ: مِنْ مِخلافِ خارِفٍ ويامٍ
؛ هُمَا قَبِيلَتَانِ مِنَ الْيَمَنِ. ابْنُ الأَعرابي: امْرَأَةٌ خَلِيفٌ إِذَا كَانَ عَهْدُها بَعْدَ الْوِلَادَةِ بِيَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الْعَائِذِ أَيضاً خَلِيفٌ. ابْنُ الأَعرابي: والخِلافُ كُمُّ القَمِيص. يُقَالُ: اجْعَلْهُ فِي متنِ خِلافِك أَي فِي وَسطِ كُمّكَ. والمَخْلُوفُ: الثوبُ المَلْفُوقُ. وخلَفَ الثوبَ يَخْلُفُهُ خَلْفاً، وَهُوَ خَلِيفٌ؛ الْمَصْدَرُ عَنْ كُرَاعٍ: وَذَلِكَ أَن يَبْلى وسَطُه فيُخْرِجَ الْبَالِي مِنْهُ ثُمَّ يَلْفِقَه؛ وَقَوْلُهُ:
يُرْوي النَّديمَ، إِذَا انْتَشى أَصحابُه ... أُمُّ الصَّبيِّ، وثَوْبُه مَخْلُوفُ
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ المَخْلُوفُ هُنَا المُلَفَّق، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ المرْهُونَ، وَقِيلَ: يُرِيدُ إِذَا تَناشى صحبُه أُمّ وَلَدِهِ مِنَ العُسْر فَإِنَّهُ يُرْوي نَديمَه وَثَوْبُهُ مَخْلُوف مِنْ سُوء حَالِهِ. وأَخْلَفْتُ الثوبَ: لُغَةٌ فِي خَلَفْتُه إِذَا أَصْلَحْتَه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ صَائِدًا:
يَمْشِي بِهِنَّ خَفِيُّ الصَّوْتِ مُخْتَتِلٌ، ... كالنَّصْلِ أَخْلَفَ أَهْداماً بأَطْمارِ
أَي أَخْلَفَ موضعَ الخُلْقانِ خُلْقاناً. وَمَا أَدْري أَيُّ الخَوالِفِ هُوَ أَي أَيّ الناسِ هُوَ. وَحَكَى كُرَاعٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى: مَا أَدري أَيُّ خَالِفَةَ، هُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ، أَي أَيُّ النَّاسِ هُوَ، وَهُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ للتأْنيث وَالتَّعْرِيفِ، أَلا تَرَى أَنك فَسَّرْتَهُ بِالنَّاسِ؟ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخَالِفَةُ النَّاسُ، فأَدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ. غَيْرُهُ وَيُقَالُ مَا أَدري أَيُّ خَالِفَةَ وأَيُّ خافِيةَ هُوَ، فَلَمْ يُجْرِهما، وَقَالَ: تُرِكَ صَرْفُه لأَنْ أُرِيدَ بِهِ المَعْرِفةُ لأَنه وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَهُوَ فِي مَوْضِعِ جِمَاعٍ، يُرِيدُ أَيُّ النَّاسِ هُوَ كَمَا يُقَالُ أَيُّ تَمِيم هُوَ وأَيُّ أَسَد هُوَ. وخِلْفةُ الوِرْدِ: أَن تُورِد إِبِلَكَ بالعشيِّ بَعد ما يذهَبُ الناسُ. والخِلْفَةُ: الدوابُّ الَّتِي تَخْتَلِفُ. وَيُقَالُ: هُنَّ يَمْشِينَ خِلْفة أَي تَذْهَبُ هَذِهِ وتَجيء هَذِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
بِهَا العينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً، ... وأَطْلاؤها يَنْهَضْنَ مِنْ كلِّ مَجْثَمِ
__________
(1) . قوله [تخلف] كذا بالأصل، والذي في النهاية: تحوّل، وقوله [مخلاف عشيرته] كذا به أَيضاً والذي فيها مخلافه.(9/96)
وخَلَفَ فلانٌ عَلَى فُلَانَةٍ خِلافَةً تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فإنْ تَسَلي عَنَّا، إِذَا الشَّوْلُ أَصْبَحَتْ ... مَخَالِيفَ حُدْباً، لَا يَدِرُّ لَبُونُها
مَخَالِيفُ: إِبِلٌ رَعَتِ الْبَقْلَ وَلَمْ تَرْعَ اليَبِيسَ فَلَمْ يُغْن عَنْهَا رَعْيُها البقلَ شَيْئًا. وَفَرَسٌ ذُو شِكالٍ مِنْ خِلافٍ إِذَا كَانَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى بَيَاضٌ. قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لَهُ خَدَمتانِ مِنْ خِلافٍ أَي إِذَا كَانَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى بَيَاضٌ وَبِيَدِهِ الْيُسْرَى غَيْرُهُ. والخِلافُ: الصَّفْصافُ، وَهُوَ بأَرض الْعَرَبِ كَثِيرٌ، وَيُسَمَّى السَّوْجَرَ وَهُوَ شَجَرٌ عِظام، وأَصنافُه كَثِيرَةٌ وَكُلُّهَا خَوّارٌ خَفيفٌ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الأَسود:
كأَنَّكَ صَقْبٌ مِنْ خِلافٍ يُرى لَهُ ... رُواءٌ، وتأْتِيه الخُؤُورةُ مِنْ عَلُ
الصَّقْبُ: عَمُودٌ مِنْ عُمُدِ الْبَيْتِ، وَالْوَاحِدُ خِلافَةٌ، وَزَعَمُوا أَنه سُمِّيَ خِلافاً لأَن الْمَاءَ جَاءَ بِبَزره سَبِيًّا فَنَبَتَ مُخالِفاً لأَصْلِه فَسُمِّيَ خِلافاً، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ. الصِّحَاحُ: شَجَرُ الخِلافِ مَعْرُوفٌ وموضِعُه المَخْلَفَةُ؛ وأَما قَوْلُ الراجِز:
يَحْمِلُ فِي سَحْقٍ مِنَ الخِفافِ ... تَوادِياً سُوِّينَ مِنْ خِلافِ
فَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنها مِنْ شَجَرٍ مُخْتَلِفٍ، وَلَيْسَ يَعْنِي الشَّجَرَةَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الخِلافُ لأَن ذَلِكَ لَا يَكَادُ يَكُونُ بِالْبَادِيَةِ. وخَلَفٌ وخَلِيفةُ وخُلَيْفٌ: أَسماء.
خنف: الخِنافُ: لِينٌ فِي أَرساغِ الْبَعِيرِ. ابْنُ الأَعرابي: الخِنافُ سُرْعةُ قَلْب يَدَيِ الْفَرَسِ، تَقُولُ: خَنَفَ الْبَعِيرُ يَخْنِفُ خِنافاً إِذَا سَارَ فقلَب خُفَّ يَدِهِ إِلَى وحْشِيِّه، وَنَاقَةٌ خَنُوفٌ؛ قَالَ الأَعشى:
أَجَدَّتْ بِرِجْلَيْها النَّجاء، وراجَعَتْ ... يَداها خِنافاً لَيِّناً غيرَ أَحْرَدا
وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: إِنَّ الإِبل ضُمَّزٌ خُنُفٌ
؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالْفَاءِ جَمْعُ خَنُوفٍ، وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي إِذَا سَارَتْ قَلَبَتْ خُفَّ يَدِها إِلَى وحْشِيِّه مِنْ خارجٍ. ابْنُ سِيدَهْ: خَنَفَتِ الدابةُ تَخْنِفُ خِنافاً وخُنوفاً، وَهِيَ خَنُوفٌ، وَالْجَمْعُ خُنُفٌ: مَالَتْ بِيَدَيْهَا فِي أَحد شِقَّيها مِنَ النَّشاط، وَقِيلَ: هُوَ إِذَا لَوى الفرسُ حافِره إِلَى وحْشيِّه، وَقِيلَ: هُوَ إِذَا أَحْضَر وثَنى رأْسَه وَيَدَيْهِ فِي شِقّ. أَبو عُبَيْدَةَ: وَيَكُونُ الخِنافُ فِي الْخَيْلِ أَن يَثْنِيَ يَدَه ورأْسه فِي شِقٍّ إِذَا أَحْضَر. والخِنافُ: دَاءٌ يأْخذ فِي الْخَيْلِ فِي العَضُد. اللَّيْثُ: صَدْر أَخْنَفُ وظَهر أَخْنف، وخَنَفُه انْهِضامُ أَحد جَانِبَيْهِ. يُقَالُ: خَنَفَتِ الدَّابَّةُ تَخْنِفُ بِيَدِهَا وأَنْفِها فِي السَّيْرِ أَي تَضْرِبُ بِهِمَا نَشاطاً وَفِيهِ بعضُ المَيْل، وَنَاقَةٌ خَنُوفٌ مِخْنافٌ. والخَنُوفُ مِنَ الإِبل: اللَّيِّنةُ الْيَدَيْنِ فِي السَّيْرِ. والخِنافُ فِي عُنُق النَّاقَةِ: أَن تُمِيلَه إِذَا مُدَّ بزِمامِها. وخَنَفَ الفرسُ يَخْنِفُ خَنْفاً، فَهُوَ خَانِفٌ وخَنُوفٌ: أَمالَ أَنفَه إِلَى فارِسه. وخنَف الرجلُ بأَنفه: تَكَبَّرَ فَهُوَ خَانِف. والخانِفُ: الَّذِي يَشْمَخُ بأَنفه مِنَ الكِبْر. يُقَالُ: رأَيته خانِفاً عنِّي بأَنفه. وخَنَفَ بأَنفه عَنِّي: لَوَاهُ. وخنَفَ البعيرُ يَخْنِفُ خَنْفاً وخِنَافاً: لَوى أَنفه مِنَ الزِّمام. والخَانِفُ: الَّذِي يُميلُ رأْسه إِلَى الزِّمَامِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ نشاطِه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي وَجْزَةَ:(9/97)
قَدْ قلتُ، والعِيسُ النَّجائبُ تَغْتَلي ... بالقَوْمِ عاصِفةً خَوانِفَ فِي البُرى
وَبَعِيرٌ مخْنَفٌ «2» : بِهِ خَنَفٌ. والمِخْنَافُ مِنَ الإِبل: كالعَقِيم مِنَ الرِّجَالِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُلْقِحُ إِذَا ضرَب. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمعِ المِخْنَافَ بِهَذَا الْمَعْنَى لِغَيْرِ اللَّيْثِ وَمَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. والخَنِيفُ: أَرْدَأُ الكَتَّان. وَثَوْبٌ خَنِيفٌ: رَديء وَلَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْكَتَّانِ خاصَّة، وَقِيلَ: الخَنِيف ثَوْبُ كَتّان أَبيض غَلِيظٍ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
وأَبارِيق شِبْه أَعْناق طَيْر الْمَاءِ، ... قَدْ جِيبَ فَوْقَهُنَّ خَنِيف
شبَّه الفِدام بالجَيْبِ، وَجَمْعُ كَلِّ ذَلِكَ خُنُفٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ قَوْمًا أَتوا النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: تَخَرَّقَتْ عَنَّا الخُنُف وأَحْرقَ بُطُونَنَا التمرُ
؛ الخُنُف، وَاحِدُهَا خَنِيفٌ، وَهُوَ جِنْس مِنَ الْكَتَّانِ أَردأُ مَا يَكُونُ مِنْهُ كَانُوا يَلْبَسُونَهَا؛ وأَنشد فِي صِفَةِ طَرِيقٍ:
عَلَى كالخَنِيفِ السَّحْقِ تَدْعُو بِهِ الصَّدَى، ... لَهُ قُلُبٌ عادِيَّةٌ وصحونُ
والخَنِيفُ: الغَزِيرةُ، وَفِي رَجَزِ كَعْبٍ:
ومَذْقةٍ كطُرَّةِ الخَنِيفِ
المَذْقةُ: الشَّرْبةُ مِنَ اللَّبَنِ الْمَمْزُوجِ، شبَّه لَوْنها بطُرّة الخَنِيفِ. والخَنْدَفةُ: أَن يَمشِي مُفاجّاً ويَقْلِبَ قدَمَيْه كأَنه يَغْرفُ بِهِمَا وَهُوَ مِنَ التَّبَختُر، وَقَدْ خَنْدف، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ المرأَة. ابْنُ الأَعرابي: الخُنْدُوفُ الَّذِي يَتَبَخْتَرُ فِي مَشْيه كِبْراً وبَطَراً. وخَنَفَ الأُتْرُجّةَ وَمَا أَشبهها: قطَعَها، والقِطْعَةُ مِنْهُ خَنَفَةٌ. والخَنْفُ: الحَلْبُ بأَربع أَصابعَ وتَسْتَعِينُ مَعَهَا بالإِبهام، وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَبْدُ الْمَلِكِ أَنه قَالَ لِحَالِبِ نَاقَةٍ: كَيْفَ تَحْلِبُ هَذِهِ النَّاقَةَ أَخَنْفاً أَم مَصْراً أَم فَطراً؟
ومِخْنَفٌ: اسْمٌ مَعْرُوفٌ. وخَيْنَفٌ: وادٍ بِالْحِجَازِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَعْرَضَتِ الجِبالُ السُّودُ دُوني، ... وخَيْنَفُ عَنْ شِمالي والبَهِيمُ
أَراد البُقْعَة فَتَرَكَ الصَّرْفَ. وأَبو مِخْنَفٍ، بِالْكَسْرِ: كُنْيةُ لُوط بْنِ يَحْيَى رَجُلٌ مِنْ نَقَلَةِ السِّيَرِ.
خندف: الخَنْدَفَةُ: مِشْيةٌ كالهَرْوَلةِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ، زَعَمُوا، خِندِفُ امرأَة إلْياسَ بْنُ مُضَرَ بْنِ نِزارٍ وَاسْمُهَا لَيْلى، نُسِبَ ولَدُ إلياسَ إِلَيْهَا وَهِيَ أُمهم. غَيْرُهُ: كَانَتْ خِنْدِفُ امرأةُ إلياسَ اسْمُهَا لَيْلَى بنتُ حُلْوانَ غَلَبَتْ عَلَى نَسَبِ أَولادها مِنْهُ، وَذَكَرُوا أَن إِبِلَ إلياسَ انْتَشَرَتْ لَيْلًا فَخَرَجَ مُدْرِكةُ فِي بِغائها فردَّها فَسُمِّيَ مُدْرِكةَ، وخَنْدَفَتِ الأُم فِي أَثره أَي أَسْرَعَتْ فَسُمِّيَتْ خِنْدِفَ، وَاسْمُهَا لَيْلَى بِنْتُ عِمْرانَ بنِ إلحافَ بْنِ قُضاعةَ، وقعَد طابِخَةُ يَطْبُخُ القِدْرَ فَسُمِّيَ طابِخَةَ، وانْقَمَعَ قَمَعَةُ فِي الْبَيْتِ فَسُمِّيَ قَمَعَةَ، وَقَالَتْ خِنْدِف لِزَوْجِهَا: مَا زِلْتُ أُخَنْدِفُ فِي أَثركم، فَقَالَ لَهَا: فأَنت خِنْدِف، فَذَهَبَ لَهَا اسْمًا وَلِوَلَدِهَا نَسَبًا وَسُمِّيَتْ بِهَا القبيلة.
__________
(2) . قوله [مخنف] ضبط في الأصل النون بالفتح.(9/98)
وظُلِمَ رجلٌ أَيام الزُّبَيْرِ «1» بْنِ الْعَوَّامِ فَنَادَى: يَا لخِندِفَ فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ وَمَعَهُ خيف وَهُوَ يَقُولُ: أُخَنْدِفُ إليكَ أَيُّها المُخَنْدِفُ، وَاللَّهِ لَئِنْ كنتَ مَظْلُومًا لأَنْصُرَنَّكَ الخَنْدَفَةُ الهَرْوَلةُ والإِسراعُ فِي المَشْي، يَقُولُ: يَا مَنْ يَدْعُو خنْدفاً أَنا أُجيبُك وآتِيكَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِنْ صحَّ هَذَا مِنْ فِعْلِ الزبَير فَإِنَّهُ كَانَ قَبْلَ نَهْي النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ التَّعَزِّي بعَزاء الْجَاهِلِيَّةِ. وخَنْدَفَ الرجلُ: انْتَسَبَ إِلَى خِنْدِف؛ قَالَ رُؤْبَةُ: إِنِّي إِذَا مَا خَنْدَفَ المُسَمِّي وخَنْدَفَ الرجلُ: أَسْرَع، وأَما ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الخَدْفِ، وَهُوَ الاخْتِلاسُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَإِنْ صَحَّ ذلك فالخَنْدَفةُ ثلاثية.
خوف: الخَوْفُ: الفَزَعُ، خافَه يَخَافُه خَوْفاً وخِيفَةً ومَخَافةً. قَالَ اللَّيْثُ: خَافَ يَخَافُ خَوْفاً، وَإِنَّمَا صَارَتِ الْوَاوُ أَلفاً فِي يَخَافُ لأَنه عَلَى بِنَاءِ عمِلَ يَعْمَلُ، فَاسْتَثْقَلُوا الْوَاوَ فأَلقَوْها، وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَشياء: الحَرْفُ والصَّرْفُ والصوتُ، وَرُبَّمَا أَلقوا الحَرْفَ بِصَرْفِهَا وأَبقوا مِنْهَا الصَّوْتَ، وَقَالُوا يَخَافُ، وَكَانَ حَدُّهُ يَخْوَفُ بِالْوَاوِ مَنْصُوبَةً، فأَلقوا الْوَاوَ وَاعْتَمَدَ الصَّوْتُ عَلَى صَرْفِ الْوَاوِ، وَقَالُوا خافَ، وَكَانَ حَدُّهُ خوِف بِالْوَاوِ مَكْسُورَةً، فأَلقوا الْوَاوَ بِصَرْفِهَا وأَبقوا الصَّوْتَ، وَاعْتَمَدَ الصَّوْتُ عَلَى فَتْحَةِ الْخَاءِ فَصَارَ مَعَهَا أَلفاً ليِّنة، وَمِنْهُ التَّخْوِيفُ والإِخَافَةُ والتَّخَوُّفُ، وَالنَّعْتُ خَائِفٌ وَهُوَ الفَزِعُ؛ وَقَوْلُهُ:
أَتَهْجُرُ بَيْتاً بالحِجازِ تَلَفَّعَتْ ... بِهِ الخَوْفُ والأَعْداءُ أَمْ أَنتَ زائِرُهْ؟
إِنَّمَا أَراد بالخَوْفِ المَخَافَةَ فأَنَّث لِذَلِكَ. وَقَوْمٌ خُوَّفٌ عَلَى الأَصل، وخُيَّفٌ عَلَى اللَّفْظِ، وخِيَّفٌ وخَوْفٌ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ، كلُّهُم خَائِفُونَ، والأَمر مِنْهُ خَفْ، بِفَتْحِ الْخَاءِ. الْكِسَائِيُّ: مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَنَاتِ الْوَاوِ فَإِنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى فُعَّلٍ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوجه، يُقَالُ: خَائِف وخُيَّفٌ وخِيَّفٌ وخَوْفٌ. وتَخَوَّفْتُ عَلَيْهِ الشَّيْءَ أَي خِفْتُ. وتَخَوَّفَه: كخَافَهُ، وأَخَافَهُ إِيَّاهُ إِخَافَةً وإِخَافاً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وخَوَّفَه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وكانَ ابْن أَجمالٍ إِذَا مَا تَشَذَّرَت ... صُدُورُ السِّياطِ، شَرْعُهُنَّ المُخَوَّفُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: يَكْفِيهِنَّ أَن يُضْرَبَ غيرُهنّ. وخَوَّفَ الرجلَ إِذَا جَعَلَ فِيهِ الْخَوْفَ، وخَوَّفْتُه إِذَا جعلْتَه بِحَالَةٍ يخافُه النَّاسُ. ابْنُ سِيدَهْ: وخَوَّفَ الرجلَ جَعَلَ الناسَ يَخافونه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ
أَي يَجْعَلُكُمْ تَخَافُونَ أَولياءه؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ يُخَوِّفُكُمْ بأَوليائه، قَالَ: وأَراه تَسْهِيلًا لِلْمَعْنَى الأَول، وَالْعَرَبُ تُضِيفُ المَخافةَ إِلَى المَخُوف فَتَقُولُ أَنا أَخَافُك كخَوْفِ الأَسد أَي كَمَا أُخَوَّفُ بالأَسد؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ قَالَ وَمِثْلُهُ:
وَقَدْ خِفْتُ حَتَّى مَا تزيدُ مَخَافَتِي ... عَلَى وَعِلٍ، بِذِي المطارةِ، عاقِلِ «2»
كأَنه أَراد: وَقَدْ خَافَ الناسُ مِنِّي حَتَّى مَا تزِيدُ مخافَتُهم إِيَّايَ عَلَى مخافةِ وعِلٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالَّذِي عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَن الْمُصْدَرَ يُضَافُ إِلَى الْمَفْعُولِ كَمَا يُضَافُ إِلَى الفاعل. وفي التنزيل:
__________
(1) . قوله [أَيام الزبير إلخ] فِي النِّهَايَةِ وَفِي حَدِيثِ
الزبير وقد سمع رجلًا يقول: يا لخِنْدِف
إلخ.
(2) . قوله [بذي المطارة] كذا في الأصل، والذي في معجم ياقوت بذي مطارة. وقوله [حتى ما إلخ] جعله الأصمعي من المقلوب كما في المعجم.(9/99)
لَا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ، فأَضاف الدُّعَاءَ وَهُوَ مُصْدَرٌ إِلَى الْخَيْرِ وَهُوَ مَفْعُولٌ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا: أَعجبني ضرْبُ زيدٍ عمرٌو فأَضافوا الْمَصْدَرَ إِلَى الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الخِيفَةُ، والخِيفَةُ الخَوْفُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً
، وَالْجَمْعُ خِيفٌ وأَصله الْوَاوُ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ الْهُذَلِيُّ:
فَلَا تَقْعُدَنَّ عَلَى زَخَّةٍ، ... وتُضْمِرَ فِي القَلْبِ وجْداً وخِيفاً
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: خَافَه خِيفَةً وخيِفاً فَجَعَلَهُمَا مَصْدَرَيْنِ؛ وأَنشد بَيْتَ صَخْرِ الْغَيِّ هَذَا وَفَسَّرَهُ بأَنه جَمْعُ خِيفَةٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا لأَن المصادِرَ لَا تُجْمَعُ إِلَّا قَلِيلًا، قَالَ: وَعَسَى أَن يَكُونَ هَذَا مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي قَدْ جُمِعَتْ فَيَصِحُّ قَوْلُ اللِّحْيَانِيِّ. وَرَجُلٌ خَافٌ: خائفٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: سأَلت الْخَلِيلَ عَنْ خافٍ فَقَالَ: يَصْلُحُ أَن يَكُونَ فَاعِلًا ذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَيَصْلُحُ أَن يَكُونَ فَعِلًا، قَالَ: وَعَلَى أَيّ الْوَجْهَيْنِ وجَّهْتَه فتَحْقِيرُه بِالْوَاوِ. وَرَجُلٌ خَافٌ أَي شديد الخَوْف، جاؤُوا بِهِ عَلَى فَعِلٍ مِثْلَ فَرِقٍ وفَزِعٍ كَمَا قَالُوا صاتٌ أَي شديدُ الصوْتِ. والمَخَافُ والمَخِيفُ: مَوْضِعُ الخَوْفِ؛ الأَخيرة عَنِ الزَّجَّاجِيِّ حَكَاهَا فِي الجُمل. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: نِعْمَ العَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ لَم يَخَفِ الله لم يَعْصِه
، أَراد أَنه إِنَّمَا يُطِيع اللهَ حُبّاً لَهُ لَا خَوْفَ عِقابه، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِقابٌ يَخافُه مَا عَصَى اللهَ، فَفِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَوْ لم يخف الله لم يَعْصِهِ فَكَيْفَ وَقَدْ خَافَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَخِيفُوا الهَوامَّ قَبْلَ أَن تُخيفَكم
أَي احْتَرِسُوا مِنْهَا فَإِذَا ظَهَرَ مِنْهَا شَيْءٌ فَاقْتُلُوهُ، الْمَعْنَى اجْعَلُوهَا تَخَافُكُمْ واحْمِلُوها عَلَى الخَوْفِ مِنْكُمْ لأَنها إِذَا أرادتْكم ورأَتْكم تَقْتُلُونَهَا فَرَّتْ مِنْكُمْ. وخاوَفَني فَخُفْتُه أَخُوفُه: غَلَبْتُه بِمَا يخوِّفُ وَكُنْتُ أَشدَّ خَوْفاً مِنْهُ. وطريقٌ مَخُوفٌ ومُخِيفٌ: تَخافُه الناسُ. وَوَجَعٌ مَخُوفٌ ومُخِيفٌ: يُخِيفُ مَنْ رَآهُ، وخصَّ يَعْقُوبُ بالمَخُوفِ الطَّرِيقَ لأَنه لَا يُخِيفُ، وَإِنَّمَا يُخِيفُ قاطِعُ الطَّرِيقِ، وخصَّ بالمُخِيفِ الوجَعَ أَي يُخِيفُ مَن رَآهُ. والإِخَافَة: التَّخْويفُ. وَحَائِطٌ مَخُوفٌ إِذَا كَانَ يُخْشى أَن يقَع هُوَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وثَغْرٌ مُتَخَوَّفٌ ومُخِيفٌ: يُخافُ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِذَا كَانَ الْخَوْفُ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِه. وأَخافَ الثَّغْرُ: أَفْزَعَ. وَدَخَلَ القومَ الخَوْفُ، مِنْهُ؛ قَالَ الزَّجَّاجِيُّ: وقولُ الطِّرِمَّاحِ:
أَذا العَرْشِ إنْ حانَتْ وَفَاتِي، فَلَا تَكُنْ ... عَلَى شَرْجَعٍ يُعْلى بِخُضْر المَطارِف
ولكِنْ أَحِنْ يَوْمي سَعِيداً بعصْمةٍ، ... يُصابُونَ فِي فَجٍّ مِنَ الأَرضِ خَائِفِ «1»
هُوَ فاعلٌ فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: خَوِّفْنا أَي رَقِّقْ لَنَا القُرآنَ وَالْحَدِيثَ حَتَّى نَخافَ. والخَوْفُ: القَتْلُ. والخَوْفُ: القِتالُ، وَبِهِ فَسَّرَ اللِّحْيَانِيُّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ
، وَبِذَلِكَ فَسَّرَ قَوْلَهُ أَيضاً: وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ
. والخَوْفُ: العِلْم، وَبِهِ فَسَّرَ اللِّحْيَانِيُّ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً
وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً
. والخَوْفُ: أَديمٌ أَحْمَرُ يُقَدُّ مِنْهُ أَمثالُ السُّيُورِ ثُمَّ يُجْعَلُ عَلَى تِلْكَ السُّيُور شَذْرٌ تَلْبَسُهُ الجارِيةُ؛ الثُّلاثِيَّةُ عَنْ كُرَاعٍ
__________
(1) . قوله [بعصمة] كذا بالأصل ولعله بعصبة بالباء الموحدة.(9/100)
وَالْحَاءُ أَوْلى. والخَوَّافُ: طَائِرٌ أَسودُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري لِمَ سُمِّيَ بِذَلِكَ. والخَافَةُ: خَريطةٌ مِنْ أَدَمٍ؛ وأَنشد فِي تَرْجَمَةِ عَنْظَبَ:
غَدا كالعَمَلَّسِ فِي خَافَةٍ ... رُؤُوسُ العَناظِبِ كالعَنْجد «1»
والخَافَةُ: خَريطةٌ مِنْ أَدَمٍ ضَيِّقَةُ الأَعلى واسِعةُ الأَسفل يُشْتارُ فِيهَا العَسلُ. والخَافَةُ: جُبَّةٌ يلْبَسها العَسَّالُ، وَقِيلَ: هِيَ فَرْوٌ مِنْ أَدَمٍ يَلْبَسُهَا الَّذِي يَدْخُلُ فِي بَيْتِ النَّحْلِ لِئَلَّا يلسَعَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تأَبَّطَ خَافَةً فِيهَا مِسابٌ، ... فأَصْبَحَ يَقْتَري مَسَداً بِشِيقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: عَيْنُ خَافَةٍ عِنْدَ أَبي عليٍّ يَاءٌ مأْخوذة مِنْ قَوْلِهِمُ النَّاسُ أَخْيافٌ أَي مُخْتَلِفُون لأَن الخَافَةَ خَرِيطَةٌ مِنْ أَدَم مَنْقُوشَةٌ بأَنواع مُخْتَلِفَةٍ مِنَ النَّقْشِ، فَعَلَى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَن تُذْكَرَ الخَافَة فِي فَصْلِ خيف، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا هُنَاكَ أَيضاً. والخافةُ: العَيْبةُ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: مَثَلُ المُؤمِن كَمَثَلِ خَافَةِ الزَّرْعِ
؛ الخَافَةُ وِعاء الحَبّ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها وِقايةٌ له، وَالرِّوَايَةُ بِالْمِيمِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. والتَّخَوُّفُ: التَّنَقُّصُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ بأَنه التَّنَقُّصُ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ تَخَوَّفْته أَي تَنَقَّصْتُهُ مِنْ حَافَاتِهِ، قَالَ: فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُهُ، قَالَ: وَقَدْ أَتى التَّفْسِيرُ بِالْحَاءِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ أَو يأْخذهم بَعْدَ أَن يُخِيفَهم بأَن يُهْلِك قَريةً فَتَخَافَ الَّتِي تَلِيهَا؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
تَخَوَّفَ السَّيْرُ مِنْهَا تامِكاً قَرِداً، ... كَمَا تَخَوَّفَ عودَ النَّبْعةِ السَّفَنُ
السَّفَنُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي تُبْرَدُ بِهَا القِسِيُّ، أَي تَنَقَّصَ كَمَا تأْكلُ هَذِهِ الحَديدةُ خشَبَ القِسيّ، وَكَذَلِكَ التخْويفُ. يُقَالُ: خَوَّفَه وخَوَّفَ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ هُوَ يَتَحَوّفُ الْمَالَ ويَتَخَوّفُه أَي يَتَنَقَّصُه ويأْخذ مِنْ أَطْرافِه. ابْنُ الأَعرابي: تَحَوَّفْتُه وتَحَيَّفْته وتَخَوَّفْتُه وتَخَيَّفْته إِذَا تَنَقَّصْته؛ وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ بَيْتَ طرَفة:
وجامِلٍ خَوَّفَ مِنْ نِيبه ... زَجْرُ المُعَلَّى أُصُلًا والسَّفِيحْ
يعني أَنه نَقَصَهَا مَا يُنْحَر فِي المَيْسِر مِنْهَا، وَرَوَى غَيْرُهُ: خَوَّعَ مِنْ نِيبه، وَرَوَاهُ أَبو إِسْحَاقَ: مِنْ نَبْتِه. وخَوَّفَ غَنَمَهُ: أَرسلها قِطعة قِطعة.
خيف: خَيِفَ الْبَعِيرُ والإِنسانُ والفرسُ وَغَيْرُهُ خَيَفاً، وَهُوَ أَخْيَفُ بَيِّنُ الخَيَفِ، والأُنثى خَيْفَاء إِذَا كَانَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ سَوْداء كَحْلاء والأُخرى زَرْقاء. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَخْيَف بَنِي تَيْمٍ
؛ الخَيَفُ فِي الرَّجُلِ أَن تَكُونَ إِحْدَى عَيْنَيْهِ زَرْقَاءَ والأَخرى سَوْدَاءَ، وَالْجَمْعُ خُوفٌ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والأَخْيافُ: الضُّروبُ الْمُخْتَلِفَةُ فِي الأَخْلاق والأَشْكالِ. والأَخْيَافُ مِنَ النَّاسِ: الَّذِينَ أُمُّهم وَاحِدَةٌ وَآبَاؤُهُمْ شَتى. يُقَالُ: الناسُ أَخْيَافٌ أَي لَا يَسْتَوُون، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي الإِخوة، يُقَالُ: إخوةٌ أَخيَافٌ. والأَخْيَافُ:
__________
(1) . قوله [في خَافَة] يروى بدله في حدلة، بالحاء المهملة مضمومة والذال المعجمة، حجزة الإزار، وتقدم لنا في مادة عنجد بلفظ في خدلة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ، وهي خطأ.(9/101)
اخْتِلَافُ الْآبَاءِ وأَمهم وَاحِدَةٌ، وَمِنْهُ قِيلَ: الناسُ أَخيَاف أَي مُخْتَلِفُونَ. وخَيَّفَتِ المرأَةُ أَولادَها: جَاءَتْ بِهِمْ مُخْتَلِفِينَ. وتَخَيَّفَت الإِبل فِي المَرْعى وَغَيْرِهِ: اخْتَلَفَت وجُوهُها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والخَافَةُ: خريطةٌ مِنْ أَدم تَكُونُ مَعَ مُشْتارِ العَسل، وَقِيلَ: هِيَ سُفْرة كالخَريطة مُصَعَّدةٌ قَدْ رُفعَ رأَسُها لِلْعَسَلِ، قِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لتَخَيُّفِ أَلوانِها أَي اخْتِلافها، قَالَ اللَّيْثُ: تَصْغِيرُهَا خُوَيْفَةٌ واشْتِقاقها مِنَ الخَوْفِ، وَهِيَ جُبة مِنْ أَدَم يَلْبَسُهَا العَسَّالُ والسَّقَّاء، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُهُ اشْتِقَاقُهَا مِنَ الخَوْف خطأٌ وَالَّذِي أَراه الحَوْف، بِالْحَاءِ، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ. وخُيِّفَ الأَمر بَيْنَهُمْ: وُزِّعَ. وخُيِّفت عُمُورُ اللِّثةِ بَيْنَ الأَسنان: فُرِّقَتْ. والخَيْفَانَةُ: الجَرادةُ إِذَا صَارَتْ فِيهَا خُطُوطٌ مُخْتَلِفَةٌ بَيَاضٌ وصُفرة، وَالْجَمْعُ خَيْفَانٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: جَرَادٌ خَيْفَانٌ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الأَلوان والجَرادُ حينئذٍ أَطير مَا يَكُونُ، وَقِيلَ الخَيْفَانُ مِنَ الْجَرَادِ الْمَهَازِيلُ الْحُمْرُ الَّذِي مِنْ نِتاج عَامٍ أَوّل، وَقِيلَ: هِيَ الجَرادُ قَبْلَ أَن تَسْتَوِي أَجْنِحَتُه. وَنَاقَةٌ خَيْفَانَةٌ: سَرِيعَةٌ، شُبِّهَتْ بِالْجَرَادِ لِسُرْعَتِهَا، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ شُبِّهَتْ بِالْجَرَادَةِ لِخِفَّتِهَا وضُمورها؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
فغَدَوْتُ تَحْمِلُ شِكَّتي خَيْفَانَةٌ، ... مُرْطُ الجِراء لَهَا تَميمٌ أَتْلَعُ
قَالَ أَبو نَصْرٍ: الْعَرَبُ تُشَبِّهُ الْخَيْلَ بالخَيْفَانِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وأَرْكَبُ فِي الرَّوْعِ خَيْفَانَةً، ... لَهَا ذَنَبٌ خَلْفَها مُسْبَطِرْ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي الصِّحَاحِ:
وأَركب فِي الرَّوْعِ خَيْفَانَةً، ... كَسا وجْهَها سَعَفٌ مُنْتَشِرْ
وَيُقَالُ: تَخَيَّفَ فُلَانٌ أَلواناً إِذَا تَغَيَّرَ أَلواناً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمَا تَخَيَّفَ أَلواناً مُفَنَّنَةً، ... عَنِ المحاسِنِ مِنْ إخْلاقِهِ، الوطْبُ
ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا سُمِّيَتِ الأَرضُ المختلِفةُ أَلوانِ الْحِجَارَةِ خَيْفَاء. والخَيْفُ: جِلدُ الضَّرْع وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: جِلْدُ ضرْع النَّاقَةِ، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ خَيْفاً حَتَّى يخلُوَ مِنَ اللَّبَنِ وَيَسْتَرْخِيَ. وَنَاقَةٌ خَيْفاءُ بَيِّنةُ الخَيَفِ: وَاسِعَةُ جِلْدِ الضَّرْعِ، وَالْجَمْعُ خَيْفَاواتٌ، وخيفٌ الأُولى نَادِرَةٌ لأَن فَعْلاوات إِنَّمَا هِيَ لِلِاسْمِ أَو الصِّفَةِ الْغَالِبَةِ غَلبةَ الِاسْمِ كَقَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لَيْسَ فِي الخَضْراوات صَدقة.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا كَانَتِ النَّاقَةُ خَيْفاء وَلَقَدْ خَيِفَتْ خَيَفاً. والخَيْفُ: وِعاء قَضِيب الْبَعِيرِ. وَبَعِيرٌ أَخْيَفُ: واسِعُ جِلْدِ الثِّيل؛ قَالَ:
صَوَّى لَهَا ذَا كِدْنةٍ جُلْذِيّا ... أَخْيَفَ، كَانَتْ أُمّه صَفِيّا
أَي غَزِيرةً. وَقَدْ خَيِفَ، بِالْكَسْرِ. والخَيْفُ: مَا ارْتَفَعَ عَنْ مَوْضِعِ مَجرى السيلِ ومَسيلِ الْمَاءِ وانْحَدَرَ عَنْ غِلَظِ الْجَبَلِ، وَالْجَمْعُ أَخْيَافٌ؛ قَالَ قيسُ بْنُ ذُرَيْحٍ:
فَغَيْقَةُ فالأَخْيَافُ، أَخْيَافُ ظَبْيةٍ، ... بِهَا مِنْ لُبَيْنَى مَخْرَفٌ ومَرابعُ «2»
__________
(2) . قوله [فغيقة إلخ] قبله كما في المعجم لياقوت:
عَفَا سَرِفٌ مِنْ أَهْلِهِ فسراوع ... فوادي قديد فالتلاع الدوافع(9/102)
وَمِنْهُ قِيلُ مَسْجِدُ الخَيْفِ بِمِنًى لأَنه فِي خَيْفِ الْجَبَلِ. ابْنُ سِيدَهْ: وخَيْفُ مكةَ مَوْضِعٌ فِيهَا عِنْدَ مِنًى، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِانْحِدَارِهِ عَنِ الغِلَظِ وَارْتِفَاعِهِ عَنِ السَّيْلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَحْنُ نَازِلُونَ غَداً بخَيْفِ بَنِي كِنانة
، يَعْنِي المُحَصَّب. ومسجدُ مِنًى يُسَمَّى مَسْجِدَ الخَيْف لأَنه فِي سَفْح جَبَلِهَا. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
مَضَى فِي مَسِيرِهِ إِلَيْهَا حَتَّى قَطَعَ الخُيُوفَ
؛ هِيَ جَمْعُ خَيْف. وأَخْيَفَ القومُ وأَخافوا إِذَا نَزَلُوا الخَيْفَ خَيْفَ مِنًى أَو أَتوه؛ قَالَ:
هَلْ فِي مُخِيفَتِكُم مَنْ يَشْتري أَدَما
والخِيفُ: جَمْعُ خِيفَةٍ مِنَ الخَوْف. أَبو عَمْرٍو: الخَيْفةُ السِّكِّين وَهِيَ الرَّميضُ. وتَخَيَّفَ مَالَهُ: تَنَقَّصه وأَخذ مِنْ أَطرافه كتحَيَّفه؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَعَدَّهُ فِي الْبَدَلِ، وَالْحَاءُ أَعَلى. والخَيْفانُ: حَشِيشٌ يَنْبُتُ فِي الْجَبَلِ وَلَيْسَ لَهُ وَرَقٌ إِنَّمَا هُوَ حَشِيشٌ، وَهُوَ يَطُولُ حَتَّى يَكُونَ أَطول مِنْ ذِرَاعٍ صُعُداً، وَلَهُ سَنَمَةٌ صُبَيْغاء بَيْضَاءُ السُّفْلِ؛ جَعَلَهُ كُرَاعٌ فَيْعالًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ لِكَثْرَةِ زِيَادَةِ الأَلف وَالنُّونِ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ خ ف ن.
فصل الدال المهملة
دأف: دَأَفَ عَلَى الأَسِيرِ: أَجْهَزَ. ومَوْتٌ دُؤافٌ: وحِيٌّ. والأُدافُ: ذَكَرُ الرَّجُلِ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَصله وُدافٌ مِنْ قَوْلِهِمْ وَدَفَ الشَّحْم إِذَا سالَ، وَإِنْ صحَّ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْبَابِ.
درعف: ادْرَعَفَّتِ الإِبلُ واذْرَعَفَّتْ: مَضَت عَلَى وجُوهها، وَقِيلَ: المُدْرَعِفُّ السريعُ، فَلَمْ يُخَصَّ بِهِ شَيْءٌ.
درنف: يُقَالُ: جَمَلٌ دُرْنُوفٌ أَي ضَخْمٌ؛ التَّهْذِيبُ: قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَدْ حَدَوْناها بِهَيدٍ وهَلا، ... «1» عَثَمْثَماً ضَخْم الذَّفاري نَهْبَلا،
أَكْلَفَ دُرْنُوفاً هِجاناً هَيْكَلا
قَالَ: لَا أَعرف الدُّرْنُوفَ، وَقَالَ: هُوَ الْعَظِيمُ من الإِبل.
دسف: ابْنُ الأَعرابي: أَدْسَفَ الرجلُ إِذَا صَارَ مَعاشه مِنَ الدُّسْفَة، وَهِيَ الْقِيَادَةُ وَهُوَ الدُّسْفانُ، والدُّسفان شَبِيهُ الرَّسول كأَنه يَبْغِي شَيْئًا؛ وَقَالَ أُمية:
فأَرْسَلُوه يَسُوفُ الغَيْثَ دُسفانَا «2»
وَرَوَاهُ الْفَارِسِيُّ: دُسْقانا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وأَقْبَلُوا فِي دُسْفَانِهِمِ أَي خَمْرِهِمْ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ.
دعف: مَوْتٌ دُعافٌ: كذُعافٍ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى ابْنُ حَمْزَةَ عَنْ أَبي رِياش أَنه يُقَالُ للمُحَمَّقِ أَبو لَيْلَى وأَبو دَعْفَاء؛ قَالَ: وأَنشدني لِابْنِ أَحمر:
يُدَنِّسُ عِرْضَه ليَنالَ عِرْضِي، ... أَبا دَعْفَاء وَلِّدها فَقارا
أَي ولِّدْها جَسَداً لَيْسَ لَهُ رأَس، وَقِيلَ: أَراد أَخْرِجْ وَلَدَهَا مِنْ فَقارها.
دغف: الدَّغْفُ: الأَخذ الْكَثِيرُ. دَغَفَ الشيءَ يَدْغَفُه دَغْفاً: أَخذه أَخذاً كَثِيرًا. ودَغَفَهم الحَرُّ:
__________
(1) . قوله [وقد حدوناها إلخ] تقدم في مادة هيد للمؤلف بعد وَهَلَا:
حَتَّى تَرَى أَسْفَلَهَا صار علا
وكذا هو في الصحاح.
(2) . قوله [يسوف] كذا في النسخ والذي في شرح القاموس يريد.(9/103)
دَغِمَهُم؛ وأَبو الدَّغْفَاء: كنْيَةُ الأَحمق؛ قَالَ:
أَبا الدَّغْفَاء ولِّدْها فقارا
دفف: الدَّفُّ والدَّفَّةُ: الجَنْبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ؛ وأَنشد اللَّيْثُ فِي الدَّفَّةِ:
ووانِية زَجَرْتُ، عَلَى وَجاها، ... قَريح الدَّفَّتَيْنِ مِنَ البِطانِ
وَقِيلَ: الدَّفُّ صَفْحةُ الْجَنْبِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ إِنْسَانٍ:
يَحُكُّ كُدوحَ القَمْلِ تَحْتَ لَبانِه ... ودَفَّيهِ مِنْهَا دامِياتٌ وحالِبُ
وأَنشد أَيضاً فِي صِفَةِ نَاقَةٍ:
تَرى ظِلَّها عِنْدَ الرَّواحِ كأَنه، ... إِلَى دَفِّها، رَأْلٌ يَخُبُّ خَبِيبُ
وَرِوَايَةُ ابْنِ الْعَلَاءِ: يَحُكُّ جَنِيب، يُرِيدُ أَن ظِلَّهَا مِنْ سرْعتها يَضْطَرِبُ اضْطِرَابَ الرأْل وَذَلِكَ عِنْدَ الرَّواح، يَقُولُ إِنَّهَا وَقْتُ كَلَالِ الإِبل نَشِيطَةٌ منْبَسِطةٌ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
أَخو تَنائِفَ أَغْفَى عندَ ساهِمةٍ، ... بأَخْلَقِ الدَّفِّ مِنْ تَصْديرها جُلَبُ
وَرَوَى بَعْضُهُمْ: أَخا تَنَائِفَ، فَهُوَ عَلَى هَذَا «1» مُضْمَرٌ لأَن قَبْلَهُ زَارَ الْخَيَالُ؛ فأَما قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
وكأَنما تَنْأَى بِجانِبِ دَفِّها الوحْشيِّ ... مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّمِ
فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ، وَالْجَمْعُ دُفُوف. ودَفَّتَا الرَّحْل وَالسَّرْجِ والمُصْحَف: جَانِبَاهُ وَضِمَامَتَاهُ «2» مِنْ جَانِبَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَلَّهُ يَكُونُ أَوْقَرَ دَفَّ رَحْلِهِ ذَهَبًا ووَرِقاً
؛ دَفُّ الرحْلِ: جانِبُ كُورِ الْبَعِيرِ وَهُوَ سَرْجُه. ودفَّتَا الطبلِ: الَّذِي عَلَى رأْسه. ودَفَّا الْبَعِيرِ: جَنْباه. وسَنامٌ مُدَفِّفٌ إِذَا سَقَطَ عَلَى دَفَّي الْبَعِيرِ. ودَفَّ الطائرُ يَدُفُّ دَفّاً ودَفِيفاً وأَدَفَّ: ضَرَب جَنْبَيْه بِجَنَاحَيْهِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي إِذَا حَرَّكَ جَنَاحَيْهِ وَرِجْلَاهُ فِي الأَرض. وَفِي بَعْضِ التَّنْزيه: وَيَسْمَعُ حركَةَ الطَّيْرِ صافِّها ودَافِّها؛ الصافُّ: الباسِطُ جَنَاحَيْهِ لَا يُحَرِّكُهُمَا. ودَفِيفُ الطائِر: مَرُّه فُوَيْقَ الأَرض. والدَّفِيفُ أَن يَدُفَّ الطائرُ عَلَى وَجْهِ الأَرض يُحَرِّكُ جَناحيه وَرِجْلَاهُ بالأَرض وَهُوَ يَطِيرُ ثُمَّ يَسْتَقِلُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلْ مَا دَفَّ وَلَا تأْكلْ مَا صَفَ
أَي كلْ مَا حرَّك جَناحَيْهِ فِي الطَّيَرَانِ كَالْحَمَامِ وَنَحْوِهِ، وَلَا تأْكل مَا صَفَّ جَنَاحَيْهِ كالنُّسور والصُّقُور. ودَفَّ العُقابُ يَدُفُّ إِذَا دَنَا مِنَ الأَرض فِي طيَرانِه. وعُقابٌ دَفُوفٌ: لِلَّذِي يَدْنُو مِنَ الأَرض فِي طَيَرَانِهِ إِذَا انْقَضَّ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا وَيُشَبِّهُهَا بالعُقاب:
كأَني بفَتْخاء الجَناحَيْن لَقْوَةٍ ... دَفُوفٍ مِنَ العِقْبانِ طأْطأْتُ شِمْلالي
وَقَوْلُهُ شِمْلالي أَي شِمالي، وَيُرْوَى شِمْلال دُونَ يَاءٍ، وَهِيَ النَّاقَةُ الْخَفِيفَةُ؛ وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ لأَبي ذُؤَيْبٍ:
فَبَيْنا يَمْشِيان جَرَتْ عُقابٌ، ... مِنَ العِقْبانِ، خائِتة دَفُوفُ
__________
(1) . قوله [فهو على هذا إلخ] كذا بالأصل، وعبارة الصحاح في مادة سهم: وَالسَّاهِمَةُ النَّاقَةُ الضَّامِرَةُ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: أَخَا تَنَائِفَ البيت؛ يَقُولُ: زَارَ الْخَيَالُ أَخَا تَنَائِفَ نَامَ عِنْدَ نَاقَةٍ ضَامِرَةٍ مَهْزُولَةٍ بِجَنْبِهَا قُرُوحٌ مِنْ آثَارِ الْحِبَالِ. وَالْأَخْلَقُ: الأَملس.
(2) . قوله [وضمامتاه] كذا في الأصل بضاد معجمة، وفي القاموس بمهملة. وعبارة الأساس: ضماماه بالإعجام والتذكير. والضمام، بالكسر، كما في الصحاح: ما تضم به شيئاً إلى شيء.(9/104)
وأَما قَوْلُ الرَّاجِزِ:
والنَّسْرُ قَدْ يَنْهَضُ وَهُوَ دافِي
فَعَلَى مُحَوِّلِ التَّضْعِيفِ فَخَفَّفَ، وَإِنَّمَا أَراد وَهُوَ دَافِفٌ، فقَلب الْفَاءَ الأَخيرة يَاءً كراهيةَ التَّضْعِيفِ، وكَسَره عَلَى كَسْرة دافِفٍ، وَحَذَفَ إِحْدَى الْفَاءَيْنِ. ودُفُوفُ الأَرض: أَسْنادُها وَهِيَ دَفادِفُها، الْوَاحِدَةُ دَفْدَفَةٌ. والدَّفِيفُ: العَدْوُ. الصِّحَاحُ: الدَّفِيفُ الدَّبيبُ وَهُوَ السَّير اللَّيِّن؛ وَاسْتَعَارَهُ ذُو الرُّمَّةِ فِي الدَّبَران فَقَالَ يَصِفُ الثُرَيَّا:
يَدِفُّ عَلَى آثارِها دَبَرانُها، ... فَلَا هُوَ مَسْبُوقٌ وَلَا هُوَ يَلْحَقُ
ودَفَّ الْمَاشِي: خَفَّ عَلَى وجهِ الأَرض؛ وَقَوْلُهُ:
إلَيْك أَشْكُو مَشْيَها تَدافِيا، ... مَشْيَ العَجُوزِ تَنْقُلُ الأَثافِيا
إِنَّمَا أَرَادَ تَدافُفاً فقلَبَ كَمَا قدَّمْنا. والدَّافَّةُ والدفَّافةُ: الْقَوْمُ يُجْدِبُون فيُمْطَرُون، دَفُّوا يَدِفُّونَ. وَقَالَ: دَفَّتْ دَافَّةٌ أَي أَتى قَوْمٌ مِنْ أَهلِ البادِيةِ قَدْ أُقْحِمُوا. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هِيَ الجَماعةُ مِنَ النَّاسِ تُقْبِلُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ. وَيُقَالُ: دَفَّتْ عَلَيْنَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ دافَّةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ لِمَالِكِ بْنِ أَوْس: يَا مالِ، إِنَّهُ دَفَّتْ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ دافَّةٌ وَقَدْ أَمَرْنا لَهُمْ برَضْخٍ فاقْسِمْه فِيهِمْ
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: الدَافَّةُ الْقَوْمُ يَسِيرُونَ جَمَاعَةً، لَيْسَ بِالشَّدِيدِ «1» . وَفِي حَدِيثِ لُحُومِ الأَضاحي:
إِنَّمَا نَهَيْتُكم عَنْهَا مِنْ أَجلِ الدَّافَّةِ
؛ هُمْ قَوْمٌ يَسِيرون جَمَاعَةً سَيْراً لَيْسَ بالشَّديد. يُقَالُ: هُمْ قَوْمٌ يَدِفُّونَ دَفِيفاً. والدافَّةُ: قَوْمٌ مِنَ الأَعْراب يُرِيدُونَ المِصْر؛ يُرِيدُ أَنهم قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عِنْدَ الأَضحى فَنَهَاهُمْ عَنِ ادِّخارِ لُحُوم الأَضاحي ليُفَرِّقُوها ويَتَصَدَّقُوا بِهَا فيَنْتَفعَ أُولئك القادِمون بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
سَالِمٍ: أَنه كَانَ يَلي صَدَقةَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِذَا دَفَّتْ دافَّةٌ مِنَ الأَعْراب وجَّهَها فِيهِمْ.
وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف قَالَ لمعاوِيةَ: لَوْلَا عَزْمةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لأَخبرته أَن دَافَّةً دفَّتْ.
وَفِي الْحَدِيثِ
أَن أَعرابيّاً قَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، هَلْ فِي الْجَنَّةِ إِبِلٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إنَّ فِيهَا النجائِبَ تَدِفُّ برُكْبانها
أَي تَسِيرُ بِهِمْ سَيْراً لَيِّناً، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
طَفِقَ القومُ يَدِفُّونَ حَوْلَه.
والدَّافَّةُ: الْجَيْشُ يَدِفُّون نَحْوَ العدوِّ أَي يَدِبُّون. وتَدافَّ القومُ إِذَا ركِبَ بعضهُم بَعْضًا. ودَفَّفَ عَلَى الجَريح كَذَفَّفَ: أَجْهَزَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ دَافَّه مُدافَّةً ودِفافاً ودَافَّاه؛ الأَخيرة جُهَنِيَّةٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه دَافَّ أَبا جَهْلِ يَوْمَ بَدْرٍ
أَي أَجْهَزَ عَلَيْهِ وحَرَّرَ قَتْلَه. يُقَالُ: دَافَفْتُ عَلَيْهِ ودافَيْتُه ودَفَّفْت عَلَيْهِ تَدْفِيفاً، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَقْعَصَ ابْنَا عَفْرَاءَ أَبا جَهْلٍ ودَفَّفَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ
، وَيُرْوَى بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدٍ: أَنه أَسَرَ مَنْ بَنِي جَذيمة قَوْمًا فَلَمَّا كَانَ الليلُ نَادَى مُنَادِيَهُ: أَلا مَنْ كَانَ مَعَهُ أَسير فليدافِّه
، مَعْنَاهُ ليجهزْ عَلَيْهِ. يُقَالُ: دَافَفْتُ الرَّجُلَ دِفَافاً ومُدافَّة وَهُوَ إجْهازُك عَلَيْهِ؛ قَالَ رؤْبة:
لَمَّا رَآنِي أُرْعِشَتْ أَطْرافي، ... كَانَ مَعَ الشَّيْبِ منَ الدِّفَافِ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى: فَلْيُدافِه، بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ، مِنْ دافَيْتُه، وَهِيَ لُغَةٌ لجُهَينة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ:
أَنه أُتِيَ بأَسيرٍ فَقَالَ: أَدْفُوه
؛
__________
(1) . أراد: سيراً ليس بالشديد.(9/105)
يُرِيدُ الدِّفْءَ مِنَ البَرْد، فَقَتَلُوهُ، فَوَداه رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ: فَلْيُذافِّه، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. يُقَالُ: ذَفَّفْتُ عَلَيْهِ تذْفيفاً إِذا أَجْهَزْتَ عَلَيْهِ. وذافَفْتُ الرَّجُلَ مُذافَّةً: أَجْهَزْتُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ خُبَيباً قَالَ وَهُوَ أَسيرٌ بِمَكَّةَ: ابْغُوني حَديدةً أَسْتَطِيبُ بِهَا، فأُعْطِيَ مُوسَى فاسْتَدَفَّ بِهَا
أَي حلَق عَانَتَهُ واسْتَأْصَلَ حَلْقها، وَهُوَ مِنْ دَفَّفْتُ عَلَى الأَسير. ودَافَفْتُه ودافَيْتُه، عَلَى التَّحْوِيلِ: دافَعْتُه. ودَفَّ الأَمْرُ يَدِفُّ واسْتَدَفَّ: تَهَيّأَ وأَمكن. يُقَالُ: خُذْ مَا دَفَّ لَكَ واسْتَدَفَّ أَي خُذْ مَا تهيّأَ وأَمكن وتَسَهَّلَ مِثْلَ اسْتَطفَّ، وَالدَّالُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الطَّاءِ. واسْتَدَفَّ أَمْرُهم أَي اسْتَتَبّ وَاسْتَقَامَ؛ وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ القطَّاع قَالَ: يُقَالُ اسْتَدَفَّ وَاسْتَذَفَّ، بِالدَّالِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. والدَّفُّ والدُّفُّ، بِالضَّمِّ: الَّذِي يَضرب بِهِ النِّسَاءُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الَّذِي يُضْرَب بِهِ، وَالْجَمْعُ دُفُوفٌ، والدَفَّافُ صاحبُها، والمُدَفِّفُ صانِعُها، والمُدَفْدِفُ ضارِبُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ الصوتُ والدَفُ
؛ الْمُرَادُ بِهِ إِعْلَانُ النِّكاح، والدَفْدَفَةُ اسْتِعْجَالُ ضَرْبِهَا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: وَإِنْ دَفْدَفَتْ بِهِمُ الهَماليجُ
أَي أَسْرَعَتْ، وَهُوَ مِنَ الدَّفِيف السَّيْرُ اللَّيِّن بتكرار الفاء.
دقف: ابْنُ الأَعرابي: الدَّقْفُ هَيَجانُ الدُقْفَانَةِ، وَهُوَ المُخَنَّثُ. وَقَالَ: الدُّقُوفُ هَيَجانُ الخَيْعامةِ.
دلف: الدَّلِيفُ: المَشْيُ الرُّوَيْدُ. دَلَفَ يَدْلِفُ دَلْفاً ودَلَفاناً ودَلِيفاً ودُلوفاً إِذَا مَشَى وقارَب الخَطْو، وَقَالَ الأَصمعي: دَلَفَ الشيخُ فَحَصَّص، وَقِيلَ: الدَّلِيفُ فَوْقَ الدَّبيب كَمَا تَدْلِفُ الكتيبةُ نَحْوَ الْكَتِيبَةِ فِي الحَرْب، وَهُوَ الرُّوَيْدُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
لَا كَبيرٌ دَالِفٌ مِنْ هَرَمٍ ... أَرْهَبُ الناسَ وَلَا أَكْبُو لِضُرّ
وَيُقَالُ: هُوَ يَدْلِفُ ويَدْلِثُ دَليفاً ودَلِيثاً إِذَا قارَبَ خَطْوَه مُتقدِّماً، وَقَدْ أَدْلَفَه الكِبَرُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
هَزِئَتْ زُنَيْبَةُ أَنْ رأَتْ ثَرَمِي، ... وأَنِ انْحنَى لِتَقادُمٍ ظَهْرِي
مِنْ بعْدِ مَا عَهِدَتْ فأَدْلَفَني ... يَوْمٌ يَمُرُّ، ولَيْلَةٌ تَسْرِي
ودَلَفَتِ الكتِيبةُ إِلَى الكَتيبةِ فِي الحرْبِ أَي تقدَّمَتْ وَفِي الْمُحْكَمِ: سعتْ رُوَيْداً، يُقَالُ: دَلَفْناهم. والدَّالِفُ: السَّهْمُ الَّذِي يُصِيب مَا دُونَ الغَرَض ثُمَّ يَنْبُو عَنْ مَوْضِعِهِ. والدَّالِفُ: الْكَبِيرُ الَّذِي قَدِ اخْتَضَعَتْه السِّنُّ. ودَلَفَ الحامِلُ بِحِمْلِه يَدْلِفُ دَلِيفاً: أَثْقَلَه. والدَّالِفُ مِثْلُ الدَّالِحِ: وَهُوَ الَّذِي يَمْشِي بالحِمْل الثَّقِيلِ ويُقارِبُ الخَطْو مِثْلُ «2» راكِعٍ ورُكَّعٍ؛ وَقَالَ:
وَعَلَى القياسِرِ فِي الخُدُورِ كَواعِبٌ، ... رُجُحُ الرَّوادِفِ، فالقياسِرْ دُلَّفُ
وتَدَلَّفَ إِلَيْهِ أَي تَمَشَّى وَدَنَا. والدُّلَّفُ: الَّتِي تَدْلِفُ بِحِملها أَي تَنْهَضُ بِهِ. ودَلَفَ المالُ يَدْلِفُ دَلِيفاً: رَزَمَ مِنَ الهُزالِ. والدِّلْفُ: الشجاعُ. والدَّلْفُ: التقدُّمُ. ودَلَفْنَا لَهُمْ:
__________
(2) . قوله [ويقارب الخطو مثل] كذا بالأصل. وعبارة الصحاح: ويقارب الخطو، والجمع دُلَّفٌ مثل إلخ.(9/106)
تقدَّمْنا؛ قَالَ أَبو زُبيد:
حَتَّى إِذَا اعْصَوْصَبُوا دُون الرِّكابِ مَعًا، ... دَنا تَدَلُّفَ ذِي هِدْمَيْنِ مَقْرُورِ
وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: تَزَلُّفَ وَهُوَ أَكثر. وَفِي حَدِيثِ
الجارودِ: دَلَفَ إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحَسَرَ لِثامَه
أَي قرُبَ مِنْهُ وأَقبل عَلَيْهِ، مِنَ الدَّلِيفِ المَشْيِ الرُّوَيْدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
رُقَيْقةَ: وليَدْلِفْ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَطْن رجلٌ.
وعُقابٌ دَلُوفٌ: سَرِيعَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِذَا السُّقاةُ اضْطَجَعُوا لِلأَذْقانْ، ... عَقَّتْ كَمَا عَقَّتْ دَلوفُ العِقْبانْ
عَقَّتْ: حامتْ، وَقِيلَ: ارْتَفَعَت كَارْتِفَاعِ العُقاب. ودُلَفُ: مِنَ الأَسماء، فُعَلُ كأَنه مَصْرُوفٌ مِنْ دَالِفٍ مِثْلُ زُفَرَ وَعُمْرَ؛ وأَنشد ابْنُ السكِّيت لِابْنِ الخطِيم:
لَنا مَعَ آجامِنَا وحَوْزَتِنا، ... بَينَ ذَراها مَخارِفٌ دُلَفُ
أَراد بالمَخارِفِ نَخلاتٍ يُخْتَرَفُ مِنْهَا. وأَبو دُلَفٍ بِفَتْحِ اللَّامِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَبو دُلَفٍ، بِفَتْحِ اللَّامِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ أَبو دُلَفَ، غَيْرَ مَصْرُوفٍ لأَنه مَعْدُولٌ عَنْ دَالِفٍ، وَقَالَ: ذَكَرَ ذَلِكَ الْهَرَوِيُّ فِي كِتَابِهِ الذَّخائر. والدُّلْفِينُ: سَمَكَةٌ بَحْرِيَّةٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: دابة في البحر تُنَجِّي الغريق.
دلغف: ادْلَغَفَّ: جَاءَ للسَّرِقة فِي خَتْلٍ واسْتِتارٍ؛ قَالَ:
قَدِ ادْلَغَفَّتْ، وَهِيَ لَا تَرَاني، ... إِلَى مَتاعِي مِشْيَةَ السَّكْرانِ،
وبُغْضُها فِي الصدرِ قَدْ وَراني
اللَّيْثُ: الادْلِغْفافُ مَشْيُ الرجلِ مُتَسَتِّراً لِيَسْرق شَيْئًا، قَالَ الأَزهري: وَرَوَاهُ غَيْرُهُ اذْلَغَفَّ، بِالذَّالِ، قَالَ: وكأَنه أَصح، وأَنشد الأَبيات بالذال.
دنف: الدَّنَفُ: المَرَضُ اللازِمُ المُخامِرُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَرَضُ مَا كَانَ. وَرَجُلٌ دَنَفٌ ودَنِفٌ ومُدْنِفٌ ومُدْنَفٌ: بَرَاهُ المرضُ حَتَّى أَشْفى عَلَى الْمَوْتِ، فَمَنْ قَالَ دَنَفٌ لَمْ يُثَنِّهِ وَلَمْ يَجْمَعْهُ وَلَمْ يُؤَنِّثْهُ كأَنه وَصَفَ بِالْمَصْدَرِ، وَمَنْ كَسَرَ ثنَّى وَجَمَعَ وأَنَّث لَا مَحالة فَقَالَ: رَجُلٌ دَنِفٌ، بِالْكَسْرِ، وَرَجُلَانِ دَنِفَان وأَدْنافٌ، وامرأَة دَنِفَةٌ ونِسوة دَنِفاتٌ، ثَنَّيْتَ وَجَمَعْتَ وأَنَّثتَ. الْفَرَّاءُ: رَجُلٌ دَنَفٌ وضَنًى وَقَوْمٌ دَنَفٌ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُثَنَّى الدَّنَفُ وَيُجْمَعَ فَيُقَالُ: أَخوانِ دَنَفانِ وإخْوَتُكَ أَدْنَافٌ. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ دَنَفٌ وامرأَة دَنَفٌ وَقَوْمٌ دَنَفٌ يستَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ. وَقَدْ دَنِفَ الْمَرِيضُ، بِالْكَسْرِ، أَي ثَقُلَ، وأَدْنَفَ مِثْلُهُ، وأَدْنَفَه يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُقَالُ دَنِفٌ وَإِنْ كَانُوا قَدْ قَالُوا دَنِفٌ يُذْهَب بِهِ إِلَى النسَب، وأَدْنَفَه اللهُ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
والشمسُ قَدْ كادَتْ تَكُونُ دَنَفاً، ... أَدْفَعُها بالرَّاحِ كَيْ تَزَحْلَفا
أَي حِينَ اصْفَرَّتْ، أَراد مُداناتها للغُروب فكأَنها دَنَفٌ حِينَئِذٍ، وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ، يُقَالُ: دَنِفَتِ الشمسُ وأَدْنَفَتْ إِذَا دَنَتْ للمَغِيب واصفرّت.(9/107)
دهف: دَهَفَ الشيءَ يَدْهَفُه دَهْفاً وأَدْهَفَه: أَخذه أَخْذاً كَثِيرًا. قَالَ الأَزهري: وَفِي النَّوَادِرِ جَاءَ هادِفةٌ مِنَ النَّاسِ ودَاهِفَةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ والدَّاهِفُ: المُعْيِي. وَيُقَالُ: إِبِلٌ داهِفةٌ أَي مُعْيِيةٌ مِنْ طُول السَّيْرِ؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
فَمَا قَدِمَتْ حَتَّى تَواتَرَ سَيْرُها، ... وَحَتَّى أُنِيخَتْ وَهِيَ دَاهِفةٌ دُبْرُ
ابْنُ الأَعرابي: الدَّاهِفَةُ الْغَرِيبُ؛ قَالَ الأَزهري: كأَنه بِمَعْنَى الدَّاهِف والهادِف.
دَوَفَ: دافَ الشيءَ دَوْفاً وأَدافَه: خلَطه، وأَكثر ذَلِكَ فِي الدَّوَاءِ والطِّيبِ. وَمِسْكٌ مَدْوُوفٌ مَدوفٌ جَاءَ عَلَى الأَصل، وَهِيَ تَمِيمِيَّةٌ؛ قَالَ:
والمِسْكُ فِي عَنْبَرِه مَدْوُوفُ
ودَافَ الطيبَ وَغَيْرَهُ فِي الْمَاءِ يَدوفُه، فَهُوَ دَائِفٌ؛ قَالَ الأَصمعي: وَفَادَهُ يَفُودُه مِثْلُهُ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ مِسك مَدُوف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
كأَنَّ دِماءهم تَجْري كُمَيْتاً، ... ووَرْداً قَانِئًا شَعَرٌ مَدُوفُ
وَفِي حَدِيثِ
أُم سُلَيْم: قَالَ لَهَا وَقَدْ جَمَعَتْ عرَقَه مَا تَصْنَعِين؟ قَالَتْ: عَرَقُكَ أَدُوفُ بِهِ طِيبِي
أَي أَخْلِطُ وَفِي حَدِيثِ
سَلْمانَ: أَنه دَعَا فِي مَرَضِهِ بِمسْكٍ فَقَالَ لامرأَته: أَدِيفِيهِ فِي تَوْرٍ.
وَيُقَالُ: دَافَ يَدِيفُ، بِالْيَاءِ، وَالْوَاوُ فِيهِ أَكثر. الْجَوْهَرِيُّ: دُفْتُ الدَّواء وَغَيْرَهُ أَي بللتُه بِمَاءٍ أَو بِغَيْرِهِ، فَهُوَ مَدُوفٌ ومَدْوُوفٌ، وَكَذَلِكَ مِسْكٌ مَدُوفٌ أَي مَبْلُول، وَيُقَالُ مسْحُوق، قَالَ: وَلَيْسَ يأْتي مَفْعُولٌ مِنْ ذواتِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَنَاتِ الْوَاوِ بِالتَّمَامِ إِلَّا حَرْفان: مِسْكٌ مَدْوُوف وَثَوْبٌ مَصْوُونٌ، فَإِنَّ هَذَيْنِ حَرْفَيْنِ جَاءَا نَادِرَيْنِ، وَالْكَلَامُ مَدُوفٌ وَمَصُونٌ، وَذَلِكَ لِثِقَلِ الضَّمَّةِ عَلَى الْوَاوِ، والياءُ أَقوى عَلَى احْتِمَالِهَا مِنْهَا فَلِهَذَا جَاءَ مَا كَانَ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ بِالتَّمَامِ وَالنُّقْصَانِ نَحْوُ ثَوْبٌ مَخِيطٌ ومَخْيُوطٌ. ودِيافٌ: مَوْضِعٌ بِالْجَزِيرَةِ وَهُمْ نَبَطُ الشَّامِ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الْوَاوِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَهْجُو عَمْرَو بْنَ عَفْراء.
ولكِنْ دِيافيٌّ أَبوه وأُمُّه ... بِحَوْرانَ، يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أَقارِبُهْ
قَالَ: قَوْلُهُ يعصِرن إِنَّمَا هُوَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ أَكلوني البراغِيثُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لسُحَيم عبدِ بَنِي الحَسْحاسِ:
كأَنَّ الوُحوشَ بِهِ عَسْقَلانُ ... صادَفَ فِي قَرْنِ حَجٍّ دِيافا
أَي صادَفَ نَبَطَ الشامِ.
دَيَفَ: دِيافُ: مَوْضِعٌ فِي الْبَحْرِ، وَهِيَ أَيضاً قَرْية بِالشَّامِ، وَقَدْ أَوردوا ذَلِكَ فِي دَيَفَ، وَقَالُوا وَهُوَ مِنَ الْوَاوِ، وَقَالَ الأَزهري: دِيافُ قَرْيَةٌ بِالشَّامِ تُنْسب إِلَيْهَا النجائبُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
إِذَا سافَهُ العَوْدُ الدِّيافيُّ جَرْجَرا
ودَافَ الشيءَ يَدِيفُه: لُغَةٌ فِي دَافَه يَدُوفُه إِذَا خَلَطَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وتَدِيفُون «1» فِيهِ مِنَ القُطَيْعاء
أَي تَخْلِطون، وَالْوَاوُ فِيهِ أَكثر مِنَ الْيَاءِ، وَيُرْوَى بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَيْسَ بِالْكَثِيرِ. وجمَل دِيافيٌّ: وَهُوَ الضخم الجليل.
__________
(1) . قوله [وتديفون إلخ] أورده المؤلف في مادة قطع تبعاً للنهاية: وتقذفون فيه من القطيعاء.(9/108)
فصل الذال المعجمة
ذأف: الذَّأْفُ: سرعةُ المَوْت، الأَلف هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ. ومَوت ذُؤافٌ وَحِيٌّ كذُعافٍ: بِسُرْعةٍ، وعدَّه يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ. والذَّأْفُ والذَّأَفُ: الإِجْهاز عَلَى الْجَرِيحِ، وَقَدْ ذَأَفَه وذَأَفَ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فِي غَزْوة بَنِي جَذيمةَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ أَسير فَلْيُذْئِفْ عَلَيْهِ
أَي يُجْهِزْ ويُسْرع قَتْلَهُ، وَيُرْوَى بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والذِّئْفانُ والذِّيفانُ: السُّمُّ الَّذِي يَذْأَف ذَأْفاً، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ. ومَرَّ يَذْأَفُهم أَي يَطْرُدُهم.
ذرف: الذَّرْفُ: صَبُّ الدَّمْع. وذَرَفَ الدَّمْعُ يَذْرِفُ ذَرْفاً وذَرَفاناً: سالَ. وذَرَفَتِ العينُ الدمعَ تَذْرِفُه ذَرْفاً وذَرفاناً وذُرُوفاً وذَرِيفاً وتَذْرافاً وذَرَّفَتْه تَذْريفاً وتَذْرِفةً: أَسالَتْه، وَقِيلَ: رَمَتْ بِهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى اللِّحْيَانِيَّ حَكَى ذَرَفَتِ العينُ ذُرافاً، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
العِرْباض: فوَعَظَنا رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَوْعِظةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ
أَي جَرَى دَمْعُها. ودمْع ذَرِيفٌ أَي مَذْرُوف؛ قَالَ:
مَا بالُ عَيْني دَمْعُها ذَريفُ
وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ الدمعُ نَفْسُه فَيُقَالُ: ذَرَفَ الدمْعُ يَذْرِفُ ذُرُوفاً وذَرْفاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عيْنَيَّ جُودا بالدُّموعِ الذَّوارفِ
قَالَ: وذَرَّفَتْ دُمُوعي تَذْريفاً وتَذْرافاً وتَذْرِفةً. ومَذارِفُ العينِ: مَدامِعُها. والمَذارِفُ: المَدامِعُ. واسْتَذْرَفَ الشيءَ: اسْتَقْطَرَه، واسْتَذْرَفَ الضَّرْعُ: دَعَا إِلَى أَن يُحْلَبَ ويُسْتَقْطَرَ؛ قَالَ يَصِفُ ضَرْعًا:
سَمْحٌ إِذَا هَيَّجْتَه مُسْتَذْرِف
أَي مُسْتَقْطِر كأَنه يَدْعُو إِلَى أَن يُستقطَر؛ وَسَمْحٌ أَي أَن هَذَا الضَّرْعَ سَمْحٌ بِاللَّبَنِ غَزيرُ الدَّرِّ. والذَّرْفُ مِنْ حُضْرِ الْخَيْلِ: اجْتِمَاعُ الْقَوَائِمِ وَانْبِسَاطُ الْيَدَيْنِ غَيْرَ أَن سَنابِكَه قَرِيبَةٌ مِنَ الأَرض. وذَرَّفَ عَلَى الْخَمْسِينَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعَدَدِ: زَادَ عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتين
، وَفِي رِوَايَةٍ:
عَلَى الخَمْسين
، أَي زِدْتُ عَلَيْهَا. يُقَالُ: ذَرّفَ وزَرَّفَ. وذَرَّفْتُه الموتَ أَي أَشْرَفْتُ بِهِ عَلَيْهِ. وذَرَّفَهُ الشيءَ: أَطلعه عَلَيْهِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد لِنَافِعِ بْنِ لَقيط:
أُعْطِيكَ ذِمّةَ والِدَيَّ كِليهما، ... لأُذَرِّفَنْكَ المَوْتَ، إِنْ لَمْ تَهْرُبِ
أَي لأُطْلِعَنَّكَ عَلَيْهِ. والذَّرَّافُ: السريعُ كالزَّرَّاف. والذُّرْفَةُ: نِبْتَةٌ. والذَّرَفانُ: المَشْيُ الضَّعِيفُ. وذَرَّفَ عَلَى المائةِ تَذْريفاً أَي زاد.
ذرعف: اذْرَعَفَّتِ الإِبلُ وادْرَعَفَّتْ، بِالدَّالِ وَالذَّالِ، كِلَاهُمَا: مَضَتْ عَلَى وُجُوهِهَا، وَقِيلَ: المُذْرَعِفُّ السَّرِيعُ فعَمَّ بِهِ. وادْرَعَفَّ الرجل في القتال أَي اسْتَنْتَلَ من الصفِّ.
ذعف: الذُّعافُ: سُمُّ ساعةٍ. سَمٌّ ذُعافٌ: قاتِلٌ وَحِيٌّ؛ قَالَتْ دُرَّةُ بِنْتُ أَبي لَهَبٍ:
فِيهَا ذُعافُ المَوْتِ، أَبْرَدُه ... يَغْلي بهمْ، وأَحَرُّه يَجْري
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
سَقَتْهُنَّ كأْساً مِنْ ذُعافٍ وجَوْزَلا(9/109)
وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَذَفَ: العُذوفُ السُّكوتُ، والذُّعُوفُ المَراراتُ. وَطَعَامٌ مَذْعُوفٌ: جُعِلَ فِيهِ الذُّعافُ، وَجَمْعُ الذُّعافِ السَّمِّ ذُعُفٌ. وأَذْعَفَه: قَتَله قَتلًا سَرِيعاً. وذَعَفْتُ الرجلَ: سَقَيْتُه الذُّعافَ. وموتٌ ذُعَافٌ وذُؤافٌ أَي سَرِيعٌ يُعَجِّلُ الْقَتْلَ. وحَيَّةٌ ذَعْفُ اللُّعابِ: سريعةُ القتل.
ذفف: ذَفَّ الأَمرُ يَذِفُّ، بِالْكَسْرِ، ذَفِيفاً واسْتَذَفَّ: أَمْكَنَ وتَهَيّأَ. يُقَالُ: خُذْ مَا ذَفَّ لَكَ واسْتَذَفَّ لَكَ أَي خُذْ مَا تيسَّرَ لَكَ. واسْتَذَفَّ أَمْرُهم واستدفَّ، بِالدَّالِ وَالذَّالِ؛ حَكَاهَا ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ القطاعِ، وذَفَّ عَلَى وَجْهِ الأَرض ودَفَّ. والذَّفيفُ والذُّفافُ: السريعُ الخَفِيف، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الخَفيف عَلَى وَجْهِ الأَرض، ذَفَّ يَذِفُّ ذَفافةً. يُقَالُ: رَجُلٌ خفِيفٌ ذَفِيفٌ أَي سَرِيعٌ، وخُفافٌ ذُفافٌ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ ذُفافة. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لِبلالٍ: إِنِّي سَمِعْتُ ذَفَّ نَعْلَيْك فِي الْجَنَّةِ
أَي صَوْتَهُمَا عِنْدَ الوَطْءِ عَلَيْهِمَا، وَيُرْوَى بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تقدَّم؛ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: وإنْ ذَفَّفَتْ بِهِمُ الهَمالِيجُ
أَي أَسْرعَتْ. والذَّفُّ: الإِجْهازُ عَلَى الجَرِيحِ، وَكَذَلِكَ الذِّفَافُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ أَو رُؤْبَةَ يُعاتِب رَجُلًا، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ هُوَ لِرُؤْبَةَ:
لَمَّا رَآنِي أُرْعِشَتْ أَطْرافي، ... كانَ مَعَ الشَّيْبِ مِنَ الذِّفافِ
يُرْوَى بِالدَّالِ وَالذَّالِ جَمِيعًا؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلسُّمِّ الْقَاتِلِ ذِفَافٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه أَمَرَ يَوْمَ الجمَل فَنُودِيَ أَن لا يُتْبَعَ مُدْبِرٌ وَلَا يُقتلَ أَسيرٌ وَلَا يُذَفَّفَ عَلَى جَرِيح
؛ تذفِيفُ الجَرِيح: الإِجْهازُ عَلَيْهِ وتَحْرِيرُ قتِله. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَذَفَّفْتُ عَلَى أَبي جَهْلٍ
، وَحَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: أَقْعَصَ ابْنَا عَفْراء أَبا جَهْلٍ وذَفَّف عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ
؛ وَيُرْوَى بِالْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تقدَّم. والذَّفْذفُ: سُرعة الْقَتْلِ. وذَفْذَفْتُ عَلَى الْجَرِيحِ تَذْفِيفًا «1» إِذَا أَسرعت قَتْلَهُ. وأَذْفَفْتُ وذَفَّفْتُ وذَفَّفْتُه: أَجْهَزْتُ عَلَيْهِ، وَالِاسْمُ الذَّفَافُ؛ عَنِ الهَجَريّ؛ وأَنشد:
وهَلْ أَشْرَبَنْ مِنْ ماءِ حَلْبَةَ شَرْبَةً، ... تَكونُ شِفاءً أَو ذَفَافاً لِمَا بيَا؟
وَحَكَاهَا كُرَاعٌ بِالدَّالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: ذفَّفَه بِالسَّيْفِ وذَافَّه. وذَافَّ لَهُ وذَافَّ عَلَيْهِ، بِالتَّشْدِيدِ، كُلُّهُ: تَمَّمَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَجْهَز عَلَيْهِ. وموتٌ ذَفِيفٌ: مُجْهِزٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سُلِّطَ عَلَيْهِمْ آخِرَ الزَّمانِ مَوْتُ طاعونٍ ذَفِيفٍ
؛ هُوَ الْخَفِيفُ السَّرِيعُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سهلٍ: دَخَلْتُ عَلَى أَنس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ يُصَلِّي صَلَاةً خَفِيفَةً ذَفيفةً كأَنها صلاةُ مُسافِرٍ.
والذِّفافُ: السَّمُّ «2» القاتِلُ لأَنه يُجْهِزُ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ. وذَفْذَفَ إِذَا تَبَخْتَرَ. والذَّفِيفُ: ذَكَرُ القنافِذِ. وماءٌ ذُفٌّ وذَفَفٌ وذُفَافٌ وذِفَافٌ: قَلِيلٌ، وَالْجَمْعُ أَذِفَّةٌ وذُفُفٌ. والذِّفَافُ: البَلَلُ، وَفِي الصِّحَاحِ: الماءُ الْقَلِيلِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ قَبْرًا أَو حُفْرة:
يَقُولُونَ لَمَّا جُشَّتِ البِئرُ: أَوْرِدُوا، ... وَلَيْسَ بِهَا أَدْنى ذُفَافٍ [ذِفافٍ] لِوارِدِ
__________
(1) . قوله [والذَّفْذَفُ سُرْعَةُ الْقَتْلِ. وذَفْذَفْتُ على الجريح تَذْفِيفاً] كذا بالأصل.
(2) . قوله [والذفاف السم] الذفاف ككتاب وغراب وكذلك الذفاف بمعنى البلل انتهى. قاموس.(9/110)
وَمَا ذُقْتُ ذِفَافاً «1» : وَهُوَ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَنه نَهَى عَنِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ، فَقَالَتْ: شَيْءٌ ذَفِيفٌ يُرْبَطُ بِهِ المِسْك
أَي قَلِيلٌ يُشَدُّ بِهِ. والذَّفُّ: الشَّاءُ؛ هَذِهِ عَنْ كُرَاعٍ. وذُفافةُ، بِالضَّمِّ: اسْمُ رجل.
ذلف: الذَّلَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: قِصَرُ الأَنفِ وصِغَرُه، وَقِيلَ: قِصَرُ القصَبة وَصِغَرُ الأَرْنبة، وَقِيلَ: هُوَ كالخَنَس، وَقِيلَ: هُوَ غِلَظ واسْتِواء فِي طرَف الأَرنبة، وَقِيلَ: هُوَ كالهامةِ فِيهِ لَيْسَ بِحَدٍّ غَلِيظٍ وَهُوَ يَعْتَرِي الْمَلَاحَةَ، وَقِيلَ: هُوَ قِصَرٌ فِي الأَرنبة واستِواء فِي الْقَصَبَةِ مِنْ غَيْرِ نُتُوءٍ، والفَطَسُ لُصوق الْقَصَبَةِ بالأَنف مَعَ ضِخَم الأَرنبة، ذَلِفَ ذَلَفاً؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:
لِلَّثْمِ عِنْدي بَهْجةٌ ومَزِيّةٌ، ... وأُحِبُّ بَعضَ مَلاحَةِ الذَّلْفَاء
وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ صِغَرُ الأَنف وَاسْتِوَاءِ الأَرنبة، تَقُولُ: رَجُلٌ أَذْلَفُ بَيِّنُ الذَّلَفِ، وَقَدْ ذَلَفَ، وامرأَة ذَلْفَاء مِنْ نِسْوة ذُلْفٍ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمَرْأَةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّمَا الذَّلْفاءُ ياقُوتةٌ، ... أُخْرِجَتْ مِنْ كِيسِ دِهْقان
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقومُ الساعةُ حَتَّى تُقاتلُوا قَوْمًا صِغارَ الأَعْيُنِ ذُلْفَ الآنُفِ
؛ الذَّلَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: قِصَرُ الأَنف وانْبِطاحُه، وَقِيلَ: ارْتِفاعُ طرَفِه مَعَ صِغَرِ أَرْنَبَتِه. والذُّلْفُ، بِسُكُونِ اللَّامِ: جَمْعُ أَذْلَف كأَحمر وحُمْرٍ، والآنُفُ: جَمْعُ قِلَّةٍ للأَنْف وُضِعَ مَوْضع جَمْعِ الْكَثْرَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُحْتَمَلُ أَنه قَلَّلَهَا لِصِغَرِهَا. والذَّلَفُ كالدَّكِّ مِنَ الرِّمالِ: وَهُوَ مَا سَهُلَ مِنْهُ، والدَّكُّ عَنْ أَبي حنيفة.
ذلغف: اللَّيْثُ: الاذْلِغْفافُ مَجِيءُ الرَّجُلِ مُسْتَتِراً ليَسْرِقَ شَيْئًا، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ ادْلَغَفَّ، بِالدَّالِ، وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَصح؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو المِلقطِيُّ:
قدِ اذْلَغَفَّتْ، وَهِيَ لَا تَرَانِي، ... إِلَى مَتاعِي مِشْيَةَ السَّكْرانِ،
وبُغْضُها فِي الصَّدْرِ قد وراني
ذوف: ذافَ يَذُوفُ ذَوْفاً: وَهِيَ مِشْيَةٌ فِي تَقاربٍ وتَفَحُّجٍ؛ قَالَ:
رأَيْتُ رِجالًا حِينَ يَمْشُونَ فَحَّجُوا، ... وذَافُوا كَمَا كانُوا يَذُوفون منْ قَبْل
وذُفْتُ: خَلَطْتُ، لُغَةٌ فِي دُفْتُ. والذُّوفانُ: السَّمُّ المُنْقَعُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَاتِلُ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الْيَاءِ لأَن الذَّيفانَ لغة فيه.
ذيف: الذِّئْفانُ، بِالْهَمْزِ، والذِّيفانُ، بِالْيَاءِ، والذَّيفان، بِكَسْرِ الذَّالِ وَفَتْحِهَا، والذُّوافُ كُلُّهُ: السَّمُّ النَّاقِعُ، وَقِيلَ: الْقَاتِلُ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ. والذُّؤفانُ، بِضَمِّ الذَّالِ وَالْهَمْزِ، لُغَةٌ فِي الذِّيفَانِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا بَيَّنْتُهُ هَاهُنَا مُعاقَبةً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لأَبي وَجْزَةَ:
وَإِذَا قَطَمْتَهُمُ قَطَمْتَ عَلاقِماً، ... وقَواضِيَ الذِّيفانِ مِمَّن تَقْطِمُ «2»
__________
(1) . قوله [وما ذقت ذِفَافاً] هو بالكسر، قال في القاموس ويفتح.
(2) . قوله [ممن تقطم] في الصحاح في مادة قطم فيما تَقْطِمُ.(9/111)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ ابْنُ خَالَوَيْهِ أَنه لَمْ يَهْمِزْهُ أَحد مِنْ أَهل اللُّغَةِ غَيْرُ الأَصمعي. ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ:
يُفَدِّيهمْ، ووَدُّوا لَوْ سَقَوْه، ... مِنَ الذِّيفَان، مُتْرَعةً مِلايا
الذِّيفانُ: السَّمُّ القاتِلُ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، والمِلايا: يُرِيدُ بِهَا الْمَمْلُوءَةَ فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ يَاءً وَهُوَ قَلْبٌ شَاذٌّ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ سَقَاهُ اللَّهُ كأْسَ الذَّيفانِ، بِفَتْحِ أَوله، وَهُوَ الْمَوْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وتَديفُونَ فِيهِ مِنَ القُطَيْعاء
أَي تَخْلِطُون؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْوَاوُ فِيهِ أَكثر مِنَ الْيَاءِ، وَيُرْوَى بِالذَّالِ، وَهُوَ بالدال أَكثر.
فصل الراء
رأف: الرأْفة: الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ: أَشد الرَّحْمَةِ؛ رَأَفَ بِهِ يَرْأَفُ ورَئِفَ ورَؤُفَ رَأْفَةً ورَآفةً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الرَّأْفَةُ والرَّآفةُ مِثْلُ الكأْبةِ وَالْكَآبَةِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَي لَا تَرْحَمُوهُمَا فَتُسْقِطوا عَنْهُمَا مَا أَمَر اللَّهُ بِهِ مِنَ الْحَدِّ. وَمِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الرَّؤُوف وَهُوَ الرحيمُ لِعِبَادِهِ العَطُوفُ عَلَيْهِمْ بأَلطافه. والرَّأْفَةُ أَخصُّ مِنَ الرحمةِ وأَرَقُّ، وَفِيهِ لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا مَعًا: رَؤُوفٌ عَلَى فَعُولٍ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الأَنصاري:
نُطِيعُ نَبيَّنا ونُطِيعُ رَبّاً، ... هُوَ الرحمنُ كان بِنا رَؤُوفا
ورَؤُفٌ عَلَى فَعُلٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَرى لِلْمُسلِمِينَ عَلَيْهِ حَقّاً، ... كفِعْلِ الوالِدِ الرَّؤُفِ الرحيمِ
وَقَدْ رَأَفَ يَرْأَفُ إِذَا رَحِمَ. والرَّأْفَةُ أَرَقُّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَلَا تَكاد تَقَعُ فِي الْكَرَاهَةِ، والرحمةُ قَدْ تَقَعُ فِي الْكَرَاهَةِ للمَصْلحةِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ رَؤُفْتُ بِالرَّجُلِ أَرْؤُفُ بِهِ رَأْفَةً ورَآفَةً ورَأَفْتُ أَرْأَفُ بِهِ ورَئِفْتُ بِهِ رَأَفاً كلٌّ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ومَن لَيَّنَ الهمزةَ وقال رَوُفَ جَعَلَهَا وَاوًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَأْفٌ، بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فآمِنوا بِنَبِيٍّ، لَا أَبا لكُمُ ... ذِي خاتَمٍ، صاغَهُ الرحمنُ، مَخْتُومِ
رَأْفٍ رَحِيمٍ بأَهْلِ البِرِّ يَرْحَمُهم، ... مُقَرَّبٍ عِنْدَ ذِي الكُرْسِيِّ مَرْحُومِ
ابْنُ الأَعرابي: الرأْفةُ الرحمةُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ رَئِفٌ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، ورَؤُفٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ رَؤُفٌ ورَؤُوفٌ ورَأْفٌ؛ وَقَوْلُهُ:
وَكَانَ ذُو العَرْشِ بِنَا أَرافِيْ
إِنَّمَا أَراد أَرأَفِيّاً كأَحْمَرِيّ، فأَبدل وسكَّنه عَلَى قَوْلِهِ:
وَآخِذُ منْ كلِّ حَيٍّ عُصُمْ
رجف: الرَّجَفانُ: الاضْطِرابُ الشديدُ: رجَفَ الشيءُ يَرْجُفُ رَجْفاً ورُجُوفاً ورَجَفَاناً ورَجِيفاً وأَرْجَفَ: خَفَقَ واضْطَرَبَ اضْطِراباً شَديداً، أَنشد ثَعْلَبٌ:
ظَلَّ لأَعلى رأْسه رَجِيفا
ورَجْفُ الشَّيْءِ كرَجَفانِ الْبَعِيرِ تَحْتَ الرَّحْلِ، وَكَمَا تَرْجُفُ الشجرةُ إِذَا رَجَفَتْها الرِّيحُ، وَكَمَا تَرْجُف السِّنُّ إِذَا نَغَضَ أَصْلُها. والرَّجْفَةُ: الزَّلْزَلَةُ.(9/112)
ورَجَفَتِ الأَرض تَرْجُفُ رَجْفاً: اضطَربت. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ
؛ أَي لَوْ شئتَ أَمَتَّهم قَبْلَ أَن تَقْتُلَهُمْ. وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ رَجَفَ بِهِمُ الجبلُ فَمَاتُوا. ورجَفَ القلبُ: اضْطَربَ مِنَ الجَزَعِ. والرَّاجِفُ: الحُمّى المُحَرِّكَةُ، مذكَّر؛ قَالَ:
وأَدْنَيْتَني، حَتَّى إِذَا مَا جَعَلْتَني ... عَلَى الخَصْرِ أَو أَدْنى، اسْتَقَلَّك رَاجِفُ
ورَجَفَ الشجرُ يَرْجُفُ: حرّكَتْه الريحُ، وَكَذَلِكَ الأَسْنانُ. ورجَفَتِ الأَرضُ إِذَا تَزَلْزَلَتْ. ورَجَفَ القومُ إِذَا تَهَيَّؤُوا لِلْحَرْبِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ النَّفْخةُ الأُولى، والرّادِفةُ النفخةُ الثَّانِيَةُ؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: الرَّاجِفةُ الأَرض تَرْجُفُ تَتحرَّكُ حَرَكَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ الزَّلْزَلَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيها الناسُ اذكُروا اللَّهَ، جاءتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرّادِفةُ
؛ قَالَ: الرَّاجِفَةُ النفخةُ الأُولى الَّتِي تَمُوتُ لَهَا الْخَلَائِقُ، وَالرَّادِفَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي يَحْيَوْنَ لَهَا يومَ الْقِيَامَةِ. وأَصل الرَّجْف الحركةُ والاضْطِرابُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المَبْعَثِ:
فَرَجَعَ تَرْجُفُ بِهَا بَوادِرُه.
اللَّيْثُ: الرَّجْفَةُ فِي الْقُرْآنِ كلُّ عَذَابٍ أَخَذَ قَوْمًا، فَهِيَ رجْفَةٌ وصَيْحةٌ وصاعِقةٌ. والرَّعْدُ يَرْجُفُ رَجْفاً ورَجِيفاً: وَذَلِكَ تَرَدُّدُ هَدْهَدَتِه فِي السَّحابِ. ابْنُ الأَنباري: الرجْفةُ مَعَهَا تَحْريك الأَرضِ، يُقَالُ: رَجَفَ الشيءُ إِذَا تَحَرَّكَ؛ وأَنشد:
تحْييِ العِظام الرَّاجفات منَ البِلى، ... وَلَيْسَ لِدَاءِ الرُّكْبَتَيْنِ طَبيبُ
ابْنُ الأَعرابي: رَجَفَ الْبَلَدُ إِذَا تَزَلْزَلَ، وَقَدْ رَجَفَت الأَرضُ وأَرْجَفَتْ وأُرْجِفَتْ إِذَا تَزَلْزَلَتْ. اللَّيْثُ: أَرْجَفَ القومُ إِذَا خاضُوا فِي الأَخبار السَّيِّئَةِ وَذِكْرِ الفتَنِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ
؛ وَهُمُ الَّذِينَ يُوَلِّدُونَ الأَخبارَ الكاذبةَ الَّتِي يَكُونُ مَعَهَا اضطرابٌ فِي النَّاسِ. الْجَوْهَرِيُّ: والإِرْجَافُ وَاحِدُ أَراجِيفِ الأَخْبارِ، وَقَدْ أَرْجَفوا فِي الشَّيْءِ أَي خاضُوا فِيهِ. واسْتَرْجَفَ رأْسَه: حَرَّكه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذْ حَرَّكَ القَرَبُ القَعْقاعُ أَلْحِيَها، ... واسْتَرْجَفَتْ هامَها الهِيمُ الشَّغامِيمُ
وَيُرْوَى:
إِذْ قَعْقَعَ القَرَبُ البَصْباصُ أَلْحِيَها
والرَّجَّافُ: الْبَحْرُ، سُمّي بِهِ لاضْطرابه وَتَحَرُّكِ أَمْواجِه، اسْمٌ لَهُ كالقَذّاف؛ قَالَ:
ويُكَلِّلُونَ جِفانَهُم بِسَدِيفِهِمْ، ... حَتَّى تَغِيبَ الشمسُ فِي الرَّجَّافِ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
المُطْعِمُونَ اللحمَ كلَّ عَشِيّةٍ، ... حَتَّى تَغِيبَ الشمسُ فِي الرَّجَّافِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لمَطْرُود بْنِ كَعْبٍ الخُزاعِي يَرْثي عَبْدَ الْمُطَّلِبِ جدَّ سَيِّدِنَا رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والأَبيات:
يَا أَيُّها الرجُلُ المُحَوِّلُ رَحلَه، ... هَلَّا نَزَلْتَ بآلِ عَبْدِ مَنافِ؟
هَبِلَتْكَ أُمُّك لَوْ نَزَلْتَ بدارِهِمْ، ... ضَمِنُوكَ مِن جُرْمٍ وَمِنْ إقْرافِ(9/113)
المُنْعِمِينَ إِذَا النجومُ تَغَيَّرَتْ، ... والظاعِنِينَ لِرِحْلَةِ الإِيلافِ
والمُطْعِمُونَ إِذَا الرِّياحُ تَناوَحَتْ، ... حَتَّى تَغِيبَ الشمسُ فِي الرَّجَّافِ
وَقِيلَ: الرَّجَّافُ يومُ القِيامةِ. ورَجَفَ القومُ: تَهَيَّؤُوا لِلْقِتَالِ، وأَرْجَفُوا: خاضُوا فِي الفِتْنةِ والأَخبار السَّيِّئَةِ. والرَّجَفَانُ: الإِسراعُ؛ عن كراع.
رحف: الأَزهري خَاصَّةً: ابْنُ الأَعرابي أَرْحَفَ الرجلُ إِذَا حَدَّدَ سِكِّيناً أَو غَيْرَهُ. يُقَالُ: أَرْحَفَ شَفْرَتَه حَتَّى قَعَدَتْ كأَنها حَرْبَةٌ. وَمَعْنَى قَعَدَتْ أَي صارَتْ. قَالَ الأَزهري: كأَنَّ الْحَاءَ مُبدلة مِنَ الْهَاءِ فِي أَرْحَفَ، والأَصلُ أَرْهَفَ. وَسَيْفٌ مُرْهَفٌ ورَهِيفٌ أَي مُحَدَّدٌ.
رخف: الرَّخْفُ: المُسْترخِي مِنَ العَجِينِ الْكَثِيرِ الْمَاءِ. رَخِفَ، بِالْكَسْرِ، رَخَفاً مِثْلُ تَعِبَ تَعَباً ورَخَفَ يَرْخُفُ رَخْفاً ورَخَافَةً ورُخُوفَةً وأَرْخَفَه هُوَ: كَثَّرَ ماءَه حَتَّى يَسْترخي، وَالِاسْمُ الرُّخْفَة، وَاسْمُ ذَلِكَ الْعَجِينِ الرَّخْفُ والوَرِيخَةُ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ الرَّخِيفَةُ والمَرِيخَةُ والوَرِيخَةُ. وثَريدَةٌ رَخْفَةٌ: مُسْتَرْخِيةٌ، وَقِيلَ خاثرةٌ، وَكَذَلِكَ ثَرِيدٌ رَخْفٌ. والرَّخْفُ والرَّخْفَةُ: الزُّبْدَةُ المُسْتَرْخِيةُ الرَّقِيقَةُ اسْمٌ لَهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
أَرَخْفٌ زُبْدُ أَيْسَرَ أَمْ نَهِيدُ؟
يَقُولُ: أَرَقِيقٌ هُوَ أَم غَلِيظٌ، وَجَمْعُهَا رِخَافٌ؛ قَالَ حَفْصٌ الأُمَوِيّ:
تَضْربُ ضَرّاتها إِذَا اشْتَكَرَت ... نافِطُها، والرِّخافُ تَسْلَؤُها «1»
والرَّخْفَةُ: الطِّينُ الرّقِيقُ. وَصَارَ الْمَاءُ رَخْفَةً ورَخِيفَةً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي طِيناً رَقِيقًا، وَقَدْ يُحَرَّكُ لأَجل حَرْفِ الْحَلْقِ. أَبو حَاتِمٍ: الرَّخْفُ كأَنه سَلْح طَائِرٍ. وَثَوْبٌ رَخْفٌ: رَقِيقٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي الْعَطَاءِ:
قَمِيصٌ مِنَ القُوهِيِّ رَخْفٌ بَنائقُهْ
وَيُرْوَى: رَهْوٌ ومَهْوٌ، كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَرَوَاهُ سِيبَوَيْهِ بِيض بنائِقُه وعَزاه إِلَى نُصَيْبٍ؛ وأَوّل الْبَيْتِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ:
سَوِدْتُ فَلَمْ أَمْلِكْ سَوادِي وتَحْتَه
قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ سُدْتُ. والرَّخْفُ: ضَرْبٌ مِنَ الصِّبْغِ.
ردف: الرِّدْفُ: مَا تَبِعَ الشيءَ. وَكُلُّ شَيْءٍ تَبِع شَيْئًا، فَهُوَ رِدْفُه، وَإِذَا تَتابع شَيْءٌ خَلْفَ شَيْءٍ، فَهُوَ التَّرادُفُ، وَالْجَمْعُ الرُّدافَى؛ قَالَ لَبِيدٌ:
عُذافِرةٌ تَقَمَّصُ بالرُّدافَى، ... تَخَوَّنَها نُزولي وارْتِحالي
وَيُقَالُ: جَاءَ الْقَوْمُ رُدَافَى أَي بَعْضُهُمْ يَتْبَعُ بَعْضًا. وَيُقَالُ للحُداةِ الرُّدَافَى؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِلرَّاعِي:
وخُود، مِنَ اللَّائي تَسَمَّعْنَ بالضُّحى ... قَرِيضَ الرُّدافَى بالغِناء المُهَوِّدِ
وَقِيلَ: الرُّدافَى الرَّدِيف. وَهَذَا أَمْر لَيْسَ لَهُ رِدْفٌ
__________
(1) . قوله [تضرب إلخ] كذا بالأصل، وتقدم له في مادة شكر على غير هذا الوجه.(9/114)
أَي لَيْسَ لَهُ تَبِعةٌ. وأَرْدَفَه أَمْرٌ: لغةٌ فِي رَدِفَه مِثْلَ تَبِعَهُ وأَتْبَعَه بِمَعْنًى؛ قَالَ خُزَيْمةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ نَهْدٍ:
إِذَا الجَوْزاءُ أَرْدَفَتِ الثُّرَيّا، ... ظَنَنْتُ بآلِ فاطِمَةَ الظُّنُونا
يَعْنِي فاطمةَ بنتَ يَذْكُرَ بْنِ عَنَزَةَ أَحَدِ القارِظَين؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُ هَذَا الْبَيْتِ قَوْلُ الْآخَرِ:
قَلامِسة ساسُوا الأُمورَ فأَحْسَنوا ... سِياسَتَها، حَتَّى أَقَرَّتْ لِمُرْدِفِ
قَالَ: وَمَعْنَى بَيْتِ خُزَيْمَةَ عَلَى مَا حَكَاهُ عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ السَّرَّاجِ أَن الْجَوْزَاءَ تَرْدَفُ الثريَّا فِي اشْتِدادِ الْحَرِّ فَتَتَكَبَّدُ السَّمَاءَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ تَنْقطعُ الْمِيَاهُ وتَجِفُّ فَتَتَفَرَّقُ الناسُ فِي طَلَبِ الْمِيَاهِ فَتَغِيبُ عَنْهُ مَحْبُوبَتُه، فَلَا يَدْرِي أَين مَضَتْ وَلَا أَين نَزَلَتْ. وَفِي حَدِيثِ بَدْر:
فأَمَدَّهُمُ اللَّهُ بأَلفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ
أَي مُتتابعينَ يَرْدَفُ بعضُهم بَعْضًا. ورَدْفُ كُلِّ شَيْءٍ: مؤخَّرُه. والرِّدْفُ: الكَفَلُ والعجُزُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ عَجِيزَةَ المرأَة، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَرْدافٌ. والرَّوادِفُ: الأَعْجازُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري أَهو جَمْعُ رِدفٍ نَادِرٌ أَم هُوَ جَمْعُ رَادِفةٍ، وَكُلُّهُ مِنَ الإِتباع. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: عَلَى أَكتافِها أَمثالُ النَّواجِدِ شَحْماً تَدْعونه أَنتم الرَّوادِفَ
؛ هِيَ طرائِقُ الشَّحْمِ، وَاحِدَتُهَا رَادِفَةٌ. وتَرَادَفَ الشيءُ: تَبِع بعضُه بَعْضًا. والتَّرَادُفُ: التَّتَابُعُ. قَالَ الأَصمعي: تَعاوَنُوا عَلَيْهِ وتَرادفوا بِمَعْنًى. والتَّرادُفُ: كِناية عَنْ فعلٍ قَبِيحٍ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. والارْتِدَافُ: الاسْتِدْبارُ. يُقَالُ: أَتينا فُلَانًا فارْتَدَفْناه أَي أَخذناه مِنْ وَرَائِهِ أَخذاً؛ عَنِ الْكِسَائِيِّ. والمُتَرادِفُ: كُلُّ قَافِيَةٍ اجْتَمَعَ فِي آخِرِهَا سَاكِنَانِ وَهِيَ مُتَفَاعِلَانْ «1» وَمُسْتَفْعِلَانْ وَمُفَاعِلَانْ وَمُفْتَعَلَانْ وَفَاعِلَتَانْ وَفِعْلَتَانْ وَفِعْلِيَانْ وَمَفْعُولَانْ وَفَاعِلَانْ وَفِعْلَانْ وَمَفَاعِيلْ وَفُعُولْ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن غَالِبَ الْعَادَةِ فِي أَواخر الأَبيات أَن يَكُونَ فِيهَا سَاكِنٌ وَاحِدٌ، رَوِيّاً مُقَيَّدًا كَانَ أَو وصْلًا أَو خُروجاً، فَلَمَّا اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الْقَافِيَةِ سَاكِنَانِ مُتَرَادِفَانِ كَانَ أَحدُ السَّاكِنِينَ رِدْفَ الآخَرِ وَلَاحِقًا بِهِ. وأَرْدَفَ الشيءَ بِالشَّيْءِ وأَرْدَفَه عَلَيْهِ: أَتْبَعَه عَلَيْهِ؛ قَالَ:
فأَرْدَفَتْ خَيلًا عَلَى خَيْلٍ لِي، ... كالثِّقْل إذْ عَالَى بِهِ المُعَلِّي
ورَدِفَ الرجلَ وأَرْدَفَه: رَكِبَ خَلْفَه، وارْتَدَفَه خَلْفَه عَلَى الدَّابَّةِ. ورَدِيفُكَ: الَّذِي يُرَادِفُك، وَالْجَمْعُ رُدَفاء ورُدَافَى، كالفُرادَى جَمْعُ الْفَرِيدِ. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ رَدِفْتُ فُلَانًا أَي صِرْتُ لَهُ رِدْفاً. الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ
؛ مَعْنَاهُ يأْتون فِرْقَةً بَعْدَ فِرْقَةٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مُرْدِفِين مُتَتَابِعِينَ، قَالَ: ومُرْدَفِينَ فُعِلَ بِهِمْ. ورَدِفْتُه وأَرْدَفْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ شَمِرٌ: رَدِفْتُ وأَرْدَفْتُ إِذَا فَعَلْتَ بِنَفْسِكَ فَإِذَا فَعَلْتَ بِغَيْرِكَ فأَرْدَفْتُ لَا غَيْرَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ رَدِفْتُ الرَّجُلَ إِذَا رَكِبْتُ خَلْفَهُ، وأَرْدَفْتُه أَركبته خَلْفِي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنكر الزُّبَيْدِي أَرْدَفْتُه بِمَعْنَى أَركبته مَعَكَ، قَالَ: وَصَوَابُهُ ارْتَدَفْتُه، فأَما أَرْدَفْتُه ورَدِفتُه، فَهُوَ أَن تَكُونَ أَنت رِدْفاً لَهُ؛ وأَنشد:
__________
(1) . قوله [متفاعلان إلخ] كذا بالأصل المعوّل عليه وشرح القاموس.(9/115)
إِذَا الجوْزاءُ أَرْدَفَتِ الثُّرَيّا
لأَن الجَوْزاء خَلْف الثُّرَيَّا كالرِّدْف. الْجَوْهَرِيُّ: الرِّدْفُ المُرْتَدِفُ وَهُوَ الَّذِي يَرْكَبُ خَلْفَ الرَّاكِبِ. والرَّدِيفُ: المُرْتَدِفُ، وَالْجَمْعُ رِدَافٌ. واسْتَرْدَفَه: سَأَله أَن يُرْدِفَه. والرِّدْفُ: الرَّاكِبُ خَلْفَك. والرِّدْفُ: الحَقيبةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَكُونُ وَرَاءَ الإِنسان كالرِّدْف؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فبِتُّ عَلَى رَحْلي وباتَ مَكانَه، ... أُراقِبُ رِدْفي تَارَةً وأُباصِرُهْ
ومُرادَفَةُ الجَرادِ: رُكُوبُ الذَّكَرِ والأُنثى وَالثَّالِثُ عَلَيْهِمَا. ودابةٌ لَا تُرْدِفُ وَلَا تُرادِفُ أَي لَا تَقْبَلُ رَديفاً. اللَّيْثُ: يُقَالُ هَذَا البِرْذَوْنُ لَا يُرْدِفُ وَلَا يُرادِفُ أَي لَا يَدَعُ رَديفاً يَرْكَبُه. قَالَ الأَزهري: كَلَامُ الْعَرَبِ لَا يُرادِفُ وأَما لَا يُرْدِفُ فَهُوَ مولَّد مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الحَضَرِ. والرِّدافُ: مَوْضِعُ مَرْكَبِ الرَّدِيفِ؛ قَالَ:
ليَ التَّصْديرُ فاتْبَعْ فِي الرِّدَافِ
وأَرْدَافُ النُّجومِ: تَوالِيها وتَوابِعُها. وأرْدَفَتِ النجومُ أَي تَوالَتْ. والرِّدْفُ والرَّدِيفُ: كوْكَبٌ يَقْرُبُ مِنَ النَّسْرِ الواقعِ. والرَّديفُ فِي قَوْلِ أَصحابِ النُّجُومِ: هُوَ النَّجْم الناظِرُ إِلَى النَّجْمِ الطَّالِعِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وراكِبُ المِقْدارِ والرَّدِيفُ ... أَفْنى خُلُوفاً قَبْلَها خُلُوفُ
وراكبُ المِقْدارِ: هُوَ الطَّالِعُ، والرَّدِيفُ هُوَ النَّاظِرُ إِلَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّدِيفُ النجْمُ الَّذِي يَنُوءُ مِنَ المَشْرِقِ إِذَا غَابَ رَقيبُه فِي المَغْرِب. ورَدِفَه، بِالْكَسْرِ، أَي تَبِعَه؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ جَرِيرٍ:
عَلَى علَّةٍ فيهنَّ رَحْلٌ مُرادِفُ
أَي قَدْ أَرْدَفَ الرَّحْلُ رَحْلَ بِعِيرٍ وَقَدْ خَلَفَ؛ قَالَ أَوس:
أَمُونٍ ومُلْقًى للزَّمِيلِ مُرَادِفِ «1»
اللَّيْثُ: الرِّدْفُ الكَفَلُ. وأَرْدَافُ المُلوك فِي الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا يَخْلُفونهم فِي القِيام بأَمر المَمْلَكة، بِمَنْزِلَةِ الوُزَراء فِي الإِسلام، وَهِيَ الرِّدَافَةُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَخْلُفُونَهم نَحْوَ أَصحاب الشُّرَطِ فِي دَهْرِنا هَذَا. والرَّوَادِفُ: أَتباع الْقَوْمِ المؤخَّرون يُقَالُ لَهُمْ رَوادِفُ وَلَيْسُوا بأَرْدافٍ. والرِّدْفانِ: الليلُ وَالنَّهَارُ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رِدْفُ صَاحِبِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الرِّدَافَةُ الِاسْمُ مِنْ أَرْدافِ المُلُوك فِي الجاهِلِيّة. والرِّدَافَةُ: أَن يَجْلِسَ الملِكُ ويَجْلِسَ الرِّدْفُ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِذَا شَرِبَ الملكُ شَرِبَ الرِّدْفُ قَبْلَ النَّاسِ، وَإِذَا غَزَا الملِكُ قَعَدَ الردفُ فِي مَوْضِعِهِ وَكَانَ خَلِيفَتَه عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَنْصَرف، وَإِذَا عادتْ كَتِيبةُ الْمَلِكِ أَخذ الرِّدْفُ المِرْباعَ، وَكَانَتِ الرِّدَافَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِبَنِي يَرْبُوع لأَنه لَمْ يَكُنْ فِي الْعَرَبِ أَحدٌ أَكثرُ إِغَارَةٍ عَلَى مُلُوكِ الحِيرةِ مِنْ بَنِي يَرْبُوع، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى أَن جَعَلُوا لَهُمُ الرِّدَافَةَ ويَكُفُّوا عن أَهلِ العِراقِ الغارةَ؛ قَالَ جَرِيرٌ وَهُوَ مِنْ بَنِي يَرْبُوع:
رَبَعْنا وأَرْدَفْنَا المُلُوكَ، فَظَلِّلُوا ... وِطابَ الأَحالِيبِ الثُّمامَ المُنَزَّعا
__________
(1) . قوله [أمون إلخ] كذا بالأصل.(9/116)
وِطاب: جَمْعُ وَطْبِ اللَّبَن؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِ جَرِيرٍ: ورَادَفْنَا الْمُلُوكَ؛ قَالَ: وَعَلَيْهِ يَصِحُّ كَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ لأَنه ذَكَرَهُ شَاهِدًا عَلَى الرِّدَافَةِ، والرِّدَافَة مَصْدَرُ رَادَفَ لَا أَرْدَفَ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: وللرِّدَافَةِ مَوْضِعان: أحَدُهما أَن يُرْدِفَ الْمُلُوكُ دَوابَّهم فِي صَيْدٍ أَو تَرَيُّفٍ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَخْلُفَ الملِكَ إِذَا قَامَ عَنْ مَجْلِسِه فيَنْظُرَ فِي أَمْرِ النَّاسِ؛ أَبو عَمْرٍو الشّيبانيُّ فِي بَيْتِ لَبِيدٍ:
وشَهِدْتُ أَنْجِيةَ الأُفاقةِ عَالِيًا ... كَعْبي، وأَرْدَافُ المُلُوكِ شُهودُ
قَالَ: وَكَانَ الملِكُ يُرْدِفُ خَلفه رَجُلًا شَرِيفًا وَكَانُوا يَرْكَبُونَ الإِبل.
ووجَّه النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُعاوِيةَ مَعَ وائلِ بْنِ حُجْرٍ رَسُولًا فِي حاجةٍ لَهُ، ووائِلٌ عَلَى نَجِيبٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أَرْدِفْني، وسأَله أَن يُرْدِفَه، فَقَالَ: لسْتَ مِنْ أَرْدَافِ المُلُوك
؛ وأَرْدَافُ المُلوك: هُمُ الَّذِينَ يَخْلُفُونهم فِي القِيامِ بأَمْرِ المَمْلَكةِ بِمَنْزِلَةِ الوزَراء فِي الإِسلام، وَاحِدُهُمْ رِدْفٌ، وَالِاسْمُ الرِّدَافَةُ كالوزارةِ؛ قَالَ شَمِرٌ: وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
هُمُ أَهلُ أَلواحِ السَّريرِ ويمْنه، ... قَرابينُ أَردافٌ لهَا وشِمالُها
قَالَ الْفَرَّاءُ: الأَرْدَافُ هَاهُنَا يَتْبَعُ أَوَّلَهُم آخِرُهم فِي الشَّرَفِ، يَقُولُ: يَتْبَعُ البَنُونَ الْآبَاءَ فِي الشَّرف؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ السَّفِينَةَ:
فالْتامَ طائِقُها القَديمُ، فأَصْبَحَتْ ... مَا إنْ يُقَوِّمُ دَرْأَها رِدْفانِ
قِيلَ: الرِّدْفَانِ الملّاحانِ يكونانِ عَلَى مُؤَخَّر السَّفِينَةِ؛ وأَما قَوْلُ جَرِيرٍ:
منَّا عُتَيْبَةُ والمُحِلُّ ومَعْبَدٌ، ... والحَنْتَفانِ وَمِنْهُمُ الرِّدْفانِ
أَحَدُ الرِّدْفَيْن: مالكُ بْنُ نُوَيْرَةَ، والرِّدْفُ الْآخَرُ مِنْ بَنِي رَباحِ بْنِ يَرْبُوع. والرِّدَافُ: الَّذِي يجيء «2» بِقدْحِه بعد ما اقْتَسَمُوا الجَزُورَ فَلَا يردُّونَه خَائِبًا، وَلَكِنْ يَجْعَلُونَ لَهُ حَظّاً فِيمَا صَارَ لَهُمْ مِنْ أَنْصِبائِهم. الْجَوْهَرِيُّ: الرِّدْفُ فِي الشِّعْرِ حَرْفٌ سَاكِنٌ مِنْ حُرُوفِ المَدّ واللِّينِ يَقعُ قَبْلَ حَرْفِ الرّوِيّ لَيْسَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ، فَإِنْ كَانَ أَلفاً لَمْ يَجُز مَعَهَا غَيْرُهَا، وَإِنْ كَانَ وَاوًا جَازَ مَعَهُ الْيَاءُ. ابن سيدة: الرِّدْف الأَلف وَالْيَاءُ وَالْوَاوُ الَّتِي قَبْلَ الرَّوِيّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه مُلْحَقٌ فِي الْتِزَامِهِ وتَحَمُّلِ مُرَاعَاتِهِ بِالرَّوِيِّ، فَجَرَى مَجْرى الرِّدْفِ لِلرَّاكِبِ أَي يَلِيه لأَنه مُلْحَقٌ بِهِ، وكُلْفَته عَلَى الْفَرَسِ وَالرَّاحِلَةِ أَشَقُّ مِنَ الكُلْفة بالمُتَقَدِّم مِنْهُمَا، وَذَلِكَ نَحْوَ الأَلف فِي كِتَابٍ وَحِسَابٍ، وَالْيَاءِ فِي تَلِيد وبَلِيد، وَالْوَاوِ فِي خَتُولٍ وقَتول؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَصل الرِّدْف للأَلف لأَن الغَرَض فِيهِ إِنَّمَا هُوَ الْمَدُّ، وَلَيْسَ فِي الأَحرف الثَّلَاثَةِ مَا يُسَاوِي الأَلف فِي الْمَدِّ لأَن الأَلف لَا تُفَارِقُ المدَّ، وَالْيَاءَ وَالْوَاوَ قَدْ يُفَارِقَانِهِ، فَإِذَا كَانَ الرِّدْف أَلفاً فَهُوَ الأَصل، وَإِذَا كَانَ يَاءً مَكْسُورًا مَا قَبْلَهَا أَو وَاوًا مَضْمُومًا مَا قَبْلَهَا فَهُوَ الْفَرْعُ الأَقرب إِلَيْهِ، لأَن الأَلف لَا تَكُونُ إِلَّا سَاكِنَةً مَفْتُوحًا مَا قَبْلَهَا، وَقَدْ جعل بعضهم الواو
__________
(2) . قوله [والرداف الذي يجيء] كذا بالأصل. وفي القاموس: والرَّدِيف الذي يجيء بقدحه بعد فوز أحد الأَيسار أو الاثنين منهم فيسألهم أن يدخلوا قدحه في قداحهم. قال شارحه وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الَّذِي يجيء بقدحه إلى آخر ما هنا، ثم قال: والجمع رداف.(9/117)
وَالْيَاءَ رِدْفَيْن إِذَا كَانَ مَا قَبْلَهُمَا مَفْتوحاً نَحْوَ رَيْبٍ وثَوْبٍ، قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ فَإِنَّ الرِّدْف يَتْلُو الراكبَ والرِّدْفُ فِي الْقَافِيَةِ إِنَّمَا هُوَ قَبْلَ حَرْفِ الرَّوِيّ لَا بَعْدَهُ، فَكَيْفَ جَازَ لَكَ أَن تُشَبِّهَه به والأَمر فِي الْقَضِيَّةِ بِضِدِّ مَا قدَّمته؟ فَالْجَوَابُ أَن الرِّدْفَ وإِن سَبَقَ فِي اللَّفْظِ الروِيَّ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِمَّا ذَكَرْتُهُ، وَذَلِكَ أَن الْقَافِيَةَ كَمَا كَانَتْ وَهِيَ آخِرُ الْبَيْتِ وَجْهًا لَهُ وحِلْيَةً لِصَنْعَتِهِ، فَكَذَلِكَ أَيضاً آخِرُ الْقَافِيَةِ زينةٌ لَهَا ووجهٌ لِصَنْعَتِها، فَعَلَى هَذَا مَا يَجِبُ أَن يَقَعَ الاعْتِدادُ بالقافِية والاعتناءُ بآخِرِها أَكثر مِنْهُ بأَوَّلِها، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فالرّوِيّ أَقْرَبُ إِلَى آخِرِ الْقَافِيَةِ مِنَ الرِّدْفِ، فَبِهِ وَقَعَ الِابْتِدَاءُ فِي الِاعْتِدَادِ ثُمَّ تَلاه الاعتدادُ بِالرِّدْفِ، فَقَدْ صَارَ الرِّدْفُ كَمَا تَرَاهُ وَإِنْ سَبَقَ الرَّوِيَّ لَفْظًا تَبَعًا لَهُ تَقْدِيرًا وَمَعْنًى، فَلِذَلِكَ جَازَ أَن يُشَبَّهَ الردفُ قَبْلَ الرَّوِيّ بِالرِّدْفِ بعدَ الراكبِ، وَجَمْعُ الرِّدْفِ أَرْدافٌ لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. ورَدِفَهُمُ الأَمْرُ وأَرْدَفَهم: دَهَمَهُم. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ
؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَرادَ رَدِفَكُم فَزَادَ اللَّامَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ رَدِفَ مِمَّا تَعَدَّى بِحَرْفِ جَرٍّ وَبِغَيْرِ حَرْفِ جَرٍّ. التَّهْذِيبُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: رَدِفَ لَكُمْ
، قَالَ: قَرُبَ لَكُمْ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ دَنَا لَكُمْ فكأَنَّ اللَّامَ دَخَلَتْ إِذ كَانَ الْمَعْنَى دَنَا لَكُمْ، قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ اللَّامُ دَاخِلَةً وَالْمَعْنَى رَدِفَكم كَمَا يَقُولُونَ نقَدتُ لَهَا مِائَةً أَي نقدْتها مِائَةً. ورَدِفْتُ فُلَانًا ورَدِفْتُ لِفُلَانٍ أَي صِرْتُ لَهُ رِدْفاً، وَتُزِيدُ العربُ اللامَ مَعَ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ فِي الِاسْمِ الْمَنْصُوبِ فَتَقُولُ سَمِع لَهُ وشكَرَ لَهُ ونَصَحَ لَهُ أَي سَمِعَه وشكَرَه ونصَحَه. وَيُقَالُ: أَرْدَفْت الرَّجُلَ إِذَا جِئْتَ بَعْدَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ كَانَ نَزَلَ بِهِمْ أَمْرٌ فَرَدِفَ لَهُمْ آخَرُ أَعظمُ مِنْهُ. وَقَالَ تَعَالَى: تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ
. وأَتَيْناه فارْتَدَفْنَاه أَي أَخذناه أَخذاً. والرَّوَادِف: رَواكِيبُ النخلةِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّاكُوبُ مَا نَبَتَ فِي أَصلِ النَّخْلَةِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الأَرض عِرْقٌ. والرُّدَافَى، عَلَى فُعالى بالضمِّ: الحُداةُ والأَعْوانُ لأَنه إِذَا أَعْيا أَحدهم خَلَفه الْآخَرُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
عُذافرةٌ تَقَمَّصُ بالرُّدَافَى، ... تَخَوَّنَها نُزُولي وارْتِحالي
ورَدَفَانُ مَوْضِعٌ، والله أَعلم.
رذعف: ارْذَعَفَّتِ الإِبلُ واذْرَعَفَّتْ، كِلَاهُمَا: مَضَتْ عَلَى وجُوهها.
رزف: رَزَفَ إِلَيْهِ يَرْزِفُ رَزيفاً: دَنَا. والرَّزْفُ: الإِسْراعُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وأَرْزَفَ الرجلُ: أَسرعَ. وأَرْزَفَ السَّحابُ: صَوّتَ كأَرْزَمَ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزّةَ:
فَذاك سَقى أُّمَّ الحُوَيْرِثِ ماءَه، ... بحيثُ انْتَوَتْ واهِي الأَسِرَّةِ مُرْزِف
ورَزَفَتِ الناقةُ: أَسْرَعَتْ، وأَرْزَفْتُها أَنا: أَحْثَثْتُها فِي السَّيْرِ، وَرَوَاهُ الصِّرَامُ عَنْ شَمِرٍ زَرَفَتْ وأَزْرَفْتُها، الزاي قبل الراء.
رسف: الرَّسْفُ والرَّسِيفُ والرَّسَفَانُ: مَشْيُ المُقَيَّدِ. رَسَفَ فِي القَيْدِ يَرْسُفُ ويَرْسِفُ رَسْفاً ورَسِيفاً ورَسَفَاناً: مَشَى مَشْيَ المقيَّد، وَقِيلَ: هُوَ الْمَشْيُ فِي القَيْدِ رُوَيْداً، فَهُوَ رَاسِفٌ؛ وأَنشد ابْنَ بَرِّيٍّ للأَخطل:
يُنَهنِهُني الحُرَّاسُ عَنْهَا، ولَيْتَني ... قَطَعْتُ إِلَيْهَا اللّيْلَ بالرَّسَفَانِ(9/118)
وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
فَجَاءَ أَبو جَنْدَلٍ يَرْسُفُ فِي قُيُودِه
؛ الرَّسْفُ والرَّسِيفُ مَشْيُ المُقيَّدِ إِذَا جَاءَ يَتَحَامَلُ بِرِجْلِهِ مَعَ القَيْد. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذَا قَارَبَ بَيْنَ الخَطْو وأَسْرَعَ الْإِجَارَةَ «1» ، وَهِيَ رَفعُ القَوائِم وَوَضْعُهَا: رَسَفَ يَرْسُفُ، فَإِذَا زادَ عَلَى ذَلِكَ، فَهُوَ الرَّتَكانُ ثُمَّ الحَفْدُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: أَرْسَفْتُ الإِبلَ أَي طَرَدْتُها مُقَيّدة.
رشف: رَشَفَ الماءَ والرِّيقَ وَنَحْوَهُمَا يَرْشُفُه ويَرْشِفُه رَشْفاً ورَشَفاً ورَشِيفاً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
قابَلَه مَا جَاءَ فِي سِلامِها ... بِرَشَفِ الذِّنابِ والْتِهامِها
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: رَشِفَه يَرْشَفُه رَشَفاً ورَشَفاناً، والرَّشْفُ: المَصُّ. وتَرَشَّفَه وارْتَشَفَه: مصَّه. والرَّشِيفُ: تَناوُلُ الْمَاءِ بالشَّفَتَيْنِ، وَقِيلَ: الرَّشْفُ والرَّشِيفُ فَوْق المَصِّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَقَيْنَ البَشامَ المِسْكَ ثُمَّ رَشَفْنَه، ... رَشِيفَ الغُرَيْرِيّاتِ ماءَ الوَقائِعِ
وَقِيلَ: هُوَ تَقَصِّي مَا فِي الإِناء واشْتِفافُه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
يَرْتَشِفُ البَوْلَ ارْتِشافَ المَعْذُورْ
فَسَّره بِجَمِيعِ ذَلِكَ. وَفِي الْمَثَلِ: الرَّشْفُ أَنْقَعُ أَي إِذَا تَرَشَّفْتَ الْمَاءَ قَلِيلًا قَلِيلًا كَانَ أَسْكَنَ للعَطَشِ. والرَّشَفُ والرَّشْفُ: بَقِيّةُ الْمَاءِ فِي الحَوْضِ، وَهُوَ وَجْهُ الْمَاءِ الَّذِي ارْتَشَفَتْه الإِبلُ. والرَّشْفُ: مَاءٌ قَلِيلٌ يَبْقَى فِي الحوض تَرْشُفُه [تَرْشِفُه] الإِبلُ بأَفْواهها. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: الجَرْعُ أَرْوَى والرَّشِيفُ أَشْرَبُ؛ قَالَ: وَذَلِكَ أَن الإِبل إِذَا صادَفَتِ الحَوْضَ مَلآنَ جَرَعَتْ ماءَه جَرْعاً يَمْلأُ أَفْواهَها وَذَلِكَ أَسْرَعُ لِرِيِّها، وَإِذَا سُقِيَتْ عَلَى أَفْواهِها قَبْلَ مَلء الحَوْضِ تَرَشَّفَتِ الْمَاءَ بمَشافِرِها قَلِيلًا قَلِيلًا، وَلَا تَكَادُ تَرْوَى مِنْهُ، والسُّقاةُ إِذَا فَرَطُوا النَّعَم وسَقَوْا فِي الحَوْضِ تَقَدَّموا إِلَى الرُّعْيانِ بأَن لَا يُورِدُوا النَّعَمَ مَا لَمْ يَطْفَحِ الحوضُ، لأَنها لَا تَكَادُ تَرْوَى إِذَا سُقِيَتْ قَلِيلًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمُ الرَّشِيفُ أَشْرَبُ. وَنَاقَةٌ رَشُوفٌ تَشْرَبُ الْمَاءَ فَتَرتَشِفُه؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
رَشُوفٌ ورَاء الخُورِ لَمْ تَنْدَرئْ بِهَا ... صَباً وشَمالٌ، حَرْجَفٌ لَمْ تَقَلَّبِ
وأَرْشَفَ الرجلُ ورَشَفَ إِذَا مَصَّ رِيقَ جَارِيَتَهُ. أَبو عَمْرٍو: رَشَفْتُ ورَشِفْتُ قَبّلْت ومَصِصْتُ، فَمَنْ قَالَ رَشَفْتُ قَالَ أَرْشُفُ، وَمَنْ قَالَ رَشِفتُ قَالَ أَرْشَفُ. والرَّشُوفُ: المرأَة الطَّيِّبَةُ الفَمِ. ابْنُ سِيدَهْ: امرأَة رَشُوفٌ طَيِّبَةٌ الْفَمِ، وَقِيلَ: قَلِيلَةُ البِلّةِ. وَقَالُوا فِي الْمَثَلِ: لَحَسُنَ مَا أَرْضَعْتِ إِنْ لَمْ تُرْشِفي أَي تُذْهبي اللَّبنَ، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ أَيضاً إِذَا بدأَ أَن يُحْسِنَ فخِيفَ عَلَيْهِ أَن يُسِيءَ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّشُوفُ مِنَ النِّسَاءِ اليابسةُ المَكانِ، والرّصُوفُ الضَّيِّقَةُ المكان.
رصف: الرَّصْفُ: ضَمُّ الشَّيْءُ بعضِه إِلَى بَعْضٍ ونَظْمُه، رَصَفَه يَرْصُفُه رَصْفاً فارْتَصَفَ وتَرَصَّفَ وتَراصَفَ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلْقَائِمِ إِذَا صَفَّ قَدَمَيْهِ رَصَفَ قَدَمَيْهِ، وَذَلِكَ إِذَا ضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخرى. وتَراصَفَ القومُ فِي الصَّفِّ أَي قَامَ بعضُهم إِلَى لِزْقِ بَعْضٍ. ورَصَفَ ما بين
__________
(1) . قوله [الإجارة] كذا بالأصل ومثله شرح القاموس.(9/119)
رِجْليه: قَرَّبَهما. ورُصِفَتْ أَسْنانُه «1» رَصْفاً ورَصِفَتْ رَصَفاً، فَهِيَ رصِفَةٌ ومُرْتَصِفةٌ: تَصافَّتْ فِي نبْتَتِها وانْتَظَمَتْ وَاسْتَوَتْ. وَفِي حَدِيثُ
مُعَاذٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي عَذَابِ الْقَبْرِ: ضَرَبه بمِرْصافةٍ وسَط رأْسه
أَي مِطْرَقَةٍ لأَنها يُرْصَفُ بِهَا الْمَضْرُوبُ أَي يُضَمُّ. ورَصَفَ الحجرَ يَرْصفُهُ رَصْفاً: بَنَاهُ فوَصَل بعضَه بِبَعْضٍ. والرَّصَفُ: الحِجارة المُتراصِفةُ، وَاحِدَتُهَا رَصَفةٌ، بِالتَّحْرِيكِ. والرَّصَفُ: حجارةٌ مَرْصُوفٌ بعضُها إِلَى بعضٍ؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
فَشَنَّ فِي الإِبْريقِ مِنْهَا نُزَفا، ... منْ رَصَفٍ نازَعَ سَيْلًا رَصَفا،
حَتَّى تَناهى فِي صَهاريجِ الصَّفا
قَالَ الْبَاهِلِيُّ: أَراد أَنه صَبَّ فِي إبْريقِ الْخَمْرِ مِنْ ماءِ رَصَفٍ نازَعَ سَيْلًا كَانَ فِي رصَفٍ فَصَارَ مِنْهُ فِي هَذَا، فكأَنَّه نَازَعَهُ إِيَّاهُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَقُولُ مُزِجَ هَذَا الشرابُ مِنْ مَاءٍ رصَفٍ نازَعَ رصَفاً آخَرَ لأَنه أَصْفى لَهُ وأَرَقُّ، فَحذَف الْمَاءَ، وَهُوَ يُريدُه، فجَعل مَسِيلَه مِنْ رَصَفٍ إِلَى رَصْفٍ مُنازَعةً مِنْهُ إِيَّاهُ. ابْنُ الأَعرابي: أَرْصَفَ الرجلُ إِذَا مَزَجَ شرابَه بِمَاءِ الرَّصَفِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْحَدِرُ مِنَ الْجِبَالِ عَلَى الصَّخْرِ فيَصْفُو، وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: لحَديثٌ مِنْ عاقِلٍ أَحَبُّ إليَّ مِنَ الشُّهْدِ بِمَاءِ رَصَفَةٍ
؛ الرَّصَفَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: وَاحِدَةُ الرَّصَفِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الَّتِي يُرْصَفُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي مَسِيل فَيَجْتَمِعُ فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الضَّبْعاء «2» :
بَيْنَ القِرانِ السَّوْءِ والتَّرَاصُفِ
التَّراصُفُ: تَنْضِيدُ الْحِجَارَةِ وصَفُّ بعضِها إِلَى بَعْضٍ، وَاللَّهُ أَعلم. والرَّصَفُ: السَّدُّ الْمَبْنِيُّ لِلْمَاءِ. والرَّصَفُ: مَجْرى المَصْنعةِ. التَّهْذِيبِ: الرَّصَفُ صَفاً طويلٌ يَتَّصِلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَاحِدَتُهُ رَصَفَةٌ، وَقِيلَ: الرَّصَفُ صَفًا طَوِيلٌ كأَنه مَرْصُوفٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الرَّصْفُ مَصْدَرُ رَصَفْتُ السهْم أَرْصُفُه إِذَا شَدَدْتَ عَلَيْهِ الرِّصافَ، وَهِيَ عَقَبةٌ تُشدُّ عَلَى الرُّعْظِ، والرُّعْظُ مَدْخَلُ سِنْخِ النَّصْلِ، يُقَالُ: سَهْمٌ مَرْصُوفٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثُمَّ نَظَرَ فِي الرِّصَافِ فتَمارى أَيرى شَيْئًا أَم لَا
، قَالَ اللَّيْثُ: الرَّصَفَةُ عَقَبةٌ تُلْوى عَلَى مَوْضِعِ الفُوقِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا خطأٌ وَالصَّوَابُ مَا قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ. وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ:
يَنْظُرُ فِي رِصَافِه ثُمَّ فِي قُذَذِه فَلَا يَرَى شَيْئًا
؛ والرَّصَفَةُ: وَاحِدَةُ الرِّصَافِ وَهِيَ العَقَبةُ الَّتِي تُلْوى فَوْقَ رُعْظِ السَّهْمِ إِذَا انْكَسَرَ، وَجَمْعُهُ رُصُفٌ؛ وَقَوْلُ المتنَخِّل الهُذَليِّ:
مَعابِل غَيْرُ أَرْصَافٍ، ولكنْ ... كُسِينَ ظُهارَ أَسْوَدَ كالخِياطِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنه جَمَعَ رَصَفَةً عَلَى رَصَفٍ كَشَجَرَةٍ وَشَجَرٍ، ثُمَّ جَمَعَ رَصَفاً عَلَى أرْصاف كأَشْجار، وأَراد ظُهارَ رِيشٍ أَسْودَ، وَهِيَ الرُّصَافةُ، وَجَمْعُهَا رَصائِفُ ورِصَافٌ. وَقَدْ رَصَفَه رَصْفاً، فَهُوَ مَرْصُوفٌ ورَصِيفٌ. والرَّصَفَةُ والرَّصْفَةُ جَمِيعًا: عَقَبةٌ تُشَدُّ عَلَى عَقَبةٍ ثُمَّ تُشَدُّ عَلَى حِمالةِ القَوْسِ، قَالَ: وأَرى أَبا حَنِيفَةَ قَدْ جَعَلَ الرِّصَافَ وَاحِدًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَضَغَ وتَراً فِي رمضانَ ورَصَفَ بِهِ وتَرَ قَوْسِه
أَي شَدَّه
__________
(1) . قوله [ورصفت أسنانه إلى قوله تصافت] كذا بالأصل مضبوطاً.
(2) . قوله [الضبعاء] كذا في الأصل بضاد معجمة ثم عين مهملة، والذي في النهاية: الصبغاء بمهملة ثم معجمة.(9/120)
وقَوَّاه. والرَّصْفُ: الشَّدُّ والضمُّ. ورَصَفَ السهمَ: شَدَّه بالرِّصافِ، وَهُوَ عَقَب يُلْوى عَلَى مَدْخَلِ النَّصْلِ فِيهِ؛ والرَّصْف، بِالتَّسْكِينِ: الْمَصْدَرُ مِنْ ذَلِكَ، تَقُولُ: رَصَفْت الْحِجَارَةَ فِي الْبِنَاءِ أَرْصُفُها رَصْفاً إِذَا ضَمَمْتَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، ورَصَفْت السهمَ رَصْفاً إِذَا شَدَدْتَ عَلَى رُعْظه عَقَبَةً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُه مَرْصُوفُ «1»
وَيُقَالُ: هَذَا أَمر لَا يَرْصُفُ بِكَ أَي لَا يَلِيق. والرَّصَفَتَانِ: عَصَبتانِ فِي رضْفَتَي الرُّكْبتين. والمَرْصُوفَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي التَزَقَ خِتانُها فَلَمْ يُوصَلْ إِلَيْهَا. والرَّصُوفُ: الصَّغِيرَةُ الفَرْجِ، وَقَدْ رَصِفَتْ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّشُوفُ مِنَ النِّسَاءِ اليابِسَةُ الْمَكَانِ، والرَّصُوفُ الضَّيّقةُ المكانِ، والرَّصْفاءُ مِنَ النِّسَاءِ الضيِّقةُ الْمَلَاقِي، وَهِيَ الرَّصُوفُ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: المِيقابُ ضِدّ الرَّصُوفِ. والرَّصَافَةُ بالشي: الرِّفْق بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: أُتي فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ تَصَدَّقْ بأَرض كَذَا، قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ لَنَا مالٌ أَرْصَفُ بِنَا مِنْهَا
أَي أَرْفَقُ بِنَا وأَوْفَقُ لَنَا. والرَّصَافَةُ: الرِّفْقُ فِي الأَمور، وَفِي رِوَايَةٍ:
وَلَمْ يَكُنْ لَنَا عِمادٌ أَرْصَفُ بنا منها
، ولم يجئ لَهَا فِعْلٌ. وعملٌ رَصِيفٌ وجَوابٌ رَصِيف أَي مُحْكَمٌ رَصينٌ. والرُّصَافَةُ: كُلُّ مَنْبِتٍ بالسوادِ وَقَدْ غَلَبَ عَلَى مَوْضِعِ بَغْدَادَ وَالشَّامِ. وعينُ الرُّصَافَةِ: مَوْضِعٌ فِيهِ بِئْرٌ؛ وإيَّاه عَنَى أُمَيَّةُ بْنُ أَبي عائذٍ الهُذَلِيُّ:
يَؤُمُّ بها، وانْتَحَتْ لِلرَّجاءِ ... عَيْنَ الرُّصَافَةِ ذاتَ النِّجالِ «2»
الصِّحَاحُ: ورُصَافَةُ مَوْضِعٌ. والرِّصَافُ: مَوْضِعٌ. ورَصَفٌ: مَاءٌ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
نُساقِيهمْ عَلَى رَصَفٍ وضُرٍّ، ... كَدابغةٍ وَقَدْ نَغِلَ الأَديمُ «3»
رضف: الرَّضْفُ: الحجارَةُ الَّتِي حَمِيَتْ بِالشَّمْسِ أَو النَّارِ، وَاحِدَتُهَا رَضْفَةٌ. غَيْرُهُ: الرَّضْفُ الْحِجَارَةُ المُحماةُ يُوغَرُ بِهَا اللَّبَنُ، وَاحِدَتُهَا رَضْفَةٌ. وَفِي الْمَثَلِ: خُذْ مِنْ الرَّضْفَةِ مَا عَلَيْهَا. ورَضَفَه يَرْضِفُه، بِالْكَسْرِ، أَي كَواه بالرَّضْفةِ. والرَّضِيفُ: اللَّبَنُ يُغْلى بالرَّضْفةِ. وَفِي حَدِيثِ الهِجْرة:
فيَبِيتانِ فِي رِسْلِها ورَضِيفِها
؛ الرَّضِيفُ اللَّبَنُ المَرْضُوفُ، وَهُوَ الَّذِي طُرِحَ فِيهِ الْحِجَارَةُ المُحْماةُ لِيذْهب وخَمُه. وَفِي حَدِيثِ
وابصةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَثَلُ الَّذِي يأَكُلُ القُسامةَ كَمَثَلِ جَدْيٍ بطنُه مَمْلُوءٌ رَضْفاً.
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ فِي التَّشَهُّدِ الأَول كأَنه عَلَى الرَّضْفِ
؛ هِيَ الحِجارة المُحْماة عَلَى النَّارُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أُتِيَ بِرَجُلٍ نُعِتَ لَهُ الكَيُّ فَقَالَ: اكْوُوه ثُمَّ ارْضِفُوه
«4» أَي كَمِّدُوه بالرضْفِ. وَحَدِيثُ
أَبي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بَشِّر الكَنَّازين برَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.
وشِواء مَرْضُوفٌ: مَشْوِيٌّ عَلَى الرضْفة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن هِنْدًا بِنْتَ عُتْبَةَ لَمَّا أَسْلمت أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بَجَدْيَيْنِ مَرْضُوفَيْنِ.
ولَبَنٌ رَضِيفٌ: مصْبُوبٌ على الرَّضْفِ. والرضَفة:
__________
(1) . قوله [وأثربي] في القاموس: والنسبة، يعني إلى يثرب، يثربي وأثربي بفتح الراء وكسرها فيهما واقتصر الجوهري على الفتح.
(2) . قوله [للرجاء] في معجم ياقوت: للنجاء.
(3) . قوله [نساقيهم] هو الذي بالأصل هنا، وسبق في مادة ضرر: نسابقهم، ورصف، محركة وبضمتين: موضع كما في القاموس زاد شارحه وبه ماء يسمى به.
(4) . قوله [ثم ارضفوه] كذا بالأصل، والذي في النهاية أو ارضفوه.(9/121)
سِمَةٌ تُكْوَى برضْفةٍ مِنْ حِجَارَةٍ حَيْثُمَا كَانَتْ، وَقَدْ رَضَفَه يَرْضِفُه. اللَّيْثُ: الرَّضْفُ حِجَارَةٌ عَلَى وَجْهِ الأَرض قَدْ حَمِيَتْ. وشِواء مَرْضُوفٌ: يُشْوَى عَلَى تِلْكَ الْحِجَارَةِ. والحَمَلُ المَرْضُوفُ: تُلْقَى تِلْكَ الْحِجَارَةُ إِذَا احمرَّت فِي جوفِه حَتَّى يَنْشَوِيَ الْحَمْلُ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَصِفُ الرَّضَائِف وَقَالَ: يُعْمَدُ إِلَى الجَدي فَيُلْبَأُ مِنْ لَبَنِ أُمه حَتَّى يَمْتَلِئَ، ثُمَّ يُذْبَحُ فَيُزَقَّقُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ، ثُمَّ يُعْمَدُ إِلَى حِجَارَةٍ فَتُحْرَقُ بِالنَّارِ ثُمَّ تُوضع فِي بَطْنِهِ حَتَّى يَنْشَوِيَ؛ وأَنشد بَيْتَ الْكُمَيْتُ:
ومَرْضُوفَةٍ لَمْ تُؤْنِ فِي الطَّبْخِ طاهِياً. ... عَجِلْتُ إِلَى مُحْوَرِّها، حِينَ غَرْغَرا
لَمْ تُؤْن أَي لَمْ تَحْبِسْ وَلَمْ تُبْطِئْ. الأَصمعي: الرضْفُ الحجارةُ المُحْماةُ فِي النَّارِ أَو الشَّمْسِ، وَاحِدَتُهَا رضْفةٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ:
أَجِيبُوا رُقَى الآسِي النِطاسِيِّ [النَطاسِيِ] ، واحْذَروا ... مُطَفّئةَ الرَّضْفِ الَّتِي لَا شِوَى لَهَا
قَالَ: وَهِيَ الحَيّةُ الَّتِي تمرُّ عَلَى الرضْف فَيُطْفِئُ سمُّها نارَ الرضْف. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الرَّضْفُ حِجَارَةٌ يُوقد عَلَيْهَا حَتَّى إِذَا صَارَتْ لهَباً أُلقِيَتْ فِي القِدْرِ مَعَ اللَّحْمِ فأَنْضَجَتْه. والمَرْضُوفَةُ: الْقِدْرُ أُنْضِجت بِالرَّضْفِ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ أَنه ذَكَرَ فِتَناً فَقَالَ: أَتتكم الدُّهَيْماءُ تَرْمِي بالنَّشَفِ ثُمَّ الَّتِي تَلِيها تَرْمِي بالرَّضْف
أَي فِي شِدَّتِهَا وحَرّها كأَنها تَرْمِي بِالرَّضْفِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: رأَيت الأَعراب يأْخذون الْحِجَارَةَ فَيُوقِدُونَ عَلَيْهَا، فَإِذَا حَمِيَت رَضَفُوا بِهَا اللَّبن البارِدَ الحَقِينَ لتَكْسِر مِنْ بَرْدِهِ فَيَشْرَبُونَهُ، وَرُبَّمَا رَضَفُوا الْمَاءَ لِلْخَيْلِ إِذَا بَرَد الزَّمَانُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: فَإِذَا قُرَيْصٌ مِنْ مَلَّةٍ فِيهِ أَثَر الرَّضِيفِ
؛ يُرِيدُ قُرْصاً صَغِيرًا قَدْ خُبِزَ بالمَلّة وَهِيَ الرَّمَادُ الحارُّ. والرَّضِيفُ: مَا يُشْوَى مِنَ اللَّحْمِ عَلَى الرَّضْفِ أَي مَرْضُوفٌ، يُرِيدُ أَثَر مَا عَلِقَ عَلَى القُرْص مِنْ دَسَم اللَّحْمِ الْمَرْضُوفِ. أَبو عُبَيْدَةَ: جَاءَ فُلَانٌ بِمُطْفِئَة الرَّضْفِ، قَالَ: وأَصلها أَنها داهيةٌ أَنْسَتْنا الَّتِي قَبْلَهَا فأَطفَأَت حَرّها. قَالَ اللَّيْثُ: مُطْفِئة الرّضْفِ شَحْمَة إِذَا أَصابت الرَّضْفَ ذَابَتْ فأَخْمَدَته؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ: ضَرَبَه بِمرْضافةٍ وسَطَ رأْسِه
أَي بآلةٍ مِنَ الرَّضفِ، وَيُرْوَى بِالصَّادِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والرضْف: جِرْمُ عِظامٍ فِي الرُّكْبَة كالأَصابع الْمَضْمُومَةِ قَدْ أَخذ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَالْوَاحِدَةُ رَضْفة، وَمِنْهُمْ مَنْ يُثَقِّلُ فَيَقُولُ: رَضَفةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والرَّضْفَةُ والرَّضَفةُ: عَظْمٌ مُطْبِقٌ عَلَى رأْس السَّاقِ ورأْسِ الْفَخِذِ. والرَّضْفةُ: طَبَقٌ يموجُ عَلَى الرُّكبة، وَقِيلَ: الرَّضَفَتَان مِنَ الْفَرَسِ عَظْمَانِ مُسْتديران فِيهِمَا عِرَضٌ مُنْقَطِعَانِ مِنَ الْعِظَامِ كأَنهما طَبَقانِ لِلرُّكْبَتَيْنِ، وَقِيلَ: الرَّضْفَةُ الْجِلْدَةُ الَّتِي عَلَى الرُّكْبَةِ. وَالرَّضْفَةُ: عَظْمٌ بَيْنَ الحَوْشَبِ والوَظِيفِ ومُلْتقى الجُبَّةِ فِي الرُّسْغِ، وَقِيلَ: هِيَ عظمٌ مُنْقَطِعٌ فِي جَوْفِ الْحَافِرِ. ورَضْفُ الرُّكْبَةِ «1» ورُضافُها: الَّتِي تَزُولُ. وَقِيلَ: الرُّضَاف مَا كَانَ تَحْتَ الدَّاغِصة. وَقَالَ النَّضْرُ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ: وَالرَّضْفُ رُكْبَتَا الْفَرَسِ فِيمَا بَيْنَ الكُراع والذِّراع، وَهِيَ أَعْظمُ صِغَارٌ مُجْتَمِعَةٌ فِي رأْس أَعلى الذراع.
__________
(1) . قوله [ورضف الركبة] كذا بالأصل بدون هاء تأنيث، وقوله [والرضف ركبتا] كذا فيه أيضاً.(9/122)
ورَضَفْتُ الوِسادَةَ: ثَنَيْتُها، يمانِيةٌ.
رعف: الرَّعْفُ: السَّبْقُ، رَعَفْتُ أَرْعُفُ؛ قَالَ الأَعشى:
بِهِ ترعُفُ الأَلْفَ إذْ أُرْسِلَتْ، ... غَداةَ الصَّباحِ، إِذَا النَّقْعُ ثَارَا
ورَعَفَه يَرْعَفُه رَعْفاً: سَبَقَه وتقدَّمَه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ: بالمُنْعَلاتِ الرَّواعِفِ. والرُّعاف: دَمٌ يَسْبِقُ مِنَ الأَنف، رَعَف يَرْعُفُ ويَرْعَفُ رَعْفاً ورُعافاً ورَعُفَ ورَعِفَ. قَالَ الأَزهري: وَلَمْ يُعْرَف رُعِفَ وَلَا رَعُفَ فِي فِعْلِ الرُّعاف. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ورَعُفَ، بِالضَّمِّ، لُغَةٌ فِيهِ ضَعِيفَةٌ، قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ لِلَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الأَنف رُعَافٌ لسبْقه عِلْم الرَّاعِفِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ لجَإٍ:
حَتَّى تَرَى العُلْبةَ مِنْ إذْرائِها ... يَرْعُفُ أَعْلاها مِنِ امْتِلائِها،
إِذَا طَوَى الْكَفَّ عَلَى رِشائِها
وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادَةَ: أَنه كَانَ فِي عُرْسٍ فَسَمِعَ جَارِيَةً تَضْرِب بالدُّفِّ فَقَالَ لَهَا: ارْعَفِي أَي تقدَّمي.
يُقَالُ مِنْهُ: رَعِفَ، بِالْكَسْرِ، يَرْعَفُ، بالفتح، ومن الرُّعاف رَعَفَ، بِالْفَتْحِ، يَرْعُفُ، بِالضَّمِّ، ورَعَفَ الفرسُ يَرْعَفُ ويَرْعُفُ أَي سَبَقَ وَتَقَدَّمَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُبَيْدٍ:
يَرْعُفُ الأَلْفَ بالمُدَجَّجِ ذِي القَوْنَسِ، ... حَتَّى يَعُودَ كالتِّمثالِ «1»
قَالَ: وأَنشد أَبو عَمْرٍو لأَبي نُخَيْلَةَ:
وهُنَّ بَعْدَ القَرَبِ القَسِيِّ ... مُسْتَرْعِفاتٌ بشَمَرْذَليِ
والقَسِيُّ: الشديدُ. والشَّمَرْذليُّ: الْخَادِي، واسْترعَفَ مثلُه. والراعِفُ: الْفَرَسُ الَّذِي يَتَقَدَّمُ الخيلَ. والرَّاعِفُ: طَرَفُ الأَرْنبةِ لتَقَدّمه، صِفَةٌ غَالِبَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ عَامَّةُ الأَنف، وَيُقَالُ للمرأَة: لُوثي عَلَى مَرَاعِفِك أَي تَلَثَّمِي، ومَراعِفُها الأَنفُ وَمَا حَوْله. وَيُقَالُ: فَعَلْتُ ذَلِكَ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ مَراعِفِه مِثْلُ مَراغِمِه. والرَّاعِف: أَنفُ الْجَبَلِ عَلَى التَّشْبِيهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه يَسْبِقُ أَي يَتَقَدَّمُ، وَجَمْعُهُ الرَّوَاعِفُ. والرَّوَاعِفُ: الرِّماحُ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ أَيضاً، إِمَّا لتقدُّمِها للطَّعْن، وَإِمَّا لِسَيَلانِ الدَّمِ مِنْهَا. والرَّعْفُ: سُرعْة الطَّعْنِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وأَرْعَفَه: أَعْجَلَه، وَلَيْسَ بثبَتٍ. أَبو عُبَيْدَةَ: بَيْنَا نَحْنُ نَذْكُرُ فُلَانًا رَعَفَ بِهِ البابُ أَي دَخَلَ عَلَيْنَا مِنَ الْبَابِ. وأَرْعَفَ قِرْبَتَه أَي ملأَها حَتَّى تَرْعُفَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ لجإٍ:
يَرْعُفُ أَعْلاها مِنِ امْتِلائها، ... إِذَا طَوَى الْكَفَّ عَلَى رِشائها
ورَاعُوفةُ الْبِئْرِ ورَاعُوفُها وأُرْعُوفَتها: حَجَرٌ ناتئٌ عَلَى رأْسها لَا يُسْتَطاعُ قَلْعُه يَقُومُ عَلَيْهِ المُسْتقي، وَقِيلَ: هُوَ فِي أَسْفلها، وَقِيلَ: رَاعُوفَة الْبِئْرِ صَخْرَةٌ تُتْرَكُ فِي أَسْفَلِ الْبِئْرِ إِذَا احْتُفِرَتْ تَكُونُ ثَابِتَةً هُنَاكَ فَإِذَا أَرادوا تَنْقِيةَ الْبِئْرِ جَلَسَ المُنَقِّي عَلَيْهَا، وَقِيلَ: هِيَ حَجَرٌ يَكُونُ عَلَى رأْس الْبِئْرِ يَقُومُ الْمُسْتَقِي عَلَيْهِ، وَيُرْوَى بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: هُوَ حَجَرٌ نَاتِئٌ فِي بَعْضِ الْبِئْرِ يَكُونُ صُلْباً لَا يُمْكِنُهُمْ حَفْره فَيُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَةَ: رَاعُوفَةُ الْبِئْرِ النَّطَّافةُ، قال: وهي
__________
(1) . قوله [بالمدجج] كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: بالمزجج.(9/123)
مِثْلُ عَيْن عَلَى قَدْرِ جُحْر العَقْرب نِيطَ فِي أَعلى الرَّكِيّة فيُجاوِزُونها فِي الحفْر خَمْس قِيَمٍ وأَكثر، فَرُبَّمَا وَجَدُوا مَاءً كَثِيرًا تَبَجُّسُه، قَالَ: وبالرُّوبَنْج عينٌ نَطّافة عذْبة، وأَسفَلَها عَيْنُ زُعاقٌ، فتَسمع قَطَرانَ «1» النَّطَّافَةِ فِيهَا طَرْقٌ. قَالَ شَمِرٌ: مَنْ ذَهَبَ بالرَّاعُوفَةِ إِلَى النّطّافةِ فكأَنه أَخذه مِنْ رُعَافِ الأَنف، وَهُوَ سَيَلانُ دمِه وقَطَرانُه، وَيُقَالُ ذَلِكَ سَيَلَانُ الذَّنِينِ؛ وأَنشد قَوْلَهُ:
كِلَا مَنْخَرَيْه سَابِقًا ومُعَشِّراً، ... بِمَا انْفَضَّ مِنْ مَاءِ الخَياشِيم رَاعِفُ «2»
قَالَ: ومَنْ ذَهَبَ بالرَّاعُوفَةِ إِلَى الْحَجَرِ الَّذِي يتقدَّم طَيَّ الْبِئْرِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَهُوَ منْ رَعَفَ الرَّجُلُ أَو الْفَرَسُ إِذَا تقدَّم وسبَق. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ عَائِشَةَ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُحِرَ وجُعِل سِحْرُه فِي جُفِّ طَلْعةٍ ودُفِنَ تحْتَ رَاعُوفَةِ الْبِئْرِ
، وَيُرْوَى راعُوثة، بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. واسْتَرْعَفَ الحَصى مَنْسِمَ الْبَعِيرِ أَي أَدْماه. والرُّعَافِيُّ: الرَّجُلُ الكثيرُ العَطاء مأْخوذ مِنَ الرُّعَافِ وَهُوَ المطَرُ الْكَثِيرُ. والرُّعُوفُ: الأَمطار الخِفاف، قَالَ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا اسْتَقْطَرَ الشَّحْمَةَ وأَخذ صُهارتَها: قَدْ أَوْدَفَ واسْتَوْدَفَ واسْتَرْعَفَ واسْتَوْكَفَ واسْتَدامَ واسْتَدْمى، كُلُّهُ وَاحِدٌ. ورَعْفانُ الْوَالِي «3» : مَا يُسْتَعْدى بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: يأْكلون «4» مِنْ تلك الدابَّة ما شاؤوا حَتَّى ارْتَعَفُوا
أَي قَوِيَتْ أَقدامُهم فركبوها وتقدموا.
رغف: رَغَفَ الطِّينَ والعَجينَ يَرْغَفُه رَغْفاً: كَتَّلَه بِيَدَيْهِ، وأَصل الرَّغْفِ جَمْعُكَ الرَّغِيفَ تُكَتِّلُه. والرَّغيف: الخُبْزة، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أَرْغِفَة ورُغُفٌ ورُغْفانٌ؛ قَالَ لَقِيطُ بْنُ زُرارةَ:
إنَّ الشِّواءَ والنَشِيلَ والرُّغُفْ، ... والقَيْنةَ الحَسْناء والكأْسَ الأُنُفْ،
للطَّاعِنِينَ الخيلَ، والخيلُ قُطُفْ «5»
ورَغَفَ البعيرَ رَغْفاً: لَقَّمَهُ البِزْر وَالدَّقِيقَ. وأَرْغَفَ الرجلُ: حدَّدَ بَصَره، وكذلك الأَسدُ.
رفف: رَفَّ لونُه يَرِفُّ، بِالْكَسْرِ، رَفّاً ورَفيفاً: بَرَقَ وتَلأْلأَ، وَكَذَلِكَ رَفَّتْ أَسنانه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّابِغَةَ الجَعْديَّ لَمَّا أَنشد سَيِّدَنَا رسولَ الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وَلَا خَيْرَ فِي حِلْمٍ، إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ ... بَوادِرُ تَحْمِي صَفْوَه أَن يُكَدَّرا
وَلَا خَيْرَ فِي جَهْلٍ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ... حَلِيمٌ، إِذَا مَا أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرا
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ قَالَ: فبَقِيَتْ أَسْنانُه تَرِفُّ حَتَّى مَاتَ
، وَفِي النِّهَايَةِ:
وكأَنَّ فَاهُ البَرَدُ، تَرِفُّ أَسنانُه
أَي تَبْرُق أَسنانُه، مِنْ رَفَّ البرقُ يَرِفُّ إِذَا تلأْلأَ. والرَّفَّةُ: البَرْقةُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
تَرفُّ غُروبُه، هِيَ الأَسنان.
ورفَّ يَرِفُّ: بَرِحَ وتَخَيَّلَ؛ قَالَ:
وأُمُّ عَمّارٍ عَلَى القِرْد تَرِفُ
ورَفَّ النباتُ يَرِفُّ رَفيفاً إِذَا اهْتَزَّ وتَنَعَّمَ؛ قال
__________
(1) . قوله [فتسمع قطران إلخ] كذا بالأَصل.
(2) . قوله [ومعشراً] كذا بالأصل.
(3) . قوله [ورَعْفَان الوالي] كذا ضبط في الأَصل.
(4) . قوله [يأكلون إلخ] كذا بالأصل والنهاية أيضاً.
(5) . قوله [للطاعنين الخيل] سيأتي في مادة نشل: للضاربين الهام.(9/124)
أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ أَن يَتَلأْلأَ ويُشْرِقَ مَاؤُهُ. وَثَوْبٌ رَفِيفٌ وَشَجَرٌ رَفِيفٌ إِذَا تَنَدَّى. والرَّفَّةُ: الاخْتِلاجةُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ زِمْلٍ: لَمْ تَرَ عَيْني مِثلَه قَطُّ يَرِفُّ رَفِيفاً يَقْطُرُ نَدَاهُ.
يُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذَا كَثُرَ مَاؤُهُ مِنَ النَّعْمةِ والغَضاضةِ حَتَّى يَكَادَ يَهْتَزُّ: رَفَّ يَرِفُّ رَفيفاً. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَتْ لَهُ امرأَة: أُعِيذُك بِاللَّهِ أَن تَنْزِلَ وَادِيًا فَتَدَعَ أَوَّلَه يَرِفُّ وآخِرَه يَقِفُّ.
ورَفَّت عينُه تَرُفُّ وتَرِفُّ رَفّاً: اخْتَلَجَتْ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَعْضاء؛ قَالَ أَنشد أَبو الْعَلَاءِ:
لَمْ أَدْرِ إِلَّا الظَّنَّ ظَنَّ الغائِبِ، ... أَبِكِ أَم بالغَيْبِ رَفُّ حاجِبي
وَكَذَلِكَ البَرْقُ إِذَا لَمَعَ. ورَفُّ البَرْقِ: ومِيضُه. ورَفَّتْ عَلَيْهِ النِّعْمة: ضَفَتْ. ورَفَّ الشيءَ يَرُفُّه رَفّاً ورَفِيفاً: مَصَّه، وَقِيلَ أَكلَه. والرَّفَّةُ: المَصّةُ. والرَّفُّ: المَّصُّ والتَّرَشُّفُ، وَقَدْ رَفَفْتُ أَرُفُّ، بِالضَّمِّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
واللهِ لَوْلَا رَهْبَتي أَباكِ، ... إذاً لَزَفَّتْ شَفَتايَ فاكِ،
رَفَّ الغَزالِ ورَقَ الأَراكِ
وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ سُئِلَ عَنِ القُبْلةِ لِلصَّائِمِ فَقَالَ: إِنِّي لأَرُفُّ شَفَتَيْها وأَنا صَائِمٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهُوَ مِنْ شُرْب الرِّيق وتَرَشُّفه، وَقِيلَ: هُوَ الرَّفُّ نَفْسُه «6» ، وَقَوْلُهُ أَرُفُّ شَفَتَيْها أَي أَمَصُّ وأَتَرَشَّفُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبيدة السَّلْماني: قَالَ لَهُ ابْنُ سِيرينَ: مَا يُوجِبُ الجَنابةَ؟ قَالَ: الرَّفُ والاسْتِمْلاقُ
يَعْنِي المَصَّ والجِماعَ لأَنه مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ أَرُفُّ: الرَّفُّ هُوَ مِثْلُ المَصِّ والرَّشْفِ وَنَحْوِهِ، يُقَالُ مِنْهُ: رَفَفْتُ أَرُفُّ رَفّاً، وأَما رَفَّ يَرِفُّ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ مِنْ غَيْرِ هَذَا، رَفَّ يَرِفُّ إِذَا بَرَقَ لونُه وتلأْلأَ؛ قَالَ الأَعشى يَذْكُرُ ثَغْرَ امْرأَةٍ:
ومَهاً تَرِفُّ غُرُوبُه، ... تَسْقي المُتَيَّمَ ذَا الْحَرَارَةِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لبِشرٍ:
يَرِفُّ كأَنه وهْناً مُدامُ
والرَّفَّةُ: الأَكْلَةُ المُحْكَمةُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: رَفَّتِ الإِبِلُ تَرُفُّ وتَرِفُّ رَفّاً أَكلَتْ، ورَفَّ المرأَةَ يَرُفُّها قَبَّلَها بأَطراف شَفَتَيْه. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْعٍ: زَوْجي إنْ أَكلَ رَفَ
؛ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ الإِكْثارُ مِنَ الأَكل. والرَّفْرَفةُ: تحريكُ الطَّائِرِ جَناحَيهِ وَهُوَ فِي الْهَوَاءِ فَلَا يَبْرحُ مَكَانَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: رَفَّ الطَّائِرُ ورَفْرَفَ حَرَّك جناحَيْه فِي الْهَوَاءِ. والرَّفْرَافُ: الظَّلِيمُ يُرَفْرِفُ بِجَنَاحَيْهِ ثُمَّ يَعْدو. والرَّفْرَافُ: الْجَنَاحُ مِنْهُ وَمِنَ الطَّائِرِ. ورَفْرَفَ الطَّائِرُ إِذَا حرَّك جَنَاحَيْهِ حَوْلَ الشَّيْءِ يُرِيدُ أَن يَقَعَ عَلَيْهِ. والرَّفْرَافُ: طَائِرٌ وَهُوَ خاطِفُ ظِلِّه؛
عَنْ أَبي سَلَمَةَ، قَالَ: وَرُبَّمَا سَمَّوُا الظَّليمَ بِذَلِكَ لأَنه يُرفْرِفُ بِجناحَيْه ثُمَّ يَعْدُو.
وَفِي الْحَدِيثِ:
رَفْرَفَتِ الرحمةُ فَوْقَ رأْسه.
يُقَالُ: رَفْرَفَ الطَّائِرُ بِجَنَاحَيْهِ إِذَا بَسَطَهُمَا عِنْدَ السُّقُوطِ عَلَى شَيْءٍ يَحُومُ عَلَيْهِ لِيَقَعَ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ السَّائِبِ: أَنه مرَّ بِهَا وَهِيَ تُرَفْرِفُ مِنَ الحُمّى، قَالَ: مَا لَكِ تُرَفْرِفِين؟
__________
(6) . قوله [هو الرف نفسه] كذا بالأصل.(9/125)
أَي تَرْتَعِدُ، وَيُرْوَى بِالزَّايِ، وَسَنَذْكُرُهُ. والرَّفْرَفُ: كِسْرُ الخِباء وَنَحْوِهِ وجوانبُ الدِّرْعِ وَمَا تَدَلَّى مِنْهَا، الْوَاحِدَةُ رَفْرَفَة، وَهُوَ أَيضاً خِرْقَةٌ تُخاط فِي أَسْفل السُّرادِق والفُسْطاط وَنَحْوِهِ، وَكَذَلِكَ الرَّفُّ رَفُّ الْبَيْتِ، وَجَمْعُهُ رُفُوفٌ. ورَفَّ البيتَ: عَمِلَ لَهُ رَفّاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَحِجَّني، قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَالَتْ: بِعْ تَمر رَفِّكَ
؛ الرَّفُّ، بِالْفَتْحِ خَشَبٌ يُرْفَعُ عَنِ الأَرض إِلَى جَنْب الجِدارِ يُوقَى بِهِ مَا يُوضَع عَلَيْهِ، وَجَمْعُهُ رُفُوفٌ ورِفافٌ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ الأَشرف: إنَّ رِفافي تَقَصَّفُ تَمْرًا مِنْ عَجْوَةٍ يَغِيبُ فِيهَا الضِّرسُ.
والرَّفُّ: شِبْهُ الطاقِ، وَالْجَمْعُ رُفُوفٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ حمزةَ الرَّفُّ لَهُ عَشَرَةُ معانٍ ذَكَرَ مِنْهَا رَفَّ يَرُفُّ، بِالضَّمِّ، إِذَا مَصَّ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ يَرُفُّ البقلَ إِذَا أَكله وَلَمْ يملأْ بِهِ فَاهُ، وَكَذَلِكَ هُوَ يَرُفُّ لَهُ أَي يَكْسِب. ورفَّ يَرِفُّ، بِالْكَسْرِ، إِذَا بَرَقَ لَوْنُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: ورَفِيفُ الفُسْطاط سَقْفُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ أَتيت عُثْمَانَ وَهُوَ نَازِلٌ بالأَبطح فَإِذَا فُسْطاطٌ مَضْرُوبٌ وَإِذَا سيفٌ مُعَلَّقٌ عَلَى رَفِيف «1» الْفُسْطَاطِ
؛ الْفُسْطَاطُ الخَيْمة؛ قَالَ شَمِرٌ: ورَفِيفُه سَقْفُه، وَقِيلَ: هُوَ مَا تدَلَّى مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
وَفَاةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَرْوِيهِ أَنس قَالَ: فَرَفَعَ الرَّفرَفَ فرأَينا وجْهَه كأَنه وَرَقَةٌ تُخَشْخِشُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرَّفْرَفُ هَاهُنَا طَرَفُ الفُسْطاط، قَالَ: والرَّفْرَفُ فِي حَدِيثِ المِعراج البِساطُ. ابْنُ الأَثير: الرَّفْرَفُ البِساطُ أَو السِّتر، وَقَوْلُهُ: فَرَفَعَ الرَّفْرَفَ أَراد شَيْئًا كَانَ يَحْجُبُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ. وكلُّ مَا فَضَلَ مِنْ شَيْءٍ وثُنِيَ وعُطِفَ، فَهُوَ رَفْرَفٌ. قَالَ: والرَّفْرَفُ فِي غَيْرِ هَذَا الرَّفُّ يُجْعَل عَلَيْهِ طَرائفُ الْبَيْتِ. وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى، قَالَ: رأَى رَفْرَفاً أَخضر سَدَّ الأُفق أَي بِساطاً، وَقِيلَ فِراشاً، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الرَّفْرَفَ جَمْعًا، وَاحِدُهُ رَفْرَفَةٌ، وَجَمْعُ الرَّفْرَفِ رَفارِفُ، وَقِيلَ: الرَّفْرَفُ فِي الأَصل مَا كَانَ مِنَ الدِّيبَاجِ وَغَيْرِهِ رَقيقاً حَسَن الصنْعة، ثُمَّ اتُّسِع بِهِ. والرَّفْرَفُ: الرَّوْشَنُ. والرَّفِيفُ: الرَّوْشَنُ. ورَفْرَفُ الدِّرْعِ: زَرَدٌ يُشَدُّ بِالْبَيْضَةِ يَطْرَحُهُ الرَّجُلُ عى ظَهْرِهِ. غَيْرُهُ: ورَفْرَفُ الدِّرْعِ مَا فضلَ مِنْ ذَيْلِها، ورَفْرَفُ الأَيكةِ مَا تَهَدَّلَ مِنْ غُصونها؛ وَقَالَ المُعَطَّلُ الهُذَليُّ يَصِفُ الأَسد:
لَهُ أَيْكَةٌ لَا يَأْمَنُ الناسُ غَيْبَها، ... حَمَى رَفْرَفاً مِنْهَا سِباطاً وخِرْوَعا
قَالَ الأَصمعي: حَمَى رَفْرَفاً، قَالَ: الرَّفْرَفُ شَجَرٌ مُسْترْسِلٌ يَنْبُتُ بِالْيَمَنِ. ورَفَّ الثوبُ رَفَفاً: رَقَّ، وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. ابْنُ بَرِّيٍّ: رَفَّ الثوبُ رَفَفاً، فَهُوَ رَفِيفٌ، وأَصله فَعِلَ، والرَّفرَفُ: الرَّقِيقُ مِنَ الدِّيباج، والرَّفرَفُ: ثِيَابٌ خُضْرٌ يُتَّخذ مِنْهَا لِلْمَجَالِسِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: تُبْسَطُ، وَاحِدَتُهُ رَفْرَفَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ
، وَقُرِئَ:
عَلَى رَفَارِفَ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ
قَالَ: ذَكَرُوا أَنها رِياضُ الْجَنَّةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الفُرُشُ والبُسُطُ، وَجَمْعُهُ رَفَارِفُ، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا:
مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفَارِف خُضْرٍ.
والرَّفْرَفُ: الشَّجَرُ النَّاعِمُ الْمُسْتَرْسِلُ؛ وأَنشد بَيْتَ الْهُذَلِيِّ يَصِفُ الأَسد:
حَمَى رَفْرَفاً مِنْهَا سِباطاً وخِرْوَعا
__________
(1) . قوله [على رفيف] في النهاية: في رفيف.(9/126)
والرَّفِيفُ والوَرِيفُ لُغَتَانِ، يُقَالُ لِلنَّبَاتِ الَّذِي يهْتزُّ خُضْرَةً وتَلأْلُؤاً: قَدْ رَفَّ يَرِفُّ رَفِيفاً؛ وَقَوْلُ الأَعْشى: بِالشَّامِ ذَاتِ الرَّفِيف؛ قَالَ: أَراد الْبَسَاتِينَ الَّتِي تَرِفُّ مِنْ نَضارتها وَاهْتِزَازِهَا، وَقِيلَ: ذاتُ الرَّفِيف سُفُنٌ كَانَ يُعْبَر عَلَيْهَا، وَهُوَ أَن تُشَدَّ سَفِينتانِ أَو ثَلَاثٌ للملِك، قَالَ: وكلُّ مُستَرِقٍّ مِنَ الرَّمْلِ رَفٌّ. والرَّفْرَفُ: ضَرْب مِنْ سَمَكِ الْبَحْرِ. والرَّفْرَفُ: البَظْرُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ورَفْرَف عَلَى الْقَوْمِ: تَحَدَّب. والرُّفَةُ: التِّبْنُ وحُطامُه. ورَفَّه: عَلَفَه رُفَّة. والرُّفَافُ: مَا انْتُحِتَ مِنَ التِّبْنِ ويَبِيس السَّمر؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ورَفَّ الرجلَ يَرُفُّه رَفّاً: أَحْسَنَ إِلَيْهِ وأَسْدَى إِلَيْهِ يَدًا. وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ حَفَّنا أَو رَفَّنَا فَلْيَتَّرِكْ، وَفِي الصِّحَاحِ: فَليَقْتصد، أَراد المدْح والإِطْراء. يُقَالُ: فُلَانٌ يَرُفُّنَا أَي يَحُوطُنا ويَعْطِفُ عَلَيْنَا، وَمَا لَهُ حافٌّ وَلَا رَافٌّ. وَفُلَانٌ يَحُفُّنا ويَرُفُّنَا أَي يُعْطِينا ويَميرُنا، وَفِي التهذيب: أَي يُؤوِينا ويُطْعِمُنا، وأَما أَبو عُبَيْدٍ فَجَعَلَهُ إِتْبَاعًا، والأَوّل أَعْرَف. الأَصمعي: هُوَ يَحِفُّ ويَرِفُّ أَي هُوَ يَقُومُ لَهُ ويَقْعُد ويَنْصَح ويُشْفِقُ؛ أَراد بيَحِفُّ تَسْمَعُ لَهُ حَفِيفًا. وَرَجُلٌ يَرِفُّ إِذَا كَانَ «1» ...... كالاهْتِزاز مِنَ النَّضارةِ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يُقَالُ رَفَّ يَرُفُّ إذا أَكل، رَفَّ يَرِفُّ إِذَا بَرَقَ، ووَرَفَ يَرِفُ إِذَا اتَّسَعَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا رَفٌّ مِنَ النَّاسِ. والرَّفُّ: المِيرةُ. والرَّفُّ: الْقِطْعَةُ الْعَظِيمَةُ مِنَ الإِبل، وعمَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ الْغَنَمَ فَقَالَ: الرَّفُّ القطِيعُ مِنَ الْغَنَمِ لَمْ يَخُصَّ معَزاً مِنْ ضأْن وَلَا ضأْناً مِنْ مَعَز. والرَّفُّ: الْجَمَاعَةُ مِنَ الضأْن؛ يُقَالُ: هَذَا رَفَّ مِنَ الضأْن أَي جَمَاعَةٌ مِنْهَا. والرَّفُّ: حَظِيرةُ الشَّاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَعْدَ الرِّفِّ والوَقِيرِ
؛ الرِّفُّ، بِالْكَسْرِ: الإِبل الْعَظِيمَةُ، والوَقِيرُ: الغنمُ الكثيرةُ، أَي بعدَ الغِنى واليَسار. ودارةُ رَفْرَفٍ: موضع.
رقف: ابْنُ الأَعرابي: الرُّقُوفُ الرُّفوف. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: رأَيته يُرْقَفُ مِنَ البردِ أَي يُرْعَدُ. أَبو مَالِكٍ: أُرْقِفَ إرْقافاً وقَفَّ قُفُوفاً، وهي القُشَعْرِيرَةُ.
ركف: قَالَ شَمِرٌ: تَقُولُ الْعَرَبُ ارْتَكَفَ الثلْجُ إِذَا وَقَعَ فَثَبَتَ كَقَوْلِكَ بِالْفَارِسِيَّةِ بِبَسْتْ.
رنف: الرَّانِفَةُ: جُلَيدة طرَف الأَرْنَبة وطَرَفُ غُرْضُوفِ الأُذن، وَقِيلَ: مَا لَانَ عَنْ شِدَّةِ الغُرْضُوف. والرَّانِفَةُ: أَسْفلُ الأَلْية، وَقِيلَ: هِيَ مُنْتَهى أَطْرافِ الأَلْيَتَيْنِ مِمَّا يَلِي الْفَخِذَيْنِ، وَقِيلَ: الرَّانِفةُ ناحِيةُ الأَلية؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
مَتى مَا نَلْتَقي فَرْدَيْنِ تَرْجُفْ ... رَوَانِفُ أَلْيَتَيْكَ وتُسْتَطارا «2»
وَقَالَ اللَّيْثُ: الرَّانِفُ مَا اسْتَرْخى مِنَ الأَلْية للإِنسان، وأَلْيَةٌ رَانِفٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: الرَّانِفَةُ أَسفلُ الأَلية وطرَفُها الَّذِي يَلِي الأَرض مِنَ الإِنسان إِذَا كَانَ قَائِمًا. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: أَن رَجُلًا قَالَ لَهُ خَرَجَتْ فيَّ قُرْحةٌ، فَقَالَ لَهُ: فِي أَي مَوْضِعٍ مِنْ جسَدك؟ فَقَالَ: بَيْنَ الرَّانِفَةِ والصَّفْنِ، فأَعجبني حُسْنُ مَا كَنَّى
؛ الرَّانِفَةُ: مَا سَالَ مِنَ الأَلْيةِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ، والصَّفْنُ: جِلْدَةُ الْخُصْيَةِ. ورَانِفُ كلِّ شَيْءٍ: ناحِيَتُه. والرَّانِفَةُ: أَسفل الْيَدِ. وأَرْنَفَ البعيرُ إرْنَافاً إِذَا سَارَ فحرَّك رأْسه فتقدمت
__________
(1) . كذا بياض بالأَصل.
(2) . قوله [نلتقي] كذا بالأصل وشرح القاموس، والمشهور تلقني.(9/127)
هامَتُه. الْجَوْهَرِيُّ: أَرْنَفَتِ الناقةُ بأُذُنَيْها إِذَا أَرْخَتْهما مِنَ الإِعْياء. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الوَحْيُ وَهُوَ عَلَى القَصْواء تَذْرِفُ عَيْنَاهَا وتُرْنِفُ بأُذنيها مِنْ ثِقَلِ الْوَحْيِ.
والرَّنْفُ: بَهْرامَجُ البَرِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَحْلِيةُ الْبَهْرَامَجِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرَّنْفُ مِنْ شَجَرِ الْجِبَالِ يَنْضَمُّ ورَقُه إِلَى قُضْبانه إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ ويَنْتَشِرُ بالنهار.
رهف: الرَّهَفُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ الرَّهِيف وَهُوَ اللَّطيف الرَّقِيقُ. ابْنُ سِيدَهْ: الرَّهْفُ والرَّهَفُ الرّقَّةُ وَاللُّطْفُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
حَوْراءُ، فِي أُسْكُفِّ عَيْنَيْها وطَفْ، ... وَفِي الثَّنايا البِيضِ مِنْ فِيها رَهَفْ
أُسْكُفُّ عَيْنَيْهَا: هُدْبُهما؛ وَقَدْ رَهُفَ يَرْهُفُ رَهافةً فَهُوَ رَهِيفٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَلَّمَا يُسْتعمل إِلَّا مُرْهَفاً. ورَهَفَه وأَرْهَفَه، وَرَجُلٌ مُرْهَفٌ: رَقِيقٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ مَرْهُوفَ البَدَنِ
أَي لَطِيفَ الْجِسْمِ دَقيقَه. يُقَالُ: رُهِفَ فَهُوَ مَرْهُوفٌ، وأَكثر مَا يُقَالُ مُرْهَفُ الْجِسْمِ. وأَرْهَفْتُ سَيْفِي أَي رَقَّقْتُه، فَهُوَ مُرْهَف. وسَهْم مُرْهَفٌ وَسَيْفٌ مُرْهَفٌ ورَهِيف وَقَدْ رَهَفْتُه وأَرْهَفْتُه، فَهُوَ مَرْهُوف ومُرْهَف أَي رَقَّتْ حَواشِيه، وأَكثر مَا يُقَالُ مُرْهَف. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَمرني رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن آتِيَه بمُدْية فأَتَيْتُه بِهَا فأَرْسَلَ بِهَا فأُرْهِفَتْ
أَي سُنَّتْ وأُخْرج حَدَّاها. وَفِي حَدِيثِ
صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحانَ: إِنِّي لأَتْرُكُ الْكَلَامَ فَمَا أُرْهِفُ بِهِ
أَي لَا أَرْكَبُ البَديهةَ وَلَا أَقْطَعُ الْقَوْلَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَن أَتَأَمَّله وأُرَوِّيَ فِيهِ، وَيُرْوَى بِالزَّايِ مِنَ الإِزهاف الاستِقْدام. وَفَرَسٌ مُرْهَفٌ: لاحِقُ الْبَطْنِ خَمِيصُه مُتَقَارِبُ الضُّلُوعِ وَهُوَ عَيْبٌ. وأُذن مُرْهَفَةٌ: دَقِيقةٌ. والرُّهَافَةُ: موضع.
روف: رافَ رَوْفاً: سَكَنَ، وَالْهَمْزُ فِيهِ لُغَةٌ، وَلَيْسَ من قولهم رؤوف رَحِيمٌ، ذَلِكَ مِنَ الرَّأْفة وَالرَّحْمَةِ. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ رأَف: الرَّأْفة الرَّحمةُ، رَؤُفْتُ بِالرَّجُلِ أَرْؤُفُ ورَأَفْتُ أَرْأَفُ بِهِ: كلٌّ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِنْهُمْ مَنْ لَيَّنَ الْهَمْزَةَ وَقَالَ رُوفٌ فَجَعَلَهَا وَاوًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَأْفٌ، بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرَّوْفةُ الرَّحْمَةُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: رَوافٌ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطيم:
أُسْدٌ بِبيشةَ أَو بِغافِ رَوَافِ «1»
ريف: الرِّيفُ: الخِصْبُ والسَّعةُ فِي المَآكل، وَالْجَمْعُ أَرْيافٌ فَقَطْ. والرِّيفُ: مَا قارَبَ الْمَاءَ مِنْ أَرض الْعَرَبِ وَغَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ أَريافٌ ورُيُوفٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الرِّيفُ حَيْثُ يَكُونُ الحَضَرُ والمِياهُ. والرِّيفُ: أَرض فِيهَا زَرْعٌ وخِصْب. ورافَتِ الماشِيةُ أَي رَعَتِ الرِّيفَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تُفْتَحُ الأَرْيافُ فَيَخْرُجُ إِلَيْهَا الناسُ
؛ هِيَ جَمْعُ رِيفٍ، وَهُوَ كُلُّ أَرض فِيهَا زَرْعٌ وَنَخْلٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَا قارَبَ الْمَاءَ مِنْ أَرض الْعَرَبِ وَغَيْرِهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
العُرَنِيِّين: كُنَّا أَهل ضَرْعٍ وَلَمْ نَكُنْ أَهل رِيف
أَي إنَّا مِنْ أَهل الْبَادِيَةِ لَا مِنْ أَهْلِ المُدُنِ. وَفِي حَدِيثِ
فَرْوةَ بْنِ مُسَيْكٍ: وَهِيَ أَرضُ رِيفِنا ومِيرَتِنا.
وتَرَيَّفَ القومُ وأَرْيَفوا وتَرَيَّفْنا وأَرْيَفْنا: صِرْنا
__________
(1) . قوله [رَوَاف] كذا ضبط بالأصل وشرح القاموس روَاف كسحاب، وضبط في معجم ياقوت في غير موضع كغراب.(9/128)
إِلَى الرِّيفِ وحَضَروا القُرى ومَعِين الْمَاءِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ رَافَ البدوِيُّ يَرِيفُ إِذَا أَتى الرِّيفَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
جَوَّاب بَيْداءَ بها غُروفُ، ... لَا يأْكل البَقْل وَلَا يَرِيفُ،
وَلَا يُرى فِي بَيْتِه القَلِيفُ
وَقَالَ الْقَطَامِيُّ:
ورَافٍ سُلافٍ شَعْشَعَ البحرُ مَزْجَها ... لِتَحْمى، وَمَا فِينَا عَنِ الشُرْب صادِفُ
قَالُوا: رَافٌ اسْمٌ لِلْخَمْرِ، تَحْمى أَي تُسْكِرُ. وأَرافَتِ الأَرضُ إرَافَةً ورِيفاً كَمَا قَالُوا أَخْصَبَتْ إخْصاباً وخِصْباً سَوَاءٌ فِي الوَزْنِ وَالْمَعْنَى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الإِرَافةَ الْمَصْدَرُ، والرِّيفُ الِاسْمُ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الإِخْصابِ والخِصْب، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَهِيَ أَرضٌ ريِّفَةٌ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ.
فصل الزاي
زأف: زأَفَه يَزْأَفُه زَأْفاً: أَعْجَله. وَقَدْ أَزْأَفْتُ عَلَيْهِ أَي أَجْهَزْتُ عَلَيْهِ. وَمَوْتٌ زُؤَاف وزُؤامٌ: كَريه، وَقِيلَ: وحِيٌّ. وأَزْأَفَ فُلَانًا بطنُه: أَثْقَلَه فَلَمْ يَقْدِر أَن يتحرّك.
زحف: زحَف إِلَيْهِ يَزْحَف زَحْفاً وزُحُوفاً وزَحَفاناً: مَشى. وَيُقَالُ: زَحَفَ الدَّبَى إِذَا مَضَى قُدُماً. والزَّحْفُ: الجماعةُ يَزْحَفُون إِلَى العدُوِّ بِمَرَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللهمَّ اغْفِرْ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ
أَي فرَّ مِنَ الْجِهَادِ ولِقاء الْعَدُوِّ فِي الْحَرْبِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً
؛ وَالْجَمْعُ زُحُوفٌ، كَسَّرُوا اسْمَ الْجَمْعِ كَمَا قَدْ يُكَسِّرُونَ الْجَمْعَ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْجَرَادِ؛ قَالَ:
قَدْ خِفْتُ أَن يَحْدُرَنا لِلمِصْرَيْنْ ... زَحْفٌ مِنَ الخَيْفانِ، بَعْدَ الزَّحْفَيْنْ
أَراد بَعْدَ زَحْفَيْن، لَكِنَّهُ كَرِهَ الزِّحاف فأَدخل الأَلف وَاللَّامَ لإِكمال الْجُزْءِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ أَزْحَفْتُ القومَ إِذَا ثَبَتَّ لَهُمْ، قَالَ: فَمَعْنَى قَوْلِهِ إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً
أَي إِذَا لقِيتُموهم زاحِفينَ، وَهُوَ أَن يَزْحَفوا إِلَيْهِمْ قَلِيلًا قَلِيلًا، فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبار؛ قَالَ الأَزهري: وأَصل الزَّحْفِ لِلصَّبِيِّ وَهُوَ أَن يَزْحَفَ عَلَى اسْته قَبْلَ أَن يَقُومَ، وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى بَطْنِهِ قِيلَ قَدْ حَبا، وشُبِّه بزَحْفِ الصِّبْيَانِ مَشْيُ الفئَتَيْن تَلْتَقِيان لِلْقِتَالِ، فَيَمْشِي كُلٌّ فِيهِ مَشْيًا رُوَيْداً إِلَى الفِئةِ الأُخْرى قَبْلَ التَّدَانِي للضِّراب، وَهِيَ مَزاحِفُ أَهلِ الْحَرْبِ، ورُبما اسْتَجَنَّتِ الرَّجَّالةُ بِجُنَنِها وَتَزَاحَفَتْ مِنْ قُعود إِلَى أَن يَعْرِض لَهَا الضِّرابُ أَو الطِّعانُ. وَيُقَالُ: أَزْحَفَ لَنَا عَدُوُّنا إزْحَافاً أَي صَارُوا يَزْحَفُونَ إِلَيْنَا زَحْفاً لِيُقاتلونا؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الثَّوْرَ وَالْكِلَابَ:
وانْشَمْنَ فِي غُبارِه وخَذْرفا ... «2» مَعاً، وشَتَّى في الغُبارِ كالشّفا
مِثْلَيْنِ، ثُمَّ أَزْحَفَتْ وأَزْحَفا
أَيْ أَسْرَعَ، وأَصله مِنْ خَذْرَفَ الصبيُّ. وازْدَحَف القومُ ازْدِحافاً إِذَا مَشَى بعضُهم إِلَى بَعْضٍ. وزَحَفَ القومُ إِلَى القومِ: دَلَفُوا إِلَيْهِمْ. والزَّحْفُ: المشْيُ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَالصَّبِيُّ يَتَزَحَّفُ عَلَى الأَرض، وَفِي التَّهْذِيبِ عَلَى بَطْنِهِ: يَنْسَحِبُ قَبْلَ أَن يَمْشِيَ.
__________
(2) . قوله [وانشمن إلخ] هذا ما بالأصل، والذي في شرح القاموس:
وأدغفت شوارعاً وأدغفا ... ميلين ثم أزحفت وأزحفا(9/129)
ومَزَاحِفُ الحَيّاتِ: آثَارُ انْسِيابها ومَواضعُ مَدَبِّها؛ قَالَ المُتَنَخِّلُ الهُذَليّ:
شَرِبْتُ بِجَمِّه وصَدَرْتُ عَنْهُ، ... وأَبْيَضُ صارِمٌ ذكَرٌ إباطِي
كأَنَّ مَزاحِفَ الحَيّاتِ فِيهِ، ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ، آثارُ السِّياطِ
وَهَذَا الْبَيْتُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ:
كأَنَّ مَزَاحِفَ الحَيّاتِ فِيهَا
وَالصَّوَابُ فِيهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَمِنَ الحَيّاتِ الزَّحَّافُ، وَهُوَ الَّذِي يَمْشي عَلَى أَثْنائِه كَمَا تَمْشِي الأَفْعى. ومَزَاحِفُ السَّحابِ: حيثُ وَقَعَ قَطْرُه وزَحَفَ إِلَيْهِ؛ قَالَ أَبو وجْزةَ:
أَخْلى بلِينةَ والرَّنْقاء مَرْتَعَه، ... يَقْرُو مَزَاحِفَ جَوْنٍ ساقِطِ الرَّبَبِ
أَراد ساقِطَ الرَّبابِ فَقَصَرَهُ وَقَالَ الرَّبَب. وَالْقَوْمُ يَتَزَاحَفُون ويَزْدَحِفون إِذَا تَدَانَوْا فِي الْحَرْبِ. ابْنُ سِيدَهْ: ونارُ الزَّحْفَتَيْنِ نارُ العَرْفَجِ، وَذَلِكَ أَنها سَرِيعَةُ الأَخْذِ فِيهِ لأَنه ضِرامٌ، فَإِذَا الْتَهَبَتْ زَحَفَ عَنْهَا مُصْطَلُوها أُخُراً ثُمَّ لَا تَلْبَثُ أَن تَخْبُوَ فَيَزْحَفُونَ إِلَيْهَا راجعينَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ونارُ الزَّحْفَتَيْن نارُ الشِّيحِ والأَلاء لأَنه يُسْرِعُ الاشْتِعالُ فِيهِمَا فَيُزْحَفُ عَنْهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَعْرُوفُ أَنه نارُ العَرْفَجِ وَلِذَلِكَ يُدْعى أَبا سَريع لسُرعْةِ النارِ فِيهِ، وَتُسَمَّى نارُه نارَ الزَّحْفَتَيْنِ لأَنه يُسْرِعُ الِالْتِهَابَ فَيُزْحَفُ عَنْهُ ثُمَّ لَا يَلْبَثُ أَن يَخْبو فيُزْحف إليه؛ وأَنشد أَبو العميثل:
وسَوْداء المعاصِمِ، لَمْ يُغادِرْ ... لَهَا كَفَلًا صِلاءُ الزَّحْفَتَيْنِ
وَقِيلَ لامرأَة مِنَ الْعَرَبِ: مَا لَنا نَراكُنَّ رُسْحاً؟ فَقَالَتْ: أَرْسَحَتْنا نارُ الزحْفَتَيْنِ. وزَحَفَ فِي الْمَشْيِ يَزْحَفُ زَحْفاً وزَحَفاناً: أَعْيا. قَالَ أَبو زَيْدٍ: زَحَفَ المُعْيي يَزْحَفُ زَحْفاً وزُحُوفاً، وزَحَفَ الْبَعِيرُ يَزْحَفُ زَحْفاً وزُحُوفاً وزَحَفاناً وأَزْحَف: أَعْيا فجَرَّ فِرْسِنَه، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَعيا فَقَامَ عَلَى صَاحِبِهِ، فَهُوَ مُزْحِفٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
قال ابنُ أُمِّ إياسٍ: ارْحَلْ ناقَتي، ... عَمْروٌ، فَتَبْلُغُ حاجَتي أَو تُزْحِفُ
وَبَعِيرٌ زاحِفٌ مِنْ إِبِلٍ زَواحِفَ، الْوَاحِدَةُ زاحِفةٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
مُسْتَقْبِلِينَ شَمالَ الشامِ تَضْرِبُنا ... بِحاصِبٍ كَنَديفِ القُطْنِ مَنْثُورِ
عَلَى عَمائمنا تُلْقى، وأَرحُلُنا ... عَلَى زَواحِفَ، نُزْجِيها، مَحاسيرِ
وَنَاقَةٌ زَحُوفٌ مِنْ إِبِلٍ زُحُفٍ، ومِزْحافٌ مِنْ إِبِلٍ مَزاحِيفَ ومَزاحِفَ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ فَهُوَ مزْحَافٌ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ وَذَكَرَ حَفْرَ قَبْرِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانُوا قَدْ حَفَروا لَهُ فِي الحَرَّة فَشَبَّهَ المَساحِيَ الَّتِي تُضرب بِهَا الأَرض بِطَيْرٍ عائفةٍ عَلَى إِبِلٍ سُود مَعايا قَدِ اسودّتْ مِنَ العَرَق بِهَا دَبَرٌ وشَبَّه سَوادَ الحرَّة بالإِبل السُّودِ:
حَتَّى كأَنَّ مَساحِي القومِ، فَوْقَهُمُ، ... طيرٌ تَحُومُ عَلَى جُونٍ مَزاحِيفِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: شبَّه المساحِيَ الَّتِي حَفَرُوا بِهَا الْقَبْرَ بِطَيْرٍ تَقَعُ عَلَى إِبِلٍ مزاحِيفَ وَتَطِيرُ عَنْهَا بِارْتِفَاعِ(9/130)
الْمِسَاحِي وَانْخِفَاضِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي في شعره:
كأَنهنّ، بأَيْدي القومِ فِي كَبَدٍ، ... طَيْرٌ تَعِيفُ عَلَى جُون مَزاحِيفِ
وَقَدْ أَزْحَفَها طُولُ السَّفَرِ: أَكَلَّها فأَعْياها، ويَزْدَحِفُون فِي مَعْنَى يَتَزاحَفُون، وَكَذَلِكَ يتزحَّفُون. وزَحَفْتُ فِي الْمَشْيِ وأَزْحَفْتُ إِذَا أَعْيَيْتَ. وأَزْحَفَ الرجلُ: أَعْيَتْ دابَّتُه وَإِبِلُهُ، وكلُّ مُعْيٍ لَا حِراكَ بِهِ زاحِفٌ ومُزْحِفٌ، مَهْزولًا كَانَ أَو سَمِينًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَاحِلَتَهُ أَزْحفت
أَي أَعْيَتْ ووقفتْ؛ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: صَوَابُهُ أُزْحِفَتْ عَلَيْهِ، غَيْرُ مُسَمَّى الْفَاعِلِ، يُقَالُ: زَحَفَ البعيرُ إِذَا قامَ مِنَ الإِعياء، وأَزْحَفَه السفَرُ. وزَحَفَ الرجلُ إِذَا انْسَحَبَ عَلَى اسْتِه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
يَزْحَفُون عَلَى أَسْتاهِهم
؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ سَحَابًا:
إِذَا حَرَّكَتْه الرِّيحُ كَيْ تَسْتَخِفَّه، ... تَزاجَرَ مِلْحاحٌ إِلَى الأَرضِ مُزحِفُ
فَإِنَّهُ جَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ المُعْيي مِنَ الإِبل لبُطْء حَرَكَتِهِ، وَذَلِكَ لِمَا احْتَمَلَهُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَاءِ. أَبو سَعِيدٍ الضَّريرُ: الزَّاحِفُ والزاحِكُ المُعْيي، يُقَالُ لِلذَّكَرِ والأُنثى، وَالْجَمْعُ الزَّواحِفُ والزواحِكُ. وأَزْحَفَ الرجلُ إزْحَافاً: بلف غايةَ مَا يُرِيدُ وَيَطْلُبُ. والزَّحُوفُ مِنَ النُّوقِ: الَّتِي تَجُرُّ رِجْلَيْهَا إِذَا مَشَتْ، ومِزْحَافٌ. والزَّاحِفُ: السَّهْمُ يَقَعُ دُونَ الغَرَضِ ثُمَّ يَزْحَفُ إِلَيْهِ؛ وتَزَحَّفَ إِلَيْهِ أَي تمَشَّى. والزِّحافُ فِي الشِّعْر: معروفٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لثِقَله تُخَصُّ بِهِ الأَسْباب دُونَ الأَوتاد إِلَّا القَطْعَ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي أَوتادِ الأَعاريض والضُّرُوبِ، وَهُوَ سَقَطَ مَا بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ حَرْفٌ فَزَحَفَ أَحدهما إِلَى الْآخَرِ «1» . وَقَدْ سَمَّتْ زَحَّافاً ومُزَاحَفاً وزَاحِفاً؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
سأَجْزِيكَ خِذلاناً بِتَقْطِيعيَ الصوَى إِلَيْكَ، ... وخُفّا زاحِفٍ تَقْطر الدَّمَا «2»
فَسَّرَهُ فَقَالَ: زَاحِفٌ اسْمُ بَعِيرٍ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ نَعْتٌ لجمَل زَاحِف أَي مُعْيٍ، وَلَيْسَ بَاسِمِ علم لجمَلٍ مّا.
زحلف: الزُّحْلُوفَةُ: كالزُّحْلُوقة، وَقَدْ تَزَحْلَفَ. الْجَوْهَرِيُّ: الزُّحْلُوفَةُ آثارُ تَزَلُّجِ الصِّبيان من فوقِ التَّلِّ إِلَى أَسْفَله، وَهِيَ لُغَةُ أَهل الْعَالِيَةِ، وتميمٌ تَقُولُهُ بِالْقَافِ، وَالْجَمْعُ زحالِفُ وزَحَالِيفُ. الأَزهري: الزَّحَاليفُ والزَّحالِيقُ آثَارُ تَزَلُّجِ الصِّبْيَانِ مِنْ فوقُ إِلَى أَسفلُ، وَاحِدُهَا زُحْلوقة، بِالْقَافِ؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَاحِدُهَا زُحلوفة وزُحلوقة. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: الزُّحلوفة المكانُ الزَّلِقُ مِنْ حَبْل الرِّمالِ يلعَب عَلَيْهِ الصِّبْيَانُ، وَكَذَلِكَ فِي الصَّفا وَهِيَ الزَّحاليف، بِالْيَاءِ، وكأَن أَصله زَحَلَ فَزيدت فَاءٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الزُّحْلُوفَةُ مكانٌ مُنْحَدِرٌ مُملَّسٌ لأَنهم يَتَزَحْلَفُون عَلَيْهِ؛ وأَنشد لأَوْس بْنِ حُجْرٍ:
يُقَلِّبُ قَيْدوداً كأَنَّ سَراتَها ... صَفا مُدْهُنٍ، قَدْ زَلَّقَتْه الزَّحَالِفُ
أَي يُقَلِّب هَذَا الْحِمَارُ أَتاناً قَيْدُوداً أَي طَوِيلَةً أَي يُصَرِّفُها يَمِينًا وَشِمَالًا، والمُدْهُنُ: نُقْرة فِي الْجَبَلِ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ؛ وَقَالَ مزاحِفٌ العُقَيْلِيُّ:
__________
(1) . قوله [إِلَّا الْقَطْعَ فَإِنَّهُ يَكُونُ إلى قوله فَزَحَفَ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ] هكذا في الأصل.
(2) . قوله [وخفا زاحف تقطر إلخ] كذا بالأصل.(9/131)
بَشاماً ونَبْعاً، ثُمَّ مَلْقَى سِبالهِ ... ثِمادٌ وأَوْشالٌ حَمَتْها الزَّحَالِفُ
ومَلْقى سِبالِه أَي مُنْغَمَسُ رأْسه فِي الْمَاءِ. والسِّبال: شَعَرُ لِحْيَتِه، وَالَّذِي فِي شَعَرِهِ: سَقَتْها الزَّحَالِفُ أَي يقعُ الْمَطَرُ والنَّدى عَلَى الصَّخْرِ فَيَصِلُ إِلَيْهَا عَلَى وُفوره وَكَمَالِهِ. والزَّحْلَفةُ كالدَحْرجةِ والدفْع، يُقَالُ: زَحْلَفْتُه فَتَزَحْلَفَ، والزَّحَالِيفُ والزَّحالِيكُ وَاحِدَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ:
مَا ازْلَحَفَّ ناكِحُ الأَمة عَنِ الزِّنا إِلَّا قلِيلًا
؛ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ مَا تَنَحَّى وَمَا تباعَدَ. يُقَالُ: ازْلَحَفَّ وازْحَلَفَّ وتَزَحْلَفَ وتَزَلْحَفَ إِذَا تَنَحَّى. وَيُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذَا مَالَتْ للمَغِيبِ إِذَا زالَتْ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ نِصْفَ النَّهَارِ: قَدْ تَزَحْلَفَتْ؛ قَالَ الْعَجَّاجِ:
والشمسُ قَدْ كادتْ تكونُ دَنَفا، ... أَدْفَعُها بالرَّاحِ كَيْ تَزَحْلَفا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَبي نُخَيْلَةَ:
وليسَ وَلْيُ عَهْدِنا بالأَسْعَدِ ... عِيسَى، فَزَحْلِفْها إِلَى مُحمَّدِ،
حَتَّى تُؤدَّى مِنْ يَدٍ إِلَى يَدِ
وَيُقَالُ: زَحْلَفَ اللَّهُ عَنَّا شَرَّكَ أَي نَحَّى اللَّهُ عنا شرَّك.
زحنقف: الأَزهري: الزَّحَنْقَفُ الَّذِي يَزْحَفُ عَلَى اسْتِه؛ وأَنشد أَبو سَعِيدٍ للأَغلب:
طَلَّةُ شَيخٍ أَرْسَحٍ زَحَنْقَفِ، ... لَهُ ثَنايا مِثْلُ حَبِّ العُلَّفِ
زخف: أَهمله اللَّيْثُ. وَفِي النَّوَادِرِ المُثْبتة عَنِ الأَعراب: الشَّوْذَقَةُ والتَّزْخِيفُ أَخْذُ الإِنسانِ عَنْ صَاحِبِهِ بأَصابعه الشَّيْذَقَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ أَما الشَّوْذَقَة فَمُعَرَّبٌ، وأَما التَّزْخِيفُ فأَرجو أَن يَكُونَ عَرَبِيًّا صَحِيحًا. وَيُقَالُ: زَخَفَ يَزْخَفُ إِذَا فَخَرَ. وَرَجُلٌ مِزْخَفٌ: فَخُورٌ؛ وَقَالَ البُرَيْقُ الهُذلي:
وأَنتَ فَتاهُم غَيْرَ شَكٍّ زَعَمْتَه، ... كَفَى بِكَ ذَا بَأْوٍ بِنَفْسِكَ مِزْخَفا
قَالَ: ذَكَرَ ذَلِكَ الأَصمعي وأَظُنّ زَخَفَ مَقلوباً عَنْ فَخز.
زخرف: الزُّخْرُفُ: الزِّينةُ. ابْنُ سِيدَهْ: الزُّخْرفُ الذَّهَبُ هَذَا الأَصل، ثُمَّ سُمِّي كُلُّ زِينةٍ زُخْرُفاً ثُمَّ شُبِّهَ كلُّ مُمَوَّه مُزَوَّرٍ بِهِ. وَبَيْتٌ مُزَخْرفٌ، وزَخْرَفَ الْبَيْتَ زَخْرَفَةً: زَيَّنَه وأَكْمَلَه. وكلُّ مَا زُوِّقَ وزُيِّنَ، فَقَدْ زُخْرِفَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَدْخُلِ الْكَعْبَةَ حَتَّى أَمَرَ بالزُّخْرُفِ فنُحِّيَ
؛ قَالَ: الزُّخْرُفُ هَاهُنَا نُقُوشٌ وتَصاويرُ تُزَيَّنُ بِهَا الكعبةُ وَكَانَتْ بِالذَّهَبِ فأَمر بِهَا حَتَّى حُتّت؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وَزُخْرُفاً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الزُّخْرُفُ الذَّهَبُ، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: إنَّا نَجْعَلُهَا لَهُمْ مِنْ فِضَّة وَمِنْ زُخْرف، فَإِذَا أَلقيت مِنَ الزُّخْرُف «1» أَوقعت الفعل عليه أَي وزخرفاً نَجْعَلُ لَهُمْ ذَلِكَ، قِيلَ: وَمَعْنَاهُ وَنَجْعَلُ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ ذَهَبًا وغِنًى، قَالَ: وَهُوَ أَشبه الْوَجْهَيْنِ بِالصَّوَابِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى أَن تُزَخْرَفَ المساجدُ
أَي تُنْقَشَ وتُمَوَّه بِالذَّهَبِ، وَوَجْهُ النَّهْيِ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ لِئَلَّا تَشْغَل المصلي.
__________
(1) . قوله [ألقيت من الزُّخْرُف] كذا بالأصل يريد إذا لم تقدر دخول من على زخرف أوقعت إلخ.(9/132)
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
لَتُزَخْرِفُنّها كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى
، يَعْنِي الْمَسَاجِدَ. وَفِي حَدِيثِ صِفَةِ الْجَنَّةِ:
لَتَزَخْرَفَتْ لَهُ ما بين خَوافِقِ السمواتِ والأَرض.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً
، أَي حُسْن الْقَوْلِ بتَرْقِيشِ الكذِب، والزُّخْرُفُ الذهبُ فِي غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها
أَي زِينَتَهَا مِنَ الأَنْوارِ والزّهْر مِنْ بَيْنِ أَحْمر وأَصفر وأَبيض. وَقَالَ ابْنُ أَسلم: الزُّخْرُفُ مَتاعُ الْبَيْتِ. والزُّخْرُفُ فِي اللُّغَةِ: الزِّينَةُ وكمالُ حُسْنِ الشَّيْءِ. والمُزَخْرَفُ: المُزَيَّنُ، وَفِي وصِيته لِعيّاش بْنِ أَبي رَبِيعَةَ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ:
فَلَنْ تأْتِيك حُجّةٌ إِلَّا دَحَضَتْ وَلَا كِتاب زُخْرُفٍ إِلَّا ذهَبَ نُورُه
أَي كتابُ تَمْوِيهٍ وترقيشٍ يَزْعُمُونَ أَنه مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَقَدْ حُرِّفَ أَو غُيِّرَ مَا فِيهِ وزُيِّنَ ذَلِكَ التَّغْيِيرُ ومُوِّهَ. والتَّزَخْرُفُ: التَّزَيُّنُ. والزَّخارِفُ: مَا زُيِّنَ مِنَ السُّفُن. وَفِي التَّهْذِيبِ: والزَّخَارِفُ السُّفُنُ. والزُّخْرُفُ: زينةُ النباتِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها
؛ قِيلَ: زِينتها بِالنَّبَاتِ، وَقِيلَ: تمامَها وكمالَها. وزَخْرَفَ الكلامَ: نَظَّمَه. وتَزَخْرَفَ الرجلُ إِذَا تَزَيَّن. والزَّخَارِفُ: ذُبابٌ صِغار ذاتُ قوائمَ أَربع تَطِيرُ عَلَى الْمَاءِ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
تَذَكَّرَ عَيْناً مِنْ غُمازَ، وماؤُها ... لَهُ حَدَبٌ تَسْتَنُّ فِيهِ الزَّخَارِفُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: دُوَيْبّاتٌ تَطِيرُ عَلَى الْمَاءِ مِثْلُ الذُّباب. والزُّخْرُفُ: طَائِرٌ، وَبِهِ فَسَّرَ كُراع بيت أَوْسٍ. وزَخَارِفُ الماء: طرائقُه.
زدف: يُقَالُ: أَسْدَفَ عَلَيْهِ السِّتْر وأَزْدَفَ عليه السِّتْر.
زرف: زَرَفَ إِلَيْهِ يَزْرِفُ زُرُوفاً وزَريفاً: دَنَا؛ وَقَوْلُ لَبِيدٌ:
بالغُراباتِ فَزَرَّافاتِها، ... فبِخِنْزيرٍ فأَطْرافِ حُبَلْ
عَنَى بِذَلِكَ مَا قَرُبَ مِنْهَا ودَنا. وَنَاقَةٌ زَرُوفٌ: طويلةُ الرِّجْلَيْنِ واسعةُ الخَطْوِ. وَنَاقَةٌ زَرُوفٌ ومِزْرافٌ أَي سَريعةٌ، وَقَدْ زَرَفَتْ. وأَزْرَفْتُها أَي حَثَثْتها؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يُزْرِفُها الإِغْراءُ أَيَّ زَرْفِ
وَمَشَتِ الناقةُ زَرِيفاً أَي عَلَى هِينَتِها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
وسِرْتُ المَطِيَّةَ مَوْدُوعةً. ... تُضَحِّي رُوَيْداً وتَمشي زَريفا
تُضَحِّي: تَمْشِي عَلَى هِينَتِها؛ يَقُولُ: قَدْ كَبِرْت وصارَ مَشْيي رُوَيداً وَإِنَّمَا شِدَّةُ السَّيْر وعَجْرَفِيَّتُه للشَّبابِ، والرجلُ فِي ذَلِكَ كَالنَّاقَةِ. والزَّرْفُ: الإِسْراعُ. والزَرَّافُ: السريعُ. وأَزْرَفَ القومُ إزْرافاً: عَجِلوا فِي هَزيمةٍ أَو غَيْرِهَا. وأَزْرَفَ إِذَا تقدَّم؛ وأَنشد:
تُضَحِّي رُويداً وَتَمْشِي زَرِيفا
وأَزْرَفَ فِي المشْيِ: أَسْرع. وزَرَفْتُ وأَزْرَفْتُ إِذَا تَقَدَّمْتَ إِلَيْهِ. وزَرَفَتِ الناقةُ: أَسْرَعَتْ. وأَزْرَفْتُها إِذَا أَخْبَبْتَها فِي السَّيْرِ؛ رَوَاهُ الصرام عن شمر، زَرَفَتْ وأَزْرَفْتُها، الزَّايُ قَبْلَ الرَّاءِ. والزَّرافةُ: دابةٌ حَسَنةُ الخَلْقِ مِنْ ناحِيةِ الحَبَش.(9/133)
وأَزْرَفَ إِذَا اشْتَرَى الزرافةَ، وَهِيَ الزَّرافةُ والزرافّةُ، وَالْفَتْحُ وَالتَّخْفِيفُ أَفْصحهما، وَيُقَالُ لَهَا بالفارسية أُشْتُرْ گاوْ پَلَنْگ وَقِيلَ: هِيَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَضَمِّهَا مُخَفَّفَةُ الْفَاءِ. والزَّرَّافةُ والزَّرافةُ: مِنْزَفَةُ الْمَاءِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ويُبْيِتُ ذَا الأَهْدابِ يَعْوي، ودُونه ... مِنَ الْمَاءِ زَرَّافاتُها وقُصُورُها
وزَرِفَ الجُرْحُ يَزْرَفُ زَرَفاً وزَرَفَ زَرْفاً وأَزْرَفَ، كلُّ ذَلِكَ: انْتَقَضَ ونُكِسَ بَعْدَ البُرْء. وخِمسٌ مُزَرِّفٌ: مُتْعِبٌ؛ وَقَالَ مُلَيْحٌ:
يَسِيرُ بِهَا للقَوْمِ خِمْسٌ مُزَرِّف
وزَرَفَ فِي حَدِيثِهِ. وزَرَّفَ عَلَى الْخَمْسِينَ: جاوَزَها. أَبو عُبَيْدٍ: أَتَوْني بِزَرافَّتِهِمْ أَي بِجماعتهم. قَالَ: وَغَيْرُ القَنانِّي يُخَفِّفُ الزَّرافةَ، والتخفيفُ أَجْوَدُ، قَالَ: وَلَا أَحفظ التَّشْدِيدَ عَنْ غَيْرِهِ. والزَّرافةُ، بِالْفَتْحِ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ القنانيُّ يَقُولُهُ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ. والزَّرافاتُ: الْجَمَاعَاتُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَكَذَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ فَعالَّةٍ عَنِ القَنانيّ، قَالَ: وَكَذَا ذَكَرَهُ القَزَّاز فِي كِتَابِهِ الْجَامِعِ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ؛ يُقَالُ: أَتاني الْقَوْمُ بِزَرافَّتِهم مِثْلَ الزَّعارَّةِ، قَالَ: وَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ أَنه بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ دُونَ الرَّاءِ؛ قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي شِعْرِ لَبِيدٍ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ فِي قَوْلِهِ:
بالغُرابات فزرَّافاتِها، ... فبِخِنْزيرٍ فأَطرافِ حُبَلْ
قَالَ: وأَما قَوْلُ الْحَجَّاجِ فِي خُطْبَتِهِ: إِيَّايَ وَهَذِهِ الزَّرَافَاتِ يَعْنِي الْجَمَاعَاتِ، فَالْمَشْهُورُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ التَّخْفِيفُ، وَاحِدُهُمْ زَرافة، بِالْفَتْحِ، نَهاهُم أَن يجتمِعوا فَيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لثَوَران الفِتْنة. وَفِي حَدِيثِ
قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ: كَانَ الْكَلْبِيُّ يُزَرِّفُ فِي الْحَدِيثِ
أَي يَزيدُ فِيهِ مِثْلَ يُزَلِّفُ، والله أعلم.
زعف: مَوْتٌ زُعَافٌ وذُعافٌ وذُؤافٌ وزُؤاف: شديدٌ، وَقِيلَ: الْمَوْتُ الزُّعَافُ الوَحِيُّ. وزَعَفَه يَزْعَفُه زَعْفاً وأَزْعَفَه: رَماه أَو ضَرَبه فَمَاتَ مَكَانَهُ سَرِيعًا. وَقَدْ أَزْعَفْتُه: أَقْعَصْتُهُ، وَكَذَلِكَ ازْدَعَفْتُه. وزَعَفَه يَزْعَفُه زَعْفاً: أَجْهَز عَلَيْهِ. وسمٌّ زُعَافٌ، والمُزْعِفُ: القاتِلُ مِنَ السُّمِّ؛ وَقَوْلُهُ:
فَلَا تَتَعَرَّضْ أَنْ تُشاكَ، وَلَا تَطَأْ ... بِرِجْلِكَ مِنْ مِزْعَافَةِ الرِّيقِ مُعْضِلِ
أَراد حَيَّةً ذاتَ ريقٍ مُزْعِفٍ، وَزَادَ مَنْ «2» فِي الْوَاجِبِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبو الْحَسَنِ. وَمِنْ أَسماء الْحَيَّةِ المِزْعَافَةُ والمِزْعامةُ. وسيفٌ مُزْعِفٌ: لَا يُطْني. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبْرةَ أَحدَ الفُتّاكِ فِي الإِسلام وَكَانَ لَهُ سَيْفٌ سَمَّاهُ المُزْعِفَ؛ وَفِيهِ يَقُولُ:
عَلَوْتُ بالمُزْعِفِ المَأْثُورِ هامَتَه، ... فَمَا اسْتَجابَ لداعِيهِ وَقَدْ سَمِعا
والزُّعُوفُ: المَهالكُ. وزَعَفَ فِي الْحَدِيثِ: زادَ عَلَيْهِ أَو كَذَبَ فيه.
زعنف: الزِّعْنِفةُ: طائفةٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وجَمْعُها زَعانِفُ. ابْنُ سِيدَهْ: الزِّعْنِفَةُ القِطْعةُ مِنَ الثَّوْبِ، وَقِيلَ: هُوَ أَسفل الثَّوْبِ المُتَخَرِّق. والزَعَانِفُ:
__________
(2) . قوله [وزاد من إلخ] كذا بالأصل وشرح القاموس.(9/134)
أَطْرافُ الأَديمِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقِيلَ: زَعَانِفُ الأَديمِ أَطْرافُه الَّتِي تُشَدُّ فِيهَا الأَوْتاد إِذَا مُدَّ فِي الدِّباغ، الْوَاحِدَةُ زَعْنفةٌ وزِعْنفة. والزَّعانِفُ: أَجْنِحةُ السَّمك، وَالْوَاحِدُ كَالْوَاحِدِ، وكلُّ شَيْءٍ قَصيرٍ زَعْنَفَةٌ وزِعْنَفَة، وزَعانِفُ كلِّ شَيْءٍ رَديئُه ورُذالُه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
طِيري بمِخْراقٍ أَشَمَّ، كأَنه ... سَلِيمُ رِماحٍ لَمْ تَنَلْه الزَّعَانِفُ
أَي لَمْ تَنَلْه النِّساء الزَّعَانِفُ الخسائِسُ، يَقُولُ: لَمْ تَنَلْهُ زعانِفُ النِّسَاءِ أَي لَمْ يَتَزَوَّجْ لَئيمةً قَطُّ فتَنالَه، وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ رُذالُ الناسِ زَعانِفَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِزَعانِفِ الثَّوْبِ والأَديمِ، وَلَيْسَ بقَويّ. الأَزهري: إِذَا رأَيت جَمَاعَةً لَيْسَ أَصلُهم وَاحِدًا قُلْتَ: إِنَّمَا هُمْ زَعَانِفُ بِمَنْزِلَةِ زَعَانِف الأَديم، وَهِيَ فِي نَواحيه حِينَ تُشَدُّ فِيهِ الأَوتادُ إِذَا مُدَّ فِي الدِّباغ؛ قَوْلُهُ طِيري أَي اعْلَقي بِهِ، والمِخْراقُ الْكَرِيمُ، وسَلِيمُ رِمَاحٍ قَدْ أَصابته الرِّماحُ مِثْلُ سليمٍ مِنَ العقْرب وَالْحَيَّةِ، والزَّعَانِفُ: مَا تَخَرَّقَ مِنْ أَسافِلِ القَمِيصِ، يشبَّه بِهِ رُذالُ الناسِ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ: إِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الزَّعَانِيفَ الَّذِينَ رَغِبوا عَنِ الناسِ وَفَارَقُوا الْجَمَاعَةَ
؛ هِيَ الفرَقُ المُخْتَلِفَةُ وأَصلها أَطْرافُ الأَدِيمِ والأَكارِعُ، وَقِيلَ: أَجْنِحَةُ السَّمكِ، وَالْيَاءُ فِي زَعَانِيف للإِشباعِ وأَكثر مَا تَجِيءُ فِي الشِّعر، شَبَّه مَنْ خَرَجَ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الزِّعْنِفَةُ، بِالْكَسْرِ، الْقَصِيرُ، وأَصل الزَّعَانِف أَطْرافُ الأَدِيمِ وأَكارِعُه؛ قَالَ أَوْس بْنُ حَجَرٍ:
فَمَا زَالَ يَفْري البِيدَ حَتَّى كأَنَّما ... قَوائمُه، فِي جانِبَيْه، الزَّعَانِفُ
أَي كأَنَّها مُعَلَّقَة لَا تَمَسُّ الأَرضَ مِنْ سُرْعَتِه. والزَّعَانِفُ: الأَحْياء القَليلةُ فِي الأَحْياء الْكَثِيرَةِ، وَقِيلَ: هِيَ القِطَعُ مِنَ الْقَبَائِلِ تَشِذُّ وتنْفَرِدُ، وَالْوَاحِدُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ زِعْنِفَةٌ.
زغف: زَغَفَ فِي حَدِيثِهِ يَزْغَفُ زَغْفاً: كذَب وَزَادَ. ورجُلٌ مِزْغَفٌ: نَهِمٌ رَغِيبٌ. والزَّغْفُ والزَّغْفَةُ: الدِّرْعُ المُحْكَمَةُ، وَقِيلَ: الواسِعةُ الطوِيلةُ، تُسَكَّن وتحرَّك، وَقِيلَ: الدِّرْعُ اللَّينة، وَالْجَمْعُ زَغْفٌ عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَحْتِي الأَغَرُّ، وفَوْقَ جِلْدِي نَثْرةٌ ... زَغْفٌ تَرُدُّ السيفَ، وَهُوَ مُثَلَّمُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ تُحَرَّكُ الْغَيْنُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ. وأَنكر ابْنُ الأَعرابي تَفْسِيرَ الزَّغْفَةِ بِالْوَاسِعَةِ مِنَ الدُّروع وَقَالَ: هِيَ الصَّغِيرَةُ الحَلَقِ، وَقَالَ ابْنُ شُميل: هِيَ الدقيقةُ الحسَنةُ السَّلَاسِلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبي الْحُقَيْقِ فِي الزَّغَفِ:
رُبَّ عَمٍّ ليَ لَوْ أَبْصَرْته، ... حَسَنِ المِشْيَة فِي الدِّرْعِ الزَّغَفْ
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي الزَّغَفِ: الدِّرع الْوَاسِعَةُ الطَّوِيلَةُ، أَظنه مِنْ قَوْلِهِمْ زَغَفَ لَنَا فُلَانٌ، وَذَلِكَ إِذَا حدَّثَ فَزَادَ فِي الْحَدِيثِ وكذَب فِيهِ. أَبو مَالِكٍ: رَجُلٌ زَغَّافٌ وَقَدْ زَغَفَ كَلَامًا كَثِيرًا إِذَا كَانَ كَثِيرَ الْكَلَامِ. أَبو زَيْدٍ: زَغَفَ لَنَا مَالًا كَثِيرًا أَي غَرَفَ لَنَا مَالًا كَثِيرًا. والزَّغَفُ: دِقاقُ الحَطبِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الزَّغَفُ حَطَبُ العَرْفَجِ مِنْ أَعالِيه وَهُوَ أَخْبَثُه، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ غَيْرِ الْعَرْفَجِ، وَقَالَ مُرَّةُ: الزَّغَفُ(9/135)
الرَّدِيءُ مِنْ أَطْراف الشَّجَرِ والنباتِ، وَقِيلَ أَطرافه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
غَبَّى عَلَى قُتْرَتِه التَّعْشِيما، ... مِنْ زَغَفِ الغُذَّامِ، والحَطِيما
وَقَالَ مُرَّةُ: الزَّغَفُ أَطراف الشَّجَرِ الضَّعيفةُ، قَالَ: وَقَالَ لِي بَعْضُ بَنِي أَسَد الزَّغَفُ أَعْلى الرِّمْث. وازْدَغَفَ الشيءَ: أَخَذَه واجْتَرفَه. وَرَجُلٌ مِزْغَفٌ: جَوَّابٌ مَنْهومٌ رَغيبٌ يَزْدَغِفُ كُلَّ شَيْءٍ.
زغرف: البُحور الزَّغارِفُ: الْكَثِيرَةُ الْمِيَاهِ، عَنْ ثَعْلَبٍ وَحْدَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمَعْرُوفُ إِنَّمَا هُوَ الزَّغاربُ، بِالْبَاءِ؛ وأَنشد الأَزهري لِمُزاحِمٍ:
كَصَعْدَةِ مُرّانٍ جَرَى، تحتَ ظِلِّها، ... خَلِيجٌ أَمَدَّتْه البحارُ الزَّغَارِفُ
وَلَوْ أَبْدَلَتْ أُنْساً لأَعْصَمَ عاقِلٍ ... بِرَأْسِ الشَّرَى، قَدْ طَرَّدَتْه المَخاوِفُ «1»
وَقَالَ الأَصمعي: لَا أَعرفُ الزَّغَارِفَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَحْر زَغْرَبٌ وزَغْرَفٌ، بِالْبَاءِ وَالْفَاءِ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ ضَبَرَ وضَفَرَ إِذَا وَثَبَ. والبُرْعُلُ والفُرْعُلُ: ولَدُ الضَّبُع.
زفف: الزَّفيفُ: سُرْعةُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ خَطْو وَسُكُونٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّل عَدْو النَّعَامِ، وَقِيلَ: هُوَ كالذَّمِيل. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الزَّفِيفُ الإِسْراعُ ومقاربةُ الخَطْوِ، زَفَّ يَزِفُّ زَفّاً وزَفِيفاً وزُفُوفاً وأَزَفَّ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يَكُونُ ذَلِكَ فِي النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ: وأَزَفَّ أَبْعَد اللُّغَتَيْنِ. وزَفَّ القومُ فِي مَشْيِهِمْ: أَسْرَعوا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالنَّاسُ يَزِفُّونَ، بِفَتْحِ الْيَاءِ، أَي يُسرعُونَ، وقرأَها الأَعمش
يُزَفُّونَ
أَي يَجِيئُونَ عَلَى هَيْئَةِ الزَّفيف بِمَنْزِلَةِ المَزْفُوفةِ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يَزِفُّون يُسْرِعُون، وأَصله مِنْ زَفِيف النَّعامةِ وَهُوَ ابْتِدَاءُ عَدْوِها، والنَّعامةُ يُقَالُ لَهَا زَفُوفٌ؛ قَالَ ابْنُ حِلِّزَةَ:
بِزَفُوفٍ كَأَنها هِقْلَةٌ أُمُّ ... رِئالٍ، دَوِّيَّةٌ سَقْفاء
والزَّفيفُ: السريعُ مِثْلَ الذَّفِيف. وزَفَّ الظليمُ والبعيرُ يَزِفُّ، بِالْكَسْرِ، زَفِيفاً أَي أَسْرَعَ، وأَزَفَّه صاحبُه. وأَزَفَّ البعيرَ: حَمَله أَن يَزِفَّ. وزَفْزَفَ النعامُ فِي مَشْيه: حَرَّك جَنَاحَيْهِ. والزَّفَّانُ: السريعُ الْخَفِيفُ. وَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ
تَزْوِيجِ فاطمةَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ: أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَنَع طَعَامًا وَقَالَ لِبِلَالٍ: أَدْخلْ عليَّ النَّاسَ زُفَّةً زُفَّةً
؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ فَقَالَ: فَوْجاً بَعْدَ فَوْجٍ وَطَائِفَةً بَعْدَ طَائِفَةٍ وزُمْرة بَعْدَ زُمْرة، قَالَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لزَفِيفها فِي مَشْيِهَا أَي إسْراعها. وزَفَّت الريحُ زَفِيفاً وزَفْزَفَتْ: هَبَّتْ هُبُوباً ليِّناً وَدَامَتْ، وَقِيلَ: زَفْزَفَتُها شِدَّةُ هُبوبها. التَّهْذِيبِ: الرِّيحُ تَزِفُّ زُفُوفاً، وَهُوَ هُبُوبٌ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ وَلَكِنَّهُ فِي ذَلِكَ ماضٍ. والزَّفْزَفَةُ: تَحْرِيكُ الرِّيحِ يَبيسَ الْحَشِيشِ؛ وأَنشد:
زَفْزَفَةَ الرِّيحِ الحَصادَ اليَبَسا
وزَفْزَفَتِ الرِّيحُ الحَشِيشَ: حَرَّكَته. ويقال
__________
(1) . قوله [أبدلت] كذا بالأصل وشرح القاموس.(9/136)
للطائِش الحِلْمِ: قَدْ زَفَّ رَأْلُه. والزَّفزفةُ: حَنِينُ الريحِ وَصَوْتُهَا فِي الشَّجَرِ، وَهِيَ رِيحٌ زَفْزَافَةٌ وَرِيحٌ زَفْزَفٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَريّ لِمُزاحِم:
ثَوْباتِ الجَنُوبِ الزَّفَازِفِ
وَرِيحٌ زَفْزَفَةٌ وزَفْزَافَةٌ وزَفْزَافٌ: شَدِيدَةٌ لَهَا زَفْزفة، وَهِيَ الصوتُ؛ وَجَعَلَهُ الأَخطل زَفزَفاً قَالَ:
أَعاصيرُ رِيحٍ زَفْزَفٍ زَفَيانِ
وَفِي حَدِيثِ
أُم السَّائِبِ: أَنه مرَّ بِهَا وَهِيَ تُزَفْزِفُ مِنَ الحُمَّى
أَي ترْتَعِدُ مِنَ الْبَرْدِ، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ، وَقَدْ تقدَّم. والزَفِيفُ: البريقُ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
دَجَا الليلُ، واسْتَنَّ اسْتِناناً زَفِيفُه، ... كَمَا اسْتَنَّ فِي الغابِ الحَرِيقُ المُشَعْشَعُ
وزَفْزَفَةُ المَوكِبِ: هَزِيزُه. وزَفْزَفَ إِذَا مَشى مِشْيَةً حَسَنةً. والزَّفْزَفَةُ مِنْ سَيْرِ الإِبل، وَقِيلَ: الزَّفْزَفَةُ مِنْ سَيْرِ الإِبل فَوْقَ الخَبَبِ؛ قَالَ امْرُؤُ القَيس:
لمَّا رَكِبنا رَفَعْناهُنَّ زَفْزَفَةً، ... حَتَّى احْتَوَيْنا سَواماً ثَمَّ أَرْبابُهْ
وزَفَّ الطَّائِرُ فِي طَيَرَانِهِ يَزِفُّ زَفّاً وزَفِيفاً وزَفزف: ترامَى بِنَفْسِهِ، وَقِيلَ: هُوَ بَسْطُه جناحَيه؛ وأَنشد:
زَفِيفَ الذُّنابى بِالْعَجَاجِ القواصِفِ
والزَّفْزَافُ: النَّعام الَّذِي يُزَفْزِفُ فِي طيَرانه يُحَرِّكُ جَنَاحَيْهِ إِذَا عَدَا. وقَوْسٌ زَفُوفٌ: مُرِنّةٌ. والزَّفْزَفَةُ: صوتُ القِدْحِ حِينَ يُدارُ عَلَى الظُّفُر؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
كَساها رَطِيبَ الرِّيشِ، فاعْتَدَلَتْ لَهَا ... قِداحٌ، كأَعْناقِ الظِّباء، زَفازِفُ
أَراد ذواتُ زَفَازِفَ، شبَّه السِّهامَ بأَعْناقِ الظِّباء فِي اللِّينِ والانْثِناء. والزِّفُّ: صَغِيرُ الرِّيشِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ رِيشَ النعامِ. وهَيْقٌ أَزَفُّ بيِّن الزَّفَفِ أَي ذُو زِفٍّ مُلْتَفٍّ. وظلِيم أَزَفُّ: كَثِيرُ الزِّفِّ. الْجَوْهَرِيُّ: الزِّفّ، بِالْكَسْرِ، صِغَارُ رِيشِ النعامِ وَالطَّائِرِ. وزَفَفْتُ العَرُوسَ وزَفَّ العروسَ يَزُفُّها، بِالضَّمِّ، زَفّاً وزِفَافاً وَهُوَ الْوَجْهُ وأَزْفَفْتُها وازْدَفَفْتُها بِمَعْنًى وأَزَفَّها وازْدَفَّها، كُلُّ ذَلِكَ: هَدَاهَا، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: زَحَفَتْ زَوافُّها أَي اللَّواتي زَفَفْنَها. والمِزَفَّةُ: المِحَفَّةُ، وَقِيلَ: الْمِحَفَّةُ الَّتِي تُزَفُّ فِيهَا الْعَرُوسُ. اللَّيْثُ: زُفَّتِ العروسُ إِلَى زَوْجِهَا زَفّاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
يُزَفُّ [يُزِفُ] عَلِيٌّ بَيْنِي وَبَيْنَ إبراهيمَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ، إِلَى الْجَنَّةِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: إِنْ كُسِرَتِ الزَّايُ فَمَعْنَاهُ يُسْرِعُ مِنْ زَفَّ فِي مِشْيَتِهِ وأَزَفَّ إِذَا أَسرع، وَإِنْ فُتِحَتْ فَهُوَ مِنْ زَفَفْتُ العَروسَ أَزُفُّها إِذَا أَهْدَيْتَها إِلَى زَوْجِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا ولَدت الجاريةُ بَعَث اللَّهِ إِلَيْهَا مَلَكاً يَزُفُّ الْبَرَكَةَ زَفّاً.
وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: فَمَا تَفرَّقُوا حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْهِ وَقَدْ تَكَتَّبَ يُزَفُّ فِي قَوْمِهِ.
وَجِئْتُكَ زَفَّةً أَو زَفَّتَينِ أَي مرَّة أَو مَرَّتَيْنِ.
زقف: تَزَقَّفَ الكُرَةَ: كَتَلَقَّفَها. قَالَ الأَزهري: قرأْت بِخَطِّ شَمِرٍ فِي تَفْسِيرِ غَرِيبِ حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عنه، أَن مُعَاوِيَةَ قَالَ: لَوْ بَلَغَ هَذَا الأَمرُ إِلَيْنَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، يَعْنِي الْخِلَافَةَ، تَزَقَّفْناه(9/137)
تَزَقُّفَ الأُكْرةِ
؛ قَالَ: التَّزَقُّفُ كالتَلَّقُّف وَهُوَ أَخذ الْكُرَةِ بِالْيَدِ أَو بِالْفَمِ. يُقَالُ: تَزَقَّفْتها وتَلَقَّفْتها بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ أَخذها بِالْيَدِ أَو بِالْفَمِ بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِطَافِ وَالِاسْتِلَابِ مِنَ الْهَوَاءِ، وَقَوْلُهُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَدْحِ أَو مَجْرُورٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي إِلَيْنَا. والزُّقْفةُ: مَا تَزَقَّفْتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَبا سُفيانَ قَالَ لِبَنِي أُميةَ تَزَقَّفُوها تَزَقُّفَ الْكُرَةِ
، يَعْنِي الْخِلَافَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَأْخُذُ الله السمواتِ والأَرضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِيَدِهِ ثُمَّ يَتَزَقَّفُها تَزَقُّفَ الرُّمّانة.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنه قَالَ لَمَّا اصْطَفَّ الصفّانِ يَوْمَ الْجَمَلِ: كَانَ الأَشتر زَقَفَني مِنْهُمْ فأْتَخَذْنا فَوَقَعْنا إِلَى الأَرض فَقُلْتُ اقْتُلُوني ومالِكاً
، أَي اخْتَطَفَني واسْتَلَبَني مِنْ بَيْنِهِمْ؛ والائْتِخاذُ: افْتِعال مِنَ الأَخذ بِمَعْنَى التفاعُل أَي أَخَذَ كلُ وَاحِدٍ مِنّا صاحِبَه، وَالَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الأُكْرة. قَالَ شَمِرٌ: والكُرة أَعْرَبُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ الأَكرة؛ وأَنشد:
تَبِيتُ الفِراخ بأَكْنافِها، ... كأَنَّ حَواصلَهُنّ الأُكَرْ
قَالَ مُزَاحِمٌ:
ويُضْرِبُ إضْرابَ الشُّجاعِ وعندَه، ... غذا مَا التَقَى الأَبطالُ، خَطْفٌ مُزاقَفُ
زلف: الزَّلَفُ والزُّلْفةُ والزُّلْفَى: القُربةُ والدَّرَجة والمَنزلةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى
؛ قَالَ: هِيَ اسْمٌ كأَنه قَالَ بِالَّتِي تقرِّبكم عِنْدَنَا ازْدِلافاً؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجُ:
ناجٍ طَواه الأَيْنُ مِما وَجَفَا، ... طَيَّ اللَّيَالِي زُلَفاً فَزُلَفا،
سَماوةَ الهِلالِ حَتَّى احْقَوقَفا
يَقُولُ: مَنْزِلَةً بَعد منزلةٍ وَدَرَجَةً بَعْدَ درجةٍ. وزَلَفَ إليه وازْدَلَفَ وتَزَلَّفَ: دَنَا مِنْهُ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
حَتَّى إِذَا اعْصَوْصَبُوا، دُونَ الرِّكابِ مَعاً، ... دَنَا تَزَلُّفَ ذِي هِدْمَيْنِ مَقْرُورِ
وأَزْلَفَ الشيءَ: قَرَّبَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ*
؛ أَي قُرِّبَتْ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وتأْويله أَي قَرُبَ دُخُولُهُمْ فِيهَا ونَظَرُهُم إِلَيْهَا. وازْدَلَفَه: أَدْناه إِلَى هَلَكةٍ. ومُزْدَلِفَةُ والمُزْدَلِفَة: مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ، قِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاقْتِرَابِ النَّاسِ إِلَى مِنًى بَعْدَ الإِفاضة مِنْ عرَفات. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدْري كَيْفَ هَذَا. وأَزْلَفَه الشَّيْءَ صَارَ جَمِيعُهُ «1» ؛ حَكَاهُ الزَّجَّاجُ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: ومُزْدَلِفَةُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ
؛ مَعْنَى أَزْلَفْنا جَمَعْنَا، وَقِيلَ: قَرَّبْنا الْآخَرِينَ مِنَ الغَرَقِ وَهُمْ أَصحاب فِرْعَوْنَ، وَكِلَاهُمَا حَسَن جَمِيلٌ لأَن جَمْعَهم تَقريبُ بعضِهم مِنْ بَعْضٍ، وَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَتْ مُزْدَلِفَةُ جَمْعاً. وأَصل الزُّلْفَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ القُرْبَى. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا
أَي رأَوا الْعَذَابَ قَرِيبًا. وَفِي الْحَدِيثِ
إِذَا أَسْلَمَ العبدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كلَّ سَيِّئَةٍ أَزْلَفَها
أَي أَسْلَفَها وقدَّمها، والأَصل فِيهِ القُرْبُ والتَّقدُّم. والزُّلْفةُ: الطائفةُ مِنْ أَوّل اللَّيْلِ، وَالْجَمْعُ زُلَفٌ
__________
(1) . قوله [وَأَزْلَفَهُ الشَّيْءَ صَارَ جَمِيعُهُ] كذا بالأصل.(9/138)
وزُلَفَاتٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وزُلَفُ الليلِ: سَاعَاتٌ مِنْ أَوّله، وَقِيلَ: هِيَ ساعاتُ اللَّيْلِ الآخذةُ مِنَ النَّهَارِ وَسَاعَاتُ النَّهَارِ الْآخِذَةُ مِنَ اللَّيْلِ، وَاحِدَتُهَا زُلْفَةٌ، فأَما قِرَاءَةُ ابْنُ مُحَيْصِنٍ:
وزُلُفاً مِنَ اللَّيْلِ
، بِضَمِّ الزَّايِ وَاللَّامِ،
وزُلْفاً مِنَ اللَّيْلِ
، بِسُكُونِ اللَّامِ، فإنَّ الأُولى جَمْعُ زُلُفةٍ كبُسُرةٍ وبُسُرٍ، وأَما زُلْفاً فَجَمْعُ زُلْفةٍ جَمَعَهَا جَمْعَ الأَجناس الْمَخْلُوقَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَوْهَرًا كَمَا جَمَعُوا الْجَوَاهِرَ الْمَخْلُوقَةَ نَحْوَ دُرَّةٍ ودُرٍّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ذِكْرُ زُلَفِ الليلِ
، وَهِيَ سَاعَاتُهُ، وَقِيلَ: هِيَ الطَّائِفَةُ مِنَ اللَّيْلِ، قَلِيلَةً كَانَتْ أَو كَثِيرَةً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ
؛ فطَرَفا النهارِ غُدْوةٌ وعَشِيَّةٌ، وصلاةُ طَرَفي النَّهَارِ: الصبحُ فِي أَحد الطَّرَفَيْنِ والأُولى، والعصرُ فِي الطرَف الأَخير؛ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ
، قَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ كَمَا تَقُولُ جِئْتُ طَرَفَيِ النَّهَارِ وأَوّل اللَّيْلِ، وَمَعْنَى زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ
الصَّلَاةُ الْقَرِيبَةُ مِنْ أَول اللَّيْلِ، أَراد بالزُّلَفِ المغربَ وَالْعِشَاءَ الأَخيرة؛ ومن قرأَ
وزُلْفاً
فَهُوَ جَمْعُ زَلِيفٍ مِثْلُ القُرْب والقَريب. وَفِي حَدِيثِ الضَّحِيّة:
أُتي بِبَدَناتٍ خَمْسٍ أَو سِتٍّ فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ بأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ
أَي يَقْرُبْنَ مِنْهُ، وَهُوَ يَفْتَعِلْنَ مِنَ القُرْبِ فأَبدل التَّاءُ دَالًا لأَجل الزَّايِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه كَتَبَ إِلَى مُصْعبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ بالمَدينة: انْظُرْ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي تَتَجَهَّزُ فِيهِ الْيَهُودُ لِسَبْتِهَا، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فازْدَلِفْ إِلَى اللَّهِ بِرَكْعَتَيْنِ وَاخْطُبْ فِيهِمَا
أَي تَقَرَّبْ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ والنَّسَّابة: فَمِنْكُمُ المزْدَلِفُ الحُرُّ صاحِبُ العِمامة الفَرْدةِ
؛ إِنَّمَا سُمِّيَ المُزْدَلِف لِاقْتِرَابِهِ إِلَى الأَقْران وإِقْدامِه عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: لأَنه قَالَ فِي حَرْبِ كُلَيْبٍ: ازْدَلِفُوا قَوْسي أَو قَدْرَها أَي تَقَدَّموا فِي الْحَرْبِ بِقَدْرِ قَوْسي. وَفِي حَدِيثِ
الباقِر: مَا لَك مِنْ عَيْشِك إِلَّا لَذَّةٌ تَزْدَلِفُ بكَ إِلَى حِمامك
أَي تُقَرِّبُك إِلَى مَوْتِكَ؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ المَشْعَرُ الحرامُ مُزْدَلِفةَ لأَنه يُتَقَرَّبُ فِيهَا. والزَّلَفُ «2» والزَّلِيفُ والتَّزَلُّفُ: التَّقَدُّمُ مِنْ مَوْضع إِلَى مَوْضِعٍ. والمُزْدَلِفُ: رَجُلٌ مِنْ فُرْسان الْعَرَبِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه أَلْقى رُمْحَه بَيْنَ يَدَيْهِ فِي حرْب كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ ثُمَّ قَالَ: ازْدَلِفُوا إلى رُمْحي. وزَلَفْنا لَهُ أَي تَقَدَّمْنا. وزَلَفَ الشيءَ وزَلَّفَه: قَدَّمه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وتَزَلَّفُوا وازْدَلفُوا أَي تَقَدَّموا. والزَّلَفةُ: الصَّحْفةُ الْمُمْتَلِئَةُ، بِالتَّحْرِيكِ، والزَّلَفةُ: الإِجّانةُ الخَضْراء، والزَّلَفةُ: المِرآة؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الزَّلَفةُ وجْه المِرآة. يُقَالُ: البِرْكَةُ تَطْفَح مِثْلَ الزَّلفة، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ زَلَفٌ، والزَّلَفةُ المَصْنَعةُ، وَالْجَمْعُ زَلَفٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
حَتَّى تَحَيَّرتِ الدِّبارُ كأَنها ... زَلَفٌ، وأُلْقِيَ قِتْبُها المَحْزومُ
وأَورد ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْبَيْتُ شَاهِدًا عَلَى الزَّلَفِ جَمْعِ زَلَفَةٍ وَهِيَ المَحارةُ. قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمرو الزَّلَفُ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَصانِعُ الْمَاءِ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ للعُمانيّ:
حَتَّى إِذَا ماءُ الصَّهاريجِ نَشَفْ، ... مِنْ بعدِ مَا كانتْ مِلاءً كالزَّلَفْ
قَالَ: وَهِيَ المَصانِعُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هِيَ
__________
(2) . قوله [والزلف] كذا ضبط بالأصل، وضبط فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ بسكون اللام.(9/139)
الأَجاجِينُ الخُضْر، قَالَ: وَهِيَ المَزالِفُ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ يأْجُوجَ ومأْجُوجَ:
ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا فيَغْسِل الأَرض حَتَّى يَتْرُكَها كالزَّلَفةِ
، وَهِيَ مَصْنَعةُ الْمَاءِ؛ أَراد أَن الْمَطَرَ يُغَدِّرُ فِي الأَرض فَتَصِيرُ كأَنها مَصنعة مِنْ مَصانِعِ الْمَاءِ، وَقِيلَ: الزَّلَفةُ المِرآةُ شَبَّهَهَا بِهَا لِاسْتِوَائِهَا ونَظافتها، وَقِيلَ: الزَّلَفَةُ الرَّوْضةُ، وَيُقَالُ بِالْقَافِ أَيضاً، وَكُلُّ مُمْتَلئٍ مِنَ الْمَاءِ زَلَفَةٌ، وأَصبحت الأَرضُ زَلَفَةً وَاحِدَةً عَلَى التَّشْبِيهِ كَمَا قَالُوا أَصبحت قَرْواً وَاحِدًا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الزَّلَفُ الغديرُ الملآنُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جَثْجاثُها وخُزاماها وثامِرُها ... هَبائِبٌ تَضْرِبُ النُّغْبانَ والزَّلَفَا «1»
وَقَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ: طَيَّ اللَّيَالِي زُلَفاً فَزُلَفا، أَي قَلِيلًا قَلِيلًا؛ يَقُولُ: طوَى هَذَا البعيرَ الإِعياءُ كَمَا يَطْوي الليلُ سَماوةَ الهِلالِ أَي شَخْصَه قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى دَقَّ واسْتَقْوَس. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي عُمَرَ الزَّاهِدِ قَالَ: الزَّلَفَةُ ثَلَاثَةُ أَشياء: البِركةُ والرَّوْضَةُ والمِرآة، قَالَ: وَزَادَ ابْنُ خَالَوَيْهِ رَابِعًا أَصْبَحَتِ الأَرضُ زَلَفة ودَثَّة مِنْ كَثْرَةِ الأَمطار. والمَزالِفُ والمَزْلَفةُ: الْبَلَدُ، وَقِيلَ: القُرى الَّتِي بَيْنَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ كالأَنْبار والقادِسِيَّةِ وَنَحْوِهِمَا. وزَلَّفَّ فِي حَدِيثِهِ: زَادَ كَزَرَّفَ، يُقَالُ: فُلَانٌ يُزَلِّفُ فِي حَدِيثِهِ ويُزَرِّفُ أَي يَزيدُ. وَفِي الصِّحَاحِ: المَزالِفُ البَراغيلُ وَهِيَ الْبِلَادُ الَّتِي بَيْنَ الرِّيفِ والبَر، الْوَاحِدَةُ مَزلفة. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن رَجُلًا قَالَ لَهُ: إِنِّي حَجَجْتُ مِنْ رأْس هِرّ أَو خارَكَ أَو بَعْضِ هَذِهِ المَزالِفِ
؛ رأْسُ هِرٍّ وخارَكُ: مَوْضِعَانِ مِنْ ساحِلِ فارسَ يُرابَطُ فِيهِمَا، والمَزالِفُ: قُرَى بَيْنَ الْبَرِّ والرِّيف. وَبَنُو زُلَيْفةَ: بَطْنٌ؛ قَالَ أَبو جُنْدَبَ الهُذليُّ:
مَنْ مُبْلغٌ مَآلِكِي حُبْشيّا؟ ... أَجابَني زُلَيْفةُ الصُّبْحيّا
زلحف: ازْلَحَفَّ الرَّجُلُ وازْحَلَفَّ، لُغَتَانِ، مَقْلُوبٌ: تَنَحَّى وتأَخَّر، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي زَحْلَفَ. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: مَا ازْلَحَفَّ ناكِحُ الأَمة عَنِ الزِّنَا إِلَّا قَلِيلًا لأَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ
؛ أَي مَا تَنَحّى وَتَبَاعَدَ. وَيُقَالُ: ازْلَحَفَّ وازْحَلَفَّ، عَلَى الْقَلْبِ، وتَزَحْلَفَ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الصَّوَابُ ازْلَحَفَّ كاقْشَعَرّ، وازَّلْحَف بِوَزْنِ اظَّهَّرَ، عَلَى أَن أَصله ازْتَلْحَفَ فأُدغمت التَّاءُ فِي الزَّايِ، والله أَعلم.
زهف: الإِزْهافُ: الكَذِبُ. وَفِيهِ ازْدِهافٌ أَي كَذِبٌ وتَزَيُّدٌ. وأَزْهَفَ بِالرَّجُلِ إزْهافاً: أَخبر الْقَوْمَ مِنْ أَمره بأَمر، لَا يَدْرُون أَحَقٌّ هُوَ أَم بَاطِلٌ. وأَزْهَفَ إِلَيْهِ حديثاً وازْدَهَفَ: أَسْنَد إِلَيْهِ قَوْلًا لَيْسَ بحَسَنٍ. وأَزْهَفَ لَنَا فِي الْخَبَرِ وازْدَهَفَ: زَادَ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
صَعْصَعَةَ قَالَ لمُعاوية، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنِّي لأَتْرُك الْكَلَامَ فَمَا أُزْهِفُ بِهِ
؛ الإِزْهافُ: الِاسْتِقْدَامُ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَزْهَفَ فِي الْحَدِيثِ إِذَا زَادَ فِيهِ، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وأَزْهَفَ بِي فُلَانٌ: وَثِقْتُ بِهِ فَخَانَنِي. غَيْرُهُ: وَإِذَا وَثِقْتَ بِالرَّجُلِ فِي الأَمر فَخَانَكَ فَقَدْ أَزْهَفَ إزْهافاً، وأَصل الازْدِهاف الْكَذِبُ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَزْهَفْتُ لَهُ حَدِيثًا أَي أَتيته بِالْكَذِبِ. والإِزْهافُ: التَّزْيِينُ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
أَشاقَتْكَ لَيْلَى فِي اللِّمامِ، وَمَا جَرَتْ ... بِمَا أَزْهَفَتْ، يَومَ الْتَقَيْنا، وبَزَّتِ
__________
(1) . قوله [هبائب إلخ] كذا بالأصل ومثله شرح القاموس.(9/140)
والزُّهُوفُ: الهَلَكةُ. وأَزْهَفَه: أَهْلَكَه وأَوقَعَه؛ قَالَ المَرّار:
وجَدْتُ العَواذِلَ يَنْهَيْنَه، ... وَقَدْ كُنْتُ أُزْهِفُهُنَّ الزُّيُوفا «1»
أَراد الإِزْهافَ، فأَقام الِاسْمَ مُقام الْمَصْدَرِ كَمَا قَالَ لَبِيدٌ:
باكَرْتُ حاجَتَها الدّجاجَ
وَكَمَا قَالَ الْقَطَامِيُّ:
وبعدَ عَطائِكَ المائةَ الرِّتاعا
والزاهِفُ: الهالِكُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فَلَمْ أَرَ يَوْماً كَانَ أَكْثَرَ زاهِفاً، ... بِهِ طَعْنةٌ قاضٍ عَلَيْهِ أَلِيلُها
والأَليلُ: الأَنِينُ: ابْنُ الأَعرابي: أَزْهَفَتْه الطعنةُ وأَزْهَقَتْه أَي هَجَمَتْ بِهِ عَلَى الْمَوْتِ، وأَزْهَفْتُ إِلَيْهِ الطَّعْنَةَ أَي أَدْنَيْتُها. وَقَالَ الأَصمعي: أَزْهفت عَلَيْهِ وأَزْعَفْتُ أَي أَجْهَزْتُ عَلَيْهِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
فَلَمَّا رأَى بأَنه قَدْ دَنا لَهَا، ... وأَزْهَفَها بعضَ الَّذِي كَانَ يُزْهِفُ
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: أَزْهَفَ لَهُ بالسيفِ إزْهافاً وَهُوَ بُداهَتُه وعَجَلَتُه وسَوْقُه، وازْدَهَفْتُ لَهُ بِالسَّيْفِ أَيضاً. وأَزْهَفَتْه الدابةُ أَي صَرَعَتْه، وأَزْهَفَه: قَتَلَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِمَيَّةَ بِنتِ ضِرارٍ الضَّبِّيّةِ تَرْثي أَخاها:
لِتَجْرِ الحَوادِثُ، بعدَ امْرئٍ ... بِوادي أَشائِين، أَذْلالَها
كَريمٍ ثَناه وَآلَاؤُهُ، ... وَكَافِي العَشيرةِ مَا غالَها
تَراه عَلَى الخَيْلِ ذَا قُدْمَةٍ، ... إِذَا سَرْبَلَ الدَّمُ أَكْفالَها
وخِلْتَ وُعُولًا أَشارى بِهَا، ... وَقَدْ أَزْهَفَ الطَّعْنُ أَبْطالَها
وَلَمْ يَمْنَعِ الحَيُّ رَثَّ القُوى، ... وَلَمْ تُخْفِ حَسْناء خَلْخالَها
قَوْلُهُ أَشارى: جَمْعُ أَشْرانَ مِنَ الأَشَرِ وَهُوَ البَطَرُ. وَيُقَالُ: زَهَفَ لِلْمَوْتِ أَي دَنا لَهُ؛ وَقَالَ أَبو وَجْزَةَ:
ومَرْضى مِنْ دجاجِ الرِّيفِ حُمْرٍ ... زَواهِفَ، لَا تَموتُ وَلَا تَطِيرُ
وأَزْهَفَ العَداوةَ: اكْتَسَبها. وَمَا ازْدَهَفَ مِنْهُ شَيْئًا أَي مَا أَخذ. وَإِنَّكَ تَزْدَهِفُ بالعَداوة أَي تَكْتَسِبُها؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
سائِلْ نُمَيْراً غَداةَ النَّعْفِ مِنْ شَطَبٍ، ... إذْ فُضَّتِ الخيلُ مِنْ ثَهْلانَ، مَا ازْدَهَفُوا
أَي مَا أَخذوا مِنَ الْغَنَائِمِ وَاكْتَسَبُوا. وفُضَّتْ: فُرِّقَتْ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي سَعِيدٍ: الازدهافُ الشدَّةُ والأَذى، قَالَ: وَحَقِيقَتُهُ اسْتطارةُ القلبِ مِنْ جَزَعٍ أَو حَزَنٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرْتاعُ مِنْ نَقْرَتي حَتَّى تَخَيَّلَها ... جَوْنَ السَّراةِ تَوَلَّى، وَهُوَ مُزْدَهِفُ
النَّقْرةُ: صُوَيت يُصَوِّتُونه لِلْفَرَسِ، أَي إِذَا زجَرْتها جَرَتْ جَرْيَ حِمار الوَحْشِ؛ وقالت امرأَة:
__________
(1) . قوله [الزيوفا] كذا في الأصل وشرح القاموس بالياء.(9/141)
بَلْ مَنْ أَحَسَّ بِرَيْمَيَّ اللَّذَيْنِ هُما ... قَلْبي وعَقْلي، فعَقْلي اليومَ مُزْدَهِفُ؟
والزَّهَفُ: الخِفَّةُ والنَّزَقُ. وَفِيهِ ازْدِهافٌ أَي استِعجال وتَقَحُّمٌ؛ وَقَالَ:
يَهْوينَ بالبيدِ إِذَا الليلُ ازْدَهَفْ
أَي دخلَ وتَقَحَّم. الأَزهري: فِيهِ ازْدِهافٌ أَي تَقَحُّمٌ فِي الشَّرِّ. وزَهِفَ زَهَفاً وازْدَهَف: خَفَّ وعَجِلَ. وأَزْهَفَه وازْدَهَفَه: اسْتَعْجَلَهُ؛ قَالَ:
فِيهِ ازْدِهافٌ أَيَّما ازْدِهافِ
نَصَبَ أَيَّما عَلَى الْحَالِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَالنَّاصِبُ لَهُ فِعْلٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَهُ:
قَوْلُك أَقوالًا مَعَ الخِلاف
كأَنه قَالَ يَزْدَهِفُ أَيما ازْدهاف، وَلَكِنِّ ازْدِهَافًا صَارَ بَدَلًا مِنَ الْفِعْلِ أَن تَلَفَظَ بِهِ، وَمِثْلُهُ: لَهُ صوتٌ صوتَ حِمَارٍ، قَالَ: وَالرَّفْعُ فِي ذَلِكَ أَقْيَسُ. اللَّيْثُ: الزَّهَفُ اسْتُعْمِلَ مِنْهُ الازْدِهافُ وَهُوَ الصُّدُودُ؛ وأَنشد:
فِيهِ ازْدهافٌ أَيَّما ازْدِهَافِ
قَالَ الأَصمعي: ازْدِهافٌ هَاهُنَا استعجالٌ بِالشَّرِّ. وَيُقَالُ: ازْدَهَفَ فُلَانٌ فُلَانًا واسْتَهَفَّه واسْتَهْفَاهُ واسْتَزَفَّه كلُّ ذَلِكَ بِمَعْنَى اسْتَخَفّه. أَبو عَمْرٍو: أَزْهَفْتُ الشَّيْءَ أَرْخَيْتُه. وأُزْهِفَ الشيءُ وازْدُهِفَ أَي ذُهِبَ به، فهو مُزْهَفٌ ومُزْدَهَفٌ. وأَزْهَفَه فلان وازْدَهَفَه أَي ذَهَبَ بِهِ وأَهلكه، والله أَعلم.
زوف: زافَ الإِنسانُ يَزُوفُ ويَزافُ زَوْفاً وزُوُوفاً: اسْتَرْخى فِي مِشْيَتِه. وزافَ الطَّائِرُ فِي الْهَوَاءِ: حَلَّقَ. ابْنُ دُرَيْدٍ: الزَّوْفُ زَوْفُ الْحَمَامَةِ إِذَا نَشَرَتْ جَنَاحَيْهَا وذَنَبَها عَلَى الأَرض، وَكَذَلِكَ زَوْفُ الإِنسان إِذَا مَشَى مُسْتَرْخِيَ الأَعْضاء. وزَافَ الغلامُ وزَافَ الطائرُ عَلَى حَرْف الدُّكَّان «2» فاسْتَدارَ حَوالَيْه ووَثَبَ يَتَعَلَّمُ بِذَلِكَ الخِفّةَ فِي الفُرُوسةِ. وَقَدْ تَزاوَفَ الغِلْمانُ: وَهُوَ أَن يَجِيءَ أَحدهم إِلَى رُكْنِ الدُّكَّانِ فَيَضَعَ يَدَه عَلَى حَرْفه ثُمَّ يَزُوفَ زَوفة فَيَسْتَقِلَّ مِنْ مَوْضِعِهِ ويدُورَ حَوالي ذَلِكَ الدُّكانِ فِي الهَواء حَتَّى يَعُودَ إِلَى مكانِه. وزافَ الماءُ: عَلا حَبابُه.
زيف: الزَّيفُ: مِنْ وصْفِ الدَّراهم، يُقَالُ: زَافَتْ عَلَيْهِ دَراهِمُه أَي صَارَتْ مَرْدُودةً لغِشٍّ فِيهَا، وَقَدْ زُيِّفَتْ إِذَا رُدَّتْ. ابْنُ سِيدَهْ: زَافَ الدِّرهمُ يَزِيفُ زُيُوفاً وزُيُوفةً: رَدُؤَ، فَهُوَ زَائِفٌ، وَالْجَمْعُ زُيَّفٌ؛ وَكَذَلِكَ زَيْفٌ، وَالْجَمْعُ زُيُوفٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَنَّ صَلِيلَ المَرْوِ، حِينَ تُشِدُّه، ... صَلِيلُ زُيُوفٍ يُنْتَقَدْنَ بِعَبْقَرا «3»
وَقَالَ:
تَرَى الْقَوْمَ أَشْباهاً إِذَا نَزَلُوا مَعاً، ... وَفِي القَوْمِ زَيْفٌ مِثلُ زَيْفِ الدَّراهم
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
لَا تُعْطِه زَيْفاً وَلَا نَبَهْرجا ... واسْتَشْهَدَ عَلَى الزائِف بِقَوْلِ هُدْبةَ:
__________
(2) . قوله [وَزَافَ الطَّائِرُ عَلَى حَرْفِ الدكان إلخ] كذا بالأصل. (3) . قوله [تشده] في معجم ياقوت تطيره، وفي ديوان إمرئ القيس: تشذه أي تفرّقُه.(9/142)
تَرى ورَقَ الفِتْيانِ فِيهَا كأَنهم ... دَراهِمُ، مِنْهَا زاكِياتٌ وزُيَّفُ
وأَنشد أَيضاً لِمُزَرِّدٍ:
وَمَا زَوَّدُوني غَيْرَ سَحْقِ عِمامةٍ ... وخَمْسِمِئٍ، مِنْهَا قَسِيٌّ وزائفُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه بَاعَ نُفايَة بيتِ المالِ وَكَانَتْ زُيوفاً وقَسِيّةً
أَي رَديئةً. وزَافَ الدَّرَاهِمَ وزَيَّفَها: جَعَلَهَا زُيُوفاً، ودِرْهَمٌ زَيْفٌ وزَائِفٌ، وَقَدْ زَافَتْ عَلَيْهِ الدَّراهِمُ وزَيَّفْتُها أَنا. وزَيَّفَ الرجلَ: بَهْرَجَه، وَقِيلَ: صَغَّرَ بِهِ وحقَّر، مأْخوذ مِنَ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ وَهُوَ الرَّديء.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: مَنْ زَافَتْ عَلَيْهِ دراهِمُه فليأْتِ بِهَا السُّوقَ، وليشترِ بِهَا سَحْق ثَوْبٍ وَلَا يُحالِفِ الناسَ عَلَيْهَا أَنها جِيادٌ.
وزَافَ البعيرُ وَالرَّجُلُ وَغَيْرُهُمَا يَزِيفُ فِي مِشْيَتِه زَيْفاً وزُيُوفاً وزَيَفاناً، فَهُوَ زَائفٌ وزَيْفٌ؛ الأَخيرة عَلَى الصِّفَةِ بِالْمَصْدَرِ: أَسْرَعَ، وَقِيلَ: هُوَ سُرْعةٌ فِي تمايُل؛ وَأَنْشَدَ:
أَنْكَبُ زَيّافٌ وَمَا فِيهِ نَكَبْ
وَقِيلَ زافَ البعيرُ يَزِيفُ تَبَخْتَر فِي مِشْيَتِه. والزَّيّافةُ مِنَ النُّوقِ: المُخْتالة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةُ:
يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ، جَسْرَةٍ، ... زَيّافَةٍ مِثْلِ الفَنِيقِ المُكْرَمِ
وَكَذَلِكَ الحَمامُ «1» عِنْدَ الحَمامَة إِذَا جَرَّ الذُّنابَى ودَفَعَ مُقَدَّمه بمؤَخَّرِه واسْتَدار عَلَيْهَا؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الحَرْب:
وزَافَتْ كمَوْجِ البَحرِ تَسْمو أَمامَها، ... وقامَتْ عَلَى ساقٍ وآنَ التَّلاحُقُ
قِيلَ: الزَّيْفُ هُنَا أَن تَدْفَعَ مقَدّمها بِمُؤَخَّرِهَا. وزافَتِ المرأَةُ فِي مَشْيِها تَزِيفُ إِذَا رأَيتها كأَنها تَسْتَدِيرُ. والحَمامة تَزِيفُ بَيْنَ يَدَيِ الحَمام الذَّكَرِ أَي تَمْشِي مُدِلَّةً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: بَعْدَ زَيَفَان وثَباته
؛ الزَّيَفانُ، بِالتَّحْرِيكِ: التَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْيِ مِنْ ذَلِكَ. وزَافَ الجِدارَ والحائطَ زَيْفاً: قَفَزَه؛ عَنْ كُرَاعٍ. وزَافَ البناءُ وَغَيْرُهُ زَيْفًا: طالَ وارْتَفَع. والزَّيْفُ: الإِفْرِيزُ الَّذِي فِي أَعْلى الدارِ، وَهُوَ الطَّنَفُ المُحِيط بِالْجِدَارِ. والزَّيْفُ: مِثْلُ الشُّرَفِ؛ قَالَ عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ:
ترَكُوني لَدَى قُصُورٍ وأعْراضِ ... قُصُورٍ، لِزَيْفِهنَّ مراقِي «2»
الزَّيْف: شُرَفُ القُصُور، وَاحِدَتُهُ زَيْفةٌ، وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّ الحَمام يَزِيفُ عَلَيْهَا مِنْ شُرْفةٍ إِلَى شُرْفة.
فصل السين المهملة
سأف: سَئِفَتْ يدُه تَسْأَفُ سَأَفاً، فَهِيَ سَئِفةٌ، وسأَفَتْ سَأْفاً: تشَقَّق مَا حَوْل أَظْفاره وتشَعَّثَ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ تَشَقُّقٌ فِي أَنْفُس الأَظفار، وسَئِفَتْ شَفَتُه: تَقَشَّرَت. وسَئِفَ لِيف النَّخْلَةِ وانْسَأَفَ: تشَعَّثَ وَانْقَشَرَ. ابْنُ الأَعرابي: سَئِفَتْ أَصابعه وسَعِفَتْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. اللَّيْثُ: سَئِفُ اللِّيفِ، وَهُوَ مَا كَانَ مُلْتَزِقًا بأُصول السَّعَفِ مِنْ خِلَالِ اللِّيفِ، وَهُوَ أَرْدؤُه وأَخْشنه لأَنه يُسْأَفُ من
__________
(1) . قوله [وكذلك الحمام إلخ] كذا هو في الصحاح أَيضاً بدون تاء.
(2) . قوله [لدى قصور] كذا بالأصل. وفي شرح القاموس: لدى حديد.(9/143)
جَوَانِبِ السَّعَفِ فَيَصِيرُ كأَنه لِيفٌ، وَلَيْسَ بِهِ، ولُيِّنت هَمْزَتُهُ. أَبو عُبَيْدَةَ: السَّأَفُ عَلَى تَقْدِيرِ السعَف شَعْرُ الذَّنَب والهُلْب، والسائفةُ مَا اسْتَرَقَّ مِنَ الرَّمْلِ، وَجَمْعُهَا السَّوائف. وَفِي حَدِيثِ المَبْعَثِ:
فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحراء فَسُئِفْتُ مِنْهُ
أَي فَزِعْت؛ قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ.
سجف: السَّجْفُ والسِّجْفُ: السِّتْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
وأَلْقَى السِّجْفَ
؛ السجفُ: السترُ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ أَنها قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَجَّهْتِ سِجافَتَه
أَي هَتَكْتِ سِتره وأَخذْتِ وجْهَه، وَيُرْوَى:
وجَّهْتِ سِدافَتَه
؛ السِّدافةُ الحجابُ والسِّترُ مِنَ السُّدْفَةِ وَالظُّلْمَةِ، يَعْنِي أَخذتِ وَجْهَها وأَزَلْتِها عَنْ مَكَانِهَا الَّذِي أُمِرْتِ بِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَي أَخذتِ وَجْهًا هتكتِ سِتْرَكِ فِيهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَزَلْتِ سِدافَتَه، وَهِيَ الْحِجَابُ، مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أُمِرْتِ أَن تَلْزَميه وجعلتِها أَمامكِ، وَقِيلَ: هُوَ السِّتْرانِ المَقْرونان بَيْنَهُمَا فُرْجة، وَكُلُّ بَابٍ سُتِرَ بسِتْرين مَقْرُونَيْنِ فكلُّ شِقّ مِنْهُ سجفٌ، وَالْجُمَعُ أَسجاف وسُجُوف، وَرُبَّمَا قَالُوا السِّجافَ والسَّجْفَ. وأَسْجَفْتُ السِّتْرَ أَي أَرْسَلْتُه وأَسْبَلْتُه، قَالَ: وَقِيلَ لَا يُسَمَّى سُجُفًا إِلَّا أَن يَكُونَ مَشْقُوقَ الْوَسَطِ كالمِصراعين. اللَّيْثُ: السّجْفان سِتْرا بَابُ الحَجَلةِ، وكلُّ بَابٍ يَسْتُرُه سِتْرَانِ بَيْنَهُمَا مَشْقُوقٌ فَكُلُّ شِقٍّ مِنْهُمَا سِجْفٌ، وَكَذَلِكَ الخِباء. والتَّسْجيف: إرْخاء السَّجْفين، وَفِي الْمُحْكَمِ: إِرْخَاءُ السِّتْرِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذَا القُنْبُضاتُ السُّودُ طَوَّفْنَ بالضُّحَى، ... رَقَدْنَ، عَلَيْهِنَّ الحِجالُ المُسَجَّفُ
الحِجالُ: جَمْعُ حَجَلةٍ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ لَفْظُ الصِّفَةَ لِمُطَابَقَةِ لفظِ الموصوفِ لفظَ الْمُذَكَّرِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. الأَصمعي: السَّجْفانِ اللَّذَانِ عَلَى الْبَابِ، يُقَالُ مِنْهُ بَيْتٍ مُسَجَّفٌ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
خَلَّتْ سَبيلَ أَتِيٍّ كَانَ يَحْبِسُه، ... ورَفَّعَتْه إِلَى السَّجْفَينِ فالنَّضَدِ
قَالَ: هُمَا مِصْراعا السَّتْرِ يَكُونَانِ فِي مُقَدَّمِ الْبَيْتِ. وأَسْجَفَ الليلُ: مِثْلَ أَسْدَفَ. وسُجَيفَةُ: اسْمُ امرأَة مِنْ جُهَيْنَةَ وَقَدْ وُلِدت فِي قُرَيْشٍ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
حِبالُ سُجَيْفَةَ أَمْسَتْ رِثاثا، ... فَسَقْياً لَهَا جُدُداً أَو رِماثا
سحف: سَحَفَ رأْسَه سَحْفاً وجَلَطَه وسَلَتَه وسَحته: حَلَقَه فاستأْصل شَعْرَهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فأَقْسَمْتُ جَهْداً بالمَنازِلِ من مِنًى، ... وما سُحِفَتْ فِيهِ المَقادِيمُ والقَمْلُ
أَي حُلِقَتْ. قَالَ: ورَجل سُحَفةٌ أَي مَحْلُوقُ الرأْسِ. والسُّحَفْنِيةُ: مَا حَلَقْت. وَرَجُلٌ سُحَفْنِيةٌ أَي مَحْلوقُ الرأْسِ، فَهُوَ مَرَّةٌ اسْمٌ ومرَّة صِفة، وَالنُّونُ فِي كُلِّ ذَلِكَ زَائِدَةٌ. والسَّحْفُ: كَشْطُكَ الشعَر عَنِ الْجِلْدِ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ. وسَحَفَ الجِلْدَ يَسْحَفُه سَحْفاً: كَشَطَ عَنْهُ الشَّعْرَ. وسَحَفَ الشيءَ: قَشَرَه. والسَّحِيفةُ مِنَ المَطر: الَّتِي تَجْرُفُ كُلِّ مَا مَرَّت بِهِ أَي تَقْشُره. الأَصمعي: السَّحِيفَةُ، بِالْفَاءِ، المَطْرَةُ الحَديدةُ الَّتِي تَجْرُفُ كُلَّ شَيْءٍ، والسَّحِيقةُ، بِالْقَافِ: الْمَطَرَةُ العظيمةُ القَطْرِ الشديدةُ الوَقْعِ القليلةُ العَرْضِ، وجمعُهما السحائفُ والسحائقُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لجِران العَوْدِ يَصِفُ مَطَراً:(9/144)
وَمِنْهُ عَلَى قَصْرَيْ عُمانَ سَحِيفةٌ، ... وبالخَطِّ نضَّاخُ العَثانِينِ واسِعُ «1»
والسَّحيفةُ والسَّحائفُ: طَرَائِقُ الشَّحْمِ الَّتِي بَيْنَ طَرائق الطَّفاطِفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُرى مِنْ شَحْمة عَريضةٍ مُلْزَقَةٍ بِالْجِلْدِ. وَنَاقَةٌ سَحُوفٌ: كَثِيرَةُ السَّحائف. والسَّحْفةُ: الشَّحْمةُ عامَّةً، وَقِيلَ: الشَّحْمَةُ الَّتِي عَلَى الجَنْبَين وَالظَّهْرِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مِنَ السِّمَنِ، وَلَهَا سَحْفَتانِ: الأُولى مِنْهُمَا لَا يُخالِطُها لَحْمٌ، والأُخرى أَسْفَلُ مِنْهَا وَهِيَ تُخَالِطُ اللَّحْمَ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ ساحَّةً، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سَاحَّةً فَلَهَا سَحْفةٌ وَاحِدَةٌ. وكلُّ دابَّةٍ لَهَا سَحْفةٌ إِلَّا ذَواتِ الخُفِّ فإنَّ مكانَ السحفةِ مِنْهَا الشَّطَّ، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: لَيْسَ فِي الدَّوَابِّ شَيْءٌ لَا سَحْفة لَهُ إِلَّا البَعير؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُهُمُ السَّحْفَةَ فِي الخُفِّ فَقَالَ: جَمل سَحوفٌ وَنَاقَةٌ سَحُوفٌ ذاتُ سَحْفةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: السَّحْفَةُ الشَّحْمَةُ الَّتِي عَلَى الظَّهْرِ المُلْتَزِقةُ بِالْجِلْدِ فِيمَا بَيْنُ الْكَتِفَيْنِ إِلَى الوَرِكَيْنِ. وسَحَفْتُ الشحْمَ عَنْ ظَهْرِ الشَّاةِ سَحْفاً: وَذَلِكَ إِذَا قَشَرْتُهُ مِنْ كَثْرَتِهِ ثُمَّ شَوَيْتُهُ، وَمَا قَشَرْتُهُ مِنْهُ فَهُوَ السَّحيفةُ، وَإِذَا بَلَغَ سِمَنُ الشَّاةِ هَذَا الْحَدَّ قِيلَ: شاةٌ سَحُوفٌ وَنَاقَةٌ سَحُوف. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والسَّحُوفُ أَيضاً الَّتِي ذَهَبَ شَحْمُهَا كأَنَّ هَذَا عَلَى السلْب. وشاةٌ سَحُوفٌ وأُسْحوفٌ: لَهَا سَحْفةٌ أَو سَحْفَتانِ. ابْنُ الأَعرابي: أَتونا بِصِحافٍ فِيهَا لِحامٌ وسِحافٌ أَي شُحُومٌ، وَاحِدُهَا سَحْفٌ. وَقَدْ أَسْحَفَ الرجلُ إِذَا بَاعَ السَّحْفَ، وَهُوَ الشَّحْمُ. وناقةٌ أُسْحُوفُ الأَحاليل: غَزيرةٌ واسِعةٌ. قَالَ أَبو أَسلم ومَرَّ بِنَاقَةٍ فَقَالَ: إِنَّهَا وَاللَّهِ لأُسْحُوفُ الأَحاليل أَي واسِعَتُها، فَقَالَ الْخَلِيلُ: هَذَا غَرِيبٌ؛ والسَّحُوفُ مِنَ الْغَنَمِ: الرَّقيقة صُوفِ الْبَطْنِ. وأَرْضٌ مَسْحَفَةٌ رقيقةُ الكلإِ. والسُّحَافُ: السِّلُّ، وَقَدْ سَحَفَه اللَّهُ. يُقَالُ: رَجُلٌ مَسْحُوفٌ. والسِّيَحْفُ مِنَ الرِّجَالِ والسِّهام والنِّصال: الطويلُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ النِّصَالِ العريضُ. والسَّيْحَفُ: النَّصْلُ العَريضُ، وَجَمَعَهُ السَّيَاحِفُ؛ وأَنشد:
سَيَاحِفَ فِي الشِّرْيانِ يَأْمُلُ نَفْعَها ... صِحابي، وأَولى حَدَّهَا مَنْ تَعَرَّما
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للشَّنْفَرى:
لَهَا وفْضةٌ فِيهَا ثَلَاثُونَ سَيْحَفاً، ... إِذَا آنَسَتْ أُولى العَدِيِّ اقْشَعَرَّتِ
أُولى العَدِيِّ: أَوَّلُ مَن يَحْمِلُ مِنَ الرَّجّالة. وسَحِيفُ الرَّحى: صَوْتُها. وسَمِعْتُ حَفيفَ الرَّحى وسَحِيفَها أَي صَوْتَها إِذَا طَحَنت؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ السَّحِيف لِلصَّوْتِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَلَوْني بِمَعْصوبٍ، كأَن سَحِيفَه ... سَحِيفُ قَطاميٍّ حَماماً تُطايِرُهْ
والسُّحَفْنِيَةُ: دابّةٌ؛ عَنِ السِّيرافي، قَالَ: وأَظُنّها السُّلَحْفِيةُ. والأُسْحُفانُ: نَبْتٌ يَمتَدُّ حِبالًا عَلَى الأَرض لَهُ ورَق كورَق الحَنْظَلِ إِلَّا أَنه أَرَقُّ، وَلَهُ قُرُون أَقصر مِنْ قُرُونِ اللُّوبياء فِيهَا حَبٌّ مُدَوّر أَحمر لَا يُؤْكَلُ، وَلَا يَرْعى الأُسْحُفَانَ شَيْءٌ، وَلَكِنْ يُتداوى بِهِ مِنَ النَّسا؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
سخف: السُّخْفُ والسَّخْفُ والسَّخَافَةُ: رِقَّةُ الْعَقْلِ. سَخُفَ، بِالضَّمِّ، سَخَافَةً، فَهُوَ سَخِيفٌ، وَرَجُلٌ
__________
(1) . قوله [ومنه على إلخ] تقدم إنشاده سخيفة بالخاء المعجمة في مادة نضخ تبعاً للأصل المعول عليه والصواب ما هنا.(9/145)
سَخِيف العَقلِ بَيِّنُ السَّخْفِ، وَهَذَا مِنْ سُخْفةِ عَقْلِك. والسَّخْفُ: ضَعْف الْعَقْلِ، وَقَالُوا: مَا أَسْخَفَه قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَعَ التَّعَجُّبُ فِيهِ مَا أَفْعَلَه وَإِنْ كَانَ كالخُلُق لأَنه لَيْسَ بِلَوْنٍ وَلَا بِخِلْقةٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ نُقْصانِ الْعَقْلِ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي بَابِ الحُمْق. وساخَفْتُه: مِثْلَ حامَقْته، وسَخُفَ السِّقاءُ سُخْفاً: وَهَى. وثَوْبٌ سَخِيفٌ: رَقِيقُ النسْج بَيِّنُ السَّخَافَةِ، والسَّخَافَة عامٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ نَحْوَ السَّحاب والسَّقاء إِذَا تَغَيَّرَ وبَليَ، والعُشْبِ السَّخيفِ، والرجلِ السخِيفِ. وسَحاب سَخيف: رَقِيقٌ، وكلُّ مَا رَقَّ، فَقَدْ سَخُفَ. وَلَا يَكَادُونَ يَسْتَعْمِلُونَ السُّخْفَ إِلا فِي رِقة الْعَقْلِ خَاصَّةً. وسَخْفَة الجوعِ: رِقَّتُه وهُزالُه. وَفِي حَدِيثِ
إِسْلَامِ أَبي ذَرٍّ: أَنه لَبِثَ أَياماً فَمَا وَجَدَ سَخْفةَ الْجُوعِ
أَي رِقَّتَهُ وَهُزَالَهُ. وَيُقَالُ: بِهِ سُخْفَةٌ مِنْ جُوعٍ. أَبو عَمْرٍو: السَّخَفُ، بِالْفَتْحِ، رِقَّةُ الْعَيْشِ، وَبِالضَّمِّ رِقَّةُ الْعَقْلِ، وَقِيلَ: هِيَ الخفَّة الَّتِي تَعْتَرِي الإِنسان إِذَا جَاعَ مِنَ السُّخْفِ، وَهِيَ الْخِفَّةُ فِي الْعَقْلِ وَغَيْرِهِ. وأَرض مَسْخَفَةٌ: قَلِيلَةُ الكلإِ، أُخِذ مِنَ الثَّوْبِ السَّخِيفِ. وأَسْخَفَ الرجلُ: رَقَّ مالُه وقَلَّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَإِنْ تَشَكَّيْت مِنَ الإِسْخاف
ونَصْل سَخِيفٌ: طَوِيلٌ عَريض؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والسَّخْفُ: موضع.
سدف: السَّدَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: ظُلْمة اللَّيْلِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لحُمَيْد الأَرْقط:
وسَدَفُ الخَيْطِ البَهِيم ساتِرُه
وَقِيلَ: هُوَ بَعْدَ الجُنْحِ؛ قَالَ:
وَلَقَدْ رَأَيْتُك بالقَوادِمِ مَرَّةً، ... وعَليَّ مِنْ سَدَفِ العَشِيِّ لِياحُ
وَالْجَمْعُ أَسْدافٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٌ:
يَرْتَدْنَ ساهِرَةً، كأَنَّ جَمِيمَها ... وعَمِيمَها أَسْدافُ لَيْلٍ مُظْلِم
والسُّدْفةُ والسَّدْفةُ: كالسَّدَف وَقَدْ أَسْدَفَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَدْفَعُها بالرَّاحِ كيْ تَزَحْلَفا، ... وأَقْطَعُ الليلَ إِذَا مَا أَسْدَفا
أَبو زَيْدٍ: السُّدْفةُ فِي لُغَةِ بَنِي تَميم الظُّلْمة. قَالَ: والسُّدْفةُ فِي لُغَةِ قَيْس الضَّوْء. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الأَصمعي: السُّدْفةُ والسَّدْفةُ فِي لُغَةِ نَجْدٍ الظُّلْمَةُ، وَفِي لُغَةِ غَيْرِهِمُ الضَّوْء، وَهُوَ مِنَ الأَضْداد؛ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
وأَقْطَعُ اللَّيْلَ إِذَا مَا أَسْدَفَا
أَي أَظلَم، أَي أَقطع اللَّيْلَ بِالسَّيْرِ فِيهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ للخَطَفى جَدّ جَرِيرٍ:
يَرْفَعْنَ بالليلِ، إِذَا مَا أَسْدَفا، ... أَعْناقَ جِنَّانٍ، وَهَامًا رُجَّفا
والسَّدْفَةُ والسُّدْفَةُ: طَائِفَةٌ مِنَ اللَّيْلِ. والسَّدْفةُ: الضَّوْءُ، وَقِيلَ: اختِلاطُ الضَّوْءِ والظلمةِ جَمِيعًا كَوَقْتِ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى أَوّل الإِسْفار. وَقَالَ عِمَارَةُ: السُّدْفَةُ ظُلْمَةٌ فِيهَا ضَوْءٌ مِنْ أَول اللَّيْلِ وَآخِرِهِ، مَا بَيْنَ الظُّلْمَةِ إِلَى الشَّفَق، وَمَا بَيْنَ الْفَجْرِ إِلَى الصَّلَاةِ. قَالَ الأَزهري: وَالصَّحِيحُ مَا قَالَ عِمَارَةُ. اللِّحْيَانِيُّ: أَتيته بِسَدْفةٍ من الليل وسُدْفةٍ وشُدْفةٍ، وَهُوَ السَّدَفُ.(9/146)
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَسْدَفَ الليلُ وأَزْدَفَ وأَشْدَفَ إِذَا أَرْخَى سُتُورَه وأَظلم، قَالَ: والإِسْدافُ مِنَ الأَضْداد، يُقَالُ: أَسْدِفْ لنا أَي أَضِئْ لَنَا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ قَائِمًا بِالْبَابِ قُلْتُ لَهُ: أَسْدِفْ أَي تَنَحَّ عَنِ الْبَابِ حَتَّى يُضيءَ البيتُ. الْجَوْهَرِيُّ: أَسْدَفَ الصبحُ أَي أَضاء. يُقَالُ: أَسْدِفِ البابَ أَي افْتَحْه حَتَّى يُضيء البيتُ، وفي لغة هوزان أَسْدِفُوا أَي أَسْرِجُوا مِنَ السِّراج. الْفَرَّاءُ: السَّدَفُ والشَّدَفُ الظُّلْمَةُ، والسَّدَفُ أَيضاً الصُّبح وإقْبالُه؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ لسَعْدٍ القَرْقَرَةِ، قَالَ المفَضّل: وسعدٌ القَرْقَرةُ رَجُلٌ مِنْ أَهل هَجَرَ وَكَانَ النُّعْمَانُ يَضْحَكُ مِنْهُ، فَدَعَا النُّعْمان بِفَرَسِهِ اليَحْمُوم وَقَالَ لسعدٍ القرقرَة: ارْكبه واطْلُب عَلَيْهِ الْوَحْشَ، فَقَالَ سَعْدٌ: إِذًا وَاللَّهِ أُصْرَعُ، فأَبى النعمانُ إِلَّا أَنْ يَرْكَبَهُ، فَلَمَّا رَكِبَهُ سَعِدٌ نَظَرَ إِلَى بَعْضِ ولده قال: وا بِأَبي وُجُوهُ الْيَتَامَى ثُمَّ قَالَ:
نحنُ، بِغَرْسِ الوَدِيِّ، أَعلَمُنا ... مِنَّا بِرَكْضِ الجِيادِ فِي السَّدَفِ
والوَدِيُّ: صِغار النَّخْلِ، وَقَوْلُهُ أَعلمُنا مِنَّا جَمعَ بَيْنَ إضافةِ أَفْعَلَ وَبَيْنَ مِن، وَهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ كَمَا لَا تَجْتَمِعُ الأَلف وَاللَّامُ وَمَنْ فِي قَوْلِكَ زيدٌ الأَفضلُ مِنْ عَمْرٍو، وَإِنَّمَا يَجِيءُ هَذَا فِي الشِّعْرِ عَلَى أَن تُجعل مَنْ بِمَعْنَى فِي كَقَوْلِ الأَعشى:
ولَسْتُ بالأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصًى
أَي وَلَسْتُ بالأَكثر فِيهِمْ، وَكَذَا أَعلمنا مِنّا أَي فِينَا؛ وَفِي حَدِيثِ
وَفْدِ تَمِيمٍ:
ونُطْعِمُ الناسَ؛ عِندَ القَحْطِ، كلَّهُمُ ... مِنَ السَّديفِ، إِذَا لَمْ يُؤنَسِ القَزَعُ
السَّدِيفُ: لَحم السَّنامِ، والقَزَعُ: السحابُ، أَي نُطْعِمُ الشحْم فِي المَحْل؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ أَيضاً:
بِيضٌ جِعادٌ كأَنَّ أَعْيُنَهُم ... يَكْحَلُها، فِي المَلاحِمِ، السَّدَفُ
يَقُولُ: سوادُ أَعينهم فِي المَلاحِمِ باقٍ لأَنهم أَنجادٌ لَا تَبْرُقُ أَعينهم مِنَ الفَزَع فَيَغِيبُ سَوَادُهَا. وأَسْدَفَ القومُ: دَخَلُوا فِي السُّدفة. وَلَيْلٌ أَسْدَفُ: مُظْلِمٌ؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
فَلَمَّا عَوَى الذِّئبُ مُسْتَعْقِراً، ... أَنِسْنا بِهِ، والدُّجَى أَسْدَفُ
وَشَرْحُ هَذَا الْبَيْتِ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والسَّدَفُ: الليلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نَزُورُ العَدوَّ، عَلَى نَأْيه، ... بأَرْعَنَ كالسَّدَفِ المُظْلِمِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْهُذَلِيِّ:
وماءٍ وَرَدْتُ عَلَى خِيفَةٍ، ... وَقَدْ جَنَّه السَّدَفُ المُظلِمُ
وَقَوْلُ مُلَيْحٍ:
وذُو هَيْدَبٍ يَمْرِي الغَمامَ بِمُسْدِفٍ ... مِنَ البَرْقِ، فِيهِ حَنْتَمٌ مُتَبَعِّجُ
مُسْدِفٌ هُنَا: يَكُونُ المُضيء وَالْمُظْلِمَ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وَفِي حَدِيثِ
علقمةَ الثَّقفي: كَانَ بِلَالٌ يأَتينا بالسَّحور وَنَحْنُ مُسْدِفونَ فيَكْشِفُ القُبَّة فيَسْدفُ لنا طعامنا
؛ السُّدْفةُ تَقَعُ عَلَى الضِّياء وَالظُّلْمَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الإِضاءةُ، فَمَعْنِي مُسْدِفون داخلون في السُّدفةِ، ويُسْدِفُ لَنَا أَي يُضِيءُ،(9/147)
وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الْمُبَالَغَةُ فِي تأْخير السُّحُورِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: فَصَلِّ الْفَجْرَ إِلَى السَّدَفِ
أَي إِلَى بَيَاضِ النَّهَارِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: وكُشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرِّيَبِ
أَي ظُلَمُها. وأَسْدَفُوا: أَسْرَجُوا، هَوْزَنيّةٌ أَي لُغَةِ هَوازِنَ. والسُّدفَةُ: البابُ؛ قَالَتِ امرأَة مِنْ قَيْسٍ تَهْجُو زَوْجَهَا:
لَا يَرْتَدِي مَرادِيَ الحَرِيرِ، ... وَلَا يُرى بِسُدْفَةِ الأَميرِ
وأَسْدَفَتِ المرأَةُ القِناعَ أَي أَرسلته. وَيُقَالُ: أَسْدِفِ السِّتْرَ أَي ارْفَعْه حَتَّى يُضيء الْبَيْتَ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ سلمةَ أَنها قَالَتْ لِعَائِشَةَ لَمَّا أَرادت الْخُرُوجَ إِلَى الْبَصْرَةِ: تَرَكْتِ عُهَّيْدَى النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ووجَّهْتِ سِدافَتَه
؛ أَرادتْ بالسِّدافة الْحِجَابَ والسِّتْر وتَوْجِيهُها كَشفُها. يقال: سَدَفْتُ الْحِجَابَ أَي أَرْخَيْتُه، وحِجاب مَسْدُوف؛ قَالَ الأَعشى:
بِحِجابٍ مِنْ بَيْننا مَسْدُوفِ
قَالَتْ لَهَا: بِعَيْنِ اللَّهِ مَهْواكِ وَعَلَى رَسُولِهِ تَرِدينَ قَدْ وجَّهْتِ سِدافَتَه، أَي هَتَكْتِ السِّتْرَ أَي أَخذْتِ وَجْهَهَا، وَيَجُوزُ أَنها أَرادت بِقَوْلِهَا سِدَافَتُهُ أَي أَزَلْتِها مِنْ مَكَانِهَا الَّذِي أُمِرْتِ أَن تَلْزَمِيه وجعلتِها أَمامك. والسُّدُوفُ والشُّدُوفُ: الشُّخوص تَرَاهَا مِنْ بُعْد. أَبو عَمْرٍو: أَسْدَفَ وأَزْدَفَ إِذَا نَامَ. وَيُقَالُ: وجَّه فُلَانٌ سِدافته إِذَا تَرَكَهَا وَخَرَجَ مِنْهَا، وَقِيلَ للسِّتر سِدَافَة لأَنه يُسْدَفُ أَي يُرْخَى عَلَيْهِ. والسَّدِيف: السَّنامُ المُقَطَّعُ، وَقِيلَ شَحْمُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ:
ويُسْعَى عَلَيْنَا بالسَّدِيفِ المُسَرْهدِ
وَفِي الصِّحَاحِ: السَّدِيفُ السَّنامُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ المُخَبَّل السَّعْدِي «2» :
إِذَا مَا الخَصِيفُ العَوْبَثانيُّ سَاءَنَا، ... تَرَكْناه واخْتَرْنا السَّدِيفَ المُسَرهدا
وَجَمْعُ سَدِيفٍ سَدائفُ وسِدَافٌ أَيضاً؛ قَالَ سُحَيم عَبْدُ بَنِي الحَسْحاسِ:
قَدْ أَعْقِرُ النابَ ذاتَ التَّلِيلِ، ... حَتَّى أُحاوِلَ مِنْهَا السَّدِيفَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ جَمْعَ سُدْفةٍ وأَن يَكُونَ لُغَةً فِيهِ. وسَدَّفَه: قَطَّعَه؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وكلَّ قِرَى الأَضْيافِ نَقْرِي مِنَ الْقَنَا، ... ومُعْتَبَط فِيهِ السَّنامُ المُسَدَّفُ
وسَدِيفٌ وسُدَيْفٌ: اسمانِ.
سرف: السَّرَف والإِسْرَافُ: مُجاوزةُ القَصْدِ. وأَسْرَفَ فِي مَالِهِ: عَجِلَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وأَما السَّرَفُ الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، فَهُوَ مَا أُنْفِقَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ، قَلِيلًا كَانَ أَو كَثِيرًا. والإِسْرافُ فِي النَّفَقَةِ: التبذيرُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا
؛ قَالَ سُفْيَانُ: لَمْ يُسْرِفُوا
أَي لَمْ يضَعُوه فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَلَمْ يَقْتُرُوا لَمْ يُقَصِّروا بِهِ عَنْ حَقِّهِ؛ وَقَوْلُهُ وَلَا تُسْرِفُوا، الإِسْرافُ أَكل مَا لَا يَحِلُّ أَكله، وَقِيلَ: هُوَ مُجاوزةُ الْقَصْدِ فِي الأَكل مِمَّا أَحلَّه اللَّهُ، وَقَالَ سُفْيَانُ: الإِسْراف كُلُّ مَا أُنفق فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ، وَقَالَ إياسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: الإِسرافُ مَا قُصِّر بِهِ عَنْ حَقِّ اللَّهِ. والسَّرَفُ: ضِدَّ القصد. وأَكَلَه
__________
(2) . قوله [قول المخبل إلخ] تقدم في مادة خصف وَقَالَ نَاشِرَةُ بْنُ مَالِكٍ يَرُدُّ عَلَى الْمُخَبَّلِ:
إِذَا مَا الْخَصِيفُ الْعَوْبَثَانِيُّ سَاءَنَا(9/148)
سَرَفاً أَي في عَجَلة. وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا
أَي ومُبادَرة كِبَرهِم، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِسْرافاً
أَي لَا تَأَثَّلُوا مِنْهَا وَكُلُوا الْقُوتَ عَلَى قَدْرِ نَفْعِكم إِيَّاهُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ أَي يأْكل قَرْضاً وَلَا يأْخذْ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ شَيْئًا لأَن الْمَعْرُوفَ أَن يأْكل الإِنسان مَالَهُ وَلَا يأْكل مَالَ غَيْرِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ. وأَسْرَفَ فِي الْكَلَامِ وَفِي الْقَتْلِ: أَفْرَط. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: اخْتُلِفَ فِي الإِسراف فِي الْقَتْلِ فَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَقْتُلَ غَيْرَ قَاتِلِ صَاحِبِهِ، وَقِيلَ: أَن يَقْتُلَ هُوَ القاتلَ دُونَ السُّلْطَانِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن لَا يَرْضى بِقَتْلِ وَاحِدٍ حَتَّى يَقْتُلَ جَمَاعَةً لِشَرَفِ الْمَقْتُولِ وخَساسة الْقَاتِلِ أَو أَن يَقْتُلَ أَشرف مِنَ الْقَاتِلِ؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَا يَقْتُلُ غَيْرَ قَاتِلِهِ وَإِذَا قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ فَقَدْ أَسْرَفَ، والسَّرَفُ: تجاوُزُ مَا حُدَّ لَكَ. والسَّرَفُ: الخطأُ، وأَخطأَ الشيءَ: وَضَعَه فِي غَيْرِ حَقِّه؛ قَالَ جَرِيرٌ يَمْدَحُ بَنِي أُمية:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدوها ثمانِيةٌ، ... مَا فِي عَطائِهمُ مَنٌّ وَلَا سَرَفُ
أَي إغْفالٌ، وَقِيلَ: وَلَا خَطَأٌ، يُرِيدُ أَنهم لَمْ يُخْطِئوا فِي عَطِيَّتِهم وَلَكِنَّهُمْ وضَعُوها مَوْضِعَهَا أَي لَا يخْطِئون مَوْضِعَ العَطاء بأَن يُعْطُوه مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ وَيَحْرِمُوهُ الْمُسْتَحِقَّ. شِمْرٌ: سَرَفُ الْمَاءِ مَا ذهَب مِنْهُ فِي غَيْرِ سَقْي وَلَا نَفْع، يُقَالُ: أَروت البئرُ النخيلَ وَذَهَبَ بَقِيَّةُ الْمَاءِ سَرَفاً؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فكأَنَّ أَوساطَ الجَدِيّةِ وَسْطَها، ... سَرَفُ الدِّلاء مِنَ القَلِيبِ الخِضْرِم
وسَرِفْتُ يَمينَه أَي لَمْ أَعْرِفْها؛ قَالَ ساعِدةُ الهذلي:
حَلِفَ امْرِئٍ بَرٍّ سَرِفْتُ يَمِينَه، ... ولِكُلِّ مَا قَالَ النُّفُوسُ مُجَرّبُ
يَقُولُ: مَا أَخْفَيْتُك وأَظْهَرْت فَإِنَّهُ سَيَظْهَرُ فِي التَّجْرِبةِ. والسَّرَفُ: الضَّراوةُ. والسَّرَفُ: اللَّهَجُ بِالشَّيْءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: إنَّ للَّحْم سَرَفاً كسَرَفِ الْخَمْرِ
؛ يُقَالُ: هُوَ مِنَ الإِسْرافِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: أَي ضَراوةً كضراوةِ الْخَمْرِ وَشِدَّةً كشدَّتها، لأَن مَنِ اعتادَه ضَرِيَ بأَكله فأَسْرَفَ فِيهِ، فِعْلَ مُدْمِن الْخَمْرِ فِي ضَراوته بِهَا وَقِلَّةِ صَبْرِهِ عَنْهَا، وَقِيلَ: أَراد بالسرَفِ الْغَفْلَةَ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَلَمْ أَسمع أَن أَحَدًا ذَهب بالسَّرَفِ إِلَى الضَّرَاوَةِ، قَالَ: وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لَهُ وَهُوَ ضِدُّهُ؟ وَالضَّرَاوَةُ لِلشَّيْءِ: كثرةُ الاعتِياد لَهُ، والسَّرَف بِالشَّيْءِ: الجهلُ بِهِ، إِلَّا أَن تَصِيرَ الضراوةُ نفسُها سَرَفاً، أَي اعتيادُه وَكَثْرَةُ أَكله سَرَفٌ، وَقِيلَ: السَّرَفُ فِي الْحَدِيثِ مِنَ الإِسرافِ وَالتَّبْذِيرِ فِي النَّفَقَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَو فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ، شَبَّهَتْ مَا يَخْرج فِي الإِكثار مِنَ اللَّحْمِ بِمَا يَخْرُجُ فِي الْخَمْرِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الإِسراف فِي الْحَدِيثِ، وَالْغَالِبُ عَلَى ذِكْرِهِ الإِكثار مِنَ الذُّنُوب وَالْخَطَايَا واحْتِقابِ الأَوْزار وَالْآثَامِ. والسَّرَفُ: الخَطَأُ. وسَرِفَ الشيءَ، بِالْكَسْرِ، سَرَفاً: أَغْفَلَه وأَخطأَه وجَهِلَه، وَذَلِكَ سَرْفَتُه وسِرْفَتُه. والسَّرَفُ: الإِغفالُ. والسَّرَفُ: الجَهْلُ. وسَرِفَ القومَ: جاوَزهم. والسَّرِفُ: الجاهلُ وَرَجُلٌ سَرِفُ الفُؤاد: مُخْطِئُ الفُؤادِ غافِلُه؛ قَالَ طَرَفةُ:
إنَّ امْرأً سَرِفَ الفُؤاد يَرى ... عَسَلًا بِمَاءِ سَحابةٍ شَتْمِي(9/149)
سَرِفُ الْفُؤَادِ أَي غَافِلٌ، وسَرِفُ الْعَقْلِ أَي قَلِيلٌ. أَبو زيادٍ الْكِلَابِيُّ فِي حَدِيثِ:
أَرَدْتكم فسَرِفْتُكم
أَي أَغْفَلْتُكم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ
؛ كَافِرٌ شاكٌّ. والسَّرَفُ: الْجَهْلُ. والسَّرَفُ: الإِغْفال. ابْنُ الأَعرابي: أَسْرَفَ الرَّجُلُ إِذَا جَاوَزَ الحَدَّ، وأَسْرَفَ إِذَا أَخْطأَ، وأَسْرَفَ إِذَا غَفَل، وأَسْرَفَ إِذا جهِلَ. وَحَكَى الأَصمعي عَنْ بَعْضِ الأَعراب وَوَاعَدَهُ أَصحاب لَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ مَكَانًا فَأَخْلَفَهُمْ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: مَرَرْتُ فسَرِفْتُكم أَي أَغْفَلْتُكم. والسُّرْفةُ: دُودةُ القَزِّ، وَقِيلَ: هِيَ دُوَيْبَّةٌ غَبْراء تَبْنِي بَيْتًا حسَناً تَكُونُ فِيهِ، وَهِيَ الَّتِي يُضرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فَيُقَالُ: أَصْنَعُ مِنْ سُرْفةٍ، وَقِيلَ: هِيَ دُويبَّة صَغِيرَةٌ مِثْلُ نِصْفِ العَدَسة تَثْقُبُ الشَّجَرَةَ ثُمَّ تَبْنِي فِيهَا بَيْتًا مِنْ عِيدانٍ تَجْمَعُهَا بِمِثْلِ غَزْلِ الْعَنْكَبُوتِ، وَقِيلَ: هِيَ دَابَّةٌ صَغِيرَةٌ جِدًّا غَبْراء تأْتي الْخَشَبَةَ فَتَحْفِرُها، ثُمَّ تأْتي بِقِطْعَةِ خَشَبَةٍ فَتَضَعُهَا فِيهَا ثُمَّ أُخرى ثُمَّ أُخرى ثُمَّ تَنْسِج مِثْلَ نَسْج الْعَنْكَبُوتِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقِيلَ السُّرْفةُ دويبَّة مِثْلُ الدُّودَةِ إِلَى السَّوَادِ مَا هِيَ، تَكُونُ فِي الحَمْض تَبْنِي بَيْتًا مِنْ عِيدَانٍ مربعاً، تَشُدُّ أَطراف الْعِيدَانِ بِشَيْءٍ مِثْلِ غَزْل الْعَنْكَبُوتِ، وَقِيلَ: هِيَ الدُّودَةُ الَّتِي تَنْسِجُ عَلَى بَعْضِ الشَّجَرِ وتأْكل وَرَقَهُ وتُهْلِكُ مَا بَقِيَ مِنْهُ بِذَلِكَ النَّسْجِ، وَقِيلَ: هِيَ دُودَةٌ مِثْلُ الإِصبع شَعْراء رَقْطاء تأْكل وَرَقَ الشَّجَرِ حَتَّى تُعَرِّيَها، وَقِيلَ: هِيَ دُودَةٌ تَنْسِجُ عَلَى نَفْسِهَا قَدْرَ الإِصْبع طُولًا كَالْقِرْطَاسِ ثُمَّ تُدْخِلُهُ فَلَا يُوصل إِلَيْهَا، وَقِيلَ: هِيَ دويبَّة خفيفة كأَنها عنكبوت، وَقِيلَ: هِيَ دويبَّة تَتَّخِذُ لِنَفْسِهَا بَيْتًا مُرَبَّعًا مِنْ دِقَاقِ الْعِيدَانِ تُضَمُّ بَعضها إِلَى بَعْضٍ بِلُعَابِهَا عَلَى مِثَالِ النَّاوُوسِ ثُمَّ تَدْخُلُ فِيهِ وَتَمُوتُ. وَيُقَالُ: أَخفُّ مِنْ سُرْفَة. وأَرض سَرِفةٌ: كَثِيرَةُ السُّرْفةِ، ووادٍ سَرِفٌ كَذَلِكَ. وسَرِفَ الطعامُ إِذَا ائْتَكل حَتَّى كأَنَّ السُّرْفَةَ أَصابته. وسُرِفَتِ الشجرةُ: أَصابتها السُّرْفةُ. وسَرِفَتِ السُّرْفةُ الشجرةَ تَسْرُفها سَرْفاً إِذَا أَكلت ورَقها؛ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنه قَالَ لِرَجُلٍ: إِذَا أَتيتَ مِنًى فَانْتَهَيْتَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا فَإِنَّ هُنَاكَ سَرْحةً لَمْ تُجْرَدْ وَلَمْ تُسْرَفْ، سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا فَانْزِلْ تَحْتَهَا
؛ قَالَ الْيَزِيدِيُّ: لَمْ تُسْرَفْ لَمْ تُصِبْها السُّرْفةُ وَهِيَ هَذِهِ الدُّودَةُ الَّتِي تقدَّم شَرْحُهَا. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: السَّرْفُ، سَاكِنُ الرَّاءِ، مَصْدَرُ سُرِفَتِ الشجرةُ تُسْرَفُ سَرْفاً إِذَا وَقَعَتْ فِيهَا السُّرْفةُ، فَهِيَ مَسْرُوفةٌ. وَشَاةٌ مَسْرُوفَةٌ: مَقْطُوعَةُ الأُذن أَصلًا. والأُسْرُفُّ: الآنُكُ، فَارِسِيَّةٌ معرَّبة. وسَرِفٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذَريحٍ:
عَفا سَرِفٌ مِنْ أَهْله فَسُراوِعُ
وَقَدْ تَرَكَ بَعْضُهُمْ صَرْفَه جَعَلَهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عِيسَى بْنِ أَبي جَهْمَةَ اللَّيْثِيِّ وَذَكَرَ قَيْسًا فَقَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ ذَريحٍ منَّا، وَكَانَ ظَرِيفًا شَاعِرًا، وَكَانَ يَكُونُ بِمَكَّةَ وَدُونَهَا مِنْ قُدَيْدٍ وسَرِف وحولَ مَكَّةَ فِي بَوَادِيهَا. غَيْرُهُ: وسَرِف اسْمُ مَوْضِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه تَزَوَّجَ مَيْمُونةَ بِسَرِف
، هُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ، مَوْضِعٌ مِنْ مَكَّةَ عَلَى عَشَرَةِ أَميال، وَقِيلَ: أَقل وَأَكْثَرُ. ومُسْرِفٌ: اسْمٌ، وَقِيلَ: هُوَ لَقَبُ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ المُرِّي صَاحِبِ وقْعةِ الحَرَّة لأَنه قَدْ أَسْرفَ فِيهَا؛ قَالَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ:
هُمُ مَنَعُوا ذِمارِي، يومَ جاءتْ ... كتائِبُ مُسْرِفٍ، وَبَنُو اللَّكِيعَهْ(9/150)
وإسرافيلُ: اسْمٌ أعْجمي كأَنه مُضَافٍ إِلَى إِيلٍ، قَالَ الأَخفش: وَيُقَالُ فِي لُغَةٍ إسْرافِينُ كَمَا قَالُوا جِبْرِينَ وإِسْمعِينَ وإسْرائين، والله أَعلم.
سرعف: السَّرْعَفةُ: حُسْنُ الغِذاء والنَّعمة. وسَرْعَفْتُ الرجلَ فَتَسَرْعَفَ: أَحْسَنْتُ غِذاءه، وَكَذَلِكَ سَرْهَفْتُه. والمُسَرْعَفُ والمُسَرهفُ: الحَسَنُ الغِذاء؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَرْعَفْتُه مَا شِئْتَ مِنْ سِرعافِ
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
بِجِيدِ أَدْماء تَنُوشُ العُلَّفا، ... وقَصَب إِنْ سُرْعِفَتْ تَسَرْعَفَا
والسُرْعُوفُ: الناعِمُ الطَّوِيلُ، والأُنثى بِالْهَاءِ سُرْعُوفَةٌ، وكلُّ خَفِيفٌ طويلٍ سُرْعُوفٌ. الْجَوْهَرِيُّ: السُّرْعُوفُ كل شي ناعم خفيفِ اللحم. والسُّرْعُوفَةُ: الْجَرَادَةُ مِنْ ذَلِكَ وَتَشَبَّهَ بِهَا الْفَرَسُ، وَتُسَمَّى الْفَرَسُ سُرْعُوفَة لخِفّتِها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَإِنْ أَعْرَضَتْ قلتَ: سُرْعُوفَةٌ، ... لَهَا ذَنَبٌ خَلْفَها مُسْبَطِرّ
والسُّرْعُوفةُ: دَابَّةٌ تأْكل الثِّيَابَ.
سرنف: السِّرْنَافُ: الطويل.
سرهف: السَّرْهَفَةُ: نَعْمةُ الغِذاء، وَقَدْ سَرْهَفَه. والسَّرْهَفُ: المائقُ الأَكُول. والمُسَرْهَفُ والمُسَرْعَفُ: الحسَن الغِذاء. وَسَرْهَفْتُ الرَّجُلَ: أَحسنت غِذَاءَهُ؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو:
إِنَّكَ سَرْهَفْتَ غُلَامًا جَفْرا
وسَرْهَفَ غِذاءه إِذَا أَحْسَنَ غِذاءه.
سعف: السَّعْفُ: أَغصانُ النَّخْلَةِ، وأَكثر مَا يُقَالُ إِذَا يَبِسَتْ، وَإِذَا كَانَتْ رَطْبة، فَهِيَ الشَّطْبةُ؛ قَالَ:
إِنِّي عَلَى العَهْدِ، لستُ أَنْقُضُه، ... مَا اخْضَرَّ فِي رَأْسِ نَخْلَةٍ سَعَفُ
وَاحِدَتُهُ سَعَفَةٌ، وَقِيلَ: السَّعَفةُ النخلةُ نفسُها؛ وَشَبَّهَ امْرُؤُ الْقَيْسِ ناصِيةَ الْفَرَسِ بِسَعَفِ النَّخْلِ فَقَالَ:
وأَرْكَبُ فِي الرَّوْعِ خَيْفانَةً، ... كَسَا وَجْهَها سَعَفٌ مُنْتَشِرْ
قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن السَّعفَ الورَقُ. قَالَ: والسَّعَفُ ورَقُ جَرِيدِ النَّخْلِ الَّذِي يُسَفُّ مِنْهُ الزُّبْلانُ والجلالُ والمَرَاوِحُ وَمَا أَشبهها، وَيَجُوزُ السعفُ «1» وَالْوَاحِدَةُ سَعفةٌ، وَيُقَالُ لِلْجَرِيدِ نَفسِه سَعَفٌ أَيضاً. وَقَالَ الأَزهري: الأَغصانُ هِيَ الجَرِيدُ، وَوَرَقُهَا السَّعَفُ، وشوْكُه السُّلاء، وَالْجَمْعُ سَعَفٌ وسعَفاتٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمَّارٍ: لَوْ ضَربُونا حَتَّى يَبْلُغُوا بِنَا سَعَفاتِ هَجَرَ
، وَإِنَّمَا خَصَّ هَجَرَ للمُباعَدة فِي الْمَسَافَةِ ولأَنها مَوْصُوفَةٌ بِكَثْرَةِ النَّخِيلِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُبَيْرٍ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ: ونخِيلُها كَرَبُها ذَهَبٌ وسَعَفُها كُسْوةُ أَهْلِ الجنةِ.
والسَّعْفَةُ والسَّعَفَةُ: قُرُوحٌ فِي رأْس الصَّبِيِّ، وَقِيلَ: هِيَ قُروح تَخْرُجُ بالرأْس وَلَمْ يَخُصّ بِهِ رأْس صَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ دَاءٌ يَخْرُجُ بالرأْس وَلَمْ يعَيِّنه، وَقَدْ سُعِفَ، فَهُوَ مَسْعُوفٌ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: السَّعَفَةُ يُقَالُ لَهَا دَاءُ الثَّعْلَب تُورِثُ القَرَع. والثَّعالِبُ يُصِيبها هَذَا الدَّاءُ فَلِذَلِكَ نُسِبَ إِلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى جَارِيَةً فِي بَيْتِ أُمّ سَلَمَةَ بها سَعْفة
،
__________
(1) . قوله [ويجوز السعف إلخ] ظاهره جواز التسكين فيهما لكن الذي في القاموس والصحاح والنهاية الاقتصار على التحريك.(9/151)
بِسُكُونِ الْعَيْنِ؛ قِيلَ: هِيَ القُروح الَّتِي تَخْرُجُ فِي رأْس الصَّبِيِّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ الْحَرْبِيُّ بِتَقْدِيمِ الْعَيْنِ عَلَى الْفَاءِ وَالْمَحْفُوظُ بِالْعَكْسِ. والسَّعَف: دَاءٌ فِي أَفْوَاهِ الإِبل كالجَرَب يتَمَعَّطُ مِنْهُ أَنف الْبَعِيرِ وخُرْطومُه وَشَعْرُ عَيْنَيْهِ؛ بَعِيرٌ أَسْعَفُ وَنَاقَةٌ سَعْفاء، وخَصَّ أَبو عُبَيْدٍ بِهِ الإِناثَ، وَقَدْ سَعِفَ سَعَفاً، وَمِثْلُهُ فِي الْغَنَمِ الغَرَبُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ: مِنْ شياتِ النَّواصي فَرَسٌ أَسْعَفُ؛ والأَسْعَفُ مِنَ الْخَيْلِ: الأَشْيَبُ الناصيةِ، وناصِيةٌ سَعْفاء، وَذَلِكَ مَا دَامَ فِيهَا لَوْنٌ مُخالِف لِلْبَيَاضِ، فَإِذَا ابيضَّتْ كلُّها، فَهُوَ الأَصْبَغُ، وَهِيَ صَبْغاء. والسَّعْفاء مِنْ نواصِي الْخَيْلِ: الَّتِي فِيهَا بَيَاضٌ، عَلَى أَيّةِ حالاتِها كَانَتْ، وَالِاسْمُ السَّعَفُ؛ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْبَيْتَ المُقَدَّم:
كَسَا وجْهها سَعَفٌ مُنْتَشِرْ
والسَّعَفُ والسُّعافُ: شُقاقٌ حَوْلَ الظُّفُرِ وتَقَشُّرٌ وتَشَعُّثٌ، وَقَدْ سَعِفَتْ يدُه سَعَفاً وسَئِفَتْ. والإِسْعافُ: قَضَاءُ الْحَاجَةِ وَقَدْ أَسعَفَه بِهَا. وَمَكَانٌ مُساعِفٌ وَمَنْزِلٌ مُساعِفٌ أَي قَرِيبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فاطمةُ بَضْعةٌ مِنِّي يُسْعِفُني مَا أَسْعَفَها
، مِنَ الإِسْعافِ الَّذِي هُوَ القُرْبُ والإِعانةُ وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ، أَي يَنالُني مَا نَالَهَا ويُلِمُّ بِي مَا أَلمَّ بِهَا. والإِسْعافُ والمُساعَفةُ: المُساعَدةُ والمُواتاةُ والقُرْبُ فِي حُسْنِ مُصافاةٍ ومُعاونةٍ؛ قَالَ:
وإنَّ شِفاءَ النَّفْسِ، لَوْ تُسْعِفُ النَّوَى، ... أُولاتُ الثَّنَايَا الغُرِّ والحَدَقِ النُّجْلِ
أَي لَوْ تُقَرِّبُ وتُواتي؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
ظَعائِنُ لهْوٍ ودُّهُنَّ مُسَاعِفُ
وَقَالَ:
إذِ النَّاسُ ناسٌ والزمانُ بغِرّةٍ، ... وإذْ أُمُّ عَمّارٍ صَديقٌ مُسَاعِفُ
وأَسْعَفَه عَلَى الأَمْرِ: أَعانَه. وأَسْعَفَ بِالرَّجُلِ: دَنا مِنْهُ. وأَسْعَفَتْ دارُه إسْعافاً إِذَا دَنَتْ. وَكُلُّ شَيْءٍ دَنا، فَقَدْ أَسْعَفَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاعِي:
وكائنْ تَرى منْ مُسْعِفٍ بمَنِيّةٍ
والسُّعُوفُ: الطبِيعةُ، وَلَا وَاحِدَ لَهُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السُّعُوفُ طبائعُ الناسِ مِنَ الكَرَمِ وَغَيْرِهِ، وَيُقَالُ للضَّرائب سُعُوفٌ، قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ لَهَا بِوَاحِدٍ مِنْ لَفْظِهَا. وسُعُوفُ البيتِ: فُرُشُه وأَمْتِعَتُه، الْوَاحِدُ سَعَفٌ، بِالتَّحْرِيكِ. والسُّعُوف: جِهازُ العَرُوسِ. وَإِنَّهُ لَسَعَفُ سَوْء أَي مَتاعُ سَوْء أَوْ عَبْدُ سَوْءٍ، وَقِيلَ: كلُّ شَيْءٍ جادَ وبَلَغَ مِنْ عِلْقٍ أَو دارٍ أَو مملُوك مَلَكْتَهُ، فَهُوَ سَعَفٌ. وسَعْفةُ: اسْمُ رَجُلٍ. والتَّسْعِيفُ بالمِسْكِ: أَن يُرَوَّحَ بأَفاويه الطِّيبِ ويُخْلَطَ بالأَدْهانِ الطَّيِّبةِ. يُقَالُ: سَعِّفْ لِي دُهْني. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والسَّعَفُ ضَرْبٌ مِنَ الذُّبابِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقاعِ:
حَتَّى أَتَيْت مُرِيّاً، وَهُوَ مُنْكَرِسٌ ... كاللَّيْثِ، يَضْرِبُه فِي الغابةِ السَّعَفُ
سفف: سَفِفْتُ السَّويقَ والدَّواءَ وَنَحْوَهُمَا، بِالْكَسْرِ، أَسَفُّه سَفّاً واسْتَفَفْتُه: قَمِحْتُه إِذَا أَخذته غَيْرَ مَلْتُوتٍ، وَكُلُّ دَواء يُؤْخَذُ غَيْرَ مَعْجُونٍ فَهُوَ سَفُوفٌ،(9/152)
بِفَتْحِ السِّينِ، مِثْلَ سَفُوفِ حَبِّ الرُّمان وَنَحْوِهِ، وَالِاسْمُ السُّفّةُ والسَّفُوفُ. واقْتماحُ كُلِّ شَيْءٍ يَابِسٍ سَفٌّ؛ والسَّفُوفُ: اسْمٌ لِمَا يُسْتَفُّ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: سَفِفْتُ الماءَ أَسَفُّه سَفّاً وسَفِتُّه أَسْفَتُه سَفْتاً إِذَا أَكثرت مِنْهُ وأَنت فِي ذَلِكَ لَا تَرْوَى. والسُّفَّةُ: القُمْحةُ. والسَّفَّةُ: فِعْل مَرَّةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: سُفّة مِنَ السَّوِيقِ، بِالضَّمِّ، أَي حَبّة مِنْهُ وقُبْضةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: قَالَتْ لَهُ امرأَة: مَا فِي بَيْتِكَ سُفَّةٌ وَلَا هِفَّةٌ
؛ السُّفَّة مَا يُسَفُّ مِنَ الخُوص كالزَّبيل وَنَحْوِهِ أَي يُنْسَجُ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنَ السَّفُوفِ أَي مَا يُسْتَفُّ. وأَسَفَّ الجُرْحَ الدّواءَ: حَشاه بِهِ، وأَسَفَّ الوَشْمَ بالنَّؤُورِ: حَشاهُ، وأَسَفَّه إِيَّاهُ كَذَلِكَ؛ قَالَ مَلِيحٌ:
أَو كالْوشُومِ أَسَفَّتْها يَمانِيةٌ ... مِنْ حَضْرَمَوْتَ نُؤُوراً، وَهُوَ مَمْزوجُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أُتي بِرَجُلٍ فَقِيلَ إِنَّهُ سَرَقَ فكأَنما أُسِفَّ وجْهُ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي تَغَيَّرَ وجْهُه واكْمَدَّ كأَنما ذُرَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيَّرَهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ أَسْفَفْتُ الوَشْم وَهُوَ أَن يُغْرَزَ الجلدُ بِإِبْرَةٍ ثُمَّ تُحْشى المَغارِزُ كُحْلًا. الجوهري: وأُسِفَّ وجهُه النَّؤُورَ أَي ذُرّ عَلَيْهِ؛ قَالَ ضَابِئُ بْنُ الْحَرْثِ البُرْجُمِي يَصِفُ ثَوْرًا:
شَديدُ بَريقِ الحاجِبَيْنِ كأَنما ... أُسِفَّ صَلى نارٍ، فأَصْبَحَ أَكْحَلا
وَقَالَ لَبِيدٍ:
أَو رَجْعُ واشِمة أُسِفَّ نَؤُورُها ... كِفَفاً تَعَرَّضَ، فَوْقَهُنَّ، وِشامُها
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا شَكَا إِلَيْهِ جِيرانَه مَعَ إحْسانِه إِلَيْهِمْ فَقَالَ: إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فكأَنما تُسِفُّهم المَلَ
؛ المَلُّ: الرَّمادُ الحارُّ، أَي تَجعل وجُوههم كلوْن الرَّمَادِ، وَقِيلَ: هُوَ مَنْ سَفِفْتُ الدَّوَاءَ أَسَفُّه وأَسْفَفْتُه غَيْرِي، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
سَفُّ المَلّةِ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ.
والسَّفُوفُ: سَوادُ اللِّثةِ. وسَفَفْتُ الخُوصَ أَسُفُّه، بِالضَّمِّ سَفّاً وأَسْفَفْتُه إسْفافاً أَي نَسَجْتُهُ بعضَه فِي بَعْضٍ، وكلُّ شَيْءٍ يُنْسَجُ بالأَصابع فَهُوَ الإِسْفاف. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَفَفْتُ الْخُوصَ، بِغَيْرِ أَلف، مَعْرُوفَةٌ صَحِيحَةٌ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِتَصْدِيرِ الرَّحْل سَفِيف لأَنه مُعْتَرِض كسَفِيف الْخُوصِ. والسُّفَّة مَا سُفَّ مِنَ الْخُوصِ وَجُعِلَ مِقْدَارُ الزَّبيل والجُلَّةِ. أَبو عُبَيْدٍ: رَمَلْتُ الحَصِير وأَرْمَلْتُه وسَفَفْتُه وأَسْفَفْتُه مَعْنَاهُ كُلُّهُ نَسَجْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ
إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: أَنه كَرِهَ أَن يُوصلَ الشَّعْرُ، وَقَالَ لَا بأْس بالسُّفّة
؛ السُّفَّة: شَيْءٌ مِنَ القَرامل تَضَعُه المرأَة عَلَى رأْسها وَفِي شِعْرِهَا لِيَطُولَ، وأَصله مِنْ سَفِّ الْخُوصِ ونسْجِه. وسَفِيفَةٌ مِنْ خُوصٍ: نَسِيجةٌ مِنْ خُوصٍ. والسفِيفة: الدَّوْخَلَّةُ مِنَ الْخُوصِ قَبْلَ أَن تُرْمَل أَي تُنْسَجَ. والسُّفَّةُ العَرَقةُ مِنَ الْخُوصِ المُسَفّ. الْيَزِيدِيُّ: أَسْفَفْتُ الْخُوصَ إسْفافاً قارَبْتُ بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ، وكلُّه مِنَ الإِلصاق والقُرب، وَكَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْخُوصِ؛ وأَنشد:
بَرَداً تُسَفُّ لِثاتُه بالإِثْمِدِ «2»
وأَحْسَنُ اللِّثاتِ الحُمُّ. والسَّفِيفَةُ: بِطانٌ عَريضٌ يُشَدُّ بِهِ الرَّحْلُ. والسَّفِيفُ: حِزامُ الرَّحْل والهَوْدَج. والسَّفائِفُ مَا عَرُضَ مِنَ الأَغْراضِ، وَقِيلَ: هِيَ جَمِيعُهَا. وأَسَفَّ الطائِرُ والسَّحابةُ وغيرُهما: دَنا من الأَرض؛
__________
(2) . هذا الشطر للنابغة وهو في ديوانه:
تَجْلُو بِقَادِمَتَيْ حمامةِ أيكةٍ ... برداً أُسِفّ لِثاته بالإِثمدِ(9/153)
قَالَ أَوْس بْنُ حَجَر أَو عَبِيدُ بْنُ الأَبرص يَصِفُ سَحَابًا قَدْ تَدلى حَتَّى قَرُب مِنَ الأَرض:
دانٍ مُسِفٍّ، فَوَيْقَ الأَرضِ هَيْدَبُه، ... يكادُ يَدْفَعُه مَنْ قامَ بالرَّاحِ
وأَسَفَّ الفَحلُ: أَمال رأْسَه للعَضِيضِ. وأَسَفَّ إِلَى مَداقِّ الأُمور وأَلائمها: دَنا. وَفِي الصِّحَاحِ: أَسَفَّ الرجلُ أَي تَتَبَّعَ مَداقَّ الأُمور، وَمِنْهُ قِيلَ للَّئيم العَطِيّةِ مُسَفْسِفٌ، وَفِي نُسْخَةٍ مُسَفِّف؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
وسامِ جَسِيماتِ الأُمور، وَلَا تكنْ ... مُسِفّاً، إِلَى مَا دَقَّ منهنَّ، دانِيا
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا
؛ أَسَفَّ الطَّائِرُ إِذَا دَنَا مِنَ الأَرض فِي طَيَرَانِهِ. وأَسَفَّ الرَّجل الأَمر إِذَا قَارَبَهُ. وأَسَفَّ: أَحَدَّ النَّظَرَ، زَادَ الْفَارِسِيُّ: وَصَوَّبَ إِلَى الأَرض.
وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنه كَرِهَ أَن يُسِفَّ الرجلُ النَّظَرَ إِلَى أُمّه أَو ابْنَتِهِ أَو أُخته
أَي يُحِدَّ النَّظَرَ إِلَيْهِنَّ ويُديمه. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِسْفاف شِدَّة النَّظَرِ وحِدّته؛ وكلُّ شَيْءٍ لَزِمَ شَيْئًا ولَصِقَ بِهِ، فَهُوَ مُسِفٌّ، وأَنشد بَيْتَ عَبِيدٍ. وَالطَّائِرُ يُسِفُّ إِذَا طَارَ عَلَى وَجْهِ الأَرض. وسَفِيفُ أُذُنَي الذِّئْبِ: حِدَّتُهما؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي الْعَارِمِ فِي صِفَةِ الذِّئْبِ: فرأَيت سَفِيفَ أُذُنيه، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. ابْنُ الأَعرابي: والسُّفُّ والسِّفُّ مِنَ الْحَيَّاتِ الشُّجَاعُ. شَمِرٌ وَغَيْرُهُ: السّفُّ الْحَيَّةُ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
جَمِيلَ المُحَيّا مَاجِدًا وَابْنَ ماجِدٍ ... وسُفّاً [سِفّاً] ، إِذَا مَا صَرَّحَ المَوْتُ أَفْرعا
والسُّفُّ والسِّفُّ: حَيَّةٌ تَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
وَحَتَّى لَو انَّ السُّفَّ [السِّفَ] ذَا الرِّيشِ عَضَّني، ... لمَا ضَرَّني منْ فِيهِ نابٌ وَلَا ثَعْرُ
قَالَ: الثَّعْرُ السُّمُّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا خُصَّ بِهِ الأَرْقَمُ؛ وَقَالَ الدَّاخِلُ بْنُ حرامٍ الهُذَلي:
لَعَمْرِي لَقَدْ أَعْلَمْت خِرْقاً مُبرَّأً ... وسُفّاً، إِذَا مَا صَرَّحَ المَوْتُ أَرْوَعا
أَراد: وَرَجُلًا مِثْلَ سفٍّ إِذَا مَا صرَّح الموتُ. والمُسَفْسِفَةُ والسَّفْسَافَةُ: الرِّيح الَّتِي تَجْرِي فُوَيْقَ الأَرض؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وسَفْسَفَتْ مُلَّاحَ هَيْفٍ ذابِلا
أَي طَيّرَتْه عَلَى وَجْهِ الأَرض. والسَّفْسَافُ: مَا دَقَّ مِنَ التُّرَابِ. والمُسَفْسِفَةُ: الرِّيحُ الَّتِي تُثِيرُه. والسَّفْسَافُ: التُّرَابُ الْهَابِي؛ قَالَ كثيِّر:
وَهَاجَ بِسَفْسَافِ التُّرَابِ عَقِيمها
والسَّفْسَفَةُ: انْتِخالُ الدَّقِيق بالمُنخُل وَنَحْوِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذَا مَساحِيجُ الرِّياحِ السُّفَّنِ ... سَفْسَفْنَ فِي أَرْجاء خاوٍ مُزْمِنِ
وسَفْسافُ الشِّعْر: رَدِيئُه. وشِعْر سَفْسافٌ: رَدِيء.
وسَفْسَافُ
الأَخْلاقِ: رَديئُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ ويُبْغِضُ سَفْسَافَها
؛ أَرادَ مداقَّ الأُمورِ ومَلائمَها، شُبِّهَتْ بِمَا دَقَّ مِنْ سَفْسَاف التُّرَابِ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:(9/154)
وإذا دَفَنْتَ أَباكَ، فاجْعَلْ ... فَوْقَه خَشَباً وطِينَا
لِيَقِينَ وَجْه الأَمْرِ سَفْسَافَ ... التُّرابِ، ولنْ يَقِينا
والسَّفْسَافُ: الرَّدِيء مِنْ كُلِّ شيءٍ، والأَمرُ الحقِير وكلُ عَمَل دُونَ الإِحْكام سَفْسَاف، وَقَدْ سَفْسَفَ عَمَله. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
إنَّ اللَّهَ رَضِيَ لَكُمْ مَكارِمَ الأَخْلاقِ وَكَرِهَ لكم سَفْسَافَها
؛ السَفْسَاف: الأَمرُ الحَقِير والرَّديء مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ ضِدُّ الْمَعَالِي والمَكارِم، وأَصله مَا يَطِيرُ مِنْ غُبَارِ الدَّقيق إِذَا نُخِلَ والترابِ إِذَا أُثير. وَفِي حَدِيثِ
فاطمةَ بِنْتِ قَيس: إِنِّي أَخافُ عليكِ سَفَاسِفَه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَخرجه أَبو مُوسَى فِي السِّينِ وَالْفَاءِ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَقَالَ: ذَكَرَهُ الْعَسْكَرِيُّ بِالْفَاءِ وَالْقَافِ، وَلَمْ يُورِدْهُ أَيضاً فِي السِّينِ وَالْقَافِ، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ الْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ إِنَّمَا هو: إِنِّي أَخاف عَلَيْكَ قَسْقاسَتَه
، بِقَافَيْنِ قَبْلَ السِّينَيْنِ، وَهِيَ الْعَصَا؛ قَالَ: فأَما سَفاسِفُه وسَقاسِقُه بِالْفَاءِ وَالْقَافِ فَلَا أَعرفه إِلَّا أَن يَكُونَ مِنَ قَوْلِهِمْ لِطَرَائِقِ السَّيْفِ سَفاسِقُه، بِفَاءٍ بَعْدَهَا قَافٌ، وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الفِرِنْدُ، فَارِسِيَّةٌ معرَّبة. والمُسَفْسِفُ: اللئيمُ الطبيعةِ. والسَّفْسَفُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ. والسَّفِيفُ: اسْمٌ مِنْ أَسماء إِبْلِيسَ، وَفِي نُسْخَةٍ: السَّفْسَفُ مِنْ أَسماء إِبْلِيسَ. وسَفْ تَفْعَلُ، سَاكِنَةُ الْفَاءِ، أَي سَوْفَ تَفْعَلُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ ثعلب.
سقف: السَّقْفُ: غِماءُ الْبَيْتِ، وَالْجَمْعُ سُقُفٌ وسُقُوفٌ، فأَما قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ:
لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لبُيوتهم سَقْفاً مِنْ فِضَّة.
فَهُوَ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ، أَي لَجَعْلِنَا لِبَيْتِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَقْفاً مِنْ فِضّة، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ
: إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ وَاحِدَتَهَا سَقِيفةً، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهَا جَمْعَ الْجَمْعِ كأَنك قُلْتَ سَقْفاً وسُقُوفاً ثُمَّ سُقُفاً كَمَا قَالَ:
حَتَّى إِذَا بُلَّتْ حَلاقِيمُ الحُلُقْ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سُقُفاً إِنَّمَا هُوَ جَمْعُ سَقِيفٍ كَمَا تَقُولُ كَثِيبٌ وكُثُبٌ، وَقَدْ سَقَفَ البيتَ يَسْقَفُه سَقْفاً وَالسَّمَاءُ سَقْفٌ عَلَى الأَرض، وَلِذَلِكَ ذكِّر فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ، وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ
. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً
. والسَّقِيفةُ: كُلُّ بِنَاءٍ سُقِفَتْ بِهِ صُفَّةٌ أَو شِبْهُها مِمَّا يَكُونُ بارِزاً، أُلْزِمَ هَذَا الاسمَ لِتَفْرِقةِ مَا بين الأَشياء. والسَّقْفُ: السَّمَاءُ. والسّقيفَةُ: الصُّفَّةُ، وَمِنْهُ سَقِيفةُ بَنِي ساعِدةَ. وَفِي حَدِيثِ
اجْتِمَاعِ الْمُهَاجِرِينَ والأَنصار فِي سَقيفِة بَنِي ساعدةَ: هِيَ صُفّة لَهَا سَقْف
، فَعيلةٌ بِمَعْنَى مفعُولة. ابْنُ سِيدَهْ: وَكُلُّ طريقةٍ دقيقةٍ طويلةٍ مِنَ الذَّهَبِ والفِضة وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْجَوْهَرِ سَقِيفَةٌ. والسّقِيفَةُ: لَوْحُ السّفينةِ، وَالْجَمْعُ سَقَائِفُ، وكلُّ ضريبةٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِذَا ضُرِبَتْ دَقِيقَةً طَوِيلَةً سَقِيفَةٌ؛ قَالَ بِشر بْنُ أَبي خازم يصفُ سَفِينَةً:
مُعَبَّدةِ السَّقَائِف ذَاتُ دُسْرٍ، ... مُضَبّرَةٍ جوانِبُها رداحِ
والسّقَائِفُ: طوائفُ ناموسِ الصَّائِدِ؛ قَالَ أَوْس بْنُ حَجَر:
فَلاقَى عَلَيْهَا، مِنْ صباحَ، مُدمِّراً، ... لِنامُوسِه مِنَ الصّفِيحِ سَقَائِفُ(9/155)
وَهِيَ كُلُّ خشَبة عَرِيضةٍ أَو حَجر سُقِفَتْ بِهِ قُتْرة. غَيْرُهُ: والسَّقِيفَةُ كلُّ خَشَبَةٍ عَرِيضَةٍ كَاللَّوْحِ أَو حَجَرٍ عَرِيضٍ يُستطاع أَن يُسَقّفَ بِهِ قترةٌ أَو غَيْرُهَا، وأَنشد بَيْتُ أَوس بْنِ حَجَرٍ، والصادُ لُغَةٌ فِيهَا. والسّقَائِفُ: عِيدانُ المُجَبِّر كلُّ جِبارةٍ مِنْهَا سَقِيفة؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَكُنْتُ كَذِي ساقٍ تَهَيَّضَ كَسْرُها، ... إِذَا انْقَطَعَتْ عَنْهَا سُيُورُ السَّقَائِفِ
اللَّيْثُ: السَّقِيفَةُ خَشَبَةٌ عريضةٌ طَوِيلَةٌ تُوضَعُ، يُلَفُّ عَلَيْهَا البَوارِي، فَوْقَ سُطوحِ أَهل الْبَصْرَةِ. والسَّقَائِفُ: أَضْلاعُ الْبَعِيرِ. التَّهْذِيبِ: وأَضلاعُ الْبَعِيرِ تُسَمَّى سَقَائِفَ جَنْبَيْه، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا سَقِيفَةٌ. والسَّقَفُ: أَن تَمِيلَ الرِّجلُ عَلَى وحْشِيّها. والسَّقَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: طُولٌ فِي انْحِنَاءٍ، سَقِفَ سَقَفاً، وَهُوَ أَسْقَفُ. وَفِي مَقْتَلِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فأَقبل رَجُلٌ مُسَقَّفٌ بالسِّهامِ فأَهْوَى بِهَا إِلَيْهِ، أَي طَوِيلٌ، وَبِهِ سمِّي السَّقْفُ لِعُلُوِّه وَطُولِ جِدارِه. والمُسَقَّفُ: كالأَسْقَفِ وَهُوَ بَيِّنُ السَّقَفِ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ أُسْقُفُّ النَّصَارَى لأَنه يَتَخاشعُ؛ قَالَ الْمُسَيَّبُ بْنُ عَلَسٍ يَذْكُرُ غَوّاصاً:
فانصَب أَسْقف رأْسه لبدٌ ... نزعَتْ رَبَاعِيَتَاهُ الصَّبِرْ «1»
ونَعامة سَقْفَاء: طَوِيلَةُ العُنق. والأَسْقَفُ: المُنْحني. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: والسَّقْفَاء مِنْ صِفَةِ النَّعَامَةِ؛ وأَنشد:
والبَهْوُ بَهْوُ نَعامةٍ سَقْفَاء
والأُسْقُفُّ: رَئِيسُ النَّصَارَى فِي الدِّين، أَعجمي تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا أُسْرُبٌّ، وَالْجَمْعُ أَسَاقِفُ وأَسَاقِفَةٌ. وفي التهذيب: والأَسْقُفُّ رأْس من رؤوس النَّصَارَى. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيان وهِرَقْل: أَسْقَفَه عَلَى نَصَارَى الشَّامِ
أَي جَعَلَهَ أُسْقُفاً عَلَيْهِمْ وَهُوَ الْعَالِمُ الرَّئِيسُ مِنْ عُلماء النَّصَارَى، وَهُوَ اسْمٌ سُرْيانيّ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ سُمِّي بِهِ لخُضُوعه وانحنائِه فِي عِبادتِه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أُسقُفٌّ من سقِّيفاهُ
؛ هو مَصْدَرٌ كالخِلِّيفَى مِنَ الخِلافةِ، أَي لَا يُمْنع مِنْ تَسَقُّفِه وَمَا يُعانيه مِنْ أَمر دِينِهِ وتقْدِمَته. وَيُقَالُ: لَحْيٌ سَقْفٌ أَي طَوِيلٌ مُسْتَرْخٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَسْقُفُ اسْمُ بَلَدٍ، وَقَالُوا أَيضاً: أُسْقُفُ نَجْرانَ. وأَما قَوْلُ الْحَجَّاجِ: إيايَ وَهَذِهِ السُّقَفاء، فَلَا يُعْرَفُ مَا هُوَ، وَحَكَى ابْنُ الأَثير عَنِ الزَّمَخْشَرِيَّ قَالَ: قِيلَ هُوَ تَصْحِيفٌ، قَالَ: وَالصَّوَابُ شُفَعاء جَمْعُ شَفِيعٍ لأَنهم كَانُوا يَجْتَمِعُونَ إِلَى السُّلْطَانِ فَيَشْفَعُون فِي أَصحاب الجَرائِم، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ لأَن كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَشْفَعُ لِلْآخَرِ كَمَا نَهَاهُمْ عَنِ الِاجْتِمَاعِ فِي قَوْلِهِ: إيايَ وَهَذِهِ الزَّرافاتِ. وسُقْفٌ: موضع.
سكف: الأُسْكُفَّةُ والأَسْكُوفَةُ: عَتَبةُ البابِ الَّتِي يُوطَأُ عَلَيْهَا، والسَّاكِفُ أَعلاه الَّذِي يَدُورُ فِيهِ الصائرُ، والصائرُ أَسْفَلُ طَرَفِ البابِ الَّذِي يَدُور أَعلاه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِجَرِيرٍ أَو الْفَرَزْدَقِ، والشكُّ مِنْهُ:
مَا بالُ لَوْمِكَها وجِئْتَ تَعْتِلُها، ... حَتَّى اقْتَحَمْتَ بِهَا أُسْكُفَّةَ البابِ
كِلاهما حِينَ جَدَّ الجَرْيُ بَيْنَهُمَا ... قَدْ أَقْلَعا، وكِلا أَنْفَيْهِما رابي «2»
__________
(1) . هكذا بالأَصل.
(2) . هذان البيتان للفرزدق، قالهما في أُمِّ غَيْلَانَ بِنْتِ جَرِيرٍ، وكان جرير زوّجها الأَبلق الأَسدي.(9/156)
وَجَعَلَهُ أَحمد بْنُ يَحْيَى مِنْ اسْتَكَفَّ الشيءُ أَي انْقبَض. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُنادَى وَلِيدُه. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لَا أَتَسَكَّفُ لَكَ بَيْتًا مأْخوذ مِنَ الأَسْكُفَّةِ أَي لَا أَدخل لَهُ بَيْتًا. والأُسْكُفُّ: مَنابِتُ الأَشْفار، وَقِيلَ: شَعَرُ الْعَيْنِ نفسُه؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
تُخِيلُ عَيْناً حالِكاً أُسْكُفُّها، ... لَا يُعْزِبُ الكحلَ السَّحِيقَ ذَرْفُها
أُسْكُفُّهَا: منابتُ أَشفارها، وَقَوْلُهُ لَا يُعزبُ الكحلَ السَّحِيقَ ذَرْفُها يَقُولُ: هَذَا خِلْقة فِيهَا وَلَا كُحْل ثَمّ، وذَرْفُها: دَمْعُها؛ وأَنشد أَيضاً:
حَوْراء، فِي أُسْكُفِّ عَيْنَيها وَطَفْ، ... وَفِي الثَّنايا البِيض منْ فِيها رَهَفْ
الرَّهَفُ: الرِّقَّةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الإِسكافُ وَاحِدُ الأَسَاكِفَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: والسَّيْكَفُ والأَسْكَفُ والأُسْكُوفُ والإِسْكَافُ كُلُّهُ الصانعُ، أَيّاً كَانَ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ النَّجّارَ؛ قَالَ:
لَمْ يَبْقَ إِلَّا مِنْطَقٌ وأَطْرافْ، ... وبُرْدَتانِ وقَمِيصٌ هَفْهافْ،
وشُعْبَتا مَيْسٍ بَراها إسْكافْ
المِنْطَقُ والنِّطاقُ وَاحِدٌ، وَيُرْوَى مَنْطِقٌ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، يُرِيدُ كَلَامَهُ وَلِسَانَهُ، وأَراد بالأَطْرافِ الأَصابعَ، وجعلُ النجّارِ إسْكافاً عَلَى التَّوَهُّمِ، أَراد بَرَّاهَا النَّجار؛ كَمَا قَالَ ابْنُ أَحمر:
لَمْ تَدْرِ مَا نَسْجُ اليَرَنْدَجِ قَبْلَها، ... ودِراسُ أَعْوَصَ دارِسٍ مُتَخَدِّدِ
الْيَرَنْدَجُ: الجِلد الأَسود يُعْمَلُ مِنْهُ الخِفافُ، وَظَنُ ابْنُ أَحمر أَنه يُنْسَج، وأَراد أَنها غِرَّة نشأَت فِي نَعْمة، وَلَمْ تَدْرِ عَوِيصَ الْكَلَامِ، وَقَالَ الأَصمعي: يَقُولُ خَدَعْتها بِكَلَامٍ حَسَنٍ كأَنه أَرَنْدَجٌ مَنْسُوجٌ، وَقَوْلُهُ دارِس مُتَخَدِّدِ أَي يَغْمَضُ أَحْياناً وَيَظْهَرُ أَحياناً؛ وَقَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:
بَرِّيّة لَمْ تأْكلِ المُرَقّقا، ... وَلَمْ تَذُقْ مِن البُقُولِ فُسْتُقا «1»
وَقَالَ زُهَيْرٌ:
فَتُنْتَجْ لَكُمْ غِلمانَ أَشأَم، كلُّهُمْ ... كأَحْمَرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ
وَقَالَ آخَرُ:
جائِفُ القَرْعة أَصْنَع
حَسِبَ أَنَّ القَرْعة معمولةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا مَثَلٌ يُقَالُ لِمَنْ عَمِلَ عَمَلًا وظنَّ أَنه لَا يَصْنع أَحد مِثْله، فَيُقَالُ: جائفُ القرعةِ أَصنعُ منكَ، وحِرْفةُ الإِسْكافِ السِّكَافَةُ والأُسْكُفَّةُ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ عَنِ الْفَرَّاءِ. اللَّيْثُ: الإِسْكاف مَصْدَرُهُ السِّكَافَةُ، وَلَا فِعْل لَهُ، ابْنُ الأَعرابي: أَسْكَفَ الرجلُ إِذَا صَارَ إسْكَافاً. والإِسْكَافُ عِنْدَ الْعَرَبِ: كلُّ صانعٍ غيرِ مَن يَعْمَلُ الخِفاف، فَإِذَا أَرادوا مَعْنَى الإِسْكَاف فِي الحضَر قَالُوا هُوَ الأَسْكَفُ؛ وأَنشد:
وَضَعَ الأَسْكَفُ فِيهِ رُقَعاً، ... مِثْلَ مَا ضَمّدَ جَنْبَيْه الطَّحَلْ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قولُ مَنْ قَالَ كلُّ صَانِعٍ عِنْدَ الْعَرَبِ إسْكافٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُ الأَعشى:
أَرَنْدَج إسْكاف خطا «2»
__________
(1) . قوله [برية] المشهور: جارية.
(2) . هكذا بالأَصل.(9/157)
خطأٌ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الفَقْعَسيّ يَقُولُ: إِنَّكَ لإِسْكَافٌ بِهَذَا الأَمر أَي حاذِقٌ؛ وأَنشد يَصِفُ بِئْرًا:
حَتَّى طَوَيْناها كَطَيِّ الإِسْكَافْ
قال: والإِسْكَافُ الحاذِقُ، قَالَ: وَيُقَالُ رَجُلٌ إسْكَافٌ وأُسْكُوف للخَفّاف.
سلف: سَلَفَ يَسْلُفُ سَلَفاً وسُلُوفاً: تقدَّم؛ وَقَوْلُهُ:
وَمَا كلُّ مُبْتاعٍ، وَلَوْ سَلْفَ صَفْقُه، ... بِراجِعِ مَا قَدْ فاتَه برَدادِ
إِنَّمَا أَراد سَلَفَ فأَسكن لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا إِنَّمَا أَجازه الْكُوفِيُّونَ «1» ...... فِي الْمَكْسُورِ وَالْمَضْمُومِ كَقَوْلِهِ فِي عَلِم عَلْمَ وَفِي كَرُمَ كَرْمَ، فأَما فِي الْمَفْتُوحِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَلا تَرَى أَن الَّذِي يَقُولُ فِي كَبِدٍ كَبْدٍ. وَفِي عْضُدٍ عَضْدٍ لَا يَقُولُ فِي جَمَلٍ جَمْل؟ وأَجاز الْكُوفِيُّونَ ذَلِكَ وَاسْتَظْهَرُوا بِهَذَا الْبَيْتِ الَّذِي تَقَدَّمَ إِنْشَادُهُ. والسَّالِفُ: المتقدمُ. والسَّلَفُ والسَّلِيفُ والسُّلْفَةُ: الجماعَةُ الْمُتَقَدِّمُونَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ
، ويُقرأُ:
سُلُفاً وسُلَفاً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: سُلُفاً جَمْعُ سَلِيفٍ أَي جَمْعاً قَدْ مَضَى، وَمَنْ قرأَ
سُلَفاً
فَهُوَ جَمْعُ سُلْفَةٍ أَي عُصبة قَدْ مَضَتْ. والتَّسْلِيفُ: التَّقديم؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ جَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً مُتَقَدِّمِينَ لِيَتَّعِظَ بِهِمُ الآخِرون، وقرأَ يَحْيَى بْنُ وثّابٍ:
سُلُفاً
مَضْمُومَةً مُثقلة، قَالَ: وَزَعَمَ الْقَاسِمُ أَنه سَمِعَ وَاحِدَهَا سَلِيفاً، قَالَ: وَقُرِئَ
سُلَفاً
كأَن وَاحِدَتَهُ سُلْفَةٌ أَي قِطْعة مِنَ النَّاسِ مِثْلَ أُمّةٍ. اللَّيْثُ: الأُمم السَّالِفَةُ الْمَاضِيَةُ أَمام الْغَابِرَةِ وتُجْمع سَوالِفَ؛ وأَنشد فِي ذَلِكَ:
ولاقَتْ مَناياها القُرُونُ السَّوالِفُ، ... كَذَلِكَ تَلْقاها القُرونُ الخَوالِفُ
الْجَوْهَرِيُّ: سَلَفَ يَسْلُفُ سَلَفاً مِثَالُ طلَبَ يَطلُب طلَباً أَي مَضَى. والقومُ السُّلَّافُ: الْمُتَقَدِّمُونَ. وسَلَفُ الرَّجُلِ: آباؤُه الْمُتَقَدِّمُونَ، وَالْجَمْعُ أَسْلاف وسُلَّافٌ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُلَّافٌ لَيْسَ بِجَمْعٍ لسَلَفٍ وَإِنَّمَا هُوَ جَمْعُ سَالِفٍ لِلْمُتَقَدِّمِ، وَجَمْعُ سَالِفٍ أَيضاً سَلَفٌ، وَمِثْلُهُ خالفٌ وخَلَفٌ، وَيَجِيءُ السَّلَفُ عَلَى مَعَانٍ: السَّلَفُ القَرْضُ والسَّلَم، وَمَصْدَرُ سَلَفَ سَلَفاً مَضَى، والسَّلَفُ أَيضاً كلُّ عملٍ قدَّمه العبدُ، والسَّلَفُ الْقَوْمُ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي السَّيْرِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
لَوْ عَرّجُوا سَاعَةً نُسائِلُهُمْ، ... رَيْثَ يُضَحّي جِمالَه السَّلَفُ
والسَّلُوفُ: الناقةُ تَكُونُ فِي أَوائل الإِبل إِذَا وَرَدَتِ الْمَاءَ. وَيُقَالُ: سَلَفَتِ الناقةُ سُلُوفاً تَقَدَّمَتْ فِي أَول الوِرْد. والسَّلُوفُ: السَّرِيعُ مِنَ الخيل. وأَسْلَفَه مالًا وسَلَّفَه: أَقْرَضه؛ قَالَ:
تُسَلِّفُ الجارَ شِرْباً، وَهِيَ حائمةٌ، ... والماءُ لَزْنٌ بكيءُ العَيْن مُقْتَسَم
وأَسْلَفَ فِي الشَّيْءِ: سَلَّم، وَالِاسْمُ مِنْهُمَا السَّلَفُ. غَيْرُهُ: السَّلَفُ نَوْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ يُعَجَّل فِيهِ الثَّمَنُ وَتُضْبَطُ السِّلْعةُ بِالْوَصْفِ إِلَى أَجل مَعْلُومٍ، وَقَدْ أَسْلَفْتُ فِي كذا، واسْتَسْلَفْت منه دراهم وتَسَلَّفْت فأَسْلَفَنِي. اللَّيْثُ: السَّلَفُ القَرْضُ، وَالْفِعْلُ أَسْلَفْت. يُقَالُ: أَسْلَفْتُه مالًا أَي
__________
(1) . هكذا بياض في الأصل.(9/158)
أَقْرَضْتُه. قَالَ الأَزهري: كلُّ مالٍ قدَّمته فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ مَضْمونة اشْتَرَيْتَهَا لِصِفَةٍ، فَهُوَ سَلَف وسَلَم.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَن سَلَّفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجل مَعْلُومٍ
؛ أَراد مَنْ قدَّم مَالًا ودفَعه إِلَى رَجُلٍ فِي سِلْعَةٍ مَضْمُونَةٍ. يُقَالُ سلَّفْتُ وأَسْلَفْتُ تَسْلِيفاً وإسْلافاً وأَسْلَمْت بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالِاسْمُ السَّلَف، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ عوامُّ النَّاسِ عِنْدَنَا السَّلَم. قَالَ: والسَّلَفُ فِي المُعاملات لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما القَرْضُ الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ للمُقْرِض فِيهِ غَيْرُ الأَجر وَالشُّكْرِ وَعَلَى المُقْتَرِض ردُّه كَمَا أَخذه، والعربُ تُسَمِّي القَرْض سَلَفاً كَمَا ذَكَرَهُ اللَّيْثُ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي فِي السَّلَفِ هُوَ أَن يُعْطِي مَالًا فِي سِلعة إِلَى أَجل مَعْلُومٍ بِزِيَادَةٍ فِي السِّعْر الْمَوْجُودِ عِنْدَ السَّلَف، وَذَلِكَ مَنْفعة للمُسْلِفِ، وَيُقَالُ لَهُ سلَم دُونَ الأَول قَالَ: وَهُوَ فِي الْمَعْنَيَيْنِ مَعًا اسْمٌ مَنْ أَسلفت، وَكَذَلِكَ السلَم اسْمٌ مِنْ أَسْلَمْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه اسْتَسْلَفَ مِنْ أَعرابي بَكراً
أَي اسْتَقْرَضَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وبَيْعٌ
؛ هُوَ مِثْلُ أَن يَقُولَ بعتُك هَذَا الْعَبْدَ بأَلف عَلَى أَن تُسْلِفَني أَلفاً فِي مَتاع أَو عَلَى أَن تُقْرِضَني أَلفاً، لأَنه إِنَّمَا يُقْرِضُه لِيُحابيَه فِي الثَّمَنِ فَيَدْخُلُ فِي حَدِّ الجهَالة، ولأَنَّ كُلَّ قَرْض جَرَّ مَنْفعةً فَهُوَ رِباً، ولأَنَّ فِي العقْد شَرْطًا وَلَا يَصِحُّ. وللسَّلَف مَعْنيان آخَرَانِ: أَحدهما أَن كُلَّ شَيْءٍ قدَّمه العبدُ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ أَو وَلَدٍ فَرَط يُقَدِّمه، فَهُوَ لَهُ سَلَفٌ، وَقَدْ سَلَفَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ، والسَّلَفُ أَيضاً: مَنْ تقدَّمَك مِنْ آبَائِكَ وَذَوِي قَرابَتِك الَّذِينَ هُمْ فوقَك فِي السنِّ والفَضْل، وَاحِدُهُمْ سَالِفٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طُفيل الغَنَوي يَرْثي قَوْمَهُ:
مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السبيلِ عليهمُ، ... وصَرْفُ المَنايا بالرِّجال تَقَلَّبُ
أَراد أَنهم تَقَدَّمُونَا وقصدُ سَبيلِنا عَلَيْهِمْ أَي نَمَوْتُ كَمَا مَاتُوا فَنَكُونُ سَلَفاً لِمَنْ بَعْدَنَا كَمَا كَانُوا سَلَفًا لَنَا. وَفِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ:
وَاجْعَلْهُ سَلَفاً لَنَا
؛ قِيلَ: هُوَ مِنْ سَلَفِ الْمَالِ كأَنه قَدْ أَسْلَفَه وَجَعَلَهُ ثَمَنًا للأَجر وَالثَّوَابِ الَّذِي يُجازى عَلَى الصَّبْرِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: سَلَفُ الإِنسان مَن تقدَّمه بِالْمَوْتِ مِنْ آبَائِهِ وَذَوِي قَرابته، وَلِهَذَا سُمِّيَ الصدْر الأَول مِنَ التَّابِعِينَ السَّلَف الصَّالِحَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثَ
مَذْحِجٍ: نَحْنُ عُبابُ سَلَفِها
أَي مُعْظَمها وَهُمُ الْمَاضُونَ مِنْهَا. وجاءَني سَلَفٌ مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعَةٌ. أَبو زَيْدٍ: جَاءَ الْقَوْمُ سُلْفَةً سُلْفَةً إِذَا جَاءَ بَعْضُهُمْ فِي إِثْر بَعْضٍ. وسُلَّافُ العَسْكر: مُتَقَدِّمتُهم. وسَلَفْتُ الْقَوْمَ وأَنا أَسْلُفُهم سَلَفاً إِذَا تقدَّمْتهم. والسَّالِفَةُ: أَعلى العُنُق، وَقِيلَ: ناحيةُ مُقدَّمِ الْعُنُقِ مِنْ لَدُنْ مُعَلَّقِ القُرْط على قَلْتِ التَّرْقُوَةِ. والسَّالِفُ: أَعلى الْعُنُقِ، وَقِيلَ: هِيَ نَاحِيَتُهُ مِنْ مُعَلَّقِ الْقُرْطِ إِلَى الْحَاقِنَةِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهَا لوَضّاحةُ السَّوالِفِ، جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا سَالِفَةً ثُمَّ جَمَعَ عَلَى هَذَا. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
لأُقاتِلَنَّهم عَلَى أَمْري حَتَّى تَنْفَرد سَالِفَتي
؛ هِيَ صَفْحة الْعُنُقِ، وَهُمَا سَالِفَتَانِ مِنْ جانِبَيه، وكَنى بانْفِرادِها عَنِ الْمَوْتِ لأَنها لَا تَنْفَرِدُ عَمَّا يَلِيهَا إِلَّا بِالْمَوْتِ، وَقِيلَ: أَراد حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَ رأْسي وجَسدي. وسَالِفَةُ الفرَس وَغَيْرِهِ: هادِيتُه أَي مَا تقدَّم مِنْ عُنقه. وسُلافُ الْخَمْرِ وسُلافَتُها: أَوَّل مَا يُعْصَر مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ مَا سَالَ مِنْ غَيْرِ عَصْرٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَوَّلُ مَا يَنْزِلُ مِنْهَا، وَقِيلَ: السُلافَةُ أَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ(9/159)
عُصِر، وَقِيلَ: هُوَ أَوَّل مَا يُرفع مِنَ الزَّبِيبِ، والنَّطْلُ مَا أُعِيدَ عَلَيْهِ الْمَاءُ. التَّهْذِيبِ: السُّلافَةُ مِنَ الْخَمْرِ أَخْلَصُها وأَفْضَلُها، وَذَلِكَ إِذَا تَحَلَّب مِنَ الْعِنَبِ بِلَا عَصْرٍ وَلَا مَرْثٍ، وَكَذَلِكَ مَنَّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ مَا لَمْ يُعَدْ عَلَيْهِ الْمَاءُ بَعْدَ تَحَلُّب أَوَّله. والسلافُ: مَا سَالَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ قَبْلَ أَن يُعْصَرَ، وَيُسَمَّى الْخَمْرُ سُلافاً. وسُلافةُ كلِّ شَيْءٍ عصرْتَه: أَوَّلُه، وَقِيلَ: السلافُ والسلافةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خالِصُه. والسَّلْفُ، بِالتَّسْكِينِ: الجِرابُ الضَخْمُ، وَقِيلَ: هُوَ الْجِرَابُ مَا كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ أَدِيمٌ لَمْ يُحْكَمْ دَبْغُه، وَالْجَمْعُ أَسْلُفٌ وسُلُوفٌ؛ قَالَ بَعْضُ الْهُذَلِيِّينَ:
أَخَذْتُ لَهُمْ سَلْفَيْ حَتِيٍّ وبُرْنُسا، ... وسَحْقَ سَراويلٍ وجَرْدَ شَلِيلِ
أَراد جِرَابَيْ حَتِيٍّ، وَهُوَ سَوِيقُ المُقْلِ. وَفِي حَدِيثِ
عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: وَمَا لَنَا زَادٌ إِلَّا السَّلْفُ مِنَ التَّمْرِ
؛ هُوَ بِسُكُونِ اللَّامِ، الجِرابُ الضخْمُ، وَيُرْوَى: إِلَّا السّفُّ مِنَ التَّمْرِ، وَهُوَ الزَّبيلُ مِنَ الْخُوصِ. والسَّلِفُ: غُرْلةُ الصَّبِيِّ. اللَّيْثُ: تُسَمَّى غُرْلةُ الصَّبِيِّ سُلْفَةً، والسُّلفَةُ: جِلْدٌ رَقِيقٌ يُجْعَلُ بِطانةً للخِفافِ وَرُبَّمَا كَانَ أَحمرَ وأَصفر. وسَهْم سَلُوفٌ: طويلُ النصْلِ. التَّهْذِيبِ: السّلُوفُ مِنْ نِصالِ السِّهامِ مَا طالَ؛ وأَنشد:
شَكَّ سَلاها بِسَلُوفٍ سَنْدَرِيّ
وسَلَفَ الأَرضَ يَسْلُفُها سَلْفاً وأَسْلَفَها: حَوَّلها للزرْعِ وسَوَّاها، والمِسْلَفَةُ: مَا سَوَّاها بِهِ مِنْ حِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: أَرض الْجَنَّةِ مَسْلُوفَةٌ
؛ قَالَ الأَصمعي: هِيَ المستَوية أَو المُسَوَّاةُ، قَالَ: وَهَذِهِ لُغَةُ أَهل الْيَمَنِ وَالطَّائِفِ يَقُولُونَ سَلَفْتُ الأَرضَ أَسْلُفُها سَلْفاً إِذَا سَوَّيتها بالمِسْلَفَةِ، وَهِيَ شَيْءٌ تُسَوَّى بِهِ الأَرضُ، وَيُقَالُ لِلْحَجَرِ الَّذِي تسوَّى بِهِ الأَرضُ مِسْلَفَةٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَحْسَبُه حَجَرًا مُدْمَجاً يُدَحْرَجُ بِهِ عَلَى الأَرض لتَسْتَوي، وأَخرج ابْنُ الأَثير هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ: مَسْلوفَةٌ أَي مَلْساء لَيِّنةٌ نَاعِمَةٌ، وَقَالَ: هَكَذَا أَخرجه الْخَطَّابِيُّ وَالزَّمَخْشَرِيُّ، وأَخرجه أَبو عُبَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ وأَخرجه الأَزهري عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ أَنه أَنشده بَيْتَ سَعْدٍ القَرْقَرَةِ:
نَحْنُ، بِغَرْسِ الوَدِيِّ، أَعْلَمُنا ... مِنَّا بِركْضِ الجِيادِ فِي السُّلَفِ «1»
قَالَ: السُّلَفُ جَمْعُ السُّلْفةِ مِنَ الأَرض وَهِيَ الكَرْدة المُسَوَّاةُ. والسَّلِفانِ والسِّلْفان: مُتَزَوِّجا الأُختين، فَإِمَّا أَن يَكُونَ السَّلِفانِ مُغَيَّراً عَنِ السِّلْفانِ، وَإِمَّا أَن يَكُونَ وَضْعًا؛ قَالَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
مُعاتَبةُ السِّلْفَيْنِ تَحْسُنُ مَرَّةً، ... فإنْ أَدْمَنا إكْثارَها، أَفْسَدَا الحُبَّا
وَالْجَمْعُ أَسْلافٌ، وَقَدْ تَسَالَفَا، وَلَيْسَ فِي النِّسَاءِ سِلْفةٌ إِنَّمَا السِّلْفانِ الرَّجلانِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي، وَقَالَ كُرَاعٌ: السِّلْفَتَان المرأَتان تَحْتَ الأَخَوين. التَّهْذِيبِ: السِّلْفانِ رَجُلَانِ تزوَّجا بأُختين كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا سِلْفُ صَاحِبِهِ، والمرأَة سِلْفةٌ لصاحِبتها إِذَا تزوَّج أَخَوان بامرأَتين. الْجَوْهَرِيُّ:
__________
(1) . ورد هذا البيت في صفحة 147 وفيه السَّدَف بدل السَّلف.(9/160)
وسَلِفُ الرَّجل زوجُ أُخْتِ امرأَته، وَكَذَلِكَ سِلْفه مِثْلَ كَذِبٍ وكِذْبٍ. والسُّلَفُ: وَلَدُ الحَجَلِ؛ وَقِيلَ: فَرْخُ القَطاةِ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ:
كأَنَّ فَدَاءَها، إذْ حَرَّدُوه ... وَطَافُوا حَوْلَهُ، سُلَفٌ يَتِيمُ
وَيُرْوَى: سُلَكٌ يَتِيمُ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي حَرْفِ الْكَافِ، وَالْجَمْعُ سِلْفَانٌ وسُلْفانٌ مِثْلَ صُرَدٍ وصِرْدانٍ، وَقِيلَ: السّلْفانُ ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ فَلَمْ يُعَيَّن. قَالَ أَبو عَمْرٍو: لَمْ نَسْمَعْ سُلَفةً للأُنثى، وَلَوْ قِيلَ سُلَفةٌ كَمَا قِيلَ سُلَكَةٌ لِوَاحِدِ السِّلْكانِ لَكَانَ جيِّداً؛ قَالَ الْقُشَيْرِيُّ:
أُعالِجُ سِلْفاناً صِغاراً تَخالُهُمْ، ... إِذَا دَرَجُوا، بُجْرَ الحَواصِل حُمَّرَا
يُرِيدُ أَولاده، شَبَّهَهُمْ بأَولاد الْحَجَلِ لِصِغَرِهم؛ وَقَالَ آخَرُ:
خَطِفْنَه خَطْفَ القُطامِيِّ السُّلَفْ
غَيْرُهُ: والسُّلَفُ والسُّلَكُ مِنْ أَولاد الحَجل، وَجَمْعُهُ سِلْفانٌ وسِلْكانٌ؛ وَقَوْلُ مُرَّةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اللِّحْيَانِيِّ:
كأَنَّ بَناتِه سِلْفانُ رَخْمٍ، ... حَواصِلُهُنَّ أَمثالُ الزِّقاقِ
قَالَ: وَاحِدُ السِّلْفان سُلَف وَهُوَ الفَرْخُ، قَالَ: وسُلَكٌ وسِلْكانٌ فِراخُ الحَجل. والسُلْفَةُ، بِالضَّمِّ: الطعامُ الَّذِي تَتَعَلَّلُ بِهِ قَبْلَ الغِذاء، وَقَدْ سَلَّفَ القومَ تَسْلِيفاً وسَلَّفَ لَهُمْ، وَهِيَ اللُّهنة يَتَعَجَّلُها الرجلُ قَبْلَ الْغَذَاءِ. والسُّلفةُ: مَا تَدَّخِرُه المرأَةُ لِتُتْحِفَ بِهِ مَن زارَها. والمُسْلِفُ مِنَ النِّسَاءِ: النَّصَفُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي بَلَغَتْ خَمْسًا وأَربعين وَنَحْوَهَا وَهُوَ وصْف خُصّ بِهِ الإِناثُ؛ قَالَ عُمَرُ بنُ أَبي ربيعةَ:
فِيهَا ثَلاثٌ كالدُّمَى ... وكاعِبٌ ومُسْلِفُ
والسَّلَفُ: الفَحْلُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَهَا سَلَفٌ يَعُوذُ بكُلِّ رَيْعٍ، ... حَمَى الحَوْزاتِ واشْتَهَرَ الإِفالا
حَمَى الحَوْزاتِ أَي حَمَى حَوْزاتِه أَي لَا يَدْنُو مِنْهَا فَحْلٌ سِوَاهُ. واشْتَهَرَ الإِفالا: جَاءَ بِهَا تُشبهُه، يَعْنِي بالإِفالِ صِغارَ الإِبل. وسُولاف: اسْمُ بَلَدٍ؛ قَالَ:
لَمَّا الْتَقَوْا بِسُولاف.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قيْس الرُّقيّات:
تَبِيتُ وأَرْضُ السُّوسِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، ... وسُولافُ رُسْتاقٌ حَمَتْه الأَزارِقهْ
غَيْرُهُ: سُولافُ مَوْضِعٌ كَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ بَيْنَ المُهَلَّبِ والأَزارِقةِ؛ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ:
فَإِنْ تَكُ قَتْلَى يومَ سِلَّى تَتابعَتْ، ... فَكَمْ غادَرَتْ أَسْيافُنا مِنْ قَماقِمِ
غَداةَ تَكُرُّ المَشْرَفِيّةُ فِيهِمُ ... بِسُولافَ، يومَ المارِقِ المُتَلاحِمِ
سلحف: الذكَرُ مِنَ السَّلاحِف: الغَيلَمُ، والأُنثى، فِي لُغَةِ بَنِي أَسد: سُلَحْفَاةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: السُّلَحْفَاةُ(9/161)
والسُّلَحْفَاءُ والسُّلَحْفَا والسُّلَحْفِيَةُ والسِّلَحْفَاةُ، بِفَتْحِ اللَّامِ، وَاحِدَةُ السَّلاحِفِ مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ، وَقِيلَ: هِيَ الأُنثى مِنَ الغيالِمِ. الْجَوْهَرِيُّ: سُلَحْفِيَةٌ مُلْحقٌ بِالْخُمَاسِيِّ بأَلف، وَإِنَّمَا صَارَتْ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا مِثَالُ بُلَهْنِيةٍ، والله أَعلم.
سلخف: التَّهْذِيبِ: أَبو تُرَابٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَعراب قيس: الشِّلَّخْفُ والسِّلَّخْفُ المُضْطرِبُ الخَلق.
سلعف: الأَزهري: سَلْعَفْتُ الشيءَ إِذَا ابْتَلَعْتَه. والسِّلَعْفُ والسِّلَّعْفُ: الرجل المضطرب الخلق.
سلغف: سلغَفَ الشيءَ: ابْتَلَعَهُ. والسِّلَّغْفُ: التَّارُّ الحادِرُ؛ وأَنشد:
بِسَلْغَفٍ دَغْفَلٍ يَنْطَحُ الصخْرَ ... برأْس مُزْلَعِبّ
وَبَقَرَةٌ سَلْغَفةُ: تارَّةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَبَقَرَةٌ سَلْغَفٌ.
سنف: السِّنافُ: خَيْطٌ يُشَدُّ مِنْ حَقَبِ البَعير إِلَى تَصْدِيره ثُمَّ يُشَدُّ فِي عُنُقِه إِذا ضَمَرَ، وَالْجَمْعُ سُنُفٌ. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْخَلِيلُ السِّنافُ لِلْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ اللّبَبِ لِلدَّابَّةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ هِميانَ بْنِ قحافَةَ:
أَبْقى السِّنَافُ أَثراً بأَنْهُضِهْ، ... قَريبةٍ نُدْوَتُه مِنْ مَحْمَضِهْ
وسَنَفَ البعيرَ يَسْنُفُه ويَسْنِفُه سَنْفاً وأَسْنَفَه: شدَّه بالسِّنافِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَبى الأَصمعي إِلَّا أَسْنَفْتُ. الأَصمعي: السِّنَافُ حَبْلٌ يُشَدُّ مِنَ التَّصْديرِ إِلَى خَلْفِ الكِرْكِرةِ حَتَّى يَثْبُتَ التصْديرُ فِي موضِعِه. وأَسْنَفْتُ الْبَعِيرَ: جَعَلْتُ لَهُ سِنافاً وَإِنَّمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا خَمُصَ بطنهُ واضْطَرَبَ تصدِيرُه، وَهُوَ الحِزامُ. وَهِيَ إِبِلٌ مُسْنَفاتٌ إِذَا جُعِلَ لَهَا أَسْنِفَةٌ تُجْعَلُ وَرَاءَ كراكِرها. ابْنُ سِيدَهْ: السِّنَاف سَيْرٌ يُجْعَلُ من ورا اللَّبَبِ أَو غيرُ سَيْرٍ لِئَلَّا يَزِلَّ. وَخَيْلٌ مُسْنَفَاتٌ: مُشْرِفاتُ المَناسِج، وَذَلِكَ مَحْمُودٌ فِيهَا لأَنه لَا يَعْتَري إِلَّا خِيارَها وكِرامَها، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنَّ السُّروجَ تتأَخَّر عَنْ ظُهورها فيُجْعل لَهَا ذَلِكَ السِّنَافُ لتَثْبُتَ بِهِ السُّروج. والسَّنِيف: ثَوْبٌ يُشدُّ عَلَى كَتف الْبَعِيرِ، وَالْجَمْعُ سُنُفٌ. أَبو عَمْرٍو: السُّنُفُ ثِيَابٌ تُوضَعُ عَلَى أَكْتاف الإِبل مثلُ الأَشِلَّةِ عَلَى مآخِيرها. وَبَعِيرٌ مِسْنَافٌ: يؤخِّر الرَّحْلَ فيُجْعل لَهُ سِنَافٌ، وَالْجُمَعُ مَسَانِيفُ. وَنَاقَةٌ مِسْنَافٌ ومُسْنِفَةٌ: مُتقدِّمة فِي السَّيْرِ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ. التهذيب: المُسْنِفَاتُ، بِكَسْرِ النُّونِ، المُتقدِّمات فِي سَيْرِهَا؛ وَقَدْ أَسْنَفَ البعيرُ إِذَا تَقَدَّمَ أَو قدَّم عُنُقه لِلسَّيْرِ؛ وَقَالَ كثيِّر فِي تَقْدِيمِ الْبَعِيرِ زِمَامَهُ:
ومُسْنِفَة فَضْلَ الزِّمام، إِذَا انْتَحى ... بِهِزَّةِ هَادِيهَا عَلَى السَّوْمِ بازِل
وَفُرْسٌ مُسْنِفةٌ إِذَا كَانَتْ تَتَقَدَّمُ الخيلَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ كُلْثُوم:
إِذَا مَا عَيَّ بالإِسْنَاف حَيٌّ ... عَلَى الأَمْر المُشَبّه أَن يَكونا
أَي عَيُّوا بالتقدُّم؛ قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ إِذَا مَا عَيَّ بالإِسْناف أَن يَدْهَش فَلَا يَدْري أَينَ يُشَدُّ السِّنافُ بِشَيْءٍ هُوَ بَاطِلٌ، إِنَّمَا قَالَهُ اللَّيْثُ. الْجَوْهَرِيُّ: أَسْنَفَ الفَرَسُ أَي تقدَّمَ الخيلَ، فَإِذَا سَمِعْتَ فِي الشِّعْرِ مُسْنِفةً، بِكَسْرِ النُّونِ، فَهِيَ مِنْ هَذَا، وَهِيَ الْفَرَسُ تتقدَّم الْخَيْلَ فِي(9/162)
سَيْرِهَا، وَإِذَا سَمِعْتَ مُسْنَفَةً، بِفَتْحِ النُّونِ، فَهِيَ النَّاقَةُ مِنَ السِّنَاف أَي شُدَّ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَرُبَّمَا قَالُوا أَسْنَفُوا أَمْرَهم أَي أَحْكَمُوه، وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ مِنْ هَذَا. قَالَ: وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ لِمَنْ تَحَيَّر فِي أَمره: عَيَّ بالإِسْنَاف. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ: فَإِذَا سَمِعْتَ فِي الشِّعْرِ مُسْنِفة، بِكَسْرِ النُّونِ، فَهُوَ مِنْ هَذَا، قَالَ: قَالَ ثَعْلَبٌ المَسانيفُ المتقدِّمة؛ وأَنشد:
قَدْ قُلْتُ يَوْمًا للغُرابِ، إذ حَجَلْ: ... عليكَ بالإِبْلِ المَسانيفِ الأُوَلْ
قَالَ: والمُسنِفُ المتقدِّمُ، والمُسْنَفُ: الْمَشْدُودُ بالسِّنَافِ؛ وأَنشد الأَعشى فِي الْمُتَقَدِّمِ أَيضاً:
وَمَا خِلْت أَبْقى بَيْنَنَا مِنْ مَوَدَّةٍ ... عِراض المَذاكي المُسْنَفَات القَلائصا
ابْنُ شُمَيْلٍ: المِسْنَافُ مِنَ الإِبل الَّتِي تُقَدِّم الحِمْلَ، قَالَ: وَالْمِجْنَاةُ الَّتِي تؤخِّر الْحِمْلَ، وعُرِضَ عَلَيْهِ قولُ اللَّيْثِ فأَنكره. وَنَاقَةٌ مُسْنِفٌ ومِسْنَافٌ: ضامِرٌ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو. وأَسْنَفَ الأَمْرَ: أَحْكَمَه. والسِّنْفُ، بِالْكَسْرِ: ورَقةُ المَرْخِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: السَّنْفُ الورقةُ، وَقِيلَ: وِعَاءُ ثَمَرِ المَرْخِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
تُقَلْقِلُ منْ ضَغْمِ اللِّجامِ لَهاتَها، ... تَقَلْقُلُ سِنْفِ المَرْخِ فِي جَعْبةٍ صِفْرِ
وَالْجَمْعُ سِنَفةٌ وَتُشَبَّهُ بِهِ آذانُ الْخَيْلِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي السَنْفِ وِعاء ثَمَرِ الْمَرْخِ، قَالَ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ أَهل الْمَعْرِفَةِ بالمَرْخ، قَالَ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ لَيْسَ للمَرْخِ وَرَقٌ وَلَا شَوْك وَإِنَّمَا لَهُ قُضْبان دِقَاقٌ تَنْبُتُ فِي شُعَب، وأَما السِّنفُ فَهُوَ وِعَاءُ ثَمَرِ الْمَرْخِ لَا غَيْرَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَهل اللُّغَةِ، وَالَّذِي حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو مِنْ أَن السَّنْفَ وَرَقَةُ الْمَرْخِ مَرْدُودٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ؛ وَقَالَ فِي الْبَيْتُ الَّذِي أَنشده ابْنُ سِيدَهْ بِكَمَالِهِ وأَورد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَهُ وَنَسَبَاهُ لِابْنِ مُقْبِلٍ وَهُوَ:
تَقَلْقُلَ سِنْفِ المَرْخِ فِي جَعْبةٍ صِفْرِ
هَكَذَا هُوَ فِي شِعْرِ الجَعْدِيِّ، قَالَ: وَكَذَا هِيَ الرِّوَايَةُ فِيهِ عُودِ الْمَرْخِ؛ قَالَ: وأَما السِّنْفُ فَفِي بَيْتِ ابْنِ مُقْبِلٍ وَهُوَ:
يُرْخي العِذارَ، وَلَوْ طالَتْ قبائلُه ... عَنْ حَشْرةٍ مِثلِ سِنْفِ المَرْخةِ الصِّفْرِ
الحَشْرةُ: الأُذُنُ اللَّطِيفَةُ المُحَدَّدةُ: قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السِّنْفَةُ وِعاء كُلِّ ثَمَرٍ، مُسْتَطِيلًا كَانَ أَو مُسْتَدِيرًا، وَجَمْعُهَا سِنْفٌ وَجَمْعُ السِّنْفِ سِنَفَةٌ وَيُقَالُ لأَكِمَّةِ الباقِلاء واللُّوبياء والعَدَس وَمَا أَشبهها: سُنُوفٌ، وَاحِدُهَا سِنْفٌ. والسِّنْفُ: العُود المُجَرَّدُ مِنَ الْوَرَقِ. والمَسَانِفُ: السِّنُونَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَعني بالسنينَ السِّنِينَ الْمُجْدِبَةَ كأَنهم شنَّعُوها فَجَمَعُوهَا؛ قَالَ القُطامي:
ونَحْنُ نَرُودُ الخَيْلَ، وَسْطَ بُيوتِنا، ... ويُغْبَقْنَ مَحْضاً، وَهِيَ مَحْلٌ مَسانِفُ
الْوَاحِدَةُ مُسْنِفةٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وأَسْنَفَتِ الرِّيحُ: سافَتِ الترابَ.
سنحف: السَّنْحَفُ: العظيمُ الطويلُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: إنَّك لَسِنَّحْفٌ
أَي عَظِيمٌ طَوِيلٌ، والسِّنْحَافُ مِثْلُهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي السِّينِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِي كِتَابِ الْجَوْهَرِيِّ وأَبي مُوسَى بِالشِّينِ وَالْخَاءِ المعجمتين. وسيأْتي ذكره.(9/163)
سنهف: سَنْهفٌ: اسم.
سهف: السَّهَفُ والسُّهافُ: شِدَّةُ العَطَش، سَهِفَ سَهَفاً، وَرَجُلٌ سَاهِفٌ ومَسْهُوفٌ: عَطْشَانُ. وَرَجُلٌ سَاهِفٌ وسافِهٌ: شديدُ العطَشِ. وناقةٌ مِسْهافٌ: سَرِيعَةُ الْعَطَشِ. والسَّهْفُ: تَشَحُّط الْقَتِيلِ فِي نَزْعِه واضْطِرابُه؛ قَالَ الهُذَليّ:
مَاذَا هنالِكَ مِنْ أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ، ... وسَاهِفٍ ثَمِلٍ فِي صَعْدَةٍ قَصِمِ؟
وسَهَفَ القتيلُ سَهْفاً: اضْطَرَب. وسَهَفَ الدُّبُّ سَهِيفاً: صَاحَ. وسَهَفَ الإِنسان سَهَفاً: عَطِشَ وَلَمْ يَرْوَ، وَإِذَا كَثُرَ: سُهافاً. والسَّهْفُ: حَرْشَفُ السَّمَكِ خاصَّة. والمَسْهَفَةُ: المَمَرُّ كالمَسْهَكَةِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
بِمَسْهَفَةِ الرِّعاء إِذَا ... هُمُ راحُوا، وَإِنْ نَعَقوا
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ طعامٌ مَسْفَهَةٌ وطعامٌ مَسْهَفَةٌ إِذَا كَانَ يَسْقي الْمَاءَ كَثِيرًا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَرى قَوْلَ الْهُذَلِيِّ وسَاهِفٍ ثَمِلٍ مِنْ هَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي. الأَصمعي: رَجُلٌ سَاهِفٌ إِذَا نُزِفَ فأُغْمِي عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي أَخذه الْعَطَشُ عِنْدَ النَّزْعِ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحه؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هُوَ سَاهِفُ الْوَجْهِ وساهِمُ الْوَجْهِ مُتَغَيِّره؛ وأَنشد لأَبي خِرَاشٍ الهُذَليّ:
وَإِنْ قَدْ تَرى مِنِّي، لِما قَدْ أَصابَني ... مِنَ الحُزْنِ، أَني سَاهِفُ الْوَجْهِ ذُو هَمِ
وسَيْهَف: اسم.
سوف: سَوْفَ: كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا التَّنْفِيسُ والتأْخير؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: سَوْفَ كَلِمَةُ تَنْفِيسٍ فِيمَا لَمْ يَكُنْ بَعْدُ، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ سَوَّفْتُه إِذَا قُلْتَ لَهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّة سَوْفَ أَفْعل؟ وَلَا يُفْصل بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَفعل لأَنها بِمَنْزِلَةِ السِّينِ فِي سيَفْعَل. ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى
، اللَّامُ دَاخِلَةٌ فِيهِ عَلَى الْفِعْلِ لَا عَلَى الْحَرْفِ، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ حَرْفٌ واشتقُّوا مِنْهُ فِعْلًا فَقَالُوا سَوَّفْتُ الرَّجُلَ تَسْوِيفاً، قَالَ: وَهَذَا كَمَا تَرَى مأْخوذ مِنَ الْحَرْفِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ لِابْنِ مُقْبِلٍ:
لَوْ سَاوَفَتْنا بِسَوْف مِنْ تَجَنُّبِها ... سَوْفَ العَيُوفِ لراحَ الرَّكْبُ قَدْ قَنِعُوا
انْتَصَبَ سَوْفَ العَيُوفِ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ الزِّيَادَةِ. وَقَدْ قَالُوا: سَو يَكُونُ، فَحَذَفُوا اللَّامَ، وسَا يَكُونُ، فَحَذَفُوا اللَّامَ وأَبدلوا الْعَيْنَ طَلَبَ الخِفَّةِ، وسَفْ يَكُونُ، فَحَذَفُوا الْعَيْنَ كَمَا حَذَفُوا اللَّامَ. التَّهْذِيبُ: والسَّوْفُ الصَّبْرُ. وَإِنَّهُ لَمُسَوِّفٌ أَي صَبُور؛ وأَنشد الْمُفَضَّلُ:
هَذَا، ورُبَّ مُسَوِّفينَ صَبَحْتُهُمْ ... مِنْ خَمْرِ بابِلَ لَذَّة للشارِبِ
أَبو زَيْدٍ: سَوَّفْت الرَّجُلَ أَمْري تَسْويفاً أَي ملَّكته، وَكَذَلِكَ سَوَّمْته. والتَّسْويف: التأْخير مِنْ قَوْلِكَ سَوْفَ أَفعل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَعَنَ المُّسَوِّفَة مِنَ النِّسَاءِ
وَهِيَ الَّتِي لَا تُجِيبُ زوجَها إِذَا دَعَاهَا إِلَى فِرَاشِهِ وتُدافِعُه فِيمَا يُرِيدُ مِنْهَا وَتَقُولُ سَوْفَ أَفْعَلُ. وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يَقْتاتُ السَّوْفَ أَي يَعِيشُ بالأَماني. والتَسْوِيفُ: المَطْلُ. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: سَوَّفْت الرجلَ أَمري إِذَا ملَّكته أَمرَك وحَكَّمته فِيهِ يَصْنَعُ مَا يَشَاءُ. وسَافَ الشيءَ يَسُوفُه ويَسافُه سَوْفاً وسَاوَفَه(9/164)
واسْتَافَه، كلُّه: شَمَّه؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
إِذَا مَا اسْتافَهُنَّ ضَرَبْنَ مِنْهُ ... مكانَ الرُّمْحِ مِنْ أَنْفِ القَدُوعِ
والاسْتِيافُ: الاشْتِمامُ. ابْنُ الأَعرابي: سَافَ يَسُوفُ سَوْفاً إِذَا شمَّ؛ وأَنشد:
قَالَتْ وَقَدْ سافَ مِجَذَّ المِرْوَدِ
قَالَ: المِرْوَدُ المِيلُ، ومِجَذُّه طرَفُه، وَمَعْنَاهُ أَن الْحَسْنَاءَ إِذَا كَحَلت عَيْنَيْهَا مَسَحَتْ طَرَفَ الْمَيْلِ بِشَفَتَيْهَا لِيَزْدَادَ حُمَّةً أَي سَوَادًا. والمَسَافَة: بُعْدُ المَفازةِ وَالطَّرِيقِ، وأَصله مِنَ الشَّمِّ، وَهُوَ أَن الدَّلِيلَ كَانَ إِذَا ضَلَّ فِي فَلَاةٍ أَخذ التُّرَابَ فَشَمَّهُ فَعَلِمَ أَنه عَلَى هِدْية؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذَا الدليلُ اسْتافَ أَخْلاقَ الطُّرُقْ
ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ حَتَّى سَمَّوُا الْبُعْدَ مَسَافَةً، وَقِيلَ: سُمِّيَ مَسَافَة لأَن الدَّلِيلَ يَسْتَدِلُّ عَلَى الطَّرِيقِ فِي الْفَلَاةِ الْبَعِيدَةِ الطَّرَفَيْنِ بِسَوْفِه تُرابَها لِيَعْلَمَ أَعَلى قَصْدٍ هُوَ أَم عَلَى جَوْرٍ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عَلَى لاحِبٍ لَا يُهْتَدى بِمَنارِه، ... إِذَا سَافَهُ العَوْدُ الدِّيافيُّ جَرْجَرا
وَقَوْلُهُ لَا يُهْتَدى بِمَناره يَقُولُ: لَيْسَ بِهِ مَنار فَيُهْتَدى بِهِ، وَإِذَا سَافَ الجملُ تُرْبَتَه جَرْجَر جَزَعاً مِنْ بُعْده وَقِلَّةِ مَائِهِ. والسَّوْفَةُ والسَّائِفَةُ: أَرض بَيْنَ الرَّمل والجَلَد. قَالَ أَبو زِيَادٍ: السَّائِفَةُ: جانِبٌ مِنَ الرَّمْلِ أَلينُ مَا يَكُونُ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ سَوَائِفُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وتَبْسِم عَنْ أَلْمَى اللِّثاتِ، كأَنه ... ذَرا أُقْحُوانٍ مِنْ أَقاحي السَّوَائِفِ
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ جَبَلَةَ: السَّائِفَة الْحَبْلُ مِنَ الرَّمْلِ. غَيْرُهُ: السَّائِفَة الرَّمْلَةُ الرَّقِيقَةُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ فِراخَ النَّعَامَةِ:
كأَنَّ أَعْنَاقَها كُرَّاثُ سَائِفَةٍ، ... طارَتْ لَفَائِفُه، أَو هَيْشَرٌ سُلُبُ
الهَيْشَرَةُ: شَجَرَةٌ لَهَا ساقٌ وَفِي رأْسها كُعْبُرة شَهْباء، والسُّلُبُ: الَّذِي لَا وَرَقَ عَلَيْهِ، والسَّائِفَة: الشَّطُّ مِنَ السَّنام؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ مِنَ الْوَاوِ لِكَوْنِ الأَلف عَيْنًا. والسَّوافُ والسُّوافُ: الموتُ فِي الناسِ وَالْمَالِ، سَافَ سَوْفاً وأَسَافَه اللَّهُ، وأَسَافَ الرجلُ: وقَع فِي مَالِهِ السَّوَافُ أَي الْمَوْتُ؛ قَالَ طُفَيْل:
فأَبَّلَ واسْتَرْخى بِهِ الخَطْبُ بعد ما ... أَسَافَ. وَلَوْلَا سَعْيُنا لَمْ يُؤَبَّلِ
ابْنُ السِّكِّيتِ: أَسَافَ الرجلُ فَهُوَ مُسِيفٌ إِذَا هلَك مالُه. وَقَدْ سَافَ الْمَالُ نَفْسُه يَسُوفُ إِذَا هلَك. وَيُقَالُ: رَمَاهُ اللَّهُ بالسَّوَاف، كَذَا رَوَاهُ بِفَتْحِ السِّينِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: سَمِعْتُ هِشاماً المَكْفُوفَ يَقُولُ لأَبي عَمْرٍو: إنَّ الأَصمعي يَقُولُ السُّواف، بِالضَّمِّ، وَيَقُولُ: الأَدْواء كُلُّهَا جَاءَتْ بِالضَّمِّ نَحْوُ النُّحازِ والدُّكاعِ والزُّكامِ والقُلابِ والخُمالِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: لَا، هُوَ السَّوافُ، بِالْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ قَالَ عُمارة بْنُ عَقِيل بْنِ بِلَالِ بْنِ جَرِيرٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَرْوِهِ بِالْفَتْحِ غَيْرُ أَبي عَمْرٍو وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وسافَ يَسُوفُ أَي هلَك مَالُهُ. يُقَالُ: أَسافَ حَتَّى مَا يَتَشَكى السُّوافَ إِذَا تعوَّد الحوادثَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ(9/165)
مِنْ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قولُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
فَيَا لَهما مِنْ مُرسَلَيْنِ لِحاجَةٍ ... أَسافا مِنَ المالِ التِّلادِ وأَعْدَما
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للمَرَّارِ شَاهِدًا عَلَى السُّوَافِ مَرَضِ المالِ:
دَعا بالسُّوَافِ لَهُ ظَالِمًا، ... فَذَا العَرْشِ خَيْرَهما أَن يَسُوفَا
أَي احْفَظْ خَيْرهما مِنْ أَن يَسُوف أَي يَهْلِك؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي الأَسود العِجْلي:
لَجَذْتَهُمُ، حَتَّى إِذَا سافَ مالُهُمْ، ... أَتَيْتَهُمُ فِي قابِلٍ تَتَجَدَّفُ
والتَّجَدُّفُ: الافتِقارُ. وَفِي حَدِيثِ
الدُّؤلي: وَقَفَ عَلَيْهِ أَعرابي فَقَالَ: أَكلَني الفَقْرُ ورَدَّني الدهرُ ضَعِيفًا مُسِيفاً
؛ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ مالُه مِنَ السُّوافِ وَهُوَ دَاءٌ يأْخذ الإِبل فَيُهْلِكُها. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تُفْتَحُ سِينُهُ خَارِجًا عَنْ قِياس نَظائِره، وَقِيلَ: هُوَ بِالْفَتْحِ الفَناءُ. أَبو حَنِيفَةَ: السُّوافُ مَرَضُ المالِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: مَرَضُ الإِبل، قَالَ: والسَّوَافُ، بِفَتْحِ السِّينِ، الفَناء. وأَسَافَ الخارِزُ يُسِيفُ إِسَافَةً أَي أَثْأَى فانْخَرَمَتِ الخُرْزَتانِ. وأَسَافَ الخَرَزَ: خَرمَه؛ قَالَ الراعي:
مَزَائِدُ خَرْقاء اليَدَيْنِ مُسِيفَةٍ، ... أَخَبَّ بِهِنَّ المُخْلِفانِ وأَحْفَدا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا وَجَدْنَاهُ بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ مَزَائِدُ، مَهْمُوزٌ. وَإِنَّهَا لَمُسَاوِفَةُ السَّيْر أَي مُطِيقَتُه. والسَافُ فِي الْبِنَاءِ: كلُّ صَفٍّ مِنَ اللَّبِن؛ يُقَالُ: سَافٌ مِنَ الْبِنَاءِ وسَافَانِ وَثَلَاثَةُ آسُف وَهِيَ السُّفُوفُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: السَّافُ مَا بَيْنَ سَافَاتِ الْبِنَاءِ، أَلفه وَاوٌ فِي الأَصل، وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ سَطْر مِنَ اللَّبِن وَالطِّينِ فِي الجدارِ سَافٌ ومِدْماكٌ. الْجَوْهَرِيُّ: السَّافُ كلُّ عَرَقٍ مِنَ الْحَائِطِ. والسَّافُ: طَائِرٌ يَصِيدُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَضينا عَلَى مَجْهُولِ هَذَا الْبَابِ بِالْوَاوِ لِكَوْنِهَا عَيْنًا. والأَسْوَافُ: مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ بِعَيْنِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اصْطَدْتُ نُهَساً بالأَسْوافِ.
ابْنُ الأَثير: هُوَ اسْمٌ لحَرَمِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَرَّمه سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والنُّهَسُ: طَائِرٌ يُشْبِهُ الصُّرَدَ، مَذْكُورٌ في موضعه.
سيف: السَّيْفُ: الَّذِي يُضربُ بِهِ مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ أَسْيَافٌ وسُيُوفٌ وأَسْيُفٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد الأَزهري فِي جَمْعِ أَسْيُفٍ:
كأَنهم أَسْيُفٌ بِيضٌ يَمانِيةٌ، ... عَضْبٌ مَضارِبُها باقٍ بِهَا الأُثُرُ
واسْتَافَ القومُ وتَسايَفُوا: تَضَارَبُوا بِالسُّيُوفِ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: اسْتَافُوا تَناولوا السُّيوفَ كَقَوْلِكَ امْتَشَنُوا سُيُوفَهم وامْتَخَطوها، قَالَ: فأَما تَفْسِيرُ أَهل اللُّغَةِ أَنَّ اسْتَافَ القومُ فِي مَعْنَى تَسايَفُوا فَتَفْسِيرُهُ عَلَى الْمَعْنَى كَعَادَتِهِمْ فِي أَمثال ذَلِكَ، أَلا تَرَاهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: مِنْ ماءٍ دافِقٍ، إِنَّهُ بِمَعْنَى مَدْفُوق؟ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَهَذَا لَعَمْرِي مَعْنَاهُ غَيْرَ أَن طَرِيقَ الصَّنْعة فِيهِ أَنه ذُو دَفْق كَمَا حَكَاهُ الأَصمعي عَنْهُمْ، مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ ضَارِبٌ إِذَا ضُرِبَت، وَتَفْسِيرُهُ أَنها ذاتُ ضَرْب أَي ضُربت، وَكَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، أَي لَا ذَا عِصْمة، وَذُو الْعِصْمَةِ يَكُونُ مَفْعُولًا فَمِنْ هُنَا قِيلَ: إِنَّ مَعْنَاهُ لَا مَعْصُومَ.(9/166)
وَيُقَالُ لِجَمَاعَةِ السُّيوف: مَسْيَفَةٌ، وَمِثْلُهُ مَشْيَخَةٌ. الْكِسَائِيُّ: المُسِيفُ المُتَقَلِّدُ بِالسَّيْفِ فَإِذَا ضَرَبَ بِهِ فَهُوَ سَائِفٌ، وَقَدْ سِفْتُ الرَّجُلَ أَسِيفه. الْفَرَّاءُ: سِفْتُه ورَمَحْتُه. الْجَوْهَرِيُّ: سافَه يَسِيفُه ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ. وَرَجُلٌ سائفٌ أَي ذُو سَيْف، وسَيَّافٌ أَي صاحبُ سَيْفٍ، وَالْجَمْعُ سَيَّافَةٌ. والمُسِيفُ: الَّذِي عَلَيْهِ السَّيْفُ. والمُسايَفَةُ: المُجالَدَةُ. وَرِيحٌ مِسْيَافٌ: تَقْطَعُ كالسَّيْفِ؛ قَالَ:
أَلا مَنْ لِقَبْرٍ لَا تَزَالُ تَهُجُّهُ ... شَمالٌ، ومِسْياف العَشِيِّ جَنُوب؟
وبُرْد مُسَيَّفٌ: فِيهِ كصُوَر السُّيُوفِ. وَرَجُلٌ سَيْفَانٌ: طَوِيلٌ مَمْشُوقٌ كالسَّيْفِ، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: ضامرُ الْبَطْنِ، والأَنثى سَيْفَانَةٌ. اللَّيْثُ: جاريةٌ سَيْفانةٌ وَهِيَ الشِّطْبَةُ كأَنها نَصْل سَيْفٍ، قَالَ: وَلَا يُوصَفُ بِهِ الرَّجُلُ. والسَّيْفُ، بِفَتْحِ السِّينِ: سَيْبُ الفَرَس. والسِّيفُ: مَا كَانَ مُلْتَزِقاً بأُصول السَّعَفِ كاللِّيف وَلَيْسَ بِهِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا الْحَرْفُ نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابٍ مِنْ غَيْرِ سَماعٍ. ابْنُ سِيدَهْ: والسِّيفُ مَا لزِقَ بأُصول السَّعَفِ مِنْ خِلال اللِّيفِ وَهُوَ أَرْدَؤُه وأَخْشَنُه وأَجْفاه، وَقَدْ سَيِفَ سَيَفاً وانْسَافَ، التَّهْذِيبُ: وَقَدْ سَيِفَتِ النخلةُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ أَذْنابَ اللِّقاحِ:
كأَنَّما اجْتُثَّ عَلَى حلابِها ... نَخْلُ جُؤاثَى نِيل مِنْ أَرْطابِها،
والسِّيفُ واللِّيفُ عَلَى هُدّابِها
والسِّيفُ: سَاحِلُ الْبَحْرِ، وَالْجَمْعُ أَسْيَاف. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ: أَسَافَ القومُ أَتوا السِّيفَ، ابْنُ الأَعرابي: الْمَوْضِعُ النَّقِيُّ مِنَ الْمَاءِ، وَمِنْهُ قِيلَ: دِرْهَمٌ مُسَيَّفٌ إِذَا كَانَتْ لَهُ جوانبُ نَقِيَّة مِنَ النَّقْشِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فأَتينا سِيفَ الْبَحْرِ
أَي سَاحِلَهُ. والسِّيفُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَلَقَدْ يَعْلَمُ صَحْبي كُلُّهُمْ، ... بِعَدانِ السِّيفِ، صَبري ونَقَلْ
وأَسَفْتُ الخَرَزَ أَي خَرمْتُه؛ قال الراعي:
مَزائِدُ خَرْقاء اليَدَيْنِ مُسِيفَةٍ، ... أَخَبَّ بِهِنَّ المُخْلِفانِ وأَحْفَدا
وَقَدْ تقدَّم فِي سَوْفَ أَيضاً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَفْسِيرِ الْبَيْتِ: أَي حَمَلَهُمَا عَلَى الإِسراع، ومزائدُ: كَانَ قياسُها مَزاوِدَ لأَنها جَمْعُ مَزادة، وَلَكِنْ جَاءَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِفَعَالَةَ، وَمِثْلُهُ مَعائش فِيمَنْ هَمَزَهَا. ابْنُ بَرِّيٍّ: والمُسِيفُ الْفَقِيرُ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ للقِيطِ بْنِ زُرَارَةَ:
فأَقْسَمْتُ لَا تأتِيكَ مِني خُفارَةٌ ... عَلَى الكُثْرِ، إنْ لاقَيْتَني، ومُسِيفَا
والسائِفَةُ مِنَ الأَرض: بَيْنَ الجَلَد والرَّمل. والسَّائِفَة: اسم رمل.
فصل الشين المعجمة
شأف: شَئِفَ صدرُه عليَّ شَأَفاً: غَمِرَ. والشَّأْفَةُ: قَرْحةٌ تَخْرُجُ فِي القَدم، وَقِيلَ: فِي أَسْفل الْقَدَمِ، وَقِيلَ: هُوَ ورَمٌ يَخْرُجُ فِي الْيَدِ وَالْقَدَمِ مِنْ عُود يَدْخُلُ فِي البَخَصة أَو بَاطِنِ الْكَفِّ فَيَبْقَى فِي جَوْفِهَا فَيَرِمُ الْمَوْضِعُ ويعظُم. وَفِي الدُّعاء:
استأْصَل اللهُ شَأْفَتَهُم
، وذلك أَنَّ الشَّأْفَةَ تُكْوَى فَتَذْهَبُ فَيُقَالُ: أَذهبهم اللَّهُ كَمَا أَذهب ذَلِكَ. وَقِيلَ:(9/167)
شَأْفَةُ الرَّجُلِ أَهلُه ومالُه. وَيُقَالُ: شَئِفَتْ رجلُه شَأَفاً مِثَالُ تَعِبَ تَعَباً إِذَا خَرَجَتْ بِهَا الشَّأْفَةُ فيُكْوَى ذَلِكَ الدَّاء فَيَذْهَبُ، فَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ: أَذهبك اللَّهُ كَمَا أَذهب ذَلِكَ الدَّاءَ بالكَيّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَرجَتْ بآدمَ شَأْفَةٌ في رجله
، قَالَ: والشَّأْفَةُ جَاءَتْ بِالْهَمْزِ وغير الهمز، وهي قَرْحة تَخْرُجُ بِبَاطِنِ الْقَدَمِ فتُقْطَع أَو تُكْوَى فَتَذْهَبُ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنه قُطِعَت رجلُه مِنْ شَأْفَةٍ بِهَا
؛ الهُجَيْمِيُّ: الشَّأْفَةُ الأَصلُ. واسْتأْصَل اللَّهُ شَأْفَته أَي أَصلَه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: قَالَ لَهُ أَصحابُه لَقَدِ استأْصَلْنا شَأْفَتَهم
، يَعْنِي الخوارِجَ. والشَّأْفَةُ: العداوةُ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلَمْ نَفْتأْ كَذَلِكَ كلَّ يومٍ، ... لِشَأْفَةِ واغِرٍ، مُسْتَأْصِلِينا
وَفِي التَّهْذِيبِ: اسْتأْصَلَ اللَّهُ شَأْفَتَه إِذَا حَسَمَ الأَمرَ مِنْ أَصله. وشَئِفَ الرَّجلُ «2» إِذَا خِفْتَ حِينَ تَرَاهُ أَن تُصيبه بِعَيْنٍ أَو تَدُلّ عَلَيْهِ مَن يَكْرَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: شَئِفْت مِنْ فُلَانٍ «3» شَأْفاً، بِالتَّسْكِينِ، إِذَا أَبْغَضْتَه. ابْنُ سِيدَهْ: وشَئِفَتْ يَدُهُ شَأْفاً شَعِثَ مَا حولَ أَظْفارِها وتَشَقَّق؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ تشقُّق يَكُونُ فِي الأَظفار. أَبو زَيْدٍ: شَئِفَت أَصابعه شَأْفاً إِذَا تَشَقَّقَتْ. ابْنُ الأَعرابي: شَئِفَتْ أَصابعُه وسَئِفَتْ وسَعِفَت بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ التشعُّثُ حَوْلَ الأَظفار والشُّقاقُ. واسْتَشْأَفَت الْقَرْحَةُ: خَبُثَتْ وعَظُمَت وَصَارَ لَهَا أَصل. وَرَجُلٌ شَأَفَةٌ: عزيزٌ مَنِيعٌ. وشُئِفَ شَأْفاً: فَزِعَ. أَبو عُبَيْدٍ: شُئِفَ فُلَانٌ شَأْفاً، فهو مَشْؤُوف، مِثْلُ جُئِثَ وزُئِدَ إِذَا فَزِعَ وذُعِرَ. والشَّآفَةُ: العداوةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد أَبو الْعَبَّاسِ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي نَهْشَل بْنِ دَارِمٍ:
إِذَا مَولاكَ كَانَ عليكَ عَوْناً، ... أَتاكَ القومُ بالعَجَبِ العَجِيبِ
فَلَا تَخْتَعْ عَلَيْهِ وَلَا تُرِدْه، ... ورامِ بِرأْسِه عُرْضَ الجَنُوبِ
وَمَا لِشَآفةٍ فِي غَيْرِ شَيءٍ، ... إِذَا وَلَّى صَديقُكَ. مِنْ طَبِيبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ شَآفَةً وشَأَفاً أَيضاً، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، قَالَ: وَكَذَا قَالَ الْقَالِي فِي كِتَابِهِ الْبَارِعِ. وَفِي الأَفعال: شَئِفْتُ الرَّجُلَ شَآفَةً، بِالْمَدِّ، أَبغضْته، وَقَلْبٌ شَئِفٌ؛ وأَنشد:
يَا أَيُّها الجاهلُ، أَلَّا تَنْصَرِفْ، ... وَلَمْ تُداوِ قَرْحَةَ القلبِ الشَّئِفْ
أَبو زَيْدٍ: شَئِفْت لَهُ شأْفاً إِذَا أَبغضْته.
شحف: الشَّحْفُ: قَشْرُ الجِلد، يمانية.
شخف: الشِّخافُ: اللبنُ، حِمْيَرِيّةٌ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الشَّخْفُ صَوْتُ اللبَن عِنْدَ الحَلْب، يُقَالُ: سَمِعْتُ لَهُ شَخْفاً؛ وأَنشد:
كأَنَّ صوتَ شَخْبِها ذِي الشَّخْفِ ... كشِيشُ أَفْعَى فِي يَبِيسِ قُفِ
قَالَ: وَبِهِ سُمِّي اللَبن شِخَافاً.
شدف: الشُّدْفَةُ: القِطْعة مِنَ الشَّيْءِ. وشَدَفَه يَشْدِفُه شَدْفاً: قَطَعه شُدْفةً شُدْفَة. والشَّدْفةُ
__________
(2) . قوله [وشَئِفَ الرجل إلخ] كذا بالأصل، وعبارة القاموس وشرحه: أو شَئِفته خفت أن يصيبني بعين أو دللت عليه من يكره، قاله ابن الأَعرابي.
(3) . قوله [الْجَوْهَرِيُّ شَئِفْتَ مِنْ فُلَانٍ] كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي فيما بأيدينا من نسخ الجوهري: شئفت فلاناً.(9/168)