وَسْط بِطاحِ مَكَّةَ الإِرَاضِ، ... فِي كلِّ وادٍ واسعِ المُفاضِ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الإِرَاضُ العِرَاضُ، يُقَالُ: أَرْضٌ أَريضةٌ أَي عَريضة. وَقَالَ أَبو الْبَيْدَاءِ: أَرْض وأُرْض وإِرض وَمَا أَكْثَرَ أُرُوضَ بَنِي فُلَانٍ، وَيُقَالُ: أَرْضٌ وأَرَضُون وأَرَضات وأَرْضُون. وأَرْضٌ أَرِيضةٌ لِلنَّبَاتِ: خَلِيقة، وإِنها لَذَاتُ إِراضٍ. وَيُقَالُ: مَا آرَضَ هَذَا المكانَ أَي مَا أَكْثَرَ عُشْبَه. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا آرَضَ هَذِهِ الأَرضَ أَي مَا أَسْهَلَها وأَنْبَتَها وأَطْيَبَها؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وإِنها لأَرِيضةٌ لِلنَّبْتِ وإِنها لَذَاتُ أَرَاضةٍ أَي خَلِيقَةٍ لِلنَّبْتِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَرِضَتِ الأَرْضُ تأْرَضُ أَرَضاً إِذا خَصِبَت وزَكا نباتُها. وأَرْضٌ أَرِيضةٌ أَي مُعْجِبة. وَيُقَالُ: نَزَلْنَا أَرْضاً أَرِيضةً أَي مُعْجِبةً للعَينِ، وشيءٌ عَرِيضٌ أَرِيضٌ: إِتباع لَهُ وَبَعْضُهُمْ يُفْرِدُهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
عَريض أَرِيض باتَ يَيْعِرُ حَوْلَه، ... وباتَ يُسَقِّينا بُطونَ الثَّعالِبِ
وَتَقُولُ: جَدْيٌ أَرِيضٌ أَي سَمِينٌ. وَرَجُلٌ أَريضٌ بَيِّنُ الأَرَاضةِ: خَلِيقٌ لِلْخَيْرِ مُتَوَاضِعٌ، وَقَدْ أَرُضَ. الأَصمعي: يُقَالُ هُوَ آرَضُهم أَن يَفْعَلَ ذَلِكَ أَي أَخْلَقُهم. وَيُقَالُ: فلانٌ أَرِيضٌ بِكَذَا أَي خَلِيق بِهِ. ورَوْضةٌ أَرِيضةٌ: لَيِّنةُ المَوْطِئِ؛ قَالَ الأَخطل:
وَلَقَدْ شَرِبْتُ الخمرَ فِي حانوتِها، ... وشَرِبْتُها بأَرِيضةٍ مِحْلالِ
وَقَدْ أَرُضَتْ أَراضةً واسْتَأْرَضَت. وامرأَة عَرِيضةٌ أَرِيضةٌ: وَلُودٌ كَامِلَةٌ عَلَى التَّشْبِيهِ بالأَرْض. وأَرْضٌ مأْرُوضَةٌ «6» : أَرِيضةٌ؛ قَالَ:
أَما تَرَى بِكُلِّ عَرْضٍ مُعْرِضِ ... كلَّ رَداحٍ دَوْحَةِ المُحَوَّضِ،
مُؤْرَضة قَدْ ذَهَبَتْ فِي مُؤْرَضِ
التَّهْذِيبُ: المُؤَرِّضُ الَّذِي يَرْعَى كَلأَ الأَرْض؛ وَقَالَ ابْنُ دَالان الطَّائِيُّ:
وهمُ الحُلومُ، إِذا الرَّبيعُ تجَنَّبَتْ، ... وهمُ الرَّبيعُ، إِذا المُؤَرِّضُ أَجْدَبا
والإِرَاضُ: البِسَاط لأَنه يَلي الأَرْضَ. الأَصمعي: الإِرَاضُ، بِالْكَسْرِ، بِسَاطٌ ضخْم مِنْ وَبَرٍ أَو صُوفٍ. وأَرَضَ الرجلُ: أَقام عَلَى الإِرَاضِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ: فَشَرِبُوا حَتَّى آرَضُوا
؛ التَّفْسِيرُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَي شَرِبُوا عَلَلًا بَعْدَ نَهَلٍ حَتَّى رَوُوا، مِنْ أَرَاضَ الْوَادِي إِذا اسْتَنْقَعَ فِيهِ الماءُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: حَتَّى أَراضُوا أَي نامُوا عَلَى الإِرَاضِ، وَهُوَ الْبِسَاطُ، وَقِيلَ: حَتَّى صَبُّوا اللَّبَنَ عَلَى الأَرْض. وفَسِيلٌ مُسْتَأْرِضٌ وَوَديَّةٌ مُسْتَأْرِضة، بِكَسْرِ الرَّاءِ: وَهُوَ أَن يَكُونَ لَهُ عِرْقٌ فِي الأَرْضِ فأَما إِذا نَبَتَ عَلَى جِذْعِ النَّخْلِ فَهُوَ: الراكِبُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يجيءُ المُسْتَأْرِضُ بِمَعْنَى المُتَأَرِّض وَهُوَ المُتَثاقل إِلى الأَرض؛ قَالَ سَاعِدَةُ يَصِفُ سَحَابًا:
مُسْتَأْرِضاً بينَ بَطْنِ اللَّيْثِ أَيْمنُه ... إِلى شَمَنْصِيرَ، غَيْثاً مُرْسلًا مَعَجَا
وتأَرَّضَ المنزلَ: ارْتادَه وتخيَّره لِلنُّزُولِ؛ قَالَ كثير:
__________
(6) . قوله [وأرض مأروضة] زاد شارح القاموس: وكذلك مؤرضة وعليه يظهر الاستشهاد بالبيت.(7/114)
تأَرَّضَ أَخفاف المُناخةِ منهمُ، ... مكانَ الَّتِي قَدْ بُعِّثَتْ فازْلأَمَّتِ
ازْلأَمَّت: ذَهَبَتْ فَمَضَت. وَيُقَالُ: تَرَكْتُ الْحَيَّ يَتَأَرَّضون المنزِلَ أَي يَرْتادُون بَلَدًا يَنْزِلُونَهُ. واسْتَأْرَض السحابُ: انْبَسَطَ، وَقِيلَ: ثَبَتَ وَتَمَكَّنَ وأَرْسَى؛ وأَنشد بَيْتَ سَاعِدَةَ يَصِفُ سَحَابًا:
مستاْرضاً بَيْنَ بَطْنِ اللَّيْثِ أَيمنه
وأَما مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فِي الْجِنَازَةِ:
مِنْ أَهل الأَرض أَم مِنْ أَهل الذِّمة
فإِنه أَي الَّذِينَ أُقِرُّوا بأَرضهم. والأَرَاضةُ: الخِصْبُ وحسنُ الْحَالِ. والأُرْضةُ مِنَ النَّبَاتِ: مَا يَكْفِي الْمَالُ سنَةً؛ رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والأَرَضُ: مَصْدَرُ أَرِضَت القُرْحةُ تأْرَضُ أَرَضاً مِثَالُ تَعِبَ يَتْعَبُ تَعَباً إِذا تفَشَّتْ ومَجِلت فَفَسَدَتْ بالمِدَّة وتقطَّعت. الأَصمعي: إِذا فَسَدَتِ القُرْحة وتقطَّعت قِيلَ أَرِضَت تأْرَضُ أَرَضاً. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا صيامَ إِلّا لِمَنْ أَرَّضَ الصِّيامَ
أَي تقدَّم فِيهِ؛ رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا صيامَ لِمَنْ لَمْ يُؤَرِّضْه مِنَ اللَّيْلِ
أَي لَمْ يُهَيِّئْه وَلَمْ يَنْوِه. وَيُقَالُ: لَا أَرْضَ لَكَ كَمَا يُقَالُ لَا أُمَّ لك.
أضض: الأَضُّ: المشقَّة؛ أَضَّه الأَمرُ يَؤُضُّه أَضّاً: أَحزنه وجَهَدَه. وأَضَّتْنى إِليك الحاجةُ تَؤُضُّني أَضّاً: أَجْهَدَتْني، وتَئِضُّني أَضّاً وإِضَاضاً: أَلْجَأَتْني واضطرتْني. والإِضَاضُ، بِالْكَسْرِ: المَلجأ؛ قَالَ:
لأَنْعَتَنْ نَعامةً مِيفاضا ... خَرْجاءَ، تَغْدُو تطلُبُ الإِضَاضا
أَي تَطْلُبَ مَلْجَأً تلجأُ إِليه. وَقَدِ ائْتَضَّ فلانٌ إِذا بَلَغَ مِنْهُ الْمَشَقَّةُ، وائْتَضَّ إِليه ائْتِضاضاً أَي اضْطُرَّ إِليه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
دايَنْتُ أَرْوَى، والدُّيون تُقْضَى، ... فَمَطَلَتْ بَعْضاً، وأَدَّتْ بَعْضا،
وَهِيَ تَرى ذَا حاجةٍ مُؤْتَضَّا
أَي مُضْطَرًّا مُلْجأً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا تَفْسِيرُ أَبي عُبَيْدٍ، قَالَ: وأَحسن مِنْ ذَلِكَ أَن تَقُولَ أَي لَاجِئًا مُحتاجاً، فَافْهَمْ. وناقةٌ مُؤْتَضَّةٌ إِذا أَخذها كالحُرقة عِنْدَ نِتَاجِهَا فَتَصَلَّقت ظَهْراً لبطنٍ وَوَجَدَتْ إِضاضاً أَي حُرْقةً. والأَضُّ: الْكَسْرُ كالعَضِّ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الجمهرة كالهَضّ.
أمض: أَمِضَ الرجلُ يأْمَض، فَهُوَ أَمِضٌ: عَزَم وَلَمْ يُبالِ المُعاتبةَ بَلْ عَزِيمتُه مَاضِيَةٌ فِي قَلْبِهِ. وأَمِضَ: أَدّى لِسانُه غيرَ مَا يُرِيد. والأَمْضُ: الباطلُ، وَقِيلَ: الشَّكّ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو. وَمِنْ كَلَامِ شِقٍّ: أَي ورَبِّ السماءِ والأَرض، وَمَا بَيْنَهُمَا مِن رَفْعٍ وخَفْض، إِنما أَنبأْتك بِهِ لِحَقٍّ ما فيه أَمْضٌ
أنض: الأَنِيضُ مِنَ اللَّحْمِ: الَّذِي لَمْ يَنْضَج، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الشِّوَاءِ والقَدِيد، وَقَدْ أَنُضَ أَناضةً وآنَضَه هُوَ. أَبو زَيْدٍ: آنَضْتُ اللحمَ إِيناضاً إِذا شَوَيْتَهُ فَلَمْ تُنْضِجْه، والأَنِيضُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ أَنَضَ اللحمُ يأْنِضُ، يالكسر، أَنِيضاً إِذا تَغَيَّرَ. واللحمُ لحمٌ أَنيضٌ: فِيهِ نُهُوءَةٌ؛ وأَنشد لِزُهَيْرٍ فِي لِسَانِ مُتَكَلِّمٍ عَابَهُ وَهَجَاهُ:
يُلَجْلِجُ مُضْغةً فِيهَا أَنِيضٌ ... أَصَلَّتْ، فَهْيَ تَحْتَ الكَشْح داءُ(7/115)
أَي فِيهَا تَغَيُّرٌ؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ فِيهِ:
ومُدَّعَسٍ فِيهِ الأَنِيضُ اخْتَفَيْتُه، ... بِجَرْداءَ يَنْتابُ الثَّمِيلَ حِمارُها
والإِناضُ، بِالْكَسْرِ: حَمْلُ النَّخْلِ المُدْرِك. وأَناضَ النَّخْلَ «1» يُنِيضُ إِناضةً أَي أَيْنَع؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
يَوْمَ أَرزاق مَنْ تُفَضَّلُ عُمٌّ، ... مُوسِقات وحُفَّلٌ أَبْكارُ
فاخِراتٌ ضُرُوعُها فِي ذُراها، ... وأَناضَ العَيْدانُ والجَبّارُ
العُمُّ: الطِّوالُ مِنَ النَّخْلِ، الْوَاحِدَةُ عَمِيمَةٌ. والمُوسِقاتُ: الَّتِي أَوْسَقَت أَي حَمَلَتْ أَوْسُقاً. والحُفَّل: جَمْعُ حافِلٍ، وَهِيَ الْكَثِيرَةُ الْحَمْلِ مُشَبَّهَةٌ بِالنَّاقَةِ الْحَافِلِ وَهِيَ الَّتِي امتلأَ ضَرْعُهَا لَبَناً. والأَبْكارُ: الَّتِي يتعجَّل إِدراك ثَمَرِهَا فِي أَول النَّخْلِ، مأْخوذ مِنَ الباكُورة مِنَ الْفَاكِهَةِ، وَهِيَ الَّتِي تتقدَّم كُلَّ شَيْءٍ. والفاخراتُ: اللَّاتِي يَعْظُم حَملُها. وَالشَّاةُ الْفَخُورُ: الَّتِي عَظُمَ ضَرْعُهَا. والجَبّار مِنَ النَّخْلِ: الَّذِي فاتَ اليَدَ. والعَيْدانُ فَاعِلٌ بأَناضَ، وَالْجَبَّارُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى أَناضَ بلغَ إِناه وَمُنْتَهَاهُ؛ وَيُرْوَى: وإِناضُ العَيْدان، وَمَعْنَاهُ وبالِغُ العَيْدانِ، وَالْجَبَّارُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وإِناضَ.
أيض: آضَ يَئِيضُ أَيضاً: سارَ وعادَ. وآضَ إِلى أَهله: رَجَعَ إِليهم. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَفَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا أَيْضاً مِنْ هَذَا، أَي رَجَعْتُ إِليه وعُدْتُ. وَتَقُولُ: افْعَلْ ذَلِكَ أَيضاً، وَهُوَ مَصْدر آضَ يَئِيضُ أَيضاً أَي رَجَعَ، فإِذا قِيلَ لَكَ: فَعَلْتَ ذَلِكَ أَيضاً، قُلْتَ: أَكثرتَ مِنْ أَيْضٍ ودَعْني مِنْ أَيْضٍ؛ قَالَ اللَّيْثُ: الأَيْضُ صَيْرورةُ الشَّيْءِ شَيْئًا غَيْرَهُ. وآضَ كَذَا أَي صَارَ. يُقَالُ: آضَ سوادُ شَعْرِهِ بَيَاضًا، قَالَ: وَقَوْلُهُمْ أَيْضاً كأَنه مأْخوذ مِنْ آضَ يَئِيضُ أَي عادَ يَعُود، فإِذا قُلْتَ أَيضاً تَقُولُ أَعِد لِي مَا مَضَى؛ قَالَ: وتفسيرُ أَيْضاً زِيادةٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَمُرَةَ فِي الْكُسُوفِ: إِن الشَّمْسَ اسْوَدَّتْ حَتَّى آضَتْ كأَنها تَنُّومة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: آضَتْ أَي صَارَتْ ورَجَعَتْ؛ وأَنشد قَوْلَ كَعْبٍ يَذْكُرُ أَرضاً قَطَعَهَا:
قَطَعت إِذا مَا الآلُ آضَ، كأَنه ... سُيوفٌ تَنَحَّى تَارَةً ثُمَّ تَلْتَقي
وَتَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا أَيضاً.
فصل الباء الموحدة
برض: البارِض: أَول مَا يَظْهَرُ مِنْ نَبْتِ الأَرض وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الجَعْدة والنَّزَعةَ والبُهْمَى والهَلْتَى والقَبْأَةَ وبَنات الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ أَول مَا يُعْرف مِنَ النَّبَاتِ وتَتناوَلُه النَّعَمُ. الأَصمعي: البُهْمَى أَول مَا يَبْدُو مِنْهَا البارِضُ فإِذا تَحَرَّكَ قَلِيلًا فَهُوَ جَمِيم؛ قَالَ لَبِيدٌ:
يَلْمُجُ البارضَ لَمْجاً فِي النَّدى، ... مِن مَرابِيعِ رِياض ورِجَلْ
الْجَوْهَرِيُّ: البارِضُ أَولُ مَا تُخْرِجُ الأَرضُ مِنَ البُهْمَى والهَلْتَى وبِنتِ الأَرض لأَن نِبْتة هَذِهِ الأَشياء واحدةٌ ومَنْبِتها وَاحِدٌ، فَهِيَ مَا دَامَتْ صَغَارًا بارِضٌ، فإِذا طَالَتْ تَبَيَّنَتْ أَجْناسُها. وَيُقَالُ: أَبْرَضَت الأَرضُ إِذا تعاونَ بارِضُها فَكَثُرَ. وفي
__________
(1) . قوله [وأناض النخل إلخ] في شرح القاموس ما نصه: وذكر الجوهري هنا وأَناض النَّخْلَ يُنِيضُ إِنَاضَةً أي أينع، وتبعه صاحب اللسان، وهو غريب فإن أَناض مادته نوض.(7/116)
حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ وَذَكَرَ السَّنةَ المُجدبة: أَيْبَسَت بارِضَ الوَدِيس
؛ البارِضُ: أَول مَا يَبْدُو مِنَ النَّبَاتِ قَبْلَ أَن تُعرف أَنواعُه، والوَدِيسُ مَا: غَطَّى وجهَ الأَرض مِنَ النَّبَاتِ. ابْنُ سِيدَهْ: والبارِضُ مِنَ النَّبَاتِ بَعْدَ البَذْرِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَقَدْ بَرَضَ النباتُ يَبْرُضُ بُروضاً. وتَبرَّضَتِ الأَرضُ: تبيَّن نَبْتُهَا. وَمَكَانٌ مُبْرِضٌ إِذا تعاوَنَ بارِضُه وكَثُرَ. الْجَوْهَرِيُّ: البَرْضُ الْقَلِيلُ وَكَذَلِكَ البُراضُ، بِالضَّمِّ. وماءٌ بَرْضٌ: قليلٌ وَهُوَ خلاف الغَمْر، وَالْجَمْعُ بُرُوضٌ وبِرَاضٌ وأَبْراضٌ. وبَرَضَ يَبْرِضُ ويَبْرُضُ بَرْضاً وبُرُوضاً: قلَّ، وَقِيلَ: خَرَجَ قَلِيلًا قَلِيلًا. وَبِئْرٌ بَرُوضٌ: قَلِيلَةُ الْمَاءِ. وَهُوَ يَتَبَرَّضُ الماءَ: كُلَّمَا اجْتَمَعَ مِنْهُ شَيْءٌ غَرَفَه. وتَبَرَّضْتُ ماءَ الحِسْي إِذا أَخذته قَلِيلًا قَلِيلًا. وثَمْد بَرْضٌ: مَاؤُهُ قَلِيلٌ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
فِي العِدِّ لَمْ يَقْدَحْ ثِماداً بَرْضَا
وبَرَضَ الماءُ مِنَ الْعَيْنِ يَبْرُضُ أَي خَرَجَ وَهُوَ قَلِيلٌ. وبَرَضَ لِي مِنْ مَالِهِ يَبْرُضُ ويَبْرِضُ بَرْضاً أَي أَعطاني مِنْهُ شَيْئًا قَلِيلًا. وتَبَرَّضَ مَا عِنْدَهُ: أَخذ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ شيءٍ. وتبرَّضْت فُلَانًا إِذا أَخذت مِنْهُ الشيءَ بَعْدَ الشَّيْءِ وتبلَّغْت بِهِ. والتَّبَرُّضُ والابْتِراضُ: التبلُّغ فِي الْعَيْشِ بالبُلْغة وتطلُّبه مِنْ هُنَا وَهُنَا قَلِيلًا قَلِيلًا. وتَبَرَّضَ سَمَلَ الحوضِ إِذا كَانَ ماؤُه قَلِيلًا فأَخذته قَلِيلًا قَلِيلًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَفِي حِياضِ المَجْدِ فامْتَلأَتْ بِهِ ... بالرِّيِّ، بَعْدَ تَبَرُّضِ الأَسْمال
والتَّبرُّضُ: التبلُّغُ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْعَيْشِ. وتَبرَّضَ حَاجَتَهُ: أَخذها قَلِيلًا قَلِيلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
ماءٌ قَلِيلٌ يتَبرَّضُه الناسُ تَبَرُّضاً
أَي يأْخذونه قَلِيلًا قَلِيلًا. والبَرْضُ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَقَدْ كنتُ برَّاضاً لَهَا قَبْلَ وَصْلِها، ... فكيفَ وَلَدَّت حَبْلَها بِحِبالِيا؟ «1»
مَعْنَاهُ قَدْ كنت أُنِيلُها الشيءَ بعد الشيءِ قَبْلَ أَن واصلَتْني فَكَيْفَ وَقَدْ عَلِقْتها الْيَوْمَ وعَلِقَتْني؟ ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ مَبْروض ومَضْفُوهٌ ومَطفوهٌ ومَضْفوفٌ ومَحْدود إِذا نَفِد مَا عِنْدَهُ مِنْ كَثْرَةِ عَطَائِهِ. والبُرْضة: مَا تَبرَّضْت مِنَ الْمَاءِ. وبَرَضَ لَهُ يَبْرِضُ ويَبْرُضُ بَرْضاً: قلَّلَ عطاءَه. أَبو زَيْدٍ: إِذا كَانَتِ العطيةُ يَسيرة قُلْتَ بَرَضْت لَهُ أَبْرُضُ وأَبرِضُ بَرْضاً. وَيُقَالُ: إِن الْمَالَ لَيَتَبَرَّضُ النَّبَاتَ تَبرُّضاً، وَذَلِكَ قَبْلَ أَن يطُول وَيَكُونَ فِيهِ شِبَعُ الْمَالِ، فإِذا غَطَّى الأَرض ورَقاً فَهُوَ جَمِيمٌ. والبُرْضةُ: أَرض لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وَهِيَ أَصغر مِنَ البَلُّوقة. والمُبْرِضُ والبَرّاضُ: الَّذِي يأْكل كُلَّ شيءٍ مِنْ مَالِهِ ويُفْسِده. والبَرّاضُ بْنُ قَيْسٍ: الَّذِي هَاجَتْ بِهِ حربُ عُكاظ، وَقِيلَ: هُوَ أَحد فُتّاك الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ مِنْ بُنِيَ كِنَانَةَ، وبِفَتْكِه قَامَ حربُ الفِجَار بَيْنَ بَنِي كِنَانَةَ وَقَيْسِ عَيْلَانَ لأَنه قَتَلَ عُرْوة الرَّحَّالَ الْقَيْسِيَّ؛ وأَما قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فَوادِي البَدِيِّ فانْتَحَى لليَرِيض
فإِن اليَرِيضَ، بِالْيَاءِ قَبْلَ الرَّاءِ، وَهُوَ وَادٍ بِعَيْنِهِ، وَمَنْ رَوَاهُ الْبَرِيضِ، بِالْبَاءِ، فَقَدْ صحَّف، وَاللَّهُ أَعلم.
بضض: بَضَّ الشيءُ: سَالَ. وبَضَّ الحَسْيُ وَهُوَ يَبِضُّ بَضِيضاً إِذا جَعَلَ ماؤُه يَخْرُجُ قَلِيلًا. وَفِي حَدِيثِ تَبُوكَ:
وَالْعَيْنُ تَبِضُّ بِشَيْءٍ من ماء.
وبَضَّت
__________
(1) . قوله: ولدّت حبلها، هكذا في الأَصل.(7/117)
العينُ تَبِضُّ بَضّاً وبَضِيضاً: دَمَعت. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا نُعِتَ بِالصَّبْرِ عَلَى المُصيبة: مَا تَبِضُّ عينُه. وبَضَّ الماءُ يَبِضُّ بَضّاً وبُضُوضاً: سالَ قَلِيلًا قِلِيلًا، وَقِيلَ: رَشَح مِنْ صَخْرٍ أَو أَرْضٍ. وبَضَّ الحجرُ وَنَحْوُهُ يَبِضُّ: نَشَغَ مِنْهُ الْمَاءُ شِبْهَ العَرَق. ومَثَلٌ مِنَ الأَمثال: فلانٌ لَا يَبِضُّ حَجَرُه أَي لَا يُنالُ مِنْهُ خيرٌ، يُضْرَبُ لِلْبَخِيلِ، أَي مَا تَنْدَى صَفاته وَفِي حَدِيثِ
طَهْفة: مَا تَبِضُّ بِبِلالٍ
أَي مَا يَقْطُرُ مِنْهَا لَبَنٌ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: وبَضَّت الحَلَمةُ
أَي دَرَّت حلمةُ الضَّرْعِ بِاللَّبَنِ، وَلَا يُقَالُ بَضَّ السقاءُ وَلَا القِرْبةُ إِنما ذَلِكَ الرَّشْحُ أَو النَّتح، فإِن كَانَ دُهْناً أَو سَمْناً فَهُوَ النَّثّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: يَنِثُّ نَثَّ الحَمِيت.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا يُقَالُ بَضَّ السقاءُ وَلَا القِربةُ؛ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ وَيُنْشِدُ لِرُؤْبَةَ:
فقلتُ قَوْلًا عَرَبِيّاً غَضَّا: ... لَوْ كانَ خَرْزاً فِي الكُلَى مَا بَضّا
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سَقَطَ مِنَ الفَرَس فإِذا هُوَ جالسٌ وعُرْضُ وَجْهِه يَبِضُّ مَاءً أَصْفَرَ.
وَبِئْرٌ بَضُوضٌ: يَخْرُجُ مَاؤُهَا قَلِيلًا قَلِيلًا. والبَضَضُ: الماءُ الْقَلِيلُ. ورَكِيٌّ بَضُوضٌ: قَلِيلَةُ الْمَاءِ، وَقَدْ بَضَّتْ تَبِضُّ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
يَا عُثْمَ أَدْرِكْني، فإِنَّ رَكِيَّتي ... صَلَدَتْ، فأَعْيَتْ أَن تَبِضَّ بِمَائِهَا
قَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي السِّقَاءِ: بُضاضةٌ مِنْ ماءٍ أَي شيءٌ يَسِيرٌ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: الشَّيْطانُ يَجْري فِي الإِحْليل ويَبِضُّ فِي الدُّبُر
أَي يَدبّ فِيهِ فيُخيّل أَنه بَلَلٌ أَو ريحٌ. وتَبَضَّضْت حَقِّي مِنْهُ أَي اسْتَنْظَفْتُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا. وبَضَضْت لَهُ مِنَ الْعَطَاءِ أَبُضُّ بَضًّا: قلَّلْت. وبَضَضْت لَهُ أَبُضُّ بَضًّا إِذا أَعطاه شَيْئًا يَسِيرًا؛ وأَنشد شَمِرٌ:
وَلَمْ تُبْضِض النُّكْدَ للجاشِرِين، ... وأَنْفَدت النملُ مَا تَنْقُل
وَقَالَ رَاوِيهِ: كَذَا أَنشَدَنِيه ابْنُ أَنس، بِضَمِّ التَّاءِ، وَهُمَا لُغَتَانِ، بَضَّ يَبُضُّ وأَبَضَّ يُبِضُّ: قلَّلَ، وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ: وَلَمْ تَبْضُض. الأَصمعي: نَضَّ لَهُ بِشَيْءٍ وبَضَّ لَهُ بِشَيْءٍ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْقَلِيلُ. وامرأَة بَاضَّةٌ وبَضّة وبَضِيضةٌ وبَضاضٌ: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ تارَّة فِي نَصاعةٍ، وَقِيلَ: هِيَ الرَّقِيقَةُ الْجِلْدِ النَّاعِمَةُ إِن كَانَتْ بَيْضَاءَ أَو أَدْماءَ؛ قَالَ:
كُلُّ رَداحٍ بَضّةٍ بَضاضِ
غَيْرُهُ: الْبَضَّةُ المرأَة النَّاعِمَةُ، سَمْرَاءَ كَانَتْ أَوْ بَيْضَاءَ؛ أَبو عَمْرٍو: هي اللَّحِيمة الْبَيْضَاءُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: البَضَّة الرَّقِيقَةُ الْجِلْدِ الظَّاهِرَةُ الدَّمِ، وَقَدْ بَضَّت تَبُضُّ وتَبَضُّ بَضَاضةً وبُضوضةً. اللَّيْثُ: امرأَة بَضَّةٌ تَارَّةٌ نَاعِمَةٌ مُكْتَنِزَةُ اللَّحْمِ فِي نَصاعةِ لَوْنٍ. وبَشَرةٌ بَضَّةٌ: بَضِيضة، وامرأَة بَضَّة بَضَاض. ابْنُ الأَعرابي: بَضَّضَ الرجلُ إِذا تَنَعّم، وغَضَّضَ: صَارَ غَضّاً مُتَنَعِّمًا، وَهِيَ الغُضُوضة. وغَضَّضَ إِذا أَصابته غَضاضةٌ. الأَصمعي: والبَضُّ مِنَ الرِّجَالِ الرَّخْصُ الجسدِ وَلَيْسَ مِنَ الْبَيَاضِ خَاصَّةً وَلَكِنَّهُ مِنَ الرُّخوصة والرَّخاصة، وَكَذَلِكَ المرأَة بَضّة. وَرَجُلٌ بَضٌّ بَيّن البَضاضَةِ والبُضُوضة: ناصعُ الْبَيَاضِ فِي سِمَنٍ؛ قَالَ:
وأَبْيَض بَضّ عَلَيْهِ النُّسورُ، ... وَفِي ضِبْنِه ثَعْلبٌ مُنْكَسِرْ(7/118)
وَرَجُلٌ بَضٌّ أَي رَقِيقُ الْجِلْدِ مُمْتَلِئٌ، وَقَدْ بَضَضْت يَا رَجُلُ وبَضِضْت، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، تَبَضُّ بَضاضةً وبُضوضةً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَلْ يَنْتظرُ أَهلُ بَضاضةِ الشَّبابِ إِلَّا كَذا؟
البَضاضةُ: رِقّة اللَّوْنِ وَصَفَاؤُهُ الَّذِي يُؤَثّر فِيهِ أَدنى شَيْءٍ؛ وَمِنْهُ:
قَدِمَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى مُعاوية وَهُوَ أَبضُّ النَّاسِ
أَي أَرَقُّهم لَوْنًا وأَحسنُهم بَشرة. وَفِي حَدِيثِ
رُقَيقة: أَلا فانْظُروا فِيكُمْ رَجُلًا أَبْيَضَ بَضّاً.
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: تَلْقى أَحدَهم أَبْيَضَ بَضّاً.
ابْنُ شُمَيْلٍ: البَضَّة اللَّبَنةُ الْحَارَّةُ الْحَامِضَةُ، وَهِيَ الصَّقْرة. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: سَقَانِي بَضَّةً وبَضّاً أَي لَبَنًا حَامِضًا. وبَضَّضَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ: حَمَلَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والبَضْباضُ قَالُوا: الكمأَةُ وَلَيْسَتْ بمَحْضة. وبَضَّضَ الجِرْوُ مِثْلُ جَصّص ويضَّضَ وبصّصَ كُلُّهَا لُغَاتٌ. وبَضَّ أَوتارَه إِذا حَرَّكَهَا ليُهَيِّئَها لِلضَّرْبِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ يُقَالُ بَظَّ بَظّاً، بِالظَّاءِ، وَهُوَ تَحْرِيكُ الضَّارِبِ الأَوتارَ ليُهَيِّئها لِلضَّرْبِ، وَقَدْ يُقَالُ بِالضَّادِ، قَالَ: وَالظَّاءُ أَكثر وأَحسن.
بعض: بَعْضُ الشَّيْءِ: طَائِفَةٌ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَبعاض؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي فَلَا أَدري أَهو تسمُّح أَم هُوَ شَيْءٌ رَوَاهُ، وَاسْتَعْمَلَ الزَّجَّاجِيُّ بَعْضًا بالأَلف وَاللَّامِ فَقَالَ: وإِنما قُلْنَا البَعْض وَالْكُلَّ مَجَازًا، وَعَلَى اسْتِعْمَالِ الْجَمَاعَةِ لهُ مُسامحة، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ غير جائر يَعْنِي أَن هَذَا الِاسْمَ لَا يَنْفَصِلُ مِنَ الإِضافة. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قُلْتُ للأَصمعي رأَيت فِي كِتَابِ ابْنِ الْمُقَفَّعِ: العِلْمُ كثيرٌ وَلَكِنْ أَخْذُ البعضِ خيرٌ مِنْ تَرْكِ الْكُلِّ، فأَنكره أَشدَّ الإِنكار وَقَالَ: الأَلف وَاللَّامُ لَا يَدْخُلَانِ فِي بَعْضٍ وَكُلٍّ لأَنهما مَعْرِفَةٌ بِغَيْرِ أَلف ولامٍ. وَفِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وَلَا تَقُولُ الْعَرَبُ الْكُلَّ وَلَا الْبَعْضَ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ النَّاسُ حَتَّى سِيبَوَيْهِ والأَخفش فِي كُتُبهما لِقِلَّةِ عِلْمِهِمَا بِهَذَا النَّحْوِ فاجْتَنِبْ ذَلِكَ فإِنه لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَالَ الأَزهري: النَّحْوِيُّونَ أَجازوا الأَلف وَاللَّامَ فِي بَعْضٍ وَكُلٍّ، وإِنْ أَباهُ الأَصمعيُّ. وَيُقَالُ: جَارِيَةٌ حُسّانةٌ يُشْبِه بعضُها بَعْضاً، وبَعْضٌ مُذَكَّرٌ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا. وبَعّضَ الشَّيْءَ تَبْعِيضاً فتبَعَّضَ: فَرَّقَهُ أَجزاء فَتَفَرَّقَ. وَقِيلَ: بَعْضُ الشَّيْءِ كلُّه؛ قَالَ لبيد:
أَو يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفوسِ حِمامُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي عَلَى مَا ذَهَبَ إِليه أَهل اللُّغَةِ مِنْ أَن البَعْضَ فِي مَعْنَى الْكُلِّ، هَذَا نَقْضٌ وَلَا دَلِيلَ فِي هَذَا الْبَيْتِ لأَنه إِنما عَنَى بِبَعْضِ النُّفُوسِ نَفْسَه. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: أَجمع أَهل النَّحْوِ عَلَى أَن الْبَعْضَ شَيْءٌ مِنْ أَشياء أَو شَيْءٌ مِنْ شَيْءٍ إِلّا هِشَامًا فإِنه زَعَمَ أَن قَوْلَ لَبِيدٍ:
أَو يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا
فَادَّعَى وأَخطأَ أَن البَعْضَ هَاهُنَا جَمْعُ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عَمَلِهِ وإِنما أَرادَ لَبِيدٌ بِبَعْضِ النُّفُوسِ نَفْسَه. وقوله تعالى: تلْتَقِطه بَعْضُ السَّيَّارَةِ، بالتأْنيث فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِ فإِنه أَنث لأَنّ بَعْضَ السَّيَّارَةِ سَيّارةٌ كَقَوْلِهِمْ ذهَبتْ بَعْضُ أَصابعه لأَن بَعْض الأَصابع يَكُونُ أُصبعاً وأُصبعين وأَصابع. قَالَ: وأَما جَزْمُ أَو يَعْتَلِقْ فإِنه رَدَّهُ عَلَى مَعْنَى الْكَلَامِ الأَول، وَمَعْنَاهُ جَزَاءٌ كأَنه قَالَ: وإِن أَخرجْ فِي طَلَبِ الْمَالِ أُصِبْ مَا أَمَّلْت أَو يَعْلَق الموتُ نَفْسِي.(7/119)
وَقَالَ: قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ وَمَا أَجراه عَلَى لِسَانِهِ فِيمَا وَعَظَ بِهِ آلَ فِرْعَوْنَ: إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ
، إِنه كَانَ وَعَدَهم بِشَيْئَيْنِ: عَذَابُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ فَقَالَ: يُصِبْكم هَذَا الْعَذَابُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ بَعْضُ الوَعْدَينِ مِنْ غَيْرِ أَن نَفى عَذَابَ الْآخِرَةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: بَعْضُ الْعَرَبِ يَصِلُ بِبَعْضٍ كَمَا تَصِلُ بِمَا، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ
؛ يُرِيدُ يُصِبْكُمُ الَّذِي يَعِدُكُمْ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ
أَي كلُّ الَّذِي يَعِدُكُمْ أَي إِن يَكُنْ مُوسَى صَادِقًا يُصِبْكُمْ كُلُّ الَّذِي يُنْذِرُكم به ويتوَعّدكم، لَا بَعْضٌ دونَ بَعضٍ لأَن ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الكُهَّان، وأَما الرُّسُلُ فَلَا يُوجد عَلَيْهِمْ وَعْدٌ مَكْذُوبٌ؛ وأَنشد:
فَيَا لَيْتَهُ يُعْفى ويُقرِعُ بَيْنَنَا ... عنِ المَوتِ، أَو عَنْ بَعْض شَكواه مقْرعُ
لَيْسَ يُرِيدُ عَنْ بَعْضِ شَكْوَاهُ دُونَ بَعْضٍ بَلْ يُرِيدُ الْكُلَّ، وبَعْضٌ ضدُّ كلٍّ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يُخَاطِبُ ابْنَتَيْ عَصَر:
لَوْلا الحَياءُ وَلَوْلَا الدِّينُ، عِبْتُكما ... بِبَعْضِ مَا فِيكُما إِذْ عِبْتُما عَوَري
أَراد بِكُلِّ مَا فِيكُمَا فِيمَا يُقَالُ. وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ
: مِنْ لَطِيفِ الْمَسَائِلِ أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذا وَعَدَ وعْداً وَقَعَ الوَعْدُ بأَسْرِه وَلَمْ يَقَعْ بَعْضُه، فَمِنْ أَين جَازَ أَن يَقُولَ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ
وحَقُّ اللَّفْظِ كلُّ الَّذِي يَعِدُكُمْ؟ وَهَذَا بابٌ مِنَ النَّظَرِ يَذْهَبُ فِيهِ الْمُنَاظِرُ إِلى إِلزام حُجَّتِهِ بأَيسر مَا فِي الأَمر. وَلَيْسَ فِي هَذَا مَعْنَى الْكُلِّ وإِنما ذَكَرَ الْبَعْضَ لِيُوجِبَ لَهُ الْكُلَّ لأَن البَعْضَ هُوَ الْكُلُّ؛ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَدْ يُدْرِكُ المُتَأَنّي بَعْضَ حاجتِه، ... وَقَدْ يكونُ مَعَ المسْتَعْجِل الزَّلَلُ
لأَن الْقَائِلَ إِذا قَالَ أَقلُّ مَا يَكُونُ للمتأَني إِدراكُ بَعْضِ الْحَاجَةِ، وأَقلُّ مَا يَكُونُ لِلْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ، فَقَدْ أَبانَ فضلَ المتأَني عَلَى الْمُسْتَعْجِلِ بِمَا لَا يَقْدِرُ الخصمُ أَن يَدْفَعَه، وكأَنّ مؤمنَ آلِ فِرْعَوْنَ قَالَ لَهُمْ: أَقلُّ مَا يَكُونُ فِي صِدْقه أَن يُصِيبَكم بعضُ الَّذِي يَعِدكم، وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ هلاكُكم، فَهَذَا تأْويل قَوْلِهِ يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ
. والبَعُوض: ضَرْبٌ مِنَ الذُّبَابِ مَعْرُوفٌ، الْوَاحِدَةُ بَعُوضة؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ البَقّ، وَقَوْمٌ مَبْعُوضُونَ. والبَعْضُ: مَصْدر بَعَضَه البَعُوضُ يَبْعَضُه بَعْضاً: عَضَّه وَآذَاهُ، وَلَا يُقَالُ فِي غَيْرِ البَعُوض؛ قَالَ يَمْدَحُ رَجُلًا بَاتَ فِي كِلّة:
لَنِعْم البَيْتُ بَيْتُ أَبي دِثارٍ، ... إِذا مَا خافَ بَعْضُ القومَ بَعْضا
قَوْلُهُ بَعْضا: أَي عَضًّا. وأَبو دِثَار: الكِّلة. وبُعِضَ القومُ: آذَاهُمُ البَعُوضُ. وأَبْعَضُوا إِذا كَانَ فِي أَرضهم بَعُوضٌ. وأَرض مَبْعَضة ومَبَقّة أَي كَثِيرَةُ البَعُوضِ والبَقّ، وَهُوَ البَعُوضُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَطِنُّ بَعُوضُ الْمَاءِ فَوْقَ قَذالها، ... كَمَا اصطَخَبَتْ بعدَ النَجِيِّ خُصومُ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كَمَا ذبّبَتْ عَذْراء، وَهِيَ مُشِيحةٌ، ... بَعُوض القُرى عَنْ فارِسيٍّ مُرَفّل(7/120)
مُشيحة: حَذِرة. والمُشِيحُ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ: المُجدُّ؛ وإِذا أَنشد الْهُذَلِيُّ هَذَا الْبَيْتَ أَنشده:
كَمَا ذَبَّبَتْ عَذْرَاءُ غَيْرُ مُشِيحَةٍ
وأَنشد أَبو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَعرابي:
ولَيْلة لَمْ أَدْرِ مَا كَرَاهَا، ... أُسامِرُ البَعُوضَ فِي دُجَاهَا
كُلُّ زجُولٍ يُتَّقَى شَذاها، ... لَا يَطْرَبُ السامعُ مِنْ غِناها
وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ ذكرُ البَعُوض وَهُوَ الْبَقُّ. والبَعُوضة: مَوْضِعٌ كَانَ لِلْعَرَبِ فِيهِ يَوْمٌ مَذْكُورٌ؛ قَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ يَذْكُرُ قَتْلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ:
عَلَى مِثْلِ أَصحابِ الْبَعُوضَةِ فاخْمُشِي، ... لَكِ الويلُ حُرَّ الْوَجْهِ أَو يَبْكِ مَن بَكَى
ورَمْل البَعُوضة: مَعْرُوفَةٌ بِالْبَادِيَةِ.
بغض: البُغْض والبِغْضةُ: نَقِيضُ الْحُبِّ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
وَمِنَ العَوادِي أَنْ تَفُتْك بِبِغْضةٍ، ... وتَقاذُفٍ مِنْهَا، وأَنّكَ ترْقُب
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَسَّرَهُ السُّكَّري فَقَالَ: بِبِغضةٍ بِقَوْمٍ يَبْغَضُونَكَ، فَهُوَ عَلَى هَذَا جَمْعُ كغِلْمة وصِبْية، وَلَوْلَا أَن، الْمَعْهُودَ مِنَ الْعَرَبِ أَن لَا تَتَشَكَّى مِنْ مَحْبُوبٍ بِغْضةً فِي أَشعارها لَقُلْنَا: إِن البِغْضة هُنَا الإِبْغاض، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنه قَدْ عَطَفَ عَلَيْهَا المصدرَ وَهُوَ قَوْلُهُ: وتَقاذُفٍ مِنْهَا، وَمَا هُوَ فِي نِيَّةِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وأَنك تَرْقُب. وبَغُضَ الرجلُ، بِالضَّمِّ، بَغاضةً أَي صارَ بَغِيضاً. وبَغَّضَه اللهُ إِلى النَّاسِ تَبْغِيضاً فأَبْغَضُوه أَي مَقَتُوه. والبَغْضاءُ والبَغاضةُ، جَمِيعًا: شِدَّةُ البغْضِ، وَكَذَلِكَ البِغْضة، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ مَعْقِلُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْهُذَلِيِّ:
أَبا مَعْقلٍ، لَا تُوطِئَنْك بَغاضَتي ... رؤوسَ الأَفاعي مِنْ مَراصِدِها العُرْم
وَقَدْ أَبْغَضه وبَغَضَه؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ وَحْدَهُ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ، أَي الباغِضِين، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَن بَغَضَ عِنْدَهُ لُغَةٌ. قَالَ: وَلَوْلَا أَنها لُغَةٌ عِنْدَهُ لَقَالَ مِنَ المُبْغِضِين. والبَغُوضُ: المُبغِض؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَلَكِنْ بَغُوضٌ أَن يقالَ عَدِيمُ
وَهَذَا أَيضاً مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَن بَغَضْته لُغَةٌ لأَن فَعُولًا إِنما هِيَ فِي الأَكثر عَنْ فاعِلٍ لَا مُفْعِل، وَقِيلَ: البَغيض المُبْغِض والمُبْغَض جَمِيعًا ضدٌّ. والمُباغَضةُ: تَعاطِي البَغْضاء؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يَا رُبَّ مَولًى ساءَني مُباغِضِ، ... عليَّ ذِي ضِغْنٍ وضَبٍّ فارضِ،
لَهُ قروءٌ كقُروء الحائِضِ «2»
والتَّباغُضُ: ضِدُّ التَّحابّ. وَرَجُلٌ بَغِيض وَقَدْ بَغُضَ بَغاضةً وبَغِضَ، فَهُوَ بَغِيضٌ. وَرَجُلٌ مُبَغَّضٌ: يُبْغَضُ كَثِيرًا. وَيُقَالُ: هُوَ مَحْبُوبٌ غَيْرُ مُبَغَّضِ، وَقَدْ بُغِّض إِليه الأَمرُ وَمَا أَبْغَضَه إِليّ، وَلَا يُقَالُ مَا أَبْغَضَني لَهُ وَلَا مَا أَبْغَضَه لِي؛ هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: مَا أَبْغَضَني لَهُ وَمَا أَبْغَضَه إِلي، وَقَالَ: إِذا قُلْتَ مَا أَبْغَضَني لَهُ فإِنما تُخْبِرُ
__________
(2) . قوله [وضب فارض] الضب الحقد، والفارض القديم وقيل العظيم. وقوله له قروء إلخ يَقُولُ: لِعَدَاوَتِهِ أَوْقَاتٌ تَهِيجُ فِيهَا مِثْلَ وَقْتِ الْحَائِضِ.(7/121)
أَنك مُبْغَضٌ لَهُ، وإِذا قُلْتَ مَا أَبْغَضَه إِليّ فإِنما تُخْبِرُ أَنه مُبْغَضٌ عِنْدَكَ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: مِنْ كَلَامِ الْحَشْوِ أَنا أُبْغِض فُلَانًا وَهُوَ يُبْغِضني. وَقَدْ بَغُضَ إِلي أَي صَارَ بَغِيضاً. وأَبْغِضْ بِهِ إِليَّ أَي مَا أَبْغَضَه. الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ مَا أَبْغَضَه لِي شَاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما جَعَلَهُ شَاذًّا لأَنه جَعَلَهُ مِنْ أَبْغَضَ، وَالتَّعَجُّبُ لَا يَكُونُ مِنْ أَفْعَل إِلا بأَشَدّ وَنَحْوَهُ، قَالَ: وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ بَلْ هُوَ مِنْ بَغُضَ فُلَانٌ إِليَّ، قَالَ: وَقَدْ حَكَى أَهل اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ: مَا أَبْغَضَني لَهُ إِذا كنتَ أَنت المُبغِضَ لَهُ، وَمَا أَبْغَضَني إِليه إِذا كَانَ هُوَ المُبْغِضَ لَكَ. وَفِي الدُّعَاءِ:
نَعِمَ اللهُ بِكَ عَيْناً وأَبْغَضَ بِعَدوِّك عَيْناً
وأَهل الْيَمَنِ يَقُولُونَ: بَغُضَ جَدُّك كَمَا يَقُولُونَ عَثَرَ جَدُّك. وبَغِيض: أَبو قَبِيلَةٍ، وَقِيلَ: حَيٌّ مِنْ قَيْسٍ، وَهُوَ بَغِيض بْنُ رَيْث بْنِ غَطفان بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عَيْلان.
بهض: البَهْضُ: مَا شَقَّ عَلَيْكَ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَهِيَ عَرَبِيَّةٌ الْبَتَّةَ. التَّهْذِيبُ: قَالَ أَبو تُرَابٍ سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ أَشْجع يَقُولُ: بَهَضَني هَذَا الأَمر وبَهَظَني، قَالَ: وَلَمْ يُتابِعْه عَلَى ذَلِكَ أَحد.
بوض: ابْنُ الأَعرابي: باضَ يَبُوضُ بَوْضاً إِذا أَقام بِالْمَكَانِ. وباضَ يَبوض بَوْضاً إِذا حَسُنَ وجههُ بَعْدَ كَلَفٍ، وَمِثْلُهْ بَضَّ يَبِضّ، والله أَعلم.
بيض: الْبَيَاضُ: ضِدُّ السَّوَادِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْبَلُهُ غَيْرُهُ. البَيَاضُ: لَوْنُ الأَبْيَض، وَقَدْ قَالُوا بَيَاضٌ وبَياضة كَمَا قَالُوا مَنْزِل ومَنْزِلة، وَحَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي فِي الْمَاءِ أَيضاً، وَجَمْعُ الأَبْيَضِ بِيضٌ، وأَصله بُيْضٌ، بِضَمِّ الْبَاءِ، وإِنما أَبدلوا مِنَ الضَّمَّةِ كَسْرَةً لتصحَّ الْيَاءُ، وَقَدْ أَباضَ وابْيَضَّ؛ فأَما قَوْلُهُ:
إِن شَكْلي وإِن شكْلَكِ شَتَّى، ... فالْزمي الخُصَّ واخْفِضِي تَبْيَضِضِّي
فإِنه أَرادَ تَبْيَضِّي فَزَادَ ضَادًا أُخرى ضَرُورَةً لإِقامة الْوَزْنِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ قِيلَ إِنما يَجِيءُ هَذَا فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِ الْآخَرِ:
لَقَدْ خَشِيتُ أَن أَرَى جَدْبَبَّا
أَراد جَدْباً فَضَاعَفَ الْبَاءَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا حَكَى سِيبَوَيْهِ مِنْ أَن بَعْضَهُمْ قَالَ: أَعْطِني أَبْيَضّه يُرِيدُ أَبْيَضَ وأَلحق الْهَاءَ كَمَا أَلحقها فِي هُنّه وَهُوَ يُرِيدُ هُنَّ فإِنه ثَقَّلَ الضَّادَ فَلَوْلَا أَنه زَادَ ضَادًا «1» عَلَى الضَّادِ الَّتِي هِيَ حَرْفُ الإِعراب، فحرفُ الإِعراب إِذاً الضادُ الأُولى وَالثَّانِيَةُ هِيَ الزَّائِدَةُ، وَلَيْسَتْ بِحَرْفِ الإِعراب الْمَوْجُودِ فِي أَبْيَضَ، فَلِذَلِكَ لَحِقَتْهُ بَيانَ الْحَرَكَةِ «2» . قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَن لَا تُحَرّك فَحَرَكَتُهَا لِذَلِكَ ضَعِيفَةٌ فِي الْقِيَاسِ. وأَباضَ الكَلأُ: ابْيَضَّ ويَبِسَ. وبايَضَني فلانٌ فبِضْته، مِنَ البَياض: كُنْتُ أَشدَّ مِنْهُ بَيَاضًا. الْجَوْهَرِيُّ: وبايَضَه فباضَه يَبِيضُه أَي فاقَه فِي الْبَيَاضِ، وَلَا تَقُلْ يَبُوضه؛ وَهَذَا أَشدُّ بَياضاً مِنْ كَذَا، وَلَا تَقُلْ أَبْيَضُ مِنْهُ، وأَهل الْكُوفَةِ يَقُولُونَهُ وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ الرَّاجِزِ:
جارِية فِي دِرْعِها الفَضْفاضِ، ... أَبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَنِي إِباضِ
قَالَ الْمُبَرِّدُ: لَيْسَ الْبَيْتُ الشَّاذُّ بِحُجَّةٍ عَلَى الأَصل الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ؛ وأَما قول الآخر:
__________
(1) . قوله [فَلَوْلَا أَنَّهُ زَادَ ضَادًا إلخ] هكذا في الأَصل بدون ذكر جواب لولا.
(2) . قوله: بيان الحركة؛ هكذا في الأَصل.(7/122)
إِذا الرجالُ شَتَوْا، واشتدَّ أَكْلُهمُ، ... فأَنْتَ أَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ
فَيَحْتَمِلُ أَن لَا يَكُونَ بِمَعْنَى أَفْعَل الَّذِي تَصْحَبُهُ مِنْ لِلْمُفَاضَلَةِ، وإِنما هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ هُوَ أَحْسَنُهم وَجْهًا وأَكرمُهم أَباً، تُرِيدُ حسَنهم وَجْهًا وَكَرِيمُهُمْ أَباً، فكأَنه قَالَ: فأَنت مُبْيَضُّهم سِرْبالًا، فَلَمَّا أَضافه انْتَصَبَ مَا بَعْدَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ. والبِيضَانُ مِنَ النَّاسِ: خلافُ السُّودانِ. وأَبْيَضَت المرأَةُ وأَباضَتْ: وَلَدَتِ البِيضَ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. وَفِي عينِه بَياضةٌ أَي بَياضٌ. وبَيّضَ الشيءَ جَعَلَهُ أَبْيَضَ. وَقَدْ بَيَّضْت الشَّيْءَ فابْيَضَّ ابْيِضاضاً وابْياضّ ابْيِيضاضاً. والبَيّاضُ: الَّذِي يُبَيِّضُ الثيابَ، عَلَى النَّسَبِ لَا عَلَى الْفِعْلِ، لأَن حُكْمَ ذَلِكَ إِنما هُوَ مُبَيِّضٌ. والأَبْيَضُ: عِرْق السُّرَّةِ، وَقِيلَ: عِرْقٌ فِي الصُّلْبِ، وَقِيلَ: عِرْقٌ فِي الْحَالِبِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ لِمَكَانِ البَياضِ. والأَبْيضانِ: الماءُ والحنطةُ. والأَبْيضانِ: عِرْقا الوَرِيد. والأَبْيَضانِ: عِرْقَانِ فِي الْبَطْنِ لِبَيَاضِهِمَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وأَبْيَض قَدْ كلَّفْته بُعد شُقّة، ... تَعَقّدَ مِنْهَا أَبْيَضاه وحالِبُهْ
والأَبْيَضان: عِرْقان فِي حَالِبِ الْبَعِيرِ؛ قَالَ هِمْيَانُ بْنُ قُحَافَةَ:
قَرِيبة نُدْوَتُه مِنْ مَحْمَضِهْ، ... كأَنما يَيْجَعُ عِرْقا أَبْيَضِهْ،
ومُلْتَقَى فائلِه وأُبُضِهْ «3»
والأَبيضان: الشحمُ والشَّباب، وَقِيلَ: الخُبْز وَالْمَاءُ، وَقِيلَ: الْمَاءُ واللبنُ؛ قَالَ هُذَيْلُ الأَشجعي مِنْ شُعَرَاءِ الْحِجَازِيِّينَ:
وَلَكِنَّمَا يَمْضِي ليَ الحَوْلُ كَامِلًا، ... وَمَا ليَ إِلَّا الأَبْيَضَيْنِ شَرابُ
مِنَ الماءِ أَوْ مِنْ دَرِّ وَجْناءَ ثَرّةٍ، ... لَهَا حالبٌ لَا يَشْتَكي وحِلابُ
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: بَيَّضْت السِّقاءَ والإِناء أَي ملأْته مِنَ الْمَاءِ أَو اللَّبَنِ. ابْنُ الأَعرابي: ذهَبَ أَبْيَضاه شحْمُه وشبابُه، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو زَيْدٍ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَبْيَضانِ الشحمُ وَاللَّبَنُ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: أَنه سُئِل عَنِ السُّلْت بالبَيْضاءِ فكَرِهَه
؛ البَيْضاء الحِنْطة وَهِيَ السَّمْراء أَيضاً، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْبَيْعِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمَا، وإِنما كَرِه ذَلِكَ لأَنهما عِنْدَهُ جنسٌ وَاحِدٌ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ. وَمَا رأَيته مُذْ أَبْيضانِ، يَعْنِي يَوْمَيْنِ أَو شَهْرَيْنِ، وَذَلِكَ لِبَيَاضِ الأَيام. وبَياضُ الكبدِ والقلبِ والظفرِ: مَا أَحاط بِهِ، وَقِيلَ: بَياضُ الْقَلْبِ مِنَ الْفَرَسِ مَا أَطافَ بالعِرْق مِنْ أَعلى الْقَلْبِ، وَبَيَاضُ الْبَطْنِ بَنات اللبنِ وشحْم الكُلى وَنَحْوُ ذَلِكَ، سمَّوْها بالعَرَض؛ كأَنهم أَرادوا ذَاتَ الْبَيَاضِ. والمُبَيِّضةُ، أَصحابُ الْبَيَاضِ كَقَوْلِكَ المُسَوِّدةُ والمُحَمِّرةُ لأَصحاب السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ. وكَتِيبةٌ بَيْضاء: عَلَيْهَا بَياضُ الْحَدِيدِ. والبَيْضاء: الشمسُ لِبَيَاضِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وبَيْضاء لَمْ تَطْبَعْ، وَلَمْ تَدْرِ مَا الخَنا، ... تَرَى أَعيُنَ الفِتْيانِ مِنْ دُونِهَا خُزْرا
والبَيْضاء: القِدْرُ؛ قَالَ ذَلِكَ أَبو عَمْرٍو. قَالَ: وَيُقَالُ للقِدْر أَيضاً أُمُّ بَيْضاء؛ وأَنشد:
__________
(3) . قوله [عرقا أبيضه] قال الصاغاني: هكذا وقع في الصحاح بالألف والصواب عرقي بالنصب، وقوله وأبضه هكذا هو مضبوط في نسخ الصحاح بضمتين وضبطه بعضهم بكسرتين، أفاده شارح القاموس.(7/123)
وإِذْ مَا يُرِيحُ الناسَ صَرْماءُ جَوْنةٌ، ... يَنُوسُ عَلَيْهَا رَحْلُها مَا يُحَوَّلُ
فقلتُ لَهَا: يَا أُمَّ بَيْضاءَ، فِتْيةٌ ... يَعُودُك مِنْهُمْ مُرْمِلون وعُيَّلُ
قَالَ الْكِسَائِيُّ: مَا فِي مَعْنَى الَّذِي فِي إِذ مَا يُرِيح، قَالَ: وصرماءُ خَبَرُ الَّذِي. والبِيضُ: ليلةُ ثلاثَ عَشْرةَ وأَرْبَعَ عَشْرةَ وخمسَ عَشْرة. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يأْمُرُنا أَن نصُومَ الأَيامَ البِيضَ
، وَهِيَ الثالثَ عشَرَ والرابعَ عشرَ والخامسَ عشرَ، سُمِّيَتْ ليالِيها بِيضاً لأَن الْقَمَرَ يطلُع فِيهَا مِنْ أَولها إِلى آخِرِهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَكثر مَا تَجِيءُ الرِّوَايَةُ الأَيام البِيض، وَالصَّوَابُ أَن يُقَالَ أَيامَ البِيضِ بالإِضافة لأَن البِيضَ مِنْ صِفَةِ اللَّيَالِي. وكلَّمتُه فَمَا ردَّ عليَّ سَوْداءَ وَلَا بَيْضاءَ أَي كِلمةً قَبِيحَةً وَلَا حَسَنَةً، عَلَى الْمَثَلِ. وَكَلَامٌ أَبْيَضُ: مَشْرُوحٌ، عَلَى الْمَثَلِ أَيضاً. وَيُقَالُ: أَتاني كلُّ أَسْودَ مِنْهُمْ وأَحمر، وَلَا يُقَالُ أَبْيَض. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ لَا تَقُولُ حَمِر وَلَا بَيِض وَلَا صَفِر، قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ إِنما يُنْظَر فِي هَذَا إِلى مَا سُمِعَ عَنِ الْعَرَبِ. يُقَالُ: ابْيَضّ وابْياضَّ واحْمَرَّ واحْمارَّ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ فُلَانَةٌ مُسْوِدة ومُبيِضةٌ إِذا وَلَدَتِ البِيضانَ والسُّودانَ، قَالَ: وأَكثر مَا يَقُولُونَ مُوضِحة إِذا وَلَدَت البِيضانَ، قَالَ: ولُعْبة لَهُمْ يَقُولُونَ أَبِيضي حَبالًا وأَسيدي حَبالًا، قَالَ: وَلَا يُقَالُ مَا أَبْيَضَ فُلَانًا وَمَا أَحْمَر فُلَانًا مِنَ الْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ؛ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ نَادِرًا فِي شِعْرِهِمْ كَقَوْلِ طَرَفَةَ:
أَمّا الملوكُ فأَنْتَ اليومَ ألأَمُهم ... لُؤْماً، وأَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للأَسْوَد أَبو البَيْضاء، وللأَبْيَض أَبو الجَوْن، وَالْيَدُ البَيْضاء: الحُجّة المُبَرْهنة، وَهِيَ أَيضاً الْيَدُ الَّتِي لَا تُمَنُّ وَالَّتِي عَنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَذَلِكَ لِشَرَفِهَا فِي أَنواع الحِجاج وَالْعَطَاءِ. وأَرض بَيْضاءُ: مَلْساء لَا نَبَاتَ فِيهَا كأَن النَّبَاتَ كَانَ يُسَوِّدُها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَمْ تُوطَأْ، وَكَذَلِكَ البِيضَةُ. وبَيَاضُ الأَرض: مَا لَا عِمَارَةَ فِيهِ. وبَياضُ الْجِلْدِ: مَا لَا شَعْرَ عَلَيْهِ. التَّهْذِيبُ: إِذا قَالَتِ الْعَرَبُ فُلَانٌ أَبْيَضُ وَفُلَانَةٌ بَيْضاء فَالْمَعْنَى نَقاء العِرْض مِنَ الدنَس وَالْعُيُوبِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ زُهَيْرٍ يُمْدَحُ رَجُلًا.
أَشَمّ أَبْيَض فَيّاض يُفَكِّك عَنْ ... أَيدي العُناةِ وَعَنْ أَعْناقِها الرِّبَقا
وَقَالَ:
أُمُّك بَيْضاءُ مِنْ قُضاعةَ في البيت ... الذي تَسْتَظلُّ في ظُنُبِهْ
قَالَ: وَهَذَا كَثِيرٌ فِي شِعْرِهِمْ لَا يُرِيدُونَ بِهِ بَياضَ اللَّوْنِ وَلَكِنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمَدْحَ بِالْكَرَمِ ونَقاءِ العرْض مِنَ الْعُيُوبِ، وإِذا قَالُوا: فُلَانٌ أَبْيَض الْوَجْهِ وَفُلَانَةٌ بَيْضاءُ الْوَجْهِ أَرادوا نقاءَ اللَّوْنِ مِنَ الكَلَفِ والسوادِ الشَّائِنِ. ابْنُ الأَعرابي: والبيضاءُ حِبَالَةُ الصَّائِدِ؛ وأَنشد:
وَبَيْضَاءُ مِنْ مالِ الْفَتَى إِن أَراحَها ... أَفادَ، وإِلا مَالَهُ مَالُ مُقْتِر
يَقُولُ: إِن نَشِب فِيهَا عَيرٌ فَجَرَّهَا بَقِيَ صاحبُها مُقْتِراً. والبَيْضة: وَاحِدَةُ البَيْض مِنَ الْحَدِيدِ وبَيْضِ الطَّائِرِ جَمِيعًا، وبَيْضةُ الْحَدِيدِ مَعْرُوفَةٌ والبَيْضة مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ بَيْض. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ
، وَيُجْمَعُ البَيْض عَلَى بُيوضٍ؛ قَالَ:(7/124)
عَلَى قَفْرةٍ طارَت فِراخاً بُيوضُها
أَي صَارَتْ أَو كَانَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ «1» :
أَبو بَيَضاتٍ رائحٌ مُتأَوِّب، ... رَفيق بمَسْحِ المَنْكِبَينِ سَبُوحُ
فَشَاذٌّ لَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ بَابٌ لأَن مِثْلَ هَذَا لَا يُحَرَّكُ ثَانِيهِ. وباضَ الطائرُ وَالنَّعَامَةُ بَيْضاً: أَلْقَتْ بَيْضَها. وَدَجَاجَةٌ بَيّاضةٌ وبَيُوضٌ: كَثِيرَةُ البَيْضِ، وَالْجَمْعُ بُيُضٌ فِيمَنْ قَالَ رُسُل مِثْلَ حُيُد جَمْعُ حَيُود، وَهِيَ الَّتِي تَحِيد عَنْكَ، وبِيضٌ فِيمَنْ قَالَ رُسْل، كسَرُوا الْبَاءَ لِتَسْلم الْيَاءُ وَلَا تَنْقَلِبَ، وَقَدْ قَالَ بُوضٌ أَبو مَنْصُورٍ. يُقَالُ: دَجَاجَةٌ بَائِضٌ بِغَيْرِ هَاءٍ لأَن الدِّيكَ لَا يَبِيض، وباضَت الطائرةُ، فَهِيَ بائضٌ. وَرَجُلٌ بَيّاضٌ: يَبِيع البَيْضَ، وَدِيكٌ بائِضٌ كَمَا يُقَالُ والدٌ، وَكَذَلِكَ الغُراب؛ قَالَ:
بِحَيْثُ يَعْتَشّ الغُرابُ البائضُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عِنْدِي عَلَى النَّسَبِ. والبَيْضة: مِنَ السِّلَاحِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها عَلَى شَكْلِ بَيْضة النَّعَامِ. وابْتاضَ الرَّجُلُ: لَبِسَ البَيْضةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَنَ اللَّهُ السارقَ يَسْرِقُ البَيْضةَ فتُقْطَعُ يدُه
، يَعْنِي الخُوذةَ؛ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْوَجْهُ فِي الْحَدِيثِ أَن اللَّهَ لَمَّا أَنزل: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما، قَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَنَ اللَّهُ السارقَ يَسْرِق البَيْضة فتُقْطَع يدُه
عَلَى ظَاهِرِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ، يَعْنِي بَيْضةَ الدَّجَاجَةِ وَنَحْوَهَا، ثُمَّ أَعلمه اللَّهُ بَعْدُ أَن الْقَطْعَ لَا يَكُونُ إِلا فِي رُبْع دِينار فَمَا فَوْقَهُ، وأَنكر تأْويلها بالخُوذةِ لأَن هَذَا لَيْسَ مَوْضِعَ تَكثيرٍ لِمَا يأْخذه السَّارِقُ، إِنما هُوَ مَوْضِعُ تَقْلِيلٍ فإِنه لَا يُقَالُ: قبَّح اللَّهُ فُلَانًا عرَّض نَفْسَهُ لِلضَّرْبِ فِي عِقْد جَوْهر، إِنما يُقَالُ: لَعَنه اللَّهُ تعرَّض لِقَطْعِ يَدِهِ فِي خَلَقٍ رَثٍّ أَو فِي كُبّةِ شعَرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُعْطِيتُ الكَنْزَينِ الأَحمرَ والأَبيضَ
، فالأَحمرُ مُلْكُ الشَّامِ، والأَبْيَضُ مُلْكُ فَارِسَ، وإِنما يُقَالُ لِفَارِسَ الأَبْيَض لِبَيَاضِ أَلوانهم ولأَن الْغَالِبَ عَلَى أَموالهم الْفِضَّةُ، كَمَا أَن الْغَالِبَ عَلَى أَلوان أَهل الشَّامِ الْحُمْرَةُ وَعَلَى أَموالهم الذَّهَبُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ظَبْيَانَ وَذِكْرُ حِمْير قَالَ: وَكَانَتْ لَهُمُ البَيْضاءُ والسَّوْداءُ وفارِسُ الحَمْراءُ والجِزْيةُ الصَّفْرَاءُ
، أَراد بِالْبَيْضَاءِ الخرابَ مِنَ الأَرض لأَنه يَكُونُ أَبْيَضَ لَا غَرْسَ فِيهِ وَلَا زَرْعَ، وأَراد بالسَّوْداء العامِرَ مِنْهَا لاخْضِرارِها بِالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، وأَرادَ بفارِسَ الحَمْراء تَحَكُّمَهم عَلَيْهِ، وَبِالْجِزْيَةِ الصَّفْرَاءِ الذهبَ كَانُوا يَجْبُون الخَراجَ ذَهَباً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تقومُ الساعةُ حَتَّى يَظْهَرَ الموتُ الأَبْيَضُ والأَحْمَرُ
؛ الأَبْيَضُ مَا يأْتي فَجْأَةً وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ مَرَضٌ يُغيِّر لَوْنَهُ، والأَحْمرُ الموتُ بالقَتْل لأَجل الدَّمِ. والبَيْضةُ: عِنَبٌ بِالطَّائِفِ أَبيض عَظِيمُ الْحَبِّ. وبَيْضةُ الخِدْر: الجاريةُ لأَنها فِي خِدْرها مَكْنُونَةٌ. والبَيْضةُ: بَيْضةُ الخُصْية. وبَيْضةُ العُقْر مَثَلٌ يُضْرَبُ وَذَلِكَ أَن تُغْصَبَ الجارية نَفْسها فتُقْتَضّ فتُجَرَّب ببَيْضةٍ، وَتُسَمَّى تِلْكَ البَيْضةُ بَيْضةَ العُقْرِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقِيلَ بَيْضةُ العُقْرِ بَيْضَة يَبِيضُها الدِّيكُ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ لَا يَعُودُ، يضْرب مَثَلًا لِمَنْ يَصْنَعُ الصَّنِيعة ثُمَّ لَا يعود لها. وبَيْضة
__________
(1) . قوله [فأما قول الشاعر] عبارة القاموس وشرحه: والبيضة واحدة بيض الطير الجمع بيوض وبيضات، قال الصاغاني: ولا تحرك الياء من بيضات إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ قَالَ: أخو بيضات إلخ.(7/125)
البلَدِ: تَرِيكة النَّعَامَةِ. وبَيْضةُ الْبَلَدِ: السَّيِّدُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقَدْ يُذَمُّ ببَيْضة الْبَلَدِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ فِي الذَّمِّ لِلرَّاعِي يَهْجُو ابْنَ الرِّقاعِ الْعَامِلِيَّ:
لَوْ كُنتَ مِنْ أَحَدٍ يُهْجى هَجَوْتُكمُ، ... يَا ابْنَ الرِّقاعِ، وَلَكِنْ لستَ مِنْ أَحَدِ
تَأْبى قُضاعةُ لَمْ تَعْرِفْ لَكُمْ نَسَباً ... وابْنا نِزارٍ، فأَنْتُمْ بَيْضةُ البَلَدِ
أَرادَ أَنه لَا نَسَبَ لَهُ وَلَا عَشِيرَةَ تَحْمِيه؛ قَالَ: وَسُئِلَ ابْنُ الأَعرابي عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِذا مُدِحَ بِهَا فَهِيَ الَّتِي فِيهَا الفَرْخ لأَن الظَّلِيم حِينَئِذٍ يَصُونُها، وإِذا ذُمَّ بِهَا فَهِيَ الَّتِي قَدْ خَرَجَ الفَرْخُ مِنْهَا ورَمى بِهَا الظليمُ فداسَها الناسُ والإِبلُ. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ أَذَلُّ مِنْ بَيْضةِ البَلَدِ أَي مِنْ بَيْضَةِ النَّعَامِ الَّتِي يَتْرُكُهَا؛ وأَنشد كُرَاعٌ لِلْمُتَلَمِّسِ فِي مَوْضِعِ الذَّمِّ وَذَكَرَهُ أَبو حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الأَضداد، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ الشِّعْرُ لِصِنَّان بْنِ عبَّاد الْيَشْكُرِيِّ وَهُوَ:
لَمَّا رأَى شمطٌ حَوْضِي لَهُ تَرَعٌ ... عَلَى الحِياضِ، أَتاني غيرَ ذِي لَدَدِ
لَوْ كَانَ حَوْضَ حِمَارٍ مَا شَرِبْت بِهِ، ... إِلّا بإِذْنِ حِمارٍ آخرَ الأَبَدِ
لكنَّه حَوْضُ مَنْ أَوْدَى بإِخْوَتِه ... رَيْبُ المَنُونِ، فأَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ
أَي أَمسى ذَلِيلًا كَهَذِهِ البَيْضة الَّتِي فارَقَها الفرخُ فرَمَى بِهَا الظَّلِيمُ فدِيسَت فَلَا أَذَل مِنْهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حِمَار فِي الْبَيْتِ اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ، وشمطٌ هُوَ شَمْطُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْيَشْكُرِيُّ، وَكَانَ أَوْرَدَ إِبِلَه حَوْضَ صِنَّان بْنِ عبَّاد قَائِلِ هَذَا الشِّعْرِ فَغَضِبَ لِذَلِكَ، وَقَالَ الْمَرْزُوقِيُّ: حِمَارٌ أَخوه وَكَانَ فِي حَيَاتِهِ يتعزَّزُ به؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ يَهْجُو حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ لِحَسَّانَ:
أَرى الجَلابِيبَ قَدْ عَزُّوا، وَقَدْ كَثُروا، ... وابنُ الفُرَيْعةِ أَمْسَى بَيْضةَ البَلَدِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا مَدْحٌ. وَابْنُ فُرَيْعة: أَبوه «1» . وأَراد بِالْجَلَابِيبِ سَفِلة النَّاسِ وغَثْراءَهم؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَيْسَ مَا قَالَهُ أَبو حَاتِمٍ بِجَيِّدٍ، وَمَعْنَى قَوْلُ حَسَّانَ أَن سَفِلة النَّاسِ عزُّوا وَكَثُرُوا بَعْدَ ذِلَّتِهِم وَقِلَّتِهِمْ، وَابْنُ فُرَيعة الَّذِي كَانَ ذَا ثَرْوَةٍ وثَراءٍ قَدْ أُخِّرَ عَنْ قديمِ شَرَفِه وسُودَدِه، واسْتُبِدَّ بالأَمر دُونَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَيْضة الْبَلَدِ الَّتِي تَبِيضُها النَّعَامَةُ ثُمَّ تَتْرُكُهَا بِالْفَلَاةِ فَلَا تَحْضُنها، فَتَبْقَى تَرِيكةً بِالْفَلَاةِ. وَرَوَى أَبو عَمْرٍو عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ الْكَرِيمِ: هُوَ بَيْضة الْبَلَدِ يَمْدَحُونَهُ، وَيَقُولُونَ لِلْآخَرِ: هُوَ بَيْضة الْبَلَدِ يذُمُّونه، قَالَ: فالممدوحُ يُرَادُ بِهِ البَيْضة الَّتِي تَصُونها النَّعَامَةُ وتُوَقِّيها الأَذَى لأَن فِيهَا فَرْخَها فَالْمَمْدُوحُ من هاهنا، فإِذا انْفَلَقت عَنْ فَرْخِها رَمَى بِهَا الظليمُ فَتَقَعُ فِي الْبَلَدِ القَفْر فَمِنْ هاهنا ذُمَّ الْآخَرُ. قَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ فُلَانٌ بَيْضةُ الْبَلَدِ: هُوَ مِنَ الأَضداد يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا، فإِذا مُدِح الرَّجُلُ فَقِيلَ هُوَ بَيْضةُ الْبَلَدِ أُرِيدَ بِهِ واحدُ الْبَلَدِ الَّذِي يُجْتَمع إِليه ويُقْبَل قولُه، وَقِيلَ فَرْدٌ لَيْسَ أَحد مِثْلَهُ فِي شَرَفِهِ؛ وأَنشد أَبو الْعَبَّاسِ لامرأَة مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ تَرْثِي عَمْرَو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ وَتَذْكُرُ قَتْلَ عليّ إِيَّاه:
__________
(1) . قوله [وابن فريعة أبوه] كذا بالأَصل وفي القاموس في مادة فرع ما نصه: وحسان بن ثابت يعرف بابن الفريعة كجهينة وهي أُمه.(7/126)
لَوْ كَانَ قاتِلُ عَمرو غيرَ قَاتِلِهِ، ... بَكَيْتُه، مَا أَقام الرُّوحُ فِي جَسَدي
لكنَّ قاتلَه مَنْ لَا يُعابُ بِهِ، ... وَكَانَ يُدعَى قَدِيمًا بَيْضَةَ البَلَدِ
يَا أُمَّ كُلْثُومَ، شُقِّي الجَيْبَ مُعْوِلَةً ... عَلَى أَبيكِ، فَقَدْ أَوْدَى إِلى الأَبَدِ
يَا أُمَّ كُلْثُومَ، بَكِّيهِ وَلَا تَسِمِي ... بُكَاءَ مُعْوِلَةٍ حَرَّى عَلَى وَلَدِ
بَيْضةُ الْبَلَدِ: عليُّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْهِ، أَي أَنه فَرْدٌ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الشَّرَفِ كالبَيْضةِ الَّتِي هِيَ تَرِيكةٌ وَحْدَهَا لَيْسَ مَعَهَا غيرُها؛ وإِذا ذُمَّ الرجلُ فَقِيلَ هُوَ بَيْضةُ البلدِ أَرادوا هُوَ مُنْفَرِدٌ لَا نَاصِرَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ بَيْضَةٍ قَامَ عَنْهَا الظَّليمُ وَتَرْكَهَا لَا خَيْرَ فِيهَا وَلَا مَنْفَعَةً؛ قَالَتِ امرأَة تَرْثي بَنِينَ لَهَا:
لَهْفِي عَلَيْهِمْ لَقَدْ أَصْبَحْتُ بَعْدَهُمُ ... كثيرَة الهَمِّ والأَحزان والكَمَدِ
قَدْ كُنْتُ قَبْلَ مَناياهُمْ بمَغبَطَةٍ، ... فصِرْتُ مُفْرَدَةً كبَيْضَةِ البلدِ
وبَيْضَةُ السَّنام: شَحْمَته. وبَيْضَةُ الجَنِين: أَصله، وَكِلَاهُمَا عَلَى الْمَثَلِ. وبَيْضَة الْقَوْمِ: وسَطُهم. وبَيْضة الْقَوْمِ: سَاحَتُهُمْ؛ وَقَالَ لَقِيطٌ الإِيادِي:
يَا قَوْمِ، بَيْضتَكُمْ لَا تُفْضَحُنَّ بِهَا، ... إِنِّي أَخاف عَلَيْهَا الأَزْلَم الجَذَعا
يَقُولُ: احْفَظُوا عُقْر دَارِكُمْ. والأَزْلَم الجَذَع: الدَّهْرُ لأَنه لَا يَهْرَمُ أَبداً. وَيُقَالُ مِنْهُ: بِيضَ الحيُّ أُصِيبَت بَيْضَتُهم وأُخِذ كلُّ شيءٍ لَهُمْ، وبِضْناهم وابْتَضْناهم: فَعَلْنَا بِهِمْ ذَلِكَ. وبَيْضَةُ الدَّارِ: وَسَطُهَا وَمُعْظَمُهَا. وبَيْضَةُ الإِسلام: جَمَاعَتُهُمْ. وبَيْضَةُ الْقَوْمِ: أَصلهم. والبَيْضَةُ: أَصل الْقَوْمِ ومُجْتَمعُهم. يُقَالُ: أَتاهم الْعَدُوُّ فِي بَيْضَتِهِمْ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهم
؛ يُرِيدُ جَمَاعَتَهُمْ وأَصلهم أَي مُجْتمعهم وَمَوْضِعَ سُلْطانهم ومُسْتَقَرَّ دَعْوَتِهِمْ، أَراد عَدُوًّا يستأْصلهم ويُهْلِكهم جَمِيعَهُمْ، قِيلَ: أَراد إِذا أُهْلِكَ أَصلُ البَيْضة كَانَ هَلَاكُ كُلِّ مَا فِيهَا مِنْ طُعْمٍ أَو فَرْخ، وإِذا لَمْ يُهْلَكْ أَصلُ البَيْضة رُبَّمَا سَلِمَ بعضُ فِراخها، وَقِيلَ: أَراد بالبَيْضَة الخُوذَةَ فكأَنه شَبَّه مَكَانَ اجْتِمَاعِهِمْ والتِئامهم ببَيْضَة الحَدِيدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحُدَيْبِيَةِ:
ثُمَّ جئتَ بِهِمْ لبَيْضَتِك تَفُضُّها
أَي أَصْلك وَعَشِيرَتِكَ. وبَيْضَةُ كُلِّ شَيْءٍ حَوْزَتُه. وباضُوهُمْ وابْتاضُوهُمْ: استأْصلوهم. وَيُقَالُ: ابْتِيضَ القومُ إِذا أُبِيحَتْ بَيْضَتُهم، وابْتاضُوهم أَي استأْصلوهم. وَقَدِ ابْتِيضَ الْقَوْمُ إِذا اخِذَتْ بَيْضَتُهم عَنْوَةً. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِوَسَطِ الدَّارِ بَيْضةٌ وَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ بَيْضَةٌ ولوَرَمٍ فِي رُكْبَةِ الدَّابَّةِ بَيْضَة. والبَيْضُ: وَرَمٌ يَكُونُ فِي يَدِ الْفَرَسِ مِثْلَ النُّفَخ والغُدَد؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ مِنَ الْعُيُوبِ الهَيِّنة. يُقَالُ: قَدْ باضَتْ يدُ الْفَرَسِ تَبِيضُ بَيْضاً. وبَيْضَةُ الصَّيْف: مُعْظَمُهُ. وبَيْضَة الْحَرِّ: شِدَّتُهُ. وبَيْضَة القَيْظ: شِدَّةُ حَرِّه؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
طَوَى ظِمْأَهَا فِي بَيْضَة القَيْظِ، بعد ما ... جَرَى فِي عَنَانِ الشِّعْرَيَيْنِ الأَماعِزُ
وباضَ الحَرُّ إِذا اشْتَدَّ. ابْنُ بَزْرَجَ: قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ يَكُونُ عَلَى الْمَاءِ بَيْضَاءُ القَيْظِ، وَذَلِكَ مِنْ طُلُوعِ(7/127)
الدَّبَران إِلى طُلُوعِ سُهَيْل. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالَّذِي سَمِعْتُهُ يَكُونُ عَلَى الْمَاءِ حَمْراءُ القَيْظِ وحِمِرُّ الْقَيْظِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: أَفْرَخَ بَيْضَةُ الْقَوْمِ إِذا ظَهَرَ مَكْتُومُ أَمْرِهم، وأَفرخت البَيْضَةُ إِذا صَارَ فِيهَا فَرْخٌ. وباضَ السحابُ إِذا أَمْطَر؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
باضَ النَّعَامُ بِهِ فنَفَّرَ أَهلَهُ، ... إِلا المُقِيمَ عَلَى الدَّوا المُتأَفِّنِ
قَالَ: أَراد مَطَرًا وَقَعَ بِنَوْءِ النَّعَائم، يَقُولُ: إِذا وَقَعَ هَذَا الْمَطَرُ هَرَبَ العُقلاء وأَقام الأَحمق. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الشَّاعِرُ وَصَفَ وَادِياً أَصابه الْمَطَرُ فأَعْشَب، والنَّعَامُ هَاهُنَا: النعائمُ مِنَ النُّجُومِ، وإِنما تُمْطِرُ النَّعَائمُ فِي الْقَيْظِ فَيَنْبُتُ فِي أُصول الحَلِيِّ نبْتٌ يُقَالُ لَهُ النَّشْر، وَهُوَ سُمٌّ إِذا أَكله الْمَالُ مَوَّت، وَمَعْنَى باضَ أَمْطَرَ، والدَّوا بِمَعْنَى الدَّاءِ، وأَراد بالمُقِيم المقيمَ بِهِ عَلَى خَطر أَن يَمُوتَ، والمُتَأَفِّنُ: المُتَنَقِّص. والأَفَن: النَّقْصُ؛ قَالَ: هَكَذَا فَسَّرَهُ المُهَلَّبِيّ فِي بَابِ الْمَقْصُورِ لِابْنِ ولَّاد فِي بَابِ الدَّالِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَن يَكُونَ الدَّوا مَقْصُورًا مِنَ الدَّوَاءِ، يَقُولُ: يَفِرُّ أَهلُ هَذَا الْوَادِي إِلا المقيمَ عَلَى المُداواة المُنَقِّصة لِهَذَا الْمَرَضِ الَّذِي أَصابَ الإِبلَ مِنْ رَعْيِ النَّشْرِ. وباضَت البُهْمَى إِذا سَقَطَ نِصالُها. وباضَت الأَرض: اصْفَرَّتْ خُضرتُها ونَفَضتِ الثَّمَرَةُ وأَيبست، وَقِيلَ: باضَت أَخْرجَتْ مَا فِيهَا مِنَ النَّبَاتِ، وَقَدْ باضَ: اشتدَّ. وبَيَّضَ الإِناءَ والسِّقاء: مَلأَه. وَيُقَالُ: بَيَّضْت الإِناءَ إِذا فرَّغْتَه، وبَيَّضْته إِذا مَلأْته، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. والبَيْضاء: اسْمُ جَبَلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ أَهل النَّارِ:
فَخِذُ الْكَافِرِ فِي النَّارِ مثْل البَيْضاء
؛ قِيلَ: هُوَ اسْمُ جَبَلٍ. والأَبْيَضُ: السَّيْفُ، وَالْجَمْعُ البِيضُ. والمُبَيِّضةُ، بِكَسْرِ الْيَاءِ: فِرْقَةٌ مِنَ الثَّنَوِيَّة وَهُمْ أَصحاب المُقَنَّع، سُمُّوا بِذَلِكَ لتَبْيِيضهم ثِيَابَهُمْ خِلَافًا للمُسَوِّدَة مِنْ أَصحاب الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَنَظَرْنَا فإِذا بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، وأَصحابه مُبَيِّضين
، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَكَسْرِهَا، أَي لَابِسِينَ ثِيَابًا بِيضًا. يُقَالُ: هُمُ المُبَيِّضةُ والمُسَوِّدَة، بِالْكَسْرِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ تَوْبَةِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: فرأَى رَجُلًا مُبَيِّضاً يَزُولُ بِهِ السرابُ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مُبْيَضًّا، بِسُكُونِ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِ الضَّادِ، مِنَ الْبَيَاضِ أَيضاً. وبِيضَة، بِكَسْرِ الْبَاءِ: اسْمُ بَلْدَةٍ. وَابْنُ بَيْض: رَجُلٌ، وَقِيلَ: ابْنُ بِيضٍ، وَقَوْلُهُمْ: سَدَّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ، قَالَ الأَصمعي: هُوَ رَجُلٌ كَانَ فِي الزَّمَنِ الأَول يُقَالُ لَهُ ابْنُ بَيْضٍ عقرَ ناقَتَه عَلَى ثَنِيَّةٍ فَسَدَّ بِهَا الطَّرِيقَ وَمَنَعَ الناسَ مِن سلوكِها؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ الأَسود الطَّهْوِيُّ:
سَدَدْنا كَمَا سَدَّ ابنُ بَيْضٍ طَرِيقَه، ... فَلَمْ يَجِدوا عِنْدَ الثَّنِيَّةِ مَطْلَعا
قَالَ: ومثله قول بَسّامة بْنِ حَزْن:
كثوبِ ابْنِ بيضٍ وقاهُمْ بِهِ، ... فسَدَّ عَلَى السّالِكينَ السَّبِيلا
وَحَمْزَةُ بْنُ بِيضٍ: شَاعِرٌ مَعْرُوفٌ، وَذَكَرَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنه دَخَلَ عَلَى المأْمون وَذَكَرَ أَنه جَرى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ كَلَامٌ فِي حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ: يَا نَضْرُ، أَنْشِدْني أَخْلَبَ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ، فأَنشدته أَبيات حَمْزَةَ بْنِ بِيضٍ فِي الحكَم بْنِ أَبي الْعَاصِ:(7/128)
تقولُ لِي، والعُيونُ هاجِعةٌ: ... أَقِمْ عَلَيْنا يَوْماً، فَلَمْ أُقِم
أَيَّ الوُجوهِ انْتَجَعْتَ؟ قلتُ لَهَا: ... وأَيُّ وَجْهٍ إِلا إِلى الحَكَم
مَتَى يَقُلْ صاحِبا سُرادِقِه: ... هَذَا ابنُ بِيضٍ بِالْبَابِ، يَبْتَسِمِ
رأَيت فِي حَاشِيَةٍ عَلَى كِتَابِ أَمالي ابْنِ بَرِّيٍّ بِخَطِّ الْفَاضِلِ رَضِيُّ الدِّينِ الشَّاطِبِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: حَمْزَةُ بْنُ بِيضٍ، بِكَسْرِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ. قَالَ: وأَما قَوْلُهُمْ سدَّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ فَقَالَ الْمَيْدَانِيُّ فِي أَمثاله: وَيُرْوَى ابْنُ بِيضٍ، بِكَسْرِ الْبَاءِ، قَالَ: وأَبو مُحَمَّدٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، حَمَلَ الْفَتْحَ فِي بَائِهِ عَلَى فَتْحِ الْبَاءِ فِي صَاحِبِ المثَل فعطَفَه عَلَيْهِ. قَالَ: وَفِي شَرْحِ أَسماء الشُّعَرَاءِ لأَبي عُمَرَ الْمُطَرِّزِ حَمْزَةُ بْنُ بِيض قَالَ الْفَرَّاءُ: البِيضُ جَمْعُ أَبْيَض وبَيْضاء. والبُيَيْضَة: اسْمُ مَاءٍ. والبِيضَتانِ والبَيْضَتان، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: مَوْضِعٌ عَلَى طَرِيقِ الشَّامِ مِنَ الْكُوفَةِ؛ قَالَ الأَخطل:
فهْوَ بها سَيِّئٌ ظَنًّا، وَلَيْسَ لَهُ، ... بالبَيْضَتَينِ وَلَا بالغَيْضِ، مُدَّخَرُ
وَيُرْوَى بالبِيضَتين. وذُو بِيضانَ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ مُزَاحِمٌ:
كَمَا صاحَ، فِي أَفْنانِ ضالٍ عَشِيَّةً ... بأَسفلِ ذِي بِيضانَ، جُونُ الأَخاطِبِ
وأَما بَيْتُ جَرِيرٍ:
قَعِيدَكما اللهَ الَّذِي أَنْتُما لَهُ، ... أَلم تَسْمَعا بالبَيْضَتَينِ المُنادِيا؟
فَقَالَ ابْنُ حَبِيبِ: البِيضَة، بِالْكَسْرِ، بالحَزْن لِبَنِي يَرْبُوعَ، والبَيْضَة، بِالْفَتْحِ، بالصَّمّان لِبَنِي دَارِمٍ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لِمَا بَيْنَ العُذَيْب والعقَبة بَيْضة، قَالَ: وَبَعْدَ البَيْضة البَسِيطةُ. وبَيْضاء بَنِي جَذِيمة: فِي حُدُودِ الْخَطِّ بِالْبَحْرَيْنِ كَانَتْ لِعَبْدِ الْقَيْسِ وَفِيهَا نَخِيلٌ كَثِيرَةٌ وأَحْساءٌ عَذْبة وقصورٌ جَمَّة، قَالَ: وَقَدْ أَقَمْتُ بِهَا مَعَ القَرامِطة قَيْظة. ابْنُ الأَعرابي: البَيْضة أَرض بالدَّوّ حفَروا بِهَا حَتَّى أَتتهم الرِّيحُ مِنْ تَحْتِهِمْ فَرَفَعَتْهُمْ وَلَمْ يصِلُوا إِلى الْمَاءِ. قَالَ شَمِرٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ البَيْضة أَرض بَيْضاء لَا نَبَاتَ فِيهَا، والسَّوْدة: أَرض بِهَا نَخِيلٌ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
يَنْشَقُّ عَنِّي الحَزْنُ والبَرِّيتُ، ... والبِيضةُ البَيْضاء والخُبُوتُ
كَتَبَهُ شَمِرٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ ثُمَّ حَكَى مَا قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي.
فصل التاء المثناة فوقها
ترض: تِرْياضٌ: مِنْ أَسماء النساءِ.
تعض: امرأَةٌ تَعْضُوضةٌ، قَالَ الأَزهري: أَراها الضَّيِّقة. والتَّعْضُوضُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمر. قَالَ الأَزهري: وَالتَّاءُ فِيهِمَا لَيْسَتْ بأَصلية هِيَ مِثْلُ تَاءِ تَرْنُوقِ المَسِيل، وَهِيَ مَا يَجْتَمِعُ مِنَ الطِّينِ فِي النَّهْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وأَهْدَتْ لَنَا نَوْطاً مِنَ التَّعْضوض
، بِفَتْحِ التَّاءِ، وَهُوَ تَمْرٌ أَسود شَدِيدُ الْحَلَاوَةِ، ومَعْدِنُه هَجَرُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَيْسَ هَذَا بَابُهُ وَلَكِنَّهُ تَرْجَمَ عَلَيْهِ فِي التَّاءِ مَعَ الْعَيْنِ. وَفِي حَدِيثُ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: وَاللَّهِ لتَعْضُوضٌ كأَنه أَخْفافُ الرِّبَاعِ أَطْيَبُ مِنْ هَذَا.
فصل الجيم
جحض: جِحِضْ: زَجْرٌ للكَبْش.
جرض: الجَرَضُ: الجَهْدُ؛ جَرِضَ جَرَضاً: غَصَّ. والجَرَضُ والجَرِيضُ: غَصَصُ الْمَوْتِ. والجَرَضُ،(7/129)
بِالتَّحْرِيكِ: الرِّيقُ يَغَصُّ بِهِ. وجَرِضَ بِرِيقِه: غَصَّ كأَنه يَبْتَلِعُهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنَّهمْ مِنْ هالكٍ مُطَاحِ، ... ورامِقٍ يَجْرَضُ بالضَّيَاحِ
قَالَ: يَجْرَضُ يَغَصُّ. والضَّيَاحُ: اللبَنُ المَذِيق الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ جَرَضَ بِريقِه يَجْرِضُ مِثَالُ كَسَرَ يَكْسِرُ، وَهُوَ أَن يَبْتَلِعَ رِيقَه عَلَى همٍّ وحُزْنٍ بالجَهْد. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ صَوَابُهُ جَرِضَ يَجْرَضُ مِثَالُ كَبِرَ يَكْبَرُ، وأَجْرَضَه بِريقِه أَي أَغَصّه. وأَفْلَتَني جَرِيضاً أَي مَجْهُودًا يَكَادُ يَقْضِي، وَقِيلَ: بَعْدَ أَن لَمْ يَكَدْ، وَهُوَ يَجْرَضُ بنفسِه أَي يَكَادُ يَقْضِي. والجَرِيضُ: اخْتِلَافُ الفَكَّينِ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَقَوْلُهُمْ حالَ الجَرِيضُ دُونَ القَرِيضِ، قِيلَ: الجَرِيضُ الغُصّة والقَرِيضُ الجِرَّةُ، وضَرِجَت النَّاقَةُ بجِرَّتها وجَرِضَتْ، وَقِيلَ: الجَرِيضُ الغَصَصُ والقَرِيضُ الشِّعْر؛ وَقَالَ الرِّيَاشِيُّ: القَرِيضُ والجَرِيضُ يَحْدُثانِ بالإِنسان عِنْدَ الْمَوْتِ، فالجَرِيضُ تبلُّعُ الرِّيق، والقَرِيضُ صَوْتُ الإِنسان؛ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ كُثْوَة: إِنه يُقَالُ عِنْدَ كُلِّ أَمر كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فحِيلَ دونَه، أَولُ مَنْ قَالَهُ عَبيد بْنُ الأَبرص. والجَريضُ والجِرْياضُ: الشَّدِيدُ الْهَمِّ؛ وأَنشد:
وخانِقٍ ذِي غُصّةٍ جِرْياضِ
قَالَ: خانقٍ مَخْنُوق ذِي خَنْقٍ، وَالْجَمْعُ جَرْضَى. وإِنه ليَجْرَضُ الرِّيقَ عَلَى هَمٍّ وَحُزْنٍ، ويَجْرَضُ عَلَى الرِّيق غَيْظاً أَي يَبْتَلِعه، وَيُقَالُ: مَاتَ فلانٌ جَريضاً أَي مَرِيضًا مَغْمُومًا، وَقَدْ جَرِضَ يَجْرَضُ جَرَضاً شَدِيدًا؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
ماتُوا جَوًى والمُفْلِتُونَ جَرْضَى
أَي حَزِنِينَ. وَيُقَالُ: أَفْلَتَ فلانٌ جَريضاً أَي يَكَادُ يَقْضي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضا، ... وَلَوْ أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطابُ
والجَرِيضُ: أَن يَجْرَضَ عَلَى نَفْسِهِ إِذا قَضَى. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: هَلْ يَنْتَظِرُ أَهلُ بَضاضةِ الشَّباب إِلا عَلَزَ القَلَقِ وغَصَصَ الجَرَض؟
الجَرَض، بِالتَّحْرِيكِ، هُوَ أَن تَبْلُغَ الروحُ الحَلْقَ، والإِنسان جَرِيضٌ. اللَّيْثُ: الجَرِيضُ المُفْلِت بَعْدَ شَرٍّ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَنَّ الفَتَى لَمْ يَغْنَ فِي الناسِ لَيْلةً، ... إِذا اخْتَلَفَ اللَّحْيانِ عِنْدَ الجَرِيض
وبَعِيرٌ جِرْواضٌ: ذُو عُنُقٍ جِرْواضٍ. وجُراضٌ: عَظِيمَةٌ؛ وأَنشد:
إِن لَهَا سانِيةً نَهّاضا، ... ومَسكَ ثَوْرٍ سَحْبَلًا جُراضا
ابْنُ بَرِّيٍّ: الجُراضُ الْعَظِيمُ. وَجَمَلٌ جِرْواضٌ: عَظِيمٌ. الأَزهري فِي حَرْفِ الشِّينِ: أُهملت الشِّينُ مَعَ الضَّادِ إِلا حَرْفَيْنِ: جَمَلٌ شِرْواضٌ رِخْوٌ ضَخْم، فإِن كَانَ ضَخْمًا ذَا قَصَرةٍ غَلِيظَةٍ وَهُوَ صُلْبٌ فَهُوَ جِرْواضٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بِهِ نَدُقُّ القَصَرَ الجِرْواضا
الْجَوْهَرِيُّ: الجِرْياضُ والجِرْواضُ الضخْم الْعَظِيمُ الْبَطْنِ. قَالَ الأَصمعي: قُلْتُ لأَعرابي: مَا الجِرْياض؟ قَالَ: الَّذِي بطنُه كالحِياض.(7/130)
وَجَمَلٌ جُرائِضٌ: أَكُولٌ، وَقِيلَ: عَظِيمٌ، هَمْزَتُهُ زَائِدَةٌ لِقَوْلِهِمْ فِي مَعْنَاهُ جِرْواضٌ. التَّهْذِيبُ: جَمَلٌ جُرائِضٌ وَهُوَ الأَكول الشَّدِيدُ القَصْل بأَنيابه الشجرَ. أَبو عَمْرٍو: الذِّفِرُّ الْعَظِيمُ مِنَ الإِبل، والجُرائِضُ مِثْلُهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى أَبو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ النَّبَاتِ أَن الجُرائِضَ الجَمَلُ الَّذِي يَحْطِم كُلَّ شيءٍ بأَنيابه؛ وأَنشد لأَبي مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيِّ:
يَتْبَعُها ذُو كِدْنةٍ جُرائِضُ، ... لخَشَبِ الطَّلْحِ هَصُورٌ هائِضُ،
بحَيْثُ يَعْتَشُّ الغرابُ البائِضُ
وَرَجُلٌ جِرْياض: عَظِيمُ الْبَطْنِ. ابْنُ الأَنباري: الجُراضِيةُ الرَّجُلُ الْعَظِيمُ؛ وأَنشد:
يَا رَبَّنا لَا تُبْقِ فِيهِمْ عاصِيَهْ، ... فِي كلِّ يومٍ هِيَ لِي مُناصِيَهْ
تُسامِرُ الحَيَّ وتُضْحي شاصِيَهْ، ... مِثْل الهَجِين الأَحْمَرِ الجُراضِيَهْ
وَيُقَالُ: رَجُلٌ جُرائِضٌ وجُرَئِضٌ مِثْلُ عُلابِطٍ وعُلَبِطٍ؛ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ السَّرَّاجِ. وَنَعْجَةٌ جُرائِضةٌ وجُرَئِضَة مِثَالُ عُلَبِطَة: عَرِيضَةٌ ضَخْمَةٌ. وَنَاقَةُ جُراضٌ: لَطِيفة بِوَلَدِهَا، نَعْتٌ للأُنثى خَاصَّةً دُونَ الذَّكَرِ؛ وأَنشد:
والمَراضِيعُ دائِباتٌ تُرَبِّي ... لِلْمَنايا سَلِيلَ كلِّ جُراضِ
والجُرَئِضُ: الْعَظِيمُ الخَلْق.
جربض: الجُرَبِضُ والجُرَئِضُ: الْعَظِيمُ الخلق.
جرفض: قَالَ الأَزهري: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي كِتَابِهِ رَجُلٌ عُلاهِضٌ جُرافِضٌ جُرامِضٌ، وَهُوَ الثَّقِيلُ الوَخِم؛ قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ رَجُلٌ عُلاهِضٌ مُنْكَرٌ وَمَا أُراه مَحْفُوظًا، وَذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ أَيضاً.
جَرْمَضَ: قَالَ الأَزهري: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي كِتَابِهِ رَجُلٌ عُلاهِضٌ جُرافِضٌ جُرامِضٌ وَهُوَ الثَّقِيلُ الوَخِم، قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ رَجُلٌ عُلاهِضٌ مُنْكَرٌ وَمَا أُراه مَحْفُوظًا، وَذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ أَيضاً وَقَالَ: الجُرامِضُ والجُرَمِضُ الأَكولُ الْوَاسِعُ الْبَطْنِ، والجِرْمِضُ: الصُّلْبُ الشديد.
جَضَضَ: جَضَّضَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ: حَمَلَ. وجَضَّضْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ: حَمَلْت عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: جَضَّضَ عَلَيْهِ حَمَلَ، وَلَمْ يَخُصَّ سَيْفًا وَلَا غَيْرَهُ. ابْنُ الأَعرابي: جَضَّ إِذا مَشَى الجِيَضَّى، وَهِيَ مِشْيَةٌ فِيهَا تَبَخْتُرٌ.
جَلْهَضَ: رَجُلٌ جُلاهِضٌ: ثَقِيلٌ وَخِمٌ.
جهض: أَجْهَضَت الناقةُ إِجْهاضاً، وَهِيَ مُجْهِضٌ: أَلقت وَلَدَهَا لِغَيْرِ تَمَامِ، وَالْجَمْعُ مَجاهِيضُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِي حَراجِيجَ كالحَنِيِّ مَجاهِيضَ، ... يَخِدْنَ الوجيفَ وَخْدَ النَّعامِ
قَالَ الأَزهري: يُقَالُ ذَلِكَ لِلنَّاقَةِ خَاصَّةً، وَالِاسْمُ الجِهَاض، وَالْوَلَدُ جَهِيض، قَالَ الشَّاعِرُ:
يَطْرَحْنَ بالمَهامِهِ الأَغْفالِ ... كلَّ جَهِيضٍ لَثِقِ السِّرْبالِ
أَبو زَيْدٍ: إِذا أَلقت النَّاقَةُ وَلَدَهَا قَبْلَ أَن يَسْتَبِينَ خَلقُه قِيلَ أَجْهَضَت، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: خِدْجٌ وخَدِيج وجِهْض وجَهِيض للمُجْهَض. وَقَالَ الأَصمعي فِي المُجْهَض: إِنه يُسَمَّى مُجْهَضاً إِذا لَمْ يَسْتَبِنْ خَلقُه،(7/131)
قَالَ: وَهَذَا أَصح مِنْ قَوْلِ اللَّيْثِ إِنه الَّذِي تمَّ خلقُه وَنُفِخَ فِيهِ رُوحُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَجْهَضَت جَنِناً
أَي أَسقطت حَمْلَهَا، والسَّقْط جَهِيض، وَقِيلَ: الجَهِيض السِّقْط الَّذِي قَدْ تمَّ خَلْقُهُ وَنُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ مِنْ غَيْرِ أَن يَعِيشَ. والإِجْهاضُ: الإِزْلاق. والجَهِيض: السَّقِيط. الْجَوْهَرِيُّ: أَجْهَضَت النَّاقَةُ أَي أَسقَطتْ، فَهِيَ مُجْهِض، فإِن كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهَا فَهِيَ مِجْهاضٌ، وَالْوَلَدُ مُجْهَضٌ وجَهِيضٌ. وصادَ الجارحُ الصَّيْدَ فأَجْهَضْناه عَنْهُ أَي نَحَّيْنَاهُ وغَلَبْناه عَلَى مَا صادَه، وَقَدْ يَكُونُ أَجْهَضْته عَنْ كَذَا بِمَعْنَى أَعْجَلْته. وأَجْهَضَه عَنِ الأَمر وأَجْهَشَه أَي أَعْجَلَه. وأَجْهَضْته عَنْ أَمره وأَنْكَصْته إِذا أَعْجَلْته عَنْهُ، وأَجْهَضْته عَنْ مَكَانِهِ: أَزَلْته عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَجْهَضُوهم عَنْ أَثقالِهم يَوْمَ أُحُدٍ
أَي نَحَّوهم وأَعجلوهم وأَزالوهم. وجَهَضَني فلانٌ وأَجْهَضَني إِذا غَلَبَك عَلَى الشَّيْءِ. وَيُقَالُ: قُتِلَ فلانٌ فأُجْهِضَ عَنْهُ الْقَوْمُ أَي غُلِبوا حَتَّى أُخذ مِنْهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنه قَصَدَ يَوْمَ أُحُدٍ رَجُلًا قَالَ: فجاهَضَني عَنْهُ أَبو سُفْيان
أَي مانَعَني عَنْهُ وأَزالني. وجَهَضَه جَهْضاً وأَجْهَضَه: غَلَبَه. وقُتِلَ فلانٌ فأُجْهِضَ عَنْهُ الْقَوْمُ أَي غُلبوا حَتَّى أُخِذَ مِنْهُمْ. والجاهِضُ مِنَ الرِّجَالِ: الحديدُ النَّفْس، وَفِيهِ جُهُوضةٌ وجَهاضةٌ. ابْنُ الأْعرابي: الجَهاضُ ثمرُ الأَراك، والجِهاضُ الممانعة.
جوض: رَجُلٌ جَوَّاضٌ: كَجَيَّاضٍ. وجَوْض: مِنْ مَسَاجِدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَتَبُوكَ.
جيض: جاضَ عَنِ الشَّيْءِ يَجِيضُ جَيْضاً أَي مالَ وحادَ عَنْهُ؛ وَالصَّادُّ لُغَةٌ عَنْ يَعْقُوبَ؛ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ عُلْبة الْحَارِثِيُّ:
وَلَمْ نَدْرِ إِنْ جِضْنا عَنِ الْمَوْتِ جَيْضةً، ... كَمِ العمْرُ باقٍ، والمَدَى مُتَطاوِلُ
الأَصمعي: جاضَ يَجِيضُ جَيْضَةً وَهُوَ الرَّوَغانُ والعُدولُ عَنِ الْقَصْدِ؛ وَقَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ إِبلًا:
وتَرَى لجَيْضَتِهنَّ عِنْدَ رَحِيلِنا ... وَهَلًا، كأَنَّ بهنَّ جُنَّةَ أَوْلَقِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
فجاضَ الناسُ جَيْضةً.
يُقَالُ: جاضَ فِي الْقِتَالِ إِذا فرَّ، وجاضَ عَنِ الْحَقِّ عَدَلَ، وأَصل الجَيْضِ الْمَيْلُ عَنِ الشَّيْءِ، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ. أَبو عَمْرٍو: المِشْية الجِيَضَّ فِيهَا اخْتِيَالٌ، والجِيَضّ مِثَالُ الهِجَفّ مِشْيَةٌ فِيهَا اخْتِيَالٌ. وجاضَ فِي مِشْيتِه: تبَخْتر، وَهِيَ الجِيَضَّى، وإِنه لجِيَضُّ المِشية، وَرَجُلٌ جَيَّاضٌ. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ يَمْشِي الجِيَضَّى، بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَهِيَ مِشْية يَخْتَالُ فِيهَا صَاحِبُهَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مِن بعدِ جَذْبي المِشْيةَ الجِيَضَّى، ... فَقَدْ أُفَدِّي مِشْيةً مُنْقَضّا
فصل الحاء المهملة
حبض: حَبَضَ القلبُ يَحْبِضُ حَبْضاً: ضَرَبَ ضربَاناً شَدِيدًا، وَكَذَلِكَ العِرْقُ يَحْبِضُ ثُمَّ يَسْكُن، حَبَضَ العِرْقُ يَحْبِض، وَهُوَ أَشدُّ مِنَ النَّبْض. وأَصابت القومَ داهيةٌ مِنْ حَبَضِ الدَّهْرِ أَي مِنْ ضرَبانه. والحَبَضُ: التحرُّك. وَمَا لَهُ حَبَضٌ وَلَا نَبَضٌ،(7/132)
محرَّك الْبَاءِ، أَي حَرَكَةٌ، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي الْجَحْدِ؛ الحَبَضُ: الصَّوْتُ، والنَّبَضُ: اضطرابُ العِرْق. وَيُقَالُ: الحَبَضُ حَبَضُ الحياةِ، والنَّبَضُ نَبَضُ العُرُوقِ. وَقَالَ الأَصمعي: لَا أَدري مَا الحَبَض. وحَبِضَ وحَبَضَ بالوتَرِ أَي أَنْبَضَ، وتَمُدّ الْوَتَرَ ثُمَّ تُرْسِله فتَحْبَضُ [فتَحْبِضُ] . وحَبَضَ السهمُ يَحْبِضُ حَبْضاً وحُبُوضاً وحَبِضَ حَبْضاً وحَبَضاً: وَهُوَ أَن تَنزِع فِي الْقَوْسِ ثُمَّ تُرْسِلَهُ فَيَسْقُطَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَلَا يَصُوبُ، وصَوْبُه استقامتُه، وَقِيلَ: الحَبْضُ أَن يَقَعَ السَّهْمُ بَيْنَ يَدَيِ الرَّامِي إِذا رَمَى، وَهُوَ خِلَافُ الصارِد؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَا الجَدَى مِنْ مُتْعَبٍ حَبَّاضِ
وإِحْباضُ السَّهْمِ: خِلَافُ إِصْرادِه. وَيُقَالُ: حَبِضَ السهمُ إِذا مَا وَقَعَ بالرَّمِيَّة وَقْعًا غَيْرَ شَدِيدٍ؛ وأَنشد:
والنبلُ يَهْوِي خَطأً وحَبَضا
قَالَ الأَزهري: وأَما قَوْلُ اللَّيْثِ إِن الحابِضَ الَّذِي يَقَعُ بِالرَّمِيَّةِ وَقْعًا غَيْرَ شَدِيدٍ فَلَيْسَ بِصَوَابٍ؛ وَجَعَلَ ابْنُ مُقْبِلٍ المَحابِضَ أَوتارَ الْعُودِ فِي قَوْلِهِ يَذْكُرُ مُغَنِّية تُحَرِّك أَوتارَ الْعُودِ مَعَ غِنائِها:
فُضْلى تُنازِعُها المَحابِضُ رَجْعَها، ... حَذّاءَ لَا قَطِعٌ وَلَا مِصْحالُ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: المَحابِضُ الأَوْتارُ فِي هَذَا الْبَيْتِ. وحَبَضَ حقُّ الرَّجُلِ يَحْبِضُ حُبوضاً: بَطَلَ وَذَهَبَ، وأَحْبَضَه هُوَ إِحْباضاً: أَبْطَلَه. وحَبَضَ ماءُ الركيَّة يَحْبِضُ حُبوضاً: نفَصَ وَانْحَدَرَ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: حَبَضَ حقُّ الرَّجُلِ إِذا بَطَلَ. وحَبَضَ القومُ يَحْبِضُونَ حُبوضاً: نَقَصُوا. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الإِحْباضُ أَن يَكُدّ الرَّجُلُ رَكِيَّتَه فَلَا يَدَعَ فِيهَا مَاءً، والإِحْباط أَن يَذْهَبَ ماؤُها فَلَا يَعُودُ كَمَا كَانَ، قَالَ: وسأَلت الْحُصَيْبِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والحُبَاضُ: الضَّعْف. وَرَجُلٌ حابِضٌ وحَبّاضٌ: مُمْسِكٌ لِمَا فِي يَدَيْهِ بَخِيل. وحَبَضَ الرجلُ: ماتَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمِحْبَضُ: مِشْوَرُ الْعَسَلِ ومِنْدَفُ القُطْن. والمَحابِضُ: مَنادِفُ الْقُطْنِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي مَحابِض الْعَسَلِ يَصِفُ نَحْلًا:
كأَنَّ أَصْواتَها مِنْ حيثُ تسْمَعُها ... صَوْتُ المَحابِضِ يَنْزِعْنَ المَحارِينا
قَالَ الأَصمعي: المَحابِضُ المَشاورُ وَهِيَ عيدانٌ يُشارُ بِهَا الْعَسَلُ؛ وَقَالَ الشَّنْفَرَى:
أَو الخَشْرَم الْمَبْثُوثُ حَثْحَثَ دَبْرَه ... مَحابِيضُ، أَرْساهُنَّ شارٍ مُعَسِّلُ
أَراد بِالشَّارِي الشائرَ فقَلَبه. والمَحارِينُ: مَا تَساقط مِنَ الدَّبْرِ فِي الْعَسَلِ فمات فيه.
حرض: التَّحْرِيض: التَّحْضِيض. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: التَّحْرِيضُ عَلَى الْقِتَالِ الحَثُّ والإِحْماءُ عَلَيْهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: تأْويله حُثَّهم عَلَى الْقِتَالِ، قَالَ: وتأْويل التَّحْرِيض فِي اللُّغَةِ أَن تحُثَّ الإِنسان حَثّاً يَعْلَمُ مَعَهُ أَنه حارِضٌ إِنْ تَخَلَّف عَنْهُ، قَالَ: والحارِضُ الَّذِي قَدْ قَارَبَ الْهَلَاكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَرَّضَه حَضَّه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ حارَضَ فُلَانٌ عَلَى الْعَمَلِ وواكَبَ عَلَيْهِ وواظَبَ وواصَبَ عَلَيْهِ إِذا داوَمَ الْقِتَالَ، فَمَعْنَى حَرِّض الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ حُثَّهم عَلَى أَن يُحارِضُوا أَي يُداوِمُوا عَلَى الْقِتَالِ حَتَّى(7/133)
يُثْخِنُوهم. وَرَجُلٌ حَرِضٌ وحَرَضٌ: لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يُخَافُ شرُّه، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي حَرَض سَوَاءٌ، وَقَدْ جُمِعَ عَلَى أَحْراض وحُرْضان، وَهُوَ أَعْلى، فأَما حَرِضٌ، بِالْكَسْرِ، فَجَمْعُهُ حَرضُون لأَن جَمْعَ السَّلَامَةِ فِي فَعِل صِفَةً أَكثرُ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يكسَّر عَلَى أَفعال لأَن هَذَا الضَّرْبَ مِنَ الصِّفَةِ رُبَّمَا كُسِّر عَلَيْهِ نَحْوُ نَكِدٍ وأَنْكاد. الأَزهري عَنِ الأَصمعي: وَرَجُلٌ حارِضة لِلَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ. والحُرْضان: كالحَرِضِ والحَرَض، والحَرِضُ والحَرَضُ الْفَاسِدُ. حَرَضَ الرجلُ نفْسَه يَحْرِضُها حَرْضاً: أَفسدها. وَرَجُلٌ حَرِضٌ وحَرَضٌ أَي فَاسِدٌ مَرِيضٌ فِي بِنَائِهِ، واحدُه وَجَمْعُهُ سَوَاءٌ. وحَرَضه المرضُ وأَحْرَضَه إِذا أَشفى مِنْهُ عَلَى شَرَفِ الْمَوْتِ، وأَحْرَضَ هُوَ نفسَه كَذَلِكَ. الأَزهري: المُحْرَضُ الْهَالِكُ مَرَضاً الَّذِي لَا حيٌّ فيُرْجَى وَلَا مَيِّتٌ فيُوأَس مِنْهُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَرى المرءَ ذَا الأَذْوادِ يُصْبِحُ مُحْرَضاً ... كإِحْراضِ بكْرٍ فِي الديارِ مَرِيض
وَيُرْوَى: مُحْرِضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ مُؤمِنٍ يَمْرَضُ مَرَضاً حَتَّى يُحْرِضَه
أَي يُدْنِفَه ويُسْقِمَه؛ أَحْرَضَه الْمَرَضُ، فَهُوَ حَرِضٌ وحارِضٌ إِذا أَفسد بَدَنَهُ وأَشْفى عَلَى الْهَلَاكِ. وحَرَضَ يَحْرِضُ ويَحْرُضُ حَرْضاً وحُرُوضاً: هَلَكَ. وَيُقَالُ: كَذَبَ كِذْبةً فأَحْرَضَ نفسَه أَي أَهلكها. وجاءَ بِقَوْلٍ حَرَضٍ أَي هَالِكٍ. وَنَاقَةٌ حُرْضان: سَاقِطَةٌ. وَجَمَلٌ حُرْضان: هَالِكٌ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ بِغَيْرِ هَاءٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ
، يُقَالُ: رَجُلٌ حَرَضٌ وَقَوْمٌ حَرَضٌ وامرأَة حَرَضٌ، يَكُونُ مُوَحّداً عَلَى كُلِّ حَالٍ، الذَّكَرُ والأُنثى وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ لِلذَّكَرِ حارِضٌ وللأُنثى حارِضة، ويثنَّى هَاهُنَا وَيُجْمَعُ لأَنه خَرَجَ عَلَى صُورَةِ فَاعِلٍ، وفاعلٌ يُجْمَعُ. قَالَ: والحارِضُ الْفَاسِدُ فِي جِسْمِهِ وَعَقْلِهِ، قَالَ: وأَما الحَرَضُ فَتُرِكَ جَمْعُهُ لأَنه مَصْدَرٌ بِمَنْزِلَةِ دَنَفٍ وضَنًى، قَوْمٌ دَنَفٌ وضَنًى وَرَجُلٌ دَنَفٌ وضَنًى. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قَالَ رَجُلٌ حَرَضٌ فَمَعْنَاهُ ذُو حَرَضٍ وَلِذَلِكَ لَا يثنَّى وَلَا يُجْمَعُ، وكذلك رجل دَنَفٌ ذو دَنَفٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا نُعِتَ بِالْمَصْدَرِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً
، أَي مُدْنَفاً، وَهُوَ مُحْرَض؛ وأَنشد:
أَمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى غَرْبَةً أَنْ نأَتْ بِهَا، ... كأَنَّكَ حَمٌّ للأَطِبّاءِ مُحْرَضُ؟
والحَرَضُ: الَّذِي أَذابه الْحُزْنُ أَو الْعِشْقُ وَهُوَ فِي مَعْنَى مُحْرَض، وَقَدْ حَرِضَ، بِالْكَسْرِ، وأَحْرَضَه الحُبُّ أَي أَفسده؛ وأَنشد للعَرْجِيّ:
إِني امْرُؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ، فأَحْرَضَني ... حَتَّى بَلِيتُ، وَحَتَّى شَفَّني السَّقَم
أَي أَذابَني. والحَرَضُ والمُحْرَضُ والإِحْرِيضُ: السَّاقِطُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّهُوضِ، وَقِيلَ: هُوَ السَّاقِطُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ. وَقَالَ أَكْثَم بْنُ صَيْفي: سُوءُ حَمْلِ النَّاقَةِ يُحْرِضُ الحسَبَ ويُدِيرُ العَدُوَّ ويُقَوِّي الضَّرُورَةَ؛ قَالَ: يُحْرِضُه أَي يُسْقِطه. وَرَجُلٌ حَرَضٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ، وَجَمْعُهُ أَحْرَاضٌ، وَالْفِعْلُ حَرُضَ يَحْرُضُ حُروضاً. وكلُّ شيءٍ ذاوٍ حَرَضٌ. والحَرَضُ: الرَّدِيء مِنَ النَّاسِ وَالْكَلَامِ، وَالْجَمْعُ أَحْراضٌ؛ فأَما قَوْلُ رُؤْبَةَ:
يَا أَيُّها القائِلُ قوْلًا حَرْضا(7/134)
فإِنه احْتَاجَ فَسَكَّنَهُ. والحَرَضُ والأَحْراضُ: السَّفِلة مِنَ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ: رأَيت مُحَلِّم بْنَ حَثَّامةَ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: كَيْفَ أَنتم؟ فَقَالَ: بِخَير وجَدْنا رَبَّنا رَحِيمًا غَفَرَ لَنَا، فَقُلْتُ: لكلِّكم؟ قَالَ: لكلِّنا غَيْرِ الأَحْراضِ، قُلْتُ: ومَن الأَحْراضُ؟ قَالَ: الَّذِينَ يُشارُ إِليهم بالأَصابع
أَي اشْتُهِرُوا بالشَّرّ، وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ أَسرفوا فِي الذُّنُوبِ فأَهلكوا أَنفسهم، وَقِيلَ: أَراد الَّذِينَ فسُدَت مَذَاهِبُهُمْ. والحُرْضة: الَّذِي يَضْرِبُ للأَيْسارِ بالقِداح لَا يَكُونُ إِلا سَاقِطًا، يَدْعُونَهُ بِذَلِكَ لِرَذَالَتِهِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ حِمَارًا:
ويَظَلُّ المَلِيءُ يُوفِي على القرْنِ ... عَذُوباً، كالحُرْضة المُسْتَفاضِ
المُسْتَفاضُ: الَّذِي أُمِرَ أَن يُفِيضَ الْقِدَاحَ، وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الأَزهري عُقَيْبَ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ. الحُرْضةُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَا يَشْتَرِي اللَّحْمَ وَلَا يأْكله بِثَمَنٍ إِلا أَن يَجِدَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وأَنشد الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ وَقَالَ: أَي الوَقْب الطَّوِيلُ لَا يأْكل شَيْئًا. وَرَجُلٌ مَحُروضٌ: مَرْذولٌ، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ الحَرَاضة والحُروضة والحُروض. وَقَدْ حَرُضَ وحَرِضَ حَرَضاً، فَهُوَ حَرِضٌ، وَرَجُلٌ حارِضٌ: أَحمق، والأُنثى بِالْهَاءِ. وَقَوْمٌ حُرْضان: لَا يَعْرِفُونَ مَكَانَ سَيِّدِهِمْ. والحَرَضُ: الَّذِي لَا يَتَّخِذُ سِلَاحًا وَلَا يُقاتِل. والإِحْرِيضُ: العُصْفُرُ عَامَّةً، وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ فِي ذِكْرِ الصَّدَقَةِ: كَذَا وَكَذَا والإِحْرِيض
، قِيلَ: هُوَ العُصْفُر؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَرَّقَ عَيْنَيْك، عَنِ الغُمُوضِ، ... بَرْقٌ سَرَى فِي عارِضٍ نَهُوضِ
مُلْتَهِبٌ كَلَهَبِ الإِحْرِيضِ، ... يُزْجِي خَراطِيمَ عَمامٍ بِيضِ
وَقِيلَ: هُوَ العُصْفر الَّذِي يُجْعَلُ فِي الطَّبْخِ، وَقِيلَ: حَبُّ الْعُصْفُرِ. وَثَوْبٌ مُحَرَّضٌ: مَصْبُوغٌ بالعُصْفُر. والحُرُضُ: من نَجِيل السباخ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْحَمْضِ، وَقِيلَ: هُوَ الأُشْنان تُغْسَل بِهِ الأَيدي عَلَى أَثر الطَّعَامِ، وَحَكَاهُ سِيبَوَيْهِ الحَرْض، بالإِسكان، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الحُرْض، وَهُوَ حَلقة القُرْط. والمِحْرَضةُ: وِعاء الحُرُض وَهُوَ النَّوْفَلة. والحُرْضُ: الجِصُّ. والحَرَّاضُ: الَّذِي يُحْرِق الجِصَّ ويُوقِد عَلَيْهِ النَّارَ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
مِثْل نارِ الحَرَّاضِ يَجْلو ذُرَى المُزْنِ ... لِمَنْ شامَهُ، إِذا يَسْتَطِيرُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: شبَّه البَرْقَ فِي سُرْعَةِ ومِيضه بِالنَّارِ فِي الأُشْنان لِسُرْعَتِهَا فِيهِ، وَقِيلَ: الحَرَّاضُ الَّذِي يُعالج القِلْيَ. قَالَ أَبو نَصْرٍ: هُوَ الَّذِي يُحْرِقُ الأُشْنان. قَالَ الأَزهري: شَجَرُ الأُشْنان يُقَالُ لَهُ الحَرْض وَهُوَ مِنَ الْحَمْضِ وَمِنْهُ يُسَوَّى القِلْيُ الَّذِي تُغْسَلُ بِهِ الثِّيَابُ، وَيُحْرَقُ الْحَمْضُ رَطْبًا ثُمَّ يرَشُّ الماءُ عَلَى رَمَادِهِ فَيَنْعَقِدُ وَيَصِيرُ قِلْياً. والحَرَّاضُ أَيضاً: الَّذِي يُوقِد عَلَى الصَّخْر لِيُتَّخَذَ مِنْهُ نُورة أَو جِصّاً، والحَرَّاضةُ: الموضعُ الَّذِي يُحْرَقُ فِيهِ، وَقِيلَ: الحَرَّاضةُ مَطْبَخُ الجِصِّ، وَقِيلَ: الحَرَّاضةُ موضعُ إِحْراقِ الأُشْنان يُتَّخَذُ مِنْهُ القِلْيُ للصبّاغِين، كُلُّ ذَلِكَ اسْمٌ كالبَقّالة والزَّرّاعة، ومُحْرِقُه الحَرّاضُ، والحَرّاضُ والإِحرِيضُ: الَّذِي يُوقِد عَلَى الأُشْنان والجِصِّ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَرَّاضةُ سُوقُ الأُشْنان.(7/135)
وأَحْرَضَ الرجلُ أَي وَلَدَ ولدَ سَوءٍ. والأَحْراضُ والحُرْضانُ: الضِّعافُ الَّذِينَ لَا يُقاتِلون؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مَنْ يَرُمْ جَمْعَهم يَجِدْهم مراجِيحَ ... حُماةً للعُزَّلِ الأَحْراضِ
وحَرْضٌ: مَاءٌ مَعْرُوفٌ فِي الْبَادِيَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ الحُرُض، بِضَمَّتَيْنِ، هُوَ وادٍ عِنْدَ أُحُد. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ حُرَاض، بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ: مَوْضِعٌ قُرْبَ مَكَّةَ، قِيلَ: كَانَتْ بِهِ العُزَّى.
حرفض: الحِرْفِضةُ: النَّاقَةُ الْكَرِيمَةُ، عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وقُلُص مَهْرِيَّة حَرافِض
شَمِرٌ: إِبل حَرافِضُ مهازِيلُ ضوامر.
حضض: الحَضُّ: ضرْبٌ مِنَ الْحَثِّ فِي السَّيْرِ وَالسَّوْقِ وَكُلِّ شَيْءٍ. والحَضُّ أَيضاً: أَن تَحُثَّه عَلَى شيءٍ لَا سَيْرَ فِيهِ وَلَا سَوْقَ، حَضَّه يَحُضُّه حَضّاً وحَضَّضَه وَهُمْ يَتَحاضّون، وَالِاسْمُ الحُضّ والحِضِّيضَى كالحِثِّيثَى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فأَين الحِضِّيضَى؟
والحُضِّيضَى
أَيضاً، وَالْكَسْرُ أَعلى، وَلَمْ يأْت عَلَى فُعِّيلَى، بِالضَّمِّ، غَيْرُهَا. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الحَضُّ والحُضُّ لُغَتَانِ كالضَّعْف والضعْف، قَالَ: وَالصَّحِيحُ مَا بدأْنا بِهِ أَن الحَضّ الْمَصْدَرُ والحُضّ الِاسْمُ. الأَزهري: الحَضُّ الحَثُّ عَلَى الْخَيْرِ. وَيُقَالُ: حَضَّضْت الْقَوْمَ عَلَى الْقِتَالِ تَحْضِيضاً إِذا حَرَّضْتهم. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الحَضّ عَلَى الشَّيْءِ جَاءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وحَضَّضَه أَي حَرَّضه. والمُحاضَّة: أَن يَحُثَّ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صاحبَه. والتحاضُّ: التحاثٌ، وقرئَ: وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ
؛ قرأَها عاصم والأَعمش بالأَلف وَفَتْحِ التَّاءِ، وقرأَ أَهل الْمَدِينَةِ:
وَلَا يَحُضُّون
، وقرأَ الْحَسَنُ:
وَلَا تَحُضُّون
، وقرأَ بَعْضُهُمْ:
وَلَا تُحاضُّون
، بِرَفْعِ التَّاءِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وكلٌّ صوابٌ، فَمَنْ قرأَ تُحاضُّون فَمَعْنَاهُ تُحافِظون، وَمَنْ قرأَ تَحاضُّون فَمَعْنَاهُ يَحُضُّ بعضُكم بَعْضًا، وَمَنْ قرأَ تَحُضُّون فَمَعْنَاهُ تأْمرون بإِطعامه، وَكَذَلِكَ يحُضُّون. ابْنُ الْفَرَجِ: يُقَالُ احْتَضَضْتُ نَفْسِي لِفُلَانٍ وابْتَضَضْتُها إِذا اسْتَزَدْتها. والحُضُضُ والحُضَضُ: دواءٌ يُتَّخَذُ مِنْ أَبوال الإِبل، وَفِيهِ لُغَاتٌ أُخَر، رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ الْيَزِيدِيِّ: الحُضَضُ والحُضَظُ والحُظُظُ والحُظَظُ، قَالَ شَمِرٌ: وَلَمْ أَسمع الضَّادَ مَعَ الظَّاءِ إِلا فِي هَذَا، قَالَ: وَهُوَ الحُدُلُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ الحُظُظُ والحُظَظُ بِالظَّاءِ، وَزَادَ الْخَلِيلُ: الحُضَظُ بِضَادٍ بَعْدَهَا ظَاءٌ، وَقَالَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ: الحُضُذُ بِالضَّادِ والذال، وفي حديث
طاووس: لَا بَأْسَ بالحُضَضِ
، رَوَى ابْنُ الأَثير فِيهِ هَذِهِ الوجوهَ كلَّها مَا خَلَا الضادَ والذالَ، وَقَالَ: هُوَ دَوَاءٌ يُعْقَدُ مِنْ أَبوال الإِبل: وَقِيلَ: هُوَ عَقّارٌ مِنْهُ مَكِّيٌّ وَمِنْهُ هِنْدِيٌّ، قَالَ: وَهُوَ عُصارة شَجَرٍ مَعْرُوفٍ؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الحُضُض والحُضَض صَمْغٌ مِنْ نَحْوِ الصَّنَوْبَرِ والمُرِّ وَمَا أَشبههما لَهُ ثَمَرَةٌ كالفُلْفل وَتُسَمَّى شَجَرَتُهُ الحُضَض؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سُلَيم بْنِ مُطَيْرٍ: إِذا أَنا برجلٍ قَدْ جَاءَ كأَنه يَطْلُبُ دَوَاءً أَو حُضَضاً.
والحُضُض: كُحْلُ الخُولانِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحُضَضُ والحُضُضُ، بِفَتْحِ الضَّادِ الأُولى وضمِّها، داءٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ دواءٌ، وَقِيلَ: هُوَ عُصارة الصَّبِرِ. والحَضِيضُ: قَرارُ الأَرض عِنْدَ سَفْح الجَبَل، وَقِيلَ: هُوَ فِي أَسفله، والسَّفْحُ مِنْ وراءِ الحَضِيض، فالحَضِيض مِمَّا يَلِي السَّفْحَ وَالسَّفْحُ دُونَ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ(7/136)
أَحِضَّة وحُضُضٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: فَتَحَرَّكَ الجبَلُ حَتَّى تَساقَطت حِجارتُه بالحَضِيض.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَضيضُ الْقَرَارُ مِنَ الأَرض عِنْدَ مُنْقَطَع الْجَبَلِ؛ وأَنشد الأَزهري لِبَعْضِهِمْ:
الشِّعْرُ صَعْبٌ وطَويلٌ سُلَّمُهْ، ... إِذا ارْتَقى فِيهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهْ،
زلَّتْ بِهِ إِلى الحَضِيضِ قَدَمُهْ، ... يُرِيدُ أَن يُعْرِبَه فيُعْجِمُهْ،
والشِّعْرُ لَا يَسْطِيعُه مَنْ يَظْلِمُهْ
وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ: كَتَبَ عَنْ يزيدَ بْنِ المُهَلَّب إِلى الْحَجَّاجِ: إِنا لَقِينا العَدُوَّ ففَعَلْنا واضْطَرَرْناهم إِلى عُرْعُرَةِ الجَبَل ونحنُ بِحَضِيضه.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَهدى إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَدِيَّة فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يضَعها عَلَيْهِ؛ فَقَالَ: ضَعْه بالحَضِيض فإِنما أَنا عبدٌ آكِلٌ كَمَا يأْكل الْعَبْدُ
، يَعْنِي بالأَرض. قَالَ الأَصمعي: الحُضِّيُّ، بِضَمِّ الْحَاءِ، الحجرُ الَّذِي تَجِدُهُ بحَضِيض الجَبَل وَهُوَ مَنْسُوبٌ كالسُّهْلِيّ والدُّهْرِيّ؛ وأَنشد لِحُمَيْدٍ الأَرقط يَصِفُ فَرَسًا:
وَأْباً يَدُقُّ الحَجَرَ الحُضِّيَّا
وأَحمر حُضِّيٌّ: شَدِيدُ الحمرة. والحُضْحُضُ: نبْتٌ.
حفض: الحَفْضُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ حَفَضَ العُودَ يَحْفضُه حَفْضاً حَناه وعَطَفه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِمّا تَرَيْ دَهْراً حَناني حَفْضا، ... أَطْرَ الصَّناعَينِ العَريشَ القَعْضا
فَجَعَلَهُ مَصْدَرًا لِحَنَانِي لأَن حَناني وحَفَضَني وَاحِدٌ. وحَفَّضْت الشيءَ وحَفَضْته إِذا أَلْقَيْته. وَقَالَ فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ حَناني حَفْضاً أَي أَلقاني؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أُمية:
وحُفِّضَت النُّذورُ وأَرْدَفَتْهُمْ ... فُضُولُ اللَّهِ، وانْتَهَتِ القُسومُ
قَالَ: القُسومُ الأَيمان، وَالْبَيْتُ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ. قَالَ: وحُفِّضَت طُومِنَت وطُرحَت، قَالَ: وَكَذَلِكَ قول رؤبة حَناني حَفْضاً أَي طامَنَ مِني، قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ حُفِّضَت البُدور، قَالَ شَمِرٌ: وَالصَّوَابُ النُّذُورُ. وحَفَضَ الشيءَ وحَفَّضَه، كِلَاهُمَا: قَشَرَه وأَلْقاه. وحَفَّضْت الشيءَ: أَلْقَيْتُه مِنْ يَدِي وَطَرَحْتُهُ. والحَفَضُ: الْبَيْتُ، والحَفَضَ متاعُ الْبَيْتِ، وَقِيلَ: متاعُ الْبَيْتِ إِذا هيئَ لِلْحَمْلِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الحَفَضُ قُماشُ الْبَيْتِ ورديءُ الْمَتَاعِ ورُذالُه وَالَّذِي يُحْمَل ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنَ الإِبل حَفَضٌ، وَلَا يَكَادُ يَكُونُ ذَلِكَ إِلا رُذالُ الإِبل، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْبَعِيرُ الَّذِي يَحَمِلُهُ حَفَضاً بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:
ونَحْنُ إِذا عِمادُ الحيِّ خَرَّتْ ... عَلَى الأَحْفاضِ، نَمْنَعُ مَا يَلِينا
قَالَ الأَزهري: وَهِيَ هَاهُنَا الإِبل وإِنما هِيَ مَا عَلَيْهَا مِنَ الأَحْمال، وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَيْتِ: عَلَى الأَحْفاضِ وَعَنِ الأَحْفاضِ، فَمَنْ قَالَ عنِ الأَحْفاض عَنى الإِبلَ الَّتِي تَحْمِلُ الْمَتَاعَ أَي خرَّت عَنِ الإِبل الَّتِي تَحْمِلُ خُرْثيَّ الْبَيْتِ، وَمَنْ قَالَ عَلَى الأَحْفاض عَنى الأَمْتِعَةَ أَو أَوْعِيَتَها كالجُوالِق وَنَحْوِهَا؛ وَقِيلَ: الأَحْفاضُ هَاهُنَا صغارُ الإِبل أَول مَا تُرْكَب وَكَانُوا يُكِنُّونها فِي الْبُيُوتِ مِنَ البَرْد، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بِمَعْرُوفٍ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ السَّائِرَةِ: يَوْمٌ بِيَوْمِ الحَفَضِ المُجَوَّر؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للمُجازاة بالسُّوء؛ والمُجَوَّرُ:(7/137)
المُطَوَّحُ، والأَصل فِي هَذَا الْمَثَلِ زَعَمُوا أَن رَجُلًا كَانَ بَنُو أَخيه يُؤْذُونه فَدَخَلُوا بَيْتَهُ فَقَلَبُوا متاعَه، فَلَمَّا أَدْرَكَ ولدُه صَنَعُوا مِثْلَ ذَلِكَ بأَخيه فَشَكَاهُمْ فَقَالَ:
يَوْمٌ بيومِ الحَفَضِ المُجَوَّرِ
يُضْرَبُ هَذَا لِلرَّجُلِ صَنَع بِهِ رجلٌ شَيْئًا وصَنَعَ بِهِ الآخرُ مثلَه، وَقِيلَ: الحَفَضُ وِعَاءُ الْمَتَاعِ كالجُوالِق وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: بَلِ الحَفَضُ كلُّ جُوالق فِيهِ مَتَاعُ الْقَوْمِ. قَالَ يُونُسُ: ربيعةُ كلُّها تَجْعَلُ الحَفَضَ البعيرَ وقيسٌ تَجْعَلُ الحَفَضَ الْمَتَاعَ. والحَفَضُ أَيضاً: عَمُودُ الْخِبَاءِ. والحَفَضُ: الْبَعِيرُ الَّذِي يَحْمِلُ الْمَتَاعَ. الأَزهري: قَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ الحَفَضُ قَالُوا هُوَ القَعُود بِمَا عَلَيْهِ، وَقَالَ: الحَفَضُ الْبَعِيرُ الَّذِي يَحْمِلُ خُرْثِيَّ الْمَتَاعِ، وَالْجَمْعُ أَحْفاضٌ؛ وأَنشد لرؤبة:
يَا ابْنَ قُرومٍ لَسْنَ بالأَحْفاضِ، ... مِنْ كلِّ أَجْأَى مِعْذَم عَضّاضِ
المِعْذَمُ: الَّذِي يَكْدِمُ بأَسْنانه. والحَفَضُ أَيضاً: الصغيرُ مِنَ الإِبل أَول مَا يُرْكَبُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَحْفاضٌ وحِفَاضٌ. وإِنه لَحَفَضُ عِلْمٍ أَي قَلِيله رَثه، شبَّه عِلْمَه فِي قِلَّتِه بالحَفَضِ الَّذِي هُوَ صَغِيرُ الإِبل، وَقِيلَ: بِالشَّيْءِ المُلْقَى. وَيُقَالُ: نِعْمَ حَفَضُ العِلْمِ هَذَا أَي حاملُه. قَالَ شَمِرٌ: وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ يَوْمًا وَقَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ فَقَالَ: هؤلاءِ أَحْفاضُ عِلْمٍ وإِنما أُخِذ مِنَ الإِبل الصِّغَارِ. وَيُقَالُ: إِبل أَحْفاضٌ أَي ضَعِيفَةٌ. وَفِي النَّوَادِرِ: حَفَّضَ اللَّهُ عَنْهُ وحَبَّضَ عَنْهُ أَي سَنَحَ عَنْهُ وخَفَّفَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والحَفِيضةُ الخَلِيَّة الَّتِي يُعَسّل فِيهَا النَّحْلُ، وَقَالَ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ وليست فِي كَلَامِهِمْ إِلا فِي بَيْتِ الأَعشى وَهُوَ:
نَحْلًا كَدَرْداقِ الحَفِيضة مَرْهوباً، ... لَهُ حولَ الوَقُودِ زَجَلْ
والحَفَضُ: حجَرٌ يُبْنَى بِهِ. والحَفَضُ: عَجَمَةُ شَجَرَةٍ تسمَّى الحِفْوَلَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ: وَكُلُّ عَجَمةٍ مِنْ نَحْوِهَا حَفَضٌ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي الْجَمْهَرَةِ: وَقَدْ سَمَّت العرب مُحَفِّضاً.
حفرضض: رأَيته فِي الْمُحْكَمِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: جَبَلٌ مِنَ السَّراة فِي شِقِّ تِهَامَةَ؛ عن أَبي حنيفة.
حمض: الحَمْضُ مِنَ النَّبَاتِ: كُلُّ نَبْتٍ مالحٍ أَو حامضٍ يَقُومُ عَلَى سُوق وَلَا أَصل لَهُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كُلُّ ملْحٍ أَو حَامِضٍ مِنَ الشَّجَرِ كَانَتْ ورقتُه حيَّةً إِذا غَمَزْتها انْفَقَأَتْ بماءٍ وَكَانَ ذَفِرَ المَشَمِّ يُنْقِي الثَّوْبَ إِذا غُسِلَ بِهِ أَو الْيَدَ فَهُوَ حَمْض، نَحْوَ النَّجِيل والخِذْراف والإِخْرِيط والرِّمْث والقِضَة والقُلَّام والهَرْم والحُرُض والدَّغَل والطَّرْفاء وَمَا أَشبهها. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: مِنْ سَلَمٍ وأَراكٍ وحُمُوضٍ
؛ هي جَمْعُ الحَمْض وَهُوَ كُلُّ نَبْتٍ فِي طَعْمِهِ حُمُوضَة. قَالَ الأَزهري: والمُلُوحة تسمَّى الحُمُوضَة. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: الحَمْضُ كُلُّ نَبَاتٍ لَا يَهيجُ فِي الرَّبِيعِ وَيَبْقَى عَلَى الْقَيْظِ وَفِيهِ مُلُوحَةٌ، إِذا أَكلته الإِبل شَرِبَت عَلَيْهِ، وإِذا لَمْ تَجِدْهُ رَقَّت وضَعُفَت. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى،
وأَبْقَلَ حَمْضُها
أَي نَبَتَ وظهَرَ مِنَ الأَرض. وَمِنَ الأَعراب مَنْ يسمِّي كُلَّ نَبْتٍ فِيهِ مُلوحة حَمْضاً. واللَّحْم حَمْضُ الرِّجَالِ. والخُلَّةُ مِنَ النَّبَاتِ: مَا كَانَ حُلْواً، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الخُلَّةُ خُبْزُ الإِبل والحَمْضُ(7/138)
فاكهتُها وَيُقَالُ لَحْمُها، وَالْجَمْعُ الحُمُوض؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَرْعَى الغَضَا مِنْ جانِبَيْ مُشَفِّقِ ... غِبّاً، ومَن يَرعَ الحُمُوضَ يَغْفِقِ
أَي يَرِدُ الماءَ كلَّ سَاعَةٍ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ إِذا جاءَ مُتَهَدِّدًا: أَنْتَ مُخْتَلٌّ فَتَحَمَّضْ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِ الْمَعَانِي: حَمَّضْتها يَعْنِي الإِبل أَي رَعَّيْتها الحَمْضَ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وكَلْباً ولَخْماً لَمْ نزَلْ مُنْذُ أَحْمَضَت، ... يُحَمِّضُنا أَهْلُ الجَنابِ وخَيْبَرا
أَي طَرَدْناهم ونفَيْناهم عَنْ مَنَازِلِهِمْ إِلى الجَنابِ وخَيْبر؛ قَالَ ومثله قولهم:
جاؤوا مُخِلِّينَ فلاقَوْا حَمْضا
أَي جاؤوا يَشْتَهُونَ الشَّرَّ فَوَجَدُوا مَنْ شَفاهم مِمَّا بِهِمْ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
ونُورِدُ المُسْتَوْرِدِينَ الحَمْضا
أَي مَنْ أَتانا يَطلب شَرًّا شَفَيْنَاهُ مِنْ دَائِهِ، وَذَلِكَ أَن الإِبل إِذا شَبِعْت مِنَ الخُلَّة اشْتَهَتِ الحَمْض. وحمَضَتِ الإِبلُ تَحْمُضُ حَمْضاً وحُموضاً: أَكلت الحَمْضَ، فَهِيَ حَامِضةٌ، وإِبل حَوَامِضُ، وأَحْمَضَها هُوَ. والمَحْمَضُ، بِالْفَتْحِ: الموضعُ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ الإِبل الحَمْض؛ قَالَ هِمْيَانُ بْنُ قُحَافَةَ:
وقَرَّبُوا كلَّ جُمالِيٍّ عَضِهْ، ... قَريبة نُدْوَتُه مِنْ مَحْمَضِه،
بَعِيدة سُرَّته مِنْ مَغْرِضِهْ
مِنْ مَحْمَضه أَي مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي يَحْمُض فِيهِ، وَيُرْوَى: مُحْمَضه بِضَمِّ الْمِيمِ. وإِبل حَمْضيّة وحَمَضيّة: مُقِيمَةٌ فِي الحَمْض؛ الأَخيرة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَبَعِيرٌ حَمْضِيٌّ: يأْكُلُ الحَمْض. وأَحْمَضَت الأَرض وأَرض مُحْمِضَة: كَثِيرَةُ الحَمْض، وَكَذَلِكَ حَمْضِيّة وحَمِيضةٌ مِنْ أَرَضِين حِمْضٍ، وَقَدْ أَحْمَضَ القومُ أَي أَصابوا حَمْضاً. ووَطِئْنا حُموضاً مِنَ الأَرض أَي ذواتِ حَمْضٍ. والحُمُوضة: طَعْمُ الحامِض. والحُمُوضةُ: مَا حذَا اللسانَ كَطَعْمِ الْخَلِّ وَاللَّبَنِ الحازِر، نادرٌ لأَن الفُعولة إِنما تَكُونُ للمَصادرِ، حَمَضَ يَحْمُضُ «2» حَمْضاً وحُمُوضةً وحَمُضَ، فَهُوَ حَامِضٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَلَبَنٌ حَامِضٌ وإِنه لَشَدِيدٌ الحَمْضِ والحُمُوضةِ. والمُحَمِّضُ مِنَ العِنَب: الحامِضُ. وحَمَّضَ: صَارَ حَامِضًا. وَيُقَالُ: جاءَنا بأَدِلَّةٍ مَا تُطاق حَمْضاً، وَهُوَ اللَّبَنُ الْخَاثِرُ الشَّدِيدُ الْحُمُوضَةِ. وَقَوْلُهُمْ: فلانٌ حَامِضُ الرِّئَتينِ أَي مُرُّ النَّفْسِ. والحمَّاضةُ: مَا فِي جَوْفِ الأُتْرُجَّةِ، وَالْجَمْعُ حُمَّاضٌ. والحُمَّاض: نَبْتٌ جَبَلِيٌّ وَهُوَ مِنْ عُشْب الرَّبِيعِ وورَقُه عِظامٌ ضُخْم فُطْح إِلا أَنه شديدُ الحَمْضِ يأْكله النَّاسُ وَزَهْرُهُ أَحمر وَوَرَقُهُ أَخضر ويَتناوَسُ فِي ثَمَرِهِ مثلُ حَبِّ الرُّمان يأْكله النَّاسُ شَيْئًا قَلِيلًا: وَاحِدَتُهُ حُمّاضة؛ قَالَ الرَّاجِزُ رُؤْبَةُ:
تَرَى بِهَا مِنْ كلِّ رَشَّاشِ الوَرَقْ ... كثامِرِ الحُمَّاضِ مِنْ هَفْتِ العَلَقْ
__________
(2) . قوله [حَمَضَ يَحْمَضُ إلخ] كذا ضبط في الأَصل. وفي القاموس وشرحه ما نصه: وقد حَمضَ ككرم وجعل وفرح، الأولى عن اللحياني. ونقل الجوهري هذه: وحَمَضَ من حد نصر، وحَمِضَ كفرح في اللبن خاصة حَمَضاً، محركة، وهو في الصحاح بالفتح وحُمُوضة بالضم.(7/139)
فشبَّه الدَّمَ بنَوْرِ الحُمّاض. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحُمَّاض مِنَ العُشْب وَهُوَ يَطُولُ طُولًا شَدِيدًا وَلَهُ وَرَقَةٌ عَظِيمَةٌ وَزَهْرَةٌ حَمْرَاءُ، وإِذا دَنَا يُبْسُه ابيضَّت زَهْرَتُهُ، وَالنَّاسُ يأْكلونه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَاذَا يُؤَرِّقُني، والنومُ يُعْجِبُني، ... مِنْ صَوْتِ ذِي رَعَثاتٍ سَاكِنِ الدَّارِ؟
كأَن حُمَّاضةً فِي رأْسِه نَبَتَتْ، ... مِنْ آخِرِ الصَّيف، قَدْ همَّت بإِثْمارِ
فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ وَبْرةَ وَهُوَ لِصٌّ مَعْرُوفٌ يصف قوماً:
على رؤُوسِهمُ حُمَّاضُ مَحْنِية، ... وَفِي صُدورِهمُ جَمْرُ الغَضَا يَقِدُ
فَمَعْنَى ذلك أَن رؤُوسهم كالحُمّاض فِي حُمْرة شُعُورِهِمْ وأَن لِحاهم مَخْضوبة كجَمر الْغَضَا، وجعلَهَا فِي صُدُورِهِمْ لِعِظَمِهَا حَتَّى كأَنها تَضْرِبُ إِلى صُدُورِهِمِ، وَعِنْدِي أَنه إِنما عَنَى قولَ الْعَرَبِ فِي الأَعداء صُهْب السِّبال، وإِنما كُنِيَ عَنِ الأَعداء بِذَلِكَ لأَن الرُّومَ أَعداءُ الْعَرَبِ وَهُمْ كَذَلِكَ، فوُصِف بِهِ الأَعداءُ وإِن لَمْ يَكُونُوا رُوماً. الأَزهري: الحُمَّاض بَقْلَةٌ بَرِّيَّة تَنْبُتُ أَيام الرَّبِيعِ فِي مَسَايِلِ الْمَاءِ وَلَهَا ثَمَرَةٌ حَمْرَاءُ وَهِيَ مِنْ ذُكُورِ الْبُقُولِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فتداعَى مَنْخَراهُ بِدَم، ... مِثلَ مَا أَثمرَ حُمّاض الجبَلْ
ومَنابتُ الحُمّاضِ: الشُّعَيْبات ومَلاجئ الأَودية وَفِيهَا حُموضةٌ، وَرُبَّمَا نبَّتها الحاضرةُ فِي بَساتِينهم وسَقَوْها ورَبَّوْها فَلَا تَهِيجُ وَقْتَ هَيْجِ البُقولِ البَرِّيَّةِ. وَفُلَانٌ حَامِضُ الفُؤاد فِي الْغَضَبِ إِذا فَسَدَ وَتَغَيَّرَ عَداوةً. وفُؤادٌ حَمْضٌ، ونَفْسٌ حَمْضة: تَنْفِر مِنَ الشَّيْءِ أَولَ مَا تَسْمَعُهُ. وتَحَمَّض الرجلُ: تحوَّل مِنْ شيءٍ إِلى شيءٍ. وحَمَّضه عَنْهُ وأَحْمَضَه: حَوَّله؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
لَا يَني يُحْمِضُ العَدُوَّ، وذو الخُلمَّة ... يُشْفَى صَداهُ بالإِحْمَاض
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ حَمَضَتِ الإِبلُ، فَهِيَ حامِضَة إِذا كَانَتْ تَرْعَى الخُلَّة، وَهُوَ مِنَ النَّبْتِ مَا كَانَ حُلْواً، ثُمَّ صَارَتْ إِلى الحَمْض تَرْعَاهِ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنَ النَّبْتِ مَالِحًا أَو حَامِضًا. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِذا أَتى الرجلُ المرأَة فِي غَيْرِ مأْتاها الَّذِي يَكُونُ مَوْضِعَ الْوَلَدِ فَقَدْ حَمَّضَ تَحْمِيضاً كأَنه تَحَوَّلَ مِنْ خَيْرِ الْمَكَانَيْنِ إِلى شرِّهما شَهْوَةً مَعْكوسة كَفِعْلِ قَوْمِ لوطٍ الَّذِينَ أَهلكهم اللَّهُ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيل. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ وَسُئِلَ عَنِ التَّحَمُّض قَالَ: وَمَا التَّحَمُّض؟ قَالَ: يأْتي الرَّجُلُ المرأَة فِي دُبُرِها، قَالَ: ويَفْعَلُ هَذَا أَحدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
وَيُقَالُ للتَّفْخيذ فِي الْجِمَاعِ: تَحْمِيض. وَيُقَالُ: أَحْمَضْتُ الرجلَ عَنِ الأَمر حَوَّلْته عَنْهُ وَهُوَ مِنْ أَحْمَضَتِ الإِبلُ إِذا مَلَّتْ مِنْ رَعْي الخُلَّة، وَهُوَ الحُلْوُ مِنَ النَّبَاتِ، اشْتَهَت الحَمْضَ فتحوَّلَت إِليه؛ وأَما قَوْلُ الأَغلب الْعَجْلِيِّ:
لَا يُحْسِنُ التَّحْمِيضَ إِلا سَرْدا
فإِنه يُرِيدُ التَّفْخِيذ. والتَّحْمِيضُ: الإِقلال مِنَ الشَّيْءِ. يُقَالُ: حَمَّضَ لَنَا فلانٌ فِي القِرَى أَي قلَّل. وَيُقَالُ: قَدْ أَحْمَضَ القومُ إِحْمَاضاً إِذا أَفاضوا فِيمَا يُؤْنِسُهم مِنَ الْحَدِيثِ والكلامِ كَمَا يُقَالُ فَكِهٌ ومُتَفَكِّهٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ يَقُولُ إِذا أَفاضَ مَنْ عِنْده(7/140)
فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ الْقُرْآنِ وَالتَّفْسِيرِ: أَحْمِضُوا
، وَذَلِكَ لَمّا خافَ عَلَيْهِمُ المَلالَ أَحَبَّ أَن يُرِيحَهم فأَمَرَهم بالإِحْمَاض بالأَخْذِ فِي مُلَح الْكَلَامِ وَالْحِكَايَاتِ. والحَمْضَة: الشَّهْوة إِلى الشَّيْءِ، وَرَوَى أَبو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِهِ حَدِيثًا لِبَعْضِ التَّابِعِينَ وَخَرَّجَهُ ابْنُ الأَثير مِنْ حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ قَالَ: الأُذُنُ مَجّاجَةٌ وَلِلنَّفْسِ حَمْضةٌ
أَي شَهْوة كَمَا تَشْتَهِي الإِبلُ الحَمْضَ إِذا مَلَّت الخُلَّة، والمَجَّاجَةُ: الَّتِي تمُجُّ مَا تَسْمعه فَلَا تَعِيه إِذا وُعِظت بشيءٍ أَو نُهيَت عَنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهَا شَهْوة فِي السَّمَاعِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْنَى أَن الْآذَانَ لَا تَعِي كلَّ مَا تَسْمَعُه وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ ذَاتُ شَهْوَةٍ لِمَا تَسْتَظْرِفُه مِنْ غرائبِ الْحَدِيثِ وَنَوَادِرِ الْكَلَامِ. والحُمَّيْضى: نَبْتٌ وليس من الحُموضة. وحَمْضَة: اسْمُ حَيِّ بَلْعاءَ بْنِ قَيْسٍ اللَّيْثِيِّ؛ قَالَ:
ضَمِنْتُ لِحَمْضَةَ جِيرانَه، ... وذِمَّةَ بَلْعاءَ أَن تُؤْكَلا
مَعْنَاهُ أَن لَا تؤْكل. وَبَنُو حُمَيْضَة: بَطْنٌ. وَبَنُو حَمْضة: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ. وحُمَيْضَة: اسْمُ رَجُلٍ مَشْهُورٍ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وحَمْضٌ: ماءٌ معروف لبني تميم.
حوض: حاضَ الماءَ وغيرَه حَوْضاً وحَوَّضَه: حاطَه وجَمَعَه. وحُضْتُ أَحُوضُ: اتخذْتُ حَوْضاً. واسْتَحْوَضَ الماءُ: اجْتَمَعَ. والحَوْضُ: مُجْتَمَعُ الْمَاءِ مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ أَحْواض وحِيَاض. وحَوْضُ الرَّسُولِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي يَسْقِي مِنْهُ أُمَّته يَوْمَ الْقِيَامَةِ. حَكَى أَبو زَيْدٍ: سَقاك اللَّهُ بِحَوْض الرَّسُولِ وَمِنْ حَوْضِه. والتَّحْوِيضُ: عَمَلُ الحَوْض. والاحْتِياضُ: اتخاذُه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
طَمِعْنا فِي الثَّوابِ فَكَانَ جَوْراً، ... كمُحْتَاضٍ عَلَى ظَهْرِ السَّرابِ
واسْتَحْوَضَ الماءَ: اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ حَوْضاً. وحَوْضُ المَوْتِ: مُجْتَمَعُه، عَلَى الْمَثَلِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والمُحَوَّضُ، بِالتَّشْدِيدِ: شيءٌ يُجْعَلُ لِلنَّخْلَةِ كالحوْض يُشْرَبُ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ إِسمعيل: لَمَّا ظَهر لَهَا ماءُ زَمْزَمَ جَعَلَتْ تُحَوِّضُه
أَي تَجْعَلُهُ حَوْضاً يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ. ابْنُ سِيدَهْ: والمُحَوَّضُ مَا يصْنَع حَوالَيِ الشَّجَرَةِ عَلَى شَكْلِ الشَّرَبَةِ؛ قَالَ:
أَما تَرى، بِكُلِّ عَرْضٍ مُعْرِضِ، ... كلَّ رَداحٍ دَوْحةِ المُحَوَّضِ؟
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَنا أُحَوِّضُ حَوْلَ ذَلِكَ الأَمر أَي أَدُور حَوْلَهُ مِثْلَ أُحَوِّطُ. والمُحَوَّض: الْمَوْضِعُ الَّذِي يسمَّى حَوْضاً. وحَوْضَى: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
مِنْ وَحْشِ حَوْضَى يُراعِي الصَّيْدَ مُنْتَبِذاً، ... كأَنه كَوْكَبٌ، فِي الجَوِّ، مُنْحَرِدُ
يَعْنِي بالصيد الوحش. ومُنْحَرِدٌ: منفردٌ عَنِ الْكَوَاكِبِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِذِي الرُّمَّةِ:
كأَنَّا رَمَتْنا بالعُيونِ، الَّتِي نَرَى، ... جآذِرُ حَوْضَى مِنْ عُيونِ البَراقِع
وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ:
أَوْ ذِي وُشومٍ بحَوْضَى باتَ مُنْكَرِساً، ... فِي لَيْلةٍ مِنْ جُمادَى، أَخْضَلَتْ زِيمَا
وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ
حَوْضاء
، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمَدِّ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ وَادِي القُرَى وَتَبُوكَ نَزَلَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ،(7/141)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ سَارَ إِلى تَبُوكَ؛ قَالَهُ ابْنُ إِسحاق بِالضَّادِ. الأَصمعي: إِني لأَدُورُ حولَ ذَلِكَ الأَمر وأُحَوِّضُ وأُحَوِّطُ حوله بمعنى واحد.
حيض: الحَيْضُ: مَعْرُوفٌ. حَاضَت المرأَة تَحِيضُ حَيْضاً ومَحِيضاً، والمَحِيض يَكُونُ اسْمًا وَيَكُونُ مَصْدَرًا. قَالَ أَبو إِسحاق: يُقَالُ حاضَت المرأَة تحِيضُ حَيْضاً ومَحَاضاً ومَحِيضاً، قَالَ: وَعِنْدَ النَّحْوِيِّينَ أَن الْمَصْدَرَ فِي هَذَا الْبَابِ بَابُهُ المَفْعَل والمَفْعِل جَيِّدٌ بالغٌ، وَهِيَ حَائِض، هُمِزت وإِن لَمْ تَجْر عَلَى الْفِعْلِ لأَنه أَشبه فِي اللَّفْظِ مَا اطَّرَدَ هَمْزُهُ مِنَ الْجَارِي عَلَى الْفِعْلِ نَحْوُ قَائِمٍ وَصَائِمٍ وأَشباه ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ويدلُّك عَلَى أَن عَيْنَ حائِضٍ هَمْزَةٌ، وَلَيْسَتْ يَاءً خَالِصَةً كَمَا لعَلَّه يَظُنُّهُ كَذَلِكَ ظانٌّ، قولُهم امرأَة زائِرٌ مِنْ زِيَارَةِ النِّسَاءِ، أَلا تَرَى أَنه لَوْ كَانَتِ الْعَيْنُ صَحِيحَةً لَوَجَبَ ظُهُورُهَا وَاوًا وأَن يُقَالَ زاوِر؟ وَعَلَيْهِ قَالُوا: العائرُ للرَّمِد، وإِن لَمْ يَجْرِ عَلَى الْفِعْلِ لَمَا جاءَ مَجِيءَ مَا يَجِبُ هَمْزُهُ وإِعلالُه فِي غَالِبِ الأَمر، وَمِثْلُهُ الحائشُ. الْجَوْهَرِيُّ: حَاضَتْ، فَهِيَ حَائِضَة؛ وأَنشد:
رأَيتُ حُيونَ العامِ والعامِ قبْلَه ... كحائِضةٍ يُزْنَى بِهَا غيرَ طاهِر
وجمعُ الحَائِض حَوائِضُ وحُيَّضٌ عَلَى فُعَّل. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: يُقَالُ حَاضَتْ ونَفِست ونفُست ودَرَسَتْ وطَمِثَتْ وضَحِكَتْ وكادَتْ وأَكْبَرَتْ وصامَتْ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: سُمِّيَ الحَيْضُ حَيْضاً مِنْ قَوْلِهِمْ حَاضَ السيلُ إِذا فاضَ؛ وأَنشد لِعُمَارَةَ بْنِ عُقَيْلٍ:
أَجالَتْ حَصاهُنَّ الذَّوارِي، وحَيَّضَت ... عليْهنَّ حَيْضاتُ السُّيولِ الطَّواحِم
والذَّوارِي وَالذَّارِيَاتُ: الرِّيَاحُ. والحَيْضَة: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ دُفَع الحَيْض ونُوَبِه، والحَيْضَات جَمَاعَةٌ، والحِيضَة الِاسْمُ، بِالْكَسْرِ، وَالْجَمْعُ الحِيَضُ، وَقِيلَ: الحِيضَةُ الدَّمُ نَفْسُهُ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: لَيْسَتْ حِيضتُك فِي يَدِك
؛ الحِيضَةُ، بِالْكَسْرِ: الِاسْمُ مِنَ الحَيْض وَالْحَالُ الَّتِي تَلْزَمُهَا الحائِض مِنَ التَّجَنُّبِ والتحيُّض كالجِلْسة والقِعْدة مِنَ الْجُلُوسِ وَالْقُعُودِ. والحِيَاضُ: دمُ الحَيْضَة؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
خَواقُ حِياضهن تَسِيلُ سَيْلًا، ... عَلَى الأَعْقابِ، تَحْسِبُه خِضابا
أَراد خَواقّ فَخَفَّفَ. وتَحَيَّضتِ المرأَةُ: تَرَكَتِ الصلاةَ أَيام حَيْضِهَا. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ للمرأَة: تَحَيَّضي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتّاً أَو سَبْعاً
؛ تَحَيَّضَتِ المرأَةُ إِذا قَعَدَتْ أَيام حَيْضتِها تَنْتَظِرُ انْقِطَاعَهُ، يَقُولُ: عُدِّي نَفْسَك حَائِضاً وَافْعَلِي مَا تَفْعَلُ الحائِضُ، وإِنما خصَّ السِّتّ وَالسَّبْعَ لأَنهما الْغَالِبُ عَلَى أَيام الحَيْض. واسْتُحِيضَت المرأَةُ أَي استمرَّ بِهَا الدمُ بَعْدَ أَيامها، فَهِيَ مُسْتَحاضة، والمُسْتَحَاضَة: الَّتِي لَا يَرْقَأُ دمُ حَيْضِها وَلَا يَسِيلُ مِنَ المَحِيض وَلَكِنَّهُ يسيلُ مِنْ عِرْقٍ يُقَالُ لَهُ العاذِل، وإِذا اسْتُحِيضَت المرأَةُ فِي غَيْرِ أَيام حَيْضِها صَلَّتْ وصامَتْ وَلَمْ تَقْعُدْ كَمَا تَقْعُد الْحَائِضُ عَنِ الصَّلَاةِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ
؛ قِيلَ: إِن المَحِيضَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ المَأْتَى مِنَ المرأَة لأَنه مَوْضِعُ الحَيْضِ فكأَنه قَالَ: اعْتَزِلُوا النساءَ فِي مَوْضِعِ الحَيْضِ وَلَا تُجامِعوهن فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن فُلانةَ اسْتُحِيضَت
؛ الاسْتِحَاضَةُ: أَن يستمرَّ بالمرأَة خروجُ الدَّمِ بَعْدَ أَيام(7/142)
حَيْضِها المُعْتاد. يُقَالُ: اسْتُحِيضَتْ، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الحَيْض. وحَاضَتِ السَّمُرة: خَرَجَ مِنْهَا الدُّوَدِمُ، وَهُوَ شيءٌ شِبْهُ الدَّمِ، وإِنما ذَلِكَ عَلَى التَّشْبِيهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: حَاضَتِ السَّمُرةُ تَحِيضُ حَيْضاً، وَهِيَ شَجَرَةٌ يَسِيلُ مِنْهَا شيءٌ كَالدَّمِ. الأَزهري: يُقَالُ حَاضَ السيلُ وفاضَ إِذا سَالَ يَحِيضُ ويَفيض؛ وَقَالَ عُمَارَةُ:
أَجالَت حَصاهُنَّ الذَّوارِي، وحَيَّضَت ... عليهنَّ حَيْضات السُّيولِ الطَّواحِم
مَعْنَى حَيَّضَت: سيَّلت. والمَحِيض والحَيْض: اجْتِمَاعُ الدَّمِ إِلى ذَلِكَ الْمَكَانِ، قَالَ: وَمِنْ هَذَا قِيلَ للحَوْض حَوْضٌ لأَن الْمَاءَ يَحِيضُ إِليه أَي يَسِيل، قَالَ: وَالْعَرَبُ تُدْخِلُ الواوَ عَلَى الْيَاءِ والياءَ عَلَى الْوَاوِ لأَنهما مِنْ حيِّز وَاحِدٍ، وَهُوَ الْهَوَاءُ، وَهُمَا حَرْفَا لِينٍ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ فِي بَابِ الصَّادِ وَالضَّادِ: حاصَ وحاضَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ الصَّادِ وَالضَّادِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: إِنما هُوَ حاضَ وجاضَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: حَاضَت المرأَة وتحَيَّضَت ودَرَسَتْ وعَرَكَتْ تَحِيضُ حَيْضاً ومَحَاضاً ومَحِيضاً إِذا سَالَ الدَّمُ مِنْهَا فِي أَوقات مَعْلُومَةٍ، فإِذا سَالَ فِي غَيْرِ أَيام مَعْلُومَةٍ وَمِنْ غَيْرِ عِرْقِ المَحيض قُلْتَ: اسْتُحِيضَت، فَهِيَ مُسْتَحَاضَة، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الحَيْضِ وَمَا تصرَّف مِنْهُ مِنِ اسْمٍ وَفِعْلٍ وَمَصْدَرٍ وَمَوْضِعٍ وَزَمَانٍ وَهَيْئَةٍ فِي الْحَدِيثِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لَا تُقْبَل صَلَاةُ حَائِض إِلَّا بِخِمارٍ
أَي بَلَغَت سنَّ المَحِيض وَجَرَى عَلَيْهَا الْقَلَمُ. وَلَمْ يُرِدْ فِي أَيام حَيْضِها لأَن الحائِضَ لَا صَلَاةَ عَلَيْهَا. والحِيضَة: الخِرْقة الَّتِي تَسْتَثْفِرُ بِهَا المرأَة؛ قَالَتْ
عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَيْتَنِي كنتُ حِيضَةً مُلْقاةً
؛ وَكَذَلِكَ المَحِيضة، وَالْجَمْعُ المَحَايِضُ. وَفِي حَدِيثِ بِئْرِ بُضاعة:
تُلْقَى فِيهَا المَحَايِض
؛ وَقِيلَ: المَحايِضُ جَمْعُ المَحِيض، وَهُوَ مَصْدَرُ حَاضَ، فَلَمَّا سمِّي بِهِ جَمعه، وَيَقَعُ المَحِيضُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ والدم.
فصل الخاء المعجمة
خرض: اللَّيْثُ: الخَرِيضةُ الجارِيةُ الحَدِيثةُ السنِّ الحَسَنةُ البيضاءُ التارَّةُ، وَجَمْعُهَا خَرَائِضُ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ لِغَيْرِ اللَّيْثِ.
خضض: الخَضَضُ: السَّقَطُ فِي المَنْطِق، وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: مَنْطِقٌ خَضَضٌ. والخَضَضُ: الخَرَز الأَبيض الصِّغارُ الَّذِي تَلْبَسُه الإِماءُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وإِنَّ قُرُومَ خَطْمَة أَنْزَلَتْنِي ... بِحَيْثُ يُرَى، مِن الخَضَضِ، الخُرُوتُ
وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ أَبي الطَّمَحانِ القَيْني:
أَضاءَتْ لَهُمْ أَحْسابُهُمْ وَوُجُوهُهُمْ ... دُجَى اللَّيلِ، حَتَّى نَظَّمَ الجَزْعَ [الجِزْعَ] ثاقِبُهْ
والخَضاضُ: الشيءُ اليَسيرُ مِنَ الحُلِيّ؛ وأَنشد الْقَنَانِيُّ:
وَلَوْ أَشْرَفَتْ مِنْ كُفَّةِ السِّترِ عاطِلًا، ... لَقُلْتَ: غَزالٌ مَا عَلَيْه خَضَاضُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
جاريةٌ، فِي رَمضانَ المَاضِي، ... تُقَطِّعُ الحَدِيثَ بِالإِيماضِ
مِثْلُ الغَزالِ زِينَ بِالخَضَاضِ، ... قَبَّاءٌ ذاتُ كَفَلٍ رَضْراضِ(7/143)
والخَضَاضُ: الأَحْمَقُ. وَرَجُلٌ خَضَاضٌ وخَضَاضَةٌ أَي أَحْمَقُ. ومكانٌ خَضِيضٌ وخُضَاخِضٌ: مَبْلولٌ بِالْمَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ؛ قَالَ ابْنُ وَدَاعَةَ الهُذَليّ:
خُضَاخِضَةٌ بخَضِيعِ السُّيُولِ ... قَدْ بَلَغَ الماءُ جَرْجارَها
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورد الْجَوْهَرِيُّ عَجزه:
قَدْ بلغَ السيلُ حِذْفارَها
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِن الْبَيْتَ لِحَاجِزِ بْنِ عَوْفٍ، وحِذْفارها: أَعْلاها. اللَّيْثُ: خَضْخَضْتُ الأَرضَ إِذا قَلَبْتَها حَتَّى يَصِيرَ مَوْضِعُهَا مُثاراً رخْواً إِذا وَصَلَ الماءُ إِليها أَنْبَتَتْ. والخَضِيضُ: المكانُ المُتَتَرِّبُ تَبُلُّه الأَمطارُ. والخَضْخَضَةُ: أَصلُها مِن خَاضَ يَخُوضُ لَا مِنْ خَضَّ يَخُضُّ. يُقَالُ: خَضْخَضْتُ دَلْوي فِي الْمَاءِ خَضْخَضَةً. وخَضْخَضَ الحمارُ الأَتانَ إِذا خَالَطَهَا، وأَصله مِنْ خَاضَ يَخُوضُ إِذا دَخَلَ الجوفَ مِنْ سِلَاحٍ وَغَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيُّ:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنيَ فِي جَمِّه ... خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا
أَلا تَرَاهُ جَعَلَ مَصْدَرَهُ الخِياضَ وَهُوَ فِعالٌ مِنْ خاضَ؟ والخَضْخَضَةُ: تَحْرِيكُ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ. وخَضْخَضَ الماءَ وَنَحْوَهُ: حرَّكه، خَضْخَضْتُه فَتَخَضْخَضَ. والخَضْخَاضُ: ضَرْبٌ مِنَ القَطِران تُهْنَأُ بِهِ الإِبل، وَقِيلَ: هُوَ ثُفْل النِّفْط، وَهُوَ ضرْب مِنَ الْهَنَاءِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرُؤْبَةَ:
كأَنَّما يَنْضَخْنَ بالخَضْخَاضِ
وكلُّ شيءٍ يتحرَّك وَلَا يُصوِّتُ خُثُورةً يُقَالُ: إِنه يَتَخَضْخَضُ حَتَّى يُقَالَ وجَأَه بالخَنْجَر فَخَضْخَضَ بِهِ بَطْنَهُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الخَضْخَاضُ الَّذِي تُهْنَأُ بِهِ الجَرْبَى ضَرْبٌ مِنَ النِّفْط أَسود رَقِيقٌ لَا خُثُورةَ فِيهِ وَلَيْسَ بالقَطِران لأَن القَطِران عُصارةُ شَجَرٍ مَعْرُوفٍ، وَفِيهِ خُثورة يُداوَى بِهِ دَبَر الْبَعِيرِ وَلَا يُطْلَى بِهِ الجَرَبُ، وشجرُه يَنْبُتُ فِي جِبَالِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ العَرْعَرُ، وأَمّا الخَضْخَاضُ فإِنه دَسِمٌ رَقِيقٌ يَنْبُع مِنْ عَيْنٍ تَحْتَ الأَرض. وَبَعِيرٌ خُضَاخِضٌ وخُضَخِضٌ وخُضْخُضٌ: يَتَمَخَّضُ مِنْ لِينِ البَدن والسِّمَن، وَكَذَلِكَ النَّبْتُ إِذا كَانَ كَثِيرَ الْمَاءِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: نَبْتٌ خُضَخِضٌ وخُضَاخِضٌ كَثِيرُ الْمَاءِ ناعِمٌ رَيّانُ. وَرَجُلٌ خُضْخُضٌ: يَتَخَضْخَضُ مِنَ السِّمَن، وَقِيلَ: هُوَ العَظِيمُ الجَنْبَين. الأَزهري: الخُضاخِضُ مِنَ الرِّجَالِ الضَّخْمُ الحَسَنُ مِثْلَ قُناقِنٍ وقَناقِنَ. والخَضَاضُ: المِدادُ ونِقْسُ الدَّواةِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ وَرُبَّمَا جاءَ بِكَسْرِ الْخَاءِ. والخَضاضُ: مَخْنَقَةُ السِّنَّوْرِ. والخَضَضُ: أَلوانُ الطعامِ. وَقَالَ شَمِرٌ فِي كِتَابِهِ فِي الرِّيَاحِ: الخُضَاخِضُ زَعَمَ أَبو خَيْرَةَ أَنها شَرْقِيَّةٌ تَهُبُّ مِنَ المَشرِق وَلَمْ يَعْرِفْهَا أَبو الدُّقَيْش، وَزَعَمَ الْمُنْتَجِعُ أَنها تَهُبُّ بَيْنَ الصَّبا والدَّبُور وَهِيَ الشَّرْقِيَّةُ أَيضاً والأَيْرُ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ يَصِفُ مَلِكًا:
وكانتْ لَهُ رِبْعِيَّةٌ يَحْذَرُونها، ... إِذا خَضْخَضَتْ ماءَ السَّماء القَنابِلُ
قَالَ الأَصمعي: رِبْعِيَّةٌ غَزْوَةٌ فِي أَول أَوقات الغَزو وَذَلِكَ فِي بَقِيَّةٍ مِنَ الشِّتَاءِ، إِذا خَضْخَضَتْ ماءَ السماءِ القنابِلُ، يَقُولُ: إِذا وَجَدَتِ الخيلُ مَاءً فِي الأَرض نَاقِعًا تَشَرَبُهُ فَتَقْطَعُ بِهِ الأَرض وَكَانَ لَهَا صِلة فِي(7/144)
الْغَزْوِ؛ قَالَ:
لوْ وصَلَ الغَيْثُ لأَنْدَى امرئٍ، ... كانَتْ لَهُ قُبَّةُ سَحْقٍ بِجادْ
يَقُولُ: يُفَرَّقُ عَلَيْهِ فيَخِرُّ بيتُه، قُبَّتُه، فيَتَّخِذ بَيْتًا مِنْ سَحْقِ بِجاد به أَن كَانَتْ لَهُ قُبَّةٌ. وَقَالَ فِي الْمُضَاعَفِ: الخَضْخَضَةُ صُورَتُهُ صُورَةُ المُضاعَف، وأَصلها مُعْتَلٌّ. والخَضْخَضَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا فِي الْحَدِيثِ: هُوَ أَن يُوشِيَ الرَّجُلُ ذَكره حَتَّى يُمْذِيَ.
وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الخَضْخَضَة فَقَالَ: هُوَ خَيْرٌ مِنَ الزِّنَا وَنِكَاحُ الأَمة خَيْرٌ مِنْهُ
، وَفَسَّرَ الخَضْخَضَة بالاسْتِنْماءِ، وَهُوَ اسْتِنْزَالُ الْمَنِيِّ فِي غَيْرِ الْفَرَجِ، وأَصل الخَضْخَضَة التحريك، والله أَعلم.
خفض: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى الخَافِضُ: هُوَ الَّذِي يَخْفِضُ الجبّارِينَ وَالْفَرَاعِنَةَ أَي يضَعُهم ويُهِينُهم ويَخْفِضُ كُلَّ شيءٍ يُرِيدُ خَفْضَه. والخَفْضُ: ضِدُّ الرفْع. خَفَضَه يَخْفِضُه خَفْضاً فانْخَفَضَ واخْتَفَضَ. والتَّخْفِيضُ: مَدَكُّ رأْس الْبَعِيرِ إِلى الأَرض؛ قَالَ:
يَكادُ يَسْتَعْصي عَلَى مُخَفِّضِهْ
وامرأَة خَافِضَةُ الصَّوْتِ وخَفِيضَةُ الصَّوْتِ: خَفِيَّتُه لَيِّنَتُه، وَفِي التَّهْذِيبِ: لَيْسَتْ بسَلِيطةٍ، وَقَدْ خَفَضَتْ وخَفَضَ صوتُها: لانَ وسَهُلَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: خافِضَةٌ رافِعَةٌ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى أَنها تَخْفِضُ أَهل الْمَعَاصِي وَتَرْفَعُ أَهل الطَّاعَةِ، وَقِيلَ: تَخْفِضُ قَوْمًا فتَحُطُّهم عَنْ مَراتِب آخَرِينَ تَرْفَعُهُمْ إِليها، وَالَّذِينَ خُفِضُوا يَسْفُلُون إِلى النَّارِ، وَالْمَرْفُوعُونَ يُرْفَعُون إِلى غُرَفِ الْجِنَانِ. ابْنُ شُمَيْلٍ فِي قَوْلِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِن اللَّهَ يَخْفِضُ القِسْط ويَرْفَعُه
، قَالَ: القسطُ العَدْل يُنْزِلُهُ مَرَّةً إِلى الأَرض وَيَرْفَعُهُ أُخرى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ* خُفِضَت وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ* شَالَتْ. غَيْرُهُ: خَفْضُ العَدْل ظُهُورُ الجَور عَلَيْهِ إِذا فَسَدَ النَّاسُ، ورفعُه ظُهُورُهُ عَلَى الْجَوْرِ إِذا تَابُوا وأَصلحوا، فَخَفْضُه مِنَ اللَّهِ تَعَالَى اسْتعتابٌ ورَفْعُه رِضاً. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
فَرَفَّع فِيهِ وخَفَّضَ
أَي عظَّم فِتْنَتَه ورفعَ قَدْرَهَا ثُمَّ وهَّنَ أَمره وَقَدَّرَهُ وهوَّنه، وَقِيلَ: أَراد أَنه رفَع صَوْتَهُ وخفَضَه فِي اقتِصاصِ أَمره، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَرض خَافِضَةُ السُّقْيا إِذا كَانَتْ سَهْلَة السُّقْيا، ورافعةُ السُّقْيَا إِذا كَانَتْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. والخَفْضُ: الدَّعةُ، يُقَالُ: عَيْشٌ خَافِضٌ. والخَفْضُ والخَفِيضَةُ جَمِيعًا: لِينُ الْعَيْشِ وَسَعَتِهِ. وَعَيْشٌ خَفْضٌ وخافِضٌ ومَخْفُوض وخَفِيض: خَصِيبٌ فِي دَعةٍ وخصْبٍ ولِين، وَقَدْ خَفُضَ عَيشُه؛ وَقَوْلُ هِمْيَانَ بْنِ قُحَافَةَ:
بانَ الجميعُ بعْدَ طُولِ مَخْفِضِهْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِنما حُكْمُهُ بَعْدَ طُولِ مَخْفَضِه كَقَوْلِكَ بَعْدَ طُولِ خَفْضِه لَكِنْ هَكَذَا رُوِيَ بِالْكَسْرِ وَلَيْسَ بشيءٍ. ومَخْفِضُ الْقَوْمِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي هُمْ فِيهِ فِي خَفْض ودَعةٍ، وَهُمْ فِي خَفْضٍ مِنَ العَيْش؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ شَكْلي وإِنَّ شكْلَكِ شَتَّى، ... فالزَمي الخُصَّ واخفِضِي تَبْيَضِضِّي
أَراد تَبْيَضِّي فَزَادَ ضَادًا إِلى الضَّادَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْقَوْمِ هُمْ خَافِضُون إِذا كَانُوا وادِعينَ عَلَى الْمَاءِ مُقِيمِينَ، وإِذا انْتَجعوا لَمْ يَكُونُوا فِي النُّجْعةِ خَافِضِينَ لأَنهم يَظْعَنُون لطَلَبِ الكَلإِ ومَساقِطِ الغَيْثِ. والخَفْضُ: الْعَيْشُ الطَّيِّبُ. وخَفِّضْ عَلَيْكَ أَي سَهِّلْ.(7/145)
وخَفِّضْ عَلَيْكَ جأْشك أَي سكِّن قَلْبَكَ. وخَفَضَ الطائرُ جَنَاحَهُ: أَلانَهُ وضمَّه إِلى جَنْبِهِ لِيَسْكُنَ مِنْ طَيَرَانِهِ، وخَفَضَ جناحَه يَخْفِضُه خَفْضاً: أَلان جَانِبَهُ، عَلَى الْمَثَلِ بِخَفْض الطَّائِرِ لِجَنَاحِهِ. وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ تَمِيمٍ:
فَلَمَّا دَخَلُوا الْمَدِينَةَ بَهَشَ إِليهم النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَبْكُونَ فِي وُجُوهِهِمْ فأَخْفَضَهم ذَلِكَ
أَي وضعَ مِنْهُمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَبو مُوسَى أَظن الصَّوَابَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَي أَغْضَبَهم. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
وَرَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُخَفِّضُهم
أَي يُسَكِّنُهم ويُهَوِّن عَلَيْهِمُ الأَمر، مِنَ الخَفْضِ الدَّعةِ وَالسُّكُونِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ قَالَ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي شأْن الإِفك: خَفِّضِي عَلَيْكِ
أَي هَوِّني الأَمر عليكِ وَلَا تَحْزَني لَهُ. وَفُلَانٌ خَافِضُ الجَناحِ وخَافِضُ الطَّيْرِ إِذا كانَ وَقُورًا سَاكِنًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
؛ أَي تواضَعْ لَهُمَا وَلَا تَتَعَزَّزْ عَلَيْهِمَا. والخَافِضَةُ: الخاتِنةُ. وخَفَضَ الْجَارِيَةَ يَخْفِضُها خَفْضاً: وَهُوَ كالخِتان لِلْغُلَامِ، وأَخْفَضَتْ هِيَ، وَقِيلَ: خَفَضَ الصبيِّ خَفْضاً خَتَنه فَاسْتُعْمِلَ فِي الرَّجُلِ، والأَعْرَفُ أَن الخَفْضَ للمرأَة والخِتانَ لِلصَّبِيِّ، فَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ خُفِضَتْ، وللغلامِ خُتِنَ، وَقَدْ يُقَالُ لِلْخَاتِنِ خَافِض، وَلَيْسَ بِالْكَثِيرِ. وَقَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لأُم عَطِيَّةَ: إِذا خَفَضْتِ فأَشمِّي
أَي إِذا خَتَنْتِ الجاريةَ فَلَا تَسْحَتي الجاريةَ. والخَفْضُ: خِتانُ الْجَارِيَةِ. والخَفْضُ: المُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض، وَجَمْعُهُ خُفُوضٌ. والخَافِضَة: التَّلْعةُ الْمُطَمْئِنَةٌ مِنَ الأَرض والرافِعةُ المتْنِ مِنَ الأَرض. والخَفْضُ: السَّير الليِّنُ وَهُوَ ضِدُّ الرَّفْعِ. يُقَالُ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ لَيْلَةٌ خَافِضَةٌ أَي هَيِّنَةُ السَّيْرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَخْفُوضُها زَوْلٌ، ومَرْفُوعُها ... كَمَرِّ صَوْبٍ لَجِبٍ وَسْطَ رِيحٍ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِهِ:
مَرْفُوعُها زَوْلٌ ومَخْفُوضُها
والزَّوْلُ: العَجَب أَي سَيْرُهَا الليِّن كَمَرِّ الرِّيحِ، وأَما سَيْرُهَا الأَعلى وَهُوَ الْمَرْفُوعُ فَعَجَبٌ لَا يُدْركُ وصْفُه. وخَفْضُ الصَّوْتِ: غضُّه. يُقَالُ: خَفِّضْ عَلَيْكَ الْقَوْلَ. والخَفْضُ والجرُّ وَاحِدٌ، وَهُمَا فِي الإِعراب بِمَنْزِلَةِ الْكَسْرِ فِي الْبِنَاءِ فِي مُوَاصَفَاتِ النَّحْوِيِّينَ. والانخِفاضُ: الانحِطاطُ بَعْدَ العُلُوِّ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَخْفِضُ مَنْ يَشَاءُ ويَرْفَعُ مَنْ يَشَاءُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَهْجُو مُصَدّقاً، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هَذَا رَجُلٌ يُخَاطِبُ امرأَته وَيَهْجُو أَباها لأَنه كَانَ أَمهرها عِشْرِينَ بَعِيرًا كُلَّهَا بَنَاتِ لَبُونٍ، فَطَالَبَهُ بِذَلِكَ فَكَانَ إِذا رأَى فِي إِبله حِقَّة سَمِينَةً يَقُولُ هَذِهِ بِنْتُ لَبون ليأْخذها، وإِذا رأَى بِنْتَ لَبون مَهْزُولَةً يَقُولُ هَذِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ لِيَتْرُكَهَا؛ فَقَالَ:
لأَجْعَلَنْ لابْنَةِ عَثْم فَنّا، ... مِنْ أَينَ عِشْرُونَ لَهَا مِنْ أَنَّى؟
حَتَّى يَكُونَ مَهْرُها دُهْدُنّا، ... يَا كَرَواناً صُكَّ فَاكْبَأَنّا
فَشَنَّ بالسَّلْحِ، فَلَمّا شَنّا، ... بَلَّ الذُّنابَى عَبَساً مُبِنّا
أَإِبِلي تَأْكُلُها مُصِنّا، ... خَافِضَ سِنِّ ومُشِيلًا سِنّا؟
وخَفَضَ الرجلُ: مَاتَ، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أُصِيبَ بِمَصَائِب تَخْفِضُ المَوْتَ أَي بِمَصَائِبَ تُقَرِّبُ إِليه(7/146)
المَوْتَ لَا يُفْلِتُ مِنْها.
خفرضض: ابْنُ بَرِّيٍّ خَاصَّةً: خَفَرْضَضٌ اسْمُ جَبَلٍ بالسّراةِ فِي شِقِّ تِهَامَةَ يُقَالُ إِلْبُ خَفَرْضَضٍ، وَهُوَ شَجَرٌ تُسَمُّ بِهِ السِّبَاعُ. رأَيت بِخَطِّ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ فِي حَاشِيَةِ أَمالي ابْنِ بَرِّيٍّ قَالَ: الإِلْبُ شَجَرَةٌ شَاكَةٌ كأَنها شَجَرَةُ الأُتْرُجّ ومَنابِتُها ذُرى الْجِبَالِ، وَهِيَ خَشِنة يُؤْخَذُ خُضُمَّتُهَا وأَطراف أَفنانها فَتَدُقُّ رَطْباً ويُقْشَبُ بِهِ اللَّحْمُ وَيُطْرَحُ لِلسِّبَاعِ كُلِّهَا فَلَا يُلْبِثُها إِذا أَكلته، فإِن هِيَ شَمَّتْهُ وَلَمْ تأْكله عَمِيَتْ عَنْهُ وصُمَّت مِنْهُ اه. وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي الْمُحَكِّمِ فِي حَرْفِ الْحَاءِ الْمُهْمِلَةِ، وقد تقدم.
خوض: خَاضَ الماءَ يَخُوضه خَوْضاً وخِياضاً واخْتاضَ اخْتِياضاً واخْتاضَه وتَخَوَّضَه: مَشَى فِيهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كأَنه فِي الغَرْضِ، إِذْ تَرَكَّضَا، ... دُعْمُوصُ ماءٍ قَلَّ مَا تَخَوَّضَا
أَي هُوَ مَاءٌ صافٍ، وأَخاضَ فِيهِ غَيْرَهُ وخَوَّضَ تَخْويضاً. والخَوْضُ: المَشْيُ فِي الْمَاءِ، وَالْمَوْضِعُ مَخاضةٌ وَهِيَ مَا جازَ الناسُ فِيهَا مُشاةً ورُكْباناً، وَجَمْعُهَا المَخاضُ والمَخاوِضُ أَيضاً؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وأَخَضْتُ فِي الْمَاءِ دابَّتي وأَخاضَ القومُ أَي خاضَتْ خيلُهم فِي الْمَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
رُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِي مَالِ اللَّهِ تَعَالَى
؛ أَصْل الخَوْض المشيُ فِي الْمَاءِ وتحريكُه ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي التَّلَبُّسِ بالأَمر وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ، أَي رُبَّ مُتَصَرِّفٍ فِي مَالِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ، والتَّخَوُّضُ تفعُّل مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ التَّخْلِيطُ فِي تَحْصِيلِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ كَيْفَ أَمكن. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
يَتَخَوَّضُون فِي مَالِ اللَّهِ تَعَالَى.
والخَوْضُ: اللَّبْسُ فِي الأَمر. والخَوْضُ مِنَ الْكَلَامِ: مَا فِيهِ الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ، وَقَدْ خاضَ فِيهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا
. وخاضَ القومُ فِي الْحَدِيثِ وتَخاوَضُوا أَي تَفَاوَضُوا فِيهِ. وأَخاضَ القومُ خيلَهم الماءَ إِخاضةً إِذا خَاضُوا بِهَا الْمَاءَ. والمَخاضُ مِنَ النَّهْرِ الْكَبِيرِ: الموضعُ الَّذِي يَتخَضْخَضُ ماؤُه فَيُخاضُ عِنْدَ العُبور عَلَيْهِ، وَيُقَالُ المَخاضَةُ، بِالْهَاءِ أَيضاً. والمِخْوَضُ لِلشَّرَابِ: كالمِجْدَحِ للسَّويق، تَقُولُ مِنْهُ: خُضْتُ الشرابَ. والمِخْوَضُ: مِجْدَحٌ يُخاضُ بِهِ السَّوِيقُ. وخاضَ الشرابَ فِي المِجْدَحِ وخَوَّضَه. خلَطه وحَرَّكَهُ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ يَصِفُ امرأَة سَمَّتْ بَعْلَها:
وقالتْ: شَرابٌ بارِدٌ فاشْرَبَنّه، ... وَلَمْ يَدْرِ مَا خاضَتْ لَهُ فِي المَجادِح
والمِخْوَضُ: مَا خُوِّضَ فِيهِ. وخُضْتُ الغَمراتِ: اقْتَحَمْتُها: وَيُقَالُ: خاضَه بِالسَّيْفِ أَي حَرَّكَ سيْفه فِي المَضْرُوبِ. وخَوَّضَ فِي نَجِيعِه: شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ. وَيُقَالُ: خُضْتُه بِالسَّيْفِ أَخُوضُه خَوْضاً وَذَلِكَ إِذا وَضَعْتَ السَّيْفَ فِي أَسفل بَطْنِهِ ثُمَّ رَفَعْتَهُ إِلى فَوْقُ. وخاوَضَه البيعَ: عَارَضَهُ؛ هَذِهِ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَرِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ عَنْ أَبي عَمْرٍو بِالصَّادِ. والخِياضُ: أَن تُدْخِلَ قِدْحاً مُسْتعاراً بَيْنَ قِداح المَيْسِرِ يُتَيَمَّنُ بِهِ، يُقَالُ: خُضْتُ فِي القِداحِ خِياضاً، وخاوَضْتُ القِداحَ خِواضاً؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنيَ فِي جَمِّه، ... خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا
خَضْخَضْتُ تَكْرِيرٌ مِنْ خاضَ يَخوضُ لَمَّا كَرَّرَهُ(7/147)
جَعَلَهُ مُتَعَدِّيًا. والمُدابِرُ: المَقْمور يُقْمَرُ فَيَسْتَعِيرُ قِدْحاً يَثِقُ بِفَوْزِهِ ليعاوِدَ مَنْ قَمَره القِمارَ. وَيُقَالُ للمَرْعَى إِذا كثُر عُشْبُه والتَفّ: اخْتاضَ اخْتِياضاً؛ وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ الخُرْشُبِ:
ومُخْتاض تَبِيضُ الرُّبْدُ فِيه، ... تُحُوميَ نَبْتُه فَهْوَ العَمِيمُ
أَبو عَمْرٍو: الخَوْضةُ اللُّؤْلُؤَةُ. وخَوْضُ الثَّعْلَب: مَوْضِعٌ باليمامة، حكاه ثعلب.
خيض: النَّوَادِرُ: سَيْفٌ خَيِّضٌ إِذا كَانَ مَخْلُوطًا مِنْ حَدِيدٍ أَنِيثٍ وَحَدِيدٍ ذَكِير.
فصل الدال المهملة
دأض: أَهمله اللَّيْثُ؛ وأَنشد الْبَاهِلِيُّ فِي الْمَعَانِي:
وقَدْ فَدَى أَعْناقَهُنَّ المَحْضُ ... والدَّأْضُ، حَتَّى لَا يكونَ غَرْضُ
قَالَ: يَقُولُ فَداهُنَّ أَلبانُهنَّ مِنْ أَن يُنْحرن، قَالَ: والغَرْضُ أَن يَكُونَ فِي جُلُودِهَا نُقْصَانٌ. قَالَ: والدَّأَضُ والدَّأَصُ، بِالضَّادِ وَالصَّادِ، أَن لَا يَكُونَ فِي جُلُودِهَا نُقْصَانٌ، وَقَدْ دَئِضَ يَدْأَضُ دَأْضاً ودَئِصَ يَدْأَصُ دَأَصاً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَرَوَاهُ أَبو زَيْدٍ:
والدَّأْظُ حَتَّى لَا يَكُونَ غَرْض
قَالَ: وَكَذَلِكَ أَقرأَنيه الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي موضعه.
دحض: الدَّحْضُ: الزَّلَقُ، والإِدْحاضُ: الإِزْلاقُ، دَحَضَتْ رِجْل الْبَعِيرِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: دَحَضَتْ رِجله، فَلَمْ يُخَصِّص، تَدْحَضُ دَحْضاً ودُحُوضاً زَلِقَتْ، ودَحَضَها وأَدْحَضَها أَزْلَقَها. وَفِي حَدِيثِ وَفْد مَذْحِجٍ:
نُجَباء غيرُ دُحَّضِ الأَقْدامِ
؛ الدُّحَّضُ: جَمْعُ داحِضٍ وَهُمُ الَّذِينَ لَا ثَبَاتَ لَهُمْ وَلَا عَزِيمَةَ فِي الأُمور. وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ:
كَرِهْتُ أَن أُخْرِجَكم فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ والدَّحْض
أَي الزلَق. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: أَن خَلِيلِيَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِن دُونَ جِسْرِ جَهَنَّم طَرِيقًا ذَا دَحْضٍ.
وَفِي حَدِيثُ
الْحَجَّاجِ فِي صِفَةِ الْمَطَرِ: فَدَحَضَتِ التِّلاع
أَي صيَرَّتَها مَزْلَقةً، ودَحَضَتْ حُجَّتُه دُحُوضاً: كَذَلِكَ عَلَى الْمَثَلِ إِذا بَطَلَتْ، وأَدْحَضَها اللَّهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ
. وأَدْحَضَ حُجَّته إِذا أَبطلها. والدَّحْضُ: الْمَاءُ الَّذِي يَكُونُ عَنْهُ الزلَق. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: لَا تَزَالُ تَأْتِينا بِهَنةٍ تَدْحَضُ بِهَا فِي بَوْلِكَ
أَي تَزْلَقُ، وَيُرْوَى بِالصَّادِّ، أَي تَبْحَثُ فِيهَا بِرِجْلِكَ. ودَحَضَ بِرِجْلِهِ ودَحَصَ إِذا فَحَصَ بِرِجْلِهِ. وَمَكَانٌ دَحْضٌ إِذا كَانَ مَزَلَّة لَا تَثْبُتُ عَلَيْهَا الأَقدامُ. ومَزلَّة مِدْحاضٌ: يُدْحَضُ فِيهَا كَثِيرًا. ومكانٌ دَحْضٌ ودَحَضٌ، بِالتَّحْرِيكِ أَيضاً: زَلِقٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
قَدْ تَرِدُ النِّهْيَ تَنَزَّى عُوَمُه، ... فَتَسْتَبِيحُ ماءَهُ فَتَلْهَمُه،
حَتَّى يَعُودَ دَحَضاً تَشَمَّمُهْ
عُوَمُه: جَمْعُ عُومة لدوَيْبَّة تَغُوصُ فِي الْمَاءِ كأَنها فَصٌّ أَسود، وَشَاهِدُ الدَّحْض بِالتَّسْكِينِ قَوْلُ طَرَفَةَ:
رَدِيتُ ونَجَّى اليَشْكُرِيَّ حذارُه، ... وحادَ كَمَا حادَ البَعِيرُ عَنِ الدَّحْضِ
والدَّحْضُ: الدفْع. والدَّحِيضُ: اللَّحْمُ. ودَحَضَتِ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ إِذا زَالَتْ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ تَدْحَضُ دَحْضاً ودُحُوضاً. وَفِي حَدِيثِ مَوَاقِيتِ(7/148)
الصَّلَاةِ:
حَتَّى تَدْحَضَ الشمسُ
أَي تَزُولَ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ إِلى جِهَةِ الْغَرْبِ كأَنها دَحَضَتْ أَي زَلِقَتْ. ودَحِيضَةُ: ماءٌ لَبَنِيِّ تَمِيمٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ودُحَيْضَةُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَعشى:
أَتَنْسَيْنَ أَيّاماً لَنَا بِدُحَيْضةٍ، ... وأَيّامَنا بَينَ البَدِيِّ فَثَهْمَدِ؟
دحرض: الدُّحْرُضان: مَوْضِعَانِ أَحدهما دُحْرُضٌ وَالْآخِرُ وسِيعٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةَ:
شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَينِ، فأَصْبَحَتْ ... زَوْراءَ تَنْفِرُ عنْ حِياضِ الدَّيْلَمِ
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الدُّحْرُضان اسْمُ مَوْضِعٍ، وأَنشد بَيْتَ عَنْتَرَةَ وَقَالَ بَعْدَ الْبَيْتِ: وَيُقَالُ وَسِيعٌ ودُحْرُضٌ ماءَان ثَنَّاهُمَا بِلَفْظِ الْوَاحِدِ كَمَا يُقَالُ القَمران؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ مَا قَالَهُ أَخيراً. وَحُكِيَ عَنْ أَبي مُحَمَّدٍ الأَعرابي الْمَعْرُوفِ بالأَسود قَالَ: الدُّحْرُضان هُمَا دُحْرُضٌ ووَسِيعٌ وَهُمَا ماءَان، فدُحْرُضٌ لِآلِ الزِّبْرقانِ بْنِ بَدْر، وَوَسِيعٌ لِبَنِي أَنْفِ النَّاقَةِ؛ وأَما قَوْلُهُ عَنْ حِياضِ الدَّيْلم فَهِيَ حِيَاضُ الدَّيْلَمِ بْنِ باسِلِ بْنِ ضَبَّةَ، وَذَلِكَ أَنه لَمَّا سَارَ باسِلٌ إِلى الْعِرَاقِ وأَرض فَارِسَ اسْتَخْلَفَ ابْنَهُ عَلَى أَرض الْحِجَازِ فَقَامَ بأَمر أَبيه وحَمَى الأَحْماء وحَوَّضَ الحِياضَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ أَن أَباه قَدْ أَوغل فِي أَرض فَارِسَ أَقبل بِمَنْ أَطاعه إِلى أَبيه حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ بأَدْنَى جِبَالِ جَيْلانَ، وَلَمَّا سَارَ الدَّيْلَمَ إِلى أَبيه أَوْحَشَتْ دِيارُه وتَعَفَّتْ آثَارُهُ فَقَالَ عَنْتَرَةُ الْبَيْتَ يَذْكُرُ ذَلِكَ.
دخض: الدَّخْضُ: سِلاحُ السِّباعِ وَقَدْ يغلَّب عَلَى سِلَاحِ الأَسَد، وَقَدْ دَخَضَ دَخْضاً.
دفض: دَفَضَه دَفْضاً: كسَره وشدَخَه؛ يَمَانِيَّةٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسبهم يَسْتَعْمِلُونَهَا فِي لِحَاءِ الشَّجَرِ إِذا دُقَّ بين حجرين.
دكض: الدَّكِيضَضُ: نَهْرٌ، بِلُغَةِ الهند.
فصل الراء
ربض: رَبَضَتِ الدابَّةُ وَالشَّاةُ والخَرُوفُ تَرْبِضُ رَبْضاً ورُبُوضاً وربْضةً حَسَنَة، وَهُوَ كالبُروك للإِبل، وأَرْبَضَها هُوَ وربَّضَها. وَيُقَالُ لِلدَّابَّةِ: هِيَ ضَخْمَةُ الرِّبْضةِ أَي ضَخْمَةُ آثارِ المرْبض؛ ورَبَضَ الأَسَد عَلَى فَرِيسته والقِرْنُ عَلَى قِرْنِه، وأَسَدٌ رابِضٌ ورَبّاضٌ؛ قَالَ:
لَيْثٍ عَلَى أَقْرانِه رَبّاضِ
ورجلٌ رابِضٌ: مَرِيضٌ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والرَّبِيضُ: الْغَنَمُ فِي مرابِضِها كأَنه اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ذَعَرْتُ بِهِ سِرْباً نَقِيّاً جُلودُه، ... كَمَا ذَعَرَ السِّرْحانُ جَنْبَ الرَّبِيضِ
والرَّبِيضُ: الْغَنَمُ برُعاتها الْمُجْتَمِعَةِ فِي مَرْبِضها. يُقَالُ: هَذَا رَبِيضُ بَنِي فُلَانٍ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: لَا تَبْعَثُوا الرابِضَينِ التُّركَ والحبَشةَ
أَي المقِيمَيْن الساكِنَينِ، يُرِيدُ لَا تُهَيِّجوهم عَلَيْكُمْ مَا دَامُوا لَا يَقْصِدُونكم. والرَّبِيضُ والرِّبْضةُ: شَاءٌ بِرُعاتِها اجْتَمَعَتْ فِي مَرْبِضٍ وَاحِدٍ. والرِّبْضةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ الْغَنَمِ وَالنَّاسِ وَفِيهَا رِبْضَةٌ مِنَ النَّاسِ، والأَصل لِلْغَنَمِ. والرَّبَضُ: مَرابِض الْبَقَرِ. ورَبَضُ الْغَنَمِ: مأْواها؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ:(7/149)
واعْتادَ أَرْباضاً لَهَا آرِيُّ، ... مِنْ مَعْدِنِ الصِّيرانِ، عُدْمُلِيُ
العُدْمُلِيُّ: الْقَدِيمُ. وأَراد بالأَرْباض جَمْعَ رَبَض، شبَّه كِناسَ الثَّوْرِ بمأْوَى الْغَنَمِ. والرُّبوضُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ الرابِضِ. وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِلضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ حِينَ بَعَثَهُ إِلى قَوْمِهِ:
إِذا أَتيتَهُم فارْبِضْ فِي دارِهم ظَبْياً
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ قَوْلَانِ: أَحدهما، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، أَنه أَراد أَقِمْ فِي دَارِهِمْ آمِناً لَا تَبْرَحْ كَمَا يُقِيم الظَّبْي الآمِنُ فِي كِناسِه قَدْ أَمِنَ حَيْثُ لَا يَرَى أَنيساً، وَالْآخَرُ، وَهُوَ قَوْلُ الأَزهري: أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمره أَن يأْتيهم مُسْتَوْفِزاً مُسْتَوْحِشاً لأَنهم كفَرةٌ لَا يَأْمَنُهم، فإِذا رابَه مِنْهُمْ رَيْبٌ نَفَرَ عَنْهُمْ شارِداً كَمَا يَنْفِرُ الظَّبْيُ، وظَبْياً فِي الْقَوْلَيْنِ مُنْتَصِبٌ عَلَى الْحَالِ، وأَوقع الِاسْمَ مَوْقِعَ اسْمِ الْفَاعِلِ كأَنه قَدَّرَهُ مُتَظَبِّيًا؛ قَالَ: حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مثَلُ المنافِقِ مثلُ الشَّاةِ بَيْنَ الرَّبَضَينِ إِذا أَتتْ هَذِهِ نَطَحَتْها
، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:
بَيْنَ الرَّبِيضَينِ
، فَمَنْ قَالَ بَيْنَ الرَّبَضَينِ أَراد مَرْبِضَيْ غَنَمَين، إِذا أَتتْ مَرْبِضَ هَذِهِ الْغَنَمِ نَطَحَهَا غَنَمُهُ، وَمَنْ رَوَاهُ بَيْنَ الرَّبِيضَينِ فالربِيضُ الْغَنَمُ نَفْسُهَا، والرَّبَضُ موضِعها الَّذِي تَرْبِضُ فِيهِ، أَراد أَنه مُذَبْذَبٌ كَالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ بَيْنَ قَطِيعَيْنِ مِنَ الْغَنَمِ أَو بَيْنَ مَرْبِضَيْهِما؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
عَنَتاً باطِلًا وظُلْماً، كما يُعْتَرُ ... عَنْ حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ
وأَراد النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا الْمَثَلِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لَا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ. قَالُوا: رَبَضُ الْغَنَمُ مأْواها، سُمِّيَ رَبَضاً لأَنها تَرْبِضُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ رَبَضُ الوَحْش مأْواهُ وكِناسُه. وَرَجُلٌ رُبْضَة ومُتَرَبِّضٌ: مُقِيمٌ عَاجِزٌ. ورَبَضَ الكبشُ: عَجز عَنِ الضِّرابِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ غَيْرُهُ: رَبَضَ الكبشُ رُبُوضاً أَي حَسَرَ وتَرَكَ الضِّرابَ وعَدَلَ عَنْهُ وَلَا يُقَالُ فِيهِ جَفَرَ. وأَرْنَبةٌ رابِضةٌ: مُلْتَزِقَةٌ بِالْوَجْهِ. وَرَبَضَ اللَّيْلُ: أَلقى بِنَفْسِهِ، وَهَذَا عَلَى الْمَثَلِ؛ قَالَ:
كأَنَّها، وَقَدْ بَدَا عُوارِضُ، ... والليلُ بَينَ قَنَوَيْنِ رابِضُ،
بِجَلْهَةِ الوادِي، قَطاً رَوابِضُ
وَقِيلَ: هُوَ الدُّوّارةُ مِنْ بَطْنِ الشَّاءِ. ورَبَضُ النَّاقَةِ: بَطْنُهَا، أُراه إِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن حِشْوَتَها فِي بَطْنِهَا، وَالْجَمْعُ أَرْباض. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: الَّذِي يَكُونُ فِي بُطُونِ الْبَهَائِمِ مُتَثَنِّياً المَرْبِضُ، وَالَّذِي أَكبر مِنْهَا الأَمْغالُ، وَاحِدُهَا مُغْل»
، وَالَّذِي مِثْلُ الأَثْناء حَفِثٌ وفَحِثٌ، وَالْجَمْعُ أَحفاثٌ وأَفحاثٌ. وربَّضْتُه بِالْمَكَانِ: ثَبَّتُّه. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ إِنه لرُبُضٌ عَنِ الْحَاجَاتِ وَعَنِ الأَسفار عَلَى فُعُل أَي لَا يَخْرُجُ فِيهَا. والرَّبَضُ والرُّبُضُ والرُّبَضُ: امرأَة الرَّجُلِ لأَنها تُرَبِّضُه أَي تُثَبِّتُه فَلَا يَبْرَحُ. ورَبَضُ الرَّجُلِ ورُبْضُه: امرأَته. وَفِي حَدِيثِ
نَجَبةَ: زوَّج ابنتَه مِنْ رَجُلٍ وجَهَّزَها وَقَالَ لَا يَبِيتُ عَزَباً وَلَهُ عِنْدَنَا رَبَضٌ
؛ رَبَضُ الرَّجُلِ: امرأَتُه الَّتِي تَقُومُ بشأْنه، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مَنِ اسْتَرَحْتَ إِليه كالأُمّ والبنت
__________
(3) . قوله [الأمغال واحدها مغل] كذا بالأَصل مضبوطاً.(7/150)
والأُخت وَكَالْغَنَمِ والمَعيشةِ والقُوت. ابْنُ الأَعرابي: الرَّبْضُ والرُّبْضُ والرَّبَضُ الزَّوْجَةُ أَو الأُم أَو الأُخت تُعَزّبُ ذَا قَرابَتِها. وَيُقَالُ: مَا رَبَضَ امْرأً مِثْلُ أُخْت. والرُّبُضُ: جَمَاعَةُ الشَّجَرِ المُلْتَفّ. ودَوْحَةٌ رَبُوضٌ: عَظِيمَةٌ وَاحِدَةٌ. والرَّبُوضُ: الشَّجَرَةُ الْعَظِيمَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: شَجَرَةٌ رَبُوضٌ أَي عَظِيمَةٌ غَلِيظَةٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَجَوَّفَ كلَّ أَرْطاةٍ رَبُوضٍ، ... مِنَ الدَّهْنا تَفَرَّعَتِ الحِبالا
رَبُوضٌ: ضَخْمة، والحِبالُ: جَمْعُ حَبْلٍ وَهُوَ رَمْلٌ مُسْتَطِيلٌ، وَفِي تَفَرَّعت ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الأَرْطاة، وتَجَوَّفَ: دَخَلَ جَوْفها، وَالْجَمْعُ مِنْ رَبُوض رُبُضٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَقَالُوا: رَبُوضٌ ضَخْمةٌ فِي جِرانِه، ... وأَسْمَرُ مِنْ جِلْدِ الذِّراعَينِ مُقْفَلُ
أَراد بالرَّبُوضِ سِلْسلةً رَبُوضاً أُوثِقَ بِهَا، جَعَلَهَا ضَخْمَةً ثَقِيلَةً، وأَراد بالأَسْمَرِ قِدّاً غُلَّ بِهِ فَيَبِسَ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي لُبابة: أَنه ارْتَبَط بِسِلْسِلَةٍ رَبُوض إِلى أَن تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ
، وَهِيَ الضَّخْمَةُ الثَّقِيلَةُ اللَّازِقة بِصَاحِبِهَا. وفَعُولٌ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ. وقَرْيَةٌ رَبُوضٌ: عَظِيمَةٌ مُجْتَمِعَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن قَوْمًا مِنْ بَنِي إِسرائيل بَاتُوا بقَرْيةٍ رَبوضٍ.
ودِرْعٌ رَبُوضٌ: واسِعَة. وقِرْبةٌ رَبُوضٌ: وَاسِعَةٌ. وحَلَبَ مِنَ اللبنِ مَا يُرْبِضُ الْقَوْمَ أَي يسَعُهم. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ مَعْبد: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لَمَّا قَالَ عِنْدَهَا دَعَا بإِناءٍ يُرْبِضُ الرَّهْطَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَنه يُرْوِيهم حَتَّى يُثْقِلَهم فَيَرْبِضُوا فينامُوا لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ الَّذِي شَرِبُوهُ ويمتدُّوا عَلَى الأَرض، مِنْ رَبَضَ بِالْمَكَانِ يَرْبِضُ إِذا لَصِقَ بِهِ وأَقامَ مُلازماً لَهُ، وَمَنْ قَالَ
يُريضُ الرَّهْطَ
فَهُوَ مِنْ أَراض الْوَادِي. والرَّبَضُ: مَا وَلِيَ الأَرض مِنْ بَطْنِ الْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ. والرَّبَضُ: مَا تحَوَّى مِنْ مَصارِين الْبَطْنِ. اللَّيْثُ: الرَّبَضُ مَا وَلِيَ الأَرض مِنْ الْبَعِيرِ إِذا بَرَك، وَالْجَمْعُ الأَرْباضُ؛ وأَنشد:
أَسْلَمَتْها مَعاقِدُ الأَرْباضِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي الرَّبَضِ وَفِيمَا احْتَجَّ بِهِ لَهُ، فأَما الرَّبَضُ فَهُوَ مَا تحَوَّى مِنْ مَصارِين الْبَطْنِ، كَذَلِكَ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ، قَالَ: وأَما مَعاقِدُ الأَرْباض فالأَرْباضُ الْحِبَالُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِذا مَطَوْنا نُسُوعَ الرَّحْلِ مُصْعِدةً، ... يَسْلُكْنَ أَخْراتَ أَرْباضِ المَدارِيج
فالأَخْراتُ: حَلَقُ الحِبال، وَقَدْ فَسَّرَ أَبو عُبَيْدَةَ الأَرْباضَ بأَنها حِبال الرحْل. ابْنُ الأَعرابي: الرَّبَضُ والمَرْبَضُ والمَرْبِضُ والرَّبِيضُ مجتَمَعُ الحَوايا. والرَّبَضُ: أَسفلُ مِنَ السُّرَّةِ. والمَرْبض: تَحْتَ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الْعَانَةِ. والرَّبَضُ: كُلُّ امرأَة قيِّمةِ بَيْتٍ. ورَبَضُ الرَّجُلِ: كُلُّ شيءٍ أَوَى إِليه مِنَ امرأَة أَو غَيْرِهَا؛ قَالَ:
جاءَ الشِّتاءُ، ولَمّا أَتَّخِذْ رَبَضاً، ... يَا وَيْحَ كَفِّي مِنْ حَفْرِ القَرامِيصِ
ورُبْضُه كَرَبَضِه. ورَبَضَتْه تَرْبِضُه: قَامَتْ بأُموره وآوَتْه. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: تُرْبِضُه، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لقُوت الإِنسان الَّذِي(7/151)
يُقِيمُه ويَكْفِيه مِنَ اللَّبَنِ: رَبَضٌ. والرَّبَضُ: قَيِّمُ الْبَيْتِ. الرِّياشي: أَرْبَضَتِ الشَّمْسُ إِذا اشتدَّ حَرُّها حَتَّى تَرْبِضَ الشاةُ والظبْيُ مِنْ شدَّة الرَّمْضَاءِ. وَفِي الْمَثَلِ: رَبَضُك مِنْكَ وإِن كَانَ سَماراً؛ السَّمار: الْكَثِيرُ الْمَاءِ، يَقُولُ: قيِّمُكَ مِنْكَ لأَنه مُهْتَمٌّ بِكَ وإِن لَمْ يَكُنْ حسَنَ القِيام عَلَيْكَ، وَذَلِكَ أَن السَّمارَ هُوَ اللَّبَنُ الْمَخْلُوطُ بِالْمَاءِ، والصَّرِيحُ لَا مَحالة أَفضلُ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَرباضٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: مَعْنَى الْمَثَلِ أَي مِنْكَ أَهلك وخَدَمُك وَمَنْ تأْوِي إِليه وإِن كَانُوا مُقَصِّرِين؛ قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ أَنْفُك مِنْكَ وإِن كَانَ أَجْدَعَ. والرَّبَضُ: مَا حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الفَضاءُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ؛ قَالَ بَعْضُهُمُ: الرّبضُ والرُّبْضُ، بِالضَّمِّ «4» ، وسَط الشَّيْءِ، والرَّبَضُ، بِالتَّحْرِيكِ، نَوَاحِيهِ، وَجَمْعُهَا أَرْباضٌ، والرَّبَضُ حَرِيم الْمَسْجِدِ. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: رُبُض الْمَدِينَةِ، بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْبَاءِ، أَساسها، وَبِفَتْحِهِمَا: مَا حَوْلَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنا زَعِيمٌ يَبِيتُ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ
؛ هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ، مَا حَوْلَهَا خَارِجًا عَنْهَا تَشْبِيهًا بالأَبنية الَّتِي تَكُونُ حَوْلَ الْمُدُنِ وَتَحْتَ القِلاع؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الزُّبَيْرِ وَبِنَاءِ الْكَعْبَةِ: فأَخذ ابْنُ مُطِيعٍ العَتَلةَ مِنْ شقِّ الرُّبْضِ الَّذِي يَلِي دارَ بَنِي حُمَيد
؛ الرُّبْض، بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ: أَساسُ الْبِنَاءِ، وَقِيلَ وَسَطُهُ، وَقِيلَ هُوَ والرَّبَضُ سواءٌ كسُقْم وسَقَم. والأَرْباضُ: أَمعاء الْبَطْنِ وحِبال الرَّحْل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا غَرَّقَتْ أَرباضُها ثِنْيَ بَكْرةٍ ... بِتَيْماءَ، لَمْ تُصْبحْ رَؤُوماً سَلُوبُها
وَعَمَّ أَبُو حَنِيفَةَ بالأَرْباض الحِبال، وَفَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
يَسْلُكْنَ أَخْراتَ أَرْباضِ المَداريجِ
بأَنها بُطُونُ الإِبل، وَالْوَاحِدُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ رَبَضٌ. أَبو زَيْدٍ: الرَّبَضُ سَفِيفٌ يُجْعَلُ مِثْلَ النِّطاقِ فَيُجْعَلُ فِي حَقْوَي الناقةِ حَتَّى يُجاوِزَ الوَرِكَينِ مِنَ النَّاحِيَتَيْنِ جَمِيعًا، وَفِي طَرَفَيْهِ حَلْقَتَانِ يُعْقَدُ فِيهِمَا الأَنْساع ثُمَّ يُشَدُّ بِهِ الرَّحْلُ، وَجَمْعُهُ أَرْباض. التَّهْذِيبُ: أَنكر شَمِرٌ أَن يَكُونَ الرُّبْضُ وسَط الشَّيْءِ، قَالَ: والرُّبْضُ مَا مَسَّ الأَرض، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: رُبْض الأَرض، بِتَسْكِينِ الْبَاءِ، مَا مَسَّ الأَرض مِنْهُ. والرُّبْضُ، فِيمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: أَساسُ الْمَدِينَةِ وَالْبِنَاءِ، والرَّبَضُ: مَا حَوْله مِنْ خَارِجٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمَا لُغَتَانِ. وَفُلَانٌ مَا تَقُومُ رابِضَتُه وَمَا تَقُومُ لَهُ رَابِضَةٌ أَي أَنه إِذا رَمَى فأَصابَ أَو نَظَرَ فعانَ قَتَلَ مكانَه «5» . وَمِنْ أَمثالهم فِي الرَّجُلِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الأَشياء فَيُصِيبُهَا بِعَيْنِهِ قَوْلُهُمْ: لَا تقومُ لِفُلَانٍ رابضةٌ، وَذَلِكَ إِذا قَتَلَ كُلَّ شيءٍ يُصِيبُهُ بِعَيْنِهِ، قَالَ: وأَكثر مَا يُقَالُ فِي الْعَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى قُبَّةً حَوْلَهَا غَنَمٌ رُبُوضٌ
، جَمْعُ رَابِضٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ: رأَيت كأَني على ضَرْبٍ وحَوْلي بَقَرٌ رُبُوضٌ.
وَكُلُّ شيءٍ يَبْرُكُ عَلَى أَربعة، فَقَدْ رَبَضَ رُبُوضاً. وَيُقَالُ: رَبَضَتِ الْغَنَمُ، وَبَرَكَتِ الإِبل، وجَثَمَتِ الطَّيْرُ، وَالثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ يَرْبِضُ فِي كِناسِه. الْجَوْهَرِيُّ: ورُبُوضُ البَقَرِ والغَنمِ والفَرسِ وَالْكَلْبِ مثلُ بُروكِ الإِبل وجُثُومِ الطَّيْرِ، تَقُولُ مِنْهُ: رَبَضَتِ الغنمُ تَرْبِضُ، بِالْكَسْرِ، رُبُوضاً. والمَرابِضُ لِلْغَنَمِ: كالمَعاطِنِ للإِبل، وَاحِدُهَا مَرْبِض مثال مَجْلِس.
__________
(4) . قوله [والربض بالضم إلخ] لم يعلم ضبط ما قبله فيحتمل أَن يكون بضمتين أو بضم ففتح أو بغير ذلك.
(5) . قتل مكانه: هكذا في الأَصل، ولعله أراد أنه قتل المصاب أو المعين في مكانه.(7/152)
والرِّبْضةُ: مَقْتَلُ قَوْمٍ قُتِلُوا فِي بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ. والرُّبْضُ: جَمَاعَةُ الطَّلْحِ والسَّمُرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرَّابِضةُ مَلَائِكَةٌ أُهْبِطُوا مَعَ آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَهْدُونَ الضُّلَّالَ
؛ قَالَ: وَلَعَلَّهُ مِنَ الإِقامة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الرابِضةُ بَقِيَّةُ حَمَلَةِ الْحُجَّةِ لَا تَخْلُو مِنْهُمُ الأَرضُ، وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ. وَفِي حَدِيثِ فِي الْفِتَنِ: رُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه ذكرَ مِنْ أَشراط السَّاعَةِ أَنْ تَنْطقَ الرُّوَيْبِضَةُ فِي أَمْرِ العامّةِ، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الرجل التَّافِهُ الْحَقِيرُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ العامّةِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِمَّا يُثْبِتُ حَدِيثَ الرُّوَيْبِضَة الحديثُ الآخرُ:
مِنْ أَشراطِ السَّاعَةِ أَن تُرَى رعاءُ الشاءِ رُؤوسَ الناسِ.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الرُّبَيْضةُ تَصْغِيرُ رابضةٍ وَهُوَ الَّذِي يَرْعَى الْغَنَمَ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَاجِزُ الَّذِي رَبَضَ عَنْ معَالي الأُمور وقَعَد عَنْ طَلبها، وَزِيَادَةُ الْهَاءِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِهِ، جَعَلَ الرابِضَة راعِيَ الرَّبِيض كَمَا يُقَالُ دَاهِيَةٌ، قَالَ: وَالْغَالِبُ أَنه قِيلَ لِلتَّافِهِ مِنَ النَّاسِ رَابِضَةٌ وَرُوَيْبِضَةٌ لِرُبُوضِهِ فِي بَيْتِهِ وَقِلَّةِ انْبِعَاثِهِ فِي الأُمور الْجَسِيمَةِ، قَالَ: وَمِنْهُ يُقَالُ رَجُلٌ رُبُضٌ عَنِ الْحَاجَاتِ والأَسْفار إِذا كَانَ لَا يَنْهَضُ فِيهَا. والرُّبْضةُ: القِطْعةُ الْعَظِيمَةُ مِنَ الثَّريدِ. وَجَاءَ بِثَرِيدٍ كأَنه رُبْضةُ أَرْنب أَي جُثَّتُها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَسمع بِهِ إِلا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَيُقَالُ: أَتانا بِتَمْرٍ مِثْلِ رُبْضةِ الخَرُوفِ أَي قَدْرِ الْخَرُوفِ الرَّابِضِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: فَفَتَحَ الْبَابَ فإِذا شِبْهُ الفَصِيل الرَّابِضِ
أَي الْجَالِسِ الْمُقِيمِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَرُبْضةِ العَنْزِ
، وَيُرْوَى بِكَسْرِ الرَّاءِ، أَي جُثَّتِهَا إِذا بَرَكَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عنه: والناسُ حَوْلي كَرَبِيضةِ الْغَنَمِ
أَي كَالْغَنَمِ الرُّبَّضِ. وَفِي حَدِيثِ القُرّاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا يومَ الجماجِم:
كَانُوا رِبْضة
؛ الرِّبْضةُ: مَقْتَلُ قَوْمٍ قُتِلُوا فِي بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ. وَصَبَّ اللَّهُ عَلَيْهِ حُمَّى رَبِيضاً أَي مَنْ يَهْزَأُ بِهِ. ورِباضٌ ومُرَبِّضٌ ورَبَّاضٌ: أَسماءٌ.
رحض: الرَّحْضُ: الغَسْلُ. رَحَضَ يَدَه والإِناء وَالثَّوْبَ وَغَيْرَهَا يَرْحَضُها ويَرْحُضُها رَحْضاً: غَسَلَهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ثَعْلَبَةَ: سأَله عَنْ أَواني الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: إِن لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فارْحَضُوها بِالْمَاءِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
، أَي اغْسِلُوهَا. والرُّحاضةُ: الغُسالةُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَثَوْبٌ رَحِيضٌ مَرْحُوضٌ: مغسولٌ. وَفِي حديث
عائشة، رضس اللَّهُ عَنْهَا: أَنها قَالَتْ فِي عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اسْتَتَابُوهُ حَتَّى إِذا مَا تَرَكُوهُ كَالثَّوْبِ الرَّحِيض أَحالُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ
؛ الرَّحِيضُ: المغسولُ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، تُرِيدُ أَنه لَمَّا تَابَ وَتَطَهَّرَ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي نُسِبَ إِليه قَتَلُوهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي ذِكْرِ الْخَوَارِجِ: وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ مُرَحَّضةٌ
أَي مَغْسُولَةٌ. وَثَوْبٌ رَحْضٌ، لَا غَيْرُ: غُسِلَ حَتَّى خَلَق؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِذا مَا رأَيتَ الشيخَ عِلْباء جِلْدِه ... كَرَحْضٍ قَدِيمٍ، فالتَّيَمُّنُ أَرْوَحُ
والمِرْحَضةُ: الإِجّانةُ لأِنه يُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمِرْحَضةُ: شيءٌ يُتَوَضَّأُ فِيهِ مِثْلُ كَنِيفٍ. وَقَالَ الأَزهري: المِرْحاضةُ شَيْءٌ يُتَوَضَّأُ بِهِ كالتَّور، والمِرْحَضةُ والمِرْحاضُ المُغْتَسَلُ، والمِرْحاضُ مَوْضِعُ الخَلاءِ والمُتَوَضَّأُ وَهُوَ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أَيوب الأَنصاري: فَوَجَدْنا مَراحِيضَهم استُقْبِلَ «1» بِهَا الْقِبْلَةُ فَكُّنَا نَتَحَرَّفُ ونستَغْفِرُ اللَّهَ
، يَعْنِي بالشام،
__________
(1) . قوله [مراحيضهم استقبل] لفظ النهاية:
مراحيض قد استقبل.(7/153)
أَراد بالمَراحِيضِ المَواضعَ الَّتِي بُنِيَتْ لِلْغَائِطِ أَي مَوَاضِعَ الِاغْتِسَالِ أُخِذ مِنَ الرحْض وَهُوَ الغَسْل. والمِرحاضُ: خَشَبَةٌ يُضْرَبُ بِهَا الثَّوْبُ إِذا غُسِلَ. ورُحِضَ الرجلُ رَحْضاً: عَرِقَ حَتَّى كأَنه غُسِلَ جسدُه، والرُّحَضاءُ: العَرَقُ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ نُزُولِ الوَحْي:
فمسَحَ عَنْهُ الرُّحَضاءَ
؛ هُوَ عرَق يَغْسِلُ الْجِلْدَ لِكَثْرَتِهِ، وَكَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ فِي عرَق الحُمّى وَالْمَرَضِ. والرُّحَضاءُ: العرَقُ فِي أَثَر الحُمّى. وَالرُّحَضَاءُ: الحُمّى بِعَرَقٍ. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ: رُحِضَ رَحْضاً، فَهُوَ مَرْحُوضٌ إِذا عَرِقَ فَكَثُرَ عرقَهُ عَلَى جَبِينِهِ فِي رُقادِه أَو يقَظَته، وَلَا يَكُونُ إِلا مِنَ شكْوى؛ قَالَ الأَزهري: إِذا عَرِقَ المَحْمُوم مِنَ الْحُمَّى فَهِيَ الرُّحَضَاءُ، وَقَالَ اللَّيْثُ فِي الرُّحَضَاءِ: عَرَق الْحُمَّى. وَقَدْ رُحِضَ إِذا أَخذته الرُّحَضاء. وَفِي الْحَدِيثِ:
جَعَلَ يَمْسَحُ الرُّحَضَاءَ عَنْ وَجْهِهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ.
ورَحْضةُ ورَحّاضٌ: اسمانِ.
رضض: الرَّضُّ: الدَّقُّ الجَرِيشُ. وَفِي الْحَدِيثِ حَدِيثِ الجاريةِ الْمَقْتُولَةِ عَلَى أَوْضاحٍ:
أَنَّ يَهُودِيّاً رَضَّ رأْس جاريةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ
؛ هُوَ مِنَ الدَّقِّ الجَرِيشِ. رَضَّ الشيءَ يَرُضُّه رَضّاً، فَهُوَ مَرْضُوضٌ ورَضِيضٌ ورَضْرَضَه: لَمْ يُنْعِمْ دَقَّه، وَقِيلَ: رَضَّه رَضّاً كسَره، ورُضاضُه كُسارُه. وارتَضَّ الشيءُ: تَكَسَّرَ. اللَّيْثُ: الرّضُّ دقُّك الشيءَ، ورُضاضُه قِطَعه. والرَّضْراضةُ: حِجارة تَرَضْرَضُ عَلَى وَجْهِ الأَرض أَي تَتَحَرَّكُ وَلَا تَلْبَثُ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقِيلَ أَي تَتَكَسَّرُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الرَّضْراضُ مَا دَقَّ مِنَ الحَصى؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَتْرُكْنَ صَوَّانَ الحَصَى رَضْراضا
وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفةِ الكَوْثرِ:
طِينُه المِسْكُ ورَضْراضُه التُّومُ
؛ الرَّضْراضُ: الحَصَى الصِّغارُ، والتُّوم: الدُّرُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: نَهر ذُو سِهْلةٍ وَذُو رَضْراضٍ، فالسِّهْلةُ رَمْلُ القَناة الَّذِي يَجْرِي عَلَيْهِ الْمَاءُ، وَالرَّضْرَاضُ أَيضاً الأَرض الْمَرْضُوضَةُ بِالْحِجَارَةِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَلُتُّ الحَصَى لَتّاً بِسُمْرٍ، كأَنَّها ... حِجارةُ رَضْراضٍ بِغَيْلٍ مُطَحْلِب
ورُضاضُ الشَّيْءِ: فُتاتُه. وكلُّ شيءٍ كسَّرته، فَقَدْ رَضْرَضْتَه. والمِرَضَّةُ: الَّتِي يُرَضُّ بِهَا. والرَّضُّ: التَّمْرُ الَّذِي يُدَقُّ فَيُنَقَّى عَجَمُه ويُلْقَى فِي المَخْضِ أَي فِي اللَّبَنِ. والرَّضُّ: التمرُ والزُّبْدُ يُخْلَطَانِ؛ قَالَ:
جاريةٌ شَبَّتْ شَباباً غَضّا، ... تَشْرَبُ مَحْضاً، وتَغَذَّى رَضّا
«1» مَا بَيْنَ ورْكَيْها ذِراعاً عَرْضا، ... لَا تُحْسِنُ التَّقْبِيلَ إِلا عَضّا
وأَرَضَّ التعَبُ العرَقَ: أَساله. ابْنُ السِّكِّيتِ: المُرِضّةُ تَمْرٌ يُنْقَعُ فِي اللَّبَنِ فتُصبح الْجَارِيَةُ فَتَشْرَبُهُ وَهُوَ الكُدَيْراءُ. والمُرِضّةُ: الأُكْلةُ أَو الشُّرْبةُ الَّتِي تُرِضُّ الْعَرَقَ أَي تُسِيلُهُ إِذا أَكلتها أَو شَرِبْتَهَا. وَيُقَالُ لِلرَّاعِيَةِ إِذا رَضَّتِ العُشْب أَكلًا وهرْساً: رَضارِضُ؛ وأَنشد:
يَسْبُتُ راعِيها، وَهِيَ رَضارِضُ، ... سَبْتَ الوَقِيذِ، والوَرِيدُ نابِضُ
__________
(1) . قوله
[تَشْرَبُ مَحْضًا وَتَغَذَّى رَضًّا]
في الصحاح:
تُصْبَحُ مَحْضًا وَتُعَشَّى رَضَّا.(7/154)
والمُرِضّة: اللَّبَنُ: الْحَلِيبُ الَّذِي يُحْلَبُ عَلَى الْحَامِضِ، وَقِيلَ: هُوَ اللَّبَنُ قَبْلَ أَن يُدْرِكَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَذُمّ رَجُلًا ويَصِفُه بِالْبُخْلِ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ يُخَاطِبُ امرأَته:
وَلَا تَصِلي بمَطْروقٍ، إِذا مَا ... سَرَى فِي القَوْمِ، أَصبحَ مُسْتَكِينا
يَلُومُ وَلَا يُلامُ وَلَا يُبالي، ... أَغَثّاً كَانَ لَحْمُكِ أَو سَمِينا؟
إِذا شَرِبَ المُرِضّةَ قَالَ: أَوْكي ... عَلَى مَا فِي سِقائِك، قَدْ رَوِينا
قَالَ: كَذَا أَنشده أَبو عَلِيٍّ لِابْنِ أَحْمَرَ رَوِينا عَلَى أَنه مِنَ الْقَصِيدَةِ النُّونِيَّةِ لَهُ؛ وَفِي شِعْرِ عَمْرِو بْنِ هُمَيْلٍ اللِّحْيَانِيِّ قَدْ رَوِيتُ فِي قَصِيدَةٍ أَولها:
أَلا مَنْ مُبْلِغُ الكَعْبيِّ عَنِّي ... رَسُولًا، أَصلُها عِنْدِي ثَبِيتُ
والمِرَضَّةُ كالمُرِضّةِ، والرَّضْرَضةُ كالرَّضِّ. والمُرِضّةُ، بِضَمِّ الْمِيمِ: الرَّثِيئةُ الخاثِرةُ وَهِيَ لَبَنٌ حَلِيبٌ يُصَبُّ عَلَيْهِ لَبَنٌ حَامِضٌ ثُمَّ يُتْرَكُ سَاعَةً فَيَخْرُجُ مَاءٌ أَصفر رَقِيقٌ فَيُصَبُّ مِنْهُ وَيُشْرَبُ الْخَاثِرُ. وَقَدْ أَرَضَّت الرَّثِيئةُ تُرِضُّ إِرْضاضاً أَي خَثُرَتْ. أَبو عُبَيْدٍ: إِذا صُبّ لَبَنٌ حَلِيبٌ عَلَى لَبَنٍ حَقِين فَهُوَ المُرِضّةُ والمُرْتَثِئةُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: سأَلت بَعْضَ بَنِي عَامِرٍ عَنِ المُرِضّةِ فَقَالَ: هُوَ اللَّبَنُ الْحَامِضُ الشَّدِيدُ الحُموضة إِذا شَرِبَهُ الرَّجُلُ أَصبح قَدْ تَكَسَّرَ، وأَنشد بَيْتَ ابْنِ أَحمر. الأَصمعي: أَرَضَّ الرجلُ إِرْضاضاً إِذا شَرِبَ المُرِضّةَ فَثَقُلَ عَنْهَا؛ وأَنشد:
ثُمَّ اسْتَحَثُّوا مُبْطِئاً أَرَضّا
أَبو عُبَيْدَةَ: المُرِضّةُ مِنَ الْخَيْلِ الشَّدِيدَةُ العَدْوِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الإِرْضاضُ شِدَّةُ العَدْو. وأَرَضَّ فِي الأَرض أَي ذَهَب. والرَّضراضُ: الحصَى الَّذِي يَجْرِي عَلَيْهِ الماءُ، وَقِيلَ: هُوَ الْحَصَى الَّذِي لَا يُثْبَتُ عَلَى الأَرض وَقَدْ يُعَمّ بِهِ. والرَّضْراضُ: الصَّفا؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَرَجُلٌ رَضْراضٌ: كَثِيرُ اللَّحْمِ، والأُنثى رَضْراضةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَزْمان ذَاتُ الكَفَلِ الرَّضْراضِ ... رَقْراقةٌ فِي بُدْنِها الفَضْفاضِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا قَالَ لَهُ مَرَرْتُ بجُبُوبِ بَدْر فإِذا بِرَجُلٍ أَبيض رَضْراضٍ وإِذا رَجُلٌ أَسودُ بِيَدِهِ مِرْزَبةٌ يَضْرِبُهُ، فَقَالَ: ذَاكَ أَبو جَهْلٍ
؛ الرّضْراضُ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ. وَبَعِيرٌ رَضْراضٌ: كَثِيرُ اللَّحْمِ؛ وَقَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
فَعَرَفْنا هِزّةً تأْخُذُه، ... فَقَرَنّاه بِرَضْراضِ رِفَلْ
أَراد فَقَرَنَّاهُ وأَوثقناه بِبَعِيرٍ ضَخْمٍ، وإِبل رَضارِضَ: رَاتِعَةٌ كأَنها تَرُضّ العُشب. وأَرَضَّ الرجلُ أَي ثَقُلَ وأَبطأَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَجمَّعوا مِنْهُمْ قَضِيضاً قَضّا، ... ثُمَّ اسْتَحَثُّوا مُبْطِئاً أَرَضّا
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَصُبَّ عَلَيْكُمُ العذابُ صَبّاً ثُمَّ لَرُضّ رَضّاً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالصَّحِيحُ بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
رعض: النِّهَايَةُ لِابْنِ الأَثير: فِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ خَرَجَ بِفَرَسٍ لَهُ فَتَمعَّكَ ثُمَّ نَهَضَ ثُمَّ رَعَضَ
أَي لَمَّا قَامَ مِنْ مُتَمَعَّكِه انتَفَضَ وارْتَعَدَ.(7/155)
وارْتَعَضَتِ الشَّجَرَةُ إِذا تَحَرَّكَتْ، ورَعَضَتْها الريحُ وأَرْعَضَتْها. وارْتَعَضَت الْحَيَّةُ إِذا تَلَوَّت؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فضَربت بِيَدِهَا عَلَى عجُزها فارْتَعَضَتْ
أَي تَلَوَّتْ وارْتَعَدَت.
رفض: الرَّفْضُ: تركُكَ الشيءَ. تَقُولُ: رَفَضَني فَرَفَضْتُه، رَفَضْتُ الشيءَ أَرْفُضُه وأَرفِضُه رَفْضاً ورَفَضاً: تركتُه وفَرَّقْتُه. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّفْضُ التَّرْكُ، وَقَدْ رَفَضَه يَرْفُضُه ويَرْفِضُه. والرَّفَضُ: الشَّيْءُ المُتَفَرِّقُ، وَالْجَمْعُ أَرفاضٌ. وارْفَضَّ الدَّمْعُ ارْفِضاضاً وتَرَفَّض: سالَ وتفَرَّق وتتابَعَ سَيَلانُه وقَطَرانُه. وارْفَضَّ دَمْعُه ارْفِضاضاً إِذا انهلَّ متفرِّقاً. وارْفِضاضُ الدمْع ترشُّشُه، وَكُلُّ متفرِّق ذَهَبَ مُرْفَضٌّ؛ قَالَ: الْقُطَامِيُّ:
أَخُوكَ الَّذِي لَا تَمْلِكُ الحِسَّ [الحَسَ] نفسُه، ... وتَرْفَضُّ عِنْدَ المُحْفِظاتِ الكَتائِفُ
يَقُولُ: هُوَ الَّذِي إِذا رآكَ مَظْلُومًا رَقّ لَكَ وَذَهَبَ حِقْده. وَفِي حَدِيثِ البُراق:
أَنه اسْتَصْعَبَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ارْفَضَّ عرَقاً وأَقَرَّ
أَي جرَى عرَقُه وسالَ ثُمَّ سكَنَ وانْقاد وَتَرَكَ الاسْتِصعاب؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الحْوض:
حَتَّى يَرْفَضّ عَلَيْهِمْ
أَي يَسِيل. وَفِي حَدِيثِ
مُرَّةَ بْنِ شراحِيلَ: عُوتِبَ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ فَذَكَرَ أَنَّ بِهِ جُرْحًا رُبَّمَا ارْفَضّ فِي إِزاره
أَي سَالَ فِيهِ قَيْحُه وتفَرَّق. وارْفَضَّ الوَجَعُ: زالَ. والرِّفاضُ: الطُّرُق المتفرِّقةُ أَخادِيدُها؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بالعِيسِ فوْقَ الشَّرَكِ الرِّفاض
هِيَ أَخاديدُ الجادَّةِ المتفرِّقةُ. وَيُقَالُ لشَرَكِ الطريقِ إِذا تَفَرَّقَتْ: رِفاضٌ، وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: كالعِيسِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بِالْعِيسِ لأَن قَبْلَهُ:
يَقْطَعُ أَجْوازَ الْفَلَا انْقِضاضِي
والشَّرَكُ: جَمْعُ شَرَكةٍ وَهِيَ الطرائقُ الَّتِي فِي الطَّرِيقِ. والرِّفاضُ: المُرْفَضّةُ الْمُتَفَرِّقَةُ يَمِينًا وَشِمَالًا. قَالَ: والرِّفاضُ أَيضاً جَمْعُ رَفْضٍ القَطِيعُ مِنَ الظِّباء المتفرِّق. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَن امرأَة كَانَتْ تَزْفِنُ والصِّبْيانُ حولَها إِذ طَلَعَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فارْفَضَّ الناسُ عَنْهَا
أَي تفَرّقُوا. وتَرَفَّضَ الشيءُ إِذا تَكَسَّرَ. ورَفَضْت الشَّيْءَ أَرْفُضُه وأَرْفِضُه رَفْضاً، فَهُوَ مرفوضٌ ورَفِيضٌ: كَسَرْتُهُ. ورَفَضُ الشَّيْءِ: مَا تَحَطَّمَ مِنْهُ وَتَفَرَّقَ، وَجَمْعُ الرَّفَض أَرْفاض؛ قَالَ طُفَيْلٌ يَصِفُ سَحاباً:
لَهُ هَيْدَبٌ دانٍ كأَنَّ فُرُوجَه، ... فُوَيْقَ الحَصى والأَرضِ، أَرْفاضُ حَنْتَمِ
ورُفاضُه: كرَفَضِه، شَبَّهَ قِطع السَّحَابِ السُّود الدَّانِيَةِ مِنَ الأَرض لِامْتِلَائِهَا بِكِسَر الْحَنْتَمِ المُسْوَدّ والمُخْضَرّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْعَجَّاجِ:
يُسْقى السَّعِيطَ فِي رُفاضِ الصَّنْدَلِ
والسَّعِيطُ: دُهْن البانِ، وَيُقَالُ: دُهْنُ الزَّنْبَقِ. ورُمْحٌ رَفِيضٌ إِذا تَقَصَّد وتكسَّر؛ وأَنشد:
وَوَالَى ثَلَاثًا واثْنَتَيْنِ وأَرْبَعاً، ... وَغادَرَ أُخْرى فِي قَناةِ رَفِيضِ
ورُفُوضُ الناسِ: فِرَقُهم؛ قَالَ:
مِنْ أَسَدٍ أَوْ مِنْ رُفُوضِ النَّاسِ(7/156)
ورُفُوضُ الأَرضِ: المَواضِع الَّتِي لَا تُمْلَك، وَقِيلَ: هِيَ أَرض بَيْنَ أَرْضَيْنِ حَيَّتَيْنِ فَهِيَ مَتْرُوكَةٌ يتَحامَوْنَها. ورُفُوضُ الأَرض: مَا تُرِكَ بَعْدَ أَن كَانَ حِمىً. وَفِي أَرض كَذَا رُفُوضٌ مِنْ كلإٍ أَي مُتَفَرِّقٌ بَعيدٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. والرَّفّاضةُ: الَّذِينَ يَرْعَوْنَ رُفُوضَ الأَرض. ومَرافِضُ الأَرضِ: مساقِطُها مِنْ نَوَاحِي الْجِبَالِ وَنَحْوِهَا، وَاحِدُهَا مَرْفَضٌ، والمَرْفَضُ مِنْ مَجاري الْمِيَاهِ وقَرارَتِها؛ قَالَ:
ساقَ إِليْها ماءَ كلِّ مَرْفَضِ ... مُنْتِجُ أَبْكارِ الغَمامِ المُخَّضِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مَرافِضُ الْوَادِي مَفاجِرُه حيثُ يَرْفَضُّ إِليه السَّيْلُ؛ وأَنشد لِابْنِ الرِّقَاعِ:
ظَلَّتْ بِحَزْمِ سُبَيْعٍ أَو بِمَرْفَضِه ... ذِي الشِّيحِ، حيثُ تَلاقى التَّلْعُ فانسَحَلا «2»
ورَفَضُ الشَّيْءِ: جانبُه، وَيُجْمَعُ أَرْفاضاً؛ قَالَ بَشَّارٌ:
وكأَنَّ رَفْضَ حَدِيثِها ... قِطَعُ الرّياضِ، كُسينَ زَهْرا
والرّوافِضُ: جُنُودٌ تَرَكُوا قَائِدَهُمْ وَانْصَرَفُوا فَكُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ رافِضةٌ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم رافِضِيٌّ. والرَّوافِضُ: قَوْمٌ مِنَ الشِّيعة، سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم تَرَكُوا زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ؛ قَالَ الأَصمعي: كَانُوا بَايَعُوهُ ثُمَّ قَالُوا لَهُ: ابْرأْ مِنَ الشَّيْخَيْنِ نُقَاتِلْ مَعَكَ، فأَبى وَقَالَ: كَانَا وَزِيرَيْ جَدِّي فَلَا أَبْرأُ مِنْهُمَا، فرَفَضُوه وارْفَضُّوا عَنْهُ فسُمُّوا رافِضَةً، وَقَالُوا الرَّوافِضَ وَلَمْ يَقُولُوا الرُّفَّاضَ لأَنهم عَنُوا الْجَمَاعَاتِ. والرَّفْضُ: أَن يَطْرُدَ الرَّجُلُ غَنَمَهُ وإِبله إِلى حَيْثُ يَهْوى، فإِذا بَلَغَتْ لَها عَنَّها وَتَرَكَهَا. ورَفَضْتُها أَرْفِضُها وأَرْفُضُها رَفْضاً: تركْتُها تَبَدَّدُ فِي مَراعِيها تَرْعى حَيْثُ شاءَتْ وَلَا يَثْنيها عَنْ وَجْهٍ تُرِيدُهُ، وَهِيَ إِبل رافِضةٌ وإِبل رَفَضٌ وأَرْفاضٌ. الْفَرَّاءُ: أَرْفَضَ الْقَوْمُ إِبلهم إِذا أَرسلوها بِلَا رِعاء. وَقَدْ رَفَضَتِ الإِبل إِذا تَفَرَّقَتْ، ورَفَضَت هِيَ تَرْفِضُ رَفْضاً أَي تَرْعى وَحْدَهَا وَالرَّاعِي يُبْصِرُهَا قَرِيبًا مِنْهَا أَو بَعِيدًا لَا تُتْعِبُهُ وَلَا يَجْمَعُهَا؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
سَقْياً بِحَيْثُ يُهْمَلُ المُعَرَّضُ، ... وحَيْثُ يَرْعى ورَعِي ويَرْفِضُ
وَيُرْوَى: وأَرْفِضُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المُعَرَّضُ نَعَمٌ وسْمُه العِراضُ وَهُوَ خَطٌّ فِي الْفَخِذَيْنِ عَرْضاً. والوَرَعُ: الصَّغِيرُ الضَّعِيفُ الَّذِي لَا غَناءَ عِنْدَهِ. يُقَالُ: إِنما مَالُ فُلَانٍ أَوْراعٌ أَي صِغارٌ. والرَّفَضُ: النَّعَمُ المُتَبَدِّدُ، وَالْجَمْعُ أَرْفاضٌ. وَرَجُلٌ قُبَضَةٌ رُفَضَةٌ: يَتَمَسَّكُ بِالشَّيْءِ ثُمَّ لَا يَلْبَثُ أَن يَدَعَه. وَيُقَالُ: رَاعٍ قُبَضةٌ رُفَضَةٌ لِلَّذِي يَقْبِضُها وَيَسُوقُهَا وَيَجْمَعُهَا، فإِذا صَارَتْ إِلى الْمَوْضِعِ الَّذِي تُحِبُّهُ وَتَهْوَاهُ رَفَضَهَا وَتَرَكَهَا تَرْعَى كَيْفَ شاءَتْ، فَهِيَ إِبل رَفَضٌ. قَالَ: الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: الْقَوْمُ رَفَضٌ فِي بُيُوتِهِمْ أَي تَفَرَّقُوا فِي بُيُوتِهِمْ، وَالنَّاسُ أَرْفاضٌ فِي السفَر أَي مُتَفَرِّقُونَ، وَهِيَ إِبلٌ رافِضةٌ ورَفْضٌ أَيضاً؛ وَقَالَ مِلْحةُ بْنُ وَاصِلٍ، وَقِيلَ: هُوَ لِمِلْحةَ الجَرْمي، يصف
__________
(2) . قوله [ظلت إلخ] في معجم ياقوت: باضت بدل ظلت، وقبله كما فيه:
كأنها وهي تحت الرحل لاهية ... إذا المطي على أنقابه زملا
جونية من قطا الصوان مسكنها ... جفاجف تنبت القفعاء والنفلا.(7/157)
سَحَابًا.
يُباري الرِّياحَ الحَضْرَمِيّاتِ مُزْنُه ... بِمُنْهَمِر الأَرْواقِ ذِي قَزَعٍ رَفْضِ
قَالَ: ورفَضٌ أَيضاً بِالتَّحْرِيكِ، وَالْجَمْعُ أَرْفاض. ونَعام رَفَضٌ أَي فِرَقٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بِهَا رَفَضٌ مِنْ كلِّ خَرْجاءَ صَعْلةٍ، ... وأَخْرَجَ يَمْشِي مِثْلَ مَشْي المُخَبَّلِ
وَقَوْلُهُ أَنشده الْبَاهِلِيُّ:
إِذا مَا الحِجازِيّاتُ أَعْلَقْنَ طَنَّبَتْ ... بِمَيْثاء، لَا يأْلُوكَ رافِضُها صخْرا
أَعْلَقْنَ أَي عَلَّقْن أَمْتعَتَهُنَّ عَلَى الشَّجَرِ لأَنهن فِي بِلَادِ شَجَرٍ. طَنَّبَتْ هَذِهِ المرأَة أَي مَدَّتْ أَطنابها وضرَبَتْ خَيْمَتَهَا. بِمَيْثاءَ: بِمَسِيلٍ سَهْل لَيِّنٍ. لَا يأْلوك: لَا يَسْتَطِيعُكَ. والرافضُ: الرَّامِي؛ يَقُولُ: مَنْ أَراد أَن يَرْمِيَ بِهَا لَمْ يَجِدْ حَجَرًا يَرْمي بِهِ، يُرِيدُ أَنها فِي أَرض دَمِثةٍ لَيّنة. والرَّفْضُ والرَّفَضُ مِنَ الْمَاءِ واللَبن: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ يَبْقَى فِي القِرْبة أَو المَزادةِ وَهُوَ مِثْلُ الجُرْعةِ، وَرَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ رَفْضٌ، بِسُكُونِ الْفَاءِ، وَيُقَالُ: فِي القِرْبة رَفَض مِنْ مَاءٍ أَي قَلِيلٌ، وَالْجَمْعُ أَرْفاضٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَدْ رَفَّضْتُ فِي القِرْبة تَرْفيضاً أَي أَبْقَيْتُ فِيهَا رَفْضاً مِنْ مَاءٍ. والرَّفْضُ: دُونَ المَلْءِ بِقَلِيل؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي:
فلمَّا مَضَتْ فَوْقَ اليَدَيْنِ، وحَنَّفَتْ ... إِلى المَلْءِ، وامْتَدَّتْ بِرَفْضٍ غُضُونُها
والرَّفْضُ: القُوت، مأْخوذ مِنَ الرَّفْضِ الَّذِي هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ. وَيُقَالُ: رَفَضَ النخلُ وَذَلِكَ إِذا انتَشَرَ عِذْقُه وسقَطَ قِيقاؤُه.
ركض: رَكَضَ الدابةَ يَرْكُضُها رَكْضاً: ضرَب جَنْبَيْها بِرِجْلِهِ. ومِرْكَضةُ القَوْس: مَعْرُوفَةٌ وَهُمَا مِرْكَضَتانِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ومِرْكَضا القَوْس جَانِبَاهَا؛ وأَنشد لأَبي الْهَيْثَمِ التَّغْلَبِيّ:
لَنَا مَسائِحُ زُورٌ، فِي مَراكِضِها ... لِينٌ، وَلَيْسَ بِهَا وهْيٌ وَلَا رَقَقُ
ورَكَضَتِ الدابةُ نفسُها، وأَباها بعضُهم. وَفُلَانٌ يَرْكُضُ دابّتَه: وَهُوَ ضَرْبُه مَرْكَلَيْها برِجْليْه، فَلَمَّا كَثُرَ هَذَا عَلَى أَلسنتِهِم اسْتَعْمَلُوهُ فِي الدوابِّ فَقَالُوا: هِيَ تَرْكُضُ، كأَنّ الرَّكْضَ مِنْهَا. والمَرْكَضانِ: هُمَا مَوْضِعُ عَقِبَي الْفَارِسِ مِنْ مَعَدَّي الدَّابَّةِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَرْكَضَتِ الفَرسُ، فَهِيَ مُرْكِضةٌ ومُرْكِضٌ إِذا اضطَرَبَ جَنِينُها فِي بَطْنِهَا؛ وأَنشد:
ومُرْكِضةٌ صَرِيحيٌّ أَبُوها، ... يُهانُ لَهُ الغُلامةُ والغُلامُ «1»
وَيُرْوَى ومِرْكَضةٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، نَعَت الْفَرَسَ أَنها رَكّاضةٌ تركُض الأَرض بِقَوَائِمِهَا إِذا عَدَت وأَحضَرَت. الأَصمعي: رُكِضَتِ الدابةُ، بِغَيْرِ أَلف، وَلَا يُقَالُ رَكَضَ هُوَ، إِنما هُوَ تَحْرِيكُكَ إِياه، سَارَ أَو لَمْ يَسِرْ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: قَدْ وَجَدْنَا فِي كَلَامِهِمْ رَكَضتِ الدابةُ فِي سَيْرِهَا ورَكَضَ الطائرُ فِي طَيَرانه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
__________
(1) . قوله [ومركضة إلخ] هو كمحسنة، كما ضبطه الصاغاني. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ انشاده الرفع لِأَنَّ قَبْلَهُ:
أَعان عَلَى مِرَاسِ الْحَرْبِ زَغْفٌ ... مُضَاعَفَةٌ لَهَا حَلَقٌ تُؤَامُ.(7/158)
جَوانِح يَخْلِجْنَ خَلْجَ الظّباءِ، ... يَرْكُضْنَ مِيلًا ويَنْزِعْنَ مِيلا
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
والنَّسْرُ قَدْ يَرْكُضُ وهْو هَافِي
أَي يَضْرِبُ بِجَنَاحَيْهِ. وَالْهَافِي: الَّذِي يَهْفُو بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذا رَكِبَ الرَّجُلُ الْبَعِيرَ فَضَرَبَ بِعَقِبَيْهِ مَرْكَلَيْه فَهُوَ الرَّكْضُ والرَّكْلُ. وَقَدْ رَكَضَ الرجلُ إِذا فَرَّ وعَدا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا
؛ قَالَ: يَرْكُضون يَهْرُبون ويَنْهَزِمُون ويَفِرُّون، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يَهْرُبون مِنَ الْعَذَابِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ رَكَضَ البعيرُ بِرِجْلِهِ كَمَا يُقَالُ رَمَحَ ذُو الحافِرِ بِرِجْلِهِ، وأَصل الرَّكْضِ الضرْبُ. ابْنُ سِيدَهْ: رَكَضَ الْبَعِيرُ بِرِجْلِهِ وَلَا يُقَالُ رَمَح. الْجَوْهَرِيُّ: ركضَه الْبَعِيرُ إِذا ضربَه بِرِجْلِهِ وَلَا يُقَالُ رَمَحه؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ: لَنَفْسُ المؤْمِن أَشدُّ ارْتِكاضاً عَلَى الذَّنْبِ مِنَ العُصْفور حين يُغْدَفُ به
أَي أَشدُّ اضطِراباً وَحَرَكَةً عَلَى الْخَطِيئَةِ حِذارَ الْعَذَابِ مِنَ الْعُصْفُورِ إِذا أُغْدِف عَلَيْهِ الشّبَكةُ فاضطَرَب تَحْتَهَا. ورَكَضَ الطائرُ يَرْكُضُ رَكْضاً: أَسرَعَ فِي طَيَرانِه؛ قَالَ:
كأَنّ تَحْتِي بازِياً رَكّاضا
فأَما قَوْلُ سَلَامَةَ بْنِ جَنْدَلٍ:
وَلَّى حَثِيثاً، وَهَذَا الشَّيْبُ يَتْبَعُه، ... لَوْ كانَ يُدرِكُه رَكْض اليعاقِيبِ
فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَعْني باليَعاقِيبِ ذُكُورَ القَبَج فَيَكُونُ الرَّكْضُ مِنَ الطَّيران، وَيَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهَا جِيادَ الْخَيْلِ فَيَكُونُ مِنَ الْمَشْيِ؛ قَالَ الأَصمعي: لَمْ يَقُلْ أَحد فِي هَذَا الْمَعْنَى مِثْلَ هَذَا الْبَيْتِ. ورَكَضَ الأَرضَ والثوبَ: ضرَبَهما بِرِجْلِهِ. والرَّكْضُ: مَشْيُ الإِنسان بِرِجْلَيْهِ مَعًا. والمرأَة تَرْكُضُ ذُيُولَها بِرِجْلَيْهَا إِذا مَشَتْ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
والرَّاكِضاتِ ذُيُولَ الرَّيط، فَنَّقَها ... بَرْدُ الهَواجِرِ كالغِزْلانِ بالجَرِدِ
الْجَوْهَرِيُّ: الرَّكْضُ تَحْرِيكُ الرِّجْلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ
. ورَكَضْتُ الفَرَس بِرِجْلِي إِذا اسْتَحْثَثْتَهُ لِيَعْدُوَ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى قِيلَ رَكَضَ الفَرَسُ إِذا عَدا وَلَيْسَ بالأَصل، وَالصَّوَابُ رُكِضَ الفرَسُ، عَلَى مَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ، فَهُوَ مركوضٌ. وراكَضْتَ فُلَانًا إِذا أَعْدَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا فَرَسَه. وتَراكَضُوا إِليه خَيْلَهم. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: أَتَيْتُه رَكْضاً، جاؤوا بِالْمَصْدَرِ عَلَى غَيْرِ فِعْلٍ وَلَيْسَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، قِيلَ: مِثْلُ هَذَا إِنما يُحْكَى مِنْهُ مَا سُمِعَ. وقَوْسٌ رَكُوضٌ ومُرْكِضةٌ أَي سريعةُ السهْم، وَقِيلَ: شَدِيدَةُ الدَّفْع والحَفْزِ لِلسَّهْمِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ تَحْفِزُه حَفْزاً؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
شَرِقاتٍ بالسمِّ مِنْ صُلَّبِيٍّ، ... ورَكُوضاً مِنَ السِّراءِ طَحُورا
ومُرْتَكضُ الْمَاءِ: مَوْضِعُ مَجَمِّه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي دَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ: إِنما هُوَ عِرْقٌ عانِدٌ أَو رَكْضةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
؛ قَالَ: الرَّكْضةُ الدَّفْعةُ وَالْحَرَكَةُ؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ صَقْرًا انْقَضَّ عَلَى قَطَاةٍ:(7/159)
يَرْكُضْنَ عِنْدَ الزُّنابى، وهْيَ جاهِدةٌ، ... يَكَادُ يَخْطَفُها طَوْراً وتَهْتَلِكُ «1»
قَالَ: رَكْضُها طَيَرانُها؛ وَقَالَ آخَرُ:
ولَّى حَثِيثاً، وَهَذَا الشَّيْبُ يَطْلُبُه، ... لَوْ كانَ يُدْرِكُه رَكْضُ اليَعاقِيبِ
جَعَلَ تَصْفِيقَهَا بجناحَيْها فِي طَيَرانها رَكْضاً لِاضْطِرَابِهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير «2» : أَصل الرَّكْضِ الضرْبُ بِالرِّجْلِ والإِصابة بِهَا كَمَا تُرْكَضُ الدابةُ وتُصاب بِالرِّجْلِ، أَراد الإِضْرار بِهَا والأَذى، الْمَعْنَى أَن الشَّيْطَانَ قَدْ وَجَدَ بِذَلِكَ طَرِيقًا إِلى التَّلْبِيسِ عَلَيْهَا فِي أَمر دِينِهَا وطُهْرها وَصَلَاتِهَا حَتَّى أَنساها ذَلِكَ عَادَتَهَا، وَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ كأَنه يَرْكُض بِآلَةٍ مِنْ رَكَضاته. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: إِنا لَمَّا دَفَنّا الْوَلِيدَ رَكَضَ فِي لَحْدِهِ
أَي ضَرَبَ بِرِجْلِهِ الأَرض. والتَّرْكَضَى والتِّرْكِضاءُ: ضَرْبٌ مِنَ المَشْي عَلَى شَكْلِ تِلْكَ المِشْيةِ، وَقِيلَ: مِشْية التَّرْكَضَى مِشْية فِيهَا تَرَقُّلٌ وتَبَخْتُر، إِذا فَتَحْتَ التَّاءَ وَالْكَافَ قَصَرْتَ، وإِذا كَسَرْتَهُمَا مَدَدْتَ. وارتَكَضَ الشَّيْءُ: اضطَرَب؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْخُطَبَاءِ: انتقضت مِرَّتُه وارتَكَضَتْ جِرَّتُه. وارتكَضَ فُلَانٌ فِي أَمره: اضطَرَب، وَرُبَّمَا قَالُوا رَكَضَ الطائِرُ إِذا حَرَّكَ جَنَاحَيْهِ فِي الطَّيَران؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَرَّقَنِي طارقُ هَمٍّ أَرَّقَا، ... ورَكْضُ غِرْبانٍ غَدَوْنَ نُعَّقا
وأَركَضَتِ الْفَرَسُ: تَحَرَّكَ وَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا وعَظُم؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَوس بْنِ غَلْفاءَ الهُجَيْمِي:
ومُرْكِضةٌ صرِيحيٌّ أَبُوها، ... تُهانُ لَهَا الغُلامةُ والغُلامُ
وَفُلَانٌ لَا يَرْكُضُ المِحْجَنَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، أَي لَا يَمْتَعِضُ مِنْ شَيْءٍ وَلَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ. والمِرْكَضُ: مِحْراثُ النَّارِ ومِسْعَرُها؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ العَجْلانِ الْهُذَلِيُّ:
تَرَمَّضَ مِنْ حَرّ نَفّاحةٍ، ... كَمَا سُطِحَ الجَمْرُ بالمِرْكَضِ
ورَكّاضٌ: اسْمٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
رمض: الرَّمَضُ والرَّمْضاءُ: شِدّةُ الحَرّ. والرَّمَضُ: حَرُّ الْحِجَارَةِ مِنْ شِدَّةِ حَرّ الشَّمْسِ، وَقِيلَ: هُوَ الْحَرُّ والرُّجوعُ عَنِ المَبادِي إِلى المَحاضِر، وأَرضٌ رَمِضَةُ الْحِجَارَةِ. والرَّمَضُ: شِدَّةُ وَقْع الشَّمْسِ عَلَى الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ: والأَرضُ رَمْضاءُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَقِيلٍ: فَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ الفَيْءَ مِنْ شدّةِ الرَّمَضِ
، وَهُوَ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، الْمَصْدَرُ، يُقَالُ: رَمِضَ يَرْمَضُ رَمَضاً. ورَمِضَ الإِنسانُ رَمَضاً: مَضى عَلَى الرَّمْضاءِ، والأَرضُ رَمِضةٌ. ورَمِضَ يَومُنا، بِالْكَسْرِ، يَرْمَضُ رَمَضاً: اشتدَّ حَرُّه. وأَرْمَضَ الحَرُّ القومَ: اشْتَدَّ عَلَيْهِمْ. والرَّمَضُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ رَمِضَ الرجلُ يَرْمَضُ رَمَضاً إِذا احْتَرَقَتْ قَدَمَاهُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ؛ وأَنشد:
فَهُنّ مُعْتَرِضاتٌ، والحَصى رَمِضٌ، ... والرِّيحُ ساكنةٌ، والظِّلُّ مُعْتَدِلُ
ورَمِضَتْ قَدَمُه مِنَ الرمْضاءِ أَي احترَقَتْ. ورَمِضَتِ الْغَنَمُ تَرْمَضُ رَمَضاً إِذا رَعَتْ فِي شدّة
__________
(1) . وروي هذا البيت في ديوان زهير على هذه الصورة:
عندَ الذُّنابى، لها صوتٌ وأزمَلةٌ، ... يكادُ يَخْطَفُهَا طَوْرًا وتهتلِكُ.
(2) . قوله [قال ابن إلخ] هو تفسير لحديث ابن عباس المتقدم فلعل بمسودة المؤلف تخريجاً اشتبه على الناقل منه فقدّم وأخر.(7/160)
الْحَرِّ فحَبِنَتْ رِئاتُها وأَكْبادُها وأَصابها فِيهَا قَرَحٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
صلاةُ الأَوّابين إِذا رَمِضَتِ الفِصالُ
؛ وَهِيَ الصلاةُ الَّتِي سنَّها سَيِّدُنَا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي وقتِ الضُّحَى عِنْدَ ارتفاعِ النَّهَارِ. وَفِي الصِّحَاحِ: أَي إِذا وجَدَ الفَصيلُ حرَّ الشَّمْسِ مِنَ الرَّمْضاءِ، يَقُولُ: فَصَلَاةُ الضُّحَى تِلْكَ الساعةَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن تَحْمى الرَّمْضاءُ، وَهِيَ الرَّمْلُ، فتَبْرُكَ الفِصالُ مِنْ شِدَّةِ حرِّها وإِحراقِها أَخْفافَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمْ تَكْتَحِلْ حَتَّى كادَتْ عَيْنَاهَا تَرْمَضانِ
، يُرْوَى بِالضَّادِ، مِنَ الرَّمْضاء وَشِدَّةِ الْحَرِّ. وَفِي حَدِيثِ
صَفِيَّةَ: تَشَكَّتْ عَيْنَيْها حَتَّى كادتْ تَرْمَضُ
، فإِن رُوِيَ بِالضَّادِ أَراد حَتَّى تَحْمى. ورَمَضُ الفِصالِ: أَن تَحْتَرِقَ الرَّمْضاءُ وَهُوَ الرَّمْلُ فَتَبْرُكَ الْفِصَالُ مِنْ شِدَّةِ حَرِّهَا وإِحراقها أَخفافَها وفَراسِنَها. وَيُقَالُ: رَمَضَ الرَّاعِي مواشِيَه وأَرمَضَها إِذا رَعاها فِي الرَّمْضاءِ وأَرْبَضَها عَلَيْهَا. وَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِرَاعِي الشاءِ: عليكَ الظَّلَفَ مِنَ الأَرضِ لَا تُرَمِّضْها
؛ والظَّلَفُ مِنَ الأَرض: الْمَكَانُ الْغَلِيظُ الَّذِي لَا رَمْضاءَ فِيهِ. وأَرْمَضَتْني الرَّمْضاءُ أَي أَحرقتني. يُقَالُ: رَمَّضَ الرَّاعِي مَاشِيَتَهُ وأَرمَضَها إِذا رَعَاهَا فِي الرَّمْضاء. والتَّرَمُّضُ: صَيْدُ الظَّبْيِ فِي وَقْتِ الْهَاجِرَةِ تَتْبَعُهُ حَتَّى إِذا تَفَسَّخَت قوائمُه مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ أَخذته. وترَمَّضْنا الصيْدَ: رَمَيْناه فِي الرَّمْضَاءِ حَتَّى احْتَرَقَتْ قوائمُه فأَخذناه. ووجَدْتُ فِي جسَدِي رَمَضةً أَي كالمَلِيلةِ. والرَّمَضُ: حُرْقةُ الغَيْظِ. وَقَدْ أَرْمَضَه الأَمرُ ورَمِضَ لَهُ، وَقَدْ أَرْمَضَني هَذَا الأَمرُ فَرَمِضْتُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ومَنْ تَشَكَّى مُغْلةَ الإِرْماضِ ... أَو خُلَّةً، أَعْرَكْتُ بالإِحْماضِ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الإِرْماضُ كلُّ مَا أَوْجَع. يُقَالُ: أَرْمَضَني أَي أَوْجَعَني. وارْتَمَضَ الرَّجُلُ مِنْ كَذَا أَي اشْتَدَّ عَلَيْهِ وأَقْلَقَه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
إِنَّ أُحيحاً ماتَ مِنْ غيرِ مَرَضْ، ... ووُجْدَ فِي مَرْمَضِه، حَيْثُ ارْتمض
عساقِلٌ وجِبَأٌ فِيهَا قَضَضْ
وارْتَمَضَتْ كَبِدُه: فسَدَتْ. وارْتَمضْتُ لفلانٍ: حَزِنْتُ لَهُ. والرَّمَضِيُّ مِنَ السَّحَابِ وَالْمَطَرِ: مَا كَانَ فِي آخِرِ القَيْظِ وأَوّلِ الخَرِيف، فالسحابُ رَمَضِيٌّ وَالْمَطَرُ رَمَضِيٌّ، وإِنما سُمِّيَ رَمَضِيّاً لأِنه يُدْرِكُ سُخونة الشَّمْسِ وَحَرَّهَا. والرَّمَضُ: الْمَطَرُ يأْتي قُبُلَ الْخَرِيفِ فَيَجِدُ الأَرض حَارَّةً مُحْتَرِقَةً. والرَّمَضِيَّةُ: آخَرُ المِيَرِّ، وَذَلِكَ حِينَ تحترِقُ الأَرض لأَنَّ أَوّلَ المِيَرّ الرَّبَعِيَّةُ ثُمَّ الصَّيْفِيّةُ ثُمَّ الدَّفَئِيّةُ، وَيُقَالُ: الدَّثَئِيّةُ ثُمَّ الرَّمَضِيّةُ. ورمضانُ: مِنْ أَسماء الشُّهُورِ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
جاريةٌ فِي رمضانَ الْمَاضِي، ... تُقَطِّعُ الحديثَ بالإِيماضِ
أَي إِذا تبَسَّمَتْ قطَّعَ الناسُ حَدِيثَهُمْ وَنَظَرُوا إِلى ثَغْرِها. قَالَ أَبو عُمَرَ مُطَرِّزٌ: هَذَا خطأٌ، الإِيماضُ لَا يَكُونُ فِي الْفَمِ إِنما يَكُونُ فِي الْعَيْنَيْنِ، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَنَظَرَتْ إِليهم فَاشْتَغَلُوا بِحُسْنِ نَظَرِهَا عَنِ الْحَدِيثِ وَمَضَتْ، وَالْجَمْعُ رَمَضاناتٌ ورَماضِينُ وأَرْمِضاءُ وأَرْمِضةٌ وأَرْمُضٌ؛ عَنْ بَعْضِ أَهل اللُّغَةِ، وَلَيْسَ بثبَت. قَالَ مُطَرِّزٌ: كَانَ مُجَاهِدٌ يَكْرَهُ أَن يُجْمَعَ رمضانُ وَيَقُولَ: بَلَغَنِي أَنه اسْمٌ مِنْ أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَمَّا نَقَلُوا أَسماء الشُّهُورِ عَنِ(7/161)
اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ سَمَّوْهَا بالأَزمنة الَّتِي هِيَ فِيهَا فوافَقَ رمضانُ أَيامَ رَمَضِ الْحَرِّ وَشِدَّتِهِ فَسُمِّيَ بِهِ. الفَرّاء: يُقَالُ هَذَا شَهْرُ رَمَضَانَ، وَهُمَا شَهْرَا رَبِيعٍ، وَلَا يَذْكُرُ الشَّهْرَ مَعَ سَائِرِ أَسماء الشُّهُورِ الْعَرَبِيَّةِ. يُقَالُ: هَذَا شعبانُ قَدْ أَقبل. وَشَهْرُ رمضانَ مأْخوذ مِنْ رَمِضَ الصَّائِمُ يَرْمَضُ إِذا حَرّ جوْفُه مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
؛ وشاهدُ شهْرَيْ رَبِيعٍ قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
بِهِ أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيعٍ كِلَيْهِما، ... فَقَد مارَ فِيهَا نَسْؤُها واقْتِرارُها
نَسْؤُها: سِمَنُها. واقْتِرارُها: شِبَعُها. وأَتاه فَلَمْ يُصِبْه فَرَمَّضَ: وَهُوَ أَن ينتظِره شَيْئًا. الْكِسَائِيُّ: أَتيته فَلَمْ أَجِدْه فرَمَّضْتُه تَرْمِيضاً؛ قَالَ شَمِرٌ: تَرْمِيضُه أَن تَنْتَظِرَهُ شَيْئًا ثُمَّ تَمْضي. ورَمَضَ النَّصْلَ يَرْمِضُه ويَرْمُضُه رَمْضاً: حَدَّدَهُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الرَّمْضُ مَصْدَرُ رَمَضْتُ النصْلَ رَمْضاً إِذا جَعَلْتَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ثُمَّ دقَقْتَه ليَرِقَّ. وسِكِّينٌ رَمِيضٌ بيّنُ الرَّماضةِ أَي حديدٌ. وشفْرةٌ رَمِيضٌ ونَصْلٌ رَمِيضٌ أَي وَقِيعٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْوَضَّاحِ بْنِ إِسماعيل:
وإِنْ شِئْتَ، فاقْتُلْنا بِمُوسَى رَمِيضةٍ ... جَمِيعاً، فَقَطِّعْنا بِها عُقَدَ العُرا
وَكُلُّ حادٍّ رَمِيضٌ. ورَمَضْتُه أَنا أَرْمُضُه وأَرْمِضُه إِذا جَعَلْتَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ أَمْلَسَيْنِ ثُمَّ دقَقْته ليَرِقّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا مَدَحْتَ الرَّجُلَ فِي وَجْهِهِ فكأَنما أَمْرَرْتَ عَلَى حَلْقَهِ مُوسَى رَمِيضاً
؛ قَالَ شَمِرٌ: الرَّمِيضُ الْحَدِيدُ الْمَاضِي، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ وَقَالَ:
وَمَا رُمِضَتْ عِنْدَ القُيونِ شِفارُ
أَي أُحِدّتْ. وَقَالَ مُدْرِكٌ الْكِلَابِيُّ فِيمَا رَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْهُ: ارْتَمَزَتِ الفرَسُ بِالرَّجُلِ وارْتَمَضَتْ بِهِ أَي وثَبَتْ بِهِ. والمَرْمُوضُ: الشِّواءُ الكَبِيسُ. ومَرَرْنا عَلَى مَرْمِضِ شاةٍ ومَنْدَه شاةٍ، وَقَدْ أَرْمَضْتُ الشاةَ فأَنا أُرْمِضُها رَمْضاً، وَهُوَ أَن تَسْلُخَها إِذا ذَبَحْتَهَا وتَبْقُرَ بَطْنَهَا وَتُخْرِجَ حُشْوَتها، ثُمَّ تُوقِدَ عَلَى الرِّضافِ حَتَّى تَحْمَرَّ فَتَصِيرَ نَارًا تتّقِدُ، ثُمَّ تَطْرَحَهَا فِي جَوْفِ الشَّاةِ وَتَكْسِرَ ضُلُوعَهَا لِتَنْطَبِقَ عَلَى الرِّضَافِ، فَلَا يَزَالُ يتابِعُ عَلَيْهَا الرِّضافَ المُحْرقَةَ حَتَّى يُعْلَمَ أَنها قَدْ أَنْضَجَتْ لحمَها، ثُمَّ يُقْشر عَنْهَا جلدُها الَّذِي يسلَخُ عَنْهَا وَقَدِ اسْتَوَى لَحْمُهَا؛ وَيُقَالُ: لَحْمٌ مَرْمُوض، وَقَدْ رُمِضَ رَمْضاً. ابْنُ سِيدَهْ: رَمَضَ الشَّاةَ يَرْمِضُها رَمْضاً أَوقد عَلَى الرضْفِ ثُمَّ شقَّ الشَّاةَ شَقًّا وَعَلَيْهَا جِلْدُهَا، ثُمَّ كَسَّرَ ضُلوعَها مِنْ بَاطِنٍ لِتَطْمَئِنَّ عَلَى الأَرض، وَتَحْتِهَا الرّضْفُ وَفَوْقَهَا المَلَّةُ، وَقَدْ أَوْقَدُوا عَلَيْهَا فإِذا نَضِجَتْ قَشَرُوا جلدَها وأَكلوها، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ مَرْمِضٌ، واللحمُ مَرْمُوض. والرَّمِيضُ: قَرِيبٌ مِنَ الحَنِيذِ غَيْرَ أَن الحَنِيذ يكسَّر ثُمَّ يُوقَدُ فَوْقَهُ. وارْتَمَضَ الرَّجُلُ: فسَدَ بَطْنُهُ ومَعِدَتُه؛ عن ابن الأَعرابي.
روض: الرَّوْضةُ: الأَرض ذَاتُ الخُضْرةِ. والرَّوْضةُ: البُسْتانُ الحَسَنُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والرَّوْضةُ: الموضِع يَجْتَمِعُ إِليه الْمَاءُ يَكْثُر نَبْتُه، وَلَا يُقَالُ فِي مَوْضِعِ الشَّجَرِ رَوْضَةٌ، وَقِيلَ: الرَّوْضَةُ عُشْب وَمَاءٌ وَلَا تَكُونُ رَوْضةً إِلا بِمَاءٍ مَعَهَا أَو إِلى جَنْبِهَا. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ الكِلابيّ: الرَّوْضَةُ القاعُ يُنْبِتُ السِّدْر وَهِيَ تَكُونُ كَسَعةِ بَغْدادَ. والرَّوْضةُ أَيضاً: مِنَ البَقْل(7/162)
والعُشْب، وَقِيلَ: الروضةُ قاعٌ فِيهِ جَراثِيمُ ورَوابٍ، سَهْلةٌ صِغار فِي سَرارِ الأَرض يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ، وأَصْغَرُ الرِّياضِ مائةُ ذِراع.
وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَيْن قَبْرِي أَو بَيْتي ومِنْبرِي رَوْضةٌ مِنْ رياضِ الْجَنَّةِ
؛ الشَّكُّ مِنْ ثَعْلَبٍ فَسَّرَهُ هُوَ وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنه مَنْ أَقام بِهَذَا الْمَوْضِعِ فكأَنه أَقام فِي رَوْضةٍ من رِياضِ الجنة، يُرَغِّب فِي ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَوْضاتٌ ورِياضٌ ورَوْضٌ ورِيضانٌ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً فِي رياضٍ لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا، هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَعِنْدِي أَن رِيضَانًا لَيْسَ بِجَمْعِ رَوْضَة إِنما هُوَ رَوْض الَّذِي هُوَ جَمْعُ رَوْضة، لأَن لَفْظَ رَوْضٍ، وإِن كَانَ جَمْعًا، قَدْ طَابَقَ وزنَ ثَوْر، وَهُمْ مِمَّا قَدْ يَجْمَعُونَ الجَمْعَ إِذا طابَق وزْنُ الواحِد جَمْعَ الْوَاحِدِ، وَقَدْ يَكُونُ جمعَ رَوْضةٍ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ الَّذِي هُوَ الْهَاءُ. وأَرْوَضَتِ الأَرضُ وأَراضَتْ: أُلبِسَها النباتُ. وأَراضَها اللَّهُ: جَعَلَها رِياضاً. وروَّضها السيْلُ: جَعَلَهَا رَوضة. وأَرْضٌ مُسْتَرْوِضةٌ: تُنْبِتُ نَبَاتًا جَيِّدًا أَو اسْتَوَى بَقْلُها. والمُسْتَرْوِضُ مِنَ النَّبَاتِ: الَّذِي قَدْ تَناهَى فِي عِظَمِه وطُوله. ورَوَّضْتُ القَراحَ: جَعَلْتُها رَوْضةً. قَالَ يَعْقُوبُ: قَدْ أَراضَ هَذَا المكانُ وأَرْوَضَ إِذا كَثُرَتْ رِياضُه. وأَراضَ الْوَادِي واسْتراضَ أَي استْتَنْقَعَ فِيهِ الْمَاءُ، وَكَذَلِكَ أَراضَ الحوْضُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: شَرِبُوا حَتَّى أَراضُوا أَي رَووا فنَقَعُوا بِالرَّيِّ. وأَتانا بإِناءٍ يُرِيضُ كَذَا وَكَذَا نفْساً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ أَراض اللَّهُ الْبِلَادَ جَعَلَهَا رِيَاضًا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
لَياليَ بعضُهم جِيرانُ بَعْضٍ ... بِغَوْلٍ، فَهْوَ مَوْليٌّ مُرِيضُ
قَالَ يَعْقُوبُ: الحَوْضُ المُسْتَرِيضُ الَّذِي قَدْ تَبَطَّحَ الماءُ عَلَى وَجْهِهِ؛ وأَنشد:
خَضْراء فِيهَا وَذَماتٌ بِيضٌ، ... إِذا تَمَسُّ الحَوْضَ يَسْتَرِيضُ
يَعْنِي بِالْخَضْرَاءَ دلْواً. والوَذَماتُ: السُّيُور. وَرَوْضَةُ الحَوْض: قَدْرُ مَا يَغَطِّي أَرْضَه مِنَ الْمَاءِ؛ قَالَ:
ورَوْضةٍ سَقَيْتُ مِنْهَا نضْوَتي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو عَمْرٍو فِي نَوَادِرِهِ وَذَكَرَ أَنه لِهِمْيانَ السَّعْدِيِّ:
ورَوْضةٍ فِي الحَوْضِ قَدْ سَقَيْتُها ... نِضْوِي، وأَرْضٍ قَدْ أَبَتْ طَوَيْتُها
وأَراضَ الحَوْضُ: غَطَّى أَسْفَلَه الماءُ، واسْتَراضَ: تَبَطَّحَ فِيهِ الماءُ عَلَى وجْهه، واستراضَ الوادِي: اسْتَنْقَعَ فِيهِ الماءُ. قَالَ: وكأَنّ الرَّوْضَةَ سُمِّيَتْ رَوْضَةً لاسْتِراضةِ الْمَاءِ فِيهَا، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ أَراضَ المكانُ إِراضةً إِذا اسْتَراضَ الماءُ فِيهِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ مَعْبَدٍ: أَنّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وصاحِبَيْهِ لمَّا نزلُوا عَلَيْهَا وحَلَبُوا شاتَها الحائِلَ شَرِبُوا مِنْ لَبَنِهَا وسَقَوْها، ثُمَّ حَلَبُوا فِي الإِناء حَتَّى امْتَلأَ، ثُمَّ شَرِبُوا حَتَّى أَراضوا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى أَراضُوا أَي صَبُّوا اللَّبَنَ عَلَى اللَّبَنِ، قَالَ: ثُمَّ أَراضوا وأَرَضُّوا مِنَ المُرِضَّةِ وَهِيَ الرَّثِيئةُ، قَالَ: وَلَا أَعلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَرْفًا أَغرب مِنْهُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَراضُوا شَرِبُوا عَلَلًا بَعْدَ نَهَلٍ مأْخوذ مِنَ الرَّوْضةِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ، أَرادت أَنهم شَرِبُوا حَتَّى رَوُوا فَنَقَعُوا بالرِّيّ، مِنْ أَراضَ الْوَادِي واسْتَراضَ إِذا اسْتَنْقَعَ فِيهِ الماءُ،(7/163)
وأَراضَ الحوْضُ كَذَلِكَ، وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْمَاءِ: رَوْضةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ مَعْبَدٍ أَيضاً: فَدَعا بإِناء يُرِيضُ الرَّهْطَ
أَي يُرْوِيهم بعضَ الرِّيّ، مِنْ أَراضَ الحوضُ إِذا صُبَّ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ مَا يوارِي أَرضه، وَجَاءَنَا بِإِناءٍ يُريضُ كَذَا وَكَذَا رَجُلًا، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ بِالْبَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والرَّوْضُ: نَحْوٌ مِنْ نَصِفِ القِرْبة مَاءٌ. وأَراضَهم: أَرْواهُم بعضَ الرِّيِّ. وَيُقَالُ: فِي المَزادةِ روضةٌ مِنَ الْمَاءِ كَقَوْلِكَ فِيهَا شَوْلٌ مِنَ الْمَاءِ. أَبو عَمْرٍو: أَراضَ الحوضُ، فَهُوَ مُرِيضٌ. وَفِي الْحَوْضِ رَوْضةٌ مِنَ الْمَاءِ إِذا غَطَّى الْمَاءُ أَسفَلَه وأَرْضَه، وَقَالَ: هِيَ الرَّوْضةُ والرِّيضةُ والأَرِيضةُ والإِراضةُ والمُسْتَرِيضةُ. وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: فإِذا كَانَ البلَد سَهْلًا لَا يُمْسِكُ الْمَاءَ وأَسفَلَ السُّهولةِ صَلابةٌ تُمْسِكُ الْمَاءَ فَهُوَ مَراضٌ، وَجَمْعُهَا مَرائِضُ ومَراضاتٌ، فإِذا احْتَاجُوا إِلى مِياهِ المَرائِض حفَروا فِيهَا جِفاراً فشَرِبوا واستَقَوْا مِنْ أَحسائِها إِذا وَجَدُوا مَاءَهَا عَذْباً. وقَصِيدةٌ رَيِّضةُ الْقَوَافِي إِذا كَانَتْ صَعْبة لَمْ تَقْتَضِبْ قَوافِيها الشُّعراءُ. وأَمرٌ رَيِّضٌ إِذا لَمْ يُحْكَمْ تدبيرُه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: رِياضُ الصَّمّانِ والحَزْنِ فِي الْبَادِيَةِ أَماكن مُطْمَئِنَّةٌ مُسْتَوِيَةٌ يَسْتَرِيضُ فِيهَا مَاءُ السَّمَاءِ، فتُنْبِتُ ضُروباً مِنَ العُشْب وَلَا يُسْرِعُ إِليها الهَيْج والذُّبُول، فإِذا كَانَتِ الرِّياضُ فِي أَعالي البِراقِ والقِفافِ فَهِيَ السُّلْقانُ، وَاحِدُهَا سَلَقٌ، وإِذا كَانَتْ فِي الوَطاءاتِ فَهِيَ رياضٌ، ورُبَّ رَوْضةٍ فِيهَا حَرَجاتٌ مِنَ السِّدْر البَرِّيّ، وَرُبَّمَا كَانَتِ الروْضةُ مِيلًا فِي مِيلٍ، فإِذا عَرُضَتْ جِدًّا فَهِيَ قِيعانٌ، وَاحِدُهَا قاعٌ. وَكُلُّ مَا يَجْتَمِعُ فِي الإِخاذِ والمَساكاتِ والتَّناهي، فَهُوَ رَوْضةٌ. وَفُلَانٌ يُراوِضُ فُلَانًا عَلَى أَمر كَذَا أَي يُدارِيهِ لِيُدْخِلَه فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: فَتَراوضْنا حَتَّى اصطَرَفَ مِنِّي وأَخَذ الذهَب
أَي تَجاذَبْنا فِي الْبَيْعِ والشِّراءِ وَهُوَ مَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ كأَنَّ كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرُوضُ صاحِبَه مِنْ رِياضةِ الدّابَّة، وَقِيلَ: هُوَ المُواصَفةُ بِالسِّلْعَةِ لَيْسَتْ عِنْدَكَ، وَيُسَمَّى بَيْعُ المُواصفة، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَصِفَها ويَمْدَحَها عِنْدَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنه كَرِهَ المُراوَضةَ
، وبعضُ الْفُقَهَاءِ يُجِيزُهُ إِذا وافَقَتِ السِّلْعَةُ الصِّفةَ. وَقَالَ شَمِرٌ: المُراوَضةُ أَن تُواصِفَ الرجلَ بالسِّلْعةِ لَيْسَتْ عِنْدَكَ. والرَّيِّضُ مِنَ الدوابِّ: الَّذِي لَمْ يَقْبلِ الرِّياضةَ وَلَمْ يَمْهَر المِشْيةَ وَلَمْ يَذِلَّ لراكِبه. ابْنُ سِيدَهْ: والرَّيِّضُ مِنَ الدوابِّ والإِبل ضدُّ الذَّلُولِ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فكأَنَّ رَيِّضَها إِذا اسْتَقْبَلْتَها، ... كانتْ مُعاوَدةً الرِّكابِ ذَلُولا
قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي عَلَى وَجْهِ التَّفاؤُل لأَنها إِنما تُسَمَّى بِذَلِكَ قَبْلَ أَن تَمْهَرَ الرِّياضةَ. وراضَ الدابَّة يَرُوضُها رَوْضاً ورِياضةً: وطَّأَها وذلَّلَها أَو عَلَّمها السيْر؛ قَالَ إمْرؤ الْقَيْسِ:
ورُضْتُ فَذَلَّتْ صَعْبةً أَيَّ إِذلالِ
دَلَّ بِقَوْلِهِ أَيَّ إِذْلالِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ رُضْتُ ذَلَّلْتُ لأَنه أَقام الإِذْلالُ مُقامَ الرِّياضة. ورُضْتُ المُهْرَ أَرُوضُه رِيَاضًا وَرِيَاضَةً، فَهُوَ مَرُوضٌ، وناقةٌ مَرُوضةٌ، وَقَدِ ارْتاضَتْ، وَكَذَلِكَ روَّضْتُه شُدّدَ لِلْمُبَالَغَةِ؛ وناقةٌ رَيِّضٌ: أَوّل مَا رِيضَتْ وَهِيَ(7/164)
صَعْبةٌ بَعْدُ، وَكَذَلِكَ العَرُوضُ والعَسِيرُ والقَضِيبُ مِنَ الإِبل كلِّه، والأُنثى والذكرُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ غُلَامٌ رَيِّضٌ، وأَصله رَيْوِضٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وأُدغمت؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُهُ:
عَلَى حِين ما بي من رِياضٍ لصَعْبةٍ، ... وبَرَّحَ بِي أَنقاضُهُنَّ الرَّجائِعُ
فَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرَ رُضْتُ كَقُمْتَ قِياماً، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد رِيَاضَةً فَحَذَفَ الْهَاءَ كَقَوْلِ أَبي ذؤَيب:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هَلْ تَنَظَّرَ خالِدٌ ... عِيادي عَلَى الهِجْرانِ أَمْ هُوَ يائِسُ؟
أَراد عِيادَتي فَحَذَفَ الْهَاءَ، وَقَدْ يَكُونُ عِيادي هُنَا مَصْدَرُ عُدْتُ كَقَوْلِكَ قُمْتُ قِيَامًا إِلا أَنَّ الأَعْرَفَ رِياضةٌ وعِيادةٌ؛ وَرَجُلٌ رائِضٌ مِنْ قَوْمٍ راضةٍ ورُوّضٍ ورُوّاضٍ. واسْتَراضَ المكانُ: فَسُحَ واتَّسَعَ. وافْعَلْه مَا دَامَ النفَسُ مُسْتَرِيضاً أَي مُتَّسِعاً طَيِّبًا؛ وَاسْتَعْمَلْهُ حُمَيْدٌ الأَرقط فِي الشِّعْرِ وَالرَّجَزِ فَقَالَ:
أَرَجَزاً تُرِيدُ أَمْ قَرِيضا؟ ... كِلاهُما أُجِيدُ مُسْتَرِيضا
أَي وَاسِعًا مُمْكِنًا، وَنَسَبَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الرَّجَزَ للأَغْلب العِجْلِيّ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: نَسَبَهُ أَبو حَنِيفَةَ للأَرقط وَزَعَمَ أَن بَعْضَ الْمُلُوكِ أَمره أَن يَقُولَ فَقَالَ هَذَا الرَّجَزَ.
فصل الشين المعجمة
شرض: قَالَ الأَزهري: أُهملت الشِّينُ مَعَ الضَّادِ إِلا قَوْلَهُمْ جَمَلٌ شِرْواضٌ: رِخْوٌ ضَخْم، فإِن كَانَ ضَخْماً ذَا قَصَرةٍ غليظةٍ وَهُوَ صُلْبٌ، فَهُوَ جِرْواضٌ، وَالْجَمْعُ شَراوِيضُ، والله أَعلم.
شرنض: اللَّيْثُ: جَمَلٌ شِرْناضٌ ضَخْم طَوِيلُ العُنُقِ، وَجَمْعُهُ شَرانِيضُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرفه لغيره.
شمرض: قَالَ فِي الْخُمَاسِيِّ: والشَّمِرْضاضُ شَجَرَةٌ بِالْجَزِيرَةِ فِيمَا قِيلَ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا مُنْكَرٌ، وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ كلمةُ مُعَايَاةٍ كَمَا قَالُوا عُهْعُخ، قَالَ: فإِذا بدأْت بِالضَّادِ هُدِرَ، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الصاد المهملة
التهذيب: قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الصاد مع الضاد مَعْقُوم لم يدخلا معاً فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَلَا فِي كلمة وضعت مثالًا لبعض حُسّاب الجُمّل وهي صعفض، هكذا تأسيسها، قال: وبيان ذلك أنها تفسر في الحساب على أن الصاد ستّون والعين سبعون والفاء ثمانون والضاد تسعون، فلما قبحت في اللفظ حولت الضاد إلى الصاد فقيل سعفص.
فصل العين المهملة
عجمض: ابْنُ دُرَيْدٍ: العجَمْضَى ضرب من التمر.
عرض: العَرْضُ: خلافُ الطُّول، وَالْجَمْعُ أَعراضٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
يَطْوُونَ أَعْراضَ الفِجاجِ الغُبْرِ، ... طَيَّ أَخي التَّجْرِ بُرودَ التَّجْرِ
وَفِي الْكَثِيرِ عُرُوضٌ وعِراضٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ برذوناً:
أَمِنْكَ بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه، ... كأَنَّه فِي عِراضِ الشامِ مِصباحُ؟(7/165)
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَي فِي شِقِّه وناحِيتِه. وَقَدْ عَرُضَ يَعْرُضُ عِرَضاً مِثْلُ صَغُرَ صِغَراً، وعَراضةً، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
إِذا ابْتَدَرَ الناسُ المَكارِمَ، بَذَّهُم ... عَراضةُ أَخْلاقِ ابْنِ لَيْلَى وطُولُها
فَهُوَ عَرِيضٌ وعُراضٌ، بِالضَّمِّ، وَالْجَمْعُ عِرْضانٌ، والأُنثى عَرِيضةٌ وعُراضةٌ. وعَرَّضْتُ الشَّيْءَ: جَعَلْتَهُ عَرِيضاً، وَقَالَ اللَّيْثُ: أَعْرَضْتُه جَعَلْتَهُ عَرِيضاً. وتَعْرِيضُ الشَّيْءِ: جَعْلُه عَرِيضاً. والعُراضُ أَيضاً: العَرِيضُ كالكُبارِ والكَبِيرِ. وَفِي حَدِيثِ أُحُد:
قَالَ لِلْمُنْهَزِمِينَ لَقَدْ ذَهَبْتُمْ فِيهَا عَرِيضةً
أَي وَاسِعَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَئِنْ أَقْصَرْتَ الخُطْبةَ لَقَدْ أَعْرَضْتَ المسأَلة
أَي جِئْتَ بالخطْبةِ قَصِيرَةً وبالمسأَلة وَاسِعَةً كَبِيرَةً. والعُراضاتُ: الإِبل العَرِيضاتُ الْآثَارِ. وَيُقَالُ للإِبل: إِنها العُراضاتُ أَثَراً؛ قَالَ السَّاجِعُ: إِذا طَلَعت الشِّعْرى سَفَرا، وَلَمْ تَرَ مَطَرا، فَلَا تَغْذُوَنَّ إِمَّرةً وَلَا إِمَّرا، وأَرْسِلِ العُراضاتِ أَثَرَا، يَبْغِيْنَكَ في الأَرضِ مَعْمَرا؛ السفَر: بياضُ النَّهَارِ، والإِمَّرُ الذَّكَرُ مِنْ وَلَدِ الضأْن، والإِمَّرةُ الأُنثى، وإِنما خَصَّ الْمَذْكُورَ مِنَ الضأْن وإِنما أَراد جَمِيعَ الْغَنَمِ لأَنها أَعْجَزُ عَنِ الطَّلَب مِنَ المَعَزِ، والمَعَزُ تُدْرِكُ مَا لَا تُدْرِكُ الضأْنُ. والعُراضاتُ: الإِبل. والمَعْمَرُ: الْمَنْزِلُ بدارِ مَعاشٍ؛ أَي أَرسِلِ الإِبل العَرِيضةَ الْآثَارِ عَلَيْهَا رُكْبانُها لِيَرْتادُوا لَكَ مَنْزِلًا تَنْتَجِعُه، ونَصَبَ أَثراً عَلَى التَّمْيِيزِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ
؛ أَي وَاسِعٍ وإِن كَانَ العَرْضُ إِنما يَقَعُ فِي الأَجسام والدعاءُ لَيْسَ بِجِسْمٍ. وأَعْرَضَتْ بأَولادها: وَلَدَتْهُمْ عِراضاً. وأَعْرَضَ: صَارَ ذَا عَرْض. وأَعْرَض فِي الشَّيْءِ: تَمَكَّن مِنْ عَرْضِه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَعال فَتًى بَنَى وبَنَى أَبُوه، ... فأَعْرَضَ فِي المكارِمِ واسْتَطالا
جاءَ بِهِ عَلَى المثَل لأَن المَكارمَ لَيْسَ لَهَا طُولٌ وَلَا عَرْضٌ فِي الْحَقِيقَةِ. وقَوْسٌ عُراضةٌ: عَرِيضةٌ؛ وَقَوْلُ أَسماء بْنِ خَارِجَةَ أَنشده ثَعْلَبٌ:
فَعَرَضْتُهُ فِي ساقِ أَسْمَنِها، ... فاجْتازَ بَيْنَ الحاذِ والكَعْبِ
لَمْ يُفَسِّرْهُ ثَعْلَبٌ وأُراه أَراد: غَيَّبْتُ فِيهَا عَرْضَ السيف. وَرَجُلٌ عَرِيضُ البِطانِ: مُثْرٍ كَثِيرِ الْمَالِ. وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ
، أَراد كَثِيرٍ فَوَضَعَ الْعَرِيضَ مَوْضِعَ الْكَثِيرِ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْدَارٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ طَوِيل لَوُجِّهَ عَلَى هَذَا، فَافْهَمْ، وَالَّذِي تقدَّم أَعْرفُ. وامرأَة عَرِيضةٌ أَرِيضةٌ: وَلُود كَامِلَةٌ. وَهُوَ يَمْشِي بالعَرْضِيَّةِ والعُرْضِيَّةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي بالعَرْض. والعِراضُ: مِنْ سِماتِ الإِبل وَسْمٌ، قِيلَ: هُوَ خطٌّ فِي الفَخِذِ عَرْضاً؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ، تَقُولُ مِنْهُ: عَرَضَ بَعِيرَهُ عَرْضاً. والمُعَرَّضُ: نَعَمٌ وسْمُه العِراضُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
سَقْياً بحَيْثُ يُهْمَلُ المُعَرَّضُ
تَقُولُ مِنْهُ: عَرَّضْتُ الإِبل. وإِبل مُعَرَّضةٌ: سِمَتُها العِراضُ فِي عَرْضِ الْفَخِذِ لَا فِي طُولِهِ، يُقَالُ مِنْهُ: عَرَضْتُ الْبَعِيرَ وعَرَّضْتُه تَعْرِيضاً. وعَرَضَ الشيءَ عَلَيْهِ يَعْرِضُه عَرْضاً: أَراهُ إِيّاه؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:(7/166)
وقدْ كانَ يَوْمُ اللِّيثِ لَوْ قُلْتَ أُسْوةٌ ... ومَعْرَضَةٌ، لَوْ كنْتَ قُلْتَ لَقابِلُ،
عَلَيَّ، وَكَانُوا أَهْلَ عِزٍّ مُقَدَّمٍ ... ومَجْدٍ، إِذا مَا حوَّضَ المَجْد نائِلُ
أَراد: لَقَدْ كَانَ لِي فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ هَلَكُوا مَا آتَسِي بِهِ، وَلَوْ عَرَضْتَهُم عليَّ مَكَانَ مُصِيبتي بِابْنِي لقبِلْتُ، وأَراد: وَمَعْرضةٌ عليَّ فَفَصَلَ. وعَرَضْتُ البعيرَ عَلَى الحَوْضِ، وَهَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ، وَمَعْنَاهُ عَرَضْتُ الحَوْضَ عَلَى الْبَعِيرِ. وعَرَضْتُ الجاريةَ والمتاعَ عَلَى البَيْعِ عَرْضاً، وعَرَضْتُ الكِتاب، وعَرَضْتُ الجُنْدَ عرْضَ العَيْنِ إِذا أَمْرَرْتَهم عَلَيْكَ ونَظَرْتَ مَا حالُهم، وَقَدْ عَرَضَ العارِضُ الجُنْدَ واعْتَرَضُوا هُمْ. وَيُقَالُ: اعْتَرَضْتُ عَلَى الدابةِ إِذا كنتَ وقْتَ العَرْض رَاكِبًا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وعَرَضْتُ بِالْبَعِيرِ عَلَى الْحَوْضِ، وَصَوَابُهُ عَرَضْتُ الْبَعِيرَ، ورأَيت عِدّة نُسَخٍ مِنَ الصِّحَاحِ فَلَمْ أَجد فِيهَا إِلا وعَرَضْتُ الْبَعِيرَ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ ذَلِكَ وأَصلح لَفْظَهُ فِيمَا بَعْدُ. وَقَدْ فَاتَهُ العَرْضُ والعَرَضُ، الأَخيرة أَعلى، قَالَ يُونُسُ: فَاتَهُ العَرَضُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، كَمَا تَقُولُ قَبَضَ الشيءَ قَبْضاً، وَقَدْ أَلقاه فِي القَبَض أَي فِيمَا قَبَضه، وَقَدْ فَاتَهُ العَرَضُ وَهُوَ العَطاءُ والطَّمَعُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
وَمَا هَذَا بأَوَّلِ مَا أُلاقِي ... مِنَ الحِدْثانِ والعَرَضِ القَرِيبِ
أَي الطَّمَع الْقَرِيبِ. واعْتَرَضَ الجُنْدَ عَلَى قائِدِهم، واعْتَرَضَ الناسَ: عَرَضَهم وَاحِدًا وَاحِدًا. واعْتَرَضَ المتاعَ وَنَحْوَهُ واعْتَرَضَه عَلَى عَيْنِهِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَنَظَرَ إِليه عُرْضَ عيْنٍ؛ عَنْهُ أَيضاً، أَي اعْتَرَضَه عَلَى عَيْنِهِ. ورأَيته عُرْضَ عَيْنٍ أَي ظَاهِرًا عَنْ قَرِيبٍ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: تُعْرَضُ الفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الحَصِير
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي توضَع عَلَيْهَا وتُبْسَطُ كَمَا تُبْسَطُ الحَصِيرُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ عَرْض الجُنْدِ بَيْنَ يَدَيِ السُّلْطَانِ لإِظهارهم وَاخْتِبَارِ أَحوالهم. وَيُقَالُ: انْطَلَقَ فُلَانٌ يَتَعَرَّضُ بجَمله السُّوق إِذا عَرَضَه عَلَى الْبَيْعِ. وَيُقَالُ: تَعَرَّضْ أَي أَقِمْهُ فِي السُّوقِ. وعارَضَ الشيءَ بالشيءَ مُعارضةً: قابَلَه، وعارَضْتُ كِتَابِي بِكِتَابِهِ أَي قَابَلْتَهُ. وَفُلَانٌ يُعارِضُني أَي يُبارِيني. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ يُعارِضُه القُرآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وإِنه عارضَه العامَ مَرَّتَيْنِ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي كَانَ يُدارِسُه جمِيعَ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ مِنَ المُعارَضةِ المُقابلةِ. وأَما الَّذِي فِي الْحَدِيثِ:
لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ وَلَا اعتراضَ
فَهُوَ أَن يَعْتَرِضَ رَجُلٌ بفَرسِه فِي السِّباق فَيَدْخُلَ مَعَ الْخَيْلِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سُراقة: أَنه عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَبي بَكْرٍ الفَرسَ
أَي اعْتَرَضَ بِهِ الطريقَ يَمْنَعُهما مِنَ المَسِير. وأَما حَدِيثُ
أَبي سَعِيدٍ: كُنْتُ مَعَ خَلِيلِيَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَزْوَةٍ إِذا رَجُلٌ يُقَرِّبُ فَرَسًا فِي عِراضِ الْقَوْمِ
، فمعناه أَي يَسِيرُ حِذاءَهم مُعارِضاً لَهُمْ. وأَما حَدِيثُ
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنه ذَكَرَ عُمر فأَخذ الحسينُ فِي عِراضِ كَلَامِهِ
أَي فِي مِثْلِ قَوْلِهِ ومُقابِله. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عارَضَ جَنازَة أَبي طَالِبٍ
أَي أَتاها مُعْتَرِضاً مِنْ بَعْضِ الطَّرِيقِ وَلَمْ يتبعْها مِنْ مَنْزِلِهِ. وعَرَضَ مِنْ سِلْعَتِهِ: عارَضَ بِهَا فأَعْطَى سِلْعةً وأَخذ أُخرى. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثلاثٌ(7/167)
فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ مِنْهُنَّ البَيْعُ إِلى أَجل والمُعارَضةُ
أَي بَيْعُ العَرْض بالعَرْض، وَهُوَ بِالسُّكُونِ المَتاعُ بِالْمَتَاعِ لَا نَقْدَ فِيهِ. يُقَالُ: أَخذت هَذِهِ السِّلْعَةَ عرْضاً إِذا أَعْطَيْتَ فِي مُقَابَلَتِهَا سِلْعَةً أُخرى. وعارضَه فِي الْبَيْعِ فَعَرَضَه يَعْرُضُه عَرْضاً: غَبَنَه. وعَرَضَ لَهُ مِن حقِّه ثَوْبًا أَو مَتاعاً يَعْرِضُه عَرْضاً وعَرَضَ بِهِ: أَعْطاهُ إِيّاهُ مكانَ حقِّه، ومن فِي قَوْلِكِ عَرَضْتُ لَهُ مِنْ حَقِّه بِمَعْنَى الْبَدَلِ كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ؛ يَقُولُ: لَوْ نشاءُ لَجَعَلْنَا بَدَلَكُمْ فِي الأَرض مَلَائِكَةً. وَيُقَالُ: عَرَّضْتُك أَي عَوَّضْتُك. والعارِضُ: مَا عَرَضَ مِنَ الأَعْطِيَة؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الفَقْعَسيّ:
يَا لَيْلُ، أَسْقاكِ البُرَيْقُ الوامِضُ ... هلْ لكِ، والعارِضُ منكِ عائِضُ،
فِي هَجْمَةٍ يُسْئِرُ مِنْهَا القابِضُ؟
قَالَهُ يُخَاطِبُ امرأَة خَطَبَهَا إِلى نَفْسِهَا ورَغَّبها فِي أَنْ تَنْكِحه فَقَالَ: هَلْ لَكِ رَغْبةٌ فِي مِائَةٍ مِنَ الإِبل أَو أَكثر مِنْ ذَلِكَ؟ لأَن الْهَجْمَةُ أَوَّلُها الأَربعون إِلى مَا زَادَتْ يَجْعَلُهَا لَهَا مَهْراً، وَفِيهِ تَقْدِيمٌ وتأْخير، وَالْمَعْنَى هَلْ لَكِ فِي مِائَةٍ مِنَ الإِبل أَو أَكثر يُسْئِرُ مِنْهَا قابِضُها الَّذِي يَسُوقُهَا أَي يُبْقِي لأَنه لَا يَقْدِر عَلَى سَوْقِها لِكَثْرَتِهَا وَقُوَّتِهَا لأَنها تَفَرَّقُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: والعارِضُ منكِ عائِضٌ أَي المُعْطِي بدلَ بُضْعِكِ عَرْضاً عائِضٌ أَي آخِذٌ عِوَضاً مِنْكِ بِالتَّزْوِيجِ يَكُونُ كِفاءً لِمَا عَرَضَ مِنْكِ. وَيُقَالُ: عِضْتُ أَعاضُ إِذا اعْتَضْتَ عِوَضاً، وعُضْتُ أَعُوضُ إِذا عَوَّضْتَ عِوَضاً أَي دَفَعْتَ، فَقَوْلُهُ عائِضٌ مِنْ عِضْتُ لَا مِنْ عُضْتُ، وَمَنْ رَوَى يَغْدِرُ، أَراد يَتْرُكُ مِنْ قَوْلِهِمْ غادَرْتُ الشَّيْءَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ والعائِضُ منكِ عائِضُ أَي والعِوَضُ مِنْكِ عِوَضٌ كَمَا تَقُولُ الهِبَةُ مِنكَ هِبَةٌ أَي لَهَا مَوْقِعٌ. وَيُقَالُ: كَانَ لِي عَلَى فُلَانٍ نَقْدٌ فأَعْسَرْتُه فاعْتَرَضْتُ مِنْهُ. وإِذا طَلَبَ قَوْمٌ عِنْدَ قَوْمٍ دَماً فَلَمْ يُقِيدُوهم قَالُوا: نَحْنُ نَعْرِضُ مِنْهُ فاعْتَرِضُوا مِنْهُ أَي اقْبَلُوا الدِّيَةَ. وعَرَضَ الفَرَسُ فِي عَدْوِه: مَرَّ مُعْتَرِضاً. وعَرَضَ العُودَ عَلَى الإِناءِ والسَّيْفَ عَلَى فَخِذِه يَعْرِضُه عَرْضاً ويَعْرُضُه، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذِهِ وَحْدَهَا بِالضَّمِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَمِّرُوا آنِيَتَكم وَلَوْ بِعُود تَعْرُضُونَه عَلَيْهِ
أَي تَضَعُونَه مَعْرُوضاً عَلَيْهِ أَي بالعَرْض؛ وعَرَضَ الرُّمْحَ يَعْرِضُه عَرْضاً وعَرَّضَه؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
لَهُنَّ عَلَيْهم عادَةٌ قدْ عَرَفْنَها، ... إِذا عَرَّضُوا الخَطِّيَّ فوقَ الكَواثِبِ
وعَرَضَ الرَّامِي القَوْسَ عَرْضاً إِذا أَضجَعها ثُمَّ رَمى عَنْهَا. وعَرَضَ لَهُ عارِضٌ مِنَ الحُمَّى وغَيرها. وعَرَضْتُهم عَلَى السَّيْفِ قَتْلًا. وعَرَضَ الشيءُ يَعْرِضُ واعترَضَ: انتَصَبَ ومَنَعَ وَصَارَ عارِضاً كالخشَبةِ المنتصبةِ فِي النَّهْرِ وَالطَّرِيقِ وَنَحْوِهَا تَمْنَعُ السَّالِكِينَ سُلوكَها. وَيُقَالُ: اعتَرَضَ الشيءُ دُونَ الشيءِ أَي حَالَ دُونَهُ. واعتَرَضَ الشيءَ: تَكَلَّفَه. وأَعرَضَ لَكَ الشيءُ مِنْ بَعِيدٍ: بدَا وظَهَر؛ وأَنشد:
إِذا أَعْرَضَتْ داويَّةٌ مُدْلَهِمَّةٌ، ... وغَرَّدَ حادِيها فَرَيْنَ بِهَا فِلْقا «3»
أَي بَدَتْ. وعَرَضَ لَهُ أَمْرُ كَذَا أَي ظَهَرَ. وعَرَضْتُ عَلَيْهِ أَمر كَذَا وعَرَضْتُ لَهُ الشَّيْءَ أَي أَظهرته لَهُ وأَبْرَزْتُه إِليه. وعَرَضْتُ الشيءَ فأَعْرَضَ أَي
__________
(3) . قوله [فلقا] بالكسر هو الأمر العجب، وأَنشد الصحاح: إِذا أعرضت البيت شاهداً عليه وتقدم في غرد ضبطه بفتح الفاء.(7/168)
أَظْهَرْتُه فَظَهَرَ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ كَبَبْتُه فأَكَبَّ، وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: تَدَعُون أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ مُعْرَضٌ لَكُمْ
؛ هَكَذَا رُوِيَ بِالْفَتْحِ، قَالَ الحَرْبيّ: وَالصَّوَابُ بِالْكَسْرِ. يُقَالُ: أَعْرَضَ الشيءُ يُعْرِضُ مِنْ بَعِيدٍ إِذا ظهَر، أَي تَدَعُونه وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكُمْ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ بْنِ الْعَاصِ: أَنه رأَى رَجُلًا فِيهِ اعتِراضٌ
، هُوَ الظُّهُورُ وَالدُّخُولُ فِي الْبَاطِلِ وَالِامْتِنَاعُ مِنَ الْحَقِّ. قَالَ ابْنُ الأَثير: واعتَرَضَ فُلَانٌ الشيءَ تَكَلَّفَه. والشيءُ مُعْرِضٌ لَكَ: مَوْجُودٌ ظَاهِرٌ لَا يَمْتَنِعُ. وكلُّ مُبْدٍ عُرْضَه مُعْرِضٌ؛ قَالَ عَمْرُو ابن كُلْثُومٍ:
وأَعْرَضَتِ اليَمامةُ، واشمَخَرَّتْ ... كأَسْيافٍ بأَيْدي مُصْلِتِينا
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بأَحْسَن مِنْهَا حِينَ قامَتْ فأَعْرَضَتْ ... تُوارِي الدُّمُوعَ، حِينَ جَدَّ انحِدارُها
واعتَرَضَ لَهُ بِسَهْمٍ: أَقْبَلَ قِبَلَه فَرَمَاهُ فقتلَه. واعتَرَضَ عَرْضه: نَحا نَحْوَه. واعتَرَضَ الفرَسُ فِي رَسَنِه وتَعَرَّضَ: لَمْ يَسْتَقِمْ لقائدِه؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وأَراني المَلِيكُ رُشْدي، وقد كنْتُ ... أَخا عُنجُهِيَّةٍ واعتِراضِ
وَقَالَ:
تَعَرَّضَتْ، لَمْ تَأْلُ عَنْ قَتْلٍ لِي، ... تَعَرُّضَ المُهْرَةِ فِي الطِّوَلِ
والعَرَضُ: مِنْ أَحْداثِ الدَّهْرِ مِنَ الْمَوْتِ وَالْمَرَضِ وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ قَالَ الأَصمعي: العَرَضُ الأَمر يَعْرِضُ لِلرَّجُلِ يُبْتَلَى بِهِ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: والعَرَضُ مَا عَرَضَ للإِنسان مِنْ أَمر يَحْبِسهُ مِنْ مَرَضٍ أَو لُصُوصٍ. والعَرَضُ: مَا يَعْرِضُ للإِنسان مِنْ الْهُمُومِ والأَشغال. يُقَالُ: عَرَضَ لِي يَعْرِضُ وعَرِضَ يَعْرَضُ لُغَتَانِ. والعارِضةُ: وَاحِدَةُ العَوارِضِ، وَهِيَ الحاجاتُ. والعَرَضُ والعارِضُ: الآفةُ تَعْرِضُ فِي الشَّيْءِ، وجَمْعُ العَرَضِ أَعْراضٌ، وعَرَضَ لَهُ الشكُّ ونحوُه مِنْ ذَلِكَ. وشُبْهةٌ عارِضةٌ: معترضةٌ فِي الْفُؤَادِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ: يَقْدَحُ الشكُّ فِي قَلْبِهِ بأَوَّلِ عارِضَةٍ مِنْ شُبْهَةٍ
؛ وَقَدْ تكونُ العارِضَةُ هُنَا مَصْدَرًا كَالْعَاقِبَةِ وَالْعَافِيَةِ. وأَصَابَه سَهْمُ عَرَضٍ وحَجَرُ عَرَضٍ مُضاف، وَذَلِكَ أَن يُرْمى بِهِ غيْرُه عَمْدًا فَيُصَابُ هُوَ بِتِلْكَ الرَّمْيةِ وَلَمْ يُرَدْ بِهَا، وإِن سقَط عَلَيْهِ حَجَرٌ مِنْ غَيْرِ أَن يَرْمِيَ بِهِ أَحد فَلَيْسَ بعرَض. والعَرَضُ فِي الْفَلْسَفَةِ: مَا يُوجَدُ فِي حَامِلِهِ وَيَزُولُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ فَسَادِ حَامِلِهِ، وَمِنْهُ مَا لَا يَزُولُ عَنْهُ، فالزّائِل مِنْهُ كأُدْمةِ الشُّحُوبِ وَصُفْرَةِ اللَّوْنِ وَحَرَكَةِ الْمُتَحَرِّكِ، وغيرُ الزَّائِلِ كسَواد القارِ والسَّبَجِ والغُرابِ. وتَعَرَّضَ الشيءُ: دخَلَه فَسادٌ، وتَعَرَّضَ الحُبّ كَذَلِكَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فاقْطَعْ لُبانةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُه، ... ولَشَرُّ واصِلِ خُلّةٍ صَرّامُها
وَقِيلَ: مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُهُ أَي تَعَوَّجَ وزاغَ وَلَمْ يَسْتَقِم كَمَا يَتَعَرَّضُ الرَّجُلُ فِي عُرُوض الجَبل يَمِينًا وَشِمَالًا؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَذْكُرُ الثريَّا:
إِذا مَا الثُّرَيّا فِي السماءِ تَعَرَّضَتْ، ... تَعَرُّضَ أَثْناءِ الوِشاحِ المُفَصَّلِ
أَي لَمْ تَسْتَقِمْ فِي سَيْرِهَا ومالتْ كالوِشاح المُعَوَّجِ(7/169)
أَثناؤه عَلَى جَارِيَةٍ تَوَشَّحَتْ بِهِ. وعَرَضُ الدُّنْيَا: مَا كَانَ مِنْ مَالٍ، قَلَّ أَو كَثُر. والعَرَضُ: مَا نِيلَ مِنَ الدُّنْيَا. يُقَالُ:
الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يأْكل مِنْهَا البَرّ وَالْفَاجِرُ
، وَهُوَ حَدِيثٌ مَرْوِيّ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: جَمِيعُ مَتاعِ الدُّنْيَا عرَض، بِفَتْحِ الرَّاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ليْسَ الغِنى عَنْ كَثْرة العَرَضِ إِنما الغِنى غِنى النَّفْسِ
؛ العَرَضُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَتَاعُ الدُّنْيَا وحُطامُها، وأَما العَرْض بِسُكُونِ الرَّاءِ فَمَا خَالَفَ الثَّمَنَينِ الدّراهِمَ والدّنانيرَ مِنْ مَتاعِ الدُّنْيَا وأَثاثِها، وَجَمْعُهُ عُروضٌ، فَكُلُّ عَرْضٍ داخلٌ فِي العَرَض وَلَيْسَ كُلُّ عَرَضٍ عَرْضاً. والعَرْضُ: خِلافُ النقْد مِنَ الْمَالِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَرْضُ المتاعُ، وكلُّ شَيْءٍ فَهُوَ عَرْضٌ سِوَى الدّراهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فإِنهما عَيْنٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العُرُوضُ الأَمْتِعةُ الَّتِي لَا يَدْخُلُهَا كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ وَلَا يَكُونُ حَيواناً وَلَا عَقاراً، تَقُولُ: اشْتَرَيْتُ المَتاعَ بِعَرْضٍ أَي بِمَتَاعٍ مِثْلِه، وعارَضْتُه بِمَتَاعٍ أَو دَابَّةٍ أَو شَيْءٍ مُعارَضةً إِذا بادَلْتَه بِهِ. ورجلٌ عِرِّيضٌ مِثْلُ فِسِّيقٍ: يَتَعَرَّضُ الناسَ بالشّرِّ؛ قَالَ:
وأَحْمَقُ عِرِّيضٌ عَلَيْهِ غَضاضةٌ، ... تَمَرَّسَ بِي مِن حَيْنِه، وأَنا الرَّقِمْ
واسْتَعْرَضَه: سأَله أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ مَا عِنْدَهُ. واسْتَعْرَض: يُعْطِي «1» مَنْ أَقْبَلَ ومَنْ أَدْبَرَ. يُقَالُ: اسْتَعْرِضِ العَرَبَ أَي سَلْ مَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ عَنْ كَذَا وَكَذَا. واسْتَعْرَضْتُه أَي قُلْتَ لَهُ: اعْرِضْ عَلَيَّ مَا عِنْدَكَ. وعِرْضُ الرجلِ حَسَبُه، وَقِيلَ نفْسه، وَقِيلَ خَلِيقَته الْمَحْمُودَةُ، وَقِيلَ مَا يُمْدح بِهِ ويُذَمُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن أَعْراضَكم عَلَيْكُمْ حَرامٌ كحُرْمةِ يَوْمِكُمْ هَذَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جَمْعُ العِرْض الْمَذْكُورِ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلِ فِيهِ؛ قَالَ حَسَّانٌ:
فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي ... لِعِرْض مُحَمَّدٍ مِنْكُم وِقَاءُ
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا خَاصٌّ لِلنَّفْسِ. يُقَالُ: أَكْرَمْت عَنْهُ عِرْضِي أَي صُنْتُ عَنْهُ نَفْسي، وَفُلَانٌ نَقِيُّ العِرْض أَي بَرِيءٌ مِنْ أَن يُشْتَم أَو يُعابَ، وَالْجَمْعُ أَعْراضٌ. وعَرَضَ عِرْضَه يَعْرِضُه واعتَرَضَه إِذا وَقَعَ فِيهِ وانتَقَصَه وشَتَمه أَو قاتَله أَو سَاوَاهُ فِي الحسَب؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وقَوْماً آخَرِينَ تَعَرَّضُوا لِي، ... وَلَا أَجْني مِنَ الناسِ اعتِراضا
أَي لَا أَجْتَني شَتْماً مِنْهُمْ. وَيُقَالُ: لَا تُعْرِضْ عِرْضَ فُلَانٍ أَي لَا تَذْكُرْه بِسُوءٍ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ شَتَمَ فُلَانٌ عِرْضَ فُلَانٍ: مَعْنَاهُ ذَكَرَ أَسلافَه وآباءَه بِالْقَبِيحِ؛ ذَكَرَ ذَلِكَ أَبو عُبَيْدٍ فأَنكر ابْنُ قُتَيْبَةَ أَن يَكُونَ العِرْضُ الأَسْلافَ وَالْآبَاءَ، وَقَالَ: العِرْض نَفْسُ الرَّجُلِ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ يَجْرِي «2» مِنْ أَعْراضِهم مِثلُ ريحِ المسكِ أَي مِنْ أَنفسهم وأَبدانِهم؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَلَيْسَ احْتِجَاجُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةً لأَن الأَعراضَ عِنْدَ الْعَرَبِ المَواضِعُ الَّتِي تَعْرَقُ مِنَ الْجَسَدِ؛ وَدَلَّ عَلَى غَلَطِه قَوْلُ مِسْكِين الدارِميّ:
رُبَّ مَهْزولٍ سَمِينٌ عِرْضُه، ... وسمِينِ الجِسْمِ مَهْزُولُ الحَسَبْ
__________
(1) . قوله [واستعرض يعطي] كذا بالأَصل.
(2) . قوله [يجري] نص النهاية: ومنه حَدِيثِ صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ
إِنما هُوَ عَرَقٌ يَجْرِي
، وساق ما هنا.(7/170)
مَعْنَاهُ: رُبَّ مَهْزُولِ البدَن وَالْجِسْمِ كريمُ الآباءِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العِرْضُ عِرْضُ الإِنسان، ذُمَّ أَو مُدِحَ، وَهُوَ الجسَد. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِلْحُطَيْئَةِ: كأَنِّي بِكَ عِنْدَ بَعْضِ الْمُلُوكِ تُغَنِّيه بأَعراضِ النَّاسِ
أَي تُغَني بذَمِّهم وذَمِّ أَسلافِهم فِي شِعْرِكَ وثَلْبِهم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولكنَّ أَعْراضَ الكِرام مَصُونةٌ، ... إِذا كَانَ أَعْراضُ اللِّئامِ تُفَرْفَرُ
وَقَالَ آخَرُ:
قاتَلَكَ اللهُ مَا أَشَدَّ عَلَيْك ... البَدْلَ فِي صَوْنِ عِرْضِكَ الجَرِب
يُرِيدُ فِي صَوْنِ أَسلافِك اللِّئامِ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ حَسَّانَ:
فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي
أَراد فإِنّ أَبي وَوَالِدَهُ وَآبَائِي وأَسلافي فأَتى بالعُموم بَعْدَ الخُصوص كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، أَتى بِالْعُمُومِ بَعْدَ الْخُصُوصِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ضَمْضَم: اللَّهُمَّ إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِكَ
أَي تَصَدَّقْتُ عَلَى مَنْ ذَكَرَنِي بِمَا يَرْجِعُ إِليَّ عَيْبُه، وَقِيلَ: أَي بِمَا يُلْحِقُنِي مِنَ الأَذى فِي أَسلافي، وَلَمْ يُرِدْ إِذاً أَنه تصدَّق بأَسلافه وأَحلّهم لَهُ، لَكِنَّهُ إِذا ذكَرَ آبَاءَهُ لَحِقَتْهُ النَّقِيصَةُ فأَحلّه مِمَّا أَوصله إِليه مِنَ الأَذى. وعِرْضُ الرَّجُلِ: حَسَبُه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ كَرِيمُ العِرْضِ أِي كَرِيمُ الحسَب. وأَعْراضُ النَّاسِ: أَعراقُهم وأَحسابُهم وأَنْفُسهم. وَفُلَانٌ ذُو عِرْضٍ إِذا كانَ حَسِيباً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيُّ الواجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَه وعِرْضَهُ
أَي لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَن يَذُمَّ عِرْضَه ويَصِفَه بِسُوءِ الْقَضَاءِ، لأَنه ظَالِمٌ له بعد ما كَانَ مُحْرَمًا مِنْهُ لَا يَحِلُّ لَهُ اقْتِراضُه والطَّعْنُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: عِرْضَه أَن يُغْلِظَ لَهُ وعُقُوبته الحَبْس، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه يُحِلّ لَهُ شِكايَتَه مِنْهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن يَقُولَ يَا ظَالِمُ أَنْصِفْني، لأَنه إِذا مَطَلَه وَهُوَ غَنِيٌّ فَقَدْ ظَلَمه. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: عِرْضُ الرَّجُلِ نَفْسُه وبَدَنُه لَا غَيْرُ. وَفِي حَدِيثِ
النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهات اسْتَبْرَأَ لِدِينِه وعِرْضِه
أَي احْتاطَ لِنَفْسِهِ، لَا يَجُوزُ فِيهِ مَعْنَى الآباءِ والأَسْلافِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ المُسْلِم عَلَى المسلِم حَرام دَمُه ومالُه وعِرْضُه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العِرْضُ مَوْضِعُ المَدْحِ والذَّمِّ مِنَ الإِنسان سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِه أَو سَلَفِه أَو مَنْ يَلْزَمُهُ أَمره، وَقِيلَ: هُوَ جَانِبُهُ الَّذِي يَصُونُه مِنْ نفْسه وحَسَبِه ويُحامي عَنْهُ أَن يُنْتَقَصَ ويُثْلَبَ، وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: إِذا ذُكِرَ عِرْضُ فُلَانٍ فَمَعْنَاهُ أُمُورُه الَّتِي يَرْتَفِعُ أَو يَسْقُطُ بِذِكْرِهَا مِنْ جِهَتِهَا بِحَمْدٍ أَو بِذَمّ، فَيَجُوزُ أَن تَكُونَ أُموراً يُوصَفُ هُوَ بِهَا دُونَ أَسْلافه، وَيَجُوزُ أَن تُذْكَرَ أَسلافُه لِتَلحَقه النّقِيصة بِعَيْبِهِمْ، لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهل اللُّغَةِ فِيهِ إِلا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ مِنْ إِنكاره أَن يَكُونَ العِرْضُ الأَسْلافَ والآباءَ؛ وَاحْتَجَّ أَيضاً بِقَوْلِ أَبي الدَّرْدَاءِ: أَقْرِضْ مِنْ عِرْضِك لِيَوْمِ فَقْرِك، قَالَ: مَعْنَاهُ أَقْرِضْ مِنْ نَفْسِك أَي مَنْ عَابَكَ وَذَمَّكَ فَلَا تُجازه وَاجْعَلْهُ قَرْضاً فِي ذِمَّتِهِ لِتَسْتَوفِيَه مِنْهُ يومَ حاجتِكَ فِي القِيامةِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وأُدْرِكُ مَيْسُورَ الغِنى ومَعِي عِرْضِي
أَي أَفعالي الْجَمِيلَةُ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
يُنْبِئْكِ ذُو عِرْضهِمْ عَنِّي وعالِمُهُمْ، ... ولَيْسَ جاهِلُ أَمْرٍ مثْلَ مَنْ عَلِما(7/171)
ذُو عِرْضِهم: أَشْرافُهُم، وَقِيلَ: ذُو عِرْضِهم حَسَبهم، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَن الْعِرْضَ لَيْسَ بالنفْسِ وَلَا الْبَدَنِ
قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دمُه وعِرْضُه
، فَلَوْ كَانَ الْعِرْضُ هُوَ النَّفْسَ لَكَانَ دَمُهُ كَافِيًا عَنْ قَوْلِهِ عِرْضُه لأَن الدَّمَ يُرَادُ بِهِ ذَهابُ النَّفْسِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ
عُمَرَ لِلْحُطَيْئَةِ: فانْدَفَعْتَ تُغَنِّي بأَعْراضِ الْمُسْلِمِينَ
، مَعْنَاهُ بأَفعالهم وأَفعال أَسلافهم. والعِرْضُ: بَدَنُ كُلِّ الْحَيَوَانِ. والعِرْضُ: مَا عَرِقَ مِنَ الْجَسَدِ. والعِرْضُ: الرائِحة مَا كَانَتْ، وَجَمْعُهَا أَعْراضٌ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه ذَكَرَ أَهل الْجَنَّةِ فَقَالَ: لَا يَتَغَوّطُون وَلَا يَبُولونَ إِنما هُوَ عَرَقٌ يَجْرِي من أَعْراضِهم مثل ريح المِسْك
أَي مِنْ مَعاطفِ أَبْدانهم، وَهِيَ المَواضِعُ الَّتِي تَعْرَقُ مِنَ الْجَسَدِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمِنْهُ حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ: غَضُّ الأَطْرافِ وخَفَرُ الأَعْراضِ
أَي إِنهن للخَفَر والصّوْن يَتَسَتَّرْن؛ قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، أَي يُعْرِضْنَ كَمَا كُرِهَ لَهُنَّ أَن يَنْظُرْنَ إِليه وَلَا يَلْتَفِتْنَ نَحْوَهُ. والعِرْضُ، بِالْكَسْرِ: رَائِحَةُ الْجَسَدِ وَغَيْرِهِ، طَيِّبَةً كَانَتْ أَو خَبِيثَةً. والعِرْضُ والأَعْراضُ: كُلُّ مَوْضِع يَعْرَقُ مِنَ الْجَسَدِ؛ يُقَالُ مِنْهُ: فُلَانٌ طَيِّبُ العِرْضِ أَي طَيِّبُ الرِّيحِ، ومُنْتنُ العِرْضِ، وسِقاءٌ خبيثُ العِرْضِ إِذا كَانَ مُنْتناً. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَالْمَعْنَى فِي العِرْضِ فِي الْحَدِيثِ أَنه كلُّ شَيْءٍ مِنَ الْجَسَدِ مِنَ المغابِنِ وَهِيَ الأَعْراضُ، قَالَ: وَلَيْسَ العِرْضُ فِي النَّسَبِ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ. ابْنُ الأَعرابي: العِرْضُ الْجَسَدُ والأَعْراضُ الأَجْسادُ، قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُهُ عَرَقٌ يَجْرِي مِنْ أَعراضهم مَعْنَاهُ مِنْ أَبْدانِهم عَلَى قَوْلِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ أَحسن مِنْ أَن يُذْهَبَ بِهِ إِلى أَعراضِ المَغابِنِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لبَن طَيِّبُ العِرْضِ وامرأَة طَيِّبَةُ العِرْضِ أَي الرِّيحُ. وعَرَّضْتُ فُلَانًا لِكَذَا فَتَعَرَّضَ هُوَ لَهُ، والعِرْضُ: الجماعةُ مِنَ الطَّرْفاءِ والأَثْلِ والنَّخْلِ وَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِنَّ، وَقِيلَ: الأَعْراضُ الأَثْلُ والأَراكُ والحَمْضُ، وَاحِدُهَا عَرْضٌ؛ وقال:
والمانِع الأَرْضَ [الأَرْضِ] ذاتَ [ذاتِ] العَرْضِ خَشْيَتُه، ... حَتَّى تَمنَّعَ مِنْ مَرْعًى مَجانِيها
والعَرُوضاواتُ «3» : أَماكِنُ تُنْبِتُ الأَعْراضَ هَذِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وعارَضْتُ أَي أَخَذْتُ فِي عَروضٍ وناحيةٍ. والعِرْضُ: جَوُّ البَلَد وناحِيتُه مِنَ الأَرض. والعِرْضُ: الوادِي، وَقِيلَ جانِبُه، وَقِيلَ عِرْضُ كُلِّ شَيْءٍ نَاحِيَتُهُ. والعِرْضُ: وادٍ باليَمامةِ؛ قَالَ الأَعشى:
أَلم تَرَ أَنَّ العِرْضَ أَصْبَحَ بَطْنُه ... نَخِيلًا، وزَرْعاً نابِتاً وفَصافِصا؟
وَقَالَ الْمُتَلَمِّسُ:
فَهَذا أَوانُ العِرْضِ جُنَّ ذُبابُه: ... زَنابِيرُه والأَزْرَقُ المُتَلَمِّسُ
الأَزْرَقُ: الذُّبابُ. وَقِيلَ: كلُّ وادٍ عِرضٌ، وجَمْعُ كلِّ ذَلِكَ أَعراضٌ لَا يُجاوَزُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رُفِعَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، عارِضُ اليمامةِ
؛ قَالَ: هُوَ موضعٌ مَعْرُوفٌ. وَيُقَالُ لِلْجَبَلِ: عارِضٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَبِهِ سُمِّيَ عارِضُ اليمامةِ، قَالَ: وكلُّ وادٍ فِيهِ شَجَرٌ فَهُوَ عِرْضٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ شاهداً على النكرة:
__________
(3) . قوله [العروضاوات؛ هكذا بالأَصل، ولم نجدها فيما عندنا من المعاجم.(7/172)
لَعِرْضٌ مِنَ الأَعْراضِ يُمسِي حَمامُه، ... ويُضْحِي عَلَى أَفْنانِه الغِينِ يَهْتِفُ،
«1» أَحَبُّ إِلى قَلْبي مِنَ الدِّيكِ رَنّةً ... وبابٍ، إِذا مَا مالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ
وَيُقَالُ: أَخصَبَ ذَلِكَ العِرْضُ، وأَخصَبَتْ أَعراضُ الْمَدِينَةِ وَهِيَ قُراها الَّتِي فِي أَوْدِيتها، وَقِيلَ: هِيَ بُطونُ سَوادِها حَيْثُ الزرعُ وَالنَّخِيلُ. والأَعْراضُ: قُرًى بَيْنَ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ. وَقَوْلُهُمُ: استُعْمِلَ فُلَانٌ عَلَى العَرُوض، وَهِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ وَمَا حَوْلَهَا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
نُقاتِلُ مَا بَيْنَ العَرُوضِ وخَثْعَما
أَي مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ. والعَرُوضُ: الناحيةُ. يُقَالُ: أَخذ فُلَانٌ فِي عَروضٍ مَا تُعْجِبُني أَي فِي طَرِيقٍ وَنَاحِيَةٍ؛ قَالَ التَّغْلَبيّ:
لكلِّ أُناسٍ، مِنْ مَعَدٍّ، عَمارةٍ، ... عَرُوضٌ، إِليها يَلْجَؤُونَ، وجانِبُ
يَقُولُ: لِكُلٍّ حَيّ حِرْز إِلا بَنِي تَغْلِبَ فإِن حِرْزَهم السُّيوفُ، وعَمارةٍ خُفِضَ لأَنه بَدَلٌ مِنْ أُناس، وَمَنْ رَوَاهُ عُروضٌ، بِضَمِّ الْعَيْنِ، جَعَلَهُ جَمْعَ عَرْض وَهُوَ الْجَبَلُ، وَهَذَا الْبَيْتُ للأَخنس بْنِ شِهَابٍ. والعَرُوضُ: المكانُ الَّذِي يُعارِضُكَ إِذا سِرْتَ. وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ رَكُوضٌ بِلَا عَرُوضٍ أَي بِلَا حَاجَةٍ عَرَضت لَهُ. وعُرْضُ الشَّيْءِ، بِالضَّمِّ: ناحِيتُه مِنْ أَي وَجْهٍ جِئْتَه. يُقَالُ: نَظَرَ إِليه بعُرْضِ وَجْهِهِ. وَقَوْلُهُمْ: رأَيتُه فِي عِرْضِ النَّاسِ أَي هُوَ مِنَ الْعَامَّةِ «2» . قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعَرُوضُ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ، مُؤَنَّثٌ. وَفِي حَدِيثِ عَاشُورَاءَ:
فأَمَرَ أَن يُؤْذِنُوا أَهلَ العَرُوضِ
؛ قِيلَ: أَراد مَنْ بأَكنافِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وَيُقَالُ للرَّساتِيقِ بأَرض الْحِجَازِ الأَعْراضُ، وَاحِدُهَا عِرْضٌ؛ بِالْكَسْرِ، وعَرَضَ الرجلُ إِذا أَتَى العَرُوضَ وَهِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَمَا حَوْلَهُمَا؛ قَالَ عَبْدُ يَغُوثَ بْنُ وَقَّاصٍ الْحَارِثِيُّ:
فَيا راكِبَا إِمّا عَرَضْتَ، فَبَلِّغا ... نَدامايَ مِن نَجْرانَ أَنْ لَا تَلاقِيا
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد فَيَا رَاكِبَاهُ للنُّدْبة فَحَذَفَ الْهَاءَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَسَفى عَلى يُوسُفَ، وَلَا يَجُوزُ يَا رَاكِبًا بِالتَّنْوِينِ لأَنه قَصَدَ بِالنِّدَاءِ رَاكِبًا بِعَيْنِهِ، وإِنما جَازَ أَن تَقُولَ يَا رَجُلًا إِذا لَمْ تَقْصِدْ رَجُلًا بِعَيْنِهِ وأَردت يَا وَاحِدًا مِمَّنْ لَهُ هَذَا الِاسْمُ، فإِن نَادَيْتَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ قُلْتَ يَا رَجُلُ كَمَا تَقُولُ يَا زَيْدُ لأَنه يَتَعَرَّفُ بِحَرْفِ النِّدَاءِ وَالْقَصْدِ؛ وَقَوْلُ الْكُمَيْتِ:
فأَبْلِغْ يزيدَ، إِنْ عَرَضْتَ، ومُنْذِراً ... وعَمَّيْهِما، والمُسْتَسِرَّ المُنامِسا
يَعْنِي إِن مَرَرْتَ بِهِ. وَيُقَالُ: أَخَذْنا فِي عَرُوضٍ مُنْكَرَةٍ يَعْنِي طَرِيقًا فِي هُبُوطٍ. وَيُقَالُ: سِرْنا فِي عِراضِ الْقَوْمِ إِذا لَمْ تَسْتَقْبِلْهُمْ وَلَكِنْ جِئْتَهُمْ مِنْ عُرْضِهم؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ البَعِيثِ:
مَدَحْنا لَهَا رَوْقَ الشَّبابِ فَعارَضَتْ ... جَنابَ الصِّبا فِي كاتِمِ السِّرِّ أَعْجَما
قَالَ: عارَضَتْ أَخَذَتْ فِي عُرْضٍ أَي ناحيةٍ منه.
__________
(1) . قوله [الغين] جمع الغيناء، وهي الشجرة الخضراء كما في الصحاح.
(2) . قوله [فِي عِرْضِ النَّاسِ أَي هو من العامة] كذا بالأَصل، والذي في الصحاح: فِي عِرْضِ النَّاسِ أَي فيما بينهم، وفلان من عُرْضِ النَّاسِ أَي هُوَ من العامة.(7/173)
جَنابُ الصِّبا أَي جَنْبُهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: عَارَضَتْ جَنَابَ الصِّبا أَي دَخَلَتْ مَعَنَا فِيهِ دُخُولًا لَيْسَتْ بمُباحِتةٍ، وَلَكِنَّهَا تُرينا أَنها دَاخِلَةٌ مَعَنَا وَلَيْسَتْ بِدَاخِلَةٍ. فِي كَاتِمِ السِّرِّ أَعْجما أَي فِي فِعْلٍ لَا يَتَبَيَّنُه مَن يَراه، فَهُوَ مُسْتَعْجِمٌ عَلَيْهِ وَهُوَ وَاضِحٌ عِنْدَنَا. وبَلَدٌ ذُو مَعْرَضٍ أَي مَرْعًى يُغْني الْمَاشِيَةَ عَنْ أَن تُعْلَف. وعَرَّضَ الماشيةَ: أَغناها بِهِ عَنِ العَلَف. والعَرْضُ والعارِضُ: السَّحابُ الَّذِي يَعْتَرِضُ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَقِيلَ: العَرْضُ مَا سدَّ الأُفُق، وَالْجَمْعُ عُروضٌ؛ قَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيّةَ:
أَرِقْتُ لَهُ حَتَّى إِذا مَا عُروضُه ... تَحادَتْ، وهاجَتْها بُروقٌ تُطِيرُها
والعارِضُ: السَّحابُ المُطِلُّ يَعْتَرِض فِي الأُفُقِ. وَفِي التَّنْزِيلِ فِي قَضِيَّةِ قَوْمِ عادٍ: فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا
؛ أَي قَالُوا هَذَا الَّذِي وُعِدْنا بِهِ سَحَابٌ فِيهِ الْغَيْثُ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ، وَقِيلَ: أَي مُمْطِرٌ لَنَا لأَنه مَعْرِفَةٌ لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ صِفَةً لِعَارِضٍ وَهُوَ نَكِرَةٌ، وَالْعَرَبُ إِنما تَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا فِي الأَسماء الْمُشْتَقَّةِ مِنَ الأَفعال دُونَ غَيْرِهَا؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَا رُبَّ غابِطِنا لَوْ كَانَ يَعْرِفُكم، ... لاقَى مُباعَدَةً مِنْكم وحِرْمانَا
وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ هَذَا رَجُلٌ غُلَامُنَا. وَقَالَ أَعرابي بَعْدَ عِيدِ الْفِطْرِ: رُبَّ صائِمِه لَنْ يَصُومَهُ وَقَائِمِهِ لَنْ يَقُومَهُ فَجَعَلَهُ نَعْتًا لِلنَّكِرَةِ وأَضافه إِلى الْمَعْرِفَةِ. وَيُقَالُ للرِّجْلِ الْعَظِيمِ مِنَ الْجَرَادِ: عارِضٌ. والعارِضُ: مَا سَدَّ الأُفُق مِنَ الْجَرَادِ وَالنَّحْلِ؛ قَالَ ساعدة:
رأَى عارِضاً يَعْوي إِلى مُشْمَخِرَّةٍ، ... قَدَ احْجَمَ عَنْها كلُّ شيءٍ يَرُومُها
وَيُقَالُ: مَرَّ بِنَا عارِضٌ قَدْ مَلأَ الأُفق. وأَتانا جَرادٌ عَرْضٌ أَي كَثِيرٌ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: العارِضُ السَّحابةُ تَرَاهَا فِي نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ، وَهُوَ مِثْلُ الجُلْبِ إِلا أَن العارِضَ يَكُونُ أَبيض والجُلْب إِلى السَّوَادِ. والجُلْبُ يَكُونُ أَضْيَقَ مِنَ العارِضِ وأَبعد. وَيُقَالُ: عَرُوضٌ عَتُودٌ وهو الَّذِي يأْكل الشَّجَرَ بِعُرْضِ شِدْقِه. والعَرِيضُ مِنَ المِعْزَى: مَا فَوْقَ الفَطِيمِ وَدُونَ الجَذَع. والعَرِيضُ: الجَدْي إِذا نَزَا، وَقِيلَ: هُوَ إِذا أَتَى عَلَيْهِ نَحْوُ سَنَةٍ وَتَنَاوُلَ الشَّجَرَ وَالنَّبْتَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي رَعَى وقَوِيَ، وَقِيلَ: الَّذِي أَجْذَعَ. وَفِي كِتَابِهِ لأَقْوالِ شَبْوَةَ: مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ مِلْكٍ وعُرْمانٍ ومَزاهِرَ وعِرْضانٍ؛ العِرْضانُ: جَمْعُ العَرِيضِ وَهُوَ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ مِنَ المعَز سنة وتناولَ الشجر والنبت بِعُرْضِ شِدْقِه، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جمعَ العِرْضِ وَهُوَ الْوَادِي الْكَثِيرِ الشَّجَرِ وَالنَّخِيلِ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
سُلَيْمَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنه حَكَمَ فِي صَاحِبِ الْغَنَمِ أَن يأْكل مِنْ رِسْلِها وعِرْضانِها.
وَفِي الْحَدِيثِ:
فَتَلَقَّتْه امرأَة مَعَهَا عَرِيضانِ أَهْدَتهما لَهُ
، وَيُقَالُ لِوَاحِدِهَا عَروضٌ أَيضاً، وَيُقَالُ للعَتُودِ إِذا نَبَّ وأَراد السِّفادَ: عَرِيضٌ، وَالْجَمْعُ عِرْضانٌ وعُرْضانٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَرِيضٌ أَرِيضٌ باتَ ييْعَرُ حَوْلَه، ... وباتَ يُسَقِّينا بُطُونَ الثَّعالِبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَي يَسْقِينا لَبَنًا مَذِيقاً كأَنه بُطُونُ(7/174)
الثَّعَالِبِ. وَعِنْدَهُ عَرِيضٌ أَي جَدْي؛ وَمَثَلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
مَا بالُ زَيْدٍ لِحْية العَرِيضِ
ابْنُ الأَعرابي: إِذا أَجْذَعَ العَنَاقُ والجَدْيُ سُمِّيَ عَرِيضاً وعَتُوداً، وعَرِيضٌ عَرُوضٌ إِذا فَاتَهُ النبتُ اعْتَرَضَ الشوْكَ بِعُرْضِ فِيهِ. والغَنَمُ تَعْرُضُ الشَّوْكَ: تَناوَلُ مِنْهُ وتأْكُلُه، تَقُولُ مِنْهُ: عَرَضَتِ الشاةُ الشوكَ تَعْرُضُه والإِبلُ تَعْرُضُ عَرْضاً. وتَعْتَرِضُ: تَعَلَّقُ مِنَ الشَّجَرِ لتأْكله. واعْتَرَضَ البعيرُ الشَّوْكَ: أَكله، وبَعِيرٌ عَرُوضٌ: يأْخذه كَذَلِكَ، وَقِيلَ: العَرُوضُ الَّذِي إِن فاتَه الكَلأُ أَكل الشَّوْكَ. وعَرَضَ البعِيرُ يَعْرُضُ عَرْضاً: أَكلَ الشَّجَرَ مِنْ أَعراضِه. قَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً حِجَازِيًّا وَبَاعَ بَعِيرًا لَهُ فَقَالَ: يأْكل عَرْضاً وشَعْباً؛ الشعْبُ: أَن يَهْتَضِمَ الشَّجَرَ مِنْ أَعْلاه، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والعريضُ مِنَ الظِّباء: الَّذِي قَدْ قارَبَ الإِثْناءَ. والعرِيضُ، عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ خَاصَّةً: الخَصِيُّ، وَجَمْعُهُ عِرْضانٌ وعُرْضانٌ. وَيُقَالُ: أَعْرَضْتُ الْعِرْضَانِ إِذا خَصَيْتَهَا، وأَعرضتُ الْعُرْضَانِ إِذا جَعَلْتَهَا لِلْبَيْعِ، وَلَا يَكُونُ العرِيضُ إِلا ذَكَرًا. ولَقِحَتِ الإِبلُ عِراضاً إِذا عارَضَها فَحْلٌ مِنْ إِبل أُخرى. وَجَاءَتِ المرأَة بِابْنٍ عَنْ مُعارَضةٍ وعِراضٍ إِذا لَمْ يُعْرَفْ أَبوه. وَيُقَالُ للسَّفِيحِ: هُوَ ابْنُ المُعارَضةِ. والمُعارَضةُ: أَن يُعارِضَ الرجلُ المرأَةَ فيأْتِيَها بِلَا نِكاح وَلَا مِلْك. والعَوارِضُ مِنَ الإِبل: اللَّواتي يأْكلن العِضاه عُرْضاً أَي تأْكله حَيْثُ وَجَدَتْهُ؛ وَقَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
مَهارِيقُ فَلُّوجٍ تَعَرَّضْنَ تالِيا
مَعْنَاهُ يُعَرِّضُهُنَّ تالٍ يَقْرَؤُهُنَّ فَقَلَبَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مَا يَعْرُضُكَ لِفُلَانٍ، بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ، وَلَا تَقُلْ مَا يُعَرِّضك، بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ مَرَّ بِي فُلَانٌ فَمَا عَرَضْنا لَهُ، وَلَا تَعْرِضُ لَهُ وَلَا تَعْرَضُ لَهُ لُغَتَانِ جَيِّدَتَانِ، وَيُقَالُ: هَذِهِ أَرضٌ مُعْرَضةٌ يَسْتَعْرِضُها المالُ ويَعْتَرِضُها أَي هِيَ أَرض فِيهَا نَبْتٌ يَرْعَاهُ الْمَالُ إِذا مرَّ فِيهَا. والعَرْضُ: الجبَل، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَقِيلَ: العَرْضُ سَفْحُ الْجَبَلِ وَنَاحِيَتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُعْلى مِنْهُ الْجَبَلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَمَا تَدَهْدَى مِن العَرْضِ الجَلامِيدُ
ويُشَبَّه الْجَيْشُ الْكَثِيفُ بِهِ فَيُقَالُ: مَا هُوَ إِلَّا عَرْضٌ أَي جَبَلٌ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
إِنَّا، إِذا قُدْنا لِقَوْمٍ عَرْضا، ... لَمْ نُبْقِ مِن بَغْي الأَعادي عِضّا
والعَرْضُ: الجيْشُ الضَّخْمُ مُشَبَّهٌ بِنَاحِيَةِ الْجَبَلِ، وَجَمْعُهُ أَعراضٌ. يُقَالُ: مَا هُوَ إِلا عَرْضٌ مِنَ الأَعْراضِ، وَيُقَالُ: شُبِّه بالعَرْضِ مِنَ السَّحاب وَهُوَ مَا سَدَّ الأُفُق. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الْحَجَّاجَ كَانَ عَلَى العُرْضِ وَعِنْدَهُ ابْنُ عُمَرَ
؛ كَذَا رُوِيَ بِالضَّمِّ؛ قَالَ الْحَرْبِيُّ: أَظنه أَراد العُروضَ جَمْعَ العَرْضِ وَهُوَ الجَيْش. والعَرُوضُ: الطريقُ فِي عُرْض الْجَبَلِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اعتَرَضَ فِي مَضِيقٍ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ عُرُضٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: فأَخذ فِي عَرُوضٍ آخَرَ
أَي فِي طَرِيقٍ آخَرَ مِنَ الْكَلَامِ. والعَرُوضُ مِنَ الإِبل: الَّتِي لَمْ تُرَضْ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِحُمَيْدٍ:
فَمَا زالَ سَوْطِي فِي قِرابي ومِحْجَني، ... وَمَا زِلْتُ مِنْهُ فِي عَرُوضٍ أَذُودُها(7/175)
وَقَالَ شَمِرٌ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَي فِي نَاحِيَةٍ أُدارِيه وَفِي اعْتِراضٍ. واعْتَرَضَها: رَكِبَها أَو أَخَذَها رَيِّضاً. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: اعتَرَضْتُ الْبَعِيرَ رَكِبْتُه وَهُوَ صَعْبٌ. وعَرُوضُ الْكَلَامِ: فَحْواهُ وَمَعْنَاهُ. وَهَذِهِ المسأَلة عَرُوضُ هَذِهِ أَي نظيرُها. وَيُقَالُ: عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي عَرُوضِ كلامِه ومَعارِضِ كلامِه أَي فِي فَحْوَى كَلَامِهِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ. والمُعْرِضُ: الَّذِي يَسْتَدِينُ ممَّن أَمْكَنَه مِنَ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه خَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ الأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِه وأَمانَتِه بأَن يُقَالَ سابِقُ الحاجِّ فَادَّانَ مُعْرِضاً فأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ
، قَالَ أَبو زَيْدٍ: فادّانَ مُعْرِضاً يَعْنِي اسْتَدانَ مُعْرِضًا وَهُوَ الَّذِي يَعْرِضُ للناسِ فَيَسْتَدِينُ ممَّنْ أَمْكَنَه. وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ فادّانَ مُعْرِضاً أَي أَخذَ الدَّيْنَ وَلَمْ يُبالِ أَن لَا يُؤَدِّيه وَلَا مَا يَكُونُ مِنَ التَّبِعة. وَقَالَ شَمِرٌ: المُعْرِضُ هَاهُنَا بِمَعْنَى المُعْتَرِض الَّذِي يَعْتَرِضُ لِكُلِّ مَنْ يُقْرِضُه، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: عَرَضَ لِيَ الشَّيْءُ وأَعْرَضَ وتَعَرَّضَ واعْتَرَضَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ إِنه أَراد يُعْرِضُ إِذا قِيلَ لَهُ لَا تسْتَدِنْ فَلَا يَقْبَلُ، مِن أَعْرَضَ عَنِ الشَّيْءِ إِذا ولَّاه ظَهْرَهُ، وَقِيلَ: أَراد مُعْرِضاً عَنِ الأَداءِ مُوَليِّاً عَنْهُ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَلَمْ نَجِدْ أَعْرَضَ بِمَعْنَى اعتَرَضَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، قَالَ شَمِرٌ: وَمَنْ جَعَلَ مُعْرِضاً هَاهُنَا بِمَعْنَى الْمُمْكِنِ فَهُوَ وَجْهٌ بَعِيدٌ لأَن مُعْرِضاً مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ قَوْلِكَ فَادَّانَ، فإِذا فَسَّرْتَهُ أَنه يأْخذه مِمَّنْ يُمْكِنُهُ فالمُعْرِضُ هُوَ الَّذِي يُقْرِضُه لأَنه هُوَ المُمْكِنُ، قَالَ: وَيَكُونُ مُعْرِضاً مِنْ قَوْلِكَ أَعْرَضَ ثوبُ المَلْبَس أَي اتَّسَعَ وعَرُضَ؛ وأَنشد لطائِيٍّ فِي أَعْرَضَ بِمَعْنَى اعْتَرَضَ:
إِذا أَعْرَضَتْ للناظِرينَ، بَدا لهمْ ... غِفارٌ بأَعْلى خَدِّها وغُفارُ
قَالَ: وغِفارٌ مِيسَمٌ يَكُونُ عَلَى الْخَدِّ. وعُرْضُ الشَّيْءِ: وسَطُه وناحِيتُه. وَقِيلَ: نفْسه. وعُرْضُ النَّهْرِ وَالْبَحْرِ وعُرْضُ الْحَدِيثِ وعُراضُه: مُعْظَمُه، وعُرْضُ الناسِ وعَرْضُهم كَذَلِكَ، قَالَ يُونُسُ: وَيَقُولُ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ: رأَيته فِي عَرْضِ النَّاسِ يَعْنُونَ فِي عُرْضٍ. وَيُقَالُ: جَرَى فِي عُرْض الْحَدِيثِ، وَيُقَالُ: فِي عُرْضِ النَّاسِ، كُلُّ ذَلِكَ يُوصَفُ بِهِ الْوَسَطُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَتَوَسَّطا عُرْضَ السَّرِيِّ، وصَدَّعا ... مَسْجُورَةً مُتَجاوِراً قُلَّامُها
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَرَى الرِّيشَ عَنْ عُرْضِه طامِياً، ... كَعَرْضِكَ فَوْقَ نِصالٍ نِصالا
يصِفُ مَاءً صَارَ رِيشُ الطيرِ فَوْقَهُ بعْضُه فَوْقَ بَعْضٍ كما تَعْرِضُ [تَعْرُضُ] نصْلًا فَوْقَ نَصْلٍ. وَيُقَالُ: اضْرِبْ بِهَذَا عُرْضَ الحائِط أَي نَاحِيَتَهُ. وَيُقَالُ: أَلْقِه فِي أَيِّ أَعْراضِ الدَّارِ شِئْتَ، وَيُقَالُ: خُذْهُ مِنْ عُرْضِ النَّاسِ وعَرْضِهم أَي مِنْ أَي شِقٍّ شِئتَ. وعُرْضُ السَّيْفِ: صَفْحُه، وَالْجَمْعُ أَعْراضٌ. وعُرْضا العُنُق: جَانِبَاهُ، وَقِيلَ: كلُّ جانبٍ عُرْضٌ. والعُرْضُ: الْجَانِبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وأَعْرَضَ لَكَ الظَّبْي وَغَيْرُهُ: أَمْكَنَكَ مِن عُرْضِه، وَنَظَرَ إِليه مُعارَضةً وَعَنْ عُرْضٍ وَعَنْ عُرُضٍ أَي جَانِبٍ مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُرٍ. وَكُلُّ شيءٍ أَمكنك مِنْ عُرْضه، فَهُوَ مُعْرِضٌ لَكَ. يُقَالُ: أَعْرَضَ لَكَ الظَّبْيُ فارْمِه أَي(7/176)
وَلَّاك عُرْضه أَي نَاحِيَتَهُ. وَخَرَجُوا يَضْرِبُونَ النَّاسَ عَنْ عُرْضٍ أَي عَنْ شِقٍّ وَنَاحِيَةٍ لَا يُبَالُونَ مَن ضرَبوا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: اضْرِبْ بِهِ عُرْضَ الْحَائِطِ أَي اعتَرِضْه حَيْثُ وَجَدْتَ مِنْهُ أَيَّ نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِيهِ. وَفِي الْحَدِيثُ:
فإِذا عُرْضُ وجهِه مُنْسَحٍ
أَي جَانِبُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَقَدَّمْتُ إِليه الشَّرابَ فإِذا هُوَ يَنِشُّ، فَقَالَ: اضْرِبْ بِهِ عُرْضَ الْحَائِطِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
عُرِضَتْ عَلَيَّ الجنةُ وَالنَّارُ آنِفاً فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ
؛ العُرض، بِالضَّمِّ: الْجَانِبُ وَالنَّاحِيَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ، حَدِيثِ الحَجّ:
فأَتَى جَمْرةَ الْوَادِي فاستَعْرَضَها
أَي أَتاها مِنْ جَانِبِهَا عَرْضاً «3» . وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سأَل عَمْرَو بْنَ مَعْدِيكَرِبَ عَنْ علة بن حالد «4» فَقَالَ: أُولئِكَ فَوارِسُ أَعراضِنا وشِفاءُ أَمراضِنا
؛ الأَعْراضُ جَمْعُ عُرْضٍ وَهُوَ النَّاحِيَةُ أَي يَحْمونَ نَواحِينَا وجِهاتِنا عَنْ تَخَطُّفِ الْعَدُوِّ، أَو جَمْعُ عَرْضٍ وَهُوَ الْجَيْشُ، أَو جَمْعُ عِرْضٍ أَي يَصونون ببلائِهم أَعراضَنا أَن تُذَمّ وتُعابَ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: أَنه كَانَ لَا يَتَأَثَّم مِنْ قَتْلِ الحَرُورِيِّ المُسْتَعْرِضِ
؛ هُوَ الَّذِي يَعْتَرِضُ الناسَ يَقْتُلُهُم. واسْتَعْرَضَ الخَوارِجُ الناسَ: لَمْ يُبالوا مَن قَتَلُوه، مُسْلِماً أَو كافِراً، مِنْ أَيّ وجهٍ أَمكَنَهم، وَقِيلَ: استَعْرَضوهم أَي قَتَلوا مَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ وظَفِرُوا بِهِ. وأَكَلَ الشيءَ عُرْضاً أَي مُعْتَرِضاً. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ، حَدِيثُ
ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: كُلِ الجُبْنَ عُرْضاً
أَي اعتَرِضْه يَعْنِي كُلَّهُ وَاشْتَرِهِ مِمَّنْ وجَدْتَه كَيْفَمَا اتَّفق وَلَا تسأَل عَنْهُ أَمِنْ عَمَلِ أَهلِ الكتابِ هُوَ أَمْ مِنْ عَمَلِ المَجُوس أَمْ مَنْ عَمَلِ غَيْرِهِمْ؛ مأْخوذ مِنْ عُرْضِ الشَّيْءِ وَهُوَ نَاحِيَتُهُ. والعَرَضُ: كَثْرَةُ الْمَالِ. والعُراضةُ: الهَدِيّةُ يُهْدِيها الرَّجُلُ إِذا قَدِمَ مِنْ سفَر. وعَرَّضَهم عُراضةً وعَرَّضَها لَهُمْ: أَهْداها أَو أَطعَمَهم إِيّاها. والعُراضةُ، بِالضَّمِّ: مَا يعَرِّضُه المائرُ أَي يُطْعِمُه مِنَ الْمِيرَةِ. يُقَالُ: عَرِّضونا أَي أَطعِمونا مِنْ عُراضَتِكم؛ قَالَ الأَجلح بْنُ قَاسِطٍ:
يَقْدُمُها كلُّ عَلاةٍ عِلْيانْ ... حَمْراءَ مِنْ مُعَرِّضاتِ الغِرْبانْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَانَ الْبَيْتَانِ فِي آخِرِ دِيوَانِ الشَّمَّاخِ، يَقُولُ: إِن هَذِهِ النَّاقَةَ تَتَقَدَّمُ الْحَادِيَ والإِبل فَلَا يَلْحَقُهَا الْحَادِي فَتَسِيرُ وَحْدَهَا، فيسقُط الْغُرَابُ عَلَى حِمْلِهَا إِن كَانَ تَمْرًا أَو غَيْرَهُ فيأْكله، فكأَنها أَهدته لَهُ وعَرَّضَتْه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَكْبًا مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ عَرَّضوا رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثَيِابًا بِيضًا
أَي أَهْدَوْا لَهُمَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاذٍ: وَقَالَتْ لَهُ امرأَته وَقَدْ رَجَعَ مِنْ عَمَلِهِ أَين مَا جِئْتَ بِهِ مِمَّا يأْتي بِهِ العُمّال مِنْ عُراضةِ أَهْلِهم؟
تُرِيدُ الهَدِيّة. يُقَالُ: عَرَّضْتُ الرَّجُلَ إِذا أَهديت لَهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عُراضةُ الْقَافِلِ مِنْ سَفَرِهِ هَدِيَّتُه الَّتِي يُهْدِيها لِصِبْيَانِهِ إِذا قَفَلَ مِنْ سَفَرِهِ. وَيُقَالُ: اشْتَرِ عُراضة لأَهلك أَي هَدِيَّةً وشَيْئًا تَحْمِلُهُ إِليهم، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ راهْ آورَدْ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ فِي العُراضةِ الهَدِيّةِ: التعرِيضُ مَا كَانَ مِنْ مِيرةٍ أَو زادٍ بَعْدَ أَن يَكُونَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرٍ. يُقَالُ: عَرِّضونا أَي أَطْعِمونا مِنْ مِيرَتِكُمْ. وَقَالَ الأَصمعي: العُراضة مَا أَطْعَمَه الرّاكِبُ مَنِ اسْتَطْعَمَهُ مِنْ أَهل الْمِيَاهِ؛ وَقَالَ هِمْيانُ:
وعَرَّضُوا المَجْلِسَ مَحْضاً ماهِجَا
__________
(3) . قوله: عَرضاً بفتح العين؛ هكذا في الأَصل وفي النهاية، والكلام هنا عن عُرض بضم العين.
(4) . قوله [علة بن حالد] كذا بالأَصل، والذي في النهاية: علة بن جلد.(7/177)
أَي سَقَوْهُم لَبَنًا رَقِيقاً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ وأَضْيافِه: وَقَدْ عُرِضُوا فأَبَوْا
؛ هُوَ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَمَعْنَاهُ أُطْعِمُوا وقُدِّمَ لَهم الطّعامُ، وعَرَّضَ فُلَانٌ إِذا دَامَ عَلَى أَكل العَرِيضِ، وَهُوَ الإِمَّرُ. وتَعَرَّضَ الرّفاقَ: سأَلَهم العُراضاتِ. وتَعَرَّضْتُ الرّفاقَ أَسْأَلُهُم أَي تَصَدَّيْتُ لَهُمْ أَسأَلهم. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تَعَرَّضْتُ مَعْروفَهم ولِمَعْرُوفِهم أَي تَصَدَّيْتُ. وَجَعَلْتُ فُلَانًا عُرْضةً لِكَذَا أَي نَصَبْتُه لَهُ. والعارِضةُ: الشاةُ أَو الْبَعِيرُ يُصِيبه الدَّاءُ أَو السَّبُعُ أَو الْكَسْرُ فَيُنْحَرُ. وَيُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ لَا يأْكلون إِلا العَوارِض أَي لَا يَنْحَرُونَ الإِبل إِلا مِنْ دَاءٍ يُصِيبها، يَعِيبُهم بِذَلِكَ، وَيُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ أَكَّالُونَ لِلْعَوارِضِ إِذا لَمْ يَنْحَرُوا إِلا مَا عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ أَو كسْرٌ خَوْفًا أَن يَمُوتَ فَلَا يَنْتَفِعُوا بِهِ، وَالْعَرَبُ تُعَيِّرُ بأَكله. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه بَعَثَ بُدْنَه مَعَ رَجُلٍ فَقَالَ: إِنْ عُرِضَ لَهَا فانْحَرْها
أَي إِن أَصابَها مَرَضٌ أَو كَسْرٌ. قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ عَرَضَتْ مِنْ إِبل فُلَانٍ عارِضةٌ أَي مَرِضَتْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَرِضَتْ، قَالَ: وأَجوده عَرَضَتْ؛ وأَنشد:
إِذا عَرَضَتْ مِنها كَهاةٌ سَمِينةٌ، ... فَلا تُهْدِ مِنْها، واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ
وعَرَضَتِ الناقةُ أَي أَصابها كَسْرٌ أَو آفَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَكُمْ فِي الْوَظِيفَةِ الفَرِيضةُ وَلَكُمُ العارِضُ
؛ الْعَارِضُ الْمَرِيضَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي أَصابها كَسْرٌ. يُقَالُ: عَرَضَتِ النَّاقَةُ إِذا أَصابها آفةٌ أَو كَسْرٌ؛ أَي إِنا لَا نأْخُذُ ذاتَ العَيْب فَنَضُرَّ بالصدَقةِ. وعَرَضَت العارِضةُ تَعْرُضُ عَرْضاً: ماتتْ مِنْ مَرَض. وَتَقُولُ الْعَرَبُ إِذا قُرِّبَ إِليهم لَحْمٌ: أَعَبيطٌ أَم عَارِضَةٌ؟ فالعَبيط الَّذِي يُنحر مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، وَالْعَارِضَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَفُلَانَةٌ عُرْضةٌ للأَزواج أَي قَوِيَّةٌ عَلَى الزَّوْجِ. وَفُلَانٌ عُرْضةٌ لِلشَّرِّ أَي قَوِيٌّ عَلَيْهِ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
مِنْ كلِّ نَضَّاخةِ الذفْرَى، إِذا عَرِقَتْ، ... عُرْضَتُها طامِسُ الأَعْلامِ مَجْهُولُ
وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ والجَمع؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وتلْقَى حُبَالَى عُرْضةً لِلْمراجِمِ «1»
وَيُرْوَى: جُبَالَى. وفُلانٌ عُرْضةٌ لِكَذَا أَي مَعْرُوضٌ لَهُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
طَلَّقْتهنّ، وَمَا الطَّلَاقُ بِسُنّة، ... إِنّ النِّساءَ لَعُرْضةُ التَّطْلِيقِ
وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا
؛ أَي نَصْباً لأَيْمانِكُم. الْفَرَّاءُ: لَا تَجْعَلُوا الْحَلِفَ بِاللَّهِ مُعْتَرِضاً مانِعاً لَكُمْ أَن تَبَرُّوا فَجَعَلَ العُرْضةَ بِمَعْنَى المُعْتَرِض وَنَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ
أَنّ مَوْضِعَ أَن نَصْبٌ بِمَعْنَى عُرْضةً، الْمَعْنَى لَا تَعْتَرِضُوا بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ فِي أَن تَبَرُّوا، فَلَمَّا سَقَطَتْ فِي أَفْضَى مَعْنَى الاعْتِراضِ فَنَصَبَ أَن، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ هُمْ ضُعَفاءُ عُرْضةٌ لِكُلِّ مَتَناوِلٍ إِذا كَانُوا نُهْزةً لِكُلِّ مَنْ أَرادهم. وَيُقَالُ: جَعَلْتُ فُلَانًا عُرْضةً لِكَذَا وَكَذَا أَي نَصَبْته لَهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا قَالَهُ النَّحْوِيُّونَ لأَنه إِذا نُصِبَ فَقَدْ صَارَ مُعْتَرِضًا مَانِعًا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَي نَصْباً مُعْتَرِضًا لأَيمانكم كالغَرَض الَّذِي هُوَ عُرضةٌ للرُّماة، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ قُوَّةً لأَيمانكم
__________
(1) . قوله [وتلقى إلخ] كذا بالأَصل.(7/178)
أَي تُشَدِّدُونها بِذِكْرِ اللَّهِ. قَالَ: وَقَوْلُهُ عُرْضةً فُعْلة مَنْ عَرَضَ يَعْرِضُ. وَكُلُّ مانِعٍ مَنَعَك مِنْ شُغُلٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الأَمراضِ، فَهُوَ عارِضٌ. وَقَدْ عَرَضَ عارِضٌ أَي حَالَ حائلٌ ومَنَعَ مانِعٌ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: لَا تَعْرِضْ وَلَا تَعْرَض لِفُلَانٍ أَي لَا تَعْرِض لَهُ بمَنْعِك باعتراضِك أَنْ يَقْصِدَ مُرادَه وَيَذْهَبَ مَذْهَبَهُ. وَيُقَالُ: سَلَكْتُ طَريق كَذَا فَعَرَضَ لِي فِي الطَّرِيقِ عَارِضٌ أَي جَبَلٌ شَامِخٌ قَطَعَ عَليَّ مَذْهَبي عَلَى صَوْبي. قَالَ الأَزهري: وللعُرْضةِ مَعْنًى آخَرُ وَهُوَ الَّذِي يَعْرِضُ لَهُ النَّاسُ بِالْمَكْرُوهِ ويَقَعُونَ فِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وإِنْ تَتْرُكوا رَهْطَ الفَدَوْكَسِ عُصْبةً ... يَتَامى أَيَامى عُرْضةً للْقَبائِلِ
أَي نَصْباً لِلْقَبَائِلِ يَعْتَرِضُهم بالمكْرُوهِ مَنْ شاءَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: فُلَانٌ عُرْضةٌ لِلنَّاسِ لَا يَزالون يَقَعُونَ فِيهِ. وعَرَضَ لَهُ أَشَدَّ العَرْضِ واعْتَرَضَ: قابَلَه بِنَفْسِهِ. وعَرِضَتْ لَهُ الغولُ وعَرَضَت، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، عَرَضاً وعَرْضاً: بَدَتْ. والعُرْضِيَّةُ: الصُّعُوبَةُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَرْكَبَ رأْسه مِنَ النَّخْوة. وَرَجُلٌ عُرْضِيٌّ: فِيهِ عُرْضِيَّةٌ أَي عَجْرَفِيَّةٌ ونَخْوَةٌ وصُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ فِي الْفَرَسِ: أَن يَمْشِيَ عَرْضاً. وَيُقَالُ: عَرَضَ الفرسُ يَعْرِضُ عَرْضاً إِذا مَرَّ عارِضاً فِي عَدْوِه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَعْرِضُ حَتَّى يَنْصِبَ الخَيْشُوما
وَذَلِكَ إِذا عدَا عارِضاً صَدْرَه ورأْسَه مَائِلًا. والعُرُضُ، مُثَقَّل: السيرُ فِي جَانِبٍ، وَهُوَ مَحْمُودٌ فِي الْخَيْلِ مَذْمُومٌ فِي الإِبل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ حُمَيْدٍ:
مُعْتَرِضاتٍ غَيْرَ عُرْضِيَّاتِ، ... يُصْبِحْنَ فِي القَفْرِ أتاوِيّاتِ «1»
أَي يَلْزَمْنَ المَحَجَّةَ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الرَّجَزِ: إِن اعْتِرَاضَهُنَّ لَيْسَ خِلْقَةً وإِنما هُوَ لِلنَّشَاطِ وَالْبَغْيِ. وعُرْضِيٌّ: يَعْرِضُ فِي سَيْرِهِ لأَنه لَمْ تَتِمَّ رِيَاضَتُهُ بَعْدُ. وَنَاقَةٌ عُرْضِيَّةٌ: فِيهَا صُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ: الذَّلولُ الوسطِ الصعْبُ التصرفِ. وَنَاقَةٌ عُرْضِيَّة: لَمْ تَذِلّ كُلَّ الذُّلِّ، وَجَمَلٌ عُرْضِيٌّ: كَذَلِكَ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُهُ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وَصَفَ فِيهِ نَفْسَهُ وسِياسَته وحُسْنَ النَّظَرِ لِرَعِيَّتِهِ فَقَالَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِني أَضُمُّ العَتُودَ وأُلْحِقُ القَطُوفَ وأَزجرُ العَرُوضَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: العَرُوضُ العُرْضِيَّةُ مِنَ الإِبل الصَّعْبة الرأْسِ الذلولُ وسَطُها الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُساقُ وَسَطَ الإِبل المحمَّلة، وإِن رَكِبَهَا رَجُلٌ مَضَتْ بِهِ قُدُماً وَلَا تَصَرُّفَ لِرَاكِبِهَا، قَالَ: إِنما أَزجر العَرُوضَ لأَنها تَكُونُ آخِرَ الإِبل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَرُوض، بِالْفَتْحِ، الَّتِي تأْخذ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَا تَلْزَمُ الْمَحَجَّةَ، يَقُولُ: أَضربه حَتَّى يَعُودَ إِلى الطَّرِيقِ، جَعَلَهُ مَثَلًا لِحُسْنِ سِيَاسَتِهِ للأُمة. وَتَقُولُ: نَاقَةٌ عَرَوضٌ وَفِيهَا عَرُوضٌ وَنَاقَةٌ عُرْضِيَّةٌ وَفِيهَا عُرْضِيَّةٌ إِذا كَانَتْ رَيِّضاً لَمْ تُذَلَّلْ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: نَاقَةٌ عَرُوضٌ إِذا قَبِلَتْ بَعْضَ الرِّيَاضَةِ وَلَمْ تَسْتَحْكِم؛ وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ ابْنِ أَحمر يَصِفُ جَارِيَةً:
ومَنَحْتُها قَوْلي عَلَى عُرْضِيَّةٍ ... عُلُطٍ، أُداري ضِغْنَها بِتَوَدُّدِ
__________
(1) . قوله [معترضات إلخ] كذا بالأَصل، والذي في الصحاح تقديم العجز عكس ما هنا.(7/179)
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: شَبَّهَهَا بِنَاقَةٍ صَعْبَةٍ فِي كَلَامِهِ إِياها وَرِفْقِهِ بِهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنَحْتُها أَعَرْتُها وأَعطيتها. وعُرْضِيَّةٍ: صُعوبة فكأَن كَلَامَهُ نَاقَةٌ صَعْبَةٌ. وَيُقَالُ: كَلَّمْتُهَا وأَنا عَلَى نَاقَةٍ صَعْبَةٍ فِيهَا اعْتِرَاضٌ. والعُرْضِيُّ: الَّذِي فِيهِ جَفاءٌ واعْتِراضٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ذُو نَخْوَةٍ حُمارِسٌ عُرْضِيُ
والمِعْراضُ، بِالْكَسْرِ: سَهْمٌ يُرْمَى بِهِ بِلَا رِيشٍ وَلَا نَصْل يَمْضِي عَرْضاً فَيُصِيبُ بعَرْضِ الْعُودِ لَا بِحَدِّهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيّ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْمي بالمِعْراضِ فَيَخْزِقُ، قَالَ: إِنْ خَزَقَ فَكُلْ وإِن أَصابَ بعَرضِه فَلَا تَأْكُلْ
، أَراد بالمِعْراضِ سَهْمًا يُرْمَى بِهِ بِلَا رِيش، وأَكثر مَا يُصِيبُ بعَرْض عُوده دُونَ حَدِّه. والمَعْرِضُ: المَكانُ الَّذِي يُعْرَضُ فِيهِ الشيءُ. والمِعْرَضُ: الثَّوْبُ تُعْرَضُ فِيهِ الْجَارِيَةُ وتُجَلَّى فِيهِ، والأَلفاظ مَعارِيضُ المَعاني، مِنْ ذَلِكَ، لأَنها تُجَمِّلُها. والعارِضُ: الخَدُّ، يُقَالُ: أَخذ الشَّعْرَ مِنْ عارِضَيْهِ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عارِضا الْوَجْهِ وعَرُوضَاه جَانِبَاهُ. والعارِضانِ: شِقَّا الفَم، وَقِيلَ: جَانِبَا اللِّحية؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
لَا تُؤاتِيكَ، إِنْ صَحَوْتَ، وإِنْ أَجْهَدَ ... فِي العارِضَيْنِ مِنْك القَتِير
والعَوارِضُ: الثَّنايا سُميت عَوارِضَ لأَنها فِي عُرْضِ الفَم. والعَوارِضُ: مَا وَلِيَ الشِّدْقَيْنِ مِنَ الأَسنان، وَقِيلَ: هِيَ أَرْبع أَسْنان تَلي الأَنيابَ ثُمَّ الأَضْراسُ تَلي العَوارِضَ؛ قَالَ الأَعشى:
غَرَّاء فَرْعاء مَصْقُول عَوارِضُها، ... تَمْشِي الهُوَيْنا كَمَا يَمْشي الوجِي الوَحِلُ
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَوارِضُ مِنَ الأَضْراسِ، وَقِيلَ: عارِضُ الفَمِ مَا يَبْدُو مِنْهُ عِنْدَ الضَّحِكِ؛ قَالَ كَعْبٌ:
تَجْلُو عوارِضَ ذِي ظَلْمٍ، إِذا ابْتَسَمَتْ، ... كَأَنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
يَصِفُ الثَّنايا وَمَا بَعْدَهَا أَي تَكْشِفُ عَنْ أَسْنانها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ لِتَنْظُرَ إِلى امرأَة فَقَالَ: شَمِّي عَوارِضَها
، قَالَ شَمِرٌ: هِيَ الأَسنان الَّتِي فِي عُرْضِ الْفَمِ وَهِيَ مَا بَيْنَ الثَّنَايَا والأَضراس، وَاحِدُهَا عارضٌ، أَمَرَها بِذَلِكَ لتَبُورَ بِهِ نَكْهَتَها وَرِيحَ فَمِها أَطَيِّبٌ أَم خَبِيثٌ. وامرأَة نقِيَّةُ العَوارِض أَي نقِيَّةُ عُرْضِ الْفَمِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَتَذْكرُ يَومَ تَصْقُلُ عارِضَيْها، ... بِفَرْعِ بَشامةٍ، سُقيَ البَشامُ
قَالَ أَبو نَصْرٍ: يَعْنِي بِهِ الأَسنان مَا بَعْدَ الثَّنَايَا، وَالثَّنَايَا لَيْسَتْ مِنَ العَوارِضِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: العارِضُ النابُ والضِّرْسُ الَّذِي يَلِيهِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمُ: العارِضُ مَا بَيْنَ الثَّنِيَّةِ إِلى الضِّرْس وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ مُقْبِلٍ:
هَزِئَتْ مَيّةُ أَنْ ضاحَكْتُها، ... فَرَأَتْ عارِضَ عَوْدٍ قَدْ ثَرِمْ
قَالَ: والثَّرَمُ لَا يَكُونُ فِي الثَّنَايَا «2» ، وَقِيلَ: العَوارِضُ مَا بَيْنَ الثَّنَايَا والأَضراس، وَقِيلَ: الْعَوَارِضُ
__________
(2) . قوله [لَا يَكُونُ فِي الثَّنَايَا] كذا بالأَصل، وبهامشه صوابه: لَا يَكُونُ إِلا فِي الثنايا انتهى. وهو كذلك في الصحاح وشرح ابن هشام لقصيد كعب بن زهير، رضي الله عنه.(7/180)
ثَمَانِيَةٌ، فِي كُلِّ شِقٍّ أَربعةٌ فَوْقُ وأَربعة أَسفل، وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي العارضِ بِمَعْنَى الأَسنان:
وعارِضٍ كجانبِ العِراقِ، ... أَبَنْت بَرّاقاً مِنَ البَرّاقِ
العارِضُ: الأَسنان، شَبَّهَ استِواءَها بِاسْتِوَاءِ أَسْفَلِ القرْبة، وَهُوَ العِراقُ للسيْرِ الَّذِي فِي أَسفل القِرْبة؛ وأَنشد أَيضاً:
لَمَّا رأَيْنَ دَرَدِي وسِنِّي، ... وجَبْهةً مِثْلَ عِراقِ الشَّنِّ،
مِتُّ عَلَيْهِنَّ، ومِتْنَ مِنِّي
قَوْلُهُ: مُتّ عَلَيْهِنَّ أَسِفَ عَلَى شَبَابِهِ، وَمُتْنَ هُنّ مِنْ بُغْضِي؛ وَقَالَ يَصِفُ عَجُوزًا:
تَضْحَكُ عَنْ مِثْلِ عِراقِ الشَّنِ
أَراد بِعِراقِ الشَّنِّ أَنه أَجْلَحُ أَي عَنْ دَرادِرَ اسْتَوَتْ كأَنها عِراقُ الشَّنِّ، وَهِيَ القِرْبةُ. وعارِضةُ الإِنسان: صَفْحتا خَدَّيْهِ؛ وَقَوْلُهُمْ فُلَانٌ خَفِيفُ العارِضَيْنِ يُرَادُ بِهِ خِفَّةَ شَعْرِ عَارِضِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنْ سَعادةِ المرءِ خِفّة عارِضَيْه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العارِضُ مِنَ اللِّحْيَةِ مَا يَنْبُتُ عَلَى عُرْضِ اللَّحْيِ فَوْقَ الذقَن. وعارِضا الإِنسان: صَفْحَتَا خَدَّيْهِ، وخِفَّتُهما كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الذكرِ لِلَّهِ تَعَالَى وحركتِهما بِهِ؛ كَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ. وَقَالَ: قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فُلَانٌ خَفِيفٌ الشفَةِ إِذا كَانَ قَلِيلَ السُّؤَالِ لِلنَّاسِ، وَقِيلَ: أَراد بِخِفَّةِ الْعَارِضَيْنِ خِفَّةَ اللِّحْيَةِ، قَالَ: وَمَا أَراه مُنَاسِبًا. وعارضةُ الْوَجْهِ: مَا يَبْدُو مِنْهُ. وعُرْضا الأَنف، وَفِي التَّهْذِيبِ: وعُرْضا أَنْفِ الْفَرَسِ مُبْتَدَأُ مُنْحَدَرِ قصَبته فِي حَافَّتَيْهِ جَمِيعًا. وعارِضةُ الْبَابِ: مِساكُ العِضادَتَيْنِ مِنْ فوقُ محاذِيةً للأُسْكُفّةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الأَهتم قَالَ للزبْرِقانِ: إِنه لَشَدِيدُ العارضةِ
أَي شدِيد الناحيةِ ذُو جَلَدٍ وصَرامةٍ، وَرَجُلٌ شديدُ العارضةِ مِنْهُ عَلَى الْمَثَلِ. وإِنه لذُو عارضةٍ وعارضٍ أَي ذُو جلَدٍ وصَرامةٍ وقُدْرةٍ عَلَى الْكَلَامِ مُفَوّهٌ، عَلَى الْمِثْلِ أَيضاً. وعَرَضَ الرجلُ: صَارَ ذَا عَارِضَةٍ. والعارضةُ: قوّةُ الكلامِ وَتَنْقِيحُهُ والرأْيُ الجَيِّدُ. والعارِضُ: سَقائِفُ المَحْمِل. وعوارِضُ البيتِ: خشَبُ سَقْفِه المُعَرَّضةُ، الْوَاحِدَةُ عارِضةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: نَصَبْتُ عَلَى بَابِ حُجْرتي عَباءةً مَقْدَمَه مِنْ غَزاة خَيْبَرَ أَو تَبُوكَ فهَتَكَ العَرْضَ حَتَّى وقَع بالأَرض
؛ حَكَى ابْنُ الأَثير عَنِ الْهَرَوِيِّ قَالَ: الْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ بِالضَّادِ، وهو بالصاد والسين، وهو خَشَبَةٌ تُوضَعُ عَلَى الْبَيْتِ عَرْضاً إِذا أَرادوا تَسْقِيفَهُ ثُمَّ تُلْقى عَلَيْهِ أَطرافُ الخشَب القِصار، وَالْحَدِيثُ جَاءَ فِي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَشَرَحَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي المَعالِم، وَفِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ: وَقَالَ الرَّاوِي العَرْص وَهُوَ غَلَطٌ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ العَرْصُ، بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ لأَنه يُوضَعُ عَلَى الْبَيْتِ عَرْضاً. والعِرَضُّ: النَّشاطُ أَو النَّشِيطُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيِّ:
إِنّ لَها لَسانِياً مِهَضّا، ... عَلَى ثَنايا القَصْدِ، أَوْ عِرَضّا
السَّانِي: الَّذِي يَسْنُو عَلَى الْبَعِيرِ بِالدَّلْوِ؛ يَقُولُ: يَمُرُّ عَلَى مَنْحاتِه بالغَرْبِ عَلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمَةٍ وعِرِضَّى مِنَ النَّشاطِ، قَالَ: أَو يَمُرُّ عَلَى اعْتراضٍ مِنْ نَشاطِه. وعِرِضّى، فِعِلَّى، مِنَ الاعْتراضِ مِثْلُ الجِيَضِّ والجِيِضَّى: مَشْيٌ فِي مَيَلٍ. والعِرَضَّةُ(7/181)
والعِرَضْنةُ: الاعْتِراضُ فِي السَّيْرِ مِنَ النَّشاطِ. وَالْفَرَسُ تَعْدُو العِرَضْنى والعِرَضْنةَ والعِرَضْناةَ أَي مُعْتَرِضةً مَرَّةً مِنْ وَجْهٍ وَمَرَّةً مِنْ آخَرَ. وَنَاقَةٌ عِرَضْنةٌ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ: مُعْتَرِضةٌ فِي السَّيْرِ لِلنَّشَاطِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرِدْ بِنا، فِي سَمَلٍ لَمْ يَنْضُبِ، ... مِنْها عِرَضْناتٌ عِراضُ الأَرْنُبِ
العِرْضْناتُ هَاهُنَا: جَمْعُ عِرَضْنةٍ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا يُقَالُ عِرَضْنةٌ إِنما العِرَضْنةُ الاعْتراضُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَعْدو العِرَضْنةَ، وَهُوَ الَّذِي يَسْبِقُ فِي عَدْوه، وَهُوَ يَمْشِي العِرَضْنى إِذا مَشَى مِشْيةً فِي شَقٍّ فِيهَا بَغْيٌ مِنْ نَشاطه؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
عِرَضْنةُ لَيْلٍ ففي العِرَضْناتِ جُنَّحا
أَي مِنَ العِرَضْناتِ كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ مِنَ الرِّجَالِ. وامرأَة عِرَضْنةٌ: ذَهَبَتْ عَرْضاً مِنْ سِمَنِها. وَرَجُلٌ عِرْضٌ وامرأَة عِرْضةٌ وعِرْضَنٌ وعِرْضَنةٌ إِذا كَانَ يَعْتَرِضُ النَّاسَ بِالْبَاطِلِ. وَنَظَرْتُ إِلى فُلَانٍ عِرَضْنةً أَي بِمُؤَخَّر عَيْني. وَيُقَالُ فِي تَصْغِيرِ العِرَضْنى عُرَيْضِنٌ تَثْبُتُ النونُ لأَنها مُلْحَقَةٌ وَتُحْذَفُ الْيَاءُ لأَنها غَيْرُ مُلْحَقَةٍ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُعارِضُ مِنَ الإِبلِ العَلُوقُ وَهِيَ الَّتِي ترأَم بأَنْفِها وتَمْنَعُ دَرَّها. وَبَعِيرٌ مُعارِضٌ إِذا لَمْ يَسْتَقم فِي القِطار. والإِعْراضُ عَنِ الشَّيْءِ: الصدُّ عَنْهُ. وأَعْرَضَ عَنْهُ: صَدّ. وعَرَضَ لَكَ الخيرُ يَعْرِضُ عُروضاً وأَعْرَضَ: أَشْرَفَ. وتَعَرَّضَ مَعْرُوفَه وَلَهُ: طَلَبَه؛ وَاسْتَعْمَلَ ابْنُ جِنِّي التَّعْرِيضَ فِي قَوْلِهِ: كَانَ حَذْفُه أَو التَّعْرِيضُ لحَذْفِه فَسَادًا فِي الصنْعة. وعارَضَه فِي السَّيْرِ: سَارَ حِياله وَحَاذَاهُ. وعارَضَه بِمَا صَنَعَه: كافأَه. وَعَارَضَ البعيرُ الريحَ إِذا لَمْ يَسْتَقْبِلْهَا وَلَمْ يَسْتَدْبِرْهَا. وأَعْرَض الناقةَ عَلَى الْحَوْضِ وعَرَضَها عَرْضاً: سامَها أَن تَشْرَبَ، وعَرَضَ عَلَيّ سَوْمَ عالّةٍ: بِمَعْنَى قَوْلِ الْعَامَّةِ عَرْضَ سابِرِيّ. وَفِي الْمَثَلِ: عَرْضَ سابِرِيّ، لأَنه يُشترى بأَوّل عَرْض وَلَا يُبالَغُ فِيهِ. وعَرَضَ الشيءُ يَعْرِضُ: بَدَا. وعُرَضَّى: فُعَلَّى مِنَ الإِعْراضِ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. ولقِيه عارِضاً أَي باكِراً، وَقِيلَ: هُوَ بِالْغَيْنِ مُعْجَمَةً. وعارضاتُ الوِرْد أَوّله؛ قَالَ:
كِرامٌ يَنالُ الماءَ قَبْلَ شفاهِهِمْ، ... لَهُمْ عارِضات الوِرْدِ شُمُّ المَناخِرِ
لَهُمْ مِنْهُمْ؛ يَقُولُ: تقَع أُنوفُهم فِي الْمَاءِ قَبْلَ شِفاههم فِي أَوّل وُرُودِ الوِرْدِ لأَن أَوّله لَهُمْ دُونَ النَّاسِ. وعَرَّضَ لِي بِالشَّيْءِ: لَمْ يُبَيِّنْه. وتَعَرَّضَ: تعَوَّجَ. يُقَالُ: تعرَّض الجملُ فِي الجبَل أَخَذ مِنْهُ فِي عَرُوضٍ فَاحْتَاجَ أَن يأْخذ يَمِينًا وَشِمَالًا لِصُعُوبَةِ الطَّرِيقِ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذُو البِجادين المزنيُّ وَكَانَ دليلَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُخَاطِبُ نَاقَتَهُ وَهُوَ يقودُها بِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى ثَنِيّةِ رَكوبةَ، وَسُمِّيَ ذَا البِجادَيْنِ لأَنه حِينَ أَراد الْمَسِيرَ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَطَعَتْ لَهُ أُمّه بِجاداً بِاثْنَيْنِ فَأْتَزَرَ بِوَاحِدٍ وارْتَدى بآخَر:
تَعَرَّضِي مَدارِجاً وسُومي، ... تَعَرُّضَ الجَوْزاءِ للنُّجُومِ،
هُوَ أَبُو القاسِمِ فاسْتَقِيمي(7/182)
وَيُرْوَى: هَذَا أَبو الْقَاسِمِ. تَعَرَّضِي: خُذِي يَمْنةً ويَسْرةً وتَنَكَّبي الثَّنَايَا الغِلاظ تَعَرُّضَ الجَوْزاءِ لأَن الْجَوْزَاءَ تَمُرُّ عَلَى جَنْبٍ مُعارضةً لَيْسَتْ بِمُسْتَقِيمَةٍ فِي السَّمَاءِ؛ قَالَ لَبِيدٍ:
أَو رَجْعُ واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤُورُها ... كِفَفاً، تَعَرَّضَ فَوْقَهُنّ وِشامُها
قَالَ ابْنُ الأَثير: شَبَّهَهَا بِالْجَوْزَاءِ لأَنها تَمُرُّ مُعْتَرِضَةً فِي السَّمَاءِ لأَنها غَيْرُ مُسْتَقِيمَةِ الْكَوَاكِبِ فِي الصُّورَةِ؛ وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
مَدْخُوسةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ
أَي أَنها تَعْتَرِضُ فِي مَرْتَعِها. والمَدارِجُ: الثَّنَايَا الغِلاظُ. وعَرَّضَ لِفُلَانٍ وَبِهِ إِذا قَالَ فِيهِ قَوْلًا وَهُوَ يَعِيبُه. الأَصمعي: يُقَالُ عَرَّضَ لِي فُلَانٌ تَعْرِيضاً إِذا رَحْرَحَ بِالشَّيْءِ وَلَمْ يبيِّن. والمَعارِيضُ مِنَ الْكَلَامِ: مَا عُرِّضَ بِهِ وَلَمْ يُصَرَّحْ. وأَعْراضُ الكلامِ ومَعارِضُه ومَعارِيضُه: كَلَامٌ يُشْبِهُ بعضهُ بَعْضًا فِي الْمَعَانِي كَالرَّجُلِ تَسْأَله: هَلْ رأَيت فُلَانًا؟ فَيَكْرَهُ أَن يَكْذِبَ وَقَدْ رَآهُ فَيَقُولُ: إِنَّ فُلَانًا لَيُرَى؛ وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ: مَا أُحِبُّ بمَعارِيضِ الكلامِ حُمْرَ النَّعَم؛ وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ حِينَ اتَّهَمَتْهُ امرأَته فِي جَارِيَةٍ لَهُ، وَقَدْ كَانَ حَلِفَ أَن لَا يقرأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنب، فأَلَحَّتْ عَلَيْهِ بأَن يقرأَ سُورَةً فأَنشأَ يَقُولُ:
شَهِدْتُ بأَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ، ... وأَنَّ النارَ مَثْوَى الكافِرِينا
وأَنَّ العَرْشَ فوْقَ الماءِ طافٍ، ... وفوقَ العَرْشِ رَبُّ العالَمِينا
وتَحْمِلُه ملائكةٌ شِدادٌ، ... ملائكةُ الإِلهِ مُسَوَّمِينا
قَالَ: فَرَضِيَتِ امرأَته لأَنها حَسِبَتْ هَذَا قُرْآنًا فَجَعَلَ ابْنُ رَوَاحَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هَذَا عَرَضاً ومِعْرَضاً فِرَارًا مِنَ الْقِرَاءَةِ. والتعْرِيضُ: خِلَافُ التَّصْرِيحِ. والمَعارِيضُ: التَّوْرِيةُ بِالشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ. وَفِي الْمَثَلِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُخَرَّجٌ عَنْ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، مَرْفُوعٌ: إِنَّ فِي المَعاريضِ لَمَنْدُوحةً عَنِ الْكَذِبِ
أَي سَعةً؛ المَعارِيضُ جَمْعُ مِعْراضٍ مِنَ التعريضِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَا فِي المَعارِيض مَا يُغْني الْمُسْلِمَ عَنِ الْكَذِبِ
؟ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أُحب بمَعارِيضِ الْكَلَامِ حُمْر النعَم.
وَيُقَالُ: عَرّض الكاتبُ إِذا كَتَبَ مُثَبِّجاً وَلَمْ يُبَيِّنِ الْحُرُوفَ وَلَمْ يُقَوِّمِ الخَطّ؛ وأَنشد الأَصمعي لِلشَّمَّاخِ:
كَمَا خَطَّ عِبْرانِيّةً بيَمينه، ... بتَيماءَ، حَبْرٌ ثُمَّ عَرَّضَ أَسْطُرا
والتَّعْرِيضُ فِي خِطْبةِ المرأَة فِي عِدَّتِهَا: أَن يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يُشْبِهُ خِطْبتها وَلَا يُصَرِّحَ بِهِ، وَهُوَ أَن يَقُولَ لَهَا: إِنك لَجَمِيلَةٌ أَو إِن فِيكِ لبقِيّة أَو إِن النِّسَاءَ لَمِنْ حَاجَتِي. وَالتَّعْرِيضُ قَدْ يَكُونُ بِضَرْبِ الأَمثال وَذِكْرِ الأَلغاز فِي جُمْلَةِ الْمَقَالِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لعَديّ بْنِ حَاتِمٍ إِن وِسادَكَ لعَرِيضٌ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
إِنك لعَريضُ القَفا
، كَنى بالوِساد عَنِ النَّوْمِ لأَن النَّائِمَ يتَوَسَّدُ أَي إِن نَوْمَكَ لَطَوِيلٌ كَثِيرٌ، وَقِيلَ: كَنَى بِالْوِسَادِ عَنْ مَوْضِعِ الْوِسَادِ مِنْ رأْسه وَعُنُقِهِ، وَتَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فإِنّ عِرَضَ الْقَفَا كِنَايَةٌ عَنِ السِّمَن، وَقِيلَ: أَراد مَنْ أَكل مَعَ الصُّبْحِ فِي صَوْمِهِ أَصبح عَريضَ الْقَفَا لأَن الصَّوْمَ لَا يؤثِّر فِيهِ.(7/183)
والمُعَرَّضةُ مِنَ النِّسَاءِ: الْبِكْرُ قَبْلَ أَن تُحْجَبَ وَذَلِكَ أَنها تُعْرَضُ عَلَى أَهل الْحَيِّ عَرْضةً لِيُرَغِّبُوا فِيهَا مَنْ رَغِبَ ثُمَّ يَحْجبونها؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
لَيالِيَنا إِذْ لَا تزالُ تَرُوعُنا، ... مُعَرَّضةٌ مِنْهُنَّ بِكْرٌ وثَيِّبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ عَرَّضَ عَرَّضْنا لَهُ، وَمَنْ مَشى عَلَى الكَلّاءِ أَلْقَيْناه فِي النَّهَرِ
؛ تفسيرُه: مَنْ عَرَّضَ بالقَذْف عَرَّضْنا لَهُ بتأْديب لَا يَبْلُغُ الحَدّ، وَمَنْ صَرَّحَ بِالْقَذْفِ برُكُوبه نَهَرَ الحَدّ أَلقيناه فِي نَهَرِ الْحَدِّ فحَدَدْناه؛ والكلَّاء مَرْفأُ السفُن فِي الْمَاءِ، وَضَرَبَ الْمَشْيَ عَلَى الكلَّاء مَثَلًا لِلتَّعْرِيضِ لِلْحَدِّ بِصَرِيحِ الْقَذْفِ. والعَرُوضُ: عَرُوضُ الشِّعْرِ وَهِيَ فَواصِلُ أَنصاف الشعْر وَهُوَ آخِرُ النِّصْفِ الأَول مِنَ الْبَيْتِ، أُنْثَى، وَكَذَلِكَ عَرُوض الْجَبَلِ، وَرُبَّمَا ذُكِّرتْ، وَالْجَمْعُ أَعارِيضُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَسُمِّيَ عَرُوضاً لأَن الشِّعْرَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ، فَالنِّصْفُ الأَول عَروضٌ لأَن الثَّانِيَ يُبْنى عَلَى الأَول وَالنِّصْفُ الأَخير الشَّطْرُ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ العَروضَ طَرائق الشعْر وعَمُودَه مِثْلَ الطَّوِيلِ يَقُولُ هُوَ عَرُوضٌ وَاحِدٌ، واخْتِلافُ قَوافِيه يُسَمَّى ضُرُوباً، قَالَ: ولكُلٍّ مقَالٌ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وإِنما سُمِّيَ وَسَطُ الْبَيْتِ عَرُوضاً لأَن الْعَرُوضَ وَسَطُ الْبَيْتِ مِنَ البِناء، والبيتُ مِنَ الشعْر مَبنيّ فِي اللَّفْظِ عَلَى بِنَاءِ الْبَيْتِ الْمَسْكُونِ لِلْعَرَبِ، فَقِوامُ الْبَيْتِ مِنَ الْكَلَامِ عَرُوضُه كَمَا أَنّ قِوامَ الْبَيْتِ مِنَ الخِرَقِ العارضةُ الَّتِي فِي وَسَطِهِ، فَهِيَ أَقْوَى مَا فِي بَيْتِ الْخَرْقِ، فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَن تَكُونَ الْعُرُوضُ أَقوى مِنَ الضرْب، أَلا تَرَى أَن الضُّروبَ النقصُ فِيهَا أَكثر مِنْهُ فِي الأَعارِيض؟ والعَرُوضُ: مِيزانُ الشعْر لأَنه يُعارَضُ بِهَا، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَلَا تُجْمَعُ لأَنها اسْمُ جِنْسٍ. وَفِي حَدِيثِ
خَدِيجَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَخاف أَن يَكُونَ عُرِضَ لَهُ
أَي عَرَضَ لَهُ الْجِنُّ وأَصابَه مِنْهُمْ مَسٌّ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّبِيرِ وزَوجتِه: فاعتُرِضَ عَنْهَا
أَي أَصابَه عَارِضٌ مِنْ مرَضٍ أَو غَيْرِهِ منَعَه عَنْ إِتيانها. وَمَضَى عَرْضٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي ساعةٌ. وعارِضٌ وعرِيضٌ ومُعْتَرِضٌ ومُعَرِّضٌ ومُعْرِضٌ: أَسماء؛ قَالَ:
لَوْلا ابْن حارِثةَ الأَميرُ لَقَدْ ... أَغْضَيْتُ مِنْ شَتْمي عَلَى رَغْمي
«1» إِلَّا كَمُعْرِضٍ المُحَسِّر بَكْرَه ... عَمْداً يُسَبِّبُني عَلَى الظُّلْمِ
الْكَافُ فِيهِ زَائِدَةٌ وَتَقْدِيرُهُ إِلا مُعْرِضاً. وعُوارضٌ، بِضَمِّ الْعَيْنِ: جبَل أَو مَوْضِعٌ؛ قَالَ عامرُ بْنُ الطُّفَيْل:
فَلأَبْغِيَنَّكُمُ قَناً وعُوارضاً، ... ولأُقْبِلَنَّ الخيْلَ لابةَ ضَرْغَدِ
أَي بِقَناً وبعُوارِضٍ، وَهُمَا جَبَلَانِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ بِبِلَادٍ طَيِّءٍ وَعَلَيْهِ قَبْرُ حَاتِمٍ؛ وَقَالَ فِيهِ الشَّمَّاخُ:
كأَنَّها، وَقَدْ بَدا عُوارِضُ، ... وفاضَ مِنْ أَيْدِيهِنّ فائضُ
وأَدَبِيٌّ فِي القَتامِ غامِضُ، ... وقِطْقِطٌ حيثُ يَحُوضُ الحائضُ
والليلُ بَيْنَ قَنَوَيْنِ رابِضُ، ... بجَلْهةِ الوادِي، قَطاً نَواهِضُ
__________
(1) . قوله
[لَوْلَا ابْنُ حَارِثَةَ الأَمير لقد]
كذا بالأَصل.(7/184)
والعَرُوضُ: جَبَلٌ؛ قَالَ ساعِدةُ بْنُ جُؤَيّة:
أَلمْ نَشْرِهمْ شَفْعاً، وتُتْرَكَ منْهُمُ ... بجَنْبِ العَرُوضِ رِمّةٌ ومَزاحِفُ؟
والعُرَيْضُ، بِضَمِّ الْعَيْنِ، مُصَغَّرٌ: وادٍ بِالْمَدِينَةِ بِهِ أَموالٌ لأَهلها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي سُفْيَانَ: أَنه خرَج مِنْ مَكَّةَ حَتَّى بَلَغَ العُرَيْضَ
، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
ساقَ خَلِيجاً مِنَ العُرَيْضِ.
والعَرْضِيُّ: جِنْسٌ مِنَ الثِّيَابِ. قَالَ النَّضْرُ: وَيُقَالُ مَا جاءكَ مِنَ الرأْي عَرَضاً خَيْرٌ مِمَّا جَاءَكَ مُسْتَكْرَهاً أَي مَا جَاءَكَ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَلَا فِكْر. وَقَوْلُهُمْ: عُلِّقْتُها عَرَضاً إِذا هَوِيَ امرأَةً أَي اعْتَرَضَتْ فَرَآهَا بَغْتة مِنْ غَيْرِ أَن قَصَد لِرُؤْيَتِهَا فَعَلِقَها مِنْ غَيْرِ قصدٍ؛ قَالَ الأَعشى:
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رَجُلًا ... غَيْري، وعُلِّقَ أُخْرى غيْرَها الرجُلُ
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ عُلِّقْتُها عرَضاً أَي كَانَتْ عرَضاً مِنَ الأَعْراضِ اعْتَرَضَني مِنْ غَيْرِ أَن أَطْلُبَه؛ وأَنشد:
وإِمّا حُبُّها عَرَضٌ، وإِمّا ... بشاشةُ كلِّ عِلْقٍ مُسْتَفاد
يَقُولُ: إِما أَن يَكُونَ الَّذِي مِنْ حُبِّهَا عرَضاً لَمْ أَطلبه أَو يَكُونَ عِلْقاً. وَيُقَالُ: أَعرَض فُلَانٌ أَي ذهَب عرْضاً وَطُولًا. وَفِي المثلِ: أَعْرَضْتَ القِرْفةَ، وَذَلِكَ إِذا قِيلَ لِلرَّجُلِ: مَنْ تَتَّهِمُ؟ فَيَقُولُ: بَنِي فُلَانٍ لِلْقَبِيلَةِ بأَسْرِها. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَبرزناها حَتَّى نَظَرَ إِليها الْكُفَّارُ، وَلَوْ جَعَلْتَ الفِعْلَ لَهَا زدْتَ أَلفاً فَقُلْتَ: أَعْرَضَتْ هِيَ أَي ظَهَرَتْ وَاسْتَبَانَتْ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
فأَعْرَضَتِ اليمامةُ، واشْمَخَرَّتْ ... كأَسيافٍ بأَيدي مُصْلِتينا
أَي أَبْدَتْ عُرْضَها ولاحَتْ جِبالُها لِلنَّاظِرِ إِليها عارِضةً. وأَعْرَضَ لَكَ الْخَيْرُ إِذا أَمْكَنكَ. يُقَالُ: أَعْرَضَ لَكَ الظبْيُ أَي أَمْكَنكَ مِنْ عُرْضِه إِذا وَلَّاك عُرْضَه أَي فارْمه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَفاطِمَ، أَعْرِضِي قَبْلَ الْمَنَايَا، ... كَفى بالموْتِ هَجْراً واجْتِنابا
أَي أَمكِني. وَيُقَالُ: طَأْ مُعْرِضاً حَيْثُ شِئْتَ أَي ضَعْ رِجْلَيْكَ حَيْثُ شِئْتَ أَي وَلَا تَتَّق شَيْئًا قَدْ أَمكن ذَلِكَ. واعْتَرَضْتُ الْبَعِيرَ: رَكِبْتُه وَهُوَ صَعْبٌ. واعْتَرضْتُ الشَّهْرَ إِذا ابتدأْته مِنْ غَيْرِ أَوله. وَيُقَالُ: تَعَرَّضَ لِي فُلَانٌ وعرَض لِي يَعْرِضُ يَشْتِمُني ويُؤْذِيني. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ تعرَّض لِي فُلَانٌ بِمَا أَكره واعتَرَضَ فُلَانٌ فُلَانًا أَي وَقَعَ فِيهِ. وعارَضَه أَي جانَبَه وعَدَلَ عَنْهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ عارَضَ الشِّعْرى سُهَيْلٌ، كأَنَّه ... قَريعُ هِجانٍ عارَضَ الشَّوْلَ جافِرُ
وَيُقَالُ: ضرَب الفحلُ الناقةَ عِراضاً، وَهُوَ أَن يُقَادَ إِليها ويُعْرَضَ عَلَيْهَا إِن اشْتَهَتْ ضرَبَها وإِلا فَلَا وَذَلِكَ لكَرَمها؛ قَالَ الرَّاعِي:
قلائِصُ لَا يُلْقَحْنَ إِلَّا يَعارةً ... عِراضاً، وَلَا يُشْرَيْنَ إِلَّا غَوالِيا
وَمِثْلُهُ لِلطِّرِمَّاحِ:
....... ونِيلَتْ ... حِينَ نِيلتْ يَعارةً فِي عِراضِ(7/185)
أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ لَقِحَتْ ناقةُ فُلَانٍ عِراضاً، وَذَلِكَ أَن يُعارِضَها الفحلُ مُعَارَضَةً فيَضْرِبَها مِنْ غَيْرِ أَن تَكُونَ فِي الإِبل الَّتِي كَانَ الفحلُ رَسِيلًا فِيهَا. وَبَعِيرٌ ذُو عِراضٍ: يُعارِضُ الشَّجَرَ ذَا الشوْكِ بفِيه. والعارِضُ: جانِبُ العِراق؛ والعريضُ الَّذِي فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ اسْمُ جَبَلٍ وَيُقَالُ اسْمُ وَادٍ:
قَعَدْتُ لَهُ، وصُحْبتي بَيْنَ ضارِجٍ ... وبَيْنَ تِلاعِ يَثْلَثٍ، فالعَرِيضِ
أَصابَ قُطَيَّاتٍ فَسالَ اللِّوى لَهُ، ... فَوادي البَدِيّ فانْتَحى لليَرِيضِ «2»
وعارَضْتُه فِي المَسِير أَي سِرْتُ حِيَالَهُ وحاذَيْتُه. وَيُقَالُ: عَارَضَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذا أَخذ فِي طَرِيقٍ وَأَخَذَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ فَالْتَقَيَا. وعارَضْتُه بِمِثْلِ مَا صَنَعَ أَي أَتيت إِليه بِمِثْلِ مَا أَتى وَفَعَلْتُ مِثْلَ مَا فَعَلَ. وَيُقَالُ: لَحْمٌ مُعَرَّضٌ لِلَّذِي لَمْ يُبالَغْ فِي إِنْضاجِه؛ قَالَ السُّلَيْك بْنُ السُّلَكةِ السَّعْدِيُّ:
سَيَكْفِيكَ ضَرْبَ القَوْمِ لَحْمٌ مُعَرَّضٌ، ... وماءُ قُدُورٍ فِي الجِفانِ مَشِيبُ
وَيُرْوَى بِالضَّادِ وَالصَّادِ. وسأَلته عُراضةَ مالٍ وعَرْضَ مَالٍ وعَرَضَ مالٍ فَلَمْ يُعْطِنِيهِ. وقَوْسٌ عُراضةٌ أَي عَرِيضةٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
لَمّا رَأَى أَنْ لَيْسَ عنهمْ مَقْصَرٌ، ... قَصَرَ اليَمِينَ بكلِّ أَبْيَضَ مِطْحَرِ
وعُراضةِ السِّيَتَينِ تُوبِعَ بَرْيُها، ... تأْوي طَوائِفُها بعَجْسٍ عَبْهَرِ
تُوبِعَ بَرْيُها: جُعِلَ بَعْضُهُ يُشْبِهُ بَعْضًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَورده الْجَوْهَرِيُّ مُفْرَدًا. وعُراضةُ وَصَوَابُهُ وعُراضةِ، بِالْخَفْضِ وَعَلَّلَهُ بِالْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ؛ وأَما قَوْلُ ابْنِ أَحمر:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... صَحيحَ السُّرى، والعِيسُ تَجْري عَرُوضُها
بِتَيْهاءَ قَفْرٍ، والمَطِيُّ كأَنَّها ... قَطا الحَزْنِ، قَدْ كانَتْ فِراخاً بُيُوضُها
ورَوْحةُ دُنْيا بَينَ حَيَّينِ رُحْتُها، ... أُسِيرُ عَسِيراً أَو عَرُوضاً أَرُوضُها
أُسِيرُ أَي أُسَيِّرُ. ويقال: مَعْنَاهُ أَنه يُنْشِدُ قَصِيدَتَيْنِ: إِحداهما قَدْ ذَلَّلها، والأُخرى فِيهَا اعتراضٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فَسَّرَهُ هَذَا التَّفْسِيرَ رَوَى الشِّعْرَ:
أُخِبُّ ذَلُولًا أَو عَرُوضاً أَرُوضُها
قَالَ: وَهَكَذَا رِوَايَتُهُ فِي شِعْرِهِ. وَيُقَالُ: اسْتُعْرِضَتِ الناقةُ باللحمِ فَهِيَ مُسْتَعْرَضَةٌ. وَيُقَالُ: قُذِفَتْ بِاللَّحْمِ ولُدِسَت إِذا سَمِنَتْ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
قَبّاء قَدْ لَحِقَتْ خَسِيسةُ سِنِّها، ... واسْتُعْرِضَتْ ببَضِيعِها المُتَبَتِّرِ
قَالَ: خسيسةُ سِنِّها حِينَ بَزَلَتْ وَهِيَ أَقْصَى أَسنانها. وَفُلَانٌ مُعْتَرِضٌ فِي خُلُقِه إِذا ساءَكَ كلُّ شيءٍ مِنْ أَمره. وَنَاقَةٌ عُرْضةٌ للحِجارةِ أَي قويّةٌ عَلَيْهَا. وَنَاقَةٌ عُرْضُ أَسفارٍ أَي قَوِيَّةٌ عَلَى السفَر، وعُرْضُ هَذَا البعيرِ السفَرُ والحجارةُ؛ وَقَالَ المُثَقِّبُ العَبْديُّ:
أَو مائَةٌ تُجْعَلُ أَوْلادُها ... لَغْواً، وعُرْضُ المائةِ الجَلْمَدُ «3»
__________
(2) . قوله [أصاب إلخ] كذا بالأَصل، والذي في معجم ياقوت في عدة مواضع:
أصاب قطاتين فسال لواهما
(3) . قوله [أو مائة إلخ] تَقَدَّمَ هَذَا الْبَيْتُ فِي مادة جلمد بغير هذا الضبط والصواب ما هُنَا.(7/186)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده أَو مائةٍ، بِالْكَسْرِ، لأَن قَبْلَهُ:
إِلا بِبَدْرَى ذَهَبٍ خالِصٍ، ... كلَّ صَباحٍ آخِرَ المُسْنَدِ
قَالَ: وعُرْضُ مُبْتَدَأٍ وَالْجِلْمِدُ خَبَرُهُ أَي هِيَ قَوِيَّةٌ عَلَى قَطْعِهِ، وَفِي الْبَيْتِ إِقْواء. وَيُقَالُ: فُلَانٌ عُرْضةُ ذَاكَ أَو عُرْضةٌ لِذَلِكَ أَي مُقْرِنٌ لَهُ قَوِيٌّ عَلَيْهِ. والعُرْضةُ: الهِمَّةُ؛ قَالَ حَسَّانُ:
وَقَالَ اللهُ: قَدْ أَعْدَدْتُ جُنْداً، ... هُمُ الأَنْصارُ عُرْضَتُها اللِّقاءُ
وَقَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
عُرْضَتُها طامِسُ الأَعْلامِ مَجْهُولُ
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ بَعِيرٌ عُرْضةٌ لِلسَّفَرِ أَي قويٌّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الأَصل فِي العُرْضةِ أَنه اسْمٌ لِلْمَفْعُولِ المُعْتَرَضِ مِثْلُ الضُّحْكة والهُزْأَةِ الَّذِي يُضْحَكُ مِنْهُ كَثِيرًا ويُهْزَأُ بِهِ، فَتَقُولُ: هَذَا الغَرضُ عُرْضَةٌ للسِّهام أَي كَثِيرًا مَا تَعْتَرِضُه، وفلانٌ عُرْضةٌ لِلْكَلَامِ أَي كَثِيرًا مَا يَعْتَرِضُه كلامُ النَّاسِ، فَتَصِيرُ العُرْضةُ بِمَعْنَى النَّصْب كَقَوْلِكَ هَذَا الرَّجُلُ نَصْبٌ لِكَلَامِ النَّاسِ، وَهَذَا الغَرضُ نَصْبٌ للرُّماة كَثِيرًا مَا تَعْتَرِضُه، وَكَذَلِكَ فُلَانٌ عُرْضةٌ للشرِّ أَي نَصْبٌ لِلشَّرِّ قويٌّ عَلَيْهِ يَعْتَرِضُهُ كَثِيرًا. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ لَهُ دُونَهُ عُرْضةٌ إِذا كَانَ يَتَعَرَّضُ لَهُ، وَلِفُلَانٍ عُرْضَةٌ يَصْرَعُ بِهَا النَّاسَ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الحِيلةِ فِي المُصارَعَة.
عربض: العِرَبْضُ كالهِزَبْر: الضخْمُ، فأَما أَبو عُبَيْدَةَ فَقَالَ: العَريضُ كأَنه مِنَ الضِّخَمِ. والعِرَبْضُ والعِرْباضُ: البعيرُ القَوِيُّ العَرِيضُ الكَلْكَلِ الغليظُ الشديدُ الضخْمُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلْقَى عَلَيْهَا كَلْكَلًا عِرَبْضا
وَقَالَ:
إِنَّ لَنا هَوَّاسَةً عِرَبْضا
وأَسَدٌ عِرْباضٌ: رَحْبُ الكَلْكَلِ.
عرمض: العَرْمَضُ والعِرْماضُ: الطُّحْلُبُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَهُوَ الأَخضر مِثْلُ الخِطْمِيّ يَكُونُ عَلَى الْمَاءِ، قَالَ: وَقِيلَ العَرْمَضُ الخُضْرَةُ عَلَى الْمَاءِ، والطُّحْلُبُ الَّذِي يَكُونُ كأَنه نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ. الأَزهري: الْعَرْمَضُ رَخْوٌ أَخضر كَالصُّوفِ فِي الْمَاءِ الْمُزْمِنِ وأَظنه نَبَاتًا. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الْمَاءُ المُعَرْمِضُ والمُطَحْلِبُ وَاحِدٌ، وَيُقَالُ لَهُمَا: ثَوْرُ الْمَاءِ، وَهُوَ الأَخضر الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَسفل الْمَاءِ حَتَّى يَكُونَ فَوْقَ الْمَاءِ. قَالَ الأَزهري: العَرْمَضُ الغَلْفَقُ الأَخضرُ الَّذِي يَتَغَشَّى الْمَاءَ، فإِذا كَانَ فِي جَوَانِبِهِ فَهُوَ الطُّحْلُب. يُقَالُ: ماءٌ مُعَرْمِضٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تَيَمَّمَتِ العَينَ الَّتِي عندَ ضارِجٍ، ... يَفيءُ عَلَيْهَا الظِّلُّ عَرْمَضُها طَامِي
وعَرْمَضَ الماءُ عَرْمَضَةً وعِرْماضاً: عَلَاهُ الْعَرْمَضُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعَرْمَضُ والعِرْمِض؛ الأَخيرة عَنِ الْهَجَرِيِّ: مِنْ شَجَرِ العِضاهِ لَهَا شَوْكٌ أَمثال مَناقِير الطَّيْرِ وَهُوَ أَصلبها عِيداناً، والعَرْمَضُ أَيضاً: صِغَارُ السِّدْرِ والأَراك؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
بالرّاقِصاتِ عَلَى الكَلالِ عَشِيَّةً، ... تَغْشَى مَنابِتَ عَرْمَضِ الظَّهْرانِ
الأَزهري: يُقَالُ لِصِغَارِ الأَراك عَرْمَضٌ. والعَرْمَضُ: السِّدْر صِغاره، وصغار العِضاه عَرمض.(7/187)
عضض: العَضُّ: الشدُّ بالأَسنان عَلَى الشَّيْءِ، وَكَذَلِكَ عَضّ الحيَّة، وَلَا يُقَالُ للعَقْرَب لأَن لَدْغَها إِنما هُوَ بِزُباناها وشَوْلَتِها، وَقَدْ عَضِضْتُه أَعَضُّه وعَضِضْتُ عَلَيْهِ عَضّاً وعِضاضاً وعَضِيضاً وعَضَّضْتُه، تَمِيمِيَّةٌ وَلَمْ يُسْمَعْ لَهَا بآتٍ عَلَى لُغَتِهِمْ، والأَمر مِنْهُ عَضَّ واعْضَضْ. وَفِي حَدِيثِ العِرْباض:
وعَضُّوا عَلَيْهَا بالنواجِذِ
؛ هَذَا مَثَلٌ فِي شِدَّةِ الِاسْتِمْسَاكِ بأَمر الدِّينِ لأَن العَضَّ بِالنَّوَاجِذِ عَضٌّ بِجَمِيعِ الْفَمِ والأَسنان، وَهِيَ أَواخِرُ الأَسنان، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي بَعْدَ الأَنياب. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ: عَضِضْتُ بِاللُّقْمَةِ فأَنا أَعَضُّ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: عَضَضْتُ، بِالْفَتْحِ، لُغَةٌ فِي الرِّبابِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا تَصْحِيفٌ عَلَى ابْنِ السِّكِّيتِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِ الإِصلاح: غَصِصْتُ بِاللُّقْمَةِ فأَنا أَغَصُّ بِهَا غَصَصاً. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وغَصَصْتُ لُغَةٌ فِي الرِّبابِ، بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ لَا بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ. وَيُقَالُ: عَضَّه وعَضَّ بِهِ وعَضَّ عَلَيْهِ وَهُمَا يَتعاضّانِ إِذا عَضَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَكَذَلِكَ المُعاضَّةُ والعِضاضُ. وأَعْضَضْتُه سَيْفِي: ضَرَبْتُهُ بِهِ. وَمَا لَنَا فِي هَذَا الأَمر مَعَضٌّ أَي مُسْتَمْسَكٌ. والعَضُّ بِاللِّسَانِ: أَنْ يَتَناوَلَه بِمَا لَا يَنْبَغِي، والفعلُ كالفعلِ، وَكَذَلِكَ الْمَصْدَرٌ. ودابةٌ ذاتُ عَضِيضٍ وعِضاضٍ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: العِضاضُ اسْمٌ كالسِّبابِ لَيْسَ عَلَى فَعَلَه فَعْلًا. وفرَسٌ عَضُوضٌ أَي يَعَضُّ، وَكَلْبٌ عَضوض وَنَاقَةٌ عَضوض، بِغَيْرِ هَاءٍ. وَيُقَالُ: بَرِئْتُ إِليك مِنِ العِضاضِ والعَضِيضِ إِذا بَاعَ دابَّة وبَرِئَ إِلى مُشْتَرِيهَا مِنْ عَضِّها الناسَ، والعُيُوبُ تجيءُ عَلَى فِعال، بِكَسْرِ الْفَاءِ. وأَعْضَضْتُه الشيءَ فَعَضَّه، وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَعَزَّى بِعَزاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فأَعِضُّوه بِهَنِ أَبيه وَلَا تَكْنُوا
أَي قُولوا لَهُ: اعْضَضْ بأَيْرِ أَبيك ولا تكنوا عن الأَير بَالْهَنِ تَنْكِيلًا وتأْديباً لِمَنْ دعَا دَعْوى الْجَاهِلِيَّةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَيضاً:
مَنِ اتَّصَلَ فأَعِضُّوه
أَي مَنِ انتسَب نِسْبَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ يَا لَفُلَانٍ. وَفِي حَدِيثِ
أُبَيّ: أَنه أَعَضَّ إِنساناً اتّصَل.
وَقَالَ أَبو جَهْلٍ لِعُتْبَةَ يَوْمَ بَدْرٍ: وَاللَّهِ لَوْ غَيْرُك يَقُولُ هَذَا لأَعْضَضْتُه؛ وَقَالَ الأَعْشى:
عَضَّ بِمَا أَبْقَى المَواسِي لَهُ ... مِنْ أُمِّه، فِي الزَّمَنِ الغابِرِ
وَمَا ذاقَ عَضاضاً أَي مَا يُعَضُّ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: مَا عِنْدَنَا أَكالٌ وَلَا عَضاضٌ؛ وَقَالَ:
كأَنَّ تَحْتي بازِياً رَكَّاضا ... أَخْدَرَ خَمْساً، لَمْ يَذُقْ عَضاضا
أَخْدَرَ: أَقامَ خَمْساً فِي خِدْره، يُرِيدُ أَن هَذَا الْبَازِيَ أَقام فِي وَكْره خَمْسَ لَيَالٍ مَعَ أَيامهن لَمْ يَذُقْ طَعَامًا ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ يَطْلُبُ الصَّيْدَ وَهُوَ قَرِمٌ إِلى اللَّحْمِ شَدِيدُ الطَّيَرَانِ، فَشَبَّهَ نَاقَتَهُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: مَا أَتانا مِنْ عَضاضٍ وعَضُوضٍ ومَعْضُوضٍ أَي مَا أَتانا شيءٌ نَعَضُّه. قَالَ: وإِذا كَانَ الْقَوْمُ لَا بَنِينَ لَهُمْ فَلَا عَلَيْهِمْ أَن يَرَوْا عَضاضاً. وعَضَّ الرجلُ بصاحِبه يَعَضُّه عَضّاً: لَزِمَه ولَزِقَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
يَعْلَى: يَنْطَلِقُ أَحدكم إِلى أَخيه فَيَعَضُّه كَعَضِيضِ الفَحْلِ
؛ أَصل العَضِيضِ اللُّزُومُ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي النِّهَايَةِ: الْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا العَضُّ نَفْسُهُ لأَنه بَعْضُهُ لَهُ يَلْزَمُهُ. وعَضَّ الثِّقافُ بأَنابِيبِ الرُّمْحِ عَضّاً وعَضَّ عَلَيْهَا: لَزِمَها، وَهُوَ مَثَلٌ بِمَا تقدَّمَ لأَن حَقِيقَةَ هَذَا الْبَابِ اللُّزُومُ وَاللُّزُوقُ. وأَعَضَّ الرُّمْحَ الثِّقافَ: أَلزمه إِيّاه. وأَعَضَّ الحَجَّامُ المِحْجَمةَ قَفَاهُ: أَلزمها إِيّاه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفُلَانٌ(7/188)
عِضُّ فُلَانٍ وعَضِيضُه أَي قِرْنُه. وَرَجُلٌ عِضٌّ: مُصْلِحٌ لِمَعِيشته وَمَالِهِ وَلَازِمٌ لَهُ حَسَنُ القِيامِ عَلَيْهِ. وعَضِضْتُ بِمَالِي عُضُوضاً وعَضاضةً: لَزِمْتُه. وَيُقَالُ: إِنه لَعِضُّ مَالٍ، وَفُلَانٌ عِضُّ سفَر قويٌّ عَلَيْهِ وعِضُّ قِتَالٍ؛ وأَنشد الأَصمعي:
لَمْ نُبْقِ مِنْ بَغْيِ الأَعادي عِضّا
والعَضُوضُ: مِنْ أَسماء الدَّواهي. وَفِي التَّهْذِيبِ: العَضْعَضُ العِضُّ الشَّدِيدُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ مِنَ الرِّجَالِ. والضَّعْضَعُ: الضعيفُ. والعِضُّ: الداهِيةُ. وَقَدْ عَضِضْتَ يَا رَجُلُ أَي صِرْتَ عِضّاً؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
أَحادِيثُ مِن أَنباءِ عادٍ وجُرْهُمٍ ... يُثَوِّرُها العِضّانِ: زَيْدٌ ودَغْفَلُ
يُرِيدُ بالعِضَّينِ زَيْدَ بْنَ الكَيِّسِ النُّمَيْري، ودَغْفَلًا النسَّابةَ، وَكَانَا عَالِمَيِ الْعَرَبِ بأَنسابها وأَيامها وحِكَمِها؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ العِضِّ أَيضاً قَوْلُ نِجَادٍ الْخَيْبَرِيِّ:
فَجَّعَهُمْ، باللَّبَنِ العَكَرْكَرِ، ... عِضٌّ لَئِيمُ المُنْتَمَى والعُنْصُرِ
والعِضُّ أَيضاً: السَّيئُ الخُلُق؛ قَالَ:
وَلِمَ أَكُ عِضّاً فِي النَّدامى مُلَوَّما
وَالْجَمْعُ أَعضاضٌ. والعِضُّ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ: العِضاهُ. وأَعَضَّتِ الأَرضُ، وأَرضٌ مُعِضَّة: كَثِيرَةُ العِضاهِ. وقومٌ مُعِضُّونَ: تَرْعَى إِبلهم العِضَّ. والعُضُّ، بِضَمِّ الْعَيْنِ: النَّوَى المَرْضُوخُ والكُسْبُ تُعْلَفُه الإِبل وَهُوَ عَلَف أَهل الأَمصار؛ قَالَ الأَعشى:
مِنْ سَراة الهِجانِ صَلَّبَها العُض، ... ورَعْيُ الحِمَى، وطولُ الحِيالِ
العُضُّ: عَلَفُ أَهل الأَمصار مِثْلُ القَتِّ وَالنَّوَى. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُضُّ العجينُ الَّذِي تُعْلَفُهُ الإِبل، وَهُوَ أَيضاً الشَّجَرُ الْغَلِيظُ الَّذِي يَبْقَى فِي الأَرض. قَالَ: والعَضاضُ كالعُضِّ، والعَضاضُ أَيضاً مَا غَلُظَ مِنَ النَّبْتِ وعَسا. وأَغَضَّ القومُ: أَكَلَتْ إِبلهم العُضَّ أَو العَضاضَ؛ وأَنشد:
أَقولُ، وأَهْلي مُؤْرِكُونَ وأَهْلُها ... مُعِضُّونَ: إِن سارَتْ فكيفَ أَسيرُ؟
وَقَالَ مَرَّةً فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ عِنْدَ ذِكْرِ بَعْضِ أَوصاف العِضاه: إِبل مُعِضَّةٌ تَرْعَى العِضاهَ، فَجَعَلَهَا إِذ كَانَ مِنَ الشَّجَرِ لَا مِنَ العُشْبِ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْلُوفَةِ فِي أَهلها النَّوَى وَشَبَهَهُ، وَذَلِكَ أَن العُضَّ هُوَ علَف الرِّيفِ مِنَ النَّوَى والقَتِّ وَمَا أَشبه ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ مِنَ العِضاه مُعِضٌّ إِلا عَلَى هَذَا التأْويل. والمُعِضُّ: الَّذِي تأْكل إِبله العُضَّ. والمُؤْرِكُ: الَّذِي تأْكل إِبله الأَراكَ والحَمْضَ، والأَراكُ مِنَ الحَمْضِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ الْمُتَعَقِّبُ غَلِطَ أَبو حَنِيفَةَ فِي الَّذِي قَالَهُ وأَساءَ تَخْرِيجَ وَجْهِ كَلَامِ الشَّاعِرِ لأَنه قَالَ: إِذا رَعَى الْقَوْمُ العِضاه قِيلَ الْقَوْمُ مُعِضُّونَ، فَمَا لِذِكْرِهِ العُضّ، وَهُوَ عَلَفُ الأَمصار، مَعَ قَوْلِ الرَّجُلِ العِضاه:
وأَين سُهَيْلٌ مِنَ الفَرْقَدِ
وَقَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ مِنَ العِضاه مُعِضٌّ إِلا عَلَى هَذَا التأْويل، شَرْطٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ لأَنَّ ثَمَّ شَيْئًا غَيَّره عَلَيْهِ قَبْلُ، وَنَحْنُ نَذْكُرُهُ إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي الصِّحَاحِ: بَعِيرٌ عُضاضِيٌّ أَي سَمِينٌ مَنْسُوبٌ إِلى أَكل العُضِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ أَنكر عليُّ بنُ حَمْزَةَ أَن يَكُونَ العُضُّ النَّوَى لِقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
تَقْدُمُه نَهْدَةٌ سَبُوحٌ، ... صَلَّبَها العُضُّ والحِيالُ(7/189)
قَالَ أَبو زَيْدٍ فِي أَول كِتَابِ الكلإِ وَالشَّجَرِ: الْعِضَاهُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى شجر من شجر الشوك لَهُ أَسماء مُخْتَلِفَةٌ يَجْمَعُهَا الْعِضَاهُ، وَاحِدَتُهَا عِضاهةٌ، وإِنما العِضاه الْخَالِصُ مِنْهُ مَا عَظُمَ وَاشْتَدَّ شَوْكُهُ، وَمَا صَغُرَ مِنْ شَجَرِ الشَّوْكِ فإِنه يُقَالُ لَهُ العِضُّ والشِّرْسُ، وإِذا اجتمَعَت جُمُوعُ ذَلِكَ فَمَا لَهُ شَوْكٌ مِنْ صِغَارِهِ عِضٌّ وشِرْسٌ، وَلَا يُدْعَيانِ عِضاهاً، فَمِنَ العِضاه السَّمُرُ والعُرْفُطُ والسَّيالُ والقَرَظُ والقَتادُ الأَعظم والكَنَهْبَلُ والعَوْسَجُ والسِّدْرُ والغافُ والغَرَبُ، فَهَذِهِ عِضاهٌ أَجمع وَمِنْ عِضاهِ القِياسِ، وَلَيْسَ بِالْعِضَاهِ الْخَالِصِ الشَّوْحَطُ والنَّبْعُ والشِّرْيانُ والسَّراءُ والنَّشَمُ والعُجْرُمُ والتَّأْلَبُ والغَرَفُ فَهَذِهِ تُدْعَى كلُّها عِضاهَ القِياسِ، يَعْنِي القِسيَّ، وَلَيْسَتْ بِالْعِضَاهِ الْخَالِصِ وَلَا بالعِضِّ؛ وَمِنَ العِضِّ والشَّرْسِ القَتادُ الأَصغر، وَهِيَ الَّتِي ثَمَرَتُهَا نُفّاخةٌ كَنُفّاخةِ العُشَرِ إِذا حُرِّكَتِ انفقأَت، وَمِنْهَا الشُّبْرُمُ والشِّبْرِقُ والحاجُ واللَّصَفُ والكَلْبةُ والعِتْرُ والتُّغْرُ فَهَذِهِ عِضٌّ وَلَيْسَتْ بَعْضَاهٍ، وَمِنْ شَجَرِ الشَّوْكِ الَّذِي ليس بِعضٍّ ولا عضاه الشُّكاعَى والحُلاوَى والحاذُ والكُبُّ والسُّلَّحُ. وَفِي النَّوَادِرِ: هَذَا بلدُ عِضٍّ وأَعضاضٍ وعَضاضٍ أَي شَجَرٍ ذِي شَوْكٍ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي الْمَنْطِقِ: بَعِيرٌ عاضٌّ إِذا كَانَ يأْكل العِضَّ وَهُوَ فِي مَعْنَى عَضِهٍ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ قَوْلُ مَنْ قَالَ مُعِضُّونَ يَكُونُ مِنَ العِضِّ الَّذِي هُوَ نَفْسُ العِضاه وَتَصِحُّ رِوَايَتُهُ. والعَضُوضُ مِنَ الآبارِ: الشاقَّةُ عَلَى السَّاقِي فِي الْعَمَلِ، وَقِيلَ: هِيَ البعِيدةُ القعرِ الضَّيِّقةُ؛ أَنشد:
أَوْرَدَها سَعْدٌ عليَّ مُخْمِسا، ... بِئْراً عَضُوضاً وشِناناً يُبَّسا
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بِئْرٌ عَضُوضٌ وماءٌ عَضُوضٌ إِذا كَانَ بعيدَ الْقَعْرِ يُسْتَقَى مِنْهُ بالسانِيةِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: البئرُ العَضُوضُ هِيَ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ، قَالَ: وَهِيَ العَضِيضُ. فِي نَوَادِرِهِ: ومِياهُ بَنِي تَمِيمٍ عُضُضٌ، وَمَا كَانَتِ الْبِئْرُ عَضُوضاً وَلَقَدْ أَعَضَّتْ، وَمَا كَانَتْ جُدّاً وَلَقَدْ أَجَدَّتْ، وَمَا كَانَتْ جَرُوراً وَلَقَدْ أَجَرَّتْ. والعُضَّاضُ: مَا بَيْنَ رَوْثةِ الأَنف إِلى أَصله، وَفِي التَّهْذِيبِ: عِرْنِينُ الأَنف؛ قَالَ:
لمَّا رأَيْتُ العَبْدَ مُشْرَحِفَّا، ... أَعْدَمْتُه عُضَّاضَه والكَفَّا
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عُمَر الزَّاهِدُ العُضاضُ، بِالضَّمِّ، الأَنف؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الغُضاضُ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: العُضَّاضُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ، الأَنف؛ وأَنشد لِعِيَاضِ بْنِ دُرَّةَ:
وأَلْجَمَه فأْسَ الهَوانِ فلاكَه، ... فأَغْضَى عَلَى عُضّاضِ أَنْفٍ مُصَلَّمِ
قَالَ الْفَرَّاءُ: العُضاضِيُّ الرَّجُلُ النَّاعِمُ اللَّيِّنُ مأْخوذ مِنَ العُضاضِ وَهُوَ مَا لانَ مِنْ الأَنف. وزَمَنٌ عَضُوضٌ أَي كَلِبٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عَضَّه القَتَبُ وعَضَّه الدهْرُ والحرْبُ، وَهِيَ عَضوض، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنْ عَضِّ النَّابِ؛ قَالَ الْمُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
لَعَمْرُ أَبيكَ، لَا أَلْقَى ابنَ عَمٍّ، ... عَلَى الحِدْثانِ، خَيْراً مِنْ بَغِيضِ
غَداةَ جَنَى عَلَيَّ بَنيَّ حَرْباً، ... وكيفَ يَدايَ بالحرْبِ العَضُوضِ؟
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحجاج:(7/190)
وإِنِّي ذُو غِنًى وكَرِيمُ قَوْمٍ، ... وَفِي الأَكْفاءِ ذُو وَجْهٍ عَرِيضِ
غَلَبْتُ بَنِي أَبي العاصِي سَماحاً، ... وَفِي الحرْبِ المُنَكَّرَةِ العَضُوضِ
ومُلْكٌ عَضُوضٌ: شديدٌ فِيهِ عَسْفٌ وعَنْفٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثُمَّ يَكُونُ مُلْكٌ عَضُوضٌ
أَي يُصيبُ الرَّعِيَّةَ، فِيهِ عَسْفٌ وَظُلْمٌ، كأَنهم «4» يُعَضُّونَ فِيهِ عَضّاً. والعَضُوضُ مِنْ أَبْنِيةِ المُبالغَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ:
ثُمَّ يَكُونُ مُلوك عُضُوضٌ
، وَهُوَ جَمْعُ عِضٍّ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الخَبِيثُ الشَّرِسُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وسَتَرَوْنَ بَعْدِي مُلْكاً عَضُوضاً.
وقوْسٌ عَضُوضٌ إِذا لَزِقَ وترُها بِكَبدِها. وامرأَة عَضوض: لَا يَنْفُذ فِيهَا الذكَر مِنْ ضِيقها. وَفُلَانٌ يُعَضِّضُ شَفَتَيْهِ أَي يَعَضُّ ويُكْثِرُ ذَلِكَ مِنَ الغضَب. وَفُلَانٌ عِضاضُ عَيْشٍ أَي صَبُورٌ عَلَى الشِّدَّةِ. وعاضَّ القومُ العَيْشَ منذُ العامِ فَاشْتَدَّ عِضاضُهم أَي اشتدَّ عَيْشُهم. وغَلَقٌ عِضٌّ: لَا يكادُ يَنْفَتِحُ. والتَّعْضُوضُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ شَدِيدُ الْحَلَاوَةِ، تاؤُه زَائِدَةٌ مَفْتُوحَةٌ، وَاحِدَتُهُ تَعْضُوضةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: تَمْرٌ أَسود، التَّاءُ فِيهِ لَيْسَتْ بأَصلية. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ قَدِموا عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ فِيمَا أَهْدَوْا لَهُ قُرُبٌ مِنْ تَعْضُوض
؛ وأَنشد الرِّيَاشِيُّ فِي صِفَةِ نَخْلٍ:
أَسْوَد كاللَّيْلِ تَدَجَّى أَخْضَرُهْ، ... مُخالِط تَعْضُوضه وعُمُرُهْ،
بَرْنِيَّ عَيْدانٍ قَلِيلٍ قِشَرُهْ
العُمُر: نَخْلُ السُّكَّر. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَا أَكلت تَمْرًا أَحْمَتَ حَلاوةً مِنَ التَّعْضُوضِ، وَمَعْدِنِهِ بِهَجَرَ وقُراها. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
أَهْدَتْ لَنَا نَوْطاً مِنَ التَّعْضُوضِ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: التَّعْضُوضةُ تَمْرَةٌ طَحْلاءُ كَبِيرَةٌ رطْبة صَقِرةٌ لَذِيذَةٌ مِنْ جَيِّد التَّمْرِ وشَهِيِّه. وَفِي حَدِيثُ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: وَاللَّهِ لتَعْضُوضٌ كأَنه أَخفاف الرِّباع أَطيب مِنْ هذا.
علض: عَلَضَ الشيءَ يَعْلِضُه عَلْضاً: حرَّكه ليَنْزِعَه نَحْوَ الْوَتِدِ وَمَا أَشْبهه. والعِلَّوْضُ: ابنُ آوَى، بِلُغَةِ حِمْيَرَ.
علهض: الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ عَلْهَضْتُ رأْس القارورةِ إِذا عالَجْتَ صِمامَها لِتَسْتَخْرِجَه، قَالَ: وعَلْهَضْتُ الْعَيْنَ عَلْهَضَةً إِذا اسْتَخْرَجْتَهَا مِنَ الرأْس، وعلهضتُ الرَّجُلَ إِذا عالَجْتَه عِلاجاً شَدِيدًا. قَالَ: وعلهضتُ مِنْهُ شَيْئًا إِذا نِلْتَ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ الأَزهري: عَلْهَضْتُ رأَيته فِي نُسَخٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِ الْعَيْنِ مُقَيَّدًا بِالضَّادِ، وَالصَّوَابُ عِنْدِي الصَّادُ، وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: العِلْهاصُ صِمامُ القارورةِ؛ قَالَ: وَفِي نَوَادِرِ اللِّحْيَانِيِّ عَلْهَصَ القارورةَ، بِالصَّادِ أَيضاً، إِذا اسْتَخْرَجَ صِمَامَهَا. وَقَالَ شُجَاعٌ الْكِلَابِيُّ فِيمَا رَوَى عَنْهُ عَرَّامٌ وَغَيْرُهُ: العَلْهَصَة والعَلْفَصَة والعَرْعَرَةُ فِي الرأْي والأَمر، وهو يُعَلْهِصُهم ويُعَنِّفُ بِهِمْ ويَقْسِرُهم. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي كِتَابِهِ: رَجُلٌ عُلاهِضٌ جُرافِضٌ جُرامِضٌ، وَهُوَ الثَّقِيلُ الوَخِمُ؛ قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ رَجُلٌ عُلَاهِضٌ مُنْكَرٌ وَمَا أَراه مَحْفُوظًا. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَضْهَلَ الْقَارُورَةَ وعَلْهضَها صَمَّ رأْسَها، قَالَ: وعَلْهَضَ الرجلَ عالَجه عِلاجاً شَدِيدًا وأَدارَه. وعَلْهَضْتُ الشيءَ إِذا عَالَجْتَهُ لتَنزِعَه نَحْوَ الوَتِدِ وما أَشبهه.
__________
(4) . قوله [كأَنهم إلخ] كذا بالأَصل. وأصل النسخة التي بأيدينا من النهاية ثم أصلحت كأنه يعضهم عضاً.(7/191)
عوض: العِوَضُ: البَدَلُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ لَا يَلِيقُ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَكَانِ، وَالْجَمْعُ أَعْواضٌ، عاضَه مِنْهُ وَبِهِ. والعَوْضُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ عاضَه عَوْضاً وعِياضاً ومَعُوضةً وعَوَّضَه وأَعاضَه؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. وعاوَضَه، وَالِاسْمُ المَعُوضةُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: فَلَمَّا أَحل اللَّهُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ، يَعْنِي الْجِزْيَةَ، عَرَفُوا أَنه قَدْ عاضَهم أَفضل مِمَّا خافُوا.
تَقُولُ: عُضْتُ فُلَانًا وأَعَضْتُه وعَوَّضْتُه إِذا أَعطيته بَدَلَ مَا ذَهَبَ مِنْهُ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ. وَالْمُسْتَقْبَلُ التَّعْوِيضُ «1» . وتَعَوَّضَ مِنْهُ، واعْتاضَ: أَخذ العِوَضَ، واعْتاضَه مِنْهُ واسْتَعاضَه وتَعَوَّضَه، كلُّه: سأَلَه العِوَضَ. وَتَقُولُ: اعْتاضَني فُلَانٌ إِذا جَاءَ طَالِبًا لِلْعِوَضِ والصِّلة، وَاسْتَعَاضَنِي كَذَلِكَ؛ وأَنشد:
نِعْمَ الفَتى ومَرْغَبُ المُعْتاضِ، ... واللهُ يَجْزِي القِرْضَ [القَرْضَ] بالأقْراضِ
وعاضَه: أَصاب مِنْهُ العِوَضَ. وعُضْتُ: أَصَبْتُ عِوَضاً؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
هَلْ لكِ، والعارِضُ مِنْكِ عائِضُ، ... فِي هَجْمةٍ يُسْئِرُ مِنْهَا القابِضُ؟
وَيُرْوَى: فِي مِائَةٍ، وَيُرْوَى: يُغْدِرُ أَي يُخَلِّفُ. يُقَالُ: غَدَرَتِ الناقةُ إِذا تَخَلَّفَتْ عَنِ الإِبل، وأَغْدَرَها الرَّاعِي. وَالْقَابِضُ: السَّائِقُ الشَّدِيدُ السَّوْقِ. قَالَ الأَزهري: أَي هَلْ لَكَ فِي العارِضِ مِنْكَ عَلَى الْفَضْلِ فِي مِائَةٍ يُسْئِرُ مِنْهَا الْقَابِضُ؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ خَطَبَ امرأَة فَقَالَ أُعطيك مِائَةً مِنَ الإِبل يَدَعُ مِنْهَا الَّذِي يَقْبِضُهَا مِنْ كَثْرَتِهَا، يَدَعُ بَعْضَهَا فَلَا يُطِيقُ شَلَّها، وأَنا مُعارِضُك أُعطي الإِبل وآخُذُ نفسَكِ فأَنا عَائِضٌ أَي قَدْ صَارَ الْعِوَضُ مِنْكِ كُلُّهُ لِي؛ قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ عَائِضٌ مِنْ عِضْتُ أَي أَخذت عِوَضًا، قَالَ: لَمْ أَسمعه لِغَيْرِ اللَّيْثِ. وعائضٌ مِنْ عاضَ يَعوض إِذا أَعطى، وَالْمَعْنَى هَلْ لَكِ فِي هَجْمَةٍ أَتزوّجك عَلَيْهَا. والعارضُ منكِ: المُعْطي عِوَضاً، عائِضٌ أَي مُعَوِّضٌ عِوَضاً تَرْضَيْنَه وَهُوَ الْهَجْمَةُ مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: عَائِضٌ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِثْلُ عِيشَةٍ راضِية بِمَعْنَى مَرْضِيَّة. وَتَقُولُ: عَوَّضْتُه مِنْ هِبَتِه خَيْرًا. وعاوَضْتُ فُلَانًا بَعِوَضٍ فِي الْمَبِيعِ والأَخذ والإِعطاء، تَقُولُ: اعْتَضْتُه كَمَا تَقُولُ أَعطيته، وَتَقُولُ: تعاوَضَ القومُ تعاوُضاً أَي ثابَ مالُهم وحالُهم بَعْدَ قِلَّةٍ. وعَوْض يُبْنَى عَلَى الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ: الدَّهْر، مَعْرِفَةً، عَلَمٌ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، وَالنَّصْبُ أَكثر وأَفشَى؛ وَقَالَ الأَزهري: تُفْتَحُ وَتُضَمُّ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَرَكَةَ الثَّالِثَةَ. وَحُكِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ عوضُ، بِضَمِّ الضَّادِ غَيْرُ مُنَوَّنٍ، دَهْرٌ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَوْضُ مَعْنَاهُ الأَبد وَهُوَ لِلْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الزَّمَانِ كَمَا أَنَّ قَطّ لِلْمَاضِي مِنَ الزَّمَانِ لأَنك تَقُولُ عَوْضُ لَا أُفارقك، تُرِيدُ لَا أُفارقك أَبداً، كَمَا تَقُولُ قَطُّ مَا فَارَقْتُكَ، وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ عَوْضُ مَا فَارَقْتُكَ كَمَا لَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ قَطُّ مَا أُفارقك. قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: قَطُّ وَعَوْضُ حَرْفَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الضَّمِّ، قَطُّ لِمَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ وَعَوْضُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ، تَقُولُ: مَا رأَيته قَطُّ يَا فَتَى، وَلَا أُكلمك عَوْضُ يَا فَتَى؛ وأَنشد الأَعشى، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
رضِيعَيْ لِبانٍ ثَدْيَ أُمٍّ تَحالَفا ... بأَسْحَمَ داجٍ، عَوْضَ لَا نَتَفرَّقُ
أَي لَا نَتَفَرَّقُ أَبدأً، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى قَسَم. يُقَالُ: عَوْض لَا أَفْعَله، يَحْلِفُ بِالدَّهْرِ وَالزَّمَانِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: عَوْضَ فِي بَيْتِ الأَعشى أَي أَبداً، قَالَ: وأَراد
__________
(1) . قوله [والمستقبل التعويض] كذا بالأَصل.(7/192)
بأَسْحَمَ داجٍ اللَّيْلَ، وَقِيلَ: أَراد بأَسْحم دَاجٍ سَوَادَ حَلَمَةِ ثَدْيِ أُمه، وَقِيلَ: أَراد بالأَسحم هُنَا الرَّحِمَ، وَقِيلَ: سَوَادُ الْحَلَمَةِ؛ يَقُولُ: هُوَ والنَّدَى رضَعا مِنْ ثَدْيٍ وَاحِدٍ؛ وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: عَوْض فِي بَيْتِ الأَعشى اسْمُ صَنَمٍ كَانَ لِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ؛ وأَنشد لرُشَيْدِ بْنِ رُمَيْضٍ الْعَنَزِيِّ:
حَلَفْتُ بمائراتٍ حَوْلَ عَوْضٍ ... وأَنْصابٍ تُرِكْنَ لدَى السَّعِيرِ
قَالَ: والسعِيرُ اسْمُ صَنَمٍ لعنزةَ خاصَّة، وَقِيلَ: عَوِضٌ كَلِمَةٌ تَجْرِي مَجْرَى الْيَمِينِ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: لَا أَفْعَلُهُ عَوْضَ العائضينَ وَلَا دَهْرَ الدَّاهِرينَ أَي لَا أَفعله أَبداً. قَالَ: وَيُقَالُ مَا رأَيت مِثْلَهُ عَوْض أَي لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَط؛ وأَنشد:
فَلَمْ أَرَ عَامًا عَوْضُ أَكْثَرَ هالِكاً، ... ووَجْهَ غُلامٍ يُشْتَرَى وغُلامَهْ
وَيُقَالُ: عاهَدَه أَن لَا يُفارِقَه عَوْضُ أَي أَبداً. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: عِوَضُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ أَبداً، فَلَوْ كَانَ عِوَضُ اسْمًا لِلزَّمَانِ إِذاً لَجَرَى بِالتَّنْوِينِ، وَلَكِنَّهُ حَرْفٌ يُرَادُ بِهِ الْقَسَمُ كَمَا أَن أَجَلْ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي التَّصْرِيفِ حُمِلَ عَلَى غَيْرِ الإِعراب. وَقَوْلُهُمْ: لَا أَفعلُه مِنْ ذِي عوضِ أَي أَبداً كَمَا تَقُولُ مِنْ ذِي قبْلُ وَمِنْ ذِي أُنُفٍ أَي فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، أَضاف الدَّهْرَ إِلى نَفْسِهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَنْبَغِي أَن تَعْلَمَ أَنَّ العِوَضَ مِنْ لَفْظِ عَوْضُ الَّذِي هُوَ الدَّهْرُ، وَمَعْنَاهُ أَن الدَّهْرَ إِنما هُوَ مُرُورُ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ والتقاؤُهما وتَصَرُّمُ أَجزائهما، وكلَّما مضَى جُزْءٌ مِنْهُ خَلَفَهُ جُزْءٌ آخَرُ يَكُونُ عوَضاً مِنْهُ، فَالْوَقْتُ الْكَائِنُ الثَّانِي غَيْرُ الْوَقْتِ الْمَاضِي الأَوّل، قَالَ: فَلِهَذَا كَانَ العِوَضُ أَشدّ مُخَالَفَةً للمُعَوَّضِ مِنْهُ مِنَ الْبَدَلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ عوضُ، بِالضَّمِّ، قَوْلُ جَابِرِ بْنِ رَأْلانَ السِّنْبسِيّ:
يَرْضَى الخَلِيطُ ويَرْضَى الجارُ مَنْزِلَه، ... وَلَا يُرَى عَوْضُ صَلْدا يَرْصُدُ العَلَلا
قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ مَعَ غَيْرِهِ فِي الْحَمَاسَةِ. وعَوْضُ: صَنَمٌ. وَبَنُو عَوْضٍ: قَبِيلَةٌ. وعياضٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَكُلُّهُ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى العِوَضِ الَّذِي هُوَ الخلَفُ. قَالَ ابْنُ جِنِّي فِي عِيَاضٍ اسْمِ رَجُلٍ: إِنما أَصله مَصْدَرُ عُضْتُه أَي أَعطيته. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَوَصَ: عَوْصٌ: قَبِيلَةٌ، وعَوْضٌ، بِالضَّادِ، قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ؛ قَالَ تأَبط شَرًّا:
ولَمَّا سَمِعْتُ العَوْضَ تَدْعُو، تَنَفَّرَتْ ... عَصافِيرُ رأْسي مِنْ نَوًى وتَوانِيا
فصل الغين المعجمة
غبض: اللَّيْثُ: التَّغْبِيضُ أَن يُرِيدَ الإِنسان الْبُكَاءَ فَلَا تُجِيبُه الْعَيْنِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا حَرْفٌ لَمْ أَجده لِغَيْرِهِ، قَالَ: وأَرجو أَن يَكُونَ صَحِيحًا.
غرض: الغَرْضُ: حِزامُ الرَّحْلِ، والغُرْضةُ كالغَرْضِ، وَالْجُمَعِ غُرْضٌ مِثْلِ بُسْرةٍ وبُسْرٍ وغُرُضٌ مِثْلَ كُتُبٍ. والغُرْضةُ، بِالضَّمِّ: التَّصْدِيرُ، وَهُوَ للرحْل بِمَنْزِلَةِ الحِزامِ للسَّرْج والبِطانِ، وَقِيلَ: الغَرْضُ البِطانُ للقَتَبِ، وَالْجَمْعِ غُرُوضٌ مِثْلَ فَلْسٍ وفُلُوسٍ وأَغْراضٌ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُجْمَعُ أَيضاً على أَغْرُضٍ مِثْلَ فَلْس وأَفْلُسٍ؛ قَالَ هِمْيانُ بْنُ قُحافة السَّعْدِيُّ:
يَغْتالُ طُولَ نِسْعِه وأَغْرُضِهْ ... بِنَفْخِ جَنْبَيْه، وعَرْضِ رَبَضِهْ(7/193)
وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: المُغَرَّضُ موضعُ الغُرْضة، قَالَ: وَيُقَالُ لِلْبَطْنِ المُغَرَّضُ. وغَرَضَ البعيرَ بالغَرْض والغُرْضةِ يَغْرِضُه غَرْضاً. شدَّه. وأَغْرَضْتُ الْبَعِيرَ: شَدَدْت عَلَيْهِ الغَرْضَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُشَدُّ الرِّحالُ الغُرْضُ إِلا إِلى ثلاثةِ مَساجِدَ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. والمُغَرَّضُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ الغَرْضُ أَو الغُرْضةُ؛ قَالَ:
إِلى أَمُونٍ تَشْتَكي المُغَرَّضا
والمَغْرِضُ: المَحْزِمُ، وَهُوَ مِنَ الْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ الْمُحَزَّمِ مِنَ الدَّابَّةِ، وَقِيلَ: المَغْرِضُ جَانِبُ الْبَطْنِ أسفَلَ الأَضْلاعِ الَّتِي هِيَ مَواضِع الغَرْضِ مِنْ بُطُونِهَا؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
يَشْرَبْنَ حَتَّى يُنْقِضَ المَغارِضُ، ... لَا عائِفٌ مِنْهَا وَلَا مُعارِضُ
وأَنشد آخَرُ لِشَاعِرٍ:
عَشَّيْت جابانَ حَتَّى اسْتَدَّ مَغْرِضُه، ... وكادَ يَهْلِكُ، لَوْلَا أَنَّه اطَّافا «1»
أَي انسَدَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنْ شِدَّةِ الِامْتِلَاءِ، وَالْجَمْعُ المَغارِضُ. والمَغْرِضُ: رأْس الْكَتِفِ الَّذِي فِيهِ المُشاشُ تحتَ الغُرْضُوفِ، وَقِيلَ: هُوَ بَاطِنٌ مَا بَيْنَ العَضُدِ مُنْقَطَعِ «2» الشَّراسِيفِ. والغَرْضُ: المَلْءُ. والغَرْضُ: النقصانُ عَنِ المِلْءِ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وغَرَضَ الحوْضَ والسِّقاءَ يَغْرِضُهما غَرْضاً: مَلأَهُما؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى اللحياني حَكَى أَغْرَضَه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا تأْوِيا للحوْضِ أَن يَغِيضا، ... أَن تُغْرضا خَيْرٌ مِنْ أَن تَغِيضا
والغَرْضُ: النقصانُ؛ قَالَ:
لَقَدْ فَدَى أَعْناقَهُنَّ المَحْضُ ... والدَّأْظُ، حَتَّى مَا لَهُنَّ غَرْضُ
أَي كَانَتْ لَهُنَّ أَلبان يُقْرَى مِنْهَا فَفَدَتْ أَعناقَها مِنْ أَن تَنْحَرَ. وَيُقَالُ: الغَرْضُ مَوْضِعُ مَاءٍ تَرَكْتَه فَلَمْ تَجْعَلْ فِيهِ شَيْئًا؛ يُقَالُ: غَرِّضْ فِي سِقَائِكَ أَي لَا تملأْه. وَفُلَانٌ بَحْرٌ لَا يُغَرَّضُ أَي لَا يُنْزَحُ؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ:
والدَّأْظُ حَتَّى مَا لَهُنَّ غَرْضُ
إِن الغَرْضَ مَا أَخْلَيْتَه مِنَ الْمَاءِ كالأَمْتِ فِي السِّقَاءِ. والغَرْضُ أَيضاً: أَن يَكُونَ الرَّجُلُ سَمِينًا فيُهْزَلَ فَيَبْقَى فِي جَسَدِهِ غُرُوضٌ. وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: الغَرْضُ أَن يَكُونَ فِي جُلودها نُقْصانٌ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الغَرْضُ التَّثَنِّي. والغَرَضُ: الضَّجَر والملالُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للحُمامِ بْنِ الدُّهَيْقِين:
لَمَّا رأَتْ خَوْلَةُ مِنِّي غَرَضا، ... قامَتْ قِياماً رَيِّثاً لِتَنْهَضا
قَوْلُهُ: غَرَضا أَي ضجَراً. وغَرِضَ مِنْهُ غَرَضاً، فَهُوَ غَرِضٌ: ضَجِرَ وقَلِقَ، وَقَدْ غَرِضَ بالمُقامِ يَغْرَضُ غَرَضاً وأَغْرَضَه غَيْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا مَشَى عُرِفَ فِي مَشْيِه أَنه غَيْرُ غَرِضٍ
؛ الغَرِضُ: القَلِقُ الضَّجِرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَديّ: فسِرْتُ حَتَّى نزلْت جَزِيرةَ الْعَرَبِ فأَقمت بِهَا حَتَّى اشْتَدَّ غَرَضِي
أَي ضجَرِي ومَلالي. والغَرَضُ أَيضاً:
__________
(1) . استدَّ أَي انسدَّ.
(2) . قوله [بين العضد منقطع] كذا بالأَصل.(7/194)
شِدَّةُ النِّزاعِ نَحْوَ الشَّيْءِ والشوْقِ إِليه. وغَرِض إِلى لِقائِه يَغْرَضُ غَرَضاً، فَهُوَ غَرِضٌ: اشتاقَ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمةَ:
إِنِّي غَرِضْتُ إِلى تَناصُفِ وجْهِها، ... غَرَضَ المُحِبِّ إِلى الحَبِيبِ الغائِبِ
أَي مَحاسِنِ وجْهِها الَّتِي يُنْصِفُ بعضُها بَعْضًا فِي الْحُسْنِ؛ قَالَ الأَخفش: تَفْسِيرُهُ «1» غَرِضْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ إِليه لأَن الْعَرَبَ تُوصِلُ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ كُلِّهَا الْفِعْلَ، قَالَ الْكِلَابِيُّ:
فَمَنْ يَكُ لَمْ يَغْرَضْ فإِنَّي وناقَتِي، ... بِحَجْرٍ، إِلى أَهلِ الحِمَى غَرِضانِ
تَحِنُّ فَتُبْدي مَا بِها مِنْ صَبابةٍ، ... وأُخْفِي الَّذِي لوْلا الأَسَى لَقَضاني
وَقَالَ آخَرُ:
يَا رُبَّ بَيْضاءَ، لَهَا زَوْجٌ حَرِضْ، ... تَرْمِيكَ بالطَّرْفِ كَمَا يَرْمِي الغَرِضْ
أَي المُشْتاقُ. وغَرَضْنا البَهْمَ نَغْرِضُه غَرْضاً: فَصَلْناه عَنْ أُمَّهاتِه. وغَرَضَ الشيءَ يَغْرِضُه غَرْضاً: كسَره كسْراً لَمْ يَبِنْ. وانْغَرَضَ الغُصْن: تَثَنَّى وانكَسر انْكِساراً غَيْرَ بَائِنٍ. والغَرِيضُ: الطَّرِيُّ مِنَ اللَّحْمِ وَالْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَالتَّمْرِ. يُقَالُ: أَطْعِمْنا لَحْمًا غَرِيضاً أَي طَرِيًّا. وغَرِيضُ اللَّبَنِ وَاللَّحْمِ: طريُّه. وَفِي حَدِيثِ الغِيبة:
فَقاءَتْ لَحْمًا غَرِيضاً
أَيْ طَريّاً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: فيُؤْتى بالخبزِ لَيِّنًا وَبِاللَّحْمِ غَريضاً.
وغَرُضَ غِرَضاً، فَهُوَ غَريضٌ أَي طَرِيّ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ يَصِفُ أَسداً:
يَظَلُّ مُغِبّاً عِنْدَه مِنْ فَرائِسٍ ... رُفاتُ عِظامٍ، أَو غَرِيضٌ مُشَرْشَرُ
مُغِبّاً أَي غَابًّا. مُشَرْشَرٌ: مُقَطَّعٌ، وَمِنْهُ قِيلَ لِمَاءِ الْمَطَرِ مَغْرُوضٌ وغَريضٌ؛ قَالَ الحادرةُ:
بَغَرِيضِ سارِيةٍ أَدَرَّتْه الصَّبا، ... مِنْ ماءِ أَسْجَرَ طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ
والمَغْرُوضُ: ماءُ الْمَطَرِ الطَّرِيّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
تَذَكَّرَ شَجْوه، وتَقاذَفَتْه ... مُشَعْشَعةٌ بِمَغْرُوضٍ زُلالِ
وَقَوْلُهُمْ: وَرَدْتُ الْمَاءَ غارِضاً أَي مُبْكِراً. وغَرَضْناه نَغْرِضُه غَرْضاً وغَرَّضْناه: جَنَيْناه طَريّاً أَو أَخذْناه كَذَلِكَ. وغَرَضْتُ لَهُ غَريضاً: سَقَيْتُهُ لَبَنًا حَلِيبًا. وأَغْرَضْتُ لِلْقَوْمِ غَريضاً: عَجَنْتُ لَهُمْ عَجِينًا ابْتَكَرْتُه وَلَمْ أُطْعِمهم بائِتاً. ووِرْدٌ غارِضٌ: باكِرٌ. وأَتَيْتُه غارِضاً: أَولَ النَّهَارِ. وغَرَضَتِ المرأَةُ سِقاءَها تَغْرِضُه غَرْضاً، وَهُوَ أَن تَمْخَضَه، فإِذا ثَمَّرَ وَصَارَ ثَميرة قَبْلَ أَن يَجْتَمِعَ زُبْدُهُ صبَّتْه فَسَقَتْهُ لِلْقَوْمِ، فَهُوَ سقاءٌ مَغْرُوضٌ وغَريضٌ. وَيُقَالُ أَيضاً: غَرَضْنا السخْلَ نَغْرِضُه إِذا فطَمْناه قَبْلَ إِناه. وغَرَّضَ إِذا تفَكَّه مِنَ الفُكاهةِ وَهُوَ المِزاحُ. والغَرِيضةُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّوِيقِ، يُصْرَمُ مِنَ الزَّرْعِ مَا يُرَادُ حَتَّى يَسْتَفْرِكَ ثُمَّ يُشَهَّى، وتَشْهِيَتُه أَن يُسَخَّن عَلَى المِقْلى حَتَّى يَيْبَسَ، وإِن شَاءَ جَعَلَ مَعَهُ عَلَى الْمِقْلَى حَبَقاً فَهُوَ أَطيب لِطَعْمِهِ وَهُوَ أَطيب سَوِيقٍ. والغَرْض: شُعبة فِي الْوَادِي أَكبر مِنَ الهَجيجِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَلَا تَكُونُ شُعْبَةً كَامِلَةً، والجمع
__________
(1) . قوله [تفسيره] ليس الغرض تفسير البيت، ففي الصحاح: وَقَدْ غَرِضَ بِالْمُقَامِ يَغْرَضُ غرضاً، ويقال أَيضاً: غرضت إِليه بمعنى اشتقت إِليه، قال الأَخفش تفسيره إلخ.(7/195)
غِرْضانٌ وغُرْضانٌ. يُقَالُ: أَصابَنا مَطَرٌ أَسالَ زَهادَ الغِرْضانِ [الغُرْضانِ] ، وزَهادُها صِغارُها. والغُرْضانُ مِنَ الْفَرَسِ: مَا انْحَدَرَ مِنْ قَصَبَةِ الأَنف مِنْ جَانِبَيْهَا وَفِيهَا عِرْق البُهْرِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فِي الأَنف غُرْضانِ وَهُمَا مَا انْحَدَرَ مِنْ قَصَبَةِ الأَنف مِنْ جَانِبَيْهِ جَمِيعًا؛ وأَما قَوْلُهُ:
كِرامٌ يَنالُ الماءَ، قَبْلَ شِفاهِهِمْ، ... لَهُمْ وارِداتُ الغُرْضِ شُمُّ الأَرانِبِ
فَقَدْ قِيلَ: إِنه أَراد الغُرْضُوفَ الَّذِي فِي قَصَبَةِ الأَنف، فَحَذَفَ الْوَاوَ وَالْفَاءَ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: لَهُمْ عارِضات الوِرْد. وَكُلُّ مَنْ وَرَدَ الْمَاءَ باكِراً، فَهُوَ غارِضٌ، وَالْمَاءُ غَرِيضٌ، وَقِيلَ: الْغَارِضُ مِنَ الأُنوف الطَّوِيلُ. والغَرَضُ: هُوَ الهدَفُ الَّذِي يُنْصَبُ فَيُرْمَى فِيهِ، وَالْجَمْعُ أَغْراضٌ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
أَنه يدعُو شَابًّا مُمْتَلِئاً شَباباً فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيةَ الغَرَضِ
؛ الغَرَضُ هَاهُنَا: الهدَف، أَراد أَنه يَكُونُ بُعْدُ مَا بَيْنَ القِطعتين بِقَدْرِ رَمْيةِ السَّهْمِ إِلى الْهَدَفِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَصْفُ الضَّرْبَةِ أَي تُصِيبُهُ إِصابةَ رميةِ الغرَض. وَفِي حَدِيثِ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: تَخْتَلِفُ بَيْنَ هَذَيْنِ الغَرَضَيْنِ وأَنت شَيْخٌ كَبِيرٌ.
وغَرَضُه كَذَا أَي حاجَتُه وبُغْيَتُه. وفَهمت غَرَضَكَ أَي قَصْدَك. واغْتَرَضَ الشيءَ: جَعَلَهُ غَرَضَه. وغَرضَ أَنفُ الرَّجُلِ: شَرِبَ فَنَالَ أَنفه الْمَاءَ مِنْ قِبَلِ شَفَتِهِ. والغَرِيضُ: الطَّلْع، والإِغْريضُ: الطلْعُ والبرَدُ، وَيُقَالُ: كُلُّ أَبيض طَرِيٍّ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الإِغْريضُ مَا فِي جَوْفِ الطلْعة ثُمَّ شُبِّه بِهِ البَرَدُ لَا أَنّ الإِغْريضَ أَصل فِي البَرَد. ابْنُ الأَعرابي: الإِغْريضُ الطلْعُ حِينَ ينشقُّ عَنْهُ كافورُه؛ وأَنشد:
وأَبْيَضَ كالإِغْريضِ لَمْ يَتَثَلَّمِ
والإِغْريضُ أَيضاً: قَطْر جَلِيلٌ تَرَاهُ إِذا وَقَعَ كأَنه أُصول نَبْل وَهُوَ مِنْ سَحَابَةٍ مُتَقَطِّعَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّلُ مَا يَسْقُطُ مِنْهَا؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
يَمِيحُ بِعُودِ الضِّرْوِ إِغْريضَ بَغْشةٍ، ... جَلا ظَلْمَه مَا دُونُ أَن يَتَهَمَّما
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ الإِغْريضُ كُلُّ أَبيضَ مثلِ اللَّبَنِ وَمَا يَنْشَقُّ عَنْهُ الطلْعُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والغَرِيضُ أَيضاً كُلُّ غِناءٍ مُحْدَثٍ طريٍّ، وَمِنْهُ سُمِّيَ المُغَني الْغَرِيضَ لأَنه أَتى بغِناءٍ مُحْدَث.
غضض: الغَضُّ والغَضِيضُ: الطَّرِيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سَرَّه أَن يَقرأَ الْقُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَسْمَعْه مِنِ ابنِ أُمّ عَبْدٍ
؛ الغَضُّ الطَّرِيُّ الَّذِي لَمْ يَتَغَيَّرْ، أَراد طَرِيقَهُ فِي القِراءة وهيأَته فِيهَا، وَقِيلَ: أَراد الْآيَاتِ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْهُ مِنْ أَول سُورَةِ النِّسَاءِ إِلى قَوْلِهِ: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً. وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ: هَلْ يَنْتَظِرُ أَهلُ غَضاضةِ الشَّبَابِ
أَي نَضارَتِه وطَراوَتِه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَن رَجُلًا قَالَ: إِن تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ حَتَّى أَكل الغَضِيض فَهِيَ طَالِقٌ
؛ الغَضِيضُ: الطَّرِيُّ، وَالْمُرَادُ بِهِ الطَّلْعُ، وَقِيلَ: الثَّمَرُ أَوَّلَ مَا يَخْرُجُ. وَيُقَالُ: شَيْءٌ غَضٌّ بَضٌّ وغاضٌّ باضٌّ، والأُنثى غَضّةٌ وغَضِيضةٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الغضّةُ مِنَ النساءِ الرَّقيقةُ الجلدِ الظاهرةُ الدمِ، وَقَدْ غَضَّتْ تَغِضُّ «2» وتَغَضُّ غَضاضةً وغُضُوضةً. وَنَبْتٌ غَضٌّ: ناعِمٌ؛ وَقَوْلُهُ:
فَصَبَّحَتْ والظِّلُّ غَضٌّ مَا زَحَلْ
أَي أَنه لَمْ تُدْرِكه الشمسُ فَهُوَ غَضٌّ كَمَا أَن النبت إِذا
__________
(2) . قوله [تغض] بكسر الغين على أنه من باب ضرب كما في المصباح وبفتحها على أَنه من باب سمع كما في القاموس.(7/196)
لَمْ تُدْرِكْهُ الشَّمْسُ كَانَ كَذَلِكَ. وَتَقُولُ مِنْهُ: غَضِضْتَ وغَضَضْتَ غَضاضةً وغُضوضةً. وَكُلُّ ناضِر غَضٌّ نَحْوَ الشَّابِّ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنكر عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ غَضاضةً وَقَالَ: غَضٌّ بيِّن الغُضوضةِ لَا غَيْرُ، قَالَ: وإِنما يُقَالُ ذَلِكَ فِيمَا يُغْتَضُّ مِنْهُ ويُؤْنَفُ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ غَضَّ واغْتَضَّ أَي وضَع ونَقَصَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ قَالُوا بَضٌّ بيِّن البَضاضةِ والبُضُوضةِ، قَالَ: وَهَذَا يُقَوِّي قَوْلَ الْجَوْهَرِيِّ فِي الغَضاضة. التَّهْذِيبُ: وَاخْتُلِفَ فِي فَعَلْتَ مِنْ غَضّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: غَضِضْتَ تَغَضُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: غَضَضْتَ تَغَضُّ. والغضُّ: الحِبْنُ مِنْ حِينِ يَعْقِدُ إِلى أَن يَسْوَدّ ويَبْيَضَّ، وَقِيلَ: هُوَ بَعْدَ أَن يَحْدِرَ إِلى أَن يَنْضَج. والغَضِيضُ الطلْعُ حِينَ يَبْدُو. والغَضُّ مِنْ أَولاد الْبَقَرِ: الْحَدِيثُ النِّتَاجِ، وَالْجَمْعُ الغِضاضُ؛ قَالَ أَبو حَيَّةَ النُّمَيْرِيُّ:
خَبَأْنَ بِهَا الغُنَّ الغِضاضَ فأَصْبَحَتْ ... لَهُنَّ مَراداً، والسِّخالُ مَخابِئا
الأَصمعي: إِذا بَدَا الطَّلعُ فَهُوَ الغَضِيضُ، فإِذا اخْضَرَّ قِيلَ: خَضَبَ النخلُ، ثُمَّ هُوَ الْبَلَحُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للطَّلْعِ الغِيضُ والغَضِيضُ والإِغْرِيضُ، وَيُقَالُ غَضَّضَ إِذا أَكل الغَضَّ. والغَضاضةُ: الفُتُورُ فِي الطَّرَفِ؛ يُقَالُ: غَضَّ وأَغْضى إِذا دَانَى بَيْنَ جَفْنَيْهِ وَلَمْ يُلاقِ؛ وأَنشد:
وأَحْمَقُ عِرِّيضٌ عَلَيْهِ غَضاضةٌ، ... تَمَرَّسَ بِي مِنْ حَيْنِه، وأَنا الرَّقِمْ
قَالَ الأَزهري: عَلَيْهِ غَضاضةٌ أَي ذُلّ. وَرَجُلٌ غَضِيضٌ: ذَلِيلٌ بَيِّنُ الغَضاضةِ مِنْ قَوْمٍ أَغِضّاءَ وأَغِضّةٍ، وَهُمُ الأَذِلّاءُ. وغَضَّ طَرْفَه وبَصره يَغُضُّه غَضّاً وغَضاضاً وغِضاضاً وغَضاضةً، فَهُوَ مَغْضُوضٌ وغَضِيضٌ: كفَّه وخَفَضَه وَكَسَرَهُ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا دَانَى بَيْنَ جُفُونِهِ وَنَظَرَ، وَقِيلَ: الغَضِيضُ الطرْفِ المُسْتَرْخي الأَجفانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا فَرِحَ غَضَّ طرْفَه
أَي كسَره وأَطرَق وَلَمْ يَفْتَحْ عَيْنَهُ، وإِنما كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبعد مِنَ الأَشَرِ والمَرَحِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: حُمادَياتُ النساءِ غَضُّ الأَطرافِ
، فِي قَوْلِ الْقُتَيْبِيِّ؛ وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
وَمَا سُعادُ، غَداةَ الْبَيْنِ إِذ رَحَلُوا، ... إِلا أَغَنُّ غَضِيضُ الطَّرْفِ، مَكْحُولُ
هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعول، وَذَلِكَ إِنما يَكُونُ مِنَ الحَياءِ والخَفَرِ، وغَضَّ مِنْ صَوْتِهِ، وكلُّ شَيْءٍ كَفَفْته، فَقَدْ غَضَضْتَه، والأَمر مِنْهُ فِي لُغَةِ أَهل الْحِجَازِ: اغْضُضْ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ
، أَي اخْفِضِ الصَّوْتَ. وَفِي حَدِيثِ العُطاسِ:
إِذا عَطَسَ غَضَّ صوتَه
أَي خَفَضَه وَلَمْ يَرْفَعْهُ؛ وأَهل نَجْدٍ يَقُولُونَ: غُضَّ طرْفَك، بالإِدْغامِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فَغُضَّ الطرْف، إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ، ... فَلَا كَعْباً بَلَغْتَ، وَلَا كِلابا
مَعْنَاهُ: غُضَّ طَرْفَكَ ذُلًّا ومَهانَة. وغَضَّ الطرْفَ أَي كَفَّ البَصَرَ. ابْنُ الأَعرابي: بضَّضَ الرجلُ إِذا تَنَعَّمَ، وغَضَّضَ صَارَ غَضّاً مُتَنَعِّماً، وَهِيَ الغَضُوضةُ. وغَضَّضَ إِذا أَصابته غَضاضةٌ. وانْغِضاضُ الطرْفِ. انْغِماضُه. وَظَبْيٌ غَضِيضُ الطرْفِ أَي فاتِرُه. وغَضُّ الطرْفِ: احتمالُ الْمَكْرُوهِ؛ وأَنشد أَبو الْغَوْثِ:(7/197)
وما كانَ غَضُّ الطرْفِ مِنَّا سَجِيَّةً، ... ولَكِنَّنا فِي مَذْحِجٍ غُرُبان
وَيُقَالُ: غُضَّ مِنْ بَصَرِكَ وغُضَّ مِنْ صَوْتِكَ. وَيُقَالُ: إِنك لَغَضِيضُ الطرْفِ نَقِيُّ الظَّرْفِ؛ قَالَ: والظَّرْفُ وِعاؤه، يَقُولُ: لسْتَ بِخَائِنٍ. وَيُقَالُ: غُضَّ مِنْ لِجَامِ فرَسك أَي صَوِّبْه وانْقُص مِنْ غَرْبِه وحِدّتِه. وغَضَّ مِنْهُ يَغُضُّ أَي وَضَعَ ونَقَصَ مِنْ قَدْرِهِ. وغَضَّه يَغُضُّه غَضّاً: نَقَصَه. وَلَا أَغُضُّكَ دِرْهَماً أَي لَا أَنْقُصُكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَوْ غَضَّ الناسُ فِي الوصِيَّة مِنَ الثلُث
أَي نَقَصُوا وحَطُّوا؛ وَقَوْلُهُ:
أَيّامَ أَسْحَبُ لِمَّتي عَفَرَ المَلا، ... وأَغُضُّ كلَّ مُرَجَّلٍ رَيّان
قِيلَ: يَعْنِي بِهِ الشَّعَر، فالمُرَجَّلُ عَلَى هَذَا المَمْشُوطُ، والرّيانُ المُرْتَوِي بِالدُّهْنِ، وأَغُضُّ: أَكُفُّ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنما يَعْنِي بِهِ الزِّقّ، فالمُرَجَّلُ عَلَى هَذَا الَّذِي يُسْلَخُ مِنْ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ، والرّيّانُ المَلآنُ. وَمَا عَلَيْكَ بِهَذَا غَضاضةٌ أَي نَقْصٌ وَلَا انْكسارٌ وَلَا ذُلٌّ. وَيُقَالُ: مَا أَرَدْت بِذَا غَضيضةَ فُلَانٍ وَلَا مَغَضَّتَه كَقَوْلِكَ: مَا أَردت نَقِيصَتَهُ ومَنْقَصَته. وَيُقَالُ: مَا غَضَضْتك شَيْئًا أَي مَا نَقَصْتُك شَيْئًا. والغَضْغَضةُ: النَّقْصُ. وتَغَضْغَضَ الماءُ: نقَص. اللَّيْثُ: الغَضُّ وَزْعُ العَذْلِ؛ وأَنشد:
غُضّ المَلامةَ إِنِّي عَنْك مَشْغُولُ «1»
وغَضْغَضَ الماءَ والشيءَ فَغَضْغَضَ وتَغَضْغَضَ: نقَصه فنَقَصَ. وَبَحْرٌ لَا يُغَضْغَضُ وَلَا يُغَضْغِضُ أَي لَا يُنْزَحُ. يُقَالُ: فُلَانٌ بَحْرٌ لَا يُغَضْغَضُ؛ وَفِي الْخَبَرِ: إِن أَحد الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ اسْتَعانَتْ بِهِمْ سَلِيطٌ عَلَى جَرِيرٍ لَمَّا سَمِعَ جَرِيرًا يُنْشِدُ:
يَتْرُكُ أَصْفانَ الخُصى جَلاجِلا
قَالَ: عَلِمْتُ أَنه بَحْرٌ لَا يُغَضْغَضُ أَو يُغَضْغِضُ؛ قَالَ الأَحوص:
سَأَطْلُبُ بالشامِ الوَلِيدَ، فإِنَّه ... هوَ البَحْرُ ذُو التَّيّارِ، لَا يَتَغَضْغَضُ
وَمَطَرٌ لَا يُغَضْغِضُ أَي لَا يَنْقَطِعُ. والغَضْغَضَةُ: أَن يَتَكَلَّمَ الرجلُ فَلَا يُبِين. والغَضاضُ والغُضاضُ: مَا بَيْنَ العِرْنينِ وقُصاصِ الشعَر، وَقِيلَ مَا بَيْنَ أَسفل رَوْثَةِ الأَنف إِلى أَعْلاه، وَقِيلَ هِيَ الرَّوْثةُ نَفْسُهَا؛ قَالَ:
لَمَّا رَأَيْتُ العَبْدَ مُشْرَحِفّا ... لِلشَّرِّ لَا يُعْطِي الرِّجالَ النِّصْفا،
أَعْدَمْتُه غُضاضَه والكَفّا
وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ فِي الأَلفاظ عُضاضَه، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: هُوَ مُقَدَّمُ الرأْس وَمَا يَلِيهِ مِنَ الْوَجْهِ، وَيُقَالُ لِلرَّاكِبِ إِذا سأَلته أَن يُعَرّج عَلَيْكَ قَلِيلًا: غُضّ سَاعَةً؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
خَلِيلَيَّ غُضَّا سَاعَةً وتَهَجَّرا
أَي غُضّا مِنْ سَيرِكما وعَرّجا قَلِيلًا ثُمَّ رَوِّحَا مُتَهَجِّرَيْنِ. وَلَمَّا مَاتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: هَنِيئاً لَكَ يَا ابْنَ عَوْفٍ خَرَجْتَ مِنَ الدُّنْيَا بِبِطْنَتِكَ وَلَمْ يَتَغَضْغَضْ مِنْهَا شَيْءٌ؛ قَالَ الأَزهري: ضَرَبَ البِطْنةَ مَثَلًا لِوُفُورِ أَجره الَّذِي اسْتَوْجَبَهُ
__________
(1) . قوله [غض الملامة] كذا هو في الأَصل بضاد بدون ياء وفي شرح القاموس بالياء خطاباً لمؤنث.(7/198)
بِهِجْرَته وجِهادِه مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَنه لَمْ يَتَلَبَّسْ بِشَيْءٍ مِنْ وِلايةٍ وَلَا عَمَل يَنْقُصُ أُجُورَه الَّتِي وجَبَت لَهُ. وَرَوَى ابْنُ الْفَرَجِ عَنْ بَعْضِهِمْ: غَضَضْتُ الغُصْنَ وغَضَفْتُه إِذا كسرْته فَلَمْ تُنْعِم كَسْرَه. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ مَوْتِ البَخِيلِ: ومالُه وافرٌ لَمْ يُعْطِ مِنْهُ شَيْئًا؛ مِنْ أَمثالهم فِي هَذَا: مَاتَ فُلَانٌ بِبِطْنَتِهِ لَمْ يَتَغَضْغَضْ مِنْهَا شَيْءٌ، زَادَ غَيْرُهُ: كَمَا يُقَالُ مَاتَ وَهُوَ عَرِيضُ الْبِطَانِ أَي سَمِينٌ من كثرة المال.
غمض: الغُمْضُ والغَماضُ والغِماضُ والتَّغْماضُ والتَّغْمِيضُ والإِغْماضُ: النَّوْمُ. يُقَالُ: مَا اكتَحَلْتُ غَماضاً وَلَا غِماضاً وَلَا غُمْضاً، بِالضَّمِّ، وَلَا تَغْمِيضاً وَلَا تَغْماضاً أَي مَا نِمْتُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الغُمْضُ والغُمُوضُ والغِماضُ مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ لَمْ يُنْطَقْ بِهِ مِثْلُ القَفْر؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَرَّقَ عَيْنَيْكَ، عَنِ الغِماضِ، ... بَرْقٌ سَرَى فِي عارِضٍ نَهَّاضِ
وَمَا اغْتَمَضَتْ عَيْنايَ وَمَا ذُقْتُ غُمْضا وَلَا غِماضاً أَي مَا ذُقْتُ نَوْمًا، وَمَا غَمَضْتُ وَلَا أَغْمَضْتُ وَلَا اغْتَمَضْتُ لُغَاتٌ كُلُّهَا؛ وَقَوْلُهُ:
أَصاحِ تَرى البَرْقَ لَمْ يَغْتَمِضْ، ... يَمُوتُ فُواقاً ويَشْرَى فُواقا
إِنما أَراد لَمْ يَسْكُن لَمَعانُه فَعَبَّرَ عَنْهُ بيغتمِض لأَن النَّائِمَ تسكُن حَرَكَاتُهُ. وأَغْمَضَ طرْفَه عنِّي وغَمَّضه: أَغْلَقَه، وأَغْمَضَ الميِّتَ وغَمَّضَه إِغْماضاً وتَغْمِيضاً. وتغميضُ الْعَيْنِ: إِغْماضُها. وغَمَّضَ عَلَيْهِ وأَغْمَضَ: أَغْلَقَ عَيْنَيْهِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِحُسَيْنِ بْنِ مَطِيرٍ الأَسدي:
قَضَى اللهُ، يَا أَسماءُ، أَن لَسْتُ زائِلًا، ... أُحِبُّكِ حَتَّى يُغْمِضَ العَيْنَ مُغْمِضُ
وغَمَّضَ عَنْهُ: تجاوَزَ. وسَمِعَ الأَمرَ فأَغْمَضَ عَنْهُ وَعَلَيْهِ، يُكَنَّى بِهِ عَنِ الصَّبْرِ. وَيُقَالُ: سَمِعْتُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا فأَغْمَضْتُ عَنْهُ وأَغْضَيْتُ إِذا تَغافَلْتَ عَنْهُ. وأَغْمَضَ فِي السِّلْعة: اسْتَحَطَّ مِنْ ثَمَنِهَا لرداءتِها، وَقَدْ يَكُونُ التَّغْمِيض مِنْ غَيْرِ نَوْمٍ. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لبيِّعه: أَغْمِضْ لِي فِي البِياعةِ أَي زِدْني لِمَكَانِ رَدَاءَتِهِ أَو حُطَّ لِي مِنْ ثَمَنِهِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ أَغْمَضَ فِي الْبَيْعِ يُغْمِضُ إِذا اسْتَزَادَهُ مِنَ المَبيعِ واستحطَّه مِنَ الثَّمَنِ فَوَافَقَهُ عَلَيْهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي طَالِبٍ:
هُما أَغْمَضا للقوْمِ فِي أَخَوَيْهِما، ... وأَيْدِيهِما مِنْ حُسْنِ وصْلِهِما صِفْرُ
قَالَ: وَقَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
يَسُومُونَه أَن يُغْمِضَ النَّقْدَ عِنْدَها، ... وَقَدْ حاوَلُوا شِكْساً عَلَيْهَا يُمارِسُ
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ
؛ يَقُولُ: أَنتم لَا تأْخذونه إِلا بِوَكْسٍ فَكَيْفَ تُعْطُونَهُ فِي الصَّدَقةِ؟ قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا عَلَى إِغْماضٍ أَو بِإِغْماضٍ، ويدُلّك عَلَى أَنه جَزَاءٌ أَنك تَجِدُ الْمَعْنَى إِن أَغْمَضْتم بَعْدَ الإِغماض أَخذتموه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ يأْخذه إِلا عَلَى إِغْماضٍ
؛ الإِغْماضُ: المُسامَحةُ والمُساهَلةُ. وغَمَضْتَ عَنْ فُلَانٍ إِذا تَساهَلْتَ عَلَيْهِ فِي بَيْعٍ أَو شِرَاءٍ، وأَغْمَضْت. الأَصمعي: أَتاني ذَاكَ عَلَى اغْتِماضٍ أَي عَفْواً بِلَا تَكَلُّفٍ وَلَا مَشَقَّةٍ؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:(7/199)
والشِّعْرُ يأْتِيني عَلَى اغْتِماضِ، ... كَرْهاً وطَوْعاً وَعَلَى اعْتِراضِ
أَي أَعْتَرِضُه اعتِراضاً فَآخُذُ مِنْهُ حَاجَتِي مِنْ غَيْرِ أَن أَكون قَدَّمْتُ الروِيّة فِيهِ. والغَوامِض: صِغَارُ الإِبل، وَاحِدُهَا غامِضٌ. والغَمْضُ والغامِضُ: الْمُطْمَئِنُّ الْمُنْخَفِضُ مِنَ الأَرض. وَقَالَ أَبو حَنِيفَة: الغَمْضُ أَشدّ الأَرض تَطامُناً يَطمئِنُّ حَتَّى لَا يُرَى مَا فِيهِ، وَمَكَانٌ غَمْض، قَالَ: وَجَمْعُهُ غُمُوضٌ وأَغماضٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا اعْتَسَفْنا رَهْوةً أَو غَمْضا
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرُؤْبَةَ:
بلالِ، يا ابنَ الحَسَبِ الأَمْحاضِ، ... لَيْسَ بأَدْناسٍ وَلَا أَغْماضِ
جَمْعُ غَمْض وَهُوَ خِلَافُ الْوَاضِحِ، وَهِيَ المَغامِضُ، وَاحِدُهَا مَغْمَضٌ وَهُوَ أَشدُّ غُؤُوراً. وَقَدْ غَمَضَ المكانُ وغَمُضَ وغَمَضَ الشيءُ وغَمُضَ يَغْمُضُ غُموضاً فِيهِمَا: خَفِيَ. اللِّحْيَانِيُّ: غَمَض فُلَانٌ فِي الأَرض يَغْمُضُ ويَغْمِضُ غُموضاً إِذا ذَهَبَ فِيهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَغْمَضَتِ الفَلاةُ عَلَى الشخُوص إِذا لَمْ تَظْهَرْ فِيهَا لتغْييبِ الآلِ إِيّاها وتَغَيُّبِها فِي غُيوبِها؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا الشخْصُ فِيهَا هَزَّه الآلُ، أَغْمَضَتْ ... عَلَيْهِ كإِغْماضِ المُغَضِّي هُجُولُها
أَي أَغْمَضَت هُجُولُها عَلَيْهِ. والهُجُولُ: جَمْعُ الهَجْل مِنَ الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ غامِضاً فِي النَّاسِ
أَي مَغْموراً غَيْرَ مَشْهُورٍ. وَفِي حَدِيثُ
مُعَاذٍ: إِيّاكم ومُغَمِّضاتِ الأُمور
«2» ، وَفِي رِوَايَةٍ:
المُغَمِّضاتِ مِن الذُّنُوبِ
، قَالَ: هِيَ الأُمور الْعَظِيمَةُ الَّتِي يَرْكَبُها الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْرِفُهَا فكأَنه يُغَمِّضُ عَيْنَيْهِ عَنْهَا تَعامِياً وَهُوَ يُبْصِرُها، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَرُبَّمَا رُوِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهِيَ الذُّنُوبُ الصِّغَارُ، سُمِّيَتْ مُغَمِّضاتٍ لأَنها تَدِقُّ وَتَخْفَى فَيَرْكَبُهَا الإِنسان بِضَرْب مِنَ الشُّبْهة وَلَا يَعْلَمُ أَنه مُؤاخذ بِارْتِكَابِهَا. وكلُّ مَا لَمْ يَتَّجِهْ لَكَ مِنَ الأُمور، فَقَدْ غَمَضَ عَلَيْكَ. ومُغْمِضاتُ الليلِ: دَياجِير ظُلَمِه، وغَمُضَ يَغْمُضُ غُمُوضاً وَفِيهِ غُمُوضٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ فِيهِ غُموضةٌ. والغامِضُ مِنَ الْكَلَامِ: خلافُ الواضحِ، وَقَدْ غَمُضَ غُموضةً وغَمَّضْتُه أَنا تَغْمِيضاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ فِيهِ أَيضاً غَمَضَ، بِالْفَتْحِ، غُمُوضاً، قَالَ: وَفِي كَلَامِ ابْنِ السَّرَّاجِ قَالَ: فتأَمله فإِنّ فِيهِ غُمُوضاً يَسِيراً. والغامِضُ مِنَ الرِّجَالِ: الفاتِرُ عَنِ الحَمْلةِ؛ وأَنشد:
والغَرْبُ غَرْبٌ بَقَرِيٌّ فارِضُ، ... لَا يَسْتَطيعُ جَرَّه الغَوامِضُ
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الجيِّدِ الرأْي: قَدْ أَغْمَضَ النَّظَرَ. ابْنُ سِيدَهْ: وأَغْمَضَ النَّظَرَ إِذا أَحْسَنَ النَّظَرَ أَو جَاءَ برأْي جيِّد. وأَغْمَضَ فِي الرأْي: أَصابَ. ومسأَلة غامِضةٌ: فِيهَا نَظر ودِقّةٌ. ودارٌ غامِضةٌ إِذا لَمْ تَكُنْ عَلَى شَارِعٍ، وَقَدْ غَمَضَتْ تَغْمُضُ غُمُوضاً. وحَسَبٌ غامِض: غَيْرُ مَشْهُورٍ. وَمَعْنًى غامِضٌ: لطِيف. وَرَجُلٌ ذُو غَمْضٍ أَي خَامِلٌ ذلِيل؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ لأَخيه عَامِرِ بْنِ لؤيّ:
__________
(2) . قوله [ومغمضات الأَمور إلخ] هذا ضبط النهاية بشكل القلم وعليه فمغمضات من غَمَّض بشد الميم، وفي القاموس مُغْمِضَات كمؤمنات من أَغْمَضَ، واستشهد شارحه بهذا الحديث فلعله جاء بالوجهين.(7/200)
لَئِنْ كنتَ مَثْلُوجَ الفُؤادِ، لَقَدْ بَدَا ... لِجَمْعِ لُؤيٍّ منكَ ذِلَّةُ ذِي غَمْضِ
وأَمرٌ غامِض وَقَدْ غَمَضَ، وخَلْخالٌ غامِض: قَدْ غاصَ فِي السَّاق، وَقَدْ غَمَضَ فِي السَّاق غُموضاً. وكعْبٌ غامِض: وَارَاهُ اللَّحْمُ. وغَمَضَ في الأَرض يَغْمِضُ ويَغْمُضُ غُموضاً: ذهَب وَغَابَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَمَا فِي هَذَا الأَمر غَمِيضةٌ وغُمُوضةٌ أَي عَيْب. وغَمَّضَتِ الناقةُ إِذا رُدَّت عَنِ الحَوْض فحمَلَت عَلَى الذَّائِدِ مُغمِّضة عَيْنَيْها فَوَرَدَت؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يُرْسِلُها التغْمِيضُ، إِنْ لَمْ تُرْسَلِ، ... خَوْصاء، تَرْمِي باليَتِيمِ المُحْثَلِ
غنض: غَنَضَه يَغْنِضُه غَنْضاً: جهَده وشَقَّ عليه.
غيض: غاضَ الماءُ يَغِيضُ غَيْضاً ومَغِيضاً ومَغاضاً وانْغاضَ: نقَص أَو غارَ فذهبَ، وَفِي الصِّحَاحِ: قَلَّ فنضَب. وَفِي حَدِيثِ
سَطيح: وغاضَت بُحَيْرةُ ساوَةَ
أَي غارَ مَاؤُهَا وذهَب. وَفِي حَدِيثِ
خُزيمة فِي ذِكْرِ السَّنة: وغاضَت لَهَا الدِّرّة
أَي نقصَ اللَّبنُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِف أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وغاضَ نَبْعَ الرِّدَّةِ
أَي أَذْهَب مَا نَبَع مِنْهَا وظَهر. وغاضَه هُوَ وغَيَّضَه وأَغاضَه، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: غاضَه نقَصه وفَجَّرَه إِلى مَغيض. والمَغِيضُ: الْمَكَانُ الَّذِي يَغِيضُ فِيهِ الْمَاءُ. وأَغاضَه وغَيَّضَه وغِيضَ ماءُ الْبَحْرِ، فَهُوَ مَغِيضٌ، مَفْعُولٌ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: وغِيضَ الماءُ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ. وغاضَه اللَّهُ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، وأَغاضَه اللَّهُ أَيضاً؛ فأَما قَوْلُهُ:
إِلى اللَّهِ أَشْكُو مِنْ خَلِيلٍ أَوَدُّه ... ثلاثَ خِلال، كلُّها ليَ غائِضُ
قَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد غَائِظُ، بِالظَّاءِ، فأَبدل الظَّاءَ ضَادًا؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ جِنِّي، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيَجُوزُ عِنْدِي أَن يَكُونَ غائِض غَيْرَ بَدَل وَلَكِنَّهُ مِنْ غاضَه أَي نَقصه، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ أَنه يَنْقُصُني ويَتَهَضَّمُني. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مَا نقَص الحَمْل عَنْ تِسْعَةِ أَشهر وَمَا زَادَ عَلَى التِّسْعَةِ، وَقِيلَ: مَا نقَص عَنْ أَن يَتِمَّ حَتَّى يَموت وَمَا زَادَ حَتَّى يتمَّ الحمْل. وغَيَّضْت الدَّمع: نَقَصْته وحَبَسْته. والتغْيِيضُ: أَن يأْخذ العَبْرة مِنْ عَيْنه ويَقْذِف بِهَا؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:
غَيَّضْنَ مِنْ عَبَراتِهِنَّ وقُلْنَ لِي: ... مَاذَا لَقِيتَ مِنَ الهَوَى ولَقِينا؟
مَعْنَاهُ أَنهنّ سَيَّلْنَ دُمُوعَهُنَّ حَتَّى نَزَفْنَها. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَنْ هَاهُنَا لِلتَّبْعِيضِ، وَتَكُونُ زَائِدَةً عَلَى قَوْلِ أَبي الْحَسَنِ لأَنه يَرَى زِيَادَةَ مِنْ فِي الواجِبِ. وَحُكِيَ قَدْ كَانَ مِنْ مَطَرٍ أَي قَدْ كَانَ مطَر. وأَعطاه غَيْضاً مِنْ فَيْضٍ أَي قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِمْ فُلَانٌ يُعْطِي غَيْضاً مِنْ فَيْضٍ: مَعْنَاهُ أَنه قَدْ فَاضَ مَالُهُ ومَيْسَرَتُه فَهُوَ إِنّما يُعْطِي مِنْ قُلّه أَعظم أَجراً»
. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ بْنِ أَبي العاصي: لَدِرْهمٌ يُنْفِقُه أَحدكم مِنْ جَهْدِه خيرٌ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ ينفقُها أَحَدُنا غَيْضاً مِنْ فَيْضٍ
أَي قليلُ أَحدكم مَعَ فَقْرِه خَيْرٌ مِنْ كثيرِنا مَعَ غِنَانَا. وغاضَ ثَمنُ السِّلْعة يَغِيضُ: نقَص، وغاضَه وغَيَّضَه. الْكِسَائِيُّ: غاضَ ثمنُ السِّلْعة وغِضْتُه أَنا فِي بَابِ فعَلَ الشيءُ وفعَلْته؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا تأْويَا للحَوْضِ أَن يَفِيضَا، ... أَن تَغْرِضا خيرٌ من أَن تَغِيضا
__________
(1) . كذا بالأَصل.(7/201)
يَقُولُ أَنَ تَمْلآه خَيْرٌ مِنْ أَن تَنْقُصاه؛ وَقَوْلُ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
أَما تَرَيْني قَدْ فَنِيتُ، وغاضَني ... مَا نِيل مِنْ بَصَرِي، وَمِنْ أَجْلادِي؟
مَعْنَاهُ نَقَصَني بَعْدَ تَمَامِي؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
وَلَوْ قَدْ عَضَّ مَعْطِسَه جَرِيرِي، ... لقدْ لانَتْ عَرِيكَتُه وَغَاضَا
فسَّره فَقَالَ: غاضَ أَثَّرَ فِي أَنفه حَتَّى يَذِلَّ. وَيُقَالُ: غاضَ الكِرامُ أَي قَلُّوا، وفاضَ اللِّئام أَي كَثُرُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا كَانَ الشِّتاء قَيْظاً وغاضَت الكِرام غَيْضاً
أَي فَنُوا وبادُوا. والغَيْضَةُ: الأَجَمةُ. وغَيَّضَ الأَسَدُ: أَلِفَ الغَيْضَة. والغَيْضَة: مَغِيضُ ماءٍ يَجْتَمِعُ فيَنْبت فِيهِ الشَّجَرُ، وَجَمْعُهَا غِياضٌ وأَغْياضٌ، الأَخيرة عَلَى طرْح الزَّائِدِ، وَلَا يَكُونُ جَمْعَ جمعٍ لأَن جَمْعَ الْجَمْعِ مُطَّرح مَا وُجِدَت عَنْهُ مَنْدوحة، وَلِذَلِكَ أَقَرَّ أَبو عَلِيٍّ قَوْلَهُ
فَرُهُنٌ مقبُوضة
عَلَى أَنه جَمْعُ رَهْن كَمَا حَكَى أَهل اللُّغَةِ، لَا عَلَى أَنه جَمْعُ رِهان الَّذِي هُوَ جَمْعُ رَهْن، فَافْهَمْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَا تُنْزِلُوا الْمُسْلِمِينَ الغِياض
؛ الغِياضُ جَمْعُ غَيْضة وَهِيَ الشَّجَرُ المُلْتَفّ لأَنهم إِذا نزَلُوها تَفَرَّقُوا فِيهَا فتمكَّن مِنْهُمُ الْعَدُوُّ. والغَيْضُ: مَا كثُرَ مِنَ الأَغْلاثِ أَي الطَّرْفاء والأَثْل والحاجِ والعِكْرِش واليَنْبُوت. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ مِنْبَر رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْغَابَةُ غَيْضة ذَاتُ شَجَرٍ كَثِيرٍ وَهِيَ عَلَى تِسْعَةِ أَميال مِنَ الْمَدِينَةِ. والغِيضُ: الطَّلْع، وَكَذَلِكَ الغَضِيضُ والإِغْرِيض، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الفاء
فحض: فَحَضَ الشيءَ يَفْحَضُه فَحْضاً: شدَخه؛ يَمَانِيَةٌ، وأَكثر مَا يُستعمل فِي الرطْب كالبِطِّيخ وشِبْهِه.
فرض: فرَضْت الشَّيْءَ أَفْرِضه فَرْضاً وفَرَّضْتُه لِلتَّكْثِيرِ: أَوْجَبْتُه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها
، وَيُقْرَأُ:
وفرَّضْناها
، فَمَنْ قرأَ بِالتَّخْفِيفِ فَمَعْنَاهُ أَلزَمْناكم العَمل بِمَا فُرِضَ فِيهَا، وَمَنْ قرأَ بِالتَّشْدِيدِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما عَلَى مَعْنَى التَّكْثِيرِ عَلَى مَعْنَى إِنا فَرَضْنَا فِيهَا فُرُوضاً، وَعَلَى مَعْنَى بَيَّنَّا وفَصَّلْنا مَا فِيهَا مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ والحدُود. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ
؛ أَي بيَّنها. وافْتَرَضَه: كفَرَضَه، وَالِاسْمُ الفَرِيضةُ. وفَرائضُ اللهِ: حُدودُه الَّتِي أَمرَ بِهَا ونهَى عَنْهَا، وَكَذَلِكَ الفَرائضُ بالمِيراثِ. والفارِضُ والفَرَضِيُّ: الَّذِي يَعْرِف الفرائضَ وَيُسَمَّى العِلْمُ بقِسْمةِ المَوارِيث فَرائضَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفْرَضُكم زَيْدٌ.
والفَرْضُ: السُّنةُ، فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللّ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَي سَنَّ، وَقِيلَ: فَرَضَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَي أَوْجَبَ وُجُوباً لَازِمًا، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. والفَرْضُ: مَا أَوْجَبه اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّ لَهُ مَعالِمَ وَحُدُوداً. وفرَض اللَّهُ عَلَيْنَا كَذَا وَكَذَا وافْتَرَضَ أَي أَوْجَب. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ
؛ أَي أَوْجَبه عَلَى نَفْسِهِ بإِحرامه. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الفَرْضُ التوْقِيتُ. وكلُّ واجِبٍ مؤقَّتٍ، فَهُوَ مَفْرُوضٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: العِلْمُ ثلاثةٌ مِنْهَا فرِيضةٌ عادلةٌ
؛ يُرِيدُ العَدْل فِي القِسْمة بِحَيْثُ تَكُونُ عَلَى السِّهام والأَنْصِباء الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ والسنَّة، وَقِيلَ: أَراد أَنها تَكُونُ(7/202)
مُسْتَنْبَطَةً مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وإِن لَمْ يَرِد بِهَا نَصٌّ فِيهِمَا فَتَكُونُ مُعادِلةً لِلنَّصِّ، وَقِيلَ: الفَرِيضةُ العادِلةُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مُؤَقَّتًا. والفَرْضُ: القِراءة. يُقَالُ: فَرَضْتُ جُزْئي أَي قرأْته، والفَرِيضةُ مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ: مَا بَلَغَ عَدَدُه الزكاةَ. وأَفْرَضَتِ الماشِيةُ: وَجَبَتْ فِيهَا الفَرِيضة، وَذَلِكَ إِذا بَلَغَتْ نِصاباً. والفَرِيضةُ: مَا فُرِضَ فِي السائمةِ مِنَ الصَّدَقَةِ. أَبو الْهَيْثَمِ: فَرائضُ الإِبل الَّتِي تحتَ الثَّنيّ والرُّبُعِ. يُقَالُ للقَلُوصِ الَّتِي تَكُونُ بِنْتَ سَنَةٍ وَهِيَ تُؤْخَذُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ: فَرِيضةٌ، وَالَّتِي تُؤْخَذُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَهِيَ بِنْتُ لَبُونٍ وَهِيَ بِنْتُ سَنَتَيْنِ: فريضةٌ، وَالَّتِي تُؤْخَذُ فِي سِتٍّ وأَربعين وَهِيَ حِقّة وَهِيَ ابْنَةُ ثلاثِ سِنِينَ: فَرِيضَةٌ، وَالَّتِي تُؤْخَذُ فِي إِحدى وَسِتِّينَ جَذَعةٌ وَهِيَ فَرِيضَتُهَا وَهِيَ ابْنَةُ أَربع سِنِينَ فَهَذِهِ فرائضُ الإِبلِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَتْ فَرِيضَةً لأَنها فُرِضَتْ أَي أُوجِبَتْ فِي عَدَدٍ مَعْلُومٍ مِنَ الإِبل، فَهِيَ مَفْروضةٌ وفَريضة، فأُدخلت فِيهَا الْهَاءُ لأَنها جُعِلَتِ اسْمًا لَا نَعْتًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي الْفَرِيضَةِ تجبُ عَلَيْهِ وَلَا توجَدُ عِنْدَهُ
، يَعْنِي السِّنَّ الْمُعَيَّنِ للإِخراج فِي الزَّكَاةِ، وَقِيلَ: هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ فرْضٍ مَشْروعٍ مِنْ فرائضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مَا لَهُمْ إِلا الفَرِيضتانِ، وَهُمَا الجَذَعةُ مِنَ الْغَنَمِ والحِقّةُ مِنَ الإِبل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ لَهُمَا الفرْضتانِ أَيضاً؛ عَنِ ابْنُ السِّكِّيتِ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
هَذِهِ فَرِيضةُ الصدقةِ الَّتِي فَرَضَها رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى الْمُسْلِمِينَ
أَي أَوجَبها عَلَيْهِمْ بأَمر اللَّهِ. وأَصلُ الْفَرْضِ القطْعُ. والفَرْضُ والواجِبُ سِيّانِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، والفَرْضُ آكَدُ مِنَ الْوَاجِبِ عِنْدَ أَبي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ: الفرْضُ هَاهُنَا بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ أَي قَدّرَ صدَقةَ كلِّ شَيْءٍ وبَيَّنَها عَنْ أَمر اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
فإِن لَهُ عَلَيْنَا سِتَّ فَرائضَ
؛ الفرائضُ: جَمْعُ فَرِيضةٍ، وَهُوَ الْبَعِيرُ المأْخوذ فِي الزَّكَاةِ، سُمِّيَ فَرِيضَةً لأَنه فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، ثُمَّ اتُّسِع فِيهِ حَتَّى سُمِّيَ البعيرُ فَرِيضَةً فِي غَيْرِ الزَّكَاةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَن مَنَعَ فَرِيضةً مِنْ فَرائضِ اللَّهِ.
وَرَجُلٌ فارِضٌ وفَرِيضٌ: عالِمٌ بالفَرائضِ كَقَوْلِكَ عالِمٌ وعَلِيمٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعْرابي. والفَرْضُ: الهِبةُ. يُقَالُ: مَا أَعطاني فَرْضاً وَلَا قَرْضاً. والفرْضُ: العَطيّةُ المَرْسُومةُ، وَقِيلَ: مَا أَعْطَيْتَه بِغَيْرِ قَرْضٍ. وأَفْرَضْتُ الرَّجل وفَرَضْتُ الرَّجل وافْتَرَضْتُه إِذا أَعطيته. وَقَدْ أَفْرَضْتُه إِفْراضاً. والفرْضُ: جُنْدٌ يَفْتَرِضُون، وَالْجَمْعُ الفُروضُ. الأَصمعي: يُقَالُ فَرَضَ لَهُ فِي العَطاء وفرَض لَهُ فِي الدِّيوانِ يَفْرِضُ فَرْضاً، قَالَ: وأَفْرَضَ لَهُ إِذا جَعَلَ لَهُ فَرِيضَةً. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيّ: أَتيت عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عَنْهُمَا، فِي أُناسٍ مِنْ قَوْمِي فَجَعَلَ يَفْرِضُ لِلرَّجُلِ من طَيِء فِي أَلفين أَلفين ويُعْرِضُ عَنِّي
أَي يَقْطَعُ ويُوجِبُ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي العَطاء أَلفين مِنَ الْمَالِ. والفرْضُ: مَصْدَرُ كُلِّ شَيْءٍ تَفْرِضُه فتُوجِبه عَلَى إِنسان بقَدْر مَعْلُومٍ، وَالِاسْمُ الفَرِيضةُ. والفارِضُ: الضخْمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَا يُقَالُ فارِضةٌ. ولِحْيةٌ فارضٌ وفارِضةٌ: ضَخْمةٌ عظيمة، وشِقْشِقةٌ فارِضٌ وسِقاء فارضٌ كَذَلِكَ، وبَقَرة فارضٌ: مُسِنّة. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّها بَقَرَةٌ لَا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الفارِض الهَرِمةُ والبِكْرُ الشَّابَّةُ. وَقَدْ فَرَضَتِ البقرةُ تَفْرِضُ فُروضاً أَي كَبِرَتْ وطَعَنَت فِي السِّنّ، وَكَذَلِكَ فَرُضَتِ الْبَقَرَةُ، بِالضَّمِّ، فَراضةً؛(7/203)
قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَوْفٍ وَقَدْ عَنى بَقَرَةً هَرِمَةً:
لَعَمْرِي، لَقَدْ أَعْطَيْتَ ضَيْفَكَ فارِضاً ... تُجَرُّ إِليه، مَا تَقُوم عَلَى رِجْلِ
وَلَمْ تُعْطِه بِكْراً، فَيَرْضَى، سَمِينةً، ... فَكَيْفَ يُجازِي بالمَوَدَّةِ والفِعْلِ؟
وَقَالَ أُمية فِي الْفَارِضِ أَيضاً:
كُمَيْت بَهِيم اللَّوْنِ لَيْسَ بِفارِضٍ، ... وَلَا بخَصِيفٍ ذاتِ لَوْنٍ مُرَقَّمِ
وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الفارِضُ فِي المُسِنّ مِنْ غَيْرِ الْبَقَرِ فَيَكُونُ لِلْمُذَكَّرِ وَلِلْمُؤَنَّثِ؛ قَالَ:
شَوْلاء مِسْكٌ فَارِضٌ نَهِيٌّ، ... مِنَ الكِباشِ، زامِر خَصيّ
وقومٌ فُرَّضٌ: ضِخامٌ، وَقِيلَ مَسانُّ؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ فُقَيْم:
شَيَّبَ أَصْداغِي، فرَأْسِي أَبْيَضُ، ... مَحامِلٌ فِيهَا رجالٌ فُرَّضُ
مِثْلُ البَراذِينِ، إِذا تأَرَّضُوا، ... أَو كالمِراضِ غَيْرَ أَنْ لَمْ يَمْرَضُوا
لَوْ يَهْجَعُونَ سَنةً لَمْ يَعْرِضُوا، ... إِنْ قلْتَ يَوْماً: للغَداء، أَعْرَضُوا
نَوْماً، وأَطْرافُ السِّبالِ تَنْبِضُ، ... وخُبِئَ المَلْتُوتُ والمُحَمَّضُ
وَاحِدُهُمْ فارِضٌ؛ وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي:
مَحامِلٌ بِيضٌ وقَوْمٌ فُرَّضُ
قَالَ: يُرِيدُ أَنهم ثِقالٌ كالمَحاملِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
فِي شَعْشعانٍ عُنُق يَمْخُور، ... حَابِي الحُيُودِ فارِضِ الحُنْجُور
قَالَ: وَقَالَ الْفَقْعَسِيُّ يَذْكُرُ غَرْباً واسِعاً:
والغَرْبُ غَرْبٌ بَقَرِيٌّ فارِضُ
التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ مِنَ الْفَارِضِ فَرَضَتْ وفرُضَت، قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْ بِفَرِضَ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الفارِضُ الْكَبِيرَةُ الْعَظِيمَةُ، وَقَدْ فَرَضَت تَفْرِضُ فُرُوضاً. ابْنُ الأَعرابي: الْفَارِضُ الْكَبِيرَةُ، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الفارِضُ المُسِنّةُ. أَبو زَيْدٍ: بَقَرَةٌ فارِضٌ وَهِيَ العظيمةُ السَّمِينَةُ، وَالْجَمْعُ فَوارِضُ. وبقرةٌ عَوانٌ: مِنْ بَقَرٍ عُونٍ، وَهِيَ الَّتِي نُتجَت بَعْدَ بَطْنها البِكْر، قَالَ قَتَادَةُ: لَا، فارِضٌ هِيَ الهَرِمةُ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفةَ: لَكُمْ فِي الوَظِيفةِ الفَريضةُ
؛ الفَريضةُ الهرمةُ المُسِنّةُ، وَهِيَ الفارِضُ أَيضاً، يَعْنِي هِيَ لَكُمْ لَا تُؤْخذُ مِنْكُمْ فِي الزَّكَاةِ، وَيُرْوَى: عَلَيْكُمْ فِي الوَظِيفةِ الفَرِيضةُ أَي فِي كُلِّ نِصابٍ مَا فُرِضَ فِيهِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَكُمُ الفارِضُ والفرِيضُ
؛ الفَرِيضُ والفارِضُ: المُسِنّةُ مِنَ الإِبل، وَقَدْ فَرَضَت، فَهِيَ فارِضٌ وفارِضةٌ وفَرِيضةٌ، وَمِثْلُهُ فِي التَّقْدِيرِ طَلَقَتْ فَهِيَ طَالِقٌ وطالِقةٌ وطَلِيقةٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
نَهْرُ سَعِيدٍ خالِصُ البياضِ، ... مُنْحَدِرُ الجِرْية فِي اعْتِراضِ
هَوْلٌ يَدُقُّ بِكُمُ العِراضِ، ... يَجْرِي عَلَى ذِي ثَبَجٍ فِرْياضِ
«1» كأَنَّ صَوْت مائِه الخَضْخاضِ ... أَجْلابُ جِنٍّ بنَقاً مِغْياضِ
__________
(1) . قوله: العراض بالكسر؛ هكذا في الأَصل ولعلها العراضي بالياء المشدّدة.(7/204)
قَالَ: ورأَيت بالسِّتارِ الأَغْبَرِ عَيْناً يُقَالُ لَهَا فِرْياضٌ تَسْقي نَخْلًا كَثِيرَةً وَكَانَ مَاؤُهَا عَذْبًا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
يا رُبَّ مَوْلًى حاسِدٍ مُباغِضِ، ... عليَّ ذِي ضِغْنٍ وضَبٍّ فارِضِ،
لَهُ قُروء كقُروء الحائِضِ
عَنَى بِضَبٍّ فارضٍ عَداوةً عَظِيمَةً كَبِيرَةً مِنَ الْفَارِضِ الَّتِي هِيَ الْمُسِنَّةُ؛ وَقَوْلُهُ:
لَهُ قُرُوءٌ كَقُرُوءِ الْحَائِضِ
يَقُولُ: لِعَدَاوَتِهِ أَوقات تَهِيجُ فِيهَا مِثْلَ وَقْتِ الْحَائِضِ. وَيُقَالُ: أَضمر عَلَيَّ ضِغْناً فَارِضًا وضِغْنةً فَارِضًا، بِغَيْرِ هَاءٍ، أَي عَظِيمًا، كأَنه ذُو فَرْض أَي ذُو حَزٍّ؛ وَقَالَ:
يَا رُبّ ذِي ضِغن عَلَيَّ فارِض
والفَرِيضُ: جِرّةُ الْبَعِيرِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَهِيَ عِنْدَ غَيْرِهِ القَريضُ بِالْقَافِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. ابْنُ الأَعرابي: الفَرْضُ الحَزُّ فِي القِدْحِ والزَّنْدِ وَفِي السَّير وَغَيْرِهِ، وفُرْضةُ الزَّنْدِ الْحَزُّ الَّذِي فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اتَّخَذَ عَامَ الْجَدْبِ قِدْحاً فِيهِ فَرْض
؛ الْفَرْضُ: الحَزُّ فِي الشَّيْءِ والقطعُ، والقِدْحُ: السهْمُ قَبْلَ أَن يُعْمل فِيهِ الرِّيشُ والنَّصْلُ. وَفِي صِفَةِ
مَرْيَمَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ: لَمْ يَفْتَرِضْها ولَد
أَي لَمْ يؤثِّر فِيهَا وَلَمْ يَحُزّها يَعْنِي قَبْلَ الْمَسِيحِ. قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً
؛ أَي مُؤَقَّتًا، وَفِي الصِّحَاحِ: أَي مُقْتَطَعاً مَحْدوداً. وفَرْضُ الزَّنْد: حَيْثُ يُقْدَحُ مِنْهُ. وفَرَضْتُ العُودَ والزَّندَ والمِسْواكَ وفرَضْتُ فِيهِمَا أَفْرِضُ فَرْضاً: حَزَزْتُ فِيهِمَا حَزّاً. وَقَالَ الأَصمعي: فرَض مِسْواكَه فَهُوَ يَفْرِضُه فَرْضاً إِذا حَزَّه بأَسنانِه. والفَرْضُ: اسْمُ الْحَزِّ، وَالْجَمْعُ فُروضٌ وفِراضٌ؛ قَالَ:
منَ الرَّصَفاتِ البِيضِ، غيَّرَ لَوْنَها ... بَناتُ فِراضِ المَرْخِ، واليابسِ الجَزْلِ
التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةٍ فَرَضَ: اللَّيْثُ التقْرِيضُ فِي كُلِّ شَيْءٍ كتقْريضِ يَدَيِ الجُعَلِ؛ وأَنشد:
إِذا طَرَحا شَأْواً بأَرْضٍ، هَوَى لَهُ ... مُقَرَّضُ أَطْرافِ الذِّراعَين أَفلَحُ
قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ وإِنما هُوَ التَّفْرِيضُ، بِالْفَاءِ، مِنَ الفرْض وَهُوَ الْحَزُّ. وَقَوْلُهُمُ الجُعْلانةُ مُفَرَّضةٌ كَأَنَّ فِيهَا حُزوزاً، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ رَوَاهُ الثِّقاتُ أَيضاً بِالْفَاءِ: مُفَرَّضُ أَطْرافِ الذِّرَاعَيْنِ، وَهُوَ فِي شِعْرِ الشَّمَّاخِ، وأَراد بالشأْو مَا يُلْقِيه العَيْرُ والأَتانُ مِنْ أَرْواثها، وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: أَراد الشَّمَّاخُ بالمُفَرَّضِ المُحَزَّزَ يَعْنِي الجُعَل. والمِفْرَضُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُحَزّ بِهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: فَرَاضُ النَّحْلِ «2» مَا تُظْهِرُهُ الزَّنْدةُ مِنَ النَّارِ إِذا اقْتُدِحَت. قَالَ: وَالْفِرَاضُ إِنما يَكُونُ فِي الأُنثى مِنَ الزَّنْدَتَيْنِ خَاصَّةً. وفَرَضَ فُوقَ السهْمِ، فَهُوَ مَفْروضٌ وفَريضٌ: حَزَّه. والفَريضُ: السَّهْمُ المَفْروض فُوقُه. والتفْريضُ: التَّحْزِيزُ. والفَرْضُ: العَلامةُ؛ وَمِنْهُ فرْضُ الصلاةِ وَغَيْرِهَا إِنما هُوَ لَازِمٌ لِلْعَبْدِ كلُزومِ الحَزِّ للقِدْح. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ خَرَجَتْ ثَناياه مُفَرَّضةً أَي مؤشَّرةً، قَالَ: والغُروبُ مَاءُ الأَسنان والظَّلْمُ بياضُها كأَنه يَعْلُوهُ سَواد، وَقِيلَ: الأَشْرُ تَحْزِيزٌ فِي أَطراف الأَسنان وأَطرافُها غُروبها،
__________
(2) . قوله [فراض النحل] كذا بالنسخة التي بأَيدينا، والذي في شرح القاموس: [الفراض ما تظهره إلخ.](7/205)
وَاحِدُهَا غَرْبٌ. والفَرْضُ: الشّقُّ فِي وسَط الْقَبْرِ. وفَرَضْت لِلْمَيِّتِ: ضَرَحْت. والفُرْضةُ: كالفَرْضِ. والفَرْضُ والفُرْضةُ: الحَزّ الَّذِي فِي القوْس. وفُرْضة الْقَوْسِ: الْحَزُّ يَقَعُ عَلَيْهِ الوتَر، وفَرْضُ القوسِ كَذَلِكَ، وَالْجَمْعُ فِراضٌ. وفُرْضةُ النَّهْرِ: مَشْرَبُ الْمَاءِ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ فُرَضٌ وفِراضٌ. الأَصمعي: الفُرْضةُ المَشْرَعةُ، يُقَالُ: سَقَاهَا بالفِراضِ أَي مِنْ فُرْضةِ النَّهْرِ. والفُرْضة: الثُّلْمة الَّتِي تَكُونُ فِي النَّهْرِ. والفِراضُ: فُوَّهةُ النَّهْرِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
تَجْرِي خَزَائِنُهُ عَلَى مَن نابَه، ... جَرْيَ الفُراتِ عَلَى فِراضِ الجَدْوَلِ
وفُرْضةُ النَّهْرِ: ثُلْمَتُه الَّتِي مِنْهَا يُسْتقى. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: حَتَّى أَرْفَأ بِهِ عِنْدَ فُرْضَةِ النَّهْرِ
أَي مَشْرَعَتِه، وَجَمْعُ الْفُرْضَةِ فُرَضٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: وَاجْعَلُوا السُّيُوفَ لِلْمَنَايَا فُرَضاً
أَي اجْعَلُوهَا مَشارِعَ لِلْمَنَايَا وتَعَرَّضُوا لِلشَّهَادَةِ. وفُرْضَةُ الْبَحْرِ: مَحَطُّ السفُن. وفُرْضةُ الدواةِ: مَوْضِعُ النِّقْس مِنْهَا. وفُرْضة الْبَابِ: نَجْرانُه. والفَرْضُ: القِدْحُ؛ قَالَ عبيدُ بْنُ الأَبرص يَصِفُ بَرْقاً:
فَهْوَ كَنِبْراسِ النَّبِيطِ، أَو الفَرْضِ ... بكَفِّ اللَّاعِبِ المُسْمِرِ
والمُسْمِرُ: الَّذِي دَخَلَ فِي السَّمَرِ. والفَرْضُ: التُّرْسُ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ الْهُذَلِيُّ:
أَرِقْتُ لَهُ مِثْلَ لَمْعِ البَشِيرِ، ... قَلَّبَ بالكفِّ فَرْضاً خَفِيفَا
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَا تَقُلْ قُرْصاً خَفِيفًا. والفَرْضُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ، وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ صِغَارٌ لأَهل عُمان؛ قَالَ شَاعِرُهُمْ:
إِذا أَكلتُ سمَكاً وفَرْضا، ... ذهَبْتُ طُولًا وذهَبْتُ عَرْضا
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَهُوَ مِنْ أَجود تَمْرِ عُمانَ هُوَ والبَلْعَقُ، قَالَ: وأَخبرني بَعْضُ أَعرابها قَالَ: إِذا أَرْطَبَتْ نخلَتُه فتُؤُخِّرَ عَنِ اخْتِرافِها تَساقَطَ عَنْ نَوَاهُ فَبَقِيَتِ الكِباسةُ لَيْسَ فِيهَا إِلا نَوًى معلَّق بالتَّفارِيق. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِذَكَرِ الْخَنَافِسِ المُفَرَّضُ وأَبو سَلْمانَ والحَوَّاز والكَبَرْتَلُ. والفِراضُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
جزَى اللَّهُ قَوْمي بالأُبُلَّةِ نُصْرةً ... ومَبْدًى لَهُمْ، حَولَ الفِراضِ، ومَحضَرا
وأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
كأَنْ لَمْ يكُنْ مِنّا الفِراضُ مَظِنَّةً، ... وَلَمْ يُمْسِ يَوْماً مِلْكُها بيَمِيني
فَقَدْ يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ الْمَوْضِعَ نفْسَه، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي الثُّغُورَ يُشَبِّهُهَا بمشارِعِ المياهِ، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ الجبلِ
؛ فُرْضةُ الْجَبَلِ مَا انْحَدَرَ مِنْ وَسَطِهِ وَجَانِبِهِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ: مَا عَلَيْهِ فِراضٌ أَي ثَوْبٌ، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: مَا عَلَيْهِ سِتْرٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: يُقَالُ مَا عَلَيْهِ فِراضٌ أَي شيءٌ مِنْ لِباسٍ. وفِرْياضٌ: موضع.
فضض: فَضَضْتُ الشيءَ أَفُضُّه فَضّاً، فَهُوَ مَفْضُوضٌ وفَضِيضٌ: كسرتُه وفَرَّقْتُه، وفُضاضُه وفِضاضُه وفُضاضَتُه: مَا تكسَّر مِنْهُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:(7/206)
تَطيِرُ فِضاضاً [فُضاضاً] بَيْنَها كلُّ قَوْنَسٍ، ... ويَتْبَعُها مِنْهُم فَراشُ الحَواجِبِ
وفَضَضْت الْخَاتَمَ عَنِ الْكِتَابِ أَي كسرْتُه، وَكُلُّ شَيْءٍ كسرْتَه، فَقَدْ فضَضْتَه. وَفِي حَدِيثِ
ذِي الكِفْلِ: إِنه لَا يَحِلُّ لَكَ أَن تَفُضَّ الخاتَم
؛ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الوطْءِ. وفَضَّ الخاتَمَ والخَتْمَ إِذا كَسره وفَتَحه. وفُضاضُ وفِضاضُ الشَّيْءِ: مَا تَفَرَّقَ مِنْهُ عِنْدَ كَسْرِكَ إِياه. وانْفَضَّ الشيءُ: انْكَسَرَ. وَفِي حَدِيثُ الْحُدَيْبِيَةِ:
ثُمَّ جِئْتَ بِهِمْ لبَيْضَتِكَ تَفُضُّها
أَي تَكْسِرُها؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
مُعَاذٍ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ: حَتَّى يَفُضَّ كُلَّ شيءٍ.
وَفِي الدُّعَاءِ:
لَا يَفْضُضِ اللهُ فاكَ
أَي لَا يَكْسِرْ أَسنانك، والفمُ هَاهُنَا الأَسنان كَمَا يُقَالُ: سقَط فُوهُ، يَعْنُونَ الأَسنان، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لَا يُفْضِ اللهُ فَاكَ أَي لَا يَجْعَلُهُ فَضاء لَا أَسنان فِيهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَقُلْ لَا يُفْضِضِ اللَّهُ فاكَ، أَو تَقْدِيرُهُ لَا يَكْسِرُ اللَّهُ أَسنانَ فِيكَ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ. يُقَالُ: فَضَّه إِذا كَسَرَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ لَمَّا أَنشده الْقَصِيدَةَ الرَّائِيَّةَ قَالَ: لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ
، قَالَ: فَعَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً لَمْ تسقُط لَهُ سِنّ. والإِفْضاءُ: سُقوطُ الأَسنانِ مِنْ أَعْلى وأَسفَل، والقولُ الأَول أَكثر. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِني أُريد أَن أَمْتَدِحَك، فَقَالَ: قُلْ لَا يَفْضُضِ اللهُ فاكَ، ثُمَّ أَنشده الأَبيات القافيَّة
، وَمَعْنَاهُ لَا يُسْقِطِ اللهُ أَسنانَكَ، وَالْفَمُ يَقُومُ مَقَامَ الأَسنان. وَهَذَا مِنْ فَضِّ الخاتَمِ والجمُوع وَهُوَ تَفْريقُها. والمِفَضُّ «1» والمِفْضاضُ: مَا يُفَضُّ به مَدَرُ الأَرصِ المُثارةِ. والمِفَضَّةُ: مَا يُفَضُّ بِهِ المَدَرُ. وَيُقَالُ: افْتَضَّ فُلَانٌ جاريَتَه واقْتَضَّها إِذا افْتَرَعَها. والفَضَّةُ: الصخْرُ المَنْثُورُ بعضُه فَوْقَ بَعْضٍ، وَجَمْعُهُ فِضاضٌ. وتَفَضَّضَ الْقَوْمُ وانْفَضُّوا: تَفَرَّقُوا. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
، أَي تفرَّقوا، وَالِاسْمُ الفَضَضُ. وتَفَضَّضَ الشَّيْءُ: تفرَّقَ. والفَضُّ: تفريقُكَ حَلْقةً مِنَ النَّاسِ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمْ، يُقَالُ: فضَضْتُهم فانْفَضُّوا أَي فرَّقْتهم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا اجْتَمَعُوا فضَضْنا حُجرَتَيهِمْ، ... ونَجْمَعُهم إِذا كَانُوا بَدادِ
وكلُّ شيءٍ تفرَّقَ، فَهُوَ فَضَضٌ. وَيُقَالُ: بِهَا فَضٌّ مِنَ النَّاسِ أَي نفَر متفرِّقُون. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنه كَتَبَ إِلى مروانَ بن فَارِسَ: أَما بَعْدُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّ خَدَمَتَكُم
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ كسَر وفرَّق جَمْعَكُمْ. وَكُلُّ مُنكسر متفرِّق، فَهُوَ مُنْفَضٌّ. وأَصل الخَدَمةِ الخَلْخالُ وَجَمْعُهَا خدامٌ، وَقَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ: أَنا أَولُ مَنْ فَضَّ خَدَمةَ العَجَم، يُرِيدُ كَسَرَهُمْ وفَرَّق جَمْعَهم. وكلُّ شيءٍ كَسَرْتَه وفرَّقته، فَقَدْ فضَضْتَه. وطارَت عِظامُه فُضاضاً وفِضاضاً إِذا تطايَرَتْ عِنْدَ الضَّرْبِ، وَقَالَ المؤرِّجُ: الفَضُّ الكسْرُ؛ وَرَوَى لخِداشِ بْنِ زُهَيْر:
فَلَا تَحْسَبي أَنِّي تَبَدَّلْتُ ذِلَّةً، ... وَلَا فَضَّني فِي الكُورِ بَعْدَكِ صائغُ
يَقُولُ: يأْبى أَن يُصاغَ ويُراضَ. وتَمْر فَضٌّ: متفرِّق لَا يَلْزَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وفَضَضْتُ مَا بَيْنَهُمَا: قَطَعْتُ. وَقَالَ تعالى: قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً
؛ يسأَل السائلُ فَيَقُولُ: كَيْفَ تَكُونُ القَوارِيرُ مِنْ فِضَّةٍ وجَوْهرُها غَيْرُ جَوْهَرِهَا؟ قَالَ الزجاج: معنى
__________
(1) . قوله [والمفض إلخ] كذا هو بالنسخ التي بأيدينا.(7/207)
قَوْلِهِ قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ أَصلُ القَوارِيرِ الَّتِي فِي الدُّنْيَا مِنَ الرَّمْلِ، فأَعلم اللَّهُ فَضْلَ تِلْكَ القوارِيرِ أَن أَصلها مِنْ فِضَّة يُرى مِنْ خَارِجِهَا مَا فِي دَاخِلِهَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَي تَكُونُ مَعَ صَفاء قَوَارِيرِهَا آمِنة مِنَ الْكَسْرِ قَابِلَةً لِلْجَبْرِ مِثْلَ الْفِضَّةِ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَحسن مَا قِيلَ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُسَيَّبِ: فَقَبَضَ ثَلَاثَةَ أَصابع مِنْ فِضَّةٍ فِيهَا مِنْ شَعَرٍ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مِنْ فِضَّةٍ أَو قُصَّة
، وَالْمُرَادُ بِالْفِضَّةِ شَيْءٌ مَصُوغٌ مِنْهَا قَدْ تُرِكَ فِيهِ الشَّعَرُ، فأَمّا بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فَهِيَ الخُصْلةُ مِنَ الشَّعَرِ. وكلُّ مَا انْقَطع مِنْ شيءٍ أَو تفرَّق: فَضَضٌ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ لِمَرْوَانَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَعَنَ أَباكَ وأَنتَ فِي صُلْبه فأَنت فَضَضٌ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ أَي خَرَجَتْ مِنْ صُلْبه مُتَفَرِّقاً، يَعْنِي مَا انْفَضَّ مِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ وتَرَدَّدَ فِي صُلْبه، وَقِيلَ فِي قَوْلِهَا
فأَنت فَضَضٌ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ
: أَرادت إِنكَ قِطْعة مِنْهَا وَطَائِفَةٌ مِنْهَا. وَقَالَ شَمِرٌ: الفُضُضُ اسْمُ مَا انْفَضَّ أَي تفرَّق، والفُضاضُ نَحْوُهُ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ
فُظاظةٌ
، بِظَاءَيْنِ، مِنَ الفَظِيظِ وَهُوَ ماءُ الكَرِشِ، وأَنكره الْخَطَّابِيُّ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: افْتَظَظْتُ الكَرِشَ اعْتَصَرْتُ ماءَها، كأَنه عُصارةٌ مِنَ اللَّعْنَةِ أَو فُعالةٌ مِنَ الفَظِيظِ ماء الفحل أَي نُطْفَةٌ مِنَ اللَّعنةِ. والفَضِيضُ مِنَ النَّوَى: الَّذِي يُقْذَفُ مِنَ الْفَمِ. والفَضِيضُ: الماءُ العَذْبُ، وَقِيلَ: الماءُ السَّائِلُ، وَقَدِ افْتَضَضْته إِذا أَصبته ساعةَ يَخْرُجُ. وَمَكَانٌ فَضِيض: كَثِيرُ الْمَاءُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنه سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ عَنِ امرأَة خَطَبَهَا: هِيَ طَالِقٌ إِن نكَحْتُها حَتَّى آكلَ الفَضِيضَ
؛ هُوَ الطَّلْع أَولَ مَا يَظْهَرُ. والفَضِيضُ أَيضاً فِي غَيْرِ هَذَا: الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنَ الْعَيْنِ أَو يَنْزِلُ مِنَ السَّحَابِ، وفَضَضُ الْمَاءِ: مَا انْتَشَرَ مِنْهُ إِذا تُطُهِّرَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ غَزاةِ هَوازِنَ:
فَجَاءَ رَجُلٌ بنُطْفةٍ فِي إِداوَةٍ فافْتَضَّها
أَي صَبَّها، وَهُوَ افْتِعالٌ مِنَ الفَضِّ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ، أَي فَتَحَ رأْسها. وَيُقَالُ: فَضَّ الماءَ وافْتَضَّه أَي صَبَّه، وفَضَّ الماءُ إِذا سالَ. وَرَجُلٌ فَضْفاضٌ: كَثِيرُ الْعَطَاءِ، شُبِّه بِالْمَاءِ الفَضْفاض. وتَفَضْفَضَ بولُ الناقةِ إِذا انْتَشَرَ عَلَى فَخِذَيْهَا. والفَضَضُ: المتفرِّق مِنَ الْمَاءِ والعَرَق؛ وَقَوْلُ ابْنِ مَيّادةَ:
تَجْلُو بأَخْضَرَ مِنْ فُروعِ أَراكةٍ، ... حَسَن المُنَصَّبِ كالفَضِيضِ البارِدِ
قَالَ: الفَضِيضُ المتفرِّقُ مِنْ ماءِ المطرِ والبَرَدِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه رَمى الجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَياتٍ ثُمَّ مضَى فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ فَضَضِ الحَصى أَقبل على سُلَيْم ابن رَبيعةَ فكلَّمه
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي مَا تفرَّق مِنْهُ، فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُول، وَكَذَلِكَ الفَضِيضُ. وَنَاقَةٌ كثيرةُ فَضِيضِ اللَّبَنِ: يَصِفُونها بالغَزارةِ، وَرَجُلٌ كَثِيرٌ فَضِيض الْكَلَامِ: يَصِفُونَهُ بالكَثارة. وأَفَضَّ العَطاءَ: أَجْزَلَه. والفِضَّةُ مِنَ الْجَوَاهِرِ: مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ فِضَضٌ. وشيءٌ مُفَضَّضٌ: مُمَوَّه بِالْفِضَّةِ أَو مُرَصَّعٌ بِالْفِضَّةِ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: تَفَضَّيْتُ مِنَ الْفِضَّةِ، أَراد تَفَضَّضْت؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا عنَى بِهِ أَتخذْتُها أَم استعملتُها، وَهُوَ مِنْ تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ: لَوْ أَنَّ أَحدَكم انْفَضَّ مِمَّا صُنِعَ بِابْنِ عَفَّان لَحَقَّ لَهُ أَن يَنْفَضّ
؛ قَالَ شَمِرٌ: أَي يَنْقَطِعَ وَيَتَفَرَّقَ، وَيُرْوَى يَنْقَضّ، بِالْقَافِ، وَقَدِ انْفَضَّتْ(7/208)
أَوصالُه إِذا تفرَّقت؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَكادُ تَنْفَضُّ منهنَّ الحَيازِيمُ
وفَضّاضٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْعَرَبِ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: جَاءَتِ امرأَة إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِن ابْنتي توُفِّيَ عَنْهَا زوجُها وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَها، أَفَتَكْحُلُها؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا مَرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا إِنما هِيَ أَربعةَ أَشهر وعَشْراً وَقَدْ كَانَتْ إِحْداكنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمي بالبَعَرة عَلَى رأْس الْحَوْلِ
؛ قَالَتْ زينبُ بنتُ أُم سلَمَة: وَمَعْنَى الرَّمْيِ بِالْبَعَرَةِ أَنَّ المرأَة كَانَتْ إِذا توُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشاً ولَبِسَتْ شَرَّ ثِيابِها وَلَمْ تَمَسَّ طِيباً حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سنةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بدابّةٍ حمارٍ أَو شاةٍ أَو طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهَا فقَلَّما تَفْتَضُّ بشيءٍ إِلا ماتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمي بِهَا؛ وَقَالَ ابْنُ مُسْلِمٍ: سأَلت الْحِجَازِيِّينَ عَنِ الافْتِضاضِ فَذَكَرُوا أَن المعتدَّة كَانَتْ لَا تَغْتَسِل وَلَا تَمَسُّ مَاءً وَلَا تَقْلِمُ ظُفُراً وَلَا تَنْتِفُ مِنْ وَجْهِهَا شَعَرًا، ثُمَّ تَخْرُجُ بَعْدَ الحوْلِ بأَقْبَحِ مَنْظَرٍ، ثُمَّ تَفْتَضُّ بِطَائِرٍ وتَمْسَحُ بِهِ قُبُلَها وتَنْبِذُه فَلَا يَكَادُ يَعِيشُ أَي تكسِرُ مَا هِيَ فِيهِ مِنَ العِدَّة بِذَلِكَ؛ قَالَ: وَهُوَ مِنْ فَضَضْتُ الشيءَ إِذا كسَرْتَه كأَنها تَكُونُ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجِهَا فَتَكْسِرُ مَا كَانَتْ فِيهِ وَتَخْرُجُ مِنْهُ بِالدَّابَّةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ أَنه رَوَى هَذَا الْحَرْفَ فَتَقْبِصُ، بِالْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِوَاحِدَةٍ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وأَمرهم فَيْضُوضَى بَيْنَهُمْ وفَيْضُوضاء بَيْنَهُمْ وفَيْضِيضَى وفَيْضيضاء وفَوْضُوضَى وفَوْضُوضاء بَيْنَهُمْ؛ كُلُّهَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والفَضْفَضَةُ: سَعةُ الثوبِ والدِّرْعِ والعَيْشِ. ودِرْعٌ فَضْفاضٌ وفَضْفاضةٌ وفُضافِضَةٌ: واسِعةٌ، وَكَذَلِكَ الثوبُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِب:
وأَعْدَدْتُ للحَرْبِ فضْفاضةً، ... كأَنَّ مَطاوِيَها مِبْرَدُ
وقَمِيصٌ فَضْفاضٌ: واسعٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
سَطِيحٍ:
أَبْيَضُ فَضْفاضُ الرِّداءِ والبَدَنْ
أَراد وَاسِعَ الصَّدْرِ وَالذِّرَاعِ فَكَنَّى عَنْهُ بِالرِّدَاءِ وَالْبَدَنِ، وَقِيلَ: أَراد كَثْرَةَ الْعَطَاءِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَنَس فِي يَوْمِ مَطَرٍ والأَرض فَضْفاضٌ
أَي قَدْ عَلاها الْمَاءُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَرِ. وَقَدْ فَضْفَضَ الثوبَ والدِّرْعَ: وَسَّعَهما؛ قَالَ كثيِّر:
فنَبَذْتُ ثَمَّ تَحِيَّةً، فأَعادَها ... غَمْرُ الرِّداءِ مُفَضْفَضُ السِّرْبالِ
والفَضْفاضُ: الكثيرُ الواسعُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَسْعُطْنَه فَضْفاضَ بَوْلٍ كالصَّبِرْ
وعَيْشٌ فَضْفاضٌ: واسعٌ. وسَحابةٌ فَضْفاضةٌ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ. وجارِيةٌ فَضْفاضة: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ مَعَ الطُّولِ وَالْجِسْمِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
رَقْراقةٌ فِي بُدْنِها الفَضْفاضِ
اللَّيْثُ: فُلَانٌ فُضاضةُ وَلَدِ أَبيه أَي آخِرُهُمْ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْمَعْرُوفُ فُلَانٌ نُضاضةُ ولدِ أَبيه، بِالنُّونِ، بِهَذَا الْمَعْنَى. الْفَرَّاءُ: الفاضّةُ الدّاهِيةُ وهنّ الفواضُّ.
فهض: فَهَضَ الشيءَ يَفْهَضُه: كسَرَه وشَدَخَه.(7/209)
فوض: فَوَّضَ إِليه الأَمرَ: صَيَّرَه إِليه وجعَلَه الْحَاكِمُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
فَوَّضْتُ أَمْري إِليك
أَي رَدَدْتُه إِليك. يُقَالُ: فَوَّضَ أَمرَه إِليه إِذا رَدَّهُ إِليه وجعله الحاكم فيه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْفَاتِحَةِ:
فَوَّضَ إِليَّ عَبْدي.
والتَّفْوِيضُ فِي النِّكَاحِ التزويجُ بِلَا مَهْر. وقَوْمٌ فَوْضَى: مُخْتَلِطُون، وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ لَا أَمير لَهُمْ وَلَا مَنْ يَجْمَعُهُمْ؛ قَالَ الأَفْوَهُ الأَوْدِي:
لَا يَصْلُحُ القَوْمُ فَوْضَى لَا سَراةَ لَهم، ... وَلَا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادُوا
وَصَارَ الناسُ فَوْضَى أَي متفرِّقين، وَهُوَ جماعةُ الفائضِ، وَلَا يُفْرَدُ كَمَا يُفْرد الْوَاحِدُ مِنَ الْمُتَفَرِّقِينَ. وَالْوَحْشُ فَوْضَى: مُتَفَرِّقَةٌ تَتَرَدَّدُ. وَقَوْمٌ فَوْضَى أَي مُتَساوُونَ لَا رَئيسَ لَهُمْ. ونَعامٌ فَوْضَى أَي مُخْتَلِطٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَكَذَلِكَ جَاءَ الْقَوْمُ فَوْضى، وأَمْرُهم فَيْضَى وفَوْضَى: مُخْتَلِطٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ سَوَاءٌ بَيْنَهُمْ كَمَا قَالَ ذَلِكَ فِي فَضًا. ومتاعُهم فَوْضَى بَيْنَهُمْ إِذا كَانُوا فِيهِ شُرَكَاءَ، وَيُقَالُ أَيضاً فَضاً؛ قَالَ:
طَعامُهُمُ فَوْضَى فَضاً فِي رِحالِهِمْ، ... وَلَا يَحْسَبُونَ السُّوءَ إِلَّا تَنادِيا
وَيُقَالُ: أَمرهم فَيْضُوضا وفَيْضيضَا وفَوْضُوضا بَيْنَهُمْ. وَهَذِهِ الأَحرف الثَّلَاثَةُ يَجُوزُ فِيهَا المدُّ وَالْقَصْرُ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الْقَوْمُ فَيْضُوضا أَمرُهم وفَيْضُوضا فِيمَا بَيْنَهُمْ إِذا كَانُوا مُخْتَلِطِينَ، فيَلْبَسُ هَذَا ثوبَ هَذَا، ويأْكل هَذَا طعامَ هَذَا، لَا يُؤَامِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ صاحِبَه فِيمَا يَفْعَلُ فِي أَمره. وَيُقَالُ: أَموالُهم فَوْضَى بَيْنَهُمْ أَي هُمْ شرَكاء فِيهَا، وفَيْضُوضا مِثْلُهُ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ. وشَرِكةُ «2» المُفاوضَةِ: الشَّرِكةُ العامّةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وتَفاوَضَ الشَّرِيكانِ فِي الْمَالِ إِذا اشْتَرَكَا فِيهِ أَجمع، وَهِيَ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عنن: وشارَكه شَرِكَةَ مُفَاوِضَةٍ، وَذَلِكَ أَن يَكُونَ مَالُهُمَا جَمِيعًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَمْلِكانه بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: شَرِكةُ الْمُفَاوَضَةَ أَن يَشْتَرِكَا فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي أَيديهما أَو يَسْتَفِيئانِه مِنْ بَعْدُ، وَهَذِهِ الشِّرْكَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَ النُّعْمَانِ وَصَاحِبَيْهِ جَائِزَةٌ. وفاوَضَه فِي أَمْره أَي جارَاه. وتَفاوَضوا الْحَدِيثَ: أَخذوا فِيهِ. وتَفَاوَضَ الْقَوْمُ فِي الأَمر أَي فاوَضَ فِيهِ بعضُهم بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ قَالَ لدَغْفَلِ بْنِ حَنْظَلَةَ: بِمَ ضَبَطْتَ مَا أَرَى؟ قَالَ: بمُفاوَضةِ العُلماء، قَالَ: وَمَا مُفاوَضةُ الْعُلَمَاءِ؛ قَالَ: كُنْتُ إِذا لقِيتُ عَالِمًا أَخذت مَا عِنْدَهُ وأَعطيته مَا عِنْدِي
؛ المُفاوَضةُ: المُساواةُ والمُشارَكةُ، وَهِيَ مُفاعلة مِنَ التفْويض، كأَن كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَدّ مَا عِنْدَهُ إِلى صَاحِبِهِ، أَراد مُحادَثة الْعُلَمَاءِ ومُذاكرتهم فِي العلم، والله أَعلم.
فيض: فَاضَ الْمَاءُ والدَّمعُ وَنَحْوُهُمَا يَفِيض فَيْضاً وفُيُوضةً وفُيُوضاً وفَيَضاناً وفَيْضُوضةً أَي كَثُرَ حَتَّى سالَ عَلَى ضَفّةِ الْوَادِي. وفاضَتْ عينُه تَفِيضُ فَيْضاً إِذا سَالَتْ. وَيُقَالُ: أَفاضَتِ العينُ الدمعَ تُفِيضُه إِفاضة، وأَفاضَ فُلَانٌ دَمْعَه، وفاضَ الْمَاءُ والمطرُ والخيرُ إِذا كَثُرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ويَفيضُ المالُ
أَي يَكْثُر مِنْ فاضَ الْمَاءُ والدمعُ وغيرُهما يَفيض فَيْضاً إِذا كَثُرَ، قِيلَ: فاضَ تدَفَّقَ، وأَفاضَه هُوَ وأَفاضَ إِناءه أَي مَلأَه حَتَّى فاضَ، وأَفاضَ دُموعَه. وأَفاضَ الماءَ عَلَى نَفْسِهِ أَي أَفْرَغَه. وَفَاضَ صَدْرُه بسِرِّه إِذا
__________
(2) . قوله [وشركة] ككلمة ويخفف وهو الأَغلب بكسر أَوّله وتسكين ثانيه؛ أفاده المصباح.(7/210)
امْتَلأَ وَبَاحَ بِهِ وَلَمْ يُطِقْ كَتْمَه، وَكَذَلِكَ النهرُ بِمَائِهِ والإِناء بِمَا فِيهِ. وماءٌ فَيْضٌ: كَثِيرٌ. والحَوْضُ فَائِضٌ أَي مُمْتَلِئٌ. والفَيْضُ: النَّهْرُ، وَالْجَمْعُ أَفْياضٌ وفُيوضٌ، وجَمْعُهم لَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنه لَمْ يُسَمَّ بِالْمَصْدَرِ. وفَيْضُ البصرةِ: نَهرها، غَلب ذَلِكَ عَلَيْهِ لِعظَمِه. التَّهْذِيبُ: ونهرُ البصرةِ يُسَمَّى الفَيْضَ، والفَيْضُ نَهْرُ مِصْرَ. ونهرٌ فَيّاضٌ أَي كَثِيرُ الْمَاءِ. ورَجل فَيّاضٌ أَي وَهَّابٌ جَوادٌ. وأَرض ذاتُ فُيوضٍ إِذا كَانَ فِيهَا مَاءٌ يَفِيضُ حَتَّى يَعْلُوَ. وفاضَ اللّئامُ: كَثُروا. وفرَس فَيْضٌ: جَوادٌ كَثِيرُ العَدْو. وَرَجُلٌ فَيْضٌ وفَيّاضٌ: كَثِيرُ الْمَعْرُوفِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لطَلحةَ: أَنت الفَيّاضُ
؛ سُمِّيَ بِهِ لسَعةِ عَطائه وَكَثْرَتِهِ وَكَانَ قسَمَ فِي قَوْمِهِ أَربعمائة أَلف، وَكَانَ جَواداً. وأَفاضَ إِناءه إِفاضةً: أَتْأَقَه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه إِذا ملأَه حَتَّى فَاضَ. وأَعطاه غَيْضاً مِنْ فَيْضٍ أَي قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ، وأَفاضَ بِالشَّيْءِ: دَفَع بِهِ ورَمَى؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ كَتِيبَةً:
تَلَقَّوْها بِطائحةٍ زَحُوفٍ، ... تُفِيضُ الحِصْن مِنها بالسِّخالِ
وفاضَ يَفِيضُ فَيْضاً وفُيوضاً: مَاتَ. وفاضَتْ نَفسُه تَفِيضُ فَيْضاً: خَرَجَتْ، لُغَةُ تَمِيمٍ؛ وأَنشد:
تَجَمَّع الناسُ وقالوا: عِرْسُ، ... فَفُقِئَتْ عَيْنٌ، وفاضَتْ نَفْسُ
وأَنشده الأَصمعي وَقَالَ إِنما هُوَ: وطَنَّ الضِّرْس. وَذَهَبْنَا فِي فَيْض فُلَانٍ أَي فِي جَنازَتِه. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
ثُمَّ يكونُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ الفَيْضُ
؛ قَالَ شَمِرٌ: سأَلت البَكْراوِيّ عَنْهُ فَقَالَ: الفَيْضُ الموتُ هَاهُنَا، قَالَ: وَلَمْ أَسمعه مِنْ غَيْرِهِ إِلا أَنه قَالَ: فَاضَتْ نفسُه أَي لُعابُه الَّذِي يَجْتَمِعُ عَلَى شَفَتَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحه. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: فاضَ الرجلُ وفاظَ إِذا مَاتَ، وَكَذَلِكَ فَاظَتْ نفسُه. وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ: فاضَت نَفْسُهُ الْفِعْلُ لِلنَّفْسِ، وفاضَ الرجلُ يَفِيض وفاظَ يَفِيظُ فَيْظاً وفُيوظاً. وَقَالَ الأَصمعي: لَا يُقَالُ فَاظَتْ نَفْسُهُ وَلَا فَاضَتْ، وإِنما هُوَ فَاضَ الرَّجُلُ وَفَاظَ إِذا مَاتَ. قَالَ الأَصمعي: سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو يَقُولُ: لَا يُقَالُ فَاظَتْ نَفْسُهُ وَلَكِنْ يُقَالُ فَاظَ إِذا مَاتَ، بِالظَّاءِ، وَلَا يُقَالُ فَاضَ، بِالضَّادِ. وَقَالَ شَمِرٌ: إِذا تَفَيَّضُوا أَنفسهم أَي تَقَيَّأُوا. الْكِسَائِيُّ: هُوَ يَفِيظُ نَفْسَهُ «1» . وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الأَصمعي: لَا يُقَالُ فَاضَ الرَّجُلُ وَلَا فَاضَتْ نَفْسُهُ وإِنما يَفِيضُ الدمعُ وَالْمَاءُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ الأَصمعي خِلَافُ هَذَا، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَالَ الأَصمعي تَقُولُ الْعَرَبُ فَاظَ الرَّجُلُ إِذا مَاتَ، فإِذا قَالُوا فَاضَتْ نفسُه قَالُوهَا بِالضَّادِ؛ وأَنشد:
فَفُقِئَتْ عَيْنٌ وَفَاضَتْ نَفْسُ
قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الأَصمعي، وإِنما غَلِطَ الْجَوْهَرِيُّ لأَن الأَصمعي حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو أَنه لَا يُقَالُ فَاضَتْ نَفْسُهُ، وَلَكِنْ يُقَالُ فَاظَ إِذا مَاتَ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فاضَ، بِالضَّادِ، بَتَّةً، قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ مِمَّا حَكَاهُ مِنْ كَلَامِهِ أَن يَكُونَ مُعْتَقِداً لَهُ، قَالَ: وأَما أَبو عُبَيْدَةَ فَقَالَ فَاظَتْ نَفْسُهُ، بِالظَّاءِ، لُغَةُ قَيْسٍ، وَفَاضَتْ، بِالضَّادِ، لُغَةُ تَمِيمٍ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٌ: سَمِعْتُ أَبا زَيْدٍ يَقُولُ: بَنُو ضَبَّةَ وَحْدَهُمْ يَقُولُونَ فَاضَتْ نَفْسُهُ، وَكَذَلِكَ حَكَى الْمَازِنِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ، قَالَ: كل العرب
__________
(1) . قوله [يفيظ نفسه] أي يقيؤها كما يعلم من القاموس في فيظ.(7/211)
تَقُولُ فَاظَتْ نفسُه إِلا بَنِي ضَبَّةَ فإِنهم يَقُولُونَ فَاضَتْ نَفْسُهُ، بِالضَّادِ، وأَهل الحجاز وطيِءٍ يقولون فاظت نَفْسُهُ، وَقُضَاعَةُ وَتَمِيمٌ وَقَيْسٌ يقولون فاضت نفسُه مثل فَاضَتْ دَمْعَتُه، وَزَعَمَ أَبو عُبَيْدٍ أَنها لُغَةٌ لِبَعْضِ بَنِي تَمِيمٍ يَعْنِي فَاظَتْ نَفْسُهُ وَفَاضَتْ؛ وأَنشد:
فَفُقِئَتْ عَيْنٌ وَفَاضَتْ نَفْسُ
وأَنشده الأَصمعي، وَقَالَ إِنما هُوَ: وطَنّ الضِّرْسُ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
ثُمَّ يَكُونُ عَلَى أَثر ذَلِكَ الفَيْضُ
؛ قِيلَ: الفَيْضُ هَاهُنَا الْمَوْتُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ فَاضَتْ نفسُه أَي لُعابه الَّذِي يَجْتَمِعُ عَلَى شَفَتَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحه. وفاضَ الحديثُ والخبَرُ واسْتَفاضَ: ذاعَ وَانْتَشَرَ. وحَدِيثٌ مُسْتَفِيضٌ: ذائعٌ، ومُسْتَفاض قَدِ اسْتَفاضُوه أَي أَخَذُوا فِيهِ، وأَباها أَكثرهم حَتَّى يُقَالَ: مُسْتَفاضٌ فِيهِ؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: اسْتَفاضُوه، فَهُوَ مُسْتَفاضٌ. التَّهْذِيبُ: وَحَدِيثٌ مُسْتَفاضٌ مأْخوذ فِيهِ قَدِ استفاضُوه أَي أَخذوا فِيهِ، وَمَنْ قَالَ مُسْتَفِيضٌ فإِنه يَقُولُ ذَائِعٌ فِي النَّاسِ مِثْلُ الْمَاءِ المُسْتَفِيض. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَالَ الْفَرَّاءُ والأَصمعي وَابْنُ السِّكِّيتِ وَعَامَّةُ أَهل اللُّغَةِ لَا يُقَالُ حَدِيثٌ مُسْتَفَاضٌ، وَهُوَ لَحْنٌ عِنْدَهُمْ، وكلامُ الْخَاصِّ حديثٌ مُسْتَفِيضٌ مُنْتَشِرٌ شَائِعٌ فِي النَّاسِ. ودِرْعٌ فَيُوضٌ ومُفاضةٌ وفاضةٌ: واسعةٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي. وَرَجُلٌ مُفاضٌ: واسِعُ البَطْنِ، والأُنثى مُفاضةٌ.
وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُفاض البطنِ
أَي مُسْتَوي البطنِ مَعَ الصَّدْرِ، وَقِيلَ: المُفاضُ أَن يَكُونَ فِيهِ امْتِلاءٌ مِنْ فَيْضِ الإِناء ويُريد بِهِ أَسفلَ بطنِه، وَقِيلَ: المُفاضةُ مِنَ النِّسَاءِ الْعَظِيمَةِ الْبَطْنِ المُسْتَرْخِيةُ اللحمِ، وَقَدْ أُفِيضَت، وَقِيلَ: هِيَ المُفْضاةُ أَي المَجْمُوعةُ المَسْلَكَيْنِ كأَنه مَقْلُوبٌ عَنْهُ. وأَفاضَ المرأَةَ عِنْدَ الافْتِضاضِ: جَعَلَ مَسْلَكَيْها وَاحِدًا. وامرأَة مُفاضةٌ إِذا كَانَتْ ضَخْمَةَ الْبَطْنِ. واسْتَفاضَ المكانُ إِذا اتَّسع، فَهُوَ مُسْتَفِيضٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بحَيْثُ اسْتَفاضَ القِنْعُ غَرْبيَّ واسِط
وَيُقَالُ: اسْتَفاضَ الْوَادِي شَجَرًا أَي اتَّسع وكثُرَ شَجَرُهُ. والمُسْتَفِيضُ: الَّذِي يَسأَل إِفاضةَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ. وأَفاضَ البَعِيرُ بِجِرَّتِه: رَماها مُتَفَرِّقةً كَثِيرَةً، وَقِيلَ: هُوَ صوتُ جِرَّتِه ومَضْغِه، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ إِذا دَفَعَها مِنْ جَوْفِه؛ قَالَ الرَّاعِي:
وأَفَضْنَ بعْدَ كُظُومِهِنَّ بِجِرَّةٍ ... مِنْ ذِي الأَبارِقِ، إِذْ رَعين حَقِيلا
وَيُقَالُ: كظَمَ البِعيرُ إِذا أَمسك عَنِ الجِرَّة. وأَفاضَ القومُ فِي الْحَدِيثِ: انْتَشَرُوا، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ إِذا انْدَفَعُوا وخاضُوا وأَكْثَروا. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ
؛ أَي تَنْدَفِعُونَ فِيهِ وتَنْبَسِطُون فِي ذِكْرِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ أَيضاً: لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ
. وأَفاضَ الناسُ مِنْ عَرَفاتٍ إِلى مِنى: انْدَفَعُوا بِكَثْرَةٍ إِلى مِنى بالتَّلْبية، وَكُلُّ دَفْعةٍ إِفاضةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: دلَّ بِهَذَا اللَّفْظِ أَن الْوُقُوفَ بِهَا واجبٌ لأَنَّ الإِفاضةَ لَا تَكُونُ إِلا بَعْدَ وُقُوف، وَمَعْنَى أَفَضْتُم دَفَعْتم بِكَثْرَةٍ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبة: الإِفاضةُ سُرْعةُ الرَّكْضِ. وأَفاضَ الراكِبُ إِذا دَفَعَ بَعِيرَهُ سَيْراً بَيْنَ الجَهْدِ وَدُونَ ذَلِكَ، قَالَ: وَذَلِكَ نِصْفُ عَدْوِ الإِبل عَلَيْهَا(7/212)
الرُّكْبان، وَلَا تَكُونُ الإِفاضة إِلا وَعَلَيْهَا الرُّكْبانُ. وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:
فأَفاضَ مِنْ عَرفةَ
؛ الإِفاضةُ: الزَّحْفُ والدَّفْعُ فِي السَّيْرِ بِكَثْرَةٍ، وَلَا يَكُونُ إِلا عَنْ تفرقٍ وجَمْعٍ. وأَصل الإِفاضةِ الصَّبُّ فَاسْتُعِيرَتْ لِلدَّفْعِ فِي السَّيْرِ، وأَصله أَفاضَ نفْسَه أَو رَاحِلَتَهُ فرَفَضُوا ذِكْرَ الْمَفْعُولِ حَتَّى أَشْبه غَيْرَ المتعدِّي؛ وَمِنْهُ طَوافُ الإِفاضةِ يَوْمَ النَّحْرِ يُفِيضُ مِنْ مِنى إِلى مَكَّةَ فَيَطُوفُ ثُمَّ يَرْجِعُ. وأَفاضَ الرجلُ بالقِداحِ إِفاضةً: ضرَب بِهَا لأَنها تَقَعُ مُنْبَثَّةً مُتَفَرِّقَةً، وَيَجُوزُ أَفاضَ عَلَى الْقِدَاحِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الهُذلي يَصِفُ حِمَارًا وأُتُنه:
وكأَنَّهُنَّ رِبابَةٌ، وكَأَنَّه ... يَسَرٌ، يُفِيضُ عَلَى القِداحِ ويَصْدَعُ
يَعْنِي بالقِداحِ، وحروفُ الْجَرِّ يَنُوبُ بعضُها مَنابَ بَعْضٍ. التَّهْذِيبُ: كُلُّ مَا كَانَ فِي اللُّغَةِ مِنْ بَابِ الإِفاضةِ فَلَيْسَ يَكُونُ إِلا عَنْ تفرُّق أَو كَثْرَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عَنْهُمَا: أَخرج اللهُ ذَرِّيَّةَ آدمَ مِنْ ظَهْرِهِ فأَفاضَهم إِفاضَةَ القِدْحِ
؛ هِيَ الضرْبُ بِهِ وإِجالَتُه عِنْدَ القِمار، والقِدْحُ السهمُ، واحدُ القِداح الَّتِي كَانُوا يُقامِرُونَ بِهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ اللُّقَطَةِ:
ثُمَّ أَفِضْها فِي مالِكَ
أَي أَلْقِها فِيهِ واخْلِطْها بِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ فاضَ الأَمرُ وأَفاضَ فِيهِ. وفَيّاضٌ: مِنْ أَسماء الرِّجَالِ. وفَيّاضٌ: اسْمُ فُرْسٍ مِنْ سَوابق خَيْلِ الْعَرَبِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
وعَناجِيج جِيادٍ نُجُبٍ ... نَجْلَ فَيّاضٍ وَمِنْ آلِ سَبَلْ
وَفَرَسٌ فَيْضٌ وسَكْبٌ: كَثِيرُ الجَرْي.
فصل القاف
قبض: القَبْضُ: خِلافُ البَسْط، قَبَضَه يَقْبِضُه قَبْضاً وقَبّضَه؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرَكْتُ ابنَ ذِي الجَدَّينِ فِيهِ مُرِشَّةٌ، ... يُقَبِّضُ أَحْشاءَ الجَبانِ شَهِيقُها
والانْقِباضُ: خِلافُ الانْبِساط، وَقَدِ انْقَبَضَ وتَقَبَّضَ. وانْقَبَضَ الشيءُ: صارَ مَقْبُوضاً. وتَقَبَّضَتِ الْجِلْدَةُ فِي النَّارِ أَي انْزَوَتْ. وَفِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: القابِضُ، هُوَ الَّذِي يُمْسِكُ الرِّزْقَ وَغَيْرَهُ مِنَ الأَشياء عَنِ العِبادِ بلُطْفِه وحِكمته ويَقْبِضُ الأَرْواحَ عِنْدَ المَمات. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرضَ وَيَقْبِضُ السَّمَاءَ
أَي يَجْمَعُهُمَا. وقُبِضَ المريضُ إِذا توُفِّيَ وإِذا أَشرف عَلَى الْمَوْتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَرْسَلَتْ إِليه أَن ابْنًا لِي قُبِضَ
؛ أَرادت أَنه فِي حَالِ القَبْضِ ومُعالجة النَّزْع. اللَّيْثُ: إِنه ليَقْبِضُني مَا قَبَضَك؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنه يُحْشِمُني مَا أَحْشَمَكَ، ونَقِيضُه مِنَ الْكَلَامِ: إِنه لَيَبْسُطُني مَا بَسَطَك. وَيُقَالُ: الخَيْرُ يَبْسُطُه والشرُّ يَقْبِضُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فاطِمةُ بَضْعةٌ مِنِي يَقْبِضُني مَا قبَضها
أَي أَكره مَا تَكَرَهُهُ وأَنْجَمِعُ مِمَّا تَنْجَمِعُ مِنْهُ. والتَّقَبُّضُ: التَّشَنُّجُ. والملَكُ قابِضُ الأَرْواح. وَالْقَبْضُ: مَصْدَرُ قَبَضْت قَبْضاً، يُقَالُ: قبضتُ مَالِي قَبْضًا. والقَبْضُ: الِانْقِبَاضُ، وأَصله فِي جَنَاحِ الطَّائِرِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ
. وقبَضَ الطائرُ جناحَه: جَمَعَه. وتَقَبَّضَتِ الجلدةُ فِي النَّارِ أَي انْزَوَتْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ
؛ أَي عَنِ النَّفَقَةِ، وَقِيلَ: لَا يُؤْتون الزَّكَاةَ. وَاللَّهُ يَقْبِضُ ويبسُط أَي يُضَيِّقُ عَلَى قَوْمٍ ويُوَسِّع(7/213)
عَلَى قَوْمٍ. وقَبَّضَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَتَقَبَّضَ: زَواه. وقَبَّضْتُ الشيءَ تَقْبِيضاً: جَمَعْتُه وزَوَيْتُه. ويومٌ يُقَبِّضُ مَا بَيْنَ العَيْنَيْنِ: يُكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ شِدَّةِ خَوْفٍ أَو حَرْب، وَكَذَلِكَ يومٌ يُقَبِّضُ الحشَى. والقُبْضةُ، بِالضَّمِّ: مَا قَبَضْتَ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ، يُقَالُ: أَعْطاه قُبضة مِنْ سَوِيق أَو تَمْرٍ أَو كَفّاً «1» مِنْهُ، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالْفَتْحِ. اللَّيْثُ: القَبْضُ جَمْعُ الْكَفِّ عَلَى الشَّيْءِ. وقَبَضْتُ الشيءَ قبْضاً: أَخذته. والقَبْضة: مَا أَخذت بِجُمْعِ كفِّك كُلِّهِ، فإِذا كَانَ بأَصابعك فَهِيَ القَبْصةُ، بِالصَّادِ. ابْنُ الأَعرابي: القَبْضُ قَبُولُكَ المَتاعَ وإِن لَمْ تُحَوِّلْه. والقَبْضُ: تَحْوِيلُكَ المَتاعَ إِلى حَيِّزِكَ. والقَبْضُ: التناوُلُ للشيءِ بِيَدِكَ مُلامَسةً. وقبَضَ عَلَى الشَّيْءِ وَبِهِ يَقْبِضُ قَبْضاً: انْحَنَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ كَفِّهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ
؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَراد مِنْ تُرَابِ أَثَر حافِر فرَس الرَّسُولِ، وَمِثْلُهُ مسأَلة لِكِتَابٍ: أَنْتَ مِنِّي فَرْسخانِ أَي أَنْتَ مِنِّي ذُو مَسافةِ فَرْسَخَيْنِ. وَصَارَ الشيءُ فِي قَبْضِي وقَبْضَتي أَي فِي مِلْكِي. وَهَذَا قُبْضةُ كفِّي أَي قَدْرُ مَا تَقْبِضُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هَذَا كَمَا تَقُولُ هَذِهِ الدارُ فِي قَبْضَتي ويدِي أَيْ فِي مِلْكِي، قَالَ: وَلَيْسَ بقَوِيّ، قَالَ: وأَجازَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ قَبْضَتَه يومَ الْقِيَامَةِ بِنَصْبِ قبضَتَه، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِجَائِزٍ عِنْدَ أَحد مِنَ النَّحْوِيِّينَ الْبَصْرِيِّينَ لأَنه مُخْتُصٌّ، لَا يَقُولُونَ زِيدٌ قبضتَك وَلَا زَيْدٌ دارَك؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الْمَعْنَى والأَرضُ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهَا قَبْضَتُه يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَفِي حَدِيثٍ حُنَيْنٍ:
فأَخذ قُبْضةً مِنَ التُّرَابِ
؛ هُوَ بِمَعْنَى المَقْبُوض كالغُرْفةِ بِمَعْنَى المَغْرُوف، وَهِيَ بِالضَّمِّ الِاسْمُ، وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ. ومَقبِضُ السِّكِّينِ والقَوسِ وَالسَّيْفِ ومَقْبِضَتُها: مَا قَبَضْتَ عَلَيْهِ مِنْهَا بجُمْع الْكَفَّ، وَكَذَلِكَ مَقْبِضُ كُلِّ شيءٍ. التَّهْذِيبِ: وَيَقُولُونَ مَقْبِضَةُ السِّكِّينِ ومَقْبِض السَّيْفِ، كُلُّ ذَلِكَ حَيْثُ يُقْبَضُ عَلَيْهِ بجُمع الْكَفِّ. ابْنُ شُمَيْلٍ: المَقْبِضَةُ مَوْضِعُ الْيَدِ مِنَ القَناة. وأَقْبَضَ السيفَ وَالسِّكِّينَ: جَعَلَ لَهُمَا مَقْبِضاً. وَرَجُلٌ قُبَضَةٌ رُفَضةٌ: لِلَّذِي يَتمَسَّكُ بِالشَّيْءِ ثُمَّ لَا يَلْبَثُ أَن يَدَعَه ويَرْفِضَه، وَهُوَ مِنَ الرِّعاء الَّذِي يَقْبِضُ إِبله فيسُوقُها ويَطْرُدها حَتَّى يُنْهِيها حَيْثُ شَاءَ، وراعٍ قُبَضةٌ إِذا كَانَ مُنْقَبِضاً لَا يتفسَّح فِي رَعْي غَنَمِهِ. وقَبَضَ الشيءَ قَبْضاً: أَخذه. وقَبَّضَه المالَ: أَعْطاهُ إِيّاه. والقَبَضُ: مَا قُبِضَ مِنَ الأَمْوال. وتَقْبِيضُ المالِ: إِعطاؤه لِمَنْ يأْخذه. والقَبْضُ: الأَخذ بِجَمِيعِ الْكَفِّ. وَفِي حَدِيثِ
بِلَالٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالتَّمْرُ: فَجَعل يجيءُ بِهِ قُبَضاً قُبَضاً.
وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: هِيَ القُبَضُ الَّتِي تُعْطى عِنْدَ الحَصاد
، وَقَدْ رُوِيَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ. ودخلَ مالُ فُلَانٍ فِي القَبَض، بِالتَّحْرِيكَ، يَعْنِي مَا قُبِضَ مِنْ أَموال النَّاسِ. اللَّيْثُ: القَبَضُ مَا جُمع مِنَ الْغَنَائِمِ فأُلقي فِي قَبَضِه أَي فِي مُجْتَمَعِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن سَعْدًا قَتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ قَتِيلًا وأَخذ سَيْفَهُ فَقَالَ لَهُ: أَلْقِه فِي القَبَضِ
؛ والقَبَضُ، بِالتَّحْرِيكَ، بِمَعْنَى الْمَقْبُوضِ وَهُوَ مَا جُمِع مِنَ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَن تُقْسَم. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ سَلْمَانُ عَلَى قَبَضٍ مِنْ قَبَضِ الْمُهَاجِرِينَ.
وَيُقَالُ: صَارَ الشيءُ فِي قَبْضِكَ وَفِي قَبْضَتِكَ أَي فِي مِلْكِكَ. والمَقْبَضُ: المكانُ الَّذِي يُقْبَضُ فِيهِ، نادِرٌ.
__________
(1) . قوله [أو كفاً] في شرح القاموس: أَي كفاً.(7/214)
والقَبْضُ فِي زِحافِ الشِّعْرِ: حَذْفُ الْحَرْفِ الْخَامِسِ السَّاكِنِ مِنَ الْجُزْءِ نَحْوَ النُّونِ مِنْ فَعُولُنْ أَينما تَصَرَّفَتْ، وَنَحْوَ الْيَاءِ مِنْ مَفَاعِيلُنْ؛ وكلُّ مَا حُذف خَامِسُهُ، فَهُوَ مَقْبُوض، وإِنما سُمِّيَ مَقْبوضاً لِيُفْصَل بَيْنَ مَا حُذِفَ أَوله وَآخِرُهُ ووسطُه. وقُبِضَ الرَّجل: مَاتَ، فَهُوَ مَقْبُوضٌ. وتَقَبَّضَ عَلَى الأَمر: توَقَّفَ عَلَيْهِ. وتَقَبَّضَ عَنْهُ: اشْمَأَزَّ. والانْقِباضُ والقَباضةُ والقَبَضُ إِذا كَانَ مُنْكَمِشاً سَرِيعًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَتَتْكَ عِيسٌ تَحْمِلُ المَشِيّا ... مَاءً، مِنَ الطَّثْرَةِ، أَحْوَذِيّا
يُعْجِلُ ذَا القَباضةِ الوَحِيّا، ... أَن يَرْفَعَ المئْزَرَ عَنْهُ شَيّا
والقَبِيضُ مِنَ الدَّوَابِّ: السرِيعُ نقلِ القوائِم؛ قَالَ الطِّرمّاح:
سَدَتْ بِقَباضةٍ وثَنَتْ بِلِين
والقابِضُ: السائقُ السرِيعُ السَّوْقِ؛ قَالَ الأَزهري: وإِنما سُمِّيَ السَّوْقُ قَبْضاً لأَنَّ السَّائِقَ للإِبل يَقْبِضُها أَي يَجْمَعُها إِذا أَراد سوْقَها، فإِذا انْتَشَرَتْ عَلَيْهِ تَعَذَّرَ سوْقُها، قَالَ: وقَبَضَ الإِبلَ يَقْبِضُها قَبْضاً ساقَها سَوْقاً عَنيفاً. وَفَرَسٌ قَبِيضُ الشدِّ أَي سَرِيعُ نقلِ الْقَوَائِمِ. والقَبْضُ: السوْق السَّرِيعُ؛ يُقَالُ: هَذَا حادٍ قابِضٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كيْفَ تَراها، والحُداةُ تَقْبِضُ ... بالغَمْلِ لَيْلًا، والرِّحالُ تَنْغِضُ «2»
تَقْبِضُ أَي تَسُوقُ سَوْقاً سَرِيعًا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
هَلْ لَكِ، والعارِضُ مِنْكِ عائضُ، ... فِي هَجْمةٍ يَغْدِرُ مِنْهَا القابِضُ؟
وَيُقَالُ: انْقَبَضَ أَي أَسْرَع فِي السوْق؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وَلَوْ رَأَت بِنْت أَبي الفَضّاضِ، ... وسُرْعتي بالقَوْمِ وانْقِباضِي
والعَيْرُ يَقْبِضُ عانَته: يَشُلُّها. وعَير قَبّاضة: شَلَّال، وَكَذَلِكَ حادٍ قَبَّاضةٌ وقَبَّاضٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَبّاضةٌ بَيْنَ العَنِيفِ واللَّبِقْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: دَخَلَتِ الْهَاءُ فِي قَبّاضة لِلْمُبَالَغَةِ، وَقَدِ انْقَبَضَ بِهَا. والقَبْضُ: الإِسْراعُ. وانْقَبَضَ القومُ: سارُوا وأَسْرَعُوا؛ قَالَ:
آذَنَ جِيرانك بانْقِباضِ
قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ
. والقُنْبُضةُ مِنَ النِّسَاءِ: الْقَصِيرَةُ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا القُنْبُضات السودُ طَوَّفْنَ بالضُّحَى، ... رَقَدْنَ، عَلَيْهِنَّ الحِجالُ المُسَجَّفُ
وَالرَّجُلُ قُنْبُضٌ، وَالضَّمِيرُ فِي رَقدن يَعُودُ إِلى نِسْوَةٍ وَصَفَهُنَّ بالنَّعْمةِ والتَّرَفِ إِذا كَانَتِ القُنْبُضات السُّودُ فِي خِدْمة وتَعَبٍ. قَالَ الأَزهري: قَوْلُ اللَّيْثِ القَبِيضةُ مِنَ النِّسَاءِ الْقَصِيرَةُ تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ القُنْبُضة، بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَاءِ، وَجَمْعُهَا قُنْبُضات، وأَورد ببيت الفرزدق.
__________
(2) . قوله [بالغمل] هو اسم موضع كما في الصحاح والمعجم لياقوت.(7/215)
والقَبّاضةُ: الْحِمَارُ السريعُ الَّذِي يَقْبِضُ العانةَ أَي يُعْجِلُها؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
أَلَّفَ شَتَّى لَيْسَ بالرّاعِي الحَمِقْ، ... قَبّاضةٌ بَيْنَ العَنِيفِ واللَّبِقْ
الأَصمعي: مَا أَدري أَيُّ القَبِيضِ هُوَ كَقَوْلِكَ مَا أَدري أَيُّ الطَّمْشِ هُوَ، وَرُبَّمَا تَكَلَّمُوا بِهِ بِغَيْرِ حَرْفِ النَّفْيِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَمْسَتْ أُمَيّةُ للإسْلامِ حًائِطَةً، ... ولِلْقَبِيضِ رُعاةً أَمْرُها الرّشدُ
وَيُقَالُ للرّاعِي الحسَنِ التدْبير الرَّفِيقِ برَعِيَّتِه: إِنه لَقُبَضةٌ رُفَضةٌ، وَمَعْنَاهُ أَنه يَقْبِضُها فيسُوقُها إِذا أَجْدَب لَهَا المَرْتَعُ، فإِذا وقَعَت فِي لُمْعةٍ مِنَ الكلإِ رفَضَها حَتَّى تَنْتَشِرَ فَتَرْتَعَ. والقَبْضُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّير. والقِبِضَّى: العَدْو الشديدُ؛ وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي طَالِبٍ أَنه أَنشده قولَ الشَّمَّاخِ:
وتَعْدُو القِبِضَّى قَبْلَ عَيْرٍ وَمَا جَرَى، ... وَلَمْ تَدْرِ مَا بَالِي وَلَمْ أَدْر مَا لَها
قَالَ: والقِبِضَّى والقِمِصَّى ضرْب مِنَ العَدْو فِيهِ نَزْوٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ قَبَص، بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، يَقْبِص إِذا نَزَا، فَهُمَا لُغَتَانِ؛ قَالَ: وأَحسَب بيتَ الشَّمَّاخِ يُروى: وَتَعْدُو القِبِصّى، بالصاد المهملة.
قرض: القَرْضُ: القَطْعُ. قَرَضه يَقْرِضُه، بِالْكَسْرِ، قَرْضاً وقرَّضَه: قطَعه. والمِقْراضانِ: الجَلَمانِ لَا يُفْرَدُ لَهُمَا وَاحِدٌ، هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ مِقْراضٌ فأَفْرد. والقُراضةُ: ما سقَط بالقَرْضِ، وَمِنْهُ قُراضةُ الذَّهب. والمِقْراضُ: وَاحِدُ المَقارِيض؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
كُلُّ صَعْلٍ، كأَنَّما شَقَّ فِيه ... سَعَفَ الشَّرْيِ شَفْرتا مِقْراضِ
وَقَالَ ابْنُ مَيّادةَ:
قَدْ جُبْتُها جَوْبَ ذِي المِقْراضِ مِمْطَرةً، ... إِذا اسْتَوى مُغْفلاتُ البِيدِ والحدَب «1»
وَقَالَ أَبو الشِّيصِ:
وجَناحِ مَقْصُوصٍ، تَحَيَّفَ رِيشَه ... رَيْبُ الزَّمان تَحَيُّفَ المِقْراضِ
فَقَالُوا مِقْراضاً فأَفْرَدُوه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ المِفْراصُ، بِالْفَاءِ وَالصَّادِ، للحاذِي؛ قَالَ الأَعشى:
لِساناً كَمِفْراصِ الخَفاجِيِّ ملْحبا
وابنُ مِقْرَضٍ: دُوَيْبّة تَقْتُلُ الْحَمَامَ يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ دَلَّهْ؛ التهذيب: وابنُ مِقْرَض ذُو الْقَوَائِمِ الأَربع الطويلُ الظهرِ القَتالُ للحَمام. ابْنُ سِيدَهْ: ومُقَرِّضاتُ الأَساقي دُويبة تَخْرِقُها وتَقْطَعُها. والقُراضةُ: فُضالةُ مَا يَقْرِضُ الفأْرُ مِنْ خُبْزٍ أَو ثَوْبٍ أَو غَيْرِهِمَا، وَكَذَلِكَ قُراضاتُ الثَّوْبِ الَّتِي يَقْطَعُها الخَيّاطُ ويَنْفِيها الجَلَمُ. والقَرْضُ والقِرْضُ: مَا يَتَجازَى بِهِ الناسُ بَيْنَهُمْ ويَتَقاضَوْنَه، وَجَمْعُهُ قرُوضٌ، وَهُوَ مَا أَسْلَفَه مِنْ إِحسانٍ وَمِنْ إِساءة، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ؛ قَالَ أُمية ابن أَبي الصَّلْتِ:
كلُّ امْرِئٍ سَوْفَ يُجْزَى قَرْضَه حَسَناً، ... أَو سَيِّئاً، أَو مَدِيناً مِثْلَ ما دانا
__________
(1) . قوله [مغفلات] كذا فيما بأَيدينا من النسخ ولعله معقلات جمع معقلة بفتح فسكون فضم وهي التي تمسك الماء.(7/216)
وَقَالَ تَعَالَى: وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*
. وَيُقَالُ: أَقْرَضْتُ فُلَانًا وَهُوَ مَا تُعْطِيهِ لِيَقْضِيَكَه. وكلُّ أَمْرٍ يَتَجازَى بِهِ الناسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَهُوَ مِنَ القُروضِ. الْجَوْهَرِيُّ: والقَرْضُ مَا يُعْطِيه مِنَ المالِ لِيُقْضاه، والقِرْضُ، بِالْكَسْرِ، لُغَةٌ فِيهِ؛ حَكَاهَا الْكِسَائِيُّ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: القَرْضُ الْمَصْدَرُ، والقِرْضُ الِاسْمُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُعْجِبُنِي، وَقَدْ أَقْرَضَه وقارَضَه مُقارَضةً وقِراضاً. واسْتَقْرَضْتُ مِنْ فُلَانٍ أَي طَلَبْتُ مِنْهُ القَرْضَ فأَقْرَضَني. وأَقْرَضْتُ مِنْهُ أَي أَخذت مِنْهُ القَرْض. وقَرَضْته قَرْضاً وقارَضْتُه أَي جازَيتُه. وَقَالَ أَبو إِسحاق النَّحْوِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*
، قَالَ: مَعْنَى القَرْضِ البَلاء الحسَنُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: لَكَ عِنْدِي قَرْضٌ حَسَنٌ وقَرْضٌ سَيِء، وأَصل القَرْضِ مَا يُعطيه الرَّجُلُ أَو يَفْعَلُهُ ليُجازَى عَلَيْهِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَسْتَقْرِضُ مِنْ عَوَزٍ وَلَكِنَّهُ يَبْلُو عِبَادَهُ، فالقَرْضُ كَمَا وَصَفْنَا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وإِذا جُوزِيتَ قَرْضاً فاجْزِه، ... إِنما يَجْزِي الفَتَى ليْسَ الجَمَلْ
مَعْنَاهُ إِذا أُسْدِيَ إِليكَ مَعْروفٌ فكافِئْ عَلَيْهِ. قَالَ: وَالْقَرْضُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*
، اسْمٌ وَلَوْ كَانَ مَصْدَرًا لَكَانَ إِقْراضاً، وَلَكِنَّ قَرْضاً هَاهُنَا اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُلْتَمَسُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ. فأَما قَرَضْتُه أَقْرِضُه قَرْضاً فَجَازَيْتُهُ، وأَصل القَرْضِ فِي اللُّغَةِ القَطْعُ، والمِقْراضُ مِنْ هَذَا أُخِذ. وأَما أَقْرَضْتُه فَقَطَعْتُ لَهُ قِطْعَةً يُجازِي عَلَيْهَا. وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يُقْرِضُ*
، أَي يَفْعَلُ فِعْلًا حَسَنًا فِي اتِّبَاعِ أَمر اللَّهِ وَطَاعَتِهِ. والعَربُ تَقُولُ لِكُلِّ مَن فعلَ إِلَيه خَيْراً: قَدْ أَحْسَنْتَ قَرْضِي، وَقَدْ أَقْرَضْتَني قَرْضاً حَسَنًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَقْرِضْ مِنْ عِرْضِكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ
؛ يَقُولُ: إِذا نالَ عِرْضَكَ رَجُلٌ فَلَا تُجازِه وَلَكِنِ اسْتَبْقِ أَجْرَهُ مُوَفَّراً لَكَ قَرْضاً فِي ذِمَّتِهِ لتأْخذه مِنْهُ يَوْمَ حَاجَتِكَ إِليْهِ. والمُقارَضةُ: تَكُونُ فِي العَمَلِ السَّيِء والقَوْلِ السَّيِء يَقْصِدُ الإِنسان بِهِ صاحِبَه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: وإِن قارَضْتَ الناسَ قارَضُوك، وإِن تركْتَهم لَمْ يَتْرُكوك
؛ ذهَب بِهِ إِلى الْقَوْلِ فِيهِمْ والطَّعْنِ عَلَيْهِمْ وَهَذَا مِنَ القَطْعِ، يَقُولُ: إِن فَعَلْتَ بِهِمْ سُوءاً فَعَلُوا بِكَ مِثْلَهُ، وإِن تَرَكْتَهُمْ لَمْ تَسْلَمْ مِنْهُمْ وَلَمْ يَدَعُوك، وإِن سَبَبْتَهم سَبُّوكَ ونِلْتَ مِنْهُمْ ونالُوا مِنْكَ، وَهُوَ فاعَلْت مِنَ القَرْضِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه حضَرَه الأَعْرابُ وَهُمْ يَسْأَلونه عَنْ أَشياء: أَعَلَيْنا حَرَجٌ فِي كَذَا؟ فَقَالَ: عبادَ اللهِ رَفَع اللهُ عَنّا الحَرَجَ إِلا مَنِ اقْتَرَضَ امْرَأً مُسْلِماً
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَنِ اقْتَرَضَ عِرْضَ مُسْلِمٍ
؛ أَراد بِقَوْلِهِ اقْتَرَضَ امْرَأً مُسْلِماً أَي قطَعَه بالغِيبة والطّعْنِ عليه ونالَ مِنْهُ، وأَصله مِنَ القَرْض الْقَطْعُ، وَهُوَ افْتِعالٌ مِنْهُ. التَّهْذِيبُ: القِراضُ فِي كَلَامِ أَهل الْحِجَازِ المُضارَبةُ، وَمِنْهُ حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ: لَا تَصْلُحُ مُقارَضةُ مَنْ طُعْمَتُه الحَرامُ
، يَعْنِي القِراضَ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَصلها مِنَ القَرْضِ فِي الأَرض وَهُوَ قَطْعُها بالسيرِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ هِيَ المُضارَبةُ أَيضاً مِنَ الضَّرْب فِي الأَرض. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى وابني عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: اجْعَلْهُ قِراضاً
؛ القِراضُ: الْمُضَارَبَةُ فِي لُغَةِ أَهل الْحِجَازِ. وأَقْرَضَه المالَ وَغَيْرَهُ: أَعْطاه إِيّاهُ قَرْضاً؛ قَالَ:(7/217)
فَيا لَيْتَني أَقْرَضْتُ جَلْداً صَبابَتي، ... وأَقْرَضَني صَبْراً عَنِ الشَّوْقِ مُقْرِضُ
وَهُمْ يَتقارضُون الثَّنَاءَ بَيْنَهُمْ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلَيْنِ: هُمَا يَتقارَضانِ الثناءَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَي يَتَجازَيانِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يتَقارَضُون، إِذا التَقَوْا فِي مَوْطِنٍ، ... نَظَراً يُزِيلُ مَواطِئَ الأَقْدامِ
أَراد نَظَر بعضِهم إِلى بَعْضٍ بالبَغْضاء والعَداوَةِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
يُتَقَارَضُ الحَسَنُ الجَمِيلُ ... مِنَ التَّآلُفِ والتَّزاوُرْ
أَبو زَيْدٍ: قَرَّظَ فلانٌ فُلَانًا، وَهُمَا يَتقارَظانِ المَدْحَ إِذا مَدَحَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صاحَبه، وَمِثْلُهُ يتَقارَضان، بِالضَّادِ، وَقَدْ قرَّضَه إِذا مَدَحَه أَو ذَمَّه، فالتَّقارُظُ فِي المَدْحِ وَالْخَيْرِ خَاصَّةً، والتَّقارُضُ إِذا مدَحَه أَو ذَمَّه، وَهُمَا يَتَقَارَضَانِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ الغَنِيَّ أَخُو الغَنِيِّ، وإِنما ... يَتقارَضانِ، وَلَا أَخاً للمُقْتِرِ
وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: يُقَالُ يتَقارَظانِ الْخَيْرَ والشرَّ، بِالظَّاءِ أَيضاً. والقِرْنانِ يَتَقَارَضَانِ النَّظَرَ إِذا نَظَرَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلى صَاحِبِهِ شَزْراً. والمُقارَضةُ: المُضاربةُ. وَقَدْ قارَضْتُ فُلَانًا قِراضاً أَي دَفَعْتَ إِليه مَالًا لِيَتَّجِرَ فِيهِ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَكُمَا عَلَى مَا تَشْتَرِطانِ والوَضِيعةُ عَلَى الْمَالِ. واسْتَقْرَضْتُه الشيءَ فأَقْرَضَنِيه: قَضانِيه. وَجَاءَ: وَقَدْ قرَضَ رِباطَه وَذَلِكَ فِي شِدَّةِ العَطَشِ والجُوعِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَبو زَيْدٍ جَاءَ فُلَانٌ وَقَدْ قَرَض رِباطَه إِذا جَاءَ مجْهُوداً قَدْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ. وقرَض رِباطه: مَاتَ. وقرَض فُلَانٌ أَي مَاتَ. وقرَضَ فُلَانٌ الرِّباطَ إِذا مَاتَ. وقَرِضَ الرجلُ إِذا زالَ مِنْ شيءٍ إِلى شَيْءٍ. وانْقَرَضَ القومُ: دَرَجُوا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحد. والقَرِيضُ: مَا يَرُدُّه الْبَعِيرُ مِنْ جِرَّتِه، وَكَذَلِكَ المَقْرُوضُ، وَبَعْضُهُمْ يَحْمِلُ قولَ عَبيدٍ: حالَ الجَرِيضُ دُونَ القَرِيضِ عَلَى هَذَا. ابْنُ سِيدَهْ: قرَض البعيرُ جِرَّتَه يَقْرِضُها وَهِيَ قَرِيضٌ: مَضَغَها أَو ردَّها. وَقَالَ كُرَاعٌ: إِنما هِيَ الفَرِيضُ، بِالْفَاءِ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: حالَ الجَرِيضُ دُونَ القَرِيض؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْجَرِيضُ الغُصّةُ والقَرِيضُ الجِرَّة لأَنه إِذا غُصَّ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَرْضِ جِرَّتِه. والقَرِيضُ: الشِّعْر وَهُوَ الِاسْمُ كالقَصِيدِ، والتقْرِيضُ صِناعتُه، وَقِيلَ فِي قَوْلِ عَبِيدِ بْنِ الأَبرص حالَ الجَرِيضُ دُونَ القَرِيض: الجَرِيضُ الغَصَصُ والقَرِيضُ الشِّعْرُ، وَهَذَا الْمَثَلُ لعَبيد بْنِ الأَبرص قَالَهُ للمُنْذِر حِينَ أَراد قَتْلَهُ فَقَالَ لَهُ: أَنشدني مِنْ قَوْلِكَ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: حَالَ الْجَرِيضُ دُونَ الْقَرِيضِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: القَرْضُ فِي أَشياء: فَمِنْهَا القَطْعُ، وَمِنْهَا قَرْضُ الفأْر لأَنه قَطْعٌ، وَكَذَلِكَ السيْرُ فِي البِلادِ إِذا قَطَعْتَهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
إِلى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أَجْوازَ مُشْرِف
وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ
. والقَرْضُ: قَرْضُ الشعْر، وَمِنْهُ سُمِّيَ القَرِيضُ. والقَرْضُ: أَن يَقْرِضَ الرجُلُ المالَ. الْجَوْهَرِيُّ: القَرْضُ قولُ الشعْر خَاصَّةً. يُقَالُ: قَرَضْتُ الشعْرَ أَقْرِضُه إِذا قُلْتُهُ، وَالشِّعْرُ قرِيضٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ فَرَّقَ الأَغْلَبُ العِجْلِيُّ بَيْنَ الرَّجز والقَرِيضِ بِقَوْلِهِ:(7/218)
أَرَجَزاً تُرِيدُ أَمْ قَرِيضا؟ ... كِلَيْهِما أَجِدُ مُسْتَرِيضا
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: قِيلَ لَهُ: أَكان أَصْحابُ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَمْزَحُون؟ قَالَ: نَعَمْ ويَتقارَضُون
أَي يَقُولُونَ القَرِيضَ ويُنشِدُونَه. والقَرِيضُ: الشِّعْرُ. وقَرَضَ فِي سَيرِه يَقْرِضُ قَرْضاً: عدَل يَمْنةً ويَسْرَةً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي تُخَلِّفُهم شِمالًا وتُجاوِزُهم وتَقْطَعُهم وتَتْرُكُهم عَنْ شِمالها. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: هَلْ مَرَرْتَ بِمَكَانِ كذا وكذا؟ فيقول المسؤول: قرَضْتُه ذاتَ اليَمينِ لَيْلًا. وقرَضَ المكانَ يَقْرِضُه قرْضاً: عدَل عَنْهُ وتَنَكَّبَه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِلى ظُعُنٍ يَقْرِضْن أَجْوازَ مُشْرِفٍ ... شِمالًا، وعنْ أَيْمانِهِنَّ الفَوارِسُ
ومُشْرِفٌ والفَوارِسُ: مَوْضِعَانِ؛ يَقُولُ: نَظَرَتُ إِلى ظُعُن يَجُزْنَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ قرضْتُه ذاتَ اليمينِ وقرَضْتُه ذاتَ الشِّمالِ وقُبُلًا ودُبُراً أَي كُنْتُ بحِذائِه مِنْ كلِّ نَاحِيَةٍ، وقرَضْت مِثْلُ حَذَوْت سَوَاءٌ. وَيُقَالُ: أَخذَ الأَمرَ بِقُراضَتِه أَي بطَراءَتِه وأَوَّله. التَّهْذِيبُ عَنِ اللَّيْثُ: التَّقْرِيضُ فِي كُلِّ شَيْءٍ كتَقْرِيض يَدَي الجُعَل؛ وأَنشد:
إِذا طَرَحا شَأْواً بأَرْضٍ، هَوَى لَهُ ... مُقَرَّضُ أَطْرافِ الذِّراعَينِ أَفْلَحُ
قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ وإِنما هُوَ التَّفْرِيضُ، بِالْفَاءِ، مِنَ الفَرْض وَهُوَ الحَزُّ، وقوائِمُ الجِعْلانِ مُفَرَّضةٌ كأَنَّ فِيهَا حُزوزاً، وَهَذَا البيتُ رَوَاهُ الثِّقاتُ أَيضاً بالفاه: مُفَرَّضُ أَطْرافِ الذِّراعَينِ، وَهُوَ فِي شِعْر الشمَّاخِ. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: مِنْ أَسماء الخُنْفُساء المَنْدُوسةُ والفاسِياء، وَيُقَالُ لِذِكْرِهَا المُقَرَّضُ والحُوَّازُ والمُدَحْرِجُ والجُعَلُ.
قربض: القُرُنْبُضةُ: القصيرةُ.
قضض: قَضَّ عَلَيْهِمُ الخيلَ يَقُضُّها قَضّاً: أَرْسَلها. وانْقَضَّتْ عَلَيْهِمُ الخيلُ: انْتَشَرَتْ، وقَضَضْناها عَلَيْهِمْ فانْقَضَّتْ عَلَيْهِمْ؛ وأَنشد:
قَضُّوا غِضاباً عليكَ الخيلَ مِنْ كَثَب
وانْقَضَّ الطائرُ وتَقَضَّضَ وتَقَضَّى عَلَى التَّحْوِيلِ: اخْتاتَ وهَوَى فِي طَيَرانه يُرِيدُ الْوُقُوعَ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا هوَى مِنْ طَيَرَانِهِ ليَسْقُط عَلَى شَيْءٍ. وَيُقَالُ: انْقَضَّ الْبَازِي عَلَى الصيْدِ وتَقَضَّضَ إِذا أَسْرَعَ فِي طَيَرَانِهِ مُنْكَدِراً عَلَى الصيْدِ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا تَقَضَّى يَتَقَضَّى، وَكَانَ فِي الأَصل تَقَضَّضَ، وَلَمَّا اجْتَمَعَتْ ثلاثُ ضَادَاتٍ قُلِبَتْ إِحداهن يَاءً كَمَا قَالُوا تَمَطَّى وأَصله تَمَطَّط أَي تمدَّد. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى؛ وَفِيهِ: وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها؛ وقال الْعَجَّاجُ:
إِذا الكِرامُ ابْتَدَرُوا الباعَ بَدَرْ، ... تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
أَي كسَر جَناحَيْه لِشدَّة طَيرانِه. وانْقَضَّ الجِدار: تَصَدَّعَ مِنْ غَيْرِ أَن يَسْقُطَ، وَقِيلَ: انْقَضَّ سقَط. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ
؛ هَكَذَا عدَّه أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ ثُنَائِيًّا وَجَعَلَهُ أَبو عَلِيٍّ ثُلَاثِيًّا مِنْ نَقَضَ فَهُوَ عِنْدَهُ افْعَلَّ. وَفِي التَّهْذِيبِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يُرِيدُ أَنْ(7/219)
يَنْقَضَّ؛ أَي يَنْكَسِرَ. يُقَالُ: قَضَضْتُ الشيءَ إِذا دَقَقْتَه، وَمِنْهُ قِيلَ للحَصى الصِّغار قَضَضٌ. وانْقَضَّ الجدارُ انْقِضاضاً وانْقاضَ انْقِياضاً إِذا تَصَدَّعَ مِنْ غَيْرِ أَن يَسْقُط، فإِذا سقَط قِيلَ: تَقَيَّض تَقَيُّضاً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ وهَدْم الكَعْبةِ: فأَخذَ ابنُ مُطِيعٍ العَتَلَةَ فَعَتَلَ ناحِيةً مِنَ الرُّبْضِ فأَقَضَّه
أَي جَعَلَهُ قَضَضاً. والقَضَضُ: الحصَى الصِّغار جَمْعُ قَضَّةٍ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ. وقَضَّ الشيءَ يَقُضُّه قَضّاً: كَسَرَهُ. وقَضَّ اللُّؤْلؤة يَقُضُّها، بِالضَّمِّ، قَضّاً: ثقَبها؛ وَمِنْهُ قِضّةُ العَذْراء إِذا فُرِغَ مِنْهَا. واقْتَضَّ المرأَة افْتَرَعَها وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَالِاسْمُ القِضَّةُ، بِالْكَسْرِ. وأَخذ قِضَّتَها أَي عُذْرَتها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والقِضّةُ، بِالْكَسْرِ: عُذْرة الْجَارِيَةِ. وَفِي حَدِيثِ هَوَازِنَ:
فاقْتَضَّ الإِداوةَ
أَي فتَح رأْسَها، مِنِ اقْتِضاضِ البِكْر، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: انْقَضَّ الطَّائِرُ أَي هَوَى انْقِضاضَ الكَواكِب، قَالَ: وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا مِنْهُ تَفَعَّلَ إِلا مُبْدَلًا، قَالُوا تَقَضَّى. وانْقَضَّ الحائِطُ: وقَع؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
جَدَا قِضَّةَ الْآسَادِ وارْتَجَزَتْ لَهُ، ... بِنَوْءِ السّماكَينِ، الغُيُوثُ الرَّوائحُ «2»
وَيُرْوَى حَدَا قِضَّةَ الْآسَادِ أَي تَبِعَ هَذَا الْجَدَايِرَ الأَسد. وَيُقَالُ: جِئْتُهُ عِنْدَ قَضَّةِ النَّجْمِ أَي عِنْدَ نَوْئِه، ومُطِرْنا بِقَضَّةِ الأَسَد. والقَضَضُ: الترابُ يَعْلُو الفِراشَ، قَضَّ يَقَضُّ قَضَضاً، فَهُوَ قَضٌّ وقَضِضٌ، وأَقَضَّ: صَارَ فِيهِ القَضَضُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قِيلَ لأَعرابي: كَيْفَ رأَيت الْمَطَرَ؟ قَالَ: لَوْ أَلْقَيْتَ بَضْعةً مَا قَضَّتْ أَي لَمْ تَتْرَبْ، يَعْنِي مِنْ كَثْرَةِ العُشْبِ. واسْتَقَضَّ المكانُ: أَقَضَّ عَلَيْهِ، ومكانٌ قَضٌّ وأَرض قَضَّةٌ: ذاتُ حَصىً؛ وأَنشد:
تُثِيرُ الدَّواجِنَ فِي قَضَّة ... عِراقِيّة وَسَطُهَا للفَدُورْ
وقضَّ الطعامُ يَقَضُّ قَضَضاً، فَهُوَ قَضِضٌ، وأَقَضَّ إِذا كَانَ فِيهِ حَصىً أَو تُرَابٌ فوَقع بَيْنَ أَضراسِ الآكِل. ابْنُ الأَعرابي: قَضَّ اللحمُ إِذا كَانَ فِيهِ قَضَضٌ يَقَعُ فِي أَضْراسِ آكِلِه شِبْه الحصَى الصِّغار. وَيُقَالُ: اتَّقِ القِضَّةَ والقَضَّةَ والقَضَضَ فِي طَعامِك؛ يُرِيدُ الْحَصَى وَالتُّرَابَ. وَقَدْ قَضِضْت الطَّعَامَ قَضَضاً إِذا أَكلْتَ مِنْهُ فَوَقَعَ بَيْنَ أَضْراسِكَ حَصًى. وأَرض قِضّةٌ وقَضَّة: كَثِيرَةُ الْحِجَارَةِ وَالتُّرَابِ. وطعامٌ قَضٌّ وَلَحْمٌ قَضٌّ إِذا وَقَعَ فِي حَصًى أَو تُرَابٍ فوُجِد ذَلِكَ فِي طَعْمِه؛ قَالَ:
وأَنتم أَكلتم لَحْمَهُ تُرَابًا قَضّا
والفعلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ. والقِضّة والقَضّةُ: الْحَصَى الصِّغَارُ: والقِضّة والقَضّة أَيضاً: أَرض ذاتُ حَصى؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ دَلْوًا:
قَدْ وَقَعَتْ في قِضّةٍ [قَضّةٍ] مِن شَرْجِ، ... ثُمَّ اسْتَقَلَّتْ مِثْلَ شِدْقِ العِلْجِ
وأَقَضَّتِ البَضْعةُ بالتُّراب وقَضَّتْ: أَصابَها مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَالَ أَعرابي يَصِفُ خِصْباً مَلأَ الأَرض عُشْباً: فالأَرضُ اليومَ لَوْ تُقْذَفُ بِهَا بَضْعةٌ لَمْ تَقَضَّ بتُرْب أَي لَمْ تَقَع إِلا عَلَى عُشْبٍ. وكلُّ مَا نالَه ترابٌ مِنْ طَعَامٍ أَو ثَوْبٍ أَو غَيْرِهِمَا قَضٌّ.
__________
(2) . قوله [جدا قضة إلخ] وقوله [ويروى حدا قضة إلى قوله الأسد] هكذا فيما بيدنا من النسخ.(7/220)
ودِرْعٌ قَضَّاء: خَشِنةُ المَسّ مِنْ جِدَّتِها لَمْ تَنْسَحِقْ بَعْدُ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الَّتِي فُرِغَ مِنْ عَمَلِها وأُحْكِمَ وَقَدْ قَضَيْتُها؛ قَالَ النَّابِغَةِ:
ونَسْجُ سُلَيْمٍ كُلَّ قَضَّاء ذَائِلِ
قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُشْتَقٌّ مَنْ قَضَيْتُها أَي أَحكمتُها، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خطأٌ فِي التَّصْرِيفِ لأَنه لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ قَضْياء؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو بَيْتَ الْهُذَلِيِّ:
وتَعاوَرا مَسْرُودَتَيْن قَضاهُما ... داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
قَالَ الأَزهري: جَعَلَ أَبو عَمْرٍو القَضَّاء فَعّالًا مِنْ قَضى أَي حكَم وفَرغَ، قَالَ: والقَضَّاء فَعْلاء غَيْرُ مُنْصَرِفٍ. وَقَالَ شَمِرٌ: القَضَّاء مِنَ الدُّرُوع الحَدِيثةُ العَهْدِ بالجِدّةِ الخَشِنةُ المَسِّ مِنْ قَوْلِكَ أَقَضَّ عَلَيْهِ الفِراشُ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ:
كُلَّ قَضَّاء ذَائِلِ
كلُّ دِرْع حَدِيثَةِ الْعَمَلِ. قَالَ: وَيُقَالُ القضَّاء الصُّلْبةُ الَّتِي امْلاس فِي مَجَسَّتها قَضَّةٌ «1» . وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: القَضَّاء المَسْمُورةُ مِنْ قَوْلِهِمْ قَضَّ الجَوْهرة إِذا ثَقَبَها؛ وأَنشد:
كأَنَّ حَصَانًا، قَضَّها القَيْنُ، حُرَّةٌ، ... لَدَيَّ حيْثُ يُلْقى بالفِناء حَصِيرُها
شَبَّهها عَلَى حَصِيرها، وَهُوَ بِساطُها، بدُرّة فِي صَدَفٍ قَضَّها أَي قَضَّ القينُ عَنْهَا صدَفها فَاسْتَخْرَجَهَا، وَمِنْهُ قِضَّةُ العَذْراء. وقَضَّ عَلَيْهِ المَضْجَعُ وأَقَضَّ: نَبا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
أَمْ مَا لِجَنْبِكَ لَا يُلائِمُ مَضْجَعاً، ... إِلا أَقَضَّ عليكَ ذَاكَ المَضْجَعُ
وأَقَضَّ عَلَيْهِ المَضْجَعُ أَي تَتَرَّبَ وخَشُنَ. وأَقضَّ اللهُ عَلَيْهِ المضجعَ، يتعدَّى وَلَا يتعدَّى. واستَقَضَّ مضجَعُه أَي وجدَه خَشِناً. وَيُقَالُ: قَضَّ وأَقَضَّ إِذا لَمْ ينَمْ نَوْمةً وَكَانَ فِي مضجَعِه خُشْنةٌ. وأَقَضَّ عَلَى فُلَانٍ مضجَعُه إِذا لَمْ يَطْمَئِنَّ بِهِ النومُ. وأَقَضَّ الرجلُ: تَتَبَّع مَداقَّ الأُمور والمَطامعَ الدَّنِيئةَ وأَسَفَّ عَلَى خِساسِها؛ قَالَ:
مَا كُنْتَ مِنْ تَكَرُّمِ الأَعْراضِ ... والخُلُقِ العَفّ عَنِ الإِقْضاضِ
وجاؤوا قَضَّهم بقَضِيضِهم أَي بأَجْمَعهم؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ لِلشَّمَّاخِ:
أَتَتْني سُلَيْمٌ قَضَّها بِقَضِيضِها، ... تُمَسِّحُ حَوْلي بالبَقِيعِ سِبالَها
وَكَذَلِكَ: جاؤوا قَضَّهم وقَضِيضَهم أَي بجمْعهم، لَمْ يدَعُوا وَرَاءَهُمْ شَيْئًا وَلَا أَحَداً، وَهُوَ اسْمٌ مَنْصُوبٌ مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ كأَنه قال جاؤوا انْقِضاضاً؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: كأَنه يَقُولُ انْقَضَّ آخِرُهم عَلَى أَوَّلهم وَهُوَ مِنَ المَصادِر الموْضُوعةِ موضِع الأَحْوالِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُعْرِبه ويُجريه عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَفِي الصِّحَاحِ: ويُجْرِيه مُجْرى كلِّهم. وَجَاءَ القومُ بقَضِّهم وقَضِيضِهم؛ عَنْ ثَعْلَبٍ وأَبي عُبَيْدٍ. وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ فِي الْحَدِيثِ:
يؤْتى بقَضِّها وقِضِّها وقَضِيضِها
، وَحَكَى كُرَاعٌ: أَتَوْني قَضُّهم بقَضِيضِهم ورأَيتهم قَضَّهم بقَضِيضِهم وَمَرَرْتُ بِهِمْ قَضِّهم وقَضِيضِهم. أَبو طَالِبٍ: قَوْلُهُمْ جَاءَ بالقَضِّ والقَضِيض، فالقَضُّ الحَصى، والقَضِيضُ مَا تكسَّر مِنْهُ ودَقَّ. وَقَالَ
__________
(1) . قوله [ويقال القضاء إلخ] كذا بالأَصل وشرح القاموس.(7/221)
أَبو الْهَيْثَمِ: القَضُّ الْحَصَى والقَضِيضُ جَمْعٌ مثلُ كَلْب وكَليب؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ:
جاءتْ فَزارةُ قَضُّها بقَضِيضِها
لَمْ أَسمعهم يُنْشدون قَضُّها إِلا بِالرَّفْعِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ قَوْلِهِ جاؤوا قضَّهم بِقَضِيضِهِمْ أَي بأَجمعهم قولُ أَوْس بْنِ حَجَر:
وجاءتْ جِحاشٌ قَضَّها بقَضِيضِها، ... بأَكثَر مَا كَانُوا عَدِيداً وأَوْكَعُوا «1»
وَفِي الْحَدِيثِ:
يُؤْتى بِالدُّنْيَا بقَضِّها وقَضِيضِها
أَي بِكُلِّ مَا فِيهَا، من قولهم جاؤوا بقَضِّهم وقَضِيضِهم إِذا جاؤوا مُجْتَمِعِينَ يَنْقَضُّ آخِرُهم عَلَى أَوَّلهم مِنْ قَوْلِهِمْ قَضَضْنا عَلَيْهِمُ الخيلَ وَنَحْنُ نقُضُّها قَضّاً. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَتَلْخِيصُهُ أَن القَضَّ وُضِع مَوْضِعَ القاضِّ كزَوْرٍ وصَوْمٍ بِمَعْنَى زَائِرٍ وَصَائِمٍ، والقَضِيض موضعَ المَقْضُوضِ لأَن الأَوّل لِتَقَدُّمِهِ وَحَمْلِهِ الآخِر عَلَى اللِّحاق بِهِ كأَنه يقُضُّه على نفسه، فحقيقتُه جاؤوا بمُسْتَلْحَقِهم ولاحقِهِم أَي بأَوّلِهم وآخِرهم. قَالَ: وأَلْخَصُ مِنْ هَذَا كُلُّهُ قولُ ابْنِ الأَعرابي إِنَّ القَضَّ الْحَصَى الكِبارُ، والقَضِيض الحصى الصِّغارُ، أَي جاؤوا بِالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
دَخَلَتِ الجنةَ أُمّةٌ بقَضِّها وقَضِيضِها.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّحْدَاحِ: وارْتَحِلي بالقَضِّ والأَوْلادِ
أَي بالأَتْباع ومَن يَتَّصِلُ بكِ. وَفِي حَدِيثِ
صَفْوانَ بْنِ مُحْرِز: كَانَ إِذا قرأَ هَذِهِ الْآيَةَ: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ، بَكَى حَتَّى يُرى لقدِ انْقدّ «2» قَضِيضُ زَوْرِه
؛ هَكَذَا رُوي، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُوَ عِنْدِي خَطَأٌ مِنْ بَعْضِ النقَلةِ وأَراه قَصَص زَوْرِه، وَهُوَ وسَطُ صَدْرِه، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ إنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ أَن يُراد بالقَضِيضِ صِغارُ العِظام تَشْبِيهًا بصِغارِ الحَصى. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ أَنَّ أَحدَكم انْقَضَّ مِمَّا صُنِعَ بِابْنِ عَفَّانَ لَحَقَّ لَهُ أَن يَنْفَضَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: أَي يتقطَّع، وَقَدْ رُوِيَ بِالْقَافِ يَكَادُ يَنْقَضُّ. اللَّيْثُ: القضَّةُ أَرْضٌ مُنْخَفِضةٌ تُرَابُهَا رَمْل وإِلى جانِبِها مَتْنٌ مُرْتَفِعٌ، وَجَمْعُهَا القِضُونَ «3» ؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
بلْ مَنْهل ناءٍ عَنِ الغياضِ، ... هَامِّي العَشِيّ، مُشْرِف القَضْقاضِ «4»
قِيلَ: القِضْقاضُ والقَضْقاضُ مَا اسْتَوى مِنَ الأَرض؛ يَقُولُ: يسْتَبينُ القِضْقاضُ فِي رأْي الْعَيْنِ مُشْرِفاً لِبُعْدِهِ. والقَضِيضُ: صَوْتٌ تَسْمَعُهُ مِنَ النِّسْعِ والوتَر عِنْدَ الإِنْباضِ كأَنه قُطِعَ، وَقَدْ قَضَّ يَقِضُّ قَضِيضاً. والقِضاضُ: صَخْر يركَب بعضُه بَعْضًا كالرِّضام؛ وَقَالَ شَمِرٌ: القضّانةُ الْجَبَلُ يَكُونُ أَطباقاً؛ وأَنشد:
كأَنَّما قَرْعُ أَلْحِيها، إِذا وَجَفَتْ، ... قَرْعُ المَعاوِلِ فِي قضَّانة قلَع
قَالَ: القَلَعُ المُشْرِفُ مِنْهُ كالقَلَعة، قَالَ الأَزهري: كأَنه مَنْ قَضَضْتُ الشيءَ أَي دَقَقْتُه، وَهُوَ فُعْلانة «5»
__________
(1) . قوله [وأَوكعوا] في شرح القاموس: أي سمنوا إبلهم وقووها ليغيروا علينا.
(2) . قوله [انقد] كذا بالنهاية أَيضاً، وبهامش نسخة منها: اندق أي بدل انقد وهو الموجود في مادة قصص منها.
(3) . قوله [القضون] كذا بالأَصل، والذي في شرح القاموس عن الليث: وجمعها القضض انتهى. يعني بكسر ففتح كما هو مشهور في فعل جمع فعلة.
(4) . قوله [هامي] بالميم وفي شرح القاموس بالباء.
(5) . قوله [فعلانة] ضبط في الأَصل بضم الفاء، ومنه يعلم ضم قاف قضانة، واستدركه شارح القاموس عليه ولم يتعرض لضبطه.(7/222)
مِنْهُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: القِضّةُ الوَسْمُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَعْروفة قِضَّتها رُعْن الهامْ
والقَضّةُ، بِفَتْحِ الْقَافِ: الفَضَّةُ وَهِيَ الْحِجَارَةُ المُجْتَمِعةُ المُتَشَقِّقةُ. والقَضْقَضَة: كسْرُ العِظام والأَعْضاء. وقَضْقَضَ الشيءَ فَتَقَضْقَضَ: كسَّره فتكسَّر ودقَّه. والقَضْقَضَةُ: صوتُ كسْرِ الْعِظَامِ. وقَضَضْتُ السويقَ وأَقْضَضْتُه إِذا أَلقيتَ فِيهِ سكَّراً يًابِسًا. وأَسد قَضْقاضٌ وقُضاقِضٌ: يحْطِم كُلَّ شيءٍ ويُقَضْقِضُ فَرِيسَتَه؛ قَالَ رؤْبة بْنُ الْعَجَّاجِ:
كمْ جاوَزَتْ مِنْ حَيَّةٍ نَضْناضِ، ... وأَسَدٍ فِي غِيلِه قَضْقاضِ
وَفِي حَدِيثِ مانِع الزَّكَاةِ:
يُمَثَّلُ لَهُ كَنْزُه شُجاعاً فيُلْقِمُه يدَه فيُقَضْقِضُها
أَي يُكَسِّرُها. وَفِي حَدِيثِ
صَفِيَّةَ بنتِ عبدِ المُطَّلِب: فأَطَلَّ عَلَيْنَا يَهُودِيٌّ فَقُمْتُ إِليه فضرَبْتُ رأْسَه بِالسَّيْفِ ثُمَّ رَمَيْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ فتَقَضْقَضُوا
أَي انْكَسَرُوا وتفرَّقُوا. شَمِرٌ: يُقَالُ قَضْقَضْتُ جَنْبَهُ مِنْ صُلْبِه أَي قَطَعْتُه، والذئبُ يُقَضْقِضُ العِظام؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ:
قَضْقَضَ بالتَّأْبِينِ قُلَّةَ رأْسِه، ... ودَقَّ صَلِيفَ العُنْقِ، والعُنْقُ أَصْعَرُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: لَوْ أَن رجلًا انْفَضَّ انْفِضاضاً مِمَّا صُنِعَ بِابْنِ عَفَّان لَحَقَّ لَهُ أَن يَنْفَضَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: يَنْفَضُّ، بِالْفَاءِ، يُرِيدُ يَتَقَطَّع. وَقَدِ انْقَضَّتْ أَوْصالُه إِذا تفرَّقَت وتقطَّعَت. قَالَ: وَيُقَالُ قَضَّ فَا الأَبْعَدِ وفَضَّه؛ والفَضُّ: أَن يَكْسِر أَسنانَه؛ قَالَ: ويُرْوى بيتُ الكُمَيْت:
يَقُضُّ أُصولَ النخلِ مِنْ نَخَواتِه
بِالْفَاءِ وَالْقَافِ أَي يقْطَعُ ويرْمي بِهِ. والقَضَّاء مِنَ الإِبل: مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إِلى الأَربعين. والقَضَّاء مِنَ النَّاسِ: الجِلَّةُ وإِن كَانَ لَا حسَب لَهُمْ بَعْدَ أَن يَكُونُوا جِلَّةً فِي أَبْدانٍ وأَسنان. ابْنُ بَرِّيٍّ: والقَضَّاء مِنَ الإِبل لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ لأَنها مِنْ قَضَى يَقْضي أَي يُقْضى بِهَا الحُقوقُ. والقَضَّاء مِنَ النَّاسِ: الجِلَّةُ فِي أَسنانهم. الأَزهري: القِضَةُ، بِتَخْفِيفِ الضَّادِ، لَيْسَتْ مِنْ حَدِّ المُضاعَف وَهِيَ شَجَرَةٌ مِنْ شَجَرِ الحَمْضُ مَعْرُوفَةٌ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ قَالَ: الْقِضَّةُ نَبْتٌ يُجْمع القِضِينَ والقِضُونَ، قَالَ: وإِذا جَمَعْتَهُ عَلَى مِثْلِ البُرى قُلْتَ القِضى؛ وأَنشد:
بِساقَيْنِ ساقَيْ ذِي قِضِينَ تَحُشُّه ... بأَعْوادِ رَنْدٍ، أَو أَلاوِيةً شُقْرا
قَالَ: وأَما الأَرضُ الَّتِي ترابُها رَمْلٌ فَهِيَ قِضَّةٌ، بِتَشْدِيدِ الضَّادِ، وَجَمْعِهَا قِضَّاتٌ. قَالَ: وأَما القَضْقاضُ فَهُوَ مِنْ شَجَرِ الحَمْضِ أَيضاً، وَيُقَالُ: إِنه أُشْنانُ أَهل الشَّامِ. ابْنُ دُرَيْدٍ: قِضَّةُ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ كَانَتْ فِيهِ وَقْعة بَيْنَ بَكْر وتَغْلِب سُمِّيَ يَوْمَ قِضَّة، شَدَّد الضادَ فِيهِ. أَبو زَيْدٍ: قِضْ، خَفِيفَةً، حكايةُ صوتِ الرُّكْبة إِذا صاتَتْ، يُقَالُ: قَالَتْ رُكْبَته قِضْ؛ وأَنشد:
وقَوْل رُكْبَتِها قِضْ حِينَ تَثْنِيها
قعض: القَعْضُ: عَطْفُك الخشبةَ كَمَا تُعْطَفُ عُروشُ الكَرْم والهَوْدَج. قَعَضَ رأْسَ الْخَشَبَةِ قَعْضاً(7/223)
فانْقَعَضَت: عَطَفَها. وَخَشَبَةٌ قَعْضٌ: مَقْعوضةٌ. وقَعَضَه فانْقَعَضَ أَي انْحَنى؛ قَالَ رُؤْبَةُ يُخَاطِبُ امرأَته:
إِمّا تَرَيْ دَهْراً حَنَانِي حَفْضا، ... أَطْرَ الصَّناعَيْنِ العَريشَ القَعْضا،
فَقَدَ أُفَدَّى مِرْجَماً مُنْقَضَّا
القَعْضُ: المَقْعُوضُ، وُصف بِالْمَصْدَرِ كَقَوْلِكَ مَاءٌ غَوْرٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَن القَعْضَ فِي تأْويل مَفْعُولٍ كَقَوْلِكَ دِرْهم ضرْبٌ أَي مَضْروبٌ، وَمَعْنَاهُ إِن تَرَيْني أَيَّتُها المرأَة أَن الهَرَم حَناني فَقَدْ كُنْتُ أُفَدَّى فِي حالِ شَبَابِي بِهِدايتي فِي المَفاوِز وقُوَّتي عَلَى السفَر، وَسَقَطَتِ النُّونُ مِنْ تَرَيْن لِلْجَزْمِ بالمُجازاة، وَمَا زَائِدَةٌ. والصَّناعَيْن: تثنيةُ امرأَةٍ صَناعٍ. والعَرِيشُ هُنَا: الهَوْدَجُ، وَقَالَ الأَصمعي: العريشُ القَعْضُ الضيِّقُ، وَقِيلَ: هو المُنْفَك.
قنبض: القُنْبُضُ: الْقَصِيرُ، والأُنثى قُنْبُضةٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا القُنْبُضاتُ السُّودُ طَوَّفْنَ بالضُّحى، ... رَقَدْنَ، عليهِنّ الحِجالُ المُسَجَّفُ
قوض: قَوَّضَ الْبِنَاءَ: نقَضَه مِنْ غَيْرِ هَدْم، وتَقَوَّض هُوَ: انْهَدَمَ مَكَانُهُ، وتقَوَّضَ البيتُ تقَوُّضاً وقوَّضْتُه أَنا. وَفِي حَدِيثِ الِاعْتِكَافِ:
فأَمرَ بِبِنَائِهِ فقُوِّضَ
أَي قُلِع وأُزِيلَ، وأَراد بِالْبِنَاءِ الخِباءَ، وَمِنْهُ تقْويضُ الخِيام، وتقَوَّضَ القومُ وتقَوّضَتِ الحَلَقُ والصُّفوفُ مِنْهُ. وقَوَّضَ القومُ صُفوفَهم وتقَوَّضَ البيتُ وتقَوَّزَ إِذا انْهَدَمَ، سَوَاءٌ أَكان بيتَ مدَر أَو شعَر. وَتَقَوَّضَتِ الحَلَقُ: انتقضتْ وتفرَّقتْ، وَهِيَ جَمْعُ حَلْقةٍ مِنَ النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سفَر فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِيهِ قرْيةُ نَمل فأَحْرقناها، فَقَالَ لنا: لا تُعَذِّبوا بِالنَّارِ فإِنه لَا يُعذب بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّها. قَالَ: وَمَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ فِيهَا فَرْخا حُمّرةٍ فأَخذناهما فَجَاءَتِ الحُمّرةُ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ تَقَوَّضُ فَقَالَ: مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بفَرْخَيْها؟ قال: فقلنا نَحْنُ، قَالَ: رُدُّوهما، فَرَدَدْنَاهُمَا إِلى مَوْضِعِهِمَا.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: تقَوَّضُ أَي تَجيء وتذْهَبُ ولا تَقَرُّ.
قيض: القَيْضُ: قِشرةُ البَيْضة العُلْيا اليابسةُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي خَرَجَ فرْخُها أَو مَاؤُهَا كلُّه، والمَقِيضُ موضِعُها. وتَقَيَّضَتِ البيضةُ تَقَيُّضاً إِذا تَكَسَّرَتْ فَصَارَتْ فِلَقاً، وانْقاضَت فَهِيَ مُنْقاضةٌ: تَصدَّعَت وتشقَّقت وَلَمْ تَفَلَّقْ، وقاضَها الفرْخُ قَيضاً: شَقَّهَا، وقاضَها الطائرُ أَي شَقَّهَا عَنِ الْفَرْخِ فَانْقَاضَتْ أَي انْشَقَّتْ؛ وأَنشد:
إِذا شِئت أَن تَلْقَى مَقِيضاً بقَفْرةٍ، ... مُفَلَّقةٍ خِرْشاؤها عَنْ جَنِينِها
والقَيْضُ: مَا تَفَلَّقَ مِنْ قُشور الْبَيْضِ. والقَيْضُ: الْبَيْضُ الَّذِي قَدْ خَرج فرْخُه أَو ماؤُه كُلِّهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ والقَيْضُ مَا تفلَّق مِنْ قُشور الْبَيْضِ الأَعلى، صَوَابُهُ مِنْ قِشْر الْبَيْضِ الأَعلى بِإِفْرَادِ الْقِشْرِ لأَنه قَدْ وَصَفَهُ بالأَعلى. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لَا تَكُونُوا كقَيْض بَيْضٍ فِي أَداحٍ يَكُونُ كسْرُها وِزْراً، وَيَخْرُجُ ضِغَانُهَا «6» شَرًّا
؛ القَيْضُ: قِشْر الْبَيْضِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدّتِ الأَرضُ مَدّ الأَديم وزِيدَ فِي سَعَتها وجُمع الخلقُ جِنُّهم وإِنْسُهم فِي صَعيدٍ وَاحِدٍ، فإِذا كان كذلك
__________
(6) . قوله [ضغانها] كذا بالأَصل، وفي النهاية هنا حضانها.(7/224)
قِيضَتْ هَذِهِ السَّمَاءُ الدُّنْيَا عَنْ أَهلها فنُثِرُوا عَلَى وَجْهِ الأَرض، ثُمَّ تُقاضُ السماواتُ سَمَاءً فَسَمَاءً، كُلَّمَا قِيضَت سَمَاءٌ كَانَ أَهلُها عَلَى ضِعْفِ مَن تحتَها حَتَّى تُقاضَ السابعةُ
، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ؛ قَالَ شَمِرٌ: قِيضَت أَي نُقِضَتْ، يُقَالُ: قُضْتُ البِناء فانْقاضَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَفْرخ قَيْض بَيْضِها المُنْقاضِ
وَقِيلَ: قِيضت هَذِهِ السَّمَاءُ عَنْ أَهلها أَي شُقَّتْ مِنْ قاضَ الفرْخُ البيضةَ فانْقاضَتْ. قَالَ ابْنُ الأَثير: قُضْتُ القارُورةَ فانْقاضَت أَي انْصَدَعَت وَلَمْ تَتَفَلَّقْ، قَالَ: ذَكَرَهَا الْهَرَوِيُّ فِي قَوَضَ مِنْ تَقْوِيضِ الخِيام، وأَعاد ذِكْرَهَا فِي قَيَضَ. وقاضَ البئرَ فِي الصخْرةِ قَيْضاً: جابَها. وَبِئْرٌ مَقِيضةٌ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ، وَقَدْ قِيضَتْ عَنِ الْجِبِلَّةِ. وتَقَيَّضَ الجِدارُ والكَثِيبُ وانْقاضَ: تهدَّم وانْهالَ. وانْقاضَت الرَّكِيَّةُ: تكسَّرت. أَبو زَيْدٍ: انْقاضَ الجِدارُ انْقِياضاً أَي تَصَدَّعَ مِنْ غَيْرِ أَن يَسْقُطَ، فإِن سَقَطَ قِيلَ: تَقَيَّضَ تَقَيُّضاً، وَقِيلَ: انْقاضَت البئرُ انْهارَت. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ، وَقُرِئَ:
يَنْقاضَ
ويَنْقاصَ
، بِالضَّادِ وَالصَّادِ، فأَمّا يَنْقَضَّ فَيَسْقُطُ بسرْعة مِنِ انْقِضَاضِ الطَّيْرِ وَهَذَا مِنَ الْمُضَاعَفِ، وأَما يَنْقاضَ فإِنَّ الْمُنْذِرِيَّ رَوَى عَنِ أَبي عَمْرٍو انْقاضَ وانْقاصَ وَاحِدٌ أَي انْشَقَّ طُولًا، قَالَ وَقَالَ الأَصمعي: المُنْقاصُ المُنْقَعِرُ مِنْ أَصله، والمُنْقاضُ الْمُنْشَقُّ طُولًا؛ يُقَالُ: انْقاضَتِ الرَّكِيّةُ وانقاضَت السِّنّ أَي تَشَقَّقَتْ طُولًا؛ وأَنشد لأَبي ذُؤَيْبٍ:
فِراقٌ كَقَيْضِ السَّنِّ، فالصَّبْرَ إِنّه ... لكلِّ أُناسٍ عَثْرةٌ وجُبورُ
وَيُرْوَى بِالصَّادِ. أَبو زَيْدٍ: انْقَضَّ انْقِضاضاً وانْقاضَ انْقِياضاً كِلَاهُمَا إِذا تَصَدَّعَ مِنْ غَيْرِ أَن يسقُط، فإِن سَقَطَ قِيلَ تَقَيَّضَ تَقَيُّضاً، وتقَوَّضَ تقَوُّضاً وأَنا قوّضْتُه. وانْقاضَ الحائطُ إِذا انهدمَ مَكَانَهُ مِنْ غَيْرِ هَدْمٍ، فأَمّا إِذا دُهْوِرَ فَسَقَطَ فَلَا يُقَالُ إِلا انْقَضَّ انْقِضاضاً. وقُيِّضَ: حُفِرَ وشُقَّ. وقايَضَ الرجلَ مُقايضةً: عَارَضَهُ بِمَتَاعٍ؛ وَهُمَا قَيِّضانِ كَمَا يُقَالُ بَيِّعانِ. وقايَضَهُ مُقايضةً إِذا أَعطاه سِلْعةً وأَخذ عِوَضَها سِلْعةً، وباعَه فرَساً بفرسَيْن قَيْضَيْن. والقَيْضُ: العِوَضُ. والقَيْضُ: التمثيلُ. وَيُقَالُ: قاضَه يَقِيضُه إِذا عاضَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن شئتَ أَقِيضُكَ بِهِ المُخْتارةَ مِنْ دُروعِ بدْر
أَي أُبْدِلُكَ بِهِ وأُعَوِّضُكَ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ عُثمان بْنِ عَفَّانَ: لَوْ مُلِئَتْ لِي غُوطةُ دِمَشْقَ رِجالًا مِثْلَكَ قِياضاً بيَزِيدَ مَا قَبِلْتُهم
أَي مُقايَضةً بِهِ. الأَزهريُّ: وَمِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ. أَبو عُبَيْدٍ: هُمَا قَيْضانِ أَي مِثْلان. وقَيَّضَ اللَّهُ فُلَانًا لِفُلَانٍ: جَاءَهُ به وأَتاحَه لَهُ. وقَيَّضَ اللَّهُ لَهُ قَرِيناً: هَيَّأَه وسَبَّبَه مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ
؛ وَفِيهِ: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي نُسَبِّبْ لَهُ شَيْطَانًا يَجْعَلُ اللَّهُ ذَلِكَ جَزاءه. وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ
أَي سبَّبْنا لَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبوه، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ قَيَّضَ إِلا فِي الشَّرِّ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً
، وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ
؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ بِدَلِيلِ
قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَكْرَم شابٌّ شَيْخاً لسِنِّه إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَن يُكْرِمُه عِنْدَ سِنِّه.
أَبو زَيْدٍ: تَقَيَّضَ فُلَانٌ أَباه وتَقَيَّلَه تقَيُّضاً وتقَيُّلًا إِذا نزَع إِليه فِي الشَّبَه. وَيُقَالُ: هَذَا قَيْضٌ لِهَذَا(7/225)
وقِياضٌ لَهُ أَي مساوٍ لَهُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِسَانُهُ قَيِّضةٌ، الْيَاءُ شَدِيدَةٌ. واقْتاضَ الشيءَ: استأْصَلَه؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وجَنَبْنا إِليهِم الخيلَ فاقْتِيضَ ... حِماهم، والحَرْبُ ذاتُ اقْتِياضِ
والقَيِّضُ: حَجَرٌ تُكْوى بِهِ الإِبل مِنَ النُّحاز، يُؤْخَذُ حَجَرٌ صَغِيرٌ مُدَوَّر فيُسَخَّنُ، ثُمَّ يُصْرَعُ البعيرُ النَّحِزُ فَيُوضَعُ الْحَجَرُ عَلَى رُحْبَيَيْهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَحَوْت عَمْراً مِثْلَ مَا تُلْحَى العَصا ... لَحْواً، لَوَ انَّ الشَّيبَ يَدْمَى لَدَما
كَيَّكَ بالقَيْضِ قدْ كَانَ حَمَى ... مواضِعَ النّاحِزِ قَدْ كَانَ طنَى
وقَيَّضَ إِبله إِذا وسَمَها بالقَيِّضِ، وَهُوَ هَذَا الْحَجَرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. أَبو الخطّابِ: القَيِّضةُ حجَر تُكْوى بِهِ نُقَرةُ الغنم.
فصل الكاف
كرض: الكَرِيضُ: ضرْب مِنَ الأَقِط وَصَنْعَتُهُ الكِراضُ، وَهُوَ جُبْن يَتحَلَّبُ عَنْهُ مَاؤُهُ فَيَمْصُلُ كَقَوْلِهِ:
مِنْ كَرِيضٍ مُنَمِّس
وَقَدْ كَرَضُوا كِراضاً؛ حَكَاهُ الْعَيْنِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَخطأَ اللَّيْثُ فِي الكَرِيضِ وصحَّفه وَالصَّوَابُ الكَرِيصُ، بالصاد غير المعجمة، مسموعٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: الكَرِيصُ والكَرِيزُ، بِالزَّايِ، الأَقط؛ وَهَكَذَا أَنشده:
وشاخَسَ فَاهَ الدَّهْر حَتَّى كأَنه ... مُنَمِّسُ ثِيرانِ الكَرِيصِ الضَّوائن
وثِيرانُ الكَرِيصِ؛ جَمْعُ ثَوْر: الأَقِط. وَالضَّوَائِنُ: البِيضُ مِنْ قِطَعِ الأَقِط، قَالَ: وَالضَّادُ فِيهِ تَصْحِيفٌ مُنْكَر لَا شَكَّ فِيهِ. والكِراضُ: مَاءُ الْفَحْلِ. وكَرَضَت الناقةُ تَكْرِضُ كَرْضاً وكُرُوضاً: قَبِلَت ماء الفحل بعد ما ضرَبَها ثُمَّ أَلْقَتْه، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَاءِ الكِراضُ. والكِراضُ فِي لُغَةِ طيِء: الخِداجُ. والكِراضُ: حَلَقُ الرَّحِم، وَاحِدُهَا كِرْضٌ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَاحِدَتُهَا كُرْضةٌ، بِالضَّمِّ، وَقِيلَ: الكِراضُ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ؛ وقولُ الطِّرمَّاحِ:
سَوْفَ تُدْنِيكَ مِنْ لَمِيسَ سَبَنْتاةٌ ... أَمارَتْ بالبَوْلِ ماءَ الكِراضِ
أَضْمَرَتْه عشرينَ يَوْماً، ونِيلَتْ، ... حِينَ نِيلَتْ، يَعارَةً فِي عِراضِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بالكِراضِ حَلَقَ الرَّحِم، وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ الْمَاءَ فيكونَ مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ؛ قَالَ الأَصمعي: وَلَمْ أَسمع ذَلِكَ إِلا فِي شِعْرِ الطِّرِمَّاحِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الكِراضُ فِي شِعْرِ الطِّرِمَّاحِ ماءُ الْفَحْلِ، قَالَ: فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ بَابِ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ مِثْلَ عِرْقِ النَّسا وَحَبِّ الحَصِيدِ، قَالَ: والأَجودُ مَا قَالَهُ الأَصمعي مِنْ أَنه حلَق الرَّحِمِ ليَسْلَمَ مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ، وصَفَ هَذِهِ الناقةَ بِالْقُوَّةِ لأَنها إِذا لَمْ تَحْمِل كَانَ أَقوى لَهَا، أَلا تَرَاهُ يَقُولُ أَمارت بِالْبَوْلِ مَاءَ الْكِرَاضِ بَعْدَ أَن أَضمرته عِشْرِينَ يَوْمًا؟ واليَعارةُ: أَن يُقادَ الفحلُ إِلى الناقةِ عِنْدَ الضِّرابِ مُعارَضةً إِن اشْتَهَت ضرَبَها وإِلا فَلَا؛ وَذَلِكَ لكَرَمِها؛ قَالَ الرَّاعِي:
قلائصَ لَا يُلقَحْنَ إِلا يَعارةً ... عِراضاً، وَلَا يُشْرَيْنَ إِلا غَوالِيا(7/226)
الأَزهري: قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ خالَفَ الطرماحُ الأُمَويَّ فِي الكِراضِ فَجَعَلَ الطرماحُ الكِراضَ الفحلَ وَجَعَلَهُ الأُمَويُّ مَاءَ الفَحْل، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الكِراضُ ماءُ الْفَحْلِ فِي رَحِمِ النَّاقَةِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الكِراضُ ماءُ الْفَحْلِ تَلْفِظُه الناقةُ من رَحِمِها بعد ما قَبِلَتْه، وَقَدْ كَرَضَتِ الناقةُ إِذا لَفَظَتْه. وَقَالَ الأَصمعي: الكِراضُ حلَقُ الرَّحِمِ؛ وأَنشد:
حيثُ تُجِنُّ الحَلَقَ الكِراضا
قَالَ الأَزهري: الصَّوَابُ فِي الكِراضِ مَا قَالَهُ الأُموي وَابْنُ الأَعْرابي، وَهُوَ مَاءُ الفَحْل إِذا أَرْتَجَتْ عَلَيْهِ رَحِمُ الطَّروقةِ. أَبو الْهَيْثَمِ: الْعَرَبُ تدْعُو الفُرْضةَ الَّتِي فِي أَعْلى القَوْسِ كرُضةً، وَجَمْعُهَا كِراضٌ، وَهِيَ الفُرْضة الَّتِي تَكُونُ فِي طَرفِ أَعلى القَوْسِ يُلْقَى فِيهَا عَقْدُ الوَتَرِ.
فصل اللام
لضض: رَجُلٌ لَضٌّ: مُطَّردٌ. واللَّضْلاضُ: الدَّلِيلُ. يُقَالُ: دلِيلٌ لَضْلاضٌ أَي حاذِقٌ، ولَضْلَضَتُه: التِفاتُه يَمِينًا وَشِمَالًا وتحَفُّظُه؛ وأَنشد:
وبَلَدٍ يَعْيا عَلَى اللَّضْلاضِ، ... أَيْهَمَ مُغْبَرِّ الفِجاجِ فَاضِي «1»
أَي واسِعٍ مِنَ الفَضاء.
لعض: لعَضَه بِلِسَانِهِ إِذا تَنَاوَلَهُ، لُغَةٌ يَمَانِيَةٌ. واللَّعْوَضُ: ابن آوَى، يمانية.
فصل الميم
محض: المَحْضُ: اللبنُ الخالِصُ بِلَا رَغْوة. ولَبنٌ محْضٌ: خالِصٌ لَمْ يُخالِطْه مَاءٌ، حُلْواً كَانَ أَو حَامِضًا، وَلَا يُسَمَّى اللبنُ مَحْضاً إِلا إِذا كَانَ كَذَلِكَ. وَرَجُلٌ ماحِضٌ أَي ذُو مَحْضٍ كَقَوْلِكَ تامِرٌ ولابِنٌ. ومَحَضَ الرجلَ وأَمْحَضَه. سَقاه لَبَنًا مَحْضاً لَا مَاءَ فِيهِ. وامْتَحَضَ هُوَ: شَرِبَ المَحْضَ، وَقَدِ امْتَحَضَه شارِبُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
امْتَحِضا وسَقِّياني ضَيْحَا، ... فَقَدْ كَفَيْتُ صاحِبَيَّ المَيْحا
وَرَجُلٌ مَحِضٌ وماحِضٌ: يَشْتَهِي المحْضَ، كِلَاهُمَا عَلَى النَّسَبِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَمَّا طُعِنَ شَرِبَ لَبَنًا فَخَرَجَ مَحْضاً
أَي خالِصاً عَلَى جِهته لَمْ يَخْتَلِطْ بِشَيْءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بارِكْ لَهُمْ فِي مَحْضِها ومَخْضِها
أَي الخالِص والمَمْخُوض. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
فاعْمِدْ إِلى شاةٍ مُمْتلِئةٍ شحْماً ومَحْضاً
أَي سَمِينةٍ كَثِيرَةِ اللَّبَنِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَى اللَّبَنِ مُطْلَقًا. والمَحْضُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الخالِصُ. الأَزهري: كلُّ شَيْءٍ خَلَصَ حَتَّى لَا يشُوبه شَيْءٌ يُخالِطُه، فَهُوَ مَحضٌ. وَفِي حَدِيثِ الوَسْوَسَةِ:
ذَلِكَ مَحْضُ الإِيمانِ
أَي خالِصُه وصَرِيحُه، وَقَدْ قَدَّمْنَا شَرْحَ هَذَا الْحَدِيثِ وأَتينا بِمَعْنَاهُ فِي تَرْجَمَةِ صرح. وَرَجُلٌ مَمْحُوضُ الضَّرِيبةِ أَي مُخَلَّصٌ. قَالَ الأَزهري: كَلَامُ الْعَرَبِ رَجُلٌ ممْحُوصُ الضَّرِيبة، بِالصَّادِّ، إِذا كَانَ مُنَقَّحاً مُهَذَّباً. وَعَرَبِيٌّ مَحْضٌ: خالِصُ النَّسَبِ. وَرَجُلٌ مَمْحوضُ الحسَب: مَحْضٌ خالِصٌ. وَرَجُلٌ محضُ الْحَسَبِ: خالِصُه، وَالْجَمْعُ مِحاضٌ؛ قَالَ:
تَجِدْ قوْماً ذَوِي حسَبٍ وحالٍ ... كِراماً، حيْثُما حُسِبُوا، مِحاضا
والأُنثى بِالْهَاءِ؛ وَفِضَّةٌ مَحْضةٌ ومَحْضٌ وممحوضةٌ كَذَلِكَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: فإِذا قُلْتَ هذه الفضةُ مَحْضاً
__________
(1) . قوله [وبلد يعيا] في الصحاح: وبلدة تغبى.(7/227)
قُلْتَهُ بِالنَّصْبِ اعْتِمَادًا عَلَى الْمَصْدَرِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَالُوا هَذَا عَرَبِيٌّ مَحْضٌ ومَحْضاً، الرَّفْعُ عَلَى الصِّفَةِ، وَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ، والصِّفة أَكثر لأَنه مِنَ اسْمِ مَا قَبْلَهُ. الأَزهري: وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ هُوَ عَرَبِيٌّ مَحْض وامرأَة عَرَبِيَّةٌ مَحْضَةٌ ومَحْضٌ وبَحْتٌ وبَحْتَةٌ وقَلْبٌ وقَلْبةٌ، الذَّكَرُ والأُنثى وَالْجَمْعُ سَوَاءٌ، وإِن شِئْتَ ثَنَّيْتَ وجمَعْتَ. وَقَدْ مَحُضَ، بِالضَّمِّ، مُحُوضةً أَي صَارَ مَحْضاً فِي حسَبه. وأَمْحَضَه الودَّ وأَمْحَضَه لَهُ: أَخْلَصَه. وأَمْحَضَه الْحَدِيثَ والنصِيحةَ إِمْحاضاً: صدَقَه، وَهُوَ مِنَ الإِخْلاص؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قُلْ للغَواني: أَما فِيكُنَّ فاتِكَةٌ، ... تَعْلُو اللَّئِيمَ بِضَرْبٍ فِيهِ إِمْحاضُ؟
وَكُلُّ شَيْءٍ أَمْحَضْتَه «1» ، فَقَدْ أَخْلَصْتَه. وأَمْحَضْتُ لَهُ النُّصْحَ إِذا أَخلصتَه. وَقِيلَ: مَحَضْتُك نُصْحِي، بِغَيْرِ أَلف، ومَحَضْتُكَ مودَّتي. الْجَوْهَرِيُّ: ومَحضْتُه الودَّ وأَمْحَضْتُه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِهِ مَحَضْتُهُ الْوُدَّ وأَمحضته: لَمْ يَعْرِفِ الأَصمعي أَمْحَضْتُه الْوُدَّ، قَالَ: وعَرفه أَبو زَيْدٍ. والأُمْحُوضةُ: النَّصيحة الخالصة.
مخض: مَخِضَتِ المرأَةُ مَخاضاً ومِخاضاً، وَهِيَ ماخِضٌ، ومُخِضَت، وأَنكرها ابْنَ الأَعرابي فإِنه قَالَ: يُقَالُ مَخِضَتِ المرأَةُ وَلَا يُقَالُ مُخِضَتْ، وَيُقَالُ: مَخَضْتُ لَبَنَهَا. الْجَوْهَرِيُّ: مَخِضَت النَّاقَةُ، بِالْكَسْرِ، تَمْخَضُ مَخاضاً مِثْلَ سَمِعَ يَسْمَعُ سَمَاعًا، ومَخَّضَت: أَخذها الطَّلْقُ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنَ الْبَهَائِمِ. والمَخاضُ: وَجعُ الوِلادةِ. وكلُّ حَامِلٍ ضرَبها الطلْقُ، فَهِيَ ماخِضٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ
، المَخاضُ وجَعُ الوِلادةِ وَهُوَ الطلْق. ابْنُ الأَعرابي وَابْنُ شُمَيْلٍ: ناقةٌ ماخِضٌ ومَخُوضٌ وَهِيَ الَّتِي ضَرَبَهَا المَخاضُ، وَقَدْ مَخِضَت تَمْخَضُ مَخاضاً، وإِنها لتَمَخَّضُ بِوَلَدِهَا، وَهُوَ أَن يَضْرِبَ الولدُ فِي بَطْنِهَا حَتَّى تُنْتَجَ فتَمْتَخِضَ. يُقَالُ: مَخِضَتْ ومُخِضَت وتَمَخَّضَتْ وامْتَخَضَت. وَقِيلَ: الماخِضُ مِنَ النِّسَاءِ والإِبل وَالشَّاءِ المُقْرِبُ، وَالْجَمْعُ مَواخِضُ ومُخَّضٌ؛ وأَنشد:
ومَسَدٍ فَوْقَ مَحالٍ نُغَّضِ، ... تُنْقِضُ إِنْقاضَ الدَّجاجِ المُخَّضِ
وأَنشد:
مَخَضْتِ بِهَا لَيْلَةً كلَّها، ... فجئْتِ بِهَا مُؤْيِداً خَنْفَقِيقا
ابْنُ الأَعرابي: نَاقَةٌ ماخِضٌ وشاةٌ ماخِضٌ وامرأَةٌ ماخِضٌ إِذا دَنا وِلادُها وَقَدْ أَخذها الطلْقُ والمَخاضُ والمِخاضُ. نُصَيْرٌ: إِذا أَرادت النَّاقَةُ أَن تَضَعَ قِيلَ مَخِضَت، وعامَّةُ قَيْسٍ وَتَمِيمٍ وأَسد يَقُولُونَ مِخِضَتْ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي كُلِّ حَرْفٍ كَانَ قَبْلَ أَحد حُرُوفِ الْحَلْقِ فِي فِعِلْت وفِعِيل، يَقُولُونَ بِعيرٌ وزِئيرٌ وشِهِيقٌ، ونِهِلَتِ الإِبِلُ وسِخِرْت مِنْهُ. وأَمْخَضَ الرجلُ: مَخِضَت إِبلُه. قَالَتِ ابْنَةُ الخُسِّ الإِيادِيّ لأَبيها: مَخِضَت الفُلانِيّةُ لناقةِ أَبيها، قَالَ: وَمَا عِلْمُكِ؟ قَالَتْ: الصَّلا رَاجٌّ، والطَّرْفُ لَاجٌّ، وتَمْشِي وتَفاجّ، قَالَ: أَمْخَضَتْ يَا بِنْتِي فاعْقِلي؛ راجٌّ: يَرْتَجُّ. ولاجٌّ: يَلَجُّ فِي سُرعةِ الطرْف. وتفاجُّ: تُباعِدُ مَا بَيْنَ رِجْلَيْها. والمَخاضُ: الحَوامِلُ مِنَ النُّوقِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الَّتِي أَولادُها فِي بُطونها، وَاحِدَتُهَا خَلِفةٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَلَا وَاحِدَ لَهَا
__________
(1) . قوله [وكل شيء أمحضته إلخ] عبارة الجوهري: وكل شيء أخلصته فقد أمحضته.(7/228)
مِنْ لَفْظِهَا، وَمِنْهُ قِيلَ للفَصِيل إِذا استكْمَل السَّنَةَ وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ: ابْنُ مَخاض، والأُنثى ابْنَةُ مَخَاضٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما سُمِّيَتِ الحَواملُ مَخاضاً تفاؤُلًا بأَنها تَصِيرُ إِلى ذَلِكَ وتسْتَمْخِضُ بِوَلَدِهَا إِذا نُتِجَت. أَبو زَيْدٍ: إِذا أَردت الحَوامِلَ مِنَ الإِبل قُلْتَ نُوق مَخَاضٌ، وَاحِدَتُهَا خَلِفة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَمَا قَالُوا لِوَاحِدَةِ النِّسَاءِ امرأَة، وَلِوَاحِدَةِ الإِبل ناقةٌ أَو بَعِيرٌ. الأَصمعي: إِذا حَمَلْت الفحلَ عَلَى النَّاقَةِ فلَقِحَت، فَهِيَ خَلِفة، وَجَمْعُهَا مَخاض، وولدُها إِذا اسْتَكْمَلَ سَنَةً مِنْ يومَ وُلِدَ وَدُخُولِ السنةِ الأُخْرى ابْنُ مَخَاضٍ، لأَنَّ أُمه لَحِقَت بالمَخاض مِنَ الإِبل وَهِيَ الحَوامِلُ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: المَخاضُ العِشار يَعْنِي الَّتِي أَتى عَلَيْهَا مِنْ حَمْلِهَا عَشَرَةُ أَشهر؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ أَجد ذَلِكَ إِلا لَهُ أَعني أَن يُعَبَّرَ عَنِ الْمَخَاضِ بِالْعِشَارِ. وَيُقَالُ لِلْفَصِيلِ إِذا لَقِحَتْ أُمه: ابنُ مَخاض، والأُنثى بِنْتُ مَخَاضٍ، وَجَمْعُهَا بَنَاتُ مَخَاضٍ، لَا تُثَنَّى مَخاضٌ وَلَا تُجْمَعُ لأَنهم إِنما يُرِيدُونَ أَنها مُضَافَةٌ إِلى هَذِهِ السِّن الْوَاحِدَةِ، وَتَدْخُلُهُ الأَلف والأَلف لِلتَّعْرِيفِ، فَيُقَالُ ابْنُ الْمَخَاضِ وَبِنْتُ الْمَخَاضِ؛ قَالَ جَرِيرٌ وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْفَرَزْدَقِ فِي أَماليه:
وجَدْنا نَهْشَلًا فَضَلَتْ فُقَيْماً، ... كفَضْلِ ابْنِ المَخاضِ عَلَى الفَصِيلِ
وإِنما سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم فضَلُوا عَنْ أُمهم وأُلحقت بِالْمَخَاضِ، سَوَاءٌ لَقِحَت أَو لَمْ تَلْقَح. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبل بنتُ مَخاض
؛ ابْنُ الأَثير: الْمَخَاضُ اسْمٌ للنُّوق الْحَوَامِلِ، وبنتُ الْمَخَاضِ وَابْنُ الْمَخَاضِ: مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لأَن أُمه لَحِقت بِالْمَخَاضِ أَي الحواملَ، وإِن لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي حَمَلَت أُمه أَو حَمَلَتِ الإِبل الَّتِي فِيهَا أُمُّه وإِن لَمْ تَحْمِلْ هِيَ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى ابْنِ مَخَاضٍ وَبِنْتِ مَخَاضٍ، لأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ ابْنَ نُوقٍ وإِنما يَكُونُ ابْنَ نَاقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْمُرَادُ أَن تَكُونَ وَضَعَتْهَا أُمها فِي وقتٍ مَا، وَقَدْ حَمَلَتِ النُّوقُ الَّتِي وَضَعْنَ مَعَ أُمها وإِن لَمْ تَكُنْ أُمها حَامِلًا، فنسَبَها إِلى الْجَمَاعَةِ بحُكم مُجاوَرَتِها أُمها، وإِنما سُمِّيَ ابْنَ مَخَاضٍ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لأَنّ الْعَرَبَ إِنما كَانَتْ تحملُ الفُحول عَلَى الإِناث بَعْدَ وَضْعِهَا بِسَنَةٍ ليشتدَّ ولدُها، فَهِيَ تَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وتَمْخَضُ فَيَكُونُ ولدُها ابنَ مَخَاضٍ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ أَيضاً:
فاعْمِدْ إِلى شاةٍ مُمتلئةٍ مَخاضاً وشحْماً
أَي نِتاجاً، وَقِيلَ: أَراد بِهِ المَخاضَ الَّذِي هُوَ دُنُوُّ الْوِلَادَةِ أَي أَنها امتلأَت حَمْلًا وَسِمَنًا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: دَعِ الماخِضَ والرُّبَّى
؛ هِيَ الَّتِي أَخذها الْمَخَاضُ لتضَعَ. والمَخاضُ: الطلْقُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ. يُقَالُ: مَخِضَتِ الشاةُ مَخْضاً ومِخاضاً ومَخاضاً إِذا دَنَا نتاجها. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنّ امرأَة زارَتْ أَهْلَها فمخِضت عِنْدَهُمْ
أَي تحرَّك الولدُ عِنْدَهُمْ فِي بَطْنِهَا للوِلادةِ فضرَبَها المَخاضُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ابْنُ مَخاضٍ نَكِرَةٌ فإِذا أَرْدتَ تعْريفه أَدخلت عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامُ إِلا أَنه تَعْرِيفُ جِنْسٍ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِي الْجَمْعِ إِلا بناتُ مَخَاضٍ وبناتُ لَبُون وبناتُ آوَى. ابْنُ سِيدَهْ: والمَخاضُ الإِبلُ حِينَ يُرْسَلُ فِيهَا الفحلُ فِي أَوّل الزَّمَانِ حَتَّى يَهْدِرَ، لَا وَاحِدَ لَهَا، قَالَ: هَكَذَا وُجِدَ حَتَّى يَهْدِرَ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ:
حَتَّى يَفْدِرَ
أَي يَنْقَطِعَ عَنِ الضِّراب، وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ. ومَخَضَ اللبنَ يَمْخَضُه ويَمْخِضُه ويَمْخُضُه مَخْضاً ثَلَاثُ لُغَاتٍ، فَهُوَ مَمْخُوضٌ ومَخِيضٌ: أَخذ زُبْده، وَقَدْ تَمَخَّضَ. والمَخِيضُ والمَمْخُوض: الَّذِي قَدْ مُخِضَ وأُخذ زُبده. وأَمْخَضَ اللبنُ أَي حانَ لَهُ أَن يُمْخَضَ. والمِمْخَضةُ: الإِبْرِيجُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:(7/229)
لَقَدْ تَمَخَّضَ فِي قَلْبي مَوَدَّتُها، ... كَمَا تَمَخَّضَ فِي إِبْرِيجه اللَّبَنُ
والمِمْخَضُ: السِّقاءُ وَهُوَ الإِمْخاضُ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وفسَّره السِّيرَافِيُّ، وَقَدْ يَكُونُ المَخْضُ فِي أَشياءَ كَثِيرَةٍ فَالْبَعِيرُ يَمْخُضُ بشِقْشِقَتِه؛ وأَنشد:
يَجْمَعْنَ زَأْراً وهَدِيراً مَخْضَا «2»
والسَّحابُ يَمْخُضُ بِمَائِهِ ويَتَمَخَّضُ، وَالدَّهْرُ يَتَمَخَّضُ بالفِتْنةِ؛ قَالَ:
وَمَا زالتِ الدُّنْيا تخُونُ نَعِيمَها، ... وتُصْبِحُ بالأَمْرِ العَظيمِ تَمخَّضُ
وَيُقَالُ لِلدُّنْيَا: إِنها تَتَمَخَّضُ بِفِتْنةٍ مُنكرة. وتَمَخَّضَتِ الليلةُ عَنْ يَوْمِ سَوءٍ إِذا كَانَ صَباحُها صَباحَ سُوءٍ، وَهُوَ مثَل بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ تمخَّضتِ المَنُونُ وَغَيْرُهَا؛ قَالَ:
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ لَهُ بيَوْمٍ ... أَنَى، ولكلِّ حاملةٍ تَمامُ
عَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ يَكُونُ مِنَ المَخاض؛ قَالَ: وَمَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ أَنَّ المَنِيَّةَ تَهَيَّأَتْ لأَن تَلِدَ لَهُ الموتَ يَعْنِي النعمانَ بْنَ الْمُنْذِرِ أَو كِسْرَى. والإِمْخاضُ: مَا اجْتَمَعَ مِنَ اللَّبَنِ فِي المَرْعَى حَتَّى صَارَ وِقْرَ بَعِيرٍ، وَيُجْمَعُ عَلَى الأَماخِيضِ. يُقَالُ: هَذَا إِحْلابٌ مِنْ لَبَنٍ وإِمْخاضٌ مِنْ لَبَنٍ، وَهِيَ الأَحالِيبُ والأَماخِيضُ، وَقِيلَ: الإِمخاض اللبنُ ما دام فِي المِمْخَضِ. والمُسْتَمْخِضُ: البَطِيءُ الرَّوبِ مِنَ اللَّبَنِ، فإِذا اسْتَمْخَضَ لَمْ يَكَدْ يَرُوب، وإِذا رابَ ثمَ مَخَضَه فَعَادَ مَخْضاً فَهُوَ المُسْتَمْخِضُ، وَذَلِكَ أَطيبُ أَلبانِ الْغَنَمِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَقَدِ اسْتَمْخَضَ لبنُك أَي لَا يكادُ يَرُوبُ، وإِذا استمخَضَ اللبنُ لَمْ يَكَدْ يَخْرُجُ زُبده، وَهُوَ مِنْ أَطيب اللَّبَنِ لأَن زُبده اسْتُهْلِكَ فِيهِ. واستمخضَ اللبنُ أَيضاً إِذا أَبْطأَ أَخَذَهُ الطَّعْم بَعْدَ حَقْنِه فِي السِّقاء. اللَّيْثُ: المَخْضُ تحريكُك المِمْخَض الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ المَخِيض الَّذِي قَدْ أُخِذَتْ زُبدته. وتَمَخَّضَ اللبنُ وامْتَخَضَ أَي تحرَّك فِي المِمْخضة، وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ إِذا تحرَّك فِي بَطْنِ الْحَامِلِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ حسَّان أَحد بني الحَرِث بْنِ هَمَّام بْنِ مُرَّة يُخَاطِبُ امرأَته:
أَلا يَا أُمَّ عَمْروٍ، لَا تَلُومِي ... وأَبْقِي، إِنَّما ذَا الناسُ هامُ
أَجِدَّكِ هَلْ رأَيتِ أَبا قُبَيْسٍ، ... أطالَ حَياتَه النَّعَمُ الرُّكامُ؟
وكِسْرَى، إِذْ تَقَسَّمَه بَنُوه ... بأَسْيافٍ، كَمَا اقْتُسِمَ اللِّحامُ
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ لَهُ بيَوْمٍ ... أَنَى، ولكلِّ حَامِلَةٍ تَمامُ
فَجُعِلَ قَوْلُهُ تَمَخَّضَت يَنُوبُ مَنابَ قَوْلِهِ لَقِحَتْ بِوَلَدٍ لأَنها مَا تَمَخَّضَتْ بِالْوَلَدِ إِلَّا وَقَدْ لَقِحت. وَقَوْلُهُ أَنَى أَي حانَ وِلادته لِتَمَامِ أَيام الْحَمْلِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ: أَلا يَا أُمَّ قَيْسٍ، وَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَكَانَ قَدْ نَزَلَ بِهِ ضَيْف يُقَالُ لَهُ إِسافٌ فعقَر لَهُ نَاقَةً فلامَتْه، فَقَالَ هَذَا الشِّعْرَ، وَقَدْ رأَيت أَنا فِي حَاشِيَةٍ مِنْ نُسَخِ أَمالي ابْنِ بَرِّيٍّ أَنه عَقَرَ لَهُ نَاقَتَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ
__________
(2) . قوله [يجمعن] كذا في الأَصل، والذي في شرح القاموس: يتبعن، قاله يصف القروم.(7/230)
فِي الْقَصِيدَةِ:
أَفي نابَيْنِ نالَهُما إِسافٌ ... تأَوَّهُ طَلَّتي مَا إِنْ تَنامُ؟
ومَخَضْتُ بالدَّلْوِ إِذا نَهَزْتَ بِهَا فِي الْبِئْرِ؛ وأَنشد:
إِنَّ لَنا قَلِيذَماً هَمُوما، ... يَزِيدُها مَخْضُ الدِّلا جُمُوما
وَيُرْوَى: مَخْجُ الدِّلا. وَيُقَالُ: مَخَضْتُ البئرَ بِالدَّلْوِ إِذا أَكثرتَ النزْعَ مِنْهَا بدِلائكَ وحرَّكتها؛ وأَنشد الأَصمعي:
لتَمْخَضَنْ جَوْفَكِ بالدُّليِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مُرَّ عَلَيْهِ بجنازةٍ تُمْخَض مَخْضاً
أَي تُحَرَّكُ تَحْرِيكًا سَرِيعًا. والمَخِيضُ: مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ. ابْنُ بُزُرْجَ: تَقُولُ الْعَرَبُ فِي أَدْعِيَة يَتداعَوْن بِهَا: صَبَّ اللَّهُ عَلَيْكَ أُمّ حُبَيْنٍ ماخِضاً، تَعْنِي الليل.
مرض: الْمَرِيضُ: مَعْرُوفٌ. والمَرَضُ: السُّقْمُ نَقِيضُ الصِّحَّةِ، يَكُونُ للإِنسان وَالْبَعِيرِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْجِنْسِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: المرَضُ مِنَ المَصادِرِ الْمَجْمُوعَةِ كالشَّغْل والعَقْل، قَالُوا أَمْراضٌ وأَشْغال وعُقول. ومَرِضَ فُلَانٌ مَرَضاً ومَرْضاً، فَهُوَ مارِضٌ ومَرِضٌ ومَرِيضٌ، والأُنثى مَرِيضةٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِسَلَامَةَ بْنِ عُبَادَةَ الجَعْدي شَاهِدًا عَلَى مارِضٍ:
يُرِينَنَا ذَا اليَسَر القَوارِضِ، ... لَيْسَ بمَهْزُولٍ، وَلَا بِمارِضِ
وَقَدْ أَمْرَضَه اللَّهُ. وَيُقَالُ: أَتيت فُلَانًا فأَمْرَضْته أَي وَجَدْتُهُ مَرِيضًا. والمِمْراضُ: الرَّجل المِسْقامُ، والتَّمارُض: أَن يُرِيَ مِنْ نفْسه المرضَ وَلَيْسَ بِهِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عُدْ فُلَانًا فإِنه مَريضٌ، وَلَا تأْكل هَذَا الطَّعَامَ فإِنك مارِضٌ إِن أَكلْتَه أَي تَمْرَضُ، وَالْجَمْعُ مَرْضَى ومَراضَى ومِراضٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَفِي المِراضِ لَنا شَجْوٌ وتَعْذِيبُ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَمْرَضَ الرجلَ جَعَلَهُ مَرِيضاً، ومرَّضه تمْرِيضاً قَامَ عَلَيْهِ وَولِيَه فِي مرَضه وَدَاوَاهُ لِيَزُولَ مرَضُه، جاءَت فَعَّلْت هُنَا لِلسَّلْبِ وإِن كَانَتْ فِي أَكثر الأَمر إِنما تَكُونُ للإِثبات. وَقَالَ غَيْرُهُ: التَّمْرِيضُ حُسْنُ القِيامِ عَلَى الْمَرِيضِ. وأَمْرَضَ القومُ إِذا مَرِضَت إِبلُهم، فَهُمْ مُمْرِضُون. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يُورِد مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍ
؛ المُمْرِضُ الَّذِي لَهُ إِبل مَرْضَى فنَهَى أَن يَسْقِيَ المُمْرِضُ إِبلَه مَعَ إِبل المُصِحّ، لَا لأَجل العَدْوى، وَلَكِنْ لأَن الصِّحاحَ رُبَّمَا عرَض لَهَا مرَضٌ فَوَقَعَ فِي نَفْسِ صَاحِبِهَا أَن ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعَدْوَى فيَفْتِنُه ويُشَكِّكُه، فأَمَرَ باجْتِنابِه والبُعْد عَنْهُ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قِبَل الْمَاءِ والمَرْعى تَسْتَوْبِلُه الماشيةُ فَتَمْرَضُ، فإِذا شَارَكَهَا فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا أَصابه مثلُ ذَلِكَ الدَّاءِ، فَكَانُوا بِجَهْلِهِمْ يُسَمُّونَهُ عَدْوَى، وإِنما هُوَ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى. وأَمْرَضَ الرجلُ إِذا وقَع فِي مَالِهِ العاهةُ. وَفِي حَدِيثِ تَقاضِي الثِّمار يَقُولُ:
أَصابها مُراضٌ
؛ هُوَ، بِالضَّمِّ، دَاءٌ يَقَعُ فِي الثَّمَرة فتَهْلِكُ. والتَّمْرِيضُ فِي الأَمر: التضْجيعُ فِيهِ. وتَمْرِيضُ الأُمور: تَوْهِينُها وأَن لَا تُحْكِمَها. وَرِيحٌ مَريضةٌ: ضعيفةُ الهُبُوب. وَيُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذا لَمْ تَكُنْ مُنْجَلِيةً صَافِيَةً حسنَةً: مريضةٌ. وكلُّ مَا ضَعُفَ، فَقَدْ مَرِضَ. وَلَيْلَةٌ مريضةٌ إِذا تَغَيَّمَتِ السَّمَاءُ فَلَا يَكُونُ فِيهَا ضَوء؛ قَالَ أَبو حَبَّة:(7/231)
ولَيْلة مَرِضَتْ مِنْ كلِّ ناحِيةٍ، ... فَلَا يُضِيءُ لهَا نَجْمٌ وَلَا قَمَرُ
ورَأْيٌ مَرِيضٌ: فِيهِ انحِراف عَنِ الصَّوَابِ، وَفَسَّرَ ثَعْلَبٌ بَيْتَ أَبي حَبَّةَ فَقَالَ: وَلَيْلَةٍ مَرِضَتْ أَظلَمت ونقصَ نُورُهَا. وليلةٌ مريضةٌ: مُظْلِمة لَا تُرَى فِيهَا كواكِبُها؛ قَالَ الرَّاعِي:
وطَخْياء مِنْ لَيْلِ التَّمامِ مَرِيضة، ... أَجَنَّ العَماءُ نَجْمَها، فَهُوَ ماصِحُ
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
رأَيتُ أَبا الوَلِيدِ غَداةَ جَمْعِ ... بِهِ شَيْبٌ، وَمَا فَقَدَ الشَّبابا
ولكِن تحْت ذاكَ الشيْبِ حَزْمٌ، ... إِذا مَا ظَنَّ أَمْرَضَ أَو أَصابا
أَمْرَضَ أَي قارَبَ الصَّواب فِي الرأْي وإِن يُصِبْ كلَّ الصَّوَابِ. والمَرْضُ والمرَضُ: الشَّكُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
أَي شَكٌّ ونِفاقٌ وضَعْفُ يَقِين؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةُ: مَعْنَاهُ شَكٌّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً
، قَالَ أَبو إِسحاق: فِيهِ جَوَابَانِ أَي بكُفْرهم كَمَا قَالَ تَعَالَى: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ. وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً
بِمَا أَنزل عَلَيْهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ فشكُّوا فِيهِ كَمَا شَكُّوا فِي الَّذِي قَبْلَهُ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا؛ قَالَ الأَصمعي: قرأْت عَلَى أَبي عَمْرٍو فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
فَقَالَ: مَرْضٌ يَا غُلام؛ قَالَ أَبو إِسحاق: يُقَالُ المرَضُ والسُّقْم فِي البدَن والدِّينِ جَمِيعًا كَمَا يُقَالُ الصِّحةُ فِي البدَن وَالدِّينِ جَمِيعًا، والمرَضُ فِي الْقَلْبِ يَصْلُح لِكُلِّ مَا خَرَجَ بِهِ الإِنسان عَنِ الصِّحَّةِ فِي الدِّينِ. وَيُقَالُ: قَلْبٌ مَرِيضٌ مِنَ العَداوةِ، وَهُوَ النِّفاقُ. ابْنُ الأَعرابي: أَصل المرَضِ النُّقْصانُ، وَهُوَ بدَنٌ مَرِيضٌ ناقِصُ الْقُوَّةِ، وَقَلْبٌ مَريضٌ ناقِصُ الدِّينِ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ معْدِيكرِبَ: هُمْ شِفاء أَمْراضِنا
أَي يأْخُذون بثَأْرِنا كأَنهم يَشْفُون مرَضَ القلوبِ لَا مرَض الأَجسام. ومَرَّضَ فُلَانٌ فِي حَاجَتِي إِذا نقَصَت حَرَكَتُه فِيهَا. وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَيضاً قَالَ: المرَضُ إِظْلامُ الطبيعةِ واضْطِرابُها بَعْدَ صَفائها واعْتدالها، قَالَ: والمرَضُ الظُّلْمةُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: المرَضُ فِي الْقَلْبِ فُتُورٌ عَنِ الْحَقِّ، وَفِي الأَبدان فُتورُ الأَعضاء، وَفِي الْعَيْنِ فُتورُ النظرِ. وَعَيْنٌ مَريضةٌ: فِيهَا فُتور؛ وَمِنْهُ: فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ
أَي فُتور عَمَّا أُمِرَ بِهِ ونُهِيَ عَنْهُ، وَيُقَالُ ظُلْمة؛ وَقَوْلُهُ أَنشده أَبو حَنِيفَةَ:
تَوائِمُ أَشْباهٌ بأَرْضٍ مَريضةٍ، ... يَلُذْنَ بِخِذْرافِ المِتانِ وبالغَرْبِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي مَعْنَى مُمْرِضة، عَنَى بِذَلِكَ فَسادَ هَوائها، وَقَدْ تَكُونُ مَرِيضَةٌ هُنَا بِمَعْنَى قَفْرة، وَقِيلَ: مَرِيضَةٌ سَاكِنَةُ الرِّيحِ شَدِيدَةُ الْحَرِّ. والمَراضانِ: وادِيانِ مُلْتَقاهما وَاحِدٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: المَراضان والمَرايِضُ مواضعُ فِي دِيَارِ تَمِيمٍ بَيْنَ كاظِمةَ والنَّقِيرةِ فِيهَا أَحْساء، وَلَيْسَتْ مِنَ المرَضِ وبابِه فِي شَيْءٍ وَلَكِنَّهَا مأْخوذة مِنِ اسْتِراضةِ الْمَاءِ، وَهُوَ اسْتِنْقاعُه فِيهَا، والرَّوْضةُ مأْخوذة مِنْهَا. قَالَ: وَيُقَالُ أَرْض مَرِيضةٌ إِذا ضَاقَتْ بأَهلها، وأَرض مَريضةٌ إِذا كثُر بِهَا الهَرْجُ والفِتَنُ والقَتْلُ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:(7/232)
تَرَى الأَرضَ مِنّا بالفَضاءِ مَرِيضةً، ... مُعَضِّلةً مِنَّا بجَيْشٍ عَرَمْرَمِ
مضض: المَضُّ: الحُرْقةُ. مَضَّني الهَمُّ والحُزْنُ وَالْقَوْلُ يَمُضُّني مَضّاً ومَضِيضاً وأَمَضَّني: أَحْرَقَني وَشَقَّ عَلَيَّ. والهمُّ يَمُضُّ القلبَ أَي يُحْرِقُه؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ «1» :
مَنْ يَتَسَخَّطْ فالإِلهُ راضِي ... عَنْكَ، ومَنْ لَمْ يَرْضَ فِي مِضْماضِ
أَي فِي حُرْقةٍ. ومَضِضْتُ مِنْهُ: أَلِمْتُ. ومَضَّني الجُرح وأَمَضَّني إِمْضاضاً: آلمَني وأَوْجَعَني، وَلَمْ يَعْرِفِ الأَصمعي مَضَّني، وَقَدَّمَ ثَعْلَبٌ أَمَضَّني؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَانَ مَنْ مضَى يَقُولُ مَضَّني، بِغَيْرِ أَلف، وأَمَضَّني جِلْدِي فدَلَكْتُه: أَحَكَّني؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ مَضَّني قَوْلُ حَرِّيّ بْنِ ضَمْرةَ:
يَا نَفْسُ، صَبْراً عَلَى مَا كَانَ مِنْ مَضَضٍ، ... إِذْ لَمْ أَجِدْ لفُضُولِ القَوْلِ أَقْرانا
قَالَ: وَشَاهِدُ أَمَضَّني قَوْلُ سِنان بْنِ مُحَرِّشٍ السَّعْدي:
وبِتّ بالحِصْنَيْنِ غَيْرَ راضِي، ... يَمْنَعُ مِنِّي أَرْقمِي تَغْماضِي
مِنَ الحَلُوء صادِقِ الإِمْضاضِ، ... فِي العينِ لَا يَذْهَبُ بالتَّرْحاضِ
والتَّرْحاض: الغَسل. والمَضَضُ: وَجَعُ الْمُصِيبَةِ، وَقَدْ مَضِضْتَ يَا رَجُلُ مِنْهُ، بِالْكَسْرِ، تَمَضُّ مَضَضاً ومَضِيضاً ومَضاضة. ومَضَّ الكحلُ العينَ يَمُضُّها ويَمَضُّها وأَمَضَّها. آلَمَها وأَحْرَقَها. وكُحل مَضٌّ: يُمِضُّ الْعَيْنَ، ومَضِيضُه حُرْقَتُه؛ وأَنشد:
قَدْ ذاقَ أَكْحالًا مِنَ المَضاضِ «2»
وكَحَله كُحْلًا مَضّاً إِذا كَانَ يُحْرِق، وَكَحَلَهُ بمُلْمُولٍ مَضٍّ أَي حارٍّ. ومرأَةٌ مَضّةٌ: لَا تَحْتَمِلُ شَيْئًا يَسُوءُها كأَنَّ ذَلِكَ يَمُضُّها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعْرابية حِينَ سُئلَتْ: أَيّ النَّاسِ أَكرم؟ قَالَتْ: الْبَيْضَاءُ البَضَّة الخَفِرةُ المَضّة. التَّهْذِيبُ: الْمَضَّةُ الَّتِي تؤلِمُها الْكَلِمَةُ أَو الشَّيْءُ الْيَسِيرُ وتؤْذيها. أَبُو عُبَيْدَةَ: مَضَّني الأَمر وأَمَضَّني، وَقَالَ: أَمَضَّني كَلَامُ تَمِيمٍ. وَيُقَالُ: أَمَضَّني هَذَا الأَمرُ ومَضِضْت لَهُ أَي بَلَغْتُ مِنْهُ المشَقّةَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فاقْني وشَرُّ القَوْلِ مَا أَمَضّا
ومُضاضٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وإِذا أَقر الرَّجُلُ بِحَقٍّ قِيلَ: مِضِّ يَا هَذَا أَي قَدْ أَقررْت، وإِن فِي مِضّ وبِضّ لَمَطْمَعاً، وأَصل ذَلِكَ أَن يسأَل الرجلُ الرجلَ الحاجةَ فيُعَوّجَ شَفَته فكأَنه يُطْمِعُه فِيهَا. اللَّيْثُ: المِضُّ أَن يَقُولَ الإِنسان بِطَرَفِ لِسَانِهِ شِبْهَ لَا، وَهُوَ هِيجْ بِالْفَارِسِيَّةِ؛ وأَنشد:
سأَلْتُها الوَصْلَ فقالَتْ: مِضِّ، ... وحرَّكَتْ لِي رأْسَها بالنَّغْضِ «3»
النَّغْضُ: التحريكُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مِضِّ كَقَوْلِ الْقَائِلِ يَقُولُهَا بأَضراسه فَيُقَالُ: مَا علَّمَك أَهلُك إِلا مِضِّ ومِضُّ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إِلَّا مِضّاً بوُقُوعِ الفعل
__________
(1) . قوله [وقال رؤبة من إلخ] كذا بالأَصل، وعبارة القاموس مع شرحه: والمضماض، بالكسر، الحرقة؛ قال رؤبة: من يتسخط ...
(2) . قوله [قد ذاق إلخ] في شرح القاموس: والمضاض كسحاب الاحتراق، قال رؤبة: قد ذاق إلخ.
(3) . قوله [سألتها الوصل] كذا بالأَصل، والذي في الصحاح وشرح القاموس: سألت هل وصل؟(7/233)
عَلَيْهَا. الْفَرَّاءُ: مَا عَلَّمَكَ أَهلك مِنَ الْكَلَامِ إِلا مِضّاً ومِيضاً وبِضّاً وبِيضاً. الْجَوْهَرِيُّ: مِضِّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ والضادِ، كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى لَا وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ كَلِمَةٌ مُطْمِعةٌ فِي الإِجابة. أَبو زَيْدٍ: كَثُرَتِ المَضائضُ بَيْنَ الناسِ أَي الشرُّ؛ وأَنشد:
وقدْ كَثُرَتْ بَين الأَعَمِّ المَضائضُ
ومَضْمَضَ إِناءه ومَصْمَصَه إِذا حَرَّكَهُ؛ وَقِيلَ: إِذا غَسلَه، وتَمَضْمضَ فِي وضُوئه. والمضمضةُ: تَحْرِيكُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ. ومضمضَ الماءَ فِي فِيهِ: حرَّكه، وتَمَضْمَضَ بِهِ. اللَّيْثُ: المَضُّ مَضِيضُ الْمَاءِ كَمَا تَمْتَصُّه. وَيُقَالُ: لَا تَمُضَّ مَضِضَ العنْزِ، وَيُقَالُ: ارْشُفْ وَلَا تَمُضَّ إِذا شرِبْتَ. ومَضَّت العنزُ تَمُضّ فِي شُربها مَضِيضاً إِذا شرِبت وعَصَرَتْ شَفَتَيْها. وَفِي الْحَدِيثِ:
ولَهم كلْب يَتَمضْمَضُ عَراقِيبَ الناسِ
أَيْ يَمَضُّ. قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ مَضِضْتُ أَمَضُّ مِثْلُ مَصِصْتُ أَمَصُّ. ومَضْمَضَ النعاسُ فِي عَيْنِهِ: دَبَّ، وَتَمَضْمَضَتْ بِهِ العينُ وتَمضْمَضَ النعاسُ فِي عَيْنِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وصاحِب نَبَّهْتُه ليَنْهَضَا، ... إِذا الكَرى فِي عَيْنِه تَمَضْمَضا
ومَضْمَضَ: نامَ نَوْماً طَوِيلًا. والمِضْماضُ: النومُ. وَمَا مَضْمَضَتْ عَيْنِي بِنوْم أَي مَا نامَتْ. وَمَا مَضْمَضْت عَيْنِي بِنَوْمٍ أَي مَا نِمْتُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَلَا تَذُوقُوا النوْمَ إِلا غِراراً ومَضْمَضةً
، لَمَّا جُعِلَ لِلنَّوْمِ ذَوْقاً أَمرهم أَن لَا يَنَالُوا مِنْهُ إِلا بأَلْسِنَتِهم وَلَا يُسِيغُوه، فَشَبَّهَهُ بالمَضْمَضةِ بِالْمَاءِ وإِلقائِه مِنَ الْفَمِ مِنْ غَيْرِ ابْتلاعٍ. وتَمَضْمَضَ الكلبُ فِي أَثَره. هَرَّ. وَفِي حَدِيثِ
الحسَن: خَباثِ كلَّ عِيدانِك قَدْ مَضِضْنا فوجدْنا عاقِبَتَه مُرّاً
؛ خَباثِ بوَزْنِ قَطامِ أَي يَا خَبِيثةُ يُرِيدُ الدُّنيا، يَعْنِي جَرَّبْناكِ واختبرناكِ فوجدْناك مُرّة الْعَاقِبَةِ. والمِضْماضُ: الرَّجُلُ الخَفيفُ السَّرِيعُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَتْرُكْنَ كُلَّ هَوْجلٍ نَغّاضِ ... فَرْداً، وكُلَّ مَعِضٍ مِضْماضِ
ابْنُ الأَعرابي: مَضَّضَ إِذا شَرِبَ المُضاض، وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي لَا يُطاقُ مُلوحةً، وَبِهِ سُمِّيَ الرجلُ مُضاضاً، وَضِدُّهُ مِنَ الْمِيَاهِ القَطِيعُ، وَهُوَ الصَّافِي الزُّلالُ. وَقَالَ بَعْضُ بَنِي كِلَابٍ فِيمَا رَوَى أَبو تُرَابٍ: تَماضَّ الْقَوْمُ وتَماصُّوا إِذا تلاجُّوا وعَضَّ بَعْضُهُمْ بعضاً بأَلسِنَتِهم.
معض: مَعِضَ مِنْ ذَلِكَ الأَمرِ، يَمْعَضُ مَعْضاً ومَعَضاً وامْتَعَضَ مِنْهُ: غَضِبَ وشَقَّ عَلَيْهِ وأَوْجَعَه؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: مَعِضَ مِنْ شَيْءٍ سَمِعَهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ذَا مَعَضٍ لوْلا تَرُدُّ المَعْضا
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: لَمَّا قُتل رُسْتم بِالْقَادِسِيَّةِ بعَث إِلى النَّاسِ خالدَ بْنَ عُرْفُطةَ، وَهُوَ ابنُ أُخته، فامْتَعَضَ الناسُ امْتِعاضاً شَدِيدًا
أَي شَقَّ عَلَيْهِمْ وعَظُمَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: تُسْتأْمَرُ اليتيمةُ فإِن مَعِضَت لَمْ تُنْكَحْ
أَي شَقَّ عَلَيْهَا، وَفِي حَدِيثِ
سُراقةَ: تَمَعَّضَتِ الفرَسُ
، قَالَ أَبو مُوسَى: هَكَذَا رُوِيَ فِي الْمُعْجَمِ وَلَعَلَّهُ مِنْ هَذَا، وَفِي نُسْخَةٍ
: فنَهَضَتْ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَوْ كَانَ بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ مِنَ المَعَصِ، وَهُوَ الْتِواء الرِّجْل، لَكَانَ وجْهاً. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعِضَ مَعَضاً غَضِبَ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ امْتَعَضَ،(7/234)
أَراد كَلَامَ الْعَرَبِ المشهورَ؛ وأَمْعَضه إِمْعاضاً ومَعَّضه تَمْعِيضاً: أَنزل بِهِ ذَلِكَ. وأَمْعَضَني الأَمرُ: أَوجَعني. وَبَنُو ماعِضٍ: قَوْمٌ دَرَجُوا فِي الدهْر الأَول. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المَعّاضةُ مِنَ الإِبل الَّتِي تَرْفَعُ ذنَبها عِنْدَ نِتاجِها.
فصل النون
نبض: نَبَضَ العِرْقُ يَنْبِضُ نَبْضاً ونَبَضاناً: تَحَرَّكَ وضرَب. والنّابِضُ: العَصَبُ، صِفةٌ غالبةٌ. والمَنابِضُ: مَضارِبُ الْقَلْبِ. ونَبَضَتِ الأَمْعاء تَنْبِضُ: اضْطَرَبَت؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ثُمَّ بَدَتْ تَنْبِضُ أَحْرادُها، ... إِنْ مُتَغَنّاةً وإِنْ حادِيَهْ «1»
أَراد إِنْ مُتَغَنِّيةً فاضْطُرَّ فحوّلَه إِلى لَفْظِ الْمَفْعُولِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا كَقَوْلِهِمُ الناصاةَ فِي النّاصِية والقاراةَ فِي القارِيةِ، يقْلِبون الْيَاءَ أَلفاً طَلَبًا لِلْخِفَّةِ. وَقَوْلُهُ: وإِن حَادِيَةً، إِمَّا أَن يَكُونَ عَلَى النَّسَبِ أَي ذاتُ حُداء، وإِما أَن يَكُونَ فَاعِلًا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَي مَحْدُوّاً بِهَا أَو مَحْدُوّةً. والنَّبْضُ: الحركةُ. وَمَا بِهِ نَبَضٌ أَي حرَكةٌ، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ مُتَحَرِّكَ الثَّانِي إِلا فِي الجَحْد. وَقَوْلُهُمْ: مَا بِهِ حَبَضٌ وَلَا نَبَضٌ أَي حَراكٌ، وَوَجَعٌ مُنْبِضٌ. والنَّبْضُ: نَتْفُ الشعَر؛ عَنْ كُرَاعٍ. والمِنْبَضُ: المِنْدَفةُ. الْجَوْهَرِيُّ: المِنْبَضُ المِنْدَفُ مِثْلُ المِحْبَض، قَالَ الْخَلِيلُ: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الشعْر المَنابِضُ المَنادِفُ. وأَنْبَضَ القوْسَ مِثْلُ أَنْضَبَها: جذَبَ وتَرَها لتُصَوِّتَ. وأَنْبَضَ بالوتَر إِذا جذَبَه ثُمَّ أَرسله ليَرِنّ. وأَنْبَضَ الوترَ أَيضاً: جذبَه بِغَيْرِ سَهْمٍ ثُمَّ أَرسله؛ عَنْ يَعْقُوبَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الإِنْباضُ أَن تَمُدّ الْوَتَرَ ثُمَّ تُرْسله فتسمعَ لَهُ صَوْتًا. وَفِي الْمَثَلِ: لَا يُعْجِبُك الإِنْباضُ قَبْلَ التَّوتِيرِ، وَهَذَا مَثَلٌ فِي اسْتِعْجَالِ الأَمر قَبْلَ بُلُوغِهِ إِناه. وَفِي المثلِ: إِنْباضٌ بِغَيْرِ تَوْتِيرٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَنبض فِي قَوْسِهِ ونَبَّضَ أَصاتها؛ وأَنشد:
لئنْ نَصَبْتَ ليَ الرَّوْقَيْنِ مُعْتَرِضاً، ... لأَرْمِيَنَّك رَمْياً غَيْرَ تَنْبِيضِ
أَي لَا يَكُونُ نَزْعي تَنْبِيضاً وتَنْقِيراً، يَعْنِي لَا يَكُونُ توَعُّداً بَلْ إِيقاعاً. ونَبَضَ الماءُ مِثْلُ نَضَبَ: سالَ. وَمَا يُعْرَفُ لَهُ مَنْبِضُ عَسَلةٍ كمَضْرِبِ عسَلةٍ.
نتض: نَتَضَ الجلدُ نُتُوضاً. خَرَجَ عَلَيْهِ دَاءٌ كَآثَارِ القُوباء ثم تَقَشَّرَ طَرائقَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: نَتَضَ الحِمارُ نُتُوضاً إِذا خَرَجَ بِهِ دَاءٌ فأَثارَ الْقُوَبَاءَ ثُمَّ تَقَشَّر طَرائقَ بعضُها مِنْ بَعْضٍ. وأَنْتَضَ العُرْجُونُ مِنَ الكَمْأَةِ: وَهُوَ شَيْءٌ طَوِيلٌ مِنَ الكمأَة يَنْقَشِرُ أَعالِيهِ مِنْ جِنْسِ الكمأَة؛ وَهُوَ يَنْتِضُ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا تَنْتِضُ الكمأَةُ الكمأَةَ والسِّنُّ السّنَّ إِذا خَرَجَتْ فرفعَتْه عَنْ نفْسِها، لَمْ يَجئ إِلا هَذَا؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا صَحِيحٌ وَمِنَ الْعَرَبِ مَسْمُوعٌ، قَالَ: وَلَمْ أَجده لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: فِي مُعَايَاةِ الْعَرَبِ قَوْلُهُمْ ضأْنٌ بِذي تُناتِضةَ تَقْطَعُ رَدْغةَ الْمَاءِ بعَنَقٍ وإِرْخاء، قَالَ: يُسَكِّنون الردْغةَ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَحْدَهَا.
نحض: النَّحْضُ: اللحمُ نفْسُه، والقِطْعةُ الضخْمةُ مِنْهُ تُسَمَّى نَحْضةً. والمَنْحُوضُ والنَّحِيضُ: الَّذِي
__________
(1) . قوله [ثم بدت] تقدم في مادة حرد ثم غدت.(7/235)
ذهَب لحمُه. وَقِيلَ: هُمَا الكَثِيرا اللحْم، والأُنثى بِالْهَاءِ، وكلُّ بَضْعة لَحْمٌ لَا عَظْمَ فِيهَا لِفِئَةٍ نَحْوُ النَّحْضةِ والهَبْرَةِ والوَذْرةِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: النَّحِيضُ مِنَ الأَضْدادِ يَكُونُ الكثيرَ اللحْمِ وَيَكُونُ القَليلَ اللحمِ كأَنَّه نُحِضَ نَحْضاً. وَقَدْ نَحُضا نَحاضةً: كَثُرَ لحمُهما. ونَحَضَ لحمُه يَنْحَضُ نُحوضاً: نقَص. قَالَ الأَزهري: ونَحاضَتُهما كثرةُ لحمِهما، وَهِيَ مَنْحُوضةٌ ونَحِيضٌ. ونَحَضَ اللحمَ يَنْحَضُه ويَنْحِضُه نَحْضاً: قشَره. ونَحضَ العظمَ يَنْحَضُه نَحْضاً وانْتَحَضَه: أَخَذ مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ واعْتَرَقه. والنَّحْضُ والنحْضةُ: اللحمُ المُكْتَنِزُ كَلَحْمِ الْفَخْذِ؛ قَالَ عُبَيْدٌ:
ثُمَّ أَبري نِحاضَها فَتَرَاهَا ... ضامِراً، بَعْدَ بُدْنِها، كالهِلالِ
وَقَدْ نَحُض، بِالضَّمِّ، فَهُوَ نَحِيضٌ أَي اكْتَنَزَ لَحْمُهُ. وامرأَة نَحِيضةٌ وَرَجُلٌ نَحِيضٌ: كَثِيرُ اللَّحْمِ. ونُحِضَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَهُوَ مَنْحُوضٌ أَي ذهَب لحمُه، وانْتُحِضَ مثلُه. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
فاعْمِد إِلى شاةٍ ممْتلئةٍ شحْماً ونَحْضاً
؛ النَّحْضُ: اللَّحْمُ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
عَيْرانةٍ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ
أَي رُمِيت بِاللَّحْمِ. ونَحَضْتُ السِّنانَ والنَّصْلَ، فَهُوَ مَنْحُوضٌ ونَحِيضٌ إِذا رَقَّقْتَه وأَحْدَدْته؛ وأَنشد:
كمَوْقِف الأَشْقَرِ إِن تَقَدَّما، ... باشَرَ مَنْحُوضَ السِّنانِ لَهْذَما
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يصِفُ الخَدَّ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِن الْجَوْهَرِيَّ قَالَ يَصِفُ الجَنْبَ، والصوابُ يصِفُ الْخَدَّ:
يُبارِي شَباة الرُّمْحِ خَدٌّ مُذَلَّقٌ، ... كحَدِّ السِّنانِ الصُّلَّبيّ النَّحِيضِ
ونَحَضْتُ فُلَانًا إِذا تَلَحَّحْتَ عَلَيْهِ فِي السؤَال حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ السؤالُ كنَحْضِ اللَّحْمِ عَنِ الْعَظْمِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو زَيْدٍ نَحَضَ الرجلَ سأَلَه ولامَه؛ وأَنشد لِسَلَامَةَ بْنِ عُبَادَةَ الجَعْديّ:
أَعْطى بِلا مَنٍّ وَلَا تَقارُضِ، ... وَلَا سُؤالٍ مَعَ نَحْضِ النَّاحِضِ
نضض: النَّضُّ: نَضِيضُ الْمَاءِ كَمَا يَخرج مِنْ حَجَرٍ. نَضَّ الماءُ يَنِضُّ نَضّاً ونَضِيضاً: سالَ، وَقِيلَ: سالَ قَلِيلًا قِلِيلًا، وَقِيلَ: خَرَجَ رَشْحاً؛ وَبِئْرٌ نَضُوضٌ إِذا كَانَ مَاؤُهَا يَخْرُجُ كَذَلِكَ. والنَّضَضُ: الحِسى وَهُوَ مَاءٌ عَلَى رَمْل دونَه إِلى أَسفل أَرض صُلْبة فكُلَّما نَضَّ مِنْهُ شَيْءٌ أَي رَشَحَ وَاجْتَمَعَ أُخِذ. واسْتَنَضَّ الثِّمادَ مِنَ الْمَاءِ: تَتَبَّعها وتَبَرَّضَها؛ وَاسْتَعَارَهُ بعضُ الفُصَحاء فِي العَرَضِ فَقَالَ يَصِفُ حالَه:
وتَسْتَنِضُّ الثِّماد مِنْ مَهَلي
والنَّضِيضُ: الْمَاءُ القَلِيلُ، وَالْجَمْعُ نِضاضٌ. وَفِي حَدِيثِ عِمْرانَ والمرأَة صاحِبةِ المَزادةِ قَالَ: والمَزادةُ تَكَادُ تَنِضُّ مِنَ الْمَاءِ أَي تَنْشَقُّ وَيَخْرُجُ مِنْهَا الْمَاءُ. يُقَالُ: نَضَّ الماءُ مِنَ الْعَيْنِ إِذا نَبَعَ، ويُجْمَعُ عَلَى أَنِضَّةٍ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
وأَخْوَتْ نُجُومُ الأَخْذِ إِلا أَنِضّةً، ... أَنِضَّةَ مَحْلٍ، لَيْسَ قاطِرُها يُثْرِي
أَي لَيْسَ يَبُلُّ الثَّرى. والنَّضِيضةُ: الْمَطَرُ الضعيفُ(7/236)
الْقَلِيلُ، وَالْجَمْعُ نَضائضُ؛ قَالَ الأَسدي، وقيل لأَبي مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيِّ:
يَا جُمْل أَسْقاكِ البُرَيْقُ الوامِضُ، ... والدِّيَمُ الغادِيةُ النَّضانِضُ،
فِي كلِّ عامٍ قَطْرُه نَضائضُ
والنَّضِيضةُ: السحابةُ الضعيفةُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَنِضُّ بِالْمَاءِ تَسِيلُ. والنَّضِيضةُ مِنَ الرِّياح: الَّتِي تَنِضّ بِالْمَاءِ فتَسِيل، وَقِيلَ هِيَ الضَّعِيفَةُ. ونضَّ إِليه مِنْ مَعْروفِه شَيْءٌ يَنِضُّ نَضّاً ونَضِيضاً: سالَ، وأَكثرُ مَا يُستعمل فِي الجَحْد، وَهِيَ النُّضاضةُ. وَيُقَالُ: نَضَّ مِنْ مَعْرُوفِكَ نُضاضةٌ، وَهُوَ الْقَلِيلُ مِنْهُ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: عَلَيْهِمْ نَضائضُ مِنْ أَموالهم وبَضائضُ، وَاحِدَتُهَا نَضِيضةٌ وبَضِيضةٌ. الأَصمعي: نَضَّ لَهُ بِشَيْءٍ وبَضَّ لَهُ بِشَيْءٍ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْقَلِيلُ. والنَّضِيضةُ: صوتُ نَشِيشِ اللَّحْمِ يُشْوى عَلَى الرَّضْفِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَسْمَعُ للرَّضْفِ بِهَا نَضائضا
والنَّضائضُ: صَوْتُ الشِّواء عَلَى الرَّضْف؛ قَالَ ابْنُ سيدة: وأَراد لِلْوَاحِدِ كالخَشارِم، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنى بصوتِ الشِّواء أَصواتُ الشِّوَاءِ. وتركتِ الإِبلُ الماءَ وَهِيَ ذاتُ نَضِيضةٍ وذاتُ نَضائضَ أَي ذاتُ عطَش لَمْ ترْوَ. وَيُقَالُ: أَنضَّ الرَّاعِي سِخالَه أَي سَقاها نَضيضاً مِنَ اللَبن. وأَمْرٌ ناضٌّ: مُمْكِنٌ، وَقَدْ نَضَّ يَنِضُّ. ونُضاضةُ الشَّيْءِ: مَا نَضَّ مِنْهُ فِي يدِك. ونُضاضةُ الرَّجُلِ: آخِرُ وَلَدِهِ؛ أَبو زَيْدٍ: هُوَ نُضاضةُ ولدِ أَبويه، يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ مِثْلَ العِجْزةِ والكِبْرةِ. وَقِيلَ: نُضاضةُ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ وكلِّ شَيْءٍ آخِرُه وبَقِيَّتُه، وَالْجَمْعُ نَضائضُ ونُضاضٌ. وَفُلَانٌ يَسْتَنِضُّ معروفَ فُلَانٍ: يَسْتَقْطِرُه، وَقِيلَ: يستخرِجُه، وَالِاسْمُ النِّضاضُ؛ قَالَ:
يَمْتاحُ دَلْوِي مُطْرَبُ النِّضاضِ، ... وَلَا الجَدَى مِنْ مُتْعَب حَبّاضِ «1»
وَقَالَ:
إِن كَانَ خَيْرٌ منكِ مُسْتَنَضّا ... فاقْني، فَشَرُّ القَوْلِ مَا أَمَضّا
ابْنُ الأَعرابي: استَنْضَضْتُ مِنْهُ شَيْئًا ونَضْنَضْتُه إِذا حرَّكْته وأَقْلَقْتَه؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَيَّةِ نَضْناضٌ، وَهُوَ القَلِقُ الَّذِي لَا يَثْبت فِي مَكَانِهِ لشِرَّتِه ونَشاطِه. والنَّضُّ: الدِّرهم الصامِتُ. والناضُّ مِنَ المَتاعِ: مَا تحوَّل ورِقاً أَو عَيْنًا. الأَصمعي: اسْمُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ الناضُّ والنضُّ، وإِنما يُسَمُّونَهُ نَاضًّا إِذا تحوّلَ عيناً بعد ما كَانَ مَتاعاً لأَنه يُقَالُ: مَا نضَّ بِيَدِي مِنْهُ شَيْءٌ. ابْنُ الأَعرابي: النَّضُّ الإِظهار، والنضُّ الْحَاصِلُ. يُقَالُ: خُذْ مَا نَضَّ لَكَ مِنْ غَرِيمِك، وَخُذْ مَا نَضَّ لَكَ مِنْ دَيْنٍ أَي تيَسَّر. وَهُوَ يَسْتَنِضُّ حَقَّهُ مِنْ فُلَانٍ أَي يَسْتَنْجِزُهُ. ويأْخذ مِنْهُ الشيءَ بَعْدَ الشَّيْءِ. ونَضْنَضَ الرَّجُلُ إِذا كَثُرَ ناضُّه، وَهُوَ مَا ظَهَرَ وَحَصَلَ مِنْ مَالِهِ، قَالَ: وَمِنْهُ الْخَبَرُ: خُذْ صدقةَ مَا نَضَّ مِنْ أَمْوالهم أَي مَا ظَهَرَ وَحَصَلَ مِنْ أَثمان أَمْتِعَتهم وَغَيْرِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: كَانَ يأْخذ الزَّكاةَ مِنْ ناضِّ المالِ
؛ هُوَ مَا كَانَ ذَهَبًا أَو فِضَّةً عيناً أَو وَرِقاً.
__________
(1) . قوله [يمتاح دلوي] كذا ضبط في الأَصل، والشطر الثاني ضبط في مادة حبض من الصحاح مثل ضبط الأَصل.(7/237)
ووُصف رَجُلٌ بِكَثْرَةِ الْمَالِ فَقِيلَ: أَكثر النَّاسِ نَاضًّا. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ عِكْرِمةَ: إِنَّ الشريكين إِذا أَرادا أَن يَتَفَرَّقا يقْتَسِمانِ مَا نَضَّ مِنْ أَمْوالهما وَلَا يقتَسِمانِ الدَّيْنَ.
قَالَ شَمِرٌ: مَا نضَّ أَي مَا صَارَ فِي أَيديهما وَبَيْنَهُمَا مِنَ الْعَيْنِ، وَكَرِهَ أَن يُقْتَسَمَ الدَّينُ لأَنه رُبَّمَا اسْتَوفاه أَحدُهما وَلَمْ يَسْتَوْفِه الْآخَرُ فَيَكُونُ رِباً، وَلَكِنْ يَقْتَسِمَانِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ. والنَّضُّ: الأَمْرُ الْمَكْرُوهُ. تَقُولُ: أَصابني نَضٌّ مِنْ أَمرِ فُلَانٍ. ونَضَّ الطائرُ: حرَّك جناحَيْه ليَطير. ونَضْنَضَ البعيرُ ثَفِناته: حَرَّكَهَا وباشَر بِهَا الأَرضَ؛ قَالَ حُمَيْدٌ:
ونَضْنَضَ فِي صُمِّ الحَصَى ثَفِناتِه، ... ورامَ بسَلْمَى أَمره، ثُمَّ صَمَّما
ونَضْنَضَ لسانَه: حرَّكه، الضَّادُ فِيهِ أَصل وَلَيْسَتْ بَدَلًا مِنْ صَادِ نَصْنَصَه، كَمَا زَعَمَ قَوْمٌ، لأَنهما لَيْسَتَا أُختين فتُبدلَ إِحداهما من صَاحِبَتِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي بَكْرٍ: أَنه دُخل عَلَيْهِ وَهُوَ يُنَضْنِضُ لسانَه
أَي يحرِّكُه، وَيُرْوَى بِالصَّادِّ، وَقَدْ تقدَّم. والنَّضْنَضةُ: صوتُ الحيَّةِ. والنَضْنَضةُ: تَحْرِيكُ الْحَيَّةِ لسانَها. وَيُقَالُ لِلْحَيَّةِ: نَضْناضٌ ونَضْناضةٌ. وحيَّةٌ نَضْناضٌ: تُحَرِّكُ لسانَها. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَخبرني أَبو عَلِيٍّ يَرْفَعُهُ إِلى الأَصمعيّ قَالَ: حَدَّثَنَا
عِيسَى بْنُ عُمَرَ قَالَ: سأَلتُ ذَا الرمَّةِ عَنِ النَّضْناضِ فأَخرج لِسَانَهُ فَحَرَّكَهُ
، وَقِيلَ: هِيَ المُصَوِّتةُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تقتلُ إِذا نَهشَتْ مِنْ سَاعَتِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَكَانٍ؛ قَالَ الرَّاعي:
يَبِيتُ الحَيَّةُ النَّضْناضُ مِنْهُ، ... مكَانَ الحِبِّ، يَسْتَمِعُ السِّرارا
الحِبُّ: القُرْطُ، وَقِيلَ: الحَبيبُ، وَقِيلَ: النَّضْناض الْحَيَّةُ الذَّكَرُ، وَهُوَ كُلُّهُ يَرْجِعُ إِلى الحركة.
نعض: النُّعْضُ، بِالضَّمِّ: شَجَرٌ مِنَ العِضاه سُهْلِيٌّ وَقِيلَ: هُوَ بِالْحِجَازِ، وَقِيلَ: لَهُ شَوْكٌ يُسْتاك بِهِ؛ قَالَ رؤْبة:
فِي سَلْوةٍ عِشْنا بِذَاكَ أُبْضا، ... خِدْنَ اللَّواتي يَقْتَضِبْنَ النُّعْضا،
فَقَدَ أُفَدَّى مِرْجَماً مُنْقَضَّا
إِما أَن يُرِيدَ بِقَوْلِهِ عِشْنَا الْجَمْعَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى اللَّفْظِ، وَيَكُونُ خِدْنَ اللَّوَاتِي مَوْضُوعًا مَوْضِعَ أَخْدانِ اللَّوَاتِي، وإِما أَن يَقُولَ عِشْنَا كَقَوْلِكَ عِشْتُ إِلَّا أَنه اخْتَارَ عِشْنَا لأَنه أَكمل فِي الْوَزْنِ، وَيُرْوَى: جَذْب اللَّوَاتِي، وَرَوَى الأَزهري: وَيُقَالُ مَا نَعَضْتُ مِنْهُ شَيْئًا أَي مَا أَصَبْتُ، قَالَ: وَلَا أَحُقُّه وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ.
نغض: نَغَضَ الشيءُ يَنْغُضُ نَغْضاً ونُغُوضا ونَغضَاناً وتَنَغَّض وأَنْغَض: تحرَّك واضْطَرَبَ، وأَنْغَضه هُوَ أَي حرَّكه كالمتعَجِّب مِنَ الشَّيْءِ. وَيُقَالُ: نَغَضَ فُلَانٌ أَيضاً رأْسَه، يَتَعدَّى وَلَا يتعدَّى. والنَّغَضانُ: تَنَغُّضُ الرأْسِ والأَسنانِ فِي ارْتِجافٍ إِذا رَجَفَتْ تَقُولُ نَغَضَتْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُثْمَانَ: سَلِسَ بَوْلي ونَغَضَتْ أَسْناني
أَي قَلِقَتْ وتحرَّكَت. وَيُقَالُ: نَغَضَ رأْسَه إِذا تحرَّك، وأَنْغَضَه إِذا حرَّكَه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وأَخذ يُنْغِضُ رأْسه كأَنه يَسْتَفْهِمُ مَا يُقَالُ لَهُ
أَي يُحَرِّكه ويَمِيلُ إِليه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ
. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَنْغَضَ رأْسَه إِذا حرَّكَه إِلى فَوقُ وإِلى أَسفلُ، والرأْس يَنْغُضُ ويَنْغِضُ لُغتان. وَالثَّنْيَةُ إِذا تحرَّكت قِيلَ: نَغَضَت سِنُّه، وإِنما سُمِّي(7/238)
الظَّلِيمُ نَغْضاً ونَغِضاً لأَنه إِذا عَجِل فِي مِشْيَتِهِ ارْتَفَعَ وَانْخَفَضَ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا حُدِّثَ بِشَيْءٍ فحرَّك رأْسه إِنكاراً لَهُ: قَدْ أَنْغَضَ رأْسه. ونَغَضَ رأْسُه يَنغُضُ ويَنْغِضُ نَغْضاً ونُغُوضاً أَي تحرَّك. ونَغَضَ برأْسِه يَنْغُضُ نَغْضاً: حرَّكه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الظَّلِيمَ:
واسْتَبْدَلَتْ رُسُومُه سَفَنَّجا ... أَصَكَّ نَغْضاً، لَا يَني مُسْتَهْدَجا
وَفِي الْمُحْكَمِ: أَسَكَّ، بِالسِّينِ. والنَّغْضُ: الَّذِي يُحَرِّك رأْسَه ويَرْجُف فِي مِشْيَتِه، وَصَفَ بِالْمَصْدَرِ. وكلُّ حَرَكَةٍ فِي ارْتِجافٍ نَغضٌ. يُقَالُ: نَغَضَ رَحْلُ الْبَعِيرِ وثَنِيَّةُ الْغُلَامِ نَغْضاً ونَغَضاناً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَمْ يَنْغُض بهنَّ القَناطِر
ونَغْضٌ ونِغْضٌ: الظَّلِيمُ كَذَلِكَ مُعَرَّفَةٌ لأَنه اسْمٌ للنوْع كأُسامة؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: النَّغْضُ الظَّلِيمُ الجَوَّالُ، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ الَّذِي يُنغِضُ رأْسَه كَثِيرًا. والنَّاغِضُ: الغُضْرُوفُ. ابْنُ سِيدَهْ: ونُغْضُ الكَتِف حَيْثُ تذهَب وَتَجِيءُ، وَقِيلَ: هُوَ أَعلى مُنْقَطَع غُضْرُوفِ الكَتِف، وَقِيلَ: النُّغْضانِ اللَّذَانِ يَنْغُضان مِنْ أَصل الْكَتِفِ فيتحَرَّكانِ إِذا مشَى. وَرَوَى
شُعبةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: نَظَرْتُ إِلى ناغِضِ كَتِفِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الأَيْمن والأَيسر فإِذا كهيْئةِ الجُمْعِ عَلَيْهِ الثآليلُ
؛ قَالَ شِمْرٌ: الناغِضُ مِنَ الإِنسانِ أَصل العُنُق حَيْثُ يَنْغُضُ رَأْسُه، ونُغْضُ الكتِف هُوَ الْعَظْمُ الرَّقِيقُ عَلَى طَرَفها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بشِّر الكَنَّازِينَ برَضْفةٍ «2» فِي النّاغِضِ
أَي بِحَجَرٍ مُحْمًى فَيُوضَعُ عَلَى ناغِضِه وَهُوَ فَرْعُ الْكَتِفِ، قِيلَ لَهُ نَاغِضٌ لتحرُّكه، وأَصل النَّغْضِ الحركةُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنَّ الكَعْبةَ لَمَّا احْتَرَقَتْ نَغَضَتْ
أَي تحرَّكت ووَهَتْ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمانَ فِي خاتَمِ النُّبُوَّةِ: وإِذا الخاتَمُ فِي ناغِضِ كَتِفه الأَيسر
، وَرُوِيَ
فِي نَغْضِ كتِفه
؛ النُّغْضُ والنَّغْضُ والنّاغِضُ: أَعلى الكتِف، وَقِيلَ: هُوَ العَظْمُ الرَّقِيقُ الَّذِي عَلَى طرَفِه. وَغَيْمٌ نَغّاضٌ، ونَغَضَ السَّحابُ إِذا كثُفَ ثُمَّ مَخَض تَرَاهُ يَتَحَرَّكُ بعضُه فِي بَعْضٍ وَلَا يَسِيرُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَرَّقَ عَيْنيكَ عَنِ الغِمَاضِ [الغَمَاضِ] ... بَرْقٌ تَرَى فِي عارِضٍ نَغّاضِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي وَقَعَ فِي شِعْرِهِ:
بَرْقٌ سرَى فِي عارِضِ نَهّاضِ
اللَّيْثُ: يُقَالُ للغَيْم إِذا كَثُفَ ثُمَّ تَمَخَّض: قَدْ نَغَضَ حَيْثُ تَرَاهُ يَتَحَرَّكُ بعضُه فِي بَعْضٍ مُتَحَيِّراً وَلَا يَسير. ومَحالٌ نُغَّضٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا ماءَ فِي المَقْراةِ إِن لَمْ تَنْهَضِ ... بمَسَدٍ فوقَ المَحالِ النُّغَّضِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والنَّغْضةُ فِي شِعْر الطِّرِمَّاحِ يَصِفُ ثَوْرًا:
باتَ إِلى نَغْضةٍ يَطُوفُ بِهَا، ... فِي رأْسِ مَتْنٍ أَبْزَى بِهِ جَرَدُهْ
هُوَ الشَّجَرَةُ فِيمَا فَسَّرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَفَسَّرَ غَيْرُهُ النَّغْضةَ في البيت بالنّعامةِ.
__________
(2) . قوله [برضفة] كذا بالأَصل، والذي في النهاية في غير موضع: برضف.(7/239)
وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عنه: كَانَ نَغّاضَ البطْنِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا نَغّاضُ البطنِ؟ فَقَالَ: مُعَكَّنُ الْبَطْنِ، وَكَانَ عُكَنُه أَحْسَنَ مِنْ سَبائكِ الذهبِ والفِضّةِ
؛ قَالَ: النَّغْضُ والنَّهْضُ أَخَوانِ وَلَمَّا كَانَ فِي العُكَنِ نُهُوضٌ ونُتوء عَنْ مُسْتَوَى البطنِ قِيلَ للمُعَكَّنِ نَغَّاضُ البطن.
نفض: النَّفْضُ: مَصْدَرُ نفَضْتُ الثوبَ والشجَرَ وَغَيْرَهُ أَنْفُضُه نَفْضاً إِذا حرَّكْتَه ليَنْتَفِضَ، ونَفَّضْتُه شُدِّد لِلْمُبَالَغَةِ. والنَّفَضُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا تَساقَط مِنَ الْوَرَقِ والثَّمَر وَهُوَ فَعَلٌ بِمَعْنَى مفْعُول كالقَبَضِ بِمَعْنَى المَقْبُوضِ. والنَّفَضُ: مَا وقَع مِنَ الشَّيْءِ إِذا نَفَضْتَه. والنَّفْضُ: أَن تأْخذ بِيَدِكَ شَيْئًا فتَنْفُضَه تُزَعْزِعُه وتُتَرْتِرُه وتَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ. ابْنُ سِيدَهْ: نَفَضَه يَنْفُضُه نَفضاً فانْتَفَضَ. والنُّفاضةُ والنُّفاضُ، بِالضَّمِّ: مَا سَقَطَ مِنَ الشَّيْءِ إِذا نُفِضَ وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الْوَرَقِ، وَقَالُوا نُفاضٌ مِنْ وَرَقٍ كَمَا قَالُوا حالٌ مِنْ ورَق، وأَكثر ذَلِكَ فِي وَرَقِ السَّمُرِ خَاصَّةً يُجْمَعُ ويُخْبَط فِي ثَوْبٍ. والنَّفَضُ: مَا انْتَفَضَ مِنَ الشَّيْءِ. ونَفَضُ العِضاهِ: خَبَطُها. وَمَا طاحَ مِنْ حَمْلِ الشجرةِ، فَهُوَ نَفَضٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والنَفَضُ مَا طاحَ مِنْ حَمْلِ النَّخْلِ وتساقَط فِي أُصُولِه مِنَ الثمَر. والمِنْفَضُ: وِعَاءٌ يُنْفَضُ فِيهِ التمْر. والمِنْفَضُ: المِنْسَفُ. ونَفَضَتِ المرأَةُ كَرِشَها، فَهِيَ نَفُوضٌ: كَثِيرَةُ الولدِ. والنَّفْضُ: مِنْ قُضْبانِ الكَرْمِ بعد ما يَنْضُرُ الورَق وَقَبْلَ أَن تَتَعَلَّقَ حَوالِقُه، وَهُوَ أَغَضُّ مَا يَكُونُ وأَرْخَصُه، وَقَدْ انْتَفَضَ الكَرْمُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَالْوَاحِدَةُ نَفْضةٌ، جَزْمٌ. وَتَقُولُ: انْتَفَضَتْ جُلَّةُ التَّمْرِ إِذا نفضْتَ مَا فِيهَا مِنَ التَّمر. ونفَضُ الشجرةِ: حِينَ تَنْتَفِضُ ثمرَتُها. والنَّفَضُ: مَا تساقَط مِنْ غَيْرِ نَفْضٍ في أُصُول الشجر من أَنْواع الثمَر. وأَنْفَضَتْ جلةُ التَّمْرِ: نُفِضَ جميعُ مَا فِيهَا. والنَّفَضَى: الحركةُ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلةَ: مُلاءَتانِ كَانَتَا مَصْبُوغَتَينِ وَقَدْ نفَضَتا
أَي نصَلَ لونُ صِبْغِهما وَلَمْ يَبْقَ إِلا الأَثَرُ. والنّافِضُ: حُمَّى الرِّعْدَةِ، مُذَكَّرٌ، وَقَدْ نَفَضَتْه وأَخذته حُمَّى نافِضٍ وحُمَّى نافِضٌ وحُمَّى بنافِضٍ، هَذَا الأَعْلى، وَقَدْ يُقَالُ حُمَّى نافِضٌ فَيُوصَفُ بِهِ. الأَصمعي: إِذا كَانَتِ الحُمّى نافِضاً قِيلَ نفَضَتْهُ فَهُوَ مَنْفُوضٌ. والنُّفْضةُ، بِالضَّمِّ: النُّفَضاء وَهِيَ رِعْدةُ النّافِضِ. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
فأَخذتها حُمَّى بِنافِضٍ
أَي برِعْدةٍ شديدةٍ كأَنها نفَضَتْها أَي حرَّكَتْها. والنُّفَضةُ: الرِّعدةُ. وأَنْفَضَ القومُ: نَفِدَ طعامُهم وزادُهم مِثْلُ أَرْمَلوا؛ قَالَ أَبو المُثَلَّم:
لَهُ ظَبْيَةٌ وَلَهُ عُكَّةٌ، ... إِذا أَنْفَضَ القومُ لَمْ يُنْفِضِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنَّا فِي سَفَرٍ فأَنْفَضْنا
أَي فَنِيَ زادُنا كأَنهم نفَضُوا مَزاوِدَهم لِخُلُوِّها، وَهُوَ مثْلُ أَرملَ وأَقْفَرَ. وأَنْفَضُوا زادَهم: أَنْفَدُوه، وَالِاسْمُ النُّفاضُ، بِالضَّمِّ. وَفِي الْمَثَلِ: النُّفاضُ يُقَطِّرُ الجَلَبَ؛ يَقُولُ: إِذا ذَهَبَ طعامُ القومِ أَو مِيرتُهم قَطَّرُوا إِبلَهم الَّتِي كَانُوا يَضِنُّون بِهَا فَجَلَبُوها لِلْبَيْعِ فباعُوها واشْتَرَوا بِثَمَنِهَا مِيرةً. والنُّفاضُ: الجَدْبُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: النُّفاضُ يُقَطِّرُ الجَلَبَ، وَكَانَ ثَعْلَبٌ يَفْتَحُهُ وَيَقُولُ: هُوَ الجَدْبُ، يَقُولُ: إِذا أَجْدَبُوا جَلَبُوا الإِبل قِطاراً قِطاراً لِلْبَيْعِ.(7/240)
والإِنْفاضُ: المَجاعةُ وَالْحَاجَةُ. وَيُقَالُ: نَفَضْنا حَلائبَنا نَفْضاً واسْتَنْفَضْناها استِنْفاضاً، وَذَلِكَ إِذا اسْتَقْصَوْا عَلَيْهَا فِي حَلبها فَلَمْ يَدَعُوا فِي ضُروعها شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ. ونفَضَ القومُ نَفْضاً: ذَهَبَ زادُهم. ابْنُ شُمَيْلٍ: وَقَوْمٌ نَفَضٌ أَي نفَضُوا زادَهم. وأَنْفَضَ القومُ أَي هَلَكَتْ أَموالُهم. ونفَضَ الزّرْعُ سبَلًا: خَرَجَ آخِر سُنْبُله. ونفَض الكَرْمُ: تَفَتَّحتْ عَناقِيدُه. والنَّفَضُ: حَبُّ العِنب حِينَ يأْخذ بعضُه بِبَعْضٍ. والنَّفَضُ: أَغَضُّ مَا يَكُونُ مِنْ قُضْبَانِ الْكَرَمِ. ونُفُوضُ الأَرض: نَبائِثُها. ونفَض المكانَ يَنْفُضُه نَفْضاً واسْتَنْفَضَه إِذا نَظَرَ جَمِيعَ مَا فِيهِ حَتَّى يَعْرِفَهُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ بَقَرَةً فَقَدَتْ وَلَدَهَا:
وتَنْفُضُ عَنْهَا غَيْبَ كلِّ خَمِيلةٍ، ... وتخشَى رُماةَ الغَوْث مِنْ كلِّ مَرْصَدِ
وتنفُض أَي تَنْظُرُ هَلْ تَرَى فِيهِ مَا تَكْرَهُ أَم لَا. والغَوْث: قَبِيلَةٌ مِنْ طيِءٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالْغَارِ: أَنا أَنْفُضُ لَكَ مَا حوْلَك
أَي أَحْرُسُكَ وأَطُوفُ هَلْ أَرى طَلباً. وَرَجُلٌ نَفُوضٌ لِلْمَكَانِ: مُتَأَمِّلٌ لَهُ. واسْتَنْفَضَ القومَ: تأَمّلهم؛ وَقَوْلُ العُجَيْر السَّلُولي:
إِلى مَلِك يَسْتَنْفِضُ القومَ طَرْفُه، ... لَهُ فَوْقَ أَعْوادِ السَّرِيرِ زَئيرُ
يَقُولُ: يَنْظُرُ إِليهم فَيَعْرِفُ مَنْ بِيَدِهِ الْحَقُّ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه يُبْصِرُ فِي أَيّهم الرأْيُ وأَيّهم بِخِلَافِ ذَلِكَ. واسْتَنْفَضَ الطريقَ: كَذَلِكَ. واسْتِنْفاضُ الذكَر وإِنْفاضُه: اسْتِبْراؤه مِمَّا فِيهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْبَوْلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ابْغنِي أَحْجاراً أَسْتَنْفِضُ بِهَا
أَي أَسْتَنْجي بِهَا، وَهُوَ مِنْ نَفْضِ الثوبِ لأَن المُسْتَنْجي يَنْفُضُ عَنْ نفْسِه الأَذى بِالْحَجَرِ أَي يُزِيلُه ويَدْفَعُه؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنه كَانَ يَمُرُّ بالشِّعْبِ مِنْ مُزْدَلِفةَ فيَنْتَفِضُ ويَتوضأ.
اللَّيْثُ: يُقَالُ اسْتَنْفَضَ مَا عِنْدَهُ أَي اسْتخرجه؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
صَرَّحَ مَدْحي لكَ واسْتِنْفاضِي
والنَّفِيضةُ: الَّذِي يَنْفُضُ الطريقَ. والنَّفَضةُ: الَّذِينَ يَنْفُضون الطريقَ. اللَّيْثُ: النفَضة، بِالتَّحْرِيكِ، الْجَمَاعَةُ يُبْعثون فِي الأَرض مُتَجَسِّسين لِيَنْظُرُوا هَلْ فِيهَا عَدُوٌّ أَو خَوْفٌ، وَكَذَلِكَ النفيضةُ نَحْوَ الطَّلِيعة؛ وَقَالَتْ سَلْمى الجُهَنِيّةُ تَرْثِي أَخاها أَسْعد، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُهُ سُعْدى الْجُهَنِيَّةُ:
يَرِدُ المِياهَ حَضِيرةً ونَفِيضةً، ... وِرْدَ القَطاةِ، إِذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ
يَعْنِي إِذا قصُر الظِّلُّ نِصْفَ النَّهَارِ، وحَضِيرةً ونَفِيضةً مَنْصُوبَانِ عَلَى الْحَالِ، وَالْمَعْنَى أَنه يَغْزُو وَحْدَهُ فِي مَوْضِعِ الحضِيرةِ والنفِيضةِ؛ كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
يَا خَالِدًا أَلْفاً ويُدْعى وَاحِدًا
وَكَقَوْلِ أَبي نُخَيْلةَ:
أَمُسْلِمُ إِنِّي يَا ابْنَ كلِّ خَلِيفةٍ، ... وَيَا واحِدَ الدُّنيا، وَيَا جَبَلَ الأَرْضِ
أَي أَبوك وَحْدَهُ يَقُومُ مَقام كُلِّ خَلِيفَةٍ، وَالْجَمْعُ النَّفائضُ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ المَفاوِزَ:
بِهنَّ نَعامٌ بَناه الرِّجالُ، ... تُلْقي النَّفائضُ فِيهِ السَّرِيحا(7/241)
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا قَوْلُ الأَصمعي وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو بِالْفَاءِ إِلا أَنه قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ: إِنها الهَزْلى مِنَ الإِبل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: النعامُ خَشَبَاتٌ يُسْتَظَلّ تَحْتَهَا، والرِّجالُ الرَّجّالة، والسَّرِيحُ سُيورٌ تُشدّ بِهَا النِّعال، يُرِيدُ أَنّ نِعالَ النَّفائضِ تقطَّعت. الْفَرَّاءُ: حَضيِرةُ الناسِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، ونفِيضَتُهم وَهِيَ الْجَمَاعَةُ. ابْنُ الأَعرابي: حَضِيرةٌ يحضُرها الناسُ، ونفِيضةٌ ليس عليه أَحَد. وَيُقَالُ: إِذا تكلَّمت لَيْلًا فاخْفِضْ، وإِذا تَكَلَّمْتَ نَهَارًا فانْفُضْ أَي التَفِت هَلْ تَرَى مَنْ تَكْرَهُ. واسْتَنْفَض القومُ: أَرْسلوا النِّفَضةَ، وَفِي الصِّحَاحِ: النَّفِيضةَ. ونفَضَتِ الإِبلُ وأَنْفَضَتْ: نُتِجَتْ كلُّها؛ قَالَ ذُو الرُّمّة:
تَرَى كَفْأَتَيْها تَنْفُضانِ وَلَمْ يَجِد، ... لَهَا ثِيلَ سَقْبٍ فِي النِّتاجَيْنِ، لامِسُ
رُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ: تَنْفُضانِ وتُنْفِضانِ، وَرُوِيَ كِلا كَفْأَتَيْها تُنْفَضانِ، وَمَنْ رَوَى تُنْفَضانِ فَمَعْنَاهُ تُسْتَبْرآن مِنْ قَوْلِكَ نفَضْتُ المكانَ إِذا نَظَرْتَ إِلى جَمِيعَ مَا فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَه، وَمَنْ رَوَى تَنْفُضانِ أَو تُنْفِضانِ فَمَعْنَاهُ أَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الكَفْأَتين تُلقي مَا فِي بَطْنِهَا مِنَ أَجنَّتها فَتُوجِدُ إِناثاً لَيْسَ فِيهَا ذَكَرٌ، أَراد أَنها كلَّها مآنيثُ تُنْتَجُ الإِناثَ وَلَيْسَتْ بِمَذَاكِيرَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذا لُبس الثوبُ الأَحمر أَو الأَصفر فَذَهَبَ بَعْضُ لَوْنِهِ قِيلَ: قَدْ نفَضَ صِبْغُه نَفْضاً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كَساكَ الَّذِي يَكْسُو المَكارِم حُلَّةً ... مِنَ المَجْد لَا تَبْلى، بَطِيئاً نُفوضُها
ابْنُ الأَعرابي: النُّفاضةُ ضُوازةُ السِّواك ونُفاثَتُه. والنُّفْضةُ: المَطْرةُ تُصِيبُ القِطْعةَ مِنَ الأَرض وتُخْطِئُ القِطعة. التَّهْذِيبُ: ونُفوضُ الأَمْرِ رَاشَانُهَا، وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ، إِنما هِيَ أَشْرافُها. والنِّفاضُ، بِالْكَسْرِ: إِزارٌ مِنْ أُزُر الصِّبيان؛ قَالَ:
جارِية بَيْضاء فِي نِفاضِ، ... تَنْهَضُ فِيهِ أَيَّما انْتِهاضِ
وَمَا عَلَيْهِ نِفاضٌ أَي ثَوْبٌ. والنِّفْضُ: خُرْء النَّحْل؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ابْنُ الأَعرابي: النَّفْضُ التحْريكُ، والنَّفْضُ تَبَصُّرُ الطَّرِيقِ، والنَّفْضُ القراءةُ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ يَنْفُضُ القرآنَ كلَّه ظَاهِرًا أَي يقرؤه.
نقض: النَّقْضُ: إِفْسادُ مَا أَبْرَمْتَ مِنْ عَقْدٍ أَو بِناء، وَفِي الصِّحَاحِ: النَّقْضُ نَقْضُ البِناء والحَبْلِ والعَهْدِ. غَيْرُهُ: النقْضُ ضِدُّ الإِبْرام، نقَضَه يَنْقُضُه نَقْضاً وانْتَقَضَ وتَناقَضَ. والنِّقْضُ: اسمُ البِناء المَنْقُوضِ إِذا هُدم. وَفِي حَدِيثِ صَوْمِ التَّطَوُّع:
فناقَضَني وناقَضْتُه
، هِيَ مُفاعَلةٌ مِنْ نَقْض الْبِنَاءِ وَهُوَ هَدْمُه، أَي يَنْقُضُ قَوْلِي وأَنْقُضُ قَوْلَهُ، وأَراد بِهِ المُراجَعةَ والمُرادَّةَ. وناقضَه فِي الشَّيْءِ مُناقَضةً ونِقاضاً: خالَفَه؛ قَالَ:
وَكَانَ أَبُو العَيُوفِ أَخاً وَجَارًا ... وَذَا رَحِمٍ، فقُلْتُ لَهُ نِقاضا
أَي ناقَضْتُه فِي قَوْلِهِ وهَجْوِه إِيّاي. والمُناقَضةُ فِي الْقَوْلِ: أَن يُتَكَلَّم بِمَا يتناقَضُ مَعْنَاهُ. والنَّقِيضةُ فِي الشِّعْرِ: مَا يُنْقَضُ بِهِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِنِّي أَرَى الدَّهْرَ ذَا نَقْضٍ وإِمرارِ
أَي مَا أَمَرَّ عادَ عَلَيْهِ فنقَضَه، وَكَذَلِكَ المُناقَضةُ فِي الشِّعْر يَنْقُضُ الشاعرُ الآخرُ مَا قَالَهُ الأَوّل، والنَّقِيضةُ الِاسْمُ يُجْمَعُ عَلَى النَّقائض، وَلِذَلِكَ قَالُوا:(7/242)
نَقائضُ جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ. ونَقِيضُك: الَّذِي يُخالِفُك، والأُنثى بِالْهَاءِ. والنِّقْضُ: مَا نَقَضْتَ، وَالْجَمْعُ أَنْقاض. وَيُقَالُ: انْتَقَضَ الجُرْحُ بَعْدَ البُرْء، وانتَقض الأَمْرُ بَعْدَ التِئامه، وانتقَض أَمرُ الثغْرِ بَعْدَ سَدِّه. والنِّقْضُ والنِّقْضةُ: هَمَّا الجملُ والناقةُ اللَّذَانِ قَدْ هَزَلْتَهما وأَدْبَرْتَهما، وَالْجَمْعُ الأَنْقاضُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا مَطَوْنا نِقْضةً أَو، نِقْضا
والنِّقْضُ، بِالْكَسْرِ: الْبَعِيرُ الَّذِي أَنْضاه السَّفَرُ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ. والنِّقْضُ: المَهْزُول مِنَ الإِبل وَالْخَيْلِ، قَالَ السِّيرَافِيُّ: كأَنَّ السفَرَ نقَض بِنْيتَه، وَالْجَمْعُ أَنْقاضٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، والأُنثى نِقْضةٌ وَالْجَمْعُ أَنْقاضٌ كَالْمُذَكَّرِ عَلَى توَهُّمِ حذْفِ الزَّائِدِ. والانْتِقاضُ: الانْتِكاثُ. والنِّقْضُ: مَا نُكث مِنَ الأَخبية والأَكْسِيةِ فغُزل ثَانِيَةً، والنُّقاضةُ: مَا نُقض مِنْ ذَلِكَ. والنِّقْضُ: المَنْقُوضُ مِثْلُ النِّكْث. والنِّقْضُ: مُنْتَقِضُ الأَرض مِنَ الكَمْأَةِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَنتَقِضُ عَنِ الكمأَة إِذَا أَرادت أَن تَخْرُجَ نقَضت وَجْهَ الأَرض نَقْضاً فانْتَقَضت الأَرض؛ وأَنشد:
كأَنَّ الفُلانِيَّاتِ أَنْقاضُ كَمْأَةٍ ... لأَوَّلِ جانٍ، بالعَصا يَسْتَثِيرُها
والنَّقّاضُ: الَّذِي يَنْقُضُ الدِّمَقْسَ، وحِرْفَتُه النِّقاضةُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ النَّكّاثُ، وَجَمْعُهُ أَنْقاض وأَنْكاث. ابْنُ سِيدَهْ: والنِّقْضُ قِشْرُ الأَرض المُنْتَقِضُ عَنِ الكَمْأَة، وَالْجَمْعُ أَنْقاض ونُقوضٌ، وَقَدْ أَنْقَضْتُها وأَنقَضْت عَنْهَا، وتَنقَّضَت الأَرض عَنِ الكمأَة أَي تقطَّرَت. وأَنْقَضَ الكَمْءُ ونقَّض: تَقَلْفَعَتْ عَنْهُ أَنقاضه؛ قَالَ:
ونَقَّضَ الكَمْءُ فأَبْدَى بَصَرَهْ «3»
والنِّقْضُ: العسَلُ يُسَوِّسُ فَيُؤْخَذُ فيُدَقّ فيُلْطَخ بِهِ مَوْضِعُ النَّحْلِ مَعَ الْآسِ فتأْتيه النَّحْلُ فتُعَسِّلُ فِيهِ؛ عَنِ الهَجَرِيّ. والنَّقِيضُ مِنَ الأَصْواتِ: يَكُونُ لِمفاصل الإِنسانِ والفَرارِيجِ والعَقْرَبِ والضِّفْدَعِ والعُقابِ والنَّعامِ والسُّمانى والبازِي والوبْرِ والوزَغ، وَقَدْ أَنْقَض؛ قَالَ:
فلمَّا تَجاذَبْنا تَفَرْقَعَ ظَهْرُه، ... كَمَا يُنْقِضُ الوُزْغانُ، زُرْقاً عُيونُها
وأَنْقَضت العُقابُ أَي صوَّتَت؛ وأَنشد الأَصمعي:
تُنْقِضُ أَيْدِيها نَقِيضَ العِقْبانْ
وَكَذَلِكَ الدجاجةُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تُنْقِضُ إِنْقاضَ الدَّجاجِ المُخَّضِ
والإِنْقاضُ والكَتِيتُ: أَصوات صِغَارِ الإِبل، والقَرْقَرةُ والهَديرُ: أَصوات مَسانِّ الإِبل؛ قَالَ شِظاظٌ وَهُوَ لِصٌّ مِنْ بَنِي ضَبّة:
رُبَّ عَجُوزٍ مِنْ نُمَيْرٍ شَهْبَرَهْ، ... عَلَّمْتُها الإِنْقاضَ بَعْدَ القَرْقَرهْ
أَي أَسْمَعْتُها، وَذَلِكَ أَنه اجْتازَ عَلَى امرأَة مِنْ بَنِي نُمير تَعْقِلُ بَعِيرًا لَهَا وتَتَعَوَّذُ مِنْ شِظاظٍ، وَكَانَ شِظاظ عَلَى بَكْرٍ، فَنَزَلَ وسرَق بِعِيرَهَا وَتَرَكَ هُنَاكَ بَكْرَه. وتنَقَّضت عِظامُه إِذا صوَّتت. أَبو زَيْدٍ: أَنْقَضْتُ بِالْعَنْزِ إِنْقاضاً دَعَوْتُ بِهَا. وأَنْقَضَ الحِمْلُ ظهرَه: أَثقله وَجَعَلَهُ يُنْقِضُ مِنْ ثِقَله أَي
__________
(3) . قوله [ونقض الكمء] تقدم إنشاده في مادة بصر: ونفض الكمء بالفاء ونصب الكمء تبعاً للأَصل والصواب ما هنا.(7/243)
يُصَوِّتُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ
؛ أَي جعلَه يُسْمَعُ لَهُ نَقِيضٌ مِنْ ثِقَلِه. وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَثْقل ظَهْرَكَ، قَالَ ذَلِكَ مُجَاهِدٌ وقتادةُ، والأَصل فِيهِ أَن الظَّهْرَ إِذا أَثقله الحِمل سُمع لَهُ نَقِيض أَي صَوْتٌ خَفِيٌّ كَمَا يُنْقِض الرَّجل لِحِمَارِهِ إِذا ساقَه، قَالَ: فأَخبر اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنه غَفَرَ لِنَبِيِّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوزارَه الَّتِي كَانَتْ تَرَاكَمَتْ عَلَى ظَهْرِهِ حَتَّى أَثقلته، وأَنها لَوْ كَانَتْ أَثقالًا حُمِلَتْ عَلَى ظَهْرِهِ لَسُمِعَ لَهَا نَقِيضٌ أَي صَوْتٌ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ، عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: هَذَا الْقَوْلُ فِيهِ تسَمُّح فِي اللَّفْظِ وَإِغْلَاظٌ فِي النُّطْقِ، وَمِنْ أَين لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوزار تَتَرَاكَمُ عَلَى ظَهْرِهِ الشَّرِيفِ حَتَّى تُثْقِلَهُ أَو يُسْمَعَ لَهَا نَقِيضٌ وَهُوَ السَّيِّدُ الْمَعْصُومُ الْمُنَزَّهُ عَنْ ذَلِكَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَلَوْ كَانَ، وَحَاشَ لِلَّهِ، يأْتي بِذُنُوبٍ لَمْ يَكُنْ يَجِدُ لَهَا ثِقَلًا فإِن اللَّهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَهُ مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تأَخر، وإِذا كَانَ غَفَرَ لَهُ مَا تأَخر قَبْلَ وُقُوعِهِ فأَين ثِقَلُهُ كالشرِّ إِذا كَفَاهُ اللَّهُ قَبْلَ وُقوعه فَلَا صُورة لَهُ وَلَا إِحْساسَ بِهِ، وَمِنْ أَين للمفسِّر لَفْظُ الْمَغْفِرَةِ هُنَا؟ وإِنما نَصُّ التِّلَاوَةِ ووَضَعْنا، وَتَفْسِيرُ الوِزْر هُنَا بالحِمل الثَّقِيلِ، وَهُوَ الأَصل فِي اللُّغَةِ، أَولى مِنْ تَفْسِيرِهِ بِمَا يُخْبَر عَنْهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَلَا ذِكْرَ لَهَا فِي السُّورَةِ، وَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى أَنه عَزَّ وَجَلَّ وَضْعَ عَنْهُ وِزْرَهُ الَّذِي أَنقض ظَهْرَهُ مِنْ حَمْلِه هَمَّ قُرَيْشٍ إِذ لَمْ يُسْلِمُوا، أَو هَمَّ الْمُنَافِقِينَ إِذ لَمْ يُخْلِصوا، أَو هَمَّ الإِيمانِ إِذ لَمْ يُعمّ عَشِيرَتَهُ الأَقربين، أَو هَمَّ العالَمِ إِذْ لَمْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ مُؤْمِنِينَ، أَو هَمَّ الْفَتْحِ إِذ لَمْ يعجَّل لِلْمُسْلِمِينَ، أَو هُمُومَ أُمته الْمُذْنِبِينَ، فَهَذِهِ أَوزاره الَّتِي أَثقلت ظَهْرَهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَغْبَةً فِي انْتِشَارِ دَعْوَتِهِ وخَشْيةً عَلَى أُمته وَمُحَافَظَةً عَلَى ظُهُورِ مِلَّتِهِ وحِرْصاً عَلَى صَفَاءِ شِرْعته، وَلَعَلَّ بَيْنَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً، مُنَاسَبَةً مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي نَحْنُ فِيهِ، وإِلا فَمِنْ أَين لِمَنْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تأَخَّر ذُنُوبٌ؟ وَهَلْ مَا تقدَّم وَمَا تأَخَّر مِنْ ذَنْبِهِ الْمَغْفُورِ إِلا حَسَنَاتُ سِوَاهُ مِنَ الأَبْرار يَرَاهَا حَسَنَةً وَهُوَ سَيِّدُ الْمُقَرَّبِينَ يَرَاهَا سَيِّئَةً، فالبَرُّ بِهَا يتقرَّب والمُقَرَّبُ مِنْهَا يَتُوبُ؛ وَمَا أَوْلى هَذَا الْمَكَانَ أَن يُنْشَد فِيهِ:
ومِنْ أَيْنَ للوجْهِ الجَمِيل ذُنوب
وَكُلُّ صَوْتٍ لمَفْصِل وإِصْبَع، فَهُوَ نَقِيضٌ. وَقَدْ أَنْقَضَ ظهرُ فُلَانٍ إِذا سُمع لَهُ نَقِيض؛ قَالَ:
وحُزْن تُنْقِضُ الأَضْلاعُ مِنْهُ، ... مُقِيم فِي الجَوانِحِ لنْ يَزُولا
ونَقِيضُ المِحْجَمةِ: صَوْتُهَا إِذا شدَّها الحَجّامُ بمَصِّه، يُقَالُ: أَنْقَضَتِ المِحْجَمةُ؛ قَالَ الأَعشى:
زَوَى بينَ عَيْنَيْه نَقِيضُ المَحاجِم
وأَنْقَضَ الرَّحْلُ إِذا أَطَّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ وشبَّه أَطِيطَ الرِّحالِ بأَصوات الْفَرَارِيجِ:
كأَنَّ أَصْواتَ، مِنْ إِيغالِهِنَّ بِنا، ... أَواخِرِ المَيْسِ، إِنْقاضُ الفَرارِيجِ
قَالَ الأَزهري: هَكَذَا أَقرأَنِيه المُنْذِري رِوَايَةً عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ، وَفِيهِ تَقْدِيمٌ أُريد التأْخير، أَراد كأَنَّ أَصواتَ أَواخِرِ المَيْسِ إِنْقاضُ الْفَرَارِيجِ إِذا أَوْغَلَت الرِّكابُ بِنَا أَي أَسْرَعَت، ونَقِيضُ الرِّحَالِ والمَحامِل والأَدِيمِ والوَتَرِ: صوتُها مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:(7/244)
شَيَّبَ أَصْداغي، فَهُنَّ بِيضُ، ... مَحامِلٌ لقِدِّها نَقِيضُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سَمِعَ نَقيضاً مِنْ فَوْقِهِ
؛ النَّقِيضُ الصَّوْتُ. ونَقِيضُ السقْفِ: تَحْرِيكُ خَشَبِهِ. وَفِي حَدِيثِ
هِرَقْلَ: وَلَقَدْ تنقَّضَتِ الغُرفةُ
أَي تشقَّقت وَجَاءَ صَوْتُهَا. وَفِي حَدِيثِ هوازِنَ:
فأَنْقَضَ بِهِ دُرَيْد
أَي نَقَرَ بِلِسَانِهِ فِي فِيهِ كَمَا يُزْجَرُ الحِمار، فَعَله اسْتجهالًا؛ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَنْقَضَ بِهِ أَي صَفَّق بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخرى حَتَّى سُمع لَهَا نَقِيضٌ أَي صوتٌ، وَقِيلَ: الإِنْقاضُ فِي الحَيوان والنَّقْضُ فِي المَوَتان، وَقَدْ نقَض يَنْقُضُ ويَنْقِضُ نَقْضاً. والإِنْقاضُ: صُوَيْت مِثْلُ النَّقْرِ. وإِنْقاضُ العِلْك: تَصويته، وَهُوَ مَكْرُوهٌ. وأَنْقَضَ أَصابعه: صوَّت بِهَا. وأَنْقض بِالدَّابَّةِ: أَلصقَ لِسَانَهُ بِالْغَارِ الأَعلى ثُمَّ صوَّت فِي حَافَّتَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَن يَرْفَعَ طَرفه عَنْ مَوْضِعِهِ، وَكَذَلِكَ مَا أَشبهه مِنْ أَصوات الْفَرَارِيجِ والرِّحال. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: أَنْقَضْتُ بالعنزِ إِنْقاضاً إِذا دَعَوْتَهَا. أَبو عُبَيْدٍ: أَنْقَضَ الفرْخُ إِنْقاضاً إِذا صأَى صَئِيّاً. وَقَالَ الأَصمعي: يُقَالُ أَنْقَضْتُ بالعَيْر وَالْفَرَسِ، قال: وكلُّ ما نفَرْت بِهِ، فَقَدْ أَنْقَضْتَ بِهِ. وأَنْقَضَت الأَرضُ: بدَا نباتُها. ونَقْضا الأُذنين «1» : مُسْتدارُهما. والنُّقَّاضُ: نَبات. والإِنْقِيضُ: رَائِحَةُ الطِّيب، خُزاعية. وَفِي النَّوَادِرِ: نقَّضَ الفرسُ ورَفَّضَ إِذا أَدْلَى وَلَمْ يَسْتَحْكِم إِنْعاظُه، وَمِثْلُهُ سيَا وأَسابَ وشَوَّلَ وسبَّح وسمَّل وانْساحَ وماسَ.
نهض: النُّهوضُ: البَراحُ مِنَ الْمَوْضِعِ والقيامُ عَنْهُ، نهَضَ يَنْهَضُ نَهْضاً ونُهوضاً وانْتَهَضَ أَي قامَ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لرُوَيْشد:
وَدُونَ حَدْرٍ وانْتِهاضٍ وَرَبْوَةٍ، ... كأَنَّكما بالرِّيقِ مُخْتَنِقانِ
وأَنشد الأَصمعي لبَعْضِ الأَغْفال:
تَنْتَهِضُ الرِّعْدةُ فِي ظُهَيْري، ... مِنْ لَدُنِ الظُّهْر إِلى العُصَيْرِ
وأَنْهَضْتُه أَنا فانْتَهَضَ، وَانْتَهَضَ القومُ وتناهَضوا: نهَضُوا لِلْقِتَالِ. وأَنْهَضَه: حَرَّكه للنُّهوض. واسْتَنْهَضْته لأَمر كَذَا إِذا أَمرته بالنُّهوض لَهُ. وناهَضْتُه أَي قاوَمْتُه. وَقَالَ أَبو الجَهْم الْجَعْفَرِيُّ: نَهَضْنا إِلى الْقَوْمِ ونَغَضْنا إِليهم بِمَعْنًى. وتناهَضَ القومُ فِي الْحَرْبِ إِذا نَهض كلُّ فَرِيقٍ إِلى صَاحِبِهِ. ونَهض النَّبْتُ إِذا اسْتَوَى؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:
وَقَدْ عَلَتْني ذُرْأَةٌ بادِي بَدِي، ... ورَثْيةٌ تَنْهَضُ بالتَّشَدُّدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ: تنهَض فِي تشدُّد. وأَنْهَضَت الرِّيحُ السَّحابَ: ساقَتْه وحملَتْه؛ قَالَ:
باتَتْ تُنادِيهِ الصَّبا فأَقْبَلا، ... تُنْهِضُه صُعْداً ويأْبَى ثِقَلا
والنَّهْضةُ: الطَّاقةُ والقوَّةُ. وأَنهضه بِالشَّيْءِ: قوَّاه عَلَى النُّهوضِ بِهِ. والناهِضُ: الفرْخُ الَّذِي استَقَلَّ للنُّهوضِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي وفُرَ جَناحاه ونَهضَ للطَّيَران، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي نَشر جناحَيْه ليَطِيرَ، وَالْجَمْعُ نَواهِضُ. ونهَض الطائرُ: بسَط جَنَاحَيْهِ لِيَطِيرَ. والناهِضُ: فرْخُ العُقاب الَّذِي وفُرَ جَنَاحَاهُ ونَهضَ لِلطَّيَرَانِ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
__________
(1) . قوله [ونقضا الأُذنين] كذا ضبط في الأَصل.(7/245)
راشَه مِنْ رِيشِ ناهِضةٍ، ... ثُمَّ أَمْهاهُ عَلَى حَجَرِهْ
وَقَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ النَّبْل:
رقَمِيَّاتٌ عَلَيْهَا ناهِضٌ، ... تُكْلِحُ الأَرْوَقَ مِنْهُمْ والأَيَلْ
إِنما أَراد رِيشَ مِنْ فرْخٍ مِنْ فِراخِ النَّسْرِ ناهِضٍ لأَن السِّهامَ لَا تُراشُ بالناهِضِ كُلِّهِ هَذَا مَا لَا يَجُوزُ إِنما تُراش برِيشِ النَّاهِضِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. والنَّواهِضُ: عِظامُ الإِبل وشِدادُها؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
الغَرْبُ غَرْبٌ بَقَرِيٌّ فارضُ، ... لَا يَسْتَطِيعُ جَرَّه الغَوامِضُ،
إِلَّا المُعيداتُ بِهِ النَّواهِضُ
والغامِضُ: الْعَاجِزُ الضَّعيف. وناهِضةُ الرَّجُلِ: قَوْمُهُ الَّذِينَ ينهَضُ بِهِمْ فِيمَا يُحْزِنُه مِنَ الأُمور، وَقِيلَ: ناهِضةُ الرَّجُلِ بَنُو أَبيه الَّذِينَ يَغْضَبُون بغَضَبه فيَنْهَضُون لنَصْره. وَمَا لِفُلَانٍ ناهِضةٌ، وَهُمُ الَّذِينَ يَقُومون بأَمرِه. وتَناهَضَ القومُ فِي الْحَرْبِ: نهَضُوا. والناهِضُ: رأْس الْمَنْكِبِ، وَقِيلَ: هُوَ اللَّحْمُ الْمُجْتَمِعُ فِي ظَاهِرِ الْعَضُدِ مِنْ أَعْلاها إِلى أَسفلها، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الْفَرَسِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْبَعِيرِ، وَهُمَا ناهِضانِ، وَالْجَمْعُ نَواهِضُ. أَبو عُبَيْدَةَ: ناهِضُ الْفَرَسِ خُصَيْلةُ عضُدِه المُنْتَبِرَةُ، ويُستحب عِظَمُ ناهِضِ الفَرس؛ وَقَالَ أَبو دواد:
نَبِيل النَّواهِضِ والمَنْكِبَيْن، ... حَدِيد المَحازِم ناتِي المَعَدْ
الْجَوْهَرِيُّ: والناهِضُ اللَّحْمُ الَّذِي يَلِي عضُد الْفَرَسِ مِنْ أَعلاها. ونَهْضُ البعيرِ: مَا بَيْنَ الْكَتِفِ والمَنْكِبِ، وَجَمْعُهُ أَنْهُضٌ مِثْلَ فَلْسِ وأَفْلُس؛ قَالَ هِمْيانُ بْنُ قُحَافَةَ:
وقَرَّبُوا كُلَّ جُمالِيٍّ عَضِهْ، ... أَبْقَى السِّنافُ أَثَراً بأَنْهُضِهْ
وَقَالَ النَّضْرُ: نَواهِضُ الْبَعِيرِ صَدْرُهُ وَمَا أَقَلَّتْ يَدُهُ إِلى كاهِلِه وَهُوَ مَا بَيْنَ كِرْكِرته إِلى ثُغْرةِ نَحْرِه إِلى كاهِلِه، الْوَاحِدُ ناهِضٌ. وَطَرِيقٌ ناهِضٌ أَي صاعِدٌ فِي جَبَلٍ، وَهُوَ النَّهْضُ وَجَمْعُهُ نِهاضٌ؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
يُتَابِعُ نَقْباً ذَا نِهاضٍ، فوَقْعُه ... بِهِ صُعُدٌ، لَوْلَا المَخافةُ قاصِد «1»
ومكانٌ ناهِضٌ: مرتفِعٌ. والنَّهْضةُ، بِسُكُونِ الْهَاءِ: العَتَبةُ مِنَ الأَرض تُبْهَرُ فِيهَا الدابةُ أَو الإِنسان يَصْعَدُ فِيهَا مِنْ غَمْضٍ، وَالْجَمْعُ نِهاضٌ؛ قَالَ حَاتِمُ بْنُ مُدْرِك يَهْجُو أَبا العَيُوفِ:
أَقولُ لصاحِبَيَّ وَقَدْ هَبَطْنا، ... وخَلَّفْنا المَعارِضَ والنِّهاضا
يُقَالُ: طَرِيقٌ ذُو مَعارِضَ أَي مَراعٍ تُغْنِيهم أَن يَتَكَلَّفُوا العَلَف لِمَوَاشِيهِمْ. الأَزهريُّ: النَّهْضُ العَتَبُ. ابْنُ الأَعرابي: النِّهاضُ العَتَبُ، وَالنِّهَاضُ السرْعةُ، والنَّهْضُ الضَّيْمُ والقَسْرُ، وَقِيلَ هُوَ الظُّلْم؛ قَالَ:
أَما تَرى الحَجّاجَ يأْبى النَّهْضا
وإِناء نَهْضان: وَهُوَ دُونَ الشَّلْثَانِ «2» ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
__________
(1) . قوله [يتابع نقباً إلخ] كذا في الأَصل، وفي شرح القاموس: يتائم.
(2) . قوله [الشلثان] كذا بالأَصل بمثلثة بعد اللام، وفي شرح القاموس بتاء مثناة بعدها.(7/246)
وناهِضٌ ومُناهِضٌ ونَهّاضٌ: أَسماء.
نوض: النَّوضُ: وُصْلةُ مَا بَيْنَ العَجُز وَالْمَتْنِ، وخَصَّصَه الْجَوْهَرِيُّ بِالْبَعِيرِ. وَلِكُلِّ امرأَة نَوْضانِ: وَهُمَا لَحمتان مُنْتَبِرتانِ مُكْتَنِفتانِ قَطَنَها يَعْنِي وسَط الوَرِك؛ قَالَ:
إِذا اعْتَزَمْنَ الدَّهْرَ فِي انْتِهاضِ، ... جاذَبْنَ بالأَصْلابِ والأَنْواضِ «1»
والنَّوْضُ: شِبْهُ التَّذَبْذُبِ والتَّعَثْكُلِ. وناضَ الشيءُ يَنُوضُ نَوْضاً: تَذَبْذَبَ. وناضَ فُلَانٌ يَنُوض نَوْضاً: ذَهَبَ فِي الْبِلَادِ. ونُضْتُ الشَّيءَ وناضَ الشيءَ يَنُوضُه نَوْضاً: أَراغَه لِيَنْتَزِعَهُ كالغُصْن والوَتدِ وَنَحْوِهِمَا. وناضَ نَوْضاً كناصَ أَي عدَل؛ عَنْ كُرَاعٍ. وناضَ البرْقُ يَنُوضُ نَوْضاً إِذا تلأَلأَ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مَا يَنُوضُ بِحَاجَةٍ وَمَا يَقْدِر أَن يَنُوضَ أَي يَتَحَرَّكُ بِشَيْءٍ، وَالصَّادُ لُغَةً. والمَناضُ: المَلْجأُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالصَّادُ أَعلى. وأَناضَ حَمْلُ النَّخْلَةِ إِناضةً وإِناضاً كأَقامَ إِقامةً وإِقاماً: أَدرَك؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فاخِراتٌ ضُروعُها فِي ذُراها، ... وأَناضَ العَيْدانُ والجَبّارُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما كَانَتِ الْوَاوُ أَولى بِهِ مِنَ الْيَاءِ لأَنَّ ض ن وأَشدّ انْقِلَابًا مِنْ ض ن ي. والإِناضُ: إِدْراكُ النَّخْلِ. وإِذا أَدْرَكَ حَمْلُ النخلةِ، فَهُوَ الإِناضُ. أَبو عَمْرٍو: الأَنْواضُ مَدافِعُ الْمَاءِ. والأَنْواضُ والأَناوِيضُ: مَوَاضِعُ مُتَفَرِّقَةٌ «2» ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
أَرْوَى الأَناوِيضَ وأَرْوَى مِذْنَبَهْ
والأَنْواضُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
غُرّ الذُّرى ضَواحِك الإِيماضِ، ... تُسْقَى بِهِ مَدافِعُ الأَنْواضِ
وَقِيلَ: الأَنْواضُ هُنَا مَنافِقُ الْمَاءِ، وَبِهِ فُسِّرَ الشِّعْرُ وَلَمْ يُذْكَرْ للأَنْواضِ وَلَا للمَنافِق وَاحِدٌ. والأَنْواضُ: الأَوْدِية، وَاحِدُهَا نَوْض، وَالْجَمْعُ الأَناوِيضُ. والنَّوْضُ: الحرَكة. والنَّوْضُ: العُصْعُصُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْعَرَبُ تُبَدِّلُ مِنَ الصَّادِ ضَادًا فَتَقُولُ: مَا لكَ مِنْ هَذَا الأَمر مَناضٌ أَي مَناصٌ، وَقَدْ ناضَ وناصَ مَناضاً ومَناصاً إِذا ذَهَبَ فِي الأَرض. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: نَوَّضْتُ الثوبَ بالصِّبْغ تَنْوِيضاً؛ وأَنشد فِي صِفَةِ الأَسد:
فِي غِيلِه جِيَفُ الرِّجالِ كأَنَّه، ... بالزَّعْفرانِ مِنَ الدِّماء، مُنَوَّضُ
أَي مُضَرَّج. أَبو سَعِيدٍ: الأَنْواضُ والأَنْواطُ وَاحِدٌ، وَهِيَ مَا نُوِّطَ عَلَى الإِبل إِذا أُوقِرَتْ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
جاذَبْنَ بالأَصْلابِ والأَنْواضِ
نيض: ابْنُ الأَعرابي: النَّيْضُ، بِالْيَاءِ، ضَرَبان العِرْقِ مِثْلُ النَّبْضِ سواء.
فصل الهاء
هرض: الهَرَضُ: الحَصَفُ الَّذِي يَظْهَرُ عَلَى الْجِلْدِ. وهَرَضَ الثوبَ يَهْرضُهُ هَرْضاً: مَزَّقَه.
هضض: الهَضُّ والهَضَضُ: كسْر دُونَ الهَدِّ وَفَوْقَ الرَّضِّ، وَقِيلَ: هُوَ الكَسْرُ عَامَّةً، هَضَّه يَهُضُّه
__________
(1) . قوله [الدهر] كذا بالأَصل، والذي في شرح القاموس: الزهو.
(2) . قوله [متفرقة] في الصحاح مرتفعة.(7/247)
هَضّاً أَي كسَره ودقَّه فانْهَضَّ، وَهُوَ مَهْضُوض وهَضِيضٌ ومُنْهَضٌّ. والهَضْهَضةُ كَذَلِكَ إِلا أَنه فِي عَجَلةٍ والهَضّ فِي مُهْلةٍ، جَعَلُوا ذَلِكَ كالمَدّ والترْجِيع فِي الأَصْوات. واهْتَضَّه: كسَره؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَكَانَ مَا اهْتَضَّ الجِحافُ بَهْرَجا، ... تَرُدُّ عَنْهَا رأْسَها مُشَجَّجا
واهْتَضَضْتُ نَفْسِي لِفُلَانٍ إِذا اسْتَزَدْتَها لَهُ. والهَضْهَضَةُ: الفَحْل الَّذِي يَهُضُّ أَعْناقَ الفُحول. تَقُولُ: هُوَ يُهَضْهِضُ الأَعْناقَ. وفَحْل هَضّاضٌ: يَهُضُّ أَعناقَ الفُحول، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَصْرَع الرَّجُلَ وَالْبَعِيرَ ثم يُنْحِي عَلَيْهِ بكَلْكَلِه، وَقِيلَ: هَضْهَضَها. والهَضَضُ: التَّكَسُّرُ. أَبو زَيْدٍ: هَضَضْتُ الحجرَ وَغَيْرَهُ هَضّاً إِذا كسرْته ودقَقْتَه. وَجَاءَتِ الإِبل تَهُضُّ السيْرَ هَضّاً إِذا أسرَعت، يُقَالُ: لشَدَّ مَا هَضَّتْ؛ وَقَالَ رَكّاضٌ الدُّبَيْري:
جَاءَتْ تَهُضُّ المَشْيَ أَيَّ هَضِّ، ... يَدْفَعُ عَنْهَا بعضُها عَنْ بَعْضِ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يَقُولُ هِيَ إِبل غَزِيراتٌ فتدْفع أَلبانُها عنها قطعَ رُؤوسِها كَقَوْلِهِ:
حَتَّى فَدَى أَعْناقَهُنّ المَخْضُ
وهَضَّضَ إِذا دَقّ الأَرض بِرِجْلَيْهِ دَقًّا شَدِيدًا. والهَضَّاء: الجماعةُ مِنَ النَّاسِ وَالْخَيْلِ، وَهِيَ أَيضاً الكَتِيبةُ لأَنها تهُضُّ الأَشياء أَي تَكْسِرُهَا. الأَصمعي: الهَضَّاء، بِتَشْدِيدِ الضَّادِ، الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ الطرمّاحُ:
قَدْ تجَاوَزْتُها بهَضّاء كالجِنّة، ... يُخْفُون بعضَ قَرْعِ الوِفاضِ
وَهُوَ فَعْلاء مِثْلُ الصحْراء؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:
إِليه تَلْجَأُ الهَضّاءُ طُرّاً، ... فليسَ بقائِلٍ هُجْراً لجارِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لأَبي دُواد يَرْثي أَبا بِجاد وَصَوَابُهُ: هُجْراً لجادِي، بِالدَّالِ؛ وأَول الْقَصِيدِ:
مصِيفُ الهَمِّ يَمْنَعُني رُقادي، ... إِليَّ فَقَدْ تَجافى بِي وِسادِي
لفَقْدِ الأَرْيَحِيِّ أَبي بِجادِ، ... أَبي الأَضْيافِ فِي السَّنة الجَمادِ
ابْنُ الفَرج: جَاءَ يَهُزُّ المَشْيَ ويَهُضُّه إِذا مَشَى مَشْياً حَسَنًا فِي تَدافُعٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي فِيمَا رَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنْهُ:
تَرَوَّحَتْ عَنْ حُرُضٍ وحَمْضِ، ... جاءتْ تَهُضُّ الأَرضَ أَيَّ هَضِ
يَدْفَعُ عَنْهَا بعضُها عَنْ بَعْضِ، ... مَشْيَ العَذارى شِمْنَ عَيْنَ المُغْضي
قَالَ: تهُضُّ تدُقّ؛ يَقُولُ: راحَتْ عَنْ حُرُض فَجَاءَتْ تهُضُّ المشْيَ مَشْيَ العَذارى، يَقُولُ: العَذارى يَنْظُرْن إِلى المُغْضِي الَّذِي لَيْسَ بِصَاحِبِ رِيبة ويَتَوَقَّيْنَ صاحبَ الرِّيبة، فشبَّه نَظَرَ الإِبل بأَعين الْعَذَارَى تَغُضُّ عَمَّنْ لَا خيرَ عِنْدَهُ، وشِمْنَ: نظَرْن. وهَضْهاضٌ وهُضاضٌ وهِضاضٌ، جَمِيعًا: وادٍ؛ قَالَ مَالِكِ بْنِ الْحَرْثِ الْهُذَلِيِّ:
إِذا خَلَّفْتُ باطِنَتَيْ سَرارٍ، ... وبَطْنَ هِضاضَ [هُضاضَ] ، حيثُ غَدا صُباحُ
أَنث عَلَى إِرادة البُقْعة. وهَضّاضٌ ومِهَضٌّ: اسْمانِ.(7/248)
هلض: هلَضَ الشيءَ يَهْلِضُه هَلْضاً: انْتَزَعه كَالنَّبْتِ تَنْتَزِعُه مِنَ الأَرض، ذَكَرَ أَبو مَالِكٍ أَنه سَمِعَهُ مِنْ أَعراب طيّء، وليس بثَبَت.
هنبض: الهُنْبُضُ: العظيمُ البطْن. وهَنْبَضَ الضَّحِكَ: أَخْفاه.
هيض: هاضَ الشيءَ هَيْضاً: كسَره. وهاضَ العظمَ يَهِيضُه هَيْضاً فانْهاضَ: كسَره بَعْدَ الجُبور أَو بعد ما كَادَ يَنْجَبِرُ، فَهُوَ مَهِيضٌ. واهْتاضَه أَيضاً، فَهُوَ مُهْتاضٌ ومُنْهاضٌ؛ قَالَ رؤْبة:
هاجَك مِن أَرْوى كَمُنْهاضِ الفَكَكْ
لأَنه أَشد لِوَجَعِهِ. وكلُّ وجَع عَلَى وَجَعٍ، فَهُوَ هَيْضٌ. يُقَالُ: هاضَني الشيءُ إِذا رَدَّك فِي مرَضِك. وَرُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ أَنها قَالَتْ فِي أَبيها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، لَمَّا توُفِّيَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهُ لَوْ نَزَلَ بِالْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ مَا نزلَ بأَبي لهاضَها
أَي كسَرها؛ الهَيْضُ: الكَسْرُ بَعْدَ جُبورِ العظْمِ وَهُوَ أَشدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْكَسْرِ، وَكَذَلِكَ النُّكْسُ فِي المَرض بَعْدَ الانْدِمال؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ووَجْه كقَرْنِ الشمسِ حُرّ، كأَنَّما ... تَهِيضُ بِهَذَا القَلْبِ لَمْحَتُه كَسْرا
وَقَالَ الْقَطَامِيُّ:
إِذا مَا قُلْتُ قَدْ جُبِرَتْ صُدوعٌ، ... تُهاضُ، وَمَا لِما هِيضَ اجْتِبارُ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِ
عَائِشَةَ لَهاضَها
أَي لأَلانَها. والهَيْضُ: اللِّينُ، وَقَدْ هاضَه الأَمرُ يَهِيضُه؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ والنّسّابةِ:
يَهِيضُه حِيناً وحِيناً يَصْدَعُهْ
أَي يكسِرُه مَرَّةً ويشُقُّه أُخرى. وَفِي الْحَدِيثِ:
قِيلَ لَهُ خَفِّضْ عَلَيْكَ فإِنَّ هَذَا يَهِيضُك.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: اللَّهُمَّ قَدْ هاضَني فَهِضْه.
والمُسْتَهاضُ: الكَسِيرُ يَبْرَأُ فيُعْجَلُ بالحَمْلِ عَلَيْهِ والسَّوْق لَهُ فَيَنْكَسِرُ عَظْمُهُ ثَانِيَةً بَعْدَ جَبْر وتَماثُل. والهَيْضةُ: مُعاودةُ الهَمّ والحُزْنِ والمَرضِ بَعْدَ المَرض، وَقَدْ تَهَيَّضَ؛ قَالَ:
وَمَا عادَ قَلْبي الهمُّ إِلَّا تَهَيَّضا
والمُسْتَهاضُ: الْمَرِيضُ يبرأُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا فَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَو يأْكل طَعَامًا أَو يَشْرَبُ شَرَابًا فيُنْكَسُ. وَكُلُّ وَجَعٍ هَيْضٌ. وهاضَ الحُزْنُ قلبَه: أَصابه مَرَّةً بَعْدَ أُخرى. والهَيْضةُ: انْطِلاقُ الْبَطْنِ، يُقَالُ: بِالرَّجُلِ هَيْضة أَي بِهِ قُياء وقِيامٌ جَمِيعًا. وأَصابت فُلَانًا هَيْضةٌ إِذا لَمْ يُوافِقْه شَيْءٌ يأْكله وتغيَّرَ طَبْعُه عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا لانَ مِنْ ذَلِكَ بطنُه فَكَثُرَ اخْتِلَافُهُ. والهَيْضُ: سَلْحُ الطائرِ، وَقَدْ هاضَ هَيْضاً؛ قَالَ:
كأَنَّ مَتْنَيْه مِنَ النَّفِيِّ ... مَهايِضُ الطيرِ عَلَى الصفِيِ
وَالْمَعْرُوفُ مَواقِعُ الطَّيْرِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هيَّضه بِمَعْنَى هَيَّجه؛ قَالَ هِمْيانُ بْنُ قُحافةَ:
فهَيَّضُوا القلبَ إِلى تَهَيُّضِه
فصل الواو
وخض: الوَخْضُ: الطَّعْنُ غَيْرُ الجائِف، وَقِيلَ: هُوَ الجائفُ، وَقَدْ وخَضَه بالرُّمْح وخْضاً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا التَّفْسِيرُ للوَخْضِ خطأٌ. الأَصمعي:(7/249)
إَذا خَالَطَتِ الطعنةُ الجَوْفَ وَلَمْ تنفُذ فَذَلِكَ الوَخْضُ والوَخْطُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: البَجُّ مِثْلُ الوخْضِ؛ وأَنشد:
قَفْخاً عَلَى الْهَامِ وبَجّاً وخْضا
أَبو عَمْرٍو: وخَطَه بِالرُّمْحِ ووخَضَه، والوَخِيضُ المَطْعون؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فكَرَّ يَمْشُقُ طَعْناً فِي جَواشنِها، ... كأَنَّه الأَجْرُ فِي الإِقدامِ يُحْتَسَبُ
وَتَارَةً يَخِضُ الأَسْحارَ عَنْ عُرُضٍ ... وخْضاً، وتُنْتَظَمُ الأَسْحارُ والحُجُبُ
ورض: ورَّضَتِ الدَّجاجةُ: رَخَّمَت عَلَى الْبَيْضِ ثُمَّ قَامَتْ فباضَتْ بِمَرَّةٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: قَامَتْ فذَرَقَتْ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ ذَرْقاً كَثِيرًا، وَكَذَلِكَ التَّوْرِيضُ في كل شتيء؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ ورَّصَتْ، بِالصَّادِّ. وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ الْفَرَّاءِ قَالَ: ورَّضَ الشيخُ، بِالضَّادِ، إِذا اسْتَرْخى حِتارُ خَوْرانِه فأَبْدى. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي أَورَضَ ووَرَّضَ إِذا رَمى بغائطِه وأَخرجه بِمَرَّةٍ، وأَما التوْرِيص، بِالصَّادِّ، فَلَهُ مَعْنًى غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ اللَّيْثُ. ابْنُ الأَعرابي: المُوَرِّضُ الَّذِي يرْتادُ الأَرض وَيَطْلُبُ الكلأَ؛ وأَنشد لِابْنِ الرِّقاعِ:
حَسِبَ الرَّائدُ المُوَرِّضُ أَنْ قَدْ ... دَرَّ مِنْهَا بكلِّ نَبْءٍ صِوارُ
دَرَّ أَي تَفَرَّقَ. والنَّبء: مَا نَبا مِنَ الأَرض. وَيُقَالُ: نَوَيْتُ الصومَ وأَرَّضْتُه وورَّضْتُه ورَمَّضْتُه وبَيَّتُّه وخَمَّرْتُه ورَسَّسْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا صِيامَ لِمَنْ لَمْ يُوَرِّضْ مِنَ اللَّيْلِ
أَي لَمْ يَنْوِ. يُقَالُ: ورَّضْتُ الصومَ إِذا عَزَمْتَ عَلَيْهِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَحسب الأَصل فِيهِ مَهْمُوزًا ثُمَّ قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ واواً.
وفض: الوِفاضُ: وِقاية ثِفالِ الرَّحى، وَالْجَمْعُ وُفُضٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
قَدْ تجاوَزْتُها بهَضّاء كالجِنّةِ، ... يُخْفُون بعضَ قَرْعِ الوِفاضِ
أَبو زَيْدٍ: الوِفاضُ الْجِلْدَةُ الَّتِي تُوضَعُ تَحْتَ الرَّحى. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَوْفاضُ والأَوْضامُ وَاحِدُهَا وفَضٌ ووَضَمٌ، وَهُوَ الَّذِي يُقطع عَلَيْهِ اللَّحْمُ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
كَمْ عَدُوٍّ لَنَا قُراسِيةِ العِزِّ ... تَرَكْنا لَحْماً عَلَى أَوْفاضِ
وأَوْفَضْتُ لِفُلَانٍ وأَوْضَمْت إِذا بسَطْتَ لَهُ بِساطاً يَتَّقي بِهِ الأَرضَ. ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْمَكَانِ الَّذِي يُمْسِك الْمَاءَ الوِفاضُ والمَسَكُ والمَساكُ، فإِذا لَمْ يُمْسِكْ فَهُوَ مَسْهَبٌ. والوَفْضةُ: خَرِيطةٌ يَحْمِلُ فِيهَا الرَّاعي أَداتَه وَزَادَهُ. والوَفْضةُ: جَعْبةُ السِّهامِ إِذا كَانَتْ مِنْ أَدَمٍ لَا خشبَ فِيهَا تَشْبِيهًا بِذَلِكَ، وَالْجَمْعُ وِفاضٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: والوَفْضةُ شَيْءٌ كالجَعْبةِ مِنْ أَدَمٍ لَيْسَ فِيهَا خَشَبٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للشَّنْفَرَى:
لَهَا وَفْضةٌ فِيهَا ثَلَاثُونَ سَيْحَفاً، ... إِذا آنَسَتْ أُولى العَدِيِّ اقْشَعَرّتِ
الوَفضةُ هُنَا: الجَعبة، والسَّيْحَفُ: النَّصْلُ المُذَلَّقُ. وفَضَتِ الإِبلُ: أَسرَعَت. وَنَاقَةٌ مِيفاضٌ: مُسْرِعةٌ، وَكَذَلِكَ النعامةُ؛ قَالَ:(7/250)
لأَنْعَتَنْ نَعامةً مِيفاضا ... خَرْجاءَ تَغْدُو تَطْلُب الإِضاضا»
وأَوْفَضَها واسْتَوْفَضَها: طَرَدَها. وَفِي حَدِيثِ
وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: مَنْ زَنى مِنْ بِكْرٍ فأَصْقِعُوه كَذَا واسْتَوْفِضُوه عَامًا
أَي اضْرِبُوه واطْرُدُوه عَنْ أَرضه وغَرِّبوه وانْفُوه، وأَصله مِنْ قَوْلِكَ اسْتَوْفَضَتِ الإِبلُ إِذا تفرَّقت فِي رَعْيِها. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ
، الإِيفاضُ الإِسْراعُ، أَي يُسْرِعُون. وَقَالَ اللَّيْثُ: الإِبل تَفِضُ وَفْضاً وتَسْتَوْفِضُ وأَوْفَضَها صاحبُها؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
طَاوِي الحَشا قَصَّرَتْ عَنْهُ مُحَرَّجةٌ، ... مُسْتَوْفَضٌ مِنْ بَناتِ القَفْرِ مَشْهُومُ
قَالَ الأَصمعي: مُسْتَوْفَضٌ أَي أُفْزِعَ فاسْتَوْفَضَ، وأَوْفَضَ إِذا أَسْرَع. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: مَا لِي أَراكَ مُسْتَوْفَضاً أَي مَذْعُوراً، وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: اسْتَوْفَضَ اسْتَعْجَلَ؛ وأَنشد لرؤبةَ:
إِذا مَطَوْنا نِقْضةً أَو نِقْضا، ... تَعْوِي البُرَى مُسْتَوْفِضاتٍ وَفْضا
تَعْوِي أَي تَلْوِي. يُقَالُ: عَوَتِ الناقةُ بُرَتها فِي سيْرها أَي لَوَتْهَا بخِطامِها؛ وَمِثْلُ شَعْرِ رُؤْبَةَ قولُ جَرِيرٍ:
يَسْتَوفِضُ الشيخُ لَا يَثْنِي عمامَته، ... والثلْجُ فوق رُؤوس الأُكْمِ مَرْكُومُ
وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
وقدْرٍ إِذا مَا أَنْفَضَ الناسُ، أَوْفَضَتْ ... إِليها بأَيْتامِ الشِّتاءِ الأَرامِلُ
وأَوْفَضَ واسْتَوْفَضَ: أَسرَع. واسْتَوْفَضَه إِذا طَرَده وَاسْتَعْجَلَهُ. والوَفْضُ: العجَلة. واسْتَوْفَضَها: استعجَلها. وجاءَ عَلَى وفْض ووفَضٍ أَي عَلَى عجَل. والمُسْتَوْفِضُ: النافِرُ مِنَ الذُّعْرِ كأَنه طلَب وفْضَه أَي عدْوَه. يُقَالُ: وفَضَ وأَوْفَضَ إِذا عَدا. وَيُقَالُ: لِقيتُه عَلَى أَوْفاضٍ أَي عَلَى عجَلةٍ مِثْلُ أَوْفازٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَمْشِي بِنَا الجِدُّ عَلَى أَوْفاضِ
قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ خَلِيفَةَ الحُصَيْنِي يَقُولُ: أَوْضَعتِ الناقةُ وأَوْضَفَت إِذا خَبَّتْ، وأَوْضَفْتُها فوضَفت وأَوْفَضْتها فوفَضَت. وَيُقَالُ للأَخلاط: أَوْفاضٌ، والأَوْفاضُ: الفِرَقُ مِنَ النَّاسِ والأَخْلاطُ مِنْ قَبائلَ شَتَّى كأَصْحاب الصُّفّةِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه أَمَر بصدَقةٍ أَن توضَع فِي الأَوْفاضِ
؛ فُسِّرُوا أَنهم أَهلُ الصُّفّةِ وَكَانُوا أَخْلاطاً، وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَفْضةٌ، وَهِيَ مِثْلُ الكِنانةِ الصَّغِيرَةِ يُلْقي فِيهَا طعامَه، والأَوّل أَجْودُ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَوْفاضُ هُمُ الفِرَقُ مِنَ النَّاسِ والأَخْلاط، مِنْ وفضَتِ الإِبلُ إِذا تَفَرَّقَتْ، وَقِيلَ: هُمُ الْفُقَرَاءُ الضّعافُ الَّذِينَ لَا دِفاعَ بِهِمْ، وَاحِدُهُمْ وَفَضٌ «4» . وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا مِنَ الأَنصار جاءَ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَالِي كلُّه صدَقةٌ، فأَقْتر أَبواه حَتَّى جلَسا مَعَ الأَوْفاضِ
أَي افتقَرا حَتَّى جَلَسَا مَعَ الْفُقَرَاءِ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَنَا وَاحِدٌ لأَن أَهلَ الصُّفّة إِنما كَانُوا أَخلاطاً مِنْ قَبائل شتَّى، وأَنكر أَن يَكُونَ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ وفْضةٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الجَعْبةُ المُسْتديرةُ الواسعةُ
__________
(3) . قوله [الإِضاض] هو الملجأ كما تقدم ووضعت في الأَصل الذي بأيدينا لفظة الملجأ هنا بإزاء البيت.
(4) . قوله [واحدهم وفض] كذا في الأَصل والنهاية بلا ضبط.(7/251)
الَّتِي عَلَى فَمِهَا طبَقٌ مِنْ فَوْقِهَا والوَفْضةُ أَصغرُ مِنْهَا، وأَعْلاها وأَسفلُها مُسْتَوٍ. والوَفَضُ: وضَمُ اللَّحْمِ؛ طائيّةٌ؛ عن كراع.
وَمَضَ: ومَضَ البرْقُ وَغَيْرُهُ يَمِضُ ومْضاً ووَمِيضاً ووَمَضاناً وتوْماضاً أَي لَمَعَ لمْعاً خَفِيّاً وَلَمْ يَعْتَرِضْ فِي نَواحي الغَيم؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَصاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيكَ ومِيضَه، ... كلَمْعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ
وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الهذلي وَوَصَفَ سَحَابًا:
أُخِيلُ بَرْقاً مَتَى حابٍ لَهُ زَجَلٌ، ... إِذا يُفَتِّرُ مِنْ تَوْماضِه خَلَجا
وأَنشد فِي وَمَضَ:
تَضْحَكُ عَنْ غُرِّ الثَّنايا ناصِعٍ، ... مِثْلِ ومِيضِ البَرْقِ لَمّا عَنْ وَمَضْ
يُرِيدُ لِمَا أَنَّ ومَضَ. اللَّيْثُ: الوَمْضُ والوَمِيضُ مِنْ لَمَعانِ البرْقِ وكلِّ شَيْءٍ صَافِي اللوْنِ، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الوَمِيضُ لِلنَّارِ. وأَوْمَضَ البرقُ إِيماضاً كوَمَضَ، فأَما إِذا لَمع واعْتَرَضَ فِي نواحِي الْغَيْمِ فَهُوَ الخَفْوُ، فإِن اسْتَطارَ فِي وسَط السَّمَاءِ وَشَقَّ الْغَيْمَ مِنْ غَيْرِ أَن يَعْتَرِضَ يَمِينًا وَشِمَالًا فَهُوَ العَقِيقةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سأَل عَنِ البرْقِ فَقَالَ: أَخَفْواً أَمْ وَمِيضاً
؟ وأَوْمَضَ: رأَى ومِيضَ بَرْق أَو نَارٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ومُسْتَنْبِحٍ يَعْوِي الصَّدَى لعُوائِه، ... رأَى ضَوْءَ نَارِي فاسْتَناها وأَوْمَضا
اسْتَناها: نظَر إِلى سَناها. ابْنُ الأَعرابي: الوَمِيضُ أَن يُومِضَ البرقُ إِيماضةً ضَعِيفَةً ثُمَّ يَخفى ثُمَّ يُومِض، وَلَيْسَ فِي هَذَا يأْسٌ مِنْ مَطَرٍ قَدْ يَكُونُ وَقَدْ لَا يَكُونُ. وأَوْمَضَ: لَمَعَ. وأَوْمَضَ لَهُ بِعَيْنِهِ: أَوْمأَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَلَّا أَومَضْتَ إِليَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ
أَي هلَّا أَشَرْتَ إِليَّ إِشارة خفيَّة مِنْ أَوْمَض البرقُ ووَمَض. وأَوْمَضَت المرأَةُ: سارقَتِ النظَر. وَيُقَالُ: أَوْمَضَتْه فُلَانَةٌ بِعَيْنِهَا إِذا برَقت.
وَهَضَ: التَّهْذِيبُ: الأَصمعي يُقَالُ لِمَا اطْمَأَنَّ مِنَ الأَرض وَهْضةٌ. أَبو السَّمَيْدَع: الوَهْضةُ والوَهْطةُ وَذَلِكَ إِذا كَانَتْ مُدَوَّرة.
فصل الياء
يضض: أَبو زَيْدٍ يَضَّضَ الجَرْو [الجِرْو] مِثْلَ جَصَّصَ وفقَّح، وَذَلِكَ إِذا فَتَحَ عَيْنَيْهِ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ يَصَّصَ، بِالصَّادِ، مِثْلُهُ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: يَضَّضَ ويَصَّصَ وبَضَّضَ، بِالْبَاءِ، وجَصَّصَ بمعنَى وَاحِدٍ لُغَاتٌ كلها.(7/252)
ط
حرف الطاء المهملة
ط: الطَّاءُ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْعَرَبِيَّةِ، وَهِيَ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ وأَلفها تَرْجِعُ إِلى الْيَاءِ، إِذا هَجَّيْتَه جَزمْته وَلَمْ تُعْرِبْهُ كَمَا تَقُولُ ط د مُرْسلةَ اللَّفْظِ بِلَا إِعراب، فإِذا وَصَفْتَهُ وَصَيَّرْتَهُ اسْمًا أَعربته كَمَا تُعْرِبُ الِاسْمَ، فَتَقُولُ هَذِهِ طَاءٌ طَوِيلَةٌ لمَّا وَصَفْتَهُ أَعْرَبْتَه، وَالطَّاءُ وَالدَّالُ وَالتَّاءُ ثَلَاثَةٌ فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ، وَهِيَ الْحُرُوفُ النِّطَعِيَّةُ لأَنَّ مَبْدأَها مَنْ نِطْعِ الغارِ الأَعْلى.
فصل الألف
أبط: الإِبْطُ: إِبْطُ الرَّجُلِ وَالدَّوَابِّ. ابْنُ سِيدَهْ: الإِبْطُ باطِنُ المَنْكِب. غَيْرُهُ: والإِبط بَاطِنُ الجَناحِ، يُذَكَّرُ ويؤَنث وَالتَّذْكِيرُ أعْلى، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ مُذَكَّرٌ وَقَدْ أَنثه بَعْضُ الْعَرَبِ، وَالْجَمْعُ آبَاطٌ. وَحَكَى الفراءُ عَنْ بَعْضِ الأَعراب: فرَفَع السوْطَ حَتَّى بَرَقَتْ إِبْطُه؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
شَرِبْتُ بجَمِّه وصَدَرْتُ عَنْهُ، ... وأَبْيَضُ صارِمٌ ذَكَرٌ إِباطِي
أَي تَحْتَ إِبْطِي، قَالَ ابْنُ السِّيرَافِيِّ: أَصله إِباطِيّ فَخَفَّفَ يَاءَ النَّسَبِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ صِفَةً لِصَارِمٍ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى الإِبط. وتأَبَّطَ الشيءَ: وضعَه تَحْتَ إِبطه. وتأَبَّط سَيْفاً أَو شَيْئًا: أَخذه تَحْتَ إِبطه، وَبِهِ سُمِّي ثَابِتُ بْنُ جَابِرٍ الفَهْمِيّ تأَبَّط شَرًّا لأَنه، زَعَمُوا، كَانَ لَا يُفَارِقُهُ السَّيْفُ، وَقِيلَ: لأَنَّ أُمه بَصُرَتْ بِهِ وَقَدْ تأَبَّط جَفِيرَ سِهام وأَخذ قَوْماً فَقَالَتْ: هَذَا تأَبَّط شَرًّا، وَقِيلَ: بَلْ تأَبط سِكِّيناً وأَتى نادِيَ قومِه فوَجَأَ أَحدَهم فَسُمِّيَ بِهِ لِذَلِكَ. وَتَقُولُ: جاءَني تأَبط شَرًّا ومررْتُ بتأَبّط شَرًّا تدَعُه عَلَى لَفْظِهِ لأَنك لَمْ تَنْقُلْهُ مِنْ فِعْلٍ إِلى اسْمٍ، وإِنما سَمَّيْتَ بِالْفِعْلِ مَعَ الْفَاعِلِ رَجُلًا فَوَجَبَ أَن تَحْكِيَهُ وَلَا تُغَيِّرَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ جُمْلَةٍ تُسَمِّي بِهَا مِثْلَ برَق نَحْرُه وذَرَّى حَبّاً، وإِن أَردت أَن تُثَنِّيَ أَو تَجْمَعَ قُلْتَ: جاءَني ذَوا تأَبّط شَرًّا وذَوو تأَبّط شَرًّا، أَو تَقُولُ: كِلَاهُمَا تأَبَّط شَرًّا وكلُّهم وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَالنِّسْبَةُ إِليه تأَبَّطِيٌّ يُنْسب إِلى الصَّدْرِ، وَلَا يَجُوزُ تَصْغِيرُهُ وَلَا تَرْخِيمُهُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُفْرِدُ فَيَقُولُ تأَبَّطَ أَقْبَل، قَالَ ابْنُ(7/253)
سِيدَهْ: وَلِهَذَا أَلْزَمَنا سِيبَوَيْهِ فِي الْحِكَايَةِ الإِضافةَ إِلى الصَّدْر؛ وَقَوْلُ مَلِيحٍ الْهُذَلِيِّ:
ونَحْنُ قَتَلْنا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ ... تأَبَّطَ، مَا تَرْهَقْ بِنَا الحَرْبُ تَرْهَقِ
أَراد تأَبَّط شَرًّا فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ لِلْعِلْمِ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَما وَاللَّهِ إِنَّ أَحدَكم ليُخْرِجُ بمسْأَلَتِه مَنْ يتأَبَّطُها
أَي يَجْعَلُهَا تَحْتَ إِبْطِه. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَعَمْرُ اللَّهِ إِني مَا تأَبَّطَني الإِماء
أَي لَمْ يحْضُنَّني ويَتَوَلَّيْنَ تَرْبِيتي. والتأَبُّطُ: الاضْطِباع، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ اللِّبْسة، وَهُوَ أَن يُدْخِلَ الثَّوْبَ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى فيُلقِيَه عَلَى مَنْكِبِه الأَيسر، وَرُوِيَ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ أَنه كَانَتْ رِدْيَتُه التأَبُّطَ
، وَيُقَالُ: جَعَلْتُ السَّيْفَ إِباطي أَي يَلي إِبطي؛ قَالَ:
وعَضْبٌ صارِمٌ ذكَرٌ إِباطي
وإِبْطُ الرَّمْل: لُعْطُه وَهُوَ مَا رَقَّ مِنْهُ. والإِبْطُ: اسفلُ حَبْلِ الرَّمْلِ ومَسْقَطُه. والإِبْطُ مِنَ الرَّمْلِ: مُنْقَطَعُ مُعْظَمِهِ. واستأْبَطَ فُلَانٌ إِذا حَفَر حُفْرة ضَيَّقَ رأْسَها ووسَّعَ أَسفلَها، قَالَ الرَّاجِزُ:
يَحْفِرُ نامُوساً لَهُ مُسْتأْبِطا
ابْنُ الأَعرابي: أَبَطه اللَّهُ وهَبَطَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، ذَكَرَهُ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ وبَط رأْيُه إِذا ضَعَف، والوابِطُ الضعيفُ.
أدط: الأَدَطُ «5» : المُعْوَجُّ الفكِّ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْمَعْرُوفُ فِيهِ الأَدْوَطُ فَجَعَلَهُ الأَدَط، قال: وهما لغتان.
أرط: الأَرْطَى: شَجَرٌ ينبُت بالرَّمْل، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ شَبِيهٌ بالغَضَا ينبُت عِصِيّاً مِنْ أَصل وَاحِدٍ يَطولُ قَدْرَ قَامَةٍ وَلَهُ نَوْر مِثْلُ نُورِ الخِلافِ وَرَائِحَتُهُ طَيِّبَةٌ، وَاحِدَتُهُ أَرْطاةٌ، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ وكُنِّي، وَالتَّثْنِيَةُ أَرْطَيانِ وَالْجَمْعُ أَرْطَياتٌ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: أَرْطاةٌ وأَرْطَى، قَالَ: وَجَمْعُ الأَرْطَى أَراطَى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَمِثْلُ الحَمامِ الوُرْقِ مِمَّا تَوقَّدَتْ ... بِهِ مِنْ أَراطَى حَبْلِ حُزْوَى أَرِينِها
قَالَ: وَيُجْمَعُ أَيضاً أَراطٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ ثَوْرَ وحشٍ:
فَضافَ أَراطِيَ فاجْتالَها، ... لَهُ مِنْ ذَوائبِها كالحَطَرْ «6»
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
أَلْجَأَه لَفْحُ الصَّبا وأَدْمَسا، ... والطَّلُّ فِي خِيسِ أَراطٍ أَخْيَسا
فأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
الجَوْفُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ لُغاطِ، ... وَمِنْ أَلاءَاتٍ إِلى أَراطِ
فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ أَرْطاة وَهُوَ الْوَجْهُ، وَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ أَرْطَى كَمَا قَالَ التُّمْرَانِ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والأَرْطاة ورَقٌ شَجَرِهَا عَبْلٌ مَفْتول مَنْبِتُها الرمالُ، لَهَا عُروق حُمْر يُدْبَغُ بِوَرَقِهَا أَساقي اللَّبَنِ فيَطِيب طَعْم اللَّبَنِ فِيهَا. قَالَ الْمُبَرِّدُ: أَرْطَى عَلَى بِنَاءِ فَعْلى مِثْلُ
__________
(5) . قوله [الأَدط إلخ] هو هكذا في الأَصل بالدال المهملة مضبوطاً وكذا نقله شارح القاموس، قال والصواب بالذال المعجمة.
(6) . قوله [كالحطر] كذا في الأَصل بالطاء وفي شرح القاموس بالضاد.(7/254)
عَلْقَى إِلا أَن الأَلف الَّتِي فِي آخِرِهِمَا لَيْسَتْ للتأْنيث لأَن الْوَاحِدَةَ أَرْطاةٌ وعَلْقاةٌ، قَالَ: والأَلف الأُولى أَصلية وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا، فَقِيلَ هِيَ أَصلية لِقَوْلِهِمْ أَدِيمٌ مأْرُوطٌ، وَقِيلَ هِيَ زَائِدَةٌ لِقَوْلِهِمْ أَدِيمٌ مَرْطِيٌّ. وأَرْطَتِ الأَرْضُ: إِذا أَخرجت الأَرْطَى؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَرْطَتْ لَحْنٌ وإِنما هُوَ آرَطَتْ بأَلفين لأَن أَلف أَرْطَى أَصلية. الْجَوْهَرِيُّ: الأَرْطَى شَجَرٌ مِنْ شَجَرِ الرمْل وَهُوَ فَعْلَى لأَنك تَقُولُ أَديم مأْرُوطٌ إِذا دُبِغَ بِذَلِكَ، وأَلفه للإِلحاق أَو بُنِيَ الِاسْمُ عَلَيْهَا وَلَيْسَتْ للتأْنيث لأَن الْوَاحِدَةَ أَرطاةٌ؛ قَالَ:
يَا رُبَّ أَبّازٍ مِنَ العُفْرِ صَدَعْ، ... تَقَبَّضَ الذِّئبُ إِليه واجْتَمَعْ
لَمّا رأَى أَنْ لَا دَعَهْ وَلَا شِبَعْ، ... مالَ إِلى أَرْطاةِ حِقْف فاضْطَجَعْ
وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: إِنه أَفْعل لأَنه يُقَالُ أَديم مَرْطِيّ، وَهَذَا يُذْكَرُ فِي الْمُعْتَلِّ، فإِن جَعَلْتَ أَلِفه أَصلية نوَّنته فِي الْمَعْرِفَةِ وَالنَّكِرَةِ جَمِيعًا، وإِن جَعَلْتَهَا للإِلحاق نَوَّنَتْهُ فِي النَّكِرَةِ دُونَ الْمَعْرِفَةِ؛ قَالَ أَعرابي وَقَدْ مَرِضَ بِالشَّامِ:
أَلا أَيُّها المُكَّاء ما لَكَ هاهُنا ... أَلاءٌ، وَلَا أَرْطَى، فأَيْنَ تَبِيضُ؟
فأَصْعِدْ إِلى أَرضِ المَكاكيّ، واجْتَنِبْ ... قُرى الشامِ، لَا تُصْبِحْ وأَنتَ مَرِيضُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِهِ إِن جَعَلْتَ أَلف أَرْطَى أَصليّاً نوَّنته فِي الْمَعْرِفَةِ وَالنَّكِرَةِ جَمِيعًا قَالَ: إِذا جَعَلْتَ أَلف أَرْطى أَصْليّاً أَعني لَامَ الْكَلِمَةِ كَانَ وزْنُها أَفْعَل، وأَفعلُ إِذا كَانَ اسْمًا لَمْ يَنْصَرِفْ فِي الْمَعْرِفَةِ وَانْصَرَفَ فِي النَّكِرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
جِيءَ بإِبل كأَنها عُرُوقُ الأَرْطَى.
وَبَعِيرٌ أَرْطَوِيٌّ وأَرْطاوِيّ ومأْرُوطٌ: يأْكلُ الأَرْطَى وَيُلَازِمُهُ، ومأْرُوطٌ أَيضاً: يَشْتَكِي مِنْهُ. وأَديم مأْرُوط ومُؤَرْطَى: مَدْبُوغٌ بالأَرْطَى، والأَريطُ: العاقِرُ مِنَ الرِّجَالِ؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:
مَاذَا تُرَجِّينَ مِنَ الأَرِيطِ، ... حَزَنْبَلٍ يأْتِيكِ بالبَطِيطِ،
لَيْسَ بِذِي حَزْمٍ وَلَا سَفِيطِ؟
والسَّفِيطُ: السَّخِيُّ الطَّيِّبُ النَّفْسِ. وأُراطَى وَذُو أُراطَى وَذُو أُراطٍ وَذُو الأَرْطَى: أَسماء مَوَاضِعَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فَلَوْ تراهُنَّ بِذِي أُراط
وَقَالَ طرَفةُ:
ظَلِلْتُ بِذِي الأَرْطى فُوَيْقَ مُثَقِّبٍ، ... بِبِيئَةِ سُوءٍ، هالِكاً أَو كَهالِكِ
أسفط: الإِسْفِنْطُ والإِسْفَنْطُ: المُطَيَّبُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَسماء الْخَمْرِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الإِسْفنْط أَعلى الْخَمْرِ، قَالَ الأَصمعي: هُوَ اسْمٌ رُومِيٌّ؛ قَالَ الأَعشى:
وكأَنَّ الخَمْرَ العَتِيقَ من الإِسْفِنْطِ ... ، مَمْزُوجَةً بماءٍ زُلالِ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو حِزَامٍ العُكْلي فَهُوَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ وَيُعَابُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: الإِسْفِنْطُ والإِسْطَبْلُ خُمَاسِيَانِ، جَعَلَ الأَلف فِيهِمَا أَصلية كَمَا يَسْتَعُور خُمَاسِيًّا جُعِلَتِ الياء أَصلية.(7/255)
أصفط: الأَصمعي: الإِصْفِنْط الْخَمْرُ بِالرُّومِيَّةِ، وَهِيَ الإِسْفِنْطُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ خَمْرٌ فِيهَا أَفاوِيهُ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هِيَ أَعلى الْخَمْرِ وصَفْوَتُها، وَقِيلَ: هِيَ خُمور مَخْلُوطَةٌ، قَالَ شَمِرٌ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْهَا فَقَالَ: الإِسفنط اسْمٌ مِنْ أَسمائها لَا أَدري مَا هُوَ؛ وَقَدْ ذَكَرَهَا الأَعشى فَقَالَ:
أَو اسْفِنْطَ عانةَ بَعْدَ الرُّقادِ ... ، شَكَّ الرّصافُ إِليها غَدِيرا
أطط: ابْنُ الأَعرابي: الأَطَطُ الطَّويل والأُنثى طَطاء. والأُطُّ والأَطِيطُ: نَقِيضُ صَوْتِ المَحامِل والرِّحال. إِذا ثَقُلَ عَلَيْهَا الرُّكبان، وأَطَّ الرَّحْلُ والنِّسْعُ يَئِطُّ أَطّاً وأَطِيطاً: صَوَّتَ، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْءٍ أَشبه صَوْتَ الرَّحْلِ الْجَدِيدِ. وأَطِيطُ الإِبلِ: صوتُها. وأَطَّت الإِبلُ تَئِطُّ أَطِيطاً: أَنَّتْ تَعَباً أَو حَنيناً أَو رَزَمةً، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الحَقْلِ وَمِنَ الأَبديات. الْجَوْهَرِيُّ: الأَطِيطُ صَوْتُ الرَّحْلِ والإِبل مِنْ ثِقَل أَحْمالِها. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ صَوْتُ الإِبل هُوَ الرُّغاء، وإِنما الأَطِيطُ صوتُ أَجْوافِها مِنَ الكِظَّةِ إِذا شَرِبَتْ. والأَطيط أَيضاً: صَوْتُ النِّسْعِ الْجَدِيدِ وَصَوْتُ الرَّحْل وَصَوْتُ الْبَابِ، وَلَا أَفعل ذَلِكَ مَا أَطَّتِ الإِبلُ؛ قَالَ الأَعشى:
أَلَسْتَ مُنْتَهِياً عَنْ نَحْتِ أَثْلَتِنا؟ ... ولَسْتَ ضائرَها، مَا أَطَّتِ الإِبلُ
وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُمِّ زَرْع: فجعَلَني فِي أَهلِ صَهِيل وأَطِيطٍ
أَي فِي أَهل خَيْل وإِبل. قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الأَطِيطُ فِي غَيْرِ الإِبل؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُتبة بْنِ غَزْوان، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ ذكَر بابَ الْجَنَّةِ قَالَ: ليَأْتِينَّ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ زَمانٌ يَكُونُ لَهُ فِيهِ أَطِيطٌ
أَي صوتٌ بالزِّحامِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
حَتَّى يُسْمَعَ لَهُ أَطِيطٌ
يَعْنِي بابَ الْجَنَّةِ، قَالَ الزَّجَّاجِيُّ: الأَطِيطُ صوتُ تَمَدُّد النِّسْع وأَشْباهِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَطَّتِ السَّمَاءُ
؛ الأَطِيطُ: صوتُ الأَقْتاب. وأَطِيطُ الإِبل: أَصواتها وحَنِينُها، أَي أَن كثرةَ مَا فِيهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَدْ أَثْقَلها حَتَّى أَطَّت، وَهَذَا مثلٌ وإِيذان بِكَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ، وإِن لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَطِيط وإِنما هُوَ كَلَامُ تَقْرِيبٍ أُريد بِهِ تقريرُ عظمةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
العرشُ عَلَى مَنكِب إِسرافيل وإِنه لَيَئِطُّ أَطِيطَ الرَّحْل الْجَدِيدِ
، يَعْنِي كُورَ النَّاقَةِ أَي أَنه لَيَعْجَزُ عَنْ حَمْله وعَظَمته، إِذ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ أَطِيطَ الرَّحْل بِالرَّاكِبِ إِنما يَكُونُ لِقُوَّةِ مَا فَوْقَه وعجزِه عَنِ احْتِمَالِهِ. وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسْقاء:
لَقَدْ أَتيناك وَمَا لَنَا بِعِيرٌ يَئِطُّ
أَي يحِنّ ويَصِيح؛ يُرِيدُ مَا لَنَا بِعِيرٌ أَصلًا لأَن الْبَعِيرَ لَا بدَّ أَن يَئِطَّ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا آتِيكَ مَا أَطَّت الإِبلُ. والأَطَّاطُ: الصيَّاحُ؛ قَالَ:
يَطْحِرْن ساعاتِ إِنا الغُبوقِ ... مِنْ كِظَّةِ الأَطّاطةِ السَّبُوقِ «1»
وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وقُلُصٍ مُقْوَرَّةِ الأَلْياطِ ... باتَتْ عَلَى مُلَحَّبٍ أَطَّاطِ
يَعْنِي الطريقَ. والأَطيطُ: صَوْتُ الظَّهْر مِنْ شدّةِ الْجُوعِ. وأَطيط البَطْن: صَوْتٌ يُسْمَعُ عِنْدَ الْجُوعِ؛ قَالَ:
هَلْ فِي دَجُوبِ الحُرَّةِ المَخِيطِ ... وَذِيلةٌ تَشْفِي من الأَطِيطِ؟
__________
(1) . قوله [السبوق] كذا في الأَصل بالموحدة بعد المهملة وفي هامشه صوابه السنوق، وكذا هو في شرح القاموس بالنون.(7/256)
الدَّجُوبُ: الغِرارةُ، والوَذِيلةُ: قِطْعة مِنَ السَّنام، والأَطِيطُ: صوتُ الأَمْعاء مِنَ الجُوع. وأَطَّتِ الإِبلُ: مَدَّتْ أَصواتَها، وَيُقَالُ: أَطِيطُها حَنِينُها، وَقِيلَ: الأَطِيطُ الجوعُ نفسُه؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ. وأَطَّتِ القَناةُ أَطيطاً: صوَّتت عِنْدَ التقْويم؛ قَالَ:
أَزُوم يَئِطُّ الأَيْرُ فِيهِ، إِذا انْتَحَى، ... أَطِيطَ قُنيِّ الهِنْدِ، حِينَ تُقَوَّمُ
فَاسْتَعَارَهُ. وأَطَّت القَوْسُ تَئِطُّ أَطيطاً: صَوَّتَتْ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ الْهُذَلِيُّ:
شُدَّتْ بكلِّ صُهابيّ تَئِطُّ بِهِ، ... كَمَا تَئِطُّ إِذا مَا رُدَّت الفِيَقُ
والأَطِيطُ: صَوْتُ الجوفِ مِنَ الخَوا وحَنِينُ الجِذْع؛ قَالَ الأَغلب:
قَدْ عَرَفَتْني سِدْرَتي وأَطَّتِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِلرَّاهِبِ وَاسْمُهُ زَهْرَةُ بْنُ سِرْحانَ، وَسُمِّي الراهبَ لأَنه كَانَ يأْتي عُكاظَ فَيَقُومُ إِلى سَرْحةٍ فَيَرْجُزُ عِنْدَهَا بِبَنِي سُلَيْم قَائِمًا، فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ دأْبَه حَتَّى يَصْدُر الناسُ عَنْ عُكَاظَ؛ وَكَانَ يَقُولُ:
قَدْ عَرَفَتْني سَرْحَتي فأَطَّتِ، ... وَقَدْ ونَيْتُ بَعْدَها فاشْمَطَّتِ
وأُطَيْطٌ: اسْمُ شَاعِرٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ أُطيط بْنُ المُغَلِّس؛ وقال مُرَّة: هو أُطَيْطُ بْنُ لَقِيطِ بْنِ نَوْفَل بْنِ نَضْلةَ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسَب اشْتِقَاقَهُ مِنَ الأَطِيطِ الَّذِي هُوَ الصَّرِيرُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: كُنْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَتَّى إِذا كُنَّا بأَطِيطٍ «1» والأَرضَ فَضْفاضٌ
؛ أَطِيطٌ: هُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ، وَاللَّهُ أَعلم.
أقط: الأَقِطُ والإِقْطُ والأَقْطُ والأُقْطُ: شَيْءٌ يُتَّخَذُ مِنَ اللَّبَنِ المَخِيض يُطْبَخُ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَمْصُل، والقِطعةُ مِنْهُ أَقِطةٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ مِنْ أَلبان الإِبل خَاصَّةً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الأَقِطُ مَعْرُوفٌ، قَالَ: وَرُبَّمَا سَكَنَ فِي الشِّعْرِ وَتُنْقَلُ حَرَكَةُ الْقَافِ إِلى مَا قَبْلَهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
رُوَيْدَكَ حَتَّى يَنْبُتَ البقْلُ والغَضَا، ... فيَكْثُر إِقْطٌ عِنْدَهُمْ وحَلِيبُ
قَالَ: وأْتَقَطْتُ اتخذْتُ الأَقِطَ، وَهُوَ افْتَعَلْتُ. وأَقَطَ الطعامَ يأْقِطُه أَقْطاً: عَمِلَه بالأَقط، فَهُوَ مأْقُوطٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:
ويأْكلُ الحَيَّةَ والحَيُّوتا، ... ويَدْمُقُ الأَقْفالَ والتّابُوتا
ويَخْنُقُ العَجوزَ أَو تَمُوتا، ... أَو تُخْرِجَ المأْقُوطَ والمَلْتوتا
أَبو عُبَيْدٍ: لَبَنْتُهم مِنَ اللَّبَنِ، ولَبأْتُهم أَلْبَؤُهُمْ مِنَ اللِّبَإِ، وأَقَطْتُهم مِنَ الأَقِط. يُقَالُ: أَقَطَ الرجلَ يأْقِطُه أَقْطاً أَطْعَمه الأَقِط. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَتيت بَنِي فُلَانٍ فَخَبَزُوا وحاسُوا وأَقَطُوا أَي أَطْعَموني ذَلِكَ؛ هَكَذَا حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ غَيْرَ مُعَدّياتٍ أَي لَمْ يَقُولُوا خَبَزُوني وحاسُوني وأَقَطُوني. وآقَطَ القومُ: كَثُرَ أَقطهم؛ عَنْهُ أَيضاً، قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ شيءٍ مِنْ هَذَا، إِذا أَردت أَطْعمْتَهم أَو وهبْتَ لَهُمْ قلتَه فَعَلْتُهُمْ بِغير أَلف، وإِذا أَردت أَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَثُرَ عِنْدَهُمْ قُلْتَ أَفْعَلُوا. والأَقِطةُ: هَنَةٌ دُونَ القِبَةِ مِمَّا يَلِي الكَرِشَ،
__________
(1) . قوله [كنا بأطيط] كذا بالأَصل، وبهامشه صوابه بأطط محركة، وهو كذلك في القاموس وشرحه ومعجم ياقوت.(7/257)
وَالْمَعْرُوفُ اللَّاقِطةُ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ يُسَمُّونَهَا اللَّاقِطةَ وَلَعَلَّ الأَقِطةَ لُغَةٌ فِيهَا. والمَأْقِطُ المَضِيقُ فِي الْحَرْبِ، وَجَمْعُهُ المَآقِطُ. والمَأْقِطُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَقْتَتِلُونَ فِيهِ، بِكَسْرِ الْقَافِ؛ قَالَ أَوس:
جَوادٌ كَرِيمٌ أَخُو مأْقِطٍ، ... نِقابٌ يُحَدِّثُ بالغائبِ
والأَقِطُ والمَأْقِطُ: الثَّقِيلُ الوَخِمُ مِنَ الرِّجَالِ. والمَأْقُوطُ: الأَحمق؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَتْبَعُها شَمَرْدَلٌ شُمْطُوطُ، ... لَا وَرِعٌ جِبْسٌ، وَلَا مأْقُوطُ
وَضَرَبَهُ فأَقَطَه أَي صرَعه كوَقَطهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى الْهَمْزَةَ بَدَلًا، وإِن قَلَّ ذَلِكَ فِي الْمَفْتُوحِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الأَقط فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ لَبَنٌ مُجَفَّف يَابِسٌ مُسْتَحْجِر يُطْبَخُ بِهِ.
أمط: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأُمْطِيُّ شَجَرٌ طَوِيلٌ يَحْمِلُ العِلْكَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ «1» :
وبالفِرِنْدادِ له أُمْطِيّ
فصل الباء الموحدة
بأط: التَّهْذِيبُ: أَبو زَيْدٍ تَبَأَّطَ الرجلُ تَبَؤُّطاً إِذا أَمْسى رَخِيَّ الْبَالِ غَيْرَ مهموم صالحاً.
بثط: بَثِطَت شَفتُه بَثَطاً: وَرِمَتْ، قَالَ: وَلَيْسَ بِثَبْتٍ.
برط: ابْنُ الأَعرابي: بَرِطَ الرَّجُلُ إِذا اشْتَغَلَ عَنِ الْحَقِّ بِاللَّهْوِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا حَرْفٌ لَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ وأُراه مَقْلُوبًا عن بَطِرَ.
بربط: البَرْبَطُ: الْعُودُ، أَعجمي لَيْسَ مِنْ مَلاهي الْعَرَبِ فأَعربته حِينَ سَمِعَتْ بِهِ. التَّهْذِيبُ: الْبَرْبَطُ مِنْ مَلَاهِي الْعَجَمِ شُبِّهَ بِصَدْرِ البَطّ، والصدْرُ بِالْفَارِسِيَّةِ بَرْ فَقِيلَ بَرْبَطٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ فِيهَا البَرْبَطُ
؛ قَالَ: البَرْبَطُ مَلْهاة تُشْبِهُ الْعُودَ، فَارِسِيٌّ معرَّب؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَصله بَرْبَتْ فإِن الضَّارِبَ بِهِ يَضَعُهُ عَلَى صَدْرِهِ، وَاسْمُ الصَّدْرِ بَرْ. والبِرْبِيطياءُ: ثِيَابٌ. والبِرْبِيطياء: مَوْضِعٌ يَنْسُبُ إِليه الوَشْي؛ ذَكَرَهُ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي شِعْرِهِ:
خُزامى وسَعْدانٌ، كأَنَّ رِياضَها ... مُهِدْنَ بِذِي البِرْبِيطياء المُهَذَّبِ
برقط: تَبَرْقَطَت الإِبل: اخْتَلَفَتْ وُجُوهُهَا فِي الرَّعْي؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ. وتَبَرْقطَ عَلَى قَفَاهُ: كَتَقَرْطَبَ. والبَرْقَطةُ: خَطْوٌ مُتَقَارِبٌ. وبَرْقَطَ الرجلُ بَرْقَطةً: فَرَّ هَارِبًا وولَّى مُتَلَفِّتاً. وبَرْقَطَ الشيءَ: فرَّقَه. والمُبَرْقَطُ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّعَامِ، قَالَ ثَعْلَبٌ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن الزَّيْتَ يُفَرَّق فِيهِ كَثِيرًا. ابْنُ بُزُرْجَ: الفَرْشَطةُ بَسْطُ الرِّجْلَيْنِ فِي الرُّكُوبِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، والبَرْقطة الْقُعُودُ عَلَى السَّاقَيْنِ بِتَفْرِيجِ الرُّكْبَتَيْنِ. أَبو عَمْرٍو: بَرْقَطَ فِي الْجَبَلِ وبَقَّطَ إِذا صعَّد.
بسط: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: الباسطُ، هُوَ الَّذِي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ وَيُوَسِّعُهُ عَلَيْهِمْ بجُوده وَرَحْمَتِهِ ويبسُط الأَرواح فِي الأَجساد عِنْدَ الْحَيَاةِ. والبَسْطُ: نَقِيضُ القَبْضِ، بسَطَه يبسُطه بَسْطاً فانبسَط وبَسَّطَه فتبَسَّط؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:
__________
(1) . قوله [قال العجاج] في معجم ياقوت: قال رؤبة. وجعل بدل الدال المهملة الأَخيرة من فرنداد ذالًا معجمة.(7/258)
إِذا الصَّحيحُ غَلَّ كَفّاً غَلّا، ... بَسَّطَ كَفَّيْهِ مَعاً وبَلّا
وبسَط الشيءَ: نَشَرَهُ، وَبِالصَّادِّ أَيضاً. وبَسْطُ العُذْرِ: قَبوله. وانبسَط الشيءُ عَلَى الأَرض، والبَسِيطُ مِنَ الأَرض: كالبِساطِ مِنَ الثِّيَابِ، وَالْجَمْعُ البُسُطُ. والبِساطُ: مَا بُسِط. وأَرض بَساطٌ وبَسِيطةٌ: مُنْبَسطة مستويَة؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ودَوٍّ ككَفِّ المُشْتَرِي، غيرَ أَنه ... بَساطٌ لأَخْفافِ المَراسِيل واسِعُ
وَقَالَ آخَرُ:
وَلَوْ كَانَ فِي الأَرضِ البَسيطةِ منهمُ ... لِمُخْتَبِطٍ عافٍ، لَما عُرِفَ الفَقْرُ
وَقِيلَ: البَسِيطةُ الأَرض اسْمٌ لَهَا. أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: البَساطُ والبَسيطة الأَرض العَريضة الْوَاسِعَةُ. وتبَسَّط فِي الْبِلَادِ أَي سَارَ فِيهَا طُولًا وعَرْضاً. وَيُقَالُ: مَكَانٌ بَساط وبسِيط؛ قَالَ العُدَيْلُ بْنُ الفَرْخِ:
ودُونَ يَدِ الحَجّاجِ مِنْ أَنْ تَنالَني ... بَساطٌ لأَيْدِي النَّاعِجَاتِ عَرِيضُ
قَالَ وَقَالَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ: بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ مِيلٌ بَساطٌ أَي مِيلٌ مَتَّاحٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَرض بَساطٌ وبِساط مُسْتَوِيَةٌ لَا نَبَل فِيهَا. ابْنُ الأَعرابي: التبسُّطُ التنزُّه. يُقَالُ: خَرَجَ يتبسَّطُ مأْخوذ مِنَ البَساط، وَهِيَ الأَرضُ ذاتُ الرَّياحين. ابْنُ السِّكِّيتِ: فرَشَ لِي فُلَانٌ فِراشاً لَا يَبْسُطُني إِذا ضاقَ عَنْكَ، وَهَذَا فِراشٌ يبسُطني إِذا كَانَ سابِغاً، وَهَذَا فِرَاشٌ يبسُطك إِذا كَانَ وَاسِعًا، وَهَذَا بِساطٌ يبسُطك أَي يَسَعُك. والبِساطُ: ورقُ السَّمُرِ يُبْسَطُ لَهُ ثَوْبٌ ثُمَّ يُضْرَبُ فيَنْحَتُّ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ بَسِيطٌ: مُنْبَسِطٌ بِلِسَانِهِ، وَقَدْ بسُط بِسَاطَةً. اللَّيْثُ: البَسِيطُ الرَّجُلُ المُنْبَسِط اللِّسَانِ، والمرأَة بَسِيطٌ. وَرَجُلٌ بَسِيطُ الْيَدَيْنِ: مُنْبَسِطٌ بِالْمَعْرُوفِ، وبَسِيطُ الوجهِ: مُتَهَلِّلٌ، وَجَمْعُهَا بُسُطٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِي فِتْيةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسامِحٍ، ... عِنْدَ الفِصالِ، قدِيمُهم لَمْ يَدْثُرِ
وَيَدٌ بِسْطٌ أَي مُطْلَقةٌ. وَرُوِيَ عَنِ الْحُكْمِ قَالَ فِي قِرَاءَةِ
عَبْدِ اللَّهِ: بَلْ يَدَاهُ بِسْطانِ
، قَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَى بِسْطانِ مَبْسُوطَتانِ. وَرُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ أَنه قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي الحِكمة: لِيَكُنْ وجْهُك بِسْطاً تَكُنْ أَحَبّ إِلى الناسِ مِمَّنْ يُعْطِيهم العَطاء أَي مُتبسِّطاً مُنْطَلِقًا. قَالَ: وبِسْطٌ وبُسْطٌ بِمَعْنَى مبسوطَتَين. والانْبِساطُ: تَرْكُ الاحْتِشام. وَيُقَالُ: بسَطْتُ مِنْ فُلَانٍ فانبسَط، قَالَ: والأَشبه فِي قَوْلِهِ
بَلْ يَدَاهُ بُسْطان
«2» ، أَن تَكُونَ الْبَاءُ مَفْتُوحَةً حَمْلًا عَلَى باقي الصفات كالرحْمن والغَضْبان، فأَما بِالضَّمِّ فَفِي الْمَصَادِرِ كالغُفْرانِ والرُّضْوان، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
يَدَا اللَّهِ بُسْطانِ
، تثنيةُ بُسُطٍ مِثْلَ رَوْضة أُنُفٍ ثُمَّ يُخَفَّفُ فَيُقَالُ بُسْطٌ كأُذُنٍ وأُذْنٍ. وَفِي قِرَاءَةِ
عَبْدِ اللَّهِ: بَلْ يَدَاهُ بُسْطانِ
، جُعل بَسْطُ اليدِ كِنَايَةً عَنِ الجُود وَتَمْثِيلًا، وَلَا يَدَ ثَمَّ وَلَا بَسْطَ تَعَالَى اللَّهُ وَتَقَدَّسَ عَنْ ذَلِكَ. وإِنه ليَبْسُطُني مَا بسَطَك ويَقْبِضُني مَا قبَضَك أَي يَسُرُّني مَا سَرَّك ويسُوءُني مَا سَاءَكَ. وَفِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ، رِضْوانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: يبسُطُني مَا يبسُطُها
أَي يسُرُّني مَا يسُرُّها لأَن الإِنسان إِذا سُرَّ انْبَسَطَ وجهُه واستَبْشر. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَبْسُطْ
__________
(2) . قَوْلِهِ [بَلْ يَدَاهُ بُسْطَانِ] سبق أنها بالكسر، وفي القاموس: وقرئ بل يداه بسطان بالكسر والضم.(7/259)
ذِراعَيْكَ انْبِساطَ الْكَلْبِ
أَي لَا تَفْرُشْهما عَلَى الأَرض فِي الصَّلَاةِ. والانْبِساطُ: مَصْدَرُ انْبَسَطَ لَا بَسَطَ فحمَله عَلَيْهِ. والبَسِيط: جِنْس مِنَ العَرُوضِ سُمِّيَ بِهِ لانْبِساط أَسبابه؛ قال أَبو إِسحق: انْبَسَطَتْ فِيهِ الأَسباب فَصَارَ أَوّله مُسْتَفْعِلُنْ فِيهِ سَبَبَانِ مُتَّصِلَانِ فِي أَوّله. وَبَسَطَ فُلَانٌ يَدَهُ بِمَا يُحِبُّ وَيَكْرَهُ، وبسَط إِليَّ يَدَهُ بِمَا أُحِبّ وأَكره، وبسطُها مَدُّها، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي
. وأُذن بَسْطاء: عَرِيضَةٌ عَظيمة. وَانْبَسَطَ النَّهَارُ وَغَيْرُهُ: امْتَدَّ وَطَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي وَصْفِ الغَيْثِ:
فَوَقَعَ بَسِيطاً مُتدارِكاً
أَي انْبَسَطَ فِي الأَرض وَاتَّسَعَ، والمُتدارِك الْمُتَتَابِعُ. والبَسْطةُ: الْفَضِيلَةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ
، وَقُرِئَ:
بَصْطةً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَعلمهم أَن اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْهِمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ فأَعْلَمَ أَن الْعِلْمَ الَّذِي بِهِ يَجِبُ أَن يقَع الاخْتيارُ لَا المالَ، وأَعلم أَن الزِّيَادَةَ فِي الْجِسْمِ مِمَّا يَهيبُ «1» العَدُوُّ. والبَسْطةُ: الزِّيَادَةُ. والبَصْطةُ، بِالصَّادِ: لُغَةٌ فِي البَسْطة. والبَسْطةُ: السَّعةُ، وَفُلَانٌ بَسِيطُ الجِسْمِ وَالْبَاعِ. وامرأَة بَسْطةٌ: حسَنةُ الجسمِ سَهْلَتُه، وظَبْية بَسْطةٌ كَذَلِكَ. والبِسْطُ والبُسْطُ: الناقةُ المُخَلَّاةُ عَلَى أَولادِها المتروكةُ مَعَهَا لَا تُمْنَعُ مِنْهَا، وَالْجَمْعُ أَبْساط وبُساطٌ؛ الأَخيرة مِنَ الْجَمْعِ الْعَزِيزِ، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي فِي جَمْعِهَا بُسْطٌ؛ وأَنشد للمَرّار:
مَتابِيعُ بُسْطٌ مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ، ... كَمَا رَجَعَت فِي لَيْلِها أُمُّ حائلِ
وَقِيلَ: البُسْطُ هُنَا المُنْبَسطةُ عَلَى أَولادها لَا تنقبضُ عَنْهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بِقَوِيٍّ؛ ورواجعُ: مُرْجِعةٌ عَلَى أَولادها وتَرْبَع عَلَيْهَا وَتَنْزِعُ إِليها كأَنه تَوَهَّمَ طَرْحَ الزَّائِدِ وَلَوْ أَتم لَقَالَ مَراجِعُ. وَمُتْئِمَاتٌ: مَعَهَا حُوارٌ وَابْنُ مَخاض كأَنها وَلَدَتِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ مِنْ كَثْرَةِ نَسْلها. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَتَبَ لوفْد كَلْب، وَقِيلَ لِوَفْدِ بَنِي عُلَيْمٍ، كِتَابًا فِيهِ: عَلَيْهِمْ فِي الهَمُولةِ الرَّاعِيةِ البِساطِ الظُّؤارِ فِي كُلِّ خَمْسِينَ مِنَ الإِبل ناقةٌ غيرُ ذاتِ عَوارٍ
؛ الْبِسَاطُ، يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَالْكَسْرِ، والهَمُولةُ: الإِبل الراعِيةُ، والحَمُولةُ: الَّتِي يُحْمل عَلَيْهَا. والبِساطُ: جَمْعُ بِسْط، وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي تَرَكَتْ وولدَها لَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَلَا تَعْطِفُ عَلَى غَيْرِهِ، وَهِيَ عِنْدَ الْعَرَبِ بِسْط وبَسُوطٌ، وَجَمْعُ بِسْط بِساطٌ، وَجَمْعُ بَسُوط بُسُطٌ، هَكَذَا سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَدْفَعُ عَنْهَا الجُوعَ كلَّ مَدْفَعِ ... خَمسون بُسْطاً فِي خَلايا أَرْبَعِ
الْبِسَاطُ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وَقَالَ الأَزهري: هُوَ بِالْكَسْرِ جَمْعُ بِسْطٍ، وبِسْطٌ بِمَعْنَى مَبْسوطة كالطِّحن والقِطْفِ أَي بُسِطَتْ عَلَى أَولادها، وَبِالضَّمِّ جَمْعُ بِسْطٍ كظِئْرٍ وظُؤار، وَكَذَلِكَ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ؛ فأَما بِالْفَتْحِ فَهُوَ الأَرض الْوَاسِعَةُ، فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي الْهَمُولَةِ الَّتِي تَرْعَى الأَرض الْوَاسِعَةَ، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الطَّاءُ مَنْصُوبَةً عَلَى الْمَفْعُولِ، والظُّؤار: جَمْعُ ظِئْرٍ وَهِيَ الَّتِي تُرْضِع. وَقَدْ أُبْسِطَت أَي تُركت مَعَ وَلَدِهَا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: بَسُوطٌ فَعُول بِمَعْنَى مَفْعولٍ كَمَا يُقَالُ حَلُوبٌ ورَكُوبٌ لِلَّتِي تُحْلَبُ وتُرْكَب، وبِسْطٌ بِمَعْنَى مَبْسوطة كالطِّحْن بِمَعْنَى المَطْحون،
__________
(1) . قوله [يهيب] من باب ضرب لغة في يهابه كما في المصباح.(7/260)
والقِطْفِ بِمَعْنَى المَقْطُوفِ. وعَقَبة باسِطةٌ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَاءِ لَيْلَتَانِ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: سِرْنا عَقبةً جَوَادًا وَعَقَبَةً باسِطةً وَعَقَبَةً حَجُوناً أَي بَعِيدَةً طَوِيلَةً. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: حَفَرَ الرَّجُلُ قَامَةً باسِطةً إِذا حفَرَ مَدَى قامتِه ومدَّ يَدِه. وَقَالَ غَيْرُهُ: الباسُوطُ مِنَ الأَقْتابِ ضِدَّ المَفْروق. وَيُقَالُ أَيضاً: قَتَبٌ مَبسوطٌ، وَالْجَمْعُ مَباسِيطُ كَمَا يُجمع المَفْرُوقُ مفارِيقَ. وَمَاءٌ باسِطٌ: بَعِيدٌ مِنَ الكلإِ، وَهُوَ دُونَ المُطْلِب. وبُسَيْطةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ، وَكَذَلِكَ بُسَيِّطةُ؛ قَالَ:
مَا أَنْتِ يَا بُسَيِّطَ الَّتِي الَّتِي ... أَنْذَرَنِيكِ فِي المَقِيلِ صُحْبَتي
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراد يَا بُسَيِّطةُ فرخَّم عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ يَا حارِ، وَلَوْ أَراد لُغَةَ مَنْ قَالَ يَا حارُ لَقَالَ يَا بُسَيِّطُ، لَكِنَّ الشَّاعِرَ اخْتَارَ التَّرْخِيمَ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ يَا حارِ، لِيُعْلِمَ أَنه أَراد يَا بسيطةُ، وَلَوْ قَالَ يَا بُسَيِّطُ لَجَازَ أَن يُظن أَنه بَلَدٌ يُسَمَّى بَسيطاً غَيْرَ مُصَغَّرٍ، فَاحْتَاجَ إِليه فَحَقَّرَهُ وأَن يُظَنَّ أَن اسْمَ هَذَا الْمَكَانِ بُسَيّط، فأَزال اللَّبْسَ بِالتَّرْخِيمِ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ يَا حارِ، فَالْكَسْرُ أَشْيَعُ وأَذْيَع. ابْنُ بَرِّيٍّ: بُسَيْطةُ اسْمُ مَوْضِعٍ رُبَّمَا سَلَكَهُ الحُجّاج إِلى بَيْتِ اللَّهِ وَلَا تَدْخُلُهُ الأَلف وَاللَّامُ. والبَسِيطةُ «1» ، وَهُوَ غَيْرُ هَذَا الْمَوْضِعِ: بَيْنَ الْكُوفَةِ وَمَكَّةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
إِنَّكِ يَا بسيطةُ الَّتِي الَّتِي ... أَنْذَرَنِيكِ فِي الطَّريقِ إِخْوتي
قَالَ: يَحْتَمِلُ الموضعين.
بصط: البَصْطةُ، بِالصَّادِ: لُغَةٌ فِي البَسْطة. وَقُرِئَ:
وَزَادَهُ بَصْطةً
،
ومُصَيْطِرٌ
، بِالصَّادِ وَالسِّينِ، وأَصل صَادِهِ سِينٌ قُلِبَتْ مَعَ الطَّاءِ صَادًا لِقُرْبِ مخرجهما.
بطط: بَطّ الجُرْحَ وَغَيْرَهُ يَبُطُّه بَطّاً وبَجَّه بَجّاً إِذا شقَّه. والمِبَطّةُ: المِبْضَعُ. وبَطَطْتُ القرْحةَ: شَقَقْتها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه دَخَلَ عَلَى رجلٍ بِهِ وَرَمٌ فَمَا بَرِحَ حَتَّى بُطَّ
؛ البَطُّ: شَقُّ الدُّمّل والخُراجِ وَنَحْوَهُمَا. والبَطّةُ الدَّبّةُ، مَكِّيَّةٌ، وَقِيلَ: هِيَ إِناء كالقارُورةِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنه أَتى بَطّةً فِيهَا زَيْتٌ فَصَبَّهُ فِي السِّرَاجِ
؛ الْبَطَّةُ: الدَّبّةُ بِلُغَةِ أَهل مَكَّةَ لأَنها تُعمل عَلَى شَكْلِ الْبَطَّةِ مِنَ الْحَيَوَانِ. والبَطُّ: الإِوَزُّ، وَاحِدَتُهُ بَطَّةٌ. يُقَالُ: بطّةٌ أُنثى وبَطّةٌ ذَكَرٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، أَعجمي مُعَرِّبٌ، وَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ الإِوَزُّ صِغارُه وَكِبَارُهُ جِمِيعًا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ حِكَايَةً لأَصواتها. وزيدُ بَطّة: لَقَبٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِذا لقّبْت مُفْرَدًا بِمُفْرَدٍ أَضفته إِلى اللقَب، وَذَلِكَ قَوْلُكَ هَذَا قَيْسُ بطّةَ، جَعَلْتَ بَطَّةَ مُعَرَّفَةً لأَنك أَردت الْمَعْرِفَةَ الَّتِي أَردتها إِذا قُلْتَ هَذَا سَعِيدٌ، فَلَوْ نَوَّنْتَ بطةَ صَارَ سَعِيدٌ نَكِرَةً وَمَعْرِفَةً بِالْمُضَافِ إِليه، فَيَصِيرُ بَطَّةُ هَاهُنَا كأَنه كَانَ مَعْرِفَةً قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أُضيف إِليه. وَقَالُوا: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بطةُ يَا فَتَى، فَجَعَلُوا بَطَّةَ تَابِعًا لِلْمُضَافِ الأَوّل؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: فإِذا لَقَّبْتَ مُضَافًا بِمُفْرَدٍ جَرَى أَحدهما عَلَى الْآخَرِ كَالْوَصْفِ، وَذَلِكَ قَوْلُكَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بَطَّةُ يَا فَتَى. والبَطُّ: مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ، الْوَاحِدَةُ بَطَّةٌ، وَلَيْسَتِ الْهَاءُ للتأْنيث وإِنما هِيَ لِوَاحِدِ الْجِنْسِ، تَقُولُ: هَذِهِ بَطَّةٌ لِلذِّكْرِ والأُنثى جِمِيعًا مِثْلَ حَمَامَةٍ وَدَجَاجَةٍ. والبَطْبَطةُ: صَوْتُ الْبَطِّ.
__________
(1) . قوله [والبسيطة إلخ] ضبطه ياقوت بفتح الباء وكسر السين.(7/261)
والبَطِيطُ: العَجب والكَذِبُ؛ يُقَالُ: جَاءَ بأَمْر بَطِيطٍ أَي عَجِيبٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَمّا تَعْجَبي وتَرَيْ بَطِيطاً، ... مَنِ اللَّائينَ فِي الحِقَبِ الخَوالي
وَلَا يُقَالُ مِنْهُ فعَل؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
سَمَتْ للعِراقَيْنِ فِي سَوْمِها، ... فَلاقَى العِراقانِ مِنْهَا البَطِيطا
وَقَالَ آخَرُ:
أَلم تَتَعَجَّبي وتَرَيْ بَطِيطاً، ... مِنَ الحِقَبِ المُلَوِّنةِ العنُونا «1»
ابْنُ الأَعرابي: البُطُطُ الأَعاجيبُ، والبُطُطُ الأَجْواعُ، والبُطُطُ الكَذِبُ، والبُطُطُ الحَمْقَى. والبَطِيط: رأْس الخُفّ، عِراقِيّة، وَقَالَ كُرَاعٌ: البَطِيطُ عِنْدَ الْعَامَّةِ خُفٌّ مَقْطُوعٌ، قدَمٌ بِغَيْرِ ساقٍ؛ وَقَوْلُ الأَعرابية:
إِنَّ حِرِي حُطائطٌ بُطائط، ... كأَثَرِ الظَّبْيِ بجَنْبِ الغائِط «2»
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى بُطائطاً إِتباعاً لحُطائط، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده ابْنُ جِنِّي فِي الإِقْواء، وَلَوْ سَكَّنَ فَقَالَ بُطَائِطْ وتَنكَّب الإِقواء لَكَانَ أَحسن. وَنَهْرٌ بَطّ: مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
لَمْ أَرَ كاليَوْمِ، وَلَا مُذْ قَطِّ، ... أَطْوَلَ مِنْ ليْلٍ بنَهْر بَطِّ
أَبيت بَيْنَ خلَّتي مُشْتطِّ، ... مِنَ البَعُوضِ وَمِنَ التَّغَطِّي
بعط: البَعْطُ والإِبْعاطُ: الغُلُوّ فِي الجَهْلِ والأَمْر القَبِيح. وأَبْعَطَ الرجلُ فِي كَلَامِهِ إِذا لَمْ يُرْسِلْه عَلَى وَجْهِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وقُلْت أَقْوالَ امرِئٍ لَمْ يُبْعِطِ: ... أَعْرِضْ عَنِ الناسِ وَلَا تَسَخَّطِ
وأَبْعَطَ فِي السَّوْمِ: تَباعَدَ وتَجاوَزَ القَدْرَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ شاهِدُه قولُ حَسَّانَ:
ونَجا أَراهِطُ أَبْعَطُوا، ولَوَ انَّهم ... ثَبَتُوا، لمَا رَجَعُوا إِذاً بِسَلَامِ
وَكَذَلِكَ طمَح فِي السَّوْمِ وأَشَطَّ فِيهِ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَكَذَلِكَ المُعْتَنِزُ والمُبْعِطُ والصُّنْتُوتُ. والفَرْدُ والفَرِدُ والفَرُودُ: الَّذِي يَكُونُ وَحْدَهُ. والإِبْعاطُ: أَن تُكَلِّفَ الإِنسانَ مَا لَيْسَ فِي قُوَّتِهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ناجٍ يُعَنِّيهِنَّ بالإِبْعاطِ، ... إِذا اسْتدى نَوَّهْنَ بالسِّياطِ
ورواه ثعلب يُغَنِّيهِنّ بالإِبْعاطِ. اسْتدى: افْتَعَل مِنَ السَّدْو. والإِبْعاطُ: الإِبْعادُ، قَالَ: وَمَشَى أَعرابي فِي صُلْحٍ بَيْنَ قَوْمٍ فَقَالَ: لَقَدْ أَبْعَطُوا إِبْعاطاً شَدِيدًا أَي أَبْعَدُوا وَلَمْ يَقْرُبوا مِنَ الصُّلْحِ؛ وَقَالَ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ:
لَا يُبْعِطُ النَّقْدَ مِنْ دَيْني فيَجْحَدَني، ... وَلَا يُحَدّثُني أَنْ سَوْفَ يَقْضِيني
وَرَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: يُبْدلون الدَّالَّ طَاءً فَيَقُولُونَ: مَا أَبْعَطَ طارَك، يُرِيدُونَ: مَا أَبعد دَارَكَ، وَيَقُولُونَ: بَعَطَ الشاةَ وشَحَطَها وذَمَطَها
__________
(1) . قوله [الملونة العنونا] هكذا هو في الأَصل.
(2) . قوله [الغائط] هو بالأَصل هنا، وفيما سيأْتي في مادة حطط بالغين المعجمة، والذي في شرح القاموس هنا بالحاء المهملة.(7/262)
وبَذَحَها وذَعَطَها إِذا ذَبَحَهَا. والبَعْطُ والمِبْعَطةُ: الاسْتُ.
بعثط: البُعْثُطُ والبُعْثُوطُ: سُرّةُ الْوَادِي وَخَيْرُ مَوْضِعٍ فِيهِ. والبُعْثُطُ: الاسْتُ، وَقَدْ تُثْقَلُ الطَّاءُ فِي هَذِهِ الأَخيرة. يُقَالُ: أَلْزَقَ بُعْثُطَه وعُضْرُطَه بالصَّلَّةِ الأَرضِ يَعْنِي اسْتَه، قَالَ: وَهِيَ اسْتُه وجِلْدة خُصْيَيْه ومَذاكِيرُه. وَيُقَالُ: غَطِّ بُعْثُطَك، هُوَ اسْتُه ومَذاكِيرُه. وَيُقَالُ لِلْعَالَمِ بِالشَّيْءِ: هُوَ ابْنُ بُعْثُطِها كَمَا يُقَالُ: هُوَ ابْنُ بَجْدَتِها. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: قِيلَ لَهُ أَخبرنا عَنْ نَسبِك فِي قُريش فَقَالَ: أَنا ابْنُ بُعْثُطِها
؛ البُعْثُطُ: سُرَّةُ الْوَادِي، يُرِيدُ أَنه واسِطةُ قُريشٍ ومن سُرَّةِ بِطاحِها.
بعقط: البُعْقُوط: الْقَصِيرُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. والبُعْقُوطةُ: دُحْرُوجةُ الجُعَل. ابْنُ بَرِّيٍّ: البُعْقُوطةُ ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ. وَرَجُلٌ بُعْقُوطٌ وبُلْقُوطٌ: قَصِيرٌ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ الْبُلْقُوطُ بثبت.
بقط: فِي الأَرض بَقْطٌ مِنْ بَقْل وعُشْبٍ أَي نَبْذُ مَرْعًى. يُقَالُ: أَمْسَيْنا فِي بُقْطةٍ مُعْشِبةٍ أَي فِي رُقْعةٍ مِنْ كلإٍ، وَقِيلَ: البَقْطُ جَمْعُهُ بُقوطٌ، وَهُوَ مَا لَيْسَ بِمُجْتَمِعٍ فِي مَوْضِعٍ وَلَا مِنْهُ ضَيْعةٌ كَامِلَةٌ، وإِنما هُوَ شَيْءٌ مُتَفَرِّقٌ فِي النَّاحِيَةِ بَعْدَ النَّاحِيَةِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِمْ بَقْطاً بَقْطاً، بإِسكان الْقَافِ، وبَقَطاً بَقَطاً، بِفَتْحِهَا، أَي مُتَفَرِّقِينَ؛ وَذَهَبُوا فِي الأَرض بَقْطاً بَقْطاً أَي مُتَفَرِّقِينَ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ أَن فِي بَنِي تَمِيمٍ بَقْطاً مِنْ رَبِيعَةَ أَي فِرْقةً أَو قِطْعةً. وَهُمْ بَقَطٌ فِي الأَرض أَي مُتَفَرِّقُونَ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ:
رأَيتُ تَمِيماً قَدْ أَضاعَتْ أُمورَها، ... فهُم بَقَطٌ فِي الأَرض، فَرْثٌ طَوائفُ
فأَمّا بَنُو سَعْدٍ فبالخَطِّ دارُها، ... فَبابانُ مِنْهُمْ مأْلَفٌ فالمَزالِفُ
أَي مُنْتَشِرُونَ مُتَفَرِّقُونَ. أَبو تُرَابٍ عَنْ بَعْضِ بَنِي سُلَيْمٍ: تَذَقَّطْتُه تَذَقُّطاً وتَبَقَّطْتُه تَبَقُّطاً إِذا أَخذته قَلِيلًا قَلِيلًا. أَبو سَعِيدٍ عَنْ بَعْضِ بَنِي سُلَيْمٍ: تَبَقَّطْتُ الخبَر وتسَقَّطْتُه وتَذَقَّطْتُه إِذا أَخذته شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وبَقَطُ الأَرض: فِرْقةٌ مِنْهَا. قَالَ شَمِرٌ: رَوَى بَعْضُ الرُّوَاةِ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عنها: فو اللهِ مَا اخْتَلَفُوا فِي بُقْطةٍ إِلا طارَ أَبي بحَظِّها
؛ قَالَ: والبُقْطةُ البُقْعةُ مِنْ بِقاعِ الأَرض، تَقُولُ: مَا اخْتَلَفُوا فِي بُقْعةٍ مِنَ البِقاع، وَيَقَعُ قَوْلُ عَائِشَةَ عَلَى البُقْطةِ مِنَ النَّاسِ وَعَلَى الْبَقْطَةِ مِنَ الأَرض، والبُقْطةُ مِنَ النَّاسِ: الفِرْقةُ، قَالَ: وَيُمْكِنُ أَن تَكُونَ البُقطة فِي الْحَدِيثِ الْفِرْقَةُ مِنَ النَّاسِ، وَيُقَالُ إِنها النُّقْطَةُ، بِالنُّونِ، وسيأْتي ذِكْرُهَا. وبَقَطَ الشيءَ: فَرَّقَهُ. ابْنُ الأَعرابي: القَبْطُ الْجَمْعُ، والبَقْطُ التفْرِقةُ. وَفِي الْمَثَلِ: بَقِّطِيه بِطِبِّكِ؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ يُؤْمَرُ بِإِحْكَامِ العَمَلِ بِعِلْمِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وأَصله أَن رَجُلًا أَتى هَوًى لَهُ فِي بَيْتِهَا فأَخذه بطنُه فقَضى حاجتَه فَقَالَتْ لَهُ: ويْلَك مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: بَقِّطِيه بِطِبِّك أَي فِرِّقيه برِفْقِكِ لَا يُفْطَنُ لَهُ، وَكَانَ الرَّجُلُ أَحْمَقَ، والطِّبُّ الرِّفْق. اللِّحْيَانِيُّ: بَقَّطَ مَتاعَه إِذا فرَّقه. التَّهْذِيبُ: البُقَّاطُ ثُفْلُ الهَبِيدِ وقِشْرُه؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ القانِصَ وكِلابَه ومَطْعَمَه مِنَ الْهَبِيدِ إِذا لَمْ يَنَلْ صَيْدًا:
إِذا لَمْ يَنَلْ منْهُنّ شيْئاً فقَصْرُه، ... لَدى حِفْشِه مِنَ الهَبِيدِ، جَرِيم(7/263)
تَرى حَوْلَه البُقَّاطَ مُلْقًى كأَنَّه ... غَرانِيقُ نخلٍ، يَعْتَلِين، جُثوم
والبَقْطُ: أَن تُعطي الجنَّة عَلَى الثلُثِ أَو الرُّبع. والبَقْطُ: مَا سقَط مِنَ التَّمْرِ إِذا قُطع يُخْطِئُه المِخْلَبُ، والمِخْلَبُ المِنْجَلُ بِلَا أَسنان. وَرَوَى شَمِرٌ بإِسناده عَنْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنه قَالَ:
لَا يَصْلُحُ بَقْطُ الجِنانِ.
قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبا مُحَمَّدٍ يَرْوِي عَنِ ابْنِ المظَفَّر أَنه قَالَ: البَقْطُ أَن تُعطي الجِنانَ عَلَى الثُّلُثِ أَو الرُّبُعِ. وبَقَطُ البيتِ: قُماشُه. أَبو عَمْرٍو: بَقَّطَ فِي الْجَبَلِ وبَرْقَطَ وتَقَدْقَدَ فِي الْجَبَلِ إِذا صَعَّدَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَنه حَمَلَ عَلَى عَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ فَمَا زَالُوا يُبَقِّطُون
أَي يتعادَوْن إِلى الْجِبَالِ مُتَفَرِّقِينَ. والبَقْطُ: التفْرِقةُ.
بلط: البَلاطُ: الأَرضُ، وَقِيلَ: الأَرض المُسْتَوِيةُ المَلْساء، وَمِنْهُ يُقَالُ بالَطْناهم أَي نازَلْناهم بالأَرض؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
لَوْ أَحْلَبَتْ حَلائبُ الفُسْطاطِ ... عَلَيْهِ، أَلْقاهُنّ بالبَلاطِ
والبَلاطُ، بِالْفَتْحِ: الْحِجَارَةُ المَفْرُوشةُ فِي الدَّارِ وَغَيْرِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
هَذَا مَقامِي لَكِ حَتَّى تَنْضَحي ... رِيّاً، وتَجْتازي بَلاطَ الأَبْطَحِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي دُوَادَ الإِيادِيّ:
ولقدْ كَانَ ذَا كَتائبَ خُضْرٍ، ... وبَلاطٍ يُشادُ بالآجُرُونِ [بالآجِرُونِ]
وَيُقَالُ: دَارٌ مُبَلَّطةٌ بآجُرٍّ أَو حِجَارَةٍ. وَيُقَالُ: بَلَطْتُ الدارَ، فَهِيَ مَبْلُوطةٌ إِذا فرَشْتَها بآجُرٍّ أَو حِجَارَةٍ. وكلُّ أَرض فُرِشَتْ بِالْحِجَارَةِ والآجُرِّ بَلاطٌ. وبَلَطَها يَبلُطُها بَلْطاً وبَلَّطَها: سَوَّاها، وبَلَط الحائطَ وبَلَّطه كَذَلِكَ. وبَلاطُ الأَرضِ: وجْهُها، وَقِيلَ: مُنْتَهى الصُّلْبِ مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ. يُقَالُ: لَزِمَ فُلَانٌ بَلاطَ الأَرض؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
فَبَاتَ، وَهُوَ ثابتُ الرِّباطِ، ... بمُنْحَنى الهائلِ والبَلاطِ
يَعْنِي المُسْتَوِيَ مِنَ الأَرض؛ قَالَ: فَبَاتَ يَعْنِي الثوْرَ وَهُوَ ثَابِتُ الرِّباط أَي ثَابِتُ النفْس، بمنحَنى الْهَائِلِ يَعْنِي مَا انْحَنَى مِنَ الرَّمل الْهَائِلِ، وَهُوَ مَا تَنَاثَرَ مِنْهُ. والبَلاطُ: المسْتَوِي. والبَلْطُ: تَطْيِينُ الطّانةِ، وَهِيَ السطْح إِذا كَانَ لَهَا سُمَيْطٌ، وَهُوَ الْحَائِطُ الصَّغِيرُ. أَبو حَنِيفَةَ الدِّينَوَرِيّ: البَلاطُ وَجْهُ الأَرض؛ وَمِنْهُ قِيلَ: بالَطَنِي فُلَانٌ إِذا تَرَكَكَ أَو فَرَّ مِنْكَ فَذَهَبَ فِي الأَرض؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جالِدوا وبالِطُوا أَي إِذا لَقِيتُمْ عدُوَّكم فالزَمُوا الأَرض، قَالَ: وَهَذَا خلافُ الأَوَّل لأَن الأَول ذَهَبَ فِي الأَرض وَهَذَا لَزِمَ الأَرض؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ رَفِيقَهُ فِي سَفَرٍ:
يَئِنُّ إِلى مَسِّ البَلاطِ، كأَنَّما ... بَرَاهُ الحَشايا فِي ذواتِ الزَّخارِفِ
وأَبْلَطَ المطرُ الأَرضَ: أَصاب بَلاطَها، وَهُوَ أَن لَا تَرَى عَلَى مَتْنِهَا تُرَابًا وَلَا غُبَارًا؛ قَالَ رؤْبة:
يأْوِي إِلى بَلاط جَوْفٍ مُبْلَطِ
والبلالِيطُ: الأَرَضُون الْمُسْتَوِيَةُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ السِّيرَافِيُّ: وَلَا يُعرف لَهَا وَاحِدٌ. وأُبْلِطَ الرَّجُلُ وأَبْلَطَ: لَزِقَ بالأَرض. وأُبْلِطَ،(7/264)
فَهُوَ مُبْلَطٌ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمّ فَاعِلُهُ: افْتَقَرَ وَذَهَبَ مالُه. وأَبْلَطَ، فَهُوَ مُبْلِطٌ إِذا قَلَّ مَالُهُ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَبْلَطَ إِذا أَفْلَس فلزِق بالبَلاط؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
نَزَلْتُ عَلَى عَمْرو بْنِ دَرْماءَ بُلْطةً، ... فَيَا كُرْمَ مَا جارٍ وَيَا كُرْم مَا مَحَلّ
أَراد فَيَا كَرَمَ جَارٍ عَلَى التَّعَجُّبِ. قَالَ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي بُلْطة، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُرِيدُ بِهِ حَلَلْتُ عَلَى عَمْرِو بْنِ دَرْماءَ بُلطة أَي بُرْهة ودَهراً، وَقَالَ آخَرُونَ: بُلْطَةً أَراد دَارَهُ أَنها مُبَلَّطةٌ مَفْرُوشَةٌ بِالْحِجَارَةِ وَيُقَالُ لَهَا الْبَلَاطُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بُلطة أَي مُفْلِساً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بُلْطَةً قَرية مِنْ جَبَلَيْ طيءٍ كَثِيرَةُ التِّينِ وَالْعِنَبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ هَضْبَةٌ بِعَيْنِهَا، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: بُلطة فَجْأَة. التَّهْذِيبُ: وبُلطةُ اسْمُ دَارٍ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وكنتُ إِذا مَا خِفْتُ يَوْماً ظُلامةً، ... فإِنَّ لَهَا شِعْباً ببُلطةِ زَيْمَرَا
وزَيْمَرُ: اسْمُ مَوْضِعٍ. وَفِي حَدِيثِ
جابرٍ: عَقَلْتُ الجملَ فِي ناحيةِ البَلاطِ
؛ قَالَ: البلاطُ ضَرْبٌ مِنَ الْحِجَارَةِ تُفْرَشُ بِهِ الأَرض ثُمَّ سُمِّيَ الْمَكَانُ بَلاطاً اتِّساعاً، وَهُوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ. وأَبْلَطهم اللِّصُّ إِبْلاطاً: لَمْ يدَعْ لَهُمْ شَيْئًا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وبالَطَ فِي أُموره: بَالَغَ. وبالَط السَّابِحُ: اجْتهد. والبُلُط: المُجّانُ والمُتَحَزِّمُون مِنَ الصُّوفيَّة. الْفَرَّاءُ: أَبْلَطَنِي فُلَانٌ إِبْلاطاً وأَخْجاني «3» إِخجاء إِذا أَلَحّ عَلَيْكَ فِي السُّؤال حَتَّى يُبْرِمَك ويُملَّك. والمُبالَطةُ: المُجاهَدةُ، يُقَالُ: نزلَ فبالِطْه أَي جاهِدْه. وَفُلَانٌ مُبالِطٌ لَكَ أَي مُجتهِدٌ فِي صَلاحِ شأْنك؛ وأَنشد:
فهْو لَهُنّ حابِلٌ وفارِطُ، ... إِنْ وَرَدَتْ، ومادِرٌ ولائِطُ
لحوْضِها، وماتِحٌ مُبالِطُ
وَيُقَالُ: تبالَطُوا بِالسُّيُوفِ إِذا تجالَدُوا بِهَا عَلَى أَرجلهم، وَلَا يُقَالُ تبالَطُوا إِذا كَانُوا رُكباناً. والتَّبالُطُ والمُبالَطةُ: المُجالدَةُ بِالسُّيُوفِ. وبالَطَنِي فُلَانٌ: فرَّ مِنِّي. والبُلُطُ: الفارُّون مِنَ الْعَسْكَرِ. وبَلَّطَ الرجلُ تَبْلِيطاً إِذا أَعْيا فِي المَشْي مِثْلَ بَلَّحَ. والتَّبْلِيطُ عِراقِيَّةٌ، وَهُوَ أَن يَضرب فَرْعَ أُذن الإِنسان بطرَفِ سَبَّابته. وبَلَّطَ أُذنه تَبْلِيطاً: ضَرَبَهَا بِطَرَفٍ سَبَّابَتِهِ ضَرْبًا يُوجِعُهُ. والبَلْطُ والبُلْطُ: المِخْراطُ، وَهُوَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يَخْرُطُ بِهَا الخَرَّاطُ، عَرَبية؛ قَالَ:
والبلْطُ يَبْرِي حُبَرَ الفَرْفارِ
والبَلُّوطُ: ثَمَرُ شَجر يؤْكل ويدبَغُ بقِشْره. والبَلاطُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ:
لَوْلَا رَجاؤُكَ مَا زُرْنا البَلاطَ، وَلَا ... كَانَ البَلاطُ لَنا أَهلًا، وَلَا وَطَنا
بلقط: البُلْقُوطُ: الْقَصِيرُ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَيْسَ بثبَت.
بلنط: اللَّيْثُ: البَلَنْطُ شيءٌ يُشْبِهُ الرُّخامَ إِلا أَنَّ الرُّخَامَ أَهش مِنْهُ وأَرْخى؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
وسارِيَتَيْ بَلَنْطٍ أَو رُخامٍ، ... يَرِنُّ خَشاشُ حَلْيِهِما رَنِينا
__________
(3) . قوله [وأخجاني] في شرح القاموس بفاء بدل الخاء المعجمة.(7/265)
بنط: الأَزهري: أَما بَنَطَ فَهُوَ مُهْمَلٌ فإِذا فُصِلَ بَيْنَ الْبَاءِ وَالنُّونِ بِيَاءٍ كَانَ مُسْتَعْمَلًا، يَقُولُ أَهل الْيَمَنِ للنّسَّاج البِيَنْطُ، وَعَلَى وَزْنِهِ البِيَطْرُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
بهط: البَهَطُّ: كَلِمَةٌ سِنْدية وَهِيَ الأَرُزُّ يُطْبَخُ بِاللَّبَنِ وَالسَّمْنِ خَاصَّةً بِلَا مَاءٍ، وَاسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ بِالْهَاءِ فَقَالَتْ بَهَطَّةٌ طَيِّبَةٌ كأَنها ذَهَبَتْ بِذَلِكَ إِلى الطَّائِفَةِ مِنْهُ، كَمَا قَالُوا لَبَنَةٌ وعسَلَةٌ، وَقِيلَ: البَهَطَّة ضَرْبٌ مِنَ الطَّعَامِ أَرُزٌّ وماءٌ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَبِالْفَارِسِيَّةِ بَتا؛ وَيُنْشَدُ:
تَفَقَّأَتْ شَحْماً كَمَا الإِوَزِّ، ... مِنْ أَكلها البَهطَّ بالأَرُزِّ
وأَنشده الأَزهري:
مِنْ أَكلِها الأَرُزَّ بِالبَهَطِّ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَبي الْهِنْدِيِّ:
فأَما البَهَطُّ وحِيتانُكم، ... فَمَا زِلْتُ مِنْهَا كثيرَ السَّقَمْ
قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الأَشجعي يَقُولُ بَهَطَنِي هَذَا الأَمر وبَهَظَني بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَسمعها بِالطَّاءِ لِغَيْرِهِ، وَاللَّهُ أَعلم.
بوط: البُوطةُ: الَّتِي يُذيب فِيهَا الصائغُ وَنَحْوُهُ مِنَ الصُّنَّاع. ابْنُ الأَعرابي: باطَ الرجلُ يَبُوطُ إِذا ذَلَّ بَعْدَ عِزٍّ أَو إِذا افْتَقَرَ بَعْدَ غِنًى.
فصل التاء المثناة
تحط: الأَزهري قَالَ: تَحُوطُ اسْمُ القَحْطِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَوْس بْنِ حُجْرٍ:
الحافِظُ الناسِ [الناسَ] فِي تَحُوطَ، إِذا ... لَمْ يُرْسِلُوا تحتَ عائذٍ رُبَعا
قَالَ: كأَنَّ التَّاءَ فِي تَحُوطَ تَاءُ فِعْلٍ مُضَارِعٍ ثُمَّ جُعِلَ اسْمًا مَعْرِفَةً لِلسَّنَةِ، وَلَا يُجْرَى، ذكَرها فِي بَابِ الْحَاءِ والطاء والتاء.
فصل الثاء المثلثة
ثأط: الثَّأْطةُ: دُوَيْبّة، لَمْ يَحْكِهَا غَيْرُ صَاحِبِ العين. والثَّأْطةُ: الحَمْأَةُ. وَفِي الْمَثَلِ: ثَأْطَةٌ مُدَّتْ بِمَاءٍ؛ يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ يشْتَدُّ مُوقُه وحُمْقُه لأَن الثأْطة إِذا أَصابها الْمَاءُ ازْدَادَتْ فَساداً ورُطوبة، وَقِيلَ لِلَّذِي يُفْرِطُ فِي الحُمْق ثأْطة مُدَّتْ بِمَاءٍ، وَجَمْعُهَا ثَأْطٌ؛ قَالَ أُمية يَذْكُرُ حَمَامَةَ نُوحٍ، عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
فجاءَتْ، بَعْدَ ما رَكَضَتْ، بقِطْفٍ، ... عَلَيْهِ الثَّأْط والطِّينُ الكُبارُ
وَقِيلَ: الثأْطُ والثَّأْطةُ الطِّينُ، حمأَةً كَانَ أَو غَيْرَ ذَلِكَ؛ وَقَالَ أُمية أَيضاً:
بلَغَ المَشارِقَ والمَغارِبَ، يَبْتَغِي ... أَسْبابَ أَمْرٍ مِنْ حَكِيمٍ مُرْشِدِ
فأَتَى مَغِيبَ الشمْسِ عِنْدَ مآبِها، ... فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وثأْطٍ حَرْمِدِ «1»
وأَورد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى الثأْطة الحمأَة فَقَالَ: وأَنشد شِمْرٌ لتُبَّع، وَكَذَلِكَ أَورده ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَالَ: إِنه لتُبَّع يَصِفُ ذَا القَرْنَيْن، قَالَ: والخُلُب الطِّينُ بِكَلَامِهِمْ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا فِي شِعْرِ تُبَّع الْمَرْوِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. والثأْطة: دُوَيْبَّة لَسَّاعةٌ.
__________
(1) . قوله [فأتى إلخ] تقدم للمؤلف في مادة حرمد:
فَرَأَى مَغِيبَ الشَّمْسِ عِنْدَ مسائها(7/266)
والثأْطاء: الْحَمْقَاءُ، مُشْتَقٌّ مِنَ الثأْطة. وَمَا هُوَ بِابْنِ ثأْطاء وثأَطاء وثأْطانَ وثأَطانَ أَي بِابْنِ أَمة، وَيُكَنَّى به عن الحُمْق.
ثبط: اللَّيْثُ: ثَبَّطَه عَنِ الشَّيْءِ تَثْبِيطاً إِذا شغَلَه عَنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ
؛ قال أَبو إِسحق: التَّثْبِيطُ رَدُّكَ الإِنسانَ عَنِ الشَّيْءِ يَفْعَلُهُ، أَي كَرِهَ اللَّهُ أَن يَخْرجوا مَعَكُمْ فردَّهم عَنِ الْخُرُوجِ. وثَبَطَه عَنِ الشَّيْءِ ثَبْطاً وثَبَّطَه: رَيَّثه وثَبَّته. وثَبَّطه عَلَى الأَمر فتَثَبَّط: وقَّفَه عَلَيْهِ فتوَقَّف. وأَثْبَطه المرَضُ إِذا لَمْ يَكَدْ يُفارِقُه. وثَبَطْتُ الرجلَ ثَبْطاً: حبَسْتُه، بِالتَّخْفِيفِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتْ سَوْدةُ امرأَةً ثَبِطةً
أَي ثقِيلة بَطِيئةً مِنَ التَّثْبِيطِ وَهُوَ التعْوِيقُ والشَّغْلُ عَنِ المُراد؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
وهُمُ العَشِيرةُ إِنْ يُثَبِّطْ حاسِد
مَعْنَاهُ إِنْ بَحَثَ عَنْ مَعايِبِها؛ بِذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي. وَفِي بَعْضِ اللُّغَاتِ: ثَبَطَتْ شَفةُ الإِنسانِ وَرِمَتْ، وَلَيْسَ بثَبَت.
ثرط: الثَّرْطُ مِثْلَ الثَّلْطِ: لُغَةٌ أَو لُثْغةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: والثَّرْطُ أَيضاً شَيْءٌ تَسْتَعْمِلُهُ الأَساكِفةُ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ شَرِيسْ؛ ذَكَرَهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو الْغَوْثِ. والثَّرْطِئةُ، بِالْكَسْرِ: الرَّجُلُ الأَحْمَقُ الضعيفُ. قَالَ: وَالْهَمْزَةُ زَائِدَةٌ. وثَرَطَه يَثْرُطُه ثَرْطاً: زرَى عَلَيْهِ وعابَه، قَالَ: وَلَيْسَ بثبَت. قَالَ الأَزهري: الثِّرْطِئةُ، بِالْهَمْزِ بَعْدَ الطَّاءِ، الرَّجُلُ الثَّقِيلُ، قَالَ: وإِن كَانَتِ الْهَمْزَةُ أَصلية فَالْكَلِمَةُ رُبَاعِيَّةٌ، وإِن لَمْ تَكُنْ أَصلية فَهِيَ ثُلَاثِيَّةٌ، قَالَ: والغِرْقِئُ مثله.
ثرعط: الثُّرْعُطةُ: الحَسا الرَّقِيقُ. الأَزهري: الثُّرُعْطُطُ حَساً رَقِيقٌ طبخ باللبن.
ثرمط: الثُّرْمُطةُ والثُّرَمِطةُ عَلَى مِثَالِ عُلَبِطةٍ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: الطِّينُ الرَّطْبُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَعَلَّ الْمِيمَ زَائِدَةٌ. الْفَرَّاءُ: وَقَعَ فُلَانٌ فِي ثُرْمُطةٍ أَي فِي طِينٍ رطْب. قَالَ شِمْرٌ: واثْرَنْمَط السِّقاء إِذا انْتَفَخ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تأْكلُ بَقْل الرِّيفِ حَتَّى تَحْبَطا، ... فبَطْنُها كالوَطْبِ حِينَ اثْرَنْمَطا
والاثْرِنْماطُ: اطْمِحْرارُ السِّقاء إِذا رَابَ ورَغا، وكَرْثأَ إِذا ثَخُنَ اللَّبَنُ عَلَيْهِ كَرْثَأَةً مثلَ اللِّبإِ الخَثِرِ. أَبو عَمْرٍو: الثُّرْمُوطُ الرَّجُلُ العظيمُ اللُّقَمِ الكثير الأَكْل.
ثرنط: قَالَ الأَزهري: قرأْت بِخَطِّ أَبي الْهَيْثَمِ لِابْنِ بُزْرَجٍ: اثْرَنْطَأَ أَي حَمُقَ.
ثطط: رَجُلٌ ثَطٌّ: ثَقِيلُ الْبَطْنِ بَطِيء. والثَّطُّ والأَثَطُّ: الكَوْسَجُ، رَجُلٌ أَثَطُّ بيِّن الثَّطَطِ مِنْ قَوْمٍ ثُطٍّ، وَقِيلَ: هُوَ القليلُ شَعْرِ اللِّحْية، وَقِيلَ: هُوَ الْخَفِيفُ اللِّحْيَةِ مِنَ العارِضَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ أَيضاً الْقَلِيلُ شَعْرِ الحاجِبَيْنِ، وَرَجُلٌ ثَطُّ الْحَاجِبَيْنِ وامرأَة ثَطَّاء الْحَاجِبَيْنِ، وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْحَاجِبَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: الأَثَطّ الرَّقِيقُ الْحَاجِبَيْنِ، قَالَ: والثُّطُطُ والزُّطُطُ الكَواسِجُ. التَّهْذِيبِ: وامرأَة ثَطَّةُ الْحَاجِبَيْنِ لَا يُسْتَغْنَى فِيهِ عَنْ ذِكْرِ الْحَاجِبَيْنِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا مِنْ هوايَ وَلَا شِيمَتي، ... عَرَكرَكةٌ ذاتُ لَحْمٍ زِيَمْ(7/267)
ولا أَلَقَى ثَطَّةُ الحاجِبيْنِ، ... مُحْرَفةُ السَّاقِ، ظَمْأَى القَدَمْ
قَوْلُهُ مُحْرفة أَي مَهْزُولة. وَرَجُلٌ ثَطٌّ، بِالْفَتْحِ، مِنْ قَوْمٍ ثُطَّانٍ وثِطَطةٍ وثِطاطٍ بيِّن الثُّطُوطةِ والثَّطاطةِ، وَهُوَ الْكَوْسَجُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا يُقَالُ فِي الْخَفِيفِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَثَطُّ، وإِن كَانَتِ الْعَامَّةُ قَدْ أُولِعَتْ بِهِ، إِنما يُقَالُ ثَطٌّ؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
كلِحْيةِ الشيْخِ اليَماني الثَّطِّ
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ الْجَوَالِيقِيِّ قَالَ: رَجُلٌ ثَطٌّ لَا غَيْرُ، وأَنكر أَثَطّ، وأَورد بَيْتَ أَبي النَّجْمِ أَيضاً، قَالَ: وَصَوَابُ إِنشاده كَهامةِ الشَّيْخِ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: وجيءَ بِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْس فَرَآهُ أَشْغَى ثَطّاً.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي رُهْمٍ: سأَله النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَمَّنْ تخلَّف مِنْ غِفار فَقَالَ: مَا فَعَلَ النفَرُ الحُمْرُ الثَّطاطُ
؟ هُوَ جَمْعُ ثَطٍّ، وَهُوَ الكوْسَجُ الَّذِي عَرِيَ وجهُه مِنَ الشَّعْرِ إِلَّا طاقاتٍ فِي أَسفل حَنَكِه. وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ:
مَا فَعَلَ الحمْر النَّطانِطُ
؟ جَمْعُ نَطْناطٍ وَهُوَ الطَّوِيلُ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قَالَ أَبو زَيْدٍ مَرَّةً رَجُلٌ أَثَطُّ، فَقُلْتُ لَهُ: تَقُولُ أَثطّ؟ قَالَ: سَمِعْتُهَا، وَجَمْعُ الثَّطِّ أَثْطاطٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْكَثِيرُ ثُطٌّ وثُطّانٌ وثِطاطٌ وثِطَطةٌ؛ وَقَدْ ثَطَّ يَثِطُّ ويَثُطُّ ثَطَطاً وثَطاطةً وثُطُوطةً فَهُوَ أَثَطُّ وثَطٌّ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْمَصْدَرُ الثَّطَطُ وَالِاسْمُ الثَّطاطةُ والثُّطوطةُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَعَمْرِي إِنه فَرْقٌ حَسَنٌ. وامرأَة ثَطّاء لَا إِسْبَ لَهَا يَعْنِي شِعْرةَ رَكَبِها. وَالثَّطَّاءُ: دُوَيْبَّة تَلْسَعُ النَّاسَ، قيل هي العنكبوت.
ثعط: الثَّعيطُ: دُقاقُ رَمْل سَيّالٍ تَنْقُلُهُ الرِّيحُ. والثَّعِطُ: اللَّحْمُ المتغيِّرُ، وَقَدْ ثَعِطَ ثَعَطاً، وَكَذَلِكَ الْجِلْدُ إِذا أَنْتَنَ وتقطَّع؛ قَالَ الأَزهري: أَنشدني أَبو بَكْرٍ:
يأْكُل لَحْماً بَائِتًا قَدْ ثَعِطا، ... أَكْثَرَ مِنْهُ الأَكْلَ حَتَّى خَرِطا
قَالَ: وخَرِطَ بِهِ إِذا غُصَّ بِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والثَّعَطُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ ثَعِطَ اللحمُ أَي أَنتن، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ومَنْهَلٍ عَلَى غَشَاشٍ [غِشَاشٍ] وفَلَطْ، ... شَرِبْتُ مِنْهُ بَيْنَ كُرْهٍ وثَعَطْ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: إِذا مَذِرَت الْبَيْضَةُ فَهِيَ الثَّعِطةُ. وثَعِطَتْ شفَتُه: وَرِمَتْ وتشَقَّقت؛ وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ هُذَيْلٍ:
يُثَعِّطْنَ العَرابَ، وهُنّ سُودٌ، ... إِذا خالَسْنَه فُلُحٌ فِدامُ
العَرابُ: ثمَرُ الخَزَم، وَاحِدَتُهُ عَرابةٌ. يُثَعِّطْنَه: يَرْضَخْنَه ويَدْقُقْنَه. فُلُح: جَمْعُ الفَلْحاء الشَّفَةُ. فِدامٌ: هَرِماتٌ.
ثلط: الثَّلْطُ: هُوَ سلْح الفِيلِ وَنَحْوُهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِذا كَانَ رَقِيقًا. وثلَط الثَّوْرُ والبعيرُ والصبيُّ يَثْلِطُ ثَلْطاً: سَلَح سَلْحاً رَقِيقًا، وَقِيلَ إِذا أَلقاه سهْلًا رَقِيقًا، وَفِي الصِّحَاحِ: إِذا أَلقى بَعره رَقِيقًا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يُقَالُ للإِنسان إِذا رقَّ نَجْوُه هُوَ يَثْلِطُ ثَلْطاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فبالَتْ وثَلَطَتْ
؛ الثَّلْطُ: الرَّقِيقُ مِنَ الرَّجِيعِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَكثر مَا يُقَالُ للإِبل وَالْبَقَرِ والفِيَلةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كَانُوا يَبْعَرُون بَعَراً وأَنتم تَثْلِطُون ثَلْطاً
أَي كَانُوا يتغوَّطون يَابِسًا كَالْبَعْرِ لأَنهم كَانُوا(7/268)
قَلِيلِي الأَكل وَالْمَآكِلِ وأَنتم تثلِطون رَقِيقًا وَهُوَ إِشارة إِلى كَثْرَةِ الْمَآكِلِ وتَنَوُّعِها. وَيُقَالُ: ثَلَطْتُه ثَلْطاً إِذا رميتَه بالثَّلْطِ ولطَخْتَه بِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَا ثَلْطَ حامِضةٍ تَرَبَّعَ ماسِطاً، ... مِنْ واسِطٍ، وتَرَبَّعَ القُلَّاما
ثلمط: الثَّلْمَطةُ: الاسْتِرْخاء، وَطِينٌ ثَلْمَطٌ.
ثمط: الثَّمْطُ: الطِّينُ الرَّقِيقُ أَو الْعَجِينُ إِذا أَفْرَط في الرِّقةِ.
ثنط: اللَّيْثُ: الثَّنْطُ خُروج الكمأَةِ مِنَ الأَرض والنباتُ إِذا صدَع الأَرضَ وَظَهَرَ، قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ
كَانَتِ الأَرض تَمِيدُ فوقَ الْمَاءِ فَثَنطها اللهُ بِالْجِبَالِ فَصَارَتْ لَهَا أَوْتاداً
؛ ابْنُ الأَعرابي: الثنْطُ الشَّقُّ والنَّثْطُ التَّثْقِيلُ؛ وَمِنْهُ خَبَرُ
كَعْبٍ: إِن اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا مَدَّ الأَرضَ مادَتْ فثَنَطَها بِالْجِبَالِ
أَي شقَّها فَصَارَتْ كالأَوْتادِ لَهَا، ونَثَطها بالآكامِ فَصَارَتْ كالمُثْقِلاتِ لَهَا، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: فَرَّقَ ابْنُ الأَعرابي بَيْنَ الثَّنْط والنَّثْط، فَجَعَلَ الثَّنْطَ شَقّاً، وَجَعَلَ النَّثْطَ إِثْقالًا، قَالَ: وَهُمَا حَرفان غَريبان، قَالَ: وَلَا أَدري أَعربيان أَم دَخِيلَانِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمَا جَاءَ إِلا فِي حَدِيثِ كَعْبٍ، قَالَ: وَيُرْوَى بِالْبَاءِ بَدَلَ النُّونِ مِنَ التَّثْبِيطِ، وَهُوَ التعويق.
فصل الجيم
جحط: جِحِطْ: زَجْرٌ للغنمِ كجِحِضْ.
جحرط: عَجُوزٌ جِحْرِطٌ: هَرِمة.
جخرط: عَجُوزٌ جِخْرِطٌ: هَرِمةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والدَّرْدَبِيسُ الجِخْرِطُ الجَلَنْفَعَة
وَيُقَالُ: جِحْرِطٌ، بِالْحَاءِ المهملة.
جرط: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الجَرَطُ الغَصَصُ؛ قَالَ نِجَادٌ الخيْبري:
لَمّا رأَيتُ الرَّجُلَ العَمَلَّطا، ... يأْكل لَحْمًا بَائِتًا قَدْ ثَعِطا،
أَكثرَ مِنْهُ الأَكل حَتَّى جَرِطا
جَلَطَ: جَلَطَ رأْسَه يَجْلِطُه إِذا حلَقه. وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ الصَّحِيحِ: جَلَط الرجلُ يَجْلِطُ إِذا كذَب. والجِلاطُ: المُكاذَبةُ. الْفَرَّاءُ: جلَط سيفَه أَي اسْتَلَّه.
جَلْحَطَ: الجِلْحِطاء: الأَرض الَّتِي لَا شَجَرَ فِيهَا، وَقِيلَ: هِيَ الجِلْحِظاء، بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الجِلْخِطاء، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الحَزْنُ؛ عَنِ السيرافي.
جَلْخَطَ: الجِلْخِطاء: الأَرض الَّتِي لَا شَجَرَ فِيهَا أَو الحَزْن، لُغَةٌ فِي جَلْحَطَ.
جَلْفَطَ: التَّهْذِيبُ: الجِلْفاطُ الَّذِي يَسُدُّ دُروزَ السَّفِينَةِ الْجَدِيدَةِ بالخُيوط والخِرَقِ. يُقَالُ: جَلْفَطَه الجِلْفاطُ إِذا سَوّاه وقَيَّرَه. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ الَّذِي يُجَلْفِطُ السُّفُنَ فيُدخل بَيْنَ مَسامِير الأَلواح وخُروزها مُشاقةَ الكَتّانِ ويمسَحُه بالزِّفْت والقارِ، وفعله الجَلْفَطةُ.
جَلْمَطَ: جَلْمطَ رأْسَه. حلَق شَعْرَهُ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، والله أَعلم.
فصل الحاء المهملة
حبط: الحَبَط مِثْلُ العَرَبِ: مِنْ آثارِ الجُرْحِ. وَقَدْ حَبِطَ حَبَطاً وأَحْبَطَه الضرْبُ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ حَبِط الجرحُ حَبَطاً، بِالتَّحْرِيكِ، أَي عَرِب ونُكس.(7/269)
ابْنُ سِيدَهْ: والحَبَطُ وَجَعٌ يأْخذ الْبَعِيرَ فِي بطْنه مِنْ كَلإٍ يَسْتَوْبِلُه، وَقَدْ حَبِطَ حَبَطاً، فَهُوَ حَبِطٌ، وإِبِل حَباطَى وحَبَطةٌ، وحَبِطَت الإِبلُ تَحْبَطُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَبَطُ أَن تأْكل الْمَاشِيَةُ فتُكْثِرَ حتى تَنْتَفِخَ لذلك بطونُها ولا يخرج عنها مَا فِيهَا. وحَبِطتِ الشَّاةُ، بِالْكَسْرِ، حَبَطاً: انْتَفَخَ بَطْنُهَا عَنْ أَكل الذُّرَقِ، وَهُوَ الحَنْدَقُوقُ. الأَزهري: حَبِطَ بطنُه إِذا انْتَفَخَ يحبَطُ حَبَطاً، فَهُوَ حَبِطٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُ
، وَذَلِكَ الدَّاء الحُباطُ، قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ التَّخَبُّطِ، وَهُوَ الاضْطِرابُ. قَالَ الأَزهريّ: وأَما قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وإِنَّ مِمَّا يُنبِت الربيعُ مَا يقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلمّ
، فإِن أَبا عُبَيْدٍ فَسَّرَ الحَبَطَ وَتَرَكَ مِنْ تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَشياء لَا يَستغْني أَهلُ العلمِ عَنْ مَعْرِفتها، فَذَكَرْتُ الْحَدِيثَ عَلَى وَجْهِهِ لأُفَسِّر مِنْهُ كلَّ مَا يحتاجُ مِنْ تَفْسِيرِهِ، فَقَالَ وذَكر سَنَدَهُ إِلى
أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: جَلَسَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى المِنْبر وجَلسنا حولَه فَقَالَ: إِني أَخاف عَلَيْكُمْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهرةِ الدُّنْيَا وزِينتِها، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ أَوَيَأْتي الخيرُ بالشرّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورأَيْنا أَنه يُنْزَلُ عَلَيْهِ فأَفاقَ يَمْسَحُ عَنْهُ الرُّحضاء وَقَالَ: أَين هَذَا السائلُ؟ وكأَنه حَمِدَه؛ فَقَالَ: إِنه لَا يأْتي الخيرُ بِالشَّرِّ، وإِنَّ مِمَّا يُنبِت الربيعُ مَا يَقتل حبَطاً أَو يُلمّ إِلّا آكِلةَ الخَضِر، فإِنها أَكلت حَتَّى إِذا امتلأَت خَاصِرَتَاهَا استَقْبَلَتْ عينَ الشمسِ فثَلَطَتْ وبالَتْ ثُمَّ رتَعَتْ، وإِن هَذَا الْمَالَ خَضِرةٌ حُلوةٌ، ونِعْم صاحبُ المُسْلمِ هُوَ لِمَنْ أَعْطى المِسْكينَ واليتيمَ وابنَ السبيلِ
؛ أَو كَمَا قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وإِنه مَن يأْخذه بِغَيْرِ حَقِّهِ فَهُوَ كَالْآكِلِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قَالَ الأَزهري: وإِنما تَقَصَّيْتُ رِوَايَةَ هَذَا الْخَبَرِ لأَنه إِذا بُتِرَ اسْتَغْلَقَ مَعْنَاهُ، وَفِيهِ مَثَلَانِ: ضرَب أَحدَهما للمُفْرِط فِي جَمْعِ الدُّنْيَا مَعَ مَنْعِ مَا جمَع مِنْ حَقِّهِ، وَالْمَثَلُ الْآخَرُ ضَرَبَهُ للمُقْتَصِد فِي جمْعِ الْمَالِ وبذْلِه فِي حقِّه، فأَما
قَوْلُهُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وإِنَّ مِمَّا يُنبت الربيعُ مَا يَقْتُلُ حبَطاً
، فَهُوَ مِثْلُ الحَرِيصِ والمُفْرِط فِي الجمْع والمنْع، وَذَلِكَ أَن الرَّبِيعَ يُنبت أَحْرار الْعُشْبِ الَّتِي تَحْلَوْلِيها الماشيةُ فَتَسْتَكْثِرُ مِنْهَا حَتَّى تَنْتَفِخَ بُطُونُهَا وتَهْلِكَ، كَذَلِكَ الَّذِي يَجْمَعُ الدُّنْيَا ويَحْرِصُ عَلَيْهَا ويَشِحُّ عَلَى مَا جمَع حَتَّى يمنَعَ ذَا الحقِّ حقَّه مِنْهَا يَهْلِكُ فِي الْآخِرَةِ بِدُخُولِ النَّارِ واسْتِيجابِ العذابِ، وأَما مَثَلُ المُقْتَصِد الْمَحْمُودِ فَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا آكِلةَ الخَضِر فإِنها أَكلت حَتَّى إِذا امتلأَتْ خَواصِرُها اسْتَقْبَلَتْ عينَ الشمسِ فثَلَطَتْ وبالَتْ ثُمَّ رَتَعَتْ، وَذَلِكَ أَن الخَضِرَ لَيْسَ مِنْ أَحْرارِ الْبُقُولِ الَّتِي تَسْتَكْثِرُ مِنْهَا الْمَاشِيَةُ فتُهْلِكه أَكلًا، وَلَكِنَّهُ مِنَ الجَنْبةِ الَّتِي تَرْعاها بَعْدَ هَيْجِ العُشْبِ ويُبْسِه، قَالَ: وأَكثر مَا رأَيت الْعَرَبَ يَجْعَلُونَ الخَضِرَ مَا كَانَ أَخْضَرَ مِنَ الحَلِيِّ الَّذِي لَمْ يصفَرّ والماشيةُ تَرْتَعُ مِنْهُ شَيْئًا شَيْئًا وَلَا تَسْتَكْثِرُ مِنْهُ فَلَا تحبَطُ بطونُها عَنْهُ؛ قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَهُ طرَفةُ فَبَيَّنَ أَنه مِنْ نَبَاتِ الصَّيْفِ فِي قَوْلِهِ:
كَبَناتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، إِذا ... أَنْبَتَ الصيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ
فالخَضِرُ مِنْ كَلإِ الصيفِ فِي القَيْظِ وَلَيْسَ مِنْ أَحرارِ بُقولِ الرَّبيع، والنَّعَمُ لَا تَسْتَوْبِلُه وَلَا تَحْبَطُ بطونُها عَنْهُ، قَالَ: وبناتُ مَخْرٍ أَيضاً وَهِيَ سحائبُ(7/270)
يأْتِينَ قُبُلَ الصَّيْفِ، قَالَ: وأَما الخُضارةُ فَهِيَ مِنَ البُقول الشَّتْوِيّة وَلَيْسَتْ مِنَ الجَنْبة، فَضَرَبَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آكِلةَ الخَضِرِ مَثَلًا لِمَنْ يَقْتَصِد فِي أَخذ الدُّنْيَا وجمْعِها وَلَا يُسْرِفُ فِي قَمِّها «2» والحِرص عَلَيْهَا، وأَنه يَنْجُو مِنْ وَبالِها كَمَا نَجَتْ آكلةُ الخَضِر، أَلا تَرَاهُ قَالَ: فإِنها إِذا أَصابت مِنَ الخَضِر اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فثَلطت وَبَالَتْ؟ وإِذا ثَلَطَتْ فَقَدْ ذَهَبَ حبَطُها، وإِنما تَحْبَطُ الماشيةُ إِذا لَمْ تَثْلِطْ وَلَمْ تَبُلْ وأْتُطِمَت عَلَيْهَا بُطُونُهَا، وَقَوْلُهُ إِلا آكِلَةَ الْخَضِرِ مَعْنَاهُ لكنَّ آكِلَةَ الْخَضِرِ. وأَما قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن هَذَا الْمَالَ خَضِرةٌ حُلْوة، هَاهُنَا النَّاعِمَةُ الغَضّةُ، وحَثَّ عَلَى إِعطاء المِسكين وَالْيَتِيمِ مِنْهُ مَعَ حَلاوتِه ورَغْبةِ النَّاسِ فِيهِ، ليَقِيَه اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وبالَ نَعْمَتِها فِي دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ. والحبَطُ: أَن تأْكل الماشية فتكثر حتى تَنْتَفِخَ لِذَلِكَ بُطُونُهَا وَلَا يخرج عنها ما فيها. ابْنُ سِيدَهْ: والحبَطُ فِي الضَّرْعِ أَهْونُ الورَمِ، وَقِيلَ: الحبَطُ الانْتِفاخُ أَين كَانَ مِنْ دَاءٍ أَو غَيْرِهِ. وحَبِطَ جِلدُه: وَرِمَ. وَيُقَالُ: فَرَسٌ حَبِطُ القُصَيْرَى إِذا كَانَ مُنْتَفِخَ الْخَاصِرَتَيْنِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
فَلِيق النَّسا حَبِيط المَوْقِفَيْنِ، ... يَسْتَنُّ كالصَّدَعِ الأَشْعَبِ
قَالَ: وَلَا يَقُولُونَ حَبِط الفرسُ حَتَّى يُضِيفُوه إِلى القُصَيْرَى أَو إِلى الخاصِرةِ أَو إِلى المَوْقِفِ لأَن حبَطَه انتفاخُ بطنِه. واحْبَنْطَأَ الرجلُ: انْتَفَخَ بَطْنُهُ. والحَبَنْطَأُ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ: الغَلِيظ القَصِير البطِينُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: المُحْبَنْطِئ، مَهْمُوزٌ وَغَيْرُ مَهْمُوزٍ، الممْتَلئ غضَباً، وَالنُّونُ وَالْهَمْزَةُ والأَلف وَالْبَاءُ زَوائدُ للإِلحاق، وَقِيلَ: الأَلف للإِلحاق بِسَفَرْجَلٍ. وَرَجُلٌ حَبَنْطًى، بِالتَّنْوِينِ، وحَبَنْطاةٌ ومُحْبَنْطٍ، وَقَدِ احْبَنْطَيْتَ، فإِن حَقَّرْتَ فأَنت بِالْخِيَارِ إِن شِئْتَ حَذَفْتَ النُّونَ وأَبدلت مِنَ الأَلف يَاءً وَقُلْتَ حُبَيْطٍ، بِكَسْرِ الطَّاءِ مُنَوَّنًا لأَن الأَلف لَيْسَتْ للتأْنيث فَيُفْتَحُ مَا قَبْلَهَا كَمَا نَفْتَحُ فِي تَصْغِيرِ حُبْلى وبُشْرى، وإِن بقَّيت النُّونَ وَحَذَفْتَ الأَلف قُلْتَ حُبَيْنِطٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ اسْمٍ فِيهِ زِيَادَتَانِ للإِلحاق فَاحْذِفْ أَيَّتَهما شِئْتَ، وإِن شئتَ أَيضاً عوَّضْتَ مِنَ الْمَحْذُوفِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وإِن شئتَ لَمْ تُعَوِّضْ، فإِن عوَّضت فِي الأَوّل قُلْتَ حُبَيِّطٍ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَالطَّاءِ مَكْسُورَةً، وَقُلْتَ فِي الثَّانِي حُبَيْنِيطٌ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي عَفَرْنى. وامرأَة حَبَنْطاةٌ: قَصِيرَةٌ دَمِيمةٌ عَظيمةُ البطْنِ. والحَبَنْطى: المُمْتلئ غضَباً أَو بِطْنَةً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: رَجُلٌ حَبَنْطًى، مَقْصُورٌ، وحِبَنْطًى، مَكْسُورٌ مَقْصُورٌ، وحَبَنْطأٌ وحَبَنْطَأَةٌ أَي مُمْتلئ غَيْظًا أَو بِطنة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلرَّاجِزِ:
إِني إِذا أَنْشَدْتُ لَا أَحْبَنْطِي، ... وَلَا أُحِبُّ كَثْرةَ التَّمَطِّي
قَالَ وَقَالَ فِي الْمَهْمُوزِ:
مَا لَكَ تَرْمِي بالخَنى إِلينا، ... مُحْبَنْطِئاً مُنْتَقِماً عَلَيْنَا؟
وَقَدْ تَرْجَمَ الْجَوْهَرِيُّ عَلَى حَبْطَأَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ أَن يَذْكُرَ فِي تَرْجَمَةِ حبط لأَن الْهَمْزَةَ زَائِدَةٌ لَيْسَتْ بأَصلية، وَقَدِ احْبَنْطَأْت واحْبَنْطَيْت، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الحبَطِ الَّذِي هُوَ الورَمُ، وَلِذَلِكَ حَكَمَ عَلَى نُونِهِ وَهَمْزَتِهِ أَو يَائِهِ أَنهما مُلْحِقتان لَهُ بِبِنَاءِ سَفَرْجل. والمُحْبَنْطِئُ: اللَّازِقُ بالأَرض. وفي الحديث:
__________
(2) . قوله [قمها] أي جمعها كما بهامش الأصل.(7/271)
إِن السِّقط ليَظَلُّ مُحْبَنْطِياً عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ
، فَسَّرُوهُ مُتَغَضِّباً، وَقِيلَ: المُحْبَنْطِي المُتغَضِّبُ المُسْتَبْطِئُ لِلشَّيْءِ، وَبِالْهَمْزِ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: المُحْبَنْطِئُ، بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ، المُتَغَضِّبُ المُسْتَبْطِئُ لِلشَّيْءِ، وَقِيلَ: هُوَ الممتنِعُ امتِناعَ طلَبٍ لَا امْتِنَاعَ إِباء. يُقَالُ: احبنطأْت واحْبَنْطَيْت، وَالنُّونُ وَالْهَمْزَةُ والأَلف وَالْيَاءُ زَوَائِدُ للإِلحاق. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ المُحْبَنطِي، بِغَيْرِ هَمْزٍ، المتغضِّبُ، وَبِالْهَمْزِ الْمُنْتَفِخُ. وحَبِطَ حبْطاً وحُبوطاً: عَمِلَ عَملًا ثُمَّ أَفْسَدَه، وَاللَّهُ أَحْبَطه. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ*
. الأَزهري: إِذا عَمِلَ الرَّجُلُ عَمَلًا ثُمَّ أَفْسَدَه قِيلَ حَبِطَ عَمَلُه، وأَحْبَطَه صاحبُه، وأَحْبَطَ اللَّهُ أَعمالَ مَنْ يُشْرِكُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ حَبِطَ عملُه يَحْبَطُ حبْطاً وحُبُوطاً، فَهُوَ حَبْطٌ، بِسُكُونِ الْبَاءِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بَطَلَ ثَوَابُهُ وأَحبطه اللَّهُ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ أَنه حَكَى عَنْ أَعرابي قرأَ: فَقَدْ حبَط عملُه، بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَقَالَ: يَحْبِطُ حُبوطاً، قَالَ الأَزهري، وَلَمْ أَسمع هَذَا لِغَيْرِهِ، وَالْقِرَاءَةُ: فَقَدْ حَبِط عملُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَحْبَط اللَّهُ عَمَلَهُ
أَي أَبْطَلَه، قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَحْبَطه غيرُه، قَالَ: وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ حَبِطَت الدابةُ حبَطاً، بِالتَّحْرِيكِ، إِذا أَصابت مَرْعًى طيِّباً فأَفرطت فِي الأَكل حَتَّى تَنْتَفِخَ فَتَمُوتَ. والحَبَطُ والحَبِطُ: الحرث بْنُ مازِنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَميم، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ فِي سَفَرٍ فأَصابه مِثْلُ الحَبَط الَّذِي يصيبُ الْمَاشِيَةَ فنَسَبُوا إِلَيْهِ، وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن بَطْنَهُ وَرِمَ مِنْ شَيْءٍ أَكله، والحَبِطاتُ والحَبَطاتُ: أَبناؤه عَلَى جِهَةِ النسَب، والنِّسْبة إِليهم حَبَطِيٌّ، وَهُمْ مِنْ تَمِيمٍ، وَالْقِيَاسُ الْكَسْرُ؛ وَقِيلَ: الحَبِطاتُ الحرثُ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَميم والعَنْبَرُ بْنُ عَمْرٍو والقُلَيْبُ بْنُ عَمْرٍو ومازِنُ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَلَقِيَ دَغْفَلٌ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ: مِمَّنْ أَنت؟ قَالَ: مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، قَالَ: إِنما عَمْرٌو عُقابٌ جاثِمةٌ، فَالْحَبِطَاتُ عُنُقُها، والقُلَيْبُ رأْسها، وأُسَيِّدٌ والهُجَيْمُ جَناحاها، والعَنْبَرُ جِثْوتُها وجَثوتُها، ومازنٌ مِخْلَبُها، وكَعْب ذَنَبُهَا، يَعْنِي بِالْجَثْوَةِ بَدَنَهَا ورأْسها. الأَزهري: اللَّيْثُ الحَبِطاتُ حَيٌّ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مِنْهُمُ المِسْوَرُ بْنُ عِبَادٍ الحَبَطِيُّ، يُقَالُ: فُلَانٌ الْحَبَطِيُّ، قَالَ: وإِذا نَسَبُوا إِلى الحَبِطِ قَالُوا حَبَطِيٌّ، وإِلى سَلِمةَ سَلَمِيّ، وإِلى شَقِرةَ شَقَرِيٌّ، وَذَلِكَ أَنهم كَرِهُوا كَثْرَةَ الْكَسْرَاتِ فَفَتَحُوا؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَرى حَبْط العَمل وبُطْلانه مأْخوذاً إِلا مِنْ حبَط الْبَطْنِ لأَن صَاحِبَ الْبَطْنِ يَهْلِكُ، وَكَذَلِكَ عملُ الْمُنَافِقِ يَحْبَطُ، غَيْرَ أَنهم سَكَّنُوا الْبَاءَ مِنْ قَوْلِهِمْ حَبِطَ عَمَلُهُ يَحْبَطُ حبْطاً، وَحَرَّكُوهَا مِنْ حَبِطَ بَطْنُهُ يَحْبَطُ حَبَطاً، كَذَلِكَ أُثبت لَنَا؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ وَغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: حَبِطَ دَمُ الْقَتِيلِ يَحْبَطُ حَبْطاً إِذا هُدِرَ. وحَبِطَتِ الْبِئْرُ حبْطاً إِذا ذَهَبَ ماؤُها. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الإِحْباطُ أَن تُذْهِب مَاءَ الرَّكِيَّةِ فَلَا يَعُودُ كَمَا كان.
حثط: الأَزهري: قَالَ أَبو يُوسُفَ السِّجْزِيُّ: الحَثَطُ كالغُدّةِ أَتى بِهِ فِي وَصْفِ مَا فِي بُطونِ الشَّاءِ، قَالَ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ.
حشط: الأَزهري خَاصَّةً عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الحَشْطُ الكَشْطُ.
حطط: الحَطُّ: الوَضْعُ، حطَّه يَحُطُّه حَطّاً فانْحَطَّ. والحَطُّ: وضْع الأَحْمالِ عَنِ الدَّوابِّ،(7/272)
تَقُولُ: حَطَطْتُ عَنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِذا حَطَطْتُمُ الرِّحالَ فشُدُّوا السُّروجَ
أَي إِذا قَضَيْتُمُ الحَجَّ وحَطَطْتُم رِحالَكم عَنِ الإِبل، وَهِيَ الأَكْوارُ والمَتاع، فشُدُّوا السُّروج عَلَى الْخَيْلِ للغَزْو. وحَطّ الحِمْلَ عَنِ الْبَعِيرِ يحُطُّه حَطّاً: أَنزله. وكلُّ مَا أَنزله عَنْ ظَهْرٍ، فَقَدْ حَطَّهُ. الْجَوْهَرِيُّ: حَطَّ الرحلَ والسرْجَ والقوْسَ وحَطَّ أَي نزَل. والمَحَطُّ: المَنْزِلُ. والمِحَطُّ: مِنَ الأَدواتِ، وَقَالَ فِي مَكَانٍ آخَر: مِنْ أَدوات النَّطَّاعِينَ الَّذِينَ يُجَلِّدون الدَّفاتر حَدِيدَةٌ مَعْطُوفَةُ الطرَف، وأَدِيم مَحْطُوطٌ؛ وأَنشد:
تُبِينُ وتُبْدي عَنْ عُروقٍ، كأَنَّها ... أَعِنّةُ خَرَّازٍ تُحَطُّ وتُبْشَرُ
وحطَّ اللهُ عَنْهُ وِزْرَه، فِي الدُّعَاءِ: وضَعَه، مَثَلٌ بِذَلِكَ، أَي خفَّفَ اللَّهُ عَنْ ظَهْرِكَ مَا أَثْقَلَه مِنَ الوِزْر. يُقَالُ: حَطَّ اللَّهُ عَنْكَ وِزْرَكَ وَلَا أَنْقَضَ ظهرَك. واستحَطَّه وِزْرَه: سأَله أَن يَحُطَّه عَنْهُ، وَالِاسْمُ الحِطَّةُ. وَحُكِيَ أَنَّ بَنِي إِسرائيل إِنما قِيلَ لَهُمْ: وَقُولُوا حِطَّة، ليَسْتَحِطُّوا بِذَلِكَ أَوْزارَهم فتُحَطَّ عَنْهُمْ. وسأَله الحِطِّيطى أَي الحِطَّة. قَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقُولُوا حِطَّةٌ*
، قَالَ: مَعْنَاهُ قُولُوا مسأَلتُنا حِطَّة أَي حطُّ ذُنُوبَنَا عَنَّا، وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ، وَارْتَفَعَتْ عَلَى مَعْنَى مَسْأَلتُنا حِطَّة أَو أَمْرُنا حِطَّةٌ، قَالَ: وَلَوْ قُرِئَتْ حِطَّةً كَانَ وَجْهًا فِي الْعَرَبِيَّةِ كأَنه قِيلَ لَهُمْ: قُولُوا احْطُطْ عَنَّا ذنوبَنا حِطّةً، فحرَّفوا هَذَا الْقَوْلَ وَقَالُوا لَفْظَةً غَيْرَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الَّتِي أُمِروا بِهَا، وَجُمْلَةُ مَا قَالُوا أَنه أَمر عَظِيمٌ سَمَّاهُمُ اللَّهُ بِهِ فاسقِينَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقُولُوا حِطَّةٌ*
، يُقَالُ، وَاللَّهُ أَعلم: قُولُوا مَا أُمرتم بِهِ حطةٌ أَي هِيَ حِطَّةٌ، فخالَفُوا إِلى كَلَامٍ بالنَّبَطِيَّةِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ. وَرَوَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً*، قَالَ: رُكَّعاً، وَقُولُوا حِطَّةٌ*
مَغْفِرَةٌ، قَالُوا: حِنْطةٌ وَدَخَلُوا عَلَى أَسْتاهِهم، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: بَلَغَنَا أَن بَنِي إِسرائيل حِينَ قِيلَ لَهُمْ قُولُوا حِطَّةٌ إِنما قِيلَ لَهُمْ كَيْ يسْتَحِطُّوا بِهَا أَوزارهم فتُحَطّ عَنْهُمْ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قِيلَ لَهُمْ قُولُوا حِطَّةٌ فَقَالُوا حِنْطَةٌ شَمَقَايَا أَي حِنْطَةٌ جَيِّدَةٌ، قَالَ: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ حِطَّةٌ*
أَي كَلِمَةٌ تَحُطُّ عَنْكُمْ خَطَايَاكُمْ وَهِيَ: لَا إِله إِلَّا اللَّهُ. وَيُقَالُ: هِيَ كَلِمَةٌ أُمر بِهَا بَنُو إِسرائيل لَوْ قَالُوهَا لحُطَّت أَوزارهم. وحَطَّه أَي حَدَرَه. وفي الْحَدِيثِ:
مَنِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ ببَلاء فِي جَسَده فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ
أَي تُحَطُّ عَنْهُ خَطَايَاهُ وذنوبُه، وَهِيَ فِعْلةٌ مِنْ حَطَّ الشيءَ يَحُطُّه إِذا أَنزله وأَلقاه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الصَّلَاةَ تُسَمَّى فِي التَّوْرَاةِ حَطُوطاً.
وحَطّ السِّعْرُ يَحُطُّ حَطّاً وحُطوطاً: رَخُصَ، وَكَذَلِكَ انْحَطَّ حُطوطاً وَكَسَرَ وَانْكَسَرَ، يُرِيدُ فَتَر. وَقَالَ الأَزهري فِي هَذَا الْمَكَانِ: وَيُقَالُ سِعْر مَقْطُوط وَقَدْ قَطّ السِّعْرُ وقُطّ السِّعْرُ وقَطّ اللهُ السِّعْر، وَلَمْ يَزِدْ هَاهُنَا على هذا اللفظ. والحَطاطةُ والحُطائطُ والحَطِيطُ: الصَّغِيرُ وَهُوَ مِنْ هَذَا لأَن الصَّغِيرَ مَحْطُوط؛ أَنشد قُطْرُبٌ:
إِنّ حِرِي حُطائطٌ بُطائط، ... كأَثَر الظَّبْيِ بجَنْبِ الْغَائِطِ
بُطائطٌ إِتباع؛ وَقَالَ مَلِيحٌ:
بكلِّ حَطِيطِ الكَعْبِ، دُرْمٌ حُجولُه، ... تَرَى الحَجْلَ مِنْهُ غامِضاً غيرَ مُقْلَقِ(7/273)
وَقِيلَ: هُوَ الْقَصِيرُ. أَبو عَمْرٍو: الحُطائطُ الصَّغِيرُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ؛ وأَنشد:
والشَّيْخُ مِثْل النَّسْر والحُطائطِ، ... والنِّسْوةِ الأَرامِل المَثالِطِ
قَالَ الأَزهري: وَتَقُولُ صِبْيان الأَعراب فِي أَحاجِيهم: مَا حُطائطٌ بُطائط تَمِيسُ تَحْتَ الْحَائِطِ؟ يَعْنُونَ الذّرةَ. والحَطاطُ: شِدّةُ العَدْوِ. والكَعْبُ الحَطِيطُ: الأَدْرَمُ. والحِطَّانُ: التَّيْسُ. وحطّانُ: مِنْ أَسماء الْعَرَبِ. والحُطائطة: بَثْرةٌ صَغِيرَةٌ حَمْرَاءُ. وَجَارِيَةٌ مَحْطُوطةُ المَتْنَيْن: ممدودَتُهما، وَقَالَ الأَزهري: مَمْدُودَةٌ حسنَة مُسْتَوِيَةٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
مَحْطُوطةُ المَتْنَيْنِ غيرُ مُفاضةٍ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِلْقُطَامِيِّ:
بيْضاء مَحْطوطةُ المَتْنَيْنِ بَهْكَنةٌ، ... رَيّا الرّوادِفِ، لَمْ تُمْغِلْ بأَوْلادِ
وأَلْيةٌ مَحْطوطةٌ: لَا مَأْكَمةَ لَهَا. والحَطُوطُ: الأَكَمةُ الصَّعْبةُ الانْحِدار. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْحَطُوطُ الأَكَمةُ الصَّعْبَةُ، فَلَمْ يَذْكُرِ ارْتِفَاعًا وَلَا انْحِدَارًا. والحَطُّ: الحَدْرُ مِنْ عُلْو، حطَّه يَحُطُّه حَطّاً فانْحَطَّ؛ وأَنشد:
كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّه السَّيْلُ مِنْ عَلِ
قَالَ الأَزهري: والفِعْل اللَّازِمُ الِانْحِطَاطُ. وَيُقَالُ للهَبُوط: حَطُوطٌ. والمُنْحَطُّ مِنَ المَناكِب: المُسْتَفِلُ الَّذِي لَيْسَ بمُرْتَفِعٍ وَلَا مُسْتَقِلٍّ وَهُوَ أَحسنها. والحَطاطةُ: بَثْرة تَخْرُجُ بِالْوَجْهِ صَغِيرَةٌ تُقَيِّحُ وَلَا تُقَرِّحُ، وَالْجَمْعُ حَطاطٌ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
ووجْهٍ قَدْ رأَيْت، أُمَيْمَ، صافٍ، ... أَسِيلٍ غيرِ جَهْمٍ ذِي حَطاطِ
وَقَدْ حَطَّ وجهُه وأَحَطَّ، وَرُبَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لِمَنْ سَمِنَ وجهُه وتَهَيَّجَ. والحَطاطةُ: الجاريةُ الصَّغِيرَةُ، تشبَّه بِذَلِكَ. وَقَالَ الأَصمعي: الحَطاطُ البَثْر، الْوَاحِدَةُ حَطاطةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي لِزِيَادٍ الطَّمّاحِيِّ:
قامَ إِلى عَذْراء فِي الغُطاطِ، ... يَمْشِي بِمِثْلِ قَائِمِ الفُسْطاطِ،
بمُكْفَهِرِّ اللونِ ذِي حَطاطِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو بمُكْرَهِفِّ الحُوقِ أَي بمُشْرفه؛ وَبَعْدَهُ:
هامَتُه مِثْلُ الفَنِيقِ السّاطِي، ... نِيطَ بحَقْوَيْ شَبِقٍ شِرْواطِ
فَبَكَّها مُوَثَّقُ النِّياطِ، ... ذُو قوّةٍ، لَيْسَ بِذِي وباطِ
فداكَها دَوْكاً عَلَى الصِّراطِ، ... لَيْسَ كَدَوْكِ بَعْلِها الوَطْواطِ
وَقَامَ عَنْهَا، وَهُوَ ذُو نَشاطِ، ... ولُيّنَتْ مِنْ شِدّةِ الخِلاطِ
قَدْ أَسْبَطَتْ وأَيّما إِسْباطِ
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
ثُمَّ طَعَنْت فِي الجَمِيش الأَصْفَرِ ... بِذِي حَطاطٍ، مِثْلِ أَيْرِ الأَقْمَرِ
وَالْوَاحِدَةُ حَطاطةٌ، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَتْ فِي الْوَجْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:(7/274)
ووجْهٍ قَدْ جَلَوْت، أُمَيْمَ، صافٍ، ... كَقَرْنِ الشمسِ لَيْسَ بِذِي حَطاطِ
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الأَجرب الْعَيْنِ الَّذِي تَبْثُر عينُه وَيَلْزَمُهَا الحَطاطُ، وهو الظَّبْظابُ والحُدْحُدُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَطاط، بِالْفَتْحِ، مِثْلُ البَثْر فِي بَاطِنِ الحُوق، وَقِيلَ: حَطاطُ الكَمَرة حُروفُها. وحَطّ البعيرُ حِطاطاً وانْحَطَّ: اعْتَمَدَ فِي الزِّمامِ عَلَى أَحد شِقّيْه؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
برَأْسٍ إِذا اشتدَّتْ شَكِيمةُ وجْهِه، ... أَسَرَّ حِطاطاً، ثُمَّ لانَ فبَغّلا
وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
وإِن ضُرِبَتْ عَلَى العِلَّات، حَطّتْ ... إِليكَ حِطاطَ هادِيةٍ شَنُونِ
العِلَّاتُ: الأَعْداء، والهادِيةُ: الأَتانُ الوَحْشِيّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي سَيْرِهَا، والشَّنُونُ: الَّتِي بَيْنَ السمينةِ والمَهْزُولة. ونَجِيبةٌ مُنْحَطّةٌ فِي سَيْرِهَا وحَطُوطٌ. الأَصمعي: الحَطُّ الِاعْتِمَادُ عَلَى السِّيَرِ، والحَطُوطُ النَّجِيبةُ السَّرِيعَةُ، وَنَاقَةٌ حَطُوطٌ، وَقَدْ حَطَّتْ فِي سَيْرِهَا؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فَمَا وخَدَتْ بمِثْلِكَ ذاتُ غَرْبٍ، ... حَطُوطٌ فِي الزِّمامِ، وَلَا لَجُونُ
وَيُرْوَى: فِي الزِّماعِ، وَقَالَ الأَعشى:
فَلَا لَعَمْرُ الَّذِي حَطَّتْ مَناسِمُها ... تَخْدِي، وسِيقَ إِليها الباقِرُ العَتِلُ «3»
حَطَّتْ فِي سيْرِها وانْحَطَّتْ أَي اعْتمدتْ، يُقَالُ ذَلِكَ للنَّجِيبةِ السَّريعةِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: انْحَطَّتِ الناقةُ فِي سَيْرِهَا أَي أَسرَعتْ. وَتَقُولُ: اسْتَحَطَّني فُلَانٌ مِنَ الثَّمَنِ شَيْئًا، والحَطِيطةُ كَذَا وَكَذَا مِنَ الثَّمَنِ. والحَطاطُ: زُبْدُ اللَّبَن. وحُطَّ البعيرُ وحُطّ عَنْهُ إِذا طَنِيَ فالتَزَقَتْ رئتُه بجَنْبِه فحطَّ الرَّحْلَ عَنْ جَنْبِه بساعِدِه دَلْكاً حِيالَ الطَّنَى حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنِ الجَنْبِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حُطَّ البعيرُ الطَّنِيُّ وَهُوَ الَّذِي لَزِقَتْ رِئَتُهُ بِجَنْبِهِ، وَذَلِكَ أَن يُضْجَعَ عَلَى جَنْبِهِ ثُمَّ يُؤْخَذُ وَتِد فيُمَرَّ عَلَى أَضْلاعِه إِمْراراً لَا يُحْرِقُ. الأَزهري: أَبو عَمْرٍو حَطَّ وحَتَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
جَلَسَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى غُصْن شَجَرَةٍ يابسةٍ فَقَالَ بِيَدِهِ فحَطَّ ورَقها
؛ مَعْنَاهُ فحَتَّ ورَقها أَي نَثَره. والحَطِيطةُ: مَا يُحَطُّ مِنْ جُمْلَةِ الْحِسَابِ فيَنْقُصُ مِنْهُ، اسمٌ من الحَطِّ، تجمع حَطائطَ. يُقَالُ: حَطَّ عَنْهُ حَطِيطةً وَافِيَةٌ. والحُطُطُ: الأَبدان النَّاعِمَةُ. والحُطُطُ أَيضاً: مَراتِبُ السِّفَلِ، واحِدَتُها حِطَّةٌ، والحِطَّةُ: نُقْصانُ المَرْتَبة. وحَطّ الجِلدَ بالمِحَطِّ يَحُطُّه حَطّاً: سَطَرَه وصقَله ونقَشَه. والمِحَطُّ والمِحَطَّةُ: حَدِيدَةٌ أَو خَشَبَةٌ يُصْقَلُ بِهَا الْجِلْدُ حَتَّى يَلِينَ ويَبْرُقَ. والمِحَطُّ، بِالْكَسْرِ: الَّذِي يُوشَمُ بِهِ، وَيُقَالُ: هُوَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي تَكُونُ مَعَ الخَرّازِين يَنْقُشون بِهَا الأَدِيمَ؛ قَالَ النَّمر بْنُ تَوْلب:
كأَنَّ مِحَطّاً فِي يَدَيْ حارِثِيّةٍ ... صَناعٍ، عَلَتْ مِني بِهِ الجِلْدَ مِن عَل
وأَما الَّذِي فِي حَدِيثِ
سُبَيْعةَ الأَسلمية: فحَطَّت إِلى الشَّابِّ
أَي مالَتْ إِليه وَنَزَلَتْ بِقَلْبِهَا نَحْوَهُ.
__________
(3) . هكذا ورد هذا البيت في رواية أَبي عبيدة، وهو في قصيدة الأَعشى مَرويّ على هذه الصورة:
إِنِّي لَعمر الَّذِي خَطَتْ مناسمُها ... له، وسِيقَ إِليهِ الباقِرُ الغُيُلُ(7/275)
والحُطاطُ: الرَّائِحَةُ الخَبيثةُ، وحَطْحَطَ فِي مَشْيِهِ وَعَمَلِهِ: أَسرع. ويَحْطُوط: وادٍ مَعْروف. وعِمْرانُ بْنُ حِطّانَ، بِكَسْرِ الْحَاءِ، وهو فِعْلانُ. وحُطائِطُ بْنُ يَعْفُرَ أَخو الأَسْودِ بن يعفُرَ.
حطمط: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبو عَمْرٍو الحِطْمِطُ الصَّغِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، صبيٌّ حِطْمِطٌ؛ وأَنشد لرِبْعِيٍّ الزُّبَيْرِيِّ:
إِذا هَنِيَّ حِطْمِطٌ مِثلُ الوَزَغْ، ... يضْرِبُ مِنْهُ رأْسه حتى انْثَلَغْ
حطنط: الأَزهري: حَطَنْطَى يُعَيَّرُ بِهَا الرجلُ إِذا نُسِبَ إِلى الحُمْقِ.
حقط: الحَيْقَطُ والحَيْقُطانُ: ذَكَرُ الدُّرَّاج؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مِنَ الهُوذِ كَدْراء السَّراةِ، وبَطْنُها ... خَصِيفٌ كَلَوْنِ الحَيْقُطانِ المُسَيَّحِ
المُسَيَّحُ: المُخَطَّطُ، والخَصِيفُ: لَوْنٌ أَبيض وأَسود كَلَوْنِ الرَّماد، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: لَمْ يَفْتَحْ أَحد قَافَ الحَيْقطان إِلا ابْنُ دُرَيْدٍ، وَسَائِرُ النَّاسِ الحَيْقُطانُ، والأُنثى حَيْقُطانةٌ. والحَقَطُ: خِفَّةُ الْجِسْمِ وَكَثْرَةُ الْحَرَكَةِ، والحَقْطةُ: المرأَة الخَفيفة الجسم النَّزِقةُ.
حلط: حَلَطَ حَلْطاً وأَحْلَطَ واحْتَلَطَ: حَلَفَ ولَجَّ وغَضِبَ وَاجْتَهَدَ. الْجَوْهَرِيُّ: أَحْلَطَ الرجلُ فِي الْيَمِينِ إِذا اجْتَهَدَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وكُنّا وهُمْ كابْنيْ سُباتٍ تَفَرَّقا ... سِوًى، ثُمَّ كَانَا مُنْجِداً وتِهامِيا
فأَلقَى التِّهامي مِنْهُمَا بلَطاتِه، ... وأَحْلطَ هَذَا: لَا أَعُودُ ورائِيا «1»
لَطاتُه: ثِقَلُه؛ يَقُولُ: إِذا كَانَتْ هَذِهِ حالَهما فَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبداً. والسباتُ: الدَّهْرُ. الأَزهري: قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِ ابْنِ أَحمر وأَحْلَط هَذَا أَي أَقام، قَالَ: وَيَجُوزُ حَلَفَ. قَالَ الأَزهري: والاحْتِلاطُ الاجتهادُ فِي مَحْلٍ ولَجاجةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الاحْتِلاطُ الغضَب والضجَر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: إِنما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كشاتَيْنِ بَيْنَ غَنَمَينِ فاحْتلَط عُبَيْدٌ وغَضِب.
وَفِي كَلَامِ عَلْقَمةَ بْنِ عُلاثة: إِن أَوَّل العِيِّ الاحْتِلاطُ وأَسْوَأ القوْلِ الإِفْراطُ. قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ حَلَطَ فِي الْخَيْرِ وخَلَطَ فِي الشَّرِّ. ابْنُ سِيدَهْ: وحَلِطَ عليَّ حَلَطاً واحْتَلَطَ غَضِب، وأَحْلَطَه هُوَ أَغضَبه. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الحَلْطُ الغَضَبُ مِنَ الحَلْطِ القسَمِ. والحَلْطُ: الإِقامة بِالْمَكَانِ، قَالَ: والحِلاطُ الغَضَب الشَّدِيدُ، قَالَ: وَقَالَ فِي موضعٍ الحُلُطُ المُقْسِمون عَلَى الشَّيْءِ، والحُلُط المُقِيمون فِي الْمَكَانِ، والحُلُطُ الغَضابَى مِنَ النَّاسِ، والحُلُط الْهَائِمُونَ فِي الصَّحارِي عِشقاً. ابْنُ سِيدَهْ: وأَحْلَطَ الرَّجُلُ نَزَلَ بِدَارِ مَهْلكةٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: حَلَط فُلَانٌ، بِغَيْرِ أَلف، وأَحْلَط بِالْمَكَانِ أَقام. وأَحْلَط الرجلُ البعيرَ: أَدخل قَضِيبَهُ فِي حَياءِ النَّاقَةِ، وَالْمَعْرُوفُ بالخاء معجمة.
حلبط: شَمِرٌ: يُقَالُ هَذِهِ الحُلَبِطةُ وَهِيَ الْمِائَةُ مِنَ الإِبل إِلى مَا بَلَغَتْ.
حمط: حَمَطَ الشيءَ يَحْمِطُه حَمْطاً: قشَره، وَهَذَا فِعْلٌ مماتٌ. والحَماطةُ: حُرْقةٌ وخُشونةٌ يجدُها
__________
(1) . قوله [لا أَعود ورائيا] في الأَصل بإزاء البيت: لا أريم مكانيا انتهى. وهي رواية الجوهري.(7/276)
الرَّجُلُ فِي حَلْقِه. وحَماطةُ الْقَلْبِ: سَوادُه؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
ليتَ الغُرابَ، رَمى حَماطَةَ قَلْبِه ... عَمْرٌو بأسْهُمِه، الَّتِي لَمْ تُلْغَبِ
وَقَوْلُهُمْ أَصَبْتُ حَماطةَ قلبِه أَي حَبَّةَ قَلبِه. الأَزهري: يُقَالُ إِذا ضَرَبْتَ فأَوْجِع وَلَا تُحَمِّطْ فإِن التَّحْميطَ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ يَقُولُ: بالِغْ. والتحْمِيطُ: أَن يُضْرَبَ الرجلُ فيقولَ مَا أَوْجَعني ضرْبُه أَي لَمْ يُبالِغْ. الأَزهري: الحَماطُ مِنْ ثَمَر الْيَمَنِ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ يُؤكل، قَالَ: وَهُوَ يُشْبِهُ التِّين، قَالَ: وَقِيلَ إِنه مِثْلُ فِرْسِكِ الخَوْخِ. ابْنُ سِيدَهْ: الحَماطُ شَجَرُ التِّينِ الجبليِّ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني بَعْضُ الأَعراب أَنه فِي مِثْلِ نَبَاتِ التِّينِ غَيْرَ أَنه أَصغر وَرَقًا وَلَهُ تِينٌ كَثِيرٌ صِغَارٌ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ: أَسود وأَملح وأَصفر، وَهُوَ شَدِيدُ الْحَلَاوَةِ يُحْرِقُ الْفَمَ إِذا كَانَ رَطْبًا ويَعْقِرُه، فإِذا جَفَّ ذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَهُوَ يُدَّخَر، وَلَهُ إِذا جَفَّ مَتانةٌ وعُلوكة، والإِبل وَالْغَنَمُ تَرْعَاهُ وتأْكل نَبْتَه؛ وَقَالَ مُرَّةُ: الحَماط التِّينُ الْجَبَلِيُّ. والحَماطُ: شَجَرٌ مِنْ نَبَاتِ جِبَالِ السَّراةِ، وَقِيلَ: هُوَ الأَفانَى إِذا يَبِسَ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ مِثْلُ الصِّلِّيانِ إِلا أَنه خَشِنُ المَسِّ، الْوَاحِدَةُ مِنْهَا حَماطةٌ. أَبو عَمْرٍو: إِذا يَبِسَ الأَفانَى فَهُوَ الْحَمَاطُ. قَالَ الأَزهري: الحَماطةُ عِنْدَ الْعَرَبِ هِيَ الحَلَمةُ وَهِيَ مِنَ الجَنْبةِ، وأَما الأَفانَى فَهُوَ مِنَ العُشْب الَّذِي يَتناثَر. الْجَوْهَرِيُّ: الحَماطُ يَبِيسُ الأَفانَى تأْلفه الْحَيَّاتُ. يُقَالُ: شيطانُ حَماط كَمَا يُقَالُ ذئبُ غَضاً وتَيْسُ حُلَّبٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ وَقَدْ شَبَّهَ المرأَة بحَيَّةٍ لَهُ عُرْف:
عَنْجَرِدٌ تَحْلِفُ حِينَ أَحْلِفُ، ... كمِثْل شَيْطانِ الحَماطِ أَعْرَفُ
الْوَاحِدَةُ حَماطة. الأَزهري: الْعَرَبُ تَقُولُ لجِنْسٍ مِنَ الحيّاتِ شيطانُ الحَماط، وَقِيلَ: الْحَمَاطَةُ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ شَجَرٌ عِظامٌ تَنْبُتُ فِي بِلَادِهِمْ تأْلفها الْحَيَّاتُ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
كأَمْثالِ العِصِيِّ مِنَ الحَماطِ
والحَماطُ: تِبْنُ الذُّرة خَاصَّةً؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والحَمَطِيطُ: نَبْتٌ كالحَماطِ، وَقِيلَ: نَبْتٌ، وَجَمْعُهُ الحَماطِيطُ. قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع الحَمْطَ بِمَعْنَى القَشْر لِغَيْرِ ابْنِ دُرَيْدٍ، وَلَا الحَمَطيِطَ فِي بَابِ النَّبَاتِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. وحَماطانُ: شَجَرٌ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
يَا دارَ سَلْمَى بحَماطانَ اسْلَمِي
والحِمْطاطُ والحُمْطُوطُ: دُوَيْبَّة فِي الْعُشْبِ مَنْقُوشَةٌ بأَلوان شَتَّى، وَقِيلَ: الحَماطِيطُ الْحَيَّاتُ؛ الأَزهري: وأَما قَوْلُ الْمُتَلَمِّسِ فِي تَشْبِيهِهِ وَشْيَ الحُلَل بِالْحَمَاطِيطِ:
كأَنما لونُها، والصُّبْحُ مُنْقَشِعٌ ... قَبْلَ الغَزالةِ، أَلْوانُ الحماطِيطِ
فإِنَّ أَبا سَعِيدٍ قَالَ: الحَماطِيطُ جَمْعُ حَمَطيطٍ وَهِيَ دُودَةٌ تَكُونُ فِي الْبَقْلِ أَيام الرَّبِيعِ مُفَصَّلَةٌ بِحُمْرَةٍ يُشَبَّهُ بِهَا تَفْصِيلُ البَنانِ بالحِنّاء، شبَّه المُتَلَمِّسُ وَشْيَ الْحُلَلِ بأَلوان الحَماطِيط. وحَماط: مَوْضِعٌ ذَكَرَهُ ذُو الرُّمَّةِ فِي شِعْرِهِ:
فَلَمَّا لَحِقْنا بالحُمولِ، وَقَدْ عَلَتْ ... حَماطَ وحرْباء الضُّحَى مُتَشاوِسُ «1»
__________
(1) . قوله [بالحمول] في شرح القاموس بالحدوج، وقوله [وحرباء] كذا هو في الأَصل وشرح القاموس بالحاء، والذي في معجم ياقوت: وجرباء بالجيم.(7/277)
الأَزهري عَنِ
ابْنِ الأَعرابي أَنه ذَكَرَ عَنْ كَعْبٍ أَنه قَالَ: أَسماء النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْكُتُبِ السَّالِفةِ مُحَمَّدٌ وأَحمد والمتوَكِّلُ والمُختارُ وحِمْياطا، وَمَعْنَاهُ حَامِي الحُرَم، وفارِقْلِيطا
أَي يَفْرُقُ بَيْنَ الحقِّ وَالْبَاطِلِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَبو عَمْرٍو سأَلت بَعْضَ مَنْ أَسلم مِنَ الْيَهُودِ عَنْ حِمْياطا، فَقَالَ: مَعْنَاهُ يحْمي الحُرَمَ وَيَمْنَعُ مِنَ الْحَرَامِ ويُوطِئ الحَلال.
حمطط: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: الحَمَطِيطُ دُوَيْبَّةٌ، وَجَمْعُهَا الحَماطِيطُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هِيَ الحُمْطُوطُ.
حنط: الحِنْطةُ: البُرُّ، وَجَمْعُهَا حِنَطٌ. والحَنّاطُ: بائعُ الحِنْطةِ، والحِناطةُ حِرْفَته. الأَزهري: رَجُلٌ حانِطٌ كَثِيرُ الحِنْطةِ، وإِنه لَحانِطُ الصُّرَّةِ أَي عَظِيمُهَا، يَعْنُونَ صُرَّةَ الدَّرَاهِمِ. الأَزهري: وَيُقَالُ حَنَطَ ونَحَطَ إِذا زَفَرَ؛ وَقَالَ الزَّفَيانُ:
وانْجَدَلَ المِسْحَلُ يَكْبُو حانِطا
كَبا إِذا رَبا حانِطاً، أَراد ناحِطاً يَزْفِرُ فقَلَبَه. وأَهل الْيَمَنِ يُسَمُّونَ النَّبْل الَّذِي يُرْمى بِهِ: حَنْطاً. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: فُلَانٌ حانِطٌ إِليّ ومُسْتَحْنِطٌ إِليّ ومُسْتَقْدِمٌ إِليّ ونابِلٌ إِليّ ومُسْتَنْبِلٌ إِليّ إِذا كَانَ مَائِلًا عَلَيْهِ مَيْلَ عَداوةٍ. وَيُقَالُ للبَقْل الَّذِي بَلَغَ أَن يُحْصَد: حانِطٌ. وحَنَطَ الزَّرْعُ والنبْتُ وأَحْنَطَ وأَجَزَّ وأَشْرَى: حانَ أَن يُحْصَد. وَقَوْمٌ حانِطون عَلَى النسَب. والحِنْطِيُّ: الَّذِي يأْكل الحِنْطةَ؛ قَالَ:
والحِنطِئُ الحِنْطِيُّ يُمْنَحُ ... بالعَظيمةِ والرَّغائِبْ
الحِنْطِئُ: القصيرُ. وحَنِطَ الرِّمْثُ وحَنَطَ وأَحْنَطَ: ابْيَضَّ وأَدْرَك وَخَرَجَتْ فِيهِ ثَمَرة غَبْرَاءُ فَبَدَا عَلَى قُلَلِهِ أَمثالُ قِطَعِ الغِراء. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَحْنَطَ الشجرُ والعُشب وحَنَطَ يَحْنُطُ حُنوطاً أَدرك ثَمَره. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَوْرَسَ الرِّمْثُ وأَحْنَطَ، قَالَ: وَمِثْلُهُ خَضَبَ العَرْفَجُ. وَيُقَالُ لِلرَّمْثِ أَوَّل مَا يَتَفطَّر لِيَخْرُجَ وَرَقُهُ: قَدْ أَقْمَل، فإِذا ازْدَادَ قَلِيلًا قِيلَ: قَدْ أَدْبَى، فإِذا ظَهَرَتْ خُضرته قِيلَ: بَقَلَ، فإِذا ابيضَّ وأَدرك قِيلَ: حَنِطَ وحَنَطَ. قَالَ: وَقَالَ شَمِرٌ يُقَالُ أَحْنَطَ فَهُوَ حانِطٌ ومُحْنِطٌ وإِنه لَحَسَنُ الحانِطِ، قَالَ: والحانِطُ والوارِسُ وَاحِدٌ؛ وأَنشد:
تَبَدَّلْنَ بَعدَ الرَّقْصِ فِي حانِطِ الغَضا ... أَباناً وغُلَّاناً، بِهِ يَنْبُتُ السِّدْرُ
يَعْنِي الإِبل. ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ بَعْضُهُمْ أَحْنَطَ الرِّمْثُ، فَهُوَ حانِطٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. والحَنُوط: طِيب يُخلط لِلْمَيِّتِ خَاصَّةً مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لأَن الرِّمْثَ إِذا أَحنط كَانَ لَوْنُهُ أَبيض يَضْرِبُ إِلى الصُّفْرَةِ وَلَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، وَقَدْ حَنَّطَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن ثَمُودَ لَمَّا اسْتَيْقَنُوا بِالْعَذَابِ تكَفَّنُوا بالأَنْطاع وتحَنَّطُوا بالصَّبِرِ لِئَلَّا يَجِيفُوا ويُنْتِنُوا.
الْجَوْهَرِيُّ: الحَنُوطُ ذَرِيرة، وَقَدْ تَحَنَّطَ بِهِ الرَّجُلُ وحَنَّطَ الْمَيِّتَ تَحْنِيطاً، الأَزهري: هُوَ الحَنُوطُ والحِناطُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لعَطاء أَيُّ الحِناطِ أَحَبُّ إِليكَ؟ قَالَ: الْكَافُورُ، قُلْتُ فأَين يُجْعَلُ مِنْهُ؟ قَالَ: فِي مَرافِقِه، قُلْتُ: وَفِي بَطْنِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَفِي مَرْجِعِ رِجْلَيْهِ ومَآبِضه؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَفِي رُفْغَيْه؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَفِي عَيْنَيْهِ وأَنْفِه وأُذُنيه؟ قَالَ: نَعَمْ، قَلْتُ: أَيابساً يُجْعَلُ الْكَافُورُ أَم يُبَلُّ؟ قَالَ: لَا بَلْ يَابِسًا(7/278)
، قُلْتُ: أَتكره المِسْك حِناطاً؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قُلْتُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا يُطَيِّبُ بِهِ الْمَيِّتُ مِنْ ذَرِيرة أَو مِسْك أَو عَنْبَرٍ أَو كافُور مِنْ قصَبٍ هِنْدِيٍّ أَو صَنْدَلٍ مَدْقُوقٍ، فَهُوَ كُلُّهُ حَنوط. ابْنُ بَرِّيٍّ: اسْتَحْنَطَ فُلَانٌ: اجترأَ عَلَى الْمَوْتِ وهانَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا. وَفِي حَدِيثِ
ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ: وَقَدْ حسَرَ عَنْ فَخْذَيْهِ وَهُوَ يَتَحَنَّطُ
أَي يَسْتَعْمِلُ الحَنُوطَ فِي ثِيَابِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ إِلى الْقِتَالِ، كأَنه أَراد بِهِ الِاسْتِعْدَادَ لِلْمَوْتِ وتَوْطِينَ النَّفْسِ بالصبْر عَلَى الْقِتَالِ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الحَنُوطُ والحِناطُ هُوَ مَا يُخلط مِنَ الطِّيب لأَكفان الْمَوْتَى وأَجْسامهم خَاصَّةً. وعَنْزُ حُنَطِئةٌ: عَرِيضَةٌ ضَخْمَةٌ. وحَنَطَ الأَدِيمُ: احْمَرَّ، فَهُوَ حانِطٌ.
حنقط: الحِنْقِطُ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ يُقَالُ مِثْلَ الحَيْقُطانِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَدري مَا صِحَّتُه، وَقِيلَ: هُوَ الدرّاجُ، وَجَمْعُهُ حَناقِطُ، وَقَالُوا: حَنْقُطانٌ وحَيْقُطان. وحِنْقِطُ: اسم.
حوط: حاطَه يَحُوطُه حَوْطاً وحِيطةً وحِياطةً: حَفِظَه وتعَهَّده؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
وأَحْفَظُ مَنْصِبي وأَحُوطُ عِرْضِي، ... وبعضُ القومِ ليسَ بذِي حِياطِ
أَراد حِياطة، وَحَذَفَ الْهَاءَ كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَقامَ الصَّلاةَ*، يُرِيدُ الإِقامة، وَكَذَلِكَ حَوَّطه؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيّةَ:
عليَّ وكانُوا أَهلَ عِزٍّ مُقَدَّمٍ ... ومَجْدٍ، إِذا مَا حُوِّطَ المَجْدُ نَائِلُ «2»
وَيُرْوَى: حُوِّصَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وتَحَوَّطَه: كَحَوَّطَه. واحْتاطَ الرجلُ: أَخذ فِي أُموره بالأَحْزَم. واحْتاط الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ أَي أَخذ بالثِّقة. والحَوْطةُ والحَيْطةُ: الاحْتِياطُ. وحاطَه اللَّهُ حَوْطاً وحِياطةً، وَالِاسْمُ الحَيْطةُ والحِيطة: صَانَهُ وكَلأَه ورَعاه. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ، يَعْنِي أَبا طَالِبٍ، فإِنه كَانَ يَحُوطُك؟
حاطَه يَحُوطُه حَوْطاً إِذا حَفِظَهُ وَصَانَهُ وذبَّ عَنْهُ وتَوفَّرَ عَلَى مصالحِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وتُحِيطُ دَعْوَتُه مِنْ وَرائهم
أَي تُحْدِقُ بِهِمْ مِنْ جَمِيعِ نَواحِيهم. وحاطَه وأَحاط بِهِ، والعَيْرُ يَحُوطُ عانَتَه: يَجْمَعُهَا. والحائطُ: الجِدار لأَنه يَحُوطُ مَا فِيهِ، وَالْجَمْعُ حِيطانٌ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَكَانَ قِياسُه حُوطاناً، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي فِي جَمْعِهِ حِياطٌ كقائمٍ وقِيامٍ، إِلا أَن حَائِطًا قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الِاسْمُ فَحُكْمُهُ أَن يُكَسَّرَ عَلَى مَا يُكَسَّرُ عَلَيْهِ فَاعِلٌ إِذا كَانَ اسْمًا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: الْحَائِطُ اسْمٌ بِمَنْزِلَةِ السَّقْف والرُّكْن وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الحَوْط. وحَوَّطَ حَائِطًا: عَمِلَهُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: حُطْتُ قَوْمِي وأَحَطْتُ الحائطَ؛ وحَوَّطَ حَائِطًا: عَمِلَهُ. وحَوَّطَ كَرْمَه تحْويطاً أَي بنَى حوْلَه حَائِطًا، فَهُوَ كَرْمٌ مُحَوَّط، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَنا أُحَوِّطُ حَوْلَ ذَلِكَ الأَمر أَي أدُورُ. والحُوَّاطُ: حَظِيرة تُتَّخَذُ لِلطَّعَامِ لأَنها تَحُوطُه. والحُوَّاطُ: حَظِيرَةٌ تُتَّخَذُ لِلطَّعَامِ أَو الشَّيْءِ يُقْلَعُ عَنْهُ سَرِيعًا؛ وأَنشد:
إِنّا وجَدْنا عُرُسَ الحَنّاطِ ... مَذْمُومةً لَئِيمةَ الحُوّاطِ
__________
(2) . قوله [حوط المجد] وقوله [ويروى حوص] كذا في الأَصل مضبوطاً.(7/279)
والحُواطةُ: حَظِيرَةٌ تتخَذ لِلطَّعَامِ، والحِيطةُ، بِالْكَسْرِ: الحِياطةُ، وَهُمَا مِنَ الْوَاوِ. وَمَعَ فُلَانٍ حِيطةٌ لَكَ وَلَا تَقُلْ عَلَيْكَ أَي تَحَنُّنٌ وتعَطُّفٌ. والمَحاطُ: الْمَكَانُ الَّذِي يَكُونُ خَلْفَ المالِ والقومِ يَسْتَدِير بِهِمْ ويَحُوطُهم؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى رأَى مِنْ خَمَرِ المَحاطِ
وَقِيلَ: الأَرض المَحاط الَّتِي علَيها حائطٌ وحَديقةٌ، فإِذا لَمْ يُحَيَّطْ عَلَيْهَا فَهِيَ ضاحيةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي طَلْحَةَ: فإِذا هُوَ فِي الْحَائِطِ وَعَلَيْهِ خَميصةٌ
؛ الحائطُ هَاهُنَا البُسْتانُ مِنَ النَّخِيلِ إِذا كَانَ عَلَيْهِ حَائِطٌ، وَهُوَ الجِدارُ، وتكرَّر فِي الْحَدِيثِ، وَجَمْعُهُ الحوائطُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَى أَهلِ الحَوائطِ حِفْظُها بِالنَّهَارِ
، يَعْنِي البَساتِينَ، وَهُوَ عامٌّ فِيهَا. وحُوَّاطُ الأَمرِ: قِوامُه. وكلُّ مَنْ بَلَغَ أَقْصَى شَيْءٍ وأَحْصَى عِلْمَه، فَقَدْ أَحاطَ بِهِ. وأَحاطَتْ بِهِ الخيلُ وحاطَتْ واحْتاطَتْ: أَحْدَقَتْ، وَاحْتَاطَتْ بِفُلَانٍ وأَحاطت إِذا أَحدقت بِهِ. وكلُّ مَنْ أَحْرَز شَيْئًا كلَّه وبلَغ عِلْمُه أَقْصاه، فَقَدْ أَحاطَ بِهِ. يُقَالُ: هَذَا الأَمْر مَا أَحَطْتُ بِهِ عِلماً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ
؛ أَي جَامِعُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وأَحاطَ بالأَمر إِذا أَحْدَقَ بِهِ مِنْ جَوانِبِه كلِّه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ
؛ أَي لَا يُعْجِزُه أَحَدٌ قُدْرَتُهُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهِمْ. وحاطَهم قَصاهُم وبِقَصاهُم: قاتَلَ عَنْهُمْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ
؛ أَي عَلِمْتُهُ مِنْ جَمِيعِ جهاتِه. وأَحاطَ بِهِ: عَلِمَه وأَحاطَ بِهِ عِلْماً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَحَطْت بِهِ عِلماً
أَي أَحْدَقَ عِلْمِي بِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ وعَرفَه. ابْنُ بُزُرْجَ: يَقُولُونَ للدَّراهم إِذا نقَصت فِي الْفَرَائِضِ أَو غَيْرِهَا هَلُمَّ حِوَطَها، قَالَ: والحِوَطُ مَا تُتَمَّمُ بِهِ الدَّراهم. وحاوَطْتُ فُلَانًا مُحاوَطةً إِذا داورْتَه فِي أَمر تُريدُه مِنْهُ وَهُوَ يأْباه كأَنك تَحُوطُه ويَحُوطُك؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وحاوَطْتُه حَتَّى ثَنَيْتُ عِنانَه، ... عَلَى مُدْبِرِ العِلْباء رَيَّانَ كاهِلُهْ
وأُحِيطَ بِفُلَانٍ إِذا دَنا هلاكُه، فَهُوَ مُحاطٌ بِهِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى مَا أَنْفَقَ فِيها
؛ أَي أَصابَه مَا أَهْلَكَه وأَفْسده. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ
؛ أَي تؤْخَذُوا مِنْ جَوانِبِكم، وَالْحَائِطُ مِنْ هَذَا. وأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئته أَي مَاتَ عَلَى شِرْكِه، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ خاتمةِ السُّوء. ابْنُ الأَعرابي: الحَوْطُ خَيْطٌ مفْتول مِنْ لَوْنين: أَحمر وأَسود، يُقَالُ لَهُ البَرِيمُ، تشدُّه المرأَة عَلَى وسَطها لِئَلَّا تُصيبها الْعَيْنُ، فِيهِ خَرَزات وهِلالٌ مِنْ فضَّة، يُسَمَّى ذَلِكَ الهِلالُ الحَوْطَ ويسمَّى الخَيْطُ بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: حُطْ حُطْ إِذا أَمرته أَن يُحَلِّيَ صِبْيةً بالحَوْط، وَهُوَ هِلالٌ مِنْ فضَّة، وحُطْ حُطْ إِذا أَمرته بِصِلَةِ الرَّحِمِ. وحَوْطُ الحَظائر: رَجُلٌ مِنَ النَّمِر بْنِ قَاسِطٍ وَهُوَ أَخو المُنْذِر بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ لأُمه جَدُّ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ. وتَحُوطُ وتَحِيطُ وتُحِيطُ والتَّحُوطُ والتَّحِيطُ، كُلُّهُ: اسْمٌ للسنة الشديدة.
فصل الخاء المعجمة
خبط: خَبَطَه يَخْبِطُه خَبْطاً: ضَرَبَهُ ضرْباً شَدِيدًا. وخبَط البعيرُ بِيَدِهِ يَخْبِطُ خبْطاً: ضَرَبَ الأَرض بِهَا؛ التَّهْذِيبُ: الخَبْطُ ضرب البعير الشيءَ بخُفِّ يدِه(7/280)
كَمَا قَالَ طَرَفَةُ:
تَخْبِطُ الأَرضَ بِصُمٍّ وُقُحٍ، ... وصِلابٍ كالملاطِيسِ سُمُرْ «1»
أَراد أَنها تَضْرِبُها بأَخْفافِها إِذا سارَتْ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ أَنه قَالَ: لَا تَخْبِطُوا خَبْطَ الجمَل وَلَا تَمُطُّوا بآمِينَ
، يَقُولُ: إِذا قَامَ قدَّم رِجْلَه يَعْنِي مِنَ السُّجودِ، نَهَاهُ أَن يُقَدِّمَ رِجْلَه عِنْدَ القيامِ مِنَ السُّجُودِ. والخَبْطُ فِي الدَّوابِّ: الضرْبُ بالأَيْدِي دُونَ الأَرْجُلِ، وَقِيلَ: يَكُونُ لِلْبَعِيرِ بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ. وكلُّ مَا ضرَبه بِيَدِهِ، فَقَدْ خبَطه؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
فَطِرْتُ بمُنْصُلي فِي يَعْمَلاتٍ، ... دَوامِي الأَيْدِ، يَخْبِطْنَ السَّرِيحا
أَراد الأَيْدي فاضْطُرَّ فَحَذَفَ. وتَخَبَّطَه: كَخَبَطَه؛ وَمِنْهُ قِيلَ خَبْطَ عَشْواء، وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي فِي بَصرها ضَعْفٌ تَخْبِط إِذا مَشَتْ لَا تتوَقَّى شَيْئًا؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
رأَيتُ المَنايا خَبْطَ عَشْواء مَنْ تُصِبْ ... تُمِتْه، ومَنْ تُخْطِئُ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
يَقُولُ: رأَيتها تَخْبِطُ الخَلْقَ خَبْطَ العَشْواء مِنَ الإِبل، وَهِيَ الَّتِي لَا تُبْصِرُ، فَهِيَ تَخْبِطُ الْكُلَّ لَا تُبْقِي عَلَى أَحد، فَمِمَّنْ خَبَطَتْه المَنايا مَنْ تُمِيتُه، وَمِنْهُمْ مَنْ تُعِلُّه فيبرأُ والهَرَمُ غايتُه ثُمَّ الْمَوْتُ. وَفُلَانٌ يَخْبِط فِي عَمْياء إِذا رَكِبَ مَا رَكِبَ بجَهالةٍ. وَرَجُلٌ أَخْبَطُ يَخْبِطُ بِرِجْلَيْهِ؛ وَقَوْلُهُ:
عَنّا ومَدَّ غايَةَ المُنْحَطِّ، ... قَصَّرَ ذُو الخَوالِع الأَخْبَطِّ
إِنما أَراد الأَخْبَطَ فَاضْطُّرَ فَشَدَّدَ الطَّاءَ وأَجْراها فِي الْوَصْلِ مُجْراها فِي الْوَقْفِ. وَفَرَسٌ خَبِيطٌ وخَبُوطٌ: يخبِطُ الأَرض بِرِجْلَيْهِ. التَّهْذِيبُ: والخَبُوطُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي يَخْبِط بِيَدَيْهِ. قَالَ شُجَاعٌ: يُقَالُ تَخَبَّطَني بِرِجْلِهِ وتخبَّزَني وخبَطَني وخبَزَني. والخَبْطُ: الوَطْء الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَيدي الدَّوابّ. والخَبَطُ: مَا خَبَطَتْهُ الدوابُّ. والخَبيطُ: الحَوْضُ الَّذِي خَبَطَتْه الإِبل فهدَمَتْه، وَالْجَمْعُ خُبُطٌ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن طِينَهُ يُخبَطُ بالأَرجل عِنْدَ بِنَائِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ونُؤْي كَأَعضاد الخَبِيطِ المُهَدَّمِ
وخبَطَ القومَ بِسَيْفِهِ يَخْبِطُهُم خَبْطاً: جلدَهم. وخبَطَ الشَّجَرَةَ بالعَصا يَخْبِطُها خَبْطاً: شَدَّهَا ثُمَّ ضرَبها بِالْعَصَا ونفَض ورَقها مِنْهَا ليَعْلِفَها الإِبلَ والدوابَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والصَّقْع مِنْ خابِطةٍ وجُرْزِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده والصقعِ، بِالْخَفْضِ، لأَن قَبْلَهُ:
بالمَشْرَفيَّات وطَعْنٍ وخْزِ
الوخْزُ: الطعْنُ غَيْرُ النَّافِذِ. والجُرْزُ: عَمودٌ مِنْ أَعْمِدةِ الخِباء. وَفِي التَّهْذِيبِ أَيضاً: الخَبْطُ ضرْبُ وَرَقِ الشَّجَرِ حَتَّى يَنْحاتَّ عَنْهُ ثُمَّ يَسْتَخْلِف مِنْ غَيْرِ أَن يَضُرّ ذَلِكَ بأَصل الشَّجَرَةِ وأَغْصانِها. قَالَ اللَّيْثُ: الخَبَطُ خَبَطُ وَرَقِ العِضاهِ مِنَ الطَّلْحِ وَنَحْوِهِ يُخْبَطُ يُضْرَبُ بِالْعَصَا فَيَتَنَاثَرُ ثُمَّ يُعْلف الإِبل، وَهُوَ مَا خَبَطَتْه الدوابُّ أَي كسرَتْه. وَفِي حَدِيثِ تَحْرِيمِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ:
نَهَى أَن تُخْبَطَ شجرُها
؛ هُوَ ضَرْبُ الشَّجَرِ بِالْعَصَا ليتناثر ورقها، واسم
__________
(1) . روي هذا البيت في قصيدة طرفة على هذه الصورة:
جافلاتٍ، فوقَ عُوج عجُل، ... رُكِّبَتْ فيها مَلاطِيسُ سُمُرْ(7/281)
الْوَرَقِ الساقطِ الخَبَطُ، بِالتَّحْرِيكِ، فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعول، وَهُوَ مِنْ عَلَفِ الإِبل. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدَةَ: خَرَجَ فِي سَرِيَّةٍ إِلى أَرض جُهَينةَ فأَصابهم جُوعٌ فأَكلوا الخَبَطَ فسُمُّوا جيشَ الخَبَطِ.
والمِخْبَطةُ: القَضِيبُ والعَصا؛ قَالَ كثيِّر:
إِذا خَرَجَتْ مِنْ بيتِها حالَ دُونَها ... بِمِخْبطةٍ، يَا حُسْنَ مَنْ أَنت ضارِبُ
يَعْنِي زَوْجُهَا أَنه يخْبِطُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
فضَرَبَتْها ضَرَّتُها بمِخْبَط فأَسْقَطَتْ جَنِيناً
؛ المِخْبَطُ، بِالْكَسْرِ: الْعَصَا الَّتِي يُخبط بِهَا الشَّجَرُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَقَدْ رأَيْتُني بِهَذَا الْجَبَلِ أَحْتَطِبُ مَرَّةً وأَخْتَبِطُ أُخْرى
أَي أَضرب الشَّجَرَ لينتَثِرَ الورقُ مِنْهُ، وَهُوَ الخَبَطُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سُئل هَلْ يَضُرُّ الغَبْطُ؟ قَالَ: لَا إِلَّا كَمَا يَضُرُّ العِضاهَ الخَبْطُ
؛ الغبْطُ: حسَدٌ خاصٌّ فأَراد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن الغَبْطَ لَا يَضُرُّ ضَررَ الحَسَدِ، وأَنّ مَا يَلْحَقُ الغابِطَ مِنَ الضَّررِ الرَّاجِعِ إِلى نُقصان الثَّوَابِ دونَ الإِحْباط بِقَدْرِ مَا يَلْحَقُ العِضاهَ مِنْ خَبْط ورَقِها الَّذِي هُوَ دُونَ قَطْعِها واسْتئصالها، ولأَنه يَعُودُ بَعْدَ الخبْط ورقُها، فَهُوَ وإِن كَانَ فِيهِ طرَفٌ مِنَ الحسَدِ فَهُوَ دُونَهُ فِي الإِثم. والخَبَطُ: مَا انْتَفَضَ مِنْ وَرَقِهَا إِذا خُبِطتْ، وَقَدِ اخْتَبَطَ لَهُ خبَطاً. والناقةُ تَخْتَبِطُ الشوكَ: تأْكله؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
حُوكَتْ عَلَى نِيْرَيْن، إِذ تُحاكُ، ... تَخْتَبِطُ الشَّوْكَ، وَلَا تُشاكُ «1»
أَي لَا يُؤذِيها الشوكُ. وحُوكَتْ عَلَى نِيْرَيْنِ أَي أَنها شَحِيمةٌ قويّةٌ مُكْتَنِزة، وخبَط الليلَ يَخْبِطُه خَبْطاً: سَارَ فِيهِ عَلَى غَيْرِ هُدًى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سَرَتْ تخْبِطُ الظَّلْماء مِنْ جانِبيْ قَسَا، ... وحُبَّ بِهَا مِنْ خابِطِ الليلِ زَائِرِ
وَقَوْلُهُمْ مَا أَدري أَي خابِطِ الليلِ هُوَ أَو أَيُّ خابِطِ ليلٍ هُوَ أَي أَيُّ النَّاسِ هُوَ. وَقِيلَ: الْخَبْطُ كلُّ سْيرٍ عَلَى غَيْرِ هُدًى. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: خَبّاطُ عَشواتٍ
أَي يَخْبِطُ فِي الظَّلَامِ، وَهُوَ الَّذِي يَمْشِي فِي اللَّيْلِ بِلَا مِصْباح فَيَتَحَيَّرُ ويَضلّ، فَرُبَّمَا تَردّى فِي بِئْرٍ، فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ يَخْبِط فِي عَمْياء إِذا رَكِبَ أَمراً بجَهالة. والخُباطُ، بِالضَّمِّ: دَاءٌ كالجُنون وَلَيْسَ بِهِ. وخبَطَه الشيطانُ وتَخَبَّطَه: مسَّه بأَذًى وأَفسَدَه. وَيُقَالُ: بِفُلَانٍ خَبْطةٌ مِنْ مَسٍّ. وَفِي التَّنْزِيلِ: الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ
؛ أَي يتوَطَّؤُه فيصْرَعُه، والمَسُّ الجُنون. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
وأَعوذ بِكَ أَن يَتَخبَّطَني الشيطانُ
أَي يَصْرَعَني ويَلْعَبَ بِي. والخَبْطُ بِالْيَدَيْنِ: كالرَّمْح بالرّجْلَيْنِ. وخُباطةُ مُعَرَّفَةً: الأَحْمَقُ كَمَا قَالُوا لِلْبَحْرِ خُضارةَ. وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ: أَنه مَرَّ بِرَجُلٍ نَائِمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فدفَعَه بِرِجْلِهِ فَقَالَ: لَقَدْ عُوفِيتَ، لَقَدْ دُفع عَنْكَ، إِنها ساعةُ مَخْرَجِهم وَفِيهَا يَنْتَشِرُون، فَفِيهَا تَكُونُ الخَبْتةُ؛ قَالَ شَمِرٌ: كَانَ مَكْحُولٌ فِي لِسَانِهِ لُكْنةٌ وإِنما أَراد الخَبْطةَ مِنْ تَخَبَّطَه الشيطانُ إِذا مَسَّه بخَبْلٍ أَو جنُونٍ، وأَصل الخَبْطِ ضرْبُ البعير الشيءَ بخُفِّ يَدِهِ. أَبو زَيْدٍ: خَبَطْتُ الرجلَ أَخْبِطُه خَبْطاً إِذا وصلْته. ابْنُ بُزُرْجَ: قَالُوا عَلَيْهِ خَبْطةٌ جَمِيلةٌ أَي مَسْحةٌ جميلةٌ فِي هَيْئَتِهِ وسَحْنَتِه. والخَبْطُ: طَلَبُ الْمَعْرُوفِ، خَبَطَه يَخْبِطُه خبْطاً واخْتَبَطَه. والمُخْتَبِطُ: الَّذِي يَسْأَلُك بِلَا وسِيلة وَلَا قَرابةٍ وَلَا مَعْرِفَةٍ. وخَبَطَه بِخَيْرٍ: أَعطاه من
__________
(1) . قوله: حوكت؛ هكذا ورد على قلب الياء واواً، والقياس حيكت.(7/282)
غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بَيْنَهُمَا؛ قَالَ عَلْقَمةُ بْنُ عَبْدةَ:
وَفِي كلِّ حَيٍّ قَدْ خَبَطْتَ بِنِعْمةٍ، ... فَحُقَّ لشَأْسٍ مِنْ نَداكَ ذَنُوبُ
وشَأْسٌ: اسْمُ أَخي عَلْقَمةَ، وَيُرْوَى: قَدْ خَبَطَّ أَراد خَبَطْتَ فَقَلَبَ التَّاءَ طَاءً وأَدغم الطَّاءَ الأُولى فِيهَا، وَلَوْ قَالَ خَبَتَّ يُرِيدُ خَبَطْتَ لَكَانَ أَقْيَسَ اللُّغَتَيْنِ، لأَن هَذِهِ التَّاءَ لَيْسَتْ مُتَّصِلَةً بِمَا قَبْلَهَا اتِّصَالَ تَاءِ افْتَعَلْتَ بمثالِها الَّذِي هِيَ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ شَبَّهَ تَاءَ خبطْتَ بِتَاءِ افْتَعَلَ فقَلَبها طَاءً لِوُقُوعِ الطَّاءِ قَبْلَهَا كَقَوْلِهِ اطَّلَعَ واطَّرَدَ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا فحَصْطُ بِرِجْلِي كَمَا قَالُوا اصْطَبَرَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ومُخْتَبِطٍ لَمْ يَلْقَ مِنْ دُونِنا كُفًى، ... وذاتِ رَضِيعٍ لَمْ يُنِمْها رَضِيعُها
وَقَالَ لَبِيدٌ:
لِيَبْكِ عَلَى النعْمانِ شَرْبٌ وقَيْنةٌ، ... ومُحْتَبِطاتٌ كالسَّعالي أَرامِلُ
وَيُقَالُ: خبَطَه إِذا سأَلَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
يَوْماً وَلَا خابِطاً مِنْ مالِه وَرِقا
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: خَبَطْتُ فُلَانًا أَخْبِطُه إِذا وصلْتَه؛ وأَنشد فِي تَرْجَمَةِ جَزَحَ:
وإِنِّي، إِذا ضَنَّ الرَّفُودُ برِفْدِه، ... لمُخْتَبِطٌ مِنْ تالِدِ المالِ جازِحُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ اخْتَبَطَني فُلَانٌ إِذا جاءَ يَطْلُبُ المَعْروفَ مِنْ غَيْرِ آصِرةٍ؛ وَمَعْنَى الْبَيْتِ إِنّي إِذا بَخِل الرَّفُود برفْده فإِني لَا أَبْخَلُ بَلْ أَكون مخْتَبِطاً لِمَنْ سأَلني وأُعْطِيه مِنْ تالِدِ مَالِي أَي الْقَدِيمِ. أَبو مَالِكٍ: الاخْتِباطُ طلَبُ المعْروفِ وَالْكَسْبِ. تَقُولُ: اخْتَبَطْت فُلَانًا واخْتَبَطْتُ مَعْرُوفَه فَاخْتَبَطَنِي بِخَيْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَامِرٍ: قِيلَ لَهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَدْ كُنْتَ تَقْري الضيفَ وتُعْطِي المُخْتَبِطَ
؛ هُوَ طالِبُ الرِّفْدِ مِنْ غَيْرِ سَابِقِ مَعْرِفَةٍ وَلَا وَسِيلةٍ، شُبّه بِخابطِ الورَقِ أَو خابِطِ اللَّيْلِ. والخِباطُ، بالكسرِ: سمةٌ تَكُونُ فِي الْفَخِذِ طويلةٌ عَرْضاً وَهِيَ لِبَنِي سَعْدٍ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْوَجْهِ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ فَوْقَ الخَدّ، والجمعُ خُبُطٌ؛ قَالَ وَعْلةُ الجَرْمِيُّ:
أَمْ هَلْ صَبَحْتَ بَني الديّانِ مُوضِحةً، ... شَنْعاء باقِيةَ التَّلْحِيمِ والخُبُطِ؟
وخَبَطَه خَبْطاً: وسَمه بالخِباطِ؛ قَالَ ابْنُ الرُّمَّانِيِّ فِي تَفْسِيرِ الخِباط فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ: إِنه الوَسْمُ فِي الْوَجْهِ، والعِلاطُ والعِراضُ فِي العُنُق، قَالَ: والعِراضُ يَكُونُ عَرْضاً والعِلاطُ يَكُونُ طُولًا. وخبَطَ الرجلُ خبْطاً: طَرَحَ نفسَه حَيْثُ كَانَ وَنَامَ؛ قَالَ دبّاق الدُّبَيْرِيُّ:
قَوْداء تَهْدي قُلُصاً مَمارِطَا، ... يَشْدَخْن باللّيلِ الشُّجاعَ الخابِطا
المَمارِطُ: السِّراعُ، وَاحِدَتُهَا مِمْرَطةٌ. أَبو عُبَيْدٍ: خبَطَ مِثْلَ هَبَغَ إِذا نامَ. والخَبْطةُ: كالزَّكْمةِ تأْخذ قَبْلَ الشِّتَاءِ، وَقَدْ خُبط، فَهُوَ مَخْبُوطٌ. والخِبْطةُ: القِطْعةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والخِبْطُ والخِبْطةُ والخِبِيطُ: الْمَاءُ القليلُ يَبْقَى فِي الحوْضِ؛ قَالَ:
إِنْ تَسْلَمِ الدَّفْواءُ والضَّروطُ، ... يُصْبِحْ لَهَا فِي حَوْضِها خَبِيطُ(7/283)
والدَّفْواءُ والضَّرُوطُ: ناقَتانِ. والخِبْطة، بِالْكَسْرِ: اللبَنُ الْقَلِيلُ يَبْقَى فِي السِّقَاءِ، وَلَا فِعْلَ لَهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخِبْطةُ الجَرْعةُ مِنَ الْمَاءِ تَبْقَى فِي قِرْبةٍ أَو مَزادة أَو حَوْضٍ، وَلَا فِعْلَ لَهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الخِبْطةُ والخَبْطةُ والحِقْلةُ والحَقْلَةُ والفَرْسَة والفَراسة والسُّحْبةُ والسُّحابةُ، كُلُّهُ: بَقِيَّةُ الْمَاءِ فِي الْغَدِيرِ. والحَوْضُ الصَّغِيرُ يُقَالُ لَهُ: الخَبِيطُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الخِبْطُ والرَّفَضُ نَحْوٌ مَنِ النِّصْفِ وَيُقَالُ لَهُ الخَبِيطُ، وَكَذَلِكَ الصَّلْصلةُ. وَفِي الإِناء خِبْطٌ: وَهُوَ نَحْوُ النِّصْفِ، وَيُقَالُ خَبِيطٌ؛ وأَنشد:
يُصْبِحْ لَهَا فِي حَوْضِها خَبِيطُ
وَيُقَالُ خَبِيطةٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
هَلْ رامَني أَحَدٌ يُرِيدُ خَبِيطتي، ... أَمْ هَلْ تَعَذَّر ساحَتي ومَكاني؟
والخِبْطةُ: مَا بَقِيَ فِي الوِعاء مِنْ طَعَامٍ أَو غَيْرُهُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الخِبْطُ مِنَ الْمَاءِ الرَّفْضُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ إِلى النِّصْفِ مِنَ السِّقَاءِ وَالْحَوْضِ وَالْغَدِيرِ والإِناء. قَالَ: وَفِي القِربة خِبْطةٌ مِنْ مَاءٍ وَهُوَ مِثْلُ الجرْعة وَنَحْوِهَا. وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ خِبْطةٍ مِنَ اللَّيْلِ أَي بَعْدَ صدْرٍ مِنْهُ. والخِبْطةُ: القِطْعة مِنَ الْبُيُوتِ وَالنَّاسِ، تَقُولُ مِنْهُ: أَتَوْنا خِبْطة خِبْطة أَي قِطْعة قِطْعَةً، وَالْجَمْعُ خِبَطٌ؛ قَالَ:
افْزَعْ لِجُوفٍ قَدْ أَتتك خِبَطا، ... مِثل الظَّلام وَالنَّهَارِ اخْتَلَطا
قَالَ أَبو الرَّبِيعِ الْكِلَابِيُّ: كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ خِبْطةٍ مِنَ اللَّيْلِ وحِذْفةٍ وَخِدْمَةٍ «2» أَي قِطْعة. والخَبِيطُ: لَبَنٌ رَائِبٌ أَو مَخِيضٌ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْحَلِيبُ مِنَ اللَّبَنِ ثُمَّ يُضْرَبُ حَتَّى يَخْتَلِطَ؛ وأَنشد:
أَو قُبْضة مِنْ حازِرٍ خَبِيط
والخِباطُ: الضِّرابُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والخَبْطةُ: ضَرْبَةُ الفحلِ الناقةَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ جَمَلًا:
خَرُوجٌ مِنَ الخَرْقِ البعيدِ نِياطُه، ... وَفِي الشَّوْلِ يُرْضَى خَبْطةَ الطَّرْقِ ناجِلُهْ.
خرط: الخَرْطُ: قَشْرُك الورقَ عَنِ الشَّجَرِ اجْتِذاباً بِكَفِّكَ، وأَنشد:
إِنَّ، دُون الَّذِي هَمَمْتَ بِهِ، ... مِثْلَ خَرْطِ القَتادِ فِي الظُّلُمَهْ
أَراد فِي الظُّلْمةِ. وخَرَطْتُ العودَ أَخْرُطُه وأَخرِطُه خَرْطاً: قَشَرْتُهُ. وخرَط الشَّجَرَةَ يَخْرطها خَرْطاً: انْتَزَعَ الورقَ واللِّحاء عَنْهَا اجْتِذاباً. وخَرَطْتُ الورقَ: حَتَتُّه، وَهُوَ أَنْ تَقْبِضَ عَلَى أَعلاه ثُمَّ تُمِرَّ يَدَكَ عَلَيْهِ إِلى أَسفله. وَفِي الْمَثَلِ: دُونه خَرْطُ القَتادِ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: خَرَطْتُ العُنْقُودَ خَرْطاً إِذا اجْتَذَبْتَ حَبَّهُ بِجَمِيعِ أَصابعك، وَمَا سَقَطَ مِنْهُ فَهُوَ الخُراطةُ. وَيُقَالُ: خرَط الرجلُ العُنْقُودَ واخْتَرَطَه إِذا وَضَعَهُ فِي فِيهِ وأَخرج عُمْشُوشَه عارِياً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يأْكل الْعِنَبَ خَرْطاً
، يُقَالُ: خَرط العُنقود وَاخْتَرَطَهُ إِذا وَضَعَهُ فِي فِيه ثُمَّ يأْخذ حَبَّهُ ويُخرج عُرْجُونه عَارِيًا مِنْهُ. والخَرُوط: الدابةُ الجَمُوحُ الَّذِي يَجْتَذِبُ رَسَنَه مِنْ يَدِ مُمْسِكه ثُمَّ يَمْضي عَائِرًا خارِطاً، وَقَدْ خرَطه فانْخَرَط، وَالِاسْمُ الخِراطُ. يَقُولُ بَائِعُ الدَّابَّةِ: بَرِئْت إِليك مِنَ الخِراط أَي الجِماحِ. وفرس خَرُوطٌ
__________
(2) . قوله [خدمة] كذا بالأَصل، والذي في شرح القاموس: خذمة.(7/284)
أَي جَمُوحٌ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا أَذن لِعَبْدِهِ فِي إِيذاء قَوْمٍ: قَدْ خَرَطَ عَلَيْهِمْ عبدَه، شُبِّهَ بِالدَّابَّةِ يُفْسَخُ رَسَنُه ويُرْسَلُ مُهْمَلًا. وناقة خَرَّاطةٌ وخَرَّاتةٌ: تَخْتَرِطُ فَتَذْهَبُ عَلَى وَجْهِهَا. وخَرَطَ جارِيَتَه خَرْطاً إِذا نكَحها. وخَرَطَ البازِي إِذا أَرْسَلَه مِنْ سَيْرِه، قَالَ جَوّاسُ بْنُ قَعْطَلٍ:
يَزَعُ الجِيادَ بِقَوْنَسٍ، وكأَنّه ... بازٍ تَقَطَّعَ قَيْدُه مَخْرُوطُ
وانْخِراطُ الصقْرِ: انْقِضاضُه. وخَرِطَ الرجلُ خَرَطاً إِذا غَصَّ بالطَّعامِ، قَالَ شَمِرٌ: لَمْ أَسمع خَرِطَ إِلا هَاهُنَا، قَالَ الأَزهري: وَهُوَ حَرْفٌ صَحِيحٌ، وأَنشد الأُموِيّ:
يَأْكُلُ لَحْماً بائِتاً قَدْ ثَعِطَا، ... أَكْثَرَ مِنْهُ الأَكْل حَتَّى خَرِطَا
وانْخَرَطَ الرَّجلُ فِي الأَمْر وتَخَرَّطَ: ركِب فِيهِ رأسَه مِنْ غَيْرِ عِلم وَلَا مَعْرِفَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: أَنه أَتاه قَوْمٌ بِرَجُلٍ فَقَالُوا: إِن هَذَا يَؤُمُّنا وَنَحْنُ لَهُ كَارِهُونَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: إِنَّكَ لَخَرُوطٌ، أَتَؤُمُّ قَوْمًا وَهُمْ لَكَ كَارِهُونَ
؟ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخَرُوط الَّذِي يَتَهَوّرُ فِي الأُمور وَيَرْكَبُ رَأْسَه فِي كُلِّ مَا يُرِيدُ بِالْجَهْلِ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ بالأُمور، كَالْفَرَسِ الخَرُوط الَّذِي يَجْتَذِبُ رَسَنَه مِنْ يَدِ مُمْسِكه ويَمْضِي لوَجْهه، وَمِنْهُ قِيلَ: انْخَرط عَلَيْنَا فلانٌ إِذا انْدَرأَ عَلَيْهِمْ بِالْقَوْلِ السَّيِء وَالْفِعْلِ. وانْخَرَط الفَرسُ فِي سَيْرِهِ أَي لَجَّ، قَالَ الْعَجَّاجِ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
فَظَلَّ يَرْقَدُّ مِن النَّشَاطِ، ... كالبَرْبَرِيِّ لَجَّ فِي انْخِراطِ
قَالَ: شبَّهه بِالْفَرَسِ البَرْبَرِيِّ إِذا لَجَّ فِي سيرِه. ورَجل خَرُوط: يَنْخَرِطُ فِي الأُمور بالجَهْل. وَانْخَرَطَ عَلَيْنَا بالقَبيح والقَوْل السيِءِ إِذا اندرأَ وأَقبل واسْتَخْرطَ الرَّجلُ فِي البُكاء: لَجَّ فِيهِ واشْتَدَّ، وَالِاسْمُ الخُرَّيْطَى. والخارِطُ والمُنْخَرِطُ فِي العَدْوِ: السَّريع، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
نِعْمَ الأَلُوكُ أَلُوكُ اللحمِ تُرْسِلُه ... عَلَى خَوارِطَ، فِيهَا الليلَ تَطْرِيبُ
يَعْنِي بالخوارِط الحُمُرَ السَّريعةَ. واخْتَرَطَ السيفَ: سَلَّه مِنْ غِمْدِه. وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الخَوْفِ:
فاخْتَرَطَ سيفَه
أَي سَلَّه مِنْ غِمْدِه، وَهُوَ افْتَعل مِنَ الخَرْطِ، وخَرَطَ الفَحْلَ فِي الشَّوْل خَرْطاً: أَرْسَلَه، وخَرَطَ الإِبلَ فِي الرِّعْي خَرْطاً: أَرْسَلَها، وخَرَطَ الدَّلْوَ فِي الْبِئْرِ كَذَلِكَ أَي أَلقاها وحَدَرها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه رأَى فِي ثَوْبِهِ جَنابةً فَقَالَ: خُرِطَ عَلَيْنَا الاحْتِلامُ
أَي أُرْسِل علينا، من قَوْلِهِمْ خَرَطَ دَلوَه فِي الْبِئْرِ أَي أَرْسَلَها. والخَرَطُ، بِالتَّحْرِيكِ، فِي اللَّبَنِ: أَن تُصِيبَ الضَّرْعَ عَيْنٌ أَوْ دَاءٌ أَو تَرْبُضَ الشاةُ أَوْ تَبْرُك الناقةُ عَلَى نَدًى فَيَخْرُجَ اللبَنُ مُتَعَقّداً كقِطَعِ الأَوْتارِ وَيَخْرُجُ مَعَهُ مَاءٌ أَصفر، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَن يَخْرُجَ مَعَ اللَّبَنِ شعْلةُ قَيْح، وَقَدْ أَخْرَطت الشاةُ والناقةُ، وَهِيَ مُخْرِطٌ، وَالْجَمْعُ مَخارِيطُ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ لَهَا عَادَةً فَهِيَ مِخْراطٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا نَصُّ قَوْلِ أَبي عُبَيْدٍ، قَالَ: وَعِنْدِي أَن مَخارِيطَ جَمْعُ مِخْراط لَا جَمْعُ مُخْرِط، والخِرْطُ: اللبَنُ الَّذِي يُصِيبه ذَلِكَ، قَالَ الأَزهريّ: فإِذا احْمَرَّ لَبَنُهَا وَلَمْ تُخْرِطْ فَهِيَ مُمْغِرٌ، وأَنشد ابْنُ برِّي شَاهِدًا(7/285)
عَلَى المِخْراط:
وسَقَوهُم، فِي إِناء مُقْرِفٍ، ... لَبَناً مِنْ درِّ مِخْراطٍ فَئرْ
قَالَ: فَئِرٌ سَقَطَ فِيهِ فأْرة. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الخِرْطُ لَبَنٌ مُنْعقد يَعْلُوهُ مَاءٌ أَصفر. والخَرِيطةُ: هَنة مِثْلُ الكِيسِ تَكُونُ مِنَ الخِرَقِ والأَدَمِ تُشْرَجُ عَلَى مَا فِيهَا، وَمِنْهُ خَرائِط كُتب السلْطانِ وعُمَّاله. وأَخْرطَها: أَشْرجَ فَاهَا. وَرَجُلٌ مَخْروطٌ: قَلِيلُ اللِّحْيةِ. والمَخْروطةُ مِنَ اللِّحَاءِ: الَّتِي خفَّ عارِضاها وسَبَطَ عُثْنُونُها وطالَ. وَرَجُلٌ مَخْرُوطُ الْوَجْهِ: فِي وَجْهِهِ طُولٌ مِنْ غيرِ عِرَضٍ، وَكَذَلِكَ مَخْرُوطُ اللِّحْيَةِ إِذا كَانَ فِيهَا طُولٌ مِنْ غيرِ عِرَض، وَقَدِ اخْرَوَّطَتْ لِحيتُه. واخْرَوَّطَ بِهِمُ الطريقُ والسفَرُ: امتدَّ، قَالَ الْعَجَّاجُ:
مُخْرَوِّطاً جَاءَ مِنَ الأَقْطارِ، ... فَوْتَ الغِرافِ ضامِنَ السِّفارِ
وَقَالَ أَعشى بَاهِلَةَ:
لَا تَأْمَنُ البازِلُ الكَوْماءُ ضَرْبَتَه ... بالمَشْرَفِيِّ، إِذا مَا اخْروَّطَ السَّفَرُ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ: واخْرَوَّطَ السفَر. وَيُقَالُ للشَّرَكِ إِذا انْقَلَبَ عَلَى الصَّيْدِ فَعَلِقَ برِجْلِه: قَدِ اخْرَوَّطَ فِي رِجْلِهِ. واخْرَوَّطَتِ الشَّركةُ فِي رِجْلِ الصَّيْدِ: عَلِقَتْها فاعْتَقَلَتْها، واخْرِوَّاطُها امْتِدادُ أُنْشُوطَتِها. والاخْرِوَّاطُ فِي السَّيْر: المضاءُ والسُّرْعةُ. واخْرَوَّط البعيرُ فِي سَيْرِهِ إِذا أَسْرَعَ. والمُخْرَوِّطةُ مِنَ النُّوقِ: السَّرِيعَةُ. وتَخَرَّطَ الطائرُ تَخَرُّطاً: أَخذ الدُّهْنَ مِنْ زِمِكَّاه. والمِخْراطُ: الحيَّةُ الَّتِي مِنْ عَادَتِهَا أَن تَسْلُخَ جِلْدَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنّي كَسانِي أَبُو قابُوسَ مُرْفلةً، ... كأَنَّها سَلْخُ أَبْكارِ المَخارِيط
والمَخاريطُ: الحيّاتُ المُنْسَلِخةُ. والإِخْرِيطُ: نَباتٌ ينبُتُ فِي الجَدَدِ، لَهُ قُرُون كقُرون اللُّوبياء، وَوَرَقُهُ أَصغر مِنْ وَرَقِ الرَّيْحان، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْب مِنَ الحَمْضِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ أَصفَر اللَّوْنِ دقِيقُ الْعِيدَانِ ضَخْمٌ لَهُ أُصول وَخَشَبٌ، قَالَ الرَّمّاحُ:
بِحَيْثُ يَكُنَّ إِخْرِيطاً وسِدْراً، ... وحَيْثُ عنِ التَّفَرُّقِ يَلْتَقِينا
التَّهْذِيبُ: والإِخْرِيطُ مِنْ أَطْيَب الحَمْضِ، وَهُوَ مِثْلُ الرُّغْل، سُمِّيَ إِخْريطاً لأَنه يُخَرِّطُ الإِبلَ أَي يرقِّقُ سَلْحَها، كَمَا قَالُوا لبقْلة أُخرى تُسْلحُ المَواشِيَ إِذا رَعَتْها: إِسْلِيحٌ. والخُراطُ والخُرَّاطُ والخُرَّيْطَى والخُراطَى: شَحْمَةٌ تَتَمصَّخُ عَنْ أَصْلِ البَرْديِّ، وَاحِدَتُهُ خُراطةٌ. وخَرَطَ «1» الرُّطْبُ البعيرَ وَغَيْرَهُ: سَلَّحَه. وَبَعِيرٌ خارِطٌ: أَكل الرُّطُبَ فخَرَّطَه، قَالَ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ إِلا أَن يَكُونَ بَعِيرٌ خارطٌ بِمَعْنَى مَخْرُوط. واخْتَرَطَ الفَصِيلُ الدَّابَّةَ وخَرَطَه، واخْتَرَطَ الإِنسانَ المَشِيُّ فانْخَرَطَ بطنُه، وخَرَطَه الدَّواءُ أَي مَشَّاهُ،
__________
(1) . 1 قوله" وخرط إلخ" هو من الخرط والتخريط، والرطب، بضم وبضمتين: الرعي الأخضر، أفاده المجد.(7/286)
وَكَذَلِكَ خرَّطَه تَخْريطاً. وحِمار خارِطٌ: وَهُوَ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ العلفُ فِي بَطْنِهِ، وَقَدْ خَرَطَه البقْلُ فخَرَطَ، قَالَ الجعدِيّ:
خارِطٌ أَحْقَبُ فَلْوٌ ضامِرٌ، ... أَبْلَقُ الحَقْوَيْن مَشْطُوبُ الكَفَلْ
مَشْطوب: قَلِيلُ اللَّحْمِ، وَيُقَالُ: فِي عَجُزه طَرائقُ أَي خُطوطٌ، وَيُقَالُ: طَوِيلٌ غَيْرُ مُدَوَّر. وانخرَطَ جِسْمُه أَي دَقَّ. وخَرَطْتُ الحديدَ خَرْطاً أَي طَوَّلْتُه كَالْعَمُودِ، قَالَ الأَزهري: قرأْت فِي نُسْخَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّيْثِ:
عَجِبْتُ لخِرْطِيطٍ ورَقْمِ جَناحِه، ... وَذَمَّةِ طِخْمِيلٍ ورعْثِ الضَّغادِرِ «1»
قَالَ: الخِرْطِيطُ فَراشةٌ مَنْقُوشَةُ الجناحَينِ، وَالطِّخْمِيلُ الدِّيكُ، والضَّغادِرُ الدَّجاجُ، الْوَاحِدَةُ ضُغْدُورةٌ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَا أَعرف شَيْئًا مِمَّا فِي هذا البيت.
خطط: الخَطُّ: الطريقةُ المُسْتَطِيلةُ فِي الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ خُطُوطٌ؛ وَقَدْ جَمَعَهُ الْعَجَّاجُ عَلَى أَخْطاطٍ فَقَالَ:
وشِمْنَ فِي الغُبارِ كالأَخْطاطِ
وَيُقَالُ: الكَلأُ خُطوطٌ فِي الأَرض أَي طَرائقُ لَمْ يَعُمَّ الغَيْثُ البلادَ كُلَّها. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمرو فِي صِفَةِ الأَرض الخامسةِ: فِيهَا حيّاتٌ كسلاسِلِ الرَّمْلِ وَكَالْخَطَائِطِ بَيْنَ الشَّقائِق
؛ وَاحِدَتُهَا خَطِيطةٌ، وَهِيَ طرائقُ تُفارِقُ الشَّقائق فِي غِلَظِها ولِينِها. والخَطُّ: الطريق، يقال: الزَمْ ذَلِكَ الخَطَّ وَلَا تَظْلِمْ عَنْهُ شَيْئًا؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
صُدُود القِلاصِ الأُدْمِ فِي ليلةِ الدُّجَى، ... عَنِ الخَطِّ لَمْ يَسْرُبْ لَهَا الخَطَّ سارِبُ
وخَطَّ القلَمُ أَي كَتَبَ. وخَطَّ الشيءَ يَخُطُّه خَطّاً: كَتَبَهُ بِقَلَمٍ أَو غَيْرِهِ؛ وَقَوْلُهُ:
فأَصْبَحَتْ بَعْدَ، خَطَّ، بَهْجَتِها ... كأَنَّ، قَفْراً، رُسُومَها، قَلَما
أَراد فأَصبحت بَعْدَ بَهْجَتِهَا قَفْرًا كأَنَّ قَلَمًا خَطَّ رُسومَها. والتَّخْطِيطُ: التَّسْطِيرُ، التَّهْذِيبُ: التخْطيطُ كالتَّسْطِير، تَقُولُ: خُطِّطَت عَلَيْهِ ذنوبُه أَي سُطِّرت. وَفِي حَدِيثُ
مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ: أَنه سأَل النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الخَطِّ فَقَالَ: كَانَ نبيٌّ مِنَ الأَنبياء يَخُطُّ فَمَنْ وافَقَ خَطَّه عَلِمَ مِثْلَ عِلْمِه
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَمَنْ وافَق خطَّه فذاكَ.
والخَطُّ: الْكِتَابَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا يُخَطُّ. وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ فِي الطَّرْقِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الخَطُّ الَّذِي يَخُطُّه الحازِي، وَهُوَ عِلْم قَدِيمٌ تَرَكَهُ النَّاسُ، قَالَ: يأْتي صاحِبُ الحاجةِ إِلى الحازِي فيُعْطِيه حُلْواناً فَيَقُولُ لَهُ: اقْعُدْ حَتَّى أَخُطَّ لَكَ، وَبَيْنَ يَدَيِ الْحَازِي غُلام لَهُ معَه مِيلٌ لَهُ، ثُمَّ يأْتي إِلى أَرْضٍ رخْوَةٍ فيَخُطُّ الأُسْتاذ خُطوطاً كَثِيرَةً بِالْعَجَلَةِ لِئَلَّا يَلْحَقها العدَدُ، ثُمَّ يرجِعُ فَيَمْحُو مِنْهَا عَلَى مَهَلٍ خَطَّيْنِ خَطَّيْنِ، فإِن بَقِيَ مِنَ الخُطوط خَطَّانِ فُهِمَا عَلَّامَةُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ والنُّجْح، قَالَ: والحازِي يَمْحُو وَغُلَامُهُ يَقُولُ لِلتَّفَاؤُلِ: ابْنَيْ عِيان، أَسْرِعا البَيان؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فإِذا مَحا الحازِي الخُطوطَ فَبَقِيَ مِنْهَا خَطٌّ
__________
(1) . 1 قوله" ذمة" كذا بالأصل، وفي شرح القاموس بالراء، ورعث هو بالثاء المثلثة في معظم المواضع وفي شرح القاموس زعب، بالزاي والعين.(7/287)
وَاحِدٌ فَهِيَ عَلَامَةُ الخَيْبةِ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ؛ قَالَ: وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي ذَلِكَ الْخَطَّ الَّذِي يَبْقَى مِنْ خُطُوطِ الْحَازِيِّ الأَسْحَم، وَكَانَ هذا الخط عندهم مشْؤُوماً. وَقَالَ الحَرْبيُّ: الخطُّ هُوَ أَن يخُطّ ثَلَاثَةَ خُطوط ثُمَّ يَضْرِب عَلَيْهِنَّ بشعِير أَو نَوًى وَيَقُولُ: يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الكَهانة؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الخَطُّ الْمُشَارُ إِليه عِلْمٌ مَعْرُوفٌ وَلِلنَّاسِ فِيهِ تَصانِيفُ كَثِيرَةٌ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ إِلى الْآنِ، وَلَهُمْ فِيهِ أَوْضاعٌ واصْطلاحٌ وأَسامٍ، وَيَسْتَخْرِجُونَ بِهِ الضَّمِيرَ وَغَيْرَهُ، وَكَثِيرًا مَا يُصِيبُون فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أُنَيْسٍ: ذهَب بِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى مَنْزِلِهِ فدَعا بِطَعَامٍ قَلِيلٍ فَجَعَلْتُ أُخَطِّطُ حَتَّى يَشْبَعَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وسلم
، أَي أَخُطُّ فِي الطَّعَامِ أُرِيهِ أَني آكُل وَلَسْتُ بآكِلٍ. وأَتانا بِطَعَامٍ فخَطَطْنا فِيهِ أَي أَكَلْناه، وَقِيلَ: فحطَطْنا، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، عَذَّرْنا. وَوَصَفَ أَبو المَكارم مَدْعاةً دُعِيَ إِليها قَالَ: فحَطَطْنا ثُمَّ خَطَطْنا أَي اعْتَمَدْنَا عَلَى الأَكل فأَخذنا، قَالَ: وأَما حَطَطْنا فَمَعْنَاهُ التَّعْذِيرُ فِي الأَكل. والحَطُّ: ضِدُّ الخَطِّ، وَالْمَاشِي يَخُطُّ بِرِجْلِهِ الأَرضَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
أَقْبَلْتُ مِنْ عندِ زِيادٍ كالخَرِفْ، ... تَخطُّ رِجْلايَ بِخَطٍّ مُخْتَلِفْ،
تُكَتِّبانِ فِي الطَّرِيقِ لامَ أَلِفْ
والخَطُوط، بِفَتْحِ الْخَاءِ، مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ: الَّتِي تخُطُّ الأَرض بأَظْلافِها، وَكَذَلِكَ كَلُّ دَابَّةٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يخُطّ فِي الأَرض إِذا كَانَ يفكِّر فِي أَمره وَيُدَبِّرُهُ. والخَطُّ: خَطُّ الزَّاجِرِ، وَهُوَ أَن يخُطّ بإِصْبَعِه فِي الرَّمْلِ ويَزْجُر. وخَطَّ الزاجِرُ فِي الأَرض يخُطُّ خَطًّا: عَمِلَ فِيهَا خَطّاً بإِصْبَعِه ثُمَّ زَجَر؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَشِيّةَ مَا لِي حِيلةٌ غَيْرَ أَنَّنِي، ... بِلَقْطِ الْحَصَى والخَطِّ فِي التُّرْبِ، مولَعُ
وَثَوْبٌ مُخَطَّطٌ وكِساء مُخَطَّط: فِيهِ خُطوط، وَكَذَلِكَ تَمْرٌ مُخَطَّط ووَحْشٌ مُخَطَّطٌ. وخَطَّ وجْهُه واخْتَطَّ: صارَتْ فِيهِ خُطوط. واخْتَطَّ الغلامُ أَي نبتَ عِذارُه. والخُطَّةُ: كالخَطِّ كأَنها اسْمٌ لِلطَّرِيقَةِ. والمِخَطُّ، بِالْكَسْرِ: الْعُودُ الَّذِي يَخُطّ بِهِ الحائكُ الثوبَ. والمِخْطاطُ: عُود تُسَوَّى عَلَيْهِ الخُطوطُ. والخَطُّ: الطَّرِيقُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَ سلامةُ بْنُ جَنْدل:
حَتَّى تركْنا وَمَا تُثْنَى ظَعائننا، ... يأْخُذْنَ بينَ سَوادِ الخَطِّ فاللُّوبِ
والخَطُّ: ضَربٌ مِنَ البَضْعِ «2» ، خَطَّها يَخُطُّها خَطّاً. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَيُقَالُ خَطَّ بِهَا قُساحاً. والخِطُّ والخِطَّةُ: الأَرض تُنْزَلُ مِنْ غَيْرِ أَن ينزِلها نازِلٌ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَدْ خَطَّها لنَفْسِه خَطّاً واخْتَطَّها: وَهُوَ أَن يُعَلِّم عَلَيْهَا عَلامةً بالخَطِّ ليُعلم أَنه قَدِ احْتازَها «3» ليَبْنِيَها دَارًا، وَمِنْهُ خِطَطُ الكوفةِ والبصرةِ. واخْتَطَّ فُلَانٌ خِطَّةً إِذا تحَجَّر مَوْضِعًا وخَطَّ عَلَيْهِ بِجِدار، وَجَمْعُهَا الخِطَطُ. وكلُّ مَا حَظَرْتَه، فَقَدْ خطَطْتَ عَلَيْهِ. والخِطّةُ، بِالْكَسْرِ: الأَرضُ. وَالدَّارُ يَخْتَطُّها الرَّجل فِي أَرض غَيْرِ مملوكةٍ ليَتَحجَّرها ويَبْنيَ فِيهَا،
__________
(2) . قوله [البضع] بالفتح والضم بمعنى الجماع.
(3) . قوله [احتازها] في النهاية: اختارها.(7/288)
وَذَلِكَ إِذا أَذِن السُّلْطَانُ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَخْتَطُّوا الدُّورَ فِي مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ وَيَتَّخِذُوا فِيهِ مَساكِنَ لَهُمْ كَمَا فَعَلُوا بِالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ، وإِنما كُسِرَتِ الْخَاءُ مِنَ الخِطَّة لأَنها أُخرجت عَلَى مَصْدَرٍ بُني عَلَى فِعْلِهِ «1» ، وَجَمْعُ الخِطَّةِ خِطَطٌ. وَسُئِلَ إِبراهيمُ الحَربيّ عَنْ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه وَرَّث النِّسَاءَ خِطَطَهُنَّ دُونَ الرِّجال، فَقَالَ: نَعَم كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَعْطَى نِساء خِطَطاً يَسْكُنَّها فِي الْمَدِينَةِ شبْه القَطائِع، منهنَّ أُمُّ عَبْدٍ، فَجَعَلَهَا لهنَّ دُونَ الرِّجال لَا حَظَّ فِيهَا لِلرِّجَالِ.
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ أَنه يُقَالُ خِطٌّ للمكَان الَّذِي يَخْتَطُّه لِنَفْسِهِ، مِنْ غَيْرِ هَاءٍ، يُقَالُ: هَذَا خِطُّ بَنِي فُلَانٍ. قَالَ: والخُطُّ الطَّرِيقُ، يُقَالُ: الزَمْ هَذَا الخُطَّ، قَالَ: ورأَيته فِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَرضُ الخَطيطةُ الَّتِي يُمْطَرُ مَا حَوْلَها وَلَا تُمْطَر هِيَ، وَقِيلَ: الخَطِيطةُ الأَرض الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ بَيْنَ أَرْضَين مَمْطورَتَين، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي مُطِر بعضُها. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ أَمْرَ امْرأَتِه بيدِها فَقَالَتْ لَهُ: أَنتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خطَّ اللَّهُ نَوْءَها أَلَّا طَلَّقَتْ نفسَها ثَلَاثًا
وَرُوِيَ:
خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها
، بِالْهَمْزِ، أَي أَخْطأَها الْمَطَرُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَنْ رَوَاهُ خَطَّ اللَّهُ نوْءَها جَعَلَهُ مِنَ الخَطِيطةِ، وَهِيَ الأَرض الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ بَيْنَ أَرضين مَمْطُورَتَيْنِ، وَجَمْعُهَا خَطائطُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ فِي الخَطائطِ: تَرْعَى الخَطائطَ ونَرِدُ المَطائطَ
؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِهَمْيَانَ بْنِ قُحافةَ:
عَلَى قِلاصٍ تَخْتَطِي الخَطائطَا، ... يَتْبَعْنَ مَوَّارَ المِلاطِ مَائِطَا
وَقَالَ البَعِيثُ:
أَلا إِنَّما أَزْرَى بحَارَك عامِداً ... سُوَيْعٌ، كخطَّافِ الخَطِيطةِ، أَسْحَمُ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
قِلاتٌ بالخَطِيطةِ جاوَرَتْها، ... فَنَضَّ سِمالُها، العَيْنُ الذَّرُورُ
القِلاتُ: جَمْعُ قَلْتٍ للنُّقْرة فِي الْجَبَلِ، والسِّمالُ: جَمْعُ سَمَلةٍ وَهِيَ البقِيَّةُ مِنَ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ النَّضِيضةُ البقيةُ مِنَ الْمَاءِ، وسمالُها مُرْتَفِعٌ بنَضَّ، والعينُ مُرْتَفِعٌ بجاورَتْها، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما مَا حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْعَرَبِ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ الْزَمْ خَطِيطةَ الذُّلِّ مَخافةَ مَا هُوَ أَشدُّ مِنْهُ، فإِنَّ أَصل الخَطِيطةِ الأَرضُ الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ، فَاسْتَعَارَهَا للذلِّ لأَن الْخَطِيطَةَ مِنَ الأَرضين ذَلِيلَةٌ بِمَا بُخِسَتْه مِنْ حَقِّهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرض خِطٌّ لَمْ تُمْطَر وَقَدْ مُطر مَا حولَها. والخُطَّةُ، بِالضَّمِّ: شِبْه القِصَّة والأَمْرُ. يُقَالُ: سُمْتُه خُطَّةَ خَسْفٍ وخُطَّة سَوْء؛ قَالَ تأَبَّط شَرّاً:
هُما خُطَّتا: إِمَّا إِسارٌ ومِنَّةٌ، ... وإِمَّا دَمٌ، والقَتْلُ بالحُرِّ أَجْدَرُ
أَراد خُطَّتانِ فَحَذَفَ النُّونَ اسْتِخْفافاً. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
لَا يَسْأَلوني خُطَّةً يُعَظّمون فِيهَا حُرُماتِ اللَّهِ إِلَّا أَعطَيتهم إِيَّاها
، وَفِي حَدِيثِهَا أَيضاً:
إِنه قَدْ عرَض عَلَيْكُمْ خُطَّة رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا
أَي أَمراً وَاضِحًا فِي الهُدَى والاسْتِقامةِ. وَفِي رأْسِه خُطَّةٌ أَي أَمْرٌ
__________
(1) . قوله [على فعله] كذا في الأَصل وشرح القاموس بدون نقط لما بعد اللام، وعبارة المصباح: وإنما كسرت الخاء لأَنها أُخرجت عَلَى مَصْدَرٍ افتعل مثل اختطب خطبة وارتد ردّة وافترى فرية.(7/289)
مَا، وَقِيلَ: فِي رأْسه خُطَّةٌ أَي جَهْلٌ وإِقدامٌ عَلَى الأُمور. وَفِي حَدِيثِ
قيْلةَ: أَيُلامُ ابْنُ هَذِهِ أَن يَفْصِلَ الخُطَّةَ ويَنْتَصِرَ مِنْ وَرَاءِ الحَجَزة
؟ أَي أَنَّهُ إِذا نَزَلَ بِهِ أَمْرٌ مُلْتَبِسٌ مُشْكِلٌ لَا يُهْتَدى لَهُ إِنه لَا يَعْيا بِهِ وَلَكِنَّهُ يَفْصِلُه حَتَّى يُبْرِمَه ويخرُجَ مِنْهُ برأْيِه. والخُطَّةُ: الحالُ والأَمْرُ والخَطْبُ. الأَصمعي: مِنْ أَمْثالهم فِي الاعْتزام عَلَى الْحَاجَةِ: جاءَ فُلَانٌ وَفِي رأْسه خُطَّةٌ إِذا جاءَ وَفِي نَفْسِهِ حاجةٌ وَقَدْ عزَم عَلَيْهَا، والعامَّةُ تَقُولُ: فِي رأْسه خُطْيَةٌ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ هُوَ الأَول. وخَطَّ وجهُ فُلَانٍ واخْتَطَّ. ابْنُ الأَعرابي: الأَخَطُّ الدَّقِيقُ المَحاسِنِ. واخْتَطَّ الغُلامُ أَي نبتَ عِذارُه. وَرَجُلٌ مُخطَّطٌ: جَمِيلٌ. وخَطَطْتُ بالسيفِ وسطَه، وَيُقَالُ: خَطَّه بِالسَّيْفِ نِصفين. وخُطَّةُ: اسْمُ عَنْز، وَفِي الْمَثَلِ: قَبَّحَ اللَّهُ عَنْزاً خَيْرُها خُطَّةُ. قَالَ الأَصمعي: إِذا كَانَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ عَلَى بَعْضٍ فَضِيلةٌ إِلَّا أَنها خَسيسةٌ قِيلَ: قَبَّحَ اللهُ مِعْزَى خيْرُها خُطَّةُ، وخُطةُ اسْمُ عَنْزٍ كَانَتْ عَنز سَوْء؛ وأَنشد:
يَا قَومِ، مَنْ يَحْلُبُ شَاةً مَيِّتهْ؟ ... قَدْ حُلِبَت خُطَّةُ جَنْباً مُسْفَتهْ
مَيِّتَةٌ ساكنةٌ عِنْدَ الحَلب، وجَنْباً عُلْبةٌ، ومُسْفَتةٌ مَدْبوغة. يُقَالُ: أَسْفَت الزِّقَّ دَبَغَه. اللَّيْثُ: الخَطُّ أَرض يُنْسَبُ إِليها الرِّماحُ الخَطِّيَّةُ، فإِذا جَعَلْتَ النسبةَ اسْمًا لَازِمًا قُلْتَ خَطِّيَّة، وَلَمْ تُذْكَرِ الرماحَ، وَهُوَ خَطُّ عُمانَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَذَلِكَ السِّيفُ كلُّه يُسَمَّى الخَطَّ، وَمِنْ قُرى الخَطِّ القَطِيفُ والعُقَيْرُ وقَطَرُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والخَطُّ سِيفُ البَحْرَينِ وعُمانَ، وَقِيلَ: بَلْ كلُّ سِيفٍ خَطٌّ، وَقِيلَ: الخَطُّ مَرْفَأُ السفُن بِالْبَحْرَيْنِ تُنْسب إِليه الرِّمَاحُ. يُقَالُ: رُمْح خَطِّيٌّ، ورِماح خَطِّيَّة وخِطِّيَّةٌ، عَلَى الْقِيَاسِ وَعَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ، وَلَيْسَتِ الْخَطَّ بمنْبِتٍ للرِّماح، وَلَكِنَّهَا مَرْفَأُ السفُن الَّتِي تحْمِلُ القَنا مِنَ الهِنْدِ كَمَا قَالُوا مِسْكُ دارِينَ وَلَيْسَ هُنَالِكَ مِسْكٌ وَلَكِنَّهَا مرفأُ السُّفُنِ الَّتِي تَحْمِلُ المِسك مِنَ الهِند. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخَطِّيُّ الرِّماح، وَهُوَ نِسْبةٌ قَدْ جرَى مَجْرى الِاسْمِ الْعَلَمِ، ونِسْبته إِلى الخَطّ خَطِّ الْبَحْرِينِ وإِليه ترفأُ السُّفُنُ إِذا جاءَت مِنْ أَرض الْهِنْدِ، وَلَيْسَ الخَطِّيّ الَّذِي هُوَ الرِّمَاحُ مِنْ نَبَاتِ أَرض الْعَرَبِ، وَقَدْ كَثُرَ مَجِيئُهُ فِي أَشْعارها؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي نَبَاتِهِ:
وهَل يُنْبِتُ الخَطِّيَّ إِلّا وشِيجهُ، ... وتُغْرَسُ، إلَّا فِي مَنابِتِها، النَّخْلُ؟
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع: فأَخذ خَطِّيّاً؛ الخَطِّيّ، بِالْفَتْحِ: الرُّمْحُ الْمَنْسُوبُ إِلى الخَطّ. الْجَوْهَرِيُّ: الخَط مَوْضِعٌ بِالْيَمَامَةِ، وَهُوَ خَطُّ هَجَرَ تُنْسب إِليه الرِّماحُ الخَطِّيَّةُ لأَنها تُحْمَلُ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ فتُقوّم بِهِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
إِنه نَامَ حَتَّى سُمع غَطِيطُه أَو خَطِيطُه
؛ الخَطِيطُ: قَرِيبٌ مِنَ الغَطِيطِ وَهُوَ صَوْتُ النَّائِمِ، وَالْغَيْنُ وَالْخَاءُ مُتَقَارِبَتَانِ. وحِلْسُ الخِطاط: اسْمُ رَجُلٍ زَاجِرٍ. ومُخَطِّطٌ: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِلَّا أَكُنْ لاقَيْتُ يَوْمَ مُخَطِّطٍ، ... فَقَدْ خَبَّرَ الرُّكْبانُ مَا أَتَوَدَّدُ
وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ أَقم عَلَى هَذَا الأَمْرِ بخُطَّةٍ وبحُجَّةٍ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. وَقَوْلُهُمْ: خُطَّةٌ نائيةٌ أَي مَقْصِدٌ بَعِيدٌ. وَقَوْلُهُمْ: خُذْ خُطّةً أَي خُذْ خُطة الانْتِصاف،(7/290)
وَمَعْنَاهُ انْتَصِفْ. والخُطَّةُ أَيضاً مِنَ الخَطِّ: كالنُّقْطة مِنَ النَّقْطِ اسْمُ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ: مَا خَطَّ غُبارَه أَي ما شَقَّه.
خلط: خَلَطَ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ يَخْلِطُه خَلْطاً وخَلَّطَه فاخْتَلَطَ: مَزَجَه واخْتَلَطا. وخالطَ الشيءَ مُخالَطة وخِلاطاً: مازَجَه. والخِلْطُ: مَا خالَطَ الشيءَ، وَجَمْعُهُ أَخْلاطٌ. والخِلْطُ: وَاحِدُ أَخْلاطِ الطِّيب. والخِلْطُ: اسْمُ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ الأَخْلاطِ كأَخْلاطِ الدَّوَاءِ وَنَحْوِهِ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: وإِن كَانَ أَحدُنا ليَضَعُ كَمَا تضعُ الشاةُ مَا لَهُ خِلْطٌ
أَي لَا يَخْتَلِطُ نَجْوُهُم بعضُه بِبَعْضٍ لجَفافِه ويُبْسِه، فإِنهم كَانُوا يأْكلون خُبْزَ الشَّعِيرِ وورقَ الشَّجَرِ لِفَقْرِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ. وأَخْلاطُ الإِنسان: أَمْزِجَتُه الأَربعة. وسَمْنٌ خَلِيطٌ: فِيهِ شَحْم ولَحْم. والخَلِيطُ مِنَ العَلَفِ: تِبن وقَتٌّ، وَهُوَ أَيضاً طِينٌ وتِبن يُخْلَطانِ. ولبَن خَلِيطٌ: مُخْتَلِطٌ مِنْ حُلو وحازِر. والخَلِيطُ: أَن تُحْلَب الضأْنُ عَلَى لَبَنِ المِعْزى والمِعزى عَلَى لبَن الضأْنِ، أَو تُحْلَبَ الناقةُ عَلَى لَبَنِ الْغَنَمِ. وَفِي حَدِيثِ النبيذِ:
نَهَى عَنِ الخَلِيطَيْنِ فِي الأَنْبِذة
، وَهُوَ أَن يَجْمَعَ بَيْنَ صِنْفين تَمْرٍ وَزَبِيبٍ، أَو عِنَبٍ ورُطَب. الأَزهري: وأَما تَفْسِيرُ الْخَلِيطَيْنِ الَّذِي جَاءَ فِي الأَشربة وَمَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ شُرْبه فَهُوَ شَراب يُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ والبُسْر أَو مِنَ الْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ، يُرِيدُ مَا يُنْبَذُ مِنَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ مَعًا أَو مِنَ الزَّبِيبِ وَالْعِنَبِ مَعًا، وإِنما نَهَى عَنْ ذَلِكَ لأَن الأَنواع إِذا اخْتَلَفَتْ فِي الِانْتِبَاذِ كَانَتْ أَسرَعَ للشدَّة وَالتَّخْمِيرِ، والنبيذُ الْمَعْمُولُ مِنْ خَلِيطَيْن ذَهَبَ قَوْمٌ إِلى تَحْرِيمِهِ وإِن لَمْ يُسكر، أَخذاً بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وأَحمد وَعَامَّةُ الْمُحَدِّثِينَ، قَالُوا: مَنْ شَرِبَهُ قَبْلَ حُدُوثِ الشِّدَّةِ فِيهِ فَهُوَ آثمٌ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَنْ شَرِبَهُ بَعْدَ حُدُوثِهَا فِيهِ فَهُوَ آثمٌ مِنْ جِهَتَيْنِ: شربِ الخَلِيطيْن وشُربِ المُسْكِر؛ وغيرُهم رَخَّص فِيهِ وَعَلَّلُوا التَّحْرِيمَ بالإِسْكار. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا خالَطَتِ الصدَقةُ مَالًا إِلا أَهْلَكَتْه
، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي أَنّ خِيانةَ الصدَقةِ تُتْلِفُ المالَ المَخْلُوطَ بِهَا، وَقِيلَ: هُوَ تَحْذِير للعمَّال عَنِ الْخِيَانَةِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ حَثٌّ عَلَى تَعْجِيلِ أَداء الزَّكَاةِ قَبْلَ أَن تُخْلَطَ بِمَالِهِ. وَفِي حَدِيثِ الشُّفْعَةِ:
الشَّرِيكُ أَوْلى مِنَ الخَلِيطِ، والخَلِيطُ أَولى مِنَ الجارِ
؛ الشرِيكُ: المُشارِكُ فِي الشُّيوعِ، والخَلِيطُ: المُشاركُ فِي حُقوقِ المِلك كالشِّرْبِ وَالطَّرِيقِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلَيْنِ تَقَدَّمَا إِلى مُعاوِيةَ فادَّعَى أَحدهما عَلَى صَاحِبِهِ مَالًا وَكَانَ المُدَّعي حُوَّلًا قُلَّباً مِخْلَطاً
؛ المِخْلَطُ، بِالْكَسْرِ: الَّذِي يَخْلِطُ الأَشْياء فيُلَبِّسُها عَلَى السَّامِعِينَ وَالنَّاظِرِينَ. والخِلاط: اخْتِلاطُ الإِبِل والناسِ والمَواشي؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يَخْرُجْنَ مِنْ بُعْكُوكةِ الخِلاطِ
وَبِهَا أَخْلاطٌ مِنَ النَّاسِ وخَلِيطٌ وخُلَيْطى وخُلَّيْطى أَي أَوْباشٌ مُجْتَمِعُون مُخْتَلِطُون، وَلَا وَاحِدَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ:
كُنَّا نُرْزَقُ تَمْرَ الجَمْعِ عَلَى عَهْدِ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الخِلْطُ مِنَ التَّمْرِ
أَي المُخْتَلِطُ مِنْ أَنْواعٍ شَتَّى. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُ امرأَتي ثَلَاثًا وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ: أَما أَنا فَلَا أَخْلِطُ حَلالًا بحَرامٍ
أَي لَا أَحْتَسِبُ بالحَيْضةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الطلاقُ مِنَ العِدّةِ، لأَنها كَانَتْ لَهُ حَلَالًا فِي بَعْضِ أَيام الْحَيْضَةِ وَحَرَامًا فِي بَعْضِهَا.(7/291)
وَوَقَعَ القومُ فِي خُلَيْطى وخُلَّيْطى مِثَالُ السُّمَّيْهى أَي اخْتِلاطٍ فَاخْتَلَطَ عَلَيْهِمْ أَمرُهم. والتخْلِيطُ فِي الأَمْرِ: الإِفْسادُ فِيهِ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا خَلَطُوا مالَهم بعضَه بِبَعْضٍ: خُلَّيْطى؛ وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
وكُنَّا خُلَيطى فِي الجِمالِ، فَرَاعَنِي ... جِمالي تُوالى وُلَّهاً مِنْ جِمالِك
ومالُهم بَيْنَهُمْ خِلِّيطى أَي مُخْتَلِط. أَبو زَيْدٍ: اخْتَلَطَ الليلُ بالتُّرابِ إِذا اختلطَ عَلَى الْقَوْمِ أَمرهم وَاخْتَلَطَ المَرْعِيُّ بالهَمَلِ. والخِلِّيطى: تَخْلِيطُ الأَمْرِ، وإِنه لَفي خُلَّيْطى مِنْ أَمرِه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَتُخَفَّفُ اللَّامُ فَيُقَالُ خُلَيْطى. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَا خِلاطَ وَلَا شِناقَ فِي الصَّدَقَةِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فإِنهما يتراجَعانِ بَيْنَهُمَا بالسَّوِيّةِ
؛ قَالَ الأَزهري: كَانَ أَبو عُبَيْدٍ فَسَّرَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ فَثَبَّجَه وَلَمْ يُفَسِّرُه عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ جَوَّدَ تَفْسِيرَهُ فِي كِتَابِ الأَمْوالِ، قَالَ: وَفَسَّرَهُ عَلَى نَحْوِ مَا فَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: الَّذِي لَا أَشُكّ فِيهِ أَن الخَلِيطَيْنِ الشَّرِيكَانِ لَنْ يَقْتَسِمَا الْمَاشِيَةَ، وتراجُعُهما بِالسَّوِيَّةِ أَن يَكُونَا خَلِيطَيْنِ فِي الإِبل تَجِبُ فِيهَا الْغَنَمُ فَتُوجَدُ الإِبل فِي يَدِ أَحدهما، فَتُؤْخَذُ مِنْهُ صدقتُها فَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِالسَّوِيَّةِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ يَكُونُ الْخَلِيطَانِ الرَّجُلَيْنِ يَتَخَالَطَانِ بِمَاشِيَتِهِمَا، وإِن عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاشِيَتَهُ، قَالَ: وَلَا يَكُونَانِ خَلِيطَيْنِ حَتَّى يُرِيحا ويُسَرِّحا ويَسْقِيا مَعًا وتكونَ فُحولُهما مُخْتَلِطةً، فإِذا كَانَا هَكَذَا صَدّقا صدقةَ الْوَاحِدِ بِكُلِّ حَالٍ، قَالَ: وإِن تفرَّقا فِي مُراحٍ أَو سَقْيٍ أَو فُحولٍ فَلَيْسَا خَليطين ويُصَدِّقانِ صدقةَ الِاثْنَيْنِ، قَالَ: وَلَا يَكُونَانِ خَلِيطَيْنِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِمَا حَوْلٌ مِنْ يومَ اخْتَلطا، فإِذا حَالَ عَلَيْهِمَا حَوْلٌ مِنْ يومَ اخْتَلَطَا زَكَّيا زكاةَ الْوَاحِدِ؛ قَالَ الأَزهري: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوجب عَلَى مَن مَلك أَربعين شَاةً فَحَالَ عَلَيْهَا الحولُ، شَاةً، وَكَذَلِكَ إِذا مَلَكَ أَكثر مِنْهَا إِلى تَمَامِ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فإِذا زَادَتْ شاةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهَا شَاتَانِ، وَلَوْ أَن ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مَلَكُوا مِائَةً وَعِشْرِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَربعون شَاةً، وَلَمْ يَكُونُوا خُلَطاء سَنَةً كَامِلَةً، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ، فإِذا صَارُوا خُلَطَاءَ وَجَمَعُوهَا عَلَى رَاعٍ وَاحِدٍ سَنَةً فَعَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ لأَنهم يُصَدِّقُونَ إِذا اخْتَلَطُوا، وَكَذَلِكَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ بَيْنَهُمْ أَربعون شَاةً وَهُمْ خُلَطَاءُ، فَإِنَّ عَلَيْهِمْ شَاةً كأَنّه مَلَكَهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَهَذَا تَفْسِيرُ الْخُلَطَاءِ فِي الْمَوَاشِي مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
؛ فالخُلَطاء هاهنا الشُّرَكاء الَّذِينَ لَا يَتَمَيَّزُ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ إِلا بالقِسْمة، قَالَ: وَيَكُونُ الْخُلَطَاءُ أَيضاً أَن يَخْلِطُوا الْعَيْنَ الْمُتَمَيِّزَ بِالْعَيْنِ الْمُتَمَيَّزِ كَمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ، وَيَكُونُونَ مُجْتَمِعِينَ كالحِلَّةِ يَكُونُ فِيهَا عَشَرَةَ أَبيات، لِصَاحِبِ كُلِّ بَيْتِ ماشيةٌ عَلَى حِدَةٍ، فَيَجْمَعُونَ مواشِيَهم عَلَى راعٍ وَاحِدٍ يَرْعَاهَا مَعًا ويَسْقِيها مَعًا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَعْرِفُ مَالَهُ بسِمَته ونِجارِه. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ أَيضاً:
لَا خِلاطَ وَلَا وِراطَ
؛ الخِلاطُ: مَصْدَرُ خالَطه يُخالِطُه مُخالَطةً وخِلاطاً، وَالْمُرَادُ أَن يَخْلِطَ رَجُلٌ إِبله بإِبل غَيْرِهِ أَو بَقْرَهُ أَو غَنَمَهُ لِيَمْنَعَ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهَا ويَبْخَسَ المُصَدِّقَ فِيمَا يَجِبُ لَهُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
لَا يُجْمَعُ بَيْنَ متفرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجتمع خشيةَ الصَّدَقَةِ
، أَما(7/292)
الْجَمْعُ بَيْنَ المتفرِّق فَهُوَ الخِلاط، وذلك أَن يَكُونَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مَثَلًا لِكُلٍّ وَاحِدٍ أَربعون شَاةً، فَقَدْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شاةٌ، فإِذا أَظَلَّهم المُصَدِّقُ جَمَعُوهَا لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلا شاةٌ وَاحِدَةٌ، وأَما تفريقُ الْمُجْتَمَعِ فأَن يَكُونَ اثْنَانِ شَرِيكَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شاةٍ وشاةٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِي مَالِهِمَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فإِذا أَظَلَّهما المصدِّق فرَّقا غَنَمَهُمَا فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إِلا شَاةً وَاحِدَةً، قَالَ الشَّافِعِيُّ: الخطابُ فِي هَذَا للمُصدّقِ ولربِّ الْمَالِ، قَالَ: فالخَشْيَةُ خَشْيَتانِ: خَشْيةُ السَّاعِي أَن تَقِلَّ الصدقةُ، وخشْيةُ ربِّ الْمَالِ أَن يقلَّ مالُه، فأُمر كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن لَا يُحْدِثَ فِي الْمَالِ شَيْئًا مِنَ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ؛ قَالَ: هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إِذ الخُلْطةُ مؤثِّرة عِنْدَهُ، وأَما أَبو حَنِيفَةَ فَلَا أَثر لَهَا عِنْدَهُ، وَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ نَفْيُ الخِلاطِ لِنَفْيِ الأَثر كأَنه يَقُولُ لَا أَثر للخُلْطةِ فِي تَقْلِيلِ الزَّكَاةِ وَتَكْثِيرِهَا. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ أَيضاً:
وَمَا كَانَ مِنْ خَليطَيْنِ فإِنهما يَتراجَعانِ بَيْنَهُمَا. بالسويَّةِ
؛ الخَلِيطُ: المُخالِط وَيُرِيدُ بِهِ الشَّرِيكَ الَّذِي يَخْلِط مَالَهُ بِمَالِ شَرِيكِهِ، وَالتَّرَاجُعُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَن يَكُونَ لأَحدهما مَثَلًا أَربعون بَقَرَةً وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ بَقَرَةً وَمَالُهُمَا مُخْتَلِطٌ، فيأْخذ السَّاعِي عَنِ الأَربعين مُسِنّةً وَعَنِ الثَّلَاثِينَ تَبِيعاً، فَيَرْجِعُ باذِلُ المسنَّةِ بِثَلَاثَةِ أَسْباعها عَلَى شَرِيكِهِ، وَبَاذِلِ التَّبيعِ بأَربعة أَسْباعه عَلَى شَرِيكِهِ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ السنَّين وَاجِبٌ عَلَى الشُّيُوعِ، كأَنَّ الْمَالَ مِلْكُ وَاحِدٍ، وَفِي قَوْلِهِ بِالسَّوِيَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَن الساعيَ إِذا ظَلَمَ أَحدهما فأَخذ مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى فَرْضِهِ فإِنه لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى شَرِيكِهِ، وإِنما يَضْمَنُ لَهُ قِيمةَ مَا يَخُصُّه مِنَ الْوَاجِبِ دُونَ الزِّيَادَةِ، وَفِي التَّرَاجُعِ دَلِيلٌ عَلَى أَن الخُلطة تَصِحُّ مَعَ تَمْيِيزِ أَعْيان الأَموال عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ، وَالَّذِي فَسَّرَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْخِلَاطِ أَن يَكُونَ بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً، لأَحدهما ثَمَانُونَ وَلِلْآخَرِ أَربعون، فإِذا أَخذ المُصَدِّقُ مِنْهَا شَاتَيْنِ رَدَّ صاحبُ الثَّمَانِينَ عَلَى رَبِّ الأَربعين ثلثَ شَاةٍ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ شاةٌ وَثُلْثٌ، وَعَلَى الْآخَرِ ثُلْثَا شَاةٍ، وإِن أَخذ المُصَدّق مَنَ الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ شَاةً، وَاحِدَةً رَدَّ صاحبُ الثَّمَانِينَ عَلَى رَبِّ الأَربعين ثُلْثَ شَاةٍ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ ثُلْثَا شَاةٍ وَعَلَى الْآخَرِ ثلثُ شَاةٍ، قَالَ: والوِراطُ الخديعةُ والغِشُّ. ابْنُ سِيدَهْ: رَجُلٌ مِخْلَطٌ مِزْيَلٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ فِيهِمَا، يُخالِطُ الأُمور ويُزايِلُها كَمَا يُقَالُ فاتِقٌ راتِقٌ، ومِخْلاطٌ كمِخْلطٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يُلِحْنَ مِن ذِي دَأَبٍ شِرواطِ، ... صاتِ الحُداء شَظِفٍ مِخْلاطِ
وخلَط القومَ خَلْطاً وخالَطَهم: داخَلهم. وخَليطُ الرَّجُلِ: مُخالطُه. وخَلِيطُ الْقَوْمِ: مُخالطهم كالنَّديم المنادِمِ، والجَلِيسِ المُجالِسِ؛ وَقِيلَ: لَا يَكُونُ إِلا فِي الشِّرْكَةِ. وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ
؛ هُوَ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ الخَليطُ جَمْعًا. والخُلْطةُ، بِالضَّمِّ: الشِّرْكة. والخِلْطةُ، بِالْكَسْرِ: العِشْرةُ. والخَلِيطُ: الْقَوْمُ الَّذِينَ أَمْرُهم وَاحِدٌ، والجمعُ خُلَطاء وخُلُطٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بانَ الخَلِيطُ بسُحْرةٍ فتَبَدَّدُوا
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْصَرَمُوا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُهُ:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدُوا، ... وأَخْلَفُوك عِدَى الأَمْرِ الَّذِي وَعَدُوا(7/293)
وَيُرْوَى: فانْفَرَدُوا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْمَعْنَى لِجَمَاعَةٍ مِنْ شُعَرَاءِ الْعَرَبِ؛ قَالَ بسَّامَةُ بْنُ الغَدِير:
إِنّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا الْبَيْنَ فابْتَكَرُوا ... لِنِيَّة، ثُمَّ مَا عادُوا وَلَا انْتَظَرُوا
وَقَالَ ابْنُ مَيّادةَ:
إِن الْخَلِيطَ أَجدُّوا الْبَيْنَ فانْدَفَعُوا، ... وَمَا رَبُوا قَدَرَ الأَمْرِ الَّذِي صَنَعُوا
وَقَالَ نَهْشَلُ بْنُ حَرِّيّ:
إِن الْخَلِيطَ أَجدوا الْبَيْنَ فَابْتَكَرُوا، ... واهْتاجَ شَوْقَكَ أَحْداجٌ لَهَا زُمَر
وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُطَيْرٍ:
إِن الْخَلِيطَ أَجدوا الْبَيْنَ فادّلَجُوا، ... بانُوا وَلَمْ ينْظرُوني، إِنهم لَحِجُوا
وَقَالَ ابْنُ الرِّقاعِ:
إِن الْخَلِيطَ أَجدوا الْبَيْنَ فانْقَذَفُوا، ... وأَمْتَعُوكَ بشَوْقٍ أَيّةَ انْصَرَفُوا
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
إِنَّ الْخَلِيطَ أَجدّ الْبَيْنَ فاحْتَمَلا
وَقَالَ جَرِيرٌ:
إِنّ الخَلِيطَ أَجدُّوا الْبَيْنَ يومَ غَدَوْا ... مِنْ دارةِ الجأْبِ، إِذ أَحْداجُهم زُمَرُ
وَقَالَ نُصَيْبُ:
إِن الْخَلِيطَ أَجدّوا الْبَيْنَ فاحْتَمَلُوا
وَقَالَ وَعْلةُ الجَرْمِيُّ فِي جَمْعِهِ عَلَى خُلُطٍ:
سائلْ مُجاوِرَ جَرْمٍ: هَلْ جَنَيْتَ لهُمْ ... حَرْباً، تُفَرِّقُ بَيْنَ الجِيرةِ الخُلُطِ؟
وإِنما كَثُرَ ذَلِكَ فِي أَشعارهم لأَنهم كَانُوا يَنْتَجِعُونَ أَيام الكَلإِ فَتَجْتَمِعُ مِنْهُمْ قَبَائِلُ شَتَّى فِي مَكَانٍ واجد، فَتَقَعُ بَيْنَهُمْ أُلْفَةٌ، فإِذا افْتَرَقوا وَرَجَعُوا إِلى أَوطانهم ساءَهم ذَلِكَ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يَلْقَى الرجلُ الرجلَ الَّذِي قَدْ أَورد إِبله فأَعْجَلَ الرُّطْبَ وَلَوْ شاءَ لأَخَّرَه، فَيَقُولُ: لَقَدْ فارَقْتَ خَليطاً لَا تَلْقى مثلَه أَبداً يَعْنِي الجَزَّ. والخَلِيطُ: الزوجُ وَابْنُ الْعَمِّ. والخَلِطُ: المُخْتَلِطُ «2» بِالنَّاسِ المُتَحَبِّبُ، يَكُونُ لِلَّذِي يَتَمَلَّقُهم ويتحَبَّبُ إِليهم، وَيَكُونُ لِلَّذِي يُلْقي نساءَه ومتاعَه بَيْنَ النَّاسِ، والأُنثى خَلِطةٌ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ خُلُط، بِضَمِّ اللَّامِ، وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ خِلْطٌ فِي مَعْنَى خَلِطٍ؛ وأَنشد:
وأَنتَ امرُؤٌ خِلْطٌ، إِذا هِيَ أَرْسَلتْ ... يَمينُكَ شَيْئًا، أَمْسَكَتْهُ شِمالُكا
يَقُولُ: أَنت امْرُؤٌ مُتَمَلِّقٌ بالمَقال ضنينٌ بالنَّوال، ويمينُك بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ هِيَ، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَ هِيَ كِنَايَةً عَنِ القِصّة ورفَعْت يَمِينَكَ بأَرسلت، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَخْلَطُ مِنَ الحمَّى؛ يُرِيدُونَ أَنها مُتَحَبِّبَةٌ إِليه مُتَمَلِّقة بورُودها إِياه واعْتيادِها لَهُ كَمَا يَفْعَلُ المُحِبُّ المَلِقُ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: تنازعَ العجاجُ وحُمَيْدٌ الأَرْقَطُ أُرْجُوزَتين عَلَى الطَّاءِ، فَقَالَ حُمَيْدٌ: الخِلاطَ يَا أَبا الشعْثاء، فَقَالَ الْعَجَّاجُ: الفجاجُ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ يَا ابْنَ أَخي أَي لَا تَخْلِطْ أُرْجُوزَتي بأُرْجُوزَتِكَ. واخْتَلَطَ فُلَانٌ أَي فَسَدَ عَقْلُهُ. وَرَجُلٌ خِلْطٌ بَيِّنُ الخَلاطةِ: أَحْمَقُ مُخالَطُ العقْل، عَنْ أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي. وَقَدْ خُولِطَ فِي عَقْلِه خِلاطاً واخْتَلَطَ،
__________
(2) . قوله [والخلط المختلط] في القاموس: والخلط بالفتح وككتف وعنق المختلط بالناس المتملق إليهم.(7/294)
وَيُقَالُ: خُولِط الرجلُ فَهُوَ مُخالَطٌ، واخْتَلَطَ عقلُه فَهُوَ مُخْتَلِط إِذا تَغَيَّرَ عقلُه. والخِلاطُ: مخالطةُ الداءِ الجوفَ. وَفِي حَدِيثِ الوَسْوَسةِ:
ورجَعَ الشيطانُ يَلْتمس الخِلاطَ
أَي يخالِط قَلْبَ الْمُصَلِّي بالوَسْوَسةِ، وَفِي الْحَدِيثِ يَصِف الأَبرار:
فظنَّ النَّاسُ أَن قَدْ خُولِطُوا وَمَا خُولِطُوا وَلَكِنْ خَالَطَ قلْبَهم هَمٌّ عَظيمٌ
، مِنْ قَوْلِهِمْ خُولط فُلَانٌ فِي عَقْلِهِ مُخالَطة إِذا اختلَّ عَقْلُهُ. وخالَطه الداءُ خِلاطاً: خَامَرَهُ. وَخَالَطَ الذئبُ الغَنَمَ خِلاطاً: وقَع فِيهَا. اللَّيْثُ: الخِلاطُ مخالطةُ الذئبِ الغَنَم؛ وأَنشد:
يَضْمَنُ أَهل الشاءِ فِي الخِلاطِ
والخِلاط: مخالَطة الرجلُ أَهلَه. وَفِي حَدِيثِ
عَبِيدةَ: وسُئل مَا يُوجِبُ الغُسْلَ؟ قَالَ: الخَفْقُ والخِلاطُ
أَي الجِماعُ مِنَ الْمُخَالَطَةِ. وَفِي خُطْبَةِ الْحَجَّاجِ: لَيْسَ أَوانَ يَكْثُر الخِلاط، يَعْنِي السِّفادَ، وخالَط الرجلُ امرأَتَه خِلاطاً: جامَعها، وَكَذَلِكَ مخالَطةُ الجملِ الناقةَ إِذا خالَط ثِيلُه حَياءَها. واسْتخلط الْبَعِيرُ أَي قَعا. وأَخلط الفحْلُ: خَالَطَ الأُنثى. وأَخلطه صَاحِبُهُ وأَخلط لَهُ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، إِذا أَخطأَ فسدَّده وَجَعَلَ قَضِيبَهُ فِي الحَياء. واسْتَخْلَطَ هُوَ: فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. ابْنُ الأَعرابي: الخِلاطُ أَن يأْتي الرجلُ إِلى مُراحِ آخَرَ فيأْخذَ مِنْهُ جمَلًا فيُنزِيَه عَلَى نَاقَتِهِ سِرّاً مِنْ صاحِبه، قَالَ: والخِلاط أَيضاً أَن لَا يُحْسن الجملُ القَعْو عَلَى طَرُوقَتِه فيأْخذَ الرجلُ قَضِيبَه فيُولجه. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا قَعا الفحلُ عَلَى الناقةِ فَلَمْ يَسْتَرْشِدْ لحَيائها حَتَّى يُدخله الرَّاعِي أَو غيرُه قِيلَ: قَدْ أَخْلطه إِخْلاطاً وأَلْطَفَه إِلْطافاً، فَهُوَ يُخْلِطُه ويُلْطِفُه، فإِن فَعَلَ الْجَمَلُ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ قِيلَ: قَدِ اسْتَخْلَطَ هُوَ واسْتَلْطَفَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: جَمَلٌ مُختلِط وَنَاقَةٌ مُخْتَلِطَةٌ إِذا سَمِنا حَتَّى اختلَط الشَّحْمُ بِاللَّحْمِ. ابْنُ الأَعرابي: الخُلُط المَوالي، والخُلَطاء الشُّرَكَاءُ، والخُلُطُ جِيران الصَّفا، والخَلِيط الصاحِبُ، والخَلِيطُ الْجَارُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
بانَ الخَلِيطُ وَلَوْ طُووِعتُ مَا بَانَا
فَهَذَا وَاحِدٌ وَالْجَمْعُ قَدْ تَقَدَّمَ الِاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ. والأَخْلاطُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. والخِلْطُ والخِلِطُ مِنَ السِّهام: السَّهْمُ الَّذِي ينبُت عُودُه عَلَى عَوَج فَلَا يَزَالُ يتعوَّج وإِن قُوِّم، وَكَذَلِكَ القوسُ، قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
وصفراءُ البُرايةِ غَيْر خِلْطٍ، ... كوَقْفِ العاجِ عاتِكة اللياطِ
وَقَدْ فُسِّر بِهِ البيتُ الَّذِي أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وأَنتَ امرؤٌ خِلْطٌ إِذا هِيَ أَرسلت
قَالَ: وأَنت امْرُؤٌ خِلْط أَي أَنك لَا تَسْتَقِيمُ أَبداً وإِنما أَنت كالقِدْح الَّذِي لَا يَزَالُ يَتعوَّج وإِن قُوِّم، والأَوّل أَجود. والخِلْط: الأَحمق، وَالْجَمْعُ أَخْلاط؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
فَلَمَّا دخَلْنا أَمْكَنَتْ مِنْ عِنانِها، ... وأَمْسَكْتُ مِنْ بَعْضِ الخِلاطِ عِناني
فَسَّرَهُ فَقَالَ: تكلمَت بالرفَثِ وأَمسكْتُ نَفْسِي عَنْهَا فكأَنه ذَهَبَ بِالْخِلَاطِ إِلى الرفَثِ. الأَصمعي: المِلْطُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ نَسَبٌ وَلَا أَب، والخِلْطُ يُقَالُ فُلَانٌ خِلْطٌ فِيهِ قَوْلَانِ، أَحدُهما المُخَتَلِطُ النسَبِ؛ وَيُقَالُ هُوَ وَلَدُ الزِّنا فِي قَوْلِ الأَعْشَى:(7/295)
أَتاني مَا يقولُ ليَ ابنُ بَظْرا، ... أَقَيْسٌ، يَا ابنَ ثَعْلبة الصَّباحِ،
لِعَبْدانَ ابنُ عاهِرَةٍ، وخِلْطٌ ... رَجوفُ الأَصلِ مَدْخولُ النَّواحي؟
أَراد أَقَيْسٌ لِعَبْدانَ ابنُ عاهِرَةٍ، هَجا بهذا جِهنّاماً [جُهنّاماً] أَحد بَنِي عَبْدانَ. واهْتَلَبَ السيفَ مِنْ غِمْده وامْتَرَقه واعْتَقَّه واخْتَلَطَه إِذا اسْتَلَّه؛ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: الأَصل اخْتَرَطَه وكأَنَّ اللامَ مُبْدَلَةٌ مِنْهُ، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ.
خمط: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ أَهل سبإٍ: وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ
؛ قَالَ اللَّيْثُ: الخَمْطُ ضَرْبٌ مِنَ الأَراكِ لَهُ حَمْل يؤْكل، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ لِكُلِّ نَبْتٍ قَدْ أَخَذَ طَعْماً مِنْ مَرارة حَتَّى لَا يُمْكِنَ أَكلُه خَمْطٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْخَمْطُ فِي التَّفْسِيرِ ثَمَرُ الأَراكِ وَهُوَ البَرِيرُ، وَقِيلَ: شَجَرٌ لَهُ شوْكٌ، وَقِيلَ: الخَمْطُ فِي الْآيَةِ شَجَرٌ قَاتِلٌ أَو سَمٌّ قاتِل، وَقِيلَ: الخَمْط الحَمْل الْقَلِيلُ مِنْ كُلِّ شَجَرَةٍ، وَالْخَمْطُ شَجَرٌ مِثْلُ السِّدْرِ وَحَمْلُهُ كالتُّوت، وَقُرِئَ:
ذَوَاتَيْ أُكُلِ خَمْطٍ
، بالإِضافة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ جَعَلَ الخمْط الأَراكَ فحقُّ القراءَةِ بالإِضافة لأَن الأَكل لِلْجَنِيِّ فأَضافه إِلى الخمْط، وَمَنْ جَعَلَ الْخَمْطَ ثَمَرَ الأَراك فَحَقُّ القراءَة أَن تَكُونَ بِالتَّنْوِينِ، وَيَكُونُ الْخَمْطُ بَدَلًا مِنَ الأُكُل، وبكلٍّ قرأَتْه القرَّاءُ. ابْنُ الأَعرابيّ: الخَمْطُ ثَمَرٌ يُقَالُ لَهُ فَسْوةُ الضَّبُع عَلَى صُورَةِ الخَشْخاش، يَتَفَرَّكُ وَلَا يُنْتفَعُ بِهِ. وَقَدْ خَمَط اللحمَ يَخْمِطُه خَمْطاً، فَهُوَ خَمِيطٌ: شَوَاهُ، وَقِيلَ: شَوَاهُ فَلَمْ يُنْضِجْه. وخَمط الحَمَلَ والشاةَ والجَدْيَ يَخْمِطُه خَمْطاً، وَهُوَ خَمِيطٌ: سلَخَه وَنَزَعَ جِلْده وشَواه، فإِذا نزَع عَنْهُ شَعَره وَشَوَاهُ فَهُوَ السَّمِيطُ، وَقِيلَ: الخَمْطُ بِالنَّارِ، والسَّمْطُ بِالْمَاءِ. والخَمِيطُ: المَشْوِيُّ، والسَّمِيط: الَّذِي نُزع عَنْهُ شعرُه. والخَمّاطُ: الشَّوَّاء؛ قَالَ رؤْبة:
شاكٍ يَشُكُّ خَلَلَ الآباطِ، ... شَكَّ المَشاوِي نَقَدَ الخَمَّاطِ
أَراد بالمَشاوي: السفافِيدَ تَدْخُلُ فِي خَلَل الآباطِ، قَالَ: والخُمَّاطُ السُّمَّاطُ، الْوَاحِدُ خامِطٌ وسامِط. والخَمْطةُ: رِيحُ نَوْرِ الكَرم وَمَا أَشْبَهه مِمَّا لَهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ وَلَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ الذّكاءِ طِيباً. والخَمْطة: الْخَمْرُ الَّتِي أَخَذَت ريِحاً، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخمْطة الَّتِي قد أَخذت شيئا من الرِّيح كَرِيحِ النَّبِق والتفَّاح. يُقَالُ: خَمِطَتِ الخَمْرُ، وَقِيلَ: الخمْطةُ الحامضةُ مَعَ رِيحٍ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
عُقارٌ كماءِ النِّيِّ لَيْسَتْ بخَمْطةٍ، ... وَلَا خَلّةٍ، يَكْوِي الوُجوهَ شِهابُها
وَيُرْوَى: يَكْوِي الشُّروبَ شِهابُها. وَقِيلَ: إِذا أُعْجِلَت عَنِ الاسْتِحكام فِي دَنِّها فَهِيَ خَمْطةٌ. وكلُّ طَرِيّ أَخَذ طعْماً وَلَمْ يَسْتَحْكِم، فَهُوَ خَمْطٌ؛ وَقَالَ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيِّ:
وَلَا تَسْبِقَنْ للناسِ مِنِّي بخَمْطةٍ، ... من السُّمِّ، مَذْرورٍ [مَذْرورٌ] عَلَيْهَا ذُرُورُها
يَعْنِي طَرِيَّةً حَدِيثَةً كأَنها عِنْدَهُ أَحَدُّ؛ وَقَالَ الْمُتَنَخِّلُ:
مُشَعْشَعَةٌ كعَيْنِ الدِّيك، فِيهَا ... حُمَيّاها مِنَ الصُّهْبِ الخِماطِ(7/296)
اخْتَارَهَا حَدِيثةً، وَاخْتَارَهَا أَبو ذُؤَيب عَتِيقةً، وَلِذَلِكَ قَالَ: لَيْسَتْ بخَمْطَةٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخَمْطَةُ الْخَمْرَةُ الَّتِي أُعجلت عَنِ اسْتِحْكَامِ رِيحِهَا فأَخذت رِيحَ الإِدْراكِ كَرِيحِ التُّفَّاح وَلَمْ تُدْرِكْ بَعْدُ، وَيُقَالُ: هِيَ الحامضةُ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الخَمْطةُ أَوّلُ مَا تَبْتَدئُ فِي الحُموضة قَبْلَ أَن تشتدَّ، وَقَالَ السُّكَّرِيُّ فِي بَيْتِ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيِّ: عَنى بالخمْطةِ اللَّوْمَ والكلامَ القَبيحَ. وَلَبَنٌ خَمْطٌ وخامِطٌ: طَيِّبُ الرِّيح، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي قَدْ أَخذ شَيْئًا مِنَ الرِّيح كَرِيحِ النَّبْقِ أَو التُّفَّاح، وَكَذَلِكَ سِقاء خامِطٌ، خَمَطَ يَخْمُطُ خَمْطاً وخُموطاً وخَمِطَ خَمَطاً، وخَمْطَتُه وخَمَطَتُه رائحتُه، وَقِيلَ: خَمَطُه أَن يَصِير كالخِطْمِيِّ إِذا لَجَّنَه وأَوْخَفَه، وَقِيلَ: الخَمْطُ الحامضُ، وَقِيلَ: هُوَ المُرّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدَةَ أَن اللَّبَنَ إِذا ذَهَبَ عَنْهُ حَلاوة الحَلب وَلَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ فَهُوَ سامِطٌ، فإِن أَخذ شَيْئًا مِنَ الرِّيح فَهُوَ خامِطٌ، فإِن أَخذ شَيْئًا مِنَ طعْم فَهُوَ مُمَحَّلٌ، فإِذا كَانَ فِيهِ طَعْمُ الحَلاوةِ فهو فُوّهةٌ. الْيَزِيدِيُّ: الخامِطُ الَّذِي يُشبه ريحُه ريحَ التُّفّاحِ، وَكَذَلِكَ الخَمْطُ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَمَا كنتُ أَخْشَى أَن تكونَ مَنِيَّتِي ... ضَرِيبَ جِلادِ الشَّوْلِ، خَمْطاً وصافِيا
التَّهْذِيبُ: لَبَنٌ خَمْطٌ وَهُوَ الَّذِي يُحْقَنُ فِي سِقاء ثُمَّ يوضَع عَلَى حَشِيشٍ حَتَّى يأْخُذَ مِنْ رِيحِهِ فَيكون خَمْطاً طَيِّبَ الرِّيحِ طيبَ الطَّعْمِ. والخَمْطُ مِنَ اللَّبَنِ: الحامِضُ. وأَرض خَمْطةٌ وخَمِطةٌ: طيبةُ الرَّائِحَةِ، وَقَدْ خَمِطَتْ وخَمَطَتْ. وخَمَط السِّقاءُ وخَمِطَ خَمْطاً وخَمَطاً، فَهُوَ خَمِطٌ: تَغَيَّرَتْ رائحتُه، ضِدٌّ. سِيبَوَيْهِ: وَهِيَ الخَمْطةُ. وتَخَمَّطَ الفحلُ: هَدَرَ. وخَمِطَ الرجلُ وتَخَمَّطَ: غَضِبَ وتَكبَّرَ وثارَ؛ قَالَ:
إِذا تَخَمَّطَ جَبّارٌ ثَنَوْه إِلى ... مَا يَشْتَهُونَ، وَلَا يُثْنَوْن إِنْ خَمِطُوا
والتَّخَمُّطُ: التَّكَبُّرُ، قَالَ:
إِذا رأَوْا مِنْ مَلِكٍ تَخَمُّطا ... أَو خُنْزُواناً، ضَرَبُوهُ مَا خَطا
وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
إِذا مَا تَسامَتْ للتخمطِ صِيدُها
الأَصمعي: التخمُّط الأَخذُ والقهْرُ بغَلبةٍ؛ وأَنشد:
إِذا مُقْرَمٌ مِنّا ذَرَا حَدُّ نابِه، ... تَخَمَّطَ فِينا نابُ آخَرَ مُقْرَمِ
وَرَجُلٌ مُتَخَمِّطٌ: شديدُ الغَضَبِ لَهُ ثَوْرةٌ وجَلَبة. وَفِي حَدِيثِ
رِفاعةَ قَالَ: الماءُ مِنَ الْمَاءِ، فتخمَّطَ عُمَرُ
أَي غَضِبَ. وَيُقَالُ لِلْبَحْرِ إِذا التَطَمَتْ أَمواجُه: إِنه لَخَمِطُ الأَمْواجِ. وَبَحْرٌ خَمِطُ الأَمواج: مُضْطَرِبُها؛ قَالَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ:
ذُو عُبابٍ زَبَدٍ آذِيُّه، ... خَمِطُ التَّيّارِ يَرْمي بالقَلَعْ [بالقِلَعْ]
يعني بالقَلَعِ [بالقِلَعِ] الصخْرَ أَي يَرْمِي بالصخْرة العظيمةِ. وتَخَمَّطَ البحرُ: التطَم أَيضاً.
خنط: خَنَطَه يَخْنِطُه خَنْطاً: كَرَبَه. الأَزهري: الخَناطِيطُ والخَناطِيلُ مِثْلُ العَبادِيدِ جَماعاتٌ فِي تَفْرِقةٍ، وَلَا وَاحِدَ لَهَا.
خوط: الخُوطُ: الغُصْنُ الناعِمُ، وَقِيلَ: الغُصن لِسَنةٍ، وَقِيلَ: هُوَ كلُّ قَضِيبٍ مَا كَانَ؛ عَنْ أَبي(7/297)
حَنِيفَةَ، وَالْجَمْعُ خِيطانٌ؛ قَالَ:
لَعَمْرُكَ إِنّي فِي دِمَشْقَ وأَهْلِها، ... وإِن كنتُ فِيهَا ثاوِياً، لغَرِيبُ
أَلا حَبَّذا صَوْتُ الغَضَا حِينَ أَجْرَسَتْ، ... بِخِيطانِه بَعْدَ المَنامِ، جَنُوبُ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
سَرَعْرَعاً خُوطاً كغُصْنٍ نابِت
يُقَالُ: خُوطُ بانٍ، الْوَاحِدَةُ خُوطةٌ. والخُوطُ مِنَ الرِّجَالِ: الجسيمُ الخَفِيفُ كالخَوْطِ. وَجَارِيَةٌ خُوطانِيَّةٌ: مُشَبَّهة بالخُوط. ابْنُ الأَعرابي: خُطْ خُطْ إِذا أَمرته أَن يَخْتِلَ إِنساناً برُمْحِه. وَفِي النَّوَادِرِ: تَخَوّطْتُ فُلَانًا وتَخَوَّتُّه تَخَوُّطاً وتَخَوُّتاً إِذا أَتيتَه الفَيْنةَ بَعْدَ الفينةِ أَي الحِينَ بَعْدَ الحِين.
خيط: الخَيْطُ: السِّلْك، وَالْجَمْعُ أَخْياطٌ وخُيوطٌ وخُيوطةٌ مِثْلُ فَحْلٍ وفُحولٍ وفُحولةٍ، زَادُوا الْهَاءَ لتأْنيث الْجَمْعِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ مُقْبِلٍ:
قَرِيساً ومَغْشِيّاً عَلَيْهِ، كأَنَّه ... خُيوطةُ مارِيٍّ لَواهُنَّ فاتِلُهْ
وخاطَ الثوبَ يَخِيطُه خَيْطاً وخِياطةً، وَهُوَ مَخْيوطٌ ومَخِيطٌ، وَكَانَ حَدُّهُ مَخْيوطاً فلَيَّنُوا الْيَاءَ كَمَا لَيَّنُوها فِي خاطٍ، وَالْتَقَى سَاكِنَانِ: سُكُونُ الْيَاءِ وَسُكُونُ الْوَاوِ، فَقَالُوا مَخِيط لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، أَلقوا أَحدهما، وَكَذَلِكَ بُرٌّ مَكِيل، والأَصل مَكْيُولٌ، قَالَ: فَمَنْ قَالَ مَخْيوط أَخرجه عَلَى التَّمَامِ، وَمَنْ قَالَ مَخِيطٌ بَنَاهُ عَلَى النَّقْصِ لِنُقْصَانِ الْيَاءِ فِي خِطْتُ، وَالْيَاءُ فِي مَخِيط هِيَ وَاوَ مَفْعُولٍ، انْقَلَبَتْ يَاءً لِسُكُونِهَا وَانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وإِنما حُرِّكَ مَا قَبْلَهَا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَ سُقُوطِ الْيَاءِ، وإِنما كُسِرَ لِيُعْلَمَ أَنّ السَّاقِطَ يَاءٌ، وَنَاسٌ يَقُولُونَ إِنّ الْيَاءَ فِي مَخِيطٍ هِيَ الأَصلية وَالَّذِي حُذِفَ وَاوُ مَفْعُولٍ ليُعرف الْوَاوِيُّ مِنَ الْيَائِيِّ، والقولُ هُوَ الأَوّل لأَنّ الْوَاوَ مَزِيدَةٌ لِلْبِنَاءِ فَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَن تُحْذَفَ، والأَصليّ أَحقُّ بِالْحَذْفِ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ أَو علَّةٍ تُوجِبُ أَن يُحْذَفَ حَرْفٌ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي كُلِّ مَفْعُولٍ مِنْ ذَوَاتِ الثَّلَاثَةِ إِذا كَانَ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ، فإِنه يَجِيءُ بِالنُّقْصَانِ وَالتَّمَامِ، فأَما مِنْ بَنَاتِ الْوَاوِ فَلَمْ يَجِئْ عَلَى التَّمَامِ إِلا حَرْفان: مِسْك مَدْوُوفٌ، وَثَوْبٌ مَصْوُون، فإِنَّ هَذَيْنِ جَاءَا نَادِرَيْنِ، وَفِي النَّحْوِيِّينَ مَنْ يَقِيسُ عَلَى ذَلِكَ فَيَقُولُ قَوْلٌ مَقْوُول، وَفَرَسٌ مَقْوُودٌ، قِيَاسًا مُطَّرِدًا؛ وَقَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
كأَنَّ عَلَى صَحاصِحِه رِياطاً ... مُنَشَّرةً، نُزِعْنَ مِنَ الخِياطِ
إِما أَن يَكُونَ أَراد الخِياطةَ فَحَذَفَ الْهَاءَ، وإِما أَن يَكُونَ لُغَةً. وخَيَّطَه: كخاطَه؛ قَالَ:
فهُنَّ بالأَيْدِي مُقَيِّساتُه، ... مُقَدِّراتٌ ومُخَيِّطاتُه
والخِياطُ والمِخْيَطُ: مَا خِيطَ بِهِ، وَهُمَا أَيضاً الإِبرَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ
؛ أَي فِي ثَقْبِ الإِبرة والمِخْيَطِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: المِخْيَطُ وَنَظِيرُهُ مِمَّا يُعْتَمل بِهِ مكسورُ الأَول، كَانَتْ فِيهِ الْهَاءُ أَو لَمْ تَكُنْ، قَالَ: وَمِثْلُ خِياطٍ ومِخْيَطٍ سِرادٌ ومِسْرَدٌ وإِزارٌ ومِئْزَرٌ وقِرامٌ ومِقْرَمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَدُّوا الخِياطَ(7/298)
والمِخْيَطَ
؛ أَراد بالخِياط هَاهُنَا الخَيْطَ، وبالمِخْيَطِ مَا يُخاطُ بِهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: هِيَ الإِبرة. أَبو زَيْدٍ: هَبْ لِي خِياطاً ونِصاحاً أَي خَيْطاً وَاحِدًا. وَرَجُلٌ خائطٌ وخَيَّاطٌ وخاطٌ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. والخِياطةُ: صِناعةُ الخائِط. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ
؛ يَعْنِي بياضَ الصبحِ وسوادَ اللَّيْلِ، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ بالخَيْطِ لدِقَّته، وَقِيلَ: الخيطُ الأَسود الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ، وَالْخَيْطُ الأَبيض الْفَجْرُ المُعْتَرِضُ؛ قَالَ أَبو دُواد الإِيادي:
فلمَّا أَضاءتْ لَنا سُدْفةٌ، ... ولاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أَنارا
قَالَ أَبو إِسحاق: هُمَا فَجْرانِ، أَحدهما يَبْدُو أَسود مُعْترضاً وَهُوَ الْخَيْطُ الأَسود، وَالْآخَرُ يَبْدُو طَالِعًا مُسْتَطِيلًا يَمْلأُ الأُفق فَهُوَ الْخَيْطُ الأَبيض، وَحَقِيقَتُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الليلُ مِنَ النَّهَارِ، وَقَوْلُ أَبي دُوَادٍ: أَضاءت لَنَا سُدْفَةً، هِيَ هَاهُنَا الظُّلمة؛ ولاحَ مِنَ الصُّبْحِ أَي بَدا وَظَهَرَ، وَقِيلَ: الخيْطُ اللَّوْنُ، وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ مَا قَالَهُ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي تَفْسِيرِ الخَيْطَيْنِ: إِنما ذَلِكَ سوادُ الليلِ وبياضُ النَّهَارِ
؛ قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
الخَيْطُ الأَبْيَضُ ضَوْء الصُّبْحِ مُنْفَلِقٌ، ... والخَيْطُ الأَسْودُ لوْنُ الليلِ مَرْكُومُ
وَيُرْوَى: مَكْتُومُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ عَدِيّ بْنَ حَاتِمٍ أَخذَ حَبْلًا أَسودَ وَحَبْلًا أَبيضَ وَجَعَلَهُمَا تَحْتَ وِسادِه لِيَنْظُرَ إِليهما عِنْدَ الْفَجْرِ، وَجَاءَ إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَعلمه بِذَلِكَ فَقَالَ: إِنك لعَريضُ القَفا، لَيْسَ الْمَعْنَى ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ بياضُ الفجرِ مِنْ سوادِ الليلِ
، وَفِي النِّهَايَةِ: وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ بياضَ النَّهَارِ وَظُلْمَةَ اللَّيْلِ. وخَيَّطَ الشيبُ رأْسَه وَفِي رأْسِه ولِحْيَتِه: صَارَ كالخُيوطِ أَو ظَهَرَ كالخُيوطِ مِثْلُ وخَطَ، وتَخَيَّطَ رأْسُه كَذَلِكَ؛ قَالَ بَدْرُ بْنُ عَامِرٍ الْهُذَلِيُّ:
تاللهِ لَا أَنْسَى مَنِيحةَ واحدٍ، ... حَتَّى تَخَيَّطَ بالبَياضِ قُروني
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذا اتَّصَلَ الشيبُ فِي الرأْس فَقَدْ خَيَّطَ الرأْسَ الشيبُ، فَجَعَلَ خَيَّطَ مُتعدِّياً، قَالَ: فَتَكُونُ الرِّوَايَةُ عَلَى هَذَا حَتَّى تُخَيَّطَ بالبَياضِ قُروني، وجُعِل البياضُ فِيهَا كأَنه شَيْءٌ خِيطَ بعضُه إِلى بَعْضٍ، قَالَ: وأَمّا مَنْ قَالَ خَيَّطَ فِي رأْسِه الشيبُ بِمَعْنَى بَدا فإِنه يُرِيدُ تُخَيَّطُ، بِكَسْرِ الْيَاءِ، أَي خَيَّطَتْ قُروني، وَهِيَ تُخَيَّطُ، وَالْمَعْنَى أَن الشَّيْبَ صَارَ فِي السَّوَادِ كالخُيوطِ وَلَمْ يَتَّصِلْ، لأَنه لَوِ اتَّصَلَ لَكَانَ نَسْجاً، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ الْبَيْتُ بِالْوَجْهَيْنِ: أَعني تُخَيَّطُ، بِفَتْحِ الْيَاءِ، وتُخَيِّطُ، بِكَسْرِهَا، وَالْخَاءُ مَفْتُوحَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ. وخَيْطُ باطِلٍ: الضَّوْء الَّذِي يدخُل مِنَ الكُوَّةِ، يُقَالُ: هُوَ أَدَقُّ مِنْ خَيْطِ باطِلٍ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، وَقِيلَ: خَيْطُ باطِلٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ لُعابُ الشَّمْسِ ومُخاطُ الشَّيْطَانِ، وَكَانَ مَرْوانُ بْنُ الحَكَمِ يُلَقَّب بِذَلِكَ لأَنه كَانَ طَوِيلًا مُضْطَرِباً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَحى اللهُ قَوْماً مَلَّكُوا خَيْطَ باطِلٍ ... عَلَى النَّاسِ، يُعْطِي مَن يَشاءُ ويَمْنَعُ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: خَيْطُ باطِل هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ فَمِ العَنْكَبوتِ. أَحمد بْنُ يَحْيَى: يُقَالُ فُلَانٌ(7/299)
أَدَقُّ مِنْ خَيْطِ الْبَاطِلِ، قَالَ: وخَيْطُ الْبَاطِلِ هُوَ الهَباء المَنْثور الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ الْكُوَّةِ عِنْدَ حَمْي الشَّمْسِ، يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يَهُون أَمرُه. والخَيْطةُ: خَيْطٌ يَكُونُ مَعَ حَبْل مُشْتارِ الْعَسَلِ، فإِذا أَراد الخَلِيَّةَ ثُمَّ أَراد الْحَبْلَ جَذَبه بِذَلِكَ الْخَيْطِ وَهُوَ مَرْبُوط إِليه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تَدَلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وخَيْطَةٍ ... بجَرداء، مثلِ الوَكْفِ، يَكْبُو غُرابُها
وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا البيتَ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى الوَتدِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الخَيْطةُ حَبْلٌ لَطِيفٌ يُتَّخَذُ مِنَ السَّلَبِ؛ وأَنشد فِي التَّهْذِيبِ:
تدلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وخَيْطةٍ ... شَديدُ الوَصاةِ، نابِلٌ وابنُ نابِلِ
وَقَالَ: قَالَ الأَصمعي السِّبُّ الْحَبْلُ والخَيْطةُ الوَتِدُ. ابْنُ سِيدَهْ: الخيْطة الوتِد فِي كَلَامِ هُذيل، وَقِيلَ الْحَبْلُ. والخَيْطُ والخِيطُ: جَمَاعَةُ النَّعامِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْبَقَرِ، وَالْجَمْعُ خِيطانٌ. والخَيْطى: كالخِيطِ مِثْلُ سَكْرى؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وخَيْطاً مِنْ خَواضِبَ مُؤْلَفاتٍ، ... كأَنَّ رِئالَها ورَقُ الإِفالِ
وَهَذَا الْبَيْتُ نَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ لِشُبَيْلٍ، قَالَ: وَيُجْمَعُ عَلَى خِيطانٍ وأَخْياطٍ. اللَّيْثُ: نَعامة خَيْطاء بَيِّنَةُ الخَيَطِ، وخَيَطُها: طُولُ قَصَبِها وعُنُقِها، وَيُقَالُ: هُوَ مَا فِيهَا مِنِ اخْتِلاطِ سوادٍ فِي بَيَاضٍ لازِمٍ لَهَا كالعَيَسِ فِي الإِبل العِراب، وَقِيلَ: خَيَطُها أَنها تَتقاطَرُ وتَتَّابعُ كالخَيْطِ الْمَمْدُودِ. وَيُقَالُ: خاطَ فُلَانٌ بَعِيرًا بِبَعِيرٍ إِذا قَرَن بينهما؛ قال رَكّاضٌ الدُّبَيْرِي:
بَلِيدٌ لَمْ يخِطْ حَرْفاً بعَنْسٍ، ... ولكنْ كَانَ يَخْتاطُ الخِفاء
أَي لَمْ يقْرُن بَعِيرًا بِبَعِيرٍ، أَراد أَنه لَيْسَ مِنْ أَرْباب النَّعَم. والخِفاء: الثوبُ الَّذِي يُتَغَطَّى بِهِ. والخَيْطُ والخِيطُ: القِطْعةُ مِنَ الْجَرَادِ، وَالْجَمْعُ خِيطانٌ أَيضاً. ونَعامةٌ خَيْطاء بَيّنةُ الخَيطِ: طَوِيلَةُ العُنق. وخَيْطُ الرَّقَبة: نُخاعُها. يُقَالُ: جاحَش فُلَانٌ عَنْ خَيْطِ رقَبته أَي دافَع عَنْ دَمِه. وَمَا آتِيك إِلا الخَيْطةَ أَي الفَيْنةَ. وخاطَ إِليهم خَيْطةً: مَرَّ عَلَيْهِمْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقِيلَ: خَاطَ إِليهم خَيْطةً واخْتاطَ واخْتَطى، مَقْلُوبٌ: مَرَّ مَرّاً لَا يَكَادُ يَنْقَطِعُ؛ قَالَ كُرَاعٌ: هُوَ مأْخوذ مِنَ الخَطْوِ، مَقْلُوبٌ عَنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خطَأٌ إِذ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالُوا خاطَه خَوْطةً وَلَمْ يَقُولُوا خَيْطةً، قَالَ: وَلَيْسَ مِثْلُ كُرَاعٍ يُؤمَن عَلَى هَذَا. اللَّيْثُ: يُقَالُ خَاطَ فُلَانٌ خَيْطةً وَاحِدَةً إِذا سَارَ سَيْرة وَلَمْ يَقطع السَّيْرَ، وخاطَ الحَيّةُ إِذا انْسَابَ عَلَى الأَرض، ومَخِيطُ الحَيّةِ: مَزْحَفُها، والمَخيطُ: المَمَرُّ والمَسْلَكُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وبينَهما مَلْقى زِمامٍ كأَنّه ... مَخِيطُ شُجاعٍ، آخِرَ الليلِ، ثَائِرِ
وَيُقَالُ: خاطَ فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ أَي مَرَّ إِليه. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: خَاطَ فُلَانٌ خَيْطاً إِذا مَضى سَرِيعًا، وتَخَوَّطَ تَخَوُّطاً مِثْلُهُ، وَكَذَلِكَ مَخَطَ فِي الأَرض مَخْطاً. ابْنُ شُمَيْلٍ: فِي الْبَطْنِ مَقاطُّه ومَخِيطُه، قَالَ: وَمِخْيَطُهُ مُجْتَمَعُ الصِّفاقِ وَهُوَ ظاهر البطن.(7/300)
فصل الدال المهملة
دثط: دَثَطَت القَرْحةُ: انْفَجَرَ مَا فِيهَا، وَلَيْسَ بثبَت.
دحلط: دَحْلَطَ الرجلُ دَحْلَطةً: خلَطَ فِي كَلَامِهِ. قَالَ الأَزهري: هَذَا الْحَرْفُ فِي كِتَابِ الْجَمْهَرَةِ لِابْنِ دُرَيْدٍ مَعَ غَيْرِهِ، قَالَ: وَمَا وَجَدْتُ أَكثرها لأَحد مِنَ الثِّقَاتِ، قَالَ: وَيَنْبَغِي لِلنَّاظِرِ أَن يَفْحَصَ عَنْهَا، فَمَا وجد منها لإِمام موثوق بِهِ فَهُوَ رُبَاعِيٌّ، وَمَا لَمْ يَجِدْ مِنْهَا لِثِقَةٍ كَانَ مِنْهَا عَلَى رِيبَةٍ وحَذَر.
دقط: الدَّقِطُ والدَّقْطانُ: الغَضْبانُ؛ قَالَ أُمَيَّةُ بنُ أَبي الصلْت:
مَنْ كَانَ مُكْتَئِباً من سَيّءٍ دَقِطاً، ... فَزَادَ فِي صَدْرِه، ما عاشَ، دَقْطانا
دَوَطَ: الْفَرَّاءُ: طادَ إِذا ثَبَتَ، وداطَ إِذا حَمُقَ
فصل الذال المعجمة
ذأط: ذأَط الإِناءَ يَذْأَطُه ذَأْطاً: مَلأَه. والذَّأْطُ: الامْتِلاء. وذأَطَه يَذْأَطُه ذَأْطاً مِثْلَ ذأَتَه أَي خنَقَه أَشدَّ الخنْقِ حَتَّى دلَعَ لِسانُه؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنْ كُرَاعٍ.
ذعط: الذَّاعِطُ: الذَّابح. والذَّعْطُ: الذبْحُ الوَحِيُّ، وَالْعَيْنُ غَيْرُ مُعْجَمَةٍ، ذَعَطَه يَذْعَطُه ذَعْطاً: ذَبَحَهُ ذبْحاً وحِيّاً، وَقِيلَ: ذَبَحَهُ أَيَّ ذبْحٍ كَانَ، وَقَدْ ذَعَطْته بِالسِّكِّينِ وذعَطَتْه المَنِيّةُ عَلَى المثَل وسحَطَتْه؛ قَالَ أُسامةُ بْنُ حَبيب الْهُذَلِيُّ:
إِذا بلَغُوا مِصْرَهُم عُوجِلُوا، ... مِنَ المَوْتِ، بالهِمْيعِ الذَّاعِطِ
وَكَذَلِكَ الذَّعْمَطةُ، بِزِيَادَةِ الْمِيمِ. ومَوْت ذَعْوَطٌ: ذاعِطٌ.
ذعمط: الذَّعْمَطةُ: الذبْحُ الوَحِيُّ. ذَعْمَطَ الشاةَ: ذَبَحها ذَبْحاً وحِيّاً.
ذفط: ذَفَط الطائرُ ذَفْطاً: سفَد، وَكَذَلِكَ التيْسُ. وذفَطَ الذُّبابُ إِذا أَلْقى مَا فِي بَطْنِهِ؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنْ كُرَاعٍ.
ذقط: ذَقَط الطائرُ أُنثاه يَذْقِطُها ذَقْطاً: سفَدَها، وَخَصَّ ثَعْلَبٌ بِهِ الذُّبابَ وَقَالَ: هُوَ إِذا نَكَحَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَر أَحداً استعملَ النكاحَ فِي غَيْرِ نوْع الإِنسان إِلا ثَعْلَبًا هَاهُنَا، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: ذقَطَها ذَقْطاً وَهُوَ النِّكَاحُ فَلَا أَدري مَا عَنى مِنَ الأَنواع لأَنه لَمْ يخُصّ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: ونَمَ الذبابُ وذقَط بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ الأَعرابي: الذَّاقِطُ الذُّبَابُ الْكَثِيرُ السّفادِ. غَيْرُهُ: الذُّقَط ذُبَابٌ صَغِيرٌ يَدْخُلُ فِي عُيُونِ النَّاسِ، وَجَمْعُهُ ذِقْطانٌ. أَبو تُرَابٍ عَنْ بَعْضِ بَنِي سُلَيْم: يُقَالُ تذَقَّطْتُه تذَقُّطاً وتبَقَّطْتُه تبَقُّطاً إِذا أَخذته قَلِيلًا قَلِيلًا. الطَّائفيُّ: الذُّقَطُ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي الْبُيُوتِ.
ذمط: فِي نَوَادِرِ الأَعراب: طَعام ذَمِطٌ وزَرِدٌ أَي لَيِّن سَريعُ الانْحِدارِ.
ذهط: ذَهْوَطٌ: مَوْضِعٌ. والذِّهْيَوْطُ عَلَى مِثَالِ عِذْيَوْط: مَوْضِعٌ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ الذُّهْيُوط، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّحِيحُ ما تقدم.
ذوط: ذاطَه يذوطُه ذَوْطاً إِذا خَنَقه حَتَّى يَدْلَعَ لِسانُه؛ عَنْ كُرَاعٍ. والذَّوَطُ: أَن يطولَ الحَنكُ الأَعْلى ويقْصُرَ الأَسْفلُ. والذَّوَطُ: صِغر الذَّقَنِ، وَقِيلَ قِصَرُها. والذَّوَطُ: سُقاطُ الناسِ. والذَّوْطةُ،(7/301)
وَجَمْعُهَا أَذْواطٌ. عَنْكَبُوتٌ تَكُونُ بِتِهَامَةَ لَهَا قَوَائِمُ، وَذَنَبُهَا مِثْلُ الْحَبَّةِ مِنَ الْعِنَبِ الأَسود، صَفْرَاءُ الظَّهْرِ صَغِيرَةُ الرأْس تَكَعُ بذَنَبِها فتُجْهِدُ مَنْ تَكَعُه حَتَّى يَذُوطَ، وذَوْطُه أَن يَخْدَرَ مَرَّاتٍ، وَمِنْ كَلَامِهِمْ: يَا ذَوْطةُ ذُوطِيه. والأَذْوَطُ: الناقِصُ الذَّقَنِ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ، وامرأَة ذَوْطاء، وَقَدْ ذوِطَ ذَوَطاً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ مَنَعُونِي جَدْياً أَذْوَطَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ.
ذيط: أَبو زَيْدٍ: ذَاطَ فِي مَشْيِهِ يَذِيطُ ذيَطاناً إِذا حرَّك مَنْكِبَيْه فِي مَشْيِهِ مَعَ كَثْرَةِ لَحْمٍ.
فصل الراء
ربط: رَبَطَ الشيءَ يَرْبِطُه ويَرْبُطُه رَبْطاً، فَهُوَ مَرْبُوطٌ ورَبِيطٌ: شدَّه. والرِّباطُ: مَا رُبِطَ بِهِ، وَالْجَمْعُ رُبُطٌ، وربَط الدابةَ يربِطُها ويربُطُها رَبْطاً وارْتَبَطَها. وَفُلَانٌ يرتَبِطُ كَذَا رأْساً مِنَ الدَّوَابِّ، ودابَّةٌ رَبِيطٌ: مَربوطة. والمِرْبَطُ والمِرْبَطةُ: مَا ربَطها بِهِ. والمَرْبِطُ والمَرْبَطُ: مَوْضِعُ رَبْطها، وَهُوَ مِنَ الظُّرُوفِ الْمَخْصُوصَةِ، وَلَا يَجْرِي مَجْرى مَنْزِلةَ الْوَلَدِ ومَناطَ الثُّرَيّا، لَا تَقُولُ هُوَ مِنِّي مَرْبَطَ الْفَرَسُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَمَنْ قَالَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَرْبِطُ، بِالْكَسْرِ، قَالَ فِي اسْمِ الْمَكَانِ المَرْبِطُ، بِالْكَسْرِ، وَمَنْ قَالَ أَربُط، بِالضَّمِّ، قَالَ فِي اسْمِ الْمَكَانِ مَرْبَطاً، بِالْفَتْحِ. وَيُقَالُ: لَيْسَ لَهُ مَرْبِطُ عَنْزٍ. والمِرْبَطةُ مِنَ الرَّحْل: نِسْعةٌ لَطِيفَةٌ تُشَدُّ فَوْقَ الحَشِيَّةِ. والرَّبِيطُ: مَا ارْتُبِط مِنَ الدَّوَابِّ. وَيُقَالُ: نِعم الرَّبِيطُ هَذَا لِمَا يُرْتَبَطُ مِنَ الْخَيْلِ. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ رِباطٌ مِنَ الْخَيْلِ كَمَا تَقُولُ تِلادٌ، وَهُوَ أَصلُ خيلِه. وَقَدْ خَلَّف فُلَانٌ بالثَّغْر خَيْلًا رابِطةً، وَبِبَلَدِ كَذَا رابِطةٌ مِنَ الْخَيْلِ. ورِباطُ الخيلِ: مُرابَطَتُها. والرِّباطُ مِنَ الْخَيْلِ: الخمسةُ فَمَا فَوْقَهَا؛ قَالَ بُشَير بْنُ أَبي حَمَامٍ العَبْسِيّ:
وإِنَّ الرِّباطَ النُّكْدَ مِنْ آلِ داحِسٍ ... أَبَيْنَ، فَمَا يُفْلِحْن دُونَ رِهانِ «3»
والرِّباطُ والمُرابَطةُ: مُلازمةُ ثَغْرِ العَدُوِّ، وأَصله أَن يَرْبِطَ كلُّ وَاحِدٍ مِنَ الفَريقين خيلَه، ثُمَّ صَارَ لزومُ الثَّغْرِ رِباطاً، وَرُبَّمَا سُمِّيَتِ الخيلُ أَنفُسها رِباطاً. والرِّباطُ: المُواظَبةُ عَلَى الأَمر. قَالَ الْفَارِسِيُّ: هُوَ ثانٍ مِنْ لزومِ الثَّغْرِ، ولزومُ الثغْر ثانٍ مِنْ رِباط الْخَيْلِ. وَقَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: وَصابِرُوا وَرابِطُوا
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ حافِظُوا، وَقِيلَ: واظِبُوا عَلَى مَواقِيت الصَّلَاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَلا أَدُلُّكم عَلَى مَا يَمْحو اللهُ بِهِ الخَطايا ويَرْفَعُ بِهِ الدرجاتِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِسْباغُ الوُضوءِ عَلَى المَكارِه، وكثرةُ الخُطى إِلى المساجِد، وانْتِظارُ الصلاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فذلِكم الرِّباطُ
؛ الرِّباطُ فِي الأَصل: الإِقامةُ عَلَى جِهادِ العدوِّ بِالْحَرْبِ، وارتِباطُ الْخَيْلِ وإِعْدادُها، فشبَّه مَا ذَكَرَ مِنَ الأَفعال الصَّالِحَةِ بِهِ. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَصل المُرابَطةِ أَن يَرْبطَ الفَرِيقانِ خُيُولَهُمَا فِي ثَغْرٍ كلٌّ مِنْهُمَا مُعِدّ لِصَاحِبِهِ، فَسُمِّيَ المُقامُ فِي الثُّغور رِباطاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: فَذَلِكُمُ الرِّباطُ أَي أَنَّ المُواظبةَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ كَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيَكُونُ الرِّباطُ مصدرَ رابطْتُ أَي لَازَمْتُ، وَقِيلَ: هُوَ هَاهُنَا اسْمٌ لِمَا يُرْبَطُ بِهِ الشَّيْءُ أَي يُشَدُّ، يَعْنِي أَنَ
__________
(3) . قوله [دون رهان] في الصحاح: يوم رهان.(7/302)
هَذِهِ الخِلال تَرْبِطُ صَاحِبَهَا عَنِ الْمَعَاصِي وتكفُّه عَنِ الْمَحَارِمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رَبِيطَ بَنِي إِسرائيل قَالَ: زَيْنُ الحَكيِم الصمْتُ
أَي زاهِدهم وحكِيمهم الَّذِي يَرْبُطُ نَفْسَهُ عَنِ الدُّنْيَا أَي يَشُدُّها ويمنَعُها. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيٍّ: قَالَ الشَّعْبِيُّ وَكَانَ لَنَا جَارًا ورَبيطاً بالنهْرَيْنِ
؛ ومنه حديث
ابن الأَكواع: فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ أَسْتَبْقِي نفْسِي
أَي تأَخرت عَنْهُ كأَنه حبَس نفْسَه وَشَدَّهَا. قَالَ الأَزهري: أَراد النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقَوْلِهِ فَذَلِكُمُ الرِّباطُ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا
؛ وجاءَ فِي تَفْسِيرِهِ: اصْبِرُوا عَلَى دِينكم وَصَابِرُوا عدوَّكم ورَابِطُوا أَي أَقيموا عَلَى جِهَادِهِ بِالْحَرْبِ. قَالَ الأَزهري: وأَصل الرِّبَاط مِنْ مَرَابِطِ الْخَيْلِ وَهُوَ ارْتِباطُها بِإِزاء الْعَدُوِّ فِي بَعْضِ الثغورِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْخَيْلَ إِذا رُبِطَتْ بالأَفنية وعُلِفَتْ: رُبُطاً، وَاحِدُهَا رَبِيطٌ، وَيُجْمَعُ الرُّبُطُ رِباطاً، وَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ رِبَاط الْخَيْلِ، قَالَ: يُرِيدُ الإِناث مِنَ الْخَيْلِ، وَقَالَ: الرِّباطُ مُرابَطةُ العدوِّ وملازَمةُ الثَّغْرِ، والرجلُ مُرابِطٌ. والمُرابِطاتُ: جَمَاعَاتُ الْخُيُولِ الَّتِي رابَطَت. وَيُقَالُ: ترَابَط الماءُ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا إِذا لَمْ يبرحْه وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ فَهُوَ ماءٌ مُترابِطٌ أَي دائمٌ لَا يَنْزَحُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَحَابًا:
تَرَى الْمَاءَ مِنْهُ مُلْتقٍ مُتَرَابِطٌ ... ومُنْحَدِرٌ، ضاقَتْ بِهِ الأَرضُ، سائحُ
والرِّباطُ: الفُؤَاد كأَنَّ الْجِسْمَ رُبِطَ بِهِ. وَرَجُلٌ رَابِطُ الجَأْشِ ورَبِيطُ الجأْشِ أَي شَدِيدُ الْقَلْبِ كأَنه يرْبُط نفْسَه عَنِ الفِرار يكُفُّها بجُرْأَته وشَجاعته. ورَبَطَ جأْشُه رِباطةً: اشتدَّ قلبُه ووَثُقَ وحَزُمَ فَلَمْ يَفِرّ عِنْدَ الرَّوْعِ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجِ يَصِفُ ثَوْرًا وحْشيّاً:
فباتَ وَهُوَ ثابتُ الرِّباطِ
أَي ثابِتُ النفْسِ. وربَطَ اللهُ عَلَى قلبِه بالصبرِ أَي أَلهَمه الصبْرَ وشدَّه وقَوّاه. ونَفَسٌ رابِطٌ: واسِعٌ أَريضٌ، وَحَكَى ابْنُ الأَعْرابي عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ أَنه قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لِي والجِلْدُ بارِدٌ والنفْسُ رَابِطٌ والصُّحُفُ منتَشِرة والتوْبةُ مقبولةٌ، يَعْنِي فِي صحَّته قَبْلَ الحِمام، وذكَّر النفْسَ حَملًا عَلَى الرُّوحِ، وإِن شِئْتَ عَلَى النَّسَبِ. والرَّبِيطُ: التَّمْرُ اليابسُ يُوضَعُ فِي الجِرابِ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ. والرَّبيطُ: البُسْرُ المَوْدونُ. وارتَبَطَ فِي الحَبْل: نَشِبَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والرَّبِيطُ: الذَّاهِبُ؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، فكأَنه ضِدٌّ، وَقِيلَ: الرَّبِيطُ الرّاهِبُ. والرِّباطُ: مَا تُشَدُّ بِهِ القِرْبةُ والدابةُ وَغَيْرُهُمَا، وَالْجَمْعُ رُبُطٌ؛ قَالَ الأَخطل:
مِثل الدَّعامِيصِ فِي الأَرْحامِ عَائِرَةٌ، ... سُدَّ الخَصاصُ عَلَيْهَا، فهْو مَسْدُودُ
تموتُ طَوْراً، وتَحْيا فِي أَسِرَّتِها، ... كَمَا تُقَلَّبُ فِي الرُّبْطِ المَراوِيدُ
والأَصل فِي رُبْطٍ: رُبُطٌ كَكِتَابٍ وكُتب، والإِسكان جَائِزٌ عَلَى جِهَةِ التَّخْفِيفِ. وقطَع الظبْيُ رِباطَه أَي حِبالَتَه إِذا انْصَرف مَجْهوداً. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ وَقَدْ قرَض رِباطَه. والرِّباطُ: وَاحِدُ الرِّباطاتِ المبْنِيّةِ. والرَّبِيطُ: لقَبُ الغَوْثِ بْنِ مُرَّة «4» .
__________
(4) . قوله [ابن مرة] في القاموس: ابن مر، بدون هاء تأْنيث، قال شارحه: ووقع في الصحاح مرة، وهو وهم.(7/303)
رثط: أَهمله اللَّيْثُ. وَفِي النَّوَادِرِ: أَرْثَطَ الرجلُ فِي قُعودِه ورَثَطَ وتَرَثَّطَ ورَطَمَ ورَضَمَ وأَرْطَم كُلُّهُ بِمَعْنًى واحد.
رسط: الأَزهري: أَهملها ابْنُ الْمُظَفَّرِ، قَالَ: وأَهل الشَّامِ يُسَمُّونَ الخَمْرَ الرَّساطُونَ، وسائرُ الْعَرَبِ لَا يَعْرِفُونَهُ، قَالَ: وأُراها رُومِيَّةً دَخَلَتْ فِي كَلَامِ مَنْ جاوَرَهم مِنْ أَهل الشَّامِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْلِبُ السِّينَ شِينًا فَيَقُولُ رَشاطون.
رطط: الرَّطِيطُ: الحُمْقُ. والرَّطِيطُ أَيضاً: الأَحْمَقُ، فَهُوَ عَلَى هَذَا اسْمٌ وَصِفَةٌ. وَرَجُلٌ رَطِيطٌ ورَطِيءٌ أَي أَحمقُ. وأَرَطَّ القومُ: حَمُقُوا. وَقَالُوا: أَرِطِّي فإِنَّ خَيْرَكِ بالرَّطِيطِ؛ يُضْرب للأَحمق الَّذِي لَا يُرْزَقُ إِلا بالحُمْقِ، فإِن ذهَبَ يَتعاقَلُ حُرِمَ. وقومٌ رَطائطُ: حَمْقَى؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَهْلًا، بَني رُومانَ بعضَ عِتابِكُمْ، ... وإِيّاكُمْ والهُلْبَ مِنِّي عَضارِطا
أَرِطُّوا، فَقَدْ أَقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكُمْ، ... عسَى أَن تَفُوزُوا أَن تكُونوا رَطائطا
وَلَمْ يُذْكر لِلرَّطَائِطِ واحد؛ يقول: اضْطَرَبَ أَمرُكم مِنْ جِهَةِ الجِدِّ وَالْعَقْلِ فاحْمُقوا لَعَلَّكُمْ تَفُوزون بِجَهْلِكُمْ وحُمْقِكم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ أَقْلَقْتُم حَلَقاتِكم يَقُولُ أَفْسَدْتم عَلَيْكُمْ أَمرَكم مِنْ قَوْلِ الأَعشى:
لَقَدْ قَلَّقَ الحَلْقَ إِلا انْتِظارا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: تَقُولُ لِلرَّجُلِ رُطْ رُطْ إِذا أَمرته أَن يتَحامَقَ مَعَ الحَمْقَى لِيَكُونَ لَهُ فِيهِمْ جَدٌّ. وَيُقَالُ: اسْتَرْطَطْتُ الرجلَ واسْتَرْطَأْتُهُ إِذا اسْتَحْمَقْتَه. والرَّطْراطُ: الْمَاءُ الَّذِي أَسْأَرَتْه الإِبلُ فِي الحِياضِ نَحْوَ الرِّجْرِجِ. والرَّطِيطُ: الجَلَبةُ والصِّياحُ، وَقَدْ أَرَطُّوا أَي جَلَّبُوا.
رغط: رُغاطٌ: موضع.
رقط: الرُّقْطةُ: سَوَادٌ يشوبُه نُقَطُ بَياضٍ أَو بياضٌ يشوبُه نُقَطُ سوادٍ، وَقَدِ ارْقَطَّ ارْقِطاطاً وارْقاطَّ ارْقِيطاطاً، وَهُوَ أَرْقَطُ، والأُنثى رَقْطاء. والأَرْقَطُ مِنَ الْغَنَمِ: مِثْلُ الأَبْغَثِ. وَيُقَالُ: تَرَقَّطَ ثَوْبُهُ تَرَقُّطاً إِذا تَرَشَّشَ عَلَيْهِ مِداد أَو غَيْرُهُ فَصَارَ فِيهِ نُقط. وَدَجَاجَةٌ رَقْطاء إِذا كَانَ فِيهَا لُمَعٌ بِيضٌ وسُود. والسُّلَيْسِلَة «1» الرَّقْطاء: دُوَيْبَّة تَكُونُ فِي الجَبابِينِ وَهِيَ أَخْبَثُ العِظاء، إِذا دَبَّتْ عَلَى طَعَامٍ سَمَّتْهُ. وارْقاطَّ عُود العَرْفَجِ ارْقِيطاطاً إِذا خَرَجَ وَرَقُهُ ورأَيتَ فِي مُتَفَرِّقِ عِيدَانِهِ وكُعُوبِه مِثْلَ الأَظافير، وَقِيلَ: هُوَ بَعْدَ التَّثْقِيبِ والقَمَلِ وقَبْلَ الإِدْباء والإِخْواصِ. والأَرْقَطُ: النَّمِرُ لِلَوْنِهِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ غلَبةَ الِاسْمِ. والرّقْطاء: مِنْ أَسماء الْفِتْنَةِ لتلوُّنها. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: ليَكُونَنّ فِيكُمْ أَيّتُها الأُمّةُ أَربع فِتَنٍ: الرّقْطاء والمُظْلِمةُ وَفُلَانَةُ وَفُلَانَةُ
، يَعْنِي فِتْنَةً شَبَّهها بِالْحَيَّةِ الرقْطاء، وَهُوَ لَوْنٌ فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَالْمُظْلِمَةُ الَّتِي تعمُّ والرقْطاء الَّتِي لَا تَعُمُّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بكْرة وشهادَتِه عَلَى الْمُغِيرَةِ: لَوْ شئتُ أَن أَعُدَّ رقَطاً كَانَ عَلَى فَخِذَيْها
أَي فَخِذَيِ المرأَةِ الَّتِي رُمِيَ بِهَا. وفي
__________
(1) . قوله [والسليسلة] كذا بالأصل مضبوطاً، وفي شرح القاموس: السليلة بسين واحدة.(7/304)
حَدِيثِ صِفَةِ الحَزْوَرَةِ:
أَغْفَرَ بَطْحاؤُها وارْقاطَّ عَوْسَجُها
؛ ارْقاطّ مِنَ الرُّقطة الْبَيَاضُ وَالسَّوَادُ. يُقَالُ: ارْقَطَّ وارْقاطَّ مِثْلُ احْمَرَّ واحْمارّ. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَحسبه ارْقاطَّ عَرْفَجُها. يُقَالُ إِذا مُطِرَ العَرْفَجُ فلانَ عُوده: قَدْ ثقَّبَ عودُه، فإِذا اسْوَدَّ شَيْئًا قِيلَ: قَدْ قَمِلَ، فإِذا زَادَ قِيلَ: قَدِ ارْقاطَّ، فإِذا زَادَ قِيلَ: قَدْ أَدْبَى. والرَّقْطاءُ الهِلالِيّةُ: الَّتِي كَانَتْ فِيهَا قِصّة الْمُغِيرَةِ لتلوُّن كَانَ فِي جِلْدِهَا. وحُمَيْد بْنُ ثَوْرٍ الأَرْقَط: أَحد رُجّازِهم وشُعرائهم، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِآثَارٍ كَانَتْ فِي وَجْهِهِ. والأُرَيْقِطُ: دليلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهُ أَعلم.
رمط: رَمَطَ الرجلَ يَرْمِطُه رَمْطاً: عابَه وطَعن عَلَيْهِ. والرَّمْطُ: مَجْمَعُ العُرْفُطِ وَنَحْوِهِ مِنَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ شَجَرِ العِضاه كالغيْضةِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ، سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ للحَرْجةِ الملْتفَّة مِنَ السِّدْر غَيْضُ سِدْر ورَهْطُ سِدْرٍ ورَهْطٌ مِنْ عُشَرٍ بِالْهَاءِ لَا غَيْرَ، قَالَ: وَمَنْ رَوَاهُ بالميم فقد صحّف.
رهط: رَهْطُ الرجلِ: قومُه وَقَبِيلَتُهُ. يُقَالُ: هُمْ رَهْطه دِنْية. والرَّهْطُ: عَدَدٌ يَجْمَعُ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلى عَشَرَةٍ، وَبَعْضٌ يَقُولُ مِنْ سَبْعَةٍ إِلى عَشَرَةٍ، وَمَا دُونَ السَّبْعَةِ إِلى الثَّلَاثَةِ نَفَرٌ، وَقِيلَ: الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ مِنَ الرِّجَالِ لَا يَكُونُ فِيهِمُ امرأَة. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ
، فَجَمْعٌ وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ مِثْلُ ذَوْدٍ، وَلِذَلِكَ إِذَا نُسِبَ إِليه نُسِبَ عَلَى لَفْظِهِ فَقِيلَ: رَهْطِيّ، وَجَمْعُ الرَّهْط أَرْهُطٌ وأَرْهاطٌ وأَراهِطُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والسابقُ إِليَّ مِنْ أَوّل وَهْلَةٍ أَن أَراهِطَ جَمْعُ أُرْهُطٍ لضِيقه عَنْ أَن يَكُونَ جَمْعَ رَهْطٍ، وَلَكِنَّ سِيبَوَيْهِ جَعَلَهُ جَمْعَ رَهْطٍ، قَالَ: وَهِيَ أَحد الْحُرُوفِ الَّتِي جَاءَ بِناء جَمْعِهَا عَلَى غَيْرِ مَا يَكُونُ فِي مِثْلِهِ، وَلَمْ تُكَسَّرْ هِيَ عَلَى بِنَائِهَا فِي الْوَاحِدِ، قَالَ: وإِنما حَمَل سِيبَوَيْهِ عَلَى ذَلِكَ عِلْمَهُ بِعِزَّةِ جَمْعِ الْجَمْعِ لأَن الْجُمُوعَ إِنما هِيَ لِلْآحَادِ، وأَما جمْعُ الْجَمْعِ ففَرْعٌ داخِل عَلَى فَرْعٍ، وَلِذَلِكَ حَمَلَ الْفَارِسِيُّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
فرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ
، فِيمَنْ قرأَ بِهِ، عَلَى بَابِ سَحْلٍ وسُحُلٍ وإِن قَلَّ، وَلَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى أَنه جَمْعُ رِهَانٍ الَّذِي هُوَ تَكْسِيرُ رَهْنٍ لِعِزَّةِ هَذَا فِي كَلَامِهِمْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُجْمَعُ الرَّهْطُ مِنَ الرِّجالِ أَرْهُطاً، والعددُ أَرْهِطةٌ ثُمَّ أَراهِط؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا بُؤْس لِلْحَرْبِ الَّتِي ... وَضَعَت أَراهِطَ، فاسْترَاحوا
وَشَاهِدُ الأَرْهُطِ قَوْلُ رؤبة:
هُوَ الدَّلِيلُ نَفَراً فِي أَرْهُطه
وَقَالَ آخَرُ:
وفاضِحٍ مُفْتَضِحٍ فِي أَرْهُطِهْ
وَقَدْ يَكُونُ الرَّهْطُ مِنَ الْعَشَرَةِ، اللَّيْثُ: تَخْفِيفُ الرَّهْطِ أَحسن مِنْ تَثْقِيلِهِ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه قَالَ: المَعْشَرُ وَالرَّهْطُ والنَّفَرُ وَالْقَوْمُ، هؤُلاء مَعْنَاهُمُ الجَمع وَلَا وَاحِدَ لَهُمْ مِنْ لَفْظِهِمْ، وَهُوَ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ؛ قَالَ: والعَشيرةُ أَيضاً الرِّجالُ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: العِتْرةُ هُوَ الرَّهْطُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِذا قِيلَ بَنُو فُلَانٍ رَهْط فُلَانٍ فَهُوَ ذُو قَرابَتِه الأَدْنَوْنَ، والفَصِيلةُ أَقرب مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: نَحْنُ ذَوُو ارْتِهاطٍ أَي ذَوُو رَهْطٍ مِنْ أَصحابنا؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: فأَيْقَظَنا ونحنُ ارْتِهاطٌ
أَي فِرَقٌ مُرْتَهِطُون، وَهُوَ مَصْدَرٌ أَقامَه مُقامَ الفِعل كَقَوْلِ الْخَنْسَاءِ:
فإِنما هِيَ إِقْبالٌ وإِدْبار(7/305)
أَي مُقْبِلةٌ ومُدْبِرةٌ أَو عَلَى مَعْنَى ذَوِي ارْتِهاطٍ، وأَصل الْكَلِمَةِ مِنَ الرَّهْطِ، وَهُمْ عَشِيرة الرَّجُلِ وأَهلُه، وَقِيلَ: الرهطُ مِنَ الرِّجَالِ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ، وَقِيلَ: إِلى الأَربعين وَلَا يَكُونُ فِيهِمُ امرأَة. والرَّهْطُ: جلْد، قَدْرُ مَا بَيْنَ الرُّكبة والسُّرّة، تَلْبَسه الحائضُ، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَطُوفُونَ عُراة وَالنِّسَاءُ فِي أَرْهاط. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والرَّهْطُ جِلْدٌ طَائِفِيٌّ يُشَقَّقُ تَلْبَسهُ الصِّبْيَانُ وَالنِّسَاءُ الحُيَّضُ؛ قَالَ أَبو المُثَلَّم الهُذَلي:
مَتى مَا أَشَأْ غَيْرَ زَهْوِ المُلُوكِ، ... أَجعَلْكَ رَهْطاً عَلَى حُيَّضِ
ابْنُ الأَعرابي: الرَّهْطُ جِلد يُقَدُّ سُيوراً عِرَضُ السَّيْرِ أَربع أَصابِعَ أَو شِبْرٌ تَلْبَسُهُ الْجَارِيَةُ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ أَن تُدرك، وتلبَسه أَيضاً وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: وَهِيَ نَجْدِية، وَالْجَمْعُ رِهاطٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
بِضَرْبٍ فِي الجَماجِمِ ذِي فُرُوغ، ... وطَعْنٍ مِثْلِ تَعْطِيطِ الرِّهاطِ
وَقِيلَ: الرِّهاطُ وَاحِدٌ وَهُوَ أَدِيم يُقْطع كقَدْرِ مَا بَيْنَ الحُجْزةِ إِلى الرُّكْبةِ ثُمَّ يُشَقَّقُ كأَمْثالِ الشُّرُكِ تلبَسُه الْجَارِيَةُ بنتُ السبْعة، وَالْجَمْعُ أَرْهِطةٌ. وَيُقَالُ: هُوَ ثَوْبٌ تَلْبَسُهُ غِلْمان الأَعْراب أَطْباقٌ بعضُها فَوْقَ بَعْضٍ أَمْثالُ المَراوِيحِ؛ وأَنشد بَيْتَ الْهُذَلِيِّ:
مثلِ تَعْطِيطِ الرِّهاطِ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرَّهْط مِئْزَرُ الْحَائِضِ يجعلُ جُلوداً مشقَّقة إِلا مَوْضِعَ الفَلْهَم. وَقَالَ أَبو طَالِبٍ النَّحْوِيُّ: الرَّهْطُ يَكُونُ مِنْ جُلود وَمِنْ صُوفٍ، والحَوْفُ لَا يَكُونُ إِلا مِنَ جُلود. والتَّرْهيطُ: عِظَمُ اللَّقْم وشِدَّةُ الأَكل والدَّهْورةِ؛ وأَنشد:
يَا أَيُّها الآكِلُ ذُو التَّرْهِيطِ
والرُّهَطةُ والرُّهَطاء والرّاهِطاء، كلُّه: مِنْ جِحَرَةِ اليَرْبُوعِ وَهِيَ أَول حَفِيرة يَحْتَفِرُها، زَادَ الأَزهريُّ: بَيْنَ القاصِعاء والنّافِقاء يَخْبأُ فِيهِ أَولاده. أَبو الْهَيْثَمِ: الرّاهِطاء التُّرَابُ الَّذِي يَجْعَلُهُ الْيَرْبُوعُ عَلَى فَمِ الْقَاصِعَاءِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ، وإِنما يُغَطِّي جُحْرَه حَتَّى لَا يَبْقَى إِلا عَلَى قَدْرِ مَا يَدْخُلُ الضَّوْء مِنْهُ، قَالَ: وأَصله مِنَ الرَّهْط وَهُوَ جِلْدٌ يُقطع سُيوراً يَصِيرُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ثُمَّ يُلْبَسُ لِلْحَائِضِ تَتَوَقَّى وتَأْتَزِرُ بِهِ. قَالَ: وَفِي الرَّهْط فُرَجٌ، كَذَلِكَ فِي الْقَاصِعَاءِ مَعَ الرَّاهِطَاءِ فُرجة يَصِلُ بِهَا إِليه الضَّوْءُ. قَالَ: والرَّهْطُ أَيضاً عِظَمُ اللَّقْمِ، سُمِّيَتْ راهِطاء لأَنها فِي دَاخِلِ فَمِ الجُحْر كَمَا أَن اللُّقْمةَ فِي دَاخِلِ الْفَمِ. الْجَوْهَرِيُّ: والراهِطاء مِثْلُ الدّامَّاء، وَهِيَ أَحد جِحَرةِ اليَربوع الَّتِي يُخرج مِنْهَا الترابَ وَيَجْمَعُهُ، وَكَذَلِكَ الرُّهَطةُ مِثَالُ الهُمَزةِ. والرَّهْطَى: طَائِرٌ يأْكل التِّينَ عِنْدَ خُروجه مِنْ وَرَقِهِ صَغِيرًا ويأْكل زَمَعَ عَناقِيدِ الْعِنَبِ وَيَكُونُ بِبَعْضِ سَرواتِ الطائِف، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى عَيْرَ السَّراةِ، وَالْجَمْعُ رَهاطَى. ورَهْطٌ: موضعٌ؛ قَالَ أَبو قِلابةَ الْهُذَلِيُّ:
يَا دارُ أَعْرِفُها وحْشاً مَنازِلُها، ... بَيْنَ القَوائمِ مِنْ رَهْطٍ فأَلْبانِ
ورُهاطٌ: مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ وَهُوَ عَلَى ثَلَاثِ لَيالٍ مِنْ مَكَّةَ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
هَبَطْنَ بَطْنَ رُهاطَ، واعْتَصَبْنَ كَمَا ... يَسْقي الجُذُوعَ، خِلالَ الدارِ، نَضّاحُ(7/306)
ومَرْجُ راهِطٍ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ كَانَتْ بِهِ وَقْعةٌ. التَّهْذِيبُ: ورُهاط مَوْضِعٌ فِي بِلَادِ هُذَيْلٍ. وذُو مَراهِطَ: اسْمُ مَوْضِعٍ آخَرَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ إِبلًا:
كَمْ خَلَّفَتْ بلَيْلِها مِنْ حائِطِ، ... ودَغْدَغَتْ أَخْفافُها مِنْ غائطِ،
مُنْذُ قَطَعْنا بَطْنَ ذِي مَراهطِ، ... يَقُودُها كلُّ سَنامٍ عائطِ،
لَمْ يَدْمَ دَفّاها مِنَ الضَّواغِطِ
قَالَ: وَوَادِي رُهاطٍ فِي بِلَادِ هُذَيْلٍ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ رَمَطَ قَالَ: الرَّمْطُ مُجْتَمَعُ العُرْفُطِ وَنَحْوِهِ مِنَ الشَّجَرِ كالغَيْضةِ، قَالَ: وَهَذَا تَصْحِيفٌ، سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ للحَرْجةِ المُلْتَفَّةِ مِنَ السِّدْر غَيْضُ سِدْر ورَهْطُ سِدْر. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ فَرْشٌ مِنْ عُرْفُطٍ، وأَيْكَةٌ مِنْ أَثْلٍ، ورَهْطٌ مِنْ عُشَرٍ، وجَفْجَفٌ مِنْ رِمْثٍ، قَالَ: وَهُوَ بِالْهَاءِ لَا غَيْرَ، وَمَنْ رَوَاهُ بالميم فقد صحّف.
روط: راطَ الوحْشيُّ بالأَكَمةِ أَو الشَّجَرَةِ رَوْطاً: كأَنه يَلُوذُ بها.
ريط: الرَّيْطةُ: المُلاءَةُ إِذا كَانَتْ قِطْعةً وَاحِدَةً وَلَمْ تَكُنْ لِفْقَيْنِ، وَقِيلَ: الرَّيْطةُ كُلُّ مُلاءَة غَيْرُ ذَاتِ لِفْقَينِ كلُّها نَسْجٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: هُوَ كلُّ ثوبٍ لَيِّنٍ دقيقٍ، وَالْجَمْعُ رَيْطٌ ورِياطٌ؛ قَالَ:
لَا مَهْلَ حَتَّى تَلْحَقِي بعَنْسِ، ... أَهْلِ الرِّياطِ البِيضِ والقَلَنْسِي
عَنْسُ: قَبيلة. قَالَ الأَزهري: لَا تَكُونُ الرَّيْطةُ إِلا بَيْضاء. والرّائطةُ: كالرَّيْطةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أُتِيَ برائطةٍ يتَمَنْدَلُ بِهَا بَعْدَ الطَّعامِ فطَرَحَها
؛ قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي بِمِنْدِيلٍ، قَالَ: وأَصحاب الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُونَ رَيْطة. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: ابْتاعُوا لِي رَيْطَتَيْنِ نَقِيَّتَيْنِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنه أُتِيَ بكَفَنِه رَيْطَتَيْنِ، فَقَالَ: الحَيُّ أَحْوجُ إِلى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَعِيدٍ فِي ذِكْرِ الْمَوْتِ: وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَيْطةٌ مِن رِياطِ الجنةِ.
ورائطةُ: اسْمُ امرأَة. وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ: ورَيْطةُ اسْمٌ للمرأَة، قَالَ: وَلَا يُقَالُ رائطةُ. ورَيْطات: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
تَحُلُّ بأَطْرافِ الوجافِ، ودارُها ... حَويلٌ فَرَيْطاتٌ فَزَعْمٌ فأَخْرَبُ «1»
وراطَ الوحْشِيُّ بالأَكمةِ يَرِيطُ: لَاذَ، ويَرُوطُ أَعْلى، وَهِيَ حِكَايَةُ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي الْجَمْهَرَةِ، والأَوُلى حَكَاهَا الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ.
فصل الزاي
زبط: حَكَى ابْنُ برِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: الزَّباطةُ البَطّةُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الزَّبِيطُ صِياحُ البطّةِ. غَيْرُهُ: الزَّبْطُ صِيَاحُ الْبَطَّةِ. وزَبَطَتِ البَطَّةُ زَبْطاً: صوَّتَتْ.
زحلط: الزُّحْلوطُ: الخَسِيسُ.
زخرط: الزِّخْرِطُ، بِالْكَسْرِ: مُخاطُ الإِبل وَالشَّاءِ وَالنَّعْجَةِ ولُعابُها، وجمَل زُخْروطٌ: مُسِنٌّ هَرِمٌ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الزُّخْرُوطُ الجمَلُ الهَرِمُ.
زرط: التَّهْذِيبِ: يُقَالُ سَرَطَ اللُّقْمةَ وزَرَطَها وزَرَدَها، وَهُوَ الزَّرّاطُ والسرّاطُ، وَرُوِيَ عَنْ أَبي
__________
(1) . قوله [تحل إلخ] كذا بالأصل ومثله شرح القاموس، وفي معجم ياقوت: وحاف بالكسر وحاء مهملة وزعم براء مفتوحة فمهملة ساكنة موضعان.(7/307)
عَمْرٍو أَنه قرأَ الزِّراطَ، بِالزَّايِ، خَالِصَةً. وَرَوَى الْكِسَائِيُّ عَنْ حَمْزَةَ: الزِّراط، بِالزَّايِ، وسائرُ الرُّواة روَوْا عَنْ أَبي عَمْرٍو الصِّراطَ. وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: قرأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِالصَّادِ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ، وقرأَ بالصاد نافع وأَبو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ، وَقِيلَ: قرأَ يَعْقُوبُ الحَضْرمي السِّرَاطَ بِالسِّينِ.
زطط: الزُّطُّ: جِيلٌ أَسْوَدُ مِنَ السِّنْدِ إِليهم تُنسب الثِّيَابُ الزُّطِّيَّةُ، وَقِيلَ: الزُّطُّ إِعْرابُ جَت بِالْهِنْدِيَّةِ، وَهُمْ جِيل مِنْ أَهل الْهِنْدِ. ابْنُ الأَعرابي: الزُّطُطُ والثُّطُطُ الكَواسِجُ، وَقِيلَ: الأَزَطُّ المُسْتَوِي الوجهِ، والأَذَطُّ المُعْوَجُّ الفَكِّ. وَفِي بَعْضِ الأَخبار: فَحَلَق رأْسَه زُطِّيّة، قِيلَ: هُوَ مِثْلُ الصَّلِيب كأَنه فِعْل الزُّطّ، وَهُمْ جِنْسٌ مِنَ السُّودان والهُنود، وَالْوَاحِدُ زُطِّيّ مِثْلُ الزِّنْجِ والزِّنْجِيّ والرومِ والرُّومِيّ؛ شَاهِدُهُ:
فَجئْنا بِحَيَّيْ وائلٍ وبِلَفِّها، ... وجاءتْ تَمِيمٌ: زُطُّها والأَساوِرُ
وَقَالَ عَوْهَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ:
وَيُغْنِي الزُّطّ عَبْد القَيْسِ عَنّا، ... وتَكْفِينا الأَساوِرةُ المُزُونا
وَقَالَ أَبو النَّجْمِ، وَكَانَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَعطاه جارِيةً مِنْ سَبْي الهِنْد فَقَالَ فِيهَا أُرْجوزةً أَوّلُها:
عُلِّقْتُ خَوْداً مِنْ بَناتِ الزُّطِّ
وَقِيلَ الزُّطُّ السَّبابِجةُ قَوْمٌ مِنَ السِّنْدِ بِالْبَصْرَةِ.
زعط: زَعَطَه زَعْطاً: خَنَقَه. وموتٌ زاعِطٌ: ذابِحٌ كذاعِطٍ. وزَعَطَ الحِمارُ: ضَرطَ، قَالَ: وليس بثبت.
زلط: الزَّلْطُ: المَشيُ السَّرِيعُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بِثَبَتٍ.
زلقط: الزُّلُنْقُطةُ: القصيرة.
زنط: الزِّناطُ: الزِّحامُ. وَقَدْ تَزانَطُوا إِذا تَزاحَمُوا.
زهط: الزَّهْوَطةُ: عِظَمُ اللَّقْمِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ [ز هـ ط] مُهْمَلَةً إِلا الزِّهْيَوْطَ، وَهُوَ مَوْضِعٌ.
زوط: زاوُطُ: مَوْضِعٌ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ أَزْوَطُوا وغَوَّطُوا ودَبَّلُوا إِذا عَظَّمُوا اللُّقَمَ وازْدَرَدُوا، وقيل: زَوَّطُوا.
زيط: زاطَ يَزِيطُ زَيْطاً وزِياطاً: نازَعَ، وَهِيَ المُنَازَعةُ واخْتِلافُ الأَصوات؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
كأَنَّ وَغَى الخَمُوشِ بِجانِبَيْها ... وَغَى رَكْبٍ، أُمَيْمَ، ذَوي زِياطِ»
هَكَذَا أَنشده ثَعْلَبٌ وَقَالَ: الزِّياطُ الصِّياحُ. وَرَجُلٌ زَيّاطٌ: صَيّاحٌ، وَرُوِيَ: ذَوِي هِياطِ. والزِّياطُ: الجُلْجُلُ، وأَنشد بَيْتَ الْهُذَلِيِّ أَيضاً.
فصل السين المهملة
سبط: السَّبْطُ والسَّبَطُ والسَّبِطُ: نَقِيضُ الجَعْد، وَالْجَمْعُ سِباطٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ الأَكثر فِيمَا كَانَ عَلَى فَعْلٍ صِفةً، وَقَدْ سَبُطَ سُبُوطاً وسُبُوطةً وسَباطةً وسَبْطاً؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ. والسَّبْطُ: الشَّعَرُ الَّذِي لَا جُعُودة فِيهِ. وَشَعَرٌ سَبْطٌ وسَبِطٌ: مُسْتَرْسِلٌ غَيْرُ جَعْدٍ. وَرَجُلٌ سبْطُ الشعر وسَبِطُه
__________
(2) . قوله [بجانبيها إلخ] في شرح القاموس: بجانبيه أَي الماء، وأُولي زياط بدل ذوي زياط.(7/308)
وَقَدْ سَبِطَ شعرُه، بِالْكَسْرِ، يَسْبَطُ سَبَطاً. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ شَعَرِهِ:
لَيْسَ بالسَّبْطِ وَلَا بالجَعْدِ القَطِطِ
؛ السَّبْطُ مِنَ الشَّعَرِ: المُنْبَسِطُ المُسْتَرْسِلُ، والقَطِطُ: الشدِيدُ الجُعُودةِ، أَي كَانَ شَعَرُهُ وسَطاً بَيْنَهُمَا. وَرَجُلٌ سَبِطُ الجسمِ وسَبْطُه: طَويلُ الأَلواحِ مُسْتَوِيها بَيّنُ السَّباطةِ، مِثْلُ فَخِذٍ وفَخْذ، مِنْ قَوْمٍ سِباطٍ إِذا كَانَ حَسَنَ القَدِّ وَالِاسْتِوَاءِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَجاءت بِهِ سَبْطَ العِظامِ كأَنَّما ... عِمامَتُه، بَيْنَ الرِّجالِ، لِواء
وَرَجُلٌ سَبْطٌ بالمَعْروف: سَهْلٌ، وَقَدْ سَبُطَ سَباطةً وسَبِطَ سَبَطاً، وَلُغَةُ أَهل الْحِجَازِ: رَجُلٌ سَبِطُ الشعرِ وامرأَة سَبِطةٌ. وَرَجُلٌ سَبْطُ اليَدَيْن بَيّنُ السُّبُوطة: سَخِيٌّ سَمْحُ الْكَفَّيْنِ؛ قَالَ حَسَّانُ:
رُبَّ خالٍ لِي، لَوْ أَبْصَرْتَهُ، ... سَبِطِ الكَفَّيْنِ فِي اليَوْم الخَصِرْ
شَمِرٌ: مطَر سَبْطٌ وسَبِطٌ أَي مُتدارِكٌ سَحٌّ، وسَباطَتُه سَعَتُه وَكَثْرَتُهُ؛ قَالَ القطامِيُّ:
صَاقَتْ تَعَمَّجُ أَعْرافُ السُّيُولِ بِهِ ... مِنْ باكِرٍ سَبِطٍ، أَو رائحٍ يَبِلِ «1»
أَراد بِالسَّبِطِ المطَر الواسِع الْكَثِيرَ. وَرَجُلٌ سَبِطٌ بيِّن السَّباطةِ: طَوِيلٌ؛ قَالَ:
أَرْسَلَ فِيهَا سَبِطاً لَمْ يَخْطَلِ
أَي هُوَ فِي خِلْقته الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا لَمْ يَزِدْ طُولًا. وامرأَة سَبْطةُ الخلقِ وسَبِطةٌ: رَخْصةٌ ليِّنَةٌ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الطويلِ الأَصابعِ: إِنه لسَبْطُ الأَصابع. وَفِي
صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَبْط القَصَبِ
؛ السبْطُ والسِبطُ، بِسُكُونِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا: الممتدُّ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَعَقُّدٌ وَلَا نُتوء، والقَصَبُ يُرِيدُ بِهَا ساعِدَيه وساقَيْه. وَفِي حَدِيثِ المُلاعَنةِ:
إِن جَاءَتْ بِهِ سَبطاً فَهُوَ لِزَوْجِهَا
أَي مُمْتَدَّ الأَعضاء تامَّ الخلْقِ. والسُّباطةُ: مَا سقَط مِنَ الشَّعْرِ إِذا سُرِّحَ، والسُّباطةُ: الكُناسةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَتى سُباطةَ قومٍ فبالَ فِيهَا قَائِمًا ثُمَّ توضأَ ومسَح عَلَى خُفَّيْه
؛ السُّباطةُ والكُناسةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُرْمى فِيهِ الترابُ والأَوْساخُ وَمَا يُكْنَسُ مِنَ الْمَنَازِلِ، وَقِيلَ: هِيَ الكُناسةُ نَفْسُهَا وإِضافَتُها إِلى الْقَوْمِ إِضافةُ تَخْصِيصٍ لَا مِلْكٍ لأَنها كَانَتْ مَواتاً مُباحة، وأَما قَوْلُهُ قَائِمًا فَقِيلَ: لأَنه لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا لِلْقُعُودِ لأَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ السُّباطة أَن لَا يَكُونَ موضعُها مُسْتوياً، وَقِيلَ: لِمَرَضٍ مَنَعَهُ عَنِ الْقُعُودِ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ:
لِعِلَّةٍ بمَأْبِضَيْهِ
، وَقِيلَ: فعَله للتَّداوِي مِنْ وَجَعِ الصُّلْبِ لأَنهم كَانُوا يتَداوَوْنَ بِذَلِكَ، وَفِيهِ أَن مُدافَعةَ البَوْلِ مَكْرُوهَةٌ لأَنه بالَ قَائِمًا فِي السُّباطة وَلَمْ يؤخِّرْه. والسَّبَطُ، بِالتَّحْرِيكِ: نَبْتٌ، الْوَاحِدَةُ سَبَطةٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: السبَطُ النَّصِيُّ مَا دَامَ رَطْباً، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ الحَلِيُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ رَمْلًا:
بَيْنَ النهارِ وَبَيْنَ الليْلِ مِن عَقِدٍ [عَقَدٍ] ، ... عَلَى جَوانِبه الأَسْباطُ والهَدَبُ
وَقَالَ فِيهِ الْعَجَّاجُ:
أَجْرَدُ يَنْفِي عُذَرَ الأَسْباطِ
__________
(1) . قوله [أعراف] كذا بالأصل، والذي في الأساس وشرح القاموس: أعناق.(7/309)
ابْنُ سِيدَهْ: السبَطُ الرَّطْبُ مِنَ الحَلِيِّ وَهُوَ مِنْ نباتِ الرَّمْلِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ السبَطُ مِنَ الشَّجَرِ وَهُوَ سَلِبٌ طُوالٌ فِي السَّمَاءِ دُقاقُ العِيدان تأْكله الإِبل وَالْغَنَمُ، وَلَيْسَ لَهُ زَهْرَةٌ وَلَا شَوك، وَلَهُ وَرَقٌ دِقاق عَلَى قَدْرِ الكُرَّاثِ؛ قَالَ: وأَخبرني أَعرابي مِنْ عَنَزة أَن السبَطَ نباتُه نباتُ الدُّخْنِ الكِبار دُونَ الذُّرةِ، وَلَهُ حَبٌّ كَحَبِّ البِزْرِ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَكِمَّتِه إِلا بالدَّقِّ، وَالنَّاسُ يَسْتَخْرِجُونَهُ ويأْكلونه خَبْزاً وطَبْخاً. وَاحِدَتُهُ سبَطةٌ، وَجَمْعُ السبَطِ أَسْباطٌ. وأَرض مَسْبَطةٌ مِنَ السَّبَطِ: كَثِيرَةُ السبَطِ. اللَّيْثُ: السبَطُ نَبَاتٌ كالثِّيل إِلا أَنه يَطُولُ وَيَنْبُتُ فِي الرِّمال، الْوَاحِدَةُ سبَطةٌ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي مَا مَعْنَى السِّبْط فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؟ قَالَ: السِّبْطُ والسّبْطانُ والأَسْباطُ خَاصَّةُ الأَولاد والمُصاصُ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: السِّبْطُ وَاحِدُ الأَسْباط وَهُوَ وَلد الوَلدِ. ابْنُ سِيدَهْ: السِّبْطُ وَلَدُ الِابْنِ وَالِابْنَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحسَنُ والحُسَينُ سِبْطا رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمَا
، وَمَعْنَاهُ أَي طائفتانِ وقِطْعتان مِنْهُ، وَقِيلَ: الأَسباط خَاصَّةُ الأَولاد، وَقِيلَ: أَولاد الأَولاد، وَقِيلَ: أَولاد الْبَنَاتِ، وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
الحسينُ سِبْطٌ مِنَ الأَسْباط
أَي أُمَّةٌ مِنَ الأُمم فِي الْخَيْرِ، فَهُوَ وَاقِعٌ عَلَى الأُمَّة والأُمَّةُ وَاقِعَةٌ عَلَيْهِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الضِّبابِ:
إِنَّ اللَّهَ غَضِبَ عَلَى سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسرائيل فَمَسَخَهُمْ دَوابَّ.
والسِّبْطُ مِنَ الْيَهُودِ: كَالْقَبِيلَةِ مِنَ الْعَرَبِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَرْجِعُونَ إِلى أَب وَاحِدٍ، سُمِّيَ سِبْطاً ليُفْرَق بَيْنَ وَلَدِ إِسماعيل وَوَلَدِ إِسحاق، وَجَمْعُهُ أَسْباط. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً
؛ أُمماً لَيْسَ أَسباطاً بِتَمْيِيزٍ لأَن الْمُمَيِّزَ إِنما يَكُونُ وَاحِدًا لَكِنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ كأَنه قَالَ: جَعَلْنَاهُمْ أَسْباطاً. والأَسْباطُ مِنْ بَنِي إِسرائيل: كَالْقَبَائِلِ مِنَ الْعَرَبِ. وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً
، قَالَ: أَنَّث لأَنه أَراد اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقةً ثُمَّ أَخبر أَن الفِرَقَ أَسْباطٌ وَلَمْ يَجْعَلِ الْعَدَدَ وَاقِعًا عَلَى الأَسباط؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: هَذَا غَلَطٌ لَا يَخْرُجُ الْعَدَدُ عَلَى غَيْرِ الثَّانِي وَلَكِنِ الفِرَقُ قَبْلَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ حَتَّى تَكُونَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مُؤَنَّثَةً عَلَى مَا فِيهَا كأَنه قَالَ: وقطَّعناهم فِرَقاً اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فَيَصِحُّ التأْنيث لِمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ قُطْرُبٌ: وَاحِدُ الأَسباط سِبْطٌ. يُقَالُ: هَذَا سِبْط، وَهَذِهِ سِبْطٌ، وَهَؤُلَاءِ سِبْط جَمْعٌ، وَهِيَ الفِرْقة. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَوْ قَالَ اثْنَيْ عشَر سِبْطاً لِتَذْكِيرِ السِّبْطِ كَانَ جَائِزًا، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: السِّبْطُ ذَكَرٌ وَلَكِنَّ النِّيَّةَ، وَاللَّهُ أَعلم، ذَهَبَتْ إِلى الأُمم. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى وقطَّعناهم اثْنَتَيْ عشْرةَ فِرْقة أَسباطاً، فأَسباطاً مِنْ نَعْتِ فِرْقَةٍ كأَنه قَالَ: وَجَعَلْنَاهُمْ أَسباطاً، فَيَكُونُ أَسباطاً بَدَلًا مِنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، قَالَ: وَهُوَ الْوَجْهُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَيْسَ أَسباطاً بِتَفْسِيرٍ وَلَكِنَّهُ بَدَلٌ مِنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لأَن التَّفْسِيرَ لَا يَكُونُ إِلا وَاحِدًا مَنْكُورًا كَقَوْلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَلَا يَجُوزُ دَرَاهِمُ، وَقَوْلُهُ أُمماً مِنْ نَعْتٍ أَسْباطٍ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ بَعْضُهُمْ السِّبْطُ القَرْنُ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَ قَرْنٍ، قَالُوا: وَالصَّحِيحُ أَن الأَسْباط في ولد إِسحاق بْنِ إِبراهيم بِمَنْزِلَةِ الْقَبَائِلِ فِي وَلَدِ إِسماعيل، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فولَد كلِّ ولدٍ مِنْ ولدِ إِسماعيل قبيلةٌ، وَوَلَدُ كلِّ وَلَدٍ مِنْ ولَدِ إِسحاق سِبْطٌ، وإِنما سُمِّيَ هَؤُلَاءِ بالأَسباط وَهَؤُلَاءِ بِالْقَبَائِلِ ليُفْصَلَ بَيْنَ وَلَدِ إِسماعيل وَوَلَدِ إِسحاق، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. قَالَ: وَمَعْنَى إِسماعيل فِي الْقَبِيلَةِ «1» مَعْنَى الْجَمَاعَةِ، يُقَالُ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ مِنْ أَب وَاحِدٍ قَبِيلَةٌ، وأَما الأَسباط فَمُشْتَقٌّ مِنَ السبَطِ، والسبَطُ ضرْب مِنَ الشَّجَرِ تَرْعَاهُ الإِبل، وَيُقَالُ:
__________
(1) . قوله [قَالَ وَمَعْنَى إِسْمَاعِيلَ فِي القبيلة إلخ] كذا في الأَصل.(7/310)
الشجرةُ لَهَا قَبَائِلُ، فَكَذَلِكَ الأَسْباطُ مِنَ السبَط، كأَنه جُعل إِسحاقُ بمنزلة شجرة، وجعل إِسماعيل بِمَنْزِلَةِ شَجَرَةٍ أُخرى، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ النَّسَّابُونَ فِي النَّسَبِ يَجْعَلُونَ الْوَالِدَ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرَةِ، والأَولادَ بِمَنْزِلَةِ أَغْصانها، فَتَقُولُ: طُوبى لفَرْعِ فلانٍ وفلانٌ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ. فَهَذَا، وَاللَّهُ أَعلم، مَعْنَى الأَسْباط والسِّبْطِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُهُ:
كأَنه سِبْطٌ مِنَ الأَسْباطِ
فإِنه ظَنَّ السبْطَ الرَّجُلَ فغَلِط. وسَبَّطَتِ الناقةُ وَهِيَ مُسَبِّطٌ: أَلْقَتْ ولدَها لِغَيْرِ تَمَامِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَتْ تَضْرِب اليَتيم يَكُونُ فِي حَجْرِها حَتَّى يُسْبِطَ
أَي يَمتدّ عَلَى وَجْهِ الأَرض سَاقِطًا. يُقَالُ: أَسْبَطَ عَلَى الأَرض إِذا وَقَعَ عَلَيْهَا مُمْتَدًّا مِنْ ضَرْبٍ أَو مرَض. وأَسْبَطَ الرجلُ إِسْباطاً إِذا انْبَسَطَ عَلَى وَجْهِ الأَرض وَامْتَدَّ مِنَ الضَّرْبِ. واسْبَطَرَّ أَي امْتَدَّ، مِنْهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
شُرَيْحٍ: فإِن هِيَ دَرَّتْ واسْبَطَرَّت
؛ يُرِيدُ امتدَّتْ للإِرْضاع؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
ولُيِّنَتْ مِنْ لَذّةِ الخِلاطِ، ... قَدْ أَسْبَطَتْ، وأَيُّما إِسْباطِ
يَعْنِي امرأَة أُتِيَتْ، فَلَمَّا ذاقَتِ العُسَيْلةَ مَدَّتْ نفْسَها عَلَى الأَرض، وَقَوْلُهُمْ: مَا لِي أَراك مُسْبِطاً أَي مُدَلِّياً رأْسَك كالمُهْتَمّ مُسْتَرْخِيَ البدَنِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا أَلقَتْ ولدَها قُبَيْلَ أَن يَسْتَبينَ خَلْقُه: قَدْ سَبَّطَتْ وأَجْهَضَتْ ورَجَعَتْ رِجاعاً. وَقَالَ الأَصمعي: سبَّطتِ الناقةُ بِوَلَدِهَا وسبَّغَت، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، إِذا أَلقته وَقَدْ نبَت وبَرُه قَبْلَ التَّمام. والتَّسْبِيطُ فِي النَّاقَةِ: كالرِّجاعِ. وسبَّطتِ النعجةُ إِذا أَسْقطت. وأَسْبَط الرجلُ: وَقَعَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التحرُّك مِنَ الضعْف، وَكَذَلِكَ مِنْ شُرب الدَّواء أَو غَيْرُهُ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وأَسْبَطَ بالأَرض: لَزِقَ بِهَا؛ عَنِ ابْنِ جَبلة. وأَسْبَط الرجلُ أَيضاً: سكَت مِن فَرَقٍ. والسَّبَطانةُ: قَناةٌ جَوْفاء مَضْروب بالعَقَبِ يُرْمى بِهَا الطيرُ، وَقِيلَ: يُرْمَى فِيهَا بِسهام صِغار يُنْفَخُ فِيهَا نَفْخاً فَلَا تَكَادُ تُخْطِئ. والسَّاباطُ: سَقيفةٌ بَيْنَ حَائِطَيْنِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: بَيْنَ دَارَيْنِ، وَزَادَ غَيْرُهُ: مِنْ تَحْتِهَا طَرِيقٌ نَافِذٌ، وَالْجَمْعُ سَوابِيطُ وساباطاتٌ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: أَفْرَغُ مِنْ حَجَّامِ ساباطٍ؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ ساباطُ كِسْرى بالمدائنِ وَبِالْعَجَمِيَّةِ بَلاس آبادْ، وبَلاس اسْمُ رَجُلٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
فأَصْبَحَ لَمْ يَمْنَعْه كَيْدٌ وحِيلةٌ ... بِساباطَ حَتَّى ماتَ وَهُوَ مُحَرْزَق «1»
يَذْكُرُ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ وَكَانَ أَبْرَويز حبَسه بِسَابَاطٍ ثُمَّ أَلقاه تَحْتَ أَرْجُل الفِيَلةِ. وساباطُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَعشى:
هُنالِكَ مَا أَغْنَتْه عِزَّةُ مُلْكِه ... بِساباطَ، حَتَّى ماتَ وَهُوَ مُحَرْزَقُ «2»
وسَباطِ: مِنْ أَسماء الحمَّى، مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
أَجَزْتُ بفِتْيةٍ بِيضٍ كِرامٍ، ... كأَنَّهُمُ تَمَلُّهُمُ سَباطِ
وسُباط: اسْمُ شَهْرٍ بِالرُّومِيَّةِ، وَهُوَ الشَّهْرُ الَّذِي بَيْنَ
__________
(1) . هكذا روي صدر هذا البيت في الأَصل روايتين مختلفتين. وكلتا الروايتين تخالف ما في قصيدة الأَعشى، فقد روي فيها على هذه الصورة:
فَذَاكَ، وَمَا أَنْجَى مِنَ الموت ربّه
(2) . هكذا روي صدر هذا البيت في الأَصل روايتين مختلفتين. وكلتا الروايتين تخالف ما في قصيدة الأَعشى، فقد روي فيها على هذه الصورة:
فَذَاكَ، وَمَا أَنْجَى مِنَ الموت ربّه(7/311)
الشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَهُوَ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ، وَفِيهِ يَكُونُ تَمَامُ الْيَوْمِ الَّذِي تَدُور كسُوره فِي السِّنِينَ، فإِذا تَمَّ ذَلِكَ اليومُ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ سَمَّى أَهلُ الشَّامِ تِلْكَ السنةَ عامَ الكَبِيسِ، وَهُمْ يَتَيَمَّنُونَ بِهِ إِذا وُلد فِيهِ مَوْلُودٌ أَوْ قَدِم قادِمٌ مِنْ سَفَرٍ. والسِّبْطُ الرِّبْعِيُّ: نَخْلَةٌ تُدرك آخِرَ القَيْظِ. وسابِطٌ وسُبَيْطٌ: اسْمانِ. وسابُوطٌ: دابّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ. وَيُقَالُ: سبَط فُلَانٌ عَلَى ذَلِكَ الأَمْرِ يَمِينًا وسَمَط عَلَيْهِ، بِالْبَاءِ وَالْمِيمِ، أَي حلَف عَلَيْهِ. ونعْجة مَسْبُوطةٌ إِذا كَانَتْ مَسْمُوطةً مَحْلوقة.
سجلط: السِّجِلّاطُ، عَلَى فِعِلَّالٍ: الياسَمِينُ، وَقِيلَ: هُوَ ضرْب مِنَ الثِّيَابِ، وَقِيلَ: هِيَ ثِيَابُ صُوف، وَقِيلَ: هُوَ النَّمَطُ يُغَطَّى بِهِ الهَوْدَجُ، وَقِيلَ: هُوَ بِالرُّومِيَّةِ سِجِلَّاطُس. الْفَرَّاءُ: السِّجِلّاطُ شَيْءٌ مِنْ صُوفٍ تُلْقِيه المرأَةُ عَلَى هَوْدَجِها، وَقِيلَ: هِيَ ثِيَابٌ مَوْشيّة كأَنَّ وشْيَها خاتَم، وَهِيَ زَعَمُوا رُومِيّة؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
تخَيَّرْنَ إِمّا أُرْجُواناً مُهَذَّباً، ... وإِمّا سِجِلَّاطَ العِراقِ المُخَتَّما
أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْكِسَاءِ الكُحْليّ سِجلّاطِيّ. ابْنُ الأَعرابي: خَزٌّ سِجِلَّاطِيٌّ إِذا كَانَ كُحْلِيّاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُهْدِيَ لَهُ طَيْلَسانٌ مِنْ خَزٍّ سِجِلَّاطيٍ
، قِيلَ: هُوَ الكُحْليُّ، وَقِيلَ: عَلَى لَوْنِ السِّجلّاطِ، وَهُوَ الياسَمِينُ، وَهُوَ أَيضاً ضَرْبٌ مِنَ ثِيَابِ الكَتَّان وَنَمَطٌ مِنَ الصُّوفِ تُلْقِيهِ المرأَة عَلَى هَوْدَجِها. يُقَالُ: سِجِلَّاطِيٌّ وسِجلَّاطٌ كرُومِيٍّ ورُومٍ. والسِّنْجِلاطُ: مَوْضِعٌ، وَيُقَالُ: ضَرْبٌ مِنَ الرَّياحِين؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أُحِبُّ الكَرائنَ والضَّوْمَرانَ، ... وشُرْبَ العَتِيقةِ بالسِّنْجِلاط
سحط: السَّحْطُ مِثْلَ الذَّعْطِ: وَهُوَ الذبْحُ. سَحَطَ الرجلَ يَسْحَطُه سَحْطاً وشَحَطَه إِذا ذَبَحَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ سَحَطَه ذبَحه ذَبْحاً وحِيّاً، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّا يُذْبَحُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: سحطَ الشاةَ وَهُوَ ذَبْحٌ وَحِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ
وحْشِيٍّ: فبَرَكَ عَلَيْهِ فسَحَطَه سَحْطَ الشَّاةِ
أَي ذبَحه ذبْحاً سَرِيعًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَخرج لَهُمُ الأَعرابيُّ شَاةً فسحَطُوها.
وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: المَسْحُوطُ مِنَ الشَّراب كلِّه الْمَمْزُوجِ. وسحَطَه الطعامُ يَسْحَطُه: أَغَصَّه. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَكل طَعَامًا فسحَطَه أَي أَشْرَقَه؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ بَقَرَةً:
كَادَ اللُّعاعُ مِنَ الحَوْذانِ يَسْحَطُها، ... ورِجْرِجٌ بَيْنَ لَحْيَيْها خَناطِيلُ
وَقَالَ يَعْقُوبُ: يَسْحَطُها هُنَا يذْبَحُها، والرِّجْرِجُ: اللُّعابُ يتَرَجْرَجُ. وسحَط شرابَه سَحْطاً: قَتَلَهُ بِالْمَاءِ أَي أَكثر عَلَيْهِ. وانْسَحَط الشَّيْءُ مِنْ يَدِي: امَّلَسَ فَسَقَطَ، يَمَانِيَةٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَمْرٍو: المَسْحُوطُ اللَّبَنِ يُصبّ «1» ؛ وأَنشد لِابْنِ حَبِيبٍ الشَّيْبَانِيِّ:
مَتَى يأْتِه ضَيْفٌ فَلَيْسَ بذائقٍ ... لَماجاً، سِوى المَسْحُوطِ واللَّبنِ الإِدْلِ
سخط: السُّخْطُ والسَّخَطُ: ضِدَّ الرِّضا مِثْلَ العُدْمِ والعَدَمِ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ سَخِطَ يَسْخَطُ سَخَطاً.
__________
(1) . قوله [اللبن يصب] كذا بالأصل وشرح القاموس ولم يزيدا على ذلك شيئاً.(7/312)
وتَسَخَّطَ وسَخِط الشيءَ سَخَطاً: كَرِهَهُ. وسَخِطَ أَي غَضِبَ، فَهُوَ ساخِط. وأَسْخَطَه: أَغْضَبَه. تَقُولُ: أَسْخَطَني فُلَانٌ فسَخِطْتُ سَخَطاً. وتسَخَّطَ عَطاءه أَي اسْتَقلَّه وَلَمْ يَقَعْ مَوْقِعاً. يَقُولُ: كلَّما عَمِلْت لَهُ عَمَلًا تَسَخَّطه أَي لَمْ يَرْضَهُ. وَفِي حَدِيثِ
هِرَقْلَ: فَهَلْ يَرْجِعُ أَحد مِنْهُمْ سَخْطةً لدِينهِ؟
السَّخَطُ والسُّخْطُ: الْكَرَاهِيَةُ لِلشَّيْءِ وَعَدَمُ الرِّضَا بِهِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِن اللَّهَ يَسْخَطُ لَكُمْ كَذَا
أَي يَكْرَهُهُ لَكُمْ ويمنعُكم مِنْهُ ويُعاقِبُكم عَلَيْهِ أَو يَرْجِعُ إِلى إِرادة الْعُقُوبَةِ عليه.
سرط: سَرِطَ الطعامَ والشيءَ، بِالْكَسْرِ، سَرَطاً وسَرَطاناً: بَلِعَه، واسْتَرَطَه وازْدَرَدَه: ابْتَلَعَه، وَلَا يَجُوزُ سرَط؛ وانْسَرَطَ الشَّيْءُ فِي حَلْقِه: سارَ فِيهِ سيْراً سهْلًا. والمِسْرَطُ والمَسْرَطُ: البُلْعُوم، وَالصَّادُ لُغَةٌ. والسِّرْواطُ: الأَكُول؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. والسُّراطِيُّ والسِّرْوَطُ: الَّذِي يَسْتَرِطُ كُلَّ شَيْءٍ يَبْتَلِعُهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ سِرْطِمٌ وسَرْطَمٌ يَبْتَلِعُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ مِنَ الاسْتراط. وَجَعَلَ ابْنُ جِنِّي سَرطَماً ثُلَاثِيًّا، والسِّرْطِمُ أَيضاً: الْبَلِيغُ الْمُتَكَلِّمُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالُوا: الأَخذ سُرَّيْطٌ وسُرَّيْطَى، وَالْقَضَاءُ ضُرَّيْطٌ وضُرَّيْطَى أَي يأْخذ الدَّين فيَسْتَرِطُه، فإِذا اسْتَقْضاه غريمُه أَضْرَطَ بِهِ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: الأَخذ سَرَطانٌ، والقَضاء لَيَّانٌ؛ وَبَعْضٌ يَقُولُ: الأَخذ سُرَيْطاء، والقَضاء ضُرَيْطاء. وَقَالَ بَعْضُ الأَعراب: الأَخذ سِرِّيطَى، وَالْقَضَاءُ ضِرِّيطَى، قَالَ: وَهِيَ كُلُّهَا لُغَاتٌ صَحِيحَةٌ قَدْ تَكَلَّمَتِ الْعَرَبُ بِهَا، وَالْمَعْنَى فِيهَا كُلُّهَا أَنت تُحبُّ الأَخذ وَتَكْرَهُ الإِعْطاء. وَفِي الْمَثَلِ: لَا تَكُنْ حُلْواً فتُسْتَرَطَ، وَلَا مُرّاً فتُعْقى، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَعْقَيْتُ الشَّيْءَ إِذا أَزَلْتَه مِنْ فِيك لمَرارتِه كَمَا يُقَالُ أَشْكَيْتُ الرَّجُلَ إِذا أَزلته عَمَّا يَشْكُوهُ. وَرَجُلٌ سِرْطِيطٌ وسُرَطٌ وسَرَطانٌ: جَيِّدُ اللَّقْمِ. وَفَرَسٌ سُرَطٌ وسَرَطانٌ: كأَنه يَسْتَرِطُ الجرْي. وَسَيْفٌ سُراطٌ وسُراطِيٌّ: قَاطِعٌ يَمُرّ فِي الضَّريبةِ كأَنه يَسْتَرِطُ كُلَّ شَيْءٍ يَلْتَهِمُه، جَاءَ عَلَى لَفْظِ النَّسَبِ وَلَيْسَ بنَسَب كأَحْمر وأَحْمريّ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيِّ:
كَلوْن المِلْحِ ضَرْبَتُه هَبِيرٌ، ... يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطِي
بِهِ أَحْمِي المُضافَ إِذا دَعاني، ... ونَفْسِي، ساعةَ الفَزَعِ الفِلاطِ
وَخَفَّفَ يَاءَ النِّسْبَةِ مِنْ سُراطي لِمَكَانِ الْقَافِيَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده يُتِرُّ، بِضَمِّ الْيَاءِ. والفِلاطُ: الفُجاءةُ. والسِّراطُ: السَّبِيلُ الْوَاضِحُ، والصِّراط لُغَةٌ فِي السِّرَاطِ، وَالصَّادِ أَعلى لِمَكَانِ المُضارَعة، وإِن كَانَتِ السِّينُ هِيَ الأَصل، وقرأَها يَعْقُوبُ بِالسِّينِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ ثَبِّتْنا عَلَى المِنْهاج الْوَاضِحِ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
أَميرُ المؤمنينَ عَلَى صِراطٍ، ... إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيم
والمَوارِدُ: الطُّرُقُ إِلى الْمَاءِ، وَاحِدَتُهَا مَوْرِدةٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَنَفَرٌ مِنْ بَلْعَنْبر يصيِّرون السِّينَ، إِذا كَانَتْ مُقَدِّمَةً ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَهَا طَاءٌ أَو قَافٌ أَو غَيْنٌ أَو خَاءٌ، صَادًا وَذَلِكَ أَن الطَّاءَ حَرْفٌ تَضَعُ فِيهِ لِسَانَكَ فِي حَنَكِكَ فَيَنْطَبِقُ بِهِ الصَّوْتُ، فَقَلَبَتِ السِّينُ صَادًا صُورَتَهَا صُورَةَ الطَّاءِ، وَاسْتَخَفُّوهَا لِيَكُونَ الْمَخْرِجُ وَاحِدًا كَمَا اسْتَخَفُّوا الإِدْغام، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمُ الصِّرَاطَ وَالسِّرَاطَ،(7/313)
قَالَ: وَهِيَ بِالصَّادِّ لُغَةُ قُرَيْشٍ الأَوّلين الَّتِي جَاءَ بِهَا الْكِتَابُ، قَالَ: وَعَامَّةُ الْعَرَبِ تَجْعَلُهَا سِينًا، وَقِيلَ: إِنما قِيلَ لِلطَّرِيقِ الْوَاضِحِ سِرَاطٌ لأَنه كأَنه يَسْتَرِطُ المارّة لكثرة سلوكهم لاحِبَه، فأَما مَا حَكَاهُ الأَصمعي مِنْ قِرَاءَةِ بَعْضِهِمُ الزِّراط، بِالزَّايِ الْمُخْلَصَةِ، فخَطأ إِنما سَمِع المُضارِعةَ فتَوَهَّمها زَايًا وَلَمْ يَكُنِ الأَصمعي نَحْوِيًّا فيُؤْمَنَ عَلَى هَذَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
هَذَا سِراطٌ عليَّ مُسْتَقِيمٌ
، فسَّره ثَعْلَبٌ فَقَالَ: يَعْنِي الموتَ أَي عليَّ طريقُهم. والسُّرَّيْطُ والسِّرِطْراط والسَّرَطْراطُ، بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ: الفالُوذَجُ، وَقِيلَ: الخَبِيصُ، وَقِيلَ: السَّرَطْراطُ الْفَالُوذَجُ، شَامِيَّةٌ. قَالَ الأَزهري: أَما بِالْكَسْرِ فَهِيَ لُغَةٌ جَيِّدَةٌ لَهَا نَظَائِرُ مِثْلَ جِلِبْلابٍ وسِجِلَّاط، قَالَ: وأَما سَرَطْراطٌ فَلَا أَعرف لَهُ نَظِيرًا فَقِيلَ لِلْفَالُوذَجِ سِرِطْراطٌ، فَكَرَّرْتُ فِيهِ الرَّاءَ وَالطَّاءَ تَبْلِيغًا فِي وَصْفِهِ واستِلْذاذِ آكِلِهِ إِياه إِذا سَرَطَه وأَساغَه فِي حَلْقِه. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ سريعَ الأَكل: مِسْرَطٌ وسَرّاطٌ وسُرَطةٌ. والسِّرِطْراطُ: فِعِلْعالٌ مِنَ السَّرْطِ الَّذِي هُوَ البَلْع. والسُّرَّيْطَى: حَساً كالخَزِيرةِ. والسَّرَطانُ: دَابَّةٌ مِنْ خَلق الْمَاءِ تَسْمِيَةُ الفُرْس مُخ. والسرَطانُ: دَاءٌ يأْخذ النَّاسَ والدوابَّ. وَفِي التَّهْذِيبِ: هُوَ دَاءٌ يَظْهَرُ بِقَوَائِمِ الدَّوَابِّ، وَقِيلَ: هُوَ دَاءٌ يُعَرِّضُ للإِنسان فِي حَلْقِهِ دَمَوِيٌّ يُشْبِهُ الدُّبَيْلةَ، وَقِيلَ: السرَطانُ دَاءٌ يأْخذ فِي رُسْغ الدَّابَّةِ فيُيَبِّسه حَتَّى يَقْلِب حَافِرَهَا. والسرَطانُ: من بروج الفَلَكِ.
سرمط: السَّرْمَطُ والسَّرَوْمَطُ: الْجَمَلُ الطَّوِيلُ؛ وأَنشد:
بكلِّ سامٍ سَرْمَطٍ سَرَوْمَط
وَقِيلَ: السَّرَوْمَطُ الطَّوِيلُ مِنَ الإِبل وَغَيْرُهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: السرَوْمَطُ وِعَاءٌ يَكُونُ فِيهِ زِق الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ. وَرَجُلٌ سَرَوْمَطٌ: يَسْتَرِط كُلَّ شَيْءٍ يَبْتَلِعُه. وَقَدْ تَقَدَّمَ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِن الْمِيمَ زَائِدَةٌ؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ زِقَّ خَمْرٍ اشْتُرِي جِزافاً:
ومُجْتَزَفٍ جَوْنٍ، كأَنَّ خِفاءه ... قَرى حَبَشِيٍّ، بالسَّرَوْمَطِ، مُحْقَب «2»
قال: السَّرَوْمَطُ هاهنا جَمَلٌ، وَقِيلَ: هُوَ جِلْدُ ظَبية لُفّ فِيهِ زِقُّ خَمْرٍ. وَكُلُّ خِفاء لُفّ فِيهِ شَيْءٌ، فَهُوَ سَرَوْمَطٌ لَهُ. وتَسَرْمَطَ الشعَرُ: قَلّ وخَفّ. وَرَجُلٌ سُرامِطٌ وسَرْمَطِيطٌ: طَوِيلٌ. والسُّرامِطُ: الطَّوِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
سطط: التَّهْذِيبِ: ابْنُ الأَعرابي السُّطُطُ الظَّلَمةُ، والسُّطُطُ الْجَائِرُونَ. والأَسَطُّ مِنَ الرِّجَالِ: الطَّوِيلُ الرِّجْلَيْن.
سعط: السُّعُوطُ والنُّشُوقُ والنُّشُوغُ فِي الأَنف، سعَطَه الدّواءَ يَسْعَطُه ويَسْعُطُه سَعْطاً، والضم أَعلى، وَالصَّادُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى هَذَا إِنما هُوَ عَلَى المُضارَعة الَّتِي حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا وأَشباهه. وَفِي الْحَدِيثِ:
شَرِبَ الدَّوَاءَ واسْتَعَطَ
، وأَسْعَطَه الدّواءَ أَيضاً، كِلَاهُمَا: أَدخله أَنفه، وَقَدِ اسْتَعَطَ. أَسْعَطْتُ الرجُلَ فاسْتَعَطَ هُوَ بِنَفْسِهِ. والسَّعُوطُ، بِالْفَتْحِ، والصَّعوطُ: اسْمُ الدَّوَاءِ يُصبُّ فِي الأَنف. والسَّعِيطُ والمِسْعَطُ والمُسْعُطُ: الإِناء يجعل فيه
__________
(2) . قوله [ومجتزف] في الصحاح بمجتزف.(7/314)
السَّعُوط وَيُصَبُّ مِنْهُ فِي الأَنف، الأَخير نَادِرٌ إِنما كَانَ حُكْمُهُ المِسْعَطَ، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ بِالضَّمِّ مِمَّا يُعْتَملُ بِهِ. وأَسْعَطْتُه الرُّمْحَ إِذا طَعَنْتَه فِي أَنفه، وَفِي الصِّحَاحِ: فِي صَدْرِهِ. وَيُقَالُ: أَسْعَطْتُه عِلْمًا إِذا بَالَغْتُ فِي إِفْهامه وَتَكْرِيرِ مَا تُعلِّمه عَلَيْهِ. واسْتَعَطَ البعيرُ: شَمَّ شَيْئًا مِنْ بَوْلِ النَّاقَةِ ثُمَّ ضَرَبَهَا فَلَمْ يُخْطِئ اللَّقْحَ، فَهَذَا قَدْ يَكُونُ أَن يَشَمَّ شَيْئًا مِنْ بَوْلِهَا أَو يَدْخُلَ فِي أَنفه مِنْهُ شَيْءٌ. والسَّعِيطُ والسُّعاطُ: ذَكاء الرِّيح وحِدَّتُها ومُبالَغَتُها فِي الأَنف. والسُّعاط والسَّعِيطُ: الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ مِنَ الْخَمْرِ وَغَيْرُهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَتَكُونُ مِنَ الخَرْدَل. والسَّعِيطُ: دُهْنُ الْبَانِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْعَجَّاجِ يَصِفُ شَعَرَ امرأَة:
يُسْقَى السَّعِيطَ مِنْ رُفاضِ الصَّنْدَلِ «1»
والسَّعِيطُ: دُرْدِيُّ الْخَمْرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وطِوالِ القُرُونِ فِي مُسْبَكِرٍّ، ... أُشْرِبَتْ بالسَّعِيطِ والسَّبَّابِ «2»
والسَّعِيطُ: دُهْنُ الخَرْدل وَدُهْنُ الزنبقِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّعِيطُ البانُ. وَقَالَ مُرَّةُ: السُّعوط مِنَ السَّعْطِ كالنُّشوق مِنَ النَّشْقِ. وَيُقَالُ: هُوَ طَيِّبُ السُّعوطِ والسُّعاطِ والإِسْعاطِ؛ وأَنشد يَصِفُ إِبلًا وأَلبانها:
حَمْضِيَّة طَيِّبة السُّعاطِ
وَفِي حَدِيثِ
أُمّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ قَالَتْ: دَخَلْتُ بابنٍ لِي عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَعْلَقْتُ مِنَ العُذْرةِ، فَقَالَ: عَلامَ تَدْغَرْن أَوْلادَكُنَّ؟ عليكنَّ بِهَذَا العُود الهِنديّ فإِنَّ فِيهِ سبعةَ أَشْفِيةٍ: يُسْعَطُ مِنَ العُذْرة، ويُلَدُّ مِنْ ذاتِ الجَنْبِ ...
سَفَطَ: السَّفَطُ: الَّذِي يُعَبَّى فِيهِ الطِّيبُ وَمَا أَشبهه مِنْ أَدَواتِ النِّسَاءِ، والسَّفَطُ مَعْرُوفٌ. ابْنُ سِيدَهْ: السَّفَطُ كالجوُالِق، وَالْجَمْعُ أَسفاطٌ. أَبو عَمْرٍو: سَفَّطَ فُلَانٌ حَوْضه تَسْفيطاً إِذا شَرَّفَه ولاطَه؛ وأَنشد:
حَتَّى رأَيْت الحَوْضَ، ذُو قَدْ سُفِّطا، ... قَفْراً مِنَ الْمَاءِ هَوَاءً أَمْرَطا
أَراد بالهَواءِ الفارِغَ مِنَ الْمَاءِ. والسَّفِيطُ: الطَّيِّبُ النفْسِ، وَقِيلَ: السَّخِيُّ، وَقَدْ سَفُطَ سَفاطةً؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:
مَاذَا تُرَجِّينَ مَنِ الأَرِيطِ؟ ... لَيْسَ بذِي حَزْمٍ، وَلَا سَفِيطِ
وَيُقَالُ: هُوَ سَفِيطُ النفْس أَي سَخِيُّها طيِّبها، لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ. وَيُقَالُ: مَا أَسْفَطَ نفسَه أَي مَا أَطْيَبَها. الأَصمعي: إِنه لسَفِيطُ النفْسِ وسَخِيُّ النفْسِ ومَذْلُ النفْسِ إِذا كَانَ هَشّاً إِلى المَعْروفِ جَواداً. وكلُّ رَجُلٍ أَو شَيْءٍ لَا قَدْر لَهُ، فَهُوَ سَفِيطٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والسفِيطُ أَيضاً: النذْلُ. والسفيطُ: المُتَساقِطُ مِنَ البُسْر الأَخضر. والسُّفاطةُ: مَتَاعُ الْبَيْتِ. الْجَوْهَرِيُّ: الإِسْفَنْطُ ضرْبٌ مِنَ الأَشربة، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ بِالرُّومِيَّةِ؛ قَالَ الأَعشى:
وكأَنَّ الخَمْرَ العَتِيق مِنَ الإِسْفَنْطِ، ... مَمْزُوجةً بماءٍ زُلالِ
__________
(1) . قوله [من رفاض] تقدّم للمؤلف في مادة رفض: في رفاض.
(2) . قوله [والسباب] كذا في الأَصل بموحدتين مضبوطاً، وفي شرح القاموس بياء تحتية ثم موحدة، والسياب البلح أَو البسر.(7/315)
سقط: السَّقْطةُ: الوَقْعةُ الشديدةُ. سقَطَ يَسْقُطُ سُقوطاً، فَهُوَ ساقِطٌ وسَقُوطٌ: وَقَعَ، وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ قَالَ:
مِنْ كلِّ بَلْهاء سَقُوطِ البُرْقُعِ ... بيْضاءَ، لَمْ تُحْفَظْ وَلَمْ تُضَيَّعِ
يَعْنِي أَنها لَمْ تُحْفَظْ مِنَ الرِّيبةِ وَلَمْ يُضَيِّعْها وَالِدَاهَا. والمَسْقَطُ، بِالْفَتْحِ: السُّقوط. وسَقط الشيءُ مِنْ يَدِي سُقوطاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَلّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَفْرَحُ بتَوْبةِ عَبْدِه مِنْ أَحدكم يَسْقُط عَلَى بَعِيره وَقَدْ أَضلَّه
؛ مَعْنَاهُ يَعثُر عَلَى مَوْضِعِهِ ويقعُ عَلَيْهِ كَمَا يقعُ الطائرُ عَلَى وَكْرِهِ. وَفِي حديث
الحرث بْنِ حَسَّانَ: قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسأَله عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: عَلَى الخَبِيرِ سقَطْتَ
أَي عَلَى العارِفِ بِهِ وَقَعْتَ، وَهُوَ مَثَلٌ سائرٌ لِلْعَرَبِ. ومَسْقِطُ الشَّيْءِ ومَسْقَطُه: مَوْضِعُ سقُوطه، الأَخيرة نَادِرَةٌ. وَقَالُوا: الْبَصْرَةُ مَسْقَطُ رأْسي ومَسْقِطُه. وتساقَط عَلَى الشَّيْءِ أَي أَلقى نفسَه عَلَيْهِ، وأَسقَطَه هُوَ. وتساقَط الشيءُ: تتابع سُقوطه. وساقَطه مُساقَطةً وسِقاطاً: أَسْقَطَه وَتَابَعَ إِسْقاطَه؛ قَالَ ضابئُ بْنُ الحَرثِ البُرْجُمِيّ يَصِفُ ثَوْرًا وَالْكِلَابَ:
يُساقِطُ عَنْهُ رَوْقُه ضارِياتِها، ... سِقاطَ حَدِيدِ القَينِ أَخْوَلَ أَخْوَلا
قَوْلُهُ: أَخْوَل أَخولا أَي متفرِّقاً يَعْنِي شرَرَ النَّارِ. والمَسْقِطُ مِثال المَجْلِس: الْمَوْضِعُ؛ يُقَالُ: هَذَا مَسْقِط رأْسي، حَيْثُ وُلِدَ، وَهَذَا مسقِطُ السوْطِ، حَيْثُ وَقَعَ، وأَنا فِي مَسْقِط النَّجْمِ، حَيْثُ سَقَطَ، وأَتانا فِي مَسْقِط النَّجْمِ أَي حِينَ سقَط، وَفُلَانٌ يَحِنُّ إِلى مسقِطه أَي حَيْثُ وُلِدَ. وكلُّ مَن وَقَعَ فِي مَهْواة يُقَالُ: وَقَعَ وَسَقَطَ، وَكَذَلِكَ إِذا وَقَعَ اسْمُهُ مِنَ الدِّيوان، يُقَالُ: وَقَعَ وَسَقَطَ، وَيُقَالُ: سقَط الْوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمّه، وَلَا يُقَالُ وَقَعَ حِينَ تَلِدُه. وأَسْقَطتِ المرأَةُ وَلَدَهَا إِسْقاطاً، وَهِيَ مُسْقِطٌ: أَلقَتْه لِغَيْرٍ تَمام مِنَ السُّقوطِ، وَهُوَ السِّقْطُ والسُّقْطُ والسَّقْط، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لأَنْ أُقَدِّمَ سِقْطاً أَحَبُّ إِليَّ مِنْ مِائَةِ مُسْتَلئِمْ
؛ السَّقْطُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ والكسرِ، والكسرُ أَكثر: الْوَلَدُ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمه قَبْلَ تَمامِه، والمستلْئِمُ: لَابِسُ عُدَّةِ الْحَرْبِ، يَعْنِي أَن ثَوَابَ السِّقْطِ أَكثر مِنْ ثوابِ كِبار الأَولاد لأَن فِعْلَ الْكَبِيرِ يخصُّه أَجره وثوابُه وإِن شَارَكَهُ الأَب فِي بَعْضِهِ، وَثَوَابُ السِّقْطِ مُوَفَّر عَلَى الأَب. وَفِي الْحَدِيثِ:
يُحْشَرُ مَا بَيْنَ السِّقْطِ إِلى الشَّيْخِ الْفَانِي جُرْداً مُرْداً.
وسَقْطُ الزَّند: مَا وَقَعَ مِنَ النَّارِ حِينَ يُقْدَحُ، بِاللُّغَاتِ الثَّلَاثِ أَيضاً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سَقْطُ النَّارِ وسِقْطُها وسُقْطُها مَا سقَط بَيْنَ الزنْدين قَبْلَ اسْتحكامِ الوَرْي، وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ، يُذَكَّرُ ويؤَنث. وأَسقَطَتِ الناقةُ وَغَيْرَهَا إِذا أَلقت وَلَدَهَا. وسِقْطُ الرَّمْلِ وسُقْطُه وسَقْطُه ومَسْقِطُه بِمَعْنَى مُنقَطَعِه حَيْثُ انْقَطَعَ مُعْظَمُه ورَقَّ لأَنه كُلُّهُ مِنَ السُّقوط، الأَخيرة إِحدى تِلْكَ الشَّوَاذِّ، وَالْفَتْحُ فِيهَا عَلَى الْقِيَاسِ لُغَةٌ. ومَسْقِطُ الرَّمْلِ: حَيْثُ يَنْتَهِي إِليه طرَفُه. وسِقاطُ النَّخْلِ: مَا سقَط مِنْ بُسْرِه. وسَقِيطُ السَّحابِ: البَرَدُ. والسَّقِيطُ: الثلْجُ. يُقَالُ: أَصبَحتِ الأَرض مُبْيَضَّة مِنَ السَّقِيطِ. والسَّقِيطُ: الجَلِيدُ، طائيةٌ، وَكِلَاهُمَا مِنَ السُّقوط. وسَقِيطُ النَّدَى: مَا سقَط مِنْهُ عَلَى الأَرض؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وليْلةٍ، يَا مَيَّ، ذاتِ طَلِّ،(7/316)
ذاتِ سَقِيطٍ ونَدىً مُخْضَلِّ، ... طَعْمُ السُّرَى فِيهَا كطَعْمِ الخَلِ
وَمِثْلُهُ قَوْلُ هُدْبة بْنِ خَشْرَمٍ:
وَوادٍ كجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قطَعْتُه، ... تَرى السَّقْطَ فِي أَعْلامِه كالكَراسِفِ
والسَّقَطُ مِنَ الأَشياء: مَا تُسْقِطهُ فَلَا تَعْتَدُّ بِهِ مِنَ الجُنْد وَالْقَوْمِ وَنَحْوِهِ. والسُّقاطاتُ مِنَ الأَشياء: مَا يُتَهاون بِهِ مِنْ رُذالةِ الطَّعَامِ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا. والسَّقَطُ: رَدِيءُ المَتاعِ. والسَّقَطُ: مَا أُسْقِط مِنَ الشَّيْءِ. وَمِنْ أَمْثالِهم: سَقَطَ العَشاء بِهِ عَلَى سِرْحانٍ، يُضرب مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَبْغي البُغْيةَ فيقَعُ فِي أَمر يُهْلِكُه. وَيُقَالُ لخُرْثِيِّ المَتاعِ: سَقَطٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وسقَطُ الْبَيْتِ خُرْثِيُّه لأَنه ساقِطٌ عَنْ رَفِيعِ الْمَتَاعِ، وَالْجَمْعُ أَسْقاط. قَالَ اللَّيْثُ: جَمْعُ سَقَطِ البيتِ أَسْقاطٌ نَحْوَ الإِبرة والفأْس والقِدْر وَنَحْوِهَا. وأَسْقاطُ النَّاسِ: أَوْباشُهم؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، على المثل بذلك. وسَقَطُ الطَّعامِ: مَا لَا خَيْرَ فِيهِ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَسْقُط مِنْهُ. والسَّقَطُ: مَا تُنُوول بَيْعُهُ مِنْ تابِلٍ وَنَحْوِهِ لأَن ذَلِكَ ساقِطُ القِيمة، وَبَائِعُهُ سَقَّاط. والسَّقَّاطُ: الَّذِي يَبِيعُ السَّقَطَ مِنَ المَتاعِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ لَا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ وَلَا صاحِبِ بِيعةٍ إِلا سَلَّم عَلَيْهِ
؛ هُوَ الَّذِي يَبيعُ سَقَطَ المتاعِ وَهُوَ رَدِيئُه وحَقِيره. والبِيعةُ مِنَ البَيْعِ كالرِّكْبةِ والجِلْسَةِ مِنَ الرُّكُوبِ والجُلوس، والسَّقَطُ مِنَ الْبَيْعِ نَحْوَ السُّكَّر والتَّوابِل ونحوها، وأَنكر بَعْضُهُمْ تَسْمِيَتَهُ سَقَّاطاً، وَقَالَ: لَا يُقَالُ سَقَّاط، وَلَكِنْ يُقَالُ صَاحِبُ سَقَطٍ. والسُّقاطةُ: مَا سَقَط مِنَ الشَّيْءِ. وساقَطه الحديثَ سِقاطاً: سَقَط مِنْكَ إِليه وَمِنْهُ إِليك. وسِقاطُ الحديثِ: أَن يتحدَّثَ الواحدُ ويُنْصِتَ لَهُ الآخَرُ، فإِذا سَكَتَ تحدَّثَ الساكِتُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقِ:
إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَديثَ، كأَنَّه ... جَنى النَّحْلِ أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّف
وسَقَطَ إِليَّ قَوْمٌ: نَزَلُوا عليَّ. وَفِي حَدِيثِ
النجاشِيّ وأَبي سَمّالٍ: فأَما أَبو سَمَّالٍ فسَقَطَ إِلى جيرانٍ لَهُ
أَي أَتاهم فأَعاذُوه وسَترُوه. وسَقَطَ الحَرّ يَسْقُطُ سُقُوطاً: يُكَنَّى بِهِ عَنِ النُّزُولِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
إِذا الوَحْشُ ضَمَّ الوَحْش فِي ظُلُلاتِها ... سَواقِطُ مِنْ حَرٍّ، وَقَدْ كَانَ أَظْهَرا
وسَقَطَ عَنْكَ الحَرُّ: أَقْلَعَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، كأَنه ضِدُّ. والسَّقَطُ والسِّقاطُ: الخَطَأُ فِي الْقَوْلِ والحِساب والكِتاب. وأَسْقَطَ وسَقَطَ فِي كَلَامِهِ وَبِكَلَامِهِ سُقوطاً: أَخْطأَ. وتكلَّم فَمَا أَسْقَطَ كَلِمَةً، وَمَا أَسْقَط حَرْفًا وَمَا أَسْقَط فِي كَلِمَةٍ وَمَا سَقَط بِهَا أَي مَا أَخْطأَ فِيهَا. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ تَكلَّم بِكَلَامٍ فَمَا سَقَطَ بِحَرْفٍ وَمَا أَسْقَطَ حَرْفاً، قَالَ: وَهُوَ كَمَا تَقُولُ دَخَلْتُ بِهِ وأَدْخَلْتُه وخرَجْتُ بِهِ وأَخْرَجْتُه وعَلوْت بِهِ وأَعْلَيْتُه وسُؤتُ بِهِ ظَنّاً وأَسأْتُ بِهِ الظنَّ، يُثْبتون الأَلف إِذا جَاءَ بالأَلف وَاللَّامِ. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
فأَسْقَطُوا لَهَا بِهِ
يَعْنِي الجارِيةَ أَي سَبُّوها وَقَالُوا لَهَا مِنْ سَقَط الكلامِ، وَهُوَ رَدِيئُهُ، بِسَبَبِ حَدِيثِ الإِفْك. وتَسَقَّطَه واستَسْقَطَه: طلَب سَقَطَه وعالَجه عَلَى أَن يَسْقُطَ فيُخْطِئ أَو يَكْذِبَ أَو يَبُوحَ بِمَا عِنْدَهُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:(7/317)
وَلَقَدْ تسَقَّطَني الوُشاةُ فصادَفُوا ... حَجِئاً بِسِرِّكِ، يَا أُمَيْمَ، ضَنِينا «3»
والسَّقْطةُ: العَثْرةُ والزَّلَّةُ، وَكَذَلِكَ السِّقاطُ؛ قَالَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ:
كيفَ يَرْجُون سِقاطِي، بَعْدَ ما ... جَلَّلَ الرأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِيَزِيدَ بْنِ الجَهْم الهِلالي:
رجَوْتِ سِقاطِي واعْتِلالي ونَبْوَتي، ... وراءَكِ عَنِّي طالِقاً، وارْحَلي غَدا
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُتب إِليه أَبيات فِي صَحِيفَةٍ مِنْهَا:
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدةُ مِنْ سُلَيْمٍ ... مُعِيداً، يَبْتَغي سَقَطَ العَذارى
أَي عثَراتِها وزَلَّاتِها. والعَذارى: جُمْعُ عَذْراء. وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَلِيلُ العِثار، وَمِثْلُهُ قَلِيلُ السِّقاطِ، وإِذا لَمْ يَلْحق الإِنسانُ مَلْحَقَ الكِرام يُقَالُ: ساقِطٌ، وأَنشد بَيْتَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ. وأَسقط فُلَانٌ مِنَ الْحِسَابِ إِذا أَلقى. وَقَدْ سقَط مِنْ يَدِي وسُقِطَ فِي يَدِ الرَّجُلِ: زَلَّ وأَخْطأَ، وَقِيلَ: نَدِمَ. قَالَ الزجّاجُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ النَّادِمِ عَلَى مَا فَعَلَ الحَسِر عَلَى مَا فرَطَ مِنْهُ: قَدْ سُقِط في يده وأُسْقِط. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: لَا يُقَالُ أُسقط، بالأَلف، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ
؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: ضرَبوا بأَكُفِّهم عَلَى أَكفهم مِنَ النَّدَم، فإِن صَحَّ ذَلِكَ فَهُوَ إِذاً مِنَ السُّقُوطِ، وَقَدْ قُرِئَ:
سقَط فِي أَيديهم
، كأَنه أَضمر النَّدَمَ أَي سقَط الندمُ فِي أَيديهم كَمَا تَقُولُ لِمَنْ يَحْصُلُ عَلَى شَيْءٍ وإِن كَانَ مِمَّا لَا يَكُونُ فِي الْيَدِ: قَدْ حَصل فِي يَدِهِ مِنْ هَذَا مكروهٌ، فَشَبَّهَ مَا يحصُل فِي الْقَلْبِ وَفِي النفْس بِمَا يَحْصُلُ فِي الْيَدِ ويُرى بِالْعَيْنِ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ
: يُقَالُ سُقط فِي يَدِهِ وأُسقط مِنَ النَّدَامَةِ، وسُقط أَكثر وأَجود. وخُبِّر فُلَانٌ خَبراً فسُقط فِي يَدِهِ وأُسقط. قَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ النَّادِمِ عَلَى مَا فَعَلَ الحسِرِ عَلَى مَا فرَط مِنْهُ: قَدْ سُقط فِي يَدِهِ وأُسقط. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِنما حَسَّنَ قَوْلَهُمْ سُقط فِي يَدِهِ، بِضَمِّ السِّينِ، غَيْرُ مُسَمًّى فَاعِلُهُ الصفةُ الَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فدَعْ عنكَ نَهْباً صيحَ فِي حَجَراتِه، ... ولكنْ حَدِيثاً، مَا حَدِيثُ الرَّواحِلِ؟
أَي صَاحَ المُنْتَهِبُ فِي حَجَراتِه، وَكَذَلِكَ الْمُرَادُ سقَط الندمُ فِي يَدِهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ويوْمٍ تَساقَطُ لَذَّاتُه، ... كنَجْم الثُّرَيّا وأَمْطارِها
أَي تأْتي لَذَّاتُهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، أَراد أَنه كَثِيرُ اللَّذَّاتِ:
وخَرْقٍ تحَدَّث غِيطانُه، ... حَديثَ العَذارَى بأَسْرارِها
أَرادَ أَن بِهَا أَصوات الْجِنِّ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى:
وهُزِّي إِليكِ بجِذْعِ النخلةِ يَسّاقَطْ
، وَقُرِئَ: تُساقِطْ
وتَسّاقَطْ
، فَمَنْ قرأَه بِالْيَاءِ فَهُوَ الجِذْعُ، وَمَنْ قرأَه بِالتَّاءِ فهي النخلةُ، وانتصابُ قَوْلِهِ رُطَباً جَنِيًّا عَلَى التَّمْيِيزِ المحوَّل، أَرادَ يَسّاقطْ رُطَبُ الجِذْع، فَلَمَّا حُوِّلَ الْفِعْلُ إِلى الْجِذْعِ خَرَجَ الرطبُ مفسِّراً؛
__________
(3) . قوله [حجئاً] أَي خليقاً، وفي الأَساس والصحاح وديوان جرير: حصراً، وهو الكتوم للسر.(7/318)
قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ، قَالَ: وَلَوْ قرأَ قَارِئٌ تُسْقِطْ عَلَيْكِ رُطباً يَذْهَبُ إِلى النَّخْلَةِ، أَو قرأَ يُسْقِطْ عَلَيْكِ يَذْهَبُ إِلى الْجِذْعِ، كَانَ صَوَابًا. والسَّقَطُ: الفَضيحةُ. والساقِطةُ والسَّقِيطُ: الناقِصُ العقلِ؛ الأَخيرة عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، والأُنثى سَقِيطةٌ. والسَّاقِطُ والساقِطةُ: اللَّئيمُ فِي حسَبِه ونفْسِه، وَقَوْمٌ سَقْطَى وسُقّاطٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَجَمْعُهُ السَّواقِطُ؛ وأَنشد:
نحنُ الصَّمِيمُ وهُمُ السَّواقِطُ
وَيُقَالُ للمرأَة الدنيئةِ الحَمْقَى: سَقِيطةٌ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الدَّنِيء: ساقِطٌ ماقِطٌ لاقِطٌ. والسَّقِيطُ: الرَّجُلُ الأَحمق. وَفِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ:
مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعفاء الناسِ وسَقَطُهم
أَي أَراذِلُهم وأَدْوانُهُم. والساقِط: المتأَخِّرُ عَنِ الرِّجَالِ. وَهَذَا الْفِعْلُ مَسْقَطةٌ للإِنسان مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ: وَهُوَ أَن يأْتي بِمَا لَا يَنْبَغِي. والسِّقاطُ فِي الفَرسِ: اسْتِرْخاء العَدْوِ. والسِّقاطُ فِي الْفَرَسِ: أَن لَا يَزالَ مَنْكُوباً، وَكَذَلِكَ إِذا جَاءَ مُسْتَرْخِيَ المَشْي والعَدْوِ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ: إِنه ليساقِط الشَّيْءَ «1» أَي يَجِيءُ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ؛ وأَنشد قَوْلَهُ:
بِذي مَيْعة، كأَنَّ أَدْنَى سِقاطِه ... وتَقْرِيبِه الأَعْلَى ذَآلِيلُ
ثَعْلَبِ وساقَطَ الفرسُ العَدْوَ سِقاطاً إِذا جَاءَ مُسْتَرْخِيًا. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا سَبَقَ الْخَيْلَ: قَدْ ساقَطَها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
ساقَطَها بنَفَسٍ مُرِيحِ، ... عَطْفَ المُعَلَّى صُكَّ بالمَنِيحِ،
وهَذَّ تَقْرِيباً مَعَ التَّجْلِيحِ
المَنِيحُ: الَّذِي لَا نَصِيبَ لَهُ. وَيُقَالُ: جَلَّحَ إِذا انكشَف لَهُ الشأْنُ وغَلب؛ وَقَالَ يَصِفُ الثَّوْرَ:
كأَنَّه سِبْطٌ مِنَ الأَسْباطِ، ... بَيْنَ حَوامِي هَيْدَبٍ سُقَّاطِ
السِّبْطُ: الفِرْقةُ مِنَ الأَسْباط. بَيْنَ حوامِي هَيْدَبٍ وهَدَبٍ أَيضاً أَي نَواحِي شَجَرٍ مُلْتَفِّ الهَدَب. وسُقّاطٌ: جَمْعُ الساقِط، وَهُوَ المُتَدَلِّي. والسَّواقِطُ: الَّذِينَ يَرِدُون اليمَامةَ لامْتِيارِ التَّمْرِ، والسِّقاطُ: مَا يَحْمِلُونَهُ مِنَ التَّمْرِ. وَسَيْفٌ سَقّاطٌ وَراء الضَّريبةِ، وَذَلِكَ إِذا قَطَعَها ثُمَّ وصَل إِلى مَا بَعْدَهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الَّذِي يَقُدُّ حَتَّى يَصِل إِلى الأَرض بَعْدَ أَن يَقْطَعَ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الهذلي:
كلَوْنِ المِلْحِ ضَرْبَتُه هَبِيرٌ، ... يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطِي
وَقَدْ تقدَّم فِي سَرَطَ، وصوابهُ يُتِرُّ العظمَ. والسُّراطِيُّ: القاطعُ. والسَّقّاطُ: السيفُ يسقُط مَنْ وَرَاءَ الضَّرِيبة يَقْطَعُهَا حَتَّى يَجُوزَ إِلى الأَرض. وسِقْطُ السَّحابِ: حَيْثُ يُرى طرَفُه كأَنه ساقِطٌ عَلَى الأَرض فِي نَاحِيَةِ الأُفُق. وسِقْطا الخِباء: ناحِيَتاه. وسِقْطا الطائرِ وسِقاطاه ومَسْقَطاه: جَناحاه، وَقِيلَ: سِقْطا جَناحَيْه مَا يَجُرُّ مِنْهُمَا عَلَى الأَرض. يُقَالُ: رَفَع الطائرُ سِقْطَيْه يعني جناحيه.
__________
(1) . قوله [ليساقط الشيء] كذا بالأصل، والذي في الأساس: وإنه لفرس ساقط الشدّ إِذا جاء مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ.(7/319)
والسِّقْطانِ مِنَ الظَّلِيمِ: جَناحاه؛ وأَما قَوْلُ الرَّاعي:
حَتَّى إِذا مَا أَضاء الصُّبْحُ، وانْبَعَثَتْ ... عَنْهُ نَعامةُ ذِي سِقْطَيْن مُعْتَكِر
فإِنه عَنَى بِالنَّعَامَةِ سَواد اللَّيْلِ، وسِقْطاه: أَوّلُه وآخِرُه، وَهُوَ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ؛ يَقُولُ: إِنَّ الليلَ ذَا السِّقْطين مضَى وصدَق الصُّبْح؛ وَقَالَ الأَزهري: أَراد نَعامةَ ليْلٍ ذِي سِقطين، وسِقاطا اللَّيْلِ: ناحِيتا ظَلامِه؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ فَرَسًا:
جافِي الأَيادِيمِ بِلَا اخْتِلاطِ، ... وبالدِّهاسِ رَيِّث السِّقاطِ
قَوْلُهُ: رَيِّثُ السِّقَاطِ أَي بَطِيءٌ أَي يَعْدو «1» فِي الدِّهاسِ عَدْواً شَدِيدًا لَا فُتورَ فِيهِ. وَيُقَالُ: الرَّجُلُ فِيهِ سِقاطٌ إِذا فَتَر فِي أَمره ووَنَى. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ أَبا المِقْدامِ السُّلَمِيّ يَقُولُ: تسَقَّطْتُ الخَبَر وتَبقَّطْتُه إِذا أَخذته قَلِيلًا قَلِيلًا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِهَذِهِ الأَظْرُبِ السَّواقِطِ
أَي صِغار الجبالِ المُنْخفضةِ اللَّاطئةِ بالأَرض. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ يُساقِطُ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي يَرْوِيهِ عَنْهُ فِي خِلالِ كلامِه كأَنه يَمْزُجُ حَدِيثَه بِالْحَدِيثِ عَنْ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مِنْ أَسْقَطَ الشيءَ إِذا أَلْقاه ورَمَى بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه شَرِبَ مِنَ السَّقِيطِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ المتأَخرين فِي حَرْفِ السِّينِ، وَفَسَّرَهُ بالفَخّارِ، وَالْمَشْهُورُ فِيهِ لُغةً وَرِوَايَةً الشينُ الْمُعْجَمَةُ، وَسَيَجِيءُ، فأَمّا السَّقِيطُ، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، فَهُوَ الثَّلْجُ والجَلِيدُ.
سقلط: السَّقْلاطُون: نوعٌ مِنَ الثِّيَابِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ أَيضاً فِي النُّونِ فِي تَرْجَمَةِ سقلطن كما وجدناه.
سلط: السَّلاطةُ: القَهْرُ، وَقَدْ سَلَّطَه اللهُ فتَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ، وَالِاسْمُ سُلْطة، بِالضَّمِّ. والسَّلْطُ والسَّلِيطُ: الطويلُ اللسانِ، والأُنثى سَلِيطةٌ وسَلَطانةٌ وِ سِلِطانةٌ، وَقَدْ سَلُطَ سَلاطةً وسُلوطةً، وَلِسَانٌ سَلْطٌ وسَلِيطٌ كَذَلِكَ. وَرَجُلٌ سَلِيطٌ أَي فَصِيحٌ حَدِيدُ اللِّسَانِ بَيّنُ السَّلاطةِ والسُّلوطةِ. يُقَالُ: هُوَ أَسْلَطُهم لِساناً، وامرأَة سَليطة أَي صَخّابة. التَّهْذِيبِ: وإِذا قَالُوا امرأَة سَلِيطةُ اللسانِ فَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَنها حَدِيدَةُ اللِّسَانِ، وَالثَّانِي أَنها طَوِيلَةُ اللِّسَانِ. اللَّيْثُ: السَّلاطةُ مَصْدَرُ السَّلِيط مِنَ الرِّجَالِ والسلِيطةِ مِنَ النِّسَاءِ، وَالْفِعْلُ سَلُطَتْ، وَذَلِكَ إِذا طَالَ لسانُها واشتدَّ صَخَبُها. ابْنُ الأَعرابي: السُّلُطُ القَوائمُ الطِّوالُ، والسَّلِيطُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعَرَبِ الزيْتُ، وَعِنْدَ أَهل الْيَمَنِ دُهْنُ السِّمْسِم؛ قَالَ امْرُؤٌ الْقَيْسَ:
أَمالَ السَّلِيطَ بالذُّبال المُفَتَّلِ
وَقِيلَ: هُوَ كلُّ دُهْنٍ عُصِر مِنْ حَبٍّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: دُهن السِّمْسِمِ هُوَ الشَّيْرَجُ والحَلُّ؛ ويُقَوّي أَنَّ السَّلِيط الزيتُ قولُ الجعدِيّ:
يُضِيءُ كَمِثْلِ سِراجِ السَّلِيطِ، ... لَمْ يَجْعَلِ اللهُ فِيهِ نُحاسا
قَوْلُهُ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ فِيهِ نُحاساً أَي دُخاناً دَلِيلٌ عَلَى أَنه
__________
(1) . قوله [أي يعدو إلخ] كذا بالأصل.(7/320)
الزَّيْتُ لأَن السَّلِيطَ لَهُ دُخان صالِحٌ، وَلِهَذَا لَا يُوقد فِي الْمَسَاجِدِ والكنائِس إِلا الزيتُ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ولكِنْ دِيافِيُّ أَبُوه وأُمُّه، ... بِحَوْرانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أَقارِبُهْ
وحَوْرانُ: مِنَ الشَّامِ والشأْم لَا يُعْصَرُ فِيهَا إِلا الزيتُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: رأَيت عَلِيًّا وكأَنَّ عَيَنَيْه سِراجا سَلِيطٍ
؛ هُوَ دُهْن الزيتِ. والسُّلْطانُ: الحُجَّةُ والبُرْهان، وَلَا يُجْمَعُ لأَن مَجْرَاهُ مَجْرى المصدرِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: هُوَ مِنَ السلِيط. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ*
، أَي وحُجَّةٍ بَيِّنةٍ. والسُّلطان إِنما سُمِّيَ سُلْطاناً لأَنه حجةُ اللهِ فِي أَرضه، قال: واشتاق السُّلْطَانِ مِنَ السَّليط، قَالَ: والسليطُ مَا يُضاء بِهِ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلزَّيْتِ: سَلِيطٌ، قَالَ: وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ
، أَي حَيْثُمَا كُنْتُمْ شاهَدْتم حُجَّةً لِلَّهِ تعالى وسُلطاناً يَدُلُّ عَلَى أَنه وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تعالى: قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ، قَالَ: فِي بَيَاضِ الْفِضَّةِ وصَفاء الْقَوَارِيرِ، قَالَ: وَكُلُّ سُلْطَانٍ فِي الْقُرْآنِ حُجَّةٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ
، مَعْنَاهُ ذَهَبَ عَنِّي حجتُه. والسلطانُ: الْحُجَّةُ وَلِذَلِكَ قِيلَ للأُمراء سَلاطين لأَنهم الَّذِينَ تُقَامُ بِهِمُ الْحُجَّةُ والحُقوق. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ
، أَي مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حُجَّةٍ كَمَا قَالَ: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ*
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ أَي مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حُجَّةٍ يُضِلُّهم بِهَا إِلَّا أَنَّا سَلَّطْناه عَلَيْهِمْ لِنَعْلَمَ مَن يُؤمن بِالْآخِرَةِ. والسُّلْطانُ: الْوَالِي، وَهُوَ فُعْلان، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالْجَمْعُ السَّلاطِينُ. والسُّلْطان والسُّلُطانُ: قُدْرةُ الملِك، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: السُّلْطَانُ مُؤَنَّثَةٌ، يُقَالُ: قَضَتْ بِهِ عَلَيْهِ السُّلْطانُ، وَقَدْ آمَنَتْه السُّلْطان. قَالَ الأَزهري: وَرُبَّمَا ذُكِّر السُّلْطَانُ لأَن لَفْظَهُ مُذَكَّرٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بِسُلْطانٍ مُبِينٍ*
. وَقَالَ اللَّيْثُ: السُّلْطانُ قُدْرةُ المَلِك وقُدرةُ مَن جُعل ذَلِكَ لَهُ وإِن لَمْ يَكُنْ مَلِكاً، كَقَوْلِكَ قَدْ جَعَلْتُ لَهُ سُلطاناً عَلَى أَخذ حقِّي مِنْ فُلَانٍ، وَالنُّونُ فِي السُّلْطَانِ زَائِدَةٌ لأَن أَصل بِنَائِهِ السلِيطُ. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: فِي السُّلْطَانُ قَوْلَانِ: أَحدهما أَن يَكُونَ سُمِّيَ سُلْطَانًا لتَسْلِيطِه، وَالْآخَرُ أَن يَكُونَ سُمِّيَ سُلْطَانًا لأَنه حُجَّةٌ مِنْ حُجَج اللَّهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: السُّلْطَانُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْحُجَّةُ، وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، فَمَنْ ذَكَّرَ السُّلْطَانَ ذَهَبَ بِهِ إِلى مَعْنَى الرَّجُلِ، وَمَنْ أَنثه ذَهَبَ بِهِ إِلى مَعْنَى الْحُجَّةَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: مَنْ ذَكَّرَ السُّلْطَانَ ذَهَبَ بِهِ إِلى مَعْنَى الْوَاحِدِ، وَمَنْ أَنثه ذَهَبَ بِهِ إِلى مَعْنَى الْجَمْعِ، قَالَ: وَهُوَ جَمْعٌ وَاحِدِهُ سَلِيطٌ، فسَلِيطٌ وسُلْطان مِثْلُ قَفِيزٍ وقُفْزانٍ وبَعير وبُعران، قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ هَذَا غَيْرُهُ. والتسْلِيطُ: إِطلاق السُّلْطانِ وَقَدْ سلَّطه اللَّهُ عَلَيْهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ
. وسُلْطانُ الدَّم: تبيُّغُه. وسُلْطانُ كُلِّ شَيْءٍ: شِدَّتُه وحِدَّتُه وسَطْوَتُه، قِيلَ مِنَ اللسانِ السَّليطِ الحدِيدِ. قَالَ الأَزهري: السَّلاطة بِمَعْنَى الحِدَّةِ، قَدْ جَاءَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ نُصُلًا محدَّدة:
سِلاطٌ حِدادٌ أَرْهَفَتْها المَواقِعُ
وَحَافِرٌ سَلْطٌ وسَلِيطٌ: شَدِيدٌ. وإِذا كَانَ الدابةُ وَقاحَ الْحَافِرِ، والبعيرُ وَقاحَ الخُفِّ، قِيلَ: إِنَّهُ لَسلْط الْحَافِرِ، وَقَدْ سَلِطَ يَسْلَطُ سَلاطةً كَمَا يُقَالُ لِسَانٌ سَلِيطٌ وسَلْطٌ، وَبَعِيرٌ سَلْطُ الْخُفِّ كَمَا يُقَالُ دَابَّةٌ(7/321)
سَلْطةُ الْحَافِرِ، والفعلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ سَلُطَ سَلاطةً؛ قَالَ أُميَّة بْنُ أَبي الصلْت:
إِنَّ الأَنامَ رَعايا اللهِ كلُّهُمُ، ... هُوَ السَّلِيطَطُ فوقَ الأَرضِ مُسْتَطِرُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ الْقَاهِرُ مِنَ السَّلاطة، قَالَ: وَيُرْوَى السِّلِيطَطُ وَكِلَاهُمَا شاذٌّ. التَّهْذِيبِ: سَلِيطَطٌ جَاءَ فِي شِعْرِ أُمية بِمَعْنَى المُسَلَّطِ، قَالَ: وَلَا أَدري مَا حَقِيقَتُهُ. والسِّلْطةُ: السهْمُ الطويلُ، وَالْجَمْعُ سِلاطٌ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
كأَوْبِ الدَّبْرِ غامِضةً، وليْسَتْ ... بمُرْهَفةِ النِّصالِ، وَلَا سِلاطِ
قَوْلُهُ كأَوْب الدَّبْرِ يَعْنِي النصالَ، وَمَعْنَى غَامِضَةً أَي أُلْطِفَ حَدُّها حَتَّى غمَضَ أَي لَيْسَتْ بمرْهَفات الخِلقة بَلْ هِيَ مُرهفات الحدِّ. والمَسالِيطُ: أَسنان الْمَفَاتِيحِ، الْوَاحِدَةُ مِسْلاطٌ. وسَنابِكُ سَلِطاتٌ أَي حِدادٌ؛ قَالَ الأَعشى:
هُوَ الواهِبُ المائةِ المُصْطَفاةِ، ... كالنَّخل طافَ بِهَا المُجْتَزِمْ
وكلِّ كُمَيْتٍ، كجِذْعِ الطَّرِيقِ، ... يَجْرِي عَلَى سَلِطاتٍ لُثُمْ
المُجْتَزِمُ: الخارِصُ، وَرَوَاهُ أَبو عَمْرٍو المُجْترِم، بِالرَّاءِ، أَي الصارِمُ.
سلنط: ابْنُ بُزُرْجَ: اسْلَنْطَأْتُ أَي ارْتَفعت إِلى الشَّيْءِ أَنظر إِليه.
سمط: سَمَطَ الجَدْيَ والحَمَلَ يَسْمِطُه ويَسْمُطُه سَمْطاً، فَهُوَ مَسْموط وسَمِيطٌ: نتَفَ عَنْهُ الصوفَ ونظَّفه مِنَ الشَّعْرِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ ليَشْوِيَه، وَقِيلَ: نتَف عَنْهُ الصوفَ بَعْدَ إِدْخاله فِي الْمَاءِ الْحَارِّ؛ الليْثُ: إِذا مُرِط عَنْهُ صُوفُه ثُمَّ شُوِي بإِهابه فَهُوَ سَمِيطٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَكَل شَاةً سَمِيطًا
أَي مَشْوِيَّة، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعول، وأَصل السَّمْطِ أَن يُنْزَعَ صُوفُ الشاةِ الْمَذْبُوحَةِ بِالْمَاءِ الحارِّ، وإِنما يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ لتُشْوى. وسَمَطَ الشيءَ سَمْطاً: عَلَّقَه. والسِّمْطُ: الخَيْطُ مَا دَامَ فِيهِ الخَرَزُ، وإِلا فَهُوَ سِلْكٌ. والسِّمْطُ: خَيْطُ النظْمِ لأَنه يُعَلَّقُ، وَقِيلَ: هِيَ قِلادةٌ أَطولُ مِنَ المِخْنقةِ، وَجَمْعُهُ سُموطٌ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: السِّمْطُ الْخَيْطُ الْوَاحِدُ المنْظومُ، والسِّمْطانِ اثْنَانِ، يُقَالُ: رأَيت فِي يَدِ فُلَانَةَ سِمْطاً أَي نَظْماً وَاحِدًا يُقَالُ لَهُ: يَكْ رَسَنْ، وإِذا كَانَتِ الْقِلَادَةُ ذَاتَ نَظْمَيْنِ فَهِيَ ذاتُ سِمْطَينِ؛ وأَنشد لِطَرَفةَ:
وَفِي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شادِنٌ، ... مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدِ
والسِّمْطُ: الدِّرْعُ يُعَلِّقُها الفارِسُ عَلَى عَجُزِ فَرَسِهِ، وَقِيلَ: سَمَّطَها. والسِّمْطُ: وَاحِدُ السُّمُوطِ، وَهِيَ سُيور تُعَلَّقُ مِنَ السرْجِ. وسَمَّطْتُ الشيءَ: عَلَّقْتُه عَلَى السُّموطِ تَسْمِيطاً. وسَمَّطْتُ الشَّيْءَ: لَزِمْتُه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَعالَيْ نُسَمِّطْ حُبَّ دَعْدٍ، ونَغْتَدي ... سَواءَيْنِ والمَرْعَى بأُمِّ دَرِينِ
أَي تَعاليْ نَلْزَمْ حُبّنا وإِن كَانَ عَلَيْنَا فِيهِ ضِيقة. والمُسَمَّطُ مِنَ الشِّعر: أَبيات مَشْطورة يَجْمَعُهَا قَافِيَةٌ(7/322)
وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ: المُسَمَّطُ مِنَ الشِّعْرِ مَا قُفِّي أَرباعُ بُيُوتِه وسُمِّطَ فِي قَافِيَةٍ مُخَالِفَةٍ؛ يُقَالُ: قصِيدةٌ مُسَمَّطة وسِمْطِيّةٌ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ هُوَ لِبَعْضِ المحدَثين:
وشَيْبَةٍ كالقَسِمِ غَيَّر سُودَ اللِّمَمِ ... داوَيْتُها بالكَتَمِ زُوراً وبُهْتانا
وَقَالَ الليْثُ: الشِّعْرُ المُسَمَّط الَّذِي يَكُونُ فِي صَدْرِ الْبَيْتِ أَبيات مَشْطورة أَو مَنْهوكة مُقَفّاة، وَيَجْمَعُهَا قَافِيَةٌ مُخالِفةٌ لَازِمَةٌ للقَصِيدَةِ حَتَّى تنقَضي؛ قَالَ: وَقَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ فِي قَصِيدَتَيْنِ سِمْطِيَّتَينِ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ تُسَمَّيَانِ السِّمْطَيْنِ، وَصَدْرُ كُلِّ قَصِيدَةٍ مِصْراعانِ فِي بَيْتٍ ثُمَّ سَائِرُهُ ذُو سُموط، فَقَالَ فِي إِحداهما:
ومُسْتَلْئِمٍ كشَّفْتُ بالرُّمْحِ ذَيْلَه، ... أَقَمْتُ بعَضْبٍ ذي سَفاسِقَ مَيْلَه،
فجَعْتُ بِهِ فِي مُلْتَقَى الخيْلِ خيْلَه، ... «2» تركتُ عِتاقَ الطير تحْجُلُ حَوْلَه
كأَنَّ، عَلَى سِرْبالِه، نَضْحَ جِرْيالِ
وأَورد ابْنُ بَرِّيٍّ مُسَمَّطَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
توَهَّمْتُ مِنْ هِنْدٍ معالِمَ أَطْلالِ، ... عَفاهُنَّ طُولُ الدَّهْر فِي الزَّمن الْخَالِي
مَرابعُ مِنْ هِنْدٍ خَلَتْ ومَصايِفُ، ... يَصِيحُ بمَغْناها صَدًى وعَوازِفُ
وغَيَّرَها هُوجُ الرِّياحِ العَواصِفُ، ... وكلُّ مُسِفٍّ ثُمَّ آخَرُ رادِفُ
بأَسْحَمَ مِنْ نَوْءِ السِّماكَينِ هَطَّالِ
وأَورد ابْنُ بَرِّيٍّ لِآخَرَ:
خَيالٌ هاجَ لِي شَجَنا، ... فَبِتُّ مُكابِداً حَزَنا،
عَمِيدَ القلْبِ مُرْتَهَنا، ... بذِكْرِ اللهْوِ والطَّرَبِ
سَبَتْني ظَبْيَةٌ عَطِلُ، ... كأَنَّ رُضابَها عَسَلُ،
يَنُوءُ بخَصْرِها كَفَلُ، ... بنَيْلِ رَوادِفِ الحَقَبِ
يَجُولُ وِشاحُها قَلَقا، ... إِذا مَا أُلْبِسَتْ، شَفَقا،
رقاقَ العَصْبِ، أَو سَرَقا ... مِن المَوْشِيَّةِ القُشُبِ
يَمُجُّ المِسْكَ مَفْرِقُها، ... ويُصْبي العَقْلَ مَنْطِقُها،
وتُمْسِي مَا يُؤَرِّقُها ... سَقامُ العاشِقِ الوَصِبِ
وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ السَّائِرَةِ قَوْلُهُمْ لِمَنْ يَجُوزُ حكمُه: حكمُكَ مُسَمَّطاً، قَالَ الْمُبَرِّدُ: وَهُوَ على مَذهب لك حكمُك مُسَمَّطًا أَي مُتَمَّماً إِلا أَنهم يَحْذِفُونَ مِنْهُ لَكَ، يُقَالُ: حُكْمُكَ مُسَمَّطًا أَي متمَّماً، مَعْنَاهُ لَكَ حكمُك وَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلا مَحْذُوفًا. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ حُكْمُكَ مُسَمَّطًا، قَالَ: مَعْنَاهُ مُرْسَلًا يَعْنِي به جائزاً. والمُسَمَّطُ: المُرْسَل الَّذِي لَا يُرَدُّ. ابْنُ سِيدَهْ: وَخُذْ حقَّك مُسَمَّطًا أَي سَهْلًا مُجوّزاً نَافِذًا. وَهُوَ لَكَ مُسَمَّطًا أَي هَنِيئًا. وَيُقَالُ: سَمَّطَ لِغَرِيمه إِذا أَرسله. وَيُقَالُ: سَمَطْتُ الرجلَ يَمِينًا عَلَى حَقِّي أَي اسْتَحلفته وَقَدْ سمَط هُوَ عَلَى الْيَمِينِ يَسْمطُ أَي حَلَفَ. وَيُقَالُ:
__________
(2) . قوله [ملتقى الخيل] في القاموس: ملتقى الحي.(7/323)
سَبَطَ فُلَانٌ عَلَى ذَلِكَ الأَمر يَمِينًا، وسمَط عَلَيْهِ، بِالْبَاءِ وَالْمِيمِ، أَي حَلَفَ عَلَيْهِ. وَقَدْ سَمَطْتَ يَا رجلُ عَلَى أَمْرٍ أَنْت فِيهِ فاجِر، وَذَلِكَ إِذا وكَّدَ الْيَمِينَ وأَحْلَطَها. ابْنُ الأَعرابي: السّامِطُ الساكِتُ، والسَّمْط السُّكُوتُ عَنِ الفُضولِ. يُقَالُ: سَمَطَ وسمَّطَ وأَسْمَطَ إِذا سَكَتَ. والسِّمْطُ: الدَّاهِي فِي أَمره الخَفِيفُ فِي جِسْمِه مِنَ الرِّجَالِ وأَكثر مَا يُوصَف بِهِ الصَّيّادُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ وَنَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ للعَجَّاجِ:
جاءتْ فلاقَتْ عِندَه الضَّآبِلا، ... سِمْطاً يُرَبِّي وِلْدةً زَعابِلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لرؤبة وصواب إِنشاده سِمْطاً، بِالْكَسْرِ «1» ، لأَنه هُنَا الصَّائِدُ؛ شُبِّهَ بالسّمْطِ مِنَ النِّظامِ فِي صِغَر جِسمه، وسِمْطاً بَدَلٌ مِنَ الضَّآبِلِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: يَعْنِي الصَّيَّادَ كأَنه نِظام فِي خِفَّتِهِ وهُزالِه. والزّعابِلُ: الصِّغَارُ. وأَورد هَذَا الْبَيْتِ فِي تَرْجَمَةِ زَعْبَلَ، وَقَالَ: السَّمْطُ الْفَقِيرُ؛ وَمِمَّا قَالَهُ رُؤْبَةُ فِي السِّمْطِ الصَّائِدِ:
حَتَّى إِذا عايَنَ رَوْعاً رَائِعَا ... كِلابَ كَلَّابٍ وسِمْطاً قابِعا
وَنَاقَةٌ سُمُطٌ وأَسْماطٌ: لَا وَسْم عَلَيْهَا كَمَا يُقَالُ نَاقَةٌ غُفْلٌ. وَنَعْلٌ سُمُطٌ وَسَمَطٌ «2» وسَمِيطٌ وأَسْماطٌ: لَا رُقْعةَ فِيهَا، وَقِيلَ: لَيْسَتْ بمَخْصُوفةٍ. والسَّمِيطُ مِنَ النَّعْلِ: الطّاقُ الْوَاحِدُ وَلَا رُقْعةَ فِيهَا؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
فأَبْلِعْ بَني سَعْدِ بنِ عِجْلٍ بأَننا ... حَذَوْناهُمُ نَعْلَ المِثالِ سَمِيطا
وَشَاهِدُ الأَسْماط قولُ لَيْلَى الأَخْيلية:
شُمُّ العَرانِينِ أَسْماطٌ نِعالُهُمُ، ... بِيضُ السَّرابيلِ لَمْ يَعْلَقْ بِهَا الغَمَرُ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَلِيطٍ: رأَيت لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، نَعْل أَسْماطٍ
، هُوَ جَمْعُ سَميطٍ هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وسَراويل أَسماطٌ: غَيْرُ مَحْشُوّةٍ. وَقِيلَ: هُوَ أَن يَكُونَ طَاقًا وَاحِدًا؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وأَنشد بَيْتَ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: السِّمْطُ الثَّوْبُ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ بطانةُ طَيْلَسانٍ أَو مَا كَانَ مِنْ قُطن، وَلَا يُقَالُ كِساء سِمْطٌ وَلَا مِلْحَفَةُ سِمْط لأَنها لَا تُبَطَّن؛ قَالَ الأَزهري: أَراد بِالْمِلْحَفَةِ إِزارَ الليلِ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ اللِّحافَ والمِلْحفة إِذا كَانَ طَاقًا وَاحِدًا. والسَّمِيطُ والسُّمَيْطُ: الآجُرُّ القائمُ بعضُه فَوْقَ بَعْضٍ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ الأَصمعي: وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ بَرَاسْتَقْ. وسَمَطَ اللبنُ يَسْمُطُ سَمْطاً وسُمُوطاً: ذَهَبَتْ عَنْهُ حَلاوةُ الحلَب وَلَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّلُ تَغَيُّرِه، وَقِيلَ: السامِطُ مِنَ اللبَنِ الَّذِي لَا يُصَوِّتُ فِي السِّقاء لطَراءتِه وخُثُورَتِه؛ قَالَ الأَصمعي: المَحْضُ مِنَ اللَّبَنِ مَا لَمْ يُخالِطه ماءٌ حُلواً كَانَ أَو حامِضاً، فإِذا ذَهَبَتْ عَنْهُ حَلاوَةُ الحلَب وَلَمْ يَتَغَيَّرْ طعمُه فَهُوَ سامِطٌ، فَإِنْ أَخذ شَيْئًا مِنَ الرِّيح فَهُوَ خامِطٌ، قَالَ: والسامِطُ أَيضاً الماءُ المُغْلَى الَّذِي يَسْمُطُ الشَّيْءَ. والسامِطُ: المُعَلِّقُ الشَّيْءَ بحَبْل خلْفَه مِنَ السُّمُوطِ؛ قَالَ الزَّفَيانُ:
كأَن أَقْتادِيَ والأَسامِطا
__________
(1) . قوله [سمطاً بالكسر] تقدم ضبطه في مادة ولد بالفتح تبعاً للجوهري.
(2) . قوله [سمط وسمط] الأولى بضمتين كما صرح به القاموس وضبط في الأصل أَيضاً، والثانية لم يتعرض لها في القاموس وشرحه ولعلها كقفل.(7/324)
وَيُقَالُ: نَاقَةٌ سُمُطٌ لَا سِمَةَ عَلَيْهَا، وَنَاقَةٌ عُلُطٌ مَوْسُومة. وسَمَطَ السكّينَ سَمْطاً: أَحَدَّها؛ عَنْ كُرَاعٍ. وسِماطُ القومِ: صَفُّهُم. وَيُقَالُ: قامَ القومُ حولَه سِماطَيْنِ أَي صفَّين، وكلُّ صفٍّ مِنَ الرِّجَالِ سِماطٌ. وسُموطُ العِمامةِ: مَا أُفْضِلَ مِنْهَا عَلَى الصَّدْرِ والأَكتاف. والسِّماطانِ مِنَ النحْلِ «1» والناسِ: الجانِبانِ، يُقَالُ: مشَى بَيْنَ السِّماطينِ. وَفِي حَدِيثِ الإِيمان:
حَتَّى سَلِمَ مِنْ طَرفِ السِّماطِ
؛ السِّماطُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ والنحْل، وَالْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ كَانُوا جُلُوسًا عَنْ جَانِبَيْهِ. وسِماطُ الْوَادِي: مَا بَيْنَ صَدْرِه ومُنْتهاه. وسِمْط الرَّمْلِ: حَبْلُه؛ قَالَ:
فَلَمَّا غَدا اسْتَذْرَى لَهُ سِمْط رَمْلةٍ ... لِحَوْلَيْنِ أَدْنَى عَهْدِه بالدَّواهِنِ «2»
وسِمْطٌ وسُمَيطٌ: اسْمَانِ. وأَبو السِّمْطِ: مِنْ كُنَاهُمْ؛ عن اللحياني.
سَمْعَطَ: اسْمَعَطَّ العَجاجُ اسْمِعْطاطاً إِذا سَطَعَ. الأَزهري: اسْمَعَدَّ الرجلُ واشْمَعَدَّ إِذا امْتَلأَ غَضَبًا، وَكَذَلِكَ اسْمَعَطَّ واشْمَعَطَّ، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي ذكَر الرَّجُلِ إِذا اتْمَهلَّ.
سنط: السِّنْطُ: المَفْصِلُ بَيْنَ الكَفِّ والساعِدِ. وأَسْنَعَ الرجلُ إِذا اشْتَكَى سِنْعَه أَي سِنْطَه، وَهُوَ الرُّسْغ. والسَّنْطُ: قَرْظٌ يَنْبُت فِي الصَّعِيدِ وَهُوَ حطَبُهم، وَهُوَ أَجْوَدُ حطَبٍ اسْتَوْقَد بِهِ الناسُ، يَزْعُمُونَ أَنه أَكْثره نَارًا وأَقلُّه رَماداً؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، وَقَالَ: أَخبرني بِذَلِكَ الْخَبِيرُ، قَالَ: ويَدْبُغون بِهِ، وَهُوَ اسْمٌ أَعجمي. والسِّناطُ والسُّناطُ والسَّنُوطُ، كُلُّهُ: الَّذِي لَا لِحْيَة لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا شَعرَ فِي وَجْهِهِ البَتَّةَ، وَقَدْ سَنُطَ فِيهِنَّ. التَّهْذِيبُ: السّناطُ الكَوْسَج، وَكَذَلِكَ السَّنُوطُ والسَّنُوطِيُّ، وَفِعْلُهُ سَنُطَ وَكَذَلِكَ عَامَّةُ مَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ فِعالٍ، وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ ثُلَاثِيًّا. ابْنُ الأَعرابي: السُّنُطُ الخَفِيفو العَوارِض وَلَمْ يَبْلُغُوا حَالَ الكَواسِج؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الواحدُ سَنُوط، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ بِالْفَتْحِ الَّذِي لَا لِحْيَةَ لَهُ أَصلًا. ابْنُ بَرِّيٍّ: السِّناطُ يُوصفُ بِهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
زُرْقٌ، إِذا لاقَيْتَهُمْ، سِناطُ ... لَيْس لَهُمْ فِي نَسَبٍ رِباطُ،
وَلَا إِلى حَبْلِ الهُدَى صِراطُ، ... فالسَّبُّ والعارُ بِهِمْ مُلْتاطُ
وَيُقَالُ مِنْهُ: سَنُطَ الرجلُ وسَنِطَ سَنَطاً، فَهُوَ سِناط. وسَنُوطٌ: اسْمُ رَجُلٍ مَعْرُوفٍ.
سوط: السَّوْطُ: خَلْطُ الشَّيْءِ بَعْضِه بِبَعْضٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَ المِسْواطُ. وساطَ الشيءَ سَوْطاً وسَوَّطَه: خاضَه وخَلَطَه وأَكثَرَ ذَلِكَ. وخصَّ بعضُهم بِهِ القِدْرَ إِذا خُلِطَ مَا فِيهَا. والمِسْوَطُ والمِسْواطُ: مَا سِيطَ بِهِ. واسْتَوَطَ هُوَ: اخْتَلَطَ، نَادِرٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَوْدة: أَنه نظَرَ إِليها وَهِيَ تَنْظُرُ فِي رَكْوةٍ فِيهَا مَاءٌ فنَهاها وَقَالَ: إِني أَخافُ عَلَيْكُمْ مِنْهُ المِسْوطَ
، يَعْنِي الشيْطانَ، سُمِّيَ به من ساطَ
__________
(1) . قوله [من النحل] هو بالحاء المهملة بالأصل وشرح القاموس والنهاية.
(2) . قوله [فلما غدا إلخ] قال في الأساس بعد أَن نسبه للطرماح: أَراد به الصائد، جعله في لزومه للرملة كالسمط اللازم للعنق.(7/325)
القِدْرَ بالمِسْوطِ والمِسْواطِ، وَهُوَ خَشَبَةٌ يُحَرّكُ بِهَا مَا فِيهَا ليخْتَلِطَ، كأَنه يُحَرِّك النَّاسَ للمعصيةِ وَيَجْمَعُهُمْ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لتُساطُنَّ سَوْطَ القِدْر
، وَحَدِيثُهُ مَعَ فاطمةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا:
مَسْوطٌ لَحْمُها بِدَمي ولَحْمي
أَي مَمْزوجٌ ومَخْلُوط؛ وَمِنْهُ قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
لكِنَّها خُلَّةٌ، قدْ سِيطَ مِنْ دَمِها ... فَجْعٌ وَوَلْعٌ، وإِخْلافٌ وتَبْدِيلُ
أَي كأَنَّ هَذِهِ الأَخْلاقَ قَدْ خُلِطَتْ بِدَمِهَا. وَفِي حَدِيثِ
حَلِيمةَ: فشَقّا بَطْنَه فَهُمَا يَسُوطانِه.
وسَوَّطَ رَأْيَه: خَلَّطَه. واسْتَوَطَ عَلَيْهِ أَمرُه: اضْطَرَبَ. وأَمْوالُهم بَيْنَهُمْ سَوِيطةٌ مُسْتَوِطةٌ أَي مُخْتلِطةٌ. وإِذا خَلَّط الإِنسانُ فِي أَمره قِيلَ: سَوَّطَ أَمرَه تَسْوِيطاً؛ وأَنشد:
فَسُطْها ذَميمَ الرَّأْي، غَيرَ مُوَفَّقٍ، ... فَلَسْتَ عَلَى تَسْوِيطِها بِمُعانِ
وَسُمِّيَ السَّوْطُ سَوْطاً لأَنه إِذا سِيطَ بِهِ إِنسان أَو دَابَّةٌ خُلِطَ الدمُ باللحمِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لأَنه يَخْلِطُ الدَّمَ بِاللَّحْمِ ويَسُوطُه. وَقَوْلُهُمْ: ضَرَبْتُ زَيْدًا سَوْطاً إِنما مَعْنَاهُ ضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً بِسَوْطٍ، وَلَكِنْ طَرِيقُ إِعرابه أَنه عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي ضَرَبْتُهُ ضَرْبَةَ سَوْطٍ، ثُمَّ حُذِفَتِ الضَّرْبَةُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، وَلَوْ ذَهَبْتَ تتأَوّل ضَرَبْتُهُ سَوْطًا عَلَى أَن تقدَّر إِعرابه ضَرْبَةً بِسَوْطٍ كَمَا أَن مَعْنَاهُ كَذَلِكَ أَلزمك أَن تُقدِّر أَنك حذفتَ الباء كَمَا يُحْذَفُ حَرْفُ الجرِّ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ أَمَرْتُكَ الْخَيْرَ وأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ذَنْبًا، فَتَحْتَاجُ إِلى اعْتذارٍ مِنْ حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ، وَقَدْ غَنِيتَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بقوله إِنه عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ فِي ضَرْبَةِ سوطٍ، وَمَعْنَاهُ ضَرْبَةً بِسَوْطٍ، وَجَمْعُهُ أَسْواطٌ وسِياطٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
معَهم سِياطٌ كأَذْنابِ الْبَقَرِ
؛ هُوَ جَمْعُ سَوْطٍ الَّذِي يُجْلَد بِهِ، والأَصل سِواطٌ، بِالْوَاوِ، فَقُلِبَتْ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا، وَيُجْمَعُ عَلَى الأَصل أَسْواطاً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَجَعَلْنَا نضْرِبه بأَسْياطِنا وقِسيِّنا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ بِالْيَاءِ وَهُوَ شَاذٌّ والقياسُ أَسْواطِنا، كَمَا يُقَالُ فِي جَمْعِ رِيحٍ أَرياح شَاذًّا وَالْقِيَاسُ أَرواحٌ، وَهُوَ المُطَّرِدُ الْمُسْتَعْمَلُ، وإِنما قُلِبَتِ الْوَاوُ فِي سِياط لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا، وَلَا كَسرةَ فِي أَسواط. وَقَدْ ساطَه سَوْطاً وسُطْتُه أَسُوطُه إِذا ضَرَبْتَهُ بالسَّوْط؛ قَالَ الشَّماخ يَصِفُ فرسَه:
فصَوَّبْتُه كأَنَّه صَوْبُ غَبْيةٍ ... عَلَى الأَمْعَزِ الضَّاحِي، إِذا سِيطَ أَحْضَرا
صَوَّبْتُه: حَمَلْتُهُ عَلَى الحُضرِ فِي صَبَبٍ مِنَ الأَرض. والصَّوْبُ: الْمَطَرُ، والغَبْيَةُ: الدُّفْعةُ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ النارَ السَّوَّاطونَ
؛ قِيلَ هُمُ الشُّرَطُ الَّذِينَ مَعَهُمُ الأَسْواط يَضْربون بِهَا النَّاسَ. وساطَ دابَّته يَسُوطُه إِذا ضَرَبَهُ بالسوْطِ. وساوَطَني فسُطْتُه أَسُوطه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراه إِنما أَراد خاشَنَني بسَوْطِه أَو عارَضَنِي بِهِ فَغَلَبْتُهُ، وَهَذَا فِي الجَواهِر قَلِيلٌ إِنما هُوَ فِي الأَعْراضِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ
؛ أَي نَصِيبَ عَذابٍ، وَيُقَالُ: شدَّته لأَن الْعَذَابَ قَدْ يَكُونُ بِالسَّوْطِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ تَقُولُهَا الْعَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ يُدْخَلُ فِيهِ السوْطُ جَرَى بِهِ الْكَلَامُ والمثَل، وَيُرْوَى أَن السوطَ مِنْ عَذَابِهِمُ الَّذِي يُعذّبون بِهِ فَجَرَى لِكُلِّ(7/326)
عَذَابٍ إِذ كَانَ فِيهِ عِنْدَهُمْ غايةُ العذابِ. والمِسْياطُ: الْمَاءُ يَبْقَى فِي أَسفل الْحَوْضِ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
حَتَّى انْتَهَتْ رَجارِجُ المِسْياطِ
والسِّياطُ: قُضْبانُ الكُرّاثِ الذي عليه ماليقه «1» تَشْبِيهًا بِالسِّيَاطِ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا؛ وسَوَّطَ الكراثُ إِذا أَخرج ذَلِكَ. وسَوْطُ باطلٍ: الضَّوْءُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ الكُوَّة، وَقَدْ حُكِيَتْ فِيهِ الشِّينُ. والسُّوَيْطاء: مَرَقَةٌ كَثِيرَةُ الْمَاءِ تُسَاطُ أَي تُخْلَطُ وتضرب.
فصل الشين المعجمة
شبط: الشَّبُّوطُ والشُّبُّوط؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَهِيَ رَدِيئَةٌ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ دَقِيقُ الذَّنَبِ عَرِيضُ الْوَسَطِ صَغِيرُ الرأْس لَيّنُ المَمَسّ كأَنه البَرْبَطُ، وإِنما يُشْبِهُ البربطُ إِذا كَانَ ذَا طُولٍ لَيْسَ بِعَرِيضٍ بِالشَّبُّوطِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مُقْبِلٌ مُدْبِرٌ خَفِيفٌ ذَفِيفٌ، ... دَسِمُ الثوْبِ قَدْ شَوَى سَمَكاتِ
مِنْ شَبابِيطِ لُجّةٍ وسْطَ بَحْرٍ، ... حَدَثَتْ مِنْ شُحُومِها، عَجِراتِ
وَهُوَ أَعجمي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى بَعْضُهُمُ الشَّبُوطةَ، بِفَتْحِ الشِّينِ وَالتَّخْفِيفِ، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ، وَاللَّهُ أَعلم.
شحط: الشَّحْطُ والشَّحَطُ: البُعْدُ، وَقِيلَ: البُعْدُ فِي كُلِّ الْحَالَاتِ، يُثَقَّلُ وَيُخَفَّفُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وكلُّ قَرِينةٍ ومَقَرِّ إِلْفٍ ... مُفارِقُه، إِلى الشَّحَطِ، القَرِينُ
وأَنشد الأَزهري:
والشَّحْطُ قَطّاعٌ رَجاءَ مَن رَجا
وشَحَطَتِ الدَّارُ تَشْحَطُ شَحْطاً وشَحَطاً وشُحُوطاً: بَعُدَتْ. الْجَوْهَرِيُّ: شَحَطَ المَزَارُ وأَشْحَطْتُه أَبْعَدْتُه. وشَواحِطُ الأَوْدية: مَا تَباعَدَ مِنْهَا. وشحَطَ فُلَانٌ فِي السَّوْمِ وأَبْعَطَ إِذا اسْتَامَ بسِلْعَتِه وتَباعَد عَنِ الْحَقِّ وجاوَز القَدْر؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى شَحِطَ لُغَةً عَنْهُ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
ربيعةَ فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ الشِّقْصَ مِنَ الْعَبْدِ، قَالَ: يُشْحَطُ الثمنُ ثُمَّ يُعْتَقُ كلُّه
أَي يُبْلَغُ بِهِ أَقْصَى القِيمةِ، هُوَ مَنْ شَحَط فِي السَّوْمِ إِذا أَبْعَدَ فِيهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يُجْمع ثمَنُه مِنْ شَحطْتُ الإِناء إِذا مَلأْتَه. وشحَطَ شَرابَه يَشْحَطُه: أَرَقَّ مِزاجَه؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والشَّحْطةُ: دَاءً يأْخُذ الإِبل فِي صُدُورها فَلَا تَكَادُ تَنْجُو مِنْهُ. والشَّحْطةُ: أَثر سَحْجٍ يُصيب جَنْباً أَو فَخِذًا وَنَحْوَهُمَا؛ يُقَالُ: أَصابته شحْطة. والتشحُّطُ: الاضْطرابُ فِي الدَّم. ابْنُ سِيدَهْ: الشحْطُ الاضْطراب فِي الدَّمِ. وتشَحَّطَ الْوَلَدُ فِي السَّلَى: اضْطَرب فِيهِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
ويَقْذِفْنَ بالأَوْلادِ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ، ... تَشَحَّطُ، فِي أَسْلائِها، كالوَصائلِ
الوصائلُ: البُرُودُ الحُمْر. وشَحَطَه يَشْحطُه شَحْطاً وسَحَطَه: ذبَحه، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالسِّينُ أَعْلى. وتَشَحَّطَ المقْتُولُ بدَمِه أَي اضْطَرَب فِيهِ، وشحَّطَه غيرُه بِهِ تَشْحِيطاً. وَفِي حَدِيثِ
مُحَيِّصةَ:
__________
(1) . قوله [ماليقه] كذا بالأصل، والذي في القاموس: زماليقه.(7/327)
وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ
أَي يَتَخَبَّطُ فِيهِ ويَضْطَرِبُ ويتمرّغُ. وشحَطَتْه العقربُ ووَكَعَتْه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ الأَزهري: يُقَالُ شحَطَ الطائرُ وصامَ ومَزَقَ ومَرَقَ وسَقْسقَ، وَهُوَ الشحْطُ والصوْمُ. الأَزهري: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ سَابِقًا قَدْ شحَطَ الخيلَ شحْطاً أَي فاتَها. وَيُقَالُ: شحَطَتْ بنُو هَاشِمٍ العربَ أَي فاتُوهم فَضْلًا وسبَقُوهم. والشحْطةُ: العُودُ مِنَ الرُّمّان وَغَيْرِهِ تَغْرِسُه إِلى جَنْبِ قَضِيب الحَبَلةِ حَتَّى يَعْلُوَ فوقَه، وَقِيلَ: الشحْطُ خَشَبَةٌ تُوضَعُ إِلى جَنْبِ الأَغصان الرِّطابِ الْمُتَفَرِّقَةِ القِصار الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الشُّكُر حَتَّى تَرْتَفِعَ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: هُوَ عُودٌ تُرْفَعُ عَلَيْهِ الحَبَلة حَتَّى تَسْتقِلّ إِلى العَرِيش. قَالَ أَبو الْخَطَّابِ: شحَطْتها أَي وَضَعْتُ إِلى جَنْبِهَا خَشَبَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ إِليها. والمِشْحَطُ: عُوَيْد يُوضع عِنْدَ القَضِيب مِنْ قُضْبانِ الكرْم يَقِيه مِنَ الأَرض. والشَّوْحَطُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبْع تُتَّخَذُ مِنْهُ القِياسُ وَهِيَ مِنْ شَجَرِ الجبالِ جبالِ السَّراةِ؛ قَالَ الأَعشى:
وجِياداً، كأَنها قُضُبُ الشَّوْحَطِ، ... يَحْمِلْنَ شِكّةَ الأَبطالِ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني الْعَالِمُ بِالشَّوْحَطِ أَنَّ نباتَه نباتُ الأَرْزِ قُضبان تَسْمُو كَثِيرَةٌ مِنْ أَصل وَاحِدٍ، قَالَ: وَوَرَقُهُ فِيمَا ذَكَرَ رِقاقٌ طِوالٌ وَلَهُ ثَمَرَةٌ مِثْلُ الْعِنَبَةِ الطَّوِيلَةِ إِلا أَنَّ طَرَفَهَا أَدَقُّ وَهِيَ لَيِّنَةٌ تؤْكل. وَقَالَ مُرَّةُ: الشوْحَطُ والنَّبْعُ أَصفرا الْعُودِ رَزِيناه ثَقِيلانِ فِي الْيَدِ إِذا تقادَما احْمَرَّا، وَاحِدَتُهُ شَوْحَطة. وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْمُبَرِّدِ أَنه قَالَ: النبْعُ والشوحطُ والشَّرْيان شَجَرَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكِنَّهَا تَخْتَلِفُ أَسماؤها بكَرَمِ مَنابِتها، فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي قُلّة الْجَبَلِ فَهُوَ النبْعُ، وَمَا كَانَ فِي سَفْحِه فَهُوَ الشَّرْيان، وَمَا كَانَ فِي الحَضِيضِ فَهُوَ الشَّوْحَطُ. الأَصمعي: مِنْ أَشجار الْجِبَالِ النَّبْعُ وَالشَّوْحَطُ والتَّأْلَبُ؛ وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَمياله أَن النَّبْعَ والشوْحَطَ وَاحِدٌ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَوْس يَصِفُ قَوْسًا:
تَعَلَّمَها فِي غِيلِها، وَهِيَ حَظْوةٌ، ... بوادٍ بِهِ نَبْعٌ طِوالٌ وحِثْيَلُ
وَبانٌ وظَيَّانٌ ورَنْفٌ وشَوْحَطٌ، ... أَلَفُّ أَثِيثٌ ناعِمٌ مُتَعَبِّلُ
فَجَعَلَ مَنْبِتَ النبْعِ والشوْحطِ وَاحِدًا؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ قَوْسًا:
مِن فَرْعِ شَوْحَطةٍ، بِضاحي هَضْبةٍ، ... لَقِحَتْ بِهِ لَقحاً خِلافَ حِيالِ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَقَدْ جَعل الوَسْمِيُّ يُنْبِتُ، بَيْنَنَا ... وبينَ بَنِي دُودانَ، نَبْعاً وشَوْحَطا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَى هَذَا أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تطْلُب ثأْرَها إِلا إِذا أَخْصَبَتْ بلادُها، أَي صَارَ هَذَا الْمَطَرُ يُنبِت لَنَا القِسِيّ الَّتِي تَكُونُ مِنَ النَّبْعِ وَالشَّوْحَطِ. قَالَ أَبو زِيَادٍ: وتُصنع الْقِيَاسُ مِنَ الشَّرْيان وَهِيَ جَيِّدَةٌ إِلا أَنها سَوْدَاءُ مُشْرَبةٌ حُمْرَةً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَفِي الشِّمالِ مِنَ الشَّرْيانِ مُطْعِمةٌ ... كَبْداء، فِي عَجْسِها عَطْفٌ وتَقْوِيمُ
وَذَكَرَ الْغَنَوِيُّ الأَعرابي أَن السَّراء مِنَ النَّبْعِ؛ وَيُقَوِّي قولَه قولُ أَوْس فِي صِفَةِ قَوْس نَبْعٍ أَطنب فِي(7/328)
وَصْفِهَا ثُمَّ جَعَلَهَا سَراء فَهُمَا إِذاً وَاحِدٌ وَهُوَ قَوْلُهُ:
وصَفْراء مِنْ نَبْعٍ كأَنَّ نَذِيرَها، ... إِذا لَمْ يُخَفِّضْه عَنِ الْوَحْشِ، أَفْكَلُ
وَيُرْوَى: أَزْمَلُ فَبَالَغَ فِي وَصْفِهَا؛ ثُمَّ ذَكَرَ عَرْضَها لِلْبَيْعِ «2» وامْتِناعَه فَقَالَ:
فأَزْعَجَه أَن قِيلَ: شَتَّان مَا تَرَى ... إِليكَ، وعُودٌ مِنْ سَراء مُعَطَّلُ
فَثَبَتَ بِهَذَا أَن النَّبْعَ وَالشَّوْحَطَ والسَّراء فِي قَوْلِ الْغَنَوِيِّ وَاحِدٌ، وأَما الشَّرْيان فَلَمْ يَذْهَبْ أَحد إِلى أَنه مِنَ النَّبْعِ إِلَّا الْمُبَرِّدُ وَقَدْ رُدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشَّوْحَطُ وَالنَّبْعُ شَجَرٌ وَاحِدٌ، فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي قُلّةِ الْجَبَلِ فَهُوَ نَبع، وَمَا كَانَ منها في سَفْحه فهو شَوْحَطٌ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: وَمَا كَانَ مِنْهَا فِي الحَضيض فَهُوَ شَرْيان وَقَدْ ردَّ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلُ. وَقَالَ أَبو زِيَادٍ: النَّبْعُ وَالشَّوْحَطُ شَجَرٌ وَاحِدٌ إِلا أَن النَّبْعَ مَا يَنْبُتُ مِنْهُ فِي الْجَبَلِ، وَالشَّوْحَطُ مَا يَنْبُتُ مِنْهُ فِي السَّهْلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ضربَه بمِخْرَش مِنْ شَوْحَطٍ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ. وشِيحاط: مَوْضِعٌ بِالطَّائِفِ. وشُواحِطٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ الْعَجْلَانِ الْهُذَلِيُّ:
غَداةَ شُواحِطٍ فنَجَوْتَ شَدّاً، ... وثَوْبُكَ فِي عَباقِيةٍ هَرِيدُ
والشُّمْحُوطُ: الطَّوِيلُ، وَالْمِيمُ زائدة.
شرط: الشَّرْطُ: مَعْرُوفٌ، وَكَذَلِكَ الشَّريطةُ، وَالْجَمْعُ شُروط وشَرائطُ. والشَّرْطُ: إِلزامُ الشَّيْءِ والتِزامُه فِي البيعِ وَنَحْوِهِ، وَالْجَمْعُ شُروط. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَجُوزُ شَرْطانِ فِي بَيْعٍ
، هُوَ كَقَوْلِكَ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ نَقْداً بدِينار، ونَسِيئةً بدِينارَيْنِ، وهو كالبَيْعَتين فِي بَيْعةٍ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ أَكثر الْفُقَهَاءِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ بَيْنَ شَرْط وَاحِدٍ أَو شَرْطَيْنِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَحمد عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
نُهِيَ عَنْ بَيْع وشَرْطٍ
، وَهُوَ أَن يَكُونَ الشرطُ مُلَازِمًا فِي الْعَقْدِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
بَرِيرةَ: شَرْطُ اللهِ أَحَقُ
؛ يُرِيدُ مَا أَظهره وبيَّنه مِنْ حُكم اللَّهِ
بِقَوْلِهِ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتق
، وَقِيلَ: هُوَ إِشارة إِلى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ؛ وَقَدْ شرَط لَهُ وَعَلَيْهِ كَذَا يَشْرِطُ ويَشْرُطُ شَرْطاً واشْتَرَط عَلَيْهِ. والشَّرِيطةُ: كالشَّرْطِ، وَقَدْ شارَطَه وشرَط لَهُ فِي ضَيْعَتِه يَشْرِط ويَشْرُط، وشرَط للأَجِير يَشْرُطُ شَرْطاً. والشَّرَطُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْعَلَامَةُ، وَالْجَمْعُ أَشْراطٌ. وأَشْراطُ الساعةِ: أَعْلامُها، وَهُوَ مِنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها
. والاشْتِراطُ: الْعَلَامَةُ الَّتِي يَجْعَلُهَا النَّاسُ بَيْنَهُمْ. وأَشْرَطَ طَائِفَةً مِنْ إِبله وَغَنَمِهِ: عَزَلَها وأَعْلَمَ أَنها لِلْبَيْعِ. والشَّرَطُ مِنَ الإِبل: مَا يُجْلَبُ لِلْبَيْعِ نَحْوَ النَّاب والدَّبِرِ. يُقَالُ: إِن فِي إِبلك شَرَطاً، فَيَقُولُ: لَا وَلَكِنَّهَا لُبابٌ كُلُّهَا. وأَشْرَط فُلَانٌ نفسَه لِكَذَا وَكَذَا: أَعْلَمها لَهُ وأَعَدَّها؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ الشُّرَطُ لأَنهم جَعَلُوا لأَنفسهم عَلَامَةً يُعْرَفُون بِهَا، الْوَاحِدُ شُرَطةٌ وشُرَطِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
فأَشْرَطَ نفْسَه حِرصاً عَلَيْهَا، ... وَكَانَ بنَفْسِه حَجِئاً ضَنِينا
__________
(2) . قوله [ذكر عرضها للبيع إلخ] كذا بالأصل.(7/329)
والشُّرْطةُ فِي السُّلْطان: مِنَ الْعَلَامَةِ والإِعْدادِ. وَرَجُلٌ شُرْطِيٌّ وشُرَطِيٌّ: مَنْسُوبٌ إِلى الشُّرطةِ، وَالْجَمْعُ شُرَطٌ، سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم أَعَدُّوا لِذَلِكَ وأَعْلَمُوا أَنفسَهم بِعَلَامَاتٍ، وَقِيلَ: هُمْ أَول كَتِيبَةٍ تَشْهَدُ الْحَرْبَ وتتهيأُ لِلْمَوْتِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: وتُشْرَطُ شُرْطةٌ للموت لا يرجِعُون إِلا غالِبين
؛ هُمْ أَوّل طَائِفَةٍ مِنَ الْجَيْشِ تَشْهَدُ الوَقْعة، وَقِيلَ: بَلْ صَاحِبُ الشُّرْطةِ فِي حَرْبٍ بِعَيْنِهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّوَابُ الأَول؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شاهدُ الشُّرْطِيِّ لِوَاحِدِ الشُّرَطِ قَوْلُ الدَّهناء:
واللهِ لوْلا خَشْيةُ الأَمِيرِ، ... وخَشْيَةُ الشرْطِيّ والثُّؤْثُورِ
الثُّؤْثورُ: الجلْوازُ؛ قَالَ: وَقَالَ آخَرُ:
أَعُوذُ باللهِ وبالأَمِيرِ ... مِنْ عامِل الشُّرْطةِ والأُتْرُورِ
وأَشْراطُ الشَّيْءِ: أَوائلُه؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِنْهُ أَشراطُ الساعةِ وَذَكَرَهَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالِاشْتِقَاقَانِ مُتقارِبان لأَن عَلَامَةَ الشَّيْءِ أَوَّله. ومَشارِيطُ الأَشياء: أَوائلها كأَشْراطِها؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَشابَهُ أَعْناقُ الأُمُورِ، وتَلْتَوِي ... مَشارِيطُ مَا الأَوْرادُ عَنْهُ صَوادِرُ
قَالَ: وَلَا وَاحِدَ لَهَا. وأَشْراطُ كلِّ شَيْءٍ: ابْتِدَاءُ أَوَّله. الأَصمعي: أَشْراطُ الساعةِ عَلَامَاتُهَا، قَالَ: وَمِنْهُ الاشْتِراط الَّذِي يَشْتَرِطُ الناسُ بعضُهم عَلَى بَعْضٍ أَي هِيَ عَلامات يَجْعَلُونَهَا بَيْنَهُمْ، وَلِهَذَا سُمِّيَتِ الشُّرَط لأَنهم جَعَلُوا لأَنفسهم عَلَامَةً يُعْرَفون بها. وحكى الحطابي عَنْ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ أَنه أَنكر هَذَا التَّفْسِيرَ وَقَالَ: أَشراطُ الساعةِ مَا تُنكِره الناسُ مِنْ صِغَارِ أُمورها قَبْلَ أَن تَقُومَ السَّاعَةُ. وشُرَطُ السلطانِ: نُخْبةُ أَصحابه الَّذِينَ يقدِّمهم عَلَى غَيْرِهِمْ مَنْ جُنْدِهِ؛ وَقَوْلُ أَوس بْنِ حَجَرٍ:
فأَشْرَط فِيهَا نفْسَه، وَهُوَ مُعْصِمٌ، ... وأَلْقَى بأَسْبابٍ لَهُ وتَوَكَّلا
أَي جَعَلَ نفْسَه علَماً لِهَذَا الأَمر؛ وَقَوْلُهُ: أَشْرَط فِيهَا نَفْسَهُ أَي هَيَّأَ لِهَذِهِ النَّبْعةِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: سُمِّيَ الشُّرَطُ شُرَطاً لأَنهم أَعِدّاء. وأَشراطُ الساعةِ: أَسبابُها الَّتِي هِيَ دُونَ مُعْظَمِها وقِيامِها. والشَّرَطانِ: نَجْمانِ مِنَ الحَمَلِ يُقَالُ لَهُمَا قَرْنا الحملِ، وَهُمَا أَوَّل نَجْمٍ مِنَ الرَّبيع، وَمِنْ ذَلِكَ صَارَ أَوائلُ كُلِّ أَمْر يَقَعُ أَشْراطَه وَيُقَالُ لَهُمَا الأَشْراط؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَلْجَأَهُ رَعْدٌ مِنَ الأَشْراطِ، ... ورَيِّقُ الليلِ إِلى أَراطِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الشرطانِ نجمانِ مِنَ الحَمَل وَهُمَا قَرْناه، وإِلى جانِب الشَّمالِيِّ مِنْهُمَا كَوْكَبٌ صَغِيرٌ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَعُدُّه مَعَهُمَا فَيَقُولُ هُوَ ثَلَاثَةُ كَوَاكِبَ وَيُسَمِّيهَا الأَشراط؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
هاجَتْ عَلَيْهِ مِنَ الأَشْراطِ نافِجةٌ، ... فِي فَلْتةٍ، بَيْنَ إِظْلامٍ وإِسْفارِ
والنَّسَبُ إِليه أَشْراطِيٌّ لأَنه قَدْ غَلب عَلَيْهَا فَصَارَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْ باكِرِ الأَشْراطِ أَشْراطِيُ
أَرادَ الشَّرَطَيْنِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشَّرَطانِ تَثْنِيَةُ شَرَطٍ وَكَذَلِكَ الأَشْراطُ جَمْعُ شَرَطٍ؛ قَالَ: والنسبُ(7/330)
إِلى الشَّرَطَيْنِ شرَطِيٌّ كَقَوْلِهِ:
وَمِنْ شَرَطِيٍّ مُرْثَعِنٍّ بعامِر
قَالَ: وَكَذَلِكَ النسَبُ إِلى الأَشْراطِ شَرَطِيٌّ، قَالَ: وَرُبَّمَا نسَبُوا إِليه عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ أَشْراطِيٌّ، وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجِ. ورَوْضةٌ أَشْراطِيّة: مُطِرَتْ بالشَّرَطَيْنِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ رَوْضَةً:
قَرْحاءُ حَوَّاءُ أَشْراطِيّة وكَفَتْ ... فِيهَا الذِّهابُ، وحَفَّتْها البَراعِيمُ
يَعْنِي رَوْضة مُطرت بنَوء الشرَطينِ، وإِنما قَالَ قَرْحَاءُ لأَنَّ فِي وسَطِها نُوَّارةً بَيْضاء، وَقَالَ حوَّاء لخُضْرةِ نَبَاتِهَا. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: طلَع الشَّرَطُ، فَجَاءَ للشَّرَطَيْنِ بِوَاحِدٍ، والتثنيةُ فِي ذَلِكَ أَعْلى وأَشْهر لأَن أَحدهما لَا يَنْفَصِلُ عن الآخر فصارا كأَبانَيْنِ فِي أَنهما يُثْبَتانِ مَعًا، وَتَكُونُ حالَتُهما وَاحِدَةً فِي كُلِّ شَيْءٍ. وأَشْرَطَ الرسولَ: أَعْجَله، وإِذا أَعْجَل الإِنسانُ رَسُولًا إِلى أَمر قِيلَ أَشْرَطَه وأَفْرَطَه مِنَ الأَشْراط الَّتِي هِيَ أَوائل الأَشياء كأَنه «1» مِنْ قَوْلِكَ فارِطٌ وَهُوَ السَّابِقُ. والشَّرَطُ: رُذالُ المالِ وشِرارُه، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تُساقُ مِن المِعْزَى مُهورُ نِسائهمْ، ... ومِنْ شَرَطِ المِعْزَى لَهُنَّ مُهورُ
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
وَلَا الشَّرَطَ اللَّئيمة
أَي رُذالَ المالِ، وَقِيلَ: صِغارُه وشِراره. وشَرَطُ النَّاسِ: خُشارَتُهم وخَمّانُهم؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وجَدْتُ الناسَ، غَيْرَ ابْنَيْ نِزارٍ، ... ولَمْ أَذْمُمْهُمُ، شَرَطاً ودُونا
فالشَّرَطُ: الدُّونُ مِنَ الناسِ، وَالَّذِينَ هُمْ أَعظم مِنْهُمْ لَيْسُوا بشرَطٍ. والأَشْراطُ: الأَرْذالُ. والأَشْراطُ أَيضاً: الأَشْرافُ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَهَذَا الْحَرْفُ مِنَ الأَضداد؛ وأَما قولُ حَسّانَ بْنِ ثَابِتٍ:
فِي نَدامى بِيضِ الوُجوهِ كِرامٍ، ... نُبِّهُوا بَعْدَ هَجْعةِ الأَشْراطِ
فَيُقَالُ: إِنه أَراد بِهِ الحرَسَ وسَفِلةَ النَّاسِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَشارِيطُ مِنْ أَشْراطِ أَشْراطِ طَيِءٍ، ... وَكَانَ أَبوهمْ أَشْرَطاً
وابْن أَشْرَطا وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تقومُ الساعةُ حَتَّى يأْخُذَ اللهُ شريطتَه مِنْ أَهلِ الأَرض فيَبْقَى عَجاجٌ لَا يَعْرِفون مَعْروفاً وَلَا يُنْكِرُون مُنْكَراً
، يَعْنِي أَهلَ الخيرِ والدِّينِ. والأَشْراطُ مِنَ الأَضْداد: يَقَعُ عَلَى الأَشراف والأَرذال؛ قَالَ الأَزهري: أَظُنُّه شَرَطَتَه أَي الخِيارَ إِلا أَنَّ شَمِرًا كَذَا رَوَاهُ. وشرَطٌ: لقَب مالِكِ بْنِ بُجْرَة، ذهَبوا فِي ذَلِكَ إِلى اسْتِرْذالِه لأَنه كَانَ يُحَمَّقُ؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ التيْمي يهجُو مَالِكًا هَذَا:
لَيْتَكَ إِذ رَهِبْتَ آلَ مَوْأَلَهْ، ... حَزُّوا بنَصْلِ السيْفِ عِنْدَ السَّبَلهْ
وحَلَّقَتْ بِكَ العُقابُ القَيْعَلَهْ، ... مُدْبِرةً بشَرَطٍ لَا مُقْبِلَهْ
والغنمُ: أَشْرطُ المالِ أَي أَرْذَلُه، مُفاضَلةٌ، وَلَيْسَ هُنَاكَ فِعْل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا نادِرٌ لأَن المُفاضلةَ إِنما تَكُونُ مِنَ الْفِعْلِ دُونَ الِاسْمِ، وَهُوَ نَحْوَ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَحْنَكُ الشَّاتَيْنِ لأَن ذَلِكَ لَا فِعْلَ لَهُ أَيضاً عِنْدَهُ، وَكَذَلِكَ آبَلُ الناسِ لا فِعْلَ
__________
(1) . قوله [كأَنه إلخ] كذا بالأصل ويظهر أن قبله سقطاً.(7/331)
لَهُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. وشَرَطُ الإِبلِ: حَواشِيها وصِغارُها، وَاحِدُهَا شَرَطٌ أَيضاً، وَنَاقَةٌ شَرَطٌ وإِبل شَرَطٌ. قَالَ: وَفِي بَعْضِ نَسْخِ الإِصلاح: الغنمُ أَشْراطُ الْمَالِ، قَالَ: فإِن صَحَّ هَذَا فَهُوَ جَمْعُ شَرَط. التَّهْذِيبُ: وشَرَطُ المالِ صِغَارُهَا، وَقَالَ: والشُّرَطُ سُمُّوا شُرَطاً لأَن شُرْطةَ كُلِّ شَيْءٍ خِيارُه وَهُمْ نُخْبةُ السلطانِ مِنْ جُنده؛ وَقَالَ الأَخطل:
ويَوْم شرْطةِ قَيْسٍ، إِذْ مُنِيت بِهِمْ، ... حَنَّتْ مَثاكِيلُ مِنْ أَيْفاعِهمْ نُكُدُ
وَقَالَ آخَرُ:
حَتَّى أَتَتْ شُرْطةٌ للموْتِ حارِدةٌ
وَقَالَ أَوْسٌ: فأَشْرَط فِيهَا أَي استخَفَّ بِهَا وَجَعَلَهَا شَرَطاً أَي شَيْئًا دُوناً خاطَرَ بِهَا. أَبو عَمْرٍو: أَشْرَطْتُ فُلَانًا لِعَمَلِ كَذَا أَي يَسَّرْتُه وَجَعَلْتُهُ يَلِيهِ؛ وأَنشد:
قَرَّبَ مِنْهُمْ كلِّ قَرْمٍ مُشْرَطِ عَجَمْجَمٍ، ... ذِي كِدْنةٍ عَمَلَّطِ
المُشْرَطُ: المُيَسَّرُ لِلْعَمَلِ. والمِشْرَطُ: المِبْضَعُ، والمِشْراطُ مِثْلُهُ. والشَّرْطُ: بَزْغُ الحَجّام بالمِشْرَطِ، شَرَطَ يَشْرُطُ ويَشْرِطُ شَرْطاً إِذا بزَغ، والمِشْراطُ والمِشْرَطةُ: الآلةُ الَّتِي يَشْرُط بِهَا. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصحابي عَنِ ابْنِ الكَلْبي عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُجالِد قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبي طَالِبٍ بِالْكُوفَةِ فأُتِيَ بِرَجُلٍ فأَمَر بضَرْبِ عُنقه، فَقُلْتُ: هَذَا واللهِ جَهْدُ البَلاء، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هَذَا إِلا كشَرْطةِ حَجّامٍ بمشْرَطَتِه وَلَكِنَّ جُهْدَ الْبَلَاءِ فَقْر مُدْقِعٌ بَعْدَ غِنًى مُوسع. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ شَرِيطةِ الشيطانِ
، وَهِيَ ذَبِيحَةٌ لَا تُفْرَى فِيهَا الأَوْداجُ وَلَا تُقْطَعُ وَلَا يُسْتَقْصَى ذبحُها؛ أُخذ مِنْ شَرْط الْحَجَّامِ، وَكَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَقْطَعُونَ بعضَ حَلْقِها وَيَتْرُكُونَهَا حَتَّى تموتَ، وإِنما أَضافها إِلى الشَّيْطَانِ لأَنه هُوَ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَحَسَّنَ هَذَا الفعلَ لدَيْهِم وسوّلَه لَهُمْ. والشَّرِيطةُ مِنَ الإِبل: المشقُوقةُ الأُذن. والشَّرِيطةُ: شِبْه خُيوطٍ تُفْتل مِنَ الخُوص واللِّيفِ، وَقِيلَ: هُوَ الحبلُ مَا كَانَ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يُشْرَطُ خُوصه أَي يُشَقُّ ثُمَّ يُفْتَلُ، وَالْجَمْعُ شَرائطُ وشُرُطٌ وشَرِيطٌ كشَعيرة وشَعير. والشَّرِيطُ: العَتِيدةُ لِلنِّسَاءِ تَضَعُ فِيهَا طِيبَها، وَقِيلَ: هِيَ عَتيدةُ الطِّيبِ، وَقِيلَ: العَيْبةُ؛ حَكَاهُ ابْنِ الأَعرابي وَبِهِ فُسِّر قولُ عَمْرو بْنِ مَعْدِيكَرِب:
فَزَيْنُكَ فِي الشَّرِيطِ إِذا التَقَيْنا، ... وسابِغةٌ وذُو النُّونَيْنِ زَيْني
يَقُولُ: زَيْنُكَ الطِّيبُ الَّذِي فِي العَتِيدةِ أَو الثيابُ الَّتِي فِي العَيْبة، وزَيْني أَنا السِّلاحُ، وعَنَى بِذِي النُّونين السيفَ كَمَا سَمَّاهُ بَعْضُهُمْ ذَا الحَيّاتِ؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
عَلَوْتُ بِذي الحَيّاتِ مَفْرَقَ رأْسِه، ... فَخَرَّ، كَمَا خَرَّ النِّساءُ، عَبِيطَا
وَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ خُوَيْلِد الهُذليّ:
وَمَا جَرَّدْتُ ذَا الحَيّاتِ، إِلّا ... لأَقْطَعَ دابِرَ العَيْشِ، الحُبابِ «1»
كَانَتِ امرأَته نَظَرَتْ إِلى رَجُلٍ فضرَبها مَعْقِلٌ بالسيف
__________
(1) . قوله [الحباب] ضبط في الأَصل هنا وفي مادة دبر بالضم، وقال هناك: الحباب اسم سيفه.(7/332)
فأَتَرَّ يَدَها فَقَالَ فِيهَا هَذَا، يَقُولُ: إِنما كُنْتُ ضربْتُكِ بالسيفِ لأَقْتُلَكِ فأَخْطأْتكِ لجَدِّكِ:
فَعادَ عليكِ أَنَّ لَكُنّ حَظّاً، ... وواقِيةً كواقِيةِ الكِلابِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّرَطُ المَسِيلُ الصَّغِيرُ يَجِيءُ مِنْ قَدر عَشَرَةِ أَذرُع مِثل شَرَطِ الْمَالِ رُذالِها، وَقِيلَ الأَشْراطُ مَا سَالَ مِنَ الأَسْلاقِ فِي الشِّعابِ. والشِّرْواطُ: الطويلُ المُتَشَذِّبُ الْقَلِيلُ اللحْم الدقيقُ، يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ النَّاسِ والإِبل، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ؛ قَالَ:
يُلِحْنَ مِنْ ذِي زَجَلٍ شِرْواطِ، ... مُحْتَجِزٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرجَز لجسَّاسِ بْنِ قُطَيْبٍ وَالرَّجَزُ مُغَيَّرٌ؛ وَصَوَابُهُ بِكَمَالِهِ عَلَى مَا أَنشده ثَعْلَبٌ فِي أَمالِيه:
وقُلُصٍ مُقْوَرَّةِ الأَلْياطِ، ... باتَتْ عَلَى مُلَحَّبٍ أَطَّاطِ
تَنْجُو إِذا قِيلَ لَهَا يَعاطِ، ... فَلَوْ تَراهُنَّ بِذِي أُراطِ،
وهنَّ أَمثالُ السُّرَى الأَمْراطِ، ... يُلِحْنَ مِنْ ذِي دَأَبٍ شِرْواطِ،
صاتِ الجُداءِ شَظِفٍ مِخْلاطِ، ... مُعْتَجِرٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ
عَلَى سَراوِيلَ لَهُ أَسْماطِ، ... لَيْسَتْ لَهُ شَمائلُ الضَّفَّاطِ
يتْبَعْنَ سَدْوَ سَلِسِ المِلاطِ، ... ومُسْرَبٍ آدَمَ كالفُسْطاطِ
«2» خَوَّى قَلِيلًا، غيرَ مَا اغْتِباطِ، ... عَلَى مَباني عُسُبٍ سِباطِ
يُصْبِحُ بَعْدَ الدَّلَج القَطْقاطِ، ... وهْو مُدِلٌّ حسَنُ الأَلْياطِ
الأَلْياطُ: الجُلود. ومُلَحَّب: طَرِيقٌ. وأَطّاطٌ: مُصوِّتٌ. ويَعاطِ: زَجْر. وأُراطٌ: مَوْضِعٌ. والسُّرَى، جَمْعُ سُرْوةٍ: السَّهْم. والأَمْراطُ: المُتمرِّطةُ الرِّيشِ. ويُلِحْنَ: يَفْرَقْنَ. والدّأَبُ: شدَّة السَّيْر والسَّوْقِ. والشَّظَفُ: خُشونة العيْشِ. والضَّفّاطُ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي يُكْرَى مِنْ مَنْزِل إِلى مَنْزِلٍ. والمِلاطُ: المِرْفَقُ، وعُسُبٌ قَوائمه. وسِباطٌ: جَمْعُ سَبْطٍ. والقَطْقاطُ: السريعُ. اللَّيْثُ: نَاقَةٌ شِرْواطٌ وَجَمَلٌ شِرْواط طَوِيلٌ وَفِيهِ دِقّة، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ. وَرَجُلٌ شِرْوَطٌ: طَوِيلٌ. وَبَنُو شَرِيطٍ: بطن.
شطط: الشَّطاطُ: الطُّولُ واعْتِدالُ القامةِ، وَقِيلَ: حُسن القَوام. جاريةٌ شَطّةٌ وشاطّةٌ بينةُ الشَّطاطِ والشِّطاطِ، بِالْكَسْرِ: وَهُمَا الِاعْتِدَالُ فِي الْقَامَةِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
وإِذْ أَنا فِي المَخيلةِ والشَّطاطِ
والشَّطاطُ: البُعْدُ. شَطَّتْ دارُه تَشُطُّ وتَشِطُّ شَطّاً وشُطوطاً: بَعُدت. وَكُلُّ بَعِيدٍ شاطٌّ؛ وَمِنْهُ: أَعوذ بِكَ مِنَ الضِّبْنةِ فِي السفَر وكآبةِ الشِّطّةِ؛ الشِّطَّةُ، بِالْكَسْرِ: بُعْد المسافةِ مِنْ شَطَّتِ الدارُ
__________
(2) . قوله [ومسرب] كذا في الأَصل بالسين المهملة ولعله بالشين المعجمة.(7/333)
إِذا بَعُدت. والشَّطَطُ: مُجاوَزةُ القَدْرِ فِي بَيْعٍ أَو طلَب أَو احْتِكَامٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ كُلِّ شيءٍ، مُشْتَقٌّ مِنْهُ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
شَطَّتْ مَزارَ العاشِقينَ، ... فأَصْبَحَت عَسِراً عليَّ طِلابُها ابْنةُ مَخْرَمِ «1»
أَي جاوَزَتْ مَزارَ الْعَاشِقِينَ، فعدَّاه حَمْلًا عَلَى مَعْنَى جَاوَزَتْ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَنْصُوبًا بإِسقاط الْبَاءِ تَقْدِيرُهُ بَعُدت بِمَوْضِعِ مَزارِهم، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ جِنِّي إِلَّا أَنه جَعَلَ الْخَافِضَ السَّاقِطَ عَنْ، أَي شَطَّت عَنْ مزارِ الْعَاشِقِينَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَهَا مَهْرُ مِثلها لَا وكْسَ وَلَا شَطَطَ
أَي لَا نُقْصان وَلَا زِيادةَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً
؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَحْمُونَ أَلفاً أَن يُسامُوا شَطَطا
وشَطّ فِي سِلْعَتِه وأَشطَّ: جاوَزَ القَدْرَ وتباعدَ عَنِ الْحَقِّ. وشَطَّ عَلَيْهِ فِي حُكْمِه يَشِطُّ شَطَطاً واشْتَطَّ وأَشَطَّ: جارَ فِي قضيَّتِه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا تُشْطِطْ، وقرئَ:
وَلَا تَشْطُطْ
وَلَا تُشَطِّطْ
، وَيَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَا تَشْطِطْ، وَمَعْنَاهَا كُلُّهَا لَا تَبْعُدْ عَنِ الْحَقِّ؛ وأَنشد:
تَشُطُّ تَشِطُّ غَداً دارُ جِيرانِنا، ... ولَلدَّارُ بَعْدَ غَدٍ أَبْعَدُ
أَبو عُبَيْدٍ: شَطَطْتُ أَشُطُّ، بِضَمِّ الشِّينِ، وأَشْطَطْتُ: جُرْت: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَشَطَّ بِمَعْنَى أَبْعَدَ، وشَطَّ بِمَعْنَى بعُدَ؛ وَشَاهِدٌ أَشَطَّ بِمَعْنَى أَبعدَ قَوْلُ الأَحوص:
أَلا يَا لَقَوْمِي، قَدْ أَشَطَّتْ عَواذِلي، ... ويَزْعُمْنَ أَن أَوْدَى بحَقِّيَ باطِلي
وَفِي حَدِيثِ
تَميم الدَّارِيّ: أَنَّ رَجُلًا كَلَّمَهُ فِي كَثْرَةِ الْعِبَادَةِ فَقَالَ: أَرأَيتَ إِن كنتُ أَنا مُؤْمِناً ضَعِيفاً وأَنت مُؤْمن قَوِيٌّ؟ إِنك لشاطِّي حَتَّى أَحْمِلَ قوَّتَك عَلَى ضَعْفِي فَلَا أَسْتَطِيعَ فأَنْبَتَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ مِنَ الشَّطَطِ وَهُوَ الجَوْرُ فِي الحُكْم، يَقُولُ: إِذا كَلَّفْتَني مِثْلَ عَمَلِكَ وأَنتَ قَوِيٌّ وأَنا ضعِيفٌ فَهُوَ جَوْرٌ مِنْكَ عليَّ؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ قَوْلَهُ شاطِّي بِمَعْنَى ظالِمِي وَهُوَ متعدٍّ؛ قَالَ أَبو زيد وأَبو مَالِكٍ: شَطَّني فُلَانٌ فَهُوَ يَشِطُّني شَطّاً وشُطوطاً إِذا شَقَّ عَلَيْكَ؛ قَالَ الأَزهري: أَراد تميم بِقَوْلِهِ شاطِّي هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قَالَهُ أَبو زَيْدٍ أَي جَائِرٌ عليَّ فِي الْحُكْمِ، وَقِيلَ: قولُه لشاطِّي أَي لظالِمٌ لِي مِنَ الشَّطَط وَهُوَ الجورُ وَالظُّلْمُ والبُعْدُ عَنِ الْحَقِّ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ شَطَّني فُلَانٌ يَشِطُّني شَطّاً إِذا شَقَّ عَلَيْكَ وَظَلَمَكَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً
؛ قَالَ أَبو إِسحق: يَقُولُ لَقَدْ قُلْنَا إِذاً جَوْراً وشَطَطاً، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، الْمَعْنَى لَقَدْ قُلْنَا إِذاً قَولًا شطَطاً. والشطَطُ: مجاوزةُ القدْرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ. يُقَالُ: أَعطيته ثَمَنًا لَا شَطَطاً وَلَا وَكْساً. واشتطَّ الرَّجُلُ فِيمَا يَطْلُبُ أَو فِيمَا يَحْكُمُ إِذا لَمْ يَقْتَصِد. وأَشَطَّ فِي طَلَبِهِ: أَمْعَنَ. وَيُقَالُ: أَشَطَّ القومُ فِي طَلبِنا إِشْطاطاً إِذا طلبوهم رُكْباناً ومُشاةً. وأَشَطَّ فِي المَفازةِ: ذَهَبَ. والشَّطُّ: شاطِئُ النَّهْرِ وَجَانِبُهُ، وَالْجَمْعُ شُطوطٌ وشُطَّانٌ؛ قَالَ:
وتَصَوَّحَ الوَسْمِيُّ من شُطَّانِه، ... بَقْلٌ بظاهِرِهِ وبَقْلُ مِتانِه
وَيُرْوَى: مِنْ شُطْآنِه جَمْعُ شاطِئٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: شَطُّ الوادِي سَنَدُه الَّذِي يَلي بطنَه. والشَّطُّ:
__________
(1) . هكذا رُوي هنا، وهو في معلقة عَنْتَرَةُ:
حَلَّتْ بأَرضِ الزَّائرين، فأَصبحت ... عَسِراً عليَّ طِلابُكِ، ابنةَ مخْرَمِ(7/334)
جانبُ السَّنامِ، وَقِيلَ شِقُّه، وَقِيلَ نِصْفُه، وَلِكُلِّ سَنام شَطَّانِ، وَالْجَمْعُ شُطوط. وَنَاقَةٌ شَطُوطٌ وشَطَوْطَى: عَظِيمَةُ جَنْبَيِّ السَّنامِ، قَالَ الأَصمعي: هِيَ الضخْمةُ السنامِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ إِبلًا وراعِيَها:
قَدْ طَلَّحَتْه جِلَّةٌ شَطائطُ، ... فهْو لهُنَّ حابِلٌ وفارِطُ
والشَّطُّ: جانبُ النهرِ وَالْوَادِي والسَّنامِ، وكلُّ جانبٍ مِنَ السَّنَامِ شَطٌّ، قَالَ أَبو النَّجْمِ:
عُلِّقْتُ خَوْداً مِنْ بَناتِ الزُّطِّ، ... ذاتَ جَهازٍ مَضْغَطٍ ملَطِّ،
كأَنَّ تحتَ دِرْعِها المُنْعَطِّ ... شَطّاً رَمَيْت فَوْقَه بشَطِّ،
لَمْ يَنْزُ فِي الرَّفعِ ولم يَنْحَطِّ
والشُّطَّانُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ كثيِّر عزَّة:
وَبَاقِي رُسُومٍ مَا تزالُ كأَنَّها، ... بأَصْعِدةِ الشُّطَّانِ، رَيْطٌ مُضَلَّعُ
وغَدِيرُ الأَشْطاطِ: موضعٌ بمُلْتَقَى الطَّرِيقَيْنِ مِنْ عُسْفانَ لِلْحَاجِّ إِلى مَكَّةَ، صَانَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لبُرَيْدةَ الأَسلمي: أَين تَرَكْتَ أَهلَك بغَدِير الأَشْطاطِ
؟ والشَّطْشاطُ: طَائِرٌ.
شقط: الشَّقِيطُ: الجرارُ مِنَ الخَزَفِ يُجعل فِيهَا الْمَاءُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الشَّقِيطُ الفَخَّار عامَّةً. وَفِي حَدِيثِ
ضَمْضَمٍ: رأَيت أَبا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ الشَّقِيطِ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تقدَّم.
شلط: الشَّلْطُ: السِّكِّينُ بِلُغَةِ أَهل الحَوْفِ؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرفه وَمَا أَراه عربيّاً، والله أَعلم.
شمط: شَمَطَ الشيءَ يَشْمِطُه شَمْطاً وأَشْمَطَه: خلَطه؛ الأَخيرة عَنْ أَبي زَيْدٍ، قَالَ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ أَشْمِط عَمَلَكَ بصدَقةٍ أَي اخْلِطْه. وشيءٌ شَمِيطٌ: مَشْمُوطٌ. وَكُلُّ لَوْنَيْنِ اخْتَلَطَا، فَهُمَا شَمِيطٌ. وشمَط بَيْنَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ: خلَط. وإِذا كَانَ نِصْفُ وَلَدِ الرَّجُلِ ذُكُورًا وَنِصْفُهُمْ إِناثاً، فَهُمْ شَمِيطٌ. وَيُقَالُ: اشْمِطْ كَذَا لعَدُوٍّ أَي اخْلِطْ. وكلُّ خَلِيطَيْن خَلَطْتَهما، فَقَدْ شَمَطْتَها، وَهُمَا شَمِيطٌ. والشَّمِيطُ: الصُّبح لاخْتِلاطِ لَوْنَيْه مِنَ الظُّلْمةِ والبياضِ، وَيُقَالُ للصُّبْحِ: شَمِيطٌ مُوَلَّعٌ. وَقِيلَ للصبْح شَمِيطٌ لاختِلاطِ بياضِ النَّهَارِ بِسَوَادِ اللَّيْلِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وأَطْلَعَ مِنْهُ اللِّياحَ الشَّمِيطَ ... خُدودٌ، كَمَا سُلَّتِ الأَنْصُلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الشَّمِيطِ الصبحِ قولُ البَعِيثِ:
وأَعْجَلَها عَنْ حَاجَةٍ، لَمْ تَفُهْ بِهَا، ... شَمِيطٌ، تبكَّى آخِرَ الليلِ، ساطِعُ «1»
وَكَانَ أَبو عَمْرِو بْنُ العَلاء يقول لأَصحابه: اشْمِطُوا أَي خُذُوا مَرَّةً فِي قُرْآنٍ، وَمَرَّةً فِي حَدِيثٍ، وَمَرَّةً فِي غَرِيبٍ، وَمَرَّةً فِي شِعر، وَمَرَّةً فِي لُغَةٍ أَي خُوضُوا. والشَّمَطُ فِي الشعَر: اختلافُه بِلَوْنَيْنِ مِنْ سَوَادٍ وَبَيَاضٍ، شَمِطَ شَمَطاً واشْمَطَّ واشْماطَّ، وَهُوَ أَشْمَطُ، وَالْجَمْعُ شُمْطٌ وشُمْطانٌ. والشمَطُ فِي
__________
(1) . قوله [تبكى] كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في الأساس يتلى أَي بالتضعيف كما يفيده الوزن.(7/335)
الرَّجُلِ: شيْبُ اللِّحية، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ أَشْيَبُ. والشَمَطُ: بَيَاضُ شَعْرِ الرأْسِ يُخالِطُ سَواده، وَقَدْ شَمِطَ، بِالْكَسْرِ، يَشْمَطُ شَمَطاً، وَفِي حَدِيثِ
أَنس: لَوْ شئتُ أَن أَعُدّ شَمَطاتٍ كُنَّ فِي رأْسِ رسولِ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعَلْتُ
؛ الشمَطُ: الشيْبُ، والشَّمَطاتُ: الشَّعراتُ الْبِيضُ الَّتِي كَانَتْ فِي شَعْرِ رأْسه يُرِيدُ قِلَّتها. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وامرأَة شَمْطاء وَلَا يُقَالُ شَيْباء؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
شَمْطاء أَعْلى بَزِّها مُطَرَّحُ، ... قَدْ طَال مَا تَرَّحَها المُتَرِّحُ
شَمْطاء أَي بيْضاء المِشْفَرَيْن، وَذَلِكَ عِنْدَ البُزولِ؛ وَقَوْلُهُ: أَعْلى بَزِّها مُطَرَّح أَي قَدْ سَمِنت فسَقط وبَرُها، وَقَوْلُهُ قَدْ طَالَ مَا تَرَّحَها المُتَرِّحُ أَي نَغَّصَها المَرْعى. وَفَرَسٌ شَمِيطُ الذَّنَبِ: فِيهِ لوْنانِ. وَذِئْبٌ شَميطٌ: فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ. والشَّمِيطُ مِنَ النَّبات: مَا رأَيتَ بعضَه هَائِجًا وَبَعْضَهُ أَخْضر؛ وَقَدْ يُقَالُ لِبَعْضِ الطَّيْرِ إِذا كَانَ فِي ذَنَبه سَوَادٌ وَبَيَاضٌ: إِنه لشميطُ الذُّنابَى؛ وَقَالَ طُفَيْلٌ يَصِفُ فَرَسًا:
شَمِيطُ الذُّنابَى جُوِّفَتْ، وَهْيَ جَوْنة، ... بنُقْبةِ دِيباجٍ ورَيْطٍ مُقَطَّعِ
الشَّمْطُ: الخَلْطُ، يَقُولُ: اخْتَلَطَ فِي ذَنبِها بَيَاضٌ وَغَيْرُهُ. أَبو عَمْرٍو: الشُّمطان الرُّطَب المُنَصَّفُ، والشُّمْطانةُ: البُسْرة الَّتِي يُرْطِبُ جَانِبٌ مِنْهَا ويَبقى سائرُها يَابِسًا. وقِدْرٌ تسَعُ شَاةً بشَمْطِها وأَشماطِها أَي بتابَلِها. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ قَالَ: النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَى فَتْحِ الشِّينِ مِنْ شَمْطِها إِلا العُكْلِيَّ فإِنه يَكْسِرُ الشِّينَ. والشِّمْطاطُ والشُّمْطوطُ: الفِرْقةُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ. والشَّماطِيطُ: القِطَعُ الْمُتَفَرِّقَةُ. يُقَالُ: جَاءَتِ الْخَيْلُ شَماطِيطَ أَي مُتَفَرِّقَةً أَرْسالًا، وذهَب القومُ شَماطِيطَ وشَمالِيلَ إِذا تَفَرَّقُوا، والشَّمالِيلُ: مَا تَفَرَّقَ مِنْ شُعَبِ الأَغْصانِ في رؤوسها مِثْلَ شَماريخِ العِذْق، الْوَاحِدِ شِمْطيطٌ؛ وَفِي حَدِيثِ أَبي سُفْيَانَ:
صَرِيحُ لُؤيٍّ لَا شَماطِيط جُرْهُم
الشَّماطِيطُ: القِطَعُ المتفرّقةُ. وشَماطِيطُ الْخَيْلِ: جَمَاعَةٌ فِي تَفْرِقةٍ، وَاحِدُهَا شُمْطُوطٌ. وَتَفَرَّقَ القومُ شَماطِيطَ أَي فِرَقاً وقِطَعاً، وَاحِدُهَا شِمْطاطٌ وشُمْطُوطٌ، وَثَوْبٌ شِمْطاطٌ؛ قَالَ جَسّاسُ بْنُ قُطَيْبٍ:
مُحْتَجِزٍ بِخَلَقٍ شِمْطاطِ، ... عَلَى سَراوِيلَ لَهُ أَسْماطِ
وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أُرْجُوزته بِكَمَالِهَا فِي تَرْجَمَةِ شرط، أَي بخَلَقٍ قد تَشَقَّقَ وتقطَّع. وَصَارَ الثوبُ شَماطِيطَ إِذا تَشَقَّقَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا وَاحِدَ للشَّماطِيطِ وَلِذَلِكَ إِذا نسَب إِليه قَالَ شَماطيطِيٌّ فأَبْقَى عَلَيْهِ لَفْظَ الْجَمْعِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ جَمْعًا لرَدَّ النسَبَ إِلى الْوَاحِدِ فَقَالَ شِمْطاطِيٌّ أَو شُمْطُوطِيٌّ أَو شِمْطِيطِيٌّ. الْفَرَّاءُ: الشَّماطِيطُ والعَبادِيدُ والشَّعارِيرُ والأَبابِيلُ كلُّ هَذَا لَا يُفْرد لَهُ وَاحِدٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: ثَوْبٌ شَماطِيطُ خَلَقٌ. والشُّمْطُوطُ: الأَحْمق؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَتْبَعُها شَمَرْدَلٌ شُمْطُوطُ، ... لَا ورَعٌ جِبْسٌ وَلَا مأْقُوطُ
وشَماطِيطُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ أَنشد ابْنُ جِنِّي:
أَنا شَماطِيطُ الَّذِي حُدِّثْتَ بهْ، ... متَى أُنَبَّهْ للغَداء أَنْتَبِهْ(7/336)
ثُمَّ أُنَزِّ حَوْلَه وأَحْتَبِهْ، ... حَتَّى يقالُ سَيِّدٌ، ولسْتُ بهْ
وَالْهَاءُ فِي أَحْتَبِه زَائِدَةٌ لِلْوَقْفِ، وإِنما زَادَهَا لِلْوَصْلِ لَا فَائِدَةَ لَهَا أَكثر مِنْ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ حَتَّى يُقَالَ رُوِيَ مَرْفُوعًا لأَنه إِنما أَراد فِعَل الْحَالِ، وفِعلُ الْحَالِ مَرْفُوعٌ فِي بَابِ حَتَّى، أَلا تَرَى أَن قَوْلَهُمْ سرْتُ حَتَّى أَدخلُها إِنما هُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ حَتَّى أَنا فِي حَالِ دُخُولِي، وَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ حَتَّى يُقَالَ سَيِّدٌ عَلَى تَقْدِيرِ الْفِعْلِ الْمَاضِي لأَن هَذَا الشَّاعِرَ إِنما أَراد أَن يَحْكِي حَالَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَلَمْ يُرِدْ أَن يُخبر أَنَّ ذَلِكَ قَدْ مضى.
شمحط: الشَّمْحَطُ والشِّمْحاطُ والشُّمْحُوطُ: المُفْرِطُ طُولًا، وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي شَحَطَ وَقَالَ: إِن ميمه زائدة.
شمعط: قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ بَعْضَ قَيْسٍ يَقُولُ اشْمَعَطَّ القومُ فِي الطَّلَب واشْمَعَلُّوا إِذا بادَرُوا فِيهِ وَتَفَرَّقُوا. واشْمَعَلَّتِ الإِبلُ واشْمَعَطَّت إِذا انْتَشَرَتْ. الأَزهري: قَالَ مُدْرِكٌ الجَعْفَرِيّ يُقَالُ فَرِّقُوا لضَوالِّكُم بُغْياناً يُضِبُّون لَهَا أَي يَشْمَعِطُّون، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَضِبُّوا لِفُلَانٍ أَي تفرَّقُوا فِي طَلبه. وأَضَبَّ القومُ فِي بُغْيَتهم أَي فِي ضالَّتِهم أَي تفرّقُوا فِي طلَبها. الأَزهري: اسْمَعَدَّ الرجلُ واشْمَعَدّ إِذا امتلأَ غَضَباً، وَكَذَلِكَ اسْمَعَطَّ واشْمَعَطَّ، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي ذكَر الرَّجُلِ إِذا اتْمَهَلَّ.
شنط: المُشَنَّطُ: الشِّواء، وَقِيلَ: شِواء مُشَنَّطٌ لَمْ يُبالَغْ فِي شَيِّه. والشُّنُطُ: اللُّحْمانُ المُنْضَجةُ.
شنحط: الشُّنْحُوطُ: الطَّوِيلُ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
شوط: شَوَّطَ الشيءَ: لُغَةٌ فِي شَيَّطه. والشَّوْطُ: الجَرْيُ مَرَّةً إِلى غَايَةٍ، وَالْجَمْعُ أَشْواطٌ؛ قَالَ:
وبارحٍ مُعْتَكِرِ الأَشْواطِ
يَعْنِي الرِّيحَ. الأَصمعي: شاطَ يَشُوطُ شَوْطاً إِذا عَدا شَوْطاً إِلى غَايَةٍ، وَقَدْ عَدا شَوْطاً أَي طَلَقاً. ابْنُ الأَعرابي: شَوَّطَ الرجلُ إِذا طَالَ سَفَرُهُ. وَفِي حَدِيثِ
سُلَيْمَان بْنَ صُرَدٍ قَالَ لِعِلِيٍّ: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ، إِن الشَّوْطَ بَطِينٌ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الأُمورِ مَا تَعْرِفُ بِهِ صَدِيقَك مِنْ عدُوِّكَ
؛ البَطِينُ البَعِيدُ، أَي إِن الزَّمَانَ طَوِيلٌ يُمكِنُ أَن أَسْتَدْرِكَ فِيهِ مَا فرَّطْتُ. وطافَ بالبيتِ سبعةَ أَشْواط مِنَ الحجَر إِلى الحجَر شَوْطٌ وَاحِدٌ. وَفِي حَدِيثِ الطوافِ:
رملَ ثلاثةَ أَشْواطٍ
؛ هِيَ جَمْعُ شَوْطٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَرَّةُ الواحدةُ مِنَ الطَّوافِ حوْلَ البيتِ، وَهُوَ فِي الأَصل مَسافة مِنَ الأَرض يَعْدُوها الفَرس كالمَيْدان وَنَحْوِهِ. وشَوْطُ باطِلٍ: الضَّوْء الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ الكُوَّة. وشَوْطُ بَراحٍ: ابْنُ آوَى أَو دابَّةٌ غَيْرِهِ. والشَّوْطُ: مَكَانٌ بَيْنَ شَرَفَيْنِ مِنَ الأَرض يأْخذ فِيهِ الْمَاءُ والناسُ كأَنه طَرِيقٌ طولُه مِقْدارُ الدَّعْوةِ ثُمَّ يَنْقطِعُ، وَجَمْعُهُ الشِّياطُ، ودخولُه فِي الأَرض أَنه يُوَارِي الْبَعِيرَ وَرَاكِبَهُ وَلَا يَكُونُ إِلا فِي سُهولِ الأَرض يُنْبِتُ نَبْتاً حسَناً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الأَكوع: أَخَذْت عَلَيْهِ شَوْطاً أَو شَوْطَيْنِ.
وَفِي حَدِيثِ المرأَة الجَوْنِيَّةِ ذِكْرُ الشوْطِ، هُوَ اسمُ حائطٍ مِنْ بساتِينِ المدينةِ.
شيط: شاطَ الشيءُ شَيْطاً وشِياطةً وشَيْطُوطةً: احْتَرَقَ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الزيتَ والرُّبَّ؛ قَالَ:
كَشائطِ الرُّبِّ عَلَيْهِ الأَشْكَلِ
وأَشاطَه وشَيَّطَه، وشاطَتِ القِدْر شَيْطاً:(7/337)
احتَرقَتْ، وَقِيلَ: احْتَرَقَتْ ولَصِقَ بِهَا الشَّيْءُ، وأَشاطَها هُوَ وأَشَطْتُها إِشاطة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: شاطَ دمُ فُلَانٍ أَي ذَهَبَ، وأَشَطْتُ بدَمِه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: القسامةُ تُوجِبُ العَقْلَ وَلَا تُشِيطُ الدَّمَ
أَي تُؤْخَذُ بِهَا الدِّيَةُ وَلَا يُؤْخَذُ بِهَا القِصاصُ، يَعْنِي لَا تُهْلِكُ الدَّمَ رأْساً بِحَيْثُ تُهْدِرُه حَتَّى لَا يَجِبَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الدِّيَةِ. الْكِلَابِيُّ: شَوَّط القِدْرَ وشَيَّطَها إِذا أَغْلاها. وأَشاطَ اللَّحْمَ: فَرَّقه. وشاطَ السمْنُ والزَّيْتُ: خَثُرَ. وشاطَ السمنُ إِذا نَضِجَ حَتَّى يَحْتَرِقَ وَكَذَلِكَ الزَّيْتُ؛ قَالَ نِقادةُ الأَسدي يَصِفُ مَاءً آجِناً:
أَوْرَدْتُه قَلائصاً أَعْلاطا، ... أَصْفَرَ مِثْل الزَّيْتِ، لَمّا شَاطَا
والتَشْيِيطُ: لَحْمٌ يُصْلَح لِلْقَوْمِ ويُشْوى لَهُمْ، اسْمٌ كالتَّمْتِين، والمُشَيَّطُ مِثْلُه، وَقَالَ اللَّيْثُ: التشَيُّطُ شَيْطُوطةُ اللَّحْمِ إِذا مسَّته النَّارُ يَتَشَيَّطُ فيَحْتَرِقُ أَعْلاه، وتَشَيَّطَ الصوفُ. والشِّياطُ: رِيح قُطنة مُحْتَرِقةٍ. وَيُقَالُ: شَيَّطْتُ رأْس الْغَنَمِ وشوَّطْتُه إِذا أَحْرَقْت صُوفه لتُنظِّفه. يُقَالُ: شَيَّطَ فُلَانٌ اللَّحْمَ إِذا دَخَّنه وَلَمْ يُنْضِجُه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
لَمّا أَجابَتْ صَفِيراً كَانَ آيَتَها ... مِنْ قابِسٍ شَيَّطَ الوَجْعاء بالنارِ
وشَيَّطَ الطَّاهي الرأْس والكُراعَ إِذا أَشْعَل فِيهِمَا النَّارَ حَتَّى يَتَشَيَّطَ مَا عَلَيْهِمَا مِنَ الشعرَ والصُّوفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ شَوّطَ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صفةِ أَهل النَّارِ:
أَلم يَرَوْا إِلى الرأْسِ إِذا شُيِّطَ
؛ مِنْ قَوْلِهِمْ شَيَّطَ اللحمَ أَو الشعَرَ أَو الصُّوفَ إِذا أَحرقَ بعضَه. وشاطَ الرجلُ يَشيطُ: هلَك؛ قَالَ الأَعشى:
قَدْ نَخْضِبُ العَيْرَ فِي مَكْنُون فائِله، ... وَقَدْ يَشِيطُ عَلَى أَرْماحِنا البَطَلُ «2»
والإِشاطةُ: الإِهْلاكُ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: أَنه قاتلَ بِرايةِ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى شاطَ فِي رِماحِ الْقَوْمِ
أَي هلَك؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا شَهِدَ عَلَى المُغيرة ثلاثةُ نَفَرٍ بالزِّنا قَالَ: شاطَ ثلاثةُ أَرباع المُغيرة.
وكلُّ مَا ذهَب، فَقَدْ شاطَ. وشاطَ دَمُه وأَشاطَ دمَه وبدَمِه: أَذْهَبَه، وَقِيلَ: أَشاطَ بدَمِه عَمِل فِي هَلاكِه، وتَشَيَّطَ بِهِ دمُه. وأَشاطَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذا أَهْلَكه، وأَصلُ الإِشاطةِ الإِحْراقُ؛ يُقَالُ: أَشاط فُلَانٌ دمَ فلانٍ إِذا عَرَّضه لِلْقَتْلِ. ابْنُ الأَنباري: شاطَ فلانٌ بِدَمِ فلانٍ مَعْنَاهُ عَرَّضه للهَلاك. وَيُقَالُ: شَاطَ دمُ فُلَانٍ إِذا جُعل الْفِعْلُ للدّمِ، فإِذا كَانَ للرجلِ قِيلَ: شَاطَ بدمِه وأَشاط دمَه. وتشيَّطَ الدمُ إِذا عَلا بِصَاحِبِهِ، وَشَاطَ دمُه. وَشَاطَ فلانٌ الدِّماء أَي خلَطَها كأَنه سَفَكَ دمَ الْقَاتِلِ عَلَى دَمِ الْمَقْتُولِ؛ قَالَ المتلَمِّسُ:
أَحارِثُ إِنَّا لَوْ تُشاطُ دِماؤنا، ... تَزَيَّلْن حَتَّى مَا يَمَسّ دَمٌ دَما
وَيُرْوَى: تُساطُ، بِالسِّينِ، والسَّوْطُ: الخَلْط. وشاطَ فُلَانٌ أَي ذَهَبَ دمُه هَدَراً. وَيُقَالُ: أَشاطَه وأَشاطَ بدمِه. وشاطَ بِمَعْنَى عَجِلَ. وَيُقَالُ للغُبار السَّاطِعِ فِي السَّمَاءِ: شَيْطِيٌّ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
تَعادِي المَراخِي ضُمَّراً فِي جُنوحِها، ... وهُنَّ مِنَ الشَّيطِيّ عارٍ ولابِسُ
يَصِفُ الْخَيْلَ وإِثارَتَها الغُبارَ بسنابِكها. وفي
__________
(2) . في قصيدة الأَعشى: قد نطعنُ العيرَ بدلَ قد نخضِب العير.(7/338)
الْحَدِيثِ:
أَنَّ سَفِينةَ أَشاطَ دمَ جَزُورٍ بِجِذْلٍ فأَكَله
؛ قَالَ الأَصمعي: أَشاطَ دمَ جَزُورٍ أَي سَفَكَه وأَراقه فشاطَ يَشِيطُ يَعْنِي أَنه ذَبَحَهُ بعُود، وَالْجِذْلُ الْعُودُ. واشْتاطَ عَلَيْهِ: الْتَهَب. والمُسْتَشِيطُ: السَّمين مِنَ الإِبل. والمِشْياطُ مِنَ الإِبل: السريعةُ السِّمَنِ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ. الأَصمعي: المَشايِيطُ مِنَ الإِبل اللَّواتي يُسْرِعن السِّمَن، يُقَالُ: نَاقَةٌ مِشْياطٌ، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الإِبل الَّتِي تُجْعَلُ للنَّحْر مِنْ قَوْلِهِمْ شاطَ دمُه. غَيْرُهُ: وَنَاقَةٌ مِشْياطٌ إِذا طارَ فِيهَا السِّمنُ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
بوَلْقِ طَعْنٍ كالحَرِيقِ الشَّاطِي
قَالَ: الشَّاطِي المُحْتَرِق، أَرادَ طَعْناً كأَنه لَهَبُ النَّارِ مِنْ شدَّته؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بِالشَّاطِي الشائطَ كَمَا يُقَالُ لِلْهَائِرِ هارِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هارٍ فَانْهارَ بِهِ. وَيُقَالُ: شاطَ السَّمْنُ يَشِيطُ إِذا نَضِجَ حَتَّى يَحْتَرِقَ. الأَصمعي: شاطَتِ الجَزُور إِذا لَمْ يَبْقَ فِيهَا نَصِيبٌ إِلا قُسم. ابْنُ شُمَيْلٍ: أَشاطَ فُلَانٌ الْجَزُورَ إِذا قسَمها بَعْدَ التَّقْطِيعِ. قَالَ: والتقطيعُ نفْسه إِشاطةٌ أَيضاً. وَيُقَالُ: تَشَيَّطَ فُلَانٌ مِنَ الهِبّةِ أَي نَحِلَ مِنْ كَثْرَةِ الْجِمَاعِ. وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: إِنَّ أَخْوفَ مَا أَخافُ عَلَيْكُمْ أَن يُؤْخَذَ الرجلُ المسلمُ الْبَرِيءُ فيقالَ عاصٍ وَلَيْسَ بِعَاصٍ فيُشاطَ لحمُه كَمَا تُشاطُ الجَزُور
؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
نُطْعِمُ الجَيْأَلَ اللَّهِيدَ من الكوُمِ، ... وَلَمْ نَدْعُ مَنْ يُشِيطُ الجَزُورا
قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَشَطْتُ الْجَزُورَ إِذا قطَّعْتها وقسَّمت لَحْمَهَا، وأَشاطَها فُلَانٌ، وَذَلِكَ أَنهم إِذا اقْتَسَمُوها وَبَقِيَ بَيْنَهُمْ سَهْمٌ فَيُقَالُ: مَنْ يُشِيطُ الجَزُور أَي مِنْ يُنَفِّقُ هَذَا السهمَ، وأَنشد بَيْتَ الْكُمَيْتِ، فإِذا لَمْ يَبْقَ مِنْهَا نَصِيبٌ قَالُوا: شَاطَتِ الْجَزُورُ أَي تنَفَّقَتْ. واسْتَشاطَ الرجلُ مِنَ الأَمر إِذا خَفّ لَهُ. وغَضِبَ فُلَانٌ واسْتشاطَ أَي احْتَدَم كأَنه الْتَهَبَ فِي غضَبِه؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ مِنَ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ مِشْياط وَهِيَ الَّتِي يُسْرِع فِيهَا السِّمَن. واسْتَشاطَ الْبَعِيرُ أَي سَمِن. وَاسْتَشَاطَ فُلَانٌ أَي احْتَدَّ وخَفّ وتحرّقَ. وَيُقَالُ: اسْتَشَاطَ أَي احتدَّ وأَشرف عَلَى الهَلاكِ مِنْ قَوْلِكَ شاطَ فُلَانٌ أَي هلَك. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا اسْتَشاطَ السُّلْطان تَسَلَّطَ الشَّيْطَانُ
، يَعْنِي إِذا اسْتَشَاطَ السُّلْطَانُ أَي تحرَّقَ مِنْ شدَّة الغضَب وتلهَّب وَصَارَ كأَنه نَارٌ تسلَّط عَلَيْهِ الشيطانُ فأَغْراه بالإِيقاع بِمَنْ غَضب عَلَيْهِ، وَهُوَ اسْتَفْعَلَ مَنْ شاطَ يَشِيط إِذا كَادَ يَحْتَرِقُ. وَاسْتَشَاطَ فُلَانٌ إِذا اسْتَقْتَل؛ قَالَ:
أَشاطَ دِماء المُسْتَشِيطِين كلِّهم، ... وغُلَّ رُؤوسُ القومِ فِيهِمْ وسُلْسِلُوا
وَرَوَى
ابْنُ شُمَيْلٍ بإِسناده إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَا رُؤي ضاحِكاً مُسْتَشِيطاً
، قَالَ: مَعْنَاهُ ضَاحِكًا ضَحِكاً شَدِيدًا كالمُتَهالِكِ فِي ضَحِكه. واسْتشاطَ الحَمامُ إِذا طارَ وَهُوَ نشِيطٌ. والشيْطان، فَعْلان: من شاطَ يَشِيط. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعُوذ بِكَ مِنْ شرِّ الشَّيْطَانِ وفُتونه وشِيطاه وَشُجُونِهِ
، قِيلَ: الصَّوَابُ
وأَشْطانِه
أَي حِبالِه الَّتِي يَصِيد بِهَا. والشيطانُ إِذا سُمِّيَ بِهِ لَمْ يَنْصَرِفْ؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ طُفيل الغَنَوي:(7/339)
وقد مَتَّتِ الخَدْواءُ مَتّاً عليهِمُ، ... وشَيْطانُ إِذ يَدْعوهُمُ ويُثَوِّبُ
فَلَمْ يَصْرِفْ شيطانَ وَهُوَ شَيْطانُ بْنِ الحكَمِ بْنِ جَلْهَمَةَ، والخَذْواء فَرَسُهُ. والشَّيِّطُ: فَرَسُ أُنَيْفِ بْنِ جبَلةَ الضَّبَّيِّ. والشَّيِّطانِ: قاعانِ بالصَّمّانِ فِيهِمَا مساكاتٌ لماء السماء.
فصل الصاد المهملة
صرط: الأَزهري: قرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وأَبو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ
، بِالصَّادِ، وقرأَ يَعْقُوبُ بِالسِّينِ، قَالَ: وأَصل صَادِهِ سِينٌ قُلِبَتْ مَعَ الطَّاءِ صَادًا لقُرب مَخَارِجِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الصراطُ والسراطُ والزّراطُ الطَّرِيقُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَكُرُّ عَلَى الحَرُورِيِّينَ مُهْرِي، ... وأَحْمِلُهم عَلَى وضَحِ الصِّراطِ
صعط: قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الصَّعُوط والسَّعُوطُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى هَذَا إِنما هُوَ عَلَى المُضارَعة الَّتِي حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ فِي هذا وأَشباهه.
فصل الضاد المعجمة
ضأط: ضَئِطَ ضَأَطاً: حرَّك مَنْكِبَيْه وجسَدَه فِي مَشْيِه؛ عن أَبي زيد.
ضبط: الضَّبْطُ: لُزُومُ الشَّيْءِ وحَبْسُه، ضَبَطَ عَلَيْهِ وضَبَطَه يَضْبُط «1» ضَبْطاً وضَباطةً، وَقَالَ اللَّيْثُ: الضّبْطُ لزومُ شَيْءٍ لَا يُفَارِقُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وضَبْطُ الشَّيْءِ حِفْظُه بِالْحَزْمِ، وَالرَّجُلُ ضابِطٌ أَي حازِمٌ. وَرَجُلٌ ضابِطٌ وضَبَنْطى: قويٌّ شديدٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: شَدِيدُ الْبَطْشِ والقُوَّةِ وَالْجِسْمِ. وَرَجُلٌ أَضْبَطُ: يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا. وأَسَدٌ أَضْبَطُ: يَعْمَلُ بيَساره كَعَمَلِهِ بِيَمِينِهِ؛ قَالَتْ مُؤَبِّنةُ رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ فِي نَوْحِها:
أَسَدٌ أَضْبَطُ يَمْشِي ... بَيْنَ قَصْباءٍ وغِيلِ
والأُنثى ضَبْطاء، يَكُونُ صِفة للمرأَة واللَّبُؤة؛ قَالَ الجُمَيْحُ الأَسَدِي:
أَمّا إِذا أَحْرَدَتْ حَرْدَى فمُجْرِيةٌ ... ضَبْطاء، تَسْكُنُ غِيلًا غيرَ مَقروبِ
وَشَبَّهَ المرأَة بِاللَّبُؤَةِ الضبْطاء نَزَقاً وخِفّة وَلَيْسَ لَهُ فِعل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سُئِلَ عَنِ الأَضْبطِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، يَعْمَلُ بِيَسَارِهِ كَمَا يَعْمَلُ بِيَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا؛ وَقَالَ مَعْن بْنُ أَوْس يَصِفُ نَاقَةً:
عُذافِرة ضَبْطاء تَخْدِي، كأَنها ... فَنِيقٌ، غَدا يَحْمي السَّوامَ السَّوارِحا
وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ أَعْسَرُ يَسَرٌ. وَيُقَالُ مِنْهُ: ضَبِطَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، يَضْبَطُ، وضَبَطَه وجَع: أَخَذه. وتَضَبَّطَ الرجلَ: أَخذه عَلَى حَبْسٍ وقَهْر. وَفِي حَدِيثِ
أَنس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سافَر ناسٌ مِنَ الأَنصار فأَرْمَلوا فمَرُّوا بحَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ فسأَلوهم القِرى فَلَمْ يَقْرُوهم، وسأَلوهم الشِّراء فَلَمْ يَبيعُوهم، فتَضَبَّطوهم فأَصابوا مِنْهُمْ.
وتضَبَّطَ الضأْنُ أَي أَسرَع فِي المرْعى وقَوِيَ. وتضَبَّطَتِ الضأْنُ: نَالَتْ شَيْئًا مِنَ الكَلإِ. تَقُولُ الْعَرَبُ: إِذا تضَبَّطَتِ الضأْنُ شَبعت الإِبلُ، قَالَ: وَذَلِكَ أَن الضأْن يُقَالُ لها الإِبل الصغرى
__________
(1) . قوله [يضبط] شكل في الأصل في غير موضع بضم الباء، وهو مقتضى إطلاق المجد وضبط هامش نسخة من النهاية يوثق بها، لكن الذي في المصباح والمختار أَنه من باب ضرب.(7/340)
لأَنها أَكثر أَكلًا مِنَ المِعْزى، والمِعْزى أَلْطَفُ أَحْناكاً وأَحسن إِراغة وأَزْهَدُ زُهْداً مِنْهَا، فإِذا شَبِعَتِ الضأْنُ فَقَدْ أَحْيا الناسُ لِكثرة العُشب، وَمَعْنَى قَوْلِهِ تضَبَّطَتْ قَوِيَت وسَمِنت. وضُبِطَتِ الأَرضُ: مُطرت؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والضَّبَنْطَى: القَوي، وَالنُّونُ وَالْيَاءُ زَائِدَتَانِ للإِلحاق بسَفَرْجَل. وَفِي الْحَدِيثِ:
يأْتي عَلَى النَّاسِ زمانٌ وإِنَّ البعِيرَ الضابِطَ والمَزادَتَيْنِ أَحبُّ إِلى الرَّجُلِ مِمَّا يَمْلِكُ
؛ الضابِطُ: الْقَوِيُّ عَلَى عمَلِه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَضْبُطُ عمَله إِذا عجَز عَنْ وِلايةِ مَا وَلِيَه. وَرَجُلٌ ضابِطٌ: قَوِيٌّ عَلَى عمَلِه. ولعبةٌ للأَعراب تُسَمَّى الضَّبْطةَ والمَسَّةَ، وَهِيَ الطَّرِيدةُ. والأَضْبطُ: اسم رجل.
ضبعط: الضَّبَغْطى والضَّبَعْطى، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ: شَيْءٌ يُفَزَّعُ بِهِ الصبيّ.
ضبغط: الضَّبَغْطى: الأَحمق، وَهِيَ كَلِمَةٌ أَو شَيْءٌ يُفَزَّع بِهَا الصِّبيان؛ وأَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
وزَوْجُها زَوَنْزَكٌ زَوَنْزَى، ... يَفْزَعُ إِن فُزِّعَ بالضَّبَغْطَى
أَشْبَهُ شيءٍ هُو بالحَبَرْكَى، ... إِذا حَطَأْتَ رأْسَهُ تَشَكَّى
وإِن قَرَعْتَ أَنْفَهُ تَبَكَّى، ... شَرُّ كَمِيعٍ ولَدَتْهُ أُنْثَى
والأَلف فِي ضَبَغْطَى للإِلحاق، وَهَذَا الرَّجَزُ أَورده الأَزهري وَنَسَبَهُ لِمَنْظُورٍ الأَسدي:
وبَعْلُها زَوَنَّكٌ زَوَنْزَى، ... يُحْصِفُ إِنْ خُوِّفَ بالضَّبَغْطى
وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: مَا أَعطيتني إِلا الضبغْطى مُرْسَلة أَي الباطلَ. وَيُقَالُ: اسكُت لَا يأْكُلكَ الضَّبَغْطَى؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ الضَّبَغْطى والضَّبَعطى، بِالْغَيْنِ وَالْعَيْنِ، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الضَّبَغْطَى لَيْسَ شَيْءٌ يُعرف وَلَكِنَّهَا كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ فِي التَّخْوِيفِ. وَيُقَالُ: الضبغْطى فَزَّاعةُ الزَّرْعِ.
ضرط: الضُّراطُ: صَوْتُ الفَيْخِ مَعْرُوفٌ، ضَرَطَ يَضْرِطُ ضرْطاً وضِرطاً، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وضَرِيطاً وضُراطاً. وَفِي المَثَل: أَوْدَى العَيْرُ إِلا ضَرِطاً أَي لَمْ يَبْقَ مِنْ جَلَدِه وقُوّته إِلا هَذَا. وأَضرَطَه غيرُه وضَرَّطَه بِمَعْنًى. وَكَانَ يُقَالُ لِعَمْرِو بْنُ هِنْدٍ: مُضَرِّطُ الحِجارة لشِدّتِه وصَرامَتِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا نادَى المُنادي بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشيطانُ وَلَهُ ضُراطٌ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
وَلَهُ ضَرِيطٌ.
يُقَالُ: ضُراطٌ وضَرِيطٌ كنُهاقٍ ونَهِيقٍ. وَرَجُلٌ ضَرّاطٌ وضَرُوطٌ وضِرَّوْطٌ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. وأَضْرَطَ بِهِ: عَمِلَ لَهُ بفِيه شِبْهَ الضُّراط. وَفِي الْمَثَلِ: الأَخْذُ سُرَّيْطَى، والقضاءُ ضُرَّيْطَى، وَبَعْضٌ يَقُولُونَ: الأَخذ سُرَّيْطٌ، والقضاءُ ضُرَّيْطٌ؛ مَعْنَاهُ أَن الإِنسان يأْخذ الدَّيْنَ فيَسْتَرِطُه فإِذا طالَبه غَرِيمُه وتَقاضاه بِدَيْنِهِ أَضرطَ بِهِ، وَقَدْ قَالُوا: الأَكلُ سَرَطانٌ، والقَضاءُ ضَرَطان؛ وتأْويل ذَلِكَ تُحِبُّ أَن تأْخذ وَتَكْرَهُ أَن تَرُدَّ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: كَانَتْ مِنْهُ كضَرْطةِ الأَصَمِّ؛ إِذا فَعَلَ فَعْلةً لَمْ يَكُنْ فَعَل قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا مثلَها، يُضْربُ لَهُ «1» . قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه دَخَلَ بَيْتَ الْمَالِ فأَضْرَط بِهِ
أَي استَخَفَّ بِهِ وسَخِرَ مِنْهُ. وَفِي
حَدِيثِهِ أَيضاً، كرَّم الله وجهه:
__________
(1) . قوله [يضرب له] عبارة شرح القاموس عن الصاغاني: وهو مثل في الندرة.(7/341)
أَنه سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فأَضْرَطَ بِالسَّائِلِ
أَي استخفَّ بِهِ وأَنْكر قَوْلَهُ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: تَكَلَّمَ فُلَانٌ فأَضْرط بِهِ فُلَانٌ، وَهُوَ أَن يَجْمَعَ شَفَتيه وَيُخْرِجَ مِنْ بَيْنِهِمَا صَوتاً يُشْبِهُ الضَّرْطة عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِخْفَافِ وَالِاسْتِهْزَاءِ. وضَمارِيطُ الاسْتِ: مَا حَوالَيْها كأَنّ الْوَاحِدَ ضِمْراطٌ أَو ضُمْرُوطٌ أَو ضِمْريط مشتقٌّ مِنَ الضَّرْطِ؛ قَالَ الفَضِمُ بْنُ مُسْلم الْبَكَّائِيُّ:
وبَيَّتَ أُمَّه، فأَساغَ نَهْساً ... ضَمارِيطَ اسْتِها فِي غَيْر نارِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ رُبَاعِيًّا، وَسَنَذْكُرُهُ. وَتَكَلَّمَ فُلَانٌ فأَضرط بِهِ فُلَانٌ أَي أَنكر قَوْلَهُ. يُقَالُ: أَضرط فُلَانٌ بِفُلَانٍ إِذا اسْتَخَفَّ بِهِ وسخِر مِنْهُ، وَكَذَلِكَ ضَرَّطَ بِهِ أَي هَزِئَ بِهِ وَحَكَى لَهُ بفِيهِ فِعْلَ الضارِطِ. والضَّرَطُ: خِفَّة الشعَر. وَرَجُلٌ أَضْرَطُ: خَفِيفُ شعرِ اللحيةِ، وَقِيلَ: الضرَطُ رِقَّة الحاجِبِ. وامرأَة ضَرْطاء: خَفِيفَةُ شَعْرِ الْحَاجِبِ رَقِيقَتُه. وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ طَرَطَ: رَجُلٌ أَطْرَطُ الْحَاجِبَيْنِ لَيْسَ لَهُ حَاجِبَانِ، قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الأَضْرَطُ، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو الغَوْث. ونعجة ضُرَّيْطةٌ: ضخْمة.
ضرغط: المُضْرَغِطُّ: العظيمُ الْجِسْمِ الْكَثِيرُ اللَّحْمِ الَّذِي لَا غَناء عِنْدَهِ. واضْرَغَطَّ الشيءُ: عظُم؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
بُطونُهم كأَنَّها الحِبابُ، ... إِذا اضْرَغَطَّتْ فوقَها الرِّقابُ
واضْرَغَطَّ واسْمَادّ اضْرِغْطاطاً إِذا انْتَفَخَ مِنَ الْغَضَبِ، وَالْغَيْنُ مُعْجَمَةٌ. وضَرْغَطٌ: اسْمُ جَبَلٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعُ مَاءٍ ونخلٍ، وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً ذُو ضَرْغَدٍ؛ قَالَ:
إِذا نَزَلُوا ضَرْغَدٍ فَقُتائداً، ... يُغَنِّيهِمُ فِيهَا نَقِيقُ الضَّفادِعِ
ضرفط: ضَرْفَطَه فِي الحَبْل: شَدّه. وَقَالَ يُونُسُ: جَاءَ فُلَانٌ مُضَرْفَطاً بِالْحِبَالِ أَي مُوثَقاً.
ضطط: ابْنُ الأَعرابي: الضُّطُطُ الدّواهي، وقال غَيْرُهُ: الضَّطِيطُ الوَحَلُ الشديدُ مِنَ الطِّينِ. يُقَالُ: وَقَعْنَا فِي ضَطِيطةٍ مُنْكَرةٍ أَي في وحَل ورَدْغةٍ.
ضغط: الضَّغْطُ والضَّغْطةُ: عَصْرُ شَيْءٍ إِلى شَيْءٍ. ضَغَطَه يَضْغَطُه ضَغْطاً: زَحَمه إِلى حائطٍ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهُ ضَغْطةُ الْقَبْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لتُضْغَطُنّ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ
أَي تُزْحَمُون. يُقَالُ: ضَغَطَه إِذا عصَره وضيَّق عَلَيْهِ وقَهَره. وَمِنْهُ حَدِيثُ الحُدَيْبِيةِ:
لَا يَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنا ضُغْطةً
أَي عَصْراً وقَهراً. وأَخذت فُلَانًا ضُغْطة، بِالضَّمِّ، إِذا ضيَّقت عَلَيْهِ لتُكْرِهَهُ عَلَى الشَّيْءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَشْتَرِيَنَّ أَحدُكم مالَ امرِئٍ فِي ضُغْطةٍ مِنْ سُلطان
أَي قَهْرٍ. والضُّغْطةُ: الضِّيق. والضُّغطة: الإِكْراه. والضِّغاطُ: المُزاحَمةُ. والتَّضاغُطُ: التَّزاحُم. وَفِي التَّهْذِيبِ: تَضاغَطَ الناسُ فِي الزِّحامِ. والضُّغطة، بِالضَّمِّ: الشِّدَّةُ والمَشقة. يُقَالُ: ارْفَعْ عَنَّا هَذِهِ الضُّغطة. والضاغِطُ: كالرَّقِيبِ والأَمِين يُلْزَمُ بِهِ الْعَامِلُ لِئَلَّا يَخُونَ فِيمَا يَجْبي. يُقَالُ: أَرسَلَه ضاغِطاً عَلَى فُلَانٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَضْيِيقِهِ عَلَى الْعَامِلِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:(7/342)
قَالَتِ امرأَةُ مُعاذٍ لَهُ وَقَدْ قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ لَمَّا رَجَعَ عَنِ الْعَمَلِ: أَين مَا يَحْمِلُه العامِلُ مِنْ عُراضة أَهله؟ فَقَالَ: كَانَ مَعِي ضاغِطٌ أَي أَمِينٌ حافِظٌ، يَعْنِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ المُطَّلِعَ عَلَى سَرائرِ العِباد، وَقِيلَ: أَراد بالضَّاغِط أَمانةَ اللَّهِ الَّتِي تَقَلَّدَها فأَوْهَمَ امرأَته أَنه كَانَ مَعَهُ حَافِظٌ يُضيِّق عليه ويمنعه على الأَخذ ليُرْضِيَها. وَيُقَالُ: فَعَلَ ذَلِكَ ضُغطة أَي قَهْراً واضْطِراراً. وضَغط عَلَيْهِ واضْتَغَطَ: تَشدّد عَلَيْهِ فِي غُرْمٍ أَو نَحْوِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كَذَا حَكَاهُ اضْتَغَطَ بالإِظهار، والقِياسُ اضْطَغَطَ. والضاغِطُ: أَن يتحرّكَ مِرْفَقُ الْبَعِيرِ حَتَّى يقعَ فِي جَنْبِهِ فيَخْرِقَه. والضاغِطُ فِي الْبَعِيرِ: انْفِتاقٌ مِنَ الإِبْطِ وكثرةٌ مِنَ اللَّحْمِ، وَهُوَ الضَّبُّ أَيضاً. والضاغطُ فِي الإِبل: أَن يَكُونَ فِي الْبَعِيرِ تَحْتَ إِبطه شِبه جِرابٍ أَو جِلْد مُجْتَمِعٌ؛ وَقَالَ حَلْحلةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ أَشْيَمَ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ أَقْعده ليُقادَ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: صَبْراً حَلْحَل، فأَجابه:
أَصْبَرُ مِنْ ذِي ضاغِطٍ عَرَكْرَك
قَالَ: الضَّاغِطُ الَّذِي أَصل كِرْكِرَتِه يَضْغَط مَوْضِعَ إِبطه ويؤثِّر فِيهِ ويَسْحَجُه. والمَضاغِطُ: مَوَاضِعُ ذاتُ أَمْسِلةٍ مُنخفضة، وَاحِدُهَا مَضْغَطٌ. وَالضَّغِيطُ: رَكِيّةٌ يَكُونُ إِلى جَنْبِهَا رَكِيّةٌ أُخرى فتَنْدَفِنُ إِحداهما فتَحْمَأُ فيُنْتِنُ ماؤُها فيَسِيلُ فِي مَاءِ العذْبة فيُفْسِدُها فَلَا يُشْرَبُ، قَالَ: فَتِلْكَ الضَّغِيطُ والمَسِيطُ؛ وأَنشد:
يَشْرَبْنَ مَاءَ الأَجْنِ والضَّغِيطِ، ... وَلَا يَعَفْنَ كَدَرَ المَسِيطِ
أَراد مَاءَ المَنْهلِ الآجِن أَو إِضافةَ الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ. وَرَجُلٌ ضَغِيطٌ: ضعيفُ الرأْي لَا يَنْبَعِثُ مَعَ الْقَوْمِ، وجمعه ضَعْطى لأَنه كأَنه دَاءٌ. وضُغاطٌ: مَوْضِعٌ. وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنه كَانَ لَا يُجِيزُ الضُّغْطةَ، يُفَسَّر تَفْسِيرَيْنِ: أَحدهما الإِكْراهُ، والآَخَر أَن يُماطِل بَائِعَهُ بأَداء الثَّمن ليَحُطّ عَنْهُ بعضَه؛ قَالَ النَّضْرُ: الضُّغْطةُ المُجاحَدةُ، يَقُولُ: لَا أُعْطِيك أَو تَدَعَ مِمَّا لَكَ عليَّ شَيْئًا؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: هُوَ أَن يَمْطُلَ الغريمُ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ حَتَّى يَضْجَرَ صَاحِبُ الْحَقِّ ثُمَّ يَقُولَ لَهُ: أَتَدَعُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وتأْخذ الباقيَ مُعَجَّلًا؟ فيَرْضى بِذَلِكَ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
يُعتق الرَّجُلُ مِنْ عَبْدِهِ مَا شَاءَ إِن شَاءَ ثُلُثًا أَو رُبُعًا أَو خُمُسًا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ضُغْطة.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَجُوزُ الضُّغْطة
؛ قِيلَ: هِيَ أَن تُصالِحَ مَنْ لَكَ عَلَيْهِ مالٌ عَلَى بَعْضِهِ ثُمَّ تَجِد الْبَيِّنَةَ فتأْخذه بجميع المال.
ضفط: الضَّفاطةُ: الجَهْلُ والضَّعْفُ فِي الرأْي. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه سَمِعَ رَجُلًا يتَعوَّذُ مِنَ الفِتَنِ، فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ الضَّفاطة أَتَسلُ ربَّك أَن لَا يَرْزُقَك أَهلًا وَمَالًا؟
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: تأَوَّل قَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ*
، وَلَمْ يُرِدْ فِتنةَ القتالِ وَالِاخْتِلَافِ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ. قَالَ: وأَما الضَّفاطةُ فإِن أَبا عُبَيْدٍ قَالَ: عَنى بِهِ ضَعْفَ الرأْي وَالْجَهْلَ. وَرَجُلٌ ضَفِيطٌ: جَاهِلٌ ضَعِيفٌ. وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه، أَنه سُئِلَ عَنِ الوتْر فَقَالَ: أَنا أُوتِرُ حِينَ يَنَامُ الضَّفْطَى
؛ أَراد بالضَّفْطَى جَمْعَ ضَفِيط، وَهُوَ الضعيفُ الْعَقْلِ والرأْي. وعُوتِب ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي شَيْءٍ فَقَالَ: إِني فِي ضَفْطَةٍ وَهِيَ إِحدى ضَفَطاتي أَي غَفَلاتي؛ وَقَدْ(7/343)
ضَفُطَ، بَالضَّمِّ، يَضْفُطُ ضَفاطةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ الضَّفاطةِ
؛ هِيَ ضعْفُ الرأْي وَالْجَهْلُ، وَهُوَ ضَفِيطٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِذا سَرَّكم أَن تنظُروا إِلى الرَّجُلِ الضَّفِيطِ المُطاعِ فِي قَوْمِهِ فَانْظُرُوا إِلى هَذَا
، يَعْنِي عُيَيْنةَ بْنَ حِصْنٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: بلغَه عَنْ رَجُلٍ شَيْءٌ فَقَالَ: إِني لأُراهُ ضَفِيطاً.
وَرَجُلٌ ضِفِطٌّ وضَفّاطٌ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ: ثَقِيلٌ لَا يَنْبَعِثُ مَعَ الْقَوْمِ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والضَّفاطةُ: الدُّفُّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: أَنه شَهِدَ نِكاحاً فَقَالَ: أَين ضَفاطَتُكم؟
فسَّروا أَنه أَراد الدُّفّ، وَفِي الصِّحَاحِ:
أَين ضَفاطَتُكُنَ
يَعْنِي الدُّفَّ، وَقِيلَ: أَين ضَفاطَتُكم، قِيلَ: لِعابُ الدُّفِّ، سُمِّيَ ضَفاطَةً لأَنه لَهْوٌ ولَعِبٌ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلى ضَعْفِ الرأْي وَالْجَهْلِ. ابْنُ الأَعرابي: الضَّفّاط الأَحْمَقُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: الضَّفّاطُ الَّذِي قَدْ ضَفَطَ بسَلْحِه وَرَمَى بِهِ. وَرَجُلٌ ضَفّاطٌ وضَفِيطٌ وضَفَنَّطٌ: سَمِين رخْو ضَخْمُ البَطْنِ، وَقَدْ ضَفُطَ ضَفَاطةً. شِمْرٌ: رَجُلٌ ضَفِيطٌ أَي أَحمق كَثِيرُ الأَكل، وَقَالَ: الضِّفِطُّ التارُّ مِنَ الرِّجَالِ، والضَّفّاطُ الجالِبُ مِنَ الأَصْل، والضفَّاطُ الَّذِي يُكْرِي الإِبل مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ. والضافِطةُ والضَّفّاطةُ: العِير تحملُ المَتاع، وَقِيلَ: الضَّفَّاطُونَ التُّجَّار يَحْمِلُونَ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ للأَخضر بْنِ هُبَيْرَةَ:
فَمَا كُنْتَ ضَفّاطاً، ولكِنَّ راكِباً ... أَناخَ قلِيلًا فَوْقَ ظَهْر سَبِيلِ
والضَّفَّاطُ: الَّذِي يُكْرِي مِنْ قَرْيَةٍ إِلى قَرْيَةٍ أُخرى، وَقِيلَ: الَّذِي يُكْري مِنْ مَنْزِلٍ إِلى مَنْزِلٍ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ وأَنشد:
لَيْسَتْ لَهُ شَمائلُ الضَّفّاطِ
والضّافِطةُ مِنَ النَّاسِ: الجَمّالُون والمُكارُون، وَقِيلَ: الضَّفّاطُ الْجَمَّالُ، والضفّاطةُ، بِالتَّشْدِيدِ، شَبِيهَةٌ بالدَّجّالةِ وَهِيَ الرُّفْقةُ الْعَظِيمَةُ. والضَّفَّاطُ: المخْتلفُ عَلَى الحُمُر مِنْ قَرية إِلى قَرْيَةٍ، وَيُقَالُ لِلْحُمُرِ الضفّاطةُ. وَفِي حَدِيثِ
قَتادةَ بْنِ النُّعمان: فقَدِمَ ضافِطةٌ «2» مِنَ الدَّرْمَكِ
؛ الضافِطةُ والضفّاطُ الَّذِي يجْلِبُ المِيرةَ والمَتاعَ إِلى المُدُن، والمُكارِي الَّذِي يُكْرِي الأَحْمالَ، وَكَانُوا يَوْمَئِذٍ قَوْمًا مِنَ الأَنْباط يَحْمِلُونَ إِلى الْمَدِينَةِ الدَّقيق وَالزَّيْتَ وَغَيْرَهُمَا؛ وَمِنْهُ أَنَّ ضَفّاطِينَ قَدِمُوا إِلى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: رحلَ فُلَانٌ عَلَى ضَفّاطةٍ، وَهِيَ الرَّوْحاء المائِلةُ. وضَفَطَ الرجلُ: أَسْوَى. وَمَا أَعظَمَ ضُفوطَهم أَي خُرْأَهم. والضَّفّاطُ: المُحْدِثُ. يُقَالُ: ضفَطَ إِذا قضَى حاجتَه كأَنَّه نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وظُنَّ به ذلك.
ضفرط: الضِّفْرِطُ: الرخْوُ البطنِ الضخْمُ، وَهِيَ الضِّفْرِطةُ. وضَفارِطُ الوجهِ: كُسور بَيْنَ الخَدِّ والأَنفِ وَعِنْدَ اللِّحاظين، وَاحِدُهَا ضُفْرُوطٌ.
ضمرط: الضُّمْرُوطُ: الضُّمْرُ وضِيقُ العيشِ. والضُّمْرُوط أَيضاً: مَسِيل ضيِّق فِي وَهْدةٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لخُطوط الجَبِين الأَسارِيرُ والضَّمارِيطُ، وَاحِدُهَا ضُمْرُوطٌ، قَالَ: والضُّمْروط فِي غَيْرِ هَذَا مَوْضِعٌ يُخْتَبَأُ فيه.
ضنط: الضَّنْطُ: الضِّيقُ. والضِّناطُ: الزِّحامُ عَلَى الشَّيْءِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِنِّي لوَرّادٌ عَلَى الضِّناطِ
__________
(2) . قوله [فقدم ضافطة] كذا ضبط في النهاية في مادة درمك غير أَنه أَنث الفعل وشدد في أَصلنا دال قدم ونصب ضافطة.(7/344)
وَفِي نَوَادِرِ أَبي زَيْدٍ: ضَنِطَ فُلَانٌ مِنَ الشحْمِ ضَنَطاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبو بَناتٍ قَدْ ضَنِطْنَ ضَنَطا
ضنفط: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: رَجُلٌ ضَنْفَطٌ سَمِين رخْو ضَخْم الْبَطْنِ بَيِّنُ الضَّفاطةِ.
ضوط: الضَّوِيطةُ: السمْنُ يُذاب بالإِهالةِ ويجعلُ فِي نِحْيٍ صَغِير. والضَّوِيطةُ: العَجِين، وَقِيلَ: الضَّوِيطةُ مَا اسْتَرْخَى مِنَ الْعَجِينِ مِنْ كَثْرَةِ الْمَاءِ. والضَّوِيطةُ: الحَمْأَةُ والطِّينُ، وَقِيلَ: الحمأَة وَالطِّينُ يَكُونُ فِي أَصل الحوْض. والضَّوِيطةُ: الأَحمقُ؛ قَالَ:
أَيَرُدُّني ذاكَ الضَّوِيطةُ عَنْ هَوَى ... نَفْسِي، ويَفْعَلُ مَا يُرِيدُ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا الْبَيْتُ مِنْ نَادِرِ الْكَامِلِ لأَنه جَاءَ مُخَمَّسًا. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي كِتَابِهِ: الضَّوِيطةُ الأَحمقُ؛ قَالَ رِيَاحٌ الدُّبَيْريّ:
أَيردني ذَاكَ الضَّوِيطَةُ عَنْ هَوَى ... نفْسِي، وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ شَبِبُ؟
وَاسْتَشْهَدَ الأَزهري عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَيردني ذَاكَ الضَّوِيطَةُ عَنْ هَوَى ... نَفْسِي، ويفعلُ غَيْرَ فِعْلِ العاقِلِ؟
وَقَالَ أَبو حَمْزة: يُقَالُ أَضْوَطَ الزِّيارَ عَلَى الفرَس أَي زَيَّرَه بِهِ. وَفِي فَمِه ضَوَطٌ أَي عَوَجٌ.
ضيط: ضاطَ الرجلُ فِي مَشْيِه فَهُوَ يَضِيطُ ضَيْطاً وضَيَطاناً وحاكَ يَحِيكُ حَيَكاناً: مشَى فَحَرَّكَ مَنْكِبَيْه وجسَده حِينَ يَمْشِي مَعَ كَثْرَةِ لَحْمٍ ورَخاوة. قَالَ الأَزهري: وَرَوَى الإِيادِي عَنْ أَبي زَيْدٍ: الضَّيَطانُ أَن يُحرّك مَنْكِبَيْهِ وَجَسَدَهُ حِينَ يَمْشِي مَعَ كَثْرَةِ لَحْمٍ، ثُمَّ قَالَ: رَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ: الضَّيَكانُ، قَالَ: وَهُمَا لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ ضَيْطانٌ كَثِيرُ اللحمِ رَخْوُه. والضَّيّاطُ: المُتَمايِلُ فِي مِشْيَتِه، وَقِيلَ: الضخْمُ الجَنْبَيْنِ العظيمُ الاسْتِ كالضيْطانِ؛ قَالَ نِقادةُ الأَسَدي:
حَتَّى تَرَى البَجْباجَةَ الضَّيَّاطا ... يَمْسَحُ لَمَّا حالَف الإِغباطا
بالحَرْف مِنْ ساعِدِه المُخاطا
والضَّيّاطُ: المتبَخْتِرُ. والضيّاطُ: التاجِرُ، وَالْمَعْرُوفُ الضفّاطُ. والضَّيْطاء مِنَ الإِبل مِثْلُ الفَتْلاء: وَهِيَ الثَّقِيلَةُ.
فصل الطاء المهملة
طرط: الطَّرَطُ: خِفَّة شَعْرِ الْعَيْنَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ، طَرِطَ طَرَطاً فَهُوَ طَرِطٌ وأَطْرَطُ. أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ أَطْرَطُ الْحَاجِبَيْنِ وأَمْرَطُ الجاجبين لَيْسَ لَهُ حَاجِبَانِ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْحَاجِبَيْنِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الأَضْرَطُ، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو الْغَوْثِ. ابْنُ الأَعرابي: فِي حَاجِبَيْهِ طَرَطٌ أَي رِقّةُ شَعْرٍ، قَالَ: والطارِطُ الحاجِبُ الخفيفُ الشَّعْرِ. والطَّرَطُ: الحُمْقُ. وَرَجُلٌ طَرِطٌ: أَحمق.
طوط: الطّاطُ والطُّوطُ والطّائطُ: الفَحل المُغْتَلِمُ الهائجُ، يوصَف بِهِ الرَّجُلُ الشُّجَاعُ، وَالْجَمْعُ طاطةٌ وأَطْواطٌ. وَحَكَى الأَزهريّ عَنِ اللَّيْثِ فِي جَمْعِهِ طاطُون. وفُحولٌ طاطةٌ، قَالَ: وَيَجُوزُ فِي الشِّعر فُحول طاطاتٌ وأَطْواطٌ وَفَحْلٌ طاطٌ، وَقَدْ طاطَ(7/345)
يَطُوطُ طُوُوطاً، وَالْكَلِمَةُ وَاوِيَّةٌ ويائيّةٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَرُبَّ امْرِئٍ طاطٍ عَنِ الحَقِّ، طامِحٍ ... بِعَيْنَيْهِ عَمَّا عَوَّدَتْه أَقارِبُهْ
قَالَ: طاطٍ يَرْفَعُ عَيْنَيْهِ عَنِ الْحَقِّ لا يكاد يُبْصِره، كذلك الْبَعِيرُ الْهَائِجُ الَّذِي يَرْفَعُ أَنْفَه مِمَّا بِهِ، وَيُقَالُ: طائطٌ؛ وَقِيلَ: الطاطُ الَّذِي تسْمُو عَيْنَاهُ إِلى هَذِهِ وَهَذِهِ مِنْ شِدَّةِ الهَيْج، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَهْدِرُ فِي الإِبل، فإِذا سَمِعَتِ الناقةُ صَوْتَهُ ضَبَعَتْ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَهُمْ بِمَحْمُودٍ، وَقَدْ يُقَالُ: غُلَامٌ طَائِطٌ؛ قَالَ:
لَوْ أَنَّها لاقَتْ غُلاماً طَائِطًا، ... أَلْقَى عَلَيْهَا كَلْكَلًا عُلابِطا
قَالَ: هُوَ الَّذِي يَطِيطُ أَي يَهْدِر فِي الإِبل. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ قَالَ: يُقَالُ طَاطَ الفحلُ الناقةَ يَطاطُها طَاطًا إِذا ضَرَبَهَا. وَيُقَالُ: أَعجبني طاطُ هَذَا الْفَحْلِ أَي ضِرابُه. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: الطاطُ والطائطُ مِنَ الإِبل الشديدُ الغُلْمةِ؛ وأَنشد:
طَاطَ مِنَ الغُلْمةِ فِي الْتِجاجِ، ... مُلْتَهِب مِنْ شِدَّةِ الهِياجِ
وَقَالَ آخَرُ:
كَطائطٍ يَطيطُ منْ طَرُوقَهْ ... يَهْدِرُ لَا يَضْرِبُ فِيهَا روقَهْ
والطَّاطُ: الظَّالِمُ. والطُّوط والطَّاط: الرَّجل الشديدُ الخصُومة، وَرُبَّمَا وُصِفَ بِهِ الشُّجاعُ. وَرَجُلٌ طاطٌ وطُوطٌ، الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: مُفْرِطُ الطُّولِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ أَن يُقَيّد بإِفْراط. وطَوَّطَ الرَّجلُ إِذا أَتى بالطَّاطة مِنَ الغِلمان، وَهُمُ الطِّوالُ. والطُّوطُ: الباشِقُ، وَقِيلَ: الخُفّاشُ. والطُّوطُ: الحَيّة؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
مَا إِنْ يَزالُ لَها شَأْوٌ يُقَوِّمُها ... مُقَوِّمٌ، مِثْلُ طُوط الْمَاءِ مَجْدُولُ
يَعْنِي الزِّمَامَ، شَبَّهه بالحيّةِ. ابْنُ الأَعرابي: الأَطَطُ «1» الطَّويلُ، والأُنثى طَطّاء. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه مأْخوذ مِنَ الطَّاط والطُّوط وَهُوَ الطَّوِيلُ. وَرَجُلٌ طاطٌ أَي مُتَكَبِّر؛ قَالَ ربيعةُ بْنُ مَقْرومٍ:
وخَصْمٍ يَرْكَبُ العَوصاء طاطٍ، ... عَنِ المُثْلَى غُنَاماه القِذاعُ
أَي مُتَكَبِّر عَنِ المُثلى، والمُثْلَى خَير الأُمور؛ وَعَلَيْهِ بَيْتُ ذِي الرُّمَّةِ:
فَرُبَّ امْرئٍ طاطٍ عَنِ الحَقِّ طَامِحٍ
وجبَل طُوطٌ: صَغِيرٌ. والطُّوطُ: القُطْن؛ قَالَ:
مِنَ المُدَمْقَسِ أَو مِن فاخِر الطُّوطِ
وَقِيلَ: الطُّوط قُطن البَرْدِيّ خَاصَّةً؛ وأَنشد ابْنُ خَالَوَيْهِ لأُمية:
والطُّوطُ نَزْرَعُه أَغَنّ جِراؤه، ... فِيهِ اللِّباسُ لِكُلِّ حَوْلٍ يُعْضَدُ
أَغَنُّ: ناعِمٌ مُلْتَفّ، وجِراؤه: جَوْزُه، الواحد جَرْو [جِرْو] . ويُعْضَدُ: يُوَشَّى. وَرَوَى
هشام عن أَنس
__________
(1) . قوله [الأطط] قال في شرح القاموس هو بالتحريك ويوافقه ضبط الأصل هنا وفيما تقدم. وقوله [والأنثى ططاء] هو في الأصل هنا بشد الطاء وضبط فيه في مادة أطط بتخفيفها.(7/346)
بْنِ سِيرينَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَنس بْنِ مَالِكٍ بِمَكان بَيْنَ البَصرة والكُوفة يُقَالُ لَهُ أَطَطٌ، فصَلّى عَلَى حِمار المَكْتوبة مُسْتَقْبِل القِبلةِ يُومِئُ إِيماءً العصرَ وَالْفَجْرَ فِي رَدْغةٍ فِي يومٍ مَطير.
طيط: طاطَ الفحْلُ فِي الإِبل يَطيطُ ويَطاطُ طُيُوطاً: هَدَر وهاجَ. والطُّيُوطُ: الشِّدَّةُ. وَرَجُلٌ طِيطٌ: طَويل كطُوطٍ. والطِّيطُ أَيضاً: الأَحْمقُ، والأُنثى طِيطةٌ. والطِّيطانُ: الكُرّاث، وَقِيلَ: الكُرَّاث الْبَرِّيُّ يَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ؛ قَالَ بَعْضُ بَنِي فَقْعَسٍ:
إِنَّ بَني مَعْنٍ صُباةٌ، إِذا صبَوْا، ... فُساةٌ، إِذا الطِّيطانُ فِي الرَّمْلِ نَوَّرا
حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَظَاهِرُ الطِّيطانِ أَنه جَمْعُ طُوط. التَّهْذِيبَ: والطِّيطَوى ضَرب مِنَ الطَّيْرِ مَعْرُوفٌ، وَعَلَى وَزْنِهِ نِينَوى، قَالَ: وَكِلَاهُمَا دَخِيلان. وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قَالَ: الطِّيطوى ضَرْبٌ مِنَ القَطا طِوالُ الأَرجل، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَصل لِهَذَا الْقَوْلِ وَلَا نَظِيرَ لِهَذَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ الأَزهري: وَفِي الْمَوْضِعِ «1» الَّذِي فِيهِ الْحُسَيْنُ، سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ، مَوْضِعٌ يقال له نِنوى، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ وَرَدْتُهُ.
فصل العين المهملة
عبط: عَبَطَ الذَّبِيحةَ يَعْبِطُها عَبْطاً واعْتَبَطَها اعْتِباطاً: نَحَرَها مِنْ غَيْرِ دَاءٍ وَلَا كَسْرٍ وَهِيَ سَمينة فَتِيَّةٌ، وَهُوَ العَبْطُ، وَنَاقَةٌ عَبِيطةٌ ومُعْتَبَطةٌ وَلَحْمُهَا عَبِيط، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ وَالْبَقَرَةُ، وَعَمَّ الأَزهريّ فَقَالَ: يُقَالُ لِلدَّابَّةِ عَبِيطةٌ ومُعْتَبَطةٌ، وَالْجَمْعُ عُبُطٌ وعِباطٌ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
أَبِيتُ عَلَى مَعاريَ واضِحاتٍ، ... بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِباطِ
وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: العَبِيطُ مِنْ كُلِّ اللَّحْمِ وَذَلِكَ مَا كَانَ سَلِيماً مِنَ الْآفَاتِ إِلا الْكَسْرَ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلَحْمِ الدَّوِي المدخُولِ مِنْ آفةٍ عَبِيطٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَقاءتْ لَحماً عَبِيطاً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَبِيطُ الطَّرِيُّ غَيْرُ النَّضِيج. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: فَدَعا بِلحْم عَبيط
أَي طَرِيٍّ غَيْرِ نَضيج؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالَّذِي جاءَ فِي غَرِيبِ الخطَّابي عَلَى اخْتِلَافِ نُسَخِهِ:
فَدَعَا بِلَحْمٍ غَلِيظ
، بِالْغَيْنِ وَالظَّاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، يُرِيدُ لَحْمًا خَشِناً عاسِياً لَا يَنْقادُ فِي المَضْغِ، قَالَ: وكأَنه أَشْبه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مُرِي بَنِيكَ لَا يَعْبِطُوا ضُروعَ الْغَنَمِ
أَي لَا يُشَدِّدوا الحلَب فيَعْقرُوها ويُدْمُوها بِالْعَصْرِ، مِنَ العَبِيط وَهُوَ الدَّمُ الطَّرِيُّ، أَو لَا يَسْتَقْصُوا حَلْبَهَا حَتَّى يخرُج الدمُ بَعْدَ اللَّبَنِ، وَالْمُرَادُ أَن لَا يَعْبِطوها فحَذف أَن وأَعملها مُضمرة، وَهُوَ قَلِيلٌ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ لَا نَاهِيَةً بَعْدَ أَمر فَحَذَفَ النُّونَ لِلنَّهْيِ. وَمَاتَ عَبْطةً أَي شَابًّا، وَقِيلَ: شَابًّا صَحِيحًا؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصلْت:
مَنْ لَمْ يَمُتْ عَبْطَةً يَمُتْ هَرَماً؛ ... لِلْمَوت كأْسٌ، وَالْمَرْءُ ذائقُها
وَفِي حَدِيثُ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: مَعْبُوطة نفْسُها
أَي مَذْبُوحَةٌ وَهِيَ شابّةٌ صَحِيحَةٌ. وأَعْبَطَه الموتُ
__________
(1) . قوله [وفي الموضع إلخ] عبارة ياقوت: وبسواد الكوفة ناحية يقال لها نينوى منها كربلاء التي قتل بها الْحُسَيْنُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.(7/347)
واعْتَبَطَه عَلَى المثَل. وَلَحْمٌ عَبِيطٌ بيِّن العُبْطةِ: طَرِيٌّ، وَكَذَلِكَ الدمُ وَالزَّعْفَرَانُ؛ قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لَحْمٌ عَبِيطٌ ومَعْبُوطٌ إِذا كَانَ طَرِيًّا لَمْ يُنَيِّبْ فِيهِ سَبْعٌ وَلَمْ تُصِبه عِلة؛ قَالَ لَبِيَدٌ:
وَلَا أَضَنُّ بِمَعْبُوطِ السَّنامِ، إِذا ... كَانَ القُتارُ كَمَا يُسْتَرْوَحُ القُطُر
قَالَ اللَّيْثُ: وَيُقَالُ زَعْفران عَبِيط يُشبَّه بِالدَّمِ العَبِيط. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِناً قَتلًا فإِنه قَوَدٌ
، أَي قَتَله بِلَا جِناية كَانَتْ مِنْهُ وَلَا جَرِيرَةٍ تُوجِب قَتْلَهُ، فإِنَّ الْقَاتِلَ يُقاد بِهِ وَيُقْتَلُ. وكلُّ مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ عِلَّةٍ، فَقَدِ اعْتُبِطَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن قَتَلَ مُؤْمِنًا فاعتبَط بقتْلِه لَمْ يَقبل اللهُ مِنْهُ صَرْفاً وَلَا عدْلًا
؛ هَكَذَا جَاءَ الحديثُ فِي سُنَن أَبي دَاوُدَ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: قَالَ خَالِدُ بْنُ دهْقان، وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ: سأَلت يَحْيَى بْنَ يَحْيَى الغَسّاني عَنْ قَوْلِهِ اعتبَط بِقَتْلِهِ، قَالَ: الَّذِينَ يُقاتَلون فِي الفِتْنة فَيَرَى أَنه عَلَى هُدى لَا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا التَّفْسِيرُ يَدُلُّ عَلَى أَنه مِنَ الغِبْطةِ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ الفرَح والسُّرُور وحُسْن الْحَالِ لأَن القاتِل يَفْرَح بِقَتْل خَصْمِهِ، فإِذا كَانَ الْمَقْتُولُ مُؤْمِنًا وَفَرِحَ بِقَتْلِهِ دَخَلَ فِي هَذَا الْوَعِيدِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السنَن وشَرَح هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: اعْتَبَطَ قَتْلَه أَي قَتَله ظُلْماً لَا عَنْ قَصَاصٍ. وعَبَطَ فُلَانٌ بنَفْسِه فِي الْحَرْبِ وعَبَطَها عَبْطاً: أَلقاها فِيهَا غَيْرَ مُكْرهٍ. وعَبَطَ الأَرضَ يَعْبِطُها عَبْطاً واعْتَبَطَها: حَفَر مِنْهَا مَوْضِعاً لَمْ يُحْفَر قبلَ ذَلِكَ؛ قَالَ مَرَّارُ بْنُ مُنْقِذ الْعَدَوِيُّ:
ظَلَّ فِي أَعْلى يَفاعٍ جاذِلًا، ... يَعْبِطُ الأَرضَ اعْتِباطَ المُحْتَفِرْ
وأَمّا بيتُ حُميدِ بْنُ ثَوْر:
إِذا سَنابِكُها أَثَرْنَ مُعْتَبَطاً ... مِنَ التُّرابِ، كَبَتْ فِيهَا الأَعاصِيرُ
فإِنه يُرِيدُ التُّرَابَ الَّذِي أَثارتْهُ، كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَبْلُ. والعَبْطُ: الرّيبةُ. والعَبْطُ: الشَّقُّ. وعبَط الشيءَ والثوبَ يعبِطُه عبْطاً: شَقَّه صَحِيحاً، فَهُوَ مَعْبُوطٌ وعَبِيطٌ، وَالْجَمْعُ عُبُطٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فتَخالَسا نَفْسَيْهما بنَوافِذٍ، ... كنوافِذِ العُبُط الَّتِي لَا تُرْقَعُ
يَعْنِي كَشَقِّ الجُيوب وأَطراف الأَكْمام والذُّيول لأَنها لَا تُرْقَع بَعْدَ العَبْطِ. وَثَوْبٌ عَبِيطٌ أَي مَشْقوقٌ؛ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: أَنشدني أَبو طَالِبٍ النَّحْوِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعَانِي لِلْفِرَّاءِ: كَنَوَافِذِ العُطُبِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُرْوَى كنوافذِ العُبُطِ، قَالَ: والعُطُبُ القُطْن والنوافِذُ الجُيوب، يعني جُيوبَ الأَقْمِصَة وأَخْراتَها لَا تُرْقَعُ، شبَّهَ سَعةَ الجِراحاتِ بِهَا، قَالَ: وَمَنْ رَوَاهَا العُبُط أَراد بِهَا جمعَ عَبيطٍ، وَهُوَ الَّذِي يُنْحَرُ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ خُروجُ الدَّمِ أَشَدَّ. وعَبَطَ الشيءُ نَفْسُه يَعْبِطُ: انشقَّ؛ قَالَ الْقَطَّامِيُّ:
وظَلَّتْ تَعْبِطُ الأَيدي كُلُوماً، ... تَمُجُّ عُروقُها عَلَقاً مُتاعا
وعَبَطَ النباتُ الأَرضَ: شَقَّها. والعابِطُ: الكذّابُ. والعَبْطُ: الكَذبُ الصُّراح مِنْ غَيْرِ عُذر. وعَبَطَ عليَّ الكذبَ يَعْبِطُه عَبْطاً(7/348)
واعْتَبَطَه: افْتَعلَه، واعْتَبَطَ عِرْضَه: شتَمَه وتَنَقَّصَه. وعَبَطَتْه الدَّواهي: نالَتْه مِنْ غَيْرِ اسْتِحقاق؛ قَالَ حُمَيْدٌ وَسَمَّاهُ الأَزهري الأُرَيْقِطَ:
بِمَنْزلٍ عَفٍّ، وَلَمْ يُخالِطِ ... مُدَنّساتِ الرِّيَبِ العَوابِطِ
والعَوْبَطُ: الدّاهِيةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عنها، قَالَتْ: فَقَدَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَجُلًا كَانَ يُجالِسُه فَقَالُوا: اعْتُبِطَ، فَقَالَ: قُوموا بِنَا نَعُوده
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَانُوا يُسمون الوَعْكَ اعْتِباطاً. يُقَالُ: عَبَطَتْه الدَّوَاهِي إِذا نالَتْه. والعَوْبَطُ: لُجَّةُ الْبَحْرِ، مَقْلُوبٌ عَنِ العَوْطَبِ. وَيُقَالُ عَبَطَ الحِمارُ التُّرابَ بحَوافِره إِذا أَثارَه، والترابُ عَبيطٌ. وعَبَطَتِ الرِّيحُ وجهَ الأَرضِ إِذا قَشَرَتْه. وعَبَطْنا عَرَقَ الفرَسِ أَي أَجْرَيْناه حَتَّى عَرِقَ؛ قَالَ الجَعدِيّ:
وَقَدْ عَبَطَ الماءَ الحَمِيمَ فأَسْهَلا
عثلط: العُثَلِطُ: اللبنُ الْخَاثِرُ. الأَصمعي: لَبَنٌ عُثَلِطٌ وعُجَلِطٌ وعُكَلِطٌ أَي ثَخِينٌ خاثِر، وأَبو عَمْرٍو مِثْلُهُ، وَهُوَ قَصْرُ عُثالِطٍ وعُجالِطٍ وعُكالِطٍ، وَقِيلَ: هُوَ المُتَكَبِّد الغَليظُ؛ وأَنشد:
أَخْرَس فِي مَخْرمه عُثالِط «2»
عجلط: العُجَلِطُ: اللَّبَنُ الخاثِر الطَّيِّبُ، وَهُوَ مَحْذُوف مِنْ فُعالِل وَلَيْسَ فُعَلِلٌ فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ بأَصل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَيْفَ رأَيْتَ كُثْأَتَيْ عُجَلِطِهْ، ... وكُثْأَةَ الخامِطِ مِنْ عُكَلِطِهْ؟
كُثْأَةُ اللَّبَنِ: مَا عَلا الْمَاءَ مِنَ اللَّبَنِ الغَليظ وَبَقِيَ الْمَاءُ تَحْتَهُ صافِياً؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
وَلَوْ بَغى أَعْطاهُ تَيْساً قافِطا، ... وَلَسَقاهُ لَبَناً عُجالِطا
وَيُقَالُ لِلَّبَنِ إِذا خَثُر جَدًّا وتَكَبَّد: عُجَلِطٌ وعُجالِطٌ وعُجالِدٌ؛ وأَنشد:
إِذا اصْطَحَبْتَ رائِباً عُجالِطا ... مِن لَبَنِ الضَأْنِ، فَلَسْتَ ساخِطا
وَقَالَ الزَّفَيان:
وَلَمْ يدَعْ مَذْقاً وَلَا عُجالِطا، ... لِشاربٍ حَزْراً، وَلَا عُكالِطا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِمَّا جَاءَ عَلَى فُعَلِلٍ عُثَلِطٌ وعُكَلِطٌ وعُجَلِطٌ وعُمَهِجٌ: اللَّبَنُ الخاثِرُ، والهُدَبِدُ: الشَّبْكرةُ فِي الْعَيْنِ، وَلَيْلٌ عُكمِسٌ: شَدِيدُ الظُّلمةِ، وإِبل عُكَمِسٌ أَي كَثِيرَةٌ، ودِرْع دُلَمِصٌ أَي بَرّاقةٌ، وقِدْرٌ خُزَخِزٌ أَي كَبِيرَةٌ، وأَكل الذئبُ مِنَ الشَّاةِ الحُدَلِقَ، وماءٌ زُوَزِمٌ: بَيْنَ الْمِلْحِ وَالْعَذْبِ، ودُوَدِمٌ: شَيْءٌ يُشْبِهُ الدَّمَ يخرُجُ مِنَ السَّمُرة يَجْعَلُهُ النساء في الطِّرارِ، قَالَ: وَجَاءَ فَعَلُلٌ مِثَالٌ وَاحِدٌ عَرَتُنٌ مَحْذُوفٌ مِنْ عَرَنْتُنٍ.
عذط: العُذْيُوطُ والعِذْيَوْطُ: الَّذِي إِذا أَتى أَهلَه أَبْدَى أَي سَلَحَ أَو أَكْسَلَ، وَجَمْعُهُ عِذْيَوْطُونَ وعَذايِيطُ وعَذاوِيطُ؛ الأَخيرة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقَدْ عَذْيَطَ يُعَذْيِطُ عَذْيَطَةً، وَالِاسْمُ العَذْطُ؛ قَالَتِ امرأَة:
إِنِّي بُلِيتُ بِعِذْيَوْطٍ بِهِ بَخَرٌ، ... يَكادُ يَقْتُلُ مَنْ ناجاه إِنْ كَشَرا
__________
(2) . قوله [في مخرمه] كذا بالأصل، وفي شرح القاموس: مجزمه.(7/349)
والمرأَةُ عِذْيَوْطةٌ، وَهِيَ التَّيْتاءةُ، وَالرَّجُلُ تَيْتاء؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ الزُّمَلِّقُ والزَّلِقُ، وَهُوَ الثَّمُوتُ والثَّتُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يقول عِظْيَوْطٌ، بالظاء.
عرط: اعْتَرَطَ الرجلُ: أَبْعَدَ فِي الأَرض. وعِرْيَطٌ وأُمّ عِرْيَطٍ وأُمّ العِرْيط، كُلُّهُ: الْعَقْرَبُ. وَيُقَالُ: عَرَطَ فُلَانٌ عِرضَ فُلَانٍ واعْتَرَطَهُ إِذا اقْتَرَضَه بالغِيبة، وأَصل العَرْطِ الشق حتى يدْمَى.
عرفط: العُرْفُطُ: شَجَرُ العِضاه، وَقِيلَ: ضَرْب مِنْهُ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنْ الْعِضَاهِ العُرْفُط وَهُوَ مُفْتَرِشٌ عَلَى الأَرض لَا يَذْهَبُ فِي السَّمَاءِ، وَلَهُ وَرَقَةٌ عَرِيضَةٌ وَشَوْكَةٌ حَديدة حَجْناء، وَهُوَ مِمَّا يُلْتَحَى لِحاؤُه وتُصْنعُ مِنْهُ الأَرْشِيَةُ وَتَخْرُجُ فِي بَرَمِه عُلَّفة كأَنه الباقِلَّى تأْكله الإِبل وَالْغَنَمُ، وَقِيلَ: هُوَ خَبيث الرِّيحِ وَبِذَلِكَ تَخْبُتْ رِيحُ راعِيته وأَنْفاسُها حَتَّى يُتَنَحَّى عَنْهَا، وَهُوَ مِنْ أَخبث الْمَرَاعِي، وَاحِدَتُهُ عُرْفُطةٌ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. الأَزهري: العُرْفُطةُ شَجَرَةٌ قَصِيرَةٌ مُتدانية الأَغصان ذاتُ شَوْكٍ كَثِيرٍ طُولُها فِي السَّمَاءِ كَطُولِ الْبَعِيرِ بارِكاً، لَهَا وُرَيْقة صَغِيرَةٌ تَنْبُتُ بالجِبال تَعْلُقُها الإِبلُ أَي تأْكل بفِيها أَعْراض غِصَنَتِها؛ قَالَ مُسَافِرٌ العَبْسيّ يَصِفُ إِبلًا:
عَبْسِيّة لَمْ تَرْعَ طَلْحاً مُجْعَما، ... وَلَمْ تُواضِعْ عُرْفُطاً وسَلَما
لكنْ رَعَين الحَزْن، حيثُ ادْلهْمَما، ... بَقْلًا تَعاشِيبَ ونَوْراً تَوْأَما
الْجَوْهَرِيُّ: العُرْفُط، بِالضَّمِّ، شَجَرٌ مِنَ العِضاه يَنْضَحُ المُغْفُورَ وبَرَمَتُه بَيْضَاءُ مُدَحْرَجة، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرُ الطَّلْحِ وَلَهُ صَمْغٌ كَرِيهُ الرَّائِحَةِ فإِذا أَكلته النَّحْلُ حَصَلَ فِي عَسَلِهَا مِنْ رِيحُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَرِبَ عَسَلًا فِي بَيْتِ امرأَة مِنْ نِسَائِهِ، فَقَالَتْ لَهُ إِحدى نِسَائِهِ: أَكلتَ مَغافِيرَ، قال: لَا وَلَكِنِّي شَرِبت عَسَلًا، فَقَالَتْ: جَرَسَتْ إِذاً نحْلُه العُرْفُطَ
؛ المَغافِيرُ: صَمْغٌ يسِيل مِنْ شَجَرِ الْعُرْفُطِ حُلو غَيْرَ أَن رَائِحَتَهُ لَيْسَتْ بِطَيِّبَةٍ، والجَرْسُ: الأَكل. وإِبلٌ عُرْفُطِيّةٌ: تأْكل الْعُرْفُطَ. واعْرَنْفَطَ الرجلُ: تَقَبَّضَ. والمُعْرَنْفِطُ: الهَنُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِرَجُلٍ قَالَتْ لَهُ امرأَته وَقَدْ كَبِرَ:
يَا حَبَّذا ذَباذِبُكْ، ... إِذ الشَّبابُ غالِبُكْ
فأَجابها:
يَا حَبَّذا مُعْرَنْفِطُكْ، ... إِذْ أَنا لَا أُفَرِّطُكْ
عرقط: العُرَيْقِطة: دُوَيْبَّةٌ عَرِيضَةٌ كالجُعَلِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَهِيَ العُرَيْقِطانُ.
عزط: العَزْطُ: كأَنه مَقْلُوبٌ عَنِ الطَّعْزِ، وَهُوَ النِّكاحُ.
عسط: قَالَ الأَزهري: لَمْ أَجد فِي عَسَطَ شَيْئًا غَيْرَ عَسَطُوسٍ، وَهِيَ شَجَرَةٌ لَيِّنَةُ الأَغصان لَا أُبَنَ لَهَا وَلَا شَوْك، يُقَالُ إِنه الخَيْزُرانُ، وَهُوَ عَلَى بِنَاءِ قَرَبُوسٍ وقَرَقُوسٍ وحَلَكُوكٍ للشَّديد السَّوَادِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
عَصا عَسَطُوسٍ لِينها واعْتِدالها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: العَيْسَطانُ موضع.
عسمط: عَسْمَطْتُ الشيءَ عَسْمَطةً إِذا خَلَطْتَه،
عشط: عَشَطه يَعْشِطُه عَشْطاً: جَذَبه، وَقَالَ الأَزهري: لَمْ أَجد فِي ثُلَاثِيٍّ عَشَطَ شيئاً صحيحاً.(7/350)
عشنط: العشَنَّطُ: الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ كالعَنْشَطِ، وَجَمْعُهُ عَشَنَّطُونَ وعَشانِطُ، وَقِيلَ فِي جَمْعِهِ: عَشانِطةٌ مِثْلُ عَشانِقةٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
بُوَيْزِلًا ذَا كِدْنةٍ مُعَلَّطا، ... مِنَ الجِمالِ، بازِلًا عَشَنَّطا
قَالَ: وَيُقَالُ هُوَ الشابُّ الظَّريفُ. الأَصمعي: العَشَنَّطُ والعَنْشَطُ مَعًا الطَّوِيلُ، الأَول بِتَشْدِيدِ النُّونِ، وَالثَّانِي بِتَسْكِينِ النون قبل الشين.
عضط: العِضْيَوطُ والعُضْيُوطُ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ: الَّذِي يُحْدِثُ إِذا جَامَعَ، وَقَدْ عَضْيَطَ، وَكَذَلِكَ العِذْيَوْطُ. وَيُقَالُ للأَحمق: أَذْوَطُ وأَضْوَطُ.
عضرط: العِضْرِطُ والعَضْرَطُ: العِجانُ، وَقِيلَ: هُوَ الخَطّ الَّذِي مِنَ الذَّكَرِ إِلى الدُّبر. والعُضارِطِيُّ: الفرْج الرّخْو؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تُواجِهُ بَعْلَها بِعُضارِطِيٍّ، ... كأَنَّ عَلَى مَشافِرِه حَبابا
والعِضْرِطُ: اللَّئيمُ. والعُضْرُطُ والعُضْرُوطُ: الخادمُ عَلَى طَعامِ بطْنه، وَهُمُ العَضارِيطُ والعَضارِطةُ. والعَضارِيطُ: التُّبّاعُ وَنَحْوُهُمْ، الْوَاحِدُ عُضْرُطٌ وعُضْرُوطٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِطُفَيْلٍ:
وراحِلةٍ أَوْصَيْتُ عُضْرُوطَ رَبِّها ... بِهَا، وَالَّذِي يحْني ليَدْفَعَ أَنْكَبُ
يَعْنِي بِرَبِّهَا نَفْسَهُ أَي نزلتُ عَنْ رَاحِلَتِي وركبتُ فَرَسِي لِلْقِتَالِ وأَوصيت الخادِمَ بالراحلةِ. وَقَوْمٌ عَضارِيطُ: صَعالِيكُ. وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ أَهْلَبُ العِضْرِطِ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ العِجانُ مَا بَيْنَ السُّبَّةِ والمَذاكِير؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَتانٌ سافَ عِضْرِطَها حِمار
وَهِيَ العِضْرِطُ والبُعْثُط لِلِاسْتِ. يُقَالُ: أَلْزَقَ بُعْثُطَه وعِضْرِطه بالصَّلَّةِ يَعْنِي اسْتَه. وَقَالَ شَمِرٌ: مثَل الْعَرَبِ: إِياك وكُلَّ قِرْنٍ أَهْلَبِ العِضْرِطِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: العِضْرط العِجانُ والخُصْية. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَقُولُ فِي الْمَثَلِ: إِياك والأَهلبَ العضرِط فإِنك لَا طاقةَ لَكَ بِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
مَهْلًا، بَني رُومانَ بَعْضَ عِتابِكُمْ، ... وإِيّاكُمُ والهُلْبَ مِنِّي عَضارِطا
أَرِطُّوا، فَقَدْ أَقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكُمْ، ... عَسَى أَنْ تَفُوزوا أَنْ تَكُونوا رَطائطا
أَرِطَّ: احْمُقْ. والأَهْلَبُ: هُوَ الْكَثِيرُ شَعْرِ الأُنثَيين. وَيُقَالُ: العِضرط عَجْبُ الذَّنَبِ. الأَصْمعي: العَضارِطُ الأُجراء؛ وأَنشد:
أَذاكَ خَيْرٌ، أَيُّها العَضارِطُ، ... وأَيُّها اللَّعْمَظةُ العَمارِطُ
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: العُضْروطُ الَّذِي يَخْدُمُ بِطَعَامِ بطنِه، وَمِثْلُهُ اللَّعْمَظُ واللُّعْمُوظُ، والأُنثى لُعْمُوظةٌ.
عضرفط: العَضْرَفُوطُ: دُوَيْبَّةٌ بَيْضَاءُ نَاعِمَةٌ. وَيُقَالُ: العَضْرفوط ذَكَرُ العِظاء، وَتَصْغِيرُهُ عُضَيرِفٌ وعُضَيْرِيف، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ العِظاء، وَقِيلَ: هِيَ دُوَيْبَّةٌ تُسَمَّى العِسْوَدَّة بَيْضَاءُ نَاعِمَةٌ، وَجَمْعُهَا عَضافِيطُ وعَضْرفُوطاتٌ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عُضْفُوط؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:(7/351)
فأَجْحَرَها كرُّها فِيهِمُ، ... كَمَا يُجْحِرُ الحَيّةُ العَضْرَفُوطا
عطط: العَطُّ: شقُّ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ عَرضاً أَو طُولًا مِنْ غَيْرِ بَيْنُونة، وَرُبَّمَا لم يقيد ببينُونة. عَطَّ ثوبَه يَعُطُّه عَطّاً، فَهُوَ مَعْطُوطٌ وعَطِيطٌ، واعْتَطَّه وعَطَّطه إِذا شقَّه، شدِّد لِلْكَثْرَةِ. والانْعِطاطُ: الانْشِقاق، وانْعَطَّ هُوَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
كأَنَّ، تَحْتَ دِرْعِها المُنْعَطِّ، ... شَطّاً رَمَيْتَ فَوْقَه بشَطِّ
وَقَالَ الْمُتَنَخِّلُ:
بضَرْبٍ فِي القَوانِسِ ذِي فُرُوغٍ، ... وطَعْنٍ مِثْلِ تعْطِيطِ الرِّهاطِ
وَيُرْوَى: فِي الجماجِمِ ذِي فُضُولٍ، وَيُرْوَى: تَعْطاط. والرَّهْطُ: جِلْدٌ يشقَّق تَلْبَسه الصِّبْيَانُ وَالنِّسَاءُ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرِّهاط جُلود تشقَّق سُيُورًا. والعَطَوَّطُ: الطَّوِيلُ. والأَعطّ: الطَّوِيلُ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العُطُطُ المَلاحِفُ المُقَطَّعةُ؛ وَقَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
وَذَلِكَ يَقْتُلُ الفِتْيانَ شَفْعاً، ... ويَسْلُبُ حُلَّةَ الليْثِ العَطاطِ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لعمرو بن معديكرب، قِيلَ: هُوَ الجَسِيم الطَّوِيلُ الشُّجاع. والعَطاط: الأَسد وَالشُّجَاعُ. وَيُقَالُ: لَيْثٌ عَطاطٌ، وَشُجَاعٌ عَطاط: جَسِيمٌ شَدِيدٌ، وعَطَّه يَعُطُّه عَطّاً إِذا صَرَعَهُ. وَرَجُلٌ مَعْطُوطٌ مَعْتُوتٌ إِذا غُلِبَ قَوْلًا وَفِعْلًا. وانْعَطَّ العُودُ انْعِطاطاً إِذا تَثَنَّى مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ. والعَطَوَّطُ: الانْطلاقُ السَّرِيعُ كالعَطَوَّدِ. والعَطَوَّدُ: الشديدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والعُطْعُط: الجَدْي، وَيُقَالُ لَهُ العُتْعُتُ أَيضاً. والعَطْعَطَةُ: حِكَايَةُ صَوْتٍ. والعَطْعَطَةُ: تَتابُعُ الأَصوات واختلافُها فِي الْحَرْبِ، وَهِيَ أَيضاً حِكَايَةُ أَصوات المُجّانِ إِذا قَالُوا: عِيطِ عِيطِ، وَذَلِكَ إِذا غَلب قَوْمٌ قَوْمًا. يُقَالُ: هُمْ يُعَطْعِطُون وَقَدْ عَطْعَطُوا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أُنَيْسٍ: إِنه ليُعَطْعِطُ الكلامَ.
وعَطْعَطَ بِالذِّئْبِ: قَالَ له عاطِ عاطِ.
عظط: قَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَذَطَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عِظْيَوْطٌ، بِالظَّاءِ، وَهُوَ الَّذِي إِذا أَتَى أَهلَه أَبْدَى.
عفط: عَفَطَ يَعْفِطُ عَفْطاً وعَفَطاناً، فَهُوَ عافِطٌ وعَفِطٌ: ضَرطَ؛ قَالَ:
يَا رُبَّ خالٍ لكَ قَعْقاعٍ عَفِطْ
وَيُقَالُ: عَفَقَ بِهَا وعَفَطَ بِهَا إِذا ضَرطَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَفْطُ الحُصاصُ لِلشَّاةِ والنَّفْطُ عُطاسُها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: وَلَكَانَتْ دُنياكم هَذِهِ أَهوَنَ عليَّ مِنْ عَفْطةِ عَنْزٍ
أَي ضَرْطة عَنْزٍ. والمِعْفَطةُ: الاسْت، وعفَطَتِ النعجةُ والماعِزةُ تَعْفِطُ عَفِيطاً كَذَلِكَ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا لِفُلَانٍ عافِطةٌ وَلَا نافِطةٌ؛ الْعَافِطَةُ: النَّعْجَةُ وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لأَنها تَعْفِطُ أَي تَضْرطُ، والنافِطةُ إِتباع. قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ مَا لَهُ ثاغِيةٌ وَلَا راغِيةٌ أَي لَا شاةٌ تَثْغُو وَلَا ناقةٌ تَرْغُو. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ مَا لَهُ سارحةٌ وَلَا رائحةٌ، وَمَا لَهُ دَقِيقَةٌ وَلَا جَلِيلة، فالدقيقةُ الشَّاةُ، وَالْجَلِيلَةُ النَّاقَةُ؛ وَمَا لَهُ حانَّةٌ وَلَا آنَّةٌ، فالحانَّة النَّاقَةُ تَحِنُّ لِوَلَدِهَا، والآنَّة الأَمةُ تَئِنُّ مِنَ التَّعب؛ وَمَا لَهُ هارِبٌ وَلَا قارِب، فالهارِبُ الصادِرُ عَنِ الْمَاءِ، والقاربُ الطَّالِبُ(7/352)
لِلْمَاءِ، وَمَا لَهُ عاوٍ وَلَا نابِحٌ أَي مَا لَهُ غَنَمٌ يَعْوِي بِهَا الذِّئْبُ وينْبَح بِهَا الْكَلْبُ؛ وَمَا لَهُ هِلَّعٌ وَلَا هِلَّعةٌ أَي جَدْي وَلَا عَناق. وَقِيلَ: النَّافِطَةُ العَنز أَوِ النَّاقَةُ؛ قَالَ الأَصمعي: العافطةُ الضَّائِنَةُ، وَالنَّافِطَةُ الماعِزة، وَقَالَ غَيْرُ الأَصمعي مِنَ الأَعراب: الْعَافِطَةُ الماعِزة إِذا عطَست، وَقِيلَ: الْعَافِطَةُ الأَمة وَالنَّافِطَةُ الشَّاةُ لأَن الأَمة تعفِط فِي كَلَامِهَا كَمَا يعفِط الرَّجُلُ العِفْطِيُّ، وَهُوَ الأَلْكَن الَّذِي لَا يُفْصِح، وَهُوَ العَفّاطُ، وَلَا يُقَالُ عَلَى جِهَةِ النِّسْبَةِ إِلا عِفْطِيٌّ. والعَفْطُ والعَفِيطُ: نَثِيرُ الشَّاءِ بأُنوفِها كَمَا يَنْثِرُ الحِمار، وَفِي الصِّحَاحِ: نُثِيرُ الضأْن، وَهِيَ العَفْطةُ. وعَفَطتِ الضأْنُ بأُنوفها تَعْفِط عَفْطاً وعَفِيطاً، وَهُوَ صَوْتٌ لَيْسَ بعُطاس، وَقِيلَ: العَفْط والعَفِيط عُطاس المَعز، والعافطةُ الْمَاعِزَةُ إِذا عَطَسَتْ. وعفَط فِي كَلَامِهِ يَعْفِط عَفْطاً: تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَمْ يُفْصِح، وَقِيلَ: تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَا يُفْهم. وَرَجُلٌ عَفَّاط وعِفْطِيّ: أَلكن، وَقَدْ عَفَت عَفْتاً، وَهُوَ عَفّات. قَالَ الأَزهري: الأَعْفَتُ والأَلفت الأَعْسَرُ الأَخْرَقُ. وعَفَتَ الكلامَ إِذا لَواه عَنْ وَجْهِهِ، وَكَذَلِكَ لَفَتَه، وَالتَّاءُ تُبْدَلُ طَاءً لِقُرْبِ مُخْرَجِهَا. وَالْعَافِطُ: الَّذِي يَصِيحُ بالضأْن لتأْتيه؛ وَقَالَ بَعْضُ الرُّجَّازِ يَصِف غَنَمًا:
يَحارُ فِيهَا سالِئٌ وآقِطُ، ... وحالِبانِ ومَحاحٌ عافِطٌ
وعفَط الرَّاعِي بِغَنَمِهِ إِذا زجرَها بِصَوْتٍ يُشبه عَفْطَها. والعافِطةُ والعَفّاطةُ: الأَمة الراعِيةُ. والعافِطُ: الرَّاعي؛ وَمِنْ سَبِّهم: يَا ابْنَ الْعَافِطَةِ أَي الراعِية.
عفلط: العَفْلَطةُ: خلْطُك الشيءَ، عَفْلَطْتُه بِالتُّرَابِ. ابْنُ سِيدَهْ: عَفْطَل الشيءَ وعَفْلَطَه خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ. والعَفَلَّطُ والعِفْلِيطُ: الأَحمق.
عفنط: العَفَنَّطُ: اللَّئِيمُ السَّيِّءُ الخُلُقِ. والعَفَنَّطُ أَيضاً: الَّذِي يُسَمَّى عَناقَ الأَرض.
عقط: اليَعْقُوطةُ: دُحْروجةُ الجُعَل يعني البعرة.
عكلط: لَبَنٌ عُكَلِطٌ وعُكَلِدٌ: خَاثِرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَيْفَ رأَيتَ كُثأَتَيْ عُجَلِطِهْ، ... وكُثْأَةَ الخامِطِ مِنْ عُكَلِطِهْ
الأَصمعي: إِذا خَثُر اللَّبَنُ جِدًّا فهو عُكَلِطٌ وعُجَلِط وغُثَلِطٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَثْلَطَ للزَّفَيان:
وَلَمْ يَدَعْ مَذْقاً وَلَا عُجالِطا، ... لشارِبٍ حَزْراً، وَلَا عُكالِطا
قَالَ: وَمِمَّا جَاءَ عَلَى فُعَلِلٍ عُكَلِطٌ وعُثَلِطٌ وعُجَلِطٌ وعُمَهِجٌ لِلَّبَنِ الْخَاثِرِ، والهُدَبِدُ للشَّبْكرةِ فِي الْعَيْنِ، وليلٌ عُكَمِسٌ شديدُ الظُّلْمةِ، وإِبل عُكَمِسٌ أَي كَثِيرَةٌ، ودِرْعٌ دُلَمِصٌ أَي برَّاقةٌ، وقِدر خُزَخِزٌ أَي كَبِيرَةٌ، وأَكل الذِّئْبُ مِنَ الشَّاةِ الحُدَلِق، وَمَاءٌ زُوَزِمٌ بَيْنَ المِلح والعَذب، ودُوَدِمٌ شَيْءٌ يُشبه الدَّمِ يَخْرُجُ مِنَ السَّمُرة يَجْعَلُهُ النِّسَاءُ فِي الطرارِ، وَجَاءَ فَعَلُلٌ مِثَالٌ وَاحِدٌ عَرَتُنٌ مَحْذُوفٌ مِنْ عَرَنْتُنٍ.
علط: العِلاطُ: صفْحة العُنق مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والعِلاطانِ: صَفْحَتَا الْعُنُقِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ. والعِلاطُ: سِمة فِي عُرْض عُنُقِ الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةُ، والسِّطاعُ بالطُّولِ. وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: العِلاط يَكُونُ فِي الْعُنُقِ عَرْضاً، وَرُبَّمَا كَانَ خَطًّا وَاحِدًا، وَرُبَّمَا كَانَ خطَّين، وَرُبَّمَا كَانَ خُطوطاً فِي كُلِّ جَانِبٍ، وَالْجَمْعُ أَعْلِطةٌ وعُلُطٌ. والإِعْلِيطُ: الوَسْمُ بالعِلاطِ. وعَلَطَ البعيرَ والناقةَ يَعْلِطُهما ويَعْلُطُهما عَلْطاً(7/353)
وعَلَّطَهما: وسَمهما بالعِلاطِ، شُدّد لِلْكَثْرَةِ، وَرُبَّمَا سُمِّيَ الأَثر فِي سالِفتِه عَلْطاً كأَنه سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ:
لأَعْلِطَنَّ حَرْزَماً بعَلْطِ، ... بِلِيتِه عِنْدَ بُذُوحِ الشَّرْطِ
البُذُوحُ: الشُّقوقُ. وحَرْزَمٌ: اسْمُ بَعِيرٍ. وعَلَطه بِالْقَوْلِ أَو بالشرِّ يَعْلُطُه عَلْطاً: وسمَه عَلَى الْمِثْلِ، وَهُوَ أَن يَرْمِيَهُ بِعَلَامَةٍ يُعْرَفُ بِهَا، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ. والعِلاطُ: الذِّكْرُ بالسُّوء، وَقِيلَ: عَلَطه بِشَرٍّ ذَكَرَهُ بِسُوءٍ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْمُتَنَخِّلِ:
فَلا واللهِ نادَى الحَيُّ ضَيْفِي، ... هُدُوءاً، بالمَساءةِ والعِلاطِ
والمَساءةُ: مَصْدَرُ سُؤْتُه مَساءة. وعَلَطه بسَهْم عَلْطاً: أَصابه بِهِ. وَنَاقَةٌ عُلُطٌ: بِلَا سِمَةٍ كعُطُلٍ، وَقِيلَ: بِلَا خِطام؛ قَالَ أَبو دُوَادَ الرُّؤاسي:
هلَّا سأَلتِ، جَزاك اللَّهُ سَيِّئةً، ... إِذ أَصْبحَت لَيْسَ فِي حافاتِها قَزَعَهْ
وَرَاحَتِ الشَّول كالشَّنّات شاسِفةً، ... لَا يَرْتجي رِسْلَها راعٍ وَلَا رُبَعَهْ
واعرَورتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ، تَركُضُه ... أُمُّ الفَوارِسِ بالدِّئْداء والرَّبَعَهْ
وَجَمْعُهَا أَعْلاطٌ؛ قَالَ نِقادةُ الأَسدي:
أَوْرَدْتُه قَلائصاً أَعْلاطا، ... أَصفرَ مِثْلَ الزَّيْتِ لَمَّا شَاطَا
والعِلاط: الْحَبْلُ الَّذِي فِي عُنُقِ الْبَعِيرِ. وعَلَّطَ الْبَعِيرَ تَعْليطاً: نَزَعَ عِلاطَه مِنْ عُنقه؛ هَذِهِ حِكَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ. والعُلُطُ: الطِّوال مِنَ النُّوقِ. والعُلُط أَيضاً: القِصار مِنَ الحَمير. وَقَالَ كُرَاعٌ: عَلَّط الْبَعِيرَ إِذا نزَع عِلاطَه مِنْ عُنقه، وَهِيَ سِمةٌ بالعَرْض. قَالَ: وَقَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ أَصح؛ وَبَعِيرٌ عَلْطٌ مِنْ «3» خِطامه. وعِلاط الإِبرة: خَيْطُها. وعِلاطُ الشمسِ: الَّذِي تَرَاهُ كَالْخَيْطِ إِذا نَظَرْتَ إِليها. وعِلاطُ النُّجُومِ: المُعَلَّقُ بِهَا، وَالْجَمْعُ أَعْلاط؛ قَالَ:
وأَعْلاطُ النُّجومِ مُعَلَّقاتٌ، ... كحَبْلِ الفَرْقِ لَيْسَ لَهُ انْتِصابُ
الفَرْقُ: الكَتّان. قَالَ الأَزهري: ورأَيت فِي نُسْخَةٍ: كَحَبْلِ القَرْق، قَالَ: الْكَتَّانُ. قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعرف القَرْق بِمَعْنَى الْكَتَّانِ. وَقِيلَ: أَعْلاطُ الْكَوَاكِبِ هِيَ النُّجومُ المُسَمّاة الْمَعْرُوفَةُ كأَنها مَعْلوطة بالسِّماتِ، وَقِيلَ: أَعلاطُ الكواكبِ هِيَ الدَّرارِي الَّتِي لَا أَسماء لَهَا مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ عُلُطٌ لَا سِمةَ عَلَيْهَا وَلَا خِطام. ونُوق أَعْلاط، والعِلاطانِ والعُلْطتانِ: الرَّقْمتانِ اللَّتَانِ فِي أَعْناقِ القَمارِي؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
مِنَ الوُرْقِ حَمَّاء العِلاطَيْنِ، باكَرَتْ ... قَضِيبَ أَشاء، مَطْلَع الشمْسِ، أَسْحَما
وَقِيلَ: العُلْطتان الرَّقْمَتان اللَّتَانِ فِي أَعناق الطَّيْرِ مِنَ الْقَمَارِيِّ وَنَحْوِهَا. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: العُلْطتان طَوْقٌ، وَقِيلَ سِمة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا. وَقَالَ الأَزهري: عِلاطا الحَمامةِ طَوْقُها فِي صَفْحَتَيْ عُنقها، وأَنشد بَيْتُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ. والعُلْطة: القِلادة. والعُلْطتان: ودَعتان تَكُونَانِ فِي أَعْناق الصِّبْيَانِ؛ قَالَ حُبَيْنةُ بْنُ طَرِيف العُكْلِيّ يَنْسُبُ بليلى
__________
(3) . قوله [وبعير علط من إلخ] كذا بالأصل.(7/354)
الأَخْيَلِيَّة:
جَارِيَةٌ مِنْ شِعْبِ ذِي رُعَيْنِ، ... حَيَّاكة تَمْشِي بِعُلْطَتَيْنِ،
قَدْ خَلَجَت بحاجِبٍ وعَيْنِ، ... يَا قَوْمِ، خَلُّوا بَيْنَهَا وبَيْني،
أَشَدَّ مَا خُلِّيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ
وَقِيلَ: عُلْطتاها قُبلها ودُبرها، وَجَعَلَهُمَا كالسِّمَتين. والعُلْطة والعَلْطُ: سَوَادٌ تخُطُّه المرأَة فِي وَجْهِهَا تَتزيّن بِهِ، وَكَذَلِكَ اللُّعْطةُ. ولُعْطةُ الصَّقْر: صُفْعةٌ فِي وَجْهِهِ. ونعجةٌ عَلْطاء: بِعُرض عُنُقِهَا عُلْطةُ سوادٍ وَسَائِرُهَا أَبيض. والعِلاطُ: الخُصومة وَالشَّرُّ والمُشاغَبةُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ:
فَلَا واللهِ نادَى الحَيُّ ضَيْفي
وأَورد الْبَيْتَ الْمُقَدَّمَ، وَقَالَ: أَي لَا نادَى. والإِعْلِيطُ: مَا سَقَطَ وَرَقُهُ مِنَ الأَغْصان والقُضْبانِ، وَقِيلَ: هُوَ وَرَقُ المَرْخِ، وَقِيلَ: هُوَ وِعَاءُ ثَمَر الْمَرْخِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَها أُذُنٌ حَشْرةٌ مَشْرةٌ، ... كإِعْلِيطِ مَرْخ، إِذا مَا صَفِرْ
وَاحِدَتُهُ إِعْلِيطةٌ، شَبَّهَ بِهِ أُذن الْفَرَسُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَب. والعِلْيَطُ: شَجَرٌ بالسَّراةِ تُعمل مِنْهُ القِسِيُّ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
تكادُ فُروعُ العِلْيَط الصُّهْبُ، فَوْقَنا، ... بِهِ وذُرَى الشَّرْيانِ والنِّيمِ تَلْتَقِي
واعْلوَّطَنِي الرجلُ: لَزِمني، وَاشْتَقَّهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: كَمَا يَلْزَمُ العِلاطُ عُنُقَ الْبَعِيرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْرُوفٍ. والاعْلِوَّاطُ: ركوبُ الرأْس والتَّقَحُّمُ عَلَى الأُمور بِغَيْرِ رَوِيّةٍ. يُقَالُ: اعْلوَّط فُلَانٌ رأْسه: وَقِيلَ: الاعْلوّاط ركوبُ الْعُنُقِ والتقحُّمُ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ فَوْقُ. واعْلَوّط الجملُ النَّاقَةَ: رَكِبَ عُنقها وتقَحَّمَ مِنْ فَوْقِهَا. واعْلَوّط الجملُ النَّاقَةَ يَعْلَوِّطُها إِذا تَسُدَّاهَا ليَضْرِبَها، وَهُوَ مِنْ بَابِ الافْعِوّال مِثْلِ الاخْرِوّاطِ والاجْلوّاذِ. واعْلَوَّطَ بعيرَه اعْلِوّاطاً إِذا تَعَلَّقَ بعُنقه وعَلاه، وَإِنَّمَا لَمْ تَنْقَلِبِ الْوَاوُ يَاءً فِي الْمَصْدَرِ كَمَا انْقَلَبَتْ فِي اعْشَوْشَبَ اعْشِيشاباً لأَنها مُشَدَّدَةً. والاعْلِوَّاطُ: الأَخذ والحَبْس. والاعلوّاطُ: رُكوب الْمَرْكُوبِ عُرْياً؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلا مَزِيدًا. والمَعْلُوط: اسْمُ شَاعِرٍ. وعِلْيَطٌ: اسم.
علبط: غَنمٌ عُلَبِطةٌ: أَوّلها الخَمسون وَالْمِائَةُ إِلى مَا بَلَغَتْ مِنَ العِدّةِ، وَقِيلَ: هِيَ الْكَثِيرَةُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عَلَيْهِ عُلَبِطةٌ مِنَ الضأْنِ أَي قِطْعة فخَصّ بِهِ الضأْنَ. وَرَجُلٌ عُلَبِطٌ وعُلابِطٌ: ضَخْم عَظِيمٌ. وَنَاقَةٌ عُلَبِطة: عَظِيمَةٌ. وصدْر عُلَبِطٌ: عَرِيضٌ. وَلَبَنٌ عُلَبِطٌ: رَائِبٌ مُتَكَبِّدٌ خاثِرٌ جِدًّا، وَقِيلَ كُلُّ غليظٍ عُلَبِطٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَحْذُوفٌ مِنْ فُعالِلٍ، وَلَيْسَ بأَصل لأَنه لَا تَتَوَالَى أَربع حَرَكَاتٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. والعُلَبِطُ والعُلابِطُ: القَطِيعُ مِنَ الْغَنَمِ؛ وَقَالَ:
مَا راعَنِي إِلا خَيالٌ، هابِطا ... عَلَى البُيوت قَوْطَه العُلابِطا
خيال: اسم راعٍ.(7/355)
علسط: العَسْلَطةُ والعَلْسَطة: كَلَامٌ غيرُ ذِي نِظام. وَكَلَامٌ مُعَلْسطٌ: لَا نِظَامَ لَهُ.
علقط: العِلْقِطُ: الإِتْبُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحْسَبه العِلْقةَ.
عمط: عَمَطَ عِرْضَه عَمْطاً واعْتَمَطه: عَابَهُ وَوَقَعَ فِيهِ وثَلَبَه بِمَا لَيْسَ فِيهِ. وعَمَطَ نِعْمةَ اللَّهِ عَمْطاً وعَمِطَها عَمْطاً كغَمِطَها؛ لَمْ يَشْكُرْها وكَفَرها.
عمرط: العَمَرَّطُ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: الشَّدِيدُ الجَسُور. وَقِيلَ: الخفيفُ مِنَ الفِتْيانِ، وَالْجَمْعُ العَمارِطُ. والعُمْرُوطُ: المارِدُ الصُّعْلُوكُ الَّذِي لَا يَدَعُ شَيْئًا إِلا أَخذه، وَعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ اللُّصُوصَ. والعُمْرُوطُ: اللِّصُّ، وَالْجَمْعُ العَمارِيطُ والعَمارِطةُ. وَقَوْمٌ عَمارِطُ: لَا شَيْءَ لَهُمْ، وَاحِدُهُمْ عُمْرُوطٌ. وعَمْرَطَ الشيءَ: أَخذه.
عملط: العُمَّلِطُ والعَمَلَّطُ، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: الشَّدِيدُ مِنَ الرِّجَالِ والإِبل؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِنِجاد الخَيْبَري:
أَما رأَيتَ الرجلَ العَمَلَّطا، ... يأْكلُ لَحْماً بَائِتًا قَدْ ثَعِطا؟
أَكْثَرَ مِنْهُ الأَكل حَتَّى خَرِطا، ... فأَكثَرَ المَذْبُوبُ مِنْهُ الضَّرِطا،
فظَلَّ يَبْكي جَزَعاً وفَطْفَطَا
الأَزهري: قَالَ أَبو عَمْرٍو: العَمَلَّسُ القويُّ عَلَى السَّفَرِ والعَمَلَّطُ مِثْلُهُ؛ وأَنشد:
قَرَّبَ مِنْهَا كلَّ قَرْمٍ مُشْرَطِ، ... عَجَمْجَمٍ ذِي كِدْنةٍ عَمَلَّطِ
المُشْرَطُ: المُيَسَّرُ للعمَلِ. وَبَعِيرٌ عَمَلَّطٌ: قويٌّ شديدٌ.
عنط: العَنَطُ: طولُ العُنُق وحُسْنُه، وَقِيلَ: هُوَ الطُّول عامَّة. ورجُل عَنَطْنَطٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ: طَوِيلٌ، وأَصل الْكَلِمَةِ عَنَطَ فَكُرِّرَتْ، قَالَ اللَّيْثُ: اشْتِقَاقُهُ مِنْ عَنَطَ وَلَكِنَّهُ أُرْدِفَ بِحَرْفَيْنِ فِي عَجُزه؛ وأَنشد:
تَمْطُو السُّرى بِعُنقٍ عَنَطْنَطِ
وَمِنَ النَّاسِ مَن خَصّ فَقَالَ: الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ. وَفِي حَدِيثِ المُتْعةِ:
فَتَاةٌ مِثْل البَكْرةِ العَنَطْنَطة
أَي الطَّوِيلَةِ العُنُق مَعَ حُسْن قوَام، وعَنَطُها طُولُ عُنقِها وقَوامها، لَا يُجعل مَصْدَرُ ذَلِكَ إِلا العَنَط، قَالَ الأَزهري: وَلَوْ جاءَ فِي الشِّعْرِ عَنَطْنَطَتُها فِي طُولِ عُنُقِها جَازَ ذَلِكَ فِي الشِّعْرِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ أَسد غَشَمْشَمٌ بَيِّنُ الغَشَم، وَيَوْمٌ عَصَبْصَبٌ بَيِّنُ العَصابةِ. وأَعْنَطَ: جَاءَ بِوَلَدٍ عَنَطْنَط. وَفَرَسٌ عَنَطْنَطةٌ: طَوِيلَةٌ؛ قَالَ:
عَنَطْنَط تَعْدُو بِهِ عَنَطْنَطَهْ
والعَنَطْنَطُ: الإِبْرِيقُ لطُول عُنُقِه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَنشدني بعضُ مَنْ لَقِيتُ:
فَقَرَّبَ أَكْواساً لَهُ وعَنَطْنَطاً، ... وجاءَ بتُفَّاحٍ كَثيرٍ دَوارِكِ
والعِنْطِيانُ: أَوَّلُ الشَّبابِ، وَهُوَ فِعْلِيانٌ، بِكَسْرِ الْفَاءِ؛ عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ السَّرَّاج.
عنبط: رجُل عُنْبُطٌ وعُنْبُطةٌ: قصير كثير اللحم.
عنشط: العَنْشَطُ: الطَّوِيل مِنَ الرِّجالِ كالعَشَنَّطِ. والعَنْشَطُ أَيضاً: السَّيِءُ الخُلُقِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَتاكَ مِنَ الفِتْيانِ أَرْوَعُ ماجِدٌ، ... صَبُورٌ عَلَى مَا نابَه غيرُ عَنْشَطِ(7/356)
وعَنْشَطَ: غَضِبَ. العَنْشَطُ: الطويلُ، وكذلك العَشَنَّطُ كالعَشَنَّقِ.
عنفط: العُنْفُطُ: اللَّئِيمُ مِنَ الرِّجال السَّيِءُ الخُلُقِ. والعُنْفُطُ أَيضاً: عَناقُ الأَرضِ.
عوط: قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عاطَتِ الناقةُ تَعُوطُ عَوْطاً وتَعوَّطَتْ كتَعَيَّطَتْ، وأَحال عَلَى تَرْجَمَةِ عَيَطَ، وَقَالَ الأَزهري: قَالَ الْكِسَائِيُّ إِذا لَمْ تَحْمِلِ النَّاقَةُ أَول سَنَةٍ يَطْرُقُها الْفَحْلُ فَهِيَ عَائِطٌ وحائلٌ، فإِذا لَمْ تَحْمِلِ السنةَ المُقبلة أَيضاً فَهِيَ عائطُ عُوطٍ وعُوطَطٍ، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: وعائطُ عِيطٍ، قَالَ: وَجَمْعُهَا عُوطٌ وعِيطٌ وعِيطَطٌ وعُوطَطٌ وحُولٌ وحُولَلٌ، قَالَ: وَيُقَالُ عاطَتِ النَّاقَةُ تَعُوطُ، قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عُوطَطٌ مَصْدَرٌ وَلَا يَجْعَلُهُ جَمْعًا، وَكَذَلِكَ حُولَلٌ. وَقَالَ العَدَبَّسُ الكِناني: يُقَالُ تَعَوَّطَت إِذا حُمِل عَلَيْهَا الْفَحْلُ فَلَمْ تَحْمِل، وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: بَكْرة عائطٌ، وَجَمَعَهَا عِيطٌ وَهِيَ تَعِيطُ، قَالَ: فأَما الَّتِي تَعْتاطُ أَرحامُها فعائطُ عُوطٍ، وَهِيَ مِنْ تَعُوط؛ وأَنشد:
يَرُعْنَ إِلى صَوْتي إِذا مَا سَمِعْنَه، ... كَمَا تَرْعَوِي عِيطٌ إِلى صَوْتِ أَعْيَسا
وَقَالَ آخَرُ:
نَجائب أَبْكارٍ لَقِحْنَ لِعِيطَطٍ، ... ونِعْمَ، فَهُنَّ المُهْجِراتُ الحَيائرُ
وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ الَّتِي لَمْ تحمل سنوات من غير عقْر: قَدِ اعْتاطتِ اعْتِيَاطًا، فَهِيَ معْتاطٌ، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَ اعْتِياطُها مِنْ كَثْرَةِ شَحْمِها أَي اعتاصَتْ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ اعتاطَتْ وتَعَوَّطَت وتَعَيَّطَت. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعَثَ مُصَدِّقاً فأُتيَ بشاةٍ شافِعٍ فَلَمْ يأْخُذْها، فَقَالَ: ائتِني بمُعْتاطٍ
، والشافعُ الَّتِي معَها ولدُها، وَرُبَّمَا قَالُوا: اعْتاطَ الأَمرُ إِذا اعْتاصَ، قَالَ: وَقَدْ تَعْتاطُ المرأَةُ. وَنَاقَةٌ عائطٌ، وَقَدْ عاطَتْ تَعِيطُ عِياطاً، ونُوق عِيطٌ وعُوطٌ مِنْ غَيْرِ أَن يُقَالَ عاطَتْ تَعُوطُ، وَجَمْعُ الْعَائِطِ عَوائطُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: العِيط خِيارُ الإِبل وأَفْتاؤُها مَا بَيْنَ الحِقَّةِ إِلى الرَّباعِيةِ.
عيط: العَيَطُ: طُول العُنق. رَجُلٌ أَعْيَطُ وامرأَة عَيْطاء: طَوِيلَةُ العُنق. وَفِي حَدِيثِ المُتْعةِ:
فانطلقتُ إِلى امرأَةٍ كأَنها بَكَرَةٌ عَيْطاء
، العَيْطاء: الطَّوِيلَةُ الْعُنُقِ فِي اعْتدال، وَنَاقَةٌ عَيْطاء كَذَلِكَ، وَالذَّكَرُ أَعْيَطُ، وَالْجَمْعُ عِيطٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِهِ جَمَلٌ أَعيَطُ وَنَاقَةٌ عَيْطاء قَالَ: وَيُقَالُ عَيَّاطٌ أَيضا، قَالَ الأَعشى:
صَمَحْمَح مُجَرَّب عَيَّاط
وهَضْبةٌ عَيْطاء: مرتفِعةٌ. وقارةٌ عَيْطاء: مُشْرِفةٌ اسْتطالتْ فِي السَّمَاءِ. وفَرس عَيْطاء وخَيْل عِيطٌ: طِوالٌ. وقَصْر أَعْيَطُ: مُنِيفٌ، وعِزّ أَعيطُ كَذَلِكَ عَلَى المثَل، قَالَ أُمَيَّةُ:
نَحْنُ ثَقِيفٌ، عِزُّنا مَنِيعُ ... أَعْيَطُ، صَعْبُ المُرْتَقَى رَفِيعُ
وَرَجُلٌ أَعْيَطُ: أَبيٌّ مُتَمَنِّعٌ، قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
وَلَا يَشْعُرُ الرُّمْحُ، الأَصَمُّ كُعوبُه، ... بثَرْوةِ رَهْطِ الأَعْيَطِ المُتَظَلِّمِ
المتظلمُ: هُنَا الظالمُ، وَيُوصَفُ بِذَلِكَ حُمُرُ الوحْشِ، وَقِيلَ: الأَعيطُ الطويلُ الرأْسِ وَالْعُنُقِ وَهُوَ سَمْح. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعاطتِ الناقةُ تَعِيطُ عِياطاً وتعَيَّطَتْ وَاعْتَاطَتْ لَمْ تَحْمِلْ سِنِين مِنْ غَيْرِ عُقْرٍ،(7/357)
وَهِيَ عائطٌ مِنْ إِبل عُيَّطٍ وعِيط وعِيطاتٍ وعُوطٍ، الأَخيرة عَلَى مَنْ قَالَ رُسْل، وَكَذَلِكَ المرأَةُ وَالْعَنْزُ، وَرُبَّمَا كَانَ اعْتِياطُ الناقةِ مِنْ كَثْرَةِ شحْمِها، وَقَالُوا عائطُ عِيطٍ وعُوطٍ وعُوطَطٍ فبالَغوا بِذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
فاعْمِد إِلى عَناق مُعْتاطٍ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: المُعْتاطُ مِنَ الْغَنَمِ الَّتِي امتنَعت مِنَ الحَبَل لسِمَنِها وَكَثْرَةِ شَحْمِهَا وَهِيَ فِي الإِبل الَّتِي لَا تَحْمِل سَنَوَاتٍ مِنْ غَيْرِ عُقْر، وَالَّذِي جاءَ فِي الْحَدِيثِ أَن الْمُعْتَاطَ الَّتِي لَمْ تَلِدْ وَقَدْ حانَ وِلادُها، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تقدَّم فِي عَوَطَ وَعَيَطَ، قَالَ ابْنُ الأَثير: إِلا أَن يُرِيدَ بِالْوِلَادِ الْحَمْلَ أَي أَنها لَمْ تَحْمِلْ وَقَدْ حَانَ أَن تَحْمِلَ، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ مَعْرِفَةِ سنِّها وأَنها قَدْ قَارَبَتِ السِّنَّ الَّتِي يَحْمِلُ مِثْلُهَا فِيهَا، فَسُمِّيَ الْحَمْلُ بالولادةِ، وَالْمِيمُ وَالتَّاءُ زَائِدَتَانِ. والعُوطَطُ، عِنْدَ سِيبَوَيْهِ: اسْمٌ فِي مَعْنَى الْمَصْدَرِ قُلِبَتْ فِيهِ الْيَاءُ وَاوًا وَلَمْ يُجْعَلْ بِمَنْزِلَةِ بِيض حَيْثُ خَرَجَتْ إِلى مِثالِها هَذَا وَصَارَتْ إِلى أَربعة أَحرف وكأَن الِاسْمَ هُنَا لَا تُحَرَّكُ ياؤُه مَا دَامَ عَلَى هَذِهِ الْعُدَّةِ، وأَنشد:
مُظاهِرة نَيّاً عتِيقاً وعُوطَطاً، ... فَقَدْ أَحْكَما خَلْقاً لَهَا مُتبايِنا
والعائطُ مِنَ الإِبل: الْبَكْرَةُ الَّتِي أَدْرَك إِنا رَحِمِها فَلَمْ تَلْقَحْ، وَقَدِ اعْتاطَتْ، وَهِيَ مُعْتاطٌ، وَالِاسْمُ العُوطةُ والعُوطَطُ. والتَّعَيُّط: أَن يَنْبُعَ حَجَرٌ أَو شَجَرٌ أَو عُودٌ فَيَخْرُجَ مِنْهُ شِبْه مَاءٍ فيُصَمِّغَ أَو يَسِيل. وتَعَيَّطَتِ الذِّفْرى بالعرَقِ: سَالَتْ، قَالَ الأَزهري: وَذِفْرَى الْجَمَلِ تَتَعَيَّطُ بالعرَق الأَسود، وأَنشد:
تَعَيَّطُ ذِفْراها بجَوْنٍ كأَنَّه ... كُحَيْلٌ، جرَى مِنْ قُنْفُذِ اللِّيتِ نابِعُ
وعِيطِ عِيطِ: كَلِمَةٌ يُنادى بِهَا عِنْدَ السُّكْر أَو الغَلبةِ، وَقَدْ عَيَّطَ. قَالَ الأَزهري: عيطِ كَلِمَةٌ يُنادي بِهَا الأَشِرُ عِنْدَ السُّكْرِ يَلْهَجُ بِهِ عِنْدَ الْغَلَبَةِ، فإِن لَمْ يَزِدْ عَلَى وَاحِدَةٍ قَالُوا: عيَّطَ، وإِن رجَّع قَالُوا: عَطْعَطَ. وَيُقَالُ: عَيَّطَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ إِذا قَالَ لَهُ عِيطِ عِيطِ. والتعَيُّطُ: غضَبُ الرَّجُلِ واخْتَلاطُه وتكَبُّرُه، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:»
والبَغْيَ مِنْ تَعَيُّطِ العَيّاطِ
وَقَالَ: التَّعَيُّطُ هَاهُنَا الجَلَبةُ وصِياحُ الأَشر بِقَوْلِهِ عِيطِ. ومَعْيَط: مَوْضِعٌ، قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤيّةَ:
هلِ اقْتَنى حَدَثانُ الدَّهْرِ مِنْ أَحَدٍ ... كانُوا بمَعْيَطَ، لَا وَخْشٍ وَلَا قَزَمِ؟
كَانُوا فِي مَوْضِعِ نَعْتٍ لأَحد أَي هَلْ أَبْقى حدثانُ الدهرِ وَاحِدًا مِنْ أُناس كَانُوا هُنَاكَ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: مَعْيَطٌ مَفْعَلٌ مِنْ لَفْظِ عَيْطاء واعْتاطَتْ إِلا أَنه شَذَّ، وَكَانَ قياسُه الإِعلال مَعاطٌ كَمقامٍ ومَباعٍ غَيْرَ أَن هَذَا الشُّذُوذَ فِي العَلم أَسهل مِنْهُ فِي الْجِنْسِ، وَنَظِيرُهُ مَرْيَم ومَكْوَزة.
فصل الغين المعجمة
غبط: الغِبْطةُ: حُسْنُ الحالِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ غَبْطاً لَا هَبْطاً
، يَعْنِي نسأَلُك الغِبْطةَ ونَعوذُ بِكَ أَن نَهْبِطَ عَنْ حالِنا. التَّهْذِيبُ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ غَبْطاً لَا هَبْطاً أَنَّا نسأَلُك نِعْمة نُغْبَطُ بها، وأَن لا تُهْبِطَنا مِنَ الحالةِ الحسنَةِ إِلى السيئةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ ارْتِفاعاً لَا اتِّضاعاً، وَزِيَادَةً مِنْ فَضْلِكَ لَا حَوْراً ونقْصاً، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: أَنزلنا مَنْزِلة نُغْبَطُ
__________
(1) . قوله [ذو الرمة] غلط والصواب رؤبة كما قال شارح القاموس(7/358)
عَلَيْهَا وجَنِّبْنا مَنازِلَ الهُبوطِ والضَّعةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نسأَلك الغِبْطةَ، وَهِيَ النِّعْمةُ والسُّرُورُ، ونعوذُ بِكَ مِنَ الذُّلِّ والخُضوعِ. وَفُلَانٌ مُغْتَبِطٌ أَي فِي غِبْطةٍ، وَجَائِزٌ أَن تَقُولَ مُغْتَبَطٌ، بِفَتْحِ الْبَاءِ. وَقَدِ اغْتَبَطَ، فَهُوَ مُغْتَبِطٌ، واغْتُبِطَ فَهُوَ مُغْتَبَطٌ، كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ. والاغْتِباطُ: شُكرُ اللهِ عَلَى مَا أَنعم وأَفضل وأَعْطى، وَرَجُلٌ مَغْبوطٌ. والغِبْطةُ: المَسَرَّةُ، وَقَدْ أَغْبَطَ. وغَبَطَ الرجلَ يَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً: حسَدَه، وَقِيلَ: الحسَدُ أَن تَتَمنَّى نِعْمته عَلَى أَن تَتَحَوَّلَ عَنْهُ، والغِبْطةُ أَن تَتَمنَّى مِثْلَ حَالِ المَغْبوطِ مِنْ غَيْرِ أَن تُريد زَوَالَهَا وَلَا أَن تَتَحَوَّلَ عَنْهُ وَلَيْسَ بِحَسَدٍ، وَذَكَرَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ حَسَدَ قَالَ: الغَبْطُ ضرْب مِنَ الحسَد وَهُوَ أَخفّ مِنْهُ، أَلا تَرَى أَن
النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا سُئِلَ: هَلْ يَضُرُّ الغَبْطُ؟ قَالَ: نَعَمْ كَمَا يضرُّ الخَبْطُ
، فأَخبر أَنه ضارٌّ وَلَيْسَ كضَرَرِ الحسَدِ الَّذِي يَتَمَنَّى صاحبُه زَيَّ النعمةِ عَنْ أَخيه؛ والخَبْطُ: ضرْبُ وَرَقِ الشَّجَرِ حَتَّى يَتَحاتَّ عَنْهُ ثُمَّ يَسْتَخْلِفَ مِنْ غَيْرِ أَن يَضُرَّ ذَلِكَ بأَصل الشَّجَرَةِ وأَغْصانها، وَهَذَا ذَكَرَهُ الأَزهري عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ فِي تَرْجَمَةِ غَبَطَ، فَقَالَ: سُئل
النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: هَلْ يضرُّ الغَبْطُ؟ فَقَالَ: لَا إِلَّا كَمَا يَضُرُّ العِضاهَ الخَبْطُ
، وَفَسَّرَ الغبطَ الحسَدَ الْخَاصَّ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ قَالَ: غَبَطْتُ الرَّجُلَ أَغْبِطُه غَبْطاً إِذا اشتهيْتَ أَن يَكُونَ لَكَ مثلُ مَا لَه وأَن لَا يَزول عَنْهُ مَا هُوَ فِيهِ، وَالَّذِي أَراد النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن الغَبْط لَا يضرُّ ضرَر الحسَدِ وأَنَّ مَا يَلْحَقُ الغابِطَ مِنَ الضَّررِ الراجعِ إِلى نُقصان الثَّوَابِ دُونَ الإِحْباط، بِقَدْرِ مَا يَلْحَقُ العِضاه مِنْ خَبْطِ وَرَقِهَا الَّذِي هُوَ دُونَ قَطْعِهَا وَاسْتِئْصَالِهَا، ولأَنه يَعُودُ بَعْدَ الْخَبْطِ ورقُها، فَهُوَ وإِن كَانَ فِيهِ طرَف مِنَ الْحَسَدِ فَهُوَ دُونَهُ فِي الإِثْم، وأَصلُ الحسدِ القَشْر، وأَصل الغَبْطِ الجَسُّ، وَالشَّجَرُ إِذا قُشِر عَنْهَا لِحاؤها يَبِسَت وإِذا خُبِط ورقُها استخلَف دُونَ يُبْس الأَصل. وَقَالَ أَبو عَدْنان: سأَلت أَبا زَيْدٍ الْحَنْظَلِيَّ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ
سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيضر الغبطُ؟ قَالَ: نَعَمْ كَمَا يَضُرُّ العِضاهَ الخبطُ
، فَقَالَ: الغبْط أَن يُغْبَطَ الإِنسانُ وضَرَرُه إِيّاه أَن تُصِيبَه نَفْسٌ، فَقَالَ الأَبانيُّ: مَا أَحسنَ مَا استَخْرجها تُصِيبه العينُ فتُغيَّر حالُه كَمَا تُغَيَّرُ العِضاهُ إِذا تَحَاتَّ ورقُها. قَالَ: والاغْتِباطُ الفَرَحُ بالنِّعمة. قَالَ الأَزهري: الغَبْطُ رُبَّمَا جلَبَ إِصابةَ عَيْنٍ بالمَغْبُوطِ فَقَامَ مَقام النَّجْأَةِ المَحْذُورةِ، وَهِيَ الإِصابةُ بِالْعَيْنِ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تُكنّي عَنِ الْحَسَدِ بالغَبْط. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي
قَوْلِهِ: أَيضر الْغَبْطُ؟ قَالَ: نَعَمْ كَمَا يَضُرُّ الْخَبْطُ
، قَالَ: الغبْط الحسَدُ. قَالَ الأَزهري: وفرَق اللهُ بَيْنَ الغَبط والحَسد بِمَا أَنزله فِي كِتَابِهِ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ واعْتَبره، فَقَالَ عزَّ مِنْ قَائِلٍ: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ، لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ، وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ؛ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانُ أَنه لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَن يَتَمَنَّى إِذا رأَى عَلَى أَخيه الْمُسْلِمِ نِعمة أَنعم اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِ أَن تُزْوَى عَنْهُ ويُؤْتاها، وَجَائِزٌ لَهُ أَن يَتَمَنَّى مِثْلَهَا بِلَا تَمَنّ لزَيِّها عَنْهُ، فالغَبْط أَن يَرى المَغْبُوطَ فِي حَالٍ حسَنة فَيَتَمَنَّى لِنَفْسِهِ مثلَ تِلْكَ الحالِ الْحَسَنَةِ مِنْ غَيْرِ أَن يَتَمَنَّى زَوَالَهَا عَنْهُ، وإِذا سأَل اللهَ مِثْلَهَا فَقَدِ انْتَهَى إِلى مَا أَمَرَه بِهِ ورَضِيَه لَهُ، وأَما الحسَدُ فَهُوَ أَن يشتهِيَ أَن يَكُونَ لَهُ مالُ الْمَحْسُودِ وأَن يَزُولَ عَنْهُ مَا هُوَ فِيهِ، فَهُوَ يَبْغِيه الغَوائلَ عَلَى مَا أُوتِيَ مِنْ حُسْنِ الْحَالِ وَيَجْتَهِدُ فِي إِزَالَتِهَا عَنْهُ بَغْياً وظُلماً،(7/359)
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى مَا آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ؛ وَقَدْ قَدَّمْنَا تَفْسِيرَ الْحَسَدِ مُشْبَعاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَى مَنابِرَ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهم أَهلُ الجمْع
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَيضاً:
يأْتي عَلَى الناسِ زَمَانٌ يُغْبَطُ الرجلُ بالوَحْدةِ كَمَا يُغْبَطُ الْيَوْمَ أَبو العَشرة
، يَعْنِي كَانَ الأَئمة فِي صدْر الإِسلام يَرْزُقون عِيال الْمُسْلِمِينَ وذَرارِيَّهم مِنْ بيتِ الْمَالِ، فَكَانَ أَبو العَشرة مَغْبُوطاً بِكَثْرَةِ مَا يصل إِليهم مِنْ أَرزاقهم، ثُمَّ يَجيء بعدَهم أَئمة يَقْطَعون ذَلِكَ عَنْهُمْ فَيُغْبَطُ الرجلُ بالوحْدةِ لِخِفّة المَؤُونةِ، ويُرْثَى لصاحبِ العِيال. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
أَنه جَاءَ وَهُمْ يُصلُّون فِي جَمَاعَةٍ فَجَعَلَ يُغَبِّطُهم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ بِالتَّشْدِيدِ، أَي يَحْمِلُهم عَلَى الغَبْطِ وَيَجْعَلُ هَذَا الْفِعْلَ عِنْدَهُمْ مِمَّا يُغْبَطُ عَلَيْهِ، وإِن رُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ فَيَكُونُ قَدْ غَبَطَهم لتقدُّمِهم وسَبْقِهم إِلى الصَّلَاةِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: تَقُولُ مِنْهُ غَبَطْتُه بِمَا نالَ أَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً فاغْتَبَطَ، هُوَ كَقَوْلِكَ مَنَعْتُه فامْتنَع وحبستُه فَاحْتَبَسَ؛ قَالَ حُرَيْثُ بْنُ جَبلةَ العُذْريّ، وَقِيلَ هُوَ لعُشِّ بْنِ لَبِيدٍ الْعُذْرِيِّ:
وبَيْنَما المَرءُ فِي الأَحْياءِ مُغْتَبِطٌ، ... إِذا هُو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَي هُوَ مُغْتَبِطٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَكَذَا أَنْشَدَنِيه أَبو سعِيد، بِكَسْرِ الْبَاءِ، أَي مَغْبُوطٌ. وَرَجُلٌ غَابطٌ مِنْ قومٍ غُبَّطٍ؛ قَالَ:
والنَّاس بَيْنَ شامِتٍ وغُبَّطِ
وغَبَطَ الشاةَ والناقةَ يَغْبِطُهما غَبْطاً: جَسَّهُما لِيَنْظُرَ سِمَنَهما مِنْ هُزالِهِما؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ يهْجُو قَوْمًا مِنْ سُلَيْم:
إِذا تَحَلَّيْتَ غَلَّاقاً لِتَعْرِفَها، ... لاحَتْ مِنَ اللُّؤْمِ فِي أَعْناقِه الكُتب
«2» إِني وأَتْيِي ابنَ غَلَّاقٍ ليَقْرِيَني ... كغابطِ الكَلْبِ يَبْغِي الطِّرْقَ فِي الذَّنَبِ
وَنَاقَةٌ غَبُوطٌ: لَا يُعْرَف طِرْقُها حَتَّى تُغْبطَ أَي تُجَسّ بِالْيَدِ. وغَبَطْتُ الكَبْش أَغْبطُه غَبْطاً إِذا جَسَسْتَ أَليته لتَنْظرَ أَبه طِرْقٌ أَم لَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي وائلٍ: فغَبَطَ مِنْهَا شَاةً فإِذا هِيَ لَا تُنْقِي
أَي جَسّها بِيَدِهِ. يُقَالُ: غَبَطَ الشاةَ إِذا لَمَسَ مِنْهَا المَوضع الَّذِي يُعْرَف بِهِ سِمَنُها مِنْ هُزالها. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، فإِن كَانَ مَحْفُوظًا فإِنه أَراد بِهِ الذَّبْحَ، يُقَالُ: اعْتَبَطَ الإِبلَ وَالْغَنَمَ إِذا ذَبَحَهَا لِغَيْرِ دَاءٍ. وأَغْبَطَ النباتُ: غَطّى الأَرض وكثفَ وتَدانَى حَتَّى كأَنه مِنْ حَبَّة وَاحِدَةٍ؛ وأَرض مُغْبَطةٌ إِذا كَانَتْ كَذَلِكَ. رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ: والغَبْطُ والغِبْطُ القَبضاتُ المَصْرُومةُ مِنَ الزَّرْع، وَالْجَمْعُ غُبُطٌ. الطائِفيّ: الغُبُوطُ القَبضاتُ الَّتِي إِذا حُصِدُ البُرّ وُضِعَ قَبْضَة قَبْضة، الْوَاحِدُ غَبْط وغِبْط. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغُبوطُ القَبَضاتُ المَحْصودةُ المتَفرّقةُ مِنَ الزَّرْع، وَاحِدُهَا غَبْطٌ عَلَى الْغَالِبِ. والغَبِيطُ: الرَّحْلُ، وَهُوَ لِلنِّسَاءِ يُشَدُّ عَلَيْهِ الهوْدَج؛ وَالْجَمْعُ غُبُطٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لوَعْلةَ الجَرْمِيّ:
وهَلْ تَرَكْت نِساء الحَيّ ضاحِيةً، ... فِي ساحةِ الدَّارِ يَسْتَوْقِدْنَ بالغُبُطِ؟
وأَغْبَطَ الرَّحْلَ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ إِغْباطاً، وَفِي التَّهْذِيبِ: عَلَى ظَهْرِ الدابةِ: أَدامه وَلَمْ يحُطَّه عنه؛ قال حميد
__________
(2) . قوله [في أعناقه] أَنشده شارح القاموس في مادة غلق أَعناقها.(7/360)
الأَرقط وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي النجمِ:
وانْتَسَفَ الجالِبَ منْ أَنْدابهِ ... إِغْباطُنا المَيْسَ عَلَى أَصْلابِه
جَعَل كُلَّ جُزْء مِنْهُ صُلْباً. وأَغْبَطَتْ عَلَيْهِ الحُمّى. دامتْ. وَفِي حَدِيثِ
مرضِه الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه أَغْبَطَتْ عَلَيْهِ الحُمّى
أَي لَزِمَتْه، وَهُوَ مِنْ وضْع الغَبِيط عَلَى الْجَمَلِ. قَالَ الأَصْمعيّ: إِذا لَمْ تُفَارِقِ الحُمّى المَحْمومَ أَياماً قِيلَ: أَغْبَطَتْ عَلَيْهِ وأَرْدَمَتْ وأَغْمَطَتْ، بِالْمِيمِ أَيضاً. قَالَ الأَزهري: والإِغْباطُ يَكُونُ لَازِمًا وَوَاقِعًا كَمَا تَرَى. وَيُقَالُ: أَغْبَطَ فلانٌ الرُّكوب إِذا لَزِمه؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
حَتَّى تَرَى البَجْباجةَ الضَّيّاطا ... يَمْسَحُ، لَمَّا حالَفَ الإِغْباطَا،
بالحَرْفِ مِنْ ساعِدِه المُخاطا
قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: سَيْرٌ مُغْبِطٌ ومُغْمِطٌ أَي دَائِمٌ لَا يَسْتَريحُ، وَقَدْ أَغْبَطُوا عَلَى رُكْبانِهم فِي السيْرِ، وَهُوَ أَن لَا يَضَعُوا الرّحالَ عَنْهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا. أَبو خَيْرةَ: أَغْبَطَ عَلَيْنَا المطَرُ وَهُوَ ثُبُوتُهُ لَا يُقْلعُ بعضُه عَلَى أَثر بَعْضٍ. وأَغْبَطَتْ عَلَيْنَا السَّمَاءُ: دَامَ مَطَرُها واتَّصَلَ. وسَماء غَبَطَى: دائمةُ الْمَطَرِ. والغَبيطُ: المَرْكَبُ الَّذِي هُوَ مِثْلُ أُكُفِ البَخاتِيّ، قَالَ الأَزهري: ويُقَبَّبُ بِشِجارٍ وَيَكُونُ للحَرائِر، وَقِيلَ: هُوَ قَتَبةٌ تُصْنَعُ عَلَى غَيْرِ صَنْعةِ هَذِهِ الأَقْتاب، وَقِيلَ: هُوَ رَحْل قَتَبُه وأَحْناؤه وَاحِدَةٌ، وَالْجَمْعُ غُبُطٌ؛ وقولُ أَبي الصَّلْتِ الثَّقَفِيّ:
يَرْمُونَ عَنْ عَتَلٍ كَأَنَّها غُبُطٌ ... بِزَمْخَرٍ، يُعْجِلُ المَرْمِيَّ إِعْجالا
يَعْنِي بِهِ خشَب الرِّحالِ، وَشَبَّهَ القِسِيّ الفارِسيّةَ بِهَا. اللَّيْثُ: فَرَسٌ مُغْبَطُ الكاثِبة إِذا كَانَ مُرْتَفِعَ المِنْسَجِ، شُبِّهَ بِصَنْعَةِ الْغَبِيطِ وَهُوَ رحْل قَتَبُه وأَحْناؤه وَاحِدَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مُغْبَط الحارِكِ مَحْبُوك الكَفَلْ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَنَ: كأَنّها غُبُطٌ فِي زَمْخَرٍ
؛ الغُبُطُ: جَمْعُ غَبيطٍ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُوَطَّأُ للمرأَة عَلَى الْبَعِيرِ كالهَوْدَج يُعْمَلُ مِنْ خَشَبٍ وَغَيْرِهِ، وأَراد بِهِ هَاهُنَا أَحَدَ أَخشابه «1» ، شُبِّهَ بِهِ الْقَوْسُ فِي انْحِنائها. والغَبِيطُ: أَرْض مُطْمَئنة، وَقِيلَ: الغَبِيطُ أَرض واسعةٌ مُسْتَوِيَةٌ يَرْتَفِعُ طَرفاها. والغَبِيطُ: مَسِيلٌ مِنَ الْمَاءِ يَشُقُّ فِي القُفّ كَالْوَادِي فِي السَّعةِ، وَمَا بَيْنَ الغَبيطَيْنِ يَكُونُ الرَّوْضُ والعُشْبُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ وَقَوْلُهُ:
خَوَّى قَليلًا غَير مَا اغْتِباطِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنَّ مَعْنَاهُ لَمْ يَرْكَن إِلى غَبيطٍ مِنَ الأَرض واسعٍ إِنما خوَّى عَلَى مكانٍ ذِي عُدَواء غيرِ مُطَمْئِنٍ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ ثَعْلَبٌ وَلَا غَيْرُهُ. والمُغْبَطة: الأَرض الَّتِي خَرَجَتْ أُصولُ بقْلِها مُتدانِيةً. والغَبِيطُ: مَوْضِعٍ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
فمالَ بِنا الغَبِيطُ بِجانِبَيْه ... علَى أَرَكٍ، ومالَ بِنا أُفاقُ
والغَبِيطُ: اسْمُ وادٍ، وَمِنْهُ صَحْرَاءُ الغَبِيطِ. وغَبِيطُ المَدَرةِ: مَوْضِعٌ. ويَوْمُ غَبِيطِ الْمَدَرَةِ: يومٌ كَانَتْ فِيهِ وقْعة لشَيْبانَ وتَميمٍ غُلِبَتْ فيه
__________
(1) . قوله [أحد أَخشابه] كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في النهاية: آخر أخشابه.(7/361)
شَيْبانُ؛ قَالَ:
فإِنْ تَكُ فِي يَوْمِ العُظالَى مَلامةٌ، ... فَيَوْمُ الغَبِيطِ كَانَ أَخْزَى وأَلْوَما
غطط: غَطّه فِي الْمَاءِ يَغُطُّه ويَغِطُّه غَطّاً: غَطَّسَه وغَمَسَه ومَقَلَه وغَوَّصَه فِيهِ. وانْغَطَّ هُوَ فِي الْمَاءِ انْغِطاطاً إِذ انْقَمَس فِيهِ، بِالْقَافِ. وتَغاطَّ القومُ يَتَغاطُّونَ أَي يَتَماقَلُون فِي الْمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ ابْتِدَاءِ الوَحْي:
فأَخَذني جِبريلُ فَغَطَّنِي
؛ الغَطُّ: العَصْرُ الشَّدِيدُ والكَبْسُ، وَمِنْهُ الغَطُّ فِي الْمَاءِ الغَوْصُ، قِيلَ: إِنما غَطَّه لِيَخْتَبِره هَلْ يَقُولُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ شَيْئًا. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ: أَنهما كَانَا يَتغاطّانِ فِي الْمَاءِ وَعُمَرُ يَنْظُرُ
أَي يَتَغامَسانِ فِيهِ يَغُطُّ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صاحِبَه. وغَطَّ فِي نَوْمِهِ يَغِطُّ غَطِيطاً: نَخَرَ. وغطَّ البعيرُ يغِطُّ غَطِيطاً أَي هَدَرَ فِي الشِّقْشقةِ، وَقِيلَ: هَدَرَ فِي غَيْرِ الشِّقْشِقَةِ، قَالَ: وإِذا لَمْ يَكُنْ فِي الشِّقْشِقَةِ فَهُوَ هَدِيرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
واللهِ مَا يَغِطُّ لَنَا بَعِيرٌ
؛ غطَّ البعيرُ: هدَر فِي الشِّقْشقةِ، والناقةُ تَهْدِرُ وَلَا تَغِطُّ لأَنه لَا شِقْشِقةَ لَها. وغَطِيطُ النائمِ والمَخْنوقِ: نَخِيرُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نامَ حَتَّى سُمِعَ غَطِيطُه
؛ هُوَ الصَّوْتُ الَّذِي يَخْرُجُ مَعَ نَفَسِ النَّائِمِ، وَهُوَ تَرْدِيدُهُ حَيْثُ لَا يَجِدُ مَساغاً، وغَطَّ يَغِطُّ غَطّاً وغَطِيطاً، فهو غائطٌ. وَفِي حَدِيثِ نُزُولِ الْوَحْيِ:
فإِذا هُوَ مُحْمَرُّ الوجهِ يَغِطُّ.
وغطَّ الفَهْد والنِّمرُ والحُبارى: صوَّتَ. والغَطاط: القَطا، بِفَتْحِ الْغَيْنِ، وَقِيلَ: ضَرْب مِنَ الْقَطَا، وَاحِدَتُهُ غَطاطةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فأَثارَ فارِطُهُمْ غَطاطاً جُثَّماً، ... أَصْواتُها كتَراطُنِ الفُرْسِ
وَقِيلَ: القَطا ضرْبانِ: فالقِصارُ الأَرجلِ الصفْرُ الأَعناقِ السودُ القوادِم الصُّهْبُ الخَوافِي هِيَ الكُدْرِيَّةُ والجُونِيَّةُ، والطِّوالُ الأَرجلِ البيضُ البطونِ الغُبْرُ الظهورِ الواسعةُ العُيونِ هِيَ الغَطاطُ؛ وَقِيلَ: الْغَطَاطُ ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ لَيْسَ مِنَ الْقَطَا هنَّ غُبْر البطونِ والظهورِ والأَبدان سودُ الأَجنحة، وَقِيلَ: سودُ بطونِ الأَجنحةِ طِوالُ الأَرجل والأَعْناقِ لِطافٌ، وبأَخْدَعَيِ الغَطاطةِ مثلُ الرَّقْمَتَيْنِ خَطَّانِ أَسود وأَبيض، وَهِيَ لَطِيفَةٌ فَوْقَ المُكَّاء، وإِنما تُصادُ بِالْفَخِّ لَيْسَ تَكُونُ أَسْراباً أَكثر مَا تَكُونُ ثَلَاثًا أَو اثْنَتَيْنِ، وَلَهُنَّ أَصوات وهنَّ غُثْم، وَوَصَفَهَا الْجَوْهَرِيُّ بِهَذِهِ الصِّفَةِ عَلَى أَنها ضَرْبٌ مِنَ الْقَطَا، وَقِيلَ: الغَطاطُ طَائِرٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الْقَطَا ضربانِ: جُونِيٌّ وغَطاطٌ، فالغَطاطُ مِنْهَا مَا كَانَ أَسودَ باطِن الْجَنَاحِ، مُصْفَرَّةَ الحُلوق قَصيرَة الأَرجل فِي ذَنَبِها «1» رِيشتانِ أَطولُ مِنْ سَائِرِ الذَّنَبِ. التَّهْذِيبُ: الغَطاغِطُ إِناثُ السَّخْلِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ وَصَوَابُهُ العَطاعِطُ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، الْوَاحِدُ عُطْعُطٌ وعُتْعُتٌ، قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُ. والغُطاطُ، بِضَمِّ الْغَيْنِ: الصُّبْحُ، وَقِيلَ: اخْتِلاطُ ظَلام آخِرِ اللَّيْلِ بِضياء أَوّل النَّهَارِ، وَقِيلَ: بَقِيَّةٌ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: هُوَ أَول الصُّبْحِ؛ وأَنشد أَبو الْعَبَّاسِ فِي الغُطاطِ:
قامَ إِلى أَدْماءَ فِي الغُطاطِ، ... يَمْشِي بِمِثْلِ قائمِ الفُسْطاطِ
وَقَالَ رؤْبة:
يَا أَيُّها الشَّاحِجُ بالغُطاطِ، ... إِنّي لوَرّادٌ عَلَى الضِّناطِ
__________
(1) . هكذا في الأَصل: ذكَّرَ أَوّلًا في قوله: مَا كَانَ أَسْوَدَ بَاطِنِ الجناح ثم أنَّث.(7/362)
والضِّناطُ: الْكَثْرَةُ والزِّحامُ؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
يَتَعَطَّفون عَلَى المُضافِ، وَلَوْ رَأَوْا ... أُولَى الوَعاوِعِ كالغُطاطِ المُقْبِلِ
روي بالفتح والضم، فمن رَوى بالفتح أَراد أَنَّ عَدِيَّ القومِ يَهْوَوْنَ إِلى الحَرْب هوِيّ الغَطاطِ يشبههم بالقَطا، ومن رواه بالضم أَراد أَنهم كَسوادِ السَّدَفِ، وَنَسَبَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ لابن أَحْمر وخَطَّأَه ابْنُ بَرّي وَقَالَ هُوَ لأَبي كبير الهُذَليّ؛ وأَنشده:
لَا يُجْفِلُون عَنِ المُضافِ، إِذا رأَوا ... أُولى الوَعاوِعِ كالغُطاط الْمُقْبِلِ
فإِما أَن يَكُونَ الْبَيْتَ بِعَيْنِهِ أَو هُوَ لِشَاعِرٍ آخَرَ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الغُطاط والغَطاطُ السَّحَرُ. ابْنُ الأَعرابي: الأَغَطُّ الغَنِيُّ. قَالَ الأَزهري: شكَّ الشَّيْخُ فِي الأَغَطّ الْغَنِيِّ. والغَطْغَطةُ: حِكاية صوتِ القِدْر فِي الغلَيَانِ وَمَا أَشبهها، وَقِيلَ: هُوَ اشْتِدَادُ غَلَيانِها، وَقَدْ غَطْغَطَت فَهِيَ مُغَطْغِطة، والغَطغطة يُحْكَى بِهَا ضَرْبٌ مِنَ الصَّوْتِ. والمُغَطْغِطَةُ: القِدْر الشديدةُ الْغَلَيَانِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: وإِنَّ بُرْمَتَنا لَتَغِطُّ
أَي تَغْلِي ويُسمع غَطِيطُها. وغَطْغَطَ البحرُ: غَلَتْ أَمواجُه. وغَطْغَطَ عليه النومُ: غلَب.
غطمط: الغَطْمَطَةُ: اضْطِرابُ الأَمْواج. وَبَحْرٌ غُطامِطٌ وغَطَوْمَطٌ وغَطْمَطِيطٌ: عظيمٌ كَثِيرُ الأَمواجِ، مِنْهُ. والغُطامِطُ، بِالضَّمِّ: صَوْتُ غَلَيانِ مَوْجِ الْبَحْرِ، وَقَدْ قِيلَ: إِن الْمِيمَ زَائِدَةٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
كأَنَّ الغُطامِطَ مِنْ غَلْيها ... أَراجِيزُ أَسْلَم تَهْجُو غِفارا
وَهُمَا قَبِيلَتَانِ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُهاجاة. والغَطْمَطَةُ: صَوْتُ السَّيْلِ فِي الوادِي. والتَّغَطْمُطُ والغَطْمَطِيطُ: الصوتُ، وَسَمِعْتُ لِلْمَاءِ غُطامِطاً وغَطْمَطِيطاً، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الغَلَيانِ. وغَطْمَطَتِ القِدْر وتغَطْمَطَت: اشْتَدَّ غَلَيانُها. والمُغطْمِطةُ: القِدْر الشديدةُ الغَلَيانِ. والتغَطْمُطُ: صَوْتٌ مَعَهُ بحَح.
غلط: الغَلَطُ: أَن تَعْيا بِالشَّيْءِ فَلَا تَعْرِفَ وَجْهَ الصَّوَابِ فِيهِ، وَقَدْ غَلِطَ فِي الأَمر يَغْلَطُ غَلَطاً وأَغْلَطَه غَيْرُهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: غَلِطَ فِي مَنْطِقِه، وغَلِتَ فِي الحِساب غَلَطاً وغَلَتاً، وَبَعْضُهُمْ يجعلُهما لُغَتَيْنِ بِمَعْنًى. قَالَ: والغَلَطُ فِي الحِساب وكلِّ شيءٍ، والغَلَتُ لَا يَكُونُ إِلا فِي الْحِسَابِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ورأَيت ابْنَ جِنِّي قَدْ جمعَه عَلَى غِلاطٍ، قَالَ: وَلَا أَدْري وجْهَ ذَلِكَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الغَلَطُ كُلُّ شيءٍ يَعْيا الإِنسان عَنْ جِهَةِ صَوَابِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ. وَقَدْ غالَطَه مُغالَطةً. والمَغْلَطةُ والأُغْلُوطةُ: الْكَلَامُ الَّذِي يُغْلَطُ فِيهِ ويُغالَطُ بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حَدَّثْتُه حَدِيثًا لَيْسَ بالأَغالِيطِ. والتغْلِيطُ: أَن تَقُولَ لِلرَّجُلِ غَلِطْتَ. والمَغْلَطةُ والأُغْلُوطةُ: مَا يُغالَطُ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ، وَالْجَمْعُ الأَغالِيطُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهى عن الغَلُوطاتِ
، وَفِي رِوَايَةٍ
الأُغْلُوطاتِ
؛ قَالَ الْهَرَوِيُّ: الغَلُوطاتُ تُركت مِنْهَا الْهَمْزَةُ كَمَا تَقُولُ جَاءَ لَحْمَرُ بِتَرْكِ الْهَمْزَةِ، قَالَ: وَقَدْ غَلِطَ مَن قَالَ إِنها جَمْعُ غَلُوطةٍ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُقَالُ مسأَلة غَلُوطٌ إِذا كَانَ يُغْلَطُ فِيهَا كَمَا يُقَالُ شَاةٌ حَلُوبٌ وفرَس رَكُوب، فإِذا جَعَلْتَهَا اسْمًا زِدْتَ فِيهَا الْهَاءَ فَقُلْتَ غَلُوطة كَمَا يُقَالُ حَلوبة ورَكوبة، وأَراد(7/363)
الْمَسَائِلَ الَّتِي يُغالَطُ بِهَا الْعُلَمَاءُ ليَزِلُّوا فيَهِيجَ بِذَلِكَ شَرٌّ وفِتنة، وإِنما نهَى عَنْهَا لأَنها غَيْرُ نَافِعَةٍ فِي الدِّين وَلَا تَكَادُ تَكُونُ إِلا فِيمَا لَا يَقَعُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنْذَرْتُكم صِعابَ المَنْطِق؛ يُرِيدُ المسائلَ الدَّقيقةَ الغامِضةَ. فأَما الأُغْلُوطاتُ فَهِيَ جَمْعُ أُغْلوطة أُفْعولة مِنَ الغَلَط كالأُحْدُوثةِ والأُعْجُوبةِ.
غمط: غَمْطُ الناسِ: احْتِقارُهم والإِزْراءُ بِهِمْ وَمَا أَشبه ذَلِكَ. وغَمَطَ الناسَ غَمْطاً: احْتَقَرَهم واسْتَصْغَرهم، وكذلك غَمَضَهم، وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنّما ذَلِكَ مَن سَفِهَ الحقَّ وغمَط الناسَ
، يَعْنِي أَن يَرَى الحقَّ سَفَهاً وجَهْلًا ويَحْتَقِرَ الناسَ أَي إِنما البغْيُ فِعْلُ مَن سَفِهَ وَغَمَطَ، وَرَوَاهُ الأَزهري: الكِبْرُ أَن تَسْفَهَ الحقَّ وتَغْمَطَ الناسَ؛ الغَمْطُ: الاسْتِهانة والاسْتِحقارُ، وَهُوَ مِثْلُ الغَمْصِ. وغَمِطَ النِّعْمةَ والعافيةَ، بِالْكَسْرِ، يَغْمَطُها غَمْطاً: لَمْ يَشْكُرها. وغَمِطَ عَيْشَه وغَمَطَه، بِالْفَتْحِ أَيضاً، يَغْمِطُه غَمْطاً، بِالتَّسْكِينِ فِيهِمَا: بَطِرَه وحَقَرَه. وَقَالَ بَعْضُ الأَعراب: اغْتَمَطْتُه بِالْكَلَامِ واغْتَطَطْتُه إِذا عَلَوْتَه وقَهَرْتَه. وغَمِطَ الحقَّ: جَحده. وغَمِطَه غَمْطاً: ذَبحه. والغَمْطُ: المطمئنُّ مِنَ الأَرض كالغَمْضِ. وتَغَمَّطَ عَلَيْهِ ترابُ البيتِ أَي غَطَّاه حَتَّى قتلَه. والغَمْطُ والمُغامَطةُ فِي الشُّرْب: كالغَمْجِ، وَالْفِعْلُ يُغامِطُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
غَمْط غَمالِيطَ غَمَلَّطات
وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي:
غَمْج غَمالِيجَ غَمَلَّجات
وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. والإِغْماطُ: الدَّوامُ واللُّزومُ. وأَغْمَطَت عَلَيْهِ الحُمَّى: كأَغْبَطَت. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَصابَتْه حُمَّى مُغْمِطةٌ
أَي لازِمةٌ دَائِمَةٌ، وَالْمِيمُ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ. يُقَالُ: أَغْبَطَت عَلَيْهِ الحمَّى إِذا دَامَتْ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الغَمْطِ كُفْرانِ النِّعْمةِ وسَتْرِها لأَنها إِذا غَشِيَتْه فكأَنما سَتَرت عَلَيْهِ. وأَغْمَطَتِ السَّمَاءُ وأَغْبَطَت: دَامَ مطرُها. وسَماء غَمَطى: دَائِمَةُ الْمَطَرِ كغَبَطى.
غمرط: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبو سَعِيدٍ: الضُّراطِمِيُّ مِنَ الأَركابِ الضخْمُ الْجَافِي؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
تُواجِهُ بَعْلَها بضُراطِمِيٍّ، ... كأَنَّ عَلَى مَشافِرِه ضَبابا
وَرَوَاهُ ابْنُ شُمَيْلٍ:
تُنازِعُ زَوْجَها بغُمارِطِيٍّ، ... كأَنَّ عَلَى مَشافِره حَبابا «2»
وَقَالَ: غُمارِطِيُّها فَرْجها.
غملط: الغَمَلَّطُ: الطويلُ العُنق.
غوط: الغَوْطُ: الثَّريدةُ. والتَّغْوِيطُ: اللَّقْمُ مِنْهَا، وَقِيلَ: التَّغْوِيطُ عِظَمُ اللَّقْمِ. وغاطَ يَغُوط غَوْطاً: حَفَر، وغاطَ الرجلُ فِي الطِّين. وَيُقَالُ: اغْوِطْ بِئْرَكَ أَي أَبْعِدْ قَعْرَها، وَهِيَ بِئْرٌ غَوِيطة: بَعِيدَةُ الْقَعْرِ. والغَوْطُ والغائطُ: المُتَّسِعُ مِنَ الأَرض مَعَ طُمَأْنينةٍ، وَجَمْعُهُ أَغْواطٌ وغُوطٌ وغِياطٌ وغِيطاتٌ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
وخَرْقٍ تُحْشَرُ الرُّكْبانُ فِيهِ، ... بَعِيدِ الجَوْفِ، أَغْبَرَ ذِي غِياطِ
__________
(2) . وهو في ديوان جرير:
تواجه بعلها بعضارتيِّ ... كأَنَّ عَلَى مشافرِه جُبابا(7/364)
وَقَالَ:
وخَرْقٍ تَحَدَّثُ غِيطانُه، ... حَدِيثَ العَذارى بأَسْرارِها
إِنما أَرادَ تَحَدَّثُ الجِنُّ فِيهَا أَي تَحَدَّثُ جِنُّ غِيطانِه كَقَوْلِ الْآخَرِ:
تَسْمَعُ للجنِّ بهِ زيزِيزَما ... هَتامِلًا مِن رِزِّها وهَيْنَما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَغْواطٌ جَمْعُ غَوْطٍ بِالْفَتْحِ لُغَةٌ فِي الْغَائِطِ، وغِيطانٌ جَمْعٌ لَهُ أَيضاً مِثْلُ ثَوْرٍ وثِيرانٍ، وَجَمْعُ غائطٍ أَيضاً مِثْلُ جانٍّ وجِنَّانٍ، وأَما غائطٌ وغوطٌ فَهُوَ مِثْلُ شارِفٍ وشُرْفٍ؛ وَشَاهِدُ الغَوط، بِفَتْحِ الْغَيْنِ، قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَمَا بينَها والأَرضِ غَوْطٌ نَفانِف
وَيُرْوَى: غَوْلٌ، وَهُوَ بِمَعْنَى البُعْد. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ للأَرضِ الواسعةِ الدَّعْوةِ: غائطٌ لأَنه غاطَ فِي الأَرض أَي دخَل فِيهَا، وَلَيْسَ بِالشَّدِيدِ التصَوُّبِ ولبَعْضِها أَسنادٌ، وَفِي قِصَّةِ
نُوحٍ، عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وانْسَدَّتْ يَنابِيعُ الغَوْطِ الأَكبرِ وأَبوابُ السَّمَاءِ
؛ الغَوْطُ: عُمْقُ الأَرضِ الأَبْعدُ، وَمِنْهُ قِيلَ للمطْمَئِنِّ مِنَ الْأَرض غائطٌ، وَلِمَوْضِعِ قَضاء الْحَاجَةِ غَائِطٌ، لأَنَّ الْعَادَةَ أَن يَقْضِيَ فِي المُنْخَفِض مِنَ الأَرض حَيْثُ هُوَ أَستر لَهُ ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهِ حَتَّى صَارَ يُطْلَقُ عَلَى النجْوِ نفْسِه. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنَ بَوَاطِنِ الأَرض المُنْبِتةِ الغِيطانُ، الْوَاحِدُ مِنْهَا غائطٌ، وكلُّ مَا انْحَدَرَ فِي الأَرض فَقَدْ غاطَ، قَالَ: وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْغَائِطَ رُبَّمَا كَانَ فَرْسخاً وَكَانَتْ بِهِ الرِّياضُ. وَيُقَالُ: أَتى فُلَانٌ الغائطَ، والغائطُ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض الواسعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تنزِل أُمّتي بغائطٍ يُسَمُّونَهُ البَصْرةَ
أَي بَطْنٍ مُطْمَئِنٍّ مِنَ الأَرض. والتغْوِيطُ: كِنَايَةٌ عَنِ الحدَثِ. والغائطُ: اسْمُ العَذِرة نفْسها لأَنهم كَانُوا يُلْقُونها بالغِيطان، وَقِيلَ: لأَنهم كَانُوا إِذا أَرادوا ذَلِكَ أَتوا الْغَائِطَ وَقَضَوُا الْحَاجَةَ، فَقِيلَ لِكُلِّ مَن قَضَى حاجتَه: قَدْ أَتى الْغَائِطَ، يُكنَّى بِهِ عَنِ الْعَذِرَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ*
؛ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذا أَراد التَّبَرُّزَ ارْتادَ غَائِطًا مِنَ الأَرض يَغِيبُ فِيهِ عَنْ أَعين النَّاسِ، ثُمَّ قِيلَ للبِرازِ نَفْسِه، وَهُوَ الحدَثُ: غَائِطٌ كِنَايَةً عَنْهُ، إِذ كَانَ سَبَبًا لَهُ. وتَغَوَّط الرَّجُلُ: كِنَايَةٌ عَنِ الخِراءة إِذا أَحدث، فَهُوَ مُتَغَوِّط. ابْنُ جِنِّي: وَمِنَ الشَّاذِّ قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:
أَو جَاءَ أَحد مِنْكُمْ مِنَ الغَيْطِ
؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَصله غَيِّطاً وأَصله غَيْوِطٌ فَخُفِّفَ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الْيَاءُ وَاوًا للمُعاقبةِ. وَيُقَالُ: ضَرَبَ فُلَانٌ الغائطَ إِذا تبَرَّزَ. وَفِي الْحَدِيثُ:
لَا يذهَب الرَّجلانِ يَضْرِبان الغائطَ يتحدَّثانِ
أَي يَقْضِيانِ الحاجةَ وَهُمَا يتحدَّثان؛ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْغَائِطِ فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَى الحدَث وَالْمَكَانِ. والغَوْطُ أَغْمَضُ مِنَ الغائطِ وأَبعَدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، قُلْ لأَهْلِ الْغَائِطِ يُحْسِنوا مُخالَطتي
؛ أَراد أَهل الْوَادِي الَّذِي يَنْزِلُه. وغاطَت أَنْساعُ الناقةِ تَغُوطُ غَوْطاً: لَزِقَتْ بِبَطْنِهَا فَدَخَلَتْ فِيهِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ:
سَتَخْطِمُ سَعْدٌ والرِّبابُ أُنُوفَكم، ... كَمَا غاطَ فِي أَنْفِ القَضِيبِ جَرِيرُها
وَيُقَالُ: غاطَتِ الأَنْساعُ فِي دَفِّ الناقةِ إِذا تَبَيَّنَتْ آثارُها فِيهِ. وغاطَ فِي الشَّيْءِ يَغُوطُ ويَغِيطُ: دَخَلَ فِيهِ. يُقَالُ: هَذَا رَمْلٌ تَغُوطُ فِيهِ الأَقْدامُ.(7/365)
وغاطَ الرجلُ فِي الْوَادِي يَغُوطُ إِذا غَابَ فِيهِ؛ وَقَالَ الطِّرِمّاحُ يَذْكُرُ ثَوْراً:
غاطَ حَتَّى اسْتَثارَ مِن شِيَمِ الأَرضِ ... سَفاه مِنْ دُونِها باده «1»
وغاطَ فلانٌ فِي الْمَاءِ يَغُوطُ إِذا انغمَسَ فِيهِ. وَهُمَا يتَغاوَطان فِي الْمَاءِ أَي يتَغامَسانِ ويتَغاطَّانِ. الأَصمعي: غاطَ فِي الأَرض يَغُوطُ ويَغِيطُ بِمَعْنَى غابَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ غُطْ غُطْ إِذا أَمرته أَن يَكُونَ مَعَ الْجَمَاعَةِ. يُقَالُ: مَا فِي الغاطِ مِثْلُهُ أَي فِي الْجَمَاعَةِ. والغَوْطةُ: الوَهْدةُ فِي الأَرض المُطْمَئنَّةُ، وَذَهَبَ فُلَانٌ يَضْرِب الخَلاء. وغُوطةُ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ كَثِيرُ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ وَهُوَ غُوطةُ دِمَشْق، وَذَكَرَهَا اللَّيْثُ مُعَرَّفَةً بالأَلف وَاللَّامِ. والغُوطةُ: مجتمَعُ النباتِ وَالْمَاءِ، وَمَدِينَةُ دِمَشْقَ تُسَمَّى غُوطةَ، قَالَ: أُراه لِذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ فُسطاطَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ المَلْحمةِ بالغُوطةِ إِلى جَانِبِ مدينةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ
؛ الغُوطة: اسْمُ الْبَسَاتِينِ وَالْمِيَاهِ الَّتِي حولَ دمشقَ، صَانَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وهي غُوطَتُها.
فصل الفاء
فرط: الفارِطُ: الْمُتَقَدِّمُ السابقُ، فرَطَ يَفْرُط فُروطاً. قَالَ أَعرابي للحسَن: يَا أَبا سَعِيدٍ، عَلِّمْني دِينًا وَسُوطاً، لَا ذَاهِبًا فُروطاً، وَلَا ساقِطاً سُقوطاً أَي دِيناً مُتوسِّطاً لَا مُتقدِّماً بالغُلُوِّ وَلَا متأَخِّراً بالتُّلُوِّ، قَالَ لَهُ الْحَسَنُ: أَحسنت يَا أَعرابي خيرُ الأُمورِ أَوْساطُها. وفرَّطَ غيرَه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يُفَرِّطُها عَنْ كُبّةِ الخَيْلِ مَصْدَقٌ ... كَرِيمٌ، وشَدٌّ لَيْسَ فِيهِ تَخاذُلُ
أَي يُقَدِّمُها. وفرَّطَ إِليه رسولَه: قدَّمه وأَرسله. وفرَّطَه فِي الخُصومةِ: جَرَّأَه. وفرَط القومَ يَفْرِطُهُمْ فَرْطاً وفَراطةً: تقدَّمهم إِلى الوِرْدِ لإِصلاح الأَرْشِيةِ والدِّلاء ومَدْرِ الحِياض والسَّقْيِ فِيهَا. وفرَطْتُ القومَ أَفْرِطُهم فَرْطاً أَي سبقْتُهم إِلى الْمَاءِ، فأَنا فارِطٌ وَهُمُ الفرَّاطُ؛ قَالَ القُطامي:
فاسْتَعْجَلُونا وَكَانُوا مِنْ صَحابَتِنا، ... كَمَا تَقَدَّمَ فُرّاطٌ لِوُرَّادِ
وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ: مَن يَسْبِقُنا إِلى الأَثايةِ فَيَمْدُر حوْضَها ويُفْرِطُ فِيهِ فيَمْلَؤُه حَتَّى نأْتِيَه
، أَي يُكْثر مِنْ صَبِّ الْمَاءِ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
سُرَاقَةَ: الَّذِي يُفْرِطُ فِي حوْضِه
أَي يَمْلَؤُه؛ وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
تَنْفي الرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأَفْرَطَه
أَي ملأَه، وَقِيلَ: أَفْرَطَه هَاهُنَا بِمَعْنَى تركَه. والفارِطُ والفَرَطُ، بِالتَّحْرِيكِ: المتقدِّم إِلى الْمَاءِ يتقدَّمُ الوارِدةَ فُيهَيِء لَهُمُ الأَرْسانَ والدِّلاءَ ويملأُ الحِياضَ وَيَسْتَقِي لَهُمْ، وَهُوَ فَعَلٌ بِمَعْنَى فاعِلٍ مِثْلُ تَبَعٍ بِمَعْنَى تابِعٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنا فرَطُكم عَلَى الحوْضِ
أَي أَنا متقدِّمُكم إِليه؛ رَجُلٌ فرَطٌ وَقَوْمٌ فرَطٌ وَرَجُلٌ فارِطٌ وَقَوْمٌ فُرَّاطٌ؛ قَالَ:
فأَثارَ فارِطُهم غَطاطاً جُثَّماً، ... أَصْواتُها كتَراطُنٍ الفُرْسِ
وَيُقَالُ: فرَطْتُ القومَ وأَنا أَفرُطُهم فُروطاً إِذا تقدَّمْتَهم، وفرَّطْت غَيْرِي: قدَّمْتُه، والفَرَطُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنا وَالنَّبِيُّونَ فُرَّاطٌ لقاصِفينَ
، جَمْعُ فارِطٍ، أَي مُتَقَدِّمُونَ إِلى الشَّفاعةِ، وقيل: إِلى
__________
(1) . قوله [باده] هو هكذا فِي الْأَصْلِ عَلَى هَذِهِ الصورة.(7/366)
الحوْضِ، والقاصِفونَ: المُزْدَحِمون. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ
، يَعْنِي رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وأَضافهما إِلى صِدْقٍ وَصْفًا لَهُمَا ومَدْحاً؛ وَقَوْلُهُ:
إِنَّ لَهَا فَوارِساً وفَرَطا
يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ الفَرَط الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، وأَن يَكُونَ مِنَ الفَرط الَّذِي هُوَ اسْمٌ لِجَمْعِ فارِطٍ، وَهَذَا أَحسن لأَن قَبْلَهُ فَوَارِسًا فَمُقابلة الْجَمْعِ بِاسْمِ الْجَمْعِ أَوْلى لأَنه فِي قُوَّةِ الْجَمْعِ. والفَرَطُ: الْمَاءُ المتقدّمُ لِغَيْرِهِ مِنَ الأَمْواه. والفُراطةُ: الْمَاءُ يَكُونُ شَرَعاً بَيْنَ عدَّةِ أَحْياء مَن سبَق إِليه فَهُوَ لَهُ، وَبِئْرٌ فُراطةٌ كَذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: الْمَاءُ بَيْنَهُمْ فُراطةٌ أَي مُسابَقة. وَهَذَا مَاءٌ فُراطة بَيْنَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ، وَمَعْنَاهُ أَيُّهم سبَق إِليه سَقى وَلَمْ يُزاحِمْه الآخَرُون. الصِّحَاحُ: الْمَاءُ الفِراطُ الَّذِي يَكُونُ لِمَنْ سَبَقَ إِليه مِنَ الأَحْياء. وفُرَّاطُ القَطا: متقدِّماتُها إِلى الْوَادِي وَالْمَاءِ؛ قَالَ نِقادَةُ الأَسدي:
ومَنْهَلٍ ورَدْتُه التِقاطا، ... لَمْ أَرَ، غِذْ ورَدْتُه، فُرّاطا
إِلَّا الحَمام الوُرْقَ والغَطاطا
وفرَطْت البئرَ إِذا تركتَها حَتَّى يَثوب مَاؤُهَا؛ قَالَ ذَلِكَ شَمِرٌ وأَنشد فِي صِفَةِ بِئْرٍ:
وَهْيَ، إِذا مَا فُرِطَتْ عَقْدَ الوَذَمْ، ... ذاتُ عِقابٍ همشٍ، وذاتُ طَمْ،
يَقُولُ: إِذا أُجِمَّتْ هَذِهِ البئرُ قَدْرَ مَا يُعْقَدُ وذَمُ الدلْوِ ثَابِتٌ بِمَاءٍ كَثِيرٍ. والعِقابُ: مَا يَثوب لَهَا مِنَ الْمَاءِ، جَمْعُ عَقبٍ؛ وأَما قَوْلُ عمْرو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ:
أَطَلْتُ فِراطَهم، حَتَّى إِذا مَا ... قَتَلْتُ سَراتَهم، كَانَتْ قَطاطِ
أَي أَطَلْت إِمْهالَهم والتَّأَني بِهِمْ إِلى أَن قتلتُهم. والفرَطُ: مَا تقدَّمك مِنْ أَجْرٍ وعَمَل. وفرَطُ الْوَلَدِ: صِغاره مَا لَمْ يُدْرِكوا، وجمعُه أَفراط، وَقِيلَ: الفرَطُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا. وَفِي الدُّعَاءِ للطِّفل الْمَيِّتِ:
اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطاً
أَي أَجراً يتقدَّمُنا حَتَّى نَرِدَ عَلَيْهِ. وفرَطَ فلانٌ وُلْداً وافْتَرطَهم: مَاتُوا صِغاراً. وافْتُرِطَ الوَلدُ: عُجِّلَ موتُه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وأَفرطَتِ المرأَةُ أَولاداً: قدَّمتهم. قَالَ شَمِرٌ: سمعتُ أَعرابية فَصِيحَةً تَقُولُ: افْتَرَطْتُ ابنينِ. وافترَط فُلَانٌ فرَطاً لَهُ أَي أَولاداً لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُم. وأَفْرَطَ فُلَانٌ وَلَدًا إِذا مَاتَ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ قَبْلَ أَن يبلغُ الحُلُم. وَافْتَرَطَ فُلَانٌ أَولاداً أَي قدَّمهم. والإِفْراط: أَن تَبعث رَسُولًا مجرَّداً خَاصًّا فِي حَوَائِجِكَ. وفارَطْتُ القومَ مُفَارَطة وفِراطاً أَي سابقتُهم وَهُمْ يتَفارَطون؛ قَالَ بِشْرٌ:
إِذا خَرَجَتْ أَوائلُهُنَّ شُعْثاً ... مُجَلِّحةً، نَواصيها قتامُ
يُنازِعْنَ الأَعِنَّةَ مُصْغِياتٍ، ... كَمَا يتَفارَطُ الثَّمْدَ الحَمامُ
ويُروى: الحِيامُ. وفلانٌ لَا يُفْتَرَطُ إِحسانه وبِرُّه أَي لَا يُفْتَرص وَلَا يُخاف فَوْتُه؛ وَقَوْلُ(7/367)
أَبي ذُؤَيْبٍ:
وَقَدْ أَرْسَلُوا فُرَّاطَهم فتَأَثَّلُوا ... قَلِيباً سَفاهاً، كالإِماءِ القَواعِدِ
يَعْنِي بالفُرَّاط المتقدِّمين لِحَفْرِ القَبْرِ، وَكُلُّهُ مِنَ التقدُّم والسبقِ. وفرَط إِليه مِنِّي كلامٌ وقولٌ: سبَق؛ وَفِي الدُّعَاءِ:
عَلَى مَا فرَط مِنِّي
أَي سَبَقَ وتقدَّم. وَتَكَلَّمَ فلانٌ فِراطاً أَي سَبَقَتْ مِنْهُ كَلِمَةٌ. وفَرَّطْته: تركتُه وَتَقَدَّمْتُهُ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
مَعَهُ سِقاءٌ لَا يُفَرِّط حَمْلَه ... صُفْنٌ، وأَخْراصٌ يَلُحْنَ، ومِسْأَبُ
أَي لَا يَتْرُكُ حملَه وَلَا يُفارقه. وفرَط عَلَيْهِ فِي الْقَوْلِ يَفْرُط: أَسرف وتقدَّم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى
؛ والفُرُطُ: الظُّلْم وَالِاعْتِدَاءُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً
. وأَمره فُرُطٌ أَي مَتْروك. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً
، أَي مَتْرُوكًا تَرَك فِيهِ الطَّاعَةَ وغَفَل عَنْهَا، وَيُقَالُ: إِيّاك والفُرُطَ فِي الْأَمْرِ؛ وَفِي حَدِيثِ سَطيح:
إِنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي ساسانَ أَفْرَطَهم
أَي تَرَكهم وَزَالَ عَنْهُمْ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَمرٌ فُرُطٌ أَي متهاوَنٌ بِهِ مضيَّع؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً
، أَي كَانَ أَمرُه التفريطَ وَهُوَ تَقْدِيمُ العَجْز، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً
أَي نَدَماً وَيُقَالُ سَرَفاً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لَا يُرى الجاهلُ إِلا مُفْرِطاً أَو مُفَرِّطاً
؛ هُوَ بِالتَّخْفِيفِ المُسرف فِي الْعَمَلِ، وَبِالتَّشْدِيدِ المقصِّر فِيهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه نَامَ عَنِ الْعِشَاءِ حَتَّى تَفَرَّطَتْ
أَي فَاتَ وقتُها قَبْلَ أَدائها. وَفِي حَدِيثِ توبةِ كعبٍ:
حَتَّى أَسرعوا وتَفارَطَ الغَزْوُ
أَي فَاتَ وقتُه. وأَمر فُرُط أَي مجاوَزٌ فِيهِ الْحَدُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً
. وفَرَط فِي الأَمر يَفْرُط فَرْطاً أَي قصَّر فِيهِ وضيَّعه حَتَّى فَاتَ، وَكَذَلِكَ التفريطُ. والفُرُط: الفرَس السَّرِيعَةُ الَّتِي تَتَفَرَّط الخيلَ أَيْ تتقدَّمُها. وَفَرَسٌ فُرُط: سَرِيعَةٌ سَابِقَةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَلَقَدْ حَمَيْتُ الحيَّ تحمِل شِكَّتي ... فُرُطٌ وِشاحي، إِذ غدوتُ، لجامُها
وافترَط إِليه فِي هَذَا الأَمر: تَقَدَّمَ وسبَق. والفُرْطة، بِالضَّمِّ: اسمٌ لِلْخُرُوجِ وَالتَّقَدُّمِ، والفَرْطة، بِالْفَتْحِ: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ مِثْلُ غُرْفة وغَرْفة وحُسْوة وحَسْوة؛ وَمِنْهُ قولُ
أُمّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ: إِن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نهاكِ عَنِ الفُرْطة فِي البِلاد.
غَيْرُهُ: وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نهاكِ عَنِ الفُرْطة فِي الدِّين
يَعْنِي السبْق وَالتَّقَدُّمَ وَمُجَاوَزَةَ الْحَدِّ. وَفُلَانٌ مُفْتَرِط السِّجال إِلى العُلى أَي لَهُ فِيهِ قُدْمة؛ وأَنشد:
مَا زِلْت مُفْتَرِطَ السِّجال إِلى العُلى، ... فِي حَوْضِ أَبْلَجَ، تَمْدُرُ التُّرْنُوقا
ومَفارِطُ الْبَلَدِ: أَطرافه؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
وسَمَوْا بالمَطِيِّ والذُّبَّلِ الصُّمِّ ... لعَمْياءَ فِي مَفارِط بيدِ
وَفُلَانٌ ذُو فُرْطة فِي الْبِلَادِ إِذا كَانَ صاحبَ أَسفار كَثِيرَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَلْفاه وصادَفه وفارَطَه وفالَطَه ولاقَطَه كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ بَعْضُ(7/368)
الأَعراب: فُلَانٌ لَا يُفْتَرَط إِحسانه وبرُّهُ أَي لَا يُفْتَرص وَلَا يُخاف فَوْتُه. والفارِطان: كَوْكَبان مُتباينان أَمام سَرِير بَنات نَعْشٍ يتقدَّمانها. وأَفراطُ الصَّباح: أَولُ تَباشيره لِتَقَدُّمِهَا وإِنذارها بِالصُّبْحِ، وَاحِدُهَا فُرْطٌ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
باكَرْتُه قَبْلَ الغَطاط اللُّغَّطِ، ... وَقَبْلَ أَفْراط الصَّباح الفُرَّطِ
والإِفراطُ: الإِعجال والتقدُّم. وأَفْرَطَ فِي الأَمر: أَسرف وتقدَّم. والفُرُط: الأَمر يُفْرَط فِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ الإِعجال، وَقِيلَ: النَّدَم. وفرَط عَلَيْهِ يَفْرُط: عَجِل عَلَيْهِ وعَدا وَآذَاهُ. وَفَرَّطَ: تَوانَى ونَسِيَ. والفَرَطُ: العَجلة. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا
، قَالَ: يَعْجَل إِلى عُقوبتنا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فَرَط مِنْهُ أَي بَدَر وسبَق. والإِفْراط: إِعجالُ الشَّيْءِ فِي الأَمر قَبْلَ التثبُّت. يُقَالُ: أَفْرَط فُلَانٌ فِي أَمره أَي عَجِل فِيهِ، وأَفْرَطه أَي أَعجله، وأَفرطت السِّقاءَ ملأْته، والسحابةُ تُفْرط الْمَاءَ فِي أَول الوَسْمِيّ أَي تُعجله وتُقدِّمه. وأَفْرَطت السَّحَابَةُ بِالْوَسْمِيِّ: عَجَّلت بِهِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا فَرّطْت إِذا كُنْتَ تُحذّره مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ شَيْئًا أَو تأْمره أَن يتقدَّم، وَهِيَ مِنْ أَسماء الْفِعْلِ الَّذِي لَا يَتَعَدَّى. وفَرْطُ الشَّهْوَةِ وَالْحُزْنِ: غَلَبَتُهُمَا. وأَفْرط عَلَيْهِ: حَمَّله فَوْقَ مَا يُطيق. وكلُّ شَيْءٍ جَاوَزَ قَدْرَه، فَهُوَ مُفْرِط. يُقَالُ: طُولٌ مُفْرِط وقِصَر مُفْرِط. والإِفراط: الزِّيَادَةُ عَلَى مَا أُمرت. وأَفرطْت المَزادةَ: ملأْتها. وَيُقَالُ: غَدِير مُفْرَط أَي مَلْآنٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
يُرَجِّعُ بَيْنَ خُرْمٍ مُفْرَطاتٍ ... صَوافٍ، لَمْ يُكدِّرْها الدِّلاء
وأَفرط الحوضَ والإِناءَ: ملأَه حَتَّى فَاضَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
فأَزال ناصِحَها بأَبْيَض مُفْرطٍ، ... مِنْ مَاءِ أَلْهابٍ بهِنَّ التَّأْلَبُ
أَي مزَجها بِمَاءِ غَدِير مملوءٍ؛ وَقَوْلُ أَبي وَجْزَةَ:
لاعٍ يكادُ خَفِيُّ الزَّجْرِ يُفْرِطُه، ... مُسْتَرْفِع لِسُرَى المَوْماة هَيَّاج «2»
يُفْرِطُه: يَمْلَؤُهُ رَوْعاً حَتَّى يذهَب بِهِ. والفَرْطُ، بِفَتْحِ الْفَاءِ: الْجَبَلُ الصَّغِيرُ، وَجَمْعُهُ فُرُط؛ عَنْ كُرَاعٍ. الْجَوْهَرِيُّ: والفُرُط وَاحِدُ الأَفْراط وَهِيَ آكَامٌ شَبِيهَاتٌ بِالْجِبَالِ. يُقَالُ: البُوم تَنوح عَلَى الأَفْراط؛ عَنْ أَبي نَصْرٍ؛ وَقَالَ وعْلَة الجَرْمي:
سائلْ مُجاوِرَ جَرْمٍ: هَلْ جَنَيْتُ لَهُمْ؟ ... حَرْباً تُفَرِّقُ بَيْنَ الجِيرةِ الخُلُطِ؟
وَهَلْ سَمَوْتُ بجرّارٍ لَهُ لَجَبٌ، ... جَمِّ الصَّواهِلِ، بَيْنَ السَّهْلِ والفُرُطِ؟
والفُرْط: سَفْحُ الْجِبَالِ وَهُوَ الجَرُّ؛ عَنِ الْيَزِيدِيِّ؛ قَالَ حَسَّانُ:
ضاقَ عَنّا الشِّعْبُ إِذ نَجْزَعُه، ... ومَلأْنا الفُرْطَ مِنْكُمْ والرِّجَلْ
وَجَمْعُهُ أَفراط؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وَقَدْ أُلْبِسَت أَفْراطها ثِنْيَ غَيْهَب
__________
(2) . قوله [مسترفع لسرى] أورده في مادة ربع مستربع بسرى وفسره هناك.(7/369)
والفَرْط: العَلَم الْمُسْتَقِيمُ يُهتدى بِهِ. والفَرْط: رأْس الأَكَمَة وَشَخْصُهَا، وَجَمْعُهُ أَفْراط وأَفْرُط؛ قَالَ ابْنُ بَرّاقة:
إِذا الليلُ أَدْجَى واكْفَهَرَّت نُجومُه، ... وَصَاحَ مِنَ الأَفْراط بُومٌ جواثِمُ
وَقِيلَ: الأَفْراط هَاهُنَا تَباشير الصُّبْحِ لأَن الهامَ تَزْقو عِنْدَ ذَلِكَ، قَالَ: والأَول أَولى، ونسَب ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْبَيْتُ للأَجدع الْهَمْدَانِيِّ وَقَالَ: أَراد كأَن الهامَ لَمَّا أَحسَّت بِالصَّبَاحِ صَرَخت. وأَفرطْتُ فِي الْقَوْلِ أَي أَكثرت. وفرَّط فِي الشَّيْءِ وفرَّطه: ضَيَّعَهُ وقدَّم الْعَجْزَ فِيهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ
؛ أَي مَخافة أَن تَصِيرُوا إِلى حَالِ النَّدَامَةِ لِلتَّفْرِيطِ فِي أَمر اللَّهِ، وَالطَّرِيقُ الَّذِي هُوَ طَرِيقُ اللَّهِ الَّذِي دَعَا إِليه، وَهُوَ تَوْحِيدُ اللَّهِ والإِقرار بِنُبُوَّةِ رَسُولِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ صخر البغيّ:
ذَلِكَ بَزِّي، فَلَن أُفَرِّطَه، ... أَخافُ أَن يُنْجِزوا الَّذِي وعَدُوا
يَقُولُ: لَا أُخلّفه فأَتقدّم عَنْهُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَقُولُ لَا أُضيّعه، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا أُقدّمه وأَتخلّف عَنْهُ. والفَرَطُ: الأَمر الَّذِي يفرِّط فِيهِ صَاحِبُهُ أَي يُضَيِّعُ. وفرَّطَ فِي جَنْب اللَّهِ: ضيَّع مَا عِنْدَهُ فَلَمْ يَعْمَلْ لَهُ. وتفارطَت الصَّلَاةُ عَنْ وَقْتِهَا: تأَخرت. وفرَّط اللَّهُ عَنْهُ مَا يَكْرَهُ أَي نَحّاه، وقَلّما يُسْتَعْمَلْ إِلا فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ مُرَقِّش:
يَا صاحبَيَّ، تَلَبَّثا لَا تُعْجَلا [تَعْجَلا] ، ... وَقِفا برَبْعِ الدَّارِ كَيْما تَسْأَلا
فلَعَلَّ بُطْأَكما يُفَرِّط سَيِّئاً، ... أَو يَسْبِق الإِسراعُ خَيْراً مُقْبِلا
والفَرْط: الحِين: يُقَالُ: إِنما آتِيهِ الفَرْطَ وَفِي الفَرْط، وأَتيته فَرْط أَشهر أَي بَعْدَهَا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
هلِ النفْسُ إِلَّا مُتْعةٌ مُسْتعارةٌ، ... تُعارُ، فَتَأْتي رَبَّها فَرْطَ أَشهُر؟
وَقِيلَ: الفَرْط أَن تأْتيه فِي الأَيام وَلَا تَكُونُ أَقلّ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَا أَكثر مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. ابْنُ السِّكِّيتِ: الفَرْط أَن يُقَالَ آتِيكَ فَرْط يَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ. والفَرْط: الْيَوْمُ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ. أَبو عُبَيْدٍ: الفَرْط أَن تلقَى الرَّجُلَ بَعْدَ أَيام. يُقَالُ: إِنما تَلْقَاهُ فِي الفَرْط، وَيُقَالُ: لَقِيتُهُ فِي الفَرْط بَعْدَ الفَرْطِ أَي الحِين بَعْدَ الحِين. وَفِي حَدِيثِ ضُباعة: كَانَ النَّاسُ إِنما يَذْهَبُونَ فَرْطَ يَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ فيَبْعَرُون كَمَا تَبْعَرُ الإِبل أَي بَعْدَ يَوْمَيْنِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: مَضَيْتُ فَرْط سَاعَةٍ وَلَمْ أُومِنْ أَنْ أَنْفَلِت، فَقِيلَ لَهُ: مَا فرْط سَاعَةٍ؟ فَقَالَ: كمُذ أَخذت فِي الْحَدِيثِ، فأَدخل الْكَافَ عَلَى مُذْ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ أومِن أَي لَمْ أَثِقْ وَلَمْ أُصدِّق أَني أَنفلِت. وتفارطَتْه الْهُمُومُ: أَتته فِي الفَرْط: وَقِيلَ: تَسَابَقَتْ إِليه. وفَرَّط: كَفَّ عَنْهُ وأَمهلَه. وفرَّطْت الرَّجُلَ إِذا أَمهلتَه. والفِراط: التَّرْك. وَمَا أَفرط مِنْهُمْ أَحداً أَي مَا تَرَكَ. وَمَا أَفْرَطْت مِنَ الْقَوْمِ أَحداً أَي مَا تَرَكْتُ. وأَفْرَط الشيءَ: نَسِيه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ منسيُّون فِي النَّارِ، وَقِيلَ: منسيُّون مضيَّعون مَتْرُوكُونَ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ أَفْرَطْت مِنْهُمْ نَاسًا أَي خَلَّفتهم ونَسِيتهم، قَالَ: ويُقرأُ
مُفْرِطون
، يُقَالُ: كَانُوا مُفْرِطِين عَلَى أَنفسهم فِي(7/370)
الذُّنُوبِ، وَيُرْوَى
مُفَرِّطون
كَقَوْلِهِ تعالى: يا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ
، يَقُولُ: فِيمَا ترَكْتُ وضيَّعت.
فرشط: فَرْشَط الرجلُ فَرْشَطة: أَلصق أَليتيه بالأَرض وتوسَّد سَاقَيْهِ. وفَرْشَط البعيرُ فَرْشَطة وفِرْشاطاً: برَك بُروكاً مُسْتَرْخِيًا فأَلصق أَعضاده بالأَرض، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَنْتَشِرَ، بِرْكةَ الْبَعِيرِ عِنْدَ البُروك. وفَرْشَطَت الناقة إِذا تفَحَّجَت للحلَب. وفَرْشَط الجملُ إِذا تفَحَّجَ لِلْبَوْلِ، والفَرْشَطةُ: أَن تُفَرِّجَ رِجْلَيْكَ قَائِمًا أَو قَاعِدًا. والفَرْشَطةُ: بِمَعْنَى الفَرْحَجة. وفَرْشَطَ الشيءَ وفَرْشَط بِهِ: مدَّه؛ قَالَ:
فَرْشَط لَمَّا كُرِه الفِرْشاطُ ... بفَيْشةٍ، كأَنَّها مِلْطاطُ
وَفَرْشَطَ اللحمَ: شرْشَره. ابْنُ بُزُرْجَ: الفَرْشَطة بَسْطُ الرِّجْلَيْنِ فِي الرُّكُوبِ مِنْ جَانِبٍ واحد.
فسط: الفَسِيط: قُلامة الظُّفُر، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَا يُقلم مِنَ الظُّفُر إِذا طَالَ، وَاحِدَتُهُ فَسيطة، وَقِيلَ: الْفَسِيطُ وَاحِدٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئة يَصِفُ الْهِلَالَ:
كأَنَّ ابنَ مُزْنَتِها جانِحاً ... فَسِيطٌ، لَدَى الأُفْقِ، مِنْ خِنْصِرِ
يَعْنِي هِلَالًا شبَّهه بقُلامة الظُّفُر وَفَسَّرَهُ فِي التَّهْذِيبِ فَقَالَ: أَراد بِابْنِ مُزْنَتها هِلَالًا أَهلَّ بَيْنَ السَّحَابِ فِي الأُفُق الْغَرْبِيِّ؛ وَيُرْوَى: كأَنَّ ابْنَ لَيْلَتِهَا، يصِف هِلَالًا طلَع فِي سَنَةِ جدْب وَالسَّمَاءُ مغبَرَّة فكأَنه مِنْ وَرَاءِ الغُبار قُلامة ظُفُرٍ، وَيُرْوَى: قَصيص مَوْضِعٌ فَسيط، وَهُوَ مَا قُصَّ مِنَ الظفُر. وَيُقَالُ لقُلامة الظُّفر أَيضاً: الزِّنْقير والحَذْرَفوت. والفَسيطُ عِلاقُ مَا بَيْنَ القِمَع وَالنَّوَاةِ، وَهُوَ ثُفْرُوق التَّمْرَةِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْوَاحِدَةُ فَسِيطة، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الْفَسِيطَ جَمْعٌ. وَرَجُلٌ فَسِيط النفْس بيِّن الفَساطة: طيِّبها كَسَفِيطِهَا. والفُسطاط: بَيْتٌ مِنْ شعَر، وَفِيهِ لُغَاتٌ: فُسْطاط وفُسْتاط وفُسّاط، وَكَسْرُ الْفَاءِ لُغَةٌ فيهنَّ. وفُسطاط: مَدِينَةُ مِصر، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى. والفُسّاط والفِسّاط والفُسْطاط والفِسْطاط: ضرْب مِنَ الأَبنية. والفُسْتاط والفِسْتاط: لُغَةٌ فِيهِ التَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الطَّاءِ لِقَوْلِهِمْ فِي الْجَمْعِ فَساطيط، وَلَمْ يَقُولُوا فِي الْجَمْعِ فَساتيط، فَالطَّاءُ إِذاً أَعمّ تصرُّفاً، وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَن التَّاءَ فِي فُسْتاط إِنما هِيَ بَدَلٌ مِنَ طَاءِ فُسْطاط أَو مِنْ سِينِ فُسّاط، هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ، قَالَ: فإِن قُلْتَ فهلَّا اعْتَزَمْت أَن تَكُونَ التَّاءُ فِي فُسْتاط بَدَلًا مِنْ طَاءِ فُسْطاط لأَن التَّاءَ أَشْبه بِالطَّاءِ مِنْهَا بِالسِّينِ؟ قِيلَ: بإِزاء ذَلِكَ أَيضاً أَنك إِذا حَكَمْتَ بأَنها بَدَلٌ مِنْ سِينِ فُسّاط فَفِيهِ شَيْئَانِ جَيِّدَانِ: أَحدهما تَغْيِيرُ الثَّانِي مِنَ الْمِثْلَيْنِ وَهُوَ أَقيس مِنْ تَغْيِيرِ الأَول مِنَ الْمِثْلَيْنِ لأَن الِاسْتِكْرَاهَ فِي الثَّانِي يَكُونُ لَا فِي الأَول، وَالْآخَرُ أَن السِّينَيْنِ فِي فُسّاط مُلْتَقِيَتَانِ وَالطَّاءَانِ فِي فُسْطاط مُفْترقتان مُنْفَصِلَتَانِ بالأَلف بَيْنَهُمَا، وَاسْتِثْقَالُ الْمِثْلَيْنِ مُلْتَقَيَيْنِ أَحْرَى مِنِ اسْتِثْقَالِهِمَا مُنْفَصِلَيْنِ، وفُسْطاط المِصر: مجتَمَع أَهله حوْل جامِعه. التَّهْذِيبُ: والفُسْطاط مجتَمع أَهل الكُورة حَوالَيْ مَسْجِدِ جَمَاعَتِهِمْ. يُقَالُ: هَؤُلَاءِ أَهل الفُسْطاط. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فإِنّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الفُسْطاطِ
، هُوَ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ، يُرِيدُ الْمَدِينَةَ الَّتِي فِيهَا مجتمَع النَّاسِ، وكلُّ مَدِينَةٍ فُسْطاط؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِمَدِينَةِ مِصر الَّتِي بَنَاهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: الفُسْطاط.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ: إِذا أُخِذ فِي الفُسْطاط(7/371)
فَفِيهِ عَشَرَةُ دراهِم، وإِذا أُخذ خَارِجَ الفُسْطاط فَفِيهِ أَربعون.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الفُسْطاط ضرْب مِنَ الأَبنية فِي السفَر دُونَ السُّرادق وَبِهِ سُميت الْمَدِينَةُ. وَيُقَالُ لمِصر وَالْبَصْرَةِ: الفُسْطاط. وَمَعْنَى
قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الفُسْطاط
، أَن جَمَاعَةَ الإِسلام فِي كَنَف اللَّهِ ووِقايته فأَقيموا بَيْنَهُمْ وَلَا تُفَارِقُوهُمْ. قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه أَتى عَلَى رَجُلٍ قُطعت يَدُهُ فِي سرِقة وَهُوَ فِي فُسْطاطٍ، فَقَالَ: مَنْ آوَى هَذَا المُصاب؟ فَقَالُوا: خُرَيْمُ بْنُ فاتِك، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى آلِ فاتِك كَمَا آوَى هَذَا المُصاب.
فشط: انْفَشَطَ العُود: انفَضَخَ، وَلَا يَكُونُ إِلا فِي الرطْب.
فطط: أَهمله اللَّيْثُ. والأَفطُّ: الأَفْطَس.
فطفط: فَطْفَط الرَّجُلُ إِذا لَمْ يُفهم كَلَامُهُ. والفَطْفَطة: السَّلْح؛ قَالَ نِجاد الْخَيْبَرَيُّ:
فأَكثرَ المَذْبوب مِنْهُ الضَّرِطا، ... فظَلَّ يَبْكِي جَزَعاً وفَطْفَطا
والمَذْبوب: الأَحمق.
فلط: الفِلاطُ: الفَجْأَة لُغَةُ هُذَيْلٍ. لَقِيته فَلَطاً وفِلاطاً أَي فجأَة، هُذَلِيَّةٌ؛ وَقَالَ المتنخِّل الْهُذَلِيُّ:
بِهِ أَحْمي المُضافَ، إِذا دَعَانِي، ... ونَفسي، ساعةَ الفَزَعِ الفِلاطِ
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ صادَفه وفارَطه وفالَطه ولاقَطه كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ورُفع إِلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ فِي يَتِيمَةٍ كَفَلها: إِنك تَبُوكها، فأَمر بِحَدِّهِ، فَقَالَ: أَأُضرَب فِلاطاً؟ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الفِلاط الفَجْأَة، مَعْنَاهُ أَأُضرَب فجأَة. وَيُقَالُ: تَكَلَّمَ فُلَانٌ فِلاطاً فأَحسن إِذا فاجأَ بِالْكَلَامِ الْحَسَنِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ومَنْهَلٍ عَلَى غِشاش [غَشاش] وفَلَطْ ... شربتُ مِنْهُ، بين كُرْهٍ ونَعَطْ
وَيُقَالُ: فَلَط الرَّجُلُ عَنْ سَيْفِهِ دُهش عَنْهُ، وأَفْلَطه أَمرٌ: فاجَأَه؛ قَالَ المتنخِّل:
أَفْلَطَها الليلُ بِعِيرٍ فَتَسْعى، ... ثوبُها مُجتنِبُ المعْدِلِ
أَي فاجَأَها اللَّيْلَ بِعِير فِيهَا زَوْجُهَا، فأَسرعت مِنَ السُّرُورِ وَثَوْبُهَا مَائِلٌ عَنْ مَنْكِبها عَلَى غَيْرِ الْقَصْدِ، يصِفها بالحُمْق. وأَفْلَطني الرَّجُلُ إِفْلاطاً: مِثْلُ أَفْلَتني، وَقِيلَ لُغَةٌ فِي أَفلتني، تَمِيمِيَّةٌ قَبِيحَةٌ؛ وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ فَقَالَ:
بأَصْدَقِ بأْسٍ مِنْ خليلِ ثَمينةٍ ... وأَمضى، إِذا مَا أَفْلَطَ القائمَ اليَدُ
أَراد أَفْلَت القائمُ اليدَ فَقَلب. والفِلاط: الترْك كالفِراط؛ عن كراع.
فلسط: فِلَسْطِين: اسْمُ مَوْضِعٍ، وَقِيلَ: فِلَسْطُون، وَقِيلَ: فِلَسْطِين اسْمُ كُورة بِالشَّامِ. ابْنُ الأَثير: فِلَسْطين، بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ، الكُورة الْمَعْرُوفَةُ فيما بين الأُرْدُنّ وديار مِصْرَ وأُمّ بِلَادِهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ، صَانَهَا اللَّهُ تَعَالَى، التَّهْذِيبُ: نُونُهَا زَائِدَةٌ وَتَقُولُ: مَرَرْنَا بفِلَسْطين وَهَذِهِ فِلَسْطون. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِذا نَسَبُوا إِلى فِلَسْطين قَالُوا فِلَسْطِيّ؛ قَالَ:
تَقُلْه فِلَسْطِيّاً إِذا ذُقْتَ طَعْمَهُ(7/372)
وَقَالَ ابْنُ هَرْمة:
كَأْسٌ فِلَسْطِيَّةٌ مُعَتَّقةٌ، ... شُجَّتْ بماءٍ مِنْ مُزْنة السَّبَل
وفِلَسْطين: بَلَدٌ ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ طين؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَقُّهَا أَن تُذْكَرَ فِي فَصْلِ الْفَاءِ مِنْ بَابِ الطَّاءِ لِقَوْلِهِمْ فِلَسْطون.
فوط: الفُوطة: ثَوْبٌ قَصِيرٌ غَلِيظٌ يَكُونُ مِئْزَرًا يجلَب مِنَ السِّند، وَقِيلَ: الفُوطة ثَوْبٌ مِنْ صُوفٍ، فَلَمْ يُحَلَّ بأَكثر، وَجَمْعُهَا الفُوَط. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي الفُوَط، قَالَ: ورأَيت بِالْكُوفَةِ أُزُراً مخطَّطة يَشْتَرِيهَا الجمَّالون والخدَم فيتَّزرون بِهَا، الْوَاحِدَةُ فُوطة، قَالَ: فَلَا أَدري أَعربيّ أَم لا.
فصل القاف
قبط: ابْنُ الأَعرابي: القَبْط الْجَمْعُ، والبَقْط التَّفْرقة. وَقَدْ قَبَط الشيءَ يَقْبِطه قَبْطاً: جَمَعَهُ بِيَدِهِ. والقُبّاط والقُبَّيْط والقُبَّيْطى والقُبَيْطاء: الناطِف، مُشْتُقٌّ مِنْهُ، إِذا خَفَّفْتَ مَدَدْتَ وإِذا شَدَّدْتَ الْبَاءَ قَصَرْتَ. وقَبَّط مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ كقَطَّب مَقْلُوبٌ مِنْهُ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. والقِبْط: جِيل بِمِصْرَ، وَقِيلَ: هُمْ أَهل مِصْرَ وبُنْكُها. وَرَجُلٌ قِبْطِيّ. والقُبْطِيَّة: ثِيَابُ كَتَّانٍ بِيضٌ رِقاق تُعْمَلُ بِمِصْرَ وَهِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى القِبْط عَلَى غَيْرِ قياس، والجمع قُباطِيٌّ قَباطِيّ، والقِبْطِيَّة قَدْ تُضَمُّ لأَنهم يُغَيِّرُونَ فِي النِّسْبَةِ كَمَا قَالُوا سُهِليّ ودُهْريّ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
ليَأْتِيَنَّك منِّي منطِقٌ قَذَعٌ ... باقٍ، كَمَا دنَّس القُبْطِيَّة الوَدَكُ
قَالَ اللَّيْثُ: لَمَّا أُلزِمت الثيابُ هَذَا الِاسْمَ غَيَّرُوا اللَّفْظَ فالإِنسان قِبْطيّ، بِالْكَسْرِ، وَالثَّوْبِ قُبْطيّ، بِالضَّمِّ. شَمِرٌ: القُباطِيّ ثِيَابٌ إِلى الدقَّة والرقَّة وَالْبَيَاضِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ ثَوْرًا:
لِياح كأَنْ بالأَتْحَمِيَّةِ مُسْبَعٌ ... إِزاراً، وَفِي قُبْطِيِّه مُتَجَلْبِبُ
وَقِيلَ: القُبْطُرِيّ ثِيَابٌ بِيضٌ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَن هَذَا غَلَطٌ، وَقَدْ قِيلَ فِيهِ: إِن الرَّاءَ زَائِدَةٌ مِثْلَ دَمِثٍ ودِمَثْر؛ وَشَاهِدُهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
قومٌ تَرَى صَدَأَ الْحَدِيدِ عليهمُ، ... والقُبْطُرِيّ مِنَ اليَلامِقِ سُودا
وَفِي حَدِيثِ
أُسامة: كَسَانِي رَسُولُ اللَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُبْطِيّةً
؛ القُبْطِيَّةُ: الثَّوْبُ مِنْ ثِيَابِ مِصْرَ رَقِيقَةٌ بَيْضَاءُ وكأَنه مَنْسُوبٌ إِلى القِبْط وَهُمْ أَهل مِصْرَ. وَفِي حَدِيثِ قَتْلِ ابْنِ أَبي الحُقَيْقِ: مَا دَلَّنَا عَلَيْهِ إِلا بَيَاضُهُ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ كأَنه قُبْطِيَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَسا امرأَةً قُبْطِيَّة فَقَالَ: مُرْها فَلْتَتَّخِذْ تَحْتَهَا غُلَالَةً لَا تصِف حَجْم عِظَامِهَا
، وَجَمْعُهَا القُباطِيّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تُلْبسوا نِساءكم القَباطِيَّ فإِنه إِن لَا يَشِفَّ فإِنه يَصِفُ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يُجَلِّلُ بُدْنَه القَباطِيَّ والأَنْماطَ.
والقُنَّبِيطُ: مَعْرُوفٌ؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
لَكَنْ يَرَوْنَ البَصَل الحِرِّيفا، ... والقُنَّبِيطَ مُعْجِباً طَرِيفا
ورأَيت حَاشِيَةٍ عَلَى كِتَابِ أَمالي ابْنُ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، صُورَتُهَا: قَالَ أَبو بَكْرٍ الزُّبَيْدِيُّ فِي كِتَابِهِ لَحْنِ(7/373)
الْعَامَّةِ: وَيَقُولُونَ لِبَعْضِ الْبُقُولِ قَنَّبيط، قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَالصَّوَابُ قُنَّبيط، بِالضَّمِّ، وَاحِدَتُهُ قُنَّبيطة؛ قال: وهذا البناء لَيْسَ مِنْ أَمثلة الْعَرَبِ لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ فُعَّليل.
قحط: القَحْط: احتِباس الْمَطَرِ. وَقَدْ قَحَط وقَحِطَ، وَالْفَتْحُ أَعلى، قَحْطاً وقَحَطاً وقُحوطاً. وقُحِطَ النَّاسُ، بِالْكَسْرِ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لَا غَيْرَ قَحْطاً وأُقْحِطوا، وَكَرِهَهَا بَعْضُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا يُقَالُ قُحِطوا وَلَا أُقْحِطوا. والقَحْطُ: الْجَدْبُ لأَنه مِنْ أَثره. وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ: قُحِطَ الْمَطَرُ، عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وأَقْحَطَ، عَلَى فِعْلِ الْفَاعِلِ، وقُحِطت الأَرض، عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَهِيَ مَقْحوطة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ بَعْضُهُمْ قَحَط الْمَطَرُ، بِالْفَتْحِ، وقَحِط الْمَكَانُ، بِالْكَسْرِ، هُوَ الصَّوَابُ، قَالَ: وَيُقَالُ أَيضاً قُحِط القَطر؛ قَالَ الأَعشى:
وهُمُ يُطْعِمون، إِنْ قُحِط القَطْرُ، ... وهَبَّتْ بشَمْأَلٍ وضَرِيبِ
وَقَالَ شَمِرٌ: قُحوط الْمَطَرِ أَن يَحْتَبس وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِليه. وَيُقَالُ: زَمَانٌ قاحِط وَعَامٌ قاحِط وَسَنَةٌ قَحِيط وأَزمُن قَواحِطُ. وَعَامٌ قَحِط وقَحِيط: ذُو قَحْط. وَفِي حَدِيثِ
الِاسْتِسْقَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَحَط الْمَطَرُ واحمرَّ الشَّجَرُ
هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وأَقْحَط النَّاسُ إِذا لَمْ يُمْطَروا. وَقَالَ ابْنُ الفرَج: كَانَ ذَلِكَ فِي إِقْحاط الزَّمَانِ وإِكْحاط الزَّمَانِ أَي فِي شدَّته. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يُشتقُّ القَحْط لِكَلِّ مَا قلَّ خَيْرُهُ والأَصل لِلْمَطَرِ، وَقِيلَ: القَحْط فِي كُلِّ شيءٍ قِلَّةُ خَيْرِهِ، أَصل غَيْرُ مُشْتُقٍّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا أَتى الرجلُ الْقَوْمَ فَقَالُوا قَحْطاً فَقَحْطاً لَهُ يَوْمَ يَلْقَى رَبَّهُ
أَي أَنه إِذا كَانَ مِمَّنْ يُقَالُ لَهُ عِنْدَ قُدُومِهِ عَلَى النَّاسِ هَذَا الْقَوْلُ فإِنه يُقَالُ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وقَحْطاً مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَي قُحِطت قَحْطاً وَهُوَ دعاءٌ بالجدْب، فَاسْتَعَارَهُ لِانْقِطَاعِ الْخَيْرِ عَنْهُ وجدْبه مِنَ الأَعمال الصَّالْحَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن جَامَعَ فأَقْحَط فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ
، وَمَعْنَاهُ أَن يَنتَشِر فيُولج ثُمَّ يَفْتُر ذكَرُه قَبْلَ أَن يُنزِل، وَهُوَ مِنْ أَقْحَط النَّاسُ إِذا لَمْ يُمْطَرُوا، والإِقْحاط مِثْلُ الإِكْسال، وَهَذَا مِثْلُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
الماءُ مِنَ الْمَاءِ
، وَكَانَ هَذَا فِي أَوَّل الإِسلام ثُمَّ نُسِخَ وأُمِرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدَ الإِيلاج. والقَحْطِيّ مِنَ الرِّجَالِ: الأَكُول الَّذِي لَا يُبقي مِنَ الطَّعَامِ شَيْئًا، وَهَذَا مِنْ كَلَامِ أَهل العِراق؛ وَقَالَ الأَزهري: هُوَ مِنْ كَلَامِ الْحَاضِرَةِ دُونَ أَهل الْبَادِيَةِ، وأَظنه نُسِب إِلى القَحْط لِكَثْرَةِ الأَكل كأَنه نَجَا مِنَ القَحْط فَلِذَلِكَ كثُر أَكله. وضرْب قَحيط: شَدِيدٌ. والتَّقْحيط: فِي لُغَةِ بَنِي عَامِرٍ: التَّلْقيح؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والقَحْط: ضرْب مِنَ النبْت، وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. وقَحْطانُ: أَبو الْيَمَنِ، وَهُوَ فِي قَوْلِ نَسَّابَتِهِمْ قَحْطان بْنُ هُود، وَبَعْضٌ يَقُولُ قَحْطان بْنِ ارْفَخْشذ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَالنَّسَبُ إِليه عَلَى الْقِيَاسِ قَحْطانيّ، وَعَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ أَقْحاطِيّ، وَكِلَاهُمَا عَرَبِيٌّ فصيح.
قرط: القُرْطُ: الشَّنْف، وَقِيلَ: الشَّنْفُ فِي أَعْلى الأُذن والقُرْط فِي أَسفلها، وَقِيلَ: القُرْط الَّذِي يعلَّق فِي شَحْمَةِ الأُذن، وَالْجَمْعُ أَقْراط وقِراط وقُروط وقِرَطة. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا يَمْنَعُ إِحْداكنَّ أَن تصنَع قُرْطين مِنْ فِضَّةٍ
؛ القُرْطُ: نَوْعٌ مِنْ حُلِيِّ الأُذُن مَعْرُوفٌ؛ وقَرَّطْت الْجَارِيَةَ فتقَرَّطتْ هِيَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يُخَاطِبُ امرأَته:(7/374)
قَرَّطكِ اللَّهُ، عَلَى العَيْنَينِ، ... عَقَارِباً سُوداً وأَرْقَمَيْنِ
وَجَارِيَةٌ مُقَرَّطة: ذَاتُ قُرْط. وَيُقَالُ للدُّرّة تعلَّق فِي الأُذُن قُرْطٌ، وللتُّومة مِنَ الْفِضَّةِ قُرْط، وللمَعاليق مِنَ الذَّهَبِ قُرْط، وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ القِرَطة. والقُرْط: الثُّرَيّا. وقُرْطا النَّصْل: أُذُناه. والقَرَط: شِية «3» حسَنة فِي الْمَعْزَى، وَهُوَ أَن يَكُونَ لَهَا زَنَمَتان معلَّقتان مِنْ أُذنيها، فَهِيَ قَرْطاء، وَالذَّكَرُ أَقْرَط مُقَرَّط، وَيُسْتَحَبُّ فِي التَّيْسِ لأَنه يَكُونُ مِئناثاً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والقُرَطة والقِرَطة أَن يَكُونَ لِلْمَعْزَى أَو التَّيْس زَنَمَتان معلَّقتان مِنْ أُذنيه، وَقَدْ قَرِطَ قَرَطاً، وَهُوَ أَقْرَط. وقَرَّط فَرَسه اللِّجام: مَدَّ يدَه بعِنانه فَجَعَلَهُ عَلَى قَذاله، وَقِيلَ: إِذا وَضَعَ اللِّجام وَرَاءَ أُذنيه. وَيُقَالُ: قَرَّط فَرَسه إِذا طَرَحَ اللِّجام فِي رأْسه. وَفِي حَدِيثِ
النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرَّنٍ: أَنه أَوصى أَصحابه يومَ نِهاوَنْد فَقَالَ: إِذا هزَزْت اللواءَ فَلْتَثِب الرِّجَالُ إِلى خُيُولِهَا فيُقَرِّطوها أَعِنّتها
، كأَنه أَمرَهم بإِلجامها. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: تَقْرِيط الْفَرَسِ لَهُ مَوْضِعَانِ: أَحدهما طَرْحُ اللِّجَامِ فِي رأْس الْفَرَسِ، وَالثَّانِي إِذا مدَّ الْفَارِسُ يَدَهُ حَتَّى جَعَلَهَا عَلَى قَذال فرسِه وَهِيَ تُحْضِر؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْمُتَنَبِّي:
فقَرِّطْها الأَعِنَّةَ راجعاتٍ
وَقِيلَ: تَقْرِيطُها حَمْلُها على أَشدّ الخُضْر، وَذَلِكَ أَنه إِذا اشتدَّ حُضْرها امتدَّ العِنان عَلَى أُذُنها فَصَارَ كالقُرْط. وقَرَط الكُرّاثَ وقَرَّطه: قطَّعه فِي القِدْرِ، وَجَعَلَ ابْنُ جِني القُرْطُم ثُلَاثِيًّا، وَقَالَ: سُمِّي بِذَلِكَ لأَنه يُقَرَّط. وقَرَّطَ عَلَيْهِ: أَعطاه قَلِيلًا. والقُرْط: الصَّرْع؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: القِرْطي الصَّرْع عَلَى القَفا، والقُرْط شُعْلة النار، والقِرط شُعْلة السِّراج. وقَرَّط السراجَ إِذا نَزَعَ مِنْهُ مَا احْتَرَقَ ليُضيء. والقُراطة: مَا يُقطع مِنْ أَنف السِّرَاجِ إِذا عَشَّى، والقُراطة مَا احْتَرَقَ مِنْ طَرف الفَتيلة، وَقِيلَ: بَلِ القُراطة الْمِصْبَاحُ نَفْسُهُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ الْهُذَلِيُّ:
سَبَقْتُ بِهَا مَعابِلَ مُرْهَفات ... مُسالاتِ الأَغِرَّةِ كالقِراطِ «4»
مُسالات: جَمْعُ مُسالة، والأَغِرَّة: جَمْعُ الغِرار، وَهُوَ الْحَدُّ، وَالْجَمْعُ أَقْرِطة. ابْنُ الأَعرابي: القِراط السِّرَاجُ وَهُوَ الهِزْلقِ. والقِرَّاط والقِيراط مِنَ الْوَزْنِ: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ نِصْفُ دانِق، وأَصله قِرّاط بِالتَّشْدِيدِ لأَن جَمْعَهُ قَراريط فأُبدل من إِحدى حَرْفَيْ تَضْعِيفِهِ يَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ فِي دِينَارٍ كَمَا قَالُوا دِيبَاجٌ وَجَمَعُوهُ دَبابيج، وأَما الْقِيرَاطُ الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وأَبي هُرَيْرَةَ فِي تَشْييع الْجِنَازَةِ فَقَدْ جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِيهِ أَنه مِثْلَ جَبَلِ أُحُد، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَصل الْقِيرَاطِ مِنْ قَوْلِهِمْ قَرَّط عَلَيْهِ إِذا أَعطاه قَلِيلًا قَلِيلًا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرّ: سَتَفْتَحُونَ أَرضاً يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بأَهلها خَيْرًا فإِن لَهُمْ ذِمّة ورَحِماً
؛ الْقِيرَاطُ جُزء مِنْ أَجزاء الدِّينَارِ وَهُوَ نِصْفُ عُشره فِي أَكثر الْبِلَادِ، وأَهل الشَّامِ يَجْعَلُونَهُ جُزْءًا مِنْ أَربعة وَعِشْرِينَ، وَالْيَاءُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الرَّاءِ وأَصله قِرّاط، وأَراد بالأَرض المُستفتحة مِصر، صَانَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ وإِن كَانَ الْقِيرَاطُ مَذْكُورًا فِي غَيْرِهَا لأَنه كَانَ يغلِب عَلَى أَهلها أَن يَقُولُوا:
__________
(3) . قوله [والقرط شية] كذا بالأصل.
(4) . قوله [سبقت] كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: شنفت. قال ويروى قرنت، ونسبه عن الصاغاني للمتنخل الهذلي يصف قوساً.(7/375)
أَعطيت فُلَانًا قَراريط إِذا أَسمعه مَا يَكْرهه، واذهَبْ لَا أُعطيك قَراريطك أَي أَسُبُّك وأُسْمِعك الْمَكْرُوهَ، قَالَ: وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِمْ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ
فإِن لَهُمْ ذِمَّةً ورَحِماً
أَنَّ هاجَرَ أُم إسمعيل، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، كَانَتْ قِبْطِيّة مِنْ أَهْل مِصْرَ. والقُرْط: الَّذِي تُعْلَفه الدَّوَابُّ وَهُوَ شَبِيهٌ بالرُّطْبة وَهُوَ أَجلُّ مِنْهَا وأَعظم ورَقاً. وقُرْط وقُرَيْط وقَرِيط: بُطُونٌ مِنْ بَنِي كِلَابٍ يُقَالُ لَهُمُ القُروط. وقُرط: اسْمُ رَجُلٍ من سِنْبِس. وقُرْط: قبيلة مِنْ مَهْرة بْنِ حَيْدان. والقَرطِيّة والقُرْطِيّة: ضرْب مِنَ الإِبل يُنْسَبُ إِليها؛ قَالَ:
قَالَ ليَ القُرْطِيُّ قَوْلًا أَفهَمُهْ، ... إِذ عَضَّه مَضْروسُ قِدٍّ يأْلَمُهْ
قرطط: القُرْطاطُ والقِرطاط والقُرْطان والقِرْطان كُلُّهُ لِذِي الْحَافِرِ كالحِلْس الَّذِي يُلقى تَحْتَ الرَّحْلِ لِلْبَعِيرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
كأَنَّما رَحْلِيَ والقَراطِطا
وَهَذَا الرَّجَزُ نَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ لِلْعَجَّاجِ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ للزَّفَيان لَا لِلْعَجَّاجِ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِي إِنشاده:
كأَنَّ أَقْتادِيَ والأَسامِطا، ... والرَّحْلَ والأَنساعَ والقراطِطا،
ضَمَّنْتُهُنَّ أَخْدَرِيّاً ناشِطا
وَقَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:
بأَرْحَبِيٍّ مائِرِ المِلاطِ ... ذِي زفْرَةٍ ينْشر بالقِرطاطِ [بالقُرطاطِ]
وَقِيلَ: هُوَ كالبَرْذعة يُطرح تَحْتَ السَّرْجِ. الأَصمعي: مِنْ مَتَاعِ الرَّحْلِ الْبَرْذَعَةُ، وَهُوَ الحِلْس لِلْبَعِيرِ، وَهُوَ لِذَوَاتِ الْحَافِرِ قرْطاط وقِرطان وقُرطان، والطِّنْفِسة الَّتِي تُلْقَى فَوْقَ الرَّحْلِ تُسَمَّى النُّمْرُقة. وَقَالَ الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: القِرْطالة البرذعة، وكذلك القُرْطاط والقِرْطِيط؛ والقِرْطيطُ: العَجَب. ابْنُ سِيدَهْ: والقُرطان والقُرْطاط والقِرْطاطُ والقِرْطِيط: الدَّاهِيَةُ؛ قَالَ أَبو غَالِبٍ الْمَعْنِيُّ:
سأَلناهُمُ أَن يُرْفِدُونا فأَحْبَلوا، ... وجاءَتْ بِقِرْطِيطٍ مِنَ الأَمر زينبُ
والقِرْطِيط: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ؛ قَالَ:
فَمَا جادَتْ لَنَا سَلمى ... بِقِرْطِيطٍ وَلَا فُوفَهْ
وَيُقَالُ: مَا جَادَ فُلَانٌ بِقِرْطيطة أَيضاً أَي بشيء يسير.
قرفط: اقرَنْفَط. تقبَّض. تَقُولُ الْعَرَبُ: أُرَيْنِبٌ مُقْرَنْفِطهْ عَلَى سَواء عُرْفُطَهْ، تَقُولُ: هرَبتْ مِنْ كَلْبٍ أَو صَائِدٍ فَعَلَتْ شَجَرَةً. والمُقْرَنْفِطُ: هَنُ المرأَة؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد لِرَجُلٍ يُخَاطِبُ امرأَته:
يَا حَبَّذا مُقْرَنْفِطُك، ... إِذْ أَنا لَا أُفَرَّطُكْ «1»
فأَجابته:
يَا حبَّذا ذَباذِبُك، ... إِذا الشَّبابُ غالِبُك
قَالَ الأَزهري: وَمِنَ الْخُمَاسِيِّ المُلحق مَا رَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: اقْرَنْفَط إِذا تَقَبَّض وَاجْتَمَعَ. واقْرَنْفَطَت الْعَنْزُ إِذا جَمَعَتْ بَيْنَ قُطْرَيْها عِنْدَ السِّفاد لأَن ذَلِكَ الْمَوْضِعَ يَوْجَعُها.
__________
(1) . قوله [يا حبذا إلخ] في مادة عرفط عكس ما هنا.(7/376)
قرمط: القَرْمَطِيطُ: المُتقارِبُ الخَطْوِ. وقَرْمَطَ فِي خَطْوِه إِذا قارَب مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ: قَالَ لِعَمْرٍو قَرْمَطْتَ، قَالَ: لَا؛ يُرِيدُ أَكَبِرْت لأَن القَرْمَطة فِي الْخَطْوِ مِنْ آثَارِ الكِبَر. واقْرَمَّط الرجلُ اقْرِمّاطاً إِذا غَضِبَ وتقبَّض. والقَرْمَطة: المُقارَبةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. والقُرْموطُ: زَهْر الغَضَا وَهُوَ أَحمر، وَقِيلَ: هُوَ ضرْب مِنَ ثَمَرِ العِضاه. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: القُرْمُوط مِنْ ثَمَرِ الغَضَا كالرُّمان يشبَّه بِهِ الثَّدْي؛ وأَنشد فِي صِفَةِ جَارِيَةٍ نَهَدَ ثَدْياها:
ويُنْشِزُ جَيْبَ الدِّرْع عَنْهَا، إِذا مَشَتْ، ... حَمِيلٌ كقُرْمُوطِ الغَضَا الخَضِلِ النَّدِي
قَالَ: يَعْنِي ثديَها. واقْرَمَّط الجلدُ إِذا تقارَب فَانْضَمَّ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ؛ قَالَ زَيْدُ الْخَيْلِ:
تَكَسَّبْتُها فِي كلِّ أَطْرافِ شِدَّةٍ، ... إِذا اقْرَمَّطَتْ يَوْمًا مِنَ الفَزَعِ الخُصَى
والقَرْمَطةُ فِي الخَطِّ: دِقَّةُ الْكِتَابَةِ وتَداني الْحُرُوفِ، وَكَذَلِكَ القَرْمَطةُ فِي مَشْي القَطُوفِ. والقَرْمَطةُ فِي الْمَشْيِ: مُقارَبةُ الْخَطْوِ وَتَدَانِي الْمَشْيِ. وقَرْمَطَ الكاتِبُ إِذا قارَب بَيْنَ كِتَابَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فَرِّج مَا بَيْنَ السُّطورِ وقَرْمِطْ مَا بَيْنَ الْحُرُوفِ.
وقَرْمَط البعيرُ إِذا قارَبَ خُطاه. والقَرامِطةُ: جِيلٌ، وَاحِدُهُمْ قَرْمَطِيّ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِدُحْرُوجةِ الجُعَل القُرْمُوطةُ. وَقَالَ أَعرابي: جَاءَنَا فُلَانٌ «1» فِي نِخافَيْن مُلَكَّمَينِ فقاعِيَّين مُقَرْطَمَيْنِ؛ قَالَ أَبو العباس: مُلَكَّمَيْنِ جَوانِبهما رِقاعٌ فكأَنَّه يَلْكُم بِهِمَا الأَرض، وَقَوْلُهُ فقاعِيَّين يَصِرّان، وَقَوْلُهُ مُقَرْطَمَينِ لَهُمَا مِنْقاران.
قسط: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى الْحُسْنَى المُقْسِطُ: هُوَ العادِلُ. يُقَالُ: أَقْسَطَ يُقْسِطُ، فَهُوَ مُقْسِطٌ إِذا عدَل، وقَسَطَ يَقْسِطُ، فَهُوَ قاسِطٌ إِذا جارَ، فكأَن الْهَمْزَةَ فِي أَقْسَطَ للسَّلْب كَمَا يُقَالُ شَكا إِليه فأَشْكاه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنّ اللهَ لَا يَنامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويرفَعُه
؛ القِسْطُ: المِيزانُ، سُمِّيَ بِهِ مِنَ القِسْطِ العَدْلِ، أَراد أَن اللَّهَ يَخفِضُ ويَرْفَعُ مِيزانَ أَعمالِ العِبادِ المرتفعةِ إِليه وأَرزاقَهم النازلةَ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا يَرْفَعُ الوزَّانُ يَدَهُ ويَخْفِضُها عِنْدَ الوَزْن، وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِمَا يُقَدِّرُه اللَّهُ ويُنْزِلُه، وَقِيلَ: أَراد بالقِسْط القِسْمَ مِنَ الرِّزقِ الَّذِي هُوَ نَصِيبُ كُلِّ مَخْلُوقٍ، وخَفْضُه تقليلُه، ورفْعُه تَكْثِيرُهُ. والقِسْطُ: الحِصَّةُ والنَّصِيبُ. يُقَالُ: أَخذ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ قِسْطَه أَي حِصَّتَه. وكلُّ مِقدار فَهُوَ قِسْطٌ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ. وتقَسَّطُوا الشيءَ بَيْنَهُمْ: تقسَّمُوه عَلَى العَدْل والسَّواء. والقِسْط، بِالْكَسْرِ: العَدْلُ، وَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الْمَوْصُوفِ بِهَا كعَدْل، يُقَالُ: مِيزانٌ قِسْط، ومِيزانانِ قِسْطٌ، ومَوازِينُ قِسْطٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ
؛ أَي ذواتِ القِسْط. وَقَالَ تَعَالَى: وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ*
؛ يُقَالُ: هُوَ أَقْوَمُ المَوازِين، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الشَّاهِينُ، وَيُقَالُ: قُسْطاسٌ وقِسْطاسٌ. والإِقساطُ والقِسْطُ: العَدْلُ. وَيُقَالُ: أَقْسَطَ وقَسَطَ إِذا عدَلَ. وجاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
إِذا حكَمُوا عدَلوا وإِذا قسَموا أَقْسَطُوا
أَي عَدَلُوا «2»
__________
(1) . قوله [وَقَالَ أَعرابي جَاءَنَا فُلَانٌ إِلى آخر المادة] حَقُّهُ أَن يُذْكَرَ فِي مادة: ق ر ط م.
(2) . قوله [وإِذا قَسَمُوا أَقْسَطُوا أَي عَدَلُوا هَاهُنَا فَقَدْ جَاءَ إلخ] هكذا في الأَصل.(7/377)
هَاهُنَا، فَقَدْ جاءَ قَسَطَ فِي مَعْنَى عَدَلَ، فَفِي الْعَدْلِ لُغَتَانِ: قَسَطَ وأَقْسَطَ، وَفِي الجَوْر لُغَةٌ وَاحِدَةٌ قسَطَ، بغيرِ الأَلف، وَمَصْدَرُهُ القُسُوطُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أُمِرْتُ بِقتالِ الناكثِينَ والقاسِطِينَ والمارِقِينَ
؛ الناكِثُون: أَهلُ الجمَل لأَنهم نَكَثُوا بَيْعَتهم، والقاسِطُونَ: أَهلُ صِفِّينَ لأَنهم جارُوا فِي الحُكم وبَغَوْا عَلَيْهِ، والمارِقُون: الخوارِجُ لأَنهم مَرَقُوا مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُق السَّهمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ. وأَقْسطَ فِي حُكْمِهِ: عدَلَ، فَهُوَ مُقْسِطٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
. والقِسْط: الجَوْر. والقُسُوط: الجَوْرُ والعُدُول عَنِ الْحَقِّ؛ وأَنشد:
يَشْفِي مِنَ الضِّغْنِ قُسُوطُ القاسِطِ
قَالَ: هُوَ مَنْ قَسَطَ يَقْسِطُ قُسوطاً وقسَطَ قُسوطاً: جارَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هُمُ الْجَائِرُونَ الكفَّار، قَالَ: والمُقْسِطون العادلُون الْمُسْلِمُونَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ*
. والإِقْساطُ: العَدل فِي القسْمة والحُكم؛ يُقَالُ: أَقْسَطْتُ بَيْنَهُمْ وأَقسطت إِليهم. وقَسَّطَ الشيءَ: فرَّقَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَوْ كَانَ خَزُّ واسِطٍ وسَقَطُهْ، ... وعالِجٌ نَصِيُّه وسَبَطهْ،
والشَّامُ طُرّاً زَيْتُه وحِنَطُهْ ... يأْوِي إِليها، أَصْبَحَتْ تُقَسِّطُهْ
وَيُقَالُ: قَسَّطَ عَلَى عِيالِه النفَقةَ تَقْسِيطاً إِذا قَتَّرَها؛ وَقَالَ الطرمَّاح:
كَفَّاه كَفٌّ لَا يُرَى سَيْبُها ... مُقَسَّطاً رَهْبةَ إِعْدامِها
والقِسْطُ: الكُوزُ عِنْدَ أَهل الأَمصار. والقِسْطُ: مِكْيالٌ، وَهُوَ نِصْف صاعٍ، والفَرَقُ ستةُ أَقْساطٍ. الْمُبَرِّدُ: القِسْطُ أَربعمائة وأَحد وَثَمَانُونَ دِرهماً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ النِّساءَ مِنْ أَسْفَهِ السُّفَهاء إِلّا صاحِبةَ القِسْطِ والسِّراج
؛ القِسْطُ: نِصْفُ الصَّاعِ وأَصله مِنَ القِسْطِ النَّصِيبِ، وأَراد بِهِ هَاهُنَا الإِناء الَّذِي تُوَضِّئُه فِيهِ كأَنه أَراد إِلَّا الَّتِي تَخْدُم بعْلها وتَقُوم بأُمُورِه فِي وُضُوئه وسِراجه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَنه أَجْرى للناسِ المُدْيَيْن والقِسْطَيْن
؛ القِسْطانِ: نَصِيبانِ مِنْ زَيْتٍ كَانَ يرزُقُهما الناسَ. أَبو عَمْرٍو: القَسْطانُ والكَسْطانُ الغُبارُ. والقَسَطُ: طُول الرِّجل وسَعَتُها. والقَسَطُ: يُبْسٌ يَكُونُ فِي الرِّجل والرأْس والرُّكْبةِ، وَقِيلَ: هُوَ فِي الإِبل أَن يَكُونَ الْبَعِيرُ يَابِسَ الرِّجلين خِلْقة، وَقِيلَ: هُوَ الأَقْسَطُ والناقةُ قَسْطاء، وَقِيلَ: الأَقْسَطُ مِنَ الإِبل الَّذِي فِي عَصَب قَوائمه يُبْسٌ خِلقَةً، قَالَ: وَهُوَ فِي الْخَيْلِ قِصَرُ الْفَخِذِ والوَظِيفِ وانْتِصابُ السَّاقين، وَفِي الصِّحَاحِ: وانْتصابٌ فِي رِجلي الدَّابَّةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَلِكَ ضَعْف وَهُوَ مِنَ العُيوب الَّتِي تَكُونُ خِلْقَةً لأَنه يُسْتَحَبُّ فِيهِمَا الانْحناءُ والتوْتِيرُ، قَسِطَ قَسَطاً وَهُوَ أَقْسَطُ بَيِّنُ القَسَطِ. التَّهْذِيبُ: والرِّجل القَسْطاءُ فِي سَاقِهَا اعْوِجاجٌ حَتَّى تَتَنَحَّى القَدَمانِ ويَنْضَمَّ السَّاقانِ، قَالَ: والقَسَطُ خِلافُ الحَنَفِ؛ قَالَ إمرؤُ القَيْس يَصفُ الْخَيْلَ:(7/378)
إِذْ هُنَّ أَقْساطٌ كَرِجْلِ الدَّبى، ... أَوْ كَقَطا كاظِمةَ النَّاهِلِ «3»
أَبو عُبَيْدٍ عَنِ العَدَبَّس: إِذا كَانَ الْبَعِيرُ يابسَ الرِّجْلَيْنِ فَهُوَ أَقْسَطُ، وَيَكُونُ القَسَطُ يُبْساً فِي العنُق؛ قَالَ رؤْبة:
وضَرْبِ أَعْناقِهِم القِساطِ
يُقَالُ: عُنُقٌ قَسْطاء وأَعْناقٌ قِساطٌ. أَبو عَمْرٍو: قَسِطَتْ عِظامُه قُسُوطاً إِذا يَبِسَتْ مِنَ الهُزال؛ وأَنشد:
أَعطاه عَوْداً قاسِطاً عِظامُه، ... وهُوَ يَبْكي أَسَفاً ويَنْتَحبْ
ابن الأَعرابي والأَصمعي: فِي رِجله قَسَطٌ، وَهُوَ أَن تَكُونَ الرِّجل مَلْساء الأَسْفل كأَنَّها مالَجٌ. والقُسْطانِيَّةُ والقُسْطانيُّ: خُيوطٌ كخُيوطِ قَوْسِ المُزْنِ تَخِيطُ بِالْقَمَرِ «4» وَهِيَ مِنْ عَلَامَةِ الْمَطَرِ. والقُسْطانةُ: قَوْسُ قُزحَ «5» ؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لِقَوْسِ اللَّهِ القُسْطانيُّ؛ وأَنشد:
وأُديرَتْ حفَفٌ تَحْتَها، ... مِثْلُ قُسْطانيِّ دَجْن الغَمام
قَالَ أَبو عَمْرٍو: القُسْطانيُّ قَوْسُ قُزَحَ ونُهِي عَنْ تَسْمِيَةِ قَوْسِ قزحَ. والقُسْطَناس: الصَّلاءَةُ. والقُسْطُ، بِالضَّمِّ: عُودٌ يُتَبخَّر بِهِ لُغَةٌ فِي الكُسْطِ عُقَّارٌ مِنْ عَقاقِير الْبَحْرِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: الْقَافُ بَدَلٌ، وَقَالَ اللَّيْثُ: القُسط عُود يُجاءُ بِهِ مِنَ الهِند يُجْعَلُ فِي البَخُور والدَّواء، قَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِهَذَا البَخُور قُسْطٌ وكُسْطٌ وكُشْط؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِبِشْرِ بْنِ أَبي خازِم:
وقَدْ أُوقِرْنَ مِنْ زَبَدٍ وقُسْطٍ، ... وَمِنْ مِسْكٍ أَحَمَّ وَمِنْ سَلام
وَفِي حَدِيثِ
أُمّ عطِيَّة: لَا تَمَسُّ طِيباً إِلَّا نُبْذةً مِنْ قُسْطٍ وأَظْفارٍ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
قُسْط أَظْفار؛
القُسْطُ: هُوَ ضَرْب مِنَ الطِّيب، وَقِيلَ: هُوَ العُودُ؛ غَيْرُهُ: والقُسْطُ عُقَّار مَعْرُوفٌ طيِّب الرِّيح تَتَبخَّر بِهِ النُّفَسَاءُ والأَطْفالُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ أَشبه بِالْحَدِيثِ لأَنه أَضافه إِلى الأَظفار؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزُ:
تُبْدِي نَقِيّاً زانَها خِمارُها، ... وقُسْطةً مَا شانَها غُفارُها
يُقَالُ: هِيَ السَّاقُ نُقِلت مِنْ كِتَابٍ «6» . وقُسَيْطٌ: اسْمٌ. وقَاسِطٌ: أَبو حَيّ، وَهُوَ قَاسِطُ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيّ بْنِ جَدِيلةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبيعةَ.
قشط: قَشَطَ الجُلَّ عَنِ الفَرس قَشْطاً: نَزَعَه وكَشَفَه، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الأَشياء، قَالَ يَعْقُوبُ: تَمِيمٌ وأَسَد يَقُولُونَ قَشَطْتُ، بِالْقَافِ، وَقَيْسٌ تَقُولُ كَشَطْتُ، وَلَيْسَتِ الْقَافُ فِي هَذَا بَدَلًا مِنَ الْكَافِ لأَنهما لُغَتَانِ لأَقوام مُخْتَلِفِينَ. وَقَالَ فِي قِرَاءَةِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: وإِذا السَّمَاءُ قُشِطَتْ،
بِالْقَافِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ مِثْلَ القُسْطِ والكُسْطِ والقافُور والكافُور. قَالَ الزَّجَّاجُ: قُشِطَتْ وكُشِطَتْ وَاحِدٌ مَعْنَاهُمَا قُلِعَتْ كَمَا يُقْلع السَّقْف. يقال:
__________
(3) . قوله [إذ هن أقساط إلخ] أورده شارح القاموس في المستدركات وفسره بقوله أي قطع.
(4) . قوله [تخيط بالقمر] كذا بالأَصل وشرح القاموس.
(5) . قوله [والقسطانة قوس إلخ] كذا في الأَصل بهاء التأنيث.
(6) . قوله: [نقلت من كتاب] ، هكذا في الأَصل.(7/379)
كشَطْتُ السقْفَ وقَشَطْتُه. والقِشاط: لُغَةٌ فِي الْكِشَاطِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: القَشط لُغَةٌ فِي الكشط.
قطط: القَطُّ: القطْعُ عامَّة، وَقِيلَ: هُوَ قَطعُ الشَّيْءِ الصُّلب كالحُقَّة وَنَحْوِهَا تَقُطُّها عَلَى حَذْو مَسْبُورٍ كَمَا يَقُطُّ الإِنسان قَصَبة عَلَى عَظْمٍ، وَقِيلَ: هُوَ القطْعُ عَرْضاً، قَطَّه يقُطُّه قَطّاً: قَطَعه عَرْضاً، واقْتَطَّه فانْقَطَّ واقْتَطَّ وَمِنْهُ قَطُّ الْقَلَمِ. والمِقَطَّةُ والمِقَطُّ: مَا يُقَطُّ عَلَيْهِ الْقَلَمُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: المِقَطَّةُ عُظَيم يَكُونُ مَعَ الورّاقِين يَقِطُّونَ عَلَيْهِ أَطراف الأَقلام. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَنه كَانَ إِذا عَلا قَدَّ وإِذا تَوَسَّطَ قَطَّ؛
يَقُولُ إِذا عَلَا قِرْنَه بِالسَّيْفِ قَدَّه بنِصْفَين طُولًا كَمَا يُقَدّ السَّيْرُ، وإِذا أَصاب وسَطه قَطعَه عَرْضًا نِصْفَيْنِ وأَبانه. ومَقَطُّ الْفَرَسِ: مُنْقَطَعُ أَضْلاعه. ابْنُ سِيدَهْ: والمَقط مِنَ الْفَرَسِ مُنْقَطَعُ الشَّراسِيفِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الجَعْديّ:
كأَنَّ مَقَطَّ شَراسِيفهِ، ... إِلى طَرَفِ القُنْبِ فالمَنْقَبِ،
لُطِمْنَ بِتُرْسٍ شَديدِ الصِّفاقِ، ... مِن خَشَبِ الجَوْزِ، لَمْ يُثْقَبِ
والقِطاطُ: حرْف الْجَبَلِ وَالصَّخْرَةِ كأَنما قُطَّ قَطَّاً، وَالْجَمْعُ أَقِطَّةٌ؛ وَقَالَ أبُو زَيْدٍ: هُوَ أَعلى حَافَّةِ الْكَهْفِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقطَّة. أَبو زَيْدٍ: القَطِيطةُ حافةُ أَعلى الكهفِ، والقِطاطُ: المِثالُ الَّذِي يَحْذُو عَلَيْهِ الحاذِي ويَقْطعُ النَّعْلَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَا أَيُّها الحاذِي عَلَى القِطاطِ
والقِطاطُ: مَدار حَافِرِ الدابَّةِ لأَنه كأَنه قُطَّ أَي قُطِعَ وسُوِّيَ؛ قَالَ:
يَرْدي بِسُمْرٍ صُلْبةِ القِطاطِ
والقَطَطُ: شَعْرُ الزّنْجِيّ. يُقَالُ: رَجل قَطَطٌ وَشَعْرٌ قَطَطٌ وامرأَة قَطَطٌ، وَالْجَمْعُ قَطَطُونَ وقَطَطاتٌ، وَشَعْرٌ قَطٌّ وقطَطٌ: جَعْد قَصِيرٌ، قَطَّ يَقَطُّ قَطَطاً وقَطاطةً وقَطِطَ، بإِظهار التَّضْعِيفِ، قَطّاً، وَهُوَ طَرِيفٌ. وجَعْدٌ قَطَطٌ أَي شدِيدُ الجُعودةِ. وَقَدْ قَطِطَ شَعْرُهُ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ عَلَى الأَصل بإِظهار التَّضْعِيفِ، ورَجل قَطُّ الشَّعْرِ وقَطَطُه بِمَعْنًى، وَالْجَمْعُ قَطُّون وقَطَطُون وأَقْطاطٌ وقِطاطٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
يُمشَّى بَيْننا حانوتُ خَمْرٍ، ... مِنَ الخُرْس الصَّراصِرةِ القِطاطِ «1»
والأُنثى قطّةٌ وقَطَطٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ. وَفِي حَدِيثِ المُلاعَنة:
إِن جاءتْ بِهِ جَعْداً قَطَطاً فَهُوَ لِفُلَانٍ
؛ والقَطَطُ: الشديدُ الجعُودةِ، وَقِيلَ: الحسَنُ الجعُودةِ. الْفَرَّاءُ: الأَقَطُّ الَّذِي انْسَحَقت أَسنانه حَتَّى ظَهَرَتْ دَرادِرُها، وَقِيلَ: الأَقطُّ الَّذِي سَقَطَتْ أَسنانه. ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ أَقَطُّ وامرأَة قَطَّاء إِذا أَكلا عَلَى أَسْنانِهما حَتَّى تَنْسحِقَ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ. والقَطَّاطُ: الخَرَّاطُ الَّذِي يَعْمَلُ الحُقَق؛ وأَنشد ابْنُ بَري لِرُؤْبَةَ يَصِفُ أُتُناً وَحِمَارًا:
سَوَّى، مَساحِيهنَّ، تَقطِيطَ الحُقَقْ، ... تَقْلِيلُ مَا قارَعْنَ مِن سُمِّ الطُّرَق «2»
أَراد بالمساحِي حَوافرَهن لأَنها تَسْحِي الأَرض أَي تَقْشُرها، ونصَب تقطيطَ الْحُقَقِ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لأَن مَعْنَى سَوّى وقطَّط واحد، والتقْطِيطُ:
__________
(1) . قوله [يمشى] كذا هو بالياء هنا وفي مادة خرص، وبالتاء الفوقية في مادة حنت.
(2) . قوله [سم الطرق] كذا هو بالسين المهملة في الموضعين ولعله شم أَو صم.(7/380)
قَطْعُ الشَّيْءِ، وأَراد تَقْطِيعَ حُقَق الطِّيب وتَسْويتَها، وتقْليلُ فَاعِلُ سَوّى أَي سَوّى مَساحِيَهنَّ تكسيرُ مَا قارَعَتْ مِنْ سُمّ الطُّرَق، والطُّرَقُ جَمْعُ طُرْقَة وَهِيَ حِجَارَةٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَحَدِيثُ قَتْلِ ابْنِ أَبي الحُقَيْق: فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ بِسَيْفِهِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَنْفَذَه فَجَعَلَ يَقُولُ: قَطْني قَطْني «1» . وقَطَّ السِّعْرُ يَقِطُّ، بِالْكَسْرِ، قَطّاً وقُطُوطاً، فَهُوَ قاطٌّ ومَقْطُوطٌ بِمَعْنَى فاعِل: غَلا. وَيُقَالُ: وردْنا أَرضاً قَطّاً سِعْرُها؛ قَالَ أَبو وجْزَة السَّعْدِيّ:
أَشْكُو إِلى اللهِ العَزِيز الجَبّارْ، ... ثُمَّ إِلَيْكَ اليَوْمَ بُعْدَ المُسْتارْ،
وحاجةَ الحَيِّ وقَطَّ الأَسْعارْ
وَقَالَ شَمِرٌ: قَطَّ السِّعْرُ، إِذا غَلا، خَطأ عِنْدِي إِنما هُوَ بِمَعْنَى فَتَر، وَقَالَ الأَزهري: وَهِمَ شَمِرٌ فِيمَا قَالَ. وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: حَطَّ السِّعْرُ حُطُوطاً وانْحَطَّ انْحِطاطاً وكسَر وَانْكَسَرَ إِذا فَتَر، وَقَالَ: سِعْرٌ مَقْطُوطٌ وَقَدْ قَطَّ إِذا غَلا، وَقَدْ قَطَّه اللَّهُ. ابْنُ الأَعرابي: القاطِطُ السِّعْر الْغَالِي. اللَّيْثُ: قَطْ خفِيفة بِمَعْنَى حَسْب، تَقُولُ: قَطْكَ الشَّيْءُ أَي حَسْبُك، قَالَ: وَمِثْلُهُ قَدْ، قَالَ وَهُمَا لَمْ يَتَمَكَّنَا فِي التَّصْرِيفِ، فإِذا أَضفتهما إِلى نَفْسِكَ قُوّيَتا بِالنُّونِ قُلْتَ: قَطْني وقَدْني كَمَا قَوَّوا عنِّي وَمِنِّي ولَدُنِّي بِنُونٍ أُخرى، قَالَ: وَقَالَ أَهل الْكُوفَةِ مَعْنَى قَطْنِي كَفَانِي فَالنُّونُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ مِثْلَ نُونِ كَفَانِي، لأَنك تَقُولُ قَطْ عبدَ اللهِ دِرهمٌ، وَقَالَ أَهل الْبَصْرَةِ: الصَّوَابُ فِيهِ الْخَفْضُ عَلَى مَعْنَى حَسْبُ زيدٍ وكَفْيُ زيدٍ درهمٌ، وَهَذِهِ النُّونُ عِمَادٌ، ومَنَعَهم أَن يَقُولُوا حَسْبُني أَن الْبَاءَ مُتَحَرِّكَةٌ وَالطَّاءَ مِنْ قَطْ سَاكِنَةٌ فَكَرِهُوا تَغْيِيرَهَا عَنِ الإِسكان، وَجَعَلُوا النُّونَ الثَّانِيَةَ مِنْ لَدُنِّي عِمَادًا لِلْيَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ النَّارِ:
إِنَّ النارَ تَقُولُ لِرَبِّهَا إِنك وعَدْتَنِي مِلْئي، فيَضَع فِيهَا قدَمَه
، وَفِي رِوَايَةٍ:
حَتَّى يَضَعَ الجبَّارُ فِيهَا قَدَمه فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ
بِمَعْنَى حَسْب، وَتَكْرَارُهَا للتأْكيد، وَهِيَ سَاكِنَةُ الطَّاءِ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ قَطْني أَي حَسْبِي. قَالَ اللَّيْثُ: وأَما قَطُّ فإِنه هُوَ الأَبَدُ الْمَاضِي، تَقُولُ: مَا رأَيت مِثْلَهُ قَطُّ، وَهُوَ رَفْعٌ لأَنه مِثْلُ قبلُ وبعدُ، قَالَ: وأَما القَطُّ الَّذِي فِي مَوْضِعِ مَا أَعطيته إِلا عِشْرِينَ قَطِّ فإِنه مَجْرُورٌ فَرْقًا بَيْنَ الزَّمَانِ والعَددِ، وقَطُّ مَعْنَاهَا الزَّمَانُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَا رأَيته قَطُّ وقُطُّ وقُطُ، مَرْفُوعَةٌ خَفِيفَةٌ مَحْذُوفَةٌ مِنْهَا، إِذا كَانَتْ بِمَعْنَى الدَّهْرِ فَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ وإِذا كَانَتْ فِي مَعْنَى حَسْب فَهِيَ مَفْتُوحَةُ الْقَافِ سَاكِنَةُ الطَّاءِ، قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: أَمّا قَوْلُهُمْ قَطُّ، بِالتَّشْدِيدِ، فإِنما كَانَتْ قَطُطُ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهَا أَن تُسَكَّنَ، فَلَمَّا سَكَنَ الْحَرْفُ الثَّانِي جُعِلَ الآخِر مُتَحَرِّكًا إِلى إِعرابه، وَلَوْ قِيلَ فِيهِ بِالْخَفْضِ وَالنَّصْبِ لَكَانَ وَجْهًا فِي الْعَرَبِيَّةِ، وأَما الَّذِينَ رَفَعُوا أَوَّله وَآخِرَهُ فَهُوَ كَقَوْلِكَ مُدُّ يَا هَذَا، وأَما الَّذِينَ خَفَّفُوهُ فإِنهم جَعَلُوهُ أَداة ثُمَّ بَنَوْه عَلَى أَصله فأَثبتوا الرَّفْعة الَّتِي كَانَتْ تَكُونُ فِي قَطُّ وَهِيَ مُشَدَّدَةٌ، وَكَانَ أَجود مِنْ ذَلِكَ أَن يَجْزِمُوا فَيَقُولُوا مَا رأَيته قُطْ، مَجْزُومَةٌ سَاكِنَةُ الطَّاءِ، وَجِهَةُ رَفْعِهِ كَقَوْلِهِمْ لَمْ أَره مُذُ يَوْمَانِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، كُلُّهُ تَعْلِيلٌ كُوفِيٌّ وَلِذَلِكَ لَفْظُ الإِعراب مَوْضِعُ لَفْظِ الْبِنَاءِ هَذَا إِذا كَانَتْ بِمَعْنَى الدهْر، وأَما إِذا كَانَتْ بِمَعْنَى حَسْبُ، وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَطْ سَاكِنَةُ الطَّاءِ مَعْنَاهَا الِاكْتِفَاءُ، وَقَدْ يُقَالُ قَطٍ وقَطِي، وَقَالَ: قَطُ مَعْنَاهَا الِانْتِهَاءُ وَبُنِيَتْ عَلَى الضَّمِّ كحَسْبُ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: مَا رأَيته قَطِّ، مَكْسُورَةً مُشَدَّدَةً، وَقَالَ بعضهم: قَطْ زيداً
__________
(1) . قوله: [وَحَدِيثُ قَتْلِ ابْنِ أَبي الحقيق، إِلى قوله قطني] ، هكذا في الأَصل. ولعلّ موضع هذه الجملة هو مع الكلام على قطني.(7/381)
دِرْهَمٌ أَي كَفَاهُ، وَزَادُوا النُّونَ فِي قَطْ فَقَالُوا قَطْني، لَمْ يُرِيدُوا أَن يَكْسِرُوا الطَّاءَ لِئَلَّا يَجْعَلُوهَا بِمَنْزِلَةِ الأَسماء الْمُتَمَكِّنَةِ نَحْوَ يَدِي وهَنِي. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَطْنِي كَلِمَةٌ مَوْضُوعَةٌ لَا زِيَادَةَ فِيهَا كَحَسْبِي؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
امتَلأَ الحوْضُ وَقَالَ: قَطْنِي، ... سَلا رُوَيْداً، قد ملأْتَ بَطْنِي «1»
وإِنما دَخَلَتِ النُّونُ لِيَسْلَمَ السُّكُونُ الَّذِي يُبْنَى الِاسْمُ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ النُّونُ لَا تَدْخُلُ الأَسماء، وإِنما تَدَخُلُ الْفِعْلَ الْمَاضِي إِذا دَخَلَتْهُ يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ كَقَوْلِكَ ضَرَبَنِي وَكَلَّمَنِي لِتَسْلَمَ الْفَتْحَةُ الَّتِي بُنِيَ الْفِعْلُ عَلَيْهَا وَلِتَكُونَ وِقَايَةً لِلْفِعْلِ مِنَ الْجَرِّ، وإِنما أَدخلوها فِي أَسماء مَخْصُوصَةٍ قَلِيلَةٍ نَحْوَ قَطْنِي وقَدْني وعَنِّي ومنِّي ولَدُنِّي لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، فَلَوْ كَانَتِ النُّونُ مِنْ أَصل الْكَلِمَةِ لَقَالُوا قَطْنُكَ وَهَذَا غَيْرُ مَعْلُومٍ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عَنِّي وَمِنِّي وَقَطْنِي وَلَدُنِّي عَلَى الْقِيَاسِ لأَن نُونَ الْوِقَايَةِ تَدْخُلُ الأَفعال لِتقيَها الْجَرَّ وَتُبْقِيَ عَلَى فَتْحِهَا، وَكَذَلِكَ هَذِهِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ دَخَلَتِ النُّونُ عَلَيْهَا لِتَقِيَهَا الْجَرَّ فَتُبْقِيَ عَلَى سُكُونِهَا، وَقَدْ يُنصب بقَطْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْفِضُ بِقَطْ مَجْزُومَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْنِيهَا عَلَى الضَّمِّ وَيَخْفِضُ بِهَا مَا بَعْدَهَا، وكلُّ هَذَا إِذا سُمِّيَ بِهِ ثُمَّ حُقِّرَ قِيلَ قُطَيْط لأَنه إِذا ثُقِّل فَقَدْ كُفِيت، وإِذا خُفِّفَ فأَصله التَّثْقِيلُ لأَنه مِنَ القَطّ الَّذِي هُوَ القَطْعُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا زَالَ هَذَا مُذْ قُطُّ يَا فَتَى، بِضَمِّ الْقَافِ وَالتَّثْقِيلِ، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ مَا لَه إِلا عَشَرَةٌ قَطْ يَا فَتَى، بِالتَّخْفِيفِ وَالْجَزْمِ، وقَطِّ يَا فَتَى، بِالتَّثْقِيلِ وَالْخَفْضِ. وقَطاطِ: مَبْنِيَّةٌ مِثْلُ قَطام أَي حَسْبِي؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِب:
أَطَلْتُ فِراطَهم، حَتَّى إِذا مَا ... قَتلْتُ سَراتَهمْ قالتْ: قَطاطِ
أَي قطْني وحسْبي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده أَطلت فِراطَكم وَقَتَلْتُ سَراتَكم بِكَافِ الْخِطَابِ، والفِراطُ: التقَدُّم؛ يَقُولُ: أَطلت التقدُّم بوَعِيدي لَكُمْ لِتَخْرُجُوا مِنْ حقِّي فَلَمْ تَفْعَلُوا. والقِطُّ: النَّصِيبُ. والقِطُّ: الصَّكُّ بالجائزةِ. والقِطُّ: الْكِتَابُ، وَقِيلَ: هُوَ كِتَابُ المُحاسَبةِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأُمَيَّةَ بْنِ أَبي الصَّلْتِ:
قَوْم لهم ساحةُ العِراقِ ... جَميعاً، والقِطُّ والقَلَمُ
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ
، وَالْجَمْعُ قُطوطٌ؛ قَالَ الأَعشى:
وَلَا المَلِكُ النُّعْمانُ، يَوْمَ لَقِيتُه ... بغِبْطَته، يُعْطِي القُطوطَ ويأْفِقُ
قَوْلُهُ: يأْفِقُ يُفَضِّلُ، قَالَ أَهل التَّفْسِيرِ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ قَالُوا: عَجِّلْ لَنا قِطَّنا
، أَي نَصِيبنا مِنَ الْعَذَابِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ذُكرت الْجَنَّةُ فاشْتَهوْا مَا فِيهَا فَقَالُوا: رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا
، أَي نَصِيبَنَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: القِطّ الصَّحِيفَةُ الْمَكْتُوبَةُ، وإِنما قَالُوا ذَلِكَ حِينَ نَزَلَ: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ*، فاستهزؤُوا بِذَلِكَ وَقَالُوا: عَجِّلْ لَنَا هَذَا الْكِتَابَ قَبْلَ يَوْمِ الحِساب. والقِطُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الصَّكُّ وَهُوَ الْحَظُّ. والقِطُّ: النَّصِيبُ، وأَصله الصَّحِيفَةُ للإِنسان بِصِلَةٍ يُوصَلُ بِهَا، قَالَ: وأَصل القِطّ مِنْ قطَطْتُ. وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهما كَانَا لَا يَريانِ ببيع القُطوطِ
__________
(1) . قوله [سلا] كذا هو بالأَصل وشرح القاموس، قال: ورواية الجوهري مهلًا انتهى. ولعل الأولى ملأ.(7/382)
إِذا خَرَجَتْ بأْساً، وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ لِمَنِ ابتاعَها أَن يَبِيعَهَا حَتَّى يَقْبِضَها. قَالَ الأَزهري: القُطوطُ هَاهُنَا جَمْعُ قِطّ وَهُوَ الْكِتَابُ. والقِطُّ: النَّصِيبُ، وأَراد بِهَا الْجَوَائِزَ والأَرْزاقَ، سُمِّيَتْ قُطوطاً لأَنها كَانَتْ تُخْرَجُ مَكْتُوبَةً فِي رِقاع وصِكاكٍ مَقْطُوعَةٍ، وبيعُها عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ جَائِزٍ مَا لَمْ يَتحصَّل مَا فِيهَا فِي مِلْك مَنْ كُتِبت لَهُ مَعْلُومَةً مَقْبُوضَةً. اللَّيْثُ: القِطَّةُ السِّنَّوْرُ، نَعْتٌ لَهَا دُونَ الذَّكَرِ. ابْنُ سِيدَهْ: القِطُّ السِّنَّوْرُ، وَالْجَمْعُ قِطاطٌ وقِطَطة، والأُنثى قِطَّة، وَقَالَ كُرَاعٌ: لَا يُقَالُ قِطَّة؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبها عَرَبِيَّةً؛ قَالَ الأَخطل:
أَكَلْتَ القِطاطَ فأَفْنَيْتَها، ... فَهَلْ فِي الخَنانِيصِ مِنْ مَغْمَزِ؟
ومضَى قِطٌّ مِنَ اللَّيْلِ أَي سَاعَةٌ؛ حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ. والقِطْقِطُ، بِالْكَسْرِ: المطَر الصِّغار الَّذِي كأَنه شَذْر، وَقِيلَ: هُوَ صِغَارُ البَرَدِ، وَقَدْ قَطْقَطت السَّمَاءُ فَهِيَ مُقَطْقِطةٌ، ثُمَّ الرَّذاذُ وَهُوَ فَوْقَ القِطْقِط، ثُمَّ الطَّشُّ وَهُوَ فَوْقَ الرّذاذِ، ثُمَّ البَغْشُ وَهُوَ فَوْقَ الطَّشِّ، ثُمَّ الغَبْيةُ وَهُوَ فَوْقَ البَغْشةِ، وَكَذَلِكَ الحَلْبةُ والشَّجْذةُ والحَفْشةُ والحَشْكةُ مِثْلُ الغَبْيةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: القِطْقِطُ الْمَطَرُ الْمُتَفَرِّقُ المُتتابِعُ المُتحاتِنُ. أَبو زَيْدٍ: أَصغر الْمَطَرِ القِطْقِطُ. وَيُقَالُ: جَاءَتِ الخيلُ قَطائطَ، قَطيعاً قَطِيعاً؛ قَالَ هِمْيانُ:
بالخيْلِ تَتْرَى زِيَماً قَطائطا
وَقَالَ عَلْقَمةُ بْنُ عَبْدة:
ونحنُ جَلَبْنا مِن ضَرِيّةَ خَيْلِنا، ... نُكَلِّفُها حَدَّ الإِكامِ قَطائطا
قَالَ أَبو عَمْرٍو: أَي نُكَلِّفُها أَن تقْطَع حَدَّ الإِكامِ فتقْطَعَها بِحَوَافِرِهَا؛ قَالَ: وَوَاحِدُ القَطائطِ قَطُوطٌ مِثْلَ جَدُودٍ وجَدائدَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: قَطائطاً رِعالًا وجَماعاتٍ فِي تَفْرِقة. وَيُقَالُ: تَقَطْقَطَت الدَّلْو إِلى الْبِئْرِ أَي انْحَدَرَت؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ سُفْرةً دَلَّاها فِي الْبِئْرِ:
بمَعْقُودة فِي نِسْعِ رَحْلٍ تَقَطْقَطَتْ ... إِلى الْمَاءِ، حَتَّى انْقَدَّ عَنْهَا طَحالِبُهْ
ابْنُ شُمَيْلٍ: فِي بَطْنِ الْفَرَسِ مَقاطُّه ومَخِيطُه، فأَما مِقَطُّه فَطَرَفُهُ فِي القَصِّ وَطَرَفُهُ فِي الْعَانَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أُبَيّ وسأَل زِرَّ بْنَ حُبَيْش عَنْ عَدَدِ سُورَةِ الأَحزاب فَقَالَ: إِمّا ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ أَو أَربعاً وَسَبْعِينَ، فَقَالَ: أَقَطْ؟
بأَلف الِاسْتِفْهَامِ أَي أَحَسْبُ؟ وَفِي حَدِيثِ
حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ: لقِيتُ عُقْبةَ بْنَ مُسْلِم فَقُلْتُ لَهُ: بلَغني أَنك حدَّثْتَ عَنْ عبدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ إِذا دَخَلَ الْمَسْجِدَ: أَعوذ بِاللَّهِ العظيم وبوجهه الكريم وسُلْطانه الْقَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، قَالَ: أَقَطْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
وقَطْقَطَتِ القَطاةُ والحَجلة: صَوَّتت وَحْدَهَا. وتَقَطْقَطَ الرجلُ: رَكِبَ رأْسَه. ودَلَجٌ قَطْقاطٌ: سَريع؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
يَسِيحُ بَعْدَ الدَّلَجِ القَطْقاطِ، ... وَهُوَ مُدِلٌّ حَسَنُ الأَلْياطِ «2»
وقُطَيْطِ: اسْمُ أَرض، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ القُطامِي:
أَبَتِ الخُرُوجَ مِنَ العِراقِ، ولَيْتَها ... رَفَعَت لنا بقُطَيْقِط أَظْعانا
__________
(2) . قوله [يسيح] كذا بالأصل هنا، وتقدم في مادة شرط: يصبح.(7/383)
ودارةُ قُطْقُطٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والقُطْقُطانةُ، بِالضَّمِّ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ بقُرب الْكُوفَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَن كَانَ يَسأَلُ عَنّا أَيْنَ مَنْزِلُنا؟ ... فالقُطْقُطانةُ مِنّا مَنْزِلٌ قَمِنُ «1»
قعط: قعَطَ الشيءَ قَعْطاً: ضَبَطَهُ. والقَعْطُ: الشدَّةُ والتضْيِيقُ. يُقَالُ: قعَط فُلَانٌ عَلَى غَرِيمه إِذا شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي التَّقَاضِي. وقعَط وثاقَه أَي شدَّه. والقَعْطةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ؛ قَالَ الأَغلب الْعِجْلِيُّ:
كَمْ بعدَها مِنْ وَرْطةٍ ووَرْطةِ، ... دافَعها ذُو العَرْشِ بعدَ وَبْطَتِي،
ودافَع المَكْروهَ بعدَ قَعْطَتِي
ابْنُ الأَعرابي: المِعْسَرُ الَّذِي يُقَعِّطُ عَلَى غَرِيمه فِي وَقْتِ عُسْرته؛ يُقَالُ: قعَّط عَلَى غَرِيمِهِ إِذا أَلَحَّ عَلَيْهِ. والقاعِطُ: المُضَيِّقُ عَلَى غَرِيمِهِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: قَعَّطَ فُلَانٌ عَلَى غَرِيمِهِ إِذا صَاحَ أَعْلَى صياحِه، وَكَذَلِكَ جَوَّق وثَهِتَ وجَوَّرَ. وقعَط عِمامتَه يَقْعَطُها قَعْطاً واقْتَعَطَها: أَدارها عَلَى رأْسه وَلَمْ يَتَلحَّ بِهَا، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَمَر المُتَعَمِّمَ بالتلَحِّي ونهَى عَنْ الاقْتِعاطِ
؛ هُوَ شدُّ العِمامة مِنْ غَيْرِ إِدارة تَحْتَ الْحَنَكِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: الاقْتِعاطُ هُوَ أَن يَعْتَمّ بالعِمامة وَلَا يَجْعَلَ مِنْهَا شَيْئًا تَحْتَ ذَقَنه. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ المِقْعَطةُ والمِقْعَطُ مَا تُعَصِّب بِهِ رأْسَك، والمِقْعَطةُ العِمامة مِنْهُ، وَجَاءَ فُلَانٌ مُقْتَعِطاً إِذا جَاءَ مُتَعَمِّمًا طابِقيّاً، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ، وَيُقَالُ: قَعَطْتُه قَعْطاً؛ وأَنشد:
طُهَيّةُ مَقْعُوطٌ عَلَيْهَا العَمائمُ
أَبو عَمْرٍو: القاعِطُ اليابِسُ. وقعَط شعرُه مِنَ الحُفوفِ إِذا يَبِسَ. والقَعْوَطةُ: تَقْويض البِناء مِثْلَ القَعْوَشةِ. الأَزهري: قَعْوَطُوا بُيوتهم إِذا قَوَّضُوها وجَوَّرُوها. وأَقْعَطْت الرجلَ إِقْعاطاً إِذا ذَلَّلْتَه وأَهَنْتَه. وقَعِطَ هُوَ إِذا هانَ وذَلَّ. والقَعْطُ: الكشْفُ. وَقَدْ أَقْعَطَ القومُ عَنْهُ أَي انكشَفُوا. وقَعط الدوابَّ يَقْعَطُها قَعْطاً وقَعَّطَها: ساقَها سَوْقاً شَدِيدًا. وَرَجُلٌ قَعّاطٌ وقِعاطٌ: سَوَّاقٌ عَنِيف شَدِيدُ السَّوق. وأَقْعَط فِي أَثره: اشتدَّ. والقَعْطُ: الطرْدُ. وَهُوَ يُقَعِّط الدَّوَابَّ إِذا كَانَ عَجُولًا يسوقُها شَدِيدًا. والقَعَّاط والمُقَعِّطُ: المُتكبّر الكَزُّ. والقُعَيْطةُ: أُنثى الحَجل. الأَزهري: قَرَبٌ قَعْطَبِيٌّ وقَعضبِيّ شَدِيدٌ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَرَب مُقَعَّطٌ.
قعمط: الأَزهري: القُعْموطةُ والبُعْقُوطةُ، كله: دُحْرُوجةُ الجُعلِ.
قفط: قَفَط الطائرُ الأُنثى وقَمَطها يَقْفُطُها ويَقْفِطُها قَفْطاً وقَفِطَها: سَفَدها، وَقِيلَ: القَفْطُ إِنما يَكُونُ لذواتِ الظِّلف، وذَقط الطائرُ يَذْقِطُ ذَقْطاً. ابْنُ شُمَيْلٍ: القَفْطُ شدَّة لَحاقِ الرَّجل المرأَةَ أَي شِدَّةُ احْتِفازه، والذَّقْطُ غَمْسُه فِيهَا، والقَفْطُ نَحْوُهُ. يُقَالُ: مَقَطها ونَخَسها وَدَاسَهَا يَدُوسها، والدَوْسُ النَّيْكُ. وقَفَطَ الماعِزُ: نَزا. واقْفاطَّتِ المِعزى اقْفيطاطاً: حَرَصَت عَلَى الْفَحْلِ فمدَّت مُؤخّرها إِليه. واقْتَفَط التيْس إِليها واقْتَفَطها وتَقافَطا تَعاوَنا عَلَى ذَلِكَ. والقَفَطى والقَيْفطُ، كِلَاهُمَا: الْكَثِيرُ الْجِمَاعِ؛ القَيْفَطُ عَلَى فَيْعل مِنَ القَفْط مِثْلَ خَيْطف مِنَ الخَطْف،
__________
(1) . هذا البيت لِعُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وفي ديوانه: الأقحوانة بدل القطقطانة.(7/384)
والتيْسُ يَقْتَفِطُ إِليها ويَقْتَفِطها إِذا ضَمَّ مُؤخّره إِليها. وقَفَطنا بِخَيْرٍ: كافأَنا. وَقَالَ الليثُ: رُقْيةُ الْعَقْرَبِ [شَجّة قَرنِيّة مِلْحة بَحْري قَفَطي] يقرؤها سبع مرات، وقل هُوَ اللَّهُ أَحد، سَبْعَ مرات.
قلط: القَلَطِيُّ: الْقَصِيرُ جِدّاً. ابْنُ سِيدَهْ: القَلَطِيُّ والقُلاطُ والقِيلِيطُ، وأَرى الأَخيرة سَوَادِيَّةً، كُلُّهُ: الْقَصِيرُ الْمُجْتَمِعُ مِنَ الناس والسَّنانير والكلاب. والقَيْلِطُ، وَقِيلَ القَيْلَطُ: المُنْتفِخ الخُصْية، وَيُقَالُ لَهُ ذُو القَيْلطِ. والقِيلِيطُ: الآدَرُ وَهُوَ القَيْلةُ. ابْنُ الأَعرابي: القَلْطُ الدَّمامةُ. والقلَّوْط، يُقَالُ، وَاللَّهُ أَعلم: إِنه مِنْ أَولاد الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ. والقِليطُ: الْعَظِيمُ الْبَيْضَتَيْنِ.
قلعط: اقْلَعَطّ الشعرُ: جَعُد كَشَعْرِ الزّنْج، وَقِيلَ: اقْلَعَطّ واقْلَعَدّ، وَهُوَ الشَّعْرُ الَّذِي لَا يَطُولُ وَلَا يَكُونُ إِلا مَعَ صَلَابَةِ الرأْس؛ وَقَالَ:
فَمَا نُهْنِهْتُ عَنْ سَبْطٍ كَمِيٍّ، ... وَلَا عَنْ مُقْلَعِطِّ الرأْسِ جَعْدِ
وَهِيَ القَلْعَطةُ؛ وأَنشد الأَزهري:
بأَتْلع مُقْلَعِطِّ الرأْسِ طاط
قمط: القَمْطُ: شَدٌّ كَشَدِّ الصَّبِيِّ فِي المَهْدِ وَفِي غَيْرِ الْمَهْدِ إِذا ضُمَّ أَعضاؤه إِلى جَسَدِهِ ثُمَّ لُفَّ عَلَيْهِ القِماطُ. ابْنُ سِيدَهْ: قَمَطه يَقْمُطه ويَقْمِطُه قَمْطاً وقَمَّطه شدَّ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْحَبْلِ القِماطُ. والقِماط: حَبْلٌ يُشَدُّ بِهِ قَوَائِمُ الشَّاةِ عِنْدَ الذَّبْحِ، وَكَذَلِكَ مَا يُشد بِهِ الصبيُّ فِي الْمَهْدِ، وَقَدْ قَمَطْت الصبيَّ والشاةَ بالقِماط أَقْمُطُ قَمْطاً. وقُمِطَ الأَسِير إِذا جُمع بَيْنَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بحبْل. والقِماط: الخِرقة الْعَرِيضَةُ الَّتِي تَلُفّها عَلَى الصَّبِيِّ إِذا قُمِط، وَقَدْ قَمَطَه بِهَا. قَالَ: وَلَا يَكُونُ القَمْطُ إِلّا شدَّ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مَعًا. والقُمّاطُ: اللُّصوص، والقَمّاطُ: اللِّصّ، والقَمْطُ: الأَخذ. ووقَع عَلَى قِماطِ فُلَانٍ: فَطِنَ لَهُ فِي تُؤدةٍ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ وقَعْتُ عَلَى قِماطِ فُلَانٍ أَي عَلَى بُنودِه، وَجَمْعُهُ القُمُط. وَيُقَالُ: مَرَّ بِنَا حولٌ قَمِيطٌ أَي تَامٌّ؛ وأَنشد صَاعِدٌ فِي الفُصُوص لأَيمن بْنِ خُرَيم يَذْكُرُ غَزالةَ الحَرُورِيّةَ:
أَقامَتْ غَزالةُ سُوقَ الضِّرابِ، ... لأَهْلِ العِراقَيْنِ، حَوْلًا قَمِيطا
وَيُرْوَى: شَهْرًا قَمِيطًا. وَغَزَالَةُ اسْمُ امرأَة شَبِيب الخارِجيّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فَمَا زَالَ يسأَله شَهْرًا قَمِيطًا
أَي تَامًّا كَامِلًا. وأَقمت عِنْدَهُ شَهْرًا قَمِيطًا وَحَوْلًا قَمِيطًا أَي تَامًّا. وسِفادُ الطيرِ كلِّه: قِماطٌ. وقَمَطَ الطائرُ الأُنثى يَقْمُطُها ويَقْمِطُها قَمْطاً: سَفَدَها، وَكَذَلِكَ التيسُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ مُرَّةُ: تقامَطَت الْغَنَمُ، فعمَّ بِهِ ذَلِكَ الجِنس. وتراصَعَتِ الغنمُ وتقامَطَتْ وإِنه لقَمَطي أَي شَدِيدُ السِّفاد. الحَرَّانيُّ عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبي ثَابِتٍ قَالَ: قَفَطَ التيسُ يَقْفُطُ ويَقْفِطُ إِذا نَزَا، وقمَطَ الطائرُ يَقْمُط ويَقْمِط. الأَصمعي: يُقَالُ لِلطَّائِرِ قمَطها وقفَطها. والقِمْطُ: مَا تشدُّ بِهِ الأَخْصاص، وَمِنْهُ مَعاقِدُ القِمْطِ. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيح: أَنه اختَصَم إِليه رَجُلَانِ فِي خُصٍّ فقَضى بالخُص لِلَّذِي تَلِيه القُمُطُ
، وَذَلِكَ أَنه احْتَكَمَ إِليه رَجُلَانِ فِي خُصّ ادَّعياه مَعًا، وقُمُطه شُرُطُه الَّتِي يُوثَّق بِهَا ويشدُّ بِهَا، مِنْ لِيفٍ كَانَتْ أَو مِنْ خُوص، فَقَضَى بِهِ لِلَّذِي تَليه المَعاقِدُ دُونَ مَنْ لَا تَلِيه مَعَاقِدُ القمُط، ومعاقدُ القمُط تَلي صاحبَ(7/385)
الْخُصِّ؛ الخُصُّ: الْبَيْتُ الَّذِي يُعْمَلُ مِنَ القَصب؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا قَالَ الْهَرَوِيُّ بِالضَّمِّ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: القِمْطُ، بِالْكَسْرِ، كأَنه عِنْدَهُ واحد.
قمعط: اقْمَعَطَّ الرَّجل إِذا عظُم أَعلى بَطْنِهِ وخَمُصَ أَسْفَلُه. واقْمَعَطَّ: تَدَاخَلَ بعضُه فِي بَعْضٍ، وَهِيَ القَمْعَطةُ. والقُمْعُوطةُ والمُقْعُوطةُ، كِلْتَاهُمَا: دُوَيْبَّة مَاءٍ.
قنط: القُنُوط: اليأْس، وَفِي التَّهْذِيبِ: اليأْس مِنَ الْخَيْرِ، وَقِيلَ: أَشدّ اليأْس مِنَ الشَّيْءِ. والقُنُوط، بِالضَّمِّ، الْمَصْدَرُ. وقَنَط يَقْنِطُ ويَقْنُطُ قُنُوطاً مِثْلَ جلَس يجلِس جُلوساً، وقَنِطَ قَنَطاً وَهُوَ قانِطٌ: يَئِسَ؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: قَنَطَ يَقْنَطُ كأَبى يَأْبَى، وَالصَّحِيحُ مَا بدأْنا بِهِ، وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ قَنِطَ يَقْنَطُ قَنَطاً، مِثْلَ تعِب يَتْعَب تَعَبًا، وقَناطة، فَهُوَ قَنِطٌ؛ وَقُرِئَ:
وَلَا تَكُنْ مِنَ القَنِطِين.
وأَما قَنَط يَقْنَطُ، بِالْفَتْحِ فِيهِمَا، وقَنِطَ يَقْنِط، بِالْكَسْرِ فِيهِمَا، فإِنما هُوَ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ؛ قَالَهُ الأَخفش. وَفِي التَّنْزِيلِ:
قَالَ وَمَنْ يَقْنُطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ
، وَقُرِئَ:
وَمَنْ يَقْنِطُ
، قَالَ الأَزهري: وَهُمَا لُغَتَانِ: قَنَطَ يَقْنُطُ، وقَنَطَ يَقْنِطُ قُنُوطاً فِي اللُّغَتَيْنِ، قَالَ: قَالَ ذَلِكَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ. وَيُقَالُ: شَرُّ النَّاسِ الَّذِينَ يُقَنِّطُون النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أَي يُؤْيِسُونهم. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ فِي روايةٍ: وقُطَّتِ القَنِطةُ
، قُطَّتْ أَي قُطِعَتْ، وأَما القَنِطةُ فَقَالَ أَبو مُوسَى: لَا نَعْرِفْهَا، قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَظنه تَصْحِيفًا إِلا أَن يَكُونَ أَراد القَطِنةَ بِتَقْدِيمِ الطَّاءِ، وَهِيَ هَنة دُونَ القِبةِ. وَيُقَالُ لِلْجُمَّةِ بَيْنَ الْوَرِكَيْنِ أَيضاً: قَطِنَةٌ.
قنسط: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: القُنْسَطِيطُ شجرة معروفة.
قوط: القَوْطُ: الْمِائَةُ مِنَ الْغَنَمِ إِلى مَا زَادَتْ وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الضأْن، وَقِيلَ: القَوْطُ هُوَ القَطِيع الْيَسِيرُ مِنْهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَا رَاعَنِي إِلا خَيالٌ هابِطا، ... عَلَى البُيوتِ، قَوْطَه العُلابِطا
ذاتَ فُضول تَلْعَطُ المَلاعِطا، ... فِيهَا ترَى العُقَّر والعَوائطا
تَخالُ سِرْحانَ الفلاةِ النَّاشِطا، ... إِذا اسْتَمى، أدبيَّها الغَطامِطا
«1» ، يَظَلُّ بَيْنَ فِئَتَيْها وابِطا
وَيُرْوَى:
مَا رَاعَنِي إِلا جَنَاحٌ هَابِطَا
العُلابِطُ: هِيَ الْخَمْسُونَ وَالْمِائَةُ إِلى مَا بَلَغَتْ مِنَ الْعَدَدِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلنَّوْعِ لَا وَاحِدَ لَهُ مِثْلَ النفَر وَالرَّهْطِ. وأَدبيها: وَسَطُهَا. والوابِطُ: الَّذِي تَكْثُر عَلَيْهِ فَلَا يَدْري أَيَّتها يأْخذ وَهُوَ المُعْيي. والمَلاعِطُ: مَا حَوْلَ الْبُيُوتِ: واسْتَمَيْت: اخْتَرْت خِيارها، وقَوطَه فِي الْبَيْتِ مَنْصُوبٌ بهابِطا فِي الْبَيْتِ قَبْلَهُ، وَهُوَ الشَّاهِدُ عَلَى هَبَطْته بِمَعْنَى أَهْبَطْتُه. وجَناحٌ: اسْمُ رَاعٍ، وَالْجَمْعُ أَقْواطٌ. وقُوطةُ: موضع.
فصل الكاف
كحط: كحَطَ المطرُ: لُغَةٌ فِي قَحَطَ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن الْكَافَ بَدَلٌ مِنَ القاف.
__________
(1) . قوله [أدبيها] كذا بالأصل.(7/386)
كسط: الكُسْطُ: الَّذِي يُتبخر بِهِ، لُغَةٌ فِي القُسْطِ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ كُسْطٌ لِهَذَا العُود البحريّ.
كشط: كشَطَ الغِطاءَ عَنِ الشَّيْءِ والجِلدَ عَنِ الجَزُور والجُلَّ عَنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ يَكْشِطُه كَشْطاً: قَلَعه ونَزَعه وكشَفه عَنْهُ، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الكِشاطُ، والقَشْطُ لُغَةٌ فِيهِ. قيسٌ تَقُولُ: كشَطْتُ، وَتَمِيمٌ تَقُولُ: قَشَطْتُ، بِالْقَافِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَتْ الْكَافُ فِي هَذَا بَدَلًا مِنَ الْقَافِ لأَنهما لُغَتَانِ لأَقوام مُخْتَلِفِينَ. وكشَطْتُ الْبَعِيرَ كَشْطاً: نَزَعْت جِلده، وَلَا يُقَالُ سَلَخت لأَن الْعَرَبَ لَا تَقُولُ فِي الْبَعِيرِ إِلا كشطْتُه أَو جَلَّدْتُه. وكَشَط فُلَانٌ عَنْ فَرَسِهِ الجُلَّ وقَشَطَه ونَضاه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: قُرَيْشٌ تَقُولُ كَشَطَ، وَتَمِيمٌ وأَسد يَقُولُونَ قَشَطَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَعْنِي نُزِعت فَطُوِيَتْ، وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ قُشِطَتْ، بِالْقَافِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الكافُور والقافُور والكُسْط والقُسْط، وإِذا تقارَب الْحَرْفَانِ فِي المَخْرج تَعَاقَبَا فِي اللُّغَاتِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى كُشِطت وقُشِطت قُلِعَتْ كَمَا يُقْلَعُ السَّقْفُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الكَشْطُ رفعُك شَيْئًا عَنْ شَيْءٍ قَدْ غَطَّاهُ وغَشِيَه مِنْ فَوْقِهِ كَمَا يُكْشَط الْجِلْدُ عَنِ السَّنَامِ وَعَنِ الْمَسْلُوخَةِ، وإِذا كُشط الجِلد عَنِ الجَزُور سمي الجلد كِشاطاً بعد ما يُكْشط، ثُمَّ رُبَّمَا غُطِّيَ عَلَيْهَا بِهِ فَيَقُولُ الْقَائِلُ ارْفَعْ عَنْهَا كِشاطَها لأَنظر إِلى لَحْمِهَا، يُقَالُ هَذَا فِي الجَزُور خَاصَّةً. قَالَ: والكَشَطةُ أَرْبابُ الجُزور المَكْشُوطةِ؛ وانْتَهى أَعرابيّ إِلى قَوْمٍ قَدْ سَلَخُوا جَزُورًا وَقَدْ غَطَّوْها بِكِشاطِها فَقَالَ: مَن الكَشَطةُ؟ وَهُوَ يُرِيدُ أَن يَسْتَوْهِبَهم، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: وِعاء المَرامي ومُثابِت الأَقْران وأَدْنى الجَزاء مِنَ الصَّدَقةِ، يَعْنِي فِيمَا يُجْزي مِنَ الصدقةِ، فَقَالَ الأَعرابي: يَا كِنانةُ وَيَا أَسدُ وَيَا بَكْر، أَطعِمُونا مِنْ لَحْمِ الجَزور؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: وَقَفَ رَجُلٌ عَلَى كنانةَ وأَسَد ابْنَيْ خُزَيْمة وَهُمَا يَكْشِطان عَنْ بَعِيرٍ لَهُمَا فَقَالَ لِرَجُلٍ قائمٍ: مَا جِلاء الكاشِطَيْنِ؟ فَقَالَ: خابئةُ المَصادِعِ وهَصَّارُ الأَقْران، يعني بخائبة الْمَصَادِعِ الكِنانة وبهَصَّار الأَقران الأَسد، فَقَالَ: يَا أَسد وَيَا كِنانةُ أَطْعِماني مِنْ هَذَا اللَّحْمِ، أَراد بِقَوْلِهِ مَا جِلاؤهما مَا اسْماهما، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: خَابِئَةُ مَصادِعَ ورأْسٌ بِلَا شَعْرٍ، وَكَذَا رُوِيَ يَا صُلَيع مَكَانَ يَا أَسد، وصُلَيْعٌ تَصْغِيرُ أَصْلَعَ مُرخّماً. وانكَشَط رَوْعُه أَي ذَهَبَ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فَتَكَشَّطَ السَّحَابُ
أَي تقطَّع وتَفَرَّق. والكَشْطُ والقَشْطُ سَوَاءٌ فِي الرَّفْعِ والإِزالة والقَلْع والكشف.
كلط: الكَلَطةُ: مِشْيةُ الأَعرج الشَّدِيدِ الْعَرَجِ، وَقِيلَ: هِيَ عَدْوُ الْمَقْطُوعِ الرِّجل، وَقِيلَ: مِشية المُقْعَدِ. أَبو عَمْرٍو: الكَلَطةُ واللَّبَطةُ عَدْو الأَقْزل. ابْنُ الأَعرابي: الكُلُطُ الرِّجال المُتَقَلِّبون فرَحاً ومرَحاً. وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَن الْفَرَزْدَقَ كَانَ لَهُ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ كَلَطةُ، وَآخَرُ يُقَالُ لَهُ لَبَطةُ، وَثَالِثٌ اسْمُهُ خَبَطةُ.
فصل اللام
لأط: لأَطَه لأْطاً: أَمَره بِشَيْءٍ فأَلحَّ عَلَيْهِ أَو اقْتضاه فأَلحَّ عَلَيْهِ أَيضاً. ولأَطه لأْطاً: أَتْبَعه بَصَرَهُ فَلَمْ يَصْرِفْه عَنْهُ حَتَّى يَتوارى. ولأَطه بِسَهْمٍ: أَصابَه.
لبط: لبَطَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ الأَرضَ يَلْبِطُ لَبْطاً مِثْلَ لبَجَ بِهِ: ضرَبها بِهِ، وَقِيلَ: صرَعَه صَرْعاً عَنِيفاً.(7/387)
ولُبِطَ بِفُلَانٍ إِذا صُرِع مِنْ عَيْنٍ أَو حُمّى. وَلُبِطَ بِهِ لَبْطاً: ضرَب بِنَفْسِهِ الأَرض مِنْ دَاءٍ أَو أَمر يَغْشاه مفاجأَةً. ولُبِطَ بِهِ يُلْبَط لَبْطاً إِذا سقَط مِنْ قِيام، وَكَذَلِكَ إِذا صُرعَ. وتَلَبَّط أَي اضْطَجَع وتَمَرَّغَ. والتَّلَبُّط: التَّمرُّغُ.
وَسُئِلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، عن الشُّهَدَاءِ فَقَالَ: أُولئك يَتَلَبَّطُون فِي الغُرَفِ العُلا مِنَ الجنَّةِ
أَي يَتَمَرَّغُون ويَضْطَجِعُون، وَيُقَالُ: يَتَصَرَّعُون، وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَتَلَبَّطُ فِي النَّعِيم أَي يتمرَّغُ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: اللَّبْطُ التَّقَلّبُ فِي الرِّياضِ. وَفِي حَدِيثِ
ماعِز: لَا تَسُبُّوه إِنه ليَتَلَبَّطُ فِي رِياضِ الجنة بعد ما رُجِمَ
أَي يتمرَّغُ فِيهَا؛ ومنه حديث
أُم إِسمعيل: جَعَلَتْ تنظُر إِليه يَتَلَوَّى ويَتَلَبَّطُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَانَتْ تَضْرِب اليتيمَ حَتَّى يَتَلَبَّطَ
أَي يَنْصَرِعَ مُسْبِطاً عَلَى الأَرض أَي مُمْتَدّاً، وَفِي رِوَايَةٍ:
تَضْرِبُ الْيَتِيمَ وتَلْبِطُه
أَي تصْرَعُه إِلى الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ عَامِرَ بْنَ أَبي ربيعةَ رأَى سَهْلَ بْنَ حُنَيْف يغْتسل فعانَه فلُبِطَ بِهِ حَتَّى مَا يَعْقِل أَي صُرِعَ وسقَطَ إِلى الأَرض، وَكَانَ قَالَ: مَا رأَيتُ كاليومِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ، فأَمَر، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، عامِر بْنَ أَبي رَبيعةَ العائنَ حَتَّى غَسَلَ لَهُ أَعْضاءه وَجَمَعَ الْمَاءَ ثُمَّ صبَّ عَلَى رأْس سَهْلٍ فَرَاحَ مَعَ الرَّكْبِ.
وَيُقَالُ: لُبِطَ بِالرَّجُلِ فَهُوَ مَلْبوطٌ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ وقريشٌ ملْبُوطٌ بِهِمْ
، يَعْنِي أَنهم سُقُوطٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَذَلِكَ لُبِجَ بِهِ، بِالْجِيمِ، مِثْلَ لُبط بِهِ سَوَاءً. ابْنُ الأَعرابي: جَاءَ فُلَانٌ سَكْرانَ مُلْتَبِطاً كَقَوْلِكَ مُلْتَبِجاً، ومُتَلَبِّطاً أَجْود مِنْ مُلْتَبِط لأَن الالْتِباطَ مِنَ العَدْوِ. وَفِي حَدِيثِ
الحَجَّاج السُّلَميّ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ قَالَ لِلْمُشْرِكِينَ: لَيْسَ عِنْدِي «2» مِنَ الخبَر مَا يسُرّكم، فالتَبَطُوا بَجَنْبَيْ نَاقَتِهِ يَقُولُونَ: إِيه يَا حَجَّاجُ
الْفَرَّاءُ: اللَّبَطةُ أَن يَضْرِبَ الْبَعِيرَ بِيَدَيْهِ. ولَبطه البعيرُ يَلْبِطُه لَبْطاً: خَبَطَه. واللَّبْط بِالْيَدِ: كالخَبْطِ بِالرِّجْلِ، وَقِيلَ: إِذا ضَرَبَ الْبَعِيرَ بِقَوَائِمِهِ كُلِّهَا فَتِلْكَ اللَّبَطَةُ، وَقَدْ لَبَطَ يَلْبِطُ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
يَلْبِطُ فِيهَا كُلُّ حَيْزَبُون
الْحَيْزَبُونُ: الشَّهْمةُ الذَّكِيَّةُ. والتَبَطَ: كَلَبَطَ. وتَلَبَّطَ الرجلُ: اخْتَلَطَتْ عَلَيْهِ أُمُوره. ولُبِطَ الرجلُ لَبْطاً: أَصابَه سُعَالٌ وزُكام، وَالِاسْمُ اللَّبَطَةُ، واللبَطة: عَدْوُ الشدِيد العَرج، وَقِيلَ: عَدْوُ الأَقْزَل. أَبو عَمْرٍو: اللَّبَطة والكَلَطةُ عدْو الأَقزل، والالْتباطُ عَدْوٌ مَعَ وَثْب. والتَبَطَ البعيرُ يَلْتَبِطُ التِباطاً إِذا عَدا فِي وَثْب؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَا زِلْتُ أَسْعى مَعَهم وأَلْتَبطْ
وإِذا عَدَا الْبَعِيرُ وَضَرَبَ بِقَوَائِمِهِ كُلِّهَا قِيلَ: مَرَّ يَلْتَبطُ، وَالِاسْمُ اللبَطةُ، بِالتَّحْرِيكِ. والأَلباطُ: الجُلودُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
وقُلُصٍ مُقْوَرَّةِ الأَلباطِ
وَرِوَايَةُ أَبي العَلاء: مقوَّرة الأَلْياط، كأَنه جَمْعُ لِيطٍ. ولَبَطةُ: اسْمٌ، وَكَانَ لِلْفَرَزْدَقِ مِنَ الأَولاد لَبَطةُ وكَلَطةُ وجَلَطة «3» .
__________
(2) . قوله [ليس عندي إلخ] كذا بالأَصل، وهو في النهاية بدون ليس.
(3) . قوله [وجلطة] هو بالجيم، وقد مر في كلط خبطة بالخاء المعجمة ووقع في القاموس حلطة بالحاء المهملة.(7/388)
لثط: ابْنُ الأَعرابي: اللَّثْطُ ضرْبُ الكفِّ الظهْرَ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَقَالَ غَيْرُهُ: اللَّطْث واللَّثْطُ كِلَاهُمَا الضرْب الْخَفِيفُ.
لحط: ابْنُ الأَعرابي: اللَّحْطُ الرَّشُّ. يُقَالُ: لَحَطَ بابَ دارِه إِذا رَشَّه بِالْمَاءِ. قَالَ: واللَّحْطُ الرشُّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: أَنه مَرَّ بِقَوْمٍ لَحَطُوا بابَ دارِهم
أَي رَشُّوه.
لخط: قَالَ ابْنُ بُزُرْجَ فِي نَوَادِرِهِ: قَالَ خَيْشَنةُ: قَدِ التَخَط الرَّجلُ مِنْ ذَلِكَ الأَمر، يُريد اخْتَلَط، قَالَ: وَمَا اخْتَلَط إِنما التَخَط.
لطط: لَطَّ الشيءَ يَلُطُّه لَطّاً: أَلْزَقَه. ولَطَّ بِهِ يَلُطُّ لَطّاً: أَلْزَقَه. ولَطَّ الغَريمُ بِالْحَقِّ دُون الباطِل وأَلَطَّ، والأُولى أَجْود: دافَعَ ومَنَعَ الْحَقَّ. ولَطَّ حقَّه وَلَطَّ عَلَيْهِ: جَحَده، وَفُلَانٌ مُلِطٌّ وَلَا يُقَالُ لاطٌّ، وَقَوْلُهُمْ لاطٌّ مُلِطٌّ كَمَا يُقَالُ خَبِيث مُخْبِث أَي أَصحابه خُبَثاء. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفةَ: لَا تُلْطِطْ فِي الزّكاةِ
أَي لَا تَمْنَعْها؛ قَالَ أَبو مُوسَى: هَكَذَا رَوَاهُ الْقُتَيْبِيُّ لَا تُلْطِطْ عَلَى النَّهْيِ لِلْوَاحِدِ، وَالَّذِي رَوَاهُ غَيْرُهُ:
مَا لَمْ يَكُنْ عَهْدٌ وَلَا مَوْعِدٌ وَلَا تَثاقُل عَنِ الصَّلَاةِ وَلَا يُلْطَطُ فِي الزَّكَاةِ وَلَا يُلْحَدُ فِي الحياةِ
، قَالَ: وَهُوَ الْوَجْهُ لأَنه خِطَابٌ لِلْجَمَاعَةِ وَاقِعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَرَوَاهُ
الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَا نُلْطِط وَلَا نُلْحِد
، بِالنُّونِ. وأَلَطَّه أَي أَعانَه أَو حَمَلَهُ عَلَى أَن يُلِطّ حَقِّي. يُقَالُ: مَا لكَ تُعِينُه عَلَى لَطَطِه؟ وأَلَطَّ الرجلُ أَي اشْتَدَّ فِي الأَمر والخُصومة. قَالَ أَبو سعيد: إِذا اخْتَصَمَ رَجُلَانِ فَكَانَ لأَحدهما رَفِيدٌ يَرْفِدُه ويشُدُّ عَلَى يَدِهِ فَذَلِكَ الْمُعَيَّنُ هُوَ المُلِطُّ، والخَصم هُوَ اللَّاطُ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ قولَ يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ: أَنْشأْتَ تَلُطُّها أَي تَمْنَعُها حَقَّها مِنَ المَهر، وَيُرْوَى تطُلُّها، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَرُبَّمَا قَالُوا تَلَطَّيْتُ حَقَّهُ، لأَنهم كَرِهُوا اجْتِمَاعَ ثَلَاثَ طَاءَاتٍ فأَبدلوا مِنَ الأَخيرة يَاءً كَمَا قَالُوا مِنَ اللَّعاع تَلَعَّيْت. وأَلَطَّه أَي أَعانه. ولَطَّ عَلَى الشَّيْءِ وأَلَطَّ: ستَر، وَالِاسْمُ اللَّطَطُ، ولَطَطْتُ الشيءَ أَلُطّه: سترتُه وأَخْفيته. واللّطُّ: الستْر. ولطَّ الشيءَ: ستَره؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ للأَعشى:
ولَقَدْ سَاءَهَا البَياضُ فَلَطَّتْ ... بِحِجابٍ، مِنْ بَيْنِنا، مَصْدُوفِ
وَيُرْوَى: مَصْرُوفِ، وَكُلُّ شَيْءٍ سَتَرْتَهُ، فَقَدْ لَطَطْتَه. وَلَطَّ السِّتر: أَرْخاه. وَلَطَّ الحِجاب: أَرْخاه وسدَلَه؛ قَالَ:
لَجَجْنا ولَجَّتْ هَذِهِ فِي التَّغَضُّبِ، ... وَلَطِّ الْحِجَابِ دُوننا والتَّنَقُّبِ
واللّطُّ فِي الخبَر: أَن تَكْتُمه وتُظْهر غَيْرَهُ، وَهُوَ مِنَ السَّتْرِ أَيضاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وإِذا أَتاني سائلٌ، لَمْ أَعْتَلِلْ، ... لَا لُطَّ مِنْ دُونِ السَّوامِ حِجابي
ولَطَّ عَلَيْهِ الخَبرَ لَطّاً: لَواه وكتَمه. اللَّيْثُ: لَطَّ فُلَانٌ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ أَي ستَره. والناقةُ تَلِطُّ بذنبها إِذا أَلزَقَتْ بِفَرْجِهَا وأَدخلته بَيْنَ فَخْذَيْهَا؛
وقَدِم عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَعْشَى بَنِي مازِن فَشَكَا إِليه حَلِيلَته وأَنشد:
إِلَيْكَ أَشْكُو ذِرْبةً مِنَ الذِّرَبْ، ... أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ
أَراد أَنها مَنَعَتْه بُضْعَها وموضِعَ حاجتِه مِنْهَا، كَمَا(7/389)
تَلِطُّ الناقةُ بِذَنَبِهَا إِذا امْتَنَعَتْ عَلَى الْفَحْلِ أَن يضْربها وَسَدَّتْ فَرْجَهَا بِهِ، وَقِيلَ: أَراد تَوارَتْ وأَخْفت شَخْصَهَا عَنْهُ كَمَا تُخْفِي الناقةُ فرجَها بِذَنَبِهَا. ولطَّتْ الناقةُ بِذَنَبِهَا تَلِطُّ لَطّاً: أَدخلته بَيْنَ فَخْذَيْهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لقَيْسِ بْنِ الخَطِيم:
لَيالٍ لَنا، وُدُّها مُنْصِبٌ، ... إِذا الشَّوْلُ لَطَّتْ بأَذْنابِها
ولَطَّ البابَ لَطّاً: أَغْلَقه. ولَطَطْتُ بِفُلَانٍ أَلُطُّه لَطّاً إِذا لَزِمْته، وَكَذَلِكَ أَلْظَظْتُ بِهِ إِلْظاظاً، والأَول بِالطَّاءِ، رَوَاهُ أَبو عُبيد عَنْ أَبي عُبيدةَ فِي بَابِ لُزومِ الرَّجلِ صَاحِبَهُ. ولَطَّ بالأَمر يَلِطُّ لَطًّا: لَزِمَه. وَلَطَطْتُ الشيءَ: أَلصَقْتُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَلُطُّ حوْضها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي الموطّإِ، واللَّطُّ الإِلصاق، يُرِيدُ تُلْصِقُه بِالطِّينِ حَتَّى تسُدّ خَلَلَه. واللَّطُّ: العِقْدُ، وَقِيلَ: هُوَ القِلادةُ مِنْ حَبِّ الحنْظَلِ المُصَبَّغ، وَالْجَمْعُ لِطاطٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِلى أَميرٍ بالعِراق ثَطِّ، ... وجْهِ عَجُوزٍ حُلِّيَتْ فِي لَطِّ،
تَضْحَكُ عَنْ مِثْلِ الَّذِي تُغَطِّي
أَراد أَنها بَخْراء الفَمِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جَوارٍ يُحَلَّيْنَ اللِّطاطَ، يَزِينُها ... شَرائحُ أَحوافٍ مِنَ الأَدَمِ الصِّرفِ
واللَّط: قِلادة. يُقَالُ: رأَيت فِي عُنقها لَطّاً حسَناً وكَرْماً حسَناً وعِقْداً حسَناً كُلُّهُ بِمَعْنًى؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وَتُرْسٌ مَلْطُوطٌ أَي مَكْبُوب عَلَى وَجْهِهِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤيّةَ:
صَبَّ اللَّهِيفُ لَهَا السُّبُوبَ بطَغْيةٍ، ... تُنْبي العُقابَ، كَمَا يُلَطُّ المِجْنَبُ
تُنْبي العُقاب: تَدْفعُها مِنْ مَلاستها. والمِجْنب: التُّرْس؛ أَراد أَن هَذِهِ الطَّغْية مِثْلُ ظَهْرِ التُّرْسِ إِذا كبَبْتَه. والطَّغْيةُ: الناحيةُ مِنَ الجبَل. واللِّطاطُ والمِلْطاطُ: حَرْفٌ مِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ وَجَانِبِهِ. ومِلطاطُ الْبَعِيرِ: حَرْف فِي وَسَطِ رأْسه. والمِلْطاطانِ: ناحِيتا الرأْس، وَقِيلَ: مِلْطاطُ الرأْس جُمْلته، وَقِيلَ جِلْدته، وَكُلُّ شِقّ مِنَ الرأْس مِلْطاط؛ قَالَ: والأَصل فِيهَا مِنْ مِلْطاط الْبَعِيرِ وَهُوَ حَرْفٌ فِي وَسَطِ رأْسه. والمِلْطاطُ: أَعلى حَرْفِ الْجَبَلِ وصَحْنُ الدَّارِ، وَالْمِيمُ فِي كُلِّهَا زَائِدَةٌ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
يَمْتَلِخُ العَيْنينِ بانْتِشاطِ، ... وفَرْوةَ الرّأْسِ عَنِ المِلْطاطِ
وَفِي ذِكْرِ الشِّجاج: المِلْطاط وَهِيَ المِلْطاء والمِلْطاط طَرِيقٌ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
نحنُ جَمَعْنا الناسَ بالمِلْطاطِ، ... فِي وَرْطةٍ، وأَيُّما إِيراطِ
وَيُرْوَى:
فأَصْبَحُوا فِي ورْطةِ الأَوْراطِ
وَقَالَ الأَصمعي: يَعْنِي سَاحِلَ الْبَحْرِ. والمِلْطاطُ: حافةُ الوادِي وشَفِيرُه وساحِلُ الْبَحْرِ. وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ: هَذَا المِلْطاطُ طَريقُ بَقِيّةِ الْمُؤْمِنِينَ هُرّاباً مِنَ الدَّجّالِ، يَعْنِي بِهِ شَاطِئَ الفُراتِ، قَالَ: وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ.(7/390)
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هَذَا لِطَاطُ الْجَبَلِ «1» وَثَلَاثَةُ أَلِطّة، وَهُوَ طَرِيقٌ فِي عُرض الْجَبَلِ، والقِطاطُ حافةُ أَعْلى الكَهْف وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقِطَّة. وَيُقَالُ لصَوْبَجِ الخَبَّازِ: المِلْطاط والمِرْقاق. واللِّطْلِطُ: الغَلِيظُ الأَسنان؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تَفْتَرُّ عَنْ قَرِدِ المنابِتِ لِطْلِطٍ، ... مِثْلِ العِجان، وضِرْسُها كالحافِر
واللِّطْلِطُ: الناقةُ الهَرِمةُ. واللِّطلِطُ: العَجوز. وَقَالَ الأَصمعي: اللَّطْلِطُ الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ مِنَ النُّوقِ المسِنة الَّتِي قَدْ أُكل أَسنانُها. والأَلَطُّ: الَّذِي سَقطت أَسنانه أَو تأَكَّلت وبَقِيَتْ أُصُولُها، يُقَالُ: رَجُلٌ أَلَطُّ بيِّن اللَّطَطِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعَجُوزِ لِطْلِط، وَلِلنَّاقَةِ الْمُسِنَّةِ لِطْلط إِذا سَقَطَتْ أَسنانها. والمِلْطاطُ رَحَى البَزِر. وَالْمِلَاطُ: خَشَبَةُ الْبَزِرِ «2» ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
فَرْشَطَ لَمَّا كُرِه الفِرْشاطُ، ... بِفَيْشةٍ كأَنها مِلْطاطُ
لعط: لَعَطَه بِسَهْمٍ لَعْطاً: رَمَاهُ فأَصابه بِهِ. ولَعَطه بِعَيْنٍ لَعْطاً: أَصابه. واللُّعْطةُ: خطٌّ بِسَوَادٍ أَو صُفْرَةٍ تَخُطُّه المرأَة فِي خَدِّهَا كالعُلْطة، ولُعْطةُ الصَّقْر: سُفْعةٌ فِي وَجْهِهِ. وَشَاةٌ لَعْطاء: بَيْضَاءُ عُرْضِ الْعُنُقِ. وَنَعْجَةٌ لَعْطاء: وَهِيَ الَّتِي بعُرْضِ عُنقها لُعْطةٌ سَوْداء وَسَائِرُهَا أَبيض. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: إِن كَانَ بِعُرْضِ عُنُقِ الشَّاةِ سَوَادٌ فَهِيَ لَعْطاء، وَالِاسْمُ اللُّعْطة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه عَادَ البَراءَ بْنَ مَعْرُور وأَخذَتْه الذُّبْحةُ فأَمَرَ مَن لَعَطَه بِالنَّارِ
أَي كَواه فِي عُنُقه. ولُعْط الرّمْلِ: إِبْطُه، وَالْجَمْعُ أَلعاط. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لَعَطَتِ الإِبِلُ لَعْطاً والتَعَطَتْ لَمْ تُبْعِدْ فِي مَرْعاها ورَعَتْ حَولَ الْبُيُوتِ، والمَلْعَطُ ذَلِكَ المَرْعَى، والمَلاعِطُ المَراعِي حَوْلَ الْبُيُوتِ. يُقَالُ: إِبلُ فلانٍ تَلْعَطُ المَلاعِطَ أَي ترعَى قَرِيبًا مِنَ الْبُيُوتِ، وأَنشد شَمِرٌ:
مَا راعَنِي إِلا جَناحٌ هابِطاً، ... «3» عَلَى البُيوتِ، قَوْطَه العُلابِطا
ذاتَ فُضُولٍ تَلْعَطُ المَلاعِطا
وجَناحٌ: اسْمُ رَاعِي غَنَمٍ، وجَعَل هَابِطًا هَاهُنَا واقِعاً. ولَعَطَنِي فُلَانٌ بحقِّي لَعْطاً أَي لَوانِي بِهِ ومَطَلَنِي. واللُّعْطُ: مَا لَزِقَ بنَجَفةِ الْجَبَلِ. يُقَالُ: خُذِ اللُّعْطَ يَا فُلَانَ. ومَرّ فُلَانٌ لاعِطاً أَي مَرَّ مُعارِضاً إِلى جَنْبِ حَائِطٍ أَو جَبَلٍ، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنَ الْحَائِطِ والجبَل يُقَالُ لَهُ اللُّعْطُ. وأَلْعَطَ الرّجلُ إِذا مَشَى فِي لُعْطِ الْجَبَلِ، وَهُوَ أَصله.
لغط: اللَّغْطُ واللَّغَطُ: الأَصْواتُ المُبْهَمة المُخْتَلطة والجَلَبةُ لَا تُفهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَلَهُمْ لَغَط فِي أَسْواقهم
؛ اللغطُ صَوْتٌ وضَجَّة لَا يُفهم مَعناه، وَقِيلَ: هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا يَبِين، يُقَالُ: سَمِعْتُ لَغَطَ الْقَوْمِ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: سَمِعْتُ لَغْطاً ولَغَطاً، وَقَدْ لَغَطُوا يَلْغَطُون لَغْطاً ولَغَطاً ولِغَاطاً؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
كَأَنَّ لَغا الخَمُوشِ بِجانِبَيْهِ ... لَغا رَكْبٍ، أُمَيمَ، ذَوِي لِغاطِ
__________
(1) . قوله [لطاط الجبل] قال في شرح القاموس: إطلاقه يوهم الفتح، وقد ضبطه الصاغاني بالكسر كزمام.
(2) . قوله [والملاط خشبة البزر] كذا بالأصل، ولعلها الملطاط.
(3) . 1 ورد في صفحة 386 خيال بدل جناح ولعل الصواب ما هو هنا.(7/391)
وَيُرْوَى: وَغَى الخَمُوشِ. ولَغَطُوا وأَلْغَطُوا إِلْغاطاً ولَغَط القَطا والحَمامُ بِصَوْتِهِ يلغَط لَغْطاً ولَغِيطاً وأَلْغَط، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا لِلْوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ، وَكَذَلِكَ الإِلْغاط؛ قَالَ يَصِفُ القَطا وَالْحَمَامَ:
ومَنْهَلٍ ورَدْتُه الْتِقاطا، ... لَمْ أَلْقَ، إِذْ وَرَدْتُه، فُرّاطا
إِلا الحَمامَ الوُرْقَ والغَطاطا، ... فهُنّ يُلْغِطْن بِهِ إِلْغاطا
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
باكَرْتُه قَبْلَ الغَطاطِ اللُّغَّطِ، ... وقبْلَ جُونِيِّ القَطا المُخَطَّطِ
وأَلْغَطَ لبنَه: أَلقى فِيهِ الرَّضْفَ فَارْتَفَعَ لَهُ نَشِيشٌ. واللَّغْطُ: فِناء الْبَابِ. ولُغاطٌ: اسْمُ مَاءٍ، قَالَ:
لَمّا رَأْتْ مَاءَ لُغاطٍ قَدْ سَجِسْ
ولُغاطٌ: جبَل؛ قَالَ:
كأَنَّ، تَحتَ الرَّحْلِ والقُرْطاطِ، ... خِنْذِيذةً مِنْ كَتِفَيْ لُغاطِ
ولُغاطٌ، بالضم: اسم رجل.
لقط: اللَّقْطُ: أَخْذُ الشَّيْءِ مِنَ الأَرض، لَقَطَه يَلْقُطه لَقْطاً والْتَقَطَه: أَخذه مِنَ الأَرض. يُقَالُ: لِكُلِّ ساقِطةٍ لاقِطةٌ أَي لِكُلِّ مَا نَدَر مِنَ الْكَلَامِ مَن يَسْمَعُها ويُذِيعُها. ولاقِطةُ الحَصى: قانِصةُ الطَّيْرِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْحَصَى. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنَّ عِنْدَكَ دِيكًا يَلْتَقِط الْحَصَى، يُقَالُ ذَلِكَ لِلنَّمَّامِ. اللَّيْثُ: إِذا التقَط الكلامَ لنميمةٍ قُلْتَ لُقَّيْطَى خُلَّيْطَى، حِكَايَةً لِفِعْلِهِ. قَالَ اللَّيْثُ: واللُّقْطةُ، بِتَسْكِينِ الْقَافِ، اسْمُ الشَّيْءِ الَّذِي تجِدُه مُلْقًى فتأْخذه، وَكَذَلِكَ المَنبوذ مِنَ الصِّبْيَانِ لُقْطةٌ، وأَمّا اللُّقَطةُ، بِفَتْحِ الْقَافِ، فَهُوَ الرَّجُلُ اللّقّاطُ يَتْبَعُ اللُّقْطات يَلْتَقِطُها؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ لأَنّ الفُعْلة لِلْمَفْعُولِ كالضُّحْكةِ، والفُعَلةُ لِلْفَاعِلِ كالضُّحَكةِ؛ قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
أَلُقْطَةَ هُدهدٍ وجُنُودَ أُنْثَى ... مُبَرْشِمةً، أَلَحْمِي تأْكُلُونا؟
لُقْطة: مُنَادَى مُضَافٌ، وَكَذَلِكَ جُنُودَ أُنثى، وَجَعَلَهُمْ بِذَلِكَ النهايةَ فِي الدَّناءة لأَنّ الهُدْهد يأْكل العَذِرةَ، وَجَعَلَهُمْ يَدِينون لامرأَة. ومُبَرْشِمة: حَالٌ مِنَ الْمُنَادَى. والبَرْشَمةُ: إِدامة النَّظَرِ، وَذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ الْغَيْظِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ التُّخْمةُ، بِالسُّكُونِ، هُوَ الصَّحِيحُ، والنُّخَبةُ، بِالتَّحْرِيكِ، نَادِرٌ كَمَا أَن اللُّقَطة، بِالتَّحْرِيكِ، نَادِرٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَكَلَامُ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ غَيْرِ مَا قَالَ اللَّيْثُ فِي اللقْطة واللقَطة، وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي والأَحمر قَالَا: هِيَ اللُّقَطةُ والقُصَعةُ والنُّفَقةُ مُثَقَّلَاتٍ كُلُّهَا، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ حُذّاق النَّحْوِيِّينَ لَمْ أَسمع لُقْطة لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَهَكَذَا رَوَاهُ الْمُحَدِّثُونَ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ أَنه قَالَ فِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنه سُئِلَ عَنِ اللقَطة فَقَالَ: احْفَظْ عِفاصَها ووِكاءها.
وأَما الصَّبِيُّ الْمَنْبُوذُ يَجِده إِنسان فَهُوَ اللقِيطُ عِنْدَ الْعَرَبِ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَالَّذِي يأْخذ الصَّبِيَّ أَو الشَّيْءَ الساقِط يُقَالُ لَهُ: المُلْتَقِطُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المرأَةُ تَحُوز ثلاثةَ مَوارِيثَ: عَتِيقَها ولَقِيطَها وولدَها الَّذِي لاعَنَت عَنْهُ
؛ اللَّقِيطُ الطِّفل الَّذِي يوجَد مرْميّاً عَلَى الطُّرق لَا يُعرف أَبوه(7/392)
وَلَا أُمّه، وَهُوَ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ حُرّ لَا وَلاء عَلَيْهِ لأَحد وَلَا يَرِثُه مُلْتَقِطه، وَذَهَبَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ إِلى الْعَمَلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ضَعفه عِنْدَ أَكثر أَهل النَّقْلِ. وَيُقَالُ لِلَّذِي يَلْقُط السَّنابِلَ إِذا حُصِدَ الزرعُ ووُخِزَ الرُّطَب مِنَ العِذْق: لاقِطٌ ولَقّاطٌ ولَقَّاطةٌ. وأَمَّا اللُّقاطةُ فَهُوَ مَا كَانَ سَاقِطًا مِنَ الشَّيْءِ التَّافِه الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ ومَن شاءَ أَخذه. وَفِي حَدِيثِ مَكَّةَ:
وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُها إِلا لِمُنْشِد
، وَقَدْ تكرر ذكرها من الْحَدِيثِ، وَهِيَ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ، اسْمُ المالِ المَلْقُوط أَي الْمَوْجُودِ. والالتقاطُ: أَن تَعْثُر عَلَى الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ قَصْد وطلَب؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ اسْمُ المُلْتَقِط كالضُّحَكةِ والهُمَزَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، فأَما المالُ المَلْقُوط فَهُوَ بِسُكُونِ الْقَافِ، قَالَ: والأَول أَكثر وأَصح. ابْنُ الأَثير: واللقَطة فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ لَا تحِل إِلا لِمَنْ يُعرِّفها سَنَةً ثُمَّ يتملَّكها بَعْدَ السَّنَةِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ لِصَاحِبِهَا إِذا وَجَدَهُ، فأَمّا مكةُ، صَانَهَا اللَّهُ تَعَالَى، فَفِي لُقَطتِها خِلاف، فَقِيلَ: إِنها كَسَائِرِ الْبِلَادِ، وَقِيلَ: لَا، لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَالْمُرَادُ بالإِنشاد الدَّوام عَلَيْهِ، وإِلا فَلَا فَائِدَةَ لِتَخْصِيصِهَا بالإِنشاد، وَاخْتَارَ أَبو عُبَيْدٍ أَنه لَيْسَ يحلُّ للملتقِط الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَيْسَ لَهُ إِلا الإِنشاد، وَقَالَ الأَزهري: فَرق بِقُولِهِ هَذَا بَيْنَ لُقَطة الْحَرَمِ وَلُقَطَةِ سَائِرِ الْبِلَادِ، فإِن لُقَطة غَيْرِهَا إِذا عُرِّفت سَنَةً حَلَّ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وجَعل لُقطةَ الْحَرَمِ حَرَامًا عَلَى مُلْتَقِطها والانتفاعَ بِهَا وإِن طَالَ تَعْرِيفُهُ لَهَا، وَحَكَمَ أَنها لَا تحلُّ لأَحد إِلا بِنِيَّةِ تَعْرِيفِهَا مَا عَاشَ، فأَمَّا أَن يأْخذها وَهُوَ يَنْوِي تَعْرِيفَهَا سَنَةً ثُمَّ يَنْتَفِعُ بِهَا كَلُقَطَةِ غَيْرِهَا فَلَا؛ وَشَيْءٌ لَقِيطٌ ومَلْقُوطٌ. واللَّقِيطُ: الْمَنْبُوذُ يُلْتَقَطُ لأَنه يُلْقَط، والأُنثى لَقِيطَةٌ؛ قَالَ الْعَنْبَرِيُّ:
لوْ كُنْتُ مِن مازِنٍ، لَمْ تَسْتَبِحْ إِبِلي ... بَنُو اللَّقِيطةِ مِنْ ذُهْلِ بنِ شَيْبانا
وَالِاسْمُ: اللِّقاطُ. وَبَنُو اللَّقِيطةِ: سُموا بِذَلِكَ لأَن أُمهم، زَعَمُوا، التَقَطها حُذَيْفةُ بْنُ بَدْرٍ فِي جَوارٍ قَدْ أَضَرّتْ بِهِنَّ السَّنَةُ فَضَمَّهَا إِليه، ثُمَّ أَعجبته فَخَطَبَهَا إِلى أَبيها فتزوَّجها. واللُّقْطةُ واللُّقَطةُ واللُّقاطةُ: مَا التُقِط. واللَّقَطُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا التُقِط مِنَ الشَّيْءِ. وَكُلُّ نُثارة مِنْ سُنْبل أَو ثمَر لَقَطٌ، وَالْوَاحِدَةُ لَقَطة. يُقَالُ: لقَطْنا الْيَوْمَ لقَطاً كَثِيرًا، وَفِي هَذَا الْمَكَانِ لَقَطٌ مِنَ الْمَرْتَعِ أَي شَيْءٌ مِنْهُ قَلِيلٌ. واللُّقاطةُ: مَا التُقِط مِنْ كَربِ النَّخْلِ بَعْدَ الصِّرامِ. ولَقَطُ السُّنْبُل: الَّذِي يَلْتَقِطُه النَّاسُ، وَكَذَلِكَ لُقاطُ السُّنْبُلِ، بِالضَّمِّ. واللَّقاطُ: السُّنْبُلُ الَّذِي تُخْطِئه المَناجِلُ تَلْتَقِطُهُ النَّاسُ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، واللِّقاطُ: اسْمٌ لِذَلِكَ الْفِعْلِ كالحَصاد والحِصاد. وَفِي الأَرض لَقَطٌ لِلْمَالِ أَي مَرْعى لَيْسَ بِكَثِيرٍ، وَالْجَمْعُ أَلقاط. والأَلقاطُ: الفِرْقُ مِنَ النَّاسِ القَلِيلُ، وَقِيلَ: هُمُ الأَوْباشُ. واللَّقَطُ: نَبَاتٌ سُهْلِيّ يَنْبُتُ فِي الصَّيْفِ والقَيظ فِي دِيَارِ عُقَيْل يُشْبِهُ الخِطْرَ والمَكْرَةَ إِلا أَن اللقَط تشتدُّ خُضرته وَارْتِفَاعُهُ، وَاحِدَتُهُ لَقَطة. أَبو مَالِكٍ: اللقَطةُ واللقَطُ الْجَمْعُ، وَهِيَ بَقْلَةٌ تَتْبَعُهَا الدوابُّ فتأْكلها لِطِيبِهَا، وَرُبَّمَا انْتَتَفَهَا الرَّجُلُ فَنَاوَلَهَا بعيرَه، وَهِيَ بُقول كَثِيرَةٌ يَجْمَعُهَا اللَّقَطُ. واللَّقَطُ: قِطَع الذَّهب المُلْتَقَط يُوجَدُ فِي الْمَعْدِنِ. اللَّيْثُ: اللقَطُ قِطَعُ ذَهَبٍ أَو فِضَّةٍ أَمثال الشَّذْرِ وأَعظم فِي الْمَعَادِنِ، وَهُوَ أَجْوَدُه. وَيُقَالُ ذهبٌ لَقَطٌ. وتَلقَّط فُلَانٌ التَّمْرَ أَي الْتَقَطَهُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا. واللُّقَّيْطَى: المُلْتقِط للأَخْبار. واللُّقَّيْطى شِبْهُ(7/393)
حِكَايَةٍ إِذا رأَيته كَثِيرَ الالتِقاطِ للُّقاطاتِ تَعِيبه بِذَلِكَ. اللِّحْيَانِيُّ: دَارِي بلِقاطِ دَارِ فُلَانٍ وطَوارِه أَي بحِذائها: أَبو عُبَيْدٍ: المُلاقَطةُ فِي سَير الْفَرَسِ أَن يأْخذ التقْرِيبَ بِقَوَائِمِهِ جَمِيعًا. الأَصمعي: أَصْبحت مَراعِينا مَلاقِطَ مِنَ الجَدْبِ إِذا كَانَتْ يَابِسَةً لَا كَلأَ فِيهَا؛ وأَنشد:
تَمْشي، وجُلُّ المُرْتَعَى مَلاقِطُ، ... والدِّنْدِنُ الْبَالِي وحَمْضٌ حانِطُ
واللَّقِيطةُ واللَّاقِطةُ: الرجلُ الساقِطُ الرَّذْل المَهِينُ، والمرأَة كَذَلِكَ. تَقُولُ: إِنه لَسقِيطٌ لقِيطٌ وإِنه لساقِط لاقِط وإِنه لسَقِيطة لقِيطة، وإِذا أَفردوا لِلرَّجُلِ قَالُوا: إِنه لَسَقِيطٌ. واللَّاقِطُ الرَّفّاء، واللاقِطُ العَبد المُعْتَقُ، والماقِط عَبْدُ اللاقِطِ، والساقِطُ عَبَدُ الماقِطِ. الْفَرَّاءُ: اللَّقْطُ الرَّفْو المُقارَبُ، يُقَالُ: ثوبٌ لقِيطٌ، وَيُقَالُ: القُط ثوبَك أَي ارْفَأْه، وَكَذَلِكَ نَمِّل ثَوْبَكَ. وَمِنْ أَمثالهم: أَصِيدَ القُنْفذُ أَم لُقَطةٌ؛ يُضرب «4» مَثُلًا لِلرَّجُلِ الْفَقِيرِ يَستغني فِي سَاعَةٍ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ حِمْيرِيّةً تَقُولُ لِكَلِمَةٍ أَعَدْتُها عَلَيْهَا: قَدْ لقَطْتها بالمِلْقاطِ أَي كَتَبْتُهَا بِالْقَلَمِ. ولَقِيتُه التِقاطاً إِذا لَقِيتَهُ مِنْ غَيْرِ أَن ترجُوَه أَو تَحْتَسِبه؛ قَالَ نِقادة الأَسدي:
ومنهلٍ وَرَدْتُهُ التِقاطا، ... لَمْ أَلْقَ، إِذْ وَرَدْتُه، فُرَّاطا
إِلا الحَمامَ الوُرْقَ والغَطاطا
وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: التِقاطاً أَي فَجأَةً وَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي وَقَعَتْ أَحوالًا نَحْوَ جَاءَ رَكضاً. وَوَرَدْتُ الْمَاءَ وَالشَّيْءَ التِقاطاً إِذا هَجَمْتَ عَلَيْهِ بَغْتَةً وَلَمْ تَحْتَسِبْهُ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: لَقِيتُهُ لِقاطاً مُواجَهة. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن رَجُلًا مِنْ تَمِيمٍ الْتَقَطَ شَبكة فَطَلَبَ أَن يَجْعَلَهَا لَهُ
؛ الشَّبَكةُ الآبارُ القَريبةُ الْمَاءِ، والتِقاطها عُثُورُه عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ. وَيُقَالُ فِي النِّداء خَاصَّةً: يَا مَلْقَطانُ، والأُنثى يَا مَلْقطانة، كأَنهم أَرادوا يَا لاقِط. وَفِي التَّهْذِيبِ: تَقُولُ يَا مَلْقَطَانُ تَعْنِي بِهِ الفِسْلَ الأَحمق. واللاقِطُ: المَولى. وَلَقَطَ الثوبَ لَقْطاً: رقَعَه. ولقِيط: اسْمُ رَجُلٍ. وَبَنُو مِلْقَطٍ: حَيّانِ.
لمط: ابْنُ الأَعرابي: اللَّمْط الاضْطِرابُ. أَبو زَيْدٍ: التَمَطَ فُلَانٌ بِحَقِّي الْتِماطاً إِذا ذهب به.
لهط: لَهَطَ يَلْهَطُ لَهْطاً: ضُرِبَ بِالْيَدِ والسَّوطِ، وَقِيلَ: اللَّهْطُ الضَّرْبُ بِالْكَفِّ مَنْشُورة أَيَّ الجسدِ أَصابت، لَهَطَه لَهْطاً؛ ولَهَطَتِ المرأَة فَرجَها بِالْمَاءِ لَهْطاً: ضَرَبَتْهُ بِهِ. ولَهَطَ بِهِ الأَرض: ضَرَبَهَا بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: اللَّاهِطُ الَّذِي يَرُشُّ بابَ دارِه ويُنَظِّفُه.
لوط: لَاطَ الحوْضَ بِالطِّينِ لَوْطاً: طَيَّنه، والتاطَه: لاطَه لِنَفْسِهِ خَاصَّةً. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَاطَ فُلَانٌ بالحوْض أَي طَلاه بالطِّين وملَّسه بِهِ، فَعَدَّى لَاطَ بِالْبَاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا نادِر لَا أَعرفه لِغَيْرِهِ إِلا أَن يَكُونَ مِنَ بَابِ مَدَّه ومَدَّ بِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الَّذِي سأَله عَنْ مَالِ يَتِيم وَهُوَ والِيه أَيُصِيب مِنْ لَبَنِ إِبله؟ فَقَالَ: إِن كُنْتَ تَلُوط حَوْضَها وتَهْنَأُ جَرْباها فأَصِبْ مِنْ رِسْلها
؛ قَوْلُهُ تلُوط حوضَها أَراد باللَّوْطِ تَطْيِينَ الْحَوْضِ وإِصْلاحَه وهو
__________
(4) . قوله [يضرب إلخ] في مجمع الأمثال للميداني: يضرب لمن وجد شيئاً لم يطلبه.(7/394)
مِنَ اللُّصُوق؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ أَشْراطِ الساعةِ:
ولتَقُومَن وَهُوَ يَلُوط حوضَه
، وَفِي رِوَايَةٍ:
يَلِيطُ حوضَه.
وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ: كَانَتْ بَنُو إِسرائيل يَشْرَبُونَ فِي التِّيه مَا لاطُوا
أَي لَمْ يُصِيبُوا مَاءً سَيْحاً إِنما كَانُوا يَشْرَبُونَ مِمَّا يَجْمَعُونَهُ فِي الحِياض مِنَ الْآبَارِ. وَفِي خُطبة
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ولاطَها بالبِلَّةِ حَتَّى لزَبَتْ.
واسْتَلاطُوه أَي أَلزَقُوه بأَنفسهم. وَفِي حَدِيثِ
عائشةَ فِي نِكَاحِ الجاهِليةِ: فالتاطَ بِهِ ودُعِيَ ابنَه
أَي التَصَق بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَحَبّ الدُّنْيَا التاطَ مِنْهَا بثلاثٍ: شُغُلٍ لَا يَنْقَضي، وأَملٍ لَا يُدْرَك، وحِرصٍ لَا ينْقَطِع.
وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: أَنه لاطَ لِفُلَانٍ بأَربعةِ آلافٍ فَبَعَثَهُ إِلى بَدْرٍ مَكَانَ نَفْسِهِ
أَي أَلصَق بِهِ أَربعة آلَافٍ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي المُسْتَلاط: أَنه لَا يَرِثُ
، يَعْنِي المُلْصَقَ بِالرَّجُلِ فِي النَّسب الَّذِي وُلد لِغَيْرِ رِشْدةٍ. وَيُقَالُ: اسْتَلاطَ القومُ وَالْطَوْهُ «1» إِذا أَذنبوا ذُنُوبًا تَكُونُ لِمَنْ عَاقَبَهُمْ عُذْرًا، وَكَذَلِكَ أَعْذَروا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الأَقْرعَ بْنَ حابِسٍ قَالَ لعُيَيْنةَ بْنِ حِصْنٍ: بِمَ اسْتَلَطْتُم دَمَ هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: أَقْسَمَ مِنَّا خَمْسُونَ أَنَّ صَاحِبَنَا قُتِلَ وَهُوَ مُؤمن، فَقَالَ الأَقرع: فسأَلكم رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن تَقْبَلُوا الدِّيةَ وتَعْفُوا فَلَمْ تَقْبلوا وليُقْسِمنَّ مائةٌ مِنْ تَمِيمٍ أَنه قُتِلَ وَهُوَ كَافِرٌ
؛ قَوْلُهُ بِمَ اسْتَلَطْتُم أَي اسْتَوْجَبْتُمْ واسْتَحْققتم، وَذَلِكَ أَنهم لَمَّا اسْتَحَقُّوا الدَّمَ وَصَارَ لَهُمْ كأَنهم أَلصقوه بأَنفسهم. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ اسْتَلاطَ القوْمُ واستحَقُّوا وأَوْجَبُوا وأَعذَروا ودنوا «2» إِذا أَذْنَبُوا ذُنُوبًا يَكُونُ لِمَنْ يُعَاقِبُهُمْ عُذر فِي ذَلِكَ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ. ولَوَّطَه بالطِّيب: لطَّخه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مُفَرَّكة أَزْرَى بِهَا عندَ زوجِها، ... ولوْ لَوَّطَتْه، هَيِّبانٌ مُخالِفُ
يَعْنِي بالهَيِّبانِ المُخالِف ولَده مِنْهَا، وَيُرْوَى عِنْدَ أَهلها، فإِن كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ صِفَةِ الزَّوْجِ كأَنه يَقُولُ أَزْرَى بِهَا عِنْدَ أَهلها مِنْهَا هَيِّبانٌ. وَلَاطَ الشيءَ لَوْطًا: أَخفاه وأَلصَقه. وَشَيْءٌ لَوْط: لَازِقٌ وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
رَمَتْنِيَ مَيٌّ بالهَوَى رَمْيَ مُمْضَع ... مِنَ الوَحْشِ لَوْطٍ، لَمْ تَعُقْه الأَوالِس «3»
الْكِسَائِيُّ: لاطَ الشيءُ بِقَلْبِي يَلوطُ ويَلِيطُ. وَيُقَالُ: هُوَ أَلوطُ بِقَلْبِي وأَليَطُ، وإِني لأَجد لَهُ فِي قَلْبِي لَوْطاً ولَيْطاً، يَعْنِي الحُبَّ اللازِقَ بِالْقَلْبِ. وَلَاطَ حُبُّه بِقَلْبِي يَلوط لَوْطاً: لَزِقَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: إِنَّ عُمَرَ لأَحَبُّ النَّاسِ إِليَّ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَعَزُّ والولَدُ أَلْوَطُ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ وَالْوَلَدُ أَلوطُ أَي أَلصَقُ بِالْقَلْبِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ شَيْءٍ لَصِق بِشَيْءٍ، فَقَدْ لاطَ بِهِ يَلوط لَوْطاً، ويَليطُ لَيْطاً ولِياطاً إِذا لَصِق بِهِ أَي الْوَلَدُ أَلصق بِالْقَلْبِ، وَالْكَلِمَةُ وَاوِيَّةٌ وَيَائِيَّةٌ. وإِني لأَجِدُ لَهُ لَوْطاً ولَوْطةً ولُوطةً؛ الضَّمُّ عَنْ كُرَاعٍ وَاللِّحْيَانِيِّ، ولِيطاً، بِالْكَسْرِ، وَقَدْ لاطَ حُبُّه بِقَلْبِي يَلوطُ ويَلِيطُ أَي لصِق. وَفِي حَدِيثِ
أَبي البَخْتَريّ: مَا أَزْعُمُ أَنَّ عَلِيًّا أَفضلُ مِنْ أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَكِنْ أَجد لَهُ مِنَ اللَّوْطِ مَا لَا أَجد لأَحد بَعْدَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه
__________
(1) . قوله [والطوه] كذا بالأصل ولعله محرف عن والتاطوا أَي التصق بهم الذنب.
(2) . قوله [ودنوا] كذا بالأصل على هذه الصورة ولعله ذبوا أي دفعوا عمن يعاقبهم اللوم.
(3) . قوله [الأوالس] سيأتي في مضع الأوانس بالنون، وهي التي في شرح القاموس.(7/395)
وَسَلَّمَ.
وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذا لَمْ يُوافِق صاحبَه: مَا يَلْتاطُ؛ وَلَا يَلْتاطُ هَذَا الأَمرُ بصَفَري أَي لَا يَلْزَقُ بِقَلْبِي، وَهُوَ يَفْتَعِلُ مِنَ اللَّوْطِ. ولاطَه بِسَهْمٍ وَعَيْنٍ: أَصابه بِهِمَا، وَالْهَمْزُ لُغَةٌ. والْتاطَ وَلَدًا واسْتَلاطَه: اسْتَلْحَقَه؛ قَالَ:
فَهَلْ كُنْتَ إِلَّا بُهْثَةً إِسْتَلاطَها ... شَقِيٌّ، مِنَ الأَقوامِ، وَغْدٌ مُلَحَّقُ؟
قَطَعَ أَلف الْوَصْلِ لِلضَّرُورَةِ، وَرِوِيَ فاسْتَلاطَها. وَلَاطَ بِحَقِّهِ: ذَهَبَ بِهِ. واللَّوْطُ: الرِّداء. يُقَالُ: انْتُقْ لَوْطَك فِي الغَزالةِ حَتَّى يَجِفّ. ولَوْطُه رِداؤه، ونَتْقُه بَسْطُه. وَيُقَالُ: لَبِسَ لَوْطَيْه. واللَّوِيطةُ مِنَ الطَّعَامِ: مَا اخْتَلَطَ بَعْضُهُ ببعض. ولُوط: اسْمَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولاطَ الرجلُ لِواطاً ولاوطَ أَي عَمِل عَمَل قومِ لُوطٍ. قَالَ اللَّيْثُ: لُوط كَانَ نَبِيًّا بَعَثَهُ اللَّهُ إِلى قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ وأَحدثوا مَا أَحدثوا فَاشْتَقَّ النَّاسُ مِنِ اسْمِهِ فِعْلًا لِمَنْ فَعَل فِعْلَ قومِه، وَلُوطٌ اسْمٌ يَنْصَرِفُ مَعَ العُجْمة وَالتَّعْرِيفِ، وَكَذَلِكَ نُوح: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِنما أَلزموهما الصَّرْفَ لأَن الِاسْمَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحرف أَوسطه سَاكِنٌ وَهُوَ عَلَى غَايَةِ الخِفة فَقَاوَمَتْ خِفَّتُه أَحد السَّبَبَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْقِيَاسُ فِي هِنْد ودَعْد إِلَّا أَنهم لَمْ يَلْزَمُوا الصَّرْفَ فِي الْمُؤَنَّثِ وخيَّروك فِيهِ بَيْنَ الصَّرْفِ وَتَرْكِهِ. واللِّياطُ: الرِّبا، وَجَمْعُهُ لِيطٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي لَيَطَ، وَذَكَرْنَاهُ هَاهُنَا لأَنهم قَالُوا إِنَّ أَصله لوط.
ليط: لاطَ حُبُّه بِقَلْبِي يَلوط ويَلِيط لَيْطاً ولِيطاً: لزِق. وإِني لأَجد لَهُ فِي قَلْبِي لَوْطاً ولِيطاً، بِالْكَسْرِ، يَعْنِي الحُبَّ اللازِقَ بِالْقَلْبِ، وَهُوَ أَلْوَطُ بِقَلْبِي وأَلْيَطُ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ بِهِ حُبّ الْوَلَدِ. وَهَذَا الأَمر لَا يَلِيطُ بصَفَري وَلَا يَلْتاطُ أَي لَا يَعْلَقُ وَلَا يَلْزَقُ. والتاطَ فُلَانٌ وَلَدًا: ادَّعاه وَاسْتَلْحَقَهُ. ولاطَ الْقَاضِي فُلَانًا بِفُلَانٍ: أَلحقه بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه كَانَ يَلِيطُ أَولاد الجاهِلية بِآبَائِهِمْ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
بِمَنِ ادَّعاهم فِي الإِسلام
، أَي يُلْحِقهم بِهِمْ. واللِّيطُ: قِشر الْقَصَبِ اللَّازِقُ بِهِ، وَكَذَلِكَ لِيطُ القَناةِ، وكلُّ قِطْعة مِنْهُ لِيطة. وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لِيطُ الْعُودِ الْقِشْرُ الَّذِي تَحْتَ الْقِشْرِ الأَعلى. وَفِي كِتَابِهِ لِوَائِلِ بْنِ حُجْر: فِي التِّيعةِ شَاةٌ لَا مُقْوَرّةُ الأَلْياطِ؛ هِيَ جَمْعُ لِيطٍ وَهِيَ فِي الأَصل الْقِشْرُ اللَّازِقُ بِالشَّجَرِ، أَراد غَيْرَ مُسْترخِيةِ الْجُلُودِ لهُزالها، فَاسْتَعَارَ اللِّيط لِلْجَلْدِ لأَنه لِلَّحْمِ بِمُنْزِلَتِهِ لِلشَّجَرِ وَالْقَصَبِ. وإِنما جَاءَ بِهِ مَجْمُوعًا لأَنه أَراد لِيط كُلِّ عُضو. واللِّيطةُ: قشْرة القَصبة والقوسِ وَالْقَنَاةِ وكلِّ شَيْءٍ لَهُ مَتانة، وَالْجَمْعُ لِيطٌ كريشةٍ وَرِيشٍ؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ قَوْلُ أَوس بْنِ حَجر يَصِفُ قَوْساً وقَوّاساً:
فَمَلَّك باللِّيطِ الَّذِي تحتَ قِشْرِها ... كغِرْقِئِ بَيْضٍ كَنَّه القيْضُ مِنْ عَل
قَالَ: ملَّك، شدَّد، أَي تَرَكَ شَيْئًا مِنَ القِشر عَلَى قَلْبِ الْقَوْسِ لِيَتَمَالَكَ بِهِ، قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يَكُونَ مَوْضِعَ الَّذِي نَصْبًا بمَلَّك وَلَا يَكُونَ جَرّاً لأَنّ القِشْر الَّذِي تَحْتَ الْقَوْسِ لَيْسَ تَحْتَهَا، وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ تَمْثِيلُهُ إِياه بالقَيْضِ والغِرْقِئِ؛ وَجَمْعُ اللِّيط لِياط؛ قَالَ جَسَّاسُ بْنُ قُطيْبٍ:
وقُلُصٍ مُقْوَرّةِ الأَلْياطِ
قَالَ: وَهِيَ الجُلُودُ هَاهُنَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا قال لابن عَبَّاسٍ: بأَي شَيْءٍ أُذَكِّي إِذا لَمْ أَجد(7/396)
حَدِيدةً؟ قَالَ: بِلِيطةٍ فاليةٍ
أَي قشرةٍ قاطعةٍ. واللِّيطُ: قِشْرُ القصَب والقَناة وكلِّ شَيْءٍ كَانَتْ لَهُ صَلابةٌ ومَتانة، والقِطْعةُ مِنْهُ لِيطةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي إِدْرِيسَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ» ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأُتِيَ بعَصافِيرَ فذُبحَتْ بِلِيطةٍ
، وَقِيلَ: أَراد بِهِ القِطْعةَ المُحَدَّدةَ مِنَ الْقَصَبِ. وقوْسٌ عاتِكَةُ اللِّيطِ واللِّياطِ أَي لازِقَتُها. وتَلَيَّط لِيطةً: تَشظّاها. واللِّيطُ: قِشر الجُعَلِ، واللَّيْطُ: اللَّوْنُ «2» وَهُوَ اللِّياطُ أَيضاً؛ قَالَ:
فصَبَّحَتْ جابِيةً صُهارِجا، ... تَحْسَبُها لَيْطَ السَّمَاءِ خارِجا
شَبَّهَ خُضرة الْمَاءِ فِي الصِّهْريج بجِلد السَّمَاءِ، وَكَذَلِكَ لِيطُ القَوْسِ الْعَرَبِيَّةِ تَمَسَّحُ وَتُمَرَّنُ حَتَّى تصفرَّ وَيَصِيرَ لَهَا لِيط؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ قَوْسًا: عَاتِكَةُ اللِّياط. ولِيطُ الشَّمْسِ ولَيْطُها: لَوْنها إِذ لَيْسَ لَهَا قِشْر؛ قَالَ أَبو ذُؤيْب:
بِأَرْيِ الَّتِي تَأْرِي إِلى كُلِّ مَغْرِبٍ، ... إِذا اصْفَرَّ لِيطُ الشمْسِ حانَ انْقِلابُها «3»
وَالْجَمْعُ أَلْياط؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يُصْبِحُ بَعْدَ الدَّلَجِ القَطْقاطِ، ... وَهُوَ مُدِلٌّ حَسَنُ الأَلْياطِ
وَيُقَالُ للإِنسان اللّيِّن المَجَسّةِ: إِنه للَيِّنُ اللِّيط. وَرَجُلٌ لَيِّن اللّيطِ أَيِ السجِيّةِ. واللِّياطُ: الرِّبَا، سُمِّيَ لِياطاً لأَنه شَيْءٌ لَا يحِلّ أُلصِق بِشَيْءٍ؛ وكلُّ شَيْءٍ أُلصق بِشَيْءٍ وأُضِيفَ إِليه، فَقَدْ أُلِيطَ بِهِ، والرِّبا مُلْصَق برأْس الْمَالِ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كتَب لثَقِيفَ حينَ أَسْلَموا كِتاباً فِيهِ: وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دَيْنٍ إِلى أَجَلِه فَبَلَغَ أَجَلَه فإِنّه لِياطٌ مُبرّأٌ مِنَ اللَّهِ، وإِنّ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دَيْن فِي رَهْنٍ ورَاء عُكاظَ فإِنه يُقْضى إِلى رأْسِه ويُلاطُ بِعُكاظ وَلَا يُؤخّر
؛ واللِّياطُ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ: الرِّبَا الَّذِي كَانُوا يُرْبُونَه فِي الْجَاهِلِيَّةِ رَدَّهُمُ اللَّهُ إِلى أَن يأْخذوا رُؤوسَ أَموالهم ويدَعُوا الفَضْل عَلَيْهَا. ابْنُ الأَعرابي: جَمْعُ اللِّياطِ اللَّيالِيطُ، وأَصله لُوطٌ. وَفِي حَدِيثِ
معاويةَ بْنِ قُرَّةَ: مَا يَسُرّني أَني طلَبْتُ المالَ خَلْفَ هَذِهِ اللَّائطةِ وإِنّ لِي الدُّنْيَا
؛ اللائطةُ: الأُسْطوانةُ، سُمِّيَتْ بِهِ لِلُزوقِها بالأَرض. ولاطَه اللهُ لَيْطاً: لَعَنَهُ اللَّهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أُمَيّةَ يَصِفُ الْحَيَّةَ ودخُول إِبليس جَوْفَها:
فَلاطَها اللهُ إِذ أَغْوَتْ خَلِيفَتَه، ... طُولَ اللَّيالي، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا أَجَلا
أَراد أَن الْحَيَّةَ لَا تَمُوتُ بأَجَلها حَتَّى تُقْتَلَ. وشَيْطانٌ لَيْطانٌ: مِنْهُ، سُرْيانِيّة، وَقِيلَ: شَيْطانٌ لَيْطانٌ إِتباع. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْقَالِي لَيطان مِنْ لاطَ بقَلْبِه أَي لَصِقَ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا يَلِيطُ بِهِ النَّعِيمُ وَلَا يَلِيقُ بِهِ مَعْنَاهُ وَاحِدٌ. وَفِي حَدِيثِ أَشْراطِ الساعةِ:
ولتَقُومَنَّ وَهُوَ يَلُوطُ حوْضَه
، وَفِي رِوَايَةٍ:
يَلِيطُ حوضَه
أَي يُطَيّنُه.
فصل الميم
مثط: المَثْط: غَمْزُك الشيءَ بِيَدِكَ عَلَى الأَرض، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بثَبَت.
__________
(1) . قوله [على النبي إلخ] في النهاية عَلَى أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى آخر ما هنا.
(2) . قوله [والليط لون] هو بالفتح ويكسر كما في القاموس.
(3) . قوله [تأري] في شرح القاموس تهوي.(7/397)
محط: المَحْطُ: شَبِيهٌ بالمَخْطِ، مَحَطَ الوَتَرَ والعَقَب يَمْحَطُه مَحْطاً: أَمَرَّ عَلَيْهِ الأَصابع ليُصْلِحه. وامْتَحَطَ سيفَه: سَلَّه. وامْتَحَطَ الرُّمح: انتزَعَه. الأَزهري: المَحْطُ كَمَا يَمْحَطُ البازِي ريشَه أَي يُذهبه. يُقَالُ: امْتَحَطَ البازِي. وَيُقَالُ: مَحَّطْتُ الوتَر، وَهُوَ أَن تُمِرّ عَلَيْهِ الأَصابع لتُصْلِحه، وَكَذَلِكَ تَمْحِيطُ العَقَب تَخْلِيصُهُ. وَقَالَ النَّضْرُ: المُماحَطةُ شِدَّةُ سِنانِ الجملِ الناقةَ إِذا اسْتَنَاخَهَا ليَضْربها، يُقَالُ: سانَّها وماحَطَها مِحاطاً شَدِيدًا حَتَّى ضَرَبَ بها الأَرض.
مخط: مَخَطه يَمْخَطُه مَخْطاً أَي نَزَعَه ومَدَّه. ويقال: مَخَطَ فِي الْقَوْسِ. ومَخَط السهْمُ يَمْخَطُ ويَمْخُطُ مُخُوطاً. نَفَذ وأَمْخَطَه هُوَ. وَيُقَالُ: رَمَاهُ بِسَهْمٍ فأَمْخَطَه مِنَ الرَّمِيّة إِذا أَنْفَذَه. ومَخَطَ السهمُ أَي مَرَق. وأَمْخَطْتُ السهمَ: أَنفذْته، وَرُبَّمَا قَالُوا: امْتَخَط مَا فِي يَدِهِ نزعَه واخْتَلَسه. والمَخْطُ: السَّيَلانُ والخُروجُ. وفَحْلٌ مِخْطُ ضِرابٍ: يأْخذ رِجل النَّاقَةِ وَيَضْرِبُ بِهَا الأَرض فيَغْسِلُها ضِراباً، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه بِكَثْرَةِ ضِرابه يَسْتَخْرِجُ مَا فِي رَحِم النَّاقَةِ مِنْ مَاءٍ وَغَيْرِهِ. والمُخاط: مَا يَسِيلُ مِنَ الأَنف. والمُخاطُ مِنَ الأَنف كاللُّعابِ مِنَ الْفَمِ، وَالْجَمْعُ أُمْخِطةٌ لَا غَيْرُ. ومَخَطْتُ الصبيَّ مَخْطاً ومخطَه يَمْخُطُه مَخْطاً وَقَدْ مَخَطَه مِنْ أَنفه أَي رَمَى بِهِ. وامْتَخَطَ هُوَ وتَمَخَّطَ امْتِخاطاً أَي اسْتَنْثر. ومَخَطه بِيَدِهِ: ضَربه. والماخِط: الَّذِي ينْزِعُ الجِلْدةَ الرَّقيقة عَنْ وَجْهِ الحُوار. وَيُقَالُ: هَذِهِ نَاقَةٌ إِنما مَخَطها بَنُو فُلَانٍ أَي نُتِجَتْ عِنْدَهُمْ، وأَصل ذَلِكَ أَن الحُوار إِذا فَارَقَ النَّاقَةَ مَسَح النّاتجُ عنه غِرْسَه وَمَا عَلَى أَنفه مِنَ السّابِياء، فَذَلِكَ المَخْط، ثُمَّ قِيلَ لِلنَّاتِجِ ماخِطٌ؛ وَقَالَ ذُو الرِمّةِ:
وانْمِ القُتُودَ عَلَى عَيْرانةٍ حَرَجٍ ... مَهْريّةٍ، مَخَطَتْها غِرْسَها العِيدُ «4»
العِيدُ: قَوْمٌ مِنْ بَنِي عُقَيْل يُنسَب إِليهم النَّجائبُ. ابْنُ الأَعرابي: المَخْطُ شَبَهُ الْوَلَدِ بأَبيه، تَقُولُ الْعَرَبُ: كأَنما مَخَطه مَخْطاً. وَيُقَالُ لِلسِّهَامِ الَّتِي تتَراءَى فِي عَيْنِ الشَّمْسِ لِلنَّاظِرِ فِي الْهَوَاءِ عِنْدَ الهاجِرة: مُخاطُ الشيطانِ، وَيُقَالُ لَهُ لُعابُ الشَّمْسِ ورِيقُ الشَّمْسِ، كُلُّ ذَلِكَ سُمِعَ عَنِ الْعَرَبِ. ومَخَط فِي الأَرض مَخْطاً إِذا مضى فيها سَرِيعًا. وَيُقَالُ: بُرْد مَخْطٌ ووَخْطٌ قصِير، وسَيْر مَخْط وَوَخْطٌ: سَرِيعٌ شَديد؛ وَقَالَ:
قَدْ رابَنا مِنْ سَيْرنا تَمَخُّطه، ... أَصْبَحَ قَدْ زايَلَه تَخَمُّطه «5»
قِيلَ: تَمَخُّطه اضْطِرابُه فِي مِشْيته يَسْقُطُ مَرة وَيَتَحَامَلُ أُخرى. والمَخْطُ: اسْتِلالُ السَّيفِ. وامْتَخَطَ سيفَه: سَلَّه مِنْ غِمْده. وامْتَخَط رُمْحَه مِنْ مَرْكزه: انْتَزَعَهُ. وامْتَخَطَ الشيءَ: اخْتَطَفَه. والمَخِطُ: السيِّد الْكَرِيمُ، وَالْجَمْعُ مَخِطون؛ وَقَوْلُ رؤْبة:
وإِنَّ أَدْواءَ الرِّجالِ المُخَّطِ ... مَكانُها مِنْ شُمَّتٍ وغُبَّطِ
كسَّره عَلَى تَوَهُّمِ فَاعِلٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ ورأَيت في
__________
(4) . قوله [وانم] هو بالواو في الأَصل والأَساس، وأَنشده شارح القاموس بالفاء جواب إِذا في البيت قبله.
(5) . قوله [من سيرنا] وقوله [تخمطه] كذا بالأَصل، والذي في شرح القاموس عن الصاغاني من شيخنا: وتخبطه بالباء.(7/398)
شِعْرِ رؤْبة:
وإِنَّ أَدْواءَ الرِّجَالِ النُّخَّطِ
بِالنُّونِ. قَالَ: وَلَا أَعرف المخَّط فِي تَفْسِيرِهِ. والمُخاطةُ: شَجَرَةٌ تُثْمر ثَمراً حُلْواً لَزِجاً يؤْكل.
مرط: المَرْطُ: نَتْفُ الشَّعْرِ والرِّيش والصُّوف عَنِ الْجَسَدِ. مرَطَ شعرَه يَمرُطُه مَرْطاً فانْمَرط: نَتَفَهُ، ومرَّطه فتَمرَّط؛ والمُراطةُ: مَا سَقَطَ مِنْهُ إِذا نُتِف، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بالمُراطةِ مَا مُرِطَ مِنَ الإِبْط أَي نُتِف. والأَمْرَطُ: الخفِيفُ شَعْرِ الْجَسَدِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ مِنَ العمَش، وَالْجَمْعُ مُرْطٌ عَلَى الْقِيَاسِ، ومِرَطةٌ نَادِرٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراه اسْمًا لِلْجَمْعِ، وَقَدْ مَرِطَ مَرَطاً. وَرَجُلٌ أَمْرَطُ وامرأَة مَرْطاء الحاجِبَيْنِ، لَا يُستغنى عَنْ ذِكْرِ الْحَاجِبَيْنِ، وَرَجُلٌ نَمِصٌ، وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ حَاجِبَانِ، وامرأَة نَمْصاء؛ يُسْتَغْنَى فِي الأَنْمَص والنمْصاء عَنْ ذِكْرِ الْحَاجِبَيْنِ. وَرَجُلٌ أَمرط: لَا شَعْرَ عَلَى جَسَدِهِ وَصَدْرِهِ إِلَّا قَلِيلٌ، فإِذا ذَهَبَ كُلُّهُ فَهُوَ أَمْلَطُ؛ وَرَجُلٌ أَمْرَطُ بيِّن المَرطِ: وَهُوَ الَّذِي قَدْ خَفَّ عارِضاه مِنَ الشَّعْرِ، وتمَرَّط شعرُه أَي تحاتَّ. وذِئب أَمْرَطُ: مُنْتَتِفُ الشَّعْرِ. والأَمْرَطُ: اللِّصُّ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالذِّئْبِ. وتمرَّط الذِّئْبُ إِذا سَقَطَ شَعْرُهُ وَبَقِيَ عَلَيْهِ شَعْرٌ قَلِيلٌ، فَهُوَ أَمرط. وَسَهْمٌ أَمرطُ وأَمْلَطُ: قَدْ سَقَطَ عَنْهُ قُذَذُه. وسَهْم مُرُطٌ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ قُذَذ. الأَصمعي: العُمْرُوطُ اللِّص وَمِثْلُهُ الأَمْرطُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَصله الذِّئْبُ يتمرَّط مِنْ شَعْرِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ أَخبث مَا يَكُونُ. وَسَهْمٌ أَمْرَط ومَرِيطٌ ومِراطٌ ومُرُطٌ: لَا رِيشَ عَلَيْهِ؛ قَالَ الأَسديّ يَصِفُ السَّهم، وَنُسِبَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلَبِيدٍ:
مُرُطُ القِذاذِ فَلَيْسَ فِيهِ مَصْنَعٌ، ... لَا الرِّيشُ يَنْفَعُه، وَلَا التَّعْقِيبُ
وَيَجُوزُ فِيهِ تَسْكِينُ الرَّاءِ فيكون جميع أَمْرَط، وإِنما صحَّ أَن يُوصَفَ بِهِ الْوَاحِدُ لِمَا بَعْدَهُ مِنَ الْجَمْعِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وإِنَّ الَّتِي هامَ الفُؤَادُ بذِكْرها ... رَقُودٌ عَنِ الفَحْشاءِ، خُرْسُ الجَبائر
وَاحِدَةُ الجَبائر: جِبارة وجَبيرة، وَهِيَ السوارُ هَاهُنَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ الْمَنْسُوبُ للأَسدي مُرُط القِذاذ هُوَ لنافِع بْنِ نُفَيْعٍ الفَقْعَسِيّ، وَيُقَالُ لِنَافِعِ بْنِ لَقِيط الأَسدي، وأَنشده أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجي عَنْ أَبي الْحَسَنِ الأَخفش عَنْ ثَعْلَبٍ لنُويْفِع بْنِ نُفيع الْفَقْعَسِيِّ يَصِفُ الشَّيْبَ وكِبَره فِي قَصِيدَةٍ لَهُ وَهِيَ:
بانَتْ لِطِيَّتِها الغَداةَ جَنُوبُ، ... وطَرِبْتَ، إِنَّك مَا عَلِمْتُ طَرُوبُ
ولقَدْ تُجاوِرُنا فتَهْجُرُ بَيْتَنا، ... حتَّى تُفارِقَ، أَو يُقالَ مُرِيبُ
وزِيارةُ البيْتِ، الَّذِي لَا تَبْتَغِي ... فِيهِ سَواءَ حدِيثِهِنَّ، مَعِيبُ
وَلَقَدْ يَمِيلُ بيَ الشَّبابُ إِلى الصِّبا، ... حِيناً، فأَحْكَمَ رأْييَ التَّجْرِيبُ
وَلَقَدْ تُوَسِّدُني الفتاةُ يَمِينَها ... وشِمالَها البَهْنانةُ الرُّعْبُوبُ
نُفُجُ الحَقِيبةِ لَا تَرَى لكعُوبها ... حَدًّا، وليسَ لساقِها ظُنْبوبُ
عَظُمَتْ رَوادِفُها وأُكْمِلَ خَلْقُها، ... والوَالدانِ نَجِيبةٌ ونَجِيبُ(7/399)
لَمَّا أَحلَّ الشيْبُ بِي أَثْقالَه، ... وعَلمتُ أَنَّ شَبابيَ المَسْلُوبُ
قالَتْ: كَبِرْتَ وكلُّ صاحِبِ لَذَّةٍ ... لِبِلًى يَعُودُ، وَذَلِكَ التَّتْبيبُ
هَلْ لِي مِنَ الكِبَر المُبينِ طَبيبُ ... فأَعُودَ غِرّاً؟ والشَّبابُ عَجِيبُ
ذَهَبَتْ لِداتي والشَّبابُ، فليْسَ لِي، ... فِيمن تَرَيْنَ مِنَ الأَنامِ، ضَرِيبُ
وإِذا السِّنُونَ دَأَبْنَ فِي طَلَب الفَتَى، ... لحِقَ السِّنُونَ وأُدْرِكَ المَطْلُوبُ
فاذْهَبْ إِلَيْكَ، فليْسَ يَعْلَمُ عالمٌ، ... مِنْ أَين يُجْمَعُ حَظُّه المَكْتُوبُ
يَسْعَى الفَتَى لِينالَ أَفْضَلَ سَعْيهِ، ... هيهاتَ ذاكَ ودُون ذَاكَ خُطوبُ
يَسْعَى ويَأْمُلُ، والمَنِيَّةُ خَلْفَه، ... تُوفي الإِكامَ لَهُ، عَلَيْهِ رَقِيبُ
لَا المَوْتُ مُحْتَقِرُ الصَّغِيرِ فعادلٌ ... عنْه، وَلَا كِبَرُ الكَبِيرِ مَهِيبُ
ولَئِنْ كَبِرْتُ، لَقَدْ عَمِرْتُ كأَنَّني ... غُصْنٌ، تُفَيِّئُه الرِّياحُ، رَطِيبُ
وكذاكَ حَقًّا مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِه ... كَرُّ الزَّمانِ، عَلَيْهِ، والتَّقْلِيبُ
حَتَّى يَعُودَ مِنَ البِلى، وكأَنَّه ... فِي الكَفِّ أَفْوَقُ ناصِلٌ مَعْصُوبُ
مُرُطُ القِذاذِ، فَلَيْسَ فِيهِ مَصْنَعٌ، ... لَا الرِّيشُ يَنْفَعُه، وَلَا التَّعْقِيبُ
ذَهَبَتْ شَعُوبُ بِأَهْلهِ وبِمالهِ، ... إِنَّ المَنايا لِلرِّجال شَعُوبُ
والمَرْءُ مِنْ رَيْبِ الزَّمان كأَنه ... عَوْدٌ، تَداوَلَه الرِّعاء، رَكُوبُ
غَرَضٌ لِكُلِّ مَنِيَّةٍ يُرْمَى بِهَا، ... حَتَّى يُصابَ سَوادُه المَنْصوبُ
وَجَمْعُ المُرُطِ السَّهْمِ أَمراطٌ ومِراطٌ؛ قَالَ الرَّاجز:
صُبَّ، عَلَى شَاءِ أَبي رِياطِ، ... ذُؤالةٌ كالأَقْدُحِ المِراطِ
وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وهُنَّ أَمْثالُ السُّرَى الأَمْراطِ
والسُّرَى هَاهُنَا: جَمْعُ سُرْوةٍ مِنَ السّهَام؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
إِلَّا عَوابِسُ، كالمِراطِ، مُعِيدةٌ ... باللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ «1»
وَشَرْحُ هَذَا الْبَيْتِ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وتمَرَّط السَّهْمُ: خَلَا مِنَ الرِّيش. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفيان: فامَّرَطَ قُذَذُ السهْمِ
أَي سقَطَ رِيشُه. وتمرَّطتْ أَوْبارُ الإِبل: تَطَايَرَتْ وَتَفَرَّقَتْ. وأَمْرَطَ الشعرُ: حَانَ لَهُ أَن يُمْرَطَ. وأَمْرطَتِ الناقةُ ولدَها، وَهِيَ مُمْرِطٌ: أَلقته لِغَيْرِ تَمَامٍ وَلَا شَعْرَ عَلَيْهِ، فإِن كَانَ ذَلِكَ لَهَا عَادَةً فَهِيَ مِمْراطٌ. وأَمْرطت النخلةُ وَهِيَ مُمْرِطٌ: سَقَطَ بُسْرُها غَضّاً
__________
(1) . قوله [عوابس] هو بالرفع فَاعِلُ يَشْرَبُ فِي الْبَيْتِ قبله كما نبه عليه المؤلف عن ابن بري في مادة صيف، فما تقدم لنا من ضبطه في مادة عود خطأ.(7/400)
تَشْبِيهًا بالشعرِ، فإِن كَانَ ذَلِكَ عادَتَها فَهِيَ مِمْراط أَيضاً. والمِرْطاوانِ والمُرَيْطاوان: مَا عَرِيَ مِنَ الشفةِ السُّفلى والسَّبَلةِ فَوْقَ ذَلِكَ مِمَّا يَلِي الأَنفَ. والمُرَيْطاوان فِي بَعْضِ اللُّغات: مَا اكْتَنَفَ العَنْفَقةَ مِنْ جَانِبَيْهَا، والمُريطاوان: مَا بَيْنَ السُّرّة والعانةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا خَفَّ شَعْرُهُ مِمَّا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالْعَانَةِ، وَقِيلَ: هُمَا جَانِبَا عانةِ الرَّجُلِ اللَّذَانِ لَا شَعْرَ عَلَيْهِمَا؛ وَمِنْهُ قِيلَ: شَجَرَةٌ مَرْطاء إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَقِيلَ: هِيَ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ بَيْنَ السُّرَّةِ وَالْعَانَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا حَيْثُ تَمَرَّطَ الشعرُ إِلى الرُّفْغَين، وَهِيَ تُمَدُّ وَتُقْصَرُ، وَقِيلَ: الْمُرَيْطَاوَانِ عِرْقان فِي مَراقِّ الْبَطْنِ عَلَيْهِمَا يَعْتَمِدُ الصَّائحُ، وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِلْمُؤَذِّنِ أَبي مَحْذُورةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ سَمِعَ أَذانه وَرَفَعَ صَوْتَهُ: لَقَدْ خشيتُ «1» أَن تَنْشَقَّ مُرَيْطاؤكَ
، وَلَا يُتَكَلم بِهَا إِلَّا مُصَغَّرَةً تَصْغِيرَ مَرْطاء، وَهِيَ المَلْساء الَّتِي لَا شَعْرَ عَلَيْهَا، وَقَدْ تُقْصَرُ. وَقَالَ الأَصمعي: المُرَيْطاء، مَمْدُودَةٌ، هِيَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إِلى الْعَانَةِ، وَكَانَ الأَحمر يَقُولُ هِيَ مَقْصُورَةٌ. والمُرَيْطاء: الإِبْط؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنَّ عُرُوقَ مُرَيْطائها، ... إِذا لَضَتِ الدِّرْعَ عَنْهَا، الحِبال «2»
وَالْمُرَيْطَاءُ: الرِّباط. قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَيَّاش: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يُسَبِّحُ فَقُلْتُ: مَا لَكَ؟ قَالَ إِنَّ مُرَيْطاي ليرسى «3» ؛ حَكَى هَاتَيْنِ الأَخيرتين الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. والمَرِيطُ مِنَ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ الثُّنّةِ وأُمّ القِرْدانِ مِنْ بَاطِنِ الرُّسْغِ، مُكَبَّرٌ لَمْ يُصَغَّرْ. ومَرَطَتْ بِهِ أُمّه تَمْرُط مَرْطاً: ولَدتْه. ومَرَطَ يَمْرُطُ مَرْطاً ومُرُوطاً: أَسْرَع، وَالِاسْمُ المَرَطَى. وفَرس مَرَطَى: سَرِيعٌ، وَكَذَلِكَ الناقةُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المُرُوطُ سُرْعة المَشْي والعدْو. وَيُقَالُ لِلْخَيْلِ: هنَّ يمرُطْنَ مُرُوطاً. وَرَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ مُدْرِك الجعْفريّ: مَرَط فُلَانٌ فُلَانًا وهَرَدَه إِذا آذَاهُ. والمَرَطَى: ضَرْب مِنَ العَدْو؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ فَوْقَ التقْرِيب وَدُونَ الإِهْذابِ؛ وَقَالَ يَصِفُ فَرَسًا:
تَقْرِيبُها المَرَطَى والشَّدُّ إِبْراقُ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لطُفيل الغَنويّ:
تَقْرِيبُها المَرَطَى والجَوْزُ مُعْتَدِلٌ، ... كأَنها سُبَدٌ بِالْمَاءِ مَغْسُولُ «4»
والمِمْرَطةُ: السَّرِيعَةُ مِنَ النُّوقِ، وَالْجَمْعُ مَمارِطُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو للدُّبَيْري:
قَوْداء تَهْدِي قُلُصاً مَمارِطا، ... يَشْدَخْن بالليلِ الشُّجاعَ الخابِطا
الشجاعُ الحيةُ الذكَر، وَالْخَابِطُ النَّائِمُ، والمرْطُ كِساء مِنْ خَزّ أَو صُوف أَو كَتَّانٍ، وَقِيلَ: هُوَ الثَّوْبُ الأَخضر، وَجَمْعُهُ مُرُوطٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُصَلِّي فِي مرُوط نِسَائِهِ
أَي أَكْسِيَتِهنّ؛ الْوَاحِدُ مِرْط يَكُونُ مِنْ صُوفٍ، وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ خَزٍّ أَو غَيْرِهِ يؤتَزر بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُغَلِّس بِالْفَجْرِ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعات بمرُوطهنّ مَا يُعرفْن من
__________
(1) . قوله [لقد خشيت] كذا بالأصل، والذي في النهاية: أما خشيت.
(2) . قوله [لضت] كذا هو في الأَصل، وشرح القاموس باللام ولعله بالنون كأَنه يشبه عروق إِبط امرأَة بالحبال إِذا نزعت قميصها.
(3) . قوله [ليرسى] كذا بالأصل على هذه الصورة.
(4) . قوله [تقريبها إلخ] أَورده في مادة سبد بتذكير الضميرين وهو كذلك في الصحاح.(7/401)
الغَلَس
؛ وَقَالَ الْحَكَمُ الخُضْري:
تَساهَمَ ثَوْباها فَفِي الدِّرْعِ رَأْدةٌ، ... وَفِي المِرْطِ لَفّاوانِ، رِدْفُهما عَبْلُ
قَوْلُهُ تَسَاهَمَ أَي تَقارَعَ. والمِرْط: كُلُّ ثَوْبٍ غَيْرِ مَخِيط. وَيُقَالُ للفالُوذ المِرِطْراطُ والسِّرِطْراط، وَاللَّهُ أَعلم.
مسط: أَبو زَيْدٍ: المَسْطُ أَن يُدخِل الرجُل يدَه فِي حَياء النَّاقَةِ فيسْتَخْرج وَثْرها، وَهُوَ مَاءُ الْفَحْلِ يَجْتَمِعُ فِي رَحِمِهَا، وَذَلِكَ إِذا كَثُرَ ضِرابُها وَلَمْ تَلْقَح. ومَسَطَ الناقَةَ والفَرَسَ يَمْسُطُها مَسْطاً: أَدخل يدَه فِي رَحِمِهَا وَاسْتَخْرَجَ مَاءَهَا، وَقِيلَ: اسْتَخْرَجَ وَثْرَها وَهُوَ مَاءُ الْفَحْلِ الَّذِي تَلْقَح مِنْهُ، والمَسِيطةُ: مَا يُخْرج مِنْهُ. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا نَزَا عَلَى الْفَرَسِ الْكَرِيمَةِ حِصانٌ لَئِيمٌ أَدخل صاحبُها يدَه فَخَرَط مَاءَهُ مِنْ رَحمِها. يُقَالُ: مَسَطَها ومَصَتَها ومَساها، قَالَ: وكأَنهم عَاقَبُوا بَيْنَ الطَّاءِ وَالتَّاءِ فِي المَسْط والمَصْت. ابْنُ الأَعرابي: فَحْلٌ مَسِيط ومَلِيخٌ ودَهِينٌ إِذا لَمْ يُلْقِح. والمَسِيطةُ والمَسِيطُ: الْمَاءُ الكَدِرُ الَّذِي يَبْقَى فِي الْحَوْضِ، والمَطِيطةُ نَحْوٌ مِنْهَا. والمَسِيطُ، بِغَيْرِ هَاءٍ: الطِّينُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ ابْنُ شُميل: كُنْتُ أَمشي مَعَ أَعرابي فِي الطِّينِ فَقَالَ: هَذَا المَسِيط، يَعْنِي الطِّينَ. والمَسِيطة: البِئر العَذْبةُ يَسِيلُ إِليها مَاءُ الْبِئْرِ الآجِنةِ فيُفْسِدها. وماسِطٌ: اسْمُ مُوَيْهٍ مِلْحٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَاءٍ مِلْحٍ يَمْسُطُ الْبُطُونَ، فَهُوَ مَاسِطٌ. أَبو زَيْدٍ: الضَّغِيطُ الرَّكِيَّةُ تَكُونُ إِلى جَنْبِهَا رَكِيَّةٌ أُخرى فتحمأُ وَتَنْدَفِنُ فيُنْتِن مَاؤُهَا وَيَسِيلُ مَاؤُهَا إِلى مَاءِ الْعَذْبَةِ فيُفْسِده، فَتِلْكَ الضغِيطُ وَالْمَسِيطُ؛ وأَنشد:
يَشْرَبْنَ مَاءَ الآجِنِ الضَّغِيطِ، ... وَلَا يَعَفْنَ كدَرَ المَسِيطِ
والمَسِيطةُ والمَسِيط: الْمَاءِ الكَدِرُ يَبْقَى فِي الْحَوْضِ؛ وأَنْشد الرَّاجِزُ:
يَشْرَبْنَ مَاءَ الأَجْنِ والضَّغِيطِ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الْمَسِيطَةُ الْمَاءُ يَجْرِي بَيْنَ الْحَوْضِ وَالْبِئْرِ فيُنْتِنُ؛ وأَنشد:
ولاطَحَتْه حَمْأَةٌ مَطائطُ، ... يَمُدُّها مِنْ رِجْرِجٍ مَسائطُ
قَالَ أَبو الغَمْر: إِذا سَالَ الْوَادِي بِسَيْل صَغِيرٍ فَهِيَ مَسِيطة، وأَصغر مِنْ ذَلِكَ مُسيِّطةٌ. وَيُقَالُ: مَسَطْتُ المِعى إِذا خَرَطْتَ مَا فِيهَا بإِصبعك لِيَخْرُجَ مَا فِيهَا. وماسِطٌ: مَاءٌ مِلْحٌ إِذا شَرِبَتْهُ الإِبل مَسَطَ بطُونها. ومَسَطَ الثوبَ يَمْسُطُه مَسْطاً: بَلّه ثُمَّ حَرَّكَهُ لِيَسْتَخْرِجَ مَاءَهُ. وَفَحْلٌ مَسيط: لَا يُلْقِح؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والماسِط: شَجَرٌ صَيْفِيٌّ تَرْعَاهُ الإِبل فيمسُط مَا فِي بُطُونِهَا فيَخرُطها أَي يُخرجه؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَا ثلْطَ حامِضةٍ تَرَوَّحَ أَهْلُها، ... مِنْ واسِطٍ، وتَنَدّتِ القُلَّاما
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ:
يَا ثَلْطَ حامِضة تَرَبَّع ماسِطاً، ... مِنْ ماسِطٍ، وتَرَبَّع القُلَّاما
مشط: مَشَطَ شَعرَه يَمْشُطُه ويَمْشِطه مَشْطاً: رَجَّله، والمُشاطةُ: مَا سَقَطَ مِنْهُ عِنْدَ المَشْط، وَقَدِ امْتَشَط، وامْتَشَطتِ المرأَة ومشَطتها الماشِطةُ مَشْطاً. ولِمَّةٌ مَشِيطٌ أَي مَمْشوطةٌ. والماشِطةُ:(7/402)
الَّتِي تُحْسِن المَشْطَ، وَحِرْفَتُهَا المِشاطة. والمَشّاطة: الْجَارِيَةُ الَّتِي تُحْسِن المِشاطَة. وَيُقَالُ للمُتَمَلِّقِ: هُوَ دَائِمُ المَشْطِ، عَلَى المَثَل. والمُشْطُ والمِشْطُ والمَشْطُ: مَا مُشِطَ بِهِ، وَهُوَ وَاحِدُ الأَمْشاطِ، وَالْجَمْعُ أَمْشاطٌ ومِشاطٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ:
قَدْ كنتُ أَغْنى ذِي غِنًى عَنْكُمْ كَمَا ... أَغْنَى الرّجالِ، عَنِ المِشاطِ، الأَقْرَعُ
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَفِي المِشْطِ لُغَةٌ رَابِعَةٌ المُشُطُّ، بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ؛ وأَنشد:
قَدْ كنتُ أَحْسَبُني غَنِيّاً عَنْكُمُ، ... إِنّ الغَنِيّ عَنِ المُشُطِّ الأَقْرَعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ فِي أَسمائه المَشِطُ والمُشُطُ والمِمْشَطُ والمِكَدُّ والمِرْجَلُ والمِسْرَحُ والمِشْقا، بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ، والنَّحيتُ والمُفَرَّجُ. وَفِي حَدِيثِ سِحْرِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه طُبَّ وَجُعِلَ فِي مُشْط ومُشاطةٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الشَّعر الَّذِي يَسْقُط مِنَ الرأْسِ واللحيةِ عِنْدَ التَّسْريح بِالْمُشْطِ. والمِشْطَةُ: ضَرب مِنَ المَشْط كالرِّكْبةِ والجِلْسة، والمَشْطةُ وَاحِدَةٌ. وَمِنْ سِمات الإِبل ضَرْبٌ يُسمّى المُشْط. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمُشْطُ سِمة مِنْ سِماتِ الْبَعِيرِ عَلَى صُورَةِ المُشطِ. قَالَ أَبو عَلِيٍّ: تَكُونُ فِي الْخَدِّ وَالْعُنُقِ وَالْفَخْذِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَمّا المُشْطُ والدّلْو والخُطَّاف فإِنما يُرِيدُ أَن عَلَيْهِ صُورَةَ هَذِهِ الأَشياء. وَبَعِيرٌ مَمْشُوطٌ: سِمَتُه المُشْطُ. ومَشِطَتِ الناقةُ مَشَطاً ومَشَّطَت: صَارَ عَلَى جَانِبَيْهَا مِثْلُ الأَمْشاط مِنَ الشحْمِ. ومُشْطُ القَدَمِ: سُلامَياتُ ظَهْرِهَا، وَهِيَ العِظامُ الرِّقاقُ المُفْتَرِشةُ فَوْقَ الْقَدَمِ دُونَ الأَصابع. التَّهْذِيبُ: المُشْط سُلامَياتُ ظَهْرِ الْقَدَمِ؛ يُقَالُ: انْكَسَرَ مُشط ظَهْرِ قَدَمِهِ. ومُشط الكَتِفِ: اللحمُ الْعَرِيضُ. والمُشْط: سبَجَةٌ فِيهَا أَفنان، وَفِي وسَطها هِراوةٌ يُقبض عَلَيْهَا وتُسوّى بِهَا القِصابُ، ويُغَطَّى بِهَا الحُبُّ، وَقَدْ مَشَط الأَرضَ «5» وَرَجُلٌ مَمْشُوط: فِيهِ طُولٌ ودِقَّةٌ. الْخَلِيلُ: المَمْشُوط الطَّوِيلُ الدَّقِيقُ. وَغَيْرُهُ يَقُولُ: هُوَ المَمْشُوقُ. ومَشِطَتْ يَدُهُ تَمْشَط مَشَطاً: خَشُنت مَنْ عَمَلٍ، وَقِيلَ: المَشَطُ أَن يَمَسَّ الرجلُ الشَّوْكَ أَو الجِذْع فَيَدْخُلُ مِنْهُ فِي يَدِهِ شَيْءٌ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُصَنَّفِ: مَشِظَت يَدُهُ، بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، لُغَةٌ أَيضاً، وسيأْتي ذِكْرُهُ. والمُشْط: نَبْتٌ صَغِيرٌ يُقَالُ لَهُ مُشْط الذِّئْبِ لَهُ جِراء مِثْلُ جِرَاءِ القِثَّاء.
مطط: مَطَّ بِالدَّلْوِ مَطّاً: جَذَبَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِي. ومَطَّ الشيءَ يَمُطُّه مَطّاً: مَدَّهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وذِكْر الطَّلاء: فأَدخل فِيهِ إِصبعه ثُمَّ رَفَعَهَا فتَبِعَها يَتَمَطَّطُ
أَي يَتَمَدَّدُ، أَراد أَنه كَانَ ثَخِينًا. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: وَلَا تَمُطُّوا بِآمِينَ
أَي لَا تَمُدُّوا. ومَطَّ أَنامله: مَدَّهَا كأَنه يُخَاطِبُ بِهَا. ومَطَّ حَاجِبَهُ مَطًّا: مَدَّهُ فِي تَكَلُّمِهِ. ومطَّ حَاجِبَيْهِ أَي مَدَّهُمَا وتكبَّر. والمَطُّ: سِعَةُ الخَطْوِ، وَقَدْ مَطَّ يَمُطُّ ومَطَّ خَطَّه وخَطْوه: مَدَّهُ وَوَسَّعَهُ. ومَطَّ الطائرُ جَنَاحَيْهِ: مَدّهما. وَتَكَلَّمَ فَمَطَّ حَاجِبَيْهِ أَي مَدَّهُمَا. والمَطْمَطةُ: مَدُّ الْكَلَامِ وَتَطْوِيلُهُ. ومَطَّ شِدقَه: مَدَّ فِي كَلَامِهِ، وَهُوَ المطَطُ. التَّهْذِيبُ: ومَطْمَطَ
__________
(5) . قوله [مشط الأَرض] كذا في الأَصل بدون تفسير.(7/403)
إِذا تَوانَى فِي خَطِّه وَكَلَامِهِ. والمَطِيطةُ: الْمَاءُ الكَدِرُ الْخَاثِرُ يَبقى فِي الحَوْضِ، فَهُوَ يَتَمَطَّطُ أَي يتَلزَّج ويمْتَدُّ، وَقِيلَ: هِيَ الرَّدْغةُ، وَجَمْعُهُ مَطَائِطُ؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:
خبْطَ النِّهالِ سَمَلَ المَطائطِ
وَقَالَ الأَصمعي: المَطِيطة الْمَاءُ فِيهِ الطِّينُ يتمطَّطُ أَي يتلَزّج وَيَمْتَدُّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: إِنا نأْكل الخَطائط ونَرِد المَطائط
؛ هِيَ الْمَاءُ الْمُخْتَلِطُ بِالطِّينِ، وَاحِدَتُهُ مَطيطة، وَقِيلَ: هِيَ الْبَقِيَّةُ مِنَ الْمَاءِ الكَدِر يَبْقَى فِي أَسفل الْحَوْضِ. وصَلًا مُطاطٌ ومِطاطٌ ومُطائطٌ: مُمتدّ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
أَعْدَدْتُ لِلحَوْضِ، إِذا مَا نَضَبا،، ... بَكْرَةَ شِيزَى ومُطاطاً سَلْهَبا
يَجُوزُ أَن يُعنى بِهَا صَلا الْبَعِيرِ وأَن يُعْنَى بِهَا الْبَعِيرُ. والمَطائطُ: مواضعُ حَفْرِ قَوائمِ الدّوابِّ فِي الأَرض تَجْتَمِعُ فِيهَا الرِّداغُ؛ وأَنشد:
فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا نُطفةٌ مِنْ مَطِيطةٍ، ... مِن الأَرض، فاسْتَصْفَيْنَها بالجَحافِل
ابْنُ الأَعرابي: المُططُ الطّوالُ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ. وتَمطَّطَ أَي تمدَّد. والتمطِّي: التَّمدُّد وَهُوَ مِنْ مُحَوَّلِ التَّضْعِيفِ، وأَصله التَّمَطُّطُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ المُطَواء، فإِن كَانَ ذَلِكَ فَلَيْسَ هَذَا بابَه. والمُطَيطى، مَقْصُورٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، والمُطَيْطاء، كُلُّ ذَلِكَ: مِشْيةُ التَّبَخْتُرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى
؛ هُوَ التَّبَخْتُرُ، قَالَ الفرَّاء: أَي يَتَبَخْتَرُ لأَن الظَّهْرَ هُوَ المَطا فيلْوي ظَهْرَهُ تبَخْتُراً، قَالَ: وَنَزَلَتْ فِي أَبي جَهْلٍ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذا مَشَتْ أُمتي المُطَيْطاء وخدمَتْهم فارِسُ والرُّومُ كَانَ بأْسُهم بَيْنَهُمْ.
قَالَ الأَصمعي وَغَيْرُهُ: المُطيطى، بالمَدِّ وَالْقَصْرِ، التَّبَخْتُرُ ومدُّ الْيَدَيْنِ فِي الْمَشْيِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ ذَهَبَ بالتمطِّي إِلى المَطِيطِ فإِنه يَذْهَبُ بِهِ مَذْهَبَ تَظَنَّيْت مِنَ الظَّنِّ وتَقَضَّيْت مِنَ التقَضُّض، وَكَذَلِكَ التَّمَطِّي يُرِيدُ التَّمَطُّطَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والمَطُّ والمطْوُ والمدُّ وَاحِدٌ. الصِّحَاحُ: المُطَيْطاء، بِضَمِّ الْمِيمِ مَمْدُودٌ، التَّبَخْتُرُ وَمَدُّ الْيَدَيْنِ فِي الْمَشْيِ. وَيُقَالُ: مَطَوْت ومَطَطْت بِمَعْنَى مدَدْت وَهِيَ مِنَ المُصَغّرات الَّتِي لَمْ يُسْتَعْمَلْ لَهَا مُكَبّر. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه مرَّ عَلَى بِلَالٍ وَقَدْ مُطِي بِهِ فِي الشَّمْسِ يُعذَّب
أَي مُدَّ وبُطِح فِي الشَّمْسِ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيمةَ: وتَرَكَتِ المَطِيّ هَارًا
؛ المَطِيُّ جَمْعُ مَطِيّة وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي يُركب مَطاها أَي ظهرها، وَيُقَالُ يُمطى بِهَا فِي السَّيْرِ أَي يُمدُّ، وَاللَّهُ أَعلم.
معط: مَعَطَ الشيءَ يَمْعَطُه مَعْطًا. مَدَّهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي إِسحاق: إِن فُلاناً وتَّر قوسَه ثُمَّ معَطَ فِيهَا
أَي مدَّ يَدَيْهِ بِهَا، والمَغْطُ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ: الْمَدُّ، وَطَوِيلٌ مُمَّعِطٌ مِنْهُ كأَنه مُدّ. قَالَ الأَزهري: الْمَعْرُوفُ فِي الطويل المُمَّغِطُ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدِ عَنِ الأَصمعي، قَالَ: وَلَمْ أَسمع ممَّعطاً بِهَذَا الْمَعْنَى لِغَيْرِ اللَّيْثِ إِلا بإِقرائه فِي كِتَابِ الِاعْتِقَابِ لأَبي تُرَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبا زَيْدٍ وفلانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيَّ يَقُولَانِ: رَجُلٌ مُمَّعِطٌ وممَّغط أَي طَوِيلٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أُبْعِدُ أَن يَكُونَا لُغَتَيْنِ كَمَا قَالُوا لَعَنَّك ولَغَنَّك بِمَعْنَى لعَلَّك، والمَغَصُ والمَعَصُ مِنَ الإِبل البِيضُ، وسُرُوعٌ وسُرُوغٌ للقُضْبان الرَّخْصة. والمَعْطُ: الجَذْبُ. ومعَطَ السيفَ وامْتَعَطه: سلَّه. وَامْتَعَطَ رُمْحَهُ: انْتَزَعَهُ، ومَعِط(7/404)
شعرُه وَجِلْدُهُ معَطاً، فَهُوَ أَمْعَطُ. يُقَالُ: رَجُلٌ أَمْعَطُ أَمْرَطُ لَا شَعْرَ لَهُ عَلَى جَسَدِهِ بيِّن المَعَط ومَعِطٌ. وتَمَعَّطَ وامَّعَط، وَهُوَ افْتَعل «1» : تمرَّط وَسَقَطَ مِنْ دَاءٍ يَعْرِضُ لَهُ. وَيُقَالُ: امَّعَط الحبلُ وَغَيْرُهُ أَي انْجَرَدَ. ومَعَطَه يَمْعَطُه مَعْطاً: نتَفَه. وتمعَّطت أَوْبار الإِبل: تَطَايَرَتْ وَتَفَرَّقَتْ، وَمِنْ أَسماء السَّوءَةِ المَعْطاء والشَّعْراء والدَّفْراء. وذِئب أَمْعَطُ: قَلِيلُ الشَّعْرِ وَهُوَ الَّذِي تَسَاقَطَ عَنْهُ شِعْرُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ عَلَى وَجْهِ الأَرض. وَيُقَالُ: مَعِط الذِّئْبُ وَلَا يُقَالُ مَعِطَ شِعْرُهُ، والأُنثى مَعْطاء. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ لَوْ آخذْتَ ذاتَ الذنْب منَّا بِذَنْبِهَا، قَالَ: إِذاً أَدَعها كأَنها شَاةٌ مَعْطاء
؛ هِيَ الَّتِي سَقَطَ صُوفُها. ولِصٌّ أَمعط عَلَى التَّمْثِيلِ بِذَلِكَ: يُشَبَّهُ بالذِّئب الأَمعط لخُبْثه. وَلُصُوصٌ مُعْط، وَرَجُلٌ أَمْعَط: سَنُوط. وأَرض مَعْطاء: لَا نَبْتَ بِهَا. وأَبو مُعْطةَ: الذِّئب لتمَعُّط شَعْرُهُ، عَلَمٌ مَعْرِفَةٌ، وإِن لَمْ يَخُصَّ الْوَاحِدَ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَذَلِكَ أُسامةُ وذُؤالةُ وثُعالةُ وأَبو جَعْدة. والمَعْطُ: ضَرْبٌ مِنَ النِّكَاحِ. ومَعَطَها مَعْطاً: نَكَحَهَا. ومَعَطَني بِحَقِّي: مطَلَني. والتَّمعُّط فِي حُضْر الْفَرَسِ: أَن يمُدَّ ضَبْعَيْه حَتَّى لَا يَجِدَ مَزِيدًا، ويَحْبِس رِجْلَيْهِ حَتَّى لَا يَجِدَ مَزِيدًا لِلَّحَاقِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ فِي غَيْرِ الاحْتِلاط يَمْلَخُ بِيَدَيْهِ ويَضْرَحُ بِرِجْلَيْهِ فِي اجْتِمَاعِهِمَا كَالسَّابِحِ. وَفِي حَدِيثِ
حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ: فأَعرض عَنْهُ فَقَامَ مُتمَعِّطاً
أَي متسخِّطاً متغضِّباً. قَالَ ابْنُ الأَثير: يَجُوزُ أَن يَكُونَ بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ. وماعِط ومُعَيْطٌ: اسْمَانِ. وَبَنُو مُعَيْط: حَيٌّ مِنْ قُرَيْشٍ مَعْرُوفُونَ. ومُعَيْطٌ: مَوْضِعٌ. وأَمْعَطُ: اسْمُ أَرض؛ قَالَ الرَّاعِي:
يَخْرُجْن بالليلِ مِنْ نَقْعٍ لَهُ عُرَفٌ، ... بقاعٍ أَمْعَطَ، بَيْنَ السَّهل والصِّيَرِ
مغط: المَغْط: مَدُّ الشَّيْءِ يَسْتَطِيلُهُ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مَدَّ الشَّيْءِ الليِّن كالمُصْرانِ وَنَحْوِهِ، مغَطَه يَمْغُطه مَغْطاً فامَّغَط وامْتَغَط. والمُمَّغِطُ: الطَّوِيلُ لَيْسَ بِالْبَائِنِ الطُّولِ، وَقِيلَ: الطَّوِيلُ مُطْلَقًا كأَنه مدَّ مَدًّا مِنْ طُولِهِ.
وَوَصَفَ عَلِيٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الممَّغِط وَلَا الْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ
؛ يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَكِنَّهُ كَانَ رَبْعة. الأَصمعي: المُمَّغِط، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ، الْمُتَنَاهِي الطُّولِ. وامَّغط النَّهَارُ امِّغاطاً: طَالَ وامتدَّ. ومغَط فِي الْقَوْسِ يَمْغَطُ «2» مغْطاً مِثْلَ مَخَطَ: نَزَعَ فِيهَا بِسَهْمٍ أَو بِغَيْرِهِ. ومغَط الرجلُ الْقَوْسَ مَغْطًا إِذا مدَّها بِالْوَتَرِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: شدَّ مَا مغَطَ فِي قَوْسِهِ إِذا أَغرق فِي نزْع الْوَتَرِ وَمَدِّهِ ليُبْعِد السَّهْمَ. ومَغَطْت الْحَبْلَ وَغَيْرَهُ إِذا مَدَدْتَهُ، وأَصله مُنْمغِط وَالنُّونُ لِلْمُطَاوَعَةِ فَقُلِبَتْ مِيمًا وأُدغمت فِي الْمِيمِ، وَيُقَالُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَاهُ. وَالْمَغْطُ: مَدُّ الْبَعِيرِ يَدَيْهِ فِي السَّيْرِ؛ قَالَ:
مَغْطاً يَمُدُّ غَضَنَ الآباطِ
وَقَدْ تمغَّط، وَكَذَلِكَ فِي عدْو الْفَرَسِ أَن يمُدَّ ضبْعيه. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ مُتَمَغِّطٌ والأُنثى مُتَمغِّطةٌ. والتمغُّطُ: أَن يمُدّ ضَبْعَيْه حتى لا يجد مَزيداً فِي جَرْيِه ويَحْتَشِيَ رِجْلَيْهِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى لَا يَجِدَ مَزيداً للإِلحاق ثُمَّ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ في غير احْتلاط، يسْبَح
__________
(1) . قوله [افتعل] كذا في الأَصل والقاموس بالتاء، وفي الصحاح انفعل بالنون.
(2) . قوله [يمغط] كذا ضبط في الأصل، ومقتضى إطلاق المجد أنه من باب كتب.(7/405)
بِيَدَيْهِ ويَضْرَحُ بِرِجْلَيْهِ فِي اجْتِمَاعٍ. وَقَالَ مَرَّةً: التمغُّطُ أَن يَمُدَّ قَوائمه ويتمَطَّى فِي جَرْيِه. وامْتَغَطَ النهارُ أَي ارْتَفَعَ. وَسَقَطَ الْبَيْتُ عَلَيْهِ فتمَغَّط فَمَاتَ أَي قَتَلَهُ الغُبار، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بِمُسْتَعْمَل.
مقط: مَقَطَ عُنقَه يَمْقُطها ويَمْقِطها مَقْطاً: كَسَرَهَا. ومَقَطْتُ عُنُقه بالعَصا ومَقَرْتُه إِذا ضربتَه بِهَا حَتَّى يَنْكَسِرَ عَظْمُ الْعُنُقِ وَالْجِلْدِ صَحِيحٌ. ومقَط الرجلَ يَمْقطه مَقْطاً: غاظَه، وَقِيلَ: ملأَه غَيْظاً. وَفِي حَدِيثِ
حَكيم بْنِ حِزام «1» : فأَعْرَضَ عَنْهُ فَقَامَ مُتمَقِّطاً
أَي متَغَيِّظاً، يُقَالُ: مَقَطْت صَاحِبِي مَقْطاً وَهُوَ أَن تَبْلغ إِليه فِي الغَيْظِ، وَيُرْوَى بِالْعَيْنِ، وَقَدْ تقدَّم. وامْتَقَط فُلَانٌ عَيْنَيْنِ مِثْلَ جَمْرتين أَي اسْتَخْرَجَهُمَا؛ قَالَ أَبو جُنْدُبٍ الْهُذَلِيُّ:
أَيْنَ الفَتى أُسامةُ بْنُ لُعْطِ؟ ... هلَّا تَقُومُ أَنتَ أَو ذُو الإِبْطِ؟
لَوْ أَنَّه ذُو عِزّةٍ ومَقْطِ، ... لمنَعَ الجِيرانَ بعْضَ الهَمْطِ
قِيلَ: المَقْطُ الضرْب، يُقَالُ: مقَطه بالسَّوطِ. قِيلَ: وَالْمَقْطُ الشِّدّة، وَهُوَ ماقِطٌ شَدِيدٌ، والهَمْطُ: الظُّلْم. ومقَطَ الرجلَ مَقْطاً ومقَط بِهِ: صَرَعه؛ الأَخيرة عَنْ كَرَاعٍ. ومقَطَ الْكُرَةَ يَمْقُطها مَقْطاً: ضَرَبَ بِهَا الأَرض ثُمَّ أَخذها. والمَقْطُ: الضرْب بالحُبَيْل الصَّغِيرِ المُغارِ. والمِقاطُ: حَبْلٌ صَغِيرٌ يَكَادُ يَقُومُ مِنْ شِدَّةِ فَتْلِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الصُّبْحَ:
مِنَ الْبَيَاضِ مُدَّ بالمِقاطِ
وَقِيلَ: هُوَ الْحَبْلُ أَيّاً كَانَ، وَالْجَمْعُ مُقُطٌ مِثْلَ كِتَابٍ وكُتُب. ومقَطَه يَمْقُطه مَقْطاً: شدَّه بالمِقاط، والمِقاطُ حَبْلٌ مِثْلَ القِماط مَقْلُوبٌ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه، قَدِم مكةَ فَقَالَ: مَن يَعْلَمُ مَوْضِعَ المَقام؟ وَكَانَ السيلُ احْتَمَلَهُ مِنْ مَكَانِهِ، فَقَالَ المُطَّلِبُ بْنُ أَبي وَداعةَ: قَدْ كُنْتُ قدَّرْتُه وَذَرَعَتْهُ بمِقاطٍ عِنْدِي
؛ المِقاط، بِالْكَسْرِ: الْحَبْلُ الصَّغِيرُ الشَّدِيدُ الْفَتْلِ. والمَقّاطُ: الْحَامِلُ مِنْ قَرْية إِلى قَرْيَةٍ أُخرى. ومقَط الطائرُ الأُنثى يَمقُطها مَقْطاً: كَقَمَطها. والماقِطُ والمَقَّاط: أَجيرُ الكَرِيّ، وَقِيلَ: هُوَ المُكْتَرَى مِنْ مَنْزِلٍ إِلى آخَرَ. والماقِطُ: مَوْلَى الْمَوْلَى، وَتَقُولُ الْعَرَبُ: فُلَانٌ ساقِطُ بْنُ ماقِطِ بْنِ لاقِطٍ تَتسابُّ بِذَلِكَ، فالساقِطُ عبدُ الماقِط، والماقِط عَبَدَ اللَّاقِط، واللاقطُ عَبْدٌ مُعْتَقٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابٍ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ. والماقِطُ: الضَّارب بالحَصى المُتكَهِّن الحازِي. والماقِطُ مِنَ الإِبل: مَثَّلَ الرّازِم، وَقَدْ مَقَطَ يَمْقُطُ مُقُوطاً أَي هُزِلَ هُزالًا شَدِيدًا. الْفَرَّاءُ: المَاقِطُ الْبَعِيرُ الَّذِي لَا يتحرّكُ هُزالًا.
مقعط: القُمْعُوطةُ والمُقْعُوطَةُ، كِلْتَاهُمَا: دويبَّة مَاءٍ.
ملط: المِلْطُ: الخَبِيثُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا يُدْفَع إِليه شَيْءٌ إِلا أَلْمَأَ عَلَيْهِ وذهَب بِهِ سَرَقاً واسْتِحلالًا، وَجَمْعُهُ أَمْلاطٌ ومُلُوط، وَقَدْ مَلَطَ مُلوطاً؛ يُقَالُ: هَذَا مِلْطٌ مِنَ المُلوط. والمَلَّاطُ: الَّذِي يملُط بِالطِّينِ، يُقَالُ: ملَطْت مَلْطاً. وملَط الحائطَ مَلْطاً ومَلَّطَه: طَلاه. والمِلاط: الطِّينُ الَّذِي يُجعل بَيْنَ سافَيِ البِناء ويُمْلَطُ بِهِ الْحَائِطُ، وَفِي صِفَةِ الْجَنَّةِ:
ومِلاطُها مِسْك أَذْفَرُ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، ويُمْلَطُ بِهِ الْحَائِطُ أَي يُخْلط. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنّ الإِبل يُمالِطُها الأَجْربُ
أَي يُخالِطُها.
__________
(1) . قوله [حكيم بن حزام] الذي تقدم حكيم بن معاوية، والمصنف تابع للنهاية في المحلين.(7/406)
والمِلاطانِ: جانِبا السَّنام ممَّا يَلِي مُقدَّمَه. والمِلاطانِ: الجَنْبانِ، سُمِّيَا بِذَلِكَ لأَنهما قَدْ مُلِطَ اللحمُ عَنْهُمَا مَلْطاً أَي نُزِع، وَيُجْمَعُ مُلُطاً. والمِلاطانِ: الكَتِفان، وَقِيلَ: المِلاطُ وَابْنُ المِلاط الْكَتِفُ بالمَنكِب والعَضُدِ والمِرفقِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: المِلاطُ المِرْفق فَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا؛ وأَنشد:
يَتْبَعْنَ سَدْوَ سَلِسِ المِلاط
وَالْجَمْعُ مُلُط؛ الأَزهري فِي قَوْلِ قَطِرانَ السَّعدي:
وجَوْن أَعانَتْه الضُّلُوعُ بِزَفْرةٍ ... إِلى مُلُط بانَتْ، وبانَ خَصِيلُها
قَالَ: إِلى مُلُط أَي مَعَ مُلط؛ يَقُولُ: بَانَ مِرْفقاها مِنْ جَنْبِها فَلَيْسَ بِهَا حازٌّ وَلَا ناكِتٌ، وَقِيلَ للعَضُد مِلاط لأَنه سُمِّيَ بِاسْمِ الْجَنْبِ، والمُلُط: جَمْعُ مِلاط للعَضُدِ والكتفِ. التَّهْذِيبُ: وَابْنَا مِلاط العضُدانِ، وَفِي الصِّحَاحِ: ابْنَا مُلَاطٍ عَضُدَا الْبَعِيرِ لأَنهما يَليانِ الْجَنْبَيْنِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ بَعِيرًا:
كِلا مِلاطَيْهِ إِذا تَعَطَّفا ... بانَا، فَمَا رَاعى بِرَاعٍ أَجْوَفا
قَالَ: والمِلاطانِ هَاهُنَا العَضُدانِ لأَنهما الْمَائِرَانِ كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:
عَوْجاء فِيهَا مَيَلٌ غَيْرُ حَرَدْ ... تُقَطِّع العِيسَ، إِذا طَالَ النّجُدْ،
كِلا مِلاطَيْها عَنِ الزَّوْرِ أَبَدْ
قَالَ النَّضِرُ: الْمِلَاطَانِ مَا عَنْ يَمِينِ الكِركرة وَشَمَالِهَا. وَابْنَا مِلاطَي الْبَعِيرِ: هُمَا العَضُدانِ، وَقِيلَ ابْنَا مِلَاطَيِ الْبَعِيرِ كَتِفَاهُ، وَابْنَا مِلاطٍ: العضُدانِ وَالْكَتِفَانِ، الْوَاحِدُ ابْنُ مِلاط؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لعُيينة بْنِ مِرْداس:
تَرَى ابْنَيْ مِلاطَيْها، إِذا هِيَ أَرْقَلَتْ، ... أُمِرّا فَبَانَا عَنْ مُشاشِ المُزَوَّر
المُزَوَّرُ: مَوْضِعُ الزَّور. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: ابْنَا مِلاط الْعَضُدَانِ، والملاطانِ الإِبْطانِ؛ وَقَالَ أَنشدني الْكِلَابِيُّ:
لَقَدْ أُيِّمَتْ، مَا أُيِّمتْ، ثُمَّ إِنه ... أُتِيحَ لَهَا رِخْوُ المِلاطَيْن قارِسُ
القارِسُ: البارِد، يَعْنِي شَيْخًا وَزَوْجَتَهُ؛ وأَنشد لجُحَيْشِ بْنِ سَالِمٍ:
أَظُنُّ السِّرْبَ سِرْبَ بَنِي رُمَيْحٍ، ... سَتُذْعِرُه شَعاشِعةٌ سِباطُ
ويُصْبِحُ صاحِبُ الضّرّاتِ مُوسى ... جَنِيباً، حَذْو مائرةِ المِلاطِ «2»
وَابْنُ المِلاطِ: الهِلال؛ حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ للهلال ابن مِلاط. وَفُلَانٌ مِلْطٌ، قَالَ الأَصمعي: المِلْط الَّذِي لَا يُعرف لَهُ نَسب وَلَا أَب مِنْ قَوْلِكَ أَمْلَطَ رِيش الطَّائِرِ إِذا سَقَطَ عَنْهُ. وَيُقَالُ غُلَامٌ مِلْطٌ خِلْطٌ، وَهُوَ الْمُخْتَلِطُ النَّسَبِ. والمِلاطُ: الجَنْب؛ وأَنشد الأَصمعي:
مِلَاطٌ تَرى الذِّئْبانَ فِيهِ كأَنَّه ... مَطينٌ بثَأْطٍ، قَدْ أُمِيرَ بِشَيَّانِ
الثأْطُ: الحَمأَة الرَّقيقةُ. والذِّئبانُ: الوبَرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى المَنْكِبين. وأُمِيرَ: خُلِطَ. والشَّيّانُ: دَمُ الأَخَوَيْن؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا البيت دَلِيلَ
__________
(2) . فِي هَذَا الْبَيْتِ إِقواء.(7/407)
عَلَى أَنه يُقَالُ لِلْمَنْكِبِ وَالْكَتِفِ أَيضاً مِلاطٌ وَلِلْعَضُدَيْنِ ابْنَا مِلاطٍ؛ قَالَ وَقَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ:
ساقٍ سَقاها لَيْسَ كابْنِ دَقْلِ، ... يُقَحِّمُ القامةَ بَعْدَ المَطْلِ،
بِمنْكِبٍ وابْنِ مِلاطٍ جَدْلِ
والمِلْطَى مِنَ الشِّجاجِ: السِّمْحاقُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقِيلَ المِلطاةُ، بِالْهَاءِ، قَالَ: فإِذا كَانَتْ عَلَى هَذَا فَهِيَ فِي التَّقْدِيرِ مَقْصورة، وتفسيرُ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ:
يُقْضَى فِي المِلْطَى بِدَمِهَا
، مَعْنَاهُ أَنه حِينَ يُشَجُّ صَاحِبُهَا يؤْخذ مِقدارُها تِلْكَ الساعةَ ثُمَّ يُقْضَى فِيهَا بالقِصاص أَو الأَرْشِ، وَلَا يُنظر إِلى مَا يَحْدُثُ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةٍ أَو نُقْصَانٍ، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَلَيْسَ هُوَ قَوْلَ أَهلِ الْعِرَاقِ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: المِلْطى مَقْصُورٌ، وَيُقَالُ المِلْطاةُ، بِالْهَاءِ، هِيَ الْقِشْرَةُ الرَّقِيقَةُ الَّتِي بَيْنَ عَظْمِ الرأْس وَلَحْمِهِ. وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ شَجَّه حَتَّى رأَيت المِلْطَى، وشجَّةٌ مِلطى مَقْصُورٌ. اللَّيْثُ: تَقْدِيرُ الْمَلْطَاءِ أَنه مَمْدُودٌ مُذَكَّرٌ وَهُوَ بِوَزْنِ الْحِرْبَاءِ. شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَنه ذَكَرَ الشِّجَاجَ فَلَمَّا ذَكَرَ الباضِعةَ قَالَ: ثُمَّ المُلْطِئةُ؛ وَهِيَ الَّتِي تَخْرُقُ اللَّحْمَ حَتَّى تَدْنُو مِنَ الْعَظْمِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَقُولُ الْمِلَطَى؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُ ابْنِ الأَعرابي يَدُلُّ عَلَى أَن الْمِيمَ مِنَ المِلْطى مِيمُ مِفْعل وأَنها لَيْسَتْ بأَصلية كأَنها مَنْ لَطَيْت بِالشَّيْءِ إِذا لَصِقْت بِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَهمل الْجَوْهَرِيُّ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ المِلْطَى، وَهِيَ المِلْطاةُ أَيضاً، وَهِيَ شَجَّة بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ، قَالَ: وَذَكَرَهَا فِي فَصْلٍ لِطَيٍّ. وَفِي حَدِيثِ الشَّجاج:
فِي المِلْطى نِصْفُ دِيةِ المُوضِحة
، قَالَ ابْنُ الأَثير: المِلْطى، بِالْقَصْرِ، والمِلْطاةُ الْقِشْرَةُ الرَّقِيقَةُ بَيْنَ عَظْمِ الرأْس وَلَحْمِهِ، تَمْنَعُ الشجةَ أَن تُوضِحَ، وَقِيلَ الْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ أَصلية والأَلف للإِلحاق كَالَّذِي فِي مِعْزى، والمِلْطاةُ كالعِزْهاةِ، وَهُوَ أَشبه. قَالَ: وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَهَا السِّمْحاقَ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
يُقْضى فِي المِلْطَى بِدَمِهَا
، قَوْلُهُ بِدَمِهَا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِيُقْضَى، وَلَكِنْ بِعَامِلٍ مُضْمَرٍ كأَنه قِيلَ: يُقْضَى فِيهَا مُلْتَبِسة بِدَمِهَا حَالَ شَجِّهَا وَسَيَلَانُهُ. وَفِي كِتَابِ أَبي مُوسَى فِي ذِكْرِ الشِّجَاجِ: المِلطاط وَهِيَ السِّمْحَاقُ، قَالَ: والأَصل فِيهِ مِنْ مِلْطاط الْبَعِيرِ وَهُوَ حَرْفٌ فِي وَسَطِ رأْسه. والمِلْطاطُ: أَعلى حَرْفِ الْجَبَلِ وصحنُ الدَّارِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: هَذَا المِلْطاطُ طَرِيقُ بِقِيَّةِ المؤْمنين
؛ هُوَ سَاحِلُ الْبَحْرِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي اللَّامِ وَجَعَلَ مِيمَهُ زَائِدَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ، قَالَ: وَذَكَرَهُ أَبو مُوسَى فِي الْمِيمِ وَجَعَلَ مِيمَهُ أَصلية. وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ: فأَمرتهم بِلُزُومٍ هَذَا الْمِلْطَاطِ حَتَّى يأْتيهم أَمري
، يُرِيدُ بِهِ شاطِئَ الفُراتِ. والأَمْلَطُ: الَّذِي لَا شَعْرَ عَلَى جَسَدِهِ وَلَا رأْسه وَلَا لِحْيَتِهِ، وَقَدْ مَلِطَ مَلَطاً ومُلْطةً. ومَلَطَ شعرَه مَلْطاً: حَلَقه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. اللَّيْثُ: الأَمْلَطُ الرَّجُلُ الَّذِي لَا شَعْرَ عَلَى جَسَدِهِ كُلِّهِ إِلا الرأْس واللِّحيةَ، وَكَانَ الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ أَمْلَطَ أَي لَا شَعْرَ عَلَى بَدَنِهِ إِلا فِي رأْسه، وَرَجُلٌ أَمْلَطُ بَيِّنُ الملَطِ وَهُوَ مِثْلُ الأَمْرَطِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
طَبِيخُ نُحازٍ أَو طَبِيخُ أَمِيهةٍ، ... دقيقُ العِظامِ، سَيِءُ القِشْمِ، أَمْلط
يَقُولُ: كَانَتْ أُمه بِهِ حَامِلَةً وَبِهَا نُحاز أَي سُعال أَو جُدَرِيّ فَجَاءَتْ بِهِ ضاوِياً. والقِشْمُ: اللحْمُ. وأَملطت الناقةُ جَنِينها وَهِيَ مُمْلِطةٌ: أَلْقَتْه وَلَا شَعْرَ عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ مَمالِيطُ، بِالْيَاءِ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ لَهَا(7/408)
عَادَةً فَهِيَ مِمْلاطٌ، وَالْجَنِينُ مَلِيطٌ. والمَلِيطُ: السَّخْلةُ. والمَلِيطُ: الجَدْي أَوَّل مَا تَضَعُهُ الْعَنْزُ، وَكَذَلِكَ مِنَ الضأْن. ومَلَطَتْه أُمُّه تَمْلُطه: وَلَدَتْهُ لِغَيْرِ تَمَامٍ. وَسَهْمٌ أَمْلَطُ ومَلِيطٌ: لَا رِيشَ عَلَيْهِ مِثْلَ أَمْرَط؛ وأَنشد يَعْقُوبُ:
وَلَوْ دَعا ناصِرَه لَقِيطا، ... لذاقَ جَشْأً لَمْ يَكُنْ مَلِيطا
لَقِيطٌ: بَدَلٌ مِنْ ناصِر. وتَمَلَّطَ السهمُ إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ رِيشٌ. ومَلَطْيَةُ: بَلَدٌ. وَيُقَالُ: مالَط فُلَانٌ فُلَانًا إِذا قَالَ هَذَا نِصْفُ بَيْتٍ وأَتَمَّه الْآخَرُ بَيْتًا. يُقَالُ: مَلَّطَ لَهُ تَمْلِيطاً. والمِلْطَى: الأَرض «1» السَّهْلَةُ. قَالَ أَبو عَلِيٍّ: يَحْتَمِلُ وزْنُها أَن يَكُونَ مِفْعالًا وأَن يَكُونَ فِعْلاء، وَيُقَالُ: بعتُه المَلَسَى والمَلَطَى وَهُوَ الْبَيْعُ بِلَا عُهْدَةٍ. وَيُقَالُ: مَضَى فُلَانٌ إِلى مَوْضِعِ كَذَا فَيُقَالُ جَعَلَهُ اللَّهُ مَلَطَى لَا عُهْدَة أَي لَا رَجْعَةَ. والمَلَطَى مِثْلُ المَرَطَى: مِنَ العَدْوِ. والمُتَمَلِّطَةُ: مَقْعَد الاشْتِيامِ، والاشْتِيامُ: رَئيسُ الرُّكّابِ.
ميط: ماطَ عَنِّي مَيْطاً ومَيَطاناً وأَماطَ: تَنَحَّى وبعُد وَذَهَبَ. وَفِي حَدِيثِ الْعَقَبَةِ:
مِطْ عَنَّا يَا سعْدُ
أَي ابْعُد. ومِطْتُ عَنْهُ وأَمَطْتُ إِذا تنحَّيْت عَنْهُ، وَكَذَلِكَ مِطْتُ غَيْرِي وأَمَطْتُه أَي نَحَّيْته. وَقَالَ الأَصمعي: مِطْتُ أَنا وأَمَطْتُ غَيْرِي، وَمِنْهُ إِماطةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ. وَفِي حَدِيثِ الإِيمانِ:
أَدْناها إِماطةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ
أَي تَنْحِيته؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَكل:
فليُمِط مَا بِهَا مِنْ أَذًى.
وَفِي حَدِيثِ العَقِيقةِ:
أَمِيطُوا عَنْهُ الأَذى.
والمَيْطُ والمِياطُ: الدَّفْعُ والزَّجْرُ، وَيُقَالُ: الْقَوْمُ فِي هِياطٍ ومِياطٍ. وماطَه عَنِّي وأَماطَه: نَحَّاهُ ودفَعه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِطْتُ بِهِ وأَمَطْتُه عَلَى حُكْمِ مَا تتعَدَّى إِليه الأَفعال غَيْرُ الْمُتَعَدِّيَةِ بِوَسِيطِ النَّقْلِ فِي الْغَالِبِ. وأَماطَ اللهُ عَنْكَ الأَذى أَي نَحَّاهُ. ومِطْ وأَمِطْ عَنِّي الأَذى إِماطةً لَا يَكُونُ غَيْرَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَمِطْ عَنَّا يدَكَ
أَي نحِّها. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
فَمَا ماطَ أَحدُهم عَنْ مَوْضِعَ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
أَنه أَخذ الرايةَ فهزَّها ثُمَّ قَالَ: مَن يأْخُذها بحقِّها؟ فَجَاءَ فُلَانٌ فَقَالَ: أَنا، فَقَالَ: أَمِطْ، ثمَّ جاءَ آخر فقال: أَمِطْ
أَي تنَحَّ واذْهَب. وماطَ الأَذى مَيْطاً وأَماطَه: نَحّاه وَدَفَعَهُ؛ قَالَ الأَعشى:
فَمِيطي، تَمِيطي بصُلْبِ الفُؤَاد، ... ووَصّالِ حَبْلٍ وكنَّادِها
أَنَّث لأَنه حَمَلَ الْحَبْلَ عَلَى الوُصْلة؛ وَيُرْوَى:
وَصُولِ حِبالٍ وكنّادِها
وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ:
ووصْل حِبال وكنَّادها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ خطأٌ إِلا أَن يضَع وصْل مَوْضِعَ واصِل؛ وَيُرْوَى:
ووصْل كَرِيم وكنَّادها
الأَصمعي: مِطْتُ أَنا وأَمَطْت غَيْرِي، قَالَ: وَمَنْ قَالَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ. ابْنُ الأَعرابي: مِطْ عَنِّي وأَمِط عَنِّي بِمَعْنَى؛ قَالَ: وَرَوَى بَيْتَ الأَعشى: أَمِيطي تَمِيطي، بِجَعْلِ أَماط وماط بمعنى، والباء
__________
(1) . قوله [والملطى الأَرض] الملطى مرسوم في الأَصل بالياء، وعلى صحته يكون مقصوراً ويوافقه قول شارح القاموس: هي بالكسر مقصورة.(7/409)
زَائِدَةٌ وَلَيْسَتْ لِلتَّعْدِيَةِ. وَيُقَالُ: أَمِطْ عَنِّي أَي اذهَبْ عَنِّي واعْدِل، وَقَدْ أَماطَ الرجلُ إِماطة. وماطَ الشيءُ: ذَهَبَ. وماطَ بِهِ: ذَهَبَ به. وأَماطَه: أَذْهَبه؛ وقال أَوس:
فَمِيطِي بِمَيّاطٍ، وإِنْ شِئْتِ فانْعِمِي ... صَباحاً، ورُدِّي بَيْنَنا الوَصْلَ، واسْلَمي
وتَمايَطَ القومُ: تَباعَدُوا وَفَسَدَ مَا بَيْنَهُمْ. الْفَرَّاءُ: تَهايَطَ الْقَوْمُ تَهايُطاً إِذا اجْتَمَعُوا وأَصلحوا أَمرهم، وتَمايَطُوا تَمايُطاً إِذا تباعدُوا. وَقَالَ أَبو طَالِبِ بْنُ سَلمَة: قَوْلُهُمْ مَا زِلْنا بالهِياطِ والمِياطِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الهِياط أَشدّ السوْق فِي الوِرْد، والمِياطُ أَشد السَّوْقِ فِي الصدَرِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ بالمَجيء والذِّهاب. اللِّحْيَانِيُّ: الهِياطُ الإِقْبالُ، والمِياطُ الإِدْبار؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الهِياطُ اجْتِمَاعُ النَّاسِ لِلصُّلْحِ، وَالْمِيَاطُ التَّفَرُّقُ عَنْ ذَلِكَ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الهِياط المُزاولةُ، والمِياط المَيْل. وَيُقَالُ: أَرادوا بالهِياط الجَلبةِ والصخَب، وَبِالْمِيَاطِ التباعُد والتنَحّي وَالْمَيْلَ. وَمَاطَ عليَّ فِي حُكْمِهِ يَمِيط مَيْطاً: جَارَ. وَمَا عِنْدَهُ مَيْطٌ أَي شَيْءٌ، وَمَا رَجَعَ مِنْ مَتاعِه بمَيْطٍ. وأَمْرٌ ذُو مَيْط: شَدِيدٌ. وامتلأَ حَتَّى مَا يَجِدُ مَيْطاً أَي مَزيداً؛ عَنْ كُرَاعٍ. والمَيَّاط: اللّعّابُ الْبَطَّالُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُثْمَانَ النَّهْدِيّ: لَوْ كَانَ عُمر مِيزاناً مَا كَانَ فِيهِ مَيْطُ شَعْرَةٍ
أَي مَيْلُ شَعْرَةٍ؛ وَفِي حَدِيثِ بَنِي قُريظة والنَّضِير:
وَقَدْ كَانُوا بِبَلْدتِهم ثِقالًا، ... كَمَا ثَقُلَتْ بمِيطانَ الصُّخور
فَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ «1» مَوْضِعٌ فِي بِلَادِ بَنِي مُزَيْنة بالحجاز.
فصل النون
نأط: ابْنُ بُزُرج: نأَط بالحِمْل نأْطاً ونَئِيطاً إِذا زَفَر به.
نبط: النَّبَط: الْمَاءُ الَّذِي يَنْبُطُ [يَنْبِطُ] من قعر البئر إِذا حُفرت، وَقَدْ نبَطَ مَاؤُهَا ينْبِطُ ويَنْبُطُ نَبْطاً ونُبوطاً. وأَنبطنا الماءَ أَي اسْتَنْبَطْنَاهُ وَانْتَهَيْنَا إِليه. ابْنُ سِيدَهْ: نبَطَ الرَّكِيّةَ نَبْطاً وأَنْبَطها واسْتَنْبَطها وَنَبَّطَهَا؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَماهَها. وَاسْمُ الْمَاءِ النُّبْطةُ والنَّبَطُ، وَالْجَمْعُ أَنْباط ونُبوط. ونبطَ الماءُ ينْبُطُ وينْبِط نُبوطاً: نَبَعَ؛ وَكُلُّ مَا أُظهر، فَقَدْ أُنْبِط. واسْتَنْبَطه وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ عِلْمًا وَخَبَرًا وَمَالًا: اسْتَخْرَجَهُ. والاسْتنْباطُ: الِاسْتِخْرَاجُ. واستنبَطَ الفَقِيهُ إِذا اسْتَخْرَجَ الْفِقْهَ الْبَاطِنَ بِاجْتِهَادِهِ وفهمِه. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى يَسْتَنْبِطُونَهُ فِي اللُّغَةِ يَسْتَخْرِجُونَهُ، وأَصله مِنَ النبَط، وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْبِئْرِ أَوّل مَا تُحْفَرُ؛ وَيُقَالُ مِنْ ذَلِكَ: أَنْبَطَ فِي غَضْراء أَي استنبطَ الْمَاءَ مِنْ طِينٍ حُرّ. والنَّبَطُ والنَّبِيطُ: الماء الذي يَنْبُطُ [يَنْبِطُ] من قعر الْبِئْرِ إِذا حُفرت؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ سَعْدٍ الغَنَوِيُّ:
قَريبٌ ثَراه مَا يَنالُ عَدُوُّه ... لَهُ نَبَطاً، عِند الهَوانِ قَطُوبُ «2»
وَيُرْوَى: قَرِيبٌ نَداه. وَيُقَالُ للرِكيّة: هِيَ نَبَطٌ إِذا أُميهتْ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا يُدْرَكُ لَهُ نَبَطٌ أَي لَا يُعْلَمُ قَدْرُ عِلْمِهِ وغايَتُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن
__________
(1) . قوله [بكسر الميم] هو في القاموس والنهاية أَيضاً وضبطه ياقوت بفتحها.
(2) . قوله [عند الهوان] هو هكذا في الصحاح، والذي في الأساس: آبي الهوان.(7/410)
غَدا مِن بَيتِه يَنْبِطُ عِلماً فَرَشَتْ لَهُ الملائكةُ أَجْنِحَتَها
، أَي يُظهره ويُفْشِيه فِي النَّاسِ، وأَصله مِن نَبَطَ الماءُ يَنْبُطُ إِذا نَبعَ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ورجلٌ ارْتَبط فَرَسًا ليَسْتَنْبِطَها
أَي يَطلُب نَسْلها ونِتاجَها، وَفِي رِوَايَةٍ: يَسْتَبْطِنها أَي يَطْلُبَ مَا فِي بَطْنِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: فُلَانٌ لَا يُنالُ لَهُ نَبَطٌ إِذا كَانَ دَاهِيًا لَا يُدْرَك لَهُ غَوْر. والنبَط: مَا يتَحَلَّبُ مِنَ الجَبل كأَنه عَرَق يَخْرُجُ مِنْ أَعْراض الصَّخْرِ. أَبو عَمْرٍو: حفَرَ فَأَثْلَجَ إِذا بلَغ الطِّينَ، فإِذا بَلَغَ الْمَاءَ قِيلَ أَنْبَطَ، فإِذا كثُر الْمَاءُ قِيلَ أَماهَ وأَمْهَى، فإِذا بَلَغَ الرّملَ قِيلَ أَسْهَبَ. وأَنبَط الحَفّارُ: بَلَغَ الْمَاءِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ يَعِدُ وَلَا يُنْجِزُ: فُلَانٌ قَرِيبُ الثَّرَى بعيدُ النَّبَطِ. وَفِي حَدِيثُ بَعْضِهِمْ وَقَدْ سُئل عَنْ رَجُلٍ فَقَالَ: ذَاكَ قَرِيبُ الثَّرَى بعيدُ النَبط، يُرِيدُ أَنه دَانِي المَوْعِد بعيدُ الإِنْجاز. وَفُلَانٌ لَا يُنال نَبَطُه إِذا وُصف بِالْعِزِّ والمَنَعةِ حَتَّى لَا يَجِدَ عدوُّه سَبِيلًا لأَن يتَهَضَّمَه. ونَبْطٌ: وَادٍ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
أَضَرَّ بِهِ ضاحٍ فَنَبْطا أُسالةٍ، ... فَمَرٌّ، فأَعلى حَوْزِها، فَخُصورُها
والنَّبَطُ والنُّبْطةُ، بِالضَّمِّ: بَياض تَحْتَ إِبْط الفَرس وبطنِه وَكُلِّ دَابَّةٍ وَرُبَّمَا عَرُضَ حَتَّى يَغْشَى الْبَطْنَ والصدْر. يُقَالُ: فَرَسٌ أَنْبَطُ بيِّن النَّبَط، وَقِيلَ الأَنْبطُ الَّذِي يَكُونُ الْبَيَاضُ فِي أَعلى شِقّي بَطْنِهِ مِمَّا يَلِيهِ فِي مَجْرى الحِزام وَلَا يَصعَد إِلى الْجَنْبِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي بِبَطْنِهِ بياضٌ، مَا كَانَ وأَين كَانَ مِنْهُ، وَقِيلَ هُوَ الأَبيض الْبَطْنِ والرُّفْغ مَا لَمْ يصعَد إِلى الْجَنْبَيْنِ، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إِذا كَانَ الفرسُ أَبيضَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ فَهُوَ أَنبط؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الصُّبْحَ:
وَقَدْ لاحَ للسّارِي الَّذِي كَمَّل السُّرَى، ... عَلَى أُخْرَياتِ الليْل، فَتْقٌ مُشَهَّرُ
كَمِثْل الحِصانِ الأَنْبَطِ البَطْنِ قَائِمًا، ... تَمايَل عَنْهُ الجُلُّ، فاللَّوْنُ أَشْقَرُ
شَبَّهَ بياضَ الصُّبْحِ طَالِعًا فِي احْمِرار الأُفُق بِفَرَسٍ أَشْقَر قَدْ مَالَ عَنْهُ جُلُّه فَبَانَ بياضُ إِبْطه. وَشَاةٌ نَبْطاء: بَيْضَاءُ الشَّاكِلَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: شاةٌ نَبطاء بَيْضَاءُ الْجَنْبَيْنِ أَو الْجَنْبِ، وَشَاةٌ نَبْطَاءُ مُوشَّحةٌ أَو نَبْطاءُ مُحْوَرَّةٌ، فإِن كَانَتْ بَيْضَاءَ فَهِيَ نَبْطَاءُ بِسَوَادٍ، وإِن كَانَتْ سَوْدَاءَ فَهِيَ نَبْطَاءُ بِبَيَاضٍ. والنَّبِيطُ والنبَطُ كالحَبِيشِ والحَبَشِ فِي التَّقْدِيرِ: جِيلٌ يَنْزِلُون السَّوَادَ، وَفِي الْمُحْكَمِ: يَنْزِلُونَ سَوَادَ الْعِرَاقِ، وَهُمُ الأَنْباطُ، والنَّسَبُ إِليهم نَبَطِيٌّ، وَفِي الصِّحَاحِ: يَنْزِلُونَ بالبَطائِح بَيْنَ العِراقين. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ رَجُلٌ نُباطيّ، بِضَمِّ النُّونِ «1» ، ونَباطِيٌّ وَلَا تَقُلْ نَبَطِيٌّ. وَفِي الصِّحَاحِ: رَجُلٌ نَبَطيٌّ ونَباطِيٌّ ونَباطٍ مِثْلُ يَمنيّ ويمَانيّ وَيَمَانٍ، وَقَدِ استنبطَ الرجلُ. وَفِي كَلَامِ أَيُّوبَ بْنِ القِرِّيّةِ: أَهل عُمان عَرَبٌ اسْتَنْبَطُوا، وأَهل البَحْرَيْن نَبِيطٌ اسْتَعْرَبُوا. وَيُقَالُ: تَنَبَّطَ فُلَانٌ إِذا انْتَمى إِلى النَّبَط، والنَّبَطُ إِنما سُموا نَبَطاً لاسْتِنْباطِهم مَا يَخْرُجُ مِنَ الأَرضين. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: تَمَعْدَدُوا وَلَا تَسْتَنْبِطُوا
أَي تَشبَّهوا بمَعَدٍّ وَلَا تشبَّهوا بالنَّبط. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
لَا تَنَبَّطُوا فِي الْمَدَائِنِ
أَي لَا تَشَبَّهوا بالنَّبط فِي سُكْنَاهَا وَاتِّخَاذِ العَقارِ والمِلْك. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: نَحْنُ مَعاشِر قُريْش مِنَ النَّبط مِنْ أَهل كُوثَى رَبَّا
، قِيلَ: إِن إِبراهيم الْخَلِيلَ وُلِدَ بِهَا وَكَانَ النَّبطُ سكّانَها؛ ومنه حديث
__________
(1) . قوله [بضم النون] حكى المجد تثليثها.(7/411)
عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِب: سأَله عُمر عَنْ سَعْد بْنَ أَبي وَقَّاصٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ: أَعرابيٌّ فِي حِبْوتِه، نَبَطِيٌّ فِي جِبْوتِه
؛ أَراد أَنه فِي جِبايةِ الخَراج وعِمارة الأَرضين كالنَّبط حِذقاً بِهَا ومَهارة فِيهَا لأَنهم كانُوا سُكَّانَ العِراقِ وأَرْبابَها. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أَبي أَوْفى: كُنَّا نُسْلِف نَبِيط أَهل الشَّامِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنْباطاً مِنْ أَنْباط الشَّامِ.
وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: أَن رَجُلًا قَالَ لِآخَرَ: يَا نَبَطيّ فَقَالَ: لَا حَدّ عَلَيْهِ كُلُّنَا نَبطٌ
يُرِيدُ الجِوارَ وَالدَّارَ دُون الوِلادة. وَحَكَى أَبو عَلِيٍّ: أَن النَّبط وَاحِدٌ بِدَلَالَةِ جَمْعِهِمْ إِيَّاه فِي قَوْلِهِمْ أَنباط، فأَنباط فِي نَبَط كأَجْبال فِي جبَل. والنبِيطُ كَالْكَلِيبِ. وعِلْكُ الأَنْباطِ: هُوَ الْكَامَّانُ الْمُذَابُ يُجْعَلُ لَزُوقاً لِلْجُرْحِ. والنَّبْطُ: الموْتُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: وَدَّ السُّراةُ المُحكِّمةُ أَن النَّبْطَ قَدْ أَتى عَلَيْنَا كلِّنا
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: النَّبْطُ الْمَوْتُ. وَوَعْساء النُّبَيْطِ: رَمَلَةٌ مَعْرُوفَةٌ بالدّهْناء، وَيُقَالُ وَعْسَاءُ النُّمَيْطِ. قَالَ الأَزهري: وَهَكَذَا سَمَاعِيٌّ مِنْهُمْ. وإِنْبِط: اسْمُ مَوْضِعٍ بِوَزْنِ إِثْمِد؛ وَقَالَ ابْنُ فَسْوةَ:
فإِنْ تَمْنَعُوا مِنها حِماكُم، فإِنّه ... مُباحٌ لَهَا، مَا بين إِنْبِطَ فالكُدْرِ
نثط: النَّثْطُ: خُروج النباتِ والكمأَةِ مِنَ الأَرض. والنَّثْطُ: النباتُ نفسُه حِينَ يَصْدَعُ الأَرض وَيَظْهَرُ. والنثْطُ: غَمْزُك الشَّيْءَ بِيَدِكَ، وَقَدْ نَثَطَه بِيَدِهِ: غَمزَه، وَفِي الْحَدِيثِ
: كَانَتِ الأَرض تَمُوجُ تَمِيدُ «2» فَوْقَ الْمَاءِ فنَثَطها اللهُ بالجِبالِ فَصَارَتْ لَهَا أَوتاداً.
وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
كَانَتِ الأَرض هِفّاً عَلَى الْمَاءِ فنَثَطَها اللَّهُ بالجِبال
أَي أَثْبَتَها وثَقَّلَها. والنثطُ: غمزُك الشَّيْءَ حَتَّى يثبُت. ونثَط الشيءُ نُثُوطاً: سَكَنَ، ونَثَطْته: سكَّنته. ابْنُ الأَعرابي: النثْطُ التَّثقِيلُ؛ وَمِنْهُ خَبَرُ
كَعْبٍ: أَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا مَدَّ الأَرض مَادَتْ فثَنَطها بِالْجِبَالِ أَي شَقّها فَصَارَتْ كالأَوتاد لَهَا، وَنَثَطَهَا بِالْآكَامِ فَصَارَتْ كالمُثْقِلات لَهَا.
قَالَ الأَزهري: فَرَّقَ ابْنُ الأَعرابي بَيْنَ الثَّنْط والنثْطِ، فَجَعَلَ الثَّنْط شَقّاً، وَجَعَلَ النَّثْط إِثقالًا، قَالَ: وَهُمَا حَرْفَانِ غَرِيبَانِ، قَالَ: وَلَا أَدري أَعَرَبِيَّانِ أَم دَخِيلَانِ.
نحط: الأَزهري: النَّحْطةُ دَاءٌ يُصِيبُ الْخَيْلَ والإِبل فِي صُدُورِهَا لَا تَكَادُ تَسْلَمُ مِنْهُ. والنَّحْطُ: شِبْه الزَّفِير. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: النحطُ الزَّفِيرُ، وَقَدْ نَحَطَ يَنْحِط، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ أُسامة الهُذلِيُّ:
مِنَ المُرْبَعِينَ ومِنْ آزِلٍ، ... إِذا جَنَّه الليلُ كالنّاحِطِ
ابْنُ سِيدَهْ: ونحَطَ القَصّارُ يَنْحِطُ إِذا ضَرَبَ بِثَوْبِهِ عَلَى الْحَجَرِ وتنفَّسَ لِيَكُونَ أَرْوَحَ لَهُ؛ قَالَ الأَزهري: وأَنشد الْفَرَّاءُ:
وتَنْحِطْ حَصانٌ آخِرَ اللَّيْلِ، نَحْطةً ... تَقضَّبُ مِنْهَا، أَو تَكادُ، ضُلُوعُها «3»
ابْنُ سِيدَهْ: النَّحْطُ والنَّحِيطُ والنُّحاطُ أَشدّ الْبُكَاءِ، نحَط يَنْحِطُ نَحْطاً ونَحِيطاً. والنَّحِيطُ أَيضاً: صَوْتٌ مَعَهُ توجُّع، وَقِيلَ: هُوَ صَوْتٌ شَبِيهٌ بالسُّعال. وشاةٌ ناحِط: سَعِلة وَبِهَا نَحْطةٌ. والنَّحِيطُ: الزَّجْرُ عِنْدَ المَسْأَلة. والنَّحِيط والنَّحْطُ: صوتُ الخيلِ مِنَ الثِّقَل والإِعْياء يَكُونُ بَيْنَ الصدْرِ إِلى الحَلْق، والفِعلُ كالفِعْل. ونحَط الرجلُ يَنْحِط إِذا وَقَعَتْ فِيهِ القَناةُ فصوَّت مِنْ صَدْره.
__________
(2) . قوله [تموج تميد] كذا في الأَصل، وهو في النهاية بدون تموج.
(3) . هذا البيت للنابغة، وفي ديوانه: تقضقضُ بدل تقضب.(7/412)
والنَّحّاطُ: المُتَكَبّر الَّذِي يَنْحِط مِنَ الغَيْظِ؛ قَالَ:
وزادَ بَغْي الأَنِفِ النحّاطِ
نخط: نَخَطَ إِليهم: طَرَأَ عَلَيْهِمْ. وَيُقَالُ: نَعَر إِلينا ونَخَطَ عَلَيْنَا. وَمِنْ أَين نَعَرْتَ ونَخَطْتَ أَي مِنْ أَيْنَ طَرَأْت عَلَيْنَا؟ وَمَا أَدْرِي أَيُّ النُّخْطِ هُوَ أَي مَا أَدرِي أَيُّ النّاسِ هُوَ؛ وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي أَيُّ النَّخْط، بِالْفَتْحِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَرَدَّ ذَلِكَ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: إِنما هُوَ بِالضَّمِّ. وَفِي كِتَابِ الْعَيْنِ: النَّخَطُ الناسُ. ونَخَطَه مِنْ أَنفه وانْتَخَطه أَي رمَى بِهِ مِثْلَ مَخَطَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وأَجْمالِ مَيٍّ، إِذْ يُقَرِّبْن بَعْدَ مَا ... نَخَطْنَ بِذِبّانِ المَصِيفِ الأَزارِقِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ فِي تَرْجَمَةٍ مُخَّطٍ فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ:
وإِن أَدْواء الرِّجالِ المُخَّطِ
قَالَ: الَّذِي رأَيته فِي شِعْرِ رُؤْبَةَ:
وإِن أَدواء الرِّجَالِ النُّخَّطِ
بِالنُّونِ: وَقَالَ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي: النُّخَّطُ اللَّاعِبُونَ بالرِّماحِ شَجاعة كأَنه أَراد الطعّانِين فِي الرِّجَالِ. وَيُقَالُ للسُّخْدِ وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي فِي المَشِيمةِ: النُّخْطُ، فإِذا اصْفَرَّ فَهُوَ الصَّفَقُ والصَّفَرُ والصُّفَار. والنُّخْط أَيضاً: النُّخاعُ وَهُوَ الْخَيْطُ الَّذِي فِي الْقَفَا.
نخرط: النِّخْرطُ: نَبْتٌ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بثَبَت.
نسط: النَّسْط: لُغَةٌ فِي المَسْط وَهُوَ إِدخال الْيَدِ فِي الرَّحِم لِاسْتِخْرَاجِ الْوَلَدِ. التَّهْذِيبُ: النُّسُطُ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ أَولاد النُّوقِ إِذا تَعسّر وِلادها، وَالنُّونُ فِيهِ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْمِيمِ، وَهُوَ مِثْلُ المُسُطِ.
نشط: النَّشاطُ: ضِدُّ الكَسَلِ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الإِنسان وَالدَّابَّةِ، نَشِطَ نَشاطاً ونَشِطَ إِليه، فَهُوَ نَشِيط ونَشَّطَه هُوَ وأَنْشطه؛ الأَخيرة عَنْ يَعْقُوبَ. اللَّيْثُ: نَشِط الإِنسان يَنْشَط نَشاطاً، فَهُوَ نَشِيط طَيِّبُ النفْس لِلْعَمَلِ، وَالنَّعْتُ ناشِطٌ، وتَنَشَّط لأَمر كَذَا. وَفِي حَدِيثِ
عُبادَة: بايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى المَنْشَطِ والمَكْره
؛ المَنْشَطُ مَفْعَل مِنَ النَّشاط وَهُوَ الأَمر الَّذِي تنْشَط لَهُ وتَخِفُّ إِليه وتُؤثر فِعْلَهُ وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى النَّشَاطِ. وَرَجُلٌ نَشِيط ومُنْشِطٌ: نَشِطَ دوابُّه وأَهلُه. ورجلٌ مُتَنَشِّطٌ إِذا كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ يَرْكَبُهَا، فإِذا سَئِم الرُّكُوبَ نَزَلَ عَنْهَا. وَرَجُلٌ مُنْتَشِطٌ مِنَ الانْتِشاطِ إِذا نَزَلَ عَنْ دابَّته مِنْ طُولِ الرُّكوب، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّاجِلِ. وأَنْشَطَ القومُ إِذا كَانَتْ دوابُّهم نَشِيطةً. ونَشِطَ الدَّابةُ: سَمِنَ. وأَنْشَطه الكَلأُ: أَسْمَنه. وَيُقَالُ: سَمِنَ بأَنْشِطةِ الكلإِ أَي بعُقْدتِه وإِحْكامه إِياه، وَكِلَاهُمَا مِنْ أُنْشُوطةِ العُقْدةِ. ونشَط مِنَ الْمَكَانِ يَنْشِطُ: خَرَجَ، وَكَذَلِكَ إِذا قَطَعَ مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ. والناشِطُ: الثَّوْر الوحْشِيّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ أَو مِنْ أَرض إِلى أَرض؛ قَالَ أُسامة الهُذلي:
وإِلَّا النَّعامَ وحَفَّانَه، ... وطَغْياً معَ اللَّهِقِ [اللَّهَقِ] الناشِطِ
وَكَذَلِكَ الحِمارُ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَذاكَ أَمْ نَمِشٌ بالوَشْي أَكْرُعُه، ... مُسَفَّعُ الخَدّ هادٍ ناشِطٌ شَبَبُ «1»
__________
(1) . قوله [هاد] كذا بالأصل والصحاح، وتقدم في نمش عاد بالعين المهملة.(7/413)
ونَشَطَتِ الإِبلُ تَنْشِطُ نَشْطاً: مَضَتْ عَلَى هُدًى أَو غَيْرِ هُدًى. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ: حَسُنَ مَا نَشَطَتِ السيرَ يَعْنِي سَدْوَ يَدَيْهَا فِي سَيْرِهَا. اللَّيْثُ: طَرِيقٌ ناشِطٌ يَنْشِط مِنَ الطَّرِيقِ الأَعظم يَمنة ويَسْرة. وَيُقَالُ: نَشَط بِهِمُ الطريقُ. والناشِطُ فِي قَوْلِ الطِّرِمَّاحِ: الطَّرِيقُ. ونشَط الطريقُ ينشِط: خَرَجَ مِنَ الطَّرِيقِ الأَعظم يَمنةً أَو يَسْرة؛ قَالَ حُمَيْدٌ:
مُعْتَزِماً بالطُّرُقِ النَّواشِطِ «1»
وَكَذَلِكَ النواشِطُ مِنَ المَسايل. والأُنْشُوطةُ: عُقْدة يَسْهُل انْحِلَالُهَا مِثْلُ عُقْدَةِ التِّكة. يُقَالُ: مَا عِقالُك بأُنْشوطةٍ أَي مَا مَوَدَّتُك بوَاهِيةٍ، وَقِيلَ: الأُنْشوطةُ عقدةٌ تَمدُّ بأَحدِ طَرَفَيْهَا فتَنحل، والمُؤَرَّبُ الَّذِي لَا يَنْحَلُّ إِذا مُدَّ حَتَّى يُحَلّ حَلًّا. وَقَدْ نشَط الأُنْشُوطةَ يَنْشُطُها نَشْطاً ونشَّطها: عقَدها وشدَّها، وأَنْشَطها حلَّها. ونشَطْت العَقْد إِذا عَقَدْتُهُ بأُنشوطة. وأَنشطَ الْبَعِيرَ: حَلَّ أُنشوطته. وأَنشطَ العِقال: مَدَّ أُنشوطته فانحلَّ. وأَنشطْت الحبلَ أَي مدَدْتُه حَتَّى ينحَل. ونشَطت الْحَبْلَ أَنْشُطه نشْطاً: ربطْتُه، وإِذا حللْتَه فَقَدْ أَنشَطْتَه، ونشَطه بالنِّشاط أَي عَقَدَهُ. وَيُقَالُ للآخِذ بسُرعة فِي أَيّ عَمَلٍ كَانَ، وَلِلْمَرِيضِ إِذا بَرأَ، وللمَغْشِيّ عَلَيْهِ إِذا أَفاق، وللمُرْسَل فِي أَمر يُسرع فِيهِ عزِيمتَه: كأَنما أُنْشِط مِنْ عِقال، ونَشِط أَي حُلَّ. وَفِي حَدِيثِ السِّحر:
فكأَنما أُنْشِط مِنْ عِقال
أَي حُلّ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَكَثِيرًا مَا يَجِيءُ فِي الرِّوَايَةِ
كأَنما نَشِط مِنْ عِقَالٍ
، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. ونَشَطَ الدَّلْوَ مِنَ الْبِئْرِ يَنْشِطُها وينشُطها نشْطاً: نَزَعها وجذَبَها مِنَ الْبِئْرِ صُعُداً بِغَيْرِ قَامَةٍ، وَهِيَ البَكْرة، فإِذا كَانَ بِقَامَةٍ فَهُوَ المَتْح. وَبِئْرُ أَنْشاط وإِنشاط: لَا تخرجُ مِنْهَا الدَّلْوُ حَتَّى تُنْشَطَ كَثِيرًا. وَقَالَ الأَصمعي: بِئْرٌ أَنشاط قَرِيبَةُ الْقَعْرِ، وَهِيَ الَّتِي تَخرج الدلوُ مِنْهَا بجَذْبة وَاحِدَةٍ. وَبِئْرٌ نَشُوط: وَهِيَ الَّتِي لَا تَخرج الدَّلْوُ مِنْهَا حَتَّى تُنْشَط كَثِيرًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فِي الْغَرِيبِ لأَبي عُبَيْدٍ بِئْرٌ إِنشاط، بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَهُوَ فِي الْجَمْهَرَةِ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ: رأَيت كأَنَّ سبَباً مِنَ السَّمَاءِ دُلِّي فانْتُشِطَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أُعِيد فانتُشِط أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، أَي جُذِب إِلى السَّمَاءِ وَرُفِعَ إِليها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُمّ سَلمة: دَخَلَ عَلَيْنَا عَمَّار، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَكَانَ أَخاها مِنَ الرَّضَاعَةِ فنَشَط زينبَ مِنْ حَجْرها
، وَيُرْوَى:
فَانْتَشَطَ.
ونَشَطَه فِي جَنْبِهِ ينْشُطه نشْطاً: طعَنَه، وَقِيلَ: النشْطُ الطعْنُ، أَيّاً كَانَ مِنَ الْجَسَدِ ونشَطَتْه الحيةُ تَنْشِطُه وتنْشُطُه نَشْطًا وأَنْشَطتْه: لدغَتْه وعضَّتْه بأَنيابها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي المِنهال وذكرَ حَيَّات النَّارِ وعَقارِبَها فَقَالَ: وإِنَّ لَهَا نَشْطاً ولَسْباً
، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنْشأْنَ بِهِ نَشطاً
أَي لِسْعاً بسُرعة واخْتِلاس، وأَنْشأْن بِمَعْنَى طَفِقْن وأَخذْن. ونَشَطَتْه شَعُوبُ نَشْطًا، مثَلٌ بِذَلِكَ. وانتشطَ الشيءَ: اختَلَسه. قَالَ شَمِرٌ: انْتَشَطَ المالُ المَرْعَى والكلأَ انْتَزَعَهُ بالأَسنان كَالِاخْتِلَاسِ. وَيُقَالُ: نشَطْتُ وانْتَشَطْت أَي انْتَزَعْتُ. والنَّشيطةُ: مَا يغنَمُه الغُزاة فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ الْبُلُوغِ إِلى موضع الَّذِي قَصَدُوهُ. ابْنُ سِيدَهْ: النَّشِيطة مِنَ الْغَنِيمَةِ مَا أَصاب الرئيسُ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ أَن يَصِيرَ إِلى بَيْضةِ الْقَوْمِ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَنَمة الضَّبِّي:
__________
(1) . قوله [معتزماً إلخ] كذا في الأصل والأَساس أَيضاً إِلا أَنه معدى باللام.(7/414)
لَكَ المِرْباعُ مِنْهَا والصّفايَا، ... وحُكْمُكَ والنَّشِيطةُ والفُضُولُ
يُخَاطِبُ بِسْطامَ بْنَ قَيْس. والمِرْباعُ: رُبُعُ الْغَنِيمَةِ يَكُونُ لِرَئِيسِ الْقَوْمِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ دُونَ أَصحابه، وَلَهُ أَيضاً الصَّفَايَا جَمْعُ صَفِيّ، وَهُوَ مَا يَطْطَفِيه لِنَفْسِهِ مِثْلَ السَّيْفِ وَالْفَرَسِ وَالْجَارِيَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مَعَ الرُّبُعِ الَّذِي لَهُ.
واصْطَفَى رسولُ الله، صلى الله عليه وسلّم، سيفَ مُنَبِّه بْنِ الحجَّاج مِنْ بَنِي سَهْم بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعب بْنِ لُؤَي ذَا الفَقارِ يَوْمَ بَدْر، وَاصْطَفَى جُوَيْرية بنت الحرث مِنْ بَنِي المُصْطَلِق مِنْ خُزاعةَ يَوْمَ المُرَيْسِيع، جَعل صداقَها عِتقَها وتزوَّجها، واصْطَفَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيّ فَفَعَلَ بِهَا مِثْلَ ذَلِكَ
، وَلِلرَّئِيسِ أَيضاً النَّشِيطةُ مَعَ الرُّبُعِ والصَّفيِّ، وَهُوَ مَا انْتُشِط مِنَ الْغَنَائِمِ وَلَمْ يُوجِفوا عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكاب. وكانت لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، خاصَّة وَكَانَ لِلرَّئِيسِ أَيضاً الفُضُولُ مَعَ الربعِ والصفيِّ والنشِيطة، وَهُوَ مَا فَضَل مِنَ القِسْمةِ مِمَّا لَا تَصِحُّ قِسمتُه عَلَى عدَد الغُزاةِ كَالْبَعِيرِ وَالْفَرَسِ وَنَحْوِهِمَا، وَذَهَبَتِ الفُضول فِي الإِسلام. والنشِيطةُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تُؤْخَذ فتُستاق مِنْ غَيْرِ أَن يُعْمَد لَهَا؛ وَقَدِ انْتَشطوه. والنَّشُوط: كَلَامٌ عِرَاقِيٌّ وَهُوَ سَمك يُمْقَر فِي مَاءٍ ومِلح. وانْتَشَطْتُ السمكةَ: قَشَرْتُها. والنَّشُوطُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ وَلَيْسَ بالشَّبُّوطِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ عزَّ وَجَلَّ: وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً
، قَالَ: هِيَ النُّجُومُ تَطْلُع ثُمَّ تَغِيب، وَقِيلَ: يَعْنِي النُّجُومَ تَنْشِط مِنْ بُرْج إِلى بُرْجٍ كَالثَّوْرِ النَّاشِطِ مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ، وَقَالَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ: إِنها الْمَلَائِكَةُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ تنشِط نفْس المؤْمن بقَبْضِها، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ تنشِط الأَرْواحَ نَشْطًا أَي تَنْزِعُها نَزْعاً كَمَا تنزِع الدَّلْوَ مِنَ الْبِئْرِ. ونَشَّطْتُ الإِبل تَنْشِيطًا إِذا كَانَتْ مَمْنُوعَةً مِنَ المَرْعى فأَرسلْتها تَرْعى، وَقَالُوا: أَصلها مِنَ الأُنشوطة إِذا حُلَّت؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:
نَشَّطَها ذُو لِمّة لَمْ تَقْمَلِ، ... صُلْبُ العَصا جافٍ عَنِ التَّعَزُّلِ
أَي أَرْسلَها إِلى مَرْعاها بعد ما شَرِبَتْ. ابْنُ الأَعرابي: النُّشُطُ ناقِضُو الحِبال فِي وَقْتِ نَكْثها لتُضْفَر ثَانِيَةً. وتَنَشَّطت الناقةُ فِي سَيْرِهَا: وَذَلِكَ إِذا شَدَّتْ. وتنشَّطت الناقةُ الأَرضَ: قطعَتْها؛ قَالَ:
تَنَشَّطَتْه كلُّ مِغْلاةِ الوَهَقْ
يَقُولُ: تناوَلَتْه وأَسرعت رَجْع يَدَيْهَا فِي سَيْرِهَا. والمِغْلاةُ: البعيدةُ الخَطْو. والوهَقُ: المُباراةُ فِي السَّيْرِ. قَالَ الأَخفش: الحِمارُ يَنْشِطُ مِنْ بَلد إِلى بَلَدٍ، والهُمُومُ تَنْشِطُ بصاحِبها؛ وَقَالَ هِمْيانُ:
أَمْسَتْ هُمُومِي تَنْشِطُ المَناشِطا: ... الشامَ بِي طَوْراً، وطَوْراً واسِطا
ونَشِيطٌ: اسْمٌ. وَقَوْلُهُمْ: لَا حَتَّى يرجِعَ نَشِيطٌ مِنْ مَرْو، هُوَ اسْمُ رَجُلٍ بَنى لزِياد دَارًا بالبَصرة فهَرَبَ إِلى مَرْو قَبْلَ إِتمامها، فَكَانَ زِيَادٌ كُلَّمَا قِيلَ لَهُ: تَمِّم دَارَكَ، يَقُولُ: لَا حَتَّى يَرْجِعَ نَشِيطٌ مِنْ مَرْوَ، فَلَمْ يَرجع فَصَارَ مَثَلًا.
نطط: النطُّ: الشدُّ. يُقَالُ نَطَّه وناطَه ونطَّ الشيءَ يَنُطُّه نَطّاً مدَّه. والأَنَطُّ: السفَر الْبَعِيدُ، وعقَبةٌ نَطَّاء. وأَرض(7/415)
نَطِيطةٌ: بعِيدة. وتَنَطْنَطَ الشيءُ: تباعَد. ونَطْنَطَ إِذا باعَد سَفَرَهُ. والنُّطُطُ: الأَسْفارُ الْبَعِيدَةُ. ونطَّ فِي الأَرض يَنِطُّ نَطّاً: ذَهَبَ، وإِنه لنَطَّاط. وَرَجُلٌ نَطَّاطٌ مِهْذار: كَثِيرُ الْكَلَامِ والهَذْر؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
فَلَا تَحْسَبَنِّي مُسْتَعِدّاً لنَفْرةٍ، ... وإِنْ كنْت نَطّاطاً كَثِيرَ المَجاهلِ
وَقَدْ نَطَّ يَنِطُّ نَطِيطاً. وَرَجُلٌ نَطْناطٌ: طَوِيلٌ، وَالْجَمْعُ النَّطانِطُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي رُهْمٍ: سأَله النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَمَّنْ تَخَلَّف مِنْ غِفار فَقَالَ: مَا فَعَلَ النفَرُ الحُمْرُ النَّطانِطُ؟
جَمْعُ نَطْناطٍ وَهُوَ الطَّوِيلُ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ المَدِيد الْقَامَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَا فَعَلَ الْحُمْرُ الطوالُ النّطانِطُ؟
وَيُرْوَى الثِّطاط، بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. ونَطْنَطْتُ الشَّيْءَ: مَدَدْته.
نعط: ناعِطٌ: حِصْن فِي رأْس جَبَلٍ بِنَاحِيَةِ الْيَمَنِ قَدِيمٌ مَعْرُوفٌ، كَانَ لِبَعْضِ الأَذْواء. وناعِطٌ: جبَل، وَقِيلَ: نَاعِطٌ جَبَلٌ بِالْيَمَنِ. وناعِطٌ: بَطْنٌ مِنْ هَمْدانَ، وَقِيلَ: هُوَ حِصْنٌ فِي أَرضهم؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وأَفْنى بناتُ الدَّهْرِ أَرْبابَ ناعِطٍ، ... بمُسْتَمَعٍ دُون السَّمَاءِ ومَنْظَرِ
وأَعْوَصْنَ بالدُّوميِّ مِنْ رأْسِ حِصْنِه، ... وأَنْزَلْنَ بالأَسْبابِ رَبَّ المُشَقَّرِ
أَعْوَصْنَ بِهِ أَي لَوَيْنَ عَلَيْهِ أَمره. والدُّومِي: هُوَ أُكَيْدِرُ صاحبُ دُومَةِ الجَنْدلِ. والمشقَّر: حِصْنٌ، ورَبّه: أَبو امْرِئِ الْقَيْسِ. والنُّعُطُ: الْمُسَافِرُونَ سَفَرًا بَعِيدًا، بِالْعَيْنِ. والنُّعُط: القاطِعو اللُّقَم بِنِصْفَيْنِ فيأْكلون نِصْفًا وَيُلْقُونَ النِّصْفَ الْآخَرَ فِي الغَضارة، وَهُمُ النُّعُط والنُّطُع، وَاحِدُهُمْ ناعِطٌ وناطِعٌ، وَهُوَ السيِء الأَدَبِ فِي أَكله ومُروءته وعَطائه. وَيُقَالُ: أَنْطَعَ وأَنْعَطَ إِذا قطَع لُقَمه. والنُّغُط، بَالْغَيْنِ: الطِّوال من الرّجال.
نغط: قَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ نعط: والنُّغُط، بِالْغَيْنِ، الطوال من الرجال.
نفط: النِّفْطُ والنَّفْطُ: دُهْن، وَالْكَسْرُ أَفصح. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: النِّفْط والنَّفْط الَّذِي تُطْلى بِهِ الإِبل للجَرب والدَّبَر والقِرْدانِ وَهُوَ دُونُ الكُحَيْلِ. وَرَوَى أَبو حَنِيفَةَ أَن النَّفْطَ والنِّفْطَ هُوَ الْكَحِيلُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النِّفْطُ عامَّةُ القَطِرانِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وَقَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ فَاسِدٌ، قَالَ والنِّفْطُ والنَّفْطُ حِلَابَةُ جَبَلٍ فِي قَعْرِ بِئْرٍ تُوقَدُ بِهِ النَّارُ، وَالْكَسْرُ أَفصح. والنَّفَّاطةُ والنَّفَاطة: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ النِّفْطُ. والنَّفَاطاتُ والنَّفَّاطاتُ: ضَرْب مِنَ السُّرُج يُرْمى بِهَا بِالنِّفْطِ، والتشديدُ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَعرفُ. التَّهْذِيبُ: والنَّفَّاطات ضَرْبٌ مِنَ السُّرُج يُسْتَصْبح بِهَا، والنفَّاطاتُ أَدواتٌ تُعمل مِنَ النُّحاس يُرْمَى فِيهَا بالنفْط وَالنَّارِ. ونَفَط الرجلُ يَنْفِطُ نَفْطاً: غَضِبَ، وإِنه ليَنْفِطُ غَضباً أَي يَتَحَرَّكُ مِثْلُ يَنْفِتُ. والقِدر تنْفِطُ نَفِيطاً: لُغَةٌ فِي تَنْفِت إِذا غَلَتْ وتبَجَّسَتْ. والنفَطانُ: شبيه بالسُّعال، والنفْخُ عند الْغَضَبِ. والنفَطُ، بِالتَّحْرِيكِ: المَجْلُ. وَقَدْ نَفِطَتْ يدُه، بِالْكَسْرِ، نَفْطاً ونَفَطاً ونَفِيطاً وتنفَّطَتْ: قَرِحَتْ مِنَ الْعَمَلِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يُصِيبُهَا بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ، وَقَدْ أَنْفَطها الْعَمَلُ، ويدٌ نافِطةٌ ونَفِيطةٌ ومَنْفُوطة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا حَكَى أَهل اللُّغَةِ(7/416)
مَنفوطة، قَالَ: وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي لأَنه مِنْ أَنْفَطَهَا الْعَمَلُ، والنَّفَطُ مَا يُصيبها مِنْ ذَلِكَ. اللَّيْثُ: والنَّفْطةُ بَثْرةٌ تخرج في الْيَدِ مِنَ الْعَمَلِ ملأَى مَاءً. أَبو زَيْدٍ: إِذا كَانَ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مَاءٌ قِيلَ: نَفِطَت تَنْفَط نَفَطاً ونَفِيطاً. ورَغْوة نافِطةٌ: ذاتُ نَفّاطاتٍ؛ وأَنشد:
وحَلَب فِيهِ رُغاً نَوافِطُ
ونَفَطَ الظبْيُ يَنْفِطُ نَفِيطاً: صَوَّتَ، وَكَذَلِكَ نَزَبَ نَزِيباً. ونَفَطَتِ الماعِزةُ، بِالْفَتْحِ، تَنْفِطُ نَفْطاً ونَفِيطاً: عَطَسَتْ، وَقِيلَ: نَفَطت العنزُ إِذا نَثَرَتْ بأَنْفِها؛ عَنْ أَبي الدُّقَيْشِ. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: مَا لَهُ عافِطةٌ وَلَا نافِطةٌ أَي مَا لَهُ شَيْءٌ؛ وَقِيلَ: العَفْطُ الضَّرِطُ، والنفْطُ العُطاسُ، فالعافِطةُ مِنْ دُبُرها، والنافِطةُ مِنْ أَنفها، وَقِيلَ: العافِطةُ الضّائنةُ، والنَّافطةُ الماعِزةُ، وَقِيلَ: الْعَافِطَةُ الْمَاعِزَةُ إِذا عطَسَت، وَالنَّافِطَةُ إِتباع. قَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: العافِطةُ النعْجة، وَالنَّافِطَةُ الْعَنْزُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَافِطَةُ الأَمة، وَالنَّافِطَةُ الشاةُ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العفْط الحُصاص لِلشَّاةِ، والنفْط عُطاسها، والعَفِيط نَثِير الضأْن، والنَّفِيطُ نَثِيرُ الْمَعَزِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: لَا يَنْفِطُ فِيهِ عَناق أَي لَا يُؤْخَذُ لِهَذَا القَتِيل بثأْر.
نقط: النُّقْطة: وَاحِدَةُ النُّقَط؛ والنِّقاطُ: جَمْعُ نُقْطةٍ مِثْلُ بُرْمةٍ وبِرام؛ عَنِ أَبي زَيْدٍ. ونقَط الحرفَ يَنْقُطه نَقْطاً: أَعْجَمه، وَالِاسْمُ النُّقْطة؛ ونقَّط الْمَصَاحِفَ تنْقِيطاً، فَهُوَ نَقَّاط. والنَّقْطة: فَعْلة وَاحِدَةٌ. وَيُقَالُ: نقَّط ثَوْبَهُ بالمِداد وَالزَّعْفَرَانِ تَنْقِيطاً، ونقَّطَت المرأَة خدَّها بِالسَّوَادِ: تحَسَّنُ بِذَلِكَ. والناقِطُ والنَّقِيطُ: مَوْلَى الْمَوْلَى، وَفِي الأَرض نُقَطٌ مِنْ كلإٍ ونِقاطٌ أَي قِطَعٌ متفرِّقة، وَاحِدَتُهَا نُقْطة، وَقَدْ تنقَّطت الأَرض. ابْنُ الأَعرابي: مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوالهِم إِلا النُّقْطة، وَهِيَ قِطْعة مِنْ نَخْلٍ هَاهُنَا، وَقِطْعَةٌ مِنْ زَرْعٍ هَاهُنَا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: فَمَا اخْتَلَفُوا فِي نُقْطةٍ
أَي فِي أَمر وقَضِيَّةٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَثبته بَعْضُهُمْ بِالنُّونِ، قَالَ: وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْبَاءِ، وَقَالَ بَعْضُ المتأَخرين: الْمَضْبُوطُ الْمَرْوِيُّ عِنْدَ عُلَمَاءِ النَّقْلِ أَنه بِالنُّونِ، وَهُوَ كَلَامٌ مَشْهُورٌ، يُقَالُ عِنْدَ المُبالغة فِي المُوافَقةِ، وأَصله فِي الْكِتَابَيْنِ يُقابل أَحدهما بِالْآخَرِ وَيُعَارَضُ، فَيُقَالُ: مَا اخْتَلَفَا فِي نُقْطة يَعْنِي مِنْ نُقط الْحُرُوفِ وَالْكَلِمَاتِ أَي أَن بَيْنَهُمَا مِنَ الِاتِّفَاقِ مَا لَمْ يَخْتَلِفَا مَعَهُ فِي هَذَا الشَّيْءِ اليسير.
نمط: النمَطُ: ظِهارةُ فِرَاشٍ مَا؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: ظِهارة الْفِرَاشِ. والنمَطُ: جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ أَمرُهم وَاحِدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خيرُ النَّاسِ هَذَا النمَطُ الأَوسط.
وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ، أَنه قَالَ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمة النَّمَطُ الأَوسطُ يَلْحَقُ بِهِمُ التَّالِي وَيَرْجِعُ إِليهم الْغَالِي
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: النمطُ هُوَ الطَّرِيقَةُ. يُقَالُ: الزَم هذا النَّمَط أَي هذا الطريق. والنمَطُ أَيضاً: الضربُ مِنَ الضُّروب والنوعُ مِنَ الأَنواع. يُقَالُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ ذَلِكَ النمَط أَي مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ وَالضَّرْبِ، يُقَالُ هَذَا فِي الْمَتَاعِ وَالْعِلْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى الَّذِي أَراد عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنه كَرِهَ الغُلُوّ وَالتَّقْصِيرَ فِي الدِّينِ كَمَا جَاءَ فِي الأَحاديث الأُخَر.
أَبو بَكْرٍ: الزَمْ هذا النمَطَ
أَي الْزَمْ هَذَا المذْهبَ والفَنَّ وَالطَّرِيقَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والنمَطُ عِنْدَ الْعَرَبِ والزَّوْجُ ضُروبُ الثِّيابِ المُصَبَّغَةِ. وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ نمَطٌ وَلَا زَوْجٌ إِلا لِمَا كَانَ ذَا لَوْن مِنْ حُمرة أَو خُضْرَةٍ أَو صُفْرَةٍ، فأَما الْبَيَاضُ فَلَا يُقَالُ نَمَطٌ، وَيُجْمَعُ أَنْماطاً.(7/417)
وَالنَّمَطُ: ضَرْبٌ مِنَ البُسُط، وَالْجَمْعُ أَنماط مِثْلُ سبَب وأَسْباب؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ لَهُ نَمَطٌ وأَنماط ونِماط؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ:
عَلامات كتَحْبِير النِّماطِ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يُجَلِّلُ بُدْنَه الأَنماط
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ ضَرْبٌ مِنَ البُسُط لَهُ خَمْل رَقِيقٌ، وَاحِدُهَا نمَط. والأَنْمَطُ: الطريقةُ. والنمَطُ مِنَ الْعِلْمِ والمتاعِ وكلِّ شَيْءٍ: نوعٌ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنماط ونِماط، والنسَبُ إِليه أَنماطِيّ ونمَطِيٌّ. ووَعْساء النُّمَيْط والنُّبَيْطِ: مَعْرُوفَةٌ تُنْبِتُ ضُرُوبًا مِنَ النَّبَاتِ، ذَكَرَهَا ذُو الرُّمة فَقَالَ:
فأَضْحَتْ بوَعْساء النُّمَيْطِ كأَنَّها ... ذُرى الأَثْلِ، مِنْ وَادِي القُرى، وَنَخِيلُهَا
والنُّمَيْط: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَقَالَ: أَراها بالنُّمَيْطِ كأَنَّها ... نَخِيلُ القُرى، جَبَّارُه وأَطاوِلُه
نهط: نَهَطَه بالرُّمْح نَهْطاً: طعنَه به.
نوط: ناطَ الشيءَ يَنُوطُه نَوْطاً: عَلَّقه. والنَّوْطُ: مَا عُلِّق، سَمِّي بِالْمَصْدَرِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ وَقَالُوا: هُوَ منِّي مَناط الثُّرَيَّا أَي فِي البُعْد، وَقِيلَ: أَي بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ فَحَذَفَ الْجَارَّ وأَوْصل كَذَهَبْتُ الشَّامَ وَدَخَلْتُ البيتَ. وَانْتَاطَ بِهِ تعَلَّق. والنَّوْطُ: مَا بَيْنَ العَجُز والمَتْن. وكلُّ مَا عُلِّقَ مِنْ شَيْءٍ، فَهُوَ نَوْط. والأَنواطُ: المَعالِيقُ. وَفِي الْمَثَلِ «2» : عاطٍ بِغَيْرِ أَنْواطٍ أَي يتَناوَلُ وَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ مُعَلَّق، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِمْ: كالحادِي وَلَيْسَ لَهُ بَعِيرٌ، وتجَشَّأَ لُقْمانُ مِنْ غَيْرِ شبَعٍ. والأَنْواطُ: مَا نُوِّطَ عَلَى الْبَعِيرِ إِذا أُوقِرَ. والتَّنْواطُ: مَا يُعَلَّق مِنَ الهَوْدَج يُزَيَّنُ بِهِ. وَيُقَالُ: نِيطَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ عُلِّقَ عَلَيْهِ؛ قَالَ رِقَاعُ بْنُ قَيْس الأَسدي:
بِلاد بِها نِيطَتْ عليَّ تَمائِمي، ... وأَوَّلُ أَرضٍ مسَّ جِلْدِي تُرابُها
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه أُتِيَ بِمَالٍ كَثِيرٍ فَقَالَ: إِني لأَحْسَبكم قَدْ أَهْلَكْتُم الناسَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَخَذْناه إِلَّا عَفْواً بِلَا سَوْطٍ وَلَا نَوْطٍ
أَي بِلَا ضَرْب وَلَا تَعْلِيقٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وجهه: المُتَعَلِّقُ بِهَا كالنَّوْط المُذَبْذَبِ
؛ أَراد مَا يُناطُ بِرَحْل الرَّاكب مِنْ قَعْب أَو غَيْرِهِ فَهُوَ أَبداً يتحرَّك. وَنِيطَ بِهِ الشَّيْءُ أَيضاً: وُصِلَ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُرِيَ الليلةَ رجُل صالحٌ أَنَّ أَبا بَكْرٍ نِيطَ برسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي عُلِّقَ. يُقَالُ: نُطْتُ هَذَا الأَمرَ بِهِ أَنُوطُه، وَقَدْ نِيطَ بِهِ، فَهُوَ مَنُوط. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: قَالَ لِحَفَّار الْبِئْرِ: أَخَسَفْتَ أَم أَوْشَلْتَ؟ فَقَالَ: لَا واحدَ مِنْهُمَا وَلَكِنْ نَيِّطاً بَيْنَ الأَمرين
أَي وسَطاً بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، كأَنه مُعَلَّق بَيْنَهُمَا؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هَكَذَا رُوِيَ بِالْيَاءِ مشدَّدة، وَهِيَ مِنْ ناطَه يَنُوطُه نَوْطاً، فإِن كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ فَيُقَالُ لِلرَّكِيَّةِ إِذا استُخْرج ماؤُها واسْتُنْبِط هِيَ نَبَطٌ، بِالتَّحْرِيكِ. ونِياطُ كُلِّ شَيْءٍ: مُعَلَّقُه كنِياطِ القوْسِ والقِرْبة. تَقُولُ: نُطْتُ القربةَ بنِياطِها نَوْطاً. ونِياطُ الْقَوْسِ: مُعَلَّقُها. والنِّياط: الفُؤَاد. والنِّياطُ: عِرْق عُلِّقَ بِهِ الْقَلْبُ مِنَ الْوَتِينِ، فإِذا قُطع مَاتَ صاحبُه، وَهُوَ النَّيْطُ أَيضاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَمَاهُ اللَّهُ
__________
(2) . قوله [وفي المثل إلخ] هو عبارة الصحاح، وفي مجمع الامثال للميداني: يضرب لمن يدعي ما ليس يملكه.(7/418)
بالنيْطِ أَي بِالْمَوْتِ. وَيُقَالُ للأَرنب: مُقَطَّعَةُ النِّياطِ كَمَا قَالُوا مُقَطَّعة الأَسْحار. ونِياطُ الْقَلْبِ: عِرْق غَلِيظٌ نِيط بِهِ القلبُ إِلى الْوَتِينِ، وَالْجَمْعُ أَنوِطةٌ ونُوط، وَقِيلَ: هُمَا نِياطانِ: فالأَعلى نِياطُ الْفُؤَادِ، والأَسفل الفرجُ، وَقَالَ الأَزهري فِي جَمْعِهِ: أَنوِطةٌ، قَالَ: فإِذا لَمْ تُرِدِ الْعَدَدَ جَازَ أَن يُقَالَ لِلْجَمْعِ نُوط لأَن الْيَاءَ الَّتِي فِي النِّياطِ وَاوٌ فِي الأَصل. والنِّياط وَالنَّائِطُ: عِرْقٌ مستبْطِن الصُّلْب تَحْتَ الْمَتْنِ، وَقِيلَ: عِرْقٌ فِي الصُّلْبِ مُمْتَدٌّ يُعالَج المَصْفور بقَطْعه، قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ، ... قَضْبَ الطَّبِيبِ، نائطَ المَصْفُورِ «1»
القَضْبُ: القَطْع. والمَصْفُور: الَّذِي فِي بَطْنِهِ الْمَاءُ الأَصفر. ونِياطُ المَفازةِ: بُعد طَرِيقِهَا كأَنها نِيطت بِمَفَازَةٍ أُخرى لَا تَكَادُ تَنْقَطِعُ، وإِنما قِيلَ لبُعد الْفَلَاةِ نِيَاطٌ لأَنها مَنُوطَةٌ بِفَلَاةٍ أُخرى تَتَّصِلُ بِهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وبَلْدةٍ بَعِيدةِ النِّياطِ، ... مَجْهُولةٍ تَغْتالُ خَطْوَ الخاطِي
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: إِذا انْتاطتِ المَغازِي
أَي إِذا بَعُدت وَهُوَ مِنْ نِياطِ المَفازة وَهُوَ بُعْدُهَا، وَيُقَالُ: انْتاطَت الْمَغَازِي أَي بَعُدت مِنَ النَّوط، وانْتَطَتْ جَائِزٌ عَلَى الْقَلْبِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وبَلْدةٍ نِياطُها نَطِيّ
أَراد نَيِّطٌ فَقَلَبَ كَمَا قَالُوا فِي جَمْعِ قَوْس قِسِيّ وانْتاطَ أَي بعُد، فَهُوَ نَيِّطٌ. ابْنُ الأَعرابي: وانْتاطَتِ الدارُ بعُدَت، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ
مُعاوية فِي حَدِيثِهِ لِبَعْضِ خُدّامه: عَلَيْكَ بصاحِبك الأَقدم فإِنك تَجِدُه عَلَى مَوَدَّةٍ وَاحِدَةٍ وإِن قَدُمَ العهدُ وانْتاطَتِ الدَّارُ، وإِياك وَكُلَّ مُسْتَحْدَثٍ فإِنه يأْكل مَعَ كُلِّ قَوْمٍ وَيَجْرِي مَعَ كُلِّ رِيحٍ
؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
ولكنَّ أَلفاً قَدْ تجَهَّز غادِياً، ... بحَوْرانَ، مُنْتاط المَحَلِّ غَرِيبُ
والنَّيِّطُ مِنَ الْآبَارِ: الَّتِي يَجْرِي ماؤُها معلَّقاً يَنْحَدِرُ مِنْ أَجْوالِها إِلى مَجَمِّها. ابْنُ الأَعرابي: بِئْرٌ نَيِّطٌ إِذا حُفرت فأَتَى الْمَاءُ مِنْ جَانِبٍ مِنْهَا فَسَالَ إِلى قَعْرِهَا وَلَمْ تَعِنْ مِنْ قَعْرِهَا بِشَيْءٍ؛ وأَنشد:
لَا تَسْتَقِي دِلاؤها مِنْ نَيِّطِ، ... وَلَا بَعِيدٍ قعْرُها مُخْرَوِّطِ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تَتَّقِي دِلاؤها بالنَّيِّط «2»
وانْتاطَ الشيءَ: اقْتَضَبَه برأْيه مِنْ غَيْرِ مُشاوَرة. والنَّوْطُ: الجُلّةُ الصَّغِيرَةُ فِيهَا التَّمْرُ وَنَحْوُهُ، وَالْجَمْعُ أَنْواطٌ ونِياطٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَسَمِعْتُ البَحْرانِيين يُسَمُّونَ الجِلالَ الصِّغَارَ الَّتِي تعلَّق بعُراها مِنْ أَقتاب الحَمُولةِ نِياطاً، وَاحِدُهَا نَوْط. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيْس قَدِمُوا عَلَيَّ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَهْدَوْا لَهُ نَوْطاً مِنْ تَعْضُوضِ هَجَر
أَي أَهدوا لَهُ جُلّة صَغِيرَةً من تمر التَّعْضُوض، وَهُوَ مِنْ أَسْرَى تُمْرانِ هَجر، أَسْوَدُ جَعْدٌ لَحِيم عَذْب الطَّعْمِ حُلو. وَفِي حَدِيثِ
وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: أَطْعِمْنا مِنْ بقيَّةِ القَوْس الذي في
__________
(1) . قوله [فبج إلخ] أَورده المؤلف في مادة نعر وقال: بج شق أَي طعن الثور الكلب فشق جلده، وتقدم في مادة ع ن د فبخ كل بالخاء المعجمة ورفع كل والصواب ما هنا.
(2) . قوله [تتقي] كذا بالأصل ولعله تستقي.(7/419)
نَوْطِك.
الأَصمعي: وَمِنْ أَمثالهم فِي الشِّدَّةِ عَلَى الْبَخِيلِ: إِن ضَجَّ فزِدْه وِقْراً، وإِن أَعْيا فزِدْه نَوطاً، وإِن جَرْجَرَ فزِدْه ثِقْلًا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: النَّوْطُ العِلاوة بَيْنَ الفَوْدَيْنِ. وَيُقَالُ للدَّعِيِّ يَنْتَمِي إِلى قَوْمٍ: مَنُوطٌ مُذَبْذَب؛ سُمِّيَ مُذَبْذَبًا لأَنه لَا يَدْرِي إِلى مَنْ يَنتَمِي فَالرِّيحُ تُذَبْذِبُه يَمِينًا وَشِمَالًا. وَرَجُلٌ مَنُوطٌ بِالْقَوْمِ: لَيْسَ مِنْ مُصاصِهم؛ قَالَ حَسَّانُ:
وأَنْتَ دَعِيٌّ نِيطَ فِي آلِ هاشِمٍ، ... كَمَا نِيطَ خَلْفَ الراكِب القَدَحُ الفَرد
وَنِيطَ بِهِ الشَّيْءُ: وُصل بِهِ. والنَّوْطةُ: الحوْصَلةُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ فِي وَصْفِ قَطَاةٍ:
حَذَّاء مُدبِرةً، سَكّاء مُقْبِلةً، ... لِلْمَاءِ فِي النَّحْر مِنْهَا نَوْطةٌ عَجَبُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَرى هَذَا إِلا عَلَى التَّشْبِيهِ. حَذَّاءُ: خَفِيفَةُ الذَّنَبِ. سَكّاء: لَا أُذن لَهَا، شَبَّهَ حوصلةَ القطاةِ بِنَوْطَةِ الْبَعِيرِ وَهِيَ سِلْعة تَكُونُ فِي نَحْرِه. والنوْطةُ: وَرَمٌ فِي الصَّدْرِ، وَقِيلَ: ورَم فِي نَحر الْبَعِيرِ وأَرْفاغه وَقَدْ نِيط لَهُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَلَا عِلْمَ لِي مَا نَوْطةٌ مُسْتكِنَّةٌ، ... وَلَا أَيُّ مَن فَارَقْتُ أَسْقي سِقائيا
والنوْطةُ: الحِقْدُ. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا وَرِمَ نحرُه وأَرفاغُه: نِيطت لَهُ نَوْطة، وَبَعِيرٌ مَنُوط وَقَدْ نِيطَ لَهُ وَبِهِ نَوْطة إِذا كَانَ فِي حَلقه ورَم. وَيُقَالُ: نِيطَ الْبَعِيرُ إِذا أَصابه ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ
: بَعِيرٌ لَهُ قَدْ نِيطَ.
يُقَالُ: نِيط الْجَمَلُ، فَهُوَ مَنُوطٌ إِذا أَصابه النوْطُ، وَهِيَ غُدَّة تُصيبه فِي بَطْنِهِ فَتَقْتُلُهُ. والنوْطة: مَا يَنْصَبُّ مِنَ الرِّحاب مِنَ الْبَلَدِ الظَّاهِرِ الَّذِي بِهِ الغَضَا. والنوْطةُ: الأَرض يَكْثُرُ بِهَا الطَّلْح، وَلَيْسَتْ بِوَاحِدَةٍ، وَرُبَّمَا كَانَتْ فِيهِ نِياطٌ تَجْتَمِعُ جَمَاعَاتٌ مِنْهُ يَنْقَطِعُ أَعلاها وأَسفلها. ابْنُ شُمَيْلٍ: والنوْطةُ لَيْسَتْ بوادٍ ضخْمٍ وَلَا بتَلْعةٍ هِيَ بَيْنَهُمَا. والنوْطةُ: المَكان فِي وَسَطِهِ شَجَرٌ، وَقِيلَ: مَكَانٌ فِيهِ طَرْفاء خَاصَّةً. ابْنُ الأَعرابي: النوْطةُ الْمَكَانُ فِيهِ شَجَرٌ فِي وَسَطِهِ، وطرَفاه لَا شَجَرَ فِيهِمَا، وَهُوَ مُرْتَفِعٌ عَنِ السَّيْلِ. والنوْطة: الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ عَنِ الْمَاءِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ أَعرابي: أَصابنا مطَر جَوْدٌ وإِنَّا لَبِنَوْطةٍ فَجَاءَ بِجَارِّ الضبُع أَي بسَيْل يجُرّ الضبُع مِنْ كَثْرَتِهِ. والتَّنَوُّطُ والتُّنَوِّطُ: طَائِرٌ نَحْوُ القارِية سَوَادًا تركَّب عُشها بَيْنَ عُودين أَو على عُودٍ وَاحِدٍ فتُطيل عُشَّهَا فَلَا يَصِلُ الرَّجُلُ إِلى بَيْضِهَا حَتَّى يُدخل يَدَهُ إِلى الْمَنْكِبِ، وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي الْبَصَرِيَّاتِ: هُوَ طَائِرٌ يُعلِّق قُشُورًا مِنْ قُشُورِ الشَّجَرِ ويُعشِّش فِي أَطرافها ليحفظَه مِنَ الْحَيَّاتِ وَالنَّاسِ وَالذَّرِّ؛ قَالَ:
تُقَطِّعُ أَعناقَ التَنَوُّطِ بالضُّحَى، ... وتَفْرِسُ فِي الظَّلْماء أَفْعَى الأَجارِعِ
وَصَفَ هَذِهِ الإِبل بِطُولِ الأَعناق وأَنها تَصِلُ إِلى ذَلِكَ، وَاحِدُهَا تَنَوُّطةٌ وتُنَوِّطة. قَالَ الأَصمعي: إِنما سُمِّيَ تَنَوُّطًا لأَنه يُدلِّي خُيوطاً مِنْ شَجَرَةٍ ثُمَّ يُفرخ فِيهَا. وذاتُ أَنواطٍ: شَجَرَةٌ كَانَتْ تُعبد فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَفِي الْحَدِيثِ
: اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْواطٍ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ اسْمُ سَمُرةٍ بِعَيْنِهَا كَانَتْ لِلْمُشْرِكِينَ يَنُوطون بِهَا سِلاحَهم أَي يعلِّقونه بِهَا ويَعْكُفون حولَها، فسأَلوه أَن يَجْعَلَ لَهُمْ مِثْلَهَا فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ. وأَنواط جَمْعُ نَوْط، وَهُوَ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ المَنُوط. الْجَوْهَرِيُّ: وَذَاتُ أَنواط اسْمُ شَجَرَةٍ بِعَيْنِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه(7/420)
أَبصر فِي بَعْضِ أَسفاره شَجَرَةً دَفْواء تُسَمَّى ذاتَ أَنواط.
وَيُقَالُ: نوْطةٌ مِنْ طَلْح كَمَا يُقَالُ عِيصٌ مِنْ سِدْر وأَيكةٌ مِنْ أَثل وفَرْش مِنْ عُرْفُط ووَهْطٌ مِنْ عُشَرٍ وغالٌّ مِنْ سَلَم وسَلِيلٌ مِنْ سَمُر وقَصِيمةٌ مِنْ غَضًا وَمِنْ رِمْث وصَرِيمةٌ مِنْ غَضاً وَمِنْ سَلَم وحَرَجةٌ مِنْ شَجَرٍ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْمَدَّاتُ الثَّلَاثُ مَنُوطات بِالْهَمْزِ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ فِي الْوُقُوفِ: افْعَلِئ افْعَلأ افْعَلُؤ، فَهَمَزُوا الأَلف وَالْيَاءَ والواو حين وقفوا.
نيط: النَّيْطُ: الموتُ. وطَعَنَ فِي نيْطِه أَي فِي جَنازته إِذا مَاتَ. ورُميَ فلان في طَنْيِه وَفِي نَيْطِه: وَذَلِكَ إِذا رُميَ فِي جَنَازَتِهِ، وَمَعْنَاهُ إِذا مَاتَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ رَمَاهُ اللَّهُ بالنَّيْط وَرَمَاهُ اللَّهُ بنَيْطه أَي بِالْمَوْتِ الَّذِي يَنُوطه، فإِن كَانَ ذَلِكَ فَالنَّيْطُ الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ إِنما أَصله الْوَاوُ، وَالْيَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَيْهَا دُخُولَ مُعَاقَبَةٍ، أَو يَكُونُ أَصله نَيّطاً أَي نَيْوِطاً ثُمَّ خُفِّفَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِذا خُفِّفَ فَهُوَ مِثْلُ الهَيْنِ والهَيِّن والليْنِ والليِّن. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنه قَالَ: لوَدَّ مُعَاوِيَةُ أَنه مَا بَقِيَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ نافِخُ ضَرْمَةٍ إِلا طُعِنَ «3» فِي نَيْطِه
؛ مَعْنَاهُ إِلا مَاتَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْقِيَاسُ النَّوْطُ لأَنه مِنْ نَاطَ يَنُوطُ إِذا عُلِّق، غَيْرَ أَن الْوَاوَ تُعَاقِبُ الْيَاءَ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ. وَقِيلَ: النَّيْطُ نِيَاطُ الْقَلْبِ وَهُوَ العِرْق الَّذِي الْقَلْبُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي اليَسَر: وأَشار إِلى نِياط قَلْبِهِ.
وأَتاه نَيْطُه أَي أَجله. وناطَ نَيْطاً وَانْتَاطَ: بَعُدَ. والنَّيِّطُ: الْعَيْنُ فِي الْبِئْرِ قَبْلَ أَن تَصِلَ إِلى الْقَعْرِ.
فصل الهاء
هبط: الهُبُوطُ: نقِيضُ الصُّعُود، هبطَ يهْبِط ويهبُطُ هُبُوطاً إِذا انْهَبط فِي هَبُوط مِنْ صَعُود. وهَبَطَ هُبوطاً: نَزَلَ، وهَبَطْته وأَهْبَطْتُه فانْهَبطَ؛ قَالَ:
مَا راعَني إِلا جَناحٌ هابِطا، ... عَلَى البُيوتِ، قَوْطَه العُلابِطا
أَي مُهْبِطاً قوطَه. قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد هَابِطًا عَلَى قَوْطه فَحَذَفَ وَعَدَّى. وَفِي حَدِيثِ
الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو: وأَنا أَتَهَبَّطُ إِليهم مِنَ الثنيّةِ
أَي أَنْحَدِرُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ وَهُوَ بِمَعْنَى أَنْهَبِطُ وأَهْبِطُ. وهَبَطه أَي أَنزله، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ
، فأَجودُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ: وإِن مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مَن نَظَر إِليه مِن خَشْيَةِ اللَّهِ، وَذَلِكَ أَن الإِنسان إِذا فكَّر فِي عِظَم هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ تَضاءَل وخَشَعَ، وهَبطَت نفسُه لِعَظَمِ مَا شاهَد، فنُسِب الْفِعْلُ إِلى تِلْكَ الحِجارة لَمَّا كَانَ الْخُشُوعُ والسُّقوط مسبَّباً عَنْهَا وَحَادِثًا لأَجل النَّظَرِ إِليها، كَقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ جِنِّي، وَكَذَلِكَ أَهْبَطْتُه الركْبَ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ «4» :
أَهْبَطْته الرَّكْبَ يُعْدِيني، وأُلْجِمُه، ... للنّائباتِ، بِسَيْرٍ مِخْذَم الأَكَمِ
والهَبُوطُ مِنَ الأَرض: الحَدُورُ. قَالَ الأَزهري:
__________
(3) . قَوْلُهُ [إِلَّا طعن] كذا ضبط في النهاية، وبهامشها ما نصه: يُقَالُ طَعَنَ فِي نَيْطِهِ أَي فِي جَنَازَتِهِ، وَمَنِ ابتدأ بشيء أَو دخل فيه فقد طعن فيه، وقال غيره: طُعِنَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَالنَّيْطُ نِيَاطُ القلب وهي علاقته فإذا طعن مات صاحبه.
(4) . قوله [ابن زيد] في شرح القاموس: الرقاع، وفيه أَيضاً يغذيني بمعجمتين بدل يعديني.(7/421)
وفَرْقُ مَا بَيْنَ الهَبُوط والهُبوط أَنَّ الهَبُوطَ اسْمٌ للحَدُور، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُهْبِطُكَ مِنْ أَعلى إِلى أَسفل، والهُبُوط الْمَصْدَرُ. والهَبْطةُ: مَا تَطامَن مِنَ الأَرض. وهَبَطْنا أَرضَ كَذَا أَي نَزَلْنَاهَا. والهَبْطُ: أَن يَقَعَ الرَّجُلُ فِي شَرّ. والهبْط أَيضاً: النُّقْصَانُ. وَرَجُلٌ مَهْبُوطٌ: نقَصت حالُه. وهَبَطَ القوْمُ يَهْبِطُون إِذا كَانُوا فِي سَفال وَنَقَصُوا؛ قَالَ لَبِيدٍ:
كلُّ بَنِي حُرَّةٍ مَصِيرُهُمُ ... قُلٌّ، وإِنْ أَكثَرُوا مِنَ العَدَدِ
إِنْ يُغْبَطُوا يَهْبِطُوا، وإِنْ أُمِروا ... يَوْماً، فَهُمْ للفَناء والنَّفَدِ
وَهُوَ نقِيضُ ارْتَفَعُوا. والهَبْطُ: الذُّلُّ، وأَنشد الأَزهري بَيْتَ لَبِيدٍ هَذَا: إِنْ يُغْبَطُوا يَهْبِطوا. وَيُقَالُ: هَبطَه فهبطَ، لَفْظُ اللَّازِمِ وَالْمُتَعَدِّي وَاحِدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ غَبْطاً لَا هَبْطاً
أَي نسأَلك الغِبْطةَ وَنَعُوذُ بِكَ أَن نَهْبِطَ عَنْ حَالِنَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَي نسأَلك الْغِبْطَةَ وَنَعُوذُ بِكَ أَن تُهْبِطنا إِلى حَالٍ سَفال، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نسأَلك الْغِبْطَةَ وَنُعُوذُ بِكَ مِنَ الذلِّ والانحِطاط وَالنُّزُولِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٌ: إِن يَغْبِطُوا يَهْبِطُوا؛ وَقَوْلُ الْعَبَّاسِ:
ثُمَّ هَبَطْتَ البِلاد لَا بَشَرٌ ... أَنْتَ، وَلَا مُضْغَةٌ، وَلَا علَقُ
أَراد لما أَهبط آدَمَ إِلى الدُّنْيَا كُنْتَ فِي صُلْبه غَيْرَ بَالِغٍ هَذِهِ الأَشياء. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ اللَّهُمَّ غَبْطًا لَا هَبْطًا؛ قَالَ: الْهَبْطُ مَا تقدَّم مِنَ النَّقْصِ والتسفُّلِ، والغَبْطُ أَن تُغْبَط بِخَيْرٍ تَقَعَ فِيهِ. وهبَطَتْ إِبلي وَغَنَمِي تَهْبِطُ هُبوطاً: نَقَصَتْ. وهَبطْتُها هَبْطاً وأَهْبَطْتُها، وهَبطَ ثمنُ السِّلْعَةِ يَهْبِطُ هُبوطاً: نَقَصَ، وهبَطْته أَهْبِطُه هَبْطاً وأَهْبطته. الأَزهري: هَبطَ ثمنُ السِّلْعة وهبَطْته أَنا أَيضاً، بِغَيْرِ أَلف. والمَهْبوط: الَّذِي مَرِضَ فهبَطَه المرضُ إِلى أَن اضْطرب لَحْمُهُ. وَهَبَطَ فُلَانٌ إِذا اتَّضع. وهَبطَ القومُ: صَارُوا فِي هُبوط. وَرَجُلٌ مَهْبوط وهَبِيطٌ: هبطَ المرضُ لحمَه نقصَه وأَحْدَره وهزَلَه. وهبطَ اللحمُ نفسُه: نَقَصَ وَكَذَلِكَ الشحمُ. وهبَط شحمُ النَّاقَةِ إِذا اتَّضع وقلَّ؛ قَالَ أُسامةُ الْهُذَلِيُّ:
ومِنْ أَيْنها بَعْدَ إِبدانِها، ... وَمِنْ شَحْمِ أَثْباجِها الهابِط
وَيُقَالُ: هبَطْتُه فَهَبَطَ لَازِمٌ وَوَاقِعٌ أَي انْهَبَطَتْ أَسْنِمَتُها وتواضَعتْ. والهَبيطُ مِنَ النُّوقِ: الضَّامر. وَالْهَبِيطُ مِنَ الأَرض: الضامرُ، وَكُلُّهُ مِنَ النُّقصان. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الهبيطُ الضَّامِرُ مِنَ الإِبل؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبْرَصِ:
وكأَنَّ أَقْتادي تَضَمَّنَ نِسْعَها، ... مِنْ وَحْشِ أَوْرالٍ، هَبيطٌ مُفْرَدُ
أَراد بالهَبِيط ثَوْرًا ضَامِرًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عَنَى بِالْهَبِيطِ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ شَبَّهَ بِهِ نَاقَتَهُ فِي سُرعتها وَنَشَاطِهَا وَجَعَلَهُ مُنفرداً لأَنه إِذا انْفَرَدَ عَنِ القَطِيع كَانَ أَسْرع لِعَدْوِه. وهَبَطَ الرَّجُلُ مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ وهبَطْتُه أَنا وأَهْبَطْته؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبة: يُقَالُ: هبَط فُلَانٌ أَرضَ كَذَا وهبَط السُّوقَ إِذا أَتاها؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ إِبلًا:
يَخْبِطْنَ مُلَّاحاً كذاوِي القَرْمَلِ ... فَهَبَطَتْ، والشمسُ لَمْ تَرَجَّلِ
أَي أَتَتْه بالغَداةِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ. وَيُقَالُ: هَبَطَهُ(7/422)
الزَّمَانُ إِذا كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ وَالْمَعْرُوفَ فَذَهَبَ مَالُهُ وَمَعْرُوفُهُ. الفرَّاء: يُقَالُ هَبَطَهُ اللَّهُ وأَهْبَطَه. والتِّهِبِّطُ: بَلَدٌ، وَقَالَ كُرَاعٌ: التِّهِبِّطُ طَائِرٌ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مِثَالِ تِفِعِّل غَيْرُهُ، وَرُوِيَ عَنْ أَبي عُبيدة: التَّهَبُّط عَلَى لَفْظِ الْمَصْدَرُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي العَصْف المأْكول قَالَ: هُوَ الهَبُوط
، قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالطَّاءِ، قَالَ سُفيان: هُوَ الذَّرُّ الصَّغِيرُ، قَالَ: وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَراه وهَماً وإِنما هو بالراء.
هرط: هرَطَ الرجلُ فِي عرْض أَخِيه وهَرَط عِرْضَ أَخِيه يَهْرِطُه هَرْطاً: طَعَنَ فِيهِ ومَزَّقه وتنَقَّصه، وَمِثْلُهُ هَرَتَه وهرَدَه ومزَقَه وهَرْطَمَه. وتهارَطَ الرَّجُلَانِ: تَشاتَما. وَقِيلَ: الهَرْط فِي جَمِيعِ الأَشياء المَزْقُ العَنِيف، والهَرْطُ لُغَةٌ فِي الهَرْتِ وَهُوَ الْمَزْقُ الْعَنِيفُ. وَنَاقَةٌ هِرْطٌ: مُسِنَّةٌ، وَالْجَمْعُ أَهْراط وهُروط. والهِرْط: لَحْمٌ مَهْزول كأَنه مُخاط لَا يُنْتفع بِهِ لغَثاثتِه. والهِرْط والهِرْطةُ: النَّعْجَةُ الْكَبِيرَةُ الْمَهْزُولَةُ، وَالْجَمْعُ هِرَطٌ مِثْلُ قِرْبة وقِرَبٍ. اللِّيْثُ: نَعْجَةٌ هِرْطة وَهِيَ الْمَهْزُولَةُ لَا يُنْتَفَعُ بِلَحْمِهَا غُثوثةً، الْفَرَّاءُ: وَلَحْمُهَا الهِرط، بِالْكَسْرِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الهَرط، بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَهُوَ الَّذِي يتَفَتَّت إِذا طُبِخ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الهِرْطةُ مِنَ الرِّجَالِ الأَحمق الْجَبَانُ الضَّعِيفُ. ابْنُ الأَعرابي: هَرِطَ الرجلُ إِذا اسْترْخى لحمُه بَعْدَ صَلابة مِنْ عِلَّة أَو فَزَع، والإِنسان يَهْرِطُ فِي كَلَامِهِ: يُسَفْسِفُ ويَخْلِطُ. والهَيْرَطُ: الرِّخْو.
هرمط: هَرْمَطَ عِرْضه: وَقَعَ فِيهِ وَهُوَ مِثْلُ هرَطه.
هطط: الأَزهري: الهُطُطُ الهَلْكى مِنَ النَّاسِ، والأَهَطُّ الْجَمَلُ الْكَثِيرُ المَشْي الصَّبُور عَلَيْهِ، وَالنَّاقَةُ هَطَّاء. والهَطْهَطةُ: السُّرعة فِيمَا أُخذ فِيهِ مِنَ عَمَلِ مَشْيٍ أَو غَيْرِهِ. ابْنُ الأَعرابي: هُطْهُطْ إِذا أَمرته بالذَّهاب والمجيء.
هقط: هِقِطْ: مِنْ زَجْرِ الْخَيْلِ؛ عَنِ الْمُبَرِّدِ وَحْدَهُ؛ قَالَ:
لَمَّا سَمِعْتُ خَيْلهم هِقِطِّ، ... علِمت أَنَّ فارِساً مُحْتَطِّي
هلط: الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الهالِطُ المُسْترْخي البطنِ، والهاطِلُ الزرعِ المُلْتَفُّ.
همط: الهَمْطُ: الظُّلْمُ. هَمَطَ يَهْمِطُ هَمْطاً: خلَط بالأَباطِيلِ. وهَمَطَ الرجلَ واهْتَمَطَه: ظلمَه وأَخَذ مِنْهُ مَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الغَلَبة والجَوْر؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ومِنْ شدِيدِ الجَوْرِ ذِي اهْتِماطِ
والهَمَّاطُ: الظَّالِمُ. وهَمَطَ فُلَانٌ الناسَ يَهْمِطُهم إِذا ظَلَمَهُمْ حَقَّهم. وَسُئِلَ إِبراهيم النَّخَعِيُّ عَنْ عُمَّال يَنْهَضُون إِلى القُرى فيَهْمِطون أَهلَها، فإِذا رَجَعُوا إِلى أَهالِيهم أَهْدَوْا لجِيرانهم ودعَوْهم إِلى طَعامِهم، فَقَالَ: لَهُمُ المَهْنَأُ وَعَلَيْهِمِ الوزْر؛ مَعْنَاهُ أَنهم يأْخذون مِنْهُمْ عَلَى سَبِيلِ القَهْر والغلَبة. يُقَالُ: همَطَ مالَه وطعامَه وعِرْضه وَاهْتَمَطَهُ إِذا أَخذه مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَفِي رِوَايَةٍ:
كَانَ العُمّال يَهْمِطُون ثُمَّ يَدْعُون فيُجابُون
، يَعْنِي يدْعون إِلى طَعَامِهِمْ، يُرِيدُ أَنه يَجُوزُ أَكل طَعَامِهِمْ وإِن كَانُوا ظلَمَة إِذا لَمْ يتعيَّن الْحَرَامُ. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: لَا غَرْوَ إِلا أَكْلةٌ بِهَمْطةٍ
؛ اسْتَعْمَلَ الهَمْطَ فِي الأَخذ بِخُرْقٍ وعَجَلةٍ ونَهْب. أَبو عَدْنان: سأَلت الأَصمعي عَنِ الْهَمْطِ فَقَالَ: هُوَ الأَخذ بِخَرْقٍ وظُلم؛ وَقِيلَ: الهمْط الأَخذ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ، والهمْطُ الخَلْط مِنَ الأَباطِيل(7/423)
والظلمُ. تَقُولُ: هُوَ يَهْمِط ويَخْلِطَ هَمْطاً وخَلْطاً. وَيُقَالُ: همَط يَهْمِطُ إِذا لَمْ يُبال مَا قَالَ وَمَا أَكل. ابْنُ الأَعرابي: امْتَرَزَ مِنْ عِرْضه واهْتَمَطَ إِذا شتمَه وعابَه. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَاهْتَمَطَ عَرْضَهُ شَتَمَهُ وتنقَّصه، وَقَالَ: واهتَمَط الذئبُ السخْلة أَو الشاةَ أَخَذها؛ عن ابن الأَعرابي.
هملط: هَمْلَطَ الشيءَ: أَخَذه أَو جمعه.
هنبط: التَّهْذِيبُ لِابْنِ الأَثير فِي حَدِيثِ
حَبِيبِ بْنِ مَسْلمة: إِذْ نَزَلَ الهَنْباط
؛ قِيلَ: هُوَ صَاحِبُ الجَيْش بالرُّوميَّة.
هيط: مَا زالَ مُنذ الْيَوْمِ يَهِيطُ هَيْطاً وَمَا زَالَ فِي هَيْطٍ ومَيْطٍ وهِياط ومِياطٍ أَي فِي ضِجاجٍ وشَرّ وجَلَبة، وَقِيلَ: فِي هياطٍ ومياطٍ فِي دُنُوّ وتَباعُد. والهِياطُ والمُهايطةُ: الصِّياح والجَلَبة. قَالَ أَبو طَالِبٍ فِي قَوْلِهِمْ مَا زِلنا بِالْهِيَاطِ وَالْمِيَاطِ: قَالَ الْفَرَّاءُ الْهِيَاطُ أَشدُّ السَّوْقِ فِي الوِرْد، والمِياطُ أَشدُّ السَّوْقِ فِي الصَّدَر، وَمَعْنَى ذَلِكَ بِالْمَجِيءِ وَالذَّهَابِ. اللِّحْيَانِيُّ: الْهِيَاطُ الإِقبال، وَالْمِيَاطُ الإِدْبار. غَيْرُهُ: الهِياطُ اجْتِمَاعُ النَّاسِ لِلصُّلْحِ، والمياطُ التفَرُّق عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ أُميت فِعْلُ الْهِيَاطِ. وَيُقَالُ: بَيْنَهُمَا مُهايَطة ومُمايطة ومُعايَطةٌ ومُسايَطة، كَلَامٌ مُخْتلف. وَالْهَائِطُ: الذَّاهب، وَالْمَائِطُ: الْجَائِي. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَيُقَالُ هايَطَه إِذا اسْتَضْعَفَهُ. وَيُقَالُ: وَقَعَ الْقَوْمُ فِي هِياط وَمِيَاطٍ. وتَهايَط القومُ تَهايُطاً إِذا اجْتَمَعُوا وأَصْلحوا أَمرهم، خِلاف التمايُط، وتمايَطوا تمايُطاً: تباعَدُوا وَفَسَدَ مَا بَيْنَهُمْ، والله أَعلم.
فصل الواو
وَبَطَ: الوابِطُ: الضَّعِيفُ. وبَطَ فِي جِسمه ورَأْيِه يَبِط وَبْطاً ووبُوطاً ووَباطةً ووَبِطَ وبَطاً ووَبْطاً ووَبُطَ: ضَعُف وثَقُل. ووَبَط رأْيُه فِي هَذَا الأَمر وُبوطاً إِذا ضعُف وَلَمْ يَسْتَحْكِم؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِحُمَيْدٍ الأَرقط:
إِذْ باشَرَ النَّكْثَ بِرَأْيٍ وابِطِ
وَكَذَلِكَ وَبِط، بِالْكَسْرِ، يَوْبَط وَبْطاً. والوابِطُ: الخَسِيس وَالضَّعِيفُ الجَبان. وَيُقَالُ: أَردت حَاجَةً فوَبَطَني عَنْهَا فُلَانٌ أَي حبَسني. والوَباطُ: الضَّعْف؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ذُو قُوَّة ليسَ بذِي وَباطِ
والوابِطُ: الخَسِيس. ووبَطَ حَظَّه وَبْطاً: أَخَسَّه ووضَع مِنْ قَدْرِهِ. ووَبَطْت الرجلَ: وَضَعْتُ مِنْ قَدْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ لَا تَبِطْني بَعْدَ إِذ رَفَعْتني
أَي لَا تُهِنِّي وتَضَعْني. أَبو عَمْرٍو: وَبَطه اللَّهُ وأَبَطَه وهَبَطَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وأَنشد:
أَذاكَ خَيْرٌ أَيُّها العَضارِطُ، ... أَم مُسْبَلاتٌ شَيْبُهنَّ وابِطُ؟
أَي واضِع الشَّرَفِ. ووَبَط الجرْحَ وَبْطاً: فتحه كبَطَّه بَطًّا.
وخط: الوَخْط مِنَ القَتِير: النَّبْذُ، وَقِيلَ: هُوَ اسْتِواء الْبَيَاضِ والسوادِ، وَقِيلَ: هُوَ فُشُوُّ الشَّيْب فِي الرأْس. وَقَدْ وخَطَه الشيبُ وخْطاً ووخَضَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي خالَطَه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَتَيْتُ الَّذِي يأْتي السَّفِيهُ لِغِرَّتي، ... إِلى أَن عَلا وخْطٌ مِن الشيْب مَفْرَقي
ووُخِطَ فُلَانٍ إِذا شابَ رأْسُه، فَهُوَ مَوْخُوط.(7/424)
وَيُقَالُ فِي السيْر: وخَطَ يَخِطُ إِذا أَسْرعَ، وَكَذَلِكَ وخَطَ الظَّلِيمُ وَنَحْوُهُ. والوَخْطُ: لُغَةٌ فِي الوَخْدِ، وَهُوَ سُرْعَةُ السَّيْرِ. وَظَلِيمٌ وخَّاطٌ: سَرِيعٌ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عنِّي وَعَنْ شَمَرْدَلٍ مِجْفال، ... أَعْيَطَ وخَّاطِ الخُطَى طُوال
والمِيخَطُ: الدَّاخِل. ووَخَط أَي دَخَلَ. وفَرُّوجٌ واخِطٌ: جاوَزَ حَدَّ الفَراريج وَصَارَ فِي حدِّ الدُّيوك. والوَخْطُ: الطَّعْنُ الخَفِيفُ لَيْسَ بالنافِذ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُخالِطَ الجَوْفَ. قَالَ الأَصمعي: إِذا خالطَت الطعْنةُ الجوْفَ وَلَمْ تَنْفُذْ فَذَلِكَ الوَخْضُ والوَخْطُ، ووَخَطه بِالرُّمْحِ ووَخَضَه، وَفِي الصِّحَاحِ: الوخْطُ الطعنُ النَّافِذُ، وَقَدْ وخَطَه وخْطاً؛ وطعنٌ وخَّاطٌ، وَكَذَلِكَ رُمْحٌ وخَّاط؛ قَالَ:
وَخْطاً بماضٍ فِي الكُلى وخَّاطِ
وَفِي التَّهْذِيبِ: وخْضاً بِمَاضٍ. ووخطَه بِالسَّيْفِ: تَناوَله مِنْ بَعِيدٍ، تَقُولُ: وُخِطَ فُلَانٌ يُوخَطُ وخْطاً، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع لِغَيْرِ اللَّيْثِ فِي تَفْسِيرِ الوَخْط أَنه الضَّرْبُ بِالسَّيْفِ، قَالَ: وأَراه أَراد أَنه يَتَنَاوَلُهُ بذُبابِ السيفِ طَعْناً لَا ضَرْباً. والوَخْطُ فِي البيْع: أَنْ تَرْبَح مَرَّةً وَتَخْسَرَ أُخرى. ووخْطُ النِّعال: خَفْقُها. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ أَبي أُمامَة قَالَ: خَرَجَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَخذ نَاحِيَةَ الْبَقِيعِ فاتَّبَعناه، فَلَمَّا سَمِعَ وَخْطَ نِعالِنا خلفَه وَقَفَ ثُمَّ قَالَ: امْضوا، وَهُوَ يُشير بِيَدِهِ، حَتَّى مَضَيْنَا كلُّنا، ثُمَّ أَقبل يَمْشِي خَلْفَنَا فَالْتَفَتْنَا فَقُلْنَا: بِمَ «1» يَا رَسُولَ اللَّهِ صنعْتَ مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: إِني سَمِعْتُ وخْطَ نِعالكم خَلْفِي فتَخَوَّفْت أَن يَتَداخَلني شَيْءٌ فقَدَّمْتكم بَيْنَ يدَيَّ ومشيْتُ خَلْفَكُمْ، فَلَمَّا بَلَغَ البقيعَ وَقَفَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: هَذَا قَبْرُ فُلَانٍ، لَقَدْ ضُرِبَ ضَربة تقطَّعت مِنْهَا أَوْصالُه، ثُمَّ وَقَفَ عَلَى الْآخَرِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وأَما هَذَا فَكَانَ لَا يتَنزَّه عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْبَوْلِ يُصيبه.
وَفِي حَدِيثِ
مُعاذ: كَانَ فِي جِنَازَةٍ فَلَمَّا دُفِنَ الْمَيِّتُ قَالَ: مَا أَنتم ببارِحِين حَتَّى يَسمع وخْطَ نِعالكم
أَي خَفْقَها وَصَوْتَهَا عَلَى الأَرض.
ورط: الوَرْطةُ: الاسْتُ، وَكُلُّ غامِضٍ ورْطةٌ. وَالْوَرْطَةُ: الهَلَكةُ، وَقِيلَ: الأَمر تَقَعُ فِيهِ مِنْ هَلَكةٍ وَغَيْرِهَا؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ طُعْمة الخَطْمِيّ:
قَذَفُوا سَيِّدَهم فِي وَرْطَةٍ، ... قَذْفَكَ المُقْلَةَ وَسْطَ المُعْتَرَك
قَالَ المُفضل بْنُ سَلَمةَ فِي قَوْلِ الْعَرَبِ وَقَعَ فُلَانٌ فِي وَرْطةٍ: قَالَ أَبو عَمْرٍو هِيَ الْهَلَكَةُ؛ وأَنشد:
إِنْ تَأْتِ يَوْماً مثلَ هذِي الخُطَّهْ، ... تُلاقِ مِنْ ضَرْب نُمَيْرٍ وَرْطَهْ
وَجَمْعُهُ وِراطٌ؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةُ:
نَحْنُ جمَعنا الناسَ بالمِلْطاطِ، ... فأَصْبحوا فِي وَرْطةِ الأَوْراطِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه عَلَى حَذْفِ التَّاءِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ زَنْد وأَزْناد وفَرْخ وأَفْراخ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَصل الوَرْطة أَرض مُطمئنة لَا طَرِيقَ فِيهَا. وأَوْرَطَه ووَرَّطه تَوْرِيطًا أَي أَوقعه فِي الْوَرْطَةِ فتَورَّط هُوَ فِيهَا، وأَوْرَطه: أَوقعه فِيمَا لَا خَلاص لَهُ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: إِنَّ مِنْ ورَطاتِ الأُمور الَّتِي لَا مَخْرَجَ مِنْهَا سَفْكَ الدمِ الحَرام بغير حِلٍّ.
__________
(1) . قوله [بم] هو في الأصل بالباء الموحدة لا باللام(7/425)
وتورَّطَ الرجلُ واسْتَوْرَطَ: هلَك أَو نَشِبَ. وتورَّط فُلَانٌ فِي الأَمر واسْتَوْرَطَ فِيهِ إِذا ارْتَبَك فِيهِ فَلَمْ يسْهُل لَهُ الْمَخْرَجُ مِنْهُ. والوَرْطةُ: الوحَل والردَغةُ تقَع فِيهَا الْغَنَمُ فَلَا تَقْدِرُ عَلَى التخلُّص مِنْهَا. يُقَالُ: توَرَّطَتِ الْغَنَمُ إِذا وَقَعَتْ فِي ورْطة ثُمَّ صَارَ مَثَلًا لِكُلِّ شدَّة وَقَعَ فِيهَا الإِنسان. وَقَالَ الأَصمعي: الوَرْطةُ أَهْوية مُتَصَوِّبة تَكُونُ فِي الْجَبَلِ تَشُقُّ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِيهَا؛ وَقَالَ طُفَيْلٌ يَصِفُ الإِبل:
تَهاب طَرِيقَ السَّهْلِ تَحْسَبُ أَنه ... وُعُورُ وِراطٍ، وَهْوَ بَيْداء بَلْقَعُ
والوِراطُ: الخَدِيعةُ فِي الْغَنَمِ وَهُوَ أَن يُجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقِينَ أَو يفرَّق بَيْنَ مُجْتَمِعِينَ. والوَرْطُ: أَن يُورِطَ إِبله فِي إِبل أُخرى أَو فِي مَكَانٍ لَا تُرى فِيهِ فيُغَيِّبها فِيهِ. وَقَوْلُهُ:
لَا وَرْطَ فِي الإِسلام
، قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ لَا تُغَيِّبْ غَنَمَكَ فِي غَنَمِ غَيْرِكَ. وَفِي حَدِيثِ
وَائِلِ بْنِ حُجْر وَكِتَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَهُ: لَا خِلاطَ وَلَا وِراطَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الوِراطُ الخَدِيعةُ والغِشُّ، وَقِيلَ: إِن مَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ
لَا يُجمع بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفرّق بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْية الصَّدَقَةِ.
وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ: الوِراطُ مأْخوذ مِنْ إِيراط الجَرِير فِي عُنُق الْبَعِيرِ إِذا جَعَلْتَ طرَفه فِي حَلْقته ثُمَّ جَذَبْتَه حَتَّى تَخْنُق الْبَعِيرَ؛ وأَنشد لِبَعْضِ الْعَرَبِ:
حَتَّى تَراها فِي الجَريرِ المُورَطِ، ... سَرْحَ القِياد، سَمْحةَ التَّهَبُّطِ
ابْنُ الأَعرابي: الوِراطُ أَن تَخْبأَها وتفرِّقها. يُقَالُ: قَدْ ورَطَها وأَوْرَطها أَي ستَرها، وَقِيلَ: الْوِرَاطُ أَن يُغَيّب مالَه ويَجْحَد مَكَانَهَا، وَقِيلَ: الْوِرَاطُ أَن يجْعل الْغَنَمَ فِي وَهْدة مِنَ الأَرض لتَخْفى عَلَى المُصَدِّق، مأْخوذ مِنَ الوَرْطةِ، وَهِيَ الهُوّةُ العَمِيقة فِي الأَرض ثُمَّ اسْتُعِير لِلنَّاسِ إِذا وقَعوا فِي بَلِيَّة يَعْسُر المَخْرجُ مِنْهَا، وَقِيلَ: الوِراط أَن يُغيِّب إِبله فِي إِبل غَيْرِهِ وغنَمه. ابْنُ الأَعرابي: الوراطُ أَن يُورط الناسُ بعضُهم بَعْضًا فَيَقُولُ أَحدهم: عِنْدَ فُلَانٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ عِنْدَهُ، فَهُوَ الوِراط والإِيراط، قَالَ: والشِّناقُ أَن يَكُونَ عَلَى الرَّجُلِ وَالرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ إِذا تَفَرَّقَتْ أَموالهم أَشناق، فَيَقُولُ أَحدهم لِلْآخَرِ: شانِقْني فِي شَنَق واخْلِطْ مَالِي ومالَك، فإِنه إِن تَفَرَّقَ وَجَبَ عَلَيْنَا شَنَقان، وإِن اجْتَمَعَ مَالُنَا خَفَّ عَلَيْنَا، فالشِّناقُ المشارَكة فِي الشَّنَق والشنَقَين.
وسط: وسَطُ الشَّيْءِ: مَا بَيْنَ طرَفَيْه؛ قَالَ:
إِذا رَحَلْتُ فاجْعلُوني وَسَطا، ... إِنِّي كَبِير، لَا أُطِيق العُنّدا
أَي اجْعَلُونِي وَسَطًا لَكُمْ تَرفُقُون بِي وَتَحْفَظُونَنِي، فإِني أَخاف إِذا كُنْتُ وَحْدِي مُتقدِّماً لَكُمْ أَو متأَخّراً عَنْكُمْ أَن تَفْرُط دَابَّتِي أَو نَاقَتِي فتصْرَعَني، فإِذا سكَّنت السِّينَ مِنْ وسْط صَارَ ظَرْفًا؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقُ:
أَتَتْه بِمَجْلُومٍ كأَنَّ جَبِينَه ... صَلاءةُ وَرْسٍ، وَسْطُها قَدْ تَفَلَّقا
فإِنه احْتَاجَ إِليه فَجَعَلَهُ اسْمًا؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
ضَرُوب لهاماتِ الرِّجال بسَيْفِه، ... إِذا عَجَمَتْ، وسْطَ الشُّؤُونِ، شِفارُها
يَكُونُ عَلَى هَذَا أَيضاً، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد إِذا عجمَتْ وسْطَ الشُّؤونِ شفارُها الشؤُونَ أَو مُجْتَمَعَ الشؤُونِ، فَاسْتَعْمَلَهُ ظَرْفًا عَلَى وَجْهِهِ وَحَذَفَ الْمَفْعُولَ لأَن حَذْفَ الْمَفْعُولِ كَثِيرٌ؛ قَالَ(7/426)
الْفَارِسِيُّ: ويُقوّي ذَلِكَ قَوْلُ المَرّار الأَسدي:
فَلَا يَسْتَحْمدُون الناسَ أَمْراً، ... ولكِنْ ضَرْبَ مُجْتَمَعِ الشُّؤُونِ
وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: وَسَط الشَّيْءِ، بِالْفَتْحِ، إِذا كَانَ مُصْمَتاً، فإِذا كَانَ أَجزاء مُخَلْخَلة فَهُوَ وسْط، بالإِسكان، لَا غَيْرَ. وأَوْسَطُه: كوَسَطِه، وَهُوَ اسْمٌ كأَفْكَلٍ وأَزْمَلٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَقَوْلُهُ:
شَهْم إِذا اجْتَمَعَ الكُماةُ، وأُلْهِمَتْ ... أَفْواهُها بأَواسِطِ الأَوْتار
فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ أَوْسَطٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمَعَ واسِطاً عَلَى وواسِطَ، فَاجْتَمَعَتْ وَاوَانِ فهمَز الأُولى. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ جَلَسْتُ وسْط الْقَوْمِ، بِالتَّسْكِينِ، لأَنه ظَرْفٌ، وَجَلَسْتُ وسَط الدَّارِ، بِالتَّحْرِيكِ، لأَنه اسْمٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلرَّاجِزِ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ العَشِيَّ والسفَرْ، ... ووَسَطَ الليلِ وساعاتٍ أُخَرْ
قَالَ: وكلُّ مَوْضِعٍ صلَح فِيهِ بَيْن فَهُوَ وسْط، وإِن لَمْ يصلح فيه بين فهو وسَط، بِالتَّحْرِيكِ، وَقَالَ: وَرُبَّمَا سَكَنَ وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ كَقَوْلِ أَعْصُرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عَيْلانَ:
وقالوا يا لَ أَشْجَعَ يَوْمَ هَيْجٍ، ... ووَسْطَ الدّارِ ضَرْباً واحْتِمايا
قَالَ الشَّيْخُ أَبو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، هُنَا شَرْحٌ مُفِيدٌ قَالَ: اعْلَمْ أَنّ الوسَط، بِالتَّحْرِيكِ، اسْمٌ لِمَا بَيْنَ طَرَفَيِ الشَّيْءِ وَهُوَ مِنْهُ كَقَوْلِكَ قَبَضْت وسَط الحبْل وَكَسَرْتُ وسَط الرُّمْحِ وَجَلَسْتُ وسَط الدَّارِ، وَمِنْهُ الْمَثَلُ: يَرْتَعِي وسَطاً ويَرْبِضُ حَجْرةً أَي يرْتَعِي أَوْسَطَ المَرْعَى وخِيارَه مَا دَامَ القومُ فِي خَيْرٍ، فإِذا أَصابهم شَرٌّ اعتَزلهم ورَبَضَ حَجرة أَي نَاحِيَةً مُنْعَزِلًا عَنْهُمْ، وَجَاءَ الْوَسَطُ مُحَرَّكًا أَوسَطُه عَلَى وَزَانٍ يقْتَضِيه فِي الْمَعْنَى وَهُوَ الطرَفُ لأَنَّ نَقِيض الشَّيْءِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلة نظِيره فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَوزان نَحْوُ جَوْعانَ وشَبْعان وَطَوِيلٍ وَقَصِيرٍ، قَالَ: وَمِمَّا جَاءَ عَلَى وَزَانٍ نَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ الحَرْدُ لأَنه عَلَى وِزَانِ القَصْد، والحَرَدُ لأَنه عَلَى وَزَانٍ نَظِيرِهِ وَهُوَ الغضَب. يُقَالُ: حَرَد يَحْرِد حَرْداً كما يُقَالُ قصَد يقْصِد قَصْدًا، وَيُقَالُ: حَرِدَ يَحْرَدُ حرَداً كَمَا قَالُوا غَضِبَ يَغْضَبُ غضَباً؛ وَقَالُوا: العَجْم لأَنه عَلَى وَزَانِ العَضّ، وَقَالُوا: العَجَم لِحَبِّ الزَّبِيبِ وَغَيْرِهِ لأَنه وَزَانِ النَّوَى، وَقَالُوا: الخِصْب والجَدْب لأَن وِزَانَهُمَا العِلْم والجَهل لأَن الْعِلْمَ يُحيي النَّاسُ كَمَا يُحييهم الخِصْب والجَهل يُهلكهم كَمَا يُهْلِكُهُمُ الجَدب، وَقَالُوا: المَنْسِر لأَنه عَلَى وِزَانِ المَنْكِب، وقالوا: المِنْسَر لأَنه على وَزَانِ المِخْلَب، وَقَالُوا: أَدْلَيْت الدَّلْو إِذا أَرسلتها فِي الْبِئْرِ، وَدَلَوْتُها إِذا جَذَبْتها، فَجَاءَ أَدْلى عَلَى مِثَالٍ أَرسل ودَلا عَلَى مِثَالِ جَذَب، قَالَ: فَبِهَذَا تَعْلَمُ صِحَّةَ قَوْلِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الضَّرّ والضُّر وَلَمْ يَجْعَلْهُمَا بِمَعْنًى فَقَالَ: الضَّر بإِزاء النَّفْعِ الَّذِي هُوَ نَقِيضُهُ، والضُّر بإِزاء السُّقْم الَّذِي هُوَ نَظِيرُهُ فِي الْمَعْنَى، وَقَالُوا: فَادٍ يَفِيد جَاءَ عَلَى وِزَانِ ماسَ يَمِيس إِذا تَبَخْتَرَ، وَقَالُوا: فادَ يَفُود عَلَى وِزَانِ نَظِيرِهِ وَهُوَ مَاتَ يَمُوتُ، والنَّفاقُ فِي السُّوق جَاءَ عَلَى وَزَانِ الكَساد، والنِّفاق فِي الرَّجُلِ جَاءَ عَلَى وِزَانِ الخِداع، قَالَ: وَهَذَا النحوُ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرٌ جِدًّا؛ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنّ الوسَط قَدْ يأْتي صِفَةً، وإِن كَانَ أَصله أَن يَكُونَ اسْمًا مِنْ جِهَةِ أَن أَوسط الشَّيْءَ أَفضله وَخِيَارُهُ كوسَط الْمَرْعَى خيرٌ(7/427)
مِنْ طَرَفَيْهِ، وكوسَط الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ خَيْرٌ مِنْ طَرَفَيْهَا لِتَمَكُّنِ الرَّاكِبِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا ركِبْتُ فاجْعلاني وسَطا
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
خِيارُ الأُمور أَوْساطُها
؛ وَمِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ؛ أَي عَلَى شَكّ فَهُوَ عَلَى طرَف مِنْ دِينه غيرُ مُتوسّط فِيهِ وَلَا مُتمكِّن، فَلَمَّا كَانَ وسَطُ الشَّيْءِ أَفضلَه وأَعْدَلَه جَازَ أَن يَقَعَ صِفَةً، وَذَلِكَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً
؛ أَي عَدْلًا، فَهَذَا تَفْسِيرُ الوسَط وَحَقِيقَةُ مَعْنَاهُ وأَنه اسْمٌ لِمَا بينَ طَرَفَي الشَّيْءِ وَهُوَ مِنْهُ، قَالَ: وأَما الوسْط، بِسُكُونِ السِّينِ، فَهُوَ ظَرْف لَا اسْمٌ جَاءَ عَلَى وِزَانِ نَظِيرِهِ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ بَيْن، تَقُولُ: جَلَسْتُ وسْطَ الْقَوْمِ أَي بيْنَهم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي الأَخْزَر الحِمَّانيّ:
سَلُّومَ لوْ أَصْبَحْتِ وَسْط الأَعْجَمِ
أَي بَيْنَ الأَعْجم؛ وَقَالَ آخَرُ:
أَكْذَبُ مِن فاخِتةٍ ... تقولُ وسْطَ الكَرَبِ،
والطَّلْعُ لَمْ يَبْدُ لَهَا: ... هَذَا أَوانُ الرُّطَبِ
وَقَالَ سَوَّارُ بْنُ المُضَرَّب:
إِنِّي كأَنِّي أَرَى مَنْ لَا حَياء لَهُ ... وَلَا أَمانةَ، وسْطَ الناسِ، عُرْيانا
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسْط الْقَوْمِ
أَي بَيْنَهُمْ، وَلَمَّا كَانَتْ بَيْنَ ظَرْفًا كَانَتْ وسْط ظَرْفًا، وَلِهَذَا جَاءَتْ سَاكِنَةَ الأَوسط لِتَكُونَ عَلَى وِزَانَهَا، وَلَمَّا كَانَتْ بَيْنَ لَا تَكُونُ بَعْضًا لِمَا يُضَافُ إِليها بِخِلَافِ الوسَط الَّذِي هُوَ بَعْضُ مَا يُضَافُ إِليه كَذَلِكَ وسْط لَا تَكُونُ بعضَ مَا تُضَافُ إِليه، أَلا تَرَى أَن وَسَطَ الدَّارِ مِنْهَا ووسْط الْقَوْمِ غَيْرُهُمْ؟ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: وسَطُ رأْسِه صُلْبٌ لأَن وَسَطَ الرأْس بَعْضُهَا، وَتَقُولُ: وَسْطَ رأْسِه دُهن فَتَنْصِبَ وسْطَ عَلَى الظَّرْفِ وَلَيْسَ هُوَ بَعْضُ الرأْس، فَقَدْ حَصَلَ لَكَ الفَرْق بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَمِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ؛ أَما مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فإِنها تَلْزَمُ الظَّرْفِيَّةَ وَلَيْسَتْ بَاسِمٍ مُتَمَكِّنٍ يَصِحُّ رَفْعُهُ وَنَصْبُهُ عَلَى أَن يَكُونَ فَاعِلًا وَمَفْعُولًا وَغَيْرَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الوَسَطِ، وأَما مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ فإِنه لَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْءِ الَّذِي يُضَافُ إِليه بِخِلَافِ الوَسَط أَيضاً؛ فإِن قُلْتَ: قَدْ يَنْتَصِبُ الوَسَطُ عَلَى الظَّرْفِ كَمَا يَنْتَصِبُ الوَسْطُ كَقَوْلِهِمْ: جَلَسْتُ وسَطَ الدَّارِ، وَهُوَ يَرْتَعِي وسَطاً، وَمِنْهُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَقِفُ فِي صَلَاةِ الجَنازة عَلَى المرأَة وَسَطَها
، فَالْجَوَابُ: أَن نَصْب الوَسَطِ عَلَى الظَّرْفِ إِنما جَاءَ عَلَى جِهَةِ الِاتِّسَاعِ وَالْخُرُوجِ عَنِ الأَصل عَلَى حَدِّ مَا جَاءَ الطَّرِيقُ وَنَحْوُهُ، وَذَلِكَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ:
كَمَا عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ
وَلَيْسَ نَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِ عَلَى مَعْنَى بَيْن كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي وسْط، أَلا تَرَى أَن وسْطاً لَازِمٌ لِلظَّرْفِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وسَط؟ بَلِ اللَّازِمُ لَهُ الِاسْمِيَّةُ فِي الأَكثر والأَعم، وَلَيْسَ انْتِصَابُهُ عَلَى الظَّرْفِ، وإِن كَانَ قَلِيلًا فِي الْكَلَامِ، عَلَى حدِّ انْتِصَابِ الوسْط فِي كَوْنِهِ بِمَعْنَى بَيْنَ، فَافْهَمْ ذَلِكَ. قَالَ: وَاعْلَمْ أَنه مَتَى دَخَلَ عَلَى وسْط حرفُ الوِعاء خَرَجَ عَنِ الظَّرْفِيَّةِ وَرَجَعُوا فِيهِ إِلى وسَط وَيَكُونُ بِمَعْنَى وسْط كَقَوْلِكَ: جلسْتُ فِي وسَط الْقَوْمِ وفي وسَطِ رأْسِه دُهن، وَالْمَعْنَى فِيهِ مَعَ تحرُّكه كَمَعْنَاهُ(7/428)
مَعَ سُكُونِهِ إِذا قُلْتَ: جلسْتُ وسْطَ الْقَوْمِ، ووسْطَ رأْسِه دُهن، أَلا تَرَى أَن وسَط الْقَوْمِ بِمَعْنَى وسْط الْقَوْمِ؟ إِلَّا أَن وَسْطاً يَلْزَمُ الظَّرْفِيَّةَ وَلَا يَكُونُ إِلَّا اسْمًا، فَاسْتُعِيرَ لَهُ إِذا خَرَجَ عَنِ الظَّرْفِيَّةِ الوسَطُ عَلَى جِهَةِ النِّيَابَةِ عَنْهُ، وَهُوَ فِي غَيْرِ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَعْنَاهُ، وَقَدْ يُستعمل الوسْطُ الَّذِي هُوَ ظَرْفٌ اسْمًا ويُبَقَّى عَلَى سُكُونِهِ كَمَا اسْتَعْمَلُوا بَيْنَ اسْمًا عَلَى حُكْمِهَا ظَرْفًا فِي نَحْوِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكُم
؛ قَالَ القَتَّالُ الْكِلَابِيُّ:
مِن وَسْطِ جَمْعِ بَني قُرَيْظٍ، بعد ما ... هَتَفَتْ رَبِيعَةُ: يَا بَني خَوّارِ
وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
وَسْطُه كاليَراعِ أَو سُرُجِ المَجْدلِ، ... حِيناً يَخْبُو، وحِيناً يُنِيرُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
الجالِسُ وسْطَ الحَلْقةِ مَلْعُون
، قَالَ: الوسْط، بِالتَّسْكِينِ، يُقَالُ فِيمَا كَانَ مُتَفَرِّقَ الأَجزاء غيرَ مُتصل كَالنَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فإِذا كَانَ مُتصلَ الأَجزاء كالدَّار والرأْس فَهُوَ بِالْفَتْحِ. وَكُلُّ مَا يَصْلُح فِيهِ بَيْنَ، فَهُوَ بِالسُّكُونِ، وَمَا لَا يصلح فيه بين، فهو بِالْفَتْحِ؛ وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمَا يَقَع مَوْقِعَ الْآخَرِ، قَالَ: وكأَنه الأَشبه، قَالَ: وإِنما لُعِنَ الجالِسُ وسْط الْحَلْقَةِ لأَنه لَا بدَّ وأَن يَسْتَدبِر بعضَ المُحيطين بِهِ فيُؤْذِيَهم فَيَلْعَنُونَهُ ويذُمونه. ووسَطَ الشيءَ: صَارَ بأَوْسَطِه؛ قَالَ غَيْلان بْنُ حُرَيْثٍ:
وَقَدْ وَسَطْتُ مالِكاً وحَنْظَلا ... صُيَّابَها، والعَدَدَ المُجَلْجِلا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَراد وَحَنْظَلَةَ، فَلَمَّا وَقَفَ جَعَلَ الْهَاءَ أَلِفاً لأَنه لَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلا الهَهَّةُ وَقَدْ ذَهَبَتْ عِنْدَ الْوَقْفِ فأَشبهت الأَلف كَمَا قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وعَمْرُو بنُ دَرْماء الهُمامُ إِذا غَدا ... بِذي شُطَبٍ عَضْبٍ، كمِشْيَةِ قَسْوَرا
أَراد قَسْوَرَة. قَالَ: وَلَوْ جَعَلَهُ اسْمًا مَحْذُوفًا مِنْهُ الْهَاءُ لأَجراه، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما أَراد حريثُ بْنُ غَيلان «2» وَحَنْظَلٌ لأَنه رَخَّمه فِي غَيْرِ النِّدَاءِ ثُمَّ أَطلق الْقَافِيَةَ، قَالَ: وَقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ جَعْلِ الْهَاءِ أَلِفاً وهمٌ مِنْهُ. وَيُقَالُ: وسَطْتُ القومَ أَسِطُهم وَسْطاً وسِطةً أَي تَوَسَّطْتُهم. ووَسَطَ الشيءَ وتَوَسَّطَه: صَارَ فِي وسَطِه. ووُسُوطُ الشَّمْسِ: توَسُّطُها السَّمَاءَ. وواسِطُ الرَّحْل وواسِطَتُه؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: مَا بَيْنَ القادِمةِ والآخِرة. وواسِطُ الكُورِ: مُقَدَّمُه؛ قَالَ طُرْفَةُ:
وإِنْ شِئت سَامَى واسِطَ الكُورِ رأْسُها، ... وعامَتْ بِضَبْعَيْها نَجاء الخَفَيْدَدِ
وواسِطةُ القِلادة: الدُّرَّة التي وسَطها وَهِيَ أَنْفَس خَرَزِهَا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: واسِطةُ الْقِلَادَةِ الجَوْهَرُ الَّذِي هُوَ فِي وَسطِها وَهُوَ أَجودها، فأَما قَوْلُ الأَعرابي لِلْحَسَنِ: عَلِّمني دِيناً وَسُوطاً لَا ذاهِباً فُرُوطاً وَلَا ساقِطاً سُقُوطاً، فإِن الوَسُوط هاهنا المُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْغَالِي والتَّالي، أَلا تَرَاهُ قَالَ لَا ذَاهِبًا فُرُوطاً؟ أَي لَيْسَ يُنال وَهُوَ أَحسن الأَديان؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: خَيْرُ النَّاسِ هَذَا النمَطُ الأَوْسَط
__________
(2) . قوله [حريث بن غيلان] كذا بالأصل هنا وتقدم قريباً غيلان بن حريث.(7/429)
يَلْحق بِهِمُ التَّالي وَيَرْجِعُ إِليهم الْغَالِي؟
قَالَ الْحَسَنُ للأَعرابي: خيرُ الأُمور أَوْساطُها؛ قَالَ ابْنُ الأَثير فِي هَذَا الْحَدِيثِ: كلُّ خَصْلة مَحْمُودَةٍ فَلَهَا طَرَفانِ مَذْمُومان، فإِن السَّخاء وسَطٌ بَيْنِ البُخل وَالتَّبْذِيرِ، والشجاعةَ وسَط بَيْنِ الجُبن والتهوُّر، والإِنسانُ مأْمور أَن يَتَجَنَّبَ كُلَّ وصْف مَذْمُوم، وتجنُّبُه بالتعَرِّي مِنْهُ والبُعد مِنْهُ، فكلَّما ازْدَادَ مِنْهُ بُعْداً ازْدَادَ مِنْهُ تقرُّباً، وأَبعدُ الْجِهَاتِ وَالْمَقَادِيرِ وَالْمَعَانِي مِنْ كُلِّ طَرَفَيْنِ وسَطُهما، وَهُوَ غَايَةُ الْبُعْدِ مِنْهُمَا، فإِذا كَانَ فِي الوسَط فَقَدْ بَعُد عَنِ الأَطراف الْمَذْمُومَةِ بِقَدْرِ الإِمكان. وَفِي الْحَدِيثِ:
الوالِد أَوْسَطُ أَبواب الْجَنَّةِ
أَي خيرُها. يُقَالُ: هُوَ مِنْ أَوسَطِ قومِه أَي خيارِهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ من أَوْسَطِ قومه
أَي مِنْ أَشْرَفِهم وأَحْسَبِهم. وَفِي حَدِيثِ
رُقَيْقةَ: انظُروا رَجُلًا وسِيطاً
أَي حَسِيباً فِي قَوْمِهِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الصَّلَاةُ الوُسْطَى لأَنها أَفضلُ الصَّلَوَاتِ وأَعظمها أَجْراً، وَلِذَلِكَ خُصت بالمُحافَظةِ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: لأَنها وسَط بَيْنِ صلاتَيِ اللَّيْلِ وصلاتَيِ النَّهَارِ، وَلِذَلِكَ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهَا فَقِيلَ الْعَصْرُ، وَقِيلَ الصُّبْحُ، وَقِيلَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَالصَّلَاةُ الْوُسْطَى يَعْنِي صَلَاةَ الْجُمْعَةِ لأَنها أَفضلُ الصلواتِ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ خلافَ هَذَا فَقَدَ أَخْطأَ إِلا أَن يَقُولَهُ بِرِوَايَةٍ مُسنَدة إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ووَسَطَ فِي حَسَبِه وَساطة وسِطةً ووَسُطَ ووسَّط؛ ووَسَطَه: حَلَّ وَسَطَه أَي أَكْرَمَه؛ قَالَ:
يَسِطُ البُيوتَ لِكي تَكُونَ رَدِيّةً، ... مِنْ حيثُ تُوضَعُ جَفْنةُ المُسْتَرْفِدِ
ووَسَطَ قومَه فِي الحسَبِ يَسِطُهم سِطةً حسنَة. اللَّيْثُ: فُلَانٌ وَسِيطُ الدارِ والحسَبِ فِي قَوْمِهِ، وَقَدْ وسُطَ وَساطةً وسِطةً ووَسَّطَ توْسِيطاً؛ وأَنشد:
وسَّطْت مِنْ حَنْظَلةَ الأُصْطُمّا
وَفُلَانٌ وسِيطٌ فِي قَوْمِهِ إِذا كَانَ أَوسطَهم نسَباً وأَرْفعَهم مَجْداً؛ قَالَ العَرْجِيُّ:
كأَنِّي لَمْ أَكُنْ فِيهِمْ وسِيطاً، ... وَلِمَ تَكُ نِسْبَتي فِي آلِ عَمْرِ
والتوْسِيطُ: أَن تَجْعَلَ الشَّيْءَ فِي الوَسَط. وقرأَ بَعْضُهُمْ:
فوَسَّطْنَ بِهِ جَمْعًا
؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذِهِ الْقِرَاءَةُ تُنسب إِلى عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وإِلى ابْنِ أَبي لَيْلَى وإِبراهيم بْنُ أَبي عَبْلَةَ. والتوْسِيطُ: قَطْعُ الشَّيْءِ نِصْفَيْنِ. والتَّوَسُّطُ مِنَ النَّاسِ: مِنَ الوَساطةِ، ومَرْعًى وسَطٌ أَي خِيار؛ قَالَ:
إِنَّ لَهَا فَوارِساً وفَرَطا، ... ونَفْرَةَ الحَيِّ ومَرْعًى وَسَطا
ووَسَطُ الشيءِ وأَوْسَطُه: أَعْدَلُه، وَرَجُلٌ وَسَطٌ ووَسِيطٌ: حسَنٌ مِنْ ذَلِكَ. وَصَارَ الماءُ وَسِيطةً إِذا غلَب الطينُ عَلَى الْمَاءِ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنْ أَبي طَيْبة. وَيُقَالُ أَيضاً: شيءٌ وَسَطٌ أَي بَيْنَ الجَيِّدِ والرَّدِيء. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: فِيهِ قَوْلَانِ: قَالَ بَعْضُهُمْ وسَطاً عَدْلًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ خِياراً، وَاللَّفْظَانِ مُخْتَلِفَانِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ لأَن العَدْل خَيْر وَالْخَيْرُ عَدْلٌ، وَقِيلَ فِي صِفَةِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنه كَانَ مِنْ أَوْسَطِ قومِه
أَي خِيارِهم، تَصِف الفاضِلَ النسَب بأَنه مِنْ أَوْسَطِ قَوْمِهِ، وَهَذَا يَعرِف حقيقَته أَهلُ اللُّغَةِ لأَن الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُ التَّمْثِيلَ كَثِيرًا، فَتُمَثِّل القَبِيلةَ بِالْوَادِي والقاعِ وَمَا أَشبهه، فخيرُ الْوَادِي وسَطُه، فَيُقَالُ: هَذَا(7/430)
مِنْ وَسَط قومِه وَمِنْ وَسَطِ الْوَادِي وسَرَرِ الْوَادِي وسَرارَته وسِرِّه، وَمَعْنَاهُ كُلُّهُ مِنْ خَيْر مَكَانٍ فِيهِ، وَكَذَلِكَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ خَيْرِ مَكَانٍ فِي نسَب الْعَرَبِ، وَكَذَلِكَ جُعِلتْ أُمّته أُمة وسَطاً أَي خِياراً. وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: الْفَرْقُ بَيْنَ الوسْط والوَسَط أَنه مَا كانَ يَبِينُ جُزْء من جُزْء فهو وسْط مِثْلُ الحَلْقة مِنَ النَّاسِ والسُّبْحةِ والعِقْد، قَالَ: وَمَا كَانَ مُصْمَتاً لَا يَبِينُ جُزْءٌ مِنْ جُزْءٍ فَهُوَ وسَط مِثْلُ وسَطِ الدارِ وَالرَّاحَةِ والبُقْعة؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الوسْط مُخَفَّفَةً يَكُونُ مَوْضِعًا لِلشَّيْءِ كَقَوْلِكَ زَيْدٌ وَسْطَ الدارِ، وإِذا نَصَبْتَ السِّينَ صَارَ اسْمًا لِمَا بَيْنَ طَرَفَيْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: تَقُولُ وَسْطَ رأْسِك دُهْنٌ يَا فَتى لأَنك أَخبرت أَنه اسْتَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فأَسكنت السِّينَ وَنَصَبْتَ لأَنه ظَرْفٌ، وَتَقُولُ وسَطُ رأْسِك صُلْب لأَنه اسْمٌ غَيْرُ ظَرْفٍ، وَتَقُولُ ضربْت وَسَطَه لأَنه الْمَفْعُولُ بِهِ بِعَيْنِهِ، وَتَقُولُ حَفَرْتُ وَسَطَ الدارِ بِئْرًا إِذا جَعَلْتَ الوَسَط كُلَّهُ بِئراً، كَقَوْلِكَ حَرَثْت وسَطَ الدَّارِ؛ وَكُلُّ مَا كَانَ مَعَهُ حَرْفُ خَفْضٍ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ مَعْنَى الظَّرْفِ وَصَارَ اسْمًا كَقَوْلِكَ سِرْت مِنْ وَسَطِ الدَّارِ لأَنَّ الضَّمِيرَ لِمنْ، وَتَقُولُ قُمْتُ فِي وسَط الدَّارِ كَمَا تَقُولُ فِي حَاجَةِ زَيْدٍ فَتُحَرَّكُ السِّينُ مِنْ وسَط لأَنه هاهنا لَيْسَ بِظَرْفٍ. الْفَرَّاءُ: أَوْسَطْت القومَ ووَسَطْتُهم وتوَسَّطْتُهم بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذا دَخَلْتَ وَسْطَهم. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً
. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ وَسَطَ فلانٌ جَمَاعَةً مِنَ النَّاسِ وَهُوَ يَسِطُهم إِذا صَارَ وَسْطَهم؛ قَالَ: وإِنما سُمِّيَ واسِطُ الرحْل واسِطاً لأَنه وسَطٌ بَيْنَ القادِمة والآخرةِ، وَكَذَلِكَ واسِطةُ القِلادةِ، وَهِيَ الجَوْهرة الَّتِي تَكُونُ فِي وسَطِ الكِرْسِ المَنْظُوم. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ فِي تَفْسِيرِ واسِطِ الرَّحْل وَلَمْ يَتَثَبَّتْه: وإِنما يَعْرِفُ هَذَا مِنْ شاهَدَ العَربَ ومارَسَ شَدَّ الرِّحال عَلَى الإِبل، فأَما مَنْ يفسِّر كَلَامَ الْعَرَبِ عَلَى قِياساتِ الأَوْهام فإِنَّ خَطأَه يَكْثُرُ، وللرحْلِ شَرْخانِ وَهُمَا طَرَفاه مِثْلُ قرَبُوسَيِ السَّرْج، فالطرَفُ الَّذِي يَلِي ذَنَبَ الْبَعِيرِ آخِرةُ الرَّحْلِ ومُؤْخِرَتُه، وَالطَّرَفُ الَّذِي يَلِي رأْس الْبَعِيرِ واسِطُ الرَّحْلِ، بِلَا هَاءٍ، وَلَمْ يسمَّ وَاسِطًا لأَنه وَسَطٌ بَيْنَ الْآخِرَةِ والقادِمة كَمَا قَالَ اللَّيْثُ: وَلَا قَادِمَةَ لِلرَّحْلِ بَتَّةً إِنما القادمةُ الواحدةُ مِنْ قَوادِم الرِّيش، ولضَرْع النَّاقَةِ قادِمان وآخِران، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَكَلَامِ الْعَرَبِ يُدَوَّن فِي الصُّحُفِ مِنْ حَيْثُ يَصِحُّ، إِمّا أَن يُؤْخَذَ عَنْ إِمام ثِقَة عَرَفَ كَلَامَ الْعَرَبِ وشاهَدَهم، أَو يَقْبَلُ مِنْ مُؤَدٍّ ثِقَةٍ يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الْمَقْبُولِينَ، فأَما عباراتُ مَن لَا مَعْرِفَةَ لَهُ وَلَا أَمانة فإِنه يُفسد الْكَلَامَ ويُزيله عَنْ صِيغته؛ قَالَ: وقرأْت فِي كِتَابِ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي بَابِ الرحال قَالَ: وَفِي الرَّحْلِ واسِطُه وآخِرَتُه ومَوْرِكُه، فَوَاسِطُهُ مُقَدَّمه الطَّوِيلُ الَّذِي يَلِي صَدْرَ الرَّاكِبِ، وأَما آخِرته فمُؤخرَته وَهِيَ خَشَبَتُهُ الطَّوِيلَةُ الْعَرِيضَةُ الَّتِي تُحَاذِي رأْس الرَّاكِبِ، قَالَ: والآخرةُ وَالْوَاسِطُ الشرْخان. وَيُقَالُ: رَكِبَ بَيْنَ شَرْخَيْ رَحْلِهِ، وَهَذَا الَّذِي وَصَفَهُ النضْر كُلُّهُ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَما واسِطةُ القِلادة فَهِيَ الْجَوْهَرَةُ الْفَاخِرَةُ الَّتِي تُجْعَلُ وسْطها. والإِصْبع الوُسطى. وواسِطُ: مَوْضِعٌ بَيْنَ الجَزيرة ونَجْد، يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ. وواسِط: مَوْضِعٌ بَيْنَ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وُصف بِهِ لتوسُّطِه مَا بَيْنَهُمَا وَغَلَبَتِ الصِّفَةُ وَصَارَ اسْمًا كَمَا قَالَ:
ونابِغةُ الجَعْدِيُّ بالرَّمْلِ بَيْتُه، ... عَلَيْهِ تُرابٌ مِنْ صَفِيحٍ مُوَضَّع(7/431)
قَالَ سِيبَوَيْهِ: سَمَّوْهُ وَاسِطًا لأَنه مَكَانٌ وسَطٌ بَيْنِ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ: فَلَوْ أَرادوا التأْنيث قَالُوا وَاسِطَةً، وَمَعْنَى الصِّفَةِ فِيهِ وإِن لَمْ يَكُنْ فِي لَفْظَهِ لَامٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وواسِط بَلَدٌ سُمِّيَ بِالْقَصْرِ الَّذِي بَنَاهُ الْحَجَّاجُ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ مَصْرُوفٌ لأَن أَسماء البُلدان الغالب عليه التأْنيث وتركُ الصَّرْفِ، إِلَّا مِنًى وَالشَّامَ وَالْعِرَاقَ وَوَاسِطًا ودابِقاً وفَلْجاً وهَجَراً فإِنها تُذَكَّرُ وَتُصْرَفُ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن تُرِيدَ بِهَا الْبُقْعَةَ أَو البلْدة فَلَا تَصْرِفُهُ كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَرْثِي بِهِ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمر:
أَمّا قُرَيْشٌ، أَبا حَفْصٍ، فَقَدْ رُزِئتْ ... بالشامِ، إِذ فارَقَتْك، السمْعَ والبَصَرا
كَمْ مِنْ جَبانٍ إِلى الهَيْجا دَلَفْتَ بِهِ، ... يومَ اللِّقاء، وَلَوْلَا أَنتَ مَا صَبرا
مِنهنَّ أَيامُ صِدْقٍ، قَدْ عُرِفْتَ بِهَا، ... أَيامُ واسِطَ والأَيامُ مِن هَجَرا
وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: تَغافَلْ كأَنَّك واسِطِيٌّ؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: أَصله أَن الْحَجَّاجَ كَانَ يتسخَّرُهم فِي البِناء فيَهْرُبون ويَنامون وسْط الغُرباء فِي الْمَسْجِدِ، فَيَجِيءُ الشُّرَطِيُّ فَيَقُولُ: يَا واسِطيّ، فَمَنْ رَفَعَ رأْسه أَخذه وَحَمَلَهُ فَلِذَلِكَ كَانُوا يتَغافلون. والوَسُوط مِنْ بُيُوتِ الشعَر: أَصغرها. والوَسُوط مِنَ الإِبل: الَّتِي تَجُرُّ أَربعين يَوْمًا بَعْدَ السَّنَةِ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: فأَما الجَرُور فَهِيَ الَّتِي تَجُرُّ بَعْدَ السَّنَةِ ثَلَاثَةَ أَشهر، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي بَابِهِ. والواسطُ: الْبَابُ، هُذَليّة.
وطط: الوَطْواطُ: الضَّعِيفُ الجَبان مِنَ الرِّجَالِ. والوَطْواطُ: الخُفّاش؛ قَالَ:
كأَنَّ برُفْغَيْها سُلُوخَ الوَطاوِط
أَراد سُلُوخَ الوَطاوِيط فحذفُ الْيَاءِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا قَالَ:
وتَجَمَّعَ المتفرِّقُون ... مِنَ الفَراعِلِ والعَسابِرْ
أَراد العسابِير، وَهُوَ وَلَدُ الضبُع مِنَ الذِّئْبِ. وَقَالَ كُرَاعٌ: جمعُ الوَطْواطِ وطاوِيطُ ووطاوِطُ، فأَما وطاوِيطُ فَهُوَ الْقِيَاسُ، وأَما الوَطاوِط فَهُوَ جَمْعُ مُوَطْوِط، وَلَا يَكُونُ جَمْعُ وَطْواط لأَن الأَلف إِذا كَانَتْ رَابِعَةً فِي الْوَاحِدِ ثَبَتَتِ الْيَاءُ فِي الْجَمْعِ إِلا أَن يُضْطَرَّ شَاعِرٌ كَمَا بيَّنَّا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: جَمْعُ الْوَطْوَاطِ الوُطُطُ. والوُطُطُ: الضَّعْفَى العُقولِ والأَبدانِ مِنَ الرِّجَالِ، الْوَاحِدُ وَطْواط؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ يَهْجُو إمرأَ الْقَيْسِ:
إِنّي إِذا ما عَجَرَ الوَطْواطُ، ... وكثُر الهِياطُ والمِياطُ،
والتَفَّ عِنْدَ العَرَكِ الخِلاطُ، ... لَا يُتَشَكَّى مِنِّيَ السِّقاطُ،
إِن إمْرَأَ القَيْسِ هُم الأَنْباطُ ... زُرْقٌ، إِذا لاقَيْتَهم، سِناطُ
لَيْسَ لَهم فِي نَسَبٍ رِباطُ، ... وَلَا إِلى حَبْلِ الهُدى صِراطُ،
فالسَّبُّ والعارُ بِهِمْ مُلْتاطُ
وأَنشد لِآخَرَ:
فَداكَها دَوْكاً عَلَى الصِّراطِ، ... لَيْسَ كَدوْكِ بَعْلِها الوَطْواطِ
وَقَالَ النَّضْرُ: الوَطواط الرَّجُلُ الضعيفُ العقلِ والرأْي. والوَطْواط: الخُفّاش، وأَهل الشَّامِ يُسَمُّونَهُ السّرْوَعَ(7/432)
وَهِيَ الْبَحْرِيَّةُ، وَيُقَالُ لَهَا الخُشّافُ، والوَطْواطُ: الخُطّافُ. وَقِيلَ: الْوَطْوَاطُ ضَرْبٌ مِنْ خَطاطِيفِ الْجِبَالِ أَسود، شُبِّهَ بِضَرْبٍ مِنَ الخَشاشِيف لنُكوصِه وحَيْدِه، وكلُّ ضَعِيفٍ وَطْواط، وَالِاسْمُ الوَطْوَطةُ. وَرُوِيَ
عَنْ عَطاء بْنِ أَبي رَبَاحٍ أَنه قَالَ فِي الوَطْواط يُصيبه المُحْرِم: قَالَ: دِرهم
، وَفِي رِوَايَةٍ:
ثُلْثَا دِرْهَمٍ.
قَالَ الأَصمعي: الوَطواط الخُفاش. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَيُقَالُ إِنه الخُطّاف، قَالَ: وَهُوَ أَشبه الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ لِحَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ لَمَّا أُحْرِقَ بيتُ المَقدِس: كَانَتِ الأَوْزاغُ تَنْفُخُه بأَفْواهِها وَكَانَتِ الوَطاوِطُ تُطْفِئه بأَجْنحتها.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الخُطاف العُصفور الَّذِي يُسَمَّى عُصْفُورَ الْجَنَّةِ، وَالْخُفَّاشُ هُوَ الَّذِي يَطِيرُ بِاللَّيْلِ، والوطواطُ الْمَشْهُورُ فِيهِ أَنه الْخُفَّاشُ، وَقَدْ أَجازوا أَن يَكُونَ هُوَ الْخُطَّافُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنّ الْوَطْوَاطَ الْخُفَّاشُ قَوْلُهُمْ: هُوَ أَبْصَرُ لَيْلًا مِنَ الوَطْواط. والوَطْوَطَةُ: مُقَارَبَةُ الْكَلَامِ، وَرِجْلٌ وَطْواط إِذا كَانَ كَلَامُهُ كَذَلِكَ؛ وَقِيلَ: الوَطواط الصَّيَّاحُ، والأُنثى بِالْهَاءِ. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الصَّيَّاحِ وَطْواط، وَزَعَمُوا أَنه الَّذِي يُقارب كَلَامَهُ كأَنَّ صَوْتَهُ صوتُ الخَطاطِيف، وَيُقَالُ للمرأَة وَطْواطةٌ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الضعيفِ الجَبانِ الوَطْواط، قَالَ: وَسُمِّيَ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بِالطَّائِرِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وبَلْدةٍ بَعِيدةِ النِّياطِ، ... برَمْلِها مِنْ خاطِفٍ وعاطِ،
قَطَعْتُ حِينَ هَيْبةِ الوَطْواطِ
والوطْواطِيُّ: الضَّعِيفُ، وَيُقَالُ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ. وَقَدْ وَطْوَطُوا أَي ضَعُفوا. وأَما قَوْلُهُمْ: أَبْصَرُ فِي اللَّيْلِ مِنَ الوَطْواط فَهُوَ الخُفّاش.
وفط: لَقِيته عَلَى أَوْفاطٍ أَي عَلَى عَجَلةٍ، وَالظَّاءُ المعجمة أَعرف.
وَقَطَ: الوَقْطُ والوَقِيطةُ: حُفرة فِي غِلَظ أَو جَبَلٍ يَجْتَمِعُ فِيهَا مَاءُ السَّمَاءِ. ابْنُ سِيدَهْ: الوَقْطُ والوَقِيطُ كالرَّدْهةِ فِي الْجَبَلِ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ تُتَّخذ فِيهَا حِيَاضٌ تَحْبِسُ الْمَاءَ لِلْمَارَّةِ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَجْمَعَ وَقْط، وَهُوَ مِثْلُ الوَجْذ إِلا أَنَّ الوَقْط أَوسع، وَالْجَمْعُ وِقْطانٌ ووِقاطٌ وإِقاطٌ، الْهَمْزَةُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ؛ وأَنشد:
وأَخْلَفَ الوِقْطانَ والمَآجلا
وَلُغَةُ تَمِيمٍ فِي جَمْعِهِ الإِقاطُ مِثْلَ إِشاح، يُصَيِّرُونَ كُلَّ وَاوٍ تَجِيءُ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ أَلفاً. وَيُقَالُ: أَصابتنا السَّمَاءُ فوَقَّطَ الصخْرُ أَي صَارَ فِيهِ وَقْطٌ. والوَقْطُ: مَا يَكُونُ فِي حَجَرٍ فِي رَمْل «3» ، وَجَمْعُهُ وِقاط. ووقَطَه وَقْطاً: صَرَعَه. وَرَجُلٌ وَقيطٌ: مَوْقُوط؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
أَوْجَرْتَ حارِ لَهْذَماً سَلِيطا، ... تَرَكْتَهُ مُنْعَقِراً وَقِيطا
وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْجَمْعُ وَقْطَى ووَقاطَى. ووقَطَه: قَلَبَه عَلَى رأْسه ورفَع رِجْلَيْهِ فَضَرَبَهُمَا، مَجموعتين، بفِهْر سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَذَلِكَ مِمَّا يُداوَى بِهِ. ووَقَطَه بعيرُه: صَرَعَه فغُشِي عَلَيْهِ. وأَكلت طَعَامًا وقَطَني أَي أَنامني. وكلُّ مُثْخَنٍ ضَرْباً أَو مَرضاً أَو حُزناً أَو شِبَعاً وقِيطٌ. الأَحمر: ضرَبه فوقَطه إِذا صرَعه صرْعة لَا يَقُومُ مِنْهَا. والمَوْقُوط: الصَّرِيع. ووَقَط بِهِ الأَرض إِذا صرَعه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا
__________
(3) . قوله [فِي حَجَرٍ فِي رَمْلٍ] كذا بالأصل.(7/433)
نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ وُقِطَ فِي رأْسه
أَي أَنه أَدْركه الثِّقَل فوضَع رأْسه. يُقَالُ: ضَرَبَهُ فوقَطَه أَي أَثْقلَه، وَيُرْوَى بِالظَّاءِ بِمَعْنَاهُ كأَنَّ الظَّاءَ عَاقَبَتِ الذَّالَ من وقَذْت الرجل أَقِدُه إِذا أَثْخَنته بالضرْب. ابْنُ شُمَيْلٍ: الوَقِيطُ والوَقِيعُ المَكان الصُّلْب الَّذِي يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ فَلَا يَرْزأُ الْمَاءُ شَيْئًا. ويومُ الوَقِيطِ: يومٌ كَانَ فِي الإِسلام بَيْنَ بَنِي تَمِيم وبَكر بنِ وَائِلٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والوَقْطُ اسْمُ موْضع؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
عَرَفْت لسَلْمَى، بَيْنَ وَقْطٍ فضَلْفَعِ، ... مَنازِلَ أَقْوَتْ مِنْ مَصِيفٍ ومَرْبَعِ
وَمَطَ: ابْنُ الأَعرابي: الوَمْطةُ الصَّرْعةُ من التعَب.
وَهَطَ: وهَطَه وَهْطاً، فَهُوَ مَوْهُوط ووَهِيطٌ: ضرَبه، وَقِيلَ: طعنَه. ووَهَطه يَهِطُه وَهْطاً: كسَره وَكَذَلِكَ وَقَصَه؛ وأَنشد:
يمرُّ أَحْلافاً يَهِطْنَ الجَنْدَلا
والوَهْطُ: شِبْهُ الوَهْنِ والضَّعْف. ووهَط يَهِطُ وَهْطاً أَي ضَعُف. ورَمَى طَائِرًا فأَوْهَطَه أَي أَضْعَفَه. وأَوْهَط جَنَاحَهُ وأَوْهَطه: صرَعه صَرْعةً لَا يَقُوم مِنْهَا، وَهُوَ الإِيهاطُ، وَقِيلَ: الإِيهاطُ القَتل والإِثْخانُ ضَرْباً أَو الرَّمْي المُهْلك؛ قَالَ:
بأَسْهُمٍ سَرِيعة الإِيهاط
قَالَ عَرّام السُّلَمِي: أَوْهَطْت الرَّجل وأَوْرَطْته إِذا أَوْقَعْتَه فِيمَا يَكْرَهُ. والأَوْهاطُ: الخُصومة والصِّياح. والوَهْطُ: الْجَمَاعَةُ. والوَهْطُ: الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض المُستوي ينبُت فِيهِ العِضاهُ والسَّمُر والطَّلْح والعُرْفُطُ، وخَصّ بَعْضُهُمْ بِهِ مَنْبِت الْعُرْفُطِ، وَالْجَمْعُ أَوْهاط ووِهاطٌ. وَيُقَالُ لِمَا اطمأَنَّ مِنَ الأَرض وَهْطة، وَهِيَ لُغَةٌ فِي وَهْدةٍ، وَالْجَمْعُ وَهْطٌ ووِهاطٌ، وَبِهِ سُمِّي الوَهْط. وَيُقَالُ: وَهْط مِنْ عُشَر، كَمَا يُقَالُ: عِيصٌ مِنْ سِدْر. وَفِي حَدِيثِ
ذِي المِشْعارِ الهَمْدانيّ: عَلَى أَن لَهُمْ وِهاطَها وعَزازَها
؛ الوِهاطُ: الْمَوَاضِعُ المطمئنَّة، وَاحِدَتُهَا وَهْط، وَبِهِ سُمِّي الوَهْطُ مالٌ كَانَ لعَمرو بْنِ الْعَاصِ، وَقِيلَ: كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالطَّائِفِ، وَقِيلَ: الوَهْط مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: قَرية بِالطَّائِفِ. والوهْطُ: مَا كَثُرَ مِنَ العُرفط.
وَيَطَ: الواطةُ: مِنْ لُجَج الماء.
فصل الياء
يُعْطِ: يَعاطِ مِثْلُ قَطامِ: زَجْرٌ لِلذِّئْبِ أَو غَيْرِهِ إِذا رأَيته قُلْتَ: يَعاطِ يَعاطِ وأَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ إِبل:
وقُلُصٍ مُقْوَرَّة الأَلْياطِ، ... باتَتْ عَلَى مُلَحَّبٍ أَطَّاطِ،
تَنْجُو إِذا قِيلَ لَهَا: يَعاطِ
وَيُرْوَى يِعاطِ، بِكَسْرِ الْيَاءَ، قَالَ الأَزهري: وَهُوَ قَبِيحٌ لأَن كَسْرَ الْيَاءِ زَادَهَا قُبْحاً لأَن الْيَاءَ خُلِقَتْ مِنَ الْكَسْرَةِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ عَلَى فِعال فِي صَدْرِهَا يَاءٌ مَكْسُورَةٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يِسارٌ لُغَةٌ فِي اليَسار، وَبَعْضٌ يَقُولُ إِسار، تُقلب هَمْزة إِذا كُسِرت، قَالَ: وَهُوَ بَشِع قَبِيحٌ أَعني يِسار وإِسار، وَقَدْ أَيْعَطَ بِهِ ويَعَّطَ وياعَطَه وياعَطَ بِهِ. ويَعاطِ وياعاطِ، كِلَاهُمَا: زَجْرٌ للإِبل. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تَقُولُ الْعَرَبُ ياعاطِ ويَعاطِ، وبالأَلف أَكثر؛ قَالَ:
صُبَّ عَلَى شَاءِ أَبي رِياطِ(7/434)
ذُؤالةٌ كالأَقْدُحِ الأَمْراطِ، ... تَنْجُو إِذا قِيلَ لَهَا: ياعاطِ
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ: عاطِ عاطِ، قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الأَصل عاطِ مِثْلَ غاقِ ثُمَّ أُدخل عَلَيْهِ يَا فَقِيلِ يَاعَاطِ، ثُمَّ حَذَفَ مِنْهُ الأَلف تَخْفِيفًا فَقِيلَ يَعاطٍ، وَقِيلَ: يَعَاطِ كَلمة يُنذِر بِهَا الرَّقيبُ أَهله إِذا رأَى جَيْشًا؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
وَهَذَا ثَمَّ قَدْ علِموا مَكاني، ... إِذا قَالَ الرَّقِيبُ: أَلا يَعاطِ
قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ يُعَاطِ زَجْرٌ فِي الْحَرْبِ؛ قَالَ الأَعشى:
لَقَدْ مُنُوا بِتَيِّحانٍ ساطِ ... ثَبْتٍ، إِذا قِيلَ لَهُ: يَعاطِ(7/435)
ظ
حرف الظاء المعجمة
ظ: رَوَى اللَّيْثُ أَن الْخَلِيلَ قَالَ: الظَّاءُ حَرْفٌ عَرَبِيٌّ خُصَّ بِهِ لِسَانُ الْعَرَبِ لَا يَشْرَكُهُمْ فِيهِ أَحد مِنْ سَائِرِ الأُمم، وَالظَّاءُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ، وَالظَّاءُ وَالذَّالُ وَالثَّاءُ فِي حيِّز وَاحِدٍ، وَهِيَ الْحُرُوفُ اللِّثَويَّة، لأَن مبدأَها مِنَ اللِّثة، وَالظَّاءُ حَرْفُ هِجَاءٍ يَكُونُ أَصلًا لَا بَدَلًا وَلَا زَائِدًا، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَلَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ النبَط، فإِذا وَقَعَتْ فِيهِ قَلَبُوهَا طَاءً، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ ظوي.
فصل الهمزة
أحظ: أُحاظةُ: اسْمُ رَجُلٍ.
أظظ: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ امتلأَ الإِناء حَتَّى مَا يَجِدُ مِئظّاً أَي ما يجد مَزِيداً.
فصل الباء الموحدة
بظظ: بَظَّ الضارِبُ أَوْتارَه يَبُظُّها بَظّاً: حرَّكها وهَيَّأَها لِلضَّرْبِ، وَالضَّادُ لُغَةٌ فِيهِ. وبَظَّ عَلَى كَذَا: أَلَحَّ عَلَيْهِ، قَالَ: وَهَذَا تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ أَلَظَّ عَلَيْهِ إِذا أَلحَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ كَظٌّ بَظٌّ أَي مُلحٌّ وفَظٌّ بَظٌّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَفَظٌّ مَعْلُومٌ وَبَظٌّ إِتباع، وَقِيلَ: فَظِيظ بَظِيظ، وَقِيلَ: فَظِيظٌ أَي جافٍ غَلِيظٌ. وأَبظَّ الرجلُ إِذا سَمِنَ، والبَظِيظُ: السَّمِين الناعم.
بهظ: بَهَظَنِي الأَمْرُ والحِمْل يَبْهَظُني بَهْظاً: أَثقلني وَعَجَزْتُ عَنْهُ وَبَلَغَ مِنِّي مَشَقّة، وَفِي التَّهْذِيبِ: ثقُل عَلَيَّ وبلَغ منِّي مشقَّتَه. وكلُّ شَيْءٍ أَثقلك، فَقَدَ بَهَظك، وَهُوَ مَبْهُوظ. وأَمر باهِظ أَي شاقٌّ. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً من أَشجع يَقُولُ: بَهَضني الأَمر وَبَهَظَنِي، قَالَ: وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحد عَلَى ذَلِكَ. وَيُقَالُ: أَبْهَظَ حوْضَه ملأَه. والقِرْنُ المَبْهوظ: الْمَغْلُوبُ. وبهَظ راحلَته يَبْهَظُها بَهْظاً: أَوْقَرها وَحَمَلَ عَلَيْهَا فأَتعبها. وَكُلُّ مَنْ كُلّف مَا لَا يُطيقه أَو لَا يَجِدُهُ، فَهُوَ مَبْهُوظٌ. وبَهَظَ الرجلَ: أَخذ بفُقْمه أَي بذَقَنه ولِحْيته. وَفِي التَّهْذِيبِ عَنْ أَبي زَيْدٍ: بَهَظته أَخذت بفُقْمه وبفُغْمه. قَالَ شَمِرٌ: أَراد بفُقْمه فَمَهُ، وبفُغْمه أَنفه، والفُقْمانِ هُمَا(7/436)
اللَّحْيانِ. وأَخذ بفغْوه أَي بِفَمِهِ. وَرَجُلٌ أَفْغَى وامرأَة فَغْواء إِذا كَانَ فِي فَمِهِ مَيَلٌ.
بيظ: البَيْظةُ: الرَّحِمُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْجَمْعُ بَيْظٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ الْقَطَا وأَنَّهنّ يَحملن الْمَاءَ لِفراخِهنّ فِي حَواصِلهنّ:
حَمَلْن لَها مِياهاً فِي الأَداوَى، ... كَمَا يَحْمِلْن فِي البَيْظِ الفَظِيظا
الفَظِيظُ مَاءُ الْفَحْلِ. ابْنُ الأَعرابي: بَاظَ الرَّجُلُ يَبِيظُ بَيْظاً وباظَ يَبُوظُ بَوْظاً إِذا قَرَّرَ أَرُونَ أَبي عُمَيْرٍ فِي المَهْبِلِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد ابْنُ الأَعْرابي بالأَرُونِ المَنِيّ، وبأَبي عُمير الذَّكر، وبالمَهْبِلِ قَرار الرَّحم. وَقَالَ اللَّيْثُ: البيْظ مَاءُ الرَّجُلِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: باظَ الرجلُ إِذا سَمِن جِسمه بعد هُزال.
فصل الجيم
جحظ: الجِحاظُ: خُروج مُقْلة الْعَيْنِ وَظُهُورُهَا. الأَزهري: الجحُوظ خروج المقلة ونُتوؤها مِنَ الحِجَاج. وَيُقَالُ: رَجُلٌ جاحِظُ العَيْنين إِذا كَانَتْ حدَقتاه خَارِجَتَيْنِ، جَحَظَتْ تَجْحَظُ جُحوظاً. الْجَوْهَرِيُّ: جَحَظَت عَيْنُهُ عَظُمت مُقلتها ونَتأَت، وَالرَّجُلُ جاحِظٌ وجَحْظَمٌ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. والجِحاظانِ: حَدَقَتَا الْعَيْنِ إِذا كَانَتَا خَارِجَتَيْنِ. وجِحاظُ الْعَيْنِ: مَحْجِرها فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَعَيْنٌ جاحِظة. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وأَنتم يَوْمَئِذٍ جُحَّظٌ تَنْتَظرون الْغَدْوَةَ
«4» ؛ جُحوظُ الْعَيْنِ: نُتوؤُها وانْزِعاجُها، تُرِيدُ: وأَنتم شاخِصُو الأَبصار تَترقَّبون أَن يَنْعِقَ ناعِقٌ أَو يَدْعُوَ إِلى وَهَن الإِيمان داعٍ. والجاحِظُ: لَقَبُ عَمرو بْنِ بَحْر، قَالَ الأَزهري: أَخبرني الْمُنْذِرِيُّ قَالَ: قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ كَانَ الجاحِظُ كذَّاباً عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى آلِهِ وَعَلَى النَّاسِ؛ وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو أَنه جَرَى ذِكْرُ الْجَاحِظِ فِي مجلِس أَبي الْعَبَّاسِ أَحمد بْنَ يَحْيَى فَقَالَ: أَمسكوا عَنْ ذِكْرِ الْجَاحِظِ فإِنه غَيْرُ ثِقَةٍ وَلَا مأْمون؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَعَمْرُو بْنُ بَحْرٍ الْجَاحِظُ رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ مَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَكَانَ أُوتيَ بَسْطة فِي لِسَانِهِ وبَياناً عذْباً فِي خِطابه ومَجالًا وَاسِعًا فِي فُنونه، غَيْرَ أَن أَهل الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ ذَمُّوهُ، وَعَنِ الصِّدْق دَفَعُوه. والجاحِظَتانِ: حدَقتا الْعَيْنِ. وجَحَظَ إِليه عَمَله: نظَر فِي عَمَلِهِ فرأَى سُوء مَا صَنَعَ؛ قَالَ الأَزهري: يُرَادُ نَظَرَ فِي وَجْهِهِ فذكَّره سُوءَ صنيعِه. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لأَجْحَظَنّ إِليك أَثَرَ يدِك، يَعْنُون بِهِ لأُرِيَنَّك سُوء أَثر يَدِكَ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الدِّعْظايةُ، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الدِّعْكاية، وَهُمَا الْكَثِيرَا اللحْم، طَالَا أَو قصُرا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ الجِعْظايةُ بِهَذَا الْمَعْنَى، قَالَ الأَزهري: وَفِي نُسْخَةٍ الجِحاظُ حرْفُ الكَمَرةِ.
جحمظ: جَحْمَظْت الرجلَ إِذا صفَّدْتَه وأَوْثَقْته. وجَحْمَظَ الغلامَ شدَّ يديْه عَلَى رُكْبَتَيْهِ. وَفِي بَعْضِ الْحِكَايَاتِ: هُوَ بعضُ مَن جَحْمَظُوه. والجَحْمَظةُ: الإِسْراعُ فِي العدْو، وَقَدْ جَحْمَظ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الجَحْمظة القِماطُ؛ وأَنشد:
لَزَّ إِليه جَحْظَواناً مِدْلَظا، ... فظَلَّ فِي نِسْعَتِه مُجَحْمَظا
__________
(4) . قوله [الغدوة] كذا في الأصل بغين معجمة وفي النهاية بمهملة.(7/437)
جَظَظَ: رَجُلٌ جَظٌّ: ضخْم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَبْغَضُكم إِليَّ الجَظُّ الجَعْظُ
؛ الْفَرَّاءُ: الجَظُّ والجَوّاظُ الطَّوِيلُ الجَسِيم الأَكول الشَّرُوب البَطِرُ الكَفُور، قَالَ: وَهُوَ الجِعْظارُ أَيضاً. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: أَلا أُنبئكم بأَهل النَّارِ؟ كلُّ جَعْظٍ جَظٍّ مُسْتكبر مَنّاع قُلْتُ: مَا الجَظُّ؟ قَالَ الضخْمُ، قُلْتُ: مَا الجَعْظ؟ قال: العظيم فِي نَفْسِهِ.
ابْنُ الأَعرابي: جَظَّ الرجلُ إِذا سَمِنَ مَعَ قِصَره، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الضَّخْمُ الْكَثِيرُ اللَّحْمِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: جَظَّه وشَظَّه وأَرَّه إِذا طَرَده. وَفُلَانٌ يَجُظُّ ويَعُظُّ ويَلْعَظُ: كلُّه في العَدْو.
جعظ: الجَعْظُ والجَعِظُ: السيّء الخُلُق المُتَسَخِّطُ عِنْدَ الطَّعَامِ، وَقَدْ جَعِظَ جَعَظاً. والجَعْظُ: الضَّخْمُ. والجَعْظُ: الْعَظِيمُ المُسْتكبر فِي نَفْسِهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَن، النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَلا أُنبئكم بأَهل النَّارِ؟ كلُّ جَظّ جَعْظٍ مستكبرٍ قُلْتُ: مَا الجَظُّ؟ قَالَ: الضَّخْمُ، قُلْتُ: مَا الْجَعْظُ؟ قَالَ الْعَظِيمُ المُسْتكبر فِي نَفْسِهِ
؛ وأَنشد أَبو سَعِيدٍ بَيْتَ الْعَجَّاجِ:
تَواكَلُوا بالمِرْبَدِ العَناظَا، ... والجُفْرَتَيْن أَجْعَظُو إِجْعاظا
قَالَ الأَزهريّ: مَعْنَاهُ أَنهم تَعَظَّموا فِي أَنفسهم وزَمُّوا بأَنفهم. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَجْعَظَ الرجلُ فَرَّ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
والجُفْرتانِ تركُوا إِجْعاظا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْمٌ أَجعاظ فُرَّار. وجعَظَه عَنِ الشَّيْءِ جَعْظاً وأَجْعَظَه إِذا دَفَعَهُ وَمَنَعَهُ، وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجِ أَيضاً هُنَا. والجَعْظُ: الدَّفْع. وجعَظَ عَلَيْنَا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جعَّظ عَلَيْنَا، فيُثَقِّل، أَي خالَف عَلَيْنَا وغيَّر أُمورنا. وَرَجُلٌ جِعْظايةٌ: قَصِيرٌ لَحِيم، وجِعِظَّانٌ وجِعِظَّانةٌ: قصير.
جَعْمَظَ: الجُعْمُظُ: الشَّحِيحُ الشَّرِه النَّهِم.
جَفَظَ: قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ حَفِظَ: احْفَأَظَّتِ الجِيفة إِذا انْتَفَخَتْ، وَرَوَاهُ الأَزهري أَيضاً عَنِ اللَّيْثِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ مُنْكَرٌ وَالصَّوَابُ اجْفَأَظَّت، بِالْجِيمِ، اجْفِئْظاظاً. وَرَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: الجَفِيظُ الْمَقْتُولُ الْمُنْتَفِخُ، بِالْجِيمِ، قَالَ: وَكَذَا قرأْت فِي نَوَادِرِ ابْنِ بُزُرْجٍ لَهُ بِخَطِّ أَبي الْهَيْثَمِ الَّذِي عَرَفْتُهُ لَهُ: اجْفَأَظَّت، بِالْجِيمِ، وَالْحَاءُ تَصْحِيفٌ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ ذَكَرَ اللَّيْثُ هَذَا الْحَرْفَ فِي كِتَابِ الْجِيمِ، قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنه كَانَ متحيِّراً فِيهِ فَذَكَرَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ. الْجَوْهَرِيُّ: اجْفَاظَّتِ الجِيفة انْتَفَخَتْ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا اجْفَأَظَّت فَيُحَرِّكُونَ الأَلف لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ: ابْنُ بُزُرْجٍ: المُجْفَئِظُّ الْمَيِّتُ الْمُنْتَفِخُ. التَّهْذِيبُ: والمُجْفَئظُّ الَّذِي أَصبح عَلَى شَفا الْمَوْتِ مِنْ مَرَضٍ أَو شَرٍّ أَصابه.
جَلَظَ: اجْلَنْظى: استَلْقى عَلَى الأَرض وَرَفَعَ رِجْلَيْهِ. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: اجْلَنْظى الرَّجُلُ عَلَى جَنْبِهِ، واسْلَنْقى عَلَى قَفَاهُ. أَبو عُبَيْدٍ: المُجْلَنْظِي الَّذِي يَسْتَلْقِي عَلَى ظَهْرِهِ وَيَرْفَعُ رِجْلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ: إِذا اضطجَعْتُ لَا أَجْلَنْظِي
؛ أَبو عُبَيْدٍ: المُجْلَنْظِي المُسْبَطِرّ فِي اضْطِجاعه، بقول فَلَسْتُ كَذَلِكَ، والأَلف للإِلحاق وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، أَي لَا أَنام نوْمةَ الكَسْلان وَلَكِنْ أَنام مُسْتَوْفِزاً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَهْمِزُ فَيَقُولُ اجْلَنْظَأْت واجْلَنْظَيْت.(7/438)
جَلْحَظَ: رَجُلٌ جِلْحِظٌ وجِلْحاظٌ وجِلْحِظاء: كَثِيرُ الشَّعْرِ عَلَى جَسَدِهِ وَلَا يَكُونُ إِلا ضَخْمًا. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: جِلْظاءٌ مِنَ الأَرض وجِلْحاظٌ»
وجِلْذاءٌ وجِلْذانٌ. ابْنُ دُرَيْدٍ: سمعت عبد الرحيم ابن أَخي الأَصمعي يَقُولُ: أَرض جِلْحِظاءٌ، بِالظَّاءِ وَالْحَاءِ غَيْرِ معجمة، وهي الصُّلْبة، قال: وَخَالَفَهُ أَصحابنا فَقَالُوا: جِلْخِظاء، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، فسأَلته فَقَالَ: هَكَذَا رأَيته، قَالَ الأَزهري: وَالصَّوَابُ جلْحظاء، كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ لَا شَكَّ فِيهِ بِالْحَاءِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ.
جَلْخَظَ: أَرض جِلْخِظاء، بِالْخَاءِ معجمة: وهي الصلبة؛ قال الأَزهري: وَالصَّوَابُ جِلْحِظَاءُ، بِالْحَاءِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
جَلْفَظَ: جَلْفَظَ السفينةَ: قَيَّرها. والجِلْفاظُ: الَّذِي يُشدّد السُّفُنَ الجُدُد بالخُيوط والخِرَق ثُمَّ يُقَيِّرها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا أَحْمِل الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَعْواد نَجَرها النجَّارُ وجَلْفَظَها الجِلفاظ
؛ هُوَ الَّذِي يُسوِّي السفُن ويُصْلِحُها، وَهُوَ مَرْوِيٌّ بِالطَّاءِ المهملة والظاء المعجمة.
جَلْمَظَ: الجِلْماظُ: الرَّجُلُ الشهْوانُ.
جنعظ: الجِنْعِيظ: الأَكُول، وَقِيلَ: الْقَصِيرُ الرِّجْلَيْنِ الغَلِيظ الأَشَمُّ. والجِنْعاظةُ: الَّذِي يتَسخَّطُ عِنْدَ الطَّعَامِ مِنْ سُوء خُلقه. والجِنْعِظ والجِنْعاظ: الأَحمق، وَقِيلَ: الْجَافِي الْغَلِيظُ، وَقِيلَ: الجِنعاظ والجِنْعاظة العَسِرُ الأَخْلاق؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
جِنْعاظةٌ بأَهْلِه قَدْ بَرَّحا، ... إِن لَمْ يَجِدْ يَوماً طَعاماً مُصْلَحا،
قَبَّحَ وجْهاً لَمْ يَزَلْ مُقَبَّحا
قَالَ: وَهُوَ الجِنْعِيظ إِذا كان أَكولًا.
جوظ: الجَوَّاظُ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ الْجَافِي الْغَلِيظُ الضَّخْمُ المُخْتالُ فِي مِشْيَتِه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وسَيْفُ غَيّاظٍ لَهُمْ غَيَّاظا، ... يَعْلُو بِهِ ذَا العَضَلِ الجَوَّاظا
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الجَوَّاظُ المتكبِّر الْجَافِي، وَقَدْ جاظَ يَجُوظ جَوْظاً وجَوَظاناً. وَرَجُلٌ جَوَّاظةٌ: أَكول، وَقِيلَ: هُوَ الْفَاجِرُ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّيَّاح الشِّرِّير. الفرَّاء: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الطويل الجسيم الأَكُولِ الشَّرُوب البَطِر الْكَافِرِ: جَوَّاظٌ جَعْظٌ جِعْظار. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهلُ النَّارِ كلُّ جَعْظَرِيّ جَوَّاظ.
أَبو زَيْدٍ: الجعظريُّ الَّذِي يَنْتَفِخُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ، وَهُوَ إِلى القِصَر مَا هُوَ. والجَوَّاظُ: الجَمُوع المَنُوع الَّذِي جمَع ومنَع، وَقِيلَ: هُوَ الْقَصِيرُ البَطِينُ. والجَوَّاظ: الأَكول. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: رَجُلٌ جَيّاظٌ سَمِينٌ سَمِج المِشْية. أَبو سَعِيدٍ: الجُواظُ الضجَرُ وقِلّة الصبْر عَلَى الأُمور. يُقَالُ: ارْفُقْ بجُواظِك، وَلَا يُغْني جُواظُك عَنْكَ شَيْئًا. وجَوِظَ الرجلُ وجَوَّظَ وتَجَوَّظَ: سَعى.
فصل الحاء المهملة
حبظ: المُحْبَنْظِئُ: المُمْتَلِئ غضَباً كالمُحْظَنْبِئ.
حضظ: الحُضَظُ: لُغَةٌ فِي الحُضَض، وَهُوَ دَواء يُتَّخذ مِنْ أَبوال الإِبل؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَذَكَرُوا أَن الْخَلِيلَ كَانَ يَقُولُهُ، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَصحابنا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَكَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ الْيَزِيدِيِّ الحُضَظ فَجَمَعَ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
أَرْقَشَ ظَمْآنَ إِذا عُصْرَ لَفَظْ، ... أَمَرَّ مِن صَبْرٍ ومَقْرٍ وحُضَظْ
__________
(1) . قوله [وجلحاظ إلخ] تقدم في مادة جلذ جِلْظَاءٌ مِنَ الأَرض وَجِلْمَاظٌ والصواب ما هنا.(7/439)
الأَزهري: قَالَ شِمْرٌ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ضَادٌ مَعَ ظَاءٍ غَيْرَ الْحُضَظِ.
حظظ: الحَظُّ: النَّصِيبُ، زَادَ الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: مِنَ الفَضْل والخيْر. وَفُلَانٌ ذُو حَظّ وقِسْم مِنَ الْفَضْلِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع مِنَ الحظِّ فِعْلًا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيُقَالُ هُوَ ذُو حَظٍّ فِي كَذَا. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: الحَظّ النَّصِيبُ والجَدّ، وَالْجَمْعُ أَحُظٌّ فِي القِلَّة، وحُظوظ وحِظاظٌ فِي الْكَثْرَةِ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ أَنشد ابْنُ جِنِّي:
وحُسَّدٍ أَوْشَلْتِ مِنْ حِظاظِها، ... عَلَى أَحاسِي الغَيْظِ واكْتِظاظِها
وأَحاظٍ وحِظاء، مَمْدُودٌ، الأَخيرتان مِنْ مُحوّل التَّضْعِيفِ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كأَنه جَمْعُ أَحْظٍ؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ لسُوَيْدِ بْنِ حذاقٍ العَبْدِيّ، وَيُرْوَى للمَعْلُوط بْنِ بَدَل القُرَيْعي:
مَتَّى مَا يَرَ الناسُ الغَنِيَّ، وجارُه ... فَقِيرٌ، يَقُولوا: عاجِزٌ وجَلِيدُ
وَلَيْسَ الغِنَى والفَقْرُ مِنْ حِيلةِ الفَتى، ... ولكِنْ أَحاظٍ قُسِّمَتْ، وجُدُودُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما أَتاه الغِنى لجَلادته وحُرِمَ الْفَقِيرُ لعَجْزِه وقِلَّة مَعْرِفَتِهِ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا بَلْ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ القَسّام، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِقَوْلِهِ: نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ. قَالَ: وَقَوْلُهُ أَحاظٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وهَمٌ مِنْهُ بَلْ أَحاظٍ جَمْعُ أَحْظٍ، وأَصله أَحْظُظٌ، فَقُلِبَتِ الظَّاءُ الثَّانِيَةُ يَاءً فَصَارَتْ أَحْظٍ، ثُمَّ جُمِعَتْ عَلَى أَحاظٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: مِنْ حَظِّ الرَّجُلِ نَفَاقُ أَيِّمِه وَمَوْضِعُ حَقِّه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الحَظُّ الجَدُّ والبَخْتُ، أَي مِنْ حَظِّه أَنْ يُرْغَب فِي أَيِّمه، وَهِيَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا مِنْ بَنَاتِهِ وأَخواته وَلَا يُرْغَب عَنْهُنَّ، وأَن يَكُونَ حَقُّهُ فِي ذِمّةِ مأْمُونٍ جُحودُه وتهَضُّمُه ثِقةٍ وفِيٍّ بِهِ. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: حَنْظٌ وَلَيْسَ ذلك بمقصود إِنما هُوَ غُنَّة تَلْحَقُهُمْ فِي المشدَّد بِدَلِيلِ أَن هَؤُلَاءِ إِذا جَمَعُوا قَالُوا حُظُوظٌ. قَالَ الأَزهري: وَنَاسٌ مِنْ أَهل حِمْص يَقُولُونَ حَنظ، فإِذا جَمَعُوا رَجَعُوا إِلى الحُظوظ، وَتِلْكَ النُّونُ عِنْدَهُمْ غُنَّة وَلَكِنَّهُمْ يَجْعَلُونَهَا أَصلية، وإِنما يَجْرِي هَذَا اللَّفْظُ عَلَى أَلسنتهم فِي المشدَّد نَحْوَ الرُّزّ يَقُولُونَ رُنز، وَنَحْوَ أُتْرُجَّة يَقُولُونَ أُتْرُنجة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ مَا كنتَ ذَا حَظٍّ وَلَقَدْ حَظِظْتَ تَحَظُّ، وَقَدْ حَظِظْتُ فِي الأَمر فأَنا أَحَظُّ حَظّاً، وَرَجُلٌ حَظِيظٌ وحَظِّيٌّ، عَلَى النَّسَبِ، ومَحْظوظ، كُلُّهُ: ذُو حَظٍّ مِنَ الرِّزق، وَلَمْ أَسمع لِمَحْظُوظٍ بِفِعْلٍ يَعْنِي أَنهم لَمْ يَقُولُوا حُظّ؛ وَفُلَانٌ أَحَظُّ مِنْ فُلَانٍ: أَجَدُّ مِنْهُ، فأَما قَوْلُهُمْ: أَحْظَيْته عَلَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَى أَنه مِنَ المُحَوَّل، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الحُظْوةِ. قَالَ الأَزهري: للحَظِّ فَعْلٌ عَنِ الْعَرَبِ وإِن لَمْ يَعْرِفْهُ اللَّيْثُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ، قَالَ أَبو عَمْرٍو: رَجُلٌ محظُوظ وَمَجْدُودٌ، قَالَ: وَيُقَالُ فُلَانٌ أَحَظُّ مِنْ فُلَانٍ وأَجَدُّ مِنْهُ، قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِيمَا كَتَبَهُ لِابْنِ بُزُرْج: يُقَالُ هُمْ يَحَظُّون بِهِمْ ويَجَدُّون بِهِمْ. قَالَ: وواحد الأَحِظَّاء حَظِّيٌّ منقوص، قَالَ: وأَصله حَظٌّ. وَرَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: الحَظِيظُ الغَنِيُّ المُوسِرُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَنت حَظٌّ وحَظِيظٌ ومَحْظوظ أَي جَدِيد ذُو حَظّ مِنَ الرِّزْق. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
؛ الحَظُّ هَاهُنَا الْجَنَّةُ، أَي مَا يُلَقّاها إِلا مَن وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَهُوَ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ مِنَ الْخَيْرِ.(7/440)
والحُظُظُ والحُظَظُ عَلَى مِثَالِ فُعَل: صَمْغ كالصَّبِرِ، وَقِيلَ: هُوَ عُصارة الشَّجَرِ الْمُرِّ، وَقِيلَ: هُوَ كُحْل الخَوْلان، قَالَ الأَزهري: وَهُوَ الحُدُلُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ لُغَةٌ فِي الحُضُض والحُضَض، وَهُوَ دَوَاءٌ، وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ الحُضَظ فجمع بين الضاد والظاء، وقد تقدَّم.
حفظ: الْحَفِيظُ: مِنْ صِفَاتِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَا يَعْزُب عَنْ حِفْظِهِ الأَشياءَ كلَّها مِثقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ والأَرض، وَقَدْ حفِظ عَلَى خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ مَا يَعْمَلُونَ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ، وَقَدْ حفِظ السماواتِ والأَرضَ بقدرته ولا يؤُوده حَفِظُهُمَا وَهُوَ العليُّ الْعَظِيمُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ
. قَالَ أَبو إِسحاق: أَي القرآنُ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ، وَهُوَ أُمُّ الْكِتَابِ عِنْدَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ: وقرئتْ
محفوظٌ
، وَهُوَ مِنْ نَعْتِ قَوْلِهِ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ مَحْفُوظٌ فِي لَوْحٍ. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
فاللَّه خَيْرٌ حِفْظاً وهو أَرحم الراحمين
، وقرىء:
خَيْرٌ حِفْظاً
نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَمَنْ قرأَ حافِظاً
جَازَ أَن يَكُونَ حَالًا وَجَازَ أَن يَكُونَ تَمْيِيزًا. ابْنُ سِيدَهْ: الحِفْظ نَقِيضُ النِّسْيان وَهُوَ التعاهُد وقلَّة الْغَفْلَةِ. حَفِظَ الشيءَ حِفْظاً، وَرَجُلٌ حَافِظٌ مِنْ قَوْمٍ حُفّاظ وحَفِيظٌ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَدْ عَدَّوْه فَقَالُوا: هُوَ حَفِيظٌ عِلمَك وعِلْمَ غَيْرِكَ. وإِنه لحافِظُ الْعَيْنِ أَي لَا يغلِبه النَّوْمُ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن الْعَيْنَ تَحْفَظُ صاحِبَها إِذا لَمْ يغلِبها النَّوْمُ. الأَزهري: رَجُلٌ حافِظ وَقَوْمٌ حُفّاظٌ وَهُمُ الَّذِينَ رُزِقوا حِفْظَ مَا سَمِعوا وَقَلَّمَا يَنْسَوْنَ شَيْئًا يَعُونَه. غَيْرُهُ: والحافِظُ والحَفِيظُ الموكَّل بِالشَّيْءِ يَحْفَظه. يقال: فلان يَحفظُنا عَلَيْكُمْ وحافِظُنا. والحَفَظة: الَّذِينَ يُحْصُونَ الأَعمال وَيَكْتُبُونَهَا عَلَى بَنِي آدَمَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَهُمُ الْحَافِظُونَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ
، وَلَمْ يأْت فِي الْقُرْآنِ مكسَّراً. وحَفِظَ المالَ والسِّرَّ حِفْظاً: رَعاه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً
، قَالَ الزَّجَّاجُ: حفِظه اللَّه مِنَ الوُقوع عَلَى الأَرض إِلا بإِذْنه، وَقِيلَ: مَحْفوظاً بِالْكَوَاكِبِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ
. والاحْتِفاظُ: خُصُوصُ الحِفْظ، يُقَالُ: احْتَفَظْتُ بِالشَّيْءِ لِنَفْسِي، وَيُقَالُ: استحفظْت فُلَانًا مَالًا إِذا سأَلتَه أَن يَحْفَظه لَكَ، وَاسْتَحْفَظْتُهُ سِرًّا وَاسْتَحْفَظَهُ إِياه: اسْترعاه. وَفِي التَّنْزِيلِ: فِي أَهل الْكِتَابِ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ
، أَي استُودِعوه وأْتُمِنُوا عَلَيْهِ. وَاحْتَفَظَ الشيءَ لِنَفْسِهِ: خَصَّها بِهِ. والتحفُّظ: قلَّة الغَفْلة فِي الأُمور وَالْكَلَامِ والتيقُّظ مِنَ السَّقْطة كأَنه عَلَى حَذر مِنَ السُّقوط، وأَنشد ثَعْلَبٌ:
إِني لأُبْغِضُ عاشِقاً مُتَحَفِّظاً، ... لَمْ تَتَّهِمْه أَعْيُنٌ وقُلوبُ
والمُحافَظة: المُواظَبة عَلَى الأَمر. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ
، أَي صلُّوها فِي أَوقاتها، الأَزهري: أَي واظِبوا عَلَى إِقامتها فِي مَواقِيتها. وَيُقَالُ: حافَظ عَلَى الأَمر والعَمَل وثابَرَ عَلَيْهِ وحارَصَ وبارَك إِذا داوَم عَلَيْهِ. وحفِظْت الشيءَ حِفْظاً أَي حَرَسْته، وحفِظتُه أَيضاً بِمَعْنَى اسْتَظْهَرْتُهُ. وَالْمُحَافَظَةُ: المُراقبة. وَيُقَالُ: إِنه لَذُو حِفاظٍ وَذُو مُحافظة إِذا كَانَتْ لَهُ أَنفةٌ. والحَفِيظ: المُحافِظ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ*
. وَيُقَالُ: احْتفِظْ بِهَذَا الشَّيْءِ أَي احْفظْه. والتحفُّظ: التيقُّظ. وتحفَّظْت الْكِتَابَ أَي استظهرْته شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وحفَّظْته الكتابَ أَي حملْته عَلَى حِفْظه. وَاسْتَحْفَظْتُهُ: سأَلته أَن يَحْفَظَه،(7/441)